1

‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ‪2001‬ﻡ‬

‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪2002‬ﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪2003‬ﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌـﺔ ﺍﻷﺧـﲑﺓ‬
‫ﻣﺰﻳﺪﺓ ﻭﻣﻨﻘﺤﺔ‬
‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‬
‫ﺭﻗﻢ ﺍﻹﻳﺪﺍﻉ ﻟﺪﻯ ﺩﺍﺋﺮﺓ‬
‫ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫)‪(2003/12/2680‬‬
‫‪262,2‬‬
‫ﻋﻮﻳﻀﺔ‪ ،‬ﳏﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ‬
‫ﺍﳉﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ /‬ﳏﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻋﻮﻳﻀﺔ‪-.‬‬
‫ﻁ ‪ -.3‬ﻋﻤﺎﻥ‪ :‬ﺍﳌﺆﻟﻒ‪. 2004 ،‬‬
‫‪880‬ﺹ‪.‬‬
‫ﺭ‪.‬ﺇ‪2003/12/2680 : .‬‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺻﻔﺎﺕ‪/ :‬ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ‪//‬ﺍﻹﺳﻼﻡ‪//‬ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ‪/‬‬
‫*ﰎ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻔﻬﺮﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬

‫ﺭﻗﻢ ﺍﻹﺟﺎﺯﺓ ﺍﳌﺘﺴﻠﺴﻞ ﻟﺪﻯ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ‪2001/2/341‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﻮﺯﻉ ﳎﺎﻧﺎﹰ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﻘﻮﻕ ﳏﻔﻮﻇﺔ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ‪،‬‬

‫ﻓﻴﺼﺢ ﻷﻱ ﺷﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻌـﻪ ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻳﻘـﻮﻡ‬
‫ﺑﻨﺸﺮﻩ ﻭﺗﺴﻮﻳﻘﻪ ﻭﺑﻴﻌﻪ ﻣﱴ ﺷﺎﺀ ﺷﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻌﻪ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻫﻮ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻄﻠﻘﺎﹰ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴـﻪ ﻛﻠﻤـﺔ ﻭﻻ‬
‫ﳛﺬﻑ ﻣﻨﻪ ﻛﻠﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﯾﻊ – ﻋﻤﺎن اﻷردن ‪4613076 -‬‬ ‫دار اﻟﻮﺿﺎح‬

‫‪2‬‬
3
4
 ‫ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‬
‫ﻣﻘﺪﻣـﺔ‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ ،‬اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﻣﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺪﯾﻦ ‪ ،‬واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ‬
‫اﻟﻤﺒﻌﻮث رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ ،‬ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وأﺻﺤﺎﺑﮫ أﺟﻤﻌﯿﻦ وﺳﻠﱠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺎً ﻛﺜﯿﺮاً ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻛﺘﺎبٌ ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﺼﻼة ﺳﻤﯿﺘﮫ ]اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎم اﻟﺼﻼة[ ﻷﻧﻨﻲ دوﻧ ﺖ ﻓﯿ ﮫ ﺟﻤﯿ ﻊ‬
‫ﻣ ﺴﺎﺋﻞ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺘ ﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺘﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺼﻮص دون ﺗﻠ ﻚ اﻷﺑﺤ ﺎث اﻟﺘ ﻲ دوﻧﮭ ﺎ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس أو ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﺴﺎن وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﺼﺢ اﻻﻋﺘﻤ ﺎد ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎدات ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن اﻟﻌﺒ ﺎدات‬
‫ﺗﻮﻗﯿﻔﯿﺔ ﺗُﺆﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص ﻓﺤ ﺴﺐ‪ :‬اﻟﻜﺘ ﺎب واﻟ ﺴﻨﺔ وﻻ ﯾ ﺼﺢ أﺧ ﺬھﺎ ﻣ ﻦ ﺳ ﻮاھﻤﺎ‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﺟ ﺎءت‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻓﻘﮫ اﻟﻨﺼﻮص ﻟﯿﺲ ﻏﯿﺮ ‪.‬‬

‫وﻗﺪ راﻋﯿﺖ ﻋﻨﺪ أﺧﺬ اﻟﻨﺼﻮص أﺧﺬھﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدرھﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻛﺘ ﺐ اﻟﻔﻘ ﮫ‪،‬‬
‫إذ أن ھﻨﺎك ﺗﻔﺎوﺗًﺎ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﮫ وﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑ ﺸﻜﻞ‬
‫ﻋﺎم‪ .‬وﻗ ﺪ اﻟﺘﺰﻣ ﺖ ﻋﻨ ﺪ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻮﺿ ﻊ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻠﻔ ﻆ اﻟﻤﺜ َﺒ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻜﺘ ﺎب ‪ -‬ﻋﻨ ﺪ ﺗﻌ ﺪد‬
‫ﻼ ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻠﻔ ﻆ اﻟ ُﻤ ْﺜ َﺒ ﺖ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟ ﺮواة ‪ -‬ﻓ ﻲ ﻣﻘﺪﻣ ﺔ اﻟ ﺮواة‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗﻠ ﺖ رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻣ ﺜ ً‬
‫اﻟﻜﺘ ﺎب ھ ﻮ ﻟﻔ ﻆ ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ ،‬وإذا ﻗﻠ ﺖ رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻠﻔ ﻆ اﻟ ُﻤ ْﺜ َﺒ ﺖ ھ ﻮ ﻟﻔ ﻆ‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ ،‬وھﻜﺬا‪ ،‬وإذا وﺟ ﺪﺗﻢ ﻓ ﻲ ﺳ ﯿﺎق اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﺮاﻏ ﺎً ﻣﻤﻠ ﻮءاً ﺑ ﺎﻟﻨﻘﻂ‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺰ ٍء‬
‫ﻼ‪.‬‬‫ﻣﺤﺬوفٍ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻠﺰم إﺛﺒﺎﺗﮫ ﻋﻨﺪ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬ﺧﺎﺻ ًﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾ ً‬

‫أﻣﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ رواھﺎ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻘﺪ أﺧﺬﺗﮭﺎ إﻣﱠﺎ ﻣﻦ ﻣُﺴﻨﺪه ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬وإﻣﱠﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ]اﻟﻔﺘﺢ‬
‫اﻟ ﱠﺮﺑﱠﺎﻧﻲ ﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ[ ﻟﻤﺆﻟﻔﮫ أﺣﻤﺪ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒ ﱠﻨ ﺎ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻧﻮﱠھ ﺖ‬
‫ﺑﮭﺬا اﻷﻣﺮ ﻷن ] اﻟﻔﺘﺢ اﻟ ﱠﺮﺑﱠﺎﻧﻲ[ رﺑﻤﺎ أورد أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺴﻨﺪ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻻﻗﺘﺒﺎس أو اﻗﺘﻄﺎع أﺟ ﺰاء ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬ﺳﯿﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻜﺮار وﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﺣﺴﺐ أﺑﻮاب اﻟﻔﻘﮫ ﻓﯿﮫ ‪.‬‬

‫ﻼ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻧﻔ ﺮد ﻣ ﺴﻠﻢ ﺑﺮواﯾﺘ ﮫ وأن‬

‫ﺖ روى ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺜ ً‬
‫وإذا ﻗﻠ ُ‬
‫أﺣﺪًا ﻏﯿﺮه ﻟﻢ ﯾﺮوه‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إذا ﻗﻠﺖ إن اﻟﺤﺪﯾﺚ رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻣﺜﻼً‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن‬

‫‪5‬‬
‫اﻟﺮاو َﯾﯿْﻦ ﻗﺪ اﻧﻔ ﺮدا ﺑﺮواﯾﺘ ﮫ وأن ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮووه‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ﻟ ﻢ أﻟﺘ ﺰم ﺑﻘﺎﻋ ﺪة ﺛﺎﺑﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤ ﺎ‬
‫ذﻛﺮت راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻠﻔﻆ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ذﻛﺮت ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻠﻔ ﻆ ورواةً آﺧ ﺮﯾﻦ ﺷ ﺎرﻛﻮه ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮواﯾﺔ‪ ،‬وإذا ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ أﺟﻞ زﯾﺎدة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﺪى اﻟﻘﺎريء‪ ،‬وإﻻ ﻓﻜﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻻ ﯾﻜﻮن‬
‫اﻟﻠﻔﻆ إﻻ ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ اﻷول ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺮواة اﻵﺧﺮون ﻓﺈن أﻟﻔ ﺎﻇﮭﻢ رﺑﻤ ﺎ ﺗﻄﺎﺑﻘ ﺖ ﻣ ﻊ ﻟﻔ ﻆ اﻟ ﺮاوي‬
‫اﻷول ورﺑﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻋﻨﮫ ﻗﻠﯿﻼً ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ھ ﻮ ﻟﻔ ﻆ اﻟ ﺮاوي اﻷول ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬راﺟﯿ ًﺎ أن‬
‫ﯾﻜﻮن ھﺬا اﻷﻣﺮ واﺿﺤًﺎ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ اﻟﺘﺰﻣ ﺖ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﺄﺧ ﺬ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤ ﺴﻨﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺻ ﺤﱠﺖ وﺣ ﺴُﻨﺖ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﺤ ﺪﱢﺛﯿﻦ‪ ،‬أﻣ ﺎ‬
‫ﺚ ﻋﻠﻤ ﺖ أﻧ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻋﻨ ﺪ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ُﻤ َ‬
‫ﺟﻤﮭﺮة اﻟﻤُﺤَﺪﱢﺛﯿﻦ أو ﺑﻌﻀﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻢ أﺳﺘﺪ ﱠل ﺑﺄي ﺣﺪﯾ ٍ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﺨﺘﻠَ ﻒُ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟ ﺼﺤﺔ واﻟ ﻀﻌﻒ ﻓﺮﺑﻤ ﺎ أﺧﺬﺗ ﮫ ورﺑﻤ ﺎ ﺗﺮﻛﺘ ﮫ‪ ،‬واﻷﺧ ﺬ واﻟﺘ ﺮك‬
‫ﻣﺘﻌﻠﻘﺎن ﺑﻤﻮاﻓﻘﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ أو ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮫ ﻟﻸﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ ‪.‬‬

‫وھ ﺬه اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟﻤﺪوﱠﻧ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﺗﻮﺻ ﱠﻠﺖُ إﻟﯿﮭ ﺎ ﺑﺎﺟﺘﮭ ﺎدٍ ﺷﺨ ﺼﻲ ﻓﻠ ﻢ آﺧ ﺬھﺎ ﻣ ﻦ اﺟﺘﮭ ﺎدات‬
‫اﻟﻤﺠﺘﮭﺪﯾﻦ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻲ أﺣﻜ ﺎم ﻣ ﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋ ﻦ اﺟﺘﮭ ﺎداﺗﮭﻢ‪ ،‬رﺑﻤ ﺎ ﺗﻄﺎﺑﻘ ﺖ ﻣﻌﮭ ﺎ ورﺑﻤ ﺎ اﺧﺘﻠﻔ ﺖ ﻗﻠ ﯿﻼً أو‬
‫ﻛﺜﯿﺮاً ‪ .‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻤﺘﱠﺒﻌﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺼﻼة ﻟﻸﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ أو ﻟﻐﯿﺮھﻢ أن ﯾﺒﻘﻮا ﻣﺘﱠﺒﻌﯿﻦ ﻷﺋﻤ ﺘﮭﻢ إن ھ ﻢ‬
‫ﺢ اﺟﺘﮭﺎدًا ‪ ،‬أﻣﺎ إن ھﻢ ﻗﻠﱠﺪوھﻢ ﺗﻘﻠﯿﺪًا ‪ -‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮭﻢ أﺧﺬوا‬
‫اﺗﺒﻌﻮھﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ أدﻟﺘﮭﻢ‪ ،‬واﻋﺘﺒﺮوھﻢ أﺻ ﱠ‬
‫ﻃ ﻼع ﻋﻠ ﻰ أدﻟﱠﺘﮭ ﺎ ‪ -‬ﻓﮭ ﺆﻻء ﯾﻤﻜ ﻨﮭﻢ اﻻﻧﺘﻘ ﺎلُ إﻟ ﻰ ھ ﺬه اﻷﺣﻜ ﺎم‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻨﮭﻢ ‪ ،‬وﻋﻤﻠﻮا ﺑﮭﺎ دون اﻻ ﱢ‬
‫اﻟﻤﻘﺘﺮﻧ ﺔ ﺑﺎﻷدﻟ ﺔِ ووﺟ ﻮهِ اﺳ ﺘﻨﺒﺎﻃﮭﺎ‪ ،‬واﺗﱢﺒﺎﻋُﮭ ﺎ‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﻏﯿ ﺮ ھ ﺆﻻء وأوﻟﺌ ﻚ ﻓ ﺸﺄﻧﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻷﺧ ﺬ ﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻷﺣﻜﺎم أو ﺗﺮﻛﮭﺎ ‪ ،‬ﺷﺮط أن ﻻ ﯾﺮاﻋ ﻮا ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻷﺳ ﮭﻞ واﻷوﻓ ﻖ ﻟﮭ ﻮاھﻢ وﻣ ﺼﺎﻟﺤﮭﻢ ‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ‬
‫ﺣﺮام ﻻ ﯾﺠﻮز ‪.‬‬

‫إن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻦ وﺿﻊ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻨﮫ ھ ﻲ أﻧﻨ ﻲ أردت أن أﺿ ﻊ ﻧﻤﻮذﺟ ًﺎ‬
‫ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﻘﮫ‪ ،‬رأﯾﺖ أﻧﮫ اﻷﻧﺴﺐ واﻷﺻﺢ ‪ ،‬ﯾﺒﺮز ﻓﯿﮫ اﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻨﺼﻮص ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‬
‫ﺻ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‬ ‫‪ ،‬واﺳﺘﺤ ﻀﺎر اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟﺘ ﻲ اﺳ ﺘﻨﺒﻄﮭﺎ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺘﮭ ﺎ‪ ،‬وﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ اﻟﺘﻮ ﱡ‬
‫وﺑﯿ ﺎن اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﺨﻄ ﺄ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﺄﺧ ﺬ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟﺤﻜ ﻢ ﺑﻘﻨﺎﻋ ٍﺔ واﻃﻤﺌﻨ ﺎن ﻧﻔ ﺲٍ‪ ،‬وﯾﻨ ﺄى ﺑ ﺬﻟﻚ ﻋ ﻦ اﻟﺘﻘﻠﯿ ﺪ‬
‫اﻷﻋﻤﻰ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﻘﯿﮫ أو ذاك‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻘﻠﯿﺪ اﻷﻋﻤﻰ آﻓﺔ أﺻﺎﺑﺖ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﮭﻮدھﻢ اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬ﻓﺴﺒﺒﺖ ﻟﮭﻢ‬
‫ب ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ‬ ‫اﻟﮭﺒﻮط وﻻ أﻗﻮل اﻻﻧﺤﻄﺎط‪ ،‬وﻟﻢ أﻗﺼﺪ ﻣﻦ وﺿﻊ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن أﺿﻊ ﻣﺠﺮد ﻛﺘﺎ ٍ‬
‫ﻷن ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ دون اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺔ ﺗﺰﯾﺪ ﻛﺜﯿﺮاً ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﯿﺲ ﺳﻮى‬
‫ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻲ ﻟﻮﺿﻊ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي أراه ﻟﻜﺘﺎﺑ ﺔ اﻟﻔﻘ ﮫ ‪ ،‬راﺟﯿ ﺎً ﻣ ﻦ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن أﻛ ﻮن ﻗ ﺪ‬
‫ﺖ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻌﯿﺖ إﻟﯿﮫ‪.‬‬
‫ُوﻓﱢﻘ ُ‬

‫ﻛﻤﺎ أﻧﻨﻲ ﺑﻮﺿﻊ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب إﻧﻤﺎ أﺷﺎرك ﻋ ﺪداً ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء اﻟ ﺬﯾﻦ ﺛ ﺎروا ﻋﻠ ﻰ واﻗ ﻊ ھ ﺬه اﻷﻣ ﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬ورﻓﻀﻮا اﻹذﻋﺎن ﻟﻐﻠﻖ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﮭﺎد اﻟﺬي أدى إﻟﻰ ھﺒﻮط اﻷﻣﺔ ﻓﻜﺮﯾﺎً وﻣﻦ ﺛَ ﱠﻢ‬
‫ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً‪ ،‬أُﺷﺎرك ھﺆﻻء اﻟﻤﺠﺘﮭﺪﯾﻦ ﺑﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﮭﺎد ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺼﺮاﻋﯿﮫ ﻟﻠﻌﻠﻤ ﺎء اﻟﻤﺨﻠ ﺼﯿﻦ اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻦ‬
‫ﻃ ﺮْق ھ ﺬا‬ ‫ﻷدوات اﻻﺟﺘﮭﺎد وھﻢ ﺑﺄﻋﺪاد ﻻ ﺑﺄس ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﻣﻌﻈﻤﮭﻢ إﻻ اﻟﺠ ﺮأة واﻹﻗ ﺪام ﻋﻠ ﻰ َ‬
‫اﻟﺒﺎب واﻟﻮﻟﻮج ﻓﯿﮫ ‪.‬‬

‫وﻟ ﯿﻌﻠﻢ ھ ﺆﻻء أن اﻟﻤﺠﺘﮭ ﺪ ﻏﯿ ﺮ ﻋ ﺎﻟﻢ أﺻ ﻮل اﻟﻔﻘ ﮫ ‪ ،‬ﻓﻜﻤ ﺎ أن اﻷدﯾ ﺐ ﻏﯿ ﺮ ﻋ ﺎﻟﻢ اﻟﻨﺤ ﻮ‬
‫ن ﻣﻨ ﮫ ﻟﻌﻠ ﻮم اﻟﻠﻐ ﺔ ﻛﺈﺗﻘ ﺎن ﻋ ﺎﻟﻢ اﻟﻨﺤ ﻮ‬‫واﻟ ﺼﱠﺮف‪ ،‬إذ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻜﺘ ﺐ اﻟﻘﻄ ﻊ اﻷدﺑﯿ ﺔ دون إﺗﻘ ﺎ ٍ‬
‫ن ﻣﻨ ﮫ ﻟﻌﻠ ﻢ أُﺻ ﻮل اﻟﻔﻘ ﮫ‬
‫واﻟﺼﺮف‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻤﺠﺘﮭﺪ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﺴﺘﻨﺒﻂ اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻦ أدﻟﺘﮭﺎ دون إﺗﻘﺎ ٍ‬
‫ﻛﺈﺗﻘ ﺎن ﻋ ﺎﻟﻢ أﺻ ﻮل اﻟﻔﻘ ﮫ ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا وذاك ﯾﺤﺘﺎﺟ ﺎن ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟﻌﻠ ﻮم إﻟ ﻰ ﻗ ﺪر ﻣﻌﻘ ﻮل وﻣﻨﺎﺳ ﺐ دون‬
‫اﻹﺗﻘﺎن اﻟﺘﺎم واﻹﺣﺎﻃﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﻌﻠﻮم‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤﺎ اﺟﺘﮭ ﺪ ﻣﺠﺘﮭ ﺪ ﻓ ﻲ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺴﺎﺋﻞ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ‬
‫دون أن ﯾﺤﺘﺎج ﻣﻦ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﮫ إﻻ ﻟﻠﻘﺪر اﻟﯿﺴﯿﺮ ﻣﻨﮫ ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ﻟﻘ ﺪ وﺿ ﻌﺖ ھ ﺬا اﻟﻜﺘ ﺎب اﺑﺘ ﺪاءً ﻓ ﻲ ﻋ ﺎم ‪ 1407‬ﻣ ﻦ اﻟﮭﺠ ﺮة و‪ 1987‬ﻟﻠﻤ ﯿﻼد‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺣﺎﻟ ﺖ‬
‫ف دون ﻧ ﺸﺮ اﻟﻜﺘ ﺎب ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‪ ،‬وﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻌ ﺎم وﻗ ﺪ ﺗﯿ ﺴﱠﺮ ﻟ ﻲ ﻧ ﺸﺮه ﻗﻤ ﺖ ﺑﻤﺮاﺟﻌﺘ ﮫ وإدﺧ ﺎل‬‫ﻇﺮو ٌ‬
‫ت ﻛﺜﯿﺮة ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬راﺟﯿ ًﺎ أن ﯾﻠﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ اﻟﺮﺿﻰ واﻟﻘﺒﻮل‪.‬‬ ‫إﺿﺎﻓﺎ ٍ‬

‫ﷲ أﺳﺄل أن ﯾﺘﻘﺒﱠﻞ ﻣﻨﻲ ﻣـﺎ ﺑﺬﻟﺖ وﻣـﺎ ﻧﻮﯾﺖ وﻣـﺎ إﻟﯿﮫ ھـﺪﻓﺖ‪ ،‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ أوﻻً وآﺧــﺮًا‪.‬‬
‫وا َ‬

‫‪7‬‬
 ‫ﺗﻤﮭﯿـﺪ‬

‫اﻟﻄﮭﺎرة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻨﻘﺎوة واﻟﺘﻨﺰﱡه ﻣﻦ اﻷدﻧ ﺎس‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮع رﻓ ُﻊ ﻣ ﺎ ﯾﻤﻨ ﻊ اﻟ ﺼﻼة واﻟﻄ ﻮاف‬
‫وﻣ ﺲﱠ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﻣ ﻦ ﺣَ َﺪثٍ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬أو رﻓ ﻊ ﺣﻜﻤ ﮫ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وإزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﮭﻤ ﺎ أو ﺑﻐﯿﺮھﻤ ﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺄﻏﺴﺎل اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس ﺗﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ ‪ ،‬واﻟﻮﺿ ﻮء ﯾﻜ ﻮن ﻟﺮﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬
‫اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وﻛﻼھﻤ ﺎ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ ﻣ ﺪﻟﻮل اﻟﻄﮭ ﺎرة ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮاً ﻃﮭ ﺎرة ﻛﺎﻣﻠ ﺔ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫واﻟﻮﺿﻮء إﺿﺎﻓﺔً إﻟﻰ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫واﻟﻄﮭ ﺎرة ﻋﺒ ﺎدة وﻋﻤ ﻞ ﻣ ﻦ اﻷﻋﻤ ﺎل‪ ،‬ﻓﺘﻔ ﺎرق اﻟﻤﻌ ﺎﻣﻼت اﻟﺘ ﻲ ھ ﻲ ﺗ ﺼﺮﻓﺎت ﻗﻮﻟﯿ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ‬
‫اﺣﺘﺎﺟﺖ إﻟﻰ اﻟﻨﯿﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟ ﱢﻨﯿﱠﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻻﻣ ﺮي ٍء ﻣ ﺎ ﻧ ﻮى‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ھﺠﺮﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﻓﮭﺠﺮﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ ھﺠﺮﺗ ﮫ ﻟ ﺪﻧﯿﺎ ﯾ ﺼﯿﺒﮭﺎ أو‬
‫اﻣﺮأة ﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ ﻓﮭﺠﺮﺗﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﺎﺟﺮ إﻟﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﺟ ﺎءت اﻟﻨ ﺼﻮص ﺗﻌ ﯿﱢﻦ اﻟﻤ ﺎء ﻟﺮﻓ ﻊ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﺛﯿﻦ دون ﺳ ﻮاه ‪ ،‬ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟ ﺮأي أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‬
‫اﻟﺬي ﯾﺠﯿﺰ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻟﻨﺒﯿﺬ‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﺪم اﻟﻤﺎء ﻗﺎم اﻟﺘ ﺮاب ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻣﻘﺎﻣ ﮫ ﻣﺆﻗﺘ ًﺎ ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﻏ ﺴﺎل‬
‫واﻟﻮﺿﻮء رﯾﺜﻤﺎ ﯾﻮﺟﺪ اﻟﻤﺎء ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓ ﻼ ﺗﻔﺘﻘ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟﻨﯿ ﺔ‪ ،‬ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟﻤﺎﻟ ﻚ وأﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وأن اﻟﻤﻄﻠ ﻮب ﻓﻘ ﻂ ھ ﻮ زوال‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ أو أداة أو ﻣﺎدة‪ ،‬ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﻤﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ اﻟﺬﯾﻦ أوﺟﺒﻮا إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎء‬
‫ﻓﺤﺴﺐ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺠﺴﻢ ﻧﺠﺲ ﻣﺎ ﺣﻤﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻃﺎھﺮ ﻣﺎ ﺧﻼ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺤﻜ ﻢ إﻧﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺎل ﻻ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺂل وﻻ ﻓﻲ ﺳﺎﺑﻖ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺟﺴﻢ ﻻ ﯾﺤﻤﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺣﻜﻤﻨﺎ ﺑﻄﮭﺎرﺗﮫ دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓ ﺔ ﻣ ﺎ‬
‫ﻞ ﻧﺠﺴًﺎ أو ﻻ‪ ،‬وﻻ ﻛﯿﻒ زاﻟﺖ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ إن ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﺒﻞُ ﻧﺠﺴ ًﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻧ ُﻌ ﺪﱡه‬
‫إذا ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﺒ ُ‬
‫ﻃﺎھﺮًا ﻣﺎ دام ﻟﻢ ﯾﺘﻨﺠﺲ ‪.‬‬

‫واﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺗﺴﻊ‪ :‬أرﺑ ٌﻊ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ھﻲ اﻟﺒﻮل واﻟﻐﺎﺋﻂ واﻟﻤ ﺬي واﻟ ﻮدي‪ ،‬وﺛ ﻼث ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان‬
‫ھﻲ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ ‪ ،‬وواﺣ ﺪة ﻣ ﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ھ ﻲ اﻟ ﺪم اﻟﻤ ﺴﻔﻮح ‪ ،‬وواﺣ ﺪة ﻣ ﻦ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‬
‫ھ ﻲ اﻟﺨﻤ ﺮ‪ .‬واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ھ ﺬه ﻻ ﺗُﻄَﮭﱠ ﺮ‪ ،‬وإذا ﺧﺎﻟﻄ ﺖ ﺟ ﺴﻤﺎً ﻃ ﺎھﺮاً ﻧﺠﱠ ﺴﺘﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ھ ﺬا اﻟﺠ ﺴﻢ‬
‫اﻟﻄﺎھﺮ ﻣﺘﻨﺠﱢﺴﺎً‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ ﻣﺪار اﻟﺒﺤﺚ ﻓ ﻲ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣﺠﻤ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬وإﻟ ﯿﻜﻢ‬
‫اﻟﺒﯿﺎن واﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ‪.‬‬

‫‪8‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬
‫أﺣﻜﺎم اﻟﻤﯿﺎه‬
‫ﺧﻠﻖ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ اﻷرض وﻏﻄﻰ ﺛﻠﺜﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬وﺧﻠﻖ اﻟﺤﯿﻮان واﻟﻨﺒﺎت ‪ -‬وھﻤ ﺎ ﻃﻌ ﺎم اﻹﻧ ﺴﺎن‬
‫‪ -‬ﺧﻠﻘﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﺗﻮﱠج ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﮫ ﺑﺎﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ ﺛﻼﺛ ﺔ أرﺑ ﺎع ﺑﺪﻧ ﮫ ﻣ ﺎء‪ ،‬وﺻ ﺪق اﷲ إذ ﯾﻘ ﻮل‬
‫ﺣﻲﱟ[ اﻵﯾﺔ ‪ 30‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ .‬ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗﺪ ﻛﺮﱠم اﻟﻤ ﺎء إذ ﺟﻌ ﻞ‬ ‫]و َ‬
‫ﺟ َﻌﻠْﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎ ِء ﻛُﻞﱠ ﺷَﻲ ٍء َ‬
‫ﻣﺪار اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ اﻷرض ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﺟﻌﻠ ﮫ ﻃَﮭ ﻮرًا ‪ ،‬وﻋﱠﻠ ﻖ ﺑ ﮫ وﺑﻮﺟ ﻮده اﻟﻌﺪﯾ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻌﺒ ﺎدات‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻤ ﺎء‬
‫ﯾﺰﯾﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺟﻨﺎﺑﺘﮫ‪ ،‬وﺑﮫ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻃﮭﺎرﺗﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﺛﯿﻦ ﻛﻲ ﯾﺘﺴﻨﻰ ﻟﮫ اﻟﻮﻗ ﻮف أﻣ ﺎم رﺑ ﮫ‬
‫ﷲ ﻓﻲ‬‫ﻦا ِ‬ ‫ﺠ ﮫ ﺣ ﻮل اﻟﻜﻌﺒ ﺔ ﻣﺒﺘ ﺪﺋًﺎ ﺑ ﺎﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳ ﻮد ﯾﻤ ﯿ ِ‬
‫ﻞ ﻋﺒﺎدة ھ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﯾﻄ ﻮف ﻓ ﻲ ﺣ ﱢ‬ ‫ﻓﻲ أﺟ ﱢ‬
‫اﻷرض ‪ ،‬وﯾﻠﻤﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ اﻟﻤﺠﯿﺪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻤﺎء ﯾﺰﯾﻞ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﺼﯿﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻤﺎء ﯾﻨﻈ ﻒ‬
‫ﺑﺪﻧﮫ وﺛﯿﺎﺑﮫ وأﺷﯿﺎءه‪.‬‬

‫وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺪار اﻟﻄﮭﺎرة ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠ ﮫ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻛﻠﱠ ﮫ ﻃَﮭ ﻮراً‪ ،‬ﻓﻤ ﺎء اﻟﻤﻄ ﺮ ﻃَﮭ ﻮر‬
‫ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] وﯾُﻨﺰﱢل ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱠﻤﺎ ِء ﻣ ﺎ ًء ﻟﯿُﻄ ﱢﮭ ﺮَﻛﻢ ﺑ ﮫ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 11‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﻧﻔ ﺎل‪ .‬وﻟﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]وأﻧﺰﻟﻨﺎ ﻣـﻦ اﻟﺴﱠﻤﺎءِ ﻣﺎءً ﻃَﮭﻮرًا[ اﻵﯾﺔ ‪ 48‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن‪.‬‬

‫وﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮ ﻃَﮭ ﻮر ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄل رﺟ ﻞٌ رﺳ ﻮلَ اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧ ﺎ‬

‫ﻧﺮﻛﺐ اﻟﺒﺤﺮ وﻧﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺗﻮﺿ ﺄﻧﺎ ﺑ ﮫ ﻋﻄ ﺸﻨﺎ‪ ،‬أﻓﻨﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء اﻟﺒﺤ ﺮ؟‬
‫ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ھ ﻮ اﻟﻄﱠﮭ ﻮر ﻣ ﺎؤُه اﻟ ِ‬
‫ﺤ ﻞﱡ ﻣﯿﺘ ُﺘ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي وﻏﯿﺮھﻤﺎ‪.‬‬

‫وﻣﺎء اﻵﺑﺎر واﻟﯿﻨﺎﺑﯿﻊ ﻃَﮭﻮر ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ أﻧﮫ ﻗﯿﻞ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪» r‬أﻧﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ﺑﺌ ﺮ‬
‫ﺤﯿَﺾ وﻟﺤﻢ اﻟﻜﻼب واﻟﻨﺘﻦ ‪ -‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر‬
‫ﺑُﻀﺎﻋﺔ ‪ -‬وھﻲ ﺑﺌﺮ ﯾُﻄﺮح ﻓﯿﮭﺎ اﻟ ِ‬
‫ﻻ ﯾﻨﺠﱢﺴﮫ ﺷﻲء« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤﮫ أﺣﻤﺪ وﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ‪.‬‬

‫واﻟﻄﱠﮭﻮر ھﻮ اﻟﻄﺎھﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﻤﻄﮭﱢﺮ ﻟﻐﯿﺮه ‪ ،‬ﻓﻘ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻃَﮭﻮر ﻻ ﯾﻨﺠﱢﺴﮫ ﺷﻲء« ﻋﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎء‪ ،‬ﺳﻮاء ﻧﺰل ﻧﻘﯿًﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء أو ﺧﺎﻟﻄﺘﮫ ﻣﻠﻮﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤ ﺎر‪،‬‬
‫أو ﻋﻠِﻘﺖ ﺑﮫ ﻃﺤﺎﻟﺐُ وأﺗﺮﺑﺔٌ ﻓﻲ ﻣﺠﺎري اﻟﯿﻨﺎﺑﯿﻊ واﻷﻧﮭﺎر‪ ،‬ﻣﺎ دام ﯾﺤﻤﻞ اﺳﻢ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈن اﻷﺻﻞ‬
‫ﻞ اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔُ وﻋﺪ ُم إﺧﺮاج أي ﻣﺎء ﻣﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ‪ .‬ﻓﮭﺬا ھﻮ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷﻧ ﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻛ ﱢ‬
‫ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص أي وﺻﻒ آﺧﺮ ﻟﮫ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ‪.‬‬

‫وﺗﺘﺨﺮج ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺎﻟﺘﺎن‪ ،‬اﻷوﻟﻰ ‪ :‬ﻣﺎ إذا ﺧﺎﻟﻄﮫ ﺷﻲ ٌء أو أﺷ ﯿﺎء ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﻔﻘ ﺪ اﺳ ﻤﮫ ﺑﺘﻐﱡﯿ ﺮ أﺣ ﺪ‬
‫أوﺻﺎﻓﮫ ‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻌﻮد ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺰﯾﺞ اﻟﺠﺪﯾ ﺪ اﺳ ﻢ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺑ ﻞ ﯾ ﺼﺒﺢ ﺷ ﯿﺌًﺎ آﺧ ﺮ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺎء‪،‬‬
‫ﺺ‬
‫وآﻧﺬاك ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺎء ﻃَﮭﻮرًا‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ َﯾﻌُﺪ ﻣﺎ ًء ﻻ ﻓﻲ اﺳﻤﮫ وﻻ ﻓﻲ وﺻﻔﮫ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أﻧﮫ ﻗ ﺪ ورد ﻧ ﱞ‬
‫ﺷﺮﻋﻲ ﯾﺴﺘﺜﻨﻲ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻤﺎء ‪ -‬ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ ﻣﺎء ‪ -‬ﻣ ﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾ ﺔ‪ ،‬ھ ﻮ ﻣ ﺎ رُوي‬
‫ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ُﯾ ﺴﺄل ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔﻼة ﻣﻦ اﻷرض وﻣﺎ ﯾﻨﻮﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎع واﻟ ﺪواب ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬‫ﺚ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ ‪ .‬وﺻ ﺤﺤﮫ اﺑ ﻦ ُ‬ ‫ﺨ َﺒ َ‬
‫ﻗُﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺤﻤ ﻞ اﻟ َ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻷﺣﻤﺪ » ﻟﻢ ﯾﻨﺠﱢﺴﮫ ﺷﻲء«‪ .‬وﻷﺑﻲ داود »ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﻨﺠُﺲ« ‪ .‬ﻓﺎﺳ ﺘﺜﻨﻰ ﻣ ﻦ ﺣ ﺎﻻت اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﺣﺎﻟ ﺔ واﺣ ﺪة ھ ﻲ ﻛ ﻮن اﻟﻤ ﺎء دون ﻗُﻠﱠﺘ ﯿﻦ وﻗ ﺪ أﺻ ﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ ﯾﻔﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‬

‫‪9‬‬
‫ﻃُﮭﻮرﯾﺘ ﮫ وﯾ ﺼﺒﺢ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬أي ﯾﻨﺘﻘ ﻞ ﻣﺒﺎﺷ ﺮة ﻣ ﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺎء ﻟﯿ ﺴﺖ ﻟ ﮫ ﺳ ﻮى‬
‫ﺣﺎﻟﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻓﻘﻂ ھﻤﺎ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﮭﻮرﯾﺔ‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺴﺘﺜﻨﺎة‪.‬‬

‫ھﺬه ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أﺣﻜﺎم اﻟﻤﯿ ﺎه ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر ﻣ ﺎ دام ﯾﺤﻤ ﻞ اﺳ ﻢ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﻘ ﺪ ﻃﮭﻮرﯾﺘ ﮫ إﻻ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ وﺣﯿ ﺪة ھ ﻲ ﻣ ﺎ إذا ﻛ ﺎن دون اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ وأﺻ ﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾﻔﻘ ﺪ ﻃﮭﻮرﯾﺘ ﮫ وﯾﻔﻘ ﺪ‬
‫ﻃﮭﺎرﺗ ﮫ ﻷﻧ ﮫ ﯾ ﺼﯿﺮ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾﻈ ﻞ ﻃَﮭ ﻮراً ﺻ ﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻠﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻠﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻹزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ ﺗﺸﻌﱠﺒﺖ آراء اﻟﻔﻘﮭﺎء وﺗﻌﺪﱠدت ﻛﺜﯿﺮاً ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﺳﻨﺴﺘﻌﺮض ھ ﺬه اﻵراء ﻛﻠﮭ ﺎ‬
‫ﺑﺈذن اﷲ‪ ،‬وﻧﻨﺎﻗﺸﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻣﻨﮭﺎ وﻧﻄﺮح ﻣﺎ ﺳﻮاه‪.‬‬

‫ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬اﻟﻤﺎء أﻗﺴﺎم ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻨﮫ اﻟﻄﱠﮭﻮر وﻣﻨﮫ اﻟﻄﺎھﺮ‪ ،‬وﻣﻨﮫ اﻟﻨﺠﺲ‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﻄﱠﮭ ﻮر‪،‬‬
‫وﻣﻨﮫ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﻄﺎھﺮ ‪ ،‬وﻣﻨﮫ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟ ﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠ ﻮا اﻟﻤ ﺎء ﺳ ﺘﺔ أﻗ ﺴﺎم‪ ،‬وﻛ ﺎن ﺣﻘ ﮫ أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﻗﺴﻤﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱠﮭﻮر‬
‫ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻤ ﺎء اﻟﻄﮭ ﻮر إذا ﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻣ ﻮاد ﻃ ﺎھﺮة ﻓﻐﯿ ﺮت أوﺻ ﺎﻓﮫ‪ ،‬ﻛ ﺄن ﺻ ﺎر ﻟﻮﻧ ﮫ أﺣﻤ ﺮ أو‬
‫أﺻ ﻔﺮ ‪ ،‬أو ﺻ ﺎرت ﻟ ﮫ راﺋﺤ ﺔ‪ ،‬أو ﺗﻐﯿ ﺮ ﻃﻌﻤ ﮫ‪ ،‬أو ﺗﻐﯿ ﺮ ﻗِﻮاﻣ ﮫ ‪ ،‬ﺻ ﺎر ھ ﺬا اﻟﻤ ﺎء ﻃ ﺎھﺮًا وﻓﻘ ﺪ‬
‫ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﻏﺘﺴﺎل ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ أو اﻟﺤﯿﺾ أو اﻟﻨﻔﺎس‪ ،‬أو ﻟﻠﻮﺿﻮء ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜﺘﻔ ﻮا‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﻓﺼﱠﻠﻮه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻣﺎ ﯾﻮاﻓﻖ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ﻛﺎﻟﺘﺮاب واﻟﻤﻠﺢ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وﻣﺎ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻂ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻛﺎﻟﺪھﻦ‪.‬‬
‫ﺟـ‪ -‬وﻣﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﺤﺮﱡز ﻣﻨﮫ ﻛﺎﻟﻄﱡﺤﻠﺐ‪.‬‬
‫د‪ -‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻷﻧﻮاع ﻛﺎﻟﺰﻋﻔﺮان‪.‬‬

‫ﻄ ﻮْا ﻟﻜ ﻞ ﺣﺎﻟ ﺔ ﺣﻜﻤ ﺎً ‪ ،‬ودﺧﻠ ﻮا ﻓ ﻲ‬

‫دون أن ﯾ ﺬﻛﺮوا إن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء دون ﻗﻠﺘ ﯿﻦ أو أﻛﺜ ﺮ ‪ ،‬وأﻋ َ‬
‫ﺗﻔﺮﯾﻌﺎت ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻨﺎ ﻟﺬﻛﺮھﺎ‪ ،‬ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ذﻛﺮوه ﻓﻲ أول اﻟﺒﻨﺪ ﻓﺼﺤﯿﺢ ﻣﻦ وﺟﮫ وﺧﻄﺄ ﻣﻦ وﺟ ﮫ آﺧ ﺮ ‪ ،‬واﻟﺤ ﺎﻻت اﻷرﺑ ﻊ داﺧﻠ ﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ واﻟﺨﻄﺄ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﺘﺒﻮﯾﺒﺎت‪ .‬أﻣﺎ أنﱠ اﻟﻤﺎء إذا ﺗﻐﯿ ﺮ ﺑﻤﺨﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻟﻤ ﻮاد ﻃ ﺎھﺮة ﻓَﻘَ ﺪَ‬
‫ل ﺻ ﺤﯿﺢ ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ أن ﯾﻘﻮﻟ ﻮا إﻧ ﮫ ﺻ ﺎر ﻣ ﺎ ًء ﻃ ﺎھﺮًا ﻓﺨﻄ ﺄ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤ ﺎء ھ ﻮ ﺗﻠ ﻚ اﻟﻤ ﺎدة‬ ‫ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ ﻓﻘﻮ ٌ‬
‫ذات اﻟﺼﻔﺎت واﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ‪ ،‬ﻓﺈذا اﺧﺘﻠﻔﺖ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻔﺎت واﻟﺨ ﺼﺎﺋﺺ ﺑ ﺸﻜﻞ ﺑ ﯿﱢﻦ ﻻ ﯾﺒﻘ ﻰ‬
‫ﺖ ﻣ ﻦ أﺳ ﻤﺎء ﺣ ﺴﺐ اﻟﻤ ﺎدة اﻟﺘ ﻲ‬ ‫اﻟﻤﺎء ﻣﺎء ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ إﻃﻼق اﺳﻢ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬وﺳﻤﱢﮫ آﻧﺌ ﺬ ﺑﻤ ﺎ ﺷ ﺌ َ‬
‫اﺧﺘﻠﻄﺖ ﺑﮫ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮭﻢ ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺎء ﻃﺎھﺮًا ـ ھﻜﺬا ﺑﺬﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ )اﻟﻤ ﺎء( ـ ﺧﻄ ﺄ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺒﯿ ﺬ وھ ﻮ ﻣ ﺎء ﻧُﻘِ ﻊ‬
‫ﻓﯿﮫ ﺗﻤﺮ ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻘ ﺎل ﻋﻨ ﮫ إﻧ ﮫ ﻣ ﺎء ﻃ ﺎھﺮ ﻏﯿ ﺮ ﻃَﮭ ﻮر‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺪ ﻣ ﺎء ﻻ ﻓ ﻲ اﺳ ﻤﮫ وﻻ ﻓ ﻲ‬
‫واﻗﻌ ﮫ‪ ،‬واﻟ ﺸﺎي اﻟﻤ ﺸﺮوب اﻷﺣﻤ ﺮ ﻻ ﯾ ﺴﻤﻰ ﻣ ﺎء‪ ،‬واﻟ ﺴﻮس ﻻ ﯾ ﺴﻤﻰ ﻣ ﺎء‪ ،‬واﻟﻤ ﺎء إذا ﻏُﻠ ﻲ ﻓﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺤﻤﺺ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر أﺻﻔﺮ ذا ﻃﻌﻢ ﺧﺎص ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻘﺎل إﻧﮫ ﻣﺎء ‪ ،‬ﻻ ﻣﺎء ﻃﺎھﺮ وﻻ ﻣﺎء ﻃَﮭﻮر‪،‬‬
‫ﻓﻤﺎ داﻣﺖ ھﺬه اﻷﺷﺮﺑﺔ واﻟﻤﺤﺎﻟﯿ ﻞ ﻻ ﺗﺘ ﺼﻒ ﺑ ﺼﻔﺎت اﻟﻤ ﺎء وﻻ ﺗﺤﻤ ﻞ ﺧﺼﺎﺋ ﺼﮫ ﻓﯿﺠ ﺐ إﺧﺮاﺟﮭ ﺎ‬
‫ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬وﻋﺪم إدراﺟﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻤﯿﺎه وأﻗﺴﺎﻣﮭﺎ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫واﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﻮاﺟ ﺐ اﻋﺘﻤﺎدھ ﺎ ھ ﻲ أن اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﺎ دام ﻣ ﺎء ‪ -‬أي اﺳ ﻤﮫ ﻣ ﺎء وﺣﻘﯿﻘﺘ ﮫ أﻧ ﮫ ﻣ ﺎء ‪ -‬إن‬
‫ﺧﺎﻟﻄﺘﮫ ﺷﻮاﺋﺐ ﻃﺎھﺮة ﻓﻠ ﻢ ﺗ ﺴﻠُﺒْﮫ اﺳ ﻤَﮫ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﻐﯿﱢ ﺮ أوﺻ ﺎﻓﮫ وﺧﺼﺎﺋ ﺼﮫ ﻇ ﻞ ﻣ ﺎء ﻃَﮭ ﻮراً ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻻت اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ واﻷﺧ ﺮى ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺎﻻت اﻷرﺑ ﻊ‪ .‬ﻓ ﺈذا أُذﯾ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻗَ ﺪر‬
‫ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺢ أو ﺧﺎﻟﻄﺘﮫ ﻛﻤﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺘ ﺮاب واﻟﻄ ﯿﻦ أو اﻟﻜﺒﺮﯾ ﺖ أو اﻟﺰﻋﻔ ﺮان ﺑﺤﯿ ﺚ ﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺪ‬
‫ﯾﺴﻤﻰ ﻣﺎء أُﺧﺮج ﻣﻦ ﺑﺤﺚ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ودﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﻮاد اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ وﺣﻘﯿﻘﺘ ﮫ ‪.‬‬
‫ﻓﺸﺮاب اﻟﺰﻋﻔﺮان ﻃﺎھﺮ‪ ،‬وﺷ ﺮاب اﻟ ﺴﻮس ﻃ ﺎھﺮ ‪ ،‬واﻟ ﺸﺎي ﻃ ﺎھﺮ ‪ ،‬واﻟﻨﺒﯿ ﺬ ‪ -‬أي ﻣﻨﻘ ﻮع اﻟﺘﱠﻤ ﺮ ‪-‬‬
‫ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬وﻣﺤﻠﻮل اﻟﻜﺒﺮﯾﺖ ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬه ﻻ ﺗُﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻤﯿﺎه وﻻ ﺗﺄﺧﺬ أﺣﻜﺎﻣﮭﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ‬
‫ﯾﻘﺎل ﻟﮭﺬه اﻷﺷﺮﺑﺔ واﻟﻤﺤﺎﻟﯿﻞ إﻧﮭﺎ ﻣﯿﺎه ﻃ ﺎھﺮة ﻏﯿ ﺮ ﻃَﮭ ﻮرة ‪ ،‬وﻻ ﻓ ﺮق ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﺑ ﯿﻦ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻓ ﻮق‬
‫اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ أو دوﻧﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫وھ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻛﻠ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻧ ﺼﻮص‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣﻮﺿ ﻮع ﺗﺤﻘﯿ ﻖ ﻣﻨ ﺎط اﻟﻤ ﺎء‪،‬‬

‫واﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾﻘ ﻮل »اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر« وﻧﺤ ﻦ ﻧﺒﺤ ﺚ ﻓ ﻲ ﻣﻨ ﺎط اﻟﻤ ﺎء وﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎذا‬
‫ﯾﻨﻄﺒﻖ ھﺬا اﻟﻠﻔﻆ ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺷﺮاب اﻟﺰﻋﻔﺮان ﻃﺎھﺮ أو ﻃَﮭﻮر ﺣﺘﻰ ﯾﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ھﺬا اﻟﺒﺎب‪ .‬وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﻤﺎء ﻃﺎھﺮ إن ﺧﺎﻟﻄﮫ ﻣﺎ ﻏﯿﱠﺮ أوﺻ ﺎﻓﮫ أو ﺳ ﻠﺒﮫ اﺳ ﻤﮫ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻣ ﻦ‬
‫وﺟﮫ وﺧﻄﺄ ﻣﻦ وﺟﮫ ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺎن اﻟﻮﺟﮭﺎن ﺗﻤﺎﻣﺎً‪ .‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ إدام اﻟﻄﻌ ﺎم وأدوﯾ ﺔ اﻟ ﺼﯿﺪﻟﯿﺎت‬
‫اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ واﻟﻤﺤﺎﻟﯿ ﻞ اﻟﻜﯿﻤﺎوﯾ ﺔ واﻟ ُﻌ ﺼﺎرات واﻟﻌﻄ ﻮر ‪ ،‬ﻓﻜﻠﮭ ﺎ ﻻ ﻋﻼﻗ ﺔ ﻟﮭ ﺎ ﺑﺄﺣﻜ ﺎم اﻟﻤﯿ ﺎه ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ‬
‫اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾ ﺔ واﻟﻄﮭ ﺎرة ﻻ ﻣ ﻦ ﻗﺮﯾ ﺐ وﻻ ﻣ ﻦ ﺑﻌﯿ ﺪ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء وﻻ ﻟﻸﻏ ﺴﺎل ﻣ ﻦ ﻧﻔ ﺎس‬
‫وﺣﯿﺾ وﺟﻨﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن ﻋﻜﺮﻣﺔ واﻟﺤﺴﻦ واﻷوزاﻋﻲ وأﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ أﺟﺎزوا اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻟﻨﺒﯿﺬ ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤ ﺎ رُوي‬
‫ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻟ ﮫ ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﺠ ﻦ »ﻣ ﺎ ﻓ ﻲ إداوﺗ ﻚ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﺒﯿ ﺬ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪:‬‬
‫ﺗَﻤْﺮةٌ ﻃﯿﺒﺔٌ وﻣﺎءٌ ﻃَﮭﻮر« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﻨﺮ ﱡد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أوﺟﮫ‪:‬‬

‫أﺣ ﺪھﺎ‪ :‬أﻧ ﮫ ﯾﻌ ﺎرض اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ]‪ ...‬ﻓﻠ ﻢ ﺗﺠ ﺪوا ﻣ ﺎءً ﻓﺘﯿﻤﱠﻤ ﻮا‪ [...‬ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء ‪،43‬‬
‫وﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة ‪ .6‬ذﻟﻚ أن اﻵﯾﺔ ﻗﺪ أوﺟﺒﺖ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺘﺮاب ﻋﻨﺪ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء وﻟﻢ ﺗﺠﻌﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺷ ﯿﺌًﺎ‬
‫آﺧﺮ ‪.‬‬

‫وﺛﺎﻧﯿﮭ ﺎ‪ :‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻷن ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده أﺑ ﺎ زﯾ ﺪ ‪ ،‬وأﺑ ﻮ زﯾ ﺪ ھ ﺬا ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﺣﺒﱠﺎن )ﻟﯿﺲ ﯾُﺪرَى ﻣَﻦ ھﻮ وﻻ أﺑ ﻮه وﻻ ﺑﻠ ﺪه‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻛ ﺎن ﺑﮭ ﺬا‬ ‫)ﻣﺠﮭﻮل ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ( وﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻨﻌﺖ ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺮ ِو إﻻ ﺧﺒﺮاً واﺣ ﺪًا ﺧ ﺎﻟﻒ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﺘ ﺎب واﻟ ﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤ ﺎع واﻟﻘﯿ ﺎس اﺳ ﺘﺤﻖ ﻣﺠﺎﻧﺒ ﺔ ﻣ ﺎ‬
‫رواه( ‪.‬‬

‫ﻦ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫وﺛﺎﻟﺜﮭ ﺎ‪ :‬إن ﻣ ﺴﻠﻤًﺎ روى أن اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﻧﻔ ﺴﮫ ﻗ ﺎل »ﻟ ﻢ أﻛ ﻦ ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﺠ ﱢ‬

‫ﺳ ﺌﻞ »ﻣ ﻦ ﻛ ﺎن ﻣ ﻨﻜﻢ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫ووددت أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﻌﮫ «‪ .‬وروى أﺑﻮ داود أن اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻗﺪ ُ‬
‫‪ r‬ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺠﻦ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﮫ ﻣﻨﺎ أﺣﺪ« ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﺟ ﻮاز اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺒﯿﺬ ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﻨﻲ )ﻓﺄﻣﺎ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﺒﯿﺬ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺋﻌﺎت ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺎء ﻛﺎﻟﺨ ﻞ واﻟ ﺪھﻦ واﻟﻤ ﺮق‬
‫واﻟﻠﺒﻦ ﻓﻼ ﺧﻼف ﺑﯿﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﺑﮭﺎ وﺿﻮء وﻻ ﻏﺴﻞ‪ ،‬ﻷن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أﺛﺒ ﺖ‬
‫اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ﻟﻠﻤﺎء ﺑﻘﻮﻟﮫ ]وﯾُﻨَﺰ ُل ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎ ِء ﻣﺎءً ﻟﯿُﻄ ﱢﮭﺮَﻛﻢ ﺑﮫ[ وھ ﺬا ﻻ ﯾﻘ ﻊ ﻋﻠﯿ ﮫ اﺳ ﻢ اﻟﻤ ﺎء (‬
‫وھﻮ ﺗﻠﺨﯿﺺ ﺟﯿﺪ وﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫إﻻ أن اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ ﻗﺪ ﺧﻔﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮ وﻣﺎء اﻟﺴﻮاﻗﻲ‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ ﻣ ﺎء اﻟﺒﺤ ﺮ‬
‫ﻃَﮭﻮرًا رﻏﻢ أﻧﮫ ﯾﻔﻘ ﺪ ﺻ ﻔﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻔﺎت اﻟﻤ ﺎء ﻟﻜﻮﻧ ﮫ ﻣﺎﻟﺤ ﺎً‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ ﻣ ﺎء اﻟ ﺴﻮاﻗﻲ ﻃَﮭ ﻮرًا رﻏ ﻢ ﻣ ﺎ‬
‫ﺼﺮُ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ وﻻ ﯾﻘ ﺎس‬‫ﯾﻌﻠﻖ ﺑﮫ ﻣﻦ ﻃﯿﻦ أو ﺷﻮاﺋﺐ ﺗﻐﯿﱢﺮ ﻟﻮﻧﮫ ‪ ،‬ﻓﮭﺬان اﻟﻤﺎء إن ﺣﺎﻟ ﺔ اﺳ ﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﻓ ُﯿﻘْﺘَ َ‬

‫‪11‬‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ ﻣﺎ ﺳﻮاھﻤﺎ ﯾﻌﺎﻣَﻞ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﺤﺜﮫ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻷﺋﻤﺔ إن اﻟﻤ ﺎء إذا ﺧﺎﻟﻄ ﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺨﺘﻠﻂ ﺑﮫ ﻋﺎدة ﯾﻈﻞ ﻃَﮭﻮرًا ﻛﺎﻟﻤﻠﺢ واﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ إذا ﺧﺎﻟﻂ اﻟﻤﺎء ﻓﺴﻠﺒﮫ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﮫ‬
‫ﺑﻄﻞ ﻋﺪﱡه ﻣﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺮي ﺗﺼﻨﯿﻔﮫ ﻓﻲ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه اﻟﻄﱠﮭﻮرة‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟ ﺪ ﺷ ﻲ ٌء اﺳ ﻤﮫ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻄ ﺎھﺮ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻄﱠﮭ ﻮر‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾ ﺴﻘﻂ‬
‫اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫اﻟﻤﺎءُ اﻟ ﱠﻨﺠِﺲ‬
‫أﻣ ﺎ اﻟﻘ ﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻣ ﻦ ﺗﻘ ﺴﯿﻤﺎﺗﮭﻢ وھ ﻮ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﻨﺠﺲ ﻓﮭ ﻮ ﺻ ﺤﯿﺢ ﺟُﻤﻠ ًﺔ ‪ ،‬أي أﻧ ﮫ ﻣﻮﺟ ﻮد ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﯿﮫ ﺗﻔﺼﯿﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ اﻓﺘﺮق اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺛ ﻼث ﻓ ﺮق ‪ :‬ﻓ ﺮﻗﺘﯿﻦ ﻛﺒﯿ ﺮﺗﯿﻦ وﻓﺮﻗ ﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ھ ﻲ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‬
‫وأﺻﺤﺎﺑﮫ‪ .‬ﻓﺬھﺐ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة وﺣﺬﯾﻔ ﺔ واﻟﺤ ﺴﻦ اﻟﺒ ﺼﺮي وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ وﻋﻄ ﺎء‬
‫وﻋﻜﺮﻣ ﺔ وﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻟﯿﻠ ﻰ واﻟﺜ ﻮري وداود وإﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ وﯾﺤﯿ ﻰ اﻟﻘﻄ ﺎن‬
‫واﻷوزاﻋﻲ وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﮭﺪي وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر وﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ وأﺣﻤﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫ﻋﻨﮫ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ أن اﻟﻤ ﺎء إذا ﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻓﻐﻠﺒ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺳ ﻠﺒﺘﮫ اﺳ ﻤﮫ وﻏ ﱠﯿ ﺮت‬
‫أوﺻﺎﻓﮫ ﺻﺎر ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬وإذا ﺧﺎﻟﻄﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻓﻠﻢ ﺗﻐﯿﱢﺮ أوﺻﺎﻓﮫ وﻟﻢ ﺗﺴﻠﺒﮫ اﺳﻤﮫ ﻇﻞ ﻃَﮭﻮرًا‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن‬
‫اﻟﻤﺎء ﻗﻠﯿﻼً أو ﻛﺜﯿﺮاً ‪.‬‬

‫وذھﺐ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ وﻣﺠﺎھ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ وأﺑ ﻮ ﻋﺒﯿ ﺪ‪ ،‬واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤ ﺸﮭﻮر ﻋﻨﮭﻤ ﺎ إﻟ ﻰ أن اﻟﻤ ﺎء إذا ﻛ ﺎن ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓ ﺄﻛﺜﺮ وﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻓﻐﻠﺒ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺳ ﻠﺒﺘﮫ اﺳ ﻤﮫ‬
‫وﻏﯿﱠﺮت أوﺻﺎﻓﮫ ﺻﺎر ﻧﺠﺴًﺎ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﺗﻨﺠﱠﺲ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻏﯿﺮت اﺳﻤﮫ‬
‫ﻞ ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ وﻧﻨﺎﻗﺸﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬‫وأوﺻﺎﻓﮫ أو ﻟﻢ ﺗﻐﯿﱢﺮ ‪ ،‬ﻗﻠﯿﻠ ًﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو ﻛﺜﯿﺮة‪ .‬وﺳﻨﻌﺮض ﻟﺮأي ﻛ ﱟ‬
‫ﻧﻌﺮض ﻟﺮأي أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﮫ‪.‬‬

‫اﺳﺘﺪل اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻵﺗﯿﺔ‪:‬‬

‫ﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﯿ ﻞ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أﻧﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ﺑﺌ ﺮ‬ ‫‪ - 1‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟ ُ‬

‫ﻦ ‪ -‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إن اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﺤ ﯿَﺾ وﻟﺤ ﻮ ُم اﻟﻜ ﻼب واﻟﻨ ﺘ ُ‬
‫ﺑُ ﻀﺎﻋﺔ؟ ‪ -‬وھ ﻲ ﺑﺌ ﺮ ﯾُﻠﻘ ﻰ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ِ‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﺣ ﺴﱠﻨﮫ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ‪ ،‬وﺻ ﺤﺤﮫ أﺣﻤ ﺪ وﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬ ‫ﻃَﮭ ﻮر ﻻ ﯾُﻨ ﱢ‬
‫ﻣﻌﯿﻦ واﺑﻦ ﺣﺰم‪.‬‬

‫ﺳ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻋ ﻦ‬ ‫‪ - 2‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ُ‬

‫اﻟﺤﯿﺎض اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨـﺔ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻟــﮫ ‪ :‬إن اﻟﻜﻼب أو اﻟﺴﺒﺎع َﺗ ِﺮ ُد ﻋﻠﯿﮭﺎ؟ ﻓﻘﺎل ‪:‬‬
‫ﻟﮭﺎ ﻣﺎ أﺧﺬت ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻧﮭ ﺎ وﻟﻨ ﺎ ﻣ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﺷ ﺮاب وﻃَﮭ ﻮر« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﮭﻞ‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري وﻗ ﺎل ‪ :‬إﺳ ﻨﺎده ﺣ ﺴﻦ‪ .‬إﻻ أن اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﻗﺪ ﺿ ﱠﻌﻔﻮه‪.‬‬

‫ﻏ َﻠ ﺐ‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء إﻻ ﻣ ﺎ َ‬‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ اﻟﺒ ﺎھﻠﻲ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﻟﻤ ﺎء ﻻ ﯾُﻨ ﱢ‬
‫ﻋﻠﻰ رﯾﺤِﮫ وﻃﻌﻤِﮫ وﻟﻮﻧِﮫ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ أﯾ ﻀﺎً ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺛﻮﺑ ﺎن‬
‫دون ﻗﻮﻟﮫ »وﻟﻮﻧﮫ«‪ .‬وﺟﻤﯿﻊ ﻃﺮق ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻔﺔ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﻔﺮﱢق ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻠﯿﻞ واﻟﻜﺜﯿﺮ ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﺗﻈﮭﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء إﺣﺪى ﺻﻔﺎت اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﻨﺠﺲ ﺑﮭ ﺎ ﻛﺎﻟﺰاﺋ ﺪ‬
‫ﻋﻦ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬وردﱡوا ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻷﻧﮫ ﺿﻌﯿﻒ‪.‬‬

‫‪12‬‬
 ‫واﺳﺘﺪل اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ُﯾ ﺴﺄل ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺎء‬ ‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌ ُ‬

‫ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻔﻼة ﻣﻦ اﻷرض وﻣﺎ ﯾﻨﻮﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺒﺎع واﻟ ﺪواب‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إذا ﻛ ﺎن‬
‫ﺨﺒَﺚ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻷﺑ ﻲ داود »ﻓﺈﻧﱠ ﮫ‬ ‫اﻟﻤﺎء ﻗُﻠﱠﺘﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﺤﻤﻞ اﻟ َ‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲ ٌء « وﺳ ﻨﻌﺮض ﺑﻌ ﺪ ﻗﻠﯿ ﻞ ﻟﺪرﺟ ﺔ ھ ﺬا‬ ‫ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ« ورواﯾ ﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ﻟﻠﺤ ﺎﻛﻢ وأﺣﻤ ﺪ »ﻟ ﻢ ﯾُﻨ ﱢ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ‪ r‬ﻗﺎل » إذا اﺳﺘﯿﻘﻆ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ ﻧﻮﻣ ﮫ ﻓ ﻼ ﯾﻐﻤ ﺲ‬
‫ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﺣﺘ ﻰ ﯾﻐ ﺴﻠﮭﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪري أﯾ ﻦ ﺑﺎﺗ ﺖ ﯾ ﺪه« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻌﺪد ﺛﻼﺛًﺎ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » إذا ﺷ ﺮب اﻟﻜﻠ ﺐ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ‬

‫ﻓﻠْﯿﻐﺴﻠﮫ ﺳﺒﻊ ﻣ ﺮات« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »ﻃُﮭ ﻮر إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ إذا‬
‫ﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاب «‪.‬‬
‫وﻟﻎ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻠﺐ أن ﯾﻐﺴﻠﮫ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات أوﻻھ ﱠ‬

‫ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺑﺎﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ دوﻧﮭﻤﺎ ﯾﻨﺠﺲ‪ ،‬إذ ﻟﻮ اﺳﺘﻮى ﺣُﻜ ﻢ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﯿﻦ‬
‫وﻣﺎ دوﻧﮭﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺘﺤﺪﯾﺪ ﻣﻔﯿﺪًا‪ .‬وﻗﺎﻟﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻧﮫ ﻟﻮﻻ أﻧﮫ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﻨﻌ ًﺎ ﻟﻢ ﯾﻨﮫ ﻋﻨﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬أﻣ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﻐ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء ﻣ ﻦ وﻟ ﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ وإِراﻗ ِﺔ‬
‫ﺳ ْﺆرِه‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻔﺮﱢق ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﺗﻐﯿﺮ وﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﺮ ‪ ،‬ﻣﻊ أن اﻟﻈﺎھﺮ ﻋﺪم اﻟﺘﻐﯿﱡﺮ ‪ ،‬وردﱡوا ﺣﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ‬‫ُ‬
‫اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻏﯿ ﺮه ﻷﻧ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ .‬واﺳﺘ ﺸﮭﺪ اﻟﻔﺮﯾﻘ ﺎن ﺑﺄﺷ ﯿﺎءَ أﺧ ﺮى ‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا ﻛﻼﻣ ﺎً آﺧ ﺮ‬
‫دون اﻟﻜﻼم اﻷول ﺳﻨﻌﺮض ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺑﺈذن اﷲ‪.‬‬

‫ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض أدﻟﺔ اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ وﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻨﺒﻄﻮه ﻣ ﻦ أﺣﻜ ﺎم ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن اﻟﺨ ﻼف ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﻟ ﯿﺲ واﺳ ﻌ ًﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺎء ﻗﺴﻤﺎن ‪ -‬ﻣﺎ دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ‪ ،‬و ُﻗﻠﱠﺘﺎن ﻓﺄﻛﺜﺮ ‪ -‬أﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻓﻘﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻔﺮﯾﻘ ﺎن ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ‬
‫ﻻ ﯾﻨﺠﺲ ﺑﻮﻗﻮع اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬إﻻ إذا ﻏﯿﱠﺮت اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ أوﺻﺎﻓﮫ وﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ ‪ ،‬أﻣﺎ إذا وﻗﻌ ﺖ ﻓﯿ ﮫ ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﺗﺴﻠﺒﮫ اﺳﻤﮫ وﻟﻢ ﺗﻐﯿﺮ أوﺻﺎﻓﮫ ﺑﻘﻲ ﻃَﮭﻮرًا ‪ -‬أﻣﺎ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﺈن ﻟﮭﻢ رأﯾ ًﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔ ًﺎ ﺳ ﻨﻌﺮض‬
‫ﻟﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ‪ -‬أﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﻘﺪ اﺗﻔﻘﻮا أﯾﻀًﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إذا وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻓﻐﯿﱠﺮﺗ ﮫ‬
‫وﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ ﺻﺎر ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬وھﺬا ﻗﻮل ﺻﺤﯿﺢ أﯾﻀًﺎ‪ .‬ﻗﺎل ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر )أﺟﻤ ﻊ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟﻤﺎء اﻟﻘﻠﯿﻞ واﻟﻜﺜﯿﺮ إذا وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻓﻐﯿﱠﺮت ﻟﮫ ﻃﻌﻤﺎً أو ﻟﻮﻧﺎً أو رﯾﺤﺎً ﻓﮭ ﻮ ﻧﺠ ﺲ( ‪ .‬ﺑﻘ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ وأﺻﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﻐﯿﺮ وﺻﻔﮫ وﻻ ﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ‪ ،‬ھﺬا اﻟﻤﺎء ﻓﻘﻂ ھﻮ ﻣﺪار اﻟﺨ ﻼف‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ھﺬﯾﻦ‪ ،‬وﻧﻨﺎﻗﺶ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻨﻘﻮل ‪:‬‬

‫إن اﻟﻤ ﺎء إ ذا ﺑﻠ ﻎ ﻗُﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓ ﺄﻛﺜﺮ وﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﯾ ﺴﯿﺮة ﻓﻠ ﻢ ﺗﻐﯿﱢ ﺮ وﺻ ﻔﮫ وﻟ ﻢ ﺗ ﺴﻠﺒﮫ اﺳ ﻤﮫ ﺑﻘ ﻲ‬

‫ﻃَﮭﻮراً ‪ ،‬وإذا ﻛﺜﺮت اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ وﻏﯿﱠﺮت وﺻﻔﮫ ﺻﺎر ﻧﺠﺴ ًﺎ ‪ ،‬وھﺬا اﻷﺧﯿﺮ واﺿ ﺢ‬
‫ﻓﯿﮫ ﺧﺮوﺟﮫ ﻣﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ‪ ،‬وأﻧﮫ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺼﺢ إدراﺟﮫ ﻓﻲ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺧ ﺮج ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ‬
‫ﻣﺎء‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﺧﺎﻟﻄﺘﮫ أﺷﯿﺎء ﻃﺎھﺮة ﻓﻐ ﱠﯿ ﺮت أوﺻ ﺎﻓﮫ وﺳ ﻠﺒﺘﮫ اﺳ ﻤﮫ‪ ،‬واﻟ ﺬي أﺧﺮﺟﻨ ﺎه‬
‫ﻞ ﻣﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه‪ .‬وﻣﺎ ﻗﻠﺘُﮫ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻤﺎء أﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ وﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬ ‫ﻣﻦ ﻗﺒ ُ‬
‫ﻓﻐﯿﱠﺮت وﺻﻔﮫ وﺳﻠﺒﺘﮫ اﺳﻤﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺨﺮج ھﻮ اﻵﺧ ﺮ ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ ﻣ ﺎء‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻻ ﯾ ﺼﺢ ِإدراﺟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ اﻟﻤﺘﺒﻘﻲ واﻟﺬي ﯾُ ْﺪرَج ﻓﻲ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ﻓﮭﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن دون ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ وﺧﺎﻟﻄﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﯾﺴﯿﺮة ﻟﻢ ﺗﻐﯿﱢﺮ وﺻﻔﮫ وﻟﻢ ﺗﺴﻠﺒﮫ اﺳﻤﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﯾُﺪرج ﻓﻲ أﻗ ﺴﺎم اﻟﻤﯿ ﺎه ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻤ ﺎء ھ ﻮ اﻟﻤﺨ َﺘَﻠ ﻒ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ‪ :‬ﻓﺮﯾﻖ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﻨﺠﺎﺳﺘﮫ ‪ ،‬واﻵﺧﺮون ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﻄُﮭﻮرﯾﺘﮫ‪.‬‬

‫وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ أدﻟ ﺔ اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول أﺧ ﺬوا ﺑﻌﻤﻮﻣ ﺎت اﻷدﻟ ﺔ ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤ ﺎ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ‬
‫اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺨﺼﱢﺼﺔ‪ ،‬وﻟﺬا ﺑﻘﻲ اﻟﺨﻼف ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻤﻜﻦ ﻟﮭﺬا اﻟﺨ ﻼف أن ﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﻟ ﻮ‬
‫واﻓ ﻖ اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻋﻠ ﻰ أدﻟ ﺔ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ ھ ﺬه‪ ،‬وﻟﻜ ﻨﮭﻢ رﻓ ﻀﻮا ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ رﻓ ﻀﻮا‬
‫وﺗﺄوﱠﻟﻮا ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﺗﺄوﱠﻟﻮا ‪ ،‬وﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﺳﺘﻤﺮ اﻟﺨﻼف وﻟﻢ ﯾﻨﺘﮫ‪ .‬وﻧﺤﻦ ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﺘﻌﺮاض ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺴﻨﺪ واﻟﻤﺘﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲ دﻻﻻﺗﮭﺎ ﻣﻨﻄﻮﻗًﺎ وﻣﻔﮭﻮﻣ ًﺎ ﻛﻲ ﻧﺼﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺮأي اﻟﺮاﺟﺢ ﺑﺈذن اﷲ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ »إن اﻟﻤﺎء ﻃَﮭ ﻮر ﻻ ﯾُﻨﺠﱢ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻷن أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻌﯿﻦ واﺑﻦ ﺣﺰم ﻗﺪ ﺻ ﺤﱠﺤﻮه‪ .‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﮫ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻌﻤ ﻮم ‪ ،‬ﻷن ﻛﻠﻤ ﺔ )اﻟﻤ ﺎء( اﻟﻤﻌﺮﱠﻓ ﺔ ﺑ ﺄل‬
‫اﻟﺠﻨﺲ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎء ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﺎم ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺗﺨﺼﯿﺺ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟﺤﯿﺎض اﻟﺬي ﻓﯿﮫ »ﻟﮭﺎ ﻣﺎ‬
‫أﺧﺬت ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻧﮭﺎ وﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺷﺮاب وﻃَﮭﻮر« ﻣﻄﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﻜﻤﯿ ﺔ‪ ،‬ﻷن ﻛﻠﻤ ﺔ »ﻟﻨ ﺎ‬
‫ﻣﺎ ﺑﻘﻲ« ﻣﻄﻠﻘﺔ دون ﺗﻘﯿﯿ ٍﺪ ﺑﺤﺠﻢ أو ﻛﯿﻞ ﻓﺘﻈﻞ ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﺗﺨ ﺼﯿﺺ وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪان اﻟﻌﻤﻮم واﻹﻃﻼق‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ أن ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺤﯿﺎض ﻟﯿﺲ ﺳﻮى إﺳﻨﺎدٍ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺟﺪﯾﺪ‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﻠ ﻮ ﻃﻌ ﻦ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻞ ﺑ ﮫ أو ردﱡه ‪ .‬أﻣ ﺎ‬ ‫اﻟﻤُﺤﺪﱢﺛﻮن وأﺳﻘﻄﻮه ﻟﻤﺎ ﺗﺄﺛﺮ ﺣﻜﻢ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻌ ﺪم اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﺳ ﯿﱠﺎن اﻟﻌﻤ ُ‬
‫ﺚ اﻷول‪ ،‬وأﻣ ﺎ‬ ‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« ﯾﻤﺎﺛ ﻞ ﻓ ﻲ ﻟﻔﻈِ ﮫِ اﻟﺤ ﺪﯾ َ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﻨ ﺼﻔﮫ اﻷول »إن اﻟﻤ ﺎء ﻻ ﯾﻨ ﱢ‬
‫ﻏَﻠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ رﯾﺤ ﮫ وﻃﻌﻤ ﮫ وﻟﻮﻧ ﮫ« ﻓ ﺄﻗﻮل ‪ :‬ﺣﯿﺜﻤ ﺎ ورد اﻻﺳ ﺘﺜﻨﺎء ﻓ ﻲ‬ ‫اﻻﺳ ﺘﺜﻨﺎء ﻓ ﻲ آﺧ ﺮه »إﻻ ﻣ ﺎ َ‬
‫رواﯾﺎت ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﮭﻮ ﺿﻌﯿﻒ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ وﻓ ﻲ‬
‫ﺳﻨﺪه رﺷﺪﯾﻦ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ وھﻮ ﻣﺘﺮوك‪ ،‬ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ أﯾﻀًﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺛﻮﺑﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر‬
‫إﻻ ﻣﺎ ﻏَﻠَﺐ ﻋﻠﻰ رﯾﺤﮫ أو ﻋﻠﻰ ﻃﻌﻤﮫ« وﻓﻲ ﺳﻨﺪه أﯾﻀًﺎ رﺷﺪﯾﻦ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺘﺮوك ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ‪.‬‬
‫ﺤ ﮫ أو‬ ‫ن ﺗﻐﯿﱠﺮ رﯾ ُ‬‫وروى اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إن اﻟﻤﺎء ﻃﺎھﺮ إﻻ إ ْ‬
‫ﻃﻌﻤُﮫ أو ﻟﻮﻧُﮫ ﺑﻨﺠﺎﺳ ٍﺔ ﺗَﺤﺪُث ﻓﯿﮫ« وﻓﯿ ﮫ أﯾ ﻀﺎً رﺷ ﺪﯾﻦ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬وﻣ ﺎ ﻗﻠ ﺖ ﻣ ﻦ أﻧ ﮫ إذا ﺗﻐ ﱠﯿ ﺮ‬
‫ﻃﻌﻢ اﻟﻤﺎء وﻟﻮﻧﮫ ورﯾﺤﮫ ﻛﺎن ﻧﺠﺴًﺎ ﯾُ ﺮوى ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ﻣ ﻦ وﺟ ﮫ ﻻ ﯾُﺜ ِﺒ ﺖ أھ ﻞ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﺜﻠَ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ )ﻻ ﯾَﺜﺒُ ﺖ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ( وﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )اﺗﻔ ﻖ اﻟﻤُﺤ ﺪﱢﺛﻮن ﻋﻠ ﻰ ﺗ ﻀﻌﯿﻔﮫ( ‪ .‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ‬
‫اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﯾﺒﻘﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﺋﻤﺎً ودﻟﯿﻠﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪.‬‬

‫وأود أن أﺷﯿﺮ ھﻨﺎ إﻟﻰ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وإن ﻛﺎن ﺿﻌﯿﻔﺎً‪ ،‬أو ﻛﺎن اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺬي ﻓﯿﮫ ﺿ ﻌﯿﻔًﺎ إﻻ‬
‫أن ﻣﻌﻨ ﺎه ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺣﻘﻘﻨ ﺎه ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ﺗﺤﻘﯿ ﻖ ﻣﻨ ﺎط اﻟﻤ ﺎء‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫وﻏﯿﺮھﻤﺎ ‪ :‬اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻐﯿﱡﺮ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ رﯾﺤ ًﺎ أو ﻟﻮﻧ ﺎً أو ﻃﻌﻤ ًﺎ ﻧﺠ ﺲ‪ .‬وھ ﻢ ﯾﻌﻨ ﻮن ﺑﺎﻹﺟﻤ ﺎع‬
‫ھﻨﺎ إﺟﻤﺎع اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وﻗﺪ ﺳﻘﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر ﺑﮭ ﺬا اﻟﺨ ﺼﻮص ﻓ ﻼ ﻧﻌﯿ ﺪ‪ ،‬وأﺛﺒﺘﻨ ﺎ ھﻨ ﺎك أن‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﺼﻮص‪.‬‬

‫‪ -2‬رد اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ وﻗﺎﻟﻮا إﻧﮫ ﺿﻌﯿﻒ ﻷﻧﮫ ﻣﻀﻄﺮب ﺳﻨﺪًا وﻣﺘﻨﺎً‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻨ ﺘﮭﺾ‬
‫ﻋﻨﺪھﻢ ﻟﺘﺨﺼﯿﺺ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬ﻓﯿﻈﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﮫ ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا إن ﻣﺪارَه ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻛﺜﯿ ﺮ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻋﻨﮫ ﻋ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬وھﺬا اﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺪ‪ .‬وﻗﺎﻟﻮا إﻧﮫ ﻗﺪ‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ‬ ‫رُوي أﯾ ﻀﺎً ﺑﻠﻔ ﻆ » إذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء ﻗ ﺪر ﻗُﻠﱠﺘ ﯿﻦ أو ﺛ ﻼث ﻟ ﻢ ﯾﻨ ﱢ‬

‫‪14‬‬
‫ﺨﺒَﺚ« ﻛﻤﺎ ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠ ﺪارﻗﻄﻨﻲ‬
‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ‪ .‬وﺑﻠﻔﻆ » إذا ﺑﻠﻎ اﻟﻤﺎء أرﺑﻌﯿﻦ ُﻗ ﱠﻠﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺤﻤﻞ اﻟ َ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ .‬وھﺬا اﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻦ‪.‬‬

‫ﻓﻨﺠﯿﺒﮭﻢ ﻋﻠﻰ دﻋﻮى اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻹﺳﻨﺎد ﺑﺄن ھﺬا ﻻ ﯾُﻌﺪﱡ اﺿﻄﺮاﺑ ًﺎ ﻷﻧﮫ اﻧﺘﻘﺎلٌ ﻣﻦ ﺛﻘﺔ إﻟ ﻰ‬
‫ﺛﻘﺔ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )وﻋﻨﺪ اﻟﺘﺤﻘﯿﻖ أﻧﮫ ﻋﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﻜﺒﺮ ‪ ،‬وﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﺼﻐﺮ وﻣ ﺎ‬
‫ﺳﻮى ذﻟ ﻚ وھْ ﻢٌ( وھ ﺆﻻء ﻛﻠﮭ ﻢ ﺛِﻘ ﺎت‪ .‬وﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﺟ ﻮﱠد إﺳ ﻨﺎدھﺎ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻌ ﯿﻦ ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺎﻛﻢ )ﺻ ﺤﯿﺢ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺮﻃﮭﻤﺎ وﻗ ﺪ اﺣﺘﺠﱠ ﺎ ﺑﺠﻤﯿ ﻊ رواﺗ ﮫ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺪه ‪ :‬إﺳ ﻨﺎد‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﻀﺢ أن ﺳﻨﺪه ﺻﺤﯿﺢ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ دﻋﻮى اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻦ ﻓﮭﻲ ﺳ ﺎﻗﻄﺔ أﯾ ﻀ ًﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺈن رواﯾ ﺔ »و ﺛ ﻼث« ﺷ ﺎذة‪ ،‬ورواﯾ ﺔ‬
‫»أرﺑﻌﯿﻦ ﻗُﻠﱠﺔ« ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺿﻌﱠﻔﮭﺎ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ُﻌﻤَﺮي ﻓﻼ ﯾُﺤ ﺘﺞ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﮭ ﱡﻢ‬
‫ﻣﺎ داﻣﺖ رواﯾﺔ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ذات إﺳﻨﺎد ﺟﯿﺪ‪.‬‬

‫‪ -3‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ اﻟﻄﻌ ﻦ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن اﻟ ِﻘ ﻼل ﻏﯿ ﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣ ﺔ اﻟﻤﻘ ﺪار ‪،‬‬
‫ن ﺗﻘﯿﯿﺪ ﻣﻦ أﺧ ﺬوا ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻠﻘِ ﻼل ﺑﻘِ ﻼل ھَﺠَ ﺮ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﺒ ﻮل ‪ ،‬وردوا اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻗﯿ ﺪﺗﮭﺎ ﺑ ِﻘ ﻼل‬
‫وإ ﱠ‬
‫َھﺠَﺮ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﻦ رواﯾﺔ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺻ ﻘﻼب وھ ﻮ ﻣﻨﻜ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬ھ ﺬه ﺣﺠ ﺘﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮد أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫ﻼ أو وزﻧ ًﺎ ﯾُﻔ ﺴﱠﺮ وﯾُﺤ ﺪﱠد ﺑﻤﻌﺮﻓ ﺔ ﻣ ﺎ‬
‫ﺣﺠﺔ واھﯿﺔ ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺬﻛﺮ ﻛﯿ ً‬
‫ﻛ ﺎن اﻟﻨ ﺎس ﻋﻠﯿ ﮫ زﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة و اﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﻻ ﯾﻠ ﺰم أن ﯾﻘ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم‪ .‬ﻓﺒﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن زﻣﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻧﺠ ﺪ أن ِﻗ ﻼل‬
‫َھﺠَﺮ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﯿﮭﻢ ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾُﺼﺎر إﻟﻰ ﻏﯿﺮھﺎ إﻻ ﺑﻨﺺ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺜﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌﺮب ﻟﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫أﺷﻌﺎرھﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﺒﯿﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻄﮭﻮر‪ ،‬وروى اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﺑﻦ ﺻﻌﺼﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺳ ﺪْرة اﻟ ُﻤ ْﻨﺘَﮭ ﻰ‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﱠث ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬أن ورﻗﮭ ﺎ ﻣﺜ ﻞ‬‫ﺖ إﻟ ﻰ ِ‬
‫‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻌ ﺮاج وﻓﯿ ﮫ » ﺛ ﻢ ُرﻓِﻌ ُ‬
‫آذان اﻟﻔﯿﻠﺔ وأن ﻧَﺒﻘَﮭﺎ ﻣﺜﻞ ﻗِﻼل َھﺠَﺮ« وﻗﺎل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ )ﻣﺨﺮﱠج ﻓﻲ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﻼ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻻ ﯾ ﻀﯿﺮﻧﺎ ﺿ ﻌﻒ رواﯾ ﺔ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ‬ ‫ﻋﺮوﺑ ﺔ(‪ ،‬وھ ﺬا ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣ ﺸﮭﻮرة ﻓﻌ ً‬
‫ﺻﻘﻼب ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﻼزﻣﺔ‪.‬‬

‫إذن ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج وﻻ ﯾﻀﯿﺮه أن ﻋﺪداً ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﺿﻌﱠﻔﻮه‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻜﺎد ﯾﺨﻠﻮ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﻣﻦ ﺗﻀﻌﯿﻒ إﻣ ﺎم أو أﻛﺜ ﺮ ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺷ ﺌﻨﺎ أن ﻧ ﺮ ﱠد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑﻤﺜ ﻞ ردھ ﻢ ﻟﻘﻠﻨ ﺎ ﺑ ﻀﻌﻒ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ‬
‫ﺳﻌﯿﺪ »اﻟﻤﺎء ﻃَﮭﻮر ﻻ ﯾُﻨﺠﱢﺴﮫ ﺷﻲء« ﻷن اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻗﺎل ﻋﻨﮫ إﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺜﺎﺑﺖ‪ ،‬وأﻋﻠﱠﮫ اﺑ ﻦ اﻟﻘﻄ ﺎن‬
‫ﺑﺠﮭﺎﻟﺔ راوﯾ ِﮫ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ واﺧﺘﻼف اﻟﺮواة ﻓﻲ اﺳﻤﮫ واﺳﻢ أﺑﯿﮫ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻔﻌ ﻞ وإﻻ ﺗﻌﻄ ﻞ اﻟﻌﺪﯾ ﺪ‬
‫ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم ‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ وﯾُﺤﺘﺞ ﺑﮫ ﻷن أﺣﻤﺪ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﺪﯾﺚ ﺑﺌﺮ ﺑُﻀﺎﻋﺔ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ‬
‫أﯾ ﻀﺎً ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ واﺑ ﻦ ﺣ ﺰم واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إن اﺑ ﻦ اﻟﻘﻄ ﺎن ﻗ ﺎل ﺑﻌ ﺪ ﺗ ﻀﻌﯿﻒ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ‪ :‬ﻟ ﮫ‬
‫ﺿ ﻌﱢﻔﺖ‬‫ﻃﺮﯾﻖ أﺣﺴﻦ ﻣﻦ ھﺬه‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ﺣﯿﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ أن ﺗﺼﺢ ﻣﻨﮭ ﺎ رواﯾ ﺔ واﺣ ﺪة وﻟ ﻮ ُ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ رواﯾﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺪ ﺻﺤﺖ ﻣﻨﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ رواﯾﺔ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑﮫ وھﻮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺘﺨﺼﯿﺺ‪.‬‬

‫ﺠ ﺴﮫ‬
‫ﻗﺎل اﻟﺸﱠﻮﻛﺎﻧﻲ )واﻟﺤﺎﺻﻞ أﻧﮫ ﻻ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺑﯿﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ وﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮ ٌر ﻻ ﯾﻨ ﱢ‬
‫ﺷﻲء ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻣﻘﺪار اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﺼﺎﻋﺪًا ﻓ ﻼ ﯾﺤﻤ ﻞ اﻟﺨﺒ ﺚ وﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ ﺑﻤﻼﻗ ﺎة اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺘﻐﯿ ﺮ‬
‫أﺣﺪ أوﺻ ﺎﻓﮫ ﻓ ﻨﺠﺲ ﺑﺎﻹﺟﻤ ﺎع‪ ،‬ﻓ ﯿﺨﺺ ﺑ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ وﺣ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻨﺠﱢ ﺴﮫ ﺷ ﻲء‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﻣ ﺎ دون‬
‫ن ﺗﻐﯿﺮ ﺧﺮج ﻋﻦ اﻟﻄﮭﺎرة ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع وﺑﻤﻔﮭﻮم ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﱠﻠﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﺨﺺ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﻮم ﺣﺪﯾﺚ ﻻ‬ ‫اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﺈ ْ‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء ﯾ ﺪل ﺑﻌﻤﻮﻣ ﮫ‬ ‫ﯾﻨﺠﱢﺴﮫ ﺷﻲء ‪ ،‬وإنْ ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﺮ ﺑﺄن وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻟﻢ ﺗﻐﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻨ ﱢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺧﺮوﺟﮫ ﻋﻦ اﻟﻄﮭﺎرة ﻟﻤﺠﺮد ﻣﻼﻗﺎة اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﯾﺪل ﺑﻤﻔﮭﻮﻣﮫ ﻋﻠﻰ ﺧﺮوﺟﮫ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ﺑﻤﻼﻗﺎﺗﮭﺎ(‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -4‬ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أدﻟﺔ اﻷوﻟﯿﻦ ﻣﻦ أﻧﮭﻤﺎ ﻏﯿﺮ ﻻز َﻣﯿْﻦ ﻹﺛﺒﺎت‬
‫رأﯾﮭﻢ ﻧﻘﻮﻟﮫ ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺜﻲ اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ووﻟﻮغ اﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺛﺒﻮت اﻟﺤﺠ ﺔ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ ھ ﺬا ﻋ ﺪا‬
‫ﻋﻦ أن ﺣﺪﯾﺚ اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻟﯿﺲ ﻣﻨﻄﺒﻘ ًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑﺤﺜ ـ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺑﺤ ﺚ‬
‫ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻘﺬا ِر ‪ ،‬واﻟﻨﺠﺎﺳﺔُ ﻓﯿﮫ ﻣﺮﺟﻮﺣﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻮﻟﻮغ ﻓﮭﻮ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ ﺻﺮﻓﻮه ﻋﻨﮭﺎ ﺑﺎدﱢﻋﺎء اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﺘﻌﺒﺪﯾﺔ ﻓﯿﮫ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻄﺮﱠﻓﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ‪ ،‬ﻓﺎﻋﺘﺒﺮوا ﺳُﺆر اﻟﻜﻠﺐ ﻃﺎھﺮاً ﯾﺠﻮز اﻟﺘﻮﺿﺆ ﺑﮫ‪ .‬وﺛﺎﻧﯿ ﺎً ﻟ ﻮ اﻓﺘﺮﺿ ﻨﺎ أﻧﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻟﺐﱢ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺗﺤﺪﯾﺪٌ ﻟﻜﻤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺎء اﻟﺘ ﻲ ﺗﺘ ﻨﺠﺲ إن أﺻ ﺎﺑﺘﮭﺎ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛﻠﻤ ﺔ )إﻧ ﺎء(‬
‫اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻮﻟﻮغ وﻓﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟ ﮫ »إذا اﺳ ﺘﯿﻘﻆ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ ﻧﻮﻣ ﮫ ﻓ ﻼ‬
‫ن أﺣ ﺪﻛﻢ ﻻ ﯾ ﺪري أﯾ ﻦ ﺑﺎﺗ ﺖ ﯾ ﺪه أو أﯾ ﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ‬ ‫ﯾُﺪﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﺣﺘ ﻰ ﯾﻐ ﺴﻠﮭﺎ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ﺗﻄﻮف ﯾﺪه « رواه أﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ھﺬه اﻟﻜﻠﻤ ﺔ ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ‬
‫ﺗﺤﺪﯾﺪًا ﻛﺤﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻔﯿﺪه أن اﻟﻤﺎء ﻗﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﯿﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﺎ ﺑﻌﺪﺋﺬ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ دﻟﯿﻞ آﺧﺮ ﯾﺤ ﺪد‬
‫ھﺬا اﻟﻘﻠﯿﻞ‪ ،‬وھﻜﺬا ﻧﻌﻮد أدراﺟﻨﺎ إﻟﻰ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ .‬وﻟ ﺴﻮف ﻧﻨ ﺎﻗﺶ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﺑﻤ ﺎ ﯾﻐﻨ ﻲ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﺎب اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ وﺑﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺑﺈذن اﷲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﺣﺸﺪ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ زﯾﺎد ًة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋ َﺔ أدﻟﺔ ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﺷﯿﺌ ًﺎ وﻻ ﺗُﺜﺒﺖ ﺣﺠﺔ أُوردھ ﺎ‬
‫ھﻨﺎ اﻟﺘﺰاﻣﺎً ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻟ ﻦ أﻃﯿ ﻞ اﻟﻮﻗ ﻮف ﻋﻨ ﺪھﺎ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻇ ﺎھﺮة ﻓ ﻲ ﻋ ﺪم اﻧﻄﺒﺎﻗﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻮع‬
‫اﻟﺒﺤﺚ وھﺎﻛﻢ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل»ﻻ ﯾﺒ ﻮﻟﻦﱠ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ اﻟ ﺬي ﻻ ﯾﺠ ﺮي‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﺖ ﻧﻔ ﺴﻚ‪،‬‬ ‫ب ‪ -‬ﻋﻦ واﺑﺼﺔ ﺑﻦ َﻣ ْﻌﺒَﺪ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮫ »ﯾﺎ واﺑﺼﺔ اﺳ ﺘﻔ ِ‬

‫ﺖ ﻗﻠﺒ ﻚ واﺳ ﺘﻔ ِ‬
‫ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬اﻟ ِﺒﺮﱡ ﻣﺎ اﻃﻤﺄﻧﺖ إﻟﯿﮫ اﻟﻨﻔﺲ واﻹﺛﻢ ﻣﺎ ﺣﺎك ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺮدد ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺪر‪ ،‬وإن أﻓﺘ ﺎك‬
‫اﻟﻨﺎس وأﻓ َﺘﻮْك« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ‪ ،‬وﺣﺴﻨﮫ اﻟﺴﯿﻮﻃﻲ واﻟﻨﻮوي ‪.‬‬

‫ﺖ ﻣﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬دع‬ ‫ﺖ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﻔﻈ ُ‬

‫ج ‪ -‬ﺳُﺌﻞ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ »ﻣﺎ ﺣﻔﻈ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﯾَﺮﯾﺒﻚ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﯾَﺮﯾﺒﻚ ‪ «...‬رواه اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي وﺻﺤﱠﺤﮫ‪ ،‬وﺻﺤﱠﺤﮫ أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓ ﺎﻟﻘﻮل ﻓﯿ ﮫ ھ ﻮ اﻟﻘ ﻮل ﻧﻔ ﺴﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺜﻲ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ واﻟﻮﻟ ﻮغ ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ‬
‫ﺗﺤﺪﯾﺪًا ﺳﻮى ﺗﺨﺼﯿﺼﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء اﻟﺮاﻛ ﺪ ﻓﻘ ﻂ ‪ ،‬وﯾﻈ ﻞ ﻋﺎﻣ ًﺎ دون ﺗﺤﺪﯾ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟﺮاﻛ ﺪ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻻ‬
‫ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ھ ﻮ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ دﻟﯿ ﻞ ﯾﺤ ﺪده‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻋﺘﺒ ﺎر أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿ ﺪ ﺗﻨﺠ ﯿﺲ‬
‫اﻟﻤ ﺎء‪ .‬وأﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓﯿ ﮫ ھ ﻮ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﻓﺈﻧﱠ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل اﻟﻤﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﮫ ھﻨ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻋﻠﺘ ﮫ ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﻌﻠ ﺔ ھ ﻲ اﺣﺘﻤ ﺎل اﻻﺳ ﺘﻘﺬار واﻟﺘﻠ ﻮﱡث‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﺑ ﮫ أﯾ ﻀًﺎ‪ .‬وﺳ ﻮف‬
‫ف ﺑﺈذن اﷲ ﺣﯿﻦ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ‪.‬‬ ‫ﻧﻔﺼﱢﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﺑﺸﻜﻞ وا ٍ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮭﻤـﺎ ﻣـ ـﺎ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﺤﺠـ ـﺔ ﻷﻧﮭﻤ ـﺎ ﻋﺎ ﱠﻣ ﺎن‪ ،‬ﻟ ﯿﺲ ﻓ ـﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻓﻘ ﻂ ﺑ ﻞ ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻷﺣﻜ ـﺎم اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﻈﻨﯿ ـﺔ‪ ،‬وھﻤ ﺎ ﻓ ـﻲ أﻣ ﻮر ﺗﻘﺪﯾﺮﯾ ﺔ ﻣﺪارُھـ ـﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﻠ ﺐ‪،‬‬
‫واﻟﻤﻄﻠﻮب ھﻨﺎ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ‪ ،‬وﺣﺘـﻰ ﻟ ﻮ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑﮭـ ـﺎ ھـ ـﺆﻻء ﻓـ ـﺈن اﻵﺧَـ ـﺮﯾﻦ ﯾﻤﻜﻨﮭـ ـﻢ اﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد‬
‫ﺑﮭـ ـﺎ ﺑﺪورھـ ـﻢ‪ ،‬وﻛـ ـﺎن اﻷَﺣـ ـﺮى واﻷَوْﻟ ﻰ ﺑﮭ ﻢ أن ﻻ ﯾﺬﻛــﺮوھﻤـ ـﺎ ھﻨـ ـﺎ‪ ،‬وأن ﯾﻜﺘﻔ ﻮا ﺑﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﮭﻢ وﻗﺪ ﺻﺢ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ـﯿﻦ إﻟ ﻰ أن ﯾﻨﻘﱢﺒ ﻮا ﻓ ـﻲ ﺑﻄ ﻮن ﻛﺘ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ـﻦ ﻣﺜ ﻞ‬
‫ھـﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻓﺎﻟﺒﺴﺎﻃـﺔ واﻟﻮﺿﻮح أﺳﺎس اﻟﻔﻘﮫ‪ ،‬وأﺳﺎس اﻟﺸﺮع ﻛﻠﮫ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وﺑﺎﻟﺒﺴﺎﻃﺔ أﻗﻮل إن ﻣﻠﺨﺺ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻋﻠ ﻰ َأ ْﻟ ﺴِﻨﺔ اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‪ :‬ھ ﻞ ﯾُﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻌ ﺎم‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺢ‪ ،‬أم أن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‬ ‫»إن اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر ﻻ ﯾُﻨ ﱢ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﺨﺼﯿﺺ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻌﺎم؟ واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺴﻌﺔ اﻟﺘﻲ أوردوھﺎ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜ ﺎن اﻻﻗﺘ ﺼﺎر‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻓﻘ ﻂ ‪ .‬وﺑﺎﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤُﺨ ﺼﱢﺺ وھ ﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻧﺨ ﺮج ﺑ ﺎﻟﺮأي‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻞ إن ھﻨﺎك ﻣﺎ ًء ﻧﺠﺴًﺎ وإﻧﮫ ﻣﻮﺟﻮد ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾُﺼﻨﱠﻒ ﻓﻲ ﺑﺎب أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿ ﺎه‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ ﻓﻘ ﻂ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫دون اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ وأُﺻﯿﺐ ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ ﯾﺴﯿﺮة ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬إن أﺻ ﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻛﺜﯿ ﺮة ﻓﻐﯿ ﺮت‬
‫اﺳﻤﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ ﺻﺎر ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﺻﺎر ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت اﻷﺧﺮى ﻏﯿﺮ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬أي ﻣ ﺎ دام ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﺎء‬
‫ﻻ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﻢ وﻻ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻔﺎت ﻓ ﻼ ﯾُ ﺼﻨﱠﻒ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب أﻗ ﺴﺎم اﻟﻤﯿ ﺎه‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻻ إن ﻛ ﺎن ﻟﻸﺣﻨ ﺎف رأي‬
‫أﻗﻮى ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻠْﻨﻨﻈﺮ ﻓﻲ أدﻟﺘﮭﻢ ودﻻﻻﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫‪ -6‬اﻧﻔ ﺮد أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وأﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﺑ ﺎﻟﺮأي اﻵﺗ ﻲ )اﻟﻤ ﺎء اﻟﻜﺜﯿ ﺮ ﯾ ﻨﺠﺲ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ إﻻ أن ﯾﺒﻠ ﻎ ﺣ ﺪًا‬
‫ﺣﺮِك أﺣ ُﺪ‬‫ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ أن اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﯿﮫ( واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺣﺪﱢه‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ‪ :‬ھﻮ ﻣﺎ إذا ُ‬
‫ﻃﺮﻓﯿﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﺤﺮك اﻵﺧﺮ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ‪ :‬ھﻮ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ ﻋﺸﺮة أذرع ﻓﻲ ﻋﺸﺮة أذرع‪ ،‬وﻣ ﺎ دون ذﻟ ﻚ‬
‫ﯾﻨﺠﺲ وإن ﺑﻠﻎ أﻟﻒ ﻗﻠﱠﺔ ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﯾﺒﻮﻟﻦ أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ ﺛﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﮫ« ﻓﻨﮭ ﻰ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺮاﻛﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ وﻟﻢ ﯾﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻗﻠﯿﻠﮫ وﻛﺜﯿﺮه‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣﺎء ﺣﻠﱠﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ‬
‫ﻻ ﯾُﺆﻣﻦ اﻧﺘ ﺸﺎرھﺎ إﻟﯿ ﮫ ﻓﯿ ﻨﺠﺲ ﺑﮭ ﺎ ﻛﺎﻟﯿ ﺴﯿﺮ‪ .‬أي أن ﻣ ﺎ دون ﻣ ﺎ ﺣ ﺪﱠدوه ﯾ ﻨﺠﺲ ﺑ ﺄدﻧﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫ﻓﻮق ﻣﺎ ﺣﺪدوه ﻻ ﯾﻨﺠﺲ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﱠﻐﯿﱡﺮ‪ .‬واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن ﻗ ﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾﻔ ﺮق ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء ﺑ ﯿﻦ ﻗﻠﯿِﻠ ﮫ وﻛﺜﯿ ﺮِه ﯾُﺒﻄ ﻞ‬
‫ﺣ ﺮﱢك أﺣ ُﺪ ﻃﺮﻓﯿ ﮫ ﻟ ﻢ‬ ‫رأﯾﮭ ﻢ ﺑ ﺄن ﺣ ﺪود اﻟﻤ ﺎء اﻟﻜﺜﯿ ﺮ ھ ﻲ ﻋ ﺸﺮة أذرع ﻓ ﻲ ﻋ ﺸﺮة‪ ،‬أو ھ ﻲ ﻣ ﺎ إذا ُ‬
‫ﯾﺘﺤﺮك اﻵﺧﺮ إذ ﻣﺎ دام اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ﯾﺤ ﺪﱢد ﻛﺜﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺎء ﺑ ﺎﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﻓﻜﯿ ﻒ ﺟ ﺎز‬
‫ﻟﮭﻢ ھﻢ ﺗﺤﺪﯾﺪه؟‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إﻧﮭﻢ ھﻢ أﻧﻔﺴﮭﻢ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻜﺜﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎﻧﻮا ھ ﻢ اﺧﺘﻠﻔ ﻮا ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺘﺤﺪﯾ ﺪ‬
‫ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ إﻗﻨﺎع اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺑﮫ أو ﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﻓﯿﮫ؟‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إن ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻧﺺٌ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻗﻠﯿﻞ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾﻨﺠﺲ ﺑﻤﺨﺎﻟﻄﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﻛﺜﯿ ﺮه اﻟ ﺬي‬
‫ﻻ ﯾﻨﺠﺲ‪ ،‬وﻣﺎ دام اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺎً ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻞ اﻟﻘﯿﺎس واﻟﺮأي‪.‬‬

‫ﺺ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وﺑﺌ ﺮ ُﺑ ﻀﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﺒﻠ ﻎ اﻟﺤ ﺪ اﻟ ﺬي‬ ‫د ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ ﺑﺌﺮ ﺑُﻀﺎﻋﺔ ﺻﺤﯿﺢ ھﻮ اﻵﺧَﺮ وھ ﻮ ﻧ ﱞ‬
‫ذﻛﺮوه ﻗﺎل أﺑﻮ داود )وﺳﻤﻌﺖ ﻗﺘﯿﺒﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺄﻟﺖ ﻗﯿﱢﻢ ﺑﺌﺮ ﺑُﻀﺎﻋﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﻘﮭﺎ ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻛﺜﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﻜ ﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺎء إﻟ ﻰ اﻟﻌﺎﻧ ﺔ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻓ ﺈذا ﻧﻘ ﺺ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬دون اﻟﻌ ﻮرة‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ داود‪ :‬وﻗ ﺪﱠرت أﻧ ﺎ ﺑﺌ ﺮ‬
‫ﻋُﺘ ﮫ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻋﺮﺿ ﮭﺎ ﺳ ﺘﺔ أذرع وﺳ ﺄﻟﺖ اﻟ ﺬي ﻓ ﺘﺢ ﻟ ﻲ ﺑ ﺎب‬ ‫ُﺑ ﻀﺎﻋﺔ ﺑﺮداﺋ ﻲ‪ ،‬ﻣﺪدﺗ ﮫ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺛ ﻢ ذ َر ْ‬
‫اﻟﺒﺴﺘﺎن ﻓﺄدﺧﻠﻨﻲ إﻟﯿﮫ‪ :‬ھ ﻞ ﻏُﱢﯿ ﺮ ﺑﻨﺎؤُھ ﺎ ﻋﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ورأﯾ ﺖ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ًء ﻣﺘﻐﱢﯿ ﺮ اﻟﻠ ﻮن(‬
‫ﻓﺒﺌﺮ ﺑُﻀﺎﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺗُﻠﻘﻰ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺘﻐﯿﱠﺮ ﻟﻮن ﻣﺎﺋﮭﺎ ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﺗﺒﻘ ﻰ ﻃ ﺎھﺮة اﻟﻤ ﺎء ﻛﻤ ﺎ‬
‫أﻓﺎد اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﻣﻊ أن ھﺬه اﻟﺒﺌﺮ دون اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ذﻛﺮوه‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أﯾﻀ ًﺎ ﯾﻨﻘﺾ رأﯾﮭ ﻢ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺘﺤﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫ھ ـ ‪ -‬ھ ﺬا اﻟﺘﺤﺪﯾ ﺪ ﻟﻠﻤ ﺎء اﻟﻜﺜﯿ ﺮ وﻟﻠﻤ ﺎء اﻟﻘﻠﯿ ﻞ ﻃﺮﯾﻘ ﮫ اﻟﺘﻮﻗﯿ ﻒ‪ ،‬ﻓ ﻼ ُﯾ ﺼﺎر إﻟﯿ ﮫ إﻻ ﺑ ﻨﺺﱟ أو‬
‫إﺟﻤﺎع ﺻﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻣﻌﮭﻢ ﻧﺺ وﻻ إﺟﻤﺎع ﺻﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻤِﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﯾﺘﻀﺢ ﺧﻄ ﺄ ھ ﺬا اﻟ ﺮأي‪ .‬وإذن‬
‫ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ اﻟﻘﻮل اﻟﺴﺎﺑﻖ وھﻮ أن اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ اﻟﺬي ﯾُﺼﻨﱠﻒ ﻓﻲ ﺑﺎب أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ھﻮ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻛ ﺎن دون‬
‫اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ وأﺻﯿﺐ ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﯾﻈﻞ ﻃَﮭﻮرًا ﻋﻠﻰ أﺻﻞ ﺣﻜﻤﮫ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﺑﻔﺮوﻋ ﮫ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ أود أن ُأ ْﺛﺒِ ﺖ ﻣﻼﺣﻈ ﺔ ھ ﻲ أن ھ ﺬه اﻷدﻟ ﺔ‬
‫واﻟﻤﻨﺎﻇﺮات اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ إﻧﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء واﻷﺋﻤ ﺔ دون ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺑ ﻞ‬
‫دون ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻗﺮﻧﺖ ﺑﯿﻦ اﻷﺋﻤﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ واﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻻﺷﺘﺮاﻛﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺮأي‪.‬‬

‫اﻟﻤﺎ ُء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ‬
‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻛﺜﯿ ﺮًا ‪ ،‬وذھﺒ ﻮا ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺬاھﺐ ﺷ ﺘﻰ‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﮭﻞ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ أن‬
‫ﻧﻨ ﺎﻗﺶ آراءھ ﻢ ﻓﻘ ﺪ ﺟﻤﻌ ﺖ ھ ﺬه اﻵراء ﻓ ﻲ أﺻ ﻮل ﺛﻼﺛ ﺔ ‪ ،‬ﺗﺎرﻛ ًﺎ اﻟﺘﻔﺎﺻ ﯿﻞ واﻟﺘﻔﺮﯾﻌ ﺎت إﻟ ﻰ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ‬
‫ﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬ ‫اﻟﺒﺤ ﺚ‪ ،‬إﻻ ﻣ ﺎ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ذﻛ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل ‪ :‬اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻗ ﺴﻤﺎن‪ :‬ﻗ ﺴ ٌﻢ ﻣ ﺴﺘﻌ َﻤ ٌ‬
‫اﻷﻛﺒ ﺮ واﻟﺤ ﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وﻗ ﺴ ٌﻢ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﺳ ﻨﻨﺎﻗﺶ اﻟﻘ ﺴﻢ اﻷول ﺛ ﻢ ﻧﻨﺘﻘ ﻞ‬
‫ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫‪ (1‬ذھﺐ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻣﺬاھﺐ ﺛﻼﺛﺔ ‪ ،‬ﻓﺬھﺐ اﻟﻠﯿﺚ واﻷوزاﻋﻲ وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ‪ ،‬وأﺑﻮ‬
‫ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﮭﻮر ﻋﻨﮫ‪ ،‬واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ إﻟ ﻰ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث ﻃ ﺎھﺮ وﻟﻜﻨ ﮫ‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﻄﮭﱢﺮ ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﺣﺪﺛًﺎ وﻻ ﯾﺰﯾﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﺤﻜَﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ‪ -‬وھﻮ اﻷﻗﺮع – »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺑﻔ ﻀﻞ ﻃَﮭ ﻮر‬ ‫أ‪ -‬ﻋﻦ اﻟ َ‬
‫ﺤ َﻜ ﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »وﺿ ﻮء‬
‫اﻟﻤﺮأة « رواه أﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ اﻟ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻤﺮأة «‪ .‬وﺣﺴﻨﮫ اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ رﺟﻞ ﺻ ﺤﺐ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﺗﻐﺘ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮأة ﺑﻔ ﻀﻞ اﻟﺮﺟ ﻞ أو‬
‫ﯾﻐﺘﺴﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻤﺮأة‪ ،‬وﻟْﯿﻐﺘﺮﻓﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎً« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﯾﻐﺘﺴﻞ أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ‬
‫ﺟﻨُﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻛﯿﻒ ﯾﻔﻌﻞ ﯾﺎ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﯾﺘﻨﺎوﻟﮫ ﺗﻨﺎو ًﻻ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ‪.‬‬
‫وھﻮ ُ‬

‫ﻦ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺠﺮي ﺛﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ‬‫د‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﯾﺒﻮَﻟ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ﻓﯿﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬

‫ھـ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ اﻟﻤ ﺎزﻧﻲ »أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﻤ ﻀﻤﺾ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺳ ﺘﻨﺜﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬وﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬واﻷﺧ ﺮى ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎء ﻏﯿ ﺮ ﻓ ﻀﻞ ﯾ ﺪه‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ‪.‬‬
‫وﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ أﻧﻘﺎھﻤﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬

‫و‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﺧﺬ ﻟﺮأﺳﮫ ﻣﺎءً ﺟﺪﯾﺪاً « رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ‪.‬‬
‫ز‪ -‬ﻋﻦ ﻧﻤﺮان ﺑﻦ ﺟﺎرﯾﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧ ﺬوا ﻟﻠ ﺮأس ﻣ ﺎءً ﺟﺪﯾ ﺪاً« رواه‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ ‪.‬‬

‫ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻗﺎﻟﻮا إنﱠ ﻧﮭﻲَ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﻔ ﻀﻞ‬
‫وَﺿ ﻮء اﻟﻤ ﺮأة ‪ ،‬وﻧﮭﯿ ﮫ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﺑﻔ ﻀﻞ اﻟﺮﺟ ﻞ وﺑﻔ ﻀﻞ اﻟﻤ ﺮأة إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻟﻌﱠﻠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل ‪-‬‬
‫ﻲ ﻋﻨ ﮫ ‪ -‬وﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻐ ﺴﻞ ﻓﺎﺳ ﺪﯾﻦ ھﻨ ﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻧﮭ ﻰ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪،‬‬
‫واﻟﻨﮭ ﻲ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ ﻓ ﺴﺎد اﻟﻤﻨﮭ ﱢ‬
‫وﻗﺎﻟﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ اﻟﻤ ﺎء‬

‫‪18‬‬
‫اﻟﺪاﺋﻢ‪ ،‬أي اﻻﻧﻐﻤﺎس ﻓﯿﮫ ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻨﮭﻲ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾﺆﺛﱢﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﺗﺄﺛﯿﺮًا ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺿﺆ ﺑﮫ‪ ،‬وأن‬
‫اﻗﺘﺮان ﻧﮭﻲ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘ ﺴﻮﯾﺔ ﻓ ﻲ أﺻ ﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻻ ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺼﯿﻠﮫ ‪ ،‬وﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫ذﻟﻚ أن اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ھﻨﺎ إﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾُﺒﺎل ﻓﯿﮫ واﻟﺬي ُﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ ‪ ،‬وھﺬا‬
‫ھﻮ أﺻﻞ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﻠﺰم اﻻﻗﺘﺮان ھﻨﺎ اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺼﯿﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ‪ ،‬وھ ﻢ ﯾﻌﻨ ﻮن ﺑ ﺬﻟﻚ أﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺼﯿﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻮﺟﺐ اﻟﻘﻮل ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ ﻛﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾُﺒﺎل ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬
‫وھﻢ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ذﻟﻚ‪ .‬وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻮﻻ أن اﻟﻨﮭﻲ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﻨﻌ ًﺎ ﻟﻢ ﯾﻨ ﮫ ﻋﻨ ﮫ ‪ ،‬وﻷﻧ ﮫ أُزﯾ ﻞ ﺑ ﮫ ﻣ ﺎﻧ ٌﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾَﺠُﺰ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة أﺧﺮى ﻛﺎﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫واﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ :‬اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺴﺎدس واﻟﺴﺎﺑﻊ أﺧﺬوا ﻣﻨﮭﺎ أن ﻓﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ أﺧ ﺬ‬
‫ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪ ﻟﺮأﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وأﻣﺮَه اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺄﺧ ﺬ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ ﻟﻤ ﺴﺢ اﻟ ﺮؤوس ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء إﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻮ ﻟﻌﻠﱠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا ھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻏﯿ ﺮ اﻟﺠﺪﯾ ﺪ ﻻ ﯾ ﺼﺢ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻏﯿ ﺮ اﻟﺠﺪﯾ ﺪ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ‪.‬‬

‫‪ (2‬وذھ ﺐ أﺑ ﻮ ﯾﻮﺳ ﻒ اﻟﻘﺎﺿ ﻲ وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬إﻟ ﻰ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء واﻻﻏﺘﺴﺎل اﻟﻮاﺟﺒﺔ ﻧﺠﺲ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺴﺎﺑﻖ ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﺗُﺰال ﺑﮫ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ أو ﯾُﺘﻮﺿ ﺄ ﺑ ﮫ ھ ﻮ ﻣ ﺎء ُﯾ ﺰال ﺑ ﮫ ﻣ ﺎﻧ ٌﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬

‫ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ اﻟﻤﻨﻊ إﻟﯿﮫ ﻛﻐُﺴﺎﻟﺔ اﻟﻨﺠﺲ اﻟﻤﺘﻐﯿﺮة ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إن اﻟﻐ ﺴﻞ أو اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾ ﺴﻤﻰ ﻃﮭ ﺎرة‪ ،‬واﻟﻄﮭ ﺎرة ﻻ ﺗﻜ ﻮن إﻻ ﻋ ﻦ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬إذ ﺗﻄﮭﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻄ ﺎھﺮ ﻻ ﯾُﻌﻘ ﻞ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺪ ﻗ ﺮن ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺒﻮﱡل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ وﺑﯿﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺒ ﻮﱡل إﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻮ ﻟﻌﻠﱠﺔ اﻟﺘﻨﺠﯿﺲ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ھﻮ أﯾﻀﺎً ﻟﻌﻠﱠﺔ اﻟﺘﻨﺠﯿﺲ ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻻﻗﺘﺮان‪.‬‬

‫‪ (3‬وذھ ﺐ اﻟﺒ ﺎﻗﻮن إﻟ ﻰ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪﺛﯿﻦ اﻷﻛﺒ ﺮ واﻷﺻ ﻐﺮ ﯾﻈ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ‪ ،‬وأﺻﺤﺎب ھﺬا اﻟﺮأي ھﻢ‪ :‬اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي وﻋﻄﺎء وﺳﻔﯿﺎن اﻟﱠﺜ ﻮْري وأﺑ ﻮ َﺛ ﻮْر وإﺑ ﺮاھﯿﻢ‬
‫اﻟﻨﺨﻌﻲ واﻟﺰﱡھﺮي وﻣﻜﺤﻮل وﻣﺎﻟﻚ وأھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ‪ ،‬واﻷﺋﻤﺔ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫ﻞ ﻣﻨﮭﻢ ‪ .‬وأﺻ ﺤﺎب ھ ﺬا اﻟ ﺮأي اﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑﻌﻤ ﻮم أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻃُﮭﻮرﯾ ﺔ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ ٍد ﻣ ﻦ‬ ‫رواﯾ ٍﺔ ﻋﻦ ﻛ ٍ‬
‫ع ردودھﻢ اﻵن ﻷﻧﻜ ﻢ‬ ‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺮﯾﺤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬وردوا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺸﮭﺎدات اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪ .‬وأَ َد ُ‬
‫ﺳﺘﺮوﻧﮭﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺮأﯾﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ (4‬ﻧﻨ ﺎﻗﺶ اﻵن اﻟ ﺮأي اﻷول ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ ﻧﮭ ﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋ ﻦ اﻟﺘﻮﺿ ﺆ ﺑﻔ ﻀﻞ‬
‫وﺿﻮء اﻟﻤﺮأة ﻓﻘﻂ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ ﻧﮭﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻤﺮأة‪ ،‬وﻧﮭﻲ اﻟﻤﺮأة ﻋﻦ‬
‫اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪ ﻧﮭﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء أو اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔ ﻀﻞ‬
‫اﻟﺮﺟ ﻞ‪ ،‬أو اﻟﻤ ﺮأة ﺑﻔ ﻀﻞ اﻟﻤ ﺮأة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺻ ﺎرﻓﺔ ﻟﻌﱠﻠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻌﱠﻠ ﺔ ھ ﻲ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻟﻤﺎ ﻛ ﺎن ﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ اﻟﻨﮭ ﻲ ﺑﺮﺟ ﺎل ﻣ ﻊ ﻧ ﺴﺎء أو ﻧ ﺴﺎء ﻣ ﻊ رﺟ ﺎل ﻓﺎﺋ ﺪة‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﺤﻜ ﻢ‬
‫ﻼ‪ :‬ﻧﮭﻰ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء أو اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔﻀﻮل اﻟﻤﺎء ‪ ،‬أو ﻟﻘﺎل‪:‬‬ ‫ﻋﻤﻮم اﻟﻨﮭﻲ ﻟﻘﺎل اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺜ ً‬
‫أﻧﮭﺎﻛﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺿﺆ ﺑﻔُﻀﻮل وﺿﻮﺋﻜﻢ ﻣﺜﻼً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻌﻄﻒ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﻋﻦ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﻌﻤﻮم دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻼ ﺑﯿﺘﯿﺎً‪ ،‬وﺧﺎﻃﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺮأة واﻟﻤﺮأة ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ‪،‬‬ ‫ﻣﻌﻨﻰ ﺧﺎص ﻣﻘﺼﻮد وھﻮ ھﻨﺎ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻋﻤ ً‬
‫ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﺻﺎرﻓﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﻮم اﻟﺘﻮﺿﺆ ﺑﻔ ﻀﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻋﻤ ﻮم اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﺑﻔ ﻀﻞ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫اﻗﺘ ﺮن ذﻟ ﻚ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »وﻟْﯿﻐﺘﺮﻓ ﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً« ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺑ ﺎن اﻟﻘ ﺼﺪُ‬

‫‪19‬‬
‫واﺿﺤﺎً‪ ،‬وھﻮ أن ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾﻌﺎﻟﺠﺎن ﻋﻤ ﻼً ﺑﯿﺘﯿ ﺎً ﺧﺎﺻ ﺎً ﺑ ﺎﻷزواج‪ ،‬اﻟﺮﺟ ﺎل وزوﺟ ﺎﺗﮭﻢ‪ ،‬ﻓﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺧﺎﺻﱠﺎن ﺑﮭﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷﻧﮫ إذا ذُﻛﺮ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻋﻤ ﻞ ﺑﯿﺘ ﻲ ﻛ ﺎن ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﻞ ﻋﻨ ﺪ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل وﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺗﻌ ﺮي‬ ‫ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻼﻗ ﺔ ﺑ ﯿﻦ اﻷزواج ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن اﻟﻌﻤ ﻞ ﯾ ﺼﺤﺒﮫ ﺗﻌ ﱟﺮ ﻛﺎﻣ ٌ‬
‫اﻟﺮﺟ ﻞ واﻟﻤ ﺮأة ﻣﻌ ًﺎ إﻻ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺰوﺟﯿ ﺔ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ﻛ ﺎن ﻗﺮﯾﻨ ًﺔ ﻗﻄﻌﯿ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾﻌﺎﻟﺠ ﺎن‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻋًﺎ ﺧﺎﺻًﺎ ﺑﺎﻷزواج‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺮأة ﻻ ﺗ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻊ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ‬
‫واﺣﺪ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ اﻧﻜﺸﺎف ﺷﻌﺮھﺎ وﯾﺪﯾﮭﺎ ورﺟﻠﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻣ ﻊ ﻣﺤﺎرﻣﮭ ﺎ‪ ،‬وﻣ ﻊ زوﺟﮭ ﺎ‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻻﻏﺘﺴﺎل وھﻲ ﻋﺎرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ إﻻ إذا ﻛﺎن زوﺟﮭﺎ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ﻓﻄﻠ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫واﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل أن ﯾﻐﺘ ﺴﻼ ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ واﺣ ٍﺪ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »وﻟْﯿﻐﺘﺮﻓ ﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً«‪ ،‬وھﻤ ﺎ‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ أن ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﺧﺎﺻ ﺎن ﺑ ﺎﻟﺰوج واﻟﺰوﺟ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬ ‫ﻋﺎرﯾﺎن ﻃﺒﻌﺎً‪ ،‬ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ دﻟ ﯿ ً‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ أن‬‫وھﺬا ﯾﻨﻔﻲ ﺑﺎﻟﺠﺰم ﻋﻤﻮم اﻟﺤﻜﻢ وﺗﻨﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﱠﻠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن دﻟ ﯿ ً‬
‫اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء أو اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﯾﻈ ﻞ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄوا ﺑﻔ ﻀﻮﻟﮭﻢ وﯾﻐﺘ ﺴﻠﻮا‬
‫ﺑﻔﻀﻮﻟﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء واﻟﻐﺴﻞ ‪ ،‬ﻓﯿُﺮدﱡ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ورد ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻐﺘﺴﻞ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿﺄ ﺑﻔﻀﻞ ُ‬
‫ﻏ ﺴﻠﮭﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻞ‬
‫ﻓﮭﺬان ﺣﺪﯾﺜﺎن ﯾﻌﺎرﺿﺎن اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪ ،‬وھﻤﺎ ﻣﺜﻠﮭﻤﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﻮة أو أﻋﻠ ﻰ ‪ ،‬وإﻧ ﮫ وإن أﻋ ﱠ‬
‫ﺑﻌﻀﮭﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول إﻻ أن اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻤًﺎ روﯾﺎ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وﻏﯿ ﺮه ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ‬
‫ﻛﺎن ﯾﻐﺘﺴﻼن ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺻ ﺤﺤﮫ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺣﺠﺮ ‪ ،‬ﻓﮭﻤﺎ إذن ﺻﺎﻟﺤﺎن ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج وھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﻣﻌﺎرِﺿ ﺎن ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول وﻟﻠﺤ ـﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء واﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻘ ﺎل ھﻨ ﺎ إن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻷوﱠﻟ ﯿﻦ ﻗ ﻮل‪ ،‬وإن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺘ ﺎﻟﯿﯿﻦ ﻓﻌ ﻞ ‪ ،‬وﻗ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻣُﻘﺪﱠم ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﮫ‪ ،‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺎ ﺣُﻤﻞ اﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺔ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ووﺟﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻘﻮل‪ ،‬ﻻ ﯾُﻘﺎل ذﻟﻚ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻷن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﺛﺎﻟﺜ ًﺎ ﯾﺼﺮف ﻓﻌﻞ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺨﺼﻮﺻﯿﺔ ‪ ،‬ھﻮ ﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻏﺘﺴﻞ ﺑﻌﺾ أزواج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ َ‬
‫ﺟ ْﻔ َﻨ ٍﺔ‬
‫ﺟﻨُﺒ ﺎً ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل‬‫‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻣﻨﮭﺎ ‪ -‬أو ﯾﻐﺘﺴﻞ ‪ -‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻲ ﻛﻨ ﺖ ُ‬
‫ﺠﻨِﺐ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل ‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ‪.‬‬ ‫اﷲ ‪ : r‬إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﺠﻨِ ﺐ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺘﻌﻠﯿ ﻞ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻨﻔﻲ اﻟﺨﺼﻮﺻﯿﺔ‪ ،‬ﺑﺘﻌﻠﯿﻠ ﮫ اﻟﺠ ﻮاز ﺑ ﺄن اﻟﻤ ﺎء ﻻ ﯾُ ْ‬
‫ﺠﻨِﺐ« ﻋ ﺎمﱞ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻓ ﻀﻞ‬ ‫اﺧﺘﺼﺎص ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻷن ﻗﻮﻟﮫ »إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫وﺿﻮء أو ﻓﻀﻞ ﻏﺴﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ھﻮ ﻗﻮل وﻟﯿﺲ ﻓﻌ ً‬

‫وﻣ ﻦ ﻧﺎﺣﯿ ﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ھ ﻢ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن إن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻮل اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫واﻷﻏﺴﺎل إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻟﻌﻠﱠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬وﯾﻘﻮﻟﻮن إن ﻓﻀﻞ اﻟﻮﺿﻮء واﻟﻐﺴﻞ ھﻮ ﻣﺎ ﯾﺒﻘﻰ ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﺑﻌ ﺪ‬
‫أﺧﺬ ﻣﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﺎن ﯾﺄﺧﺬ ﺑﯿﺪه ﻣﺎء ﻓﯿﺘﻮﺿﺄ ﺑﮫ‪ ،‬وﺗﺒﻘﻰ ﻓ ﻲ‬
‫ن ھ ﺬا اﻟﻤ ﺎء اﻟﻔ ﻀﻞ‬
‫اﻹﻧﺎء ﺑﻘﯿﺔ ﻣﺎء ﺑﻌﺪ اﻻﻏﺘﺮاف‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓ ﻀﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮﻟ ﻮن إ ﱠ‬
‫ﺻ ﺎر ﺑ ﺎﻻﻏﺘﺮاف ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻼً‪ ،‬وﻛ ﻮن رﺳ ﻮل اﷲ ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺪ ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻀﻮل ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم ﺻ ﻼح اﻟﻔ ﻀﻮل ﻟﻠﻮﺿ ﻮء أو اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﱠ ﺔ ﻟﮭ ﺬا اﻟﻨﮭ ﻲ إﻻ ﻷﻧ ﮫ‬
‫ﺻﺎر ﻣﺴﺘﻌﻤَﻼً ﺑﺎﻻﻏﺘﺮاف ﻣﻨﮫ‪ .‬ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﻢ‪ :‬ﻟﻮ ﺳﻠﱠﻤﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮن‪ ،‬ﻟﻜ ﺎن ﻗ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻒ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ‪،‬‬ ‫واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »وﻟْﯿﻐﺘﺮﻓ ﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً« ﺧﻄ ﺄ ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣُﻨﺘ ٍ‬

‫‪20‬‬
‫ﻓﯿﻜﻮن ھﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻨﮫ ﻣﻌﺎرِﺿًﺎ ﻟﻘﻮﻟﻜﻢ وﻓﮭﻤﻜﻢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻻﻏﺘ ﺮاف ﻣﻌ ًﺎ ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﯾﺠﻌ ﻞ ﻣ ﺎ‬
‫ﻼ أﯾ ﻀًﺎ ﺑﺎﻟﻤﻘﯿ ﺎس ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬أي ﻣ ﺎ أن‬
‫ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء أو اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ ﻗِﺒَ ﻞ اﺛﻨ ﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَ ً‬
‫ﯾﻐﻤ ﺲ أﺣ ﺪھﻤﺎ ﯾ ﺪه ﻣ ﺮة أو ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء أو اﻟﻐ ﺴﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺠﻌﻠ ﮫ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻼً‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺟ ﺎء‬
‫اﻵﺧﺮ ﻟﯿﺄﺧﺬ ﻟﻮﺿﻮﺋﮫ ﻣﻨﮫ أو ﻟﻐﺴﻠﮫ ﯾﻜﻮن ﻣﺎ ﯾﺄﺧﺬه ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻣﺎ ًء ﻣﺴﺘﻌ َﻤﻼً‪ ،‬ﺑﻞ إن اﻟ ﺸﺨﺺ اﻟﻮاﺣ ﺪ إذا‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ أول ﻏَﺮﻓ ﺔ ﻏﺮﻓﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺎء ‪ ،‬ﻓﺒﻄ ﻞ وﺿ ﻮؤه‪،‬‬ ‫اﻏﺘﺮف ﻟﻮﺿﻮﺋﮫ وﺣ ﺪه ﺻ ﺎر اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﺴﺘﻌ َﻤ ً‬
‫وھﺬا ﯾﺮد ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻗﻮﻟﻜﻢ‪.‬‬

‫ﻼ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﯾﻔﺮغ اﻟﺸﺨﺺ ﻣ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺮاف ﻟﺠﻤﯿ ﻊ‬ ‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن إﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻌ َﻤ ً‬
‫ﻼ ﻟﺤﺪﺛ ﮫ إﻻ ﺑﻌ ﺪ ﺗﻤ ﺎم‬
‫ﻼ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺮاغ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ُﯾ ﺴﻤﻰ ُﻣ ﺰﯾ ً‬‫وُﺿﻮﺋﮫ أو ﻟﺠﻤﯿﻊ ﻏُﺴﻠﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺴﺘﻌ َﻤ ً‬
‫ﻲ ﻋﻨﮫ ھﻮ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﺑﻌ ﺪ إزاﻟ ﺔ اﻟﺤ ﺪث ﻣﻨ ﮫ ﻻ ﻗﺒﻠ ﮫ وﻻ‬‫اﻟﻌﻤﻞ ﻻ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬وأن اﻟﻤﻨﮭ ﱠ‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎﺋﮫ ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء ‪ :‬ﻛﯿﻒ ﺗﻔﺴﺮون ﻗﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »وﻟْﯿﻐﺘﺮﻓ ﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً« ؟‬
‫واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻻﻏﺘﺮاف ﺟﻤﯿﻌﺎً ﯾﻘﺘ ﻀﻲ ﻣ ﻦ أﺣ ﺪ اﻟﻤﻐﺘ ﺮ َﻓﯿْﻦ أن ﯾﻔ ﺮغ ﻗﺒ ﻞ اﻵﺧ ﺮ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻓ ﺮغ اﻷول‬
‫ﻼ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨ ﮫ أو اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ‬ ‫ﻼ ﻣﺴﺘﻌﻤَ ً‬‫وزال ﺣﺪﺛﮫ ﺻﺎر ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء آﻧﺬاك ﻓﻀ ً‬
‫ﯾﺘ ﺴﻨﻰ ﻟﻠﺜ ﺎﻧﻲ أن ﯾﻜﻤ ﻞ وﺿ ﻮءه أو ﻏ ﺴﻠﮫ ﻣﻨ ﮫ؟ ھ ﺬا ﺗﻨ ﺎﻗﺾ‪ .‬وﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟﻨﺎﺣﯿ ﺔ ﯾ ﺴﻘﻂ اﺣﺘﺠ ﺎﺟﮭﻢ‬
‫أﯾﻀﺎً‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣﻦ وﺟﻮه ﺛﻼﺛﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻧﻘﻄﺔ ھﻲ‪ :‬ﻛﯿﻒ اﻟﻌﻤ ﻞ أو اﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ؟ ﻓﻨﻘ ﻮل إن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﮭ ﻲ ﺗُﺤﻤ ﻞ‬
‫ﻷوْﻟ ﻰ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣ ﺎء‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺰﱡه ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺬَر ﻷن اﻟﻐﺴﻞ واﻟﻮﺿ ﻮء ﻗ ﺪ ُﯾﻘَ ﺬﱢران اﻟﻤ ﺎء وا َ‬
‫ﻧﻈﯿﻔﺎً ﺧﺎﺻ ﺔً ﻓ ﻲ ﻋﺒﺎدﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻨﮭﻲ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻷﺟ ﻞ ذﻟ ﻚ أو ﻷﺟ ﻞ أن اﻟﻤ ﺮأة إذا ﻓﺮﻏ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء أو‬
‫ﻞ اھﺘﻤﺎﻣﮫ ﺑﻨﻈﺎﻓﺘﮫ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ أدى ﻋﺪم اھﺘﻤﺎﻣﮭﻤﺎ إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺘﮫ ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ أو‬ ‫اﻟﺮﺟﻞ إذا ﻓﺮغ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ ﻗ ﱠ‬
‫ﻗ ﺬر ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻷﺟ ﻞ ذﻟ ﻚ أي ﻷﺟ ﻞ اﺣﺘﻤ ﺎل اﻻﺳ ﺘﻘﺬار أو اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻟﻌﱠﻠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫ﻓﻨﮭﺎھﻤ ﺎ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣﻨﻔ ﺮدَﯾْﻦ‪ ،‬وﻃﻠ ﺐ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣﺠﺘﻤﻌَ ﯿْﻦ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨﺘﻔ ﻲ اﺣﺘﻤ ﺎل اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫واﺣﺘﻤ ﺎل اﻻﺳ ﺘﻘﺬار ﺑﻌ ﺪم اﻻھﺘﻤ ﺎم‪ ،‬ﺳ ﯿﻤﺎ وأن ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ ﻓ ﻀﻞ اﻟﻐ ﺴﻞ »إن‬
‫ﺠﻨِﺐ«ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ﺻﻼﺣﮫ ﻟﻠﻐﺴﻞ واﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻋﻠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‪ .‬وﻟﺴﻮف‬ ‫اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﺠﻨِﺐ« ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ ﻟﻨﺴﺘﻘﺮأه ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ ﻗﺮﯾﺐ ﺑﺈذن اﷲ‪.‬‬ ‫ﻧﻌﻮد ﻟﺤﺪﯾﺚ » إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬

‫‪ (5‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﺮاﺑﻊ‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوﯾﺎ ﺑ ﺴﺘﺔ أﻟﻔ ﺎظ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻌ ﺾ اﺧ ﺘﻼف‪ ،‬ﻻ ﺑ ﺄس‬
‫ﺑﺈﯾﺮادھﺎ ﻛﻠﮭﺎ‪:‬‬

‫ﻦ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ اﻟ ﺬي ﻻ ﯾﺠ ﺮي ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﻓﯿ ﮫ« ورواه‬

‫رواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري » ﻻ ﯾﺒ ﻮ َﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ إﻻ أﻧﮫ ﻗﺎل )ﻣﻨﮫ( ﺑﺪل )ﻓﯿﮫ( ‪.‬‬

‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺘﺮﻣﺬي »ﻻ ﯾﺒﻮَﻟﻦﱠ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ ﺛ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻣﻨ ﮫ« ﻗ ﺎل‬

‫ورواﯾﺔ أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﻦ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ وﻻ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ«‪.‬‬

‫ورواﯾﺔ أﺑﻲ داود »ﻻ ﯾﺒﻮَﻟ ﱠ‬

‫ﻦ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ ﺛﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ« ورواھﺎ أﯾﻀﺎً أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ورواﯾﺔ ﻣﺴﻠﻢ »ﻻﯾﺒﻮَﻟ ﱠ‬

‫ورواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ »ﻻ َﺗ ُﺒ ْﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺠﺮي ﺛﻢ ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻣﻨﮫ«‪.‬‬

‫ورواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ »ﻻ ﯾﻐﺘﺴﻞ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ وھ ﻮ ﺟﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﯾﻔﻌ ﻞ ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ‬
‫ھﺮﯾﺮة ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺘﻨﺎوﻟﮫ ﺗﻨﺎوﻻً« ورواھﺎ أﯾﻀًﺎ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ﻓﮭ ﺬا ﻛﻠ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ واﺣ ﺪ روي ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺔ‪ ،‬وﯾﺒ ُﻌ ﺪ أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻟﻔ ﻆ ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه‬
‫اﻟﺮواﯾﺎت‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮭﺎ ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ﻣﺮوﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة وﺣ ﺪه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﯿ ﮫ اﺧ ﺘﻼف ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺘﻦ‪ ،‬وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻣﺘﻨﺎً ﻣﻨﮭﺎ أﻗﻮى ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺘﻮن ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑ ﮫ وﯾ ﺮﺟﱠﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮه‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن‬
‫اﻟﺒﺨﺎري اﻟﺘﺰم ﻓﻲ رواﯾﺔ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻠﺘﺰم ﺑﮫ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺮواﯾ ﺔ اﻟﺒﺨ ﺎري ﺗﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺮواﯾﺎت اﻷﺧﺮى‪ .‬ھﺬه واﺣﺪة‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ھ ﻲ أن اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﺨﻤ ﺲ اﻷوﻟ ﻰ ﻗ ﺪ ﻗﺮﻧ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻨﮭ ﻲ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺒ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ‬

‫واﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿﮫ أو ﻣﻨﮫ ‪ ،‬أو اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﮫ ‪ ،‬إﻻ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ ﻓﻘ ﺪ اﻧﻔ ﺮدت ﺑ ﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ دون أن ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﺣﺪﯾﺜ ًﺎ ﻣﻨﻔﺼﻼً‪،‬‬
‫ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة راوي ھﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ھ ﻮ اﻟ ﺮاوي ﻧﻔ ﺴﮫ ﻟﻠﺮواﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺗﻘ ﺮن ﺑ ﯿﻦ اﻟﻨﮭﯿ ﯿﻦ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺒﻌﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻟﻔﻆ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻗﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ وﻗﻌ ﺖ‬
‫أﻣﺎﻣﮫ‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻻﺣﺘﻤﺎل أن آﺧﺮ اﻟﺮواﯾﺔ ﺣ ﻮى ﺳ ﺆاﻻً‪ ،‬وﺣ ﻮى ﺟﻮاﺑ ﺎً ﻣ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ھ ﻮ ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫»ﯾﺘﻨﺎوﻟ ﮫ ﺗﻨ ﺎو ًﻻ « ﻓﺎﻟﺮواﯾ ﺔ ﺗﻘ ﻮل » ﻻ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ وھ ﻮ ﺟﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ‬
‫ﯾﻔﻌﻞ ﯾﺎ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ؟ ﻗﺎل ﯾﺘﻨﺎوﻟﮫ ﺗﻨﺎوﻻً«‪ .‬ﻓﺼﯿﺎﻏﺔ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻤﺪﻗﻖ ﯾﻤﯿﻞ إﻟﻰ وﻗﻔﮭﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬وﻷﻧﮭﺎ ﺷﺬت ﻋﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﺮواﯾ ﺎت‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﺮواﯾ ﺎت اﻟﻨﮭﯿ ﯿﻦ وﺗُﺘ ﺮك رواﯾ ﺔ‬
‫ﺢ وردﱟ ﻻ‬ ‫اﻟﻨﮭﻲ اﻟﻮاﺣﺪ‪ .‬ھﻜﺬا ﯾُﻔﻌﻞ ﻋﺎدة ﺣﯿﻦ ﺗﻘﻊ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وﯾ ﺼﺒﺢ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﺗ ﺮﺟﯿ ٍ‬
‫ﺳﯿﻤﺎ وأن ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻣﻮﺟﻮد ﻛﻠﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﺨﻤ ﺲ اﻷﺧ ﺮى وﻟ ﯿﺲ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣﻌﻨ ﻰ ﺟﺪﯾ ﺪ‬
‫زاﺋﺪ ﻋﻦ اﻟﺮواﯾﺎت اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈﻧﻲ أﻛﺘﻔﻲ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ رواﯾﺎت اﻟﻨﮭﯿﯿﻦ وأﺗﺮك رواﯾﺔ اﻟﻨﮭﻲ اﻟﻮاﺣﺪ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﻌﺪم اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﻗﺪ ورد ﻓﻲ أرﺑﻊ‬
‫ﻦ ‪ ...‬وﻻ‬
‫ﻦ ‪ ...‬ﺛﻢ ‪ «...‬و »ﻻ َﺗﺒُﻞ ‪ ...‬ﺛﻢ ‪ «...‬وورد ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ » ﻻ ﯾﺒ ﻮﻟ ﱠ‬
‫رواﯾﺎت ﻣﻦ ﺧﻤﺲ »ﻻ ﯾﺒﻮﻟ ﱠ‬
‫‪ « ...‬ﺑ ﺪون )ﺛ ﻢ( ﻓﺘﺤﻤ ﻞ رواﯾ ﺔ »وﻻ« ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ »ﺛ ﻢ« وﺗﻔ ﺴﺮ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﯾﻔﺴﺮ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﻌﻀﺎً‪ ،‬وأرﺑﻌﺔ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ‪.‬‬

‫وﺛﺎﻧﯿًﺎ ﻷن اﻟﻮاو ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮﱠاء وﺛﻌﻠﺐ وأﺑﻲ ﻋﺒﯿﺪ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨ ﮫ‬
‫وﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻋﻨ ﺪ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻠﻐ ﻮﯾﯿﻦ واﻷﺋﻤ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻠﻐ ﺔ ﺗﺠﻌ ﻞ اﻟ ﻮاو ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ إذا وُﺟ ﺪت‬
‫ﻗﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬وﻗﺪ وُﺟﺪت ھﻨﺎ ﻗﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺮواﯾﺎت اﻷرﺑﻊ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﮭﺎ »ﺛ ﻢ« ﻓﮭ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ أن »وﻻ« ھﻨﺎ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ واﻟﺘﻌﻘﯿ ﺐ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ إذن‪ :‬ﻻ ﺗﺒﻮﻟ ﻮا ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﺘﺒﻮﱡل ﻓﯿ ﮫ ﻻ ﺗﺘﻮﺿ ﺄوا ﻣﻨ ﮫ وﻻ ﺗﻐﺘ ﺴﻠﻮا ﻓﯿ ﮫ‪ .‬ﻓ ﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء أو اﻻﻏﺘ ﺴﺎل إﻧﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻟﻮﺟ ﻮد‬
‫اﻟﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﻟﯿﺲ ﻷي ﺳﺒﺐ آﺧﺮ‪.‬‬

‫واﻟﻤﺎء اﻟﺪاﺋﻢ إﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن دون ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓﯿﺘ ﻨﺠﺲ ﺑ ﺎﻟﺒﻮل وإﻣ ﺎ أن ﯾﻜ ﻮن أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓﯿﺘﻘ ﺬﱠر‪،‬‬
‫وﻻ اﺣﺘﻤﺎل آﺧﺮ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ إذن ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ أو اﻟﻤ ﺎء اﻟﻘ ﺬر‪ ،‬ﻓﺘﻜ ﻮن ﻋﱠﻠ ﺔ‬
‫اﻟﻨﮭﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﻤﺎ دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ واﻟﻘﺬارة ﻓﯿﻤﺎ ﻓﻮق اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﯾ ﺔ ﻋﻠﱠ ﺔ أﺧ ﺮى‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺪﱠﻋﻮﻧﮫ ﻣﻦ أن ﻋﻠﱠﺔ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل أو اﻟﻮﺿﻮء ھ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻣﺮﺟ ﻮح وﺑﻌﯿ ﺪ ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻗﺘﺮان اﻟﻨﮭﯿﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﻲء ﻋﺒﺜ ًﺎ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل ھ ﻮ اﻟﻌﱠﻠ ﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻟ ﺰم اﻗﺘ ﺮان اﻟﺒ ﻮل ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪،‬‬
‫ﻓﻮﺟﻮد اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻘﺘﺮﻧ ﺎً ﺑ ﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء أو اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺻ ﺎرﻓﺔ ﻟﻌﱠﻠ ﺔ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﻘﺬارة واﻟﺘﻠﻮث ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫وأُﺿﯿﻒ ﻣﻦ وﺟﮫ آﺧﺮ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬روى أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬

‫ﺟﻔْﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﻨﺒﻲ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬أو ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ ﻟ ﮫ‬ ‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻏﺘﺴﻞ ﺑﻌﺾ أزواج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ َ‬
‫ﺟﻨُﺒﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل ‪ : r‬إن اﻟﻤ ﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﺠ ِﻨ ﺐ«‪ .‬وﺑﺎﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ﻧ ﺺﱢ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻲ ﻛﻨﺖ ُ‬

‫‪22‬‬
‫ﺟﻔْﻨ ﺔ‪ ،‬وﺧﻠﱠﻔ ﺖ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻓ ﻀﻞ‬
‫ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ أن زوﺟﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺪ اﻏﺘ ﺴﻠﺖ ﻓ ﻲ َ‬
‫ﺠﻔْﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻏُﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬أﺧﺒﺮﺗﮫ أﻧﮭ ﺎ اﻏﺘ ﺴﻠﺖ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻏُﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻟﯿﻐﺘﺴﻞ ﻣﻤﺎ ﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﻟ َ‬
‫ھﺬا اﻟﻤﺎء وأن ھﺬا اﻟﻤﺎء ھﻮ ﻓﻀﻞ ﻏُﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺮ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أن ﻓﻌﻠﮭﺎ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﮫ ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻔ ﻀﻞ‬
‫ﺠﻨِﺐ« أي أن اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾُﻐﺘ ﺴﻞ ﻣﻨ ﮫ ﻻ ﯾُﺠﻨ ﺐ‪ .‬وﻻ ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ أن ھ ﺬا‬ ‫اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻗﺎل ﻟﮭﺎ »إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻗﺪ ﻏﻤﺴﺖ ﻓﯿﮫ ﯾﺪﯾﮭﺎ ﺣﯿﻦ اﻻﻏﺘﺮاف‪ ،‬وأﺻﺎﺑﮫ ﺷ ﻲء ﻣ ﻦ رﺷ ﺎش ﻣ ﺎء اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ ذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ‬
‫أﺧﺒﺮت رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺄﻧﮭﺎ اﻏﺘﺴﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﻔﻨﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻨﻔ ﻲ ﻋﱠﻠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ .‬ﻓﻘ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫ﺠ ِﻨ ﺐ« ھ ﻮ ﻗ ﻮل ﺻ ﺎرف ﻟﻌﱠﻠ ﺔ‬ ‫ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺣ ﯿﻦ ذﻛ ﺮ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ »إن اﻟﻤ ﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬وﺻﺎرف أﯾﻀ ًﺎ ﻻدﱢﻋﺎء ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﺬا ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪.‬‬

‫وأُﺿﯿﻒ ﻣﻦ وﺟﮫ ﺛﺎﻟﺚ أﻧﮭﻢ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻗﺘﺮان اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ أﺻﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻻ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻ ﯿﻠﮫ ‪ ،‬وﺟﻌﻠ ﻮا اﻟﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺒ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻣﺘﺴﺎوﯾًﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬أي أﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺎﻟﻮا إﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز اﻟﺘﻮﺿ ﺆ‬
‫ﺤ ﺪَث‪،‬‬‫ﺑﺎﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي اﻏﺘ ﺴﻞ ﻓﯿ ﮫ ﻷﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺮﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي ﺧﺎﻟﻄ ﮫ اﻟﺒ ﻮل ﻻ ﯾﺮﻓ ﻊ اﻟ َ‬
‫وﻧﻔَﻮْا اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ‪.‬‬

‫ﺠﻔْﻨ ﺔ‬
‫ﻓﻨﺠﯿﺒﮭﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ أﺛﺒﺘﻨﺎ أن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣﻨ ﮫ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ َ‬
‫وھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻻ ﯾﻤﻨﻊ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث‬
‫ﺑﮫ ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﯾﻤﻨﻊ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث‪ ،‬ﻓﺰاﻟﺖ اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻮﺟ ﮫ‪ .‬وﻧﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ إﺛﺒ ﺎت ھ ﺬه‬
‫اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻣﻊ ﺷﻲء آﺧﺮ ‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل إن ھﺬا اﻷﻣ ﺮ اﻵﺧ ﺮ ھ ﻮ اﻻﺳ ﺘﻘﺬار ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ‪ ،‬وﻧﺒ ﺴﻂ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﻗﻠﯿ ً‬

‫ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﻤﺎء إﻣﺎ أن ﯾﻜ ﻮن دون ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ وإﻣ ﺎ أن ﯾﻜ ﻮن ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓ ﺄﻛﺜﺮ ‪ ،‬وﻻ ﺛﺎﻟ ﺚ ﻟﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻤﺎء دون ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻷﺟﻞ ﺗﺤﺎﺷﻲ ﻣﻨ ﻊ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻷن ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﺤﺪَث ﺑﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻤ ﺎء إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻟﺒﯿ ﺎن‬ ‫اﻟﻤﺎء ﺗﻤﻨﻊ رﻓﻊ اﻟ َ‬
‫أن اﻟﻤﺎء ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﮫ ﻟﻨﺠﺎﺳﺘﮫ‪ .‬وإذن ﻓﺈن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣﻨ ﮫ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ھ ﺬا اﻟﻤ ﺎء ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺑﺪء اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻨﮫ أو ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾ ﺪه اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻨﺠﺲ ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ إﻻ اﻟﻄ ﺎھﺮ ‪،‬‬
‫وﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎءت أﻟﻔﺎظ اﻟﺤﺪﯾﺚ )ﻣﻨﮫ( و )ﻓﯿ ﮫ( أي ﻻ ﯾﺤ ﻞ اﻟﺘﻮﺿ ﺆ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي ﺧﺎﻟﻄﺘ ﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ وﻛ ﺎن‬
‫دون ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ أن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣﻨ ﮫ وﻟ ﻮ ﺑ ﺎﻻﻏﺘﺮاف ﻗ ﺪ ﺑﻘ ﻲ وھ ﺬا اﻟﺘﻌﻠﯿ ﻞ‬
‫ﯾﺼﺮف ﻋﻠﱠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪.‬‬

‫ﺠ ﺴﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﯾﺠ ﻮز اﻟﺘﻮﺿ ﺆ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻧُﮭﯿﻨ ﺎ‬

‫وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺎء ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻓﺈن اﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ ﻻ ﯾﻨ ﱢ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺿﺆ ﻣﻨﮫ أو اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﻗﺪ أُﺟﯿﺰ ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻮﺿﺆ واﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﺠﻔْﻨﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻤﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ذﻟﻚ ﻛ ﺎن ﻷن اﻟﻤ ﺎء ﺻ ﺎر ﻗ ﺬرًا ﻓﻘ ﻂ وﻟ ﻢ ﯾ ﺼِﺮ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن‬ ‫ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟ َ‬
‫اﻟﻨﮭ ﻲ ﻟﻼﺳ ﺘﻘﺬار وﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻨﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﯾﻜ ﻮن ﺣﻜ ﻢ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓﯿﻤ ﺎ دون اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﯿﻦ‬
‫ﻟﻠﺘﺤﺮﯾﻢ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻓﯿﻤ ﺎ ﻓ ﻮق اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻟﻠﺘﻨﺰﯾ ﮫ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وﻟ ﻮﻻ أن اﻟﻤ ﺎء ﻗ ﺪ ﺧﺎﻟﻄ ﮫ ﺑ ﻮل ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ھﻨ ﺎك‬
‫ﺠﻔْﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﻮل ﻟﻢ ﯾﻤﺘﻨﻊ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻨﮭﺎ‪،‬‬ ‫ﺠﻔْﻨﺔ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟ َ‬
‫ﻧﮭﻲ‪ ،‬ﺑﺪﻟﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ اﻟ َ‬
‫ﺠﻨِﺐ« أو ﻗﺎل »إن اﻟﻤﺎء ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﮫ ﺟﻨﺎﺑﺔ « ﻛﻤﺎ ورد ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤﺪ‪ .‬وھﺬا‬ ‫وﻗﺎل »إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺎزل ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻤﺘﻮﺿﱢﻲء أو اﻟﻤﻐﺘﺴِﻞ ﯾﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ وھﻮ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ‪.‬‬

‫وإن أﺻ ﱠﺮ ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﺤﺪﯾﺚ اﻧﻔﺮاد اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬أﺟﺒﻨ ﺎھﻢ‬
‫ﺑﺤﻤِﻠ ِﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ وﻣﻨ ﻊ اﻻﺳ ﺘﻘﺬار ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻐﺘ ﺴِﻞ ﻋﻤﻮﻣ ًﺎ ﻻ ﯾﺨﻠ ﻮ ﺑﺪﻧ ﮫ ﻣ ﻦ وﺳ ﺦ ودرن َﯾﻌْﻠ ﻖ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺤﺐﱠ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أن ﯾﺨﻠ ﻮ ﻣ ﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺬارة ‪ ،‬وﻟ ﻮ‬
‫ﺑﻜﻤﯿﺔ ﻗﻠﯿﻠﺔ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﯾﺘﻨﺎوﻟﮫ ﺗﻨﺎو ًﻻ« وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪23‬‬
‫اﺧﺘﻼف رواﯾﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ ﻣﻦ أن اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﺣﺪﺛًﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻨﮭ ﻰ‬
‫ﻋﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻓﯿﮫ ﺑﻮل وﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾﻐﺘﺴﻠﻮن ﻓﯿﮫ‪ ،‬ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ وھﺬا ھﻮ اﻟﻔﻘﮫ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫‪ (6‬ﺑﻘﻲ ﻟﻠﻨﻘﺎش ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ :‬اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺴﺎدس واﻟﺴﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟ ﺴﺎدس ‪ ،‬ﻣﻮﺿ ﻮﻋﮭﻤﺎ واﺣ ﺪ‪ ،‬ھ ﻮ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﻤ ﺎء ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻞ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺣﯿﻦ أراد ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء أﺧﺬ ﻟﮫ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪًا ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻓﻀﻞ‬
‫ﯾﺪه‪ ،‬أي أﻧﮫ ﺑﻌﺪ أن ﻏﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺗﻨ ﺎول ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪاً ﻟﻤ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺤﮫ‬
‫ﺑﺒﻘﯿﺔ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻟﻮﻻ أن اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﺣ ﺪﺛﺎً‪ ،‬وﻻ ُﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻤﺴﺢ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم رأﺳﮫ ﺑﮫ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﻏَﺮﻓﺔ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ ﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫اﻟﺮأس‪ .‬ھﻜﺬا ﻋﻠﱠﻠﻮا اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا إﻧﮭﻤﺎ ﺻﺤﯿﺤﺎن ﯾُﺤﺘﺞﱡ ﺑﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫وﺟﻮاﺑﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ھ ﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ ھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻗ ﺪ ﻓﻌ ﻞ ﻋﻜ ﺴﮫ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وﺟ ﺎء ذﻟ ﻚ‬

‫ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ أﯾﻀًﺎ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭﮫ‪ ،‬أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﺎء ﻓﻤﻀﻤﺾ ﺑﮭﺎ واﺳﺘﻨﺸﻖ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺧ ﺬ ﻏَﺮﻓ ﺔ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓﺠﻌ ﻞ ﺑﮭ ﺎ ھﻜ ﺬا أﺿ ﺎﻓﮭﺎ إﻟ ﻰ ﯾ ﺪه اﻷﺧ ﺮى‬
‫ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﺎ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﻐ ﺴﻞ ﺑﮭ ﺎ‬
‫ش ﻋﻠﻰ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ ﻏ ﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬ ‫ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ‪ ،‬ﻓﺮ ﱠ‬
‫أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ أﺧﺮى ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﺎ رﺟﻠ ﮫ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﯿ ﺴﺮى ‪ -‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ھﻜ ﺬا رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺼﻒ ﻓﯿ ﮫ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓﻌ ﻞ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻐﺮف ﻏَﺮﻓﺔ ﻣﺎء ﻟﻜﻞ ﻋﻤ ﻞ ﻣ ﻦ أﻋﻤ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻐَﺮﻓ ٌﺔ ﻟﻠﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق‪ ،‬وﻏَﺮﻓ ﺔ ﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬وﻏَﺮﻓﺔ ﻟﻐﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ وﻏَﺮﻓﺔ ﻟﻐﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ أﻧ ﮫ اﻏﺘ ﺮف ﻏَﺮﻓ ﺔ ﻟﻤ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪،‬‬
‫ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﺑﻤﺎ ٍء َﻓﻀَﻞ ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ وﻟﻢ ﯾﻤﺴﺤﮫ ﺑﻤﺎء ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ ﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن ھﺬا ر ﱞد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻮق ﺑ ﺎﻟﻤﻔﮭﻮم وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل ‪ :‬ھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻤﻔﮭ ﻮم ﯾﻌ ﺎرض اﻟﻤﻨﻄ ﻮق وﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻻ ﺗﻌ ﺎرض ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم وﻗﺪ ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺑﻤﺎء ﺟﺪﯾﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎء ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻻ ﯾﻘ ﺎل ﻋﻨ ﮫ ھ ﺬا‬
‫ﺗﻌﺎرض‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻘﺎل إن اﻟﻔﻌﻠﯿﻦ ﺟﺎﺋﺰان ﻟﻮﻗﻮﻋﮭﻤﺎ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻼ ﯾﻘﺒ ﻞ ردھ ﻢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ھﺬا اﻟﻘﻮل ‪.‬‬

‫ﺠ ﺔ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﻧ ﻮرد ﻟﮭ ﻢ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ ُﺮَﺑﱢﯿ ﻊ ﺑﻨ ﺖ ُﻣ َﻌ ﻮﱢذ ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺮاء‬ ‫ﺤﱠ‬‫وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻛﻲ ﻧﻘﻄ ﻊ اﻟ ُ‬
‫اﻟﺬي ﯾﺼﻒ ﻛﯿﻒ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ »وﻣﺴﺢ ‪ -‬أي اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺧﺮِه‪ ،‬ﺛ ﻢ ر ﱠد ﯾ ﺪه إﻟ ﻰ ﻧﺎﺻ ﯿﺘﮫ‬ ‫واﻟ ﺴﻼم ‪ -‬رأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﻣ ﻦ وَﺿ ﻮﺋﮫ ﻓ ﻲ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺑ ﺪأ ﺑ ُﻤ َﺆ ﱠ‬
‫وﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ « ...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮداود ﺑﻠﻔ ﻆ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ‬
‫ﻣﺎء ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾ ﺪه« وﻟ ﻢ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ اﻷﺋﻤ ﺔ ﻓ ﻲ رُواة ﺳ ﻨﺪه إﻻ ﻓ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬وﻗﺪ رد ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻓﻘﺎل )ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ ﺻ ﺪوق وﻟﻜ ﻦ ﺗﻜﻠ ﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‬
‫ﺠ ﻮن ﺑﺤﺪﯾﺜ ﮫ( وﺑ ﺬﻟﻚ ﺻ ﻠﺢ‬ ‫ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ ﺣﻔﻈﮫ ( وﻗﺎل ﻓﯿﮫ اﻟﺒﺨﺎري )ﻛﺎن أﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ واﻟﺤُﻤَﯿﺪي ﯾﺤﺘ ﱡ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ر ﱞد ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻮق ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄ ﻮق‪ ،‬وھ ﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺪ ﻣ ﺴﺢ‬
‫رأﺳﮫ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﻣﺎء ﻛﺎن ﺑﯿﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﺑﻘﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺠﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺎء‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎل؟ ﻓﯿﺴﻘﻂ اﺣﺘﺠﺎﺟﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺒ ﻖ ﻟﮭ ﻢ إﻻ ﺣ ﺪﯾﺚ‬

‫‪24‬‬
‫واﺣﺪ ھﻮ اﻟﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬وھ ﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟﺎرﯾ ﺔ اﻟ ﺬي رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ ،‬وھ ﻮ ﻗ ﻮل ﻣ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺷﺒُﮭﺎﺗﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ‪ .‬ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‬ ‫واﻟﺴﻼم »ﺧﺬوا ﻟﻠﺮأس ﻣﺎءً ﺟﺪﯾﺪاً« ﻓﮭﺬا ھﻮ ﺑﻘﯿﺔ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎت‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ إذن ﻣﺨ َﺘَﻠ ﻒ‬
‫ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪ :‬ﻓﯿﮫ دھﺜﻢ ﺑﻦ ﻗﺮان ﺿﻌﻔﮫ ﺟﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬وذﻛﺮه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ھﺬا ﻟﻢ ُﯾﺜْﺒﺘﮫ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻶﺧﺬه ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬ھﺬا‬ ‫ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إن اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ھ ﻮ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء أن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ وردا ﻓ ﻲ ﻓﻌ ﻞ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ‪ ،‬وھ ﺬا ﻧ ﺺ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻮﺿ ﻮع واﺣ ﺪ ‪.‬‬
‫وﻗﺪ روﯾﻨﺎ ﺣﺪﯾﺜﯿﻦ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﻟﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪًا‪ ،‬أﺣ ﺪھﻤﺎ‬
‫ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﻣﺎء ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾﺪه« وھﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮ أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ْﻐ ﺮِف‬
‫ﻟﺮأﺳ ﮫ ﻏَﺮﻓ ﺔ ﺟﺪﯾ ﺪة ﻛﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌ ﻞ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻋﻤ ﻞ ﻣ ﻦ أﻋﻤ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء وھ ﻮ ﻣﻔﮭ ﻮم‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺗ ﻀﺎﻓﺮ‬
‫اﻟﻤﻨﻄﻮق واﻟﻤﻔﮭﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﯾﺮة ﺣﺪﯾﺜﻲ اﻟﺒﺎب »ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﺑﻤﺎء ﻏﯿﺮ ﻓﻀﻞ ﯾ ﺪه« و »أﺧ ﺬ ﻟﺮأﺳ ﮫ‬
‫ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪًا« وھﻤ ﺎ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﺎن‪ ،‬وﺗﻐ ﺎُﯾﺮُ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ھﻨ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻧﻔ ﻲ ﻋﻠﱠ ﺔ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻻ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻤﺎ ورد اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻀﻞ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن ھﺬا ﻣﻨﮫ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿ ﺐ ﺑ ﺄن ھ ﺬه دﻋ ﻮى ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪،‬‬
‫ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺢ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ إﻻ أن ﯾﻘﻮم اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻔﻌﻞ ھﻮ ﻣ ﻦ‬
‫ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻢ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ھﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ‪ .‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم ﻟﻠ ﺼﺤﺎﺑﺔ و َﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﺄﺧﺬ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻨﮫ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن‬
‫اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وإن ﻣﻌﻈ ﻢ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﺘ ﻲ ﻋﻤ ﻞ ﺑﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ھ ﻲ أﻓﻌ ﺎل ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ‪ ،‬أو أﻓﻌﺎل ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ذﻛ ﺮوا أﻧﮭ ﺎ ﺗ ﺸﺒﮫ أﻓﻌ ﺎل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺠﺎھﺮون ﺻﺮاﺣﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﺘﻮﺿﱠﺄون ﺑﺄﻧﮭﻢ ﺗﻮﺿﱠﺄوا ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪،‬‬
‫ﺷﺒَﮭُﻜﻢ وﺿﻮءاً ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﮭﺬا اﻟﻔﺮض اﻟ ﺸﺮﻋﻲ أُﺧ ﺬ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل‬ ‫وﻛﺎن ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﻘﻮل‪ :‬إﻧﻲ أَ ْ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ أُﺧﺬ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن ھﺬا اﻟﻤﺴﺢ ﻟﻠﺮأس ﻣ ﻦ‬
‫ﻓﻀﻞ ﻣﺎء اﻟﯿﺪﯾﻦ ھﻮ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ‪ ،‬ﻣﺎ ھﻜﺬا ﺗﻔﮭﻢ اﻟﻨﺼﻮص!‬

‫ﻣﻦ ھﺬه اﻷرﺿﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﻨﻄﻠﻖ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮض ﺻ ﺤﺘﮫ ﯾُﺤ َﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣَﺤْﻤﻞ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨ ﮫ واﺿ ﺢ وھ ﻮ أن ﯾﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ رأﺳ ﮫ‬
‫ﺑﻤﺎء ﺟﺪﯾﺪ‪ ،‬أي ﺑﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ ﯾﺬﻛﺮان ذﻟﻚ ﻣ ﻦ‬
‫ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أﻣ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ھ ﺬا اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫اﻟﻤﺨﺎﻃَﺐ ﺑﺄن ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺢ ھ ﻮ رأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺜﻲ اﻟﺒ ﺎب‬
‫وھﻤﺎ اﻟﻠﺬان ﺧﺎﻟﻔﮭﻤﺎ ﺣﺪﯾﺜﺎن آﺧﺮان‪ ،‬واﺧﺘﻼف اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ إﺑﺎﺣ ﺔ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﻤ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ‬
‫وإﺑﺎﺣﺔ ﻣﺴﺤﮫ ﺑﻤﺎء ﯾﻔﻀﻞ ﻓﻲ اﻟﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻓﯿﮫ ﺳﻌﺔ‪.‬‬

‫ھﻜ ﺬا ﯾﺠ ﺐ أن ﺗﻔﮭ ﻢ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬ﻻ أن ﺗُﺤَﻤﱠ ﻞ ﻣ ﺎ ﻻ ﺗﺤﺘﻤ ﻞ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ اﺳ ﺘﻨﺒﻄﻮا ﻣﻨﮭ ﺎ ﻋﻠﱠ ﺔ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬وھﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟ ﻨﺺ ﻻ ﻣﻨﻄﻮﻗ ًﺎ وﻻ ﻣﻔﮭﻮﻣ ًﺎ اﻟﻠﮭ ﻢ إﻻ ﻟﺮﺟ ﻞٍ وﺿ ﻊ ھ ﺬه اﻟﻌﻠﱠ ﺔ‬
‫ﻓﻲ ذھﻨﮫ وﺑﺪأ ﯾﺒﺤﺚ ﻟﮭﺎ ﻋﻦ ﺳﻨﺪ‪.‬‬

‫وﻟﻘ ﺪ اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻛﺜﯿ ﺮاً ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻣ ﺴﺢ اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬واﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وأﻋﻤ ﺎل‬
‫اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﺳ ﺘﻌﺎﻧﻮا ﺑﻤﻌ ﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺪار اﻟﻨﻘ ﺎش ﯾ ﺪور ﺣ ﻮل‪ :‬ھ ﻞ اﻷذﻧ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس‪ ،‬أم ھﻤ ﺎ‬
‫ﻷذُﻧ ﯿﻦ‬
‫ﻣ ﺴﺘﻘﻠﱠﺘﺎن ﻋﻨ ﮫ؟ ﻓﻤَ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا إﻧﮭﻤ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وإﻧﮭﻤ ﺎ ﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ ﻋ ﻀﻮٍ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬إن ا ُ‬
‫ﻷذُﻧ ﯿﻦ ﻟﯿ ﺴﺘﺎ‬
‫ﺗُﻤﺴﺤﺎن ﻣﻊ اﻟﺮأس ﻣﺴﺤﺔ واﺣﺪة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ وﻻ ﯾُﺆﺧ ﺬ ﻟﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬و َﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا إن ا ُ‬
‫ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء أن‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺮأس ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟ ﻮب أﺧ ﺬ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ ﻟﮭﻤ ﺎ‪ .‬وھﻜ ﺬا أوﺟﺒ ﻮا ﻟﻜ ﻞ ﻋ ﻀﻮ ﻣ ﺴﺘﻘ ﱟ‬
‫ﯾُﺆﺧﺬ ﻟﮫ ﻣﺎ ٌء ﺟﺪﯾﺪ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻷﻋﻀﺎء‪ ،‬واﻋﺘﺒﺮوا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻠﱠﺔ ﻷﺧﺬ اﻟﻤﺎء اﻟﺠﺪﯾﺪ‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫وﺗﺮﻛﻮا ھﻨﺎ ﻋﻠﱠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل‪ ،‬وﺑﻤﺎ أن اﻟﺮأس ﻋﻀﻮ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻋﻨﺪھﻢ أن ﯾُﺆﺧ ﺬ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ٌء ﺟﺪﯾ ﺪ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺎء اﻟﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬وھﻜﺬا أﺧﺬوا ﻋﻠﱠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻣﺮة وﻋﻠﱠﺔ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻷﻋﻀﺎء ﻣﺮة أُﺧﺮى‪.‬‬

‫ﺧﺬُ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪ‬‫وﻛﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﻗﺪﱢم ﻟﻜﻢ ﻣﻘﻄﻌ ًﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ )ﻣﺴﺄﻟﺔ ‪ :‬ﻗﺎل‪] :‬وَأ ْ‬
‫ﻟﻸذﻧﯿﻦ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤﺎ[ اﻟﻤﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﺄﺧﺬ ﻷذﻧﯿﮫ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪاً‪ ،‬ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬أﻧ ﺎ أﺳ ﺘﺤﺐ أن ﯾﺄﺧ ﺬ‬
‫ﻷذﻧﯿﮫ ﻣﺎء ﺟﺪﯾ ﺪًا‪ ،‬ﻛ ﺎن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﺄﺧ ﺬ ﻷذﻧﯿ ﮫ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪًا‪ ،‬وﺑﮭ ﺬا ﻗ ﺎل ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻨﺬر‪ :‬ھﺬا اﻟﺬي ﻗﺎﻟﻮه ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻷﺧﺒﺎر‪ ،‬وﻗﺪ روى أﺑﻮ أُﻣﺎﻣﺔ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ‬
‫أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻷذﻧ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ ،‬وروى اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس واﻟﺮﱡﺑﱢﯿ ﻊ ﺑﻨ ﺖ ﻣُﻌ ﻮﱢذ‬
‫واﻟﻤﻘ ﺪام ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪ ﯾﻜ ﺮب أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ وأذﻧﯿ ﮫ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬رواھ ﻦ أﺑ ﻮ داود‪ ،‬وﻟﻨ ﺎ أن‬
‫إﻓﺮادھﻤﺎ ﺑﻤﺎء ﺟﺪﯾﺪ ﻗﺪ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ‪ ،‬وﻗﺪ ذھﺐ اﻟﺰﱡھﺮي إﻟﻰ أﻧﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺸﻌﺒﻲ‬
‫ﻣﺎ أﻗﺒﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ وﻇﺎھﺮھﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺮأس‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻮ َﺛﻮْر‪ :‬ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺟ ﮫ وﻻ ﻣ ﻦ‬
‫ن ﻣﺴﺤﮭﻤﺎ ﺑﻤ ﺎء اﻟ ﺮأس أﺟ ﺰأه‪،‬‬ ‫اﻟﺮأس ﻓﻔﻲ إﻓﺮادھﻤﺎ ﺑﻤﺎء ﺟﺪﯾﺪ ﺧﺮوج ﻣﻦ اﻟﺨﻼف ﻓﻜﺎن أوﻟﻰ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ﻷن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻌﻠﮫ(‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﺬي ذﻛﺮه ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻤﻐﻨ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﺻ ﺮﯾﺢ‬
‫ﻓﻲ أن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻀﻮًا ﻣﺴﺘﻘﻼً ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﯾُﺆﺧﺬ ﻟﮫ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪ‪ ،‬وھﻢ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻘ ﻮل ﺑﻔﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻠﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ذھﺒﻮا إﻟﻰ أن اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ﯾﺆﺧ ﺬ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ واﺿ ﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻢ ﻓﮭﻤﻮا ﻣﻦ أﺧﺬ اﻟﻤﺎء اﻟﺠﺪﯾﺪ اﺑﺘﺪاء اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﻀﻮٍ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻌﻠﱠﺔ أﺧﺬ اﻟﻤﺎء‬
‫اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻋﻨﺪھﻢ ھﻲ اﻟﻔﺼﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻷﻋ ﻀﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ھ ﻢ ﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن إن ﻃﻠ ﺐ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم أﺧﺬَ ﻣﺎءٍ ﺟﺪﯾﺪ ﻟﻠﺮأس ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث؟!‪.‬‬

‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ذﻟ ﻚ ﻛﻠ ﮫ إﻟ ﻰ أن اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﯾﺠ ﻮز اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻷﻧ ﮫ ﯾﻈ ﻞ ﻣ ﺎء‪ ،‬وﺣﻜ ﻢ‬

‫اﻟﻤﺎء أﻧﮫ ﻻ ﯾُﺠﻨِﺐ وأﻧﮫ ﻃَﮭﻮر‪ ،‬إﻻ ﻣﺎ ﻏُﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺗﮫ وﺳُ ﻠﺐ اﺳ ﻤُﮫ ‪ ،‬واﻟﻮﺿ ﻮء ﻻ ﯾﻐﱢﯿ ﺮ ﺻ ﻔﺎت‬
‫ﺾ اﻟﺪﻧﺲ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬إﻻ‬ ‫اﻟﻤﺎء وﻻ ﯾﺴﻠﺒﮫ اﺳﻤﮫ‪ ،‬وﻟﺬا ﯾﻈﻞ ﻃَﮭﻮراً وإن أﺻﺎﺑﮫ ﺑﻌ ُ‬
‫ﺳ ﻠﺐ اﺳ ﻤﮫ‪،‬‬
‫ﻏﱢﯿ ﺮت ﺻ ﻔﺎﺗُﮫ و ُ‬ ‫أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺘﻮﺿﱢﻲء ﻣﻠﻄﱠﺨﺎً ﺑﺎﻟﻘَﺬَر‪ ،‬ﻓﯿﺨﺮج ﻣﺎء وﺿﻮﺋﮫ ﻣﻠﻄﺨ ًﺎ وﻗ ﺪ ُ‬
‫ﻓﺤﯿﻨﺬاك ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﻮﺿﺆ ﺑﮫ‪ ،‬أو أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺘﻮﺿﻲء ﻣُﻠﻄﱠﺨﺎً ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﺨﺮج ﻣﺎء وﺿﻮﺋﮫ ﻧﺠﺴﺎً‪،‬‬
‫وھﺬا أﻧ ﺪر ﻣ ﻦ اﻟﻜﺒﺮﯾ ﺖ اﻷﺣﻤ ﺮ ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻧﻔ ﺮغ ﻣ ﻦ ﻣﻨﺎﻗ ﺸﺔ رأي اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑ ﺄن اﻟﻤ ﺴﺘﻌ َﻤﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ‬
‫اﻟﺤﺪث ﻃﺎھﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﻄﮭﱢﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺎن اﻟﺼﻮاب ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ‪.‬‬

‫‪ -7‬وﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺮأي اﻷﺧﯿﺮ‪ .‬اﻋﺘﻤﺪ أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺷﯿﺨﮫ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ‬
‫ﻦ أﺣﺪﻛﻢ ‪ «...‬ﻓﻘ ﺎﻻ‪ :‬اﻗﺘ ﺮن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺪاﺋﻢ ﺑ ﺎﻟﻨﮭﻲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾﺚ »ﻻ ﯾﺒﻮ َﻟ ﱠ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﺑﺪﻻﻟﺔ اﻻﻗﺘﺮان واﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﺑ ﯿﻦ اﻷﻣ ﺮﯾﻦ ﻧﺨ ﺮج ﺑﺤﻜ ﻢ ﺗﻨﺠ ﯿﺲ اﻟﻤ ﺎء ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻣﺜﻞ ﺗﻨﺠﯿﺴﮫ ﺑﺎﻟﺒﻮل ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪ ھ ﺬﯾﻦ اﻹﻣ ﺎﻣﯿﻦ أن دﻻﻟ ﺔ اﻻﻗﺘ ﺮان ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻮﯾﺔ ﻓ ﻲ أﺻ ﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ‪،‬‬
‫وﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﯿﻠﮫ‪.‬‬

‫وﻧﺠﯿﺐ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺸﺒﮭﺔ إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﺑ ﺄن دﻻﻟ ﺔ اﻻﻗﺘ ﺮان ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻷﺻ ﻮﻟﯿﯿﻦ‪،‬‬

‫وﺣﺘ ﻰ ﻣ ﻦ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾ ﺸﺘﺮﻃﻮن اﻟﺘ ﺴﻮﯾﺔ ﺑ ﯿﻦ ﻃﺮﻓ ﻲ اﻻﻗﺘ ﺮان ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﯾﻘﺘ ﺮن ﻧﮭﯿ ﺎن أو أﻛﺜ ﺮ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﺣﻜﻢ اﻷول اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ وﺣﻜﻢ ﻏﯿﺮه اﻟﻜﺮاھﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﯾﻘﺘﺮن أﻣ ﺮان أو أﻛﺜ ﺮ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﺣﻜ ﻢ أﺣ ﺪھﻤﺎ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب وﺣﻜﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﻨﺪب أو اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻨﺪا إﻟﯿﮭﺎ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺑ ﻞ ﺧﺎﻃﺌ ﺔ ﻻ ﯾﺠ ﻮز‬
‫أن ﯾُﻌﻮﱠل ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ أن أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﻜﻔﻲ‪.‬‬

‫ﺛ ﻢ إن ھ ﺬا اﻟﺘﻨﺠ ﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻟ ﯿﺲ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﺎً‪ ،‬وإذا ﻋﺎرﺿ ﮫ ﻣﻨﻄ ﻮق ﻧﻔ ﺎه‪ ،‬ﻷن‬
‫ﺠﻨِﺐ« ﻣﻨﻄ ﻮق ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ‬
‫ﺠﻔْﻨﺔ اﻟﻤﺎر وھﻮ »إن اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻤﻨﻄﻮق أﻗﻮى ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺔ واﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟ َ‬
‫ﺑﮫ وﯾُﺘﺮك اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻤﻔﮭﻮم ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ »ﻻ ﯾﺒﻮَﻟﻦﱠ ‪ «...‬ھ ﺬا ﻋﻠ ﻰ ﻓ ﺮض اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﺑ ﺼﺤﺔ ھ ﺬا اﻟﻤﻔﮭ ﻮم‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻤﺎ إن اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﺗُﺰال ﺑ ﮫ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ أو ﯾُﺘﻮﺿ ﺄ ﻣﻨ ﮫ ھ ﻮ ﻣ ﺎء ﯾُ ﺰال ﺑ ﮫ ﻣ ﺎﻧﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ اﻟﻤﻨﻊ إﻟﯿ ﮫ ﻛﻐُ ﺴﺎﻟﺔ اﻟ ﻨﺠﺲ اﻟﻤﺘﻐﯿ ﺮة ‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا ﺣﻜ ﻢ ﻋﻘﻠ ﻲ وﻟ ﯿﺲ ﺣﻜﻤ ﺎً ﺷ ﺮﻋﯿﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ إن ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻧﺺ ﻓﻼ ﯾﺼﺢ‪ ،‬وھﺬا ﻣُﺠﻤَﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨ ﺪ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء واﻷﺻ ﻮﻟﯿﯿﻦ ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬إذا‬
‫ﻋ ﺮضَ اﻟﺤ ﺎﺋﻂ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻛﺜﯿ ﺮة ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺻﺢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﮭﻮ ﻣﺬھﺒﻲ‪ ،‬واﺿﺮﺑﻮا ﺑﺮأﯾ ﻲ ُ‬
‫ﻃﮭﺎرة اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑﮭﺎ وﯾُﺘﺮك اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻤﺎ اﻷﺧﯿﺮ إن اﻟﻐﺴﻞ أو اﻟﻮﺿﻮء ﯾ ﺴﻤﻰ ﻃﮭ ﺎرةً واﻟﻄﮭ ﺎر ُة ﻻ ﺗﻜ ﻮن إﻻ ﻋ ﻦ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ إذ‬
‫ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻄﺎھﺮ ﻻ ﯾُﻌﻘﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل إن ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺧﻄﺄ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﯾُﺒﻨﻰ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻻ ﯾﺼﺢ‪ ،‬إذ اﻟﻄﮭﺎرة ﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫ﻄﮭﱠ ﺮة‬ ‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻜﺲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓﻤَﻦ ﺷﺎ َء َذ َﻛ َﺮهُ‪ .‬ﻓﻲ ﺻُ ﺤُ ٍ‬
‫ﻒ ﻣُ َﻜﺮﱠ َﻣ ٍﺔ ‪ .‬ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺔٍ ُﻣ َ‬
‫ﺻ ﺤُﻔًَﺎ ُﻣﻄَ ﱠﮭ ﺮة[ وﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]ﺧُ ْﺬ ﻣ ﻦ أﻣ ﻮا ِﻟﮭِﻢ َ‬
‫ﺻ ﺪَﻗ ًﺔ‬ ‫[ وﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]رﺳ ﻮ ٌل ﻣ ﻦ اﷲ ﯾﺘﻠ ﻮ ُ‬
‫ﻄ ﱢﮭ َﺮ ﻗﻠ ﻮﺑَﮭﻢ[ وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ن ُﯾ َ‬‫ﷲأ ْ‬ ‫ﺗُﻄ ﱢﮭ ﺮھﻢ و ُﺗ ﺰﻛﱢﯿﮭﻢ ﺑﮭ ﺎ [ وﻗﻮﻟ ﮫ ﺟ ﻞ ﺟﻼﻟ ﮫ ]أوﻟﺌ ﻚ اﻟ ﺬﯾﻦ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺮِد ا ُ‬
‫ﻄ ﱢﮭ ﺮَﻛﻢ وﻟِ ُﯿ ِﺘﻢﱠ ﻧﻌﻤ َﺘ ﮫ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ[ وﻗﻮﻟ ﮫ‬ ‫ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻵل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ] وﻟﻜ ﻦْ ﯾُﺮﯾ ﺪُ ﻟِ ُﯿ َ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] َأﺧْﺮِﺟﻮا آلَ ﻟﻮطٍ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺘِﻜﻢ إﻧﮭﻢ أُﻧﺎسٌ ﯾَﺘﻄ ﱠﮭ ﺮون [وﻛﺜﯿ ٌﺮ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﷲ ﻻ ﺗﻌﻨ ﻲ‬
‫أن اﻟﻄﮭﺎرة ھﻲ ﺿﺪ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﺤﺴﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﻢ ﯾُﺮد ﻣ ﻦ وﺻ ﻒ اﻟ ﺼﺤﻒ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻣﻄ ﱠﮭ ﺮة أﻧﮭ ﺎ‬
‫أُزﯾﻠﺖ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻻ أراد ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن ﺗﻜ ﻮن اﻟ ﺼﺪﻗﺔ ﻣﺰﯾﻠ ًﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﻻ أراد ﻣ ﻦ‬
‫ن ﯾُﻄ ﱢﮭ ﺮ ﻗﻠ ﻮﺑَﮭﻢ أن ﯾﺰﯾ ﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻘﻠ ﻮب‪ ،‬وﻻ إﻟ ﻰ آﺧ ﺮ ﻣ ﺎ ورد‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه ﻛﻠﮭ ﺎ ﻃﮭ ﺎرات‬ ‫ﻗﻮﻟ ﮫ أ ْ‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔً ﻟﻠﻨﺠﺎﺳﺔ وﻻ ﺑﻮﺟﮫ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه‪.‬‬

‫وﺣﯿﻦ ﺟﺎء ﻣﺴﻠ ٌﻢ ﺧﺎﻃﻲء إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾﻘﻮل ﻟ ﮫ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻃﮭﱢﺮﻧ ﻲ‬
‫‪ ،‬ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻘﺼﺪ أن ﯾﺰﯾﻞ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻗ ﺼﺪ إﻗﺎﻣ َﺔ اﻟﺤ ﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫وﺳ ﻤﺎھﺎ ﻃﮭ ﺎرة وھ ﺬه ﻣﻌﻠﻮﻣ ﺔ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻄﮭ ﺎرة ﺗﻜ ﻮن ﺿ ﺪ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺤ ﺴﯿﺔ وﺗﻜ ﻮن ﺿ ﺪ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ ‪ ،‬وﺗﺄﺗﻲ ﺑﻤﻌﺎن ﻣﺘﻌﺪدة ‪ ،‬ﻓﺘﺨﺼﯿﺼُﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﺤﺴﯿﺔ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ‬
‫ﺟ ُﻨ ﺐ‪ ،‬وﻋ ﻦ‬‫ﻣﺨﺼﱢﺺ وﻻ ﻣﺨﺼﱢﺺ‪ .‬ﺑﻞ إن ﻋﻨﺪﻧﺎ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻨﻔﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﺤﺴﯿﺔ ﻋﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ وھ ﻮ ُ‬
‫اﻟﻤﺮأة وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬وﻧﻤﺜﱢﻞ ﻟﻠﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬روى ﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﺑ ﻦ اﻟﯿﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ‪ r‬ﻟﻘﯿ ﮫ وھ ﻮ ﺟُ ُﻨ ﺐ ﻓﺤ ﺎد ﻋﻨ ﮫ‪،‬‬

‫ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻛﻨ ﺖ ﺟُﻨُﺒ ًﺎ ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬إن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻻ ﯾ ﻨﺠَﺲ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪.‬‬

‫ب ‪ -‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻗﺎل ﻟﻲ رﺳﻮل اﷲ‪ :r‬ﻧﺎوﻟﯿﻨﻲ اﻟ ُ‬

‫ﺨﻤْﺮ َة ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻓﻘﻠﺖ ‪ :‬إﻧﻲ ﺣﺎﺋﺾ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إن ﺣﯿﻀﺘﻚ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ ﯾﺪك« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺖ أﺷ ﺮب وأﻧـ ـﺎ ﺣﺎﺋ ـﺾ‪ ،‬ﺛ ﻢ أُﻧﺎوﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪،r‬‬
‫ق وأﻧﺎ ﺣ ﺎﺋﺾ‪ ،‬ﺛ ﻢ أُﻧﺎوﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﯿ ﻀﻊ ﻓ ﺎه‬ ‫ﻓﯿﻀﻊ ﻓﺎه ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓِﻲﱠ ﻓﯿﺸﺮب‪ ،‬وأﺗﻌﺮﱠق اﻟ َﻌﺮْ َ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ِﻓﻲﱠ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ وﺗﺄﺧﯿﺮ‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ ﻏﯿ ﺮ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺜ ﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾ ﺪﻻن‬ ‫ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﯾ ﺪل ﺑﻤﻨﻄﻮﻗ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ُ‬
‫ﺑﻤﻔﮭﻮﻣﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻟﯿﺴﺖ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وإذن ﻓﻤﺠ ﻲء اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ اﻟﻄﮭ ﺎرة واﻟﺘﱠﻄ ﱡﮭ ﺮ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ن اﻟﻄﮭ ﺎرة واﻟﺘﻄ ﱡﮭ ﺮ ﯾﻌﻨﯿ ﺎن إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻌﻨ ﻲ ﺷ ﯿﺌًﺎ آﺧ ﺮ ھ ﻮ‬
‫إزاﻟ ﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أ ﱠ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻵﺛﺎم وإزاﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻌﺒﺪُ اﻟﻤﺴﻠﻢ أو اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺧﺮج ﻣﻦ وﺟﮭﮫ ﻛ ﱡﻞ ﺧﻄﯿﺌﺔ ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ‬

‫‪27‬‬
‫ﺑﻌﯿﻨﯿﮫ ﻣﻊ اﻟﻤﺎء‪ ،‬أو ﻣﻊ آﺧﺮ َﻗﻄْﺮ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻏﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﺧﺮج ﻣ ﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻛ ﻞ ﺧﻄﯿﺌ ﺔ ﻛ ﺎن ﺑﻄ ﺸﺘﮭﺎ‬
‫ﻄ ﺮ اﻟﻤ ﺎء ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺧﺮﺟ ﺖ ﻛ ﻞ ﺧﻄﯿﺌ ﺔ ﻣ ﺸﺘﮭﺎ رﺟ ﻼه ﻣ ﻊ‬‫ﯾﺪاه ﻣﻊ اﻟﻤﺎء أو ﻣ ﻊ آﺧ ﺮ َﻗ ْ‬
‫اﻟﻤﺎء أو ﻣﻊ آﺧﺮ َﻗﻄْﺮ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﺨ ﺮج ﻧﻘﯿ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺬﻧﻮب« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وروى اﻟ ﺪارﻣﻲ‬
‫ﺟﺰءاً ﻣﻨﮫ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء ﯾﻐﺴﻞ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ واﻟﺬﻧﻮب وﻟﯿﺲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻮھﱠﻤﻮن‪.‬‬

‫ف‬
‫ﺲ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻨ ﺎ ٍ‬ ‫ﺛﻢ إن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﯾﺘﻄﮭﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻟﻘﻠﻨﺎ إﻧﮫ ﻧﺠ ٌ‬
‫ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ »إن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﻨﺠَﺲ« وﻟﻜﺎن ﻣَﻦ ﯾﻠﻤﺴُﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺘ ﻨﺠﺲ‬
‫وھﺬا ﻻ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وﯾﺴﻘﻂ اﻟﺮأي اﻟﻤﺒﻨ ﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ھ ﺬا إﺿ ﺎﻓﺔً‬
‫ﻲ ﻣﺤ ﺾ )إذ ﺗﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﻄ ﺎھﺮ ﻻ ﯾُﻌﻘ ﻞ( واﻷﺣﻜ ﺎم اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻻ ُﺗ ﺴﺘﻤ ﱡﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻘ ﻞ‪،‬‬
‫إﻟﻰ أﻧﮭﺎ ﺣﻜ ٌﻢ ﻋﻘﻠ ﱞ‬
‫وإﻧﻤﺎ ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻦ ﻧﺼﻮص اﻟﺸﺮع‪.‬‬

‫وأﺧﯿ ﺮًا ﻧﻘ ﻮل إن ﻛ ﻞ اﻟ ﺮدود اﻟﺘ ﻲ أوردﻧﺎھ ﺎ ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻷول ھ ﻲ ردود ﻋﻠ ﻰ‬

‫أﺻﺤﺎب ھﺬا اﻟﺮأي‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ أﻧ ﮫ ﻻ وﺟ ﮫ ﻟﻘ ﻮل ﻣ ﻦ ﯾﻘ ﻮل ﺑﻌ ﺪم ﻃُﮭﻮرﯾ ﺔ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ‬
‫رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺤ ﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻄﮭﺎرﺗ ﮫ دون ﻃُﮭﻮرﯾﺘ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬
‫أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﺬﯾﻦ ﺗﻄﺮﱠﻓﻮا ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻨﺠﺎﺳﺘﮫ ‪ .‬واﻟ ﺼﻮاب ھ ﻮ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬
‫ﻃﺎھﺮ ﻣﻄﮭﱢﺮ ﻃَﮭﻮر‪ ،‬وھﺬا ھﻮ رأي اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑﺎﻧﺖ ﺻﺤﺘﮫ‪.‬‬

‫‪ -8‬وﻋﻮدًا ﻋﻠﻰ ﺑﺪء ﻧﻘﻮل إﻧﮭﻢ ﻗﺴﻤﻮا اﻟﻤﺎء إﻟﻰ ﺳﺘﺔ أﻗﺴﺎم ھﻲ‪ :‬اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱠﮭ ﻮر واﻟﻤ ﺎء اﻟﻄ ﺎھﺮ‬
‫واﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ واﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﻄﱠﮭﻮر واﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﻄﺎھﺮ واﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﻨﺠﺲ‪ .‬وﻗﺪ ﺑﯿﻨﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻋﻈﻢ ‪،‬‬
‫وﺑﻘﻲ اﻟﻘﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث إذا ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮة اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ أو اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ف ﺑﯿﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث ‪ ،‬ﺑ ﻞ اﻟﺤ ﺪث ارﺗﻔ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻠﺔ‬ ‫ﯾﻈﻞ ﻃَﮭﻮرًا ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺧﻼ ٍ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻷﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻠﯿﺴﺘﺎ واﺟﺒﺘﯿﻦ ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﺗﺸﺎرﻛﺎ ﻓﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬
‫‪ ،‬ﻓﯿﻈ ﻞ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻃَﮭ ﻮرًا أﺷ ﺒﮫ ﻣ ﺎء اﻟﺘﺒ ﺮﱡد‪ .‬وذﻟ ﻚ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧﮭ ﻢ اﺷ ﺘﺮﻃﻮا ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ اﻟﺬي ﯾﻔﻘﺪ ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺴﺘﻌﻤَﻼً ﻓﻲ اﻷﻏﺴﺎل اﻟﻮاﺟﺒﺔ دون اﻟﻤﺴﻨﻮﻧﺔ )ﻋﻠ ﻰ ﺧ ﻼف‬
‫ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ( ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء واﺟ ﺐ وﯾﺤ ﺼﻞ اﻟﻮﺟ ﻮب ﺑﻐ ﺴﻠﺘﮫ اﻷوﻟ ﻰ وﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ ﻓﻤ ﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬وأﻏ ﺴﺎل اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬
‫واﻟﺤ ﯿﺾ واﻟﻨﻔ ﺎس واﺟﺒ ﺔ‪ ،‬وﺑﮭ ﺬه اﻷﻏ ﺴﺎل اﻟﻮاﺟﺒ ﺔ ﯾﻔﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻃُﮭﻮرﯾﺘ ﮫ‪ .‬ھﻜ ﺬا‬
‫ﯾُﻔﺮﱢﻋ ﻮن وھﻜ ﺬا ﯾﻔ ﱢﻜ ﺮون دون أن ﯾ ﺄﺗﻮا ﺑ ﺄي دﻟﯿ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن أو اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻻ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄن أﻋ ﺮض‬
‫ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺻﻮرة ﻟﮭﺬه اﻟﺘﻔﺮﯾﻌﺎت ﻟﺘﺠﺪوا ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺨﻼﻓ ﺎت واﻵراء اﻟﻤﺨﺘﻠﻔ ﺔ دون وﺟ ﻮد أدﻟ ﺔ ﺗ ﺪل ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪.‬‬
‫ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﻟﻤﻐﻨ ﻲ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ )وﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺣ ﺪاث ﺳ ﻮاء ﻓﯿﻤ ـﺎ ذﻛﺮﻧ ﺎ ‪ -‬اﻟﺤ ﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ‬
‫واﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻨﻔﺼﻞ ﻣﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻤﯿﺖ إذا ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﻄﮭﺎرﺗ ﮫ‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔ ﺖ اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﺬﻣﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬ﻓﺮُوي أﻧﮫ ﻣُﻄﮭﱢﺮ ﻷﻧﮫ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺰل ﻣﺎﻧﻌ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة أﺷ ﺒﮫ‬
‫ﻣﺎ ًء ﺗﺒ ﱠﺮد ﺑﮫ‪ ،‬ورُوي أﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﻄﮭﱢﺮ ﻷﻧﮭﺎ أزاﻟﺖ ﺑﮫ اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ وطء اﻟﺰوج‪ ،‬أﺷﺒﮫ ﻣﺎ ﻟﻮ اﻏﺘﺴﻠﺖ ﺑﮫ‬
‫ﻣﺴﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻏﺘﺴﻠﺖ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻛﺎن ﻣُﻄﮭﺮاً وﺟﮭ ﺎً واﺣ ﺪاً‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺰل ﻣﺎﻧﻌ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة وﻻ‬
‫اﺳﺘُﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﺒ ﺎدة أﺷ ﺒﮫ ﻣ ﺎ ﻟ ﻮ ﺗﺒ ﺮﱠد ﺑ ﮫ ‪ -‬وﯾﺤﺘﻤ ﻞ أن ﯾُﻤﻨ ﻊ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻷﻧ ﮫ اﺳ ﺘُﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬أﺷ ﺒﮫ ﻣ ﺎ ﻟ ﻮ اﻏﺘ ﺴﻠﺖ ﺑ ﮫ ﻣ ﺴﻠﻤﺔ ‪] .‬ﻓ ﺼﻞ[ وإن اﺳ ﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ ﻃﮭ ﺎرة ﻣ ﺴﺘﺤﺒﺔ ﻏﯿ ﺮ واﺟﺒ ﺔ‬
‫ﻛﺎﻟﺘﺠﺪﯾ ﺪ واﻟﻐ ﺴﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻐ ﺴﻞ ﻟﻠﺠﻤﻌ ﺔ واﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﻓﻔﯿ ﮫ رواﯾﺘ ﺎن‬
‫]إﺣﺪاھﻤﺎ[ أﻧﮫ ﻛﺎﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث ﻷﻧﮭﺎ ﻃﮭﺎرة ﻣﺸﺮوﻋﺔ أﺷﺒﮫ ﻣﺎ ﻟﻮ اﻏﺘﺴﻞ ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ‪،‬‬
‫]واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ[ ﻻ ﯾﻤﻨﻊ ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ُﯾﺰِل ﻣﺎﻧﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﺼﻼة أﺷﺒﮫ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺗﺒﺮﱠد ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻄﮭﺎرة ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ‬
‫ﻟﻢ ﯾﺆﺛﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﯿﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎً وﻛﺎن ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺗﺒﺮﱠد ﺑﮫ أو ﻏﺴﻞ ﺑﮫ ﺛﻮﺑ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﺨﺘﻠ ﻒ اﻟﺮواﯾ ﺔ أن ﻣ ﺎ‬

‫‪28‬‬
‫اﺳﺘُﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﱠﺒﺮﱡد واﻟﺘﻨﻈﯿﻒ أﻧﮫ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮫ‪ ،‬وﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻓﯿﮫ ﺧﻼﻓ ًﺎ‪] .‬ﻓﺼﻞ[ ﻓﺄﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﺗﻌﺒﱡﺪ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺣﺪث ﻛﻐﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻣ ﻦ ﻧ ﻮم اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓ ﺈن ﻗﻠﻨ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ذﻟ ﻚ ﺑﻮاﺟ ﺐ ﻟ ﻢ ﯾ ﺆﺛﺮ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وإن ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﻮﺟﻮﺑ ﮫ ﻓﻘ ﺎل اﻟﻘﺎﺿ ﻲ ھ ﻮ ﻃ ﺎھﺮ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻄ ﱢﮭ ﺮ ‪ ،‬وذﻛ ﺮ أﺑ ﻮ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻓﯿ ﮫ رواﯾﺘ ﯿﻦ‬
‫]إﺣﺪاھﻤﺎ[ أﻧﮫ ﯾﺨﺮج ﻋﻦ إﻃﻼﻗﮫ ﻷﻧﮫ ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ ﻃﮭ ﺎر ِة ﺗﻌﺒﱡ ٍﺪ أﺷ ﺒﮫ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﻨﺒﻲ‪ r‬ﻧﮭﻰ أن ﯾﻐﻤﺲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﻧﻮم اﻟﻠﯿﻞ ﯾﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻗﺒ ﻞ ﻏ ﺴﻠﮭﺎ ﻓ ﺪل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﯾﻔﯿ ﺪ‬
‫ﻣﻨﻌ ﺎً ]واﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ[ أﻧ ﮫ ﺑ ﺎقٍ ﻋﻠ ﻰ إﻃﻼﻗ ﮫ ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ ﺣ ﺪﺛًﺎ أﺷ ﺒﮫ اﻟﻤُﺘﺒ ﺮﱠد ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ﻗﯿﺎﺳ ﮫ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺬي إذا ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﻮﺟﻮﺑ ﮫ ﻷﻧ ﮫ ﻓ ﻲ ﻣﻌﻨ ﺎه(‪ .‬وﻟ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪي ﻣ ﻦ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ أﻓﻀﻞ ﻣ ﻦ ﻛﻠﻤ ﺔ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ ﻧﯿ ﻞ اﻷوﻃ ﺎر‬
‫ت‬
‫)وﻟﻠﺤﻨﻔﯿ ﺔ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ وﻏﯿ ﺮھﻢ ﻣﻘ ﺎﻻت ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أﺛ ﺎر ٌة ﻣ ﻦ ﻋﻠ ﻢ وﺗﻔ ﺼﯿﻼ ٌ‬
‫وﺗﻔﺮﯾﻌﺎتٌ ﻋﻦ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻟﺴﻤﺤﺔ اﻟﺴﮭﻠﺔ ﺑﻤﻌﺰل‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻤﺎ ﺳﻠﻒ أن ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﻋﻨﻲ ﺧ ﺮوج‬
‫ف ھﺎ ٍر(‪.‬‬
‫ﺟ ُﺮ ٍ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎ ُ‬

‫راﺑﻌﺎً ‪ :‬ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪] :‬اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻗﺴﻤﺎن ‪ :‬ﻗ ﺴﻢ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬
‫اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺤﺪث اﻷﺻﻐﺮ ‪ ،‬وﻗﺴﻢ ﻣ ﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﺳ ﻨﻨﺎﻗﺶ اﻟﻘ ﺴﻢ اﻷول ﺛ ﻢ ﻧﻨﺘﻘ ﻞ‬
‫ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ[ وھﺎ ﻗﺪ ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث‬
‫اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺤﺪث اﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬وﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث ﺑﻘ ﺴﻤﯿﮫ ﻃ ﺎھﺮ‬
‫ﻃَﮭﻮر‪ .‬وﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮى رﻓﻊ اﻟﺤﺪث‪.‬‬

‫اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث ﯾُﺤ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﺣ ﺎﻻت ﺛ ﻼث‪ ،‬ﺣﺎﻟ ﺔ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫إزاﻟﺔ اﻟﻘﺬارة واﻷوﺳﺎخ‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻏﯿﺮ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪:‬‬

‫ﻼ ﻧﺠﺎﺳ ًﺔ وأُرﯾ ﺪ‬‫ب ﻣﺜ ً‬‫‪ -1‬أﻣﺎ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻨﻘﻮل ﻓﯿﮫ‪ :‬إذا ﺣﻤﻞ ﻣﺤ ٌﻞ ﻛﺜ ﻮ ٍ‬
‫ﻞ واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔُ ﺑﺎﻗﯿ ﺔٌ ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﺗﻄﮭﯿ ﺮه ﺑﺎﻟﻤ ﺎء وأﺧ ﺬﻧﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﺐﱢ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠﯿ ﮫ ﻧُﻈ ﺮ ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ اﻧﻔ ﺼﻞ ﻋ ﻦ اﻟﻤﺤ ﱢ‬
‫ﻧﺠﺲ‪ ،‬ﺳﻮاء ﺗﻐﯿﺮ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺗﻐﯿﺮًا ﻇﺎھﺮًا أو ﺧﻔﯿﻔﺎً‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺎء إذا ﻛﺎن دون ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وأﺻ ﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫وﻟﻮ ﯾﺴﯿﺮة ﺗﻨﺠﺲ ﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎء أﺻﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺼﺎر ﻧﺠﺴًﺎ‪ .‬أﻣﺎ ﻣﺎ اﻧﻔﺼﻞ ﺑﻌﺪ ذھﺎب‬
‫ﻋﯿﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎن ﻃﺎھﺮ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿ ﺮ ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ وﻟ ﻢ ﺗ ﺼﺒﮫ وﻟ ﻢ ُﯾ ﺴﻠَﺐ اﺳ ﻤُﮫ وﻟ ﻢ ﺗﺘﻐﯿ ﺮ‬
‫أوﺻﺎﻓﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻈﻞ ﻃَﮭﻮراً ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ واﻗﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي ُﯾ ﺮاق ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﺰﯾ ﻞ أﺛﺮھ ﺎ‬
‫ﯾُﺘﺠﺎ َوز ﻋ ﻦ ﺣﺎﻟ ﮫ‪ ،‬وﯾُﺤﯿ ﻞ اﻟﻤﻜ ﺎن ﻃ ﺎھﺮاً‪ ،‬ودﻟﯿ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺑ ﻮل اﻷﻋﺮاﺑ ﻲ اﻟ ﺬي رواه أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذ ﺟﺎء أﻋﺮاﺑﻲ ﻓﻘﺎم ﯾﺒﻮل ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬ﻣﮫ ﻣﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻻ َﺗ ْﺰ ِرﻣُﻮه‪ ،‬دﻋﻮه ‪ ،‬ﻓﺘﺮﻛﻮه ﺣﺘ ﻰ ﺑ ﺎل‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬دﻋﺎه ﻓﻘﺎل ﻟﮫ‪ :‬إن ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺸﻲء ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺒ ﻮل وﻻ اﻟ َﻘ ﺬَر‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻲ ﻟ ِﺬ ْﻛ ِﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ واﻟﺼﻼة وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن‪ ،‬أو ﻛﻤﺎ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺄﻣﺮ رﺟ ﻼً ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻘﻮم ﻓﺠﺎء ﺑﺪﻟﻮٍ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺸﻨﱠﮫ ﻋﻠﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻈ ﺮ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي‬

‫‪ -2‬وأﻣﺎ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻨﻈﯿ ﻒ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺬارة واﻟﻮﺳ ﺦ ﻓﯿُﻨ َ‬
‫أزﯾﻠ ﺖ ﺑ ﮫ ﻗ ﺬارة اﻟﻤﺤ ﻞ ﻛ ﺎﻟﺜﻮب ﻣ ﺜﻼً وﻗ ﺪ ﺗﻠﻄ ﺦ ﺑﺎﻷوﺳ ﺎخ ﻗ ﺪ اﻧﻔ ﺼﻞ ﻋﻨ ﮫ وﻗ ﺪ ﺗﻐﯿ ﺮ ﻛﺜﯿ ﺮًا ﻣ ﻦ‬
‫ن ﻣﺎ اﻧﻔﺼﻞ ﻻ ﯾُﻌ ﱡﺪ ﻣ ﺎء‪ ،‬وأﻣ ﺎ إن ھ ﻮ اﻧﻔ ﺼﻞ‬ ‫اﻟﻘﺬارة‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﺳﻤﮫ وﻏﯿﺮت أوﺻﺎﻓﮫ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﻼ أو ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﱠﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻈﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ ﺳﻮاء ﺑﻘﯿﺖ اﻟﻘﺬارة أو ﻟ ﻢ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻤﺤﻞ وﻗﺪ ﺗﻐﯿﺮ ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﺗﺒﻖ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -3‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﻤﺎء ﻓﺈن ﻇﻞ اﻟﻤﺎء ﻣﺎء‪ ،‬أي ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﺮ وﺻﻔﮫ وﻻ‬
‫ﺳُﻠﺐ اﺳﻤﮫ‪ ،‬ﺑﻘﻲ ﻃَﮭ ﻮرًا دوﻧﻤ ﺎ ﺣﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ ﺗﻔ ﺼﯿﻞ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﺎء‪ .‬وﻟْﻨﻜﺘ ﻒ ﺑﻤﺜ ﺎل‬
‫واﺣﺪ ﻋﻠﯿﮫ‪ :‬إذا وﺿﻌﻨﺎ ﺣﺒﻮب اﻟﺤﻤﱠﺺ ﻓﻲ إﻧﺎء ﻓﯿﮫ ﻣﺎء ﻟﺘﻄﺮﯾﺘﮭﺎ ﻗﺒﻞ أﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺮﺟﻨﺎھﺎ ﺑﻌ ﺪ ﻓﺘ ﺮة‬
‫ﻣﻦ اﻹﻧﺎء ‪ ،‬وﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺈن وﺟ ﺪﻧﺎه ﻣ ﺎء ﻟ ﻢ ﯾﺘﻐﯿﱠ ﺮ وﺻ ﻔﮫ وﻇ ﻞ ﯾﺤﻤ ﻞ اﺳ ﻤﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﺨﺎﻟﻄ ﮫ‬
‫اﻟ ﺼﱡﻔْﺮة ﻛﺜﯿ ﺮًا ﺣﻜﻤﻨ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﺎﻟﻄﱡﮭﻮرﯾ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻠﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ إن وﺟ ﺪﻧﺎ اﻟﻤ ﺎء ﻗ ﺪ ﺻ ﺎر أﺻ ﻔﺮ ﻇ ﺎھﺮ‬
‫ﺼﻔْﺮة ‪ ،‬أو ﺷ ﻤﻤﻨﺎ راﺋﺤﺘ ﮫ ﻓﻮﺟ ﺪﻧﺎھﺎ راﺋﺤ ﺔ اﻟﺤﻤ ﺺ اﻟﻤﻨﻘ ﻮع ‪ ،‬أو ذﻗﻨ ﺎه ﻓﻮﺟﻮدﻧ ﺎ ﻟ ﮫ ﻃﻌﻤ ًﺎ ‪،‬‬ ‫اﻟ ﱡ‬
‫ﺣﻜﻤﻨ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﺄﻧ ﮫ ﻣ ﺎء ﺣﻤ ﺺ‪ ،‬وأﺧﺮﺟﻨ ﺎه آﻧ ﺬاك ﻣ ﻦ أﻗ ﺴﺎم اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ اﺳ ﺘﻌﻤﺎلٍ ﻟﻠﻤ ﺎء‪.‬‬
‫ودﻟﯿﻞ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺮﺳﻮل ‪» r‬اﻟﻤﺎء ﻃَﮭﻮر« وھﻮ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ وﺑﯿﻨﺎه ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﻨﺎط اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ ﺣﺎﻻت اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﻌﺒﺎدات ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓﯿﮭ ﺎ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن اﻟﻤ ﺎء ﻓ ﻲ اﻷﻣﺜﻠ ﺔ‬
‫ﻃﮭ ﻮراً ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ﯾ ﺼﯿﺮ ﻣ ﺎء ﻧﺠ ﺴﺎً‪،‬‬‫اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻻ ﯾﺨﺮج ﻋﻦ إﺣﺪى ﺣﺎﻻت ﺛ ﻼث ‪ ،‬إﻣ ﺎ أن ﯾﻈ ﻞ ﻣ ﺎء َ‬
‫وإﻣﺎ أن ﯾﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ ﻣﺎء‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﻦ ھﺬه اﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻت أﯾﻀًﺎ أﻧﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻤ ﺎء ﺳ ﻮى‬
‫ﺣﺎﻟﺘﯿﻦ أو ﻗﺴﻤﯿﻦ ﻻ ﻏﯿﺮ‪ :‬إﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻃَﮭﻮراً‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻧﺠﺴًﺎ وﺑ ﺬﻟﻚ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻧﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﻓﺮﻏﻨ ﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺗﺤﺪﯾﺪ أﻧﻮاع اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﺧﺘﺼﺎر اﻷﻧﻮاع اﻟﺴﺘﺔ إﻟﻰ اﺛﻨﯿﻦ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ھﻤﺎ اﻟﻄﱠﮭﻮر واﻟﻨﺠﺲ‪.‬‬

‫ﺗﻄﺒﯿﻘﺎتٌ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء‬

‫‪ -1‬ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﻤﺎء إذا ﺑﻠﻎ ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻻ ﯾﻨﺠﺲ ‪ ،‬وﻧﺮﯾﺪ اﻵن أن ﻧﺒﯿﻦ ﻣﻘ ﺪار اﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬إن‬
‫ت‬
‫اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ ﺗﻌﺎدﻻن اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺗﻨﻜﺔ أو ﺻﻔﯿﺤﺔ ﻣﻤﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﮫ ھﺬه اﻷﯾﺎم ﻟﺤﻔﻆ اﻟﺰﯾ ﺖ ﻓﯿ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ وﺟ ﺪ ُ‬
‫ﺟ َﺮﯾْﺞ ‪ -‬وھﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻓﻘﯿﮫ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮن اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬ ‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﯾﺮوي ﻋﻦ اﺑﻦ ُ‬
‫ﻟﻠﮭﺠﺮة ‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ )وﻗﺪ رأﯾﺖ ِﻗﻼل ھَﺠَﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ُﻘﻠﱠﺔ ﺗﺴﻊ ﻗِﺮﺑﺘﯿﻦ‪ ،‬أو ﻗِﺮﺑﺘﯿﻦ وﺷﯿﺌﺎً ( وأﺿﺎف‪ ،‬أي اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫ﺲ‬
‫)ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻛﺎن ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺬھﺐ إﻟﻰ أن ذﻟﻚ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮﺑﺔ‪ ،‬أو ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮﺑ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﻮل ﺧﻤ ُ‬
‫ِﻗﺮَب ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﺴﻊ ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ وﻗ ﺪ ﺗﻜ ﻮن اﻟﻘُﻠﱠﺘ ﺎن أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ﺧﻤ ﺲ ِﻗ ﺮَب‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻓﺎﻻﺣﺘﯿ ﺎط أن‬
‫ﺗﻜﻮن اﻟﻘُﻠﱠﺔ ﻗﺮﺑﺘﯿﻦ وﻧﺼﻔﺎً ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻤﺎء ﺧﻤﺲ ِﻗﺮَب ﻟﻢ ﯾﺤﻤﻞ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ (...‬إذن ﻓﺎﻟ ُﻘﻠﱠﺘ ﺎن ﺧﻤ ﺲ ِﻗ ﺮب‪،‬‬
‫وﻗﺪﱠرھﺎ اﻟﺨﺒﺮاء ‪ -‬أي اﻟ ِﻘﺮَب اﻟﺨﻤﺲ ‪ -‬ﺑﺎﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺗﻨﻜ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬه ﺗﻌ ﺎدل ﺑ ﺮﻣﯿﻼً ﻛﺒﯿ ﺮاً ﺗﻘﺮﯾﺒ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫وُﺟﺪ ﻣﺎ ٌء ﻣِﻞ َء ﺑﺮﻣﯿﻞ وﺑﺎل ﻓﯿﮫ ﺷﺨﺺ‪ ،‬أو ﺳﻜﺐ ﻓﯿﮫ دﻣﺎً‪ ،‬أو أﻟﻘﻰ ﻓﯿ ﮫ ﻣﯿﺘ ًﺔ ﻇ ﻞ اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮراً‪ ،‬إﻻ‬
‫إذا ﺗﻐﯿﺮ وﺻﻒ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟﻢ ﯾﺘﻐﯿﺮ وﺻﻔُﮫ وﻻ ﺳُﻠﺐ اﺳﻤُﮫ ﻇﻞ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﱠﮭﺎرة‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﺎ دون ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ ‪ -‬أي ﻣﺎ دون ﺑﺮﻣﯿﻞ ‪ -‬إذا وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻧﺠﱠ ﺴﺘﮫ‪ ،‬ووﺟﺒ ﺖ ﺣﯿﻨﺌ ﺬ إراﻗﺘُ ﮫ‪،‬‬
‫ﻗﻠﯿﻠ ًﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ أو ﻛﺜﯿﺮ ًة‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻗُﻄﺮ ﻓﯿﮫ ﺑﻀﻊُ َﻗﻄَﺮات ﻣﻦ ﺑﻮلٍ ﺗ ﻨﺠﱠﺲ دون اﻋﺘﺒ ﺎرٍ ﻟﺘﻐﯿﱡ ﺮ اﻟﻠ ﻮن‬
‫أو اﻟﻄﻌﻢ أو اﻟﺮاﺋﺤﺔ‪ ،‬وﯾُﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺟ ﱡﺪ ﯾﺴﯿﺮة ﻛﻨﻘﻄ ﺔ ﺑ ﻮل واﺣ ﺪة‬
‫أو ﻧﻘﻄﺔ دم واﺣﺪة ‪ ،‬أو وﻗﻊ ﻓﮫ ﺻﺮﺻ ﻮر أرﺟُﻠ ﮫ ﻣﻠﻄﱠﺨ ﺔٌ ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ﻣﺜ ﻞ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ‬
‫ﺠ ْﻨ ﺪُب‬
‫ﻼ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺬﺑﺎﺑ ﺔ واﻟ ُ‬
‫ب ﻣ ﺎ ﻻ د َم ﺳ ﺎﺋ ً‬
‫اﻟﻤﺎء ﺑﻞ ﯾﻈﻞ ﻃﮭﻮرًا‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ إذا وﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟ ﺪوا ﱢ‬
‫واﻟﺨﻨﻔﺴﺎء وأﺷﺒﺎھﮭﺎ ﻓﺈن اﻟﻤﺎء ﯾﻈﻞ ﻃَﮭﻮراً ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا وﻗ ﻊ‬
‫اﻟﺬﺑﺎب ﻓﻲ إﻧﺎء أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﻐﻤﺴﮫ ﻛﻠ ﮫ ﺛ ﻢ ﻟﯿﻄﺮﺣ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻓ ﻲ أﺣ ﺪ ﺟﻨﺎﺣﯿ ﮫ ﺷ ﻔﺎ ًء وﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮ دا ًء «‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ أﻧﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أُﺣﻠ ﺖ ﻟﻨ ﺎ ﻣﯿﺘﺘ ﺎن‬
‫ودﻣﺎن‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻤﯿﺘﺘﺎن ﻓﺎﻟﺤﻮت واﻟﺠﺮاد ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ‪.‬‬

‫دﻻﻟﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺈراﻗﺔ اﻟﻄﻌ ﺎم اﻟ ﺬي ﯾﻘ ﻊ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺬﺑﺎب‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻄﻌﺎم ﯾﺘﻨﺠﺲ ﺑﻮﻗﻮﻋﮫ ﻓﯿﮫ ﻟﻤﺎ أذن ﺑﺄﻛﻠﮫ‪ ،‬ودﻻﻟﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ أن اﻟﺠ ﺮاد وھ ﻮ ﻣﯿ ﺖ ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬وﻟ ﻮ‬
‫ﻛﺎن ﯾﺘﻨﺠﺲ ﺑ ﺎﻟﻤﻮت ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎز أﻛﻠ ﮫ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻛ ﻞ اﻟ ﺪوابﱢ اﻟﺘ ﻲ ﻻ دم ﺳ ﺎﺋﻼً ﻟﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻓﻜﻠﮭ ﺎ ﻃ ﺎھﺮة ﺣﯿﱠ ﺔ‬
‫وﻣﯿﺘ ﺔ ‪ .‬وﻗ ﺪ روى اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻋ ﻦ إﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ أﻧ ﮫ رﺧﱠ ﺺ ﻓ ﻲ اﻟﺨﻨﻔ ﺴﺎء واﻟﻌﻘ ﺮب واﻟﺠ ﺮاد‬

‫‪30‬‬
‫واﻟﺠُﺪْﺟُﺪ إذا وﻗﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﱢﻛﺎء ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮫ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ )روﯾﻨﺎ ﻣﻌﻨﺎه ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي وﻋﻄﺎء‬
‫وﻋﻜﺮﻣﺔ(‪.‬‬

‫وﻣﻦ زاوﯾﺔ أﺧﺮى ﻓﺈﻧﮫ إذا وﻗﻊ أي ﺣﯿﻮان ﺳﻮى اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء وﺧ ﺮج ﺣﯿ ﺎً ﻇ ﻞ‬
‫اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻄﮭ ﺎرة ‪ ،‬ﺳ ﻮاء أﻛ ﺎن ﻓ ﺄرًا أم ﻗﻄ ًﺎ أم ﻃﯿ ﺮًا ‪ ،‬ﻷن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت اﻟﺤﯿ ﺔ‬
‫ﻃﺎھﺮة ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ‪ .‬أﻣ ﺎ إن وﻗ ﻊ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺤﯿ ﻮان ﻓﻤ ﺎت ﻧُﻈ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺬﺑﺎب أو‬
‫اﻟﻌﻘﺎرب أو اﻟﺨﻨﺎﻓﺲ أو اﻟﺼﺮاﺻﯿﺮ‪ -‬وﻣﺜﻠﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت اﻟﺒﺤﺮﯾﺔ ﻛﺎﻟﺴﻤﻚ واﻟﺴﺮﻃﺎﻧﺎت ‪ -‬ﻇ ﻞ‬
‫ﻼ ﻛﺎن أو ﻛﺜﯿﺮًا ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻣﻤﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺘﻲ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺻﻒ ]ﻣﺎ‬ ‫اﻟﻤﺎء ﻃﺎھﺮًا ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﻟﮭﺎ ﻧﻔ ﺲٌ ﺳ ﺎﺋﻠﺔ[ وﻣﺜﻠُﮭ ﺎ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت اﻟﺒﺤﺮﯾ ﺔ‪ ،‬إن ھ ﻲ وﻗﻌ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻤﺎﺗ ﺖ‪ ،‬ﺗ ﻨﺠﺲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫وﻓﻘ ﺪ ﻃﮭﺎرﺗ ﮫ‪ .‬وإذا ﺷ ﺮﺑﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻘﻠﯿ ﻞ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎتُ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺳ ﻮى اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‪ ،‬ﻇ ﻞ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﺳﺆْر اﻟﺤﯿﻮان[ ‪.‬‬
‫ﻃَﺎھﺮًا ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﮭﺮة واﻟﺤﻤﺎر واﻟﻀﺒﻊ وﻏﯿﺮھﺎ وﺳﯿﺄﺗﻲ دﻟﯿﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ] ُ‬

‫‪ -3‬اﻟﻤﺎء اﻵﺟِﻦ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾﻈﮭﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺗﻐﱡﯿ ﺮٌ ﻧﺘﯿﺠ ﺔ ﻃ ﻮل اﻟﻤﻜ ﺚ‪ ،‬وﻣﺜﻠ ﮫ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻌَ ِﻜ ﺮ‪،‬‬
‫ﻛﻼھﻤﺎ ﻃﺎھﺮ ﻃَﮭﻮر ﻣﺎ داﻣﺎ ﯾﺤﻤﻼن اﺳﻢ اﻟﻤﺎء‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر )أﺟﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾُﺤﻔﻆ ﻗﻮﻟﮫ ﻣﻦ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻵﺟﻦ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺣﻠﱠﺖ ﻓﯿﮫ ﺟﺎﺋﺰ ﻏﯿﺮ اﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺮه ذﻟﻚ‪،‬‬
‫وﻗﻮل اﻟﺠﻤﮭﻮر أوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﺮوى أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺗﻮﺿﺄ ﻣ ﻦ ﺑﺌ ﺮٍ ﻛ ﺄنﱠ ﻣﺎءھ ﺎ ﻧُﻘﺎﻋ ﺔ اﻟﺤﻨﱠ ﺎء( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫ﺴ ٍﺮ ُﺑﱠﻠ ﺖ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻏﯿ ﺮت ﻟﻮﻧ ﮫ أو ﻟ ﻢ‬
‫ﻗﺪاﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻐﻨﻲ )وﺣﻜﻰ اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر ﻋ ﻦ اﻟﺰﱡھ ﺮي ﻓ ﻲ ِﻛ َ‬
‫ﺗﻐﯿﺮ ﻟﻮﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﮫ‪ ،‬واﻟﺬي ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺠﻤﮭﻮر أوﻟﻰ ﻷﻧﮫ ﻃﺎھﺮ ﻟﻢ ﯾُﻐﯿﱢﺮ ﺻ ﻔﺔ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻠ ﻢ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻛﺒﻘﯿ ﺔ‬
‫ﺟﻔْﻨﺔ ﻓﯿﮫ أﺛﺮ اﻟﻌﺠﯿﻦ‪ ،‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ‬ ‫اﻟﻄﺎھﺮات إذا ﻟﻢ ﺗﻐﯿﺮه‪ ،‬وﻗﺪ اﻏﺘﺴﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وزوﺟﺘﮫ ﻣﻦ َ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﻷﺛﺮم( ‪.‬‬

‫ي ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻟ ﻢ ﯾﻤﻨﻌ ﮫ‬‫ﻚ ﻓ ﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤ ﺎء أ ﱢ‬

‫‪ -4‬اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱡﮭﻮرﯾﺔ‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈنﱠ اﻟﻤﺴﻠﻢ إن ﺷ ﱠ‬
‫ﻏَﻠ ﺐ اﻟﺘﻐﱡﯿ ُﺮ‬
‫اﻟﺸﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺿﱡﺆ ﺑﮫ وإزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺑﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء وﺟﺪه ﻣﺘﻐﯿ ﺮًا أو ﻏﯿ ﺮ ﻣﺘﻐﯿ ﺮ‪ ،‬إﻻ إذا َ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﺒﮫ اﺳﻤﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓ ﺈن ﻣ ﺎء اﻟﻤﯿﺎزﯾ ﺐ ﻃ ﺎھﺮ ﻃَﮭ ﻮر وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﻣﺘﻐﱢﯿ ﺮًا ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤ ﺎ ﱠر ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻻ ﯾﺘﯿﻘﱠﻦ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ أو ﻃﮭﺎرﺗﮫ ﻓﯿﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎ ﱢر أن ﯾﺴﺄل ﺻﺎﺣﺐ‬
‫اﻟﻤﯿﺰاب ﻋﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺎزل إن ﻛﺎن ﻃﺎھﺮاً أو ﻧﺠﺴ ًﺎ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن وﻟﯿﺲ ﻋﻨﺪه ﺳﻮى إﻧﺎﺋﻲ ﻣﺎء‪ ،‬وأُﺧﺒﺮ ﺑﺄن أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻧﺠ ﺲ دون ﺗﻌﯿ ﯿﻦ‬
‫ي ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺎءﯾﻦ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إراﻗﺘﮭﻤ ﺎ‬
‫واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻃﺎھﺮ وأراد أن ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻟﻢ َﯾﺠُﺰ ﻟﮫ اﻟﺘﻮﺿﺆ ﻣ ﻦ أ ﱢ‬
‫وأن ﯾﺘﯿﻤﱠﻢ‪ ،‬ﻷﻧﮫ رﺑﻤﺎ ﺗﻮﺿﺄ ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ ﻓﯿﺘ ﻨﺠﺲ وﻻ ﯾﺮﺗ ـﻔﻊ ﺣﺪﺛ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﺑﺨ ﻼف ﻣ ﺎ إذا ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺳ ﻮى ﺛ ﻮﺑﯿﻦ أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻧﺠ ﺲ واﻵﺧ ﺮ ﻃ ﺎھﺮ دون ﺗﻤﯿﯿ ﺰ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ وأراد اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻠ ﺒﺲ‬
‫أﺣﺪھﻤﺎ وﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺨﻠﻌﮫ وﯾﻠ ﺒﺲ اﻵﺧ ﺮ وﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﺿ ﻤﻦ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ ﺻ ﻼة‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫‪ -5‬إذا ﺟﺎء ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺣﻮض ﻣﺎء ﻓﺄﺧﺒﺮه ﻓﺎﺳﻖ أو ﻛﺎﻓﺮ أو ﺻﺒﻲ أو ﻣﺠﻨﻮن أن اﻟﻤﺎء ﻧﺠﺲ ﻟﻢ‬
‫ﻼ ﻟﻠﺸﮭﺎدة‪ ،‬أﻣﺎ إن أﺧﺒﺮه ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ ھﻮ أھ ﻞٌ ﻟﻠ ﺸﮭﺎدة‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﯾَﻘﺒﻞ ﻗﻮﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻷن ھﺆﻻء ﻟﯿﺴﻮا أھ ً‬
‫اﻟﻤﺸﮭﻮد ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺠﺮوح اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل أو اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﺒﻮل ﺧﺒﺮه إن‬
‫ھﻮ ﻋﯿﱠﻦ ﺳﺒﺐ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ إن وﺻﻒ اﻟﻤﺎء ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ دون ﺑﯿﱢﻨ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻗﺒ ﻮل‬
‫ﻗﻮﻟﮫ‪ ،‬ﻷن ھﺬا اﻟﻤُﺨﺒِﺮ رﺑﻤﺎ ﺟﮭﻞ أﺳﺒﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬أو ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺘﯿﻘﻨ ًﺎ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﺣﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺎء ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺧﻄﺄً‪.‬‬

‫‪ -6‬إذا ﺗﻨﺠﺲ ﻣﺎء وأُرﯾﺪ ﺗﻄﮭﯿﺮُه وإزاﻟ ُﺔ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ ﻧُﻈﺮ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛــﺎن دون ﻗُﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬أي دون ﺑﺮﻣﯿﻞ‪،‬‬
‫ﻧُﻈﺮ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻐﯿ ٍﺮ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﻜﻔـ ـﻲ أن ﯾ ﻀﺎف إﻟﯿ ﮫ ﻣـ ـﺎء ﻃﺎھـ ـﺮ ﺣﺘـ ـﻰ ﯾﺒﻠ ـﻎ ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬أي‬

‫‪31‬‬
‫ﺑﺮﻣﯿﻼً ‪ ،‬ﻓﯿﺼﺒﺢ اﻟﻤــﺎء ﻃﺎھــﺮاً ﻛﻠﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺎء ﻣﺘﻐﯿﺮًا ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺻ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺎء ﺣﺘ ﻰ ﯾﺒﻠ ﻎ‬
‫ﻼ ‪ ،‬ﻓﺈن زال اﻟﺘﻐﯿﺮ ﻓﻘﺪ زاﻟﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﯾﺰُل اﻟﺘﻐﯿﺮ ُﯾﺰَد اﻟﻤــﺎء ﺣﺘــﻰ ﯾ ﺰول‬ ‫ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬أي ﺑﺮﻣﯿ ً‬
‫ﻼ ﻓ ﺄﻛﺜﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ‬ ‫اﻟﺘﻐﯿ ﺮ دون اﻋﺘﺒ ﺎ ٍر ﻟﻠﻜﻤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﻀﺎﻓـﺔ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ‪ ،‬أي ﺑ ﺮﻣﯿ ً‬
‫ﺑﻮﻗ ﻮع اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻐﱢﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﯾﺘﻐﯿ ﺮ ﺑﻘ ﻲ ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻄﱠﮭ ﺎرة‪ ،‬وإن ھ ﻮ ﺗﻐﯿ ﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ أُﺿﯿﻒ إﻟﯿﮫ ﻣﺎء ﺣﺘﻰ ﯾﺰول اﻟﺘﻐﯿﱡﺮ دون اﻋﺘﺒﺎ ٍر ﻟﻠﻜﻤﯿﺔ اﻟﻤﻀﺎﻓﺔ‪ .‬وﻻ ﻓﺮق ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﯿﻦ‬
‫ﺼﺐﱢ دﻓﻌ ﺔ‬‫ﺐ اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ ﻋﻠـﻰ اﻟﻤﺎء اﻟﻄﺎھﺮ أو اﻟﻄﺎھ ُﺮ ﻋﻠﻰ اﻟ ﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﱠ‬ ‫ﺼ ﱠ‬
‫أن ُﯾ َ‬
‫ﺼﺐﱢ ﺑﺎﻟﺘﺪرﯾﺞ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ذﻟﻚ ﺳﻮاء‪.‬‬ ‫واﺣﺪة وﺑﯿﻦ اﻟ ﱠ‬

‫ﺳﺆْر اﻟﺤﯿﻮان‬
‫ُ‬
‫ﺴﺆْر ‪ -‬ﺑﺎﻟﮭﻤﺰ ‪ -‬ھﻮ ﻣﺎ ﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﺑﻌﺪ ﺷﺮب اﻟﺤﯿﻮان‪ ،‬أو أﻛﻠﮫ ﻣﻨﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻨ ﻮوي )ﻣُ ﺮادُ‬ ‫اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ ‪ -‬ﺳُﺆر اﻟﺤﯿ ﻮان ﻃ ﺎھﺮ أو ﻧﺠ ﺲ ‪ -‬ﻟﻌﺎﺑُ ﮫ‪ ،‬ورﻃﻮﺑ ﺔُ ﻓﻤ ﮫ(‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر )أﺟﻤ ﻊ‬
‫ﺳ ﺆر اﻹﺑ ﻞ‬‫ﺳ ﺆر ﻣ ﺎ أُﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ ﯾﺠ ﻮز ﺷ ﺮﺑُﮫ واﻟﻮﺿ ﻮءُ ﺑ ﮫ( ‪ .‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن ُ‬
‫أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻋﻠ ﻰ أن ُ‬
‫واﻷﻏﻨﺎم واﻷﺑﻘﺎر واﻟﻐﺰﻻن وأﻣﺜﺎﻟﮭﺎ ﻃ ﺎھﺮ ﯾﺠ ﻮز اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﻤ ﺎء‪ .‬واﻓﺘﺮﻗ ﻮا‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ آراء‪:‬‬

‫أ‪ -‬ذھ ﺐ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻟﺜ ﻮري وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ راھُﻮﯾ ﮫ واﻟ ﺸﻌﺒﻲ واﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ إﻟ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أﺳ ﺂر‬
‫اﻟﺴﺒﺎع ﻣﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان واﻟﺠ ﻮارح ﻣ ﻦ اﻟﻄﯿ ﺮ واﻟﺤُﻤُ ﺮ اﻷھﻠﯿ ﺔ واﻟﺒﻐ ﺎل‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ رأﯾﮭ ﻢ ﺑﺎﻷدﻟ ﺔ‬
‫اﻵﺗﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﺳﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾُ ﺴﺄل ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻼة‬
‫ﻣﻦ اﻷرض وﻣﺎ ﯾﻨﻮﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺒﺎع واﻟ ﺪواب‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻟ ﻢ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟ ﺴﺒﺎع واﻟ ﺪواب ﻧﺠ ﺲ ﻟﻤ ﺎ‬ ‫ﯾﺤﻤﻞ اﻟﺨَﺒَﺚ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻟ ﻮﻻ أن ُ‬
‫ﻗ ﺎل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل‪ ،‬ﻷن اﻟ ﺴﱡﺆر ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﻃ ﺎھﺮًا ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻟﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺨ َﺒ ﺚ« ﻣﻌﻨ ﻰ وﻟﻜ ﺎن ﻋﺒﺜ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺪل ﻗﻮﻟ ﮫ ھ ﺬا ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »إذا ﻛﺎن اﻟﻤ ﺎء ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺤﻤ ﻞ اﻟ َ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺳُﺆر اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬اﻟ ﺴﱢ ﱠﻨﻮْر ﺳَ ﺒُﻊ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪.‬‬
‫واﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﮭﺮة‪ ،‬ﻷن اﻟﮭﺮة ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺳ ﺒﻊ‪ ،‬واﻟ ﺴﺒﻊ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ ﺳُﺆره ﻧﺠﺲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »ﻟﻤ ﺎ ﻓ ﺘﺢ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧﯿﺒ ﺮ‪ ،‬أﺻ ﺒﻨﺎ ُ‬

‫ﺣﻤُ ﺮاً ﺧﺎرﺟ ﺎً ﻣ ﻦ اﻟﻘﺮﯾ ﺔ ﻓﻄﺒﺨﻨ ﺎ‬
‫ن اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﯾﻨﮭﯿ ﺎﻧﻜﻢ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ رﺟ ﺲ ﻣ ﻦ ﻋﻤ ﻞ‬ ‫ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻨ ﺎدى ﻣﻨ ﺎدي رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﻻ إ ﱠ‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓُﺄ ْﻛﻔِﺌﺖ اﻟﻘﺪور ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﮭﺎ ﻟﺘﻔﻮر ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري ‪ .‬ﻓﺎﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺤﻤﯿﺮ وھﻲ ھﻨﺎ اﻷھﻠﯿﺔ »ﻓﺈﻧﮭﺎ رﺟﺲ« ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﻤﯿﺮ ﻧﺠﺴﺔ‪.‬‬

‫ﺣﺮﱢم أﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻼب‪ ،‬وﻷن اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺠ ﻮارح اﻟﻐﺎﻟ ﺐ‬
‫‪ -4‬وﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺴﺒﺎع ﺣﯿﻮاﻧﺎت ُ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﺎ أﻛﻞ اﻟﻤﯿﺘﺎت واﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻓﺘﻨﺠﺲ أﻓﻮاھﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﺤﻘﻖ وﺟﻮد ﻣﻄﮭﱢﺮھﺎ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻷوزاﻋﻲ وداود إﻟﻰ ﻃﮭﺎرة أﺳﺂر ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت واﻟﻄﯿ ﻮر دون اﺳ ﺘﺜﻨﺎء‬
‫ﺣﺘﻰ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ .‬وذھﺐ اﻟ ﱡﺰھﺮي إﻟﻰ ﻛﺮاھﺔ ﺳُﺆر اﻟﻜﻠﺐ وﻗ ﺎل‪ :‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﺑ ﮫ إذا ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ ﻏﯿ ﺮه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ﺳ ﺆره وﻗ ﺎل‪ :‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﺑ ﮫ وﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ‪ .‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ رأﯾﮭ ﻢ ﺑﺎﻷدﻟ ﺔ‬
‫وذھ ﺐ اﺑ ﻦ اﻟﻤﺎﺟَ ﺸُﻮن إﻟ ﻰ ﻛﺮاھ ﺔ ُ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺳُ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﺤﯿ ﺎض اﻟﺘ ﻲ ﺗﻜ ﻮن ﻓﯿﻤ ﺎ‬
‫ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ إن اﻟﻜﻼب واﻟﺴﺒﺎع ﺗﺮد ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﮭﺎ ﻣﺎ أﺧﺬت ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻧﮭﺎ وﻟﻨﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺑﻘﻲ ﺷﺮاب وﻃَﮭ ﻮر« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﮭﻞ‪ .‬واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ » r‬أﻧﮫ ﺳُﺌﻞ‪ :‬أﻧﺘﻮﺿﺄ ﺑﻤﺎ أﻓﻀﻠﺖ اﻟ ُ‬

‫ﺤ ُﻤﺮُ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ وﺑﻤﺎ‬
‫ع ﻛﻠﮭﺎ« رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫أﻓﻀﻠﺖ اﻟﺴﺒﺎ ُ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣﺎﻃﺐ » أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﺧﺮج ﻓﻲ َرﻛْﺐ ﻓ ﯿﮭﻢ ﻋﻤ ﺮو‬
‫ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﺣﺘﻰ وردوا ﺣﻮﺿﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺤﻮض‪ :‬ﯾﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻮض ھ ﻞ‬
‫ﺿ ﻚ اﻟ ﺴﺒﺎعُ ؟ ﻓﻘ ﺎل ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب‪ :‬ﯾ ﺎ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﺤ ﻮض ﻻ ﺗﺨﺒﺮﻧ ﺎ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠﻧ ﺎ َﻧ ِﺮدُ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫َﺗ ﺮِ ُد ﺣﻮ َ‬
‫اﻟﺴﺒﺎع و َﺗ ِﺮ ُد ﻋﻠﯿﻨﺎ « رواه ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻼ‪ ،‬ﻓﻤ ﺮﱡوا ﻋﻠ ﻰ رﺟ ﻞ‬‫‪ -4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺳ ﻔﺎره ﻓ ﺴﺎر ﻟ ﯿ ً‬
‫ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻨﺪ ِﻣﻘْﺮا ٍة ﻟ ﮫ ‪ -‬وھ ﻮ اﻟﺤ ﻮض اﻟ ﺬي ﯾﺠﺘﻤ ﻊ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺎء ‪ -‬ﻓﻘ ﺎل ﻋﻤ ﺮ‪ :‬ﯾ ﺎ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻤِﻘ ﺮاة‬
‫ع اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻓﻲ ِﻣﻘْﺮاﺗﻚ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬ﯾﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟ ِﻤﻘْﺮا ِة ﻻ ﺗﺨﺒﺮه‪ ،‬ھﺬا ﻣﺘﻜﻠﱢﻒ‪ ،‬ﻟﮭ ﺎ‬
‫َأوَﻟَﻐﺖ اﻟﺴﺒﺎ ُ‬
‫ﻣﺎ ﺣﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻧﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺷﺮاب وﻃَﮭﻮر« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻛﺒﺸﺔ ﺑﻨﺖ ﻛﻌﺐ »أن أﺑﺎ ﻗﺘﺎدة دﺧﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺛﻢ ذﻛﺮت ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻓﺴﻜﺒﺖ ﻟﮫ وَﺿﻮءاً‪،‬‬
‫ﻓﺠﺎءت ھﺮة ﻓﺸﺮﺑﺖ ﻣﻨﮫ ﻓﺄﺻﻐﻰ ﻟﮭﺎ اﻹﻧﺎء ﺣﺘ ﻰ ﺷ ﺮﺑﺖ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ ﻛﺒ ﺸﺔ‪ :‬ﻓﺮآﻧ ﻲ أﻧﻈ ﺮ إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫أﺗﻌﺠﺒﯿﻦ ﯾﺎ اﺑﻨﺔ أﺧﻲ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬إﻧﮭﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺑ ﻨﺠﺲ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫ﻄﻮﱠاﻓﺎت« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬‫ﻄﻮﱠاﻓﯿﻦ ﻋﻠﯿﻜﻢ واﻟ ﱠ‬
‫اﻟ ﱠ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬‫وﻗﺎل‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﻟ ُﻌﻘَﯿﻠﻲ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -6‬وﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ وﻟﻮغ اﻟﻜﻠﺐ ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻣﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء ﺳ ﺒﻌًﺎ‬
‫إﺣﺪاھﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاب ﺗﻌﺒﱡﺪًا وﻟﯿﺲ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬وإن اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ ﻧﺺ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﺺ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ أي ﺣﯿﻮان ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ اﻟﺤِﻞ واﻟﻄﮭﺎرة ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻞ‪.‬‬ ‫ﻧ ﱠ‬

‫ج ‪ -‬وذھﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ ورﺑﯿﻌ ﺔ واﻟﺤ ﺴﻦ اﻟﺒ ﺼﺮي وﻋﻄ ﺎء‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻤ ﺮ وﻋﻠ ﻲ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﺒﻐ ﻞ‬
‫إﻟﻰ ﻃﮭﺎرة أَﺳْﺂر ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت واﻟﻄﯿﻮر ﺳ ﻮى اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‪ ،‬إﻻ أن أﺣﻤ ﺪ ﻛ ﺮه ُ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﺤﻤ ﺎر‪ ،‬وﻛ ﺮه اﺑ ﻦ‬‫واﻟﺤﻤﺎر وﻗﺎل‪ :‬إذا ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻏﯿﺮه ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﮫ وﯾﺘﯿﻤﱠﻢ‪ .‬وﻛﺮه اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ُ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﮭ ﺮة ﻧﺠ ﺴًﺎ‪ .‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ رأﯾﮭ ﻢ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﮭ ﺮة ‪ ،‬واﻋﺘﺒ ﺮ اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر وﻃ ﺎووس ُ‬ ‫أﺑ ﻲ ﻟﯿﻠ ﻰ ُ‬
‫ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑﮭ ﺎ اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻓ ﺎرﻗﻮھﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ اﻟ ﺴﺎدس‪ .‬وﺳ ﯿﺄﺗﻲ‬
‫ﺗﻔﺼﯿﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رأي اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول ورأي اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺈذن اﷲ ‪ .‬وأﺑ ﺪأ ﺑﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ رأي‬
‫اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول ﻓﺄﻗﻮل‪:‬‬

‫ﻼ ھﻮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﺤﺴﺐ‪،‬‬ ‫‪ -1‬ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض أدﻟﺔ ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ ﯾﺘﺒﯿﻦ أن ﻣﺎ ﯾﺼﺢ اﻋﺘﺒﺎره دﻟﯿ ً‬
‫واﻟﻤﺴﺘﻐﺮب أن ھﺆﻻء ﻗﺪ رﻓﻀﻮا ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺣﯿﻦ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﺎء اﻟ ﻨﺠﺲ واﻟﻤ ﺎء اﻟﻄﱠﮭ ﻮر‪ ،‬واﻋﺘﺒ ﺮوه‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺎً ﻟﻼﺿﻄﺮاب ﻓﻲ ﺳﻨﺪه وﻓﻲ ﻣﺘﻨﮫ‪ ،‬وھﺎ ھ ﻢ اﻵن ﯾﺤﺘﺠ ﻮن ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ذھﺒ ﻮا إﻟﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﺳُﺆر اﻟﺴﺒﻊ واﻟﺠﺎرح ﻣﻦ اﻟﻄﯿﺮ‪ ،‬وﺳﻨﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺘﻨ ﺎﻗﺾ اﻟﻮاﺿ ﺢ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﻮﻗﻔﯿﻦ‪ .‬ھ ﺬا‬

‫‪33‬‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﮫ ﻣﻨﻄ ﻮق وﻟ ﮫ ﻣﻔﮭ ﻮم ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﮫ ﻓﮭ ﻮ أن اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي ﯾﺒﻠ ﻎ ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻻ ﯾﺘ ﻨﺠﺲ ﺑﺤﻠ ﻮل‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﮫ ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻨﻄﻮق ﻻ ﯾﺴﻌﻔﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ ﺳﺆر اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﻔﮭﻮﻣﮫ ﻓﮭﻮ‬
‫أن اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾﻘﻞ ﻋﻦ ُﻗﻠﱠﺘﯿﻦ ﯾﺘﻨﺠﺲ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻔﮭﻮم أﯾ ﻀًﺎ ﻻ ﯾ ﺴﻌﻔﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ ﺳﺆر اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ‪ :‬ﻟﻮﻻ أن ﺳﺆر اﻟﺴﺒﺎع واﻟ ﺪواب ﻧﺠ ﺲ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎل اﻟﺮﺳ ﻮل ‪r‬‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿﺒﮭﻢ ﺑﺄﻧﻨ ﺎ ﻻ ﻧ ﺴﻠﱢﻢ ﻟﮭ ﻢ ﺑﮭ ﺬا اﻻﺳ ﺘﻨﺘﺎج ‪ ،‬إذ ھﻨ ﺎك أﻣ ﺮ آﺧ ﺮ أراده اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ ،r‬ھ ﻮ‬
‫إﻋﻄﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺎه ﺗﻘﻮل إن اﻟﻤﺎء اﻟﻜﺜﯿ ﺮ اﻟ ﺬي ﯾﺒﻠ ﻎ ُﻗﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻻ ﯾﺘ ﻨﺠﺲ ‪ ،‬دون أن‬
‫ن ﻛﺎن ﺳُﺆر اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب ﻧﺠﺴﺎً أو ﻻ‪ ،‬وﻟ ﻮ أراد رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺬي ﯾﻘﻮﻟﻮﻧ ﮫ‬ ‫ﯾﺬﻛﺮ إ ْ‬
‫ﻟﺒﯿﱠﻨﮫ‪.‬‬

‫وﻣ ﻦ ﻧﺎﺣﯿ ﺔ أﺧ ﺮى ﻧﻘ ﻮل ‪ :‬إن ﻗ ﻮﻟﮭﻢ ﻣﺤﺘﻤ ﻞ وﻟ ﯿﺲ ﻗﻄﻌﯿ ﺎً‪ ،‬واﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻷﺻ ﻮﻟﯿﺔ ﺗﻘ ﻮل‪ :‬ﻣ ﻊ‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺳ ﺆر اﻟ ﺴﱢﺒﺎع واﻟ ﺪواب‪،‬‬‫اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ .‬وإذن ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿ ً‬
‫ن أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻓﯿﮫ إن ﻓﯿﮫ ﺷﺒﮭﺔ دﻟﯿﻞ ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬واﻵن ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻷدﻟﺔ اﻷﺧﺮى‪.‬‬ ‫وإ ﱠ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﮭ ﻮ ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪھﻢ ﺷ ﯿﺌﺎً ‪ ،‬وﻏﺎﯾ ﺔ ﻣ ﺎ ﻓﯿ ﮫ أن اﻟﮭ ﺮة ﺣﻜﻤﮭ ﺎ ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﺴﺒﺎع‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﻣﺴﻠﱠﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻷن واﻗ ﻊ اﻟﮭ ﺮة أﻧﮭ ﺎ ﺳ ﺒُﻊ ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت اﻟﻤﻔﺘﺮﺳ ﺔ ذوات اﻟﻨ ﺎب‪ ،‬وﺣﻜﻤﮭ ﺎ ﺣﻜ ﻢ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟ ﺴﺒﺎع‪ ،‬إﻻ أن ذﻟ ﻚ‬ ‫اﻟﺴﺒﺎع ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ أﻓﺮدوه ﺑﺎﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﻟﯿُﻘﻮﱡوا رأﯾﮭﻢ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ُ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﮭ ﺮة ﻧﺠ ﺲ‬ ‫ﻻ ﯾُﻠﺤَﻆ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺣﻜﻤﺎً‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻟﻄﮭﺎرة وﻻ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ أن ُ‬
‫ﻟﯿﻘﯿﺴﻮا ﻋﻠﯿﮫ أﺳﺂر اﻟﺴﺒﺎع وﯾﺨﺮﺟﻮا ﺑﺤﻜﻢ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ذﻛ ﺮ ﻓ ﺮدًا ﻣ ﻦ أﻓ ﺮاد اﻟ ﺴﺒﺎع‬
‫ﺳ ﺆر اﻟ ﺴﺒﺎع اﻟﻄﮭ ﺎرة‬ ‫ن ﺣﻜ ﻢ ُ‬ ‫ن ﺛﺒ ﺖ أ ﱠ‬‫ﻓﻘﻂ وﺳﻜﺖ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺄﯾﱠﺔ دﻻﻟ ﺔ ﻓﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾ ﺪﱠﻋﻮن ؟! إ ْ‬
‫ﺳ ﺆر‬‫ﺳ ﺆر اﻟ ﺴﱢﺒﺎع ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬اﻧ ﺴﺤﺐ ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ُ‬ ‫ﺳ ﺆر اﻟﮭ ﺮة‪ ،‬وإن ﺛﺒ ﺖ أن ُ‬ ‫اﻧ ﺴﺤﺐ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ُ‬
‫ﻷوْﻟﻰ ﺑﮭﻢ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﮫ‪.‬‬ ‫اﻟﮭﺮة‪ ،‬وھﺬا ﻣﺴﻠﱠﻢ ﺑﮫ ﺑﺪون ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ا َ‬

‫ﺳ ﺆر اﻟﺤﻤﯿ ﺮ‬‫أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﮭ ﻮ ﻟ ﯿﺲ ﺣﺠ ﺔ ﻟﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮاھﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﻢ ﯾﺮﯾ ﺪون إﺛﺒ ﺎت أن ُ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﺤﻤﯿ ﺮ ﯾﺒ ﯿﻦ‬
‫ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﺤﻘ ﻖ ﻟﮭ ﻢ ذﻟ ﻚ إﻻ ﺑﻄ ﺮﯾﻘﺘﯿﻦ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ :‬ﻓﺈﻣ ﺎ أن ﯾ ﺄﺗﻮا ﺑ ﻨﺺﱟ ﯾﺘﻨ ﺎول ُ‬
‫ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ﯾﺜﺒﺘ ﻮا أن اﻟﺤﻤﯿ ﺮ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ ﻧﺠ ﺴﺔ ﻓﯿ ﺴﺘﻨﺒﻄﻮا ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺳُ ﺆرھﺎ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫ‪ .‬وﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻓﯿﮫ أﯾ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ذﻛﺮ ﺣﺎدﺛﺔ ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻊ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺧﯿﺒﺮ ‪ .‬وﻟﻨﻔﺴﱢﺮ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺗﻔﺴﯿﺮًا ﯾﺰﯾﻞ اﻟﻠﱠﺒﺲ ﺗﻤﺎﻣًﺎ إن ﺷﺎء اﷲ‪.‬‬

‫ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﺴﺘﺤﻠﱡﻮن أﻛﻞ ﻟﺤﻢ اﻟﺤﻤﯿﺮ ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﻮا ﯾﺬﺑﺤﻮﻧﮭﺎ وﯾﻄﺒﺨﻮﻧﮭﺎ وﯾﺄﻛﻠﻮﻧﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺣﻼل‬
‫ﻟﮭﻢ ﻃﺎھﺮة ﻋﻠﯿﮭﻢ ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻨﻤﺎ ﻧﺰل ﺣﻜﻢ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻧﺰل وھﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ذﺑ ﺢ اﻟﺤﻤﯿ ﺮ ووﺿ ﻌِﮭﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺪور‬
‫وﻃﺒﺨِﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺎء ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﻓﺈﻧﮭﺎ رﺟﺲ ﻣﻦ ﻋﻤ ﻞ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن« ﻓ ﺎﻟﻘﻮل إﻧﮭ ﺎ‬
‫رﺟﺲ إﻧﻤﺎ ﻧﺰل ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻢ اﻟﺤﻤﯿﺮ اﻟﻤﺬﺑﻮح اﻟﻤﻄﺒﻮخ وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻤﯿ ﺮ وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ ‪ ،‬إذ اﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن‬
‫اﻟﺤﻤﯿﺮ ﺣ ﯿﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺣ ﻼﻻً ﻛﺎﻧ ﺖ ﻃ ﺎھﺮة وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ﺖ ﻃ ﺎھﺮة وھ ﻲ ﻣﺬﺑﻮﺣ ﺔ ﻣُ ﺬَﻛﱠﺎة‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺠﺴﺔ وھﻲ ﻣﯿﺘﺔ ﻷن اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻧﺠﺴﺔ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻻ أﻋﻠﻢ أﺣﺪًا ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ھﺬا‪ .‬ﻓ ﺎﻟﺤﻤﯿﺮ وھ ﻲ ﺣ ﻼل‬
‫اﻷﻛﻞ وﻣﺬﺑﻮﺣﺔ ﻃﺎھﺮة ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق أﯾﻀﺎً‪ ،‬أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻤﯿﺮ ﻏﯿﺮ ﺣﻼل اﻷﻛﻞ وﻣﺎﺗ ﺖ أو ذُﺑﺤ ﺖ‬
‫أو ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن ذُﻛﱢﯿﺖ ﻓ ﺈن ذﺑﺤﮭ ﺎ وذَﻛﺎﺗﮭ ﺎ ﻻ ﯾﺠﻌﻼﻧﮭ ﺎ ﻃ ﺎھﺮة‪ ،‬ﺑ ﻞ ﺗﻜ ﻮن ﻧﺠ ﺴﺔ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻣﯿﺘ ﺔ‪.‬‬
‫أرأﯾﺘﻢ ﻟﻮ ذﻛﱠﯿﻨﺎ ﻓﺄرة أو ذﺑﺤﻨﺎھﺎ وﺳﻤﱠﯿﻨﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ أﺗﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻃﺎھﺮة ﺣ ﻼل اﻷﻛ ﻞ ؟ ﻗﻄﻌ ًﺎ ﻻ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻓﯿﮫ أﺣﺪ أﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻤﯿﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺟﺎء ﺣﻜ ٌﻢ ﺑﺘﺤﺮﯾﻢ أﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن ذﺑﺤﮭﺎ وذَﻛﺎﺗﮭ ﺎ ‪-‬‬
‫وھﻲ ﺣﺮامٌ أﻛﻠُﮭ ﺎ ‪ -‬ﻻ ﯾُﺤِﻼﱠﻧﮭ ﺎ وﻻ ﯾﺠﻌﻼﻧﮭ ﺎ ﻃ ﺎھﺮة‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺗﺄﺧ ﺬ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻣﯿﺘ ﺔ‪،‬‬
‫وﺣﻜﻤﮭﻤﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺒﻄﻼن‪ .‬أي أن اﻟﺬﺑﺢ ِﻟﻤُﺤﺮﱠم اﻷﻛﻞ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻜﻮن اﻟﻤ ﺬﺑﻮح ﻧﺠ ﺴ ًﺎ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻣﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻓﺬﺑﺢ اﻟﻨﻤﺮ ﯾﺒﻘﯿﮫ ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬وذﺑﺢ اﻟﻨ ﺴﺮ ﯾﺒﻘﯿ ﮫ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻌﻠ ﻮم ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﺑ ﮫ‬
‫ﻞ ﻟﻠﺤﻢ اﻟﺤﻤﯿﺮ واﻹﻋﻼن ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ ﺣﻜﻢ اﻟﺬﺑﺢ واﻟﺬﻛﺎة‬ ‫ﺤﱢ‬‫اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻧﻤﺎ ھﻮ إﺑﻄﺎل ﺣﻜﻢ اﻟ ِ‬
‫ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﺪروھﻢ‪ ،‬وﯾﺼﯿﺮ اﻟﻤﺬﺑﻮح ﻣﻦ اﻟﺤﻤﯿ ﺮ ﻣﯿﺘ ﺔ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء ﻗ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬

‫‪34‬‬
‫ﺣ ﺮﱢم أﻛﻠُ ﮫ ﻻ ﯾﻌﻄﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﻓﺈﻧﮭﺎ رﺟﺲ« ﻓﺎﻟﻘﻮل إﻧﮭﺎ رﺟﺲ ھﻮ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻷن ﻣ ﺎ ُ‬
‫ﺣﻼﱠ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻈﻞ ﺣﺮاﻣًﺎ وﯾﻈﻞ ﻧﺠﺴﺎً‪.‬‬
‫اﻟﺬﺑﺢ ﻃﮭﺎرة وﻻ ﯾﻔﯿﺪه ِ‬

‫ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺎﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺤﻤﯿ ﺮ ھ ﻮ اﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﺑﺎﻃ ﻞ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬وأﻟﺤ ﻖ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺤﻤﯿ ﺮ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻨ ﺴﺤﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺸﺎة اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻤﯿﺖ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻐﺰال اﻟﻤﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻜﻠﮭﺎ وھﻲ ﻣﯿﺘﺔ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وﻛﻠﮭﺎ وھﻲ ﺣﯿ ﺔ ﻃ ﺎھﺮة ‪ .‬وﻟ ﺬا‬
‫ﯾﺴﻘﻂ اﺳﺘﺸﮭﺎدھﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد اﻷﺧﯿﺮ وھﻮ ﻗﯿﺎﺳُﮭﻢ اﻟﺴﺒﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻠ ﺐ وإﻋﻄﺎؤُھ ﺎ ﺣﻜﻤَ ﮫ ‪ ،‬وزادوا ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‬
‫أﻧﮭﺎ ‪ -‬أي اﻟﺴﺒﺎع ‪ -‬ﺗﺄﻛﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت وﻻ ﻣُﻄﮭﱢﺮ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺴﺔ‪ .‬وردﱡﻧﺎ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ أن اﻟﻘﯿ ﺎس ﻓ ﻲ‬
‫ن ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻠﺔ ﻇﺎھﺮة ﻓﻲ اﻟﻨﺺ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﺔ ﻇﺎھﺮة ھﻨﺎ‪ .‬وإن ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﮭﻢ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎدات ﻻ ﯾﺠﻮز إﻻ أ ْ‬
‫اﻟﻘﯿﺎس ھﻨﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﻮﺟﺐ أن ﯾﺘﻮﻓﱠﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻓﯿﮫ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ وإﻻ ﻓﻼ ﻗﯿﺎس‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﻼب ﻧﺠﺎﺳﺔ أﺳﺂرھﺎ ﻣﻐﻠﱠﻈ ﺔ‬
‫ﺗﺠﺐ إزاﻟﺘﮭﺎ ﺑﻐﺴﻞ ﻣﺎ أُﺻﯿﺐ ﺑﮭﺎ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات ﻣﻊ اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺴﻠﱠﻢ ﺑ ﮫ ﻋﻨ ﺪھﻢ ﻓﻠﻤ ﺎذا ﻻ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن‬
‫ﺑﻮﺟ ﻮب إزاﻟ ﺔ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أﺳ ﺂر اﻟ ﺴﺒﺎع ﻛﺎﻷﺳ ﻮد واﻟ ﺼﻘﻮر واﻟﻨﻤ ﻮر ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﺳ ﺒﻌﺎً ﻣ ﻊ اﻟﺘ ﺮاب؟ إن‬
‫اﻻﺧﺘﻼف ﺑﯿﻦ اﻟﻜﻠﺐ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺴﺒﺎع اﺧ ﺘﻼف ﻇ ﺎھﺮ ﯾﻠﻐ ﻲ اﻟﺘﻤﺎﺛ ﻞ اﻟ ﺬي ھ ﻮ ﺷ ﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟﻘﯿ ﺎس‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﻘﻮﻟﻮا إن اﻟﺴﺒﺎع ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﺗﺄﺧﺬ ﺳﺎﺋﺮ أﺣﻜﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻜﻮن ﻟﻠﻘﯿ ﺎس‬
‫ن ھﻢ اﻋﺘﺮﻓﻮا ﺑﻮﺟﻮد اﺧﺘﻼف ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪﺋﺬ ﯾﻤﺘﻨﻊ اﻟﻘﯿﺎس‪.‬‬‫وﺟﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إ ْ‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ إﻧﮭ ﺎ ﺗﺄﻛ ﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت وﻻ ﻣُﻄ ﱢﮭ ﺮ ﻟﮭ ﺎ ﻓﺘﻜ ﻮن ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬ﻓﻨ ﺮدﱡ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑ ﺄن اﻟ ﻀﱢﺒﺎع ﺗﺄﻛ ﻞ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻷﻧﮭﺎ ﺣﯿﻮاﻧﺎت ﻣﻔﺘﺮﺳﺔ ﻃﻌﺎﻣﮭﺎ اﻟﺠِﯿَﻒ اﻟﻨﺠ ﺴﺔ‪ ،‬وھ ﻲ ﻻ ﻣُﻄﮭﱢ ﺮ ﻟﮭ ﺎ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎذا أﺣ ﻞﱠ‬
‫اﷲ ﻟﻨﺎ أﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬واﻋﺘُﺒﺮت ﻣﻦ َﺛﻢﱠ ﻃﺎھﺮة ﻛﺎﻟﺸﯿﺎه واﻟﺒﻘﺮ واﻹﺑﻞ ؟ ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﻤﱠﺎر ﻗﺎل »ﻗﻠﺖ ﻟﺠﺎﺑﺮ‪:‬‬
‫ﻀ ُﺒ ُﻊ أﺻﯿ ٌﺪ ھﻲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ ‪ :‬آﻛُﻠُﮭ ﺎ ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬أﻗﺎﻟ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ«‬
‫اﻟ ﱠ‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ و اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ( ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗ ﺴﻘﻂ ﺣﺠﺠﮭ ﻢ‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﺒﻘﻰ ﻟﮭﻢ إﻻ ﺷُﺒﮭﺘﮭﻢ ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪.‬‬

‫‪ - 2‬أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻄﮭ ﺎرة أﺳ ﺂر ﻛ ﻞ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت ﺑﻤ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض أدﻟﺘﮭﻢ ﯾﺘﺒﯿﻦ أن اﻟﺪﻟﯿﻞ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ھ ﻮ ﻗ ﻮلٌ ﻟﻌﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬أي أن‬
‫ﻼ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻮﻗﻮف‪ ،‬وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﯿﺴﺖ أدﻟﺔ وإﻧﻤﺎ ھ ﻲ أﺣﻜ ﺎم ﺷ ﺮﻋﯿﺔ ﯾﺠ ﻮز ﺗﻘﻠﯿ ﺪھﺎ‪ ،‬ھ ﺬا ﻓ ﻀ ً‬
‫ﻋﻦ أن إﺳﻨﺎده ﻣﻨﻘﻄﻊ ‪ ،‬ﻓﯿﺤﯿﻰ ﻟﻢ ﯾ ﺪرك ﻋﻤ ﺮ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي‪ .‬وﻗ ﺎل ﯾﺤﯿ ﻰ اﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ :‬ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﺣﺎﻃ ﺐ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑﺎﻃ ﻞ‪ .‬ﻟﮭ ﺬا ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻓﻨﻄﺮﺣ ﮫ وﻧﻄ ﺮح ﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻷﻧﮫ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪًا‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ‬
‫ﻷن اﻹﺑﺮاھﯿﻤَﯿﻦ ﺿﻌﯿﻔﺎن ﺟﺪًا ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾُﺤﺘﺞ ﺑﮭﻤﺎ(‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿﻜﺎدان ﯾﻜﻮﻧﺎن ﺣﺪﯾﺜًﺎ واﺣﺪاً‪ ،‬إذ ﻟﻔﻆ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟ ﺴﻼم ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ﻟﻔ ﻆ واﺣ ﺪ ‪ ،‬ﻓﻨﻌﺎﻣﻠﮭﻤ ﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ واﺣ ﺪ‪ .‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وإن ﺿ ﱠﻌﻔﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻓﯿﺼﺢ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮫ‪ ،‬وھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭ ﺎرة أﺳ ﺂر اﻟ ﺴﺒﺎع‪ ،‬ودﻻﻟﺘ ﮫ واﺿ ﺤﺔ‪ ،‬وﻣﺜﻠ ﮫ‬
‫ﻓﻲ وﺿﻮح اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﮭﺮة ﺣﯿﻮان ﻣﻔﺘﺮس‪ ،‬وﺳﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎع آﻛﻠﺔِ اﻟﺠﯿﻒ‪ ،‬وﻛﻮن‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﺮﱢر ﻃﮭﺎرة ﺳُﺆرھﺎ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ دﻟﯿ ٌﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة أﺳﺂر اﻟﺴﱢﺒﺎع‪.‬‬

‫ﺛﻢ ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻧﺒﺘﻌﺪ ﻛﺜﯿﺮًا ﻓﻨﺒﺤﺚ ﻋﻦ دﻟﯿ ٍﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة أﺳﺂر اﻟﺴﺒﺎع‪ ،‬وﻛﺄن ﻃﮭﺎرة اﻷﺷ ﯿﺎء ﺑﺤﺎﺟ ﺔ‬
‫إﻟﻰ دﻟﯿﻞ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﺮع ﻗﺪ أﻋﻄﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﻄﮭﺎرة ﻟﻜﻞ ﺷ ﻲء إﻻ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺜﻨﺎه‪ ،‬وأﺳ ﺂر اﻟ ﺪواب واﻟ ﺴﺒﺎع ھ ﻲ‬
‫أﺷﯿﺎء داﺧﻠﺔ ﻓ ﻲ ﻋﻤ ﻮم اﻷﺷ ﯿﺎء اﻟﻄ ﺎھﺮة‪ ،‬ﻓﻌﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﯾﻘ ﻮل إﻧﮭ ﺎ ﻧﺠ ﺴﺔ أن ﯾﺄﺗﯿﻨ ﺎ ﺑ ﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬ﻻ أن ﻧُﺠﮭ ﺪ‬
‫أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ﻃﮭﺎرﺗﮭﺎ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻷدﻟﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن أﺳﺂر اﻟﺒﮭﺎﺋﻢ واﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب ﻃﺎھﺮة‪ ،‬وﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‬
‫ﯾﻠﺘﻘﻲ أﺻﺤﺎب ھﺬا اﻟﺮأي ﻣﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓ ﻲ ﻃﮭ ﺎرة أﺳ ﺂر ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻵﺗﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺳُﺆر ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﺳﺘﺘﻨﺎول ﻛﻼ اﻟﺮأﯾﯿﻦ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ‪:‬‬

‫‪ -3‬ﻗﻮﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ وﻟ ﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ إن اﻷﻣ ﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء ﺳ ﺒﻌﺎً ﻣﻌﮭ ﺎ اﻟﺘ ﺮاب ھ ﻮ أﻣ ﺮٌ ﺗﻌﺒﱡ ﺪي‬
‫وﻟﯿﺲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬ھﺬا اﻟﻘﻮل أراه ﺧﻄ ﺄ ‪ .‬ﻧﻌ ﻢ رﺑﻤ ﺎ ﻗﺒﻠﻨ ﺎ رأﯾﮭ ﻢ ھ ﺬا ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ‬
‫ﯾﻄﻠ ﺐ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻓﻘ ﻂ ‪ ،‬أﻣ ﺎ وأن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وردت ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟ ﮫ ﻋﺒ ﺎرة ) َﻓ ْﻠﯿُ ِﺮ ْﻗ ﮫ( ﻣ ﻀﺎﻓ ًﺔ إﻟ ﻰ اﻷﻣ ﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻟ ﺬﻟﻚ ﻻ ﻧ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﻗﺒ ﻮل رأﯾﮭ ﻢ ھ ﺬا‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻌﺒ ﺎرة وردت ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ‬
‫ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ »إذا وﻟ ﻎ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ْﻠ ُﯿ ِﺮ ْﻗ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻟﯿﻐﺴﻠﮫ ﺳﺒﻊ ﻣِﺮا ٍر« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟ ﱠﻨﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻹراﻗ ﺔ ﯾﻨﻔ ﻲ اﻟﻨﺎﺣﯿ ﺔ اﻟﺘﻌﺒﱡﺪﯾﱠ ﺔ وأﻧ ﺎ ﻻ أﻋﻠ ﻢ‬
‫ي‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺈراﻗ ﺔ اﻟ ﺸﺮاب أو اﻟﻄﻌ ﺎم‬ ‫أﺣﺪًا ﯾﻘﻮل إن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹراﻗﺔ ھﻮ أﯾﻀًﺎ ﺗﻌﱡﺒ ﺪ ﱞ‬
‫اﻟﺬي ﯾﻠﻎ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻐﺴﻞ اﻹﻧﺎء ﺳﺒﻌﺎً ﻣﻊ اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻻ‬
‫ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺈﺗﻼف ﻣﺎل ﺣﻼل ﻃﺎھﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺈراﻗ ﺔ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻎ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠ ﺐ إﻻ ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺪ ﺣ ﻼﻻً وﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺪ‬
‫ﻃﺎھﺮًا ﯾﺤﻞ أﻛﻠﮫ أو ﺷﺮﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺳُﺆر اﻟﻜﻠﺐ‪.‬‬

‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ[ اﻵﯾﺔ ‪ 4‬ﻣﻦ ﺳﻮرة‬ ‫ﻦ َ‬ ‫أﻣﺎ اﺳﺘﺸﮭﺎدھﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة ﺳُﺆر اﻟﻜﻠﺐ ﺑﺎﻵﯾﺔ ] َﻓﻜُﻠُﻮا ِﻣﻤﱠﺎ َأ ْﻣ َ‬
‫ﺴ ْﻜ َ‬
‫ﺨ ﺸﻨﻲ ﻗ ﺎل »ﻗﻠ ﺖ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ أﺻ ﯿﺪ ﺑﻜﻠﺒ ﻲ اﻟﻤُﻌﱠﻠ ﻢ‬ ‫اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬وﺑﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺛﻌﻠﺒ ﺔ اﻟ ُ‬
‫ت ﺑﻜﻠﺒ ﻚ‬ ‫ﺻ ْﺪ َ‬
‫وﺑﻜﻠﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﺑﻤُﻌﻠﱠﻢ ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﺻﺪت ﺑﻜﻠﺒﻚ اﻟﻤُﻌ ﱠﻠ ﻢ ﻓ ﺎذﻛﺮ اﺳ ﻢ اﷲ وﻛ ﻞ‪ ،‬وﻣ ﺎ َأ ﱠ‬
‫اﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﺑﻤُﻌﻠﱠﻢ ﻓﺄدرﻛﺖ ذﻛﺎﺗَﮫ ﻓﻜﻞ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ ﺑ ﺎﺧﺘﻼف‬
‫ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ ،‬ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ ‪ :‬ﻟﻢ ﯾُﺬﻛﺮ ﻏُﺴﻞ ﻻ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻔ ﺮﱠق ﺑ ﯿﻦ ﻛﻠ ﺐ اﻟ ﺼﯿﺪ اﻟﻤُﻌﱠﻠ ﻢ‬
‫وﻏﯿﺮ اﻟﻤُﻌﻠﱠﻢ‪ ،‬ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﻜﻼب‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ أن ھﺬﯾﻦ اﻟﻨﺼﯿﻦ ‪ -‬اﻵﯾﺔ واﻟﺤﺪﯾﺚ ‪ -‬ﺳﻜﺘﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻏ ﺴﻞ ﻣ ﺎ‬
‫أﻣﺴﻚ اﻟﻜﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺼﯿﺪ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟﻮﻟﻮغ ﻟﻢ ﯾﺴﻜﺖ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﺑﻞ ﻧﻄﻖ ﺑﻄﻠﺐ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم‬
‫أن اﻟﺴﻜﻮت ﻻ ﯾﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرﺿ ﺔ اﻟﻨﻄ ﻖ وإﺑﻄﺎﻟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ إن اﻵﯾ ﺔ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎءا ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع‬
‫اﻟﺼﯿﺪ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺟﻮاز اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻜﻼب ﻓﻲ اﻟﺼﯿﺪ‪ ،‬وﺟﻮاز أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺗ ﺼﯿﺪه ھ ﺬه اﻟﻜ ﻼب‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺄﺗﯿ ﺎ‬
‫ﻼ وﻻ ﺷ ﺮﻋ ًﺎ‬ ‫ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻄﮭﺎرة واﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻣﻮﺿﻮع وذاك ﻣﻮﺿ ﻮع آﺧ ﺮ‪ .‬وﻻ ﯾﻤﺘﻨ ﻊ ﻋﻘ ً‬
‫ﺺ آﺧﺮ ﺟﺎﻧﺒًﺎ آﺧَﺮ ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻟﻨﺺ ﺟﻤﯿ ﻊ‬ ‫أن ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻧﺺٌ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮع وﯾﻌﺎﻟﺞ ﻧ ﱞ‬
‫ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﺟﺎء ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺘﮫ ﻣﺎ داﻣﺖ ھﻨﺎك ﻧﺼﻮص أﺧﺮى ﺗﻜﻤﻞ اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ‪ ،‬وھﺬا أﻣ ٌﺮ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻜﻠﺐ ﻛﻠﮫ وﻟﯿﺲ ﺳُﺆره ﻓﻘﻂ‪ ،‬ھﻮ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ‬ ‫ﻣﻌﺮوف‪ .‬ﺑﻞ إن ﻋﻨﺪﻧﺎ دﻟﯿ ً‬
‫ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ‪ r‬أﺻ ﺒﺢ ﯾﻮﻣ ًﺎ واﺟﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻟﻘ ﺪ‬
‫اﺳﺘﻨﻜﺮتُ ھﯿﺌﺘﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﯿﻮم‪ ،‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬إن ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻛﺎن وﻋﺪﻧﻲ أن ﯾﻠﻘﺎﻧﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻓﻠﻢ ﯾﻠﻘﻨﻲ‪،‬‬
‫ﺐ ﺗﺤ ﺖ‬ ‫ﷲ ﻣﺎ أﺧﻠﻔﻨﻲ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻈﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﻣﮫ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ وﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﺟﺮ ُو ﻛﻠ ٍ‬ ‫َأ َم وا ِ‬
‫ﻓﺴﻄﺎط ﻟﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮫ ﻓﺄُﺧﺮج ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﯿﺪه ﻣﺎء ﻓﻨﻀﺢ ﻣﻜﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻣﺴﻰ ﻟﻘﯿ ﮫ ﺟﺒﺮﯾ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ‪:‬‬
‫ﺖ وﻋﺪﺗَﻨﻲ أن ﺗﻠﻘﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎرﺣﺔ ﻗﺎل‪ :‬أﺟﻞ وﻟﻜﻨﱠﺎ ﻻ ﻧ ﺪﺧﻞ ﺑﯿﺘ ًﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻛﻠ ﺐ وﻻ ﺻ ﻮرة ‪ ،‬ﻓﺄﺻ ﺒﺢ‬ ‫ﻗﺪ ﻛﻨ َ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﻣﺌ ﺬ ﻓ ﺄﻣﺮ ﺑﻘﺘ ﻞ اﻟﻜ ﻼب ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إﻧ ﮫ ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﻘﺘ ﻞ ﻛﻠ ﺐ اﻟﺤ ﺎﺋﻂ اﻟ ﺼﻐﯿﺮ وﯾﺘ ﺮك ﻛﻠ ﺐ‬
‫اﻟﺤﺎﺋﻂ اﻟﻜﺒﯿﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺤﺎﺋﻂ ‪ :‬أي اﻟﺒﺴﺘﺎن‪ .‬ﻓﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾﺄﺧﺬ ﺑﯿﺪه ﻣﺎء ﻓﯿﻨﻀﺢ ﻣﻜﺎن اﻟﻜﻠ ﺐ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ ﺗﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫ﺳ ﺆره ِﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وأن ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‬ ‫دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻜﻠ ﺐ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺜﺒ ﺖ أن اﻟﻜﻠ ﺐ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وأن ُ‬
‫ﻣﻐﻠﱠﻈ ﺔ‪ ،‬وﯾﺜﺒ ﺖ أﯾ ﻀﺎً أن اﺳ ﺘﺜﻨﺎء ﺳُ ﺆر اﻟﻜﻠ ﺐ ﻣ ﻦ أﺳ ﺂر اﻟ ﺴﺒﺎع اﻟﻄ ﺎھﺮة واﺟ ﺐ ﺷ ﺮﻋﺎً‪ ،‬وﯾُﺜﺒِ ﺖ‬
‫ﺳﺆْرھﺎ ﻃﺎھﺮ‪.‬‬‫ﺚ ﺑﻤﻨﻄﻮﻗﮫ اﻟﺼﺮﯾﺢ أن اﻟﮭﺮة ﻃﺎھﺮة ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن ُ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾ ُ‬

‫‪36‬‬
‫ﺑﻘﻲ ﺳُﺆر اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ .‬إﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻧﺺ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺳُﺆر اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻟ ﺪﯾﻨﺎ ﻧ ﺼﱠﺎن اﺛﻨ ﺎن ﻓ ﻲ‬
‫ن ﺛﺒ ﻮت ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻛﻠ ﮫ ﯾ ﺴﺘﻠﺰم ﺛﺒ ﻮت ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺳُ ﺆره ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪،‬‬ ‫ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﻓﻠﻨﺴﺘﻌﺮض ھﺬﯾﻦ اﻟﻨﺼﯿﻦ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨُﺸﻨﻲ أﻧﮫ ﺳﺄل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إﻧﱠ ﺎ ﻧﺠ ﺎور أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب وھ ﻢ ﯾﻄﺒﺨ ﻮن‬
‫ﻓﻲ ﻗﺪورھﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬وﯾﺸﺮﺑﻮن ﻓ ﻲ آﻧﯿ ﺘﮭﻢ اﻟﺨﻤ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إن وﺟ ﺪﺗﻢ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓﻜﻠ ﻮا‬
‫ﻓﯿﮭﺎ واﺷﺮﺑﻮا ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﺗﺠﺪوا ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﺎرﺣَﻀﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻛﻠﻮا واﺷﺮﺑﻮا « رواه أﺑﻮ داود ﺑﺈﺳ ﻨﺎد‬
‫ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠﺘﺮﻣﺬي »ﻗﺎل َأ ْﻧﻘُﻮھﺎ ﻏُﺴﻼً واﻃﺒﺨﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠ ﺪارﻗﻄﻨﻲ »ﻗ ﺎل ‪:‬‬
‫ﻗﻠﺖ ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﱠﺎ ﻧﺨﺎﻟﻂ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ وﻟﯿﺲ ﻟﻨﺎ ﻗﺪور وﻻ آﻧﯿﺔ ﻏﯿﺮ آﻧﯿﺘﮭﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺳﺘﻐﻨﻮا‬
‫ﻋﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﻌﺘﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﺗﺠ ﺪوا ﻓﺎرﺣ ﻀﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺎء ﻃﮭﻮرھ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻃﺒﺨ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ«‪.‬‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﺮواﯾ ﺎت‬
‫ﺨ ﺸﻨﻲ رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪارﻣﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬ ‫وﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺛﻌﻠﺒ ﺔ اﻟ ُ‬
‫ﻣﺘﻌﺪدة‪.‬‬

‫ﻄ َﻌ ُﻤ ﮫ إﻻ أن َﯾ ُﻜ ﻮْن َﻣ ْﯿ َﺘ ًﺔ‬
‫ﻋ ٍﻢ َﯾ ْ‬
‫ﺤﺮﱠﻣ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻃ ﺎ ِ‬ ‫ﻲ ُﻣ َ‬‫ﻲ إﻟ ﱠ‬‫ﺣَ‬ ‫ب ‪ -‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ] :‬ﻗُﻞ ﻻ َأ ِ‬
‫ﺟ ُﺪ ﻓﻲ ﻣﺎ أُو ِ‬
‫ﷲ ِﺑ ِﮫ [ اﻵﯾ ﺔ ‪ 145‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﺲ أو ِﻓ ﺴْﻘ ًﺎ أُ ِھ ﻞﱠ ﻟﻐﯿ ِﺮ ا ِ‬
‫ﺟ ٌ‬‫ﺧ ْﻨﺰِﯾ ٍﺮ ﻓﺈﻧ ﮫ ِر ْ‬
‫ﺤ َﻢ ِ‬
‫ﺴﻔُ ْﻮﺣَـ ًﺎ أَو َﻟ ْ‬
‫أو دَﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬
‫اﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن َﯾﺮْﺣَ ﻀﻮا اﻟ ُﻘ ﺪور اﻟﺘ ﻲ ﻃُ ﺒﺦ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪،‬‬
‫واﻟﺮﱠﺣﺾ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﯾﻄﻠﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻨﮭﻢ أن ﯾُﻨﻘﻮھﺎ ﻏﺴﻼً‪ ،‬أي ﯾﺒﺎﻟﻐﻮا ﻓﻲ ﻏﺴﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠﺘﺮﻣﺬي‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن ﻃﻠﺐ اﻟﻐﺴﻞ واﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﯿﮫ إﻻ ﻷﻧﮭﺎ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ أدلﱠ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ أن‬
‫ت‬
‫اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﻟﻠ ﺪارﻗﻄﻨﻲ ﺟ ﺎء ﻓﯿﮭ ﺎ »ﻓﺎرﺣ ﻀﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺎء ﻃُﮭﻮرھ ﺎ« وﻻ ﯾﻘ ﺎل ﻃﮭﱠ ﺮ ُ‬
‫ت اﻟﺜﻮب أو ﻃﮭﱠﺮتُ اﻟﻨﻌﻞ إﻻ إذا ﻋﻨﯿﺖ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻣﻨﮭﺎ‪ .‬وأﻣﺎ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ‬ ‫اﻹﻧﺎء أو ﻃﮭﱠﺮ ُ‬
‫وﺻ ﻔﺖ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﺑﺄﻧ ﮫ رﺟ ﺲ‪ ،‬وﻟﻔﻈ ﺔ رِﺟ ﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺮﺑﯿ ﺔ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻟﻘ ﺬر واﻟﻨ ﺘﻦ‪ ،‬ھ ﺬا ھ ﻮ أﺻ ﻞ‬
‫ن ﻋ ﺪة‪ ،‬ﻓ ﺼﺎرت‬ ‫ﺳ ﻌﻮا ﻓ ﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﺣﺘ ﻰ ﺻ ﺎرت ﻟﻔﻈ ًﺔ ﻣﺤﺘﻤِﻠ ﺔً ﻟﻤﻌ ﺎ ٍ‬ ‫ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻌ ﺮب ﺗﻮ ﱠ‬
‫ﺴﺨﻂ واﻟﻐ ﻀﺐ وﺗﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻌ ﺎنٍ أﺧ ﺮى‪،‬‬ ‫ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻹﺛﻢ وﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ وﺗﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﱡ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ذﻛﺮھﺎ ﻻ ﯾﺆدي ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺤﺪداً إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ﺗﻌﯿﱢﻨﮫ وﺗﻨﻔﻲ ﻏﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓﻤ ﺜﻼً ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﺐ [ رﺟ ﺲ ھﻨ ﺎ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﺳ ﺨﻂ ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬ ‫ﻀ ٌ‬ ‫ﻏ َ‬ ‫ﺲو َ‬ ‫ﺟ ٌ‬‫ﻦ َرﺑﱢﻜُ ْﻢ ِر ْ‬ ‫]ﻗَﺎ َل َﻗ ْﺪ َو َﻗ َﻊ َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ِﻣ ْ‬
‫ﻄ ِﮭﯿَﺮًا [ ﻟﻔﻈﺔُ )رﺟ ﺲ( ھﻨ ﺎ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻹﺛ ﻢ‬ ‫ﻄﮭﱢ َﺮﻛُ ْﻢ َﺗ ْ‬
‫ﺖ وﯾُ َ‬
‫ﺲ َأ ْھ َﻞ اﻟ َﺒ ْﯿ ِ‬
‫ﺟ َ‬
‫ﻋ ْﻨﻜُﻢ اﻟﺮﱢ ْ‬ ‫ﺐ َ‬‫] إﻧﱠﻤَﺎ ﯾُﺮِﯾﺪُ اﷲُ ِﻟﯿُ ْﺬ ِھ َ‬
‫واﻟﻤﻌﺼﯿﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪدھﺎ ﻓﺘُﻔَﺴﱠﺮ ﻟﻔﻈﺔُ )رﺟﺲ( اﻟﻮاردة ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻧﺠﺲ‪ ،‬أﻣﺎ ﻟﻤ ﺎذا؟‬
‫ﻓﻸن اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻔﺴﺮ اﻟﻘﺮآن وﯾﺒﯿﱢﻨﮫ‪ ،‬وھﻨﺎ ﺟ ﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻔ ﺴﱢﺮاً ﻟﻠﻔﻈ ﺔ رﺟ ﺲ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ‬
‫اﻵﯾﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻨﺠﺲ ﺑﻤﻨﻄﻮﻗ ﮫ وﺑﻤﻔﮭﻮﻣ ﮫ ‪ ،‬ﻓﻘ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺎء ﻃﮭﻮرھ ﺎ« ھ ﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق‪،‬‬
‫وﻛﻮن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﻘﺪور اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ھ ﻮ ﻣﻔﮭ ﻮم‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن‬
‫اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ ھ ﻲ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وإذن ﻓﻘ ﺪ ﺗ ﻀﺎﻓﺮ اﻟﻤﻨﻄ ﻮق واﻟﻤﻔﮭ ﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻵﯾﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪.‬‬

‫ورب ﻗﺎﺋ ﻞ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬إن اﻵﯾ ﺔ وﺻ ﻔﺖ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﺑﺄﻧ ﮫ رﺟ ﺲ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗ ﺼﻒ ﻋﻈﻤ ﮫ وﻻ ﺷ ﻌﺮه‬
‫ﻼ ﺑﺄﻧﮫ رﺟﺲ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻧﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟ ﱠﻨﺼﱠﯿﻦ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ اﻟﻤﯿ ﺖ‬
‫ﻣﺜ ً‬
‫واﻟﻤﻄﺒﻮخ ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ اﻟﺤﻲ ؟ ﻓﻨﺠﯿﺒﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫أو ًﻻ ‪ :‬ﻣﺎ دام ﻗﺪ ﺛﺒﺖ أن ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠﺲ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻃﺒﺨﮫ أھﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺢ أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‬
‫أن ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ھ ﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أﺻ ﻠﯿﺔ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬إذ أن اﻟ ﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿ ﻒ ﻗ ﺪ أﻗ ﱠﺮ ذﺑ َ‬
‫واﻋﺘﺒ ﺮ ذﺑ ﺎﺋﺤﮭﻢ ُﻣ ﺬﻛﱠﺎة‪ ،‬أي ﻃ ﺎھﺮة ‪ ،‬ﯾﺤ ﻞ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ذ ﱠﻛ ﻰ أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‬
‫وﺟﺎء اﻟﺸﺮع ﯾﺼﻒ ھﺬا اﻟﻤُﺬﻛﱠﻰ ﺑﺄﻧﮫ ﻧﺠﺲ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻧﺠﺎﺳﺔ ھﺬا اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ھ ﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫أﺻﻠﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺬﻛﺎة أي اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ‪ ،‬وﻟﮭﺬا ﻧﻘﻮل إن ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠ ﺲ ﻷﻧ ﮫ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻷﻧ ﮫ‬
‫ﻣﺬﺑﻮح أو ﻣﯿﺖ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬إﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ إن ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ اﻟ ﻨﺠﺲ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ اﻟﻤﯿ ﺖ وﻟ ﯿﺲ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ اﻟﺤ ﻲ‪ ،‬ﻟﻜ ﺎن‬
‫ﺗﻔ ﺴﯿﺮﻧﺎ ﻓ ﻲ ﻏﺎﯾ ﺔ اﻟﺘﮭﺎﻓ ﺖ‪ ،‬إذ أنﱠ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻣُ ﺼﺪﱠرة ﺑﻠﻔﻈ ﺔ )ﻣﯿﺘ ﺔ( ﻓ ﻼ ﺣﺎﺟ َﺔ ﻟ ﺬﻛﺮ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‬
‫ﻼ ﻓ ﻲ ﻟﻔﻈ ﺔ )ﻣﯿﺘ ﺔ( ﻓ ﻲ ﺻ ﺪر اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﺿ ﺎﻓﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ اﻟﻤﯿ ﺖ إﺿ ﺎﻓﺔ‬ ‫اﻟﻤﯿﺖ ﺣﯿﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﯾﻜﻮن داﺧ ً‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﻔﯿﺪة‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻻ ﯾﻠﯿﻖ ﺑﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜ ًﺎ‪ :‬أﻣﱠﺎ وﻗﺪ ﺛﺒﺖ أن ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠﺲ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت أو ﻗﺒﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل‬
‫ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬ﻷن ﺷ ﻌﺮ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ وﻋﻈﻤ ﮫ وﺳ ﺎﺋﺮ أﺟﺰاﺋ ﮫ ﻣﺨﺘﻠﻄ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻠﺤﻢ ﻓ ﻼ‬
‫ﺗُﺘﺼﻮر ﻃﮭﺎرﺗُﮭﺎ ﻣﻊ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻠﺤﻢ ‪ ،‬ﻓﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻠﺤ ﻢ ﺗﻨ ﺴﺤﺐ ﺣﺘﻤ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ أﺟ ﺰاء اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻓﯿﻜ ﻮن‬
‫اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻛﻠﮫ ﻧﺠﺴﺎً‪ .‬أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ذُﻛِﺮ ﻟﺤ ُﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ وﻟﻢ ﯾُﺬﻛﺮ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ؟ ﻓﻸن اﻵﯾﺔ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻄﻌﻮﻣﺎت اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﻤﻄﻌﻮم ﻓﻲ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ھﻮ ﻟﺤﻤﮫ ﻓﺬُ ِﻛﺮَ اﻟﻠﺤ ﻢُ ﻟﯿﺘﻨﺎﺳ ﺐ ﻣ ﻊ ﺳ ﯿﺎق‬
‫اﻵﯾﺔ‪ ،‬وذُﻛِﺮت ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻛﻠﮫ زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ .‬وإذن وﻗﺪ ﺑﺎن أن اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠﺲ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘ ﻮل إن‬
‫ﺳ ﺆره ﻧﺠ ﺴًﺎ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾ ﺴﻘﻂ‬ ‫ﻟﺤﻤﮫ وﺷﻌﺮه وﻋﻈﻤﮫ وﻛﻞ ﺟﺰء ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺲ‪ ،‬وھﺬا ﯾﺴﺘﻠﺰم اﻋﺘﺒﺎر ُ‬
‫رأﯾﮭﻢ ﺑﻄﮭﺎرة ﺳُﺆر اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪.‬‬
‫ل ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﺑﻤﺎ اﺳﺘﺪل ﺑﮫ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣ ﻦ‬ ‫وﻓﻲ ﺧﺘﺎم اﻟﺒﺤﺚ أُﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ اﺳﺘﺪ ﱠ‬
‫اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻦ ﻗﯿ ﺎس اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﻠ ﺐ ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ھ ﺬا اﻟﻘﯿ ﺎس ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬ﻷن ﻟﻔﻈ ﺔ )اﻟﻜﻠ ﺐ( ﻻ ﺗ ﺸﻤﻞ‬
‫ﻋﱠﻠ َﺔ ﻇﺎھﺮ ًة ﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﯿﻘﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﯿﺎس اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻗﯿ ﺎس دون‬ ‫اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻻ ِ‬
‫ﻋﻠﱠﺔ ﻇﺎھﺮة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ‪ ،‬ودون أن ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﯿﮫ ﺷﺮاﺋﻂ اﻟﻘﯿﺎس اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪.‬‬

‫ﺳ ﺆر‬
‫ﺟ ﺸُﻮن ﻓ ﻲ ُ‬
‫أﻣﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات اﻟﻮاردة ﻓﻲ رأي اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﻦ ِﻗ َﺒ ﻞ اﻟﺰﱡھ ﺮي واﺑ ﻦ اﻟﻤﺎ َ‬
‫ﺳﺆر اﻟﻜﻠﺐ‪.‬‬ ‫اﻟﻜﻠﺐ ﻓﺘﺴﻘﻂ ھﻲ اﻷﺧﺮى ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺒﯿﻦ ﺑﻮﺿﻮح ﻧﺠﺎﺳﺔ ُ‬

‫وأﻣﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات اﻟﻮاردة ﻓﻲ رأي اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺳُﺆر اﻟﺒﻐﻞ واﻟﺤﻤﺎر‪ ،‬واﺑﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ ‪ -‬ﻓﯿﻤﺎ رُوي ﻋﻨﮫ ‪ -‬ﻓﻲ ﺳُﺆر اﻟﺤﻤﺎر ﻓﻘﻂ ‪ ،‬واﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ ﻓﻲ ﻛﺮاھﺔ ﺳُﺆر اﻟﮭﺮة‪ ،‬واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﺒﻐ ﺎل واﻟﺤﻤﯿ ﺮ‬
‫واﻟﺤﺴﻦ وﻃﺎووس ﻓﻲ ﺗﺤﺮﯾﻢ وﻧﺠﺎﺳﺔ ﺳُﺆر اﻟﮭﺮة ﻓﺘ ﺴﻘﻂ ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن ﻃﮭ ﺎرة ُ‬
‫ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة أﺳﺂر ﻋﻤﻮم اﻟﺪواب‪ .‬وﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﺈن اﻟﻄﮭﺎرة ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﻟ ﻰ دﻟﯿ ﻞ ﺧ ﺎص‪،‬‬
‫وﻃﮭﺎرة ﺳُﺆر اﻟﮭﺮة ورد ﻓﯿﮫ ﻧﺺ ﺧﺎص ﺑﻄﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬ھﻮ ﺣﺪﯾﺚ ﻛﺒﺸﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ اﻟ ﺬي رواه أﺻ ﺤﺎب‬
‫اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دﺧﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة أﺳﺂر ﻋﻤﻮم اﻟﺴﺒﺎع‪.‬‬

‫وﺛﻤﱠﺔَ ﻧﻘﻄﺔٌ أﺧ ﺮى ھ ﻲ أﻧﻨ ﺎ ﺳ ﺠﻠﻨﺎ ﻟﻠﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول ﺷُ ﺒﮭﺔ ﻓ ﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أﺳ ﺂر اﻟ ﺴﺒﺎع ﻣ ﺄﺧﻮذة ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻘُﻠﱠﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺮدﱡﻧﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻵن ھ ﻮ أﻧﻨ ﺎ أﺛﺒﺘﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ ﻃﮭ ﺎرة أﺳ ﺂر اﻟ ﺴﺒﺎع ﻣ ﺴﺘﺪﻟﱢﯿﻦ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة اﻟﺬي أﺧﺮﺟ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ » ﻟﮭ ﺎ ﻣ ﺎ أﺧ ﺬت ﻓ ﻲ ﺑﻄﻮﻧﮭ ﺎ وﻟﻨ ﺎ ﻣ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﺷ ﺮاب وﻃﮭ ﻮر«‬
‫وھﺬا ﻣﻨﻄﻮق ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة اﻷﺳﺂر‪ ،‬وﻣﺎ دام أن ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ ﻇﻨﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻷﺳﺂر‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻃﮭﺎرة اﻷﺳﺂر‪ ،‬وﯾُﺮﺟﱠﺢ ﻋﻠﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻈﻨ ﻲ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ‪ ،‬ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ إذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن اﻷﺻ ﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻄﮭﺎرة وﻣﻨﮭﺎ اﻷﺳﺂر‪ ،‬إﻻ ﻣﺎ اﺳﺘﺜﻨﺎه اﻟ ﺸﺮع ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﺧ ﺎص‪ ،‬وﻻ دﻟﯿ ﻞ ھﻨ ﺎ ﺻ ﺎﻟﺤﺎً ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺔ أﺳﺂر اﻟﺴﺒﺎع واﻟﺪواب‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ﻧﺨﻠ ﺺ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ إﻟ ﻰ ﺻ ﺤﺔ رأي اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﻄﮭ ﺎرة أﺳ ﺂر اﻟﺒﮭ ﺎﺋﻢ واﻟ ﺴﺒﺎع‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﺑﻌ ﺪ إﺳ ﻘﺎط ﻣ ﺎ ورد ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ‬ ‫واﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت واﻟﻄﯿ ﻮر ﻛﻠﮭ ﺎ ﺳ ﻮى ُ‬
‫ﺳ ﺆر اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ اﻟ ﺬﯾﻦ‬ ‫اﺳ ﺘﺜﻨﺎءات ﻟ ﺒﻌﺾ اﻷﺋﻤ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ رأي اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻧﻔ ﺴُﮫ ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء ُ‬
‫أﺧﻄﺄوا ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎره ﻃﺎھﺮًا ‪.‬‬

‫ي ﻃﯿ ٍﺮ‬‫ي ﺣﯿ ﻮان ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ أو ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬أو أ ﱡ‬

‫وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن اﻟﻤﺎء َﻗ ﱠﻞ أو َﻛﺜُﺮ‪ ،‬إذا ﺷ ﺮب ﻣﻨ ﮫ أ ﱡ‬
‫ﺟﺎرح أو ﻏﯿﺮ ﺟﺎرح ‪ -‬ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ‪ -‬ﯾﻈﻞ ﻃﺎھﺮاً ﻃﮭﻮرًا ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء واﻷﻏ ﺴﺎل‬
‫ﺳ ﺆر ھ ﺬه‬‫وإزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﯾُﺼﻨﱠﻒ ﻓﻲ ﺑﺎب أﻗﺴﺎم اﻟﻤﯿﺎه ﺗﺤﺖ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱠﮭﻮر‪ .‬وﻣﺎ أﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ ُ‬
‫اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت أﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ أﺟﺴﺎﻣﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻏﻤﺲ أي ﺣﯿﻮان ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﺧﺮج ﻣﻨﮫ ﺣﯿًﺎ ﻇﻞ اﻟﻤﺎء‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﻃَﮭﻮرًا ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﻮل اﻷﺧﯿﺮ رﺑﻤﺎ أﺗﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺤﺜﮫ ﻣﺴﺘﻘﺒ ً‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻧﻘﻄﺔ ﻛﺎن اﻷﺻﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺪم ﺑﺤﺜﮭ ﺎ ﻟﻮﺿ ﻮﺣﮭﺎ ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻔﻘﮭ ﺎء اﺧﺘﻠﻔ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﺖ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻮاﺟﺐ إﺑﺪاء اﻟﺮأي ﻓﯿﮭﺎ وھﻲ‪ :‬ھﻞ ﺳُﺆر اﻵدﻣﻲ ﻃﺎھﺮ أم ﻧﺠﺲ؟‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ‬ ‫ﺳ ﺆر اﻟ ُ‬ ‫ﺳ ﺆر اﻟﻜ ﺎﻓﺮ‪ ،‬وزاد ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ ُ‬ ‫ذھ ﺐ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ ُ‬
‫ﻋ ﺎ ِﻣ ِﮭ ْﻢ‬‫ﺤ ﺮَا َم َﺑ ْﻌ َﺪ َ‬
‫ﺠ َﺪ اﻟ َ‬
‫ﺴِ‬‫ﺲ َﻓ ﻼ َﯾ ْﻘ َﺮﺑُ ﻮْا اﻟ َﻤ ْ‬
‫ﺠ ٌ‬‫ن َﻧ َ‬ ‫واﻟﺤﺎﺋﺾ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] إﻧﱠ َﻤ ﺎ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﺸ ِﺮﻛُ ْﻮ َ‬
‫َھﺬَا [ اﻵﯾ ﺔ ‪ 28‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺘﻮﺑ ﺔ‪ .‬ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ وﻣ ﻦ ﺛَ ﱠﻢ ﺳُ ﺆره‪ ،‬وﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ‬
‫ﺛﻌﻠﺒ َﺔ اﻟﺨُﺸﻨﻲ وﻗﺪ ﺳﺄل اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻦ آﻧﯿﺔ اﻟﻜﻔﺎر ‪ -‬ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻣ ﻦ أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ ﺛﺎﻧﯿ ٍﺔ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ – »ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إنْ وﺟ ﺪﺗﻢ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓﻜﻠ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ واﺷ ﺮﺑﻮا‪ ،‬وإن ﻟ ﻢ ﺗﺠ ﺪوا‬
‫ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﺎرﺣﻀﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء ‪ «...‬اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪ .‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ آﻧﯿﺘﮭﻢ وﻗﺪورھﻢ وﻣﻦ َﺛﻢﱠ‬
‫ﺟﻨُﺒ ﺎً وﺣﺎﺋ ﻀﺎً‪،‬‬ ‫ﺠﻨُﺐ واﻟﺤﺎﺋﺾ ﻧﺠﺎﺳﺘﮭﻤﺎ ﻣﺎ داﻣﺎ ُ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ أﺑﺪاﻧﮭﻢ‪ ،‬وأﺧﺬوا ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻄ ﱡﮭ ِﺮ اﻟ ُ‬
‫ﻋﻦ‬ ‫ﻚ َ‬ ‫وﻣﻦ اﻵﯾﺎت ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]وإنْ ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ ﺟُﻨُ َﺒ ًﺎ ﻓ ﺎﻃﱠﮭﱠﺮوا[ وﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]و َﯾ ْ‬
‫ﺴ َﺄﻟُﻮ َﻧ َ‬
‫ن‬‫ﻄ ﱠﮭ ْﺮ َ‬‫ن‪ ،‬ﻓ ﺈذا َﺗ َ‬ ‫ﻄﮭُ ْﺮ َ‬
‫ﺣﺘﱠ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﺾ وﻻ َﺗ ْﻘ َﺮﺑُ ﻮھُﻦﱠ َ‬ ‫ﺤﯿ ِ‬ ‫ﻋ َﺘ ِﺰﻟُﻮا اﻟﻨﱢ ﺴَﺎ َء ﻓ ﻲ اﻟ َﻤ ِ‬
‫ى َﻓ ﺎ ْ‬
‫ﺾ ﻗُ ْﻞ ھُ َﻮ َأ َذ ً‬
‫ﺤﯿ ِ‬
‫اﻟ َﻤ ِ‬
‫ﺠُﻨ ﺐ واﻟﺤ ﺎﺋﺾ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا‬ ‫ﺣ ْﯿﺚُ َأ َﻣ َﺮﻛُﻢُ اﷲُ[ اﻵﯾﺔ ‪ 222‬ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة ﻧﺠﺎﺳ َﺔ اﻟ ُ‬ ‫ﻓ ْﺎﺗُﻮھُﻦﱠ ﻣِﻦ َ‬
‫ﺠُﻨ ﺐ واﻟﺤ ﺎﺋﺾ‬ ‫ن اﻵﯾ ﺎت واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻃﻠﺒ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬ ‫إن اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ وﺻﻒ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ ﺑﺄﻧ ﮫ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﺳ ﺆرھﻤﺎ‪ .‬ھ ﺬا‬ ‫ل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮭﻤﺎ وﻣ ﻦ ﺛ ﻢ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ُ‬ ‫اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ إﻻ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺪ ﱠ‬
‫ھﻮ ﻣﺠﻤﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه‪.‬‬

‫وﻗﺒ ﻞ اﻹﺟﺎﺑ ﺔ ُﻧ ﺬَﻛﱢﺮ ﺑ ﺄن ﻗ ﺴﻤ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ ھ ﺬا ﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ ِذ ْﻛ ﺮه ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤَﻞ[ ‪،‬‬

‫وﻛﺸﻔﻨﺎ ھﻨﺎك ﻋﻦ ﺧﻄﺄ ﻣ ﺎ ذھﺒ ﻮا إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﻧﻌﯿ ﺪه ﺑﺘﻔ ﺼﯿﻠﮫ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻧﻜﺘﻔ ﻲ ﺑﺎﻹﺷ ﺎرة إﻟ ﻰ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺟﻨُﺐ ﻓﺤﺎد ﻋﻨﮫ ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء‬ ‫ﯾﻘﻮل »إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻘﯿﮫ ‪ -‬أي ﺣﺬﯾﻔﺔ راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ‪ -‬وھﻮ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒﺎً‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﻨﺠُﺲ« وأن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺖ أﺷ ﺮب‬ ‫ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻛﻨﺖ ُ‬
‫ق وأﻧﺎ ﺣ ﺎﺋﺾ‪،‬‬ ‫ﻲ ﻓﯿﺸﺮب‪ ،‬وأﺗﻌﺮﱠق اﻟ َﻌﺮْ َ‬ ‫وأﻧﺎ ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬ﺛﻢ أُﻧﺎوﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﯿﻀﻊ ﻓﺎه ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓ ﱠ‬
‫ﺛﻢ أﻧﺎوﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﯿﻀﻊ ﻓﺎه ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻲﱠ« رواھﻤﺎ ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠا ‪ .‬وھ ﺬان دﻟ ﯿﻼن‬
‫ﺠﻨُﺐ واﻟﺤﺎﺋﺾ‪.‬‬ ‫ﺻﺎﻟﺤﺎن ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟ ُ‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮ‪ ،‬ھﻞ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﺤ ﺴﯿﺔ أم اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﯾ ﺔ؟ إﻧ ﮫ ﻟ ﻢ َﯾ ﺮِ ْد‬
‫ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻔﻈﺔ )ﻧﺠ ﺲ( إﻻ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ھ ﻲ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﺤ ﺮَا َم َﺑ ْﻌ َﺪ ﻋ ﺎ ِﻣ ِﮭ ْﻢ َھ ﺬَا[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 28‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺘﻮﺑ ﺔ‬
‫ﺠ َﺪ ا ﻟ َ‬
‫ﺴِ‬
‫ﺲ َﻓ ﻼ َﯾ ْﻘ َﺮﺑُ ﻮا اﻟﻤ ْ‬
‫ﺠ ٌ‬‫ن َﻧ َ‬ ‫] إﻧﱠﻤَﺎ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﺸ ِﺮﻛُ ْﻮ َ‬
‫وھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ اﻟﻮﺣﯿﺪة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻢ ﺗﺠﻲء ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮ ﻣﻌﻨﺎھﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺟ ﺎءت ﺑﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻮﯾ ﺔ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھ ﺎ ھ ﻮ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻻﻋﺘﻘ ﺎد وﺳ ﻮء اﻟﺒ ﺎﻃﻦ واﻟ ﺴﺮﯾﺮة‪ .‬واﻷدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻣﻌﻨﻮﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫أ ‪ -‬روى اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﻌ ﺚ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧ ﯿ ً‬
‫ﻼ‬
‫ِﻗ َﺒ َﻞ ﻧﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎءت ﺑﺮﺟ ﻞ ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ﺛُﻤﺎﻣ ﺔ ﺑ ﻦ أُﺛ ﺎل‪ ،‬ﻓﺮﺑﻄ ﻮه ﺑ ﺴﺎرﯾﺔ ﻣ ﻦ ﺳَ ﻮاري‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪.« ...‬‬

‫ب ‪ -‬زواج اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺮاﻧﯿﺔ واﻟﯿﮭﻮدﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﺴﺘﺘﺒﻌﮫ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﻀﺎﺟﻌﺔ واﻧﺘﻘ ﺎل ﻋﺮﻗﮭ ﺎ‬
‫إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﻏﻤﺲ ﯾﺪﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﮫ وﺷﺮاﺑﮫ ‪ ،‬وﻗﯿﺎﻣﮭﺎ ﺑﺴﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﯿﺘﯿﺔ ﺑﺒﺪﻧﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﺠﺎﺑﮭ ﺎ ﻣﻨ ﮫ أوﻻدَه‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻄﺎھﺮﯾﻦ‪.‬‬

‫ﺣ ﱞﻞ َﻟﻜُ ْﻢ [ اﻵﯾﺔ ‪ 5‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫ب ِ‬
‫ﻦ أُوﺗُﻮا اﻟ ِﻜﺘَﺎ َ‬ ‫ج ‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ] َو َ‬
‫ﻃﻌَﺎمُ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﯾﮭﻮدﯾًﺎ دﻋﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إﻟﻰ ﺧﺒﺰ ﺷﻌﯿﺮ وإھﺎﻟ ٍﺔ َ‬
‫ﺳﻨِﺨ ٍﺔ ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ«‬
‫ﺳﻨِﺨﺔ‪ :‬أي ﻣﺘﻐﯿﺮة اﻟﺮاﺋﺤﺔ‪.‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ إھﺎﻟﺔ ‪ :‬أي ﺷﺤ ٌﻢ وزﯾﺖ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ َ‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﻐﺰو ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻨُﺼﯿﺐ ﻣﻦ آﻧﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ‬
‫وأﺳﻘﯿﺘﮭﻢ ﻓﻨﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻌﯿﺐ ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﻨﺎ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺸﺮك ‪ -‬وھﻮ ھﻨﺎ ﺛُﻤﺎﻣﺔ ‪ -‬ﻃﺎھﺮٌ ‪ ،‬وإﻻ ﻟَﻤﺎ أدﺧﻠﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﻰ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻟَﻤﺎ رﺑﻄﻮه ﻓﯿﮫ‪ .‬واﻟﺒﻨﺪ )ب( دﻻﻟﺘﮫ ﻇﺎھﺮة ﻇﮭﻮر اﻟ ﺸﻤﺲ ﻋﻠ ﻰ أن أﺑ ﺪان اﻟﻜﻔ ﺎر ﻃ ﺎھﺮة ‪،‬‬
‫واﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ ) ج ( ﺗﻤﺎﺛ ﻞ ﻓ ﻲ وﺿ ﻮح دﻻﻟﺘﮭ ﺎ اﻟﺒﻨ ﺪ )ب( إذ ﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ أﺑ ﺪان اﻟﻜﻔ ﺎر ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼﺎرى وأﯾﺪﯾﮭﻢ ﻧﺠﺴﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺎز ﺗﻨﺎول ﻃﻌ ﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﯾﻜ ﻮن ﻋﻨﺪﺋ ﺬ ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬ﯾﺆ ﱢﻛ ﺪه ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ )د( أﻣﺎ اﻟﺒﻨﺪ )ھـ( ﻓﻮاﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن آﻧﯿﺔ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ وأﺳﻘﯿﺘﮭﻢ ﻃﺎھﺮة ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻜﻔ ﺎر ﻃ ﺎھﺮ ٌة أﺑ ﺪاﻧﮭﻢ‪ ،‬ﻃ ﺎھﺮ ٌة أﺳ ﺂرھﻢ‪ ،‬ﻃ ﺎھﺮةٌ آﻧﯿ ﺘﮭﻢ‪ ،‬إﻻ أن ھ ﺬه اﻵﻧﯿ ﺔ إن ﻋُﻠِ ﻢ أﻧﮭ ﻢ‬
‫ﯾﻄﺒﺨﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﻃﻌﺎﻣ ًﺎ ﻧﺠﺴﺎً أو ﺷﺮاﺑﺎً ﻧﺠﺴﺎً اﻋﺘُﺒﺮت ﻣﺘﻨﺠﺴﺔً ووﺟﺐ ﻋﻨﺪﺋ ﺬ ﻏ ﺴﻠﮭﺎ وﺗﻄﮭﯿﺮھ ﺎ ﻓﻌ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨُﺸﻨﻲ أﻧﮫ ﺳﺄل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إﻧﱠ ﺎ ﻧُﺠ ﺎور أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب وھ ﻢ ﯾﻄﺒﺨ ﻮن ﻓ ﻲ ﻗ ﺪورھﻢ‬
‫اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ وﯾﺸﺮﺑﻮن ﻓﻲ آﻧﯿ ﺘﮭﻢ اﻟﺨﻤ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :r‬إن وﺟ ﺪﺗﻢ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓﻜﻠ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ واﺷ ﺮﺑﻮا ‪ ،‬وإن ﻟ ﻢ‬
‫ﺣﻀُﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻛﻠﻮا واﺷﺮﺑﻮا « رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬ ‫ﺗﺠﺪوا ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﺎر َ‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻛ ﺎﻟﻤﺠﻮس واﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ واﻟﮭﻨ ﺪوس واﻟﺒ ﻮذﯾﯿﻦ واﻟﻤﻠﺤ ﺪﯾﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺘُﻌﺎﻣ ﻞ أواﻧ ﯿﮭﻢ وﻗ ﺪورُھﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠ ﺔَ أواﻧ ﻲ أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب وﻗ ﺪورِھﻢ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ ،‬ﻓﻨﻘ ـﻮم ﺑﻐ ﺴﻠﮭـﺎ‬
‫وﺗﻄﮭﯿﺮھـﺎ إن ﻋﻠﻤﻨـﺎ أﻧﮭﻢ وﺿﻌـﻮا ﻓﯿﮭﺎ ﻣـﻮاد ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬ﻟﻤـﺎ رُوي ﻋـﻦ أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒـﺔ ﻗـﺎل »ﺳُﺌﻞ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻋ ـﻦ ﻗ ﺪور اﻟﻤﺠ ﻮس‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﻧﻘﻮھ ﺎ ﻏ ﺴﻼً واﻃﺒﺨ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ‪ « ...‬رواه اﻟﺘﺮﻣ ـﺬي‪ .‬ﻓﺎﻟﻮاﺟ ﺐ‬
‫اﻟﻤﺴﺎواة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﯿﻦ أواﻧﻲ أھﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب وأواﻧ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻜﻔ ﺎر ﻣ ﻦ ﻣﺠ ﻮس وﻏﯿ ﺮھﻢ‪ ،‬ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫أﯾﻀﺎً ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨُﺸﻨﻲ ﻣﺮﻓﻮﻋ ًﺎ »‪ ...‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬إﻧﱠ ﺎ أھ ُﻞ ﺳ ﻔﺮ ﻧﻤ ﱡﺮ ﺑ ﺎﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى‬
‫واﻟﻤﺠ ﻮس وﻻ ﻧﺠ ﺪ ﻏﯿ ﺮ آﻧﯿ ﺘﮭﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﺗﺠ ﺪوا ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓﺎﻏ ﺴﻠﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﺛ ﻢ ﻛﻠ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫واﺷﺮﺑﻮا« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪40‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫أﻋﯿﺎنُ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‬
‫اﻟﻘﺬارة أو اﻟﻘﺬر ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ھﻮ ﺑﺎﻟ ُﻎ اﻟﺴﻮء وﯾﺴﻤﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣ ﺎ ھ ﻮ دون ذﻟ ﻚ وھ ﻮ اﻟ ﺪﱠﻧﺲ‬
‫واﻟﻮﺳﺦ وﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎھﻤﺎ‪ ،‬وﺟﺎء اﻟﺸﺮع ﯾﺤﺮﱢم اﻟﻤُﻐﻠﱠﻆ ﻣﻨﮭﺎ وھﻮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪ ،‬وﯾﻜﺮه ﻣﺎ دون ذﻟﻚ وھ ﻮ‬
‫اﻟﻮﺳﺦ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻗﺬارة ‪ ،‬واﻟﻘﺬارة ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺗﻜ ﻮن وﺳ ﺨ ًﺎ‬
‫أو دَرَﻧ ًﺎ أو ﻣﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‪.‬‬

‫واﻟﻘَﺬَر اﻟﻤﺨﻔﱠﻒ ﺟﺎء اﻟﺸﺮع ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺈزاﻟﺘ ﮫ وﻏ ﺴﻠﮫ واﺟﺘﻨﺎﺑ ﮫ أﻣ ﺮًا ﻏﯿ ﺮ ﺟ ﺎزم‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾ ﺴﻤﻰ‬
‫اﻟﻨﱠﺪب‪ ،‬وﺳَﻤﱠﻰ ذﻟﻚ ﺗﻨﻈﯿﻔﺎً وﻧﻈﺎﻓﺔ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒ ﺪن وﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب وﻓ ﻲ اﻟﻤﻜ ﺎن ﻛﻠﮭ ﺎ أﻣ ﻮر ﺣ ﺚ‬
‫اﻟﺸﺮع ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﻟﻤﻦ ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ ﺛﻮاﺑًﺎ ‪ ،‬دون أن ﯾﺘﻮﻋﺪه ﺑﺎﻹﺛﻢ إن ھﻮ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓﻘ ﺪ أﻣ ﺮ اﻟ ﺸﺎرع ﺑﺎﺟﺘﻨﺎﺑﮭ ﺎ أﻣ ﺮاً ﺟﺎزﻣ ﺎً وﺟﻌ ﻞ اﺟﺘﻨﺎﺑﮭ ﺎ ﻓﺮﺿ ﺎً‪ ،‬وھ ﻲ ﻗ ﺴﻤﺎن‪:‬‬
‫ﺴﯿﱠﺔ ﻓﻜﺎﻟﺒﻮل واﻟﻐﺎﺋﻂ واﻟﺪم واﻟﻜﻠﺐ وﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﺤُﻜﻤﯿﱠ ﺔ‬
‫ﺴﯿﱠﺔ ‪ ،‬وﻧﺠﺎﺳﺔ ﺣُﻜﻤﯿﱠﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺤِ ﱢ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺣ ﱢ‬
‫ﺸﻘﱠﯿﮭﺎ اﻹﺛﻨ ﯿﻦ ﯾﺠ ﺐ اﺟﺘﻨﺎﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﻓﻜﺎﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس‪ ،‬واﻧﺘﻘﺎض اﻟﻮﺿﻮء‪ .‬وھـﺬه اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑ ِ‬
‫ﻋﺒﺎدات ﺛﻼث ﺗﺸﺮﯾﻔﺎً ﻟﮭﻦ‪ ،‬وھﻦ اﻟﺼﻼة واﻟﻄﻮاف وﻣﺲﱡ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺸﺘﺮط اﻟ ﺸﺮع ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫ﺳﻮاھﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺼﯿ ٍﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﻓﻘﺮاء ُة اﻟﻘﺮآن اﺷﺘﺮط ﻟﮭﺎ اﻟﺸﺮع زوال اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ دون اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وذﻛ ﺮُ اﷲ ﻟ ﻢ ﯾ ﺸﺘﺮط ﻟ ﮫ ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺠﮭﺎد وھﻮ ﻋﺒﺎدة‪ ،‬واﻟﺰﻛﺎة وھﻲ ﻋﺒﺎدة ‪ ،‬وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت ﻣﻦ ﺑﯿﻊ وھﺒﺔ ووﻛﺎﻟ ﺔ‪ ،‬واﻟﻨﻜ ﺎح‬
‫واﻟﺴﻔﺮ واﻷﻛﻞ واﻟﻨﻮم واﻟﺼﯿﺪ ﻟﻢ ﯾﺸﺘﺮط ﻟﮭﺎ ذﻟﻚ أﯾﻀﺎً‪ .‬ﻓﻜﻞ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت ﺗُﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ‬
‫دون اﺷﺘﺮاط اﻟﻄﮭﺎرة اﻟﺤُﻜﻤﯿﱠﺔ إﻻ اﻟﺼﻼة واﻟﻄﻮاف وﻣﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﺤﺴﱢﯿﺔ ﻓﻘﺪ أﻣﺮ اﻟﺸﺎرع ﺑﺎﺟﺘﻨﺎﺑﮭﺎ وﻋﺪم اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣ ﺎل‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺎء اﻟ ﻨﺠﺲ‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﺑﺤﺎل‪ ،‬واﻟﺪم واﻟﺒﻮل وﻣﺎ ﺳﻮاھﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺣﻜﻤﮭﺎ اﻻﺟﺘﻨ ﺎب وﺟﻮﺑ ًﺎ ‪ ،‬إﻻ ﻣ ﺎ‬
‫ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‬‫رﺧﱠﺺ ﻓﻲ ﻛﻠﺐ اﻟﺼﯿﺪ وﻛﻠﺐ اﻟﺤﺮاﺳ ﺔ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌ ُ‬
‫ﺐ ﻣﺎﺷﯿﺔ ‪ -‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻨﻘﺺ ﻣﻦ أﺟﺮه ﻛ ﱠﻞ ﯾ ﻮم ﻗﯿﺮاﻃ ﺎن«‬ ‫»ﻣَﻦ اﻗﺘﻨﻰ ﻛﻠﺒﺎً إﻻ ﻛﻠﺒ ًﺎ ﺿﺎرﯾًﺎ ﻟﺼﯿﺪٍ ‪ ،‬أو ﻛﻠ َ‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وإﻻ ﻣﺎ رﺧﱠﺺ ﻓﻲ ﺟﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ وﺳﯿﺄﺗﻲ‪.‬‬

‫ﻼ ﻋﻦ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ‪ -‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻓﯿﮭ ﺎ ﺗﻔ ﺼﯿﻞ ﻗﻄﻌ ﻲﱞ ﻷﻋﯿ ﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‬ ‫إن اﻟﺴﱡﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ‪ -‬ﻓﻀ ً‬
‫ﻲ اﻟﻤ ﺬھﺐ‪ :‬وأﻣ ﺎ أﻧ ﻮاع‬
‫وأﻧﻮاع اﻟﻤُﻄﮭﱢﺮات‪ ،‬وﻟﺬا اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻓﯿﮭﺎ آراء اﻟﻤﺠﺘﮭﺪﯾﻦ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ رﺷ ﺪ اﻟﻤ ﺎﻟﻜ ﱡ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﻓ ﺈن اﻟﻌﻠﻤ ﺎء اﺗﻔﻘ ﻮا ﻣ ﻦ أﻋﯿﺎﻧﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ أرﺑﻌ ﺔ‪ :‬ﻣﯿﺘ ﺔ اﻟﺤﯿ ﻮان ذي اﻟ ﺪم اﻟ ﺴﺎﺋﻞ اﻟ ﺬي ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺑﻤﺎﺋﻲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﺑ ﺄي ﺳ ﺒﺐ اﺗﻔ ﻖ أن ﺗ ﺬھﺐ ﺣﯿﺎﺗ ﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺪم ﻧﻔ ﺴﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان اﻟ ﺬي‬
‫ﻟ ﯿﺲ ﺑﻤ ﺎﺋﻲ اﻧﻔ ﺼﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﻲ أو اﻟﻤﯿ ﺖ إذا ﻛ ﺎن ﻣ ﺴﻔﻮﺣًﺎ ‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ﺑ ﻮل اﺑ ﻦ آدم‬
‫ورﺟﯿﻌﮫ‪ ،‬وأﻛﺜﺮھﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬وﻓﻲ ذﻟﻚ اﺧﺘﻼف ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤُﺤﺪﱢﺛﯿﻦ‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔ ﻮا ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ذﻟﻚ‪.‬‬

‫وﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )واﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ھﻲ ﻏ ﺎﺋﻂ اﻹﻧ ﺴﺎن ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﺑﻮﻟ ﮫ ‪ -‬إﻻ اﻟ ﺬﱠﻛﺮ اﻟﺮﺿ ﯿﻊ‪ -‬وﻟُﻌ ﺎب‬
‫ﻛﻠﺐ‪ ،‬وروث‪ ،‬ودم ﺣﯿﺾ‪ ،‬وﻟﺤﻢ ﺧﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬وﻓﯿﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ﺧﻼف‪ ،‬واﻷﺻﻞ اﻟﻄﮭﺎرة ﻓﻼ َﯾ ْﻨ ُﻘ ﻞ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫إﻻ ﻧﺎﻗﻞٌ ﺻﺤﯿﺢ ﻟﻢ ﯾﻌﺎرﺿﮫ ﻣﺎ ﯾﺴﺎوﯾﮫ أو ﯾُﻘﺪﱠم ﻋﻠﯿ ﮫ( وﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﻟﻜ ﺎﻓﻲ ﻻﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ أن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‬
‫ھ ﻲ ﺑ ﻮل اﻵدﻣ ﻲﱢ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻻ ﯾﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان‪ ،‬واﻟﻐ ﺎﺋﻂ‪ ،‬واﻟ ﻮدي‪ ،‬واﻟﻘ ﻲء‪ ،‬واﻟ ﺪم‪ ،‬واﻟﻘ ﯿﺢ‪،‬‬
‫واﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬واﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬واﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬ودﺧﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ وﺑﺨﺎرھﺎ‪ .‬وذﻛﺮ رأﯾﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺬي‪ ،‬واﻟﻌﻠﻘ ﺔ‪،‬‬
‫ورﻃﻮﺑﺔ ﻓﺮج اﻟﻤﺮأة‪ ،‬واﻟﻤﻨﻲ‪ .‬وﻗﺎل ﻏﯿﺮھﻢ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ‪ .‬وإﻧﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒ ﺎب اﺧﺘﻼﻓ ًﺎ ﻛﺜﯿ ﺮًا ‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﺴﱡﻨﺔ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻟﻢ ﺗُﻔﺼﱢﻞ أﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻗﻠﻤﺎ ذﻛﺮت ﻧﺠﺎﺳ ًﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺼﯿﺺ اﻟﺼﺮﯾﺢ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﺷ ﺪد اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن واﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻄﮭ ﺎرة واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ ﺧﻔ ﻒ اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻮن ﻛﺜﯿ ﺮاً‬
‫ﻓﻲ ھ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع‪ ،‬ووﻗ ﻒ اﻷﺣﻨ ﺎف ﺑ ﯿﻦ ھ ﺆﻻء وأوﻟﺌ ﻚ‪ ،‬ﻓ ﺸﺪدوا ﻓ ﻲ أﻣ ﻮر وﺧﻔﻔ ﻮا ﻓ ﻲ أﻣ ﻮر أﺧ ﺮى‪.‬‬
‫وﻧﺤ ﻦ ﻧﺒﺤ ﺚ ﺑ ﺈذن اﷲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ‪ ،‬ﻣ ﺴﺘﺮﺷﺪﯾﻦ ﺑﺎﻷدﻟ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﻣﺠﺘﻨﺒ ﯿﻦ اﻷﺧ ﺬ ﺑﺎﻷدﻟ ﺔ‬
‫اﻟ ﻀﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬أو اﻟﻘﯿ ﺎس اﻟﻔﺎﺳ ﺪ أو اﻟ ﺸﱡﺒﮭﺎت‪ ،‬أو اﻟﺘﻘﻠﯿ ﺪ ﻟﻤ ﺬھﺐ أو إﻣ ﺎم‪ ،‬ﻓﻠﻌ ﻞ اﷲ ﯾُﻤﻜﱢﻨﻨ ﺎ ﻣ ﻦ ﻛ ﺸﻒ اﻟﻘﻨ ﺎع‬
‫ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ‪ ،‬واﺳﺘﺨﻼص اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي ﺗﻄﻤﺌﻦ ﻟﮫ اﻟﻨﻔﺲ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺗﻤﮭﯿ ﺪ ]واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﺗ ﺴﻊ ‪ :‬أرﺑ ﻊ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺴﺎن ھ ﻲ اﻟﺒ ﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ واﻟﻤ ﺬي واﻟ ﻮدي‪،‬‬
‫وﺛ ﻼث ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان ھ ﻲ اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬وواﺣ ﺪة ﻣ ﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ھ ﻲ اﻟ ﺪم اﻟﻤ ﺴﻔﻮح‪،‬‬
‫وواﺣﺪة ﻣﻦ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ھ ﻲ اﻟﺨﻤ ﺮ[ ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت اﻟﺘ ﻲ اﺳﺘﺨﻠ ﺼﻨﺎھﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬وﺳ ﻨﻮرد‬
‫اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪ ،‬وﺑﻌﺪﺋ ﺬ ﻧﻨ ﺎﻗﺶ ﻣ ﺎ ﻗﺎﻟ ﮫ اﻵﺧ ﺮون ﻣﻤ ﺎ ﺧﺎﻟﻔﻮﻧ ﺎ ﻓﯿ ﮫ‬
‫دون ﻣﺎ واﻓﻘﻮﻧﺎ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎتُ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن‬
‫أ‪ .‬اﻟﺒﻮل‪:‬‬
‫وردت ﻓﯿﮫ أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة رواھﺎ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﻧﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻣ ﱠﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻘﺒﺮﯾﻦ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﮭﻤﺎ ﻟﯿُﻌﺬﱠﺑﺎن وﻣﺎ ﯾُﻌﺬﱠﺑﺎن ﻓﻲ ﻛﺒﯿﺮ ‪ ،‬أﻣﺎ أﺣﺪھﻤﺎ ﻓﻜ ﺎن ﻻ ﯾ ﺴﺘﻨﺰه ﻣ ﻦ‬
‫ﺑﻮﻟﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻜﺎن ﯾﻤ ﺸﻲ ﺑﺎﻟﻨﻤﯿﻤ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ھ ﺬا‬

‫‪42‬‬
‫ﺺ ﻓ ﻲ ﺑ ﻮل اﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬وﻣﻌﺎﻗﺒ ُﺔ ﻣ ﻦ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻨﺰه ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺒ ﻮل‪ ،‬ﻷن‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻧ ﱞ‬
‫ﺲ أو وﺳ ﺦٍ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﺮر ﻋ ﺬاب ﻣ ﻦ ﻻ ﯾﺠﺘﻨ ﺐ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﺬب ﻋﻠ ﻰ دﻧ ٍ‬
‫اﻟﺒ ﻮل ﻓﮭ ﻮ ﯾﻘ ﺮر إذن ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺎم أﻋﺮاﺑ ﻲ ﻓﺒ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ‪ -‬أو ذَﻧُﻮﺑ ﺎً‬
‫ﺠً‬
‫ﺳْ‬‫اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺘﻨﺎوﻟﮫ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬دﻋﻮه وھَﺮﯾﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺑﻮﻟﮫ َ‬
‫ﻼ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺎء ‪ -‬ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺑُﻌﺜﺘﻢ ﻣُﯿﺴﱢﺮﯾﻦ وﻟﻢ ﺗُﺒﻌﺜﻮا ﻣُﻌﺴﱢﺮﯾﻦ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳَ ﺠْ ً‬
‫و َذﻧُﻮﺑًﺎ‪ :‬أي اﻟﺪﻟﻮ اﻟﻤﻤﻠﻮءة‪.‬‬

‫وﻛ ﺬﻟﻚ اﻧﻌﻘ ﺪ إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﺒ ﻮل‪ ،‬إﻻ أن اﻟ ﺸﺮع ﺧﻔ ﻒ ﻓ ﻲ ﺑ ﻮل اﻟﺮﺿ ﯿﻊ اﻟ ﺬﻛﺮ‬
‫واﻛﺘﻔ ﻰ ﻓ ﻲ ﺗﻄﮭﯿ ﺮه ﺑ ﺎﻟﺮش‪ ،‬ﻟﺤ ﺪﯾﺚ أم ﻗ ﯿﺲ »أﻧﮭ ﺎ أﺗ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑ ﺎﺑﻦٍ ﻟﮭ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺒﻠ ﻎ أن ﯾﺄﻛ ﻞ‬
‫ﺣﺠْ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺪﻋﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻤ ﺎء‬ ‫اﻟﻄﻌﺎم‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ‪ :‬أﺧﺒﺮﺗﻨ ﻲ أن اﺑﻨﮭ ﺎ ذاك ﺑ ﺎل ﻓ ﻲ ِ‬
‫ﻼ « رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ ‪ .‬وﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﻓﻨﻀﺤﮫ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺑ ﮫ وﻟ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻠﮫ ﻏ ﺴ ً‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل ‪» r‬ﺑﻮل اﻟﻐﻼم ﯾُﻨﻀﺢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﺑﻮل اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﯾُﻐ ﺴﻞ‪ .‬ﻗ ﺎل ﻗﺘ ﺎدة‪ :‬ھ ﺬا ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾَﻄﻌﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻃَﻌﻤ ﺎ‬
‫ﻏُﺴﻞ ﺑﻮﻟُﮭﻤﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺬھﺒﻲ ‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻟﺼﱠﻨﻌﺎﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب ﺳُﺒُﻞ اﻟﺴﻼم ) واﻋﻠﻢ أن اﻟﻨﻀﺢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﻨﻮوي ﻓﻲ ﺷ ﺮح ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻃﺮَه‬
‫ھﻮ أن اﻟﺸﻲء اﻟﺬي أﺻﺎﺑﮫ اﻟﺒﻮل ﯾُﻐﻤﺮ وﯾُﻜﺎﺛَﺮ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻣﻜﺎﺛﺮة ﻻ ﺗﺒﻠﻎ ﺟﺮﯾﺎن اﻟﻤ ﺎء وﺗ ﺮدﱡدَه وﺗﻘ ﺎ ُ‬
‫‪ ،‬ﺑﺨﻼف اﻟﻤﻜﺎﺛﺮة ﻓﻲ ﻏﯿﺮه ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺸﺘﺮط أن ﺗﻜﻮن ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺠﺮي ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺎء ‪ ،‬وﯾﺘﻘﺎﻃﺮ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺤﻞ وإن ﻟﻢ ﯾﺸﺘﺮط ﻋﺼﺮه ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﻤﺨﺘﺎر( ‪.‬‬

‫اﻟﻐﺎﺋﻂ‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫دﻟﯿﻠ ﮫ إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ اﻧﻌﻘ ﺪ إﺟﻤ ﺎﻋﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‪.‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ‪ ،‬أذﻛﺮ ﻛﻤﺜﺎلٍ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ‬ ‫وﺛﺎﻧﯿًﺎ أﺣﺎدﯾﺚ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎء ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺋﻂ أدﻟﺔ ﻣﻦ اﻟ ﱡ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ذھ ﺐ أﺣ ﺪﻛﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻓﻠْﯿ ﺬھﺐ ﻣﻌ ﮫ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر ﯾ ﺴﺘﻄ ﱡ‬
‫ﺐ‬
‫ﺑﮭ ﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ُﺗﺠْ ﺰِي ُء ﻋﻨ ﮫ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إﺳﻨﺎدٌ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻄﺒﺎب ﺑﺎﻷﺣﺠﺎر اﻟﺜﻼﺛﺔ وأﻧﮭﺎ ﺗُﺠﺰيء ﻋﻨﮫ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻐﺎﺋﻂ‪.‬‬

‫ج‪ .‬اﻟ َﻤﺬِي‪:‬‬

‫ﻞ أو ﻗﻮ ٍل أو ﻧﻈ ٍﺮ أو ﺗﻔﻜﱡﺮ ‪ .‬دﻟﯿ ﻞ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‬
‫ھﻮ ﺳﺎﺋﻞ أﺑﯿﺾ ﻟﺰج‪ ،‬ﯾﺨﺮج ﻋﻨﺪ ﺗﺤﺮك اﻟﺸﮭﻮة ﺑﻔﻌ ٍ‬
‫ﻼ أن ﯾﺴﺄل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻟﻤﻜﺎن‬ ‫ﻼ َﻣﺬﱠاءً ﻓﺄﻣﺮت رﺟ ً‬ ‫ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ رﺟ ً‬
‫اﺑﻨﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿﺄ واﻏ ﺴﻞ ذَﻛَ ﺮَك« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‪ .‬إﻻ أن اﻟ ﺸﺮع ﺧﻔ ﻒ‬
‫ﺣﻨَﯿ ﻒ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺬي إن أﺻﺎب اﻟﺜﻮب‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﺣﻜﻤﮫ ﻛﺤﻜﻢ ﺑﻮل اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺮﺿﯿﻊ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي أن ﺳﮭﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ أﻟﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺬي ﺷﺪ ًة وﻋﻨﺎء ﻓﻜﻨﺖ أُﻛﺜﺮ ﻣﻨﮫ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺳﺄﻟﺘﮫ‬
‫ﺠ ِﺰﺋُﻚ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻛﯿﻒ ﺑﻤ ﺎ ﯾ ﺼﯿﺐ ﺛ ﻮﺑﻲ ﻣﻨ ﮫ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ُﯾ ْ‬
‫ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﺄﺧﺬ ﻛ ﱠﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓﺘﻨ ﻀﺢ ﺑ ﮫ ﺛﻮﺑ ﻚ‪ ،‬ﺣﯿ ﺚ ﺗ ﺮى أﻧ ﮫ أﺻ ﺎب ﻣﻨ ﮫ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪ .‬ﻓﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾ ﺄﻣﺮ‬
‫ﺑﻐﺴﻞ اﻟﺬﱠﻛَﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول وﺑﻨﻀﺢ اﻟﺜﻮب ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺬي‪.‬‬

‫د‪ .‬اﻟ َﻮدِي‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫اﻟﻮدي ھﻮ ﺳﺎﺋﻞ أﺑﯿﺾ ﺛﺨﯿﻦ ﯾﺨﺮج ﻋﻘﺐ اﻟﺒﻮل‪ ،‬وھﻮ ﻧﺠﺲ ﺑﻐﯿﺮ ﺧﻼف أﻋﻠﻤﮫ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻜﻮﻧ ﮫ‬
‫ﯾﺨﺮج ﻋﻘﺐ اﻟﺒﻮل ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﯿﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻄﺎً ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﯿﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ .‬واﻟﻮدي ﻟﻢ َﯾﺮِد ﻓﯿﮫ ﺣ ﺪﯾﺚٌ‪،‬‬
‫إﻻ أن ﻋﺪدًا ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺗﺤﺪﺛﻮا ﻋﻦ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر )ﻗﺎﻟ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ »وأﻣ ﺎ‬
‫اﻟﻮدي ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﺑﻌ ﺪ اﻟﺒ ﻮل ﻓﯿﻐ ﺴﻞ ذﻛ ﺮه وأُﻧﺜﯿﯿ ﮫ وﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﻻ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ«( وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل‬
‫»اﻟﻤﻨ ﻲ واﻟ ﻮدي واﻟﻤ ﺬي‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟﻤﻨ ﻲ ﻓﮭ ﻮ اﻟ ﺬي ﻣﻨ ﮫ اﻟﻐُ ﺴﻞ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﻮدي واﻟﻤ ﺬي ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻏ ﺴﻞ‬
‫ذﻛﺮك أو ﻣﺬاﻛﯿﺮك‪ ،‬وﺗﻮﺿﺄ وﺿﻮءك ﻟﻠﺼﻼة« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻷﺛﺮم‪.‬‬

‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎتُ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮان‬
‫‪ .1‬اﻟﻜﻠﺐ‪:‬‬
‫اﻟﻜﻠﺐ ﻧﺠﺲ ﻛﻠﮫ ‪:‬ﺳُﺆرُه وﺷﻌﺮُه وﻟﺤﻤُﮫ وﻟُﻌﺎﺑُﮫ‪ ،‬وﻛﻞﱡ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﮫ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﻘ ﺪم ﺑﺤﺜ ﮫ‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ھ ﻮ‬
‫ﺐ ﺗﺤﺖ ﻓﺴﻄﺎط ﻟﻨﺎ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮫ ﻓﺄُﺧﺮج ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﯿﺪه ﻣﺎء‬ ‫ﻣﺎ روى ﻣﺴﻠﻢ »‪ ...‬ﺛﻢ وﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﺟﺮ ُو ﻛﻠ ٍ‬
‫ﻓﻨﻀﺢ ﻣﻜﺎﻧﮫ ‪ «...‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺳُﺆر اﻟﺤﯿﻮان[‪ .‬وﻣﺎ روى ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا‬
‫وﻟﻎ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ إﻧﺎء أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ْﻠ ُﯿ ِﺮ ْﻗ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟِﯿﻐ ﺴﻠْﮫ ﺳ ﺒ َﻊ ِﻣ ﺮا ٍر« وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ ھ ﻮ أﯾ ﻀًﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺳُ ﺆر‬
‫اﻟﺤﯿﻮان[‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪:‬‬
‫اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻧﺠﺲ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﺗﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ‪ ،‬وأن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺪ أﻣ ﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ آﻧﯿ ﺔ‬
‫أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب وﻗ ﺪورھﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻠ ِﺔ ﻓ ﻲ ﺷ ﺮب اﻟﺨﻤ ﺮ وأﻛ ﻞ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ وﺑ ﺎﻟﻎ ﻓ ﻲ ﻃﻠ ﺐ اﻟﻐ ﺴﻞ‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ آﯾﺔ ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ‪ ، 145‬ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ﻛﻠﮫ‪ .‬ﯾُﺮاﺟﻊ ﺑﺤﺚ ]ﺳُﺆر اﻟﺤﯿﻮان[ ‪.‬‬

‫‪ .3‬اﻟﻤﯿﺘﺔ‪:‬‬
‫اﻟﻤﯿﺘﺔ ھﻲ اﻟﺤﯿﻮان اﻟﺬي ﻣﺎت ﺣﺘﻒ أﻧﻔﮫ ودون ﺗﺬﻛﯿﺔ ‪ ،‬وھﻲ ﻧﺠﺴﺔ‪ .‬وﯾﻠﺤﻖ ﺑﮭﺎ ﻣﺎ اﻧﻔﺼﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻲ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء‪ ،‬ﻟﺤﺪﯾﺚ أﺑﻲ واﻗﺪ اﻟﻠﯿﺜﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﺎ ﻗُﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﺒﮭﯿﻤ ﺔ وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ‬
‫ﻓﮭﻲ ﻣﯿﺘﺔ « رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣ ﺴﻨﮫ‪ .‬ودﻟﯿ ﻞ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺳ ﺒﻖ ﺗﺤﻘﯿ ﻖ اﻟﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻟﺤ ﻮم اﻟﺤُ ُﻤ ﺮ اﻷھﻠﯿ ﺔ وأن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم اﻋﺘﺒﺮھ ﺎ‬
‫ﻧﺠﺴﺔ ﻷﻧﮭﺎ أﺧﺬت واﻗﻊ اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ رُوي أن اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أراد اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن‬
‫ﺟ ﺴِﮫ« رواه اﺑ ﻦ‬‫ﺠ ﺴِﮫ أو ِر ْ‬
‫ﺨ َﺒ ِﺜ ﮫ أو َﻧ َ‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﺳِﻘﺎء ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ ‪ :‬إﻧﮫ ﻣﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬دِﺑﺎﻏُﮫ َﯾ ﺬھﺐ ﺑ َ‬
‫ﺧﺰﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﺻ ﺤﺤﺎه‪ .‬ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﺤﺤﮫ اﻟ ﱠﺬھَﺒﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق ﻓ ﻲ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪،‬‬
‫ﻛﻤــﺎ أن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿــﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨﮭــﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗــﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬دِﺑ ﺎغ ﺟﻠ ﺪ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻃُﮭﻮرھ ﺎ« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬‫اﺑﻦ ِ‬

‫اﻟﻨﺠﺎﺳ ُﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﯿﻮان‬

‫اﻟﺪم اﻟﻤﺴﻔﻮح‬

‫‪44‬‬
 ‫وھﻮ ﻧﺠﺲ ﻟﻠﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﯿﻦ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺮوة ﻋﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺟ ﺎءت ﻓﺎﻃﻤ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺣُﺒَ ﯿْﺶ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ق‬
‫ﻋ ْﺮ ٌ‬
‫ع اﻟ ﺼﻼة؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ذﻟ ﻚ ِ‬‫ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ اﻣ ﺮأة أُﺳ ﺘﺤﺎض ﻓ ﻼ أﻃﮭ ﺮ‪ ،‬أﻓ ﺄد ُ‬
‫وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺤَﯿﻀﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻗﺒﻠﺖ اﻟﺤَﯿﻀﺔ ﻓﺪﻋﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وإذا أدﺑﺮت ﻓﺎﻏﺴﻠﻲ ﻋﻨﻚ اﻟﺪم وﺻﻠﱢﻲ« رواه‬
‫ﻏ ﺴﻞ دم اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن‬ ‫ﺺﻓﻲ ُ‬ ‫ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻧ ٌ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﯾﻨﺰف دﻣﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﺮق‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ دم ﺻ ﺎفٍ ﻣﻐ ﺎﯾﺮٌ ﻟ ﺪم اﻟﺤ ﯿﺾ‪ .‬واﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺗﻐ ﺴﻞ دﻣﮭ ﺎ‬
‫وﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ‪ ،‬وھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺳﻤﺎء ﻗﺎﻟﺖ »ﺟﺎءت اﻣﺮأة إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ‪ :‬إﺣﺪاﻧﺎ ﯾﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑﮭﺎ ﻣﻦ دم اﻟﺤﯿﻀﺔ‬
‫ﺤﺘﱡﮫ ﺛﻢ َﺗ ْﻘﺮُﺻﮫ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺛ ﻢ ﺗﻨ ﻀﺤﮫ ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬ ‫ﻛﯿﻒ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﮫ؟ ﻗﺎل ‪َ :‬ﺗ ُ‬
‫ﺤﺘﱡﮫ ﺛﻢ َﺗ ْﻘﺮُﺻﮫ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺛﻢ‬‫ﺺ ﻓﻲ دم اﻟﺤﯿﺾ واﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻓﻲ ﻏﺴﻠﮫ دﻟﯿﻞ ﻗﻮي ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ » ﺗ ُ‬ ‫وھﺬا ﻧ ﱞ‬
‫ﺗﻨﻀﺤﮫ« وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺪم اﻟ َﻌﻠَﻘﺔ ﻷﻧﮭﺎ د ٌم ﻣﺘﺠﻤﱢﻊ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻔﺮج أﺷﺒﮫ اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬وﯾﺪﺧﻞ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﺲ د ُم اﻟ ﺴﻤﻚ‪،‬‬
‫اﻟﻘﯿﺢ ﻷﻧﮫ دم ﻓﺎﺳﺪ ‪ ،‬أو ھﻮ ﻣﺎدة ﻧﺘﺠﺖ ﻣﻦ اﻟﺪم ﻓﯿﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮫ‪ .‬وﯾُﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺪ ِم اﻟ ﻨﺠ ِ‬
‫ﺲ ﻟﮫ ﺳﺎﺋﻠ ًﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻜﺒﺪُ‪ ،‬واﻟﻄﺤﺎ ُل ‪ ،‬ود ُم ﻣﺎ ﻻ ﻧﻔ َ‬

‫ن ﻣﯿﺘ ﺔ اﻟ ﺴﻤﻚ ﻃ ﺎھﺮة واﻟ ﺪم ﺟ ﺰء ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓﯿﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮًا ‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﻜﺒ ﺪ‬ ‫أﻣ ﺎ دم اﻟ ﺴﻤﻚ ﻓ ﻸ ﱠ‬
‫واﻟﻄﺤﺎل‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ » r‬أُﺣﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﯿﺘﺘﺎن ودﻣﺎن‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻤﯿﺘﺘ ﺎن‬
‫ﻓﺎﻟﺤﻮت واﻟﺠﺮاد‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺪﻣﺎن ﻓﺎﻟﻜﺒﺪ واﻟﻄﺤﺎل« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟـ ـﺔ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤـ ـﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠـ ـﺮ‬
‫وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ .‬وﻟﻤـ ـﺎ رُوي أن أﺑ ﺎ ھﺮﯾـ ـﺮة ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄل رﺟ ﻞٌ رﺳ ﻮلَ اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إ ﱠﻧ ﺎ ﻧﺮﻛ ﺐ اﻟﺒﺤ ﺮ‬
‫وﻧﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻮﺿﺄﻧﺎ ﺑﮫ ﻋﻄﺸﻨﺎ‪ ،‬أﻓﻨﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬ ‫‪ :r‬ھ ﻮ اﻟﻄﱠﮭ ﻮر ﻣ ﺎؤُه اﻟ ِ‬
‫ﺤ ﻞﱡ ﻣَﯿْﺘَ ُﺘ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﺻ ﺤﺤﮫ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻞ ﻣﯿﺘ ﺔِ اﻟﺒﺤ ﺮ ﻛﺎﻟ ﺴﻤﻚ‪ ،‬ود ُﻣ ﮫ ﻣﻨ ﮫ ﻓﯿﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤ ﮫ‪ .‬وﯾ ﺪل‬
‫ﺣ ﱠ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي ‪ .‬ﻓﮭﺬان اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ ِ‬
‫ﺣﻠﱠﮭﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﻃﮭﺎرﺗﮭﻤﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﻜﺒﺪ واﻟﻄﺤﺎل‪ ،‬ﻷن ِ‬

‫أﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة دم ﻣﺎ ﻻ ﻧﻔﺲ ﻟﮫ ﺳﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺎر ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺎء[‬
‫وھﻮ ﻣﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا وﻗﻊ اﻟﺬﺑﺎب ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﻐﻤ ﺴﮫ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ن ﻓﻲ أﺣﺪ ﺟﻨﺎﺣﯿ ﮫ ﺷ ﻔﺎ ًء وﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮ داءً« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺎر‬
‫ﻟﯿﻄﺮﺣﮫ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أُﺣﻠ ﺖ ﻟﻨ ﺎ ﻣﯿﺘﺘ ﺎن ودﻣ ﺎن ‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺎ‬
‫اﻟﻤﯿﺘﺘﺎن ﻓﺎﻟﺤﻮت واﻟﺠﺮاد‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺪﻣﺎن ﻓﺎﻟﻜﺒﺪ واﻟﻄﺤﺎل« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﺪر اﻟﺪم اﻟﻤﺴﻔﻮح اﻟﺬي ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻧﺠﺴًﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ ﻓﯿﮫ راﺟﻊ ﻟﺘﻘﺪﯾﺮ اﻟ ﺸﺨﺺ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻻﻋﺘ ﺪال‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ أن ﯾﻘﺎل ‪ :‬إﻧﮫ اﻟﺬي ﯾﺴﯿﻞ إذا ﺻﺎدف ﺳﻄﺤ ًﺎ ﻣﺎﺋﻼً‪ ،‬ﻓﺘﺨﺮج ﻣﻨﮫ اﻟﻨﻘﻄ ﺔ واﻟﻨﻘﻄ ﺎن‪ ،‬ﻷﻧﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻟﯿﺴﺘﺎ دﻣًﺎ ﻣﺴﻔﻮﺣﺎً‪ ،‬واﻟﺸﺮع ﯾﻌﻔﻮ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫اﻟﻨﺠﺎﺳ ُﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﯿﻮان‬

‫اﻟﺨﻤﺮ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫دﻟﯿﻠﮭﺎ ھﻮ دﻟﯿﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻤﺮ ﻧﻔﺴﮫ ‪ ،‬وھﻮ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨُﺸﻨﻲ ﻓﻲ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ آﻧﯿﺔ أھﻞ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب وﻗﺪورھﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﺦ ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ وﺷﺮب اﻟﺨﻤﺮ ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﺤﺚ ]ﺳﺆر اﻟﺤﯿﻮان[‪.‬‬

‫ﺷُﺒُـﮭــــﺎت‬
‫ت ﺗﺜﻮر ﻓﻲ أﺛﻨ ﺎء اﺳ ﺘﻌﺮاض أﻋﯿ ﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‪ ،‬وﻧﺒ ﺪأ ﺑ ﺸُﺒﮭﺔ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﺷﺒُﮭﺎ ٍ‬
‫واﻵن ﻧﻮد أن ﻧﺰﯾﻞ ُ‬
‫ﺑﻮل اﻟﺤﯿﻮان‪.‬‬

‫أوﻻً‪ :‬ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ وﻣﺎ ﻻ ﯾﺆﻛﻞ‪:‬‬

‫ذﻛﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ أن ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬وأن ﺑﻮل ﻣﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وذﻛ ﺮ‬
‫ﺲ ﻛﻠﮫ‪ .‬ﻓﺬھﺐ إﻟ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻷول ﻣﺎﻟ ﻚ وأﺣﻤ ﺪ‬‫آﺧﺮون أن ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ وﻣﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ ﻧﺠ ٌ‬
‫واﻟﺰﱡھ ﺮي واﻟﻨﺨﻌ ﻲ واﻷوزاﻋ ﻲ واﻟﺜ ﻮري واﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷﺣﻨ ﺎف ﻣ ﻨﮭﻢ ﻣﺤﻤ ﺪ اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻹﺻ ﻄﺨﺮي‬ ‫اﻟﺤﺴﻦ وزُﻓَﺮ‪ ،‬وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﯿﻦ ﻣ ﻨﮭﻢ اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﺮوﯾﺎﻧﻲ‪ .‬وذھﺐ إﻟﻰ اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺑﻮ ﺛﻮر واﻟﺤﺴﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﻋﺮَﯾﻨ ﺔ ‪ -‬ﻓ ﺎﺟ َﺘ َﻮوْا اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻢ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺪم أُﻧ ﺎس ﻣ ﻦ ﻋُ َﻜ ٍﻞ ‪ -‬أو ُ‬
‫ﺑﻠِﻘ ﺎح‪ ،‬وأن ﯾ ﺸﺮﺑﻮا ﻣ ﻦ أﺑﻮاﻟﮭ ﺎ وأﻟﺒﺎﻧﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﺟﺘ ﻮَوْا‪ :‬أي‬
‫اﺳ ﺘﻮﺧﻤﻮا ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﻠﻘ ﺎح‪ :‬أي اﻟﻨ ﻮق ذوات اﻟﻠ ﺒﻦ واﺣ ﺪﺗﮭﺎ ﻟِﻘﺤ ﺔ‪ .‬ﻓﻜ ﻮن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﯾﺄﻣﺮھﻢ ﺑﺸﺮب أﺑﻮال اﻹﺑﻞ وھﻲ ﻣﻦ ﻣﺄﻛﻮل اﻟﻠﺤﻢ ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﺑﻮﻟﮭ ﺎ وﺑ ﻮل ﻣ ﺎ‬
‫ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ‪ .‬أي أﻧﮭﻢ ﻗﺪ اﺳﺘﻨﺒﻄﻮا ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﺔ ﻛﻮن اﻹﺑﻞ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﺳﻮا ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻛ ﻞ‬
‫ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ ﻛﺎﻟﻐﻨﻢ واﻟﺒﻘﺮ واﻟﻐﺰﻻن واﻟﺪﺟﺎج واﻟﺤﻤﺎم وﻏﯿﺮھﺎ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾُﺒﻨ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ ﻣ ﺮاﺑﺾ‬
‫ن ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﺑ ﻮل اﻟﻐ ﻨﻢ واﻟﺒﻘ ﺮ‪ ،‬ﻷن اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬ ‫اﻟﻐﻨﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا ھﺬا دﻟﯿﻞ ﺛﺎ ٍ‬
‫ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮭﻤﺎ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﺨﻠ ﻮ اﻟ ِﻤ ﺮْﺑﺾ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل واﻟﺒ َﻌ ﺮ‪ ،‬وﻛ ﻮن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن ﻓﯿ ﮫ ﺑ ﻮل وﺑﻌ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﻨﻢ ﻓﮭ ﻮ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮭﻤ ﺎ ‪ ،‬وﻗﺎﺳ ﻮا‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﺳﺎﺋﺮ أﺑﻮال ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ‪.‬‬

‫ﻼ ﺳ ﺄل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أأﺗﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم‬‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺟ ً‬

‫اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬إن ﺷﺌﺖ ﻓﺘﻮﺿﺄ وإن ﺷﺌﺖ ﻓﻼ َﺗ َﻮﺿﱠﺄ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﺗﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮم اﻹﺑ ﻞ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻣﻦ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺒﺎرك اﻹﺑﻞ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﻟﻐ ﻨﻢ ﻣ ﻦ دوابﱢ اﻟﺠﻨ ﺔ‪،‬‬

‫ﻓﺎﻣ ﺴﺤﻮا رُﻏﺎﻣﮭ ﺎ وﺻ ﻠﻮا ﻓ ﻲ ﻣﺮاﺑ ﻀﮭﺎ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺨﻄﯿ ﺐ‪ ،‬وإﺳ ﻨﺎده ﺣ ﺴﻦ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ‬
‫ي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻮا ﻓ ﻲ ﻣُ ﺮاح اﻟﻐ ﻨﻢ‪ ،‬اﻣ ﺴﺤﻮا رُﻏﺎﻣَﮭ ﺎ‬
‫ﻟﻠﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ﻋﺪ ﱟ‬

‫‪46‬‬
‫ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ دوابﱢ اﻟﺠﻨﺔ «‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣُﺮاح‪ :‬أي ﻣﺄوى‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ رُﻏﺎﻣﮭﺎ‪ :‬أي ﻣُﺨﺎﻃﮭ ﺎ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﻧ ﺼﻮص أُﺧ ﺮ‬
‫ﻓﻲ ﺟﻮاز اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ أﺑﻮال ورﺟﯿﻊ‪ ،‬وھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻧﮭﯿﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣﻌ ﺎﻃﻦ اﻹﺑ ﻞ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﻣﻌﻠﱠﻞ ﺑﺄن اﻹﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ‪ .‬ﻓﻌﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب ﻗﺎل »‪ ...‬وﺳُﺌﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺒﺎرك اﻹﺑﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﺼﻠﻮا ﻓﻲ ﻣﺒﺎرك اﻹﺑﻞ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ‪ ،‬وﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺮاﺑﺾ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬ ‫اﻟﻐﻨﻢ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺻﻠﻮا ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺑﺮﻛﺔ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﻐﻔﻞ ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﻮا ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐ ﻨﻢ‪ ،‬وﻻ ﺗ ﺼﻠﱡﻮا ﻓ ﻲ أﻋﻄ ﺎن اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺧُﻠﻘ ﺖ ﻣ ﻦ‬
‫ﻆ ﻷﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﮫ »ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ ﺧُﻠﻘﺖ« ﻓﻜﻮن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻨﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ« وﻓﻲ ﻟﻔ ٍ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻃﻦ اﻹﺑﻞ ﻟﻌﻠﺔ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ‪ -‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮭﺎ ﺗُﺆذي ﻣﻦ ﯾﻘﺘﺮب ﻣﻨﮭﺎ إذا ﻧﻔﺮت ‪ -‬ﻓﮭﻮ ﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﯾﻨﻔﻲ ﻋﻠﱠﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إن اﷲ ﻟﻢ ﯾﺠﻌﻞ ﺷﻔﺎءَﻛﻢ ﻓﻲ ﺣﺮام«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ واﻟﺒﺰﱠار‪.‬‬
‫رواه اﺑﻦ ِ‬

‫و‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺪرداء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﷲ أﻧﺰل اﻟﺪاء واﻟﺪواء وﺟﻌﻞ‬
‫ﻟﻜﻞ داء دواء ‪ ،‬ﻓﺘﺪا َووْا وﻻ ﺗﺪا َووْا ﺑﺤﺮام« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ز‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل » ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟ ﺪواء اﻟﺨﺒﯿ ﺚ« رواه أﺑ ﻮ‬
‫داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫وﺑﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ر ﱡدوا ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﯾﻘ ﻮل إن اﻟﺮﺳ ﻮل ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺳ ﻠﻢ َأ ِذنَ ﺑ ﺄﺑﻮال اﻹﺑ ﻞ‬

‫ن ھﺬا ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻌﻼج‪ ،‬وإﻻ ﻓﺄﺑﻮال اﻹﺑﻞ ﻧﺠﺴﺔ‪ .‬وﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬ ‫ﻟﻠﺪواء‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﺨﺒﯿ ﺚ أي ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ وﺑ ﺎﻟﺤﺮام ﻋﻤﻮﻣ ﺎً‪ ،‬وﻛﻮﻧ ﮫ أذن ﺑﺎﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺎﻷﺑﻮال ﻓﮭ ﻮ دﻟﯿ ﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧﺮوﺟﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ واﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ .‬واﺳ ﺘﺪل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮﻓ ﻮع اﻟ ﺬي رواه اﻟﺒ ﺮاء‬
‫وﺟﺎﺑﺮ وﻟﻔﻈﮫ »ﻻ ﺑﺄس ﺑﺒﻮل ﻣﺎ أُﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ « رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﺑﺴﻨﺪٍ واهٍ ﺟﺪاً‪ .‬وأورده اﺑﻦ ﺣ ﺰم ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﻣُﺠﻤﻞ رأﯾﮭﻢ ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة أﺑﻮال ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮان‪ ،‬وھﺬه ھﻲ أدﻟﺘﮭﻢ‪.‬‬

‫أﻣّﺎ ﻗﻮ ﻟﮭﻢ إن ﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ﻣ ﺎ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ ﻧﺠ ﺲ ‪ ،‬ﻓﻠﮭ ﺬه اﻷدﻟ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻋﻠﻠﻮھ ﺎ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻣﺄﻛﻮﻟ ﺔ اﻟﻠﺤ ﻢ‬
‫وﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﺑﻤﺎ أن ﻣﺎ ﺳﻮاھـﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺄﻛـﻮل ﻓﯿﻜ ﻮن ﻧﺠ ﺴﺎً‪ .‬وﻟﻠﺤ ـﺪﯾﺚ اﻵﺗ ـﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌـﻮد‬
‫ﻗﺎل »أﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﻐﺎﺋﻂ‪ ،‬ﻓﺄﻣ ـﺮﻧﻲ أن آﺗﯿـ ـﮫ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ـﺎر‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺪت ﺣﺠ ﺮﯾﻦ واﻟﺘﻤ ﺴﺖ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‬
‫ﻓﻠ ﻢ أﺟ ﺪه‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬت َروْﺛ ﺔ ﻓﺄﺗﯿﺘ ﮫ ﺑﮭ ﺎ ﻓﺄﺧ ﺬ اﻟﺤﺠ ﺮﯾﻦ وأﻟﻘ ﻰ اﻟ ﱠﺮوْﺛ ﺔ وﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﺬا رِ ْﻛ ﺲ« رواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﻋﻨﮫ ھﻜﺬا » أراد اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن ﯾﺘﺒ ﺮﱠز ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﺋﺘﻨ ﻲ‬ ‫اﻟﺒﺨــﺎري وأﺣﻤــﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﺜﻼﺛﺔ أﺣﺠــﺎر‪ ،‬ﻓﻮﺟــﺪت ﻟﮫ ﺣﺠﺮﯾﻦ وروﺛ ﺔ ﺣﻤ ﺎر‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺴﻚ اﻟﺤﺠ ﺮﯾﻦ وﻃ ﺮح اﻟ ﱠﺮوْﺛ ﺔ وﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﻲ‬
‫ِرﺟْﺲ «‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا ‪ :‬إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺪ وﺻ ﻒ اﻟ ﱠﺮوْﺛ ﺔ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ رِ ْﻛ ﺲ أو رِﺟْ ﺲ‪ ،‬أي‬
‫ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وھﻲ َروْﺛﺔ ﺣﯿﻮان ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺪل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أن ﺑ ﻮل أو روث أو رﺟﯿ ﻊ ﻣ ﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ‬
‫ﻟﺤﻤﮫ ﻧﺠﺲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وھ ﻢ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن واﻷﺣﻨ ﺎف اﻟ ﺬﯾﻦ اﻋﺘﺒ ﺮوا رﺟﯿ ﻊ وأﺑ ﻮال ﻣ ﺎ ﯾُﺆﻛ ﻞ‬
‫ﻟﺤﻤﮫ وﻣﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻧﺠ ﺲ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ اﺳ ﺘﻨﺪوا إﻟ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺜﯿﻦ‪ :‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ذﻛﺮﻧ ﺎه ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬أي‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺮﱢﻛﺲ‪ ،‬ﻓﻌﻤﱠﻤﻮه ﻋﻠﻰ أﺑﻮال وأرواث ﻛﻞ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟﻘﺒﺮﯾﻦ وھ ﻮ‪ :‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫ﻗﺎل »ﻣ ﱠﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻘﺒﺮﯾﻦ ﻓﻘﺎل ‪ :‬إﻧﮭﻤﺎ ﻟﯿُﻌﺬﱠﺑﺎن وﻣﺎ ﯾُﻌﺬﱠﺑﺎن ﻓﻲ ﻛﺒﯿﺮ ‪ ،‬أﻣﺎ أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻓﻜ ﺎن ﻻ ﯾ ﺴﺘﺘﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﻮل‪ ،‬وأﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻜﺎن ﯾﻤﺸﻲ ﺑﺎﻟﻨﻤﯿﻤﺔ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤ ﺪ ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻻﺑ ﻦ ﻣﺎﺟـ ـﺔ‬

‫‪47‬‬
‫وأﺣﻤﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ‪ » r‬أﻛﺜﺮ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺒ ﻮل«‪ .‬وﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔٍ ﻟﻠﺪارﻗﻄﻨﻲ ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺗﻨﺰﱠھﻮا ﻣﻦ اﻟﺒﻮل‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﺎ ﱠﻣ ﺔ‬
‫ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ ﻣﻨﮫ« ﻓﻌﻤﱠﻤﻮا اﻟﺒﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﯿﻮان‪ ،‬ﻷن ﻟﻔﻆ )اﻟﺒ ﻮل( اﺳ ﻢ ﺟ ﻨﺲ ﻓ ﯿﻌﻢﱡ‪،‬‬
‫وأن اﻟﺒﻮل ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﻮل اﻹﻧﺴﺎن وﺑﻮل اﻟﺤﯿﻮان‪ ،‬ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺘﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﺻ ﻼة اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ أﻣ ﺮه ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺮاﺑﺾ اﻟﻐ ﻨﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ھﺬا ﻣﺤﻤﻮل ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺼﻼة ﺑﻌﯿﺪًا ﻋﻦ اﻟﺒَﻌَﺮ واﻟﺒﻮل‪ .‬وأﻣﺎ ﺷُﺮب أﺑ ﻮال اﻹﺑ ﻞ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‬
‫ھﺬا ﻟﻠﻌﻼج‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﯾﺠﻮز ﺷﺮب اﻟ ﻨﺠِﺲ‪ ،‬وﺣﻤَﻠ ﻮا ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺪواء اﻟﺨﺒﯿﺚ أو اﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺧﺘﯿﺎر‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻀﺮورة ﻓﻼ ﺑ ﺄس‪،‬‬
‫ﺿ ﻄُﺮِرﺗُ ْﻢ إﻟﯿ ﮫ [ اﻵﯾ ﺔ ‪119‬‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ إﻻ َﻣ ﺎ ا ْ‬ ‫واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] و َﻗ ْﺪ َﻓﺼﱠ َﻞ َﻟﻜُ ْﻢ ﻣَﺎ َ‬
‫ﺣﺮﱠ َم َ‬
‫ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬

‫ھ ﺬه ھ ﻲ آراء اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ وأدﻟﺘﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أﻧﮭﻤ ﺎ ﯾﻠﺘﻘﯿ ﺎن ﻋﻨ ﺪ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺑ ﻮل ﻣ ﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ‬
‫ﻟﺤﻤﮫ ﻛﺒﻮل اﻷﺳﺪ واﻟﺬﺋﺐ واﻟﻨﻤﺮ واﻟﺤﻤﺎر واﻟﺒﻐﻞ وﻏﯿﺮھﺎ ‪ ،‬وﯾﻔﺘﺮﻗﺎن ﻋﻨﺪ ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﻧﻌﺎم واﻟﻐﺰﻻن واﻟﺪواﺟﻦ واﻟﻄﯿﻮر اﻟﻤﺄﻛﻮﻟﺔ وﻏﯿﺮھﺎ‪.‬‬

‫وﻗﺒﻞ أن ﻧﻨ ﺎﻗﺶ ھ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺮأﯾﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﻔ ﺼﯿﻞ‪ ،‬ﻧ ﺬﻛﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ رأﯾ ﺎً ﺛﺎﻟﺜ ﺎً ﻗ ﺎل ﺑ ﮫ اﻟ ﺸﻌﺒﻲ وداود‬
‫وﻣﺎل إﻟﯿﮫ اﻟﺒﺨﺎري ﯾﻘﻮل‪ :‬إن ﺟﻤﯿﻊ أﺑﻮال اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ﻃﺎھﺮة دون اﺳﺘﺜﻨﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﻨﻘﻞ ﻋﻨﮭﻢ إن ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫اﺳﺘ ْﺜ َﻨﻮْا ﺑﻮل اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ أو ﻻ‪ .‬وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﺎل إﻟﯿﮫ اﻟﺒﺨﺎري وﻟﻢ أﻗﻞ ﻗﺎل ﺑﮫ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷﻧ ﮫ اﻛﺘﻔ ﻰ‬
‫ب واﻟﻐ ﻨﻢ وﻣﺮاﺑ ﻀﮭﺎ‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ أﺑ ﻮ ﻣﻮﺳ ﻰ‬ ‫ﺑﺄنْ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ ﺑﺎﺑﺎً ﺳﻤﱠﺎه ]ﺑﺎب أﺑﻮال اﻹﺑ ﻞ واﻟ ﺪوا ﱢ‬
‫ﻦ‬
‫ﻓﻲ دار اﻟﺒﺮﯾﺪ واﻟﺴﱢﺮﻗﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺒﺮﯾﺔ إﻟﻰ ﺟﻨﺒﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﺎ ھﻨ ﺎ وﺛَ ﻢﱠ ﺳ ﻮاء[ وﻟ ﻢ ﯾُﻔ ﺼﺢ ﺑ ﺎﻟﺤﻜﻢ ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫إﯾﺮاده ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻌﺮَﻧﯿﯿﻦ ﯾُﺸﻌﺮ ﺑﺎﺧﺘﯿﺎره اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺒﺮ )وﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺬﻛﺮ ﺳﻮى ﺑﻮل اﻟﻨﺎس( ﻗﺎل اﺑﻦ ﺑﻄﺎل‪ :‬أراد اﻟﺒﺨﺎري أن اﻟﻤﺮاد ﺑﻘﻮﻟﮫ ﻛﺎن ﻻ ﯾﺴﺘﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﺒ ﻮل ﺑ ﻮل‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﺑﻮل ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺤﯿﻮان ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻜﻮن ﺣﺠﺔ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﻓﻲ ﺑﻮل ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﯿﻮان‪.‬‬

‫وﻟ ﺴﺖ أرﯾ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ أن أﺗﻨ ﺎول ﻛ ﻞ رأي ﻣ ﻦ اﻵراء اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪة‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺳ ﺄﻧﺎﻗﺶ‬
‫ن اﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﻣ ﻦ‬ ‫اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ دﻓﻌ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻟﯿﺘ ﻀﺢ ﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺼﻮاب ﺑ ﺈذن اﷲ ‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل ‪ :‬إ ﱠ‬
‫اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أﺑ ﻮال اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨ ﺎري ورواﯾﺘ ﻲ اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ھ ﻮ‬
‫اﺳﺘﺸﮭﺎد ﻏﯿﺮ دﻗﯿﻖ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮭﻢ إن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺒﻮل ﺗﺸﻤﻞ ﺑﻮل اﻹﻧﺴﺎن وﺑﻮل اﻟﺤﯿﻮان إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻛﺎﻟﻘﻮل‪ :‬اﻟﻤﺎء‬
‫ﺠ ﺴﮫ ﺷ ﻲء« دون اﻟﺘﻔ ﺎتٍ إﻟ ﻰ‬ ‫ﻛﻠ ﮫ ﻃَﮭ ﻮر ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »اﻟﻤ ﺎء ﻃَﮭ ﻮر ﻻ ﯾُﻨ ﱢ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻘﻠﱠﺘﯿﻦ اﻟﺬي ﺧ ﺼﺺ اﻟﻌﻤ ﻮم‪ .‬ﻓﻘ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ‪» r‬ﻻ ﯾ ﺴﺘﺘﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل« أو ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫أﺧﺮى »ﻻ ﯾﺴﺘﻨﺰه ﻣﻦ اﻟﺒﻮل« أﺧﺮﺟﮭﺎ أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ »ﻻ ﯾ ﺴﺘﺒﺮيء« أﺧﺮﺟﮭ ﺎ اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ھ ﻮ‬
‫ن ﻛﻠﻤ ﺔ )أل( ھﻨ ﺎ‬ ‫ﻋ ﺎم ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺑ ﻮال ﺑ ﻼ ﺧ ﻼف أﻋﻠﻤ ﮫ‪ ،‬إﻻ ﻣﻤ ﻦ ﻗ ﺎل إن اﻟﺒ ﻮل ھﻨ ﺎ ﻟﻠﻌﮭ ﺪ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﺟﺎءت ﻧﯿﺎﺑ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﻀﺎف إﻟﯿ ﮫ‪ .‬وإذن ﻓ ﺈنﱠ اﻟﺒ ﻮل ﯾﻌﻨ ﻲ ﺑ ﻮل اﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬أو ﻣ ﻦ ﻣﺜ ﻞ اﻟﻘﺮﻃﺒ ﻲ اﻟ ﺬي‬
‫ﺳ ﻠﱢﻢ ﻓﮭ ﻮ ﻣﺨ ﺼﻮص ﺑﺎﻷدﻟ ﺔ اﻟﻤﻘﺘ ﻀﯿﺔ‬ ‫ﯾﻘﻮل ) ﻗﻮﻟﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل اﺳ ﻢ ﻣﻔ ﺮد ﻻ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ اﻟﻌﻤ ﻮم‪ ،‬وﻟ ﻮ ُ‬
‫ﻟﻄﮭﺎرة ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾﺆﻛﻞ(‪.‬‬

‫وﻟﻜ ﻦﱠ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻣﺠﻤ ﻞ‪ ،‬وﺟ ﺎءت رواﯾ ﺎت أُﺧ ﺮ ﻟﻸﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ ﺗﺒﯿﻨ ﮫ ﺑﺄﻧ ﮫ ﺑ ﻮل‬
‫اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻓﻔﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎري »ﻻ ﯾﺴﺘﺘﺮ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﮫ « وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ »ﻻ ﯾﺴﺘﻨﺰه ﻣﻦ‬
‫ﺑﻮﻟﮫ « وھﺬان ﻧﺼﺎن ﻓﻲ ﺑﻮل اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وھﻤﺎ ﻣﺒﯿﱢﻨﺎن ﻟﻠﻤُﺠﻤَﻞ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ‬
‫ﻞ ﺑﺎﻟﻤُﺒﯿﱢﻦ وﺣﻤﻞ اﻟﻤُﺠﻤَﻞ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﻰ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬ ‫اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ اﻟﻌﻤ ُ‬
‫ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺑﻮال ﻟﺪﺧﻮﻟﮭﺎ ﺗﺤﺖ ﻟﻔﻆ اﻟﺒﻮل‪ .‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﮭﺪوا ﺑﮭﺎ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺘﺄﯾﯿﺪ دﻋﻮاھﻢ ﻷﻧﮭﺎ‬
‫ﻣﺠﻤﻠﺔ ورواﯾﺎت ﻟﻔﻈﺔ )ﺑﻮﻟﮫ( ﺗﺮدﱡ ھﺬا اﻟﺮأي‪ ،‬وﺗﺒﯿﻦ أن اﻟﺒ ﻮل اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ ﺗﻠ ﻚ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ھ ﻮ ﺑ ﻮل‬

‫‪48‬‬
 ‫اﻹﻧﺴﺎن‪ .‬وھﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ واﻟﻔﮭﻢ ﻷﻟﻔﺎظ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﻨﺴﺠﻤﺎن ﻣﻊ أﺣﺎدﯾﺚ ﻃﮭﺎرة ﺑﻮل اﻟﻐ ﻨﻢ وﺑ ﻮل اﻹﺑ ﻞ‬
‫وأﺑﻌﺎرھﺎ‪ .‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓ ﻲ ﺳ ﻮرة اﻟﺤ ﺞ ]َأ َﻟ ْﻢ‬
‫ض [ اﻵﯾ ﺔ ‪ .65‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ﺳ ﻮرة اﻟﺠﺎﺛﯿ ﺔ ]و َ‬
‫ﺳ ﺨﱠ َﺮ َﻟﻜُ ْﻢ َﻣ ﺎ ﻓ ﻲ‬ ‫ﺳ ﺨﱠ َﺮ َﻟﻜُ ْﻢ َﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ا َﻷ ْر ِ‬
‫ﷲ َ‬‫َﺗ َﺮ أنﱠ ا َ‬
‫ﺟ ِﻤ ْﯿ َﻌ ًﺎ ِﻣ ْﻨﮫُ [ اﻵﯾﺔ ‪ .13‬ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗﺪ ﺳﺨﱠﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض وﻣﺎ ﻓ ﻲ‬ ‫ض َ‬‫اﻟﺴﱠﻤﻮاتِ وﻣَﺎ ﻓﻲ ا َﻷ ْر ِ‬
‫اﻟﺴﻤﻮات ﺟﻤﯿﻌﺎً ‪ ،‬واﻟﺘﺴﺨﯿﺮ ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل واﻻﺳ ﺘﻔﺎدة ‪ ،‬واﻟ ﻨﺠﺲ ﻻ ُﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ وﻻ ُﯾ ﺴﺘﻔﺎد ﻣﻨ ﮫ‪،‬‬
‫ن اﻟﻄﮭﺎرة ھﻲ اﻷﺻﻞ‪ ،‬وﻧﺠﺎﺳﺔ أي ﺷﻲء ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ دﻟﯿ ﻞ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر )إن‬ ‫وإذن ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﻷﺷﯿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻄﮭﺎرة ﺣﺘﻰ ﺗﺜﺒﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ( وﻟﺬا ﻓﺈﻧﮭﻢ إﻣﺎ أن ﯾﺄﺗﻮا ﺑﺪﻟﯿﻞ ﯾﻨﺺ ﻣﻨﻄﻮﻗﮫ أو ﯾُﺆﺧﺬ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﻔﮭﻮﻣﮫ أن أﺑﻮال اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﺗﻈﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪ .‬وﻗ ﺪ أﺗ ﻮا ﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﻇﻨﱡ ﻮه‬
‫ن‬
‫ﻧﺼًﺎ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺑﻮل اﻟﺤﯿﻮان‪ ،‬ھﻮ ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ﱠﺮوْﺛﺔ اﻟﺬي رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد‪ ،‬ﻓ ﺈ ْ‬
‫ﺑﺎن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﯿﺲ ﺣﺠﺔ ﻟﮭﻢ وﻻ ﯾ ﺴﻨﺪ ﻟﮭ ﻢ رأﯾ ﺎً‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻟﮭ ﻢ ﺳ ﻮاه ﻣ ﻦ أدﻟ ﺔ ﺑ ﺎن‬
‫ﺧﻄﺄُ رأﯾﮭﻢ‪.‬‬

‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه وﺻﻒَ اﻟﺮوﺛﺔ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ رِﻛ ﺲ ﺑﺎﻟﻜ ﺎف‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ أن اﻟﺮوﺛ ﺔ ﻛﺎﻧ ﺖ‬‫اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ أﯾﻀًﺎ وﺻﻒ اﻟﺮوﺛﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ رِﺟﺲ ﺑﺎﻟﺠﯿﻢ ‪ ،‬وذﻛ ﺮ اﺑ ﻦ ُ‬
‫روﺛ ﺔ ﺣﻤ ﺎر‪ .‬واﻟﺠ ﻮاب ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ ‪ :‬إن اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻘﻮﯾ ﺔ ﺗُﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻷﺿ ﻌﻒ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ھﻲ اﻷﺧﺮى ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ .‬ﻓﺮواﯾ ﺔ اﻟﺒﺨ ﺎري أﻗ ﻮى ﻣ ﻦ رواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وإﻗﺎﻣ ﺔً‬‫ﻣﺎﺟ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻ ﻞ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨ ﺎري دون ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻟﻠﺤُﺠﱠﺔ ﻋﻠﻰ ھﺆﻻء‪ ،‬ﺳﻨَﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻣﻌًﺎ ‪ ،‬وﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺮواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫إن ﻛﻠﻤﺔ رِﻛﺲ اﻟﻮاردة ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﺻ ﻔﺎً ﻟﻠﺮوﺛ ﺔ ﻻ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻓ ﺴﺮھﺎ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺠ ﺲ‪ ،‬وﻣ ﺎ ورد ﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻤﻌ ﺎﺟﻢ ﻣ ﻦ‬ ‫أﺧﻄﺄ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻢ ﺗُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻠﻤ ﺔ رِﻛ ﺲ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻧ ِ‬
‫ﺗﻔ ﺴﯿﺮھﺎ ﺑ ﻨﺠﺲ إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﺑﺘ ﺄﺛﯿﺮٍ ﻣ ﻦ أﻗ ﻮال اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ‪ .‬ﻓﺎﻟﻘ ﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤ ﯿﻂ ﻓ ﺴﺮھﺎ ﺑﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ رِﻛ ﺲ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺴﺮ‪ :‬رِﺟﺲ ‪ ،‬ورَﻛﺲ ﺑﺎﻟﻔﺘﺢ ‪ :‬ردﱡ اﻟﺸﻲء ﻣﻘﻠﻮﺑًﺎ وﻗﻠﺐ أوﱠﻟﮫ ﻋﻠﻰ آﺧﺮه ‪ .‬وﺟﺎء ﻓ ﻲ ﻟ ﺴﺎن اﻟﻌ ﺮب‬
‫ن ﻟﮫ ‪:‬‬‫ﻻﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ :‬اﻟﺮﱠﻛﺲ ‪ :‬ﻗﻠﺐ اﻟﺸﻲء ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ أو ردﱡ أوﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ آﺧ ﺮه‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن ﺛ ﺎ ٍ‬
‫اﻟ ﺮﱠﻛﺲ‪ :‬ردﱡ اﻟ ﺸﻲء ﻣﻘﻠﻮﺑ ًﺎ ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ اﻟﻌ ﺴﻘﻼﻧﻲ )اﻷوْﻟ ﻰ أن ﯾُﻘ ﺎل ردﱞ ﻣ ﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻄﻌ ﺎم إﻟ ﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮوث( وﻧُﻘﻞ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻠ ﻚ أن ﻣﻌﻨ ﺎه اﻟ ﺮدﱡ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ‪ُ :‬أرْ ِﻛ ﺴﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ ‪ ،‬أي رُدﱡوا ‪.‬‬
‫وﻋﻠﱠﻖ اﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل )وﻟ ﻮ ﺛﺒ ﺖ ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل ﻟﻜ ﺎن ﺑﻔ ﺘﺢ اﻟ ﺮاء ﯾﻘ ﺎل أرﻛ ﺴﮫ رَﻛ ﺴًﺎ إذا ردﱠه(‬
‫وﺑﻤﺜﻞ ھﺬا ﻓﺴﺮھﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻘﺎل ‪َ :‬أ ْرﻛَﺴﮭﻢ ردﱠھﻢ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫]ﻛﻞﱠ ﻣﺎ ُردﱡوا إﻟﻰ اﻟﻔﺘﻨ ِﺔ أُرﻛِﺴﻮا ﻓﯿﮭﺎ[ ﻗﺎل ) ﯾﻘﻮل اﷲ ﻛﻠﻤﺎ رُدوا إﻟﻰ اﻟﻔﺘﻨﺔ أُرﻛِﺴﻮا ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ‬
‫دﻋﺎھﻢ إﻟﻰ اﻟﺸﺮك ﺑ ﺎﷲ ارﺗ ﺪوا ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎروا ﻣ ﺸﺮﻛﯿﻦ ﻣ ﺜﻠﮭﻢ( وﻗ ﺎل اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ )اﻟ ﺮﱢﻛﺲ ﻃﻌ ﺎم اﻟﺠ ﻦ (‬
‫ﺢ ﻣﻦ اﻹﺷﻜﺎل(‪.‬‬ ‫ﻓﻌﻘﱠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ )وھﺬا إن ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﮭﻮ ﻣُﺮﯾ ٌ‬

‫إذن أﺋﻤﺔ اﻟﻠﻐ ﺔ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺧﺘﻠﻔ ﻮا ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ ھ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ‪ ،‬وﺟُﻠﱡﮭ ﻢ ﯾﻔ ﺴﺮھﺎ ﺑ ﺎﻟﺮدﱢ واﻟﻘﻠ ﺐ‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫ﺗ ﺮددھﻢ إﻻ ﻷن اﻟﻠﻐ ﺔ اﺳ ﺘﻌﻤﻠﺖ اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﺑ ﺎﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗُﺮﺋ ﺖ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠﻤ ﺔ ﺑﺎﻟﻜ ﺴﺮ‪ ،‬وإذا اﺧﺘﻠﻔ ﺖ‬
‫اﻵراء ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣُﺮﺟﱢﺢ وإﻻ ﻇﻞ ﺗﻔﺴﯿﺮھﺎ ﯾﺤﺘﻤﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ وﺟ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻊ اﻻﺣﺘﻤ ﺎل ﯾ ﺴﻘﻂ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‬
‫ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﻷﺻ ﻮﻟﯿﻮن‪ .‬أي إﻣ ﺎ أن ﯾﻈ ﻞ اﻻﺣﺘﻤ ﺎل ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ُﯾ ﺰال‬
‫اﻻﺣﺘﻤﺎل ﺑﻤﺮﺟﱢﺢ ﻓﯿﺼﺢ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫وﺑ ﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ ﻧﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺮﺟﱢﺢ واﺿ ﺤﺎً ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﻘ ﺮآن‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﺟﺬر ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ‪ :‬اﻷول ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ‪ 88‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻦ واﷲُ َأ ْر َﻛ ﺴَﮭﻢ ﺑﻤ ﺎ‬ ‫ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ‪ 91‬ﻣﻦ اﻟﺴﻮرة ﻧﻔﺴﮭﺎ‪ .‬اﻵﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﻘﻮل ] َﻓﻤَﺎ َﻟ ُﻜ ْﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻨَﺎ ِﻓ ِﻘ ْﯿ َ‬
‫ﻦ ِﻓ َﺌ َﺘ ْﯿ ِ‬
‫ﺴﺒُﻮا[ واﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺗﻘ ﻮل ]ﻛُ ﻞﱠ َﻣ ﺎ ُردﱡوا إﻟ ﻰ اﻟ ِﻔ ْﺘﻨَ ﺔِ ُأ ْرﻛِ ﺴُﻮا ِﻓﯿْﮭ ﺎ[ وھﺎﺗ ﺎن اﻵﯾﺘ ﺎن ﺗ ﺸﯿﺮان إﻟ ﻰ‬‫َﻛ َ‬

‫‪49‬‬
‫ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪ ﻟﻠﺮﱠﻛﺲ ھﻮ اﻟﺮد واﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻮاﻓﻖ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﯿﻂ وﺗﻔﺴﯿﺮ ﻟ ﺴﺎن اﻟﻌ ﺮب‪،‬‬
‫وﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﺣﺠﺮ واﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ وأﺑ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻠ ﻚ‪ .‬ﻓﺎﻟ ﺼﻮاب ھ ﻮ أن ﻛﻠﻤ ﺔ رَﻛ ﺲ ﺑ ﺎﻟﻔﺘﺢ‬
‫ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺮد‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺈن ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻘﺮآن اﺳﺘﻌﻤﻞ ﺟﺬر ﻛﻠﻤﺔ رﻛﺲ ﺑ ﺎﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓﯿ ﮫ اﻟﻠﻔ ﻆ ﺑﺎﻟﻜ ﺴﺮ‬
‫رِﻛﺲ‪ ،‬ورِﻛﺲ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻧﺠﺲ‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ ﻟﮭﻢ ‪ :‬وأﯾﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﯾﻀﺎً؟ ﻓﺎﻟﻘ ﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤ ﯿﻂ‬
‫ﻓﺴﱠﺮ ﻛﻠﻤﺔ رِﻛﺲ ﺑﺎﻟﻜﺴﺮ ﺑﺄن ﻣﻌﻨﺎھﺎ رِﺟﺲ وﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺴﺮھﺎ ﻣﺨﺘ ﺎر اﻟ ﺼﺤﺎح‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾُﻔ ﺴﱢﺮاھﺎ ﺑ ﻨﺠﺲ‪،‬‬
‫وﻛﻠﻤﺔ رِﺟﺲ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻨﺠﺲ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ‪ ،‬وﻻ ﻗﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ‪.‬‬

‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ‪.‬‬
‫واﻵن ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻛﻠﻤﺔ رِﺟﺲ‪ ،‬وھﻲ اﻟﻠﻔﻈﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ رواﯾﺔ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ُ‬
‫ب‪ -‬ﻗﺎﻟﺖ ﻣﻌﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐﺔ إن ﻛﻠﻤﺔ رِﺟﺲ ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻘَﺬَر‪ ،‬وإن اﻟﻘﺬر ﻣﻨﮫ اﻟﻤﺎدﱢي‪ ،‬وﻣﻨﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺎدي‬
‫ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل‪ ،‬وﻗﺪ ﻓﺴﱠﺮﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻐ ﻀﺐ وﺑ ﺎﻟﻘﺒﺢ وﺑﺎﻹﻋﺎﻗ ﺔ وﺑ ﺎﻻﺧﺘﻼط وﺑﺎﻻﻟﺘﺒ ﺎس وﺑﺎﻟ ﺸﻚ وﺑﺎﻟﻌﻘ ﺎب‪،‬‬
‫ن ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﯿﺴﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ أﺑﺮزھﺎ‪ .‬ھﺬا ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬‫وﻓﺴﺮﺗﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ‪ .‬ﻓﮭﻲ إذن ذات ﻣﻌﺎ ٍ‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻘﺪ وردت ھﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﻓ ﻲ ﻋ ﺸﺮة ﻣﻮاﺿ ﻊ ﻓ ﻲ ﺗ ﺴﻊ آﯾ ﺎت‪ ،‬ﻻ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄن‬
‫أذﻛﺮھﺎ ﻛﻠﮭﺎ‪:‬‬

‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 90‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬

‫ﻋ َﻤ ِﻞ اﻟﺸﱠ ْﯿﻄَﺎ ِ‬
‫ﺲ ﻣِﻦ َ‬
‫ﺟ ٌ‬
‫ﺴﺮُ وا َﻷ ْﻧﺼَﺎبُ وا َﻷزْﻻمُ ِر ْ‬ ‫‪ ] -1‬إﻧﻤﺎ اﻟ َ‬
‫ﺨ ْﻤﺮُ واﻟ َﻤ ْﯿ ِ‬
‫اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫ن [ اﻵﯾﺔ ‪ 125‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬

‫ﻦ ﻻ ﯾُ ْﺆ ِﻣﻨُﻮ َ‬
‫ﺲ ﻋَﻠﻰ اﻟﺬِﯾ َ‬
‫ﺟ َ‬ ‫‪] -2‬ﻛﺬﻟﻚ َﯾ ْ‬
‫ﺠ َﻌﻞُ اﷲُ اﻟﺮﱢ ْ‬

‫ﺲ [ اﻵﯾ ﺔ ‪ 145‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬

‫ﺟ ٌ‬
‫ﺧ ْﻨﺰِﯾ ٍﺮ ﻓﺈﻧﱠ ﮫ ِر ْ‬
‫ﺤ َﻢ ِ‬
‫ﺴﻔُﻮﺣ ًﺎ أو َﻟ ْ‬
‫ن َﻣﯿْﺘ ًﺔ أو َد َﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬ ‫‪ ] -3‬إﻻ َأ ْ‬
‫ن َﯾﻜُﻮ َ‬
‫اﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬

‫ﺐ[ اﻵﯾﺔ ‪ 71‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪.‬‬

‫ﻀ ٌ‬
‫ﻏ َ‬
‫ﺲو َ‬
‫ﺟ ٌ‬
‫ﻦ رﺑﱢﻜُ ْﻢ ِر ْ‬ ‫‪ ] -4‬ﻗﺎل َﻗ ْﺪ َو َﻗ َﻊ َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ِﻣ ْ‬

‫ﺲ[ اﻵﯾﺔ ‪ 95‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺟ ٌ‬
‫ﻋ ْﻨ ُﮭ ْﻢ إ ﱠﻧ ُﮭ ْﻢ ِر ْ‬ ‫‪] -5‬ﻓ َﺄ ْ‬
‫ﻋ ِﺮﺿُﻮا َ‬

‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 100‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ‪.‬‬

‫ﻦ ﻻ َﯾ ْﻌ ِﻘﻠُﻮ َ‬
‫ﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺬِﯾ َ‬
‫ﺟ َ‬ ‫‪ ] -6‬و َﯾ ْ‬
‫ﺠ َﻌﻞُ اﻟﺮﱢ ْ‬

‫ﺟ َﺘ ِﻨﺒُﻮا َﻗ ْﻮ َل اﻟﺰﱡو ِر [ اﻵﯾﺔ ‪ 30‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺤـﺞ‪.‬‬

‫ن وا ْ‬
‫ﺲ ﻣِﻦ ا َﻷ ْوﺛَﺎ ِ‬
‫ﺟ َ‬ ‫‪ ] -7‬ﻓﺎ ْ‬
‫ﺟ َﺘﻨِﺒﻮا اﻟﺮﱢ ْ‬

‫ﺖ[ اﻵﯾﺔ ‪ 33‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﺣﺰاب‪.‬‬

‫ﺲ َأ ْھ َﻞ اﻟ َﺒ ْﯿ ِ‬
‫ﺟ َ‬
‫ﻋ ْﻨﻜُﻢ اﻟﺮﱢ ْ‬ ‫‪ ] -8‬إﻧﱠﻤَﺎ ﯾُﺮﯾﺪُ اﷲُ ِﻟﯿُ ْﺬ ِھ َ‬
‫ﺐ َ‬

‫ﺴ ِﮭ ْﻢ[ اﻵﯾﺔ ‪125‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺟِ‬
‫ﺴ ًﺎ إﻟﻰ ِر ْ‬
‫ﺟَ‬
‫ض ﻓﺰَاد ْﺗﮭُ ْﻢ ِر ْ‬ ‫‪ ] -9‬وأَﻣﺎ اﻟﺬِﯾ َ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻗُﻠُ ْﻮ ِﺑ ِﮭ ْﻢ َﻣ َﺮ ٌ‬

‫وﺑﺎﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺆﻻء اﻵﯾ ﺎت ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن ﻛﻠﻤ ﺔ ِرﺟ ﺲ اﻟ ﻮاردة ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﮭ ﺎ ﻋ ﺪة ﻣﻌ ﺎن ‪ ،‬ﻟ ﯿﺲ ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ إﻻ ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ٍﻊ واﺣﺪ وﺑﺎﻟﻘﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﺤﺜﮫ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺳُ ﺆر اﻟﺤﯿ ﻮان[ ھ ﻮ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‬
‫ﺲ[ وﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤﻌ ﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎﻗﯿ ﺔ ﺗﻐ ﺎﯾﺮ ھ ﺬا‬
‫ﺟ ٌ‬‫ﺧ ْﻨﺰِﯾ ٍﺮ ﻓﺈﻧﱠﮫ ِر ْ‬
‫ﺤ َﻢ ِ‬
‫ﺴﻔُﻮﺣ ًﺎ أو َﻟ ْ‬
‫ن ﻣَﯿﺘ ًﺔ أو َد َﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬ ‫] إﻻ َأ ْ‬
‫ن َﯾﻜُ ْﻮ َ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ .‬ﻓﻔﻲ اﻵﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟ ﯿﺲ اﻟﻤﯿ ﺴﺮ وﻟﯿ ﺴﺖ اﻷﻧ ﺼﺎب ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺴﻮء ‪،‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻔﯿﺪ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﺬاب‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﺗﻔﯿﺪ ﻧﺠﺎﺳ ًﺔ ﻣﻌﻨﻮﯾﺔ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﺤﻘﯿﻘ ﮫ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ‬
‫ﺗﻔﯿﺪ ﻋﻘﺎﺑ ًﺎ وﺳﻮءًا ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﺑﻌﺔ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ أﺣ ﺪ إن اﻷوﺛ ﺎن ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨ ﺔ ﻻ ﯾﻘ ﻮل أﺣ ﺪ إن اﷲ‬

‫‪50‬‬
‫ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾُﺬھﺐ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺘﺎﺳ ﻌﺔ ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻟﻔﻈ ﺔ رِﺟ ﺲ اﻟﻨﺠﺎﺳ َﺔ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻌﯿﮭﺎ‬
‫ﻣ ﻦ اﻵﯾ ﺔ‪ .‬وﻟ ﻮ ﺷ ﺌﺖُ أن أﺟﻤ ﻊ ھ ﺬه اﻟﻤﻌ ﺎﻧﻲ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﻛﻠﻤ ﺔ واﺣ ﺪة ﻟﻘﻠ ﺖ إن ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ )ﺳ ﻮء(‪ ،‬وﺧ ﺬ‬
‫اﻵﯾ ﺎت ﻛﻠﮭ ﺎ وﻓ ﺴﱢﺮھﺎ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻓ ﺴﺘﺠﺪ اﻧﻄﺒﺎﻗﮭ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ‪ .‬ﻓﻜﻠﻤ ﺔ رِﺟ ﺲ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻟ ﺴﻮء‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﻨ ﻲ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ‪ .‬إذن ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻣﺎ ﯾﻮﺟ ﺐ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ اﻟ ﺮﱢﺟﺲ ﺑﺄﻧ ﮫ اﻟ ﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن‬
‫ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ أن اﻟﺮوﺛﺔ رَﻛﺲ أي ردﱞ وﻗﻠ ﺐٌ‪ ،‬أو رِﺟ ﺲ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﺳ ﻮء‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ دﻻﻟﺘﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻠﻐ ﺔ‬
‫وﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻘﺪ ﻓﺴﱠﺮ ھﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﺑﺄوﺿ ﺢ ﺑﯿ ﺎن وأﺟﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎرة ‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻧﻌﻠ ﻢ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔ ﺴﺮ‬
‫ﺑﻌﻀﮫ ﺑﻌﻀًﺎ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »أﺗﺎﻧﻲ داﻋﻲ اﻟﺠﻦ ﻓﺬھﺒﺖ ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأت ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟﻘ ﺮآن‪،‬‬
‫ﻗﺎل ﻓﺎﻧﻄَﻠَﻖ ﺑﻨﺎ ﻓﺄراﻧﺎ آﺛﺎرھﻢ وآﺛﺎر ﻧﯿﺮاﻧﮭﻢ‪ ،‬وﺳﺄﻟﻮه اﻟﺰاد ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﻜﻢ ﻛﻞ ﻋﻈﻢ ذُﻛﺮ اﺳ ﻢ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻒ ﻟ ﺪواﺑﱢﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺘﻨﺠﻮا‬
‫ﯾﻘﻊ ﻓﻲ أﯾﺪﯾﻜﻢ أوﻓﺮ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻟﺤﻤﺎً‪ ،‬وﻛ ﱡﻞ ﺑﻌ ﺮة ﻋﻠ ٌ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺘﻨﺠﻮا ﺑ ﺎﻟﻌﻈﻢ وﻻ‬
‫ﺑﮭﻤﺎ ﻓﺈﻧﮭﻤﺎ ﻃﻌﺎم إﺧﻮاﻧﻜﻢ«رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﺒﻌﺮ ﻓﺈﻧﮫ زاد إﺧﻮاﻧﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ«‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻟﻔﻈﮫ »ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺠﻮا ﺑﺎﻟﺮوث وﻻ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎم ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﻦ« وﻗﺎل )واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ( ‪.‬‬ ‫زاد إﺧﻮاﻧﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺠ ﱢ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ أن ﯾُﺴﺘﻨﺠَﻰ ﺑﺮوثٍ أو ﻋﻈﻢٍ وﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إﻧﮭﻤﺎ ﻻ ﺗُﻄﮭﱢﺮان« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ وﻗﺎل‪ :‬إﺳﻨﺎدٌ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة »أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺤﻤ ﻞ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إِداوةً ﻟﻮﺿ ﻮﺋﮫ وﺣﺎﺟﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﺒﯿﻨﻤ ﺎ ھ ﻮ ﯾﺘﺒﻌ ﮫ‬
‫ﺾ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﺄﺗﻨﻲ ﺑﻌﻈ ﻢ وﻻ‬ ‫ﺑﮭﺎ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣَﻦ ھﺬا؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻧﺎ أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺑﻐﻨﻲ أﺣﺠﺎراً أﺳﺘﻨﻔ ُ‬
‫ﺑﺮوﺛﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺗﯿﺘﮫ ﺑﺄﺣﺠﺎر أﺣﻤﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻃﺮف ﺛﻮﺑﻲ ﺣﺘﻰ وﺿﻌﺖ إﻟﻰ ﺟﻨﺒﮫ ﺛﻢ اﻧ ﺼﺮﻓﺖ ﺣﺘ ﻰ إذا ﻓ ﺮغ‬
‫ﻣﺸﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﺑﺎلُ اﻟﻌﻈﻢ واﻟﺮوﺛﺔ ؟ ﻗﺎل‪ :‬ھﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم اﻟﺠﻦﱢ‪ ،‬وإﻧﮫ أﺗ ﺎﻧﻲ وﻓ ﺪ ﺟ ﻦﱢ َﻧ ﺼِﯿﺒِﯿﻦ ‪-‬‬
‫وﻧﻌ ﻢ اﻟﺠ ﻦﱡ ‪ -‬ﻓ ﺴﺄﻟﻮﻧﻲ اﻟ ﺰاد ﻓ ﺪﻋﻮت اﷲ ﻟﮭ ﻢ أن ﻻ ﯾﻤ ﺮﱡوا ﺑﻌﻈ ﻢ‪ ،‬وﻻ ﺑﺮوﺛ ﺔ إﻻ وﺟ ﺪوا ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻃﻌﺎﻣﺎً « رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﻦ رﺳ ﻮ َل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ ﻟﯿﻠ ﺔ ﻟﻘ ﯿﮭﻢ ﻓ ﻲ‬ ‫‪ -4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳ ﺄَﻟَﺖ اﻟﺠ ﱡ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺷﻌﺎب ﻣﻜﺔ اﻟﺰاد‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻛ ﱡﻞ ﻋﻈﻢ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ أﯾ ﺪﯾﻜﻢ ﻗ ﺪ ذُﻛ ﺮ اﺳ ُﻢ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ أوﻓ ُﺮ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻟﺤﻤﺎً‪ ،‬واﻟﺒﻌﺮُ ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻔﺎً ﻟﺪواﺑﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إن ﺑﻨﻲ آدم ُﯾ َﻨﺠﱢﺴﻮﻧﮫ ﻋﻠﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﻨﺠﻮا ﺑﺮوث داﺑﱠﺔ وﻻ ﺑﻌﻈ ٍﻢ ‪ ،‬إﻧﮫ زاد إﺧﻮاﻧﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺠ ﻦ« رواه اﻟﻄﱠﺤ ﺎوي‪ .‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟ ﺪﻟﯿﻞ اﻟﻘ ﻮي اﻟﻮاﺿ ﺢ ﻋﻠ ﻰ أن ﻛﻠﻤ ﺔ رِﺟ ﺲ وﻛﻠﻤ ﺔ رﻛ ﺲ ھﻨ ﺎ ﻻ ﺗﻌﻨﯿ ﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ‪ ،‬وأن ﻋﻠ ﺔ ﻣﻨ ﻊ‬
‫اﻻﺳﺘﻨﺠﺎء ﺑﺎﻟﻌﻈﻢ وﺑﺎﻟﺮوث ھﻲ أﻧﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم اﻟﺠﻦ وﻟﯿﺲ ﻷﻧﮭﻤﺎ ﻧﺠﺴﺘﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ رَﻛﺲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺮ ﱢد واﻟﻘﻠ ﺐ ‪ ،‬واﺳ ﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤ ﺔ رِﺟ ﺲ ﺑﻤﻌ ﺎنٍ ﻋ ﺪة‬
‫ﯾﺠﻤﻌﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻛﻠﻤﺔُ ﺳﻮء‪ ،‬واﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺣﯿﻦ أُﺗﻲ ﺑﺎﻟﺮوﺛﺔ ﻗﺎل ﻋﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫ﺐ ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮭﺎ ﺳﺘﺮﺗ ﱡﺪ وﺳ ﺘﻨﻘﻠﺐ ‪ ،‬أي ﺳ ﺘﺘﺤﻮل ﻣ ﻦ ﺣ ﺎل إﻟ ﻰ ﺣ ﺎل‪.‬‬ ‫أ‪ -‬إﻧﮭﺎ رَﻛﺲ‪ ،‬أي ر ﱞد وﻗﻠ ٌ‬
‫وﺟﺎءت اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى ﺗﺒﯿﻦ ﻣﺎھﯿﺔ اﻟﺘﺤﻮل ھﺬا‪ ،‬وأن ذﻟﻚ ﯾﻌﻨﻲ ﺗﺤﻮﻟَﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ إﻟﻰ ﻃﻌ ﺎم أي‬
‫ﺳﺘﺮﺗﺪﱡ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﮭﺎ اﻷُوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮ ﱢد واﻟﻘﻠﺐ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬وﻛﻤﺎ ﺟﺎء‬
‫ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ وﻣﻌﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐ ﺔ اﻟﺘﻘ ﺖ ﻛﻠﱡﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ ﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫واﺣﺪ ﻟﻜﻠﻤﺔ رَﻛﺲ‪ ،‬ھﻮ اﻻرﺗﺪاد واﻻﻧﻘﻼب إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‪ .‬وإذا اﻟﺘﻘ ﺖ ھ ﺬه اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪51‬‬
 ‫ﺠ ْﺰ ﻷﺣ ٍﺪ ﻛﺄﻧﻨ ًﺎ ﻣَﻦ ﻛﺎن أن ﯾﺨﺎﻟﻒ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪ ﻟﻢ ﯾ ُ‬

‫ب‪ -‬إﻧﮭﺎ رِﺟﺲ‪ ،‬ورِﺟﺲ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﺳﻮء‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھﺎ ﺳُﺨﻂ ﻛﻤﺎ ﻓﺴﱠﺮھﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ .‬واﻟ ﺴﻮء‬
‫ﺧ َﺮ ﺳ ﯿﱢﺌ ًﺎ [ اﻵﯾ ﺔ‬‫ﺤ ًﺎ وآ َ‬
‫ﺻ ﺎ ِﻟ َ‬
‫ﻼ َ‬‫ﻋ َﻤ ً‬ ‫ﻄ ﻮا َ‬ ‫ﺧ َﻠ َ‬
‫ﻋ َﺘ َﺮﻓُﻮا ِﺑﺬُﻧُﻮ ِﺑ ِﮭ ْﻢ َ‬
‫نا ْ‬‫ﻋﻜﺲ اﻟﺼﻼح‪ ،‬ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] وآﺧَﺮو َ‬
‫ﺳﯿﱢﺌﺎ ِﺗ ِﮫ [ اﻵﯾ ﺔ ‪9‬‬‫ﻋ ْﻨﮫُ َ‬
‫ﺤ ًﺎ ﯾُﻜﻔﱢ ْﺮ َ‬
‫ﷲ و َﯾ ْﻌ َﻤ ْﻞ ﺻَﺎ ِﻟ َ‬
‫ﻦ ﺑﺎ ِ‬ ‫‪ 102‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ ‪ .‬وﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]و َﻣﻦْ ﯾُ ْﺆ ِﻣ ْ‬
‫ﻋ ِﻤﻠُ ﻮا‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُ ﻮا و َ‬
‫ﻋ َﻤ ﻰ واﻟ َﺒ ﺼِﯿﺮُ واﻟ ﺬِﯾ َ‬ ‫ﺴ َﺘﻮِي اﻷ ْ‬ ‫ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺘﻐ ﺎﺑﻦ ‪ .‬وﻗ ﺎل ﺟ ﻞﱠ ﺟﻼﻟ ﮫ ] و َﻣ ﺎ َﯾ ْ‬
‫اﻟﺼﱠﺎِﻟﺤَﺎتِ وﻻ اﻟ ُﻤﺴِﻲءُ[ اﻵﯾﺔ ‪ 58‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﻏﺎﻓﺮ‪ .‬ﻓﮭ ﺆﻻء اﻵﯾ ﺎت اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺎت ﻗ ﺪ ذﻛ ﺮن اﻟ ﺼﻼح‬
‫واﻟ ﺴﻮء وﺟﻌﻠ ﻦ اﻟ ﺼﻼح ﻋﻜ ﺲ اﻟ ﺴﻮء‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺴﻮء ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﻼح واﻟ ﺴﱠﻲﱢ ُء ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﺎﻟﺢ ﻓﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻣﺘﻀﺎدﺗﺎن‪ .‬وإذن ﻓﺈن ﻟﻔﻈﺔ )رِﺟﺲ( ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ ﺳ ﻮء وﺳ ﺨﻂ وﻋ ﺪم ﺻ ﻼح‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ أﺟﻤ ﻊ ﻣﻌﺎﻧﯿﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻦ اﻟﺮوﺛﺔ إﻧﮭﺎ رِﺟﺲ‪ ،‬ﯾﻔﯿﺪ أﻧﮭ ﺎ ﺳ ﯿﺌﺔٌ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء‪ ،‬أو أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺳُﺨﻂ ‪ ،‬أو أﻧﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ ﻣﻌ ﺎﻧﻲ رِﺟ ﺲ ھﻨ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﻣﻌﺎﻧﯿﮭ ﺎ ھﻨ ﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻻ ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﺮﯾﺐ وﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﯿﺪ‪.‬‬

‫وﺑﺎﺧﺘ ﺼﺎر ﻧﻘ ﻮل إن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺣ ﯿﻦ أُﺗ ﻲ ﺑﺮوﺛ ٍﺔ أراد أن ﯾﺒ ﯿﻦ أﻧﮭ ﺎ ﻻ‬
‫ﺗُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎء‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ رَﻛﺲ وﻣﻌﻨﺎھﺎ أﻧﮭﺎ ﺳﺘﺘﺤﻮل إﻟ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ اﻷوﻟ ﻰ ﻣ ﻦ اﻟﻄﻌ ﺎم‬
‫ﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻟﮭﺎ ﻓﻲ أﯾﺪﯾﮭﻢ إﻟﻰ ﻃﻌﺎم‪ ،‬وإذا أوردﻧﺎ ﻟﻔﻈﺔ رِﺟﺲ ﻗﻠﻨﺎ إﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫أي أﻧﮭﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻃﻌﺎم اﻟﺠ ﱢ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أراد ﺑﮭﺎ إﻇﮭﺎر رﻓﻀﮫ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻓﻘﺎل إﻧﮭﺎ ﺳﯿﺌﺔ أي ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ وإﻧﮭﺎ ﺳﺨﻂ أي‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻮﻋﺪ اﻟﺬي ﻗﻄﻌﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻹﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺠﻦ‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔﻈﺘﯿﮫ رَﻛﺲ ورِﺟﺲ ‪ ،‬وھ ﻲ ﻣﻌ ﺎنٍ ﻣﺘﻌﺎﺿ ﺪةٌ ﻣﺘﻨﺎﺳ ﺒﺔ ﻣ ﻊ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺰأﻧﺎ ﺑﻌ ﻀﺎً ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ .‬ﺑ ﻞ‬
‫ﻟﻤﺎذا ﻧﺬھﺐ ﺑﻌﯿﺪًا واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﯾﻘﻮل »إن ﺑﻨﻲ آدم ﯾُﻨﺠﱢﺴﻮﻧﮫ ﻋﻠﯿﻨﺎ« ﻓﮭﺬا ﻧﺺﱞ ﯾﺪلﱡ دﻻﻟﺔ ﻗﻄﻌﯿﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺮوث واﻟﻌﻈﻢ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺠﺴًﺎ ﻻ ﯾُﻄﻠﺐ ﻋﺪم ﺗﻨﺠﯿﺴﮫ ‪ ،‬ﻓﻜﻮن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل ﻣﺎ ﻗﺎل‬
‫ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ أﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫وإذن وﺑﻌﺪ أن ﻇﮭﺮ ﺧﻄُﺄ اﺳﺘﺸﮭﺎدھﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺮوث ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟ ﺮﱠوث ﯾﻈ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻠﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬وﯾﻈ ﻞ ﺑ ﻮل اﻵدﻣ ﻲ ﻓﺤ ﺴﺐ ھ ﻮ اﻟ ﻨﺠﺲ ‪ ،‬وھ ﺬا وﺣ ﺪه ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟﻠﺘ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﺟﻤﯿ ﻊ‬
‫اﻷﺑﻮال ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت‪ ،‬ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أﺑﻮال اﻟﻜ ﻼب واﻟﺨﻨ ﺎزﯾﺮ ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﺗﺤﻘﯿﻘ ﮫ ﻣ ﻦ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻜﻠ ﺐ‬
‫وﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬إذ أﻧﮭﻤﺎ ﻣﺎ داﻣﺎ ﻧﺠﺴﯿﻦ ﻓﺄﺑﻮاﻟﮭﻤﺎ ﻧﺠﺴﺔ ﻗﻄﻌ ًﺎ‪.‬‬

‫وإنﱠ اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺰﯾﺪ ﻋﻦ ﺣﺪ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﺣﯿﻦ ﻧﺴﺘﺸﮭﺪ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺳ ﺒﻖ‬
‫أن اﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑﮭﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة أﺑ ﻮال ﻣ ﺎ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻟﺤﻤ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻮاﻗ ﻊ ﯾُﺴﺘ ﺸﮭﺪ‬
‫ب ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وأن ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص‬ ‫ﺑﮭﺎ ﻟﻼﻃﻤﺌﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺻ ﺤﺔ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﻄﮭ ﺎرة أﺑ ﻮال وأزﺑ ﺎل اﻟ ﺪوا ﱢ‬
‫اﻟﺜﻼﺛﺔ إﻧﻤﺎ ﺗﻨﺎوﻟﺖ أﻓﺮادًا ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎح وﻟﻢ ﺗﺴﺘﻘﺺ اﻟﻤﺒﺎح ﻛﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺒﺎح ﺛﺒﺖ ﺣﯿﻦ أﺑﻄﻠﻨﺎ أدﻟﺔ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل‬
‫ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ اﻷﺑﻮال‪ ،‬ﻷن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء أن ﺗﻜﻮن ﻃﺎھﺮة‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬وھﻲ اﻟﺘﺪاوي‪ :‬ھﻞ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﺪواء اﻟﺨﺒﯿﺚ أو اﻟﻨﺠﺲ‪ ،‬أو اﻟﺤ ﺮام‬
‫أم ﻻ ﯾﺠﻮز؟ اﻟﺼﺤﯿﺢ أن اﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ أو ﺑﺎﻟﻤُﺤﺮﱠم ﺣﺮام ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ واﺋﻞ اﻟﺤ ﻀﺮﻣﻲ أن ﻃ ﺎرق ﺑ ﻦ ﺳ ﻮﯾﺪ اﻟﺠﻌﻔ ﻲ »ﺳ ﺄل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﺨﻤ ﺮ‪ ،‬ﻓﻨﮭ ﺎه أو‬
‫ﻛ ﺮه أن ﯾ ﺼﻨﻌﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧﻤ ﺎ أﺻ ﻨﻌﮭﺎ ﻟﻠ ﺪواء ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺪواء وﻟﻜﻨ ﮫ داء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ب ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟ ﺪرداء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﷲ أﻧ ﺰل اﻟ ﺪاء واﻟ ﺪواء‪،‬‬
‫وﺟﻌﻞ ﻟﻜﻞ داء دواء ﻓﺘﺪاوَوْا وﻻ ﺗَﺪاوَوْا ﺑﺤﺮام« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬إن اﷲ ﻟ ﻢ ﯾﺠﻌ ﻞ ﺷ ﻔﺎءﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺣ ﺮام«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ واﻟﺒﺰﱠار وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬
‫رواه اﺑﻦ ِ‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟ ﺪواء اﻟﺨﺒﯿ ﺚ« رواه أﺑ ﻮ‬

‫داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬

‫ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة اﻟ ﺴﻼم )ﻓ ﻲ ﺣ ﺮام( وﻗﻮﻟ ﮫ )اﻟ ﺪواء اﻟﺨﺒﯿ ﺚ( وﻛ ﺬﻟﻚ ﻧﮭﯿ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﺘ ﺪاوي‬
‫ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ ﯾﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻧﺠﺲ وﺣﺮام ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺜﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أﯾ ﺔ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ أو أي ُﻣ َ‬
‫ﺤ ﺮﱠم ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻌﻤ ﻮم‪،‬‬
‫وﻟﺬا ﯾﻈﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎﻣ ًﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺮام وﻛﻞ ﻧﺠﺲ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻌﺮَﻧﯿﯿﻦ اﻟﺬي ﺳﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﺪاوي ﺑﺄﺑﻮال اﻹﺑﻞ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻣﱠﺘ ﺴﻖ ﻣ ﻊ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻌ ﺎم ﻷن‬
‫أﺑﻮال اﻹﺑﻞ ﻃﺎھﺮة ﻓﻼ ﯾﺸﻤﻠﮭﺎ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إن ﻓ ﻲ أﺑ ﻮال اﻹﺑ ﻞ‬
‫وأﻟﺒﺎﻧﮭ ﺎ ﺷ ﻔﺎ ًء ﻟﻠﺬﱠرِ َﺑ ِﺔ ﺑﻄ ﻮﻧُﮭﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر ﺑﻠﻔ ﻆ »اﺷ ﺮﺑﻮا ﻣ ﻦ أﻟﺒﺎﻧﮭ ﺎ‬
‫وأﺑﻮاﻟﮭﺎ« ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ ﱠﺬرِﺑﺔ ‪ -‬ﻣﻦ اﻟ ﱠﺬرَب ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻚ ‪ :-‬ھﻮ داء ﯾﺼﯿﺐ اﻟﻤﻌﺪة ﻓﯿﻤﻨﻌﮭﺎ ﻣﻦ ھ ﻀﻢ اﻟﻄﻌ ﺎم‬
‫ﻓﯿﻔﺴﺪ ﻓﯿﮭﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر ﺗﻌﻘﯿﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾﺚ اﻟ ُﻌﺮَﻧﯿﯿﻦ )ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺄن ذﻟ ﻚ ﻟﻠ ُﻌ ﺮَﻧﯿﯿﻦ ﺧﺎﺻ ﺔ‪،‬‬
‫ﻗﯿﻞ ﻟﮫ ‪ :‬ﻟﻮ ﺟﺎز أن ﯾﻘﺎل ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺠﺔ ﻟﺠﺎز ﻟﻜ ﻞ ﻣ ﻦ أراد ﻓﯿﻤ ﺎ ﻻ ﯾﻮاﻓ ﻖ‬
‫ل اﻹﺑ ﻞ ﻓ ﻲ‬ ‫ﺻ ﺔ واﻟﻌﺎ ﱠﻣ ﺔ أﺑ ﻮا َ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻨﻦ ﻣ ﺬاھﺐ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ أن ﯾﻘ ﻮل ذﻟ ﻚ ﺧ ﺎص‪ ...‬واﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﺨﺎ ﱠ‬
‫اﻷدوﯾﺔ ‪ ،‬وﺑﯿﻊ اﻟﻨﺎس ذﻟﻚ ﻓﻲ أﺳﻮاﻗﮭﻢ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻷﺑﻌﺎر ﺗﺒﺎع ﻓ ﻲ اﻷﺳ ﻮاق‪ ،‬وﻣ ﺮاﺑﺾ اﻟﻐ ﻨﻢ ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺴﻨﻦ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛـ ـﺎن ﺑﯿ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻣﺤـ ـﺮﻣﺎً ﻷﻧﻜ ﺮ ذﻟ ﻚ أھـ ـﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ‪،‬‬
‫وﻓـﻲ ﺗﺮك أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ إﻧﻜﺎر ﺑﯿﻊ ذﻟ ﻚ ﻓ ـﻲ اﻟﻘ ﺪﯾﻢ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬واﺳﺘﻌﻤـ ـﺎل ذﻟ ﻚ ﻣﻌﺘﻤ ﺪﯾﻦ ﻓﯿﮭـ ـﺎ ﻋﻠـ ـﻰ‬
‫اﻟ ﺴﱡﻨﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘ ﺔ ﺑﯿـ ـﺎن ﻟﻤ ﺎ ذﻛﺮﻧـ ـﺎه( وھﻜ ـﺬا ﻓﮭ ﻢ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن اﻷواﺋ ﻞ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ ،r‬ﻓﻜ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺼﻨﻌـﻮن اﻷدوﯾــﺔ ﻣﻦ أﺑﻮال اﻹﺑــﻞ وھﻢ ﯾﻌﻠﻤـﻮن ﻧﮭــﻲ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺘـ ـﺪاوي ﺑﺎﻟﻨﺠ ـﺲ‪ ،‬ﻣﻤـ ـﺎ‬
‫ﯾﻮﺿﺢ أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧـﻮا ﯾﻌﺘﺒﺮون أﺑﻮال اﻹﺑﻞ ﻃﺎھﺮة‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﺗ ﺮﺧﯿﺺ رﺳ ﻮل اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟﻌﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻮف ﺑﻠﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺔ ﻣﻊ أن ﻟﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾ ﺮ ﻟﻠﺮﺟ ﺎل ﺣ ﺮام‪ ،‬ﻓﻨﺰﯾ ﻞ ھ ﺬه اﻟ ﺸﺒﮭﺔ ﺑ ﺈﯾﺮاد ﻧ ﺺ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺛﻢ ﺑﯿ ﺎن دﻻﻟﺘ ﮫ‪ .‬ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »رﺧﱠ ﺺ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻟﻠﺰﺑﯿ ﺮ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﻓ ﻲ ﻟ ﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾ ﺮ‬
‫ﻟﺤﻜﱠﺔ ﺑﮭﻤ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈ ﮫ »إن ﻋﺒ ﺪ‬
‫ﺷ َﻜﻮَا إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻘﻤ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺮﺧﺺ ﻟﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ُﻗﻤُ ﺺ‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف واﻟﺰﺑﯿ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﻌ ﻮام َ‬
‫اﻟﺤﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﻏﺰاة ﻟﮭﻤﺎ«‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻼج ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ھﻮ ﻓﻲ ﺑ ﺎب اﻟﺘ ﺪاوي‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾُﺪرج ھﻨﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻜﺎﻧﮫ ﺑﺎب اﻟﺮﺧﺺ ﻟﻠﻤ ﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓﻠ ﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾ ﺮ ﻟ ﯿﺲ دواء وﻟ ﯿﺲ ﻋﻼﺟ ﺎً‪ ،‬وﻻ ُﯾ ﺼﻨﱠﻒ‬
‫ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﻼﺟﺎت واﻷدوﯾ ﺔ ﻟﻤ ﺮض اﻟﺤﻜﱠ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻘ ﺎل إن اﻟﺤﻜﱠ ﺔ ﻣ ﺮض ﯾُ ﺮﺧﱠﺺ ﻟ ﺼﺎﺣﺒﮭﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﻟﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ‪ ،‬وﺑﺤﺚ اﻟﺮﺧﺺ ﻣﻌﻠﻮم ﻓ ﻲ اﻟﻔﻘ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ ﺣ ﺎﻻت اﺳ ﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﯾﺠ ﻮز ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﻠﻤ ﺮﯾﺾ ﻣ ﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺠ ﻮز ﻟﻐﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻤﺮﯾﺾ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن ُﯾ ﺮﺧﱠﺺ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻹﻓﻄ ﺎر‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﺎل إن اﻹﻓﻄ ﺎر ‪ -‬وھ ﻮ ﻓ ﻲ‬
‫ج ﻟﻠﻤﺮﯾﺾ اﻟﺼﺎﺋﻢ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻘ ﺎل ھ ﻮ رﺧ ﺼﺔ‪ ،‬واﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﯾُ ﺮﺧﱠﺺ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫اﻷﺻﻞ إﺛﻢ ‪ -‬ﻋﻼ ٌ‬
‫ﻗﺎﻋﺪاً ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﺎل إن اﻟﺼﻼة ﻗﺎﻋﺪًا ﻋﻼج‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾُﻘﺎل إﻧﮭﺎ رﺧﺼﺔ‪ ،‬واﻟﻤﺮﯾﺾ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺎء ﯾ ﻀﺮﱡه‬
‫ﯾُﺮﺧﱠﺺ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻤﺎء ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﺎل إن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻋﻼج‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﺑﺎﻟﺤﻜﱠﺔ ﯾُﺮﺧﱠﺺ‬
‫ﻟﮫ ﻓﻲ ﻟﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ‪ ،‬وﻟﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ ﻟﯿﺲ ﻋﻼﺟ ﺎً‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ رﺧ ﺼﺔ‪ ،‬وھﻜ ﺬا اﻟ ﺮﱡﺧﺺ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺣ ﺎﻻت‬
‫اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﯾﺒﺎح ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام أو ﺗﺮك اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻋﻼﺟﺎت وﻟﯿﺴﺖ أدوﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك‬

‫‪53‬‬
‫ﺑﯿﻨﮭﺎ ھﻮ دﻓﻊ اﻟﻤﺸﻘﱠﺔ واﻷذى ﻋﻦ اﻟﻤﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﯿﺎم ﻣ ﺸﻘﺔ‪ ،‬واﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻣ ﺸﻘﺔ وأذى‪ ،‬وﻟ ﺒﺲ‬
‫اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺨﺸﻨﺔ ﻣﺸﻘﺔ‪ .‬ھﻜﺬا ﯾﺠﺐ أن ﯾُﻔﮭﻢ ﺣﺪﯾﺚ ﻟﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ ﻟﻠﺤ ﱠﻜ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ أﻧ ﮫ رﺧ ﺼﺔ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫ﻣ ﺮض اﻟﺤﻜ ﺔ وﻟ ﯿﺲ ﻋﻼﺟ ﺎً وﻟ ﯿﺲ دواء‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈ ﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻌ ﺎم ﻗﺎﺋﻤ ﺎً ‪ ،‬وﺗﻈ ﻞ اﻟﻨ ﺼﻮص ﻛﻠﮭ ﺎ‬
‫ﻣﻨ ﺴﺠﻤﺔ ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﻣ ﻊ ﺑﻌ ﺾ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺎﻟﺤﺮام ﺣ ﺮام‪ ،‬واﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ ﺣ ﺮام‪ ،‬وﻻ ﯾﺠ ﻮز‬
‫ﺦ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ وﻻ أي ﻣﺨ ﺼﱢﺺ وﻻ أي‬ ‫ي ﻧﺴ ٍ‬‫اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﻣﻄﻠﻘﺎً‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص أ ﱡ‬
‫ﻣﻌﺎرِض‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺪواء اﻟﺨﺒﯿﺚ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻻﺿ ﻄﺮار‪ ،‬واﻟ ﺪواء اﻟﺨﺒﯿ ﺚ ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻻﺧﺘﯿﺎر‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﺗﺄوﯾﻞ ﯾﺸﺒﮫ ﺗﺄوﯾﻠﮭﻢ ﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﻮل أو َﺑﻌَﺮ‪ ،‬وﺗﺄوﯾﻠﮭﻢ ﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺪاوي ﺑﺄﺑﻮال اﻹﺑﻞ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻻﺿﻄﺮار‪ ،‬ﻓﮭﻢ ﯾﺘﺒﻨﱠﻮن ﺣﻜﻤﺎً ﯾﺮوﻧﮫ ﺻﺤﯿﺤﺎً ﺛ ﻢ ﯾﺆوﻟﱢ ﻮن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ واﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ ﺗﺨ ﺎﻟﻒ ھ ﺬه‬
‫اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻣﻨ ﺴﺠﻤﺔ ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﻣ ﻊ ﺑﻌ ﺾ وﻻ‬
‫ﺗَﻌﺎرُض ﺑﯿﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘ ﻲ وﺿ ﻌﻮھﺎ ﻟﻠ ﺪواء ‪ -‬وھ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻻﺧﺘﯿ ﺎر واﻻﺿ ﻄﺮار ‪ -‬ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﺑﺎح ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺿﻄﺮار أن ﻧﻔﻌﻞ اﻟﺤﺮام‪ ،‬ﻓﻨﺄﻛﻞ اﻟﻤﯿﺘﺔ وﻧﺸﺮب اﻟﺨﻤﺮ وﻧ ﺴﺮق اﻟﻄﻌ ﺎم‬
‫وﻟﻜﻦ ھﺬا ﺷﻲء واﻟﺘﺪاوي ﺑﺎﻟﺨﺒﯿﺚ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻻﺿ ﻄﺮار ﺷ ﻲء آﺧ ﺮ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻟ ﻮ وُﺟ ﺪ ﺷ ﺨﺺ‬
‫ﺷ ﺮﺑُﮭﺎ ﻟﯿﻨﻘ ﺬ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن‬ ‫أﺷ ﺮف ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﻮت ﻋﻄ ﺸًﺎ وﻟ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪه ﺷ ﺮاب إﻻ اﻟﺨﻤ ﺮ ﺟ ﺎز ﻟ ﮫ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺳﺠﯿﻨًﺎ وﻣﻨﻊ اﻟﺴﱠﺠﱠﺎن ﻋﻨﮫ اﻟﻄﻌﺎم ﺣﺘﻰ أوﺷﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﮭﻼك ﺟﺎز ﻟﮫ أن ﯾﻘﺘﻞ اﻟ ﺴﱠﺠﱠﺎن وﯾﺨﻠﱢ ﺺ‬
‫ﻧﻔﺴﮫ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ھﻮ ﻏﯿﺮ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪده‪ ،‬وھ ﺬا ھ ﻮ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ اﻟﺘ ﻲ اﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑﮭ ﺎ‬
‫ﻄﺮِرﺗُﻢْ إﻟﯿﮫ[‪ .‬ﻓﺎﻻﺿﻄﺮار ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﻟﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ رأﯾﮭﻢ ] َو َﻗ ْﺪ َﻓﺼﱠ َﻞ ﻟﻜُ ْﻢ ﻣَﺎ ﺣُﺮﱢ َم َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ إﻻ ﻣَﺎ اﺿ ُ‬
‫اﻟﻤﺮض ‪ ،‬وأدﻟﺘﮭﺎ ﻏﯿﺮ أدﻟﺔ اﻟﻤﺮﯾﺾ وأدﻟ ﺔ اﻟﻌ ﻼج‪ ،‬ﻷن اﻻﺿ ﻄﺮار ھ ﻮ اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﯾ ﺸﺮف ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫غ وﻻ ﻋﺎ ٍد[‬
‫ﻏ ْﯿ َﺮ ﺑﺎ ٍ‬ ‫اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮت ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺎرت إﻟﯿﮭﺎ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ] ﻓ َﻤ ْ‬
‫ﻦ اﺿﻄُﺮﱠ َ‬
‫ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺿﻄﺮار ﯾﺠﻮز ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﺮوج واﻟﺨﻼص ﻣﻨﮭ ﺎ ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﻨﺎ ﻓ ﺸﻲء‬
‫ﺧﺮُ ﺗﻤﺎﻣًﺎ‪.‬‬
‫آَ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺮض ﻟﯿﺲ ﺣﺎﻟﺔ اﺿﻄﺮار وﻻ ﯾﺠﻮز ﺧﻠﻂ اﻻﺿﻄﺮار ﺑﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺮض أو اﻟﺪواء ﻟﻼﺧ ﺘﻼف‬
‫ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺮض ﯾﻈﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎﻣﺎً‪ ،‬وھﻮ ﺣﺮﻣ ﺔ اﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ أو ﺑ ﺎﻟﺤﺮام‪ .‬وھﻜ ﺬا ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﻟﯿﺲ ﻟﮭﻢ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أوردوه‪ ،‬وﯾﻈﻞ اﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ ﺑﺠﻤﯿﻊ ﻓﺮوﻋ ﮫ ﻣﻨ ﺴﺠﻤ ًﺎ ﻣ ﻊ ﺑﻌ ﻀﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﺑﻮال اﻹﺑ ﻞ‬
‫ﻃﺎھﺮة‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﺪاوي ﺑﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺨﻤﺮ ﻧﺠﺴﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﺪاوي ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻮﺻ ﻮل إﻟ ﻰ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑ ﺄن ﻧﻘ ﻮل إن اﻟ ﺸﺮع ﺣ ﺮﱠم اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ‪ ،‬وإن‬

‫اﻟﺸﺮع ﺣﺮﱠم اﻟﺤﺮام ﺑﺪاھﺔ‪ ،‬وﺟﻌﻞ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ وﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام ﺣﺮاﻣًﺎ وﻟﯿﺲ ﻣﺒﺎﺣًﺎ وﻻ ﻣﻜﺮوھﺎً ‪،‬‬
‫وﻣﺎ دام اﻟﺪواء اﻟﻨﺠﺲ ﻧﺠﺴًﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺮم اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ وﻣﺎ دام اﻟﺪواء ﻣﺤﺮﱠﻣًﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺮُم ﺗﻌﺎﻃﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺼ ﺼﺔ وﻣ ﺴﺘﺜﻨِﯿﺔ‪،‬‬
‫وﯾﺠ ﻮز أن ﻧ ﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻌ ﺎم ﻣ ﺎ ﻧ ﺸﺎء إن وﺟ ﺪﻧﺎ ﻧ ﺼﻮﺻ ًﺎ ﻣﺨ ﱢ‬
‫ﺼ ﺼﺎً‪،‬‬‫ﺼﺺ أو ُﻣ ﺴﺘﺜﻦٍ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺄﺑﻮال اﻹﺑ ﻞ ﻟ ﯿﺲ ﻣُﺨ ﱢ‬
‫وﻟﻜﻨﻨ ﺎ رﻏ ﻢ ﺑﺤﺜﻨ ﺎ ﻟ ﻢ ﻧﺠ ﺪ أي ﻧ ﺺ ﻣﺨ ﱢ‬
‫واﻟﺘﺮﺧﯿﺺ ﺑﻠﺒﺲ اﻟﺤﺮﯾﺮ ﻟﯿﺲ ﻣﺴﺘﺜﻨﯿﺎً‪ ،‬وإذن ﻓ ﺈن اﻧﺘﻔ ﺎء اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ واﻻﺳ ﺘﺜﻨﺎء ﯾﻘ ﻮد ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‬
‫إﻟ ﻰ إﻋﻤ ﺎل اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻌ ﺎم‪ ،‬وھ ﻮ ﺣﺮﻣ ﺔ اﻟﺘ ﺪاوي ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ وﺑ ﺎﻟﺤﺮام ‪ .‬وﻣ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﻣ ﻦ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮد‬
‫اﻟﺘﺨﺼﯿﺺ وﻋﺪم وﺟﻮد اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻧﻘﻮﻟﮫ أﯾﻀًﺎ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟ ﻮد اﻟﺘﻌ ﺎرض‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص أي‬
‫ﻧﺺ ﯾﻌﺎرض اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪.‬‬

‫‪54‬‬
 ‫وﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻗﺮأت ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻛﻠﻤﺎت ﻛﺘﺒﮭﺎ اﺑﻦ اﻟﻘ ﯿﻢ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﻟﻄ ﺐ اﻟﻨﺒ ﻮي أﻧﻘﻠﮭ ﺎ‬
‫إﻟﯿﻜﻢ ﻛﻤﺎ وردت )إﻧﻤﺎ ﺣﺮﱠم اﷲ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷﻣﺔ ﻣﺎ ﺣﺮﱠم ﻟﺨﺒﺜﮫ ‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤﮫ ﻟﮫ ﺣﻤﯿﺔ ﻟﮭﻢ وﺻﯿﺎﻧﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﺗﻨﺎوﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻨﺎﺳ ﺐ أن ﯾﻄﻠ ﺐ ﺑ ﮫ اﻟ ﺸﻔﺎء ﻣ ﻦ اﻷﺳ ﻘﺎم واﻟﻌﻠ ﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ وإن أﱠﺛ ﺮ ﻓ ﻲ إزاﻟﺘﮭ ﺎ ﻟﻜﻨ ﮫ ﯾُﻌ ِﻘ ﺐ‬
‫ﺳ ﻘْﻢ اﻟﺒ ﺪن‬‫ﺳﻘَﻤًﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻘﻮة اﻟﺨﺒﺚ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻤ ﺪاوي ﺑ ﮫ ﻗ ﺪ ﺳ ﻌﻰ ﻓ ﻲ إزاﻟ ﺔ ُ‬ ‫َ‬
‫ﺑﺴَﻘَﻢ اﻟﻘﻠﺐ ‪ ،‬وأﯾﻀًﺎ ﻓﺈن ﺗﺤﺮﯾﻤﮫ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ ﺗﺠﻨﱠﺒ ﮫ واﻟﺒﻌ ﺪ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻜ ﻞ ﻃﺮﯾ ﻖ وﻓ ﻲ اﺗﺨ ﺎذه دوا ًء ﺣ ﺾﱞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﻏﯿﺐ ﻓﯿﮫ وﻣﻼﺑﺴﺘﮫ‪ ،‬وھﺬا ﺿﺪ ﻣﻘﺼﻮد اﻟﺸﺎرع( وأﺿﺎف اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ )إن ﻓﻲ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﺘ ﺪاوي‬
‫ﺑﮫ وﻻ ﺳﯿﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻔﻮس ﺗﻤﯿﻞ إﻟﯿﮫ ذرﯾﻌﺔ إﻟﻰ ﺗﻨﺎوﻟﮫ ﻟﻠﺸﮭﻮة واﻟﻠﺬة‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ إذا ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻨﻔﻮس‬
‫ﺐ ﺷﻲء إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺸﺎرع ﺳ ﺪﱠ اﻟﺬرﯾﻌ ﺔ إﻟ ﻰ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ‬ ‫أﻧﮫ ﻧﺎﻓﻊ ﻟﮭﺎ ﻣﺰﯾﻞٌ ﻷﺳﻘﺎﻣﮭﺎ ﺟﺎﻟﺐ ﻟﺸﻔﺎﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭﺬا أﺣ ﱡ‬
‫ﺑﻜﻞ ﻣﻤﻜﻦ‪ ،‬وﻻ رﯾﺐ أن ﺑﯿﻦ ﺳﺪﱢ اﻟﺬرﯾﻌﺔ إﻟ ﻰ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ وﻓ ﺘﺢِ اﻟﺬرﯾﻌ ﺔ إﻟ ﻰ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ ﺗﻨﺎﻗ ﻀًﺎ وﺗﻌﺎرﺿ ًﺎ‪،‬‬
‫وأﯾﻀًﺎ ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺪواء اﻟﻤُﺤـﺮﱠم ﻣﻦ اﻷدواء ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻈﻦ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﻔﺎء( وأﺿﺎف )وﻣﻌﻠ ﻮم‬
‫أن اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺤﺮﯾﻢ ھﺬه اﻟﻌﯿﻦ ﻣﻤﺎ ﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻋﺘﻘ ﺎد ﺑﺮﻛﺘﮭ ﺎ وﻣﻨﻔﻌﺘﮭ ﺎ وﺑ ﯿﻦ ﺣ ﺴﻦ ﻇﻨ ﮫ‬
‫ﺑﮭﺎ وﺗﻠﻘﱢﻲ ﻃﺒﻌ ﮫ ﻟﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻘﺒﻮل‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻛﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﻌﺒ ﺪ أﻋﻈ ﻢ إﯾﻤﺎﻧ ﺎً ﻛ ﺎن أﻛ ﺮه ﻟﮭ ﺎ وأﺳ ﻮأ اﻋﺘﻘ ﺎداً ﻓﯿﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ق ﺑﻠﯿ ﻎ‪.‬‬‫وﻃﺒﻌ ﮫ أﻛ ﺮه ﺷ ﻲء ﻟﮭ ﺎ ﻓ ﺈذا ﺗﻨﺎوﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤ ﺎل ﻛﺎﻧ ﺖ داء ﻟ ﮫ ﻻ دواء( ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮل ُﻣ ﺸﺮ ٌ‬
‫وﺑ ﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﻜ ﻮن ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻧﺤﺘ ﺎج ﻣﻌﮭ ﺎ إﻟ ﻰ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ ﺗﻌﻄﯿ ﻞ اﻷدﻟ ﺔ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﺻﺮﻓﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﻟﻌﻼﺟﮭﺎ‪ .‬ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻧﺨﻠﺺ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل إن أﺻ ﺤﺎب اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول‬
‫أﺻ ﺎﺑﻮا وأﺧﻄ ﺄوا وإنﱠ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ أﺧﻄ ﺄوا وﻟ ﻢ ﯾُ ﺼﯿﺒﻮا‪ ،‬وإنﱠ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‬
‫أﺻﺎﺑﻮا وﻟﻢ ﯾُﺨﻄﺌﻮا‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إﻻ إذا ﻟﻢ ﯾﺴﺘﺜﻨﻮا اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪ ،‬وھ ﻮ اﺳ ﺘﺜﻨﺎءٌ ﻻ أﻋﻠ ﻢ إِن ﻛ ﺎﻧﻮا ﻗ ﺎﻟﻮه‬
‫أو ﻻ‪.‬‬

‫وﺑﻌﺪ أن ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ إزاﻟﺔ اﻟﺸﱡﺒﮭﺎت ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻷﺑ ﻮال‪ ،‬ﻧ ﻮدﱡ أن ﻧﺒﺤ ﺚ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻤﯿﺘ ﺔ وﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﻠﺪھﺎ وﻋﻈﻤﮭﺎ وﺷﻌﺮھﺎ‪ ،‬وھﻞ ھﺬه اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻤﯿﺘﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬أم أن ﻟﮭ ﺎ ﺣﻜﻤ ًﺎ‬
‫آﺧﺮ؟‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬اﻟﻤﯿﺘﺔ وأﺟﺰاؤھﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ اﺧﺘﻠ ﻒ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻤﯿﺘ ﺔ وأﺟﺰاﺋﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﺧﺘﻼﻓ ﺎً ﻛﺒﯿ ﺮاً‪،‬‬
‫وذھﺒﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺬاھﺐ ﺷﺘﱠﻰ‪ ،‬وﻗﺪ ﻇﮭﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﯿﻦ رﺋﯿﺴﯿﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫ﻦ واﻟﻘﺮن واﻟﻮﺑﺮ واﻟﺼﻮف‪.‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻈﻤﮭﺎ وﺷﻌﺮھﺎ وﻣﺎ ﯾﻠﺤﻖ ﺑﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎج واﻟﺴﱢ ﱢ‬

‫ب ‪ -‬ﺟﻠﺪھﺎ‪.‬‬

‫ﻓﺬھﺐ إﻟ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻋﻈﻤﮭ ﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وإﺳ ﺤﻖ وأﺣﻤ ﺪ ‪ ،‬وذھ ﺐ إﻟ ﻰ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻜﺮاھ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺟ َﺮﯾْﺞ‬
‫ﻋﻄﺎء وﻃﺎووس واﻟﺤﺴﻦ وﻋﻤﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ‪ ،‬وذھ ﺐ إﻟ ﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮭ ﺎ اﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﺜﻮري وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺰﱡھﺮي‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ .‬ﻓﺎﻟﻔﻘﮭﺎء واﻷﺋﻤﺔ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ اﻟﻌﻈﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫ي اﻟﺠﻠ ﻮد ﺗَﻄْ ُﮭ ﺮ‪ ،‬ﻋﻠ ﻰ آرا ٍء‬
‫ﺛﻼﺛﺔ آراء‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺟﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ھ ﻞ ﯾَﻄْ ُﮭ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺪﺑﺎغ أم ﻻ ﯾَﻄْ ُﮭ ﺮ وأ ﱡ‬
‫ﻛﺜﯿﺮة ﻧﻔﺼﱢﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ذھﺐ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ وﻋﻄ ﺎء واﻟﺤ ﺴﻦ واﻟ ﺸﻌﺒﻲ وﺳ ﺎﻟﻢ واﻟﻨﺨﻌ ﻲ‬
‫وﻗﺘ ﺎدة واﻟ ﻀﺤﺎك وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﻠﯿ ﺚ واﻟﺜ ﻮري وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺒﺎرك واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ ﻓﻲ آﺧ ﺮ ﻗﻮﻟﯿ ﮫ إﻟ ﻰ أن ﺟﻠ ﻮد اﻟﻤﯿﺘ ﺎت ﺗَﻄﮭ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺪﺑﺎغ ﻣ ﺎ ﻋ ﺪا ﺟﻠ ﺪ اﻟﻜﻠ ﺐ‬
‫وﺟﻠﺪ اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -2‬ورُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب واﺑﻨ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻋِﻤ ﺮان ﺑ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ وﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‬
‫ﻄﮭﱢﺮ ﺟﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ إﻃﻼﻗﺎً‪.‬‬
‫وأﺣﻤﺪ ﻓﻲ أُوﻟﻰ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ أن اﻟﺪﺑﺎغ ﻻ ُﯾ َ‬

‫‪ -3‬وذھﺐ اﻷوزاﻋﻲ وأﺑﻮ ﺛﻮر وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ را ُھﻮَﯾﮫ إﻟﻰ ﺗﻄﮭﯿﺮ ﺟﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻟﻤﺄﻛﻮل اﻟﻠﺤﻢ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫ﻄ ﱢﮭ ﺮ ﻇ ﺎھﺮ اﻟﺠﻠ ﺪ دون ﺑﺎﻃﻨ ﮫ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻮﺿ ﻊ‬

‫‪ -4‬وذھﺐ ﻣﺎﻟ ﻚ إﻟ ﻰ أن اﻟ ﺪﱢﺑﺎغ ُﯾ َ‬
‫اﻟﻤﺎﺋﻌﺎت واﻟﺴﻮاﺋﻞ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫ﻄ ﱢﮭ ﺮ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺠﻠ ﻮد ﺣﺘ ﻰ‬
‫‪ -5‬وذھﺐ داود وأﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨ ﮫ إﻟ ﻰ أن اﻟ ﺪﱢﺑﺎغ ُﯾ َ‬
‫ﺟﻠﺪ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ‪.‬‬

‫‪ -6‬واﻧﻔﺮد اﻟﺰﱡھﺮي ﺑﺎﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻄﮭﺎرة ﺟﻠﻮد اﻟﻤﯿﺘﺔ دون دﺑﺎغ‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ اﻵراء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻨﻨﺎﻗﺸﮭﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﺑﺘﻮﻓﯿ ﻖ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪.‬‬
‫اﻟﺬي ﻇﮭﺮ ﻟﻲ ھﻮ أن ﻋﻈﻢ اﻟﻤﯿﺘﺔ وﺷﻌَﺮھﺎ وﺳِ ﻨﱠﮭﺎ وﻇِﻠْﻔﮭ ﺎ ﻛﻠ ﮫ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬وأن ﺟﻠ ﻮد اﻟﻤﯿﺘ ﺎت ﺟﻤﯿﻌﮭ ﺎ‬
‫ﺗﻄﮭﺮ ﺑﺎﻟﺪﺑﺎغ ﻟﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ن ﯾﻜ ﻮن َﻣ ْﯿ َﺘ ًﺔ أو‬
‫ﻄ َﻌ ُﻤ ُﮫ إﻻ أ ْ‬
‫ﻋ ٍﻢ َﯾ ْ‬
‫ﺤﺮﱠﻣ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻃ ﺎ ِ‬
‫ﻲ ُﻣ َ‬
‫ﻲ إﻟ ﱠ‬
‫ﺣَ‬ ‫‪ -1‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ُﻗ ْﻞ ﻻ أ ِ‬
‫ﺟ ُﺪ ﻓﻲ ﻣَﺎ أُو ِ‬
‫ﺲ أو ِﻓﺴْﻘ ًﺎ أُ ِھﻞﱠ ِﻟ َﻐ ْﯿ ِﺮ اﷲ ِﺑ ِﮫ[ اﻵﯾﺔ ‪ 145‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬ ‫ﺟ ٌ‬ ‫ﺴﻔُﻮﺣ ًﺎ أو ﻟﺤ َﻢ ﺧِﻨﺰﯾ ٍﺮ ﻓﺈﻧﱠﮫ ِر ْ‬
‫دَﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬

‫ﺳ ﻮارﯾﻦ ﻣ ﻦ‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎن أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﯾﺎ ﺛﻮﺑﺎن اﺷﺘﺮ ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ ﻗﻼدة ﻣ ﻦ ﻋَ َ‬
‫ﺼﺐٍ و ِ‬
‫ﻋﺎج« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺼﺪﱢق ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻮﻻ ٍة ﻟﻤﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﺑ ﺸﺎة ﻓﻤﺎﺗ ﺖ‪ ،‬ﻓﻤ ﱠﺮ ﺑﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل » ُﺗ ُ‬

‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ھﻼ أﺧﺬﺗﻢ إھﺎﺑﮭﺎ ﻓﺪﺑﻐﺘﻤﻮه ﻓ ﺎﻧﺘﻔﻌﺘﻢ ﺑ ﮫ؟ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬إﻧﮭ ﺎ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ﺣَ ُﺮ َم أﻛﻠُﮭ ﺎ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺎﻟﺖ »ﻣ ﱠﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺮﺟﺎل ﻣ ﻦ ﻗ ﺮﯾﺶ‬
‫ﺠﺮﱡون ﺷﺎة ﻟﮭﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻤﺎر‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟﮭ ﻢ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻟ ﻮ أﺧ ﺬﺗﻢ إھﺎﺑَﮭ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬إﻧﮭ ﺎ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬ ‫ﯾُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وﺻ ﺤﺤﮫ‬ ‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬ﯾُﻄﮭﱢﺮھ ﺎ اﻟﻤ ﺎء واﻟ َﻘ َﺮظُ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ اﻟﺴﻜﻦ ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ َﻘﺮَظ‪ :‬ھﻮ ﻣﺎ ﱠد ٌة ﯾُﺪﺑﻎ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس »أن داﺟﻨ ًﺔ ﻟﻤﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﻣﺎﺗ ﺖ ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﻻ اﻧﺘﻔﻌ ﺘﻢ ﺑﺈھﺎﺑﮭ ﺎ‪ ،‬أﻻ‬

‫دﺑﻐﺘﻤﻮه ﻓﺈﻧﮫ ذﻛﺎﺗُﮫ« رواه أﺣﻤـﺪ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺰم ‪ :‬إﺳﻨﺎده ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺼﺤﺔ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ وﻋﻠﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﻠﺖ ﻟﮫ ‪ :‬إﻧﺎ ﻧﻐﺰو ﻓﻨُﺆﺗﻰ‬
‫ﺑﺎﻹھﺎب وا َﻷﺳْﻘﯿﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ أدري ﻣﺎ أﻗﻮل ﻟﻚ‪ ،‬إﻻ أﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬أﯾﱡﻤﺎ إھ ﺎ ٍ‬
‫ب دُﺑ ﻎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ﻃﮭُﺮ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻓﻘﺪ َ‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒــﺎس رﺿﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أراد اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ِ‬

‫ﺳ ﻘﺎء‪ ،‬ﻓﻘﯿ ﻞ ﻟ ﮫ ‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫ﺟ ﺴﮫ « رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺠ ﺴﮫ أو ِر ْ‬
‫إﻧ ﮫ ﻣﯿﺘ ﺔ ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬دﺑﺎﻏ ﮫ ﯾ ﺬھﺐ ﺑﺨَﺒَﺜ ﮫ أو ﻧ َ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﺎه‪ ،‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ﺳ ﺌِﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺟﻠ ﻮد اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬دﺑﺎﻏﮭ ﺎ‬
‫‪ -8‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ » ُ‬
‫ﻃُﮭﻮرھﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﺴﻮْدة ﺑﻨﺖ ِزﻣْﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫‪ -9‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﺎﺗﺖ ﺷﺎة ﻟ َ‬
‫ﺴﻜَﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻧﺄﺧﺬ َﻣﺴْﻚ ﺷﺎة ﻗﺪ ﻣﺎﺗ ﺖ؟ ﻓﻘ ﺎل ﻟﮭ ﺎ‬ ‫ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻼﻧﺔ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺸﺎة‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻓﻠﻮﻻ أﺧﺬﺗﻢ َﻣ ْ‬
‫ن‬
‫ﻄ َﻌ ُﻤ ﮫ إﻻ َأ ْ‬
‫ﻋ ٍﻢ َﯾ ْ‬
‫ﺤﺮﱠﻣ ًﺎ ﻋﻠ ﻲ ﻃ ﺎ ِ‬
‫ﻲ ُﻣ َ‬
‫ﻲ إﻟ ﱠ‬
‫ﺣَ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬إﻧﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ] ُﻗ ْﻞ ﻻ َأ ِ‬
‫ﺟ ُﺪ ِﻓﯿْﻤﺎ أُو ِ‬
‫ﺧ ْﻨﺰِﯾ ٍﺮ[ ﻓ ﺈﻧﻜﻢ ﻻ ﺗﻄﻌﻤﻮﻧ ﮫ أن ﺗ ﺪﺑﻐﻮه ﻓﺘﻨﺘﻔﻌ ﻮا ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﺄرﺳ ﻠﺖ‬ ‫ﺤ َﻢ ِ‬
‫ﺴﻔُﻮﺣ ًﺎ أَو َﻟ ْ‬
‫ن َﻣﯿْﺘ ًﺔ أو دﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬
‫ﯾﻜُﻮ َ‬
‫إﻟﯿﮭﺎ ﻓﺴﻠﺨﺖ َﻣﺴْﻜﮭﺎ ﻓﺪﺑﻐﺘﮫ ﻓﺄﺧﺬت ﻣﻨﮫ ﻗِﺮﺑﺔ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨﺮﱠﻗ ﺖ ﻋﻨ ﺪھﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﺻ ﺤﯿﺢ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ووردت أﺣﺎدﯾ ﺚ أﺧ ﺮى ﻓ ﻲ ﺗﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﺠﻠ ﻮد ﺑﺎﻟ ﺪﺑﺎغ‪ ،‬إﻻ أﻧﻨ ﺎ اﻗﺘ ﺼﺮﻧﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻟﻠﻜﻔﺎﯾﺔ ﻓﻼ ﻧﻄﯿﻞ‪.‬‬

‫ﺑﺎﺳ ﺘﻌﺮاض اﻷدﻟ ﺔ اﻟﺘ ﺴﻌﺔ ﻧﺠ ﺪ أن اﻟ ﺪﻟﯿﻞ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ ھ ﻮ ﺗﻔ ﺴﯿ ٌﺮ ﻓﻘﮭ ﻲ ﻟﻠ ﺪﱠﻟﯿﻞ اﻷول وھ ﻮ اﻵﯾ ﺔ‪،‬‬
‫ﻼ‪ .‬ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﻓﺈﻧﻜﻢ ﻻ ﺗﻄﻌﻤﻮﻧ ﮫ‬ ‫وﻋﻠﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺪﻟﯿﻠﯿﻦ ﻣﺪار اﻟﺒﺤﺚ إﻻ ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﺤﺮﱠﻣ ًﺎ‬‫ﻲ ُﻣ َ‬
‫ﻲ إﻟ ﱠ‬ ‫ﺺ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ] ُﻗ ْﻞ ﻻ َأ ِ‬
‫ﺟ ُﺪ ﻓ ﻲ ﻣ ﺎ أُوﺣ َ‬ ‫أن ﺗﺪﺑﻐﻮه ﻓﺘﻨﺘﻔﻌﻮا ﺑﮫ« إذا أﺿﯿﻒ إﻟﻰ ﻧ ﱢ‬
‫ﻄ َﻌﻤُﮫ[ ﻧﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﺑﻔﮭ ٍﻢ ﻟﻄﯿﻒ‪ ،‬ھﻮ أن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ أﻛﻠﮭ ﺎ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋ ٍﻢ َﯾ ْ‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻛﻮل ﻣﻨﮭﺎ »وأﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻄﻌﻤﻮﻧﮫ«‪» ،‬ﻋﻠﻰ ﻃ ﺎﻋ ٍﻢ ﯾﻄﻌﻤ ﮫ« ﻓ ﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ أﻛ ﻞ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ‪،‬‬
‫واﻟﻤﺎدة اﻟﻤﺤﺮﱠﻣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻷﻛ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ ھ ﻲ ﻣ ﺎ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻓﻘ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ ﻣﻘﺮوﻧ ﺎً ﺑﺎﻵﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬وإذن ﻓﺈنﱠ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻸﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺣﺮام أﻛﻠﮫ وﻧﺠﺲ أﯾﻀﺎً‪ ،‬وھﻮ اﻟﺬي ﯾﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ‬
‫أﺣﻜﺎم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻻ ﻏﯿﺮ ‪ ،‬ﻓﯿﺨ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻣ ﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻛﻌﻈﻤﮭ ﺎ وﻇِﻠْﻔﮭ ﺎ وﺷ ﻌﺮھﺎ وﺳ ﻨﱢﮭﺎ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﺆﻛﻞ ﻻ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻞ ﯾﻈﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮاءة اﻷﺻﻠﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬وھﺬا اﻟﻔﮭﻢ أﯾﻀ ًﺎ ھ ﻮ ﻟ ﺸﯿﺦ اﻹﺳ ﻼم اﺑ ﻦ ﺗﯿﻤﯿ ﺔ‪ .‬وأﯾ ﻀًﺎ‬
‫ﻓﺈن أدﻟ ًﺔ ﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﺳﺘﻌﻤﺎل ﻣﺎ ﺳﻮى اﻟﻤﺄﻛﻮل ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ واﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻃﺎھﺮة ﺗ ﺪﻋﻢ وﺗﻘ ﻮي ھ ﺬا‬
‫اﻟﻔﮭﻢ‪.‬‬

‫ﺺ ﻓﻲ ﺟﻮاز اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌﺎج ‪ ،‬واﻟﻌﺎج ھﻮ ﻋﻈﻢ اﻟﻔﯿ ﻞ‪ ،‬وﺣﻜ ﻢ‬ ‫أ ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ ﺛﻮﺑﺎن ﺑﻨﺪ ‪ 2‬اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧ ﱞ‬
‫ﻞ واﻟﺤﺮﻣﺔ وھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮫ ﻷﻧﮫ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻧﺠ ﺴﺎً ﻣ ﺎ ﺟ ﺎز اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﺎج ﺣﻜﻢ اﻟﻌﻈﻢ ﻓﻲ اﻟﺤ ﱢ‬
‫ﻓﺈذا ﻋُﻠﻢ أن ﺗﺠﺎرة اﻟﻌﺎج ﻟﻢ ﺗﻜﻦ زﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓﯿﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ وﺣ ﺪھﻢ ‪-‬‬
‫ﻷن اﻟﮭﻨﺪ وإﻓﺮﯾﻘﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧ ﺎ دﺧﻠﺘ ﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﻓ ﻲ دوﻟ ﺔ اﻹﺳ ﻼم ‪ -‬ﺑ ﻞ ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﯾ ﺸﺘﺮون اﻟﻌ ﺎج ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻜﻔﺎر اﻟﮭﻨﺪوس ﻓﻲ اﻟﮭﻨﺪ واﻟﻮﺛﻨﯿﯿﻦ ﻓﻲ إﻓﺮﯾﻘﯿ ﺔ‪ ،‬وھ ﺆﻻء ﻟ ﻢ ﯾﻜﻮﻧ ﻮا ﯾ ﺬﺑﺤﻮن أو ﯾُ ﺬﻛﱡﻮن اﻟﻔﯿﻠ ﺔ ذﻛ ﺎ ًة‬
‫ﻼ ﯾﺬﺑﺤﻮن‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻧﯿﺎب اﻟﻔﯿﻠﺔ ﺗﻘﻄﻊ ﻣﻨﮭﺎ وھ ﻲ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬وﺗﻈ ﻞ‬ ‫ﯾﻘﺮھﺎ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ھﺬا إن ﻛﺎﻧﻮا أﺻ ً‬
‫ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻃﺎھﺮة ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ زﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳ ﻠﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا دﻟﯿ ﻞ واﺿ ﺢ ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﺘﺜﻨﺎء‬
‫ﻞ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬إن اﻟﻌ ﺎج ﯾُﻘﻄ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﻔﯿﻠ ﺔ وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﻈ ﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﯾﺆﯾ ﺪ اﻟﻔﮭ ﻢ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ .‬و ُربﱠ ﻗﺎﺋ ٍ‬
‫وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻈﻞ ﻃﺎھﺮة ﻷﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻣﯿﺘﺔ ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿﺒﮫ ﺑﺈﺟﺎﺑﺘﯿﻦ‪:‬‬

‫إﺣﺪاھﻤﺎ ‪ :‬أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﻔﺮﱢﻗ ﻮن أو ﯾ ﺴﺄﻟﻮن إن ﻛ ﺎن اﻟﻌ ﺎج اﻟ ﻮارد إﻟ ﯿﮭﻢ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﻓﯿﻠ ﺔ‬
‫ﺣﯿﺔ أو ﻣﯿﺘﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﺳﺄﻟﻮا ﻟﻤﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺟﻮاب أﻛﯿﺪ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻔﺎرق ﻋﻨﺪھﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ‪ :‬أن أﺑﺎ واﻗﺪ اﻟﻠﯿﺜﻲ ﻗﺎل »ﻗﺪم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬وﺑﮭ ﺎ ﻧ ﺎسٌ ﯾﻌﻤ ﺪون إﻟ ﻰ أﻟﯿ ﺎت‬
‫ﺠﺒﱡﻮﻧﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣ ﺎ ﻗُﻄ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﺒﮭﯿﻤ ﺔ وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ ﻓﮭ ﻲ ﻣﯿﺘ ﺔ«‬ ‫ﺳﻨِﻤﺔ اﻹﺑﻞ َﻓ َﯿ ُ‬
‫اﻟﻐﻨﻢ وأ ْ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﻏﺮﯾﺐ ﻻ ﻧﻌﺮﻓ ﮫ إﻻ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ أﺳ ﻠﻢ‪،‬‬
‫ﻻ ﻟﻠ ﺸﻚ ﻋﻠ ﻰ أن أي ﻋ ﻀﻮ‬ ‫واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھ ﺬا ﻋﻨ ﺪ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ( ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺪل ﺑﻤ ﺎ ﻻ ﯾ ﺪع ﻣﺠ ﺎ ً‬

‫‪57‬‬
‫ﯾُﻘﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﻔﯿﻠﺔ وھﻲ ﺣﯿﺔ ھﻮ ﻣﯿﱢﺖ وھﻮ ﻧﺠﺲ‪ ،‬واﻟﻨﺠﺲ ﺣﺮام اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎز اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌ ﺎج‬
‫دلﱠ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺷﻲء آﺧﺮ ﻻ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻣﺎ ذﻟﻚ إﻻ ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻲ ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻃﺎھﺮ ﻷﻧ ﮫ‬ ‫ﺣﻜﻢ اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﮫ ﻃﺎھﺮ ﻷﻧﮫ ﻗُﻄﻊ ﻣﻦ ﺣﯿﻮان ﺣ ﱟ‬
‫ﻟﯿﺲ ﻣﯿﺘﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ھﺬا ﻓﻲ اﻟﻌﺎج‪ ،‬وﯾﻠﺤﻖ ﺑﮫ اﻟﺴﻦﱡ واﻟﻈﱢﻠﻒ واﻟﻌﻈﻢ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺰﱡھﺮي ﻓﻲ ﻋﻈﺎم اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان‬
‫ﻛﺎﻟﻔﯿ ﻞ )أدرﻛ ﺖُ ﻧﺎﺳ ﺎً ﻣ ﻦ ﺳَ ﻠَﻒ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﯾﻤﺘ ﺸﻄﻮن ﺑﮭ ﺎ وﯾ ﺪﱠھِﻨﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ ﻻ ﯾ ﺮون ﺑ ﮫ ﺑﺄﺳ ﺎً( ذﻛ ﺮه‬
‫ﺳ ﻠَﻒَ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء اﻟ ﺬي أدرﻛﮭ ﻢ ھ ﻢ ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ‬ ‫اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟﺰﱡھ ﺮي ﺗ ﺎﺑﻌﻲ‪ ،‬وإذن ﻓ ﺈنﱠ َ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪.r‬‬

‫ب ‪ -‬إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﺗﱢﻔ ﺎق اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﺳ ﻠﻔًﺎ وﺧﻠﻔ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة اﻟ ﺸﻌﺮ واﻟ ﺼﻮف واﻟ ﻮﺑﺮ‪.‬‬
‫ﺠﺰﱡ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻌﺪ ذﺑﺤﮭﺎ‪ ،‬وﺗﻌﺎﻣﻞ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠ ﺔ واﺣ ﺪة ﻣ ﻦ‬ ‫ﺠﺰﱡ ﻣﻦ اﻷﻧﻌﺎم وھﻲ ﺣﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُ َ‬ ‫واﻟﻤﻌﻠﻮم إﻧﮭﺎ ﺗُ َ‬
‫ﺣﯿﺚ اﻟﻄﮭﺎرة وﺟﻮاز اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل دون أي ﻓ ﺎرق‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن ﻣ ﺎ ﯾُﺆﺧ ﺬ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﻲ ﻣﯿ ﺖ وﻧﺠ ﺲ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺑﯿﱠﻨﺎ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﺆﺧﺬ ﻣ ﻦ اﻷﻧﻌ ﺎم وھ ﻲ ﺣﯿ ﺔ وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﺗﻌﺘﺒ ﺮ ﻃ ﺎھﺮة‪،‬‬
‫ﺸﻌَﺮ واﻟﺼﻮف‬ ‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻻ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وأن اﻟﻤﯿﺘﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻓﻘﻂ‪ ،‬واﻟ ﱠ‬
‫ﻻ ﯾُﺆﻛﻼن‪ ،‬وﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻣﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎج اﻟﺬي ﯾﻘﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﻔﯿﻠﺔ وﯾﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮاً‪ ،‬وﺻ ﺪق اﷲ‬
‫ﺣ ﯿﻦ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 80‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﻋ ًﺎ إِﻟ ﻰ ِ‬
‫ﺷﻌَﺎرِھﺎ أَﺛﺎﺛ ًﺎ و َﻣﺘَﺎ َ‬ ‫اﻟﻌﻈﯿﻢ إذ ﯾﻘﻮل ]و ِﻣ ْ‬
‫ﻦ َأﺻْﻮا ﻓِﮭﺎ وَأوْﺑﺎرِھﺎ وَأ ْ‬
‫اﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻔﺮﱢق اﻵﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﺻﻨﻒ وﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺠ ﱡﺰ واﻟﻘﻄ ُﻊ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻗﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ ‪» 3‬ﻓﻘﺎﻟﻮا إﻧﮭﺎ ﻣﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﺣَ ﺮُم أﻛﻠُﮭ ﺎ« ھ ﺬا ﻧ ﺺ ﺻ ﺮﯾﺢ ﻻ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ‬
‫اﻟﺘﺄوﯾﻞ ﺑﺄن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ إﻧﻤﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﻞ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻷﻛﻞ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻛﻮل ﻓﻘﺪ‬
‫دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﻓﮭﻤﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻼ( ﻓﺎﻟﻘﻠﯿ ﻞ ھ ﻮ ھ ﺬا‬

‫ﺑﻘﻲ ﺟﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ ‪ :‬ﻗُﻠﺖ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ )وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺪﻟﯿﻠﯿﻦ ﻣ ﺪار اﻟﺒﺤ ﺚ إﻻ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺨﺎص ﺑﺠﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ .‬إن اﻟﺠﻠﺪ ﯾﺆﻛﻞ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺸﻤﻠﮫ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻷﻛ ﻞ واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ت ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺘﯿﻦ‪:‬‬‫ﻣﺪﻟﻮل اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺪﺧﻮل آ ٍ‬

‫أ ‪ -‬ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻤﻨﺎط‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺼﺮﯾﺤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﺗﺤﻘﯿ ﻖ اﻟﻤﻨ ﺎط ‪ ،‬ﻓﺤﯿ ﺚ أن اﻟﺠﻠ ﺪ ﯾُﺆﻛ ﻞ أو ﯾﻤﻜ ﻦ أن ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﻄ َﻌﻤُ ﮫُ[ وﺗﺤ ﺖ ﻗ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »إﻧﻤ ﺎ ﺣَ ﺮُم أﻛﻠُﮭ ﺎ« ﻓﺠﻠ ﺪ اﻟﻄﯿ ﺮ‬
‫ﻋ ٍﻢ َﯾ ْ‬ ‫]َ‬
‫ﻋﻠَﻰ ﻃﺎ ِ‬
‫ﻛﺎﻟﺪﺟﺎج واﻟﺤﻤﺎم واﻟ ﺒﻂ ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬وﺟﻠ ﺪ اﻷرﻧ ﺐ ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬وھ ﺬا ﻇ ﺎھﺮ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﺟﻠ ﻮد اﻟﻤﻮاﺷ ﻲ ﻓ ﯿﻤﻜﻦ أن‬
‫ﺗُﺆﻛﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫» ‪ ...‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬دﻋ ﺎ ﻗﺮﯾ ﺸًﺎ إﻟ ﻰ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬ﻓﺄﺑﻄ ﺄوا ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ أ ِ‬
‫ﻋ ﱢﻨ ﻲ ﻋﻠ ﯿﮭﻦ ﺑ ﺴﺒ ٍﻊ‬
‫ﻛﺴﺒ ِﻊ ﯾﻮﺳُﻒ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬﺗﮭﻢ ﺳَ ﻨﺔٌ‪ ،‬ﻓﺤَ ﺼﱠﺖ ﻛ ﻞﱠ ﺷ ﻲء ﺣﺘ ﻰ أﻛﻠ ﻮا اﻟﻤﯿﺘ ﺔ واﻟﺠﻠ ﻮد‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﺟﻌ ﻞ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫ﯾﺮى ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺴﻤﺎء دﺧﺎﻧ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺠ ﻮع ‪ «...‬وإذن ﻓﻤ ﺎ دام اﻟﺠﻠ ﺪ ﯾُﺆﻛ ﻞ أو ﯾﻤﻜ ﻦ أن ﯾُﺆﻛ ﻞ ﻓﮭ ﻮ‬
‫داﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺗﺤﺮﯾﻤﺎً وﻧﺠﺎﺳﺔ ‪.‬‬

‫ن ﻗ ﺮاءةً ﻣﺘﺄﻧﱢﯿ ﺔ ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ »أﻻ دﺑﻐﺘﻤ ﻮه ﻓﺈﻧ ﮫ‬ ‫أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺼﺮﯾﺤﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ﺠ ﺴِﮫ‬
‫ﺨ َﺒﺜِﮫ أو َﻧ َ‬
‫ذﻛﺎﺗﮫ« وﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ »ﯾُﻄﮭﱢﺮھﺎ اﻟﻤﺎءُ واﻟ َﻘﺮَظ« وﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ »دﺑﺎﻏﮫ ﯾﺬھﺐ ﺑ َ‬
‫ﻃﮭُﻮرھ ﺎ«‬ ‫ب دُﺑ ﻎ ﻓﻘ ﺪ ﻃ ُﮭ ﺮ« وﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ »دِﺑﺎﻏُﮭ ﺎ ُ‬
‫ﺟﺴِﮫ« وﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس » أﯾﱡﻤ ﺎ إھ ﺎ ٍ‬
‫أو ِر ْ‬

‫‪58‬‬
‫ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد ‪ ،‬ﻓﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﺠﻠﺪ إن اﻟﺪﱢﺑﺎغ ھﻮ ذﻛﺎة ﻟ ﮫ‪،‬‬
‫ظ ﻣ ﺎدةٌ ﺗُ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺪﱢﺑﺎﻏ ﺔ ‪ -‬وإن اﻟ ﺪﺑﺎغ ﯾُﺰﯾ ﻞ ﻧﺠ ﺴﮫ‪ ،‬وإن‬
‫وإﻧ ﮫ ﯾُﻄ ﱠﮭ ﺮ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء واﻟ َﻘ ﺮَظ ‪ -‬واﻟ َﻘ ﺮَ ُ‬
‫ﻄﮭِﯿ ﺮَه‬
‫ﻃُﮭﻮر اﻟﺠﻠﺪ دِﺑﺎﻏُﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل ﺑ ﺸﻜﻞ ﺟ ﺎزم ﻋﻠ ﻰ أن ﺟﻠ ﺪ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤ ﺎ ﻃَﻠ ﺐ َﺗ ْ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﱢﺑﺎغ‪.‬‬

‫وأﺻﺮح ﻧﺺﱟ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪﯾﺚ )‪ (7‬ﻓﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾﻘﻮل إن ﺟﻠ ﺪ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‬
‫ﻧﺠﺲ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ إﻟﺤﺎﻗﮫ ﺑﺎﻟﻤﯿﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤﮭ ﺎ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ أﯾ ﻀﺎً‬
‫ﻰ ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻛﺎﻟ ﺸﻌﺮ واﻟﻌﻈ ﻢ ﺑ ﻞ ھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪.‬‬ ‫ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﺴﺘﺜﻨ ً‬
‫وأﯾﻀًﺎ ﻓﺈن اﻟﻌﻈﻢ واﻟ ﺸﻌﺮ واﻟ ﺼﻮف ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ دون ﺗﻄﮭﯿ ﺮ‪ ،‬إذ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺮو ﻋ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم أﻧﮫ أﻣﺮ ﺑﺘﻄﮭﯿﺮه ﻗﺒﻞ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻘﻊ إﺟﻤﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻃﻠ ﺐ ﻓ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﺪﯾ ﺪة ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻣﺘ ﻀﺎﻓﺮة ﺗﻄﮭﯿ ﺮَ اﻟﺠﻠ ﺪ ﺑﺎﻟ ﺪﺑﺎغ ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻓﺎرق واﺿﺢ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺠﻠ ﺪ وﺑ ﯿﻦ اﻟﻌﻈ ﻢ واﻟ ﺸﻌﺮ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ وﺟ ﮫ اﻻﺧ ﺘﻼف ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻌﻈﻢ واﻟﺠﻠﺪ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﺈن اﻟﺠﻠﺪ ﻣﺴﺘﺜﻨﻰً ﻣﻦ ﻋﻤــﻮم ﻣﻨ ﻊ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل واﻻﻧﺘﻔـ ـﺎع ﺑﺎﻟﻤﯿﺘ ﺔ وﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ‪،‬‬
‫ﻓﮭﻮ ﺣﻜ ٌﻢ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬وﻛــﺎن ﺣﻘــﮫ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻤﻨﻮﻋـــﺎً ﻣـﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤــﺎل ﻟﻨﺠﺎﺳﺘـ ـﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗﺪ اﺳﺘﺜﻨﺎه ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎ ًء ﺧﺎﺻﺎً‪ ،‬ﻓﺒﯿﱠﻦ أن ھﺬا اﻟﺠﺰء اﻟﻨﺠﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﯾﺠﻮز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ دون‬
‫ﺠ ﺰْ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ أﺟ ﺰاء اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪،‬‬ ‫ط واﺣﺪ ھﻮ ﺗﻄﮭﯿﺮه ﺑﺎﻟﺪﺑﺎغ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُ ِ‬ ‫ﺳﺎﺋﺮ أﺟـــﺰاء اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺑﺸﺮ ٍ‬
‫ص ﻻ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وﻗﺪ َﯾ ِﺮ ُد ﺳﺆال ‪ :‬إن اﻟﻘﻮل ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺠﻠﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﻠﱠﻢ ﺑ ﮫ‪،‬‬ ‫ﻓﮭﻮ ﺣﻜﻢ ﺧﺎ ﱞ‬
‫وإن ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع وﺟﮭًﺎ آﺧﺮ ھﻮ أﻧﮫ ﯾﺠﻮز اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺠﻠﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﯾُﻨﺘﻔ ﻊ ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻷﻛ ﻞ‪،‬‬
‫ن ﻋﻠ ﺔ ﺟ ﻮاز‬ ‫وﻟﻮ ﻛﺎن اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓ ﻲ اﻷﻛ ﻞ ﻷﺧ ﺬ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء؟ ورﺑﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟ ﺴﺆال‪ :‬إ ﱠ‬
‫اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺠﻠﺪ إﻧﻤﺎ ھﻲ ﻟﻜﻮﻧﮫ ﻻ ﯾُﺆﻛﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﯾُﻨﺘﻔﻊ ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﯿﺮ اﻷﻛﻞ؟‪.‬‬

‫ﺺ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ ھ ﻮ‪:‬‬ ‫ﻓﻨﺮد ﺑﺎﻟﻘﻮل‪ :‬إن ھﺬا اﻟﺴﺆال وﺟﯿﮫ وﺻﺤﯿﺢ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻧ ﱞ‬
‫ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﻋ ﺎم اﻟﻔ ﺘﺢ وھ ﻮ ﺑﻤﻜ ﺔ »إن اﷲ‬
‫ورﺳ ﻮﻟﮫ ﺣ ﺮﱠم ﺑﯿ ﻊ اﻟﺨﻤ ﺮ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ واﻷﺻ ﻨﺎم‪ ،‬ﻓﻘﯿ ﻞ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ :‬أرأﯾ ﺖ ﺷ ﺤﻮم‬
‫ﺢ ﺑﮭﺎ اﻟﻨ ﺎس؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ھ ﻮ ﺣ ﺮام‪ ،‬ﺛ ﻢ‬ ‫اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﻄﻠﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﺴﻔﻦ وﯾُﺪھﻦُ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﻠﻮد وﯾَﺴﺘﺼﺒ ُ‬
‫ﺟﻤَﻠ ﻮه ﺛ ﻢ ﺑ ﺎﻋﻮه ﻓ ﺄﻛﻠﻮا‬ ‫ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ‪ :‬ﻗﺎﺗﻞ اﷲ اﻟﯿﮭ ﻮد‪ ،‬إن اﷲ ﻟﻤ ﺎ ﺣ ﺮﱠم ﺷ ﺤﻮﻣﮭﺎ َ‬
‫ﺛﻤﻨﮫ « رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺻﺤﺎب اﻟ ﺴﱡﻨﻦ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺟَﻤَﻠ ﻮه‪ :‬أي أذاﺑ ﻮه‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ﺮ ﺟ ﺰءاً‬
‫ﻼ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ واﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ھ ﻮ اﻟ ﺸﺤﻮم ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣﻤ ﺎ ﯾُﺆﻛ ﻞ‪ ،‬ھ ﺬا‬ ‫ﻣﻦ أﺟﺰاء اﻟﻤﯿﺘﺔ داﺧ ً‬
‫ع آﺧﺮ ھﻮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‬ ‫اﻟﺠﺰء ﺳُﺌﻞ ﻋﻨﮫ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ‪ ،r‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ اﻷﻛﻞ وإﻧﻤﺎ ﻋﻦ اﻧﺘﻔﺎ ٍ‬
‫ﻓﻲ ﻃﻼء اﻟﺴﻔﻦ ودھــﻦ اﻟﺠﻠﻮد واﻹﺿـﺎءة ﻓـﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء اﻟ ﺮد اﻟﺤﺎﺳ ﻢ »ﻻ ھ ﻮ ﺣ ﺮام« أي أن‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ أﺑﻘﺎه ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺑﻘ ﺎه ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻧﺠ ﺴﺔ‬
‫وﺣﺮا ٌم اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ أي وﺟ ﮫ وﻋﻠ ﻰ أﯾ ﺔ ﺣﺎﻟ ﺔ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺠ ﺼﱠﺎص‪ :‬واﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ ﯾﺘﻨ ﺎول ﺳ ﺎﺋﺮ وﺟ ﻮه‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻓﻼ ﯾﺠﻮز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻤﯿﺘﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻄﻌﻤﮭﺎ اﻟﻜﻼب واﻟﺠﻮارح‪ ،‬ﻷن ذﻟ ﻚ ﺿ ﺮب ﻣ ﻦ‬
‫ﺺ‬‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﺣﺮﱠم اﷲ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺗﺤﺮﯾﻤ ًﺎ ﻣُﻌﻠﱠﻘًﺎ ﺑﻌﯿﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺠﻮز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑ ﺸﻲء ﻣﻨﮭ ﺎ إﻻ أن ﯾُﺨ ﱠ‬
‫ﺑﺪﻟﯿﻞ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻟﮫ‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ ﺑﻮﺿﻮح أن اﻟﻤﯿﺘﺔ اﻟﻨﺠﺴﺔ واﻟﻤُﺤﺮﱠم أﻛﻠﮭﺎ واﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ ﻣ ﻦ وﺟ ﻮه‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ‪ -‬وھﻲ ﻣﺎ ﺳﻮى اﻟﻌﻈﻢ واﻟﺸﻌﺮ ‪ -‬ﯾُﺴﺘﻨﺜﻰ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﺠﻠﺪ ﻓﺤﺴﺐ إذا دُﺑﻎ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﻟﻰ اﺳﺘﻌﺮاض اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺧﻼف ﻣﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ‪ ،‬وﻣﻨﺎﻗ ﺸﺘﮭﺎ وﺑﯿ ﺎن‬
‫ﺧﻄﺄ اﺳﺘﺪﻻﻟﮭﻢ‪.‬‬

‫ﻋﻜَﯿﻢ ﻗ ﺎل »ﻛَﺘَ ﺐ إﻟﯿﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺒ ﻞ وﻓﺎﺗ ﮫ ﺑ ﺸﮭ ٍﺮ أن ﻻ ﺗﻨﺘﻔﻌ ﻮا ﻣ ﻦ‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُ‬
‫ﺐ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬ ‫ﻋ ﺼَ ٍ‬
‫ب وﻻ َ‬
‫اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺑﺈھ ﺎ ٍ‬
‫رواﯾﺔٌ أﺧﺮى ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻘﯿﯿﺪٌ ﺑﺰﻣﻦ‪ .‬وﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻗﺒ ﻞ وﻓﺎﺗ ﮫ ﺑ ﺸﮭْﺮٍ أو ﺷ ﮭﺮﯾﻦ«‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ﺑﻠﻔﻆ »ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﮫ ﺑﺸﮭﺮﯾﻦ«‪.‬‬

‫ﻋ َﻜ ﯿﻢ ﻗ ﺎل »ﻛﺘ ﺐ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ ﻓ ﻲ أرض ُ‬

‫ﺟﮭَﯿﻨ ﺔ‪ :‬إﻧ ﻲ ﻛﻨ ﺖ‬ ‫ب ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋ ﺼَﺐ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ‪ .‬وﻓﯿ ﮫ‬ ‫رﺧﱠ ﺼﺖ ﻟﻜ ﻢ ﻓ ﻲ ﺟﻠ ﻮد اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗﻨﺘﻔﻌ ﻮا ﻣ ﻦ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺑﺠﻠ ﺪ وﻻ َ‬
‫ﻓﻀﺎﻟﺔ ﺑﻦ ﻣﻔﻀﻞ ﻗـﺎل ﻋﻨﮫ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ‪ :‬ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أھﻼً أن ﯾُﺮوى ﻋﻨﮫ‪ .‬وﻗﺎل اﻟ ُﻌﻘَﯿﻠﻲ‪ :‬ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ﻧﻈﺮ‪.‬‬

‫ﻋﻜَﯿﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﺪﺛﻨﻲ أﺷﯿﺎخُ ﺟُﮭﯿﻨﺔ ﻗﺎﻟﻮا »أﺗﺎﻧﺎ ﻛﺘﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬أو ﻗُ ﺮِئ‬
‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻛﺘﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬أن ﻻ ﺗﻨﺘﻔﻌﻮا ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺑﺸﻲء« رواه اﻟﻄﱠﺤﺎوي‪.‬‬

‫ن داﺟﻨ ًﺔ ﻟﻤﯿﻤﻮﻧﺔ ﻣﺎﺗ ﺖ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬

‫د ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻣ ﱠﺮ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﺗﺤﺖ رﻗﻢ )‪ (5‬اﻟﺬي رواه أﺣﻤﺪ »أ ﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬أﻻ اﻧﺘﻔﻌﺘﻢ ﺑﺈھﺎﺑﮭﺎ أﻻ دﺑﻐﺘﻤﻮه ﻓﺈﻧﮫ ذَﻛﺎﺗُﮫ«‪.‬‬

‫ﻲ َر ِﻣ ﯿ ٌﻢ‪ .‬ﻗُ ﻞ‬
‫ﺤ ِﯿ ﻲ اﻟﻌِﻈ ﺎ َم و ِھ َ‬
‫ﻦ ﯾُ ْ‬
‫ﺧ ْﻠﻘَـ ـﮫُ ﻗ ﺎل َﻣ ْ‬
‫ﻲ َ‬
‫ﺴَ‬
‫ﻼ و َﻧ ِ‬‫ب ﻟﻨـ ـﺎ ﻣ َﺜ ً‬ ‫ھ ـ ‪ -‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] و َ‬
‫ﺿ َﺮ َ‬
‫ﻋﻠِﯿ ٌﻢ[ اﻵﯾﺘﺎن ‪ 78‬و‪ 79‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﯾﺲ‪.‬‬ ‫ﻖ َ‬ ‫ﺧ ْﻠ ٍ‬
‫ﺤﯿِﯿﮭﺎ اﻟﺬِي َأﻧْﺸ َﺄَھﺎ َأوﱠ َل َﻣﺮﱠ ٍة وھُﻮ ِﺑﻜُﻞﱢ َ‬
‫ﯾُ ْ‬

‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُﻢ اﻟ َﻤ ْﯿ َﺘﺔُ ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 3‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬ ‫و ‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﺣُﺮﱢ َﻣ ْ‬

‫ﺖ َ‬

‫ز‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ﻣ ﺮﱠ ﺳ ﺎﺑﻘﺎً واﻟ ﺬي رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي »ﻣ ﺎ ﻗُﻄ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﺒﮭﯿﻤ ﺔ وھ ﻲ ﺣ ﱠﯿ ﺔ‬

‫ﻓﮭﻲ ﻣﯿﺘﺔ«‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ ﺗﻤﺴﱠﻜﻮا ﺑﮫ ﻣﻦ أدﻟﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ )أ‪،‬ب ‪،‬ج( ﻓﮭ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚٌ واﺣ ﺪ رُوي ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ ﻣﺘﻌ ﺪدة‪ ،‬وﻛﻠﱡﮭ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻋﻜَﯿﻢ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﻣﺴﺘﻨَﺪ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﯾُﺠﯿﺰوا دﺑﺎﻏﺔ ﺟﻠﻮد اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺠﯿ ﺰوا‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُ‬
‫ﺗﻄﮭﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ .‬وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻧﺠ ﺪ أﻧ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ ﺳ ﻨﺪًا وﻣ ﻀﻄﺮب ﻣﺘﻨ ًﺎ‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﯿﺚ اﻟﺴﻨﺪ‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوي ﻣﺮة ﺑﻠﻔﻆ » ُﻗﺮِيء ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻛﺘﺎب رﺳﻮل اﷲ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻣﺮة ﺑﻠﻔﻆ »أﺗﺎﻧ ﺎ‬
‫ﺟﮭَﯿﻨ ﺔ« رواه اﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬وھ ﺬه اﻷﻟﻔ ﺎظ‬ ‫ﻛﺘﺎب اﻟﻨﺒﻲ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻣ ﺮة ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺣ ﺪﱠﺛﻨﻲ أﺷ ﯿﺎخ ُ‬
‫ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺪ ﻧﻘ ﻞ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ ﻣﺠﮭ ﻮﻟﯿﻦ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ )ب( ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده‬
‫راو ﺿﻌﯿﻒ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﺘﻦ ﻓﻘﺪ رُوي ﻣﺮة ﻣﻘﯿﱠﺪًا ﺑ ﺰﻣﻦ وﻣ ﺮة أﺧ ﺮى ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘ ﱠﯿ ﺪ‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ اﻟﻤﻘﱠﯿ ﺪ ﺑ ﺰﻣﻦ‬
‫رُوي ﻣﻘﯿﱠﺪًا ﺑ ﺸﮭﺮ‪ ،‬وﻣﻘﱠﯿ ﺪًا ﺑ ﺸﮭﺮﯾﻦ‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺎت أﺧ ﺮى ﻣﻘﯿﱠ ﺪاً ﺑ ﺄرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً وﻣﻘﯿﱠ ﺪاً ﺑﺜﻼﺛ ﺔ‬
‫ﻋ َﻜ ﯿﻢ وﺣ ﺼﻞ ھ ﺬا‬ ‫أﯾ ﺎم‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟ ﺮاوي ﻟﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻛﻠﮭ ﺎ ھ ﻮ راو واﺣ ﺪ ھ ﻮ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺘﻔﺎوت ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻦ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻛﺎفٍ ﻟﻮﺻﻔﮫ ﺑﺎﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻦ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﺳ ﻨﺪًا ﻣ ﻀﻄﺮب‬
‫ﻣﺘﻨﺎً‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرﺿﺔ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪﺑﺎغ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻓﯿﺮ ﱡد‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﺳﻤﻌﺖ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﯾﻘﻮل ‪ :‬ﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﯾﺬھﺐ إﻟﻰ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟِﻤ ﺎ‬
‫ذُﻛِــﺮ ﻓﯿﮫ‪ :‬ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﮫ ﺑﺸﮭﺮﯾﻦ‪ ،‬وﻛـــﺎن ﯾﻘﻮل‪ :‬ھﺬا آﺧِﺮ أﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﺗﺮك أﺣﻤﺪ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﱠﻤ ﺎ‬

‫‪60‬‬
‫خ ﻣ ﻦ ﺟﮭﯿﻨ ﺔ(‪.‬‬ ‫ﻋ َﻜ ﯿﻢ ﻋ ﻦ أﺷ ﯿﺎ ٍ‬
‫اﺿﻄﺮﺑﻮا ﻓﻲ إﺳ ﻨﺎده‪ ،‬ﺣﯿ ﺚ روى ﺑﻌ ﻀﮭﻢ وﻗ ﺎل‪ :‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ُ‬
‫وﻗــﺎل اﻟﺨﻼل ‪ :‬ﻟﻤ ﺎ رأى أﺑ ﻮ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ‪ -‬أي أﺣﻤ ﺪ ‪ -‬ﺗﺰﻟ ﺰلَ اﻟﺮواﯾ ـﺔِ ﻓﯿ ﮫ ﺗﻮﻗ ﻒ‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺗﯿﻤﯿ ﺔ ‪:‬‬
‫أﻛﺜﺮ أھـــﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺪﺑــﺎغ ﯾُﻄﮭﱢــﺮ ﻓــﻲ اﻟﺠﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻟﺼﺤﱠﺔ اﻟﻨ ﺼﻮص ﺑ ﮫ ‪ ،‬وﺧﺒ ﺮ اﺑ ﻦ ﻋُ َﻜ ﯿﻢ ﻻ‬
‫ﯾﻘﺎرﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺔ واﻟﻘﻮة ﻟﯿﻨﺴﺨﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ )د( اﻟﺬي ﻓﯿﮫ »أﻻ دﺑﻐﺘﻤﻮه ﻓﺈﻧﮫ ذﻛﺎﺗﮫ« ﻓﻘﺪ اﺳ ﺘﺪل ﺑ ﮫ َﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟ ﺪﺑﺎغ ﯾُﻄ ﱢﮭ ﺮ‬
‫ﺟﻠﻮد ﻣﯿﺘﺎت ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮭﺎ دون ﻣﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛﻞ‪ ،‬ﻓﮭﺆﻻء ﻧﻈﺮوا ﻓﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ‪» r‬ﻓﺈﻧ ﮫ ذﻛﺎﺗ ﮫ« ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن‬
‫اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺷ ﺒﱠﮫ اﻟ ﺪﱠﺑﻎ ﺑﺎﻟ ﺬﻛﺎة ‪ ،‬واﻟ ﺬﻛﺎة ﺗﻌﻤ ﻞ ﻓ ﻲ ﻣ ﺄﻛﻮل اﻟﻠﺤ ﻢ‪ ،‬وﻷﻧ ﮫ أﺣ ﺪ اﻟﻤُﻄ ﱢﮭ ﺮَﯾﻦ ﻟﻠﺠﻠ ﺪ ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮ‬
‫ﯾُﺆﺛﱢﺮ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﺄﻛﻮلٍ ﻛﺎﻟﺬﺑﺢ‪ .‬وﻗﺪ ﻧُﻘﻞ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬إن ﻛ ﻞ ﻃ ﺎھﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺤﯿ ﺎة ُﯾ َ‬
‫ب دُﺑ ﻎ ﻓﻘ ﺪ ﻃَﮭُ ﺮ« ﯾﺘﻨ ﺎول‬ ‫ﺑﺎﻟﺪﺑﻎ ﻟﻌﻤﻮم ﻟﻔﻈﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻷن ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »أﯾﱡﻤ ﺎ إھ ﺎ ٍ‬
‫اﻟﻤﺄﻛﻮل وﻏﯿﺮه ﺧﺮج ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻧﺠ ﺴﺎً ﻓ ﻲ اﻟﺤﯿ ﺎة‪ ،‬ﻟﻜ ﻮن اﻟ ﺬﺑﺢ إﻧﻤ ﺎ ﯾ ﺆﺛﱢﺮ ﻓ ﻲ دﻓ ﻊ ﻧﺠﺎﺳ ﺔٍ ﺣﺎدﺛ ﺔٍ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻮت‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ ﻣﺎ ﻋﺪاه ﻋﻠﻰ ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻌﻤﻮم‪.‬‬

‫ﻓ ﺄﻗﻮل‪ :‬أﻣ ﺎ اﻟﻘ ﻮل اﻷول وھ ﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺷ ﺒﱠﮫ اﻟ ﺪﺑﻎ ﺑﺎﻟ ﺬﻛﺎة‪ ،‬واﻟ ﺬﻛﺎة‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺄﻛﻮل اﻟﻠﺤﻢ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻗﻮل ﺻﺤﯿﺢ إن ﻛﺎن اﻟﺠﻠﺪ اﻟﺬي ﯾُﺪﺑﻎ إﻧﻤﺎ ﯾُﺪﺑﻎ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻛﻠ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﻢ أرادوا أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﺘ ﺸﺒﯿﮫ ﻛ ﺎﻣﻼً‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻘﺘ ﻀﻲ أن اﻟ ﺬﻛﺎة ﺗﻄﮭﯿ ﺮ‪ ،‬وأن اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ‬
‫ل ﻟﻄﮭﺎرﺗ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا اﻗﺘ ﻀﺎء‬ ‫ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺄﻛﻮل ‪ ،‬وأن اﻟﺪﱢﺑﺎغ ﯾُﺤﻮﱢل ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺄﻛﻮل ﻟﻨﺠﺎﺳ ﺘﮫ إﻟ ﻰ ﻣ ﺄﻛﻮ ٍ‬
‫ﺢ ﻗﻮﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ‬‫ﻓﺎﺳﺪ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺪﱢﺑﺎغ ﻟﻌﻀﻮٍ ﻧﺠﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﯾُﺮاد ﺗﺤﻠﯿﻠﮫ ﻟﻸﻛﻞ ﻟﺼ ﱠ‬
‫ﯾَ ْﻌﻨُﻮا ذﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮا ﺑﮫ‪ ،‬وأن اﻟﺠﻠﺪ ﻻ ﯾُﺪﺑﻎ ﻷﺟﻞ اﻷﻛﻞ ‪ ،‬دلﱠ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن ﺗ ﺸﺒﯿﮫ ذﻛ ﺎة اﻟﺠﻠ ﺪ ﺑ ﺬﻛﺎة‬
‫ﻼ ھﻮ ﺧﻄﺄ‪ ،‬وأن اﻟﺼﻮاب ھﻮ أن اﻟ ﺬﻛﺎة ﻟﻠﺠﻠ ﺪ ﻻ ﺗﺰﯾ ﺪ ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧﮭ ﺎ‬ ‫اﻟﺤﯿﻮان ﻣﺄﻛﻮل اﻟﻠﺤﻢ ﺗﺸﺒﯿﮭﺎً ﻛﺎﻣ ً‬
‫ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬أي ھﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻐﻮﯾﺔ وﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎ ﺷﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وأن اﻟﺪﺑﺎغ ﻻ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ ﯾُﻄﮭﱢﺮ‬
‫اﻟﺠﻠﺪ‪ ،‬أي ﯾُﺰﯾﻞ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬أي ﯾﻄﯿﱢﺒﮫ ﻟﯿﺼﺒﺢ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻼﺳ ﺘﻌﻤﺎل ﺑﻌ ﺪ أن ﻛ ﺎن ﻧﺠ ﺴًﺎ ﻻ ﯾ ﺼﺢ‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻻ ﯾﺼﺢ أن ُﺗ َﻔﺴﱠﺮ اﻟﺘﺬﻛﯿ ﺔ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﺗﺰﯾ ﻞ ﻋ ﻦ اﻟ ﱠﻨﺠِﺲ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ ﻟﯿ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻸﻛﻞ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎ أﺧﻄﺄوا ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺬﻛﺎة ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﺧﻄﺄوا ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺘ ﺎھﻮا ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻣ ﺄﻛﻮل‬
‫اﻟﻠﺤﻢ وﻏﯿﺮ اﻟﻤﺄﻛﻮل‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﻮل ﻓﮭﻮ وﺟﮫ آﺧﺮ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻟﺒﻌﯿﺪ‪ ،‬إذ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧ ﺴﻤﻊ‬
‫أن ھﻨ ﺎك ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺣﺎدﺛ ﺔ وﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻗﺪﯾﻤ ﺔ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﺣﻜﻤﺎھﻤ ﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻗﺪﯾﻤ ﺔً ﻛﺎﻧ ﺖ أو‬
‫ﺺ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن أو اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻣ ﺎ دﻋ ﺎھﻢ إﻟ ﻰ ھ ﺬا‬‫ﺣﺎدﺛ ًﺔ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺮد ھﺬا اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﻓﻲ ﻧ ﱟ‬
‫اﻟﻘﻮل إﻻ ﻟﯿﺴﺘﻄﯿﻌﻮا ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ أو اﻟﺬﻛﺎة ﺗﻔﺴﯿﺮاً ﯾﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺳﺎﺑﻖ رأﯾﮭﻢ ‪ ،‬وھﻮ أن ﻣ ﺄﻛﻮل‬
‫اﻟﻠﺤﻢ ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬وﻏﯿﺮ اﻟﻤ ﺄﻛﻮل ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وھ ﺬا ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬وﻟﯿﺘ ﮫ رﺣﻤ ﮫ اﷲ ﺗﻮﻗ ﻒ ﻋﻨ ﺪ أول ﻋﺒﺎرﺗ ﮫ‬
‫وﻋﻨ ﺪ آﺧﺮھ ﺎ‪ ،‬واﺳ ﺘﻐﻨﻰ ﻋ ﻦ اﻟﻜ ﻼم اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻂ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ إذن ﻟ ﺼﺢ ﻗﻮﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺺ ﯾﺨ ﺼﱢﺺ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﻗﺎﻟ ﮫ ﻓ ﻲ أول ﻋﺒﺎرﺗ ﮫ وآﺧﺮھ ﺎ ‪،‬‬ ‫» أﯾﱡﻤ ﺎ إِھ ﺎب« ﻋ ﺎم ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟ ﺪ ﻧ ﱞ‬
‫واﻟﺘﺨﺼﯿﺺ اﻟﺬي أﺗﻰ ﺑﮫ ﻟﻢ ﯾﺴﻨﺪه ﺑﺪﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻓﻄﻦ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﺗﻠﻄﱡﻔ ًﺎ ﻣﻊ ﻗ ﻮل إﻣﺎﻣ ﮫ أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ ﺻ ﺎﻏﮫ ﺑ ﺼﯿﻐﺔ‬
‫اﻻﺣﺘﻤﺎل‪ ،‬ﻓﻘﺎل )وﺣﺪﯾﺜﮭﻢ ﯾﺤﺘﻤﻞ أﻧﮫ أراد ﺑﺎﻟﺬﻛﺎة اﻟﺘﻄﯿﯿ ﺐ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ راﺋﺤ ﺔ ذﻛﯿ ﺔ أي ﻃﯿﺒ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﯾﻄﯿﺐ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬وﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا أﻧ ﮫ أﺿ ﺎف اﻟ ﺬﻛﺎة إﻟ ﻰ اﻟﺠﻠ ﺪ ﺧﺎﺻ ﺔ‪ ،‬واﻟ ﺬي ﯾﺨ ﺘﺺ ﺑ ﮫ اﻟﺠﻠ ﺪ ھ ﻮ‬
‫ﺗﻄﯿﯿﺒﮫ وﻃﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟ ﺬﻛﺎة اﻟﺘ ﻲ ھ ﻲ اﻟ ﺬﺑﺢ ﻓ ﻼ ﺗ ﻀﺎف إﻻ إﻟ ﻰ اﻟﺤﯿ ﻮان ﻛﻠ ﮫ ‪ ،‬وﯾﺤﺘﻤ ﻞ أﻧ ﮫ أراد‬
‫ﺑﺎﻟﺬﻛﺎة اﻟﻄﮭﺎرة ﻓﺴﻤﻰ اﻟﻄﮭﺎرة ذﻛﺎة‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻠﻔﻆ ﻋﺎﻣ ًﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻠﺪ ﻓﯿﺘﻨﺎول ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ﻓﯿﮫ(‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ﻣﺤﺼﱢﻠﺔ اﻟﻘﻮل ھﻲ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋﻨ ﻰ ﺑﺎﻟ ﺬﻛﺎة اﻟ ﺬﻛﺎة اﻟﻠﻐﻮﯾ ﺔ‪ ،‬أي ﻣﺠ ﺮﱠد‬
‫اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ واﻟﺘﻄﯿﯿﺐ دون اﻟﺬﻛﺎة اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻟﻠﺤﯿﻮاﻧﺎت‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﺘﺸﺒﯿﮫ ﻧﺎﻗﺼًﺎ‪.‬‬

‫ﺤﯿِﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺬي أَﻧ ﺸﺄَھﺎ[ ﻓﻘ ﺪ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻌﻈ ﺎم‬‫أﻣ ﺎ اﻟﺒﻨ ﺪ )ھ ـ( وھ ﻮ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻗُ ْﻞ ُﯾ ْ‬
‫ن ﻋﻈ ﻢ‬ ‫ﺗ ﺪﺧﻠﮭﺎ اﻟﺤﯿ ﺎة وﺗﺤ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وأن اﻟﻌﻈ ﻢ ﯾﺤﯿ ﺎ وﯾﻤ ﻮت ﺑﺤﯿ ﺎة اﻟﺤﯿ ﻮان وﻣﻮﺗ ﮫ ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫اﻟﺤﯿﻮان اﻟﻤﯿﺖ ﻣﯿﺖ‪ ،‬ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺘﺔ وﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ واﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ .‬ھﻜﺬا ﺣﻤﱠﻠﻮا اﻵﯾﺔ‬
‫‪ ،‬وھﻜﺬا اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺒﮭﻢ‪ .‬واﻟﺬي دﻓﻌﮭﻢ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻐﻮص ھﻮ ﻣﺎ اﻧﺘﮭﻰ إﻟﯿﮫ اﺟﺘﮭﺎد اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ‬
‫اﻟﺜﻮري وأﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﻄﮭﺎرة ﻋﻈﺎم اﻟﻤﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻮت ﻻ ﯾﺤﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﻨﺠﺲ ﺑ ﮫ ﻛﺎﻟ ﺸﻌﺮ‬
‫‪ ،‬وﻷن ﻋﻠﺔ اﻟﺘﻨﺠﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﺠﻠﺪ اﺗﺼﺎل اﻟﺪﻣﺎء واﻟﺮﻃﻮﺑﺎت ﺑﮫ ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻌﻈ ﺎم ‪،‬‬
‫ﻦ ُﯾﺤْ ِﯿ ﻲ‬‫ﻓ ﺮدﱡوا ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إن ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻗ ﺎل َﻣ ْ‬
‫اﻟﻌِﻈﺎ َم وھِﻲ َرﻣِﯿ ٌﻢ ‪ [...‬وﻗﺎﻟﻮا إن ﻣﺎ ﯾﺤﯿﺎ ﻓﮭﻮ ﯾﻤﻮت ‪ ،‬وﻷن دﻟﯿ ﻞ اﻟﺤﯿ ﺎة اﻹﺣ ﺴﺎس واﻷﻟ ﻢ‪ ،‬واﻷﻟ ﻢ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﻈﻢ أﺷﺪ ﻣ ﻦ اﻷﻟ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻠﺤ ﻢ واﻟﺠﻠ ﺪ‪ ،‬واﻟ ﻀﱢﺮس ﯾﺄﻟـ ـﻢ وﯾُﺤ ﺲ ﺑﺒ ﺮد اﻟﻤـ ـﺎء وﺣﺮارﺗـ ـﮫ‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫ﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﺤﯿﺎة ﯾﺤﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﻮت إذ اﻟﻤﻮت ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺤﯿﺎة ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾَﺤﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﻮت ﯾﻨﺠﺲ ﺑ ﮫ ﻛ ﺎﻟﻠﺤﻢ ‪...‬‬ ‫ﺗﺤ ﱡ‬
‫إﻟﺦ‪ .‬وھﻜﺬا ﻟﻤﺎ ﺟﺎء أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ أﺧﻄﺄ اﻵﺧﺮون ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﺧﺮج اﻻﺛﻨ ﺎن‬
‫ﻋﻦ ﻓﻘﮫ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﺬي ﺑﯿﱠﻦ اﻟﻌﻠﱠﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬وھﻲ ﻣ ﺎ ﯾﺆﻛ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻮان‬
‫دون ﻣﺎ ﻻ ﯾﺆﻛﻞ‪ ،‬دون ﻧﻈ ٍﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة واﻟﻤﻤﺎت واﻹﺣﺴﺎس واﻷﻟﻢ واﻟﺤﻠﻮل وﻏﯿﺮه‪.‬‬

‫ﺣﺮﱢﻣَ ﺖْ ﻋﻠ ﯿﻜُﻢ اﻟﻤَﯿﺘ ُﺔ[ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ )ز( »ﻣ ﺎ‬

‫أﻣﺎ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ )و( ] ُ‬
‫ﻗُﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﺒﮭﯿﻤﺔ وھﻲ ﺣﯿﺔ ﻓﮭﻲ ﻣﯿﺘﺔ« ﻓﮭﺬه ﻧﺼﻮص ﻋﺎﻣﺔ ﺗُﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﮭﺎ أﺣﻜ ﺎم ﻋﺎﻣ ﺔ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻻ‬
‫ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أﺣ ﺪ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻷدﻟ ﺔ واﻟ ﺸﻮاھﺪ اﻟﺘ ﻲ اﻋﺘﻤ ﺪﻧﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ھ ﻲ أدﻟ ﺔ ﺗﺨ ﺼﱢﺺ ھ ﺬا اﻟﻌﻤ ﻮم‪،‬‬
‫واﻟﺨﺎص ﯾُﻌﻤ ﻞ ﺑ ﮫ وﯾﺒﻘ ﻰ اﻟﻌ ﺎم ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه‪ .‬أﻣ ﺎ اﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻤ ﻮم ﺑﺄدﻟ ﺔ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻌﻤ ﻮم ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻔﯿﺪھﻢ ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﺨﺼﻮص وأﺣﻜﺎم اﻟﺘﺨﺼﯿﺺ‪ ،‬وﻻ ﻧﻄﯿﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻣﺴﺄﻟﺘﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ذﻛﺮھﻤﺎ ھﻤﺎ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬اﻟﺒﯿﻀﺔ ﺗُﺆﺧﺬ ﻣﻦ دﺟﺎﺟﺔ ﻣﯿﺘﺔ ھﻞ ھﻲ ﻃﺎھﺮة أم ﻧﺠﺴﺔ؟‬

‫ﺤﺘُﮭﺎ‪ ،‬ھﻞ ھﻤﺎ ﻃﺎھﺮان أم ﻧﺠﺴﺎن؟‬

‫ب ‪ -‬ﻟﺒﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ وَأ ْﻧ ِﻔ ﱠ‬

‫ﻓﺄﻗﻮل‪ :‬إن اﻟﺒﯿﻀﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﺳﻢ اﻟﺒﯿ ﻀﺔ إذا وﺟ ﺪت ﻓ ﻲ ﺑﻄ ﻦ‬
‫دﺟﺎﺟﺔ أو ﺣﻤﺎﻣﺔ ﻣﯿﺘﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻃﺎھﺮة ﻏﯿﺮ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وﺣﺎل اﻟﺒﯿ ﻀﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻛﺤ ﺎل ﺷ ﺎة أو ﺑﻘ ﺮة‬
‫أو ﻧﺎﻗﺔ ﻣﺎﺗﺖ وﻓﻲ ﺑﻄﻨﮭﺎ ﺟﻨﯿﻨُﮭﺎ ﻓﺸُﻖﱠ ﺑﻄﻨُﮭﺎ وأﺧﺮج ﺟﻨﯿﻨﮭﺎ ﺣﯿﺎً‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻃﺎھﺮ ﯾﺠﺮي ﻋﻠﯿﮫ ﻣ ﺎ ﯾﺠ ﺮي‬
‫ﻋﻠﻰ أي وﻟﯿﺪ‪ ،‬واﻟﺒﯿﻀﺔ ﻛﮭﺬا اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﺎھﺮة ﯾﺤﻞﱡ أﻛﻠﮭﺎ وﺑﯿﻌﮭﺎ وﺗﺮﻗﯿﺪھﺎ‪.‬‬

‫ﻻ واﺣﺪاً‪ ،‬ﻷﻧﮭﻤﺎ ﻣﺎدﱠﺗﺎن ﻣﻦ ﻣ ﻮاد اﻟﻤﯿﺘ ﺔ أﺧ ﺬا ﺣﻜﻤﮭ ﺎ‬

‫ﺤﺘُﮭﺎ ﻓﮭﻤﺎ ﻧﺠﺴﺎن‪ ،‬ﻗﻮ ً‬ ‫أﻣﺎ ﻟﺒﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ وأﻧِﻔ ﱠ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻄﮭﺎرة واﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ أن اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻧﺠﺴﺔ ﻓﻀﺮﻋﮭﺎ ﯾﻨﺠﺲ ﺑﺎﻟﻤﻮت‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣ ﺎ ﺣ ﻮى ﻣ ﻦ اﻟﻠ ﺒﻦ‬
‫ﺤ ﺔ ‪ -‬وھ ﻲ ﻣ ﺎ ﻧ ﺴﻤﯿﮭﺎ )اﻟﻤ ﺴَﺎة(‪ ،‬وھ ﻲ ُﺗ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﻧﺠﺴﺎً ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺎﻻﺣﺘﻮاء واﻟﻤﺨﺎﻟﻄﺔ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻷ ْﻧﻔِ ﱠ‬
‫ﺗﺨﺜﯿﺮ اﻟﺤﻠﯿﺐ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﺠﺒﻦ ‪ -‬ھﻲ ﻧﺠﺴﺔ ﻟﻠﺴﺒﺐ ﻧﻔﺴﮫ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذھﺐ إﻟﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺒﯿﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﯿﻦ ﻛﺎﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ ،‬واﺑﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ‬
‫ﺤﺘِﮭ ﺎ أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ ،‬وﻛﺮھﮭﺎ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻠﯿﺚ وﺑﻌﺾ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﯿﻦ‪ .‬وذھﺐ إﻟﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻟﺒﻦ اﻟﻤﯿﺘﺔ وأﻧ ِﻔ ﱠ‬
‫وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وداود إﻧﮭﻤﺎ ﻃﺎھﺮان‪.‬‬

‫‪62‬‬
 ‫ﺛﺎﻟﺜﺎً‪ :‬ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم‪:‬‬
‫ل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة اﻟ ﺪم ﺑﺎﻵﺛ ﺎر‬
‫وأﺧﯿﺮاً ﻧﻘﻒ وﻗﻔﺔ ﻗﺼﯿﺮة ﻣﻊ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم ‪ .‬ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺪ ﱠ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺎ ﻧﺄﻛﻞ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﺪم ﺧﻄﻮط ﻋﻠﻰ اﻟ ِﻘﺪْر«‪.‬‬

‫ﺼﻠﱡﻮن ﻓﻲ ﺟﺮاﺣﺎﺗﮭﻢ« ذﻛﺮه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻗﺎل اﻟﺤﺴﻦ »ﻣﺎ زال اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ُﯾ َ‬

‫ﺨﺮَﻣ ﺔ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﻋﻤ ﺮ وﺟﺮﺣ ﮫ ﯾﺜﻌ ﺐ دﻣ ﺎً« ذﻛ ﺮه ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺪار‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ اﻟ ِﻤﺴْﻮر ﺑ ﻦ َﻣ ْ‬
‫ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻛﺎن أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻻ ﯾﺮى ﺑﺄﺳًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻄﺮة واﻟﻘﻄﺮﺗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﺗﻮا ﺑ ﺄي ﻧ ﺺﱟ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن أو اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ‪ .‬ﻓﻨﻘ ﻮل ‪ :‬إن ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻵﺛ ﺎر وﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺒﮭﮭﺎ ھ ﻲ‬
‫أﻗﻮال وأﻓﻌﺎل ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وإذا ﺗﻌﺎرﺿﺖ ﻣﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ﻟﻢ ﺗﺼﻤﺪ أﻣﺎﻣﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺳ ﻘﻨﺎھﺎ‬
‫ﺻﺢﱠ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أﻧ ﮫ أﻣ ﺮ ﺑ َﻐ ﺴﻞ اﻟ ﺪم ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وأن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ُ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬وﯾُﺘﺮك ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ آﺛﺎر ﻣﺨﺎﻟِﻔﺔ‪.‬‬

‫ي أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻣ ﻦ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺮى‬ ‫وأﯾﻀ ًﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧُﺴﻠﱢﻢ ﺑﺄن ھﺬه اﻵﺛﺎر ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟ ﺪم‪ ،‬ﻓ ﺮ ْأ ُ‬
‫ﺑﺄﺳًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻄﺮة واﻟﻘﻄﺮﺗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﻔﯿﺪ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم وﻟﯿﺲ ﻃﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟ ﺪم ﻋﻨ ﺪه ﻃ ﺎھﺮًا‬
‫ﻟﻤﺎ ﻗﯿﱠﺪه ﺑﺎﻟﻨﻘﻄﺔ واﻟﻨﻘﻄﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻄﺎھﺮ ﻟﻮ ﺳﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺜﯿﺎب وﺟ ﺮى ﺑﻐ ﺰارة ﻻ ﯾ ﺆﺛﱢﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﻘﺎل ﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻟﻘﻄﺮﺗﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء أو اﻟﺰﯾﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻮب أو اﻟﺒﺪن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓ ﻲ دم‬
‫اﻟ ِﻘﺪْر‪ ،‬ﻓﮭﻮ أﯾﻀﺎً ﻟﯿﺲ دﻟﯿﻼً ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺪم‪ ،‬ﻷن اﻟﺸﺮع ﻋﻔﺎ ﻋﻤﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﺤﺮﱡز ﻣﻨﮫ‪ ،‬واﻟﻠﺤ ﻢ ﻻ‬
‫ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﱠﺤ ﺮﱡز ﻣ ﻦ اﻟ ﺪم اﻟﻘﻠﯿ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾﺨﺎﻟﻄ ﮫ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻠ ﺰم ﺗﺤ ﺮﯾﻢ أﻛ ﻞ اﻟﻠﺤ ﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻣ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫واﻟ ﺮأي ﻣ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﯾُﺤﻤ ﻼن ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺪم اﻟﯿ ﺴﯿﺮ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺴﻔﻮح‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺤ ﺮﱠم اﻟ ﻨﺠﺲ ھ ﻮ اﻟ ﺪم‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ اﻟﻤﺴﻔﻮح‪.‬‬

‫ﺢ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻣﻦ أﻧﮫ ﺻﻠﻰ واﻟﺪم ﯾﺜﻌﺐ ﻣﻦ ﺟُﺮﺣﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬ ‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﺻ ﱠ‬
‫اﻷﺛﺮ ﻟﯿﺲ ﻣﻜﺎﻧﮫ ھﻨﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻣﻜﺎﻧﮫ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻌﯿﻦ‪ :‬ﺣﺎﻟ ﺔ اﻻﺿ ﻄﺮار‪ ،‬وﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺴﯿﻼن ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﻨﻘﻄ ﻊ‬
‫ﻛﺎﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ وﻣَﻦ ﺑﮫ ﺳَﻠَﺲُ اﻟﺒﻮل‪ .‬ﻷن ﻋﻤﺮ ﺣ ﯿﻦ ﻃُﻌ ﻦ واﻧ ﺪﻟﻘﺖ أﻣﻌ ﺎؤه أﯾﻘ ﻦ أﻧ ﮫ ﻣﯿ ﺖ وأﻧ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﺰع‪ ،‬وأن دﻣﮫ ﺳﯿﻈﻞ ﯾﻨﺰف ﺣﺘﻰ ﯾﻤﻮت‪ ،‬وﻟﻦ ﯾﻤﮭﻠﮫ اﻟﻄﺐ أو اﻟﻌﻼج ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن‬
‫ﯾﻐﺴﻞ ﺟﺮاﺣﮫ‪ ،‬ﻷن ﻏﺴﻠﮭﺎ رﺑﻤﺎ ﯾُﻌﺠﱢﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺼﻠﱠﻰ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا أﻣ ﺮ ﻣﻘﺒ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫ﻞ ﻣﺘﻮاﺻ ﻞ وﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ‬ ‫ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾُﺴﺘﺪل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺪم‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺎ دام اﻟﺪم ﯾ ﺴﯿﻞ ﺑ ﺸﻜ ٍ‬
‫ﺳ ﻠَﺲ اﻟﺒ ﻮل أو ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ وﻟ ﻮ ﻗﻄ ﺮ اﻟﺒ ﻮل وﻟ ﻮ ﺳ ﺎل‬ ‫وﻗﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﮫ َ‬
‫اﻟﺪم‪ ،‬وﻻ ﯾﺪل ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺒ ﻮل أو ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة اﻟ ﺪم‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻣ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة اﻟﺪم‪.‬‬
‫ﻋﻤﺮ دﻟﯿ ً‬

‫ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ إذن ﺳ ﻮى ﻣ ﺎ رواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل اﻟﺤ ﺴﻦ »ﻣ ﺎ زال اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﯾ ﺼﻠﱡﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﺟﺮاﺣﺎﺗﮭﻢ«‪ .‬واﻟﺤﺴﻦ ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي وھﻮ ﺗﺎﺑﻌﻲ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﻓ ﺮض أﻧ ﮫ ﯾ ﺸﻤﻞ‬
‫ﻻ وﻟ ﯿﺲ ﻧ ﺼًﺎ ﻓ ﻲ ﻃﮭ ﺎرة اﻟ ﺪم‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ ذِﻛ ٌﺮ ﻟﻠ ﺪم‪،‬‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﺈﻧﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻗ ﻮ ً‬
‫وإﻧﻤﺎ ﻓﯿﮫ أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺼﻠﱡﻮن وھﻢ ﺟﺮﺣﻰ‪ ،‬واﻟﺠﺮﯾﺢ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن دﻣﮫ ﯾﺴﯿﻞ‪ ،‬وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﺟﺮﺣﮫ ﻣﺮﺑﻮﻃ ًﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻔﺎﺋﻒ‪ ،‬وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﺟﺮﺣﮫ ﻗﺪ أوﺷﻚ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺪﻣﺎل‪ ،‬وﻛﻞ ھﺆﻻء ﺟﺮﺣﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﺠﺮح ﯾ ﺴﯿﻞ‬

‫‪63‬‬
‫ﻼ ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ُﯾ ﺮاد ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل أن ُﯾ ﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨ ﮫ ﺣﻜ ٌﻢ ﻓ ﻲ‬
‫دﻣ ﺎً ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾﻜ ﻮن اﻟﺠ ﺮح ﯾﺮﺷ ﺢ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ﻃﮭﺎرة اﻟﺪم؟‪.‬‬

‫ﻦ أﻧﮫ ﻧﺠﺲ‪:‬‬
‫راﺑﻌﺎً‪ :‬ﻣﺎ ﯾُﻈ ﱡ‬
‫ﻦ أﻧﮭﺎ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وھﻲ اﻟﻨﺒﯿﺬ وﻟﺤﻮم اﻟﺤُﻤُﺮ اﻷھﻠﯿﺔ واﻟﺼﺪﯾﺪ واﻟﻤﻨ ﻲ واﻟﻘ ﻲء‬
‫أﻣﺎ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﯾُﻈَ ﱡ‬
‫ﻓﻨﻔﺮد ﻟﮭﺎ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬

‫ت ﻣ ﻦ اﻟﺘﻤ ﺮ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎء‬

‫أ ‪ -‬اﻟﻨﺒﯿﺬ‪ :‬ھﻮ ﻣﻨﻘﻮع اﻟﺘﻤﺮ‪ ،‬وذﻟﻚ أﻧﮭﻢ ﯾﻨﺒﺬون ﺣﺒﺎ ٍ‬
‫وﯾﺘﺮﻛﻮﻧﮫ ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺒﺎح‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻜﻮﻧﮫ وﯾﻔﺮُﻛﻮﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ُﯾ ﺼﻔﱡﻮﻧﮫ ‪ ،‬ﯾ ﺼﻨﻌﻮن ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﺮاﺑ ًﺎ ﺣﻠ ﻮًا‬
‫ﻓﮭﺬا ھﻮ اﻟﻨﺒﯿﺬ‪ .‬ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺎء وﺗﻤ ﺮ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ ،‬وإذا اﺳ ﺘﻤﺮ اﻟﻤ ﺰﯾﺞ ﻓ ﻮق ﯾ ﻮﻣﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم ﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺠﻮ اﻟﺤﺎر ﺻﺎر َﯾﻨِﺶﱡ‪ ،‬أي ﺻﺎر ﻟﮫ ﻧ ﺸﯿﺶٌ وﺗﺨ ﱠﻤ ﺮَ‪ ،‬وﺧﺮﺟ ﺖ ﻣﻨ ﮫ راﺋﺤ ﺔ ﻧﻔ ﺎذة‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺣ ﺼﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺻﺎر ﺧﻤﺮًا وﺑﻄﻞ ﻛﻮﻧﮫ ﻧﺒﯿﺬاً ‪ ،‬وآﻧﺬاك ﯾُﺮاق وﻻ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻨﺠﺎﺳﺘﮫ وﺣﺮﻣﺘﮫ‪.‬‬

‫وﺑﮭﺬا اﻟﻮﺻﻒ واﻟﺸﺮح ﯾﺘﻀﺢ أن اﻟﻨﺒﯿﺬ ﻃﺎھﺮ وﻟﯿﺲ ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬واﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫واﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺼﻨﻌﻮﻧﮫ وﯾ ﺸﺮﺑﻮﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »ﻟﻘ ﺪ ﺳ ﻘﯿﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻘ ﺪﺣﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺸﺮاب ﻛﻠﱠﮫ‪ :‬اﻟﻌﺴﻞ واﻟﻨﺒﯿﺬ واﻟﻤﺎء واﻟﻠﺒﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وھﺬا ﻣﻌﻠﻮم ﻟﺪى ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪،‬‬
‫ﺣﺘ ﻰ إن أﺑ ﺎ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻟﺤ ﺴﻦ واﻷوزاﻋ ﻲ وﻋﻜﺮﻣ ﺔ وإﺳ ﺤﻖ ﯾُﺠﯿ ﺰون اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑ ﮫ ﻟ ﺸﮭﺮة ﻃﮭﺎرﺗ ﮫ‬
‫ﺣﻠﱢﮫ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻜﻮن ھﻨﺎك أدﻧﻰ ﺷﻚ ﻓﻲ ﻃﮭﺎرة اﻟﻨﺒﯿﺬ‪ .‬أﻣﺎ إن ھﻮ ﺗﺨﻤﱠﺮ ﺑﻄﻮل اﻟ ُﻤﻜْﺚ ﺣﺘ ﻰ ﺻ ﺎر‬ ‫وِ‬
‫ﻞ‬
‫ﺧﻤﺮًا ﻓﻘﺪ ﺧﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ ﻧﺒﯿﺬاً وﺻﺎر آﻧﺬاك ﺧﻤﺮاً ﻧﺠﺴﺔ‪ .‬أي أﻧﮫ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻧﺠﺴ ًﺎ ﻣﺎ دام ﻧﺒﯿ ﺬاً‪ ،‬ﻓﻠﻌ ﱠ‬
‫ﻋ َﻨ ﻮْا ﺑ ﮫ ﺻ ﻨﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺨﻤ ﺮ اﻟﻤﻮﺟ ﻮدة‬
‫ﻣَﻦ اﻋﺘﺒﺮوه ﻧﺠﺴًﺎ إﻧﻤﺎ ﻋ َﻨ ﻮْا ﺑ ﮫ اﻟﻨﺒﯿ ﺬ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺘﱠﺨ ﱡﻤ ﺮ‪ ،‬أو ﻟﻌﻠﮭ ﻢ َ‬
‫اﻵن ﺗﺤﺖ اﺳﻢ اﻟﻨﺒﯿﺬ‪ ،‬ﻓﮭﺬا وذاك ﻧﺠﺴﺎن‪.‬‬

‫ﺤﻤُﺮ اﻷھﻠﯿﺔ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﺻﻨﱠﻔﮭﺎ ﻧﺎسٌ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﱠﺔ ﺑﻨﻔﺴﮭﺎ واﺳ ﺘﻨﺒﻄﻮا ﺣﻜ ﻢ‬ ‫ب ‪ -‬ﻟﺤﻮم اﻟ ُ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺘﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ أَ ْﻣ ِﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺧﯿﺒﺮ ﺑﺈراﻗ ﺔ ﻣ ﺎ ﻃﺒﺨ ﻮه‬
‫ﻣﻦ ﻟﺤﻮم اﻟﺤُﻤُﺮ اﻷھﻠﯿﺔ‪ ،‬أي ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﻓﺈﻧﮭﺎ رِﺟﺲ« وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫]ﺳُﺆر اﻟﺤﯿﻮان[ ﻓﻨﻘ ﻮل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬أﻣ ﺎ أن ھ ﺬه اﻟﻠﺤ ﻮم ﻧﺠ ﺴﺔ ﻓﮭ ﺬا ﻻ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻓﯿ ﮫ ﻓﻘﯿ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻻ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ إﻓﺮادھﺎ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‪ ،‬ﺑ ﻞ اﻟ ﺼﻮاب وﺿ ﻌﮭﺎ أو إدراﺟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ‬
‫ﺣﯿﻮان ﻻ ﯾُﺆﻛﻞ ﺷﺮﻋًﺎ ﻻ ﯾُﺬﺑﺢ‪ ،‬وﻟﻮ ذُﺑﺢ ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎز أﻛﻠ ﮫ‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ ذ ﱠﻛ ﺎه اﻟ ﺬﺑﺢ‪ ،‬وﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾ ﺼﺒﺢ‬
‫ﻣﯿﺘﺔ ﯾﺠﺮي ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﺠ ﺮي ﻋﻠ ﻰ أﯾ ﺔ ﻣﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻤ ﺎر اﻟﻤﯿ ﺖ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬واﻟﺜ ﻮر اﻟﻤﯿ ﺖ ﻧﺠ ﺲ ‪ ،‬واﻷﺳ ﺪ‬
‫اﻟﻤﯿ ﺖ ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ‪ ،‬وھ ﺬه ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ ﻣ ﺪﻟﻮل ﻛﻠﻤ ﺔ ﻣﯿﺘ ﺔ ‪ ،‬وﻻ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟﻮﺿ ﻌﮭﺎ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ‬
‫ﻣﻨﻔﺼﻞ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬اﻟﺼﱠﺪﯾﺪ‪ :‬ھﻮ ﺳﺎﺋﻞ ﯾﻔﺮزه اﻟﺠﻠﺪ اﻟﻤﺤﺮوق أو اﻟﻤﺠﺮوح ‪ .‬ھﺬا اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻃﺎھﺮ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺑ ﻨﺠﺲ‬
‫ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن وﻻ ﻓ ﻲ اﻟﺤﺪﯾ ـﺚ وﻻ ﺑﺈﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ ﯾﻈ ﻞ ﺣﻜﻤ ﮫ ﻋﻠ ﻰ‬
‫أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻀﻌﮫ ﻓﻘﯿﮫ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت إﻻ ﺑﺎﻟﻘﯿ ﺎس ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺪم ‪ ،‬وﻻ ﻗﯿ ﺎس ھﻨ ﺎ ﻷﻧ ﮫ‬
‫ﻟﯿﺲ دﻣًﺎ وﻻ ﯾﺸﺒﮫ اﻟﺪم ﻓﻲ أوﺻﺎﻓﮫ وﺧﺼﺎﺋﺼﮫ ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻋﻠﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﯿﻈﻞ ﻃﺎھﺮًا ‪.‬‬
‫د ‪ -‬اﻟﻤﻨﻲ‪ :‬ﻟﻘﺪ وردت ﻓﯿﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﻲ ﻣﻦ ﺛﻮب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺬھﺐ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ‬

‫ك اﻟﻤﻨ ﱠ‬‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺖ أﻓ ُﺮ ُ‬
‫ﺣﺖﱡ اﻟﻤﻨﻲﱠ«‪.‬‬
‫ﻓﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻷﺣﻤﺪ » َأ ُ‬

‫‪64‬‬
‫ﻲ‬
‫ﺨ ﻮْﻻﻧﻲ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﻧ ﺎز ًﻻ ﻋﻠ ﻰ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻓﺎﺣﺘﻠﻤـ ـﺖ ﻓ ـﻲ ﺛ ﻮﺑ ﱠ‬‫‪ -2‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺷ ﮭﺎب اﻟ َ‬
‫ﻓﻐﻤﺴﺘﮭﻤﺎ ﻓــﻲ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺮأﺗﻨﻲ ﺟﺎرﯾ ٌﺔ ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ ﻓﺄﺧﺒﺮَﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺜﺖ إﻟﻲﱠ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻘﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺖ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺷﯿﺌﺎً ؟ ﻗﻠﺖ ‪:‬‬
‫ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖَ ﺑﺜﻮﺑﯿﻚ؟ ﻗﺎل ﻗﻠﺖ ‪ :‬رأﯾﺖ ﻣﺎ ﯾﺮى اﻟﻨﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﮫ ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ھﻞ رأﯾ َ‬
‫ﻻ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﻠﻮ رأﯾﺖَ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻏﺴﻠﺘَﮫ ‪ ،‬ﻟﻘﺪ رأﯾﺘُﻨﻲ وإﻧﻲ ﻷﺣﻜﱡﮫ ﻣﻦ ﺛﻮب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺎﺑﺴًﺎ ﺑﻈُﻔ ﺮي«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »رﺑﻤﺎ ﻓﺮﻛْﺘُﮫ«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺖ أﻏ ﺴﻠﮫ ﻣ ﻦ ﺛ ﻮب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﯿﺨ ﺮج إﻟ ﻰ‬

‫اﻟﺼﻼة وأَﺛﺮ اﻟﻐﺴﻞ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﮫ ُﺑ َﻘ ُﻊ اﻟﻤﺎء« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﻲ ﻣ ﻦ ﺛﻮﺑ ﮫ ﺑﻌ ﺮق‬ ‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﻠِ ُ‬

‫ﺖ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫اﻹ ْذﺧِﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﯾﺤﺘﱡﮫ ﻣﻦ ﺛﻮﺑﮫ ﯾﺎﺑﺴ ًﺎ ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﻲ ﯾ ﺼﯿﺐ اﻟﺜ ﻮب‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧﻤ ﺎ‬‫‪ - 5‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳُﺌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﻤﻨ ﱢ‬
‫ھ ﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟ ﺔ اﻟﻤُﺨ ﺎط واﻟ ُﺒ ﺰاق‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻜﻔﯿ ﻚ أن ﺗﻤ ﺴﺤﮫ ﺑﺨﺮﻗ ٍﺔ أو ﺑ ﺈ ْذﺧِﺮة« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬وأﺧﺮﺟ ﮫ أﯾ ﻀًﺎ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣﻮﻗﻮﻓ ﺎً ﻋﻠ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وﻗ ﺎل )اﻟﻤﻮﻗ ﻮف ھ ﻮ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫ﻲ ﻣـ ـﻦ ﺛ ﻮب رﺳ ﻮل اﻟﻠـ ـﮫ ‪ r‬وھ ﻮ‬
‫ﺖ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫ﺤ ﱡ‬
‫‪ - 6‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭــﺎ »أﻧﮭ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗ ُ‬
‫ﺣﺒﱠــ ـﺎن ﻋـ ـﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿـ ـﻲ اﷲ ﻋﻨﮭــ ـﺎ ﺑﻠﻔ ـﻆ »ﻟﻘ ﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤـ ـﺔ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫رأﯾﺘُﻨﻲ أﻓﺮك اﻟﻤﻨﻲﱠ ﻣﻦ ﺛﻮب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ« ورﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت أﺣﺎدﯾﺚ أﺧ ﺮى ﻻ ﺗﺨ ﺮج ﻓ ﻲ ﻣﺤﺘﻮاھ ﺎ ﻋ ﻦ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ‪ ،‬ﻓﺎﻗﺘ ﺼﺮﻧﺎ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا‬

‫اﻟﻘﺪر ﻣﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻲ ﻧﺠﺲ‪ ،‬وھﺆﻻء ھﻢ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ‬ ‫وﻗﺪ ﻓﮭﻤﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ أن اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫واﻟﻠﯿ ﺚ واﻷوزاﻋ ﻲ واﻟﺜ ﻮري‪ .‬وذھ ﺐ إﻟ ﻰ ﻃﮭﺎرﺗ ﮫ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وداود وأﺑ ﻮ ﺛ ﻮر وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﯿﱢﺐ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻲ وﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎص واﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ وﻋﺎﺋ ﺸﺔ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓﯿﻤ ﺎ رُوي‬
‫ﻋﻨﮭﻢ‪.‬‬

‫ﺖ‬
‫واﻟﺤ ﻖ أن ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺷ ﺎﺋﻜﺔ ودﻗﯿﻘ ﺔ ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ﻣﺠﻤ ﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ورد ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ َﻐ ﺴﻞ واﻟﺤ ﱡ‬
‫واﻟﻔَﺮك واﻟﺴﱠﻠﺖ واﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻤ ﺘﻔﺤﱢﺺ واﻟﻤ ﺪﻗﱢﻖ ﯾﻜﺘ ﺸﻒ أﺷ ﯿﺎء ﺗُﻨﯿ ﺮ ﺳ ﺒﯿﻞ اﻟﺒﺤ ﺚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻲ رﻃﺒ ﺎً أو ﯾﺎﺑ ﺴﺎً‪،‬‬
‫اﻷول ﺑﺮواﯾﺘﯿﮫ ﻓﯿﮫ أن ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔ ﺮُك اﻟﻤﻨ ﻲﱠ وﺗﺤ ﱡﺘ ﮫ‪ ،‬دون ﺑﯿ ﺎن إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﻨ ﱡ‬
‫ﻲ وھ ﻮ ﯾ ﺎﺑﺲ ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗ ْﻔﺮُﻛ ﮫ وھ ﻮ‬ ‫ﻚ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺑﺮواﯾﺘﯿ ﮫ ﻓﯿ ﮫ أن ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﺤُ ﱡ‬
‫ﯾﺎﺑﺲ وأﻧﮭﺎ ﻗﺪ ﺧﻄﱠﺄت ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﻐَﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺎﻣ ﺖ ﺑﻌﻤﻠﯿ ﺔ اﻟ َﻐ ﺴﻞ‪ ،‬دون أن ﺗﺒ ﯿﻦ‬
‫ﻲ رﻃﺒ ًﺎ أو ﯾﺎﺑ ﺴ ًﺎ ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﻔﯿ ﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎم ﺑﻨﻔ ﺴﮫ ﺑﻌﻤﻠﯿ ﺔ اﻟ ﺴﱠﻠﺖ‬ ‫إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﻨ ﱡ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪،‬‬‫ﻲ اﻟﯿﺎﺑﺲ‪ .‬وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس‪ ،‬ﻓﻘﺪ ورد ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺖﱡ ﻓﻲ رواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ ُ‬ ‫ﺖ ﻟﻠﻤﻨ ﱢ‬‫وﺑﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺤ ﱢ‬
‫ﻲ رﻃﺒ ﺎً أو ﯾﺎﺑ ﺴ ًﺎ‪ .‬إذن ﻗ ﺪ ورد اﻟ َﻐ ﺴﻞ واﻟﻔ ﺮك‬‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬دون ﺑﯿﺎن إن ﻛﺎن اﻟﻤﻨ ﱡ‬ ‫واﻟﻔﺮك ﻓﻲ رواﯾﺔ اﺑﻦ ِ‬
‫واﻟﺤﻚﱡ واﻟﺤﺖﱡ واﻟﺴﱠﻠﺖ ﺣﯿﻨﺎً ﻣﻘﯿﺪةً ﺑﺎﻟﻤﻨﻲﱢ اﻟﯿﺎﺑﺲ وﺣﯿﻨﺎً آﺧﺮ ﻣﻄﻠﻘ ًﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﯿﺪة‪.‬‬

‫ﻲ اﻟﺮﻃ ﺐ واﻟﯿ ﺎﺑﺲ ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺴﱠ ْﻠﺖ ﻓﻘ ﺪ ﯾﺰﯾ ﻞ وﻗ ﺪ ﻻ‬‫أﻣ ﺎ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻓ ﻼ ﺧ ﻼف ﻓ ﻲ أﻧ ﮫ ﯾُﺰﯾ ﻞ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫ﻲ اﻟﺮﻃ ﺐ واﻟﯿ ﺎﺑﺲ‪ .‬إذن اﻟ َﻐ ﺴﻞ واﻟ ﺴﱠﻠﺖ إﻧﻤ ﺎ ُﻗ ﺼﺪ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‬ ‫ﻦ إﻧ ﮫ ﯾُﺰﯾ ﻞ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫ﯾﺰﯾﻞ‪ ،‬وﻟْﻨﻘ ﻞ ﺑﻐﻠﺒ ﺔ اﻟﻈﱠ ﱢ‬
‫ﻲ‪،‬‬‫ﻲ ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ دﻟﯿﻞ ﻣﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﻨ ﱢ‬ ‫ﻲ ‪ ،‬وھﺬا ﯾﺪل ﻓﻲ ذاﺗﮫ وﺣﺪه ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﻨ ﱢ‬ ‫إزاﻟﺔ اﻟﻤﻨ ﱢ‬

‫‪65‬‬
‫ﻚ‬
‫وھﻮ دﻟﯿﻞ وﺟﯿﮫ ﻟﻮ ﻛﺎن وﺣﺪه أي ﻟﻮ اﻗﺘﺼﺮت اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ورد اﻟﻔﺮك واﻟﺤ ﱡ‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ‬ ‫ﻲ اﻟﯿﺎﺑﺲ‪ ،‬واﻟﻤﻌﺮوف أن اﻟﻤﻨﻲﱠ اﻟﯿﺎﺑﺲ ﯾُﻤﺴِﻚ ﺑﺎﻟﺜﻮب و ُﯾﺼَﻠﱢﺒﮫ وﯾُﻘﺴﱢﯿﮫ ﻓﻀ ً‬ ‫ﺖ ﻟﻠﻤﻨ ﱢ‬
‫واﻟﺤ ﱡ‬
‫ﺖ‪-‬ﻻ‬ ‫ﯾﻌﻄﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﺻ ﻔﺮارًا ﺧﻔﯿﻔ ﺎً‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻔ ﺮك ‪ -‬وھ ﻮ أﻗ ﻮى ﻓ ﻲ اﻹزاﻟ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﻚ واﻟﺤ ﱢ‬
‫ﻲ وﻻ ﯾﻘﻠﻌﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺨﻔﱢﻔﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﺮ ﺑﮭﺬه اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ إﻧﻤﺎ ﻗُ ﺼﺪ‬ ‫ﯾﺰﯾﻞ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫ل ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻄﮭ ﺎرة اﻟﻤﻨ ﻲﱢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬إن اﻟﻔ ﺮك ﻻ ﯾﺰﯾ ﻞ اﻟﻤﻨ ﻲﱠ‪،‬‬
‫ﻣﻨﮫ اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺪ ﱠ‬
‫ﻲ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬وﺣﻤﻠ ﻮا اﻷﻣ ﺮ ﺑ ﺎﻟﻔﺮك ﻋﻠ ﻰ‬ ‫وذﻟ ﻚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻹزاﻟ ﺔ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻄﻠﻮﺑ ﺔ ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻓ ﺎﻟﻤﻨ ﱡ‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب واﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪.‬‬

‫ﻲ ‪ ،‬إذ ﺗﻘﺎﺑﻠﮭ ﺎ ﺣﺠ ﺔ أﻗ ﻮى ھ ﻲ ﻣ ﺎ ورد‬

‫ﺼﻒَ ﻻ ﺗﻜﻔﯿﮫ ھﺬه اﻟﺤﺠﺔ ﻟﻠﻘﻮل ﺑﻄﮭﺎرة اﻟﻤﻨ ﱢ‬ ‫وﻟﻜﻦ اﻟ ُﻤ ْﻨ ِ‬
‫ﻲ‬
‫ﻲ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‪ ،‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﻨ ﱢ‬
‫ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ اﻟ َﻐ ﺴﻞ‪ ،‬واﻟ َﻐ ﺴﻞ ﯾﺰﯾ ﻞ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫ﻏ ﺴﻞ اﻟﺜ ﻮب ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺬي ﻣ ﻊ أن اﻟﻤ ﺬي ﻧﺠ ﺲ‪.‬‬ ‫وﺣﻤﻠﻮا اﻟﻔﺮك ﻋﻠﻰ ﻋ ﺪم اﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ ﻛﻌ ﺪم اﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ ﻓ ﻲ َ‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ ﺛ ﻮب‬‫ﺖ اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﻢ ﯾﻨﺘﮫ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﻤﺪى‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس ﯾﻘﻮل »أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤ ﱡ‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ ﺛ ﻮب رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ« ورواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن » ﻟﻘ ﺪ رأﯾﺘُﻨ ﻲ أﻓ ﺮك اﻟﻤﻨ ﱠ‬
‫وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ« واﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ وھﻮ ﯾﺤﺴﻢ اﻟﺨﻼف‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﺻﻠﻰ وﻓﻲ ﺛﻮﺑﮫ ﻣﻨﻲﱞ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﻨﻲﱡ ﻧﺠﺴًﺎ ﻟﻤﺎ اﺑﺘ ﺪأ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻗ ﻮي ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻃﮭﺎرة اﻟﻤﻨﻲ‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻘﺎل ‪ :‬إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻤﻨﻲﱢ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﮫ‪ .‬ﻻ ﯾﻘﺎل ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﺬي ﯾﻘﻮل ھﺬا اﻟﻘﻮل ﯾﺠﺐ أن ُﯾﺜْﺒﺘﮫ أوﻻً وھﻮ ﻻ ﯾﻤﻠ ﻚ إﺛﺒﺎﺗ ﺎً‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿ ًﺎ إن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗ ﺪ ﻋ ﺼﻤﮫ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺼﻼة وھﻮ ﯾﺤﻤﻞ اﻟﻨﱠﺠﺎﺳ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﻣﻌ ﮫ ﺣ ﯿﻦ ﻧ ﺰل اﻟ ﻮﺣﻲ ﯾﺨﺒ ﺮه أن ﻧﻌﻠ ﮫ ﺗﺤﻤ ﻞ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻨﺰﻋﮭﺎ وھﻮ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﻮي ﻓ ﻲ اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة اﻟﻤﻨ ﻲ‪ .‬ﻓ ﺈذا أُﺿ ﯿﻒ إﻟ ﻰ ھ ﺬا‬
‫ﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻤﺮوي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺣﺼﻞ اﻃﻤﺌﻨﺎن إﻟ ﻰ ﺻ ﺤﺔ‬ ‫ﺚ اﻟﺤﺪﯾ ُ‬
‫اﻟﺤﺪﯾ ِ‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﻄﮭﺎرة اﻟﻤﻨﻲﱢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤُﺨ ﺎط واﻟﺒُ ﺰاق« وھ ﻮ ﺻ ﺮﯾﺢ ﻓ ﻲ ﻃﮭ ﺎرة‬
‫ﻲ ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤُﺨﺎط واﻟﺒُﺰاق ﻃﺎھﺮان ﺑﻼ ﺧﻼف أﻋﻠﻤﮫ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻨ ﱢ‬

‫وﻗ ﺪ ﯾﻘ ﺎل إن اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻗ ﺪ روى اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻗ ﺎل )اﻟﻤﻮﻗ ﻮف ھ ﻮ‬

‫اﻟﺼﺤﯿﺢ( واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﻮﻗﻮف ھﻮ ﻗﻮل ﺻﺤﺎﺑﻲ وھﻮ ﻟﯿﺲ ﺣُﺠ ﺔ‪ ،‬وأن اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻗ ﺪ اﻧﻔ ﺮد ﺑﺮﻓﻌ ﮫ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ .‬ﻓﻨﻘﻮل ‪ :‬إن اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻟ ﻢ ﯾﻨﻔ ﺮد ﺑﺮﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑ ﻞ ﺷ ﺎرﻛﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﻄﱠﺤ ﺎوي واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ أﯾ ﻀًﺎ‪ .‬إنﱠ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑﻌ ﺪ أن ﺳ ﺎق اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺎل )ﻟ ﻢ ﯾﺮﻓﻌ ﮫ ﻏﯿ ﺮ إﺳ ﺤﻖ‬
‫اﻷزرق ﻋﻦ ﺷﺮﯾﻚ( ﻓﺈذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن إﺳ ﺤﻖ إﻣ ﺎ ٌم ﻣُﺨ ﺮﱠج ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﺑ ﻦ ﺗﯿﻤﯿ ﺔ‬
‫واﺑﻦ اﻟﺠﻮزي‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻧﻔ ﺮاده ﺑ ﺎﻟﺮﻓﻊ ﻻ ﯾ ﻀ ﱡﺮ ‪ ،‬وأن رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ زﯾ ﺎدة‪ ،‬واﻟﺰﯾ ﺎدة ﯾﺘﻌ ﯿﻦ‬
‫ﺠ ﺔ ﻣ ﻦ ﯾﻘ ﻮل‬‫ﺣﱠ‬‫اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ وﻣﺮﻓ ﻮع ‪ ،‬وھ ﻮ ﻛ ﺎف ﻓ ﻲ ﺗ ﺮﺟﯿﺢ ُ‬
‫ﻲ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ وﺟﮫ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وﺗُﺤﻤ ﻞ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ َﻐ ﺴﻞ واﻟﻔ ﺮك واﻟ ﺴﱠﻠﺖ‬ ‫ﺑﻄﮭﺎرة اﻟﻤﻨ ﱢ‬
‫وﻏﯿﺮھﺎ ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ اﻟﻮﺳﺦ واﻟﺘﻨﻈﯿﻒ اﻟﻤﻨﺪوب ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﺷُﺒﮭﺔٌ ھﻲ ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﻤﻨﻲﱠ ﻧﺠﺲٌ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣﻨﻲﱢ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﮭ ﻮ ﻋﻨ ﺪھﻢ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل‬
‫ﻲ َﻣ ﻦ ﺳ ﻮاه؟ وﻻ دﻟﯿ ﻞ ﺳ ﻮى ﻣ ﺎ‬ ‫ﻟﮭﺆﻻء‪ :‬ﻣﻦ أﯾﻦ ﻟﻜﻢ ھﺬا اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ؟ وأﯾﻦ ھﻮ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﻣﻨ ﱢ‬
‫أوردﻧﺎه ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻨﯿﱢﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻞ إن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾ ﺴﺎوي ﺑ ﯿﻦ ﻣﻨﱢﯿ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻲ‪.‬‬
‫ﻲ ﻣَﻦ ﺳﻮاه‪ ،‬ﻓﺘﺒﻄُﻞ ھﺬه اﻟﺸﺒﮭﺔ‪ ،‬وﯾَﺜﺒﺖ ﺣﻜﻢ ﻃﮭﺎرة اﻟﻤﻨ ﱢ‬ ‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وﻣﻨ ﱢ‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﺧﺎض ﻓﯿﮫ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻦ ﻃﮭ ﺎرة ﻣﻨ ﻲﱢ اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت أو ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‪ ،‬وﺗﻔ ﺮﯾﻘﮭﻢ ﺑ ﯿﻦ ﻣﻨ ﻲﱢ ﻣ ﺄﻛﻮل‬
‫اﻟﻠﺤﻢ وﻣﻨﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺄﻛﻮل‪ ،‬ﻓﻼ أﺟﺪﻧﻲ ﻣﺤﺘﺎﺟًﺎ ﻟﻠﺨﻮض ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﺣﺴﺒﻲ أن أﻗﻮل إﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد أي دﻟﯿ ﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ﺺ ﺻ ﺤﯿﺢ وﻻ ﺣ ﺴﻦ وﻻ إﺟﻤ ﺎع ﺻ ﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‬ ‫ھـ‪ -‬اﻟﻘﻲء‪ :‬إﻧﮫ ﻟﻢ َﯾﺮِد ﻓﻲ اﻟﻘ ﻲء ﻧ ﱞ‬
‫ﻓﯿﻈﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪ .‬وﻟﻘﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻘﻲء ﻋﻠﻰ أﻣﺮﯾﻦ‪:‬‬

‫أﺣﺪھﻤﺎ‪ :‬ھﻮ ﻣﺎ رواه َﻣ ْﻌ ﺪان ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﻠﺤ ﺔ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪرداء »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎء ﻓ ﺄﻓﻄﺮ‬

‫ﺖ ﻟ ﮫ وَﺿ ﻮءه«‬
‫ﺖ ﺛﻮﺑﺎن ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ دﻣ ﺸﻖ ﻓ ﺬﻛﺮت ذﻟ ﻚ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﺪق أﻧ ﺎ ﺻ ﺒﺒ ُ‬ ‫ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﻠﻘِﯿ ُ‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا أﺻﺢ ﺷﻲء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب( ‪ .‬وﻣﺎ رواه اﺑﻦ أﺑ ﻲ ُﻣﻠَﯿﻜ ﺔ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ‬
‫ﺲ أو َﻣﺬِي ﻓﻠْﯿﻨﺼﺮف ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ‪،‬‬ ‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ‪»r‬ﻣﻦ أﺻﺎﺑﮫ ﻗَﻲ ٌء أو رُﻋﺎ ٌ‬
‫ف أو َﻗَﻠ ٌ‬
‫ﺛﻢ ِﻟ َﯿ ْﺒﻦِ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ وھﻮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺘﻜﻠﻢ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﺿﻌﻔﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ :‬أﻧﮭ ﻢ وﺿ ﻌﻮا ﻗﺎﻋ ﺪة ﺗﻘ ﻮل )أن اﻟﺨ ﺎرج ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺪن ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺴﺒﯿﻞ ﯾﻨﻘ ﺴﻢ ﻗ ﺴﻤﯿﻦ ‪:‬‬
‫ﻃ ﺎھﺮًا وﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻄ ﺎھﺮ ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺎل ﻣ ﺎ واﻟ ﻨﺠﺲ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ اﻟﺠﻤﻠ ﺔ‬
‫رواﯾﺔ واﺣﺪة( ذﻛﺮھﺎ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻤﻐﻨ ﻲ‪ ،‬وذﻛ ﺮوا أن ذﻟ ﻚ ﻣ ﺮوي ﻋ ﻦ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ‬
‫واﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻓﻄﺒﱠﻘﻮا اﻷﻣﺮ اﻷول وھﻮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ وھﻮ اﻟﻘﺎﻋ ﺪة‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟ ﻮا ﺑﺤﻜ ﻢ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫اﻟﻘ ﻲء‪ ،‬أي أﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘ ﻲء ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وأن اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﺗﻘ ﻮل إن أي‬
‫ﺧﺎرج ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﻟ ﺴﺒﯿﻞ ﯾ ﻨﻘﺾ إن ﻛ ﺎن ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬وإذن ﻓ ﺎﻟﻘﻲء ﻧﺠِ ﺲ‪ .‬ﻓﻨﺠﯿ ﺒﮭﻢ ﺑ ﺄن ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻲ ﯾﻨﻘﺾ ﺧﺮوﺟﮫ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﺑﻞ وﯾُﻮﺟﺐ اﻟﻐُﺴﻞ رﻏﻢ ﻃﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ إن‬ ‫ﻣُﺴﻠﱠﻢ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭﺎ ھﻮ اﻟﻤﻨ ﱡ‬
‫ﻄ ﺎھﺮ ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓﯿ ﮫ‬ ‫اﻟ ﻨﺠﺲ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ اﻟﺠﻤﻠ ﺔ رواﯾ ًﺔ واﺣ ﺪة واﻟ ﱠ‬
‫آﺧﺮون‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻣﻜﺤﻮل‪ :‬ﻻ وﺿﻮء إﻻ ﻓﯿﻤﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ ُﻗﺒُﻞ أو دُﺑﺮ‪ .‬وﻣﺎﻟﻚ ورﺑﯿﻌﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑ ﻮ‬
‫ﺛ ﻮر واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر ﻻ ﯾُﻮﺟﺒ ﻮن ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻲء وﺿ ﻮءًا‪ .‬ﻓﺎﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﺘ ﻲ وﺿ ﻌﻮھﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻣُﺴﻠﱠﻢ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﺢ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺤﺴﺒﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﻠﺬان اﺳﺘﺸﮭﺪوا ﺑﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻷول‬
‫ﻓﺈن ﻏﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ أن اﻟﻘﻲء ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﺤﺴﺐ ﻋﻠﻰ اﻓﺘﺮاض أن اﻟﻔﺎء اﻟﺘﻲ ﻓﻲ )ﻓﺘﻮﺿﺄ( ھﻲ ﻓﺎء‬
‫ي وأﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻤ ﺎر‬ ‫اﻟﺴﱠﺒﺒﯿﺔ‪ .‬ﻧﻌﻢ روى اﻟﺒﺰﱠار واﻟﺪراﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ ﻧﻌﯿﻢ واﺑﻦ ﻋﺪ ﱟ‬
‫أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﯾﺎ ﻋﻤﱠﺎر‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﺗﻐﺴﻞ اﻟﺜ ﻮب ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ واﻟﺒ ﻮل واﻟﻘ ﻲء واﻟ ﺪم« إﻻ أن ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ درﺟﺔ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻤُﺤﺪﱢﺛﯿﻦ ﯾﺮﻣﻮﻧﮫ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ‪ ،‬و ﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ھ ﺬا اﻻﺗﮭ ﺎم ﻣ ﻦ ﻛ ﻮن‬
‫ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﺣﻤﱠﺎد أﺣﺪَ رُواﺗﮫ وھﻮ ﻣﺘﱠﮭﻢ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ )ھﺬا ﺑﺎﻃﻞ ﻻ أﺻﻞ ﻟﮫ(‪ .‬وأﺿ ﺎف )ﺛﺎﺑ ﺖ‬
‫ﺑﻦ ﺣﻤﱠﺎد ُﻣﺘﱠﮭﻢ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ(‪ .‬وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪًا(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫دﻟﯿﻼً ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻘﻲء‪.‬‬

‫‪67‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟـﺚ‬
‫أﺣﻜﺎمُ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‬
‫ﯾﺘﻀﻤﱠﻦ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺳﺖ ﻣﺴﺎﺋﻞ واﻟﺘﻤﮭﯿﺪ ﻟﮭﺎ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ھﻲ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﺣﻜﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ھﻞ ﯾﺠﺐ اﻟﻌﺪد ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ؟‬

‫‪ - 3‬اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ورد ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺪد‬

‫‪ -4‬ﻣﺎ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺲ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ‪.‬‬

‫‪ - 6‬اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ‪.‬‬

‫ﺗﻤﮭﯿﺪ‬
‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]أﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت[ إن ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ھﻮ اﻻﺟﺘﻨﺎب وﺟﻮﺑﺎً‪ ،‬وإن اﻟﺸﺮع ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺜﻦ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻻﺟﺘﻨ ﺎب ﺳ ﻮى ﻛﻠ ﺐ اﻟ ﺼﯿﺪ وﻛﻠ ﺐ اﻟﺤﺮاﺳ ﺔ وﺟﻠ ﺪ اﻟﺤﯿ ﻮان اﻟﻤﯿ ﺖ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻣﻌﺎﻟﺠﺘ ﮫ ﺑﺎﻟ ﺪﺑﺎغ ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﯾﻈ ﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻓ ﻲ ﺣﻘ ـﮫ وﺟ ﻮب اﻻﺟﺘﻨ ﺎب‪ .‬وھ ﺬا‬
‫اﻻﺟﺘﻨﺎب ﻟﻠﻨﺠﺎﺳ ﺎت وﻛﯿﻔﯿﺘ ﮫ ‪ -‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾ ﺴﻤﻰ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ـﺔ ‪ -‬ﻻ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﺗﻜﻔ ﻲ ﻓﯿ ﮫ‬
‫اﻹزاﻟﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﺴﻮاء زاﻟﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﻨﯿﺔ أو ﺑﺪون ﻧﯿﺔ‪ ،‬وﺳﻮاء زاﻟﺖ ﺑﻔﻌﻞٍ ﻣﻨﺎ أو ﺑﻔﻌ ﻞ ﻏﯿﺮﻧ ﺎ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺗﻢ اﻟﻤﻄﻠﻮب وﻗُﻀﻲ اﻷﻣﺮ‪.‬‬

‫واﻟﻨﱠﺠِﺲ ﻋﻜﺴﮫ اﻟﻄﺎھﺮ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺳﻮى اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳ ﺒﻖ ﺗﺤﺪﯾ ﺪھﺎ ﻓﮭ ﻮ ﻃ ﺎھﺮ دون ﺣﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ‬
‫دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬أي إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟ ﺪﯾﻨﺎ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺷ ﻲء ﺣﻜﻤﻨ ﺎ ﺑﻄﮭﺎرﺗ ﮫ‪ ،‬ﻷن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‬

‫‪68‬‬
‫ض واﻟﺤﯿ ﻮان واﻟﻨﺒ ﺎت‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ اﻟ ﺴﻤﻮات ﻗ ﺪ ﺳ ﺨﱠﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ‬ ‫ﻞ ﺷ ﻲء‪ ،‬اﻷر َ‬ ‫ﺳ ﺨﱠﺮ ﻟﻨ ﺎ ﻛ ﱠ‬
‫ﺨ َﺮ ﻟﻜُﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﱠﻤﻮاتِ وﻣَﺎ ﻓﻲ اﻷرضِ ﺟﻤﯿﻌﺎً ﻣِ ْﻨ ﮫُ‬ ‫ﺳﱠ‬‫ﻟﻺﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺠﺎﺛﯿﺔ ]و َ‬
‫[ واﻟﺘﺴﺨﯿﺮ ﯾﻘﺘﻀﻲ ﺟﻮاز اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل واﻻﻧﺘﻔﺎع‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل وارداً ﻣﻊ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ن‬
‫ﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﻮات وﻣ ﺎ ﻓ ﻲ اﻷرض ُﻣ ﺴﺨﱠﺮ وﻃ ﺎھﺮ إﻻ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺜﻨﺎه اﻟ ﻨﺺ‪ .‬ﻓﺎﻟﻄﮭ ﺎرة ھ ﻲ اﻷﺻ ﻞ‬ ‫ﻛﱡ‬
‫ج ﻋﻠﯿﮫ ﺟﺎء اﻟﺸﺮع ﯾﻄﻠﺐ ﻧﺒﺬھﺎ وﻋﺪم اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮭﺎ‪ .‬ﺛ ﻢ إن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺧﻠ ﻖ اﻟﻜ ﻮن‬ ‫واﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺧﺮو ٌ‬
‫وﻋ ﺮض ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺘﻜﻠﯿ ﻒ ﻓ ﺄﺑﻰ وأﺷ ﻔﻖ ﻣ ﻦ ﺣﻤِﻠ ﮫ‪ ،‬إﻻ اﻹﻧ ﺴﺎن اﻟﻈ ﺎﻟﻢ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ اﻟﺠﺎھ ﻞ ﻟﻤ ﺼﯿﺮ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺪ واﻓﻖ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد ﯾﺴﯿﺮ ﻓ ﻲ ﻃﺎﻋ ﺔ اﷲ واﻹﻧ ﺴﺎن اﻟﻤ ﺆﻣﻦ اﻟ ﺼﺎﻟﺢ‬
‫ﯾﺴﯿﺮ ﻣﻊ اﻟﻜﻮن ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨﺮج ﻋﻠﻰ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﯿﺮة وﯾ ﺸ ﱡﺬ ﻋﻨﮭ ﺎ ﺳ ﻮى اﻟﻜ ﺎﻓﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺸﺮ‪،‬‬
‫ﻓﮭﻮ اﻟﺸﺎذ اﻟﺨﺎرج ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻞ‪ ،‬اﻟﺬي ھﻮ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ‪ ،‬وﯾﻠﺤﻖ ﺑﮫ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻦﱢ واﻟ ﺸﯿﺎﻃﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ‬
‫ﻏﺮﯾﺒﺎً وﻻ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً أن ﯾُﻄﻠِﻖ اﻟﺸﺮع ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎر ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟ ﻨﱠﺠَﺲ ﺗ ﺸﺒﯿﮭﺎً ﻟﮭ ﻢ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت اﻟﺨﺎرﺟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻷﺻﻞ‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻠﻰ أﺻﻞ اﻷﺷﯿﺎء ﻣﻦ اﻟﻄﮭﺎرة وﺳ ﻤﯿﺖ ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟﻜﻔ ﺎر‬
‫ﺲ ﻓﻼ‬ ‫ﺠ ٌ‬ ‫ﺴﺎً‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]إﻧﻤ ﺎ اﻟ ُﻤ ﺸْﺮِﻛﻮ َ‬
‫ن َﻧ َ‬ ‫ﺧﺮﺟ ﻮا ﻋﻠ ﻰ أﺻ ﻞ اﻷﺷ ﯿﺎء ﻣ ﻦ اﻟﻄﺎﻋ ﺔ وﺳُ ﻤﱡﻮا ﻧَﺠَ َ‬
‫ﺠ َﺪ اﻟﺤﺮا َم ﺑﻌ َﺪ ﻋﺎﻣِﮭﻢ ھﺬا[ اﻵﯾﺔ ‪ 28‬ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ .‬وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻘﺮآن ﻟﻔﻈﺔ ﻧﺠﺲ ﺳ ﻮى‬ ‫َﯾ ْﻘﺮَﺑﻮا اﻟﻤَﺴ ِ‬
‫ﻣﺮة واﺣﺪة ھﻲ ھﺬه ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻜﻔﺎر اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈن اﻷﺻﻞ أن ﯾُﻨﺒﺬ اﻟﻜﺎﻓﺮ اﻟﻤﺸﺮك ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒ ﺬ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﺎﺧﺘﻼفٍ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺒﺬﯾﻦ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣ ﻊ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ ﻓﻠ ﯿﺲ ھ ﺬا ﻣﻜﺎﻧ ﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣ ﻞ ﻣ ﻊ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻓﮭﻮ ﻣﺪار ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬

‫ھﻨﺎك ﻧﺠِﺲٌ‪ ،‬وھﻨﺎك ﻣﺘﻨﺠﱢﺲٌ ‪،‬ﻓﺄﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺤﺜﮭﺎ وﺗﺤﺪﯾﺪھﺎ ھ ﻲ ﻣ ﻦ ﻓﺌ ﺔ اﻟ ﱠﻨﺠِﺲ‪،‬‬
‫وإذا ﺧﺎﻟﻂ اﻟﻨﱠﺠِﺲ ﻏﯿﺮه ﻧﺠﱠﺴَﮫ ﻓﺼﺎر ﻣﺘﻨﺠﱢﺴﺎً‪ ،‬واﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻻﺟﺘﻨﺎب واﻹزاﻟﺔ إﻧﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑ ﺎﻟﻨﱠﺠِﺲ دون‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ ﯾﻤﻜﻦ إﻋﺎدﺗﮫ إﻟ ﻰ أﺻ ﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻄﮭ ﺎرة ﺑﺘﺨﻠﯿ ﺼﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﻨﱠﺠِﺲ إﻻ أﺷ ﯿﺎء ﻧ ﺎدرة‪،‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﻨﱠﺠِﺲ ﻓﺄﺻﻠﮫ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﯾﻈﻞ ﻧﺠِﺴﺎً وﻻ َﯾﻄْﮭﺮ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﻧﺎدرة أﯾﻀ ًﺎ‪.‬‬

‫ﺣﻜ ُﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎعِ ﺑﺎﻟ ﱠﻨﺠِﺲ‬

‫ﺣﺮﱠم اﻟﺸﺮع اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﱠﺠِﺲ ﺗﺤﺮﯾﻤًﺎ ﻋﺎﻣًﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎً ‪ ،‬وأوﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻻﺑﺘﻌ ﺎد ﻋﻨ ﮫ دون‬
‫إﯾﺠﺎﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜ ﺎﻓﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜ ﺎﻓﺮون ﺳ ﻤﺢ اﻹﺳ ﻼم ﻟﮭ ﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺳ ﻤﺢ ﻟﮭ ﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻔ ﺎع‬
‫ﺠ ﺲ‪ ،‬وﺳ ﻤﺢ ﻟﮭ ﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﻤ ﺎ ﯾ ﺸﺎءون‬ ‫ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ وھﻲ ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬وﺳﻤﺢ ﻟﮭﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑ ﺎﻟﺨﻨﺰﯾﺮ وھ ﻮ َﻧ ِ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻨﱠﺠﺎﺳ ﺎت دون ﻣﻤﺎﻧﻌ ﺔ ﻣ ﻦ دوﻟ ﺔ اﻟﺨﻼﻓ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﺷ ﺮﺑﻮا أﺑ ﻮاﻟﮭﻢ وﺧﻠﻄ ﻮا دﻣ ﺎءھﻢ ﻓ ﻲ أدوﯾ ﺘﮭﻢ‬
‫وأﻛﻠﻮا اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻟﻢ ﯾﻌﺘﺮض اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳﻼم أﻣ ﺮ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺘ ﺮك اﻟﻜﻔ ﺎر وﻣ ﺎ ﯾﻌﺒ ﺪون وﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺄﻛﻠﻮن‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓﮭ ﻢ ﻃ ﺎھﺮون ﻣﺘﻄ ﱢﮭ ﺮون ﯾ ﺄﻧﻔﻮن ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت وﯾﻌ ﺎﻓﻮن اﻻﻗﺘ ﺮاب ﻣﻨﮭ ﺎ ‪،‬‬
‫وﯾﻠﺰﻣﮭﻢ إزاﻟﺘُﮭﺎ وﻋﺪمُ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﺑﺄي وﺟﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻻﻧﺘﻔﺎع‪ ،‬إﻻ ﻣ ﺎ ﺧ ﺼﱠﮫ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻛﻜﻠ ﺐ اﻟ ﺼﯿﺪ‬
‫وﻛﻠﺐ اﻟﺤﺮاﺳﺔ‪ ،‬وﻛﺠﻠﺪ اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺑﻌﺪ دﺑﺎﻏﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻻ ﯾﺠ ﻮز اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﻨﱠﺠِﺲ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪.‬‬
‫وﻧﺴﻮق ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل ﻋﺎم اﻟﻔ ﺘﺢ وھ ﻮ ﺑﻤﻜ ﺔ »إن اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﺣ ﺮﱠم ﺑﯿ ﻊ‬
‫اﻟﺨﻤﺮ واﻟﻤﯿﺘﺔ واﻟﺨِﻨﺰﯾ ﺮ واﻷﺻ ﻨﺎم ﻓﻘﯿ ﻞ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أرأﯾ ﺖ ﺷ ﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﯾُﻄ َﻠ ﻰ ﺑﮭ ﺎ‬
‫ﺢ ﺑﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ ھ ﻮ ﺣ ﺮام‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨ ﺪ‬ ‫ﻦ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﻠﻮد وﯾَﺴﺘﺼﺒ ُ‬ ‫اﻟﺴﻔﻦ وﯾُﺪھ ُ‬
‫ﺟﻤَﻠ ﻮه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺑ ﺎﻋﻮه ﻓ ﺄﻛﻠﻮا ﺛﻤﻨ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ذﻟﻚ‪ :‬ﻗﺎﺗ ﻞ اﷲ اﻟﯿﮭ ﻮد إن اﷲ ﻟ ﱠﻤ ﺎ ﺣ ﺮﱠم ﺷ ﺤﻮﻣﮭﺎ َ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺻﺤﺎب اﻟﺴﱡﻨﻦ ‪ .‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ب ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻟﻌ ﻦ اﷲ اﻟﯿﮭ ﻮد ‪ -‬ﺛﻼﺛ ﺎً ‪ -‬إن اﷲ ﺣ ﺮﱠم ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‬
‫اﻟﺸﱡﺤﻮم ﻓﺒﺎﻋﻮھﺎ وأﻛﻠﻮا أﺛﻤﺎﻧﮭﺎ‪ ،‬وإن اﷲ إذا ﺣﺮﱠم ﻋﻠﻰ ﻗ ﻮ ٍم أﻛ ﻞ ﺷ ﻲء ﺣ ﺮﱠم ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺛﻤﻨ ﮫ« رواه‬
‫أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﺟﺤَﯿﻔﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ »أﻧﮫ اﺷ ﺘﺮى ﻏﻼﻣ ﺎً ﺣﺠﱠﺎﻣ ًﺎ ﻓ ﺄﻣﺮ ﺑﻤﺤﺎﺟﻤ ﮫ ﻓ ُﻜ ﺴِﺮت‪،‬‬ ‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻮن ﺑﻦ أﺑﻲ ُ‬
‫ﻲ‪،‬‬‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬أﺗﻜﺴﺮھﺎ ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ﺛﻤﻦ اﻟ ﺪم وﺛﻤ ﻦ اﻟﻜﻠ ﺐ وﻛ ﺴﺐ اﻟ َﺒ ِﻐ ﱢ‬
‫وﻟ َﻌﻦَ آ ِﻛ َﻞ اﻟﺮﺑﺎ وﻣُﻮﻛِﻠﮫ واﻟﻮاﺷﻤﺔ واﻟﻤﺴﺘﻮﺷﻤﺔ وﻟﻌ ﻦ اﻟﻤُ ﺼﻮﱢر« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ‪.‬‬
‫ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻤﺤﺎﺟﻢ ‪ -‬واﺣﺪﺗﮭﺎ ﻣِﺤْﺠَﻢ‪ :‬ھﻲ اﻷداة اﻟﺘﻲ ﯾُﺤﺠَﻢ ﺑﮭﺎ ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺛﻤ ﻦ اﻟﻜﻠ ﺐ‪ ،‬وإن ﺟ ﺎء ﯾﻄﻠ ﺐ ﺛﻤ ﻦ اﻟﻜﻠ ﺐ‬

‫ﻓﺎﻣﻸ ﻛﻔﱠﮫ ﺗﺮاﺑ ًﺎ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورﺟﺎﻟﮫ ﺛِﻘﺎت‪ ،‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺛﻤ ﻦ اﻟﻜﻠ ﺐ ﺧﺒﯿ ﺚ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﺟﺎءك ﯾﻄﻠﺐ ﺛﻤﻦ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﺎﻣﻸ ﻛﻔﯿﮫ ﺗﺮاﺑ ًﺎ«‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ ﻓﺄرة ﺳ ﻘﻄﺖ ﻓ ﻲ ﺳ ﻤﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫أَﻟﻘﻮھﺎ وﻣﺎ ﺣﻮﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻃﺮﺣﻮه وﻛﻠﻮا ﺳﻤﻨﻜﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫و‪ -‬ﻋﻦ واﺋﻞ اﻟﺤﻀﺮﻣﻲ » أن ﻃﺎرق ﺑﻦ ﺳُﻮﯾﺪ اﻟﺠُﻌﻔﻲ ﺳﺄل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺨﻤﺮ ﻓﻨﮭ ﺎه أو‬
‫ﻛ ﺮه أن ﯾ ﺼﻨﻌﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧﻤ ﺎ أﺻ ﻨﻌﮭﺎ ﻟﻠ ﺪواء‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺪواء وﻟﻜﻨ ﮫ داء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ذﻛﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﺻ ﻨﺎف ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ھ ﻲ اﻟﺨﻤ ﺮ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ‪ ،‬وﻓ ﺮﱠع ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وھ ﻮ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ اﻟ ﺸﺤﻮم‪ ،‬وذﻛ ﺮ أن ھ ﺬه اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﺣ ﺮام ﺑﯿﻌﮭ ﺎ‪ ،‬وﺣ ﺮام اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﺎﻟ ﺸﺤﻮم ﻓ ﻲ‬
‫ﻃﻼء اﻟﺴﻔﻦ ودھﻦ اﻟﺠﻠﻮد واﻹﺿﺎءة ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺬه اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﺑﯿﻌ ًﺎ‬
‫واﺳ ﺘﻌﻤﺎﻻً‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻗﺎﻋ ﺪة ﻓﻘﮭﯿ ﺔ ﻋﺮﯾ ﻀﺔ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﺎﻟﻤﺤﺮﱠﻣ ﺎت‪ ،‬وﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‪ ،‬ھ ﻲ أن ﻛ ﻞ ﻣُﺤ ﺮﱠم اﻷﻛ ﻞ ﻣُﺤ ﺮﱠم اﻟﺒﯿ ﻊ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ ﺑﯿ ﻊ ﺻ ﻨﻔﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ھﻤﺎ اﻟﺪم واﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬واﻟﺒﯿﻊ اﻧﺘﻔﺎع‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ ﺑﯿ ﻊ اﻟﻜﻠ ﺐ »إن ﺟ ﺎء‬
‫ﯾﻄﻠﺐ ﺛﻤﻦ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﺎﻣﻸ ﻛﻔﮫ ﺗﺮاﺑ ًﺎ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ أﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺑ ﺈﺗﻼف اﻟ ﺴﻤﻦ اﻟﻤﺘ ﻨﺠﺲ‬
‫ﺻ ﻨﻌﺖ واﺳ ﺘﻌﻤﻠﺖ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﯿﺘ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس رﻓ ﺾ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﺨﻤﺮ ﺣﺘ ﻰ وﻟ ﻮ ُ‬
‫ﻛﺪواء‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه أﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﺎﻟﻤﯿﺘ ﺔ وﺷ ﺤﻮﻣﮭﺎ‪ ،‬وﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ واﻟ ﺪم واﻟ ﺴﻤﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺠﺲ‪ ،‬وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ أدﻟﺔ ﺳﻮى اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻟﻜﻔﻰ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ھﻲ ﻣﻦ ﻓﺌ ﺔ‬
‫اﻟﻨﺠﺲ ﺳﻮى ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ اﻟﻤﺘﻨﺠﺲ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ أﻣﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺑﺈﻟﻘﺎﺋ ﮫ‬
‫وﻋ ﺪم اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﮫ ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن اﻟﻤﺘ ﻨﺠﱢﺲ ُﯾﺘْﻠ ﻒ ﻓﻜﯿ ﻒ ﺑ ﺎﻟﻨﱠﺠﺲ؟ ﺛ ﻢ إذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن اﻟ ﺸﺮع ﻗ ﺪ ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ‬
‫إﺗﻼف اﻟﻤﺎل ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻦ إﺗﻼف أو إﺿﺎﻋﺔ أدﻧﻰ ﻛﻤﯿﺔ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻛﺎﻟﻠﻘﻤﺔ ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﯿﺪ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ﺟﺎﺑﺮ أﻧ ﮫ‬
‫ﺳﻤﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إذا َ‬
‫ﻃﻌِﻢ أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ﺴﻘﻄﺖ ﻟﻘﻤﺘ ﮫ ﻣ ﻦ ﯾ ﺪه‪ ،‬ﻓ ْﻠ ﯿُﻤﻂ ﻣ ﺎ راﺑ ﮫ ﻣﻨﮭ ﺎ وﻟْﯿﻄﻌﻤﮭ ﺎ وﻻ‬
‫ﯾ ﺪﻋﮭﺎ ﻟﻠ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وﻻ ﯾﻤ ﺴﺢ ﯾ ﺪه ﺑﺎﻟﻤﻨ ﺪﯾﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻠﻌ ﻖ ﯾ ﺪه‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻻ ﯾ ﺪري ﻓ ﻲ أي ﻃﻌﺎﻣ ﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬أﻗﻮل إذا ﻛﺎن اﻟﺸﺮع ﻗﺪ ﻧﮭﻰ ﻋﻦ إﺿﺎﻋﺔ اﻟﻠﻘﻤﺔ ﺗﺴﻘﻂ‬ ‫ﯾﺒﺎرَك ﻟﮫ ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻣﻦ اﻟﯿﺪ ﻓﻜﯿﻒ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺈﺗﻼف ﻣﺎ ھﻮ أﺛﻤﻦ ﻣﻨﮭﺎ ﻛﺎﻟﺴﻤﻦ ﺗﻘﻊ ﻓﯿﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻟﻮﻻ أن اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز؟‬

‫وﻟﻘﺪ أﺟﺎز ﻋﺪد ﻣﻦ ﻛﺒ ﺎر اﻷﺋﻤ ﺔ اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ ﻣ ﻨﮭﻢ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﻠﯿ ﺚ‪،‬‬
‫ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪70‬‬
 ‫أ ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮫ آﻧﻔﺎً وھﻮ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ‪.‬‬

‫ﺠ ﺮ‪ ،‬أرض ﺛﻤ ﻮد‪ ،‬ﻓﺎﺳ َﺘ َﻘﻮْا‬ ‫ﺤْ‬‫ب ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ» أن اﻟﻨﺎس ﻧﺰﻟ ﻮا ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ اﻟ ِ‬
‫ﻣ ﻦ آﺑﺎرھ ﺎ‪ ،‬وﻋﺠﻨ ﻮا ﺑ ﮫ اﻟﻌﺠ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻢ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﮭﺮﯾﻘ ﻮا ﻣ ﺎ اﺳ ﺘ َﻘﻮْا‪ ،‬وﯾﻌﻠﻔ ﻮا اﻹﺑ ﻞ‬
‫اﻟﻌﺠﯿﻦ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻣُﺤﯿﱢﺼﺔ أﺧﻲ ﺑﻨﻲ ﺣﺎرﺛﺔ »أﻧﮫ أﺳﺘﺄذن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ إﺟﺎرة اﻟ َ‬
‫ﺤﺠﱠﺎم ﻓﻨﮭﺎه ﻋﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﯾﺰل ﯾﺴﺄﻟﮫ وﯾﺴﺘﺄذﻧﮫ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل‪ :‬اﻋﻠﻔْﮫُ ﻧﺎﺿﺤَﻚ وَأﻃْﻌِﻤْﮫ رﻗﯿﻘَﻚ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﻨﮫ‪.‬‬

‫ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑ ﺄن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟ ﺬي رواه اﻟ ﺸﯿﺨﺎن ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ اﻟ ﺬي رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻻ‬
‫ﯾ ﺼﻠﺤﺎن ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﻨﺎ ‪ ،‬ﻓﮭﻤ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺎ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت واﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻣﻮﺿ ﻮﻋﮭﻤﺎ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤُﺤ ﺮﱠم ‪ ،‬واﻟﻤُﺤ ﺮﱠم ﻟ ﯿﺲ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة ﻧﺠ ﺴﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺸﯿ ﺸﺔ ﻣﺤﺮﱠﻣ ﺔ وﻟﻜﻨﮭ ـﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬واﻟ ﺼﱡﻠﺒﺎن ﻣﺤﺮﻣ ﺔ وھ ﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻧﺠ ﺴﺔ ‪ ،‬واﻟﺘ ﺼﺎوﯾﺮ‪ ،‬أي اﻟﺘﻤﺎﺛﯿ ﻞ‪ ،‬ﻣﺤﺮﻣ ﺔ وھ ﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻧﺠ ﺴﺔ‪،‬‬
‫ﺠ ﺎم‪ ،‬وﻣ ﺎء آﺑ ﺎر ﻣ ﻦ ﻇﻠﻤ ﻮا أﻧﻔ ﺴﮭﻢ‪ ،‬ﺑ ﻞ إن ﻛ ﺴﺐ اﻟﺤ ﱠﺠ ﺎم ﻟ ﻢ ﯾﺘﻔ ﻖ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻓﻜ ﺬﻟﻚ ﻛ ﺴﺐ اﻟﺤ ﱠ‬
‫ﺗﺤﺮﯾﻤ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أﺑﺎﺣ ﮫ ﻗ ﻮم وﻛﺮھ ﮫ آﺧ ﺮون‪ .‬وﻟ ﺴﺖ أرﯾ ﺪ أن أدﺧ ﻞ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺒ ﺎب ﺣﺘ ﻰ ﻻ أﺧ ﺮج ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻮﺿ ﻮع‪ ،‬وﻟ ﺬا أﻗ ﻮل إن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺤﺎن ھﻨ ﺎ‪ ،‬وﻟﯿ ﺴﺖ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ دﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻓﯿُﺘﺮﻛﺎن وﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬وھﻮ اﻟﺬي رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ‪ ،‬ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ ﺑﻞ ھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻜ ﺲ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‪ .‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل »إن‬
‫اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﺣ ﺮﱠم ﺑﯿ ﻊ اﻟﺨﻤ ﺮ واﻟﻤﯿﺘ ﺔ واﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ واﻷﺻ ﻨﺎم‪ ،‬ﻓﻘﯿ ﻞ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ :‬أرأﯾ ﺖ ﺷ ﺤﻮم‬
‫ﺢ ﺑ ﮫ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ ھ ﻮ ﺣـ ـﺮام«‬ ‫اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾُﻄﻠ ﻰ ﺑ ﮫ اﻟ ﺴﻔﻦ و ُﯾ ﺪھﻦ ﺑ ﮫ اﻟﺠﻠ ﻮد وﯾَﺴﺘ ﺼﺒ ُ‬
‫ﻧﻈـﺮوا ﻓـﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﺗﺴﺎءﻟﻮا ‪ :‬ھﻞ اﻟﻀﻤﯿﺮ )ھــﻮ( ﻓﻲ ﻗﻮﻟـ ـﮫ )ھ ﻮ ﺣـ ـﺮام( راﺟ ﻊ إﻟ ﻰ اﻟﺒﯿ ﻊ )إن‬
‫اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ ﺣﺮﱠم ﺑﯿﻊ(‪ ،‬أم ھﻮ راﺟﻊ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﻔﺎع )ﯾُﻄﻠ ﻰ ‪ُ ...‬ﯾ ﺪھﻦ ‪ ...‬ﯾَﺴﺘ ﺼﺒﺢ(؟ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬اﻟﻈ ﺎھﺮ‬
‫أن ﻣﺮﺟ ﻊ اﻟ ﻀﻤﯿﺮ ﻟﻠﺒﯿ ﻊ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ اﻟﻤ ﺬﻛﻮر ﺻ ﺮﯾﺤًﺎ واﻟﻜ ﻼم ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﺆﯾ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫)ﺑ ﺎﻋﻮه( وﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إن اﻟ ﻀﻤﯿﺮ ﯾﺮﺟ ﻊ إﻟ ﻰ اﻟﺒﯿ ﻊ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺑﺠ ﻮاز اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺎﻟﻨﺠﺲ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻓﻘ ﻂ‬
‫ﯾﺤﺮم ﺑﯿﻌﮫ‪ .‬وﯾﺴﺘﺪل أﯾﻀًﺎ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز إﻃﻌﺎم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻟﻠﻜﻼب‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻟﻠﺒﯿ ﻊ‬
‫ﺟ ﺎز اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑ ﺸﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘ ﺔ واﻷدھ ﺎن اﻟﻤﺘﻨﺠ ﺴﺔ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺷ ﻲء ﻏﯿ ﺮ أﻛ ﻞ اﻵدﻣ ﻲ ودھ ﻦ ﺑﺪﻧ ﮫ‪،‬‬
‫ﻃﺐِ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ .‬ھﻜ ﺬا ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ ،‬وھﻜ ﺬا اﺳ ﺘﺪﻟﻮا واﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ‬ ‫ﻓﯿﺤﺮﻣﺎن ﻛﺤﺮﻣﺔ أﻛﻞ اﻟﻤﯿﺘﺔ واﻟﺘﺮ ﱡ‬
‫اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﺧﻄﺄ ھﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻟﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن اﻟﻀﻤﯿﺮ ﻟﻐ ًﺔ ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ أﻗ ﺮب اﺳ ﻢ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ إﻟ ﻰ أﺑﻌ ﺪه ‪ ،‬واﻷﻗ ﺮب ھﻨ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻣ ﻦ‬

‫أﻟﻔﺎظ ﺗﻔﯿﺪ اﻻﻧﺘﻔﺎع )ﯾُﻄﻠﻰ ‪ ...‬ﯾُﺪھﻦ ‪ ...‬ﯾَﺴﺘﺼﺒﺢ( وﻟﯿﺲ ﻟﻔﻈﺔَ اﻟﺒﯿﻊ اﻟﺘﻲ ھﻲ أﺑﻌﺪ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إن ﻗﻮﻟﮭﻢ اﻟﻀﻤﯿﺮ ﯾﻌﻮد إﻟ ﻰ اﻟﺒﯿ ﻊ ﻷﻧ ﮫ اﻟﻤ ﺬﻛﻮر ﺻ ﺮﯾﺤﺎً ﻗ ﻮل ﻏﯿ ﺮ دﻗﯿ ﻖ‪ ،‬ﻷن اﻟ ﺸﺤﻮم‬
‫وﻣﺎ اﺗﺼﻞ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ أﻓﻌﺎل ھﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﺻﺮﯾﺤﺔ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻓﺴﺮﻧﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﻋ ﻮدة اﻟ ﻀﻤﯿﺮ إﻟ ﻰ اﻟﺒﯿ ﻊ ﻟﻤ ﺎ أﻓ ﺎد اﻟﻘ ﻮل اﻷﺧﯿ ﺮ ﺷ ﯿﺌﺎً‪،‬‬
‫ﻷن ﺷﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﺗﺎﺑﻌ ﺔ ﻟﻠﻤﯿﺘ ﺔ ﻓ ﻲ ﺣﻜ ﻢ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻟﺒﯿ ﻊ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ﺗﻔ ﺴﯿﺮه ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﻮء‬
‫ﻋﻮدة اﻟﻀﻤﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺸﺤﻮم ﯾﻔﯿﺪ ﻣﻌﻨﻰ ﺟﺪﯾﺪاً‪ ،‬وھﺬه اﻹﺿﺎﻓﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ إﻟﻐﺎﺋﮭﺎ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫د ‪ -‬إن اﻟﻨ ﺼﻒ اﻷول ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻜﺘﻤ ﻞ ﺗ ﺎم ﺑﻨﻔ ﺴﮫ »إن اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﺣ ﺮﱠم ﺑﯿ ﻊ اﻟﺨﻤ ﺮ‬
‫واﻟﻤﯿﺘﺔ واﻟﺨﻨﺰﯾﺮ واﻷﺻﻨﺎم« وھ ﻮ ﻟ ﯿﺲ ﺑﺤﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ ﺗﻜﻤﻠ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺴﺄل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫ﻋﻦ ﺷﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻻﻧﺘﮭﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪ ﻛﻠﻤﺔ اﻷﺻﻨﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺸﺤﻮم اﻟﺘﻲ ﯾُﻔﻌﻞ ﺑﮭﺎ ﻛ ﺬا‬
‫وﻛﺬا‪ ،‬أي ﯾُﻨﺘﻔﻊ ﺑﮭﺎ ﺑﻜﺬا وﻛﺬا وﻛ ﺬا ﻗ ﺎل )ﻻ‪ ،‬ھ ﻮ ﺣ ﺮام( واﻟ ﻀﻤﯿﺮ )ھ ﻮ( ﯾﺒﻌ ﺪ أن ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ اﻟﺒﯿ ﻊ‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺟﻤﻠﺘ ﺎن ﺗﺎﻣﺘ ﺎن ﻣﻨﻔ ﺼﻠﺘﺎن‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤ ﺔ )إن اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﺣ ﺮﱠم( أﻓ ﺎدت ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻷرﺑﻌ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﻮرة أوﻻً‪ ،‬وﻛﻠﻤﺔ )ﻻ‪ ،‬ھﻮ ﺣﺮام( أﻓ ﺎدت ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻟﻄ ﻼء واﻟ ﺪھﻦ واﻻﺳﺘ ﺼﺒﺎح ﺑﺎﻟ ﺸﺤﻮم‪ .‬ھﻜ ﺬا‬
‫ﯾﺠﺐ ﻓﮭﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وھﻜﺬا ﯾﻔﮭﻤﮫ ﻣ ﻦ أﺧ ﺬ ﺑﻈ ﺎھﺮه وﺗ ﺮك اﻟﺘﻌﻤ ﻖ واﻟﺘﻜﻠ ﻒ‪ .‬وﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ ﺧﻄ ﺄ‬
‫اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺠﻮاز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮﻧﮫ ﺑﺨﺼﻮص إﻃﻌﺎم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻟﻠﻜﻼب ‪،‬ﻓﮭﻮ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻻﻧﺘﻔﺎع اﻟ ﺬي ﻧﺒﺤ ﺚ ﻓﯿ ﮫ ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻜﻼب ﻧﺠﺴﺔ وإﻃﻌﺎﻣﮭﺎ اﻟﻤﯿﺘﺔ اﻟﻨﺠﺴﺔ ھﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻ ﺔ‪ ،‬إذ ھ ﻮ ﺿ ﻢ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ إﻟ ﻰ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ وﻻ ﻣ ﺎﻧﻊ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬أﻣﺎ إﻃﻌﺎﻣﮭﺎ ﻟﻠﺤﯿﻮاﻧﺎت اﻟﻄﺎھﺮة‪ ،‬أو اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺷ ﻲء ﻃ ﺎھﺮ ﻓﮭ ﻮ ﺗﻨﺠ ﯿﺲ ﻟ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ‬
‫ﯾﺠ ﻮز‪ .‬وﻗ ﺪ ورد اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ رﻛ ﻮب اﻟﺠَﻼﱠﻟ ﺔ وأﻛ ﻞ ﻟﺤﻤﮭ ﺎ وﺷ ﺮب ﻟﺒﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻻ ﻟ ﺸﻲء إﻻ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺗﺄﻛ ﻞ‬
‫ﺠﻼﱠﻟ ﺔ‪ ،‬وﻋ ﻦ اﻟﻤُﺠﺜﱢﻤ ﺔ‪،‬‬ ‫اﻟﻌﺬرة اﻟﻨﺠﺴﺔ‪ .‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻟ ﺒﻦ ﺷ ﺎة اﻟ َ‬
‫وﻋ ﻦ اﻟ ﺸﺮب ِﻣ ﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱢﻘﺎء« رواه أﺣﻤـ ـﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣـ ـﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ‬
‫ﺠﻼﱠﻟ ﺔ‬
‫ﺤ ُﻤ ﺮ اﻷھﻠﯿ ﺔ وﻋ ﻦ اﻟ َ‬ ‫ﺷﻌﯿﺐ ﻋــﻦ أﺑﯿﮫ ﻋــﻦ ﺟــــﺪه‪ ،‬ﻗـﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻟ ُ‬
‫وﻋﻦ رﻛﻮﺑﮭﺎ وأﻛﻞ ﻟﺤﻮﻣﮭﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺟﯿﺪ رﺟﺎﻟ ﮫ ﺛﻘ ﺎت ﻣ ﺎ ﻋ ﺪا ﻣﺆ ﱢﻣ ﻞ وﺛﱠﻘ ﮫ اﺑ ﻦ‬
‫ﻣُﻌﯿﻦ‪ .‬ﻓﺈذا أﻛﻠﺖ اﻹﺑﻞ واﻷﺑﻘﺎر واﻷﻏﻨﺎم واﻟﺪﺟﺎج اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻓﻘ ﺪ ﻧُﮭﯿﻨ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ﻋ ﻦ أﻛﻠﮭ ﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﺑ ﻞ‬
‫ﻋ ﻦ رﻛ ﻮب ﻣ ﺎ ﯾُﺮﻛ ﺐ ﻣﻨﮭ ﺎ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓ ﺎﻧﻈﺮ إﻟ ﻰ أي أﺛ ٍﺮ ﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓ ﻲ اﻷﺷ ﯿﺎء اﻟﻄ ﺎھﺮة‪.‬‬
‫وﯾُﻜﺮه أﻛﻞ اﻟﺠَﻼﱠﻟﺔ إﻻ أن ﺗُﻌﻠﻒ ﺑﺎﻟﻌﻠﻒ اﻟﻄﺎھﺮ ﻓﺘﺮة ﺗﻜﻔﻲ ﻟﺘﺨﻠﱢﺼﮭﺎ ﻣﻤﺎ أﻛﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺲ‪.‬‬

‫ھﻞ ﯾﺠﺐ اﻟﻌﺪد ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ؟‬

‫إن إزاﻟ ﺔ ﻋ ﯿﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ھ ﻲ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ أو اﻟﻄﮭ ﺎرة ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻻ ﯾﻠﺰﻣﮭ ﺎ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ ﻋ ﺪد‬
‫اﻟﻐﺴﻼت‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﺤﺴﺐ ھﻮ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ .‬أﻣﱠﺎ أَن ﺗُﺰال اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﺤﺪد ﻣﻦ اﻟﻐﺴﻼت‬
‫ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻼزم‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ورد ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﺮ ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ أو ﻏ ﺴﻞ اﻷﺷ ﯿﺎء اﻟﻤﺘﻨﺠ ﺴﺔ ﻟ ﻢ‬
‫ﺗﻄﻠ ﺐ ﻋ ﺪدًا ﻣﺤ ﺪدًا ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻼت إﻻ ﻓ ﻲ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣﻮاﺿ ﻊ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ :‬ھ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء ﺑﺄﺣﺠ ﺎر ﺛﻼﺛ ﺔ‪،‬‬
‫وﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﺑﻌ ﺪ ﻧ ﻮم اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ ﻣ ﺎ وﻟ ﻎ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻵﻧﯿ ﺔ ﺳ ﺒﻌًﺎ أُوﻻھ ﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺟﺎءت اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻄﻠﻘﺔ دون ﺗﻘﯿﯿﺪ اﻟﻐ ﺴﻼت ﺑﻌ ﺪد ﻣﺤ ﺪد‪.‬‬
‫ﻓﺤﺪﯾﺚ ﺑﻮل اﻷﻋﺮاﺑﻲ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﯿ ﮫ ﻋ ﺪد‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ ﻏ ﺴﻞ دم اﻟﺤ ﯿﺾ ودم اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻋﺪد‪ ،‬وأﺣﺎدﯾﺚ ﻏﺴﻞ اﻟﻤﺬي واﻟﺒﻮل وآﻧﯿﺔ اﻟﻜﻔﺎر ﻣﻤﺎ وﺿﻊ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺨﻨﺰﯾ ﺮ واﻟﺨﻤ ﺮ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد‬
‫ن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻓﯿﮭ ﺎ ﻋ ﺪد ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺮد اﻟﻌ ﺪد إﻻ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﻮاﻃﻦ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﻤ ﺎرة ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وإذن ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫اﻟﻄﮭﺎرة أو اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ أن ﺗُﺰﯾﻞ أﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﯾُﻐﺴﻞ اﻟﺜﻮب أو اﻟﺒ ﺪن أو اﻷرض أو‬
‫أي ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﺗﺰاﯾﻠﮫ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﺳ ﻮاء اﺣﺘﺠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ إزاﻟﺘﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﻏ ﺴﻠﺔ واﺣ ﺪة أو ﺛ ﻼثٍ أو ﻋ ﺸﺮﯾﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺪد ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺼﻮد وﻏﯿﺮ ﻣﻄﻠﻮب‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻘﻂ اﻟﻐﺴﻞ اﻟﺬي ﯾﺰﯾﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮاﻃﻦُ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ورد ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺪد‬

‫أ ‪ -‬ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﺣﯿﻦ اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻣﻦ ﻧﻮم اﻟﻠﯿﻞ ‪ :‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‪ » r‬إذا‬
‫اﺳﺘﯿﻘﻆ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓ ﻼ ُﯾ ﺪﺧ ْﻞ ﯾ ﺪَه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﺣﺘ ﻰ ﯾﻐ ﺴﻠﮭﺎ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪري أﯾ ﻦ‬
‫ﺑﺎﺗﺖ ﯾﺪه« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ب ‪ -‬اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ‪ :‬ﻋ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ...» r‬ﻻ‬
‫ﯾﺴﺘﻨﺠﻲ أﺣﺪﻛﻢ ﺑﺪون ﺛﻼﺛﺔ أﺣﺠﺎر« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺠﺰِﺋ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ذھﺐ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻟﻠﺤﺎﺟ ﺔ ﻓ ْﻠ َﯿ ﺴْﺘﻄ ﱠ‬
‫ﺐ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ُﺗ ْ‬
‫داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ وﺻﺤﱠﺤﮫ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻏﺴﻞ اﻹﻧﺎء إذا وﻟﻎ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻠﺐ ‪ :‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫»ﻃُﮭ ﻮر إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ إذا وﻟ ﻎ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠ ﺐ أن ﯾﻐ ﺴﻠﮫ ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮات أُوﻻھ ﻦ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﻌﻠﱠ ﻞ »ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪري أﯾ ﻦ ﺑﺎﺗ ﺖ ﯾ ﺪه« ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﺣ ﯿﻦ‬
‫اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻣ ﻦ ﻧ ﻮم اﻟﻠﯿ ﻞ ﻣﻌﻠﱠ ﻞ ﺑ ﻮَھْ ِﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ أو ﺑﺎﻟ ﺸﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ ذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ أﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫ﻼ ﻋﻦ أن ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﺛﻼﺛﺎً ‪ ،‬وﻛﻮن اﻟﻌﱠﻠ ﺔ ھ ﻲ َو ْھ ﻢُ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺻ ﺎرﻓﺔ ﻟﻸﻣ ﺮ ﻋ ﻦ‬ ‫ﻓﻀ ً‬
‫اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻷن اﻟﻮاﺟ ﺐ ھ ﻮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﺘ ﯿﻘﱠﻦ ﻣ ﻦ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮫ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ھﻨ ﺎ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺘﯿﻘﻨ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫اﻷﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺪب ﻓﻘﻂ‪ .‬ﻓﻐﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻋﻘﺐ اﻟﻘﯿﺎم ﻣﻦ اﻟﻨﻮم ﻣﻨﺪوب‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻏﺴﻠﮭﻤﺎ‬
‫ﻼ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ واﺟﺒﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺪد ھﻨﺎ ﻣﻨﺪوب وﻻ ﯾﺠﺐ‪.‬‬ ‫ﺛﻼﺛ ًﺎ داﺧ ً‬

‫وﻗﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا اﺳﺘﯿﻘﻆ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ ﻣﻨﺎﻣ ﮫ ﻓﻠْﯿ ﺴﺘﻨﺜﺮ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪،‬‬
‫ﻓﺈن اﻟﺸﯿﻄﺎن ﯾﺒﯿﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﯿﺎﺷﯿﻤﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﻢ ﯾﻘﻞ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻮﺟ ﻮب‬
‫اﻻﺳﺘﻨﺜﺎر ھﺬا‪ ،‬وإن ھﺬا اﻟﻄﻠﺐ إﻧﻤﺎ ﻗُﺼﺪ ﻣﻨﮫ إذھﺎب ﻣﺎ ﯾﻠﺼﻖ ﺑﻤﺠﺮى اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻷوﺳﺎخ‪ ،‬ﻟﯿﻜ ﻮن‬
‫ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﻧﺸﺎط اﻟﻘﺎرئ وﻃﺮد اﻟﺸﯿﻄﺎن‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ أن أھﻞ اﻟﺤﺠ ﺎز ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺴﺘﻨﺠﻮن ﺑﺎﻷﺣﺠﺎر وﺑﻼدھﻢ ﺣﺎرة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻧﺎم أﺣﺪھﻢ ﻋﺮق ﻓﻼ ﯾﺄﻣﻦ اﻟﻨﺎﺋﻢ أن ﺗﻄﻮف ﯾ ﺪه ﻋﻠ ﻰ ُدُﺑ ﺮه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔﻆ ﯾﻘﻮﱢي ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‬ ‫اﻟﺬي ﻓﯿﮫ أﺛﺮ اﻟﻐﺎﺋﻂ‪ .‬وﻗﺪ روى اﺑﻦ ُ‬
‫‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ » r‬إذا اﺳﺘﯿﻘﻆ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ ﻧﻮﻣ ﮫ ﻓ ﻼ ﯾﻐﻤ ﺲ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ إﻧﺎﺋ ﮫ أو ﻓ ﻲ وَﺿ ﻮﺋﮫ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﻐﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺪري أﯾﻦ أﺗﺖ ﯾﺪه ﻣﻨﮫ« أي ﻣ ﻦ ﺟ ﺴﺪه‪ .‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ إذن إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻟ ﺪﻓﻊ وھْ ﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺎﺋﻂ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻧﺎم أﺣﺪﻧﺎ اﻵن وﻗﺪ ﻟ ﺒﺲ ﻣﻼﺑ ﺲ ﺗﺤ ﻮل دون وﺻ ﻮل ﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ ُد ُﺑ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻏ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ‬
‫ﺣﯿﻦ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ ﯾﻜ ﻮن ﻏﯿ ﺮ ﻣﻄﻠ ﻮب إﻻ أن ﯾﻔﻌﻠ ﮫ ﺗﻌ ﱡﺒ ﺪًا ﻣﺤ ﻀﺎً‪ ،‬ﺳ ﯿﻤﺎ وﻧﺤ ﻦ اﻟﯿ ﻮم ﻧ ﺴﺘﻨﺠﻲ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‬
‫اﻟﺬي ﯾﻨﻘﱢﻲ اﻟﺪﺑﺮ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺋﻂ ﺗﻤﺎﻣًﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﺪد إذن ھﻨﺎ ﻏﯿﺮ واﺟ ﺐ‪ ،‬وھ ﻮ ﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ ﯾﻌ ﺎﻟﺞ وھ ﻢ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﮭ ﻮ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﺗﻨﻈﯿ ﻒ اﻟ ﱡﺪﺑُﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ وﻗ ﺪ ﻃﻠ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫ﺠﺰِﺋﮫ« ﻓﻔﮭﻢ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﺺ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن اﻟﻌﺪد ھﻨﺎ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ أﺣﺠﺎر ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ وﻗﺎل »ﻓﺈﻧﮭﺎ ُﺗ ْ‬
‫واﺟ ﺐ وأن اﻻﺳ ﺘﺠﻤﺎر ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﺑﺄﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ‪ ،‬واﻋﺘﺒ ﺮوا أن اﻟﻌ ﺪد ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫وﻗﺎﺳ ﻮا ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﻛﻠﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ﺑﻐ ﺴﻞ ﻛ ﻞ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺪ وَھَ َﻢ ھ ﺆﻻء‬
‫ﺟﻤﯿﻌﺎً‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﺪﯾﻨﺎ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﯾﺮدﱡ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ وﯾﺒﻄ ﻞ اﻟﻌ ﺪد ﺣﺘ ﻰ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺳﮭﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳُﺌﻞ ﻋ ﻦ اﻻﺳ ﺘﻄﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪َ :‬أوَﻻ ﯾﺠ ﺪ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر‪:‬‬
‫ﺺ أﺑﻠ ﻎ وأوﺿ ﺢ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ اﻟ ﺬي ﯾﻘ ﺮر أن‬ ‫ﺣﺠﺮﯾﻦ ﻟﻠﺼﱠﻔﺤﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺣﺠ ٍﺮ ﻟﻠﻤ ﺴﺮﺑﺔ ؟« ﻓ ﺄي ﻧ ﱟ‬
‫ﺗﻨﻈﯿﻒ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﻮاﺣﺪ ﯾﻜﻔﯿﮫ ﺣﺠﺮ واﺣﺪ؟ ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺣﺠﺮًا واﺣﺪاً ﻟﻠﻤﺴﺮﺑﺔ‪ ،‬وﺣﺠﺮًا واﺣﺪاً ﻟﻠﺼﻔﺤﺔ‬
‫اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬وﺣﺠ ﺮاً واﺣ ﺪًا ﻟﻠ ﺼﻔﺤﺔ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬أي أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻛﺘﻔ ﻰ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء ﺑﺤﺠ ﺮ واﺣ ﺪ‬
‫ﻟﻠﻤﻮﺿﻊ اﻟﻮاﺣﺪ وﻟﻢ ﯾﻄﻠﺐ ﻋ ﺪداً‪ ،‬وﺑ ﯿﱠﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺳ ﺒﺐ ﻃﻠ ﺐ اﻷﺣﺠ ﺎر اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻟﻼﺳ ﺘﻨﺠﺎء‪،‬‬
‫وأﻧﮭﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﺣﺠﺎر ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻮاﺿﻊ ‪ ،‬ﻓ ﺄي ﺗﻔ ﺴﯿﺮ أﺑﻠ ﻎ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ؟ وأي رد أﺑﻠ ﻎ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟ ﺮد‬

‫‪73‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺷﺘﺮﻃﻮا اﻟﻌﺪد ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎء وﻋﻤﱠﻤﻮه ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻏﺴﺎل؟ وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔ ﺴﺮ‬
‫ﺑﻌﻀﮫ ﺑﻌﻀًﺎ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ ﻣﻨﻄﻮق اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وھﻮ واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻲ اﻟﻌﺪد ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أن‬
‫ﻼ ﯾﻜﻔﯿﮭ ﺎ ﺣﺠ ﺮ واﺣ ﺪ‪ ،‬ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن اﻟﻤ ﺴﺮﺑﺔ ﺳ ﯿﻈﻞ ﺑﮭ ﺎ أﺛ ﺮ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻟ ﻢ ﯾﻄﻠ ﺐ‬ ‫اﻟﻤﺴﺮﺑﺔ ﻣ ﺜ ً‬
‫اﻟﺸﺮع إﺗْﺒﺎع اﻟﺤﺠﺮ اﻷول ﺑﺤﺠﺮ ﺛﺎن‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻤﻮﺿﻊ ﯾﺒﻘﻰ ﻓﯿﮫ أﺛﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻄﻠ ﺐ‬
‫ﻣﻨﺎ إزاﻟﺘﮫ ﺑﺤﺠﺮ ﺛﺎن أو ﺛﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻓﺄي رد أﺑﻠﻎ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ وﻣﺎ ھ ﺬا اﻟﻌ ﺪد اﻟ ﺬي أَﺗ ﻮْا ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ إزاﻟ ﺔ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت؟ وﻛﯿﻒ ﯾﻘﺎل إن اﻟﻐﺴﻞ ﯾﺠﺐ ﻟﮫ ﻋﺪد؟ وھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺴﱢﺮ ﻗ ﻮل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﻏﯿ ﺮه ﻓ ﻲ ﺳ ﺒﺐ‬
‫ﻃﻠ ﺐ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻨ ﺪ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ‪ ،‬وھ ﻮ أن اﻟ ﺪﺑﺮ ﯾﻈ ﻞ ﻓﯿ ﮫ أﺛ ﺮ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻨﺘﻔﻲ اﺳﺘﺪﻻﻟﮭﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وﺑﺎﻟﺬي ﻗﺒﻠﮫ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻌﺪد ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪.‬‬

‫وإذا أﺿﻔﻨﺎ إﻟﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ اﻟﻘ ﻮل‪ ،‬إن اﻟﻐ ﺴﻞ ھ ﻮ ﻣﺠ ﺮد إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻟﺘﻨﻘﯿ ﺔ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ ﻓﺤ ﺴﺐ‬
‫وﻟﯿﺲ ﻟﻠﺘﻌﺒﱡﺪ ﺑﻌﺪد ﻣﺨﺼﻮص‪ ،‬وإن ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ھ ﻮ ﻃﻠ ﺐ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ دون أﯾ ﺔ إﺿ ﺎﻓﺔ‬
‫أدرﻛﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻋُﻘﻢ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻌﺪد‪ .‬وﻟﯿﺲ أدل ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ اﻟﺨﺸﻨﻲ وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ‪،‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻄﻠﺐ ﻏﺴﻞ آﻧﯿﺔ اﻟﻜﻔﺎر وﻗ ﺪورھﻢ وﻻ ﯾﻄﻠ ﺐ ﻋ ﺪداً‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺑ ﯿﱠﻦ اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ وھ ﻲ‬
‫اﻹﻧﻘ ﺎء »ﻓﻘ ﺎل أَﻧْﻘُﻮھ ﺎ ﻏ ﺴﻼً واﻃﺒﺨ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﺎﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﻏ ﺴﻞ ھ ﻲ اﻹﻧﻘ ﺎء‪،‬‬
‫وھﻜﺬا ﯾﺠﺐ ﻋﻨﺪ ﻏﺴﻞ أي ﺷﻲء ﻣﺘﻨﺠﺲ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھ ﺬه اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﺄس ﺑﻌﺪﺋ ﺬ ﻣ ﻦ ﺑﻘ ﺎء آﺛ ﺎر‬
‫ﯾﺴﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﺮع ﯾﺴﱠﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وﺗﺠﺎوز ﻋﻦ اﻟﯿﺴﯿﺮ واﻟﻨﺎدر‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﮭﯿﻦ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن اﻟﻌﺪد اﻟﻮارد ﻓﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ وﻟ ﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻌﱠﻠ ﻞ‪ ،‬وإذن ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﺐ اﻟﻮﻗ ﻮف ﻋﻨ ﺪه وﻻ‬
‫ﯾﺼﺢ ﻗﯿﺎس ﻏﯿﺮه ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻨﺠﺎﺳﺔ اﻹﻧﺎء ﻣﻦ وﻟﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ ُﺗ ﺰال ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﺑﻌ ﺪد‪ ،‬وﻻ ُﯾ ﺰال ﻏﯿﺮھ ﺎ ﺑ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺪد ﻣﺤﺼﻮر وﻣﻘﺼﻮر ﻋﻠﻰ ﻏﺴﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻮﻟﻮغ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ورد ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻮﻟ ﻮغ أو أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻮﻟ ﻮغ ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ ورواﯾ ﺎت ﻋﺪﯾ ﺪة ﻧﺠﺘ ﺰيء ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻔ ﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺮض ھﻜﺬا‪:‬‬

‫‪» -1‬إذا ﺷﺮب اﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ إﻧﺎء أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﻐﺴﻠْﮫ ﺳﺒﻌ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫وﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫ﻦ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب« رواه‬
‫‪» -2‬ﻃُﮭ ﻮر إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ إذا وﻟ ﻎ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠ ﺐ أن ﯾﻐ ﺴﻠَﮫ ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮات أُوﻻھ ﱠ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪» – 3‬إذا وﻟ ﻎ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻓﺎﻏ ﺴﻠﻮه ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮات وﻋ ﱢﻔ ﺮوه اﻟﺜﺎﻣﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺮاب« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪» – 4‬إذا وﻟ ﻎ اﻟﻜﻠ ﺐ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ْﻠﯿُﺮﻗ ﮫ ﺛ ﻢ ﻟﯿﻐ ﺴﻠﮫ ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮا ٍر« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪» -5‬إذا وﻟﻎ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ إﻧﺎء أﺣﺪٍ ﻓﻠْﯿﻐ ﺴﻠﮫ ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮات أﺣ ﺴﺒﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬إﺣ ﺪاھﻦ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب« رواه‬

‫‪74‬‬
 ‫اﻟﺒﺰﱠار ‪.‬‬

‫‪»-6‬إذا وﻟﻎ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻓﺎﻏﺴﻠﻮه ﺳـﺒﻊ ﻣﺮﱠات‪ ،‬اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاب« رواه أﺑﻮ داود واﻟ ﺪار‬
‫ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫‪» – 7‬ﯾﻐ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء إذا وﻟ ﻎ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﻠ ﺐ ﺳ ﺒﻊ ﻣ ﺮات أُوﻻھ ﻦ أو أُﺧ ﺮاھﻦ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﺟﻤﯿﻊ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﻣﺮوﯾﱠﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة إﻻ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ »وﻋﻔﱢ ﺮوه اﻟﺜﺎﻣﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺮاب«‬
‫ﻓﻤﺮوﯾﱠــﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠــﮫ ﺑﻦ ﻣﻐﻔــﻞ ‪ -‬ﻣﺴﻠــﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟــﮫ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴـﺎﺋﻲ ‪ .-‬وﻗﺪ اﺧﺘﻠ ﻒ‬
‫اﻷﺋﻤﺔ ﺣﯿﺎل ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت اﺧﺘﻼﻓًﺎ واﺳﻌﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ‪ ،‬إن اﻟﻐﺴﻞ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻤﺎء‬
‫ﺳﺒﻊ ﻣﺮات واﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻷﺣﻨ ﺎف ﺑﻌ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟﺘﺘﺮﯾ ﺐ وﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺴﺒﯿﻊ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪.‬‬
‫وﻗ ﺎل اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻮن ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺴﺒﯿﻊ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء دون وﺟ ﻮب اﻟﺘﺘﺮﯾ ﺐ ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺴﺒﯿﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎء ‪ ،‬ووﺟﻮب اﻟﺘﺘﺮﯾﺐ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻠﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺑﺤﺚ اﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ﺳ ﺒﻞ اﻟ ﺴﻼم ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺑﺤﺜ ًﺎ ﺟﯿ ﺪًا ‪ ،‬أﻧﻘ ﻞ ﻟﻜ ﻢ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻛﻠ ﮫ ﻓﯿ ﮫ‬
‫)ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﺈﯾﺠﺎب اﻟﺘﺴﺒﯿﻊ ﻗﺎل ‪ :‬ﻻ ﺗﺠﺐ ﻏُﺴﻠﺔ اﻟﺘﺮاب ﻟﻌﺪم ﺛﺒﻮﺗﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪه‪َ ،‬و ُر ﱠد ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﺛﺒﺘ ﺖ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺑ ﻼ رﯾ ﺐ‪ ،‬واﻟﺰﯾ ﺎدة ﻣ ﻦ اﻟﺜﻘ ﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ‪ ،‬وأورد ﻋﻠ ﻰ رواﯾ ﺔ اﻟﺘ ﺮاب ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻗ ﺪ‬
‫اﺿﻄﺮﺑﺖ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺮواﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺮُوي أوﻻھﻦ أو أﺧﺮاھﻦ أو إﺣﺪاھﻦ أو اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ أو اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬واﻻﺿﻄﺮاب‬
‫ﻗﺎدح ﻓﯿﺠﺐ اﻻﻃﱢﺮاح ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وأﺟﯿ ﺐ ﻋﻨ ﮫ ﺑﺄﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻜ ﻮن اﻻﺿ ﻄﺮاب ﻗﺎدﺣ ًﺎ إﻻ ﻣ ﻊ اﺳ ﺘﻮاء اﻟﺮواﯾ ﺎت‬
‫وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ ھﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈن رواﯾﺔ أُوﻻھﻦ أرﺟ ﺢ ﻟﻜﺜ ﺮة رواﺗﮭ ﺎ‪ ،‬وﺑ ﺈﺧﺮاج اﻟ ﺸﯿﺨﯿﻦ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ‬
‫وﺟﻮه اﻟﺘﺮﺟﯿﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻌﺎرض‪ ،‬وأﻟﻔﺎظ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﻮرﺿﺖ ﺑﮭﺎ أوﻻھﻦ ﻻ ﺗﻘﺎوﻣﮭﺎ‪ ،‬وﺑﯿ ﺎن ذﻟ ﻚ‬
‫أن رواﯾﺔ أُﺧ ﺮاھﻦ ﻣﻨﻔ ﺮدة ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﻲء ﻣ ﻦ ﻛﺘ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻨﺪة‪ ،‬ورواﯾ ﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻌﺔ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‬
‫اﺧﺘُﻠﻒ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻼ ﺗﻘﺎوم رواﯾﺔ أوﻻھﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬ورواﯾﺔ إﺣﺪاھﻦ رواھﺎ اﻟﺮاوي ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻚ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ إذن‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﯿﺠﺐ ﺣﻤﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﯿ ﺪة ‪ ،‬ورواﯾ ﺔ أوﻻھ ﻦ‬
‫أو أﺧﺮاھﻦ ﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ‪ ،‬إن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺮاوي ﻓﮭﻮ ﺷﻚ ﻣﻨﮫ ﻓﯿﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺘ ﺮﺟﯿﺢ‪ ،‬ورواﯾ ﺔ أُوﻻھ ﻦ‬
‫أرﺟ ﺢ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﻣ ﻦ ﻛﻼﻣ ﮫ ‪ r‬ﻓﮭ ﻮ ﺗﺨﯿﯿ ﺮ ﻣﻨ ﮫ ‪ ،r‬وﯾﺮﺟ ﻊ إﻟ ﻰ ﺗ ﺮﺟﯿﺢ أوﻻھ ﻦ ﻟﺜﺒﻮﺗﮭ ﺎ ﻓﻘ ﻂ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﺸﯿﺨﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓـﺖ( وأﺿﺎف ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ )وﻗــﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ ‪ -‬وﻋﻔﱢ ﺮوه اﻟﺜﺎﻣﻨ ﺔ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‬
‫‪ -‬ﻗــﺎل اﺑﻦ دﻗﯿﻖ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬إﻧﮫ ﻗــﺎل ﺑﮭﺎ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺑﮭــﺎ ﻏﯿﺮه وﻟﻌــﻞ اﻟﻤﺮاد ﺑ ﺬﻟﻚ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ( ﻓﺎﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ ﯾﺄﺧﺬ ﺑﺄرﺟﺢ اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻨﺪه وھﻲ رواﯾﺔ رﻗﻢ )‪ (2‬اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ‪ ،‬ورأﯾﮫ ﺻ ﺤﯿﺢ‬
‫‪ ،‬وھﻮ ﯾﻄﺎﺑﻖ رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪.‬‬

‫وأُﺿﯿﻒ ﻟﻤﺰﯾﺪ ﺑﯿﺎن‪ :‬إن اﻟﺮواﯾﺔ رﻗ ﻢ ‪ 1‬واﻟﺮواﯾ ﺔ رﻗ ﻢ ‪ 4‬ذﻛﺮﺗ ﺎ أن اﻟﻐ ﺴﻞ ﺳ ﺒ ٌﻊ دون أن ﺗﺄﺗﯿ ﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﺟﺎءت رواﯾﺎت أﺧﺮى ﺑ ﺬﻛﺮ اﻟﺘ ﺮاب وھ ﺬه زﯾ ﺎدة ﯾﺘﻌ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ واﻟﻌﻤ ﻞ‬
‫ﺑﮭﺎ ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻓﺠﻌﻠﺖ اﻟﺘﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺟﻌﻠﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺟﻌﻠﺘ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪ .‬أﻣﺎ رواﯾﺔ أﺑﻲ داود وھﻲ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻮي ﻣﻊ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟ ﺴﻨﺪ‬
‫ﻓﺘﻘﺪﻣﺎن ﻋﻠﯿﮭﺎ ‪ .‬ﻧﺄﺗﻲ ﻟﻠﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬أﻣﺎ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ »اﻟﺜﺎﻣﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺮاب« ﻓﻘ ﺪ‬
‫أﺿﺎﻓﺖ ﻏﺴﻠﺔ ﺛﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮواﯾﺎت اﻷﺧﺮى ذﻛﺮت أن اﻟﻐﺴﻼت ﺳﺒﻊ ‪ ،‬ﻓﮭﻲ رواﯾ ﺔ ﻣﻨﻔ ﺮدة‬
‫ﺧﺎﻟﻔﺖ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮواﯾﺎت‪ ،‬ﻓﮭﻲ إذن ﺷﺎذﱠة ﻓﺘﺘﺮك‪ ،‬ﻓﺘﺒﻘﻰ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ‪ ،‬وھﺬه ﺣ ﻮت ﻣ ﺎ ﺣ ﻮت ﺟﻤﯿ ﻊ‬
‫اﻟﺮواﯾﺎت ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻋﺪد اﻟﻐﺴﻼت اﻟﺴﺒﻊ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل »أُوﻻھﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاب« ﻓﮭﻲ رواﯾ ﺔ ﻣﺤﻔﻮﻇ ﺔ‬
‫ﻆ َﻣ ﻦ روى اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ دھ ﺮه ﻓﺮواﯾﺘ ﮫ أوﻟ ﻰ(‬ ‫وﺻﺤﯿﺤﺔ ﯾُﺤﺘﺞﱡ ﺑﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ )إن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة أﺣﻔ ُ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﺒﻖ ﺳﻮى اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘ ﻮل ﺑﺠﻌ ﻞ اﻟﺘ ﺮاب ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫واﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﺑﯿﻦ اﻷوﻟﻰ واﻷﺧ ﺮى‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺮﺟﺢ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻷﻣ ﺮﯾﻦ‪:‬‬
‫أﺣﺪھﻤﺎ أن اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أﻗﻮى إﺳﻨﺎداً واﻷﻗﻮى ﻣﻘﺪﱠم ﺣﯿﻦ اﻟﺘﻌﺎرض أو اﻻﺧﺘﻼف‪ .‬وﺛﺎﻧﯿﮭﻤﺎ أن اﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﺮدﱡد‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﺘﺮاب ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ ﺣﺴﻢ‪ ،‬واﻟﺤﺴﻢ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺘ ﺮدﱡد‪ .‬ﻓﺘﻘ ﺪﱠم اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ رواﯾﺔ اﻟﺘﺨﯿﯿـﺮ وﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﮭ ﺎ ﻻ ﻧﻜ ﻮن ﺧﺎﻟﻔﻨ ﺎ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺮواﯾ ﺔ اﻟﺘﺨﯿﯿ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﻣﺮﺟﱢﺢ ﺛﺎﻟﺚ‪.‬‬

‫واﻟﻤﺤﺼﱢﻠﺔ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ أﯾﺔ ﻧﺠﺎﺳﺔ أي ﻋﺪد ﺳﻮى ﻧﺠﺎﺳ ﺔ وﻟ ﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ‪ ،‬ﻓﺘﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ‬
‫ﺳﺒ ٍﻊ أُوﻻھﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاب واﻟﺴﺖ اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻣ ﺎ دام أن ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻟ ﻢ ﺗﻈﮭ ﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠﱠ ﺔ ﻓ ﺎﻟﺤﻜﻢ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻌﻠﱠ ﻞ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﺘﻘ ﺎس ﻋﻠﯿ ﮫ إزاﻟ ﺔ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‪ .‬ﺛ ﻢ إن ﻏ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻮﻟﻮغ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ھﻮ ﻏﺴﻞ ﻟﯿﺲ ﺗﻌﺒﱡﺪﱠﯾًﺎ ﻣﺤﻀﺎً‪ ،‬ﺑﻞ ھﻮ ﻣﺜﻞ إزاﻟﺔ أﯾﺔ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ذﻛ ﺮ اﻟﻌ ﺪد ﺑﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺒﯿﺎن ھﻮ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﺘﻌﺒﺪﯾﺔ اﻟﻤﺤﻀﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻌ ﺪد اﻟﻤﺨ ﺼﻮص ﺗﻌﱡﺒ ﺪًا وﻃﺎﻋ ﺔ دون إﻋﻤ ﺎل‬
‫اﻟﺬھﻦ ﻓﻲ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻌﻠﻞ اﻟﻤﻮﺟِﺒﺔ‪ ،‬ﻛﺘﻠ ﻚ اﻟﺘ ﻲ أوردھ ﺎ اﻷﻃ ﱠﺒ ﺎء ﻣ ﺆﺧﺮًا ﻣ ﻦ أن ﻓ ﻲ ﻟُﻌ ﺎب اﻟﻜ ﻼب‬
‫ﺟﺮﺛﻮﻣ ًﺔ ﺿ ﺎرﱠة ﻻ ﯾﺰﯾﻠﮭ ﺎ إﻻ اﻟﺘ ﺮاب واﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﻻ ﯾﻌﻨﯿﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺷ ﻲء‪ ،‬وﻻ ﯾُﻠﺘﻔ ﺖ إﻟﯿ ﮫ ‪ ،‬وﻟﯿﺤ ﺬر‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠ ﯿﻼت اﻟﻌﻠﻤﯿ ﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜ ﺔ ﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وآﯾ ﺎت ﺳ ﻜﺘﺖ ﻋ ﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿ ﻞ وﻟْﯿﻌﻠﻤ ﻮا أن اﻟ ﺸﺮع‬
‫وﻗﺪ ﺳﻜﺖ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ إِﻧﻤﺎ ﺳﻜﺖ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ‪ ،‬وﻟﻮ أراد اﻟﺘﻌﻠﯿﻞ ﻟﻌﱠﻠ ﻞ ‪ ،‬ﻓﻜﻮﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻌﱢﻠ ﻞ ﻓﮭ ﻮ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ‬
‫أراد أﻣﺮًا أﺧﻔﻰ ﻋﻠﺘﮫ ﻋﻨﺎ ﻓﻼ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺤﺎول ﻛﺸﻔﮭﺎ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺗﻄﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ‪.‬‬

‫ﺠ ﺴﺔ واﻟﺒ ﺪن اﻟﻤﺘ ﻨﺠﱢﺲ‪ ،‬واﻷداة واﻟﻮﻋ ﺎء‬ ‫وإذن ﻓ ﺈن ﺗﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﺜ ﻮب اﻟﻤﺘ ﻨﺠﱢﺲ واﻷرض اﻟﻤﺘﻨ ﱢ‬
‫ﺠ ﺴﺔ إﻧﻤ ﺎ ﯾُﻄﻠ ﺐ ﻟ ﮫ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ دون اﻋﺘﺒ ﺎرٍ ﻟﻠﻌ ﺪد‬
‫واﻟﺤ ﺬاء واﻟ ﻮرق واﻟﺨ ﺸﺐ واﻟﺤﺒ ﻮب اﻟﻤﺘﻨ ﱢ‬
‫ﻣﻄﻠﻘﺎً‪ ،‬وﺣﺘﻰ اﻟﻜﻠﺐ ﻟﻮ أﻗﻌﻰ ﻓﻲ إﻧﺎء ﻣﺎء ‪ ،‬أو وﺿﻊ رﺟﻠﮫ ﻓﯿﮫ‪ ،‬أو أدﻟﻰ ذﻧﺒﮫ ﻓﯿﮫ‪ ،‬أو ﻏﻤﺲ ﺑﻌ ﺾ‬
‫ﺷﻌﺮه ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﻐﺴﻞ ﻣﺮﱠة واﺣﺪة ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬واﻟﻌﺪد إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ وﻟ ﻮغ اﻟﻜﻠ ﺐ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﻋﺒﺎدة ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻠﱠﻠﺔ ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ أﺟﺰاء اﻟﻜﻠﺐ أو اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ أو ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟ ﱠﻨﺠِﺲ‬

‫ﺣﯿﺚ أن اﻟﺸﺮع أراد ﻣﻦ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻋﻦ اﻟﺸﻲء اﻹﻧﻘﺎء‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻺﻧﻘ ﺎء ﯾﻌﺘﺒ ﺮ‬
‫ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻋﻨ ﮫ وﺗﻄﮭﯿ ﺮِه‪ ،‬دون ﺗﺨ ﺼﯿﺺ ذﻟ ﻚ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء أو ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب ﻛﻤ ﺎ ذﻛ ﺮ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ‬
‫ﻞ ﺑ ﮫ ﯾ ﺼﺢ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ ﺑ ﮫ ﺷ ﺮﻋًﺎ‪ .‬وﻟﻨﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻷﺋﻤ ﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ وإﻧﻘ ﺎء اﻟﻤﺤ ﱢ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋ ﻦ أﺳ ﻤﺎء ﺑﻨ ﺖ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺟ ﺎءت اﻣ ﺮأة إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪:‬‬

‫إﺣﺪاﻧﺎ ﯾﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑﮭﺎ ﻣﻦ دم اﻟﺤﯿﻀﺔ ﻛﯿﻒ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﮫ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺗﺤﺘﱡﮫ ﺛﻢ ﺗﻘ ُﺮﺻُﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﺛ ﻢ ﺗﻨ ﻀﺤﮫ ﺛ ﻢ‬
‫ﺗﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋـﻦ أم وﻟ ٍﺪ ﻹﺑﺮاھﯿﻢ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف أﻧﮭـ ـﺎ ﺳﺄﻟـ ـﺖ أم ﺳﻠﻤـ ـﺔ زوج اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪r‬‬

‫ﺳ ﻠَﻤﺔ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪: r‬‬ ‫ﻓﻘﺎﻟ ﺖ »إﻧ ﻲ أﻣ ﺮأة أﻃﯿ ﻞ ذﯾﻠ ﻲ وأﻣ ﺸﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟﻘ ﺬر‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ أم َ‬
‫ﯾﻄﮭﱢﺮه ﻣﺎ ﺑﻌﺪه« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪراﻣﻲ‪ .‬وﺳﻨﺪه ﺟﯿﺪ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻗﺎل ‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إذا ُد ِﺑ ﻎ اﻹھ ﺎب ﻓﻘ ﺪ ﻃ ُﮭ ﺮ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ - 4‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا وﻃ ﻲء أﺣ ﺪﻛﻢ ﺑﻨﻌﻠﯿ ﮫ اﻷذى ﻓ ﺈن اﻟﺘ ﺮاب ﻟ ﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﻃﮭﻮر« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬

‫‪ - 5‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ذھﺐ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻟﻠﺤﺎﺟ ﺔ ﻓﻠْﯿ ﺴﺘﻄ ﱠ‬
‫ﺐ‬
‫ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗُﺠﺰﺋ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪارﻣﻲ ‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬
‫وﺻﺤﱠﺤﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻔﯿ ﺪ أن اﻟﻤ ﺎء ﯾ ﺼﻠﺢ ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ »ﺛ ﻢ ﺗﻘْﺮُﺻُ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء« واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﺮاﺑﻊ ﯾﻔﯿﺪان أن اﻟﺘﺮاب أو ﻣﻄﻠﻖ اﻷرض ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿﺮ »ﯾﻄ ﱢﮭ ﺮه ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪه«‪» ،‬ﻓ ﺈن اﻟﺘ ﺮاب ﻟ ﮫ‬
‫ﻃﮭﻮر« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﻔﯿﺪ أن اﻟﺪﱢﺑﺎغ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿﺮ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ أن اﻟﺤﺠ ﺎرة ﺗ ﺼﻠﺢ‬
‫ﺐ ﺑﺜﻼﺛﺔ أﺣﺠﺎر«‪.‬‬ ‫ﻟﻠﺘﻄﮭﯿﺮ »ﻓﻠْﯿﺴﺘﻄ ﱠ‬

‫وإذن ﻓﺎﻟﻤﺎء واﻟﺘﺮاب واﻟﺪﺑﺎغ واﻟﺤﺠﺎرة ﻛﻠﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿﺮ وإزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﻨ ﺼﻮص‬
‫ﺷﺮﻋﯿﺔ ‪ .‬إذن ﻓﺎﻟﺘﻄﮭﯿﺮ ﻻ ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎدة واﺣﺪة أو ﻣﺎدﺗﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑ ﻞ ﯾ ﺼﺢ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ‬
‫ﺑﮭﺬه اﻷﺷﯿﺎء وﺑﻐﯿﺮھﺎ أﯾﻀًﺎ ﻛﺎﻟﺼﺎﺑﻮن واﻟﺨﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺤ ﻚ واﻟﺤ ﺮق‪ ،‬وأي ﺷ ﻲء وأي ﻓﻌ ﻞ ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ‬
‫إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻷن إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ھﻲ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﻘﻘﮭﺎ ﻣﺸﺮوع وﻣُﺠﺰيء‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻏﺴﻠﻨﺎ ﺛﻮﺑ ًﺎ‬
‫ن ﺳﺎﺋﻞ ﻓﺰاﻟﺖ ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ‪ ،‬أو ﻏﺴﻠﻨﺎه ﺑﺎﻟﺨﻞ ﻓﺰاﻟ ﺖ‪ ،‬أو ﺣﻜﻜﻨ ﺎه ﻓﺰاﻟ ﺖ‪ ،‬ﺻ ﺎر ﻃ ﺎھﺮًا‪.‬‬ ‫ﻣﺘﻨﺠﱢﺴًﺎ ﺑﺼﺎﺑﻮ ٍ‬
‫وﻟﻮ ﺣﺮﻗﻨﺎ ﺧﺸﺒﺎً ﻣﺘﻨﺠﱢﺴﺎً ﻓﺼﺎر رﻣ ﺎداً ﺻ ﺎر ﻃ ﺎھﺮاً‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺳ ﺨﱠﻨﱠﺎ ﺣﺪﯾ ﺪاً ﻣﺘﻨﺠﱢ ﺴﺎً ﺑﺎﻟﻨ ﺎر ﺣﺘ ﻰ زاﻟ ﺖ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ ﺻﺎر اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻃﺎھﺮاً‪ ،‬وﻟﻮ ﻣﺴﺤﻨﺎ ﺳﻄﺢ ﻣ ﺮآة ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﻮرﻗ ﺔ ﻧﺎﻋﻤ ﺔ‪ ،‬أو ﺧِﺮﻗ ﺔ ﻗﻤ ﺎش‬
‫أو ﺣﺘ ﻰ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻓﺰاﻟ ﺖ ﺻ ﺎرت اﻟﻤ ﺮآة ﻃ ﺎھﺮة‪ ،‬وﻟ ﻮ اﻟﺘﻘﻄﻨ ﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘ ﺔ ﺑﺜ ﻮبٍ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ‪ ،‬أو ﺑﻤﻠﻘ ﻂ‬
‫ﻓﺰاﻟﺖ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﻨﮭﺎ ﺷﻲء ﺻﺎر اﻟﺜ ﻮب ﻃ ﺎھﺮاً‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻣ ﻦ أﺷ ﯿﺎء ﺟﺎﻣ ﺪة أو ﺳ ﺎﺋﻠﺔ أو أدوات‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أو أﻓﻌﺎل‪ ،‬ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿﺮ ﺑﺸﺮط وﺣﯿﺪ ھﻮ أن ﺗﺰول اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫واﻵن ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض اﻵراء اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ وأدﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﮭ ﺎ وﻣﻨﺎﻗ ﺸﺘﮭﺎ‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‬
‫وﻣﺎﻟ ﻚ وﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ وزُ َﻓ ﺮ إن اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻻ ﺗﺤ ﺼﻞ إﻻ ﺑﻤ ﺎ ﺗﺤ ﺼﻞ ﺑ ﮫ ﻃﮭ ﺎرة‬
‫اﻟﺤﺪث ﻟﺪﺧﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﻋﻤﻮم اﻟﻄﮭﺎرة‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ ﺗﺠ ﻮز إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﻜ ﻞ ﻣ ﺎﺋﻊ ﻃ ﺎھﺮ‬
‫ﻞ ﻟﻠﻌﯿﻦ واﻷﺛﺮ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺨﻞ وﻣﺎء اﻟﻮرد وﻧﺤﻮھﻤﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺰﯾ ٍ‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول ﺑﻤﺎ رُوي أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻻﻣﺮأةٍ ﺳﺄﻟﺘﮫ ﻋﻦ دم اﻟﺤ ﯿﺾ‬
‫ﺻ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻨ ﻀﺤﮫ ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ« رواه‬ ‫ﯾﺼﯿﺐ اﻟﺜﻮب »ﻛﯿﻒ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﮫ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺗﺤ ﱡﺘ ﮫ ﺛ ﻢ ﺗﻘ ُﺮ ُ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﺑ ﻮل اﻷﻋﺮاﺑ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﻓﯿ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ب ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺄُھﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﻮل اﻷﻋﺮاﺑﻲ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا ھﺬا أﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب وﻷﻧﮭ ﺎ ﻃﮭ ﺎرة ُﺗ ﺮاد‬ ‫أﻣﺮ ﺑﺬَﻧﻮ ٍ‬
‫ﻟﻠ ﺼﻼة ﻓ ﻼ ﺗﺤ ﺼﻞ ﺑﻐﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺎء ﻛﻄﮭ ﺎرة اﻟﺤ ﺪث‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻛ ﺬﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ] َﻓ َﻠ ْﻢ َﺗ ِ‬
‫ﺠ ﺪُوا َﻣ ﺎ ًء‬
‫َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا[ اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪ ،‬واﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ‪.‬‬

‫واﺳﺘﺪل أﺻﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ »إذا ﺷ ﺮب اﻟﻜﻠ ﺐ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﻐ ﺴﻠﮫ ﺳ ﺒﻌﺎً«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪ ،‬ﻓ ﺄﻃﻠﻖ‬
‫ﺚ اﻟﻐﺴﻞَ‪ ،‬وﺗﻘﯿﯿﺪه ﺑﺎﻟﻤﺎء ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ دﻟﯿﻞ‪ ،‬وﻷﻧﮫ ﻣﺎﺋﻊ ﻃﺎھﺮ ﻣﺰﯾ ﻞ ﻓﺠ ﺎزت إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑ ﮫ‬
‫اﻟﺤﺪﯾ ُ‬
‫ﻛﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺰﯾﻞ ﻛﺎﻟﻤﺮق واﻟﻠﺒﻦ ﻓﻼ ﺧﻼف ﻓﻲ أن اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻻ ﺗُﺰال ﺑﮫ‪.‬‬

‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺼﺮ‪ ،‬وأن‬ ‫واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول ھﻮ أن ﺣﺪﯾﺚ دم اﻟﺤﯿﺾ ﻟﯿﺲ دﻟﯿ ً‬
‫وﺟﻮب اﻣﺘﺜﺎل أﻣﺮه ‪ r‬ﺑﺈِھﺮاق اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺑﻮل اﻷﻋﺮاﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﺣﺼﺮًا أﯾﻀﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺪل‬

‫‪77‬‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺎء وﺣﺪه ﺗﺠﺐ ﺑ ﮫ إزاﻟ ﺔ ﻛ ﻞ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬ﻷن ﺣ ﺎدث ﺑ ﻮل اﻷﻋﺮاﺑ ﻲ ھ ﻮ واﻗﻌ ﺔ ﺣ ﺎل وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻗﺎﻋ ﺪة ﻛﻠﱢﯿﱠ ﺔ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿ ﺮ‪ ،‬وﻗـ ـﺪ ﺑﯿﱠﻨ ﺎ ﺳﺎﺑﻘـ ـﺎً أن إزاﻟــ ـﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻻ ﺗ ﺸﺘﺮط ﻓﯿﮭــ ـﺎ اﻟﻨﱢﯿ ﺔ ‪ ،‬وﻣـ ـﺎ دام أن‬
‫اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺷﺮﻋــﺎً ھﻮ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠـ ـﺎﺳﺔ وھـ ـﻲ ﻣــ ـﺎ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ أو اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻹزاﻟ ﺔ‬
‫ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺰﯾﻞ ﻟﮭﺎ ﺣﺴﺐ اﺧﺘﻼف اﻷﺣﻮال ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ أﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻓﻘﻮل ﺣﺪﯾﺚ دم اﻟﺤﯿﺾ »ﺗﺤﺘﱡﮫ ﺛ ﻢ‬
‫ﺻ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء« ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ أداة ﻣ ﻦ أدوات اﻟﺤ ﺼﺮ وﻟﯿ ﺴﺖ ﺻ ﯿﺎﻏﺘﮫ ﻣﻔﯿ ﺪة ﻟﻠﺤ ﺼﺮ ‪ ،‬وﻗ ﺪ ذَﻛـ ـﺮ‬ ‫ﺗَ ْﻘﺮُ ُ‬
‫ﺴﻠﱠﻢ‬
‫اﻟﻤــــﺎء وذِ ْﻛﺮُه ﺧﺮج ﻋﻠﻰ اﻷﻋــﻢﱢ اﻷﻏﻠــﺐ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺎء ھ ﻮ اﻟﻐﺎﻟـ ـﺐ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ وھــ ـﺬا ُﻣ َ‬
‫ب ﻣﻦ‬ ‫ﺑﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﻗﻠﺘــﮫ ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ دم اﻟﺤﯿﺾ أﻗﻮﻟـ ـﮫ ﻋ ـﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺑ ﻮل اﻷﻋـ ـﺮاﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻔﯿ ﮫ » َأ َﻣ ﺮ ﺑ ﺬَﻧﻮ ٍ‬
‫ﻣﺎء« ﻓﮭﺬا اﻟﻨﺺ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﯿﮫ دﻻﻟـــﺔ ﻋﻠـــﻰ ﺣ ﺼﺮ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ ﺑﺎﻟﻤــ ـﺎء‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺜــ ـﺎن‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺮ اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪.‬‬

‫ﺺ ﯾﻔﯿﺪ ﺣﺼﺮ اﻟﻮﺿﻮء‬ ‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا[ ﻓﺄﻗﻮل‪ :‬ﻧﻌﻢ ھﺬا ﻧ ٌ‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﺸﮭﺎدھﻢ ﺑﺎﻵﯾﺔ ] َﻓ َﻠ ْﻢ َﺗ ِ‬
‫واﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس ﺑﺎﻟﻤــــﺎء ‪ ،‬وھــــﺬا ﻻ ﺧــــﻼف ﻓﯿﮫ ﺑﯿﻨﻨﺎ‪ ،‬ﻷن ﻃﻠﺐ اﻵﯾﺔ‬
‫ﻋ ﺪم اﻻﻧﺘﻘ ﺎل إﻟ ﻰ اﻟﺘ ﺮاب إﻻ إذا ﻋ ﺪم اﻟﻤـــ ـﺎء ‪ ،‬دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠــ ـﻰ وﺟ ﻮب اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤـــ ـﺎء ﻓ ﻲ ھـ ـﺬا‬
‫ن ﯾُﺴﺘﺸﮭﺪ ﺑﮭﺬه اﻵﯾﺔ وھـــﺬا اﻟﺤ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﺒﺤــ ـﺚ ﻓﮭ ﻮ‬ ‫اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﻄﱠﮭﺎرات‪ ،‬وﻟﻜﻦ أَ ْ‬
‫ﺧﻠ ﻂ وﺧﻄ ﺄ‪ ،‬ﻷن اﻟﺒﺤــ ـﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋــ ـﮫ إزاﻟــ ـﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ وﻟ ﯿﺲ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻷﻏ ﺴﺎل اﻟﻤﻄﻠﻮﺑــ ـﺔ‬
‫ﺷﺮﻋـــ ًﺎ ‪ ،‬ﻓﮭﺬان ﻣﻮﺿﻮﻋﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن‪ .‬ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء واﻷﻏﺴﺎل ﻋﺒﺎدات ﻣﺤﻀﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﯿﱠﺔ‪ ،‬وإزاﻟﺔ‬
‫ﻄﮭ ﺎرات اﻟﺨﺎﺻ ﺔ‬ ‫ﺐ وﺣ ﺪه ﻓ ﻲ اﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﻟﯿ ﺴﺖ ﻛ ﺬﻟﻚ ﻓﺎﻓﺘﺮﻗ ﺎ‪ ،‬وإذن ﻓ ﻼ ﻗﯿ ﺎس‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺎء واﺟ ٌ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﻟﯿﺲ واﺟﺒ ًﺎ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬ﻷن اﻻﺛﻨﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻓﯿ ﺴﻘﻂ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‬
‫ﺑﮭﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ﻦ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ وﻗﻌ ﻮا ﻓ ﻲ أﺧﻄ ﺎء‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘ ﺸﮭﺎدھﻢ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫ﺢ ﺟﻤﻠ ًﺔ وﻟﻜ ﱠ‬‫أﻣﺎ اﻟﺮأي اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﮭ ﻮ ﺻ ﺤﯿ ٌ‬
‫ﻷوْﻟﻰ ﺑﮭﻢ أن ﯾﺴﺘﺸﮭﺪوا ﺑﻤﺎ اﺳﺘﺸﮭﺪﻧﺎ ﺑﮫ ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﻮﻟﻮغ ﺿﻌﯿﻒ وﻻ ﯾﻔﯿﺪھﻢ ‪ ،‬وﻛﺎن ا َ‬
‫إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺘﻌﺪدة وﯾﻜﺘﻔﻮا ﺑﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺤﺪﯾﺚ أﻃﻠﻖ اﻟﻐﺴﻞ وﻟﻢ ﯾﻘﯿﺪه ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﺗ ِﻌﻠﱠﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ أﺣﺎدﯾﺚ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ذﻛﺮت اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﮭﺎ؟‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻘﻠﻊ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺮاد ﺗﻄﮭﯿﺮه ﯾﺼﺢ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻹزاﻟﺔ‬
‫ﺷﺮﻋﺎً‪ ،‬وأن اﻟﺸﺮع ﻃﻠﺐ ﻗﻠﻊ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ دون ﺗﺤﺪﯾﺪ ودون ﺗﻘﯿﯿﺪ‪.‬‬

‫ﺗﻄﮭﯿ ُﺮ اﻟﻤﺘﻨﺠﺲ‬
‫اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ إزاﻟﺔ ﻋﯿﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ وﻗﻠﻌﮭﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ اﻟ ﺬي ﺣﻠ ﺖ ﻓﯿ ﮫ دون أن‬
‫ﺗُﺨﻠﱢﻒ أﺛﺮًا ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك ﻧﺠﺎﺳﺎت إذا أﺻﺎﺑﺖ اﻟﻤﻮﺿﻊ أﺣﺪﺛﺖ ﻓﯿﮫ أﺛﺮًا ﺛﺎﺑﺘ ًﺎ ﯾ ﺼﻌﺐ ﺧﻠﻌ ﮫ أو ﻗﻠﻌ ﮫ‬
‫ﻼ وﻛﺎﻟ ﺪﱠم ﻋﻤﻮﻣ ًﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔ إن ﺟ ﻒﱠ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﷲ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ اﻟﻠﻄﯿ ﻒ‬ ‫ﻛﱢﻠﯿﱠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ ﻛ ﺪم اﻟﺤ ﯿﺾ ﻣ ﺜ ً‬
‫ﺧﻔﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎل‪ ،‬ﻓﻌﻔﺎ ﻋ ﻦ ﺑﻘ ﺎء اﻷﺛ ﺮ ﺑﻌ ﺪ ﻋﻤﻠﯿ ﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة »أن‬
‫ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﯾﺴﺎر أﺗﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺞ أو ﻋﻤﺮة ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻟﯿﺲ ﻟﻲ إﻻ ﺛ ﻮب واﺣ ﺪ وأﻧ ﺎ‬
‫ت ﻓﺎﻏ ﺴﻠﻲ ﻣﻮﺿ ﻊ اﻟ ﺪم ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إن ﻟ ﻢ‬ ‫أﺣﯿﺾ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺈذا ﻃ ُﮭ ﺮ ِ‬
‫ﯾﺨﺮج أَﺛﺮُه؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﻜﻔﯿﻚ اﻟﻤﺎء وﻻ ﯾﻀﺮﱡك أﺛﺮه« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻓﻘ ﻮل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »وﻻ ﯾﻀﺮﱡك أﺛﺮه« ﺻﺮﯾﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻔ ﻮ ﻋ ﻦ ﺑﻘ ﺎء أﺛ ﺮ اﻟ ﺪم ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب‬
‫ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫ﻷوْﻟﻰ أن ﯾُﻐﺴﻞ ﺑﻤﻮادﱠ ﺣ ﺎد ٍة ﺗﺰﯾﻠ ﮫ أو ﺗﻐﱢﯿ ﺮ ﻟﻮﻧ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ﻞ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬

‫وﻟﻜﻦ اﻷﻓﻀﻞ وا َ‬
‫ﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﯾ ﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑَﮭ ﺎ اﻟ ﺪم‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﺗﻐ ﺴﻠﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬ ‫ﻣﻌﺎذة ﻗﺎﻟﺖ »ﺳﺄﻟ ُ‬

‫‪78‬‬
‫ﺻ ﻔْﺮة ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬وﻟﻘ ﺪ ﻛﻨ ﺖ أﺣ ﯿﺾ ﻋﻨ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛ ﻼث‬ ‫ﻟ ﻢ ﯾ ﺬھﺐ أﺛ ﺮه ﻓﻠْﺘﻐ ﱢﯿ ﺮه ﺑ ﺸﻲء ﻣ ﻦ ُ‬
‫ﺾ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً ﻻ أﻏ ﺴﻞ ﻟ ﻲ ﺛﻮﺑ ًﺎ « رواه أﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋ ﺪي ﺑ ﻦ دﯾﻨ ﺎر أﻧ ﮫ‬ ‫ﺣِ ﯿَ ٍ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أم ﻗﯿﺲ ﺑﻨ ﺖ ﻣﺤ ﺼﻦ ﺗﻘ ﻮل »ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ دم اﻟﺤ ﯿﺾ ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬‫ﺣﻜﱢﯿﮫ ﺑﻀِﻠْﻊ واﻏﺴﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎء وﺳﺪر« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ورواه اﺑ ﻦ ُ‬ ‫ُ‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن ‪ :‬إﺳﻨﺎده ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺼﺤﱠﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ ﻀﻠﻊ ‪ -‬ﺑﺘ ﺴﻜﯿﻦ اﻟ ﻼم وﻓﺘﺤﮭ ﺎ ‪ :-‬أي‬
‫ھﻮ اﻟﻌﻮد‪ .‬ﻓﻘﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ »اﻏﺴﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎء وﺳِﺪْر« ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻃﻠ ﺐ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﺤ ﺎ ﱢد ﻷن اﻟ ﺴﱢﺪر آﻧ ﺬاك‬
‫ﯾﻤﺎﺛﻞ اﻟﺼﺎﺑﻮن ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﺠﺘﮭ ﺪ ﻓ ﻲ إزاﻟ ﺔ أﺛ ﺮ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫ﻣﺎدﱠة ﺣﺎدﱠة‪ .‬وروى ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﺳُﺤﯿﻢ ﻋﻦ أﻣﯿﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ اﻟﺼﱠﻠﺖ ﻋـ ـﻦ اﻣـ ـﺮأة ﻣ ﻦ ﺑﻨـ ـﻲ ﻏِﻔـ ـﺎر ﻗـ ـﺪ‬
‫ﺳﻤﱠﺎھﺎ ﻟﻲ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ »أردﻓﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠـﻰ ﺣﻘﯿﺒﺔ رﺣﻠﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﻮاﻟﻠــﮫ ﻟــﻢ ﯾ ﺰل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫إﻟﻰ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﺄﻧــﺎخ‪ ،‬وﻧﺰﻟﺖُ ﻋﻦ ﺣﻘﯿﺒﺔ رﺣﻠﮫ ﻓﺈذا ﺑﮭﺎ دم ﻣﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ أول ﺣﯿﻀﺔ ﺣ ﻀﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ﻀﺖُ إﻟﻰ اﻟﻨﺎﻗ ﺔ واﺳ ﺘﺤﯿﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺎ ﺑ ﻲ ورأى اﻟ ﺪم ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻚ ﻟﻌﻠ ﻚ‬ ‫‪ :‬ﻓﺘﻘ ﱠﺒ ْ‬
‫ﻧُﻔِ ﺴﺖِ ؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﺄﺻ ﻠﺤﻲ ﻣ ﻦ ﻧﻔ ﺴﻚ ﺛ ﻢ ﺧ ﺬي إﻧ ﺎء ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓ ﺎﻃﺮﺣﻲ ﻓﯿ ﮫ ﻣﻠﺤ ًﺎ ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻏ ﺴﻠﻲ ﻣ ﺎ أﺻ ﺎب اﻟﺤﻘﯿﺒ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪم ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋ ﻮدي ﻟﻤﺮﻛﺒ ﻚ ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ داود ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻣﺘﻌﺎﺿﺪة ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤ ﻮادﱢ اﻟﺤ ﺎدﱠة ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺗﻄﻠﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ اﻹزاﻟﺔ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﻮاد اﻟﺤ ﺎدﱠة ﻟﯿ ﺴﺖ واﺟﺒ ﺔ ﺑ ﻞ ﻣ ﺴﺘﺤﺒﱠﺔ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ﺐ ﻣ ﺎء ﻛﺜﯿ ﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺧ ﻀﱢﮫ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﺑﻌﺾ اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﺴﻤﻦ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ ﺑﺼ ﱢ‬
‫ﺳ ﺌِﻞ ﻋ ﻦ‬‫ﺗﺮﻛ ﮫ ﯾﮭ ﺪأ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻄﻔ ﻮ ﻓ ﻮق اﻟﻤ ﺎء ﻓﯿُﺆﺧ ﺬ ﻃ ﺎھﺮًا ﻓ ﻼ أذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ ُ‬
‫ﺠ ﺴﺘﮫ ﻗ ﺎل »أﻟﻘﻮھ ﺎ وﻣ ﺎ ﺣﻮﻟﮭ ﺎ ﻓ ﺎﻃﺮﺣﻮه‪ ،‬وﻛﻠ ﻮا ﺳ ﻤﻨﻜﻢ « رواه‬ ‫اﻟﺴﻤﻦ وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ ﻓﺄرة ﻓﻤﺎﺗ ﺖ ﻓﻨ ﱠ‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ أﻣ ﺮ ﺑﺈﻟﻘ ﺎء اﻟﻤﯿﺘ ﺔ وﻣ ﺎ ﺣﻮﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻤﻦ وﻃﺮﺣ ﮫ وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ‬
‫ﺑﺘﻄﮭﯿﺮه‪ .‬وأﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮ‪ ،‬أو ﻟ ﻢ ﯾ ﺄذن ﺑﺘﻄﮭﯿ ﺮه‬
‫ل ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬
‫ﻷن ذﻟﻚ أﻣ ٌﺮ ﯾﺸﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻓﮭﻮ ﻗﻮ ٌ‬

‫أﻣﺎ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﱢﻌﺎل‪ ،‬ﻓﯿﻜﻔﻲ ﻓﯿﮫ اﻟﺪﻟﻚ ﺑﺎﻷرض دون اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻤ ﻦ أوﺟﺒ ﻮا اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻟﻤ ﺎر »إذا وﻃ ﻲء أﺣ ﺪﻛﻢ ﺑﻨﻌﻠﯿ ﮫ اﻷذى ﻓ ﺈن اﻟﺘ ﺮاب ﻟ ﮫ ﻃﮭ ﻮر« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ‬
‫ﺣِﺒﱠ ﺎن‪ .‬وﻗ ﻮﻟﮭﻢ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﻨﻌ ﻞ ھ ﻮ ﻗﯿ ﺎس ﻋﻠ ﻰ ﻏ ﺴﻞ ﻣ ﺎ أﺻ ﺎﺑﮫ اﻟ ﺪم واﻟﺨﻤ ﺮ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‪ ،‬واﻟﻘﯿ ﺎس ﻻ‬
‫ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻮطء واﻟﻤﺴﺢ ﺑﺎﻷرض‪.‬‬

‫وﺣﺒﻞ اﻟﻐﺴﯿﻞ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ ﺗﻄﮭﱢﺮه اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺎﻟﺘﺠﻔﯿﻒ‪ ،‬واﻷرض اﻟﺘﻲ ﺑ ﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ اﻹﻧ ﺴﺎن أو اﻟﻜﻠ ﺐ‬
‫ﺠ ﺴﺔ ﺗﻄﮭﱢﺮھ ﺎ ﻣﯿ ﺎه‬‫ﻞ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺴﺎن ‪ ،‬واﻷرض اﻟﻤﺘﻨ ﱢ‬ ‫ﻼ ﺗﻄ ﱢﮭ ﺮه اﻟ ﺸﻤﺲ ﻛ ﺬﻟﻚ ﺑ ﺎﻟﺘﺠﻔﯿﻒ دون ﻓﻌ ٍ‬
‫ﻣﺜ ً‬
‫اﻷﻣﻄ ﺎر دون ﻓﻌ ﻞٍ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬ﻷن إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﻻ ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻧﯿﱠ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺤﺘ ﺎج‬
‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟ ﻰ ﻓﻌ ﻞ اﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ﻣﺘ ﻨﺠﱢﺲ ﯾﻤﻜ ﻦ ﺗﻄﮭﯿ ﺮه ﺑﻔﻌ ﻞ اﻹﻧ ﺴﺎن ﺑﺎﻟﻤ ﺎء وﺑﻐﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺎء ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻃﺎھﺮًا ﺑﻐﯿﺮ ﻓﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ‪ ،‬ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﻮﺿﻮء وأﻏﺴﺎل اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وأﻣﺜﺎﻟﮭ ﺎ اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﺗﺤ ﺼﻞ‬
‫إﻻ ﺑﻔﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن وﺑِﻨﯿﱠﺔ ﻣﻌﺎً‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ إذا اﻧﺘﻘﺾ وﺿﻮؤه أو أﺻﺎﺑﺘﮫ ﺟﻨﺎﺑﺔ ﺛﻢ ﺳﺒﺢ ﻓ ﻲ ﺑﺮﻛ ﺔ ﻣ ﺎء أو‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻻ ﯾﺼﯿﺮ ﻣﺘﻮﺿﺌﺎً وﻻ راﻓﻌﺎً ﻟﻠﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻤﺠﺮد اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ‪ ،‬ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﺮأي ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪.‬‬

‫إن ﻛﻞ ﻣﺘﻨﺠﱢﺲ ‪ -‬وﻗﺪ ﻧُﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻠﻤﺔ ﻧﺠِﺲ ﺗﺠﺎوزاً ‪ -‬ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻄﮭﯿﺮه إﻻ أﺷﯿﺎء وﺣﺎﻻت ﻧ ﺎدرة‬
‫ﻻ ﯾﻨﻔﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ ﺑﺤ ﺚ ]ﺗﻤﮭﯿ ﺪ[ وھ ﺬه اﻷﺷ ﯿﺎء اﻟﻄ ﺎھﺮة اﻟﺘ ﻲ إن‬
‫ﺗﻨﺠﺴﺖ ﻻ ﯾُﺴﺘﻄﺎع ﺗﻄﮭﯿﺮھ ﺎ ھ ﻲ‪ :‬اﻟﻌﺠ ﯿﻦ إذا ﻋُﺠ ﻦ ﺑﻤ ﺎء ﻧﺠ ﺲ‪ ،‬أو اﻟﺤﺒ ﻮب اﻟﺘ ﻲ ﺗُﻨﻘ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫اﻟ ﻨﱠﺠﺲ ﺣﺘ ﻰ ﺗ ﺰول ﯾﺒﻮﺳ ﺘﮭﺎ ‪ ،‬وﺗ ﺼﺒﺢ ﻃﺮﱠﯾ ﺔ ﻣﺘ ﺸﺮﱢﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وأﻣﺜ ﺎل ھ ﺬه اﻷﺷ ﯿﺎء ﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ‬
‫ﺗﻄﮭﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻟﮭ ﺎ إﻻ اﻹﺗ ﻼف‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﺗ ﺸﺮﱠﺑﺘﮭﺎ وﻻ ﯾُ ﺴﺘﻄﺎع إﺧﺮاﺟﮭ ﺎ ﻣﻨﮭ ﺎ ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى‬
‫ھﺬه اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻨﺎدرة ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺘﻨﺠﱢﺲ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻄﮭﯿﺮه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ﻼ ﻓﺈن اﻟﺸﺮع‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻓﮭﻲ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺸﻲء ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﺷﻜﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﺛﻮب ﻣﺜ ً‬
‫ﻻ ﯾُﻠﺰﻣﻨﺎ ﺑﻐﺴﻠﮫ وﺗﻄﮭﯿﺮه‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻨﺎ ذﻟﻚ اﺣﺘﯿﺎﻃًﺎ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﻻ ُﻧْﻠﺰَم ﺑﺘﻄﮭﯿﺮه إﻻ إذا ﺗﯿ ﱠﻘﻨﱠﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻧﺠﺎﺳﺘﮫ‪ .‬وﻗﺮﯾﺐٌ ﻣﻨﮫ اﻟﺜﻮب وﻗﺪ أﺻﺎﺑﺘﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﯾﺴﯿﺮة‪ ،‬ﻛﺄن وﻗﻌﺖ ﻋﻠﯿﮫ ذﺑﺎﺑﺔ أو ﺻﺮﺻﻮر ﻛﺎﻧﺎ ﻗ ﺪ‬
‫ﺟ ﱡﺪ ﯾﺴﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻮل ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣ ﺜﻼً‪،‬‬ ‫ش ِ‬
‫ب رﺷﺎ ٌ‬ ‫وﻗﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺳﺔٍ ﻛﻐﺎﺋﻂ ﻣﺜﻼً‪ ،‬أو أﺻﺎب اﻟﺜﻮ َ‬
‫ﻄﺮْف( ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯾﻈﻞ اﻟﺜﻮب ﻃﺎھﺮًا وﻻ ﯾﺠﺐ ﻏﺴﻠﮫ‪ ،‬وﻻ‬ ‫وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ )ﻣﺎ ﻻ ﯾﺪرﻛﮫ اﻟ ﱠ‬
‫ﺳﻮَﺳﻮن‪.‬‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ھﺬا إﻻ اﻟ ُﻤﻮَ ْ‬

‫اﻻﺳﺘﺤـــﺎﻟﺔ‬
‫ﻞ‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ھ ﻮ ﺗﺤﻮﯾ ﻞ اﻟﻤ ﺎدة اﻟﻨﺠ ﺴﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎدة ﻃ ﺎھﺮة ﻛ ﺎﻟﺨﻤﺮ ﺗُﺤ ﻮﱠل إﻟ ﻰ ﺧ ﱟ‬
‫ﻣ ﺜﻼً‪ ،‬وﻛ ﺎﻟﺒﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﯾُﺤ ﻮﱠﻻن‪ ،‬أو ﯾﺆﺧ ﺬ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺎء ﻧﻘ ﻲ ﺑ ﺎﻟﺘﻘﻄﯿﺮ‪ ،‬وﻛ ﺸﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺗُﺤ ﻮﱠل‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺑﻮن‪ ،‬وأﺷﺒﺎه ذﻟﻚ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﺤﻞ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑ ﮫ ﺷ ﺮﻋﺎً‪ ،‬ﻷن اﻟ ﻨﺠﺲ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺠﻮز اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ ﻣﻄﻠﻘﺎً ﻻ ﺑﺎﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل وﻻ ﺑ ﺎﻟﺒﯿﻊ وﻻ ﺑﺎﻹھ ﺪاء وﻻ ﺑ ﺎﻹرث‪ ،‬وﻻ ﯾُﻌ ﺪﱡ ﻣ ﺎﻻً ﻣﺤﺘﺮﻣ ﺎً‬
‫ﻣُﻘﻮﱠﻣًﺎ ﺷﺮﻋﺎً‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﺳ ﺮق ﻣ ﺴﻠﻢ ﺧﻤ ﺮًا أو ﺧﻨﺰﯾ ﺮًا ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾُﺤ ﱡﺪ وﻻ ﯾﻌﺎﻗ ﺐ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺤﺎﺳﺐ إﻻ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻛﻮﻧ ﮫ ﺻ ﺎر ﯾﻤﻠ ﻚ ﺧﻤ ﺮًا وﯾﺤﻤﻠﮭ ﺎ وﯾ ﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻗ ﺪ ﻧ ﺼﱠﺖ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﺮﻣﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺴﻤﺢ إﻻ ﺑﻜﻠﺐ اﻟﺼﯿﺪ وﻛﻠ ﺐ اﻟﺤﺮاﺳ ﺔ‪ ،‬وﺟﻠ ﺪ اﻟﻤﯿﺘ ﺔ ﺑﻌ ﺪ دﺑﺎﻏ ﮫ ﻻ‬
‫ﻏﯿﺮ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎ ﱞم ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺮد ﻧﺺ ﯾﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﺎل ﻏﯿﺮ‬
‫ذﻟﻚ ﻃﺎﻟﺒﻨﺎه ﺑﺎﻟﺪﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫ﺴﺮُ وا َﻷ ْﻧ ﺼَﺎبُ وا َﻷزْﻻمُ‬ ‫واﻟﻤﻌﺮوف أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ ﻧ ﺰل ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]إ ﱠﻧﻤَ ﺎ اﻟ َ‬

‫ﺨﻤْ ﺮُ واﻟ َﻤﯿْ ِ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 90‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬ﺑﺘﺤ ﺮﯾﻢ اﻟﺨﻤ ﺮ‬ ‫ﺟ َﺘ ِﻨﺒُﻮهُ َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ ﺗُ ْﻔ ِﻠﺤُ ْﻮ َ‬
‫ن ﻓﺎ ْ‬
‫ﻋ َﻤ ِﻞ اﻟ ﺸﱠ ْﯿﻄَﺎ ِ‬
‫ﻦ َ‬
‫ﺲ ِﻣ ْ‬
‫ﺟ ٌ‬
‫ِر ْ‬
‫ﻖ دِﻧﺎﻧﮭﺎ ﺑﻤُﺪﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ﻃﺎف ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ أﺳﻮاق اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﯾُﺮﯾﻖ اﻟﺨﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻗﺎت‪ ،‬وﯾﺸ ﱡ‬
‫ﺑﯿﺪه ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺄذن ﻷﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﻛﺪواء أو ﺑﺘﺤﻮﯾﻠﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬
‫إذﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺎﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﮭ ﺎ ﻛ ﺪواء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺳ ﻮﯾﺪ اﻟﺠُﻌﻔ ﻲ ﺳ ﺄل‬ ‫ن ﻃ ﺎرق ﺑ ﻦ ُ‬ ‫واﻟﺪراﻣﻲ وأﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻃﺎرق اﻟﺠُﻌﻔﻲ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‪ ،‬وﻟﻔﻈ ﮫ »إ ﱠ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻨﮭﺎه أو ﻛﺮه أن ﯾﺼﻨﻌﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ أﺻﻨﻌﮭﺎ ﻟﻠﺪواء‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬إﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺪواء‬
‫وﻟﻜﻨﮫ داء« ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم إذﻧ ﮫ ﺑﺘﺤﻮﯾﻠﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ روى أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺨﻤﺮ ُﺗﺘﱠﺨﺬ ﺧﻼً ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻻ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻣ ﺎ روى أﻧ ﺲ أﯾ ﻀﺎً »أن‬
‫ﻼ ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ«‬ ‫أﺑﺎ ﻃﻠﺤﺔ ﺳﺄل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ أﯾﺘﺎم ورﺛﻮا ﺧﻤﺮًا ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬اھﺮِﻗْﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬أﻓﻼ ﻧﺠﻌﻠﮭﺎ ﺧ ً‬
‫رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود ‪ .‬وھﺬا ﻛﺎفٍ ﻹﺛﺒﺎت ﺣُﺮﻣﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ وﺣﺮﻣﺔ ﺗﺤﻮﯾﻠﮭ ﺎ إﻟ ﻰ أﺷ ﯿﺎء ﻧﺎﻓﻌ ﺔ‬
‫أو ﻃﺎھﺮة‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ ھﻮ‪ :‬ﻛﯿﻒ أﺣﻞ اﻹﺳﻼم اﻟﺨﻞ وھ ﻮ ﻣﺘﺤ ﻮﱢل ﻋ ﻦ ﺧﻤ ﺮ؟ ﻓ ﺎﻟﺠﻮاب‬
‫ﻼ ﻓﻲ إﻧﺎء‪ ،‬وﯾُﺘﺮك ﺷﮭﺮًا أو ﺷ ﮭﺮﯾﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺴﺆال ھﻮ أن اﻟﺨﻞ ﯾُﺼﻨﻊ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻌﻨﺐ أو اﻟﺘﻔﺎح ﻣﺜ ً‬
‫ﺣﺴﺐ ﺣﺮارة اﻟﺠﻮ وﺗﻌ ﱡﺮﺿِﮫ ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻟﯿﺘﺤ ﻮل إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻨ ﺐ واﻟﺘﻔ ﺎح ﻣ ﺜﻼً ﯾﺘﺤ ﻮﻻن إﻟ ﻰ‬
‫ﺧ ﻞ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟ ﺰﻣﻦ ‪ ،‬وﺑ ﺎﻟﺘﺨﻤﱡﺮ اﻟ ﺬاﺗﻲ‪ ،‬دون ﻓﻌ ﻞٍ أو ﺗ ﺪﺧﻞ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺴﺎن‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ اﻟ ﺸﺎﺋﻌﺔ‬
‫ﻟﺼﻨﻊ اﻟﺨﻞ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻗﺪ أﺣﻠﱠﮭﺎ اﻹﺳﻼم ‪ .‬واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ھ ﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ وﺑ ﯿﻦ ﺗﺤﻮﯾ ﻞ اﻟﺨﻤ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫ﺧ ﻞ‪ ،‬ھ ﻮ أن اﻟ ﺸﺨﺺ ﺣ ﺴﺐ ھ ﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ ﻻ ﯾﻔﻌ ﻞ ﺳ ﻮى وﺿ ﻊ ﻋﻨ ﺐ أو ﺗﻔ ﺎح ﻃ ﺎھﺮﯾﻦ ﻓ ﻲ إﻧ ﺎء‬
‫ﻼ ﻃﺎھﺮاً‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺟﺎﺋﺰة‪.‬‬‫ﻃﺎھﺮ‪ ،‬وﺗﺮﻛﮫ ﻓﺘﺮ ًة زﻣﻨﯿﺔ ﻟﯿﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﺧ ً‬

‫‪80‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮﱠﻣﮭﺎ اﻹﺳﻼم ﻓﮭﻲ وﺿﻊ اﻟﺨﻤﺮ وھﻲ ﻧﺠﺴ ٌﺔ ﻓﻲ إﻧ ﺎء ‪ ،‬وﺗﺮﻛﮭ ﺎ ﻓﺘ ﺮة ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﺘﺤ ﻮل إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ‪ ،‬إ ﱠﻣ ﺎ ﺑﺈﺿ ﺎﻓﺔ ﻣ ﻮاد أﺧ ﺮى وإﻣ ﺎ ﺑ ﺪون إﺿ ﺎﻓﺔ‪ .‬واﻟﻔ ﺎرق ﺑ ﯿﻦ اﻟﻄ ﺮﯾﻘﺘﯿﻦ ھ ﻮ أن‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ھﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺷﻲء ﻃﺎھﺮ ﻟﻠﻮﺻ ﻮل إﻟ ﻰ ﺷ ﻲء ﻃ ﺎھﺮ ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﮭ ﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫ﺷﻲء ﻧﺠﺲ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺷﻲء ﻃﺎھﺮ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﺎرق واﺿﺢ ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ إذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ورﺳ ﻮﻟﮫ‬
‫‪ r‬ﻗﺪ ﺣﺮﱠﻣﺎ اﻟﺨﻤﺮ ‪ ،‬وﺣﺮﱠم اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺮ ﻋﺸﺮة ﻣﻨﮭﺎ ﺣﻤﻠُﮭﺎ وﻋ ﺼﺮُھﺎ‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﺘﻢ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ إﻻ ﺑﺤﻤﻠﮭﺎ وإﻻ ﺑﻌﺼﺮھﺎ أو ﺷﺮاﺋﮭﺎ‪ ،‬وﻣﺎ دام أﻧﮫ ﻻ ﯾﺤﻞ ﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻌ ﺼﺮھﺎ‬
‫أو أن ﯾﺸﺘﺮﯾﮭﺎ أو أن ﯾﺤﻤﻠﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺘﺴﻨﻰ ﻟﮫ أن ﯾﺼﻨﻊ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﺨﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ أي ﻓﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑ ﺎﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺣ ﯿﻦ وﺿ ﻊ اﻟﻌﻨ ﺐ‬
‫ﻼ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء‪ ،‬ﺗﺤﻮﱠل اﻟﻌﻨﺐ أو اﻟﺘﻔ ﺎح ﺑﻔﻌ ﻞ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬ﻻ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ إﻟ ﻰ ﺧﻤ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﺤ ﻮل‬
‫أو اﻟﺘﻔﺎح ﻣﺜ ً‬
‫اﻟﺨﻤﺮ ﺑﻔﻌﻞ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻻ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﺟ ﺎزت ھ ﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ‪ .‬روى اﻟﻄﺤ ﺎوي ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ‬
‫ُﻣﺸْﻜﻞ اﻵﺛﺎر ﻋﻦ أﺳﻠﻢ ﻣﻮﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻗ ﺎل »ﻻ ﻧﺄﻛ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ﺧﻤ ﺮ‬ ‫ﺧﻤ ٍﺮ ُأ ْﻓﺴِﺪت ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺪأ ﻓﺴﺎدَھﺎ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أُﺧ ﺮى »‪ ...‬ﻻ ﻧ ﺸﺮب ﺧ ً‬
‫ُأ ْﻓﺴِﺪت ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺪأ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻓﺴﺎدَھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪ ذﻟﻚ ﯾﻄﯿﺐ اﻟﺨﻞ ‪.«...‬‬

‫وﻣﻦ ﺟﻮاز ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻧﺴﺘﻨﺒﻂ ﺣﻜﻤﺎً ﺷﺮﻋﯿًﺎ ھﻮ أن اﻟﺸﻲء اﻟﻨﺠﺲ إن ﺗﺤ ﻮﱠل‬
‫ﺑﻐﯿﺮ ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻃﺎھﺮ ﺟﺎز اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻛ ﺴﺎﺋﺮ اﻟﻄ ﺎھﺮات‪ ،‬ﻷن ھ ﺬا اﻟ ﺸﻲء اﻟﻄ ﺎھﺮ اﻟ ﺬي‬
‫ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺲ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﱡل ھﻮ ﻃﺎھﺮ وﻟﯿﺲ ﻧﺠ ﺴ ًﺎ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ اﻋﺘﺒ ﺎره ﻧﺠ ﺴًﺎ ﻋﻨ ﺪ ذﻟ ﻚ‪ ،‬واﻟﻤﺤﻈ ﻮر‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓﯿﻤ ﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ھ ﻮ اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﮭ ﺎ ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وإنﱠ ﻣ ﻦ‬
‫اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﺗﺤﻮﯾﻠﮭﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وھﻮ ﻻ ﯾﺠﻮز‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﺣﻮﱠﻟﮭ ﺎ ﻛ ﺎﻓﺮ‪ ،‬أو ﺗﺤﻮﱠﻟ ﺖ ذاﺗﯿ ﺎً إﻟ ﻰ ﻃ ﺎھﺮة ﺻ ﺎر ﺣﻜﻤﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣ ﻞ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻄ ﺎھﺮات‬
‫ﻞ اﻟﺨﻞ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬ذﻟﻚ أﻧﮫ ﻗﺪ وﺻﻠﮭﻢ ﺧﻼً ﻃﺎھﺮاً ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﺘﯿﻦ‪ :‬ﻣﻦ‬ ‫ﺣﱠ‬‫وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﺴﺮ ِ‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎھﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ھﻲ ﺷ ﺮاء اﻟﺨ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬واﻟﻜﻔ ﺎر إﻣ ﺎ أﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺪ‬
‫ﻼ‬
‫ﺻ ﻨﻌﻮه ﺣ ﺴﺐ ﻃﺮﯾﻘﺘﻨ ﺎ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أﻧﮭ ﻢ ﺻ ﻨﻌﻮه ﺑﺘﺤﻮﯾ ﻞ اﻟﺨﻤ ﺮ إﻟ ﻰ ﺧ ﻞ‪ ،‬واﺷ ﺘﺮﯾﻨﺎه ﻧﺤ ﻦ ﻣ ﻨﮭﻢ ﺧ ً‬
‫ﻃﺎھﺮًا دون أن ﻧﺴﺄﻟﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮھﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨ ﻞ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﻨﺠﺲ‬
‫إن ﺗﺤﻮل ﺑﻔﻌﻞ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﻃﺎھﺮ ﺣﻞ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ واﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ‪.‬‬

‫واﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ھﻲ أن اﻟﺸﻲء اﻟ ﻨﺠﺲ إن ﺗﺤ ﻮل ﺑﻐﯿ ﺮ ﻓﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ إﻟ ﻰ ﺷ ﻲء ﻃ ﺎھﺮ ﺟ ﺎز اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‬

‫واﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ وﺣﻜﻤﻨﺎ ﺑﻄﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء ﺣﺼﻞ اﻟﺘﺤﻮﱡل ذاﺗﯿًﺎ دون ﻓﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬أو ﺣﺼﻞ ﺑﻔﻌ ﻞ ﻛ ﺎﻓﺮ‪.‬‬
‫ﻄ ﺮوا اﻷﺑ ﻮال‬ ‫وﺑﺘﻄﺒﯿ ﻖ ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ اﻷﺷ ﯿﺎء ﻧﻘ ﻮل‪ :‬إن اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟﮭ ﻢ أن ﯾﻘ ﱢ‬
‫ن‬
‫ﻄ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا ﺣ ﺮام ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ إ ْ‬‫واﻟﻌِ ﺬَر ﻛﻤﯿ ﺎه ﻣﺠ ﺎري اﻟﻤ ﺪن ﻟﯿ ﺴﺘﺨﺮﺟﻮا ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤﻘ ﱠ‬
‫ﻄ ﺮاً‪ ،‬ﺟ ﺎز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺷ ﺮاؤه واﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‬‫ﻗﻄﱠ ﺮ ﻛ ﺎﻓ ٌﺮ ﻣﯿ ﺎه اﻟﻤﺠ ﺎري‪ ،‬واﺳ ﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎء ﻧﻘﱠﯿ ﺎً ﻣﻘ ﱠ‬
‫ط أن ﻻ ﯾﻘ ﻮم ﺑ ﮫ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ وِﻛﺎﻟ ًﺔ ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ ﺑﻨﻔ ﺴﮫ دون ﺗﻜﻠﯿ ﻒ‬
‫واﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺷﺮ َ‬
‫ﻣﻨﮫ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷن اﻟﻔﻌ ﻞ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻮﻛﺎﻟ ﺔ ﯾﻈ ﻞ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ وﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن اﻟﻜ ﺎﻓﺮ ﻣﺠ ﺮد أﺟﯿ ﺮ أو‬
‫ﻼ ﻻ ﯾﺠﻌ ﻞ‬ ‫وﻛﯿﻞ‪ ،‬واﻟﻔﻌﻞ ﯾُﻨﺴَﺐ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻷﻣﺮ وﻟﯿﺲ ﻟﻸﺟﯿﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺣ ﺼﻞ ذﻟ ﻚ ﻟﻜ ﺎن ﺗﺤ ﺎﯾ ً‬
‫اﻟﺤ ﺮام ﺣ ﻼﻻً‪ ،‬وإﻻ ﻟﺠ ﺎز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻣﺎﻟ ﮫ ﻟﻜ ﺎﻓﺮ ﻟﯿﺮاﺑ ﻲ ﻟ ﮫ ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬أو ﻟﯿﻨ ﺸﻲء ﻟ ﮫ ﺑ ﮫ ﻣﺰرﻋ ﺔ‬
‫ﺧﻨﺎزﯾﺮ‪ ،‬وﯾﻔﻌﻞ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت‪.‬‬

‫واﻟﺨﻤﺮ ﻧﺠﺴﺔ ﻻ ﯾﺤﻞ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮭﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎً إﻻ إن ﺗﺤﻮﻟ ﺖ ﻣ ﻦ ذاﺗﮭ ﺎ أو ﺣﻮﱠﻟﮭ ﺎ ﻛﻔ ﺎر إﻟ ﻰ ﻣﺎھﯿﱠ ﺔ‬
‫ﻃﺎھﺮة ﺟﺪﯾﺪة‪ ،‬ﻓﺘﺄﺧﺬ اﻟﻤﺎھﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺣﻜﻤًﺎ آﺧﺮ ھﻮ اﻟﺤِﻞ واﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﺎ ﻟ ﻢ ﺗﻌ ﺪ ﺧﻤ ﺮاً‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﻌ ﺪ‬
‫ﻧﺠﺴﺔ‪ .‬وﻟﻨﻘﻒ ھﻨﺎ وﻗﻔﺔ ﻧﻔﺼﱢﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻘﻮل‪.‬‬

‫‪81‬‬
 ‫ﻂ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻣ ﻦ ﺧﻤ ﺮ اﻟ ﺸﻲء إذا ﺳ ﺘﺮه‪ ،‬وأﺧﻤ ﺮ‬ ‫اﻟﺨﻤ ﺮ ﻟﻐ ًﺔ‪ :‬ھ ﻲ ﻛ ﻞ ُﻣ ﺴﻜ ٍﺮ ﻣُﺨ ﺎﻣ ٍﺮ ﻟﻠﻌﻘ ﻞ ﻣﻐ ﱟ‬
‫ﺨ ﺬًا‬
‫ﺗﻮارى‪ ،‬وﺧﺎﻣﺮ اﻟﺸﻲء ﺧﺎﻟﻄﮫ‪ .‬وﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ :‬ھﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ُﻣ ﺴﻜﺮًا ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ﻣ ﱠﺘ َ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻔﻮاﻛ ﮫ ﻛﺎﻟﻌﻨ ﺐ واﻟﺮﱡﻃ ﺐ واﻟﺘ ﯿﻦ واﻟﺰﺑﯿ ﺐ‪ ،‬أو ﻣ ﻦ اﻟﺤﺒ ﻮب ﻛ ﺎﻟﻘﻤﺢ واﻟ ﺸﻌﯿﺮ واﻟ ﺬرة‪ ،‬أو ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﻠﻮﯾﺎت ﻛﺎﻟﻌﺴﻞ‪ ،‬وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻄﺒﻮﺧًﺎ أو ﻧﯿﺌًﺎ‪ .‬واﻟﺨﻤﺮ ﺻ ﻨﻔﺎن‪ :‬ﺻ ﻨﻒ ﯾُ ﺼﻨﻊ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾ ﺔ‬
‫وھﻲ اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻤﺨﻤﱠﺮة ﻛﻨﺒﯿﺬ اﻟﺒﯿﺮة أو اﻟﺠﻌﺔ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﯿﺮ وﻧﺒﯿﺬ اﻟﻤﺰر اﻟﻤ ﺼﻨﻮع ﻣ ﻦ‬
‫ن ھﻮ‬ ‫اﻟﻘﻤ ﺢ وﻧﺒﯿ ﺬ اﻟ ﺴﱠﻜﺮﻛﺔ اﻟﻤ ﺼﻨﻮع ﻣ ﻦ اﻟ ﺬرة وﻧﺒﯿ ﺬ اﻟﺒﺘ ﻊ اﻟﻤ ﺼﻨﻮع ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﺴﻞ‪ ،‬وﺻ ﻨﻒ ﺛ ﺎ ٍ‬
‫ﺠ ﻦ وأﻣﺜﺎﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻤ ﺸﺮوﺑﺎت اﻷﺧﯿ ﺮة ﺗﻌﺘﻤ ﺪ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻤﻘﻄﱠﺮة ﻛﺎﻟﻮﺳﻜﻲ واﻟﺒﺮاﻧﺪي واﻟ ِ‬
‫ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻘﻄﯿﺮ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻜﺤﻮل ‪ -‬وﯾﺴﻤﯿﮫ اﻟﻌﺮب اﻟ َﻐﻮْل ‪ -‬ﻓﮭﻮ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﺮﻛﱠﺒﺎت اﻟﻜﯿﻤﺎوﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﺧ ﺼﺎﺋﺺ‬
‫ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺔ ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻜﺤﻮل ﺻﻨﻒ اﺳﻤﮫ اﻹﺛﯿﻠﻲ وھﻮ ﻣﺴﻜﺮ‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ ﺻ ﻨﻒ ﯾ ﺴﻤﻰ اﻟﻤﺜﯿﻠ ﻲ وھ ﻮ ﺳ ﺎمﱞ‪.‬‬
‫واﻹﺛﯿﻠﻲ ھﻮ اﻟﻤ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻤ ﺴﻜﺮة‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟﻤﺜﯿﻠ ﻲ ﻓ ﻼ ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮاب ﻷﻧ ﮫ ﺳ ﺎ ﱞم‬
‫ﻗﺎﺗﻞ‪ ،‬وﺳﺒﯿﺮﺗﻮ اﻟﻮﻗﻮد ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻨ ﻮع اﻟﻤﺜﯿﻠ ﻲ‪ ،‬وﯾﺆﺧ ﺬ ﻣ ﻦ ﻧ ﺸﺎرة اﻟﺨ ﺸﺐ وﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وﺷ ﺮﺑﮫ ﯾ ﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﻌﻤﻰ وﯾﺆدي إﻟﻰ اﻟﻮﻓﺎة ﺧﻼل أﯾﺎم‪ .‬وﻣﻦ ذﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ أن اﻟﻤﺜﯿﻠﻲ ﻛﺴﺒﯿﺮﺗﻮ اﻟﺤﺮﯾﻖ ﻟﯿﺲ ﺧﻤ ﺮًا ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻤﺮ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ واﻟﺤﺮﻣﺔ ﻓﻨﺨﺮﺟﮫ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ‪ .‬ﻓﯿﺒﻘﻰ اﻹﺛﯿﻠﻲ )واﻟﺴﺒﯿﺮﺗﻮ اﻟﻄﺒﱢﻲ‬
‫ھﻮ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع( ‪.‬‬

‫اﻹﺛﯿﻠﻲ ھﻮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻤﺘﺨﻤﱢﺮة واﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻤﻘﻄﱠﺮة‪ ،‬وھ ﺬا اﻟ ﺼﻨﻒ ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ‬

‫ﻆ ﻟ ﺒﻌﺾ اﻟﻤ ﻮاد‪ ،‬وﻛﻤ ﺎدة ﻣﻨ ﺸﱢﻔﺔ ﻟﻠﺮﻃﻮﺑ ﺔ‪ ،‬وﻛ ُﻤ ﺬﯾﺐ ﻟ ﺒﻌﺾ‬ ‫أﯾﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﮭﻮ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺤ ﺎﻓ ٍ‬
‫اﻟﻘَﻠَﻮﯾ ﺎت واﻟ ﺪﱡھﻨﯿﺎت‪ ،‬وﻛﻤﻘ ﺎوم ﻟﻠﺘﱠﺠ ﱡﻤ ﺪ‪ ،‬وﻛﻤ ﺬﯾﺐ ﻟ ﺒﻌﺾ اﻷدوﯾ ﺔ‪ ،‬وﻛﻤ ﺬﯾﺐ ﻟﻠﻤ ﻮاد اﻟﻌِﻄﺮﯾ ﺔ‬
‫ﻛﺎﻟﻜﺎﻟﻮﻧﯿ ﺎ واﻟ ﺮواﺋﺢ ‪ ،‬وﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻨﺎﻋﺔ ﺑﻌ ﺾ ﻣ ﻮاد اﻟﻨﱢﺠ ﺎرة‪ .‬وھ ﺬه اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎﻻت ﻗ ﺴﻤﺎن‪ :‬ﻗ ﺴﻢ‬
‫ﺐ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬أو ﻛ ُﻤ ﻀﺎف إﻟ ﻰ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻤ ﻮاد‪ ،‬وھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل ﻻ ﯾُﻔﻘ ﺪ‬ ‫ُﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻜﺤ ﻮل ﻛﻤ ﺬﯾ ٍ‬
‫اﻟﻜﺤﻮل ﻣﺎھﯿﺘﮫ وﻻ ﺧﺼﺎﺋﺼﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻈﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ وﻣﻦ اﻹﺳﻜﺎر‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻘ ﺴﻢ ﺣ ﺮام‬
‫اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﻛﻤﺜ ﺎلٍ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻜﺎﻟﻮﻧﯿ ﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﺎﻟﻮﻧﯿ ﺎ ﻻ ﯾﺤ ﻞ إﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ وﺗﻈ ﻞ ﻧﺠ ﺴﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫ﺧﺎﻟﻄﺘﮭﺎ وﻇﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻜﺤﻮل اﻟﻤﺴﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻣﻮاد ﻣﺨﻠﻮﻃ ﺔ ﺑﺨﻤ ﺮٍ ﻧﺠ ﺴﺔ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﻘ ﺴﻢ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﺤﻮل ‪ ،‬ﻓﻔﯿﮫ ﯾﺘﺤﻮﱠل اﻟﻜﺤﻮل ﻋﻦ ﻣﺎھﯿﺘﮫ ‪ ،‬وﯾﻔﻘﺪ ﺧﺎﺻﱢﯿﺘﮫ ﻓﻲ اﻹﺳﻜﺎر‪ ،‬وﯾﺘﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﻨﮫ وﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻷﺧﺮى ﻣﺎدة ﺟﺪﯾﺪة ﻟﮭﺎ ﻣﻮاﺻﻔﺎت ﻏﯿﺮ ﻣﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻜﺤﻮل‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯾﺠ ﻮز‬
‫ﺷﺮﻋًﺎ اﺳﺘﻌﻤﺎل ھﺬه اﻟﻤﻮاد وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃ ﺎھﺮة ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺪ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻛﺤ ﻮل ﺑﻌ ﺪ أن اﺳ ﺘﺤﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎدة‬
‫أﺧﺮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺤﯿﻞ اﻟﺨﻤﺮ إﻟﻰ ﺧﻞ‪ .‬ھﺬا ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻄﮭﺎرة واﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬واﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤ ﻮاد ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﺨﻠﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺬي ﯾﺘﻮﻟﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺨﻠﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ؟ ﻓﺎﻟﺠﻮاب ھ ﻮ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز أن ﯾﺘﻮﻻھ ﺎ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻣﻄﻠﻘﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟ ﮫ أن ﯾﺤﻤ ﻞ اﻟﻜﺤ ﻮل ﻟﯿﺨﻠﻄ ﮫ ﺑﻐﯿ ﺮه‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﺧﻠﻄ ﮫ ﻛ ﺎﻓﺮ وﻛ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺴﻢ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺈن ھﺬه اﻟﻤﺎدة اﻟﺠﺪﯾﺪة ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻛﺒﻌﺾ ﻣﻮاد اﻟﻨﱢﺠﺎرة ﻓﻲ اﻟﺪﱢھﺎن‪ ،‬ﻓﻔﯿﮭﺎ‬
‫ﯾﺨ ﺘﻠﻂ اﻟﻜﺤ ﻮل ﺑﻤ ﺎدة أﺧ ﺮى ﻟﯿﺨ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟﺨﻠ ﯿﻂ ﻣ ﺎدة ﺟﺪﯾ ﺪة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺎدة ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن‬
‫ﯾﺼﻨﻌﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن ﺻ ﻨﻌﮭﺎ ﻛ ﺎﻓﺮ ﺟ ﺎز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺸﺘﺮﯾﮭﺎ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻛ ﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤ ﻮاد اﻟﻄ ﺎھﺮة‬
‫اﻟﻤﺒﺎﺣﺔ‪.‬‬

‫ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﻓ ﻲ اﻟﺨﻤ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬه ھ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺤﺎﻟﺔ ‪ ،‬وﺣ ﺴﺐ ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﯾُ ﺴﺎر ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ‬

‫اﻟﺤ ﺎﻻت وﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﻮاد‪ .‬وِإنﱠ ﻣ ﻦ أﻋﻈ ﻢ ﻣ ﺎ اﺑﺘُﻠ ﻲ ﺑ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻷﯾ ﺎم ﺻ ﻨﺎﻋﺔ اﻷدوﯾ ﺔ‬
‫وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻌﻄﻮر ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﻜﺜﯿ ﺮ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﯾ ﺪﺧﻞ اﻟﻜﺤ ﻮل‪ ،‬ﻟ ﺬا ﻓﺎﻟﻮاﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺤ ﺮى ﺣ ﯿﻦ‬
‫ﺻ ﯿﺘﮫ ﻓ ﺈن اﻟ ﺪواءَ ھ ﺬا‬
‫ﺷ ﺮاﺋﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن اﻟ ﺪواء أو اﻟﻌﻄ ﺮ ﯾﻈ ﻞ اﻟﻜﺤ ﻮل ﻓﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺎھﯿﺘ ﮫ وﺧﺎ ﱢ‬

‫‪82‬‬
‫واﻟﻌﻄ َﺮ ﻻ ﯾﺤﻞ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ وﯾﻈﻞ ﻧﺠﺴﺎً‪ ،‬أﻣﺎ إن اﺳﺘﺤﺎل اﻟﻜﺤﻮل ﻓﯿﮭﻤﺎ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎدة ﺟﺪﯾ ﺪة ذات ﺧﺎﺻ ﯿﺔ‬
‫ﺟﺪﯾﺪة ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﻮز ﺣﯿﻨﺌﺬ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻦ اﻟﺨﻤﺮ ﯾﻘﺎل ﻋﻦ ﺷﺤﻮم اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ وﺷﺤﻮم اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻣﺜﻼً‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﺸﺤﻮم ﻗ ﺪ ﺗ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن ﻓﺘﻔﻘ ﺪ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﺎھﯿﱠﺘﮭ ﺎ وﺧﺼﺎﺋ ﺼَﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾﻜ ﻮن اﻟ ﺼﺎﺑﻮن‬
‫ﻻ وﯾﻜﻮن ﻃﺎھﺮًا‪ ،‬وﻻ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺸﺤﻮم ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﺎﺑﻮن ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺎدة‬ ‫ﺣﻼ ً‬
‫أﺧﺮى ﻣﻐﺎﯾﺮة ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻒ واﻟﺨﺎﺻﱢﯿﺔ ﻟﻠ ﺸﺤﻮم ﻓﺘﺤ ﻞ ﻷﺟ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ .‬وﻛﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺨﻤ ﻮر ﻧﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺸﺤﻮم‪ ،‬وھ ﻮ أﻧ ﮫ ﻓ ﻲ ﺻ ﻨﺎﻋﺔ اﻟ ﺼﺎﺑﻮن ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ھ ﺬه اﻟ ﺸﺤﻮم اﻟﻨﺠ ﺴﺔ‪ ،‬أﻣ ﺎ إن‬
‫ﺻﻨﻌﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮ وﺣﻮﱢﻟﮭﺎ ﻣﻊ ﻣﻮاد أﺧﺮى إﻟﻰ ﺻﺎﺑﻮن‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ ﺣﯿﻨﺌ ﺬ أن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ وﺗﻜ ﻮن‬
‫ﻃﺎھﺮة‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻘﺎﻋﺪة ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل واﻻﻧﺘﻔ ﺎع ھ ﻲ أن اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟﻤ ﺴﻠﻢٍ اﻻﻧﺘﻔ ﺎع ﺑﮭ ﺎ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻻً أو‬

‫ﻼ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن ﺗﺤﻮﻟﺖ ذاﺗﯿﺎً إﻟﻰ ﻣﻮاد ﺟﺪﯾﺪة ‪ ،‬أو ﺣﻮﱠﻟﮭﺎ ﻛﻔﺎر إﻟﻰ ﻣ ﻮاد‬ ‫ﺑﯿﻌًﺎ أو ﺷﺮاء أو ھﺒﺔ أو ﺗﺤﻮﯾ ً‬
‫ﺟﺪﯾﺪة ﺣﻠﱠﺖ ﺣﯿﻨﺌﺬ‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻧﺠﺎﺳﺎت‪ ،‬وﺻﺎر ﺣﻜﻤﮭﺎ ﺣﻜﻢ أي ﺷﻲء ﻃﺎھﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺮاﺑـﻊ‬
‫ب ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ‬
‫أﺣﻜﺎمُ وآدا ُ‬
‫ھﻨ ﺎك أﺣﻜ ﺎم وآداب ﺗﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﻘ ﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒ ﺮ واﻟﺨ ﻼء ‪ ،‬وھﻨ ﺎك أﺣﻜ ﺎم وآداب ﺗﺘﻌﻠ ﻖ‬
‫ﺑﻘﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت واﻟﻌﻤﺮان‪ .‬وﻗﺪﯾﻤًﺎ أﻃﻠ ﻖ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ آداب اﻟﺘﱠﺨﱢﻠ ﻲ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻮن‬
‫ﺑﺬﻟﻚ أﺣﻜﺎم اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﯾُﻘﺎم ﺑﮭﺎ ﺣﯿﻦ اﻟﺘﺒﻮﱡل واﻟﺘﱠﻐﻮﱡط‪.‬‬

‫أﺣﻜﺎمُ وآدابُ ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻼء‬

‫ﻦ ﻟﻤﻦ أراد اﻟﺘﺒﻮﱡل أو اﻟﺘﻐ ﻮﱡط ﻓ ﻲ اﻟﺨ ﻼء أن ﯾﻨﻄﻠ ﻖ ﺑﻌﯿ ﺪًا ﻋ ﻦ أﻋ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺎس ﺧﺎﺻ ﺔ إذا‬
‫‪ -1‬ﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﺸ ﱡﻢ ﻣﻨﮫ راﺋﺤﺔ‪ ،‬ﻟﺤﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫أراد اﻟﺘﻐﻮط‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺮى ﻋﻮرﺗﮫ أﺣﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺴﻤَﻊ ﻣﻨﮫ ﺻﻮت‪ ،‬وﻻ ُﺗ َ‬
‫ﻗﺎل »ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺳﻔﺮ‪ ،‬وﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺒﺮَاز ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻐﯿﱠﺐ ﻓ ﻼ ُﯾ ﺮى«‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻟﻔﻈ ﮫ »اﻧﻄﻠ ﻖ ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾ ﺮاه أﺣ ﺪ« وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ رﺟﺎﻟ ﮫ رﺟ ﺎل‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬إﻻ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري )ﯾُﻜﺘ ﺐ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ(‪ .‬وروى اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ذھ ﺐ اﻟﻤ ﺬھﺐ‬
‫أﺑﻌﺪ« ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫‪ -2‬وﯾُﺴﻦ أن ﯾﺴﺘﺘﺮ ﺑﺸﻲء وأن ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻣﻨﺨﻔﻀﺎً ‪ -‬وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﻟﻐ ﺔ ﺑﺎﻟﻐ ﺎﺋﻂ‪ ،‬إذ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ‬
‫ﺳ ﻊ ﻓ ﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ‬
‫ھﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ‪ -‬ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﺨﺘﻔ ﻲ ﻋ ﻦ اﻷﻧﻈ ﺎر‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺮى اﻟﺘﻮ ﱡ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒِﺮاز ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺒﺮﱡز‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬

‫‪83‬‬
‫ﺳ ﺘﺮًا ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺟﻌﻔ ﺮ رﺿ ﻲ‬ ‫ﯾﺮﺗﺎد ﻟﺒﻮﻟﮫ ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ ﻣﻨﺨﻔﻀ ًﺎ ﯾﺘﻮارى ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺘﱠﺨﺬ ﻟﺤﺎﺟﺘ ﮫ ِ‬
‫ﺶ ﻧﺨ ﻞ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬‫ﺐ ﻣﺎ اﺳﺘﺘﺮ ﺑﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﺤﺎﺟﺘﮫ ھَﺪَفٌ أو ﺣ ﺎﺋ ُ‬ ‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »‪ ...‬وﻛﺎن أﺣ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﮭ ﺪف‪ :‬أي ﻛ ﻞ ﻣﺮﺗﻔ ﻊ ﻣ ﻦ ﻛُﻮﻣ ﺔ رﻣ ﻞ أو ﺻ ﺨﺮ أو ﺟﺒ ﻞ ‪.‬‬ ‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫وﻗﻮﻟﮫ اﻟﺤﺎﺋﺶ‪ :‬أي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺷﺠﺎر ﻣﺘﻘﺎرﺑ ﺔ ﺗ ﺴﺘﺮ ﻣَ ﻦ ﯾﻘ ﻒ ﺧﻠﻔﮭ ﺎ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﻗﺎل »ﻣﻦ أﺗﻰ اﻟﻐﺎﺋﻂ ﻓﻠﯿﺴﺘﺘﺮ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ إﻻ أن ﯾﺠﻤ ﻊ ﻛﺜﯿﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ رﻣ ﻞ ﻓﻠْﯿ ﺴﺘﺪﺑﺮْه ﻓ ﺈن اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‬
‫ﯾﻠﻌﺐ ﺑﻤﻘﺎﻋﺪ ﺑﻨﻲ آدم‪ ،‬ﻣﻦ ﻓﻌ ﻞ ﻓﻘ ﺪ أﺣ ﺴﻦ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻻ ﻓ ﻼ ﺣ ﺮج« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )إﺳﻨﺎده ﺣﺴﻦ(‪.‬‬

‫‪ -3‬وإذا ﻟﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻣ ﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﺎء أﺧ ﺬ ﻣﻌ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر أو أﻛﺜ ﺮ ‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻜ ﻮن اﻷرض ذات‬

‫ن‬‫ﺣﺠﺎرة ﻓﯿﺄﺧﺬ اﻟﺤﺠ ﺎرة ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﯾُﻐْﻨ ﻲ ﻋ ﻦ اﻷﺣﺠ ﺎر أيﱡ ﺻ ﻠﺐ ﻃ ﺎھﺮ أﻣﻠ ﺲ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻺﻧﻘ ﺎء‪َ .‬أ ﱠﻣ ﺎ أ ْ‬
‫ﻼ إذا اﺑﺘ ﻞﱠ ﺗﻔﺘ ﺖ ﻓﻠ ﻢ ُﯾ ﺰِل اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وَأ ﱠﻣ ﺎ أن ﯾﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮًا‬
‫ن اﻟ َﻤﺪَر ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺮاب ﻣ ﺜ ً‬
‫ﯾﻜﻮن ﺻﻠﺒﺎً ﻓﻸ ﱠ‬
‫ﻓﻮاﺿﺢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺠﺲ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﮭﯿ ﺮ ‪ ،‬وأَﻣﱠ ﺎ أَنْ ﯾﻜ ﻮن أﻣﻠ ﺲ ﺻ ﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻺﻧﻘ ﺎء ﻓ ﻸن اﻟﺤﺠ ﺎرة اﻟﺨ ﺸﻨﺔ‬
‫ﻼ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﺟﺮﺣﺖ اﻟﻤﻮﺿﻊ‪.‬‬ ‫ﻣﺜ ً‬

‫ﻗ ﺪ ﯾُﻘ ﺎل ﺑﻮﺟ ﻮب اﻻﺳ ﺘﻄﺒﺎب ﺑﺎﻟﺤﺠ ﺎرة ﻓﺤ ﺴﺐ دون ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ اﻷﺷ ﯿﺎء ﻷن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺳﻮاھﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﻨﻘﻞ أﻧﮫ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﺘﻜﻮن ھﻲ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وﺣﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿ ﺐ‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إﻧﻤﺎ أﻧ ﺎ ﻟﻜ ﻢ ﻣﺜ ﻞ اﻟﻮاﻟ ﺪ أُﻋﻠﱢﻤﻜ ﻢ‪ ،‬إذا ذھ ﺐ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ إﻟﻰ اﻟﺨﻼء ﻓﻼ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ وﻻ ﯾ ﺴﺘﺪﺑﺮھﺎ وﻻ ﯾ ﺴﺘﻨﺞ ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﺮﱢﻣﱠ ﺔ ‪ :‬أي‬
‫وﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺮﱠوث واﻟﺮﱢﻣﱠﺔ« أﺧﺮﺟﮫ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﻌﻈ ﻢ اﻟﺒ ﺎﻟﻲ‪ ،‬واﻟﻤ ﺮاد ﻣﻄﻠ ﻖ اﻟﻌﻈ ﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺳ ﺘﺜﻨﻰ اﻟ ﺮوث واﻟﺮﱢ ﱠﻣ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﻮاد اﻟ ﺼﺎﻟﺤﺔ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺠﻤﺎر‪ ،‬وﺗﺨﺼﯿﺼﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ ھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻼح ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﻤﺎ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻻﺳ ﺘﺠﻤﺎر‬
‫ﻣﺤﺼﻮراً ﺑﺎﻷﺣﺠﺎر ﻓﻘﻂ ﻟﻨﮭﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻤﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎً وﻟﻢ ﯾﺨﺼﱢﺺ‪ ،‬وﻟَﻤَﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻟﺘﺨﺼﯿﺺ اﻟﺮﱠوث واﻟﺮﱢﻣﱠﺔ ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ ﻓﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن ﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﯾﺠ ﻮز اﻻﺳ ﺘﺠﻤﺎر ﺑ ﮫ ﻛﺎﻟﺨ ﺸﺐ واﻟ ﻮرق‬
‫واﻟﺨِﺮق واﻟﻤﻌﺪن‪ ،‬وﻣﺎ ِذ ْﻛ ُﺮ اﻟﺤﺠﺎرة ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ إﻻ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻷﻋ ﱢﻢ اﻷﻏﻠﺐ ﻻ ﻏﯿﺮ ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ‬
‫ي ﻏ ﺴﻞٍ‪ ،‬ھ ﻲ اﻹﻧﻘ ﺎء‪ ،‬وﻧﻘ ﻮل ھﻨ ﺎ إن ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺠ ﺎر ﻟﯿ ﺴﺖ‬ ‫أن ﺑ ﱠﯿﱠﻨ ﺎ أن اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬أ ﱢ‬
‫ﻣﻘﺼﻮدة ﻟﺬاﺗﮭﺎ ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ﯾُﻘ ﺼﺪ ﺑﮭ ﺎ اﻹﻧﻘ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺗﺤ ﱠﻘ ﻖ اﻹﻧﻘ ﺎء ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أو أﻛﺜ ﺮ أو أﻗ ﻞ ﻓﻘ ﺪ ﺣ ﺼﻞ‬
‫اﻟﻤﻄﻠﻮب‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻓﯿﮫ ﻋﺪد ﻣﺨﺼﻮص‪.‬‬

‫ل ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ‬‫ﻦ ﻟﻤ ﻦ أراد اﻟﺘﺨﻠ ﻲ أن ﯾﺮﺗ ﺎد اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟﺮﱠﺧ ﻮ ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾ ﺼﯿﺒﮫ رﺷ ﺎش اﻟﺒ ﻮ ِ‬

‫‪ -4‬و ُﯾ ﺴ ّ‬
‫اﻟﺬي ﻣ ﱠﺮ ﺳﺎﺑﻘًﺎ وﻓﯿﮫ »أﻣ ﺎ أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻓﻜ ﺎن ﻻ ﯾ ﺴﺘﺘﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل« وﻣ ﺪﻟﻮل اﻟﻘ ﻮل ھ ﺬا أن ﻣ ﻦ ﺑ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺿﻊ ﺻﻠﺐ ﻟﻢ ﯾﺄﻣﻦ رَﺷﺎش اﻟﺒﻮل‪ ،‬ﻓﯿﻘﻊ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻟ ﺬا وﺟ ﺐ أن ﯾﺒ ﻮل‬
‫ﻓﻲ ﻣﻜﺎن رﺧﻮ ذي ﺗﺮاب ﻧﺎﻋﻢ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺒﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺻ ﻠﺐ ﻣﺎﺋ ﻞ ﯾﺒﻌ ﺪ ﻋﻨ ﮫ اﻟﺮﱠﺷ ﺎش ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ھﻲ اﻻﺳﺘﺘﺎر واﻟﺘﱠﻨﺰﱡه ﻣﻦ رﺷﺎش اﻟﺒﻮل‪ ،‬ﻓﮭﻮ اﻟﻌﻠﺔ ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﻘﻖ اﻻﺳﺘﺘﺎر واﻟﺘﱠﻨﺰﱡه واﺟﺐ‪.‬‬

‫ﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬أو ﻓـ ـﻲ ﻃﺮﯾ ﻖ ﯾ ﺴﻠﻜﮭﺎ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬أو‬ ‫‪ -5‬وﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺨﻠﱠﻰ ﻓﻲ ﻇـ ﱟﻞ ﯾﺴﺘﻈ ﱡ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻜـﺎن ﯾﺠﻠﺴﻮن ﻓﯿﮫ ‪ ،‬ﻷن ﻓﯿﮫ إﺿﺮاراً ﺑﺎﻟﻨﺎس وھ ﻮ ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬وﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﺗﱠﻘﻮا اﻟﻠﻌﱠﺎ َﻧﯿْﻦ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬وﻣﺎ اﻟﻠﻌﱠﺎﻧ ﺎن ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟ ﺬي ﯾﺘﺨﻠﱠ ﻰ ﻓ ﻲ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬أو ﻓ ﻲ ﻇﻠﮭ ﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫ﻋ َﻨﯿْﻦ اﻷﻣ ﺮان اﻟﺠﺎﻟﺒ ﺎن ﻟﻠﱠﻌ ﻦ‬
‫ﻋ َﻨﯿْﻦ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬وﻣﺎ اﻟﻼﻋِﻨﺎن؟«‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺨﻄﱠﺎﺑﻲ‪ :‬اﻟﻤﺮاد ﺑ ﺎﻟﻼ ِ‬
‫»اﺗﱠﻘﻮا اﻟﻼ ِ‬
‫ﻦ ﻓﻌﻠﮭﻤﺎ ﻟُﻌﻦ وﺷُﺘﻢ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ ﻋ ﺎدة اﻟﻨ ﺎس ﻟﻌﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠ ﱠﻤ ﺎ‬‫اﻟﺤﺎﻣﻼن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ واﻟﺪاﻋﯿﺎن إﻟﯿﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ أن َﻣ ْ‬

‫‪84‬‬
‫ﻈ ﱡﻞ ﻻ ﯾ ﺼﻞ إﻟﯿ ﮫ اﻟﻨ ﺎس أو‬
‫ﺻﺎرا ﺳﺒﺒﺎً أُﺳﻨﺪ اﻟﻠﻌﻦ إﻟﯿﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻤﺠﺎز اﻟﻌﻘﻠﻲ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟ ﱢ‬
‫ﻻ ﯾﺴﺘﻈﻠﻮن ﻓﯿﮫ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺎﻟﺒﻮل ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺤﻔَﺮ واﻟﺸﻘﻮق واﻟﺠُﺤ ﻮر‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣ ﺴﺎﻛﻦ ﻛﺎﺋﻨ ﺎت ﺣﯿﱠ ﺔ أﺧ ﺮى‬ ‫‪ -6‬وﯾُﻜﺮه ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺨﻠﻰ ﻓﻲ اﻟ ُ‬
‫ﯾُﺆذﯾﮭﺎ اﻟﺒﻮل‪ ،‬ﻓﺘﺆذي اﻟﻤﺘﺒﻮﱢل ﻣِﻦ ﺛَﻢﱠ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ﻗﺘﺎدة ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺳﺮﺟﺲ أن ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ‬
‫ﺠﺤْ ﺮ؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﯾﻘ ﺎل إﻧﮭ ﺎ ﻣ ﺴﺎﻛﻦ‬
‫ﯾﺒﻮﻟﻦﱠ أَﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺟُﺤ ﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا ﻟﻘﺘ ﺎدة‪ :‬وﻣ ﺎ ﯾُﻜ ﺮه ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬‫اﻟﺠﻦ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ُ‬

‫‪ -7‬ﯾُﺸﺮع ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﻻ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء واﻻﺳ ﺘﺠﻤﺎر ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﺳ ﻠﻤﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺎل ﻟﻨ ﺎ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﻮن ‪ :‬إﻧ ﻲ أرى ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ ﯾﻌﻠﻤﻜ ﻢ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﻌﻠﻤﻜ ﻢ‬
‫اﻟﺨِﺮاءَة‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺟﻞ ‪ ،‬إﻧﮫ ﻧﮭﺎﻧﺎ أن ﯾﺴﺘﻨﺠﻲ أﺣﺪﻧﺎ ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬أو ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬وﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟ ﺮﱠوث‬
‫واﻟﻌﻈﺎم وﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ ﯾ ﺴﺘﻨﺠﻲ أﺣ ﺪﻛﻢ ﺑ ﺪون ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣﺠ ﺎر« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫وﻗﺎل‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ أن ﯾﻤ ﱠ‬
‫ﺲ اﻟﺮﺟ ﻞ َذ َﻛ ﺮه‬
‫ﺑﯿﻤﯿﻨﮫ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫‪ -8‬وﯾُﻜﺮه أن ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻣﻊ ﻏﯿﺮه أو ﻣﻊ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺼﻮت ﻣﺴﻤﻮع‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ »أن رﺟ ﻼً‬
‫ﻣ ﺮﱠ ورﺳ ﻮلُ اﷲ ‪ r‬ﯾﺒ ﻮل ‪ ،‬ﻓ ﺴﻠﻢ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮد ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﯾﺘ ﺴﺎءل أﺣ ﺪھﻢ‪ :‬ﻟﻤ ﺎذا ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺣﻜ ﻢ اﻟﻜ ﻼم ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﺘﱠﻐ ﻮﱡط اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ وﻟ ﯿﺲ اﻟﻜﺮاھ ﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﯾﺨ ﺮج اﻟ ﺮﺟﻼن ﯾ ﻀﺮﺑﺎن اﻟﻐ ﺎﺋﻂ‬
‫ﻛﺎﺷ َﻔﯿْﻦ ﻋﻮرﺗﮭﻤﺎ ﯾﺘﺤﺪﺛﺎن‪ ،‬ﻓﺈن اﷲ ﯾﻤﻘﺖ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ؟‬
‫ﻓﺄﺟﯿ ﺐ ‪ :‬إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤﻘ ﺖ واﻗ ﻊ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜ ﻼم ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﺘﻐ ﻮط‪ ،‬وإﻻ ﻟﻜ ﺎن‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾ ﺪل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤﻘ ﺖ واﻗ ﻊ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﺸﻒ اﻟﻌ ﻮرة‬
‫ﺣﺒﱠﺎن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺴﯿﺎق ﯾﻔﯿﺪ ھ ﺬا‬
‫ﻟﻠﻐﯿﺮ واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﮫ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ ﻓﮭﺬا ﻻ ﺷﻚ ﺣﺮام‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ »ﻻ ﯾﻘﻌﺪ اﻟﺮﺟﻼن ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋﻂ ﯾﺘﺤﺪﺛﺎن‪ ،‬ﯾﺮى ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻋﻮرة ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻓﺈن اﷲ ﯾﻤﻘﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ« ﻓﺎﻟﻤﻘﺖ اﻟﺬي ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ واﻗﻊ ﻋﻠﻰ رؤﯾﺔ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻋﻮرة ﺻﺎﺣﺒﮫ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﺠﺮﱠد اﻟﺘﺤﺪﱡث واﻟﻜﻼم‪.‬‬

‫وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ اﻟﻜﻼم أﯾﻀﺎً أن ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﻤ ﺎ ﱠر رواه أﺑ ﻮ داود ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ورُوي ﻋ ﻦ‬
‫اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ وﻏﯿ ﺮه »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗ ﯿﻤﱠﻢ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ر ﱠد ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﺟ ﻞ اﻟ ﺴﻼم« ورواه أﯾ ﻀﺎً اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪.‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮوي ﻋﻦ اﻟﻤُﮭﺎﺟِﺮ ﺑﻦ ﻗُﻨﻔﺬ »أﻧﮫ أﺗ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾﺒ ﻮل‪ ،‬ﻓ ﺴﻠﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮ ﱠد‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﺣ ﺘﻰ ﺗﻮﺿﺄ ﺛ ﻢ اﻋﺘ ﺬر إﻟﯿ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﻛﺮھ ﺖ أن أذﻛ ﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ إﻻ ﻋﻠ ﻰ ﻃُﮭ ﺮ أو ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ ‪ .‬ﻓﮭﺬان اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﯾﺒﯿﱢﻨﺎن اﻟﻌﻠﱠﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﻜﻠﻢ وھﻲ ﻛﺮاھ ﺔ ذﻛ ﺮ‬
‫اﷲ ﺑﺪون ﻃﮭﺎرة وھﺬه ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟ ﺼﺮف اﻟﺤﻜ ﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻜﺮاھ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وإﻟ ﻰ ھ ﺬا ذھ ﺐ ﻋﺎﻣ ﺔ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻗﺪﯾﻤﺎً وﺣﺪﯾﺜﺎً‪.‬‬

‫‪ -9‬وﯾُﻜﺮه أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ وأن ﯾ ﺴﺘﺪﺑﺮھﺎ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﻗ ﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟ ﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﯾ ﺴﺘﺘﺮ ﺑ ﺸﻲء ﻓ ﻼ‬
‫ﺨ ﺬة ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‬
‫ﺑﺄس‪ ،‬ھﺬا إن ﻛﺎن ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻼء‪ .‬أﻣﺎ إن ﻛﺎن ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮاﺣﯿﺾ اﻟﻤ ﱠﺘ َ‬
‫ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳﺘﺪﺑﺎر‪ ،‬ﻷن اﻟﺠﺪران ﺗﺴﺘﺮ َﻣ ﻦ ﺧﻠﻔﮭ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺪ وردت ﻋ ﺪة أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻌ ﺎﻟﺞ‬
‫ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ‪ ،‬ﻓﻠْﻨﺴﺘﻌﺮﺿﮭﺎ ﻻﺳﺘﻨﺒﺎط اﻷﺣﻜﺎم ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺟﻠ ﺲ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻓ ﻼ ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‬
‫وﻻ ﯾﺴﺘﺪﺑﺮھﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ أﯾ ﻮب اﻷﻧ ﺼﺎري أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا أﺗﯿ ﺘﻢ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ وﻻ‬
‫ﺷ ﺮﱢﻗﻮا أو ﻏﺮﱢﺑ ﻮا ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ أﯾ ﻮب‪ :‬ﻓﻘ ﺪﻣﻨﺎ اﻟ ﺸﺎم ﻓﻮﺟ ﺪﻧﺎ‬ ‫ﺗ ﺴﺘﺪﺑﺮوھﺎ ﺑﺒ ﻮل وﻻ ﻏ ﺎﺋﻂ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ َ‬
‫ﻣ ﺮاﺣﯿﺾ ﻗ ﺪ ﺑُﻨﯿ ﺖ ﻗِﺒَ ﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻓﻨﻨﺤ ﺮف ﻋﻨﮭ ﺎ وﻧ ﺴﺘﻐﻔﺮ اﷲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﺑﯿ ﺖ أﺧﺘ ﻲ ﺣﻔ ﺼﺔ‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﻋ ﺪًا ﻟﺤﺎﺟﺘ ﮫ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل » َرﻗِﯿ ُ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺸﺎم ﻣﺴﺘﺪﺑﺮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ أﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓﺤﺎﻧﺖ ﻣﻨﻲ اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺖ ﻛﻨﯿﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ «‬
‫رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﺴﻨﺪ ﻟﯿﱢﻦ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻓﺮأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ َﻟ ِﺒﻨَﺘ ﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﯿ ﺖ‬

‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻘﺪس ﻟﺤﺎﺟﺘﮫ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫‪ -6‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ذُ ِﻛ ﺮ ﻋﻨ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﻮمٌ ﯾﻜﺮھ ﻮن أن ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻠﻮا‬

‫ﺑﻔ ﺮوﺟﮭﻢ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أراھ ﻢ ﻗ ﺪ ﻓﻌﻠﻮھ ﺎ‪ ،‬اﺳ ﺘﻘﺒﻠﻮا ﺑﻤﻘﻌ ﺪﺗﻲ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ وﻗﺎل )ھﺬا أﺿﺒﻂ إﺳﻨﺎد( ‪ ،‬وﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﻨﻮوي‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ ﻣﺮوان اﻷﺻﻔﺮ ﻗﺎل »رأﯾ ﺖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﺎخ راﺣﻠﺘ ﮫ ﻣ ﺴﺘﻘﺒِﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟﻠ ﺲ ﯾﺒ ﻮل‬
‫إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ أﻟﯿﺲ ﻗﺪ ﻧُﮭﻲ ﻋﻦ ھﺬا؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﺑﻠﻰ إﻧﻤﺎ ﻧُﮭﻲ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻀﺎء‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ‪ .‬ﻗ ﺎل‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺑﯿﻨﻚ وﺑﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺷ ﻲء ﯾ ﺴﺘﺮك ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫اﺑﻦ ﺟﺤﺮ )أﺧﺮﺟﮫ أﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺴﻨﺪ ﻻ ﺑﺄس ﺑﮫ(‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل »ﻧﮭﻰ ﻧﺒﻲ اﷲ‪ r‬أن ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺑﺒﻮل ﻓﺮأﯾﺘﮫ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾُﻘ ﺒَﺾ‬
‫ﺑﻌ ﺎم ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻠﮭﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي وﺣ ﺴﱠﻨﮫ وﺻ ﺤﱠﺤﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫واﺑﻦ ُ‬

‫‪ - 9‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ أﺗ ﻰ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻓﻠْﯿ ﺴﺘﺘﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ إﻻ أن ﯾﺠﻤ ﻊ‬
‫ﻛﺜﯿﺒﺎً ﻣﻦ رﻣﻞ ﻓﻠْﯿﺴﺘﺪﺑﺮه‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺸﯿﻄﺎن ﯾﻠﻌ ﺐ ﺑﻤﻘﺎﻋ ﺪ ﺑﻨ ﻲ آدم‪ ،‬ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ ﻓﻘ ﺪ أﺣ ﺴﻦ وﻣ ﻦ ﻻ ﻓ ﻼ‬
‫ﺣﺮج« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻔﯿ ﺪ ﻋﻤ ﻮم اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ واﺳ ﺘﺪﺑﺎرھﺎ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﺸﻄﺮ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻣﻦ دون ﺗﺨ ﺼﺺٍ ﺑﺎﻟﻔ ﻀﺎء ‪ -‬أي ﺑ ﺎﻟﺨﻼء ‪ -‬أو ﺑ ﺎﻟﻌﻤﺮان‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس واﻟ ﺸﻄﺮ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ‪،‬‬
‫ﺗﻔﯿ ﺪ ﻛﻠﮭ ﺎ اﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ أو اﺳ ﺘﺪﺑﺎرھﺎ ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬وﻗﻮﻟ ﮫ‪ ،‬وﺟ ﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ﺧﺎﺻ ًﺔ‬
‫ﺑﺘﻮﻗﯿﺖ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﺑﻌﺎمٍ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪.‬‬

‫واﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص ﯾﺘ ﻮھﻢ ﻟﻠﻮھﻠ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ أن ھﻨ ﺎك ﺗﻌﺎرﺿ ًﺎ ﺑﯿﻨﮭ ﺎ ﯾ ﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟ ﺬھﺎب‬
‫ﺑﺴﺒﺒﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻨﱠﺴﺦ ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل إن أﺣﺎدﯾﺚ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻧﺴﺨﺖ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأن اﻟﺤﺪﯾﺚ‬

‫‪86‬‬
‫اﻟﺜﺎﻣﻦ ھﻮ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ‪ ،‬واﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﯾﻨﺴﺦ اﻟﻤﺘﻘﺪم‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺣﯿﺚ أن إﻋﻤﺎل اﻷدﻟﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ إھﻤﺎل ﺑﻌ ﻀﮭﺎ‪،‬‬
‫وﺣﯿ ﺚ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾُﻘ ﺎل ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺦ إﻻ ﻋﻨ ﺪ ﺗﻌ ﺬﱡر اﻟﺠﻤ ﻊ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص ﻧﺠ ﺪ أن اﻟﺠﻤ ﻊ‬
‫واﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﺑﯿﻨﮭ ﺎ ﻣﻤﻜ ﻦ‪ ،‬وأن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﱠﮭ ﻰ ﺗُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﻀﺎء واﻟ ﺼﺤﺮاء‪ ،‬وﺗﺒﻘ ﻰ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻻﺳ ﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳ ﺘﺪﺑﺎر ﻣﻌﻤ ﻮﻻً ﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻟﻌﻤ ﺮان‪ .‬ذﻟ ﻚ أن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻻﺳ ﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳ ﺘﺪﺑﺎر‬
‫ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ ﻋﻤ ﻮم اﻟﻨﮭ ﻰ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وﻻ ﺗﻨ ﺴﺨﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‬
‫أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻨﺴﺦ‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ أﻣﺮان اﺛﻨﺎن‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إنﱠ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت اﻻﺳ ﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳ ﺘﺪﺑﺎر واﺿ ﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻘﺮاﺋﻦ أﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‬
‫واﻟﻌُﻤ ﺮان ﺑﺪﻻﻟ ﺔ »ﻓﺮأﯾ ﺖ ﻛﻨﯿ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ «r‬و » ﻋﻠ ﻰ ﻟَﺒِﻨَﺘ ﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻞَ ﺑﯿ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪس« و‬
‫»اﺳﺘﻘﺒﻠﻮا ﺑﻤﻘﻌﺪﺗﻲ اﻟﻘِﺒﻠﺔ« ﻓﮭﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺗﻌﺎﻟﺞ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳﺘﺪﺑــﺎر ﻓ ـﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‪ ،‬ﻷن اﻟ ُﻜﻨُ ﻒ‬
‫واﻟﱠﻠﺒِﻨـ ـﺎت ﺗﻜ ﻮن ﻓـ ـﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻟﻌُﻤـ ـﺮان‪ ،‬وﺣﺪﯾـ ـﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤـ ـﺮ اﻟﺜﺎﻟـ ـﺚ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻤﻌﻨـ ـﻰ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬إذ‬
‫ﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺖ أﺧﺘﻲ ﺣﻔ ﺼﺔ‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﻋ ﺪًا ﻟﺤﺎﺟﺘ ﮫ« واﻟﻤﻌﻠ ﻮم‬ ‫ﯾﻘـﻮل اﺑﻦ ﻋﻤــﺮ » َرﻗِﯿ ُ‬
‫أن ﺑﯿﺖ ﺣﻔﺼﺔ زوج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻊ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺑﯿﻮت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ إﻟ ﻰ ﺟ ﻮار اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮﱠر أن‬
‫ﯾﺮى اﺑﻦ ﻋﻤﺮ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﺑﯿﺖ أﺧﺘﮫ رﺳﻮ َل اﷲ ‪ r‬ﯾﺒﻮل أو ﯾﺘﺒﺮﱠز ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﺒﯿﻮت وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫ﻛﺎن إذا ذھﺐ ﻟﺤﺎﺟﺘﮫ أﺑﻌﺪ وﺗﻐﯿﱠﺐ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾُﺮى‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻧﺺﱞ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﱠﺤﺮاء وﺑ ﯿﻦ اﻟﻌﻤ ﺮان‪ ،‬ﻓﻘ ﻮل اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬

‫ﻻ ﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜ ﻢ اﻟﺮﻓ ﻊ ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﻟﻔﻈ ﺔ )‬‫»إﻧﻤﺎ ﻧُﮭﻲ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء« وإن ﻛﺎن ﻗﻮ ً‬
‫ﻧُﮭﻲ(‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ھﻮ اﻟﺬي ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻀﺎء‪،‬‬
‫وﻣﻔﮭ ﻮم اﻟ ﻨﺺ ھ ﺬا أن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻻ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻟﻌﻤ ﺮان ‪ ،‬أي ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﻣﻔﮭ ﻮم اﻟﻤﺨﺎﻟﻔ ﺔ‪ .‬ﻓﮭ ﺬان‬
‫اﻷﻣﺮان ﯾﻔﯿﺪان أن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل واﻻﺳﺘﺪﺑﺎر إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻀﺎء‪ ،‬أي ﻓ ﻲ اﻟﺨ ﻼء وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﯾُﺤﻤﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻣﻦ‪ ،‬أي أن ﺟﺎﺑﺮًا ﻻ ﺑﺪ وأن ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ رآه ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‬
‫وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء‪ ،‬أي ﯾُﺤﻤﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺨﺼﱢﺼﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﺷُﺒﮭﺘﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﯾﮫ ﺑﮭﻤﺎ‪ ،‬ھﻤﺎ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻣﻦ أﯾﻦ ﺟﺎء اﻟﻘﻮل إن اﻟﱠﻠ ِﺒﻨَﺎت واﻟ ُﻜﻨُﻒ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮان؟‬

‫ب ‪ -‬ﻛﯿﻒ ﻧﻔﺴﺮ ﻗﻮل أﺑﻲ أﯾﻮب اﻷﻧﺼﺎري »ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﻣﺮاﺣﯿﺾ ﻗﺪ ﺑُﻨﯿ ﺖ ﻗِﺒَ ﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻓﻨﻨﺤ ﺮف‬
‫ﻋﻨﮭﺎ وﻧﺴﺘﻐﻔﺮ اﷲ «؟‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺸﺒﮭﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﺈﻧﮫ وإن ﻛﺎن اﻟﻮاﻗﻊ ﯾﻜﺸﻔﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺼﺎً ﯾﺰﯾﻠﮭﺎ‪ ،‬ھﻮ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن‬
‫ﺖ أﻧﺎ وأم ﻣِ ﺴْﻄﺢ ِﻗ َﺒ ﻞ اﻟﻤﻨﺎﺻ ﻊ ُﻣ َﺘ َﺒ ﱠﺮزِﻧ ﺎ‪ ،‬ﻻ ﻧﺨ ﺮج إﻻ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻹﻓﻚ اﻟﻄﱠﻮﯾﻞ »‪ ...‬ﻓﺨﺮﺟ ُ‬
‫ﻼ إﻟ ﻰ ﻟﯿ ﻞ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻗﺒ ﻞ أن ﻧﺘﱠﺨ ﺬ اﻟ ُﻜ ُﻨ ﻒ ﻗﺮﯾﺒ ﺎً ﻣ ﻦ ﺑﯿﻮﺗﻨ ﺎ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ ‪.‬‬
‫ﻟﯿ ً‬
‫واﻟﺪﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺸﺒﮭﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﮭﻲ أن ﻗﻮل أﺑﻲ أﯾﻮب وﻓﻌﻠ ﮫ وﻓﻌ ﻞ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﺗﺤﺘﻤ ﻞ أن ھ ﺆﻻء‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﻢ ﯾﺼﻠﮭﻢ اﻟﺘﺨﺼﯿﺺ‪ ،‬ﻓﻈﻠﻮا ﯾﻌﻤﻤﻮن ﺣﻜﻢ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬وھﻮ ﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻻ ﯾﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫ‬
‫ﻼ ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ‪.‬‬ ‫ﻓﮭﻤﺎً ﻟﺼﺤﺎﺑ ٍﺔ ‪ ،‬وﻟﯿﺲ دﻟﯿ ً‬

‫‪87‬‬
‫ﺑﻘﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳﻊ » ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻓﻘﺪ أﺣﺴﻦ‪ ،‬وﻣﻦ ﻻ ﻓﻼ ﺣﺮج« ﻓﮭﺬا اﻟ ﻨﺺ ھ ﻮ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮف‬
‫أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﮭ ﻲ إﻟ ﻰ اﻟﻜﺮاھ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ إﻟ ﻰ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى‬
‫اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻨﮫ‪ ،‬وإﺳﺤﻖ واﻟﺸﻌﺒﻲ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن اﻟﻤﻜﺮوه ھﻮ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠﺔ أو اﺳﺘﺪﺑﺎرھﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺨ ﻼء‬
‫دون اﺗﺨﺎذ ﺳﺘﺮة‪ ،‬أﻣﺎ إن اﺗﺨﺬ ﺳُﺘﺮة ﻟﮫ ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺒﻠﮭﺎ أو اﺳﺘﺪﺑﺮھﺎ ﻓﻼ ﺣﺮج ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ أﻧﮫ ﻻ‬
‫ﺣـﺮج ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠﺔ واﺳﺘﺪﺑﺎرھﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻷن اﻟ ُﻜﻨُﻒ ﻻ ﻗِﺒﻠـﺔ ﻟﮭﺎ‪.‬‬

‫أﺣﻜﺎ ُم وآدابُ ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت واﻟﻌُﻤﺮان‬

‫‪ -1‬ﯾُﺴﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ إذا أراد اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﺎض أن ﯾﻘﺪﱢم رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬وﯾﺆﺧﱢﺮ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺗﻜﺮﯾﻤﺎً‬
‫ﺨﺒُﺚ واﻟﺨﺒﺎﺋﺚ[ ﻟﻤﺎ روى أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ‬ ‫ﻟﮭﺎ‪ ،‬وﯾﻘﻮل ]ﺑﺴﻢ اﷲ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟ ُ‬
‫ﺨﺒُ ﺚ واﻟﺨﺒﺎﺋ ﺚ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‬ ‫‪ r‬إذا دﺧﻞ اﻟﺨﻼء ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬
‫واﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟﻠﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا أراد أن ﯾ ﺪﺧﻞ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫ﺨﺒُ ﺚ واﻟﺨﺒﺎﺋ ﺚ« ﺑﺰﯾ ﺎدة »ﺑ ﺴﻢ‬ ‫»ﻛﺎن إذا دﺧﻞ اﻟﻜﻨﯿﻒ ﻗﺎل ‪ :‬ﺑ ﺴﻢ اﷲ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬
‫اﷲ«‪ .‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺳ ﺘﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺠﻦ وﻋﻮرات ﺑﻨﻲ آدم إذا دﺧﻞ اﻟﻜﻨﯿﻒ أن ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬ﺑ ﺴﻢ اﷲ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﺑ ﺴﻨﺪ ﺻ ﺤﯿﺢ‪.‬‬
‫ﺨﺒُﺚ‪ :‬أي ذُﻛْﺮان اﻟﺠﻦ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ اﻟﺨﺒﺎﺋ ﺚ‪ :‬أي إﻧ ﺎﺛُﮭﻢ‪ .‬وإذا ﺧ ﺮج اﻟ ﺸﺨﺺ ﻗ ﺪﱠم اﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‬‫ﻗﻮﻟﮫ اﻟ ُ‬
‫ﻏﻔْﺮاﻧَ ﻚ[ ﻟﻤ ﺎ روى ﯾﻮﺳ ﻒ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑُ ﺮدة ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ أﺑ ﻲ ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬ ‫إﻛﺮاﻣًﺎ ﻟﮭﺎ وأﺧﱠﺮ اﻟﯿﺴﺮى وﻗﺎل ] ُ‬
‫دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﺴﻤﻌﺘﮭﺎ ﺗﻘ ﻮل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺧ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻏُﻔﺮا َﻧ ﻚ« رواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬ ‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -2‬اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮاﺣﯿﺾ واﻟﺤﻤﱠﺎﻣ ﺎت أن ﯾﻜ ﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎء ‪ ،‬أو أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﻤ ﺎء ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻨﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﺐ أن ﯾﺴﺘﻨﺠﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻷﻧﮫ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻹﻧﻘﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن اﺳﺘﺠﻤﺮ ﺑﺎﻷﺣﺠ ﺎر ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ ﺟ ﺎز ﻟ ﮫ‬ ‫واﻟﻤﺴﺘﺤ ﱡ‬
‫ن ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻷﺣﺠﺎر واﻟﻤﺎء ﺟﺎز ﻟﮫ ذﻟﻚ أﯾﻀًﺎ‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ورد ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﺮان‪.‬‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬وإ ْ‬

‫ﺤﻤﱢﮫ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﺬي ﯾ ﺴﺘﺤﻢ ﻓﯿ ﮫ ﻋ ﺎدة‪ ،‬ﻷن اﻟﺒ ﻮل رﺑﻤ ﺎ ﺑﻘ ﻲ‬ ‫ﺴ َﺘ َ‬

‫‪ -3‬ﯾﻜﺮه ﻟﮫ أن ﯾﺒﻮل ﻓﻲ ُﻣ ْ‬
‫ش ﻓﺘ ﻨﺠﱠﺲ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻧﮭ ﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺤﻤﱠﺎم‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﺳ ﺘﺤ ﱠﻢ ﻓﯿ ﮫ أﺻ ﺎﺑﮫ ﻣﻨ ﮫ رﺷ ﺎ ٌ‬
‫ن‬
‫ﺤﻤﱢﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬ ‫واﻟﺴﻼم ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﻐﻔﱠﻞ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﯾﺒ ﻮ َﻟ ﱠ‬
‫ﻦ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓ ﻲ ُﻣ ﺴ َﺘ َ‬
‫ﻋﺎ ﱠﻣ ﺔ اﻟﻮﺳ ﻮاس ﻣﻨ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وھ ﺬا إن ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ‬
‫ﺤ ﱢﻢ ﺑﺎﻟﻮﻋ ٌﺔ أو ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أرﺿﮫ ﻟﯿﱢﻨﺔ ﺗﺸﺮب اﻟﺒﻮل ﻓﺈن ﻛﺎن ھﺬا أو ذاك ﻓﻼ ﻛﺮاھﺔ‪.‬‬ ‫ﺴ َﺘ َ‬
‫ﻟﻠ ُﻤ ْ‬

‫‪ -4‬ﯾﺠﻮز اﻟﺘﺒﻮل ﻓﻲ اﻷواﻧﻲ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﺧﺎﺻﺔً ﻟﻤ ﻦ ﺑ ﮫ ﻣ ﺮض‪ ،‬ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي روﺗ ﮫ أُﻣﯿﻤ ﺔ ﺑﻨ ﺖ‬
‫ن ﺗﺤﺖ ﺳﺮﯾﺮه ﯾﺒﻮل ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺑ ﻮ داود‬ ‫ُر َﻗﯿْﻘﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن ﻟﻠﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺪح ﻣﻦ َ‬
‫ﻋﯿْﺪا ٍ‬
‫واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ َﻌ ْﯿ ﺪان ‪ :‬أي ﺧ ﺸﺐ اﻟﻨﺨ ﻞ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ﺖ ﻧﻔ ﺴُﮫ وﻣ ﺎ أﺷ ﻌﺮ‪،‬‬ ‫ﺨ َﻨ َﺜ ْ‬ ‫»ﯾﻘﻮﻟﻮن‪ :‬إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أوﺻﻰ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﻟﻘﺪ دﻋﺎ ﺑﺎﻟ ﱠ‬
‫ﻄﺴْﺖ ﻟﯿﺒ ﻮل ﻓﯿﮭ ﺎ ﻓﺎ ْﻧ َ‬
‫ﻓﺈﻟﻰ ﻣَﻦ أوﺻﻰ؟« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻷﺳﻮد ﺑﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻗ ﺎل‬
‫ﺴ ِﻨ َﺪﺗَﮫ إﻟ ﻰ ﺻ ﺪري‪،‬‬
‫»ذﻛﺮوا ﻋﻨﺪ ﻋﺎﺋﺸﺔ أن ﻋﻠﯿﺎً ﻛﺎن وﺻ ﱠﯿ ًﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻣﺘﻰ َأ ْوﺻَﻰ إﻟﯿﮫ؟ ﻓﻘﺪ ﻛﻨ ﺖ ُﻣ ْ‬
‫ﺣﺠْﺮي وﻣﺎ ﺷﻌﺮت أﻧﮫ ﻣﺎت‪ ،‬ﻓﻤﺘﻰ َأ ْوﺻَﻰ إﻟﯿ ﮫ‬ ‫ﺚ ﻓﻲ َ‬ ‫ﺣﺠْﺮي‪ ،‬ﻓﺪﻋﺎ ﺑﺎﻟﻄﱠﺴﺖ‪ ،‬ﻓﻠﻘﺪ اﻧﺨﻨ َ‬
‫أو ﻗﺎﻟﺖ‪َ :‬‬
‫؟«‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -5‬ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ اﻟﺒﻮل ﺟﺎﻟﺴًﺎ وﻗﺎﺋﻤ ًﺎ أﯾﱠﮭﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺟﺎز وﻟﻜﻦ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻷرض اﻟﺘ ﻲ ﯾﺒ ﻮل ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺻﻠﺒﺔ‪ ،‬وﺧﺸﻲ ﻣﻦ رﺷﺎش اﻟﺒﻮل ﺑﺎل ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوى ﻋﻨ ﮫ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﺑ ﺎل واﻗﻔ ﺎً ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن رﺧ ﻮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫أﺑﻲ واﺋﻞ ﻗﺎل »ﻛﺎن أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﯾُﺸﺪﱢد ﻓﻲ اﻟﺒﻮل وﯾﺒﻮل ﻓﻲ ﻗﺎرورة وﯾﻘ ﻮل‪ :‬إن ﺑﻨ ﻲ إﺳ ﺮاﺋﯿﻞ ﻛ ﺎن‬
‫ت أن ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ ﻻ ُﯾ ﺸﺪد ھ ﺬا‬ ‫إذا أﺻﺎب ﺟِﻠ َﺪ أﺣ ﺪھﻢ ﺑ ﻮ ٌل ﻗﺮﺿ ﮫ ﺑﺎﻟﻤﻘ ﺎرﯾﺾ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﺣﺬﯾﻔ ﺔ‪َ :‬ﻟ َﻮ ِد ْد ُ‬
‫ﺳ ﺒﺎﻃ ًﺔ ﺧﻠ ﻒ ﺣ ﺎﺋﻂ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮم‬ ‫اﻟ ﱠﺘ ﺸﺪﯾﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻘ ﺪ رأﯾﺘُﻨ ﻲ أﻧ ﺎ ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﺘﻤﺎﺷ ﻰ‪ ،‬ﻓ ﺄﺗﻰ ُ‬
‫ﻋ ِﻘﺒِﮫ ﺣﺘﻰ ﻓ ﺮغ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‬ ‫أﺣﺪﻛﻢ‪ ،‬ﻓﺒﺎل ﻓﺎﻧﺘﺒﺬت ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻲﱠ ‪ ،‬ﻓﺠﺌﺖ ﻓﻘﻤﺖ ﻋﻨﺪ َ‬
‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺳُﺒﺎﻃﺔ ‪ :‬أي ﻛُﻨﺎﺳﺔ وﻣﺰﺑﻠﺔ‪ .‬ورُوي أﻧﮫ ‪ r‬ﺑﺎل ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ َ‬
‫ﺣﺴَﻨﺔ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺧﺮج ﻋﻠﯿﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻓﻲ ﯾﺪه ﻛﮭﯿﺌﺔ اﻟ ﱠﺪرَﻗﺔ ﻓﻮﺿﻌﮭﺎ ﺛﻢ ﺟﻠﺲ ﺧﻠﻔﮭﺎ ﻓﺒﺎل إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻘﻮم‪ :‬اﻧﻈﺮوا ﯾﺒﻮل ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻮل اﻟﻤﺮأة ‪ «...‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ ﱠﺪرَﻗﺔ‪ :‬أي اﻟﺘﱡﺮس إذا ﻛ ﺎن‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﺒ ﻮل اﻟﺮﺟ ﻞ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﮭﻮ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪًا ‪ ،‬ﻓﻲ ﺳﻨﺪه ﻋﺪي ﺑﻦ اﻟﻔﻀﻞ وھﻮ ﻣﺘﺮوك ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﻌﯿﻔﮫ‪ .‬وأﻣﺎ ﻣﺎ‬
‫رُوي أن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻣَﻦ ﺣﺪﱠﺛﻜﻢ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎل ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﻼ ﺗُﺼﺪﱢﻗﻮه‪ ،‬ﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﯾﺒ ﻮل إﻻ ﺟﺎﻟ ﺴﺎً« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﻮى ﻋﻠ ﻰ ﻣﻌﺎرﺿ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺷﺮِﯾﻚ‪ ،‬وﺷﺮﯾﻚ ﺻﺪوق ﯾﺨﻄ ﻲء ﻛﺜﯿ ﺮًا‬ ‫ﺣﺬﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻷن ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺬﯾﻔﺔ أﺻﺢ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ َ‬
‫‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﻋﻠﻤﮭﺎ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھﻲ ﺗﺤﺪﱠﺛﺖ ﻋﻦ ﺑﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﺟﺎﻟ ﺴﺎً وﻟ ﻢ ﺗ ﺮه ﯾﺒ ﻮل واﻗﻔ ﺎً‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟﺮﺟ ﻞ ﯾﺒ ﻮل ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻜﻨﯿ ﻒ‪ ،‬وﯾﺒ ُﻌ ﺪ ﺟ ﺪًا أن‬
‫ﯾﺒﻮل ﻓﯿﮫ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻟﺼﻼﺑﺔ أرﺿﮫ ﻋﺎدة‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾﺒ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟﻜﻨﯿ ﻒ إﻻ‬
‫ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ ورأﺗ ﮫ وﺗﺤ ﺪﺛﺖ ﻋﻨ ﮫ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻨﻔ ﻲ ﺑﻮَﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻌﺮاء واﻗﻔًﺎ ﻟﺮﺧﺎوة اﻷرض ھﻨﺎك‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﺗﻌﺎرض ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )ﻟ ﻢ ﯾﺜﺒ ﺖ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻮل ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﺷﻲء(‪.‬‬
‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن اﻟﺒﻮل ﻗﺎﺋﻤﺎً ﯾﺠ ﻮز ﻛﺠ ﻮاز اﻟﺒ ﻮل ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬وﯾﺘﺤ ﺮﱠى ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺎﻟﺘﯿﻦ أﻻ ﯾ ﺼﯿﺒﮫ‬
‫رَﺷﺎش اﻟﺒﻮل‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺨﺎﻣـﺲ‬
‫ﺳُ َﻨﻦُ اﻟﻔِﻄﺮة‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪ ،‬أي‬ ‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻔﻈﺔ اﻟﻔِﻄْﺮة‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﺨﻄﱠﺎﺑﻲ‪ :‬ذھﺐ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟ ﻰ أﻧﮭ ﺎ اﻟ ﱡ‬
‫ﺳﻨﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة واﻟﺰﱡھﺮي وأﺣﻤﺪ‪ :‬ھﻲ اﻹﺳ ﻼم‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﱢﺮ‪ :‬وھ ﻮ اﻟﻤﻌ ﺮوف‬
‫ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻣﱠﺔ اﻟﺴﻠﻒ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ :‬ھﻲ اﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻋﺰاه إﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء‪ .‬وﺟ ﺰم ﺑ ﮫ أﺑ ﻮ ﻧُﻌ ﯿﻢ ‪.‬‬
‫ﷲ اﻟﺘ ﻲ‬‫ﻄ َﺮ َة ا ِ‬
‫ﺣ ِﻨﯿْﻔ ًﺎ ِﻓ ْ‬
‫ﻦ َ‬ ‫ﻚ ﻟﻠ ﺪﱢ ْﯾ ِ‬ ‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل اﻟﻔﺮﯾﻘﺎن ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ اﺳﺘﺪﻻ ﺑﮫ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﻓ َﺄ ِﻗ ْﻢ َو ْ‬
‫ﺟ َﮭ َ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 30‬ﻣ ﻦ‬ ‫س ﻻ َﯾ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬ ‫ﻚ اﻟﺪﱢ ْﯾﻦُ اﻟ َﻘﯿﱢﻢُ وﻟ ِﻜﻦﱠ َأ ْﻛ َﺜ َﺮ اﻟﻨﱠ ﺎ ِ‬
‫ﷲ َذ ِﻟ َ‬
‫ﻖا ِ‬
‫ﺨ ْﻠ ِ‬
‫ﻋ َﻠﯿْﮭﺎ ﻻ َﺗ ْﺒ ِﺪ ْﯾ َﻞ ِﻟ َ‬
‫س َ‬
‫ﻄ َﺮ اﻟﻨﱠﺎ َ‬
‫َﻓ َ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﺮوم‪ .‬وﺑﻤﺎ روى ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﯿﺎض ﺑﻦ ﺣﻤﺎر اﻟﻤُﺠﺎﺷِﻌﻲ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ذات ﯾ ﻮم ﻓ ﻲ‬
‫ن رﺑ ﻲ أﻣﺮﻧ ﻲ أن أُﻋﻠﱢﻤﻜ ﻢ ﻣ ﺎ ﺟﮭﻠ ﺘﻢ ﻣﻤ ﺎ ﻋﻠﱠﻤﻨ ﻲ ﯾ ﻮﻣﻲ ھ ﺬا‪ ،‬ﻛ ﻞ ﻣ ﺎل ﻧَﺤﻠ ُﺘ ﮫ ﻋﺒ ﺪاً‬ ‫ﺧُﻄﺒﺘ ﮫ »أﻻ إ ﱠ‬
‫ﺖ ﻋﺒﺎدي ﺣُﻨﻔﺎء ﻛﻠﱠﮭﻢ‪ ،‬وإﻧﮭﻢ أﺗﺘﮭﻢ اﻟ ﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ﻓﺎﺟﺘ ﺎﻟﺘﮭﻢ ﻋ ﻦ دﯾ ﻨﮭﻢ ‪ .«...‬وذﻛ ﺮ‬ ‫ﺣﻼل‪ ،‬وإﻧﻲ ﺧﻠﻘ ُ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻄﯿﱠﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه أن ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن اﻟﻔﻄﺮة ھﻲ اﻟﻤﻠﱠﺔ‪ ،‬دون أن ﯾُﺴﻤﱢﯿﮭﻢ‪ ،‬وﯾﻈﮭ ﺮ‬
‫أﻧﮭﻢ اﺳﺘﺪﻟﱡﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﻤﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻣﻮﻟ ﻮد ﯾﻮﻟ ﺪ‬

‫‪89‬‬
‫إﻻ وھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﱠﺔ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﮫ »إﻻ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻤﻠﱠﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺒ ﯿﻦ ﻋﻨ ﮫ ﻟ ﺴﺎﻧُﮫ«‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ‬
‫ت واﻷرضِ[ أي اﻟﻤﺒﺘ ﺪيء‬ ‫ﺷﺎﻣﺔ‪ :‬أﺻﻞ اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺨِﻠﻘﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪأة‪ ،‬وﻣﻨﮫ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ ]ﻓ ﺎ ِ‬
‫ﻃﺮَ اﻟ ﺴﻤﻮا ِ‬
‫ﺧﻠﻘﮭﻦ‪.‬‬

‫واﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﻗﻮال ﯾﺠﺪ أﻧﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﻠﻘﺔ اﻟﻤﺒﺘﺪأة ھﻲ أﺻ ﻞ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ ،‬واﻟ ﺴﱡﻨﺔ‬
‫واﻟﺪﯾﻦ واﻹﺳﻼم واﻟﻤﻠﱠﺔ ھﻲ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣﻦ ھ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻛﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫»ﻛ ﻞ ﻣﻮﻟ ﻮد ﯾﻮﻟ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔﻄ ﺮة ‪ «...‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻠﻢ »ﻋ ﺸْﺮٌ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ «...‬ذﻟ ﻚ أنﱠ‬
‫ﺖ إن‬‫ﺖ ﻗﻠ َ‬‫ﺧ ْﻠ ِﻘ ِﮫ‪ ،‬وإن ﺷ ﺌ َ‬
‫اﻟ ﺴﱡﻨﺔ واﻟ ﺪﯾﻦ واﻹﺳ ﻼم واﻟﻤﻠ ﺔ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت ﻣﺘﻮاﻓﻘ ﺔ ﻣ ﻊ ﻓﻄ ﺮة اﻹﻧ ﺴﺎن و َ‬
‫ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻹﯾﻤﺎن اﻟﻔﻄﺮي‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺴﱡﻨﻦ ﻓﺎﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ اﺗﻔﻘﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﻛﻠﮭﺎ‪ .‬وھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﻦ ﻛﺜﯿ ﺮة‬
‫ﻧﺼﱠﺖ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻋﻠﻰ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﺳُﻨﺔ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺺ اﻷﻇﻔ ﺎر‪،‬‬
‫ق اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻗ ﱡ‬ ‫ﺺ اﻟﺸﺎرب‪ ،‬وإﻋﻔﺎ ُء اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬واﻟﺴﻮاكُ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺸﺎ ُ‬ ‫»ﻋﺸﺮٌ ﻣﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪ :‬ﻗ ﱡ‬
‫وﻏﺴﻞُ اﻟﺒﺮاﺟﻢ‪ ،‬وﻧﺘﻒُ اﻹﺑﻂ‪ ،‬وﺣﻠﻖُ اﻟﻌﺎﻧﺔ‪ ،‬واﻧﺘﻘﺎصُ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻗﺎل زﻛﺮﯾﺎء‪ :‬ﻗ ﺎل ﻣ ﺼﻌﺐ‪ :‬وﻧ ﺴﯿﺖ‬
‫اﻟﻌﺎﺷﺮة إﻻ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺒﺮاﺟﻢ‬
‫ﻋﻘَﺪ اﻷﺻﺎﺑﻊ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻟﻔِﻄ ﺮة ﺧﻤ ٌ‬
‫ﺲ‪:‬‬ ‫‪ :‬أي ُ‬
‫ﻒ اﻹﺑ ﻂ«رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬ ‫ﺺ اﻟ ﺸﺎرب وﺗﻘﻠ ﯿ ُﻢ اﻷﻇﻔ ﺎر وﻧﺘ ُ‬
‫اﻻﺧﺘﺘﺎن واﻻﺳﺘﺤﺪاد وﻗ ﱡ‬
‫ﻗﻮﻟﮫ اﻻﺳﺘﺤﺪاد‪ :‬أي ﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ‪.‬‬

‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ أن ﺑﺤﺜﻨ ﺎ اﻻﺳ ﺘﻨﺠﺎء‪ ،‬وﺳ ﻨﺒﺤﺚ‬

‫وھﺬه اﻟﺴﻨﻦ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﻠﻐﺖ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ُ‬
‫ن ھ ﻲ‪ :‬اﻟ ﺴﻮاك وﻗ ﺺ اﻟ ﺸﺎرب‬ ‫ﺑﺈذن اﷲ اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق واﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻟﻮﺿﻮ‪ ،‬ﻓﯿﺘﺒﻘﻰ ﻣﻨﮭﺎ ﺛﻤﺎ ٍ‬
‫وإﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ وﻧﺘﻒ اﻹﺑﻂ وﻗﺺﱡ اﻷﻇﻔﺎر وﻏﺴﻞ اﻟﺒﺮاﺟﻢ وﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ واﻟﺨﺘﺎن‪ .‬وﻧﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺴﻮاك‪.‬‬

‫اﻟﺴـــــﻮاك‬
‫اﻟ ﺴﱢﻮاك ‪ -‬ﺑﻜ ﺴﺮ اﻟ ﺴﯿﻦ ‪ -‬ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔﻌ ﻞ‪ ،‬وﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌ ﻮد أو اﻟ ﺸﻲء اﻟ ﺬي ﯾُﺘ ﺴﻮﱠك ﺑ ﮫ‬
‫ك ﻛ ُﻜُﺘ ﺐ‪ ،‬ھ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻠﻐ ﺔ‪ .‬وﻻ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ‬
‫ﺳ ﻮُ ٌ‬
‫ﻓﯿﻘﺎل ﺳﺎك ﻓﻤﮫ ﯾﺴُﻮﻛُﮫ ﺳَﻮْﻛًﺎ إذا ﻧﻈﱠﻔﮫ ﺑﺎﻟﺴﻮاك ‪ ،‬واﻟﺠﻤﻊ ُ‬
‫ﺗﻌﺮﯾﻔ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻠﻐ ﺔ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ اﺻ ﻄﻼح اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻋﺮﻓ ﻮه ﺑﺄﻧ ﮫ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل ﻋ ﻮد وﻧﺤ ﻮه ﻓ ﻲ اﻷﺳ ﻨﺎن‬
‫ﺻ ﻔﺮة‪ .‬وﻗ ﺪ وردت ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻮاك اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬ ‫ﻹزاﻟﺔ ﻣﺎ ﯾﻌﻠﻖ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻼت اﻟﻄﻌﺎم‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻌﻠﻮھﺎ ﻣﻦ ُ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟ ﺴﱢﻮاك َﻣﻄْﮭ ﺮ ٌة ﻟﻠﻔ ﻢ ﻣﺮﺿ ﺎةٌ ﻟﻠ ﱠﺮبﱢ« رواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤﮫ اﻟﻨﻮوي‪.‬‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻟ ﻮﻻ أن أﺷ ﱠ‬

‫ﻖ ﻋﻠ ﻰ أﻣﺘ ﻲ ﻷﻣ ﺮﺗﮭﻢ ﺑﺎﻟ ﺴﻮاك ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ »‪...‬ﻷﻣ ﺮﺗﮭﻢ‬
‫ﺻﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻮاك ﻣﻊ اﻟﻮﺿﻮء«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠﺒﯿﮭﻘﻲ »‪ ...‬ﻷﻣﺮﺗﮭﻢ ﺑﺎﻟﺴﻮاك ﻣﻊ ﻛﻞ وﺿﻮء«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﻟ ِﻤﻘْﺪام ﺑﻦ ﺷﺮﯾﺢ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﺄي ﺷﻲء ﻛ ﺎن ﯾﺒ ﺪأ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا‬
‫دﺧﻞ ﺑﯿﺘﮫ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﺑﺎﻟﺴﱢﻮاك« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ص ﻓ ﺎ ُه ﺑﺎﻟ ﺴﻮاك« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬ ‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻗ ﺎم ﻟﯿﺘﮭ ﱠ‬
‫ﺠ ﺪ ﯾ ﺸُﻮ ُ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »‪ ...‬ﻓﻘ ﺎل اﺋﺘﻨ ﻲ ﺑﻜ ﻮز ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓﻐ ﺴﻞ ﻛ ﱠﻔﯿ ﮫ‬

‫ووﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﺗﻤﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ ،‬ﻓﺄدﺧﻞ ﺑﻌﺾ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓﻲ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ ذراﻋﯿ ﮫ‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻣﺴﺢ رأﺳﮫ واﺣﺪة ‪ ...‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬أﯾﻦ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻋﻦ وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻛﺬا ﻛ ﺎن وﺿ ﻮء ﻧﺒ ﻲ‬
‫اﷲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ وﺣﺴﱠﻨﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ رﺑﯿﻌﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل » رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺎ ﻻ أ ُ‬

‫ﻋ ﱡﺪ وﻣ ﺎ ﻻ أُﺣ ﺼﻲ‬
‫ﯾﺴﺘﺎك وھﻮ ﺻﺎﺋﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ ھﻮ واﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﺷ ﮭﺪ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬

‫ﻦ ‪ ،‬وأن ﯾ َﻤﺲﱠ ﻃﯿﺒ ًﺎ إن وﺟﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬
‫واﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺤﺘﻠﻢ‪ ،‬وأن ﯾَﺴﺘ ﱠ‬

‫ووردت أﺣﺎدﯾﺚ أﺧﺮى‪ ،‬إﻻ أﻧﻨﺎ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻷن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻐُﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟ ﺴﻮاك‪ ،‬وﺗﺤ ﺚﱡ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺗﻨ ﺪب إﻟﯿ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﻋ ﺪﱠه اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻦ‬
‫ع ﻣَﻦ ﯾُﻌﺘ ﱡﺪ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻹﺟﻤﺎع( وﺗﺸﺪﱠد داود وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ راھُﻮﯾ ﮫ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻟﺴﱡﻨﻦ اﻟﻤﺆﻛﱠﺪة‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻨﻮوي )ﺑﺈﺟﻤﺎ ِ‬
‫اﻟﺴﻮاك‪ ،‬ﻓﺮُوي ﻋﻦ داود أﻧﮫ ﻗﺎل ﺑﻮﺟﻮﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺼﻼة ﻻ ﺗﺒﻄﻞ ﺑﺘﺮﻛ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺎل إﺳ ﺤﻖ‬
‫ﺑﻦ راھُﻮﯾﮫ إﻧﮫ واﺟﺐ ﺗﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة ﺑﺘﺮﻛﮫ ﻋﻤﺪًا‪.‬‬

‫واﻟﺴﻮاك ﻣﺴﻨﻮن ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ ﻟﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬وﻟﻘﺪ أﺣ ﺴﻦ اﻟﻨ ﻮوي ﻓ ﻲ ﺑﺤﺜ ﮫ ﻟﮭ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع‬
‫ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )اﻟ ﺴﻮاك ﻣ ﺴﺘﺤﺐﱞ ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷوﻗ ﺎت‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻓ ﻲ ﺧﻤ ﺴﺔ أوﻗ ﺎت أﺷ ﺪ اﺳ ﺘﺤﺒﺎﺑًﺎ‪ :‬أﺣ ﺪھﺎ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﺘﻄﮭﱢﺮاً ﺑﻤﺎء أو ﺗﺮاب أو ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻄﮭﱢﺮ‪ ،‬ﻛﻤﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ ﻣ ﺎء وﻻ ﺗﺮاﺑ ﺎً‪ ،‬اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﻋﻨ ﺪ ﺗﻐﱡﯿ ﺮ اﻟﻔ ﻢ‪،‬‬
‫وﺗﻐﱡﯿ ﺮه ﯾﻜ ﻮن ﺑﺄﺷ ﯿﺎء ﻣﻨﮭ ﺎ ﺗ ﺮك اﻷﻛ ﻞ واﻟ ﺸﺮب‪ ،‬وﻣﻨﮭ ﺎ أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻟ ﮫ راﺋﺤ ﺔ ﻛﺮﯾﮭ ﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮭ ﺎ ﻃ ﻮل‬
‫اﻟﺴﻜﻮت‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻛﺜﺮة اﻟﻜﻼم(‪.‬‬

‫أﻣﺎ أن اﻟﺴﻮاك ﻣﻨﺪوب وﻟ ﯿﺲ ﻓﺮﺿ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﻸن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻘ ﻮل »ﻣﺮﺿ ﺎة ﻟﻠ ﺮب« وﻻ ﺗﻜ ﻮن‬
‫ﻣﺮﺿﺎة اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﯿ ﺎم ﺑﻮاﺟ ﺐ أو ﺑﻤﻨ ﺪوب‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﻰ أﻣﺘ ﻲ« ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮف اﻷﻣ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺪب‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﯾُﺤﻤ ﻞ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »ﻟ ﻮﻻ أن أﺷ ﱠ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ إﻓﺎدة اﻟﻨﺪب‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺴﻮك ﻻ ﯾﺠﺐ ﻟﮫ ﻋ ﻮد اﻷراك وﻻ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﻓﺮﺷﺎة ﺑﻞ ﯾﻜﻔﻲ ﻓﯿﮫ إﻣﺮار اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻨﺎن »ﻓﺄدﺧﻞ ﺑﻌﺾ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓ ﻲ ﻓﯿ ﮫ« وروى أﻧ ﺲ أن‬
‫ﺠﺰِيء ﻣﻦ اﻟﺴﻮاك اﻷﺻﺎﺑﻊ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻣﻦ ﻋ ﺪة ﻃ ﺮق ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻋ ﺪي‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل » ُﺗ ْ‬
‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ‪ .‬وﻗﺎل ﻓﯿﮫ اﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ ) ﻻ أرى ﺑ ﺴﻨﺪه ﺑﺄﺳ ﺎً( ﻓ ﺈذا ﻛﺎﻧ ﺖ اﻷﺻ ﺎﺑﻊ ﺗﻜﻔ ﻲ ﻟﻨﯿ ﻞ اﻟﺜ ﻮاب‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﻣﺎ ھﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ ﻛﺎﻟﻔﺮﺷﺎة أو وﺿﻊ ﻣﻌﺎﺟﯿﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻟﺪﻟﻚ اﻷﺳ ﻨﺎن‬
‫ﺑﮭﺎ ھﻮ أوﻟﻰ وأﺣﻖ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ھﻲ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وھﻲ ﺑﺎﻟﻌﻮد أو ﺑﻔﺮﺷﺎة اﻷﺳﻨﺎن ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﺸﻜﻞ أﻓ ﻀﻞ‬
‫ﻄﱢﺒﯿﱠ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺗﻮﺻ ﻞ إﻟﯿﮭ ﺎ اﻟﻄ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﻟ ﯿﺲ ﻋﻤﻠﻨ ﺎ‪،‬‬
‫‪ .‬وﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﯾﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻓﻮاﺋ ﺪ اﻟﻤ ﺴﻮاك اﻟ ﱢ‬
‫وﯾﻤﻜﻦ ﺗﺼﻨﯿﻔﮫ ﻓﻲ ﺑﺎب دﻻﺋﻞ اﻟﻨﺒﻮﱠة‪.‬‬

‫واﻟﺴﻮاك ﻣﺴﻨﻮن ﻓﻲ اﻟﻠﯿ ﻞ واﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻹﻓﻄ ﺎر واﻟ ﺼﻮم ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻮاء‪ ،‬وإن ﻣ ﺎ ذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ وإﺳﺤﻖ وأﺑﻮ ﺛﻮر وﻧُﺴﺐ إﻟـ ـﻰ ﻋﻄـ ـﺎء وﻣﺠﺎھــ ـﺪ‪ ،‬ﻣـ ـﻦ ﻛﺮاھﯿـ ـﺔ اﻟ ﺴﻮاك ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﺰوال ﻟﻠﺼﺎﺋﻢ ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺤﺪﯾﺚ رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬واﻟﺬي ﻧﻔﺴﻲ ﺑﯿ ﺪه‬

‫‪91‬‬
‫َﻟﺨُﻠﻮفُ ﻓﻢ اﻟﺼﺎﺋﻢ أﻃﯿﺐ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ رﯾﺢ اﻟﻤﺴﻚ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ھ ﻮ رأي ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻲ ﻓﯿ ﮫ ﺣﺘ ﻰ أﺗﺒﺎﻋ ﮫ‪ ،‬أذﻛ ﺮ ﻣ ﻨﮭﻢ أﺑ ﺎ ﺷ ﺎﻣﺔ واﻟﻌِ ﱠﺰ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺴﻼم واﻟﻨ ﻮوي‬
‫ﺻ ﺤﯿﺢ ﺧ ﺎﻟﻒ اﻟ ﺸﺎﻓﻌ ﱠ‬
‫واﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ واﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫ﻗ ﺎل اﻟﻌِ ﺰﱡ‪ :‬وﻗ ﺪ ﻓ ﻀﱠﻞ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺤ ﱡﻤ ﻞ اﻟ ﺼﺎﺋﻢ ﻣ ﺸﻘﺔ راﺋﺤ ﺔ اﻟﺨُﻠ ﻮف ﻋﻠ ﻰ إزاﻟﺘ ﮫ ﺑﺎﻟ ﺴﻮاك‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﻠ ﺰم ﻣ ﻦ ذﻛ ﺮ ﺛ ﻮاب‬ ‫ﻣﺴﺘﺪﻻً ﺑﺄن ﺛﻮاﺑﮫ أﻃﯿﺐ ﻣﻦ رﯾﺢ اﻟﻤﺴﻚ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻮاﻓَﻖ اﻟﺸﺎﻓﻌ ﱡ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ أن ﯾﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ذﻛ ﺮ اﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ ﺣ ﺼﻮل اﻟﺮﱡﺟﺤ ﺎن ﺑﺎﻷﻓ ﻀﻠﯿﺔ‪ ،‬أﻻ‬
‫ﺗ ﺮى أن اﻟ ﻮِﺗﺮ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﺠﺪﯾ ﺪ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻣ ﻊ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟ ﺴﻼم »رﻛﻌﺘ ﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ وﻣ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ« وﻛ ﻢ ﻣ ﻦ ﻋﺒ ﺎدة ﻗ ﺪ أﺛﻨ ﻰ اﻟ ﺸﺎرع ﻋﻠﯿﮭ ﺎ وذﻛ ﺮ‬
‫ﻞ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻦ ﺑﺎب ﺗﺰاﺣﻢ اﻟﻤﺼﻠﺤﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘﯿﻦ ﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬ ‫ﻓﻀﯿﻠﺘﮭﺎ وﻏﯿﺮُھﺎ أﻓﻀ ُ‬
‫ب ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻷن ﻣﺨﺎﻃﺒ ﺔ اﻟﻌﻈﻤ ﺎء ﻣ ﻊ ﻃﮭ ﺎرة اﻷﻓ ﻮاه‬ ‫اﻟﺴﻮاك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ اﻟﻤﺸﺮوع ﻷﺟﻞ اﻟ ﱠﺮ ﱢ‬
‫ﺗﻌﻈﯿﻢ ﻻ ﺷ ﻚ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻷﺟﻠ ﮫ ﺷُ ﺮع اﻟ ﺴﻮاك‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺨُﻠُ ﻮف ﺗﻌﻈ ﯿﻢ وﻻ إﺟ ﻼل ﻓﻜﯿ ﻒ ﯾﻘ ﺎل إن‬
‫ﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﺨُﻠُﻮف ﺗﺮﺑﻮ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻈﯿﻢ ذي اﻟﺠﻼل ﺑﺘﻄﯿﯿﺐ اﻷﻓﻮاه؟ ‪ .‬وﺧﻠ ﺺ اﻟﻌ ﺰﱡ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ‪ :‬واﻟ ﺬي‬
‫ذﻛﺮه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺗﺨ ﺼﯿﺺٌ ﻟﻠﻌ ﺎم ﺑﻤﺠ ﺮد اﻻﺳ ﺘﺪﻻل اﻟﻤ ﺬﻛﻮر اﻟﻤﻌ ﺎرَض ﺑﻤ ﺎ ذﻛﺮﻧ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫ﺧﻠُﻮف ﻓﻢ اﻟﺼﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ اﻻﺳﺘﯿﺎك ﺑﻌﺪ اﻟﺰوال‬ ‫اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ )اﺳﺘﺪﻻل أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺑﺤﺪﯾﺚ ُ‬
‫ﻟﻤﻦ ﯾﻜﻮن ﺻﺎﺋﻤًﺎ ﻓﯿﮫ ﻧﻈﺮ(‪.‬‬

‫ﺨُﻠ ﻮف‬
‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﺳﺘﺪﻻل ھﺆﻻء ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھ ﺔ اﻻﺳ ﺘﯿﺎك ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺰوال ﻟﻠ ﺼﺎﺋﻢ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ُ‬
‫ھﻮ اﺳﺘﺪﻻل ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﺨﺼﯿﺺ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺤﺎﺛﱠﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻟﺴﻮاك ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤ ﻮم ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺼ ﺼًﺎ‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ذھ ﺐ‬ ‫ﺨﻠُﻮف ھﻮ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻐﺎﯾﺮ ﻟﻤﻮﺿ ﻮع أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻻﺳ ﺘﯿﺎك‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻣﺨ ﱢ‬ ‫اﻟ ُ‬
‫إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم ﻛﺮاھ ﺔ اﻻﺳ ﺘﯿﺎك ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺰوال إﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ واﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ وﻋ ﺮوة وﻣﺎﻟ ﻚ ﺑ ﻦ أﻧ ﺲ‬
‫وأﺻﺤﺎب اﻟﺮأي‪ ،‬ورُوي ﻋﻦ ﻋﻤﺮ واﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ‪.‬‬

‫ﻗﺺﱡ اﻟﺸﱠـﺎرب‬
‫وردت ﻓﻲ ﻗﺺ اﻟﺸﱠﺎرب اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺧ ﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ‪َ ،‬و ﱢﻓ ﺮوا اﻟﻠﺤ ﻰ وأَﺣﻔُ ﻮا اﻟ ﺸﱠﻮارب«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬أَﺣﻔﻮا اﻟﺸﻮارب وأَوﻓُﻮا اﻟﻠﺤﻰ«‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ أرﻗ ﻢ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » َﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ ﻣ ﻦ ﺷ ﺎرﺑﮫ ﻓﻠ ﯿﺲ ﻣﻨ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬

‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل ‪ :‬ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ُ » r‬‬

‫ﺟﺰﱡوا اﻟ ﺸﱠﻮارب وَأرْﺧ ﻮا اﻟﻠﺤ ﻰ‪،‬‬
‫ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺠﻮس« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »وُﻗﱢ ﺖَ ﻟﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﻗ ﺺﱢ اﻟ ﺸﱠﺎرب وﺗﻘﻠ ﯿﻢ اﻷﻇﻔ ﺎر وﻧﺘ ﻒ اﻹﺑ ﻂ‬

‫وﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ أن ﻻ ﻧﺘﺮك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺧ ﺬوا اﻟ ﺸﱠﻮارب‪،‬‬ ‫‪ -5‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »َأ ْ‬

‫ﻋ ُﻔ ﻮا اﻟﻠﺤ ﻰ‪ ،‬و ُ‬
‫وﻏﯿﱢﺮوا ﺷﯿﺒﻜﻢ وﻻ ﺗﺸﺒﱠﮭﻮا ﺑﺎﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼﺎرى« رواه أﺣﻤﺪ وﺳﻨﺪه ﺣﺴﻦ‪.‬‬

‫‪92‬‬
 ‫وﻗ ﺪ ذھ ﺐ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ أﻟﻔ ﺎظ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ھ ﺬه ودﻻﻻﺗﮭ ﺎ ﻣ ﺬاھﺐ ﺷ ﺘﻰ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي‬
‫)اﻟﻤﺨﺘﺎر أﻧﮫ ﯾﻘُﺺ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺪو ﻃﺮف اﻟﺸﱠﻔﺔ وﻻ ﯾُﺤﻔﯿﮫ ﻣﻦ أﺻﻠﮫ( وﻓ ﺴﱠﺮ رواﯾ ﺔ »أَﺣﻔُ ﻮا اﻟ ﺸﻮارب«‬
‫ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ أَﺣﻔُﻮا ﻣﺎ ﻃﺎل ﻋﻦ اﻟﺸﱠﻔﺘﯿﻦ‪ .‬وﺗﻌﻘﱠﺒﮫ اﻟﺸﱠﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻘﺎل )اﻹﺣﻔﺎء ﻟﯿﺲ ﻛﻤ ﺎ ذﻛ ﺮه اﻟﻨ ﻮوي ﻣ ﻦ‬
‫أن ﻣﻌﻨﺎه أَﺣﻔﻮا ﻣﺎ ﻃﺎل ﻋﻦ اﻟﺸﻔﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻞ اﻹﺣﻔﺎء اﻻﺳﺘﺌﺼﺎل ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﱢﺤﺎح واﻟﻘﺎﻣﻮس واﻟﻜ ﺸﱠﺎف‬
‫وﺳﺎﺋﺮ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻐ ﺔ( ‪ .‬وﻗ ﺎل ﻣﺎﻟ ﻚ )ﯾُﺆﺧ ﺬ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﱠﺎرب ﺣﺘ ﻰ ﺗﺒ ﺪو أﻃ ﺮاف اﻟ ﺸﱠﻔﺔ( وذھ ﺐ إﻟ ﻰ ﻣﻨ ﻊ‬
‫اﻟﺤﻠﻖ واﻻﺳﺘﺌﺼﺎل‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﯾﺮى ﺗﺄدﯾﺐ ﻣﻦ ﺣﻠ ﻖ اﻟ ﺸﺎرب‪ ،‬ورُوي ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬إﺣﻔ ﺎء اﻟ ﺸﺎرب‬
‫ﻣُ ْﺜﻠَﺔ‪ .‬وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﺗﻼﻣﯿ ﺬه زُﻓَ ﺮ وأﺑ ﻮ ﯾﻮﺳ ﻒ وﻣﺤﻤ ﺪ إﻟ ﻰ أن اﻹﺣﻔ ﺎء أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻘ ﺼﯿﺮ ‪.‬‬
‫وإﻟﻰ ﻗﻮﻟﮭﻢ ذھ ﺐ اﻟ ُﻤﺰَﻧ ﻲ واﻟﺮﺑﯿ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﯿﻦ‪ ،‬ورُوي ﻋ ﻦ أﺣﻤ ﺪ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾُﺤﻔ ﻲ ﺷ ﺎرﺑﮫ إﺣﻔ ﺎ ًء‬
‫ﺷﺪﯾﺪاً‪ ،‬وﯾُﻔﺘﻲ ﺑﺠﻮاز اﻹﺣﻔﺎء واﻟﻘﺺ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ .‬وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ اﻹﺣﻔﺎء ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﺒﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وﺟﺎﺑﺮ وأﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ وراﻓﻊ ﺑﻦ ﺧﺪﯾﺞ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ أﻟﻔﺎظ اﻷﺣﺎدﯾﺚ واﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻓﯿﮭﺎ ﯾﺘﺒﯿﻦ أﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﮭﺎ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﱠﻘﺼﯿﺮ اﻟ ﺬي ﯾﺘﺤﻘ ﻖ‬
‫ﺺ‬
‫ﻓﯿ ﮫ ﻗﻄ ﻊ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﻞ إﻟ ﻰ اﻟ ﺸﱠﻔﺔ واﻟﻔ ﻢ ‪ ،‬وأن ھـ ـﺬه اﻷﻟﻔـ ـﺎظ ﻻ ﺗﺨ ﺮج ﻋـ ـﻦ ھـ ـﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻘ ﱡ‬
‫واﻷﺧــﺬ ﻣﻦ اﻟﺸﺎرب واﻹﺣﻔـ ـﺎء واﻟﺠ ﱡﺰ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺆدﱢي ﻣﻌ ﺎً ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨ ﺮج ﻋﻨ ﮫ إﻻ اﻟﺤﻠ ﻖ ‪،‬‬
‫وإﻻ اﻟﺘﻄﻮﯾﻞ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺘﮭﺪﱠل اﻟﺸﺎرب ﻋﻠﻰ اﻟ ﺸﱠﻔﺔ واﻟﻔ ﻢ ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ‬
‫ﺺ اﻟﺸﺎرب ‪ ...‬أ ﱠﻻ ﻧﺘﺮك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ« ﻓﮭ ﺬا اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ ﻟﻠﻘ ﺺﱢ ﺑ ﺄرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠ ﺔ‬ ‫» ُوﻗﱢﺖ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻗ ﱢ‬
‫ﺺﻻ‬ ‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺤﻠﻖ وﻋﺪم اﻟﺘﻄﻮﯾﻞ‪ ،‬أﻣﺎ ﻛﯿﻒ؟ ﻓﺬﻟﻚ أن ﻣﻦ ﯾﺘﺮك ﺷﺎرﺑﮫ أرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ دون ﻗ ﱟ‬
‫ﺷﻚ ﺳﯿﻄﻮل ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻘﻮل ﺑﺤﻠﻖ اﻟﺸﺎرب ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺤﻠ ﻖ ھ ﻮ اﻟﻤﻄﻠ ﻮب ﻟﻜ ﺎن اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ‬
‫ﻻ ﯾﺘﻌﺪﱠى اﻷﺳﺒﻮع‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ ﺑﺄرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ ﯾﺘﻨﺎﻓﻰ أﯾﻀﺎً ﻣﻊ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﻄﻮﯾﻞ إﻟﻰ درﺟ ﺔ اﻟﺘﱠﮭ ﺪﱡل‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺸﱠﻔﺔ واﻟﻔﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣ ﻦ ﻣﺠﻤ ﻞ اﻟﻨ ﺼﻮص ھ ﻮ اﻟﺘﻘ ﺼﯿﺮ وﻟ ﯿﺲ اﻟﺤﻠ ﻖ وﻻ اﻟﺘﻄﻮﯾ ﻞ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺆﻛﺪة ‪ ،‬ﻻ أﻋﻠﻢ ﻓﻘﯿﮭﺎً ﺧ ﺎﻟﻒ ھ ﺬا‪ .‬أﻣ ﺎ‬ ‫ﺺ ﻟﻠﺸﺎرب ﻓﮭﻮ اﻟﻨﺪب‪ ،‬وھﻮ ُ‬ ‫أﻣﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻘﺼﯿﺮ وﻗ ﱢ‬
‫ﺸﺒﱠﮭﻮا ﺑﺎﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼـﺎرى« و»ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ« و‬ ‫ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻦ أﻟﻔﺎظ ﻣﺜﻞ »وﻻ َﺗ َ‬
‫»ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺠﻮس«و »ﻣَﻦ ﻟﻢ ﯾﺄﺧــﺬ ﻣﻦ ﺷﺎرﺑــﮫ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻨﺎ« ﻓﮭﻲ ﻻ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟــﻮب‪ ،‬وھﻲ ﻻ‬
‫ﺗﺨــﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮭــﺎ ﺗﻔﯿﺪ ﺗﺸﺪﯾـــﺪًا ﻓﻲ ﻃﻠـﺐ ھــﺬا اﻟﻤﻨﺪوب ﻟﯿﺲ ﻏﯿﺮ‪ ،‬ﻓﮭــﺬه ﻣﺜﻠﮭـــﺎ ﻣﺜ ﻞ ﻣـ ـﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﺤ ـﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺮوي ﻋـ ـﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ـﺎل اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪» r‬إن اﻟﯿﮭ ﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى ﻻ ﯾ ﺼﺒﻐﻮن‬
‫ﻓﺨﺎﻟﻔﻮھــ ـﻢ« رواه اﻟﺒﺨــ ـﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻃﻠ ﺐ ﻣﺨﺎﻟﻔ ﺔ‬
‫اﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼﺎرى ﻓﻲ ﺻﺒﻎ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺷﯿﺐ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻘ ﻞ ﻓﻘﯿ ﮫ إن ﺻ ﺒﻎ اﻟ ﺸﯿﺐ ﻓ ﺮض‪ ،‬وﻻ ﻧُﻘ ﻞ اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ .‬وﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺮوي ﻋ ﻦ ﺷ ﱠﺪاد ﺑ ﻦ أوس ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧ ﺎﻟﻔﻮا اﻟﯿﮭ ﻮد ﻓ ﺈﻧﮭﻢ ﻻ ُﯾ ﺼﻠﱡﻮن ﻓ ﻲ ﻧﻌ ﺎﻟﮭﻢ وﻻ ﺧِﻔ ﺎﻓﮭﻢ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ‬
‫ﻓﻘﯿ ﮫ إن اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻨﻌ ﺎل واﻟﺨﻔ ﺎف واﺟﺒ ﺔ ‪ .‬وﻗ ﺪ روى أﺣﻤ ﺪ ﺣ ﺪﯾﺜ ًﺎ ‪ -‬ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ‪ :‬رﺟﺎﻟ ﮫ‬
‫رﺟ ﺎل اﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﺧ ﻼ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ وھ ﻮ ﺛﻘ ﺔ ‪ -‬ﯾﺠﻤ ﻊ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ وﯾﺰﯾ ﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ أﻧﻘﻠ ﮫ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ‪ ،‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﻣ ﺸﯿﺨﺔ ﻣ ﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر ﺑ ﯿﺾ ﻟِﺤ ﺎھﻢ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻣﻌ ﺸﺮ‬
‫اﻷﻧ ﺼﺎر ﺣ ﱢﻤ ﺮوا وﺻ ﻔﱢﺮوا وﺧ ﺎﻟﻔﻮا أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إن أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‬
‫ﯾﺘ ﺴﺮوﻟﻮن وﻻ ﯾ ﺄْﺗﺰرون‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬ﺗ ﺴﺮوﻟﻮا وا ﱠﺗ ﺰِروا‪ ،‬وﺧ ﺎﻟﻔﻮا أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻗ ﺎل‪،‬‬
‫ﻓﻘﻠﻨﺎ ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إن أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﯾﺘﺨﻔﱠﻔﻮن وﻻ ﯾﻨﺘﻌﻠﻮن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬ﻓﺘﺨ ﱠﻔﻔ ﻮا واﻧﺘﻌﻠ ﻮا‬
‫وﺧ ﺎﻟﻔﻮا أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إن أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب ﯾﻘ ﺼﱡﻮن ﻋﺜ ﺎﻧﯿﻨﮭﻢ و ُﯾ ﻮﻓﱢﺮون‬
‫ﺳ ﺒﺎﻟَﻜﻢ وو ﱢﻓ ﺮوا ﻋﺜ ﺎﻧﯿﻨَﻜﻢ‪ ،‬وﺧ ﺎﻟﻔﻮا أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب«‪ .‬وﻻ ﯾﺠﮭ ﻞ‬‫ﺳِﺒﺎﻟَﮭﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ُ :r‬ﻗ ﺼﱡﻮا ِ‬
‫ﻷزُر ‪ ،‬واﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬ ‫أﺣﺪ أن ﺻﺒﻎ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﺣﻤﺮ ﻛﺎﻟﺤﻨﱠﺎء أو ﺑﺎﻷﺻﻔﺮ ﻛﺎﻟ َﻜﺘَﻢ‪ ،‬وﻟ ﺒﺲ اﻟ ﺴﺮاوﯾﻞ وا ُ‬
‫اﻟﻨﻌﺎل واﻟﺨﻔﺎف ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮ واﺟﺐ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻗﺺﱡ اﻟﺴﱢﺒﺎل أي اﻟ ﺸﻮارب وﺗ ﻮﻓﯿﺮ اﻟﻌﺜ ﺎﻧﯿﻦ أي اﻟﻠﺤ ﻰ‬
‫ﻏﯿﺮ واﺟﺒﯿﻦ‪ ،‬وإن ﺟﺎء اﻟﻨﺺ ﺑﺄن ﯾُﻔﻌﻞ ﻛﻠﮫ ﻣﻦ ﺑﺎب ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫واﻟﺨﻼﺻ ﺔ‪ ،‬ھ ﻲ أن ﻗ ﺺ اﻟ ﺸﺎرب وﺗﻘ ﺼﯿﺮه‪ ،‬ﺑﺤﯿ ﺚ ﻻ ﯾﻄ ﻮل ﻛﺜﯿ ﺮًا ‪ ،‬أو ﻻ ﯾﺘﮭ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪.‬‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺆﻛﺪة‪ ،‬وأنﱠ ﻛﻼ اﻟﺤﻠﻖِ واﻟﺘﻄﻮﯾﻞِ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﮭﺬه اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺸﻔﺘﯿﻦ ھﻮ ُ‬

‫إﻋﻔﺎءُ اﻟﻠﺤﯿﺔ‬
‫وردت ﻓﻲ إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﻤﺎر‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ »ﻋ ﺸْﺮٌ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ :‬ﻗ ﺺ‪ ‬اﻟ ﺸﺎرب‪ ،‬وإﻋﻔ ﺎء اﻟﻠﺤﯿ ﺔ‪ «...‬رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﻤ ﺎر‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ »ﺧ ﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬و ﱢﻓ ﺮوا اﻟﻠﺤ ﻰ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬أﺣﻔﻮا اﻟﺸﻮارب وأ ْوﻓُﻮا اﻟﻠﺤﻰ«‪.‬‬

‫ﺟﺰﱡوا اﻟ ﺸﻮارب وأَرﺧ ﻮا اﻟﻠﺤ ﻰ‪ ،‬ﺧ ﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺠ ﻮس« رواه‬

‫‪ -3‬ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة اﻟﻤﺎر وﻓﯿﮫ » ُ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﺗﺘ ﻀﻤﻦ اﻷﻟﻔ ﺎظ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪ :‬إﻋﻔ ﺎء ‪ ،‬و ﱢﻓ ﺮوا‪ ،‬أَوﻓ ﻮا ‪ ،‬أرﺧ ﻮا ‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﺗﻌﻨ ﻲ ﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫واﺣ ﺪاً ھ ﻮ ﺗﺮﻛﮭ ﺎ ﺗﻄ ﻮل دون ﺣﻠ ﻖ أو ﻗ ﺺﱟ أو إﺣﻔ ﺎء‪ ،‬أي اﻓﻌﻠ ﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ ﻋﻜ ﺲ ﻣ ﺎ ﺗﻔﻌﻠ ﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﺺ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻓﻨﮭﻰ اﻟ ﺸﺎرع ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وأﻣ ﺮ ﺑﺈﻋﻔﺎﺋﮭ ﺎ وﺗﻮﻓﯿﺮھ ﺎ‬ ‫اﻟﺸﻮارب‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﺎدة اﻟﻜﻔﺎر ﻗ ﱡ‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﮭﻢ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺆﻛﱠﺪة ﻛﻘﺺ اﻟﺸﺎرب‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﯿ ﺎض‪ :‬ﯾُﻜْ ﺮه‬ ‫وإﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻣﻦ ﺳُﻨﻦ اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬وھﻮ ُ‬
‫ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ وﻗ ﺼﮭﺎ وﺗﺤﻠﯿﻘﮭ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻋﻨ ﺪ ﻛﻼﻣ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‬
‫)اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻌﺸﺮ ﻟﯿ ﺴﺖ واﺟﺒ ﺔ(‪ .‬وﻗ ﺎل ﺷ ﻤﺲ اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮح اﻟﻜﺒﯿ ﺮ )وﯾُ ﺴْﺘﺤﺐ إﻋﻔ ﺎء‬
‫اﻟﻠﺤﯿﺔ(‪ .‬وﻣﺎ ﻗﻠﺘﮫ ﻓﻲ ﻗﺺ اﻟﺸﺎرب أﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓﺤﻜﻤﮭﻤ ﺎ واﺣ ﺪ وﻗﺮاﺋﻨﮭﻤ ﺎ واﺣ ﺪة وإن‬
‫ﻛﺎن اﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺺﱢ اﻟﺸﺎرب أﻛﺜﺮ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻟﻮﺟﻮد »ﻣَﻦ ﻟﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺷ ﺎرﺑﮫ ﻓﻠ ﯿﺲ‬
‫ﻣﻨﺎ« ﻓﮭﺬا اﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﯾﻀﺎرﻋﮫ ﻓﻲ إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ أن ﺗُﺘﺮك اﻟﻠﺤﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻈﮭﺮ وﺗﺒﺮز ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ‪ .‬وﻻ ﺣ ﱠﺪ ﻟﻄﻮﻟﮭﺎ‪ ،‬وإنﱠ ﻣﺎ ﻛﺎن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ‬ ‫واﻟ ﱡ‬
‫ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻣﻦ ﻗﺺ ﻟﺤﯿﺘﮫ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﯿﺪ ﯾﻤﻜﻦ اﻷﺧﺬ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري )ﻛ ﺎن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫إذا ﺣﺞ أو اﻋﺘﻤﺮ ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﯿﺘﮫ ﻓﻤ ﺎ ﻓ ﻀﻞ أﺧ ﺬه( وھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ‬
‫ﯾُﻌﺘﺒﺮ ﺣﻜﻤًﺎ ﺷﺮﻋﯿًﺎ ﯾﺠﻮز اﺗﱢﺒﺎﻋ ﮫ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑ ﻞ ﻻ ﯾﺘﺤﻘ ﻖ اﻟﻤﻄﻠ ﻮب ﺑﺘﻘ ﺼﯿﺮھﺎ ﺗﻘ ﺼﯿﺮاً ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ‬
‫ﻇﮭﻮر ﻟﻮن اﻟﺠﻠﺪ ﺗﺤﺘﮭﺎ ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻷﺻﻞ اﻻﻋﺘﺪال‪ ،‬وﺣﺪﱡه أن ﯾﺘﻮارى ﻟﻮن ﺑﺸﺮة اﻟﻮﺟﮫ ﺧﻠ ﻒ ﺷ ﻌﺮ‬
‫اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬وﻟﮫ ﺑﻌﺪﺋﺬ أن ﯾﻘﺺ أو ﯾﺪع ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫وإﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ اھﺘﻢ ﺑﮫ اﻟﻤﺘﺼﻮﱢﻓـﺔ واﻟﻤﺸﺎﯾﺦ اھﺘﻤﺎﻣًﺎ ﺟﺎوز ﺣﺪ اﻻﻋﺘﺪال إﻟﻰ اﻟﻐﻠﻮ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻋ ﺪﱡوا‬
‫اﻟﺤﻠﯿ ﻖ ﻓﺎﺳ ﻘﺎً ﻻ ﺗُﻘﺒ ﻞ ﺷ ﮭﺎدﺗﮫ وﻻ ﯾُ ﺼﻠﻰ ﺧﻠﻔ ﮫ وﻛﺄﻧ ﮫ أﺗ ﻰ ﻣﻌ ﺼﯿﺔ ﻣ ﻦ أﻛﺒ ﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻ ﻲ‪ ،‬رﻏ ﻢ أن‬
‫ﺚ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑ ﺄﻛﺜﺮ ﻣ ﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔ ﺔ‬ ‫ﺤ ﱠ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ذﻛ ﺮت إﻋﻔ ﺎء اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﺿ ﻤﻦ اﻟﻌ ﺸﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗ ُ‬
‫ل اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ اھﺘﻤﺎﻣًﺎ ﺑﺄي ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻌﺸﺮ‬ ‫ﺺ اﻟﺸﺎرب‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾُﻮ ِ‬
‫اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﺤﺎل اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻗ ﱢ‬
‫اھﺘﻤﺎﻣﮭﻢ ﺑﺈﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬واﻷﺻﻞ أن ﻻ ﺗﺼﻞ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ إﻟﻰ ﺣﺠﻢ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻤﮭﺎ‪ ،‬وأن ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ‬
‫ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻣﻦ أﻧﮭﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ واﻟﻔﺤﻮﻟﺔ ھ ﻮ ﻗ ﻮل ﺳ ﺎﻗﻂ ﻣﺘﮭﺎﻓ ﺖ‪ .‬وﻛﻤﺜ ﺎل ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﺘﱠ ﺸﺪﱡد‬

‫‪94‬‬
‫أُورد رأﯾ ًﺎ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﻧﻘﻠﮫ ﺑﻜﺎﻣﻠﮫ ﻣ ﻦ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ]آداب اﻟﺰﻓ ﺎف[‬
‫وأﻧﺎﻗﺸﮫ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﻰ‪ .‬اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ :‬وﻣﺜﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟ ُﻘ ﺒﺢ ـ إن ﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ أﻗ ﺒﺢ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ ذوي اﻟﻔِﻄَ ﺮ اﻟ ﺴﻠﯿﻤﺔ ـ ﻣ ﺎ‬

‫اﺑﺘُﻠﻲ ﺑﮫ أﻛﺜﺮ اﻟﺮﺟ ﺎل ﻣ ﻦ اﻟﱠﺘ ﺰﯾﻦ ﺑﺤﻠ ﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﺑﺤﻜ ﻢ ﺗﻘﻠﯿ ﺪھﻢ ﻟﻸوروﺑﯿ ﯿﻦ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﺻ ﺎر ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻌﺎر ﻋﻨﺪھﻢ أن ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻌﺮوس ﻋﻠﻰ ﻋﺮوﺳﮫ وھﻮ ﻏﯿﺮ ﺣﻠﯿﻖ وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﺪة ﻣﺨﺎﻟﻔﺎت‪:‬‬

‫ن ِﻣ ﻦْ ﻋﺒ ﺎدِك ﻧ ﺼﯿﺒ ًﺎ‬ ‫ﺨ َﺬ ﱠ‬ ‫أ‪ -‬ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻓ ﻲ ﺣ ﻖ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ]ﻟ َﻌ َﻨ ﮫُ اﷲ وﻗ ﺎل ﻷﺗﱠ ِ‬
‫ﻦ‬‫ﻖ اﷲ و َﻣ ْ‬‫ن ﺧﻠ َ‬ ‫ن اﻷﻧﻌ ﺎم وﻵ ُﻣ ﺮﻧﱠﮭﻢ ﻓ َﻠﯿُﻐ ﱢﯿ ُﺮ ﱠ‬ ‫ﻦ آذا َ‬
‫ﻣﻔﺮوﺿ ًﺎ و ُﻷﺿِﱠﻠﻨﱠﮭﻢ وﻷُﻣﻨﱢﯿﻨﱠﮭﻢ وﻵﻣُﺮﻧﱠﮭﻢ ﻓَﻠَﯿﺒ ﱢﺘ ُﻜ ﱠ‬
‫ﺴ َﺮ ﺧُﺴﺮاﻧ ًﺎ ﻣُﺒﯿﻨ ًﺎ[ ﻓﮭﺬا ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ أن ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﺧﻠ ﻖ اﷲ‬ ‫ﺧ ِ‬
‫ن اﷲ ﻓﻘﺪ َ‬‫ن وﻟﯿﱠ ًﺎ ﻣﻦ دو ِ‬‫ﯾﺘﱠﺨِﺬ اﻟﺸﯿﻄﺎ َ‬
‫ﻦ رﺳ ﻮل‬ ‫ن ﻟﻌ َ‬
‫ﺟ ﺮَم أ ْ‬‫ﺑﺪون إذن ﻣﻨﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻃﺎﻋﺔ ﻷﻣﺮ اﻟﺸﯿﻄﺎن وﻋﺼﯿﺎن ﻟﻠﺮﺣﻤﻦ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻼ َ‬
‫ﻖ اﷲ ﻟﻠﺤُﺴﻦ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻗﺮﯾﺒﺎً‪ ،‬وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ دﺧﻮل ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻟﻠﺤ ﺴﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻠﱠﻌ ﻦ‬ ‫اﷲ ‪ r‬اﻟﻤﻐﯿﱢﺮات ﺧﻠ َ‬
‫اﻟﻤ ﺬﻛﻮر ﺑﺠ ﺎﻣﻊ اﻻﺷ ﺘﺮاك ﻓ ﻲ اﻟﻌﻠ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﺑ ﺪون إذن ﻣ ﻦ اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻟﻜ ﻲ ﻻ‬
‫ﯾُﺘ ﻮھﻢ أﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺘﱠﻐﯿﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺬﻛﻮر ﻣﺜ ﻞ ﺣﻠ ﻖ اﻟﻌﺎﻧ ﺔ وﻧﺤﻮھ ﺎ ﻣﻤ ﺎ أذن ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺸﺎرع ﺑ ﻞ اﺳ ﺘﺤﺒﮫ‬
‫وأوﺟﺒﮫ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أﻣﺮه ‪ r‬وھﻮ ﻗﻮﻟﮫ »أَﻧﮭِﻜﻮا اﻟﺸﻮارب وَأﻋْﻔﻮا ﻋﻦ اﻟﻠﺤﻰ« وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻷﻣ ﺮ‬
‫ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب إﻻ ﻟﻘﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬واﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ ﻣُﺆﻛﱢﺪة ﻟﻠﻮﺟﻮب وھﻮ‪:‬‬

‫ج ‪ -‬اﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻜﻔ ﺎر ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ُ » r‬‬

‫ﺟ ﺰﱡوا اﻟ ﺸﻮارب وأَرﺧ ﻮا اﻟﻠﺤ ﻰ ﺧ ﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺠ ﻮس« وﯾﺆﯾ ﺪ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب أﯾﻀًﺎ‪:‬‬

‫د ‪ -‬اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ »ﻟﻌ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻤﺘ ﺸﺒﱢﮭﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬واﻟﻤﺘ ﺸﺒﱢﮭﺎت‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل« وﻻ ﯾﺨﻔﻰ أن ﻓﻲ ﺣﻠﻖ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﺤﯿﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﻣﯿﱠﺰه اﷲ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة أﻛﺒﺮ ﺗﺸﺒﱡﮫ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻌﻞ ﻓﯿﻤﺎ أوردﻧﺎ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﻨﻊ اﻟﻤُﺒ َﺘَﻠﯿْﻦ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ‪ ،‬ﻋﺎﻓﺎﻧﺎ اﷲ وإﯾﺎھﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺤﺒﮫ‬
‫وﻻ ﯾﺮﺿﺎه‪.‬‬

‫وﻗ ﺎل ﻓ ﻲ ھ ﺎﻣﺶ اﻟﻜﺘ ﺎب ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ )وﻣﻤ ﺎ ﻻ رﯾ ﺐ ﻓﯿ ﮫ ـ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺖ ﻓﻄﺮﺗ ﮫ وﺣ ﺴُﻨﺖ‬

‫ن ﻛ ﻞ دﻟﯿ ﻞ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻷدﻟ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﻛ ﺎف ﻹﺛﺒ ﺎت وﺟ ﻮب إﻋﻔ ﺎء اﻟﻠﺤﯿ ﺔ وﺣُﺮﻣ ﺔ ﺣﻠﻘﮭ ﺎ‬
‫ﻃﻮﯾﺘ ﮫ ‪ -‬أ ﱠ‬
‫ﻓﻜﯿﻒ ﺑﮭﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ؟!(‪.‬‬

‫واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫أ ـ أﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻟﮫ )ﻣﻦ اﻟﺘﱠﺰﯾﱡﻦ ﺑﺤﻠ ﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﺑﺤﻜ ﻢ ﺗﻘﻠﯿ ﺪھﻢ ﻟﻸوروﺑﯿ ﯿﻦ اﻟﻜﻔ ﺎر( ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﺪ ﺟﻌ ﻞ‬
‫ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ زﯾﻨﺔ وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ أن إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ زﯾﻨﺔ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ‪ ،‬إذ رﺑﻤ ﺎ ﻛ ﺎن إﻋﻔ ﺎء اﻟﻠﺤﯿ ﺔ أﺟﻤ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﺗﺤﺖ ﺗﻘﻠﯿ ﺪ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬وھ ﺬا ﯾ ﻀﻄﺮﻧﺎ إﻟ ﻰ ﺗﺒﯿ ﯿﻦ ﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫ﺣﻠﻘﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ إﻧﮫ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﺘﱠﺰﯾﱡﻦ ﺑﺤﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ داﺧ ً‬
‫ﺗﻘﻠﯿﺪ اﻟﻜﻔﺎر وﺣﻜﻤﮫ‪.‬‬

‫ﺗﻘﻠﯿ ﺪ اﻟﻜﻔ ﺎر ﺗﻘﻠﯿ ﺪان ‪:‬ﺗﻘﻠﯿ ﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﺆون اﻟ ﺪﯾﻦ ‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿ ﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﺆون اﻟﺤﯿ ﺎة‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣ ﻦ ﺗﻘﻠﯿ ٍﺪ‬
‫ﻷﻓﻌﺎﻟﮭﻢ وأُﻣﻮرھﻢ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺪﯾﻨﮭﻢ ﻓﮭﻮ ﺗﻘﻠﯿﺪ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﻘﻠﯿ ٍﺪ ﻷﻓﻌﺎﻟﮭﻢ وأُﻣ ﻮرھﻢ‬
‫ﻏﯿ ِﺮ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ﻋﻨﺪھﻢ ﻓﮭﻮ ﺗﻘﻠﯿﺪ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺤﯿﺎة‪ .‬أﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﻘﻠﯿ ٍﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﺆون دﯾ ﻨﮭﻢ ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﺣﺮام ‪ ،‬وﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮫ واﺟﺒﺔ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﻘﻠﯿ ٍﺪ ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻠﯿﺲ ﺑﺤﺮام وﻻ إﺛ ﻢ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وإن‬

‫‪95‬‬
‫ﻷوْﻟﻰ ﺗﺮﻛﮫ ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜﻮن ذاﺗُﮫ ﻣﺤﺮﱠﻣًﺎ ﻓﻲ دﯾﻨﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﺤﺮم‪ .‬ﻓﺘﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﻠﺒﺲ اﻟﺒﺪﻻت ورﺑﻄﺎت‬ ‫ﻛﺎن ا َ‬
‫اﻟﻌﻨ ﻖ‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿ ﺪھﻢ ﺑﺈﻟﺒ ﺎس ﺟﻨﻮدﻧ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻠﺒ ﺴﮫ ﺟﻨ ﻮدھﻢ ﻣ ﻦ ﻏﻄ ﺎء اﻟ ﺮأس‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿ ﺪھﻢ ﺑﺎﺳ ﺘﻘﺒﺎل رؤﺳ ﺎء‬
‫اﻟ ﺪول اﻷﺟﻨﺒﯿ ﺔ ﺑ ﺈﻃﻼق إﺣ ﺪى وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﻃﻠﻘ ﺔ واﺻ ﻄﻔﺎف ﺣ ﺮس اﻟ ﺸﺮف ﻟﮭ ﻢ‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿ ﺪھﻢ ﺑﺎﻓﺘﺘ ﺎح‬
‫اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ﺑﻘﺺ اﻟﺸﺮﯾﻂ‪ ،‬وأﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﺗﻘﻠﯿ ﺪ ﻻ إﺛ ﻢ ﻓﯿ ﮫ وﻟ ﯿﺲ ﺑﺤ ﺮام‪ ،‬ﻷن ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل‬
‫ﻻ ﻟﻌﻘﯿ ﺪﺗﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ھ ﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣﻤ ﺎ‬
‫واﻷﻣﻮر ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ دﯾ ﻨﮭﻢ ھ ﻢ‪ ،‬وھ ﻢ ﻻ ﯾﻔﻌﻠﻮﻧﮭ ﺎ وﻻ ﯾﺘﺨ ﺬوﻧﮭﺎ اﻣﺘﺜ ﺎ ً‬
‫ورد ﻓﻲ ﺷﺮﻋﻨﺎ ﺗﺤﺮﯾﻢ ﻟﮫ ‪ ،‬وﻣﺎ دام ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺘﻘﻠﯿﺪھﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﻻ ﺣﺮﻣﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن اﻷوﻟ ﻰ ﺗﺮﻛ ﮫ‪،‬‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﺠﻌﻞ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻣﺨﺘﻠﻄًﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﺘﺒ ﺮﱡج اﻟﻨ ﺴﺎء ﺣ ﺮام ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن‬
‫ذﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺷﺆون اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻨﺪھﻢ وﻟﻜﻨﮫ ﺣﺮام ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﯿﻈﻞ ﺣﺮاﻣ ًﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﻠﺒﺲ اﻟﻤﺴﻮح اﻟﺘﻲ ﯾﻠﺒﺴﮭﺎ ﻛﮭﻨﺘﮭﻢ واﺗﱢﺨﺎذ رﺟﺎل دﯾﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﺷﺠﺮة‬
‫ﻋﯿﺪ اﻟﻤﯿﻼد‪ ،‬وﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﺘﻮاﺑﯿﺖ اﻟﺨﺸﺒﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ‪ ،‬وأﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﺣﺮام ﻻ ﯾﺠﻮز‪ ،‬وﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮭﻢ‬
‫ﻓﯿﮫ واﺟﺒ ﺔ‪ ،‬ﻷن ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل واﻷﻣ ﻮر ھ ﻲ ﻣ ﻦ ﺷ ﺆون اﻟ ﺪﯾﻦ ﻋﻨ ﺪھﻢ‪ ،‬ﻓﺘﻘﻠﯿ ﺪ اﻟﻜﻔ ﺎر ﻓ ﻲ ﻛﻔ ﺮھﻢ أو‬
‫ﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﺑﻮﺻﻔﮭﻢ ﻛﻔﺎرًا ﺣﺮام‪ .‬أﻣﺎ ﺗﻘﻠﯿﺪھﻢ ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه ﻓ ﻼ ﺣﺮﻣ ﺔ ﻓﯿ ﮫ إﻻ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﺣﺮاﻣ ﺎً ﻋﻨ ﺪﻧﺎ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن اﻷوﻟﻰ ﺗﺮﻛُﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﯿﻦ ﯾﺤﻠ ﻖ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ ﺗﻘﻠﯿ ﺪًا ﻟﻸوروﺑﯿ ﯿﻦ ﻻ ﯾﻘﻠ ﺪھﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﻢ ﻛﻔ ﺎراً‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﻘﻠﺪھﻢ ﻓﻲ ﺷﺄن ﻣﻦ ﺷﺆون دﯾﻨﮭﻢ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻈﮭﺮ دﻧﯿﻮي ﺑﺤﺖ ﻣﻘﻄﻮع اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺘﻘﻠﯿﺪھﻢ ﻓﯿﮫ‬
‫ﻟﯿﺲ ﺣﺮاﻣﺎً‪ ،‬وھﻜﺬا ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻓﻌﺎل واﻷﻣﻮر اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﻋﻼﻗ ﺔ ﻟﮭ ﺎ ﺑ ﺸﺆون دﯾ ﻨﮭﻢ‪ ،‬وﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن‬
‫ﺗﻘﻠﯿﺪ اﻷوروﺑﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﺗﺤﺮﯾﻤ ًﺎ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻗﻮﻟﮫ )ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻣﻦ اﻟﻌﺎر ﻋﻨﺪھﻢ أن ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻌﺮوس ﻋﻠﻰ ﻋﺮوﺳﮫ وھﻮ ﻏﯿﺮ ﺣﻠﯿﻖ( ھﺬه‬
‫اﻟﻌﺒﺎرة ﻓﯿﮭﺎ ﻏﻠﻮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎرُ ھ ﻮ اﻟ ﺸﻲء أو اﻟﻔﻌ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾ ﺸﯿﻦ ﺻ ﺎﺣﺒﮫ وﯾﺠﻠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺨ ﺰي واﻟﮭ ﻮان‪،‬‬
‫وھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﻮد ھﻨﺎ‪.‬‬

‫ب ـ ﻧﺄﺗﻲ اﻵن ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷدﻟﺔ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘ ﻮل ﻋﻨﮭ ﺎ )إن ﻛ ﻞ دﻟﯿ ﻞ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻷدﻟ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ‬
‫ﻛﺎف ﻹﺛﺒﺎت وﺟﻮب إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ( إن اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑﮭﺎ اﻟ ﺸﯿﺦ اﻷﻟﺒ ﺎﻧﻲ ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ دﻟﯿ ﻞ ﺻ ﺎﻟﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﯾﻢ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ وردت ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻧﺘﺒﯿﻦ إن ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ دﻋ ﻮاه‬
‫ﷲ ﻻ ﯾَﻐﻔ ُﺮ‬‫أو ﻻ‪ ،‬ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ وﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮرة‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺴﺘﺪل ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﯿﮫ ]إن ا َ‬
‫ﷲ ﻓﻘﺪ ﺿﻞﱠ ﺿﻼ ًﻻ ﺑﻌﯿﺪًا‪ .‬إنْ ﯾَﺪْﻋﻮنَ ﻣِﻦ‬ ‫ك ﺑﺎ ِ‬
‫ﺸ ِﺮ ْ‬
‫ﻦ ﯾُ ْ‬
‫ﻦ ﯾَﺸﺎء و َﻣ ْ‬ ‫ك ﺑﮫ وﯾَﻐﻔﺮُ ﻣﺎ دون ذﻟﻚ ِﻟ َﻤ ْ‬ ‫ﺸ َﺮ َ‬
‫أن ﯾُ ْ‬
‫ﻋ َﺒ ﺎدِك َﻧ ﺼِﯿﺒ ًﺎ َﻣ ْﻔﺮُوﺿ ًﺎ‪.‬‬
‫ﺨ َﺬنﱠ ِﻣ ﻦ ِ‬ ‫ن َﯾ ْﺪﻋُﻮنَ إﻻ ﺷﯿﻄﺎﻧ ًﺎ ﻣَﺮﯾﺪاً ‪ .‬ﻟ َﻌ َﻨ ُﮫ اﷲ وﻗﺎل ﻷ ﱠﺗ ِ‬ ‫دو ِﻧﮫِ إﻻ إﻧﺎﺛﺎً وإ ْ‬
‫ﻖ اﷲِ و َﻣ ﻦ ﯾﺘﱠﺨ ﺬ‬ ‫ن ﺧَ ْﻠ َ‬‫ن اﻷَﻧﻌ ﺎ ِم وﻵ ُﻣ ﺮﻧﱠﮭﻢ ﻓ َﻠﯿُﻐ ﱢﯿ ُﺮ ﱠ‬ ‫ﻦ آذا َ‬‫ﺿ ﱠﻠﻨﱠﮭﻢ وﻷُﻣﻨﱢﯿ ﻨﱠﮭﻢ وﻵ ُﻣ َﺮﻧﱠﮭﻢ ﻓ َﻠﯿُﺒ ﱢﺘ ُﻜ ﱠ‬‫و ُﻷ ِ‬
‫ﺧ ﺴﺮاﻧًﺎ ﻣُﺒﯿﻨ ًﺎ‪ .‬ﯾ ِﻌ ﺪُھﻢ وﯾُﻤ ﱢﻨ ﯿﮭﻢ وﻣ ﺎ ﯾ ِﻌ ُﺪھُﻢُ اﻟ ﺸﱠﯿﻄﺎن إﻻ‬ ‫اﻟ ﺸﯿﻄﺎنَ وﻟﯿ ًﺎ ِﻣ ﻦ دون اﷲِ ﻓﻘ ﺪ ﺧ ﺴﺮَ ُ‬
‫ﺤﯿْﺼ ًﺎ[ ﺑﺎﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺎت ﯾﻈﮭ ﺮ أﻧﮭ ﺎ وردت‬ ‫ن ﻋﻨﮭﺎ َﻣ ِ‬ ‫ﻚ َﻣﺄْواھُ ْﻢ ﺟ َﮭﻨﱠﻢُ وﻻ ﯾﺠﺪو َ‬ ‫ﻏُﺮُورًا‪ .‬أوﻟﺌ َ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻘﯿﺪة وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ‪ ،‬اﻧﻈﺮ ﻓﻲ أﯾﱠﺔ آﯾﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺗﺠﺪ ذﻟﻚ واﺿﺤًﺎ‬
‫‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺸﱢﺮك وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة‪ ،‬واﻵﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻷﺻ ﻨﺎم‬
‫واﻟﺸﯿﻄﺎن وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة‪ ،‬واﻵﯾﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع إﺧ ﺮاج ﻗ ﺴ ٍﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ إﻟ ﻰ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‬
‫اﻟﻜﻔﺎر وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة‪ ،‬واﻵﯾﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺗﺒﺘﯿﻚ آذان اﻷﻧﻌ ﺎم ﻟﻠﺘﻘ ﺮب إﻟ ﻰ اﻷﺻ ﻨﺎم‬
‫وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة ‪ ،‬واﻵﯾﺔ اﻟﺨﺎﻣ ﺴﺔ ھ ﻲ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع أﻣ ﺎﻧﻲ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن وﻏ ﺮوره وھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻘﯿ ﺪة ‪،‬‬
‫واﻵﯾﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻘﯿﺪة ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋ ﻦ دﺧ ﻮل ﺟﮭ ﻨﱠﻢ واﻻﺳ ﺘﻘﺮار ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾ ﺎت‬
‫ﻛﻠﮭﺎ ﺳِﯿﻘﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع واﺣﺪ ھﻮ اﻟﻌﻘﯿﺪة ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻣﻨﮭ ﺎ آﯾ ﺔ واﺣ ﺪة ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‬
‫اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻀﻼل ﻓﻲ ﺑﺪء اﻵﯾﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ]و ُﻷﺿِﱠﻠﻨﱠﮭﻢ[‪ ،‬واﻟﻀﻼل‬ ‫وﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬اﻵﯾﺎت ھﺬه ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺻﺮاﺣﺔ ﻋﻦ اﻟ ﱠ‬
‫ﻋﻜﺲ اﻟﮭُ ﺪى‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﻦ أﻓﻜ ﺎر اﻟﻌﻘﯿ ﺪة‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﻀﱠﺎلﱡ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﺧ ﺎﻟﻒ اﻟﻌﻘﯿ ﺪة ﻓ ﻲ ﻣﺠﻤﻠﮭ ﺎ أو أﺻ ﻮﻟﮭﺎ أو‬
‫ﻓﺮوﻋﮭﺎ ‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﮭﻮ اﻟﻔﺎﺳﻖ أو اﻟﻌﺎﺻﻲ أو اﻟﻔ ﺎﺟﺮ أو اﻵﺛ ﻢ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ‬

‫‪96‬‬
 ‫ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إدراﻛﮫ‪ ،‬وﻟﺴﺖ أُرﯾﺪ أن أﺳﻮق اﻵﯾﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺮﺟﻊ إﻟﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﯾﺸﺎء‪.‬‬

‫وإذن ﻓﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑﮭ ﺎ ھ ﻲ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻌﻘﯿ ﺪة وﻟﯿ ﺴﺖ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻷﺣﻜ ﺎم‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺗﻘﺎس اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻜﺎم وﻻ اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ‪ ،‬ﻓﻜ ﱞﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻏﯿ ﺮ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻷﺧ ﺮى‪،‬‬
‫ﺧﻠْﻖ اﷲ[ ﯾُﻘْ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻘﯿ ﺪة واﻷﻋﻤ ﺎل اﻟﺘ ﻲ ﻓ ﻲ ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ‬ ‫ن َ‬‫وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﻓ َﻠﯿُﻐﯿﱢﺮُ ﱠ‬
‫ﻻ ‪ ،‬ﻷن اﻵﯾ ﺔ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ إن ﺟ ﺎءا ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻣﻌ ﯿﻦ وﺟ ﺐ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻔﯿ ﺪ ﺣﺮاﻣ ًﺎ وﺣ ﻼ ً‬
‫ﻗﺼﺮھﻤﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﻘ ﺎل اﻟﻌﺒ ﺮة ﺑﻌﻤ ﻮم اﻟﻠﻔ ﻆ ﻻ ﺑﺨ ﺼﻮص اﻟ ﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺴﺒﺐ‪،‬‬
‫ﻓﮭﺬه اﻵﯾﺎت ﻟﯿﺴﺖ اﻟﻌﻘﯿﺪة ﺳﺒﺒﺎً ﻓ ﻲ ﻧﺰوﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﻌﻘﯿ ﺪة ھ ﻲ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع اﻟ ﺬي ﻧﺰﻟ ﺖ اﻵﯾ ﺎت ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬
‫وﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺒﺐ واﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻓ ﺎرق ﻛﺒﯿ ﺮ‪ .‬وإﻟ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺪﻗﯿﻖ أﺷ ﺎر ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻤﻔ ﺴﱢﺮﯾﻦ ﻟﮭ ﺬه‬
‫اﻵﯾ ﺎت‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻓ ﺴﺮھﺎ ﻋ ﺪد ﻣ ﻨﮭﻢ ﺑﻘ ﻮﻟﮭﻢ‪ :‬إن اﻟﻤ ﺮاد ﺑﮭ ﺬا اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ ھ ﻮ أن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺧﻠ ﻖ اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫واﻟﻘﻤﺮ واﻷﺣﺠ ﺎر واﻟﻨ ﺎر وﻧﺤﻮھ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗ ﺎت ﻟﻤ ﺎ ﺧﻠﻘﮭ ﺎ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻐﯿﱠﺮھ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر ﺑ ﺄن ﺟﻌﻠﻮھ ﺎ آﻟﮭ ﺔ‬
‫ﺟ ﺎج‪ .‬وﯾ ﺪﻋﻢ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل اﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ]إنْ ﯾ ْﺪﻋُﻮن ِﻣ ﻦ دوﻧ ﮫ إﻻ‬ ‫ﻣﻌﺒﻮدة‪ ،‬وﺑﻤﺜ ﻞ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻗ ﺎل اﻟ ﱠﺰ ﱠ‬
‫إﻧﺎﺛﺎً[ وﻓﺴﺮھﺎ أﺑ ﻮ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ اﻟﻄﺒ ﺮي واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‪ :‬اﻟ ﻼت‬
‫واﻟ ُﻌﺰﱠى وﻣَﻨﺎة ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺆﻧﺜﺔ‪ .‬وﻓﺴﺮھﺎ أُﺑﻲﱡ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻋﻨ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ واﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻨﺬر وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﺑﻘﻮﻟﮫ )ﻗﺎل ﻣﻊ ﻛ ﻞ ﺻ ﻨﻢ ﺟِﻨﱢﯿﱠ ﺔ( وﻓ ﺴﺮھﺎ اﻟﺤ ﺴﻦ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )ﻛ ﺎن ﻟﻜ ﻞ ﺣ ﻲ ﻣ ﻦ أﺣﯿ ﺎء‬
‫اﻟﻌﺮب ﺻﻨﻢ ﯾﻌﺒﺪوﻧﮭﺎ ﯾﺴﻤﻮﻧﮭﺎ أُﻧﺜﻰ ﺑﻨﻲ ﻓﻼن‪ ،‬ﻓﺄﻧﺰل اﷲ إن ﯾﺪﻋﻮن ﻣﻦ دوﻧﮫ إﻻ إﻧﺎﺛﺎً( ذﻛﺮه ﺳ ﻌﯿﺪ‬
‫ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر واﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ .‬وﻗﺎل اﻟﻀﺤﱠﺎك )ﻗﺎل اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن‪ :‬إن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻨ ﺎت اﷲ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻧﻌﺒﺪھﻢ ﻟﯿﻘﺮﺑﻮﻧﺎ إﻟﻰ اﷲ زُﻟﻔﻰ( ذﻛﺮه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ .‬وﻧﻘ ﻞ اﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ اﻟﻄﺒ ﺮي ﻋ ﻦ ﻗﺘ ﺎدة ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﺗﻔﺴﯿﺮ ]ﻓﻠﯿُﺒ ﱢﺘ ُﻜﻦﱠ آذانَ اﻷَﻧﻌﺎمِ[ )اﻟﺘﺒﺘﯿﻚ ﻓﻲ اﻟﺒَﺤِﯿﺮة واﻟﺴﱠﺎﺋﺒﺔ ﯾُﺒﺘﱢﻜﻮن آذاﻧﮭﺎ ﻟﻄ ﻮاﻏﯿﺘﮭﻢ( وأﺧ ﺮج اﺑ ﻦ‬
‫ﺧ ْﻠ ﻖ اﷲ[ ﻗ ﺎل )دﯾ ﻦ اﷲ( وروي‬ ‫ن َ‬‫ﺟﺮﯾﺮ وﻏﯿﺮه ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻵ ُﻣ ﺮﻧﱠﮭﻢ ﻓ َﻠﯿُﻐ ﱢﯿ ﺮ ﱠ‬
‫ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻀﺤﱠﺎك وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ‪ .‬ھﺬا ھ ﻮ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬا ھ ﻮ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع اﻟ ﺬي ﺟ ﺎءت‬
‫ﻓﯿﮫ اﻵﯾﺔ‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺎن ﺗﻔﺴﯿﺮھﺎ ﺑﻐﯿﺮ ھﺬا ﺧﻄﺄ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮭﻢ إﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺨ ﺼﺎء أو اﻟﻮﺷ ﻢ أو ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻣﺜ ﻞ‬
‫ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ھﻮ ﺧﺮوج ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻵﯾﺔ وﺳﯿﺎﻗﮭﺎ وإﻃﺎرھﺎ‪.‬‬

‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن ھﺬه اﻵﯾﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻮﺿﻮع‪ ،‬وﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام ﺣﻠ ﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ أو إﻋﻔﺎؤھ ﺎ ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻌﻘﺎﺋ ﺪ ﻓ ﺈن‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺎ ھﻨﺎ اﺳﺘﺪﻻل ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﻻ ﻟﻘﺮﯾﻨﺔ( ﻏﯿﺮ ﻣُﺴﻠﱠﻢ ﺑﮫ وﻓﯿﮫ ﻟَﺒﺲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘ ﺎرئ‬ ‫ج‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ‪) :‬وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب إ ّ‬
‫اﻟﻌ ﺎدي ﺣ ﯿﻦ ﯾﻘ ﺮأ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل )وﻣ ﻦ اﻟﻤﻌﻠ ﻮم( ﯾﻈ ﻦ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻋ ﺪة ﻣُﺠﻤَ ﻊٌ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻟ ﺪى ﻋﺎﻣ ﺔ اﻟﻔﻘﮭ ـﺎء‬
‫واﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺟﻌﻠﮭﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻠﻤ ﺎً ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ دون ﺗﻘﯿﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن ھ ﺬه‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻷَوْﻟﻰ أن ﯾُﻘﺎل )وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪﻧﺎ( أو‬
‫) وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﯾﻘﻮﻟﻮن( أو )اﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب ﻋﻨﺪ ﻓﻼن وﻓ ﻼن( أو ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺒﮫ‬
‫ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻘﻊ اﻟﻘﺎرئ ﻓﻲ ﻟﺒﺲ‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ )واﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ ﻣﺆﻛﱢﺪة ﻟﻠﻮﺟﻮب وھﻮ اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻜﻔ ﺎر( ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻷﻣ ﺮ إن اﻗﺘ ﺮن ﺑﺎﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر ﻛﺎن واﺟﺒ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟﻌ ﻞ اﻟﺘﱠ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻜﻔ ﺎر ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب أو ﻗ ﻞ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺄﻛﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب‪ .‬ﻓﻤﺎذا ﯾﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬إن‬
‫اﻟﯿﮭ ﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى ﻻ ﯾ ﺼﺒﻐﻮن ﻓﺨ ﺎﻟﻔﻮھﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود؟ ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧ ﺼﺒﻎ ﺷ ﻌﺮﻧﺎ اﻷﺑ ﯿﺾ وأن ﻧﺨ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﮭ ﻞ ﻣﺨﺎﻟﻔ ﺔ اﻟﻜﻔ ﺎر ھﻨ ﺎ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺼﱠﺒﻎ؟ ﻻ أﻇﻦ أن أﺣﺪاً ﻗﺎل ﺑﻮﺟﻮب ﺻ ﺒﻎ اﻟ ﺸﻌﺮ اﻷﺷ ﯿﺐ‪ .‬وﻣ ﺎذا ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺬي رواه ﺷﺪاد ﺑﻦ أوس‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﯿﮭﻮد ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻻ ﯾُﺼﻠﱡﻮن ﻓﻲ ﻧﻌ ﺎﻟﮭﻢ وﻻ‬

‫‪97‬‬
‫ﺧِﻔ ﺎﻓﮭﻢ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ ﻓﻘﯿ ﮫ إن اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻨﻌ ﺎل واﻟﺨﻔ ﺎف واﺟﺒ ﺔ ؟ ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر ھﻮ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ‪.‬‬

‫وأُذ ﱢﻛ ﺮ ﺑﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻘﻠﯿ ﺪ أو اﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻜﻔ ﺎر ﺑ ﯿﻦ اﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﮭ ﻢ ﻓ ﻲ ﺷ ﺆون اﻟ ﺪﯾﻦ‬
‫ﻋﻨﺪھﻢ وﺑﯿﻦ اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺤﯿ ﺎة‪ .‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﻜﻔ ﺎر ﻟ ﻮ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺘﺮﻛ ﻮن اﻟ ﺸﻌﺮ اﻷﺷ ﯿﺐ‬
‫ﺗﻌﺒﱡﺪًا وﺟﺌﻨﺎ ﻧﺘﺸﺒﱠ ُﮫ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻜ ﺎن ذﻟ ﻚ ﺣﺮاﻣ ﺎً وﻟ ﺼﻠُﺢ ذﻟ ﻚ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب وﻟ ﻮ أن‬
‫اﻟﻜﻔﺎر ﯾﺤﻠﻘﻮن ﻟﺤﺎھﻢ ﺗﻌﺒﺪاً‪ ،‬وﺟﺌﻨﺎ ﺑﺤﻠ ﻖ اﻟﻠﺤ ﻰ ﺗ ﺸﺒﱡﮭﺎً ﺑﮭ ﻢ ﻓ ﻲ ﻋﺒ ﺎدﺗﮭﻢ ودﯾ ﻨﮭﻢ ﻟﻜ ﺎن ذﻟ ﻚ ﺣﺮاﻣ ﺎً‪،‬‬
‫وﻟﺼﻠُﺢ ﻗﺮﯾﻨ ًﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ أﺣﺪ إن اﻟﻜﻔﺎر ﯾﺤﻠﻘﻮن ﻟﺤﺎھﻢ ﺗﻌﺒﺪاً‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ذﻟﻚ إذن‬
‫ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻨﺘﻔﻲ ﺻﻼح اﻟﺪﻟﯿﻠﯿﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ‪.‬‬

‫ھـ ـ ﻗﻮﻟﮫ )وﯾﺆﯾﺪ اﻟﻮﺟﻮب اﻟ ﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء( وﺳ ﺎق ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﱠ ﺸﺒﱡﮫ‪ ،‬وﻋﻘﱠ ﺐ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )وﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ‪...‬‬
‫أﻛﺒﺮ ﺗﺸﺒﱡﮫ ﺑﮭﺎ( ﻓﮭﻮ ﯾﺮى وﯾﻘﺮر أن ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ھﻮ ﺗﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء وﺑﺎﻟﻎ ﺑﻘﻮﻟﮫ )أﻛﺒﺮ ﺗﺸﺒﱡﮫ ﺑﮭﺎ(‪.‬‬

‫واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﺪة وﺟﻮه‪:‬‬

‫‪ - 1‬إن اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﻤﻄﻠﻖ اﻟﻨﺴﺎء وﻟﯿﺲ ﺑﻨﺴﺎء ﻣﺨﺼﻮﺻﺎت‪ ،‬وﯾﻌﻨﻲ اﻟﺨ ﺮوج‬
‫ل‬
‫ﻣﻦ أوﺻﺎف اﻟﺮﺟﺎل ﺟﻨﺲ اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻣ ﻦ أوﺻ ﺎف اﻟﺮﺟ ﺎل اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أو ﻣ ﻦ أوﺻ ﺎف رﺟ ﺎ ٍ‬
‫ﻣﺨ ﺼﻮﺻﯿﻦ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل » اﻟﻤﺘ ﺸﺒﮭﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء واﻟﻤﺘ ﺸﺒﮭﺎت ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء‬
‫ﺑﺎﻟﺮﺟ ﺎل« ﻓﻌ ﱠﻤ ﻢ وﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺼﱢﺺ‪ ،‬أي أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل إن اﻟﺮﺟ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾﺘ ﺸﺒﱠﮫ ﺑ ﺎﻷﻧﺜﻰ ﻣﻠﻌ ﻮن‪،‬‬
‫وﯾﺤﺼﻞ ھﺬا إن ﺧﺮج اﻟﺮﺟﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬وﺗﺸﺒﱠﮫ ﺑﻌﻤﻮم اﻹﻧﺎث‪ .‬ھ ﺬا‬
‫ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻻ ﺗﺨ ﺼﯿﺺ ﻓﯿ ﮫ وﻻ ﺗﻘﯿﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓﮭ ﻞ ﻣ ﻦ ﺣﻠ ﻖ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ ﻓﻘ ﺪ ﺧ ﺮج ﻣﻤ ﺎ ﯾﻮﺻ ﻒ ﺑ ﮫ‬
‫ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺮﺟﺎل؟ اﻟﺠﻮاب ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﻣﻦ ﻧﺼﻮص اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﻌ ﺎﻟﻢ ﯾﺤﻠﻘ ﻮن ﻟﺤ ﺎھﻢ ‪ ،‬وإذن ﻓﺤﻠ ﻖ اﻟﻠﺤ ﻰ ﺻ ﻔﺔ ﺷ ﺎﺋﻌﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ع أﺣﺪٌ أن ھﺆﻻء اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﺧﻠﻌﻮا ﺻﻔﺔ اﻟﺮﺟﻮﻟ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ‬ ‫اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺪﱠ ِ‬
‫وﺗﺸﺒﱠﮭﻮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﯿﻘﻮل‪ :‬ﺧﺎﻟِﻔﻮا اﻟﻤﺠﻮس ‪ ،‬أي ﺧﺎﻟِﻔﻮا رﺟﺎل اﻟﻤﺠﻮس ﺑﺈﻃﻼق اﻟﻠﺤ ﻰ‪ ،‬وﻣﻔﮭ ﻮم ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ أن رﺟﺎل اﻟﻤﺠﻮس ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺤﻠﻘﻮن ﻟﺤ ﺎھﻢ‪ ،‬وﻣﻔﮭﻮﻣ ﮫ أﯾ ﻀﺎً أن ﻣ ﻦ ﯾﺤﻠ ﻖ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ﯾﺘ ﺸﺒﱠﮫ‬
‫ﺑﺮﺟﺎل اﻟﻤﺠﻮس‪ ،‬وھﺬا ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺗﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ﻓﯿ ﮫ ﺗ ﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﺮﺟ ﺎل‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻮس‪ ،‬ﺑ ﻞ إن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﺤ ﺼﺮه ﻓ ﻲ اﻟﱠﺘ ﺸﺒﮫ ﺑﺎﻟﺮﺟ ﺎل ﻣ ﻦ اﻟﻤﺠ ﻮس‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﻄ ﺮق إﻟ ﻰ اﻟﱠﺘ ﺸﺒﱡﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ وﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﯿﺪ ‪ .‬ﻓﮭﻞ ﯾ ﺼﺢ ﻟ ﮫ ﺑﻌﺪﺋ ٍﺬ أن ﯾﻘ ﻮل إن ﺣ ﺎﻟﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻣﺘ ﺸﺒﱢﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء؟‬
‫وﻛﯿﻒ ﯾُﺠﯿﺰ ﻟﻨﻔﺴﮫ أن ﯾﻘﻮل ھﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﻤﻐﺎﯾﺮ ﻟﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪه اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﻮاﻗﻊ؟‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن اﻟﺘﱠﺸﺒﱡﮫ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﻻ ﯾﻜﻮن ﺗﺸﺒﱡﮭًﺎ إﻻ إذا اﻧﺘﻔﺖ ﺑﮫ ﻋﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﺻ ﻔﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻔﺎﺗﮫ ودﺧ ﻞ ﺑ ﮫ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻔ ٍﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﻨﺴﺎء ‪ ،‬ﻓﻤﺜﻼً اﻟﻨﺴﺎء ﯾﻠﺒﺴﻦ اﻟﻌﻘﻮد واﻷﺳﺎور واﻟﺮﺟﺎل ﻻ ﯾﻠﺒﺴﻮﻧﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا ﻋ ﺎم‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﻦ وﻛﻞ ﻗﻮم وﻛﻞ ﺷﻌﺐ إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻗﻮام اﻟﺒﺪاﺋﯿﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﯾُﺆﺑ ﮫ ﺑﻤ ﺎ ﺗﻔﻌﻠ ﮫ‪ ،‬ﺑﺤﯿ ﺚ أن‬
‫ﻣﻦ ﯾﻠﺒﺲ اﻟﻌﻘﻮد واﻷﺳﺎور ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﺘﺨﻠﻰ ﺑﻠﺒﺴﮭﺎ ﻋﻦ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺟﺎل وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ‬
‫ﺻﻔﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻟﺒﺲ اﻷﺳﺎور واﻟﻌﻘﻮد ﺗﺸﺒﱡﮭﺎً‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻻﻛﺘﺤﺎل ﺻﻔﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﻛﺘﺤﻞ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺸﺒﱠﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﺘ ﺮك ﺻ ﻔﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻔﺎت اﻟﺮﺟ ﺎل ‪،‬‬
‫وﻗُﻞ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺻﻔﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺣﻠﻖ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺻﻔﺔ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل واﺗﺼﻒ ﺑﺼﻔﺔ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬أي ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺘﺸﺒﱢﮭﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﻣَ ﻦ ﺗ ﻀﻤﺦ ﺑﺎﻟﻄﯿ ﺐ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻔﻌ ﻞ ﻓﻌ ﻼً‬
‫ﻣ ﺸﺘﺮﻛًﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻜ ﻮن اﻟﻤﺘﻄﯿﱢ ﺐ ﻗ ﺪ ﺗ ﺸﺒﱠﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ھﻜ ﺬا ﯾﺠ ﺐ أن ﯾُﻔﮭ ﻢ اﻟﺘﱠ ﺸﺒﱡﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء‪ .‬إن ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﺻﻔﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺟﺎل ﻗﺪﯾﻤًﺎ وﺣﺪﯾﺜﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﻮل أﺣ ﺪ إن اﻟﻤﻼﯾ ﯿﻦ‬

‫‪98‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺤﻠﻘﻮن ﻟﺤﺎھﻢ ﯾﺘ ﺸﺒﱠﮭﻮن ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﺑ ﻞ إن ﻗ ﻮل رﺳ ﻮل اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم »ﺧﺎﻟﻔﻮھﻢ« ﻓﯿﮫ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻗﺒﻞ ھﺬا اﻷﻣ ﺮ ﯾﺨ ﺎﻟﻔﻮﻧﮭﻢ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻮاﻓﻘ ﻮﻧﮭﻢ‬
‫ﻻ ﻻ ﯾﺘﺼﻔﻮن أو ﯾﺘﺸﺒﱠﮭﻮن ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬ ‫ﺑﺤﻠﻖ ﻟﺤﺎھﻢ ‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا رﺟﺎ ً‬

‫‪ - 3‬وﺣﯿﺚ أﻧﮫ ﻗﺪ ﺑ ﺎن ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ أن ﻣ ﻦ ﯾﺤﻠ ﻖ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﻓ ﺎرق ﺻ ﻔﺔ اﻟﺮﺟ ﺎل إﻟ ﻰ ﺻ ﻔﺔ‬

‫ﺣﺮْﻣﺔ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻞ اﻟﺪﻟﯿﻞ اﻷﺧﯿﺮ اﻟﺬي اﺳﺘﺪل ﺑﮫ اﻟﺸﯿﺦ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ُ‬

‫و‪ -‬ﺑﻘﯿﺖ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ أود أن أﺑﺤﺜﮭﺎ ﻣ ﻦ زاوﯾ ﺔ أﺧ ﺮى‪ .‬اﺳ ﺘﺪل اﻟ ﺸﯿﺦ اﻷﻟﺒ ﺎﻧﻲ‬
‫ﺑﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد »ﻟﻌﻦ اﷲ اﻟﻮاﺷﻤﺎت واﻟﻤ ﺴﺘﻮﺷﻤﺎت واﻟﻤﺘﻨ ﱢﻤ ﺼﺎت واﻟﻤﺘﻔﻠﱢﺠ ﺎت ﻟﻠﺤ ﺴﻦ‬
‫اﻟﻤﻐﯿﱢﺮات ﺧﻠﻖ اﷲ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻲ ﻻ أﻟﻌ ﻦ ﻣ ﻦ ﻟﻌﻨ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﷲ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫ﻦ ﯾُﻐﯿﺮ‬‫ﻋﻠﻰ أن ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ ﻋﻠﺔ ﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻗﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺣُﺴ ٌ‬
‫ﺧﻠﻖ اﷲ ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﻦ‪ ،‬وأﻛﺪ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮫ )وﻻ ﺷﻚ( وﺑﻘﻮﻟ ﮫ )ﻛﻤ ﺎ ﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ( وﻛ ﺄن أﺣ ﺪاً ﻻ ﯾﺨﺎﻟﻔ ﮫ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻘﻮل‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻗﺎل ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ إن ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ ﻟﯿﺲ ﺣﺮاﻣًﺎ ﻛﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮫ )ﻟﻜﻲ ﻻ ﯾﺘﻮھﻢ أﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﺜﻞ ﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ وﻧﺤﻮھﺎ ﻣﻤﺎ أذن ﻓﯿﮫ اﻟﺸﺎرع( ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ھﻨ ﺎك ﺗﻐﯿﯿ ﺮًا ﻟﺨﻠ ﻖ اﷲ‬
‫ﻣﺤﺮﱠﻣﺎً‪ ،‬وأن ھﻨﺎك ﺗﻐﯿﯿﺮًا ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺮﱠم‪ .‬ﻓﻠْﻨﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ وﺿﻌﮭﺎ ھﻮ‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل‪:‬‬

‫إن ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﺗ ﻨﻘﺾ اﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﺧﻠ ﻖ اﷲ ھ ﻮ ﻋﻠ ﺔ ﻟﻠﺘﺤ ﺮﯾﻢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن اﻟﻌﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ﻋﻠ ﻢ‬

‫اﻷﺻﻮل ﺗﺪور ﻣﻊ اﻟﻤﻌﻠﻮل وﺟﻮدًا وﻋﺪﻣﺎً‪ ،‬وھﺬا ﯾﻘﻀﻲ ﺑﺄن ﺗﺤﺮﱢم ھﺬه اﻟﻌﻠﺔ ‪ -‬وھﻲ ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﺧﻠ ﻖ اﷲ‬
‫ﻞ ﻓﻌ ﻞ ﻓﯿ ﮫ ﺗﻐﯿﯿ ﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﺤ ﺮم أي ﻓﻌ ﻞ ﻻ ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﻟﺨﻠ ﻖ اﷲ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﻌﻠ ﺔ وھ ﺬا ھ ﻮ‬ ‫‪-‬ﻛ ﱠ‬
‫ﻻ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻐﯿﯿ ٌﺮ ﻟﺨﻠﻖ اﷲ وﻣﻊ ذﻟﻚ أﺟﺎزھﺎ اﻟﺸﺮع‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أن‬ ‫ﻣﻘﺘﻀﺎھﺎ‪ .‬وﺣﯿﺚ أن ھﻨﺎك أﻓﻌﺎ ً‬
‫ﻄ ﺮدة داﺋﻤ ًﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺗﺨﻠﱠﻔ ﺖ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﺑﻄ ﻞ ﻛﻮﻧﮭ ﺎ ﻋﻠ ﺔ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن‬
‫اﻟﺘﻐ ﯿﯿﺮ ﻟﯿﺲ ﻋﻠ ﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﻠ ﺔ ﻣ ﱠ‬
‫اﻟﺸﺮع ﻧﻔﺴﮫ أﺑﻄﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﻠ ﻖ اﻟﻌﺎﻧ ﺔ وﻧﺘ ﻒ اﻹﺑ ﻂ وﻗ ﺺ اﻷﻇ ﺎﻓﺮ وﺣﻠ ﻖ ﺷ ﻌﺮ اﻟ ﺮأس ﻓﻘ ﺪ دل ذﻟ ﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﺔ ﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ ﺣﻠ ﻖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﻘ ﻮل إن اﻟﻨ ﺼﻮص اﺳ ﺘﺜﻨﺖ ھ ﺬه اﻷﺣﻜ ﺎم ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﻟﯿﺲ ردًا ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌﻠﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻧﻨﻄﻠﻖ إﻟ ﻰ ﺷ ﺮح ﺣ ﺪﯾﺚ »ﻟﻌ ﻦ اﷲ اﻟﻮاﺷ ﻤﺎت ‪...‬‬
‫اﻟﻤﻐﯿﺮات ﺧﻠﻖ اﷲ«‪.‬‬

‫ﺤ ﺴﻦ‬ ‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ ﯾ ﺬﻛﺮ أن اﻟﻮاﺷ ﻤﺎت واﻟﻤ ﺴﺘﻮﺷﻤﺎت واﻟﻤﺘﻨ ﱢﻤ ﺼﺎت واﻟﻤﺘﻔﻠﱢﺠ ﺎت ﻟﻠ ُ‬
‫اﻟﻤﻐﯿﺮات ﺧﻠﻖ اﷲ ﻣﻠﻌﻮﻧﺎت ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام أن اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ ﻗ ﺪ ﺛﺒ ﺖ أﻧ ﮫ ﻗ ﺪ ﺗﺨﻠ ﻒ ﻣ ﺮات ﻓﻘ ﺪ ﺛﺒ ﺖ أﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻋﻠﺔ‪ ،‬وأن ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺗﻨﺴﺤﺐ إذن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮع وﻣﻨﮭﺎ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺘﻐﯿﯿﺮ ﺧﻠﻖ اﷲ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﺤﺮﯾﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻣﻨﺼﺐﱞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ذُ ِﻛ ﺮ وﻟ ﯿﺲ ﻟﻌﻠ ﺔ اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا‬
‫ﻒ ﻣﻼزم ﻟﮭﺬه اﻷﻓﻌﺎل ﻟﯿﺲ ﻏﯿﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬ ‫ﻓﺈن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ھﻨﺎ ﻟﻢ ﯾُﺬﻛﺮ إﻻ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ وﺻ ٌ‬
‫ن ذِ ْﻛ َﺮ ھ ﺬا اﻟﻮﺻ ﻒ ﻓ ﻲ‬
‫واﻟﺴﺆال ھﻨﺎ ‪ :‬ﻟﻤﺎذا ذُﻛﺮ ھﺬا اﻟﻮﺻﻒ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ؟ واﻟﺠ ﻮاب ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ أ ﱠ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻧﻤﺎ ﺟﺎء ﻗﯿﺪًا وﺗﺤﺪﯾﺪًا ﻟﻠﻘﺪر اﻟ ﺬي ﺗ ﺼﺒﺢ ﻣﻌ ﮫ ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل ﻣﺤﺮﻣ ﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟﻮﺷ ﻢ‬
‫واﻟﻨﻤﺺ واﻟﺘﻔﻠﺞ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺣﺮاﻣﺎً إﻻ إذا وﺻﻠﺖ ﺣﺪ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻟﺨﻠﻖ اﷲ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟ ﻢ ﺗ ﺼﻞ إﻟ ﻰ ھ ﺬه اﻟﺤ ﺪ‬
‫وھﺬا اﻟﻘﺪر ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺣﺮاﻣًﺎ وﺗﻜﻮن ﻣﺒﺎﺣﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أﺧﺬت اﻟﻤ ﺮأة ﻣ ﻦ ﺣﺎﺟﺒﯿﮭ ﺎ ﻋ ﺪة ﺷ ﻌﺮات‪ ،‬وﻟ ﻮ‬
‫وﺿﻌﺖ اﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮭﺎ أو ﯾﺪھﺎ ﻧﻘﻄﺔ أو ﻧﻘﻄﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﻢ ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺑ ﺮدت اﻟﻤ ﺮأة إﺣ ﺪى أﺳ ﻨﺎﻧﮭﺎ‬
‫ﻣﻘﺪارًا ﯾﺴﯿﺮًا ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻓﻌﻠﺖ ﺣﺮاﻣًﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﻓﻌﻠ ﺖ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﻞ إﻟ ﻰ ﺣ ﺪ ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﺧﻠ ﻖ‬
‫اﷲ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ھﻮ اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ذﻛﺮ ھﺬا اﻟﻮﺻﻒ‪ ،‬وھﻮ أﻧﮫ ﻟﺘﺤﺪﯾﺪ اﻟﻤﻘ ﺪار اﻟ ﺬي ﺗ ﺼﺒﺢ ﻣﻌ ﮫ ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل‬
‫ﻣﺤﺮﻣﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻟﯿﻜﻮن ﻋﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺮﯾﻢ‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺨﺎﻃ ﺐ اﻟﻨ ﺴﺎء وﻻ ﯾﺨﺎﻃ ﺐ اﻟﺮﺟ ﺎل‪ ،‬واﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﻠﻐﻮﯾ ﺔ واﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ھ ﻲ أن‬
‫ﺧﻄﺎب اﻟﻤﺬﻛﱠﺮ ﺧﻄﺎب ﻟﻠﺮﺟﺎل وﻟﻠﻨﺴﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺧﻄﺎب اﻟﻤﺆﻧﱠﺚ ﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺟ ﺎل‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻘﺮآن ﺣ ﯿﻦ‬
‫ﯾﻘ ﻮل ﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤ ﺬﻛﱠﺮ ]ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا ﻛُﺘ ﺐَ ﻋﻠ ﯿ ُﻜ ُﻢ اﻟ ﺼﱢﯿﺎمُ[ ﻓ ﺈن ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺼﯿﺎم ﯾ ﺸﻤﻞ‬

‫‪99‬‬
‫ﷲ وﻗﻮﻟﻮا َﻗ ْﻮ ًﻻ ﺳَﺪﯾﺪًا[ ﻓﺈن ھﺬا‬
‫اﻟﺮﺟﺎل ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻨﺴﺎء ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮل ]ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ا ﱠﺗﻘُﻮا ا َ‬
‫اﻷﻣ ﺮ ﺑ ﺎﻟﺘﻘﻮى واﻟﻘ ﻮل اﻟ ﺴﱠﺪﯾﺪ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﺣ ﯿﻦ ﯾﻘ ﻮل ﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﺆﻧ ﺚ‬
‫]و َﻗﺮْن ﻓﻲ ﺑﯿﻮ ِﺗ ُﻜﻦﱠ[ ﻓﺈن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل اﻟﺒﻘ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﻦ[ ﻓﺈن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻣﻄﺎﻟﺒ ﺔ اﻟﺮﺟ ﺎل ﺑ ﺬﻟﻚ ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺪل‬ ‫اﻟﺒﯿﻮت ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮل ]وﻻ ﯾُﺒﺪﯾﻦ زﯾ َﻨ َﺘ ُﮭ ﱠ‬
‫ﻦ[ ﻓ ﺈن ھ ﺬا اﻟﻄﻠ ﺐ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ إﺑﺪاء زﯾﻨﺘﮭﻢ ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮل ]واﻟﻤُﻄﻠﱠﻘﺎت ﯾﺘﺮ ﱠﺑ ﺼﻦ ﺑﺄﻧﻔ ﺴﮭ ﱠ‬
‫ﻦ ﺑﺤﺎ ﱠﻓ ﺎت‬
‫ﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬وﻻ ﯾﻄﺎﻟﺒﮭﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﱡﺺ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﻼق‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي ﺣﯿﻦ ﯾﻘ ﻮل »ﻋﻠ ﯿ ُﻜ ﱠ‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻖ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ﻓﮭﻮ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء وﻻ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل وھﻜ ﺬا ﻣﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣﻌﻠ ﻮم وﻣﻌ ﺮوف‪.‬‬
‫وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﻟﻌﻦ اﷲ اﻟﻮاﺷﻤﺎت« ھﻮ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﷲ ﯾﻠﻌ ﻦ‬
‫اﻟﻮاﺷ ﻤﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أﯾ ﻦ اﻟﻘ ﻮل إن )اﻟﻤُﻐﱢﯿ ﺮات ﺧﻠ ﻖ اﷲ( ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل؟ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ واﻟ ﺼﻮاب أن ھ ﺬا‬
‫ﺐ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺢ ﺳﺤﺒﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ أﯾﻀًﺎ‪ .‬وﻟﮭﺬﯾﻦ اﻟﺴﺒﺒﯿﻦ ﺳ ﺒ ِ‬
‫ﺐ اﺧﺘ ﺼﺎص اﻟ ﻨﺺ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز اﻟﻘﯿ ﺎس ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ إدﺧ ﺎل‬ ‫ﻋ ﺪم ﻋﱢﻠﱢﯿ ﺔ اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ ‪ ،‬وﺳ ﺒ ِ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل وﻟﺤﺎھﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻄﻠﻘًﺎ‪.‬‬

‫وھﻜﺬا ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ اﻷدﻟﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﻤﺬﻛﻮر آﻧﻔًﺎ ‪،‬‬
‫ﺳﻨﱠﺔ وﻟﯿﺲ واﺟﺒًﺎ‪.‬‬
‫وھﻮ أن اﻹﻋﻔﺎء ُ‬

‫ﻒ اﻹﺑﻂ‬
‫ﻧﺘ ُ‬
‫ﻧﺘﻒ اﻹﺑﻂ ﻣﻨﺪوب ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﺸﺮٌ ﻣﻦ اﻟﻔِﻄﺮة ‪ :‬ﻗﺺﱡ اﻟﺸﺎرب وﻧﺘﻒُ اﻹﺑﻂ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬ ‫‪» r‬ﻋ ْ‬
‫ﺲ‪ ... :‬وﻧﺘ ﻒُ اﻹﺑ ﻂ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ھ ﺬان‬ ‫ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻟﻔِﻄ ﺮة ﺧﻤ ٌ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﺑﺘﻤﺎﻣﮭﻤﺎ‪ .‬ورﻏﻢ أن اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ھﻮ اﻟﻨﱠﺘﻒ إﻻ أنﱠ ﻛ ﻮن اﻟﻘ ﺼﺪ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ‪،‬‬
‫ن ﺗﻮﻗﯿ ﺖ ﻧﺘ ﻒ اﻹﺑ ﻂ‬ ‫وھﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﺤﻠﻖ وﺗﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻘﺺﱢ‪ ،‬ﯾﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﻮل ﺑﺠﻮاز اﻟﺤﻠﻖ واﻟﻘ ﺺ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﺑﺄرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣﺎً ھﻮ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ذﻟﻚ‪ ،‬ﻷن ﻣﻦ ﺗﺮك ﺷﻌﺮ إﺑﻄﯿ ﮫ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ًﺎ ﻃ ﺎل ووﺻ ﻞ إﻟ ﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻘﺼﯿﺮ واﻟﻘﺺ ورﺑﻤﺎ زاد‪ .‬ﻗﺎل ﯾﻮﻧﺲ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ ‪ :‬دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻋﻨﺪه اﻟﻤ ﺰﯾﱢﻦ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ اﻟﻨﺘ ﻒ وﻟﻜ ﻦ ﻻ أﻗ ﻮى ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻊ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي‬ ‫ﺖ أن اﻟ ﱡ‬
‫ﯾﺤﻠ ﻖ إﺑﻄ ﮫ ﻓﻘ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻋﻠﻤ ُ‬
‫ﺳ ﺌﻞ‬
‫) اﻷﻓﻀﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻨﺘ ﻒ إن َﻗ ﻮِي ﻋﻠﯿ ﮫ وﯾﺤ ﺼﻞ أﯾ ﻀﺎً ﺑ ﺎﻟﺤﻠﻖ واﻟﱡﻨ ﻮرة( وواﻓﻘ ﮫ اﺑ ﻦ ﻗﺪاﻣ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ ُ‬
‫إﺳﺤﻖ‪ :‬ﻧﺘﻒ اﻹﺑﻂ أﺣﺐﱡ إﻟﯿﻚ أو ﺑﻨُﻮرة؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﺘﻔ ﮫ إن ﻗ ﺪر‪ .‬ﻓﮭ ﺆﻻء اﺳ ﺘﺤﺒﻮا اﻟﻨﺘ ﻒ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻠ ﻖ أو‬
‫اﻟﱡﻨ ﻮرة‪ .‬واﻟﱡﻨ ﻮرة ھ ﻲ ﻣ ﺎ ُﯾ ﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣ ﻦ اﻟﺠِﯿ ﺮ وﯾُﻄَﻠ ﻰ ﺑ ﮫ ﻣﻮﺿ ﻊ اﻟ ﺸﻌﺮ ﻓﯿ ﺴﻘﻂ‪ .‬وﻛﻠﱡﮭ ﻢ ﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ‬
‫أﺟﺎزوا اﻟﺤﻠﻖ واﻟﺤﻒﱠ ﻷن اﻟﻘﺼﺪ ھﻮ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ‪ ،‬وھﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﻜﻞ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫وﯾﺴﺘﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﺘﻒ أو اﻟﺤﻠﻖ أن ﻻ ﯾﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣﺎً ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻤﺮوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ‬

‫اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ اﻟﺨﺎﺻ ﺔ ﺑﻘ ﺺ اﻟ ﺸﺎرب‪ ،‬وإن ﻧَﺘَ ﻒ ﻓ ﻲ أﻗ ﻞﱠ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺟ ﺎز ورﺑﻤ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﻻ ﺛﻢ اﻷﯾﺴﺮ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روت ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬ ‫ﺐ أن ﯾﻨﺘﻒ إﺑﻄﮫ اﻷﯾﻤﻦ أو ً‬ ‫أﻓﻀﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾُﺴﺘﺤ ﱡ‬
‫»ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻌﺠﺒﮫ اﻟﺘﯿﻤﱡﻦ ﻓﻲ ﺗﻨﻌﻠﱡﮫ وﺗﺮﺟﱡﻠﮫ وﻃُﮭﻮره وﻓﻲ ﺷﺄﻧﮫ ﻛﻠﱢﮫ « رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻗﺺﱡ اﻷﻇﻔﺎر‬
‫ﻗﺺ اﻷﻇﻔﺎر ﻣﻨﺪوب ﻟﻤﺎ رُوي أن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻋﺸﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻔِﻄ ﺮة ‪ ...‬وﻗ ﺺ اﻷﻇﻔ ﺎر ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠـﻢ وﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫»اﻟﻔِﻄﺮة ﺧﻤﺲ‪ ...‬وﺗﻘﻠﯿﻢ اﻷﻇﻔﺎر‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿﺮه‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ھﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﺑﺘﻤﺎﻣﮭﻤ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺺ‬

‫‪100‬‬
‫ﺣ ﱠﺪ ﻟﻨﺎ ﺑﺄرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣًﺎ ﻛﺤ ﱟﺪ أﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺼﱠﮭﺎ ﻓ ﻲ أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻛ ﺎن أﺑﻠ ﻎ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻷﻇﻔﺎر أوﺗﻘﻠﯿﻤﮭﺎ إﻧﻤﺎ ُ‬
‫اﻟﺘﻨﻈﯿ ﻒ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺺ‪ ،‬ﻷن اﻷﻇﻔ ﺎر إن ﻃﺎﻟ ﺖ ﺗﺠﻤﱠ ﻊ اﻟﻮﺳ ﺦ ﺗﺤﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤ ﺎ ﺧ ﺎﻟﻂ اﻟﻄﻌ ﺎم‬
‫واﻟﺸﺮاب‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ أﯾ ﻮب اﻟﻌﺘﻜ ﻲ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪َ » r‬ﯾ ﺴﺄل أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻋ ﻦ ﺧﺒ ﺮ اﻟ ﺴﻤﺎء وھ ﻮ‬
‫ﺨﺒَ ﺚ واﻟ ﱠﺘ َﻔ ﺚ« رواه أﺣﻤ ـﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬ﻗ ﺎل‬ ‫ﯾ ﺪع أﻇﻔ ﺎره ﻛﺄﻇ ﺎﻓﯿﺮ اﻟﻄﯿ ﺮ ﯾﺠﺘﻤ ﻊ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ واﻟ َ‬
‫ﺨ َﺒ ﺚ واﻟﱠﺘ َﻔ ﺚ ‪ :‬أي اﻟﻮﺳ ﺦ‪ .‬ﺛ ﻢ إن‬ ‫اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )رﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ ﺧﻼ أﺑﺎ واﺻﻞ وھﻮ ﺛﻘﺔ(‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ َ‬
‫ﻃﺎﻟﺖ اﻷﻇﻔﺎر رﺑﻤﺎ ﺳﺒﱠﺒﺖ أذى وأﺣﺪﺛﺖ ﺟِﺮاﺣﺎتٍ ﻓﺠﺎء اﻷﻣﺮ ﺑﻘ ﺼﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﻮادة ﺑ ﻦ اﻟﺮﺑﯿ ﻊ ﻗ ﺎل‬
‫ﻏ ﺬاء‬‫ﺤ ﺴِﻨﻮا ِ‬
‫ﺖ إﻟ ﻰ ﺑﯿﺘ ﻚ ﻓ ُﻤ ﺮھﻢ ﻓ ْﻠ ُﯿ ْ‬‫»أﺗﯿﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺴﺄﻟﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﻟﻲ ﺑ َﺬ ْودٍ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬إذا رﺟﻌ َ‬
‫رِﺑﺎﻋﮭﻢ‪ ،‬و ُﻣﺮْھﻢ ﻓﻠْﯿﻘﻠﱢﻤﻮا أﻇﻔﺎرھﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﺒﻄﻮا ﺑﮭﺎ ﺿُﺮوع ﻣﻮاﺷﯿﮭﻢ إذا ﺣﻠﺒﻮا« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ‬
‫اﻟ ﱠﺬوْد‪ :‬ھﻮ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺜﻨﺘﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺘ ﺴﻊ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﺮﱢﺑ ﺎع ﺟﻤ ﻊ رُ َﺑ ﻊ‪ :‬ھ ﻮ ﻣ ﺎ وُﻟ ﺪ ﻣ ﻦ اﻹﺑ ﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﺑﯿﻊ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﯾﻌﺒﻄﻮا‪ :‬أي ﯾﺠﺮﺣﻮا‪ .‬ﻓﮭﺬان اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﯾﺒﯿﱢﻨﺎن اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻗﺺ اﻷﻇﻔﺎر وﯾ ﺪﻻﱠن ﻣ ﻦ ﺛ ﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺺ ﺳُ ﻨﱠﺔ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓ ًﺔ إﻟ ﻰ ﻛ ﻮن ﻗ ﺺ اﻷﻇﻔ ﺎر ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ .‬وﯾُ ﺴﻦﱡ ﺗﻘﻠ ﯿﻢ أﻇ ﺎﻓﺮ أﺻ ﺎﺑﻊ اﻟﯿ ﺪ‬
‫ﻻ ﺛﻢ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬وذﻟ ﻚ‬ ‫ﻻ ﺛﻢ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﯿﺪ اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬ﺛﻢ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺮﱢﺟﻞ اﻟﯿﻤﻨﻰ أو ً‬ ‫اﻟﯿﻤﻨﻰ أو ً‬
‫ﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﱠﯿﺎﻣﻦ اﻟﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺴﱠﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫وﺑﮭﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﯿ ﮫ إﻟ ﻰ ﻧﻘﻄ ﺔ ﻣﮭﻤ ﺔ ﺧﺎﺻ ﺔ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء ھ ﻲ ﻃ ﻼء اﻷﻇﻔ ﺎر ﺑﻤ ﺎ‬
‫ﯾُﺴﻤﱠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻛﯿﺮ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻄﻼء ﯾﺸﻜﱢﻞ ﻃﺒﻘﺔ ﺳ ﻤﯿﻜﺔ ﺗﺤ ﻮل دون وﺻ ﻮل ﻣ ﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء واﻷَﻏ ﺴﺎل إﻟ ﻰ‬
‫اﻷﻇﻔ ﺎر ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ ﻓ ﺴﺎد اﻟﻮﺿ ﻮء واﻷَﻏ ﺴﺎل ‪ ،‬ﻓﻠْﺘﻨﺘﺒ ﮫ اﻟﻨ ﺴﺎء إﻟ ﻰ ھ ﺬا وﻟ َﯿ ﺪَﻋْﻦ ھ ﺬه اﻟﺰﯾﻨ ﺔ‪،‬‬
‫ﻻ أن ﯾﻤﺴﺤﻦ ھﺬا اﻟﻄﱢﻼء ﻋﻨﺪ ﻛﻞ وﺿﻮء وﻏُﺴﻞ ‪ ،‬وھﺬا ﯾ ﺸﻖ‬ ‫وﯾﻤﻜﻨﮭﻦﱠ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺤﻨﱠﺎء ﺑﺪﻻً ﻣﻨﮫ‪ ،‬إ ﱠ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻦﱠ ‪ .‬وﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﯾُﺮاﺟﻊ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻮﺿﻮء[ ﺑﺤﺚ ]ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺿﻮء[‪.‬‬

‫ﻏﺴﻞ اﻟﺒﺮاﺟﻢ‬
‫اﻟﺒﺮاﺟﻢ‪ :‬ھﻲ اﻟ ُﻌﻘَ ﺪ اﻟﺘ ﻲ ﻓ ﻲ ﻇﮭ ﻮر اﻷﺻ ﺎﺑﻊ‪ ،‬ﺗﻘﺎﺑﻠﮭ ﺎ اﻟﺮﱠواﺟ ﺐ‪ :‬وھ ﻲ ﻣﻔﺎﺻ ﻞ اﻷﺻ ﺎﺑﻊ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺪاﺧﻞ‪ ،‬واﺣ ﺪﺗﮭﺎ راﺟﺒ ﺔ‪ .‬واﻟﺒ ﺮاﺟﻢ ﻏ ﺴﻠﮭﺎ ﻣﻨ ﺪوب ﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﻤﺘﻘ ﺪم »ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔِﻄ ﺮة ‪...‬‬
‫وﻏ ﺴﻞ اﻟﺒ ﺮاﺟﻢ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﻏ ﺴﻞ اﻟﺮﱠواﺟ ﺐ ﻣﻨ ﺪوب ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﯿﻞ ﻟ ﮫ »ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻟﻘ ﺪ أﺑﻄ ﺄ ﻋﻨ ﻚ ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم‪ .‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬و ِﻟ َﻢ ﻻ‬
‫ﯾُﺒﻄﻲء ﻋﻨﻲ‪ ،‬وأﻧﺘﻢ ﺣ ﻮﻟﻲ وﻻ ﺗ ﺴﺘﻨﱡﻮن وﻻ ﺗُﻘﻠﱢﻤ ﻮن أﻇﻔ ﺎرﻛﻢ‪ ،‬وﻻ ﺗﻘ ﺼﱡﻮن ﺷ ﻮارﺑﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ُﺗ َﻨ ﱡﻘ ﻮن‬
‫رواﺟﺒﻜﻢ« رواه أﺣﻤﺪ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫وﯾﻜﻔﻲ ﻟﺘﻨﻈﯿﻒ اﻟﺒﺮاﺟﻢ واﻟﺮواﺟﺐ ﺗﻨﻈﯿﻒ اﻟﯿﺪ‪ ،‬إذ ﻣﺎ دام اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻋﺪة ﻣﺮات ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم‬
‫واﻟﻠﯿﻠ ﺔ‪ ،‬وﯾﻐﺘ ﺴﻞ اﻷﻏ ﺴﺎل اﻟﻮاﺟﺒ ﺔ واﻟﻤ ﺴﻨﻮﻧﺔ ‪ ،‬وﯾﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻘ ﺐ اﻷﻛ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻏ ﺴﻞ اﻟﺒ ﺮاﺟﻢ‬
‫واﻟﺮواﺟﺐ ﯾﺘﺤﻘﻖ ﺑﺬﻟﻚ ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻌﻮد ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﻓﺮادھﺎ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫ﺣﻠﻖُ اﻟﻌﺎﻧﺔ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﻤﺘﻘ ﺪم »ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔِﻄ ﺮة ‪ ...‬وﺣﻠ ﻖ‬
‫وﯾ ﺴﻤﱠﻰ أﯾ ﻀًﺎ اﻻﺳ ﺘﺤﺪاد ‪ ،‬وھ ﻮ ُ‬
‫اﻟﻌﺎﻧﺔ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه ‪ .‬وﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻟﻤﺘﻘ ﺪﱢم »اﻟﻔﻄ ﺮة ﺧﻤ ﺲ‪ ...‬واﻻﺳ ﺘﺤﺪاد ‪«...‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ﻏِﻔ ﺎر أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ﻣ ﻦ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺤﻠﻖ ﻋﺎﻧﺘﮫ وﯾﻘﻠﱢﻢ أﻇﻔﺎره وﯾﺠ ﱠﺰ ﺷ ﺎرﺑﮫ ﻓﻠ ﯿﺲ ﻣﻨ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﺴﻨﺪ ﺣ ﺴﱠﻨﮫ اﻟ ﺴﯿﻮﻃﻲ‪ .‬واﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫اﻟﻤﺒﮭﻢ ﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﺗﻀ ﱡﺮ ﻓﻜﻠﱡﮭﻢ ﻋﺪول‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫وﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ وﻧﺘﻔﮭﺎ وﺣﻔﱡﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﱡﻮرة أو اﻟﺰرﻧﯿﺦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺟ ﺎﺋﺰ ﻣ ﺎ دام ﯾﺤﻘﱢ ﻖ اﻟﻐﺎﯾ ﺔ وھ ﻲ إزاﻟ ﺔ‬
‫اﻟ ﺸﻌﺮ وﺗﻨﻈﯿ ﻒ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ ‪ .‬ﻗﯿ ﻞ ﻷﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ‪ :‬ﺗ ﺮى أن ﯾﺄﺧ ﺬ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺳ ﺎﻓِﻠﺘَﮫ ﺑ ﺎﻟﻤﻘﺮاض ‪ -‬أي‬
‫ﺺ ‪ -‬وإن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻘﺺ؟ ﻗﺎل‪ :‬أرﺟﻮ أن ﯾُﺠﺰﺋﮫ إن ﺷ ﺎء اﷲ‪ ،‬ﻗﯿ ﻞ ‪ :‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ‪ :‬ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻘ ﱢ‬
‫اﻟ ﱠﺮﺟﻞ إذا ﻧﺘﻒ ﻋﺎﻧﺘﮫ ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬وھﻞ ﯾﻘﻮى ﻋﻠﻰ ھﺬا أﺣﺪ؟ وھﺬا ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﺘﻒ اﻟﻌﺎﻧﺔ ﯾﺴﺒﺐ وﺟﻌ ًﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻘ ﻮى ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﺎﻣ ﺔ اﻟﻨ ﺎس‪ .‬ﻓ ﺎﻟﻌﺒﺮة ﺑﺈزاﻟ ﺔ اﻟ ﺸﻌﺮ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﯾﺰﯾ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﯾﺠ ﻮز اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ وﯾﺤﻘﱢ ﻖ‬
‫اﻟﻤﻨﺪوب‪ .‬وﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ھﻨﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﻤﺎ روى اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻏﯿﺮه ﻣ ﻦ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﱠ‬
‫ﻄِﻠ ﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﱡﻮرة ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وھﻮ ﻏﯿﺮ ﻻزم‪.‬‬

‫اﻟﺨِﺘﺎن‬
‫ﺨ ﺘْﻦ ﺑﻔ ﺘﺢ وﺳ ﻜﻮن ‪ :‬ﻗﻄ ُﻊ ﺑﻌ ﺾٍ‬ ‫اﻟﺨِﺘ ﺎن ﺑﻜ ﺴﺮ اﻟﺨ ﺎء ‪ :‬ﻣ ﺼﺪر ﺧ ﺘﻦ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻗﻄ ﻊ‪ .‬واﻟ َ‬
‫ﺸﻔَﺔ‪.‬‬
‫ص ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻤﺎ َورْدي ‪ :‬ﺧﺘﺎن اﻟﺬﱠﻛَﺮ ﻗﻄ ُﻊ اﻟﺠﻠ ﺪة اﻟﺘ ﻲ ﺗﻐﻄ ﻲ اﻟﺤَ َ‬
‫ص ﻣﻦ ﻋﻀ ٍﻮ ﻣﺨﺼﻮ ٍ‬ ‫ﻣﺨﺼﻮ ٍ‬
‫وﻗ ﺎل ‪ :‬ﺧﺘ ﺎن اﻷﻧﺜ ﻰ ﻗﻄ ﻊ ﺟﻠ ﺪة ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ أﻋﻠ ﻰ ﻓﺮﺟﮭ ﺎ ﻛ ﺎﻟﻨﱠﻮاة أو ﻛﻌ ﺮف اﻟ ﺪﯾﻚ‪ .‬وﯾ ﺴﻤﻰ ﺧﺘ ﺎن‬
‫ﺠﺰِيء ﻓﻲ ﺧﺘﺎن اﻟﺬﻛﺮ ﻗﻄﻊ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻘُﻠْﻔﺔ‬ ‫ﺧﻔْﻀًﺎ‪ .‬واﻟﻤُ ْ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة إﻋﺬارًا ‪ ،‬وﺧﺘﺎن اﻷﻧﺜﻰ ﺧﺎﺻﺔ َ‬
‫ﺸﻔَﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪ .‬وﻗﺪ وردت ﻓﻲ اﻟﺨﺘﺎن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬ ‫ﺤَ‬
‫ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺒﻘﻰ ﻣﻨﮭﺎ ﺷﻲء وﺗﻨﻜﺸﻒ اﻟ َ‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﺧﺘ ﺘﻦ إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﺧﻠﯿ ﻞ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‬

‫ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺗﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻤﺎﻧﻮن ﺳﻨﺔ‪ ،‬واﺧﺘﺘﻦ ﺑﺎﻟ َﻘﺪُوم« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬واﻟﻘَ ﺪُوم‪:‬‬
‫ھﻲ اﻷدا ُة اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ‪.‬‬

‫‪ - 2‬رُوي ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺳُﺌﻞ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ :‬ﻣِﺜﻞ َﻣ ﻦ أﻧ ﺖ ﺣ ﯿﻦ ُﻗ ﺒﺾ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬؟‬
‫ﻗﺎل‪ :‬أﻧﺎ ﯾﻮﻣﺌ ٍﺬ ﻣﺨﺘﻮن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﺨﺘﻨﻮن اﻟﺮﺟﻞ ﺣﺘﻰ ﯾﺪرك« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﻋﺜَﯿﻢ ﺑﻦ ﻛﻠﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه »أﻧﮫ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ أﺳﻠﻤﺖُ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﻟ ﻖِ‬‫‪ - 3‬ﻋﻦ ُ‬
‫ﻋﻨﻚ ﺷﻌَﺮ اﻟﻜﻔﺮ‪ ،‬ﯾﻘﻮل‪ :‬اﺣﻠﻖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وأﺧﺒﺮﻧ ﻲ آﺧ ﺮ ﻣﻌ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻵﺧ ﺮ‪ :‬أﻟ ﻖ ﻋﻨ ﻚ ﺷ ﻌﺮ‬
‫اﻟﻜﻔﺮ واﺧﺘﺘﻦ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ ‪ :‬ﻗ ـﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺟﻠ ﺲ ﺑ ﯿﻦ ُ‬

‫ﺷ ﻌَﺒﮭﺎ اﻷرﺑ ﻊ‬
‫وﻣﺲﱠ اﻟﺨﺘﺎنُ اﻟﺨﺘﺎنَ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ اﻟﻐﺴﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻟﻔﻈ ﮫ »إذا‬
‫ن وﺟﺐ اﻟﻐُﺴﻞ« وﻗﺎل ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬ ‫ن اﻟﺨﺘﺎ َ‬
‫ﺟﺎوز اﻟﺨﺘﺎ ُ‬

‫ﻖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ واﻟﺤ ﺴﯿﻦ ‪ ،‬وﺧﺘﻨﮭﻤ ﺎ‬

‫ﻋ ﱠ‬
‫‪ - 5‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » َ‬
‫ﻟﺴﺒﻌﺔ أﯾﺎم« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ - 6‬ﻋﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ اﻷﻧﺼﺎرﯾﺔ »أن اﻣﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺘﻦ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻻ ُﺗ ْﻨﮭِﻜ ﻲ‪،‬‬
‫ﺐ إﻟﻰ اﻟﺒﻌﻞ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ن ذﻟﻚ أﺣﻈﻰ ﻟﻠﻤﺮأة وأﺣ ﱡ‬
‫ﻓﺈ ﱠ‬

‫‪ - 7‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻗ ﺎل »دﺧ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻧ ﺴﻮة ﻣ ﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻧ ﺴﺎء اﻷﻧ ﺼﺎر‬
‫ﻦ وﻻ ُﺗ ْﻨ ِﮭﻜْﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ أﺣﻈ ﻰ ﻋﻨ ﺪ أزواﺟﻜ ﻦ‪ ،‬وإﯾ ﺎﻛﻢ وﻛُﻔ َﺮ اﻟﻤُﻨﻌَﻤ ﯿﻦ« رواه‬
‫ﻀَ‬
‫ﻏﻤْﺴ ًﺎ واﺧ ِﻔ ْ‬
‫ﻦ َ‬
‫اﺧﺘﻀ ْﺒ َ‬
‫اﻟﺒﺰﱠار‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻻ ﺗﻨﮭﻜﻦ ‪ :‬أي ﻻ ﺗﺒﺎﻟﻐﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺺ‪.‬‬

‫‪ - 8‬ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻤﻠﯿﺢ ﺑﻦ أُﺳﺎﻣﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎل »اﻟﺨﺘ ﺎن ﺳُ ﻨﱠﺔ‬

‫‪102‬‬
 ‫ﻟﻠﺮﺟﺎل َﻣ ْﻜﺮُﻣ ٌﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﻓﺘﺮق اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﺘﺎن ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺤ ﻮ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‬
‫ن َﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺨﺘ ﺘﻦ ﻻ‬
‫إﻧﮫ واﺟﺐ ﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ورُوي ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس اﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ وأ ﱠ‬
‫ﺣﺞﱠ ﻟﮫ وﻻ ﺻﻼة‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ إﻧ ﮫ ﺳُ ﻨﱠﺔٌ ﻟﮭﻤ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ إﻧ ﮫ واﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﺟ ﺎل دون‬
‫ﺧ ﺺ ﻓ ﻲ ﺗﺮﻛ ﮫ ‪ ،‬وﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺪ أﺳ ﻠﻢ اﻟﻨ ﺎس اﻷﺳ ﻮد واﻷﺑ ﯿﺾ وﻟ ﻢ‬ ‫اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬ورُوي ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ أﻧ ﮫ ر ﱠ‬
‫ﯾُﻔﺘﱠﺶ أﺣﺪٌ ﻣﻨﮭﻢ وﻟﻢ ﯾﺨﺘﺘﻨﻮا‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ اﺣ ﺘﺞ اﻷوﱠﻟ ﻮن ‪ -‬اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﻣ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ‪ -‬ﺑﺤ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻷوﱠل وﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﻋُ َﺜ ﯿﻢ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬وﺑﺤﺪﯾﺚ أم ﻋﻄﯿﺔ اﻟﺴﺎدس ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﺧﺘﺎن اﻷﻧﺜﻰ‪ ،‬ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ إﻧﮫ ﻟﻮﻻ أن اﻟﺨﺘﺎن ﻛ ﺎن واﺟﺒ ًﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣﻖ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻟﻤﺎ اﺧﺘﺘﻦ وھﻮ ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻦ‪ ،‬وﻛ ﻮن اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﯾﻘ ﻮل ] َأ ْ‬
‫ن اﺗﱠ ِﺒ ْﻊ ِﻣﻠﱠ َﺔ‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢَ ﺣﻨﯿﻔ ًﺎ[ ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻻﺧﺘﺘﺎن‪ .‬وھﺬه اﻷدﻟﺔ ھﻲ أدﻟﺔ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻓ ﻲ ﺣ ﻖ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس‪.‬‬

‫واﺣﺘﺞ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺤﺪﯾﺚ أﺑﻲ اﻟﻤﻠﯿﺢ اﻟﺜﺎﻣﻦ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪھﻢ وﺻﻒ ﺧﺘﺎن اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺄﻧﮫ‬
‫ﺳُﻨﱠﺔ‪ ،‬ووﺻﻒ ﺧﺘ ﺎن اﻟﻨ ﺴﺎء ﺑﺄﻧ ﮫ ﻣَﻜﺮُﻣ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ أﯾ ﻀﺎً‪ .‬وﺑﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺳ ﺘﺪل اﻟﻔﺮﯾ ﻖ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪ ،‬وزاد اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول واﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻋﻠ ﻰ رأﯾﮭ ﻢ ﻓ ﻲ ﺧﺘ ﺎن اﻟﻨ ﺴﺎء ﺑﺄﻧ ﮫ ُ‬
‫اﻟﻘ ﻮل إن ﻛ ﺸﻒ اﻟﻌ ﻮرة ﺣ ﺮام وﻻ ﯾﺠ ﻮز ذﻟ ﻚ إﻻ ﻷﻣ ﺮٍ واﺟ ﺐ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ أن اﻟﺨﺘ ﺎن واﺟ ﺐ ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎز‬
‫ﺧﺘ ﺎن اﻟﺒ ﺎﻟﻎ وﻛ ﺸﻒ ﻋﻮرﺗ ﮫ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺧﺘ ﺎن اﻟﺒ ﺎﻟﻐﯿﻦ‪ .‬ھ ﺬا ﻣﺠﻤ ﻞ آراﺋﮭ ﻢ‬
‫واﺳﺘﺪﻻﻻﺗﮭﻢ‪.‬‬

‫وﻧﺤﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﻻ ﺑ ﺪ ﻟﻨ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ‬

‫ﺻﺤﺔ اﻹﺳﻨﺎد وﻋﺪﻣﮭﺎ ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋُﺜ ﯿﻢ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﯿ ﮫ اﻧﻘﻄ ﺎع‪ ،‬وﻋُﺜ ﯿﻢ وأﺑ ﻮه ﻣﺠﮭ ﻮﻻن‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺠﺮ واﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬وﺣﺪﯾﺚ أم ﻋﻄﯿ ﺔ اﺧ ُﺘِﻠ ﻒ ﻓﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﻤﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻀﺤﺎك‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ ﻋﻄﯿ ﺔ اﻟ ُﻘﺮَﻇ ﻲ‪ ،‬وﻗﯿ ﻞ ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ ھ ﻮ‬
‫ﻣﻌﻠﻮل ﺑﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﱠﺎن‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ داود )وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﺎن ﻣﺠﮭﻮل وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ( ﻓﮭ ﻮ إذن‬
‫ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬وﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺴﺎﺑﻊ أﯾﻀﺎً ﺿﻌﯿﻒ ﺿﻌﱠﻔﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ واﻟﺒﺨ ﺎري‪،‬‬
‫وﻗ ﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ )ﻓﯿ ﮫ ﻣﻨ ﺪل اﺑ ﻦ ﻋﻠ ﻲ وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ( وﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ اﻟﻤﻠ ﯿﺢ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )ھ ﻮ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ( وأﻋﻠﱠﮫ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ ﻓﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬ﻓﺘﺒﻘ ﻰ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪ :‬اﻷول‬
‫واﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺨﺎﻣﺲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻠﯿﺴﺖ ﻓﯿﮫ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻻﺧﺘﺘﺎن‪ ،‬ﻷن اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‬
‫ﯾﻔﻌﻠﻮن اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﻮن اﻟﻤﻨ ﺪوﺑﺎت‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗ ﺎل ﻗﺎﺋ ﻞ إن اﺧﺘﺘ ﺎن إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺳ ﻦ اﻟﺜﻤ ﺎﻧﯿﻦ ﯾ ﺪلﱡ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻗﻠﻨ ﺎ‪ :‬إن اﺧﺘﺘﺎﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺳ ﻦ‬
‫ﺷ ﺮْع‬‫اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻦ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎن واﺟﺒًﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻟﻤ ﺎ أﺧﱠ ﺮه إﻟ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻮﻗ ﺖ‪ .‬وﺛﺎﻧﯿ ﺎً إنﱠ َ‬
‫َﻣ ﻦ ﻗﺒﻠﻨ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ﺷ ﺮﻋًﺎ ﻟﻨ ﺎ‪ ،‬واﺧﺘﺘ ﺎن إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﻟ ﻮ ﺻ ﺢ ﻓﮭﻤ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ واﺟ ﺐ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻣﺨﺎﻃﺒﯿﻦ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﮫ ﻓﯿﮫ‪ .‬ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ إن اﻟﻘﺮآن ﻃﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﮫ أﺟﺒﻨﺎه ﺑﺄن اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﮭﺪ‬
‫ﺑﮭ ﺎ ﻻ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮاه‪ ،‬ﻷن اﺗﺒ ﺎع ﻣﱠﻠ ﺔ إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﻏﯿ ﺮ اﺗﺒ ﺎع ﺷ ﺮﯾﻌﺘﮫ ﻓ ﻨﺤﻦ ﻣ ﺄﻣﻮرون ﺑﺎﺗﺒ ﺎع ﻣﱠﻠ ِﺔ‬
‫إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻣﱠﻠ ﺔِ ﻋﯿ ﺴﻰ وﻣﱠﻠ ﺔِ ﻣﻮﺳ ﻰ وﻣﱠﻠ ﺔِ ﻧ ﻮح‪ ،‬وھ ﻲ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣﻠ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬وﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﻤﻠ ﺔ أﺻ ﻞ اﻟ ﺪﯾﻦ‬
‫واﻟﺘﻮﺣﯿﺪ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ]إنﱠ اﻟ ﺪﱢﯾﻦ ﻋﻨ ﺪ اﷲ اﻹﺳ ﻼم[ ﻓﺎﻟ ﺪﯾﻦ واﻟﻤﱠﻠ ﺔ واﻟﺘﻮﺣﯿ ﺪ‬
‫ن ﻟﻜ ﱢﻞ ﻧﺒ ﻲ ﺷ ﺮﯾﻌ ًﺔ ﺗﻐ ﺎﯾﺮ‬‫ﺷﻲء واﺣﺪ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﺄﻣﻮرﯾﻦ ﺑﺎﺗﱢﺒﺎع ﺷﺮاﺋﻌﮭﻢ ‪ ،‬ﻷ ﱠ‬
‫ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻵﺧﺮ‪ .‬ﻓﻨﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﺨﺎﻃﺒﯿﻦ ﺑﺎﺗﺒﺎع اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﺳﻮى ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼم‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ]ﻟﻜ ﻞﱟ‬
‫ﺷﺮْﻋ ًﺔ و ِﻣﻨْﮭﺎﺟ ًﺎ[ ‪ .‬واﻟﺨﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ وﻟﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋ ﺪ ﻓ ﻼ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ﻃﻠ ﺐ اﻵﯾ ﺔ‪.‬‬‫ﺟﻌﻠﻨﺎ ِﻣ ْﻨﻜُ ْﻢ ِ‬

‫‪103‬‬
‫ﻓﺎﻵﯾﺔ واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺪل اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺄن ﺳﯿﺪﻧﺎ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻗﺪ اﺧﺘﺘﻦ وھﻮ اﺑﻦ ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﺳﻨﺔ دون أﯾﺔ إﺿﺎﻓﺔ أُﺧﺮى‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﮭﻮ ﺗﻘﺮﯾ ٌﺮ ﻟﻮاﻗﻊٍ ﻣﻮﺟ ﻮد ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬وھ ﻮ أﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺨﺘﺘﻨ ﻮن‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﺲ اﻟﺨﺘﺎنُ اﻟﺨﺘﺎنَ« ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ‬ ‫أﻣ ٌﺮ ﻻ ﻧﺸﻚ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺸﻚ ﻓﯿﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ »وﻣ ﱠ‬
‫ﻻ وﻧ ﺴﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب وﻻ ﻧ ﺪب‪ ،‬ﺑ ﻞ ھ ﻮ ﻻ ﯾﺒﺤ ﺚ ﺣﻜ ﻢ ھ ﺬه‬ ‫أن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺨﺘﺘﻨﻮن رﺟ ﺎ ً‬
‫ﻼ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﯿ ﻞ ﻧﻔ ﺴﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺨﺘﺘﻨ ﻮن‪ ،‬وﻗ ﺪ‬ ‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﺻ ً‬
‫أﺿﺎف إﺿﺎﻓﺔ ﺟﺪﯾﺪة ھﻲ أن اﺧﺘﺘﺎن اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺤﺴﯿﻦ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة ھﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﺧﻼف ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬وھﺬه واﻗﻌ ﺔ ﻋ ﯿﻦ‪ ،‬وواﻗﻌ ﺔ اﻟﻌ ﯿﻦ ﻻ ﻋﻤ ﻮم ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺆﺧ ﺬ ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺗﻌﻤ ﯿﻢٌ ﻟﻠﺤﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟﺤ ﺴﻦ واﻟﺤ ﺴﯿﻦ ﺧُﺘﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم اﻟ ﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ أﻣ ﺮاً ﻣﻨ ﮫ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾﺨﺘﻨ ﻮا أﺑﻨ ﺎءھﻢ وھ ﻢ ﻓ ﻲ ﺳ ﻦﱢ اﻟﯿ ﻮم‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑ ﮫ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﻮن ﺑﻮﺟ ﻮب اﻻﺧﺘﺘ ﺎن ﻣ ﻦ أن ﻛ ﺸﻒ اﻟﻌ ﻮرة ﻻ ﯾﻜ ﻮن إﻻ‬
‫ﻟﻮاﺟﺐ ‪ -‬وھﻢ ﯾﻌﻨﻮن ﺑﮫ ﺧﺘﺎن اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ‪ -‬ﻓﻨﺠﯿﺒﮭﻢ ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻏﯿ ﺮ ﻻزم‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺸﺮع ﻗ ﺪ ﺣ ﱠﺮم اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫ﺑﺪن اﻟﻤﺮأة واﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺟﺎز ﻟﻠﺸﺎب اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺧﻄﯿﺒﺔ ﻟﮫ أن ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ أي ﻋ ﻀﻮ‬
‫ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺰواج ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﺑﻞ وأن ﯾﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺬي ﯾﺮﻏﺐ ﻓ ﻲ رؤﯾﺘ ﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺪن ﻓﺘﺎﺗﮫ‪ .‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ » r‬إذا ﺧﻄﺐ أﺣﺪﻛﻢ اﻟﻤﺮأة ﻓﺈن اﺳﺘﻄﺎع‬
‫ﺖ ﺟﺎرﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ﺳ ﻠﻤﺔ ‪ ،‬ﻓﻜﻨ ﺖ‬ ‫أن ﯾﻨﻈﺮ ﻣﻨﮭﺎ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾ ﺪﻋﻮه إﻟ ﻰ ﻧﻜﺎﺣﮭ ﺎ ﻓﻠْﯿﻔﻌ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﺨﻄﺒ ُ‬
‫ﺾ ﻣﺎ دﻋﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﻧﻜﺎﺣﮭﺎ ﻓﺘﺰوﺟﺘﮭ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬ ‫أﺧﺘﺒﺊ ﻟﮭﺎ ﺗﺤﺖ اﻟ َﻜﺮَب ﺣﺘﻰ رأﯾﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻌ َ‬
‫داود‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧﺺﱞ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ﺟﻮاز ﻧﻈﺮ اﻟﺨﺎﻃﺐ إﻟﻰ أي ﻋﻀﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﯾﻨﻈﺮ ﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮه إﻟﻰ ﻧﻜﺎﺣﮭﺎ« ﻋﺎم ﻟ ﻢ ﯾﺨﺼﱢ ﺼﮫ ﻧ ﺺﱞ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺒ ﺎب‪ ،‬ﻓﻠ ﮫ‬
‫أن ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ﺷ ﻌﺮھﺎ وﺻ ﺪرھﺎ ورﻗﺒﺘﮭ ﺎ وﺳ ﺎﻗﮭﺎ وﺳ ﺎﻋﺪھﺎ إن ﻛ ﺎن ﯾﺮﻏ ﺐ ﻓ ﻲ ﻣﻌﺮﻓ ﺔ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ ﺧﻄﺒ ﺔ ﻓﻼﻧ ﺔ ﺑﺎﻟ ﺬات‪ ،‬ﻓﮭﻨ ﺎ‬‫زوﺟﺘﮫ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ‪ ،‬وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺒﺎح رﻏﻢ أن اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻏﯿﺮ واﺟﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻀ ً‬
‫أﺟﺎز اﻟﺸﺮع اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻷﻣ ٍﺮ ﻏﯿﺮ واﺟﺐ ھﻮ اﻟﺨﻄﺒﺔ واﻟﺰواج‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ أن اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﮫ ﻓﺤﺴﺐ ﻓﮭﻮ‬
‫ﻗ ﻮل ﻣﺘﮭﺎﻓ ﺖ‪ ،‬وھ ﻮ ﻗ ﻮلٌ ﯾُﻠﻐ ﻲ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﯾﺒﻄﻠ ﮫ‪ ،‬وﯾﺠﻌﻠ ﮫ ﻣ ﻦ ﻟﻐ ﻮ اﻟﻘ ﻮل‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻮﺟﮫ ﺟﺎﺋﺰ دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻨﺺ‪ .‬ﺛﻢ إن راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل إﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺨﺘﺒﺊ ﻟﻠﻔﺘﺎة ﺣﺘ ﻰ رأى‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ دﻋﺎه ﻟﻨﻜﺎﺣﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘﺼﻮﱠر أن ﺟﺎﺑﺮًا ﻛﺎن ﯾﺨﺘﺒﻲء ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺎة ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺨﯿ ﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺮى وﺟﮭﮭ ﺎ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬ﺛﻢ ﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﻗﺎل »ﺧﻄﺐ ﻋﻤﺮ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ اﺑﻨﺘﮫ ﻓﻘﺎل إﻧﮭﺎ ﺻﻐﯿﺮة‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻟﻌﻤﺮ‪ :‬إﻧﻤﺎ‬
‫ﺖ ﻓﮭ ﻲ‬‫ﻲ‪ :‬أَﺑﻌ ﺚُ ﺑﮭ ﺎ إﻟﯿ ﻚ ﻓ ﺈن رﺿ ﯿ َ‬
‫ﯾﺮﯾ ﺪ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻣﻨﻌﮭ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ـ أي أﺑ ﻮ ﺟﻌﻔ ﺮ ـ ﻓﻜﻠﱠﻤ ﮫ ﻓﻘ ﺎل ﻋﻠ ﱞ‬
‫اﻣﺮأﺗُﻚ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺒﻌﺚ ﺑﮭﺎ إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺬھﺐ ﻋﻤﺮ ﻓﻜ ﺸﻒ ﻋ ﻦ ﺳ ﺎﻗﮭﺎ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬أَرﺳِ ﻞ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮﻻ أﻧ ﻚ أﻣﯿ ُﺮ‬
‫اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻟﺼﻜﻜﺖُ ﻋﻨﻘَﻚ« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾ ﺴﻘﻂ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ إن ﻛ ﺸﻒ‬
‫ﺷ ﺒُﮭﺎﺗِﮭﻢ وﺣُﺠﺠِﮭ ﻢ ﻓ ﻲ وﺟ ﻮب‬ ‫اﻟﻌ ﻮرة ﻻ ﯾﻜ ﻮن إﻻ ﻟﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬وﺑ ﺴﻘﻮط ھ ﺬه اﻟ ﺸﺒﮭﺔ ﺗ ﺴﻘﻂ ﺟﻤﯿ ﻊ ُ‬
‫اﻟﺨﺘﺎن‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺒﻘﻰ إﻻ أن اﻟﺨﺘﺎن ﻣﻦ ﺳﻨﻦ اﻟﻔِﻄﺮة‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾُﻘﺎم ﺑﮫ ﻷﺟﻞ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ واﻟﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟ ﺸﮭﻮة‪،‬‬
‫وھﺬه ﻃﺒﻌﺎً ﻟﯿﺴﺖ واﺟﺒﺔ‪.‬‬

‫‪104‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴـﺎدس‬
‫اﻟﺴﱡﻨﻦُ اﻟﻤُﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔِﻄﺮة‬
‫وھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﯾﺸﻤﻞ ﻣﺴﺄﻟﺘﯿﻦ‪ :‬اﻷوﻟﻰ أﺣﻜﺎم اﻟﺸَﻌَﺮ ‪ ،‬اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘﱠﻄﯿﱡﺐ‪.‬‬

‫أﺣـﻜﺎمُ اﻟﺸﱠﻌَﺮ‬
‫‪105‬‬
 ‫وﻓﯿﮫ ﺳﺒﻌﺔ أﺑﺤﺎث‪:‬‬
‫‪ .1‬إﻛﺮام اﻟﺸﻌﺮ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻧﺘﻒ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﺻﺒﻎ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪.‬‬
‫‪ .4‬وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ‪.‬‬
‫‪ .5‬ﻧﻔﺶ اﻟﺸﻌﺮ‪.‬‬
‫‪ .6‬ﻓَﺮق اﻟﺸﻌﺮ‪.‬‬
‫‪ -7‬ﺣﻜﻢ اﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘﻄﯿﺐ‪.‬‬

‫‪ .1‬إﻛﺮام اﻟﺸﻌﺮ‪:‬‬
‫ﻣﻌﻨ ﻰ إﻛ ﺮام اﻟ ﺸﻌﺮ‪ :‬اﻻﻋﺘﻨ ﺎء ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻧﻈﺎﻓﺘ ﮫ وﺗﺮﺟﯿﻠ ﮫ‪ ،‬أي ﺗﻤ ﺸﯿﻄﮫ وإﺻ ﻼﺣﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫وردت ﻓﻲ إﻛﺮاﻣﮫ وإﺻﻼﺣﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن ﺷ ﻌﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬دون اﻟﺠُﻤﱠ ﺔ وﻓ ﻮق اﻟ ﻮَﻓْﺮة«‬

‫رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي وﺻ ﺤﱠﺤﮫ‪ .‬واﻟ ﻮﻓْﺮة ھ ﻲ اﻟ ﺸﻌﺮ اﻟﻤﺠ ﱠﻤ ﻊ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺮﱠأس وﺗﺪﻟﱠﻰ ﻋﻠﻰ اﻷُذﻧﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈن ﺟﺎوز ﺷﺤﻤﺔ اﻷذﻧﯿﻦ ﻓﮭﻮ اﻟﱢﻠﻤﱠﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻃ ﺎل ﺣﺘ ﻰ ﺑﻠ ﻎ اﻟﻤﻨﻜﺒ ﯿﻦ ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﺠﻤﱠﺔ‪.‬‬
‫اﻟ ُ‬

‫‪2‬ـ ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾ ﻀﺮب ﺷ ﻌﺮُه ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻷﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻨﮫ أﱠﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن ﺷ ﻌﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إﻟ ﻰ أﻧ ﺼﺎف أُذﻧﯿ ﮫ«‬
‫وﻓﻲ ﻟﻔﻆ »ﻻ ﯾﺠﺎوز أُذﻧﯿﮫ«‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﺷ ﻌﺮ ﻓﻠْﯿُﻜْﺮﻣ ﮫ« رواه‬

‫أﺑﻮ داود ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ‪ .‬ﻗﺎﻟﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺪﺧﻞ رﺟ ﻞ ﺛ ﺎﺋﺮ اﻟ ﺮأس‬

‫واﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺎر إﻟﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﯿﺪه أن اﺧﺮج‪ ،‬ﻛﺄﻧ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ إﺻ ﻼح ﺷ ﻌﺮ رأﺳ ﮫ وﻟﺤﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﻔﻌ ﻞ‬
‫اﻟﺮﺟ ﻞ ﺛ ﻢ رﺟ ﻊ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﻟ ﯿﺲ ھ ﺬا ﺧﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ أن ﯾ ﺄﺗﻲ أﺣ ﺪﻛﻢ ﺛ ﺎﺋﺮ اﻟ ﺮأس ﻛﺄﻧ ﮫ‬
‫ﺷﯿﻄﺎن؟« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﻐﻔﱠﻞ اﻟﻤﺰﻧ ﻲ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟﺘﺮﺟﱡ ﻞ إﻻ ِ‬

‫ﻏﺒﱠ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬
‫ﺟ ﻞ‪ :‬أي ﺗ ﺴﺮﯾﺢ اﻟ ﺸﻌﺮ وﺗﻤ ﺸﯿﻄﮫ‪.‬‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن وﺻﺤﱠﺤﺎه‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺘﺮ ﱡ‬
‫داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬
‫وﻗﻮﻟﮫ اﻟ ِﻐﺐﱡ ‪ :‬أي ﻋﺪم اﻟﺘﻮاﻟﻲ‪.‬‬

‫‪6‬ـ ﻋﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﱠﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ ﻗﺎل »ﻧﮭﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻤﺘ ﺸﻂ أﺣ ﺪُﻧﺎ ﻛ ﱠﻞ‬
‫ﯾﻮم ‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﺟ ﱠﻤ ٌﺔ ﺿﺨﻤﺔ ‪» -‬ﻓﺴﺄل اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﺄﻣﺮه أن ﯾُﺤﺴﻦ إﻟﯿﮭ ﺎ وأن‬

‫‪7‬ـ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة ﻗﺎل ‪ -‬ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ُ‬
‫ﯾﺘﺮﺟﱠـﻞ ﻛﻞ ﯾﻮم« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ورﺟﺎﻟ ﮫ رﺟ ﺎل اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟﻤﺎﻟ ﻚ »ﻗ ﺎل ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬
‫ﺟﻤﱠﺔ أﻓُﺄ َرﺟﱢﻠﮭﺎ؟ ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻧﻌﻢ وأﻛﺮﻣﮭﺎ«‪.‬‬
‫إن ﻟﻲ ُ‬

‫‪106‬‬
‫ن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﻘﺰع‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ ﻟﻨﺎﻓﻊ‪ :‬وﻣﺎ اﻟﻘ ﺰع؟‬ ‫‪ 8‬ـ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ » أ ﱠ‬
‫ﺾ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻷﺑ ﻲ‬
‫س اﻟ ﺼﺒﻲ وﯾُﺘ ﺮك ﺑﻌ ٌ‬‫ﻖ ﺑﻌ ﺾُ رأ ِ‬
‫ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾُﺤَﻠ ُ‬
‫داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬رأى ﺻ ﺒﯿ ًﺎ ﻗ ﺪ ﺣﻠ ﻖ ﺑﻌ ﺾ رأﺳ ﮫ‬
‫وﺗﺮك ﺑﻌﻀﮫ‪ ،‬ﻓﻨﮭﺎھﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻗﺎل ‪ :‬اﺣﻠﻘﻮه ﻛﻠﮫ أو اﺗﺮﻛﻮه ﻛﻠﮫ«‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻣﮭﻞ أل ﺟﻌﻔﺮ ﺛﻼﺛﺎً أن ﯾﺄﺗﯿﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﺎھﻢ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﻋ ﻮا إﻟ ﻲﱠ‬
‫ﻲ اﺑﻨَﻲْ أﺧﻲ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺠﻲء ﺑﻨﺎ ﻛﺄ ﱠﻧ ﺎ َأﻓْ ﺮُخ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اد ُ‬
‫ﻻ ﺗﺒﻜﻮا ﻋﻠﻰ أﺧﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﯿﻮم أو ﻏﺪاً‪ ،‬إﻟ ﱠ‬
‫اﻟﺤ ﻼق‪ ،‬ﻓﺠ ﻲء ﺑ ﺎﻟﺤﻼق ﻓﺤﻠ ﻖ رؤوﺳ ﻨﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورﺟ ﺎل أﺣﻤ ﺪ رﺟ ﺎل‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﻣﺠﻤﻞ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ أﻧﮫ ﯾُﺴﻦ ﻏﺴﻠﮫ وﺗﻤﺸﯿﻄﮫ وﺗﮭﺬﯾﺒﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﯿﻨﺔ واﻟﻔﯿﻨﺔ دون ﻣﺒﺎﻟﻐ ﺔ‪ ،‬وأﻧ ﮫ‬
‫ﯾﺠﻮز ﺗﻄﻮﯾﻠﮫ ﻟﯿﻀﺮب اﻟﻤﻨﻜﺒﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺠﻮز أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺠ ﻮز أن ﯾﻜ ﻮن أﻗ ﺼﺮ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ‪ ،‬وﯾﺠﻮز ﺣﻠﻘﮫ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ وردت أﺣﺎدﯾﺚ أﺷﺮت إﻟﯿﮭﺎ أﻋ ﻼه‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول‬
‫واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻔﯿﺪان ﺟﻮاز ﺗﻄﻮﯾﻠ ﮫ ﻟﯿ ﺼﻞ إﻟ ﻰ اﻷذﻧ ﯿﻦ أو اﻟﻤﻨﻜﺒ ﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ‪ -‬اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ‪-‬‬
‫ﯾﻔﯿﺪ ﺟﻮاز ﺣﻠﻘﮫ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺸﺮع ﻧﮭﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻖ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ وﺣﯿﺪة ھ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻘ ﺰع‪ ،‬وھ ﻲ ﺣﻠ ﻖ ﺟ ﺰء‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮأس وﺗﺮك ﺟﺰء ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺪو ﻣﻦ ﺣﻠﻖ رأس اﻟﺼﺒﻲ ﺳﻮى ﻗﺼﺔ أو ﺟ ﺰء ﻓ ﻲ‬
‫أﻋﻠﻰ اﻟﺮأس‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﻠﺪون اﻟ ﺸﺒﺎب اﻟﻐ ﺮﺑﯿﯿﻦ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻷﯾ ﺎم‪ ،‬ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻣﻦ ﺑﺮواﯾﺘﯿﮫ اﻻﺛﻨﺘﯿﻦ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮأس ﯾﺠﻮز ﺣﻠﻘﮫ ﻛﻠﮫ وﯾﺠﻮز ﺗﻘﺼﯿﺮه ﻛﻠﮫ‪ ،‬وﯾﺠﻮز ﺗﻄﻮﯾﻠﮫ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻣﻨﮫ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ »أﻧﮫ أُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﺒﻜﺖ أم وﻟﺪ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻓﺎق ﻗ ﺎل ﻟﮭ ﺎ‪ :‬أﻣَ ﺎ ﺑﻠﻐ ﻚ‬
‫ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻓ ﺴﺄﻟﻨﺎھﺎ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻟ ﯿﺲ ﻣﻨ ﺎ ﻣ ﻦ ﺳ ﻠﻖ وﺣﻠ ﻖ وﺧ ﺮق« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫وأﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻟﯿﺲ ﻧﮭﯿًﺎ ﻋ ﻦ ﻣﻄﻠ ﻖ اﻟﺤﻠ ﻖ ﺑ ﻞ ھ ﻮ ﻣﻘﱠﯿ ﺪ ﺑﺤﺎﻟ ﺔ ﻣ ﺼﯿﺒﺔ اﻟﻤ ﻮت‪ ،‬أي‬
‫ﯾﺤﺮم اﻟﺤﻠﻖ ﺣﺪادًا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺼﯿﺒﺔ اﻟﻤﻮت‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺮم اﻟﺼﺮاخ وﺗﻤﺰﯾﻖ اﻟﺜﯿ ﺎب ﺣ ﺪاداً وﺣﺰﻧ ﺎً‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺧﺮ‬‫ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺤﻠﻖ‪ .‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أ ﱠ‬
‫ﺣﻠﻖ رؤوس أﺑﻨﺎء ﺟﻌﻔﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎة‪ ،‬أي ھﻮ اﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ اﻧﺼﺮﻣﺖ ﻣﺪة اﻟﺤﺪاد‪.‬‬
‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ ‪ :‬ﻗﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﺤﻠ ﻖ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺜﺎﻟ ﺚ واﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾﻔﯿ ﺪان اﺳ ﺘﺤﺒﺎب‬
‫ﻼ‪ .‬وﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟ ﺴﺎدس أن‬ ‫ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ وﺗﻨﻈﯿﻔ ﮫ وﺗﺮﺟﯿﻠ ﮫ وﻋ ﺪم ﺗﺮﻛ ﮫ وﺳ ﺨﺎً ﻣﮭﻤ ً‬
‫ﯾﻜﻮن اﻟﺘﺮﺟﯿﻞ واﻟﺘﻨﻈﯿﻒ دون ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ودون اھﺘﻤﺎم زاﺋﺪ‪ ،‬واﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻻﻋﺘ ﺪال‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﺘﻨ ﺎﻓﻰ ﻣ ﻊ‬
‫ﻃﻠﺐ ﺗﺮﺟﯿ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﯾﻮﻣﯿ ًﺎ إن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺤﺎﺟ ﺔ ﺗ ﺪﻋﻮ ﻟ ﺬﻟﻚ ﻛﺤ ﺎل ﻣ ﻦ ﻟ ﮫ ﺟُﻤﱠ ﺔ ﺿ ﺨﻤﺔ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻃﻠﺐ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﮫ ﺣﯿﻨ ًﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﯿﻦ دون ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟ ﺸﺒﺎن‬
‫ﻓﻲ ھﺬه اﻷﯾﺎم ﻣﻦ ﺣﻤﻞ اﻷﻣﺸﺎط ﻓﻲ ﺟﯿﻮﺑﮭﻢ ﻟﺘﺴﺮﯾﺢ ﺷﻌﻮرھﻢ ﻛﻞ ﺳ ﺎﻋﺔ وﻛﻠﻤ ﺎ ھ ﱠﺒ ﺖ ﻧ ﺴﻤ ُﺔ ھ ﻮاء‪،‬‬
‫أو ﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺗُﺨ ﱡﻞ ﺑﺘﺮﺗﯿﺐ ﺷﻌﻮرھﻢ اﻟﻤﺼﻔﻮﻓﺔ ﺑﻌﻨﺎﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ھﺬا وأﻣﺜﺎﻟﮫ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ اﻟﺮﺟ ﺎل ﻓ ﻲ أﯾﺎﻣﻨ ﺎ ھ ﺬه ﻣ ﻦ ﻗ ﺺ ﺷ ﻌﻮرھﻢ وﺗﻘ ﺼﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﺣﻠ ﻖ أﺳ ﻔﻞ ﺷ ﻌﺮ اﻟﻘﻔ ﺎ‬

‫ﻓﺠﺎﺋﺰ وﻻ إﺛﻢ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻣ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ اﻟ ﺸﺒﺎن أﺣﯿﺎﻧ ﺎً ﻣ ﻦ‬
‫إﻃﺎﻟﺔ اﻟﺴﺎﻟﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا أﯾ ﻀﺎً ﺟ ﺎﺋﺰ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺪﺧﻼن ﺗﺤ ﺖ اﻟﻘ ﺰع اﻟﻤﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﮫ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟﺒﺨ ﺎري ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺣﻔﺺ أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ أﺧﺒﺮه ﻋﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ ﻣ ﻮﻟﻰ ﻋﺒ ﺪ اﷲ أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ﯾﻘﻮل »ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﮭﻰ ﻋ ﻦ اﻟ َﻘ ﺰَع‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬وﻣ ﺎ اﻟﻘَ ﺰَع؟ ﻓﺄﺷ ﺎر ﻟﻨ ﺎ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬إذا ﺣﻠﻖ اﻟﺼﺒﻲ وﺗ ﺮك ھ ﺎ ھﻨ ﺎ ﺷ ﻌﺮة وھ ﺎ ھﻨ ﺎ وھ ﺎ ھﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر ﻟﻨ ﺎ ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ إﻟ ﻰ‬

‫‪107‬‬
‫ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ وﺟﺎﻧﺒﻲ رأﺳﮫ‪ ،‬ﻗﯿﻞ ﻟﻌﺒﯿﺪ اﷲ‪ :‬ﻓﺎﻟﺠﺎرﯾﺔ واﻟﻐﻼم؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ أدري ھﻜﺬا ﻗﺎل ‪ -‬اﻟﺼﺒﻲ ‪ -‬ﻗﺎل‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﷲ وﻋﺎودﺗﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻣﺎ اﻟ َﻘﺼﱠﺔ واﻟﻘﻔﺎ ﻟﻠﻐﻼم ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟ َﻘ ﺰَع أن ﯾُﺘ ﺮك ﺑﻨﺎﺻ ﯿﺘﮫ‬
‫ﺷ ﻌﺮ وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ رأﺳ ﮫ ﻏﯿ ﺮه‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﺷ ﻖ رأﺳ ﮫ ھ ﺬا وھ ﺬا« ﻓ ﺎﻟ َﻘﺰَع ھ ﻮ أن ﯾﺤﻠ ﻖ ﺑﻌ ﺾ رأﺳ ﮫ‬
‫وﯾﺘﺮك ﺑﻌﻀﮫ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻻ أن ﯾﻘﺺ ﺷﻌﺮ رأﺳﮫ وﯾﻘ ﺼﺮه وﯾﺒﻘ ﻰ ﺷ ﻌﺮ ﻧﺎﺻ ﯿﺘﮫ أﻛﺜ ﺮ ﻃ ﻮﻻً‪ ،‬أو ﺷ ﻌﺮ‬
‫ﻻ‪ .‬ﻓﺎﻟﺬؤاﺑﺔ ﺟﺎﺋﺰة ﻣﺎ دام ﺷﻌﺮ اﻟ ﺮأس ﻟ ﻢ ﯾُﺤﻠ ﻖ ﺣﻠﻘ ﺎً‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﺣُﻠِ ﻖ اﻟ ﺸﻌﺮ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‬
‫ﻋﺎرﺿﯿﮫ أﻛﺜﺮ ﻃﻮ ً‬
‫ﻓﻼ ﯾﺼﺢ أن ﺗﺒﻘﻰ اﻟﺬؤاﺑ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻄ ﻮل‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ اﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻧﮭﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺣﻠ ﻖ اﻟﻘﻔ ﺎ إﻻ ﻟﻠﺤِﺠﺎﻣ ﺔ« ﻓﮭ ﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ‬
‫ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫‪ .2‬ﻧﺘﻒ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪:‬‬

‫ورد ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗﻨﺘﻔ ﻮا اﻟ ﺸﯿﺐ ﻓﺈﻧ ﮫ‬

‫ﻧﻮر اﻟﻤﺴﻠﻢ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺸﯿﺐ ﺷﯿﺒﺔ ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم إﻻ ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﮫ ﺑﮭ ﺎ ﺣ ﺴﻨﺔ ‪ ،‬ورُﻓ ﻊ ﺑﮭ ﺎ درﺟ ﺔ أو‬
‫ﺣُﻂ ﻋﻨﮫ ﺑﮭﺎ ﺧﻄﯿﺌﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ﻋﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻣﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﻦ ﺷﺎب ﺷﯿﺒﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻛﺎﻧ ﺖ ﻟ ﮫ ﻧ ﻮرًا‬
‫ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ﻋﻦ ﻓﻀﺎﻟﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣـﻦ ﺷﺎب ﺷ ﯿﺒﺔ ﻓ ﻲ ﺳ ﺒﯿﻞ اﷲ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻧ ﻮرًا ﻟ ﮫ ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﻘﯿﺎﻣـﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺟﻞ ﻋﻨﺪ ذﻟ ﻚ‪ :‬ﻓ ﺈن رﺟ ﺎ ًﻻ ﯾﻨﺘﻔ ﻮن اﻟ ﺸﯿﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣَ ﻦ ﺷ ﺎء ﻓﻠْﯿﻨﺘ ﻒ‬
‫ﻧﻮره« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ل ﻋﻠ ﻰ ﻛﺮاھ ﺔ ﻧﺘ ﻒ اﻟ ﺸﯿﺐ‪ ،‬وﺑﮭ ﺎ ﻗ ﺎل اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻮن واﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن واﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ‪ ،‬ﻻ‬

‫ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪ ﱡ‬
‫ﻓ ﺮق ﻓ ﻲ اﻟﻨﺘ ﻒ ﺑ ﯿﻦ ﻧﺘ ﻒ اﻟ ﺸﺎرب واﻟﻠﺤﯿ ﺔ واﻟﺤ ﺎﺟﺒﯿﻦ واﻟ ﺮأس ‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺣﺜ ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬
‫اﻟﻨﺘﻒ‪ ،‬ووﺻﻔﺖ اﻟﺸﯿﺐ ﺑﺄﻧﮫ ﻧﻮر ‪ ،‬وﺑﺄن ﻛﻞ ﺷﯿﺒﺔ ﯾُﻜﺘ ﺐ ﻟ ﺼﺎﺣﺒﮭﺎ ﺣ ﺴﻨﺔ أو ﯾُﺤ ﻂ ﻋﻨ ﮫ ﺑﮭ ﺎ ﺧﻄﯿﺌ ﺔ‬
‫إﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺎ ﺟﺎء‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺚ واﻟﺘﺮﻏﯿﺐ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺮك اﻟﺸﯿﺐ ﻓﯿﮫ ﺛﻮاب‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ اﻟﻨﺘﻒ‪.‬‬

‫‪ .3‬ﺻﺒﻎ اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪:‬‬

‫وردت ﻓﯿﮫ أﺣﺎدﯾﺚ ﻋﺪﯾﺪة ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل »ﺟِﻲ َء ﺑﺄﺑﻲ ﻗُﺤﺎﻓﺔ ﯾﻮم اﻟﻔﺘﺢ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻛﺄ ﱠ‬
‫ن رأﺳَﮫ ﺛَﻐﺎﻣ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬اذھﺒ ﻮا ﺑ ﮫ إﻟ ﻰ ﺑﻌ ﺾ ﻧ ﺴﺎﺋﮫ ﻓﻠْﺘﻐ ﱢﯿ ﺮه ﺑ ﺸﻲء‪ ،‬وﺟﻨﱢﺒ ﻮه اﻟ ﺴﻮاد« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬واﻟﺜﱠﻐﺎﻣﺔ‪ :‬ھﻲ ﺷﺠﺮة ﺑﯿﻀﺎء اﻟﺰھﺮ واﻟﺜﻤﺮ ﺗﻨﺒﺖ ﻓ ﻲ أﻋ ﺎﻟﻲ‬
‫اﻟﺠﺒﺎل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ﻋ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ َﻣﻮْھ ﺐ ﻗ ﺎل »دﺧﻠ ﺖ ﻋﻠ ﻰ أم ﺳ ﻠﻤﺔ‪ ،‬زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ورﺿ ﻲ‬

‫ﻋﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺮﺟ ﺖ إﻟﯿﻨ ﺎ ﺷ ﻌﺮاً ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺨ ﻀﻮﺑ ًﺎ ﺑﺎﻟ ِ‬
‫ﺤ ﱠﻨ ﺎء واﻟ َﻜ ﺘَﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ت ﺻ ﺒﻐُ ُﮫ أﺳ ﻮدُ‬
‫ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري دون أن ﯾ ﺬﻛﺮ اﻟﺤﻨ ﺎء واﻟ َﻜ ﺘَﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﻜ ﺘﻢ ‪ -‬ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﯾ ﻚ‪ :‬ﻧﺒ ﺎ ٌ‬
‫ﯾﻤﯿﻞ إﻟﻰ اﻟﺤﻤﺮة ﯾُﺪق وﯾُﺨﻀﺐ ﺑﮫ‪ .‬واﻟﺤﻨﺎء‪ :‬ﻣﻌﺮوف وﻟﻮﻧﮫ أﺣﻤﺮ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ 3‬ـ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن أﺣ ﺴﻦ ﻣ ﺎ ﻏُﯿﱢ ﺮ ﺑ ﮫ ھ ﺬا اﻟ ﺸﯿﺐ‬
‫اﻟﺤﻨﱠﺎء واﻟ َﻜﺘَﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬إن اﻟﯿﮭ ﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى ﻻ ﯾ ﺼﺒﻐﻮن‬
‫ﻓﺨﺎﻟﻔﻮھﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ واﻟﺨﻠﻒ ﻓ ﻲ ﺣﻜ ﻢ اﻟﺨ ﻀﺎب‪ ،‬أي ﺻ ﺒﻎ اﻟ ﺸﯿﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‪:‬‬
‫ﺗﺮك اﻟﺨﻀﺎب أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬رُوي ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﻠ ﻲ وآﺧ ﺮﯾﻦ‪ .‬وﻗ ﺎل آﺧ ﺮون‪ :‬اﻟﺨ ﻀﺎب‬
‫ﻲ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻋﺜﻤ ﺎن وﺳ ﻌﺪ واﻟﺤ ﺴﻦ‬ ‫أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬رُوي ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ وأﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‪ ،‬وﻋﻠ ﱟ‬
‫واﻟﺤ ﺴﯿﻦ وﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ واﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻋﱠﻠ ﻞ اﻟﻄﺒ ﺮي ھ ﺬا اﻟﺨ ﻼف ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )اﻟ ﺼﻮاب أن‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟ ﺸﯿﺐ وﺑ ﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋﻨ ﮫ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﻟ ﯿﺲ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺗﻨ ﺎﻗﺾ‪ ،‬ﺑ ﻞ‬
‫ﻂ ﻓﻘ ﻂ(‪ .‬واﻟ ﺸﱠﻤﻂ ھ ﻮ اﻟﻘﻠﯿ ﻞ ﻣ ﻦ‬ ‫اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟ ﺘﻐﯿﯿﺮ ﻟﻤ ﻦ ﺷ ﯿﺒﮫ ﻛ ﺸﯿﺐ أﺑ ﻲ ﻗﺤﺎﻓ ﺔ‪ ،‬واﻟﻨﮭ ﻲ ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﮫ ﺷ ﻤ ٌ‬
‫اﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪ .‬وأﺿﺎف اﻟﻄﺒﺮي )واﺧﺘﻼف اﻟﺴﻠﻒ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﺑﺤﺴﺐ اﺧﺘﻼف أﺣﻮاﻟﮭﻢ ﻓﻲ‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻣﻊ أن اﻷﻣﺮ واﻟﻨﮭﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻮﺟ ﻮب ﺑﺎﻹﺟﻤ ﺎع‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻟ ﻢ ﯾﻨﻜ ﺮ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ(‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪ .‬وﻓ ﺮح ﺑ ﮫ‪،‬‬
‫ﻼ ﯾُﺤﯿﻲ ﻣﯿْﺘ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻼ ﻗﺪ ﺧﻀﺐ ﻟﺤﯿﺘﮫ ‪ :-‬إﻧﻲ ﻷرى رﺟ ً‬ ‫وﻗﺎل أﺣﻤﺪ ‪ -‬وﻗﺪ رأى رﺟ ً‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪ ،‬أي ﻣﻨ ﺪوﺑ ًﺎ ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي وھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ )ﻣ ﺬھﺒﻨﺎ‬‫وھ ﺬا ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﯾ ﺮى اﻟﺨ ﻀﺎب ُ‬
‫ﺼﻔْﺮة أو ﺣُﻤْﺮة‪ ،‬وﯾﺤﺮم ﺧِﻀﺎﺑﮫ ﺑﺎﻟﺴﻮاد ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺢ(‪.‬‬ ‫اﺳﺘﺤﺒﺎب ﺧﻀﺎب اﻟﺸﯿﺐ ﻟﻠﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﺑ ُ‬

‫ﺳ ﻨﺔ ‪ ،‬وأﻧ ﮫ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ ﺗﺮﻛ ﮫ ‪ ،‬وھ ﺬا ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ‬‫ﺨ ﻀﺎب ُ‬ ‫واﻟ ﺬي أذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ ھ ﻮ أن اﻟ ِ‬

‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ‪ ،‬ﻓﻄﻠﺐ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أن ﻧﺨﺎﻟﻒ ﺑﺎﻟﺼﺒﻎ اﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼﺎرى ﯾﻜﻔﻲ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺪب‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﻄﻠﺐ ﻋﺎم ﯾﺸﻤﻞ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس وﺷﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬وﯾﺸﻤﻞ اﻟﺸﯿﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮ واﻟﺸﯿﺐ اﻟﻘﻠﯿﻞ‪ ،‬وﺗﺘﺤﻘ ﻖ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ‬
‫ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل أﯾ ﺔ ﻣ ﺎدة ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠ ﺼّﺒﺎغ‪ ،‬أﻣّ ﺎ ﻣ ﺎ ذُﻛ ﺮ ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣ ﻦ أن اﻟ ﺼﺒﺎغ ﺑﺎﻟﺤﻨ ﺎء واﻟﻜَ ﺘْﻢ‬
‫ﺣﺴﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟ ﺼﺒﺎغ ﺑﻐﯿﺮھﻤ ﺎ ﻏﯿ ﺮ ﺣ ﺴﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓ ﻲ َآﺛ ﺎر اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ أﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺼﺒﻐﻮن ﺑﺎﻟﻮرس‪ ،‬وﯾ ﺼﺒﻐﻮن ﺑ ﺎﻟﺰﻋﻔﺮان‪ ،‬وﻣ ﺎ ذﻛ ﺮ ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣ ﻦ ﻣ ﻮاد ﺻ ﺎﺑﻐﺔ إﻧﻤ ﺎ ﺧ ﺮج‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻢ اﻷﻏﻠﺐ ﻻ ﻏﯿﺮ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯿﮫ اﻟﻨﻮوي ﺑﻘﻮﻟﮫ )وﯾﺤﺮم ﺧﻀﺎﺑﮫ ﺑﺎﻟﺴﻮاد ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺢ( ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻨﺒﻄﮫ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫أﺑﻲ ﻗُﺤﺎﻓﺔ »‪ ...‬وﺟﻨﱢﺒﻮه اﻟﺴﻮاد« ﻛﻤﺎ اﺳ ﺘﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ وﻣ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﺑﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﻜﻮن ﻗﻮم ﯾﺨﻀﺒﻮن ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺰﻣ ﺎن ﺑﺎﻟ ﺴﱠﻮاد ﻛﺤﻮاﺻ ﻞ‬
‫اﻟﺤﻤﺎم ﻻ ﯾَﺮﯾﺤﻮن راﺋﺤﺔ اﻟﺠﻨﺔ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ھﻮ أن ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ‬
‫ﻗُﺤﺎﻓ ﺔ ﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺑﯿ ﺎن ﺑ ﺄن أﺑ ﺎ ﻗُﺤﺎﻓ ﺔ ‪ -‬وھ ﻮ ﺷ ﯿﺦ ﻛﺒﯿ ﺮ‪ -‬ﻻ ﯾﻨﺎﺳ ﺐ ﺷ ﻌﺮَه‬
‫اﻟﺴﻮادُ‪ ،‬ﻓﻄﻠﺐ أن ﯾُﺼﺒﻎ ﺑﻐﯿﺮ اﻟﺴﻮاد‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ داود ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ اﻟﺨﻀﺎب ﺑﺎﻟﺴﻮاد‪ ،‬ﺑﻞ ھﻮ إﺧﺒﺎ ٌر ﻋﻦ ﻗﻮ ٍم ھﺬه ﺻﻔﺘﮭﻢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒﯿﻦ‪ :‬أﺣﺪھﻤﺎ‪ ،‬أﻧﮫ ﯾﺸﺒﮫ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ﻗﯿ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺨ ﻮارج »ﺳ ﯿﻤﺎھﻢ اﻟﺘﺤﻠﯿ ﻖ« ﻓﺠﻌﻠ ﮫ ﻋﻼﻣ ﺔ ﻟﮭ ﻢ ﻓﺤ ﺴﺐ دون أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫اﻟﺘﺤﻠﯿﻖ ھﻮ ﺳ ﺒﺐ اﻟ ﺬم ‪ .‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬أن ﻋ ﺪداً ﻛﺒﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ ﻗ ﺪ ﺻ ﺒﻐﻮا ﺑﺎﻟ ﺴﻮاد وﻗ ﺪ‬
‫ذﻛﺮھﻢ اﻟﻄﺒﺮي‪ ،‬وھﻢ‪ :‬اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺤﺴﯿﻦ وﻋﺜﻤﺎن وﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗ ﺎص وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺟﻌﻔ ﺮ وﻋﻘﺒ ﺔ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ واﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ وﺟﺮﯾ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ اﻟﻌ ﺎص ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ اﻷﺳ ﻮد وﻣﻮﺳ ﻰ‬
‫ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ واﻟﺰﱡھﺮي وأﯾﻮب وإﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﻦ ﻣﻌﺪ ﯾﻜﺮب ﻣﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﺣﺮاﻣ ًﺎ ﻟﻤ ﺎ ﺻ ﺒﻎ ﻛ ﻞ‬
‫ن أﺣ ﺴﻦ ﻣ ﺎ‬ ‫ھ ﺆﻻء‪ .‬ﺛ ﻢ إﻧﱠ ﺎ وﺟ ﺪﻧﺎ ﺣ ﺪﯾﺜﺎً ﻣﺮوﯾ ﺎً ﻋ ﻦ ﺻ ﮭﯿﺐ اﻟﺨﯿ ﺮ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إ ﱠ‬
‫ﺐ ﻟﻨﺴﺎﺋﻜﻢ ﻓﯿﻜﻢ‪ ،‬وأھﯿﺐ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺻﺪور ﻋﺪوﱢﻛﻢ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪.‬‬ ‫ﻏ ُ‬
‫اﺧﺘﻀﺒﺘﻢ ﺑﮫ َﻟﮭَﺬا اﻟﺴﻮاد ‪ ،‬أر َ‬
‫ﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )إﺳﻨﺎده ﺣﺴﻦ( ﻓﮭﻮ اﻟﻔﯿﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع‪.‬‬

‫‪109‬‬
 ‫‪ .4‬وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ‪:‬‬
‫ﺼﻠْﻦ ﺷﻌﻮرھﻦ ﺑﺄي ﺷﻲء‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺷ ﻌﺮاً أو‬ ‫ذھﺐ اﻟﺠﻤﮭﻮر إﻟﻰ أﻧﮫ ﯾﺤﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء أن َﯾ ِ‬
‫ﺻﻮﻓًﺎ أو ﺣﺮﯾﺮًا أو أي ﺷﻲء آﺧﺮ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﺑﻤﺎ روى أﺑﻮ اﻟﺰﺑﯿﺮ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﯾﻘﻮل »زﺟﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن ﺗﺼﻞ اﻟﻤﺮأة ﺑﺮأﺳﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎً« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﺑﻤ ﺎ رُوي أن‬
‫ﺳ ْﻮءٍ‪ ،‬وإن ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟ ﺰﱡور‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وﺟ ﺎء‬ ‫ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻗ ﺎل ذات ﯾ ﻮم »إﻧﻜ ﻢ ﻗ ﺪ أﺣ ﺪﺛﺘﻢ زي َ‬
‫رﺟﻞ ﺑﻌﺼﺎ ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﺧﺮﻗﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﻣﻌﺎوﯾﺔ‪ :‬أﻻ وھﺬا اﻟﺰﱡور‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ ﻣ ﺎ ﯾُﻜ ﱢﺜ ﺮ ﺑ ﮫ اﻟﻨ ﺴﺎء‬
‫ﺨ ﺮَق« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺣُﺠ ﺔ ﻟﻠﺠﻤﮭ ﻮر ﻓ ﻲ ﻣﻨ ﻊ‬ ‫أﺷﻌﺎرَھﻦ ﻣ ﻦ اﻟ ِ‬
‫وﺻﻞ اﻟﺸﱠﻌﺮ ﺑﺸﻲء آﺧﺮ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺷَﻌﺮاً أم ﻻ( وذھﺐ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ واﻟﻠﯿ ﺚ وﻛﺜﯿ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‬
‫إﻟﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ ھﻮ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ دون ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﺷ ﯿﺎء‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ‬
‫ﺑﻌﻤﻮم اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﻧﮭﺖ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻞ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺣﻤﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف‬
‫ﺞ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ وھ ﻮ ﯾﻘ ﻮل »‪ -‬وﺗﻨ ﺎول ﻗُ ﺼﱠ ًﺔ ﻣ ﻦ ﺷَ ﻌﺮ‬ ‫أﻧﮫ ﺳﻤﻊ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن ﻋ ﺎم ﺣ ﱟ‬
‫ﻲ ‪ -‬أﯾﻦ ﻋﻠﻤﺎؤﻛﻢ؟ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ھﺬه وﯾﻘﻮل‪ :‬إﻧﻤﺎ ھﻠﻜﺖ ﺑﻨﻮ‬ ‫ﺣﺮَﺳ ﱟ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺑﯿﺪ َ‬
‫إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺣﯿﻦ اﺗﺨﺬ ھﺬه ﻧﺴﺎؤُھﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ُﻘ ﺼﱠﺔ‬
‫ﺤﺮَﺳﻲ ھﻮ اﻟﻤﻨﺴﻮب إﻟﻰ اﻟﺤﺮس‪ .‬ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ‬ ‫‪ :‬أي اﻟﺨﺼﻠﺔ‪ .‬واﻟ َ‬
‫ﻗﺎل » ﻗﺪم ﻣﻌﺎوﯾﺔ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ آﺧﺮ ﻗَﺪْﻣﺔ ﻗﺪﻣﮭﺎ ﻓﺨﻄﺒﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺮج ﻛُﺒﱠﺔ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻛﻨ ﺖ أرى أﺣ ﺪًا‬
‫ﯾﻔﻌﻞ ھﺬا ﻏﯿﺮ اﻟﯿﮭﻮد‪ ،‬إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳﻤﺎه اﻟﺰﱡور‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻮﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟ ﺸﻌﺮ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟ ُﻜﺒﱠﺔ‪ :‬أي اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﻜﻔﻮف ﺑﻌﻀُﮫ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ‪.‬‬

‫وأﺻﺮح ﻣﻦ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻣﺎ رواھﺎ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬إﻧﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬أﯾﻤﺎ اﻣﺮأةٍ زادت ﻓﻲ رأﺳﮭﺎ ﺷﻌﺮاً ﻟﯿﺲ ﻣﻨ ﮫ ﻓﺈﻧ ﮫ زور ﺗﺰﯾ ﺪ ﻓﯿ ﮫ« ﻓﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻨﮭ ﻰ‬
‫ﻋﻦ وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ وﺗﺴﻤﱢﯿﮫ اﻟﺰﱡور‪ .‬واﺳﺘﺄﻧﺴﻮا ﺑﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ ﻗﻮﻟ ﮫ )ﻻ ﺑ ﺄس‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮاﻣﻞ( ذﻛﺮه أﺑﻮ داود‪ .‬واﻟﻘﺮاﻣﻞ‪ :‬ﺧﯿ ﻮط ﻣ ﻦ ﺣﺮﯾ ﺮ أو ﺻ ﻮف أو ﻛﺘ ﺎن ﯾﻌﻤ ﻞ ﺿ ﻔﺎﺋﺮ ﺗ ﺼﻞ ﺑ ﮫ‬
‫اﻟﻤ ﺮأة ﺷ ﻌﺮھﺎ‪ .‬وﻗ ﺎل آﺧ ﺮون‪ :‬إن اﻟﺤ ﺮام ھ ﻮ وﺻ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﺑ ﺸﻌﺮ اﻵدﻣ ﻲ دون ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﻮر‬
‫اﻟﺤﯿﻮاﻧ ﺎت اﻟﻄ ﺎھﺮة‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن أﺟ ﺰاء اﻵدﻣ ﻲ ﺣﻘﱡﮭ ﺎ اﻹﻛ ﺮام وﻋ ﺪم اﻻﻣﺘﮭ ﺎن ﺑﺎﻻﺳ ﺘﻌﻤﺎل‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫ﻏﯿﺮھﻢ ‪ :‬إن اﻟﻮﺻﻞ ﺟﺎﺋﺰ إن ﻛﺎن ﻟﻀﺮورة أو ﻛﺎن ﺑﺈذنٍ وﻣﻮاﻓﻘ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﺰوج‪.‬‬

‫واﻟﻤﺪﻗﻖ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص وھﺬه اﻷﻗﻮال ﯾﺨﺮج ﺑ ﺎﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﺘﺤ ﺮﯾﻢ وﺻ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟ ﺸﻌﺮ‬
‫ﺨﺮَق‬‫ﻓﺤﺴﺐ دون ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻮﺻﻞ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ھ ﻮ ﻓﻘ ﻂ اﻟﻤُﺤ ﺮﱠم وأ ﱠﻣ ﺎ اﻟﻮﺻ ﻞ ﺑ ﺎﻟ ِ‬
‫واﻟﻘﺮاﻣﻞ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺣﻜﻤﮫ اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ .‬ذﻟﻚ أن اﻟﻨﺼﻮص ﻗﺪ ﺑﯿﱠﻨﺖ اﻟﻌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬واﻟﻌﻠﺔ ﺗﺪور‬
‫ﻣﻊ اﻟﻤﻌﻠﻮل وﺟﻮدًا وﻋﺪﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺈذا وﺟﺪت اﻟﻌﻠﺔ وﺟﺪ اﻟﺤﻜﻢ وإذا ﻋﺪﻣﺖ ﻋﺪم اﻟﺤﻜﻢ ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻌﻠ ﺔ ھ ﻲ‬
‫ﻣﻨﻊ اﻟﺘﺰوﯾﺮ‪ ،‬أي اﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﻜﺬب‪ ،‬وھﺬه اﻟﻌﻠﺔ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ إﻻ ﻓ ﻲ وﺻ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟ ﺸﻌﺮ اﻟ ﺬي ﯾﻤﺎﺛﻠ ﮫ‪،‬‬
‫أو ﺑﺄﯾﺔ ﻣﺎدة ﺻﻨﺎﻋﯿﺔ ﺗ ﺸﺒﮫ اﻟ ﺸﻌﺮ ﻛﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺣﺎﺻ ﻞ ھ ﺬه اﻷﯾ ﺎم‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺻ ﻠﺖ اﻟﻤ ﺮأة ﺷ ﻌﺮھﺎ ﺑ ﺸﻌﺮ‬
‫آدﻣﻲ‪ ،‬أو وﺻﻠﺘﮫ ﺑﺸﻌﺮ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻣﺸﺎﺑﮫ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻵدﻣﻲ‪ ،‬أو ﺑﺸﻌﺮ ﺣﯿﻮاﻧﻲ ﻣﺸﺎﺑﮫ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻵدﻣﻲ ﻓ ﺈن‬
‫ذﻟﻚ ﺣﺮام‪ ،‬وھﻮ ﺗﺰوﯾﺮ وﺗﺪﻟﯿﺲ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭﻲ واﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﻮﺻ ﻮل ﺑ ﮫ ﻣ ﺎدة ﻏﯿ ﺮ‬
‫ذﻟ ﻚ ﺑﺤﯿ ﺚ ﻻ ﺗﺨﻔ ﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎﻇﺮ أﻧﮭ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺷ ﻌﺮاً ﻟﻠﻤ ﺮأة اﻟﻮاﺻ ﻠﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻌ ﺪو ﻛﻮﻧ ﮫ ﻣﺠ ﺮد زﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺺ ﯾُﺤﺮﱢﻣﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺒﺎﺣﺔ ﻻ ﻧ ﱠ‬

‫وﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ أن ﺗ ﻀﻊ اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﺮوًا أو ﺧِﺮﻗ ﺔ أو أي ﺷ ﻲء ﺗﺨﻔﯿ ﮫ ﺗﺤ ﺖ ﺷ ﻌﺮھﺎ ﺑﺤﯿ ﺚ‬

‫ﯾﻈﮭﺮ ﺷﻌﺮھﺎ وﻗﺪ ﺗﻨﺎﻣﻰ وﺑﺪا ﻛﺜﯿﻔــﺎً‪ ،‬ﻷﻧﮫ أﯾﻀ ًﺎ ﺗﺰوﯾﺮ وﺗﺪﻟﯿﺲ‪ ،‬ﻛﻤ ـﺎ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ أن ﺗ ﻀﻊ‬
‫اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻮق ﺷ ﻌﺮھﺎ ﻏﻄ ﺎء ﻣ ﺼﻨﻮﻋ ًﺎ ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺮ اﻵدﻣ ﻲ أو ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺮ ﻣ ﺸﺎﺑﮫ ﻟ ﺸﻌﺮ اﻵدﻣ ﻲ وھ ﻮ‬
‫اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺒﺎروﻛﺔ‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻈﻦ اﻟﻨﺎﻇﺮ أن ﺷﻌﺮ اﻟﺒﺎروﻛﺔ ھ ﻮ ﺷ ﻌﺮ اﻟﻤ ﺮأة‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ ﺗﺰوﯾ ﺮ‬

‫‪110‬‬
‫وﺗﺪﻟﯿﺲ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺎروﻛ ﺔ ﻣ ﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣ ﻦ ﻓ ﺮ ٍو أو َو َﺑ ٍﺮ أو ﺧﯿ ﻮط ﻣ ﻦ ﺻ ﻮف ﺑﺤﯿ ﺚ ﻻ ﺗﺨﻔ ﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﻇﺮ أﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺷﻌﺮ اﻟﻤﺮأة ﻓﻼ ﺷﻲء ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وھﻲ ﻻ ﺗﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮭ ﺎ ﻣﺠ ﺮد ﻏﻄ ﺎء ﻟﻠ ﺮأس‬
‫ﻛﺎﻟﻌﻤﺎﻣﺔ واﻟﻄﺎﻗﯿﺔ وﺷﺒﮭﮭﻤﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ﺑﺘﺤﻘﻖ اﻟﻌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﺗﺪﻟﯿ ﺴ ًﺎ وﺗﺰوﯾ ﺮًا ﻓﮭ ﻮ ﺣ ﺮام‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﮭﻮ زﯾﻨﺔ ﻣﺒﺎﺣﺔ ﻻ إﺛﻢ ﻓﯿﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ »زﺟﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن ﺗﺼﻞ اﻟﻤ ﺮأة ﺑﺮأﺳ ﮭﺎ ﺷ ﯿﺌﺎً « ﻓ ﺈن اﻟﻠﻔ ﻆ ﻟﺠ ﺎﺑﺮ ﻓ ﻼ ﻧﻠﺘ ﺰم‬
‫ﺑﺤﺮﻓﯿﺘ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘﺎﺑﻠ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ » أﯾﻤ ﺎ اﻣ ﺮأةٍ زادت ﻓ ﻲ رأﺳ ﮭﺎ ﺷ ﻌﺮًا‬
‫ﻟﯿﺲ ﻣﻨﮫ ﻓﺈﻧﮫ زور ﺗﺰﯾﺪ ﻓﯿﮫ« وھﻮ ﻟﻔﻆ ﻟﻠﺮﺳﻮل ‪ ،r‬ﻓﯿﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻟﻔﻈ ﺎن ﯾﺒ ﺪو ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﺗﻌ ﺎرض أو‬
‫ﻆ ﻟﻠﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﻮﺟ ﻮد اﺧ ﺘﻼف أو ﺗﻌ ﺎرض‬ ‫اﺧ ﺘﻼف‪ ،‬ﻟﻔ ﻆٌ ﻟﺠ ﺎﺑﺮ وﻟﻔ ٌ‬
‫وﺟﺐ ﻃﺮح ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾﺔ‪ ،‬وإن ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﺑﺎﻹﺛﻨﯿﻦ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻧﺠ ﺪ أﻧ ﮫ ﯾﻤﻜﻨﻨ ﺎ أن ﻧﺠﻤ ﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ وﻧﻌﻤ ﻞ ﺑ ﺎﻹﺛﻨﯿﻦ ﻣﻌ ﺎً ﻓﻨﻔ ﺴﺮ ﻟﻔ ﻆ ﺟ ﺎﺑﺮ‬

‫ﻼ ﻛ ﺎن أو ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﺘﻘﯿﻢ‬
‫ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻌﻨﻲ ﺷﯿﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ وﻟﯿﺲ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء‪ ،‬أي ﺷﯿﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫اﻟﺤﺎل‪ ،‬إذ ﻟﻮ أﻧﻨﺎ ﻓﺴﺮﻧﺎ اﻟﻠﻔﻆ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻌﻨﻲ ﺷ ﯿﺌًﺎ ﻣ ﻦ اﻷﺷ ﯿﺎء ﻟ ُﻮﺟ ﺪ اﺧ ﺘﻼف ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺬي ھﻮ ﻟﻔﻆ ﻟﻠﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﻓ ُﻨ ﻀﻄﺮ ﻟﻠﻌﻤ ﻞ ﺑﻠﻔ ﻆ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫وﻃ ﺮح ﻟﻔ ﻆ ﺟ ﺎﺑﺮ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أن ھ ﺬا اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ اﻟﻌﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻨﮭ ﻲ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻒ ﺑﻮﺻ ﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ ﺑ ﺎﻟﺨﺮق وأﺷ ﺒﺎھﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻜ ﻮن ﻣﻨﺪوﺣ ﺔ‬ ‫ﻣﻌﺎوﯾﺔ وھﻲ اﻟﺘﺰوﯾﺮ‪ ،‬إذ أن اﻟﺘﺰوﯾﺮ ﻣﻨﺘ ٍ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻷول أو ﻃ ﺮح اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﺮُﻣﱠﺘ ﮫ‪ ،‬وﺗﻔ ﺴﯿﺮه اﻷول أوﻟ ﻰ ﻣ ﻦ ﻃﺮﺣ ﮫ ﺑ ﻼ ﺷ ﻚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘ ﺎﺋﻠﻮن‬
‫ﺑﺘﺤ ﺮﯾﻢ اﻟﻮﺻ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺨﺮق ﻻ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻗﺒ ﻮل ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ اﻟﻤﻌﱠﻠ ﻞ إﻻ ﺑﺘﻜﱡﻠ ﻒ ﺷ ﺪﯾﺪ‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﻢ ﻻ‬
‫ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﻮﺻﻞ ﺑﺎﻟﺨﺮق وﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﻮﺻﻞ اﻟﻤﻮﺻﻮف ﺑ ﺎﻟﺘﺰوﯾﺮ‪ ،‬وھ ﺬا ﻇ ﺎھﺮ‬
‫ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‪ .‬أﻣﺎ اﺳﺘﺸﮭﺎدھﻢ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ »وﺟﺎء رﺟﻞ ﺑﻌﺼﺎ ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﺧِﺮﻗﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ﻼ‬
‫ﻣﻌﺎوﯾﺔ‪ :‬أﻻ وھﺬا اﻟﺰﱡور« ﻓﻤﺮدود ﻣﻦ وﺟﮭﯿﻦ‪ :‬أﺣﺪھﻤﺎ أﻧﮫ ﻓﮭ ٌﻢ ﻟﻤﻌﺎوﯾ ﺔ ‪ ،‬وﻓﮭ ﻢ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿ ً‬
‫ﺷﺮﻋﯿﺎً‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿﮭﻤﺎ أن ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﺗﻘﺎﺑﻠﮭﺎ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﺗﻘ ﻮل إن اﻟ ﺬي اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑ ﮫ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ھ ﻮ ُﻗ ﺼﱠﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺷﻌﺮ‪ ،‬ورواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺗﻘﻮل إن ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻗﺪ اﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑ ُﻜﱠﺒ ﺔ ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺮ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﻧﺄﺧ ﺬ ﺑﺎﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﻤﻨﻔ ﺮدة‬
‫وﻧﺪع اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﺿﺪﺗﯿﻦ؟‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﮭﺎء إن اﻟﻮﺻﻞ إذا ﻛ ﺎن ﻟ ﻀﺮورة ﻛﻤ ﺮضٍ ﻣ ﺜﻼً ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺮدود‬
‫ﺑﺤ ﺪﯾﺚ أﺳ ﻤﺎء ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺳ ﺄﻟﺖ اﻣ ﺮأةٌ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إن اﺑﻨﺘ ﻲ أﺻ ﺎﺑﺘﮭﺎ اﻟﺤ ﺼﺒﺔ‬
‫ﺻ ُﻞ ﻓﯿ ﮫ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻟﻌ ﻦ اﷲ اﻟﻮاﺻ ﻠﺔ واﻟﻤﻮﺻ ﻮﻟﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬‫ﻓﺎ ﱠﻣﺮَقَ ﺷﻌﺮُھﺎ وإﻧﻲ زوﱠﺟﺘﮭﺎ أَﻓ َﺄ ِ‬
‫ﺐ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻮاﺻ ﻠﺔ واﻟﻤ ﺴﺘﻮﺻﻠﺔ« ﻓﮭﻨ ﺎ رواﯾﺘ ﺎن‬ ‫ورواه ﺑﻠﻔﻆ ﺛ ﺎن »‪ ...‬أﻓﺄﺻ ﻞ رأﺳ ﮭﺎ؟ ﻓ ﺴ ﱠ‬
‫ﺴﺐﱠ‪ ،‬وھﻤﺎ أﺑﻠﻎ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ‪ .‬ﺛﻢ إن اﻟ ﻀﺮورة‬ ‫إﺣﺪاھﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟﻠﻌﻦ‪ ،‬واﻷﺧﺮى ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟ ﱠ‬
‫ھﻲ أن ﯾﻜﻮن اﻟﻮﺻﻞ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻣﺮﺿﺎً ﻻ أن ﯾﻌﺎﻟﺞ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ ﻣﺮض ‪ ،‬واﻟﻔ ﺮق ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ واﺳ ﻊ‪ .‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻣﻦ أﯾﻦ ﺟﺎءت إﺑﺎﺣﺔ ھﺬا اﻟﺤﺮام ﻟﻀﺮورة ھﻨﺎ؟‪ .‬إن ھﺬا اﻟﻘﻮل ﻻ ﺷﻚ ﯾﺘﺼﺎدم ﻣﻊ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ‬
‫وﯾﺒﻄﻠﮫ‪ ،‬وھﻮ ﻗﻮل ﻻ ﯾﺤﻞ ﻷﺣﺪ أن ﯾﻘﻮﻟﮫ‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل إن وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺟﺎﺋﺰ إن ﻛﺎن ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺰوج وﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﺮدود ﺑﻌﻤ ﻮم‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻞ دون ﺗﺨﺼﯿﺺ أو ﺗﻘﯿﯿﺪ ﺑﺮﺿﺎ اﻟ ﺰوج وﺑﻌﻠﻤ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﺮدود ﺑﻤ ﺎ وﻗ ﻊ‬
‫ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ »‪ ...‬إﻧﻲ زوﺟﺖ اﺑﻨﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺘﻤﺮﱠق ﺷﻌﺮ رأﺳ ﮭﺎ وزوﺟُﮭ ﺎ ﯾﺴﺘﺤ ﺴﻨﮭﺎ‪ ،‬أﻓﺄﺻ ﻞ ﯾ ﺎ‬
‫رﺳﻮل اﷲ؟ ﻓﻨﮭﺎھﺎ« ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻓ ﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري )وذھ ﺐ اﻟﻠﯿ ﺚ وﻧﻘﻠ ﮫ أﺑ ﻮ ﻋﺒﯿ ﺪة ﻋ ﻦ ﻛﺜﯿ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء أن اﻟﻤﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬وأﻣ ﺎ إذا وﺻ ﻠﺖ ﺷ ﻌﺮھﺎ ﺑﻐﯿ ﺮ اﻟ ﺸﻌﺮ ﻣ ﻦ ﺧﺮﻗ ﺔ‬
‫وﻏﯿﺮھﺎ ﻓﻼ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ( وأﺿﺎف )وﻓﺼﻞ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﺎ وﺻﻞ ﺑﮫ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ‬
‫ل‬
‫اﻟﺸﱠﻌﺮ ﻣﺴﺘﻮرًا ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪه ﻣﻊ اﻟﺸﱠﻌﺮ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻈﻦ أﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﱠﻌﺮ‪ ،‬وﺑﯿﻦ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻇ ﺎھﺮًا ﻓﻤﻨ ﻊ اﻷو َ‬

‫‪111‬‬
‫ﻗﻮ ٌم ﻓﻘﻂ ﻟﻤﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻟﯿﺲ وھﻮ ﻗﻮي‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ أﺟ ﺎز اﻟﻮﺻ ﻞ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ﺑ ﺸَﻌﺮ أو ﺑﻐﯿ ﺮ‬
‫ﺷَﻌﺮ إذا ﻛﺎن ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺰوج وﺑﺈذﻧﮫ‪ ،‬وأﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺒﺎب ﺣُﺠﺔ ﻋﻠﯿﮫ(‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن وﺻﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻤﺎﺛﻠﮫ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ اﻵدﻣﻲ‪ ،‬أو ﯾﺸﺎﺑﮭﮫ ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺮ اﻟﺤﯿ ﻮان أو‬
‫اﻟﺨﯿﻮط اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ ﺣﺮام ﻛﻠﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟ ﻚ ﻣﻤ ﺎ ﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ وﯾﺒ ﺪو ﻣﺘﻤ ﺎﯾﺰاً ﻣﻐ ﺎﯾﺮًا ﻟﻠ ﺸﻌﺮ ﻓﺠ ﺎﺋﺰ ﻻ‬
‫إﺛ ﻢ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟﺰﯾﻨ ﺔ اﻟﺘ ﻲ أﺑﺎﺣﮭ ﺎ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﻠﻨ ﺴﺎء ﻛﺎﻟﻘﺮاﻣ ﻞ‪ ،‬وﻏ ﺮز اﻷزھ ﺎر اﻟ ﺼﻨﺎﻋﯿﺔ‬
‫واﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ‪ ،‬وﻟﺒﺲ اﻷﻃ ﻮاق وﺗﻮﺷ ﯿﺘﮫ ﺑﺄﺻ ﻨﺎف اﻟﺰﺧ ﺎرف اﻟﺘ ﻲ ﺗﺒ ﺪو أﻧﮭ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺷ ﻌﺮاً ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺟﺎﺋﺰ‪.‬‬

‫‪ .5‬ﻧﻔﺶ اﻟﺸﻌﺮ‪:‬‬
‫إن ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﮫ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ھﺬه اﻷﯾﺎم ﻣﻦ رش ﺷﻌﻮرھﻦ ﺑﻤﻮاد ﺗُﺼﻠﱢﺐ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﯿﺒﺪو ﻛﺜﯿﻔ ًﺎ ﻣﻨﺘ ﺼﺒﺎً‪،‬‬
‫ﻂ ھﻮاء ﺳﺎﺧﻦ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ أداة ﻛﮭﺮﺑﯿﺔ ﯾﺴﻤﯿﻨﮭﺎ اﻟﺴﱢﺸْﻮار ﯾﺆدي إﻟﻰ ﻧﻔﺶ اﻟﺸﻌﺮ وﺟﻌﻠ ﮫ ﯾﺒ ﺪو‬ ‫أو ﺗﺴﻠﯿ ِ‬
‫أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻤﮫ‪ ،‬ھﻮ ﺟﺎﺋﺰ وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﺎل إﻧﮫ ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﻓ ﻲ ﺷ ﻜﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ‬
‫وﺣﺠﻤﮫ وإﻧﮫ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺰوﯾﺮ وﺗﺪﻟﯿﺲ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﺎل ذﻟﻚ وإﻻ ﻟﻜﺎن دھ ﻦ اﻟ ﺸﻌﺮ وﺗﻠﺒﯿ ﺪه وﺗ ﻀﻔﯿﺮه ﺣﺮاﻣ ﺎً‪،‬‬
‫ﻷﻧﮫ ﯾﻐﯿﺮ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﮫ وﺣﺠﻤﮫ‪ ،‬واﻟﺘﻠﺒﯿ ﺪ ﺟ ﺎﺋﺰ ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﺒﺨ ﺎري »ﻛ ﺎن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬ﻟﻘ ﺪ رأﯾ ﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣُﻠﺒﱢﺪاً« وﺿﻐﻂ اﻟ ﺸﻌﺮ ﻟﺘ ﺴﻜﯿﻦ ﺛ ﺎ ِﺋﺮِه ﺟ ﺎﺋﺰ ﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر اﻟﻤ ﺎرﱢ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫]إﻛﺮام اﻟﺸﻌﺮ[ ‪.‬‬

‫ﺸﻌَﺮ‪:‬‬
‫‪ .6‬ﻓﺮق اﻟ ﱠ‬
‫ن اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺤ ﺐﱡ ﻣﻮاﻓﻘ ﺔ‬ ‫ﯾﺠﻮز ﻓﺮق اﻟﺸﻌﺮ ﻟﻤﺎ رُوي أ ﱠ‬
‫أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻢ ﯾُ ﺆْﻣﺮ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﺎن أھ ﻞ اﻟﻜﺘ ﺎب َﯾ ﺴْﺪِﻟﻮن أﺷ ﻌﺎرھﻢ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺸﺮﻛﻮن ﯾﻔﺮُﻗ ﻮن‬
‫رؤوﺳﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺴﺪل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ ﺛﻢ ﻓﺮق ﺑﻌﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﺣﻜ ُﻢ اﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘﱠﻄﯿﱡﺐ‬

‫وردت ﻓﻲ اﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘ‪‬ﻄﯿﱡﺐ أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻣﻜﺤﻠ ﺔ ﯾﻜﺘﺤ ﻞ ﺑﮭ ﺎ ﻛ ﻞ ﻟﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﻓﻲ ھﺬه وﺛﻼﺛﺔ ﻓﻲ ھﺬه« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧﯿﺮ أﻛﺤﺎﻟﻜﻢ ا ِﻹ ْﺛﻤِﺪ‪ ،‬ﯾﺠﻠﻮ اﻟﺒﺼﺮ وﯾُﻨﺒﺖ اﻟﺸﱠﻌﺮ«‬
‫رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪارﻣﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬واﻹِﺛﻤِ ﺪ ھ ﻮ ﺣﺠ ﺮ اﻟﻜﺤ ﻞ اﻟﻤﻌ ﺮوف ﻟﻮﻧ ﮫ‬
‫أﺳﻮد ﯾﻀﺮب إﻟﻰ اﻟﺤﻤﺮة‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﻧﺲ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺣُﺒﱢ ﺐَ إﻟ ﻲﱠ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ اﻟﻨ ﺴﺎءُ واﻟﻄﱢﯿ ﺐُ‪ ،‬وﺟُﻌِ ﻞ ﻗُ ﺮﱠ ُة ﻋﯿﻨ ﻲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة« رواه أﺣﻤﺪ واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﺻ ﺤﱠﺤﮫ‪ ،‬وﺣ ﺴﻨﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ واﻟ ﺴﯿﻮﻃﻲ‪،‬‬
‫وﺟﻮﱠد اﻟﻌﺮاﻗﻲ إﺳﻨﺎده‪.‬‬

‫ﺐ ﻓ ﻼ ﯾ ﺮدﱠه‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﺧﻔﯿ ﻒ‬ ‫‪ -4‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ُ‬

‫ﻋ ﺮض ﻋﻠﯿ ﮫ ﻃﯿ ٌ‬

‫‪112‬‬
‫اﻟﻤﺤﻤﻞ ﻃﯿﱢﺐ اﻟﺮاﺋﺤﺔ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ » ﻣﻦ ﻋُ ﺮض ﻋﻠﯿ ﮫ رﯾﺤ ﺎن ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺮدﱠه ‪ «...‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻋﻦ اﻟﻨﮭﺪي ﺑﻠﻔﻆ »إذا أُﻋﻄﻲ أﺣﺪﻛﻢ اﻟ ﱠﺮﯾْﺤﺎن ﻓﻼ ﯾﺮدﱠه ‪.«...‬‬

‫ﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ذُﻛ ﺮ اﻟﻤِ ﺴﻚ ﻋﻨ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﻮ‬‫‪ -5‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟ ُ‬
‫أﻃﯿﺐ اﻟﻄﱢﯿﺐ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖُ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ :‬أﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻄ ﱠﯿ ﺐ؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﺑ ﺬِﻛﺎرة‬
‫ﻚ واﻟﻌﻨﺒﺮ « رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬واﻟﺬﱢﻛﺎرة ‪ :‬ﻣﺎ ﯾﺼﻠُﺢ ﻟﻠﺬﻛﻮر‪.‬‬
‫اﻟﻄﱢﯿﺐ‪ :‬اﻟﻤﺴ ِ‬

‫‪ -7‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻃِﯿ ﺐ اﻟﺮﺟ ﺎل ﻣ ﺎ ﻇﮭ ﺮ رﯾﺤ ﮫ وﺧﻔ ﻲ ﻟﻮﻧ ﮫ‪ ،‬وﻃﯿ ﺐ‬
‫اﻟﻨﺴﺎء ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻟﻮﻧﮫ وﺧﻔﻲ رﯾﺤﮫ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﻨﮫ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻏُﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺤﺘﻠﻢ‪ ،‬وﺳ ﻮاك‪ ،‬وﯾﻤ ﺲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻄّﯿﺐ ﻣﺎ ﻗﺪر ﻋﻠﯿﮫ‪ ...‬وﻟﻮ ﻣﻦ ﻃِﯿﺐ اﻟﻤ ﺮأة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وروى اﻟﺒﺨ ﺎري ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻠﻔﻆ »وﯾﺪﱠھﻦ ﻣﻦ دھﻨﮫ أو ﯾﻤﺲ ﻣﻦ ﻃﯿﺐ ﺑﯿﺘﮫ ﺛﻢ ﯾﺨﺮج«‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﺘﱠﺰﻋﻔ ﺮ ﻟﻠﺮﺟ ﺎل« رواه‬

‫اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -10‬ﻋﻦ ﯾﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻣﺮة »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﺑﺼﺮ رﺟﻼً ﻣُﺘﺨﻠﱢﻘﺎً ﻗﺎل‪ :‬اذھﺐ ﻓﺎﻏﺴﻠﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻏ ﺴﻠﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻻ َﺗﻌُﺪ« رواه اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي‪ :‬ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻣﺘﺨﻠﱢﻘ ﺎً‪ :‬أي ﻣﻄﻠﱠﯿ ًﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺨَﻠﻮق‪ ،‬وھﻮ ﻃﯿﺐ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤُﻤﺮة واﻟﺼﱡﻔﺮة‪.‬‬

‫‪ -11‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﻛﻞ ﻋﯿ ٍ‬

‫ﻦ زاﻧﯿ ﺔ‪ ،‬واﻟﻤ ﺮأة إذا اﺳ ﺘﻌﻄﺮت ﻓﻤ ﺮﱠت ﺑ ﺎﻟﻤﺠﻠﺲ‬
‫ﻓﮭﻲ ﻛﺬا وﻛﺬا‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ زاﻧﯿﺔ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ واﻟﺪﱠارﻣﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي‪ :‬ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫واﻻﻛﺘﺤﺎل ھﻮ وﺿﻊ اﻟﻜُﺤ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻔ ﻮن ﻟﺘﻘﻮﯾﺘﮭ ﺎ وﺗﺠﻤﯿﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﻮ ﯾﺘﺤﻘ ﻖ ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل أﯾ ﺔ ﻣ ﺎدة‬
‫ﺻ ﺎﻟﺤﺔ وﻟ ﯿﺲ اﻹِﺛْﻤِ ﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ﻣ ﺎدة ﺳ ﻮداء ﻧﺎﻋﻤ ﺔ ﺗﺜﺒ ﺖ ﻓ ﻲ اﻷﺟﻔ ﺎن ﯾﺠ ﻮز اﻻﻛﺘﺤ ﺎل ﺑﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﯿﺠﻮز اﻻﻛﺘﺤﺎل ﺑﺎﻟﻜﺤﻞ اﻟﺴﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﯾﻮﺿﻊ ﺑﺎﻟﻔﺮﺷﺎة‪ ،‬وﯾﺠﻮز اﻻﻛﺘﺤﺎل ﺑﺎﻟﻜﺤﻞ اﻟ ﺼﻠﺐ اﻟﻤ ﺼﻨﻮع‬
‫ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺔ اﻷﻗﻼم‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺠ ﻮز اﻻﻛﺘﺤ ﺎل ﺑﺎﻟﻜﺤ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺤﻮق ﺑﺎﻟﯿ ﺪ أو ﺑﺎﻟﻤِﯿ ﻞ‪ .‬واﻟﻜﺤ ﻞ زﯾﻨ ﺔ ﻣ ﺸﺘﺮﻛﺔ‬
‫ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻓ ﻼ ﯾﻜ ﻮن أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻣُﺘَ ﺸَﺒﱢﮭﺎً ﺑ ﺎﻵﺧﺮ إن ھ ﻮ اﻛﺘﺤ ﻞ‪ .‬وﯾُﻨ ﺪب ﻟﻠﺮﺟ ﻞ وﻟﻠﻤ ﺮأة إن ھﻤ ﺎ‬
‫اﻛﺘﺤﻼ أن ﯾُﻮﺗِﺮا‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻜ ﺘﺤﻼ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻋ ﯿﻦ ﺛﻼﺛ ًﺎ أو ﺧﻤ ﺴ ًﺎ أو أﻗ ﻞ أو أﻛﺜ ﺮ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾﺤ ﺚّ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﻮﺗﺮ »‪ ...‬إن اﷲ وﺗ ﺮ ﯾﺤ ﺐ اﻟ ﻮﺗﺮ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺴﱡﻨﻦ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل ﻗ ﺪ أوﺷ ﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻻﻧﻘ ﺮاض‪.‬‬
‫واﻻﻛﺘﺤ ﺎل ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻨ ﺴﺎء اﻟﻈﮭ ﻮر ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أن ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺻ ﺎرﺧًﺎ ﯾُﻠﻔ ﺖ ﻧﻈ ﺮ اﻟﺮﱢﺟ ﺎل‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺘﺒ ﺮﱡج اﻟﻤُﺤ ﺮﱠم‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺘﱠﻄﯿﱡ ﺐ ﻓﮭ ﻮ أﯾ ﻀًﺎ ﻣ ﺸﺘﺮك ﺑ ﯿﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬وﺣﻜﻤ ﮫ اﻟﻨ ﺪب‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ ﯾﻘﻮل »ﻣَﻦ ﻋُﺮض ﻋﻠﯿﮫ ﻃﯿﺐٌ ﻓﻼ ﯾﺮدﱠه« وھﻮ ﻋﺎم ﯾﺸﻤﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺨﺎﻣﺲ‪.‬‬

‫إﻻ أن ھﻨﺎك ﻓﺎرﻗﺎً ﺑﯿﻦ ﻃﯿﺐ اﻟﺮﺟﺎل وﻃﯿﺐ اﻟﻨﺴﺎء ذﻛﺮه اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫أن ﻃﯿﺐ اﻟﺮﱢﺟﺎل ﻟﮫ راﺋﺤﺔ وﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻟﻮن‪ ،‬ﻛﺎﻟﻤﺴﻚ واﻟﻌﻨﺒﺮ واﻟﻌﻮد واﻟﻌﻄﻮر واﻟﺒﺨﱡ ﻮر اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﻟ ﻮن‬

‫‪113‬‬
‫ﻟﮭﺎ‪ ،‬وأن ﻃﯿﺐ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﺎ ﻟﮫ ﻟﻮن وﻟﯿﺴﺖ ﻟﮫ راﺋﺤﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺰﱠﻋﻔﺮان واﻟﺨَﻠﻮق وأﺷﺒﺎھﮭﻤﺎ‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺎﺷ ﺮ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻻ أن ﺗ ﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻣ ﺎ ﻟ ﮫ راﺋﺤ ﺔ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻦ وأﻣ ﺎم ﻣﺤ ﺎرﻣﮭﻦ‬
‫واﻟﻨﺴﺎء ﻓﺤﺴﺐ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺟﺎﺋﺰ‪ ،‬ﻷن ھﺆﻻء ﯾﺤﻞ ﻟﮭﻢ اﻻﻃﱢﻼع ﻋﻠﻰ زﯾﻨﺔ اﻟﻤﺮأة‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﻌﻠﺖ ﻓﻼ ﯾﺤ ﻞ‬
‫ﻟﮭﺎ اﻟﻈﮭﻮر ﺑﮫ أﻣ ﺎم اﻟﺮﺟ ﺎل اﻷﺟﺎﻧ ﺐ وﻻ اﻟﺨ ﺮوج ﺑ ﮫ‪ ،‬وإﻻ وﻗﻌ ﺖ ﺗﺤ ﺖ ﺗﺤ ﺬﯾﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺤ ﺎدي‬
‫ﻋﺸﺮ اﻟﺬي ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺘﱠﺸﺪﯾﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﱠﺤﺮﯾﻢ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أﯾﱡﻤ ﺎ‬
‫اﻣﺮأ ٍة أﺻﺎﺑﺖ ﺑﺨﱡﻮراً ﻓﻼ ﺗﺸﮭﺪ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﻮز ﻟﻠﺮﺟﺎل اﻟﺘﱠﻄﯿﱡﺐ ﺑﻤﺎ ﻟﮫ ﻟﻮن إن ﻋﺪم ﻣﺎ ﻟﮫ راﺋﺤﺔ دون ﻟﻮن‪ ،‬ودﻟﯿﻞ ذﻟﻚ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻣﻦ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﯾﻜ ﻮن ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ أﺿ ﯿﻖ اﻟﺤ ﺪود‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﻟ ﻮ اﺳ ﺘﻌﻤﻠﮫ ﻓ ﻲ أﯾ ﺎم ﻋﺮﺳ ﮫ‪،‬‬
‫ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف وﻋﻠﯿ ﮫ َردْعُ زﻋﻔ ﺮان‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪َ :r‬ﻣ ْﮭﯿَﻢ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺗﺰوﺟﺖ اﻣﺮأة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ أﺻ ﺪﻗﺘَﮭﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬وزن ﻧ ﻮا ٍة ﻣ ﻦ‬
‫ذھﺐ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أوﻟِﻢ وﻟﻮ ﺑﺸﺎة« رواه أﺑﻮداود‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻔﻈﮫ »ﻟﻘﻲ ﻋﺒﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف وﺑ ﮫ‬
‫ﺿﺮ‬‫ﺿ ٌﺮ ﻣﻦ ﺧَﻠﻮق‪ «...‬واﻟﺮﱠدع ھﻮ أﺛﺮ اﻟﻄﯿﺐ‪ .‬وﻛﻠﻤﺔ ﻣﮭﯿﻢ ﻛﻠﻤﺔ اﺳﺘﻔﮭﺎم ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﻣ ﺎ ﺷ ﺄﻧﻚ؟ واﻟﻮ َ‬‫َو َ‬
‫ھﻮاﻷﺛﺮ‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺬﻛﺮ ﻣﺮة اﻟﺰﻋﻔﺮان‪ ،‬وھ ﻮ ﻧﺒ ﺎت ُﯾ ﺼﺒﻎ ﺑ ﮫ ﻓﯿﻌﻄ ﻲ ﺻ ﻔﺮة‪ ،‬وﻣ ﺮة اﻟﺨَﻠ ﻮق‪،‬‬
‫وھﻮ ﯾﻌﻄﻲ ﺣﻤﺮة وﺻﻔﺮة‪ .‬واﻟﺰﻋﻔﺮان واﻟﺨَﻠﻮق ﻣﻦ ﻃﯿﺐ اﻟﻨﺴﺎء إﻻ أن ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻗﺪ اﺳﺘﻌﻤﻠﮭﻤﺎ‬
‫ﻓﻲ أﯾﺎم ﻋﺮﺳﮫ ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ‪.r‬‬

‫ﺤﺮُﻣﺎن‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﺢ ﻟﻠﻤﻌﺘ ﺪﱠة‬‫واﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘﻌﻄﺮ ﻣﻨﺪوﺑﺎن ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﺪاد ﻓﯿَ ْ‬
‫اﻟﻤﺘ ﻮﻓﱠﻰ ﻋﻨﮭ ﺎ زوﺟﮭ ﺎ أن ﺗﻜﺘﺤ ﻞ وﺗﺘﻄﯿ ﺐ ﻃﯿﻠ ﺔ ﻓﺘ ﺮة اﻟﻌ ﺪة وھ ﻲ أرﺑﻌ ﺔ أﺷ ﮭﺮ وﻋ ﺸﺮة‬
‫أﯾﺎم وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﻋﺪة أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺒﯿﻦ ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻣﺮأة ﺗﻮﻓﱢﻲ زوﺟﮭﺎ ﻓﺨﺸﻮا ﻋﻠﻰ ﻋﯿﻨﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺄ َﺗﻮْا رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻓﺎﺳ ﺘﺄذﻧﻮه ﻓ ﻲ اﻟﻜُﺤ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﻜﺘﺤ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺪ ﻛﺎﻧ ﺖ إﺣ ﺪاﻛﻦ ﺗﻤﻜ ﺚ ﻓ ﻲ ﺷ ﺮ أﺣﻼﺳ ﮭﺎ‬
‫‪ -‬أو ﺷ ﱢﺮ ﺑﯿﺘﮭﺎ ‪ -‬ﻓﺈذا ﻛ ﺎن ﺣ ﻮلٌ ﻓﻤ ﱠﺮ ﻛﻠ ﺐٌ رﻣ ﺖ ﺑﺒﻌ ﺮة‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺣﺘ ﻰ ﺗَﻤ ﻀﻲ أرﺑﻌ ُﺔ أﺷ ﮭﺮ وﻋ ﺸ ٌﺮ «‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬واﻷﺣﻼس‪ :‬ھﻲ اﻟﺜﯿﺎب‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ زﯾﻨﺐ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ» دﺧﻠ ﺖ ﻋﻠ ﻰ أم ﺣﺒﯿﺒ ﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ ﺗ ﻮﻓﻲ أﺑﻮھ ﺎ‬
‫ﺻ ﻔﺮة ﺧَﻠ ﻮق أو ﻏﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺪھﻨﺖ ﻣﻨ ﮫ ﺟﺎرﯾ ﺔ ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺖ‬
‫ﺐ ﻓﯿ ﮫ ُ‬
‫أﺑ ﻮ ﺳ ﻔﯿﺎن‪ ،‬ﻓ ﺪﻋﺖ أم ﺣﺒﯿﺒ ﺔ ﺑﻄﯿ ٍ‬
‫ﺿﯿْﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬واﷲ ﻣﺎ ﻟ ﻲ ﺑﺎﻟﻄﯿ ﺐ ﻣ ﻦ ﺣﺎﺟ ﺔ‪ ،‬ﻏﯿ ﺮ أﻧ ﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﻋﻠ ﻰ‬‫ﺑﻌﺎر َ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﺮ ‪ :‬ﻻ ﯾﺤﻞ ﻻﻣﺮأة ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﺗﺤ ﱡﺪ ﻋﻠ ﻰ ﻣﯿ ﺖ ﻓ ﻮق ﺛ ﻼث إﻻ ﻋﻠ ﻰ زوج أرﺑﻌ ﺔ‬
‫أﺷﮭﺮ وﻋﺸﺮاً ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺧ ﺺ ﻟﻠﻤﻌﺘ ﺪﱠة إذا ﻃﮭ ﺮت ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ وأرادت اﻻﻏﺘ ﺴﺎل أن ﺗﻤ ﺲ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﻮاد‬ ‫وﻟﻜ ﻦ ُر ﱢ‬
‫اﻟﻤُﺰﯾﻠﺔ ﻟﻠﺮواﺋﺢ ﻹزاﻟﺔ راﺋﺤﺔ دم اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روت أم ﻋﻄﯿﺔ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬وﻻ ﺗﻜﺘﺤ ﻞ‬
‫ﻂ أو أَﻇﻔﺎر« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬واﻟﻘُﺴﻂ واﻷﻇﻔ ﺎر‪ :‬ھﻤ ﺎ ﻧﻮﻋ ﺎن‬
‫ﺴٍ‬‫وﻻ ﺗﻤﺲ ﻃﯿﺒ ًﺎ إﻻ إذا ﻃﮭُﺮت ُﻧﺒْﺬة ﻣﻦ ُﻗ ْ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﺨﻮر‪.‬‬

‫ﺺ ﯾﻔﯿ ﺪ وﺟ ﻮب اﻣﺘﻨﺎﻋﮭ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﺘ ﺰﯾﱡﻦ وﻣﻨﮭ ﺎ اﻻﻛﺘﺤ ﺎل‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻤﻄﻠﱠﻘ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻓﯿﮭ ﺎ أي ﻧ ﱞ‬
‫واﻟﺘﻄﯿﱡﺐ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺤﺮم ﻋﻠﯿﮭﺎ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺪﺧﻮل ﺑﮭﺎ وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﻌﯿﺔ واﻟﺒﺎﺋﻨﺔ ﺧﻼﻓ ًﺎ‬
‫ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﯾُﻠﺤﻘﻮﻧﮭ ﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﺘ ﺪﱠة ﻓ ﻲ وﺟ ﻮب اﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ اﻟﺘﱠ ﺰﯾﻦ‪ .‬وﻧﺤ ﻦ ھﻨ ﺎ ﻟ ﺴﻨﺎ ﺑ ﺼﺪد‬
‫ﺑﺤﺚ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺼﯿﻼً‪ ،‬وﺣﺴﺒﻨﺎ ھﺬه اﻹﺷﺎرة ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ﺑﻘﯿﺖ ﻧﻘﻄﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﻋ ﱠﻢ ھﺬه اﻷﯾ ﺎم وﺷ ﺎع ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌﻄ ﻮر اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺪﺧﻞ اﻟﻜﺤ ﻮ ُل اﻟﻤ ﺴﻜﺮة‬
‫ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺘﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻌﻄ ﻮر ﯾﺤ ﺮم اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺗﻘ ﺪم ﺑﯿ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ اﻻﺳ ﺘﺤﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺤ ﺬر‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮭﺎ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻧﺠ ﺴﺔ وﻣﺤﺮﱠﻣ ﺔ‪ ،‬وﯾﻤﻜ ﻨﮭﻢ اﻟﺘﱠﺤ ﺮﱢي ﻋﻨﮭ ﺎ ﺑ ﺴﺆال اﻟ ﺼﯿﺪﻟﻲ اﻟﺨﺒﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻤﻮﺛﻮق ﻋﻨﺪ ﺷﺮاﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎ دﺧﻠﺖ اﻟﻜﺤﻮل اﻟﻤﺴﻜﺮة ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺒﮭﺎ ﺗﺮﻛﻮھﺎ وﻣﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻓﺠﺎﺋﺰ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺴﺎﺑـﻊ‬
‫اﻷﻏﺴﺎلُ اﻟﻤﺴﺘﺤﺒﱠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص‬
‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ )ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص( ﻷﺟ ﻞ اﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﺑ ﯿﻦ اﻷﻏ ﺴﺎل اﻟﺘ ﻲ وردت ﻧ ﺼﻮص ﺧﺎﺻ ﺔ ﺑﮭ ﺎ ﺗﺤ ﺚ‬

‫‪115‬‬
 ‫ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﺑﯿﻦ اﻷﻏﺴﺎل اﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺮد ﻓﯿﮭﺎ ﻧﺼﻮص ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺣﺚ اﻟﺸﺮع ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻋﻤﻮم اﻷﻏﺴﺎل ﺗﺤ ﺖ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺚ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧ ﺖ ﻣﻨﺪوﺑ ﺔ ﻷﺟ ﻞ‬
‫ت ﻣﻌﯿﻨ ًﺔ ﺑﻨ ﺼﻮص ﺧﺎﺻ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﻨﺺﱠ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻋ ﺪاھﺎ ﻟﺘﺒﻘ ﻰ‬ ‫ﺺ ﻣﻨﺎﺳ ﺒﺎ ٍ‬
‫ھﺬا‪ ،‬إﻻ أن اﻟ ﺸﺮع ﻗ ﺪ ﺧ ﱠ‬
‫داﺧﻠ ﺔ ﻓﻘ ﻂ ﺗﺤ ﺖ ﻋﻤ ﻮم اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺤﺎﺛ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ‪ .‬وﻧﺤ ﻦ ھﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ ﻧﺘﻨ ﺎول ﻓﻘ ﻂ‬
‫اﻟﻤﻨﺎﺳ ﺒﺎت اﻟﻤﺨ ﺼﻮﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﻮص‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﯾﺘﻨ ﺎوﻻن اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐﱠ اﻟﻤﻨ ﺪوب ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﻏﺴﺎل‪ ،‬دون اﻟﻮاﺟﺐ ﻣﻨﮭﺎ ﻛﻐﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﻏﺴﻞ اﻟﺤﯿﺾ ﻣﺜﻼً‪ ،‬ﻷن ﻟﮭ ﺬه ﻣﻮﺿ ﻌًﺎ آﺧ ﺮ ﻏﯿ ﺮ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻊ‪.‬‬

‫ﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض اﻷدﻟﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺸﺮع ﻗﺪ ﺣﺪد أرﺑﻊ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻓﻘﻂ ﯾُﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮭﺎ ھﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻨﺪ اﻹﺣﺮام ودﺧﻮل ﻣﻜﺔ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻋﻘﺐ اﻹﻓﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻹﻏﻤﺎء‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻋﻘﺐ ﺗﻐﺴﯿﻞ اﻟﻤﯿﺖ‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻷرﺑﻊ ﻓﺤﺴﺐ اﻟﺘﻲ ﺧﺼﱠﮭﺎ اﻟﺸﺮع ﺑﻨﺼﻮص ﺗﺤ ﺚ ﻋﻠ ﻰ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ‪،‬‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻛﺎﻟﻌﯿﺪﯾﻦ وﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ واﻻﻋﺘﻜﺎف وﺣﻠ ﻖ اﻟﻌﺎﻧ ﺔ واﻟﺤﺠﺎﻣ ﺔ وﻏﯿﺮھ ﺎ ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﺚ ﻋﻠﻰ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﯿﮭﺎ‪ .‬ﻓﻤ ﺜﻼً روى أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻋ ﻦ‬ ‫ﺗﺮد ﻓﯿﮭﺎ ﻧﺼﻮص ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺗﺤ ﱡ‬
‫اﻟﻔﺎ ِﻛ ِﮫ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻐﺘﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﯾ ﻮم ﻋﺮﻓ ﺔ وﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ وﯾ ﻮم اﻟﻨﺤ ﺮ‪،‬‬
‫ﻗﺎل‪ :‬وﻛﺎن اﻟﻔﺎ ِﻛﮫُ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﯾﺄﻣﺮ أھﻠﮫ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﯾ ﺎم« ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده ﯾﻮﺳ ﻒ ﺑ ﻦ‬
‫ﻼ روى اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻐﺘ ﺴﻞ‬ ‫ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺘﱠﮭﻢ ﺑﺎﻟﻜﺬب واﻟﺰﱠﻧﺪﻗﺔ‪ .‬وﻣﺜ ً‬
‫ﯾﻮم اﻟﻔﻄﺮ وﯾﻮم اﻻﺿ ﺤﻰ« ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده ﺣﺠ ﺎج ﺑ ﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ ﻋ ﺪي‪ :‬رواﯾﺘ ﮫ‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﺑﻤ ﺴﺘﻘﯿﻤﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده أﯾ ﻀﺎً ﺟُﺒ ﺎرة ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬ورﻣ ﺎه اﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ ﺑﺎﻟﻜ ﺬب‪.‬‬
‫ﻼ روى اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬ ‫وﻣﺜ ً‬
‫»ﯾُﻐﺘﺴﻞ ﻣﻦ أرﺑﻊ‪ :‬ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ وﻣﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ واﻟﺤﺠﺎﻣ ﺔ« ﻗ ﺎل اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي )ﺳ ﺄﻟﺖ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ وﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ ﻋﺒـ ـﺪ اﷲ ﻗ ﺎﻻ‪ :‬ﻻ ﯾ ﺼﺢ ﻓـ ـﻲ ھ ـﺬا اﻟﺒ ﺎب ﺷ ﻲء وﻟ ﯿﺲ‬
‫ن ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﺗﻘ ﻮل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺑ ﺬاك( ‪ .‬وﻣ ﺜﻼً روى اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ أ ﱠ‬
‫ﺧﻤﺴﺔ‪ :‬ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤِﺠﺎﻣﺔ وﻏﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ واﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء اﻟﺤﻤﱠ ﺎم« ﻗ ﺎل‬
‫اﻷﺛﺮم ‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ -‬ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﻌﺐ ‪ -‬ھﻮ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﺷﯿﺒﺔ أﺣ ﺪ اﻟ ﺮواة‬
‫‪ -‬وﯾﻘﻮل‪ :‬أﺣﺎدﯾﺜﮫ ﻣﻨﺎﻛﯿﺮ‪ ،‬وﺳﻤﻌﺘﮫ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻌﯿﻨﮫ‪ .‬وﻟﻜﻨﻨ ﻲ أﻗ ﻮل‪ :‬ﻟ ﺌﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺜﺒ ﺖ ﺣ ﺪﯾﺚٌ‬
‫ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ وﻻ ﻓ ﻲ اﻟﺤﺠﺎﻣ ﺔ وﻻ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم ﻋﺮﻓ ﺔ وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺎ ذُﻛ ﺮ ﻣ ﻦ ﻣﻨﺎﺳ ﺒﺎت‬
‫أرﺑﻊ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻐﺴﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت إن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ ﻣﻨ ﮫ ﻧﻈﺎﻓ ﺔ وإزاﻟ ﺔ َدرَن ووﺳ ﺦ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﻨ ﺪوب‬
‫ﻟﻌﻤ ﻮم اﻷدﻟ ﺔ‪ ،‬دوﻧﻤ ﺎ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟ ﺴﻮق أدﻟ ﺔ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ أو واھﯿ ﺔ ﺗ ﺪ ﱡل ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬وﻧ ﺬﻛﺮ اﻵن ھ ﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳ ﺒﺎت‬
‫اﻷرﺑﻊ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫ﻏﺴ ُﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫وردت ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﺪﯾ ﺪة ﻧ ﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻔ ﻲ ﺑ ﺎﻟﻐﺮض ﺛ ﻢ ﻧ ﺬﻛﺮ اﻵراء‬

‫‪116‬‬
 ‫اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻓﻲ ﺣﻜﻤﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺮاﺟﺢ ﺑﺤﻮل اﷲ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬أن رﺳ ﻮل اﷲ ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎل »إذا‬

‫ﺟﺎء أﺣﺪﻛﻢ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠْﯿﻐﺘﺴﻞ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫أُﺧﺮى ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ »إذا أراد أﺣﺪﻛﻢ أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠﯿﻐﺘﺴﻞ«‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ ﻗﺎل ‪ :‬أﺷﮭﺪ ﻋﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ‬
‫ﺲ ﻃﯿﺒ ًﺎ إن وﺟ ﺪ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫ﻣﺤ ﺘﻠﻢ‪ ،‬وأن َﯾ ﺴْﺘﻦﱠ‪ ،‬وأن ﯾﻤ ﱠ‬
‫اﻟﺴﻮاك‪.‬‬

‫ﻖ ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺳ ﺒﻌﺔ أﯾ ﺎم‪،‬‬ ‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺣ ﱞ‬

‫ﯾﻐﺴﻞ رأﺳﮫ وﺟﺴﺪه« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻏُ ﺴﻞٌ ﻓ ﻲ ﺳ ﺒﻌﺔ أﯾ ﺎم ﻛ ﱠﻞ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺟﻤﻌﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ »أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺒﺔ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬إذ دﺧﻞ رﺟ ﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ اﻷوﱠﻟﯿﻦ ﻣﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ‪ r‬ﻓﻨ ﺎداه ﻋﻤ ﺮ‪ :‬أﯾ ﺔ ﺳ ﺎﻋﺔ ھ ﺬه؟ ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﺷُ ﻐﻠﺖ ﻓﻠ ﻢ‬
‫أﻧﻘﻠﺐ إﻟﻰ أھﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ اﻟﺘﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻢ أزد أن ﺗﻮﺿﺄت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬واﻟﻮﺿﻮء أﯾﻀﺎً؟ وﻗﺪ ﻋﻠﻤ ﺖَ أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﱢﺮﻣﺬي وﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺳ ُﻤﺮَة ﺑﻦ ﺟﻨﺪب ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﺒﮭ ﺎ وﻧﻌﻤ ﺖ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬ ‫‪ -6‬ﻋﻦ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪.‬‬
‫اﻏﺘﺴﻞ ﻓﮭﻮ أﻓﻀﻞ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﯾﻨﺘﺎﺑﻮن اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎزﻟﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﻮاﻟﻲ‪،‬‬
‫ن ﻣ ﻨﮭﻢ وھ ﻮ‬‫ﻓﯿ ﺄﺗﻮن ﻓ ﻲ اﻟ َﻌ َﺒ ﺎء وﯾ ﺼﯿﺒﮭﻢ اﻟﻐﺒ ﺎر ﻓﺘﺨ ﺮج ﻣ ﻨﮭﻢ اﻟ ﺮﯾﺢ‪ ،‬ﻓ ﺄﺗﻰ رﺳ ﻮ َل اﷲ ‪ r‬إﻧ ﺴﺎ ٌ‬
‫ﻋﻨ ﺪي‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻟ ﻮ أﻧﻜ ﻢ ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮﺗﻢ ﻟﯿ ﻮﻣﻜﻢ ھ ﺬا« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺨﺘﺼﺮاً‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ آﺧﺮه »ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮭﻢ ﻟﻮ اﻏﺘﺴﻠﺘﻢ« واﻟ َﻌﺒَﺎء ‪ :‬ﺟﻤ ﻊ ﻋﺒ ﺎءة‪ ،‬وھ ﻲ ﻣﻌﺮوﻓ ﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻌﻮاﻟﻲ‪ :‬ﻗﺮى ﺧﺎرج اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ أرﺑﻌﺔ أﻣﯿﺎل‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋ ﻦ أوس ﺑ ﻦ أوس اﻟﺜﻘﻔ ﻲ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﻦ ﻏ ﺴﱠﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫واﻏﺘﺴﻞ ﺛﻢ ﺑﻜﱠﺮ واﺑﺘﻜﺮ‪ ،‬وﻣﺸﻰ وﻟﻢ ﯾﺮﻛﺐ ودﻧﺎ ﻣﻦ اﻹﻣﺎم ﻓﺎﺳ ﺘﻤﻊ وﻟ ﻢ َﯾ ْﻠ ﻎُ‪ ،‬ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﺑﻜ ﻞ ﺧﻄ ﻮ ٍة‬
‫ﻋﻤ ُﻞ ﺳﻨﺔ أﺟﺮ ﺻ ﯿﺎﻣﮭﺎ وﻗﯿﺎﻣﮭ ﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل‪ :‬ﺣ ﺴﻦ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﻌﺮاﻗﻲ‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﺄﺣ ﺴﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﺲ اﻟﺤ ﺼﻰ ﻓﻘ ﺪ ﻟﻐ ﺎ«‬‫ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ وأﻧﺼﺖ‪ ،‬ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ وزﯾ ﺎدة ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻣ ﱠ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -10‬ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ اﻏﺘ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﺲ ﻣﻦ ﻃﯿﺐ‪ ،‬ﺛﻢ راح ﻓﻠﻢ ﯾﻔﺮﱢق ﺑﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﻣ ﺎ‬
‫وﺗﻄﮭﱠﺮ ﺑﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ ﻃُﮭﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ادﱠھﻦ أو ﻣ ﱠ‬

‫‪117‬‬
‫ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ إذا ﺧ ﺮج اﻹﻣ ﺎم أﻧ ﺼﺖ‪ ،‬ﻏُﻔ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ اﻷﺧ ﺮى« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫ورواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أُﺧﺮى‪.‬‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻏُﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪ ،‬ﻓﺬھﺐ أھ ﻞ اﻟﻈ ﺎھﺮ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ ﻗ ﻮل ﻟ ﮫ واﺑ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ ﻋﻤ ﺮ وأﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬ ‫ُ‬
‫وﻋﻤﱠﺎر إﻟﻰ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وﻓﯿ ﮫ أن ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﻖ ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺨ ﺎﻣﺲ وﻓﯿ ﮫ أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬ ‫واﺟ ﺐ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺜﺎﻟ ﺚ وﻓﯿ ﮫ أن ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺣ ﱞ‬
‫ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ‬ ‫اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﱠﺐ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻟﺘﺮﻛﮫ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وھﻮ اﻟ َﻤ ْﻌِﻨ ﱡ‬
‫ﻟﮫ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﯾﺨﻄﺐ اﻟﻨﺎس ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‬
‫إذ دﺧﻞ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن ﻓﻌﺮﱠض ﺑﮫ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﺑﺎل رﺟﺎل ﯾﺘﺄﺧﺮون ‪ «...‬وﻗﺎﻟﻮا ﻟ ﻮﻻ أن ﺗ ﺮك‬
‫اﻟﻐﺴﻞ إﺛﻢ ﻟﻤﺎ أﻧﱠﺒﮫ ﻋﻤﺮ‪ ،‬وﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳﻊ »ﻣـﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﺄﺣﺴﻦ اﻟﻮﺿﻮء« ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ ﻧﻔ ﻲ‬
‫اﻟﻐُ ﺴﻞ‪ ،‬وردﱡوا ﻋﻠ ﻰ ﺑﻘﯿ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ اﺳ ﺘﺪل ﺑﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﺎﻟﻨ ﺪب ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺘﻮى‬
‫أﺣﺎدﯾﺜﮭﻢ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻘﻮة واﻟﺼﺤﺔ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻌﺮض أﻗﻮال اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻨﺪب )وﺑﮭﺬا ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟ ﻚ ﻋ ﺪم اﻧﺘﮭ ﺎض ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﺑﮫ اﻟﺠﻤﮭﻮر ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﻋﺪم إﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭ ﺎ وﺑ ﯿﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ‬
‫وإن أﻣﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻷواﻣﺮ ﻟﻢ ﯾﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟ ﻰ ﻟﻔ ﻆ واﺟ ﺐ وﺣ ﻖ إﻻ ﺑﺘﻌ ﺴﱡﻒ ﻻ ﯾﻠﺠ ﻲء ﻃﻠ ﺐ‬
‫اﻟﺠﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﺜﻠﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺸﻚ ﻣﻦ ﻟﮫ أدﻧﻰ إﻟﻤﺎم ﺑﮭﺬا اﻟ ﺸﺄن أن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻮﺟ ﻮب أرﺟ ﺢ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺳﻤُﺮة وھﻮ ﻏﯿﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻣﻘﺎل وﺳﻨﺒﯿﱢﻨﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ‬
‫اﻟﻘﺎﺿﯿﺔ ﺑﻌﺪﻣﮫ‪ ،‬ﻷن أوﺿﺤﮭﺎ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﺪﯾﺚ َ‬
‫ﺑﻘﯿﺔ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ ﻣﺠﺮد اﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎت واھﯿﺔ(‪.‬‬

‫وذھ ﺐ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻠﻒ واﻟﺨﻠ ﻒ وﻓﻘﮭ ﺎء اﻷﻣ ﺼﺎر‪ :‬اﻷوزاﻋ ﻲ واﻟﺜ ﻮري وﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي واﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي إﻟ ﻰ أن‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ﺑﻮاﺟﺐ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭ ﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ :‬اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟ ﺴﺎدس واﻟ ﺴﺎﺑﻊ‬
‫واﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺎﺷﺮ‪ ،‬وﺣﻤﻠﻮا ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »اﻟﻐُﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺟ ﺐ« وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻖ ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺳﺒﻌ ـﺔ أﯾ ﺎم« ﺣﻤﻠﻮھﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺗﺄﻛﯿ ﺪ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ »ﺣ ﱞ‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬وﻓﺴﺮوا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺄن ﻋﺜﻤﺎن ﻟﻮ ﻛﺎن ﯾﻌﻠ ﻢ أن ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺟ ﺐ ﻟﻤ ﺎ ﺗﺮﻛ ﮫ‪،‬‬
‫وﻟﻮ ﺗﺮﻛﮫ ﻟﻤﺎ ﺳ ﻤﺢ ﻟ ﮫ ﻋﻤ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة وﻷﺧﺮﺟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا إن ﻏ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻣﻌﻠ ﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻌﻠﺔ ﺗﺼﺮف اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﺪب‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫أواﻣ ﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟ ﺴﻮاك واﻟﺘﻄﱡﯿ ﺐ وھﻤ ﺎ ﻣﻨ ﺪوﺑﺎن ‪ ،‬وأن ذﻟ ﻚ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣﻨ ﺪوب‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا‬
‫أﯾﻀًﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس وھﻮ ﺻﺮﯾﺢ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺪب‪ ،‬وﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ اﻟ ﺬي ﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﻋﻠ ﻰ ذﻛ ﺮ اﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫وﻟﻮ ﻛﺎن واﺟﺒًﺎ ﻟﺬُﻛﺮ‪ .‬ھﺬه ھﻲ أدﻟﺔ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﺎ إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺬي ﯾﺘﺮﺟﱠﺢ ﻟﺪيﱠ ھﻮ أن ﻏﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ﺑﻮاﺟﺐ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﯿﺲ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻌﺎرﺿ ﺘﺎ وﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﺗ ﺮﺟﯿﺢ إﺣ ﺪاھﻤﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺄﺗﻲ ﻗ ﻮل ﻣ ﻦ ﯾﻘ ﻮل إن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺪاﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب أﺻﺢ إﺳﻨﺎدًا ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺪب‪ ،‬ﻓﺘﺆﺧﺬ ھﺬه وﺗُﺘﺮك ﺗﻠﻚ‪ ،‬وإنﱠ ﻗﻮل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‬
‫)ﻋﺪم إﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ( وﺗﻌﻠﯿﻠﮫ ذﻟﻚ ﺑﺄن أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮﺟﻮب ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻔﻈﺘﺎ )واﺟ ﺐ وﺣ ﻖ( وﻗﻮﻟ ﮫ )إن‬
‫أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮﺟﻮب أرﺟﺢ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻘﺎﺿﯿﺔ ﺑﻌﺪﻣﮫ( ھﻮ ﻗﻮل ﻏﯿﺮ ﻣﺴﻠﱠﻢ ﺑﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﻘﺎﺿﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺪب ھﻲ أﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ وﺣﺴﻨﺔ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻃﺮﺣﮭﺎ وإﺳﻘﺎﻃﮭﺎ ﺑﮭﺬه اﻟﺴﮭﻮﻟﺔ ﺑﺤﺠ ﺔ ﻋ ﺪم‬
‫إﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻷدﻟﺔ وإﻋﻤﺎﻟَﮭﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫إھﻤﺎل ﺑﻌﻀﮭﺎ‪ ،‬وھﻨﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﻘﻮﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺦ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -2‬إن ﻟﻔﻈﺘﻲ )واﺟﺐ وﺣﻖ( ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪان ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة اﻟﻮﺟ ﻮب اﻟ ﺸﺮﻋﻲ اﻟ ﺬي ھ ﻮ أﺣ ﺪ اﻷﺣﻜ ﺎم‬
‫اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻔﯿﺪان ذﻟﻚ وﻗﺪ ﻻ ﺗﻔﯿﺪان‪ ،‬واﻟﻘﺮاﺋﻦ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﱢﻦ وﺗﺤﺪﱢد أﯾ ًﺎ ﻣﻦ ذﻟ ﻚ ھ ﻮ‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد‪ ،‬وھﻨﺎ ﻗﺮاﺋﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﯿﮭﺎ وﺳﺘﺄﺗﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ ﻃﻠﺐ اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬وھﺬا اﻟﻄﻠ ﺐ ﺑﺤﺎﺟ ﺔ‬
‫إﻟﻰ ﻗﺮﯾﻨﺔ أو ﻗﺮاﺋﻦ ﺗﻌﯿﱢﻦ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﮫ ھﻞ ھﻮ ﻟﻠﻮﺟﻮب أم ﻟﻠﻨ ﺪب أم ﻟﻺﺑﺎﺣ ﺔ؟ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫ﺲ ﻃِﯿﺒ ًﺎ‪ .‬وھ ﺬا اﻟ ﺴﱢﯿﺎق ﯾﻌﻨ ﻲ أن‬
‫ﻦ ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬وأن ﯾﻤ ﱠ‬ ‫اﻟﻐﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ واﺟﺐ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬وأن ﯾ ﺴﺘ ﱠ‬
‫اﻟﻐ ﺴﻞ واﺟ ﺐ‪ ،‬وأن ﯾ ﺴﺘﻦﱠ أي ﯾﺘ ﺴﻮﱠك واﺟ ﺐ‪ ،‬وأن ﯾﻤ ﺲﱠ ﻃﯿﺒ ﺎً واﺟ ﺐ‪ ،‬أي أن اﻟﻐ ﺴﻞ واﻟ ﺴﻮاك‬
‫واﻟﺘﱠﻄﯿﱡﺐ واﺟﺒﺎت‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ ﻇﺎھﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﻗﺮاﺋﻦ ﺗﺼﺮف اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ھﺬا‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻈﺎھﺮ‪ ،‬ﻏﯿ ﺮ أن ﻟ ﺪﯾﻨﺎ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮف اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ ﻇ ﺎھﺮه‪ .‬أﻣ ﺎ‬
‫اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﻓﮭ ﻲ أن اﻟﺜﺎﺑ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص ھ ﻮ أن اﻟ ﺴﱢﻮاك ﻣﻨ ﺪوب‪ ،‬وأن اﻟﺜﺎﺑ ﺖ ﻛ ﺬﻟﻚ ھ ﻮ أن اﻟﺘﻄﱡﯿ ﺐ‬
‫ﻣﻨﺪوب‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ أن اﻟﻐ ﺴﻞ واﺟ ﺐ واﻟ ﺴﻮاك واﺟ ﺐ واﻟﺘﻄﱡﯿ ﺐ واﺟ ﺐ‪ ،‬وﻛ ﺄن ﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫ن اﻟﺘﻄ ﱡﯿ ﺐ اﻟﻤﻨ ﺪوب واﺟ ﺐ ‪ ،‬وھ ﺬا ﻏﯿ ﺮ ﻣﻤﻜ ﻦ ﻃﺒﻌ ًﺎ ‪،‬‬ ‫ن اﻟﺴﻮاك اﻟﻤﻨﺪوب واﺟﺐ‪ ،‬وأ ﱠ‬‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ أ ﱠ‬
‫وﻟﺬا وﺟﺐ ﻓﮭﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺼﺮف ﻟﻔﻈﺔ واﺟﺐ ﻋﻦ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ‪ ،‬وﺣﻤﻞ ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮد‬
‫اﻟﺤﺚ واﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻓﯿﮫ دون أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮب اﻟﺸﺮﻋﻲ‪ .‬وإذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘ ﺪ ﺑﻄﻠ ﺖ ﺣﺠ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﯾﻘ ﻮل ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﻐ ﺴﻞ ﻟﻠﺠﻤﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وإﻻ ﻟََﻠ ﺰﻣﮭﻢ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟ ﺴﱢﻮاك وﺑﻮﺟ ﻮب‬
‫ﻖ ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ أن‬ ‫اﻟﺘﻄﯿﱡﺐ‪ ،‬وھﻢ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺬﻟﻚ ‪ .‬أﻣﺎ دﻟﯿﻠﮭﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ وھ ﻮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ »ﺣ ﱞ‬
‫ﯾﻐﺘﺴﻞ« ﻓﮭﻮ أﯾﻀ ًﺎ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وإن ﻏﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪ ھﻲ اﻟﺤ ﺚ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬وذﻟﻚ أن اﻟﻤﺒﺎح ﺣﻖ‪ ،‬واﻟﻤﻨﺪوب ﺣﻖ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﺣﻖ‪ ،‬واﻟﺤﻖ ﺿﺪ اﻟﺒﺎﻃﻞ أي‬
‫اﻟﺤ ﺮام‪ .‬وﻛﻠﻤ ﺔ ﺣ ﻖ ﻟﯿ ﺴﺖ واﺣ ﺪة ﻣ ﻦ اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﺨﻤ ﺴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺣﻜ ﺎم اﻟﺨﻤ ﺴﺔ ھ ﻲ اﻟﻤﺒ ﺎح‬
‫واﻟﻤﻨﺪوب واﻟﻔﺮض أو اﻟﻮاﺟﺐ واﻟﻤﻜﺮوه واﻟﺤﺮام‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟﺤ ﻖ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻨ ﺪ ورود‬
‫ل ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﺻ ﺮﻓﮭﺎ إﻟ ﻰ‬ ‫ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻓﻲ ﻧﺺ أن ﯾُﺒﺤﺚ ﻟﮭﺎ ﻋ ﻦ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗﻌ ﯿﱢﻦ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟ ﺬي ﺗ ﺪ ﱡ‬
‫اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ رأﺳﺎً‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺘﻼزﻣ ﺔ ﻣﻌ ﮫ وإﻻ ﺧ ﺮج اﻟﻤﻨ ﺪوب واﻟﻤﺒ ﺎح ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧﮭﻤ ﺎ ﺣﻘ ﺎً‪،‬‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ أن ﯾﺪﺧﻼ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ ،‬وھﺬا ﻧﻈﺮ ﻓﺎﺳﺪ ﻻ ﯾﺼﺢ‪ .‬وﻗﺪ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻌﺮب ھ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﻟﻠﺪﻻﻟ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠﻮﺑﺎت ﻻزﻣﺔٍ أدﺑﯿﺎً ﻛﻘﻮﻟﮭﻢ ﺣﻘﱡـﻚ ﻋﻠﻲﱠ أن أزورك‪ ،‬أو ﺣﻘﱢﻲ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﻲ ﻓ ﻲ ﻣﺤﻨﺘ ﻲ‪،‬‬
‫وأﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ اﻟﻮﺟﻮب واﻟﺤﺘﻢ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ‪.‬‬

‫ﻗﺎل ﻣﺠﺪ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻨﺘﻘﻰ )وھﺬا ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ أراد ﺑﻠﻔ ﻆ اﻟﻮﺟ ﻮب‬
‫ﻲ واﺟﺐ واﻟﻌِﺪ ُة َدﯾْﻦ‪ ،‬ﺑﺪﻟﯿﻞ أﻧﮫ ﻗﺮﻧﮫ ﺑﻤﺎ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻮاﺟ ﺐ ﺑﺎﻹﺟﻤ ﺎع‬
‫ﺗﺄﻛﯿﺪ اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﺣﻘﱡﻚ ﻋﻠ ‪‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ‬ ‫وھﻮ اﻟﺴﱢﻮاك واﻟﻄﯿﺐ( وﻣﻤﺎ ﯾﺸﮭﺪ ﻟﺼﺤﺔ ﻓﮭﻤﻨﺎ ﺣﺪﯾﺚ أورده اﺑﻦ ِ‬
‫ﺲ ﻃﯿﺒ ًﺎ إن وﺟ ﺪه« ﻓﻘ ﺪ أﻃﻠ ﻖ ھ ﺬا‬
‫ﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ أن ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻛ ﻞ ﺳ ﺒﻌﺔ أﯾ ﺎم‪ ،‬وأن ﯾﻤ ﱠ‬ ‫‪ r‬ﻗﺎل »ﺣ ‪‬‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻔﻈﺔ )ﺣﻖ( ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺴﻞ وﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﯿ‪‬ﺐ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم ﻋﻨ ﺪ اﻟﺠﻤﯿ ﻊ أن اﻟﺘﻄﯿ‪ ‬ﺐ ﻟ ﯿﺲ واﺟﺒ ﺎً ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺸﺮع ‪ ،‬ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﻧﺎﺻﻊ ﻋﻠﻰ أن إﻃﻼق ﻟﻔﻈ ﺔ )ﺣ ﻖ( ﻋﻠ ﻰ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة أن اﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫واﺟﺐ ﺷﺮﻋًﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﮭﻮ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻓﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أيﱟ ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأﯾﯿﻦ إﻻ ﺑﻨ ﻮعٍ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻻﻏﺘﺴﺎل ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إن ﻋﻤ ﺮ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن‬ ‫اﻟﺘﺄوﯾﻞ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﺘﺄوﯾﻞ ﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره دﻟﯿ ً‬
‫ﻼ ﻣﺜ ﻞ ﻋﺜﻤ ﺎن أﻣ ﺎم اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ وﯾﻘﻄ ﻊ ﺧﻄﺒ ﺔ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ إﻻ ﻟﺘﺮﻛ ﮫ ﻓﺮﺿ ﺎً‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬ ‫ﻟ ﮫ أن ﯾﻌ ﱢﻨ ﻒ رﺟ ً‬
‫ﻋﺜﻤ ﺎن ﻗ ﺪ ﺗ ﺮك ﻣﻨ ﺪوﺑًﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻗﻄ ﻊ ﻋﻤ ﺮ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ وﻋﻨﱠﻔ ﮫ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔ وﻗ ﺪ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ ﺑ ﺄﻣﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب ﻷن ﻋﺜﻤ ﺎن ﻟ ﻢ‬ ‫اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﺄوﯾ ﻞ أﯾ ﻀﺎً ﯾﻤﻜ ﻦ اﻋﺘﺒ ﺎره دﻟ ﯿ ً‬
‫ﯾﻐﺘﺴﻞ‪ ،‬وﻣﺜﻠﮫ ﯾﺒﻌﺪ أن ﯾﺘﺮك واﺟﺒًﺎ ‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﺮك ﻓﺮض اﻟﻮﺿﻮء ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻟ ﮫ أن ﯾﺘ ﺮك‬
‫اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﺮﺿًﺎ‪ .‬أﻣﺎ ﺗﻌﻨﯿﻒ ﻋﻤ ﺮ ﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺗ ﺮك اﻟﻐ ﺴﻞ وﻗﻄ ﻊ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ ﻟ ﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓ ُﯿ ﺮد ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑ ﺄن‬

‫‪119‬‬
‫ﻋﻤﺮ ﻟﻢ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻷﺟﻞ ﺗﺮك ﻋﺜﻤﺎن اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻗﻄﻌﮭﺎ ﻷﺟﻞ ﺗﺄﺧﺮ ﻋﺜﻤﺎن ﻓ ﻲ اﻟﻮﺻ ﻮل إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻧﺘﻘ ـﻞ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ إﻟ ﻰ اﻟﻐ ﺴﻞ واﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وإن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺤﺮﺻ ﻮن ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻨﻦ واﻟﻨﻮاﻓ ﻞ‪ ،‬وﯾﺤﺎﺳ ﺐ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﻌ ﻀ ًﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ إذن‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ أيﱟ ﻣﻦ اﻟﺮأﯾﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ دﻟﯿ ً‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺴﺎدس واﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﮭُﻤﺎ ﻧ ﺺﱞ ﻓ ﻲ ﻣﺤ ﻞ اﻟﻨ ﺰاع ﻻ ﯾﺤﺘﺎﺟ ﺎن إﻟ ﻰ ﺗﺄوﯾ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﮭﻞ‬
‫دﻓﻌﮭﻤﺎ‪ ،‬وھﻤﺎ دﻟﯿﻼن ﺻﺮﯾﺤﺎن ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ وﻧﻔﻲ اﻟﻮﺟﻮب ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ .‬وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﺗﺄوﯾﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺠﺪوا ﺳﻮى ردﱢھﻤﺎ ﺑﺤﺠﺔ أن إﺳﻨﺎدھﻤﺎ أﺿﻌﻒ ﻣﻦ إﺳﻨﺎد أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﻗﺪ أﺧﻄﺄوا ﺧﻄﺄً ﺑﯿﱢﻨ ﺎً‪،‬‬
‫ﻷن إﺳﻨﺎد اﻷول إن ﻛﺎن ﺣﺴﻨﺎً ﻓﺈن إﺳﻨﺎد اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺼﺤﺔ واﻟﻘﻮة‪ ،‬وﻷن ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﻤﻜﻦ‬
‫اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﺒﮭ ﺎ وﻧﻌﻤ ﺖ وﻣ ﻦ اﻏﺘ ﺴﻞ ﻓﮭ ﻮ أﻓ ﻀﻞ« وھ ﻮ‬

‫ﻧ ﺺﱞ ﻓﯿ ﺼﻞٌ ﻓ ﻲ ﺟ ﻮاز ﺗ ﺮك اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وھ ﻮ دﻟﯿ ٌﻞ رادﱞ ﻟﻠﻮﺟ ﻮب ودالﱞ ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺪب‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ‬
‫وﺻ ﻒ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺑﺄﻧ ﮫ أﻓ ﻀﻞ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ﻓﯿ ﮫ ﻗﺮﯾﻨﺘ ﺎن ﺻ ﺎرﻓﺘﺎن اﻟﻐ ﺴ َﻞ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ :‬اﻷوﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﯿ ﻞ ﺑ ﺄن ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻷﺟ ﻞ إزاﻟ ﺔ اﻷوﺳ ﺎخ واﻟ ﺮواﺋﺢ‪ ،‬أي ﻷﺟ ﻞ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ‪ ،‬وإن إزاﻟ ﺔ‬
‫اﻷوﺳ ﺎخ ﻣﻨﺪوﺑ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ واﺟﺒ ﺔ‪ ،‬واﻟﻌﻠ ﺔ ﺗ ﺪور ﻣ ﻊ اﻟﻤﻌﻠ ﻮل وﺟ ﻮدًا وﻋ ﺪﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ إذا ﻛ ﺎن ﻧﻈﯿﻔ ًﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺤﻤ ﻞ وﺳ ﺨﺎً‪ ،‬وﻻ ﺗﻨﺒﻌ ﺚ ﻣﻨ ﮫ راﺋﺤ ﺔ ﻛﺮﯾﮭ ﺔ ﻻ ﯾﻠﺰﻣ ﮫ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬ﻷن اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣﻌﱠﻠ ﻞ ﺑﺈزاﻟ ﺔ اﻟﻮﺳ ﺦ‪ ،‬وﻻ‬
‫وﺳ ﺦ ﯾ ﺰال ﻓﯿ ﺴﻘﻂ اﻟﺘﻜﻠﯿ ﻒ‪ .‬واﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ھ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﻟ ﻮ أﻧﻜ ﻢ ﺗﻄﮭﱠ ﺮﺗﻢ‬
‫ﻟﯿ ﻮﻣﻜﻢ ھ ﺬا« ﻓﮭ ﻮ ﻋ ﺮض‪ ،‬وھ ﻮ أﺧ ﻒ ﻣ ﻦ اﻷﻣ ﺮ‪ ،‬وھ ﻮ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ ﻓ ﻲ اﻟﻄﻠ ﺐ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫واﺟﺒ ًﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎل ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل‪ .‬وﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ دﻻﻟ ًﺔ أﻛﯿ ﺪة وأن اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣﻌﱠﻠ ﻞ‬
‫ﺑﺈزاﻟ ﺔ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ إﺿ ﺎﻓ ًﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ‪ ،‬ھ ﻮ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻜﺮﻣ ﺔ »أن أُﻧﺎﺳ ًﺎ ﻣ ﻦ أھ ﻞ اﻟﻌ ﺮاق ﺟ ﺎءوا‬
‫ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﺗ ﺮى اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺟﺒ ﺎً؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ أﻃﮭ ﺮ وﺧﯿ ﺮ ﻟﻤ ﻦ اﻏﺘ ﺴﻞ‪،‬‬
‫وﻣﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﻓﻠ ﯿﺲ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬وﺳ ﺄﺧﺒﺮﻛﻢ ﻛﯿ ﻒ ﺑ ﺪءُ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ :‬ﻛ ﺎن اﻟﻨ ﺎس ﻣﺠﮭﻮدﯾﻦ ﯾﻠﺒ ﺴﻮن‬
‫اﻟﺼﻮف وﯾﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻇﮭﻮرھﻢ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻣ ﺴﺠﺪھــﻢ ﺿﯿﻘ ـﺎً ﻣُﻘ ﺎرِب اﻟ ﺴﻘﻒ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋ ﺮﯾﺶ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم ﺣ ﺎرﱟ‪ ،‬وﻋ ﺮق اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟ ﺼﻮف ﺣﺘ ﻰ ﺛ ﺎرت ﻣ ﻨﮭﻢ رﯾ ﺎح آذى ﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﺑﻌ ﻀُﮭﻢ ﺑﻌ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ وﺟ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻠ ﻚ اﻟ ﺮﯾﺢ ﻗ ﺎل‪ :‬أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس إذا ﻛ ﺎن ھ ﺬا اﻟﯿ ﻮم ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻠﻮا‪،‬‬
‫ﺲ أﺣ ﺪﻛﻢ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﺎ ﯾﺠ ﺪ ﻣ ﻦ دھﻨ ﮫ وﻃﯿﺒ ﮫ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء اﷲ ﺑ ﺎﻟﺨﯿﺮ وﻟﺒ ﺴﻮا ﻏﯿ ﺮ‬ ‫وﻟ ﯿﻤ ﱠ‬
‫اﻟ ﺼﻮف وﻛُﻔُ ﻮا اﻟﻌﻤ ﻞ ووُﺳﱢ ﻊ ﻣ ﺴﺠﺪھﻢ‪ ،‬وذھ ﺐ ﺑﻌ ﺾ اﻟ ﺬي ﻛ ﺎن ﯾ ﺆذي ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﻌ ﻀﺎً ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﺮق«‬
‫رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﺻ ﺤﺤﮫ ھ ﻮ واﻟ ﺬھﺒﻲ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺮط اﻟﺒﺨ ﺎري‪ ،‬وﺣ ﺴﱠﻨﮫ‬
‫اﻟﻨﻮوي واﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﺮﺟﺢ اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻨﺪب ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺎﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﺤﺘ ﺎج ﻟﻠﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ :‬اﻟﺜ ﺎﻣﻦ واﻟﺘﺎﺳ ﻊ واﻟﻌﺎﺷ ﺮ ‪ ،‬ﻟﻨ ﺴﺘﺪل ﺑﮭ ﺎ أﯾ ﻀﺎً ﻋﻠ ﻰ ﻣﻄﻠﻮﺑﻨ ﺎ ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻨﺪب‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮح ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﯾُﺴﺘﻄﺎع ﺑﮭﺎ إﻗﻨﺎع اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺑ ﺼﻼﺣﯿﺘﮭﺎ‬
‫ﻹﺛﺒﺎت ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺪب‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧ ﮫ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﯾُﻌﻠ ﻢ أﻧﻨ ﺎ ﺗﺮﻛﻨ ﺎ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﮭ ﺎ ﻷن اﻵﺧ ﺮﯾﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺪﻟﻮا ﺑﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وإﻻ ﻟﻮﺟ ﺐ اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ واﻟﺘﻮﻗ ﻒ ﻋﻨ ﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺴﺘ ﺸﮭﺪ ﺑﮭ ﺎ اﻵﺧ ﺮون اﺳﺘ ﺸﮭﺎداً‬
‫ﯾﺪﻋﻢ رأﯾﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﺳﺘﺸﮭﺎد اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول ﺑﮭﺎ اﺳﺘﺸﮭﺎدًا اﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣ ﻦ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺗﺮﻛﻨ ﺎ‬
‫اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪھﺎ واﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ أدﻟﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻ ﺔ ھ ﻲ أن اﻟ ﺸﺮع ﺣ ﺚ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﯾﻮﻣ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻷﺳ ﺒﻮع ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺮاﺑﻊ‪ ،‬وﺗﺤﺪﱠد وﺗﻌﯿﱠﻦ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻ ﻞ أن ُﯾ ﺼﺎر‬
‫إﻟﻰ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻻ ﻏﯿﺮه‪ ،‬وﻛﻮن اﻟﻌﻠﱠﺔ ھﻲ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻐ ﺴﻞ وإن ﻛ ﺎن ﻣﻨ ﺪوﺑ ًﺎ ﻓ ﻲ أﯾ ﺔ‬

‫‪120‬‬
‫ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ إﻻ أن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺧﺼﱠﺼﺘﮫ وﺣﻀﱠﺖ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻ ﻞ أن‬
‫ﯾُﺼﺎر إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﯿﻐﺘﺴﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻗﺒﻞ اﻟ ﺼﻼة دون ﺗﺤﺪﯾ ٍﺪ ﺑ ﺴﺎﻋ ٍﺔ ﻣﻌﯿﻨ ﺔ ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﻋﺎت ﻣ ﺎ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺠﺮ واﻟﺰوال‪.‬‬

‫ﻏُﺴﻞ اﻹﺣﺮام ودﺧﻮل ﻣﻜﺔ‬

‫وردت ﻓﯿﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ »أﻧ ﮫ رأى اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺗﺠ ﺮﱠد ﻹھﻼﻟ ﮫ واﻏﺘ ﺴﻞ« رواه اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي وﺣ ﺴﱠﻨﮫ‪.‬‬
‫ورواه أﯾﻀﺎً اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫ﺖ أﺳ ﻤﺎءُ ﺑﻨ ﺖُ ﻋُ َﻤ ﯿﺲ ﺑﻤﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‬ ‫‪ -2‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻧُ ِﻔ ﺴَ ْ‬

‫ﺑﺎﻟﺸﺠﺮة ﻓﺄﻣﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ أن ﺗﻐﺘ ﺴﻞ ﻓﺘُﮭ ﱠﻞ« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ وﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺤ َﻠﯿْﻔ ﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻤ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻓﺨﺮﺟﻨ ﺎ ﻣﻌ ﮫ ﺣﺘ ﻰ أﺗﯿﻨ ﺎ ذا اﻟ ُ‬
‫ﻓﻮﻟ ﺪت أﺳ ﻤﺎءُ ﺑﻨ ﺖُ ﻋُ َﻤ ﯿﺲ ﻣﺤﻤ َﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‪ ،‬ﻓﺄرﺳ ﻠﺖ إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﯿ ﻒ أﺻ ﻨﻊ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺣﺮِﻣ ﻲ ‪ « ...‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﺳ ﺘﺜﻔﺮي ‪ :‬أي ﺗﺤﻔﱠﻈ ﻲ ﺑﺨِﺮﻗ ﺔ ﻗﻤ ﺎش ﻟﻤﻨ ﻊ ﻧ ﺰول‬ ‫ب وَأ ْ‬
‫اﻏﺘﺴﻠﻲ واﺳ ﺘ ْﺜ ِﻔﺮِي ﺑﺜ ﻮ ٍ‬
‫اﻟﺪم‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻛﺎن ﻻ َﯾﻘْﺪم ﻣﻜﺔ إﻻ ﺑﺎت ﺑﺬي ﻃُﻮى ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺢ وﯾﻐﺘﺴﻞ ﺛﻢ ﯾﺪﺧﻞ‬
‫ﻣﻜﺔ ﻧﮭﺎراً‪ ،‬و َﯾ ْﺬﻛُﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻓﻌﻠ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻟﻔﻈ ﮫ‬
‫»ﻛﺎن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ إذا دﺧ ﻞ أدﻧ ﻰ اﻟﺤ ﺮم أﻣ ﺴﻚ ﻋ ﻦ اﻟﺘﻠﺒﯿ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺒﯿ ﺖ ﺑ ﺬي ﻃ ﻮى ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮫ اﻟﺼﺒﺢ وﯾﻐﺘﺴﻞ‪ ،‬وﯾﺤﺪﱢث أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ« وذو ﻃﻮى ‪ :‬ھﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﺪﺧﻞ‬
‫ﻣﻜﺔ ﺗُﻔﺘَﺢ ﻃﺎؤُه أو ﺗُﻀ ﱡﻢ أو ُﺗﻜْﺴﺮ‪.‬‬

‫ﺐ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء( وﺑ ﮫ أﻗ ﻮل‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠ ﺖ‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر )اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻋﻨﺪ دﺧﻮل ﻣﻜﺔ ﻣﺴﺘﺤ ﱞ‬
‫ﺤﺮِﻣ ًﺎ وﻟ ﯿﺲ دون‬ ‫ﺑﺎﻟﻐُﺴﻞ ﻋﻨﺪ دﺧﻮل ﻣﻜﺔ واﻹﺣ ﺮام ﻣﻌ ﺎً‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺪﺧﻞ ﻣﻜ ﺔ ُﻣ ْ‬
‫إﺣﺮام‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن دﺧﻠﮭﺎ دون إﺣﺮام ﻓﺎﻟﻤﺴﺘﺤﺐ ﻟﮫ أﯾ ﻀًﺎ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬اﻏﺘ ﺴﻞ ﻟ ﺪﺧﻮل‬
‫ﻣﻜﺔ ﻋﺎم اﻟﻔﺘﺢ وھﻮ ﺣَﻼ ٌل ﯾُﺼﯿﺐ اﻟﻄﱢﯿﺐ‪ ،‬ذﻛ ﺮ ذﻟ ﻚ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ اﻷم‪ .‬وروى ﻧ ﺎﻓﻊ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﺢ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻐﺘﺴﻞ إذا دﺧﻞ ﻣﻜﺔ وﯾﺄﻣﺮھﻢ ﺑﺬﻟﻚ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬وإنﱠ أوﺿ َ‬
‫ﻞ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻟﻐُﺴﻞ ھﻮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ إذ ﻓﯿﮫ اﻟﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ أﺳ ﻤﺎء أن ﺗﻐﺘ ﺴﻞ رﻏ ﻢ أﻧﮭ ﺎ ُﻧ َﻔ ﺴَﺎء‬‫دﻟﯿ ٍ‬
‫ﻏ ﺴﻞ اﻹﺣ ﺮام ودﺧ ﻮل ﻣﻜ ﺔ ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮاه ﻓﺪوﻧ ﮫ ﻓ ﻲ‬ ‫وھ ﺬا وﺣ ﺪه ﻛ ﺎفٍ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﺘﺤﺒﺎب ُ‬
‫اﻟﺪﻻﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻏُﺴﻞ ﻣَﻦ أُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿﮫ‬

‫ورد ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻄﻮﯾﻞ اﻵﺗﻲ‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺘﺒ ﺔ ﻗ ﺎل »دﺧﻠ ﺖُ ﻋﻠ ﻰ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬أﻻ ﺗُﺤﺪﱢﺛﯿﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺮض رﺳﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﺑﻠﻰ‪َ ،‬ﺛﻘُﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أَﺻﻠﱠﻰ اﻟﻨﺎسُ؟ ﻗﻠﻨﺎ‪:‬‬
‫ﺨ ﻀَﺐ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻓﻔﻌﻠﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ ﻓ ﺬھﺐ ﻟﯿﻨ ﻮ َء‬ ‫ﺿ ﻌﻮا ﻟ ﻲ ﻣ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟ ِﻤ ْ‬
‫ﻻ‪ ،‬ھ ﻢ ﯾﻨﺘﻈﺮوﻧ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪َ :‬‬
‫ﻓﺄُﻏﻤﻲَ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أﻓﺎق ﻓﻘﺎل ‪َ :r‬أﺻَﻠﱠﻰ اﻟﻨﺎس؟ ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﻻ‪ ،‬ھﻢ ﯾﻨﺘﻈﺮوﻧﻚ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﺿﻌﻮا‬
‫ﺨﻀَﺐ ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻓﻘﻌﺪ ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ذھ ﺐ ﻟﯿﻨ ﻮء ﻓ ﺄُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻓ ﺎق ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﺻ ﻠﱠﻰ‬ ‫ﻟﻲ ﻣﺎءً ﻓﻲ اﻟ ِﻤ ْ‬
‫ﺨﻀَـﺐ‪ ،‬ﻓﻘﻌﺪ ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ‪،‬‬ ‫اﻟﻨﺎسُ؟ ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﻻ‪ ،‬ھﻢ ﯾﻨﺘﻈﺮوﻧﻚ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺿﻌﻮا ﻟﻲ ﻣﺎ ًء ﻓﻲ اﻟ ِﻤ ْ‬

‫‪121‬‬
‫ﺛﻢ ذھﺐ ﻟﯿﻨﻮء ﻓﺄُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ أﻓﺎق ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺻﻠﱠﻰ اﻟﻨﺎس؟ ﻓﻘﻠﻨﺎ‪ :‬ﻻ‪ ،‬ھﻢ ﯾﻨﺘﻈﺮوﻧﻚ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪-‬‬
‫واﻟﻨﺎس ﻋﻜﻮفٌ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﻨﺘﻈﺮون اﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة ‪ -‬ﻓﺄرﺳﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫إﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﺄن ﯾُﺼﻠﱢﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻣﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﺨﻀَﺐ‪ :‬أي اﻹﻧﺎء اﻟﺬي ﺗُﻐﺴﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺜﯿ ﺎب‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻤِ ْ‬
‫ُ‬
‫ﯾﻨﻮء‪ :‬أي ﯾﻨﮭﺾ ﺑﺠﮭﺪ وﻣﺸﻘﺔ‪.‬‬

‫ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻏ ﺴﻞ ﻣ ﻦ أﻓ ﺎق ﻣ ﻦ إﻏﻤ ﺎء‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬رﻏ ﻢ ﻣﺮﺿ ﮫ‬
‫ل ﺣﺮﺻ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻊ‬
‫اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻗﺪ اﻏﺘ ﺴﻞ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ﻋﻘ ﺐ إﻏﻤﺎءاﺗ ﮫ اﻟ ﺜﻼث اﻟﻤﺘﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺪ ﱠ‬
‫وﺟﻮد اﻟﻤﺸﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ‪.‬‬

‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬ ‫ﻦ ُ‬‫ﺳ ﻨﺔ وﻟ ﯿﺲ ﻓﺮﺿ ًﺎ ﻓﻠِﻤ ﺎ روى اﺑ ُ‬

‫أﻣﺎ أن ھ ﺬا اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ُ‬
‫ﻦ‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ ﺳ ﺒﻊ ﻗ ﺮب ﻟ ﻢ ُﺗﺤْﻠ ﻞ أَو ِﻛ َﯿ ُﺘ ُﮭ ﱠ‬ ‫ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻣﺮﺿﮫ اﻟﺬي ﻣﺎت ﻓﯿﮫ » ُ‬
‫ﺻﺒﱡﻮا ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺐ ﻟﺤﻔﺼﺔ ﻣﻦ ﻧﺤﺎس‪ ،‬وﺳﻜﺒﻨﺎ‬ ‫ﻀ ٍ‬
‫ﺨ َ‬
‫ﻟَﻌﻠﱢﻲ أﺳﺘﺮﯾﺢ ﻓﺄﻋﮭﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ :‬ﻓﺄﺟﻠﺴﻨﺎه ﻓﻲ ِﻣ ْ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻨﮭﻦ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﻃﻔ ﻖ ُﯾ ﺸﯿﺮ إﻟﯿﻨ ﺎ أن ﻗ ﺪ ﻓﻌﻠ ﺘﻦﱠ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج« ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫ل ﻓﺮضٍ واﺟﺐ‪.‬‬ ‫»ﻟﻌﻠﱢﻲ أﺳﺘﺮﯾﺢ« ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻏﺘﺴﺎﻟﮫ‪ ،‬وأﻧﮫ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻏﺘﺴﺎ َ‬

‫ﻏُﺴﻞ ﻣﻦ ﻏﺴﱠﻞ ﻣﯿﺘﺎً‬

‫وردت ﻓﯿﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ َ‬

‫ﻏ ﺴﱠﻞ ﻣَﯿْﺘ ﺎً ﻓﻠْﯿﻐﺘ ﺴﻞ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ﺣﻤﻠﮫ ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺰﱡﺑﯿ ﺮ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أﻧﮭ ﺎ ﺣﺪﱠﺛﺘ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﯾُﻐ َﺘ ﺴَ ُﻞ ﻣ ﻦ أرﺑ ﻊ‪ :‬ﻣ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ وﻏُﺴﻞ اﻟﻤﯿﺖ واﻟﺤِﺠﺎﻣﺔ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﻏﺴﱠﻞ ﻣﯿﺘﺎً ﻓﻠْﯿﻐﺘﺴﻞ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي وﺣﺴﻨﮫ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺰم‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﻓ ﻲ ُ‬

‫ﻏ ﺴﻞ ﻣﯿ ﺘﻜﻢ‬
‫ﻏ ﺴﻞ إذا ﻏ ﺴﱠﻠﺘﻤﻮه‪ ،‬إﻧ ﮫ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﺆﻣﻦ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬وإن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﻨﺠﺲ‪ ،‬ﻓﺤ ﺴﺒُﻜﻢ أن ﺗﻐ ﺴﻠﻮا‬‫ُ‬
‫أﯾﺪﯾﻜﻢ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﺼﺪﱢﯾﻖ ﺣﯿﻦ ﺗ ﻮﻓﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬‫ﻏﺴﱠﻠﺖ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ اﻟ ﱢ‬‫ﻋﻤَﯿﺲ َ‬‫ن أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ُ‬ ‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ »أ ﱠ‬
‫ن ھ ﺬا ﯾ ﻮم ﺷ ﺪﯾﺪ اﻟﺒ ﺮد‪ ،‬ﻓﮭ ﻞ‬
‫ﺧﺮﺟﺖ ﻓﺴﺄﻟﺖ ﻣﻦ ﺣﻀﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﮭ ﺎﺟﺮﯾﻦ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬إﻧ ﻲ ﺻ ﺎﺋﻤﺔ وإ ﱠ‬
‫ﻲ ﻣِﻦ ﻏُﺴﻞ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻻ« رواه ﻣﺎﻟﻚ ‪.‬‬
‫ﻋﻠ ﱠ‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ أﺳ ﺎﻣﺔ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »دﺧ ﻞ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬

‫ﻦ ﺷﯿﺌًﺎ ﺣﺘﻰ ﺗ ﺄﺗﯿﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻐ ﺴﻠﺘﮫ ووارﯾﺘ ﮫ‬
‫ﺤﺪِﺛ ﱠ‬
‫ﻓﺄﺧﺒﺮه ﺑﻤﻮت أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬اذھﺐ ﻓﺎﻏﺴﻠﮫ‪ ،‬وﻻ ُﺗ ْ‬
‫ﺛﻢ أﺗﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اذھﺐ ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ -7‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﻐﺴﻞ اﻟﻤﯿﺖ ﻓﻤﻨﱠﺎ ﻣَﻦ ﯾﻐﺘﺴﻞ وﻣﻨﱠﺎ ﻣ ﻦ ﻻ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ«‬
‫رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺨﻄﯿﺐ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ﻋﻠ ﻲ وأﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬واﺑﻦ ﺣﺰم إﻟﻰ وﺟﻮب اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ .‬وذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ وأﺻﺤﺎب اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟﻰ أن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‬
‫ﻣُﺴﺘﺤﺐﱞ‪ ،‬وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﻠﯿﺚ إﻟﻰ أن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻻ ﯾﺠﺐ وﻻ ﯾُﺴﺘﺤﺐ‪.‬‬

‫ﻈ ﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص ﺣﺘ ﻰ ﻧﺘﺒ ﯿﻦ اﻟ ﺼﺎﻟﺢ ﻣﻨﮭ ﺎ‬ ‫وﻗﺒ ﻞ أن ﻧﻌﻤ ﺪ إﻟ ﻰ اﺳ ﺘﻨﺒﺎط اﻟﺤﻜ ﻢ‪ ،‬ﻟِﻨ ْﻨ ُ‬
‫ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﺎﻟﺢ ‪ .‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )ﻗ ﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري‪ :‬إن أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ‬
‫وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎﻻ ﻻ ﯾﺼﺢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﺷﻲء(‪ ،‬وﻗﺎل )ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﯿﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري(‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃ ﺮﯾﻘﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻋ ﻦ إﺣ ﺪاھﻤﺎ )ﻻ ﯾ ﺼﺢ رﻓﻌ ﮫ(‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻋ ﻦ اﻷﺧ ﺮى )ھ ﺬا‬
‫ﺿﻌﯿﻒ(‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس ﺿﻌﱠﻔﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎل )ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﻠﮭﺒﻲ‪ ،‬ﺿﻌﯿﻒٌ ﺟﺮﱠﺣﮫ‬
‫أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ وﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ ،‬وﺟﺮﱠﺣ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ(‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ :‬اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ واﻟﺮاﺑ ﻊ واﻟ ﺴﺎدس ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ‪ ،‬ﻓﺘ ﺴﻘﻂ ﻋ ﻦ ﻣﺮﺗﺒ ﺔ ﺻ ﻼﺣﮭﺎ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪،‬‬
‫ﻓﯿﺒﻘﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿﻘﻮل »ﻣﻦ ﻏﺴﱠﻞ ﻣﯿﺘﺎً ﻓﻠْﯿﻐﺘﺴﻞ« ﻓﮭﻮ ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬واﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻣﺠ ﺮد‬
‫اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬واﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱢد أﯾًﺎ ﻣِﻦ أﻧﻮاع اﻟﻄﻠﺐ ھﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﻨ ﺎ ﻧﺠ ﺪ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﻓ ﺈن ﻋ ﺪداً ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‬
‫ﻏ ﺴﻞ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺗﻐ ﺴﯿﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ أﻓﺘَﻮْا زوﺟﺔ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﱢﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ُ‬
‫وﻗﺪ أﻓ َﺘﻮْھﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻗﺎﻟﺖ »إﻧﻲ ﺻﺎﺋﻤﺔ وإن ھﺬا ﯾﻮ ٌم ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺒﺮد« وھﺬا اﻟﺠﻮاب ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﯾﻨﻔ ﻲ‬
‫وﺟﻮب اﻟﻐُﺴﻞ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﮭﻮ أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﯾﻐﺘﺴﻞ وﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻻ ﯾﻐﺘﺴﻞ« وھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ‬
‫ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﻔ ﻲ أﯾ ﻀًﺎ وﺟ ﻮب اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺒﻘ ﻰ أﻣﺎﻣﻨ ﺎ إﻻ اﻹﺑﺎﺣ ﺔ وإﻻ اﻟﻨ ﺪب‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﻐُﺴﻞ ﻣﻨﺪوب ﻷﻧ ﮫ ﺗﻨﻈﯿ ﻒ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﻣَ ﻦ ﻏ ﺴﱠﻞ ﻣﯿﺘ ًﺎ‬
‫ﻓﻠْﯿﻐﺘﺴﻞ« ﯾﺠﻌﻠﮫ ﯾُﺤﻤَﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺪب واﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬واﻟﻤﻨﺪوب ﯾﺼﺢ ﺗﺮﻛﮫ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﯾﻔ ﺴﺮ ﺗ ﺮك ﻧ ﺎس‬
‫ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﯾﻔ ﺴﺮ ﻓﺘ ﻮاھﻢ ﻻﻣ ﺮأة أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ‪ -‬وﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﺎﺋﻤﺔ وﻛ ﺎن اﻟﯿ ﻮم آﻧ ﺬاك‬
‫ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺒﺮد ‪ -‬ﺑﺄن ﻻ ﻏُﺴﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ .‬وﻣﻦ ذﻟﻚ ﯾﺘﺮﺟﺢ رأي ﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ واﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻣـﻦ‬
‫اﻟﻐُﺴــــﻞ‬

‫‪123‬‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ ﺑﺎﻟﻀﻢ اﺳﻢ ﻟﻼﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬واﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾُﻐﺘﺴﻞ ﺑﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻔﺘﺢ اﻟﻤﺼﺪر‪ ،‬وﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻐُﺴﻞ ﺟﺮﯾﺎن‬
‫اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻀﺎء دون اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺪﻟﻚ‪ .‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻷﻣﺮ ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﯾ ﺎ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ إﻻ ﻋ ﺎﺑِﺮي‬
‫ﺳ ﻜَﺎرى ﺣﺘ ﻰ ﺗَﻌ َﻠ ُﻤ ﻮا ﻣ ﺎ َﺗﻘُﻮُﻟ ﻮن وﻻ ُ‬
‫أﯾﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا ﻻ َﺗ ْﻘﺮَﺑ ﻮا اﻟ ﺼﱠﻼ َة وأَﻧ ﺘﻢ ُ‬
‫ﺳ ﺒﯿﻞٍ ﺣﺘ ﻰ َﺗ ْﻐ َﺘ ﺴِﻠﻮا[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 43‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎءت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺄﻣﺮ ﺑ ﮫ وﺗﺒ ﯿﱢﻦ ﺻ ﻔﺘﮫ‬
‫وﻛﯿﻔﯿﺘﮫ‪.‬‬

‫ﺻﻔﺔ اﻟﻐُﺴﻞ‬
‫وردت ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻐﺴﻞ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا اﻏﺘﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﯾﺒ ﺪأ ﻓﯿﻐ ﺴﻞ‬
‫ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾُﻔ ﺮغ ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﻓﯿﻐ ﺴﻞ ﻓَﺮﺟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ وﺿ ﻮءه ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻓﯿُﺪﺧﻞ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا رأى أﻧﮫ ﻗﺪ اﺳﺘﺒﺮأ ﺣﻔﻦ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ ﺛ ﻼث ﺣﻔﻨ ﺎت‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫أﻓﺎض ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﺴﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻟﻠﺒﺨ ﺎري »‪ ...‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺨﻠﱢﻞ ﺑﯿﺪه ﺷﻌﺮه‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻇﻦ أﻧﮫ ﻗﺪ أروى ﺑﺸﺮﺗﮫ أﻓﺎض ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺎء ﺛﻼث ﻣﺮات ‪.«...‬‬

‫ﺖ ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺎء ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﻓﺮغ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »وﺿ ﻌ ُ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﻣﺮﺗﯿﻦ أو ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أﻓﺮغ ﺑﯿﻤﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺎﻟﮫ ﻓﻐﺴﻞ ﻣﺬاﻛﯿﺮَه‪ ،‬ﺛﻢ دﻟ ﻚ ﯾ ﺪه ﺑ ﺎﻷرض‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ وﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ رأﺳ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻓ ﺮغ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺴﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺗﻨﺤﱠﻰ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﮫ ﻓﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ »‪ ...‬ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻓﺄﺗﯿﺘﮫ ﺑﺨِﺮﻗﺔ ﻓﻠﻢ ُﯾ ِﺮدْھﺎ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ ﯾ ﻨﻔﺾ ﺑﯿ ﺪه«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »‪ ...‬ﺛ ﻢ أﺗﯿﺘ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﺪﯾﻞ ﻓﺮدﱠه«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺴﻞ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﱢﺮﻣﺬي وﻗﺎل‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﺿ ﻔْ َﺮ رأﺳ ﻲ‬
‫‪ -4‬ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ » ﻗﻠ ﺖ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ اﻣ ﺮأة أﺷ ﱡﺪ َ‬
‫أﻓﺄﻧﻘﻀﮫ ﻟﻐﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﺤﺜﻲ ﻋﻠﻰ رأﺳﻚ ﺛﻼث ﺣﺜﯿﺎت‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗُﻔﯿ ﻀﯿﻦ ﻋﻠﯿ ﻚ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﺘﻄﮭﺮﯾﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎن أﻧﮭﻢ اﺳﺘﻔﺘَﻮْا اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ‪ -‬ﻓﻘ ﺎل »أﻣ ﺎ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫ﻓﻠْﯿﻨﺸﺮ رأﺳﮫ ﻓﻠْﯿﻐﺴﻠﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠﻎ أﺻﻮل اﻟﺸﻌﺮ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻤﺮأة ﻓﻼ ﻋﻠﯿﮭﺎ أن ﻻ ﺗﻨﻘﻀَﮫ‪ ،‬ﻟﺘﻐﺮف ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻏﺮَﻓﺎت ﺑﻜﻔﱠﯿﮭﺎ« رواه أﺑﻮ داود ﺑﺴﻨﺪ ﻗﻮﱠاه اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫رأﺳﮭﺎ ﺛﻼث َ‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ وﺻ ﻔﺖ ﻏ ﺴﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪،‬‬

‫ﺐ ﻋﻠ ﻰ‬‫وﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﻣﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ ،‬واﺳﺘﻨﺸﻖ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وذراﻋﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﱠ‬
‫رأﺳﮫ وﺟﺴﺪه اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺮغ ﻏﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎل »دﺧﻠﺖ أﻧﺎ وأﺧﻮ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﺴﺄﻟﮭﺎ أﺧﻮھ ﺎ ﻋ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮭﺎ ‪ ،‬وﺑﯿﻨﻨ ﺎ وﺑﯿﻨﮭ ﺎ ﺣﺠ ﺎب« رواه‬ ‫‪ ،r‬ﻓ ﺪﻋﺖ ﺑﺈﻧ ﺎ ٍء ﻧﺤ ٍﻮ ﻣ ﻦ ﺻ ﺎع ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻠ ْ‬
‫ﺖ وأﻓﺎﺿ ْ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -8‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎﻟﺖ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ »وﺿﻌﺖُ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺎء ﻟﻠﻐ ﺴﻞ ﻓﻐ ﺴﻞ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻣﺮﺗﯿﻦ أو ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أﻓﺮغ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﻓﻐ ﺴﻞ ﻣ ﺬاﻛﯿﺮه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﯾ ﺪه ﺑ ﺎﻷرض‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ‬
‫واﺳﺘﻨﺸﻖ‪ ،‬وﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ ﺛﻢ أﻓﺎض ﻋﻠﻰ ﺟ ﺴﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﺤ ﻮل ﻣ ﻦ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ ﻓﻐ ﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﮫ ﻋﻨﮭﺎ »ﺗﻮﺿﺄ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺿﻮءَه ﻟﻠ ﺼﻼة ﻏﯿ ﺮ رﺟﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ‬
‫ﻓﺮﺟﮫ وﻣﺎ أﺻﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻷذى‪ ،‬ﺛﻢ أﻓﺎض ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺤﱠﻰ رﺟﻠﯿﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ‪ .«...‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ‬
‫ﻟﮫ ﻋﻨﮭﺎ »أﻓﺮغ ﺑﯿﻤﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﯾﺴﺎره ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﻓﺮﺟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﺑﯿﺪه اﻷرض ﻓﻤﺴﺤﮭﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاب‬
‫ﺤ ﻰ ﻓﻐ ﺴﻞ‬ ‫ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻠﮭﺎ ﺛ ﻢ ﺗﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‪ ،‬ﺛ ـﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ وأﻓ ﺎض ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻨ ﱠ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ ﯾـﺪه ﻓﻐﺴﻠﮭﺎ ﻣ ـﺮة أو ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻓ ﺮغ ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺪﻣﯿﮫ‪ .«...‬وﻓﻲ رواﯾﺔ راﺑﻌﺔ ﻟﮫ ﻋﻨﮭﺎ »ﻓﺼ ﱠ‬
‫ﻋﻠ ﻰ ﺷﻤ ـﺎﻟﮫ ﻓﻐ ﺴﻞ ﻓﺮﺟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﻟ ﻚ ﯾ ﺪه ﺑ ﺎﻷرض أو ﺑﺎﻟﺤ ﺎﺋﻂ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ وﻏ ﺴﻞ‬
‫ﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻨﺤﻰ ﻓﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ‪.«..‬‬ ‫وﺟﮭـﮫ وﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وﻏﺴﻞ رأﺳﮫ ﺛﻢ ﺻ ﱠ‬

‫‪ -9‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا اﻏﺘﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ دﻋ ﺎ ﺑ ﺸﻲء‬
‫ﻧﺤﻮ اﻟﺤِﻼب ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻜﻔﱢﮫ‪ ،‬ﺑﺪأ ﺑﺸﻖ رأﺳﮫ اﻷﯾﻤﻦ ﺛﻢ اﻷﯾﺴﺮ ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﻜﻔﯿ ﮫ ﻓﻘ ﺎل ﺑﮭﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ «‬
‫ﺤ ﻼب‪ :‬أي إﻧ ﺎءٌ ﯾُﺤَﻠ ﺐ ﻓﯿ ﮫ‪ .‬وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ واﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬ ‫رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ِ‬
‫ﺠ ِﺰئ وﻣﻨﮫ ﻣﺎ ھﻮ أﻋﻠﻰ وأﻛﻤﻞ‪ ،‬وﻛﻼھﻤﺎ ﻣﺸﺮوع‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺴﻌﺔ ﯾﺘﺒﯿﻦ أن اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ھﻮ ُﻣ ْ‬

‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻟ ُﻤﺠْﺰئ‬
‫أﻣﺎ اﻟﻐ ﺴﻞ اﻟﻤُﺠ ﺰئ ﻓﮭ ﻮ ﻛﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ‪ :‬ﯾﻨ ﻮي اﻟﻤﻐﺘ ﺴﻞ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻔ ﯿﺾ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ‬
‫رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺑﺪﻧﮫ‪ ،‬ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘُﺨﻠِﺺ ھﺬا اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻵﺗﯿﺔ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ »إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿﺔ« وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ أول اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬وھﻮ ﺻﺎﻟﺢ ﻹﺛﺒﺎت اﻟﻨﯿ ﺔ ﻟﻜ ﻞ ﻋﺒ ﺎدة‬
‫وﻣﻨﮭﺎ اﻟﻮﺿﻮء واﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ﺑﺮواﯾﺎﺗﮫ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ‪:‬‬

‫‪» -1‬ﺛﻢ أﻓﺎض ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺴﺪه« وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻋ ﺪدًا ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﻟ ﺮأس ‪ ،‬ﻓﯿ ﺪﺧﻞ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺠﺴﺪ وﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮫ وﺻﻔﺘﮫ‪.‬‬

‫‪» -2‬ﺛﻢ أﻓﺎض ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺎء« وﻟﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﻟﺠ ﺴﺪ وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻋ ﺪدًا ‪ ،‬ﻓ ﺪ ﱠل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺮأس وﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﺠﺴﺪ ﺷﻲء واﺣﺪ‪.‬‬

‫‪» -3‬وأﻓﺎض ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ« ﻓﺬﻛﺮ اﻹﻓﺎﺿ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﻟﺠ ﺴﺪ وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻋ ﺪدًا ‪،‬‬
‫ﻓﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮأس ﻟﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺠﺴﺪ ‪ ،‬واﻟﺠﺴﺪ ﻟﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺮأس‪.‬‬

‫ﺐ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺴﺪ‪ ،‬وﻟ ﻢ‬

‫‪» -4‬وﻏﺴﻞ رأﺳﮫ ﺛﻢ ﺻﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪه« ﻓﺬﻛﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮأس وﺻ ﱠ‬
‫ﯾﺬﻛﺮ ﻋﺪداً‪ .‬وإذن ﻓﺈن إﻓﺎﺿﺔ اﻟﻤﺎء إﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس وﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ دون ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻋﺪد‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ﺳﻠَﻤﺔ اﻟﺮاﺑﻊ »ﺛﻢ ﺗُﻔﯿﻀﯿﻦ ﻋﻠﯿ ﻚ اﻟﻤ ﺎء ﻓﺘﻄﮭ ﺮﯾﻦ« وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ أو‬
‫ج‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ أم َ‬
‫ﺗﻨﺤﯿﺘﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺪل ﻋﻠﻰ أن ذﻟﻚ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺒﺪن‪ ،‬ودل ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﺑﺮواﯾﺎﺗ ﮫ اﻟﻤﺘﻌ ﺪدة ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺮأس ﺛﻼﺛﺎً اﻟﻮارد ﻓﻲ أﺣﺎدﯾﺚ أﺧﺮى ﻻ ﯾﺠﺐ‪.‬‬

‫وﺣﯿﺚ أن اﻟﻐﺴﻞ اﻟﻤُﺠﺰئ ھﻮ اﻟﻐﺴﻞ اﻷدﻧﻰ‪ ،‬أي ھ ﻮ اﻟ ﺬي ﯾﺘ ﻀﻤﻦ ﻣ ﺎ ﯾﺠ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻓﻘ ﻂ‬

‫دون زﯾﺎدات وإﺿﺎﻓﺎت ﻣﺴﻨﻮﻧﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﺪ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ أدﻧﻰ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺒ ﯿﻦ‬
‫ﻣﻨﮭ ﺎ أن اﻟﻐ ﺴﻞ اﻟﻤُﺠ ﺰئ ھ ﻮ‪ :‬اﻟﻨﯿ ﺔ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮأس ﻣ ﺮة‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﺒ ﺪن ﻣ ﺮة ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬دون أﯾ ﺔ‬
‫إﺿﺎﻓﺔ أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻤﻦ أﺗﻰ ﺑﮫ ﻓﻘﺪ أزال اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﺟﺎزت ﻟﮫ ﺑﮫ اﻟﺼﻼة وﻣﺲﱡ اﻟﻤﺼﺤﻒ واﻟﻄﻮاف دون‬
‫أن ﯾﺤﺘﺎج ﻣﻌﮫ إﻟﻰ وﺿﻮء‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ«‪.‬‬

‫ورب ﻗﺎﺋﻞ ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬إن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻲ ﻋﻤﻮﻣﮭ ﺎ ذﻛ ﺮت ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮأس ﺛﻼﺛ ﺎً واﻟﺒ ﺪن ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓِﻠ َﻢ ﻻ‬
‫ﯾﻜﻮن ﻏﺴﻞ اﻟﺮأس ﺛﻼﺛًﺎ ھﻮ اﻟ ُﻤﺠﺰئ‪ ،‬ﺳﯿﻤﺎ وأن ﺣﺪﯾﺚ أم ﺳﻠﻤﺔ ﯾﻘﻮل »إﻧﻤ ﺎ ﯾﻜﯿﻔ ﻚ أن ﺗﺤﺜ ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫رأﺳﻚ ﺛﻼث ﺣﺜﯿﺎت ﺛﻢ ﺗُﻔﯿﻀﯿﻦ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﻤﺎء ﻓﺘﻄﮭُﺮﯾﻦ« ﻓﺄدﺧﻞ ﻏﺴﻞ اﻟ ﺮأس ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ اﻟ ﺬي‬
‫وُﺻﻒ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﺎ ھﻮ أﻗﻞ ﻣﻨﮫ ﻏﯿﺮ ﻛﺎفٍ؟ واﻟﺠﻮاب ھﻮ أن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ ﯾﻘ ﻮل‬
‫»ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻜﻔﮫ ﺑﺪأ ﺑﺸﻖ رأﺳﮫ اﻷﯾﻤﻦ ﺛﻢ اﻷﺳﺮ ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﻜﻔﯿﮫ ﻓﻘﺎل ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ« ﻓﮭﻮ ﯾﺒﯿﻦ ﺑ ﺸﻜﻞ‬
‫ﺻﺮﯾﺢ أن اﻟﺠﺰء اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺮأس ﻟﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ أُﻓﯿﺾ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ﻣﯿﻤﻨ ﺔ اﻟ ﺮأس ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺼﺐ اﻟﻤﯿﺴﺮة‪ ،‬وھﺬا ﯾﻨﻔﻲ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﺮأس ﺛﻼﺛًﺎ ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ أن اﻟﺘﺜﻠﯿ ﺚ ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ ‪.‬‬
‫ھﺬا ھﻮ اﻟﻐﺴﻞ اﻟﻤُﺠﺰئ‪.‬‬

‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻷﻛﻤﻞ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﻤﱢﻲ اﷲ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬‫أﻣﺎ اﻟﻐﺴﻞ اﻷﻛﻤ ﻞ ﻓ ﺼﻔﺘﮫ أو ﻛﯿﻔﯿﺘ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬ﯾﻨ ﻮي رﻓ ﻊ اﻟ َ‬
‫ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﻓﺮﺟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺘﻤ ﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺴﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪،‬‬
‫وﯾﺨﻠﻞ ﻟﺤﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺨﻠﻞ ﺷﻌﺮ رأﺳﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠﻎ اﻟﺒﻠ ﻞ أﺻ ﻮل اﻟ ﺸﻌﺮ‬
‫‪ ،‬وﯾﺼﺐ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻔ ﯿﺾ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﺎﺋﺮ ﺑﺪﻧ ﮫ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ‪.‬‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺮﺗﻔ ﻊ اﻟﺤ ﺪث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ اﻏﺘ ﺴﻞ أﻓ ﻀﻞ ﻏ ﺴﻞ وأﻛﻤﻠ ﮫ‪ .‬ھ ﺬا اﻟﻐ ﺴﻞ ﺣ ﻮى واﺟﺒ ﺎت‬
‫اﻟﻐﺴﻞ وﺳﻨﻨﮫ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾُﻨﺪب ﻟﮫ أن ﯾﻐﺘﺴﻞ ھﺬا اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وإذا اﺧﺘﺎر أﺣﺪٌ ھﺬا اﻟﻐﺴﻞ وﻟﻜﻨﮫ‬
‫ﻞ أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻷﻛﻤﻞ وأﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻤُﺠﺰئ‪.‬‬ ‫ﻓﻌﻠﮫ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ أﺗﻰ ﺑﻐﺴ ٍ‬

‫واﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻛﺎﻟﺮﺟ ﻞ ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺮﺟ ﻞ ﯾُﻨ ﺪب ﻟ ﮫ أن ﯾﺨﻠ ﻞ ﺷ ﻌﺮ رأﺳ ﮫ وﻻ ﯾُﻨ ﺪب ذﻟ ﻚ‬
‫ﻟﻠﻤ ﺮأة‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾﻘ ﻮل »أﻓﺄﻧﻘ ﻀﮫ ﻟﻐ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ« ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم »ﻻ« ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﻘﺾ ﻏﯿﺮ واﺟﺐ وﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﺤﺐ‪.‬‬

‫ﺗﻔﺼﯿﻼت ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‬

‫ﺳ ﻤﱢﻲ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻠ ﺼﻼة اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬ ‫‪ -1‬اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻮﺿ ﻮء أو ﻣ ﺎ ُ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻷول‪ ،‬ھﻞ ھﻮ وﺿﻮ ٌء ﻣﺴﺘﻘﻞ أم ھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﯿﻦ‪ :‬ﻓ ﺬھﺐ أﺑ ﻮ ﺛ ﻮر‬
‫وداود إﻟﻰ أن اﻟﻮﺿﻮء ﻣﺴﺘﻘﻞ‪ ،‬وأوﺟﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻨﻮي ﻟﮫ ﻧﯿﺔ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ ‪ ،‬ﺛ ﻢ إذا‬
‫أﻓﺎض اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ وﺑﺪﻧﮫ ﻧﻮى رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬أي ھ ﻢ أوﺟﺒ ﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ ﻧﯿﺘ ﯿﻦ ﻟﻔﻌﻠ ﯿﻦ أﺣ ﺪُھﻤﺎ‬
‫ﻣﺴﺘﻘ ﱞﻞ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وذھﺐ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء إﻟ ﻰ أن أﻓﻌ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋ ﻦ أﻓﻌ ﺎل اﻟﻐ ﺴﻞ ‪ ،‬وﻟ ﺬا أوﺟﺒ ﻮا‬
‫ﻟﮭﻤﺎ ﻧﯿﺔ واﺣﺪة‪ .‬وﺗ ﺮدد اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻓﻘ ﺎل )ﯾُﺤﺘﻤ ﻞ أن ﯾﻜ ﻮن اﻻﺑﺘ ﺪاء ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺠﺐ ﻏﺴﻞ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻊ ﺑﻘﯿ ﺔ اﻟﺠ ﺴﺪ‪ ،‬وﯾﺤﺘﻤ ﻞ أن ﯾﻜﺘﻔ ﻲ ﺑﻐ ﺴﻠﮭﺎ‬ ‫اﻟﻐﺴﻞ ُ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻦ إﻋﺎدﺗﮫ ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﯿﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﯿﺔ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻓﻲ أول ﻋﻀﻮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻗﺪم ﻏ ﺴﻞ‬
‫أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﺗﺸﺮﯾﻔًﺎ ﻟﮭﺎ وﻟﺘﺤﺼﻞ ﻟﮫ ﺻﻮرة اﻟﻄﮭﺎرﺗﯿﻦ اﻟﺼﻐﺮى واﻟﻜﺒﺮى( ‪.‬‬

‫ﻻ ﻧﯿﱠﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھﻲ ﺗُﺴﺘﺤ ﻀﺮ ﻋﻨ ﺪ ﻏ ﺴﻞ أول ﻋ ﻀﻮ‬ ‫واﻟﺬي أرﺟﱢﺤﮫ ھﻮ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻠﺰﻣﮫ إ ﱠ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﺪن‪ ،‬وأن ﻣﺎ ﺳﻤﺘﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ وﺿﻮءًا وﺟﺎءت ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮه ﻓﻠﯿﺲ ھ ﻮ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤﻌ ﺮوف‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤﻌ ﺮوف ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وھ ﺬا اﻟ ﺬي ﯾ ﺴﻤﻮﻧﮫ وﺿ ﻮءاً ﻻ ﻣ ﺴﺢ ﻟﻠ ﺮأس ﻓﯿ ﮫ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ن رواﯾ ﺔ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ذﻛ ﺮت ﻏ ﺴﻞ‬ ‫ﯾﻈﮭ ﺮ ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺗﻤ ﺴﻚ ﺑ ﮫ اﻹﻣ ﺎم ﻣﺎﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ إ ﱠ‬
‫اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﺑﻌﺪ إﻓﺎﺿﺔ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪن‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺼﻠﺖ أﻋﻤﺎل اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ‪ ،‬وھﺬا أﻣ ٌﺮ‬
‫ﻻ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻻ ﯾﺮد إﻻ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ ﻻ‬
‫ﺳ ﻨﺔ ﻣ ﻦ ﺳ ﻨﻦ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وإن ھ ﺬه اﻟ ﱡ‬
‫ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺮوق أﻗﻮل إن ﻣﺎ ﺳ ﻤﱠﺘﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ وﺿ ﻮءًا ھ ﻮ ُ‬
‫ﻣﺴﺢ ﻟﻠﺮأس ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﻣﻮاﻻة ﺑﯿﻦ أﺟﺰاﺋﮭﺎ‪ ،‬ودﺧﻠﺖ ﺗﺤﺖ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻛﺠ ﺰ ٍء ﻣ ﺴﻨﻮن ﻣﻨ ﮫ ‪ ،‬وﻛ ﻞ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻐﺴﻞ ﺗﺸﺎﺑﮭﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﮭﺎ ﻣﻊ أﻋﻤﺎل اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬ ‫ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أن ُ‬

‫وأزﯾﺪ ﻓﺎرﻗًﺎ آﺧﺮ ھﻮ أن ﻣﻦ ﯾﻔﻌ ﻞ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﱠﺔ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﺣ ﯿﻦ ﯾﻔ ﯿﺾ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﯿ ﻊ ﺑﺪﻧ ﮫ أن‬

‫ﯾُﻔﯿﺾ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻏﺴﻞ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء أو أﻋﻀﺎء ھﺬه اﻟﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬وﺗُﺠﺰﺋ ﮫ إﻓﺎﺿ ﺔ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﺒﺪن‪.‬‬

‫ورﺑﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺪﻗ ﺔ واﻟﻮﺿ ﻮح أن ﯾﻘ ﺎل‪ :‬ﯾﺒ ﺪأ اﻟﻤﻐﺘ ﺴﻞ ﺑﻤﻮاﺿ ﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑ ﺪل أن ﯾﻘ ﺎل‪ :‬ﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣــﺎ رواه اﻟﺒﺨــﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأھﻞ اﻟﺴﻨﻦ ﻋــﻦ أم ﻋﻄﯿــﺔ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﺑﻨﺘﮫ »اﺑﺪ ْأنَ ﺑﻤﯿﺎﻣﻨِﮭﺎ وﻣﻮاﺿ ِﻊ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﮭﺎ«‪ .‬وھﺬا ﻗﻮل ﻣﻨﮫ ‪ ،r‬ﻗﺎﻟﮫ ﻟﻤﻦ ﻛ ﱠ‬
‫ﻦ‬ ‫‪ r‬ﻟﮭ ﱠ‬
‫ﯾﻐ ﺴﻠﻦ إﺣ ﺪى ﺑﻨﺎﺗ ﮫ ﻋﻨ ﺪ وﻓﺎﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت اﻟﻮﺿ ﻮء ھ ﻲ أﻗ ﻮال‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ھﻮ اﻟﺤﺠﺔ‪ .‬وﻟﻘﺪ أﻓﺮد اﻟﺒﺨﺎري ﺑﺎﺑﺎً ﺳ ﻤﺎه )ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﺛ ﻢ‬
‫ﻏﺴﻞ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﺴﺪه‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾﻌِﺪ ﻏﺴﻞ ﻣﻮاﺿﻊ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﮫ ﻣﺮة أﺧﺮى( ‪.‬‬

‫‪ -2‬اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﺗﻜﺮار اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻠﺒﺪن‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺑﻌﻀﮭﻢ ﯾُﺴﺘﺤﺐ ذﻟﻚ ﻗﯿﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ ﻏﺴﻞ اﻟﺮأس‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻗﺎل ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻻ ﯾُﺴﺘﺤﺐ ذﻟﻚ وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﺗُﻨﻘ ﻞ أﯾ ﺔ رواﯾ ﺔ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ أو ﺣ ﺴﻨﺔ أﻧ ﮫ‬
‫‪ r‬ﻗﺪ أﻓﺎض اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ إﻓﺎﺿﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن رواﯾ ﺎ ٍ‬
‫ت ﺻ ﺤﯿﺤ ًﺔ ﻋﺪﯾ ﺪ ًة ذﻛ ﺮت‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻐ ﺎﯾﺮة ﺑ ﯿﻦ اﻹﻓﺎﺿ ﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮأس ﺛﻼﺛ ﺎً‪،‬‬
‫إﻓﺎﺿﺔ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻣﺎ ﯾﺪ ﱡ‬
‫وﻏﺴﻞ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬

‫ن ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ‬‫‪ -3‬اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻏُﺴﻞ اﻟ ﱢﺮﺟْﻠﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ إ ﱠ‬
‫ل‬
‫ﻗﺒﻞ إﻓﺎﺿﺔ اﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس أﻓ ﻀﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻜﺘﻤ ﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء أوﻻً وﯾﺘ ﺼﻞ ﺑﻌ ﻀﮫ ﺑ ﺒﻌﺾ‪ ،‬واﺳ ﺘﺪ ﱠ‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻷول‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺠﻤﮭﻮر إن ﻏُﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬ﻷن ﻗ ﻮل ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ‬
‫ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻗﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺬﻛﺮ ﺗﺄﺧﺮ ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ‪ .‬وﻗ ﺎل ﺑﻌ ﺾ‬
‫ﻋﻠﻤ ﺎء اﻟﻤﺎﻟﻜﯿ ﺔ ﺑﺘ ﺄﺧﯿﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﻮﺿ ﻊ وﺳ ﺨﺎً‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﺑ ﻦ اﻟﺤﺎﺟ ﺐ وﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫ن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻨﻘﻊ َأﺧﱠﺮ رﺟﻠﯿﮫ وإﻻ ﻓﻼ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﺑﻌﺾُ اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ ﻣﻊ اﻷﺣﻨ ﺎف ﻋﻠ ﻰ أن ﻋﻠﱠ ﺔ‬ ‫اﻷﺣﻨﺎف إ ْ‬
‫ﺗﺄﺧﯿﺮ ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ھﻲ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫واﻟ ﺼﻮاب ھ ﻮ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي روﺗ ﮫ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﺑ ﻞ وﺟﻤﯿ ﻊ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻢ ﺗﺄت ﻋﻠﻰ ذﻛ ﺮ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ أو اﻟﻤ ﺴﺘﻨﻘﻌﺎت‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه إﺿ ﺎﻓﺔ أﺿ ﺎﻓﻮھﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻋﻨﺪ أﻧﻔﺴﮭﻢ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻗﺪ أﺧ ﺮت ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ ﻧ ﺼﺎً‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﻟ ﻢ‬
‫ﺗﺬﻛﺮ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻔﮭﻮﻣ ًﺎ ﻣﺤ ﺘﻤﻼً‪ ،‬واﻟﻤﻨﻄ ﻮق ﯾُﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻔﮭ ﻮم اﻟﻤﺤﺘﻤ ﻞ‪،‬‬
‫وإذا وﺟﺪ اﻟﻨﺺ وﺟﺐ اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮫ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪه‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ اﻟﻘﻮل ﺑﻤﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔﮫ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ذﻛﺮ اﻟﻮﺿﻮء ﻓ ﻲ أول اﻟﻐ ﺴﻞ وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺜﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ذﻛ ﺮ‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﺼﺎر اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ :‬ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وأﺧ ﺮى‬
‫ﻓ ﻲ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬ﻛ ﻼ‪ ،‬ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ذﻛ ﺮ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق وﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‬
‫وﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ﻓ ﻲ‬
‫إﺣﺪى رواﯾﺎﺗﮫ ﺟﺎء أﺻﺮح ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺜﮭﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺣﯿﻦ ﻗﺎل »ﯾﺘﻮﺿﺄ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة ﻏﯿﺮ‬
‫رﺟﻠﯿﮫ«‪ .‬ﺑﻞ إن ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس ذﻛﺮت اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق وﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ واﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫وﻟ ﻢ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس وﻻ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛﻤ ﺎ ذﻛ ﺮت ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻻ ﯾُﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ إﻻ ﻏﺴﻠﮭﻤﺎ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة وﻓ ﻲ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻓﻘ ﻂ‪.‬‬
‫إذن ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺣﻤﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬واﻟﻘ ﻮل ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓﻘ ﻂ ﻓ ﻲ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫ﻻ وﯾﻐ ﺴﻞ أﻋ ﻀﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء‬ ‫‪ -4‬ورب ﻗﺎﺋﻞ ﯾﻘﻮل إن ﺻ ﻔﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ ھ ﻲ ﻛ ﺎﻵﺗﻲ‪ :‬ﯾﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ أو ً‬
‫اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﺛﺎﻧﯿًﺎ ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﻓﺮﺟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾُﻔﯿﺾ اﻟﻤﺎء ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ وﺳ ﺎﺋﺮ ﺑﺪﻧ ﮫ‪ ،‬أي ﯾ ﺆﺧﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﱠﺬﻛَﺮ أو‬
‫اﻟﻔﺮج إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﺿﻮء أو ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﯾﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ رواه اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻋ ﻦ‬
‫ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »ﺗﻮﺿﱠﺄ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة ﻏﯿﺮ رﺟﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ ﻓﺮﺟ ﮫ وﻣ ﺎ‬
‫ﻏ ﺴﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« رواه‬‫أﺻﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻷذى‪ ،‬ﺛﻢ أﻓﺎض ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺤﱠﻰ رﺟﻠﯿﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ھ ﺬا ُ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ذﻛﺮ ﻏﺴﻞ اﻟﻔﺮج ﻋﻘﺐ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫ن اﻟ ﻮاو ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪،‬‬ ‫ن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺗ ﺄﺧﯿﺮاً وﺗﻘ ﺪﯾﻤﺎً‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺄ ﱠ‬
‫وذﻟ ﻚ ﻷنﱠ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤ ﺎرة ذﻛ ﺮت ﻏ ﺴﻞ اﻟﻔ ﺮج ﻗﺒ ﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻵﺗ ﻲ‬
‫اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺳﺘﺮتُ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬
‫ﻓﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﺐﱠ ﺑﯿﻤﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺎﻟﮫ ﻓﻐﺴﻞ ﻓﺮﺟﮫ وﻣ ﺎ أﺻ ﺎﺑﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﯿ ﺪه ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﻂ أو‬
‫اﻷرض‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻮﺿ ﺄ وﺿ ﻮءَه ﻟﻠ ﺼﻼة ﻏﯿ َﺮ رﺟﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻓ ﺎض ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺴﺪه اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻨﺤﱠ ﻰ ﻓﻐ ﺴﻞ‬
‫ﻗﺪﻣﯿﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻟﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﮭﺎ رواﯾﺎت ﻋﺪﯾﺪة ﺗﺠﺪون أرﺑﻌ ﺎً ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ھﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ﺗﺠﻌ ﻞ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻔ ﺮج ﻗﺒ ﻞ ﻏ ﺴﻞ أﻋ ﻀﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻌﺪﯾ ﺪة‪،‬‬
‫وﺗُﺤﻤﻞ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ .‬وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﺤﺪث ھﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﺪوﺑﺎت اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻷن اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣﻨ ﺪوبٌ وﻟ ﯿﺲ ﺑﻮاﺟ ﺐ‪ .‬ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﺎﻟﻤﻨ ﺪوب ﺟ ﺎء ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﻣﺮﺗﺒ ًﺎ ﻛﻤ ﺎ ورد ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﺑﺨﺼﻮص ﻧﻘﺾ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس‪ :‬اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺬاھﺐ ﺷﺘﻰ‪ .‬ﻓﻘﺎل اﻟﺤ ﺴﻦ وﻃ ﺎووس وأﺣﻤ ﺪ‪:‬‬
‫ﺟ ﺢ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب أﺣﻤ ﺪ أن اﻟ ﻨﻘﺾ ﻓ ﻲ‬ ‫ﯾﺠ ﺐ اﻟ ﻨﻘﺾ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﯿﺾ دون ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬ور ﱠ‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺤﯿﺾ ھﻮ ﻟﻼﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ )ﻻ أﻋﻠ ﻢ أﺣ ﺪًا ﻗ ﺎل‬
‫ﺑﻮﺟﻮبٍ ﻓﯿﮭﻤﺎ إﻻ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ( ﻓﺄﺿﺎف اﺑﻦ ﻋﻤﺮ إﻟﻰ أﺻﺤﺎب ھﺬا اﻟ ﺮأي‪ ،‬وﻗ ﺎل‬
‫اﻟﻨﻮوي )ﺣﻜﺎه أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺨﻌﻲ( ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﺄﺿﺎف اﻟﻨﺨﻌﻲ اﻟﯿﮭﻢ‪.‬‬
‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل ھﺆﻻء ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮭﺎ وﻛﺎﻧ ﺖ ﺣﺎﺋ ﻀﺎً‪ :‬اﻧﻘ ﻀﻲ‬
‫ﺷ ﻌﺮك واﻏﺘ ﺴﻠﻲ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﺠﻤﮭ ﻮر ﺑﻌ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟ ﻨﻘﺾ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪،‬‬
‫واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺮاﺑ ﻊ واﻟﺨ ﺎﻣﺲ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾﻘ ﻮل‬

‫‪128‬‬
‫»أﻓﺄﻧﻘﻀﮫ ﻟﻐﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ« وھﻮ ﻣﻨﻄﻮق ﻓﻲ ﻋﺪم اﻟ ﻨﻘﺾ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ وﻗ ﻊ ﻓ ﻲ‬
‫ﺿ ﻔْ َﺮ رأﺳ ﻲ‪ ،‬أﻓﺎﻧﻘ ﻀﮫ‬‫ﺑﻌ ﺾ أﻟﻔ ﺎظ ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳَ ﻠَﻤﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻗﻠ ﺖ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ :‬إﻧ ﻲ اﻣ ﺮأة أﺷ ﱡﺪ َ‬
‫ﺣ َﺜ َﯿ ﺎت ﺛ ﻢ ﺗُﻔﯿ ﻀﯿﻦ ﻋﻠﯿ ﻚ‬
‫ﻟﻠﺤﯿ ﻀﺔ واﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ﯾﻜﻔﯿ ﻚ أن ﺗَﺤﺜ ﻲ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﻚ ﺛ ﻼث َ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﺘﻄﮭُﺮﯾﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وھ ﺬا ﻣﻨﻄ ﻮق ﻓ ﻲ ﻋ ﺪم اﻟ ﻨﻘﺾ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﺤ ﯿﺾ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫ﯾﺘﻌﯿﻦ ﻗﺒﻮﻟﮭﺎ واﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وھﻮ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ﻧﻔﻲ اﻟﻮﺟﻮب‪.‬‬

‫وﻣﺜﻠﮫ ﻣﺎ روت ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن أﺳﻤﺎء ﺳﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻤﺤﯿﺾ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﻄﮭﱠﺮ ﻓﺘُﺤ ﺴﻦ اﻟﻄﱡﮭ ﻮر ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﺐ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮭﺎ ﻓﺘﺪﻟﻜ ﮫ دﻟﻜ ًﺎ ﺷ ﺪﯾﺪًا‬
‫ﺳﺪْرﺗﮭﺎ ﻓ َﺘ ﱠ‬
‫ﺗﺄﺧﺬ إﺣﺪاﻛﻦ ﻣﺎءھﺎ و ِ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺒﻠﻎ ﺷﺆون رأﺳﮭﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺎء ‪ ...‬وﺳ ﺄﻟﺘﮫ ﻋ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺗﺄﺧ ﺬ ﻣ ﺎء‬
‫ﻓﺘﻄﱠﮭﱠﺮ ﻓﺘﺤﺴﻦ اﻟﻄﱡﮭﻮر أو ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻄﱡﮭﻮر‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺼﺐ ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﻓﺘﺪﻟﻜ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺒﻠ ﻎ ﺷ ﺆونَ رأﺳ ﮭﺎ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺗﻔﯿﺾ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤ ﺎء ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﻄﻠ ﺐ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣﻨﮭ ﺎ أن ﺗ ﻨﻘﺾ ﺷ ﻌﺮھﺎ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻤﺤ ﯿﺾ وﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن واﺟﺒ ًﺎ ﻟﻄﻠﺒ ﮫ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﯾﻘ ﻮل »ﻓ ﻼ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أن ﻻ‬
‫ﺗﻨﻘﻀﮫ« وھﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق أﯾ ﻀًﺎ ﻓ ﻲ ﻋ ﺪم اﻟ ﻨﻘﺾ‪ ،‬وھ ﺬا ﻛﻠ ﮫ رد ﺣﺎﺳ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ أوﺟﺒ ﻮا ﻧﻘ ﺾ ﺷ ﻌﺮ‬
‫اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﻏﺴﻞ اﻟﻤﺤﯿﺾ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻨﻘﺾ ﻓﺴﻨﺪھﻢ ﻛﻤﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﻤ ﺎر ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ »اﻧﻘ ﻀﻲ ﺷ ﻌﺮك‬
‫واﻏﺘﺴﻠﻲ« ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺄن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮاھﻢ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﺗﻜﻠﻤﻮا ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻤﻮﺿﻮﻋﮫ ﻏﺴﻞ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻋﻨﺪ اﻹھﻼل ﺑ ﺎﻟﺤﺞ‪ ،‬وﻗ ﺪ رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﻣﺒﺘﻮراً‪ ،‬وﺗﻤﺎﻣُﮫ أن ﻋﺎﺋﺸﺔ أﺣﺮﻣﺖ ﺑﻌﻤﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﺎﺿﺖ ﻗﺒﻞ دﺧ ﻮل ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮھ ﺎ اﻟﺮﺳ ﻮل اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ‪r‬‬
‫ﻞ ﺑ ﺎﻟﺤﺞ وھ ﻲ ﻣ ﺎ زاﻟ ﺖ ﻓ ﻲ ﺣﯿ ﻀﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﻐُ ﺴﻞ ﻟ ﯿﺲ‬ ‫أن ﺗﻨﻘﺾ ﺷﻌﺮھﺎ وﺗﻤﺘﺸﻂ وﺗﻐﺘ ﺴﻞ‪ ،‬وﺗُ ِﮭ ﱠ‬
‫ﺳ ﻠَﻤﺔ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ‬ ‫ﻏﺴﻞ اﻟﻤﺤﯿﺾ اﻟﺬي ﺗﻜﻠﻤﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻤﻌﺎرﺿ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ أم َ‬
‫ﻒ ﺑﺎﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻃ ْ‬‫داود وأﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »‪ ...‬ﻓﻘﺪﻣﺖُ ﻣﻜﺔ وأﻧﺎ ﺣﺎﺋﺾ ﻓﻠ ﻢ أ ُ‬
‫ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻔﺎ واﻟﻤ ﺮوة‪ ،‬ﻓ ﺸﻜﻮت ذﻟ ﻚ إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬اﻧﻘ ﻀﻲ رأﺳ ﻚ واﻣﺘ ﺸﻄﻲ وأَھِﱢﻠ ﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺞ و َدﻋِﻲ اﻟﻌُﻤﺮة ‪ .«...‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻨﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﺗﻐﺘﺴﻞ وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬وأن ھﺬا اﻟﻐ ﺴﻞ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﻷﺟﻞ اﻹھﻼل ﺑﺎﻟﺤﺞ‪ ،‬وﻣﺜﻠﮫ أو ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ روى أﺑﻮ داود ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ﻧُﻔِ ﺴﺖ أﺳ ﻤﺎء ﺑﻨ ﺖ‬
‫ﻞ ﺣﺞﱟ‬ ‫ﻋُﻤﯿﺲ ﺑﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﺎﻟﺸﺠﺮة‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺑﺎ ﺑﻜﺮ أن ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻓ ُﺘ ِﮭ ﱠﻞ«‪ .‬ﻓﮭﻮ ﻏُﺴ ُ‬
‫ﻟﻠﻨﻔﺴﺎء وﻟﯿﺲ ﻏُﺴﻞَ ﺗﻄﮭﱡﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎس‪.‬‬

‫وھﺬان اﻟﻐﺴﻼن ﯾُﺤﻤﻼن ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻤﺎ ﻷﺟﻞ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ وأﻧﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺘﺤﺒﺎن‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺤﺎن ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮب اﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻏُﺴﻞ اﻟﻤﺤﯿﺾ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﻌ ﺪ أن روى ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫ﻼ ﻣﺴﻨﻮﻧﺎً‪ ،‬وﻗﺪ أُﻣﺮت ﻓﯿ ﮫ ﺑ ﻨﻘﺾ رأﺳ ﮭﺎ‬
‫اﻷول )وھﻲ أن اﻏﺘﺴﻠﺖ ﻟﻺھﻼل ﺑﺎﻟﺤﺞ وﻛﺎن ﻏُﺴﻠﮭﺎ ﻏُﺴ ً‬
‫واﻣﺘﺸﺎط ﺷﻌﺮھﺎ‪ ،‬وﻛﺄﻧﮭﺎ أُﻣﺮت ﺑﺬﻟﻚ اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﺎً ﻛﻤﺎ أُﻣﺮت أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﻋُﻤﯿﺲ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻟﻺھ ﻼل ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﻔﺎس اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﺎً(‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻓ ﻲ اﻹﻓ ﺮاد ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬
‫ﺷ ﻨﺎن‪ ،‬وإذا اﻏﺘ ﺴﻠﺖ‬ ‫ﻲ وُأ ْ‬
‫ﻄ ِﻤ ﱟ‬
‫ﺨْ‬‫اﷲ ‪» r‬إذا اﻏﺘﺴﻠﺖ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﺣﯿﻀﮭﺎ ﻧﻘ ﻀﺖ ﺷ ﻌﺮھﺎ وﻏ ﺴﻠﺘﮫ ﺑ َ‬
‫ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺑﺔ ﺻﺒﺖ ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ اﻟﻤﺎء وﻋﺼﺮﺗﮫ« واﻟﺨَﻄْ ِﻤﻲﱡ ‪ -‬ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺨﺎء وﺳﻜﻮن اﻟﻄﺎء وﺗﺸﺪﯾﺪ اﻟﯿﺎء‬
‫ق ورﻗﮫ ﯾﺎﺑﺴًﺎ وﯾُﻐﺴﻞ ﺑﮫ اﻟﺮأس‪ .‬واﻷﺷﻨﺎن ‪-‬ﺑﻀﻢ أوﻟﮫ وﻛ ﺴﺮه‪ -‬ھ ﻲ ﻣ ﺎدة ﺗُﻐ ﺴﻞ ﺑﮭ ﺎ‬ ‫‪ :-‬ھﻮ ﻧﺒﺎت ﯾُﺪ ﱡ‬
‫اﻷﯾﺪي‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﻄﻠﺐ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟﻼﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬ﻟﻘﺮﯾﻨﺔِ ﻃﻠﺐ اﻟﺨﻄﻤ ﻲ واﻷﺷ ﻨﺎن‪ ،‬وھ ﻮ ﻃﻠ ﺐ ﻧ ﺪب‬
‫ﺳﻠَﻤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻞ »إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻔﯿﻚ«‪.‬‬
‫ﻷﺟﻞ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬وﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ﺣﺪﯾﺚ أم َ‬

‫‪129‬‬
‫وﯾ ﺪل أﯾ ﻀﺎً ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟ ﻨﻘﺾ ﻣ ﺎ رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ »ﺑَﻠ ﻎَ ﻋﺎﺋ ﺸ َﺔ أن ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤ ﺮو ﯾ ﺄﻣﺮ اﻟﻨ ﺴﺎء إذا اﻏﺘ ﺴﻠﻦ أن ﯾﻨﻘ ﻀﻦ رؤوﺳ ﮭﻦ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ ﻋﺠﺒ ًﺎ ﻻﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ھ ﺬا‪ ،‬ﯾ ﺄﻣﺮ‬
‫اﻟﻨﺴﺎء إذا اﻏﺘﺴﻠﻦ أن ﯾﻨﻘﻀﻦ رؤوﺳﮭﻦ‪ ،‬أﻓﻼ ﯾﺄﻣﺮھﻦ أن ﯾﺤﻠﻘﻦ رؤوﺳﮭﻦ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨ ﺖ أﻏﺘ ﺴﻞ أﻧ ﺎ‬
‫ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣﺪ‪ ،‬وﻻ أزﯾﺪ ﻋﻠﻰ أن أُﻓﺮغ ﻋﻠﻰ رأﺳﻲ ﺛﻼث إﻓﺮاﻏﺎت« ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﯾﻨﺺ ﻋﻠﻰ أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻛﺎن ﯾﺄﻣﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﻨﻘﺾ اﻟ ﺸﻌﺮ دون ﺗﻔﺮﯾ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ﺣ ﯿﺾ وﺟﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬وﺟ ﻮاب‬
‫ﺼ ﺼﮫ ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬‫ﻋﺎﺋﺸﺔ وإن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ إﻻ أﻧﮭﺎ أﻧﻜ ﺮت ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣﻄﻠ ﻖ ﻗﻮﻟ ﮫ وﻟ ﻢ ﺗُﻘﯿ ﺪه وﻟ ﻢ ﺗﺨ ﱢ‬
‫اﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺾ واﺟﺒًﺎ ﻟﻨﻮﱠھﺖ ﺑﮫ وﻟَﻤﺎ أﻧﻜﺮت ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮو ﻗﻮﻟ ﮫ ﻛﻠ ﮫ‪ .‬وھ ﺬا ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬
‫وﺟﻮب ﻧﻘﺾ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺤﯿﺾ وﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫ن اﻣ ﺮأة ﺳ ﺄﻟﺖ‬ ‫وﻣﺜﻠ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺮوي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أ ﱠ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ ﻏُﺴﻠﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮھ ﺎ ﻛﯿ ﻒ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺧ ﺬي ﻓِﺮْﺻ ﺔً ﻣ ﻦ ﻣِ ﺴﻚ ﻓﺘﻄ ﱠﮭ ﺮي‬
‫ﺑﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﯿﻒ أﺗﻄﮭﱠﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺗﻄﮭﱠﺮي ﺑﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﯿﻒ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﺗﻄﮭﱠﺮي‪ ،‬ﻓﺎﺟﺘﺬﺑﺘُﮭﺎ إﻟﻲﱠ‬
‫ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﺗﺘﺒﱠﻌﻲ ﺑﮭﺎ أﺛﺮ اﻟﺪم« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻔِﺮﺻﺔ‪ :‬ھ ﻲ اﻟﻘﻄﻌ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻛﻞ ﺷ ﻲء‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ ﺻ ﻨﻔًﺎ آﺧ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻨﻈﯿ ﻒ ﻋﻨ ﺪ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وھ ﻮ ﻛﻐﯿ ﺮه‬
‫ﺗﻨﻈﯿﻒٌ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﻟﯿﺲ ﻏﯿﺮ‪ .‬وﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻓﻲ ﻧﻘﺾ اﻟﺸﻌﺮ وﺗﺨﻠﯿﻞ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس ﻟﻠﺮﺟ ﻞ ﻧﻘﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ﺗﺨﻠﯿ ﻞ‬
‫ﺷﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻣﻨ ﺪوب ﻟﻤ ﺎ روى ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾُﺨﻠ ﻞ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وھﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎم ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ وﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وھﻮ رأي اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻵﺧﺮون ﻓﻘ ﺪ ﻓﺮﻗ ﻮا ﺑ ﯿﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻐ ﺴﻞ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺜ ﻮري وأﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻷوزاﻋﻲ واﻟﻠﯿﺚ وإﺳﺤـﻖ وأﺑﻮ ﺛﻮر وداود واﻟﻄﺒ ﺮي إن ﺗﺨﻠﯿ ﻞ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ واﺟ ﺐ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬
‫دون اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وھﺆﻻء اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﻤﺎ روى أﺑﻮ ھــﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪» r‬إن ﺗﺤﺖ ﻛــﻞ ﺷﻌﺮة ﺟﻨﺎﺑﺔ ﻓﺎﻏﺴﻠﻮا اﻟﺸﻌﺮ وَأ ْﻧﻘُﻮا اﻟ َﺒ ﺸَﺮ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﺑﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠﻲﱞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺗﺮك ﻣﻮﺿ ﻊ ﺷ ﻌﺮة‬
‫ﻲ‪ :‬ﻓﻤ ﻦ ﺛ ﻢﱠ ﻋﺎدﯾ ﺖ رأﺳ ﻲ‪ ،‬وﻛ ﺎن‬‫ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺑﺔ ﻟﻢ ﯾﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤﺎء ﻓُﻌﻞ ﺑﮭﺎ ﻛﺬا وﻛﺬا ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎر‪ .‬ﻗ ﺎل ﻋﻠ ﱞ‬
‫ﯾﺠ ﱡﺰ ﺷﻌﺮه« رواه اﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﺟﻮاﺑﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻗ ﻮل راوﯾ ﮫ أﺑ ﻲ داود )اﻟﺤ ﺎرث ﺑ ﻦ وﺟﯿ ﮫ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ ﻣﻨﻜ ٌﺮ ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ( وﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ إن اﻟﺼﻮاب وﻗﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲﱟ ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﱠﻔﮫ اﻟﻨﻮوي‪ ،‬وذﻛﺮ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫ﺿﻌﺎﻓًﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺪه‪ .‬ﺛﻢ إن ﺣﺪﯾﺚ أم ﺳﻠﻤﺔ ر ﱞد ﻋﻠﯿﮭﻢ‪.‬‬

‫‪ -6‬واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ اﻟﺪﻟﻚ وإﻣ ﺮار اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺴﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ اﻹﻣ ﺎم ﻣﺎﻟ ﻚ إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب‬
‫اﻟﺪﻟﻚ ﺑﺎﻟﯿﺪ إﻟﻰ ﺣﯿ ﺚ ﺗ ﺼﻞ ﻣ ﻦ ﺑﺪﻧ ﮫ‪ ،‬وﺑﻤﺜ ﻞ ﻗﻮﻟ ﮫ ھ ﺬا ﻓ ﻲ وﺟ ﻮب اﻟ ﺪﻟﻚ ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ اﻟﻌﺎﻟﯿ ﺔ وﻋﻄ ﺎء‬
‫ودﻟ ﯿﻠﮭﻢ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﺣﺘ ﻰ ﺗ ْﻐ َﺘ ﺴِﻠﻮا[ وﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻻ ﯾﻘ ﺎل اﻏﺘ ﺴﻞ إﻻ ﻟﻤ ﻦ دﻟ ﻚ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺴﻦ‬
‫واﻟﻨﺨﻌﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ وﺣﻤﱠﺎد واﻟﺜﻮري واﻷوزاﻋﻲ وإﺳﺤﻖ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ إﻧ ﮫ‬
‫ﻻ ﯾﺠ ﺐ إﻣ ﺮار اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺴﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ واﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﻮ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻔﺔ‬
‫ذﻛﺮت إﻓﺎﺿﺔ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺤﺪﯾﺚ أم ﺳَﻠَﻤﺔ »ﺛﻢ ﺗُﻔﯿﻀﯿﻦ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﻤﺎء َﻓﺘَﻄ ُﮭ ﺮﯾﻦ« وﻟ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ ذِﻛ ُﺮ اﻟ ﺪﻟﻚ‪،‬‬
‫ﺛﻢ إن اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻐﺔ ﻻ ﯾﺘﻀﻤﻦ اﻟﺪﻟﻚ ﯾﻘﺎل‪ :‬ﻏ ﺴﻞ اﻹﻧ ﺎء إذا ﺻ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺎء وإن ﻟ ﻢ ُﯾ ِﻤ ﱠﺮ ﯾ ﺪه ﻋﻠﯿ ﮫ‪،‬‬
‫واﻟﺴﱠﯿﻞ ﯾُﺴﻤﻰ ﻏﺎﺳﻮﻻً‪ ،‬وﯾﻘﺎل ﻋـﻦ اﻟ ﺸﻲء‪ :‬ﻏ ﺴﻠﺘﮫ اﻷﻣﻄ ﺎر إذا ﺳ ﻘﻄﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )ﻟ ﻢ‬
‫ﺸﻌِﺮ ﺑﺄن اﻟﺪﻟﻚ داﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﻤﱠﻰ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻣﺎ ﺻﺪق ﻋﻠﯿﮫ اﺳﻢ اﻟﻐﺴﻞ‬ ‫ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎ ُﯾ ْ‬
‫ن ﯾﻘ ﺎل ﺣ ﺪﯾﺚ »ﺑﱡﻠ ﻮا اﻟ ﺸﻌﺮ وأﻧﻘ ﻮا اﻟﺒ ﺸﺮ« ‪ -‬ﻋﻠ ﻰ ﻓ ﺮض ﺻ ﺤﺘﮫ ‪-‬‬ ‫اﻟﻤ ـﺄﻣﻮر ﺑ ﮫ ﻟﻐ ﺔ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻻ َأ ْ‬
‫ﻣُﺸﻌ ٌﺮ ﺑﻮﺟﻮب اﻟ ﺪﻟﻚ ﻷن اﻹﻧﻘ ﺎء ﻻ ﯾﺤ ﺼﻞ ﻟﻤﺠ ﺮد اﻹﻓﺎﺿ ﺔ‪ .‬وﻻ ﯾﻘ ﺎل إذا ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺐ اﻟ ﺪﻟﻚ ﻟ ﻢ ﯾﺒ ﻖ‬

‫‪130‬‬
‫ن اﻟﻤ ﺴﺢ ھ ﻮ اﻹﻣ ﺮار ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺸﻲء ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﯾ ﺼﯿﺐ ﻣ ﺎ أﺻ ﺎب‬
‫ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ واﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬ﻷﱠﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إ ﱠ‬
‫وﯾﺨﻄﻲء ﻣﺎ أﺧﻄﺄ ﻓﻼ ﯾﺠﺐ ﻓﯿﮫ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب ﺑﺨﻼف اﻟﻐﺴﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﺐ ﻓﯿﮫ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب(‪.‬‬

‫‪ -7‬واﻟ ﺴﻨﱠﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻘﻠﯿ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺳ ﻔﯿﻨﺔ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬

‫ﺿ ﺌﮫ اﻟﻤُ ﺪﱡ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل‬‫اﷲ ‪ُ r‬ﯾ َﻐﺴﱡﻠﮫ اﻟﺼﺎع ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ وﯾﻮ ﱢ‬
‫»ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﺎﻟ ُﻤﺪﱢ وﯾﻐﺘﺴﻞ ﺑﺎﻟﺼﺎع إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ أﻣﺪا ٍد« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺖ أﻏﺘﺴﻞ أﻧﺎ واﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣﺪ ﻣ ﻦ ﻗ ﺪح ﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟ َﻔ ﺮق«‬
‫ﻼ ﺑ ﺎﻟﻌﺮاﻗﻲ‪ .‬واﻟﻤُ ﱡﺪ‪:‬‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬واﻟﻔﺮق ـ ﺑﺘﺴﻜﯿﻦ اﻟﺮاء وﻓﺘﺤﮭﺎ ‪ -‬ﺳﺘ َﺔ ﻋ ﺸ َﺮ رﻃ ً‬
‫ﺣﻔﻨﺔ ﺑﻜﻔﱠﻲ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺘﯿﻦ‪ .‬واﻟﺼﺎع‪ :‬أرﺑﻌﺔ أﻣﺪا ٍد وھ ﻮ ﺧﻤ ﺴﺔ أرﻃ ﺎل وﺛﻠ ﺚ ﺑ ﺎﻟﻌﺮاﻗﻲ‪ ،‬واﻟﻤ ﱡﺪ‬
‫رﺑﻊ ذﻟﻚ وھﻮ رﻃﻞ وﺛﻠﺚ‪ .‬وھﺬا ﻗﻮل اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وإﺳ ﺤﻖ وأﺑ ﻲ ﻋﺒﯿ ﺪ وأﺑ ﻲ ﯾﻮﺳ ﻒ‪.‬‬
‫أﻣﺎ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﺼﺎع ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أرﻃﺎل‪ .‬وﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﯾﺪ اﻟ ﺪﺧﻮل ﻓ ﻲ ﺗﻔﺎﺻ ﯿﻞ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺑ ﺬات ﻣﻮﺿ ﻮع‪،‬‬
‫ﻷن اﻷﻣﺮ ﻛﻠﮫ ﻷﺟﻞ اﻟﺘﻘﺮﯾﺐ‪.‬‬

‫وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻧﻘﻮل‪ :‬ﺑﻤﻌﺎدﻟﺔ ھﺬه اﻟﻤﻜﺎﯾﯿﻞ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﯾﯿﻞ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻤُﺪﱠ ﯾﻌ ﺎدل رﺑ ﻊ ﻟِﺘ ﺮ ﺗﻘﺮﯾﺒ ﺎً‪،‬‬
‫واﻟﺼﺎع ﯾﻌﺎدل ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﻠﺘﺮ اﻟﻮاﺣﺪ‪ .‬وﺑﺘﻘﺮﯾﺐ أﻛﺜﺮ ﻧﻘﻮل إن اﻟﻤُ ﱠﺪ ﯾﻌ ﺎدل ﺣ ﻮاﻟﻲ ﺳ ﺪس ﻗ ﺎرورة ﻣ ﺎء‬
‫ﻣﻦ ﻗﻮارﯾﺮ اﻟﻤﯿﺎه اﻟﻤﻌﺪﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻜﻤﯿ ﺔ ﺗﻜﻔ ﻲ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ﺣ ﻮاﻟﻲ ﻗ ﺎرورة واﺣ ﺪة ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺎء ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻠﻐﺴﻞ ‪ ،‬وھﺬا ﻋﻠﻰ رأي اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻏﯿﺮ أن أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ روت اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﻛﻨ ﺖ أﻏﺘ ﺴﻞ أﻧ ﺎ واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻦ‬
‫إﻧﺎء واﺣﺪ ﻣﻦ ﻗﺪح ﯾﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻔَﺮق«‪ .‬وﺑﻤﺎ أن اﻟﻔﺮق ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ رﻃﻼً‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻧﺼﯿﺐ اﻟﻮاﺣ ﺪ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أرﻃﺎل‪ ،‬وھﻮ ﺗﻘﺪﯾﺮ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ‪ ،‬وﺑﻤﻌﺎدﻟﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﯾﯿﻞ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻷرﻃﺎل اﻟﺜﻤﺎﻧﯿ ﺔ ﺗﻌ ﺎدل‬
‫ﻗﺎرورة وﻧﺼﻒ اﻟﻘﺎرورة ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً‪ ،‬ھﻲ اﻟﻜﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻠﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬
‫ﺣﺴﺐ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬وإذن ﻓﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ ﻗ ﺎرورة واﺣ ﺪة وﻗ ﺎرورة وﻧ ﺼﻒ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻔﻲ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﺳﺪس ﻗﺎرورة ﻣﺎء ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ت ھ ﺬه اﻟﻤﻜﺎﯾﯿ ﻞ واﻟﻤﻘ ﺎدﯾﺮ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﮫ اﻟﺘﻘﺮﯾ ﺐ وذﻟ ﻚ ﻟﻌ ﺪم اﻟﺤﺎﺟ ﺔ ﻷﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‬‫وﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ ُ‬

‫وھ ﺬه اﻟﻤﻘ ﺎدﯾﺮ ﻻ ﯾﺠ ﺐ اﻟﺘﻘﯿ ﺪ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﻲ ﻟ ﻢ ُﺗ ﺬﻛﺮ إﻻ ﻟﻤﻌﺮﻓ ﺔ ﺣ ﺪود اﻻﻋﺘ ﺪال ﻓ ﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻟﻠﻮﺿﻮء واﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬واﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﺑﺎﻋﺘﺪال ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﺠﺎوزه ﺑﺰﯾﺎدة أو ﻧﻘﺺ ﺳﯿﻤﺎ إن ﻛﺎﻧﺎ ﻛﺒﯿﺮﯾﻦ‪.‬‬

‫‪ -8‬اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﻣﻨ ﺪوب ‪ ،‬وﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻏ ﺴﻞ أﻋ ﻀﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﻼ‬

‫ﯾﺠ ﺐ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ وﻟ ﯿﺲ ھ ﻮ وﺿ ﻮءًا ﺣﺘ ﻰ ﯾﺠ ﺐ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﺑ ﻞ ھ ﻮ‬
‫ﻣﻨﺪوب‪ ،‬ﻓﯿُﻨﺪب اﻟﺒﺪء ﺑﻐﺴﻞ اﻟﻤﯿﺎﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﺎﺳﺮ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روت ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »أنْ ﻛ ﺎن‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻃﮭﻮره إذا ﺗﻄﮭﱠﺮ‪ ،‬وﻓﻲ ﺗﺮﺟﱢﻠﮫ إذا ﺗﺮﺟﱠﻞ ‪ -‬وﻓﻲ اﻧﺘﻌﺎﻟ ﮫ إذا اﻧﺘﻌ ﻞ«‬ ‫رﺳﻮلُ اﷲ ‪ r‬ﻟﯿُﺤﺐ اﻟ ﱠﺘ َﯿ ﱡﻤ َ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﯾﺒﺪأ ﺑﺮأﺳﮫ أوﻻً ﺛﻢ ﯾُﻔﯿﺾ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺑﺪﻧﮫ‪.‬‬

‫أﻣّﺎ اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻓﻮاﺟﺒ ﺔ‪ ،‬وﺣ ﺪﱡھﺎ أن ﯾﺒﺎﺷ ﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﻌ ﻀﻮ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻗﺒ ﻞ ﺟﻔ ﺎف اﻟﻌ ﻀﻮ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬أي‬
‫ﯾﺒﺎﺷ ﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ واﻟﺒﻠ ﻞ ﻻ ﯾ ﺰال ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀﻮ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ .‬وﻻ ﯾﻌﺠﺒﻨ ﻲ ﻗ ﻮل ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إن اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻻ‬
‫ﺗﺠﺐ ﻷن اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﻻ ﯾﺠ ﺐ‪ ،‬ﻓ ﺎﻋﺘﺒﺮوا اﻟﻤ ﻮاﻻة ﺗﺎﺑﻌ ﺔ ﻟﻠﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬واﻟ ﺼﺤﯿﺢ أن اﻟﻤ ﻮاﻻة‬
‫أﻣﺮ ﻣ ﺴﺘﻘﻞ ﻋ ﻦ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﻟﺠﻤﮭ ﻮر‪ ،‬وھ ﺬا ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻟﻜ ﻦ‬
‫اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻻ ﺑ ﺪ ﻣﻨﮭ ﺎ وﺗﻈ ﻞ واﺟﺒ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺑﺎﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت‪ ،‬وإﻻ ﺟ ﺎز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻐ ﺴﻞ رأﺳ ﮫ‬
‫وﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎم‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﯾﻌﻮد ﻓﯿﻐﺴﻞ ﺻﺪره ﺛﻢ ﯾﺨﺮج‪ ،‬وھﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﯾﻔﺮغ ﻣﻦ ﻏﺴﻞ ﺟﻤﯿﻊ‬
‫ﻏ ﺴﻼً‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻌ ﻀﻮ اﻟﻼﺣ ﻖ ﻗﺒ ﻞ ﺟﻔ ﺎف ﻣ ﺎء اﻟﻌ ﻀﻮ‬ ‫ﺑﺪﻧﮫ‪ ،‬وھﺬا ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻟﯿﺲ ُ‬

‫‪131‬‬
‫ﻼ واﺣﺪاً ھﻮ اﻟﻐ ﺴﻞ وھ ﺬا ﻻ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻧ ﺺﱟ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺢ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻌ ً‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺑﺎب ﺗﺤﻘﯿﻖ واﻗﻊ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﱠﻰ ﻏُﺴ ً‬

‫‪ -9‬ھﻨﺎك أﻣﻮر ﺑﺴﯿﻄﺔ أودﱡ ذﻛﺮھﺎ ھﻨﺎ ﺗﺘﻤﯿﻤﺎً ﻟﻠﺒﺤﺚ ھﻲ‪:‬‬

‫ج‬
‫أ‪ -‬ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ اﻻﺳ ﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻐﯿ ﺮه ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روت ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔُ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ زو ُ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »أدﻧﯿﺖُ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻏُﺴﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﯾﺠﻮز ﻟﻠﺰوج وزوﺟﺘﮫ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻌًﺎ ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣﺪ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روت ﻣﻌ ﺎذة ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺖ أﻏﺘﺴﻞ أﻧﺎ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ إﻧﺎ ٍء ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨ ﮫ واﺣ ﺪٍ‪ ،‬ﻓﯿﺒ ﺎدرﻧﻲ ﺣﺘ ﻰ أﻗ ﻮل‪:‬‬
‫دع ﻟﻲ‪ ،‬دع ﻟﻲ ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬وھﻤﺎ ﺟﻨﺒﺎن« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻤ ﺴﻠﻢ وﻻ ﻟﻤ ﺴﻠﻤﺔ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺮأى ﻣ ﻦ اﻵﺧ ﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ‬
‫اﻟﺨﺪري أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﯾﻨﻈﺮ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ ﻋﻮرة اﻟﺮﺟﻞ وﻻ اﻟﻤﺮأة إﻟﻰ ﻋ ﻮرة اﻟﻤ ﺮأة‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾُﻔﻀﻲ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺛﻮب واﺣﺪ‪ ،‬وﻻ ﺗُﻔ ﻀﻲ اﻟﻤ ﺮأة إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب اﻟﻮاﺣ ﺪ« رواه‬
‫ﻼ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﺑﺎﻟ َﺒﺮَاز ﺑﻼ إزار‪ ،‬ﻓﺼﻌﺪ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﺤﻤ ﺪ‬ ‫ﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬وﻟﻤﺎ روى ﯾﻌﻠﻰ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﺳﺘﱢﯿﺮ ﯾﺤ ﺐ اﻟﺤﯿ ﺎء واﻟ ﺴﱢﺘﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻏﺘ ﺴﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ‬ ‫اﷲ وأﺛﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :r‬إن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺣَﯿ ﱞ‬
‫ﻲ ِ‬
‫ﻓﻠْﯿﺴﺘﺘﺮ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ورﺟﺎﻟﮫ رﺟ ﺎل اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ .‬واﻟ َﺒ ﺮَاز ‪ :‬ھ ﻮ اﻟﻔ ﻀﺎء اﻟﻮاﺳ ﻊ اﻟﺨ ﺎﻟﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ‪.‬‬

‫د‪ -‬ﯾﺠﺐ ﺣﯿﻦ اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ أن ﯾﻨﻮي رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎل »إﻧﻤ ﺎ اﻷﻋﻤ ﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻻﻣ ﺮئ ﻣ ﺎ ﻧ ﻮى‬
‫‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ھـ‪ -‬إذا أﺟﻨﺐ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺮة وﻟﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ‪ ،‬ﺛﻢ أﺟﻨﺐ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ أو ﺛﺎﻟﺜ ﺔ وﻟ ﻢ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ اﻏﺘ ﺴﻞ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣ ﺮﺗﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺑﻌ ﺪد اﻟﻤ ﺮات اﻟﺘ ﻲ أﺟﻨ ﺐ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ روى‬
‫أﻧﺲ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻄﻮف ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺎﺋﮫ ﺑ ُﻐ ﺴﻞ واﺣ ﺪ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣِﺒﱠﺎن وﻟﻔﻈﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻄﻮف ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻧﺴﺎﺋﮫ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻏُﺴ ً‬
‫ﻼ واﺣﺪاً«‪.‬‬

‫ﺴﻦﱡ ﻟﻠﻤﻐﺘﺴﻞ أن ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﷲ ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‪ :‬ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ وھ ﺬه‬
‫و‪ُ -‬ﯾ َ‬
‫اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ دﻟﯿﻞ ﺧﺎص ﺑﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺴﻤﻰ اﷲ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ذي ﺑﺎل‪.‬‬

‫ز‪ -‬إن ﻗﱠﻠﻢ أﻇﺎﻓﺮه وﻧﺘﻒ إﺑﻄﮫ وﺣﻠﻖ ﻋﺎﻧﺘﮫ وأﺧﺬ ﻣﻦ ﺷﺎرﺑﮫ وﺗ ﺴﻮﱠك وﺗﻄ ﱠﯿ ﺐ ﻋﻨ ﺪ ﻏ ﺴﻠﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ذﻟﻚ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ وﻛﺎن ﺟﻤﻊ ﺳُﻨﻨﺎً إﻟﻰ اﻟﻔﺮض‪.‬‬

‫ح‪ -‬ﻻ ﯾُﺠﺰئ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء واﻟﻐﺴﻞ ﺳﻮى اﻟﻤﺎء دون ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻤﺎﻧﻌ ﺎت‪ ،‬ﺧﻼﻓ ﺎً ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺎت‬
‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء ﻓﺘ َﯿ ﱠﻤﻤُﻮا[ ﻓﺎﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟ ﻢ‬
‫اﻟﺘﻲ ﯾﺠﻮز ﻓﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺎء ﻣﻤﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻺزاﻟﺔ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓﻠﻢ َﺗ ِ‬
‫ﯾﺘﺮﻛﻨﺎ ﻧﺨﺘﺎر أي ﻣﺎﺋﻊ ﻋﻨﺪ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻃﻠ ﺐ ﻣﻨ ﺎ ﺣﯿﻨ ﺬاك اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢَ‪ .‬وﻗ ﺪ روى أﺑ ﻮ ذر أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إن اﻟ ﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿ ﺐ ﻃَﮭ ﻮر اﻟﻤ ﺴﻠﻢ وإن ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﯿﻦ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻓﻠْ ُﯿ ِﻤﺴﱠﮫ ﺑﺸﺮﺗﮫ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل‪ :‬ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء واﻷﻏﺴﺎل ﻣﺤ ﺼﻮرة ﻓ ﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫اﻟﻤﺎء دون ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺴﻮاﺋﻞ واﻟﻤﺎﺋﻌﺎت‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﺪم اﻟﻤﺎء اﻧﺘﻘﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﯿﻤﻢ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻻ أﻋﻠ ﻢ‬

‫‪132‬‬
 ‫أﺣﺪًا ﻗﺎل ﺑﺨﻼﻓﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺘﺎﺳـﻊ‬
‫ت اﻟﻐُﺴﻞ‬
‫ﻣُﻮﺟﺒـــــﺎ ُ‬
‫ﯾﺠﺐ اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻸﺳﺒﺎب اﻵﺗﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ (1‬اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ :‬وﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﺘﻘﺎء اﻟﺨﺘ ﺎﻧﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻤ ﺎع‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن ﺑﻨ ﺰول اﻟﻤﻨ ﻲ ﻓ ﻲ اﻻﺣ ﺘﻼم‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن‬
‫ﺑﻨﺰول اﻟﻤﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﯿﻘﻈﺔ‪.‬‬

‫‪ (2‬إﺳﻼم اﻟﻜﺎﻓﺮ‪.‬‬

‫‪ (3‬اﻟﻤﻮت‪.‬‬

‫‪ (4‬اﻟﺤﯿﺾ‪.‬‬

‫‪ (5‬اﻟﻨﻔﺎس واﻟﻮﻻدة‪.‬‬

‫أوﻻً‪ :‬اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‬
‫وﺟ ـﻮب اﻟﻐ ﺴـﻞ ﻣ ـﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑـ ـﺔ ﻣُﺠﻤ ٌﻊ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ـﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤـﯿﻦ ‪ ،‬وھ ـﻮ ﻣﻌﻠ ﻮم ﻣ ـﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ ،‬وﻗﺪ دﻟﱠــﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺼﻮص ﻣـﻦ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺴﱡﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾـﺔ اﻟﻤ ﺸﺮﻓـﺔ ‪ ،‬ﻧﺬﻛ ـﺮ ﻣﻨﮭ ـﺎ‬
‫ﻣـﺎ ﯾﻠـﻲ‪:‬‬

‫‪] -1‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ َﺗ ْﻘ َﺮﺑُﻮا اﻟﺼﻼ َة وأﻧﺘُﻢ ﺳُﻜﺎرى ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻠﻤﻮا ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟ ﻮن وﻻ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ إﻻ‬
‫ﻋﺎﺑِﺮي ﺳﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا ‪ [..‬اﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫ﻏ ﺴِﻠﻮا وﺟ ﻮ َھﻜُﻢ وأﯾ ﺪ َﯾﻜُﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺮاﻓ ﻖ‬‫‪] -2‬ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا إذا ُﻗ ْﻤ ﺘُﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬
‫ﻃﮭﱠﺮوا‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬ ‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ ﻓﺎ ﱠ‬
‫ن ﻛُﻨﺘﻢ ُ‬
‫ﺳﻜُﻢ وَأ ْرﺟُﻠﻜﻢ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ وإ ْ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮؤو ِ‬‫وا ْﻣ َ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﻜﯿﻢ ﻗﺎﻟﺖ »ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﺗﺤ ﺘﻠﻢ ﻓ ﻲ ﻣﻨﺎﻣﮭ ﺎ ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إذا‬
‫ﺳ ﻠَﯿﻢ ﺳ ﺄﻟﺖ‬
‫ن أم ُ‬‫رأت اﻟﻤﺎء ﻓﻠْﺘﻐﺘﺴﻞ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وروى اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻣ ﺴﻠﻢ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ »أ ﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﺗﺮى ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺮى اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺎل‪ :‬إذا أﻧﺰﻟﺖ اﻟﻤﺎء ﻓﻠْﺘﻐﺘﺴﻞ«‪.‬‬

‫ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺬي؟ ﻓﻘ ﺎل‪ِ :‬ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺬي اﻟﻮﺿ ﻮء‬ ‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫و ِﻣ ﻦ اﻟﻤﻨ ﻲ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‪.‬‬
‫ﻼ ﻣ ﺬﱠاء ﻓ ﺴﺄﻟﺖُ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إذا رأﯾ ﺖ اﻟﻤ ﺬي ﻓﺘﻮﺿ ﺄ واﻏ ﺴﻞ‬
‫وﻟﻔ ﻆ اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ »ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻛﻨ ﺖ رﺟ ً‬
‫ﺦ اﻟﻤﺎء ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ«‪.‬‬‫َذ َﻛﺮَك‪ ،‬وإذا رأﯾﺖ ﻓﻀ َ‬

‫‪133‬‬
 ‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺟﻠﺲ ﺑ ﯿﻦ ُ‬
‫ﺷ ﻌَﺒﮭﺎ اﻷرﺑ ﻊ وﻣ ﺲ‬
‫ن ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ«رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻟﻔﻈ ﮫ »إذا ﺟ ﺎوز اﻟﺨﺘ ﺎن‬
‫اﻟﺨﺘ ﺎنُ اﻟﺨﺘ ﺎ َ‬
‫اﻟﺨﺘﺎن وﺟﺐ اﻟﻐُﺴﻞ« وﻗﺎل‪ :‬ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﺟﻨُﺒ ﺎً إﻻ ﻋ ﺎﺑِﺮي ﺳ ﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﺘ ﺴِﻠﻮا[‪،‬‬

‫اﻵﯾﺘﺎن اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﺎن ﻗ ﺪ ذﻛﺮﺗ ﺎ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ]وﻻ ُ‬
‫ﻃﮭﱠﺮوا[ وﺟﺎءﺗ ﺎ ﺑﺈﺟﻤ ﺎلٍ دون ﺗﻔ ﺼﯿﻞ‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺟ ﺎءت ﻣُﺠﻤﻠ ﺔ وﻣﻔ ﺼﻠﺔ‪،‬‬ ‫]وإنْ ﻛﻨ ﺘﻢ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ ﻓ ﺎ ﱠ‬
‫ﻓﺤﺪﯾﺜﺎ ﺧﻮﻟﺔ وأم ﺳُﻠَﯿﻢ ذﻛﺮا اﻻﺣﺘﻼم ﻣﻊ اﻹﻧﺰال ﻟﻠﺮﺟﻞ وﻟﻠﻤﺮأة‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ ﺑﺮواﯾﺘﯿﮫ ذﻛﺮ إﻧ ﺰال‬
‫ﺲ اﻟﺨﺘ ﺎن‬
‫اﻟﻤﻨﻲ ﻣﻄﻠﻘًﺎ دون ﺗﻘﯿﯿﺪه ﺑﺠﻤﺎعٍ‪ ،‬أو اﺣﺘﻼ ٍم أو ﯾﻘﻈ ٍﺔ دون ﺟﻤ ﺎع‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ذﻛ ﺮ ﻣ ﱠ‬
‫ﻟﻠﺨﺘﺎن وﻣﺠﺎوزة اﻟﺨﺘﺎن ﻟﻠﺨﺘﺎن‪ ،‬وھﺬا ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎع دون ذﻛﺮ اﻹﻧﺰال‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻗﺪ ذﻛﺮت اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﱢﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﺗﻜ ﻮن ﺑﺎﻟﺘﻘ ﺎء اﻟﺨﺘ ﺎﻧﯿﻦ‬
‫‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ‪ -‬وﺗﻜﻮن ﺑﺎﻻﺣﺘﻼم ﻣﻊ ﻧﺰول اﻟﻤﻨﻲ ‪ -‬ﺣﺪﯾﺜﺎ ﺧﻮﻟﺔ وأم ﺳُﻠَﯿﻢ ‪ -‬وﺗﻜﻮن ﺑﻨﺰول اﻟﻤﻨ ﻲ‬
‫ﻣﻄﻠﻘﺎً ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ‪ .-‬ھﺬه ھﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬وھﺬه ھ ﻲ اﻟﺤ ﺎﻻت اﻟ ﺜﻼث اﻟﺘ ﻲ ﺗﺤ ﺼﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﯾﺠ ﺐ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﺗﻔ ﱠﻜ ﺮ رﺟ ﻞ ﺑ ﺎﻣﺮأة أو ﻧﻈ ﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬أو ﻗﺒﱠ ﻞ زوﺟﺘ ﮫ ﻓ ﺄﻣﻨﻰ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻮ ﺟﺎﻣﻊ زوﺟﺘﮫ ﻓﺄﻣﻨﻰ أو ﻟﻢ ﯾُﻤﻦ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻮ اﺣﺘﻠﻢ ﻓﺄﻣﻨﻰ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ وﻛﻞﱡ ذﻟﻚ ﺟﻨﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻧﺠﺪ أن ھﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﯾﻤﻜﻦ دﻣﺠﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻓﻘﻂ ھﻤﺎ إﻧﺰال اﻟﻤﻨ ﻲ‪ ،‬وﺗﻐﯿﯿ ﺐ‬
‫ﺲ اﻟﺨﺘﺎن اﻟﺨﺘ ﺎن أو اﻹﯾ ﻼج‪ ،‬ﻓ ﺈﻧﺰال اﻟﻤﻨ ﻲ واﻹﯾ ﻼج ھﻤ ﺎ‬
‫اﻟﺤَﺸَﻔﺔ ﻓﻲ ﻓﺮج اﻷﻧﺜﻰ أو ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﻤ ﱢ‬
‫ﻼ ﺳ ﺄل رﺳ ﻮل‬‫اﻟﺤﺎﻟﺘﺎن اﻟﺠﺎﻣﻌﺘﺎن ﻟﻠﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻓﯿﮭﻤﺎ اﻟﻐﺴﻞ‪ .‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »أن رﺟ ً‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﯾﺠﺎﻣﻊ أھﻠﮫ ﺛﻢ ُﯾ ْﻜﺴِﻞ ھﻞ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﻐﺴﻞ؟ وﻋﺎﺋﺸﺔ ﺟﺎﻟ ﺴﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬
‫ﺺ ﺻﺮﯾﺢ واﺿﺢ ﻓ ﻲ اﻹﯾ ﻼج دون إﻧ ﺰال‪،‬‬ ‫إﻧﻲ ﻷﻓﻌﻞ ذﻟﻚ أﻧﺎ وھﺬه ﺛﻢ ﻧﻐﺘﺴﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭﻮ ﻧ ﱞ‬
‫وﻓﯿﮫ اﻟﻐﺴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺺ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻘﻮﻟ ﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻣ ﻦ أن اﻹﯾ ﻼجَ أو اﻟﺠﻤ ﺎعَ أو ﻣ ﺲﱠ اﻟﺨﺘ ﺎن ﻟﻠﺨﺘ ﺎن إذا ﻛ ﺎن دون إﻧ ﺰال‬
‫ﻓﯿﻜﻔﻲ ﻓﯿﮫ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻣﻨﮫ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﺬي‬
‫رواه زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺧﺎﻟ ﺪ اﻟﺠﮭﻨ ﻲ »أرأﯾ ﺖَ إذا ﺟ ﺎﻣﻊ اﻟﺮﺟ ﻞ اﻣﺮأﺗ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ُﯾ ْﻤ ﻦِ؟ ﻗ ﺎل ﻋﺜﻤ ﺎن‪ :‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻟﻠﺼﻼة وﯾﻐﺴﻞ ذﻛﺮه‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﺜﻤ ﺎن‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺘﮫ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺴﺄﻟﺖ ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻲ اﺑ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ واﻟﺰﺑﯿﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻮام وﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ وأﺑﻲﱠ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮوه ﺑ ﺬﻟﻚ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟ ﺖ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮم اﻹﺛﻨ ﯿﻦ إﻟ ﻰ ﻗُﺒ ﺎء‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﻲ ﺳ ﺎﻟﻢ وﻗ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺎب ﻋِﺘﺒ ﺎن‪،‬‬
‫ﻋﺘْﺒ ﺎن ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬‫ﻓ ﺼﺮخ ﺑ ﮫ ﻓﺨ ﺮج ﯾﺠ ﱡﺮ إزاره‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﻋﺠﻠﻨ ﺎ اﻟﺮﺟ ﻞَ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ِ‬
‫ﻦ ﻣ ﺎذا ﻋﻠﯿ ﮫ؟ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إﻧﻤ ﺎ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء«‬ ‫أرأﯾﺖ اﻟﺮﺟﻞ ُﯾﻌْﺠﻞ ﻋﻦ اﻣﺮأﺗﮫ وﻟ ﻢ ُﯾﻤْ ِ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻣﻌﻨﻰ »إﻧﻤﺎ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﺎء«‪ :‬إﻧﻤﺎ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫‪ -1‬إن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ »ﺛﻢ ﻣﺲﱠ اﻟﺨﺘﺎن اﻟﺨﺘﺎن ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ اﻟﻐ ﺴﻞ« ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﻹﻧ ﺰال‪ ،‬وأوﺟ ﺐ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎع ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛ ﺎن اﻹﻧ ﺰال واﺟﺒ ﺎً ﻟﺒﯿﱠﻨ ﮫ ‪ r‬ﻷﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﺗ ﺄﺧﯿﺮ اﻟﺒﯿ ﺎن ﻋ ﻦ وﻗ ﺖ‬
‫اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ .‬ورﺑﻤﺎ ﯾﻘﺎل إن ھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺮﯾﺢ وﻻ دﻻﻟﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻨﺄﺗﻲ ﻟﮭﻢ ﺑﺤﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة »إن ﻧﺒ ﻲ اﷲ‬
‫ﺟ َﮭ ﺪھﺎ ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻐ ﺴﻞ وإنْ ﻟ ﻢ ُﯾ ْﻨ ﺰل« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬ ‫‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬إذا ﺟﻠﺲ ﺑﯿﻦ ُ‬
‫ﺷﻌَﺒﮭﺎ اﻷرﺑﻊ ﺛﻢ َ‬
‫ﺺ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل‪.‬‬ ‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬وھﻮ ﻧ ﱞ‬

‫‪134‬‬
‫ﻼ ﺳﺄل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ‬ ‫‪ -2‬روى ﺟﺎﺑﺮ ﻋﻦ أم ﻛﻠﺜﻮم ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »إن رﺟ ً‬
‫ﻒ ﻋ ﻦ اﻹﻧ ﺰال ‪ -‬ھ ﻞ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ اﻟﻐ ﺴﻞ؟ وﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺟﺎﻟ ﺴﺔ‪،‬‬
‫اﻟﺮﺟﻞ ﯾﺠ ﺎﻣﻊ أھﻠ ﮫ ﺛ ﻢ ُﯾ ْﻜ ﺴﻞ ‪ -‬أي ﯾ ﻀ ُﻌ ُ‬
‫ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬إﻧﻲ ﻷﻓﻌﻞ ذﻟﻚ أﻧﺎ وھﺬه ﺛﻢ ﻧﻐﺘﺴﻞ« وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﺑﻤﺠﺮد اﻟﺠﻤﺎع دون إﻧﺰال‪.‬‬

‫ﻻ ﺑﮫ ﻓﺘﺮة ﺛﻢ ﻧُﺴﺦ ﻟﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -3‬إن ﺣﺪﯾﺚ »اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﺎء« ﻛﺎن ﻣﻌﻤﻮ ً‬

‫أ‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲﱢ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ ﻗ ﺎل »إن اﻟﻔُﺘﯿ ﺎ اﻟﺘ ﻲ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾُﻔﺘ ﻮن أن اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء ﻛﺎﻧ ﺖ رﺧ ﺼﺔ‬
‫رﺧﱠﺼﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑ ﺪء اﻹﺳ ﻼم ﺛ ﻢ أﻣ ﺮ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﺑﻌ ﺪ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﻲ ﻋﻨﮭ ﺎ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫» إﻧﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء رﺧ ﺼﺔ ﻓ ﻲ أول اﻹﺳ ﻼم ﺛ ﻢ ُﻧ ِﮭ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ(‪ .‬وﻗ ﺎل اﻹﺳ ﻤﺎﻋﯿﻠﻲ‪ :‬ھ ﻮ ﺻ ﺤﯿﺢ‬ ‫واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﺮط اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﺐ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﻟﻤﺎ روي ﻋﻦ اﻟﺰ‪‬ھﺮي ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋُﺮوة ﻋﻦ اﻟﺬي ﯾﺠ ﺎﻣﻊ وﻻ‬
‫ﺧ ﺮ ﻣ ﻦ أﻣ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺣ ﺪﺛﺘﻨﻲ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أن‬ ‫ﯾُﻨْﺰِل؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس أن ﯾﺄﺧ ﺬوا ﺑ ﺎﻵﺧِﺮ‪ ،‬واﻵ ِ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ وﻻ ﯾﻐﺘﺴﻞ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻗﺒ ﻞ ﻓ ﺘﺢ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻞ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وأﻣ ﺮ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ب‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ ﻗ ﺎل »اﺧﺘﻠ ﻒ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ رھ ﻂ ﻣ ﻦ اﻟﻤﮭ ﺎﺟﺮﯾﻦ واﻷﻧ ﺼﺎر‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫اﻷﻧﺼﺎرﯾﻮن‪ :‬ﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﻐﺴﻞ إﻻ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻖ أو ﻣﻦ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻤﮭﺎﺟﺮون‪ :‬ﺑﻞ إذا ﺧﺎﻟﻂ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻗﺎل‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ‪ :‬ﻓﺄﻧﺎ أﺷﻔﯿﻜﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﻤﺖ ﻓﺎﺳﺘﺄذﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﺄُذن ﻟ ﻲ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‬
‫ﻟﮭ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ أﻣ ﺎه‪ ،‬أو ﯾ ﺎ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‪ ،‬إﻧ ﻲ أرﯾ ﺪ أن أﺳ ﺄﻟﻚ ﻋ ﻦ ﺷ ﻲء وإﻧ ﻲ أَﺳ ﺘﺤﯿﯿﻚِ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻻ‬
‫ﻼ ﻋﻨ ﮫ أﻣ ﻚ اﻟﺘ ﻲ وﻟ ﺪﺗﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻤ ﺎ أﻧ ﺎ أﻣ ﻚ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻓﻤ ﺎ ﯾﻮﺟ ﺐ‬
‫ﺗ ﺴﺘﺤﯿﻲ أن ﺗ ﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻤ ﺎ ﻛﻨ ﺖ ﺳ ﺎﺋ ً‬
‫ﺷﻌَﺒﮭﺎ اﻷرﺑﻊ وﻣﺲﱠ اﻟﺨﺘﺎن‬ ‫اﻟﻐﺴﻞ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺒﯿﺮ ﺳﻘﻄﺖ‪ ،‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬إذا ﺟﻠﺲ ﺑﯿﻦ ُ‬
‫اﻟﺨﺘﺎن ﻓﻘﺪ وﺟﺐ اﻟﻐﺴﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭﺬان ﺣﺪﯾﺜﺎن ﺻﺤﯿﺤﺎن ﯾﻨﺴﺨﺎن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤ ﺄﺧﻮذ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫»إﻧﻤﺎ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﺎء« وﺣﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤﺎن ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ ﺑﻮﺿﻮح ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﯿﮫ أن ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺠﻤﺎع دون إﻧﺰال ﻻ ﯾﻮﺟ ﺐ اﻟﻐ ﺴﻞ ھ ﻮ ﺧﻄ ﺄ‬
‫ﺑﻌﺪ أن ﺛﺒﺖ ﻧﺴﺦُ دﻟﯿﻠﮭﻢ‪ .‬وﻗﺪ ذھﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻷرﺑﻌﺔ وﺟﻤﮭﻮر اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ وﻣ ﻦ‬
‫ﺑﻌﺪھﻢ‪.‬‬

‫ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ :‬إن ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻗ ﺎل اﻧﻌﻘ ﺪ إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ إﯾﺠ ﺎب اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻘ ﺎء‬
‫اﻟﺨﺘﺎﻧﯿﻦ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ‪ ،‬وﻟﻜﻨﺎ ﻧﻘﻮل إن اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ھﺬا ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬وإن اﻟﺠﻤﮭ ﻮر اﻟ ﺬﯾﻦ‬
‫ھ ﻢ اﻟﺤﺠ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻠﻒ واﻟﺨﻠ ﻒ اﻧﻌﻘ ﺪ إﺟﻤ ﺎﻋﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ إﯾﺠ ﺎبِ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻘ ﺎء‬
‫اﻟﺨﺘﺎﻧﯿﻦ‪ ،‬أو ﻣﺠﺎوزة اﻟﺨﺘﺎن اﻟﺨﺘﺎن‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﺄن اﻹﻧﺰال ﻓﻘﻂ ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻮﺟﻮب اﻟﻐﺴﻞ ﻓﮭ ﻢ‬
‫أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري وزﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺧﺎﻟ ﺪ وﺳ ﻌﺪ وﻣﻌ ﺎذ وراﻓ ﻊ اﺑ ﻦ ﺧ ﺪﯾﺞ وﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ وداود‬
‫اﻟﻈﺎھﺮي‪ ،‬وﻻ ﯾﺒﻌﺪ أن ﯾﻜﻮن ھﺆﻻء اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﻮن ﻟﻢ ﯾﺼﻠﮭﻢ ﺧﺒﺮ اﻟﻨﺴﺦ‪ .‬اﻧﺘﮭﻰ ﻗﻮﻟﮫ‪.‬‬

‫أﺣﻜﺎ ُم اﻟﺠُﻨُﺐ‬
‫ﺠﻨُﺐ أﺣﻜﺎم ﻧﻔﺼﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫ﻟﻠ ُ‬

‫‪135‬‬
‫ﺠﻨُﺐ أن ﯾﻤﻜﺚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﯾُﺮﺧﱠﺺ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﺟﺘﯿ ﺎزه واﻟﻤ ﺮور ﻣﻨ ﮫ ﻓﻘ ﻂ أﺧ ﺬًا‬ ‫‪ -1‬ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﺳﻜَﺎرى ﺣﺘﻰ َﺗ ْﻌﻠَﻤﻮا ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟ ﻮن وﻻ‬ ‫ﻣﻦ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ]ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ َﺗ ْﻘﺮَﺑﻮا اﻟﺼﻼةَ وأﻧﺘﻢ ُ‬
‫ﺳ َﻔ ٍﺮ أو ﺟ ﺎء أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ ِﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎ ِﺋﻂِ‬
‫ن ﻛُﻨﺘﻢ ﻣَﺮﺿﻰ أو ﻋﻠﻰ َ‬ ‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ إﻻ ﻋﺎ ِﺑﺮِي ﺳﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا وإ ْ‬
‫ُ‬
‫ﷲ ﻛ ﺎن‬ ‫نا َ‬‫ﺻ ﻌﯿﺪًا ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ ﻓﺎﻣ ﺴﺤﻮا ﺑﻮﺟ ﻮھِﻜﻢ وأﯾ ﺪﯾﻜُﻢ إ ﱠ‬
‫أو ﻻﻣﺴﺘﻢ اﻟﻨﺴﺎ َء ﻓﻠﻢ ﺗﺠﺪوا ﻣ ﺎ ًء ﻓﺘﯿ ﱠﻤ ُﻤ ﻮا َ‬
‫ﺟﻨُﺒ ﺎً إﻻ ﻋ ﺎﺑﺮي ﺳ ﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﻋ ُﻔﻮﱠاً ﻏﻔﻮراً [ اﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬ﻓﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﺗﻘ ﻮل ]وﻻ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒﺎً ﻓﺎﻋﺒﺮوا اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻋﺒﻮرًا ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا‪ ،‬وآﻧﺬاك ﯾﻤﻜ ﻨﻜﻢ اﻟﻤُﻜ ﺚ ﻓﯿﮭ ﺎ‬ ‫ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا[ أي إذا ﻛﻨﺘﻢ ُ‬
‫واﻟﺼﻼة‪ ،‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺮاﺟﺢ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ھﻮ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻋﺎﺑﺮي ﺳﺒﯿﻞ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮﯾﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ أﻋﺠﺒﻨﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ﻟﮭﺬه اﻵﯾﺔ أﻧﻘﻠ ﮫ ﻟﻜ ﻢ ﻣ ﻦ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ]ﺟ ﺎﻣﻊ اﻟﺒﯿ ﺎن[ )وأَوﻟ ﻰ‬
‫ﻖ ﻓﯿ ﮫ وذﻟ ﻚ أﻧ ﮫ‬ ‫ﺟُﻨَﺒًﺎ إﻻ ﻋﺎﺑﺮي ﺳﺒﯿﻞ إﻻ ﻣﺠﺘﺎزي ﻃﺮﯾ ٍ‬ ‫اﻟﻘﻮﻟﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﺄوﯾﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺄوﯾﻞ ﻣﻦ ﺗﺄوﱠﻟﮫ وﻻ ُ‬
‫ﺟﻨُﺐ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ وإن ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺮﺿﻰ أو ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺮ‪ ،‬أو ﺟﺎء أﺣﺪ‬ ‫ﻗﺪ ﺑﯿﱠﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إذا ﻋﺪم اﻟﻤﺎء وھﻮ ُ‬
‫ن ﻗﻮﻟ ﮫ‬‫ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺋﻂ‪ ،‬أو ﻻﻣﺴﺘﻢ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻠﻢ ﺗﺠﺪوا ﻣﺎء ﻓﺘﯿﻤﻤﻮا ﺻﻌﯿﺪاً ﻃﯿﺒﺎً‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن ﻣﻌﻠ ﻮم ﺑ ﺬﻟﻚ أ ﱠ‬
‫وﻻ ﺟﻨﺒﺎً إﻻ ﻋﺎﺑﺮي ﺳﺒﯿﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻌﻨﱠﯿًﺎ ﺑﮫ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻹﻋ ﺎدة ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ وإن‬
‫ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺮﺿ ﻰ أو ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﻔﺮ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻣﻔﮭ ﻮم‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﻀﻰ ِذ ْﻛ ُﺮ ﺣﻜﻤ ﮫ ﻗﺒ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫ﻓﺘﺄوﯾﻞ اﻵﯾﺔ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ ﺗﻘﺮﺑﻮا اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﻠﺼﻼة ُﻣ ﺼﻠﱢﯿﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ وأﻧ ﺘﻢ ﺳ ﻜﺎرى ﺣﺘ ﻰ ﺗﻌﻠﻤ ﻮا‬
‫ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮن‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﺮﺑﻮھﺎ أﯾ ﻀﺎً ﺟُﻨُﺒ ًﺎ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﺘ ﺴﻠﻮا إﻻ ﻋ ﺎﺑﺮي ﺳ ﺒﯿﻞ‪ ،‬واﻟﻌ ﺎﺑﺮ اﻟ ﺴﺒﯿﻞ اﻟﻤﺠﺘ ﺎز َﻣ ﺮﱠًا‬
‫وﻗﻄﻌﺎً( ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ أﺧ ﺮج اﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ ﻋ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﺒﯿ ﺐ »أن رﺟ ﺎ ًﻻ ﻣ ﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر ﻛﺎﻧ ﺖ أﺑ ﻮاﺑﮭﻢ ﻓ ﻲ‬

‫اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺼﯿﺒﮭﻢ ﺟﻨﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﺎء ﻋﻨﺪھﻢ‪ ،‬ﻓﯿﺮﯾﺪون اﻟﻤﺎء وﻻ ﯾﺠ ﺪون ﻣﻤ ﺮًا إﻻ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺟﻨُﺒﺎً إﻻ ﻋﺎ ِﺑﺮِي ﺳﺒﯿﻞٍ [«‪ .‬وھﺬا ﯾﻮﺿﺢ وﯾﻘﻮي رأﯾﻨﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬‫ﻓﺄﻧﺰال اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻻ ُ‬

‫ﺠﺘَﺎزًا« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﯾﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ُﻣ ْ‬
‫وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﯾﻀ ًﺎ ﻣﺎ رواه ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟ ُ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر وﻟﻔﻈﮫ »ﻛ ﺎن أﺣ ﺪﻧﺎ ﯾﻤ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وھ ﻮ ﺟُﻨُ ﺐ«‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺟﺎء رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ووﺟﻮه ﺑﯿﻮت أﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﺷ ﺎرﻋ ٌﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬وﺟﱢﮭﻮا ھﺬه اﻟﺒﯿﻮت ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻨﻊ اﻟﻘ ﻮم ﺷ ﯿﺌﺎً رﺟ ﺎء أن ﺗﻨ ﺰل‬
‫ﻓ ﯿﮭﻢ رﺧ ﺼﺔ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج إﻟ ﯿﮭﻢ ﺑﻌ ﺪُ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬وﺟﱢﮭ ﻮا ھ ﺬه اﻟﺒﯿ ﻮت ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈﻧﻲ ﻻ أُﺣ ﱡﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬ ‫ﻟﺤﺎﺋﺾ وﻻ ﺟُﻨُﺐ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬
‫ن اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻻ ﯾﺤ ﱡﻞ ﻟﺠُﻨُ ﺐ وﻻ‬ ‫ﺻ ﺮْﺣﺔَ ھ ﺬا اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻨ ﺎدى ﺑ ﺄﻋﻠﻰ ﺻ ﻮﺗﮫ‪ :‬إ ﱠ‬‫»دﺧ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪َ r‬‬
‫ﻟﺤ ﺎﺋﺾ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬ﻓ ﺄﻗﻮل‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ھ ﺬا ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺰواﺋ ﺪ‬
‫ﻄ ﺎب ﻣﺠﮭ ﻮل( ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬ﻓﯿﺒﻘ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫)إﺳﻨﺎده ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻣﺤﺪوج ﻟ ﻢ ﯾﻮﱠﺛ ﻖ‪ ،‬وأﺑ ﻮ اﻟﺨ ﱠ‬
‫اﻷول اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ داود‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﺠ ﺐ ﺣﻤﻠ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤُﻜ ﺚ دون اﻟﻤ ﺮور‪ ،‬ﻷن ھ ﺬا ﻋ ﺎم‬
‫وأﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺮور ﻣﺨﺼﱢﺼﺔ‪ ،‬واﻟﺨﺎص ﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮫ‪ .‬وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ ﺟﻮاز ﻣﺮور اﻟﺠﻨ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد واﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﻄﺒﺮي‪.‬‬

‫ن‬
‫أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ذھ ـﺐ إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟﺠ ﻮاز ﻓﻤﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﺎﻟﺠﻮاز ﻟﻠﺠُﻨ ﺐ إ ْ‬
‫ﺗﻮﺿﺄ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻻ ﺑﺤﺪﯾﺚ رواه ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﯾﺴﺎر »رأﯾﺖ رﺟﺎ ًﻻ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ‪ r‬ﯾﺠﻠ ﺴﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﺠﻨِﺒ ﻮن إذا ﺗﻮﺿ ﺄوا وﺿ ﻮ َء اﻟ ﺼﻼة« ﻋ ﺰاه اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻟ ﺴﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر‪ .‬ﻓﻨ ﺮد‬ ‫اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وھ ﻢ ُﻣ ْ‬
‫ﺞ ﺑ ﮫ‪ ،‬وﺿ ﻌﱠﻔﮫ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣُﻌ ﯿﻦ‬‫ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﺄن ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل ﻋﻨﮫ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ إﻧ ﮫ ﻻ ﯾُﺤ ﺘ ﱡ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﯾﺠﻮز ﻟ ﮫ أن ﯾﺠﺘ ﺎز‬‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬وھﻜﺬا ﯾﺜﺒﺖ أن اﻟ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ وﯾﻤﺮ ﻣﻨﮫ ﻣﺮورًا دون ﻣُﻜْﺚ‪ .‬وھﻜﺬا أﯾﻀﺎً ﯾﻈﮭﺮ ﺧﻄﺄ اﻟﺮأﯾﯿﻦ اﻵﺧﺮﯾﻦ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ﺠﻨُﺐ اﻻﺧﺘﻼط ﺑﺎﻟﻨﺎس وﻣﺼﺎﻓﺤﺘﮭﻢ وﻣﺤﺎدﺛﺘﮭﻢ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬ ‫‪ -2‬ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﻞ ﻓ ﺬھﺐ ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ‪،‬‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﻟﻘﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﻦ ﻃﺮق اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ وھ ﻮ ُ‬
‫ﺟُﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻧ ﺴ ﱠ‬
‫ﺖ‬
‫ﺟُﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﻜﺮھ ُ‬ ‫ﻓﺘﻔﻘﺪه اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﻗﺎل‪ :‬أﯾﻦ ﻛﻨﺖ ﯾﺎ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻟﻘﯿﺘَﻨﻲ وأﻧﺎ ُ‬
‫أن أُﺟﺎﻟ ﺴﻚ ﺣﺘ ﻰ أﻏﺘ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ إنﱠ اﻟﻤ ﺆﻣﻦ ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺟ ُﻨ ﺐ‪،‬‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻧﻜﺮ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة اﻧﺴﻼﻟﮫ ﻣِﻦ أﻣﺎ ِﻣ ِﮫ ﻛﺮاھ َﺔ ﻣﺠﺎﻟﺴﺘﮫ ﻷﻧ ﮫ ُ‬
‫ﺠﻨُﺐ وﻣﺠﺎﻟﺴﺘﮫ وﻣﺤﺎدﺛﺘﮫ‪.‬‬
‫وھﺬا اﻹﻧﻜﺎر ﻣﻨﮫ ﯾﻔﯿﺪ ﺟﻮاز ﻣﺼﺎﻓﺤﺔ اﻟ ُ‬

‫ﺠﻨُﺐ أن ﯾﺠﺎھ ﺪ ‪ ،‬وﻗ ﺼﺔ ﻏ ﺴﯿﻞ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻣ ﺸﮭﻮرة‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ﺳ ﯿﺮة اﺑ ﻦ ھ ﺸﺎم »ﻓﻘ ﺎل‬ ‫‪ -3‬ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﺴﻠُﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺴﺄﻟﻮا أھﻠ ﮫ ﻣ ﺎ ﺷ ﺄﻧﮫ‪ ،‬ﻓ ﺴُﺌﻠﺖ‬
‫ن ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﺣﻨﻈﻠ ﺔ‪ ،‬ﻟ ُﺘ َﻐ ﱢ‬‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬إ ﱠ‬
‫ﺻ ﺎﺣﺒﺘﮫ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﺧ ﺮج وھ ﻮ ﺟُ ُﻨ ﺐ ﺣ ﯿﻦ ﺳ ﻤﻊ اﻟﮭﺎﺗﻔ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻟ ﺬﻟﻚ ﻏ ﺴﻠﺘﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﮭﺎﺗﻔ ﺔ ‪ :‬أي‬ ‫اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ«‪ .‬ورواه أﯾﻀﺎً اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺼﻮت اﻟﺸﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫ﺟﻨُﺒﺎً أن ُﯾ ِﺘ ﱠﻢ ﺻﻮﻣــﮫ‪ ،‬ﻟﻤــﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ وأم ﺳ ﻠﻤﺔ زوﺟ ﻲ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫‪ -4‬ﯾﺠﻮز ﻟﻤﻦ أﺻﺒﺢ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ ﻣﻦ ﺟِﻤﺎعٍ ﻏﯿﺮ اﺣﺘﻼم ﻓﻲ رﻣﻀﺎن ﺛﻢ ﯾﺼﻮم« رواه‬ ‫ن ﻛﺎن رﺳﻮ ُل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﺼﺒﺢ ُ‬ ‫أﻧﮭﻤﺎ ﻗﺎﻟﺘﺎ »إ ْ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وھﻮ رأي اﻟﺠﻤﮭﻮر‪ ،‬وﯾﻜﺎد ﯾﺒﻠﻎ ﺣﺪ اﻹﺟﻤﺎع ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﺑﺄن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﻛﺎن ﯾﻔﺘﻲ ﺑ ﺄن ﻣ ﻦ أدرك اﻟﻔﺠ ﺮ ﺟُﻨُﺒ ﺎً ﻓ ﻼ ﺻ ﻮم ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻗ ﺪ رﺟ ﻊ‬
‫ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻔﺘﻮى وھﺬا اﻟﺮﺟﻮع ذﻛﺮھﻤﺎ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ رواه ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ روى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ أن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﻗﺪ رﺟ ﻊ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ اﺣ ﺘﻼم‬
‫ﺠﻨُﺐ ﻣﻦ ﺟﻤﺎع‪ .‬أﻣﺎ ﺟﻮاز اﻟ ﺼﻮم ﻟﻤ ﻦ أﺻ ﺒﺢ ُ‬ ‫ﻋﻨﮫ ‪ ،‬ﻓﯿُﺘﺮك اﻟﻌﻤﻞ ﺑﮫ‪ ،‬وھﺬا ﻓﻲ اﻟ ُ‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﯿﮫ اﺛﻨﺎن ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء‪ ،‬وﻟ ﺴﺖ أُﻃﯿ ﻞ أﻛﺜ ﺮ‪ ،‬ﻷن ھ ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ ﺑ ﺎب اﻟ ﺼﻮم وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺑﺎب اﻟﻄﮭﺎرة‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ أن ﯾﺄﻛ ﻞ وﯾ ﺸﺮب دون أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »ﻛ ﺎن‬ ‫‪ -5‬ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا أراد أن ﯾﻨ ﺎم وھ ﻮ ُ‬
‫ﺟ ُﻨ ﺐ ﺗﻮﺿ ﺄ وﺿ ﻮءَه ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈذا أراد أن ﯾﺄﻛ ﻞ أو ﯾ ﺸﺮب‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ‬‫ﻏﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﺛﻢ ﯾﺄﻛﻞ أو ﯾﺸﺮب إن ﺷﺎء« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى اﺑﻦ ُ‬
‫ﺟﻨُﺐ ﻏﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﺛﻢ ﻃﻌِﻢ«‪ .‬ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﻋﺎﺋﺸﺔ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا أراد أن ﯾﻄﻌﻢ وھﻮ ُ‬
‫ﺟﻨُﺐ ﺛﻢ ﯾﺄﻛﻞ‪.‬‬
‫واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ وھﻮ ُ‬

‫ﺠﻨُﺐ أن ﯾﺠﺎﻣﻊ أھﻠ ﮫ وﯾﻨ ﺎم دون أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﯿﺐ ﻣ ﻦ أھﻠ ﮫ ﻣ ﻦ أول اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻢ ﯾﻨ ﺎم وﻻ ﯾﻤ ﺲ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺎد إﻟ ﻰ أھﻠ ﮫ واﻏﺘ ﺴﻞ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺴﱡﻨﻦ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫ﺲ ﻣ ﺎء« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﺻ ﺤﺤﮫ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ھ ﺬا ﺿ ﻌﱠﻔﮫ‬ ‫»أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻨ ﺎم وھ ﻮ ُ‬
‫ﺟ ُﻨ ﺐ وﻻ ﯾﻤ ﱡ‬
‫ﻋﺪد ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻘ ﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ رواﯾ ﺔ أﺑ ﻲ إﺳ ﺤﻖ ﻋ ﻦ اﻷﺳ ﻮد ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ ،‬وإن أﺑ ﺎ‬
‫إﺳﺤﻖ ﻟﻢ ﯾﺴﻤﻌﮫ ﻣﻦ اﻷﺳﻮد‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻗ ﺎل )إن أﺑ ﺎ إﺳ ﺤﻖ ﺑ ﯿﱠﻦ ﺳ ﻤﺎﻋﮫ ﻣ ﻦ اﻷﺳ ﻮد( وأﺿ ﺎف‬
‫)ﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺜﻮري ﻋﻦ أﺑﻲ إﺳﺤﻖ ﻋﻦ اﻷﺳﻮد( ﻓﯿُﻌﻤَﻞ ﺑﮫ إذن‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟ ﻢ ﺗ ﺬﻛﺮ‬
‫ﻼ ﻟﻤﻌﺎدوة اﻟﺠﻤﺎع أو ﻟﻠﻨ ﻮم أو ﻟﻸﻛ ﻞ أو ﻟﻠ ﺸﺮب‪ ،‬إﻻ أن اﻷﻓ ﻀﻞ ﻟﮭ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل أن‬ ‫وﺿﻮءًا وﻻ ﻏُﺴ ً‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻛﺎن ُ‬
‫ﺟﻨُﺒﺎً ﻓ ﺄراد أن‬
‫ﯾﺄﻛﻞ أو ﯾﻨﺎم ﺗﻮﺿﺄ وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗ ﯿﺲ‬
‫أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻦ ِوﺗْﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻛﯿﻒ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻨﻊ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ؟‬
‫أﻛﺎن ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺎم أم ﯾﻨﺎم ﻗﺒﻞ أن ﯾﻐﺘﺴﻞ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻗ ﺪ ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌ ﻞ‪ ،‬رﺑﻤ ﺎ اﻏﺘ ﺴﻞ ﻓﻨ ﺎم‪،‬‬

‫‪137‬‬
‫ورﺑﻤﺎ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﻨﺎم‪ .‬ﻗﻠﺖ اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﺳﻌﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ‬
‫اﻟﺨﺪري أﻧﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﺗ ﻰ أﺣ ﺪُﻛﻢ أھ َﻠ ﮫ ﺛ ﻢ أراد أن ﯾﻌ ﻮد ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺻﺤﺎب اﻟﺴﻨﻦ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل »اﺳ ﺘﻔﺘﻰ ﻋﻤ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺟﻨُﺐ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ إذا ﺗﻮﺿﺄ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺴﻨﻦ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ‬ ‫أﯾﻨﺎم أﺣﺪُﻧﺎ وھﻮ ُ‬
‫روى اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ ﺳ ﺄل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﯾﻨ ﺎم أﺣ ﺪُﻧﺎ وھ ﻮ ﺟُﻨُ ﺐ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬‫ﯾﻨﺎم وﯾﺘﻮﺿﺄ إن ﺷﺎء« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫ﺟﻨُﺐ وﻻ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠ ﻰ ﻏ ﺴﻞ‬ ‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺬﻛﺮ ﺗﺎرة أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﺄﻛﻞ وھﻮ ُ‬
‫ﺟﻨُﺐ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺘﻮﺿﺄ وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن‬ ‫ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وﺗﺬﻛﺮ ﺗﺎرة أﺧﺮى أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺄﻛﻞ وھﻮ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﯿﻦ اﻟﻮﺿﻮء وﺗﺮﻛﮫ‪ ،‬ﯾﺆﻛﺪ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﻤ ﺎر وﻓﯿ ﮫ »وﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﺠُﻨ ﺐ إذا أراد اﻟﻤﻌ ﺎودة ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻛ ﺎن ھ ﻮ‬
‫إن ﺷﺎء« وﻛ ﺬﻟﻚ ﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾ ﺄﻣﺮ اﻟ ُ‬
‫ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ أﺣﯿﺎﻧﺎً‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﻛﺎن أﺣﯿﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﯾﻌﺎود دون وﺿﻮء »ﯾ ﺼﯿﺐ ﻣ ﻦ أھﻠ ﮫ ﻣ ﻦ أول اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻨﺎم وﻻ ﯾﻤﺲ ﻣﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻋﺎد إﻟﻰ أھﻠﮫ«‪.‬‬

‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬ﻷن اﻟﻮﺿﻮء ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻨﺪوب ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎل‪ ،‬وﻣﺎ دام ﻣﻨﺪوﺑ ًﺎ ﻓﮭ ﻮ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻣﻨ ﺪوب‪ ،‬وھ ﺬا ﻃﺒﻌ ًﺎ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠُ ُﻨ ﺐ ﯾﺒ ﺎح ﻟ ﮫ اﻷﻛ ﻞ واﻟ ﺸﺮب وﻣﻌ ﺎودة‬
‫اﻟﺠﻤﺎع واﻟﻨﻮم دون وﺿﻮء ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إن ﺗﻮﺿﺄ ﻛﺎن أﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫ﺠﻨُﺐ أن ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺸﻜﺮ وﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺘﻼوة‪ ،‬واﻟﻄ ﻮاف ﺣ ﻮل‬ ‫‪ -6‬ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒ ﺎً إﻻ ﻋ ﺎﺑﺮي ﺳ ﺒﯿﻞ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﺘ ﺴﻠﻮا[‪ .‬ھ ﺬا ﻋ ﺪا‬
‫ﻞ وﻋ ﱠﺰ ]وﻻ ُ‬
‫اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺼﻼة ﻋﻤﻮﻣًﺎ ﻓﻠﻘﻮﻟﮫ ﺟ ﱠ‬
‫ﻋﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻜﺜﯿﺮة‪ ،‬وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻄ ﻮاف ﺣ ﻮل اﻟﻜﻌﺒ ﺔ ﺧﺎﺻ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻸﻧﮫ ﺻﻼة ﻓﯿﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮭﺎ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ روى ﻃ ﺎووس ﻋ ﻦ رﺟ ﻞ ﻗ ﺪ أدرك اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫»إﻧﻤﺎ اﻟﻄﻮاف ﺻﻼة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻃُﻔﺘﻢ ﻓﺄ ِﻗﻠﱡﻮا اﻟﻜﻼم« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﻤﺎ روى ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﻓﻌﮫ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إن اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة إﻻ أﻧﻜﻢ ﺗﺘﻜﻠﻤﻮن‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺗﻜﻠ ﻢ ﻓ ﻼ ﯾ ﺘﻜﻠﻢ إﻻ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺪارﻣﻲ‪ ،‬ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﱠﺤﮫ‪.‬‬ ‫ﺑﺨﯿﺮ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫ﺠﻨُﺐ ﻣﺲﱡ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪ ،‬وﻗﺪ ورد ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜ ﺮ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ اﺑ ﻦ‬ ‫‪ -7‬ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺣ ﺰم ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أﻧ ﮫ ﻛﺘ ﺐ إﻟ ﻰ أھ ﻞ اﻟ ﯿﻤﻦ ﺑﻜﺘ ﺎ ٍ‬
‫ب ﻓﯿ ﮫ اﻟﻔ ﺮاﺋﺾُ‬
‫ن إﻻ‬
‫ﻦ واﻟ ﺪﯾﺎتُ‪ ،‬وﺑﻌ ﺚ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻊ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺣ ﺰم‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ‪ :‬وﻻ ﯾﻤ ﺲ اﻟﻘ ﺮآ َ‬ ‫واﻟ ﺴﻨ ُ‬
‫ﻃﺎھﺮاً« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ ،‬وﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﺤﺎزﻣﻲ‪.‬‬

‫ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻃﻌ ﻦ ﻓﯿ ﮫ ﻛﺜﯿ ﺮون وﺿ ﻌﱠﻔﻮه‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑ ﻞ ﺻ ﺤﺤﮫ ﻛﺜﯿ ﺮون وﻗﺒﻠ ﻮه‪ ،‬ﻓ ﺎﺑﻦ‬
‫ﺣﺠﺮ ﻗﺎل ﻓﯿﮫ )ﻛﺘﺎب ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺣﺰم ﺗﻠﻘ ﺎه اﻟﻨ ﺎس ﺑ ﺎﻟﻘﺒﻮل( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ :‬إﻧﱠ ﮫ أﺷ ﺒﮫ اﻟﻤﺘ ﻮاﺗﺮ‬
‫ﺢ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻜﺘ ﺎب ﻓ ﺈن أﺻ ﺤﺎب‬ ‫ﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﻨﺎس ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل‪ .‬وﻗﺎل ﯾﻌﻘﻮب ﺑﻦ ﺳﻔﯿﺎن‪ :‬ﻻ أﻋﻠ ﻢ ﻛﺘﺎﺑ ًﺎ أﺻ ﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﯾﺮﺟﻌﻮن إﻟﯿﮫ وﯾَﺪَﻋُﻮن رأﯾﮭﻢ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺤﺎﻛﻢ )ﻗﺪ ﺷ ﮭﺪ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ‬
‫واﻟﺰھﺮي ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟ ﺼﺤﺔ( ﻓﻜﻔ ﻰ ﺑﻌﻤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ واﻟﺰھ ﺮي ﺷ ﺎھﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ وﺟﮫ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﯿﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻣُﻌﻘﱢﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﺎھﺮ )إن اﻟﺮاﺟﺢ ﻛﻮن اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻣُﺠ َﻤﻼً‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﯿﮫ ﻓﻼ ﯾﻌﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﯿﻦ‪ ،‬وﻗﺪ دلﱠ اﻟﺪﻟﯿﻞ ھﮭﻨﺎ أن اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ ﻏﯿﺮه ﻟﺤﺪﯾﺚ »اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﯾﻨﺠﺲ«‬
‫ﺳﻠﱢﻢ ﻋﺪم وﺟﻮد دﻟﯿﻞ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ إرادﺗﮫ‪ ،‬ﻟﻜﺎن ﺗﻌﯿﯿﻨ ﮫ ﻟﻤﺤ ﱢﻞ اﻟﻨ ﺰاع ﺗﺮﺟﯿﺤ ًﺎ ﺑ ﻼ ﻣ ﺮﺟﺢ‪ ،‬وﺗﻌﯿﯿﻨ ﮫ‬
‫وﻟﻮ ُ‬

‫‪138‬‬
‫ﻻ ﻟﻠﻤ ﺸﺘﺮك ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ ﻣﻌﺎﻧﯿ ﮫ وﻓﯿ ﮫ اﻟﺨ ﻼف‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺳُ ﻠﱢﻢ رﺟﺤ ﺎن اﻟﻘ ﻮل ﺑﺠ ﻮاز‬
‫ﻟﺠﻤﯿﻌﮭ ﺎ اﺳ ﺘﻌﻤﺎ ً‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻟﻠﻤﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻌﺎﻧﯿﮫ ﻟﻤﺎ ﺻﺢ ﻟﻮﺟﻮد اﻟﻤﺎﻧﻊ وھﻮ ﺣﺪﯾﺚ »اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﯾﻨﺠﺲ«(‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﺎھﺮ ﻟﻔﻈ ًﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔً‪ ،‬وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ وﺟ ﻮد دﻟﯿ ﻞ ﯾﻌ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺮاد ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻤﺆﻣﻦ‪ ،‬وﺗﺸﻤﻞ ﻣَﻦ ﺗﻄﮭﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬وﺗﺸﻤﻞ َﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﺗ ﺸﻤﻞ َﻣ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﺑﺪﻧﮫ‪ ،‬وﻛﻞ ھﺬه اﻟﻤﻌ ﺎﻧﻲ ﯾﻔﯿ ﺪھﺎ ﻟﻔ ﻆ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻣﻌﺮﻓ ﺔ أي ھ ﺬه اﻟﻤﻌ ﺎﻧﻲ ھ ﻮ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬ھﺬا ﻣﺠﻤﻞ رأي اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ رد اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ وھﻮ ﻣﺜ ﺎل ﻋﻠ ﻰ‬
‫رأي اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ .‬وﻧﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺻ ﺤﯿﺢ أن ﻛﻠﻤ ﺔ ﻃ ﺎھﺮ ﺗ ﺸﻤﻞ اﻟﻤﻌ ﺎﻧﻲ اﻟﻤ ﺬﻛﻮرة ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ وﺟ ﻮد ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗُﻌ ﯿﱢﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻤ ﺮاد‪ ،‬أو ﺗ ﺼﺮف اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﻋ ﻦ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻣﻌ ﯿﻦ أو ﻣﻌ ﺎن ﻣﻌﯿﻨ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮر أن ﯾﻜ ﻮن ھ ﺬا‬
‫ن ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﯾﻜﺎد ﯾﺒﻠﻎ اﻟﺘﻮاﺗﺮ ﻟﺸُﮭﺮﺗﮫ وﺗﻠﻘﱢﻲ‬‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺧﺎﻟﯿﺎً ﻣﻦ ﻗﺮﯾﻨ ٍﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬أو ﻓﻲ ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﻨ ﺎسِ ﺻ ﺤﺎﺑﺔً وﻏﯿ ﺮَ ﺻ ﺤﺎﺑﺔٍ ﻟ ﮫ ﺑ ﺎﻟﻘﺒﻮل ﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮر أن ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﻓﯿ ﮫ وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗﻌ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻘﺼﻮد‪ ،‬ﻷن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻨﺎس ﻟﮫ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻢ أﺧﺬوه وﻋﻤﻠ ﻮا ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﻢ‬
‫ﺳﻤﻌﻮه ﻓﻘﻂ واﺣﺘﺎروا ﻓﻲ ﻓﮭﻤﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﻛ ﺎن ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﺸﮭﻮراً وﯾُﺘﻠ ﱠﻘ ﻰ ﺑ ﺎﻟﻘﺒﻮل ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫ﻣﻌﻨﺎه ﻣﺤﺘ َﻤﻼً ودﻻﻟﺘﮫ ﻣﺠ َﻤﻠَﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻓﺘﺮاض ﻣﺮﻓﻮض‪ .‬وﻗﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن أو ﻛ ﺎدوا ﻋﻠ ﻰ‬
‫أن ﻣﻌﻨﺎه ﻻ ﯾﻤﺲ اﻟﻘﺮآن إﻻ ﻣﻦ رﻓﻊ اﻟﺤﺪﺛﯿﻦ اﻷﻛﺒﺮ واﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬وﺣﺘﻰ اﻷﺋﻤ ﺔ اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾُﺠﯿ ﺰون ﻟﻔﺎﻗ ﺪ‬
‫ﺲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﻟ ﻢ ﯾﻨﻜ ﺮوا ھ ﺬا اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ردوا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ووﺻ ﻔﻮه ﺑﺎﻟ ﻀﻌﻒ‪ ،‬وﻟ ﻢ‬ ‫اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﱠ‬
‫ﯾﺤﺘﺠﻮا ﺑﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أن ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎﻧﻲ ﻟﻔ ﻆ ] اﻟﻄ ﺎھﺮ [ اﻟﻤ ﺆﻣﻦ ‪ ،‬أﺧ ﺬًا ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ »اﻟﻤ ﺆﻣﻦ ﻻ ﯾ ﻨﺠﺲ« ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل‬
‫اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﮭﻮ ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ﺗﺼﺮﻓﮫ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗ ﻮلٌ أرﺳ ﻠﮫ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻠ ﯿﻤﻦ وأھﻠ ﮫ ﻣ ﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬أي وأھﻠ ﮫ ﻃ ﺎھﺮون‪ ،‬وھ ﻮ ﺧﻄ ﺎب ﻟﮭ ﻢ‪ ،‬ﻓﻌﻠ ﻰ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ ﻟﻔ ﻆ‬
‫اﻟﻄﺎھﺮ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﻜﻮن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻛ ﺎﻵﺗﻲ‪ :‬أﯾﮭ ﺎ اﻟﻄ ﺎھﺮون ﻻ ﯾﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ إﻻ إذا ﻛ ﺎن‬
‫ﻃ ﺎھﺮاً‪ .‬وﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﻔ ﺮد‪ :‬ﻻ ﺗﻤ ﺲ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻄ ﺎھﺮ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ إﻻ إذا ﻛﻨ ﺖ ﻃ ﺎھﺮًا‪ .‬وھ ﺬا ﻣ ﻦ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ‬
‫اﻟﻔﺎﺳﺪ وھﻮ ﻣﺮدود ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أراد ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‪ ،‬أي ﻟ ﻮ أراد أن ﻻ‬
‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ﻛ ﺎﻓ ٌﺮ ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻋ ﺪل ﻋ ﻦ ھ ﺬا‬ ‫ن ﻣﺸﺮكٌ‪ ،‬أو ﻻ ﯾﻤ ّ‬
‫ﺲ اﻟﻘﺮآ َ‬
‫ﯾﻤﺴﱠﮫ إﻻ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﻟﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﯾﻤ ّ‬
‫اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ دل ﻋﻠﻰ أن ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﻨﻰ آﺧﺮ‪.‬‬

‫وأﻣ ﺎ أن ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎﻧﻲ ﻟﻔ ﻆ ) اﻟﻄ ﺎھﺮ( ﻣَ ﻦ ﺗﻄﮭﱠ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﮭ ﻮ أﯾ ﻀًﺎ‬

‫ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻄﮭﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﺛﻨ ﺎن وﻟ ﯿﺲ واﺣ ﺪاً‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺬي أزال اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻋ ﻦ ﺑﺪﻧ ﮫ ﻣﺘﻄﮭﱢ ﺮ‬
‫وﻃﺎھﺮ‪ ،‬واﻟﺬي أزاﻟﮭﺎ ﻋﻦ ﺛﻮﺑﮫ ﻃﺎھﺮ أﯾﻀًﺎ وﻣﺘﻄﮭﱢﺮ‪ ،‬ﻓﮭﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ أراد ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﮭﱢﺮ ِﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫اﻷول أم اﻟﺜﺎﻧﻲ؟ إﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﻲ وﻻ ﺗﺎﺑﻌﻲ ﻗﺎل إن ﻣﺲﱠ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة اﻟﺒ ﺪن‬
‫ﻻ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺗﻔﻘﺖ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺳﻠﻔﺎً وﺧﻠﻔ ﺎً ﻋﻠ ﻰ اﻃﱢ ﺮاح‬‫واﻟﺜﻮب أو ﻃﮭﺎرة أﺣﺪھﻤﺎ ﻣﺴﺘﺪ ً‬
‫ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺈﯾﺮاد اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻟﮭﺬا اﻻﺣﺘﻤﺎل إﯾﺮاد ﻧﻈﺮي‪.‬‬

‫وأﯾﻀًﺎ ﻓﺈن ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﺐ ﻃﮭﺎرة اﻟﺒﺪن وﻃﮭﺎرة اﻟﺜﻮب ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪،‬‬
‫وﺗُﺒﺮز ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺤﺎﻟﺔَ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺎﻟﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﺗﻘ ﻮل ]وﺛِﯿﺎ َﺑ َ‬
‫ﻚ‬
‫ﻄﮭﱢ ْﺮ[ ﻓﻨﺼﱠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﯿﺎب‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻛﯿﻒ ﺑﻤﺎ ﯾﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑﻲ ﻣﻨﮫ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻔ ﺎً‬ ‫َﻓ َ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺘﻨﻀﺢ ﺑﮫ ﺛﻮﺑﻚ« ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺜﻮب ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻓﺘﻐﺴﻞ ﻣﻦ ذﻟ ﻚ ﻓﺮﺟ ﻚ وأُﻧﺜﯿﯿ ﻚ«‬
‫ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻟﺒﺪن‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل »ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬إﺣ ﺪاﻧﺎ ﯾ ﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑﮭ ﺎ ﻣ ﻦ دم اﻟﺤ ﯿﺾ«‬
‫وﻟﻢ ﯾﻘﻞ إﺣﺪاﻧﺎ ﯾﺼﯿﺒﮭﺎ ﻣﻦ دم اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ ﯾ ﺼﯿﺐ ﺛﻮﺑﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺪم« واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻓﺎﻏﺴﻠﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺪم« وھﻜﺬا ﯾﺬﻛﺮ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﻮﺿﻊ وﯾﻌﯿﱢﻨ ﮫ ﺑ ﺼﺮﯾﺢ اﻟﻠﻔ ﻆ‪،‬‬

‫‪139‬‬
‫ﻓﻤ ﻦ ﺗﺄ ﱠﻣ ﻞ اﻟﻨ ﺼﻮص وﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﻨ ﺪه دراﯾ ﺔ ﺑﮭ ﺎ َﻓ ِﮭ ﻢ أن اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻻ ﺗ ﺄﺗﻲ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬إﻻ‬
‫ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ﺗﺼﺮﻓﮭﺎ إﻟﻰ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺜﻨﺎ ﯾﺠ ﺐ ﻓﮭﻤ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﻮء ھ ﺬه اﻟﻤﻼﺣﻈ ﺎت‪ .‬ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﯾﺒﻖ وﻗﺪ اﺳﺘُﺒﻌﺪ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻄﺎھﺮ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻦ وﺑﺎﻟﻤﺘﻄﮭﱢﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ إﻻ اﻟﺤَﺪَث ﺑﺸﻘﯿﮫ اﻷﻛﺒ ﺮ واﻷﺻ ﻐﺮ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﺟﺎء اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻄﻠﺐ أﺣﺪ اﻟﺸﻘﯿﻦ أو ﯾﻄﻠﺒﮭﻤﺎ ﻣﻌﺎً‪ ،‬وﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﮭﺬﯾﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﯿﻦ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺻﺎرت ﺳﮭﻠﺔ ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ‪ ،‬ﻷن أﯾ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺤ ﺪَث واﻟﻤ ﺆﻣﻦ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ‬ ‫ﻼ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ وﻻ ﺑﻌﯿﺪًا ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺈنﱠ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻓﺎرق ﻟ ﯿﺲ ﻛﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟ َ‬
‫ﻣﻨﻔﺼ ً‬
‫ﺳ ﻤﯿﺎ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﻤﺘﻄﮭﱢﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻤﺎ ﺷﻲء واﺣﺪ أو ﺟﻨﺲ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﻘﯿﻦ‪ ،‬وﻟﺬا ُ‬
‫اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺤﺪث اﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬ﻓﻜﻼھﻤ ﺎ ﺣ ﺪث‪ ،‬وﯾ ﺪﺧﻞ اﻷﺻ ﻐﺮ ﻓ ﻲ اﻷﻛﺒ ﺮ ﺣ ﯿﻦ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑ ﺎﻷﻛﺒﺮ‬
‫إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﯾﺮﯾﺪ اﻟ ﺸﺮع أن ﯾﻄﻠﺒﮭﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮوا أو ارﻓﻌ ﻮا اﻟﺤ ﺪث ﻣ ﺜﻼً‪ ،‬أﻣ ﺎ إن أراد‬
‫أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻧ ﺺ ﻋﻠﯿ ﮫ وﻋﯿﱠﻨ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄوا ﻟﻸﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وارﻓﻌ ﻮا اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻟﻸﻛﺒ ﺮ وھﻜ ﺬا‪ ،‬ﻓﺤ ﯿﻦ ﯾﻘ ﻮل‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ أﯾﮭﺎ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﺗﻤ ﺲﱠ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ إﻻ إذا ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮت‪ ،‬أو إﻻ إذا ﻛﻨ ﺖ ﻃ ﺎھﺮًا ﯾﺠ ﺐ ﺻ ﺮﻓﮫ إﻟ ﻰ‬
‫اﻹﺛﻨ ﯿﻦ وﻋ ﺪم ﺻ ﺮﻓﮫ إﻟ ﻰ أﺣ ﺪھﻤﺎ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ھﻨ ﺎ ﻟﮭ ﺬا اﻟ ﺼﺮف‪ .‬ﺛ ﻢ إنﱠ اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻣ ﻦ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ ھ ﻲ ﻃﮭ ﺎرة ﻧﺎﻗ ﺼﺔ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ وﺣ ﺪھﺎ ﻟﻠ ﺼﻼة وﻻ ﻟﻠﻄ ﻮاف‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻌﻠ ﻮم‪ ،‬وﺑﺮﻓ ﻊ‬ ‫اﻟ َ‬
‫اﻟﺤﺪث اﻷﺻﻐﺮ ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﻄﮭﺎرة وﺗﺘﻢ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﯾﻄﻠ ﺐ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻓ ﺈن اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺬي ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﯾﻘﻔ ﺰ‬
‫إﻟ ﻰ اﻟ ﺬھﻦ ھ ﻮ اﻟ ﺸﻲء ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﻓﮭ ُﻤ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﻨﻘﺺ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻻ ﻧﻤﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ إﻻ وﻧﺤﻦ ﻃﺎھﺮون‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن ﻃﮭﺎرﺗﻨﺎ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‪،‬‬
‫ﻓﺎﻷﺻﻞ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻔﮭﻢ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﻜﺎﻣﻞ اﻟﻄﮭﺎرة ‪ ،‬ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮫ ﻻ ﻗﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺮﻓﮭﺎ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻨﻘﺺ‪ .‬ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪﯾﻨﺎ أن ﻣﺲﱠ اﻟﻤﺼﺤﻒ ﻻ ﯾﺼﺢ إﻻ ﻣﻦ راﻓﻊٍ ﻟﻠﺤﺪث ﺑﺸﻘﯿﮫ اﻷﻛﺒﺮ‬
‫واﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ رأي ﺟﻤﮭﻮر اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء‪.‬‬

‫ﺑﻘﻲ أن أﺷﯿﺮ إﻟﻰ أن ﻋﺪداً ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻟ ﻢ ﯾﻜﺘﻔ ﻮا ﺑﺎﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا‬
‫ن‪.‬ﻻ‬ ‫ب ﻣﻜﻨ ﻮ ٍ‬‫ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي ﺑﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ إنﱠ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ]إﻧﱠﮫ ﻟَﻘُﺮآنٌ ﻛﺮﯾ ٌﻢ‪ .‬ﻓﻲ ﻛﺘ ﺎ ٍ‬
‫ﯾﻤﺴﱡﮫ إﻻ اﻟﻤُﻄﮭﱠﺮون‪ .‬ﺗَﻨْﺰﯾﻞٌ ﻣِﻦ ربﱢ اﻟﻌَﺎﻟﻤﯿﻦ[ اﻵﯾﺎت ﻣﻦ ‪ 80-77‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪ .‬ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ]ﻻ ﯾﻤ ﺴﱡﮫُ إﻻ اﻟﻤُﻄ ﱠﮭ ﺮون[ وﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻵﯾ ﺎت ﺻُ ﺪﱢرت ﺑﻠﻔ ﻆ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺠﺐ أن ﯾﺘﻄﮭﺮ ﻟﻤ ﱢ‬
‫ن[ وأﻧﮫ ]ﻻ ﯾﻤ ﱡ‬
‫ﺴ ُﮫ إﻻ‬ ‫)اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ( ﺛﻢ أﺗﺖ ﻋﻠﻰ أوﺻﺎﻓﮫ اﻟﺜﻼﺛﺔ وھﻲ أن اﻟﻘﺮآن ]ﻓﻲ ﻛﺘﺎ ٍ‬
‫ب َﻣ ْﻜﻨُﻮ ٍ‬
‫ب اﻟﻌَ ﺎﻟﻤﯿﻦ[ ﺟ ﺎﻋﻠﯿﻦ اﻟ ﻀﻤﯿﺮ ﻓ ﻲ ﯾﻤ ﺴﱡﮫ ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﺮآن ‪،‬‬ ‫ﻦر ﱢ‬ ‫اﻟﻤُﻄ ﱠﮭ ﺮون[ وأﻧ ﮫ ]ﺗَﻨْﺰﯾ ﻞٌ ِﻣ ْ‬
‫ﻼ ﻟﮭﻢ‪.‬‬
‫واﻋﺘﺒﺮوا ھﺬه اﻵﯾﺎت دﻟﯿ ً‬

‫واﻟﺬي أراه ھﻮ أن ھ ﺬه اﻵﯾ ﺎت ﻻ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ذھﺒ ﻮا إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻷَوﻟ ﻰ ﺑﮭ ﻢ اﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻓ ﻲ‬

‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬وﻗﺪ ذھﺐ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬه اﻵﯾ ﺎت ﻣ ﺬھﺒ ًﺎ ﻏﺮﯾﺒ ًﺎ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ن اﻵﯾ ﺔ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻣ ﻦ ﺑ ﺎب )اﻹﺷ ﺎرة( ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن اﷲ ﺗﺒ ﺎرك وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﯾﺨﺒ ﺮ أن اﻟ ﺼﺤﻒ‬ ‫)إ ﱠ‬
‫اﻟﻤﻄﮭﱠ ﺮة ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻻ ﯾﻤ ﺴﱡﮭﺎ إﻻ اﻟﻤﻄﮭﱠ ﺮون‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﺤﻒ اﻟﺘ ﻲ ﺑﺄﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻛ ﺬﻟﻚ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أﻻ ﯾﻤ ﺴﱠﮭﺎ إﻻ‬
‫ﻃﺎھﺮ( ﻓﮭﻮ ﯾﻘﺮر أن اﻵﯾﺎت ﻻ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﮫ إﻻ ﻣ ﻦ ﺑ ﺎب اﻹﺷ ﺎرة‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘ ﺔ ﺗ ﺪل‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻄﮭﺮﯾﻦ وﻟ ﯿﺲ اﻟﺒ ﺸﺮ اﻟﻤﺘﻄﮭ ﺮﯾﻦ ﻟﻤ ﺲﱢ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ‪ .‬وﻗ ﺪ أﺧﻄ ﺄ ﺣ ﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻒ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻣ ﺪﻟﻮﻻت ھ ﺬه اﻵﯾ ﺎت وﻗ ﺎم ﺑﻌﻤﻠﯿ ﺔ ﻗﯿ ﺎس ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬إذ ﻗ ﺎس اﻟﺒ ﺸﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ‬
‫اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻹﺷﺎرة ھ ﺬه ﻟﮭ ﺎ ﺑ ﺎب ﻓ ﻲ أﺻ ﻮل اﻟﻔﻘ ﮫ ﯾ ﺴﻤﻮﻧﮫ ﺑ ﺎب ﻣﻔﮭ ﻮم اﻹﺷ ﺎرة‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻔﮭﻮم ﻻ ﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮫ ھﻨ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻮﻟﯿﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻘﻮﻟ ﻮا ﺑﻘﯿ ﺎس اﻹﻧ ﺴﺎن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻓ ﺄﺗﻰ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ھ ﺬا‬
‫ﻏﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل‪ ،‬وھﻮ ﺑﯿﱢﻦ اﻟﻀﻌﻒ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮون[ ﺗﺘﺤ ﺪث ﻋ ﻦ‬‫وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺆﻻء اﻵﯾ ﺎت اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺎت ﻧﺠ ﺪ أن اﻵﯾ ﺔ ]ﻻ ﯾَ َﻤ ﺴﱡﮫُ إﻻ اﻟ ُﻤ َ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻜﻨﻮن اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬واﻟﺬي ﺗﻤﺴﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻄ ﱠﮭ ﺮون‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ‬
‫اﻟﺬي ﯾﻤﺴﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن اﻟﻤﺘﻄﮭﱢﺮون‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ أﻗﺮب اﺳﻢ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻌﻮدﺗﮭﺎ إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻀﻤﺎﺋﺮ أن‬
‫ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﺳﻢ أﺑﻌﺪ إن ﻛﺎن اﻻﺳﻢ اﻷﻗﺮب ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻌﻮدﺗﮭﺎ إﻟﯿﮫ‪ ،‬أو ﻛﺎﻧﺖ ھﻨ ﺎك ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗﻌ ﯿﱢﻦ اﻻﺳ ﻢ‬
‫اﻷﺑﻌﺪ ﻟﯿﻌﻮد اﻟﻀﻤﯿﺮ إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﻋﺪا ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻀﻤﯿﺮ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺎت‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻤﺎت ﻧﺠﺪ أن ﺿﻤﯿﺮ ﯾﻤﺴﱡﮫ ‪ -‬وھﻮ ﻣﺬﻛﱠﺮ ﻏﺎﺋﺐ ‪ -‬ﻗﺪ ﺳﺒﻘﮫ اﺳﻤﺎن‪ :‬اﻟﻘ ﺮآن وﻛﺘ ﺎب‪ ،‬واﻟﻘ ﺮآن ھ ﻮ‬
‫اﻻﺳﻢ اﻟﺒﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻟﻜﺘ ﺎب ھ ﻮ اﻻﺳ ﻢ اﻟﻘﺮﯾ ﺐ‪ ،‬واﻟ ﻀﻤﯿﺮ اﻟﻤ ﺬﻛﺮ اﻟﻐﺎﺋ ﺐ ﯾ ﺼﻠﺢ أن ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ اﻟﻜﺘ ﺎب‪،‬‬
‫وﺣﯿﺚ أﻧﮫ ھﻮ اﻻﺳﻢ اﻷﻗﺮب‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻﻞ أن ﯾﻌﻮد اﻟﻀﻤﯿﺮ إﻟﯿ ﮫ ﻟﮭ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺴﺒﯿﻦ‪ ،‬وﻷﻧ ﮫ ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺗﺼﺮف ﻋﻮدﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﺗﺆﻛﱢ ﺪ ﻋﻮدﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻜ ﻮن ﻣﻌﻨ ﻰ اﻵﯾ ﺎت ﻛﻤ ﺎ‬
‫ن ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﺘﺎب‪ ،‬ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻻ ﯾﻤﺴﱡﮫ إﻻ اﻟﻤﻄﮭﱠﺮون‪ .‬أﻣﺎ اﻵﯾﺔ اﻷﺧﯿﺮة ] َﺗﻨْﺰﯾ ٌﻞ ِﻣ ْ‬
‫ﻦ‬ ‫ﯾﻠﻲ‪ :‬إﻧﱠﮫ ﻟﻘﺮآ ٌ‬
‫ﻒ ﻟﻠﻘ ﺮآن وﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻜﺘ ﺎب ﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ]ﺗﻨﺰﯾ ﻞ[ ﻓﮭ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻮﺻ ﻒ‬ ‫ب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ[ ﻓﮭ ﻲ وﺻ ٌ‬ ‫ر ﱢ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻜﻨﻮن ﺑﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻜﻨ ﻮن ﻟ ﻢ ﯾﻨ ﺰل‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻨ ﺰل إﻻ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓﺎﺳ ﺘﺤﻖ وﺻ ﻔﮫ ﺑ ﮫ دون‬
‫وﺻﻒ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻜﻨﻮن‪.‬‬

‫ن ھ ﺬه اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ھ ﻲ ﻟﻔﻈ ﺔ‬
‫ﻗﻠﻨ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ )ﺑ ﻞ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﺗﺆ ﱢﻛ ﺪ ﻋﻮدﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻜﺘ ﺎب( وﻧﻘ ﻮل ھﻨ ﺎ إ ﱠ‬
‫ﻒ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ وﺻ ﻔﺎً ﻟﻺﻧ ﺴﺎن‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ ﻧﻘ ﻒ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫]اﻟﻤُﻄﮭﱠﺮون[ ﻓﮭﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ وﺻ ٌ‬
‫ذﻟﻚ ﻟﻨﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ج ﻣُﻄﮭﱠﺮةٌ وھﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺧﺎﻟﺪون[ اﻵﯾﺔ ‪ 25‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪.‬‬

‫‪] -1‬وﻟﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ أزوا ٌ‬

‫‪] -2‬ﺧﺎﻟﺪﯾﻦ ﻓﯿﮭﺎ وأزواجٌ ﻣُﻄﮭﱠﺮةٌ ورِﺿْﻮانٌ ﻣِﻦ اﷲ[ اﻵﯾﺔ ‪ 15‬ﻣﻦ ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان‪.‬‬

‫ﻇﻼً ﻇﻠﯿﻼً [ اﻵﯾﺔ ‪ 57‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫‪] -3‬ﻟﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ أزواجٌ ﻣُﻄﮭﱠﺮةٌ وﻧُ ْﺪﺧِﻠُﮭﻢ ِ‬

‫ﻒ ﻣُﻜﺮﱠﻣ ٍﺔ‪ .‬ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺔٍ ﻣُﻄﮭﱠ ﺮةٍ[ اﻵﯾ ﺎت ‪ 14 ،13 ،12‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫‪]-4‬ﻓﻤﻦ ﺷﺎء َذ َﻛ َﺮهُ‪ .‬ﻓﻲ ُ‬
‫ﺻﺤُ ٍ‬
‫ﻋﺒﺲ‪.‬‬

‫‪] -5‬رﺳﻮل ﻣﻦ اﷲ ﯾﺘﻠﻮ ﺻﺤﻔ ًﺎ ﻣُﻄﮭﱠﺮة[ اﻵﯾﺔ ‪ 2‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﯿﱢﻨﺔ‪.‬‬

‫‪] -6‬ﻻ ﯾَ َﻤﺴﱡﮫُ إﻻ اﻟﻤُﻄﮭﱠﺮون[ اﻵﯾﺔ ‪ 79‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻦ ﻣﻄﮭﱠﺮات‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ واﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻨﺠﺪ أن اﻵﯾﺔ اﻷوﻟﻰ وﺻﻔﺖ ﻧﺴﺎء اﻟﺠﻨﺔ ﺑﺄﻧﮭ ﱠ‬
‫أﻣﺎ اﻵﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻮﺻﻔﺖ اﻟﺼﺤﻒ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﻄﮭﱠﺮة‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺨﺎﻣ ﺴﺔ‪ .‬واﻵﯾ ﺔ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ‬
‫ﻄﮭﱠﺮون‪.‬‬
‫وﺻﻔﺖ ﻣﻦ ﯾﻤﺴﱡﻮن ﺑﺄﻧﮭﻢ ﻣ َ‬

‫وﺑﺎﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻧﺠﺪ أن ھﻨﺎك ﻗﺎﺳﻤًﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ ﺑ ﯿﻦ ھ ﺬه اﻟﻜﻠﻤ ﺎت‪ ،‬وھ ﻮ أن ھ ﺬا اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ ﺣ ﺼﻞ ﺑﻔﻌ ﻞ‬
‫ﻣﻦ اﷲ دون ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺄزواج اﻟﺠﻨﺔ ﻃﮭﱠﺮھﻦ اﷲ ﻓﮭﻦ ﻣﻄﮭﱠﺮات أﺑﺪاً‪ ،‬واﻟﺼﺤﻒ ﻃﮭﱠﺮھﻦ‬
‫اﷲ‪ ،‬واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻃ ﱠﮭ ﺮھﻢ اﷲ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗ ﺸﺎرك اﻷزواج وﻻ اﻟ ﺼﺤﻒ وﻻ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟﺘﻄﮭﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء‬
‫اﻟﻮﺻﻒ ﻛﻤﺎ رأﯾﺘﻢ‪ .‬ﺛﻢ ﻟﻨﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻵﯾﺘﯿﻦ اﻟﻘﺮآﻧﯿﺘﯿﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﯿﻦ‪:‬‬

‫‪141‬‬
‫ﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ اﻵﯾﺔ‬
‫ﺐ اﻟ ُﻤ َﺘ َ‬
‫ن اﷲ ﯾﺤﺐﱡ اﻟﺘﱠﻮاﺑﯿﻦ وﯾﺤ ﱡ‬ ‫‪] -1‬ﻓﺈذا ﺗﻄﮭﱠﺮنَ ﻓﺄْﺗﻮھﻦﱠ ِﻣ ْ‬
‫ﻦ ﺣﯿﺚُ َأ َﻣ َﺮ ُﻛ ُﻢ اﷲ إ ﱠ‬
‫‪ 222‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪.‬‬

‫ﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ اﻵﯾﺔ ‪ 108‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺘﻮﺑ ﺔ‪ .‬ﻟﻨﺠ ﺪ‬ ‫ﺐ اﻟ ُﻤ ﱠ‬

‫ﺤ ﱡ‬
‫ﻄﮭﱠﺮوا واﷲ ُﯾ ِ‬ ‫‪]-2‬ﻓﯿﮫ رﺟﺎلٌ ُﯾ ِ‬
‫ﺤﺒﱡﻮن أنْ َﯾ َﺘ َ‬
‫أن اﻵﯾ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ذﻛ ﺮت اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ ﺑﻘﻮﻟﮭ ﺎ ]ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮن[ واﺳ ﻢ اﻟﻔﺎﻋ ﻞ ﻣ ﻦ ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮ ھ ﻮ ﻣُﺘﻄ ﱢﮭ ﺮ‪،‬‬
‫ووﺻﻔﺖ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟﮭ ﺎ ]اﻟﻤﺘﻄﮭ ﺮﯾﻦ[ وأن اﻵﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ وﺻ ﻔﺖ اﻟﺮﺟ ﺎل اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾﺘﻄﮭ ﺮون ﺑ ﺄﻧﮭﻢ‬
‫]اﻟﻤُﻄﱠﮭﱢﺮﯾﻦ[ ﺑﺘﺸﺪﯾﺪ اﻟﻄﺎء اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ واﻟﮭﺎء اﻟﻤﻜﺴﻮرة‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﻧﺠﺪ أن ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻗﺎﺳﻤﺎً ﻣﺸﺘﺮﻛﺎً ھﻮ اﻟﺘﻄﮭﱡ ﺮ اﻟ ﺬي ﺣ ﺼﻞ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻹﻧ ﺴﺎن‬
‫ن[‪ ،‬واﺳﻢ اﻟﻔﺎﻋﻞ ھﻮ ﻣﺘﻄﮭ ﺮات‪،‬‬ ‫ﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ و]ﺗﻄﮭﱠ ْﺮ َ‬ ‫ﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ و]اﻟﻤُ َﺘ َ‬ ‫ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎءت اﻷﻟﻔﺎظ ]اﻟ ُﻤ ﱠ‬
‫ن‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أ ﱠ‬
‫ﻄ ﱢﮭ ﺮ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻮﺻ ﻒ ﺑﺄﻧ ﮫ ُﻣ َ‬ ‫أي أن ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺘﻄﮭﯿﺮ ﻧﻔﺴﮫ وُﺻﻒ ﺑﺄﻧﮫ ﻣﺘﻄﮭﱢﺮ أو ُﻣ ﱠ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮون‪ ،‬وھﻜ ﺬا‪،‬‬‫ﻄ ﱠﮭ ﺮ و ُﻣ َ‬
‫ﻄ ﱢﮭ ﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ُﻣ َ‬
‫ﻣ ﻦ ﻃ ﱠﮭ ﺮھﻢ اﷲ ﻟ ﻢ ﯾﻮﺻ ﻒ أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﮭﻢ ﺑ ﺄن ﻣﺘﻄ ﱢﮭ ﺮ أو ُﻣ ﱠ‬
‫ﻄﮭﱠﺮ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣ ﻦ ﻃ ﱠﮭ ﺮ‬ ‫واﻟﻔﺮق واﺿﺢ ﺗﻤﺎﻣﺎً‪ ،‬وإذن ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻃﮭﱠﺮه اﷲ دون ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮه ﻓﮭﻮ ُﻣ َ‬
‫ﻄﮭﱢﺮ‪ .‬ھﺬه ھﻲ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﺑﺘﻄﺒﯿﻘﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ آﯾ ﺔ ﺳ ﻮرة اﻟﻮاﻗﻌ ﺔ‬ ‫ﻄﮭﱢﺮ وﻣُ ﱠ‬
‫ﻧﻔﺴﮫ ﻓﮭﻮ ُﻣﺘَ َ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮون[ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟ ﺬﯾﻦ ﻃ ﱠﮭ ﺮھﻢ اﷲ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺘﻌ ﯿﻦ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ ھ ﺬه‬ ‫ﻧﺠ ﺪ أن ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻻ ﯾﻤ ﺴﱡﮫ إﻻ اﻟ ُﻤ َ‬
‫اﻟﻠﻔﻈﺔ ﺑﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫ﻦ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬وإﻟ ﻰ ھ ـﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻣ ﺎل‬ ‫ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻛﻠ ﮫ ﯾﺘ ﻀﺢ أن آﯾ ﺔ اﻟﻮاﻗﻌ ﺔ ﻋﻨ ﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ وﻟ ﻢ ﺗَﻌ ِ‬

‫اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ﻓﯿﻤﺎ رواه ﻋﻨﮫ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮه )وھ ﻮ ﻧﺤ ﻮ ﻣ ﺎ اﺧﺘ ﺎره ﻣﺎﻟ ﻚ ﺣﯿ ﺚ ﻗ ﺎل‪ :‬أﺣ ﺴﻦ ﻣ ﺎ‬
‫ﺳﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ]ﻻ ﯾﻤﺴﮫ إﻻ اﻟﻤُﻄﮭﱠﺮون[ أﻧﮭﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻋﺒﺲ وﺗﻮﻟﻰ ]ﻓ َﻤ ْ‬
‫ﻦ ﺷَﺎ َء َذ َﻛ َﺮهُ‪.‬‬
‫ﺳﻔَﺮ ٍة‪ِ .‬ﻛ ﺮَا ٍم َﺑ َﺮ َر ٍة[ ﯾﺮﯾ ﺪ أن اﻟﻤُﻄ ﱠﮭ ﺮﯾﻦ ھ ﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ‬ ‫ﺻﺤُﻒٍ ﻣُ َﻜﺮﱠﻣ ٍﺔ‪َ .‬ﻣﺮْﻓُﻮﻋﺔٍ ﻣُﻄﮭﱠﺮةٍ‪ .‬ﺑ َﺄ ْﯾﺪِي َ‬
‫ﻓﻲ ُ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮون[ ﺑ ﺄﻧﮭﻢ‬ ‫اﻟ ﺬﯾﻦ وُﺻ ﻔﻮا ﺑﺎﻟﻄﮭ ﺎرة ﻓ ﻲ ﺳ ﻮرة ﻋ ﺒﺲ(‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ﻓ ﺴﱠﺮوا اﻵﯾ ﺔ ]ﻻ ﯾَ َﻤ ﺴﱡﮫُ إﻻ اﻟ ُﻤ َ‬
‫اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وأن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻜﻨ ﻮن ھ ﻮ اﻟ ﺬي ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻋ ﻨﮭﻢ اﻟﻄﺒ ﺮي ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮه ھ ﻢ‪ :‬اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس وﻣﺠﺎھﺪ واﻟﻀﺤﺎك وﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ زﯾﺪ واﺑﻦ ﻧﮭﯿﻚ وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وﻋﻜﺮﻣ ﺔ وأﺑ ﻮ اﻟﻌﺎﻟﯿ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺳﺒﻖ أن ذﻛﺮﻧﺎ أن اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻗﺎل ﺑﺬﻟﻚ وإن ﺧﺎﻟﻒ ھﺆﻻء ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ ﺑﻮﺿ ﻮح أن‬
‫آﯾ ﺎت اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ دﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن ﻣ ﺲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ وﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ إذن ﺳ ﻮى‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮫ وﻓﯿﮫ اﻟﻐُﻨﯿﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن ﻣﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﺿﻮء وﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ اﻟ ﺬي‬
‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪ ،‬وﻟﻢ‬ ‫ھﻮ ﻣﻮﺿﻮع ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ .‬وﻗﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺤﺪث ﺣﺪﺛﺎً أﻛﺒﺮ أن ﯾﻤ ﱠ‬
‫ﺤ ﺪَﺛﯿﻦ ﻣﻌ ًﺎ‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺳﻮى داود‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ اﺷﺘﺮﻃﻮا ﻟﻤﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ أن ﯾﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮاً ﻣ ﻦ اﻟ َ‬
‫ﻓﮭﻢ‪ :‬ﻋﻠﻲ واﺑﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد وﺳ ﻌﺪ وﺳ ﻌﯿﺪ واﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ واﻟﺤ ﺴﻦ وﻋﻄ ﺎء وﻃ ﺎووس واﻟﻘﺎﺳ ﻢ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺰﱡھﺮي واﻟﺤﻜﻢ وﺣﻤﺎد واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻﺤﺎب اﻟ ﺮأي وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻗـ ـﺎل اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ـﺔ )وﻻ ﻧﻌﻠ ـﻢ‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻔـًﺎ ﻟﮭﻢ إﻻ داود ﻓﺈﻧﮫ أﺑﺎح ﻣﺴﱠﮫ‪ ،‬واﺣﺘﺞ ﺑﺄن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ آﯾﺔ إﻟﻰ ﻗﯿﺼﺮ‪ .‬وأﺑﺎح اﻟﺤﻜﻢ‬
‫ﻦ اﻟﯿﺪ ﻓﯿﻨﺼﺮف اﻟﻨﮭﻲ إﻟﯿﮫ دون ﻏﯿﺮه(‪.‬‬‫وﺣﻤﺎد ﻣﺴﱠﮫ ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﻜﻒ ﻷن آﻟ َﺔ اﻟﻤﺲ ﺑﺎﻃ ُ‬

‫ﺲ إﻻ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺼﺮاه ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺎﻃﻦ اﻟﯿ ﺪ دون‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ وﺣﻤﺎد ﻓﮭﻤ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻌ ﺪم ﺟ ﻮاز اﻟﻤ ﱢ‬
‫ﺲ ورﻗ ﺔ‬
‫ﻇﺎھﺮھﺎ‪ .‬أﻣﺎ دﻟﯿﻞ داود ﻓﮭﻮ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪًا ﻷﻧﻨ ﺎ ﻧﺘﺤ ﺪث ﻋ ﻦ ﻣ ﺲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ وﻟ ﯿﺲ ﻋ ﻦ ﻣ ﱢ‬
‫ﻓﯿﮭ ﺎ آﯾ ﺔ أو ﺑ ﻀﻊ آﯾ ﺎت‪ ،‬واﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﻛﻠﻤ ﺔ ﻟﮭ ﺎ دﻻﻟ ﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣ ﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣ ﺼﺤﻔًﺎ ﺣ ﺮم ﻣ ﺴﮫ دون‬
‫وﺿﻮء‪ ،‬وﻣﺎ ﻻ ﻓﻼ‪ ،‬ﻓﺘﺨﺮج ﻛﺘﺐ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ وﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﮫ رﻏﻢ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻷﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ‬
‫ﻣﺼﺎﺣﻒ ﻓﯿﺠﻮز ﻣﺴﱡﮭﺎ‪ ،‬وﻛﺘﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﮭﺮﻗﻞ ﻟﯿﺲ ﻣﺼﺤﻔ ًﺎ ﻓﺠﺎز ﻣﺴﱡﮫ‪ ،‬وﻛﻼﻣﻨﺎ ﻛﻠﮫ ھـﻮ ﻓ ﻲ‬
‫ﺲ ﯾﺠﻮز ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮫ ﻓﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿ ﮫ وﺣﻤﻠ ﮫ ﺑﻌﻼﱠﻗ ﺔ وﻣ ﺴﱡﮫ‬ ‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ دون ﺳﻮاه‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺳﻮى اﻟﻤ ﱢ‬ ‫ﻣ ﱢ‬

‫‪142‬‬
‫ﺑﻌ ﻮد ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺟ ﺎﺋﺰ‪ ،‬وھ ﻮ رأي أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﺑ ﻦ ﻗﺪاﻣ ﺔ‪ ،‬ورُوي ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ وﻋﻄ ﺎء وﻃ ﺎووس‬
‫واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻘﺎﺳﻢ واﻟﺤﻜﻢ وأﺑﻲ واﺋﻞ وﺣﻤﺎد‪ .‬وﻣﻨﻌﮫ اﻷوزاﻋﻲ وﻣﺎﻟﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﯿﺎﺳ ًﺎ ﻟﻠﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺲ ﻓﻲ‬‫ﺲ وﺗﻌﻈﯿﻤ ًﺎ ﻟﻠﻘ ﺮآن‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﻗﯿﺎﺳ ﮭﻢ‪ ،‬ﻷن ﺣﻤﻠ ﮫ ﺑﻌﻼﱠﻗ ﺔ وﻣ ﺴﱠﮫ ﺑﻌ ﻮد ﻻ ﯾ ﺸﺎرﻛﺎن اﻟﻤ ﱠ‬
‫اﻟﻤ ﱢ‬
‫ﺲ ﻃ ﻼب اﻟﻤ ﺪارس رأﯾ ﺎن أرﺟﺤﮭﻤ ﺎ ﻋﻨ ﺪي‬ ‫اﻟﻌﻠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ھﻤﺎ ﻓﻌﻼن ﻻ ﯾﻨﺎﻓﯿﺎن اﻟﺘﻌﻈﯿﻢ ﻟﻠﻘﺮآن‪ .‬وﻓﻲ ﻣ ﱢ‬
‫اﻟﻤﻨﻊ إﻻ إن ﻛﺎﻧﻮا دون اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﻼ ﺑﺄس ﻷﻧﮭﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﻠﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫ﺠﻨُﺐ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺣﺪﯾﺜﺎن ھﻤﺎ‪:‬‬

‫‪ -8‬ورد ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟ ُ‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﺛ ﻢ ﯾﺨ ﺮج ﻓﯿﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن‬

‫وﯾﺄﻛﻞ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻠﺤﻢ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺤﺠﺒﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﺷ ﻲ ٌء ﻟ ﯿﺲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ اﻟﻘ ﺮآن ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺣ ﺎل ﻟ ﯿﺲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« وﺣ ﺴﻨﮫ‬
‫اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿﺄ ﺛﻢ ﻗﺮأ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺛﻢ ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ ﻓ ﻼ وﻻ آﯾ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ )رﺟﺎﻟ ﮫ‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺎ اﻟ ُ‬
‫ھ ﺬا ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﯿﺲ ﺑ ُ‬
‫ﻣﻮﺛﱠﻘﻮن(‪.‬‬

‫ﺠﻨُﺐ‪ ،‬وروي ذﻟﻚ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬ ‫وﻗﺪ ذھﺐ اﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ وﻏﯿﺮھﻢ إﻟﻰ ﺗﺤﺮﯾﻢ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ اﻟ ُ‬
‫ﻋﻤﺮ وﻋﻄﺎء وﻃﺎووس‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﺘﺤﺮﯾﻢ ﻗﺮاءة اﻵﯾﺔ وﻣﺎ دوﻧﮭﺎ وﻣ ﺎ ﻓﻮﻗﮭ ﺎ‪ ،‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‬
‫ﺑﺘﺤﺮﯾﻢ ﻗ ﺮاءة آﯾ ﺔ ﻓﻤ ﺎ ﻓﻮﻗﮭ ﺎ وأﺟ ﺎز ﻗ ﺮاءة دون آﯾ ﺔ إذ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻘ ﺮآن‪ ،‬وأﺟ ﺎز ﺑﻌ ﺾ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﻗ ﺮاءة‬
‫ﺠُﻨ ﺐ ﻟﻠﻘ ﺮآن ﻣ ﻨﮭﻢ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬ ‫ﺠﻨُﺐ ﻟﻐﯿﺮ اﻟﺘﻼوة‪ ،‬وﺧﺎﻟﻔﮭﻢ آﺧ ﺮون ﻗ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺠ ﻮاز ﻗ ﺮاءة اﻟ ُ‬‫اﻟﻘﺮآن ﻟﻠ ُ‬
‫واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻀﺤﺎك واﻟﺒﺨﺎري واﻟﻄﺒﺮي واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر وداود‪ ،‬واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ وﻗ ﺎل )إﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺢ ﺧﺒ ٌﺮ‬
‫ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن( واﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑﻤﺎ روى اﻟﺒﺨﺎري ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﺑﺄﺳﺎً‪ ،‬وﺑﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺬﻛﺮ‬ ‫ﯾﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ﻟﻠ ُ‬
‫اﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﺣﯿﺎﻧ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وأﺿ ﺎف )وﺑ ﺎﻟﺒﺮاءة اﻷﺻ ﻠﯿﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺼﺢ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﯾﺤ ﺮم ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﯾﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬وأن‬ ‫ھﺬا اﻟﻌﻤﻮم وﻟﻠﻨﻘﻞ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺒﺮاءة(‪ .‬واﻟﺬي أذھﺐ إﻟﯿﮫ أن اﻟ ُ‬
‫اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ وﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﺑﻘﻮﻟﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﯿﺒﻮا ﻓﯿﻤﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن ﻗﻮل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﺧﺒ ٌﺮ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻗﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن ﻣ ﺮدود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ اﻟﺴﻜﻦ واﻟﺒﻐﻮي‪ ،‬وﺣ ﺴﱠﻨﮫ اﺑ ﻦ‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ اﻷول اﻟﺬي رواه أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺠﺮ‪ ،‬وﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ ﺑﺄﺳ ﺎً ھ ﻮ‬
‫‪ -2‬إن اﺳﺘ ﺸﮭﺎده ﺑﻤ ﺎ روي ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة ﻟﻠ ُ‬
‫اﺳﺘﺸﮭﺎد ﻻ ﯾﺼﺢ‪ ،‬ﻷن ﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔ إذا ﻋﺎرﺿ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﺮﻓ ﻮع ﺻ ﺤﯿﺢ أو‬
‫ﺣﺴﻦ ﻛﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ اﻷول وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬أﻣ ﺎ اﺳﺘ ﺸﮭﺎده ﺑﻤ ﺎ روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﺣﯿﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﮭﻮ اﺳﺘﺸﮭﺎ ٌد ﻣﺨﺼﱠﺺ ﺑﺤ ﺪﯾﺜﻲ ﻋﻠ ﻲ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﺎم‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺣﺪﯾﺜﺎ ﻋﻠﻲ ﻣُﺨﺼﱢﺼﺎن‪ ،‬واﻟﻤﺨﺼﱢﺺ ﻣﻘﺪﱠم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑ ﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻛ ﺎن ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ أﺣﯿﺎﻧ ﮫ وﻣﻨﮭ ﺎ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﺑ ﺸﺘﻰ أﻧ ﻮاع اﻟ ﺬﻛﺮ إﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮآن‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ -4‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮫ )وﺑﺎﻟﺒﺮاءة اﻷﺻﻠﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺢ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﺨﺼﯿﺺ ھﺬا اﻟﻌﻤﻮم( ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫وﺟﮭﯿﻦ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻟﻘﺪ ﺻﺢ ﻣﺎ ﯾﺨﺼﺺ ھﺬا اﻟﻌﻤﻮم ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ‪.‬‬

‫ب‪ -‬إن ﻗﻮﻟﮫ ﺑﺎﻟﺒﺮاءة اﻷﺻﻠﯿﺔ ھﻨﺎ ﻏﯿﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻷن اﻟﺒ ﺮاءة اﻷﺻ ﻠﯿﺔ إﻧﻤ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻷﺷ ﯿﺎء‬
‫واﻟﻤﻮﺟﻮدات ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺤﻜﻢ دون اﻷﻓﻌﺎل‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﻲء إن ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻟﮫ ﺣﻜﻤﺎً ورد ﺑﺪﻟﯿﻞ أﻟﺤﻘﻨ ﺎه ﺑ ﺎﻟﺒﺮاءة‬
‫اﻷﺻ ﻠﯿﺔ أي ﺑﺎﻹﺑﺎﺣ ﺔ‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻷﻓﻌ ﺎل ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜ ﻮن ﻟﮭ ﺎ أﺣﻜ ﺎمٌ ﺑﻨ ﺼﻮص أو ﺑﻘﯿ ﺎس‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺎﻋ ﺪة‬
‫اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﺗﻘﻮل )اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻷﺷﯿﺎء اﻹﺑﺎﺣﺔ واﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻘﯿﱡﺪ( وﻟﻢ ﯾﺨﺎﻟﻒ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة إﻻ‬
‫اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وﻟﺴﺖ ھﻨﺎ ﺑ ﺼﺪد إﺛﺒ ﺎت ﺻ ﺤﺔ ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟﺘﻘﯿ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﻓﻌﺎل ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮع‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﺰﻣﻨﺎ ﺑﮫ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﻧﻌﺮف ﺗﻮﻗﻔﻨﺎ ﻋﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﻧﺠﺪ ﻧﺼ ًﺎ أو‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ‬
‫ﺺ ﻓﯿ ﮫ وﻻ ﻗﯿ ﺎس ﻷن اﻟ ﺸﺮﯾﻌﺔ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻗ ﺮاءة اﻟ ُ‬
‫ﻧﺠﺪ ﻗﯿﺎﺳﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘﺼﻮر وﺟﻮد ﻓﻌﻞ ﻻ ﻧ ﱠ‬
‫ﺺ أو ﻗﯿ ﺎس‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ ﺿ ﻌﻒ رأي اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ وﻣ ﻦ واﻓﻘ ﮫ‪،‬‬ ‫ﻓﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜ ﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ ﻧ ﱞ‬
‫وﯾﻜﻮن رأي اﻟﺠﻤﮭﻮر ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﺠ ُﻨ ﺐ ﻗﺮاءﺗ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫وﻧﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﺑﺤﺚ ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻘ ﺪر اﻟ ﺬي ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠ ُ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﻣﻦ أن ﯾﻘﺮأ آﯾﺔ وﻣﺎ دوﻧﮭﺎ‪ ،‬أﻣﺎ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﯿﺒﯿﺢ ﻗ ﺮاءة ﻣ ﺎ دون اﻵﯾ ﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﻤﻨﻊ اﻟ ُ‬
‫ﺠﻨُ ﺐ ﻣﻤﻨ ﻮع ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬أي ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة ﻣ ﺎ‬‫واﻟﺤﻖ اﻟ ﺬي ﯾﺠ ﺐ اﻷﺧ ﺬ ﺑ ﮫ ھ ﻮ أن ﻧﻘ ﻮل إن اﻟ ُ‬
‫ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ اﺳﻢ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﯾﺒﺎح ﻟﮫ ﻗﺮاءة ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﺳ ﻢ اﻟﻘ ﺮآن‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺬي ﯾﺠ ﺐ‬
‫اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺤﺠﺒﮫ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ﺷﻲء ﻟﯿﺲ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ« وﻟﻜﻦ ﯾﺒﻘﻰ ﻋﻠﯿﻨﺎ‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ اﺳﻢ اﻟﻘﺮآن ﻟﻨﺴﺘﻄﯿﻊ ﻣ ﻦ ﺛَ ﻢﱠ ﻣﻌﺮﻓ ﺔ اﻟ ﺼﻮاب واﻟﺨﻄ ﺄ ﻓ ﻲ رأﯾ ﻲ أﺑ ﻲ‬
‫ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪.‬‬

‫إن آﯾﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﺗﺘﻔ ﺎوت ﻓ ﻲ اﻟﻄ ﻮل واﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن آﯾ ﺔ اﻟ ﺪﯾْﻦ أو آﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ‬
‫ﻣﺜﻼً ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻄﺮ‪ ،‬ﻓﺈنﱠ ھﻨﺎك آﯾﺎت ﻣﺜﻞ آﯾ ﺔ ]ﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون[‬
‫وآﯾﺔ ]ﻓﺴﺒﱢﺢ ﺑﺤﻤﺪِ رﺑﱢﻚ واﺳﺘﻐﻔﺮه إﻧﱠﮫ ﻛﺎن ﺗﻮﱠاﺑ ًﺎ[ ﺗﺘ ﻀﻤﻦ ﺳ ﻄﺮًا أو ﺑﻌ ﺾ ﺳ ﻄﺮ‪ ،‬ﻓ ﻨﺤﻦ إذا ﻗﺮأﻧ ﺎ‬
‫ﻧﺼﻒ آﯾﺔ اﻟﺪﯾْﻦ أو رﺑﻌﮭﺎ ﻓﺈن اﻟﺴﺎﻣﻊ ﯾﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﻗﺮأﻧﺎ ﻗﺮآﻧ ﺎً‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻗ ﻞ ﻓ ﻲ ﻗ ﺮاءة ﻧ ﺼﻒ آﯾ ﺔ‬
‫ﺧﺬُه ﺳِﻨﺔٌ وﻻ ﻧﻮ ٌم ﻟﮫ ﻣ ﺎ‬ ‫اﻟﻜﺮﺳﻲ أو رﺑﻌﮭﺎ ﻣﺜﻼً‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻗﺮأﻧﺎ ﻣﻨﮭﺎ ]اﷲ ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھُﻮ اﻟﺤ ﱡ‬
‫ﻲ اﻟﻘﯿﱡﻮ ُم ﻻ ﺗ ْﺄ ُ‬
‫ﺴﻤَﻮاتِ وﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض[ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﻗﺮأﻧﺎ ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬وﯾﻜﻮن اﻟ ﺴﺎﻣﻊ ﻗ ﺪ ﺗﺤﻘ ﻖ أﻧﻨ ﺎ ﻗﺮأﻧ ﺎ ﻗﺮآﻧ ﺎً‬ ‫ﻓﻲ اﻟ ﱠ‬
‫وإن ﻛﺎن اﻟﻤﻘﺮوء ﺟﺰءاً ﻣﻦ آﯾﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن ﻗﺮأﻧﺎ )ﯾﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون( أو ﻗﺮأﻧ ﺎ )ﺳ ﺒﺢ ﺑﺤﻤ ﺪ رﺑ ﻚ( أو‬
‫ﺠُﻨ ﺐ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪،‬‬ ‫)إﻧﮫ ﻛﺎن ﺗﻮاﺑﺎً( ﻓﺈن اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻻ ﯾﻔﮭﻢ أﻧﻨﺎ ﻗﺮأﻧﺎ ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﻤُﺤﺮﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﯾَﺤﺮُم ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻘﺮأ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ آﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ وﻣ ﺎ ھ ﻮ‬ ‫أي ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﯾُﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ أﻧﮫ ﻗﺮآن ﻓﺈن اﻟ ُ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺜﻠﮫ ﻣﻦ أﺟﺰاء اﻵﯾﺎت اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺤﺮم ﻋﻠﯿ ﮫ ﻗ ﺮاءة ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ أﱠﻧ ﮫ ﻗ ﺮآن ﻣ ﻦ أﺟ ﺰاء‬
‫اﻵﯾ ﺎت اﻟﻘ ﺼﯿﺮة ﻣ ﻦ ﻣﺜ ﻞ أﺟ ﺰاء آﯾ ﺔ ﺳ ﻮرة ]اﻟﻜ ﺎﻓﺮون[ وآﯾ ﺔ ﺳ ﻮرة ]اﻟﻨ ﺼﺮ[ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﻣﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﻣﺜﻠﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟ ِﻘﺼَﺮ‪ ،‬وھﻜﺬا ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻘﺪر اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻗﺮآﻧﺎً ‪ ،‬وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻓﻲ أﺟﺰاء اﻵﯾﺎت‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻵﯾﺎت اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ وﻣﺎ ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﺈن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ ﻗﻄ ﻊ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ اﻟﺒﺤ ﺚ ﺣ ﯿﻦ ﻗ ﺎل »ﻓ ﻼ‬
‫ﺠﻨُﺐ أن ﯾﻘﺮأھ ﺎ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓ ﺈن‬‫ﻞ ﻟﻠ ُ‬
‫وﻻ آﯾﺔ« ﻓﺄﯾﱠﺔ آﯾﺔ ﻣﮭﻤﺎ ﺻﻐﺮت وﻗﺼﺮت ﻻ ﯾﺤ ﱡ‬
‫ن ھﻮ ﻋﻨﻰ اﻵﯾﺎتِ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ اﻟﺘﻲ إن اﺟُﺘﺰِيء ﻣﻨﮭ ﺎ ﻗ ﺪر ﻇ ﻞ اﻟﻘ ﺪر اﻟﻤﺘﺒﻘ ﻲ ﻗﺮآﻧ ًﺎ‪،‬‬‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﺼﯿﺐ إ ْ‬
‫وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻣﺼﯿﺐ إنْ ھﻮ ﻋﻨﻰ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺼﯿﺮة اﻟﺘﻲ إن اﺟُﺘﺰِيء ﻣﻨﮭﺎ ﻗﺪر ﻛﺎن اﻟﻘﺪر اﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻗ ﺮآن‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ ﻓ ﺎﻟﻘﻮﻻن ﻏﯿ ﺮ دﻗﯿﻘ ﯿﻦ‪ .‬ھ ﺬا ﻣ ﺎ ﺗ ﺮﺟﱠﺢ ﻟ ﺪىﱠ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻔﺎن‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ﺣ ﺸَﻔﺔ اﻟ ﺬﻛﺮ ﻓ ﻲ ﻓ ﺮج اﻷﻧﺜ ﻰ ﺑ ﺈﻧﺰال‬
‫‪ -9‬إن اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎء اﻟﺨﺘ ﺎﻧﯿﻦ‪ ،‬أي ﻣ ﻦ وﻟ ﻮج َ‬
‫وﺑﺪون إﻧﺰال‪ ،‬وﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻹﻧ ﺰال ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﯿﻘﻈ ﺔ وﻓ ﻲ اﻟﻤﻨ ﺎم‪ .‬وﺧ ﺮوج اﻟﻤﻨ ﻲ ﻣ ﻦ َذ َﻛ ﺮ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫وﻣﻦ ﻓﺮج اﻟﻤﺮأة ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻮغ‪ ،‬وﯾﻌﺘﺒﺮ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜﻰ ﻗ ﺪ دﺧ ﻼ ﻣﺮﺣﻠ ﺔ اﻟﺘﻜﻠﯿ ﻒ‬
‫اﻟ ﺸﺮﻋﻲ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »رُﻓ ﻊ اﻟﻘﻠ ﻢ ﻋ ﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﻨ ﺎﺋﻢ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾ ﺴﺘﯿﻘﻆ‪ ،‬وﻋ ﻦ اﻟ ﺼﺒﻲ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺤ ﺘﻠﻢ‪ ،‬وﻋ ﻦ اﻟﻤﺠﻨ ﻮن ﺣﺘ ﻰ ﯾﻌﻘ ﻞ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫وإذا ﺑﻠﻎ اﻟﺬﻛﺮ أو اﻷﻧﺜﻰ ﻧﺒﺘﺖ ﻋﺎﻧﺘﺎھﻤ ﺎ ﺑﺎﻟ ﺸﻌﺮ اﻟﺨ ﺸﻦ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن ھ ﺬا اﻟ ﺸﻌﺮ ﻋﻼﻣ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺳﺒْﻲ ﺑﻨ ﻲ ﻗﺮﯾﻈ ﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎﻧﻮا ﯾﻨﻈ ﺮون‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أﻧﺒ ﺖ اﻟ ﺸﻌﺮ‬ ‫اﻟﺒﻠﻮغ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻄﯿﺔ اﻟ ُﻘﺮَﻇﻲ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ ﻣﻦ َ‬
‫ُﻗﺘِﻞ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾُﻨﺒﺖ ﻟﻢ ﯾﻘﺘ ﻞ‪ ،‬ﻓﻜﻨ ﺖ ﻓ ﯿﻤﻦ ﻟ ﻢ ﯾُﻨﺒ ﺖ« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟ ﺪراﻣﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ( وﻛﺎن ھ ﺬا ﻋﻨ ﺪ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ رﺟ ﺎل ﺑﻨ ﻲ ﻗﺮﯾﻈ ﺔ ﺑﺎﻟﻘﺘ ﻞ‬
‫ﻋﻘﺐ ھﺰﯾﻤﺘﮭﻢ أﻣﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﻜ ﺸﻔﻮن ﻋ ﻦ ﻋﺎﻧ ﺎت ﻏﻠﻤ ﺎن ﯾﮭ ﻮد ﺑﻨ ﻲ ﻗﺮﯾﻈ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻤ ﻦ وﺟ ﺪوه أﻧﺒ ﺖ ‪ -‬أي ﺑﻠ ﻎ ‪ -‬ﻗﺘﻠ ﻮه‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻨﺒ ﺖ اﻋﺘﺒ ﺮوه ﺻ ﺒﯿًﺎ وﻛﻔ ﻮا ﻋ ﻦ ﻗﺘﻠ ﮫ وﺿ ﻤﻮه إﻟ ﻰ‬
‫ﺴﺒْﻲ‪ .‬ﻓﺨﺮوج اﻟﻤﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻞ‪ ،‬وﻇﮭﻮر اﻟ ﺸﻌﺮ اﻟﺨ ﺸﻦ ﺣ ﻮل اﻟ ﺬﻛﺮ واﻟﻔ ﺮج ھﻤ ﺎ ﻋﻼﻣﺘ ﺎن داﻟﺘ ﺎن‬ ‫اﻟ ﱠ‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﻟﺒﻠ ﻮغ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜ ﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻮاء‪ .‬إﻻ أن اﻷﻧﺜ ﻰ ﻟﮭ ﺎ ﻋﻼﻣﺘ ﺎن أُﺧﺮﯾ ﺎن ﺧﺎﺻ ﺘﺎن ﺑﮭ ﺎ‬
‫إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ھﻤ ﺎ اﻟﺤ ﯿﺾ واﻟﺤﻤ ﻞ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺣﺎﺿ ﺖ أو ﺣﻤﻠ ﺖ ﺣﻜﻤﻨ ﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﺑﻠﻐ ﺖ ‪،‬‬
‫وﺻﺎرت اﻣﺮأةً ﻣﻜﻠﱠﻔﺔ‪.‬‬

‫ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟﻌﻼﻣ ﺎت اﻟﺤ ﺴﯿﺔ اﻟﺪاﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻧﺘﻘ ﺎل اﻟ ﺼﺒﯿﺎن إﻟ ﻰ ﻣﺮﺣﻠ ﺔ اﻟﺒﻠ ﻮغ واﻟﺘﻜﻠﯿ ﻒ‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫ﻋﻼﻣﺎت اﺗﻔﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻹﻧﺒ ﺎت اﻟ ﺬي رﻓ ﻀﮫ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﻛﺪﻟﯿ ـﻞٍ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺒﻠ ﻮغ‪،‬‬
‫وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻄﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑ ﮫ ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﻋُﺒﯿﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ]اﻷﻣﻮال[ ﻋﻦ أﺳﻠﻢ ﻣﻮﻟﻰ ﻋﻤﺮ أن ﻋﻤﺮ ﻛﺘ ﺐ إﻟ ﻰ أﻣ ﺮاء اﻷﺟﻨ ﺎد »أن‬
‫ﯾﻀﺮﺑﻮا اﻟﺠﺰﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻀﺮﺑﻮھﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء واﻟ ﺼﺒﯿﺎن‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻀﺮﺑﻮھﺎ إﻻ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﺟ ﺮت ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﻤﻮﺳﻰ«‪.‬‬

‫أﻣّﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺴﻦ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺒﻠ ﻮغ ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺬي ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺠﻤﮭ ﻮر أن ﻣ ﻦ ﺑﻠ ﻎ ﺧﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﻨﺔ‬
‫ذﻛﺮاً ﻛﺎن أو أﻧﺜﻰ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ‪ ،‬وﺧﺎﻟﻔﮭﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﺄوﺟﺐ ﻣ ﺮور ﺛﻤ ﺎﻧﻲ ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﻨﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺬﻛﺮ وﺳ ﺒﻊ‬
‫ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺜﻰ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺑﺒﻠﻮﻏﮭﻤﺎ‪ ،‬واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ رأي اﻟﺠﻤﮭﻮر‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻋﺮﺿ ﻨﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮم ُأ ُ‬
‫ﺣ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻘﺘ ﺎل وأﻧ ﺎ اﺑ ﻦ أرﺑ ﻊ ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﻨﺔ ﻓﻠ ﻢ‬
‫ُﯾﺠِﺰﻧﻲ‪ ،‬وﻋﺮﺿﻨﻲ ﯾﻮم اﻟﺨﻨﺪق وأﻧﺎ اﺑﻦ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ﻓﺄﺟﺎزﻧﻲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑ ﻮ‬
‫ﺖ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻧﺎ اﺑ ﻦ أرﺑ ﻊ ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﻨﺔ ﻓﻠ ﻢ ُﯾﺠِﺰْﻧ ﻲ‬ ‫داود أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻓﻲ ﻟﻔﻆ أﺻﺮح »ﻋُﺮﺿ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫وﻟ ﻢ ﯾﺮﻧ ﻲ ﺑﻠﻐ ﺖُ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋُﺮﺿ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ وأﻧ ﺎ اﺑ ﻦُ ﺧﻤ ﺲَ ﻋ ﺸﺮةَ ﺳ ﻨﺔً ﻓﺄﺟ ﺎزﻧﻲ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺿﺎف )ﻗﺎل ﻧﺎﻓﻊ‪ :‬ﻓﺤﺪﺛﺖ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﺬا‬
‫ﺲ ﻋﺸﺮة(‪.‬‬ ‫ﺣ ﱡﺪ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻐﯿـﺮ واﻟﻜﺒﯿﺮ ﺛﻢ ﻛﺘﺐ أن ﯾُﻔﺮض ﻟﻤﻦ ﺑﻠﻎ اﻟﺨﻤ َ‬

‫وھﺬه اﻟﺴﻦ ھﻲ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻲ أرى أن ﺗﻌﺘﺒﺮھ ﺎ اﻟﺪوﻟ ﺔ ﻓ ﻲ أﺣﻜﺎﻣﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺑﻠ ﻎ اﻟﺨﺎﻣ ﺴﺔ ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻓﺮﺿ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ دوﻟ ﺔ اﻟﺨﻼﻓ ﺔ اﻟﺘ ﺪرﯾﺐ اﻟﻌ ﺴﻜﺮي وأوﺟﺒ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺠﮭ ﺎد‪ ،‬وﻃﺎﻟﺒﺘ ﮫ ﺑ ﺴﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﺘﻜ ﺎﻟﯿﻒ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻟﻌﻼﻣ ﺎت اﻟﺤ ﺴﯿﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ھ ﻲ اﻟﻌﻼﻣ ﺎت اﻟﻤﻌﺘﺒ ﺮة ﻓ ﻲ ﺣ ﻖ‬
‫أﺻﺤﺎﺑ ﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﺣ ﺘﻠﻢ ﺑ ﺄن أﻣﻨ ﻰ‪ ،‬أو ﻣ ﻦ ﺣﺎﺿ ﺖ أﻟ ﺰم ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑﺠﻤﯿ ﻊ اﻟﺘﻜ ﺎﻟﯿﻒ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫ﺾ ﻧﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﻮرات وﺳﺘﺮ اﻟﻌﻮرة وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ اﻟﺴﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮھ ﺎ اﻟﺨﻼﻓ ﺔ‪،‬‬ ‫وﺻﯿﺎم وﻏ ﱢ‬
‫ﻷن اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ وﺗﻌﻤﻢ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬واﻻﺣﺘﻼم واﻟﺤﯿﺾ ھ ﻲ أﻣ ﻮر ﺧﺎﺻ ﺔ‬
‫ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮭﺎ ﻻ ﯾﻜﺎد ﯾﻄﻠﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ أﺣﺪ‪ ،‬وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ أﻗﻞ اﻟﺴﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻓﯿﮫ اﻷﻧﺜﻰ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ﻛﺜﯿ ﺮون إﻟ ﻰ أن اﻷﻧﺜ ﻰ‬
‫ﺖ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ﯾﺤ ﻀﻦ‪،‬‬ ‫ﻞ ﻣﺎ ﺳﻤﻌ ُ‬ ‫ﻗﺪ ﺗﺤﯿﺾ ﻟﺘﺴﻊ ﺳﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى اﻟﺮﺑﯿﻊ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺎل )أﻋﺠ ُ‬
‫ﻧﺴﺎءٌ ﺑﺘﮭﺎﻣﺔ‪ ،‬ﯾﺤﻀﻦ ﻟﺘﺴﻊ ﺳﻨﯿﻦ(‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »إذا ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﺗﺴﻊ ﺳ ﻨﯿﻦ‬
‫ﻓﮭﻲ اﻣﺮأة«‪ .‬وﻟﻤﺎ روى ﺣﺮﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻟﮫ )رأﯾﺖ ﺑﺼﻨﻌﺎء ﺟﺪة ﺑﻨﺖ إﺣﺪى وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺳ ﻨﺔ‪،‬‬
‫ﺣﺎﺿ ﺖ اﺑﻨ ﺔ ﺗ ﺴﻊ ووﻟ ﺪت اﺑﻨ ﺔ ﻋ ﺸﺮ‪ ،‬وﺣﺎﺿ ﺖ اﻟﺒﻨ ﺖ اﺑﻨ ﺔ ﺗ ﺴﻊ ووﻟ ﺪت اﺑﻨ ﺔ ﻋ ﺸﺮ(‪ .‬روى ھ ﺬه‬
‫ﻦ ﻟﻠﺤ ﯿﺾ‪ ،‬ﻓﻤﻨﻄﻘ ﺔ‬ ‫اﻷﻗ ﻮال اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﻜﺒ ﺮى‪ .‬واﻟ ﺼﺤﯿﺢ ھ ﻮ أﻧ ﮫ ﻻ ﺣ ﱠﺪ ﻷﻗ ﻞ ﺳ ٍ‬
‫ﺣﺎرة ﻛﺘﮭﺎﻣﺔ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﯿﺾ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻧﺜﻰ وھﻲ ﺑﻨﺖ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻨﻄﻘ ﺔ ﺑ ﺎردة ﻛﺘﺮﻛﯿ ﺔ ﯾﻐﻠ ﺐ‬
‫أن ﺗﺤﯿﺾ اﻹﻧ ﺎث ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻦ ﺑﻌ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻨﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺣ ﺼﻠﺖ ﻓ ﻲ إﻓﺮﯾﻘﯿ ﺔ ﺣ ﺎﻻت ﺣ ﯿﺾ‬
‫ﺠ ِﺮ ﻓ ﻲ‬
‫ﺖ ﺳﻨﯿﻦ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن ﺗﻌﯿﯿﻦ أﻗ ﻞ ﺳ ﻦﱟ ﻟﻠﺤ ﯿﺾ واﻟﺒﻠ ﻮغ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻤﻜ ﻦ‪ ،‬وﻟ ﻢ َﯾ ْ‬ ‫ﻹﻧﺎث ﺑﻠﻐﻦ ﺳ ﱠ‬
‫اﻟﺸﺮع ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻟﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻋﻠﻰ ﺳﻦﱟ ﻻﻧﻘﻄﺎع اﻟﺤﯿﺾ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﯿ ﮫ أﯾ ﻀﺎً ‪ ،‬وﻏ ﺎﻟﺒﯿﺘﮭﻢ ﯾﻘﺪروﻧ ﮫ ﺑﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺨﻤ ﺴﯿﻦ‬
‫واﻟﺴﺘﯿﻦ‪ ،‬واﻷﺻﺢ ﻋﺪم اﻟﺘﺤﺪﯾﺪ‪ ،‬ﻓﺄﯾﱠﺔ أﻧﺜﻰ ﺗﺮى اﻟﺪم ﻓﮭﻲ ﺣﺎﺋﺾ ﺳﻮاء ﺑﻠﻐﺖ اﻷرﺑﻌﯿﻦ أو اﻟ ﺴﺒﻌﯿﻦ‬
‫ﻣﺎ دام اﻟﺪم دم ﺣﯿﺾ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿًﺎ‪ :‬إﺳﻼم اﻟﻜﺎﻓﺮ‬

‫وھـﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﯾﺸﻤـﻞ ﻣﻦ أﺳﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻔــﺎر اﺑﺘـﺪاءً وﻣـﻦ أﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ ر ﱠد ٍة ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻛﺮاً أو أﻧﺜ ﻰ‪.‬‬
‫وﻗـﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓـﻲ ﺣﻜـﻢ اﻏﺘﺴﺎل اﻟﻜﺎﻓـﺮ إذا أﺳﻠﻢ ﻋﻠـﻰ ﺛﻼﺛـﺔ آراء رﺋﯿﺴﯿـﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻓﺬھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﻨ ﮫ إﻟ ﻰ اﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ إذا أﺳ ﻠﻢ ﻋﻤﻮﻣ ًﺎ‪.‬‬
‫وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﻮﺟﻮب ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أﺟﻨﺐ وﻟﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﺣﺎل ﻛﻔﺮه‪ ،‬ﻓﺈن اﻏﺘﺴﻞ ﻟﻢ ﯾﺠﺐ‪.‬‬

‫‪ -2‬وذھﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻟﻐﺴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮ إن أﺟﻨﺐ ﺳﻮاء اﻏﺘ ﺴﻞ أو‬
‫ﻟﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ‪.‬‬

‫‪ -3‬وذھﺐ أﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ ﺛﻮر واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻏﺘ ﺴﺎل اﻟﻜ ﺎﻓﺮ إﻃﻼﻗ ﺎً ﺳ ﻮاء أﺟﻨ ﺐ‬
‫أو ﻟﻢ ﯾﺠﻨﺐ‪ ،‬اﻏﺘﺴﻞ أو ﻟﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻵراء اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻧﺠ ﺪ أن ﻣ ﺪار اﻟﺒﺤ ﺚ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺮأي‬
‫اﻷول ﻋﻤﱠﻢ اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻏﺘﺴﺎل اﻟﻜﻔﺎر‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ وﺗﻜﻠﯿﻒ‪ ،‬وأن اﻟﺼﺒﯿﺎن ﻏﯿﺮ‬
‫ﺟﻨُﺐ‬
‫ﻣﻜﻠﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﺘﺨﺮج ﻋﻨﺪﻧﺎ أن اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻗﺪ ﻋُﻤﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎر‪ ،‬واﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻨﮭﻢ ُ‬
‫ﻋﻤﱢﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أﺟﻨﺐ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎر‪ ،‬ورواﯾﺔ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮأي‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﺮأي اﻷول ﻗﺪ ُ‬
‫اﻷول واﺿﺢ ﻓﯿﮭﺎ أن ﻣﺪار اﻻﻏﺘﺴﺎل إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻮاﺿﺢ ﻓﯿﮫ أن ﻣﺪار اﻟﺒﺤﺚ ھﻮ ﺟﻨﺎﺑﺔ اﻟﻜﻔﺎر‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻤﺪاره ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﺳ ﻠﺒ ًﺎ وإﺛﺒﺎﺗ ًﺎ )أﺟﻨ ﺐ أو ﻟ ﻢ ﯾﺠﻨ ﺐ(‪ ،‬أ ﱠﻣ ﺎ إﺛﺒﺎﺗ ًﺎ ﻓﻮاﺿ ﺢ‪،‬‬
‫وھﻮ ﯾﻤﺎﺛﻞ اﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺳﻠﺒﺎً ﻓﮭﻮ ﯾُﺨﺮج اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺪار اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وإن ﺑﻘﻲ ﻟﮫ ﺗﻌﻠﱡﻖ ﺑﮭﺎ‪ .‬وھﺬا‬
‫اﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﯾﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟ ﻰ أن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ھﻨ ﺎ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ اﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻜﻔ ﺎر إذا أﺳ ﻠﻤﻮا‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻏﺘ ﺴﺎل‪ .‬واﻟﻮاﺟ ﺐ ھﻨ ﺎ ھ ﻮ أن اﻟﺒﺤ ﺚ ﯾﺠ ﺐ أن ﯾُﺤ ﺼﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺒ ﺎﻟﻐﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻜﻔ ﺎر‬
‫وﻋﺪم إدﺧﺎل ﺻﺒﯿﺎن اﻟﻜﻔ ﺎر ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ھ ﻮ ﺗﻜﻠﯿ ﻒ‪ ،‬واﻟ ﺼﺒﻲ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ‬

‫‪146‬‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﻜﻠﱠﻒ‪ ،‬وﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻮاردة ﻓﻲ ھﺬا اﻻﻏﺘﺴﺎل ﯾﺠﺐ أن ﺗُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺺ واﺣﺪ ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﺒﻲ ﻛﺎﻓﺮ أن ﯾﻐﺘﺴﻞ إذا أﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫ﯾﻮﺟﺪ ﻧ ﱞ‬

‫وﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﺑﮭﺬا اﻟ ﺮأي ﻧﻘ ﻮل إن أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻗ ﺪ أﺧﻄ ﺄوا ﺣﯿﻨﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا )أو ﻟ ﻢ ﯾﺠﻨ ﺐ(‬
‫ﻷن ھﺬا اﻟﻘﻮل ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺼﺒﯿﺎن‪ ،‬واﻷﺻﻞ ﻋﺪم إدﺧﺎل اﻟﺼﺒﯿﺎن‪ ،‬ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮭ ﻢ ﺟﻌﻠ ﻮا اﻻﻏﺘ ﺴﺎل واﺟﺒ ﺎً‪،‬‬
‫وﻻ ﯾ ﺼﺢ أن ﯾُﻮﺟﺒ ﻮا ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﺒﯿﺎن ﺗﻜﻠﯿﻔ ﺎً‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺨﻄ ﺄ ھ ﻮ ﻗ ﺴﻢ اﻟ ﺴﻠﺐ اﻟ ﺬي أﺷ ﺮﻧﺎ إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫أﺧﺮﺟﻨﺎه ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﺳﻮى اﻟﻘﻮل إن اﻵراء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺪارھﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺑﺔ اﻟﻜﻔﺎر‪ .‬ھﺬه واﺣﺪة‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﮭ ﻲ أن اﻟﺮواﯾ ﺔ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﺿ ﻤﻦ اﻟ ﺮأي اﻷول ﻗ ﺪ ﺗ ﻀﻤﻨﺖ ﺧﻄ ﺄ ﺑﯿﱢﻨ ﺎً‪ ،‬ھ ﺬا‬
‫ﻼ ﺷﺮﻋﯿﺎً‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم اﻟﺬي ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﻻ ﯾﻐﯿ ﺐ ﻋ ﻦ ذھ ﻦ ﻓﻘﯿ ﮫ ھ ﻮ‬ ‫اﻟﺨﻄﺄ ھﻮ اﻋﺘﺒﺎر ﻏﺴﻞ اﻟﻜﻔﺎر ﻏﺴ ً‬
‫ﻼ ﺷ ﺮﻋﯿ ًﺎ‬ ‫أن اﻟﻐﺴﻞ ﻋﺒ ﺎدة ‪ ،‬واﻟﻌﺒ ﺎدة ﻻ ﺗ ﺼﺢ ﻣ ﻦ ﻛ ﺎﻓﺮ ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻ ﻞ أن ﻻ ﯾُﻌﺘﺒ ﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﺎر ﻏ ﺴ ً‬
‫ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮫ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﯿﺔ‪ ،‬واﻟﻜﻔﺎر ﺣﯿﻦ ﯾﻐﺘﺴﻠﻮن إﻧﻤ ﺎ ﯾﻐﺘ ﺴﻠﻮن ﻷﺟ ﻞ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ وﻟ ﯿﺲ ﺗﻌﺒﱡ ﺪًا ﻣﻘﺮوﻧ ﺎً‬
‫ﺑﻨﯿﱠﺔ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺟﺎء ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻜﻔﺎر أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﯾﻐﺘﺴﻠﻮن ﺑﻨﯿﺔ وﯾﻐﺘﺴﻠﻮن ﺗﻌ ﱡﺒ ﺪًا ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل ﻟ ﮫ إن‬
‫اﻹﺳﻼم ﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ ﻋﺒﺎدة ﺷﺮﻋﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ إن اﻹﺳﻼم ﯾﻌﺘﺮف ﻷھﻞ اﻷدﯾﺎن ﺑﺤﻘﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﱡﺪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻻﻋﺘﺮاف ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺴﻤﺎح ﻟﮭﻢ‬
‫ﺑ ﮫ وﻋ ﺪم ﻣ ﻨﻌﮭﻢ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﯾﻌﺘﺒ ﺮه ﻋﺒ ﺎدة ﺗ ﺼﺢ ﺷ ﺮﻋﺎً وﯾﺘﺮﺗ ﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﺘﺮﺗ ﺐ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋﺒﺎدﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﺑﻘﻮﻟﮫ أن ﻻ ﯾﺮﺗﱢﺐ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎدة ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ‬
‫ﻏ ﺴﻠﮭﻢ وﻋﺪﻣ ﮫ ﺳ ﻮاء دون أي ﻓ ﺎرق ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﺑﮭ ﺬه‬
‫أن اﻟﻜﻔﺎر ﻻ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﻐﺴﻠﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﺘﺒ ﺮ ُ‬
‫اﻟﻔﻜ ﺮة ﻧﻘ ﻮل إن ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ﯾﺒﻘ ﻰ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ أﺟﻨ ﺐ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺒ ﺎﻗﻲ داﺧ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺒﻘ ﻰ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ رأﯾ ﺎن اﺛﻨ ﺎن ﻓﺤ ﺴﺐ ﯾ ﺴﺘﺤﻘﺎن اﻟﻮﻗ ﻮف واﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ‪ :‬اﻷول ﯾﻘ ﻮل ﺑﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎب‬
‫ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ إذا أﺳ ﻠﻢ ‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل ﺑﻮﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻠﮫ‪ .‬وﺣﺘ ﻰ ﻧﻌ ﺮف أﯾ ﺎً ﻣ ﻦ ھ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺮأﯾﯿﻦ ھ ﻮ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ ﯾﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ھﻲ‪:‬‬

‫ن ﺛﻤﺎﻣــﺔ ﺑﻦ اُﺛﺎل أو أُﺛﺎﻟــﺔ أﺳ ﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ » أ ﱠ‬
‫‪ :‬اذھﺒ ﻮا ﺑ ﮫ إﻟ ﻰ ﺣ ﺎﺋﻂ ﺑﻨ ﻲ ﻓ ﻼن ﻓ ُﻤ ﺮُوه أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ُ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺧﻠﯿﻔﺔ ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ ﺑﻦ ﻗﯿﺲ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﻋﻦ أﺑﯿ ﮫ »أن ﺟ ﺪه ﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ ﻋﺎﺻ ﻢ أﺳ ﻠﻢ ﻋﻠ ﻰ‬

‫ﻋﮭ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓ ﺄﻣﺮه أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﺑﻤ ﺎء و ِ‬
‫ﺳ ﺪْر« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪ -3‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﯿﺮة اﺑﻦ ھﺸﺎم ﻓﯿﻤﺎ رواه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﻖ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ إﺳﻼم أُﺳﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺣ ﻀﯿﺮ ﻗ ﻮل‬
‫ﻋﻤَﯿ ﺮ وأﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ‬
‫أُﺳﯿﺪ »ﻛﯿﻒ ﺗﺼﻨﻌﻮن إذا أردﺗﻢ أن ﺗﺪﺧﻠﻮا ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﯾﻦ؟ ﻗ ﺎﻻ‪ -‬أي ﻣ ﺼﻌﺐ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻄﮭﱠﺮ وﺗُﻄﮭﱢﺮ ﺛﻮﺑﯿﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺸﮭﺪ ﺷﮭﺎدة اﻟﺤﻖ ﺛﻢ ﺗﺼﻠﻲ«‪.‬‬ ‫زُرارة ‪ -‬ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻓﺘ ﱠ‬

‫وﻧﺤﻦ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﮭﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻧﻄﺮح ﺣﺪﯾﺜﯿﻦ رواھﻤﺎ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ إﺳﻼم واﺛﻠﺔ وﻗﺘ ﺎدة‬
‫اﻟﺮﱠھﺎوي‪ ،‬وﺣﺪﯾﺜ ًﺎ رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ إﺳﻼم ﻋﻘﯿ ﻞ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ‪ ،‬ﻷن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ‬
‫اﻹﺳﻨﺎد ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ أﻣ ٌﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻟﻤ ﻦ أﺳ ﻠﻢ ‪ -‬وھ ﻮ ﺛُﻤﺎﻣ ﺔ ‪ -‬ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬وﺣﯿﻨﻤ ﺎ رﺟﻌﻨ ﺎ‬
‫إﻟﻰ أﺻﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ وﺟﺪﻧﺎ أن ﺛُﻤﺎﻣــﺔ ﻗــﺪ ذھﺐ ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ أوﻻً‪ ،‬ﺛﻢ ﻋ ﺎد ﻓﺄﺳ ﻠﻢ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺪ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن اﻏﺘﺴﺎل ﺛُﻤﺎﻣﺔ ﺣﺼﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ‪ ،‬ودﻻﻟ ﺔ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣ ﱠﺒ ﺎن‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤـﯿﻦ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﮭــﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﻨﺺ اﻟﻤ ﺮوي ﻋﻨـ ـﺪ أﺣﻤ ﺪ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤــﺔ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾُﺘﺼﻮر أن ﯾﻜــﻮن ﺛُﻤﺎﻣــﺔ ﻗــﺪ اﻏﺘ ﺴﻞ دون أﻣ ﺮٍ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬أو أﻣ ﺮٍ‬‫واﺑﻦ ُ‬
‫ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ وإﻗﺮار ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﻨ ﮫ ﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻘﮫ أﻣ ﺮٌ ﺷ ﺮﻋﻲ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ھﻮ ﻣﺴﺘﻔﺎد رواﯾﺔ أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ أﻣ ٌﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟﻤ ﻦ أﺳ ﻠﻢ‪ ،‬وھ ﻮ ﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ ﻋﺎﺻ ﻢ‬
‫ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل‪ .‬وأﻧﺎ ﻻ اذھﺐ إﻟﻰ ﻗﻮل ﻣﻦ ﯾﻘﻮل إن اﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب إﻻ أن ﺗﺼﺮﻓﮫ ﻗﺮﯾﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﻨ ﺪب‬
‫أو اﻹﺑﺎﺣﺔ‪ ،‬وإﻻ ﻻﻧﺘﮭﻰ اﻷﻣﺮ وﻟﺒﺎن أن اﻻﻏﺘ ﺴﺎل واﺟ ﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﻲ أذھ ﺐ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل إن اﻷﻣ ﺮ ﯾﻔﯿ ﺪ‬
‫ﻣﻄﻠ ﻖ اﻟﻄﻠ ﺐ‪ ،‬واﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺼﺮﻓﮫ إﻟ ﻰ اﻹﯾﺠ ﺎب أو اﻟﻨ ﺪب أو اﻹﺑﺎﺣ ﺔ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ أﻗ ﻮل‪:‬‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﻓﯿﮭﻤﺎ أﻣ ٌﺮ ‪ ،‬واﻷﻣﺮ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬وﻟﺬا وﺟﺐ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﺗﺤﺪد اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﻔﺎد‪،‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ أن ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻓﮭ ﻲ ﻣﻮﺟ ﻮدة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﯿﺮة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ وإن ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻮﻓًﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺎﺑﯿﯿﻦ إﻻ أن ﻟﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓﻊ‪ ،‬إذ ﯾﺒﻌﺪ ﺟﺪًا أن ﯾﻜﻮن اﻟﺼﺤﺎﺑﯿﺎن ﻗﺪ‬
‫ﻄﮭﱠﺮ وﺗﻄﮭﱢﺮ ﺛﻮﺑﯿﻚ ﺛﻢ ﺗﺸﮭﺪ ﺷﮭﺎدة اﻟﺤﻖ ﺛ ﻢ‬ ‫ﻗﺎﻻ ﻣﺎ ﻗﺎﻻ اﺟﺘﮭﺎداً ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻓ َﺘ ﱠ‬
‫ﺗﺼﻠﻲ« وﻣﻦ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾُﺆﺧﺬ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ھﺬا اﻟﻘﻮل ر ﱞد ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أﺳﻘﻄﻮا ﻋﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮ إذا أﺳ ﻠﻢ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤ ﺎ رواه‬
‫أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ اﻟﻌ ﺎص أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻟ ﮫ »‪ ...‬إن اﻹﺳ ﻼم َﯾﺠُ ﱡ‬
‫ﺐ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻗﺒﻠ ﮫ«‬
‫ﻷن ﺣﺪﯾﺜﮭﻢ ﻋﺎم‪ ،‬وﺣﺪﯾﺜﻨﺎ ھﺬا ﺧﺎص‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم ﺑﺪاھﺔ ﺗﻘﺪﯾ ُﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺨﺎص‪.‬‬

‫ﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻘﯿ ﺎم ﺑﻌ ﺪة أﻋﻤ ﺎل‬

‫‪ -2‬وھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻐﺴﻞ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻏﺴ ٌ‬
‫ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ اﻻﻏﺘﺴﺎل واﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ وﻏﺴﻞ اﻟﺜﻮب واﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدة ﺗﺴﺒﻖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﻔﯿ ﺪ أﻧ ﮫ‬
‫ﻻ ﺻ ﻼة إﻻ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل واﻟﺘﱠﻄ ﱡﮭ ﺮ وﻏ ﺴﻞ اﻟﺜ ﻮب واﻹﺳ ﻼم‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻗﺘ ﺮن اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﺑ ﺄداء‬
‫اﻟﺼﻼة دل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻐﺴﻞ ھﻮ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬أو ﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻤ ﮫ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨ ﺴﺎء وھ ﻮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺤ ﯿﺾ‪،‬‬
‫ﻓﺈذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﻐﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ ﺷ ﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة أدرﻛﻨ ﺎ أن ھ ﺬا اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‬
‫واﺟﺐ‪.‬‬

‫‪ -3‬إن اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ إذا أﺳ ﻠﻢ أن ﯾﻐ ﺴﻞ ﺛﻮﺑ ﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻜ ﺎﻓﺮ ھ ﺬا ﯾُﻄﻠ ﺐ ﻣﻨ ﮫ اﻟﻘﯿ ﺎم‬
‫ﺑﻜﺎﻣﻞ اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﻗﺒﻞ أداء اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻛﺎﻣﻞُ اﻟﺘﱠﻄ ﱡﮭﺮِ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ وﻏ ﺴﻞ اﻟﺜ ﻮب واﻟﺒ ﺪن ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬واﻟﻮﺿﻮء ﯾﺪﺧﻞ ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ وإﻻ ﻟﻨُﺺﱠ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻔﯿﺪ أن اﻟﻜﺎﻓﺮ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫أن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫ أن ﯾﻐﺴﻞ ﺛﻮﺑﮫ ر ﱞد ﺣﺎﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا إن‬
‫ﺐ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺒﻠﮫ« إذ ﻟﻮ ﻛﺎن‬ ‫ﺠ ﱡ‬
‫اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺷﻲء ﻗﺒﻞ إﺳﻼﻣﮫ ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺤﺪﯾﺚ »إن اﻹﺳﻼم َﯾ ُ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﻤﺎ ﻃﻠ ﺐ ﻣﻨ ﮫ أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ ﻃﻠ ﺐ ﻣﻨ ﮫ أن ﯾﺘﻄﮭ ﺮ وﻟﻤ ﺎ‬
‫ﻃﻠﺐ ﻣﻨﮫ أن ﯾﻐﺴﻞ ﺛﻮﺑﮫ ‪ ،‬ﺑﻞ إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﯿﻦ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وأُﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺒﻠﯿﻎ ﻋﻦ رﺑﮫ ﻧﺰل‬
‫ﻄﮭﱢﺮ[‪.‬‬
‫ﻚﻓَ‬ ‫ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﺛﯿﺎ َﺑ َ‬

‫ﻟﮭﺬه اﻟﺒﻨ ﻮد اﻟﺜـﻼﺛـ ـﺔ ﻧﻘ ـﻮل إن اﻟﻐ ﺴـﻞ ھ ـﻮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨـ ـﺎﺑﺔ وإﻧـ ـﮫ ﻻ ﯾ ﺴﻘـﻂ ﻋ ـﻦ اﻟﻜﺎﻓـ ـﺮ إذا‬
‫أﺳﻠﻢ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن ھــﺬا اﻟﻐﺴﻞ ھـﻮ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑــﺔ ‪ ،‬ﻓـﺈن اﻷﻣــﺮ اﻟ ﻮارد ﻓـ ـﻲ ﺣﺪﯾﺜـ ـﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﻨﺒﻐــﻲ أن ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠـﻰ اﻟﻮﺟـﻮب‪ .‬وھﻜـﺬا ﯾﺘﺒﯿﻦ وﺟﮫ اﻟﺤـﻖ ﻓـﻲ ھـﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ن ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻤﻦ أﺳﻠﻤﻮا ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎر ﻟ ﻢ ُﯾ ْﺮ َو ﻋ ﻨﮭﻢ أﻧﮭ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻮا‬
‫أﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﺒﺎب ‪ :‬إ ﱠ‬
‫أو ﻃُﻠﺐ ﻣﻨﮭﻢ اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬وإن ذﻟﻚ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻏﯿﺮ واﺟﺐ وأﻧ ﮫ ﻣﻨ ﺪوب ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻨ ﺮد‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﺳﻠﱠﻤﻨﺎ ﺑﺼﺤﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻜﺎن اﻻﻏﺘﺴﺎل ﯾﺘﺮدد ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻨﺪوب واﻟﻤﺒﺎح‪ ،‬ﻓﻤﻦ أﯾﻦ ﻟﮭﻢ ﺣﻜ ﻢ‬
‫اﻟﻨﺪب وردﱡ اﻹﺑﺎﺣ ﺔ؟ اﻟﻠﮭ ﻢ إﻻ أن ﯾﺴﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑﺄﺣﺎدﯾﺜﻨ ﺎ ھ ﺬه؟ وھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ واﺿ ﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ اﻟﻜﺎﻓﺮ إذا أﺳﻠﻢ ھﻮ ﻏُﺴﻞ واﺟﺐ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿ ﺖ ﻧﻘﻄ ﺔ ﺟﺪﯾ ﺪة ھ ﻲ ﻗ ﻮل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ إن اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐ ھ ﻮ ﺣﻠ ﻖ ﺷ ﻌﺮ اﻟﻜ ﺎﻓﺮ إذا أﺳ ﻠﻢ ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ‬
‫ﻋﺜَﯿﻢ ﺑﻦ ﻛﻠﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه »أﻧﮫ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ أﺳ ﻠﻤﺖ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ‬ ‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ُ‬
‫‪ :r‬أﻟﻖ ﻋﻨﻚ ﺷﻌﺮ اﻟﻜﻔﺮ ‪ ،‬ﯾﻘﻮل‪ :‬اﺣﻠﻖ‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬وأﺧﺒﺮﻧﻲ آﺧﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻵﺧﺮ ﻣﻌﮫ ‪ :‬أﻟﻖ ﻋﻨﻚ‬
‫ﺷ ﻌﺮ اﻟﻜﻔ ﺮ واﺧﺘ ﺘﻦ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓﻨﻘ ﻮل إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻷن ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺟ ﺮﯾﺞ أﺑﮭ ﻢ اﺳ ﻢ اﻟ ﺸﺨﺺ اﻟ ﺬي أﺧﺒ ﺮه ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ ﻋﺜ ﯿﻢ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬ ‫ﻣﺠﮭ ﻮﻻً‪ ،‬ﻓ ﺎﺑﻦ ُ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ ﯾُﺤﺘﺞ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻜﺎﻓﺮ إذا أﺳﻠﻢ ﯾﺤﻠﻖ رأﺳﮫ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜًﺎ‪ :‬اﻟﻤﻮت‬
‫ﯾﻔﺘﺮق ﻏُﺴﻞ اﻟﻤﯿﺖ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻷﻏﺴﺎل اﻟﻮاﺟﺒﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن وﺟﻮﺑ ﮫ ﯾﻘ ﻊ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺎﺣﺒﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻷﻏ ﺴﺎل اﻷﺧ ﺮى ﯾﻘ ﻊ وﺟﻮﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ‬

‫أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫ض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻷﻏﺴﺎل اﻷﺧﺮى ﻓﺮوض ﻋﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -2‬ھﻮ ﻓﺮ ٌ‬

‫‪ -3‬ﯾﻜ ﻮن واﺟﺒ ًﺎ أﺣﯿﺎﻧ ًﺎ ‪ -‬وھ ﻮ ﻟﻌﻤ ﻮم اﻷﻣ ﻮات ‪ -‬وﯾﻜ ﻮن ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ أﺣﯿﺎﻧ ًﺎ أﺧ ﺮى‬
‫‪ -‬وھﻮ ﻟﻠﺸﮭﯿﺪ ‪ -‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻷﻏﺴﺎل اﻷﺧﺮى واﺟﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذھﺐ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻮن ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ھ ﻮ‬
‫ﻣﺴﺘﺤﺐ ﻓﻘﻂ ﻷﻧﮫ ﻏﺴﻞ ﺗﻨﻈﯿﻒ وﻟ ﯿﺲ ﻏ ﺴﻞ ﻋﺒ ﺎدة‪ ،‬واﻟ ﺼﺤﯿﺢ ھ ﻮ أن ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ ﻓ ﺮض‪ ،‬وأﻧ ﮫ‬
‫ﺣﻖ واﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﯿﺎء ﺗﺠﺎه اﻷﻣﻮات ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ ورد ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻐ ﺴﻞ أﺣﺎدﯾ ﺚ أذﻛ ﺮ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ أم ﻋﻄﯿ ﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »دﺧ ﻞ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ ﻧﻐ ﺴﻞ اﺑﻨﺘ ﮫ ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬اﻏ ﺴِ ْﻠﻨَﮭﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ أو‬
‫ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺑﻤ ﺎء وﺳ ﺪر‪ ،‬واﺟﻌﻠ ﻦ ﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮة ﻛ ﺎﻓﻮرًا أو ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻣ ﻦ‬ ‫ن رأﯾ ُﺘ ﱠ‬
‫ﺧﻤﺴﺎً أو أﻛﺜﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ‪ ،‬إ ْ‬
‫ﺣﻘْﻮه ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺷْ ﻌِﺮْﻧَﮭﺎ إﯾ ﺎه« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬‫ﻏ ُﺘﻦﱠ ﻓﺂ ِذﻧﱠﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻏﻨﺎ آذﻧﱠﺎه‪ ،‬ﻓﺄﻟﻘﻰ إﻟﯿﻨﺎ َ‬
‫ﻛﺎﻓﻮر‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺮ ْ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأھﻞ اﻟ ﺴﻨﻦ‪ .‬وروى اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ﻋ ﻦ أم ﻋﻄﯿ ﺔ رﺿ ﻰ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﺑﻨﺘﮫ »اﺑﺪأن ﺑﻤﯿﺎﻣﻨﮭﺎ وﻣﻮاﺿ ﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨﮭ ﺎ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »‪...‬‬
‫ﺤ ْﻘ ﻮ‪ :‬ھ ﻮ اﻹزار‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ‬ ‫َﻓ ﻀَﻔَﺮﻧﺎ ﺷ ﻌﺮھﺎ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻗ ﺮون وأﻟﻘﯿﻨﺎھ ﺎ ﺧﻠﻔﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬واﻟ َ‬
‫ﻞ ﻓﻲ‬ ‫أﺷ ِﻌﺮْﻧﮭﺎ‪ :‬أي ُأ ْﻟ ُﻔ ْﻔﻨَﮭﺎ ﻓﯿﮫ‪ ،‬واﻟﺸﱢﻌﺎر ﻣﻦ اﻟﺜﯿﺎب‪ :‬ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﺠﺴﺪ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﺮواﯾﺎﺗ ﮫ أﺻ ٌ‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﻤﯿﺖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﻤﺎ رﺟﻞ واﻗﻒ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻌﺮﻓﺔ إذ وﻗﻊ ﻣﻦ‬
‫راﺣﻠﺘﮫ ﻓﺄ ْﻗﺼَﻌﺘﮫ ‪ -‬أو ﻗﺎل ﻓﺄﻗﻌﺼﺘﮫ ‪ -‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬اﻏﺴﻠﻮه ﺑﻤﺎء وﺳﺪر وﻛﻔﱢﻨﻮه ﻓﻲ ﺛﻮﺑﯿﻦ‪،‬‬

‫‪149‬‬
‫ﺨﻤﱢﺮوا رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﷲ ﯾﺒﻌﺜ ﮫ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ ﻣُﻠﺒﱢﯿ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وھ ﻮ‬
‫وﻻ ﺗُﺤﻨﱢﻄﻮه‪ ،‬وﻻ ُﺗ َ‬
‫ﺤﺮِم‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾُﻜﻔﱠﻦ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ اﻹﺣﺮام وﻻ ﯾﺤﻨﱠﻂ وﻻ ﯾُﻐﻄﻰ رأﺳﮫ‪.‬‬ ‫أﺻ ٌﻞ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟ ُﻤ ْ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ ﻣ ﻦ ﻗﺘﻠ ﻰ ُأﺣُ ﺪٍ ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب‬
‫واﺣﺪ ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬أﯾﮭﻢ أﻛﺜﺮ أﺧﺬاً ﻟﻠﻘﺮآن؟ ﻓﺈذا أُﺷﯿﺮ ﻟﮫ إﻟﻰ أﺣﺪھﻤﺎ ﻗﺪﱠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﺪ وﻗ ﺎل‪ :‬أﻧ ﺎ ﺷ ﮭﯿﺪ‬
‫ﻋﻠ ﻰ ھ ﺆﻻء‪ ،‬وأﻣ ﺮ ﺑ ﺪﻓﻨﮭﻢ ﺑ ﺪﻣﺎﺋﮭﻢ وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻞﱢ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ وﻟ ﻢ ﯾﻐ ﺴﱢﻠﮭﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧﱠ ﮫ ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ ﻗﺘﻠ ﻰ أُﺣُ ﺪ »ﻻ ُﺗ َﻐ ﺴﱢﻠﻮھﻢ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﻛﻞ ﺟﺮح أو ﻛﻞ دم ﯾﻔﻮح ﻣِﺴﻜًﺎ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺼﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ«‪ .‬وھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﺻ ٌﻞ ﻓ ﻲ ﻋ ﺪم‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﺸﮭﯿﺪ‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾُﺪﻓﻦ ﺑﺜﯿﺎﺑﮫ وﻻ ﯾُﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈن دﻣﺎءه ﺳﺘﻔﻮح ﻣِﺴﻜ ًﺎ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﺒﯿﻦ ﻛﯿﻒ ﯾﻐ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬وأن اﻟﻐﺎﺳ ﻞ ﻟ ﮫ ﯾﺒ ﺪأ ﺑﻤﯿﺎﻣﻨ ﮫ وﻣﻮاﺿ ﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨ ﮫ‬
‫ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﺳ ﺎﺋﺮ ﺑﺪﻧ ﮫ‪ ،‬و ُﯾ ﺴﺘﺤﺐ أن ﯾُﻐ ﺴﻞ ﺛﻼﺛ ًﺎ أو أﻛﺜ ﺮ وﻻ ُﯾ ﺰاد ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺒﻊ‪ ،‬وﯾُﺠﻌ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﺪر ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻒ وھﻮ اﻟﯿﻮم اﻟ ﺼﺎﺑﻮن‪ ،‬واﻟﻘﻠﯿ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻜ ﺎﻓﻮر ﻟﻠﺘﺤﻨ ﯿﻂ واﻟﺘﻄﯿﯿ ﺐ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﺄس‬ ‫اﻟﻘﻠﯿ ُ‬
‫ﺑﻮﺿﻊ أي ﻃﯿﺐ آﺧﺮ‪.‬‬

‫ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬رﻏ ﻢ أن ھ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻣﻜﺎﻧ ﮫ ﻛﺘ ﺎب‬ ‫وﻹﺗﻤ ﺎم اﻟﻔﺎﺋ ﺪة أذﻛ ﺮ ﻋ ﺪداً ﻣ ﻦ أﺣﻜ ﺎم ُ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ وﻟﯿﺲ ﻛﺘﺎب اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل‪ :‬ﯾﻠ ﻲ ﻏ ﺴﻞَ اﻟﻤﯿ ﺖ زوﺟ ُﺘ ﮫ إن ﻛ ﺎن ﻣﺘﺰوﺟ ﺎً ‪ ،‬أو زوﺟﮭ ﺎ إن‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺰوﺟﺔ ‪ ،‬واﻷﻗﺎرب ‪ :‬اﻷﻗﺮب ﻓﺎﻷﻗﺮب‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺘ ﻮﻓﱠﻰ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ أھﻠ ﮫ ﻏ ﺴﱠﻠﮫ اﻟﺮﺟ ﺎل إن‬
‫ﻛﺎن رﺟﻼً‪ ،‬واﻟﻨﺴﺎء إن ﻛﺎﻧﺖ اﻣﺮأة ‪ ،‬وﻻ ﯾﺤﻞ ﻟﮭﺆﻻء اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻮرﺗﮫ ‪ ،‬ﻷن ﺣُﺮﻣﺔ اﻟﻌﻮرة ﺳﻮاء‬
‫ﻒ اﻟﻐﺎﺳ ُﻞ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺪه ﺧﺮﻗ ًﺔ ﯾﻐ ﺴﻞ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻮرﺗ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾﻤ ﺴﱠﮭﺎ‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن اﻟﻌ ﻮرة‬
‫ﻟﻠﺤﻲ واﻟﻤﯿ ﺖ ‪ ،‬و َﯾُﻠ ﱡ‬
‫ﻣﻐـﻄﱠﺎة‪ ،‬ﻓﯿُﺪﺧﻞ ﯾﺪه ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﻐﻄﺎء‪.‬‬

‫ﺤ ِﺮمٌ ﺑ ﺎﻟﺤﺞ‪ ،‬وﻛ ﺬا اﻟﻌﻤ ﺮة ‪ ،‬وھ ﻮ واﺿ ﺢ ﻻ‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺒﯿﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻏﺴﻞ ﻣﻦ ﻣﺎت وھﻮ ُﻣ ْ‬
‫ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺷﺮﺣﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺒﯿﻦ أن اﻟﺸﮭﯿﺪ ﻻ ﯾُﻐﺴﱠﻞ وﻻ ﺗُﻨﺰع ﺛﯿﺎﺑﮫ ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺪﻓﻦ ﺑﮭﺎ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ دﻣ ﺎء‬
‫‪ ،‬وﻻ ﯾُﺼﻠﱠﻰ ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫راﺑﻌًﺎ‪ :‬اﻟﺤﯿﺾ‬
‫اﻟﺤﯿﺾُ ﻟﻐﺔً‪ :‬اﻟﺴﯿﻼن واﻟﺠﺮﯾﺎن ‪ ،‬ﻓﯿﻘﺎل ﺣﺎﺿﺖ اﻟﻤﺮأة ﺗﺤﯿﺾ ﺣﯿ ﻀ ًﺎ وﻣﺤﯿ ﻀ ًﺎ وﻣﺤﺎﺿ ًﺎ إذا‬
‫ﺳﺎل دﻣﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻤﺮأة ﺣﺎﺋﺾ وﺣﺎﺋﻀﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮫ ﯾﻘﺎل ﻟﻠﺤﻮض ﺣ ﻮض ﻷن اﻟﻤ ﺎء ﯾﺤ ﯿﺾ إﻟﯿ ﮫ أي ﯾ ﺴﯿﻞ‬
‫وﯾﺠﺮي‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺸﺮع ‪ :‬ﺟﺮﯾﺎن دم اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ رﺣﻤﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻠﻮﻏﮭﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﻌﺘﺎدة‪ .‬واﻟﺤ ﯿﺾ ﯾﺠ ﺐ‬
‫ﻟﮫ اﻟﻐﺴﻞ ﺑﻼ ﺧﻼف‪ ،‬وھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬وﻗ ﺪ وردت ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺤ ﯿﺾ اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ »أن اﻟﯿﮭﻮد ﻛﺎﻧﻮا إذا ﺣﺎﺿﺖ اﻟﻤﺮأة ﻓﯿﮭﻢ ﻟﻢ ﯾُﺆاﻛﻠﻮھﺎ وﻟﻢ ﯾﺠﺎﻣﻌﻮھﻦ‬
‫ﺾ ﻗﻞ ھﻮ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻓﺴﺄل أﺻﺤﺎبُ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﻨﺒﻲﱠ ‪ ،r‬ﻓﺄﻧﺰل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪] :‬وﯾﺴﺄﻟﻮﻧﻚ ﻋﻦ اﻟﻤَﺤ ﯿ ِ‬
‫أذىً ﻓﺎﻋﺘﺰﻟﻮا اﻟﻨﱢﺴﺎءَ ﻓﻲ اﻟ َﻤﺤِ ﯿﺾ[‪ ،‬إﻟ ﻰ آﺧ ﺮ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬اﺻ ﻨﻌﻮا ﻛ ﻞ ﺷ ﻲء إﻻ‬
‫اﻟﻨﻜﺎح‪ ،‬ﻓﺒﻠﻎ ذﻟﻚ اﻟﯿﮭﻮد ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ أن ﯾﺪع ﻣﻦ أﻣﺮﻧﺎ ﺷ ﯿﺌًﺎ إﻻ ﺧﺎﻟﻔﻨ ﺎ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء‬
‫ﺣﻀَﯿﺮ وﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﺑﺸﺮ ﻓﻘﺎﻻ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إن اﻟﯿﮭﻮد ﺗﻘﻮل ﻛﺬا وﻛﺬا ﻓﻼ ﻧﺠﺎﻣﻌﮭﻦ‪ ،‬ﻓﺘﻐﯿﱠﺮ‬ ‫أُﺳﯿﺪ ﺑﻦ ُ‬
‫ﺟﺪَ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﺨﺮﺟﺎ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﮭﻤﺎ ھﺪﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻟ ﺒﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬‫وﺟﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﱠﺎ أن ﻗﺪ َو َ‬

‫‪150‬‬
‫ﺠ ﺪْ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ن ﻟ ﻢ َﯾ ِ‬
‫ﻓﺄرﺳ ﻞ ﻓ ﻲ آﺛﺎرھﻤ ﺎ ﻓ ﺴﻘﺎھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻌﺮﻓ ﺎ أ ْ‬
‫ﺟﺪ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ :‬أي ﻏﻀﺐ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪.‬‬ ‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﻟﻢ ﯾﺠﺎﻣﻌﻮھﻦ‪ :‬أي ﯾﺘﺮﻛﻮﻧﮭﻦ وﺣﺪھﻦ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ‪َ :‬و َ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن أﺳﻤﺎء ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺗﺄﺧ ﺬ‬
‫ﻄﮭﱠﺮ ﻓﺘﺤﺴﻦ اﻟﻄﮭﻮر‪ ،‬ﺛﻢ ﺗ ﺼﺐ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮭﺎ ﻓﺘﺪﻟﻜ ﮫ دﻟﻜ ﺎً ﺷ ﺪﯾﺪاً ﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﺳﺪْرﺗﮭﺎ ﻓﺘ ﱠ‬
‫إِﺣﺪاﻛﻦﱠ ﻣﺎءھﺎ و ِ‬
‫ﺗﺒﻠﻎ ﺷﺆون رأﺳﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺼﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﺄﺧ ﺬ ِﻓﺮْﺻ ًﺔ ُﻣﻤَ ﺴﱠﻜﺔً ﻓﺘﻄﱠ ﱠﮭ ﺮ ﺑﮭ ﺎ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ أﺳ ﻤﺎء‪:‬‬
‫ﻄﮭﱠﺮ ﺑﮭﺎ؟ ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﺗﻄﮭﱠﺮﯾﻦ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻛﺄﻧﮭ ﺎ ﺗُﺨﻔ ﻲ ذﻟ ﻚ ‪َ :‬ﺗ َﺘﺒﱠﻌ ﯿﻦ أ َﺛ ﺮ‬ ‫وﻛﯿﻒ َﺗ َ‬
‫ن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫ﺿ ﺌﻲ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ إ ﱠ‬‫اﻟ ﺪم ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆٍ »‪ ...‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺧ ﺬي ﻓِﺮﺻ ﺔ ُﻣ َﻤ ﺴﱠﻜ ًﺔ ﻓﺘﻮ ﱠ‬
‫اﺳﺘﺤﯿﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻋﺮض ﺑﻮﺟﮭﮫ أو ﻗﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿﱠﺌﻲ ﺑﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬﺗُﮭﺎ ﻓﺠ ﺬﺑﺘُﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺒﺮﺗُﮭ ﺎ ﺑﻤ ﺎ ﯾﺮﯾ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪«r‬‬
‫رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺷ ﺆون رأﺳ ﮭﺎ‪ :‬أي أﺻ ﻮل ﺷ ﻌﺮ رأﺳ ﮭﺎ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﻔﺮﺻ ﺔ‬
‫‪ -‬ﻣﺜﻠﱠﺜﺔ ‪ :-‬أي اﻟﻘﻄﻌ ٌﺔ ﻣﻦ اﻟ ﺼﻮف أو اﻟﻘﻄ ﻦ أو ﻣ ﺎ إﻟ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻣُﻤ ﺴﱠﻜﺔ‪ :‬أي ﻣُﻄﯿﱠﺒ ﺔ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﻚ‪.‬‬
‫وأﺳﻤﺎء اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻲ أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﺷَﻜَﻞ اﻷﻧﺼﺎرﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺿ ﻔْﺮ رأﺳ ﻲ‬
‫‪ -3‬ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻗﻠ ﺖ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ :‬إﻧ ﻲ اﻣ ﺮأة أﺷ ﱡﺪ َ‬
‫ﺣﺜَﯿ ﺎت ﺛ ﻢ ﺗُﻔﯿ ﻀﯿﻦ‬
‫أﻓﺄﻧﻘﻀﮫ ﻟﻠﺤﯿﻀﺔ واﻟﺠﻨﺎﺑﺔ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﺤﺜﻲ ﻋﻠﻰ رأﺳ ﻚ ﺛ ﻼث َ‬
‫ﻄﮭُﺮﯾﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪ .‬ووردت ﻓﻲ اﻟﺤ ﯿﺾ أﺣﺎدﯾ ﺚ أﺧ ﺮى ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‬ ‫ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓ َﺘ ْ‬
‫وﻣﻨﮭﺎ اﻟﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬إﻻ أﻧﻨﺎ اﻛﺘﻔﯿﻨﺎ ﺑﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﻐﺮض‪.‬‬

‫ن ﺻﻔﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ ﺗﻤﺎﺛ ﻞ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﺻ ﻔﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪،‬‬‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أ ﱠ‬
‫ﻓﻔﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ إﺟﺎﺑﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺳﺆال أم ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬
‫واﻟﺤ ﯿﺾ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ ﻛﻤ ﺎ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ وﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻧﻘ ﺾ ﺷ ﻌﺮھﺎ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻧﻘﻀﮫ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﺑﺤﺜُﮫ ﻓﻼ ﻧﻌﯿﺪ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ ﺣﺚ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻨﻈﯿ ﻒ واﻟﺘﻄﱡﯿ ﺐ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺰول أﺛ ﺮ اﻟ ﺪم‬

‫ﻄﮭﱠﺮ ﻓﺘﺤﺴﻦ اﻟﻄﮭﻮر ‪ ...‬ﻓﺘﺪﻟﻜﮫ دﻟﻜ ًﺎ ﺷﺪﯾﺪاً ‪ ...‬ﺛﻢ‬
‫وراﺋﺤﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﺗﺄﺧﺬ إﺣﺪاﻛﻦ ﻣﺎءھﺎ وﺳِﺪرﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺘ ﱠ‬
‫ﺗﺄﺧﺬ ﻓِﺮﺻ ﺔ ُﻣ َﻤ ﺴﱠﻜﺔ ‪ ...‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻃﻠ ﺐ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟ ﺴﺪر إﻟ ﻰ ﺟﺎﻧ ﺐ اﻟﻤ ﺎء‪،‬‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺿ ﺎف‪ :‬ﻓﺘﺤ ﺴﻦ اﻟﻄﮭ ﻮر ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬ﺗﺪﻟﻜ ﮫ ‪ ،‬وأﻛ ﺪه‬ ‫وھﻮ ﯾﻌﺎدل اﻟﺼﺎﺑﻮن ﻓﻲ زﻣﻨﻨﺎ‪ ،‬وﻗﺎل ﺗ ﱠ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬دﻟﻜًﺎ ﺷﺪﯾﺪاً‪ ،‬وﻃﻠ ﺐ ﺗﻄﯿﯿ ﺐ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ ﺑﺎﻟﻄﯿ ﺐ ﻟﺘ ﺬھﺐ راﺋﺤ ﺔ اﻟ ﺪم‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ھ ﺬه اﻟﻄﻠﺒ ﺎت ﻛﻠﮭ ﺎ‬
‫ﻣﻨﺪوﺑﺎت وﻟﯿﺴﺖ واﺟﺒﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻨﻈﯿﻒ وﺗﻄﯿﯿﺐ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﺪﻻﻟﺘ ﮫ ﻣ ﻦ دﻻﻟ ﺔ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﻀﻤﱠﻨﮭﺎ‪ ،‬وھ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﻄﮭُ ﺮن‬
‫ﺾ وﻻ َﺗ ْﻘﺮَﺑ ﻮھﻦ ﺣﺘ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﺤﯿ ِ‬ ‫ى ﻓﺎﻋ َﺘﺰِﻟﻮا اﻟﻨﱢ ﺴﺎ َء ﻓ ﻲ اﻟ َﻤ ِ‬
‫ﻦ اﻟ َﻤﺤِﯿﺾ ﻗُ ْﻞ ھﻮ أذ ً‬ ‫ﻋِ‬ ‫ﻚ َ‬ ‫] و َﯾ ْ‬
‫ﺴﺄَﻟﻮ َﻧ َ‬
‫ﺐ اﻟﻤُﺘﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ اﻵﯾﺔ ‪ 222‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﷲ إنﱠ اﷲَ ﯾُﺤﺐﱡ اﻟﺘﱠﻮاﺑﯿﻦ وﯾُﺤ ﱡ‬ ‫ﻓﺈذا ﺗﻄﮭﱠﺮنَ ﻓ ْﺄﺗُﻮھﻦﱠ ﻣِﻦ ﺣﯿﺚُ َأ َﻣ َﺮﻛُﻢ ا ُ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪ .‬واﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ ھﻮ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺾ‪.‬‬

‫أﺣﻜﺎم اﻟﺤﺎﺋﺾ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﺣﻜﺎﻣﮫ اﻟﺘ ﻲ ﻣ ﺮﱠت‪ ،‬وﺗﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻮم واﻟ ﻮطء‬ ‫ﺗﺸﺘﺮك اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻣﻊ اﻟ ُ‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ ﻣ ﻦ‬
‫ﺠﻨُﺐ إن أﺻﺒﺢ ﺻﺎﺋﻤ ًﺎ أﺗ ﱠﻢ ﺻﻮﻣﮫ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﺗُﺘﻢﱡ ﺻ ﻮﻣﮭﺎ‪ ،‬واﻟ ُ‬
‫واﻟﻄﻼق‪ ،‬ﻓﺎﻟ ُ‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ﯾﺠ ﻮز‬
‫اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء ﯾﺠ ﻮز ﻟﮭ ﻢ اﻟﺠﻤ ﺎع ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ ﯾﺤ ﺮم وطء اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪ ،‬واﻟ ُ‬
‫ﻃﻼﻗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﯾﺤﻞ ﻃﻼﻗﮭﺎ‪.‬‬

‫‪151‬‬
 ‫وﻧﺬﻛﺮ أﺣﻜﺎم اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﺪم اﻟﻤُﻜﺚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺟﻮاز اﻟﻤ ﺮور ﻓﯿ ﮫ ﻓﻘ ﻂ‪ .‬دﻟﯿ ﻞ ﻋ ﺪم اﻟﻤُﻜ ﺚ ھ ﻮ ﻣ ﺎ روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺟ ﺎء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ووﺟ ﻮه ﺑﯿ ﻮت أﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﺷ ﺎرﻋ ٌﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫وﺟﱢﮭﻮا ھﺬه اﻟﺒﯿﻮت ﻋﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻨﻊ اﻟﻘ ﻮم ﺷ ﯿﺌًﺎ رﺟ ﺎ َء أن ﺗﻨ ﺰل ﻓ ﯿﮭﻢ‬
‫ﺣ ﱡﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﺤﺎﺋﺾ وﻻ‬ ‫ُرﺧْﺼﺔ‪ ،‬ﻓﺨﺮج إﻟﯿﮭﻢ ﺑﻌﺪُ ﻓﻘﺎل‪ :‬وﺟﱢﮭﻮا ھﺬه اﻟﺒﯿﻮت ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ُأ ِ‬
‫ﺠﻨُﺐ[‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وﺣﺴﱠـﻨﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﱠﺎن‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]أﺣﻜﺎم اﻟ ُ‬ ‫ﺟُﻨُﺐ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫أﻣ ﺎ دﻟﯿ ﻞ ﺟ ﻮاز اﺟﺘﯿ ﺎز اﻟﺤ ﺎﺋﺾ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ﺣﺠْﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن وھ ﻲ‬‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ إﺣﺪاﻧﺎ وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ ﻓﯿﻀﻊ رأﺳﮫ ﻓ ﻲ ِ‬
‫ﺨﻤْﺮﺗﮫ ﻓﺘﻀﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻣ ﺎ‬ ‫ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﻮم إﺣﺪاﻧﺎ ﺑ ُ‬
‫رُويَ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻗﺎل ﻟﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻧﺎوﻟﯿﻨﻲ اﻟ ُ‬
‫ﺨ ْﻤ ﺮة ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬
‫ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻓﻘﻠ ﺖ إﻧ ﻲ ﺣ ﺎﺋﺾ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن ﺣﯿ ﻀﺘﻚ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻓ ﻲ ﯾ ﺪك« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪.‬‬
‫واﻟﺨُﻤْﺮة ھﻲ اﻟﺴﺠﺎدة أو اﻟﺤﺼﯿﺮ اﻟﺬي ﯾُﺴﺠﺪ أو ﯾُﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬واﻻﺳﺘﺪﻻل واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ذھ ﺐ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ذھﺒﻨ ﺎ إﻟﯿ ﮫ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأھ ﻞ اﻟﻈ ﺎھﺮ‪ .‬وذھ ﺐ‬
‫ﺳﻔﯿﺎن وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ ﻋﺪم ﺟﻮاز اﻟﻌﺒﻮر ﻟﻠﺤﺎﺋﺾ ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟﮫ ‪» r‬ﻻ أُﺣ ﻞﱡ‬
‫ﺟﻨُﺐ« ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑ ﺄن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﺎم‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺜﺎ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ وﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﯾ ﺴﺘﺜﻨﯿﺎن‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﺤﺎﺋﺾ وﻻ ُ‬
‫اﻻﺟﺘﯿﺎز ﻣﻦ ﻋﻤﻮم اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬واﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮح ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﻗﻔﺔ أﻃﻮل‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺗﺠ ﻮز ﻟﻠﺤ ﺎﺋﺾ ﻣﺨﺎﻟﻄ ﺔ اﻟﻨ ﺎس وﻣﺤ ﺎدﺛﺘﮭﻢ واﻷﻛ ﻞ واﻟ ﺸﺮب واﻟﻨ ﻮم وﺳ ﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤ ﺎل‬
‫اﻟﻤﻌﺎﺷﯿﺔ إﻻ ﻣﺎ اﺳﺘﺜﻨﺎه اﻟﺸﺮع ﻣﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻈﻮرات‪ ،‬واﻷدﻟﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺾ[ اﻟﺬي ﯾﻘ ﻮل‬

‫ﻦ اﻟ َﻤﺤِﯿ ِ‬
‫ﻋِ‬
‫ﻚ َ‬ ‫أ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺎر اﻟﺬي رواه أﻧﺲ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻧﺰول اﻵﯾﺔ ]و َﯾ ْ‬
‫ﺴﺄَﻟﻮ َﻧ َ‬
‫»إن اﻟﯿﮭ ﻮد ﻛ ﺎﻧﻮا إذا ﺣﺎﺿ ﺖ اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﯿﮭﻢ ﻟ ﻢ ﯾﺆاﻛﻠﻮھ ﺎ وﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺎﻣﻌﻮھﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت ‪ «...‬أي ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺄﻛﻠﻮا ﻣﻌﮭﻦ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺨﺎﻟﻄﻮھﻦ‪ ،‬ﻓﻨﺰﻟﺖ اﻵﯾﺔ‪ ،‬وﻓﺴﺮھﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬اﺻ ﻨﻌﻮا‬
‫ﻞ ﺷﻲء إﻻ اﻟﻨﻜﺎح‪ ،‬أي اﻓﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮﻛﮫ ﯾﮭﻮد ﻣﻤﺎ ذُﻛﺮ ﻓ ﻲ ﺻ ﺪر اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وأﻛﺜ ﺮ ﻣﻨ ﮫ ﺳ ﻮى‬ ‫ﻛﱠ‬
‫اﻟﻨﻜﺎح‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨ ﺖ أﺷ ﺮب وأﻧ ﺎ ﺣ ﺎﺋﺾ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻧﺎوﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﯿ ﻀﻊ‬
‫ﻲ ﻓﯿﺸﺮب‪ ،‬وأﺗﻌﺮﱠق اﻟ َﻌﺮْق وأﻧﺎ ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬ﺛﻢ أُﻧﺎوﻟــﮫ اﻟﻨﺒ ـﻲ ‪ r‬ﻓﯿ ﻀﻊ ﻓ ﺎه ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻓﺎه ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻓـ ﱠ‬
‫ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻲﱠ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أﺗﻌﺮﱠقُ اﻟ َﻌﺮْق‪ :‬أي آﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻣﺆاﻛﻠ ﺔ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬و ْاﻛِﻠْﮭ ﺎ«‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺴﻦ ﻏﺮﯾﺐ(‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺆاﻛﻠﺔ اﻟﺤﺎﺋﺾ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠﺤﺎﺋﺾ اﻟﺼﻼة واﻟﻄﻮاف وﻣ ﺲﱡ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ وﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ .‬دﻟﯿ ﻞ ﺗ ﺮك اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »إن ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑ ﻲ ﺣُﺒ ﯿﺶ ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪:‬‬
‫ﻋ ﺮْق ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ دﻋ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻗ ﺪر اﻷﯾ ﺎم‬
‫إﻧﻲ أُﺳﺘﺤﺎض ﻓﻼ أﻃﮭﺮ أﻓ ﺄدع اﻟ ﺼﻼة؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ إن ذﻟ ﻚ ِ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﺗﺤﯿﻀﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﺛﻢ اﻏﺘﺴﻠﻲ وﺻﻠﱢﻲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﺼﻠﯿﮫ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﱡﮭﺮ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﺟﺎب ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﺒﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‬

‫‪152‬‬
‫ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺎﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل )إذا ﻃ ُﮭ ﺮت اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺻ ﻠﱠﺖ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫واﻟﻌ ﺼﺮ وإذا ﻃ ُﮭ ﺮت ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء ﺻ ﻠﱠﺖ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء( وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﻗ ﺎل )إذا ﻃ ُﮭ ﺮت‬
‫اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ ﺻ ﻠﱠﺖ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وإذا ﻃ ُﮭ ﺮت ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺻ ﻠﱠﺖ اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫واﻟﻌ ﺸﺎء( ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻹﻣ ﺎم أﺣﻤ ﺪ ﻣُﻌﻘﱢﺒ ﺎً ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘ ﻮﻟﯿﻦ‪ :‬ﻋﺎﻣ ﺔ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﺑﮭ ﺬا اﻟﻘ ﻮل إﻻ اﻟﺤ ﺴﻦ‪.‬‬
‫ﻓ ﺴﻤﺎھﻤﺎ ﻗ ﻮﻻً ‪ ،‬وھ ﻮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻃﻠﺒ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ أن ﺗ ﺼﻠﻲ اﻟﻔﺮﺿ ﯿﻦ اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾ ﺴﺒﻘﺎن‬
‫اﻟﻄﮭﺮ ‪ ،‬وﻻ أرى ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﻤﺎ إﻻ أﺧﺬاً ﺑﺎﻷﺣﻮط‪ ،‬وإﻻ ﻓﺈن اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺻﻼة اﻟﻔﺮض اﻟ ﺬي ﯾﻌﻘ ﺐ‬
‫اﻟﻄﮭﺮ ﻻ اﻟﺬي ﯾﺴﺒﻘﮫ‪.‬‬

‫ودﻟﯿﻞ ﻋﺪم اﻟﻄﻮاف ھﻮ ﻣﺎ ﻣﺮ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻣﻦ أن اﻟﻄﻮاف ﺻﻼة ﻓﯿﺮﺟﻊ إﻟﯿﮫ‪ ،‬وأﯾﻀ ًﺎ ﻣﺎ‬
‫رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﻧﺬﻛﺮ إﻻ اﻟﺤﺞ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺟﺌﻨ ﺎ‬
‫ف ﻓﻄﻤِﺜﺖُ‪ ،‬ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﻲﱠ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻧﺎ أﺑﻜﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻣ ﺎ ﯾُﺒﻜﯿ ﻚ ؟ ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬واﷲ ﻟ ﻮددت أﻧ ﻲ ﻟ ﻢ‬ ‫ﺳ ِﺮ َ‬
‫َ‬
‫ﻚ َﻧﻔِ ﺴﺖِ؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ .‬ﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﺬا ﺷ ﻲء ﻛﺘﺒ ﮫ اﷲ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻨ ﺎت آدم‪،‬‬
‫ﻚ ﻟﻌﻠ ِ‬
‫أﻛﻦ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎﻟ ِ‬
‫اﻓﻌﻠﻲ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻞ اﻟﺤﺎجﱡ ﻏﯿﺮ أن ﻻ ﺗﻄﻮﻓﻲ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﮭﺮي ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ‬
‫وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪاﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺤ ﺮِم وﺗﻘ ﻀﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳ ﻚ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻏﯿ ﺮ أن ﻻ ﺗﻄ ﻮف ﺑﺎﻟﺒﯿ ﺖ ﺣﺘ ﻰ‬ ‫»أن اﻟ ﱡﻨ َﻔ ﺴَﺎء اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ و ُﺗ ْ‬
‫ﺗﻄﮭﺮ« وﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﺣﺴﻦ ﻏﺮﯾﺐ(‪.‬‬

‫ﺠﻨُﺐ ﻟﻠﻤ ﺼﺤﻒ »ﻻ ﯾﻤ ﺲ اﻟﻘ ﺮآن إﻻ ﻃ ﺎھﺮ«‬ ‫ﺲ اﻟ ُ‬‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﺪم ﻣ ﱢ‬ ‫ودﻟﯿﻞ ﻋﺪم ﻣ ﱢ‬
‫ﺚ أﻣ ﺮﻛﻢ اﷲ[‬
‫ﻦ ِﻣ ﻦ ﺣﯿ ُ‬
‫ن ﻓ ﺄْﺗُﻮ ُھ ﱠ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ْﺮ َ‬
‫ن ﻓ ﺈِذا َﺗ َ‬ ‫واﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻃ ﺎھﺮة ﻟﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﺣﺘﱠ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄﮭُ ْﺮ َ‬
‫وﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺎر وﻓﯿﮫ »ﻻ ﺗﻄﻮﻓﻲ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﮭُﺮي«‪.‬‬

‫أﻣﺎ أن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﺗﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ھﻮ ﻗﻮل أﻛﺜﺮ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ وﻣَﻦ ﺑﻌﺪھﻢ ﻣﺜﻞ‪ :‬ﺳﻔﯿﺎن اﻟﺜﻮري واﺑﻦ اﻟﻤﺒ ﺎرك واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻻ ﺗﻘ ﺮأ‬
‫ﺠﻨُﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺷﯿﺌﺎً إﻻ ﻃﺮفَ اﻵﯾﺔ واﻟﺤ ﺮفَ وﻧﺤ َﻮ ذﻟ ﻚ ‪ (...‬وروى اﻟ ﺪارﻣﻲ ﻓ ﻲ‬‫اﻟﺤﺎﺋﺾ وﻻ اﻟ ُ‬
‫ﺳﻨﻨﮫ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﺮواﯾﺔ ﻋﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ وﺳﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وﻋ ﺎﻣﺮ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب وأﺑ ﻲ اﻟﻌﺎﻟﯿ ﺔ‬
‫ﻗﻮﻟﮭﻢ ﺑﻤﺜﻞ ﻗﻮل ﻣﻦ ذﻛﺮھﻢ اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ ،‬أي ﻻ ﺗﻘﺮأ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺷﯿﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪.‬‬

‫وﻟﺴﻨﺎ ﻧﺴﺘﺪل ﺑﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﯾﻘﺮأ اﻟ ُ‬

‫ﺠﻨُﺐ وﻻ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ﻷﻧﮫ ﺣﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻟ ﻀﻌﻒ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑ ﻦ ﻋﱠﯿ ﺎش‬
‫إذا روى ﻋـﻦ اﻟﺤﺠﺎزﯾﯿﻦ أو اﻟﻌﺮاﻗﯿﯿﻦ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ روى ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ وھﻮ ﺣﺠﺎزي‪،‬‬
‫ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻣﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ وﻓﯿﮫ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ أﺑﻲ أﻧﯿﺴﺔ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ أن اﻟ ﺬﱠﻛَﺮ إذا أﻧ ﺰل أول ﻣ ﺮة اﻧﺘﻘ ﻞ ﻟﻤﺮﺣﻠ ﺔ اﻟﺮﺟﻮﻟ ﺔ ودﺧ ﻞ ﻓ ﻲ‬

‫‪ -4‬ذﻛﺮﻧﺎ ﻓ ﻲ أﺣﻜ ﺎم اﻟ ُ‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﻠﱠﻔﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺬﻛﺮ ھﻨﺎ أن اﻷﻧﺜﻰ إذا ﺣﺎﺿﺖ ﺣﯿﻀﺘﮭﺎ اﻷوﻟﻰ اﻧﺘﻘﻠ ﺖ ﻟﻤﺮﺣﻠ ﺔ اﻟﺒﻠ ﻮغ ودﺧﻠ ﺖ‬
‫ﻲ ﻣﻦ‬‫ف اﻟﻤﻨ ﱢ‬
‫ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻤﻜﻠﱠﻔﺎت‪ ،‬وﺟﺮى ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺠﺮي ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ أﺣﻜﺎم‪ .‬ﻓﻘﺬ ُ‬
‫اﻟﺬﱠﻛَﺮ‪ ،‬وﺣﯿﺾ اﻷﻧﺜﻰ ﻛﻼھﻤﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻮغ واﻟﺪﺧﻮل ﻓ ﻲ ﻣﺮﺣﻠ ﺔ اﻟﺘﻜ ﺎﻟﯿﻒ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺤ ﺮم‬
‫ﻦ إﻻ ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻣﻨﮭﺎ[‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺜﻰ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻛﺸﻒ ﻣﺎ ﺳﻮى اﻟﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﯿﻦ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻻ ﯾُﺒﺪﯾﻦ زﯾﻨﺘَﮭ ﱠ‬
‫وﻗ ﺪ رُوي ﺑﻄ ﺮق ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ واﺑﻨ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﻧﮭ ﻢ ﻓ ﺴﺮوھﺎ ﺑﺎﻟﻮﺟ ﮫ‬
‫واﻟﻜﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫ﺤﺮُم ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ ‪ -‬أي ﻣ ﻦ ﺑﻠﻐ ﺖ ﺳ ﻦ اﻟﺒﻠ ﻮغ ‪ -‬اﻟﺨَﻠ ﻮة ﺑﺎﻟﺮﺟ ﺎل اﻷﺟﺎﻧ ﺐ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى اﺑ ﻦ‬ ‫و َﯾ ْ‬
‫ن رﺟﻞ ﺑﺎﻣﺮأة إﻻ ﻣﻊ ذي ﻣﺤ ﺮم‪ «...‬رواه‬ ‫ﻋﺒﺎس ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل »ﻻ ﯾﺨُﻠ َﻮ ﱠ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻟﯿﻒ واﻷﺣﻜﺎم‪.‬‬

‫ﻦ‬
‫ﺠﻨُﺐ اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﻼﻣ ﺎت اﻟﺒﻠ ﻮغ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺬﱠﻛَﺮ واﻷﻧﺜ ﻰ‪ ،‬وأﻗ ﻞ ﺳ ﱟ‬
‫وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ أﺣﻜﺎم اﻟ ُ‬
‫ﻟﻠﺤ ﯿﺾ وأﻋﻠ ﻰ ﺳ ﻦﱟ ﻻﻧﻘﻄ ﺎع اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وﻣ ﺎ أرى أن ﺗﻌﺘﺒ ﺮه دوﻟ ﺔ اﻟﺨﻼﻓ ﺔ وﻋﻠﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺴﻦﱟ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻮغ‪ ،‬ﻓﯿُﺮﺟﻊ إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺠﻨُﺐ‬
‫اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻋﻦ اﻟ ُ‬
‫ھﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫ﻞ ﻟﮭﺎ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روﺗ ﮫ ﻣﻌ ﺎذة ﻗﺎﻟ ﺖ‪» :‬ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫‪ -1‬ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ اﻟﺼﻮم‪ ،‬وﻻ ﯾﺤ ﱡ‬
‫ﺣﺮُورﯾ ٌﺔ أﻧ ﺖ؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻟ ﺴﺖُ‬ ‫ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ ﺑ ﺎل اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺗﻘ ﻀﻲ اﻟ ﺼﻮم وﻻ ﺗﻘ ﻀﻲ اﻟ ﺼﻼة؟ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬أ َ‬
‫ﺑﺤَﺮورﯾﺔ وﻟﻜﻨﻲ أﺳﺄل‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾ ﺼﯿﺒﻨﺎ ذﻟ ﻚ ﻓﻨُ ﺆﻣﺮ ﺑﻘ ﻀﺎء اﻟ ﺼﻮم وﻻ ﻧُ ﺆﻣﺮ ﺑﻘ ﻀﺎء اﻟ ﺼﻼة«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺻﺤﺎب اﻟﺴﱡﻨﻦ‪ .‬ﻗﻮﻟﮭﺎ أﺣَﺮورﯾ ﺔ أﻧ ﺖ؟‪ :‬أي ھ ﻞ أﻧ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟﺨ ﻮارج؟‬
‫واﻟﺨ ﻮارج ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﺑﻮﺟ ﻮب إِﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪ .‬ودﻻﻟ ﺔ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻻ ﺗ ﺼﻮم‬
‫ﺧﻼل ﺣﯿﻀﮭﺎ‪ ،‬وﺗﻘﻀﻲ ﺻﻮﻣﮭﺎ ﻋﻘﺐ ﻃُﮭﺮھﺎ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺗ ﺼﻮم ﻟﻤ ﺎ ورد اﻟﻘ ﻮل ﺑﻘ ﻀﺎء‬
‫ض ﺣﯿ ﻀﺔً ﻛﺜﯿ ﺮ ًة ﺷ ﺪﯾﺪةً‪ ،‬ﻓﺄﺗﯿ ﺖ‬‫اﻟﺼﻮم ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ .‬وﻟﻤﺎ روﺗ ﮫ ﺣﻤﻨ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺖ أُﺳ ﺘﺤﺎ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺳﺘﻔﺘﯿﮫ وأُﺧﺒﺮه‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪﺗ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ أﺧﺘ ﻲ زﯾﻨ ﺐ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪:‬‬
‫ض ﺣﯿﻀﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﺷﺪﯾﺪة ﻓﻤﺎ ﺗﺮى ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ﻣﻨﻌﺘﻨﻲ اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻧﻌَﺖُ‬ ‫إِﻧﻲ اﻣﺮأة أُﺳﺘﺤﺎ ُ‬
‫ﻟ ﻚ اﻟﻜُﺮْﺳ ﻒُ ﻓﺈِﻧ ﮫ ُﯾ ﺬھﺐ اﻟ ﺪم‪ «...‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وھ ﻮ ﻃﻮﯾ ﻞ‪ ،‬رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﻒ ھﻮ اﻟﻘﻄﻦ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮭﺎ »ﻗﺪ ﻣﻨﻌﺘﻨﻲ اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم« وﻋﺪم إِﻧﻜ ﺎر اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬ ‫وﺻﺤﱠﺤﺎه‪ ،‬واﻟ ُﻜﺮْﺳ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻘﻮﻟﮭﺎ وإِرﺷﺎدھﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ‪ ،‬ھﻮ إِﻗﺮار ﻟﮭﺎ ودﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﺗﺼﻮم‪.‬‬

‫وأﺻﺮح ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣﺎ رواه أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ أنﱠ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﻠﻨﺴﺎء »‪ ...‬أﻟﯿﺲ ﺷﮭﺎدة اﻟﻤﺮآة ﻣﺜﻞ‬
‫ﻧﺼﻒ ﺷﮭﺎدة اﻟﺮﺟﻞ؟ ﻗﻠﻦ‪ :‬ﺑﻠ ﻰ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺬﻟﻚ ﻣ ﻦ ﻧﻘ ﺼﺎن ﻋﻘﻠﮭ ﺎ‪ ،‬أﻟ ﯿﺲ إذا ﺣﺎﺿ ﺖ ﻟ ﻢ ﺗ ﺼ ﱢﻞ وﻟ ﻢ‬
‫ﺗﺼُﻢ؟ ﻗﻠﻦ‪ :‬ﺑﻠﻰ‪ :‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻘﺼﺎن دﯾﻨﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ﻣﻌﻠ ﻮم ﻣ ﻦ‬ ‫ﺤ ﺮُم ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺰوج وطءُ زوﺟﺘ ﮫ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ دون زوﺟﺘ ﮫ اﻟ ُ‬ ‫‪ -2‬ﯾَ ْ‬
‫اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬وھ ﻮ أﻣ ﺮٌ ﺗﻨﻔ ﺮ ﻣﻨ ﮫ اﻟﻄﺒ ﺎع اﻟ ﺴﻠﯿﻤﺔ‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﻄ ُﮭ ﺮن‬‫ﻦ ﺣﺘ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﺾ وﻻ َﺗﻘْﺮﺑ ﻮھ ﱠ‬
‫ى ﻓ ﺎﻋﺘﺰﻟﻮا اﻟ ﱢﻨ ﺴﺎ َء ﻓ ﻲ اﻟﻤَﺤ ﯿ ِ‬‫ﺾ ُﻗ ﻞ ھ ﻮ أذ ً‬ ‫ﻚ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﯿ ِ‬ ‫] َﯾ ْ‬
‫ﺴ َﺄ ﻟﻮ َﻧ َ‬
‫ﺐ اﻟﻤُﺘﻄﮭﱢﺮﯾﻦ[ اﻵﯾﺔ ‪ 222‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﷲ ﯾﺤﺐﱡ اﻟ ﱠﺘﻮﱠاﺑﯿﻦ وﯾﺤ ﱡ‬ ‫ﻓﺈِذا ﺗﻄﮭﱠﺮنَ ﻓﺄْﺗﻮھﻦﱠ ﻣﻦ ﺣﯿﺚُ َأ َﻣ َﺮ ُﻛﻢُ اﷲ ِإنﱠ ا َ‬
‫ﻄﮭُﺮن‬ ‫ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪ .‬ھﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﺗﻄﻠﺐ اﻋﺘﺰال اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺤﺾ‪ ،‬أي ﻋﺪم وﻃﺌﮭﻦ رﯾﺜﻤﺎ َﯾ ْ‬
‫ﺑﺎﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم وﯾﺘﻄﮭﱠﺮن ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓِﺈذا ﺗﻢ ذﻟﻚ ﺣﻞ ﺣﯿﻨﺌﺬ وﻃﺆُھﻦ‪ .‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﺈِذن اﷲ ﻣﺰﯾﺪ ﺗﻔﺼﯿﻞ ﻓ ﻲ‬
‫دﻻﻟﺔ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ أﯾ ﻀﺎً ﻗﻮﻟ ﮫ ‪» r‬اﺻ ﻨﻌﻮا ﻛ ﻞ ﺷ ﻲء إِﻻ اﻟﻨﻜ ﺎح« وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‪ .‬وﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ :‬دﻋﻮا ﻧﻜﺎح اﻟﺤﺎﺋﺾ واﻓﻌﻠﻮا ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺎءون ﻣ ﻦ ﺗﻘﺒﯿ ﻞ وﺿ ﻢ وﻋﻨ ﺎق وﻣﺒﺎﺷ ﺮ‪ ،‬ﺗ ﺸﮭﺪ ذﻟ ﻚ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ ﻋﻜﺮﻣ ﺔ ﻋ ﻦ ﺑﻌ ﺾ أزواج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إِذا أراد ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‬
‫أﻣﺮھﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻟﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺟﮭﺎ ﺛﻮﺑﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻨﻊ ﻣﺎ أراد« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود ﺑﺴﻨﺪ رﺟﺎﻟﮫ ﺛﻘﺎت‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ اﻣﺮأﺗ ﻲ إذا‬
‫ﺖ ﻋﺎﺋﺸ َﺔ أ ﱠم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ »‪ ...‬ﻣﺎ ﯾﺤﺮم ﻋﻠ ﱠ‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺣﻜﯿﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﺎل أﻧﱠﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺄﻟ ُ‬
‫ﺣﺎﺿﺖ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﺮﺟﮭﺎ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺨﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﺴﺮوق‪.‬‬

‫ﻋﻤَﯿﺮ ﻗﺎل‪ :‬دﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣﻊ أُﻣﻲ وﺧﺎﻟﺘﻲ ﻓﺴﺄَﻟﺘﺎھﺎ »ﻛﯿ ﻒ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬ ‫ﺟﻤَﯿﻊ ﺑﻦ ُ‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ ُ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻨﻊ إِذا ﺣﺎﺿﺖ إِﺣﺪاﻛﻦ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺄﻣﺮﻧﺎ إِذا ﺣﺎﺿ ﺖ إِﺣ ﺪاﻧﺎ أن ﺗ ﱠﺘ ﺰر ﺑ ﺈِزار واﺳ ﻊ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻠﺘﺰم ﺻﺪرھﺎ وﺛﺪﯾﯿﮭﺎ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ ﺟﻤ ﺎع اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺮج‪،‬‬
‫وﺟﻮاز ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه ﻋﻠﻰ اﻹِﻃﻼق‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ھ ﻮ ﻓ ﻮق اﻟ ﺴﺮة وﻣ ﺎ ھ ﻮ ﺗﺤﺘﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﻣ ﺎ‬
‫ھ ﻮ ﻓ ﻮق اﻟﺮﻛﺒ ﺔ وﻣ ﺎ ھ ﻮ ﺗﺤﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻠ ﺰوج أن ﯾﺘﻤﺘ ﻊ ﺑﺠﻤﯿ ﻊ ﺟ ﺴﺪ زوﺟﺘ ﮫ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻟﻔ ﺮج‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫وﺛَﻤﱠ َﺔ ﻣﺴﺄﻟ ٌﺔ أُﺧﺮى ھﻲ أن أﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﯾﻘﻮل‪ :‬إِذا اﻧﻘﻄﻊ اﻟﺪم ﻷﻛﺜﺮ اﻟﺤﯿﺾ ﺣ ﻞ وﻃﺆُھ ﺎ‪ ،‬وإِﻻ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺤ ﻞ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ أو ﺗﺘ ﯿﻤﱠﻢ أو ﯾﻤ ﻀﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻷن وﺟ ﻮب اﻟﻐ ﺴﻞ ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ اﻟ ﻮطء‬
‫ﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﺑﻘﻮﻟﮫ )وﻟﻨﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻻ َﺗ ْﻘﺮَﺑﻮ ُھﻦﱠ ﺣﺘﻰ‬
‫ﺲ اﻟﺪﯾﻦ ﺑ ُ‬
‫ﻛﺎﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ .‬وﻗﺪ رد ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي ﺷﻤ ُ‬
‫ن ﻓ ْﺄﺗُﻮھُﻦﱠ[ ﻗﺎل ﻣﺠﺎھﺪ‪ :‬ﺣﺘﻰ ﯾﻐﺘﺴﻠﻦ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓ ﺈِذا اﻏﺘ ﺴﻠﻦ‪ ،‬وﻷﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫ﻄﮭﱠﺮ َ‬‫ن ﻓﺈِذا ﺗ َ‬
‫ﻄﮭُﺮ َ‬‫َﯾ ْ‬
‫ن[ واﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﺗﻔﻌﱡﻞ واﻟﺘﻔﻌﱡﻞ إِذا أﺿﯿﻒ إِﻟﻰ ﻣﻦ ﯾﺼﺢ ﻣﻨﮫ اﻟﻔﻌﻞ اﻗﺘﻀﻰ إِﯾﺠ ﺎد اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣﻨ ﮫ‬ ‫ﻄﮭﱠﺮ َ‬‫]ﻓﺈِذا ﺗ َ‬
‫ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻨﻈ ﺎﺋﺮ واﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم ﻏﯿ ﺮ ﻣﻨ ﺴﻮب إِﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﻷن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﺷ ﺮط ﻟﺤ ﻞ اﻟ ﻮطء‬
‫ﺷﺮﻃﯿﻦ – اﻧﻘﻄﺎع اﻟ ﺪم واﻟﻐ ﺴﻞ‪ -‬ﻓ ﻼ ﯾﺒ ﺎح ﺑ ﺪوﻧﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻷﻧﮭ ﺎ ﻣﻤﻨﻮﻋ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺤ ﯿﺾ‬
‫ﺾ آﻛ ُﺪ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪث‬ ‫ث اﻟﺤ ﯿ ِ‬
‫ﺣ َﺪ ُ‬
‫ﻞ اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وﺑﮭ ﺬا ﯾﻨ ﺘﻘﺾ ﻗﯿﺎﺳ ﮭﻢ‪ ،‬و َ‬‫ﻓﻤﻨﻊ وﻃﺆھﺎ ﻛﻤﺎ ﻟ ﻮ اﻧﻘﻄ ﻊ ﻷﻗ ﱢ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﺢ اﻹﻟﺤﺎق(‪.‬‬

‫ن‬
‫ﻄﮭﱠ ْﺮ َ‬
‫ن ﻓ ﺈِذا َﺗ َ‬ ‫ﺤ ﯿﱠﺾ ]ﺣﺘ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄﮭُ ْﺮ َ‬ ‫وﺑﺘﻮﺿﯿﺢ أﻛﺜﺮ أﻗﻮل إن اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻃﻠﺒﺖ ﻋﺪم إﺗﯿ ﺎن اﻟ ُ‬
‫ن[ ﯾﻌﻨ ﻲ‪ :‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨﻘﻄ ﻊ دﻣﮭ ﻦ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﻜﺘ ﻒ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﺑ ﺬﻟﻚ ﺑ ﻞ‬ ‫ﻓ ْﺄﺗُﻮھُﻦﱠ[ ﻓﻘﻮﻟﮭ ﺎ ]ﺣﺘ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄ ُﮭ ْﺮ َ‬
‫ن[ واﻟﺘﻄ ﱡﮭ ﺮ ھﻨ ﺎ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن إﺗﯿ ﺎن اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺣﺮاﻣ ﺎً‬ ‫أﺿﺎﻓﺖ ﻗﯿ ﺪاً آﺧ ﺮ ھ ﻮ اﻟﻘ ﻮل ]ﻓ ﺈذا ﺗ َ‬
‫ﻄﮭﱠ ْﺮ َ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻘﻄﻊ دﻣﮭﺎ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻞ‪ ،‬واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ أﺣﺪ اﻻﺛﻨﯿﻦ إﻟﻐﺎ ٌء ﻟﻶﺧﺮ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻌﺎرض وﻣﻌﺎﻧ ﺪ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮن ﻣ ﻦ ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮ‪ ،‬أﻣ ﺎ‬ ‫ﻃﮭُﺮ‪ ،‬وﺟﺎء اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺗ َ‬‫ﻄﮭُﺮن ﻣﻦ َ‬ ‫ﻟﻶﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﻔﻌﻞ اﻷول َﯾ ْ‬
‫ﻃﮭُﺮ ﻓﻤﻌﻨﺎھﺎ ﺻﺎر ﻃﺎھﺮاً‪ ،‬وأﻣﺎ ﺗﻄﮭﱠﺮ ﻓﻤﻌﻨﺎھﺎ ﺟﻠﺐ ﻟﻨﻔﺴﮫ اﻟﻄﮭﺎرة‪.‬‬ ‫َ‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻻﻛﺘﻔ ﺎء ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء أو ﺣﺘ ﻰ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﻔ ﺮج ﺑ ﺪل اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﺣﺠ ﺘﮭﻢ أن‬
‫اﻟﺘﻄ ﱡﮭ َﺮ ﻛﻠﻤ ٌﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻮﺿﻮء وﺗﺸﻤﻞ اﻟﻐﺴﻞ وﺗﺸﻤﻞ ﻏﺴﻞ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺒﺄﯾﱢﮭﺎ أﺗﺖ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ‬
‫ن‬
‫ﺤ ﻂ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿ ﻮع إﺣﺎﻃ ﺔ ﻛﺎﻓﯿ ﺔ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أ ﱠ‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﻄﮭﺮت وﺣﻞ ﺣﯿﻨﺌﺬ وﻃﺆُھﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮل َﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ُﯾ ِ‬
‫ﻼ ﺗﺎﻣ ًﺎ ﺣﯿ ﺚ ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟﻔ ﺼﻞ‪،‬‬ ‫ھﺬا اﻟﻘﻮل ھﻮ أﺧ ُﺬ ﺟﺰ ٍء ﻣﻦ اﻟﻨﺺ وﻓﺼﻠﮫ ﻋﻦ أﺟﺰاﺋﮫ اﻷﺧﺮى ﻓﺼ ً‬
‫ﻷن اﻵﺧﺮ ﻟﮫ ﺗﻌﻠﻖٌ ﺑﺎﻷول‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻵﯾﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻻﻋﺘ ﺰال‪ ،‬واﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم‬
‫واﻟﺘﻄﮭﱡﺮ ‪ ،‬واﻹﺗﯿﺎن‪ ،‬ﻓﻔﺼﻞ أي ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺤ ﯿﺾ ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ﺟﻌﻠ ﺖ‬
‫ﻛﻞ ھﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ ﻗﺼﺮھﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ورﺑﻄﮭ ﺎ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗﯿ ﻞ اﻋﺘﺰﻟ ﻮا وﺟ ﺐ‬
‫ﻄﮭُﺮن وﺟﺐ ﻗﺼﺮ اﻟﻄﮭﺎرة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وإذا ﻗﯿ ﻞ ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮن وﺟ ﺐ ﻗ ﺼﺮ‬ ‫ﻗﺼﺮُه ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ‪ ،‬وإذا ﻗﯿﻞ َﯾ ْ‬
‫اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻗ ﺼﺮٌ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ ﺣﺎﺋ ﻀﺎً وﻟ ﯿﺲ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ‬
‫ن[ وﺟ ﺐ ﺗﻔ ﺴﯿﺮه ﺑ ﺄن اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ ﺣﺎﺋ ﻀﺎً ﺗﺘﻄﮭ ﺮ‪ ،‬أي أن‬ ‫أﻧﺜ ﻰ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗﯿ ﻞ ]ﻓ ﺈذا َﺗ َ‬
‫ﻄﮭﱠ ْﺮ َ‬
‫اﻟﺘﱠﻄﮭﱡ ﺮ ﻣﻄﻠ ﻮب ﻣﻨﮭ ﺎ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ ﺣﺎﺋ ﻀﺎً‪ ،‬أي ھ ﻮ ﻣﺮﺑ ﻮط ﺑﺤﯿ ﻀﮭﺎ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﯾﺠ ﺐ ﻗ ﺼﺮه ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﺟﻌﻠﮫ ﻣُﺰﯾﻼً ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻷﯾﺔ ﺣﺎﻟﺔ أﺧﺮى ﻛﺤﺎﻻت ﻧﻘ ﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫أو اﻟﺘﻨﺠﯿﺲ أو اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ﺠﻨُﺐ ﯾﻐﺴﻞ ﺛﻮﺑﮫ؟ أﻛﺎن ﯾﺼﺢ ھﺬا اﻟﻔﮭ ﻢ؟ أرأﯾ ﺖ‬ ‫ﺠﻨُﺐ ﯾﺘﻄﮭﱠﺮ‪ ،‬أﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ أن اﻟ ُ‬ ‫أرأﯾﺖ ﻟﻮ ﻗﯿﻞ‪ :‬اﻟ ُ‬
‫ﻟﻮ ﻗﯿﻞ‪ :‬ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺜﻮب اﻟﻨﺠﺲ ﯾﺘﻄﮭﺮ‪ ،‬أﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ ﻏﯿ ﺮ إزاﻟ ﺔ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ ﺛﻮﺑ ﮫ؟ ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‬
‫ﺗﺘﻄﮭﱠﺮ ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ أن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ إزاﻟﺔ دم اﻟﻔ ﺮج‪ ،‬أو أن ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أن ﺗﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﻃﮭﱠﺮوا[ ﻏﯿ ﺮ أﻣ ﺮ اﻟﺠُُﻨ ﺐ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ‬ ‫ﺟﻨُﺒﺎً ﻓ ﺎ ﱠ‬ ‫ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وِإ ْ‬
‫ن ﻛُﻨﺘﻢ ُ‬
‫ﺳ ﺒﯿﻞٍ ﺣﺘ ﻰ َﺗ ْﻐ َﺘ ﺴِﻠﻮا[‬ ‫ﺟ ﺎء ﺻ ﺮﯾﺤًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ]وﻻ ُ‬
‫ﺟﻨُﺒ ﺎً إﻻ ﻋ ﺎ ِﺑﺮِي َ‬
‫ﻓﺎﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ ‪ -‬وھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﯿﺾ اﻟﺤﺎﺋﺾ‪ -‬ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد أي اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﻘﺼﻮدة ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻄﮭﺮ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻘﻮﻟ ﮫ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ اﻟﺠ ﺼﱠﺎص ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ﻣ ﻦ أن ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ إﺑﺎﺣ ﺔ وطء اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‬
‫ﺑﻤﺠﺮد اﻧﻘﻄﺎع اﻟ ﺪم ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮ ٌل ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻠ ﮫ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ )ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﻄﮭُﺮن[ إِذا ﻗﺮيء ﺑﺎﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﻮ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻻ اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﻟﻮ اﻏﺘﺴﻠﺖ وھ ﻲ ﺣ ﺎﺋﺾ ﻟ ﻢ‬ ‫َﯾ ْ‬
‫ﻄﮭُﺮن[ إﻻ ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪاً‪ ،‬وھ ﻮ اﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم اﻟ ﺬي ﺑ ﮫ ﯾﻜ ﻮن اﻟﺨ ﺮوج‬ ‫ﺗﻄﮭﺮ ﻓﻼ ﯾﺤﺘﻤﻞ ﻗﻮﻟﮫ ]ﺣﺘﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وإذا ُﻗ ﺮئ ﺑﺎﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ اﺣﺘﻤ ﻞ اﻷﻣ ﺮﯾﻦ ﻣ ﻦ اﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم وﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻟﻤ ﺎ وﺻ ﻔﻨﺎ آﻧﻔ ﺎً‪،‬‬
‫ﻓﺼﺎرت ﻗﺮاءة اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﺤﻜﻤﺔً‪ ،‬وﻗﺮاءة اﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺔ‪ ،‬وﺣﻜ ﻢ اﻟﻤﺘ ﺸﺎﺑﮫ أن ﯾُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﺤﻜ ﻢ‬
‫وﯾ ﺮد إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﺤ ﺼﻞ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﻘ ﺮاءﺗﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﮫ واﺣ ﺪ‪ ،‬وﻇﺎھﺮھﻤ ﺎ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ إﺑﺎﺣ ﺔ اﻟ ﻮطء ﺑﺎﻧﻘﻄ ﺎع‬
‫ﻄﮭﱠﺮن ﺑﺎﻟﺘﺸﺪﯾﺪ اﺣﺘﻤ ﻞ‬ ‫اﻟﺪم( ﻓﮭﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻀﻄﺮب وﻧﺎﻗﺺ ‪ .‬أﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﻀﻄﺮب ﻓﮭﻮ ﻗﻮﻟﮫ إن ﻗﺮاءة ﯾ ﱠ‬
‫ﻄ ﱠﮭ ﺮن ‪-‬‬ ‫اﻷﻣﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم وﻣﻦ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻋ ﱠﺪ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺘ ﺸﺎﺑﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﺧﻄ ﺄ ‪ ،‬ﻷن ﻗ ﺮاءة ﯾ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ‪ -‬ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ إﻻ ﻣﻌﻨﻰ واﺣﺪًا ﻓﺤﺴﺐ وھﻮ اﻟﻐﺴﻞ ‪ ،‬وﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻣﻄﻠﻘﺎً‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻓﻌ ﻞ‬
‫ﻣﻦ أﻓﻌﺎل اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬واﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻟﯿﺲ ﻓﻌﻼً ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻓﯿﺴﻘﻂ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮫ إن ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ‬
‫ﻣﺘﺸﺎﺑﮫ ﻗﻮل ﻓﺎﺳﺪٌ‪ ،‬وﻗﻮﻟﮫ ﺑﺤﻤﻞ اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤُﺤﻜﻢ ﻓﺎﺳﺪ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﺑُﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺎﺳ ﺪ ﻓﮭ ﻮ ﻓﺎﺳ ﺪ‪.‬‬
‫ﻄﮭُﺮن[ ﺑﺄﻧﮫ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻻ ﯾﻜﻔﯿﮫ وﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﺣﺠﺘﮫ إﻻ أن ﺗﻜﻮن‬ ‫وﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬إن اﺟﺘﮭﺎده ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ﻣﻌﻨﻰ ] َﯾ ْ‬
‫ﻦ ‪ [...‬وﺣﯿ ﺚ أن‬ ‫اﻵﯾﺔ ﻗـﺪ اﻧﺘﮭﺖ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺣﯿﺚ أن اﻵﯾ ﺔ أﺿ ﺎﻓﺖ ]ﻓ ﺈذا َﺗﻄَﮭﱠ ْﺮنَ ﻓ ﺄْﺗُﻮ ُھ ﱠ‬
‫اﷲ ﻻ ﯾﻘﻮل ﺷﯿﺌﺎً ﻋﺒﺜﺎً‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ ﻏﯿﺮ أن اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ھﻨﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻻﻏﺘﺴﺎل؟ أﻟﯿﺲ ﺗﺮﻛﮫ ﺷﻄﺮ اﻵﯾﺔ ھﺬا‬
‫ﻧﻘﺼﺎً؟ وھﻞ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﺗﻨﺎﻗﺾ؟ ذﻟﻚ أن أول اﻵﯾﺔ ﻋﻠﱠﻖ اﻟﻮطء ﻋﻠﻰ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧ ﺴﻠﻢ ﻟ ﮫ ﺑ ﮫ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ آﺧﺮ اﻵﯾﺔ ﻃﻠﺐ اﻟﻐﺴﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﻮطء‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ؟ إن إﻏﻔﺎﻟﮫ ﻟﮭﺬا اﻟﺸﻄﺮ اﻷﺧﯿﺮ ﻧﻘﺺ واﺿﺢ‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻘﻊ ﻓﯿﮫ‪ .‬إن ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ ھﻮ ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﺮﺑﻮھﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻘﻄﻊ دﻣﮭﻦ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﻘﻄﻊ اﻟﺪم‬
‫واﻏﺘﺴﻠﻦ ﻣﻨﮫ ﻓﺎﻗﺮﺑﻮھﻦ‪ ،‬ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﮭﺎ ﻏﯿﺮ ھﺬا‪ .‬أﻣﺎ ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾُﺴﺘﻔﺎد ﻣ ﻦ ﻛ ﻮن‬
‫ﺤ ﯿﱠﺾ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﺤ ﯿﺾ‬ ‫اﻵﯾﺔ ﺑﮭﺬه اﻟﺼﯿﺎﻏﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻮ أﻧﮫ ﺗﺤﺬﯾﺮٌ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺐ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬
‫ﻟﻨﻜﺎﺣﮭﻦ‪ ،‬ﻓﺒﯿﱠﻨﺖ اﻵﯾﺔ أن اﻻﻏﺘﺴﺎل اﻟﻤُﺒﯿﺢ ﻟﻠ ﻮطء ﻟ ﮫ وﻗ ﺖ ھ ﻮ ﻋﻘ ﺐ اﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ‬
‫ن[ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ‪ ،‬وﻗﻮﻟﮫ ]ﻓﺈذا‬ ‫إذن ﻃﻠﺒﺖ اﻟﻐﺴﻞ اﻟﻤﺒﯿﺢ ﻟﻠﻮطء وﺑﯿﻨﺖ وﻗﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﺣﺘﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄ ُﮭ ْﺮ َ‬
‫ن[ ﯾﻔﯿﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻵﯾﺔ وﺣﺪة واﺣﺪة ﻻ ﯾﺠﻮز ﻓﺼﻞ ﺟﺰﺋﮭﺎ اﻷول ﻋﻦ ﺟﺰﺋﮭﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫ﻄﮭﱠ ْﺮ َ‬
‫ﺗَ‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ ﺻﻮاب اﻟﻘﻮل إن وطء اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﯾﺠ ﻮز إﻻ ﺑﻌ ﺪ اﻏﺘ ﺴﺎﻟﮭﺎ ﻋﻘ ﺐ اﻧﻘﻄ ﺎع دﻣﮭ ﺎ‪.‬‬
‫وﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »إذا أﺻﺎﺑﮭﺎ ﻓﻲ أول اﻟﺪم ﻓﺪﯾﻨﺎرٌ‪ ،‬وإذا أﺻ ﺎﺑﮭﺎ‬
‫ﻒ دﯾﻨﺎر« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ﻓﮭﻮ ﯾﻘﺮﱢر أن ﻣﻦ أﺗﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻓﻲ اﻧﻘﻄﺎع اﻟ ﺪم ﻛ ﱠﻔ ﺮ‬
‫ﻓﻲ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻓﻨﺼ ُ‬
‫ﺑﻨﺼﻒ دﯾﻨﺎر‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ آﺧﺮ ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ‪،‬وھﻲ ھﻞ ﻓﻲ وطء اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻛﻔ ﺎرة أم ﻻ؟ ﻓ ﺬھﺐ ﻋﻄ ﺎء واﻟ ﺸﻌﺒﻲ‬
‫واﻟﻨﺨﻌ ﻲ وﻣﻜﺤ ﻮل واﻟﺰھ ﺮي وأﺑ ﻮ اﻟﺰﻧ ﺎد ورﺑﯿﻌ ﺔ وﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﺜ ﻮري واﻟﻠﯿ ﺚ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ أﺻﺢ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ أن ﻣﻦ وﻃﺊ زوﺟﺘﮫ وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ ﻓﻼ ﻛﻔﺎرة ﻋﻠﯿﮫ واﻟﻮاﺟ ﺐ‬
‫اﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر واﻟﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬وھ ﺆﻻء ﺣﺠ ﺘﮭﻢ أن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ﻃﻠ ﺐ اﻟﻜﻔ ﺎرة ﻣ ﻀﻄﺮﺑﺔ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬وأن اﻷﺻﻞ اﻟﺒﺮاءة ﻓﻼ ﯾُﻨﻘﻞ ﻋﻨﮭﺎ إﻻ ﺑﺤﺠﺔ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺔ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ‪ .‬ﻛﻤ ﺎ اﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑﻤ ﺎ رواه‬
‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ أﺗﻰ ﺣﺎﺋﻀًﺎ أو اﻣ ﺮأ ًة ﻓ ﻲ‬

‫‪156‬‬
‫دُ ُﺑﺮِھﺎ أو ﻛﺎھﻨﺎً ﻓﺼﺪﱠﻗﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ ﺑﻤﺎ أُﻧﺰل ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ«‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻛﻔﺎرة‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻨﮫ ﻷﺟﻞ اﻷذى أﺷﺒﮫ اﻟﻮطء ﻓﻲ اﻟﺪﺑﺮ‪ .‬وذھﺐ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒ ﺼﺮي‬ ‫وإﻧﮫ ﻧَ ْﮭﻲٌ ﻧُ ِﮭ َ‬
‫وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ وﻗﺘﺎدة واﻷوزاﻋﻲ وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ را ُھﻮَﯾ ﮫ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺸﮭﻮر ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻘﺪﯾﻢ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻟﻜﻔﺎرة‪ ،‬واﺳﺘﺸﮭﺪوا ﺑﻤﺎ ورد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ .‬وﺣﺘ ﻰ ﻧﻨ ﺎﻗﺶ ھ ﺬﯾﻦ‬
‫اﻟﺮأﯾﯿﻦ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ »ﻣﻦ أﺗﻰ ﺣﺎﺋﻀ ًﺎ أو اﻣﺮأة ﻓﻲ ُدﺑُﺮھﺎ ‪.« ...‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺬي ﯾﺄﺗﻲ اﻣﺮأﺗ ﮫ وھ ﻲ ﺣ ﺎﺋﺾ ﯾﺘ ﺼﺪق‬
‫ﺑﺪﯾﻨﺎ ٍر أو ﺑﻨﺼﻒ دﯾﻨ ﺎ ٍر « رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻗ ﺎل )ھﻜ ﺬا اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻗﺎل دﯾﻨﺎر أو ﻧﺼﻒ دﯾﻨﺎر( ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا ﻛ ﺎن دﻣ ًﺎ أﺣﻤ ﺮ ﻓ ﺪﯾﻨﺎر‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن‬
‫دﻣﺎً أﺻﻔﺮ ﻓﻨﺼﻒ دﯾﻨﺎر«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا أﺗ ﻰ أﺣ ﺪُﻛﻢ اﻣﺮأ َﺗ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪم ﻓﻠْﯿﺘ ﺼﺪق ﺑ ﺪﯾﻨﺎر‪،‬‬
‫ﻃﯿَﮭﺎ وﻗﺪ رأت اﻟﻄﱡﮭﺮَ وﻟﻢ ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻓﻠْﯿﺘﺼﺪﱠق ﺑﻨﺼﻒ دﯾﻨﺎر« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬ ‫وإذا و ِ‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺿﻌﯿﻒ ﺿﻌﻔﮫ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻓﯿﺮد‪ ،‬وﺑﺮده ﯾ ﺮد اﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﺑ ﮫ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻛﻔﺎرة ﺑﻨ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﻮل ﺳ ﺎﻗﻂ ﻟ ﺴﻘﻮط‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎج‪ .‬أﻣﺎ ﻗﯿﺎﺳﮭﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮل‪ :‬ﻗﺪ ﻧُﮭﻲ ﻋﻨﮫ ﻷﺟﻞ اﻷذى ‪ ،‬أﺷﺒﮫ اﻟﻮطء ﻓﻲ اﻟﺪﺑﺮ‪،‬‬
‫ﻓﮭﻮ ﻗﯿﺎس ﻻ ﯾﺼﺢ ﻟﻌﺪم ﺻﺤﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ أوﻻً‪ ،‬وﻟﻌﺪم اﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﻌﻠﺔ ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻮطء ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﯿﺾ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻟﻌﻠﺔ اﻷذى ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﻮطء ﻓﻲ اﻟﺪﺑﺮ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﻌﻠ ﺔ اﻷذى‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻼ ﻟﻠﺰرع واﻟﻮﻟﺪ‪ ،‬ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﻌﻠﺘﺎن ﻓﻼ ﻗﯿﺎس‪.‬‬
‫ﻷن اﻟﺪﺑﺮ ﻟﯿﺲ ﻣﺤ ً‬

‫ج ﻟﮭ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ رواه أﯾﻀﺎً اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ اﻟﺠ ﺎرود‪ ،‬وﻛ ﻞ رواﺗ ﮫ ﻣﺨ ﱠﺮ ٌ‬
‫إﻻ ﻣﻘﺴﻤًﺎ اﻟ ﺮاوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس اﻧﻔ ﺮد ﺑ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻗ ﺪ اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء اﺧﺘﻼﻓ ﺎً ﻛﺒﯿ ﺮًا ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬ﻓﺬھﺒﺖ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ إﻟ ﻰ وﺻ ﻤﮫ ﺑﺎﻻﺿ ﻄﺮاب ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )واﻻﺿ ﻄﺮاب ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎد ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻣﺘﻨﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﺟﺪاً(‪ .‬وﻗ ﺎل ﻏﯿ ﺮه إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﺮﺳ ﻞ أو ﻣﻮﻗ ﻮف ﻋﻠ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ ،‬وﻗ ﺎل‬
‫ن اﻟﺤ ﻖ أﻧ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ ﺑﺎﺗﻔ ﺎﻗﮭﻢ( وﺗﺎﺑﻌ ﮫ اﺑ ﻦ‬ ‫اﻟﻨﻮوي )إن اﻷﺋﻤﺔ ﻛﻠﮭﻢ ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﺗ ﺼﺤﯿﺤﮫ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻼح‪.‬‬

‫واﻟﺼﻮاب اﻟﺬي ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﺬھﺎب إﻟﯿ ﮫ ھ ﻮ أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ وﻟ ﯿﺲ ﺿ ﻌﯿﻔﺎً‪ ،‬وأن اﻟﻨ ﻮوي واﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼح واﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻗ ﺪ أﺧﻄ ﺄوا ﻓ ﻲ ﺗ ﻀﻌﯿﻔِﮫ ووﺻ ﻤِﮫ ﺑﺎﻻﺿ ﻄﺮاب‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﺤﮫ اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ذﻛﺮ اﻟﻨﻮوي ‪ ،‬وﺻ ﺤﱠﺤﮫ أﺑ ﻮ داود‪ ،‬وﺣ ﺴﱠﻨﮫ أﺣﻤ ﺪ واﺣ ﺘﺞ ﺑ ﮫ‪ ،‬وﺻ ﺤﱠﺤﮫ أﺑ ﻮ اﻟﺤ ﺴﻦ ﺑ ﻦ اﻟﻘﻄ ﺎن‪ ،‬وأﺟ ﺎب‬
‫ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮى اﻻﺿ ﻄﺮاب ﺑ ﺄن اﻹﻋ ﻼل ﺑﺎﻻﺿ ﻄﺮاب ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬واﻟ ﺼﻮاب أن ﯾُﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ رواﯾ ﺔ ﻛ ﱢﻞ راو‬
‫ﺧﺮ‬ ‫ﺑﺤ ﺴﺒﮭﺎ‪ ،‬وﯾُﻌﻠ ﻢ ﻣ ﺎ ﺧ ﺮج ﻋﻨ ﮫ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺻ ﺢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻗُﺒ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻀﺮه أن ُﯾ ﺮوى ﻣ ﻦ ﻃ ﺮق ُأ َ‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺔ وﻗﺪ ﺻﺤﱠﺖ ﻟﮭﺬا ﻟﺤﺪﯾﺚ رواﯾﺔ دون ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺮواﯾﺎت‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻋ ﻦ دﻋ ﻮى اﻹرﺳ ﺎل أو اﻟﻮﻗ ﻒ ﻋﻠ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﺨﻄ ﺎﺑﻲ‪ :‬واﻷﺻ ﺢ أﻧ ﮫ ﻣﺘ ﺼﻞ‬

‫ﻣﺮﻓﻮع‪ .‬وﯾُﺠﺎب أﯾﻀًﺎ ﻋﻠﻰ دﻋﻮى اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ رﻓﻌﮫ ووﻗﻔﮫ ﺑﺄن ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ‬
‫واﺑﻦ أﺑﻲ ﻋ ﺪي رﻓﻌ ﻮه ﻋ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ذھ ﺐ اﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ واﻟ ﱠﻨ ﻀْﺮ ﺑ ﻦ ﺷ ﻤﯿﻞ‬
‫ﺷ ﻌﺒﺔ أﺟ ﻞﱡ وأﻛﺜ ﺮ وأﺣﻔ ﻆ ﻣﻤ ﻦ وﻗﻔ ﮫ‪.‬‬
‫وﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب اﻟﺨﻔﺎف‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺳﯿﺪ اﻟﻨﺎس‪ :‬ﻣ ﻦ رﻓﻌ ﮫ ﻋ ﻦ ُ‬
‫وﻗﺎل أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ اﻟﺨﻄﯿ ﺐ‪ :‬اﺧ ﺘﻼف اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻓ ﻊ واﻟﻮﻗ ﻒ ﻻ ﯾ ﺆﺛﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﻔﺎً‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻷﺻﻮل‪ ،‬ﻷن إﺣﺪى اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻜﺬﱢﺑ ﺔ ﻟﻸﺧ ﺮى‪ ،‬واﻷﺧ ﺬ ﺑ ﺎﻟﻤﺮﻓﻮع أﺧ ﺬٌ ﺑﺎﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫وھﻲ واﺟﺒﺔُ اﻟﻘﺒﻮل‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ إذن ﺻﺤﯿﺢ وﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫أﻣ ﺎ رواﯾ ﺔ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي »إذا ﻛ ﺎن دﻣ ًﺎ أﺣﻤ ﺮ ﻓ ﺪﯾﻨﺎر أو ﻛ ﺎن دﻣ ًﺎ أﺻ ﻔﺮ ﻓﻨ ﺼﻒ دﯾﻨ ﺎر« ﻓﮭ ﻲ‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬ﻷن ﻓﻲ رواﺗﮭﺎ ﻋﺪدًا ﻓﯿﮭﻢ ﻣﻘﺎل‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻤﺨﺎرق ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﯾﻢ )ھﻮ ﻣُﺠﻤ ﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﮫ(‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺼﺢ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮫ‪ .‬وإذن ﻓﺈن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﺻ ﺎﻟﺤﯿﻦ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن‬
‫ﺠ ﺔ( وﻗ ﺪ ﺻ ﺤﺖ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ اﻟﺤﺠ ﺔ‪،‬‬
‫ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﺤﺠﺔ‪ ،‬وھﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن )واﻷﺻﻞ اﻟﺒﺮاءة ﻓﻼ ﯾﻨﺘﻘﻞ ﻋﻨﮭ ﺎ إﻻ ﺑﺤ ﱠ‬
‫ﻓﺎﻟﻮاﺟ ﺐ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻻﻧﺘﻘ ﺎل إﻟ ﻰ ﺣﯿ ﺚ ﺗ ﺪل اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ .‬وھﻜ ﺬا ﺗ ﺴﻘﻂ ﺣﺠﺠﮭ ﻢ ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وﯾﺜﺒ ﺖ اﻟﺤﻜ ﻢ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻦ ﻧﺼﱠﯿﻦ ﺻﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬وھﻮ أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﻔﺎرة ﻋﻠﻰ ﻣﻦ وﻃﺊ اﻟﺤﺎﺋﺾ‪.‬‬

‫وھﺬا اﻟﻮطء اﻟﺬي ﺗﺠﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻔﺎرة ﻟﻢ ﯾ ﺄت ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﺮع ﻣ ﺎ ﯾﻘﯿ ﺪه ﺑﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﻌﻤ ﺪ‪ ،‬أو ﯾ ﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣﻨ ﮫ‬
‫اﻟﻨﺴﯿﺎن واﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬ﻓﯿﺠﺐ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻜﻔ ﺎرة ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ وﻃ ﺊ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻋﻤ ﺪاً أو ﺳ ﮭﻮًا‪ .‬إﻻ أن اﻟﻌﺎﻣ ﺪ آﺛ ﻢ‬
‫وﯾﺨﺮج ﻛﻔﺎرة‪ ،‬واﻟﺴﺎھﻲ ﻏﯿﺮ آﺛﻢ وﻟﻜﻨ ﮫ ﯾﺨ ﺮج ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ ﻛﻔ ﺎرة‪ ،‬ﻷن اﻟ ﻨﺺ ﻋ ﺎم ﻓ ﻲ اﻻﺛﻨ ﯿﻦ وﻻ‬
‫ﻣﺨﺼﱢﺺ‪ .‬ﺛﻢ إن اﻟﻜﻔﺎرة واﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ واﻷﻧﺜﻰ إﻻ أن ﺗﻜﻮن اﻷﻧﺜﻰ ﻣﻜﺮھﺔ ﻓﻼ ﻛﻔﺎرة ﻋﻠﯿﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ا ﻷول ﻻﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻟﻠﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﯾ ﺼﻠﺤﺎن ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻷول ﯾﻘﻮل »ﯾﺘ ﺼﺪق ﺑ ﺪﯾﻨﺎر أو ﺑﻨ ﺼﻒ دﯾﻨ ﺎر« ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺨﯿﯿ ﺮ واﻹﻃ ﻼق‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿ ﺮ ﯾﻘ ﻮل‬
‫ﻃﯿَﮭ ﺎ وﻗ ﺪ رأت اﻟﻄﱡﮭ ﺮ وﻟ ﻢ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ‬ ‫»إذا أﺗ ﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻣﺮأﺗ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪم ﻓﻠْﯿﺘ ﺼﺪق ﺑ ﺪﯾﻨﺎر‪ ،‬وإذا و ِ‬
‫ﻓﻠْﯿﺘﺼﺪق ﺑﻨﺼﻒ دﯾﻨﺎر« اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول أﻃﻠﻖ اﻟﺪﯾﻨﺎر وﻧﺼﻒ اﻟﺪﯾﻨﺎر‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻗﱠﯿ ﺪ اﻟ ﺪﯾﻨﺎر‬
‫ﺑﺎﻟﻮطء ﻓﻲ ﻓﻮرة اﻟﺪم‪ ،‬وﻧﺼﻒ اﻟﺪﯾﻨﺎر ﺑﺎﻟﻮطء ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻄﺎع اﻟ ﺪم وﻗﺒ ﻞ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﯿُﺤﻤ ﻞ اﻟﻤﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻘﯿﺪ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ وﻃﻲء اﻟﺤﺎﺋﺾ ودﻣﮭﺎ ﯾﺴﯿﻞ ﻛﻔﱠﺮ ﺑﺪﯾﻨﺎر‪ ،‬وإن وﻃﺌﮭﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل وﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻧﻘﻄﺎع اﻟ ﺪم ﻛ ﱠﻔ ﺮ ﺑﻨ ﺼﻒ دﯾﻨ ﺎر‪ .‬واﻟ ﺪﯾﻨﺎر اﻟ ﺸﺮﻋﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﺬھﺐ اﻟﺨ ﺎﻟﺺ‪ ،‬وﯾﻌ ﺎدل أرﺑﻌ ﺔ ﻏﺮاﻣ ﺎت‬
‫ورﺑ ﻊ اﻟﻐ ﺮام‪ ،‬وﯾﻌ ﺎدل ﻧ ﺼﻔﮫ ﻏ ﺮاﻣﯿﻦ وﺛﻤ ﻦ اﻟﻐ ﺮام‪ .‬وﺑﻤﻌﺮﻓ ﺔ ﺳ ﻌﺮ اﻟﻐ ﺮام ﻣ ﻦ اﻟ ﺬھﺐ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ‬
‫اﻟﻮطء واﻟﻜﻔﺎرة ﯾﻌﺮف اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻘﺪار اﻟﻜﻔﺎرة ﺑﻌﻤﻠﺔ ﺑﻠﺪه‪.‬‬

‫ﺤﺮُم ﻋﻠﻰ اﻟﺰوج أن ﯾﻄﻠﻖ زوﺟﺘﮫ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﺣﯿﻀﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺪﻟﯿﻞ ﻣ ﺎ روي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ »أﻧ ﮫ‬ ‫‪َ -3‬ﯾ ْ‬
‫ﻃﻠﻖ اﻣﺮأﺗﮫ وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ ﻓﺬﻛﺮ ذﻟ ﻚ ﻋﻤ ُﺮ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ُ :‬ﻣ ﺮْه ﻓﻠْﯿﺮاﺟﻌﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟِﯿﻄﻠﻘﮭ ﺎ ﻃ ﺎھﺮًا أو‬
‫ﺣﺎﻣﻼً« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ أن ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻗ ﺎل »ﻃﻠﻘ ﺖ اﻣﺮأﺗ ﻲ‬
‫وھﻲ ﺣﺎﺋﺾ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ ذﻟﻚ ﻋﻤ ُﺮ ﻟﻠﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﺘﻐﯿﱠﻆ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ُ :‬ﻣ ْﺮهُ ﻓﻠْﯿﺮاﺟﻌﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤ ﯿﺾ‬
‫ﺣﯿﻀﺔ أﺧﺮى ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﺔ‪ ،‬ﺳﻮى ﺣﯿﻀﺘﮭﺎ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﻘﮭﺎ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺑ ﺪا ﻟ ﮫ أن ﯾﻄﻠﻘﮭ ﺎ ﻓﻠْﯿﻄﻠﻘﮭ ﺎ ﻃ ﺎھﺮاً‬
‫ﻣﻦ ﺣﯿﻀﺘﮭﺎ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻤﺴﱠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ اﻟﻄﻼق ﻟﻠﻌﺪة ﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﷲ‪ .‬وﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﷲ ﻃﻠﻘﮭﺎ ﺗﻄﻠﯿﻘ ﺔ واﺣ ﺪة‬
‫ﺤﺴِﺒﺖ ﻣﻦ ﻃﻼﻗﮭﺎ ‪ « ...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻨﮫ اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫ﻓُ‬

‫ﺴﻨﱢﻲ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫واﻟﺘﻄﻠﯿﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺾ ﯾﺪﻋﻰ اﻟﻄﻼق اﻟﺒﺪﻋﻲ‪ ،‬وﻋﻜﺴﮫ ﯾﺪﻋﻰ اﻟﻄﻼق اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻮﺟﮫ اﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬وذﻟﻚ أن ﯾﻄﻠﻖ اﻟﺰوج زوﺟﺘﮫ ﻓﻲ ﻃﮭ ٍﺮ ﻟﻢ ﯾَﻤَﺴﱠﮭﺎ ﻓﯿﮫ‪ .‬واﻟﻄﻼق اﻟﺒﺪﻋﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ‬
‫ﻛﻮﻧﮫ ﺣﺮاﻣ ًﺎ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ واﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ واﺑﻦ ﺗﯿﻤ ﱠﯿ ﺔ واﺑ ﻦ اﻟﻘ ﯿﻢ وأﺑ ﻲ ﻗُﻼﺑ ﺔ وﻃ ﺎووس وﺳ ﻌﯿﺪ‬
‫ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﺐ ﺷﯿﺦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ أراه أﻧ ﺎ‪ ،‬وﯾﻘ ﻊ ﻋﻨ ﺪ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ .‬وﻟ ﺴﻨﺎ ھﻨ ﺎ ﺑ ﺼﺪد‬
‫ﺑﺤﺚ أﺣﻜﺎم اﻟﻄﻼق‪ ،‬ﻓﺒﺎﺑﮫ ﻏﯿﺮ ﺑﺎب اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬ﻓﻘﻂ أﺣﺒﺒﻨﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺣﻜﺎم ھﻨﺎ‪.‬‬

‫د ُم اﻟﺤﯿﺾ وﻣﺪﱠﺗﮫ‬

‫‪158‬‬
‫ﻟﻘ ﺪ ﻛﺜ ﺮت اﻵراء وﺗ ﺸﻌﱠﺒﺖ ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ أﻗ ﻞﱢ اﻟﺤ ﯿﺾ وأﻛﺜ ﺮه‪ ،‬وإﻧ ﻲ أﻛﺘﻔ ﻲ ﺑﺎﺳ ﺘﻌﺮاض أﻗ ﻮال‬
‫اﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ‪ ،‬وأﺿﺮب ﺻﻔﺤ ًﺎ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاھﺎ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأن ﻣﻌﻈﻢ ﺗﻠﻚ اﻷﻗﻮال ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ‪ :‬إن أﻗﻞ اﻟﺤﯿﺾ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وأﻛﺜﺮه ﻋﺸﺮة‪.‬‬

‫‪ -2‬وﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ إﻧﮫ ﻻ وﻗﺖ ﻟﻘﻠﯿﻞ اﻟﺤﯿﺾ وﻻ ﻟﻜﺜﯿﺮه ‪ ،‬واﻟﻌﺒﺮة ﺑﻌﺎدة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫‪ -3‬وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ إن أﻗﻠﮫ ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ وأﻛﺜﺮه ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣًﺎ‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ ﻟﻢ ﯾﺤ ﺪد ﻣ ﺪ ًة ﻷﻗ ـﻞﱢ اﻟﺤ ﯿﺾ وﻻ ﻷﻛﺜ ﺮه ﯾﺠ ﺐ اﻻﻟﺘ ﺰام ﺑﮭ ﺎ‪،‬‬

‫ﻞ اﻣ ﺮأ ٍة ﻋ ﺎد ٌة‬
‫وإﻧﻤﺎ ﺟﻌﻞ ذﻟﻚ راﺟﻌًﺎ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﺎدة ﻛ ﻞ اﻣ ﺮأ ٍة ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻋ ﺼﺮ وﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻣﻜ ﺎن‪ ،‬ﻓﻠﻜ ﱢ‬
‫ﺧﺎﺻ ﺔٌ ﺑﮭ ﺎ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أن ﺗﻠﺘ ﺰم ﺑﮭ ﺎ‪ .‬وﻟﻜ ﻦ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻧ ﺴﺘﻌﺮض اﻟﻨ ﺼﻮص ﻧﺠ ﺪھﺎ ﺗ ﺬﻛﺮ أن ﻏﺎﻟ ﺐ‬
‫اﻟﺤﯿﺾ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺴﺎء ھ ﻮ ﺳ ﺘﺔ أﯾ ﺎم أو ﺳ ﺒﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺣﻤﻨ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻟﮭ ﺎ »‪...‬‬
‫ﻓﺘﺤﯿﱠﻀــﻲ ﺳﺘﺔ أﯾﺎم أو ﺳﺒﻌﺔ أﯾﺎم ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﷲ‪ ،‬ﺛﻢ اﻏﺘﺴﻠﻲ ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫وﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ ﺑﺈذن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ[‪.‬‬

‫وﻗﺪ ورد ﻓﻲ ﻟﻮن اﻟﺪم أﺣﺎدﯾﺚ ﻧﺬﻛﺮھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺣﺒﯿﺶ »أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺤﺎض‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬إذا ﻛﺎن دم اﻟﺤﯿﻀﺔ‬
‫ﻚ ﻓﺄﻣﺴﻜﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛ ﺎن اﻵﺧ ﺮ ﻓﺘﻮﺿ ﺌﻲ وﺻ ﻠﱢﻲ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ‬‫ﻓﺈﻧﮫ دم أﺳﻮد ﯾُﻌﺮف‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ذِﻟ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ‪.‬‬
‫ھﻮ ﻋِﺮق« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ ‪ -‬وﻛﺎﻧ ﺖ ﺑﺎﯾﻌ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ -r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺎ ﻻ ﻧﻌ ﱡﺪ اﻟ ُﻜ ﺪرة واﻟ ﺼﱡﻔﺮة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻄﱡﮭ ﺮ‬
‫ﺷﯿﺌ ًﺎ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻋﻦ أﻣﮫ ﻣﻮﻻة ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺴﺎء ﯾﺒﻌﺜﻦ‬
‫ﻒ ﻓﯿﮫ اﻟﺼﱡﻔﺮ ُة ﻣﻦ دم اﻟﺤﯿﺾ ﯾﺴﺄﻟﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬ ‫ﺳ ُ‬‫إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﺎﻟ ﱢﺪرَﺟ ِﺔ ﻓﯿﮭﺎ اﻟ ُﻜ ْﺮ ُ‬
‫ﺠﻠْﻦ ﺣﺘﻰ ﺗ ﺮﯾﻦ اﻟ َﻘ ﺼﱠﺔ اﻟﺒﯿ ﻀﺎء‪ ،‬ﺗﺮﯾ ﺪ ﺑ ﺬﻟﻚ اﻟﻄﮭ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻀﺔ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ‪.‬‬ ‫ﻓﺘﻘﻮل ﻟﮭﻦ‪ :‬ﻻ َﺗ ْﻌ َ‬
‫وذﻛﺮه اﻟﺒﺨﺎري ﺗﻌﻠﯿﻘ ًﺎ‪ .‬اﻟ ﱢﺪرَﺟ ﺔ‪ :‬وﻋ ﺎء‪ .‬اﻟﻘَ ﺼﱠﺔ‪ :‬اﻟﻘﻄﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ﻗﻄ ﻦ ﺗﻮﺿ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺮج ﻟﻤﻌﺮﻓ ﺔ أﺛ ﺮ‬
‫اﻟﺤﯿﺾ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻔﯿ ﺪ أن دم اﻟﺤ ﯿﺾ أﺳ ﻮد‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ُﯾ ْﻌ ﺮَف ﺑ ﻀﻢ ﻓ ﺴﻜﻮن ﻓﻔ ﺘﺢ ﯾﻌﻨ ﻲ أن ذﻟ ﻚ‬
‫ﻣﻌﺮوف ﻟﺪى اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وإن روي ﻣﻮﻗﻮﻓ ﺎً ﻋﻠ ﻰ أم ﻋﻄﯿ ﺔ إﻻ أنﱠ ﻟ ﮫ ﺣﻜ ﻢ اﻟﺮﻓ ﻊ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ ،r‬ﻷن ﻗﻮﻟﮭﺎ »ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﻌ ﱡﺪ« ﻻ ﯾُﺘﺼﻮر أن ﯾﻜﻮن ﺑﺎﺟﺘﮭﺎد ﻣﻨﮭﻦ دون ﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ﺮ أن اﻟ ﺼﱡﻔﺮة واﻟﻜ ﺪرة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻄﮭ ﺮ ﻟﯿ ﺴﺘﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﺎً‪،‬‬
‫وﻣﻔﮭﻮﻣﮫ أﻧﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺾ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻓﺘﺮة اﻟﺤﯿﺾ‪ .‬وأﺛﺮ ﻋﻠﻘﻤ ﺔ ﻣﻔﮭﻮﻣ ﮫ أن ﻣ ﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺴﺎﺋﻞ‬
‫اﻟﻤﻠﻮن ﯾﻜﻮن ﺣﯿﻀﺎً‪ ،‬وھﺬا أﻋﻢﱡ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺳﻮد واﻷﺣﻤ ﺮ واﻷﺻ ﻔﺮ واﻟﻜَ ﺪِر إن ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء‬
‫ﻓﺘﺮة اﻟﺤﯿﺾ ﻓﮭﻮ ﺣ ﯿﺾ‪ ،‬وﻣ ﺎ داﻣ ﺖ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺬﻛﺮ أن دم اﻟﺤ ﯿﺾ ﻟ ﮫ ھ ﺬه اﻷﻟ ﻮان‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺮأة‬
‫ن ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻋﺎدﺗﮭﺎ اﻋﺘﺒﺮت ذﻟﻚ ﺣﯿﻀ ًﺎ‬ ‫ذات اﻟﻌﺎدة اﻟﻤﺘﻜﺮرة إن اﺳﺘﻤﺮ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﯾﻨﺰل ﻣﻨﮭﺎ وﻟﮫ ﻟﻮ ٌ‬
‫وأن أﯾﺎﻣﮫ أﯾﺎم ﺣﯿﺾ‪ ،‬ﻓﺈذا زال اﻟﻠﻮن وﺻﺎر ﻣﺎ ﺗ ﻀﻌﮫ اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻲ ﻓﺮﺟﮭ ﺎ ﯾﺨ ﺮج أﺑ ﯿﺾ دون ﻟ ﻮن‬
‫ن ذﻟﻚ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺤﯿﺾ اﻧﺘﮭﻰ واﻧﺘﮭﺖ ﻓﺘﺮﺗﮫ‪ ،‬وأن واﺟﺒﮭﺎ آﻧﺬاك أن ﺗﻐﺘﺴﻞ وﺗﺼﻠﻲ وﺗﺼﻮم‪.‬‬ ‫ﻓﺈ ﱠ‬

‫‪159‬‬
 ‫واﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻻ ﺗﻌـﺪو أن ﺗﻜﻮن إﺣﺪى ﺛﻼث‪ :‬ﻣُﺒﺘﺪَأة‪ ،‬وﻣﻌﺘﺎدة‪ ،‬وذات ﺗﻠﻔﯿﻖ‪.‬‬

‫أ‪ -‬أﻣﺎ اﻟﻤُﺒ َﺘﺪَأة ‪ -‬أي اﻟ ُﻤ ْﺒﺘَ َﺪأُ ﺑﮭﺎ اﻟﺪم ‪ -‬ﻓﻠﮭﺎ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﻦ ﺗﺤﯿﺾ اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻤﺜﻠﮫ إذا ﻧﺰل ﻣﻨﮭﺎ دم أﺳ ﻮد ﺗ ﺪع اﻟ ﺼﻮم واﻟ ﺼﻼة‪،‬‬ ‫‪ -1‬اﻟﻤُﺒﺘَ َﺪُأ ﺑﮭﺎ اﻟﺪم ﻓﻲ ﺳ ﱟ‬
‫وﺗﺮﺻﺪ اﻷﯾﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻀﻲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻨﺰول‪ ،‬وﺗﺒﻘﻰ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﻣﺎ دام اﻟﺪم ﯾﻨﺰل ﻓﺈن ﺗﻜ ﺮﱠر ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم‬
‫ﻓﻲ اﻟﺸﮭﺮ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﮭﺮ اﻟﻔﺎﺋﺖ ﻋﻠﻤﺖ أن ذﻟﻚ ﺣﯿﻀُﮭﺎ وﻋﺎدﺗُﮭﺎ ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﯿ ﮫ وأﺧ ﺬت‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﺑﻤﻮﺟﺒﮫ‪ .‬واﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻷﺳﺒﻮﻋﯿﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻟﻌ ﺸﺮة أﯾ ﺎم‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾﻜ ﻮن ﻟ ﺴﺒﻌﺔ ‪ ،‬أو‬
‫ﻟﺜﻼﺛﺔ أو ﻷﻗﻞ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺰوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ إن ﺗﻜﺮﱠر ﻓﮭﻮ اﻟﻌﺎدة‪ ،‬وآﻧﺌ ﺬ ﺗﻨﺘﻘ ﻞ ﻣ ﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺒﺘﺪَأة إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﻌﺘﺎدة‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺛ ﱠﻢ إن ﻋﺒَﺮ اﻟﺪمُ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺣﯿﻀﮭﺎ وﻋﺎدﺗﮭﺎ وﻛﺎن ﻟﻮﻧﮫ أﺣﻤﺮ ﻋﻠﻤﺖ أﻧﮭﺎ ﻣﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻓﺘﻐﺘﺴﻞ‬
‫ن ﻧ ﺰل اﻟ ﺪم‬
‫وﺗﻘﻀﻲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﻼة وﺻﻮم ﻓ ﻲ اﻷﯾ ﺎم اﻟﺘ ﻲ ﺗﻠ ﺖ ﻣ ﺪة ﺣﯿ ﻀﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ إ ْ‬
‫وﺗﻜﺮر ﻧﺰوﻟﮫ وﻛﺎن أﺳﻮد ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء ﻣﺪة ﺣﯿﻀﮭﺎ وﻋﺎدﺗﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﺠﻠ ﺲ رﯾﺜﻤ ﺎ ﯾﻨﻘﻄ ﻊ اﻟ ﺪم اﻷﺳ ﻮد‬
‫ﻓﺤ ﺴﺐ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ وﻟ ﻮ اﺳ ﺘﻤﺮ ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم أﺣﻤ ﺮ أو أﺻ ﻔﺮ‪ ،‬وآﻧ ﺬاك ﺗﻨﺘﻘ ﻞ إﻟ ﻰ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺠﺪﯾﺪة‪ ،‬وﺗﺘﺼﺮف ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺾ ﺑﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﺗﺘﺼﺮف ﺑﮫ ﻓ ﻲ اﻻﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ روت‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺣﺒﯿﺶ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺤﺎض‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ذﻟ ﻚ‬
‫ﻋﺮْق وﻟﯿﺴﺖ ﺑﺎﻟﺤﯿﻀﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻗﺒﻠﺖ اﻟﺤﯿﻀﺔ ﻓﺪﻋﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإذا أدﺑ ﺮت ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻠﻲ وﺻ ﻠﻲ« رواه‬ ‫ِ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وإﻗﺒﺎل اﻟﺤﯿﻀﺔ‪ :‬ﺳﻮاد اﻟﺪم وﻧﺘﻨﮫ‪ .‬وإدﺑﺎرھﺎ ‪ :‬رﻗﺔ اﻟﺪم وﺣﻤﺮﺗﮫ‪.‬‬

‫‪ -3‬وھﺬا ﻛﻠﮫ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻣﻤﱢﯿ ﺰ ًة ﺗ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻤﯿﯿ ﺰ دم اﻟﺤ ﯿﺾ ﻣ ﻦ دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ‬
‫ﻼ ﺛﻢ ﺗﻐﺘﺴﻞ وﺗﺼﻠــﻰ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روت ﺣﻤﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺟﺤﺶ أن رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺗﺠﻠﺲ ﺳﺘﺔ أﯾﺎم أو ﺳﺒﻌﺔ أﯾﺎم ﻣﺜ ً‬
‫ﻗ ﺎل ﻟﮭـ ـﺎ ‪ -‬ﺑﻌـ ـﺪ أن اﺳﺘﻔﺘﺘـ ـﮫ ﻓـ ـﻲ اﺳﺘﺤﺎﺿﺘﮭـ ـﺎ اﻟ ﺸﺪﯾﺪة – »‪ ...‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﺬه رَ ْﻛ ﻀﺔٌ ﻣ ﻦ رﻛ ﻀﺎت‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓﺘﺤﯿﱠﻀﻲ ﺳﺘــﺔ أﯾــﺎم أو ﺳﺒﻌــﺔ أﯾﺎم ﻓــﻲ ﻋﻠـﻢ اﻟﻠ ـﮫ ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻲ‪ ،‬ﺣﺘ ـﻰ إذا رأﯾ ﺖِ أﻧ ﻚِ‬
‫ﻃﮭُﺮتِ واﺳﺘﻨﻘﺄتِ ﻓﺼﻠــﻲ ﺛﻼﺛﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠــﺔ أو أرﺑﻌﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠــﺔ وأﯾﺎﻣﮭــﺎ وﺻ ﻮﻣﻲ‪،‬‬ ‫ﻗــﺪ َ‬
‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺠﺰﯾﻚ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻓﻌﻠﻲ ﻓﻲ ﻛ ﻞ ﺷ ﮭﺮ ﻛﻤـ ـﺎ ﺗﺤ ﯿﺾ اﻟﻨ ﺴــﺎء وﻛﻤ ﺎ ﯾَﻄﮭُ ﺮن ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ وﺻﺤﱠﺤﺎه‪.‬‬

‫ب‪ -‬أﻣﺎ اﻟﻤﻌﺘﺎدة ‪ -‬وھﻲ اﻟﺤﺎﺋﺾ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮت ﻋﺎدﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ وﻣﺪة ﻣﺤﺪدة ﻛﻞ ﺷ ﮭﺮ‬
‫‪ -‬ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻣﻦ أﻟﻮان ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﺣﯿﻀﮭﺎ ﻓﮭﻮ ﺣﯿﺾ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑ ﯿﻦ اﻷﺳ ﻮد واﻷﺣﻤ ﺮ واﻷﺻ ﻔﺮ‪،‬‬
‫وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﺜﺨﯿﻦ واﻟﺮﻗﯿﻖ‪ ،‬ﻣﺎ دام ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻋﺎدﺗﮭﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﺮة‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى ﻋﻠﻘﻤ ﺔ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻋﻠﻘﻤ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫أﻣﮫ ﻣﻮﻻة ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺴﺎء ﯾﺒﻌﺜﻦ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ أ ﱢم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﺎﻟ ﱢﺪرَﺟ ِﺔ ﻓﯿﮭﺎ‬
‫ﺳ ﻒ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺼُﻔﺮ ُة ﻣ ﻦ دم اﻟﺤ ﯿﺾ ﯾ ﺴﺄﻟﻨﮭﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓﺘﻘ ﻮل ﻟﮭ ﻦ‪ :‬ﻻ ﺗﻌﺠﻠ ﻦ ﺣﺘ ﻰ ﺗ ﺮﯾﻦ‬ ‫اﻟﻜُ ْﺮ ُ‬
‫اﻟ َﻘﺼﱠﺔ اﻟﺒﯿﻀﺎء‪ ،‬ﺗﺮﯾﺪ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻄﱡﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻀﺔ« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻠ ﻮن أﺻ ﻔﺮ أو ذا ُﻛ ﺪرة ﻋﻘ ﺐ ﻓﺘ ﺮة اﻟﺤ ﯿﺾ اﻟﻤﻌﺘ ﺎدة ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺣﯿ ﻀﺎً‪ ،‬وﺗﻈ ﻞ‬

‫ﺻﺎﺣﺒﺘﮫ ﻃﺎھﺮة ﻟﻤﺎ روت أم ﻋﻄﯿﺔ ‪ -‬وﻛﺎﻧ ﺖ ﺑﺎﯾﻌ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ -r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺎ ﻻ ﻧﻌ ﺪ اﻟ ُﻜ ﺪرة واﻟ ﺼﱡﻔﺮة‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﻄﱡﮭﺮ ﺷﯿﺌﺎً« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ .‬أﻣﺎ إن ﺗﻐﯿﺮت ﻋﺎدة اﻟﻤﻌﺘﺎدة ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺨﺮج ﻋﻦ‬
‫إﺣﺪى اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﺗﺮى اﻟﻄﱡﮭﺮ ‪ -‬أي اﻧﻘﻄﺎع اﻟﺪم ‪ -‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻗﺒﻞ ﺗﻤﺎم ﻓﺘﺮة اﻟﺤﯿﺾ اﻟﻤﻌﺘﺎدة‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ‬
‫ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺻ ﺎرت ﻃ ﺎھﺮة ﺑﺎﻧﻘﻄ ﺎع اﻟ ﺪم‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺤ ﻞ ﻟﮭ ﺎ أن ﺗﺒﻘ ﻰ ﺟﺎﻟ ﺴﺔ دون اﻏﺘ ﺴﺎل‬

‫‪160‬‬
‫وﺻﻼة‪ .‬ﻓﺈن ﻋﺎودھﺎ اﻟﺪم ﻓﻲ ﺧﻼل ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﺘﺤ ﯿﱠﺾ ﻓﯿ ﮫ ﻷﻧ ﮫ دم ﺻ ﺎدف اﻟﻌ ﺎدةَ ﻓﻜ ﺎن ﺣﯿ ﻀ ًﺎ‬
‫ﻓﺘﺠﻠﺲ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا اﻧﻘﻄﻊ اﻏﺘﺴﻠﺖ ﺛﺎﻧﯿﺔ وﺻﻠﱠﺖ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﻋﺎودھﺎ اﻟ ﺪم ﺑﻌ ﺪ اﻧﻘ ﻀﺎء ﻓﺘ ﺮة ﺣﯿ ﻀﮭﺎ ﻓﮭ ﻮ اﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺘﺠﻠﺲ ﻣ ﺪﱠة ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫وﺗﻐﺘﺴﻞ وﺗﺼﻠﱢﻲ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﻤﺪﱠة اﻟﺘﻲ ﯾﻈﻞﱡ اﻟﺪم ﻓﯿﮭ ﺎ ﯾﻨ ﺰل‪ .‬أﻣ ﺎ إن اﺳ ﺘﻤﺮ ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم وﻛ ﺎن أﺳ ﻮد‪ ،‬ﻛ ﺄن‬
‫ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻧﺰوﻟﮫ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم أﺧ ﺮى وﺗﻜ ﺮر ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﮭﺮ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻓﮭ ﻮ ﺣ ﯿﺾ وﺗﻨﺘﻘ ﻞ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ إﻟ ﻰ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺠﺪﯾﺪة ھﺬه‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﯾﺘﻜﺮر ﻓﻠﯿﺲ ﺑﺤﯿﺾ‪ ،‬ﻓﺘﻘﻀﻲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﻮم ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﯾﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ‬
‫وﺗﻘﻀﻲ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﻼة‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ﺗﺮى اﻟﺪم ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻋﺎدﺗﮭﺎ ‪ ،‬إﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺘﺮة وإﻣﺎ ﺑﻌﺪھﺎ ﻣ ﻊ اﺳ ﺘﻤﺮار ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ‬
‫ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺠﻠﺲ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻜﺮر ﻣﻨﮭﺎ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻞ أﯾﺎﻣﮭ ﺎ وﻟ ﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻗﺎدﻣ ﺔ ﺻ ﺎرت ﻋ ﺎدةً ﺟﺪﯾ ﺪةً ﻟﮭ ﺎ ‪،‬‬
‫وإن ﻟﻢ ﺗﺘﻜﺮر ﻗﻀﺖ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﻼة وﺻﻮم‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ﯾﻨﻀﻢ إﻟ ﻰ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ ﻣ ﺎ إذا ﺟُﻤ ﻊ ﻣﻌﮭ ﺎ زادا ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﮭﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ أﻛﺜ ﺮ اﻟﺤ ﯿﺾ ﻟ ﺪﯾﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﻋﺎدﺗﮭﺎ ﺟﻠﺴﺖ ﻗﺪر اﻟﻌﺎدة ﺛﻢ اﻏﺘﺴﻠﺖ وﺻﻠﺖ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ أن اﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫‪ r‬ﻗﺎل ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺣﺒ ﯿﺶ »‪ ...‬وﻟﻜ ﻦ دﻋ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻗ ﺪر اﻷﯾ ﺎم اﻟﺘ ﻲ ﻛﻨ ﺖ ﺗﺤﯿ ﻀﯿﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻏﺘ ﺴﻠﻲ وﺻ ﻠﻲ«‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ أﺣﻜ ﺎم اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻟ ﻢ ﺗﻌ ﺪ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‬
‫‪ -‬أي ﻧﺴﯿﺘﮭﺎ ‪ -‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺘﺤﯿﱢﺮة‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺠﻠﺲ ﺳﺒﻌﺔ أﯾﺎم‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وﺗ ﺴﺘﻤﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ إﻻ أن ﺗﻌﻮد اﻟﻨﺎﺳﯿﺔ ﻓﺘﺬﻛﺮ ﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺠﻠﺲ ﻗﺪر ﻋﺎدﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﺑﻘﯿﺖ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﻠﯿﻠﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻠﻔﯿﻖ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھﺎ ﺿﻢ اﻟﺪم إﻟﻰ اﻟﺪم اﻟﺬي ﯾﻔ ﺼﻠﮫ ﻋﻨ ﮫ ﻃﮭ ﺮ‪.‬‬
‫وھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ھﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا رأت اﻟﺤﺎﺋﺾ ﯾﻮﻣﺎً دﻣﺎً وﯾﻮﻣﺎً ﻃﮭ ﺮاً‪ ،‬أو رأت ﯾ ﻮﻣﯿﻦ دﻣ ﺎً وﯾﻮﻣ ﺎً ﻃﮭ ﺮاً أو ﯾ ﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫رأت ﯾﻮﻣﯿﻦ دﻣﺎً ﯾﻌﻘﺒﮭﻤﺎ ﯾﻮم ﻃﮭﺮ أو ﯾﻮﻣﺎن وھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ ﻋﻘ ﺐ ﻛ ﻞ‬
‫ﺣﯿﺾ أو ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻃﮭ ﺮ ﯾﺘﺨﻠ ﻞ ﻓﺘ ﺮة اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وﺗ ﺼﻠﻲ وﺗ ﺼﻮم‪ ،‬وإذا اﺳ ﺘﻤﺮ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﺧ ﻼل أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﺣﯿﻀﮭﺎ‪ ،‬أي ﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿﻌﮫ ﺣﯿﺾ ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻋﻘ ﺐ ﻛ ﻞ ﯾ ﻮم أو ﯾ ﻮﻣﯿﻦ ﻧ ﺰل ﻓﯿﮭﻤ ﺎ اﻟ ﺪم‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻋﺒ ﺮ‬
‫أﻛﺜ ﺮ ﺣﯿ ﻀﮭﺎ‪ ،‬أي ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﻣ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ُﺗ ﺮ ﱡد إﻟ ﻰ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﺎدﺗﮭ ﺎ ﺧﻤ ﺴﺔ أﯾ ﺎم ﻣ ﺜﻼً‬
‫ﺟﻠﺴﺖ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﯾﺎم اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺰل ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺪم‪ ،‬واﻏﺘ ﺴﻠﺖ وﺻ ﻠﺖ ﻓ ﻲ أﯾ ﺎم اﻟﻄﮭ ﺮ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﻣﻤﯿﱢﺰة ﺗﺮى ﻣﺮة دﻣًﺎ أﺳﻮد وأﺧﺮى دﻣًﺎ أﺣﻤﺮ أو أﺻﻔﺮ رُدﱠت إﻟﻰ اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﺣﯿﻀﮭﺎ زﻣﻦ اﻟﺪم‬
‫اﻷﺳﻮد ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﺘﺠﻠﺲ ﻓﯿﮫ وﺗﻐﺘﺴﻞ وﺗﺼﻠﻲ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ وأﺣﻜﺎﻣﮭﺎ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺰف دﻣﮭﺎ ﻣ ﻦ ﻓﺮﺟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻓﺘ ﺮة ﺣﯿ ﻀﮭﺎ‪ ،‬أو ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺮى دﻣ ﺎً‬
‫ﻟ ﯿﺲ ﺑﺤ ﯿﺾ وﻻ ﻧﻔ ﺎس‪ .‬واﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺣﻜﻤﮭ ﺎ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻄ ﺎھﺮات ﻓ ﻲ وﺟ ﻮب اﻟﻌﺒ ﺎدات ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫وﺻﻮم وﻃﻮاف‪ ،‬ﻷن اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺘﺎدة ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻣﺜﻞ ﺳﻠﺲ اﻟﺒﻮل‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ دم‬
‫اﻟﺤﯿﺾ وﻣﺪﺗﮫ أﻧﻮاع اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺎت ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﻧﻌﯿﺪ‪ ،‬وﻟﻠﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻐُ ﺴﻞ‪ :‬اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء واﻷﺋﻤ ﺔ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﯿﻦ رﺋﯿ ﺴﯿﯿﻦ‪ ،‬وﺛﺎﻟ ﺚ‬
‫ﻋ ﺮوة ﺑ ﻦ‬
‫ﺻﻐﯿﺮ‪ .‬ﻓﺬھﺐ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬وﻋﻠﻲ واﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮭﻤﺎ ‪ ،‬وﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‪ ،‬و ُ‬
‫اﻟﺰﺑﯿﺮ وأﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ واﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ إﻟﻰ وﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻓ ﻲ‬

‫‪161‬‬
‫وﻗﺖ اﻧﻘﻄﺎع ﺣﯿﻀﮭﺎ‪ .‬وذھﺐ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ واﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ وﻋﻄﺎء ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑ ﺎح‪ ،‬وﻋﻠ ﻲ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔ أﺧﺮى إﻟﻰ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة‪ .‬واﻧﻔﺮد ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﺐ واﻟﺤ ﺴﻦ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل‬
‫إن اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ إﻟﻰ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬أي ﻣﺮة ﻛ ﻞ ﯾ ﻮم وﻟﯿﻠ ﺔ‪.‬‬
‫وروى أﺑﻮ داود ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻛﻞ ﯾﻮم ﻣﺮة«‪.‬‬

‫وﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ ﺻﻮاب اﻟﺮأي اﻷول ﻧﺴﺘﻌﺮض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع‪:‬‬

‫ﺣﺒَﯿﺶ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺤﺎض‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ُ‬
‫ﻋ ﺮْق وﻟﯿ ﺴﺖ ﺑﺎﻟﺤﯿ ﻀﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أﻗﺒﻠ ﺖ اﻟﺤﯿ ﻀﺔ ﻓ ﺪﻋﻲ اﻟ ﺼﻼة وإذا أدﺑ ﺮت ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻠﻲ‬
‫ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ذﻟ ﻚ ِ‬
‫وﺻﻠﻲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »إن أم ﺣﺒﯿﺒ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ اﻟﺘ ﻲ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﺤ ﺖ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف‬

‫ﺷﻜﺖ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺪم‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ‪ :‬اﻣﻜﺜﻲ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺒﺴﻚ ﺣﯿ ﻀ ُﺘ ِ‬
‫ﻚ ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧ ﺖ‬
‫ﺗﻐﺘﺴﻞ ﻋﻨﺪ ﻛ ﱢﻞ ﺻﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن اﻣ ﺮأة ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗُﮭ ﺮاق اﻟ ﺪم ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬

‫ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﺖ ﻟﮭﺎ أم ﺳﻠﻤﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻟِﺘﻨﻈﺮ ِ‬
‫ﻋ ﱠﺪةَ اﻟﻠﯿ ﺎﻟﻲ واﻷﯾ ﺎم اﻟﺘ ﻲ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﺤﯿ ﻀُﮭﻦ ﻣ ﻦ‬
‫ﺴ َﺘ ْﺜﻔِﺮ ﺑﺜﻮب ﺛﻢ ﺗﺼﻠﻲ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﺸﮭﺮ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻠﻐﺖ ذﻟﻚ ﻓﻠْﺘﻐﺘﺴﻞ ﺛﻢ َﺗ ْ‬

‫د‪ -‬ﻋﻦ ﺣﻤﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺟﺤﺶ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛﻨ ﺖ أُﺳ ﺘﺤﺎض ﺣﯿ ﻀ ًﺔ ﺷ ﺪﯾﺪةً ﻛﺜﯿ ﺮةً‪ ،‬ﻓﺠﺌ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫اﺳﺘﻔﺘﯿﮫ وأُﺧﺒﺮه‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪﺗﮫ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ أﺧﺘﻲ زﯾﻨﺐ ﺑﻨﺖ ﺟﺤﺶ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﻘﻠﺖ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إن ﻟﻲ إﻟﯿﻚ‬
‫ﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬وﻣﺎ ھﻲ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻲ أُﺳﺘﺤﺎض ﺣﯿﻀﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﺷﺪﯾﺪة ﻓﻤﺎ ﺗﺮى ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺪ‬
‫ﺖ ﻟﻚ اﻟ ُﻜ ْﺮﺳُﻒ ﻓﺎﻧﮫ ﯾُﺬھﺐ اﻟﺪم ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ھ ﻮ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻣﻨﻌﺘﻨﻲ اﻟﺼﻼة واﻟﺼﯿﺎم؟ ﻗﺎل‪ :‬أﻧﻌ ُ‬
‫ﺖ ﻓﻘﺪ أﺟﺰأ ﻋﻨﻚ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ﻓﺈن‬ ‫ﻓﺘَﻠﺠﱠﻤﻲ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬إﻧﻤﺎ أﺛﺞﱡ ﺛﺠﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ‪ :‬ﺳﺂﻣﺮك ﺑﺄﻣﺮﯾﻦ أﯾﮭﻤﺎ ﻓﻌﻠ ِ‬
‫ﻗﻮﯾﺖ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﺄﻧﺖ أﻋﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ‪ :‬إﻧﻤﺎ ھﺬه رﻛﻀﺔ ﻣﻦ رﻛﻀﺎت اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻓﺘﺤﯿﱠﻀﻲ ﺳﺘﺔ أﯾ ﺎم أو‬
‫ﺳﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺛﻢ اﻏﺘﺴﻠﻲ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا رأﯾﺖ أﻧ ﻚ ﻗ ﺪ ﻃﮭ ﺮت واﺳ ﺘﯿﻘﻨﺖ واﺳ ﺘﻨﻘﺄت ﻓ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ‬
‫وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠﺔ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠﺔ وأﯾﺎﻣَﮭﺎ وﺻ ﻮﻣﻲ ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﯾُﺠﺰﺋ ﻚ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ‬
‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ أن ﺗ ﺆﺧﺮي‬ ‫ن ﻗَﻮﯾ ِ‬
‫ﻃ ْﮭ ﺮِھﻦ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ﺷﮭﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺤﯿﺾ اﻟﻨﺴﺎء وﻛﻤﺎ ﯾﻄﮭﺮن ﺑﻤﯿﻘﺎت ﺣﯿﻀﮭﻦ و ُ‬
‫اﻟﻈﮭ ﺮ وﺗﻌﺠﱢﻠ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﺘﻐﺘ ﺴﻠﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﻠﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺆﺧﺮﯾﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫وﺗﻌﺠﻠﯿﻦ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻐﺘﺴﻠﯿﻦ وﺗﺠﻤﻌ ﯿﻦ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ‪ ،‬وﺗﻐﺘ ﺴﻠﯿﻦ ﻣ ﻊ اﻟﻔﺠ ﺮ وﺗ ﺼﻠﯿﻦ‪،‬‬
‫ت ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ .‬وﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬وھ ﺬا أﻋﺠ ﺐ‬ ‫ن ﻗ ﺪر ِ‬ ‫وﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ وﺻ ﻠﻲ وﺻ ﻮﻣﻲ إ ْ‬
‫اﻷﻣ ﺮﯾﻦ إﻟ ﻲ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود‪ ،‬وﺣ ﺴﻨﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟ ﺬھﺒﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ھ ﺬا‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ ‪ ...‬وھﻜﺬا ﻗﺎل أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ(‪.‬‬

‫ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻷول ﯾﻘ ﻮل »وإذا أدﺑ ﺮت ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻠﻲ وﺻ ﻠﱢﻲ«وﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل‬
‫»اﻣﻜﺜ ﻲ ﻗ ﺪر ﻣ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﺤﺒ ﺴﻚ ﺣﯿ ﻀﺘﻚ ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻲ« وﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﯾﻘ ﻮل »ﻓ ﺈذا ﺑﻠﻐ ﺖ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻓﻠْ َﺘﻐْﺘﺴﻞ ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺜﻔﺮ ﺑﺜﻮب ﺛﻢ ﺗﺼﻠﱢﻲ«‪ .‬أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺜﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﺼﺤﯿﺤﺎن‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﻓ ﺎﻟﻨﻮوي‬
‫ﯾﻘ ﻮل‪ :‬إﺳ ﻨﺎده ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺮﻃﮭﻤﺎ‪ ،‬إﻻ أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻗ ﺎل )إن ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺴﻤﻌﮫ ﻣﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ( وأﯾ ﺪه اﻟﻤﻨ ﺬري ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ‪ :‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻌﮫ ﺳ ﻠﯿﻤﺎن‪ .‬وﺳ ﺎق اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ھﻜﺬا ‪ :‬ﻋﻦ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﺟﻮﯾﺮﯾﺔ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﯾﺴﺎر أﻧﮫ ﺣﺪﺛﮫ رﺟﻞ ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﺆﻻء‬
‫ﻻ‪ .‬إﻻ أن ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ ﻋ ﻦ ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﻋ ﻦ‬ ‫أﺛﺒﺘﻮا ﺿﻌﻒ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻷن ﻓﯿﮫ ﻣﺠﮭﻮ ً‬
‫ﻣﺮﺟﺎﻧﺔ ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺿﻊ ﺑﺪل اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺠﮭﻮل اﻣﺮأة وﺳﻤﺎھﺎ ﻣﺮﺟﺎﻧﺔ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺴﻨﺪ اﻟﺪار‬

‫‪162‬‬
‫ﻗﻄﻨﻲ وﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﻨﻄﺮﺣﮫ‪ ،‬وﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺤﺪﯾﺜﻲ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺪع‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺣﻤﻨﺔ إﻟﻰ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﯾﻔﯿ ﺪان اﻏﺘ ﺴﺎل اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻋﻘ ﺐ اﻧﺘﮭ ﺎء ﻓﺘ ﺮة ﺣﯿ ﻀﮭﺎ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ﻟﻨﺼﱠﺖ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻛﻤ ﺎ ﻧ ﺼﱠﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺟ ﺎءت ﻓﺎﻃﻤ ﺔ ﺑﻨ ﺖ أﺑ ﻲ ﺣُﺒ ﯿﺶ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬إﻧ ﻲ‬
‫ﻣﺜ ً‬
‫ﻋ ﺮْق وﻟﯿ ﺴﺖ ﺑﺎﻟﺤﯿ ﻀﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أﻗﺒﻠ ﺖ‬
‫اﻣﺮأة أُﺳﺘﺤﺎضُ ﻓﻼ أَﻃﮭﺮ أﻓﺄدع اﻟﺼﻼة؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ذﻟ ﻚ ِ‬
‫اﻟﺤﯿ ﻀﺔ ﻓ ﺪﻋﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإذا أدﺑ ﺮت ﻓﺎﻏ ﺴﻠﻲ ﻋﻨ ﻚ اﻟ ﺪم وﺻ ﻠﻲ«‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﻓ ﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‬
‫»وﻗﺎل ﺗﻮﺿﺌﻲ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾﺠ ﻲء ذﻟ ﻚ اﻟﻮﻗ ﺖ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل )ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ(‪ .‬وداﻓ ﻊ‬
‫اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة‪ ،‬وروى اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة أﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺜﺎ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ذﻛ ﺮا اﻻﻏﺘ ﺴﺎل وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮا‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وذﻛﺮا اﻻﻏﺘﺴﺎل دون ﺗﻘﯿﯿﺪه ﺑﻜﻞ ﺻﻼة‪ ،‬ﻓﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ذﻛ ﺮ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻗﯿ ﺪه‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ »ﻟﻜﻞ ﺻﻼة« ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﻓﺎرق ﺑﯿﻦ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل واﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل‬
‫ﯾﺠﺐ ﻣﺮة واﺣﺪة ‪ ،‬واﻟﻮﺿﻮء ﯾﺠﺐ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة‪.‬‬

‫ﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺪي ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺗ ﺪع‬
‫اﻟﺼﻼة أﯾﺎم َأﻗْﺮاﺋِﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻐﺘﺴﻞ وﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة وﺗ ﺼﻮم وﺗ ﺼﻠﻲ« اﻟ ﺬي رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ‬
‫داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ ،‬ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺎﻻﻏﺘ ﺴﺎل واﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻗ ﺪ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﻈﺮ واﻻﺣﺘﺠﺎج ﻟﻀﻌﻒ راوﯾﮫ ﻋﻦ ﻋﺪي وھﻮ أﺑﻮ اﻟﯿﻘﻈﺎن‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻨ ﮫ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻌﯿﻦ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ﺑﺸﻲء‪ .‬وﻗﺎل أﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ :‬ﺗ ﺮك اﺑ ﻦ ﻣﮭ ﺪي ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﯾ ﻀﺎً ‪ :‬إﻧ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻨﻜ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ـﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﺧ ﺘﻼف ﺑﯿ ﻨﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎرة‪ .‬ﯾﺘ ﻀﺢ ﻣﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ أن اﻟﻤﻄﻠ ﻮب ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ھ ﻮ أن ﺗﻐﺘ ﺴﻞ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻧﻘﻀﺎء ﻓﺘﺮة ﺣﯿﻀﮭﺎ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺼﻠﻲ ﺑﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼة‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رواه اﻵﺧﺮون ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن أم ﺣﺒﯿﺒﺔ ﺑﻨﺖ ﺟﺤ ﺶ اﺳﺘﺤﯿ ﻀﺖ ﻓ ﻲ‬
‫ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺄﻣﺮھﺎ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة« رواه أﺑﻮ داود‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﯿ ﮫ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ إﺳ ﺤﻖ‬
‫وﻗﺪ ﻋﻨﻌﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ إذن ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻣﺎ رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﻓﻌﺘ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ ‪ ..» .‬ﻓﻠْﺘﻨﻈ ﺮ‬
‫ﻗﺪر ﻗَﺮﺋِﮭﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﯿﱠﺾ ﻟﮫ ﻓﻠْﺘﺘﺮك اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟﺘﻨﻈ ﺮ ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻓﻠْﺘﻐﺘ ﺴﻞ ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫وﻟ ُﺘﺼَﻞ« ﻓﮭﻮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫‪» -2‬ﻓﺘﺤﯿﻀﻲ ﺳﺘﺔ أﯾﺎم إﻟﻰ ﺳﺒﻌ ٍﺔ ﻓ ﻲ ﻋﻠ ﻢ اﷲ ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻲ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا رأﯾ ﺖ أﻧ ﻚ ﻗ ﺪ ﻃﮭ ﺮت‬
‫واﺳﺘﯿﻘﻨﺖ واﺳﺘﻨﻘﺄت ﻓﺼﻠﻲ‪ ...‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾُﺠْﺰِﺋُﻚ«‪.‬‬

‫‪» -3‬وإن ﻗﻮﯾ ﺖِ ﻋﻠ ﻰ أن ﺗ ﺆﺧﺮي اﻟﻈﮭ ﺮ وﺗﻌﺠﱢﻠ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﺘﻐﺘ ﺴﻠﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺼﻠﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫واﻟﻌ ﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺆﺧﺮﯾﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب وﺗﻌﺠﻠ ﯿﻦ اﻟﻌ ﺸﺎء ﺛ ﻢ ﺗﻐﺘ ﺴﻠﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺠﻤﻌ ﯿﻦ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ‬
‫ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ‪ ،‬وﺗﻐﺘ ﺴﻠﯿﻦ ﻣ ﻊ اﻟﻔﺠ ﺮ وﺗ ﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ وﺻ ﻠﻲ وﺻ ﻮﻣﻲ إن ﻗ ﺪرت ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‪...‬‬
‫ﻲ«‪.‬‬
‫وھﺬا أﻋﺠﺐ اﻷﻣﺮﯾﻦ إﻟ ﱠ‬

‫ﻓﻘﺪ ﺧﱠﯿ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺣﻤﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎرة اﻷوﻟ ﻰ ﺑ ﯿﻦ ﻓﻌﻠ ﯿﻦ‪ ،‬ﻣﺒﯿﻨ ًﺎ أﻧﮭ ﺎ إن‬
‫ﻓﻌﻠﺖ أﺣﺪھﻤﺎ ﺳﻘﻂ ﻋﻨﮭﺎ وﺟﻮب اﻵﺧﺮ‪ ،‬وھﻲ ﻋﺒﺎرة ﺟﺪ واﺿﺤﺔ‪ .‬وﻧﺠ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎرة اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ اﻟﺨﯿ ﺎر‬
‫اﻷول‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أﻣﺮھ ﺎ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﻋﻘ ﺐ اﻧﺘﮭ ﺎء اﻟﺤ ﯿﺾ ﺛ ﻢ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎرة أي أﻣ ﺮ ﺑﺘﻜ ﺮار‬
‫اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وأﻛ ﺪ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ُﯾﺠْﺰِﺋُ ﻚ«‪ .‬وﻧﺠ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎرة اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ اﻟﺨﯿ ﺎر اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أﻣﺮھ ﺎ‬
‫ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻷرﺑﻊ اﻷوﻟﻰ واﻻﻏﺘﺴﺎل ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻛ ﱠﻞ ﯾﻮم وﺣﺒﱠﺒ ﮫ إﻟﯿﮭ ﺎ‬

‫‪163‬‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ »وھﺬا أﻋﺠﺐ اﻷﻣﺮﯾﻦ إﻟﻲ« إذن ﻓﺎﻟﺨﯿﺎر اﻷول ھﻮ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وھﻮ اﻟﻐﺴﻞ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪،‬‬
‫ﺠ ِﺰئ‪ ،‬واﻟﺨﯿﺎر اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻛﻞ ﯾﻮم وأﻧﮫ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﻏﯿﺮ ﻻزم‪.‬‬ ‫وأن ھﺬا ُﻣ ْ‬

‫ھﺬا ھﻮ ﻣﺠﻤﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﺣﻤﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺲ ﻓﯿﮫ وﺟﻮب ﺗﻜﺮار اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻓﯿﮫ اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ‬
‫دﻟﯿﻞ ﻟﻨ ﺎ أﯾ ﻀًﺎ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﯾ ﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ .‬إذن ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣﻤﻨ ﺔ ﯾﻔﯿ ﺪ أن اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﺮة‬
‫ن ﻏُﺴﻠﮭﺎ ﻛﻞ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﻣﻨﺪوب‪.‬‬ ‫ﺠﺰِيء‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫واﺣﺪة ُﯾ ْ‬
‫وﺑ ﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﻣ ﺮﱠ ﻓﺎﻧﱠ ﺎ ﻟ ﻮ ﺗ ﺴﺎھﻠﻨﺎ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ اﻟ ﺬي ﻓﯿ ﮫ »اﻏﺘ ﺴﻠﻲ ﻟﻜ ﻞ‬
‫ﺻﻼة« واﻋﺘﺒﺮﻧﺎه ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻛﻤﺎ ﻣﺎل إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻏﺎﯾ ﺔ ﻣ ﺎ ﯾﻔﯿ ﺪه اﺳ ﺘﺤﺒﺎب‬
‫اﻟﻐ ﺴﻞ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎب اﻟﻐ ﺴﻞ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل أﻋ ﺪل اﻷﻗ ﻮال وأَوْﻻھ ﺎ‬
‫ﻻ ﻟﮭﺎ‪.‬‬‫ﺑﺎﻷﺧﺬ ﺟﻤْﻌﺎً ﺑﯿﻦ اﻷدﻟﺔ وإﻋﻤﺎ ً‬

‫أﻣﺎ رأي اﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﱠﺐ واﻟﺤﺴﻦ‪ ،‬وﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﯿﻤﺎ رُوي ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﻮ وﺟﻮب اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣﺮة ﻛ ﻞ ﯾ ﻮم‬
‫أو ﻛﻞ ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ أﺟﺪ ﻟﮫ ﻧﺼًﺎ ﺻﺤﯿﺤ ًﺎ وﻻ ﺣﺴﻨًﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ ﻓﯿﺘﺮك‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻮﺿﻮء‪ :‬ذھﺐ اﻟﺠﻤﮭﻮر إﻟﻰ وﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة‪ ،‬واﻧﻔﺮد ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ن اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣ ﺴﺘﺤﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠ ﺐ إﻻ ﺑﺤ ﺪث آﺧ ﺮ‪ .‬واﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﻣ ﺎ ذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ‬ ‫ﺑ ﺎﻟﻘﻮل‪ :‬إ ﱠ‬
‫اﻟﺠﻤﮭ ﻮر‪ ،‬ﻷن اﻟﻨ ﺼﻮص ﺗ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي اﻟﺤ ﺴﻦ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ »ﺗﻮﺿ ﺌﻲ ﻟﻜ ﻞﱢ‬
‫ﺻﻼة ﺣﺘﻰ ﯾﺠ ﻲء ذﻟ ﻚ اﻟﻮﻗ ﺖ« ﻓﮭ ﻮ ﻧ ﺺ ﺻ ﺮﯾﺢ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﯿﺠ ﺐ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟﯿ ﮫ‬
‫واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﻮﺟﺒﮫ‪.‬‬

‫ﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء ﻻ أﻋﻠ ﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺧِﻼ َﻓ ﺎً‪،‬‬

‫أﻣﺎ أﻧﮫ ﻓﺮض وﻟﯿﺲ ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ أن ﻧﺰول اﻟﺪم ﻣﻦ اﻟﻔﺮج ﻧ ﺎﻗ ٌ‬
‫واﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﯾﻨﺰف دﻣﮭﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻘﺾٍ داﺋﻢ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻻ ﺗﻄﮭ ﺮ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﺸﺮع ﯾﻄﺎﻟﺒﮭﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼة وﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼة‪ ،‬وﻟﻮ اﺳﺘﻤﺮ اﻟ ﺪم ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺰول‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻤﻄﺎﻟﺒﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼة إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻷﺟ ﻞ ﻗﯿﺎﻣﮭ ﺎ ﺑﻮاﺟ ﺐ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإذن ﻓ ﻼ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﯾﺠ ﻮز ﺗﺮﻛﮭ ﺎ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﺗ ﺮك اﻟﻮﺿ ﻮء ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﺗ ﺮك ﻟﻜ ﺎن‬ ‫ﯾﺘﺼﻮر أن ﯾﻜﻮن ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻨ ﺎﻗﺾ ﻣ ﺴﺘﻤﺮاً وﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎزت ﻣﻌ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ھ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﺿ ﺮورة وﺣﺎﻟ ﺔ ﻋ ﺬر‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‬
‫ﺲ اﻟﺒﻮل واﻟﺮﯾﺢ ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﺮ ھﻨﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب‪.‬‬‫ﺴَﻠ ِ‬
‫َﻛ َ‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮل ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺬي ﺷﺎرﻛﮫ ﻓﯿﮫ ﻋﻜﺮﻣﺔ ورﺑﯿﻌﺔ ﺑﺎﺳﺘﺤﺒﺎب اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻠﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺤﺪﯾﺚ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺮوة ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﻔﺎﻃﻤ ﺔ ﺑﻨ ﺖ أﺑ ﻲ‬
‫ﺣﺒ ﯿﺶ »‪ ...‬ﺛ ﻢ اﻏﺘ ﺴﻠﻲ وﺻ ﻠﻲ« ﻗ ﺎﺋﻠﯿﻦ إن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾﺄﻣﺮھ ﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻟﻜـ ـﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬وﻷﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻤﻨ ﺼﻮص ﻋﻠﯿـ ـﮫ‪ ،‬ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠﯿﮭ ـﻢ ﺑ ﺄن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﺟـ ـﺎء ﻓﯿـ ـﮫ‬
‫»ﺗﻮﺿﺌﻲ ﻟﻜـﻞ ﺻﻼة« وھـ ـﺬه زﯾ ﺎدة ﯾﺠـ ـﺐ ﻗﺒﻮﻟﮭـ ـﺎ وﯾﺘﻌ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﻲ ردﱡ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ‬
‫)ﻟ ﯿﺲ ﺑﻤﻨ ﺼﻮص ﻋﻠﯿ ﮫ( وﻛﻤ ﺎ أن رواﯾ ﺘﮭﻢ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ‪ -‬ﻓﻘ ﺪ رواھ ﺎ اﻟﺒﺨ ﺎري ‪ -‬ﻓﺮواﯾﺘﻨ ﺎ ھ ﻲ أﯾ ﻀﺎً‬
‫ﺻ ﺎﻟﺤﺔ رواھ ﺎ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل )ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ( ﺛ ﻢ إن رواﯾ ﺘﮭﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺳ ﻜﻮت ورواﯾﺘﻨ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻧﻄ ﻖ ‪،‬‬
‫واﻟﻨﻄﻖ ﻣﻘﺪﱠم ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻜﻮت‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﺟﺎء ﻣ ﻦ ﯾﺠ ﺎدل ﻓ ﻲ أن ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم ﻟﻠﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻻ ﺷ ﻲء ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻨ ﺎﻗﺾ ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﺐ‬

‫ﻟﮫ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬وﻛﯿ ﻒ ﺗﻔ ﺴﺮ أﻣ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﺤﻤﻨ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ »أﻧﻌ ﺖ ﻟ ﻚ اﻟ ُﻜ ْﺮﺳُ ﻒ« أي ﺿ ﻌﻲ‬
‫ﻗﻄﻨ ًﺎ ﻟﻤﻨﻊ ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم؟ ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ھ ﻮ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ‪ -‬أي ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ اﻟﻘﻄ ﻦُ ﻧﺰوﻟ ﮫ ‪ -‬ﻗ ﺎل »ﻓﺘﻠﺠﱠﻤ ﻲ« أي‬
‫أﻛﺜﺮي ﻣﻦ وﺿﻊ ﻣﺎ ﯾﺤﻮل دون ﻧﺰوﻟ ﮫ أﺟ ﻞ ﻛﯿ ﻒ ﺗﻔ ﺴﺮ ھ ﺬﯾﻦ اﻷﻣ ﺮﯾﻦ إن ﻛ ﺎن ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم ﻣ ﻦ اﻟﻔ ﺮج‬
‫ع ﻟﻌ ﺬر وﺿ ﺮورة ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻘ ﱠﯿ ﺪ ﺑﻘ ﺪرھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ھ ﺬا‬ ‫ﻏﯿ ﺮ ﻧ ﺎﻗﺾ؟ وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ھﻨ ﺎ ﻣ ﺸﺮو ٌ‬
‫اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤ ﺸﺮوع ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼ ِة ﻓﺮﯾ ﻀ ٍﺔ ﺻ ﺎﻟﺤًﺎ ﻃﯿﻠ ﺔ وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻮاﺣ ﺪ‬

‫‪164‬‬
‫ﺗﺼﻠﻲ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺎ ﺷ ﺎءت ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻮات‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻧﺘﮭ ﻰ اﻟﻮﻗ ﺖ ﺑﻄ ﻞ وﺿ ﻮؤھﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أرادت ﺻ ﻼة‬
‫ﺟﺪﯾﺪة ﺗﻮﺿﺄت ﻟﮭﺎ وﺿﻮءًا ﺟﺪﯾﺪاً‪ ،‬وھﻜﺬا‪.‬‬

‫ﺛﻢ ﯾﺠﺐ أن ﺗﺘﻮﺿﺄ ﺑﻌﺪ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﻗﺒﻠﮫ ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺢ اﻟﻘﻮل أﻧﮭﺎ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻮﻗﺖ ﻛﻞ ﺻ ﻼة‪،‬‬
‫وﻟﻮ ﺟﺎز وﺿﻮؤھﺎ ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻜﺎن ھﺬا اﻟﻮﺿﻮء ﻗﺪ ﺟﺎز ﻟﻮﻗﺘﯿﻦ وھﺬا ﻻ ﯾﺠﻮز‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﯾﺨﺎﻟﻒ‬
‫ﻛﻮﻧﮫ وﺿ ﻮء ﻋ ﺬر وﺿ ﺮورة ﯾُﻘ ﺪﱠر ﺑﻘ ﺪرھﻤﺎ‪ .‬وھ ﺬا رأي اﻷﺣﻨ ﺎف واﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري )وﻋﻨ ﺪ اﻟﺤﻨﻔﯿ ﺔ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﻮﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠﮭ ﺎ أن‬
‫ﺗﺼﻠﻲ ﺑﮫ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة وﻣﺎ ﺷ ﺎءت ﻣ ﻦ اﻟﻔﻮاﺋ ﺖ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺮج وﻗ ﺖ اﻟﺤﺎﺿ ﺮة‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ‬
‫اﻟﻤﺮاد ﺑﻘﻮﻟﮫ »وﺗﻮﺿﺌﻲ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة« أي ﻟﻮﻗﺖ ﻛﻞ ﺻﻼة(‪.‬‬

‫واﻵﺧﺮون ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼةِ ﻓﺮﯾﻀﺔٍ وﻟﻜﻞ ﺻﻼةٍ ﻣﻘﻀﯿﺔ أﺧﺬًا ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وھﺬا‬
‫ﺗﺸﺪد ﻓﻲ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ‪ ،‬ﻷﻧﱠﺎ ﻟﻮ أردﻧﺎ ﻣﺠﺎراﺗﮭﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮭﻢ ھﺬا ﻟﻘﻠﻨﺎ ﻟﮭﻢ ﻛﯿﻒ أﺟﺰﺗﻢ ﺑﻮﺿ ﻮء واﺣ ﺪ‬
‫ﻼ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ‪ ،‬أو رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ؟ وھ ﺬه ﺛ ﻼث ﺻ ﻠﻮات وﻟﯿ ﺴﺖ ﺻ ﻼة‬ ‫أدا َء ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ﻣ ﺜ ً‬
‫واﺣﺪة؟ ﻓﺈن ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﻤﻰ واﺣﺪ ھﻮ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬وأﯾﻦ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ذﻟ ﻚ؟ وﻣ ﺎ اﻟﻔ ﺮق‬
‫ﺺ‬
‫ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺜﻼث وﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ وﻗ ﻀﺎء ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ واﺣ ﺪ؟ ﻻ ھ ﺬه ﻓﯿﮭ ﺎ ﻧ ٌ‬
‫وﻻ ﺗﻠﻚ‪ .‬ﻓﺈن ﺗﻮﺳ ﻌﺘﻢ ﻓ ﻲ ﻓﮭ ﻢ اﻟ ﻨﺺ ﻗﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﻟ ﯿﻜﻦ اﻟﺘﻮﺳ ﻊ ﺑ ﺸﻜﻞ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤ ﺆدﱠاة ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ‬
‫اﻟﺼﻼة اﻟﻮاﺣﺪة‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن ﺣﺪﯾﺚ ﺣﻤﻨﺔ ﻓﯿــﮫ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺻﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻤﻐﺮب وﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮھـــﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺑﻮﺿﻮء‪ ،‬واﻛﺘﻔﻰ ﺑﻄﻠــﺐ اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻠﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻮ‬
‫ﻛـﺎن أَ َﻣﺮَھﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻠ ﺼﻼة اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻟ ُﻨ ِﻘ ﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺼﻞ دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﻏﯿ ﺮ ﻻزم‪،‬‬
‫ودل اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻐﺴﻞ أو اﻟﻮﺿﻮء ﯾﻘﺎم ﻓﯿﮫ ﺑﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا دﻟﯿﻞ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺿﻮء ﯾﻜﻔﻲ‬
‫ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻼة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻮاﺣﺪ ‪ ،‬وﯾﻨﻘﺾ ﻗﻮﻟﮭﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر‪.‬‬

‫وﻟ ﺴﻨﺎ ﻧﺮﯾ ﺪ اﻟﺘ ﺸﺪد ﻓﻨﻘ ﻮل إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿ ﺪ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟ ﻮﻗﺘﯿﻦ وﻓﺮﯾ ﻀﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﺠﻤﻊ اﻟﺬي أﻣﺮت ﺑﮫ ﺣﻤﻨﺔ ﻛﺎن ﺟﻤﻌﺎً ﺻﻮرﯾﺎً‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ آﺧﺮ وﻗﺖ اﻟﻈﮭ ﺮ وﺗ ﺼﻠﻲ‬
‫ﻞ ذﻟﻚ ﺑﻐﺴﻞ‪ ،‬أو ﺑﻮﺿﻮء واﺣﺪ‪ ،‬ﻟﺴﻨﺎ ﻧﻘﻮل ھﺬا اﻟﻘﻮل ﻷن اﻟﺠﻤ ﻊ‬ ‫اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ أول وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﻛ ﱡ‬
‫ي وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬ ‫ﺻ ْﻮ ِر ﱞ‬
‫اﻟﺬي أﻣﺮت ﺑﮫ ﺣﻤﻨﺔ ﻟﯿﺲ ﻣﻘﻄﻮﻋ ًﺎ ﺑﮫ أﻧﮫ ﺟﻤﻊ ُ‬

‫ﻓﺒﺎﻟﻮﺿﻮء اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ وﺳﻨﻨﮭﺎ واﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻘ ﻀﱠﯿﺔ وﻣ ﺎ ﺗ ﺸﺎء‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻨﻮاﻓ ﻞ‪ ،‬وﺗﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن وﺗﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﻣ ﺎ دام ذﻟ ﻚ ﻛﻠ ﮫ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة ﻓﺮﯾ ﻀﺔ‪ .‬ﻓ ﺈن أذﱠن‬
‫اﻟﻤﺆذن ﻟﺼﻼة ﺟﺪﯾﺪة ﻓﺈن وﺿﻮءھﺎ ﯾﺒﻄﻞ‪ ،‬وﯾﻠﺰﻣﮭﺎ وﺿﻮء ﺟﺪﯾ ﺪ ﺗﻔﻌ ﻞ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺎ ﻓﻌﻠﺘ ﮫ ﻓ ﻲ وﺿ ﻮﺋﮭﺎ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﮭﺬا اﻟﻮﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ وأﺗﯿﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻔ ﺮج ﻣﻤ ﺎ أﺻ ﺎﺑﮫ ﻣ ﻦ دم‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺗﺤﻔﱡﻈﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺠﺘﮭﺪ ﺑﮫ أن ﺗﻤﻨﻊ ﻧﺰف اﻟﺪم‪ ،‬ﻓﺈن ﻧﺰف ﺑﻌﺪ ﺑﺬل اﻟﻮﺳﻊ ﻓﻼ ﺑﺄس‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻮطء‪ :‬ﯾﺠﻮز ﻟﺰوج اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ أن ﯾﻄﺄھﺎ وﻟـﻮ ﻛﺎن اﻟ ﺪم ﺳ ﺎﻋﺔ اﻟ ﻮطء ﯾ ﺴﯿﻞ‪ ،‬وھ ﻮ رأي‬
‫اﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﺮأي اﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻨﺨﻌﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺣﻤﺪ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗ ﺎﻟﻮا‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ إﻻ أن ﯾﺨ ﺎف اﻟ ﺰوج اﻟﻌﻨ ﺖ واﻟﻮﻗ ﻮع ﻓ ﻲ ﻣﺤ ﺬور‪ .‬وﻗ ﺪ اﺳ ﺘﺪل ﻣَ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑ ﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﺑﻤ ﺎ رواه‬
‫اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ]ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻠ ﻮم اﻟﺤ ﺪﯾﺚ[ واﻟﺨ ﻼﱠل ﺑﺈﺳ ﻨﺎده ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻻ‬
‫ﯾﻐ ﺸﺎھﺎ زوﺟﮭ ﺎ« وﻗ ﺎﻟﻮا إن ﺑﮭ ﺎ أذى ﻓﯿﺤ ﺮم وﻃﺆھ ﺎ ﻛﺎﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗﺎﺳ ﻮا اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻟﻠﻌﻠ ﺔ اﻟﻤ ﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ وھ ﻲ اﻷذى ]ﻗ ﻞ ھ ﻮ أذى ﻓ ﺎﻋﺘﺰﻟﻮا اﻟ ﱢﻨ ﺴﺎ َء ﻓ ﻲ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ[ وھ ﺬا‬
‫اﻟﺮأي ﻇﺎھﺮ اﻟﻀﻌﻒ ﻷن ﻣﺎ رووه ﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ھ ﻮ ﻗ ﻮلٌ ﻟ ﺼﺤﺎﺑﯿﺔ‪ ،‬وﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ أو اﻟ ﺼﺤﺎﺑﯿﺔ‬
‫ﻟﯿﺲ دﻟﯿﻼً‪ .‬أﻣﺎ ﻗﯿﺎﺳﮭﻢ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ‪ ،‬ﻷن واﻗ ﻊ اﻟﺤ ﯿﺾ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻋ ﻦ واﻗ ﻊ‬

‫‪165‬‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺪم اﻟﺤﯿﺾ أﺳ ﻮد ﻧ ﺘﻦ ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ أﺣﻤ ﺮ ﻋ ﺎدي ﻏﯿ ﺮ ﻓﺎﺳ ﺪ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫ﻓﺎرق ‪ ،‬ﺛﻢ إن اﷲ ﺣﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺋﺾ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻣﺮ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﻓ ﺎرق ﺛ ﺎنٍ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻘﯿﺎس ﻻ ﯾﺼﺢ‪.‬‬

‫ﻞ ﻟ ﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ‬ ‫وﻗﺪ ﯾُﺴﺄل ﻋﻦ دﻟﯿﻞ ﺟﻮاز وطء اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺟﯿﺐ ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﯾﻠﺰم دﻟﯿ ٌ‬
‫زوﺟ ٌﺔ ﺗُﻮﻃ ﺄ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻤﻨ ﻊ اﻟ ﺰوج ﻣ ﻦ وطء زوﺟﺘ ﮫ إﻻ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺤ ﯿﺾ واﻟﻨﻔ ﺎس‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﻤﺎ ﻻ‬
‫ﯾﻮﺟ ﺪ دﻟﯿ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺤﻈﺮ واﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ‪ ،‬واﻷﺻ ﻞ إﺑﺎﺣ ﺔُ اﻟ ﻮطء ﻟﻌﻤ ﻮم اﻷدﻟ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺎر إﻟ ﻰ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ إﻻ‬
‫ﺑ ﺪﻟﯿﻞ وﻻ دﻟﯿ ﻞ‪ .‬وﻗ ﺪ روى أﺑ ﻮ داود ﻋ ﻦ ﻋﻜﺮﻣ ﺔ ﻋ ﻦ ﺣﻤﻨ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺟﺤ ﺶ »أﻧﮭ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ‬
‫وﻛﺎن زوﺟﮭ ﺎ ﯾﺠﺎﻣﻌﮭ ﺎ« وإﺳ ﻨﺎده ﺣ ﺴﻦ‪ .‬وﺣﻤﻨ ﺔ زوﺟ ﺔ ﻃﻠﺤ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ‪ ،‬وروى أﺑ ﻮ داود ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﻜﺮﻣﺔ أﯾﻀًﺎ »ﻛﺎﻧﺖ أم ﺣﺒﯿﺒﺔ ﺗُﺴﺘﺤﺎض ﻓﻜﺎن زوﺟﮭﺎ ﯾﻐﺸﺎھﺎ« وأم ﺣﺒﯿﺒﺔ زوﺟﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋ ﻮف ﻛﻤ ﺎ ذﻛ ﺮ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ‪ .‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻨﱠﻔﮫ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل »ﻻﺑ ﺄس أن ﯾﺠﺎﻣﻌﮭ ﺎ زوﺟﮭ ﺎ« ﻓﮭ ﺬه اﻟﻤﺮوﯾ ﺎت ﻣ ﻦ اﻵﺛ ﺎر وإن ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﻦ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺮأي‪.‬‬ ‫ﺲ ﺑﮭﺎ وﯾُﻄﻤ َﺌ ﱡ‬
‫ل ﺻﺤﺎﺑ ٍﺔ إﻻ أﻧﮭﺎ ﯾُﺴﺘَﺄ َﻧ ُ‬
‫ﻟﯿﺴﺖ أدﻟﺔ ﻷﻧﮭﺎ أﻗﻮا ُ‬

‫‪ -4‬اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﺗﺼﻠﻲ وﺗﺼﻮم‪ ،‬وﺗﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻄﺎھﺮات ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ :‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة وﺑﺎﻟ ﺼﻮم‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣﻤﻨ ﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ »وﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺎﻓﻌﻠﻲ وﺻ ﻠﱢﻲ‬
‫وﺻﻮﻣﻲ« وﺣﯿﺚ أن اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم ﺷ ﺮﻃﮭﻤﺎ اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻃُﻠِﺒ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻓﻘ ﺪ دل ذﻟ ﻚ‬
‫ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻃ ﺎھﺮة ﻛ ﺴﺎﺋﺮ اﻟﻄ ﺎھﺮات‪ ،‬ﺗﻔﻌ ﻞ ﻣ ﺎ ﺗﻔﻌﻠ ﮫ اﻟﻄ ﺎھﺮات دون أي ﺗﻤﯿﯿ ﺰ‪ .‬وھ ﺬا‬
‫رأي اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤﺔ دون ﻣﺨﺎﻟﻒ‪.‬‬

‫ﺧﺎﻣﺴًﺎ‪ :‬اﻟﻨﻔﺎس واﻟﻮﻻدة‬

‫أ‪ -‬اﻟﻨﱢﻔﺎس‪ :‬ھﻮ اﻟﺪم اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﻔﺮج ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻮﻻدة ﺷﺮط أن ﯾﺘﺒ ﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮﻟ ﻮد ﺧﻠ ﻖ إﻧ ﺴﺎن‬
‫ﺳﻮاء وﻟﺪ ﺣﯿًﺎ أو ﻣﯿﺘًﺎ‪ .‬ﻓﯿﺨﺮج ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﻣﺎ ﯾﻘﺬﻓﮫ اﻟﺮﺣﻢ ﻣﻦ ﻧﻄﻔﺔ أو ﻋﻠﻘﺔ أو ﺑﺪاﯾ ﺔ ﻣ ﻀﻐﺔ‪،‬‬
‫ﻓﮭ ﺬا ﻟ ﯿﺲ وﻻدة وﻟ ﯿﺲ ﻧﻔﺎﺳ ﺎً‪ ،‬وﻻ ﺗﻨ ﺪرج اﻟﻨﻄﻔ ﺔ أو اﻟﻌﻠﻘ ﺔ أو ﺑﺪاﯾ ﺔ اﻟﻤ ﻀﻐﺔ ﺗﺤ ﺖ ﻟﻔ ﻆ اﻟﻤﻮﻟ ﻮد‪.‬‬
‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‪.‬‬

‫ن ﻛُﻨ ﺘﻢ ﻓ ﻲ‬‫ﻞ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ‪ ،‬اﻵﯾﺔ ‪] 5‬ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎسُ إ ْ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺨﻠﱠﻘ ٍﺔ وﻏ ْﯿ ِﺮ‬
‫ﻀ َﻐ ٍﺔ ﻣُ َ‬
‫ﻋ َﻠ َﻘ ٍﺔ ﺛُ ﻢﱠ ِﻣ ﻦ ﻣُ ْ‬
‫ﻄ َﻔ ٍﺔ ﺛُ ﻢﱠ ِﻣ ﻦ َ‬
‫ب ﺛُ ﻢﱠ ِﻣ ﻦ ﻧُ ْ‬
‫ﺧ َﻠ ْﻘ َﻨ ﺎﻛﻢ ِﻣ ﻦ ﺗُ ﺮا ٍ‬
‫ﺚ ﻓﺈﻧﱠ ﺎ َ‬
‫ﺐ ﻣِﻦ اﻟ َﺒ ْﻌ ِ‬ ‫َر ْﯾ ٍ‬
‫ﻼ[ ﻓﺠﻌﻠ ﺖ اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ﻃ ْﻔ ً‬
‫ﺨ ِﺮﺟُﻜُ ْﻢ ِ‬
‫ﺴﻤﱠﻰ ﺛُ ﻢﱠ ﻧُ ْ‬‫ﺟ ٍﻞ ﻣُ َ‬ ‫ﺣ ﺎ ِم ﻣ ﺎ َﻧ ﺸَﺎءُ إِﻟ ﻰ َأ َ‬‫ﻦ ﻟﻜ ﻢ وﻧُ ِﻘ ﺮﱡ ﻓ ﻲ اﻷَر َ‬ ‫ﺨﻠﱠ َﻘ ٍﺔ ﻟﻨُ َﺒ ﯿﱢ َ‬
‫ﻣُ َ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﻀﻐﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻘﺪ ﻧﻔﺘ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﻄﻔ ﺔ واﻟﻌﻠﻘ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﻀﻐﺔ ﺑ ﺪء اﻟﺘﺨﻠﱡ ﻖ‪ ،‬أي ﺑ ﺪء‬
‫ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻣﺎ ﻗﺒﻠﮭﺎ ﻟﯿﺲ ﺗﺨﻠﱡﻘ ﺎً‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺪء إﻧ ﺴﺎن‪ ،‬واﻟ ﻮﻻدة ھ ﻲ إﻧ ﺰال ﻣﻮﻟ ﻮد ﻣُﺨﻠﱠ ﻖ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ‬
‫إﻧ ﺰال دم ﺳ ﺎﺋﻞ أو ﺟﺎﻣ ﺪ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﻄﻔ ﺔ ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ اﻟﻤﻨ ﻲ‪ ،‬واﻟﻌﻠﻘ ﺔ ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ اﻟ ﺪم اﻟﺠﺎﻣ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن‬
‫اﻟﻤﻀﻐﺔ ھﻲ اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ ﻗﺪر ﻣﺎ ﯾﻤﻀﻎ اﻟﻤﺎﺿﻎ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻛﺎن دﻣ ًﺎ ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﻮﻟ ﻮد‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺻ ﺎر ﻟﺤﻤ ًﺎ‬
‫ﻓﮭﻮ ﻣﻮﻟﻮد‪ ،‬وإن أردﻧﺎ اﻟﺪﻗﺔ أﻛﺜﺮ ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﻤﻀﻐﺔ ھﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻣﻮﻟﻮد‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻘﺪ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺣ ﺪﺛﻨﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ‬

‫ن أﺣﺪﻛﻢ ﯾُﺠﻤﻊ ﺧ ْﻠﻘُﮫ ﻓ ﻲ ﺑﻄ ﻦ أﻣ ﮫ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﻋﻠﻘ ًﺔ‬ ‫اﻟﺼﺎدق اﻟﻤﺼﺪوق‪ :‬إ ﱠ‬
‫ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻀ َﻐ ًﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾُﺮﺳَ ُﻞ اﻟﻤَﻠَ ﻚُ ﻓﯿ ﻨﻔﺦ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺮوح‪ ،‬وﯾُﺆﻣـ ـﺮ ﺑ ﺄرﺑﻊ‬
‫ﻲ أو ﺳ ﻌﯿ ٌﺪ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﺴﺮ‬ ‫ﺟ ِﻠــ ِﮫ وﻋﻤ ِﻠ ِﮫ وﺷ ﻘ ﱞ‬
‫ﺐ رزﻗِــﮫ وأ َ‬
‫ﻛﻠﻤــﺎت ِﺑ َﻜ ْﺘ ِ‬
‫اﻵﯾ ﺔ وﺑ ﯿﱠﻦ أن ﻧﻔ ﺦ اﻟ ﺮوح إﻧﻤ ﺎ ﯾﺤ ﺼﻞ ﻋﻘ ﺐ ﺗﺤ ﻮﱡل اﻟﻌﻠﻘ ﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﻀﻐﺔ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻋﻘ ﺐ اﻛﺘﻤ ﺎل ﺗﺨﻠ ﻖ‬
‫ﻚ ﻓﯿ ﻨﻔﺦ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺮوح«‬
‫ﺳ ﻞ اﻟﻤَﻠَ ُ‬
‫اﻟﻤﻀﻐﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﺛﻢ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻀﻐﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ ُﯾ ْﺮ َ‬

‫‪166‬‬
‫ﺦ اﻟﺮوح إﻧﻤﺎ ﯾﺘﻢ ﻋﻘ ﺐ ﺣ ﺼﻮل اﻟﻤ ﻀﻐﺔ‪ ،‬أي ﻋﻘ ﺐ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﻗﺎل »ﺛﻢ« وھﻲ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﻌﻘﯿﺐ واﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ ،‬ﻓﻨﻔ ُ‬
‫اﻟﺘﱠﺨﻠﱡﻖ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻀﻐﺔ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﺨﻠﱡﻘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗُﻨﻔﺦ اﻟﺮوح إﻻ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﻤﺎل ﺧﻠﻖ اﻟﻤ ﻀﻐﺔ‪،‬‬
‫ﺣﺐٌ ﻟﻠﻤُ ﻀﻐﺔ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟﻌﻠﻘ ﺔ ﺑﻤﺠ ﺮد ﺗﺤﻮﻟﮭ ﺎ ﺗ ﺪرﯾﺠﯿًﺎ إﻟ ﻰ ﻣ ﻀﻐﺔ ﯾﺤ ﺼﻞ‬
‫ﻓ ﺎﻟﺘﱠﺨﻠﱡﻖ ﻣُ ﺼﺎ ِ‬
‫اﻟﺘﱠﺨﻠﱡﻖ ﺗﺪرﯾﺠﯿﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻀﻐﺔ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺘﱠﺨﻠﱡﻖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﺎل ﻟﮭﺎ ﻣﻀﻐﺔ إﻻ إذا اﻛﺘﻤﻠ ﺖ‪ ،‬وﻻ ﺗﻜﺘﻤ ﻞ إﻻ إذا‬
‫اﻛﺘﻤﻞ ﺗﺨﻠﻘﮭﺎ‪ ،‬وإذا اﻛﺘﻤﻠﺖ أو اﻛﺘﻤﻞ ﺗﺨﻠﻘﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ آن أوان ﻧﻔﺦ اﻟﺮوح‪.‬‬

‫وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﻧﺨﺮج ﺑﺎﻟﺮأي اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬إن اﻟﻤﺮأة إن أﺳﻘﻄﺖ ﻧُﻄﻔﺔ أي ﻋﻘﺐ ﻣﺮور أرﺑﻌﯿﻦ ﯾﻮﻣ ًﺎ‬
‫ﻛﺄﻗﺼﻰ وﻗﺖ ﻟﺒﺪء اﻟﺤﻤﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﻗ ﺪ أﺳ ﻘﻄﺖ ﻣﻮﻟ ﻮداً‪ ،‬وإن أﺳ ﻘﻄﺖ ﻋﻠﻘ ﺔ أي ﻋﻘ ﺐ ﻣ ﺮور‬
‫ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﯾﻮﻣ ًﺎ ﻛﺄﻗﺼﻰ وﻗﺖ ﻟﺒﺪء اﻟﺤﻤﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﻗ ﺪ أﺳ ﻘﻄﺖ ﻣﻮﻟ ﻮداً‪ ،‬وھ ﺬا أﻣ ﺮ ﻇ ﺎھﺮ‬
‫ﻖ ﺑﻌ ﺪ ﻣ ﺮور ﻣ ﺎ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺎﺋ ﺔ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣ ًﺎ وﻟ ﻮ‬ ‫اﻟﻮﺿﻮح‪ .‬أﻣﺎ إن أﺳﻘﻄﺖ ﻣﻀﻐ ًﺔ ﻛﺎﻣﻠ ًﺔ اﻟﺘﱠﺨﱡﻠ ِ‬
‫ط ﻹﻧﺴﺎن وھﻮ ﻧﻔﺎس ﻗﻄﻌ ًﺎ ﻻ ﺷ ﻚ‬ ‫ﺑﯿﻮم واﺣﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ أﺳﻘﻄﺖ ﻣﻮﻟﻮدًا ﻓﯿﮫ روح‪ ،‬وھﺬا إﺳﻘﺎ ٌ‬
‫ﻓﯿﮫ‪ .‬ﻓﺘﺒﻘﻰ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﯾﻮﻣﺎً وﻣﺎﺋﺔ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣﺎً‪ ،‬وھﻲ ﻓﺘﺮة ﺗﺨﻠﻖ اﻟﻤﻀﻐﺔ ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻔﺘ ﺮة‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﺟﺴﻢ ﻻ ﺷﻚ ﻓ ﻲ أﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻣﻮﻟ ﻮدًا ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﺤ ﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺮوح‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻗﻄﻌ ﺔ دم ﺟﺎﻣ ﺪ‬
‫ﻛﺎﻟﻜﺒﺪ واﻟﻄﺤﺎل وﻟﯿﺲ ﻟﺤﻤﺎً‪ ،‬إﻟ ﻰ ﺟ ﺴﻢ ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻢ ﻣﺨﱠﻠ ﻖ ﺣﱠﻠ ﺖ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺮوح‪ .‬ھ ﺬه اﻟﻔﺘ ﺮة اﺧﺘﻠ ﻒ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻓﻤﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺮ إﺳﻘﺎط اﻟﻤﻀﻐﺔ ﻗﺒ ﻞ اﻛﺘﻤ ﺎل ﺗﺨﻠﻘﮭ ﺎ إﺳ ﻘﺎط ﻣﻮﻟ ﻮد‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﺳ ﻤﱠﻮْه ﻧﻔﺎﺳ ﺎً‪،‬‬
‫ﻼ ﻹﺳ ﻘﺎط اﻟﻨﻄﻔ ﺔ واﻟﻌﻠﻘ ﺔ ‪ ،‬أي ﻟ ﯿﺲ إﺳ ﻘﺎط ﻣﻮﻟ ﻮد وﻟ ﯿﺲ‬ ‫وﻣﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻋﺘﺒ ﺮ إﺳ ﻘﺎﻃﮭﺎ إﺳ ﻘﺎﻃًﺎ ﻣﻤ ﺎﺛ ً‬
‫ﻧﻔﺎﺳﺎً‪ ،‬واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﻤﻀﻐﺔ ﻗﺒﻞ اﻛﺘﻤﺎل ﺗﺨﱡﻠﻘِﮭﺎ ﺣﻜﻤُﮭﺎ ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟ ﺮوح ﻻ ﺗﺤ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺒﻞ اﻟﺘﱠﺨﻠﱡﻖ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻟﻨﻔ ﺎس ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻟﻠ ﺼﻼة واﻟﻄﮭ ﺎرة واﻟﺠﻤ ﺎع ﻓﺈﻧﱠ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﻟﻤ ﺮأة إن‬
‫أﺳﻘﻄﺖ ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﯾﻮم ﻓَﺤَﺼْﻨﺎ اﻟﺴﺎﻗﻂ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺗﺒﯿﱠﱠﻨ ﺎ ﻓﯿ ﮫ ﺗﺨﻠ ﻖ اﻟﻤﻮﻟ ﻮد ﺑ ﺸﻜﻞ ﺑ ﯿﱢﻦ اﻋﺘﺒﺮﻧﺎھ ﺎ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫ﻧﻔﺎس وإﻻ ﻓ ﻼ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻗﺪاﻣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻐﻨ ﻲ )إذا رأت اﻟﻤ ﺮأة اﻟ ﺪم ﺑﻌ ﺪ وﺿ ﻊ ﺷ ﻲء ﯾﺘﺒ ﯿﻦ ﻓﯿ ﮫ ﺧﻠ ﻖ‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﻓﮭ ﻮ ﻧﻔ ﺎس ﻧُ ﺺﱠ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وإن رأﺗ ﮫ ﺑﻌ ﺪ إﻟﻘ ﺎء ﻧﻄﻔ ﺔ أو ﻋﻠﻘ ﺔ ﻓﻠ ﯿﺲ ﺑﻨﻔ ﺎس‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن اﻟﻤﻠﻘ ﻰ‬
‫ﺑﻀﻌﺔ ﻟﻢ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻔﯿﮭﺎ وﺟﮭﺎن ‪ -‬أﺣﺪھﻤﺎ ‪ -‬ھﻮ ﻧﻔﺎس ﻷﻧﮫ ﺑﺪء ﺧﻠﻖ آدﻣ ﻲ‬
‫ﻓﻜ ﺎن ﻧﻔﺎﺳ ﺎً ﻛﻤ ﺎ ﻟ ﻮ ﺗﺒ ﯿﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺧﻠ ﻖ آدﻣ ﻲ ‪ -‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ -‬ﻟ ﯿﺲ ﺑﻨﻔ ﺎس ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺧﻠ ﻖ آدﻣ ﻲ‬
‫ﻓﺄﺷﺒﮭﺖ اﻟﻨﻄﻔﺔ(‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻣ ﺪة اﻟﻨﻔ ﺎس ‪ :‬اﺧﺘﻠ ﻒ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓ ﻲ أﻛﺜ ﺮ اﻟﻨﻔ ﺎس‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟ ﻰ أن‬
‫أﻛﺜﺮه ﺳﺘﻮن ﯾﻮﻣﺎً‪ ،‬وﻗﺪ رُوي ﻋﻦ اﻷوزاﻋﻲ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻣﺮأة ﺗﺮى اﻟﻨﻔﺎس ﺷﮭﺮﯾﻦ‪ .‬ورُوي ﻣﺜﻠﮫ‬
‫ﻋﻦ ﻋﻄﺎء‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻏﺎﻟﺒﮫ أرﺑﻌﻮن ﯾﻮﻣًﺎ‪ .‬وذھﺐ ﻋﻠﻲ وﻋﻤ ﺮ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫اﻟﻌﺎص وأﻧﺲ وأم ﺳﻠﻤﺔ واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺜﻮري وإﺳﺤﻖ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ واﻟﻤﺰﻧ ﻲ‬
‫وأﺑﻮ ﻋﺒﯿﺪ إﻟﻰ أن أﻛﺜﺮه أرﺑﻌﻮن ﯾﻮﻣًﺎ‪ .‬وھﺬا اﻟﺮأي اﻷﺧﯿﺮ ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ) ﻗ ﺪ أﺟﻤ ﻊ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ و َﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫ﻄﮭْ ﺮ ﻗﺒ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ( ﻓﮭ ﻮ إذن‬‫ع اﻟﺼﻼة أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬إﻻ أن ﺗ ﺮى اﻟ ﱡ‬‫اﻟﱡﻨﻔَﺴَﺎ َء ﺗَﺪَ ُ‬
‫إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وھﺬا دﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻋﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﮭﻞ ﻋ ﻦ ُﻣ ﺴﱠﺔ اﻷزدﱠﯾ ﺔ ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬

‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻔﺴﺎء ﺗﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﻜﻨ ﺎ ﻧﻄﻠ ﻲ وﺟﻮھﻨ ﺎ ﺑ ﺎﻟ َﻮرْس‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻜﻠ ﻒ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻤُﺒ ﺎر ْﻛﻔُﻮري ﺷ ﺎرح اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫)اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺎﻟﺢ(‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ‪ :‬أﺛﻨﻰ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﺤﮫ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »‪ ...‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺗﻘﻌ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻨﻔ ﺎس‬
‫أرﺑﻌﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﺄﻣﺮھﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻘﻀﺎء ﺻﻼة اﻟﻨﻔﺎس« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫أﻣﺎ إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﮭﻮ ﻛﺎف ﻛﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ أن ﺣ ﱠﺪ اﻟﻨﻔ ﺎس اﻷﻋﻠ ﻰ أرﺑﻌ ﻮن ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬وھ ﺬا وﺣ ﺪه‬
‫ف ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﺣﺪﯾﺚ أم ﺳﻠﻤﺔ اﻷول ﺻﺮﯾﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرﺑﻌﯿﻦ‪.‬‬ ‫ﻛﺎ ٍ‬
‫وھﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻦ أُم ﺳﻠﻤﺔ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓﻊ ﻷﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻨﱡ َﻔ ﺴَﺎء ﺗﺠﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ «r‬ﻓﮭﻲ ﻗﺪ أﺿﺎﻓﺖ اﻟﻔﻌﻞ إﻟﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﺮﺳﻮل ‪ ،r‬وھﺬه اﻹﺿﺎﻓﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓ ﻊ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻘﻮل ﺟﻤﮭﻮر اﻟﻤُﺤﺪﱢﺛﯿﻦ واﻷُﺻﻮﻟﯿﯿﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻷول ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﮫ ﺑﺎﻻﺳ ﺘﻘﺮاء‪ ،‬وﺑِ ﺮ ﱢد ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ واﺻ ﻔﯿﻦ إﯾ ﺎه‬
‫ﺑﺄﻧ ﮫ ُﻣ ْﻨ َﻜ ُﺮ اﻟﻤ ﺘﻦ‪ ،‬ﻷن أزواج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺎ ﻣ ﻨﮭﻦ ﻣَ ﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻧُﻔَ ﺴَﺎء أﯾ ﺎم ﻛﻮﻧﮭ ﺎ ﻣﻌ ﮫ ﺳ ﻮى ﺧﺪﯾﺠ ﺔ‪،‬‬
‫وﺧﺪﯾﺠﺔ ﻛﺎﻧﺖ زوﺟﺔ ﻟﮫ ﻗﺒﻞ اﻟﮭﺠﺮة‪ ،‬وإذن ﻓﻼ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻘﻮل أم ﺳﻠﻤﺔ ھﺬا ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻻﺳﺘﻘﺮاء ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯿﺪھﻢ ‪ ،‬ﻷن اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﺬي ﺑﺤﺜﻮه ﻋﻠﯿﮫ ھﻮ ﻏﯿﺮ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﻢ‬
‫ﺑﺤﺜﮫ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ أﻧﮭﻢ ﻋﻠﱠﻘﻮا أﺣﻜﺎم اﻟﻨﻔﺎس ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺗﻮﺻ ﻠﻮا إﻟﯿ ﮫ ﻣ ﻦ دراﺳ ﺔ ﻣ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ِ ،‬ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﯿﺚُ أﻛﺜ ُﺮ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻧﺰول اﻟﺪم ﻋﻨﺪھﻦ دون أي اﻋﺘﺒﺎر آﺧﺮ‪ ،‬وھﺬا ﺧﻄﺄ وﻗﻌﻮا ﻓﯿﮫ‪ ،‬وأوﻗﻌﮭﻢ ﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ‬
‫ﻓﻲ ﺧﻄﺄ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﺸﺮع ﻧﻔ ﺴﮫ ﻗ ﺪ ﺣ ﺴﻢ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺣ ﺴﻤﺎً ﻗﺎﻃﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل إن‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻔﺎس أﻗﺼﺎه أرﺑﻌﻮن ﯾﻮﻣﺎً ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﺈﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وھﻮ دﻟﯿ ﻞ‪ ،‬وﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﯾ ﻀﺎً‪،‬‬
‫ﻦ ﻟﻨ ﺰول دم اﻟﻨﻔ ﺎس‬ ‫وﻛﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﺮع ﻛﻠﻤﺘﮫ أن ﯾﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋ ﻦ اﻟﺒﺤ ﺚ ﻋ ﻦ أﻛﺜ ﺮ زﻣ ٍ‬
‫ن ھﻢ أرادوا ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻌﻠﯿﻖ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻔﺎس ﺑﮫ ‪ ،‬أﻣﺎ ﻟﻮ ھﻢ أرادوا ﻣﻄﻠﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ وﻗ ﺖ اﻟﻨﻔ ﺎس‬ ‫إْ‬
‫ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻮاﻗﻊ دون رﺑﻂ ذﻟﻚ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻨﻔﺎس ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﻟﻜ ﻨﮭﻢ ﺑﺤﺜ ﻮا ﻋ ﻦ أﻗ ﺼﻰ اﻟﻨﻔ ﺎس‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﻮده‬
‫ﻋﻨﺪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻤ ﺴﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾ ﺼﻞ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﺘﯿﻦ واﻟ ﺴﺒﻌﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن اﻟﻤ ﺮأة ﺗ ﺪع‬
‫ﺢ‬
‫اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺼﻮم واﻟﺠﻤ ﺎع ﻃﯿﻠ ﺔ ھ ﺬه اﻟﻔﺘ ﺮة اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﺧﻄ ﺄ ﻷن ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻣﻌﺎﻧ ﺪٌ ﺻ ﺮﯾ ٌ‬
‫ﻟﻠ ﺸﺮع‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺸﺮع ﻋﻠ ﻖ اﻟﺤﻜ ﻢ ﺑ ﺄرﺑﻌﯿﻦ ﻛﺤ ﺪﱟ أﻗ ﺼﻰ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام ﻋﻠ ﻖ اﻟﺤﻜ ﻢ ﺑ ﺎﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻓ ﺈن ﺗﻌﻠﯿﻘ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺨﻤﺴﯿﻦ أو ﺑﺎﻟﺴﺘﯿﻦ أو ﺑﺎﻟﺴﺒﻌﯿﻦ ھﻮ ﻧﺴﺦ ﻟﮫ‪ ،‬وھﻢ ﻻ ﯾﻤﻠﻜﻮن اﻟﻨﺴﺦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ردھﻢ ﺣﺪﯾﺚ أم ﺳﻠﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ »ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤ ﺮأة ﻣ ﻦ ﻧ ﺴﺎء اﻟﻨﺒ ﻲ« واﺻ ﻔﯿﻦ إﯾ ﺎه ﺑﺄﻧ ﮫ‬
‫ُﻣ ْﻨ َﻜ ﺮ اﻟﻤ ﺘﻦ‪ ،‬ﻓ ﺮﻏﻢ أن اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ أوﱠﻟ ﮫ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )ﻧ ﺴﺎؤه أﻋ ﻢﱡ ﻣ ﻦ اﻟﺰوﺟ ﺎت ﻟ ﺪﺧﻮل اﻟﺒﻨ ﺎت وﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﻘﺮاﺑ ﺎت ﺗﺤ ﺖ ذﻟ ﻚ( ﻓ ﺈﻧﻲ أُﻗ ﺮﱡھﻢ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟ ﺮد وﻻ أﻣﯿ ﻞ إﻟ ﻰ ﺗﺄوﯾ ﻞ اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﯾُﺘ ﺮك‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻻ ﯾُﺤﺘﺞ ﺑﮫ‪ .‬وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻟﺮد ﻻ ﯾﻔﯿﺪھﻢ ﻷن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﻧﻜ ﺎر ﻣﺘﻨ ﮫ ﻷن اﻟﻨﻔ ﺴﺎء‬
‫ﻓﯿﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﯿﺪة ﺑﻜﻮﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ وﺻ ﺮﯾﺢ‬
‫ﻓﻼ ﯾﺠﻮز ﺗﺮﻛﮫ وإﻋﻤﺎل اﻟﺬھﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ ﻧﺺ ‪ ،‬أو اﻻﺟﺘﮭﺎد ﻓﻲ ﻣﻮرد اﻟﻨﺺ‪.‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﺗﺴﺎؤﻻت ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻲ‪ :‬ھ ﻞ اﻟ ﺸﺮع ﺣ ﺪد اﻷرﺑﻌ ﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻋﺘﺒ ﺎر أن‬
‫اﻟﺪم ﻻ ﯾﻨﺰل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ؟ أم أن اﻟﺸﺮع ﺣﺪد اﻷرﺑﻌﯿﻦ وھﻮ ﯾﻌﻠﻢ أن اﻟﺪم ﻗﺪ ﯾﺤﺘ ﺎج ﻟ ﺪى ﺑﻌ ﺾ‬
‫اﻟﻨﺴﺎء إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨﮫ ﻋﻔﻰ ﻋﻦ اﻟﺰﯾﺎدة؟ وھﻞ ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻧﻔﺎس ﻣﻌﻔﻰ ﻋﻨ ﮫ‬
‫أم ھﻮ ﺷﻲء آﺧﺮ؟‪.‬‬

‫ﻼ ﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋﻠ ﻰ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﺳ ﺘﻤﺮ ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم‬

‫اﻟﺬي ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪيﱠ ھﻮ أن دم اﻟﻨﻔ ﺎس ﻓﻌ ً‬
‫ق ﻧﺘﯿﺠ ﺔ ﻣ ﺎ ﻗﺎﺳ ﺘﮫ اﻟﻮاﻟ ﺪة ﻣ ﻦ‬‫ع ﻋﺮ ٍ‬‫أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻛ ﺎن إﻣﱠ ﺎ ﻣﺮﺿ ﺎً وھ ﻮ اﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ ‪ -‬أي اﻧﻘﻄ ﺎ ُ‬
‫ﺗﺸﻨﺠﺎت ﻋﻀﻠﯿﺔ وﻋﺼﺒﯿﺔ ‪ -‬وإﻣﱠﺎ أﻧﱠﮫ ﺻﺎدف ﻓﺘﺮة اﻟﺤﯿﺾ‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻨﺰل أﺳﻮد ﯾُﻌﺮف‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﺣﯿ ﻀﺎً ﯾﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟﻠ ﻨﺺ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻨﻔ ﺎس‪ ،‬ﻷن اﻟ ﻨﺺ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻣﻮﺟ ﻮد ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗ ﺼﻠﻲ اﻟﻤ ﺮأة ﻋﻘ ﺐ اﻧﻘ ﻀﺎء اﻷرﺑﻌ ﯿﻦ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬

‫‪168‬‬
‫اﻟﻄﮭ ﺎرة وﻋ ﺪم اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻨﺘﮭ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺤ ﯿﺾ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻣ ﻦ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ اﻟﻨﻔ ﺎس‬
‫ﺑﺎﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻷﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻧﻔﺎﺳﺎً‪ .‬ﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ‪ :‬إذا اﺳﺘﻤﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﺪم ﻓﺈن ﻛﺎن ﻓﻲ أﯾﺎم ﺣﯿﻀﮭﺎ اﻟﺬي ﺗﻘﻌﺪه‬
‫أﻣﺴﻜﺖ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة وﻟﻢ ﯾﺄﺗﮭﺎ زوﺟﮭﺎ‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮭﺎ أﯾﺎم ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﯾﺄﺗﯿﮭ ﺎ زوﺟﮭ ﺎ‬
‫وﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة وﺗﺼﻮم‪ ،‬وﺗﺼﻠﻲ إن أدرﻛﮭﺎ رﻣﻀﺎن وﻻ ﺗﻘﻀﻲ‪ .‬وھﻮ ﺗﻠﺨﯿﺺ ﺟﯿ ﺪ ‪ ،‬وأﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﯿﺎﻧﮫ ھﻮ ﻣﻤﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻛﺤ ﱟﺪ أﻗﺼﻰ ﻟﻠﻨﻔﺎس‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ اﻟﺤ ﱡﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻨﻔﺎس ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎل ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺴﻦ ﻣ ﻦ اﻷﺣﻨ ﺎف‪ ،‬وأﺑ ﻮ‬
‫ﺛ ﻮر ‪ :‬أﻗﻠﱡ ﮫ ﺳ ﺎﻋﺔ ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﻋﺒﯿ ﺪ‪ :‬أﻗﻠﱡ ﮫ ﺧﻤ ﺴﺔ وﻋ ﺸﺮون ﯾﻮﻣ ًﺎ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻷﺋﻤ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ واﻟﺜ ﻮري‬
‫واﻷوزاﻋﻲ‪ :‬إذا ﻟﻢ ﺗﺮ دﻣًﺎ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ‪ .‬أي ھ ﻢ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺪوا ﺣ ﺪاً ﻷﻗﻠ ﮫ وھ ﻮ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وذﻟ ﻚ ﻷن‬
‫اﻟﺸﺮع ﻟﻢ ﯾﺤﺪ ﻟﮫ ﺣﺪاً ﻣﻌﻠﻮﻣﺎً ﻓﻮﺟﺐ اﻟﺮﺟﻮع ﻓﯿﮫ إﻟﻰ أﺣﻮال اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬ﻓﻠﻮ وﻟﺪت اﻣﺮأة وﺗﻮﻗﻒ ﻧﺰول‬
‫اﻟﺪم ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻐﺘ ﺴﻞ وﺗ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻟ ﻮ وﻟ ﺪت وﺗﻮﻗ ﻒ ﻧ ﺰول اﻟ ﺪم ﻣﺒﺎﺷ ﺮة ﻧﮭ ﻀﺖ‬
‫واﻏﺘ ﺴﻠﺖ وﺻ ﻠﺖ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ رُوي أن اﻣ ﺮأة وﻟ ﺪت ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻠ ﻢ ﺗ ﺮ دﻣ ًﺎ ﻓ ﺴﻤﯿﺖ ذات‬
‫اﻟﺠﻔﻮف‪ ،‬وھﺬه ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺎدرة ﻃﺒﻌﺎً‪ .‬أﻣﺎ إن ﻧﺰل اﻟﺪم ﻋﺸﺮة أﯾﺎم ﻣﺜﻼً وﺗﻮﻗﻒ ﻋﺸﺮة أﯾﺎم اﻏﺘﺴﻠﺖ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫وﺻﻠﺖ‪ ،‬ﺛﻢ إن ﻋﺎودھﺎ اﻟﺪم ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻒ اﻟﻌﺸﺮة اﻷﯾﺎم ھﺬه ﻓﺈﻧﮫ دم ﻧﻔﺎس‪ ،‬ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻓﯿﮫ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺎ‬
‫دام ﯾﻨﺰل‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻮﻗﻒ اﻏﺘﺴﻠﺖ وﺻﻠﱠﺖ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﺗﻨﺎول اﻷﺋﻤﺔ ﻟﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ واﺧﺘﻼﻓ ﺎﺗﮭﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎل ﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬إنْ رأت اﻟ ﺪم ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﯾﻮﻣﯿﻦ أو ﺛﻼﺛﺔ ﻓﮭﻮ ﻧﻔﺎس‪ ،‬وإن ﺗﺒﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﮭﻮ ﺣﯿﺾ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬إذا رأت اﻟ ﺪم‬
‫ﯾﻮﻣﺎً وﻟﯿﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻃُﮭﺮ ﺧﻤﺴﺔ ﻋ ﺸﺮة ﯾﻮﻣ ﺎً ﻓﻔﯿ ﮫ رأﯾ ﺎن‪ :‬أﺣ ﺪھﻤﺎ ﯾﻜ ﻮن ﺣﯿ ﻀﺎً‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻜ ﻮن ﻧﻔﺎﺳ ﺎً ‪.‬‬
‫وﻧُﻘﻞ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ رواﯾﺘﺎن‪ :‬إﺣﺪاھﻤﺎ أﻧﮫ ﺣ ﯿﺾ‪ ،‬واﻷﺧ ﺮى أﻧ ﮫ ﻧﻔ ﺎس‪ .‬وأﻧ ﺎ ﻻ أدري ﻣ ﺎ وﺟ ﮫ اﻟﺤﻜﻤ ﺔ‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺨ ﻼف؟ وﻣ ﺎ ﻗﯿﻤ ﺔ اﻋﺘﺒ ﺎر اﻟ ﺪم ھ ﺬا ﺣﯿ ﻀﺎً أو ﻧﻔﺎﺳ ﺎً؟ إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﻟﻠﺤ ﯿﺾ ﺣﻜ ﻢ ﻏﯿ ﺮ ﺣﻜ ﻢ‬
‫اﻟﻨﻔﺎس ﻟﻮﺟﺐ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬أﻣﺎ وأﻧﮫ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺪم ﺣﯿﻀﺎً أو ﻧﻔﺎﺳﺎً ﻓﻠﻤ ﺎذا ھ ﺬا‬
‫اﻟﺒﺤﺚ وھﺬا اﻟﺨﻼف؟‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿ ﺖ ﻧﻘﻄ ﺔ أﺧﯿ ﺮة اﺧﺘﻠ ﻒ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ھ ﻲ‪ :‬إذا وﻟ ﺪت اﻟﻤ ﺮأة ﺗ ﻮأﻣﯿﻦ ﻓﻜﯿ ﻒ ﺗﺤ ﺴﺐ ﻓﺘ ﺮة‬
‫اﻟﻨﻔﺎس؟ أﯾﻜﻮن اﻟﻨﻔﺎس ﻛﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻷول أوﻟ ﮫ وآﺧ ﺮه‪ ،‬أم ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﻦ اﻟﻤﻮﻟ ﻮد اﻷول أوﻟ ﮫ وﻣ ﻦ‬
‫اﻵﺧﺮ آﺧﺮه؟ أم ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻵﺧﺮ أوﻟﮫ وآﺧﺮه؟ ﻓﺬھﺐ ﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﻨ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫أن اﻟﻨﻔ ﺎس ﻣ ﻦ اﻷول ﻛﻠ ﮫ أوﻟ ﮫ وآﺧ ﺮه‪ ،‬وﻋﻠﻠ ﻮا ذﻟ ﻚ ﺑﻘ ﻮﻟﮭﻢ‪ :‬ﻣﺘ ﻰ اﻧﻘ ﻀﺖ ﻣ ﺪة اﻟﻨﻔ ﺎس ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ‬
‫وﺿﻌﺖ اﻷول ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺎ ﺑﻌﺪه ﻧﻔﺎﺳﺎً‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﺑﻌ ﺪ وﻻدة اﻷول دم ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﻮﻻدة ﻓﻜ ﺎن ﻧﻔﺎﺳ ﺎً ﻛ ﺎﻟﻤﻨﻔﺮد‬
‫وآﺧﺮه ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻷن أوﻟﮫ ﻣﻨﮫ ﻓﻜ ﺎن آﺧ ﺮه ﻣﻨ ﮫ ﻛ ﺎﻟﻤﻨﻔﺮد‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ اﻟﺨﻄ ﺎب واﻟ ﺸﺮﯾﻒ أﺑ ﻮ ﺟﻌﻔ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ‪ :‬إن أوﻟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻷول وآﺧ ﺮه ﻣ ﻦ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ .‬وﻗ ﺎﻻ‪ :‬إن اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وﻟ ﺪ ﻓ ﻼ ﺗﻨﺘﮭ ﻲ ﻣ ﺪة اﻟﻨﻔ ﺎس ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻧﺘﮭﺎﺋﮭﺎ ﻣﻨﮫ ﻛﺎﻟﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ھﺬا ﺗﺰﯾﺪ ﻣﺪة اﻟﻨﻔﺎس ﻋﻠﻰ اﻷرﺑﻌﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺣ ﻖ ﻣ ﻦ وﻟ ﺪت ﺗ ﻮأﻣﯿﻦ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ وزُﻓَﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻨﺎف‪ :‬إن اﻟﻨﻔﺎس ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘﻂ ﻷن ﻣﺪة اﻟﻨﻔﺎس ﻣﺪة‬
‫ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻻدة ﻓﻜ ﺎن اﺑﺘ ﺪاؤھﺎ واﻧﺘﮭﺎؤھ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻛﻤ ﺪة اﻟﻌ ﺪة ‪ .‬وﻷﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﺛﻼﺛ ﺔ أﻗ ﻮال‬
‫ﻛﺎﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫واﻟ ﺬي أراه ھ ﻮ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺄن اﻟﻨﻔ ﺎس ﯾﺒ ﺪأ ﺑ ﻮﻻدة اﻷول‪ ،‬وھ ﺬا ﻇ ﺎھﺮ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ واﻷﺻ ﻞ أن‬
‫ﻧﻔﺎﺳﮫ ھﻮ اﻟﻨﻔﺎس ﻓﻲ أوﻟﮫ وآﺧﺮه‪ ،‬وأول ﻧﻔﺎﺳﮫ ﻟﻢ ﯾﺠﺮ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻐﯿﮫ أو ﯾﻐﯿ ﺮه ﻓﯿ ﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻃ ﺮأ‬
‫ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﻧﻔﺎﺳﮫ ﻧﻔﺎس آﺧﺮ ﻟﻤﻮﻟﻮد آﺧﺮ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻵﺧﺮ ﻣﻮﻟﻮد ﻓﺈن ﻟﮫ ﻧﻔﺎﺳﺎً ﻟﮫ أول وﻟﮫ آﺧﺮ‪ ،‬أﻣ ﺎ‬
‫أوﻟﮫ ﻓﻘﺪ دﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺎس أﺧﯿﮫ اﻷول‪ ،‬وﻇﻞ آﺧﺮه ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﻟﻢ ﯾﻐﯿﺮه ﺷﻲء أﻣﺎ آﺧﺮ ﻧﻔﺎس اﻷول ﻓﻘﺪ دﺧﻞ‬
‫ﻓﻲ ﻧﻔﺎس أﺧﯿﮫ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﻨﻔﺎس ذات اﻟﺘﻮأﻣﯿﻦ ﯾﺒﺪأ ﺑﺄول ﻧﻔﺎس اﻷول وﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﺂﺧﺮ ﻧﻔﺎس اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫ج ‪ -‬ﺣﻜ ﻢ اﻟﻨﻔ ﺴﺎء ﺣﻜ ﻢ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻋ ﺪم اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬وﺳ ﻘﻮط اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺼﻮم‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﺠﻤﺎع دون أي ﻓﺮق ﻻ اﻋﻠﻢ ﻓﻲ ھﺬا ﺧﻼﻓًﺎ ﺑﯿﻦ اﻷﺋﻤﺔ‪ .‬واﻟﺪﻟﯿﻞ إﺟﻤﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‬
‫وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ‪ .‬إﻧﻤﺎ اﻟﺨﻼف ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺎرة ﻋﻠﻰ ﻣﻦ وﻃﻲء زوﺟﺘﮫ ﻓﻲ ﻧﻔﺎﺳ ﮭﺎ‪ ،‬واﻟ ﺬي ﯾﺘ ﺮﺟﺢ ﻟ ﺪي ھ ﻮ أﻧ ﮫ‬
‫ﺺ ﻓ ﻲ ﻛﻔ ﺎرة وطء اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻻ ﯾ ﺸﻤﻞ‬ ‫ﻻ ﻛﻔﺎرة ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻜﻔﺎرة ﻧﺺ‪ ،‬وﻣﺎ ورد ﻣﻦ ﻧ ﱟ‬
‫اﻟﻨﻔﺴﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ اﻟﻘﯿﺎس ﻻﺧﺘﻼف اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪.‬‬

‫د‪ -‬أﻣﺎ ﻏﺴﻞ اﻟ ﱡﻨ َﻔﺴَﺎء ﻓﮭﻮ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺐ وﻏﺴﻞ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﺟﺎء ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﺤﺒﺎب زﯾ ﺎدة‬
‫اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻧﻘ ﻮل ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﻔ ﺴﺎء ﻹزاﻟ ﺔ أﺛ ﺮ اﻟ ﺪم‪ ،‬وﻣﺜ ﻞ ھ ﺬا ﻻ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ‬
‫ﻧﺺ ﯾﺨﺼﮫ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻻﻧﺪراﺟﮫ ﺗﺤﺖ ﻋﻤﻮم اﻷدﻟ ﺔ اﻟﺤﺎﺛ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓ ﺔ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﻔ ﺴﺎء‬
‫إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﻌﺎﺷـﺮ‬
‫اﻟــﻮﺿـــــــﻮء‬
‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻮﺿﻮء وﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ‬
‫ﺣ ﺴُﻦَ‪ ،‬وﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔﻌ ﻞ‪،‬‬
‫ﺿ َﺆ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ َ‬
‫أ ـ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻮﺿﻮء ‪ :‬اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻀﻢ اﻟﻮاو ﻣ ﺼﺪر َو ُ‬
‫واﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﻔ ﺘﺢ اﻟ ﻮاو‪ :‬اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي ُﯾﺘَﻄ ﱠﮭ ﺮ ﺑ ﮫ‪ .‬ھ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻠﻐ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮع ‪ :‬ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‬
‫واﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ واﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ وﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻣﺨ ﺼﻮص وﻣ ﻮاﻻة ﻣ ﻊ ﺳ ﺒﻖ‬
‫ﺲ اﻟﻤﺼﺤﻒ واﻟﻄﻮاف‪.‬‬ ‫اﻟﻨﯿﺔ ﻟﺮﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﺻﻐﺮ اﻟﻤﺒﯿﺢ ﻟﻠﺼﻼة وﻣ ﱢ‬

‫ب ـ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ‪ :‬اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﺸﺮوع ﺑ ﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ واﻟ ﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ وإﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ‬
‫ﺴﻠُﻮا وُﺟ ﻮھَﻜﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُﻢ‬
‫ﻏ ِ‬ ‫ﻞ ]ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾ َ‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُﻮا إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟﻰ اﻟﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬ ‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻗﻮﻟﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺳ ﻜﻢ وأرﺟ َﻠﻜُ ﻢْ إﻟ ﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿﻦِ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻨﺔ‬ ‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮؤو ِ‬‫إﻟﻰ اﻟﻤﺮَاﻓِﻖِ و ْاﻣْ َ‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻣﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗُﻘﺒﻞ ﺻﻼة أﺣﺪﻛﻢ إذا أﺣ ﺪث ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﻧﻌﻘﺪ إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻠﺼﻼة ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻓﯿ ﮫ أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﮭﻢ ﺑ ﻞ وﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻓﯿﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪.‬‬

‫ﻓﻀﻞُ اﻟﻮﺿﻮء‬

‫‪170‬‬
 ‫وردت ﻓﻲ ﻓﻀﻞ اﻟﻮﺿﻮء أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺠﻤِﺮ ﻗﺎل »رأﯾﺖ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﻓﺄﺳﺒﻎ اﻟﻮﺿﻮء‪،‬‬ ‫أ ـ ﻋﻦ ﻧﻌﯿﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ُﻤ ْ‬
‫ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀُﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀُﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ‬
‫رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎق‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺎق‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬ھﻜﺬا رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ .‬وﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬أﻧﺘﻢ اﻟ ُﻐ ﱡﺮ اﻟ ُﻤ َ‬
‫ﺤﺠﱠﻠ ﻮن‬
‫ﻏﺮﱠﺗﮫ وﺗﺤﺠﯿﻠﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻣﻦ إﺳﺒﺎغ اﻟﻮﺿﻮء ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻨﻜﻢ ﻓ ْﻠﯿُﻄﻞ ُ‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺗﻰ اﻟﻤﻘﺒ ﺮة ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ دا َر ﻗ ﻮ ٍم ﻣ ﺆﻣﻨﯿﻦ‪،‬‬
‫وإﻧﱠﺎ إن ﺷﺎء اﷲ ﺑﻜﻢ ﻻﺣﻘﻮن‪ ،‬وددت أﻧﱠﺎ ﻗﺪ رأﯾﻨﺎ إﺧﻮاﻧﻨﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا‪َ :‬أ َو َﻟ ﺴْﻨﺎ إﺧﻮا َﻧ ﻚ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟‬
‫ﻗﺎل ‪ :‬أﻧﺘﻢ أﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وإﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﺄﺗﻮا ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻛﯿﻒ ﺗﻌﺮف ﻣﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﺑﻌ ﺪُ ﻣ ﻦ أﻣﺘ ﻚ‬
‫ي ﺧﯿ ٍﻞ ُد ْھ ٍﻢ ُﺑ ْﮭ ﻢٍ‪ ،‬أﻻ ﯾﻌ ﺮف‬
‫ﻏ ﱞﺮ ﻣﺤﺠﱠﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﻇَﮭ َﺮ ْ‬
‫ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬أرأﯾﺖ ﻟﻮ أنﱠ رﺟﻼً ﻟﮫ ﺧﯿ ٌﻞ ُ‬
‫ﻏ ﱠﺮًا ﻣُﺤﺠﱠﻠﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وأﻧ ﺎ َﻓ َﺮﻃُﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺧﯿﻠﮫ؟ ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﺑﻠﻰ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺄﺗﻮن ُ‬
‫ن رﺟﺎلٌ ﻋﻦ ﺣﻮﺿﻲ ﻛﻤﺎ ُﯾ ﺬاد اﻟﺒﻌﯿ ﺮ اﻟ ﻀﺎل‪ ،‬أُﻧ ﺎدﯾﮭﻢ‪ :‬أﻻ ھَﻠُ ﱠﻢ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﺎل إﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺪ‬ ‫اﻟﺤﻮض‪ ،‬أﻻ ﻟﯿُﺬا َد ﱠ‬
‫ﺳ ﺤﻘًﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ دُھ ﻢٌ ﺑُﮭ ٌﻢ ‪ :‬أي ﺳُ ﻮدٌ ﻟ ﻢ‬ ‫ﺳ ﺤﻘًﺎ ُ‬
‫ﺑﺪﱠﻟﻮا ﺑﻌﺪك‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل‪ُ :‬‬
‫ن آﺧﺮ ‪.‬‬ ‫ﯾﺨﺎﻟﻂ ﻟﻮﻧَﮭﺎ ﻟﻮ ٌ‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺣﺎزم ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ ﺧﻠﻒ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة وھﻮ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﯾﻤﺪ ﯾﺪه ﺣﺘﻰ ﺗﺒﻠﻎ‬
‫إِﺑﻄَﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﻣﺎ ھﺬا اﻟﻮﺿ ﻮء؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﺑﻨ ﻲ َﻓ ﺮﱡوخ أﻧ ﺘﻢ ھﮭﻨ ﺎ ؟ ﻟ ﻮ ﻋﻠﻤ ﺖ أﻧﻜ ﻢ‬
‫ھﮭﻨ ﺎ ﻣ ﺎ ﺗﻮﺿ ﺄت ھ ﺬا اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺳ ﻤﻌﺖ ﺧﻠﯿﻠ ﻲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﺗﺒﻠ ﻎ اﻟﺤِﻠْﯿ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺆﻣﻦ ﺣﯿ ﺚ ﯾﺒﻠ ﻎ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﯾﺎ ﺑﻨﻲ َﻓﺮﱡوخ‪ :‬أراد ﺑﮭﺬا اﻟﻨﺪاء اﻟﻤﻮاﻟﻲ‪.‬‬

‫ﷲ ﺑﮫ‬ ‫د‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أﻻ أدﻟﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾﻤﺤ ﻮ ا ُ‬

‫غ اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎره‪ ،‬وﻛﺜ ﺮ ُة‬ ‫اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ وﯾﺮﻓﻊ ﺑﮫ اﻟﺪرﺟﺎت؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺑﻠﻰ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إﺳﺒﺎ ُ‬
‫اﻟﺨُﻄﺎ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬واﻧﺘﻈ ﺎ ُر اﻟ ﺼﻼة ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺬﻟﻜﻢ اﻟﺮﺑ ﺎط« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ھـ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل » َﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻓﺄﺳ ﺒﻎ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺸﻰ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺼﻼھﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس أو ﻣﻊ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ أو ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻏﻔ ﺮ‬
‫اﷲ ﻟﮫ ذﻧﻮﺑﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻲ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺘﻤ ﻀﻤﺾ ﺧﺮﺟ ﺖ‬ ‫ﺤﱢ‬‫ﺼﻨَﺎ ِﺑ ِ‬
‫و‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ُ‬
‫اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻦ ﻓِﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا اﺳ ﺘﻨﺜﺮ ﺧﺮﺟ ﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ أﻧﻔ ﮫ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺧﺮﺟ ﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫وﺟﮭﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﺷْﻔﺎر ﻋﯿﻨﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻏﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺧﺮﺟ ﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨ ﺮج‬
‫ﻣﻦ ﺗﺤﺖ أﻇﻔﺎر ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﺧﺮﺟ ﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨ ﺮج ﻣ ﻦ أُذﻧﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻦ رﺟﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺮج ﻣ ﻦ ﺗﺤ ﺖ أﻇﻔ ﺎر رﺟﻠﯿ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻛ ﺎن ﻣ ﺸﯿُﮫ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺻﻼﺗُﮫ ﻧﺎﻓﻠ ًﺔ ﻟﮫ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ‪.‬‬

‫ز‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﯾﻌﻘﺪ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻠ ﻰ ﻗﺎﻓﯿ ﺔ رأس أﺣ ﺪﻛﻢ إذا ھ ﻮ ﻧ ﺎم‬
‫ﻋ َﻘﺪٍ‪ ،‬ﯾﻀﺮب ﻛﻞ ﻋﻘﺪة ﻣﻜﺎﻧﮭﺎ ﻋﻠﯿﻚ ﻟﯿ ٌﻞ ﻃﻮﯾﻞٌ ﻓﺎرﻗ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﺳ ﺘﯿﻘﻆ ﻓ ﺬﻛﺮ اﷲ اﻧﺤﱠﻠ ﺖ ﻋﻘ ﺪة‪،‬‬
‫ﺛﻼث ُ‬

‫‪171‬‬
‫ﻋ َﻘ ُﺪ ُه ﻛﻠﱡﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺻ ﺒﺢ ﻧ ﺸﯿﻄﺎً ﻃﯿ ﺐ اﻟ ﻨﻔﺲ‪ ،‬وإﻻ أﺻ ﺒﺢ‬
‫ﻓﺈن ﺗﻮﺿﺄ اﻧﺤﻠﺖ ﻋﻘﺪة‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻠﻰ اﻧﺤﻠ ﺖ ُ‬
‫ﺧﺒﯿﺚ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺴﻼن« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﯿﻨﺖ أن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺘﻤﯿ ﺰون ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻋ ﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻨ ﺎس ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‬
‫ﻏ ﱠﺮًا‬
‫ﺑﻤﺎ أﻧﻌﻢ اﷲ ﺑﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ إﻟﺒﺎﺳﮭﻢ اﻟﺰﯾﻨﺔ واﻟﺤﻠﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ أﺳ ﺒﻐﻮا وﺿ ﻮءھﻢ ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﺒ ﺪون ُ‬
‫ﻣُﺤﺠﱠﻠﯿﻦ‪ .‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ ذﻛ ﺮت أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾﻜ ﱢﻔ ﺮ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ واﻟ ﺬﻧﻮب‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿ ﺮ‬
‫ﻋ َﻘ ﺪ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن اﻟ ﺜﻼث‪ ،‬ﻓﻜﻔ ﻰ ﺑﻤ ﺎ ﯾﺠﻠﺒ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮة ﻣ ﻦ‬
‫ذﻛﺮ أن اﻟﻮﺿﻮء ﯾﺤﻞ ﻋﻘ ﺪة ﻣ ﻦ ُ‬
‫ﻋ َﻘﺪِ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻣﻦ ﻓﻀﻞ وأي ﻓﻀﻞ!‬ ‫ﺣﻠﯿﺔ‪ ،‬وﺑﻤﺎ ﯾﻜﻔﱢﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ واﻟﺬﻧﻮب ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺤﻞ ﻣﻦ ُ‬

‫ﺻﻔﺔُ اﻟﻮﺿﻮء‬
‫ﺠ ﺰِيء وﻣﻨ ﮫ اﻷﻛﻤ ﻞ‪،‬‬
‫ﺠ ﺰِيء وﻣﻨ ﮫ اﻷﻛﻤ ﻞ ‪ ،‬ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨ ﮫ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﻛﻤﺎ أن اﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﻣﻨ ﮫ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﺠﺰِيء ﯾُﻘﺘﺼﺮ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوض ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻮ ﻧﻘﺺ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﺮض واﺣﺪ ﺑﻄﻞ واﻷﻛﻤﻞ ﯾﻀﻢ زﯾ ﺎدة‬ ‫واﻟﻤُ ْ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوض اﻟﺴﻨﻦ ﻛﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ‬ ‫ﺠ ِﺰئ ھﻮ‪ :‬اﺳﺘﺤﻀﺎ ُر ﻧ ﱠﯿ ِﺔ رﻓﻊ اﻟ َ‬
‫واﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ‪ ،‬وﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ ‪ ،‬واﻟﻤ ﻮاﻻة‪ ،‬واﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﺠ ِﺰئ‪ ،‬وﺻ ﺢ ﺑ ﮫ اﻟﻄ ﻮاف وﻣ ﺲﱡ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ واﻟ ﺼﻼة‬ ‫أﺗ ﻰ ﺑﮭ ﺬه اﻟﻔ ﺮوض ﻓﻘ ﺪ أﺗ ﻰ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫واﻛﺘﻤﻠﺖ ﺑﮫ ﻃﮭﺎرﺗﮫ ‪ .‬واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤ ﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻻﻣ ﺮِئ ﻣ ﺎ ﻧ ﻮى‪ ،‬ﻓ َﻤ ﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ ھﺠﺮ ُﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﻓﮭﺠﺮ ُﺗ ﮫ إﻟ ﻰ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ‪ ،‬و َﻣ ﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ھﺠﺮﺗﮫ ﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﺼﯿﺒﮭﺎ أو اﻣﺮأ ٍة ﯾﺘﺰوﺟﮭﺎ ﻓﮭﺠﺮﺗﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﺎﺟﺮ إﻟﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬
‫وﺣﯿﺚ أن اﻟﻮﺿﻮء ﻋﺒﺎدة وأﻧﮫ ﻋﻤﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﻓﺮض اﻟﻨﯿﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﯾ ﺎ أﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا إذا ﻗُﻤ ﺘﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬

‫ﻏ ﺴِﻠﻮا وﺟ ﻮ َھﻜُﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُﻢ إﻟ ﻰ‬
‫ﺟﻠَﻜ ﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻵﯾ ﺔ أﺗ ﺖ‬ ‫ﺳ ُﻜ ْﻢ وَأ ْر ُ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮؤ و ِ‬
‫اﻟﻤﺮاﻓِﻖِ وا ْﻣ َ‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﺮوض اﻷرﺑﻌ ﺔ )ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ(‪ .‬وﻗ ﺪ ﻗﻠ ﺖ )ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء( ﻓ ﺬﻛﺮت اﻟﻤ ﺎء ﻷُﺧ ﺮج ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻤﺎﺋﻌ ﺎت‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء ﻻ ﯾﺼﺢ ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻤﺎء ﻛﻤﺎ أن اﻟﻐﺴﻞ ﻻ ﯾﺼﺢ ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻤﺎء‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬

‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ إﻻ‬‫‪] -3‬ﯾﺎ أﯾﱡﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آ َﻣﻨُﻮا ﻻ َﺗ ْﻘ َﺮﺑُﻮا اﻟﺼﱠـﻼ َة وَأ ْﻧ ُﺘ ْﻢ ﺳُﻜﺎرى ﺣﺘﻰ َﺗﻌْ َﻠﻤُﻮا ﻣﺎ ﺗﻘُﻮﻟُﻮن وﻻ ُ‬
‫ﻂ أو‬ ‫ﺳ ﻔَﺮٍ أو ﺟ ﺎ َء أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ ِﻣ ﻦ اﻟ َﻐ ﺎ ِﺋ ِ‬
‫ﻋ ﺎﺑﺮِي ﺳ ﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘ ﻰ ﺗَﻐْ َﺘ ﺴِﻠﻮا وإنْ ﻛﻨ ﺘﻢ ﻣﺮﺿ ﻰ أو ﻋﻠ ﻰ َ‬
‫ﻋﻔُ ﻮﱠًا‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮﺟُﻮ ِھﻜُﻢ وَأ ْﯾﺪِﯾﻜُﻢ إنﱠ اﷲ ﻛﺎن َ‬ ‫ﻃﯿﱢ َﺒ ًﺎ ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﺻﻌِﯿﺪًا َ‬
‫ﺴﺘُﻢ اﻟﻨﱢﺴﺎ َء ﻓﻠﻢ َﺗﺠِﺪوا ﻣﺎ ًء ﻓﺘﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬
‫ﻻ َﻣ ْ‬
‫ﻏﻔُﻮرًا[ اﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ أﻣﺮت ﺑﺎﻟﺘﱠﯿﻤﱡﻢ ﻋﻨﺪ ﻓﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻣﻔﮭﻮﻣﮭ ﺎ أن‬ ‫َ‬
‫اﻟﻤﺎء ھﻮ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ واﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾُﺼﺎر إﻟﻰ اﻟﺘﺮاب إﻻ إذا ﻋﺪم اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫ﺠ ﺰِيء )واﻟﻤ ﻮاﻻة( ﻷُﺑ ﯿﱢﻦ أن اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻓ ﺮض‪ ،‬ﺑﺤﯿ ﺚ إن ﻟ ﻢ ﺗﻮﺟ ﺪ ﻻ‬
‫وﻗﻠ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫ﯾﺼﺢ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﺧﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪان ﻋ ﻦ ﺑﻌ ﺾ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ﻼً ﯾ ﺼﻠﻲ‬

‫وﻓﻲ ﻇﮭﺮ ﻗ َﺪﻣِﮫِ ﻟﻤﻌ ٌﺔ ﻗﺪ َر اﻟﺪرھﻢ ﻟﻢ ﯾُﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮه رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء« رواه‬

‫‪172‬‬
‫أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود وزاد »واﻟ ﺼﻼة«‪ .‬ﻗ ﺎل اﻷﺛ ﺮم‪ :‬ﻗﻠ ﺖ ﻷﺣﻤ ﺪ‪ :‬ھ ﺬا إﺳ ﻨﺎده ﺟﯿ ﺪ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺟﯿ ﺪ‪ .‬ودﻻﻟ ﺔ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻤﻮاﻻة واﺿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺣﯿﻦ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أن ﺑﻈﮭ ﺮ‬
‫ﻗﺪﻣﮫ ﻗﺪر اﻟﺪرھﻢ ﻟﻢ ﯾﺼﺒﮫ اﻟﻤﺎء أﻣﺮه أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻮﺿﻮء وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﻐﺴﻞ اﻟﻠﻤﻌﺔ ﻓﺤﺴﺐ ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل‬
‫ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﺎﻃ ـﻞ وأﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟﺘ ﺼﺤﯿﺤﮫ أن ﯾﻌ ﻮد ﻟﻐ ﺴﻞ رﺟﻠ ﮫ‪ ،‬ﻷن ﻏ ﺴﻠﮭﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤ ﺪة‬
‫اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﺑﺪون ﻣﻮاﻻة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ ﻓﮭﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﻮاﻻة واﺟﺒﺔ‪.‬‬

‫ﺖ اﻟﻔﺮوض ﺑـ )اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ( واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺟﻌﻠ ﺖ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﯾﺘﻮﺳ ﻂ‬ ‫وﺧﺘﻤ ُ‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ‪ ،‬وﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن ھﺬا اﻟﺘﻮﺳﻂ وﻗﻄ ُﻊ اﻟﻨﻈﯿﺮ ﻋ ﻦ‬
‫ﺠ ﺰِيء ﯾﺠ ﺐ أن‬ ‫ﻧﻈﯿ ﺮه إﻻ ﻟﻔﺎﺋ ﺪة ‪ ،‬وﻻ ﻓﺎﺋ ﺪة ھﻨ ﺎ ﺳ ﻮى اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫ﯾﺘﺤﻘﻖ ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻨﱢﯿﱠﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻏﺴﻞ اﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -7‬اﻟﻤﻮاﻻة‪.‬‬

‫‪ -8‬اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪.‬‬

‫ﻓﺈن ﻧﻘﺺ واﺣﺪ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻞ اﻟﻮﺿﻮء ووﺟﺒﺖ إﻋﺎدﺗﮫ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻷﻛﻤ ﻞ ﻓﮭ ﻮ ھ ﺬه اﻟﻔ ﺮوض ﻣ ﻀﺎﻓﺔ إﻟﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺴﻨﻦ‪ .‬وھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﻦ ھ ﻲ ﻣ ﺎ ﺣﻮﺗ ﮫ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻤ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﺮوض‪ .‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن أﻋﻤ ﺎل اﻟﻌﺒ ﺎدة إﻣ ﺎ أن ﺗﻜ ﻮن‬
‫ﻻ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻏﯿﺮ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻣ ﻦ‬ ‫ﻓﺮوﺿﺎً‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺳُﻨﻨﺎً‪ .‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﻨﺼﻮص ﻗﺪ ذﻛﺮت أﻋﻤﺎ ً‬
‫اﻟﻔ ﺮوض ﻓ ﺈن ھ ﺬه اﻷﻋﻤ ﺎل ﻻ ﺷ ﻚ أﻧﮭ ﺎ ﺳ ﻨﻦ وﻣﻨ ﺪوﺑﺎت‪ ،‬وﻗ ﺪ ذﻛ ﺮت ھ ﺬه اﻟﻤﻼﺣﻈ ﺔ اﻛﺘﻔ ﺎ ًء ﻣ ﻦ‬
‫وﺻﻒ ﻛﻞ ﻋﻤ ٍﻞ ﻣُﻘﺒﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺄﻧﮫ ﺳﻨﺔ ‪ ،‬وآﺧﺬ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺤﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻲ اﷲ‪ُ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻮﺿﻮء اﻷﻛﻤﻞ ﻓﮭﻮ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﯾﻨﻮي رﻓﻊ اﻟ َ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺛﻼﺛﺎً ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺘﻤﻀﻤﺾ ﺑﺎﻟﯿﻤﯿﻦ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾﺘ ﺴﻮﱠك وﻟ ﻮ ﺑﺈﺻ ﺒﻊ ﯾ ﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺴﺘﻨ ﺸﻖ ﺑ ﺎﻟﯿﻤﯿﻦ وﯾ ﺴﺘﻨﺜﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾُﺨﱢﻠ ﻞ ﻟﺤ َﯿ َﺘ ﮫ‪ ،‬وﯾﺘﻌﺎھ ﺪ اﻟﻤ ﺄْﻗﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﺸﺮع ﻓﻲ اﻟﻌﻀﺪ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﺣﺘﻰ ﯾﺸﺮع ﻓﻲ اﻟﻌ ﻀﺪ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﺑﻤُﻘﺪﱠم رأﺳﮫ ﺑﯿﺪﯾﮫ اﻻﺛﻨﺘﯿﻦ ﺣﺘ ﻰ ﺗ ﺼﻼ إﻟ ﻰ ﻗﻔ ﺎه وﯾﻌﯿ ﺪھﻤﺎ إﻟ ﻰ ﻣُﻘ ﺪﱠم رأﺳ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ أُذﻧﯿ ﮫ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ‬
‫ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ وﯾﺨﻠﻞ أﺻﺎﺑﻌﮭﺎ ﺑﺨِ ْﻨ ﺼَﺮ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺸﺮع ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺎق ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ رﺟﻠَﮫ اﻟﯿﺴﺮى ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وﯾﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬وﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﺑﺎﻟﯿﻤﯿﻦ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل‪ ،‬وﯾﻮاﻟﻲ ﺑﯿﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ واﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘ ﻮل )أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ‬

‫‪173‬‬
‫اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪاً ﻋﺒ ﺪه ورﺳ ﻮﻟﮫ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌﻠﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﱠﺘ ﻮﱠاﺑﯿﻦ واﺟﻌﻠﻨ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻄﮭﺮﯾﻦ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭﻢ وﺑﺤﻤﺪك أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧﺖ‪ ،‬أﺳﺘﻐ ِﻔﺮُك وأﺗﻮب إﻟﯿﻚ(‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﻮﺿﻮء اﻷﻛﻤﻞ وﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻨﯿﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻏﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ‪.‬‬

‫‪ -5‬اﻟﺘﺴﻮﱡك‪.‬‬

‫‪ -6‬اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﺑﺎﻟﯿﻤﯿﻦ واﻻﺳﺘﻨﺜﺎر ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫِ وﺟﺰ ٍء ﻣﻦ ﺷﻌـﺮ اﻟﺮأس وﺗﻌﺎھﺪ اﻟﻤﺄْﻗﯿﻦ وﺗﺨﻠﯿﻞ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ واﻟﻮﺻ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺣﺘ ﻰ اﻟ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀﺪﯾﻦ وﺗﺨﻠﯿ ﻞ‬
‫اﻷﺻﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ذھﺎﺑًﺎ وإﯾﺎﺑًﺎ‪.‬‬

‫‪ -10‬ﻣﺴﺢ اﻷُذﻧﯿﻦ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ -11‬ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ واﻟﺘﺨﻠﯿﻞ ﺑﺨِﻨﺼﺮ اﻟﯿﺪ اﻟﯿﺴﺮى ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫‪ -12‬ﻏﺴﻞ اﻷﻋﻀﺎء ﺳﻮى اﻟﺮأس واﻷُذﻧﯿﻦ ﺛﻼﺛﺎً ﺛﻼﺛًﺎ‪.‬‬

‫‪ -13‬اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪.‬‬

‫‪ -14‬اﻟﺘﯿﻤﱡﻦ‪.‬‬

‫‪ -15‬اﻟﻤﻮاﻻة‪.‬‬

‫ﻓﻤﻦ ﺗﻮﺿﺄ ھﺬا اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻘﺪ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء وﻣﻨﺪوﺑﺎﺗ ﮫ‪ ،‬وﻧ ﺎل أﻋﻈ ﻢ ﺛ ﻮاب‬
‫ﯾﻨﺎﻟﮫ ﻣﺘﻮﺿﺊ ﺑﺈذن اﷲ‪ .‬وﻗﺪ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ھﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺘﺎﻟﯿﺎن‪:‬‬

‫ﺣ ْﻤ ﺮان ﻣ ﻮﻟﻰ ﻋﺜﻤ ﺎن »أن ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ دﻋ ﺎ ﺑﻮﺿ ﻮء ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‬‫‪ -1‬أﺧﺒﺮ ُ‬

‫ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺜﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻏ ﺴﻞ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻖ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﺛﻼث ﻣﺮات ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﻧﺤ ﻮ‬

‫‪174‬‬
‫وﺿﻮﺋﻲ ھﺬا‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤ ﻮ وﺿ ﻮﺋﻲ ھ ﺬا ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻻ ﯾُﺤ ﺪﱢث‬
‫ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻧﻔﺴﮫ ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺷﮭﺎب‪ :‬وﻛﺎن ﻋﻠﻤﺎؤﻧﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن ھﺬا اﻟﻮﺿﻮء أﺳ ﺒ ُﻎ‬
‫ﻣﺎ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﮫ أﺣﺪٌ ﻟﻠﺼﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﻋﺎﺻ ﻢ اﻷﻧ ﺼﺎري وﻛﺎﻧ ﺖ ﻟ ﮫ ﺻ ﺤﺒﺔ ﻗ ﺎل »ﻗﯿ ﻞ ﻟ ﮫ ‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﻟﻨ ﺎ‬

‫وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺪﻋﺎ ﺑﺈﻧﺎء ﻓﺎﻛﻔﺄ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓﺎﺳ ﺘﺨﺮﺟﮭﺎ‬
‫ﻒ واﺣ ﺪة ‪ ،‬ﻓﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓﺎﺳ ﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻓﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ‬ ‫ﻓﻤﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺸﻖ ﻣﻦ ﻛ ﱟ‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻓﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ‬
‫ﻓﻤﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﯿﺪﯾﮫ وأدﺑﺮ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬ھﻜﺬا ﻛﺎن وﺿﻮء رﺳﻮل‬
‫ﻼ‪ .‬وﻧ ﺸﺮع‬ ‫اﷲ ‪ «r‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻠﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣ ﺪار اﻟﺒﺤ ﺚ إﻻ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ق ﺑﻘﯿﺔ اﻷدﻟﺔ ‪ ،‬واﻟﻤﺮور ﺑﺨﻼﻓﺎت اﻷﺋﻤﺔ ﺑﻨﺪاً ﺑﻨﺪاً‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل‪:‬‬
‫ﺳ ْﻮ ِ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻔﺼﯿﻞ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ھﺬه اﻷﻋﻤﺎل و َ‬

‫‪1‬ـ اﻟ ﱢﻨﯿﱠﺔ‪ :‬ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻘﺼﺪ ﯾﻘﺎل‪ :‬ﻧﻮى ﻓﻼن اﻟﺴﻔﺮ أي ﻗﺼﺪه‪ ،‬واﻟﻨﯿ ﺔ ﺷ ﺮط ﻣ ﻦ ﺷ ﺮوط اﻟﻄﮭ ﺎرة‬
‫ﻲ ورﺑﯿﻌ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ‬ ‫ﻟﻸﺣﺪاث ﻛﻠﮭﺎ ‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺼﺢ وﺿﻮء وﻻ ﻏﺴﻞ إﻻ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻤ ﻦ أوﺟ ﺐ اﻟﻨﯿ ﺔ ﻋﻠ ﱞ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﻠﯿﺚ وإﺳ ﺤﻖ واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ‪ ،‬ودﻟ ﯿﻠﮭﻢ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿﺔ« رواه اﻟﺸﯿﺨﺎن وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ »إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿ ﺎت« رواھ ﺎ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬واﻟﻮﺿﻮء ﻋﻤﻞ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻧﯿﺔ‪ .‬وﺧﺎﻟﻔﮭﻢ اﻟﺜﻮري وأﺻﺤﺎب‬
‫ﺟ ﻮ َھ ُﻜ ْﻢ وَأ ْﯾ َﺪ َﯾ ُﻜ ْﻢ‬
‫ﺴﻠُﻮا ُو ُ‬ ‫اﻟﺮأي‪ ،‬ودﻟﯿﻠﮭﻢ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﯾﺎ أﯾﱡﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا إذا ﻗُﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬
‫ﻏ ِ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﺮؤُوﺳِ ُﻜﻢْ وَأ ْرﺟُ َﻠﻜُ ﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ﯿْﻦ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ‪ :‬إن‬ ‫إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ﻖِ واﻣْ َ‬
‫اﻵﯾﺔ ذﻛﺮت اﻟﻔﺮوض ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء وﻟﻢ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻨﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﯿﺔ ﺷﺮﻃﺎً ﻟﺬﻛﺮﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ھﻮ أن اﻟﻨﯿ ﺔ ﺟ ﺎءت ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وﻟ ﻢ ﺗ ﺄت ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﺟ ﺎﺋﺰ وﻣﻌﻠ ﻮم ﻋﻨ ﺪ‬

‫اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﺪر ﻛﺎف ﻟﻠﺮد‪ .‬واﻟﻨﯿﺔ ﻣﺤﻠﮭﺎ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻼ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﻠﻔﻆ ﺑﮭﺎ وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﺐ اﺳﺘﺤﻀﺎرھﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﺗﻠﻔﻆ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺤﻀﺮھﺎ ﻗﻠﺒ ﮫ ﻟ ﻢ ﺗﻨﻌﻘ ﺪ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺗﻠﻔ ﻆ ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ اﻟﻨﯿ ﺔ إﻻ أﻧﱠ ﮫ أﺧﻄ ﺄ‬
‫ﻓﻘﺎل ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪه وﯾﻘﺼﺪه وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﯿﺔ ﻣﻨﻌﻘﺪة ﻓﻲ اﻟﻘﻠ ﺐ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﻀﯿﺮه ﺧﻄ ﺄ اﻟﻠﻔ ﻆ‪ .‬وإذن ﻓ ﺎﻟﻠﻔﻆ‬
‫ﻣﺎ دام ﻏﯿﺮ ﻣﻄﻠﻮب ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﻟﺰوم ﻟﮫ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻨ ﺎس ﻣ ﻦ اﻟ ﺘﻠﻔﻆ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋ ﺎدة اﻋﺘﺎدوھ ﺎ وأﻟﺰﻣ ﻮا‬
‫ﺑﮭﺎ أﻧﻔﺴﮭﻢ دون ﺳﻨﺪ ﺷﺮﻋﻲ أو دﻟﯿﻞ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟ ﺘﻠﻔﻆ ﺑﺎﻟﻨﯿ ﺔ إﻧﻤ ﺎ ﻗ ﺼﺪوا ﺑ ﮫ‬
‫إﻋﺎﻧﺔَ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﻀﺎرھﺎ ﻻ ﻏﯿﺮ‪.‬‬

‫وﺻ ﻔﺔ ﻧﯿ ﺔ اﻟﻮﺿ ﻮء ھ ﻲ أن ﯾﻘ ﺼﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟ ﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬أو ﯾﻘ ﺼﺪ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬أو‬

‫ﯾﻘﺼﺪ اﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﺼﻼة واﻟﻄﻮاف وﻣﺲﱢ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪ ،‬أو ﯾﻘﺼﺪ إزاﻟﺔ اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﺄﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ أو ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﺗﺠﺰيء‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﺟﻤﻊ ﺻﻔﺘﯿﻦ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻌﺎً ﻟﻠﻮﺿﻮء اﻟﻮاﺣﺪ‬
‫ﻓﻠﻮ ﻧﻮى ﺑﻘﻠﺒﮫ أن ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬أو ﻧ ﻮى رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬أو ﻧ ﻮى اﻟﺘﻄﮭ ﺮ ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬أو ﻧ ﻮى إزاﻟ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻛﻔﺎه ذﻟﻚ‪.‬‬

‫وﯾُﺸﺘﺮط ﻓﻲ اﻟﻨﯿﺔ اﺳﺘﺼﺤﺎﺑُﮭﺎ ﻃﯿﻠﺔ ﻓﺘﺮة ﻗﯿﺎﻣﮫ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬إﻻ أن ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ دوام أن‬
‫ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺎﺛﻠ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﺬھﻦ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﻋﺪم ﻗﻄﻌﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓﻠ ﻮ أﻧ ﮫ ﻧ ﻮى ﻋﻨ ﺪ ﺑ ﺪء اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫اﻟﺘﻄﮭﺮ ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻏﺴﻞ اﻷﻋﻀﺎء ﻗﻠﺐ ﻧﯿﺘﮫ وﺟﻌﻞ اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻠﺘﺒﺮد واﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫وﺿﻮءه ﯾﺒﻄﻞ ﻷﻧﮫ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻄﻊ اﻟﻨﯿﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻟﻢ ﯾﻘﻄﻌﮭﺎ اﻋﺘُﺒﺮت ﻧ ﱠﯿُﺘ ُﮫ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻃﯿﻠﺔ اﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬

‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﻣ ﻦ ﺳُ ﻨﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‬

‫أﻣ ﺎ وﻗ ﺖ اﻟﻨﯿ ﺔ ﻓﮭ ﻮ ﻗﺒ ﻞ ﺑ ﺪء اﻟﻮﺿ ﻮء وﻟ ﻮ ﺑﻠﺤﻈ ﺔ ‪ ،‬وإن ﻧ ﻮى ﻗﺒ ﻞ ُ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻮﺿﻮء اﻷوﻟﻰ وﻗﺒﻞ اﻟﻔﺮوض ﺻﺢ وﺿﻮؤه‬ ‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وإن ﻧﻮى ﺑﻌﺪ ُ‬ ‫اﻷوﻟﻰ دﺧﻠﺖ اﻟ ﱡ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ .‬ﻓﻤﺎ ﯾﺆدﯾﮫ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﯿﺔ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻣ ﺎ‬ ‫وﺧﺮﺟﺖ اﻟ ﱡ‬

‫‪175‬‬
‫ﯾﺆدﱢﯾﮫ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﯿﺔ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﯿﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻧﻮى ﻋﻘﺐ ﻓﺮض ﻣﻦ اﻟﻔ ﺮوض‪ ،‬ﻛ ﺄن ﻧ ﻮى ﻋﻘ ﺐ ﻏ ﺴﻞ‬
‫ﻄ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺠﺒ ﺮ‬
‫اﻟﻮﺟﮫ ﺧ ﺮج ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أﻧ ﮫ ﻓ ﺮض ﻓ ﺈن اﻟﻮﺿ ﻮء ﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﯾﺒ ُ‬
‫ﺑﺈﻋﺎدة ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ إﻋ ﺎدة اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬وإذا ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ وﺑ ﺪأ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫ﻼ ﺛﻢ ﺷﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﯿﺔ ھﻞ ﻋﻘﺪھﺎ أم ﻻ أﻋﺎد اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ أوﻟﮫ وﺟﻮﺑﺎً‪ ،‬ﻷن اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻃﻞ‪.‬‬ ‫ﻣﺜ ً‬

‫‪2‬ـ اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ‪ :‬أي ﻗ ﻮل )ﺑ ﺴﻢ اﷲ( وﻗﺘﮭ ﺎ ﻋﻘ ﺐ اﺳﺘﺤ ﻀﺎر اﻟﻨﯿ ﺔ وﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟﻔﻌ ﻞ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫ذھﺐ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ أھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ راھُﻮﯾﮫ واﻟﺤﺴﻦ‪ .‬وذھﺐ إﻟ ﻰ أﻧﮭ ﺎ ﺳُ ﻨﱠﺔ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‬
‫واﻟﺤﻨﻔﯿﺔ وﻣﺎﻟﻚ ورﺑﯿﻌ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺜ ﻮري وأﺑ ﻮ ﻋﺒﯿ ﺪ‪ .‬وﻗ ﺪ وردت ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪»r‬ﻻ ﺻ ﻼة ﻟﻤ ﻦ ﻻ وﺿ ﻮء ﻟ ﮫ‪ ،‬وﻻ وﺿ ﻮء ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﻢ‬

‫ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﺎ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة إذا ﺗﻮﺿ ﺄت ﻓﻘ ﻞ ﺑ ﺴﻢ اﷲ واﻟﺤﻤ ُﺪ‬
‫ﺤ ِﺪث ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻮ ِء« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ‪.‬‬
‫ح ﺗﻜﺘﺐ ﻟﻚ اﻟﺤﺴﻨﺎت ﺣﺘﻰ ُﺗ ْ‬
‫ﻈ َﺘﻚَ ﻻ ﺗﺒﺮ ُ‬
‫ﷲ‪ ،‬ﻓﺈنﱠ ﺣ َﻔ َ‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓ ﺬﻛﺮ اﺳ ﻢ اﷲ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮﺋﮫ ﻛ ﺎن ﻃﮭ ﻮرًا‬

‫ﻟﺠﺴﺪه‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﺳ ﻢ اﷲ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮﺋﮫ ﻛ ﺎن ﻃﮭ ﻮرًا ﻷﻋ ﻀﺎﺋﮫ« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وروﯾﺎه أﯾﻀ ًﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﺳﻤﱠﻰ« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪.‬‬
‫ھـ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﻗﺎل »ﻧﻈﺮ أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وَﺿﻮءًا ﻓﻠﻢ ﯾﺠﺪوه‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬
‫ھﺎ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺿﻊ ﯾﺪه ﻓﻲ اﻹﻧﺎء اﻟﺬي ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺎء ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿﺄوا ﺑﺴﻢ اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﻓﺮأﯾ ﺖ اﻟﻤ ﺎء ﯾﻔ ﻮر ﻣ ﻦ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ‪ ،‬واﻟﻘ ﻮم ﯾﺘﻮﺿ ﺄون ﺣﺘ ﻰ ﺗﻮﺿ ﺄوا ﻋ ﻦ آﺧ ﺮھﻢ ‪ «...‬رواه‬
‫ﺚ أﺧﺮى ﻋﺪﯾﺪة اﻛﺘﻔﯿﻨﺎ ﺑﺈﯾﺮاد ھﺬه ﻋﻨﮭﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻗﺪ رُوﯾﺖ أﺣﺎدﯾ ُ‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ رد ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وإﺛﺒﺎﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ ﻣَ ﻦ ردھ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ وﻣ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ‬
‫أﺛﺒﺖ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻨﮭﺎ‪ .‬ﻓﻤﺜﻼً ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﺷ ﻲءٌ ﯾﺜﺒ ﺖ‪ .‬وﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ أﻋﻠ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﺣ ﺪﯾﺜ ًﺎ‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺎً‪ .‬وﻗﺎل اﻟﻌﻘﯿﻠﻲ‪ :‬اﻷﺳﺎﻧﯿﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻓﯿﮭﺎ ﻟﯿﻦ‪ .‬وﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻗﺎل أﺑﻮ ﺑﻜ ﺮ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ :‬ﺛﺒ ﺖ‬
‫ﻟﻨ ﺎ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺪ اﻟﻨ ﺎس‪ :‬ﻻ ﯾﺨﻠ ﻮ ھ ﺬا اﻟﺒ ﺎب ﻣ ﻦ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺮﯾﺢ وﺻ ﺤﯿﺢ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻼ(‪.‬‬
‫ﺻﺮﯾﺢ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )واﻟﻈﺎھﺮ أن ﻣﺠﻤﻮع اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﺤﺪث ﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮة ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻟﮫ أﺻ ً‬

‫واﻟﺬي أرﯾ ﺪ ﻗﻮﻟ ﮫ ھ ﻮ أن اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﯿ ﺴﺖ ﺑﺤﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ دﻟﯿ ﻞ ﺣﺘ ﻰ ﻧُﻜﺜ ﺮ أﺣﺎدﯾﺜﮭ ﺎ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ‪ ،‬ﻧﺴﻤﻲ اﷲ ﻋﻨﺪ اﻷﻛﻞ وﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺰرع‬ ‫وﻧﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﻓﯿﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ أﻣﺮ ذي ﺑﺎل ُ‬
‫وﻋﻨﺪ اﻟﺬﺑﺢ وﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﻜﻼم‪ ،‬وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻷﻋﻤ ﺎل‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎذا ﻻ ﻧ ﺴﻤﻲ اﷲ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء؟ أﺟ ﻞ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻮﺿﻮء ﻛﻐﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل‪ ،‬ﺛ ﻢ إن وﺟ ﺪوا‬ ‫ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻔﻘﮭﺎء أن ﯾﺘﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ُ‬
‫ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﺻﺤﯿﺤًﺎ أو ﺣﺴﻨًﺎ ذﻛﺮوه‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﯾﺠﺪوا ﻇﻠﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎب اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻛﺎﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻟﻜﻞ أﻣﺮ ذي ﺑﺎل ﺑﺪﯾﮭﯿﺔ ﻣﻦ ﺑﺪﯾﮭﯿﺎت اﻹﺳﻼم‪ .‬وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣ ﺎل ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻣﻨﺎﻗ ﺸﺔ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻮاردة ﻓﺈﻧﻲ أﻗﻮل ﺑﺈﯾﺠﺎز‪:‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﯾﻌﻘ ﻮب ﺑ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺔ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري )ﻻ ﯾُﻌ ﺮف ﻟ ﮫ ﺳ ﻤﺎع ﻣ ﻦ أﺑﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﻷﺑﯿ ﮫ ﻣ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة( ﻓﮭ ﻮ إذن ﻣﻨﻘﻄ ﻊ ﺑ ﻞ ﻣُ ْﻌ ﻀَﻞ‬

‫‪176‬‬
‫ﻓﯿﺘﺮك‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ رﺑ ﯿﺢ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري ﻋﻨ ﮫ )إﻧﱠ ﮫ ﻣﻨﻜ ﺮ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ( وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬إﻧ ﮫ ﻣﺠﮭ ﻮل ھ ﻮ وأﺑ ﻮه‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ )إِﺳ ﻨﺎده ﺣ ﺴﻦ(‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺣﻜ ﯿﻢ وھ ﻮ أﯾ ﻀﺎً ﻣﺘ ﺮوك وﻣﻨ ﺴﻮب إﻟ ﻰ اﻟﻮﺿ ﻊ ﻓﯿﺘ ﺮك اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿﮫ ﺣﺎرﺛﺔ ﻗﺎل اﻟﺒﺰﱠار )ﻟﯿﱢﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )ﺿ ﻌﯿﻒ( ﻓﯿﺘ ﺮك‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺢ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ( وھﻜﺬا ﻓﻘﺪ وﺟﺪﻧﺎ ﺣ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﺻ ﺎﻟﺤﯿﻦ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‬ ‫اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻨﮫ )ھﺬا أﺻ ﱡ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪ .‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ رأي‬ ‫ھﻨﺎ ھﻤﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬وھﻤﺎ ﯾﻔﯿ ﺪان أن اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء ُ‬
‫ﻣ ﻦ أوﺟ ﺐ اﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻷن ﺣ ﺪﯾﺜﮭﻢ اﻷول اﻟ ﺬي اﺳﺘ ﺸﮭﺪوا ﺑ ﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﺢ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘ ﺴﻤﯿﺔ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‬
‫وﻟﻐﯿﺮه ﺳﻨﺔ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﺳﺎر ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ اﻓﺘﺘﺎح ﻛﻞ أﻣﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ‪.‬‬

‫ﺣﺬﯾﻔ ﺔ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﻟﻤ ﺎ روى أوس ﺑ ﻦ ُ‬ ‫‪ 3‬ـ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪ :‬أي ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ ‪ -‬وھ ﻮ ُ‬
‫ﺳ ﺘَﻮْﻛﻒَ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬أي ﻏ ﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬ ‫اﻟﺜﻘﻔ ﻲ ﻗ ﺎل»رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ وا ْ‬
‫ﺣﻤْﺮان ﻣﻮﻟﻰ ﻋﺜﻤﺎن‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ »‪ ...‬ﻓﻐ ﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ‪ .« ...‬وﻟﻤ ﺎ‬ ‫وإﺳﻨﺎده ﺟﯿﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ روى ُ‬
‫روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻷﻧ ﺼﺎري وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ أﯾ ﻀ ًﺎ »‪ ...‬ﻓﺄﻛﻔ ﺄ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﻐ ﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً ‪ .«...‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ‬
‫ﺴﻠُﻮا‬ ‫ﻋﻠﻰ أن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻨ ﺪب وﻟ ﯿﺲ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬
‫ﻏ ِ‬
‫وﺟُ ْﻮ َھﻜُﻢ[ ﻓﺒﺪأ ﺑﻐﺴﻞ اﻟﻮﺟﻮه وﻟﻢ ﯾﻄﻠﺐ ﻏﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ‪ ،‬أي أن اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻟ ﻢ ﺗُ ﺪﺧﻞ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‬
‫ﺠﺰِيء ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب‪ .‬وﻗ ﺪ ذھ ﺐ إﻟ ﻰ ھ ﺬا اﻟ ﺮأي أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻋﻄﺎء وإﺳﺤﻖ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر واﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ‪.‬‬

‫أﻣّﺎ ﻣـﺎ درج ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأھﻞ اﻟﺴﻨﻦ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن اﻟﻨﺒ ﻲ ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎل »إذا‬
‫اﺳﺘﯿﻘﻆ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﮫ ‪ -‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ -‬ﻓ ﻼ ﯾﻐﻤ ﺲ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻐﺴﻠﮭﺎ ﺛﻼﺛﺎً ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﺪري أﯾﻦ ﺑﺎﺗﺖ ﯾﺪه« ‪ -‬إﻻ أن اﻟﺒﺨﺎري ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻌﺪد‪ -‬وﻣﺎ ﻧ ﺘﺞ ﻋ ﻦ ھ ﺬا‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﻷن‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﮭﻢ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻏﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ َﻣ ﻦ ذﻛﺮﻧ ﺎھﻢ إﻟ ﻰ أﻧ ﮫ ُ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻞ ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻮھﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﯾﺨﺮﺟﮫ ﻋﻦ اﻟﻮﺟ ﻮب إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺪب‪ .‬وذھ ﺐ أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة واﻟﺤ ﺴﻦ اﻟﺒ ﺼﺮي ﻓﯿﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ إﻟ ﻰ أﻧ ﮫ واﺟ ﺐ ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻷن‬
‫ﻲ ﻋ ﻦ ﻏﻤ ﺲ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪھﻢ ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻟﻮﺟﻮب واﻟﻨﮭﻲ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﯿ ﮫ ﻧﮭ ٌ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ أن ﯾﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وإذن ﻓﻐﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء واﺟﺐ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺎً ﺟﺎﻧﺒﻮا اﻟ ﺼﻮاب‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع أﺻ ﻼً‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﻲء ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈن اﺧﺘﻼﻓﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ھﻮ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﻠﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ھ ﻮ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع‬
‫ن أﻟﻔﺎظ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺮﯾﺤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﺄت اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻟ ﺬا‬ ‫اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﯾﺠ ﺐ اﺳ ﺘﺒﻌﺎد ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﻨﺎ واﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ‬
‫اﻟﻜﺎﻓﯿﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ »ﻓﻠْﯿﻐﺴﻞ ﯾﺪه ﻗﺒﻞ أن ﯾُﺪﺧﻠﮭﺎ ﻓ ﻲ وَﺿ ﻮﺋﮫ« واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ »ﻓ ﻼ ُﯾ ﺪﺧﻞ ﯾ ﺪه‬
‫ﻓﻲ وَﺿﻮﺋﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻐﺴﻠﮭﺎ« ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻐﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻘﻞ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ إﻟ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫ﻏ ﺴﻠﮭﻤﺎ ﯾﻜ ﻮن ﻗﺒ ﻞ اﻟﺒ ﺪء‬
‫ن ُ‬‫ﻓﮭﺬا اﻟﻠﻔﻆ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ ﺣ ﯿﻦ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‪ .‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻓﺈن ﻣﻦ أراد اﻟﻮﺿﻮء وﻏﻤ ﺲ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤﻌ ﺪ ﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ‬
‫ﻏﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﻔﻈﺔ )وﺿﻮء( ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺻ ﺎرﻓﺔ ﻟ ﮫ ﻋ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻻﺳ ﺘﯿﻘﺎظ إﻟ ﻰ‬
‫ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓﻐ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ أو اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻐﺴﻞ ﺷﻲء‪ ،‬وذاك ﺷﻲء آﺧﺮ‪.‬‬

‫وﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﯾﺪ اﻟﺨﻮض ﻓﻲ ﺧﻀ ﱢﻢ اﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻔﻘﮭ ﺎء واﺳ ﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺗﮭﻢ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ ﻣﺜ ﻞ أﻧ ﮫ‬

‫ﻋﺒﺎدة ﺗﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ ﻧﯿﺔ‪ ،‬أو أﻧﮫ ﺗﻨﻈﯿﻒ ﻣﻦ وھﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﯿﺔ‪ ،‬وھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ﻧ ﻮم اﻟﻠﯿ ﻞ‬

‫‪177‬‬
‫ﻓﺤﺴﺐ ﻓﯿﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أم ھﻮ ﻋﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﻮم؟ وھﻞ ﻣﻦ ﯾﻐﻤﺲ ﯾﺪه ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻗﺒ ﻞ اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾﻨﺠ ﺴﮫ أم‬
‫ﻻ؟ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻣﻤ ﺎ اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﻛﻠ ﮫ ﻻ ﯾﻠﺰﻣﻨ ﺎ‪ .‬وإذا ﻛ ﺎن ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻛﻠﻤ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﺈﻧﱠﺎ ﻧﻘﻮل إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻏﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻋﻨﺪ اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم أيﱢ ﻧ ﻮم‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق‬
‫ﺑ ﯿﻦ ﻧ ﻮم اﻟﻠﯿ ﻞ وﻧ ﻮم اﻟﻨﮭ ﺎر وإن ﻣ ﻦ ﯾﻐﻤ ﺲ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻻ ﯾ ﻨﺠﱢﺲ اﻟﻤ ﺎء وﻻ ﯾ ﺄﺛﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻠ ﺔ »ﻓ ﺈن‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻻ ﯾﺪري أﯾﻦ ﺑﺎﺗﺖ ﯾﺪه« ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﻮم‪ ،‬وھﻲ ﺗﻌﻠﯿﻞ ﺑ ﻮھﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ ﺗﻌﻠ ﯿﻼً ﺑﺘﺤﻘﱡ ﻖ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬واﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟ ﺸﻲء أﻧ ﮫ ﻃ ﺎھﺮ وﻻ ﯾﺤﻜ ﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ إﻻ ﺑ ﺎﻟﺘﺤﻘﻖ واﻟﯿﻘ ﯿﻦ ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﯿﻦ‬
‫ھﻨﺎ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ‪ :‬اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻟﻐﺔ‪ :‬ﺗﺤﺮﯾﻚ اﻟﻤﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻢ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻘ ﺎﻣﻮس‪ .‬وھ ﻮ ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ‬
‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺷﺮط ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻈﮭﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺧﻄﺄ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺠﻤﮭ ﻮر ﻣ ﻦ ﻋ ﺪم اﺷ ﺘﺮاط‬
‫إدارة اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻔﻢ‪ .‬ودﻟﯿﻞ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣُ ْﻤ ﺮان »‪ ...‬ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ ‪ «...‬وﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ اﻷﻧﺼﺎري »‪ ...‬ﻓﻤﻀﻤﺾ‪ «...‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠا‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ أﺣﻤ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ وأﺑ ﻮ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ وﻣﺠﺎھﺪ وأﺑﻮ ﺛﻮر واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻ ﺒَﺮة اﻟ ﺬي رواه أﺑ ـﻮ داود‬
‫ﺗﻤ ﺎم ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﻐ ﺴﻠﮫ ھ ﻮ أﻣ ﺮ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وإن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻟﻘ ﯿﻂ ﺑ ﻦ َ‬
‫ﻀﻤِﺾ« ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ‪،‬‬ ‫واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﺻ ﺤﺤﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ واﻟﻨ ﻮوي ﻓﯿ ﮫ »إذا ﺗﻮﺿ ﺄت ﻓ َﻤ ْ‬
‫واﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب‪ .‬وذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻷوزاﻋ ﻲ واﻟﻠﯿ ﺚ واﻟﺤ ﺴﻦ واﻟﺰھ ﺮي وﻋﻄ ﺎء إﻟ ﻰ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ‪ .‬وھﺆﻻء اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬‫أن اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ُ‬

‫‪ -1‬ﺣﺪﯾﺚ »ﻋﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻄﺮة« وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬إﻻ أن ﺗﻜ ﻮن اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ« وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ‬

‫ﺳُﻨﻦ اﻟﻔﻄﺮة ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق ﺳ ﻨﺔ« رواه اﻟ ﺪار‬

‫ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ آﯾﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ذﻛ ٌﺮ ﻟﻠﻤﻀﻤﻀﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ واﺟﺒﺔ ﻟﺬُﻛﺮت‪.‬‬

‫ي أن اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﺳﻨﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻓﺮﺿﺎً‪ ،‬وأن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي اﺳ ﺘﺪل ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا‬ ‫واﻟﺬي ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﯾُﺼﺮف إﻟﻰ اﻟﻨﺪب‪ ،‬ﻷﻧﮫ أﻣﺮٌ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤﺠﺰيء‪ .‬وﻧﺤﻦ ﻻ ُﻧ ﺴﱢﻠﻢ ﻟﮭ ﻢ ﺑ ﺄن اﻷﻣ ﺮ‬
‫ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬واﻷﺻﺢ أن ﯾﻘﺎل إن اﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﺠﺮد اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬واﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗﻌ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺮاد ﻣﻨ ﮫ‪،‬‬
‫وھﻨﺎ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ﺗﺼﺮﻓﮫ إﻟﻰ اﻟﻨﺪب‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ )إن اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻣﻦ ﺗﻤﺎم ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺑﻐﺴﻠﮫ ھﻮ أﻣ ٌﺮ ﺑﮭﺎ( ﻓ ﻼ ﻧ ﺴﻠﻢ ﻟﮭ ﻢ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ھﻮ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﻮﺟﮫ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻈﮭﺮ دون ﻣﺎ ﯾﺨﻔﻰ‪ ،‬ﻓﻮﺟﮫ اﻟﺸﻲء ﻇﺎھﺮه اﻷﻣﺎﻣﻲ وﻣﻨ ﮫ‬
‫اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ واﻟﻮاﺟﮭﺔ‪ .‬ﻓﺪاﺧﻞ اﻟﻔﻢ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬أرأﯾﺖ ﻟﻮ ﺣﺼﻞ ﺟﺮح ﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﻔ ﻢ أﯾ ﺼﺢ ﻟﻐ ﺔ‬
‫أن ﯾﻘﺎل إن اﻟﺠ ﺮح ﻓ ﻲ اﻟﻮﺟ ﮫ؟ أﯾ ﺼﺢ ﻟﻐ ﺔً أن ﯾﻘ ﺎل إن اﻷﺳ ﻨﺎن ﺗﻨﺒ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺟ ﮫ؟ إن اﻷﻣ ﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻮﺟﮫ ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﻮﺟﻨﺘﯿﻦ واﻟ ﺸﻔﺘﯿﻦ واﻟﺤ ﺎﺟﺒﯿﻦ واﻟﺠﺒﮭ ﺔ واﻟ ﺬﻗﻦ واﻷﻧ ﻒ اﻟﺨ ﺎرﺟﻲ وﻣ ﺎ‬
‫ﯾﻈﮭﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠ ﻰ ﻏ ﺴﻞ اﻷﺳ ﻨﺎن واﻟﻠ ﺴﺎن وﺗﺠ ﻮﯾﻔﻲ اﻷﻧ ﻒ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ‬
‫ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻟﻤ ﺎ أﻣ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺪﯾ ﺪ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬وﻻﻛﺘﻔ ﻰ ﺑ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﻐ ﺴﻞ‬
‫ﻼ ﻟﻢ ﯾُﺮو ﻋﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻧﮫ أﻣﺮ ﺑﻐﺴﻞ اﻟﺸﻔﺘﯿﻦ أو ﻏﺴﻞ اﻟﺤ ﺎﺟﺒﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺪل ﻛ ﻞ‬ ‫اﻟﻮﺟﮫ‪ .‬ﻓﻤﺜ ً‬
‫ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن داﺧﻞ اﻟﻔﻢ ﻟﮫ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ‪ ،‬وأﻧﮫ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﻘﻞ‪.‬‬

‫‪178‬‬
 ‫وأﯾﻀﺎً ﻓﺈن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻵﺗﻲ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن داﺧﻞ اﻟﻔﻢ وداﺧﻞ اﻷﻧﻒ ﻟﯿﺴﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺴﺔ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻗﻠﺖ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ أﺣﺪ ﯾﻘﺮب وﺿ ﻮءه ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺘﻤﻀﻤﺾ وﯾﺴﺘﻨﺸﻖ وﯾﻨﺘﺜﺮ إﻻ ﺧﺮﱠت ﺧﻄﺎﯾﺎه ﻣﻦ ﻓﻤﮫ وﺧﯿﺎﺷﯿﻤﮫ ﻣﻊ اﻟﻤﺎء ﺣﯿﻦ ﯾﻨﺘﺜﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ‬
‫وﺟﮭﮫ ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻻ ﺧﺮﺟﺖ ﺧﻄﺎﯾﺎ وﺟﮭﮫ ﻣﻦ أﻃ ﺮاف ﻟﺤﯿﺘ ﮫ ﻣ ﻊ اﻟﻤ ﺎء‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ ‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﺮﱠق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق وﺑﯿﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ودﻻﻟﺘﮫ واﺿ ﺤﺔ‪ .‬وأﯾ ﻀﺎً ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺼﻨَﺎﺑِﺤﻲ ﻋﻨ ﺪ اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ﻓ ﻀﻞ‬‫ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻟ ُ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻓﯿﮫ » إذا ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺘﻤﻀﻤﺾ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻦ ﻓﯿﮫ ﻓﺈذا اﺳﺘﻨﺜﺮ ﺧﺮﺟﺖ‬
‫اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻦ أﻧﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻦ وﺟﮭﮫ ‪ «...‬ودﻻﻟﺘﮫ واﺿﺤﺔ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﯾﻈﮭﺮ ﺧﻄﺄ اﻟﻘﻮل إن اﻷﻣﺮ ﺑﻐﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ ھﻮ أﻣﺮٌ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻀﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ أن أدﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺄن اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ھﻲ أﯾﻀﺎً ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺬاك وإن ﻛﺎن رأﯾﮭﻢ ﺻﺤﯿﺤﺎً‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ ،‬وذِﻛ ﺮُ اﻟﻤﻀﻤ ﻀ ِﺔ‬ ‫ُ‬
‫ﻓﯿﮫ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ھﻨﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ ﯾﺠ ﺐ‬
‫ﻓﺼﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻀﻤﻀﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻄ ﺮة ﻛﻨﺘ ﻒ اﻹﺑ ﻂ وﺣﻠ ﻖ اﻟﺤﺎﻧ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﮭﻲ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ‪ ،‬وﻣﺎ ﺟﺮت ﻋﻠﯿﮫ ﻋﺎدة اﻟﻤﺮﺳَﻠﯿﻦ واﻟﻨ ﺎس ﺳ ﺎﺑﻘًﺎ وﻻﺣﻘ ًﺎ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﺟِﺒِﱠﻠ ﺔ اﻟﺒ ﺸﺮ‪ ،‬وھ ﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣﻀﻤ ﻀﺔ وﺿ ﻮء وﻻ ﻣﻀﻤ ﻀﺔ ﻋﺒ ﺎدة‪ .‬وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫»اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﺳُﻨﱠﺔ« ﻓﻔﯿ ﮫ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﺿ ﻌﻔﮫ اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺠﺮ ‪ .‬ﻓﻠﯿﺲ ﯾﺒﻘﻰ ﻟﮭﻢ ﺳﻮى اﻵﯾﺔ ﻛﺪﻟﯿﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج واﻟﺪﻻﻟﺔ وھ ﻲ ﻛﺎﻓﯿ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ ﺳُ ﻨﱠﺔ‪،‬‬
‫واﻟﻮﺿﻮء دوﻧﮭﺎ ﻣُﺠﺰئ‪ ،‬وﻻ إﻋﺎدة ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻛﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻞ ذﻛﺮه ﺑﻐﺴﻠﮫ اﻟﻘﺎﺋﻢ إﻟﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﻛﻞ ﻣﺎ اﻧﺤﺪر ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺑ ﺖ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻄﺒﺮي )اﻟﻮﺟﮫ اﻟﺬي أﻣﺮ اﷲ ﺟ ﱠ‬
‫ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس إﻟﻰ ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﺬﻗﻦ ﻃﻮﻻً‪ ،‬وﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻷذﻧﯿﻦ ﻋﺮﺿ ًﺎ ﻣﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻇ ﺎھﺮ ﻟﻌ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺎﻇﺮ دون ﻣ ﺎ‬
‫ﻄ ﺎه ﺷ ﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ واﻟﻌﺎرﺿ ﯿﻦ واﻟ ﺸﺎرﺑﯿﻦ ﻓ ﺴﺘﺮه ﻋ ﻦ‬ ‫ﺑﻄ ﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻔ ﻢ واﻷﻧ ﻒ واﻟﻌ ﯿﻦ‪ ،‬ودون ﻣ ﺎ ﻏ ﱠ‬
‫أﺑ ﺼﺎر اﻟﻨ ﺎﻇﺮﯾﻦ ودون اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ذﻟ ﻚ أوﻟ ﻰ ﺑﺎﻟ ﺼﻮاب وإن ﻛ ﺎن ﻣ ﺎ ﺗﺤ ﺖ ﺷ ﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ‬
‫واﻟﺸﺎرﺑﯿﻦ ﻗﺪ ﻛﺎن وﺟﮭﺎً ﯾﺠﺐ ﻏﺴﻠﮫ ﻗﺒﻞ ﻧﺒﺎت اﻟ ﺸﻌﺮ اﻟ ﺴﺎﺗﺮ ﻋ ﻦ أﻋ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺎﻇﺮﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘ ﺎﺋﻢ إﻟ ﻰ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ(‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﺧ ُﺬ اﻟﻤﺎء ﻟﻠﻤﻀﻤﻀﺔ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻏﺮﻓ ﺔ واﺣ ﺪة وﺑﯿﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺛﻼﺛ ﺎً ﻣ ﻦ ﻏﺮﻓ ﺎت ﺛ ﻼث‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ذﻛ ﺮ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﻣ ﻦ ﻛ ﻒ‬
‫واﺣ ﺪة ﻓﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆ ﻟﻠ ﺸﯿﺨﯿﻦ »‪ ...‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻟ ﱠﺘ ﻮْر ﻓﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‬
‫واﺳﺘﻨﺜﺮ ﺑﺜﻼث ﻏﺮﻓﺎت ‪.«...‬‬

‫وﯾﺴﻦ اﻻﺑﺘﺪاء ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﺛﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﻗﺒﻞ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ‪ ،‬ﻷن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‬
‫وردت ﺑﮫ‪ .‬وأﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ورد ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺧ ﻼف ذﻟ ﻚ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺎ رواه اﻟﻤﻘ ﺪام ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪ ﯾﻜ ﺮب ﻗ ﺎل »أُﺗ ﻲ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻮﺿﻮء ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ذراﻋﯿﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻣﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺸﻖ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ وأذﻧﯿﮫ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ وأﺑﻮداود واﻟﻄﺤﺎوي‪ .‬وﻣﺎ رواه ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻋﻦ اﻟﺮﱡﺑ ﱢﯿﻊ ﺑﻨ ﺖ ﻣﻌ ﻮّذ ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺮاء‬
‫ﻲ إﻧ ﺎ ًء ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻓ ﻲ ھـ ـﺬا ﻛﻨ ﺖ أُﺧـ ـﺮج اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﯿﺒ ـﺪأ‬
‫ﻗ ﺎل »ﻓﺄﺗﯿﺘﮭ ﺎ ﻓﺄﺧﺮﺟ ﺖ إﻟ ﱠ‬
‫ﻓﯿﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺪﺧﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛﺎً ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﻐﺴﻞ وﺟﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﻀﻤﺾ وﯾﺴﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪،‬‬
‫ﻼ وﻣﺪﺑﺮًا‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ« رواه اﻟﺪراﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ﻓﮭﺬان اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن‬ ‫ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻤﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﻘﺒ ً‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻔﺎن ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﯿﺘﺮﻛ ﺎن وﯾُﻌ َﻤ ﻞ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻼ ﻋﻦ أن ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ اﻟ ﺬي رواه أﯾ ﻀﺎً أﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬ ‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ھﺬا ﻓﻀ ً‬
‫وأﺣﻤ ﺪ ﺟﻤﯿ ﻊ ﻃﺮﻗ ﮫ ﻣ ﺪارھﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ وﻓﯿ ﮫ ﻣﻘ ﺎل‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ھﻨﺎ‪ .‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺗﻘﻮل‪:‬‬

‫‪179‬‬
‫ث ﻣ ﺮات‪،‬‬‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ دﻋﺎ ﺑﻮﺿﻮء ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﺛ ﻼ َ‬
‫ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺜ ـﺮ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭـ ـﮫ ﺛ ﻼث ﻣـ ـﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ ﯾ ـﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ‪ ...‬وﻗ ﺎل ‪ -‬أي‬
‫ﻋﺜﻤﺎن ‪ -‬رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤﻮ وُﺿﻮﺋﻲ ھﺬا« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻷﻧﺼﺎري ﻗﺎل »ﻗﯿﻞ ﻟ ﮫ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻟﻨ ﺎ وُﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺪﻋﺎ ﺑﺈﻧ ﺎء ﻓﺄﻛﻔ ﺄ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻓﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﻣ ﻦ ﻛ ﻒﱟ واﺣ ﺪة ‪،‬‬
‫ﻓﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺛﻼﺛﺎً ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً ‪ ...‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ -‬أي ﻋﺒﺪ اﷲ ‪ -‬ھﻜ ﺬا ﻛ ﺎن‬
‫وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬أﺧ ﺬ ﻏَﺮﻓ ًﺔ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓﻤ ﻀﻤﺾ‬
‫ﺑﮭﺎ واﺳﺘﻨﺸﻖ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺠﻌﻞ ﺑﮭﺎ ھﻜﺬا‪ ،‬أﺿﺎﻓﮭﺎ إﻟﻰ ﯾﺪه اﻷﺧﺮى ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ‬
‫ﻏﺮﻓ ﺔً ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓﻐ ﺴﻞ ﺑﮭ ﺎ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺛﻢ أ ﺧﺬ ﻏَﺮﻓ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﺎ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧ ﺬ َ‬
‫ش ﻋﻠﻰ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺣﺘﻰ ﻏﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺧ ﺬ ﻏَﺮﻓ ًﺔ أﺧ ﺮى‬ ‫ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔً ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺮ ﱠ‬
‫ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﺎ رﺟﻠﮫ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﯿﺴﺮى ‪ -‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬ھﻜﺬا رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ إﺷﻜﺎل‪ ،‬إذ ورد ﻓﯿﮫ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ ﻣﺮﺗﯿﻦ ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ أﻧ ﮫ أﻋ ﺎد ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻣ ﺮة‬
‫ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﺑﻐَﺮﻓ ﺔ ﻣ ﺴﺘﻘﻠﺔ ﻷﻣﻜ ﻦ اﻟﻘ ﻮل إن اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق ھﻤ ﺎ ﻣ ﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﺎن ذﻟ ﻚ‬
‫داﻋﻤًﺎ ﻟﻠﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق ‪ ،‬ﻓﺈﻋ ﺎدة ذِﻛ ﺮ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻗ ﺪ ﻧﻔ ﺖ ھ ﺬا اﻻﺣﺘﻤ ﺎل‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ أﯾﱠﺔ ﺣﺎل ﻓﺈن اﻷﺷﺒﮫ أن ﯾُﺮوى اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻮﺿ ﻊ ﻟﻔﻈ ﺔ )ﻛﻔﱠﯿْ ﮫ( ﺑ ﺪل )وﺟﮭ ﮫ( ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮة اﻷوﻟ ﻰ‬
‫ﻓﯿﺰول اﻹﺷﻜﺎل ‪ ،‬وﯾﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ‪ .‬وﻓﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺿﺄ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﯿﱠ ﺔ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ ﻋﻠﯿ ﺎً ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﻐ ﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ ﺣﺘ ﻰ أﻧﻘﺎھﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ًﺎ‬
‫واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ وذراﻋﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫ﺖ أن أُرﯾَﻜ ﻢ ﻛﯿ ﻒ ﻛ ﺎن ﻃُﮭ ﻮر‬
‫اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﺛﻢ ﻗﺎم‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ ﻓﻀﻞ ﻃﮭﻮره ﻓﺸﺮﺑﮫ وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬أﺣﺒﺒ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ ﺷﮭﺎدة ﻋﺜﻤﺎن‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ ﺷ ﮭﺎدة ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻷﻧ ﺼﺎري‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺷ ﮭﺎدة‬
‫اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬واﻟﺮاﺑﻊ ﺣﻤ ﻞ ﺷ ﮭﺎدة ﻋﻠ ﻲ‪ ،‬وھ ﺆﻻء ﻛﺒ ﺎر اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﯾ ﺮوون وﯾ ﺸﮭﺪون أن اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ‬
‫واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ھﻤ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻓ ﻲ وﺿ ﻮء اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﻧﺘ ﺮك ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ وﺣﻮت ﺷﮭﺎدات أرﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﺤﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪،‬‬
‫وﺣﺪﯾﺚ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ اﻟﻀﻌﯿﻒ؟‪.‬‬

‫ﺴﻮﱡك ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ » r‬ﻟ ﻮﻻ أن‬ ‫‪ -5‬اﻟﺘﱠﺴﻮﱡك‪ :‬ﯾُﺴﻦ اﻟﺘﱠ َ‬
‫ﻖ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﻲ ﻷﻣﺮﺗﮭﻢ ﺑﺎﻟﺴﱢﻮاك ﻣ ﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء « رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ‬ ‫أﺷُ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﯾﻜﻔﻲ ﻓﯿﮫ إﻣﺮار اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻨﺎن ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﻧ ﺲ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺗُ ْ‬
‫ﺠ ﺰِيء‬ ‫ِ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﻮاك اﻷﺻﺎﺑﻊ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻋ ﺪة ﻃ ﺮق‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )ﻻ‬
‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫أرى ﺑﺴﻨﺪه ﺑﺄﺳًﺎ( وﻟﻤﺎ روى أﺣﻤﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻄﺮ ﯾﺬﻛﺮ وﺿﻮء ﻋﻠ ﱟ‬
‫»‪ ...‬وﺗﻤﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻓﺄدﺧﻞ ﺑﻌﺾ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓ ﻲ ﻓﯿ ﮫ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ...‬ﻓﻘ ﺎل ‪ ...‬ﻛ ﺬا ﻛ ﺎن وﺿ ﻮء‬
‫ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ «r‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠا ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ -6‬اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق واﻻﺳﺘﻨﺜﺎر‪ :‬اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق إدﺧﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻷﻧﻒ‪ ،‬واﻻﺳﺘﻨﺜﺎر إﺧ ﺮاج اﻟﻤ ﺎء ﻣﻨ ﮫ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﯾﻄﻠﻖ اﻻﺳﺘﻨﺜﺎر ﻓﯿﻌﻢ اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق أﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻻﺳﺘﻨﺜﺎر إدﺧﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻷﻧﻒ وإﺧﺮاﺟﮫ ﻣﻨ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻻﺳﺘﻨﺜﺎر أﻋﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق‪ ،‬وﻗﺪ وردت اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﻜﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ .‬واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻨﺜﺎر ھﻲ اﻷدﻟ ﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ أوردﻧﺎھﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ‪ ،‬وأﯾﻀًﺎ‪:‬‬

‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أ ﱠﻧ ﮫ دﻋ ﺎ ﺑﻮَﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﺘﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‪ ،‬وﻧﺜ ﺮ ﺑﯿ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى‬ ‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﻓﻔﻌﻞ ھﺬا ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ھﺬا ﻃُﮭﻮر ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورﺟﺎﻟﮫ ﺛﻘﺎت‪.‬‬
‫ب‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﯾﺒﻠ ﻎ ﺑ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »‪ ...‬وإذا ﺗﻮﺿ ﺄ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﺠﻌ ﻞ ﻓ ﻲ أﻧﻔ ﮫ ﻣ ﺎء ﺛ ﻢ‬
‫ﻟِﯿﻨﺘﺜﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﺳ ﺘﻨﺜﺮوا ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﺑ ﺎﻟﻐﺘﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ« رواه أﺑ ﻮ‬

‫داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ ‪ ،‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ ﻗ ﺪ ﻣ ﻀﺖ ﻓ ﻲ اﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق ﺑ ﺎﻟﯿﻤﯿﻦ‬‫وﻣ ﻊ اﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﺑ ﯿﻦ اﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق واﻻﺳ ﺘﻨﺜﺎر ﻧﻘ ﻮل‪ :‬إن اﻟ ﱡ‬
‫ﻲ اﻷول وﻓﯿ ﮫ »ﻓﺘﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ وﻧﺜ ﺮ ﺑﯿ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى« وھ ﺬا‬ ‫واﻻﺳﺘﻨﺜﺎر ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل‪ ،‬ﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق اﻹﺑ ﻼغ ﻓﯿ ﮫ إﻻ‬
‫اﻟﻠﻔﻆ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺗﻤﻀﻤﺾ ﺑﯿﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ وﻧﺜﺮ ﺑﯿﺪه اﻟﯿﺴﺮى‪ .‬واﻟ ﱡ‬
‫ﻦ ﻟﮫ ﻋﺪم اﻹﺑﻼغ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ﻟﻘﯿﻂ اﺑﻦ ﺻﺒﺮة أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‬ ‫ﺴﱡ‬
‫أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺘﻮﺿﻲء ﺻﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﻓ ُﯿ َ‬
‫»‪ ...‬وﺑﺎِﻟ ْﻎ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻨﺸﺎق إﻻ أن ﺗﻜﻮن ﺻﺎﺋﻤﺎً « رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ‪ ،‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ :‬ھ ﻮ اﻟﻔ ﺮض اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﻦ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﻌ ﺪ اﻟﻨﯿ ﺔ‪ .‬دﻟﯿﻠ ﮫ اﻵﯾ ﺔ ]ﻓﺎﻏْ ﺴِﻠُﻮا‬
‫وﺟﻮھَﻜﻢ[ واﻟﻮﺟﮫ اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻏ ﺴﻠﮫ ھ ﻮ ﻣ ﺎ اﻧﺤ ﺪر ﻣ ﻦ ﻣﻨﺎﺑ ﺖ ﺷ ﻌﺮ اﻟ ﺮأس إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ اﻧﺘﮭ ﻰ ﻓ ﻲ أﺳ ﻔﻞ‬
‫ﻻ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻷذﻧ ﯿﻦ ﻋﺮﺿ ًﺎ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻈﮭ ﺮ دون ﻣ ﺎ ﯾﺨﻔ ﻰ‪ ،‬ﻓﯿﺨ ﺮج ﻣ ﺎ ﻏﻄ ﺎه ﺷ ﻌ ُﺮ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ‬ ‫اﻟ ﺬﻗﻦ ﻃ ﻮ ً‬
‫واﻟﺸﺎرﺑﺎن اﻟﻜﺜﯿﻔﺎن وﺑﺎﻃﻦ اﻟﻔﻢ واﻷﻧﻒ‪ ،‬وﻻ اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻸﺻﻠﻊ أو اﻷﻗﺮع أو اﻷﻓﺮع‪ .‬ﻓﺎﻷﺻﻠﻊ ‪ -‬وھ ﻮ‬
‫ﻣﻦ اﻧﺤﺴﺮ ﺷﻌﺮ رأﺳﮫ ﻋﻦ ﻣُﻘﺪﱠم رأﺳﮫ ‪ ،-‬واﻷﻗﺮع ‪ -‬وھ ﻮ ﻣ ﻦ ﺳ ﻘﻂ ﺷ ﻌﺮ رأﺳ ﮫ ﻵﻓ ٍﺔ وﻣ ﺮض ‪-‬‬
‫واﻷﻓﺮع ‪ -‬وھﻮ ﻣﻦ ﻧﺰل ﺷﻌﺮ رأﺳﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﯿﻨﮫ ‪ ،-‬ﻛ ﻞﱡ ھ ﺆﻻء ﯾﻐ ﺴﻠﻮن اﻟﻮﺟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻏﺎﻟ ﺐ اﻟﻨ ﺎس‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﺻﻠﻊ واﻷﻗﺮع ﯾﻐﺴﻼن ﻣﻦ ﻣﻨﺒﺖ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻮﻃﮫ أو اﻧﺤ ﺴﺎره‪ ،‬واﻷﻓ ﺮع ﯾﻐ ﺴﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ‬
‫ب واﻹﺟ ﺰاءُ‪ ،‬إﻻ أنﱠ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺸﻌﺮ اﻟﻤﺠ ﺎور‬ ‫اﻟﻨﺎﺑ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﺒﮭ ﺔ‪ .‬ھ ﺬا ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﻮﺟ ﻮ ُ‬
‫ﻟﻠﺠﺒﮭ ﺔ ﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻟﻤ ﺎر اﻟ ﺬي رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻏﺮﱠﺗ ﮫ‬‫ﻄﻞ ُ‬ ‫ﺤﺠﱠﻠ ﻮن ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ ﻣ ﻦ إﺳ ﺒﺎغ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ اﺳ ﺘﻄﺎع ﻣ ﻨﻜﻢ ﻓ ْﻠ ُﯿ ِ‬ ‫»‪ ...‬أﻧ ﺘﻢ اﻟ ُﻐ ﱡﺮ اﻟ ُﻤ َ‬
‫وﺗﺤﺠﯿﻠﮫ« واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟ ُﻐﺮﱠة ھﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس اﻟﻤﺠﺎور ﻟﻠﺠﺒﮭﺔ‪ ،‬وأن إﻃﺎﻟﺔ اﻟ ُﻐﺮﱠة ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء إﻧﻤ ﺎ‬
‫ﺗﻜﻮن ﺑﻐﺴﻞ ﺷﻲء ﻣﻦ ُﻣﻘَﺪﱠم اﻟﺮأس أو ﻣﺎ ﯾﺠﺎوز اﻟﻮﺟﮫ زاﺋﺪاً ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰء اﻟ ﺬي ﯾﺠ ﺐ ﻏ ﺴﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻜ ﻮن‬
‫ﻏﺴﻞ ﺷﻲء ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ ﻣﻦ أﻋﻼه ﯾﺰﯾﺪ ﻓﻲ ﻃﻮل اﻟﻐﺮﱠة ﻓﮭﻮ داﺧ ﻞ ﺗﺤ ﺖ ﻃﻠ ﺐ اﻟﺮﺳ ﻮل ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻏﺮﱠﺗﮫ« وﺣﯿﺚ أن اﻟﻄﻠ ﺐ ھ ﻮ ﻓﯿﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺧ ﺎرج ﻋ ﻦ ﻣﺤ ﻞ اﻟﻔ ﺮض ﻓﮭ ﻮ‬ ‫اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ »ﻓ ْﻠ ُﯿﻄِﻞ ُ‬
‫دال ﻋﻠﻰ أن زﯾﺎدة اﻟﻐﺴﻞ وإﻃﺎﻟﺔ اﻟ ُﻐﺮﱠة ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ ﺗﻌﺎھ ُﺪ اﻟﻤﺄْﻗﯿﻦ ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ أﻧﱠ ﮫ وﺻ ﻒ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻣﻤ ﺎ‬

‫وﻣﻦ اﻟ ُ‬
‫ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ »‪ ...‬وﻛﺎن ﯾﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺄْﻗﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﯿﻦ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وذﻛ ﺮ اﻟﺤ ﺎﻓﻆ‬
‫اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﻟ ﻢ ﯾﺮﻣ ﮫ ﺑ ﻀﻌﻒ وﻻ ﻋﻠﱠ ﺔ‪ ،‬ورواه أﯾ ﻀﺎً اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻌﺠ ﻢ‬
‫اﻟﻜﺒﯿﺮ وإﺳﻨﺎده ﺣﺴﻦ‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪ .‬واﻟﻤﺄﻗﺎن ‪ -‬ﻣﺜﻨﻰ ُﻣ ﺆق اﻟﻌ ﯿﻦ ‪ -‬ھ ﻮ ﻣﺠ ﺮى اﻟ ﺪﻣﻊ ﻣﻨﮭ ﺎ أو‬
‫ﻣُﻘﺪﱠﻣﮭﺎ أو ﻣُﺆﺧﱠﺮھﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﮫ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺎﻣﻮس ‪ ،‬واﻟﺠﻤﻊ آﻣﺎق‪ .‬وﻗﺎل اﻷزھﺮي ‪ :‬أﺟﻤﻊ أھ ﻞ اﻟﻠﻐ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫أن اﻟ ُﻤ ﺆق واﻟﻤ ﺄق ﻣ ﺆﺧﺮ اﻟﻌ ﯿﻦ اﻟ ﺬي ﯾﻠ ﻲ اﻷﻧ ﻒ‪ .‬ﻓﯿُﻨ ﺪب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻨﻈ ﻒ أﻃ ﺮاف ﻋﯿﻨﯿ ﮫ ﺣ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ .‬وﻻ ﯾﺠﺐ وﻻ ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺪب ﻣﺴﺢ أو ﻏﺴﻞ اﻷذﻧ ﯿﻦ ﻣ ﻊ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟﻤ ﻦ ﻗ ﺎل ذﻟ ﻚ ‪،‬‬

‫‪181‬‬
‫وﺣﺠﺔ ھﺆﻻء اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أن ﻋﻠﯿﺎً رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﯾﺎ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس أﻻ أﺗﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻟﻚ وﺿﻮءَ رﺳﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﻠﻰ ﻓﺪاك أﺑﻲ وأﻣﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻮﺿﻊ ﻟﮫ إﻧﺎء ﻓﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﺛﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ‬
‫ﻚ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ‪ ،‬وأَ ْﻟ َﻘ َﻢ إﺑﮭﺎﻣﯿ ﮫ ﻣ ﺎ أﻗﺒ ﻞ ﻣ ﻦ أذﻧﯿ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺛ ﻢ‬‫واﺳﺘﻨﺸﻖ واﺳﺘﻨﺜﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﯿﺪﯾﮫ ﻓﺼ ﱠ‬
‫ﻋﺎد ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻛﻔﺎً ﻣﻦ ﻣﺎء ﺑﯿﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﺄﻓﺮﻏﮭﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻧﺎﺻ ﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أرﺳ ﻠﮭﺎ ﺗ ﺴﯿﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪه اﻷﺧ ﺮى ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ‬
‫ﻚ ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ وﻓﯿﮭﻤﺎ اﻟﻨﻌﻞ ﺛﻢ ﻗﻠﺒﮭ ﺎ ﺑﮭ ﺎ‪،‬‬ ‫وأذﻧﯿﮫ ﻣﻦ ﻇﮭﻮرھﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﻜﻔﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻓﺼ ﱠ‬
‫ﺛ ﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻷﺧ ﺮى ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬وﻓ ﻲ اﻟﻨﻌﻠ ﯿﻦ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬وﻓ ﻲ اﻟﻨﻌﻠ ﯿﻦ‪ .‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻨﻌﻠﯿﻦ؟ ﻗﺎل‪ :‬وﻓﻲ اﻟﻨﻌﻠﯿﻦ ﻗﻠﺖ‪ :‬وﻓﻲ اﻟﻨﻌﻠ ﯿﻦ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬وﻓ ﻲ اﻟﻨﻌﻠ ﯿﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣﺨﺘﺼﺮًا‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟﻤﻨ ﺬري‪ :‬ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻘ ﺎل‪ .‬وﻗ ﺎل‬ ‫ﺑﻤﻌﻨﺎه ‪ ،‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ﺳ ﺄﻟﺖ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺒﺨ ﺎري ‪ -‬ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻀﻌﱠﻔﮫ وﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ أدري ﻣ ﺎ ھ ﺬا(‬
‫ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬ﺛ ﻢ إن ﻣ ﺘﻦ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﺨ ﺎﻟﻒ ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻮن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺬﻛﺮ أن ﻋﻠﯿ ًﺎ ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛًﺎ ﺛﻢ زاد ﺑﺄن أﺧﺬ ﻛﻔ ًﺎ ﺑﯿ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻓﺄﻓﺮﻏﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أرﺳﻠﮭﺎ ﺗﺴﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ‪ -‬وھﺬه ﻏﺴﻠﺔ راﺑﻌﺔ ‪ -‬ﻓﮭﺬا ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ‪ ،‬وﯾﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ روى ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻗ ﺎل‬
‫»ﺟ ﺎء أﻋﺮاﺑ ﻲ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺄﻟﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﺄراه اﻟﻮﺿ ﻮء ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ھﻜ ﺬا‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻤﻦ زاد ﻋﻠﻰ ھ ﺬا ﻓﻘ ﺪ أﺳ ﺎء وﺗﻌ ﺪﱠى وﻇﻠ ﻢ« رواه اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ ،‬وﺻﺤﺤﮫ ھﻮ واﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‪ .‬وﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻨﻌ ﻞ ﻓﮭ ﺬا ﺷ ﺎذ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬ ‫اﺑﻦ ُ‬
‫ﺣﺠﺮ )إن رواﯾﺔ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﻞ ﺷ ﺎذة ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ھ ﺸﺎم ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ وﻻ ﯾﺤ ﺘﺞ ﺑﻤ ﺎ ﺗﻔ ﺮد ﺑ ﮫ‪،‬‬
‫وأﺑﻮ داود ﻟﻢ ﯾﺮوھﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ رواھﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﻖ ﻋﻨﻌﻨ ًﺔ وﻓﯿﮫ ﻣﻘﺎل ﻣ ﺸﮭﻮر‬
‫إذا ﻋﻨﻌﻦ( ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪ .‬وﻋﻠﯿﮫ ﻓﻼ ﯾﺼﺢ اﻟﻘﻮل ﺑﻐﺴﻞ اﻷذﻧﯿﻦ ﻣﻊ اﻟﻮﺟﮫ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ اﻟﻠﺤﯿ ُﺔ وأﺣﻜﺎﻣُﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ :‬اﻟﻠﺤﯿﺔ إﻣﱠﺎ ﻛﺜﯿﻔﺔ ﺗﺴﺘﺮ اﻟﺒ ﺸﺮة وإﻣ ﺎ ﺧﻔﯿﻔ ﺔ ﺗَﻈْﮭَ ﺮ اﻟﺒ ﺸﺮ ُة‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ‪ ،‬وھﻲ إﻣﺎ ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻗﻦ وإﻣﺎ ﻗﺼﯿﺮة ﺗﻈﻞ ﺿﻤﻦ ﺣﺪود اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬وﻟﮭﺬه اﻟﺤﺎﻻت‬
‫اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪1‬ـ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻛﺜﯿﻔﺔ ﺗﺴﺘﺮ اﻟﺒﺸﺮة ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻐﺴﻞ وﻻ ﯾﻐﺴﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻷن ﻛﺜﺎﻓﺔ اﻟ ﺸﱠﻌﺮ ﺗﻘ ﻮم‬
‫ﻣﻘﺎم اﻟﺠﺰء اﻟﻤﺴﺘﻮر ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﻓﺘﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮫ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ رواه اﺑـﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺒﺨﺎري ‪ -‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ ‪ -‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء‬
‫ﻓﺠﻌﻞ ﺑﮭﺎ ھﻜﺬا‪ ،‬أﺿﺎﻓﮭﺎ إﻟﻰ ﯾﺪه اﻷﺧﺮى ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ‪ . «...‬ووﺟ ﮫ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن‬
‫اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم وﻛﺎﻧ ﺖ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ َﻛﱠﺜ ًﺔ ‪ -‬ﻗ ﺎل اﻟﻘﺎﺿ ﻲ ﻋﯿ ﺎض‪ :‬ورد ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﺄﺳﺎﻧﯿﺪ ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ .‬ورُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳ ﻤﺮة وﺻ ﻔُﮫ ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل »‪...‬‬
‫وﻛﺎن ﻛﺜﯿ ﺮ ﺷ ﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟ ﯿﺲ ﺑﺎﻟﻄﻮﯾ ﻞ وﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺼﯿﺮ ﺿﺨﻢ اﻟﺮأس واﻟﻠﺤﯿﺔ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻛﺜﯿ ٌﺮ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ـ ﻗ ﺪ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ وﻣ ﻦ ﺛ ﻢ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ‬
‫اﻟﻌﻈﯿﻤ ﺔ اﻟﻜﺜ ﺔ ﺑﻐَﺮﻓ ﺔ ﯾ ﺪ واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﺠﻌﻠﻨ ﺎ ﻻ ﻧﺘ ﺼﻮر أن ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ اﺳ ﺘﻮﻋﺐ ﺑﮭ ﺎ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‬
‫وﻇﺎھﺮ اﻟﻠﺤﯿﺔ وﺑﺎﻃﻨﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻠﻮﺟﮫ وﻇﺎھﺮ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ واﻷوزاﻋﻲ واﻟﺜﻮري واﻟﻠﯿ ﺚ‪ .‬وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻋﻄ ﺎء وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ‬
‫وأﺑﻮ ﺛﻮر وإﺳﺤﻖ وأھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ‪ .‬وﺣﺠﺔ ھ ﺆﻻء ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻣ ﻦ ﺗﺨﻠﯿ ﻞ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣﺜ ﻞ‪:‬‬
‫ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺨﻠﻞ ﻟﺤﯿﺘﮫ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ( وﺣﺴﻨﮫ اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻣﺜــﻞ ‪ :‬ﻋﻦ أﻧﺲ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛــﺎن إذا ﺗﻮﺿ ﺄ أﺧ ﺬ ﻛﻔ ﺎً ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء‬
‫ﻓﺄدﺧﻠﮫ ﺗﺤﺖ ﺣﻨﻜﮫ ﻓﺨﻠﻞ ﺑﮫ ﻟﺤﯿﺘﮫ وﻗﺎل‪ :‬ھﻜﺬا أﻣﺮﻧﻲ رﺑﻲ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ ھ ﺆﻻء‬
‫أن ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾﻔﯿﺪان وﺟﻮب ﺗﺨﻠﯿﻞ اﻟﻠﺤﯿﺔ‪ ،‬وھﺬا ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮ ﺑ ﮫ‬
‫ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺣﯿﻦ أﻣﺮ ﺑﻮاﺟﺒﺎت اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻢ ﺗﺬﻛﺮه‪،‬‬

‫‪182‬‬
 ‫وﻟﻮ ﻛﺎن واﺟﺒًﺎ ﻟﺬُﻛﺮ ھﻨﺎ وھﻨﺎك ‪ ،‬وﻏﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ أﻧﮭﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪان اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻟﺘﺨﻠﯿﻞ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )واﻹﻧ ﺼﺎف أن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺒ ﺎب ـ أي أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘﺨﻠﯿ ﻞ ‪ -‬ﺑﻌ ﺪ ﺗ ﺴﻠﯿﻢ اﻧﺘﮭﺎﺿ ﮭﺎ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج وﺻﻼﺣﯿﺘﮭﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻻ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮب ﻷﻧﮭﺎ أﻓﻌﺎل‪ ،‬وﻣ ﺎ ورد ﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ اﻟﺮواﯾ ﺎت‬
‫ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ‪» r‬ھﻜﺬا أﻣﺮﻧ ﻲ رﺑ ﻲ« ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻋﻠ ﻰ اﻷﻣ ﺔ ﻟﻈﮭ ﻮره ﻓ ﻲ اﻻﺧﺘ ﺼﺎص ﺑ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﯾﺘﺨﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼف اﻟﻤﺸﮭﻮر ﻓﻲ اﻷﺻﻮل‪ ،‬ھ ﻞ ﯾﻌ ﻢ اﻷﻣ ﺔ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻇ ﺎھﺮ اﻻﺧﺘ ﺼﺎص ﺑ ﮫ أم ﻻ؟‬
‫واﻟﻔ ﺮاﺋﺾ ﻻ ﺗﺜﺒ ﺖ إﻻ ﺑﯿﻘ ﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺤﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻔﺮﺿ ﮫ اﷲ ﺑﺎﻟﻔﺮﺿ ﯿﺔ ﻛ ﺎﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻓﺮﺿ ﮫ‬
‫ﺑﻌﺪﻣﮭﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻷن ﻛﻞ واﺣ ﺪ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺘﱠﻘ ﻮﱡل ﻋﻠ ﻰ اﷲ ﺑﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﺷ ﻚ أن اﻟﻐَﺮﻓ ﺔ‬
‫ﺚ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻟﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ وﺗﺨﻠﯿ ﻞ ﻟﺤﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ودﻓ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﺎﻟﻮﺟ ﺪان‬ ‫اﻟﻮاﺣ ﺪة ﻻ ﺗﻜﻔ ﻲ ﻛ ﱠ‬
‫ﻣﻜ ﺎﺑﺮة ﻣﻨ ﮫ‪ .‬ﻧﻌ ﻢ اﻻﺣﺘﯿ ﺎط واﻷﺧ ﺬ ﺑ ﺎﻷوﺛﻖ ﻻ ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ أوﻟﻮﯾﺘ ﮫ ‪ ،‬ﻟﻜ ﻦ ﺑ ﺪون ﻣﺠ ﺎرا ٍة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻜ ﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب(‪.‬‬

‫وأُﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟ ﻰ أن ﻗﻮﻟ ﮫ )واﻟﻔ ﺮاﺋﺾ ﻻ ﺗﺜﺒ ﺖ إﻻ ﺑﯿﻘ ﯿﻦ( ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﯾﻘ ﯿﻦ ﺛﺒ ﻮت اﻟ ﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻘ ﯿﻦ دﻻﻟ ﺔ اﻟ ﻨﺺ‪ .‬وﻣﻤ ﻦ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ أﻧﮭ ﻢ ﻟ ﻢ ﯾﻜﻮﻧ ﻮا ﯾﺨﻠﻠ ﻮن ﻟﺤ ﺎھﻢ إﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ واﻟﺤ ﺴﻦ‬
‫اﻟﺒﺼﺮي وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ وأﺑﻮ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻘﺎﺳﻢ واﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ‪ .‬وأﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻣﻦ أن اﺑﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤﺮ وأﻧﺴﺎً وﻋﻠﯿﺎً وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وأﺑ ﺎ ﻗُﻼﺑ ﺔ واﻟ ﻀﺤﺎك واﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺨﻠﻠ ﻮن‬
‫ﻟﺤﺎھﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬وھﺬا ﻣﺸﮭﻮر ﻋﻦ ھ ﺆﻻء وأﻣﺜ ﺎﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓ ﻀﻼ ﻋ ﻦ أن‬
‫أﻓﻌﺎﻟﮭﻢ ﻟﯿﺴﺖ أدﻟﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬أﻣ ﺎ إن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﺧﻔﯿﻔ ﺔ ﺑﺤﯿ ﺚ ﺗَﻈﮭ ﺮ اﻟﺒ ﺸﺮةُ ﻣ ﻦ ﺧﻼﻟﮭ ﺎ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﺗُﻐ ﺴﻞ‬
‫وﯾُﻐﺴﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮة‪ ،‬ﻷن اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﻣﻘﺎم اﻟﺒﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻗﻦ ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﺎ ﺣﺎذى اﻟﻮﺟﮫ دون ﻣﺎ‬
‫زاد وﻧﺎف‪ ،‬وھﺬا رأي أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ زاد ﻋﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ‬
‫اﻟﻠﺤﯿﺔ ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﺗُﻐ ﺴﻞ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺗﻘ ﻮم ﻣﻘ ﺎم اﻟﺠ ﺰء اﻟﻤ ﺴﺘﻮر ﺑﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺟ ﮫ‪،‬‬
‫وﺣﯿﺚ أن ﻣﺎ زاد ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺮ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻨﮫ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻏﺴﻠﮫ ﯾﺼﺒﺢ ﻏﯿﺮ واﺟ ﺐ وﻏﯿ ﺮ ﻣﻄﻠ ﻮب‬
‫وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ﻏﺴﻞ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻟﺬاﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫‪ -4‬وﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﻠﺤﯿﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﯿﺮة ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﮫ‪.‬‬

‫ض ﻣ ﻦ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وأدﻟﺘ ﮫ ﻛﺜﯿ ﺮة ﻛﺜ ﺮ َة‬ ‫‪ -8‬ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ :‬ھ ﺬا ﺛﺎﻟ ﺚ ﻓ ﺮ ٍ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت ﺻ ﻔﺔ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ اﻟﻌﺪﯾ ﺪ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔً إﻟ ﻰ أن آﯾ ﺔ اﻟﻮﺿ ﻮء ذﻛﺮﺗ ﮫ‬
‫ﻖ[ واﻟﻤﺮﻓﻖ ﻓﯿﮫ وﺟﮭﺎن‪ :‬ﻛﺴﺮ اﻟﻤﯿﻢ وﻓﺘﺢ اﻟﻔﺎء وﻓ ﺘﺢ اﻟﻤ ﯿﻢ وﻛ ﺴﺮ اﻟﻔ ﺎء‪ .‬وﻗ ﺪ‬ ‫]وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣﻜ ﻢ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ُز َﻓ ﺮ واﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ اﻟﻄﺒ ﺮي وداود إﻟ ﻰ أن ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﻏﯿﺮ واﺟﺐ ﻋﻨﺪ ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ .‬وذھ ﺐ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻟﻌﻠﻤ ﺎء إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ .‬ﻗ ﺎل‬
‫ﻖ[ ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺮﻓﻘﺎن ﻏﺎﯾ ٌﺔ ﻟﻤ ﺎ‬ ‫زُﻓَﺮ ‪ :‬إﻧﻤﺎ أوﺟﺐ اﷲ ﺑﻘﻮﻟﮫ ]وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫أوﺟﺐ اﷲ ﻏﺴﻠﮫ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﯿﺪ‪ ،‬واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻏﯿﺮ داﺧﻠﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻏﯿ ﺮ داﺧ ﻞ ﻓﯿﻤ ﺎ أوﺟ ﺐ اﷲ‬
‫ﺼﯿَﺎ َم إﻟﻰ اﻟﻠﯿ ﻞِ[ ﻷن اﻟﻠﯿ ﻞ ﻏﺎﯾ ﺔٌ ﻟ ﺼﻮم اﻟ ﺼﺎﺋﻢ إذا‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻣﻦ اﻟﺼﻮم ﺑﻘﻮﻟﮫ ] ُﺛﻢﱠ َأ ِﺗﻤﱡﻮا اﻟ ﱢ‬
‫ﻏﺴِﻠُﻮا وﺟ ﻮ َھ ُﻜ ْﻢ وَأﯾْ ِﺪ َﯾ ُﻜ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ﻖِ[ ﻏﺎﯾ ﺔ‬
‫ﺑﻠﻐﮫ ﻓﻘﺪ ﻗﻀﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ]ﻓﺎ ْ‬
‫ﻟﻤﺎ أوﺟﺐ اﷲ ﻏﺴﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﯿﺪ‪ .‬اﻧﺘﮭﻰ ﻗﻮﻟﮫ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﻄﺒﺮي )ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻤﺮﻓﻘﺎن وﻣﺎ وراءھﻤﺎ ﻓﺈن ﻏﺴﻞ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺪب اﻟ ﺬي ﻧ ﺪب إﻟﯿ ﮫ ‪ r‬أﻣﺘ ﮫ‬
‫ﻏ ﱠﺮﺗَﮫ ﻓﻠْﯿﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻔﺴﺪ‬ ‫ﺑﻘﻮﻟﮫ أﻣﺘﻲ اﻟ ُﻐ ﱡﺮ اﻟﻤُﺤﺠﱠﻠﻮن ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻮﺿﻮء ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻨﻜﻢ أن ﯾُﻄﯿﻞ ُ‬
‫ت‬
‫ﺻ ﻼة ﺗ ﺎرك ﻏ ﺴﻠﮭﻤﺎ وﻏ ﺴﻞ ﻣ ﺎ وراءھﻤ ﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺪ ﺑﯿﻨ ﺎ ﻓﯿﻤ ﺎ ﻣ ﻀﻰ ﻣ ﻦ أن ﻛ ﻞ ﻏﺎﯾ ﺔ ﺣُ ﱠﺪ ْ‬
‫ﺑـ ]إﻟﻰ[ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻌﺮب دﺧﻮل اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪ وﺧﺮوﺟﮭﺎ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وإذا اﺣﺘﻤ ﻞ اﻟﻜ ﻼم ذﻟ ﻚ‬
‫ﻟﻢ ﯾﺠﺰ ﻷﺣﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﺄﻧﮭﺎ داﺧﻠﺔ ﻓﯿﮫ إﻻ ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾﺠـﻮﱢز ﺧﻼﻓﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﱠﻦ وﺣﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ﺣﻜﻢ ﺑﺄن اﻟﻤﺮاﻓﻖ‬
‫داﺧﻠﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻏﺴﻠﮫ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻤﻦ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﺑﺤﻜﻤﮫ( ‪ .‬ﻓ ُﺰﻓَﺮ واﻟﻄﺒ ﺮي ﻗ ﺎﻻ ﺑﻌ ﺪم وﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬وﺷﺎرﻛﮭﻤﺎ داود اﻟﺮأيَ‪ ،‬واﻟﺤﺠﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ُزﻓَﺮ ﻏﯿﺮھﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺒﺮي‪ ،‬ﻓ ُﺰﻓَﺮ أﺧﺬ ﺣﺮف‬
‫]إﻟﻰ[ ﻋﻠﻰ أن ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪه ﻏﯿ ﺮ داﺧ ﻞ ﻓﯿﻤ ﺎ ﻗﺒﻠ ﮫ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻋ ﺪم دﺧ ﻮل اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ُﻤ َﻐﱠﯿ ﻰ‪ ،‬أي أن اﻵﯾ ﺔ‬
‫ﻖ[ أﺧﺮﺟﺖ اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺐ ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺮاﻓ ﻖ ﻏﺎﯾ ﺔ وھ ﻲ‬ ‫اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ]وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ ﻋﻨﺪه اﻏﺴﻠﻮا أﯾﺪﯾﻜﻢ ﺣﺘﻰ َﺗﺼِﻠﻮا أواﺋﻞَ اﻟﻤﺮاﻓﻖ‪ ،‬وﺷ ﺒﮫ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺑﺂﯾﺔ ]ﺛُﻢﱠ َأ ِﺗﻤﱡﻮا اﻟﺼﱢﯿﺎمَ إﻟﻰ اﻟﻠﯿ ِﻞ[‪ ،‬ﻓﺎﻟﻠﯿﻞ ﻏﺎﯾﺔ وھﻲ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﺼﻮم ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﻟﺤﺮف ]إﻟﻰ[ ﻣﻌﻨﯿﯿﻦ أﺣﺪھﻤﺎ أن إﻟﻰ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻊ‪ ،‬ﻛﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺗﻘ ﻮل ]وﻻ‬
‫ﺼﺎرِي إﻟ ﻰ اﷲ[ أي ﻣ ﻊ اﷲ‪.‬‬ ‫ﺗ ْﺄﻛُﻠُﻮا َأ ْﻣﻮَا َﻟ ُﮭﻢْ إﻟﻰ َأ ْﻣﻮَا ِﻟ ُﻜﻢْ[ أي ﻣ ﻊ أﻣ ﻮاﻟﻜﻢ‪ ،‬وﻛﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ] َﻣ ْ‬
‫ﻦ َأ ْﻧ َ‬
‫واﻟﺜ ﺎﻧﻲ أن ]إﻟ ﻰ[ ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻋﻤ ﺎ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا اﻷﺧﯿ ﺮ ھ ﻮ رأي زُ َﻓ ﺮ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ .‬وﺑﻌ ﺪ أن ذﻛ ﺮ‬
‫ﻼ ‪ ،‬وﻣﺎ دام ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز‬ ‫اﻟﻄﺒﺮي أن ]إﻟﻰ[ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻟﻐ ًﺔ ﻗﺎل إن اﻟﻜﻼم ﺻﺎر ﻣﺤﺘﻤ ً‬
‫ﻷﺣﺪ أن ﯾﻘ ﻀﻲ ﺑﺄﺣ ﺪ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ دون اﻵﺧ ﺮ إﻻ اﻟ ﺸﺮع ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬وﻻ ﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟﺘﻌﯿ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ ﻋﻨ ﺪه‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ اﻟﻨﺪب اﻟﻮارد ﺑﺤﺪﯾﺚ اﻟ ُﻐﺮﱢ اﻟﻤُﺤﺠﱠﻠﯿﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻵﺧ ﺮ ﻓﺎﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮاھﻢ ﺑﻮﺟ ﻮب ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﻧﻌ ﯿﻢ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺬي أﺧﺮﺟﮫ ﻣﺴﻠﻢ وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ‪ ،‬وﻓﯿﮫ »ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪه‬
‫اﻟﯿﺴﺮى ﺣﺘﻰ أﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﻌﻀﺪ«‪ .‬واﻹﺷ ﺮاع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀﺪ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻗﻄﻌ ًﺎ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬وھ ﺬا ﻋﻨ ﺪھﻢ‬
‫ﺑﯿﺎن ﻣﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺘﻌﯿ ﯿﻦ أﺣ ﺪ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ اﻟﻠﻐ ﻮﯾﯿﻦ ﻟﺤ ﺮف إﻟ ﻰ‪ ،‬وھ ﻮ أن إﻟ ﻰ‬
‫ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻊ‪ .‬واﺳﺘﺪﻟﻮا أﯾﻀ ًﺎ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ھﻠﻤ ﻮا أﺗﻮﺿ ﺄ ﻟﻜ ﻢ وُﺿ ﻮءَ رﺳ ﻮل‬
‫ﺲ أﻃ ﺮاف اﻟﻌ ﻀﺪﯾﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أ َﻣ ﱠﺮ‬ ‫اﷲ ‪ ، r‬ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻣ ﱠ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻠﻰ أذﻧﯿﮫ وﻟﺤﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺗﻮﺿﺄ أدار اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻓﻘﯿﮫ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ﻗﺎل إﺳﺤﻖ اﺑﻦ راھُﻮﯾ ﮫ‪:‬‬
‫]إﻟﻰ[ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ أن ﺗﻜ ﻮن ﺑﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻐﺎﯾ ﺔ وأن ﺗﻜ ﻮن ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ]ﻣ ﻊ[ ‪ ،‬ﻓﺒﯿﱠﻨ ﺖ اﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ أﻧﮭ ﺎ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫]ﻣﻊ[‪.‬‬

‫وردًا ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأﯾﯿﻦ أﻗﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬إن ﺣﺮف ]إﻟﻰ[ ﯾﻔﯿﺪ اﻧﺘﮭﺎء اﻟﻐﺎﯾﺔ وﯾﻔﯿﺪ ﻣﻌﻨﻰ ]ﻣ ﻊ[‬
‫ﻓﺘﺤﺪﯾﺪ زُﻓَﺮ أﺣﺪ ھﺬﯾﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻣﺴﺘﺪﻻً ﺑﺂﯾﺔ اﻟﺼﻮم ﺗﺤﺪﯾ ﺪٌ ﻣﻨﻘ ﻮضٌ ﺑﺂﯾ ﺔ ]وﻻ َﺗ ْﺄ ُﻛﻠُﻮا ِأ ْﻣ ﻮَا َﻟ ُﮭ ْﻢ إﻟ ﻰ‬
‫َأ ْﻣﻮَا ِﻟﻜُ ْﻢ[ وﺑﺂﯾﺔ ] َﻣﻦْ َأ ْﻧﺼَﺎرِي إﻟﻰ اﷲ[ وﻗ ﺪ رد اﻟﻄﺒ ﺮي ﻋﻠﯿ ﮫ ﺗﺤﺪﯾ ﺪه رﻏ ﻢ أﻧ ﮫ ﯾﺨﻠ ﺺ إﻟ ﻰ رأﯾ ﮫ‬
‫ﻖ[ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ اﺳ ﺘﺪﻻل‬ ‫ﻧﻔ ﺴﮫ ‪ ،‬ﻓﺒ ﯿﱠﻦ أنﱠ ﺣ ﺮف ]إﻟ ﻰ[ ﻓ ﻲ آﯾ ﺔ ]وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫زُﻓَﺮ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺪﻻل اﻟﻄﺒ ﺮي ﻓﮭ ﻮ ﻻ ﺷ ﻚ أﻋ ﺪل وأﻧ ﺼﻒ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﺪﻻل ﺳ ﺎﺑﻘﮫ‪ ،‬وھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﯾ ﺮد‬
‫ﻞ ﺻ ﺤﯿﺤﺎً‪ ،‬وﺳ ﻮف أؤﺧ ﺮ اﻟ ﺮد‬ ‫ﺑﺎﻹﺗﯿﺎن ﺑﺈﺛﺒﺎت أن ﺣﺮف ]إﻟﻰ[ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﯾﻔﯿﺪ أﺣﺪ اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ وإﻻ ﻇ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣ ﻦ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻌﻠ ﻢ ﺧﻼﻓ ﺎً ‪ ،‬ﻓ ﺈﻧﻲ أوردت أﺳ ﻤﺎء ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣ ﻦ ﻛﺒ ﺎر اﻷﺋﻤ ﺔ ﺧ ﺎﻟﻔﻮه‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﺑﯿﻨ ﺖ أن ]إﻟ ﻰ[ ﻣﻌﻨﺎھ ﺎ ]ﻣ ﻊ[ ﻓ ﺪﻋﻮى ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ إﺛﺒ ﺎت‪ ،‬وھ ﺬه‬
‫اﻟﺮأي‪ ،‬وأﻣﺎ ﻗ ﻮل إﺳ ﺤﻖ إن اﻟ ﱡ‬

‫‪184‬‬
‫اﻟﺪﻋﻮى ﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻧﻌﯿﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ﺬي أﺧﺮﺟ ﮫ ﻣ ﺴﻠﻢ »ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟﻌَ ﻀُﺪ«‪.‬‬
‫واﻟﺤ ﻖ أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪھﻢ ﻓ ﻲ إﺛﺒ ﺎت دﻋ ﻮاھﻢ‪ ،‬ﻷن ﻏﺎﯾ ﺔ ﻣ ﺎ ﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ﻧ ﺪب وﻟ ﯿﺲ وﺟﻮﺑ ﺎً‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻓﺄﺳﺒﻎ اﻟﻮﺿﻮء ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺣﺘﻰ أﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﻌﻀُﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﺣﺘ ﻰ‬
‫أﺷﺮع ﻓﻲ اﻟ َﻌﻀُﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺣﺘﻰ أﺷﺮع ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎق‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠ ﮫ‬
‫اﻟﯿ ﺴﺮى ﺣﺘ ﻰ أﺷ ﺮع ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎق ‪ ...‬إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أﻧ ﺘﻢ اﻟ ُﻐ ﱡﺮ اﻟﻤُﺤﺠﱠﻠ ﻮن ﯾ ﻮم‬
‫ﻏﺮﱠﺗ ﮫ وﺗﺤﺠﯿﻠ ﮫ« ﻓﻘ ﺪ ﺑ ﺪأ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‬ ‫ﻄﻞ ُ‬‫اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻣﻦ إﺳﺒﺎغ اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ اﺳ ﺘﻄﺎع ﻣ ﻨﻜﻢ ﻓ ْﻠ ُﯿ ِ‬
‫»ﻓﺄﺳﺒﻎ اﻟﻮﺿﻮء« وﻋﻘِﺐ ذﻟﻚ ﺷﺮع ﻓﻲ ذﻛﺮ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻹﺳﺒﺎغ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻌ ﻀﺪ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬واﻟ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺴﺎق ﻋﻨ ﺪ ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻣ ﺸﯿﺮًا إﻟ ﻰ أن ھ ﺬا اﻟ ﺸﺮوع ھ ﻮ‬
‫اﻹﺳﺒﺎغ‪ ،‬وﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أن ھ ﺬا اﻹﺳ ﺒﺎغ ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ زﯾ ﺎدة اﻟﻐ ﺮة‬
‫وزﯾﺎدة اﻟﺘﺤﺠﯿﻞ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋﻄ ﻒ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓﻤ ﻦ اﺳ ﺘﻄﺎع ﻣ ﻨﻜﻢ ﻓﻠْ ُﯿﻄِ ﻞ ﻏُﺮﱠﺗَ ﮫ وﺗﺤﺠﯿﻠ ﮫ« وھ ﺬا‬
‫اﻟﻘ ﻮل ﯾﻔﯿ ﺪ اﺳ ﺘﺤﺒﺎب إﻃﺎﻟ ﺔ اﻟ ُﻐ ﺮﱠة واﻟﺘﺤﺠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻌ ﺰم ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وإذن ﻓﺎﻟ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﻀﺪ‬
‫واﻟﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺴﺎق ﻣﻨﺪوﺑﺎن ﻏﯿﺮ واﺟﺒﯿﻦ‪ .‬وﻣﺎ دام اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺘﺤ ﺪث ﻋ ﻦ اﻹﺳ ﺒﺎغ اﻟﻤﻨ ﺪوب ﻓ ﺈن ﻣ ﺎ‬
‫ﻓﻌﻠﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻌ ﻀﺪ واﻟﻤﺮﻓ ﻖ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ أﺧ ﺬٌ ﺑﺎﻻﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫ﻼ ﯾﺴﻨﺪ دﻋﻮاھﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﻏﺴﻞ اﻟﻤﺮﻓﻖ‪.‬‬ ‫ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﺬا دﻟﯿ ً‬

‫أﻣﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﺬي رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻷن راوﯾ ﮫ‬
‫ن ﻣ ﺘﻦ‬
‫ﺿﻌﱢﻒ ﺣﺪﯾﺜُ ﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳ ﻨﺎد ﺿ ﻌﯿﻒ‪ .‬ﺛ ﻢ إ ﱠ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﻖ‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﻨﻌﻦ ‪ ،‬وإذا ﻋﻨﻌﻦ اﺑﻦ إﺳﺤﻖ ُ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺪ ﺷ ﺬ ﻋ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤﻌﺘﺒ ﺮة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻋﻘ ﺐ ﻣ ﺴﺢ‬
‫اﻟ ﺮأس وﻣ ﺴﺢ اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻠﺤﯿ ﺔ ﻣ ﻊ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ اﻹﺳﻨﺎد‪ ،‬ﺷﺎذ اﻟﻤﺘﻦ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺬي رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻓﮭﻮ أﯾﻀ ًﺎ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻷن ﻣ ﺪاره ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‪ .‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ :‬ﻣﺘ ﺮوك‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ُزرْﻋ ﺔ‪ :‬أﺣﺎدﯾﺜ ﮫ ﻣﻨﻜ ﺮة‪ .‬وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺸﻲء‪.‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﺠﻮْزي واﺑﻦ اﻟﺼﱠﻼح واﻟﻨﻮوي‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻮﺛﱢﻘﮫ ﻏﯿﺮ اﺑﻦ ِ‬ ‫وﺿﻌﻔﮫ اﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ واﻟﻤﻨﺬري واﺑﻦ اﻟ َ‬
‫ﯾُﻠﺘﻔﺖ ﻟﺘﻮﺛﯿﻘﮫ ﻣﻊ ﺗﻀﻌﯿﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻟﮫ ﺗﻀﻌﯿﻔﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ﺑﺤﯿﺚ وﺻﻔﻮه ﺑﺄﻧﮫ ﻣﺘﺮوك وﻣﻨﻜﺮ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ‬
‫ﻗﻮل إﺳﺤﻖ ﺑﻦ راھُﻮﯾﮫ‪ :‬ﻓﺒﯿﱠﻨﺖ اﻟﺴﻨﺔ أﻧﮭﺎ ﺑﻤﻌﻨﻰ ]ﻣﻊ[‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي وأﺻﺎب )ﻟﻔــﻆ ]إﻟﻰ[ ﯾﻔﯿــﺪ‬
‫ﻣﻌﻨـ ـﻰ اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺎ دﺧﻮﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺤﻜـ ـﻢ وﺧﺮوﺟﮭــ ـﺎ ﻓﺄﻣـ ـﺮٌ ﯾ ﺪور ﻣ ﻊ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ( إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل‬
‫)وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻻ دﻟﯿﻞ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ أﺣ ﺪ اﻷﻣ ﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺄﺧـ ـﺬ اﻟﻌﻠﻤـ ـﺎء ﺑ ﺎﻷﺣﻮط‪ ،‬ووﻗ ﻒ زُ َﻓ ﺮ‬
‫ن ﻗ ﻮل اﻟﺠﻤﮭ ﻮر ﺑ ﺄن ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ ﻛﻠـ ـﮫ واﺟـ ـﺐ اﺳﺘﻨــ ـﺎداً إﻟـ ـﻰ‬ ‫ﻣ ﻊ اﻟﻤﺘ ﯿﻘﱠﻦ(‪ .‬واﻟﺨﻼﺻ ﺔ ھ ﻲ أ ﱠ‬
‫اﻷﺣـﺎدﯾـﺚ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻗ ﻮل اﻟﻄﺒ ﺮي ﺑ ﺄن ﻏ ﺴﻞ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮل ﻏﯿ ﺮ دﻗﯿ ﻖ‪ ،‬وإﻟ ﯿﻜﻢ اﻟﺒﯿ ﺎن‪ :‬إن‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي ﺗﺮﺟﱠﺢ ﻟﺪيﱠ ھﻮ أن ﻏﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ واﺟ ﺐ ﻋﻤ ﻼً ﺑﺎﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣ ﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺘﻢ اﻟﻮاﺟﺐ إﻻ ﺑﮫ ﻓﮭ ﻮ واﺟ ﺐ[‪ .‬أﻣ ﺎ وﺟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺪﻋﻮى ﻓﮭ ﻮ أن اﻟﯿ ﺪ ﻣﺘ ﺼﻠﺔ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺮﻓﻖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺣﺪﱞ ﻓﺎﺻﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﻌﻠﻮم ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻮاﺟ ﺐ ھ ﻮ ﻏ ﺴﻞ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﯿ ﺪ دون‬
‫ي ﺟﺰء‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺘﺄﺗﱠﻰ أن ﺗُﻐﺴﻞ اﻟﯿ ُﺪ ﻛﻠﮭﺎ دون ﻏﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ‪ ،‬ﻓﺒﻐ ﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣﻨ ﮫ‬ ‫اﺳﺘﺜﻨﺎ ِء أ ﱢ‬
‫ﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻮﺻ ﻮل إﻟ ﻰ ﺗﺤﻘﯿ ﻖ اﻟﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻏ ﺴﻞ ھ ﺬا اﻟﺠ ﺰء واﺟﺒ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻋ ﺪاه ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬ ‫ﯾُﻄﻤ ﺌَ ﱡ‬
‫ﺠﺰِيء ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﻣ ﺮﱠة‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل وھ ﺬه‬
‫اﻟﻨﺪب ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺰاﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪة ھﻤﺎ ﻣﺎ أﺧﱠﺮتُ ذﻛﺮَھﻤ ﺎ ﻋﻨ ﺪ ﺗﻨ ﺎول اﺳ ﺘﺪﻻل اﻟﻄﺒ ﺮي‪ .‬وإذن ﻓﻐ ﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫اﻟﺘﱠﺜﺒﱡﺖَ ﻣﻦ ﻏﺴﻞ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﯿﺪ اﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﻢ ﻏﺴﻞ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﯿﺪ ﺣﺘﻤًﺎ إﻻ ﺑﻐﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻖ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ ﻏﺴﻠﮫ ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬

‫‪185‬‬
 ‫ﻗ ﺎل ﺗﻘ ﻲ اﻟ ﺪﯾﻦ اﻟﻨﺒﮭ ﺎﻧﻲ رﺣﻤ ﮫ اﷲ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻷﺻ ﻮل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ )ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻓﺎ ْ‬
‫ﻏ ﺴِﻠُﻮا‬
‫ﻖ[ و ]ﺛﻢ َأ ِﺗﻤﱡﻮا اﻟﺼﱢﯿﺎمَ إﻟﻰ اﻟﻠﯿﻞِ[ ﻓﺈﻟﻰ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ]إﻟ ﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ﻖِ[ وﻓ ﻲ‬
‫وﺟُﻮ َھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫ﻞ ﺟُﺰ ٌء ﻣﻦ اﻟﻤﺮﻓﻖ ﻻ ﯾﺘﻢ ﻏﺴﻞ اﻟﯿ ﺪ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺮﻓ ﻖ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ أن‬ ‫ﻗﻮﻟﮫ ]إﻟﻰ اﻟﻠﯿﻞِ[ أﻓﺎدت أﻧﮫ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾُﻐﺴ ْ‬
‫ﯾﺘﺤﻘﻖ ﺣﺼﻮل اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻻ أن ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻤُﻐﯿﱠﺎ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ وﻟ ﻮ دﻗﯿﻘ ﺔ ﻻ‬
‫ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ‬‫ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺮاﻓ ﻖ‪ ،‬وﺻ ﯿﺎم ﺟ ﺰء ﻣﮭﻤ ﺎ ﻗ ﱠ‬ ‫ﯾﺘﺤﻘﻖ إﺗﻤﺎم اﻟﺼﯿﺎم‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ﻏ ﺴﻞ ﺟ ﺰء ﻣﮭﻤ ﺎ ﻗ ﱠ‬
‫واﺟﺒﺎً‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻵﯾﺘﯿﻦ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺘﻢ ﻣﺎ أوﺟﺒﮫ ‪ -‬وھﻮ ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ وﺻﯿﺎم اﻟﻨﮭﺎر ‪ -‬إﻻ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫ(‪.‬‬

‫ﻞ‬
‫ن اﻷﺻﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻐ ﺴﻞ ﻛ ﱠ‬ ‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﺳﯿﺮاً ﻣﻊ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻔﻘﮭﻲ اﻟﻤﺠﺮد‪ ،‬وإﻻ ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺮﻓ ﻖ و ﻗ ﺴﻤًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﻀﺪ اﺑﺘﻐ ﺎء إﻃﺎﻟ ﺔ اﻟﺘﺤﺠﯿ ﻞ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ ‪ ،‬ﻷن ذﻟ ﻚ ﺳُ ﻨﱠﺔ وھ ﻮ ﻣ ﻦ إﺳ ﺒﺎغ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ھﻲ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻗ ﺎل ﺑ ﺎﻟﻮﺟﻮب أو ﺑﺎﻟﻨ ﺪب‪ ،‬أو ﺑﻤ ﺎ‬
‫ﻗﻠﺖ‪.‬‬
‫وﯾُﺴﻦ ﺗﺨﻠﯿﻞ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻷﻧﮫ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ إﯾﺼﺎل اﻟﻤ ﺎء ‪ ،‬وإذا ﺧﻠﻠﮭ ﺎ ﺑﺨﻨ ﺼﺮ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﻛ ﺎن‬
‫أوﻟﻰ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺗﻮﺿ ﺄت ﻓﺨﱢﻠ ﻞ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻊ‬
‫ﯾﺪﯾﻚ ورﺟﻠﯿﻚ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ وﺣﺴﻨﮫ اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى اﻟﻤ ﺴﺘﻮرِد ﺑ ﻦ ﺷ ﺪاد‬
‫ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺗﻮﺿ ﺄ ﯾ ﺪﻟﻚ أﺻ ﺎﺑﻊ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺑﺨﻨ ﺼﺮه« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪ ،‬وﻟﻤﺎ روى ﻟﻘﯿﻂ ﺑﻦ ﺻ ﺒﺮة ﻗ ﺎل »‪ ..‬ﻓﻘﻠ ﺖ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أَﺳﺒﻎ اﻟﻮﺿﻮء وﺧﻠﱢﻞ ﺑﯿﻦ اﻷﺻ ﺎﺑﻊ‪ ،‬وﺑ ﺎﻟﻎ ﻓ ﻲ اﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق إﻻ أن‬
‫ﺗﻜﻮن ﺻﺎﺋﻤﺎً« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﺻ ﺤﺤﮫ ‪ ،‬وﺻ ﺤﺤﮫ‬
‫أﯾﻀًﺎ اﻟﺒﻐﻮي واﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ أو اﻟﻤﺮأة ﯾﻠﺒﺲ ﺧﺎﺗﻤﺎً ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺗﺤﺮﯾﻜﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻔ ﺬ اﻟﻤ ﺎء إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺗﺤﺘ ﮫ‪ ،‬وﻣﺜ ﻞ‬
‫اﻟﺨﺎﺗﻢ اﻷﺳﺎور ﻓﻲ اﻟﯿﺪ واﻟﺨﻼﺧﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﱢﺟﻞ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻨﻔﺬ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ دون ﺗﺤﺮﯾ ﻚ ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻠ ﺔ‬
‫ﺠ ِﺰئ‪.‬‬
‫إﯾﺼﺎل اﻟﻤﺎء إﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺤﻘﻖ ذﻟﻚ واﺟﺐ وﻣﺎ ﯾﺤﻮل دوﻧﮫ إﺛﻢ وﻏﯿﺮ ُﻣ ْ‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﮫ اﻟﻨﺴﺎء ھﺬه اﻷﯾﺎم ﻣﻦ وﺿﻊ اﻷﺻﺒﺎغ اﻟﺸﻤﻌﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﻇﻔﺎر أﺻﺎﺑﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﯾﻤﻨ ﻊ وﺻ ﻮل اﻟﻤ ﺎء إﻟ ﻰ اﻷﻇﻔ ﺎر ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺼﺢ وﺿﻮء اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﯾﻀﻌﻦ ھﺬه اﻷﺻﺒﺎغ اﻟ ﺸﻤﻌﯿﺔ‪ ،‬ووﺿ ﻮؤھﻦ ﻣ ﻊ وﺟ ﻮد ھ ﺬه اﻷﺻ ﺒﺎغ‬
‫ﺑﺎﻃﻞ وﺻﻼﺗﮭﻦ ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ .‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ رواه ﺧﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪان ﻋ ﻦ ﺑﻌ ﺾ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﻼ ﯾﺼﻠﻲ وﻓﻲ ﻇﮭﺮ ﻗﺪﻣﮫ ﻟﻤ َﻌ ٌﺔ ﻗﺪ َر اﻟﺪرھﻢ ﻟﻢ ﯾﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤﺎء ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮه اﻟﻨﺒﻲ ‪r‬‬ ‫»أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻮﺿﻮء واﻟﺼﻼة« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺪون »واﻟﺼﻼة« ﻗﺎل اﻷﺛﺮم‪ :‬ﻗﻠﺖ ﻷﺣﻤ ﺪ‬
‫‪ :‬ھﺬا إﺳﻨﺎده ﺟﯿﺪ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺟﯿﺪ‪ .‬ﻓﺘﺮك ﻗﺪر اﻟﺪرھﻢ ﻓﻲ اﻟﺮﱢﺟﻞ أﺑﻄ ﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ھ ﻮ أﻛﺜ ﺮ ﻣﻨ ﮫ وھ ﻮ‬
‫ﺗﺮك ﻋﺸﺮة أﻇﻔﺎر أو ﻋﺸﺮﯾﻦ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻼ ﺷﻚ‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ :‬وھ ﻮ اﻟﻔ ﺮض اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻣ ﻦ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬اﻟﻤ ﺴﺢ ﻟﻐ ﺔً‪ :‬ﺗﺤ ﺮﱡك اﻟﻌ ﻀﻮ‬
‫اﻟﻤﺎﺳﺢ ﻣﻠﺘﺼﻘﺎً ﺑﺎﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﻤﺴﻮح‪ .‬وﻣﻨﮫ اﻟﻘ ﻮل ‪ :‬ﻣ ﺴﺤﺖ رأس اﻟﯿﺘ ﯿﻢ‪ :‬إذا أﻣ ﺮرتُ اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ‬
‫وھ ﻲ ﻣﻠﺘ ﺼﻘﺔٌ ﺑ ﮫ‪ .‬وﻣ ﺴﺢُ اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ :‬ﺗﺤ ﺮﱡك اﻟﯿ ﺪ أو اﻟﯿ ﺪﯾﻦ اﻟﻤﺒﺘﻠﺘ ﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻣﻠﺘ ﺼﻘﺘﯿﻦ‬
‫ﺑﺸﻌﺮ اﻟﺮأس‪ .‬واﻟﻔﺎرق ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻌﺮﯾﻔﯿﻦ ھﻮ إﺿﺎﻓﺔ اﻻﺑﺘـﻼل ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُوﺳِ ﻜُ ْﻢ[ ﻓﻘ ﺪ أﺿ ﺎف ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ )اﻟﺒ ﺎء( إﻟ ﻰ )رؤو ِ‬
‫ﺳ ﻜﻢ( وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ‬ ‫ذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]واﻣْ َ‬
‫واﻣﺴﺤﻮا رؤوﺳَﻜﻢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ أھﻞ اﻟﻠﻐﺔ وأھﻞ اﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣ ﻦ وﺟ ﻮد اﻟﺒ ﺎء ﻓﻘ ﺎل ﺑﻌ ﺾ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء إن‬
‫اﻟﺒﺎء ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﺒﻌﯿﺾ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ واﻣﺴﺤﻮا ﺑﻌ ﺾَ رؤوﺳ ﻜﻢ‪ ،‬وﺗﻌﻘﱠ ﺒﮭﻢ اﺑ ﻦ ﺑﺮھ ﺎن ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‪ :‬ﻣ ﻦ‬
‫زﻋ ﻢ أن اﻟﺒ ﺎء ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺘﺒﻌ ﯿﺾ ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء أھ ﻞ اﻟﻠﻐ ﺔ ﺑﻤ ﺎ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮﻧ ﮫ‪ .‬وأﻧﻜ ﺮه ﺳ ﯿﺒﻮﯾﮫ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﻘﺮﻃﺒ ﻲ‬

‫‪186‬‬
‫)اﻟﺒﺎء ﻟﻠﺘﻌﺪﯾﺔ ﯾﺠﻮز ﺣﺬﻓﮭﺎ وإﺛﺒﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻛﻘﻮﻟﻚ ﻣ ﺴﺤﺖ رأس اﻟﯿﺘ ﯿﻢ وﻣ ﺴﺤﺖ ﺑﺮأﺳ ﮫ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻗﺪاﻣ ﺔ‬
‫)اﻟﺒﺎء ﻟﻺﻟﺼﺎق ﻓﻜﺄﻧﮫ ﻗﺎل واﻣ ﺴﺤﻮا رؤوﺳ ﻜﻢ أي اﻣ ﺴﺤﻮا ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺮأس( وﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬اﺣﺘﻤ ﻞ‬
‫ﺳﻜُ ْﻢ[ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس أو ﺑﻌﻀﮫ‪ ،‬ﻓﺪﻟﺖ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺑﻌﻀﮫ ﯾﺠﺰيء‪.‬‬ ‫ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]واﻣْ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُو ِ‬

‫واﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺒﺎء ﻟﻢ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻵﯾﺔ ﻋﺒﺜًﺎ ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﺴﺘﻔﺎدٍ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﯿﻜﻮن ﺑﺪوﻧﮭﺎ‪،‬‬
‫ﺳﻜُ ْﻢ[ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮫ ﻣﻌﻨﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺘﻔﺎد ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل واﻣ ﺴﺤﻮا‬ ‫ﻓﻘﻮﻟﮫ ]وا ْﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُو ِ‬
‫رؤوﺳَﻜﻢ‪ ،‬ﻷن اﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻋﺒﺜﺎً‪ ،‬وھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﺗﻤﻨﻊ ﻣﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﺎﻟﯿ ﺪ دون‬
‫ﺑﻠﻞ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺴﺢ اﻟﻠﻐﻮي‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﺗﻔﯿﺪ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﺑﺎﻟﯿﺪ اﻟﻤﺒﺘﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺒﺎء أﻓﺎدت اﻟﺒﻠ ﻞ ‪ ،‬أي‬
‫اﻟﻤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻖ ﺑﺎﻟﯿﺪ ﺣﯿﻦ اﻟﻤﺴﺢ ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻵﯾ ﺔ ﺑ ﺪون اﻟﺒ ﺎء ﻟﻜﻔ ﻰ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء إﻣ ﺮارُ اﻟﯿ ﺪ اﻟﺠﺎﻓ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس‪ ،‬ﻷن ھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤ ﺴﺢ ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أراد ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ إﻣ ﺮار اﻟﯿ ﺪ اﻟﻤﺒﺘﱠﻠ ﺔ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‬
‫أﺗﻰ ﺑﺎﻟﺒﺎء ‪ ،‬واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫وإﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﺷﺎر اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري )وﻗﯿﻞ دﺧﻠﺖ اﻟﺒﺎء ﻟﺘﻔﯿﺪ ﻣﻌﻨﻰ آﺧ ﺮ‪ ،‬وھ ﻮ أن‬
‫ﻻ ﺑﮫ‪ ،‬واﻟﻤﺴﺢ ﻟﻐﺔ ﻻ ﯾﻘﺘ ﻀﻲ ﻣﻤ ﺴﻮﺣًﺎ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﻗ ﺎل‪ :‬واﻣ ﺴﺤﻮا رؤوﺳَ ﻜﻢ‬ ‫اﻟﻐﺴﻞ ﻟﻐﺔ ﯾﻘﺘﻀﻲ ﻣﻐﺴﻮ ً‬
‫ﺳ ﻜﻢ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﻠ ﺐ‪ ،‬واﻟﺘﻘ ﺪﯾﺮ‬‫ﻷﺟ ﺰأ اﻟﻤ ﺴﺢ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﺑﻐﯿ ﺮ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧ ﮫ ﻗ ﺎل واﻣ ﺴﺤﻮا ﺑﺮوؤ ِ‬
‫اﻣﺴﺤﻮا رؤوﺳﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﺎء(‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﻖ ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻦ دﻗﯿﻖ اﻟﻔﮭﻢ‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚٍ رواه اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﺻ ﻔﺔ وﺿ ﻮء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »ﺛ ﻢ أﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪه ﻣ ﺎء ﻓﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ‬
‫ﻓﺄدﺑﺮ ﺑﮫ وأﻗﺒﻞ ‪ «...‬ﻓﮭﺬا اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻮﺿﻮح‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟ ﺎء ﺑﻠﻔ ﻆ »أﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪه ﻣ ﺎء ﻓﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ«‬
‫أي ﻣﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺣ ﺬﻓﺖ ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤﻠ ﺔ اﻧﺘﻘﻠ ﺖ اﻟﺒ ﺎء ﻣﻨﮭ ﺎ إﻟ ﻰ رأﺳ ﮫ ﻓ ﺼﺎرت‬
‫اﻟﺠﻤﻠ ﺔ ھﻜ ﺬا )ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ( ﻟﻠﺘ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮد ﻣﺤ ﺬوف‪ ،‬وھ ﺬا ﺑﺎﻟ ﻀﺒﻂ ﻣ ﺎ ﯾُﻘ ﺪﱠر ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‬
‫ﺳﻜُ ْﻢ[ ﻓﺘﻘﺪﯾﺮھﺎ ھ ﻮ )واﻣ ﺴﺤﻮا ﺑﺎﻟﻤ ﺎء رؤوﺳ ﻜﻢ( ﺛ ﻢ ﺑﻌ ﺪ ﺣ ﺬف اﻟﻤ ﺎء اﻧﺘﻘﻠ ﺖ اﻟﺒ ﺎء‬ ‫]واﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُو ِ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُوُؤﺳِ ﻜُ ْﻢ [ وﺗﻜ ﻮن اﻟﺒ ﺎء أﻓ ﺎدت وﺟ ﻮد ﻣﺤ ﺬوف ھ ﻮ‬‫إﻟ ﻰ رؤوﺳ ﻜﻢ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎرت اﻵﯾ ﺔ ] واﻣْ َ‬
‫اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﯾُﻤﺴﺢ ﺑﮫ ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد ﻟﻸﻗﻮال اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻸﺋﻤﺔ‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل إن اﻟﺒﺎء ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﺒﻌﯿﺾ ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮل ﺳ ﺎﻗﻂٌ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻻ‬
‫أﺻﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب‪ ،‬وأﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ إن اﻟﺒﺎء ﻟﻠﺘﻌﺪﯾﺔ ﻓﮭﻮ ﻗﻮل ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﻌﻨﻰ‪ ،‬وھﻮ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ‬
‫ﺑﺤﺚ اﻹﻋﺮاب ﻓﻼ ﻗﯿﻤﺔ ﻟ ﮫ ھﻨ ﺎ‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ إن اﻟﺒ ﺎء ﻟﻺﻟ ﺼﺎق ﻓﻠ ﮫ وﺟ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ اﺳ ﺘﻨﺒﻂ‬
‫ﺢ ﺟﻤﯿ ﻊ‬‫ﺣﻜﻤ ًﺎ ﻣﻨﮫ ﻻ ﯾﻔﯿﺪه ھﻮ وﺟﻮب ﻣﺴﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس‪ ،‬ﻷن )اﻣﺴﺤﻮا رؤوﺳَﻜﻢ( ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻟﻐ ًﺔ ﻣ ﺴ َ‬
‫اﻟﺮأس‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ ﻗﻮل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺳﻨﻨﺎﻗ ﺸﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ ﻟﻘﻮﻟ ﮫ )ﻓ ﺪﻟﱠﺖ‬
‫ﺠ ِﺰئ(‪.‬‬‫ﺴﻨﱠﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺑﻌﻀﮫ ُﯾ ْ‬
‫اﻟ ﱡ‬

‫إن اﻵﯾﺔ أﻓﺎدت ﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺎء ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺴﺘﻔﺎداً ھ ﻮ أن اﻟﻤ ﺴﺢ ﯾﻜ ﻮن ﺑﯿ ﺪ ﻣﺒﺘﱠﻠ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﻔ ﺪ أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ إﺗﯿﺎن اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺒﻠﻞ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وإﺗﯿ ﺎن اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ أن ﻣ ﺴﺢ‬
‫ﺠ ِﺰئ‪ ،‬ھﺬا ھﻮ ﺻ ﻌﯿﺪ اﻟﺒﺤ ﺚ‬ ‫ﺠ ِﺰئ‪ ،‬أو إﺗﯿﺎن اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺴﺢ ﻛﻞ اﻟﺮأس ھﻮ اﻟﻤُ ْ‬‫ﺑﻌﺾ اﻟﺮأس ﯾُ ْ‬
‫واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ‪.‬‬

‫ن اﻟﺒﻠﻞ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺎء دون ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺋﻌﺎت ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎم اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‬ ‫أﻣﺎ أ ﱠ‬
‫ﺠ ﺪُوا َﻣ ﺎ ًء ﻓﺘ َﯿﻤﱠﻤُ ﻮا[ وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ وﺟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ‬
‫واﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓ َﻠ ْﻢ ﺗ ِ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺤﺪﯾﺚ واﺣﺪ ‪ .‬روى ﻋﻤﺮان ﺑ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ‬ ‫اﻟﻤﻄﻠﻮب‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻗﺎل »ﻛﻨــﺎ ﻓﻲ ﺳﻔــﺮ ﻣـﻊ اﻟﻨﺒـﻲ ‪ ... r‬ﻓﺼﻠـﻰ ﺑﺎﻟﻨـﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻔﺘﻞ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ إذا ھﻮ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻌﺘﺰل‬
‫ﻟﻢ ﯾﺼ ﱢﻞ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﯾﺎ ﻓﻼن أن ﺗﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم؟ ﻗﺎل‪ :‬أﺻﺎﺑﺘﻨﻲ ﺟﻨﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﺎء‪ ،‬ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻜﻔﯿ ﻚ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻻﻧﺘﻘ ﺎل ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺎء إﻟ ﻰ اﻟﺘ ﺮاب دﻟﯿ ﻞ‬

‫‪187‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺰﯾﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ إﻻ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وأﻧ ﮫ إن ﻋ ﺪم اﻟﻤ ﺎء ﺗ ﯿﻤﻢ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ واﺿ ﺢ ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫ﺠ ِﺰئ ﻓﻲ اﻟﻄﮭ ﺎرات اﻟﺘﻌﺒﱡﺪﯾ ﺔ ﻛﺎﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬واﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﯿﺾ‬ ‫ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺎء ﻻ ُﯾ ْ‬
‫واﻟﻨﻔﺎس‪ .‬وھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺧ ﺎﻟﻒ ﻓﯿﮭ ﺎ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣَ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻘﺖ ﻣﻨﺎﻗ ﺸﺔ رأﯾ ﮫ وإﻇﮭ ﺎر‬
‫ﺧﻄﺌﮫ‪ .‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﺎﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺴﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس ھـﻮ اﻟﻤﻄﻠﺐ‪ ،‬أو ﺑﺎﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ إﺟ ﺰاء‬
‫ﻣﺴﺢ اﻟﺠﺰء ﻣﻨﮫ‪ .‬إنﱠ ﻣَﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺈﺟﺰاء ﻣﺴﺢ اﻟﺠﺰء إﻧﻤﺎ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ ﺑﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺒﺎء ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‬
‫ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻟﻠﺘﺒﻌﯿﺾ‪ ،‬وھﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﯿﱠﻨﱠﺎ ﻓﺴﺎده‪ .‬ﺛﻢ أﺗﻮا ﺑﺄدﻟﺔ أُﺧﺮى ﻧﺬﻛﺮھﺎ ﺛﻢ ﻧﻨﺎﻗﺸﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ وﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﻤﺎﻣ ﺔ ِﻗ ْ‬

‫ﻄ ِﺮ ﱠﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﺄدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻣ ﻦ ﺗﺤ ﺖ‬
‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻓﻤﺴﺢ ﻣُﻘَﺪﱠم رأﺳﮫ وﻟﻢ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﺖ ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل »ﺗﺨﻠﱠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺗﺨﻠﱠﻔ ُ‬

‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ‪،‬‬
‫ﻄ َﮭﺮَة‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ووﺟﮭﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ذھ ﺐ ﯾﺤ ﺴِﺮ ﻋ ﻦ ذراﻋﯿ ﮫ ﻓ ﻀﺎق ُﻛ ﱡﻢ اﻟ ُ‬ ‫أﻣﻌﻚ ﻣﺎء؟ ﻓﺄﺗﯿﺘﮫ ِﺑ ِﻤ ْ‬
‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ وﻏ ﺴﻞ ذراﻋﯿ ﮫ وﻣ ﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻ ﯿﺘﮫ وﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ‪ ،‬وأﻟﻘ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﻓﺄﺧﺮج ﯾﺪه ﻣﻦ ﺗﺤ ﺖ اﻟ ُ‬
‫ﺧﻔﱠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﺐ ورﻛﺒﺖ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﮭﯿﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻮم وﻗﺪ ﻗﺎﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ ﻋﺒﺪ‬ ‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ وﻋﻠﻰ ُ‬
‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف وﻗﺪ رﻛﻊ ﺑﮭﻢ رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ذھﺐ ﯾﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬ﻓﺄوﻣ ﺄ إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤ ﺎ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻗ ﺎم اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻗﻤ ﺖ‪ ،‬ﻓﺮﻛﻌﻨ ﺎ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺳ ﺒﻘﺘﻨﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆ آﺧ ﺮ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫»وﻣُﻘﺪﱠم رأﺳﮫ وﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﻣﺘﮫ«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﻄﺎء »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿﺄ ﻓﺤﺴﺮ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ وﻣﺴﺢ ﻣﻘﺪﱠم رأﺳﮫ ‪ -‬أو ﻗﺎل ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ‪-‬‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎء« رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﺮﺳ ً‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ »أﻧﱠﮫ ﻛﺎن ﯾﻤﺴﺢ ﻣُﻘَﺪﱠم رأﺳﮫ ﻣﺮة واﺣﺪة« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ اﻷول ﻓﻔﻲ إﺳﻨﺎده أﺑﻮ ﻣﻌ ِﻘ ﻞ ﻻ ﯾُﻌ ﺮف ﺣﺎﻟُ ﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻣﺠﮭ ﻮلٌ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة وﻓﯿ ﮫ »وﻣ ﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻ ﯿﺘﮫ وﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ« أو »وﻣُﻘﺪﱠم رأﺳ ﮫ وﻋﻠ ﻰ ﻋﻤﺎﻣﺘ ﮫ« ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻌ ﻀﺪ دﻋ ﻮاھﻢ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻓﯿ ﮫ » وﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ« أو »وﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﻣﺘﮫ« ﻟﻜﺎن داﻻً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻠﻮب‪ ،‬أﻣﺎ وأنﱠ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ‬
‫ﻣﺴﺢ اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ أو ُﻣﻘَﺪﱠم رأﺳﮫ‪ ،‬وﻣﺴﺢ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻣﻌـﺎً‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟ ﻚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺣﻜ ﻢ ﺟﺪﯾ ﺪ ﻟﻮاﻗ ﻊ ﺟﺪﯾ ﺪ ھ ﻮ‬
‫ﺟﻮاز اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻛﺠﻮاز اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﻒﱢ ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﺠ ﻮز اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣ ﺔ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﻣﺴﺤﮭﺎ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻈﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ ﻓﻘﺪ ﻣﺴﺤﮭﺎ ھﻲ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﻼ ﻟﮭ ﻢ‪ ،‬ﺑ ﻞ ھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺣﻘﯿﻘﺘ ﮫ ﺣﺠ ٌﺔ‬
‫ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻣﺴﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻣﻨﮫ وﻣﺎ ﺧﻔﻲ‪ ،‬وھﺬا ﻟﯿﺲ دﻟﯿ ً‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ‪.‬‬

‫وأﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﮭ ﻮ ﻣﺜ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ إﻻ أﻧ ﮫ ﯾﺨﺎﻟﻔ ﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺴﺮ اﻟﻌﻤﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻤﺮﺳﻞ اﺿﻄﺮ ﻣﻌﮫ اﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻷن ﯾﺒﺤ ﺚ ﻋ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ آﺧ ﺮ ﯾﻌ ﻀﺪه‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺪ ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ اﻟ ﻀﻌﯿﻒ‬
‫اﻟﻤ ﺎر‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل )ﻗ ﺪ اﻋﺘ ﻀﺪ ﻛ ﻞﱞ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺮﺳ ﻞ واﻟﻤﻮﺻ ﻮل ﺑ ﺎﻵﺧﺮ‪ ،‬وﺣ ﺼﻠﺖ اﻟﻘ ﻮة ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻮرة‬
‫اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ(‪ .‬ﻓﮭﻮ ﺑﮭﺬا ﯾﻌﺘﺮف أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮﺳﻞ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ دﻋ ﻢ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺠ ﺪ ﻣ ﺎ ﯾﺪﻋﻤ ﮫ ﺳ ﻮى‬
‫ﺣ ﺪﯾﺚ آﺧ ﺮ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﺘ ﻲ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑﮭ ﺎ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻏﯿ ﺮ ُﻣ ﺴﻠﱠﻢ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ وﻏﯿﺮ اﻟﺤﺴﻦ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ أو ﺣﺴﻦ وﻟﯿﺲ إﻟﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻟﺪﻋﻤ ﮫ‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫ن ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ وﺣ ﺪﯾﺚ‬ ‫ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻓ ﺈن اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﯾﻜ ﻮن ﺑﮭ ﺬا اﻟ ﺼﺤﯿﺢ أو ﺑﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺴﻦ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ وأ ﱠ‬
‫ﻋﻄﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺎن؟ اﻷول ﯾﻘ ﻮل إن اﻟﻌﻤﺎﻣ ﺔ ﻟ ﻢ ﺗُ ﻨﻘﺾ‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل ﺑﺤ ﺴﺮھﺎ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﯾﻌ ﻀﺪ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫أﻧﺲ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻄﺎء؟ وﻋﻠﻰ ﻓﺮض ﺻ ﻼح ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺣ ﺴﺮ‬

‫‪188‬‬
‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺪﱠم رأﺳﮫ‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﻣﻘﺪﱠم رأﺳﮫ ﺛﻢ ﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﯿﺘﻮاﻓﻖ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻊ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ »وﻣﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻﯿﺘﮫ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ« أو »وﻣُﻘﺪﱠم رأﺳﮫ وﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﻣﺘﮫ«‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﮭﻮ ﻓﻌ ُﻞ ﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﻓﻌﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻘﻠﯿﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻛﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﻒ ﺑﻤﺴﺢ ُﻣ َﻘﺪﱠم رأﺳﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﻦ أراد اﻻﺟﺘﮭﺎد ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺪل ﺑﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ‬
‫أراد ﺗﻘﻠﯿﺪ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻠْﯿﻜﺘ ِ‬
‫)إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻋﻨﮫ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ أﻧﮫ اﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺢ ﺑﻌﺾ رأﺳﮫ اﻟﺒﺘﺔ(‪.‬‬

‫ن ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺈﺟﺰاء ﻣﺴﺢ اﻟﺠﺰء إﻧﻤﺎ أﺟﺎزوا اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ‬ ‫واﻟﺬي ﺣﺼﻞ ھﻮ أ ﱠ‬
‫وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﺮﱡھﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻻ ﻧﺄﺧﺬ إﻻ ﺑﺎﻟﺼﺤﯿﺢ واﻟﺤﺴﻦ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻣﻤﻦ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ ﺟ ﻮاز ﻣ ﺴﺢ‬
‫اﻟﺠﺰء‪ :‬اﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﺳﻔﯿﺎن وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﻄﺒ ﺮي وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﺗﻠﻤﯿ ﺬاه أﺑ ﻮ‬
‫ﯾﻮﺳﻒ وﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬واﻟﺤﺴﻦ واﻟﺜﻮري واﻷوزاﻋﻲ‪ .‬وھﺆﻻء اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﻗﺪر اﻟﻤﻤﺴﻮح‪ ،‬ﻓﺄﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﯾﺠﺰيء ﻣﺴﺢ رﺑﻌﮫ‪ .‬واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺠﺰيء ﻣﺴﺢ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯿﮫ اﻻﺳﻢ وأﻗﻠ ﮫ ﺛ ﻼث ﺷ ﻌﺮات‪ ،‬وﺣُﻜ ﻲ‬
‫ﻋﻨﮫ أﻗﻠﱡﮫ ﺷﻌﺮةٌ واﺣﺪة‪ .‬وأﺟﺎز اﻟﺜﻮري واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﺑﺈﺻﺒﻊ واﺣﺪة‪ .‬وھ ﺬه اﻟﺨﻼﻓ ﺎت ﺑﯿ ﻨﮭﻢ‬
‫ھﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﻨﺎط اﻟﺤﻜﻢ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻧﻔﺴﮫ‪.‬‬

‫وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ وﺟﻮب ﻣﺴﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧ ﺲ واﻟ ُﻤﺰَﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ وﺑﻌ ﺾ‬
‫أھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ‪ ،‬وأدﻟﺘﮭﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن اﻵﯾ ﺔ ﻃﻠﺒ ﺖ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺟ ﺎءت ﺑﺒﯿ ﺎن‬
‫اﻟﻤﺴﺢ وأﻧﮫ ﯾﺸﻤﻞ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس‪ .‬وھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ھﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻟﺒﯿ ﺎن وﺿ ﻮء اﻟﺮﺳ ﻮل ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وآﻟ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ‪ -‬رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ »‪ ...‬ﺛ ﻢ‬

‫ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺑﯿﺪﯾﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﮭﻤﺎ وأدﺑﺮ ‪ ،‬ﺑ ﺪأ ﺑﻤُﻘ ﺪﱠم رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ذھ ﺐ ﺑﮭﻤ ﺎ إﻟ ﻰ ﻗﻔ ﺎه ﺛ ﻢ ردھﻤ ﺎ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﻨﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -2‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ »أﻧﮫ أﻓﺮغ ﻣﻦ اﻹﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻢ ﻏ ﺴﻞ‬
‫أو ﻣﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺸﻖ ﻣﻦ ﻛﻔﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﺎ أﻗﺒﻞ وﻣﺎ أدﺑﺮ ‪ ،‬وﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ھﻜﺬا وﺿﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪«r‬‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻓﯿﮫ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿﺮة اﻟﺴﺎﺑﻖ وﻓﯿﮫ »وﻣﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻﯿﺘﮫ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ«‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ اﻻﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻓﺄﻗﺒ ﻞ ﺑﮭﻤ ﺎ وأدﺑ ﺮ‪ ،‬ﺑﺎدﺋ ﺎً ﺑﻤُﻘ ﺪﱠم‬
‫اﻟﺮأس ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟ ﻰ ﻗﻔ ﺎه‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜﺘ ﻒ ﺑ ﺬﻟﻚ ﺑ ﻞ ردھﻤ ﺎ إﻟ ﻰ ﻣُﻘ ﺪﱠم رأﺳ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺴﺢ‬
‫ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس‪ .‬وأﺻﺮح ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ »ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﺎ أﻗﺒ ﻞ وﻣ ﺎ أدﺑ ﺮ« أي أوﻟ ﮫ‬
‫وآﺧﺮه‪ ،‬أو أﻋ ﻼه وأﺳ ﻔﻠﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﻜ ﻞ‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ ﺟﻌ ﻞ اﻟﺒﺨ ﺎري ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ ﺑﺎﺑ ﺎً ﺳ ﻤﺎه ]ﺑ ﺎب‬
‫ﺠ ﺰِيء أن ﯾﻤ ﺴﺢ‬ ‫ﺳ ﺌﻞ ﻣﺎﻟ ﻚ أ ُﯾ ْ‬
‫ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻠ ﮫ[ وﺳ ﺎق ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري ) ُ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﺮأس؟ ﻓﺎﺣﺘﺞ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ( ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻓ ﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري )ﻗﻮﻟ ﮫ وﺳ ﺌﻞ ﻣﺎﻟ ﻚ‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾﻘ ﮫ‪،‬‬ ‫اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻟﮫ ﻋﻦ ذﻟﻚ ھﻮ إﺳ ﺤﻖ اﺑ ﻦ ﻋﯿ ﺴﻰ ﺑ ﻦ اﻟﻄﺒ ﺎع‪ ،‬ﺑﯿﱠﻨ ﮫ اﺑ ﻦ ُ‬
‫وﻟﻔﻈﮫ‪ :‬ﺳﺄﻟﺖ ﻣﺎﻟﻜ ًﺎ ﻋﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﯾﻤﺴﺢ ﻣُﻘﺪﱠم رأﺳﮫ ﻓﻲ وﺿﻮﺋﮫ أﯾﺠﺰﺋﮫ ذﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ‬
‫ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺴﺢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ وﺿﻮﺋﮫ ﻣﻦ ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ إﻟﻰ ﻗﻔ ﺎه ﺛ ﻢ ر ﱠد‬
‫ﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ ‪ ،‬ﻓﻤﺴﺢ رأﺳﮫ ﻛﻠﮫ(‪ .‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﯾﻔﯿﺪ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻠ ﮫ ﻇ ﺎھﺮه وﻣ ﺎ ﻋ ﻼه ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺴﺢُ ﻣُﻘﺪﱠم اﻟﺮأس أي اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ ﯾُﺠﺰيء ﻟﻤﺎ أﻛﻤﻞ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗ ﺪ ﺑ ﯿﱠﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‪،‬‬
‫ح ﻟﻶﯾﺔ ‪ ،‬وأن اﻟﻤﺴﺢ اﻟﻮاﺟﺐ ھﻮ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻠﱢﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ ْﺮ َو ﻋﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬ ‫وﺑﯿﺎﻧُﮫ ﺷﺮ ٌ‬
‫أﻧﮫ ﻣﺴﺢ ﺟﺰءًا ﻣ ﻦ رأﺳ ﮫ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ أو ﺣ ﺴﻦ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻵﯾ ﺔ ﻣﺠﻤﻠ ﺔ واﻟ ﺴﻨﺔ ﻗ ﺪ‬
‫ﺠ ﺰِيء‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﻛﻠ ﮫ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬ ‫ﺑﯿﻨﺘﮭﺎ ﺑﻤﺴﺢ اﻟﻜﻞ‪ ،‬وأن ھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻊ ﻓﯿﻤ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟ ُﻤ ْ‬
‫ن ھﺬا اﻟﻤﺴﺢ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺮأس ھﻮ اﻟﻮاﺟﺐ وھﻮ اﻟﻤﺘﻌﯿﱢﻦ‪ .‬ﻓﺎﻵﯾ ﺔ ذﻛ ﺮت ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ]ﻓﺎﻏْ ﺴِﻠُﻮا‬ ‫ﻋﻠﻰ أ ﱠ‬
‫ﻞ‬
‫ﺠ َﻤ ٍ‬
‫ن ﻟ ُﻤ ْ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﺟﺎءت ﺗﺒﯿﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ ﻛﻠﮫ ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻛﱢﻠ ﮫ واﺟﺒ ًﺎ ﻷﻧ ﮫ ﺑﯿ ﺎ ٌ‬ ‫وُﺟُﻮ َھﻜُ ْﻢ[ واﻟ ﱡ‬
‫ﺠ ﺰِيء‪ ،‬وﻛ ﺎن‬ ‫ﺐ ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ أﺣ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻗ ﺪﯾﻤًﺎ وﺣ ﺪﯾﺜﺎً إن ﻏ ﺴﻞ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻣُ ْ‬ ‫واﺟ ٍ‬
‫ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮا ذﻟﻚ ﺑﺨﺼﻮص ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس‪ ،‬ﻷن اﻵﯾﺔ أﺟﻤﻠﺖ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻛﻤ ﺎ أﺟﻤﻠ ﺖ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻟﻐ ﺴﻞ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬دون اﯾﺠﺎﺑﮭ ﺎ ﻟﻤ ﺴﺢ ﺟﻤﯿ ﻊ‬ ‫ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﯾُﺼﺎر إﻟ ﻰ إﯾﺠ ﺎب ﺑﯿ ﺎن اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺮأس؟ اﻟﺤﺎل واﺣﺪة واﻟﺤﻜﻢ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن واﺣﺪًا‪.‬‬

‫إﻻ أن ﻗﻮﻟﻲ ھﺬا ﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﺳﺘﯿﻌﺎب ﻛﻞ ﺷﻌﺮة ﻣﻦ ﺷﻌﺮ اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻛﺎﺳ ﺘﯿﻌﺎب ﻛ ﻞ ﺑﻘﻌ ﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺸﺮة اﻟﻮﺟﮫ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن واﻗﻊ اﻟﻐﺴﻞ أﻧﮫ ﯾﺴﺘﻮﻋﺐ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻮﻋﺐ‪،‬‬
‫وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻜ ﻞ ﺷ ﻌﺮة‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﺒﯿﻞ ﻣ ﺴﺢ‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ إﻻ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺴﺘﻮﻋﺒﮫ اﻟﻤﺴﺢ ﺑﻄﺒﯿﻌﺘﮫ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﺒﯿ ﺮة وﻛﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻇﺎھﺮ اﻟﺨُﻒﱢ‪ ،‬وﻛﺘﯿﻤﱡﻢِ اﻟﻮﺟﮫ ﺑﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬ﻓﻜﻠﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﻤﻤﺴﻮح‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺴﺢ ﻻ ﯾﺴﺘﻮﻋﺐ اﻷﺟﺰاء‬
‫ﻛﻠﱠﮭﺎ ﺑﻄﺒﯿﻌﺘﮫ‪ ،‬واﻟﻮاﺟﺐ ھﻮ إﻣﺮا ُر اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮأس‪ ،‬وﻟﯿﺼﻞ اﻟﺒﻠﻞُ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺼﻞ ﻣﻦ ﺷ ﻌﺮ‪،‬‬
‫ﺧ ﺮ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬وھ ﺬه ھ ﻲ‬
‫ﺢ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟ ﺸﻌﺮ وﺗ ﺮك ﺟ ﺰء ﺷ ﻲء آ َ‬‫وھﺬا ﺷﻲءٌ‪ ،‬وﻣﺴ ُ‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺘﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﻢ ﻣﺮ ًة ﯾُﻤﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻠﮫ ؟ ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ﻧﺆﺧﺮه ﺣﺘﻰ ﻧﺴﺘﻌـﺮض اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ ﺑ ﮫ‪.‬‬
‫روى اﻟﺒﺨﺎري ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺟﺎء ﻓﯿﮭﺎ »ﺛﻢ ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺑﯿﺪﯾﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﮭﻤ ﺎ وأدﺑ ﺮ ﺑ ﺪأ ﺑﻤُﻘ ﺪﱠم رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ذھﺐ ﺑﮭﻤﺎ إﻟﻰ ﻗﻔﺎه‪ ،‬ﺛﻢ ردھﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﻨﮫ«‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺟﺎء ﻓﯿﮭﺎ »ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﻤﺴﺢ رأﺳﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﮭﻤﺎ وأدﺑﺮ ﻣﺮة واﺣﺪة«‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﺎ أﻗﺒﻞ وﻣﺎ أدﺑﺮ«‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﺮواﯾ ـﺔ اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ ﺳ ﺎﻗﮭﺎ اﻟﺒﺨ ﺎري ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب ]ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﻣ ﺮة[ أﻧﻘﻠﮭ ﺎ ﺑﻜﺎﻣﻠﮭ ﺎ‪» :‬ﺣ ﺪﺛﻨﺎ‬
‫ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﺣﺮب ﻗﺎل ﺣﺪﺛﻨﺎ وھﯿﺐ ﻗﺎل ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل ﺷﮭﺪت ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺣﺴﻦ ﺳﺄل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻋﻦ وﺿﻮء اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﺪﻋﺎ ﺑﺘﻮرٍ ﻣﻦ ﻣﺎء‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻔﺄ ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ‬
‫ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻓﻤﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨﺸﻖ واﺳﺘﻨﺜﺮ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺑﺜﻼث ﻏﺮﻓﺎت ﻣﻦ ﻣﺎء‬
‫‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻓﻐﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء‪ ،‬ﻓﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‬
‫ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻓﻤ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻓﺄﻗﺒ ﻞ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ وأدﺑ ﺮ ﺑﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ‬
‫اﻹﻧﺎء ﻓﻐﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ« وﻗﺎل اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ :‬ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻮﺳ ﻰ ﻗ ﺎل ﺣ ﺪﺛﻨﺎ وھﯿ ﺐ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺴﺢ‬
‫رأﺳﮫ ﻣﺮة«‪.‬‬

‫‪ -6‬وﻗﺪ روى ﻣﺴﻠﻢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻓﻤﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﯿﺪﯾﮫ وأدﺑﺮ«‪.‬‬

‫ث ِﻣ ﺮا ٍر ﻓﻐ ﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫‪ -7‬ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ »دﻋ ﺎ ﺑﺈﻧ ﺎء ﻓ ﺄﻓﺮغ ﻋﻠ ﻰ ﻛﻔﯿ ﮫ ﺛ ﻼ َ‬
‫أدﺧﻞ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻓﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻓﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ ﺛ ﻼث‬

‫‪190‬‬
‫ﻣِﺮارٍ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ ﺛﻼث ﻣِﺮا ٍر إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣ ﻦ‬
‫ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤﻮ وﺿﻮﺋﻲ ھﺬا ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻻ ﯾُﺤﺪﱢث ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻧﻔﺴﮫ ﻏُﻔ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪم ﻣ ﻦ ذﻧﺒ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﯿﱠ ﺔ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ ﻋﻠﯿ ًﺎ ﺗﻮﺿ ﺄ ‪ ،‬ﻓﻐ ﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ ﺣﺘ ﻰ أﻧﻘﺎھﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ ﺛﻼﺛ ﺎً‪،‬‬
‫واﺳﺘﻨﺸﻖ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻏﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وذراﻋﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﺄﺧﺬ ﻓﻀﻞ ﻃﮭﻮره ﻓﺸﺮﺑﮫ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬أﺣﺒﺒ ﺖ أن أُرﯾﻜ ﻢ ﻛﯿ ﻒ ﻛ ﺎن ﻃُﮭ ﻮر‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻛﻠ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ وأذﻧﯿﮫ ﻣﺴﺤ ًﺔ واﺣﺪة« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺤﺴﻦ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪ :‬إن ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻣﺎ ﺻﺤﯿﺢ أو ﺣﺴﻦ‪.‬‬

‫ووردت أﺣﺎدﯾﺚ أﺧﺮى ﻋﺪﯾﺪة ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﺴﺢ ﻣﺮة واﺣﺪة ‪ ،‬إﻻ أﻧﻨﺎ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﺎ أوردﻧﺎه ﻷﻧ ﮫ ﯾﻜﻔ ﻲ‬
‫ﻹﺛﺒ ﺎت أن اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ھ ﻮ ﻣ ﺴﺤ ٌﺔ واﺣ ﺪ ٌة ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﺑﺮواﯾﺎﺗ ﮫ اﻷرﺑ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري ‪ ،‬ورواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ وﺻ ﻒ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وذﻛ ﺮ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﺮة‬
‫واﺣﺪة ﻓﮭﻤﺎً ﻣﻦ اﻟﺮواﯾﺎت‪ :‬اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري واﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻧُﻄﻘ ﺎً ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ أﺧ ﺬ ﺑ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري ﺣﺘ ﻰ إﻧ ﮫ ﻋﻘ ﺪ ﺑﺎﺑ ًﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ أﻃﻠ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑ ﺎب ﻣ ﺴﺢ‬
‫اﻟ ﺮأس ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻣﺴﺘ ﺸﮭﺪاً ﺑ ﺮاوي اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وھﯿ ﺐ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ »ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﻣ ﺮة« وﻣﺜ ﻞ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺑﺮواﯾﺎﺗﮫ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺒﻨﺪ ‪ ، 7‬ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﺪدًا ﻷﻓﻌﺎل اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣ ﺴﺢ‬
‫ق ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة »وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﺮة«‬ ‫اﻟﺮأس‪ .‬أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺣﯿ ﺔ اﻟﺒﻨ ﺪ ‪ 8‬ﻓﮭ ﻮ ﻣﻨﻄ ﻮ ٌ‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس اﻟﺒﻨﺪ‪ ،9‬ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ اﻟﻤﺴﺢ ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺸﺪ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﯾﻔﯿﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ واﺣ ﺪة ﻓﺤ ﺴﺐ ‪،‬‬
‫وھﺬه اﻟﻤﺮة اﻟﻮاﺣﺪة وردت ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﻣﺤﺪدة ھﻲ َﺑﻞﱡ اﻟﯿﺪﯾﻦ اﻻﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ إﻣﺮارُھﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‬
‫ﺑَﺪءًا ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﯿﺔ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﻘﻔﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻌﻮدة ﻣﻦ اﻟﻘﻔﺎ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺎﺻ ﯿﺔ‪ ،‬وﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻋُ ﺪﱠ ﻣ ﺮ ًة واﺣ ﺪة‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫اﻟﺸﺎﺋﻊ اﻟﻤﻌﺮوف ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻟﻤﺤَﺪﱢﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺨﺎﻟﻒ ھﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ﺳﻮى رواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ذﻛﺮت اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ﺑ ﺸﻜﻞ ﻣﻌﻜ ﻮس »ﻓ ﺄدﺑﺮ ﺑ ﮫ وأﻗﺒ ﻞ« وھ ﺬه رواﯾ ﺔ واﺣ ﺪة‬
‫ﺗﻌﺎرض ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ زﯾﺪ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺗﺮﺟﯿﺢ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻌﺪﯾ ﺪة وﺗ ﺮك ھ ﺬه‬
‫اﻟﺮواﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ واﻟﺘﺤ ﻮﯾﻢ ﻟﻨﺤ ﺎول اﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾﺎت‪،‬ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ )إن اﻹﻗﺒﺎل واﻹدﺑﺎر ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻹﺿﺎﻓﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﻌﯿﻦ ﻣﺎ أﻗﺒ ﻞ إﻟﯿ ﮫ وﻻ ﻣ ﺎ أدﺑ ﺮ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻣﺨ ﺮج‬
‫اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ ﻣﺘﱠﺤﺪ ﻓﮭﻤﺎ ﺑﻤﻌﻨﻰ واﺣﺪ‪ ،‬وﻋﯿﻨﺖ رواﯾﺔ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺒ ﺪاءة ﺑﺎﻟﻤُﻘ ﺪﱠم‪ ،‬ﻓﯿُﺤﻤ ﻞ ﻗﻮﻟ ﮫ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺗﺴﻤﯿﺔ اﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﺑﺘﺪاﺋﮫ أي ﺑﺪأ ﺑﻤُﻘﺪﱠم اﻟﺮأس‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﯿﮭﮫ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ( ﻓﺤﺎر وﻟﻢ ﯾﻘﻄﻊ ﺑﺮأي‪.‬‬

‫ﻋ ﱠﺪ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬إﻻ أن اﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ذﻛ ﺮ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﻣ ﻦ رواﯾ ﺔ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ‬‫ﻗﻠﻨﺎ إن ﻛﻞ ذﻟ ﻚ ُ‬

‫زﯾﺪ‪ ،‬ﻓﯿُﺤﻤﻞ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ اﻋﺘﺒﺮ ﻣﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﻣ ﻦ اﻟﻨﺎﺻ ﯿﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻘﻔ ﺎ ﻣ ﺮة ‪ ،‬واﻟﻌ ﻮدة ﻣ ﻦ اﻟﻘﻔ ﺎ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﯿﺔ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾﮭ ﻢ ﻷن اﻟﻌﺒ ﺮة ﺑ ﺼﻔﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺸﺮوع وﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺎﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠ ﻚ أن‬
‫ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ اﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺴﺤﺔ واﺣﺪة أو ﻣﺴﺤﺘﯿﻦ ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ھﻲ ھﻲ‪.‬‬

‫واﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ﻣﺮة واﺣﺪة ھﻢ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤﺔ ﺳﻠﻔﺎً وﺧﻠﻔﺎً‪ ،‬رُوي ذﻟﻚ ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ واﺑﻨﮫ ﺳﺎﻟﻢ واﻟﺤﺴﻦ وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ وﻣﺠﺎھﺪ وأﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺸﮭﻮر ﻋﻨ ﮫ‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻋﻨﺪ أﻛﺜﺮ أھﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ‪ :‬ﻛﻠﮭﻢ ﯾﻘﻮل ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻣﺴﺤﺔ واﺣﺪة‪.‬‬

‫وذھ ﺐ ﻋﻄ ﺎء واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺛﻼﺛ ﺎً ‪.‬‬
‫ﻓﻠﻨﺴﺘﻌﺮض أدﻟﺘﮭﻢ وﺷﺒﮭﺎﺗﮭﻢ ﻛﻠﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺷﻘﯿﻖ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎل »رأﯾﺖ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن ﻏﺴﻞ ذراﻋﯿﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ‬
‫ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻌﻞ ھﺬا« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ ﺧﯿ ﺮ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻰ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أ ﱠﻧ ﮫ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﻀﻤﺾ‬

‫واﺳﺘﻨﺸﻖ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وذراﻋﯿﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫ﺐ أن ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎﻣ ً‬
‫ﻼ ﻓﻠْﯿﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ھ ﺬا« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬ ‫ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﻦ أﺣ ﱠ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫ﻼ ﻣﻦ ﻋﻠﻲ وﻋﺜﻤﺎن واﺑﻦ ﻋﻤﺮ وأﺑﻲ ھﺮﯾﺮة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ أوﻓ ﻰ وأﺑ ﻲ ﻣﺎﻟ ﻚ‬ ‫‪ -3‬ﻗﺎﻟﻮا إن ﻛ ً‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ ﻗ ﺪ روى ﻋ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أﻧ ﮫ ﺗﻮﺿ ﺄ ﺛﻼﺛ ﺎً ﺛﻼﺛ ﺎً‪ .‬ھ ﺬا ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫واﻟﺮﺑﯿ ﻊ وأُﺑ ﱢ‬
‫اﺳﺘﺤﺒﺎب ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﺛﻼﺛﺎً‪ .‬ﻓﻠْﻨﻨﺎﻗﺶ ھﺬه اﻟﺒﻨﻮد ﺑﻨﺪاً ﺑﻨﺪاً‪:‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول إﺳﻨﺎده ﺿﻌﯿﻒ ﻓﻔﻲ رواﯾ ﺔ أﺑ ﻲ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻋ ﺎﻣﺮ ﺑ ﻦ ﺷ ﻘﯿﻖ‪،‬‬
‫ﯾﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺟﻤﺮة ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ورواﯾﺔ ﻟﻠﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ اﻟ ﺴﻜﻦ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫اﺑ ﻦ دارة وھ ﻮ ﻣﺠﮭ ﻮل اﻟﺤ ﺎل‪ ،‬وﻟﻠﺒﯿﮭﻘ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻄ ﺎء ﻋ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن وﻓﯿﮭ ﺎ اﻧﻘﻄ ﺎع‪،‬‬
‫وﻟﻠﺪارﻗﻄﻨﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ اﻟﺒﯿﻠﻤﺎﻧﻲ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪاً‪ ،‬ﻋﻦ أﺑﯿﮫ وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺠﻤﯿﻊ ﻃﺮﻗﮫ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )وﻗ ﺪ رُوي ﻣ ﻦ أوﺟ ٍﮫ ﻏﺮﯾﺒ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﺤﻔﱠﺎظ اﻟﺜﱢﻘﺎت ﻟﯿ ﺴﺖ ﺑﺤﺠ ﺔ‬ ‫ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ذﻛﺮ اﻟﺘﻜﺮار ﻓﻲ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس إﻻ أﻧﮭﺎ ﻣﻊ ﺧﻼف اﻟ ُ‬
‫ﺞ ﺑﮭ ﺎ( ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ داود )أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﻌ ﺾ أﺻ ﺤﺎﺑﻨﺎ ﯾﺤ ﺘ ﱡ‬
‫ﻋﻨﮫ اﻟﺼﺤﺎح ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس أﻧﱠﮫ ﻣﺮة‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﻢ ذﻛﺮوا اﻟﻮﺿﻮء ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا ﻓﯿﮭ ﺎ وﻣ ﺴﺢ‬
‫رأﺳﮫ وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮوا ﻋﺪدًا ﻛﻤﺎ ذﻛﺮوا ﻓﻲ ﻏﯿﺮه( واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ ﺧﯿﺮ‬
‫ﻣﻦ رواﯾﺔ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻋﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ‪ ،‬وﻗ ﺎل )ﻻ ﻧﻌﻠ ﻢ أﺣ ﺪًا ﻣ ﻨﮭﻢ ﻗ ﺎل‬
‫ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ إﻧﮫ ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺛﻼﺛﺎً ﻏﯿﺮ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ‪ ،‬وﻣﻊ ﺧﻼف أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ روى ﻟ ﺴﺎﺋﺮ ﻣ ﻦ روى‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺢ ﻓﯿﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻣﺮة واﺣﺪة( ﻓﮭ ﻮ إذن ﺷ ﺎذ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬ورواﯾ ﺔ اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬ ‫اﻟ ﱡ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ :‬ھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻟﺬا ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺷﺎذ وﺿﻌﯿﻒ ﻓﻼ ﯾﺤﺘﺞ ﺑ ﮫ‪.‬‬
‫وﻗﺪ رُوﯾﺖ أﺣﺎدﯾﺚ أﺧﺮى ﺗ ﺬﻛﺮ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وھ ﻲ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺣﺎﺟﺔ ﻻﺳﺘﻌﺮاﺿﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺒﻨـــﺪ اﻟﺜﺎﻟـــﺚ ﻓــﺈن ﻗﻮﻟﮭﻢ إن ﻋــﺪدًا ﻣﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑــﺔ ـ وذﻛﺮوھـ ـﻢ ـ رووا أن اﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﺻ ﺤﯿﺢ وﻟﻜﻨ ﮫ ﻣﺠﻤَ ﻞ‪ ،‬وﺟ ﺎءت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺗﻔ ﺴﺮ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﺠ َﻤ ﻞ وﺗﺒﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وﺗﺠﻌ ﻞ اﻟﻌ ﺪد ﻓ ﻲ اﻟﻤﻐ ﺴﻮل دون اﻟﻤﻤ ﺴﻮح‪ ،‬وأن اﻟﻤﻤ ﺴﻮح ﯾُﻤ ﺴﺢ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪.‬‬
‫واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤُﺠْﻤَﻠ ﺔ ﺗُﺤﻤَ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤُﻔ ﺼﱢﻠﺔ‪ ،‬وھﻨ ﺎ أﺣ ﺎدﯾﺜﮭﻢ ﻣﺠﻤَﻠ ﺔ وأﺣﺎدﯾﺜﻨ ﺎ‬
‫ﻣﻔﺼﱢﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻤﻞ أﺣﺎدﯾﺜﮭﻢ ﻋﻠﻰ أﺣﺎدﯾﺜﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻌﺪد ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺴﻮل واﺳﺘﺜﻨﺖ ﻣﻨﮫ اﻟﻤﻤﺴﻮح‪ .‬ﻗ ﺎل‬
‫اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ )اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮوا ﻓﯿﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﺛﻼﺛ ﺎً ﺛﻼﺛ ﺎً أرادوا ﺑﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﺳ ﻮى اﻟﻤ ﺴﺢ‪،‬‬
‫ﻓﺈن رواﺗﮭﺎ ﺣﯿﻦ ﻓﺼﱠﻠﻮھﺎ ﻗﺎﻟﻮا وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬واﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ﯾُﺤﻜﻢ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﻤﺎل وﯾﻜ ﻮن‬

‫‪192‬‬
‫ﺗﻔﺴﯿﺮًا ﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﺎرض ﺑﮫ ﻛﺎﻟﺨﺎص ﻣﻊ اﻟﻌﺎم( وﻗﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )واﻹﻧ ﺼﺎف أن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺜﻼث ﻟ ﻢ‬
‫ﺗﺒﻠﻎ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺣﺘﻰ ﯾﻠ ﺰم اﻟﺘﻤ ﺴﻚ ﺑﮭ ﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺰﯾ ﺎدة‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺻ ﺢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﺎﺑﺘ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﯿﻦ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤ ﺎن وﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ زﯾ ﺪ وﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫اﻟﻤﺘﻌﯿﱢﻦ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﯿﯿﺪه ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑ ﺎﻟﻤﺮة اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ »ﻣ ﻦ زاد ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا‬
‫ض ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺬي ﻗ ﺎل‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وﻏﯿﺮه ﻗﺎ ٍ‬ ‫ﻓﻘﺪ أﺳﺎء وﻇﻠﻢ« اﻟﺬي ﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﻌﺪه اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻛﯿﻒ وﻗ ﺪ ورد ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘ ﺼﺮﯾﺢ‬
‫ﺑﺄﻧﮫ ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﻣﺮة واﺣﺪة ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻣَﻦ زاد( وﻗﺎل اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر )إن اﻟﺜﺎﺑ ﺖ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﺎس ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ اﻟﻤ ﺮاد ﻣﻨ ﮫ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐ ﺔ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬وﺑ ﺄن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻣﺒﻨ ﱞ‬
‫اﻹﺳﺒﺎغ‪ ،‬وﺑﺄن اﻟﻌﺪد ﻟﻮ اﻋﺘُﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ ﻟﺼﺎر ﻓﻲ ﺻﻮرة اﻟﻐُﺴﻞ‪ ،‬إذ ﺣﻘﯿﻘ ﺔُ اﻟﻐُ ﺴﻞ ﺟﺮَﯾ ﺎنُ اﻟﻤ ﺎء‪،‬‬
‫واﻟﺪﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﺑﻤﺸﺘﺮط ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻨﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء(‪.‬‬

‫وﺑﮭﺬا ﯾﺘﺒﯿﻦ وﺟﮫ اﻟﺤﻖ ﻓﯿﻤﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣ ﻦ أن اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺸﺮوع ھ ﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬وأن‬
‫اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮة ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ‪ ،‬وﺗ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ‪ .‬واﻟﻤ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟ ﺮأس اﻟﻤ ﺴﺢ دون‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻷﻋﻀﺎء‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻏﺴﻞ أﺣﺪھﻢ رأﺳﮫ ﺑﺪل اﻟﻤﺴْﺢ ﻟﻤﺎ أﺟﺰأه وﻟﺒﻄ ﻞ وﺿ ﻮؤه ﺧﻼﻓ ﺎً‬
‫ن‬
‫ﻟﻤﻦ أﺟﺎز ذﻟﻚ‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﺒﺎدة ھﺬه ﻻ ﯾﺼﺢ ﺗﻌﻠﯿﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬وأنﱠ اﻟﻐُﺴ َﻞ أﻧﻈﻒ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا وإ ْ‬
‫ﻛﺎن ﺻﺤﯿﺤًﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ إﻻ أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أراد اﻟﻤﺴﺢ ﻓﻮﺟﺐ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺺ وﻋﺪم اﻻﺟﺘﮭﺎد‬
‫ﻓﯿﮫ ‪ ،‬ﻷن اﻻﺟﺘﮭﺎد ھﺬا ﯾﻌﻄﱢﻞ اﻟﻨﺺ وﯾﻠﻐﯿﮫ ‪ ،‬وھﻮ ﺣﺮام ﻻ ﯾﺠﻮز‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ھ ﻞ ﯾُﻤ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﻤ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ أم ﺑﻤ ﺎ ﯾﻔ ﻀﻞ ِﻣ ﻦ ﻣ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ؟ ﻓﻠﻠﺠ ﻮاب ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‬

‫ﻧﺴﺘﻌﺮض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮫ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ واﺳ ﻊ اﻷﻧ ﺼﺎري أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﯾ ﺬﻛﺮ أﻧ ﮫ »رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪،‬‬

‫ﻓﺄﺧﺬ ﻷُذﻧﯿﮫ ﻣﺎء ﺧﻼف اﻟﻤﺎء اﻟﺬي أﺧﺬ ﻟﺮأﺳﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﺻﺤﺤﮫ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ـ ﻓﻲ ﺻ ﻔﺔ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ـ »وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎءٍ ﻏﯿ ﺮ ﻓ ﻀﻞ‬

‫ﯾﺪه ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺪارﻣﻲ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻧﻤﺮان ﺑﻦ ﺟﺎرﯾﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧ ﺬوا ﻟﻠ ﺮأس ﻣ ﺎءً ﺟﺪﯾ ﺪاً« رواه‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ـ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ـ »ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓﺎﺳ ﺘﺨﺮﺟﮭﺎ ﻓﻤ ﺴﺢ‬
‫ﺑﺮأﺳﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﯿﺪﯾﮫ وأدﺑﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ـ ﻓ ﻲ ﺻ ﻔﺔ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ـ »ﺛ ﻢ أﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪه ﻣ ﺎءً ﻓﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ‬

‫ﻓﺄدﺑﺮ ﺑﮫ وأﻗﺒﻞ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ‪ :‬ﺣ ﺪﺛﺘﻨﻲ اﻟﺮُﺑﱢﯿ ﻊ ﺑﻨ ﺖ ﻣُﻌ ﻮﱢذ ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺮاء أن رﺳ ﻮل‬
‫ﺧﺮِه ﺛ ﻢ رد ﯾ ﺪه إﻟ ﻰ‬‫اﷲ ‪ ...» r‬ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﻣ ﻦ وﺿ ﻮﺋﮫ ﻓ ﻲ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺑ ﺪأ ﺑ ُﻤ َﺆ ﱠ‬
‫ﻧﺎﺻﯿﺘﮫ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ ﻣ ﺎءٍ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ‬
‫ي )ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ ﺻ ﺪوق‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺗﻜﻠ ﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻣ ﻦ ﻗِ َﺒ ﻞ ﺣﻔﻈ ﮫ(‬ ‫ﯾﺪه« ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬ ﱡ‬
‫وﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري )ﻛ ﺎن أﺣﻤ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ واﻟﺤﻤﯿ ﺪي ﯾﺤﺘﺠ ﻮن ﺑﺤﺪﯾﺜ ﮫ( وﺑ ﺬﻟﻚ ﺻ ﻠﺢ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﺧﺬ ﻣﺎء ﻟﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﻣﻨﻄﻮﻗ ﺎً‪ ،‬ﻷن ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫»ﺧﻼف اﻟﻤﺎء اﻟﺬي أﺧﺬ ﻟﺮأﺳﮫ« إﺛﺒﺎت أن اﻟﺮأس أُﺧﺬ ﻟﮫ ﻣﺎء‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺸﻲء ﻧﻔ ﺴﮫ واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺨﺎﻣﺲ أﻓﺎدا أن اﻟﺮأس ﯾُﺆﺧﺬ ﻟﮫ ﻣﺎءٌ ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫وھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ أﻓﺎدت أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻌﻼً‪ ،‬وھﻲ أﺣﺎدﯾﺚ‬
‫ﺗﺼﻠﺢ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬وﺟﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس اﻟ ﺬي ﻓﯿ ﮫ »ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺑﻤ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﻣ ﻦ وﺿ ﻮﺋﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ« ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺣﻤﺪ‪ ،‬و »ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ٍء ﻛﺎن ﻓ ﻲ ﯾ ﺪه« ﺣ ﺴﺒﻤﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔ أﺑﻲ داود‪ .‬وھﺬان اﻟﻠﻔﻈﺎن ﻟﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿﺪان أن ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﯾﺼﺢ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وھﻤ ﺎ‬
‫ﻞ ﻣﻦ أﻓﻌﺎﻟﮫ ‪ ، r‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺼﻮص ﺗﻔﯿ ﺪ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﺑﻤ ﺎء ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬وأﺧ ﺮى ﺗﻔﯿ ﺪ‬
‫أﯾﻀًﺎ ﻓﻌ ٌ‬
‫ل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﯿﻦ أن ﯾﻤﺴﺢ رأﺳﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻤ ﺎء‬ ‫ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وذﻟﻚ دا ﱞ‬
‫ﺟﺪﯾﺪ وﺑﯿﻦ أن ﯾﻤﺴﺤﮫ ﺑﻤﺎء ﯾﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻘﺐ ﻏﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻼ اﻟﻔﻌﻠﯿﻦ ﺟﺎﺋﺰ‪.‬‬

‫ورب ﻗﺎﺋﻞ ﯾﻘﻮل ‪ :‬إن ﻛﻮﻧﮫ ‪ r‬أﺧﺬ ﻟﺮأﺳﮫ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪًا ﻛﻤﺎ وﻗﻊ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﯾﻨ ﺎﻓﻲ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻣﻦ أﻧﮫ ‪ r‬ﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﺑﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ وﺿﻮﺋﮫ ﻓﻲ ﯾﺪه‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿﺒﮫ ﺑﺄن اﻟﺘﻨﺼﯿﺺ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻞ ﺑﺼﯿﻐﺔ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮد اﻟﻮﻗﻮع‪ ،‬وﻻ ﯾﺴﺘﻠﺰم ﻋﺪم وﻗﻮع ﻏﯿﺮه ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ ﺣ ﺼﺮًا ﻟﻠﻤﻨ ﺼﻮص‬ ‫ﻓﻌ ٍ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وﻻ ﻧﻔﯿ ًﺎ ﻋ ّﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه‪ .‬واﻟﺨﻼﺻ ﺔ أﻧ ﮫ ﯾﺠ ﻮز ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس أن ﯾﻜ ﻮن ﺑﻤ ﺎ ٍء ﺟﺪﯾ ﺪ وأن ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﺎﻓﻲ ھﺬا اﻟﺨﯿﺎر ﻗﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ »ﺧﺬوا ﻟﻠﺮأس ﻣﺎءً ﺟﺪﯾ ﺪاً« ﻟ ﺴﺒﺒﯿﻦ‪:‬‬
‫أﺣﺪھﻤﺎ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ ﻗﺮﯾﻨﺔ داﻟﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿﮭﻤ ﺎ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﯿ ﮫ ﺿ ﻌﻒ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺟﺎء ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ[ ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺼﺮف ﺣﻜﻢ اﻻﺧﺘﯿﺎر إﻟﻰ إﯾﺠﺎب أﺣﺪھﻤﺎ‪.‬‬

‫ﺢ اﻷذﻧﯿﻦ ﻟﻸﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﻦ ﻣﺴ ُ‬
‫‪ -10‬ﻣﺴﺢ اﻷذﻧﯿﻦ‪ :‬ﯾُﺴ ﱡ‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ »رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻛﻠ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ‬
‫ﺛﻼﺛًﺎ ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ وأذﻧﯿﮫ ﻣﺴﺤﺔ واﺣﺪة« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ أُذﻧﯿ ﮫ داﺧﻠَﮭﻤ ﺎ ﺑﺎﻟ ﺴﱠﺒﺎﺑﺘﯿﻦ وﺧ ﺎﻟﻒ‬

‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‬
‫إﺑﮭﺎﻣﯿﮫ إﻟﻰ ﻇﺎھﺮ أُذﻧﯿﮫ ﻓﻤﺴﺢ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤﺎ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻲ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺘﻤﻀﻤﺾ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ‬ ‫ﺤﱢ‬‫‪ -3‬ﻋﻦ اﻟﺼﱡﻨﺎ ِﺑ ِ‬
‫ﻣﻦ ﻓﯿﮫ ‪ ...‬ﻓﺈذا ﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ ﺧﺮﺟ ﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨ ﺮج ﻣ ﻦ أُذﻧﯿ ﮫ ‪ «...‬رواه ﻣﺎﻟ ﻚ ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ورﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ وأُذﻧﯿ ﮫ ﻇﺎھ ـﺮَھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨَﮭﻤ ﺎ«‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ »أﻧﱠﮫ رأى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ ﻷُذﻧﯿﮫ ﻣﺎءً ﺧ ﻼ َ‬
‫ف اﻟﻤ ﺎء اﻟ ﺬي‬
‫أَﺧ ﺬ ﻟﺮأﺳ ﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﺬا إﺳ ﻨﺎد ﺻ ﺤﯿﺢ ‪ .‬ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﻣ ﺎء ﻷُذﻧﯿ ﮫ‬
‫ف اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻣﺴﺢ ﺑﮫ رأﺳﮫ« وﻗﺎل ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط اﻟﺸﯿﺨﯿﻦ‪.‬‬ ‫ﺧﻼ َ‬

‫‪194‬‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ 4 ،2 ،1 :‬ﺗﻔﯿﺪ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻣﺴﺢ اﻷُذﻧﯿﻦ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎً‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﻔﯿﺪ ذﻟ ﻚ ﻣﻔﮭﻮﻣ ﺎً‪،‬‬
‫ﻷنﱠ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟ ﺬي ﯾﻨ ﺘﺞ ﻋﻨ ﮫ ﺧ ﺮوج اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻣ ﻦ اﻷذﻧ ﯿﻦ ﯾ ﺸﯿﺮ إﻟ ﻰ أن اﻷُذﻧ ﯿﻦ ﺗﺘﺒﻌ ﺎن‬
‫اﻟﺮأس ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻟﻮﻻ ﻣﺴﺤﮭﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ .‬ھ ﺬه واﺣ ﺪة‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓ ﺈن ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﯿﻨﺖ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣ ﺴﺤﮭﻤﺎ وأﻧﮭﻤ ﺎ ﺗﺘﺒﻌ ﺎن اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺤﺘ ﺎج ﻟﮭﻤ ﺎ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎءٍ ﺟﺪﯾ ﺪ‪،‬‬
‫وأﻧﮭﻤ ﺎ ﯾُﻤ ﺴﺤﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺪاﺧﻞ واﻟﺨ ﺎرج‪ ،‬اﻟ ﺪاﺧﻞ ﺑﺎﻟ ﺴﱠﺒﺎﺑﺘﯿﻦ أو اﻟ ُﻤ ﺴﺒﱢﺤﺘﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺨ ﺎرج ﺑﺎﻹﺑﮭ ﺎﻣﯿﻦ ‪،‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻋﻤ ﻞ ﺑﻜ ﻞ ھ ـﺬا‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ اﻟ ﺬي‬ ‫وأﻧﮭﻤﺎ ﺗُﻤﺴﺤﺎن ﻣﺮة واﺣﺪة ﻛ ﺎﻟﺮأس‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أراد اﻟ ﱡ‬
‫ﯾﻔﯿﺪ أﺧﺬ ﻣﺎء ﺟﺪﯾﺪ ﻟﻸُذﻧﯿﻦ ﻏﯿﺮ ﻣﺎء اﻟﺮأس ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﺨﺘَﻠ ﻒ ﻓ ﻲ ﺗ ﺼﺤﯿﺤﮫ ‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺤﮫ ﻛ ﺎﺑﻦ‬
‫ﺣﺠ ﺮ‪ ،‬وﻣ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ أﻋﱠﻠ ﮫ ﻛ ﺎﺑﻦ دﻗﯿ ـﻖ اﻟﻌﯿ ـﺪ‪ ،‬واﺑ ﻦ اﻟﻘﯿ ـﻢ ﯾﻘ ـﻮل ) ﻟ ﻢ ﯾﺜﺒ ﺖ ﻋﻨ ـﮫ أﻧ ﮫ أﺧ ﺬ ﻟﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺎء‬
‫ﺟﺪﯾﺪاً‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺻﺢ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ( ﻋﻠﻰ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻮ ﺛﺒﺘﺖ ﺻﺤﺘﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪ ـﻞ ﻋﻠ ـﻰ ﺟ ـﻮاز‬
‫ن ﻣﻦ ﺷﺎء أﺧـﺬ ﻟﮭﻤﺎ ﻣ ـﺎء ﺟ ـﺪﯾﺪاً‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺷ ﺎء ﻣ ﺴﺤﮭﻤﺎ ﺑﻤ ﺎ ﯾﺘﺒﻘ ﻰ‬ ‫أﺧـﺬ ﻣـﺎء ﺟﺪﯾـﺪ ﻟﻸُذﻧﯿﻦ‪ ،‬وإذن ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﻓﻲ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ِء ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ‪ ،‬أﱠﯾًﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺟﺎز‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذھﺐ إﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ راھُﻮﯾ ﮫ وأﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﻨ ﮫ ‪ ،‬إﻟ ﻰ أن ﻣ ﺴﺢ اﻷُذﻧ ﯿﻦ واﺟ ﺐ‪ ،‬وذھ ﺐ‬

‫ﻏﯿﺮھﻤﺎ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪ .‬واﺳﺘﺪل اﻟﻘﺎﺋﻼن ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﺑﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﻓِﻌ ﻞُ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻤﺴﺢ اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪھﻤﺎ أن أﻓﻌﺎﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻛﺄﻗﻮاﻟ ﮫ‪،‬‬
‫ﺚ رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻏﯿ ﺮه ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻷذﻧ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس« وﻗ ﺎﻻ ‪ :‬إن‬‫واﺳﺘﺪﻻ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺤﺪﯾ ٍ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل إن اﻷُذﻧﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺮأس‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﺑﻤﺴﺢ اﻟﺮأس أﻣ ﺮاً ﺑﻤ ﺴﺤﮭﻤﺎ ﻓﯿﺜﺒ ﺖ وﺟﻮﺑ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ‪.‬‬

‫واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ھ ﻮ أن أﻓﻌ ﺎل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫وﻻ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ھﻨ ﺎ‪ ،‬ﺑ ﻞ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ھ ﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬وھ ﻲ ﻛ ﻮن اﻟﻔﻌ ﻞ ھﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ن اﻷُذﻧ ﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس ﻓ ﺈن ھ ﺬا‬ ‫ﺠﺰِئ‪ ،‬وﻟﺬا ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﺤﺒﺎب ﻣﺴﺢ اﻷُذﻧﯿﻦ وﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﺑﻮﺟﻮﺑ ﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ أ ﱠ‬ ‫اﻟﻤُ ْ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺠﻤﯿﻊ ﻃﺮﻗﮫ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )ﻗ ﺪ ﺛﺒ ﺖ أﻧ ﮫ ﻣُ ْﺪرَج( أي أﻧ ﮫ‬
‫ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﺮواة وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ﻗ ﺎل ﻗﺘﯿﺒ ﺔ ﻗ ﺎل ﺣﻤ ﺎد‪:‬‬
‫ﻻ أدري ھﺬا ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أو ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ أﻣﺎﻣﺔ( وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻋﻤ ﺮو‬
‫ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ وھﻮ ﻣﺘﺮوك‪ ،‬وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻼﺛﺔ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺑ ﻲ أﻣﺎﻣ ﺔ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺷﮭﺮ ﺑﻦ ﺣَﻮﺷَﺐ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ .‬واﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﻻﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ن اﻟﻘ ﻮل »اﻷذﻧ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس « ﻣُ ْﺪرَج‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺎت اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬ ‫ﺣ ﺴﻨﺔ‪ ،‬إﻻ أ ﱠ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻣﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻓﺎد ذﻟﻚ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻧﻔﺴﮫ ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻨﺪ اﻟ ﺪار‬
‫ﻗﻄﻨ ﻲ اﺧ ﺘﻼفٌ ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﻒ واﻟﺮﻓ ﻊ‪ ،‬وﺻ ﻮﱠب اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ اﻟﻮﻗ ﻒ‪ ،‬أي أﻧﱠ ﮫ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ وزاد‬
‫)وھﻮ ﻣﻨﻘﻄﻊ( وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ اﻷزھ ﺮ وﻗ ﺪ ﻛﺬﺑ ﮫ‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﺎل اﺑ ﻦ اﻟ ﺼﻼح‪ :‬إن ﺿ ﻌﻔﮭﺎ ﻛﺜﯿ ﺮ ﻻ ﯾﻨﺠﺒ ﺮ ﺑﻜﺜ ﺮة اﻟﻄ ﺮق‪ .‬وإذن ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‬
‫ﺑﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب ﻣ ﺴﺢ اﻷذﻧ ﯿﻦ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻣﻌﻘﱢﺒ ﺎً ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل )وأُﺟﯿ ﺐ ﺑﻌ ﺪم‬
‫اﻧﺘﮭﺎض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬واﻟﻤﺘ ﯿﻘﻦ اﻻﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻓ ﻼ ﯾُ ﺼﺎر إﻟ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب إﻻ ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﻧ ﺎھﺾ‪،‬‬
‫وإﻻ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﱠﺘﻘﱡﻮل ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ( واﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻣ ﺴﺢ اﻷُذﻧ ﯿﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﻨﻲ )وﻗﺎل اﻟﺨﻼﱠل ﻛﻠﮭﻢ ﺣﻜﻮا ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ‪ -‬أي أﺣﻤ ﺪ‪ -‬ﻓ ﯿﻤﻦ ﺗ ﺮك ﻣ ﺴﺤﮭﻤﺎ‬
‫ﻋﺎﻣﺪاً أو ﻧﺎﺳﯿ ًﺎ أﻧﮫ ﯾُﺠ ِﺰﺋُﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷﻧﮭﻤﺎ ﺗﺒ ٌﻊ ﻟﻠﺮأس‪ ،‬ﻻ ﯾُﻔﮭﻢ ﻣ ﻦ إﻃ ﻼق اﺳ ﻢ اﻟ ﺮأس دﺧﻮﻟﮭﻤ ﺎ ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬
‫ﺠ ِﺰ ِه ﻣ ﺴﺤُﮭﻤﺎ ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﺤﮫ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﻦ اﺟﺘ ﺰأ ﺑﻤ ﺴﺢ ﺑﻌ ﻀﮫ‬ ‫وﻻ ﯾﺸﺒﮭﺎن ﺑﻘﯿﺔ أﺟﺰاء اﻟﺮأس‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ُﯾ ْ‬
‫واﻷَوﻟﻰ ﻣﺴﺤﮭﻤﺎ ﻣﻌﮫ( وھﺬا ﯾﻔﯿﺪ اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﮫ ﻟﻤﺴﺤﮭﻤﺎ دون وﺟﻮﺑﮫ‪.‬‬

‫]ﻣﺴﺄﻟــﺔ[‬

‫‪195‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ ﻣﺴﺢ اﻟﺮﻗﺒﺔ ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ وﻻ ﺣﺴﻦ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻃﻠﺤ ﺔ اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺼﺮﱢف ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه »أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺑﻠ ﻎ اﻟ ُﻘ ﺬال وﻣ ﺎ ﯾﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣُﻘﺪﱠم اﻟﻌﻨﻖ ﺑ َﻤﺮﱠة‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻘُﺬال اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ اﻟﻌﻨﻖ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓﻔﯿ ﮫ ﻟﯿ ﺚ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻠﯿﻢ وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ ‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن )ﻛﺎن ﻟﯿﺚ ﯾﻘﻠﺐ اﻷﺳ ﺎﻧﯿﺪ وﯾﺮﻓ ﻊ اﻟﻤﺮاﺳ ﯿﻞ وﯾ ﺄﺗﻲ ﻋ ﻦ اﻟﺜﻘ ﺎت ﺑﻤ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺜﮭﻢ‪،‬‬ ‫ﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫ﺗﺮﻛﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن واﺑﻦ ﻣﮭﺪي واﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ وأﺣﻤﺪ(‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )اﺗﻔ ﻖ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﻌﻔﮫ(‪ .‬وﻣ ﺎ‬
‫ن ﻣﻦ اﻟ ِﻐ ﱢﻞ« ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ اﻟ ﺼﻼح‪:‬‬ ‫ﺠﻮَﯾﻨﻲ واﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ »ﻣﺴﺢ اﻟﺮﻗﺒﺔ أﻣﺎ ٌ‬‫ﻋﺰاه اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻟﻠ ُ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺮوف ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وھ ﻮ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل ﺑﻌ ﺾ اﻟ ﺴﻠﻒ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻣﻮﺿﻮع( وﻗﺎل )ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﯿﮫ ﺷﻲء(‪ ،‬وأﺿﺎف )وﻟﯿﺲ ھ ﻮ ﺑ ﺴﻨﱠﺔ ﺑ ﻞ ﺑﺪﻋ ﺔ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻘﯿﻢ‪ :‬ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻌﻨ ﻖ ﺣ ﺪﯾﺚٌ اﻟﺒﺘ ﺔ‪ .‬وﻟ ﺬا ﻓ ﺈن ﻣ ﺴﺢ اﻟﺮﻗﺒ ﺔ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺸﺮوع‪ ،‬وھ ﻮ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺑﻮاﺟﺐ وﻻ ﻣﻨﺪوب‪ ،‬وﯾﻨﺒﻐﻲ ﺗﺮﻛﮫ‪.‬‬

‫‪ -11‬ﻏﺴﻞ اﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ :‬وھﻮ اﻟﻔﺮض اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣ ﻦ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬واﻷدﻟ ﺔ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وَأ ْرﺟُ َﻠ ُﻜﻢْ إﻟﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿﻦِ[ وﻛ ﺬﻟﻚ إﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة وﻗ ﺪ‬
‫ﻣﺮت‪.‬‬

‫ﻦ آﻣ ُﻨ ﻮا إذا ﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎﻏْ ﺴِﻠُﻮا‬ ‫وﻟﻨﻘﻒ وِﻗﻔ ﺔً ﻣﺘﺄﻧﱠﯿ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ]ﯾ ﺎ أﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾ َ‬
‫ﻦ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﺳ ﻜُ ْﻢ وَأ ْرﺟُ َﻠﻜُ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿ ِ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُ ؤُو ِ‬ ‫ﻖ وا ْﻣ َ‬ ‫وُﺟُ ﻮ َھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫ﺳ َﺘ ِﻌﺬْ‬
‫ن ﻓﺎ ْ‬‫ت اﻟﻘُ ﺮآ َ‬‫اﻟﻤﺎﺋﺪة‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ إذا ﻗﻤﺘﻢ ‪ :‬أي إذا أردﺗ ﻢ اﻟﻘﯿ ﺎم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻛﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻓ ﺈذا ﻗَ ﺮَ ْأ َ‬
‫ﷲ[ أي إذا أردت ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن‪ .‬وﻗﺪ ﻓﮭﻢ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﻓﺮض اﻟﻨﯿ ﺔ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎﻟﻮا ‪:‬‬ ‫ﺑﺎ ِ‬
‫ﻦ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﯾﻜﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﯿﺔ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮ »إﻧﻤ ﺎ‬ ‫إن ﻗﻮﻟﮫ إذا ﻗﻤﺘﻢ ﻣﻌﻨﺎه إذا ﻧﻮﯾﺘﻢ اﻟﻘﯿﺎم‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻖ[ ﺑ ﺎﻟﺠﻤﻊ ﻟﻠﻤﺮﻓ ﻖ‪ ،‬وﺗﻘ ﻮل ]وَأ ْرﺟُ َﻠ ُﻜ ْﻢ إﻟ ﻰ‬ ‫اﻷﻋﻤ ﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿ ﺔ« واﻵﯾ ﺔ ﺗﻘ ﻮل ]وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬
‫ﻦ[ ﺑﺎﻟﺘﺜﻨﯿﺔ ﻟﻠﻜﻌﺐ‪ .‬واﻟﺬي ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪيﱠ أن ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﻗﺎﻟ ﮫ اﺑ ﻦ ﻋﻄﯿ ﺔ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ‬ ‫اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿ ِ‬
‫اﻟﺠﻠﯿﻞ ]اﻟﻤُﺤﺮﱠر اﻟﻮﺟﯿﺰ[ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه )وﯾﻈﮭﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻵﯾﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻷﯾﺪي ]إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَاﻓِﻖِ[ أي‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﺪ ﻣﺮﻓﻖ ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛ ﺎن ﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﻲ اﻷرﺟ ﻞ ﻟﻘﯿ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌ ﻮب‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﺟ ﻞ ﻛﻌﺒ ﺎن‬
‫ﺟ َﻠ ُﻜ ْﻢ[ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﺐ وﻗﺮأھ ﺎ ﺑ ﺎﻟﺠﺮ ﺣﻤ ﺰة‬ ‫ﺧُﺼﱠﺎ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ(‪ .‬وﻗﺪ ﻗﺮأ ﻧﺎﻓﻊ واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي واﻷﻋﻤﺶ ]َأ ْر ُ‬
‫واﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ وأﺑﻮﻋﻤﺮو ‪ .‬أﻣﺎ ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼﺐ ﻓﺒﻌﻄﻒ أرﺟﻠﻜﻢ ﻋﻠﻰ أﯾﺪﯾﻜﻢ ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻷﯾﺪي ﻃُﻠ ﺐ‬
‫ﻏﺴﻠﮭﺎ ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻷرﺟﻞ ﺗُﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ وأن اﻷرﺟﻞ ﺗُﻐﺴﻞ ﺟﻤﮭﺮةُ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻗﺪﯾﻤﺎً وﺣﺪﯾﺜًﺎ‬
‫واﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻨﻮوي ) اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻣ ﺬاھﺐ ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻦ أھ ﻞ اﻟﻔﺘ ﻮى‬
‫ﺠﺰِيء ﻣﺴﺤُﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ‬ ‫ﻓﻲ اﻷﻋﺼﺎر واﻷﻣﺼﺎر إﻟﻰ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﻏﺴﻞ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ ﻣﻊ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻤﺴﺢ ﻣﻊ اﻟﻐﺴﻞ وﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ ﺧﻼف ھﺬا ﻋﻦ أﺣﺪ ﯾﻌﺘ ﱡﺪ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻹﺟﻤﺎع( وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )ﻟﻢ ﯾﺜﺒ ﺖ ﻋ ﻦ‬
‫أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺧﻼف ذﻟﻚ إﻻ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ واﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﻧﺲ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺛﺒ ﺖ ﻋ ﻨﮭﻢ اﻟﺮﺟ ﻮع ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ(‬
‫ﻼ إن اﻷرﺟ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ أﺧ ﺬاً ﺑﻘ ﺮاءة ﻧ ﺼﺐ أرﺟﻠﻜ ﻢ ‪ ،‬وﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺢ‬ ‫وﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻄﺒﺮي ﻗﺎﺋ ً‬
‫أﺧﺬًا ﺑﻘﺮاءة ﺟ ﱢﺮ أرﺟﻠﻜﻢ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟﺠﺮ ﺗﻜﻮن ﻣﻌﻄﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ رؤوﺳﻜﻢ اﻟﺘﻲ ﻃُﻠ ﺐ ﻣ ﺴﺤﮭﺎ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﻣﻨﮫ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﻌﺘﺪﻻً‪ ،‬وﻟﻜﻦ رُوي ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ واﻟ ﺸﻌﺒﻲ وﻗﺘ ﺎدة ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻜﺮﻣ ﺔ أﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ ﻏﺴﻞ ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ﻧ ﺰل ﻓﯿﮭﻤ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺢ ‪ .‬ورُوي ﻋ ﻦ اﻟ ﺸﻌﺒﻲ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧ ﺰل ﺟﺒﺮﯾ ﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ‪ .‬وﻗﺎل ﻗﺘﺎدة‪ :‬اﻓﺘﺮض اﷲ ﻣﺴﺤﺘﯿﻦ وﻏﺴﻠﺘﯿﻦ‪ .‬ﻓﮭ ﺆﻻء ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬوا ﺑ ﺎﻟﻘﺮاءة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺑﻨ ﺼﺐ‬
‫أرﺟﻠﻜﻢ‪ ،‬وﺗﻤﺴﻜﻮا ﺑﺎﻟﻘﺮاءة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﺠﺮ أرﺟﻠﻜﻢ وﻗﺪ أﺧﻄﺄوا ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺗﺄﺛّﺮ ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ ھﺬا اﺑﻦ ﺣﺰم واﻟﻄﺤﺎوي ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻻ ﺑﺄن اﻟﻤﻔﺮوض ﻓﻲ اﻷرﺟ ﻞ ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﺪء اﻹﺳﻼم ﺛﻢ ﻧُﺴﺦ‪ .‬وھﺬه دﻋﻮى ﯾﻨﻘﺼﮭﺎ اﻟﺒﺮھﺎن ‪ .‬وﻗ ﺪ رُوي أن ﻋﻠﯿ ﺎً وأﻧ ﺴﺎً واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺛﺒﺖ رﺟﻮﻋﮭﻢ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﺻﺤﺎﺑﻲ واﺣﺪ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ‪.‬‬
‫وﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﺮي وﻗﺘﺎدة وﻋﻜﺮﻣﺔ واﻟ ﺸﻌﺒﻲ أﻗ ﻮل إن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻛﻠﮭ ﺎ أﻓ ﺎدت ﻏ ﺴﻞ اﻷرﺟ ﻞ‪ ،‬وﻟ ﻢ‬

‫‪196‬‬
‫ﯾُﺮو ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ ﺻﺤﯿﺢ واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻤ ﺴﺤﻮن أرﺟﻠﮭ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﺗﺒ ﯿﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ :‬ﺗﻔ ﺼﱢﻞ ﻣُﺠﻤَﻠ ﮫ‪ ،‬وﺗﻘﯿﱢ ﺪ ﻣﻄﻠَﻘ ﮫ‪ ،‬وﺗﺨ ﺼﱢﺺ ﻋﻤﻮﻣ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﻌ ﺎرض‬‫واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟ ﱡ‬
‫ﻣﻌﮫ‪ .‬وﺟﻤﯿﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻘﻮل ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺐ اﻟﻘ ﻮل إن اﻵﯾ ﺔ ﺗُﻮﺟ ﺐ ھ ﻲ اﻷﺧ ﺮى اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وإﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ھﻨ ﺎ ﺑﻘ ﺮاءة أرﺟﻠَﻜ ﻢ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﺐ‪ ،‬وھ ﻲ ﻗ ﺮاءة ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻗﻄﻌﯿ ﺔ‪.‬‬
‫إﺷﻜﺎل ﻓﻲ اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻘ ﺮآن واﻟ ﱡ‬
‫ﻓﮭﺬه اﻟﻘﺮاءة واﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻔﯿﺪ ﻏﺴﻞ اﻷرﺟﻞ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻌﺎرض‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘﺮاءة ﺑﺎﻟﺠﺮ ﻓﮭﻲ اﻟﺘﻲ أﺷﻜﻠﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻨﺒﻐ ﻲ اﻷﺧ ﺬ ﺑﺎﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻻ ﯾ ﺄﺗﻲ ﺑ ﺄﻣﺮ‬ ‫ﺗﻘﺮﱢر أن اﻟ ﱡ‬
‫ﻣﻦ ﻋﻨﺪه‪ ،‬وﻣﺎ دام ﻗﺪ ﺛﺒﺖ أﻧﮫ أﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ دﻟﯿ ﻞ أﻛﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘ ﺮآن ﻗ ﺪ أﺗ ﻰ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ‬
‫ن ﻗ ﺮاءة اﻟﺠ ﺮ ﻻ ﺗﺨ ﺮج ﻋ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻔﮭ ﻢ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ﺟ ﱠﺮ‬ ‫ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻵﯾﺔ ﺑﺤﺴﺐ ذﻟﻚ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫أرﺟﻠﻜ ﻢ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻋﻄﻔﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ رؤوﺳ ﻜﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ وﺟ ﻮب إﻟﺤﺎﻗﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﺮؤوس ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ‪،‬‬
‫وإﻧﻤ ﺎ ﺟ ﺎء اﻟﺠ ﺮ ﻟﻠﻤﺠ ﺎورة ﻻ أﻛﺜ ﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﺗﻈ ﻞ ﻣﻌﻄﻮﻓ ﺔ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮھﻜﻢ وأﯾ ﺪﯾﻜﻢ اﻟﺘ ﻲ ﻃﻠ ﺐ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜ ﻮن اﻵﯾ ﺔ ﺑ ﺎﻟﻘﺮاءﺗﯿﻦ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛﻤ ﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ أﯾ ﻀًﺎ ﯾ ﺰول‬
‫اﻟﺘﻌﺎرض وﺗﻨﺘﻔﻲ اﻟﺸﺒﮭﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﺧﺬ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﺑﻘ ﺮاءة اﻟﺠ ﺮ وﺗ ﺮك ﻗ ﺮاءة اﻟﻨ ﺼﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻋﺘﺒ ﺎر ﺗﻌﺎرﺿ ﮭﻤﺎ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﻘ ﺮاءﺗﯿﻦ ﺻ ﺤﯿﺤﺘﺎن ‪ ،‬وﻛ ﻞ ﻗ ﺮاءة ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺮآن ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ھﺠ ﺮة وﺗﺮﻛ ﮫ ‪ُ ،‬ﺛ ﻢ إن ھ ﺆﻻء ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻋﺪم اﻟﻘﻮل ﺑﺘﻌﺎرض اﻟﻘ ﺮآن ﻣ ﻊ اﻟ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ داﻣ ﺖ اﻟ ﺴﻨﺔ ﺗﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻮاﺟ ﺐ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮا إن اﻟﻘﺮآن ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﺎ وﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﺠﺐ أﺧﺬ اﻵﯾﺔ ﺑﻘﺮاءة اﻟﺠﺮ وﺣﻤﻠﮭﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫أﻧﮭ ﺎ ﻟﻠﻤﺠ ﺎورة ﻟﯿﻈ ﻞ ﻋﻄﻔﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻐ ﺴﻮل دون اﻟﻤﻤ ﺴﻮح‪ .‬وﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺨﻄ ﺄ وﻗ ﻊ‬
‫ﻼ وﻣ ﺴﺤﺎً أﺧ ﺬًا ﺑﻈ ﺎھﺮ اﻟﻘ ﺮاءﺗﯿﻦ‪ ،‬وﺧﻄ ﺄ ھ ﺆﻻء أﻧﮭ ﻢ اﻋﺘﺒ ﺮوا اﻵﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﺄن اﻵﯾﺔ أﻓﺎدت ﻏ ﺴ ً‬
‫اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻄﻠﺐ ﺷﯿﺌﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع واﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﮭﻢ اﻋﺘﺒﺮوا اﻵﯾ ﺔ ﺑﻘﺮاءﺗﯿﮭ ﺎ ﻣﺘﻌﺎرﺿ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻮ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ واﻟﻘﺮآن ﻻ ﯾﺘﻌﺎرﺿﺎن ‪ ،‬وأن اﻟﻘ ﺮآن ﻻ ﯾﻌ ﺎرض ﻧﻔ ﺴﮫ ﻷﻣﻜ ﻨﮭﻢ ﻓﮭ ﻢ اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ﺣﻜﱠﻤﻮا اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺑﺄن اﻟ ﱡ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﮭﻤًﺎ واﺣﺪاً ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻔﯿﺪ ﻏﺴﻞ اﻷرﺟﻞ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮاءﺗﯿﻦ وﺑﺎﻟ ﱡ‬

‫ﻗﺪ ﯾﻘﺎل إن اﻟﻤﺠﺎورة ﺗﻀﻌﻒ إن ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻓﺎﺻﻞ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺤ ﺎل ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ﺑﻮﺟ ﻮد اﻟ ﻮاو‬
‫اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ‪ ،‬وأن اﻟﻤﺠﺎورة اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﺗﻜﻮن ﺑﺪون ﻓﻮاﺻﻞ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿ ﺐ ﺑ ﺄن اﻟﻘ ﺮآن وﻗ ﺪ اﺳ ﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻓﺈﻧﱠ ﮫ ﯾﺠ ﺐ‬
‫ﻗﺒﻮﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﺮاءﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ وﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ إﻻ ﺑﺎﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎورةِ إﯾﻤﺎﻧﺎً‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻨﺎ ﺑﺄن اﻟﻘﺮآن ﻻ ﯾﻌﺎرض ﻧﻔﺴﮫ ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺎرﺿﮫ اﻟ ﱡ‬

‫إن اﺑﻦ ھﺸﺎم ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ]ﺷﺬور اﻟﺬھﺐ[ ذھﺐ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺠﺎورة ﻣﻊ وﺟﻮد ﻓﺎﺻﻞ أﻣﺮ ﺷ ﺎذ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻌﺮب‪ ،‬وأن اﻷﺻﺢ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺠﺎورة ﺣﯿﻦ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻓﺎﺻﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﻟﻢ ﯾﻘﻄﻊ ﺑﺨﻄﺄ اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‬
‫إن اﻟﻤﺠ ﺎورة ﺗﺤ ﺼﻞ ﺑﻮﺟ ﻮد ﻓﺎﺻ ﻞ ﻣﺤ ﺬوف ﻣﻘ ﺪﱠر‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل إن اﻟﻘ ﺮآن أﺗ ﻰ ﺑﺎﻟﻤﺠ ﺎورة ﻣ ﻊ وﺟ ﻮد‬
‫ﻓﺎﺻﻞ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺬوف‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺷﺎﻋﺮ‪:‬‬

‫ﻛﺒﯿﺮُ أُﻧــــﺎسٍ ﻓـﻲ ﺑﺠـــــــﺎدٍ ﻣُﺰﻣﱠــــﻞ‬ ‫ن ﺛﺒﯿﺮًا ﻓـــﻲ ﻋــﺮاﻧـﯿﻦِ و ْﺑﻠِـــــ ِﮫ‬
‫ﻛـــــﺄ ﱠ‬
‫ﺻﻔﯿـﻒَ ﺷُـــﻮاء أو ﻗـــﺪﯾـــ ٍﺮ ﻣﻌﺠﱠـــﻞ‬ ‫ﺞ‬
‫ﻓﻈــﻞ ﻃُﮭــﺎةُ اﻟﻠﺤــﻢ ﻣِﻦ ﺑـﯿﻦ ﻣُﻨﻀـ ٍ‬

‫ﻓ ـ )ﻗ ﺪﯾﺮ( ﺣﻜﻤﮭ ﺎ أن ﺗﻜ ﻮن ﻣﻨ ﺼﻮﺑﺔ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻣﻌﻄﻮﻓ ﺔ ﺑ ـ )أو( ﻋﻠ ﻰ )ﺻ ﻔﯿﻒ( اﻟﻤﻨ ﺼﻮﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ‬

‫ﺷ ﻮا ٍء(‬
‫ﺠ ﻼً( وﻟﻜﻨ ﮫ ﺟ ﺮﱠ )ﻗ ﺪﯾﺮًا( ﻟﻤﺠ ﺎورة ) ُ‬
‫اﻟﺤ ﺎل‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮاﺟ ﺐ أن ﯾﻘ ﺎل )ﺻ ﻔﯿﻒَ ﺷ ﻮا ٍء أو ﻗ ﺪﯾﺮاً ﻣﻌ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺠﺮورة‪ .‬وھﺬا ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﻤﺠﺎورة ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻔﺎﺻ ﻞ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﺤ ﺬوف وھ ﻮ اﻟﻌ ﺎﻃﻒ ھﻨ ﺎ‪.‬‬
‫وﯾﻜﻔﯿﻨ ﺎ ﺳ ﯿﺒﻮﯾﮫ ﻛﺒﯿ ﺮ أﺋﻤ ﺔ اﻹﻋ ﺮاب‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻻﺧﻔ ﺶ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺣﻜﻤ ﺎ ﺑﺠ ﻮاز اﻟﻤﺠ ﺎورة ﻣ ﻊ وﺟ ﻮد‬

‫‪197‬‬
‫اﻟﻌﻄ ﻒ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻷﺧ ﺬ ﺑﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﻤﺠ ﺎورة ﻧﻜ ﻮن ﻗ ﺪ أﻋﻤﻠﻨ ﺎ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷدﻟ ﺔ‪ ،‬وأزﻟﻨ ﺎ ﺷ ﺒﮭﺔ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻮﺟ ﻮد‬
‫اﻟﺘﻌﺎرض‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﺴﻚ ﺑ ﮫ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﻮن ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻤﺪ أﻣ ﺎم اﻟﻤﻨﺎﻗ ﺸﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﺆﻻء اﺳ ﺘﺪﻟﻮا‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﺒﮭﺘﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻗﺎل »ﺗﺨﻠﱠﻒ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻨﺎ ﻓﻲ َ‬

‫ﺳﻔْﺮة ﺳﺎﻓﺮﻧﺎھﺎ‪ ،‬ﻓﺄَد َرﻛَﻨﺎ وﻗﺪ أر َھﻘَﻨﺎ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻮﺿﺄ وﻧﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ أرﺟﻠﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻨﺎدى ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﮫ‪ :‬وﯾﻞٌ ﻟﻸﻋﻘﺎب ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻣﺮﺗﯿﻦ‬
‫أو ﺛﻼﺛ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أرھﻘﻨﺎ اﻟﻌﺼﺮ‪ :‬أي اﻗﺘﺮب وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻗﺎل »رﺟﻌﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻣﻜ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛﻨ ﺎ‬
‫ﺿ ﺄوا وھ ﻢ ﻋﺠ ﺎل‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﮭﯿﻨ ﺎ إﻟ ﯿﮭﻢ وأﻋﻘ ﺎﺑﮭﻢ ﺗﻠ ﻮح ﻟ ﻢ‬
‫ﺠ ﻞ ﻗ ﻮ ٌم ﻋﻨ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺘﻮ ﱠ‬
‫ﺑﻤﺎء اﻟﻄﺮﯾﻖ ﺗﻌ ﱠ‬
‫ﯾﻤﺴﱠﮭﺎ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬وﯾ ٌﻞ ﻟﻸﻋﻘﺎب ﻣِﻦ اﻟﻨﺎر أﺳﺒﻐﻮا اﻟﻮﺿﻮء« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أوس ﺑﻦ أﺑﻲ أوس اﻟﺜﻘﻔﻲ »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺗﻰ ﻛِﻈﺎ َﻣ َﺔ ﻗﻮمٍ‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿﺄ وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻧﻌﻠﯿﮫ وﻗﺪﻣﯿﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬واﻟﻜِﻈﺎﻣﺔ‪ :‬ھﻲ ﺑﺌﺮ اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﺒﱠﺎد ﺑﻦ ﺗﻤﯿﻢ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وﯾ ﺴﻤﺢ ﻋﻠ ﻰ رﺟﻠﯿ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺗﻮﺿﺄ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄدﺧﻞ ﯾﺪه ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺎء ﻓﺎﺳﺘﻨ ﺸﻖ‬
‫ﺐ ﻋﻠ ﻰ وﺟﮭ ﮫ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬وﺻ ﺐﱠ ﻋﻠ ﻰ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‬
‫وﻣ ﻀﻤﺾ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓ ﺼ ﱠ‬
‫ش ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ وھﻮ ﻣﺘﻨﻌﻞ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬ ‫ﻣﺮﺗﯿﻦ وﻣﺴﺢ رأﺳﮫ ﻣﺮة‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﺣﻔﻨ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺮ ﱠ‬

‫‪ - 6‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﺮاءة آﯾﺔ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺠﺮﱢ )أرﺟُﻠِﻜﻢ( ﻋﻄﻔ ًﺎ ﻋﻠﻰ )رؤوﺳﻜﻢ(‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻟﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓﺠﻌﻠﻨ ﺎ ﻧﺘﻮﺿ ﺄ وﻧﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ أرﺟﻠﻨ ﺎ« وھ ﺬا‬
‫اﺳﺘﺪﻻلٌ ﻓﺎﺳ ٌﺪ ﻷﻧﮭﻢ ﻗﻄﻌﻮا ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﻋﻦ ﺳﺎﺑﻘﮭﺎ وﻋﻦ ﻻﺣﻘﮭﺎ واﻗﺘﺼﺮوا ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻮاﺟ ﺐ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‬
‫ﻄ ﺎل‪:‬‬
‫اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺑﻌﺪ وﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﻮﱢھﺎ ﻟﯿ ﺴﮭﻞ ﻓﮭﻤﮭ ﺎ وﯾ ﺼﺢ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﮭ ﺎ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺑ ﱠ‬
‫ﻛﺄن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﺧﺮوا اﻟ ﺼﻼة ﻋ ﻦ أول اﻟﻮﻗ ﺖ ﻃﻤﻌ ﺎً أن ﯾﻠﺤﻘﮭ ﻢ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﯿ ﺼﱠﻠﻮا ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺿ ﺎق‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎدروا إﻟﻰ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻟﻌﺠﻠﺘﮭﻢ ﻟﻢ ﯾُﺴﺒﻐﻮه ﻓﺄدرﻛﮭﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺄﻧﻜﺮ ﻋﻠﯿﮭﻢ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ ﺟﻮ اﻟﻌﺒﺎرة‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﻮ ﺻﺎرت اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﻔﮭﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺼﺎرت ﻏﯿ ﺮ ﻣﻔﯿ ﺪة ﻟﮭ ﻢ‪ ،‬وﻏﯿ ﺮ‬
‫ﺢ ﻓﻲ أﻧﮭﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻋﻠ ﻰ أﺷ ﱢﺪ‬ ‫داﻟﺔ ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ‪ .‬إن ﻗﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﻓﺄ ْد َرﻛَﻨﺎ وﻗﺪ أر َھﻘَﻨﺎ اﻟﻌﺼﺮ« ﺻﺮﯾ ٌ‬
‫ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﺠﻠﺔ‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺘﻌﺠﻞ ﻻ ﯾﺤ ﺴﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻻ ﯾﺘﻘﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻮﺻ ﻒ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻘ ﻮم ﺑ ﺄﻧﮭﻢ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻟﺸﺪة اﻟﺴﺮﻋﺔ ﯾﻈﮭﺮ ﻋﻠﯿﮭﻢ أﻧﮭﻢ ﯾﻤﺴﺤﻮن أرﺟﻠﮭﻢ وﻻ ﯾﻐﺴﻠﻮﻧﮭﺎ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ وﺻﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫‪ r‬ﻓﺮآھﻢ ﻛﺄﻧﮭﻢ ﯾﻤﺴﺤﻮن‪ ،‬ورأى أﻣﺎﻛﻦ ﻣِﻦ أرﺟﻠﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤﺎء ﻓﻘﺎل ﺑﻐﻀـﺐ ‪ -‬ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﮫ –‬
‫»وﯾ ٌﻞ ﻟﻸﻋﻘ ﺎب ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎر‪ ،‬ﻣ ﺮﺗﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ« واﻟﺘ ﺪﻗﯿﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻮﺻ ﻞ إﻟ ﻰ أﻧﱠﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﻐ ﺴﻠﻮن وﻟ ﻢ ﯾﻜﻮﻧ ﻮا ﯾﻤ ﺴﺤﻮن‪ ،‬وﻟﻜ ﻦْ ﻟ ﺴﺮﻋﺔ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺑ ﺪت أﺟ ﺰاء ﻣ ﻦ اﻷرﺟ ﻞ دون ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﻜﺮ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﻢ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻤﺴﺤﻮن‪ ،‬وﻟﻮ ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﺢ ﺟ ﺎﺋﺰاً ﻟﻤ ﺎ‬
‫أﺑ ﺮز اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﻣ ﺴﺢ اﻷرﺟ ﻞ ﻛ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺮﻋﺔ دون ﺳ ﺎﺋﺮ أﻓﻌ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »ﻧﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫وﻧﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ أرﺟﻠﻨ ﺎ« واﺿ ﺢ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺘﺮﻛﯿ ﺰ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺴﺢ اﻷرﺟ ﻞ ﻓﺤ ﺴﺐ وأن اﻟﻤ ﺴﺢ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪198‬‬
 ‫اﻟﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬وھﺬه دﻗﯿﻘـ ٌﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺪﺑﱡﺮ‪ .‬ھﺬه واﺣﺪة‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ أن ﺷ ﺄن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻛﻤ ﺎ ﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﻤﻤ ﺴﻮح ﻋ ﺎدة‪ ،‬وأن اﻟ ﺸﻲء اﻟﻤﻄﻠ ﻮب‬
‫ﻣﺴﺤﮫ ﯾﺠﺮي اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻓﯿﮫ ﻓﻲ اﻹﺳﺒﺎغ واﻻﺳﺘﯿﻌﺎب‪ ،‬أﻣﺎ إنْ أُرﯾﺪ اﺳﺘﯿﻌﺎﺑﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﻄﻠ ﺐ ﻏ ﺴﻠﮫ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﻇﺎھﺮ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﺴﺢ اﻷرﺟﻞ ﻟﻤﺎ أﻧﻜﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺗ ﺮك‬
‫اﺳﺘﯿﻌﺎب اﻷرﺟﻞ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ إﺻﺎﺑﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻧﻜﺮ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺗﺮك ﺟُﺰء وھ ﻮ ﯾ ﺮاھﻢ ﻣ ﺴﺘﻌﺠﻠﯿﻦ دل‬
‫ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة وﺟﻮبَ اﻟﻐﺴﻞ‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ إنﱠ ﻋﻤﻠﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ ﺣ ﺼﻠﺖ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ وﻟ ﻢ ﺗﺤ ﺼﻞ إﻻ واﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬

‫واﻟ ﺴﻼم ﻏﺎﺋ ﺐ ﻋ ﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺣ ﻀﺮ أﻧﻜ ﺮ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﺮﱠھﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬واﺳ ﺘﻌﻤﻞ أﺷ ﺪ أﻟﻔ ﺎظ اﻹﻧﻜ ﺎر‬
‫ﺑﺘﻮﻋﺪھﻢ ﺑﺎﻟﻮﯾﻞ اﻟﻤﻜ ﱠﺮر‪ ،‬ﻓﻜﯿﻒ ﯾﺴﺘﺪﻟﱡﻮن ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﻤﺴﺢ؟‬

‫واﻟﺮاﺑﻌﺔ إن اﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻧﻔﺴﮫ ‪ -‬وھﻮ راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ‪ -‬ﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ﺑﻞ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻓﻜﯿ ﻒ‬
‫ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﺛﻢ ﯾﺮوي ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وﯾﻌﻨﻲ ﺑﮫ اﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻋﻨ ﻰ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻐ ﺴﻞ اﻟﺨﻔﯿ ﻒ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﺮﻋﺔ ‪ ،‬ﻓﺄﻃﻠﻖ ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻠﯿﮫ؟ وھﺬا اﻟﺮد ﯾﻘﺎل ﺑﺨﺼﻮص رواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ »ﻓﺘﻮﺿ ﺄوا وھ ﻢ‬
‫ﻋﺠ ﺎل ﻓﺎﻧﺘﮭﯿﻨ ﺎ إﻟ ﯿﮭﻢ وأﻋﻘ ﺎﺑﮭﻢ ﺗﻠ ﻮح ﻟ ﻢ ﯾﻤ ﺴﱠﮭﺎ ﻣ ﺎء« ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺢ وإﻧﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻟﺴﺮﯾﻊ ﻏﯿﺮ اﻟﺘﺎ ﱢم‪ .‬وﻣﻤﺎ ﯾﺰﯾﺪ اﻷﻣﺮ وﺿﻮﺣ ًﺎ وﺗﺄﻛﯿﺪًا ﻣ ﺎ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻼ ﻟﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﻋﻘﺒﯿﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬وﯾ ﻞ ﻟﻸﻋﻘ ﺎب ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎر« ﻓﻘ ﺪ ﺻ ﺮﱠح ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‪ .‬وﻣ ﺎ‬ ‫»أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﻼ ﺟ ﺎء إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺗﻮﺿ ﺄ وﺗ ﺮك‬‫روى ﺟﺮﯾﺮ ﺑﻦ ﺣﺎزم ﻋﻦ ﻗﺘﺎدة ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ »أن رﺟ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﮫ ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻈﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬ارﺟﻊ ﻓﺄﺣ ﺴِﻦ وﺿ ﻮءك« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ ﻣﺜﻠﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﺎ روى ﺑﺠﯿ ﺮ ‪-‬‬
‫ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ وﻓ ﻲ ﻇﮭ ﺮ‬ ‫ھﻮ اﺑﻦ ﺳﻌﺪ ‪ -‬ﻋﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ » r‬أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﻗﺪﻣﮫ ﻟﻤﻌ ٌﺔ ﻗ ﺪ َر اﻟ ﺪرھﻢ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮه اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن ﯾﻌﯿ ﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟ ﺼﻼة« رواه أﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺪون »واﻟﺼﻼة« وﻗ ﺪ ﻣ ﺮ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻔﯿ ﺪ وﺟ ﻮب اﻻﺳ ﺘﯿﻌﺎب‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﻞ ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺴﺢ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺨﻠﻒ ﺷﯿﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺴﻮح‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺣ ﺬر اﻟﺮﺳ ﻮل‬ ‫اﺳﺘﯿﻌﺎبٌ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻏﺴ ٌ‬
‫ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك ﻗ ﺪر ﻇﻔ ﺮ أو ﻗ ﺪر درھ ﻢ أو ﺗ ﺮك اﻟﻌﻘ ﺐ‪ ،‬دل ﺗﺤ ﺬﯾﺮه ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟﻤﻄﻠﻮب اﻟﻐﺴﻞ ﻻ ﻏﯿﺮ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﯾﻘﻮل أﺣﺪھﻢ ‪ :‬ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻧﻘﻮل ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ اﻟﻤ ﺴﺘﻮﻋِﺐ؟‪ .‬ﻓﻨﺠﯿﺒ ﮫ ﺑ ﺄن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻮﻋﺐ ﻋ ﺎدة‪،‬‬
‫وإذا أردﻧ ﺎ اﻻﺳ ﺘﯿﻌﺎب ﻗﻤﻨ ﺎ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ‪ .‬واﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤ ﺴﺘﻮﻋِﺐ ﻻ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻓ ﻲ ﺟ ﻮھﺮه ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻃُﻠﺐ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب ﻓﻘﺪ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺮاد ھﻮ اﻟﻐُﺴﻞ ﻻ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫ھﻮ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻟﻤﺎ ﺣﺬرﻧﺎ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﺗﺮك ﻗﺪر درھﻢ أو ﻗ ﺪر ﻇﻔ ﺮ‪ .‬أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أوس ‪-‬‬
‫اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ -‬ﻓﮭﻮ ﺿﻌﯿﻒ أﻋﻠﱠﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن ﺑﺎﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻄﺎء راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ‪ ،‬وأﯾ ﻀ ًﺎ ﻓ ﻲ‬
‫إﺳﻨﺎده ھُﺸﯿﻢ ﻋﻦ ﯾﻌﻠﻰ‪ ،‬ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ُھ ﺸﯿﻢ ھ ﺬا ﻣ ﻦ ﯾﻌﻠ ﻰ ﻣ ﻊ ﻣ ﺎ ﻋ ﺮف ﻣ ﻦ ﺗ ﺪﻟﯿﺲ ُھ ﺸﯿﻢ‪.‬‬
‫وﺿﻌﱠﻔﮫ أﯾﻀًﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ‪ .‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺎد اﻟﺬي رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺿﻌﱠﻔﮫ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ وﺷ ﻜﱠﻚ‬
‫ﻓﻲ ﺻﺤﺒﺔ راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ .r‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ »أﺧﺬ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء‬
‫ش ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ وھﻮ ﻣﺘﻨﻌﻞ« ﻓﮭﻮ ﻟﯿﺲ دﻟﯿﻼً ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﺢ ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ھ ﻮ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻐُ ﺴﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ‬ ‫ﻓﺮ ﱠ‬
‫ش دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬‫ش اﻟﻤﺎء وإﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﺒﻠﻞ اﻟﻌ ﺎﻟﻖ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺮ ﱡ‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻟﺨﻔﯿﻒ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺴﺢ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺑﺮ ﱢ‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺢ‪.‬‬

‫وإذا اﺳﺘﺤﻀﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺬھﻦ أن اﻟﻮﺿﻮء ﯾﻜﻔﻲ ﻓﯿﮫ ﻣُﺪﱞ ﻣﻦ ﻣﺎء ‪ -‬ھﺬه اﻟﻜﻤﯿﺔ اﻟﻘﻠﯿﻠ ﺔ ھ ﻲ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾ ﺴﺘﮭﻠﻜﮭﺎ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ وﺿ ﻮﺋﮫ ‪ -‬ازداد إدراﻛﻨ ﺎ ﻟﻤﻌﻨ ﻰ أﺧ ﺬ ﺣﻔﻨ ﺔ ﻣ ﺎء ﻟﻠﺮﱢﺟ ﻞ أو ﻟﻠ ﺮﱢﺟﻠﯿﻦ ﻟﻠﻐ ﺴﻞ‪،‬‬

‫‪199‬‬
‫وأﯾﻀ ًﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﺟﺎء ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺮﯾﺢ ﺑﺄن اﻟﺮش ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻐُﺴﻞ‪ ،‬ھﻮ ﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ش ﻋﻠ ﻰ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﺻﻔﺔ وﺿﻮء ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ ،r‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ أﺧﺬ َ‬
‫ﻏﺮْﻓ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓ ﺮ ﱠ‬
‫ﻏﺴﻠﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﺧﺬ ﻏَﺮﻓﺔ أﺧﺮى ﻓﻐﺴﻞ ﺑﮭﺎ رِﺟﻠﮫ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﯿﺴﺮى ‪ -‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ھﻜﺬا رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫ﻓ ﺈذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺟ ﺎءت ﻛﺜﯿ ﺮة وﻓ ﻲ أﻋﻠ ﻰ درﺟ ﺎت اﻟ ﺼﺤﺔ‪ ،‬وﻗﺎﺑﻠﻨﺎھ ﺎ ﻣ ﻊ ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤُﻌﻠﱠ ﺔ واﻟ ﻀﻌﯿﻔﺔ أدرﻛﻨ ﺎ ﺿ ﻌﻒ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﻤ ﺴﺢ اﻷرﺟ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻧﺤ ﻦ أﺿ ﻔﻨﺎ إﺟﻤ ﺎعَ‬
‫ﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮض اﻟﻐﺴﻞ دون اﻟﻤﺴﺢ ازداد اﻗﺘﻨﺎﻋﻨﺎ ﺑﺼﻮاب ﻣﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ‪.‬‬ ‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺪﻟﯿ ٍ‬

‫وإذن ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻻ ﺗﺴﻌﻒ أﺻﺤﺎب اﻟﺮأي ھﺬا‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻧ ﺮى ﻧﺎﺳ ﺎً ﻣ ﻨﮭﻢ ﯾ ﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﺎﻵﯾ ﺔ ﺑﻘ ﺮاءة‬
‫اﻟﻨﺼﺐ ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ ‪ ،‬ﻓﮭﺆﻻء ﯾﻘﻮﻟﻮن إن ﻗﺮاءة ﻧ ﺼﺐ أرﺟﻠﻜ ﻢ ﺗﻜ ﻮن ﺑﻌﻄ ﻒ أرﺟﻠﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤ ﻞ‬
‫ﺳﻜُ ْﻢ[ وﻓﻌﻞ اﻣﺴﺤﻮا ﯾﺘﻌﺪى إﻟﻰ ﻣﻔﻌﻮل ‪ ،‬واﻟﻤﻔﻌﻮل‬ ‫ﺳﻜُ ْﻢ[ أي أن اﻵﯾﺔ ﺗﻘﻮل ]وا ْﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُو ِ‬ ‫]ﺑﺮُؤُو ِ‬
‫ھﻮ )ﺑﺮؤوﺳﻜﻢ( أي اﻟﺠﺎر واﻟﻤﺠﺮور‪ ،‬واﻟﺠﺎر واﻟﻤﺠﺮور ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﻧﺼﺐ ﻣﻔﻌﻮل ﺑﮫ ﻟﻔﻌﻞ اﻣﺴﺤﻮا‪،‬‬
‫وأرﺟﻠﻜﻢ ﻣﻌﻄﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻞ اﻟﺠﺎر واﻟﻤﺠﺮور ﻓﺠﺎءت ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ‪ .‬وﻗﺎل ﻧﺎس ﻣﻦ ھﺆﻻء إن اﻟﺒﺎء ﻓ ﻲ‬
‫)ﺑﺮؤوﺳ ﻜﻢ( زاﺋ ﺪة‪ ،‬وإن اﻷﺻ ﻞ اﻣ ﺴﺤﻮا رؤوﺳ ﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎءت أرﺟﻠﻜ ﻢ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﺐ ﻋﻄﻔ ًﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ .‬وﻻ‬
‫ﯾﺨﻔﻰ أن ھﺆﻻء ﻗﺪ ﺳﻠﻜﻮا ﻃﺮﯾﻘﺎً وﻋﺮةً وأن ھﺬه اﻹﻋﺮاﺑﺎت ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺪ ﻣﺎ ھﻮ أﻛﺒﺮ ﻣﻤ ﺎ ﯾﺘﮭﻤ ﻮن‬
‫ﺑﮫ إﻋ ﺮاب اﻟﻤﺠ ﺎورة‪ .‬وﻟ ﻮ أﻧﻨ ﺎ أردﻧ ﺎ أن ﻧﻘ ﻒ ﻓ ﻲ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻄﺮﯾ ﻖ ﺑﯿﻨﻨ ﺎ وﺑﯿ ﻨﮭﻢ‪ ،‬وﻗﻠﻨ ﺎ ﺑ ﺄن اﻵﯾ ﺔ‬
‫ي ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأﯾﯿﻦ ﻟﻮﺟ ﺐ اﻻﺣﺘﻜ ﺎم إﻟ ﻰ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪،‬‬ ‫ﻣﺤﺘﻤﻠ ﺔ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ ﻻ ﺗﻜﻔ ﻲ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ أ ﱟ‬
‫واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻗﺎﺿﯿﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻋﺪا ﻋﻦ إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫واﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ اﺳﺘﻐﺮاق اﻟﻘﺪم ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ‪ ،‬واﻻﺳﺘﻐﺮاق اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻻ ﯾﺘﻢ إﻻ ﺑﻐﺴﻞ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ أو‬
‫ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻛﻐُﺴﻞ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ أو ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﻓﻲ ﻏُﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﻻ ﯾﺘﻢ اﻟﻮاﺟﺐ إﻻ ﺑﮫ ﻓﮭﻮ واﺟﺐ‪ ،‬وأﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺘﺤﻘ ﻖ ﻓﯿ ﮫ ﺗﻤ ﺎم اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ .‬واﻟﻜﻌﺒ ﺎن ھﻤ ﺎ ﻋﻈﻤ ﺎن‬
‫ﻧﺎﺗﺌﺎن ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺒﻲ ﻛﻞ ﻗﺪم ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﻘﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ إﻧﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﻣ ﺸﻂ اﻟﻘ ﺪم ﻋﻨ ﺪ ﻣﻌﻘ ﺪ اﻟ ﺸﱢﺮاك ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﱢﺟﻞ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻘ ﻮل ﺧﻄ ﺄ وﯾُﺨ ﺮج ﺟ ﺰءًا ﻛﺒﯿ ﺮًا ﻣ ﻦ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن ﺑ ﻦ‬
‫ﺑﺸﯿﺮ أﻧﮫ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓﺮأﯾﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﯾﻠﺰق ﻛﻌﺒﮫ ﺑﻜﻌﺐ ﺻ ﺎﺣﺒﮫ ورﻛﺒﺘ ﮫ ﺑﺮﻛﺒﺘ ﮫ وﻣﻨﻜﺒ ﮫ ﺑﻤﻨﻜﺒ ﮫ« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وذﻛﺮه اﻟﺒﺨﺎري ﺗﻌﻠﯿﻘًﺎ أي ﺑﺪون ﺳﻨﺪ‪ .‬وھﺬا دﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ﻣ ﺎ ذھﺒﻨ ﺎ إﻟﯿ ﮫ وﺧﻄ ﺄ‬
‫ﻣﺎ ﻗﺎل ﺑﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ‪ ،‬ذﻟﻚ أن إﻟﺰاق اﻟﻜﻌﺎب ﻻ ﯾﺘﻢ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻌﺎب ھﻲ اﻟﻌﻈﺎم اﻟﻨﺎﺗﺌﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺟﻮاﻧﺐ اﻷرﺟﻞ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ أﻣﺸﺎﻃﮭﺎ‪.‬‬

‫وﯾﺴﻦﱡ إﺳﺒﺎغ ﻏﺴﻞ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ وﻣﺠﺎوزة اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟ ﺴﺎق أﺧ ﺬًا ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻹﺳ ﺒﺎغ‬
‫ﺷﺮَع ﻓﻲ اﻟﺴﺎق‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى ﺣﺘﻰ أﺷ ﺮع‬ ‫وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺣﺘﻰ َأ ْ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎق ‪ ...‬إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬أﻧ ﺘﻢ اﻟ ُﻐ ﺮﱡ اﻟﻤُﺤﺠﱠﻠ ﻮن ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ ﻣ ﻦ إﺳ ﺒﺎغ‬
‫ﻄ ﻞْ ﻏُﺮﱠﺗ ﮫ وﺗﺤﺠﯿﻠ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﻓ ﻀﻞ‬ ‫اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ اﺳ ﺘﻄﺎع ﻣ ﻨﻜﻢ ﻓﻠْ ُﯿ ِ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء[ ‪.‬‬

‫ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺴﻦ ﺗﺨﻠﯿ ﻞ اﻷﺻ ﺎﺑﻊ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن اﻟﺘﺨﻠﯿ ﻞ ﺑﺨﻨ ﺼﺮ اﻟﯿ ﺪ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻓﮭ ﻮ أوﻟ ﻰ‪ ،‬ﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺗﻮﺿ ﺄت ﻓﺨﻠﱢ ﻞ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻊ ﯾ ﺪﯾﻚ ورﺟﻠﯿ ﻚ« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﺣﺴﻨﮫ اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬وﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺴﺘﻮرد اﺑﻦ ﺷﺪﱠاد ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬إذا ﺗﻮﺿ ﺄ ﯾ ﺪﻟﻚ أﺻ ﺎﺑﻊ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺑ ِ‬
‫ﺨ ْﻨ ﺼَﺮه« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪،‬‬
‫وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ -12‬ﻏﺴﻞ اﻷﻋﻀﺎء ﺳﻮى اﻟﺮأس واﻷُذﻧﯿﻦ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ :‬ﻗـﺪ ﺛﺒـﺖ ﻋـﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﺣﯿﻨ ﺎً‬
‫ﻣ ـﺮة ﻣ ـﺮة ‪ ،‬وﺣﯿﻨ ـﺎً آﺧ ـﺮ ﻣﺮﺗﯿ ـﻦ ﻣﺮﺗﯿ ـﻦ‪ ،‬وﺣﯿﻨ ـﺎً ﺛﺎﻟﺜ ـﺎً ﺛـﻼﺛ ـﺎً ﺛﻼﺛ ـﺎً‪ ،‬وﺣﯿﻨ ـﺎً راﺑﻌ ﺎً ﯾﻐ ﺎﯾﺮ ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻷﻋﻀﺎء ﻓـﻲ اﻟﻌـﺪد‪ .‬ﻓﻌـﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿـﻲ اﷲ ﻋﻨـﮫ ﻗ ﺎل »ﺗﻮﺿ ﺄ ‪ r‬ﻣ ـﺮة ﻣ ـﺮة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴـﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻋ ـﻦ ﻋﺒ ـﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ـﺪ »أن اﻟﻨﺒ ـﻲ ‪ r‬ﺗﻮﺿـ ـﺄ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‬
‫ﻣ ﺮﺗﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨـ ـﺎري وأﺣﻤـ ـﺪ‪ .‬وﻋـ ـﻦ ﻋﺜﻤـ ـﺎن رﺿـ ـﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨ ﮫ ﻗـ ـﺎل »أﻻ أُرﯾﻜ ﻢ وﺿ ﻮء‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬؟ ﺛﻢ ﺗﻮﺿﺄ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣـﺬي وأﺣﻤــﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗﺪ‬
‫ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤﺪﯾـﺚ اﻟــﺬي رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨــﺎري ﻋـﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠـﮫ ﺑـﻦ زﯾــﺪ‪ ،‬وﺟــﺎء ﻓﯿــﮫ »‪ ...‬ﻓﺪﻋــﺎ ﺑﺈﻧﺎءٍ‬
‫ﻓﺄﻛﻔــﺄ ﻣﻨﮭــﺎ ﻋﻠــﻰ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻐ ﺴﻠﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭـ ـﺎ ﻓﻤ ﻀﻤـﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﻣ ـﻦ‬
‫ﻛـﻒﱟ واﺣﺪة ‪ ،‬ﻓﻔﻌﻞ ذﻟ ﻚ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾ ﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨﺮﺟﮭ ـﺎ ﻓﻐ ﺴﻞ وﺟﮭـ ـﮫ ﺛﻼﺛـ ـ ًﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ـﻞ ﯾـ ـﺪه‬
‫ﻓﺎﺳﺘﺨـﺮﺟﮭـ ـﺎ ﻓﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘ ـﯿﻦ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ـﻞ ﯾـ ـﺪه ﻓﺎﺳﺘﺨـﺮﺟﮭ ـﺎ ﻓﻤ ﺴﺢ‬
‫ﺑﺮأﺳﮫ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﺑﯿﺪﯾـﮫ وأدﺑـﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ إﻟــﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﺛـﻢ ﻗﺎل‪ :‬ھﻜـﺬا ﻛــﺎن وﺿـﻮء رﺳﻮل اﷲ‬
‫‪.«r‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول دﻟﯿ ﻞ اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﺮة ﻣ ﺮة‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺛﻼﺛ ﺎً ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬واﻟﺮاﺑ ﻊ‬
‫ﻣﻐﺎﯾﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺪد ﺑﯿﻦ اﻷﻋﻀﺎء‪ ،‬ﻓﻐﺴﻞ اﻟﻜﻔﯿﻦ واﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق واﻟﻮﺟﮫ ﺛﻼﺛًﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ دون أن ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻌﺪد‪ .‬وھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪.‬‬
‫أن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﯾﺠﻮز‪ ،‬وﻛﻞ ذﻟﻚ ﯾﺼﯿﺐ اﻟ ﱡ‬

‫ن أﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨ ﺪوب ھ ﻮ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ‬ ‫إﻻ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺪد ھ ﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫روى ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه »ﺟﺎء أﻋﺮاﺑﻲ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺄﻟﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﺄراه‬
‫ﺛﻼﺛﺎً ﺛﻼﺛﺎً وﻗﺎل ‪ :‬ھﺬا اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻤﻦ زاد ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻘ ﺪ أﺳ ﺎء وﺗﻌ ﺪﱠى وﻇﻠ ﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫ﺧ َﺰﯾﻤﺔ وﺻﺤﺤﮫ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )رُوي ﻣ ﻦ ﻃ ﺮق ﺻ ﺤﯿﺤﺔ( ﻓﺎﻟﺰﯾ ﺎدة ﻋﻠ ﻰ‬ ‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﺜﻼث إﺳﺎء ٌة وﺗﻌ ﱟﺪ وﻇُﻠﻢ‪ ،‬وھﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﺗﻔﯿﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﮭﺎ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻷن اﻟﺘﱠﻌﺪﱢي ﺣﺮام‪ ،‬واﻟﻈﻠﻢ ﺣﺮام‬
‫‪ ،‬واﻹﺳﺎءة ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ أرﺑﻌ ﺎً أو أﻛﺜ ﺮ ﻛ ﺎن آﺛﻤ ﺎً ﻣﺘﻌ ﺪﱢﯾﺎً ﻇﺎﻟﻤ ﺎً ﻣ ﺴﯿﺌﺎً‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )أﺟﻤ ﻊ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ( وﻗ ﺎل ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬ ‫اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻷﻋ ﻀﺎء ﻣ ﺮة‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺜﻼث ُ‬
‫اﻟﻤﺒ ﺎرك‪ :‬ﻻ آﻣ ﻦ إذا زاد ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺜﻼث أن ﯾ ﺄﺛﻢ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ وإﺳ ﺤﻖ‪ :‬ﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺜﻼث إﻻ رﺟﻞ ﻣﺒﺘﻠﻰ‪ .‬ﻟﻜﻦ روى أﺑﻮ داود اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿﺮ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﻓﻤ ﻦ زاد ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا أو ﻧﻘ ﺺ‬
‫ن أﺣﺪًا ﻣﻨﮭﻢ ﻻ ﯾﺨﺎﻟﻒ أن ﻣﺮة ﻣﺮة‪ ،‬وﻣﺮﺗﯿﻦ‬ ‫ﻓﻘﺪ أﺳﺎء وﻇﻠﻢ« وﻗﺪ أﺷﻜﻞ ھﺬا اﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬ﻷ ﱠ‬
‫ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺟ ﺎﺋﺰان وﻣُﺠﺰﺋ ﺎن‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل »أو ﻧﻘ ﺺ« أي ﻧﻘ ﺺ ﻋ ﻦ اﻟ ﺜﻼث »ﻓﻘ ﺪ أﺳ ﺎء‬
‫وﻇﻠﻢ« وھﺬا ﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﮫ ﻓﻘﯿﮫ‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ أﺧ ﺬوا ﻓ ﻲ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ ﻓ ﺄﻏﺮﺑﻮا ﻓﯿ ﮫ‪ .‬ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻧﯿ ﻞ اﻻوﻃ ﺎر )وﻗ ﺪ‬
‫أﺷﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺑﻲ داود ﻣﻦ زﯾﺎدة ﻟﻔﻆ )أو ﻧﻘﺺ( ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺤ ﺎﻓﻆ ‪ -‬أي اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ‪-‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﻠﺨﯿﺺ ) ]ﺗﻨﺒﯿ ﮫ[ ﯾﺠ ﻮز أن ﺗﻜ ﻮن اﻹﺳ ﺎءة واﻟﻈﻠ ﻢ ﻣﻤ ﺎ ذﻛ ﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋ ًﺎ ﻟﻤ ﻦ ﻧﻘ ﺺ وﻟﻤ ﻦ زاد‪،‬‬
‫وﯾﺠ ﻮز أن ﯾﻜ ﻮن ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻮزﯾ ﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳ ﺎءة ﻓ ﻲ اﻟ ﻨﻘﺺ واﻟﻈﻠ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺰﯾ ﺎدة‪ ،‬وھ ﺬا أﺷ ﺒﮫ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋ ﺪ‪،‬‬
‫واﻷول أﺷﺒﮫ ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﺴﯿﺎق واﷲ أﻋﻠﻢ‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ ﺗﻮﺟﯿﮫ اﻟﻈﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺼﺎن ﺑﺄﻧﮫ ﻇﻠ ﻢ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑﻤ ﺎ ﻓﻮﱠﺗﮭ ﺎ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ُﻣ ﺴﻲء‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻻﻋﺘ ﺪاء ﻓ ﻲ‬ ‫ﻣ ﻦ اﻟﺜ ﻮاب اﻟ ﺬي ﯾﺤ ﺼﻞ ﺑﺎﻟﺘﺜﻠﯿ ﺚ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻹﺳ ﺎءة ﻷن ﺗ ﺎرك اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻨﻘﺼﺎن ﻓﻤُﺸﻜﻞ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﯿﮭﮫ إﻟﻰ اﻟﺰﯾﺎدة‪ ،‬وﻟﮭﺬا ﻟﻢ ﯾﺠﺘﻤﻊ ذﻛﺮ اﻻﻋﺘﺪاء واﻟﻨﻘﺼﺎن ﻓﻲ ﺷﻲء‬
‫ﻣﻦ رواﯾﺎت اﻟﺤﺪﯾﺚ(‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ أﻧﮫ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﺘ ﺄوﯾﻼت اﻟﺒﻌﯿ ﺪة اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﺗﻐﻨ ﻲ ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬واﻟﻮاﺟ ﺐ ردﱡ ھ ﺬه اﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫اﻟ ﺸﺎذة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ داود ﻷﻧﮭ ﺎ ﺗﺨ ﺎﻟﻒ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻌﺪﯾ ﺪة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺗﺠﯿ ﺰ اﻟﻤ ﺮة وﺗﺠﯿ ﺰ‬
‫اﻟﻤ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾُ ﺮدﱡ ﻟﻤﻌﺎرﺿ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‪ .‬ﺛ ﻢ إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ وﻻ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﻣﻤﺎ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﮫ أﺑﻮ داود ﻓﻠﻢ ﯾﺼﺤﱢﺤﮫ وﻟﻢ ﯾﺤﺴﱢﻨﮫ‪،‬‬

‫‪201‬‬
‫وﻣﺜﻞ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤ ﺴﻜﻮت ﻋﻨﮭ ﺎ رﺑﻤ ﺎ ﺻ ﻠﺤﺖ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج إﻻ أن ﯾﻌﺎرﺿ ﮭﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ أو‬
‫ﺣﺴﻦ ﻓﺘﺮد ‪ ،‬وﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪده ھﻮ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻗﺮأت رأﯾﺎ ﻣﻨﺴﻮﺑًﺎ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻐﺎﯾﺮًا ﻟﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻔﻘﮭﺎء أﻧﻘﻠﮫ وأﻧﺎﻗﺸﮫ‪ ،‬وھﻮ‬
‫)ﻇﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﺑﻞ ﻛﻠﮭﻢ أن اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﺮض واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻀﻞ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﺜﻠﮭﺎ واﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻌﺪﱟ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻛﻤ ﺎ‬
‫زﻋﻤﻮا وإن ﻛﺜﺮوا ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ رأى اﻟﺮاوي أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻏ ﺮف ﻟﻜ ﻞ ﻋ ﻀﻮ ﻣ ﺮة ﻓﻘ ﺎل ﺗﻮﺿ ﺄ ﻣ ﺮة ‪،‬‬
‫وھﺬا ﺻﺤﯿﺢ ﺻﻮرة أو ﻣﻌﻨﻰ ﺻﻮرة‪ ،‬إﻧﱠﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌًﺎ أﻧﮫ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾُﻮﻋﺐ اﻟﻌﻀﻮ ﺑﻤ ﱠﺮ ٍة ﻷﻋﺎد‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﻣ ﺎ‬
‫زاد ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻓﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻀﻮ أو ﻏﺮﻓﺘﯿﻦ ﻓﺈﻧﱠﺎ ﻻ ﻧﺘﺤﻘﻖ أﻧﮫ أوﻋﺐ اﻟﻔﺮض ﻓﻲ اﻟﻐﺮﻓ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪،‬‬
‫وﺟ ﺎء ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻓ ﻀﻼً‪ ،‬أو ﻟ ﻢ ﯾﻮﻋ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻮاﺣ ﺪة وﻻ ﻓ ﻲ اﻻﺛﻨﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ زاد ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﺤ ﺴﺐ اﻟﻤ ﺎء‬
‫وﺣﺎل اﻟﻌﻀﻮ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ‪ ،‬وﺗﺄﺗﱠﻰ ﺣﻀﻮر اﻟﺘﻠﻄﱡﻒ ﻓﻲ إدارة اﻟﻤﺎء اﻟﻘﻠﯿﻞ واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿ ﺸﺒﮫ واﷲ‬
‫أﻋﻠﻢ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أراد أن ﯾﻮﺳﱢﻊ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﮫ ﺑﺄن ﯾﻜﺮر ﻟﮭﻢ اﻟﻔﻌﻞ ‪ ،‬ﻓ ﺈن أﻛﺜ ﺮھﻢ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾُﻮﻋ ﺐ‬
‫ﺑﻐﺮﻓﺔ واﺣﺪة‪ ،‬وﻷﺟﻞ ھﺬا ﻟ ﻢ ﯾﻮ ﱢﻗ ﺖ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﺮة وﻻ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ وﻻ ﺛﻼﺛ ﺎً إﻻ ﻣ ﺎ أﺳ ﺒﻎ ‪(...‬‬
‫إﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺎل‪ .‬وﻏﻔﺮ اﷲ ﻟ ﮫ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أراد اﻻﻧﺘ ﺼﺎر ﻟﻤﺬھﺒ ﮫ اﻟﻤ ﺎﻟﻜﻲ ﺑﻤﺜ ﻞ ھ ﺬا اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ اﻟﺒﻌﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ﻞ ﻻ ﯾﺼﺢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻐﺮﻓﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة إن‬ ‫ﺗﺤﻮﯾﻠﮫ اﻟﻤﺮات ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺎت ﺑﻘﺪرھﺎ ھﻮ ﺗﺤﻮﯾ ٌ‬
‫ﻟﻢ ﺗﻜﻒ ﻏﺴﻞ اﻟﻌﻀﻮ ﻛﻠﮫ ﻻ ﯾﻘﺎل إﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﻣﺮة ‪ ،‬أو ﻏﺴﻞ اﻟﻌﻀﻮ ﻣﺮة‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻋ ﺪم ﻛﻔﺎﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻟﻐﺴﻞ اﻟﻌﻀﻮ ﻛﻠﮫ ﻻ ﯾﻜ ﻮن وﺿ ﻮءٌ وﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻏ ﺴﻞٌ ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺛ ﻢ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﺮة‪ ،‬وﺣ ﯿﻦ ﺟ ﺎءت‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻣﺮة وﻣﺮﺗﯿﻦ وﺛﻼﺛﺎً ﻓُﮭﻢ ﻣﻨﮭﺎ أن اﻟﻮﺿﻮء ﯾﺘﻢﱠ ﺑﻤﺮة وﺑﻤ ﺮﺗﯿﻦ وﺑ ﺜﻼث‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻟ ﻮ‬
‫اﻓﺘﺮﺿﻨﺎ أﻧﮫ ﻏﺮف ﻟﻠﻮﺟﮫ ﻏﺮﻓﺔ ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻒ ﻓﺄوﻋﺒﮫ ﺑﻐﺮﻓﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻻ ﯾﻘﺎل إﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻘ ﺎل‬
‫ﺗﻮﺿﺄ ﻣﺮة ﺑﻐﺮﻓﺘﯿﻦ‪ ،‬واﻟﻔﺎرق واﺿﺢ ﺟﺪاً‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺄت اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﺎﻟﻐﺮﻓﺎت ﺛﻢ رﺑﻄﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮات‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫أﻃﻠﻘﺖ اﻟﻤ ﺮات ورﺑﻄﺘﮭ ﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﺒ ﺎن اﻟﻔ ﺎرق ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓﺤ ﯿﻦ ﯾﻘ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﻼ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﻣ ﺮة ﺑﻐ ﺮﻓﺘﯿﻦ‪ ،‬وھ ﺬا ﻛ ﺎف ﻓ ﻲ إﺳ ﻘﺎط ھ ﺬا‬ ‫ﯾﻌﻨﻲ ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﻣ ﺜ ً‬
‫اﻟﺮأي‪ ،‬وﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻤﺰﯾﺪ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮح واﻟﻈﮭﻮر ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ‪.‬‬

‫‪ -13‬اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ :‬وھﻮ اﻟﻔﺮض اﻟ ﺴﺎدس ﻣ ﻦ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وﻗ ﺪ ذھ ﺐ اﻷﺋﻤ ﺔ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺬھﺒﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓ ﺬھﺐ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ ﺛ ﻮر وأﺑ ﻮ ﻋﺒﯿ ﺪ واﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬وذھ ﺐ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ‬
‫وﻣﻜﺤﻮل وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وداود وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺜﻮري واﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﱢﺐ واﻟﺰھﺮي وﻋﻄﺎء واﻟﺤﺴﻦ إﻟﻰ أﻧﮫ ﻏﯿ ﺮ‬
‫واﺟﺐ‪ .‬واﻟﺼﺤﯿﺢ أن اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ واﺟﺐ‪ ،‬وﻟﻨﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻟﺒﯿﺎن ﺻﺤﺔ ھﺬا اﻟﺮأي‪.‬‬

‫اﺳﺘﺪل اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﯾ ﺎ أﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آ َﻣﻨُ ﻮا إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬

‫ﻏ ﺴِ ﻠُﻮا وُﺟُ ﻮ َھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾﻜُ ْﻢ إﻟ ﻰ‬
‫ﻦ[ اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬ ‫ﺳﻜُ ْﻢ وَأ ْرﺟُ َﻠﻜُ ْﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿ ِ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﺮُؤُو ِ‬
‫ﻖ وا ْﻣ َ‬
‫اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺣُﻤﺮان ﻣﻮﻟﻰ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧ ﮫ رأى ﻋﺜﻤ ﺎن دﻋ ﺎ ﺑﺈﻧ ﺎء ﻓ ﺄﻓﺮغ ﻋﻠ ﻰ ﻛﻔﯿ ﮫ‬
‫ﺛﻼث ﻣِﺮا ٍر ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻓﻤﻀﻤﺾ واﺳ ﺘﻨﺜﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‬
‫وﯾﺪﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ :‬ﻣﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤﻮ وﺿﻮﺋﻲ ھﺬا ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻻ ﯾُﺤﺪﱢث ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻧﻔﺴﮫ ﻏُﻔ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪم‬
‫ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ ﻗﺎل »‪ ..‬ﻓﻘﻠﺖ ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻜﻢ رﺟ ﻞ‬
‫ﯾﻘ ﺮﱢب وﺿ ﻮءه ﻓﯿﺘﻤ ﻀﻤﺾ وﯾﺴﺘﻨ ﺸﻖ ﻓﯿﻨﺘﺜ ﺮ‪ ،‬إﻻ ﺧ ﺮﱠث ﺧﻄﺎﯾ ﺎ وﺟﮭ ﮫ وﻓﯿ ﮫ وﺧﯿﺎﺷ ﯿﻤﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ إذا‬
‫ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ إﻻ ﺧﺮﱠت ﺧﻄﺎﯾﺎ وﺟﮭﮫ ﻣﻦ أﻃﺮاف ﻟﺤﯿﺘﮫ ﻣﻊ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ إﻻ ﺧﺮﱠت ﺧﻄﺎﯾﺎ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ أﻧﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ إﻻ ﺧ ﺮﱠت ﺧﻄﺎﯾ ﺎ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ‬

‫‪202‬‬
‫أﻃﺮاف ﺷﻌﺮه ﻣﻊ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ إﻻ ﺧﺮﱠت ﺧﻄﺎﯾﺎ رﺟﻠﯿﮫ ﻣﻦ أﻧﺎﻣﻠ ﮫ ﻣ ﻊ اﻟﻤ ﺎء‬
‫‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ ‪.«...‬‬

‫اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أدﺧﻞ ﻣﻤ ﺴﻮﺣ ًﺎ ﺑ ﯿﻦ ﻣﻐ ﺴﻮﻟﯿﻦ‪،‬‬
‫واﻟﻌﺮب ﻻ ﺗﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﯿﺮ ﻋﻦ ﻧﻈﯿﺮه إﻻ ﻟﻔﺎﺋﺪة‪ ،‬وﻻ ﻓﺎﺋﺪة ھﻨﺎ ﺳﻮى اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ .‬ﻓﺈن ﻗﯿ ﻞ إن ھ ﺬا اﻟﻘﻄ ﻊ‬
‫ﯾﻔﯿﺪ اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب ﻟﻠﺘﺮﺗﯿﺐ دون اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ إن اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻗﺪ ﺟﺎءت ﺗﺒ ﯿﻦ اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ي ﻣﻨ ﺪوب ﻣ ﻦ ﻣﻨ ﺪوﺑﺎت اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﺑﯿ ﺎن‬‫ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗ ﺄت ﻋﻠ ﻰ ذِﻛْ ﺮ أ ﱢ‬
‫ﺠﺰِيء‪ ،‬ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ إﻓﺎدة اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﺛﻢ إن ﻛ ﻞ ﻣ ﻦ ﺣﻜ ﻰ وُﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫‪ r‬ﻗﺪ ﺣﻜﺎه ﻣﺮﺗﺒﺎً‪ ،‬وھﻮ ﻣُﻔﺴﱢﺮ ﻟﻤﺎ أﺟﻤﻠﺘﮫ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬي رواه ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻇﺎھ ٌﺮ ﻓﯿﮫ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮو‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ‪ ،‬وﻛﺜﯿﺮ ﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺟﺎءت ﺑﺘﺮﺗﯿﺐ ﻣﻘﺼﻮد‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﻈﮭﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻟﻮﺟ ﻮد‬
‫ﺣﺮف )ﺛﻢ( وھﺬا اﻟﺤﺮف ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ ،‬ﻓﺤﺪﯾﺚ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »ﺛ ﻢ‬
‫أدﺧﻞ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻓﻲ اﻹﻧﺎء ﻓﻤ ﻀﻤﺾ ‪ ...‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ‪ ...‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ‪«...‬‬
‫وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ ﻛﺬﻟﻚ »ﺛﻢ إذا ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ‪ ...‬ﺛ ﻢ ﯾﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ‪ ...‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ‪ ...‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ ‪ «...‬وھﻜﺬا اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷُﺧﺮ وﻗﺪ ﻣﺮت‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻜﺘ ﻒ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺑﺘﺮﺗﯿ ﺐ اﻷﻓﻌ ﺎل ﺑ ـ‬
‫ﺺ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ‪ ،‬ﻷن ﻛﻠﻤﺔ‬ ‫)ﺛﻢ( ﺑﻞ أﺿﺎﻓﺖ »ﻣﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤﻮ وﺿﻮﺋﻲ ھﺬا« ﻓﮭﺬا ﻧ ﱞ‬
‫)ﻧﺤﻮ( ﺗﻔﯿﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻐﺴﻞ ﻟﻠﻮﺟﮫ واﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ ﻣـﻦ اﻟﻜﯿﻔﯿــﺔ‪ ،‬وﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻣﻦ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬واﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‬
‫ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ﺑﺪﻟﯿﻞ وﻻ دﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﱢﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄوا ھﻜ ﺬا‪ ،‬أي ﺗﻮﺿﱠ ﺄوا ﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻣﺴﺢ أﺣﺪﻧﺎ وﺟﮭﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺨﺎﻟﻒ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﻏﺴﻞ أﺣﺪﻧﺎ رأﺳﮫ ﻟﺨﺎﻟﻒ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﻏﺴﻞ‬
‫اﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻟﺨ ﺎﻟﻒ اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ وﻟﻤ ﺎ ﺻ ﺢ وﺿ ﻮؤه‪ .‬ﺛ ﻢ إن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺴﺔ ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ )ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ( ھﻜﺬا »ﺛﻢ إذا ﻏﺴـﻞ وﺟﮭﮫ ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ ‪ ...‬ﺛﻢ ﯾﻐﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ‬
‫ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ ‪ «...‬ﻓﮭﺬا اﻟﻨﺺ وإن ﻛ ﺎن ﺻ ﺮﯾﺤ ًﺎ ﻓ ﻲ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ اﻷﻓﻌ ﺎل ﺑ ﺬاﺗﮭﺎ دون ﺗﺮﺗﯿﺒﮭ ﺎ ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﯿﺪ أﯾﻀﺎً ﺗﺮﺗﯿﺐ ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل‪ ،‬ﻷن ﻏ ﺴﻠﮭﺎ وﻣ ﺴﺤﮭﺎ إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﺑ ﺄﻣﺮٍ ﻣ ﻦ اﷲ‪ ،‬وأن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‬
‫اﻟﺬي أﻣﺮ ﺑﮭ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل ﺑﻜﯿﻔﯿﺘﮭ ﺎ ھ ﺬه ﻗ ﺪ رﺗ ﺐ ھ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل ﻧﻔ ﺴﮭﺎ ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﺪ أﻣ ﺮ‬
‫ﺑﺄﻓﻌﺎل أرﺑﻌﺔ وأوﺟﺒﮭﺎ‪ ،‬وأﻣﺮ رﺳﻮﻟﮫ ‪ r‬ﺑﻔﻌﻠﮭ ﺎ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜﺘ ﻒ ﻣﻨ ﮫ ﺑﻔﻌﻠﮭ ﺎ دون أن ﯾ ﺄﻣﺮه ﺑﻔﻌﻠﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﻌﻨﯿﺔ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟﺘﺤﻘﯿ ﻖ أﻣ ﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﺮﺗﱠﺒﮭ ﺎ ﻛﺘﺮﺗﯿ ﺐ اﻵﯾ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﻮﺿﺄ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺘﺨﻠﻒ ھﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰاﻣﮫ ﺑﮭﺎ وإﯾﺠﺎﺑﮫ إﯾﺎھﺎ‪.‬‬

‫ﻼ ﻛ ﺎن ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة ‪ ،‬ﺛ ﻢ روى ﺑﺮﯾ ﺪة »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﻠﻮات ﯾ ﻮم اﻟﻔ ﺘﺢ‬ ‫ﻓﻤ ﺜ ً‬
‫ﺖ اﻟﯿ ﻮم ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ ﺗ ﺼﻨﻌﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺑﻮﺿﻮء واﺣﺪ‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﮫ ﻋﻤ ﺮ‪ :‬ﻟﻘ ﺪ ﺻ ﻨﻌ َ‬
‫ﻋﻤﺪًا ﺻﻨﻌﺘُﮫ ﯾﺎ ﻋﻤﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ دل اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أراد أن ﻻ ُﯾ ﻮھﻢ‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑ ﺄن اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾﺠ ﺐ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة ﻟﻜﻮﻧ ﮫ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﺤﺘ ﻰ ﯾﺰﯾ ﻞ اﻹﺷ ﻜﺎل وﯾﻨﻔ ﻲ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب ﺗﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﻋﺎدﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺰام اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ﻓ ﻲ ﻓ ﺘﺢ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﺜ ﻞ ذاك‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫ل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﺘ ﺰم ﺑﺘﺮﺗﯿ ﺐ أﻓﻌ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻣ ﺮة ﺣﺘ ﻰ ُﻗ ﺒﺾ‪ ،‬ﻓ ﺪ ﱠ‬
‫واﺟﺐ‪ .‬ﻓﺈذا ﻗﯿﻞ ﺑﻞ ورد ﻋﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻧﮫ ﺗﻮﺿﺄ ﺧﻼف ھﺬا اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺪام ﺑﻦ ﻣﻌﺪ ﯾﻜﺮب ﻗﺎل »أُﺗﻲ رﺳﻮ ُل اﷲ ‪ r‬ﺑﻮَﺿﻮء‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻏ ﺴﻞ ذراﻋﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ وأذﻧﯿ ﮫ‬
‫ﻇﺎھﺮھﻤﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ ﺛﻼﺛًﺎ ﺛﻼﺛﺎً« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻋﻦ اﻟﺮﺑﯿﱢﻊ ﺑﻨﺖ ﻣﻌﻮﱠذ ﺑﻦ ﻋﻔﺮاء ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺄﺗﯿﻨﺎ ﻓﺤﺪﺛﺘﻨﺎ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬اﺳﻜﺒﻲ ﻟﻲ وﺿﻮءاً‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت وﺿﻮء رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗﺎﻟﺖ ﻓﯿﮫ ‪ :‬ﻓﻐﺴﻞ ﻛﻔﯿ ﮫ‬
‫ﺿ ﺄ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ‬
‫ﺿ ﺄ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ ﻣ ﺮة‪ ،‬وو ﱠ‬ ‫ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وو ﱠ‬
‫ﺿ ﺄ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‬
‫ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﯾﺒﺪأ ﺑﻤﺆﺧﱠﺮ رأﺳﮫ ﺛﻢ ﺑﻤﻘَﺪﱠﻣﮫ وﺑﺄُذﻧﯿﮫ ﻛﻠﺘﯿﮭﻤ ﺎ ﻇﮭﻮرھﻤ ﺎ وﺑﻄﻮﻧﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وو ﱠ‬
‫ﺛﻼﺛﺎً« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وروى اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ھﻠﻤﱡ ﻮا أﺗﻮﺿ ﺄ ﻟﻜ ﻢ وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻐ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ‬

‫ﺲ أﻃ ﺮاف اﻟﻌ ﻀُﺪﯾﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﱠﻢ أﻣ ﱠﺮ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أذﻧﯿ ﮫ‬
‫وﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ ﺣﺘ ﻰ ﻣ ﱠ‬
‫وﻟﺤﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ رﺟﻠﯿﮫ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫وﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺟﻌﻞ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﻋﻘﺐ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ وﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬وإن‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﻋﻘﺐ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ ‪ ،‬وإن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺟﻌ ﻞ إﻣ ﺮار‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﯿﺔ ﻋﻘﺐ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻐﺎﯾﺮ ﻟﻠﺘﺮﺗﯿﺐ‪ .‬أﺟﻞ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﯿﻞ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل رددﻧ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول رواه ﺣﺮﯾﺰ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻣﯿ ﺴﺮة اﻟﺤ ﻀﺮﻣﻲ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ھ ﺬا‬
‫ﻗﺎل اﺑ ﻦ اﻟ ُﻤ ﺪَﯾﻨﻲ‪ :‬ﻣﺠﮭ ﻮ ٌل ﻟ ﻢ ﯾ ﺮو ﻋﻨ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ﺣﺮﯾ ﺰ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻓﯿُ ﺮد‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ رواه ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻦ رﺟ ﺎل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻋﻨ ﺪ اﻟﺨﻤ ﺴﺔ ﻣ ﺪارھﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )ﻓﯿﮫ ﻣﻘﺎل( وﻗﺎل اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ‪ :‬ھ ﺬه اﻟﻤ ﺮأة‬
‫اﻟﺘﻲ ﺣﺪﱠﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻮﺟﮫ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻤﻀﻤ ﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨ ﺸﺎق وﻗ ﺪ ﺣ ﺪﱠث ﺑ ﮫ أھ ﻞ ﺑ ﺪر ﻣ ﻨﮭﻢ‬
‫ﻲ أﻧﮫ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻀﺔ واﻻﺳﺘﻨﺸﺎق ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺟﮫ واﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وﻻ ﯾﺒﻌﺪ أن ﯾﻜ ﻮن ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠ ﱞ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻨﮫ )رديء اﻟﺤﻔﻆ ﯾﺠ ﻲء‬ ‫ﻗﺒﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺮأة‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺳُﻨﻨﮫ ﻓﻮﺟﺒﺖ ﻣﺠﺎﻧﺒﺔُ أﺧﺒﺎره(‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ زُرﻋﺔ‪ :‬ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﮫ ﻓ ﻲ اﻷﺳ ﺎﻧﯿﺪ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫ﺞ ﺑ ﮫ( ‪ .‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ رﺑﻤ ﺎ ﺻ ﻠﺢ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ )ﻻ ﯾُﺤ ﺘ ﱡ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري )ھ ﻮ ﻣﻘ ﺎرب اﻟﺤ ﺪﯾﺚ(‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج وﻟﻜ ﻦ ﻋﻠ ﻰ أن ﻻ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻣ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺜﻘ ﺎت وھﻨ ﺎ ﻗ ﺪ ﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺐ ﻃ ﺮح ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ إﺳﻨﺎده ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﺳﺤﻖ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ إذا ﻋﻨﻌﻦ‪ ،‬وھﻨﺎ ﻗﺪ ﻋﻨﻌﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ھﻮ ﻣﻌﺎرِضٌ ﻟﻤﺎ رواه ﻋﺜﻤﺎن ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺎﻹﺳ ﻨﺎد اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وﻋﺜﻤ ﺎن ھﻨ ﺎك ذﻛ ﺮ أﻧ ﮫ وﺿ ﻮء‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وھﻨ ﺎ ﯾﺬﻛ ـﺮ أﻧ ﮫ أﯾ ﻀﺎً وﺿ ﻮء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟ ﺮاوي واﺣ ﺪ واﻻﺧ ﺘﻼف‬
‫ﻣﻮﺟ ﻮد ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﺠ ﺐ أﺧ ﺬ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ وردﱡ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟ ﻀﻌﯿﻔﺔ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔ ﺔ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ إﻣ ﺎ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ وإﻣ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﺗﻌ ﺎرض اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﻓ ﻼ‬
‫ﺗﻨﺘﮭﺾ ﻟﻤﻌﺎرﺿﺘﮭﺎ واﻟﻮﻗﻮف أﻣﺎﻣﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻻ أرﯾ ﺪ أن أﻗ ﻮل ﺑﻘ ﻮل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ إن ھ ﺬه اﻟﻤﺨﺎﻟﻔ ﺎت ﻓ ﻲ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻗ ﺪ ﺣ ﺼﻠﺖ ﻓ ﻲ ﻣﻨ ﺪوﺑﺎت‬

‫اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺮوض‪ ،‬أﺟ ﻞ ﻻ أرﯾ ﺪ أن أﻗ ﻮل ﺑﮭ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ‪ ،‬ﻷن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ھﻮ ﻓﻲ ﻓﺮوض اﻟﻮﺿﻮء وﻣﻨﺪوﺑﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء ﻋﺒﺎدة ‪ ،‬وأﯾﱠﺔ ﻋﺒ ﺎدة ﺳ ﻮاء ﻛﺎﻧ ﺖ ﻓﺮﺿ ﺎً أو‬
‫ﻣﻨﺪوﺑًﺎ إن أُرﯾﺪ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮭﺎ وﺟﺐ اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﮭ ﺎ ﺑﻜﯿﻔﯿﺘﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﻮاء ﺑ ﯿﻦ اﻟﻮاﺟ ﺐ واﻟﻤﻨ ﺪوب‪ ،‬ﻓ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻈﮭﺮ أرﺑﻊ‪ ،‬وﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء رﻛﻌﺘﺎن‪ ،‬اﻟﻈﮭﺮ ﻓﺮض‪ ،‬واﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺈن أُﺗ ﻲ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟ ﺐ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻈﮭﺮ أرﺑﻌًﺎ واﻻﺳﺘﺴﻘﺎء اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﻤﻌﮭﻮدة‪ .‬وھﻜﺬا ﻛ ﻞ اﻟﻌﺒ ﺎدات ذوات اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺎت ﻻ‬
‫ﺑﺪ ﻹﻗﺎﻣﺘﮭﺎ أو ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻜﯿﻔﯿﺎﺗﮭﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮﺿﻮء ﻓﯿﮫ ﻓﺮوض وﻓﯿ ﮫ ﺳ ﻨﻦ ‪ ،‬ﻓ ﺈن أُرﯾ ﺪ اﻹﺗﯿ ﺎن‬
‫ﺑﺴﻨﻨﮫ وﺟﺐ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮭﺎ ﺑﻜﯿﻔﯿﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن َأﺗَﻰ ﺑﮭﺎ ﺑﻐﯿﺮ ذﻟ ﻚ أﺛ ﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ إﻣ ﺎ أن ﯾ ﺄﺗﻲ ﺑ ﺴﻨﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻛﻤ ﺎ‬
‫وردت‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﻻ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮭﺎ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺪل ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻌﺪم اﻟﻮﺟﻮب ﺑﻤﺎ روي ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ أﺑ ﺎﻟﻲ إذا‬
‫ﺗﻤﱠﻤﺖ وﺿﻮﺋﻲ ﺑﺄي أﻋﻀﺎﺋﻲ ﺑﺪأت« وﺑﻤﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻻ ﺑ ﺄس أن‬
‫ﺗﺒﺪأ ﺑﺮﺟﻠﯿﻚ ﻗﺒﻞ ﯾﺪﯾﻚ ﻓﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء« رواھﻤ ﺎ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﻨﻘ ﻮل ‪ :‬أﻣ ﺎ‬
‫ل ﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﯿﺴﺖ أدﻟﺔ‪ ،‬ھﺬه واﺣﺪة‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﮭﻮ ﻗﻮ ُ‬
‫ﻓﯿﮫ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ھﻨ ﺪ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ )ﻟ ﯿﺲ ﺑﻘ ﻮي( وﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻋ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫)واﷲ أﻋﻠ ﻢ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﻣﻨﻘﻄ ﻊ ‪ ...‬ﻗ ﺎل ﻋ ﻮف وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻌﮫ ﻣ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ إذن‬
‫ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ .‬وﻗ ﺪ روي ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ أُﺑ ﺎﻟﻲ ﻟ ﻮ ﺑ ﺪأت‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل ﻗﺒﻞ اﻟﯿﻤﯿﻦ إذا ﺗﻮﺿﺄت« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أﯾﻀ ًﺎ ﺿﻌﯿﻒ وإن ﻛﺎن‬
‫ﻣﻌﻨﺎه ﻣﻘﺒﻮﻻً‪ ،‬ﻓﻔﻲ إﺳﻨﺎده زﯾﺎد ﻣﻮﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻣﺨﺰوم ﻗﺎل ﻋﻨﮫ ﯾﺤﯿﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ :‬ﻻ ﺷ ﻲء‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﮭﻮ أﯾﻀﺎً ﻗﻮل ﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ أدﻟ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ‬
‫ﺳ ﻞ وﻻ ﯾﺜﺒ ﺖ( وﻧﻘ ﻞ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻛ ﻼم اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬ ‫ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ )ھ ﺬا ﻣﺮ َ‬
‫وأﺿﺎف )وھﺬا ﻷن ﻣﺠﺎھﺪاً ﻟﻢ ﯾﺪرك ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد( ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻷﻧﮫ ﻣﻨﻘﻄ ﻊ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء واﺟ ﺐ ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ ﻓﺮوﺿ ﮫ وﺳ ﻨﻨﮫ‪ ،‬وأن ﻣﺨﺎﻟﻔ ﺔ‬
‫اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻓﯿﮭﻤﺎ إﺛﻢ وﻻ ﯾﺠﻮز‪ .‬إﻻ أن ﻣﺨﺎﻟﻔ ﺔ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ ﻓ ﺮوض اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺳ ﻨﻨﮫ‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮭﺎ إﺛﻤًﺎ ﺗﺒﻄﻞ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ‬ ‫ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻹﺟﺰاء‪ ،‬ﻓﻤﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻓﻲ اﻟﻔﺮوض ﻓﻀ ً‬
‫ن ﺑﺎﻟﻔﺮوض ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﮫ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻜﻮن أﺗﻰ ﺑﺎﻟﻔﺮوض‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‬ ‫ﻋﺪم إﺗﯿﺎ ٍ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻨﻦ إﺛ ﻢ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وھ ﻲ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﺎﻟ ﺴﻨﻦ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ وﺟﮭﮭ ﺎ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام اﻹِﺗﯿ ﺎن ﺑﺎﻟ ﺴﻨﻦ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺠﺰِيء‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ اﻟﺘ ﻲ ﺗﺒﻄ ﻞ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﻦ وﺗ ﺴﻘﻄﮭﺎ‬ ‫واﺟﺒًﺎ ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻤُ ْ‬
‫ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ ﺣﯿﺚ إﺟﺰاؤُه‪.‬‬

‫‪ -14‬اﻟﺘﯿﻤﱡﻦ‪ :‬وﻧﻌﻨﻲ ﺑﮫ ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﯿﺪ اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ‬
‫اﻟﯿﺴﺮى ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﺘﯿﻤﱡﻦ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟ ﺮﱢﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ ﻓ ﻲ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻮﺟ ﮫ وﻻ ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﯾﻤﯿﻦ وﻻ ﺷﻤﺎل‪ .‬واﻟﺘﯿﻤﱡﻦ ﺳﻨﺔ وﻟﯿﺲ ﻓﺮﺿﺎً‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ اﺗﻔ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي‬
‫ﺳﻨﱠﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﮭﺎ ﻓﺎﺗﮫ اﻟﻔﻀﻞ وﺗ ﱠﻢ وﺿ ﻮؤه( وﻋﻠ ﻖ‬ ‫)أﺟﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ أن ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﯿﻤﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ُ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‪ ،‬وإﻻ ﻓﻤﺬھﺐ اﻟ ﺸﯿﻌﺔ اﻟﻮﺟ ﻮب( وﻗ ﺎل‬ ‫اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻘﻮل )وﻣﺮاده ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎء أھﻞ اﻟ ُ‬
‫اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﻨﻲ )ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب ﺧﻼﻓ ًﺎ(‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻌﺠﺒ ﮫ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻦ ﻓ ﻲ ﺗﻨﻌﱡﻠ ﮫ وﺗﺮﺟﱡﻠ ﮫ‬
‫وﻃُﮭﻮره وﻓﻲ ﺷﺄﻧﮫ ﻛﻠﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬واﻟﺘﱠﺮﺟﱡﻞ‪ :‬ﺗﺴﺮﯾﺢ اﻟﺸﻌﺮ وﺗﻤﺸﯿﻄﮫ‪.‬‬

‫ﺟ ﻞ واﻟﺘﻨ ﱡﻌ ﻞ«‬
‫‪ -2‬وروى أﺣﻤ ﺪ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻛ ﺎن ﯾﺤ ﺐ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﺘﺮ ﱠ‬
‫ورواه اﺑﻦ ﻣﻨﺪة وﺻﺤﱠﺤﮫ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪»r‬إذا ﺗﻮﺿ ﺄﺗﻢ ﻓﺎﺑ ﺪأوا ﺑﻤﯿ ﺎﻣﻨﻜﻢ«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬وﺻﺤﱠﺤﮫ اﺑﻦ دﻗﯿﻖ اﻟﻌﯿﺪ واﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ َﺒ ﱢﺮ‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬

‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »ﯾﻌﺠﺒ ﮫ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻦ ﻓ ﻲ‬
‫ﺗﻨﻌﻠﮫ وﺗﺮﺟﻠﮫ وﻃُﮭﻮره« واﺿﺢ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ )ﯾُﻌﺠ ﺐ( وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻦ واﺟﺒ ﺎً ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻠﻔ ﻆ ھﻜ ﺬا‪ .‬وﻛﻠﻤ ﺔ )ﻃُﮭ ﻮره( ﺗ ﺸﻤﻞ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ وﺗ ﺸﻤﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻷن ﻛ ﻼ اﻟﻔﻌﻠ ﯿﻦ ﻃﮭ ﺎرة وﻃﮭ ﻮر‪،‬‬

‫‪205‬‬
‫وأﺻ ﺮح ﻣﻨ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »ﯾﺤ ﺐ اﻟﺘ ﯿ ﱡﻤﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء« ﻓﮭ ﻮ ﻣﻨﻄ ﻮق ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬وأﻧ ﮫ‬
‫ﻣﺴﺘﺤﺐ ﻟﻘﺮﯾﻨﺔ )ﻛﺎن ﯾﺤﺐ( وﻟﻠﻘﺮﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ )ﯾُﻌﺠﺐ(‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ »إذا ﺗﻮﺿﺄﺗﻢ ﻓﺎﺑﺪأوا ﺑﻤﯿﺎﻣﻨﻜﻢ« ﻓﮭﻮ أﻣﺮٌ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺎﻟﺒ ﺪء‬
‫ﺑﺎﻟﯿﻤﯿﻦ ﺣﯿﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وھﺬا اﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻨﺪب ﻟﻠﻘﺮﯾﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -15‬اﻟﻤﻮاﻻة ‪ :‬ھﻲ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻏﺴﻞ اﻷﻋﻀﺎء ﺑﻌﻀِﮭﺎ إ ْﺛ َﺮ ﺑﻌﺾ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺆﺧﺮ اﻟﻤﺘﻮﺿﻲء ﻏ ﺴﻞ‬
‫اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ إﻟﻰ أن ﯾﺠﻒ ﻣﺎء ﻏﺴﻞ اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻘﻄ ﻊ وﺿ ﻮءه ﺑﻌﻤ ـﻞٍ أﺟﻨﺒ ﻲ ﯾُﻌ ﱡﺪ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﻌُ ﺮف اﻧ ﺼﺮاﻓًﺎ ﻋﻨ ﮫ‪ .‬وھ ﺬه اﻟﻤ ﻮاﻻة واﺟﺒ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ذھ ﺐ إﻟ ﻰ وﺟﻮﺑﮭ ﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻗﻮ ٍل ﻟﮫ‪ ،‬وأﺣﻤﺪ واﻷوزاﻋﻲ‪ ،‬ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻗﻮ ٍل آﺧﺮ ﻟﮫ‪.‬‬
‫وﻟﻨﺴﺘﻌﺮض اﻟﻨﺼﻮص ﻟﻨﺘﺒﯿﻦ وﺟﮫ اﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ وﺟﻮﺑﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺧﺎﻟـﺪ ﺑﻦ ﻣﻌـﺪان ﻋﻦ ﺑﻌـﺾ أﺻﺤــﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ‪» r‬أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ وﻓ ﻲ‬
‫ﻇﮭﺮ ﻗﺪﻣﮫ ﻟﻤﻌﺔٌ ﻗﺪ َر اﻟﺪرھﻢ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺒﮭﺎ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮه اﻟﻨﺒ ﻲﱡ ‪ r‬أن ﯾﻌﯿ ﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟ ﺼﻼة« رواه‬
‫أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺪون »واﻟﺼﻼة«‪ .‬ﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬ھﺬا إﺳﻨﺎده ﺟﯿﺪ‪.‬‬

‫ﻼ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﺘﺮك ﻣﻮﺿﻊ ﻇُﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ رأى رﺟ ً‬
‫ﻗﺪﻣ ﮫ ﻓﺄﺑ ﺼﺮه اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ارﺟ ﻊ ﻓﺄﺣ ﺴﻦ وﺿ ﻮءك‪ ،‬ﻓﺮﺟ ﻊ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﱠﻰ« رواه أﺣﻤ ﺪ ‪.‬‬
‫ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﻓﺮﺟﻊ ﺛﻢ ﺻﻠﻰ«‪.‬‬

‫ﻼ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺗﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﺗ ﺮك ﻋﻠ ﻰ ﻗﺪﻣ ﮫ ﻣﺜ ﻞ ﻣﻮﺿ ﻊ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ »أن رﺟ ً‬
‫ﻈﻔْﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬ارﺟﻊ ﻓﺄﺣﺴﻦ وﺿﻮؤك« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ‬ ‫اﻟ ﱡ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ‪ .‬وﺟﻮﱠد أﺣﻤﺪ إﺳﻨﺎده‪.‬‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎﻻ »ﺟﺎء رﺟﻞ ﻗﺪ ﺗﻮﺿ ﺄ وﺑﻘ ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻇﮭﺮ ﻗﺪﻣﮫ ﻣﺜ ﻞ ﻇﻔ ﺮ إﺑﮭﺎﻣ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻤ ﺴﱠﮫ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ : r‬ارﺟ ﻊ ﻓ ﺄﺗ ﱠﻢ وﺿ ﻮءك ﻓﻔﻌ ﻞ« رواه‬
‫اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول أﻋﻠﱠﮫ اﻟﻤﻨﺬري ﺑﺎﻟﺮاوي ﺑﻘﯿﺔ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ واﺗﮭﻤﮫ ﺑﺎﻟﺘﺪﻟﯿﺲ إذا ﻋ ﻨﻌﻦ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻗ ﺪ روى اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺼﺮﱢﺣ ًﺎ ﺑﺘﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻘﯿ ﺔ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن ﻻ وﺟ ﮫ ﻹﻋ ﻼل اﻟﻤﻨ ﺬري‪ ،‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻘﻄﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ھﻮ ﻣﺮﺳﻞ ‪ ،‬ورد ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺑﻘﻮﻟﮫ )ﻓﯿﮫ ﺑﺤ ﺚ( وذﻟ ﻚ أن اﻟﺒﺤ ﺚ ﻓ ﻲ‬
‫ﻞ وﻟ ﯿﺲ‬‫ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أن ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺪان ﻗﺎل »ﻋﻦ ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ «r‬وھ ﺬا ﻟﻘ ﻮل ﻣﻨ ﮫ وﺻ ٌ‬
‫إرﺳ ﺎﻻً‪ ،‬ﺛ ﻢ إن ﺟﮭﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻗﺎدﺣ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻌﻠ ﻮل وﻏﯿ ﺮ ﺿ ﻌﯿﻒ وﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬ﻓﻘﺪ رواه ﻣﺴﻠﻢ دون ذِﻛﺮ )ﻓﺘﻮﺿﺄ( ورواه أﺣﻤﺪ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ﻣﻘﺒﻮل ﺑﺰﯾﺎدة )ﻓﺘﻮﺿ ﺄ( واﻟﺰﯾ ﺎدة ﯾﺘﻌ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ أﺣﻤ ﺪ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ھ ﻮ‬
‫ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺟﻮﱠد أﺣﻤﺪ إﺳﻨﺎده‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﻔﯿ ﮫ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة‬
‫ﺑﻦ ﺳﻘﻼب ﻋﻦ اﻟﻮازع ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ )اﻟﻮازع ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺿﻌﯿﻒ اﻟﺤﺪﯾﺚ( وذﻛﺮه اﻟﻌﻘﯿﻠ ﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻀﻌﻔﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ إذن ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إذن ﺳﻮى اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬

‫ن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻘﻮل » ﻓﺄﻣﺮه رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟ ﺼﻼة « واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬‫إﱠ‬
‫ﯾﻘ ﻮل »ارﺟ ﻊ ﻓﺄﺣ ﺴﻦ وﺿ ﻮءك‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺮﺟ ﻊ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﱠﻰ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾﻘ ﻮل »ارﺟ ﻊ‬

‫‪206‬‬
‫ﻓﺄﺣﺴﻦ وﺿﻮءك« وھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻘﻮم ﻣﻘﺎﻣﮫ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ ﻣﻌﻨ ﺎ‬
‫ﺣﺪﯾﺜﺎن اﺛﻨﺎن ﻓﻘﻂ‪ :‬اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﻔﯿ ﮫ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺈﺣ ﺴﺎن اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻷول ﻓﻔﯿ ﮫ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺈﻋ ﺎدة اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬واﻷﻣ ﺮ‬
‫ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﻄﻮق‪ ،‬وھﻮ ﻗﻮي ﻓﻲ دﻻﻟﺘﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﻻة‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻷﻣ ﺮ ﺑﺈِﺣ ﺴﺎن اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣﺤﺘﻤِ ﻞٌ اﻹﻋ ﺎدة وﻣﺤﺘﻤِ ﻞٌ اﻹﺗﻤ ﺎم واﻹﺳ ﺒﺎغ‪ ،‬واﻟﻤﺤﺘ ِﻤ ﻞ ﯾُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﺮﯾﺢ‪،‬‬
‫وﯾﻘ ﻮﱢي ﺟﺎﻧ ﺐ اﻹﻋ ﺎدة ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻘ ﻮل »ﻓﺮﺟ ﻊ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ« وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﯾﻌﻠ ﻢ ﻛﻔﺎﯾ ﺔ‬
‫اﻹﺳﺒﺎغ أو اﻹﺗﻤﺎم ﻟﻤﺎ ﺗﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ‪ .‬ﻓﺈن ﻗﯿﻞ رﺑﻤﺎ أراد اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻣﺰﯾ ﺪ ﺛ ﻮاب ﻗﻠﻨ ﺎ ‪ :‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﺜﺒ ﺖ‬
‫ذﻟ ﻚ ﻧﻘ ﻮل ﺑ ﮫ ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻹﻋ ﺎدة ﯾﺠ ﺐ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟﯿ ﮫ وﯾﺘﻌ ﯿﻦ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑ ﮫ‪ ،‬وﺗُﺤﻤ ﻞ‬
‫أﺣﺎدﯾﺚ اﻹﺣﺴﺎن ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻣﺮ ﻣﻦ ﺗﺮك ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻦ رﺟﻠ ﮫ دون‬
‫ﻏﺴﻞ أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﻤ ﻮاﻻة‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺘ ﺮﺟﺢ ﻟ ﺪﯾﻨﺎ رأي ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا‬
‫ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻤﻮاﻻة‪.‬‬

‫ن أﻣ ﺮه ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺈﻋ ﺎدة اﻟﻮﺿ ﻮء ھ ﻮ ﻟﻠﻨ ﺪب‪ ،‬ﻻ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻷن أﻣ ﺮه‬ ‫وﻻ ﯾﻘ ﺎل إ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻹﻋﺎدة ﻓﯿﮫ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻃ ﻞ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷن اﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء‬
‫ﺻﺤﯿﺢ ﻻ ﯾﻘﺎل ﻋﻨﮫ إﻧﮫ أﻋﺎد اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻨﮫ إﻧﮫ ﺗﻮﺿ ﺄ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة ﻓﯿ ﮫ ﻛﺎﻣ ﻞ‬
‫اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻄ ﻼن اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وﻛﻮﻧ ﮫ ﺑ ﺎﻃﻼً ھ ﻮ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﻮﺿ ﻮء وﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺪب‪.‬‬

‫ن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ُﯾ ْﺮ َو ﻋﻨﮫ وﻻ ﻣﺮة أﻧﮫ ﻟ ﻢ ُﯾ ﻮال ﻓ ﻲ وﺿ ﻮﺋﮫ‬ ‫ھﺬا وﻧُﺬﻛﱢﺮ ﺑﺄ ﱠ‬
‫وﻟﻮ أراد أن ﯾﺒﯿﻦ ﺟﻮاز ﺗﺮك اﻟﻤﻮاﻻة ﻟﻔﻌﻞ ذﻟ ﻚ وﻟ ﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ـﺪة‪ ،‬ﻷن اﻟﺒﯿ ﺎن ﻓ ﻲ ﻣﻌ ﺮض اﻟﺤﺎﺟ ﺔ‬
‫واﺟ ﺐ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﺑﯿ ﺎنٌ ﻟﺘ ﺮك اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻓﻮﺟ ﺐ اﻟﻤ ﺼﯿﺮ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺟ ﺮت ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﺎدﺗ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﻓﻲ وﺿﻮﺋﮫ ﻣﻦ دوام اﻟﺘﺰاﻣﮫ ﺑﺎﻟﻤﻮاﻻة‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﻧ ﺮاه ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪ اﻟﻔﺎﺻ ﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﻮاﻻة وﻋ ﺪﻣﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ أن ﻻ ُﯾ ﺆﺧﱢﺮ اﻟﻤﺘﻮﺿ ﻲء ﻏ ﺴﻞ‬
‫ﻒ ﻣﺎ ُء اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﻈﺮوف اﻻﻋﺘﯿﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻏﺴﻞ وﺟﮭﮫ ﺛ ﻢ ﺗﻮﻗ ﻒ‬ ‫اﻟﻌﻀﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ إﻟﻰ أن ﯾﺠ ﱠ‬
‫ﻋﻦ ﻏ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺟ ﻒ ﻣ ﺎء وﺟﮭ ﮫ ﺑﻄ ﻞ وﺿ ﻮؤه‪ ،‬ووﺟ ﺐ أن ﯾﺒ ﺪأ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬إﻻ أن‬
‫ﯾﻨﺸﻐﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻮﺳﺦ أو اﻟﺪﻟﻚ ﻓﻼ ﺑﺄس‪.‬‬

‫ﻞ ﺑ ﺎﻟﻤﻮاﻻة ھ ﻮ أن ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟﻤﺘﻮﺿ ﻲء وﺿ ﻮءه ﺑﻌﻤ ﻞٍ أﺟﻨﺒ ﻲ ﻻ ﻋﻼﻗ ﺔ ﻟ ﮫ‬ ‫وﺛﻤﱠﺔ ﺷﻲ ٌء آﺧ ﺮ ﯾُﺨ ﱡ‬

‫ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﺑﺸﻜﻞ ﯾُﻈﮭﺮ اﻟﻤﺘﻮﺿﻲء ﻋﻠﻰ أﻧﮫ اﻧﺼﺮف ﻋﻦ إﺗﻤﺎﻣﮫ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﻐﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛ ﻢ ﯾﺘ ﺮك اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻟﯿﺬھﺐ إﻟﻰ ﻃﺎوﻟﺔ وﯾﺒﺪأ ﯾﺨﻂ رﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ وأﺷ ﺒﺎھﮫ ﯾﺒﻄ ﻞ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺣﺘ ﻰ وﻟ ﻮ ﻟ ﻢ َﯾ ْﻨ ﺸَﻒ‬
‫ﻣﺎء اﻟﻮﺟﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ‪ .‬أﻣﺎ وﺟ ﮫ دﻻﻟ ﺔ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﻮاﻻة ﻓﮭ ﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮ ﻣ ﻦ‬
‫رأى ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﮫ ﺟﻔﺎﻓﺎً ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺎء ﻟﻢ ﯾﺼﻠﮫ‪ ،‬ﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﻐﺴﻞ ذﻟﻚ اﻟﻌﻀﻮ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﺄﻣﺮه ﺑ ﺄن‬
‫ﯾﺘﻢ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ وﺿﻮﺋﮫ‪ ،‬ﺑﻞ أﻣﺮه ﺑﺎﻹﻋﺎدة ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﻮاﻻة ﻗﺪ اﻧﺘﻔ ﺖ‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺐ اﻟﺒ ﺪء ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫اﻟﺪﻋﺎءُ ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪:‬‬

‫ﻦ ﻟﻠﻤﺘﻮﺿﱢﻲء ﻋﻘﺐ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ وﺿ ﻮﺋﮫ أن ﯾﻘ ﻮل ]أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ‬ ‫ﯾﺴ ﱡ‬
‫ﻟﮫ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻦ اﻟ ﱠﺘﻮﱠاﺑﯿﻦ واﺟﻌﻠﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺘﻄﮭ ﺮﯾﻦ‪ ،‬ﺳ ﺒﺤﺎﻧﻚ‬
‫اﻟﻠﮭﻢ وﺑﺤﻤﺪك أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧ ﺖ أﺳ ﺘﻐﻔﺮك وأﺗ ﻮب إﻟﯿ ﻚ[ ﻓﻌ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﺴﺒِﻎ اﻟﻮﺿﻮء ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬أﺷﮭﺪ أن‬ ‫ﻋﻨﮫ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ أﺣ ٍﺪ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﺒﻠﻎ‪ ،‬أو ﻓ ُﯿ ْ‬

‫‪207‬‬
‫ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ إﻻ ﻓُﺘﺤ ﺖ ﻟ ﮫ أﺑ ﻮاب اﻟﺠﻨ ﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿ ﺔ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻣ ﻦ أﯾﱢﮭ ﺎ‬
‫ﺷﺎء« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ اﻟﺠﮭﻨ ﻲ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ ﻣﺜﻠ ﮫ‪ ،‬ﻏﯿ ﺮ‬
‫أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪه‬
‫ورﺳ ﻮﻟﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﺒ ﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﺑﺰﯾ ﺎدة »اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌﻠﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﱠﺘ ﻮﱠاﺑﯿﻦ‬
‫واﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﮭﺮﯾﻦ«‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب ]اﻟ ﺪﻋﺎء[ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب ]ﻋﻤ ﻞ‬
‫اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ[ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إذا ﺗﻮﺿ ﺄ‬
‫ﺑﺴﻢ اﷲ وإذا ﻓﺮغ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭﻢ وﺑﺤﻤﺪك أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧﺖ أﺳﺘﻐﻔﺮك وأﺗﻮب إﻟﯿﻚ‪ ،‬ﻃُﺒﻊ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻄ ﺎﺑﻊ‪ ،‬ﺛ ﻢ وُﺿ ﻌﺖ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻌ ﺮش ﻓﻠ ﻢ ُﺗ ْﻜ ﺴَﺮ إﻟ ﻰ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ« ﻓﮭ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ إن اﻋﺘُﺒ ﺮت‬
‫ﻒ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﮭﺎ إن اﻋﺘُﺒﺮت ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ .‬ذﻟﻚ أن اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‬ ‫ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ‪ ،‬وﻣﺨﺘﻠ ٌ‬
‫ﺻﺤﱠﺢ اﻟﻤﻮﻗﻮف ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﺿﻌﱠـﻒ اﻟﺤﺎزﻣﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﻗﺎل )ﺻﺤﯿﺢٌ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﻣﺴﻠﻢ وﻟﻢ ﯾﺨﺮﺟﺎه(‪ .‬وأﻣﺎ اﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ اﻟﻌ ﺴﻘﻼﻧﻲ ﻓﻘ ﺎل )أﻣ ﺎ اﻟﻤﺮﻓ ﻮع ﻓ ﯿﻤﻜﻦ‬
‫أن ﯾﻀﻌﱠﻒ ﺑﺎﻻﺧﺘﻼف واﻟﺸﺬوذ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻤﻮﻗﻮف ﻓﻼ ﺷﻚ وﻻ رﯾﺐ ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﺘﮫ‪ ،‬ورﺟﺎﻟ ﮫ ﻣ ﻦ رﺟ ﺎل‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻓﻼ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ( ‪ .‬واﻟﺬي أراه ھﻮ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻ ﺎﻟﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ‬
‫ﺑ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮﻓ ﻮع‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻛﺜﯿ ﺮ اﻟ ﺬي رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ھ ﻮ ﻣ ﻦ رﺟ ﺎل اﻟ ﺼﺤﯿﺤﯿﻦ‪،‬‬
‫واﻟﺰﯾﺎدة ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺮأي ﻓﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﻠﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓﻊ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ اﻟﻮارد ﻓﻲ ﺑ ﺎب اﻟ ﺪﻋﺎء ﻋﻘ ﺐ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻧ ﺼﻮص ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج وﻟﻼﺳﺘ ﺸﮭﺎد‬

‫وﻣﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ وﻻ ﯾُﻠﺘﻔﺖ إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮه ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﻣﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ‬
‫ﻋﻀﻮ ﻛﻘﻮﻟﮭﻢ ﻋﻨﺪ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ )اﻟﻠﮭﻢ ﺑﯿﱢﺾ وﺟﮭﻲ ‪ ...‬إﻟﺦ( ﻗﺎل اﻟﻨﻮوي ﻓ ﻲ اﻟﺮوﺿ ﺔ )ھ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء‬
‫ﺢ ﻓﯿﮫ ﺣﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )رُوي ﻓﯿﮫ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻃ ﺮق‬ ‫ﻻ أﺻﻞ ﻟﮫ( وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﺼﻼح‪ :‬ﻟﻢ ﯾﺼ ﱠ‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺟﺪًا( وﻗﺎل )ﻓﻲ إﺳﻨﺎده ﻣﻦ ﻻ ﯾُﻌﺮف( وﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﯿﻢ اﻟﺠﻮزﯾﺔ )وﻟﻢ ﯾُﺤﻔﻆ ﻋﻨﮫ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل‬
‫ﻋﻠﻰ وﺿﻮﺋﮫ ﺷﯿﺌًﺎ ﻏﯿﺮ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ‪ ،‬وﻛﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻓﻲ أذﻛﺎر اﻟﻮﺿﻮء اﻟ ﺬي ﯾﻘ ﺎل ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻜ ﺬب ﻣﺨﺘﻠ ﻖ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﻘﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻨﮫ وﻻ ﻋﻠﱠﻤﮫ ﻷﻣﺘﮫ ‪ ،‬وﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﻋﻨﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻓ ﻲ أوﻟ ﮫ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ أﺷ ﮭﺪ أن‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺑﯿﻦ واﺟﻌﻠﻨ ﻲ‬
‫ﺢ ﻋﻨ ﺪه ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﺢ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﮭﺮﯾﻦ ﻓﻲ آﺧ ﺮه(‪ .‬وﯾﺒ ﺪو أن اﺑ ﻦ اﻟﻘ ﯿﻢ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼ ﱠ‬
‫ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻘﺎل ﻣﺎ ﻗﺎل‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼة رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪:‬‬

‫ﻦ ﻟﻠﻤﺘﻮﺿﱢﻲء أن ﯾﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘـﯿﻦ ﺑﻌـﺪ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻤ ﺎ روى ﻋﺜﻤ ـﺎن ﺑ ﻦ ﻋﻔ ـﺎن رﺿ ـﻲ اﻟﻠ ـﮫ‬ ‫ﯾﺴ ﱡ‬
‫ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل»ﻣﻦ ﺗﻮﺿﺄ ﻧﺤﻮ وﺿﻮﺋﻲ ھ ﺬا ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻻ ﯾﺤ ﺪﱢث ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ﻧﻔ ﺴﮫ‬
‫ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ‬
‫روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﺒﻼل ﻋﻨﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ :‬ﯾﺎ ﺑﻼل ﺣ ﱢﺪﺛْﻨﻲ ﺑﺄرﺟﻰ ﻋﻤ ﻞٍ ﻋﻤﻠ َﺘ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﻼ أرﺟ ﻰ ﻋﻨ ﺪي أﻧ ﻲ ﻟ ﻢ‬ ‫ي ﻓﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﻋﻤﻠ ﺖُ ﻋﻤ ً‬
‫ف ﻧﻌﻠﯿﻚ ﺑﯿﻦ ﯾﺪ ﱠ‬‫اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ ُد ﱠ‬
‫أﺗﻄﮭ ـﺮ ﻃُﮭ ﻮراً ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﻋ ِﺔ ﻟﯿ ٍﻞ أو ﻧﮭ ﺎر إﻻ ﺻ ﻠﱠﯿﺖُ ﺑ ﺬﻟﻚ اﻟﻄﱡﮭ ﻮر ﻣ ﺎ ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﻲ أن أﺻ ﻠﻲ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨــ ـﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤـ ـﺪ‪ .‬وﻟﻤـ ـﺎ روى ﻋﻘﺒـ ـﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺎﻣـ ـﺮ رﺿ ﻲ اﻟﻠ ـﮫ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻓﺄدرﻛ ـﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﺋﻤــﺎً ﯾﺤﺪﱢث اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺄدرﻛﺖ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﺎ ﻣـﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﺤ ﺴﻦ وﺿ ﻮءه‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻘﻮم ﻓﯿﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣُﻘﺒﻞٌ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ ﺑﻘﻠﺒ ﮫ ووﺟﮭ ﮫ إﻻ وﺟﺒ ﺖ ﻟ ﮫ اﻟﺠﻨ ﺔ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺧﺰَﯾﻤـﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﮭـﺬه اﻷﺣﺎدﯾـﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤـﺔ ﺗﻨﺪب إﻟﻰ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗـ ـﻞ‬ ‫واﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﻘﺐ اﻟﻔـﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وأﻧﮭﻤﺎ ﺗﺠﻠﺒﺎن اﻟﻤﻐﻔﺮة وﺗُﺪﺧﻼن ﺻﺎﺣﺒﮭﻤﺎ اﻟﺠﻨﺔ‪.‬‬

‫‪208‬‬
 ‫ﻣﺴــﺎﺋــﻞ‬
‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‬
‫ﯾُﺴﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺴﻦ ﻟﮫ أن ﻻ ﯾﺒﻘﻰ دون وﺿﻮء ﻓﺘﺮة ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺑ ﻞ ﯾﻈ ﻞ‬
‫ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌﻠ ﮫ ‪ ،r‬ﻓﻘ ﺪ روى ﺑﺮﯾ ﺪة »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﻠﻮات ﯾ ﻮم اﻟﻔ ﺘﺢ‬
‫ﺑﻮﺿﻮء واﺣﺪ وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺧُﻔﱠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ﻋﻤ ﺮ ‪ :‬ﻟﻘ ﺪ ﺻ ﻨﻌﺖَ اﻟﯿ ﻮم ﺷ ﯿﺌﺎً ﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ ﺗ ﺼﻨﻌﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻋﻤﺪًا ﺻﻨﻌﺘُﮫ ﯾﺎ ﻋﻤﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ووﺟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ورواه‬
‫أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾ ﻮم اﻟﻔ ﺘﺢ ﺗﻮﺿ ﺄ وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﺧﻔﯿ ﮫ‬
‫وﺻﻠﻰ اﻟﺼﻠﻮات ﺑﻮﺿﻮء واﺣﺪ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ﻋﻤﺮ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻚ ﻓﻌﻠ ﺖ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ ﺗﻔﻌﻠ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إﻧﻲ ﻋﻤﺪًا ﻓﻌﻠﺖ ﯾﺎ ﻋﻤﺮ« ‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻋﻨﺪ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﻛﻨ ﺘﻢ‬
‫ﺗﺼﻨﻌﻮن؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾُﺠﺰيء أﺣﺪَﻧﺎ اﻟﻮﺿﻮءُ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾُﺤﺪِث« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﻰ أﻣﺘ ﻲ ﻷﻣ ﺮﺗﮭﻢ ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ‬ ‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟ ﻮﻻ أن أﺷ ﱠ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫ﺻﻼة ﺑﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻣﻊ ﻛﻞ وﺿﻮء ﺑﺴﻮاك« رواه أﺣﻤﺪ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ِ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﻮﻻ أن أﺷﻖ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﻲ ﻷﻣﺮﺗﮭﻢ ﺑﺎﻟﺴﻮاك ﻣﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ‬
‫ﺻﻼة«‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﻐﯿ ﺮه ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ ﻗ ﺎل »ﺑﯿﻨ ﺎ أﻧ ﺎ ﻣ ﻊ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠﺔ إذ ﻧﺰل ﻓﻘﻀﻰ ﺣﺎﺟﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء ﻓﺼﺒﺒﺖُ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ إداوةٍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻲ‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺧُﻔﱠﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ر ﱞد ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻜﺮاھ ﺔ اﻟﻤﻌﺎوﻧ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ﻣﺜﻞ اﻟﻐﺰاﻟﻲ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬اﻟﺬﯾﻦ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮاھ ﺔ ﺑﻤ ﺎ روى اﻟﺒ ﺰﱠار‬
‫وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﺘﻘﻲ ﻣﺎءً ﻟﻮﺿ ﻮﺋﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬أﻻ‬
‫أُﻋﯿﻨﻚ ﻋﻠﯿﮫ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ أُﺣ ﺐ أن ﯾﻌﯿﻨﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮﺋﻲ أﺣ ٌﺪ «‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺑﺎﻃ ﻞ ﻻ أﺻ ﻞ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ‬
‫اﻟﻨﻮوي‪ .‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻨﻀﺮ اﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺠﻨﻮب‪ ،‬وأﺑﻮ اﻟﺠﻨﻮب واﻟﻨ ﻀﺮ‬
‫ﺞ ﺑﺤﺪﯾﺜﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋﺜﻤ ﺎن اﻟ ﺪارﻣﻲ )ﻗﻠ ﺖ ﻻﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ :‬اﻟﻨ ﻀﺮ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬ ‫ﺿﻌﯿﻔﺎن ﻻ ﯾُﺤﺘ ﱡ‬
‫اﻟﺠﻨﻮب وﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻣﻌﺸﺮ ﺗﻌﺮﻓﮫ؟ ﻗﺎل‪ :‬ھﺆﻻء ﺣﻤﱠﺎﻟﺔ اﻟﺤﻄﺐ(‪ .‬ﻓﺤﺪﯾﺜﮭﻢ ھﺬا ﺑﺎﻃﻞ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ‬
‫ﻼ ﻋﻦ أن ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺸﯿﺨﯿﻦ‪ .‬وﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا أﯾﻀًﺎ ﺑﺤﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‬ ‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج واﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻀ ً‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ َﯾ ِﻜ ُﻞ ﻃﮭ ﻮره إﻟ ﻰ أﺣ ﺪ ‪ «...‬رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻟﻜ ﻦ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻷن ﻓﯿﮫ ﻣﻄﮭﺮ ﺑﻦ اﻟﮭﯿﺜﻢ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ .‬ﻓﻤﺜﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﺬي ﻗﺒﻠ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺤﺎن‬
‫ﺑﺤﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻛﺮاھ ﺔ اﻟﻤﻌﺎوﻧ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺛﺒ ﺖ أﻧ ﮫ ‪ r‬اﺳ ﺘﻌﺎن ﺑﺄﺳ ﺎﻣﺔ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫واﻟﺮﺑﱢﯿ ﻊ ﺑﻨ ﺖ ﻣُﻌ ﻮﱢذ وﺻ ﻔﻮان ﺑ ﻦ ﻋ ﺴﺎل ﻓ ﻲ ﺻ ﺐ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‬
‫ف ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ﺟﻮاز اﻟﻤﻌﺎوﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬ ‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وھﺬا ﻛﺎ ٍ‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺘﻮﺿﻲء أن ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻤﻨﺪﯾﻞ ﻟﺘﻨﺸﯿﻒ اﻟﻤﺎء ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﺠ ﻮز ﻟ ﮫ‬
‫ﺗﺮك اﻟﺘﻨﺸﯿﻒ‪ ،‬رُوي ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑ ﻦ ﻋﻠ ﻲ وأﻧ ﺲ وﻋﺜﻤ ﺎن وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﺜ ﻮري وﻏﯿ ﺮھﻢ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﺘﻨﺸﯿﻒ ﻣﺎ رواه ﻗﯿﺲ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل »زارﻧ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﻣﻨﺰﻟﻨ ﺎ ‪ ...‬ﻓ ﺄﻣﺮ ﻟ ﮫ ﺳ ﻌﺪ‬

‫‪209‬‬
‫ﺑﻐُﺴﻞ ﻓﻮُﺿﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺎوﻟﮫ‪ ،‬أو ﻗﺎل ﻧﺎوﻟﻮه‪ ،‬ﻣﻠﺤﻔﺔً ﻣﺼﺒﻮﻏﺔ ﺑﺰﻋﻔﺮان ووَرْسٍ ﻓﺎﺷﺘﻤﻞ ﺑﮭﺎ‬
‫‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻣ ﺎ رواه ﺳ ﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳ ﻲ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺐ‬
‫ﺟُﺒﱠﺔ ﺻﻮف ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻤﺴﺢ ﺑﮭﺎ وﺟﮭﮫ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻟﮫ ﺧﺮﻗﺔ ﯾﻨﺸﱢﻒ ﺑﮭﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﺿﻮء« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ﺗﺮك اﻟﺘﻨ ﺸﯿﻒ أن ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ وﺻ ﻔﺖ ﻏ ﺴﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ن ﻟﮫ »‪ ...‬ﻓﻨﺎوﻟﺘﮫ ﺧﺮﻗﺔ ﻓﻘ ﺎل ﺑﯿ ﺪه‬
‫»‪ ...‬ﺛﻢ أُﺗﻲ ﺑﻤﻨﺪﯾﻞ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻔﺾ ﺑﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺛﺎ ٍ‬
‫ھﻜﺬا وﻟﻢ ُﯾ ِﺮدْھﺎ«‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆ ﺛﺎﻟ ﺚ ﻟ ﮫ »‪ ...‬ﻓﻨﺎوﻟﺘ ﮫ ﺛﻮﺑ ًﺎ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬه ﻓ ﺎﻧﻄﻠﻖ وھ ﻮ ﯾ ﻨﻔﺾ ﯾﺪﯾ ﮫ«‪.‬‬
‫ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﺛ ﻢ أﺗﯿﺘ ﮫ ﺑﺎﻟﻤﻨ ﺪﯾﻞ ﻓ ﺮدﱠه« ورواه أﯾ ﻀًﺎ ﻋ ﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أُﺗﻲ ﺑﻤﻨﺪﯾﻞ ﻓﻠﻢ ﯾﻤﺴﱠﮫ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﻤﺎء ھﻜﺬا ﯾﻌﻨﻲ ﻧﻔﻀﮫ«‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾُﺴﺘﺤﺐﱡ ﻟﮫ اﻟﻮﺿﻮء‬

‫‪ -1‬اﻟﻨﻮم‪ :‬إذا أراد اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻨﺎم اﺳﺘُﺤﺐ ﻟ ﮫ أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻓﯿﻨ ﺎم ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﺒ ﺮاء‬
‫ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬إذا أﺗﯿ ﺖَ ﻣ ﻀﺠﻌَﻚ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ وﺿ ﻮءك ﻟﻠ ﺼﻼة ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﯾﺘﺄﻛ ﺪ اﺳ ﺘﺤﺒﺎب اﻟﻮﺿ ﻮء ﻗﺒ ﻞ اﻟﻨ ﻮم ﻟﻠﺠﻨ ﺐ‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﺎﻻﺳ ﺘﺤﺒﺎب وﻟ ﻢ ﻧﻘ ﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﻟﻤﺎ روى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »أﻧ ﮫ ﺳ ﺄل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬أﯾﻨ ﺎم أﺣ ﺪﻧﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ‪ .‬ودﻻﻟﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ واﺿﺤﺔ‪.‬‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫وھﻮ ﺟﻨﺐ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ وﯾﺘﻮﺿﺄ إن ﺷﺎء« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻞ‪ :‬ﻟﻤﺎ روى اﻟﻤﮭﺎﺟﺮ ﺑﻦ ﻗﻨﻔﺬ »أﻧﮫ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬‫‪ -2‬ذِﻛ ُﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺮدﱠ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﺮد ﻋﻠﯿﮫ وﻗﺎل‪ :‬إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻤﻨﻌﻨﻲ أن أردﱠ ﻋﻠﯿﻚ إﻻ أﻧﻲ ﻛﺮھﺖُ أن أذﻛﺮ اﷲ‬
‫إﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة« رواه اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ﺟﮭﯿﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث ﻗﺎل »أﻗﺒﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ‬
‫ﻧﺤﻮ ﺑﺌﺮ ﺟَ َﻤﻞٍ‪ ،‬ﻓﻠﻘﯿﮫ رﺟﻞ ﻓﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﺮدﱠ ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺣﺘﻰ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺪار ﻓﻤ ﺴﺢ‬
‫ﺑﻮﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ ﺛﻢ رد ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﺑﺌﺮ ﺟَﻤَﻞ ‪ :‬ھﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﻗﺮب اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪.‬‬

‫واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ أن ذﻟ ﻚ ﻣﻨ ﺪوب وﻟ ﯿﺲ ﻓﺮﺿـ ـﺎً ھ ـﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ أﺣﯿﺎﻧ ًﺎ دون‬
‫وﺿ ﻮء وﯾﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن ‪ -‬وھ ـﻮ ﻣ ﻦ اﻟﺬﱢﻛ ـﺮ ‪ -‬دون وﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻗﺎﻟـ ـﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿـ ـﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫»ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﺣﯿﺎﻧﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗﺎل‬
‫ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣ ﺎلٍ‪ ،‬ﻟ ﯿﺲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬ ‫ﺚ ﺣﺴ ٌ‬‫ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ ،‬وﻗﺎل )ﺣﺪﯾ ٌ‬

‫‪ -3‬ﻣﻌ ﺎودة اﻟﺠﻤـ ـﺎع‪ :‬أي إذا أراد ﻣ ـﻦ ﺟ ﺎﻣﻊ أھﻠ ـﮫ ﻣ ﺮة أن ﯾﻌ ﺎود اﻟﺠﻤ ﺎع ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﮫ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿـﺪ أﻧﮫ ﻗـﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﺗﻰ أﺣﺪُﻛــﻢ أھﻠَﮫ ﺛ ﻢ‬ ‫اﺳﺘُﺤ ﱠ‬
‫ﻂ‬
‫أراد أن ﯾﻌـﻮد ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺰﯾ ﺎدة »ﻓﺈﻧ ﮫ أﻧ ﺸ ُ‬
‫ﻟﻠ َﻌﻮْد« وھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﺗﻔﺮﱠد ﺑﮭﺎ ﺷُﻌﺒﺔ واﻟﺘﻔﺮدُ ﻣﻦ اﻟﺜﻘـﺎت ﻣﻘﺒﻮل‪ .‬ﻓﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‬
‫»ﻓﺈﻧﮫ أﻧﺸﻂ ﻟﻠ َﻌﻮْد« ﯾﺼﺮف اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﺪب‪.‬‬

‫وھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ إﻻ أھ ﻞ اﻟﻈ ﺎھﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ذھﺒ ﻮا إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻌ ﺎود ﻣﺘﻤ ﺴﻜﯿﻦ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ رواﯾﺘ ﮫ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬وھ ﻮ وﻗ ﻮف ﺟﺎﻣ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻠﻔ ﻆ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﺒ ﻮل وﻻ‬
‫ﻣﺴﺘ ﺴﺎغ‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ ﺑ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ »ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ« اﻟ ﺬي ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻋﻨ ﺪھﻢ ﻏﯿ ﺮ ﻧ ﺎﻇﺮﯾﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺎت‬
‫اﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫‪210‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺤـﺎدي ﻋﺸـﺮ‬
‫اﻟﻤﺴﺢُ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﺒﻮس اﻟﺴﱠﺎﺗﺮ‬
‫ﻣﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس‬
‫ﻧﺴﺘﻌﺮض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮭﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻟﻨ ﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﻠﺒﻮس اﻟﺮأس ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋ ﻦ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ ﻗ ﺎل »ﺗﺨﻠﱠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ‪ r‬وﺗﺨﻠﱠﻔ ﺖ ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ‪،‬‬
‫ﻄﮭَﺮةٍ ﻓﻐـﺴﻞ ﻛﻔﯿﮫ ووﺟﮭ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ذھ ﺐ ﯾﺤ ﺴﺮ ﻋ ﻦ ذراﻋﯿ ﮫ ﻓ ﻀﺎق ُﻛ ﱡﻢ اﻟ ُ‬ ‫أﻣﻌﻚ ﻣﺎء؟ ﻓﺄﺗﯿﺘﮫ ﺑ ِﻤ ْ‬
‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وﻏ ﺴﻞ ذراﻋﯿ ﮫ وﻣ ﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻ ﯿﺘﮫ وﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ وأﻟﻘ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﻓﺄﺧﺮج ﯾ ﺪه ﻣ ﻦ ﺗﺤ ﺖ اﻟ ُ‬
‫ﺧﻔﱠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﺐ ورﻛﺒﺖُ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﮭﯿﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻮم وﻗﺪ ﻗﺎﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ ﻋﺒ ﺪ‬ ‫اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ وﻋﻠﻰ ُ‬
‫ﺲ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ذھﺐ ﯾﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬ﻓﺄوﻣ ﺄ إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﺼﻠﱠﻰ ﺑﮭ ﻢ‪،‬‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف وﻗﺪ رﻛﻊ ﺑﮭﻢ رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﺣ ﱠ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻗﻤﺖ‪ ،‬ﻓﺮﻛﻌﻨﺎ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻨﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﺑﻼل »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُ‬

‫ﺨ ﱠﻔ ﯿﻦ واﻟﺨِﻤ ﺎر« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ أﻣﯿ ﺔ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻋِﻤﺎﻣﺘ ﮫ وﺧُﻔﱠﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل »ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ واﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫وﻗﺎل )ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫ھ ـ‪ -‬ﻋ ﻦ ﺛﻮﺑ ﺎن ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُ‬

‫ﺨ ﱠﻔ ﯿﻦ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺨِﻤ ﺎر ﺛ ﻢ‬
‫اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺨﻤ ﺴﺔ ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺻ ﺤﱠﺖ ﻋﻨ ﺪ أﺋﻤ ﺔ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ و ﺣ ﺴﻨﺖ‪ ،‬ﺑﺤﯿ ﺚ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻧﻜﺘﻔ ﻲ ﺑﮭ ﺎ وﻧ ﻀﺮب ﺻ ﻔﺤًﺎ ﻋ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻷﺧ ﺮى اﻟﺘ ﻲ ﻟ ﻢ ﺗ ﺼﺢ وﻟ ﻢ ﺗ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻄ ﺎﻋﻦ‪ ،‬ﻷنﱠ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺨﻤ ﺴﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻜﻔﺎﯾ ﺔ أوﻻً‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾﻄﻌ ﻦ أﺣ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟ ﺬي‬
‫ﻧﺴﺘﻨﺒﻄﮫ ﻣﻨﮭﺎ ﺛﺎﻧﯿًﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻘﻮل »وﻣﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻﯿﺘﮫ وﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ « واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺨ ﱠﻔ ﯿﻦ واﻟﺨِﻤ ﺎر« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾﻘ ﻮل »ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻋِﻤﺎﻣﺘ ﮫ وﺧُﻔﱠﯿ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾﻘ ﻮل‬ ‫اﻟ ُ‬
‫ﺨ ﱠﻔ ﯿﻦ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺨِﻤ ﺎر ﺛ ﻢ‬
‫ﺨﻔﱠﯿﻦ واﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﯾﻘﻮل »وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟ ُ‬ ‫»وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟ ُ‬
‫اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ«‪ .‬ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻧﺠﺪ أن اﻟﻤﺴﺢ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﻐﻄﺎء اﻟﺮأس ورد ﺑﺜﻼث ﺣﺎﻻت‪:‬‬
‫إﺣ ﺪاھﺎ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ أو اﻟﺨِﻤ ﺎر ﻓﺤ ﺴﺐ ‪ -‬اﻟﺜ ﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟ ﺚ واﻟﺮاﺑ ﻊ ‪ -‬واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﻣﻌًﺎ ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ‪ -‬واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨِﻤﺎر واﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﻣﻌﺎً ‪ -‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺨﻔﱠﯿﻦ ﻷﻧﮫ ھﻨﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﺨﺎﻣﺲ ‪ -‬وﻃﺒﻌﺎً ﻧﺤﻦ أﺧﺮﺟﻨﺎ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟ ُ‬

‫‪211‬‬
 ‫وﻧﻘ ﻮل إن اﻷول واﻟﺜﺎﻟ ﺚ واﻟﺮاﺑ ﻊ واﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ورد ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﻔ ﻆ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﺨﺎﻣﺲ ورد ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻟﻔﻆ اﻟﺨِﻤﺎر‪ ،‬ﻟﯿﺪ ﱠل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺢ ﻻ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﻜ ﻞ ﻣ ﺎ‬
‫ﺴ َﻮةُ واﻟﻄﱠﺎﻗﯿ ُﺔ‬
‫ﯾُﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس‪ ،‬وﺟﺎءت ﻟﻔﻈﺔ اﻟﺨِﻤﺎر ﺗﻌﻢﱡ ﻛﻞ ﻏﻄﺎءٍ ﻟﻠﺮأس‪ ،‬ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟ َﻘَﻠ ْﻨ ُ‬
‫واﻟﻄﺮﺑ ﻮش وﻏﯿﺮھ ﺎ ﻣﻤ ﺎ ﯾُﻠ ﺒﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺟ ﺎء ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ وﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺎﺻ ﯿﺔ ﻣﻌ ﺎً‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﺟ ﺎء ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺨِﻤ ﺎر‪ .‬وﻣ ﻦ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‬
‫ﯾﺆﺧ ﺬ ﺣﻜﻤ ﺎن‪ :‬اﻷول أﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻓ ﻲ ﻣﻠﺒ ﻮس اﻟ ﺮأس اﻟ ﺬي ﯾُﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﯾﻐﻄ ﻲ ﻛﺎﻣ ﻞ اﻟ ﺮأس‬
‫وﯾﻮاري ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺪﻟﯿﻞ ورود اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺎھﺮة ﻏﯿﺮ ﻣﻐﻄﺎة‪ ،‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ أن‬
‫ﻄ ﮫ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ‪ .‬وأﺧﯿ ﺮاً‬ ‫اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﻜﻔﻲ ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻘﯿ ﺔ اﻟ ﺮأس ﻣﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﺗﻐ ﱢ‬
‫ﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺣﻜﻢ ﺟﻮاز اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء وﻛﻞ ﻧﺺ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫ﺠ ﺰيءَ ﻟﻠ ﺮأس ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن‬ ‫ﯾﻔﯿﺪ ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء أن اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﯾﻜﻮن ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺮأس‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ اﺳﺘﺪﻟﻠﻨﺎ ﺑﮫ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﯾﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺎﺻ ﯿﺔ‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﻣﻌﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﻣﺴﺢ ﺑﻌﺾ اﻟﺮأس ﯾُﺠْﺰيء ﻟﻤﺴﺢ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺎﺻﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ وﻟﻤﺎ ﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ‪ ،‬أو َﻟ َﻌﻜَﺲ ﻓﻤﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ دون اﻟﻨﺎﺻ ﯿﺔ ﻓﻜﻮﻧ ﮫ ﻣ ﺴﺢ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻣﻌ ًﺎ ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻣﺴﺢ اﻟﺮأس ﻛﻠﮫ ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻜﺸﻮﻓ ًﺎ أو ﻣﻐﻄﱠﻰ‪ ،‬أو ﻣﻜﺸﻮف‬
‫ﻄ ﻰ اﻟﺠ ﺰء اﻵﺧ ﺮ ‪ ،‬إذ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ُﯾ ِﻤ ﱠﺮ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ ﻛﻠ ﮫ دون اﻋﺘﺒ ﺎ ٍر ﻟﻠﻐﻄ ﺎء أو‬ ‫اﻟﺠﺰء وﻣﻐ ﱠ‬
‫ﻋﺪﻣﮫ‪.‬‬

‫ﺤﺔ‪،‬‬‫ھﺬه اﻷﺣﻜﺎم اﺳﺘﺨﻠﺼﻨﺎھﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬وھ ﻮ اﺳ ﺘﺨﻼص ﺑ ﯿﱢﻦ اﻟ ﺼ ﱠ‬
‫وﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﻌﺪول ﻋﻨﮫ واﻟﻘﻮل ﺑﺴﻮاه‪ .‬واﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﻛ ﺎن ﻣﻌﻠﻮﻣ ﺎً ﻟ ﺪى ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ ،r‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ »أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ وأﺑﺎ ﻣﻮﺳﻰ وأﺑﺎ أﻣﺎﻣﺔ وأم ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺪ ﻣﺴﺤﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ‬
‫واﻟﺨِﻤﺎر‪ ،‬وأن ﻋﻤ ﺮ وﺳ ﻠﻤﺎن ﻗ ﺪ أﻣ ﺮا ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ«‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )وھ ﻮ ﻗ ﻮل ﻏﯿ ﺮ واﺣ ﺪٍ ﻣ ﻦ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻨﮭﻢ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وأﻧ ﺲ( ورواه اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻓ ﻲ ﻓ ﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري ﻋ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ ،‬وھ ﻮ رأي أﺣﻤ ﺪ واﻷوزاﻋ ﻲ وﻣﺎﻟ ﻚ وإﺳ ﺤﻖ وأﺑ ﻲ ﺛ ﻮر وداود‬ ‫اﻟﻄﺒﺮي واﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻠﻲ واﺑﻦ ﺣﺰم‪ .‬وﺗﻮﻗﻒ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ وﻗ ﺎل‪ :‬إن ﺻ ﺢ اﻟﺨﺒ ﺮ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺒ ﮫ‬
‫أﻗﻮل‪ .‬وﻗﺪ ﺻﺢ اﻟﺨﺒﺮ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ ﺿﻢ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟﻰ أﺻ ﺤﺎب ھ ﺬا اﻟ ﺮأي‪ ،‬أو ﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ﻞ إﺧﺮاﺟ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﻤﻌﺎرض‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺢ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ ﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﺜ ﻮري وﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫واﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎرك واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ إﻟﻰ ﻋﺪم ﺟ ﻮاز اﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻣ ﻊ‬
‫ﻣﺴﺤﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺢ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺮأس‪ ،‬واﺣﺘﺠﱡﻮا ﺑﺄن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﺮض اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﻣﺤﺘﻤﻞ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺘ ﺮك اﻟﻤﺘ ﯿﻘﻦ ﻟﻠﻤﺤﺘﻤ ﻞ‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺮأس‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﻮل إن ھﺬا اﻟﻘﻮل ھ ﻮ رﻓ ﺾٌ ﻟﻠﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﻣ ﻦ أﺳﺎﺳ ﮫ‪ ،‬ﻷن ﻗ ﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬

‫ﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأس‪ ،‬واﺿ ﺢ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺮﻓﺾ ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أن وﺟ ﻮب ﻣ ﺴﺢ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ‬ ‫اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﻟ ﯿﺲ ﺑﻤ ﺴ ٍ‬
‫ﺾ آﺧﺮ ﻟﮫ‪ ،‬ﻷﻧﮭﻢ ﯾﺠﯿﺰون ﻣ ﺴﺢ اﻟﺠ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟ ﺮأس ﻋﻠ ﻰ إﻃﻼﻗ ﮫ‪،‬‬ ‫اﻟﺮأس ﻣﻊ ﻣﺴﺢ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ھﻮ رﻓ ٌ‬
‫ل ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﯿﮫ اﻟ ﺸﺮع‬
‫وھﺬا اﻟﺮﻓﺾ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻨﺎھﺾٌ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺼﺮﯾﺤﺔ‪ ،‬وھﻮ إِﻋﻤﺎ ٌ‬
‫ع ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﺗﻐﻄ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺮأس‬
‫ﻗﻮﻟﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﺟﺎﺋﺰ وﻣﺸﺮو ٌ‬
‫اﻛﺘُﻔ ﻲ ﺑﻤ ﺴﺤﮭﺎ وﺣ ﺪَھﺎ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﻐﻄ ﻲ ﺟ ﺰءًا وﺗﻜ ﺸﻒ ﺟ ﺰءًا ﻣُ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺰء‬
‫اﻟﻤﻜﺸﻮف‪ ،‬وﻻ ﯾُﺠْﺰيء ﻣﺴﺢ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻜﺸﻮف ﻓﻘﻂ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ )إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻋﻨ ﮫ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫واﺣﺪ أﻧﮫ اﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺢ ﺑﻌﺾ رأﺳﮫ اﻟﺒﺘﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎن إذا ﻣﺴﺢ ﺑﻨﺎﺻﯿﺘﮫ أﻛﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ (‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫أﻣﺎ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ ﻓ ﺈن ﻣ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﺢ ﺷَ ﻌَﺮ اﻟ ﺮأس ﻧﻘﻮﻟ ﮫ ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ‬
‫ﻞ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة إﻟ ﻰ ﻛ ﻞ ﺟ ﺰء‬ ‫ﺗﻤﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮاﺟ ﺐ إﻣ ﺮار اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ دون أن ﯾ ﺼﻞ اﻟﺒﻠ ُ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﺴﺢ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ ﻋﺪمُ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻌﺘﺎده ﻣ ﻦ ﻏﻄ ﺎء اﻟ ﺮأس‪ ،‬واﻟﻤ ﺮأة ﺗﻤ ﺴﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﺎده ﻣﻦ ﻏﻄﺎء رأﺳﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ھ ﻞ ﯾُﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣ ﺔ إذا ﻟُﺒ ﺴﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬أم ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ إﻃﻼﻗ ﺎً؟ وھ ﻞ‬
‫ع ﺻ ﺤﺎﺑ ٍﺔ‬‫ﻟﻠﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ ﺗﻮﻗﯿ ﺖ؟ ﻓ ﺎﻟﺠﻮاب أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻧ ﺺﱞ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن أو اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أو إﺟﻤ ﺎ ُ‬
‫ي ﻣﻦ اﻷﻣﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻷﻣ ﺮ‪ ،‬وأﻧ ﺎ ﻻ أﻗ ﻮل ﺑﻘ ﻮل اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ وأﺑ ﻲ ﺛ ﻮر‬ ‫ﻋﻠﻰ أ ﱟ‬
‫ﻣﻦ اﺷﺘﺮاط اﻟﻄﮭﺎرة ﻗﺒﻞ ﻟﺒﺲ اﻟﻌِﻤﺎﻣﺔ إذا أرﯾﺪ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻗﯿﺎﺳﺎً ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﺢ ھﻨ ﺎ‬
‫اﻟﻘﯿﺎس‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺒﺎدات ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻠﱠﻠﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻘﯿ ﺎس إﻻ إذا ﺟ ﺎءت ﻣﻌﻠﱠﻠ ﺔ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﻲء اﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻠﱠ ً‬

‫ﻣﺎ ﯾُﻌْﺼَﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠُﺮح واﻟﺠَﺒﯿﺮة‬

‫ﻒ‬
‫ﯾﺘﻨﺎول ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺎ ﯾُﻌﺼﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮح ﻣﻦ ﻟﻔﺎﺋﻒ اﻟﻘﻄﻦ وأﻧﻮاع اﻟﻘﻤﺎش وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬وﻣ ﺎ ﯾُﻠ ﱡ‬
‫ﺑﮫ اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﻜﺴﻮر ﻣﻦ ﻗﻤﺎش وﺧﺸﺐ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺠﺒﯿﺮة وﺟﻤﻌﮭﺎ ﺟﺒﺎﺋﺮ‪.‬‬

‫ن اﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﻠﻔﺎﺋﻒ أن ﻻ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺠﺮح أو اﻟﻜﺴﺮ إذا أرﯾﺪ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻣ ﺎ‬ ‫إﱠ‬
‫ﺗﻘﺘﻀﯿﮫ اﻟﻀﺮورة واﻟﻌﺎدة وﯾﺘﻄﻠﺒﮫ اﻟﺸ ﱡﺪ واﻟﺘﺜﺒﯿﺖ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻌ ﺼﺎﺋﺐ واﻟﻠﻔ ﺎﺋﻒ إن ﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﻀﻮ‬
‫ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﻣﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻛﺎﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻒ‪ ،‬وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﯿ ﺮ أﻋ ﻀﺎء اﻟﻮﺿ ﻮء ﻛ ﺄن‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺪر أو اﻟﺴﺎق أو اﻟﻌﻀﺪ ﻓﮭﻲ ﻏﯿﺮ داﺧﻠﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ‪ .‬وھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ ﺳﻮى ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﻐ ﺴﻞ وھ ﻮ‪ :‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟﻨ ﺎ‬
‫ﻼ ﻣﻨﺎ ﺣﺠ ٌﺮ ﻓﺸﺠﱠﮫ ﻓﻲ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ اﺣﺘﻠﻢ ﻓﺴﺄل أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ھ ﻞ ﺗﺠ ﺪون ﻟ ﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﺳﻔﺮ‪ ،‬ﻓﺄﺻﺎب رﺟ ً‬
‫رﺧﺼﺔً ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻣﺎ ﻧﺠﺪ ﻟﻚ رﺧﺼﺔ وأﻧﺖ ﺗﻘﺪر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ ﻓﻤﺎت‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﺪﻣﻨﺎ‬
‫ﻲ اﻟﺴﺆال‪،‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أُﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺘﻠﻮه ﻗﺘﻠﮭﻢ اﷲ‪َ ،‬أ َﻻ ﺳﺄﻟﻮا إذ ﻟﻢ ﯾﻌﻠﻤﻮا ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺷﻔﺎء اﻟﻌ ﱢ‬
‫إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿ ﮫ أن ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ وﯾﻌ ﺼﺮ أو ﯾﻌ ﺼﺐ ﻋﻠ ﻰ ﺟﺮﺣ ﮫ ﺧﺮﻗ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ وﯾﻐ ﺴﻞ ﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫ﺟﺴﺪه« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﺻﺤﱠﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﺴﻜﻦ‪.‬‬

‫ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »اﻧﻜ ﺴﺮت إﺣ ﺪى زﻧ ﺪيﱠ ﻓ ﺴﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺄﻣﺮﻧﻲ أن أﻣ ﺴﺢ‬ ‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻋﻠ ﱞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﺎﺋﺮ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﻔﯿﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻛﺬﱠﺑﮫ أﺣﻤﺪ واﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري )ﻣﻨﻜ ﺮ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ(‪ .‬وﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ وإن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻐُﺴﻞ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻷن اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‬
‫واﻟﻮﺿﻮء ﺷﻲء واﺣﺪ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺠﺒﯿﺮة‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﯾﺘﯿﻤﱠﻢ وﯾﻌﺼﺮ أو ﯾﻌﺼﺐ ﻋﻠﻰ ﺟُﺮﺣ ﮫ‬
‫ﻄ ﻲ ﺑﻠﻔﺎﻓ ﺔ أو ﺟﺒﯿ ﺮة ﻣ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑ ﺪل ﻏ ﺴﻠﮫ‪ ،‬وﯾﻨ ﺘﻘﺾ‬‫ﻏﱢ‬‫ﺧِﺮﻗ ﺔ ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ« ﻓ ﺎﻟﺠﺮح إذا ُ‬
‫ح‪:‬‬
‫وﺿﻮؤه ﺑﻨﺰﻋﮭﺎ‪ .‬واﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﯿﺮة واﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻒ ﻣﻦ ﺛﻼث ﻧﻮا ٍ‬

‫إﺣﺪاھﺎ‪ :‬أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻟﻠﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﯿﺮة أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﻛﻤ ﺎ ھ ﻮ اﻟﺤ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﻒ‪.‬‬
‫اﻟﺨُ ﱢ‬

‫ﺖ ﺑﯿ ﻮم وﻟﯿﻠ ﺔ ﻟﻠﻤﻘ ﯿﻢ‪،‬‬

‫ﻒ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﺆ ﱠﻗ ٌ‬
‫ﺨ ﱢ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ :‬أﻧﮫ ﻻ وﻗﺖ ﻟﻠﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﺨ ﻼف اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُ‬
‫وﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﺑﻠﯿﺎﻟﯿﮭﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫ﻒ اﻟ ﺬي ﻻ‬
‫ﺨ ﱢ‬
‫واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪ :‬أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘ ﯿﻤ ﱢﻢ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﺒﯿ ﺮة ﺑﺨ ﻼف اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﯾﺠﺐ ﻣﻌﮫ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺠﺒﯿﺮة ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة‪ ،‬ﻓﻸن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﻟﻢ ﯾﺸﺘﺮﻃﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻮ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻻزﻣﺔ ﻟﺬﻛﺮھﺎ ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﺗﺄﺧﯿﺮ اﻟﺒﯿﺎن ﻋﻦ وﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ ﻣﻨ ﻊ اﻟ ﻀﺮر ﻣ ﻦ وﺻ ﻮل اﻟﻤ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻐُ ﺴﻞ وﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء إﻟ ﻰ اﻟﻜ ﺴﺮ أو اﻟﺠ ﺮح ‪ ،‬وھ ﺬه‬
‫اﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻻ ﺗﺘﺤﻘ ﻖ ﺑ ﺈﻟﺰام ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﺠﺒﯿ ﺮة ﺑﺘﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﺠ ﺮح ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﻗﺒ ﻞ ﻟﻔﱢ ﮫ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ وﺟ ﺐ ﺗﻄﮭﯿ ُﺮ‬
‫اﻟﺠﺮح ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﻤﺴﺢ أﺻﻼً‪ ،‬وﯾﺴﺘﻮي ﻓﻲ ھﺬا أن ﯾﻜﻮن اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ اﻟﻤﻘﺼﻮد ھ ﻮ‬
‫إزاﻟﺔ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم أو أن ﯾﻜﻮن ﻗﺪ أُﺻﯿﺐ وھﻮ ﻋﻠﻰ وﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻜﻞ ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻠ ﺰم ‪ ،‬ﻷن ﻣ ﻦ ﺗﻜ ﺴﺮ ﯾ ﺪه‬
‫أو ﺗﺠﺮح ﻗﺪ ﯾﺤﺼﻞ ذﻟﻚ ﻟﮫ وھﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ وﺿ ﻮء‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻻزﻣ ﺔ ﻟﻮﺟ ﺐ أن ﻧﻄﻠ ﺐ‬
‫ﻣﻨﮫ أن ﯾﺘﻮﺿﺄ وﯾﻐﺴﻞ ﺟﺮﺣﮫ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻮﺿﻮء ﻗﺒﻞ أن ﯾﻀﻊ اﻟﺠﺒﯿﺮة أو اﻟﻠﻔﺎﻓﺔ ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻨﺎﻓﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺢ‪.‬‬

‫ﻋﺼَﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻷذى وﻣﺴﺢ ﻋﻠﯿﮫ وﺗﯿﻤﻢﱠ‪،‬‬ ‫وإذن ﻓﺈنﱠ ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ وﺿﻮء إذا ﺟُﺮح َ‬
‫وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﯾ ﺼﺎل اﻟﻤ ﺎء ﻟﺠﺮﺣ ﮫ ﻟﺘﻨﻈﯿ ﻒٍ أو ﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وأﻣ ﺎ أﻧ ﮫ ﻻ وﻗ ﺖ ﻟﻠﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻓﻠﻠﻐﺎﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ‪ ،‬إذ ﻻ ﺗﻮﻗﯿﺖ ﻟﺸﻔﺎء اﻟﺠﺮح أو ﺟﺒﺮ اﻟﻜ ﺴﺮ ﺑﻮﻗ ﺖ ﻣﻌﻠ ﻮم‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ ﯾﺘﻨ ﺎﻓﻰ ﻣ ﻊ اﻟﻐﺎﯾ ﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬ﻓﻤﺎ دام اﻟﺠ ﺮح ﺟﺮﺣ ًﺎ واﻟﻜ ﺴﺮ ﻛ ﺴﺮًا واﻟﻤ ﺎء ﯾ ﻀﺮﱡھﻤﺎ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ وﯾﻤ ﺴﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺗ ﺰول‬
‫ﺢ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أﺿ ﺎﻓﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﻌﻠﺔ وﯾﺘﻢ اﻟﺸﻔﺎء‪ .‬وأﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬ﻓﻮاﺿ ٌ‬
‫اﻟﺠﺮح‪.‬‬

‫وﻗﺪ رُوي ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﺷﺘﺮاط أن ﺗﻮﺿﻊ اﻟﺠﺒﯿﺮة أو اﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻃُﮭ ﺮ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ن وﺿ ﻌﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻃﮭ ﺎرة‬ ‫أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺬھﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟ ﻰ أن اﻟﺠﺒﯿ ﺮة إ ْ‬
‫ﻻ ﯾُﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﯾﻠﺰم ﻟﮭﺎ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺠﺒﯿﺮة إن وﺿﻌﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻃﮭ ﺎرة ﻻ‬
‫ﻞ ﺑﻞ ﺗﺴﻘﻂ ﻛﻌﺒﺎد ٍة ﺗﻌﺬﱠرت‪ ،‬وﻷن اﻟﺠﺒﯿﺮة ﻛﻌﻀ ٍﻮ آﺧﺮ‪ ،‬وآﯾﺔ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻢ ﺗﺘﻨﺎول‬ ‫ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻻ ﺗﺤ ﱡ‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬واﻋﺘﺬر ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﺄن ﻓﯿﮫ ﻣﻘﺎﻻً‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل‪:‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ إﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﯾﻠﺰﻣﮫ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﺈن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﯾﺮ ﱡد ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ل ﻋﻠﻰ ﻋ ﺪم اﻟﻔ ﺎرق ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﻢ‬ ‫ﺟﺎﺑﺮ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ إن ﻛﺎن اﻟﺠﺮح ﻗﺪ ﻋُﺼﺐ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة أو ﻻ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪ ﱡ‬
‫ﯾُﺴﺄل اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻟ ﻢ ﯾﺒﯿﱢﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﻓ ﺮق إذن ﺑ ﯿﻦ أن ﯾﻜ ﻮن وﺿ ﻊ اﻟﻌ ﺼﺎﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة أو‬
‫ﻏﯿﺮ ﻃﮭﺎرة ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺗﺤﻜﱡﻢٌ ﺑﺎﻟﻨﺺﱢ ﺑﺪون وﺟﮫ ﺣﻖ‪ .‬وأﻣﺎ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ إﻧﮭﺎ ﻋﺒﺎدة ﺗﻌﺬﱠرت‬
‫ﻓﺴﻘﻄﺖ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ ﯾ ﺮ ﱡد ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﺳ ﻘﻄﺖ ھ ﺬه اﻟﻌﺒ ﺎدة ﻟﻤ ﺎ أﻣ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﮭ ﺎ‬
‫وﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ أﻧﮫ اﻋﺘﺬر ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﺄن ﻓﯿﮫ ﻣﻘﺎﻻً أو ﺿﻌﻔ ًﺎ ‪ -‬واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ ھﻨ ﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻗﺪ ذﻛ ﺮ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ‬‫ن ﻓﻲ ﺳﻨﺪه اﻟﺰﺑﯿﺮ ﺑﻦ ﻣﺨﺎرق ‪ -‬ﻓﺈن اﺑﻦ اﻟﺴﻜﻦ ﻗﺪ ﺻﺤﱠﺢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬واﺑﻦ ِ‬ ‫أﱠ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎت‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ أن اﻟﺠﺒﯿﺮة ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﺣﺎل اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮭ ﺎ دون وﺟ ﻮب ﺗﻄﮭﯿ ﺮ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎء‪ ،‬أو اﻟﻮﺿﻮء وﻏﺴﻞ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻓﻲ أﺛﻨﺎﺋﮫ‪ ،‬وإذا وﺿﻌﺖ وأرﯾﺪ اﻟﻐُﺴﻞ أو اﻟﻮﺿﻮء وﺟﺐ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‬
‫وﻣﺴﺤﮭﺎ وإﺗﻤﺎم اﻟﻐﺴﻞ وإﺗﻤﺎم اﻟﻮﺿﻮء ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم‬

‫وھﻮ اﻟﺤﺬاء أو اﻟﻨﻌﻞ ‪ ،‬واﻟﺨُ ﻒﱡ ‪ ،‬واﻟﺠُﺮﻣ ﻮق‪ ،‬واﻟﺠ ﻮرب ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺬاء ﻓﻤﻌﻠ ﻮم ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﺨُ ﻒﱡ‬
‫ﺠ ﻮْرب ﻓﻘ ﺎل‬ ‫ﻒ ﯾُﻠ ﺒﺲ ﻓﻮﻗ ﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟ َ‬
‫ﺨ ﱢ‬
‫ﻞ ﻣ ﻦ ﺟﻠ ﺪ ﯾﻐﻄ ﻲ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺠُﺮﻣ ﻮق أﻛﺒ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬
‫ﻓﮭ ﻮ ﻧﻌ ٌ‬

‫‪214‬‬
‫ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺎﻣﻮس‪ :‬ھﻮ ﻟِﻔﺎﻓﺔ اﻟﺮﱢﺟﻞ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ‪ :‬ھﻮ ﻣ ﺎ ﯾﻠﺒ ﺴﮫ أھ ﻞ اﻟ ﺒﻼد اﻟ ﺸﺪﯾﺪة اﻟﺒ ﺮد ﻣ ﻦ‬
‫ﻏﺰل اﻟﺼﻮف‪ .‬ﻓﻌﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل »ﻛﺎن أﺑ ﻮ ﻣ ﺴﻌﻮد اﻷﻧ ﺼﺎري ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮرﺑﯿﻦ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫ﺷ ﻌﺮ وﻧﻌﻠﯿ ﮫ« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‪ .‬وروى اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ »ﻋ ﻦ ﻋُﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو أﻧ ﮫ ﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺟﻮرﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ«‪ .‬وﺟﺎﻣﻊ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻠﺒﺴﮫ اﻟ ﺸﺨﺺ ﻓ ﻲ رﺟﻠ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣ ﺬاء أو ﺷ ﺒﮭﮫ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺴﺘﺮ ﺑﮫ ﻗﺪﻣﮫ وﯾﺪﻓﺌﮭﺎ وﯾﺴﱢﮭﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﺸﻲ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﻤﻠﺒ ﻮس ﻣ ﻦ ﺟﻠ ﺪ أو ﺻ ﻮف أو‬
‫ﻛﺘ ﺎن أو ﻣ ﻮاد ﺻ ﻨﺎﻋﯿﺔ ﺣﺪﯾﺜ ﺔ ‪ ،‬وﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ أن ﯾﻜ ﻮن ﺻ ﻠﺒ ًﺎ أو ﻟﯿﻨ ًﺎ ﻣ ﺎ دام ﯾ ﺴﺘﺮ اﻟﻘ ﺪم وﯾ ﺪﻓﺌﮭﺎ‬
‫وﯾُ ﺴﮭﱢﻞ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺸﻲ‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﺎﻟ ﺴﺘﺮ واﻟﺘﺪﻓﺌ ﺔ واﻟﺘ ﺴﮭﯿﻞ ﻷن اﻟﻌ ﺎدة ﺟ ﺮت ﺑ ﺄن ﺗﺘ ﻮﻓﺮ ھ ﺬه‬
‫اﻷوﺻﺎف ﻓﻲ ﻣﻠﺒﻮس اﻟﻘﺪم‪ .‬وھﺬه اﻟﻤﻠﺒﻮﺳﺎت ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﺘﯿﻨﺎً ﯾﺘﺤﻤﻞ وﻋ ﻮرة اﻷرض ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء‬
‫اﻟﺴﯿﺮ ﻛﺎﻟﻨﻌﺎل‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻜ ﻮن أدﻧ ﻰ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﻦ ﺟﻠ ﺪٍ ﻧ ﺎﻋﻢ رﻗﯿ ﻖ أو ﺷ ﻌﺮ أو و َﺑ ﺮ أو‬
‫ﺻﻮف أو ﻗﻤﺎش‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن واﺳﻌًﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﺿﯿﻘـًﺎ ﯾﻠﺒﺲ ﻋﻠﯿﮫ ﻏﯿﺮه‪،‬‬
‫وﻛﻞ ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﺴﺢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﺬﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ اﻟﻤﻄﮭ ﺮة‪ ،‬وﻧُﻘﻠ ﺖ ﻋ ـﻦ ﺟﻤﮭ ﺮة‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﺷﺘﮭﺮت ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻷﻣ ﺔ اﻹﺳ ﻼﻣﯿﺔ ﺷ ﮭﺮة واﺳ ﻌﺔ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )ﻗ ﺪ روى اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب‬ ‫ﺼﻮْن ﻣﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ( وﻗ ﺎل إﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌ ﻲ )ﻣ ﺴ َ‬‫اﻟﺨﻔﯿﻦ ﺧﻼﺋﻖُ ﻻ ﯾُﺤ َ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻤﺮُ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب وﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص واﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وأﺑﻮ ﻣﺴﻌﻮد اﻷﻧﺼﺎري وﺣﺬﯾﻔﺔ‬
‫واﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ واﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب( رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )ﻗ ﺪ ﺻ ﺮﱠح ﺟﻤ ٌﻊ ﻣ ﻦ‬
‫ﺤﻔﱠﺎظ ﺑﺄن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﻣﺘ ﻮاﺗﺮ‪ ،‬وﺟﻤ ﻊ ﺑﻌ ﻀُﮭﻢ رواﺗِ ﮫ ﻓﺠ ﺎوزوا اﻟﺜﻤ ﺎﻧﯿﻦ‪ ،‬ﻣ ﻨﮭﻢ اﻟﻌ ﺸﺮة(‬
‫اﻟ ُ‬
‫وﻗﺎل أﺣﻤﺪ‪ :‬ﻓﯿﮫ أرﺑﻌﻮن ﺣ ﺪﯾﺜًﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ اﻟﻤﺒ ﺎرك )ﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺨﻔﯿﻦ اﺧﺘﻼف أﻧﮫ ﺟﺎﺋﺰ ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وذﻟﻚ أن ﻛﻞ ﻣﻦ روي ﻋﻨﮫ ﻣﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻛ ﺮه اﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوي ﻋﻨﮫ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ( ذﻛﺮه اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒَﺮ‪ :‬ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ روي ﻋ ﻦ‬
‫أﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﻘﮭﺎء اﻟﺴﻠﻒ إﻧﻜﺎره إﻻ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻊ أن اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻣُﺼﺮﱢﺣﺔ ﻋﻨﮫ ﺑﺈﺛﺒﺎﺗﮫ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ وأﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻣ ﻦ إﻧﻜ ﺎر اﻟﻤ ﺴﺢ ﻓﻘ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ :‬ﻻ ﯾﺜﺒ ﺖ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫أﺣﻤﺪ‪ :‬ﻻ ﯾﺼﺢ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻓﻲ إﻧﻜــﺎر اﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬وھـﻮ ﺑﺎﻃــﻞ ‪ .‬وأﻣـﺎ ﻣﺎ أﺧﺮﺟﮫ اﺑﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬
‫ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﻌﺪم اﻟﻤﺴﺢ ﻓﻤﻨﻘﻮض ﺑﻤ ﺎ روي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺷ ﺮﯾﺢ ﺑ ﻦ ھ ﺎﻧﻲء ﻗ ﺎل »أﺗﯿ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أﺳ ﺄﻟﮭﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﺴﻠﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺴﺎﻓﺮ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺴﺄﻟﻨﺎه ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺟﻌ ﻞ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ وﯾﻮﻣًﺎ وﻟﯿﻠﺔ ﻟﻠﻤﻘﯿﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ورﻏﻢ ﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺳ ﻠﻒ ﻓﻘ ﺪ ذھ ﺐ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﺑ ﻦ داود اﻟﻈﺎھـ ـﺮي وﻏﯿ ﺮه إﻟ ﻰ إﻧﻜ ﺎر اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬

‫ﻏ ﺴﻞ اﻟ ﺮﱢﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬وأﻣ ﺮه ‪r‬‬‫اﻟﺨﻔﯿﻦ ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ دﻋـﻮاھﻢ ﺑﺂﯾﺔ اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ذﻛ ﺮت اﻟﻮﺿ ﻮء وﻓﯿ ﮫ ُ‬
‫ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ »واﻏﺴﻞ رِﺟﻠﻚ« وﻗﻮﻟﮫ ﺑﻌﺪ ﻏُﺴﻞ اﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ »ﻻ ﯾﻘﺒﻞ اﷲ اﻟﺼﻼة ﻣ ﻦ دوﻧ ﮫ«‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ »وﯾ ﻞ‬
‫ﻟﻸﻋﻘﺎب ﻣﻦ اﻟﻨﺎر«‪ ،‬وردوا أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺴﺢ ﺑﺎﻟﻘﻮل إﻧﮭ ﺎ ﻣﻨ ﺴﻮﺧﺔ ﺑﺂﯾ ﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬وھ ﺆﻻء ﻗ ﺪ أﺧﻄ ﺄوا‬
‫ﺧﻄﺄً ﻛﺒﯿﺮاً وﺗﻌﺴﱠﻔﻮا ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻨﺒﺎط واﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ أﺣﺴﻦ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ )أﻣ ﺎ اﻵﯾ ﺔ ﻓﻘ ﺪ ﺛﺒ ﺖ ﻋﻨ ﮫ ‪ r‬اﻟﻤ ﺴﺢ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ اﻟﺒﺎب‪ ،‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ »واﻏﺴﻞ رِﺟﻠ ﻚ« ﻓﻐﺎﯾ ﺔ ﻣ ﺎ ﻓﯿ ﮫ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻐ ﺴﻞ وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﺸﻌِﺮ ﺑﺎﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬وﻟﻮ ﺳﻠﻢ وﺟﻮد ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻟﻜﺎن ﻣﺨﺼﺼًﺎ ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻤﺘ ﻮاﺗﺮة‪،‬‬
‫وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻘﺒﻞ اﷲ اﻟﺼﻼة ﺑﺪوﻧﮫ ﻓﻼ ﯾﻨﺘﮭﺾ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻜﯿﻒ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻤﻌﺎرﺿ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﻤﺘﻮاﺗﺮة ﻣﻊ أﻧﱠﺎ ﻟﻢ ﻧﺠﺪه ﺑﮭﺬا اﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ وﺟﮫ ﯾُﻌﺘﺪﱡ ﺑﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ »وﯾ ﻞ ﻟﻸﻋﻘ ﺎب ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎر« ﻓﮭ ﻮ‬
‫وﻋﯿﺪ ﻟﻤﻦ ﻣﺴﺢ رﺟﻠﯿﮫ وﻟﻢ ﯾﻐﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻢ َﯾﺮِد ﻓﻲ ﻣﺴﺢ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﻠ ﺖ ھ ﻮ ﻋ ﺎم ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪215‬‬
‫اﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻗﻠﺖ ﻻ ﻧﺴﻠﱢﻢ ﺷ ﻤﻮﻟﮫ ﻟﻤ ﻦ ﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺪع رﺟﻠ ﮫ ﻛﻠﮭ ﺎ وﻻ ﯾ ﺪع اﻟﻌﻘ ﺐ ﻓﻘ ﻂ‪،‬‬
‫ﺳﻠﱠﻤﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﺎﺳﺢ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻋﯿﺪ‪ ،‬أﻣﺎ دﻋﻮى اﻟﻨﺴﺦ ﻓ ﺎﻟﺠﻮاب‬
‫أن اﻵﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﺣﺎﻟﺘﻲ ﻟﺒﺲ اﻟﺨﻒ وﻋﺪﻣﮫ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻣﺨﺼﺼﺔ أو ﻣﻘﯿﺪة‬
‫‪ ،‬ﻓﻼ ﻧﺴﺦ ‪.(...‬‬

‫وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري )إن آﯾ ﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة ﻧﺰﻟ ﺖ ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة اﻟ ُﻤﺮَﯾْ ﺴﯿﻊ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة‬
‫ﻛﺎن ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك‪ ،‬وﺗﺒ ﻮك ﻣﺘ ﺄﺧﺮة ﺑﺎﻻﺗﻔ ﺎق(‪ .‬وﺻ ﺮﱠح أﺑ ﻮ داود وﻣﺎﻟ ﻚ ﺑ ﺄن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺻﺮح اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﻨﺪه‪ .‬وروى اﻟﺒ ﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﻋ ﻦ ﻋ ﻮف ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﻟ ﻚ ﻗ ﺎل »أﻣﺮﻧ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة ﺗﺒ ﻮك ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم وﻟﯿ ﺎﻟﯿﮭﻦ‬
‫ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ‪ ،‬وﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ ﻟﻠﻤﻘﯿﻢ«‪ .‬أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺮﯾﺮ وﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة اﻟﻠ ﺬان وردا ﻓ ﻲ ﻗ ﻮﻟﻲ اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‬
‫واﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﺴﻨُﻮردھﻤﺎ ﺑﺈذن اﷲ ﻣﻊ ﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻟﻠﺘ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ھﻤﺎم ﻗﺎل »ﺑﺎل ﺟﺮﯾﺮ ﺛﻢ ﺗﻮﺿﺄ وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﯿﮫ ﻓﻘﯿﻞ‪ :‬ﺗﻔﻌﻞ ھﺬا ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬رأﯾﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎل‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻮﺿﺄ وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻧُﻌﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أﻧ ﺴﯿﺖ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑ ﻞ أﻧ ﺖ ﻧ ﺴﯿﺖ‪ ،‬ﺑﮭ ﺬا أﻣﺮﻧ ﻲ رﺑ ﻲ« رواه أﺑ ﻮ داود ﺑﺈﺳ ﻨﺎد‬
‫ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﺖ ﻷﻧﺰع‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﻓﻐﺴﻞ ذراﻋﯿﮫ وﻣﺴﺢ ﺑﺮأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أھﻮﯾ ُ‬
‫ﺧﻔﱠﯿﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬دﻋﮭﻤﺎ ﻓﺈﻧﻲ أدﺧﻠﺘﮭﻤﺎ ﻃﺎھﺮﺗﯿﻦ ‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ«‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻧﮫ ﻣﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ‪ ،‬وأن‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺳﺄل ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ إذا ﺣﺪﺛﻚ ﺷﯿﺌًﺎ ﺳ ﻌﺪٌ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺄل ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬‫ﻏﯿﺮه« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﻗﺎل »ﺗﻮﺿﺄ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ واﻟﻨﻌﻠﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل‬
‫)ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ( ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪ -6‬وﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ﻣﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس أﺣﺎدﯾﺚ ﺑﻼل وﺛﻮﺑﺎن وﻋﻤﺮو ﺑﻦ أﻣﯿﺔ‪.‬‬

‫ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺗﻔﯿﺪ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ واﻟﻨﻌﻠﯿﻦ واﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا ﺻ ﺎر‬
‫ﻣﻌﻠﻮﻣًﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ واﻟﻤﺘ ﺄﺧﺮﯾﻦ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺆﺑ ﮫ ﺑﻘ ﻮل ﻣ ﻦ ﺧ ﺎﻟﻒ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﯾﻜﻔ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟﺮﯾ ﺮ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ أن اﻵﯾﺔ ﻻ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻨﺴﺦ ﻷن ﺟﺮﯾﺮًا ﻣﺘﺄﺧﺮ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ داود ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺮﯾﺮ وزاد‬ ‫دﻟﯿ ً‬
‫ﺖ إﻻ ﺑﻌ ﺪ ﻧ ﺰول اﻟﻤﺎﺋ ﺪة« ‪ .‬وروى‬ ‫»ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻗﺒ ﻞ ﻧ ﺰول اﻟﻤﺎﺋ ﺪة؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻣ ﺎ أﺳ ﻠﻤ ُ‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻋ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ ﻧ ﺰول اﻟﻤﺎﺋ ﺪة«‪ .‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ آﯾﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ﺑﻐ ﺴﻞ اﻷرﺟ ﻞ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗﻜ ﻮن ﻧﺎﺳ ﺨﺔ ﻟ ﮫ ﻗﻄﻌ ﺎً‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻤﻐﯿﺮة ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﻧﺰول ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة ﻟﻮﻗﻮﻋﮫ ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ رواه ﻋﻮف ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒ ﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ »‪َ ...‬أ َﻣﺮَﻧ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ ‪ «...‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬ھ ﺬا أﺟ ﻮد ﺣ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ‬

‫‪216‬‬
‫ﺺ ﻓ ﻲ وﻗ ﻮع‬‫اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪ .‬وﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )رﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ( وھﻮ ﻧ ﱞ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺢ ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة ﺗﺒ ﻮك‪ .‬ﺛ ﻢ إن ﻣﺎﻟﻜ ًﺎ روى ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮﻃ ﺄ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة »ﻋ ﻦ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ‬
‫ﺷُﻌﺒﺔ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذھﺐ ﻟﺤﺎﺟﺘﮫ ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة ﺗﺒ ﻮك‪ ...‬ﻓﻐ ﺴﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ وﻣ ﺴﺢ ﺑﺮأﺳ ﮫ وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺨﻔﯿﻦ ‪ «...‬ﻓﮭﺬا أﯾﻀًﺎ ﻧ ﺺ ﺻ ﺮﯾﺢ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻟﻠﻘ ﻮل ﺑﻨ ﺴﺦ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻟﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﻤﺘﻘﺪم ‪ -‬وھﻮ ھﻨﺎ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ‪ -‬ﻻ ﯾﻨﺴﺦ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ‪ -‬وھﻮ ھﻨﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ‪ -‬ھﺬا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻤﻮﻣ ًﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻣﻨﮭﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ‬
‫ﻃﯿﻠﺔ ﺣﯿﺎﺗﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻷﺳ ﺒﻮع اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﺑﺠ ﻮاز اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﻮرﺑﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻟ ُﻌ ﻮﱠاده ﻗﺒ ﻞ ﻣﻮﺗ ﮫ‬
‫ﺑﺜﻼﺛﺔ أﯾﺎم أو ﺑﺴﺒﻌﺔ‪ :‬ﻓﻌﻠﺖ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻧﮭﻰ ﻋﻨﮫ‪ .‬إﻻ أن ﺟﻤﮭ ﺮة اﻟﻌﻠﻤ ﺎء واﻷﺋﻤ ﺔ ﺟ ﻮﱠزوا اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ‪ ،‬وﻧُﻘﻞ ذﻟﻚ ﻋ ﻦ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ .‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ داود )وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﻮرﺑﯿﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﻃﺎﻟ ﺐ واﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد واﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب وأﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ أﻣﺎﻣ ﺔ وﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ وﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺮﯾﺚ‪ ،‬ورُوي ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب واﺑﻦ ﻋﺒﺎس( ورُوي اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﻮرﺑﯿﻦ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺎر‬
‫وﺑﻼل ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ واﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )وﺑ ﮫ ﯾﻘ ﻮل ﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﺜ ﻮري واﺑ ﻦ اﻟﻤﺒ ﺎرك واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‬
‫وأﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻧﻌﻠﯿﻦ إذا ﻛﺎﻧﺎ ﺛﺨﯿﻨﯿﻦ( ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺗﻮﻗﯿﺖ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺬﯾﺔ واﻟﻨﻌﺎل ﻓﻨﺬﻛﺮ ﻟﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻮف ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ھﻨﯿﮭﺔ ‪ ،‬وﻓﯿﮫ »ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ‪ ،‬وﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﻘﯿﻢ«‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺨﯿﻤِﺮة ﻋﻦ ﺷﺮﯾﺢ ﺑﻦ ھﺎﻧﻲء ﻗﺎل »أﺗﯿﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ أﺳ ﺄﻟﮭﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ ﻓ ﺴﻠﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺎﻓﺮ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺴﺄﻟﻨﺎه ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺟﻌﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ وﯾﻮﻣًﺎ وﻟﯿﻠﺔ ﻟﻠﻤﻘﯿﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋ ﻦ ﺻ ﻔﻮان ﺑ ﻦ ﻋ ﺴﱠﺎل ﻗ ﺎل »أ َﻣﺮَﻧ ﺎ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬أن ﻧﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ إذا ﻧﺤ ﻦ‬

‫أدﺧﻠﻨﺎھﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻃُﮭﺮ‪ ،‬ﺛﻼﺛ ًﺎ إذا ﺳ ﺎﻓﺮﻧﺎ وﯾﻮﻣ ًﺎ وﻟﯿﻠ ﺔ إذا أﻗﻤﻨ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﻧﺨﻠﻌﮭﻤ ﺎ إﻻ ﻣ ﻦ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ« رواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻷﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ»‪ ...‬إﻻ ﻣ ﻦ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻣ ﻦ ﻏ ﺎﺋﻂ‬ ‫أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫وﺑﻮل وﻧﻮم«‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ( وﻗﺎل )ﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ‪ :‬أﺣﺴﻦ ﺷﻲء‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﺣﺪﯾﺚ ﺻﻔﻮان(‪.‬‬

‫ﺧ ﺺ ﻟﻠﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم‬‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮة ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪»r‬أﻧ ﮫ ر ﱠ‬

‫ﺧﻔﱠﯿ ﮫ أن ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ‬
‫وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻟﻠﻤﻘﯿﻢ ﯾﻮم وﻟﯿﻠ ﺔ إذا ﺗﻄ ﱠﮭ ﺮ وﻟ ﺒﺲ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺒﺨ ﺎري‬‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺨﻄﱠﺎﺑﻲ واﺑﻦ ُ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ ِ‬‫ُ‬
‫)ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺑﻜﺮة ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ(‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم‪ ،‬وﻟﻠﻤﻘ ﯿﻢ‬
‫ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺻﺤﺤﮫ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺻﺤﺤﮫ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ﺗﺒ ﯿﻦ أن ﻣ ﺪة اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﺬﯾ ﺔ ﻟﻠﻤﻘ ﯿﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ ﯾ ﻮم‬

‫وﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﺑﻠﯿﺎﻟﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﯿﺖ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬ﻓ ﺬھﺐ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻠﯿﺚ إﻟﻰ أﻧﮫ ﻻ وﻗﺖ ﻟﻠﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ‪ ،‬وأن ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻤ ﺴﺢ ﻣ ﺎ ﺑ ﺪا ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ وﻗ ﺖ ﺳ ﻮاء‬

‫‪217‬‬
‫ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ واﻟﻤﻘ ﯿﻢ‪ ،‬وروي ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‪ ،‬واﺑﻨ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ‬
‫واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي‪.‬‬

‫وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺜﻮري واﻷوزاﻋﻲ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ راھُﻮﯾﮫ وداود واﻟﻄﺒ ﺮي‬
‫إﻟ ﻰ اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ‪ ،‬وروي ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ واﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وﺣﺬﯾﻔ ﺔ واﻟﻤﻐﯿ ﺮة وأﺑ ﻲ زﯾ ﺪ‬
‫اﻷﻧﺼﺎري وﻋﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ ﺷ ﺮﯾﺢ اﻟﻘﺎﺿ ﻲ وﻋﻄ ﺎء واﻟ ﺸﻌﺒﻲ وﻋﻤ ﺮ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ‪ .‬ﻗﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ :‬أﻛﺜ ﺮ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ .‬وأدﻟ ﺔ ھ ﺆﻻء ھ ﻲ اﻷدﻟ ﺔ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ذﻛﺮﻧﺎھﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪.‬‬

‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺎرة‪ ،‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﯾ ﺎ‬
‫أﻣﺎ أدﻟﺔ اﻟﻨﺎﻓﯿﻦ ﻟﻠﺘﻮﻗﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻤﻨﮭﺎ ﻣ ﺎ أﺧﺮﺟ ﮫ أﺑ ﻮ داود ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﱢ‬
‫رﺳﻮل اﷲ أﻣﺴﺢُ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﯾﻮﻣﺎً؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾﻮﻣ ﺎً‪ :‬ﻗ ﺎل‪ :‬وﯾ ﻮﻣﯿﻦ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬وﯾ ﻮﻣﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻗﺎل‪ :‬وﺛﻼﺛﺔ ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ وﻣﺎ ﺷﺌﺖ« وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟ ﮫ »ﺣﺘ ﻰ ﺑﻠ ﻎ ﺳ ﺒﻌﺎً‪ ،‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻧﻌ ﻢ وﻣ ﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »رﺧﱠ ﺺ ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﻧﻤ ﺴﺢ‬ ‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻋ ﻦ ُ‬
‫ﺑﺪا ﻟـﻚ« وﻣﺎ رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ »‪ ...‬وﻟﻮ ﻣ ﻀﻰ اﻟ ﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺴﺄﻟﺘﮫ‬ ‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻟﻮ اﺳﺘﺰدﻧﺎه ﻟﺰادﻧﺎ« وﻣﺎ رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻟﺠﻌﻠﮭﺎ ﺧﻤﺴﺎً«‪ .‬ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ داود ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺎرة ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬رﺟﺎﻟ ﮫ ﻻ ﯾُﻌﺮﻓ ﻮن‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ )ھ ﺬا إﺳ ﻨﺎد ﻻ ﯾﺜﺒ ﺖ‪ ،‬وﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣﺠﺎھﯿ ﻞ( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ :‬ﻻ ﯾﺜﺒ ﺖ‬
‫وﻟﯿﺲ ﻟﮫ إﺳﻨﺎد ﻗﺎﺋﻢ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ داود )إﺳﻨﺎده ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮي( وﻋﺪﱠه اﻟﺠﻮزﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت‪ .‬وأﻣ ﺎ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺧﺰﯾﻤﺔ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﺰﯾ ﺎدة اﻟﻤ ﺬﻛﻮرة ﻓ ﻼ ﺗﻘ ﻮم ﺑ ﮫ ﺣﺠ ﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺰﯾ ﺎدة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ ﻣﻈﻨﻮﻧ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻮﻟﮫ »وﻟﻮ اﺳﺘﺰدﻧﺎه ﻟﺰادﻧﺎ« وﻗﻮﻟﮫ »وﻟﻮ ﻣﻀﻰ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺘﮫ« ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ أﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺴﺄﻟﻮا‬
‫وﻟﻢ ﯾُﺰادوا‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ‪ .‬ﻓﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﻀﻌﯿﻔﺔ وﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﻔﯿ ﺪة‬
‫ﻟﻤﺰﯾ ِﺪ رأي ﻻ ﺗﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ وﯾﺜﺒ ﺖ‬
‫ﻗﻮل اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﯿﺖ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﺪء ﻣﺪة اﻟﻤﺴﺢ ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺣﯿﻦ اﻟﺤﺪث وھﻮ ﻻﺑﺲ وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﺒ ﺎدة‬
‫ﻣﺆﻗﺘ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺎﻋﺘُﺒﺮ أول وﻗﺘﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ ﺟ ﻮاز ﻓﻌﻠﮭ ﺎ وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن اﻟﻘ ﻮل اﻵﺧ ﺮ‬
‫ي ﻣﻦ اﻟﺮأﯾﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻣﺤﺘﻤﻼً‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻧﺼﻮص ﻧﺎﻃﻘﺔ ﺑﺘﺮﺟﯿﺢ أ ﱟ‬

‫واﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﺎل واﻟﺨﻔﺎف أن ﺗﻜﻮن ﻣﻠﺒﻮﺳﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة‪ ،‬أي ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء‪،‬‬
‫واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﺪﯾﺚ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﻋﺴﱠﺎل اﻟﺴﺎﺑﻖ وﻓﯿ ﮫ »ﻧﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ إذا ﻧﺤ ﻦ أدﺧﻠﻨﺎھﻤ ﺎ‬
‫ﻃﮭْﺮ« وﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿﺮة اﻷﺳﺒﻖ وﻓﯿﮫ »دﻋﮭﻤﺎ ﻓﺈﻧﻲ أدﺧﻠﺘﮭﻤﺎ ﻃﺎھﺮﺗﯿﻦ« ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ‬ ‫ﻋﻠﻰ ُ‬
‫»دع اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻓﺈﻧﻲ أدﺧﻠﺖ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ اﻟﺨﻔﯿﻦ وھﻤﺎ ﻃﺎھﺮﺗ ﺎن‪ ،‬ﻓﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ« ﻓﮭ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص ﺗ ﺪل‬
‫ﻋﻠﻰ اﺷﺘﺮاط اﻟﻄﮭﺎرة ﻋﻨﺪ اﻟﻠﺒﺲ‪ ،‬وﻣﻘﺘﻀﺎه أن إدﺧﺎﻟﮭﻤﺎ ﻏﯿﺮ ﻃﺎھﺮﺗﯿﻦ ﯾﻘﺘﻀﻲ ﻋ ﺪم اﻟﻤ ﺴﺢ‪ .‬وھ ﺬا‬
‫رأي ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ‪.‬‬

‫وﺧﺎﻟﻔﮭﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﺳﻔﯿﺎن اﻟﺜﻮري وﯾﺤﯿﻰ ﺑ ﻦ آدم واﻟﻤﺰﻧ ﻲ وأﺑ ﻮ ﺛ ﻮر وداود‪ ،‬إذ ﻗ ﺎﻟﻮا ﯾﺠ ﻮز‬
‫اﻟﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ ﺣﺪث ﺛﻢ ﯾﻜﻤﻞ ﻃﮭﺎرﺗﮫ‪ ،‬وﺣﻤﻠﻮا اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﺷﺘﺮاط اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻣ ﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪،‬‬
‫وﻟﯿﺲ اﻟﻄﮭﺎرة ﻣﻦ اﻟﺤﺪث‪ .‬ﻧﻌﻢ إن ﻟﻔﻆ اﻟﻄﮭﺎرة ﯾ ﺸﻤﻞ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث وﯾ ﺸﻤﻞ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ وﯾ ﺸﻤﻞ‬
‫ﻏﯿﺮھﻤﺎ‪ ،‬وإن اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻘﺼﻮد‪ ،‬وھﻨﺎ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ورود اﻟﻨﺼﻮص ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع‬
‫اﻟﻮﺿﻮء واﻟﻤﺴﺢ ﻟﮫ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻄﮭﱡﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت وﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓﻜ ﻮن اﻟﻨ ﺼﻮص ﺟ ﺎءت‬
‫ﺤ ﺪَث ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓﮭ ﻲ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺮاد ﻣ ﻦ اﻟﻄﮭ ﺎر ِة اﻟﻄﮭ ﺎرةُ ﻣ ﻦ اﻟ َ‬
‫ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻟﺪﯾﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺮف اﻟﻄﮭﺎرة إﻟ ﻰ إزاﻟ ﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺗﻌﯿ ﯿﻦ ﺑ ﺪون ﻣﻌ ﯿﱢﻦ وﺗﺤﺪﯾ ﺪ ﺑ ﺪون‬
‫ﻣﺤﺪﱢد‪.‬‬

‫‪218‬‬
 ‫واﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﺴﻞ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء وﻟﺒﺲ اﻟﺨ ﻒ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗُﻐ ﺴﻞ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫اﻟﯿﺴﺮى وﯾُﻠﺒﺲ اﻟﺨﻒ اﻷﯾﺴﺮ‪ ،‬ھﻞ ﯾﺠﻮز ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﻟﻤﻦ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ أن ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﺧﻔﯿ ﮫ؟ ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﯿﻦ‬
‫اﻷﺻﺢ ﻣﻨﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺑﻔﻌﻠﮫ ھﺬا ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻟ ﺒﺲ اﻟﺨ ﻒ اﻷﯾﻤ ﻦ ﻗﺒ ﻞ ﺗﻤ ﺎم اﻟﻄﮭ ﺎرة أي ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺗﻤﺎم اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺳﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺪ أدﺧﻞ رﺟﻠﯿﮫ اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻃﮭﺎرة‪ ،‬واﻟﻄﮭﺎرة ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻛﺘﻤﺎل اﻟﻮﺿﻮء‪ .‬وﻗ ﺪ ﻧ ﺼﺮ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ واﻟﻨ ﻮوي ھ ﺬا اﻟ ﺮأي ﺧﻼﻓ ًﺎ‬
‫ﻟﻠﺜﻮري واﻟﻤﺰﻧﻲ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪.‬‬

‫وﯾَﺒﻄُﻞ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻣﻮر‪:‬‬

‫أوﻟﮭﺎ‪ :‬ﺧﻠﻊ اﻟﺨﻔﯿﻦ أو أﺣ ﺪھﻤﺎ وﻟ ﻮ ﻟﺤﻈـ ـﺔ‪ ،‬وﯾﻨ ـﺪرج ﺗﺤﺘ ـﮫ ﺗﻤ ﺰﱡق اﻟﺨ ﻒ وﺗﺨﺮﱡﻣ ﮫ ﺑﺤﯿ ﺚ ﻻ‬
‫ن َﻧ ﺰَع اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﻏ ﺴَﻞ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ وﺻ ﺢ‬
‫ﯾﻌ ﻮد ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠ ﺒﺲ ﻋـ ـﺎدة‪ .‬وﺧ ﺎﻟﻒ اﻟﻤﺰﻧ ﻲ وأﺑ ﻮ ﺛ ﻮر ﻓﻘـ ـﺎﻻ إ ْ‬
‫وﺿﻮؤه‪ ،‬وﻛﺬا ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻠﯿﺚ إﻻ إنْ ﺗﻄﺎول اﻟﻨﺰع‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﺤﺴﻦ واﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ وﻏﯿﺮھﻤـ ـﺎ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﻏﺴﻞ ﻗﺪﻣﯿــﮫ وﯾﻈــﻞ وﺿ ﻮؤه ﺻ ﺤﯿﺤﺎً‪ ،‬وﻗﺎﺳ ﻮه ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﺢ رأﺳ ﮫ ﺛ ﻢ ﺣﻠﻘ ﮫ أﻧ ﮫ ﻻ ﺗﺠ ﺐ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ إﻋــﺎدة اﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬وﯾﻈﻞ وﺿﻮؤه ﺻ ﺤﯿﺤًﺎ‪ .‬وھـ ـﺬا ﻗﯿ ﺎس ﻻ ﯾ ﺼﺢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن اﻟ ﺸﻌــﺮ ﻻ ﯾﻠ ﺒﺲ‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﺨﻠــﻊ ﻟﯿﻌــﺎد ﻟﺒﺴــﮫ ﺑﺨــﻼف اﻟﺨﻒ اﻟــﺬي ﻣــﻦ ﺷﺄﻧﮫ اﻟﻠﺒ ـﺲ واﻟﻨ ﺰع‪ ،‬ﺛ ﻢ إن اﻟ ﺸﻌﺮ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ‬
‫ن اﻟﻘﯿ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎدات ﻻ ﯾ ﺼﺢ إﻻ أن وُﺟ ﺪت ﻋﻠ ٌﺔ‬ ‫اﻟﺮأس ﺑﺨﻼف اﻟﺨﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮاﻗﻌﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن‪ ،‬ﺛﻢ إ ﱠ‬
‫ﻇﺎھﺮ‪ .‬وﻋﻠﻖ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﯿﺎس ﺑﻘﻮﻟﮫ )ﻓﯿﮫ ﻧﻈﺮ(‪.‬‬

‫وﺛﺎﻧﯿﮭﺎ‪ :‬اﻧﻘﻀﺎء ﻣﺪة اﻟﻤﺴﺢ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎھﺎ آﻧﻔًﺎ‪.‬‬

‫وﺛﺎﻟﺜﮭﺎ‪ :‬اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﻔﻮان اﻟﺴﺎﺑﻖ وﻓﯿﮫ »وﻻ ﯾﺨﻠﻌﮭﻤﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ« وإذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﯾﻠ ﺒﺲ ﺧﻔ ًﺎ ﻓﻮﻗ ﮫ ﺣ ﺬاء وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺬاء ﺛ ﻢ ﺧﻠﻌ ﮫ وﺑﻘ ﻲ اﻟﺨ ﻒ ﺑﻄ ﻞ وﺿ ﻮؤه‪ ،‬ﻷن ﺷ ﺮط ﺑﻘ ﺎء‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻘﺎء اﻟﻤﻤﺴﻮح ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﯾﻠ ﺒﺲ ﺧﻔ ًﺎ وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟ ﺒﺲ ﻓﻮﻗ ﮫ ﺧﻔ ﺎً آﺧ ﺮ أو ﺣ ﺬاء‬
‫اﺳﺘﻤﺮ وﺿﻮؤه‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺨﻒ ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺘﱠﺨﺮﱡق ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﻤﺴﺢ وﻟﺒﺲ ﻓﻮﻗﮫ ﺧﻔﺎً آﺧﺮ ﺷﺪﯾﺪ اﻟ ﱠﺘﺨ ﺮﱡق‬
‫ﺑﺤﯿﺚ ﺻﺎر ﻣﻦ اﻟﺨﻔﯿﻦ اﻟﻤﺘﺨﺮﱢﻗﯿﻦ ﻣﻠﺒﻮس ﺳﺎﺗﺮ ﺟﺎز اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ وﺑﻄﻞ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﻨﺰع أﺣ ﺪھﻤﺎ‪،‬‬
‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ )ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺘﱠﺨﺮﱡق( ﺗﻘﯿﯿﺪاً‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧُﺨﺮج اﻷﺣﺬﯾﺔ ذات اﻟﺨﺮوق اﻟﯿﺴﯿﺮة اﻟﻤﻌﺘ ﺎدة‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺨﻒ أو‬
‫اﻟﺤﺬاء أو اﻟﺠﻮرب أو اﻟﻨﻌﻞ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﮭﺎ ﺧ ﺮوق ﻣﻌﺘ ﺎدة ﺟ ﺎز اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ ﺗُﻠ ﺒﺲ ﻋ ﺎدة‪.‬‬
‫ﻗﺎل اﻟﺜﻮري‪ :‬ﻛﺎﻧﺖ ﺧِﻔﺎف اﻟﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ واﻷﻧﺼﺎر ﻻ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﺮوق ﻛﺨﻔ ﺎف اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ‬
‫ذﻟ ﻚ ﺣﻈ ﺮ ﻟ ﻮرد وﻟﻨﻘ ﻞ ﻋ ﻨﮭﻢ‪ .‬وإن ﻛ ﺎن اﻟﺨ ﻒ ﻏﯿ ﺮ ﺳ ﺎﺗﺮ ﻟﻤﺤ ﻞ اﻟﻔ ﺮض ﻛ ﺄن ﯾﻜ ﻮن ﺣ ﺬاء دون‬
‫اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ﻻ ﯾﺼﺢ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻜ ﺸﻮف ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺪم ﯾﺠ ﺐ ﻏ ﺴﻠﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬واﻟﺨ ﻒ‬
‫ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺘﻤﻊ ﻏﺴﻞٌ وﻣﺴﺢٌ ﻟﻌﻀﻮ واﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬واﻟﻮاﺟﺐ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﺧﻠﻊ اﻟﺤﺬاء وﻏﺴﻞ‬
‫اﻟﺮﱢﺟﻞ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﻓﻨ ﻮرد ﻟﮭ ﺎ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﮭ ﺎ‪ ،‬وﻧﺒ ﯿﱢﻦ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻌﻮن اﷲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﺮأي ﻟﻜﺎن أﺳﻔﻞُ اﻟﺨﻒ أوﻟ ﻰ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﻦ‬
‫أﻋﻼه‪ ،‬وﻗﺪ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮ ﺧﻔﯿﮫ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ‬‫‪ -2‬ﻋ ﻦ ﻋ ﺮوة ﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ »أ ﱠ‬

‫اﻟﺨﻔ ﯿﻦ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﺣ ﺴﱠﻨﮫ وﻟﻔﻈ ﮫ »رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮھﻤﺎ«‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ ﺛﻮر ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ رﺟﺎء ﺑﻦ ﺣﯿﻮة ﻋﻦ ورﱠاد ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻋ ﻦ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة اﺑ ﻦ‬
‫ﺷﻌﺒﺔ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺴﺢ أﻋﻠﻰ اﻟﺨﻒ وأﺳﻔﻠﮫ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻓ ﻲ ﺑﻠ ﻮغ اﻟﻤ ﺮام‪ ،‬وﺻ ﺤﺤﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻠﺨ ﯿﺺ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻗﺎل اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻨﮫ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ اﻟﺘ ﺎرﯾﺦ )ھ ﻮ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻠﻔ ﻆ أﺻ ﺢ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ رﺟ ﺎء ﺑ ﻦ ﺣﯿ ﻮة( أي‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺎل اﻷﺛﺮم ﻋ ﻦ أﺣﻤ ﺪ إﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﻀﻌﱢﻔﮫ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻧﻌ ﯿﻢ ﺑ ﻦ ﺣﻤ ﺎد‪:‬‬
‫اﺿﺮﺑﻮا ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ داود )وﺑﻠﻐﻨﻲ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ﺛ ﻮر ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ رﺟ ﺎء( ﻓﮭ ﻮ‬
‫إذن ﻣﻨﻘﻄﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﯾﺒﻘ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﯾﻔﯿ ﺪان اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻇ ﺎھﺮ اﻟﺨ ﻒ‪،‬‬
‫وﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﻤﺎ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻨﮫ‪ .‬وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ ذﻟﻚ وأن اﻟﻤﺴﺢ اﻟﻤﺸﺮوع ھﻮ ﻣ ﺴﺢ ﻇ ﺎھﺮ اﻟﺨ ﻒ‬
‫دون ﺑﺎﻃﻨﮫ أو أﺳﻔﻠﮫ ‪ :‬اﻟﺜﻮري وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻷوزاﻋﻲ وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪.‬‬

‫وذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺰھﺮي واﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎرك إﻟﻰ ﻣﺴﺢ اﻟﻈﮭﻮر واﻟﺒﻄﻮن‪ ،‬ورُوي ﻋﻦ ﺳﻌﺪ‬
‫ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎص وﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ‪ ،‬إﻻ أن اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﻣﺎﻟﻜ ًﺎ ﻗ ﺎﻻ‪ :‬إن ﻣ ﺴﺢ ﻇﮭﻮرھﻤ ﺎ دون‬
‫ﺑﻄﻮﻧﮭﻤﺎ أﺟﺰأه‪ .‬وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻣﻦ ﻣﺴﺢ ﺑﺎﻃﻦ اﻟﺨﻔﯿﻦ دون ﻇﺎھﺮھﻤﺎ ﻟﻢ ﯾُﺠﺰﺋ ﮫ وﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ اﻹﻋ ﺎدة وﻟ ﯿﺲ‬
‫ھﻮ ﺑﻤﺎﺳﺢ‪ .‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﺤﻤﻼن رأي أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺣﻤﺪ ﻧﻔﺴَﮫ‪ ،‬وھﻮ أن اﻟﻤﺴﺢ اﻟﻤ ﺸﺮوع‬
‫اﻟﻤُﺠْﺰيء ھﻮ ﻣﺴﺢ ﻇﺎھﺮ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬واﻟﺨ ﻼف إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺢ اﻟﺒ ﺎﻃﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ‬
‫ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻻ ﯾُﻤﺴﺢ‪ ،‬وﻋﻨﺪ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾُﻤﺴﺢ اﺳﺘﺤﺒﺎﺑًﺎ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﻼف ﯾﺴﯿﺮ‪.‬‬

‫وﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﺈن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻻ ﺗﻔﯿﺪ ﺳﻮى ﻣﺴﺢ اﻟﻈﺎھﺮ دون اﻟﺒﺎﻃﻦ‪،‬‬
‫وأن ﻣﺴﺢ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﯿﮫ ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ ﯾُﻌﺘﺪﱡ ﺑﮫ‪ .‬وأﻣﺎ ﻣﺎ روى اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻤﺴﺢ أﻋﻠﻰ اﻟﺨﻒ وأﺳﻔﻠﮫ ﻓﮭﻮ ﻓﻌﻞ ﺻﺤﺎﺑﻲ وﻟﯿﺲ ھﻮ ﺑﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻠﺢ إﻻ ﻋﻨﺪ ﻣ ﻦ ﯾﺮﯾ ﺪ‬
‫ﺗﻘﻠﯿﺪ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ واﻷﺻﻞ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ اﻷدﻟﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻛﯿ ﻒ ﯾﻤ ﺴﺢ ﻇ ﺎھﺮ اﻟﺨ ﻒ ﻓ ﺄﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ﯾﻮﺟ ﺐ ﻣ ﺴﺢ ﻗ ﺪر ﺛ ﻼث أﺻ ﺎﺑﻊ ﻣ ﻦ أﺻ ﺎﺑﻊ اﻟﯿ ﺪ‪.‬‬
‫ﻒ‪ .‬واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺪد وﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻣ ﺎ ﯾ ﺴﻤﱠﻰ ﻣ ﺴﺤﺎً‪ .‬واﺑ ﻦ ﻋﻘﯿ ﻞ‬ ‫وأﺣﻤﺪ ﯾﻮﺟﺐ ﻣﺴﺢ أﻛﺜﺮ اﻟﺨُ ﱢ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻨﱠﺔ اﻟﻤ ﺴﺢ أن ﯾﻤ ﺴﺢ ﺧﻔﯿ ﮫ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ‪ ،‬اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻟﻠﯿﻤﻨ ﻰ واﻟﯿ ﺴﺮى ﻟﻠﯿ ﺴﺮى‪ .‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ أﻗ ﻮل أﻧ ﺎ ﺑ ﮫ ‪.‬‬
‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ھ ﻮ ﻣ ﺎ روي أن اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ذﻛ ﺮ وﺿ ﻮء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل »‪ ...‬ﺛ ﻢ ﺗﻮﺿ ﺄ وﻣ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻮﺿﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺧﻔ ﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﻋﻠ ﻰ ﺧﻔ ﮫ اﻷﯾ ﺴﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ أﻋﻼھﻤ ﺎ‬
‫ﻣﺴﺤﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻲ أﻧﻈ ﺮ إﻟ ﻰ أﺛ ﺮ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ« رواه اﻟﺨ ﻼﱠل‪ .‬ذﻛ ﺮ ذﻟ ﻚ ﺻ ﺎﺣﺐ‬
‫اﻟﻤﻐﻨﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﺪر اﻟﻤﻤﺴﻮح ﻣﻦ ﻇﺎھﺮ اﻟﺨﻒ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻟﮫ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓ ﺈن رأي اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ ھﻮ اﻷﺻﺢ‪ ،‬وھﻮ أن ﯾﻤﺴﺢ ﻗﺪرًا ﻣﻦ ﻇﺎھﺮ اﻟﺨﻒ ﯾﺼﺢ ﺑﮫ اﻟﻘﻮل إﻧﮫ ﻣﺴﺢ ﻇﺎھﺮ اﻟﺨﻒ‪،‬‬
‫ﻷوْﻟﻰ واﻷﻛﻤﻞ أن ﯾﻤﺴﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻈﺎھﺮ ﺧﺮوﺟًﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻼف وأﺧﺬاً ﺑﺎﻷﺣﻮط‪.‬‬ ‫وا َ‬

‫ﻣﺴﺄﻟـــﺔ‬
‫اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ واﻟﺠﻮرﺑﯿﻦ واﻟﻨﻌﻠﯿﻦ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء دون اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻻ ﯾﺼﺢ ﻓﯿﮫ ﻣﺴﺢ اﻟﺨﻔﯿﻦ ﻣﻄﻠﻘﺎً‪ ،‬ﻻ أﻋﻠﻢ أﺣﺪًا ﺧﺎﻟﻒ ذﻟﻚ‪ ،‬وادﱠﻋﻰ اﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ اﻹﺟﻤ ﺎع ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬

‫‪220‬‬
‫وﻣﺜﻠﮫ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ وﻣﺎ ﯾﻠﺤﻖ ﺑﮭﺎ ﻛﺎﻟﻄﺎﻗﯿﺔ واﻟﻘﻠﻨﺴﻮة واﻟﻄﺮﺑ ﻮش‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﺒﯿ ﺮة‬
‫وﻋﺼﺎﺑﺔ اﻟﺠﺮح ﻓﻌﺎمﱞ ﻓﻲ اﻟﻐُﺴﻞ واﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫‪221‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸـﺮ‬
‫ﻧﻮاﻗﺾ اﻟﻮﺿﻮء‬
‫‪ (1‬اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﺴﺒﯿﻠﯿﻦ‬
‫اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﺴﺒﯿﻠﯿﻦ ﯾﺸﻤﻞ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﺒﻮل ﻣﻦ اﻟ ُﻘﺒُﻞ‪ ،‬واﻟﺒﺮاز أو اﻟﻐﺎﺋﻂ ﻣﻦ اﻟ ﱡﺪﺑُﺮ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﻤﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻞ‪.‬‬

‫ج‪ -‬اﻟﻤﺬي ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻞ‪.‬‬

‫د‪ -‬اﻟﻮدي ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻞ‪.‬‬

‫ھـ‪ -‬اﻟﺮﯾﺢ ‪ -‬وھﻮ اﻟﻔُﺴﺎء أو اﻟﻀﺮاط‪ -‬ﻣﻦ اﻟ ﱡﺪﺑُﺮ‪.‬‬

‫واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ .‬اﻟﺒﻮل واﻟﻐﺎﺋﻂ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﻋ ﺴﱠﺎل ﻗ ﺎل «ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺄﻣﺮﻧ ﺎ إذا ﻛﻨ ﺎ َ‬

‫ﺳ ﻔْﺮًا أن ﻻ ﻧﻨ ﺰع ﺧِﻔﺎﻓﻨ ﺎ‬
‫ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﻦ إﻻ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻏﺎﺋﻂ وﺑ ﻮل وﻧ ﻮم« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ(‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﻣ ﺎ ﯾُﻠ ﺒﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺪم[ ﻓ ﻲ ]اﻟﻔ ﺼﻞ‬
‫اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ[ ﺑﻠﻔﻆ أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺧﻔﱠﯿﮫ ﻓﻘﯿﻞ‪ :‬ﺗﻔﻌﻞ ھﻜﺬا ؟ ﻓﻘﺎل ﻧﻌﻢ‪ ،‬رأﯾﺖ‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ھﻤﱠﺎم ﻗﺎل »ﺑﺎل ﺟﺮﯾﺮ ﺛﻢ ﺗﻮﺿﺄ وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎل ﺛﻢ ﺗﻮﺿﺄ وﻣﺴﺢ ﻋﻠ ﻰ ُ‬
‫ﺧﻔﱠﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود أﺣﻤ ﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫ﻂ[ اﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬ ‫‪ -3‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َأ ْو ﺟَﺎ َء َأ َ‬

‫ﺣ ٌﺪ ِﻣ ْﻨﻜُ ْﻢ ﻣِﻦ اﻟﻐَﺎ ِﺋ ِ‬

‫ﺺ ﻓﻲ اﻟﺒﻮل‪ ،‬واﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺘﻨﺎول‬‫ﺺ ﻓﻲ اﻟﺒﻮل واﻟﻐﺎﺋﻂ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻧ ﱞ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻧ ﱞ‬
‫اﻟﺒﻮل ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻨﺎول اﻟﺒﺮاز‪ ،‬ﻷن اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ھ ﻮ اﻟﻤ ﻨﺨﻔﺾ ﻣ ﻦ اﻷرض‪ ،‬وھ ﻮ ﻛﻨﺎﯾ ﺔ ﻋ ﻦ ﻗ ﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟ ﺔ‪،‬‬
‫ﻀﯿْﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة ﻻ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ‬
‫وھ ﻲ ﺗ ﺸﻤﻞ اﻟﺒ ﻮل واﻟﺒ ﺮاز‪ .‬واﻟﺒ ﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻛﻨﺎ ِﻗ َ‬
‫ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎن ‪ ،‬ووﺟﮫ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﺺ واﺿﺢ‪.‬‬

‫ب‪ .‬اﻟﻤﻨﻲ‪:‬‬

‫‪222‬‬
‫اﻟﻤﻨﻲ ﻟﯿﺲ ﻧﺎﻗﻀًﺎ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ھﻮ ﻧﺎﻗﺾ أﯾﻀﺎً ﻟﻠﻄﮭﺎرة اﻟﻜﺒﺮى وﯾُﻮﺟ ﺐ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫ﻣ ﱠﺮ ﺑﺤﺜﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ[ ﻓﻲ ]اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ[ ‪.‬‬

‫ج‪ .‬اﻟﻤﺬي‪:‬‬

‫اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺬي ﻧﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء ھﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺳﮭﻞ ﺑﻦ ﺣﻨﯿﻒ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ أﻟﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺬي ﺷﺪة‪ ،‬وﻛﻨ ﺖ أُﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل‪ ،‬ﻓ ﺴﺄﻟﺖ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ُﯾﺠْﺰِﯾ ﻚ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ اﻟﻮﺿ ﻮء ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫ﺖ أن أﺳﺄل رﺳﻮل‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ رﺟﻼً ﻣﺬﱠاءً‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺤﯿﯿ ُ‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺄﻣﺮت اﻟﻤﻘﺪاد ﺑﻦ اﻷﺳﻮد ﻓﺴﺄﻟﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻓﯿﮫ اﻟﻮﺿﻮء« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ‬
‫ﺟ ﺮَﯾﺞ اﻟ ﺪال ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺬي‬
‫ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »ﯾﻐ ﺴﻞ ذَﻛَ ﺮه وﯾﺘﻮﺿ ﺄ« وﺳ ﯿﺄﺗﻲ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ اﻟﻘ ﻲء ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫د‪ .‬اﻟﻮدي‪:‬‬

‫ﻋ َﻘ ْﯿ ﺐَ اﻟﺒ ﻮل ﻣﺨﺘﻠﻄ ﺎً ﺑ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬

‫دﻟﯿﻠﮫ دﻟﯿﻞ اﻟﺒﻮل ﻷﻧﮫ ﯾﻘﻄ ُﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ﺬﱠﻛَﺮ ُ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻟﻤﻨ ﻲ واﻟﻤ ﺬي واﻟ ﻮدي‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻤﻨﻲ ﻣﻨ ﮫ اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﻣ ﻦ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﯾﻐ ﺴﻞ ذَ َﻛ ﺮه‬
‫وﯾﺘﻮﺿ ﺄ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻣﺜﻠ ﮫ‪،‬‬
‫وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﺣﻜﺎم ﺷﺮﻋﯿﺔ ﯾﺼﺢ أﺧﺬھﺎ وﺗﻘﻠﯿﺪھﺎ‪.‬‬

‫ھـ‪ .‬اﻟﺮﯾﺢ‪:‬‬

‫اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗُﻘﺒﻞ ﺻﻼ ُة ﻣَﻦ أﺣﺪث ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻗ ﺎل رﺟ ﻞ‬
‫ث ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓُ ﺴﺎءٌ أو ﺿ ﺮاط« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺤ َﺪ ُ‬
‫ﻣﻦ ﺣﻀﺮﻣﻮت‪ :‬ﻣ ﺎ اﻟ َ‬
‫ﺠﺰِيء وﻻ ﺗﺼﺢ‪.‬‬ ‫ﻗﻮﻟﮫ ﻻ ﺗُﻘﺒﻞ‪ :‬أي ﻻ ُﺗ ْ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا وﺟ ﺪ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺑﻄﻨ ﮫ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‬
‫ﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﻤﻊ ﺻ ﻮﺗًﺎ أو ﯾﺠ ﺪ رﯾﺤ ًﺎ«‬ ‫ﺧﺮَج ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﻲء أم ﻻ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺨ ﺮﺟ ﱠ‬
‫ﻓﺄﺷﻜﻞ ﻋﻠﯿﮫ أ َ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود‪ .‬وروى اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻗﺮﯾﺒ ﺎً ﻣﻨ ﮫ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺎد ﺑ ﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﻤﮫ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ وﺿﻮء إﻻ ﻣ ﻦ ﺻ ﻮت أو رﯾ ﺢ«‬

‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺄﻟـــﺔ‬

‫‪223‬‬
‫اﻟﺒﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﻧﺎﻗ ﻀﺎن ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﺧﺮﺟ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺒﯿﻠﯿﻦ أو ﻣ ﻦ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻖ‬
‫ﺾ ﻋﻤﻠﯿ ُﺔ ﺷ ﱢ‬
‫ﺖ ﻟﻤ ﺮﯾ ٍ‬ ‫»ﻟﻜ ﻦ ﻣ ﻦ ﻏ ﺎﺋﻂ وﺑ ﻮل وﻧ ﻮم« ﻣﻄﻠ ﻖ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﯿ ﺪ ﺑﺎﻟ ﺴﺒﯿﻠﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻟ ﻮ أُﺟ ِﺮ َﯾ ْ‬
‫ﺐ اﻟﻄﺒﯿﺐ ﻟﮫ أﻧﺒﻮﺑًﺎ ﻹﺧﺮاج اﻟﺒﻮل أو اﻟﻐﺎﺋﻂ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﺒ ﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ‬ ‫اﻟﺒﻄﻦ ورﻛ ﱠ‬
‫اﻟﺨﺎرﺟﯿﻦ ﻣﻨﮫ ﯾﻨﻘﻀﺎن وﺿﻮء اﻟﻤﺮﯾﺾ‪ .‬ﻓﺎﻟﺒﻮل واﻟﻐﺎﺋﻂ ﻧﺎﻗﻀﺎن ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ (2‬ﺧﺮوج اﻟﺪم‬
‫اﻟﺪم إﻣﺎ أن ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟﻔ ﺮج ﻛ ﺪم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ‪ ،‬أو ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﺑﺮ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻤ ﺮض ﺑﺎﻟﺒﺎﺳ ﻮر أو‬
‫ﻏﯿﺮه‪ ،‬أو ﻣﻦ اﻟﻔﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺮض اﻟﺴﱡﻞ ﻣﺜﻼً‪ ،‬أو ﻣﻦ اﻷﻧﻒ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﻋ ﺎف‪ ،‬أو ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫ن ھﺬا اﻟﺪم اﻟﺨﺎرج ﻛﻠﱠﮫ ﻧﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء‪ .‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ روت ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ‬ ‫أﻋﻀﺎء اﻟﺒﺪن‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺟﺎءت ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺣُﺒﯿﺶ إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ اﻣ ﺮأة‬
‫أُﺳﺘﺤﺎض ﻓﻼ أﻃﮭﺮ أﻓﺄدع اﻟﺼﻼة؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ ﻋﺮق وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺤﯿﻀﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻗﺒﻠﺖ اﻟﺤﯿ ﻀﺔ‬
‫ﻓ ﺪﻋﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإذا أدﺑ ﺮت ﻓﺎﻏ ﺴﻠﻲ ﻋﻨ ﻚ اﻟ ﺪم وﺻ ﻠﻲ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي وزاد »ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ‪ :‬وﻗﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺌﻲ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾﺠ ﻲء ذﻟ ﻚ اﻟﻮﻗ ﺖ«‪.‬‬
‫ﻛﻤ ﺎ روى اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼةٍ أﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ إﺛﺒ ﺎت وﺟ ﻮب اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻟﻠﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ وأﺣﻜﺎﻣﮭﺎ[ ﻓﻲ ]اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ[ ﻓﯿﺮاﺟﻊ ھﻨﺎك‪.‬‬

‫وھﻨﺎ ﻧَﻌ ﺮض ﻟﺨ ﺮوج اﻟ ﺪم ﻣ ﻦ ﻋﻤ ﻮم اﻟﺒ ﺪن ﺳ ﻮاء ﻣ ﻦ اﻟﻔ ﺮج أو ﻏﯿ ﺮه ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬ذھ ﺐ إﻟ ﻰ أن‬
‫ﺧ ﺮوج اﻟ ﺪم ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺪن ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وأﺑ ﻮ ﯾﻮﺳ ﻒ وﻣﺤﻤ ﺪ ﺗﻠﻤﯿ ﺬاه‪ ،‬وأﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ‬
‫وإﺳﺤﻖ‪ ،‬ﻓﯿﻤﺎ ذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﱢﺐ وﻣﻜﺤﻮل ورﺑﯿﻌ ﺔ ‪ -‬ورُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫وأﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ‪ -‬إﻟﻰ أن اﻟﺪم ﻏﯿﺮ ﻧﺎﻗﺾ‪.‬‬

‫واﻟﺬي ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪﯾﻨﺎ ھﻮ أن ﺧﺮوج اﻟﺪم ﻣﻦ أي ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺒ ﺪن ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮر‪ .‬أﻣﺎ وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ دﻋﻮاﻧﺎ ﻓﮭﻮ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ ﻋِﺮق« أي أن‬
‫ﻋ ﺮق‪ ،‬وﻣ ﻊ ھ ﺬا اﻟﻮﺻ ﻒ أﻣﺮھ ﺎ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬ ‫دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ ھﻮ دم ﻧﺎزف ﻣﻦ ِ‬
‫ﺑﺄﻣﺮﯾﻦ‪ :‬أن ﺗﻐﺴﻞ اﻟﺪم »ﻓﺎﻏﺴﻠﻲ ﻋﻨﻚ اﻟﺪم« وأن ﺗﺘﻮﺿ ﺄ »وﺗﻮﺿ ﺌﻲ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة«‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن اﻟ ﺪم‬
‫ق ﺑﺪﻟﯿﻞ ﺗﻨﻜﯿﺮ )ﻋِﺮق( ﻓﺈن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓﯿ ﮫ أن ﯾُﻐ ﺴﻞ‪ ،‬واﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﻐُ ﺴﻞ‬
‫ي ﻋِﺮ ٍ‬
‫إن ھﻮ ﺧﺮج ﻣﻦ أ ﱢ‬
‫ﻓﻸﻧﮫ ﻧﺠﺲ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﻸﻧﮫ ﻧﺎﻗﺾ‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻘﺎل إن ھﺬا ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ ﻓﯿﻘﺼﺮ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أو ﯾﻘﺎل إن ھﺬا اﻟﺪم ﺧﺮج ﻣ ﻦ اﻟﻔ ﺮج‬
‫ﻓﯿﻘﺼﺮ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﺎل ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻌﺒﺮة ﺑﺄﻟﻔﺎظ اﻟﺤﺪﯾﺚ وھﻲ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻌﻤﻮم‪ ،‬وھ ﺬه اﻷﻟﻔ ﺎظ وﺻ ﻔﺖ اﻟ ﺪم‬
‫ﻋ ﺮق ﻣﻘﻄ ﻮع‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ‬ ‫ﺑﺄﻧﮫ ﻣﻦ ﻋِﺮق‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن أي دم ﯾﻨﺰف ﻣﻦ اﻟﺒﺪن إﻧﻤﺎ ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ ِ‬
‫ھﺬا اﻟﻮﺻﻒ وﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﮫ‪ ،‬وھﺬا ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻘﯿﺎس‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ ﺑﺎب ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ أﻓ ﺮاده‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾ ﺸﻤﻞ دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿ ﺔ ودم اﻟﺠ ﺮوح ودم اﻟﺮﻋ ﺎف ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ ،‬ﻷن ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ دم ﻋ ﺮق‪،‬‬
‫ودم اﻟﻌِﺮق ﯾُﻐﺴﻞ وﯾَﻨﻘُﺾ‪ .‬ھﺬا ھﻮ وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل وھﺬا ھﻮ وﺟﮫ اﻟﻔﻘﮫ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أن ﯾﻘﺎل إﻧﮫ ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻔﺮج ﻓﻼ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮫ ﻏﯿﺮه ﻓﮭﻮ ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ أﻧ ﮫ‬
‫دم ﻋﺮق‪ ،‬وﻗﺎل إن دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ ﯾُﻐﺴﻞ وﯾَﻨﻘﺾ‪ ،‬أو ﻗ ﺎل إن دم اﻟﻔ ﺮج ﯾُﻐ ﺴﻞ و َﯾ ﻨﻘﺾ ﻟﻜ ﺎن ھ ﺬا‬
‫اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ﻣﺤﻠﮫ وﻻﻧﺘﻔﻰ اﻟﺸﻤﻮل‪ ،‬أﻣﺎ وأن اﻟﺤﺪﯾﺚ ذﻛﺮ دم اﻻﺳﺘﺤﺎﺿﺔ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ ﻋ ﺮق‪ ،‬وأﻧ ﮫ‬
‫ن ﻛﻞ دم ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ھﺬا اﻟﻮﺻ ﻒ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ واﻟ ﻨﻘﺾ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن‬ ‫ﻧﺠﺲ وﻧﺎﻗﺾ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﻛ ﻞ اﻟ ﺪم اﻟﺨ ﺎرج ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺪن إﻧﻤ ﺎ ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ ﻋ ﺮوق ﻓ ﺈن ﻛ ﻞ دم ﺧ ﺎرج ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺪن ﯾ ﺸﻤﻠﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫وﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﻨﺤﻦ ﻟ ﺴﻨﺎ ﻓ ﻲ ﺣﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ دﻟﯿ ﻞ ﺧ ﺎص ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﻋ ﺎف ﻧ ﺎﻗﺾ ﻷن دﻟﯿﻠﻨ ﺎ‬

‫‪224‬‬
 ‫ف ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻧﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬‫اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﺬا ﻛﺎ ٍ‬
‫اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺞ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ َﻗ َﻠ َ‬
‫ﺲ أو ﻗﺎء أو رﻋﻒَ ﻓﻠﯿﻨ ﺼﺮف ﻓﻠﯿﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﻟ ُﯿ ِﺘ ﱠﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ« وﻣﺎ رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺞ ﻋﻦ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣُﻠﯿﻜ ﺔ‬
‫ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﻋ ﻼه‪ ،‬وﻣ ﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻓ ﻲ اﻷوﺳ ﻂ واﺑ ﻦ ﻋ ﺪي ﻓ ﻲ اﻟﻜﺎﻣ ﻞ ﻋ ﻦ‬
‫ﺳﻠﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » رﻋﻔﺖُ ﻋﻨﺪَ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ‬
‫ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﻋﻨﺪ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ وﻏﯿﺮه ﻓﺮواھﻤ ﺎ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑ ﻦ ﻋﯿ ﺎش‪ ،‬وإﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ھ ﺬا إذا روى‬
‫ﺿﻌﱢﻔﺖ رواﯾﺎﺗﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻧﺠﺪه ﯾﺮوي ﻋ ﻦ اﻟﺤﺠ ﺎزﯾﯿﻦ‪ .‬ﺛ ﻢ إن اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﺤﺠﺎزﯾﯿﻦ ُ‬
‫ﻗﺎل ﻋﻦ اﻟﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ]ﻟﯿﺴﺖ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﺑﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ [r‬وذﻛﺮ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑ ﻦ ﯾﺤﯿ ﻰ‬
‫ﺿ ﻌﱢﻒ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬‫ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ]إن رواﯾﺔ اﺑﻦ ﺟ ﺮﯾﺞ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻣﺮﺳ ﻠﺔ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺘ ﺼﻠﺔ[ وﻗ ﺪ َ‬
‫ﻣﻌﯿﻦ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻄﺮﯾﻘﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ ﻋﺪي ﻓﻔﻲ ﺳ ﻨﺪه ﺣ ﺴﯿﻦ اﻻﺷ ﻘﺮ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬وﺟﻌﻔ ﺮ ﺑ ﻦ‬
‫زﯾﺎد اﻷﺣﻤﺮ ﻣﺘﺸﯿﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ھﻮ اﻵﺧﺮ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪ .‬ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎﻟﻜ ًﺎ ﻗﺪ روى ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن ﻋﺒﺪاﷲ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻛﺎن إذا رﻋﻒ اﻧﺼﺮف ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﺛﻢ رﺟﻊ ﻓﺒﻨﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻜﻠﻢ« ﻓﮭﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‬
‫ﯾﺸﮭﺪ ﻟﻤﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻋﻦ اﻟﺮﻋﺎف ﻧﻘﻮﻟﮫ ﻋﻦ دم اﻟﺠﺮوح‪ ،‬ﻷن واﻗﻌﮭﻤﺎ واﺣﺪ وھﻮ ﺧﺮوج اﻟﺪم ﻣﻦ ﻋ ﺮوق‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﺪن ‪ ،‬وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﺣﻜﻤﮭﻤﺎ واﺣﺪ‪ ،‬وھﻮ ﻧﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺪل ﺑ ﮫ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻵﺧ ﺮ ﻣ ﻦ أن أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ روى »أن اﻟﻨﺒ ﻲﱠ ‪ r‬اﺣ ﺘﺠﻢ‪،‬‬
‫ﺟﻤِﮫ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﺄﺧﺬوا ﻣﻨﮫ ﺣﻜﻢ ﻋﺪم‬
‫ﻓﺼﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ وﻟﻢ ﯾﺰد ﻋﻠﻰ ﻏﺴﻞ ﻣﺤﺎ ِ‬
‫اﻟﻨﻘﺾ ﻟﺨﺮوج اﻟﺪم‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )ﻓﻲ إﺳ ﻨﺎده‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ( وﻗﺪ ادﻋﻰ اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ أن اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﺻﺤﺤﮫ وﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗ ﺎل‬
‫ﻋﻘﺒﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻦ )ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮي( وﺿﻌﱠﻔﮫ اﻟﻨﻮوي أﯾﻀﺎً‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﮫ أﯾﻀ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮاھﻢ ﻣ ﻦ أﻗ ﻮال اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ أو أﻓﻌ ﺎﻟﮭﻢ ﻣﺜ ﻞ أن ﺻ ﺤﺎﺑﯿﺎً ﻣ ﻦ‬

‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬‫اﻷﻧ ﺼﺎر أﺻ ﯿﺐ ﺑ ﺴﮭﺎم وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓﺎﺳ ﺘﻤ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬روى ﻗ ﺼﱠﺘﮫ أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ ،‬وﻣﺜﻞ أن اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻏ ﺴﻠﻮا أﺛ ﺮ اﻟﻤﺤ ﺎﺟﻢ ﻋ ﻨﻜﻢ وﺣ ﺴﺒَﻜﻢ« رواه‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﻟﯿ ﺴﺖ أدﻟ ﺔ أوﻻً‪ ،‬ﻷن ﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ أو ﻓﻌﻠ ﮫ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً‪ ،‬ﺛ ﻢ إن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﻋﻘﯿﻞ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﺬھﺒﻲ‪ :‬ﻻ ﯾُﻌﺮف‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ رﺟﻞ ﻣﺠﮭﻮل‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﺿ ﻌﯿﻔﺎن‪.‬‬
‫ﺛ ﻢ إن ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ وﺳ ﻘﻨﺎه ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻋ ﺎف ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻣ ﺎ ذﻛ ﺮوه وﻛ ﻼ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻦ أﻓﻌﺎل ﺻﺤﺎﺑﺔ‪ .‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﺈن اﻟ ﺪواﻋﻲ ﺗﻜ ﻮن أﻛﺒ ﺮ ﻟﻌ ﺪم‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺂراﺋﮭﻢ ﺳﯿﻤﺎ وأن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺼﺤﯿﺢ ﯾﻐﻨﯿﻨﺎ ﻋﻦ أﻗﻮاﻟﮭﻢ واﻓﻌ ﺎﻟﮭﻢ‪ .‬وﯾﻤﻜ ﻦ ﻣﺮاﺟﻌ ﺔ‬
‫ﺑﺤﺚ ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم ﻓﻲ ]أﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت[ ﻓﻲ ]اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ[ ﻓﻔﯿﮫ ﻣﺰﯾﺪ ﺑﯿﺎن وﺗﻔﺼﯿﻞ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺄﻟـــﺔ‬
‫ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻘ ﯿﺢ واﻟ ﺼﺪﯾﺪ ﻧ ﺺﱞ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻧﺠﺎﺳ ﺘﮭﻤﺎ أو ﻧﻘ ﻀﮭﻤﺎ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬إﻻ أﻧﻨ ﺎ ﺑﺘﺤﻘﯿ ﻖ اﻟﻤﻨ ﺎط‬
‫ﻧﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ أن اﻟﻘﯿﺢ ﻧﺠﺲ وﻧﺎﻗﺾ وﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺼﺪﯾﺪ‪ ،‬ذﻟﻚ أن واﻗﻊ اﻟﻘﯿﺢ أﻧﮫ دم ﻓﺎﺳﺪ أو ﻣﺘﺨﻠﻖ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪم‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن أﺻﻠﮫ ﻧﺠﺲ وﻧ ﺎﻗﺾ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻔ ﺮع ﯾﺘﺒ ﻊ اﻷﺻ ﻞ وﯾﺄﺧ ﺬ ﺣﻜﻤ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا رأي ﻗﺘ ﺎدة‬

‫‪225‬‬
‫وﻣﺠﺎھﺪ ‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪ .‬أﻣﺎ اﻟ ﺼﺪﯾﺪ ﻓﻠ ﯿﺲ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨ ﺪرج ﺗﺤ ﺖ أي ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﺤﺖ أﯾﺔ ﻣﺎدة ﻧﺠﺴﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﻄﺎھﺮ وﻏﯿﺮ اﻟﻨﺎﻗﺾ‪.‬‬

‫‪ (3‬اﻟ َﻘــــﻲء‬
‫اﻟﻘﻲء ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻤﺎ روى ﻣﻌﺪان ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺪرداء »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎء‬
‫ﻓ ﺄﻓﻄﺮ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﻓﻠﻘﯿ ﺖ ﺛﻮﺑ ﺎن ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ دﻣ ﺸﻖ ﻓ ﺬﻛﺮت ذﻟ ﻚ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﺪق أﻧ ﺎ ﺻ ﺒﺒﺖ ﻟ ﮫ‬
‫وَﺿ ﻮءه« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل )ھ ﺬا أﺻ ﺢ ﺷ ﻲء ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺒ ﺎب(‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺪار‬
‫ﻗﻄﻨﻲ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ﻗﺎء ﻓﺄﻓﻄﺮ ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺻ ﺪق‪ ،‬أﻧ ﺎ ﺻ ﺒﺒﺖ ﻟ ﮫ وَﺿ ﻮءه« ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺪه‪ :‬إﺳ ﻨﺎده ﺻ ﺤﯿﺢ‬
‫ﻣﺘ ﺼﻞ‪ .‬وﺟ ﻮﱠد أﺣﻤ ﺪ إﺳ ﻨﺎده‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﺑﻠﻔ ﻆ آﺧ ﺮ ھﻜ ﺬا‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪرداء ﻗ ﺎل‬
‫»اﺳ ﺘﻘﺎء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﺄﻓﻄﺮ‪ ،‬ﻓ ﺄُﺗﻲ ﺑﻤ ﺎء ﻓﺘﻮﺿ ﺄ«‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺟ ﺮﯾﺞ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗﺎء أﺣﺪﻛﻢ أو ﻗﻠﺲ أو وﺟﺪ ﻣﻨﯿﱠ ًﺎ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻠﯿﻨﺼﺮف ﻓﻠﯿﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وﻟﯿﺮﺟ ﻊ‬
‫ﻓ ْﻠ َﯿ ْﺒﻦِ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺘﻜﻠﻢ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ وﻗﺎل )ﻗﺎل ﻟﻨ ﺎ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﯾﺤﯿ ﻰ‬
‫ﯾﻘﻮل‪ :‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺞ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺮﺳﻞ(‪ .‬ورواه أﯾﻀًﺎ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣﺮﺳ ﻼً وﻗ ﺎل )ھ ﺬا ھ ﻮ‬
‫اﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﺟ ﺮﯾﺞ(‪ .‬وﻗ ﺪ ﺻ ﺤﺢ ھ ﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘ ﺔ اﻟﻤﺮﺳ ﻠﺔ أﯾ ﻀًﺎ أﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺬھﻠﻲ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻤﺮﺳﻞ اﻟﺬي ﺳﻘﻂ ﻣﻨﮫ اﺳﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﯾﺼﺢ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ‪ ،‬ﻷن ﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﺗﻀﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ل‪ ،‬وھﻤ ﺎ ﯾﻔﯿ ﺪان أن اﻟﻘ ﻲء ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻌﻞٌ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻗ ﻮ ٌ‬
‫ﻋﻠﯿ ﮫ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺜ ﻮري واﻷوزاﻋ ﻲ‪ ،‬ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟﻤﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻ ﺤﺎﺑﮭﻤﺎ‪ ،‬وأﺟ ﺎﺑﻮا ﻋ ﻦ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ اﻟﺪرداء ﺑﺎن اﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ‪ ،‬وﯾﺮدﱡ ﺑ ﺄن اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ اﻟﺤﻘ ﺎﺋﻖ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﺼﺮف ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺸﺮﻋﻲ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ‪ .‬ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ أﻧﮫ اﺳ ﺘﻘﺎء ﺑﯿ ﺪه‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺛﺒ ﺖ ﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ‬
‫اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﺎل ﻟﮭ ﻢ ھ ﺬه ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻻ ﺗﻜﻔ ﻲ‪ ،‬إذ ﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺎﻧﻊ ﻣ ﻦ أن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻞ ﯾ ﺪه ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﻲء وأن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫وﺿﻮءه ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻦ ذﻟـﻚ؟ ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻟﻘ ﻲء ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﯿ ﺪ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء اﻟ ﺸﺮﻋﻲ ﻟﻜ ﺎن ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﻛﺎﻓﯿﺔ‪ ،‬أﻣﺎ وأﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻤ ﺎ ﯾ ﺬھﺒﻮن إﻟﯿ ﮫ‪ .‬وأﺟ ﺎﺑﻮا ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﯾ ﻀًﺎ‬
‫ﺑﺄﻧﮫ ﻓِﻌ ٌﻞ وھﻮ ﻻ ﯾﻨﺘﮭﺾ ﻟﻠﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﺑﮭﺬا ﻻ ﺗﻨﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻛﻮﻧ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫اﻟﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ أوردﺗﻢ ھﺬه اﻟﺤﺠﺔ‪ .‬ﻧﻌﻢ إن اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﻔﻌﻞ أو اﻟﻘﻮل ﻻ ﯾﻨﺘﮭﻀﺎن ﻟﻠﻮﺟﻮب‬
‫إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬وأن اﻟﻘﻮل وﺣﺪه واﻟﻔﻌﻞ وﺣﺪه ﻻ ﯾﻜﻔﯿﺎن ﻟﻠﻮﺟﻮب‪ ،‬وﻟﺬا ﻓﺈن ﺗﻘﯿﯿﺪه ﺑﺄﻧﮫ ﻓﻌﻞ ﻻ ﯾﻐﯿ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﻣﺮ ﺷﯿﺌﺎً‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ اﻟﻘﻲء ﻓﮭﻮ ﺣﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﺟ ﺮﯾﺞ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗﻮﻟ ﮫ »إذا ﻗ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ‬
‫أو ﻗَﻠَﺲ أو وﺟﺪ ﻣﻨﯿﱠﺎً وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻠْﯿﻨﺼﺮف ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ« أﻣ ٌﺮ ﺑﺎﻻﻧﺼﺮاف ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟ ﻞ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن ھﺬا اﻟﻄﻠﺐ إﻻ ﻷﻧﮫ واﺟﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ اﻋﺘﺒﺎره ﻃﻠﺒﺎً ﻟﻠﻨ ﺪب‪ ،‬أي ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟﻘ ﻮل‬
‫إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻃﻠﺐ ﻣﻤﻦ أﺣﺮم ﺑﺎﻟﺼﻼة أن ﯾﻘﻄﻌﮭ ﺎ ﻟﻠﻘﯿ ﺎم ﺑﻮﺿ ﻮء ﻣﻨ ﺪوب‪ ،‬وھ ﺬا واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻓ ﻼ‬
‫ﻧﻄﯿﻞ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺮﯾﻨﺔ أﯾﻀًﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪرداء ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب‪،‬‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻛﺎﻓﯿﺎن ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ وﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻨﻘﻮل ‪ :‬اﻟﻘَﻠﺲ ـ ﺑﻔﺘﺢ اﻟﻘﺎف واﻟﻼم ‪ ،‬وﯾُﺮوى ﺑ ﺴﻜﻮﻧﮭﺎ ـ ﻗ ﺎل اﻟﺨﻠﯿ ﻞ‪ :‬ھ ﻮ‬
‫ﻣﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻖ ﻣﻞ َء اﻟﻔﻢ أو دوﻧﮫ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺑﻘﻲء‪ ،‬وإن ﻋﺎد ﻓﮭﻮ ﻗﻲء‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻔﯿﺪ أن ﻣ ﺎ ﯾﺨ ﺮج‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪة إﻟﻰ اﻟﻔﻢ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﺳﻮاء ﺧﺮج دﻓﻘﺔ واﺣﺪة أو ﻋﺪة دﻓﻘﺎت‪ ،‬أي ﺳﻮاء ﺧﺮج ﻗﻠ ﯿﻼً أو‬
‫ﻛﺜﯿﺮاً‪.‬‬

‫‪226‬‬
 ‫ﺲ اﻟﻔﺮْج‬
‫‪ (4‬ﻣ ﱡ‬
‫وردت ﻓﻲ ﻣﺲ اﻟﻔﺮج اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋ ﻦ ُﺑ ﺴﺮة ﺑﻨ ﺖ ﺻ ﻔﻮان أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﻣ ﱠ‬

‫ﺲ ذَﻛ ﺮَه ﻓ ﻼ ﯾ ﺼ ﱢﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« رواه‬
‫ي وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋـﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻣﺎﻟﻚ‪ ،‬وﺻﺤﺤﮫ اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘـﻲ‬ ‫اﻟﺘﺮﻣﺬ ﱡ‬
‫واﻟﺤﺎﻛــﻢ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾــ ٍﺔ ﻟﻠﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺑُﺴﺮة »أﻧﮭــﺎ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذﻛﺮ ﻣ ﺎ ﯾُﺘﻮﺿ ﺄ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻦ ﺑُﺴﺮة ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا‬‫رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬وﯾُﺘﻮﺿﺄُ ﻣﻦ ﻣﺲﱢ اﻟﺬﱠﻛﺮ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻻﺑﻦ ِ‬
‫ﻣﺲﱠ أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﺮﺟﮫ ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬واﻟﻤﺮأة ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ ﺑُﺴﺮة ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل‬
‫ﺲ ﻓﺮﺟﮫ ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻮﺿﻮء«‪.‬‬ ‫اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﻣ ﱠ‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﻓﻀﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﺑﯿﺪه إﻟﻰ ﻓﺮﺟﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻧﻌ ﯿﻢ ﻋ ﻦ‬
‫وﻟﯿﺲ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺳِﺘﺮ وﻻ ﺣﺠﺎب ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻘﺒﺮي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ِ‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أﯾﱡﻤ ﺎ رﺟ ﻞٍ ﻣ ﺲﱠ ﻓﺮﺟ ﮫ‬

‫ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وأﯾﱡﻤﺎ اﻣﺮأةٍ ﻣﺴﱠﺖ ﻓﺮﺟﮭﺎ ﻓﻠْﺘﺘﻮﺿﺄ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻧﻘ ﻞ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎري ﻗﻮﻟﮫ )ھﻮ ﻋﻨﺪي ﺻﺤﯿﺢ( وﻗﺎل اﻟﺤﺎزﻣﻲ‪ :‬ھﺬا إﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وﻗﻮﱠاه اﻟﺬھﺒﻲ‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻋﻦ ﻃﻠﻖ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻗﺎل »ﻗ ِﺪﻣْﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺠﺎء رﺟﻞ ﻛﺄﻧﮫ ﺑﺪوي ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ ﻣﺎ‬
‫ﺲ اﻟﺮﺟﻞ َذ َﻛﺮَه ﺑﻌﺪﻣﺎ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﻞ ھ ﻮ إﻻ ُﻣ ﻀﻐﺔ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬أو ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑَ ﻀﻌﺔ ﻣﻨ ﮫ؟«‬
‫ﺗﺮى ﻓﻲ ﻣ ﱢ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﺑ ﻦ ﺣ ﺰم ‪.‬‬ ‫رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ ِ‬
‫ن اﺑﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﻲ ﻗﺎل‪ :‬ھ ﻮ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ أﺣ ﺴﻦ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ُﺑ ﺴﺮة‪ .‬وﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺑﻮﺣ ﺎﺗﻢ وأﺑ ﻮ‬‫وﯾُﺮوى أ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺤﺎزﻣﻲ‬ ‫زُرﻋﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ اﻟﺠﻮزي‪ ،‬وادﱠﻋﻰ اﺑﻦ ِ‬
‫أﻧﮫ ﻣﻨﺴﻮخ‪.‬‬

‫ﻦ ﻗ ﺒﻠﮭﻢ اﻟ ﺼﺤﺎﺑ ُﺔ ﻓ ﻲ ﻧﻘ ﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻣ ﺲﱢ اﻟﻔ ﺮج‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ‬ ‫اﺧﺘﻠ ﻒ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻌﻠﻤ ﺎء و ِﻣ ْ‬
‫اﻟﺤ ﺎزﻣﻲ أن ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ وﻋﻤ ﺎر ﺑ ﻦ ﯾﺎﺳ ﺮ وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى‬
‫اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﺑ ﻦ اﻟﯿﻤ ﺎن وﻋﻤ ﺮان ﺑ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ وأﺑ ﺎ اﻟ ﺪرداء وﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎص ﻓ ﻲ‬
‫إﺣ ﺪى اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وإﺑ ﺮاھﯿﻢ‬
‫ﺲ‬
‫اﻟﻨﺨﻌﻲ ورﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وﺳﻔﯿﺎن اﻟﺜﻮري وأﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺻﺤﺎﺑﮫ رأوا ﺗﺮك اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ ﻣ ﱢ‬
‫اﻟﺬﱠﻛﺮ‪.‬‬

‫وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ آﺧ ﺮون ذاھﺒ ﯿﻦ إﻟ ﻰ إﯾﺠ ﺎب اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﱢﮫ ‪ ،‬وﻣﻤ ﻦ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ اﻹﯾﺠ ﺎب ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ -‬ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ذﻛﺮ اﻟﺤﺎزﻣﻲ ‪ -‬ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب واﺑﻨﮫ ﻋﺒﺪ اﷲ وأﺑﻮ أﯾ ﻮب اﻷﻧ ﺼﺎري وزﯾ ﺪ‬
‫ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو وﺟﺎﺑﺮ وﻋﺎﺋﺸﺔ وأم ﺣﺒﯿﺒﺔ وﺑُﺴﺮة ﺑﻨ ﺖ ﺻ ﻔﻮان وﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ‬
‫أﺑﻲ وﻗﺎص ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﻨﮫ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ ﻋ ﺮوة ﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺰﺑﯿ ﺮ وﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر وﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ رﺑ ﺎح وأﺑ ﺎن ﺑ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن وﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ واﻟﺰﱡھ ﺮي‬
‫وﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﺳ ﻌﺪ وﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻛﺜﯿ ﺮ وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ ﻓ ﻲ أﺻ ﺢ اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﮫ وھ ﺸﺎم ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺮوة واﻷوزاﻋﻲ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ واﻟﻤﺸﮭﻮر ﻣﻦ ﻗﻮل ﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﻮن إن اﻟﻨﻘﺾ إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن إذا ﻣُ ﺲﱠ اﻟ ﺬﻛﺮ ﺑﺒ ﺎﻃﻦ اﻟﻜ ﻒ ﻟﻤ ﺎ ﯾﻌﻄﯿ ﮫ ﻟﻔ ﻆ اﻹﻓ ﻀﺎء‪،‬‬
‫ﺲ اﻟﺬﱠﻛﺮ‪ ،‬ورُوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل ﺑ ﺎﻟﻨﻘﺾ‬
‫وروي ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﺑﻨﺪب اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ ﻣ ﱢ‬
‫ﺲ ﻋﻤﺪًا ﻻ إن وﻗﻊ ﺳﮭﻮًا‪ .‬ھﺬه ﺧﻼﺻﺔ اﻵراء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪.‬‬ ‫إن وﻗﻊ اﻟﻤ ﱡ‬

‫وﻧﺴﺘﻌﺮض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وﻧﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﮭﺎ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺈذن اﷲ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬اﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫ﺲ ذَ َﻛ ﺮه ﻓ ﻼ ُﯾ ﺼ ﱢﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« واﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺗﻘ ﻮل‬
‫اﻷول‪ :‬اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﺗﻘ ﻮل » َﻣ ﻦ ﻣ ﱠ‬
‫ﺟ ﮫ ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬واﻟﻤ ﺮأة ﻣﺜ ﻞ‬
‫ﺲ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓﺮ َ‬
‫»وﯾُﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻣﺲﱢ اﻟﺬﱠﻛﺮ« واﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﺗﻘ ﻮل »إذا ﻣ ﱠ‬
‫ﺲ ﻓﺮﺟ ﮫ ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل‬ ‫ذﻟﻚ« واﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻘ ﻮل »ﻣ ﻦ ﻣ ﱠ‬
‫ﺲ ﻓﺮﺟ ﮫ‬‫» إذا أﻓﻀﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﺑﯿﺪه إﻟ ﻰ ﻓﺮﺟ ﮫ ‪ ...‬ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ « واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾﻘ ﻮل »أﯾﱡﻤ ﺎ رﺟ ٍﻞ ﻣ ﱠ‬
‫ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ وأﯾﱡﻤﺎ اﻣﺮأةٍ ﻣﺴﱠﺖ ﻓﺮﺟﮭﺎ ﻓﻠْﺘﺘﻮﺿﺄ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﯾﻘ ﻮل »ھ ﻞ ھ ﻮ إﻻ ُﻣ ﻀﻐﺔ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬أو‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺑَﻀﻌﺔ ﻣﻨﮫ ؟«‪.‬‬

‫ﺲ َذ َﻛ ﺮه أو ﻓﺮﺟ ﮫ أو َذ َﻛ ﺮاً ﺗﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وأن ذﻟ ﻚ ﻋ ﺎم ﻓ ﻲ‬

‫ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﻌﺮاض ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن ﻣ ﻦ ﻣ ﱠ‬
‫ﺲ‬
‫ﺲ ذَﻛ ﺮه أو َذ َﻛ ﺮ ﻏﯿ ﺮه ﺑﺪﻻﻟ ﺔ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬أو ﻣ ﱠ‬ ‫اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻣ ﱠ‬
‫ﻓﺮﺟﮫ ﺗﻮﺿﺄ‪ ،‬واﻟﻤﺮأة إن ﻣﺴﱠﺖ ﻓﺮﺟﮭﺎ ﺗﻮﺿﺄت‪ ،‬وﻧﺠﺪ أن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ذﻛﺮت اﻟﺬﱠﻛَﺮ وذﻛ ﺮت اﻟﻔ ﺮج‪،‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺬﱠﻛﺮ ﻓﮭﻮ ُﻗﺒُﻞ اﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﻔﺮج ﻓﯿﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟ ُﻘﺒُﻞ وﻋﻠﻰ اﻟ ﱡﺪﺑُﺮ ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ اﻟﻌ ﻮرة‬
‫ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺎﻣﻮس وﻟ ﺴﺎن اﻟﻌ ﺮب‪ ،‬وأﻟﻔ ﺎظ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗُﻔ ﺴﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐ ﺔ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻟﮭ ﺎ ﺣﻘ ﺎﺋﻖ ﺷ ﺮﻋﯿﺔ‬
‫ﻣﻐﺎﯾﺮة‪ ،‬وھﻨﺎ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻔﺮج وﻛﻠﻤﺔ اﻟﺬﱠﻛَﺮ ﻟﯿﺲ ﻟﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮع ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻐﺎﯾﺮ ﻟﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﺘُﻔ ﺴﱠﺮان‬
‫ﺗﻔﺴﯿﺮاً ﻟﻐﻮﯾﺎً‪ ،‬واﻟﻘﺎﻣﻮس وﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻓﺴﱠﺮا اﻟﻔﺮج ﺑﺄﻧﮫ اﻟﻌﻮرة وھﻲ ﺗ ﺸﻤﻞ اﻟﻘﺒ ﻞ واﻟ ﺪﱡﺑﺮ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ‬
‫ﺑﮭ ﺬا اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﺗﻜ ﻮن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻗ ﺪ أﻓ ﺎدت أن ﻣ ﺲﱠ اﻟ ُﻘُﺒ ﻞ واﻟ ﱡﺪﺑُﺮ ﻟﻠﺮﺟ ﻞ واﻟﻤ ﺮأة ﯾ ﻨﻘﺾ‬
‫اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬وھ ﻲ أﻋﻄ ﺖ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ‪ ،‬أي ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﻨﻘﺾ‬
‫ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻣﻦ ﻣﺲﱢ اﻟ ُﻘﺒُﻞ واﻟ ﱡﺪﺑُﺮ ﻟﻠﺬﱠﻛَﺮ واﻷﻧﺜﻰ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺪل ﺑﮫ ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻌﺪم اﻟﻨﻘﺾ‪ ،‬وھﻢ ﻣﻦ ذﻛﺮﻧ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻷﺋﻤ ﺔ‬
‫واﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾُﺴﻌﻔﮭﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ )ﯾﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﯿﺢ‬
‫ﺞ اﻟﺸﯿﺨﺎن ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ‬‫ﺣﺪﯾﺚ ﺑُﺴﺮة ـ أي اﻷول ـ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻠﻖ ـ أي اﻟﺮاﺑﻊ ـ أن ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻠﻖ ﻟﻢ ﯾﺤﺘ ﱠ‬
‫رواﺗﮫ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ ﺑﺴﺮة ﻗﺪ اﺣﺘﺠﺎ ﺑﺠﻤﯿﻊ رواﺗﮫ( ﻓﮭﺬه أوﻟﻰ اﻟﺤﺠﺞ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﯿﺢ اﻹﯾﺠﺎب ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻣﮫ‪.‬‬

‫ﺣﺒﱠﺎن اﻟﺬي روى اﻟﺤﺪﯾﺚ )ﺧﺒ ﺮ‬ ‫ﻖ ﻣﺘﻘﺪﱢم‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬‫ﻃ ْﻠ ٍ‬

‫واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ‪ :‬إن إﺳﻼم ﺑُﺴﺮة ﻣﺘﺄﺧﺮ وإﺳﻼم َ‬
‫ﻃﻠﻖ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه ﺧﺒﺮ ﻣﻨﺴﻮخ‪ ،‬ﻷن ﻃﻠﻖ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻛﺎن ﻗﺪوﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أول ﺳ ﻨﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﺳﻨِﻲ اﻟﮭﺠﺮة‪ ،‬ﺣﯿﺚ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﺒﻨﻮن ﻣﺴﺠﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ( ‪ .‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﺑﺴﺮة أﺳ ﻠﻤﺖ‬ ‫ِ‬
‫ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ أﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻌﻀﺪ ﺣﺪﯾﺚ ُﺑ ﺴﺮة ﻷن‬
‫ﺣﺒﱠﺎن )أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة أﺳﻠﻢ ﺳﻨﺔ ﺳ ﺒ ٍﻊ ﻣ ﻦ اﻟﮭﺠ ﺮة‪،‬‬‫أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ھﻮ اﻵﺧﺮ ﻣﺘﺄﺧﺮ اﻹﺳﻼم ﻛﺒُﺴﺮة‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫واﻟﻤﺘﺄﺧﺮ أﻗﻮى وأوﺟﺐ ﻓﻲ اﻷﺧ ﺬ واﻟﻌﻤ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺘﻘ ﺪم‪ ،‬واﻟ ﺬي ﯾﺰﯾ ﺪ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺑُ ﺴﺮة ﻗ ﻮة أﻧﮭ ﺎ ﺣ ﺪﱠﺛﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ دار اﻟﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ واﻷﻧﺼﺎر وھﻢ ﻣﺘﻮاﻓﺮون(‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬إن ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻠﻖ ﺿﻌﱠﻔﮫ ﻋﺪد ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻤﻌﺘﺒ ﺮﯾﻦ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ :‬ﻗ ﺪ ﺳ ﺄﻟﻨﺎ ﻋ ﻦ‬
‫ﻗﯿﺲ ﺑﻦ ﻃﻠﻖ ﻓﻠﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﯾﻌﺮﻓﮫ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ وأﺑﻮ زُرﻋﺔ‪ :‬ﻗﯿﺲ ﺑﻦ ﻃﻠﻖ ﻣﻤﻦ ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﮫ ﺣﺠ ﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻃﻠ ﻖ ﺑ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ھ ﻮ ﻣ ﻦ رواﯾ ﺔ اﺑﻨ ﮫ ﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ ﻃﻠ ﻖ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻷﺋﻤ ﺔ اﻟ ﺬﯾﻦ‬
‫ﺿﻌﱠﻔﻮا ﺣﺪﯾﺚ ﺑﺴﺮة إﻧﻤﺎ ﺿﻌﱠﻔﻮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋ ﺮوة ﻋ ﻦ ﻣ ﺮوان ﻋ ﻦ ُﺑ ﺴﺮة‪ ،‬وﻣ ﺮوان ﻣﻄﻌ ﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﻋ ﺮوة ﺳ ﻤﻌﮫ ﻣ ﻦ ُﺑ ﺴﺮة ﻣﺒﺎﺷ ﺮة‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺢ اﺑ ﻦ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وﻏﯿ ﺮه ﺟﺰﻣ ﻮا ﺑ ﺄن ُ‬
‫ﻋﺪاﻟﺘﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﺣِﺒﱠ ﺎن وﺳ ﻨﻦ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ »ﻗ ﺎل ﻋ ﺮوة ﻓ ﺴﺄﻟﺖ ُﺑ ﺴﺮة ﻓ ﺼﺪﱠﻗﺘﮫ«‪ .‬وﺑﻤﺜ ﻞ ھ ﺬا أﺟ ﺎب اﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ ‪ ،‬ﻓﯿﺴﻘﻂ ﺗﻀﻌﯿﻔﮭﻢ ھﺬا‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫ﺛﻢ ھﻢ ﻗﺪ ﺿﻌﱠﻔﻮه ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ إن ھﺸﺎﻣًﺎ ﻟﻢ ﯾﺴﻤﻊ ﻣﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﺮوة‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﻄﱠﺤ ﺎوي‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ‬
‫ﻧﺪﻓﻊ ھﺬا اﻟﺘﻀﻌﯿﻒ ﺑﺄن ھﺸﺎﻣ ًﺎ ﻗﺪ رواه ﻣ ﺮة ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﺮوة‪ ،‬وﻣ ﺮة ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺻﺮﱠح أﺣﻤﺪ ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﺑﺄن أﺑﺎه ﺣﺪﺛ ﮫ‪ ،‬وﺻ ﺮﱠح اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺑ ﺄن أﺑ ﺎه أﺧﺒ ﺮه‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻜ ﻮن‬
‫ھﺸﺎم ﻗﺪ رواه ﻣﺮة ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬وﻣﺮة ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﱠث ﺑﮭ ﺬا وﺣ ﺪﱠث‬
‫ﺑﮭﺬا‪ ،‬وھﺬا ﻻ ﯾﻀﻌﱢﻒ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ ﺿ ﻌﯿﻒ ﺑ ﻞ ھ ﻮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ﺣ ﺪﯾﺚ ﻃﻠ ﻖ‬
‫ﻣﺸﻜﻮك ﻓﻲ ﺻﺤﺘﮫ‪.‬‬

‫ﺲ اﻟﻔﺮج أُﺧﺬ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻔﮭﻮم‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن‬

‫واﻟﺮاﺑﻌﺔ‪ :‬إن ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ ﻣ ﱢ‬
‫أﺣﺎدﯾﺜﻨﺎ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻮﺟﻮب ﻣﻨﻄﻮﻗﺎً‪ ،‬واﻟﻤﻨﻄﻮق أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻤﻔﮭﻮم‪.‬‬

‫ﻟﮭﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﯾﺘﺮﺟﺢ ﺣﺪﯾﺚ ﺑُﺴﺮة واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ﺑﺈﯾﺠ ﺎب اﻟ ﻨﻘﺾ‪ ،‬وﯾُﺘ ﺮك اﻟﻌﻤ ﻞ‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻃﻠﻖ ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺑ ﺎن ﻣ ﺎ ﺑ ﺎن‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ وﺟ ﮫ‬
‫ج‬
‫ﺲ اﻟﻔ ﺮج ُﻗ ﺒُﻼً ﻛ ﺎن أو ُدُﺑ ﺮاً‪ ،‬ﻟﺮﺟ ﻞ أو ﻻﻣ ﺮأة ‪ ،‬ﻟﻔﺮﺟِ ﮫِ أو ﻟﻔ ﺮ ِ‬
‫اﻟﺤﻖ ﻓﻲ إﯾﺠ ﺎب اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻣ ﱢ‬
‫ﻏﯿ ِﺮ ِه‪.‬‬

‫أﻣﺎ رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ ﻣﻦ أن اﻟﻨﻘﺾ إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﺒﺎﻃﻦ اﻟﻜﻒ دون ﻇﮭﺮه ﻓﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻗﺎل ﻋ ﺎﻟﻢ اﻟﻠﻐ ﺔ‬
‫اﺑﻦ ﺳﯿﺪه ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻜﻢ‪ :‬أﻓﻀﻰ ﻓﻼن إﻟﻰ ﻓﻼن وﺻﻞ إﻟﯿﮫ‪ ،‬واﻟﻮﺻﻮل أﻋﻢ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﻜ ﻒ‬
‫أو ﺑﺎﻃﻨﮭﺎ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺰم )اﻹﻓﻀﺎء ﯾﻜﻮن ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﻜﻒ ﻛﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﺒﺎﻃﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻻ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﻮه ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺼﯿﺺ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻦ ﻛﺘ ﺎب وﻻ ﺳ ﻨﺔ وﻻ إﺟﻤ ﺎع وﻻ ﻗ ﻮل ﺻ ﺎﺣﺐ وﻻ ﻗﯿ ﺎس وﻻ رأي‬
‫ﺻﺤﯿﺢ( أﺟﻞ إﻣﺎ أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن ﺑ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن وإﻣ ﺎ أن رأﯾﮭ ﻢ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻓﺎﻷدﻟ ﺔ‬
‫اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻻ ﺗﻘﻮل ﺑﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن‪ ،‬واﻟﻠﻐﺔ ﻻ ﺗﺴﻌﻔﮭﻢ ﻓﯿﻤﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾُﺮوى ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﺳﺘﺤﺒﺎب اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ اﻟﻤﺲﱢ دون اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ ُﺑ ﺴﺮة‬
‫اﻟﻘﺎﺋ ﻞ »ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء« ﯾ ﺮدﱡه‪ .‬وأﻣ ﺎ رأي ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ اﻟﻘﺎﺋ ﻞ إن اﻟ ﻨﻘﺾ إﻧﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﺲ ﺳﮭﻮًا ﻓﺈن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺮدﱡه‪ ،‬إذ ﻟﻢ ﺗُﻔﺮﱢق اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻤﺪ واﻟﺴﱠﮭﻮ‪.‬‬‫ﺲ اﻟﻤﺘﻌﻤﱠﺪ دون اﻟﻤ ﱢ‬
‫ﺑﺎﻟﻤ ﱢ‬

‫ﺲ‬
‫ﺲ ﻓﺮج اﻵدﻣﻲ‪ ،‬ﻓﯿﺨﺮج ﻓﺮج اﻟﺒﮭﯿﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﱡ‬ ‫واﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻔﯿﺪ أن ﻧﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ ﻣ ﱢ‬
‫ﻓﺮج اﻟﺒﮭﯿﻤﺔ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﺗﺨﺮج ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﺎﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻨﻘﺾ ﻣﺴﱡﮭﺎ ﻟﻌﺪم اﻧﻄﺒ ﺎق اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﺲ اﻟﺨ ﺼﯿﺘﯿﻦ ﻓﻨ ﺎﻗﺾ ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻋ ﻦ ُﺑ ﺴﺮة ﺑﻨ ﺖ ﺻ ﻔﻮان‬ ‫أﻣ ﺎ ﻣ ﱡ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﻦ ﻣ ﱠ‬
‫ﺲ َذ َﻛﺮَه أو أُﻧﺜﯿﯿﮫ أو ُر ُﻓﻐَﮫ ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ وﺿ ﻮءه ﻟﻠ ﺼﻼة «‪.‬‬
‫واﻟﺮﱡﻓُﻎ ‪ :‬أﺻﻞ اﻟﻔﺨﺬ اﻟﻘﺮﯾﺐ ﻣﻦ اﻟﺬﱠﻛﺮ‪ ،‬واﻷُﻧﺜﯿﯿﺎن‪ :‬اﻟﺨﺼﯿﺘﺎن‪ .‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وإن ﺿ ﻌﱠﻔﮫ ﻧ ﺎس ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺣﺴﱠﻨﮫ آﺧﺮون ﻓﯿﺼﺢ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ‪.‬‬

‫ج آدﻣ ﻲﱟ‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ ﻓ ﺮج اﻟﻜﺒﯿ ﺮ اﻟﺒ ﺎﻟﻎ‬‫واﻟﻔ ﺮج اﻟ ﺬي ﯾ ﻨﻘﺾ ﻣ ﺴﱡﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء ھ ﻮ أي ﻓ ﺮ ِ‬

‫واﻟﺼﻐﯿﺮ دون اﻟﺒﻠﻮغ وﺣﺘﻰ اﻟﺮﺿﯿﻊ ﻣﺎ دام ﻛﻞ ذﻟﻚ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻟﻔﻆ ﻓﺮج اﻵدﻣﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻻ ﻓﺮق‬
‫ﺲ ﺑﺪون ﺷ ﮭﻮة ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟ ﻢ ﺗُﺨ ﺼﱢﺺ أﯾ ﺎً ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﯿﻈ ﻞ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺲ ﺑﺸﮭﻮة واﻟﻤ ﱢ‬ ‫ﺑﯿﻦ اﻟﻤ ﱢ‬
‫ﻋﻤﻮﻣﮫ‪ .‬واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﯿﺪ ھﻨﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﻟﻰ اﻟﻜﻮع أي اﻟﺮﺳ ﻎ‪ ،‬وھ ﺬا رأي ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻓﯿﻤ ﺎ أﻋﻠ ﻢ ‪،‬‬
‫ﺲ دون اﻟﺴﺎﻋﺪ أو اﻟﻌﻀﺪ‪.‬‬‫ﻷن ھﺬه اﻟﯿﺪ ھﻲ أداة اﻟﻤ ﱢ‬

‫‪ (5‬اﻟﻨﻮم‬

‫‪229‬‬
‫اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤ ﺔ اﺧﺘﻼﻓ ًﺎ واﺳ ﻌًﺎ ﻓ ﻲ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻨ ﻮم ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻧﻘ ﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺔ‬
‫ﻣﺬاھﺐ ﺟﻤﻌﮭﺎ اﻟﻨﻮوي ﻓﻲ ﺷﺮح ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫اﻷول‪ :‬إن اﻟﻨﻮم ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ﻛﺎن‪ ،‬وھﻮ رأي أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮي وﺳﻌﯿﺪ‬
‫ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﺐ وأﺑﻲ ﻣﺠﻠﺰ وﺣﻤﯿﺪ اﻷﻋﺮج وﺷﻌﺒﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ :‬إن اﻟﻨ ﻮم ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﻜ ﻞ ﺣ ﺎل ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺬھﺐ اﻟﺤ ﺴﻦ اﻟﺒ ﺼﺮي واﻟ ُﻤﺰَﻧ ﻲ وأﺑ ﻲ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﱠم وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ را ُھﻮَﯾﮫ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ ،‬وروي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﻧﺲ وأﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪.‬‬

‫اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬إن ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻨﻮم ﯾﻨﻘﺾ ﺑﻜﻞ ﺣﺎل ‪ ،‬وﻗﻠﯿﻠﮫ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ ﺑﺤﺎل‪ ،‬وھﻮ ﻣﺬھﺐ اﻟﺰﱡھ ﺮي ورﺑﯿﻌ ﺔ‬
‫واﻷوزاﻋﻲ وﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺮاﺑ ﻊ‪ :‬إذا ﻧ ﺎم ﻋﻠ ﻰ ھﯿﺌ ﺔ ﻣ ﻦ ھﯿﺌ ﺎت اﻟﻤُ ﺼﻠﱢﯿﻦ ﻛ ﺎﻟﺮاﻛﻊ واﻟ ﺴﺎﺟﺪ واﻟﻘ ﺎﺋﻢ واﻟﻘﺎﻋ ﺪ ﻻ ﯾﻨ ﺘﻘﺾ‬
‫وﺿﻮؤه‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أو ﻟﻢ ﯾﻜﻦ‪ ،‬وإن ﻧﺎم ﻣﻀﻄﺠﻌﺎً أو ﻣﺴﺘﻠﻘﯿًﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎه اﻧﺘﻘﺾ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﻣﺬھﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وداود‪ ،‬وھﻮ ﻗﻮل ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻏﺮﯾﺐ‪.‬‬

‫اﻟﺨ ﺎﻣﺲ‪ :‬إﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ إﻻ ﻧ ﻮم اﻟﺮاﻛ ﻊ واﻟ ﺴﺎﺟﺪ ‪ ،‬روي ھ ﺬا ﻋ ﻦ أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ رﺣﻤ ﮫ اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬

‫اﻟﺴﺎدس‪ :‬إﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ إﻻ ﻧﻮم اﻟﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ورُوي أﯾﻀ ًﺎ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫ﻒ‬
‫اﻟ ﺴﺎﺑﻊ‪ :‬ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺑﻜ ﻞ ﺣ ﺎل‪ ،‬وﯾ ﻨﻘﺾ ﺧ ﺎرج اﻟ ﺼﻼة وھ ﻮ ﻗ ﻮل ﺿ ﻌﯿ ٌ‬
‫ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ‪.‬‬

‫ﻞ أو‬
‫اﻟﺜ ﺎﻣﻦ‪ :‬إﻧ ﮫ إذا ﻧ ﺎم ﺟﺎﻟ ﺴﺎً ﻣﻤﻜﱢﻨ ﺎً ﻣﻘﻌ ـﺪﺗﮫ ﻣ ﻦ اﻷرض ﻟ ﻢ ﯾﻨ ﺘﻘﺾ‪ ،‬وإﻻ اﻧ ﺘﻘﺾ ﺳ ﻮاء ﻗ ﱠ‬
‫ﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أو ﺧﺎرﺟﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺬھﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬

‫وﻧﺤﻦ ﺳﻨﻮرد اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻨﻮم ‪ ،‬وﻧﺒ ﯿﻦ ﺻ ﺤﯿﺤﮭﺎ وﺣ ﺴﻨﮭﺎ ﻣ ﻦ ﺿ ﻌﯿﻔﮭﺎ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﻧﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺮاﺟﺢ ﺑﺈذن اﷲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﻋ ﺴﱠﺎل ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺄﻣﺮﻧ ﺎ إذا ﻛﻨ ﺎ َ‬

‫ﺳ ﻔْﺮًا أن ﻻ ﻧﻨ ﺰع ﺧِﻔﺎﻓﻨ ﺎ‬
‫ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم وﻟﯿ ﺎﻟﯿﮭﻦ إﻻ ﻣ ﻦ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻣ ﻦ ﻏ ﺎﺋﻂ وﺑ ﻮل وﻧ ﻮم« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل )ﺣ ﺴﻦ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ(‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﻌﯿﻦ وِﻛﺎء اﻟ ﱠ‬

‫ﺴ ِﮫ ﻓﻤﻦ ﻧ ﺎم ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ« رواه‬
‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﺴ ِﮫ ﻓ ﺈذا ﻧﺎﻣ ﺖ اﻟﻌ ﯿﻦ‬‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻔﯿﺎن أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إﻧﻤ ﺎ اﻟﻌﯿﻨ ﺎن وِﻛ ﺎءُ اﻟ ﱠ‬
‫اﺳ ﺘﻄﻠﻖ اﻟﻮﻛ ﺎءُ« رواه اﻟ ﺪارﻣﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬واﻟ ﺴﱠﮫُ‪ :‬اﺳ ٌﻢ ﻟﺤﻠﻘ ﺔ‬
‫اﻟ ﱡﺪﺑُﺮ‪.‬‬

‫ﺖ ﻟﯿﻠ ًﺔ ﻋﻨ ﺪ ﺧ ﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﺑﻨ ﺖ اﻟﺤ ﺎرث‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ﺑ ﱡ‬
‫ﻟﮭ ﺎ‪ :‬إذا ﻗ ﺎم رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﺄﯾﻘﻈﯿﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﻤ ﺖ إﻟ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ اﻷﯾ ﺴﺮ ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪي‬

‫‪230‬‬
‫ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺷﻘﮫ اﻷﯾﻤﻦ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠﺖ إذا أﻏﻔﯿﺖ ﯾﺄﺧﺬ ﺑﺸﺤﻤﺔ أذﻧﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺼﻠﻰ إﺣ ﺪى ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‬
‫ﺛﻢ اﺣﺘﺒﻰ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إﻧﻲ ﻷﺳﻤ ُﻊ َﻧﻔَﺴﮫ راﻗﺪاً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﮫ اﻟﻔﺠﺮ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫وﻓﻲ رواﯾﺔٍ ﻟﻠﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻠﻔﻆ »ﺑﺖﱡ ﻋﻨﺪ ﺧﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ﻟﯿﻠﺔً‪ ،‬ﻓﻘﺎم اﻟﻨﺒﻲ‬
‫ﻦ ﻣﻌ ﱠﻠ ﻖ وﺿ ﻮءاً ﺧﻔﯿﻔ ًﺎ ـ ﯾﺨﻔﱢﻔ ﮫ‬
‫ﺷﱟ‬‫‪ r‬ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﯿﻞ ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ َ‬
‫ﻋﻤ ﺮو وﯾُﻘﻠﱢﻠ ﮫ ـ وﻗ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓﺘﻮﺿ ﺄت ﻧﺤ ﻮاً ﻣﻤ ﺎ ﺗﻮﺿ ﺄ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟﺌ ﺖ ﻓﻘﻤ ﺖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‬
‫ـ ورﺑﻤﺎ ﻗﺎل ﺳﻔﯿﺎن ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ ـ ﻓﺤﻮﱠﻟﻨﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻ ﻠﱠﻰ ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء اﷲ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺿ ﻄﺠﻊ‬
‫ﻓﻨﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺦ‪ ،‬ﺛﻢ أﺗﺎه اﻟﻤﻨﺎدي ﻓﺂذﻧﮫ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻣﻌﮫ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﺼﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ .«...‬وﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻓﻘ ﺎم ﻓ ﺼﻠﻰ ﻓﻘﻤ ﺖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ‬
‫ﺑﯿﺪي ﻓﺄدارﻧﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺘﺘﺎﻣﱠﺖ ﺻﻼ ُة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺿ ﻄﺠﻊ‬
‫ﻓﻨﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺦ‪ ،‬وﻛﺎن إذا ﻧﺎم ﻧﻔﺦ‪ ،‬ﻓﺄﺗ ﺎه ﺑ ﻼل ﻓﺂذﻧ ﮫ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﻓ ﺼﻠﱠﻰ وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ «...‬وﻓ ﻲ‬
‫رواﯾــﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﺒﺨـــﺎري ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒـــﺎس رﺿـــﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨ ـﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﻧ ﺎم‬
‫ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﻏﻄﯿﻄﮫ أو ﺧﻄﯿﻄﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟﺼﻼة«‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﺘﻈ ﺮون اﻟﻌ ﺸﺎء اﻵﺧ ﺮة ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨﻔ ﻖ‬

‫رؤوﺳ ﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﱡﻮن وﻻ ﯾﺘﻮﺿ ﺄون« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪.‬‬
‫وﻓﻲ رواﯾﺔ »ﻟﻘﺪ رأﯾﺖ أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾُﻮﻗَﻈﻮن ﻟﻠ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ إﻧ ﻲ ﻷﺳ ﻤﻊ ﻷﺣ ﺪھﻢ ﻏﻄﯿﻄ ًﺎ‬
‫ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻮن وﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄون« رواھﺎ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒ ﺰﱠار‬
‫واﻟﺨﻼﱠل ﺑﻠﻔﻆ »إن أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻀﻌﻮن ﺟﻨﻮﺑﮭﻢ ﻓﻤ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ وﻣ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﻻ‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ«‪ .‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺠﻤﯿﻊ رواﯾﺎﺗﮫ ﺻﺤﯿﺢ أو ﺣﺴﻦ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ]اﻟﺪاﻻﻧﻲ[ ﻋﻦ ﻗﺘﺎدة ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬

‫ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻧﺎم ﺳﺎﺟﺪًا وﺿﻮء ﺣﺘﻰ ﯾﻀﻄﺠﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ إذا اﺿﻄﺠﻊ اﺳ ﺘﺮﺧﺖ‬
‫ﻣﻔﺎﺻﻠﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﻘﻠ ﺖ ﻟ ﮫ ‪:‬‬
‫ﺖ وﻟ ﻢ ﺗﺘﻮﺿ ﺄ وﻗ ﺪ ﻧﻤ ﺖَ؟ ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إﻧﻤ ﺎ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻧ ﺎم ﻣ ﻀﻄﺠﻌﺎً‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ إذا اﺿ ﻄﺠﻊ‬
‫ﺻ ﻠﯿ َ‬
‫اﺳﺘﺮﺧﺖ ﻣﻔﺎﺻﻠﮫ« ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻨ ﮫ‪ .‬وﻟﻠﺒﯿﮭﻘ ﻲ أﯾ ﻀﺎً »ﻻ ﯾﺠ ﺐ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﻦ ﻧﺎم ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ أو ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ أو ﺳﺎﺟﺪاً ﺣﺘﻰ ﯾﻀﻊ ﺟﻨﺒﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ إذا وﺿﻊ ﺟﻨﺒﮫ اﺳﺘﺮﺧﺖ ﻣﻔﺎﺻﻠﮫ«‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﺑ ﻦ اﻟﯿﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﺟﺎﻟ ﺴﺎً أﺧﻔ ﻖ‪،‬‬
‫ﺖ ﻓ ﺈذا أﻧ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ھ ﻞ وﺟ ﺐ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻲ‬ ‫ﻓﺎﺣﺘ ﻀﻨﻨﻲ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ ﺧﻠﻔ ﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔ ﱡ‬
‫وﺿﻮء؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻊ ﺟﻨﺒﻚ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻗ ﺴﯿﻂ ﻗ ﺎل إﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﯾﻘ ﻮل »ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﺤﺘﺒ ﻲ‬

‫اﻟﻨﺎﺋﻢ وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﻨﺎﺋﻢ وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺟﺪ اﻟﻨﺎﺋﻢ وﺿ ﻮء ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﻀﻄﺠﻊ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﺿ ﻄﺠﻊ ﺗﻮﺿ ﺄ«‬
‫رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﻦ اﺳ ﺘﺤﻖ اﻟﻨ ﻮم ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء« رواه‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺈﺳﻨﺎ ٍد ﺻﺤﯿﺢ ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة وﻗ ﺎل )ﻻ ﯾ ﺼﺢ رﻓﻌ ﮫ(‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وﻗ ﺎل‬
‫)وﻗﻔُﮫ أﺻﺢ(‪.‬‬

‫ﺳ ﺌﻞ أﺣﻤ ﺪ ﻋﻨ ﮫ وﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ُ‬
‫ﻋﻠﻲ أﺛﺒﺖ وأﻗﻮى‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺠﻮزﺟﺎﻧﻲ‪ :‬واهٍ ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﱠﻔﮫ أﺑﻮ زُرﻋ ﺔ وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ .‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬري‬
‫واﺑﻦ اﻟﺼﻼح واﻟﻨﻮوي ﺣﺴﱠﻨﻮه‪ .‬وداﻓﻊ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻨﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔ إذا‬

‫‪231‬‬
‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﺗﻀﻌﯿﻒ أﺑﻲ زُرﻋﺔ ﻟﮫ آت ﻣﻦ ﻗﻮﻟ ﮫ إن ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋﺎﺋ ٍﺬ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ﻣ ﻦ ﻋﻠ ﻲﱟ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﻗﻮل ردﱠه اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻷن ﻓﻲ إﺳﻨﺎده ﺑﻘﯿﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣ ﺮﯾﻢ وھ ﻮ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ أﯾ ﻀﺎً ﺻ ﺤﯿﺢ‪.‬‬
‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس ﺿ ﻌﱠﻔﮫ أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮداود وإﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﺤﺮﺑ ﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫)ﺗﻔﺮﱠد ﺑﮫ أﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺪاﻻﻧﻲ وأﻧﻜﺮه ﻋﻠﯿﮫ ﺟﻤﯿﻊ أﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وأﻧﻜ ﺮوا ﺳ ﻤﺎﻋﮫ ﻣ ﻦ ﻗﺘ ﺎدة( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن )ﻻ ﯾﺠﻮز اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﺑ ﮫ( ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻓﯿﺘ ﺮك‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ﺗﻔ ﺮﱠد ﺑ ﮫ ﺑﺤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻛﻨﺒ ﺰ‬‫ِ‬
‫وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺤ ﺘﺞ ﺑﺮواﯾﺘ ﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )إﺳﻨﺎده ﺟﯿﺪ وھﻮ ﻣﻮﻗﻮف( وﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )ھ ﺬا ﻣﻮﻗ ﻮف( أي ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻣﺮﻓﻮع‪ ،‬أي ﻟﯿﺲ ﺑﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬ﻷن أﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وأﻓﻌﺎﻟﮭﻢ وإن ﺟ ﺎز ﺗﻘﻠﯿ ﺪھﺎ واﺗﱢﺒﺎﻋُﮭ ﺎ إﻻ أﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺠﻮز اﻋﺘﺒﺎرھﺎ أدﻟﺔ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ دﻟﯿﻼً ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ‪ .‬ﻓﯿﺒﻘ ﻰ‬
‫ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺮاﺑﻊ ﺑﺄﻟﻔﺎﻇﮫ اﻷرﺑﻌﺔ‪ ،‬واﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺮواﯾﺎﺗﮫ اﻟ ﺜﻼث‪ ،‬وﻧ ﺪع اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻷﺧﺮى وھﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺴﺎدس واﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺘﺎﺳﻊ‪.‬‬

‫واﻵن ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺮﺟﺢ ﻟ ﺪﯾﻨﺎ ﺻ ﻼﺣﮭﺎ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ‬
‫»وﻟﻜ ﻦ ﻣ ﻦ ﻏ ﺎﺋﻂ وﺑ ﻮل وﻧ ﻮم« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﯿ ﮫ »ﻓﻤ ﻦ ﻧ ﺎم ﻓﻠﯿﺘﻮﺿ ﺄ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻟﻔ ﻆ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ ﻓﯿﮫ »ﻓﺠﻌﻠﺖ إذا أﻏﻔﯿﺖ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑ ﺸﺤﻤﮫ أُذﻧ ﻲ« وﻟﻔ ﻆ اﻟﺒﺨ ﺎري ﻓﯿ ﮫ »ﺛ ﻢ اﺿ ﻄﺠﻊ ـ أي رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ـ ﻓﻨﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺦ ﺛﻢ أﺗﺎه اﻟﻤﻨﺎدي ﻓﺂذﻧﮫ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻣﻌﮫ إﻟﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﺼﻠﻰ وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ«‬
‫وﻣﺜﻠ ﮫ ﻟﻔ ﻆ ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻔ ﻆ اﻟﺒﺨ ﺎري اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »ﺛ ﻢ ﻧ ﺎم ﺣﺘ ﻰ ﺳ ﻤﻌﺖ ﻏﻄﯿﻄ ﮫ أو ﺧﻄﯿﻄ ﮫ ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﯿﮫ »ﯾﻨﺘﻈ ﺮون اﻟﻌ ﺸﺎء اﻵﺧ ﺮة ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨﻔ ﻖ رؤوﺳ ﮭﻢ ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن وﻻ‬
‫ﯾﺘﻮﺿ ﺄون« واﻟﻠﻔ ﻆ اﻵﺧ ﺮ »ﯾُﻮﻗَﻈ ﻮن ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إﻧ ﻲ ﻷﺳ ﻤﻊ ﻷﺣ ﺪھﻢ ﻏﻄﯿﻄ ًﺎ ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن وﻻ‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄون« واﻟﻠﻔﻆ اﻟﺜﺎﻟﺚ »ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻀﻌﻮن ﺟﻨﻮﺑﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻤﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺘﻮﺿﺄ وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄ«‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻨ ﻮم ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬اﻷول ﺑﻤﻔﮭﻮﻣ ﮫ واﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﺑﻤﻨﻄﻮﻗﮫ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ـ ﻟﻔ ﻆ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻷول ـ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻹﻏﻔ ﺎء ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ووﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻇﺎھﺮ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﺑﻠﻔﻈ ﮫ اﻷول ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻲ اﻧﺘﻈ ﺎر‬
‫اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻠﻔﻆ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻟﻜ ﻦ ﺑﺰﯾ ﺎدة اﻟﻐﻄ ﯿﻂ‪ ،‬أي أن اﻟﻨ ﻮم اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﺤﺒﮫ‬
‫ﻏﻄ ﯿﻂ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻧﺘﻈ ﺎر اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وﺑﺠﻤ ﻊ أﻟﻔ ﺎظ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ وﻟﻔﻈ ﻲ‬
‫اﻟﺒﺨـﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ »ﺛ ﻢ اﺿ ﻄﺠﻊ« أﻗ ﻮل إن اﻟﻨ ﻮم اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﺤﺒﮫ ﺧﻔ ﻖ اﻟ ﺮؤوس‬
‫واﻟﻐﻄﯿﻂ ووﺿﻊ اﻟﺠﻨﻮب واﻻﺿﻄﺠﺎع ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻ ﺔ ھ ﻲ أﻧ ﮫ ﺑﯿﻨﻤ ﺎ ﺟ ﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺑ ﺄن اﻟﻨ ﻮم ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﺑﺄﻟﻔﺎﻇﮫ واﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺄﻟﻔﺎﻇﮫ ﺑﺄن اﻟﻨﻮم ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء وﺻﺎﺣﺐ ھﺬا اﻟﻨﻮم إﻏﻔﺎ ٌء ﻓﻲ‬
‫أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪ ،‬أو ﺧﻔﻖ رؤوس وﻏﻄﯿﻂ ووﺿﻊ ﺟﻨﻮب واﺿﻄﺠﺎع ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻛﻠﮭﺎ ﺻﺤﯿﺤﺔ أو ﺣﺴﻨﺔ‪ ،‬وإﻋﻤﺎل اﻷدﻟﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ إھﻤﺎﻟﮭﺎ أو إھﻤ ﺎل أﺣ ﺪھﺎ أو ﺑﻌ ﻀﮭﺎ‪ ،‬وھﻨ ﺎ إﻋﻤ ﺎل‬
‫اﻷدﻟﺔ ﻣﻤﻜﻨﮫ ﺑﻞ ﻇﺎھﺮ‪ ،‬وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻨﺎ ھﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﻌﺎرض وﻋﺪم إﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫وﺑﺈﻋﻤﺎل اﻷدﻟﺔ وﺑﺎﻟﺘﺪﻗﯿﻖ واﻟﺘﱠﻔﺤﱡﺺ ﻧﺠ ﺪ أن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ دﻟ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﻨﻘﺾ أﻓ ﺎدت ﻣﻄﻠ ﻖ‬

‫اﻟﻨﻮم‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ أﻓﺎدت ﻋﺪم اﻟﻨﻘﺾ ﺟﺎءت ﻣﻘﯿﺪة ﺑﺤﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﻼة واﻧﺘﻈ ﺎر اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ وﻟ ﻢ ﻧﻘ ﻞ ﺣ ﺎﻟﺘﯿﻦ ‪ ،‬ﻷن اﻧﺘﻈ ﺎر اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﻼة ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »أﺧﱠ ﺮ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻨ ﺎس وﻧ ﺎﻣﻮا‪ ،‬أ َﻣ ﺎ إﻧﻜ ﻢ ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻼة ﻣ ﺎ اﻧﺘﻈﺮﺗﻤﻮھ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫»اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﺎ دام ﻓﻲ ﻣﺼﻼه ﻣﺎ ﻟﻢ ُﯾﺤْﺪث‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﮫ اﻟﻠﮭﻢ ارﺣﻤﮫ‪ ،‬ﻻ ﯾ ﺰال‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﺼﻼة ﺗﺤﺒﺴﮫ‪ ،‬ﻻ ﯾﻤﻨﻌﮫ أن ﯾﻨﻘﻠﺐ إﻟﻰ أھﻠﮫ إﻻ اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬

‫‪232‬‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى ﻣﺴﻠﻢ أﯾﻀًﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﮫ »‪ ...‬ﻓﺈذا دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼة ھ ﻲ‬
‫ﺗﺤﺒﺴﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﯾُﺼﻠﱡﻮن ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﺎ دام ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺴﮫ اﻟﺬي ﺻ ﻠﱠﻰ ﻓﯿ ﮫ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ارﺣﻤ ﮫ‬
‫ﺤ ﺪِث ﻓﯿ ﮫ«‪ .‬ﻓﻘ ﺪ اﻋﺘﺒ ﺮت ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﮫ اﻟﻠﮭ ﻢ ُﺗ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺆْذ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ُﯾ ْ‬
‫اﻧﺘﻈﺎر اﻟﺼﻼة ﺻﻼة‪.‬‬

‫ﻓﺎﻧﺘﻈﺎر اﻟﺼﻼة ﺻﻼة‪ ،‬وﯾﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أﻧﮭﺎ ﺻﻼة ﺣﻜﻤًﺎ وﻟﯿ ﺴﺖ ﻓﻌ ﻼً‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻌﮭ ﻮدة ﺻ ﻼة‬
‫ﻓﻌﻼً‪ ،‬واﻧﺘﻈﺎرُھﺎ ﺻﻼ ٌة ﺣﻜﻤًﺎ ﻓﻜﺎﻧﺘﺎ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻒ‪ ،‬وﺟﺎءت أﺣﺎدﯾﺚ ﻋ ﺪم اﻟ ﻨﻘﺾ ﺗ ﺴﻮﱢي‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼة ﺣﻜﻤﺎً واﻟﺼﻼة ﻓﻌﻼً‪ ،‬وﺗﺠﻌﻠﮭﻤﺎ ﺷﯿﺌًﺎ واﺣﺪًا ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻋﺪم ﻧﻘ ﺾ اﻟﻨ ﻮم ﻟﻠﻮﺿ ﻮء ﻓﯿﮭﻤ ﺎ‪.‬‬
‫وإذن ﻓﺈن ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻗﺪ اﺳ ﺘﺜﻨﺖ اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ ﻧﺎﻗ ﻀﺎً‪ ،‬وﯾﺒﻘ ﻰ اﻟﻨ ﻮم ﻧﺎﻗ ﻀﺎً‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﮫ وﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮫ‪ .‬وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن اﻟﻨﻮم ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﻻ ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻨ ﮫ اﻟﻨ ﻮم‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺼﻼة‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺮاﺟﺢ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫وھﻨﺎ ﻧﺴﺠﻞ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮭﺎ ھﻲ أن اﻟﻨ ﻮم اﻟﻨ ﺎﻗﺾ ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾ ﺴﺘﺤﻖ وﺻ ﻔﮫ ﺑ ﺎﻟﻨﻮم‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻧ ﻮم‬
‫اﻟﺨﻔﻘﺔ واﻟﺨﻔﻘﺘﯿﻦ ﻓﻘﺪ ﻋﻔﻰ اﻟﺸﺮع ﻋﻨﮫ وﻟﻢ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﻧﺎﻗﻀﺎً‪ ،‬وھﺬا ﻟﯿﺲ ﻧﻮﻣًﺎ آﺧﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋﻔ ﻮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺸﺮع ﻋﻦ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﺎﻟﺪم اﻟﻨﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﯾُﻌﻔﻰ ﻋﻦ ﯾ ﺴﯿﺮه وﻗﻠﯿﻠ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺻ ﻨﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺪم ﻻ ﯾﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﺮع ﻋﻔﻰ ﻋﻦ اﻷﺷ ﯿﺎء واﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﻘﻠﯿﻠ ﺔ اﻟﯿ ﺴﯿﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﯿ ﺴﯿﺮة ﻋﻔ ﻮ‪ ،‬واﻟ ﺪم‬
‫اﻟﯿﺴﯿﺮ اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﺒﺪن ﻋﻔﻮ‪ ،‬واﻟﻨﻮم ﯾﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ﯾﺴﯿﺮًا ﻓﮭﻮ ﻋﻔﻮ‪ .‬وﻓ ﻲ‬
‫ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ روى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻋـﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »وﺟ ﺐ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ‬
‫ﺧﻔَ ﻖ ﺑﺮأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻨﻌ ﺎس‪ :‬أﻣﺎﻟ ﮫ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﻻ‬
‫ﻧﺎﺋﻢ إﻻ ﻣﻦ أﺧﻔﻖ ﺧﻔﻘﺔ ﺑﺮأﺳﮫ«‪ .‬واﻟﺨﻔﻘﺔ‪ :‬ھ ﻲ اﻟﻨﻌ ﺴﺔ‪ .‬و َ‬
‫ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫واﻵن ﻟﻨﻌﺪ إﻟﻰ اﻵراء اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ‪ .‬اﻟ ﺮأي اﻷول ﯾﻘ ﻮل إن اﻟﻨ ﻮم ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ ﻋﻠ ﻰ أي ﺣ ﺎل‬
‫ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺄﻟﻔﺎﻇﮫ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻻ ﯾﻔﯿﺪھﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻔﯿﺪ ﻋﺪم ﻧﻘ ﺾ‬
‫اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬واﻟﺨﻄ ﺄ آت ﻣ ﻦ ﻛ ﻮن أﺻ ﺤﺎب ھ ﺬا اﻟ ﺮأي ﻗ ﺪ ﻋﻤﻤ ﻮه وأﻃﻠﻘ ﻮه‪ .‬واﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻢ ﯾﺴﺘﺜﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺼﻼة واﻧﺘﻈﺎرھﺎ‪ .‬واﻟﺮأي اﻟﺜﺎﻟ ﺚ أﯾ ﻀﺎً ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺜﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﻼة واﻧﺘﻈﺎرھ ﺎ‪،‬‬
‫ن ﻋﻨَﻮا ﺑﺎﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم ﻣ ﺎ أﺧﺮﺟﻨ ﺎه ﻣﻨ ﮫ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟ ﺮأي اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﮭ ﻮ ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬ﻓ ﺈن إﺧ ﺮاج‬
‫وﯾﻘﻞ اﻟﺨﻄﺄ إ ْ‬
‫اﻟﻨﻮم ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺔ ﻣﻦ ھﯿﺌﺎت اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ ﻧ ﻮاﻗﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺧﻄ ﺄ‪ ،‬واﻟﺨﻄ ﺄ آت ﻣ ﻦ‬
‫اﺳﺘﺪﻻﻟﮭﻢ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﻌﻤ ﯿﻢ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة وﻋﻠ ﻰ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ .‬واﻟ ﺮأي اﻟﺨ ﺎﻣﺲ‬
‫أﯾﻀًﺎ ﺧﻄﺄ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺮاﻛﻊ واﻟﺴﺎﺟﺪ ﯾﻜﻮﻧﺎن ﻓﻲ وﺿﻊ ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻨﺎن ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﻣﻨ ﻊ ﺧ ﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ‪،‬‬
‫وھﺬا ﻣﻨﮭﻢ اﺳﺘﺪﻻل ﻓﺎﺳ ﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﻌﻔﮭﻢ ﻓﯿ ﮫ ﻧ ﺺ‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺴﺎدس ﻓﺨﻄ ﺄ ﻟﻤ ﺎ ﺑﯿﱠﻨﱠ ﺎه ﻓ ﻲ ﺗﺨﻄﺌ ﺔ‬
‫اﻟﺮأي اﻟﺨ ﺎﻣﺲ‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ﻓ ﺼﺤﯿﺢ ﺟﻤﻠ ﺔ‪ ،‬وﻟﯿ ﺘﮭﻢ ﺟﻌﻠ ﻮا اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻲ اﻧﺘﻈ ﺎر اﻟ ﺼﻼة ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻧ ﺎﻗﺾ‪ ،‬ورﻏ ﻢ أن ھ ﺬا اﻟ ﺮأي ﺻ ﺤﯿﺢ ﺟﻤﻠ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ إﻻ أن اﻟ ﺪﻟﯿﻞ اﻟ ﺬي اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑ ﮫ ھ ﻮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻀﻌﯿﻒ ﺟﺪًا اﻟﺬي رواه اﻟﺪﯾﻠﻤﻲ واﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﻧﺲ »إذا ﻧﺎم اﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺳﺠﻮده ﺑﺎھﻰ اﷲ‬
‫ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺑﮫ ﻣﻼﺋﻜﺘ ﮫ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻧﻈ ﺮوا إﻟ ﻰ ﻋﺒ ﺪي روﺣُ ﮫ ﻋﻨ ﺪي وﺟ ﺴﺪُه ﻓ ﻲ ﻃ ﺎﻋﺘﻲ«‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻓﺄراه ﺧﻄﺄ‪ ،‬وﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻲ وﻣﻌﺎوﯾ ﺔ وأﻧ ﺲ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﻓ ﻀﻌﯿﻒ ﻻ‬
‫ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﻓﮭﻮ ﻻ ﯾﺴﻌﻔﮭﻢ‪ ،‬ﻓﮭﻢ ﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑ ﺎﻟﻠﻔﻆ اﻷول »ﺗﺨﻔ ﻖ رؤوﺳ ﮭﻢ‬
‫ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻮن« ﻓﺤﻤﻠﻮه ﻋﻠﻰ ﻧﻮم اﻟﺠﺎﻟﺲ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻨﻈﺮوا ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ اﻟﺜﺎﻟﺚ »ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻀﻌﻮن ﺟﻨﻮﺑﮭﻢ« ﻓﮭ ﻮ‬
‫ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﺠﻠﻮس وﻻ أراھﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﺗﺄوﯾﻠﮫ إﻻ ﺑﺘﻜﻠﱡﻒ‪.‬‬

‫وﺣﺘﻰ ﺗﻠﻤﺴﻮا ﻣﺪى اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻨ ﺪھﻢ أﺳ ﻮق ﻟﻜ ﻢ ﻓﻘ ﺮة ﺟ ﺎءت ﻓ ﻲ ذﯾ ﻞ ﺳ ﻨﻦ‬

‫اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻷﺑﻲ اﻟﻄﯿﺐ آﺑﺎدي )وﻟﻔﻆ اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺷﻌﺒﺔ »ﻟﻘﺪ رأﯾﺖ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾُﻮﻗَﻈﻮن ﻟﻠﺼﻼة ﺣﺘﻰ إﻧﻲ ﻷﺳﻤﻊ ﻷﺣﺪھﻢ ﻏﻄﯿﻄ ًﺎ ﺛ ﻢ ﯾﻘﻮﻣ ﻮن ﻓﯿ ﺼﻠﻮن وﻻ ﯾﺘﻮﺿ ﺄون«‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺒﺎرك‪ :‬ھﺬا ﻋﻨﺪﻧﺎ وھﻢ ﺟﻠﻮس‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ :‬ﻋﻠﻰ ھ ﺬا ﺣﻤﻠ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﺑ ﻦ ﻣﮭ ﺪي واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن ‪ :‬ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺳﯿﺎﻗﮫ ﻓﻲ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺤﺘﻤﻞ أن ﯾﻨﺰل ﻋﻠﻰ ﻧﻮم اﻟﺠﺎﻟﺲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ذﻟ ﻚ ﻧﺰﱠﻟ ﮫ‬
‫أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﯿﮫ زﯾﺎدة ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ رواھﺎ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻋﻦ ﻗﺘﺎدة ﻋﻦ أﻧﺲ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﺘﻈ ﺮون اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﻀﻌﻮن ﺟﻨ ﻮﺑﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﯾﻨ ﺎم ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮم إﻟ ـﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة«‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ دﻗﯿﻖ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮم اﻟﺨﻔﯿﻒ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﯾﻌﺎرﺿﮫ رواﯾﺔ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻐﻄﯿﻂ(‪ .‬ﻓﺎﻻﺿﻄﺮاب ﺟ ﱡﺪ واﺿﺢ‪ ،‬ﻓﮭﻢ ﻛﻠﻤﺎ رﺑﻄﻮا ﻧﺎﺣﯿﺔ اﻧﻔﺮﻃﺖ أُﺧﺮى‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻛﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ‬
‫ﺴ ِﮫ ﻓﻤ ﻦ ﻧ ﺎم ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿ ﺄ« ﻓﻘ ﺪ أﺧ ﺬوا ﻣﻨ ﮫ أن اﻟﻨ ﻮم ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻲ »اﻟﻌ ﯿﻦ وﻛ ﺎء اﻟ ﱠ‬
‫ﻻ ﯾﺴﻌﻔﮭﻢ‪ .‬أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﺣﺪﺛًﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﯾﺨﺮج ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺮﯾﺢ‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻨ ﺎء ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ إن اﻟﻨ ﺎﺋﻢ اﻟﺠ ﺎﻟﺲ ﻻ ﯾُﺨ ﺮج‬
‫رﯾﺤًﺎ ﻓﻼ ﯾﻨﺘﻘﺾ وﺿﻮؤه ﺑﺎﻟﻨﻮم ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬أي أﻧﮭﻢ اﺳﺘﻨﺒﻄﻮا ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ًﺔ ﻟ ﻨﻘﺾ اﻟﻨ ﻮم ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‬
‫ھﻲ ﺧﺮوج اﻟﺮﯾﺢ‪ .‬ﻓﻨﻘﻮل‪:‬‬

‫أو ًﻻ‪ :‬إن ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﮭﻤﮭﻢ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻨ ﺎﻣﻮن ﻣ ﻀﻄﺠﻌﯿﻦ وﻟ ﻢ ﯾﻜﻮﻧ ﻮا‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄون‪.‬‬

‫ﺴ ِﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺗﻌﻠﯿ ﻞ ﻧﻘ ﺾ اﻟﻨ ﻮم ﺑﺨ ﺮوج‬

‫ﺛﺎﻧﯿ ﺎً‪ :‬إن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻌ ﯿﻦ وﻛ ﺎ ُء اﻟ ﱠ‬
‫اﻟﺮﯾﺢ‪ ،‬ﻓﺈن أﻟﻔﺎﻇﮫ ﻻ ﺗﻔﯿﺪ اﻟ ِﻌﱢﻠﯿﱠﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜ ًﺎ‪ :‬إن اﻟﺸﺮع ﺟﻌــﻞ اﻟﻨـﻮم ﻧﺎﻗﻀــﺎً ﺗﻤﺎﻣـ ـﺎً ﻛﻤـ ـﺎ ﺟﻌـ ـﻞ ﺧـ ـﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ ﻧﺎﻗ ﻀــﺎً‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻀﯿْﻦ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺠﻌﻞ أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻠﱠﺔ ﻟﻶﺧﺮ‪ ،‬ﻷن ﻣﻦ ﺷﺄن ذﻟﻚ أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﻨ ﺎﻗﺾ واﺣ ﺪاً وﯾُﻠ َﻐ ﻰ‬ ‫اﻟﺸﺮع ﻧﺎﻗ َ‬
‫اﻵﺧﺮ‪ ،‬وھﺬا اﻹﻟﻐﺎء ﻧﺴﺦ وﻻ ﯾﻤﻠﻜ ﮫ أﺣ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺳ ﻮى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻟ ﻢ ُﯾ ﺮو ﻋﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أﻧﮫ أﻟﻐﻰ أو أﺑﻄﻞ أو ﻧﺴﺦ اﻟﻨﻮم ﻛﻨﺎﻗﺾ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﻨﻮم ﻣﻌﻠﱠﻞ ﺑﺨﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ ﻓ ﺈذا‬
‫اﻧﺘﻔﻰ اﻟﺨﺮوج ﺑﺎﻟﻨﻮم ﺟﺎﻟﺴﺎً زال ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻮم‪ ،‬ھﺬا اﻟﻘﻮل ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ﻟﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ‪ ،‬ﻣﺎ داﻣﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﺮع‬
‫ﻧ ﺼﻮص ﻛﺜﯿ ﺮة ﺗﻔﯿ ﺪ ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﻨﻘﺾ ﻟﻠﻨ ﻮم وﻟ ﻢ ﺗُﻨ ﺴﺦ‪ ،‬ﺑ ﻞ إن آﺧ ﺮ ﺣ ﺪﯾﺜﮭﻢ ﯾ ﺮد ﻋﻠ ﻰ ﻓﮭﻤﮭ ﻢ ﻷوﱠﻟ ﮫ‪،‬‬
‫ﺴﮫِ ﻓﻤﻦ ﻧﺎم ﻓﻠْﯿﺘﻮﺿﺄ« ﻓﺈن آﺧﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻓﻤﻦ ﻧ ﺎم«‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﻘﱢﯿ ﺪ‬ ‫ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »اﻟﻌﯿﻦ وِﻛﺎ ُء اﻟ ﱠ‬
‫وﻟﻢ ﯾﺨﺼﱢﺺ وﻟﻢ ﯾﻔﺼﱢﻞ‪ ،‬واﻟﻨﻮم ﺟﺎﻟﺴًﺎ داﺧﻞ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ‪ ،‬واﻷﺷﺒﮫ أن ﯾﻘﺎل إن ﺧ ﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺋﻢ ھﻮ ﻣﺼﺎﺣﺐ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﻠﻨﻮم‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ أن ﯾﻜﻮن ﻋﻠﱠﺔ‪.‬‬

‫ھﺬه آراء اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷﺋﻤ ﺔ وھ ﺬه أدﻟ ﺘﮭﻢ ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻓ ﺸﻠﻮا ﻓ ﻲ اﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ واﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻷدﻟ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ إﻻ‬
‫ﺑﺘﺄوﯾﻞ ﻣﺘﻌﺴّﻒ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻜﻢ أﻧﮫ ﻻ ﯾُﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮل اﻟ ﺬي ﻗﻠﻨ ﺎه‪ ،‬وھ ﻮ أن اﻟﻨ ﻮم‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺣﻜﻤ ًﺎ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮاه ﯾﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﺟﻤ ٌﻊ ﺻ ﺤﯿﺢ وﺟﻤﯿ ٌﻞ ﻓﯿ ﮫ‬
‫اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ واﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ إﻋﻤﺎلٌ ﻟﻸدﻟﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫‪ (6‬أﻛﻞ ﻟﺤﻢ اﻟﺠَﺰور‬

‫ﺾ‬‫ﺠﺰُور ھﻮ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺠﻤ ﺎل ‪ .‬وﻗ ﺪ اﺧﺘﻠ ﻒ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓ ﻲ أﻛ ﻞ ﻟﺤ ﻢ اﻟﺠﻤ ﺎل ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻧﻘ ُ‬ ‫ﻟﺤﻢ اﻟ َ‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وأﺑ ﻲ‬ ‫اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ رأﯾﯿﻦ‪ :‬ﻓﻨُﺴﺐ إﻟ ﻰ اﻟﺨﻠﻔ ﺎء اﻷرﺑﻌ ﺔ واﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد وأُﺑ ﱢ‬
‫ﺠ ﺰور ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وذھ ﺐ‬ ‫اﻟﺪرداء وأﺑﻲ أﻣﺎﻣﺔ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أن أﻛﻞ ﻟﺤ ﻢ اﻟ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺻ ﺤﺎب اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﺟﻤﺎﻋ ٌﺔ‬ ‫أﺣﻤﺪ وإﺳﺤﻖ ﺑﻦ را ُھﻮَﯾﮫ واﺑﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺠﺰُور ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻧُﺴﺐ ھﺬا اﻟﺮأي إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻗﻮل ﻟﮫ‪،‬‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ إﻟﻰ أن أﻛﻞ ﻟﺤﻢ اﻟ َ‬
‫وإﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﻣﻦ اﻷﺣﻨﺎف‪ .‬ھﺬا وﻗﺪ روي ﻋﻦ اﻹﻣ ﺎم اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬إن ﺻ ﺢﱠ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻓﻲ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﮫ‪ .‬وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮل ﻧﻌﻢ ﻗﺪ ﺻﺢ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وھ ﻮ ﺷ ﺎﻓﻌﻲﱡ اﻟﻤ ﺬھﺐ )ﺑﻠﻐﻨ ﻲ‬
‫ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ إﺑ ﺮاھﯿﻢ اﻟﺤﻨﻈﻠ ﻲ ـ أي اﺑ ﻦ را ُھﻮَﯾ ﮫ ـ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻻ ﻗ ﺪ ﺻ ﺢ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬

‫‪234‬‬
‫اﻟﺒﺎب ﺣﺪﯾﺜﺎن ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب وﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة( وﻧﺤﻦ ﻧ ﺬﻛﺮ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﻼ ﺳﺄل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬أأﺗﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮم اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬إن ﺷﺌﺖ‬ ‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة »أن رﺟ ً‬
‫ﻓﺘﻮﺿﺄ وإن ﺷﺌﺖ ﻓﻼ ﺗﻮﺿﱠﺄ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﺗﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ ﻓﺘﻮﺿﱠﺄ ﻣﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫أﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ .‬ﻗﺎل‪ :‬أﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺒﺎرك اﻹﺑﻞ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫ﺳ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬ ‫‪ -2‬ﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب ﻗ ﺎل » ُ‬

‫ﺗﻮﺿﺄوا ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﺳُﺌﻞ ﻋﻦ ﻟﺤﻮم اﻟﻐﻨﻢ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﺘﻮﺿﺄوا ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺒﺎرك اﻹﺑ ﻞ‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﺼﻠﻮا ﻓﻲ ﻣﺒﺎرك اﻹﺑﻞ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ‪ ،‬وﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺮاﺑﺾ اﻟﻐ ﻨﻢ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬ورواه اﺑﻦ ُ‬ ‫ﺻﻠﻮا ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺑﺮﻛﺔ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫وﻗﺎل )ﻟﻢ ﻧﺮ ﺧﻼﻓًﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﻠﻤﺎء أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ أن ھﺬا اﻟﺨﺒﺮ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻧﺎﻗﻠﯿﮫ( ‪.‬‬

‫ﻲ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﯿﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل‬ ‫‪ -3‬ﻋﻦ ذي اﻟﻐﺮﱠة ﻗﺎل »ﻋﺮض أﻋﺮاﺑ ﱞ‬
‫اﷲ ﺗﺪرﻛﻨﺎ اﻟﺼﻼة وﻧﺤﻦ ﻓﻲ أﻋﻄﺎن اﻹﺑﻞ أﻓﻨ ﺼﻠﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ؟ ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬أﻓﻨﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻣﮭﺎ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻓﻨﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﺾ اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﻓﻨﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻣﮭﺎ؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻻ « رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺰواﺋ ﺪ )رﺟ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻣُﻮﺛﱠﻘﻮن(‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑ ﻦ ﻗ ﺎرظ أﻧ ﮫ وﺟ ﺪ أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل »إﻧﻤ ﺎ‬
‫أﺗﻮﺿﱠﺄ ﻣﻦ أﺛﻮار َأ ِﻗﻂٍ أﻛﻠﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻧﱢﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄوا ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﱠﺖ اﻟﻨ ﺎر« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أﺛﻮار ـ ﺟﻤﻊ ﺛ ﻮر ـ ‪ :‬ھ ﻲ اﻟﻘﻄﻌ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷﻗِ ﻂ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ اﻷ ِﻗ ﻂ‪ :‬ھ ﻮ اﻟﻠ ﺒﻦ اﻟﺠﺎﻣ ﺪ‬
‫اﻟﻤﺘﺤﺠﱢﺮ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل » ﺗﻮﺿﺄوا ﻣﻤﺎ ﻣﺴﱠﺖ اﻟﻨﺎر« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل »أﻛﻠﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ﺧﺒ ﺰاً وﻟﺤﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻮا وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄوا«‬
‫ﻻ‪.‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻣﻄﻮﱠ ً‬

‫ﺧ َﺮ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﺮكُ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻤﺎ ﻣ ﺴﱠﺖ اﻟﻨ ﺎر« رواه‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل »ﻛﺎن آ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ ﺑُﺸَﯿﺮ ﺑﻦ ﯾﺴﺎر أن ﺳﻮﯾﺪ ﺑﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎن أﺧﺒ ﺮه »أﻧ ﮫ ﺧ ﺮج ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﺎم ﺧﯿﺒ ﺮ‪،‬‬
‫ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺎﻟﺼﮭﺒﺎء‪ ،‬وھﻲ أدﻧﻰ ﺧﯿﺒﺮ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ ﺛﻢ دﻋﺎ ﺑﺎﻷزواد ﻓﻠﻢ ﯾُﺆتَ إﻻ ﺑﺎﻟﺴﱠﻮﯾﻖ‪،‬‬
‫ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮫ ﻓ ُﺜﺮﱢي ‪ ،‬ﻓﺄﻛﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻛﻠﻨﺎ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم إﻟﻰ اﻟﻤﻐـﺮب ﻓﻤ ﻀﻤﺾ وﻣﻀﻤ ﻀﻨﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ‬
‫وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺛُﺮي ـ ﺑﺎﻟﺘﺸﺪﯾﺪ واﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ـ ‪ :‬أي ُﺑﻞﱠ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻟﻤ ﺎ‬
‫ﻟﺤﻘﮫ ﻣﻦ اﻟﯿﺒﺲ‪ .‬واﻟﺴﱠﻮﯾﻖ ‪ :‬ھﻮ دﻗﯿﻖ اﻟﺸﻌﯿﺮ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻛﻞ ﻋﻨﺪھﺎ ﻛﺘﻔ ًﺎ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﱠﻰ وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ﻓﻲ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺴﺄﻟﺘﺎن أو ﻣﺴﺄﻟﺔ ذات ﺷﻘﯿﻦ ھﻤﺎ‪ :‬اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ أﻛﻞ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ‪ ،‬واﻟﻮﺿﻮء‬
‫ﻣ ﻦ أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر‪ .‬وﻗ ﺪ ذﻛﺮﻧ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞُ اﻟﻔ ﺮﯾﻘﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔ ﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﻖ اﻷول‪ ،‬وﻧ ﺬﻛﺮ اﻵن‬
‫اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫إن ﻣﻦ ذھﺒﻮا إﻟﻰ أن اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ أﻛﻞ ﻣﺎ ﻣ ﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ﻻ ﯾﺠ ﺐ‪ ،‬أي أن أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ﻻ‬
‫ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ھﻢ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪون اﻷرﺑﻌﺔ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وأﺑﻮ اﻟﺪرداء واﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤـﺮ وأﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ وﺟﺎﺑﺮ ﺑـﻦ ﺳﻤـﺮة وزﯾـﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑـﺖ وأﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮي وأﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ وأﺑ ﻮ أﻣﺎﻣ ﺔ واﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ وﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻋﺎﺋ ﺸﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ـﺔ‬‫وأﺑ ﱡ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌـﻲ وأﺣﻤـﺪ واﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎرك وإﺳﺤـﻖ ﺑ ﻦ راھُﻮَﯾ ﮫ وأﺑﻮﺛ ﻮر وﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﺜ ﻮري‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﻨ ﻮوي )إن‬
‫ھﺬا اﻟﺨﻼف اﻟﺬي ﺣﻜﯿﻨﺎه ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﺪر اﻷول‪ ،‬ﺛﻢ أﺟﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ‬
‫أﻛﻞ ﻣﺎ ﻣﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨﺎر(‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﻦ ذھﺒﻮا إﻟﻰ أن أﻛﻞ ﻣﺎ ﻣﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨﺎر ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﮭﻢ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ وأﺑ ﻮ ﻗﻼﺑ ﺔ‬
‫واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي واﻟﺰﱡھﺮي‪ ،‬ورواﯾـﺔ ﺛﺎﻧﯿـﺔ ﻋـﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠـﮫ ﺑﻦ ﻋﻤـﺮ وأﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ‬
‫وﻋﺎﺋ ﺸﺔ وزﯾـ ـﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑـ ـﺖ وأﺑ ﻲ ھﺮﯾـ ـﺮة‪ ،‬وإﻧﻤـ ـﺎ ﻗﻠـ ـﺖ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻋ ـﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ ‪ ...‬إﻟﻰ أﺑـﻲ ھﺮﯾـﺮة‪ ،‬ﻷن ھـﺆﻻء ﻗـﺪ روي ﻋﻨﮭـﻢ اﻟﻘـﻮل اﻷول وذُﻛــﺮوا ﻣـﻊ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻷول‪.‬‬

‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿ ﺔ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻟ ﺴﺎدس ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟ ﺬي رواه اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫أﻋﱠﻠ ﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﺑﻌﻠﱠﺘ ﯿﻦ ﻓﻨﻄﺮﺣ ﮫ‪ .‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول »أﺗﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﻣ ﻦ‬
‫ﺳ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ ﻓﻘ ﺎل ﺗﻮﺿ ﺄوا‬ ‫ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ » ُ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ »أﻓﻨﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻣﮭﺎ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ »ﺗﻮﺿ ﺄوا ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﱠﺖ‬
‫اﻟﻨ ﺎر« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ »أﻛﻠ ﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ ﺧﺒ ﺰاً وﻟﺤﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻮا وﻟ ﻢ‬
‫ت إﻻ ﺑﺎﻟﺴﱠﻮﯾﻖ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮫ َﻓ ُﺜﺮﱢي‪ ،‬ﻓﺄﻛ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻛﻠﻨ ﺎ ‪....‬‬‫ﯾﺘﻮﺿﺄوا« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ »ﻓﻠﻢ ﯾُﺆ َ‬
‫ﺛﻢ ﺻﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻣﻦ »أﻛﻞ ﻋﻨﺪھﺎ ﻛﺘﻔ ًﺎ ﺛﻢ ﺻﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ«‪.‬‬

‫ن اﻷﻛ ﻞ ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨﻄﻮﻗ ًﺎ وﺻ ﺮاﺣﺔ‪،‬‬ ‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﯿﮭ ﺎ أ ﱠ‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿﮫ اﻟﻮﺿُﻮ ُء ﻣﻤﺎ ﻣﺴﱠﺖ اﻟﻨﺎر ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﯿﮫ أنﱠ أﻛﻞَ اﻟﻠﺤ ﻢ ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﺴﻮِﯾﻖ ﻣﻦ ﻓﻌ ﻞ اﻟﺮﺳ ﻮل‬ ‫‪ r‬وﻓﻌﻞ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﯿﮫ أن أﻛﻞ اﻟ ﱠ‬
‫‪ r‬وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ﻓﯿ ﮫ أن أﻛ ﻞ اﻟﻠﺤ ﻢ اﻟﻤﻄﺒ ﻮخ ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪.‬‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ أﻛﻞ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ وﺣﺪه ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‬
‫ﻣ ﻦ أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﺖ اﻟﻨ ﺎر‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ‪ 8 ،7 ،5‬ﻓﯿﮭ ﺎ أن أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﺑ ﺎﺧﺘﻼف اﻷﺣ ﻮال‪ ،‬ﻓﺘ ﺎرة اﻟﻠﺤ ﻢ‪ ،‬وﺗ ﺎرة اﻟ ﺴﱠﻮِﯾﻖ ـ وھﻤ ﺎ ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ـ وﺗ ﺎرة ﻣ ﻦ ﻓﻌﻠ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬وﺗﺎرة ﻣﻦ ﻓﻌﻞ أﺻﺤﺎﺑﮫ رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬وﺗﺎرة ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ وﻓﻌﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻌ ًﺎ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ھﺬا اﻻﺳﺘﻌﺮاض ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ أن اﻟﻮﺿﻮء ﻣ ﻦ أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ﻛ ﺎن ﻣﻄﻠﻮﺑ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎءت‬
‫ﺴﻮِﯾﻖ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة ﺧﯿﺒ ﺮ‪ ،‬وﻏ ﺰوة ﺧﯿﺒ ﺮ‬ ‫أﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺘﺄﺧﺮة ﺗﺒﻄﻞ ھ ﺬا اﻟﻄﻠ ﺐ وﺗﻨ ﺴﺨﮫ‪ .‬ﻓﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﱠ‬
‫ﻣﺘ ﺄﺧﺮة‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﺢ ﻧﺎﺳ ﺨًﺎ ‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ ﻟ ﺬﻟﻚ ﻣ ﺎ روى ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻤﺔ »أﻛ ﻞ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻣﻤ ﺎ ﻏﯿ ﺮت اﻟﻨ ﺎر ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‪ ،‬وﻛ ﺎن آﺧ ﺮ أﻣﺮﯾ ﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺼﺮﱢح‬
‫ﺚ إِﺑﻄ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﺘ ﺄﺧﺮة ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ‬‫ﺑﺎﻟﺘﺄﺧﺮ‪ .‬وإذا وﺟﺪ ﺗﻌﺎرض ﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ أُﺧﺬ ﺑﺎﻟﻤﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ُ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﺎﺳﺨﺔ ﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻃﻠﺐ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫وﻻ ﯾﻘﺎل إن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻗ ﻮل‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﺮك ﻓﻌ ﻞ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﱠﻮﯾﻖ‬
‫ﻓﻌﻞٌ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى وﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻓﻌ ٌﻞ ﻣ ﻨﮭﻢ وﻣ ﺸﺎرﻛﺔ‬
‫ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻓﮭﻮ إﻗﺮار ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﮭﻢ ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮﻧﮫ ﻓﻌﻼً ﻣﻨﮫ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬واﻹﻗ ﺮار‬
‫ﻣﻨﮫ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﻮل ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻤﻮﺿﻮع أﻣﺮاً ﻣﻨﮫ أوﻻً ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﺛﻢ أﻣﺮًا ﻣﻨﮫ ﺑﺎﻟﺘﺮك‪ ،‬أي ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻤﺎ ﻣﺴﺘﮫ اﻟﻨﺎر ﻣﻨﺴﻮﺧًﺎ‪.‬‬

‫وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أن اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﻌ ﺪم اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ھ ﻢ اﻟﻤ ﺼﯿﺒﻮن‪ .‬وﻻ ﯾﺒﻌ ﺪ أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﺼﺪر اﻷول ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻧﺎﺗﺠًﺎ ﻋﻦ ﻛﻮن اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻟﻢ ﯾﺼﻠﮭﻢ اﻟﻨﺴﺦ ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﻤﺎ وﺻﻠﮭﻢ رﺟﻌﻮا إﻟﯿﮫ وأﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠﯿﮫ إﻻ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻨﮭﻢ‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﺣﻜﻢ أﻛﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر‪،‬‬
‫وﻗﺪ ﺑﯿﻨﺎ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻛﻞ ﻟﺤﻢ اﻹﺑﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ أي ﻧﺺ ﯾﻨﺴﺦ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻨ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ أﺷ ﻜﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ‬

‫ﻞ ﺑﻌﻠﱠﺘ ﯿﻦ وھ ﻮ »ﻛ ﺎن آﺧ ﺮ‬
‫ل ﺟ ﺎﺑﺮ ﺗ ﺮك اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺖ اﻟﻨ ﺎر‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﻤُﻌ ﱡ‬
‫اﻷﺋﻤﺔ ﻛﺎﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗ ﻮ ُ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻦ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﺮك اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻤﺎ ﻣﺴﱠﺖ اﻟﻨﺎر« ﻓﻘﺎﻟﻮا إن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﻣﺘﺄﺧﺮ وھ ﻮ ﻧ ﺺ‬
‫ﻓﻲ ﺗﺮك اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻤﺎ ﻣﺴﺘﮫ اﻟﻨﺎر‪ ،‬وإن ﻟﺤﻢ اﻟﺠَﺰور ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻣﺴﱠﺘﮫ اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻨ ﺴﻮﺧﺎً ﺑﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ أوﱠﻟﻮا اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻠﻐﻮي‪ ،‬وھ ﻮ ﻏ ﺴﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‬
‫‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻌﻠﺔ اﻟ ﱠﺪﺳَﻢ واﻟ ﱡﺰھُﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿﺒﮭﻢ ﺑﺄن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﯿﮫ اﻧﻘﻄﺎﻋﺎً ﺑﯿﻦ اﺑﻦ اﻟﻤﻨﻜ ﺪر‬
‫وﺟﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻣﻨﻘﻄﻊ‪ ،‬وﻓﯿﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﺿﻌﻔﮫ أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮازي وذﻛﺮ اﻟﺨﻄﯿﺐ أﻧﮫ روى ﻋﻦ‬
‫ﻋﻠﻲّ ﺑﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﻲ ﺧﺒ ﺮاً ﻣﻨﻜ ﺮاً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺳ ﻨﺪ أﺑ ﻲ داود ﻣﻮﺳ ﻰ ﺑ ﻦ ﺳ ﮭﻢ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ‬
‫ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻤﻰ ]إرﺷ ﺎد اﻟﻔُﺤ ﻮل[ )ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‪ :‬إن ﺗ ﺄﺧﱠﺮ اﻟﻌ ﺎم ﻋ ﻦ وﻗ ﺖ‬
‫اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺨ ﺎص ﯾُﺒﻨ ﻰ اﻟﻌ ﺎم ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﺎص‪ ،‬ﻷن ﻣ ﺎ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ اﻟﺨ ﺎص ﻣﺘ ﯿﻘﻦ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ اﻟﻌ ﺎم ﻇ ﺎھﺮ‬
‫ﻣﻈﻨﻮن‪ ،‬واﻟﻤﺘﯿﻘﻦ أوﻟ ﻰ( ﻓﻠ ﻮ ﺣﻜﱠ ﻢ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن ﻗﺎﻋ ﺪﺗﮭﻢ اﻷﺻ ﻮﻟﯿﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻌ ﺪم ﻧﻘ ﺾ اﻷﻛ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ ﻟﻠﻮﺿﻮء‪ .‬أﺟﻞ إن ﻗﺎﻋﺪة اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ اﻷﺻ ﻮﻟﯿﺔ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وإﻋﻤﺎﻟﮭ ﺎ ﯾ ﺆدي إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن‬
‫ﺠ ﺰور ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓ ﺎﻟﻨﻮوي وھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﯿﻦ ﻗ ﺎل )أﻣ ﺎ اﻟﻨ ﺴﺦ ﻓ ﻀﻌﯿﻒ أو‬ ‫ﻟﺤ ﻢ اﻟ َ‬
‫ﺑﺎﻃﻞ‪ ،‬ﻷن ﺣ ﺪﯾﺚ ﺗ ﺮك اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻤ ﺎ ﻣ ﺴﺖ اﻟﻨ ﺎر ﻋ ﺎم‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻢ اﻹﺑ ﻞ ﺧ ﺎص‪،‬‬
‫واﻟﺨﺎص ﯾﻘﺪﱠم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎم ﺳﻮاء وﻗﻊ ﻗﺒﻠﮫ أو ﺑﻌﺪه( وﻋﻘﱠﺐ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﮫ ھﺬا ﺑﻘﻮﻟﮫ )وھﻮ ﻣﺒﻨﻲﱞ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﯾُﺒﻨﻰ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺨ ﺎص ﻣﻄﻠﻘ ﺎً ﻛﻤ ﺎ ذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻣ ﻦ أﺋﻤ ﺔ اﻷﺻ ﻮل وھ ﻮ‬
‫اﻟﺤﻖ ( وﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ]إرﺷﺎد اﻟﻔُﺤﻮل[ وھﻮ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻋﻠ ﻢ اﻷﺻ ﻮل )وﻣ ﺎ اﺣ ﺘﺞﱠ ﺑ ﮫ ﺑ ﺄن اﻟﻌ ﺎم‬
‫ﻋﻠِﻢ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‬ ‫اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﻧﺎﺳﺦ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮭﻢ دﻟﯿﻼن ﺗﻌﺎرﺿﺎ و ُ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﺧﺎﺻﺎً‪ ،‬ﻓﯿﺠ ﺎب ﻋﻨ ﮫ ﺑ ﺄن اﻟﻌ ﺎم اﻟﻤﺘ ﺄﺧﺮ ﺿ ﻌﯿﻒ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻓ ﻼ ﯾﻨ ﺘﮭﺾ ﻟﺘﺮﺟﯿﺤ ﮫ‬
‫ي اﻟﺪﻻﻟﺔ‪ ،‬وأﯾﻀًﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء ﺟﻤﻊٌ وﻓﻲ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﻌ ﺎم ﺗ ﺮﺟﯿﺢٌ‪ ،‬واﻟﺠﻤ ﻊ ﻣﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺮﺟﯿﺢ‪،‬‬‫ﻋﻠﻰ ﻗﻮ ﱢ‬
‫ل ﻟﻠﻌ ﺎم ﻛﻤ ﺎ ﺗﻘ ﺪم( ﺛ ﻢ إن اﻹﻣ ﺎم‬
‫ل ﻟﻠﺨﺎص وﻟﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ إھﻤ ﺎ ٌ‬ ‫وأﯾﻀًﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎم إھﻤﺎ ٌ‬
‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﻘﻮل‪ :‬إن ﺻﺢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ ﻗﻠﺖ ﺑﮫ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻗﻮل ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺬھﺐ إﻟ ﻰ أن‬
‫اﻟﻌﺎم ﯾﻨﺴﺦ اﻟﺨﺎص‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻘﻮﻟﮫ ھﺬا ﻣﻌﻨﻰ‪.‬‬

‫واﻟﺤ ﻖ أن اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ ﻛﻠﮭ ﻢ اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾﻠﺘﺰﻣ ﻮن ﺑﺄﺻ ﻮل إﻣ ﺎﻣﮭﻢ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ‬
‫ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ ﺑﻌﺪ أن ﺛﺒ ﺖ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻓ ﻲ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬وأن أﺗﺒﺎﻋ ﮫ ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻟﮭ ﻢ ﺗ ﺮك‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ﻣﻦ أﻛﻞ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ ﺑﻌﺪ ﺛﺒﻮت اﻟﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬ﺑﻞ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﺗﻨﺒﱠ ﮫ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬واﻟﻨ ﻮوي‬ ‫ﻟﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣ ﻦ ﻓﻘﮭ ﺎء اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬوا ﺑﺤﻜ ﻢ اﻟ ﻨﻘﺾ ﻛ ﺎﺑﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ]اﻟﻤﺠﻤﻮع[ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻘﺾ )ھﻮ اﻟﻘﻮي أو اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬وھﻮ‬
‫اﻟﺬي أﻋﺘﻘﺪ رﺟﺤﺎﻧﮫ(‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫أﻣ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ ﺗ ﺄوﱠﻟﻮا اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ وﻋﻠﱠﻠﻮھ ﺎ ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻷﺟ ﻞ اﻟﺰﱡھﻮﻣ ﺔ ‪ ،‬ﻓﻨﺠﯿ ﺒﮭﻢ ﺑ ﺄن اﻟﺰﱡھﻮﻣ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ھ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻟﺤﻮم اﻹﺑﻞ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻟﺤﻮم اﻟﻐﻨﻢ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻨﺘﻔﻲ‬
‫ﺣﺠﺘﮭﻢ وﺗﻌﻠﯿﻠﮭﻢ‪ .‬وأﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أراد اﻟﻮﺿﻮء اﻟﻠﻐﻮي أي ﻏﺴﻞ اﻟﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑﻘ ﻮل‬
‫اﻟﻨ ﻮوي وھ ـﻮ أﺣ ﺪھﻢ )أﻣ ﺎ ﺣﻤـ ـﻞ اﻟﻮﺿ ـﻮء ﻋﻠ ـﻰ اﻟﻠﻐ ـﻮي ﻓ ﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤﻤـ ـﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫اﻟ ﺸﺮﻋــﻲ ﻣﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻠﻐ ﻮي ﻛﻤـ ـﺎ ھـ ـﻮ ﻣﻌ ﺮوف ﻓـ ـﻲ ﻛﺘ ﺐ اﻷﺻ ﻮل( وأﯾ ﻀـــﺎً إن اﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن‬
‫اﻷﺣﺎدﯾـــﺚ أرادت ﻏﺴﻞ اﻟﯿـﺪﯾــﻦ ﯾﺤﺘــﺎج إﻟﻰ دﻟﯿـ ـﻞ وﻻ دﻟﯿـ ـﻞ‪ ،‬وأﯾ ﻀًﺎ إن اﻷﺣﺎدﯾـ ـﺚ ﻟ ﻮ أرادت‬
‫ﻏﺴﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻟﻤﺎ ﺗﺮك اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم اﻷﻣ ﺮ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻓـ ـﻲ ﻟﺤ ﻮم اﻟﻐ ﻨﻢ ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾـ ـﺚ‬
‫اﻵﻣ ﺮة ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ أﻛـ ـﻞ ﻟﺤـ ـﻢ اﻟﺠ ﺰور ﻧﻔ ﺴﮭﺎ‪ .‬واﻟﺤ ﻖ أن ھ ﺬه اﻟﺘ ﺄوﯾﻼت ﻓﺎﺳ ﺪة وﺗ ﺮكٌ ﻟﻠﻘ ﻮل‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻘﺾ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻ ﺔ أن ﻟﺤ ﻢ اﻟﺠ ﺰور ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وأن أﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﻣ ﺴﺘﮫ اﻟﻨ ﺎر ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻠﺤ ﻮم‬
‫اﻷﺧﺮى وﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻷﻃﻌﻤﺔ واﻷﺷﺮﺑﺔ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ ﺑﺤﺎل‪ .‬وﯾﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ ﻛﺒ ﺪھﺎ وﻃﺤﺎﻟﮭ ﺎ‬
‫دون ﻟﺒﻨﮭﺎ وﺣﻠﯿﺒﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ اﺳﺘﺪل ﺑﮫ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻧﻘ ﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣ ﻦ أﻟﺒ ﺎن اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻋ ﻦ‬

‫أﺳﯿﺪ ﺑﻦ ﺣﻀﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗﻮﺿﺌﻮا ﻣﻦ أﻟﺒﺎن اﻟﻐﻨﻢ‪ ،‬وﺗﻮﺿﺌﻮا ﻣ ﻦ‬
‫أﻟﺒﺎن اﻹﺑﻞ«‪ .‬وﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﻘﻮل » ﺗﻮﺿ ﺌﻮا ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﻮﺿ ﺌﻮا ﻣ ﻦ ﻟﺤ ﻮم اﻟﻐ ﻨﻢ‪ ،‬وﺗﻮﺿ ﺌﻮا ﻣ ﻦ أﻟﺒ ﺎن اﻹﺑ ﻞ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺗﻮﺿ ﺌﻮا ﻣ ﻦ أﻟﺒ ﺎن اﻟﻐ ﻨﻢ‪ ،‬وﺻ ﻠﱡﻮا ﻓ ﻲ ُﻣ ﺮاح اﻟﻐ ﻨﻢ وﻻ ﺗ ﺼﻠﻮا ﻓ ﻲ ﻣﻌ ﺎﻃﻦ اﻻﺑ ﻞ«‪ .‬ﻓﮭﻤ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺜﺎن‬
‫ﺿﻌﯿﻔﺎن‪ ،‬ﻓﻲ اﻷول ﺣﺠﱠﺎج ﺑﻦ أرﻃﺄة ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻘﯿﺔ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬وﺧﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﺠﮭﻮل اﻟﺤﺎل‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺤﺎن ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬ﻓﯿﺴﻘﻂ ﻗﻮﻟﮭﻢ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺎﺋـــﻞ‬
‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻄﮭﺎرة اﻟﻜﺒﺮى ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻧﺎﻗﻀًﺎ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻛﺎﻟﺠﻤﺎع وإﻧ ﺰال اﻟﻤﻨ ﻲ واﻟ ﺮدة ﻋ ﻦ اﻷﺳ ﻼم‬
‫واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس‪ ،‬وﻟﻢ ﻧﺬﻛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻧﻮاﻗﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻣﻜﺘﻔ ﯿﻦ ﺑﺈدراﺟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺟﺒ ﺎت اﻟﻐ ﺴﻞ ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫ﻣﺮﱠت‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‬
‫إذا ﺷﻔﻲ داﺋﻢ اﻟﺤَﺪَث ﻣﺜﻞ ﻣَﻦ ﺑﮫ ﺳَﻠَﺲُ اﻟﺒﻮل أو اﻟﺮﯾﺢ أو اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ اﻧﺘﻘﺾ وﺿﺆوه ﺑﻤﺠ ﺮد‬
‫ﺣﺼﻮل اﻟﺸﻔﺎء‪ ،‬ﻷن ﻃﮭﺎرة ھﺆﻻء ﻃﮭﺎرة ﺿﺮورة ﺗﻘَﺪﱠر ﺑﻘﺪرھﺎ‪ ،‬وﻣ ﺜﻠﮭﻢ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﺠﺒﯿ ﺮة ﻓﺈﻧ ﮫ إذا‬
‫ﺷﻔﻲ ﺟﺮﺣﮫ أو ﺟُﺒﺮ ﻛﺴﺮه اﻧﺘﻘﺾ وﺿﺆوه‪ .‬وھﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﻛﺤﺎل اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ ﻃﮭﺎرﺗ ُﮫ ﻣﺮھﻮﻧ ٌﺔ ﺑﻮﺟ ﻮد‬
‫اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺈذا وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﺑﻄﻠﺖ ﻃﮭﺎرﺗﮫ وﺑﻄﻞ ﺗﯿﻤﱡﻤﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺗﯿﻘﱠﻦ اﻟﻄﮭﺎرة‪ ،‬أي اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺷ ﻚ ھ ﻞ اﻧ ﺘﻘﺾ وﺿ ﺆوه أم ﻻ ﻓﮭ ﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭﺎرﺗ ﮫ‪ ،‬ﺑ ﺎق‬
‫وﺿﺆوُه‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا وﺟﺪ أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ‬

‫‪238‬‬
‫ﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﻤﻊ ﺻ ﻮﺗًﺎ‬ ‫ﺧ ﺮج ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﻲءٌ أم ﻻ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺨ ﺮﺟ ﱠ‬ ‫ﺑﻄﻨ ﮫ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻓﺄﺷ ﻜﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ أ َ‬
‫ﺷ ﻜﻲ إﻟ ﻰ‬‫أو ﯾﺠﺪ رﯾﺤ ًﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى ﻋﺒ ﺎد اﺑ ﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﮫ » ُ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﺮﺟﻞُ ﯾﺨﯿﱠﻞ إﻟﯿﮫ أﻧﮫ ﯾﺠﺪ اﻟﺸﻲء ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﯾﻨﺼﺮف ﺣﺘﻰ ﯾﺴﻤﻊ ﺻ ﻮﺗﺎً أو ﯾﺠ ﺪ‬
‫رﯾﺤ ًﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺣﺘﻰ ﯾ ﺴﻤﻊ ﺻ ﻮﺗًﺎ أو ﯾﺠ ﺪ رﯾﺤ ًﺎ‪ :‬ﻻ‬
‫ﺲ ﺑﺨ ﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ دون أن ﯾ ﺴﻤﻊ‬ ‫ﺤ ﱡ‬ ‫ع اﻟﺸﯿﺌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﺗﯿﻘﻦ اﻟﺨﺮوج‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﯾ ِ‬ ‫ﯾﻌﻨﻲ وﻗﻮ َ‬
‫ﻃ ﺮاح اﻟ ﺸﻜﻮك‬ ‫ﺻ ﻮﺗﺎً أو ﯾﺠ ﺪ رﯾﺤ ﺎً‪ ،‬ﻓﯿﻨ ﺘﻘﺾ وﺿ ﺆوه ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ أﯾ ﻀﺎً‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﯾﻔﯿ ﺪان ا ﱢ‬
‫ل ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وإﻻ‬ ‫واﻟﻮﺳﺎوس‪ ،‬واﻟﺒﻨﺎ َء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘ ﯿﻘﻦ‪ ،‬وھﻤ ﺎ إن ذﻛ ﺮا اﻟ ﺮﯾﺢ ﻛﻨ ﺎﻗﺾ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ذﻛ ﺮاه ﻛﻤﺜ ﺎ ٍ‬
‫ﺲ‬
‫ﻓﻜﻞﱞ ﻧﺎﻗﺾ ﯾﺸﻤﻠﮫ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن أﯾﻀﺎً‪ .‬ﻓﻠﻮ ﺷﻚ ﻓﻲ أﻧﱠﮫ ﺑﺎل أو ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ أﻧ ﮫ ﺗﻐ ﻮﱠط‪ ،‬أو ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ أﻧ ﮫ ﻣ ﱠ‬
‫ﻓﺮﺟﮫ ﻓﺈن وﺿﻮءه ﺑ ﺎق‪ ،‬وھﻜ ﺬا‪ .‬وأﻣ ﺎ ذِ ْﻛ ُﺮ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻠ ﯿﺲ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﺘﻘﯿﯿ ﺪ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﻘﻮل ﻓ ﻲ ذِ ْﻛ ﺮِ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﺑ ﺎق وﻻ ﯾُ ﻨﻘﺾ ﺑﺎﻟ ﺸﻚ ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة أو ﺧﺎرﺟﮭﺎ‪ ،‬وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ أو ﺧﺎرﺟﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺬھﺐ ﺟﻤ ﺎھﯿﺮ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻠﻒ‬
‫واﻟﺨﻠﻒ‪ ،‬إﻻ أن ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق روى ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ ﻗﻮﻟﮭﻤﺎ إﻧﮫ ﯾﻠﺰﻣﮫ اﻟﻮﺿﻮء إن ﻛ ﺎن‬
‫ي ﻇ ﺎھ ُﺮ‬
‫اﻟ ﺸﻚ ﺣ ﺼﻞ ﺧ ﺎرج اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﻠﺰﻣ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء إن ﻛ ﺎن ﺷ ﻜﱡﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وھ ﺬا رأ ٌ‬
‫اﻟﻀﻌﻒ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﺗ ﯿﻘﱠﻦ اﻟﺤَ ﺪَث‪ ،‬أي ﻋ ﺪم اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﺷ ﻚ ھ ﻞ ﺗﻮﺿ ﺄ أم ﻻ‪ ،‬ﻟﺰﻣ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﻮ أﯾ ﻀًﺎ‬
‫رأي ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬وھ ﺬا وﻣ ﺎ ﻗﺒﻠ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﻤ ﺴﻤﱠﺎة ﺑﻘﺎﻋ ﺪة اﻻﺳﺘ ﺼﺤﺎب‪،‬‬
‫وھﻲ أن اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮫ اﻷول ﻻ ﯾﺰول ﺑﺎﻟﺸﻚ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺸﯿﺦ ﺗﻘﻲ اﻟ ﺪﯾﻦ اﻟﻨﺒﮭ ﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷُﺻ ﻮل )اﻟﻤ ﺮاد ﺑﺎﻻﺳﺘ ﺼﺤﺎب اﺳﺘ ﺼﺤﺎبُ اﻟﺤ ﺎل‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻋﺮﱠﻓ ﮫ ﻋﻠﻤ ﺎء اﻷﺻ ﻮل ﺑﺄﻧ ﮫ ﻋﺒ ﺎرة ﻋ ﻦ‬
‫ت أﻣ ٍﺮ ﻓﻲ اﻟ ﺰﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺜﺒﻮت أﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن اﻷول‪ ،‬أي ھﻮ ﺛﺒﻮ ُ‬
‫اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺗﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﻣﻀﻰ‪ ،‬ﻓﻜﻞ أﻣﺮ ﺛﺒﺖ وﺟﻮده ﺛﻢ ﻃﺮأ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻋﺪﻣﮫ ﻓﺎﻷﺻ ﻞ ﺑﻘ ﺎؤه‪،‬‬
‫واﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻋُﻠﻢ ﻋﺪﻣﮫ ﺛﻢ ﻃ ﺮأ اﻟ ﺸﻚ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮده ﻓﺎﻷﺻ ﻞ اﺳ ﺘﻤﺮاره ﻓ ﻲ ﺣ ﺎل اﻟﻌ ﺪم( وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ‬
‫ﺤ ﺪَث ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﯿﻘﻦ اﺳ ﺘﯿﻘﺎﻧًﺎ ﯾﻘ ﺪر أن ﯾﺤﻠ ﻒ‬‫اﻟﻤﺒ ﺎرك ‪ :‬إذا ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟ َ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﺗﯿﻘﱠﻦ اﻟﺤﺪث وﺷﻚ ﻓﻲ اﻟﻄﮭﺎرة ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻠﺰﻣﮫ اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺈﺟﻤﺎع اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ .‬وأﻧ ﺎ وإن ﻛﻨ ﺖ‬
‫ﻻ أﻗ ﻮل ﺑﺈﺟﻤ ﺎع اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻛ ﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬إﻻ أن ذﻛ ﺮ إﺟﻤ ﺎع اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺋﻞ ﯾﻔﯿ ﺪھﺎ ﻗ ﻮة وﯾﺰﯾ ﺪﻧﺎ‬
‫اﻃﻤﺌﻨﺎﻧﺎً‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‬
‫ﺳ ﻜْﺮ أو دواء ﯾ ﻨﻘﺾ‬ ‫ذھﺐ ﻗﻄﺎع واﺳﻊ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء إﻟ ﻰ أن زوال اﻟﻌﻘ ﻞ ﺑﺠﻨ ﻮن أو إﻏﻤ ﺎء أو ُ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ﻗﯿﺎﺳًﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟ ﺬھﻮل ﻋﻨ ﺪ ھ ﺬه اﻷﺳ ﺒﺎب أﺑﻠ ﻎ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪ .‬وأﻧ ﺎ ﻻ أرى ھ ﺬا‬
‫اﻟﺮأي ﻷن اﻟﻘﯿﺎس ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎدات ﻻ ﯾﺠ ﻮز إﻻ إن وﺟ ﺪت ﻋﱠﻠ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﻨﺺ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﱠ ﺔ ﻓ ﻲ ﻧﻘ ﺾ اﻟﻨ ﻮم‬
‫ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻓﻼ ﻗﯿﺎس‪ .‬وأﻣﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ ﻗﺎﺳ ﻮا ﻓﻜ ﺎﻧﻮا ﻗ ﺪ ﺟﻌ ـﻠﻮا ﻧﻘ ﺾ اﻟﻨ ﻮم ﻟﻠﻮﺿ ﻮء ﻟﻌﱠﻠ ﺔ ﺧ ﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ‪،‬‬
‫ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺠﻨ ﻮن واﻹﻏﻤ ﺎء واﻟ ﺴﱡﻜْﺮ ﻣﻈﱠﻨ ـ ٌﺔ ﻟﺨ ﺮوج اﻟ ﺮﯾﺢ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً ﻛ ﺎﻟﻨﻮم وأﻧ ﺎ ﻻ أﻃﯿ ﻞ ﻓ ﻲ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻨﻘﻄﺔ‪ ،‬وﺣﺴﺒﻲ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺟﺪ ﻧﺼًﺎ وﻟﻮ ﺿ ﻌﯿﻔﺎً ﯾﻔﯿ ﺪ ﻧﻘ ﺾ اﻹﻏﻤ ﺎء أو زوال اﻟﻌﻘ ﻞ ﻟﻠﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﺬه‬
‫ﻋﺒﺎدة ‪ ،‬واﻟﻌﺒﺎدة ﯾﻘﺎم ﺑﮭﺎ ﻛﻤﺎ وردت‪ ،‬ﻻ ﻧﺰﯾﺪ ﻓﯿﮭﺎ وﻻ ﻧﻨﻘﺺ ﻣﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪ :‬ﻟﻤﺲ اﻟﻤﺮأة ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء‬

‫اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ﻟﻤﺲ اﻟﻤﺮأة ھﻞ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء أم ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻋﻠ ﻰ أﻗ ﻮال‪ :‬ﻓ ﺬھﺐ‬
‫ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ واﻟﺰﱡھ ﺮي ورﺑﯿﻌ ﺔ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ إﻟ ﻰ أن ﻟﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺮأة ﯾ ﻨﻘﺾ‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ واﻟﺤ ﺴﻦ وﻣﺠﺎھ ﺪ وﻗﺘ ﺎدة‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ .‬وذھﺐ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وأﺑ ﱡ‬

‫‪239‬‬
‫وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ واﻟﺸﻌﺒﻲ وﻋﻄﺎء وﻃﺎووس وأﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ واﺑ ﻦ ﺟﺮﯾ ﺮ اﻟﻄﺒ ﺮي إﻟ ﻰ أﻧ ﮫ‬
‫ﻏﯿﺮ ﻧﺎﻗﺾ‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ‪ :‬إﻻ إذا ﺗﺒﺎﺷﺮ اﻟﻔﺮﺟﺎن واﻧﺘﺸﺮ اﻟ ﱠﺬﻛَﺮ وإن ﻟ ﻢ ُﯾ ْﻤ ٍﺬ‪ .‬وذھ ﺐ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ راھُﻮﯾ ﮫ إﻟ ﻰ أن اﻟﻠﻤ ﺲ ﺑ ﺸﮭﻮة ﻧ ﺎﻗﺾ‪ .‬وﺣﺘ ﻰ ﻧﺘﺒ ﯿﻦ وﺟ ﮫ اﻟﺤ ﻖ ﻓ ﻲ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ وﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأي اﻟﺮاﺟﺢ ﻧﺴﺘﻌﺮض اﻷدﻟﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪:‬‬

‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء ﻓﺘ َﯿ ﱠﻤﻤُﻮا[ وھﻲ ﻗﺮاءة ﻧﺎﻓﻊ واﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ وأﺑ ﻲ‬ ‫‪ -1‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]أو ﻻ َﻣ ْ‬
‫ﺴ ُﺘﻢُ اﻟ ﱢﻨﺴَﺎءَ ﻓﻠﻢ ﺗ ِ‬
‫ﺴﺘُﻢ[ وھﻲ ﻗﺮاءة ﺣﻤﺰة واﻟﻜِﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬ ‫ﻋﻤﺮو وﻋﺎﺻﻢ واﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ‪ ،‬وﻗُﺮيء ]أو َﻟ َﻤ ْ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »أﺗ ﻰ رﺳ ﻮلَ اﷲ ‪ r‬رﺟ ﻞٌ ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻣ ﺎ‬

‫ﺗﻘﻮل ﻓﻲ رﺟﻞٍ ﻟﻘﻲ اﻣﺮأ ًة ﻻ ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺲ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻣﺮأﺗﮫ ﺷﯿﺌ ًﺎ إﻻ ﻗﺪ أﺗﺎه ﻣﻨﮭ ﺎ ﻏﯿ ﺮ أﻧ ﮫ‬
‫ﻲ اﻟﻨﱠﮭ ﺎرِ وزُﻟَﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ِﻞ إنﱠ‬ ‫ﻟﻢ ﯾﺠﺎﻣﻌﮭ ﺎ؟ ﻗ ﺎل ﻓ ﺄﻧﺰل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ]َأ ِﻗ ﻢ اﻟ ﺼﱠﻼ َة َ‬
‫ﻃﺮَﻓ ِ‬
‫ﺴﯿﱢﺌﺎتِ[ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ‪ :r‬ﺗﻮﺿ ﺄ ﺛ ﻢ ﺻ ﱟﻞ ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻣﻌ ﺎذ ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ‬ ‫ﻦ اﻟ ﱠ‬
‫ت ُﯾ ﺬھﺒ َ‬
‫اﻟﺤَ ﺴَﻨﺎ ِ‬
‫رﺳﻮل اﷲ أَﻟَﮫ ﺧﺎﺻﺔً أم ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺎﻣﺔً؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺎﻣﺔً« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟ ﺪار‬
‫ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺒﱠﻞ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟﺼﻼة وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻗﺎل ﻋُﺮوة‪ :‬ﻗﻠﺖ ﻟﮭﺎ‪ :‬ﻣَﻦ ھﻲ إﻻ أﻧﺖِ؟ ﻓ ﻀﺤﻜﺖ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ن ﻛ ﺎن رﺳ ﻮ ُل اﷲ ‪َ r‬ﻟ ُﯿ ﺼﻠﱢﻲ‪ ،‬وإﻧ ﻲ ﻟَﻤﻌﺘﺮﺿ ٌﺔ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ اﻋﺘ ﺮاضَ‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ »إ ْ‬
‫اﻟﺠﻨﺎزة‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا أراد أن ﯾُﻮﺗِﺮ ﻣﺴﱠﻨﻲ ﺑﺮﺟﻠﮫ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ﻓﻘﺪتُ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠ ًﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاش‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻤﺴﺘﮫ ﻓﻮﻗﻌﺖ ﯾﺪي ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻦ‬
‫ﺳ ﺨَﻄﻚ‪،‬‬
‫ﻗﺪﻣﯿ ﮫ وھ ﻮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وھﻤ ﺎ ﻣﻨ ﺼﻮﺑﺘﺎن وھ ﻮ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﻋ ﻮذ ﺑﺮﺿ ﺎك ﻣ ﻦ َ‬
‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﻧﻔ ﺴﻚ« رواه‬
‫وﺑﻤﻌﺎﻓﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻨﻚ ﻻ أُﺣﺼﻲ ﺛﻨ ﺎ ًء ﻋﻠﯿ ﻚ أﻧ ﺖ ﻛﻤ ﺎ أﺛﻨﯿ َ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺖ أﻏﺘﺴﻞ أﻧﺎ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣ ﺪ‪ ،‬ﺗﺨﺘﻠ ﻒ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻛﻨ ﺖ أﻏﺘ ﺴﻞ أﻧ ﺎ واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء‬
‫واﺣﺪ ﻧﻀﻊ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻣﻌ ًﺎ« ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﻧﻐﺘ ﺮف ﻣﻨ ﮫ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ« وﻟ ﮫ أﯾ ﻀ ًﺎ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻘﺪ رأﯾﺘُﻨﻲ أُﻧﺎزع رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻹﻧ ﺎء أﻏﺘ ﺴﻞ أﻧ ﺎ وھ ﻮ ﻣﻨ ﮫ« ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣّﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»إﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻏﺘﺴﻞ أﻧﺎ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻓﯿﮫ وﺗﻠﺘﻘﻲ«‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ُﯾ َﻘﺒﱢﻠﮭ ﺎ وھ ﻮ ﺻ ﺎﺋﻢ ﺛ ﻢ ﻻ ﯾُﻔﻄ ﺮ وﻻ‬
‫ﯾُﺤﺪث وﺿﻮءاً« رواه اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي وﺻﺤﱠﺤﮫ‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺖ أﻧﺎم ﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪي رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ورﺟ ﻼي ﻓ ﻲ ِﻗﺒْﻠﺘ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺈذا ﺳﺠﺪ ﻏﻤﺰﻧﻲ ﻓﻘﺒﻀﺖُ رﺟﻠﻲﱠ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎم ﺑﺴﻄﺘﮭﻤﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻨﻘﻄﻊ ﻷن ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑ ﻲ ﻟﯿﻠ ﻰ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎذ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ھ ﺬا‬
‫ﺣ ﺪﯾﺚ ﻟ ﯿﺲ إﺳ ﻨﺎده ﺑﻤﺘ ﺼﻞ‪ ،‬ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻟﯿﻠ ﻰ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎذ اﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ( ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ ،‬أﻋﻨﻲ ﺑﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ زﯾﺎدةُ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء واﻟ ﺼﻼة‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬

‫‪240‬‬
‫ﻋ ﺮوة‬ ‫ﺿ ﻌﱢﻒ ﻷﻧﮭ ﻢ اﻋﺘﺒ ﺮوا ُ‬
‫س وﺻ ﺤﱠﺤﮫ آﺧ ﺮون‪ ،‬واﻟﺤ ﻖ أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺪ ُ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ ﻧ ﺎ ٌ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﻮر ھﻮ ﻋُﺮوة اﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود‪ ،‬واﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ ﻣﺠﮭﻮل‪ ،‬إﻻ أن أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻗﺪ ﺻﺮﱠﺣﻮا ﺑﺄن ﻋُﺮوة ھﺬا ھﻮ ﻋُﺮوة ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﻔﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻀﻌﯿﻔﮭﻢ ﻟﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪،‬‬
‫ﻋ ﺮوة ﻓﻐﯿ ﺮ ﻣ ﺴﻠﱠﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻷن أﺑ ﺎ داود ﻗ ﺪ أورد‬
‫وأﻣﺎ ﺗﻀﻌﯿﻒ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﺑﺄن ﺣﺒﯿﺒ ًﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮو ﻋ ﻦ ُ‬
‫ﺣﺪﯾﺜﺎً ﺻﺤﯿﺤ ًﺎ رواه ﺣﺒﯿﺐ ﻋﻦ ﻋﺮوة‪ ،‬وھﻜﺬا ﯾﺘﻀﺢ أن ﺗﻀﻌﯿﻒ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻓﯿُﻘ َﺒ ﻞ‬
‫وﯾ ﺼﺢ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻓﯿ ﮫ )إﺳ ﻨﺎده ﺻ ﺤﯿﺢ( واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﺻ ﺤﯿﺢ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ‪ .‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾُﻄ ﺮح اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﺗﺒﻘﻰ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫ﺠ ﺪُوا ﻣ ﺎءً‬ ‫ﻧﺒ ﺪأ ﺑ ﺎﻟﻨﺺ اﻷول ﻷﻧ ﮫ اﻷﺻ ﻞ ‪ ،‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]أو ﻻ َﻣ ﺴْﺘُ ُﻢ اﻟ ﱢﻨ ﺴَﺎءَ ﻓﻠ ﻢ َﺗ ِ‬
‫ﻓﺘﯿ ﱠﻤﻤُﻮا[ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ‪ 34‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﻓﻲ اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ .‬آﯾ ﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء ھ ﻲ ]ﯾ ﺎ‬
‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ إﻻ ﻋ ﺎ ِﺑﺮِي‬ ‫ﺳ ﻜَﺎرى ﺣﺘ ﻰ َﺗ ْﻌ َﻠ ُﻤ ﻮا ﻣ ﺎ ﺗﻘﻮﻟ ﻮن وﻻ ُ‬ ‫أﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا ﻻ َﺗ ْﻘﺮَﺑ ﻮا اﻟ ﺼﱠﻼ َة وأَﻧ ُﺘ ْﻢ ُ‬
‫ﺴ ُﺘ ُﻢ اﻟﻨﱢﺴﺎءَ‬
‫ﻂ أو ﻻ َﻣ ْ‬ ‫ﺣﺪٌ ﻣﻨ ُﻜ ْﻢ ﻣِﻦ اﻟﻐﺎ ِﺋ ِ‬‫ﺳ َﻔ ٍﺮ أو ﺟﺎء َأ َ‬ ‫ن ﻛُﻨﺘﻢ ﻣَﺮﺿَﻰ أَو ﻋﻠﻰ َ‬ ‫ﺳﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا وإ ْ‬
‫ﻏﻔُ ﻮرًا[ وآﯾ ﺔ‬ ‫ﻋﻔُ ﻮﱠًا َ‬‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮُﺟُ ﻮ ِھﻜُﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ ْﯾﻜُ ْﻢ إنﱠ اﷲ ﻛ ﺎن َ‬ ‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﺻﻌِﯿﺪًا َ‬‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء ﻓﺘﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬ ‫ﻓﻠﻢ َﺗ ِ‬
‫ﻖ‬
‫ﺟ ﻮ َھ ُﻜ ْﻢ وأَﯾ ِﺪ َﯾﻜُﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺮا ِﻓ ِ‬ ‫ﺴﻠُﻮا ُو ُ‬
‫ﻏ ِ‬ ‫اﻟﻤﺎﺋ ﺪة ھ ﻲ ]ﯾ ﺎ أﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣ ُﻨ ﻮا إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬
‫ﺳ َﻔﺮٍ‬
‫ن ﻛُﻨﺘﻢ ﻣَﺮﺿَﻰ أَو ﻋﻠﻰ َ‬ ‫ﻃﮭﱠﺮوا وإ ْ‬ ‫ﺟﻨُﺒًﺎ ﻓﺎ ﱠ‬
‫ن ُﻛ ْﻨﺘُﻢ ُ‬
‫ﺳ ُﻜﻢْ وأَرﺟُ َﻠﻜُﻢ إﻟﻰ اﻟ َﻜ ْﻌﺒَﯿﻦِ وإ ْ‬‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﺮؤُو ِ‬ ‫وا ْﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا‬ ‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﺻ ﻌِﯿﺪًا َ‬ ‫ﺠ ﺪُوا ﻣ ﺎ ًء ﻓﺘﯿﻤﱠﻤُ ﻮا َ‬ ‫ﺴﺘُﻢُ اﻟﻨﱢ ﺴﺎ َء ﻓﻠ ﻢ َﺗ ِ‬ ‫ﻂ أو ﻻ َﻣ ْ‬ ‫ﺣ ٌﺪ ِﻣ ْﻨﻜُﻢ ِﻣ ﻦ اﻟ َﻐ ﺎ ِﺋ ِ‬
‫أَو ﺟﺎء َأ َ‬
‫ﻄﮭﱢ َﺮﻛُﻢ و ِﻟﯿُ ِﺘﻢﱠ ﻧِﻌﻤ َﺘﮫُ ﻋﻠﯿﻜُﻢ‬‫ﻦ ﯾُﺮﯾﺪُ ِﻟﯿُ َ‬
‫ج وﻟﻜ ْ‬ ‫ﺣ َﺮ ٍ‬‫ﺠ َﻌ َﻞ ﻋﻠﯿﻜُ ْﻢ ﻣِﻦ َ‬ ‫ﺑﻮُﺟُﻮ ِھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾﺪِﯾﻜُﻢ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﯾﺮِﯾﺪُ اﷲُ ﻟﯿ ْ‬
‫ﻟﻌﻠﱠﻜُﻢْ َﺗﺸْ ُﻜﺮُون[‪.‬‬

‫ﺳ ﻜﺎرى وأن‬ ‫ب ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ أن ﻻ ﯾﻘﺮﺑﻮا ﻣﻮاﺿ ﻊ اﻟ ﺼﻼة ـ أي اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ـ وھ ﻢ ُ‬ ‫آﯾﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﺧﻄﺎ ٌ‬
‫ﻻ ﯾﻘﺮﺑﻮھ ﺎ إذا ﻛ ﺎﻧﻮا ﺟُﻨُﺒ ﺎً إﻻ ﻣ ﺮوراً ﻓﻘ ﻂ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻐﺘ ﺴﻠﻮا ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ .‬ھ ﺬا ھ ـﻮ ﺻ ﺪر اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وأﻣ ﺎ‬
‫ﻧﺼﻔﮭﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺈﻧﮫ أراد أن ﯾﺒﯿﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢِ ﻋﻨﺪ ﻓﻘْﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺄﺗﻰ ﺑﺎﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ]وإن ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺮﺿﻰ[ أي ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻤ ﺮض‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺤﺘﺎﺟًﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﯿ ﱡﻤﻢ ﻋﻨﺪ َﻓﻘْﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﱢﺼ ُ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ]أو‬ ‫]أو ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﻔﺮٍ[ أي ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺴﱠﻔﺮ‪] ،‬أو ﺟ ﺎء أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ[ أي ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ َ‬
‫ﻻﻣﺴﺘﻢ اﻟﻨﱢﺴﺎء[ أي ﺣﺎﻟﺔ‪ ،...‬ﻓﻠﻢ ﺗﺠﺪوا ﻣﺎء ﻓﺘﯿﻤﱠﻤﻮا‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ ﺳﯿﺎق اﻵﯾﺔ ﯾﺠ ﺪ أن اﻟﻔ ﺮاغ ﻋﻘ ﺐ‬
‫ث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬ﻓﺒﻮﺿ ِﻊ‬ ‫ﺤ َﺪ ِ‬
‫ث اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬وﻻ ﺗﻨﺎﺳ ﺒﮫ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ َ‬ ‫]أو ﻻﻣﺴﺘﻢ اﻟﻨﺴﺎء[ ﻻ ﺗﻨﺎﺳﺒﮫ إﻻ ﺣﺎﻟ ُﺔ اﻟ َ‬
‫ﺤ َﺪ ِ‬
‫ث اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ ﺗﻜﺘﻤ ﻞ ﺟﻤﯿ ﻊ ﺣ ﺎﻻت اﻟﺘ ﯿﻤﻢ ﻋﻨ ﺪ َﻓ ْﻘ ِﺪ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ إن وﺿ ﻌﻨﺎ ﺣﺎﻟ ﺔ‬ ‫ﺤ َﺪ ِ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟ َ‬
‫ن اﻟﺤ ﺎﻻت ﻻ ﺗﻜﺘﻤ ﻞ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ ﺗﻜ ﺮا ٌر ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ ﻣﻌﻨ ﻰ ﺟﺪﯾ ﺪًا‪ .‬وﻟ ﺬا ﻓ ﺈن‬ ‫ث اﻷﺻ ﻐﺮ ﻓ ﺈ ﱠ‬ ‫ﺤ َﺪ ِ‬
‫اﻟ َ‬
‫اﻷﺻ ﻞ واﻷﻛ ﺮم ﻟﻠﺘﻌﺒﯿ ﺮ اﻟﻘﺮآﻧ ﻲ أن ُﯾ ﺆوﱠل ﺑﻤ ﺎ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻜﻤ ﺎل واﻟﺘﻤ ﺎم‪ .‬ﻓﺎﻟ ﺼﺤﯿﺢ إذن أن ﻧﻘ ﻮل إن‬
‫ث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬أو ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ھﻨ ﺎ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻛ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺈنﱠ ﻻﻣ ﺴﺘﻢ‬ ‫اﻟﻔ ﺮاغ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻣﻠ ﺆُه ﺑﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﺤَ َﺪ ِ‬
‫ﺲ ﺑﺪن اﻟﻤﺮأة‪.‬‬ ‫ﺗُﻔﺴﱠﺮ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎع ‪ ،‬وﻻ ﺗُﻔﺴﱠﺮ ﺑﻤ ﱢ‬

‫أﺟﻞ إن ﺗﺮﻛﯿﺐ اﻵﯾﺔ وأﺳﻠﻮﺑﮭﺎ ﯾﻘﺘﻀﯿﺎن أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﻤﻼﻣﺴﺔ اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋ ﱠﺪ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وﻋ ﺪﱠ اﻟﻤﻼﻣ ﺴﺔ ﺗﻨﺒﯿﮭ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﯿﺎت اﻟﺘﯿ ﱡﻤﻢِ اﻟﻤﺠﻲءَ ﻣﻦ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ ﺗﻨﺒﯿﮭ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟ َ‬
‫ﻞ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓ ﻲ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟ ُﻐ ﺴﻞ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ]وﻻ ﺟُﻨُﺒ ًﺎ إﻻ ﻋ ﺎﺑﺮي ﺳ ﺒﯿ ٍﻞ ﺣﺘ ﻰ‬‫ث اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻘﺎﺑ ٌ‬ ‫اﻟﺤَ َﺪ ِ‬
‫ﺗﻐﺘﺴﻠﻮا[ وﻟﻮ ﺣُﻤﻠﺖ اﻟﻤﻼﻣﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻤﺲ اﻟﻨﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻟﻔﺎت اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺮاب ﯾﻘﻮم ﻣﻘﺎم‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺤﺪث اﻷﻛﺒﺮ‪.‬‬

‫وآﯾ ﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة ﺗﺰﯾ ﺪ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع وﺿ ﻮﺣﺎً وﺗﻘ ﻮﱢي ھ ﺬا اﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ ﻵﯾ ﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓ ﺼﺪر اﻵﯾ ﺔ ﻃﻠ ﺐ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء وﺑﯿﱠﻨﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻃﻠﺐ إزاﻟﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬أي ﻃﻠﺐ رﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪﺛﯿﻦ اﻷﺻ ﻐﺮ واﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎل‬
‫ﺚ ﻛﻠ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‬
‫اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء اﻟﺸﻄﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻶﯾﺔ ﻟﯿﺒ ﯿﱢﻦ ﺣﻜ ﻢ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻋﻨ ﺪ ﻓﻘْ ِﺪ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وﻟ ُﯿ ﺴﺘﻮﻓَﻰ اﻟﺒﺤ ُ‬

‫‪241‬‬
‫اﻵﯾﺔ ]وإن ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺮﺿﻰ[ أي ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺮض ]أو ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺮٍ[ أي ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﻔﺮ ]أو ﺟ ﺎء أﺣ ﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ ]ﻓﻠ ﻢ‬ ‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ]أو ﻻﻣ ﺴﺘﻢ اﻟﻨ ﺴﺎء[ أي ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ أو اﻟ َ‬ ‫اﻟﻐ ﺎﺋﻂ[ أي ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ َ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وھﻤ ﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘ ﺎن‬ ‫ﺗﺠ ﺪوا ﻣ ﺎء ﻓﺘﯿﻤﱠﻤ ﻮا[ أي ﺗﯿﻤﱠﻤ ﻮا ﻟﺤ ﺎﻟﺘﻲ اﻟ َ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ واﻟ َ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﻮرﺗﺎن ﻓﻲ ﺻﺪر اﻵﯾﺔ واﺳﺘُﻌْـﻤِﻞ ﻓﯿﮭﻤﺎ اﻟﻤ ﺎء وأﺿ ﺎف إﻟﯿﮭﻤ ﺎ اﻟﻌُ ﺬرﯾﻦ اﻟﻤﺒﯿﺤ ﯿﻦ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢِ وھﻤ ﺎ‬
‫ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻤ ﺮض وﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺴﱠﻔﺮ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﺗﻜ ﻮن اﻵﯾ ﺔ ﺗﺎﻣ ﺔ أﺗ ﺖ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺤ ﺎﻻت واﻷﻋ ﺬار ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪،‬‬
‫ﺺ ﻓﻲ ذﻛﺮ اﻟﺤﺎﻻت ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻮ ُﻓﺴﱢﺮت ]أو ﻻﻣﺴﺘﻢ[ ﺑﺎﻟﻤﺲﱢ ﺑﺎﻟﯿﺪ‪.‬‬ ‫وﯾُﺴﺘﺒﻌﺪ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻨﻘ ُ‬

‫ن اﻵﯾﺘﯿﻦ ﺟﺎءﺗﺎ ﻟﺒﯿﺎن ﺣﻜﻢ‬ ‫ت اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬أﻣﺎ وأ ﱠ‬ ‫وﻛﺎن ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺼ ﱡﻮ ُر آﯾﺔٍ ﻣﻦ اﻵﯾﺘﯿﻦ ﺗﻨﻘُﺺ ﻓﯿﮭﺎ ﺣﺎﻻ ُ‬
‫ﻖ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء واﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وذﻛﺮﺗﺎ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﺮاب ﺑﺪل اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﻛﺎﻧﺘ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻧ ﺴ ٍ‬
‫واﺣﺪٍ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ اﻵﯾﺘ ﯿﻦ ﻟﻠﺤ ﺎﻻت ﻣ ﺴﺘﺒ َﻌ ٌﺪ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‪ .‬وﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺈن ﻻﻣ ﺴﺘﻢ ﻻ ﯾﻨﺎﺳ ﺒﮭﺎ إﻻ ﺗﻔ ﺴﯿﺮُھﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺠﻤﺎع‪ .‬وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ وأﺑﻲﱡ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وھ ﻢ‬
‫أﻋﻠﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﺘﺄوﯾ ﻞ ﻛﺘ ﺎب اﷲ‪ ،‬وﻓ ﺴﱠﺮھﺎ ﻛ ﺬﻟﻚ أﺑﻮﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺠﺎھ ﺪ وﻃ ﺎووس واﻟﺤ ﺴﻦ وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ‬
‫ﺟﺒﯿ ﺮ واﻟ ﺸﻌﺒﻲ وﻗﺘ ﺎدة واﻟﻄﺒ ﺮي واﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ وھ ﻢ ﻣ ﻦ أﺷ ﮭﺮ اﻟﻤﻔ ﺴﺮﯾﻦ ﻟﻜﺘ ﺎب اﷲ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻠﻒ‬
‫ﻼ ﻋﻦ أﻧﮫ ﺗﻔﺴﯿ ٌﺮ ﻓﻘﮭﻲ ﻓﮭﻮ أﯾﻀ ًﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﺗﺤﺘﻤﻠﮫ اﻟﻠﻐﺔ‬ ‫واﻟﺨﻠﻒ وﻣﻦ أﺷﮭﺮ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ .‬وھﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻓﻀ ً‬
‫ن َﺗ َﻤﺴﱡﻮھُﻦﱠ[ أي‬‫وورد ﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ آﯾﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ ،‬ﻛﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﺛﻢ ﻃﻠﱠ ْﻘﺘُﻤُﻮھُﻦﱠ ﻣِﻦ َﻗ ْﺒ ِﻞ َأ ْ‬
‫ﺴ ﺴْﻨﻲ‬‫ن َﺗ َﻤ ﺴﱡﻮھُﻦ[ أي ﺗﺠ ﺎﻣﻌﻮھﻦ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ]وﻟ ﻢ ﯾَ ْﻤ َ‬ ‫ﺗﺠﺎﻣﻌﻮھﻦ‪ ،‬وﻗﻮﻟﮫ ] وإ ْ‬
‫ن ﻃﻠﱠ ْﻘﺘُﻤﻮھﻦﱠ ﻣِﻦ َﻗ ْﺒ ِﻞ ِأ ْ‬
‫ﺐ ﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻓ ﺎﻵن ﺑﺎﺷ ﺮوھﻦ[ أي ﺟ ﺎﻣﻌﻮھُﻦﱠ‪ .‬وورد‬ ‫ﺑَﺸ ٌﺮ[ أي ﻟﻢ ﯾﺠﺎﻣﻌْﻨﻲ‪ ،‬وﻣﺜﻠﮭﺎ أو ﻗﺮﯾ ٌ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻧﻲ »ﻻ ﺗﺮ ﱡد ﯾ ﺪَ ﻻﻣ ﺲ« ﻛﻨﺎﯾ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﺠﻤ ﺎع ﺑﺎﻟ ﺴﻔﺎح‪ .‬ﻓ ﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ‬
‫ع وھﻲ ﻓﻘ ﮫٌ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬ ‫ﺲ واﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻟﻐﺔٌ وھﻲ ﺷﺮ ٌ‬ ‫واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ذﻛﺮا اﻟﻠﻤﺲ واﻟﻤ ﱠ‬
‫ﺟﺎءت اﻵﯾﺘﺎن اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﺎن ﺑﻘ ﺮاءﺗﯿﻦ ]ﻻ َﻣ ﺴْﺘﻢ[ و ]ﻟﻤ ﺴْﺘﻢ[ وﻓ ﺮﱠق ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫ﻼ‪ .‬وﻗ ﺎل ‪:‬‬ ‫ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻷَوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ أن ﯾﻜﻮن ﻻﻣﺴﺘﻢ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻗﺒﱠﻠ ﺘﻢ أو ﻧﻈﯿ ﺮه ﻷن ﻟﻜ ﻞ واﺣ ﺪ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﻓﻌ ً‬
‫ﻞ‪ .‬ﻓﺼﺎرت اﻵﯾﺘﺎن ﺗﺤﺘﻤﻼن اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻟﻐﺔ‪.‬‬ ‫وﻟﻤﺴﺘﻢ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻏﺸِﯿﺘﻢ وﻣﺴﺴﺘﻢ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ ھﺬا ﻓﻌ ٌ‬

‫وﻣﺎ دام اﻟﻠﻤﺲ ﯾﺤﺘﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎع ﻟﻐﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ اﻟﻤ ﺲ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻟﻐ ﺔ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺗﺤﺪﱢد أﱠﯾًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻟﮭﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ ذﻛﺮﻧ ﺎه ﻣ ﻦ ﺳ ﯿﺎق اﻵﯾ ﺔ اﻟﻔﻘﮭ ﻲ ھ ﻮ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ﻻﻣﺴﺘﻢ ھﻮ اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﺗ ﺴﺘﺮﯾﺢ ﻟ ﮫ اﻟﻨﻔ ﻮس‪ .‬أﻣ ﺎ ﺗﻔ ﺴﯿﺮھﺎ ﺑ ﺎﻟﻤﺲ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻓﮭ ﻮ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ‬
‫ﻟﻐ ﻮي دون ﻧﻈ ٍﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ودون إﻧﻌ ﺎ ِم ﻧﻈ ٍﺮ ﻓ ﻲ ﺳ ﯿﺎق اﻵﯾﺘ ﯿﻦ اﻟﻜ ﺮﯾﻤﺘﯿﻦ‪ .‬واﻟﻤﻠﻔ ﺖ أن اﻟ ﺬﯾﻦ‬
‫ﻓ ﺴﱠﺮوھﺎ ﺑ ﺎﻟﻤﺲ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﺳ ﺎﻗﻮا أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﺜﺒ ﺖ أن اﻟﻠﻤ ﺲ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻤ ﺲ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻟﻐ ﺔ ‪ ،‬وﻛ ﺄن ھ ﺬه ﻗ ﻀﯿﺔ‬
‫ﺲ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻟﻐ ﺔ‬
‫ﻣﺨﺘَﻠﻒٌ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﯾﺮاد اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑ ﺎﻟﺒﺮاھﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﻨﺤﻦ ﻧ ﻮاﻓﻘﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻠﻤ ﺲ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻤ ﱠ‬
‫دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻺﺗﯿﺎن ﺑﺎﻟﺒﺮاھﯿﻦ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺄﺗﻮا ﺑﺎﻟﻘﺮاﺋﻦ ﻋﻠﻰ أن اﻵﯾ ﺔ ﻋﻨ ﺖ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ دون اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻵﺧﺮ‪ .‬إذن اﻵﯾﺔ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻐﻠﻖ ﺑ ﺴﺮﻋﺔ ﺑ ﺎب اﻟﻨﻘ ﺎش ﻟﻨﻨﻈ ﺮ‬
‫ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺒﯿﺎن وﺗﻔﺴﯿﺮ ھ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ اﻟﻘﺮآﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وﺗ ﺼﻠﺢ ﻣ ﻦ ﺛ ﻢ ﻛﻘ ﺮاﺋﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد‪.‬‬

‫اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻠﻤ ﺲ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻤ ﺲ‬
‫اﻟﻤﺮأة وأوﺷﻚ أن ﯾﺠﺎﻣﻌﮭﺎ إﻻ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮه اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أن ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وھﺬا ﻋﻨﺪھﻢ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن‬
‫اﻟﻠﻤ ﺲ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑ ﺄن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻨﻘﻄ ﻊ وﺿ ﻌﯿﻒ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬وأن أﺻﻞ اﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ‪ ،‬وأن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﱠﻼم ﻟﻢ ُﯾ ﺮو ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ‬
‫أﻣﺮ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء وﻻ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺎدﺛﺔ واﺣﺪة رُوﯾﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎح ﺑﺪون ﻃﻠﺐ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫ورُوﯾ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﻀﻌﯿﻒ ﺑ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﺘُﺆﺧ ﺬ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ وُﯾ ﺮدﱡ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ إذن ﻻ ﯾُﺴﻌﻔﮭﻢ‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫واﺳﺘﺪ ﻟﻮا أﯾﻀًﺎ ﺑﻘﻮل ﻋﻤﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »إن اﻟﻘﺒﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻠﻤ ﺲ ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﻣﻨﮭ ﺎ« وﺑ ﺄن اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ »ﻛﺎن ﯾﺮى اﻟﻘُﺒﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻤﺲ‪ ،‬وﯾﺄﻣﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء« وﺑﻘﻮل اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد »اﻟﻘُﺒﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻤ ﺲ‬
‫وﻓﯿﮭﺎ اﻟﻮﺿﻮء« روى ھﺬه اﻵﺛﺎر اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﻮل إن ھﺬه اﻵﺛﺎر ھﻲ أﻗﻮال ﺻﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﯿﺴﺖ أدﻟﺔ‪ ،‬وواﻗﻌﮭﺎ أﻧﮭ ﺎ أﻓﮭ ﺎم ﻟﮭ ﻢ‬
‫واﺟﺘﮭﺎدات ﻧﺤﻦ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻠ ﺰَﻣﯿﻦ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﺳ ﯿﻤﺎ إذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن ﻋ ﺪداً ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﺨ ﻼف‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻣﻨﮭﻢ ﺣﺒﺮ ھﺬه اﻷﻣﱠﺔ وﺗﺮﺟﻤﺎن اﻟﻘﺮآن اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺗ ﺬاﻛﺮﻧﺎ اﻟﻠﻤ ﺲ ﻓﻘ ﺎل أُﻧ ﺎس ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﻮاﻟﻲ‪ :‬ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤ ﺎع‪ ،‬وﻗ ﺎل أُﻧ ﺎس ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﺮب‪ :‬ھ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﻊ أﯾﱢﮭﻢ ﻛﻨ ﺖَ؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻣ ﻊ اﻟﻤ ﻮاﻟﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻏُﻠﺒ ﺖ اﻟﻤ ﻮاﻟﻲ‪،‬‬
‫إن اﻟﻠﻤ ﺲ واﻟﻤﺒﺎﺷ ﺮة ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤ ﺎع وﻟﻜ ﻦ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ َﯾ ْﻜﻨ ﻲ ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء ﺑﻤ ﺎ ﺷ ﺎء« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫ﻒ‬
‫ورواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق وﻟﻔﻈ ﮫ »‪ ...‬أﺧﻄ ﺄ اﻟﻤﻮﻟﯿ ﺎن وأﺻ ﺎب اﻟﻌﺮﺑ ﻲ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﺠﻤ ﺎع وﻟﻜ ﻦ اﷲ ﯾﻌ ﱡ‬
‫و َﯾ ْﻜ ِﻨ ﻲ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﺗﻌ ﺎدل ﺗﻠ ﻚ‪ ،‬وھ ﻲ ﻛﻠﮭ ﺎ أﻓﮭ ﺎمٌ واﺟﺘﮭ ﺎدات وﻟﯿ ﺴﺖ أدﻟ ﺔ وﻧ ﺼﻮﺻﺎً ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺒﯿ ﺎن‬
‫واﻟﻘﺮاﺋﻦ‪ .‬واﻷدﻟﺔ ھﻲ اﻟﻘﺮآن وأﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺮﺳﻮل ‪.r‬‬

‫وﻗ ﺪ ﻧﻈﺮﻧ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ‪ ،‬وﻧﻨﻈ ﺮ اﻵن ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻔﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿ ﺔ‪ .‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‬
‫»ﻗﺒﱠﻞ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﮫ ﺛﻢ ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟ ﺼﻼة وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ »إذا أراد أن ﯾ ﻮﺗِﺮ ﻣ ﺴﱠﻨﻲ‬
‫ﺑﺮﺟﻠﮫ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ » ﻓﻮﻗﻌﺖ ﯾ ﺪي ﻋﻠ ﻰ ﺑﻄ ﻦ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ وھ ﻮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وھﻤ ﺎ ﻣﻨ ﺼﻮﺑﺘﺎن«‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس »ﻣِﻦ إﻧﺎءٍ واﺣﺪ ﺗﺨﺘﻠﻒ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻓﯿﮫ«‪» ،‬ﻣ ﻦ أﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﻧ ﻀﻊ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻣﻌ ًﺎ«‪» ،‬ﻣ ﻦ‬
‫إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ ﻧﻐﺘ ﺮف ﻣﻨ ﮫ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ«‪» ،‬ﻟﻘ ﺪ رأﯾﺘُﻨ ﻲ أُﻧ ﺎزع رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻹﻧ ﺎء« ‪» ،‬ﻣ ﻦ إﻧ ﺎء واﺣ ﺪ‬
‫ﺗﺨﺘﻠ ﻒ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻓﯿ ﮫ وﺗﻠﺘﻘ ﻲ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ »ﻛ ﺎن ﯾُﻘﺒﱢﻠﮭ ﺎ وھ ﻮ ﺻ ﺎﺋﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻻ ﯾُﻔﻄ ﺮ وﻻ ﯾُﺤ ﺪث‬
‫ﻲ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎم ﺑﺴﻄﺘﮭﻤﺎ«‪.‬‬ ‫وﺿﻮءًا« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻣﻦ »ﻓﺈذا ﺳﺠﺪ ﻏﻤﺰﻧﻲ ﻓﻘﺒﻀﺖ رﺟﻠ ﱠ‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣ ﱠ‬

‫ﺲ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺑﺮﺟﻠ ﮫ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ‬
‫ﺲ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬ ‫ﻏﻤﺰھﺎ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬أي أن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻣ ﱠ‬
‫وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﻟﻢ ﯾﻘﻄﻊ ﺻﻼﺗﮫ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﯿﮫ أن ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣ ﺴﱠﺖ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺑﯿ ﺪھﺎ وھ ﻮ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻄﻌﮭﺎ‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬
‫ﻛﺎن ﯾﻘﺒﱢﻞ ﻧﺴﺎءه وﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬أي أن اﻟﺘﻘﺒﯿﻞ ﻻ ﯾﻨﻘﺾ وﺿﻮءه‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس ﻓﯿﮫ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧ ﮫ‬
‫ن‬
‫ح وﺑﯿ ﺎ ِ‬
‫ﻛﺎن ﯾﻠﻤﺲ زوﺟﺘﮫ وﺗﻠﻤﺴﮫ زوﺟﺘﮫ وﻻ ﯾﻨﺘﻘﺾ وﺿ ﻮؤھﻤﺎ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﺤﺎﺟ ﺔ إﻟ ﻰ ﺷ ﺮ ٍ‬
‫وﺟـ ِﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻟﺨﻔﺎﺋﮫ ﻓﺄﻗﻮل‪:‬‬

‫إن ﻟﻤﺲ اﻟﻤﺮأة ﻟﻮ ﻛﺎن ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻤ ﺎ ﺳ ﻤﺤﺎ ﻷﯾ ﺪﯾﮭﻤﺎ ﺑ ﺎﻻﻏﺘﺮاف ﻣﻌ ﺎً ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻐ ﺴﻞ‬
‫ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾﻠﻤ ﺲ أﺣ ﺪھﻤﺎ اﻵﺧ ﺮ ﻓﯿﻨ ﺘﻘﺾ وﺿ ﻮؤُھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺨﺮﺟ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟﻐُ ﺴﻞ ﻏﯿ ﺮ ﻃ ﺎھﺮﯾﻦ ﻃﮭ ﺎرة‬
‫ﺻ ﻐﺮى‪ ،‬أي ﯾﻜﻮﻧ ﺎن ﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﻗ ﺪ اﻏﺘ ﺴﻼ وﺧﺮﺟ ﺎ دون وﺿ ﻮء‪ .‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﻋﻘ ﺐ اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‪ r‬ﻻ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻐـ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ( ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﻗ ﺎل )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ(‪ .‬واﻟﺮﺳ ﻮل‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ أرﺷﺪ أﻣﺘﮫ إﻟﻰ أن اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وأن اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻜﻮﻧ ﮫ‬
‫ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻣﻊ زوﺟﺘﮫ ﻣﻦ إﻧﺎء واﺣﺪ ﺗﻤﺘﺪ إﻟﯿ ﮫ أﯾ ﺪﯾﮭﻤﺎ ﻣﻌ ﺎً وﯾﺘﻨﺎزﻋ ﺎن اﻹﻧ ﺎء وﺗﻠﺘﻘ ﻲ أﯾ ﺪﯾﮭﻤﺎ ﻓﯿ ﮫ ﺛ ﻢ ﻻ‬
‫ﻞ وﺣﺠ ٌﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻘﺎء اﻷﯾﺪي ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ‬ ‫ﯾﺘﻮﺿﺄ وﻻ ﯾﺄﻣﺮ زوﺟﺘﮫ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ھﻮ دﻟﯿ ٌ‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺴﻜﻮت ﻓﻲ ﻣﻌﺮَض اﻟﺤﺎﺟ ﺔ واﻟﺒﯿ ﺎن‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أن ﻟﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺮأة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وھﻮ ﻓِﻌﻞٌ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وﻓﻌﻞٌ ﻣﻦ زوﺟﺘ ﮫ‪ ،‬وﺳ ﻜﻮت ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ وإﻗ ﺮار‪.‬‬
‫ﻞـ‬ ‫ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ـ وھ ﻮ ﻓﻌ ﻞٌ ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ـ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ـ وھ ﻮ ﻓﻌ ٌ‬
‫ﻞ ـ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻛﻠﮭ ﺎ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﻞ ـ واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻣﻦ ـ وھ ﻮ ﻓﻌ ٌ‬ ‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ـ وھ ﻮ ﻓﻌ ٌ‬

‫‪243‬‬
‫واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﻠﻤﺲ ﻧﺴﺎءه وﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬أي إذا ﻛﺎﻧﺖ أرﺑﻌﺔ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻘ ﺮر أن اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﻟﻤﺲ اﻟﻨﺴﺎء وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ دﻟﯿ ﻞ ﺻ ﺮﯾﺢ ﻋﻠ ﻰ أن ﻟﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺮأة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫ﻓﺜﺒﻮت ﻟﻤﺲ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻠﻨﺴﺎء وﻋ ﺪم وﺿ ﻮﺋﮫ ﺣ ﺼﻞ ﺑﺄرﺑﻌ ﺔ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬
‫وﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻦ أﻗﻮى أﻧﻮاع اﻹﺛﺒﺎت‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أو ﺣﺘ ﻰ ﻣ ﻦ ﻓﻌ ـﻞ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‬
‫أَﻣﺎﻣﮫ أﻧﮫ ﻟﻤﺲ وﺗﻮﺿﺄ‪ ،‬أي ﻟﻤﺲ ﺻﺤﺎﺑﻲ وﺗﻮﺿﺄ ﺑﺈﻗﺮا ٍر ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫ﻗﺮﯾﻨﺔٌ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﺘﻌﯿﯿﻦ اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻵﯾﺘﯿﻦ اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﯿﻦ‪ ،‬وأﻧﮭﻤﺎ ﺗﻌﻨﯿﺎن اﻟﺠﻤﺎع‪ ،‬أو ﻗُﻞ ﺗﻨﻔﯿﺎن اﻟﻨﻘﺾ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﺠﺮد اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﮫ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺒﯿﻞ واﻟﻤﺲ ﺑﺎﻟﯿﺪ واﻟﻐﻤﺰ ﺑﺎﻟﺮﱢﺟﻞ‪.‬‬

‫ﻞ ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‬ ‫وﻗﺪ ﯾﻘﻮل ﻗﺎﺋﻞ إن اﻵﯾﺘﯿﻦ أﺗﺘﺎ ﺑﻨﻘﺾ اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺎﻟﯿﺪ‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻌ ٌ‬
‫ﺚ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻓﻨﺮد ﻋﻠﯿ ﮫ‪ :‬إﻧﱠ ﺎ ﻻ‬ ‫ﺑﻌﺪم اﻟﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻤَﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ُ‬
‫ﻧﺴﻠﱢﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﻘﻮل‪ ،‬ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻠﱢﻢ ﺑﺄن اﻵﯾﺘﯿﻦ أﺗﺘﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﺾ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﱠﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎھﻞ ﻧﻘﻮل إن اﻵﯾﺘﯿﻦ ﻣﺤﺘﻤﻠﺘ ﺎن‪،‬‬
‫ﺚ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ي ﻣ ﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ وﺗُﺤ َﻤ ﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ُ‬
‫وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬ﻓﺄﺣﺮى أن ﻻ ﯾُﺒﻨﻰ ﻋﻠ ﻰ أ ﱟ‬
‫دﻻﻟﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾﺼﺢ اﻟﻘﻮل ﺑﮫ‪ .‬أﺟ ﻞ ﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻵﯾﺘ ﺎن ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪان إﻻ اﻟ ﻨﻘﺾ‪ ،‬وﺟ ﺎءت أﻓﻌ ﺎل‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻌﺪم اﻟﻨﻘﺾ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻔﻌﻞ أو اﻷﻓﻌﺎل ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﯾ ﺼﺢ‬
‫ﺣﻤﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ھﺬه ﻓﻼ ﯾﺼﺢ اﻟﺤﻤﻞ‪.‬‬

‫ن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻔ ﺴﺮ اﻟﻘ ﺮآن وﻻ ﺗﺘﻌ ﺎرض ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﻮن اﻵﯾﺘ ﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘ ﺴﺎھﻞ ﺗﺤ ﺘﻤﻼن‬ ‫واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ إ ﱠ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ إذا ﺟ ﺎءت ﺑﻔﻌ ﻞ أو ﺑﻘ ﻮل ﺻ ﻠﺤﺖ ﻟﺘﻔ ﺴﯿﺮ اﻵﯾﺘ ﯿﻦ وﺗﻌﯿ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺮاد ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﯿﻦ‪ ،‬وھﻨﺎ أﻓﻌﺎل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﺒﯿﺎن ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺤﺪﯾﺪ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﻮل أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻮﺟ ﻮد اﻟﺘﻌ ﺎرض ﺑ ﯿﻦ اﻟﻘ ﺮآن واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ن اﻟﻘ ﻮل‬
‫ُﻧ ﻀﻄﺮ ﻟﻠﱡﺠ ﻮء إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺨ ﺼﻮﺻﯿﺔ اﻷﻓﻌ ﺎل ﻟﻠﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ذﻟ ﻚ أ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﺨ ﺼﻮﺻﯿﺔ ﻻ ﯾُﻠﺠ ﺄ إﻟﯿ ﮫ ﻋ ﺎدة إﻻ إذا ﺗﺤﻘ ﻖ اﻟﺘﻌ ﺎرض وﻟ ﻢ ﯾﻤﻜ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ واﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ‪ ،‬وھﻨ ﺎ أﻣﻜ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻤﻊ واﻟﺘﻮﻓﯿﻖ‪.‬‬

‫واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ إن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻞ أﺗﺖ ﺑﺄﻓﻌ ﺎل ﻏﯿ ﺮه وإﻗ ﺮا ِر‬
‫ﻦ ﯾﻠﻤ ﺴﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺑﺎﻟﺘﻘﺒﯿ ﻞ‬ ‫ﻣﻨ ﮫ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أﺑﺎﻧ ﺖ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋ ﻦ أنﱠ ﻧ ﺴﺎءه ﻛ ﱠ‬
‫وﻏﯿﺮه‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺒﯿﻦ ﻟﮭﻦ أن وﺿﻮءھﻦ ﻗﺪ ﻧُﻘﺾ‪ ،‬ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﺪواﻋﻲ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺒﯿ ﺎن ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﻠﻤ ﺲ‬
‫ﯾﻨﻘﺾ وﺿﻮءھﻦ ‪ ،‬ﻓﮭﺬا أﯾﻀ ًﺎ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻧﺬھﺐ إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ﻦ دون أن‬ ‫واﻟﺮاﺑﻌﺔ إن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧﺼًﺎ ﯾﻔﯿﺪ أن ﻧﺴﺎء اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﻦ ﯾﻔﮭﻤﻦ أن ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻟﮭ ﱠ‬
‫ﯾﻨ ﺘﻘﺾ وﺿ ﻮؤه ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﯾ ﺸﻤﻞ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ﺟﻮﱠده اﻟﺤﺎﻓﻆ آﺑﺎدي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﺑﻠﻐﮭﺎ ﻗﻮل اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ :‬ﻓ ﻲ اﻟﻘُﺒﻠ ﺔ اﻟﻮﺿ ﻮءُ ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺒﱢﻞ وھﻮ ﺻﺎﺋﻢ ﺛﻢ ﻻ ﯾﺘﻮﺿﺄ«‪ .‬ﺑﻞ إن اﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ روى ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻣ ﺎ‬
‫ھﻮ أﺻﺮح وأﻗﻄﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﻋﻨﮭﺎ ﺑﺴﻨﺪ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺳ ﻜﺖ ﻋﻨ ﮫ اﻟﺤ ﺎﻓﻆ آﺑ ﺎدي »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻘُﺒﻠﺔ وﺿﻮ ٌء«‪.‬‬

‫ﻋﻨَ ﻰ اﷲ‬
‫ل ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل َ‬
‫ﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه )وأوﻟﻰ اﻟﻘﻮﻟﯿﻦ ﻓﻲ ذﻟ ﻚ ﺑﺎﻟ ﺼﻮاب ﻗ ﻮ ُ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ أو ﻻﻣﺴﺘﻢ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺠﻤﺎع دون ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎﻧﻲ اﻟﻠﻤ ﺲ ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟﺨﺒ ﺮ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺒﱠﻞ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﮫ ﺛﻢ ﺻﻠﱠﻰ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ( ﺛﻢ ﺳﺎق اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺣﺪﯾﺜﯿﻦ‪ ،‬وﻋﻦ زﯾﻨﺐ اﻟﺴﮭﻤﯿﺔ‬
‫ﺣﺪﯾﺜﺎً‪ ،‬وﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ ﺣﺪﯾﺜﺎً وھﻮ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺗﺤ ﺖ ﺑﻨ ﺪ ‪ ،7‬وﻋﻘ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓﻘ ﺎل )ﻓﻔ ﻲ ﺻ ﺤﺔ اﻟﺨﺒ ﺮ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺪﻻﻟ ﺔ اﻟﻮاﺿ ﺤﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻠﻤ ﺲ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻊ ﻟﻤ ﺲ اﻟﺠﻤ ﺎع ﻻ‬

‫‪244‬‬
 ‫ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻠﻤﺲ(‪.‬‬

‫ﻟﮭﺬا ﻛﻠ ﮫ ﻓ ﺈن ﻟﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺮأة ﺑﯿ ﺪھﺎ أو ﺑﻔﻤﮭ ﺎ أو ﺑﺮﺟﻠﮭ ﺎ أو ﺑ ﺄيﱢ ﻋ ﻀﻮ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫وإن اﻟﻨﺎﻗﺾ ھﻮ اﻟﺠﻤﺎع ﻻ ﻏﯿﺮ‪ .‬وﺑﮭﺬا اﻟﺮأي ﻧﻜﻮن ﻗﺪ أﻋﻤﻠﻨﺎ اﻵﯾﺘﯿﻦ وﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‬
‫واﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬ﺳﻮاء ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أو ﻣ ﻦ ﻗﻮﻟ ﮫ‪ ،‬أو ﻣ ﻦ ﻓﻌ ﻞ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ﺑﺈﻗﺮارٍ ﻣﻨﮫ وﺳﻜﻮت‪ ،‬وﻧﻜﻮن ﻗﺪ اﺑﺘﻌﺪﻧﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﺘﻌ ﺎرض اﻟ ﺬي ﯾُﻠﺠﺌﻨ ﺎ إﻟ ﻰ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ أو‬
‫ادﱢﻋﺎء اﻟﺨﺼﻮﺻﯿﺔ‪.‬‬

‫وﻧﺤ ﻦ وﻗ ﺪ ﺧﻄﱠﺄﻧ ﺎ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺄن اﻟﻠﻤ ﺲ ﯾ ﻨﻘﺾ ﻧﻜ ﻮن ﻗ ﺪ أﻇﮭﺮﻧ ﺎ ﺧﻄ ﺄ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ إن‬
‫اﻟﻠﻤ ﺲ ﺑ ﺸﮭﻮة ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬إذ ﻣ ﺎ دام اﻟﺘﻘﺒﯿ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾﻜ ﻮن ﻋ ﺎدة ﺑ ﺸﮭﻮة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ‪ ،‬وھ ﻮ أﻋﻠ ﻰ‬
‫درﺟﺎت اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺸﮭﻮة‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺸﮭﻮة ﻻ ﺷﻚ أﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻧﺎﻗﺾ‪.‬‬

‫ن ﻣَﻦ ﺟﻠﺲ إﻟﻰ زوﺟﺘﮫ وﺗﺒﺎﺷ ﺮ اﻟﻔﺮﺟ ﺎن واﻧﺘ ﺸﺮ اﻟ ﺬﱠﻛَﺮ اﻧ ﺘﻘﺾ وﺿ ﻮؤه‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ إ ﱠ‬
‫وإن ﻟ ﻢ ُﯾ ْﻤ ﺬِ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ رأي ﻻ ﺳ ﻨﺪ ﻟ ﮫ ﺳ ﻮى ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻌ ﺎذ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺑﯿﱠﻨ ﺎ ﺿ ﻌﻔﮫ وﻋ ﺪم ﺻ ﻼﺣﮫ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‬
‫واﻻﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﻧﻔﺮغ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وﻧﺨﻠُﺺ إﻟ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ إن ﻟﻤ ﺲ اﻟﻤ ﺮأة ﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺑﺸﮭﻮة أو ﺑﺪون ﺷﮭﻮة‪.‬‬

‫‪245‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟـﺚ ﻋﺸـﺮ‬
‫اﻟﺘﱠﯿﻤﱡـــــــﻢ‬
‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ وﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ‬
‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‬
‫ﺟ ﮫ‪ ،‬ﯾﻘ ﺎل ﺗﯿﻤﱠﻤ ﺖُ ﻓﻼﻧ ًﺎ أي ﻗ ﺼﺪﺗﮫ وﺗﻮﺟﱠﮭ ﺖ إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]وﻻ‬
‫اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻟﻐ ﺔً اﻟﻘ ﺼﺪ واﻟﺘﱠﻮ ﱡ‬
‫ن[ وﻻ ﺗﻘﺼﺪوا‪ .‬وﻗﺎل اﻣﺮؤ اﻟﻘﯿﺲ‪:‬‬ ‫ﺚ ِﻣ ْﻨﮫُ ﺗُ ْﻨ ِﻔﻘُﻮ َ‬
‫ﺨ ِﺒ ْﯿ َ‬
‫َﺗ َﯿﻤﱠﻤُﻮا اﻟ َ‬

‫ﻈ ٌﺮ ﻋﺎﻟــــﻲ‬
‫ب أَدﻧﻰ دارِھـــﺎ َﻧ َ‬
‫ﺑﯿﺜﺮ َ‬ ‫ﺗﯿﻤﱠﻤﺘُﮭـــﺎ ﻣِﻦ َأ ْذرُﻋـــﺎتٍ وأھﻠُﮭــــــــﺎ‬

‫ﻗﻮﻟﮫ ﺗﯿﻤﻤﺘﮭﺎ‪ :‬أي ﻗﺼﺪﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻟﺸﺮع ]اﻟﺘﻄﮭﱡﺮ ﺑﻤﺎ ﻧَﻌُﻢ ﻣـﻦ أدﯾﻢ اﻷرض ﺑﻜﯿﻔﯿ ٍﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔٍ ﻟﻌــﺪم اﻟﻤـــﺎء أو ﻟﻌﺬرٍ ﻣﺎﻧﻊٍ‬
‫ﺢ ﻣﻦ ﺗﻌ ﺎرﯾﻒ أﺗـ ـﻰ ﺑﮭـ ـﺎ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ‬ ‫ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ[ وھــﺬا اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﺨﺘﺼﺮ‪ ،‬وھــﻮ أﺻ ﱡ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ ﻣﺜﻞ‪ :‬ﻃﮭﺎرة ﺑﺎﻟﺘﺮاب ﯾﻘﻮم ﻣﻘـــﺎم اﻟﻄﮭﺎرة ﺑﺎﻟﻤــﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺠــﺰ ﻋـ ـﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻟﻌ ـﺪمٍ أو‬
‫ﻣﺮض‪ .‬وﻣﺜﻞ‪ :‬اﻟﻘﺼــﺪ إﻟﻰ اﻟﺼﻌﯿــﺪ ﻟﻤﺴﺢ اﻟﻮﺟــﮫ واﻟﯿﺪﯾﻦ ﺑﻨﯿﱠ ﺔ اﺳ ﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟ ﺼﻼة وﻧﺤﻮھ ﺎ‪ .‬وﻣﺜ ﻞ‪:‬‬
‫ﻂ ﻣﺨ ﺼﻮﺻ ٍﺔ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﺗﻌ ﺎرﯾﻒ ﻏﯿ ﺮ دﻗﯿﻘ ﺔ‬ ‫إﯾ ﺼﺎل اﻟﺘ ﺮاب اﻟﻄﮭ ﻮر إﻟ ﻰ اﻟﻮﺟ ﮫ واﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﺑ ﺸﺮاﺋ َ‬
‫وﻏﺎﻣﻀﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻷول ﻟﻢ ﯾﺠﻤﻊ اﻷﺳﺒﺎب واﻷﻋﺬار اﻟﻤﺒﯿﺤﺔ ﻟﻠﺘﯿﻤﻢ‪ .‬واﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻢ ﯾﺘﻄ ﺮق‬
‫ﻟﮭﺬه اﻷﺳ ﺒﺎب واﻷﻋ ﺬار‪ .‬واﻟﺘﻌﺮﯾ ﻒ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ اﺳ ﺘﻌﻤﻞ ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟ ﺸﺮاﺋﻂ وھ ﻲ ھﻨ ﺎ ﻏﺎﻣ ﻀﺔ ﻷﻧ ﮫ أدﺧ ﻞ‬
‫ﺗﺤﺘﮭﺎ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ واﻷﻋﺬار وھﻤﺎ ﻣﺘﻐﺎﯾﺮان‪ .‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﺮاب ﻓ ﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾ ﻒ اﻷول واﻟﺘﻌﺮﯾ ﻒ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﯿﺎن‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬وﻛﺎن اﻷﺣﻖ أن ﯾﻘ ﺎل‬
‫)اﻟﻜﻔﯿﻦ( ﺑﺪل اﻟﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ وإﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ .‬واﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫أن ﻣﻨﻜﺮه ﻛﺎﻓﺮ‪ ،‬واﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ ﻛﺜﯿﺮة ﻧﺠﺘﺰيء ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ اﺳﺘﻌﺎرت ﻣﻦ أﺳﻤﺎء ﻗﻼد ًة ﻓﮭﻠﻜ ﺖ‪ ،‬ﻓﺄرﺳ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻧﺎﺳﺎً ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺄدرﻛﺘﮭﻢ اﻟﺼﻼة ﻓﺼﻠﻮا ﺑﻐﯿﺮ وﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أ َﺗ ـﻮا اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺷ ﻜَﻮْا‬
‫ذﻟﻚ إﻟﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﻨﺰﻟﺖ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫ﺟ ﻮ َھ ُﻜ ْﻢ‬ ‫ﺴﻠُﻮا ُو ُ‬‫ﻏ ِ‬‫‪ -2‬آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ وھﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﯾﺎ أﯾﱡﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬
‫ن ُﻛ ْﻨ ُﺘﻢْ‬
‫ﻃﮭﱠﺮوا وإ ْ‬ ‫ﺟﻨُﺒًﺎ ﻓﺎ ﱠ‬
‫ن ُﻛ ْﻨ ُﺘ ْﻢ ُ‬
‫ﺳ ُﻜﻢْ وَأ ْرﺟُ َﻠ ُﻜﻢْ إﻟﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿﻦِ وإ ْ‬ ‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﺮؤُو ِ‬ ‫وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾ ُﻜﻢْ إﻟﻰ اﻟﻤﺮاﻓِﻖِ وا ْﻣ َ‬
‫ﺠ ﺪُوا ﻣ ﺎ ًء َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُ ﻮا‬
‫ﺴﺘُﻢ اﻟﻨﱢ ﺴَﺎ َء ﻓ َﻠ ْﻢ َﺗ ِ‬ ‫ﻂ أو ﻻ َﻣ ْ‬ ‫ﺣ ٌﺪ ِﻣ ْﻨﻜُ ْﻢ ِﻣ ﻦ اﻟ َﻐ ﺎ ِﺋ ِ‬ ‫ﺟ ﺎء َأ َ‬ ‫ﺳ َﻔ ٍﺮ أَو َ‬ ‫ﺿ ﻰ أَو ﻋﻠ ﻰ َ‬ ‫َﻣ ْﺮ َ‬
‫ﻦ ﯾُ ِﺮ ْﯾ ﺪُ‬
‫ج وﻟ ِﻜ ْ‬‫ﺣ َﺮ ٍ‬
‫ﻦ َ‬‫ﺠ َﻌ َﻞ ﻋﻠ ﯿﻜُ ْﻢ ِﻣ ْ‬ ‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮُﺟُ ﻮ ِھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ ْﯾﻜُ ْﻢ ِﻣ ْﻨ ﮫُ ﻣ ﺎ ﯾُ ِﺮ ْﯾ ﺪُ اﷲُ ِﻟ َﯿ ْ‬ ‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ ﻓﺎ ْﻣ َ‬ ‫ﺻ ِﻌ ْﯿ َﺪًا َ‬
‫َ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬ ‫ﺸﻜُﺮُو َ‬ ‫ﻄﮭﱢ َﺮﻛُ ْﻢ و ِﻟﯿُ ِﺘﻢﱠ ِﻧ ْﻌ َﻤ َﺘﮫُ ﻋﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ َﺗ ْ‬‫ِﻟﯿُ َ‬

‫ﻃﯿﱢ َﺒ ًﺎ‬
‫ﺻ ِﻌ ْﯿ َﺪًا َ‬ ‫‪ -3‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ ‪ 43‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء ]‪ ...‬ﻓ َﻠ ْﻢ َﺗ ِ‬
‫ﺠ ﺪُوا َﻣ ﺎ ًء َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُ ﻮا َ‬
‫ﻏﻔُﻮ َرًا[‪.‬‬
‫ﻋﻔُﻮﱠًا َ‬
‫ن َ‬
‫ﷲ ﻛﺎ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮُﺟُﻮ ِھﻜُ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ ْﯾﻜُ ْﻢ إنﱠ ا َ‬
‫ﻓﺎ ْﻣ َ‬

‫ﺟﻌِﻠ ﺖ اﻷرضُ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻟ ﻲ وﻷُﻣﺘ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪاً وﻃَﮭ ﻮراً‪،‬‬‫‪ -4‬ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ُ‬
‫ﻼ ﻣﻦ أﻣﺘ ﻲ اﻟ ﺼﻼ ُة ﻓﻌﻨ ﺪه ﻣ ﺴﺠﺪُه وﻋﻨ ﺪه ﻃَﮭ ﻮرُه ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﺴﻨﺪ رواﺗ ﮫ‬
‫ﺖ رﺟ ً‬
‫ﻓﺄﯾﻨﻤﺎ أدرﻛ ْ‬
‫ﺛﻘﺎت إﻻ ﺳﯿﱠﺎراً اﻷﻣﻮي وھﻮ ﺻﺪوق‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﻦ أﺣ ٌﺪ ﻗﺒﻠ ﻲ‪ُ :‬ﻧ ﺼﺮتُ ﺑﺎﻟﺮﻋ ﺐ ﻣ ﺴﯿﺮ َة‬ ‫‪ -5‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »أُﻋﻄﯿﺖُ ﺧﻤﺴ ًﺎ ﻟﻢ ﯾُﻌ َ‬
‫ﻄ ُﮭ ﱠ‬
‫ﺷﮭﺮ‪ ،‬وﺟُﻌﻠﺖ ﻟﻲ اﻷرضُ ﻣﺴﺠﺪاً وﻃَﮭﻮراً‪ ،‬ﻓﺄﯾﱡﻤﺎ رﺟ ٍﻞ ﻣﻦ أﻣﺘﻲ أدرﻛﺘ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠْﯿ ﺼﻞﱢ‪ ،‬وأُﺣﱠﻠ ﺖ‬
‫ﺖ‬‫ﺖ اﻟ ﺸﻔﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ﯾُﺒ َﻌ ﺚ إﻟ ﻰ ﻗﻮﻣ ﮫ ﺧﺎﺻ ﺔ وﺑُﻌﺜ ُ‬ ‫ﻟﻲ اﻟﻤﻐﺎﻧﻢ وﻟﻢ ﺗﺤﻞﱠ ﻷﺣﺪ ﻗﺒﻠﻲ‪ ،‬وأُﻋﻄﯿ ُ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﻋﺎﻣﱠﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ... r‬ﺛﻢ ﻧﺰل ﻓﺪﻋﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫وﻧﻮدي ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻔﺘﻞ ﻣﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ إذا ھ ﻮ ﺑﺮﺟ ٍﻞ ﻣﻌﺘ ﺰل ﻟ ﻢ ﯾُ ﺼ ﱢﻞ ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﻮم‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﯾﺎ ﻓﻼن أن ﺗﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم؟ ﻗﺎل‪ :‬أﺻﺎﺑﺘﻨﻲ ﺟﻨﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﺎء ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟﺼﻌﯿﺪ ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﯾﻜﻔﯿﻚ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮاً ‪.‬‬

‫وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻇﺎھﺮ ‪ ،‬وأُﻟﻔ ﺖ اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ أن اﷲ‬
‫ﺖ آﯾﺔ اﻟﻤﺎﺋﺪة وﻟﯿﺲ آﯾﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ ھ ﻲ اﻟﻤﻘ ﺼﻮدة ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﻧﺰل آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ‪ .‬وإﻧﻨﻲ أﺛﺒ ﱡ‬
‫ھﻲ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﻤﻢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وﻗﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻔ ﺴﺮﯾﻦ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﺧ ﻼف ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻧ ﺎس إن آﯾ ﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء ھ ﻲ آﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وﻗﺎل آﺧﺮون إن آﯾﺔ اﻟﻤﺎﺋﺪة ھﻲ آﯾﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وﺗ ﺮدد آﺧ ﺮون ﺑ ﯿﻦ اﻵﯾﺘ ﯿﻦ وﻟ ﻢ ﯾﻘﻄﻌ ﻮا ﺑ ﺮأي‪.‬‬
‫ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻣ ﻦ أﻧﮭ ﺎ ھ ﻲ آﯾ ُﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﺑﻌ ﺪ أن ﺳ ﺎق ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻓ ﻲ‬‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھ ﻮ ﻣ ﺎ أﺛﺒﺘ ﮫ اﺑ ُ‬
‫ي‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻗﺎل )ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ھﺬه ﻣﻌ ﻀﻠﺔ ﻣ ﺎ وﺟ ﺪت ﻟ ﺪاﺋﮭﺎ ﻣ ﻦ دواء‪ ،‬ﻷ ﱠﻧ ﺎ ﻻ ﻧﻌﻠ ﻢ أ ﱠ‬
‫اﻵﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺑﻄﺎل ھﻲ آﯾﺔ اﻟﻨﺴﺎء أو أﯾﺔ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﻘﺮﻃﺒ ﻲ ھ ﻲ آﯾ ﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﻮاﺣﺪي ھﻲ آﯾﺔ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﻗﺪ ﺧَﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻟﻠﺒﺨﺎري ﻣﻦ أن اﻟﻤﺮاد ﺑﮭﺎ آﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺎﺋﺪة ﺑﻐﯿﺮ ﺗﺮدد‪ ،‬ﻟﺮواﯾﺔ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﺤ ﺎرث إذ ﺻ ﺮح ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‪ :‬ﻓﻨﺰﻟ ﺖ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا إذا‬
‫ﻗﻤﺘﻢ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬أﺧﺮﺟﮭﺎ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ(‪.‬‬

‫وأزﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻣﺎ رواه اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺷﻘﯿﻖ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ ﻣ ﻊ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫ﻼ أﺟﻨﺐ ﻓﻠﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺎء ﺷﮭﺮًا أﻣَﺎ ﻛ ﺎن ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ‬
‫وأﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮي ﻓﻘﺎل ﻟﮫ أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ‪ :‬ﻟﻮ أن رﺟ ً‬
‫وﯾ ﺼﻠﻲ؟ ﻓﻜﯿ ﻒ ﺗ ﺼﻨﻌﻮن ﺑﮭ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ﻓ ﻲ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ :‬ﻓﻠ ﻢ ﺗﺠ ﺪوا ﻣ ﺎء ﻓﺘﯿﻤﻤ ﻮا ﺻ ﻌﯿﺪًا‬
‫ﻃﯿﺒ ًﺎ ‪ «...‬اﻟﺤﺪﯾﺚ وھﻮ ﻃﻮﯾﻞ‪ ،‬رواه اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ]اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺿﺮﺑﺔ[‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟ ﺎء‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﺬﻛﺮون اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﯾ ﺬﻛﺮون ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ دون‬
‫ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ھﻲ ﺳﻮرة اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ رﻏﻢ أن اﻟ ﱠﻨﺼﱠﯿﻦ ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺎن‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫وﻗﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ‪ ،‬وأﺟﻤﻊ ﻣﻦ ﺑﻌﺪھﻢ اﻟﻌﻠﻤ ﺎ ُء ﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻓﯿ ﮫ أﺣ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺨﻠﻒ وﻻ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﺣ ﺼﻞ ﺧ ﻼف ﻓ ﻲ‪ :‬ھ ﻞ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﯾﻜ ﻮن ﻟﺮﻓ ﻊ اﻟﺤَ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ واﻟﺤَ ﺪَث‬
‫اﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬أم ﻟﺮﻓﻊ اﻟﺤَﺪَث اﻷﺻﻐﺮ ﻓﻘﻂ؟ ﻓﺬھﺐ ﺟﻤﮭﻮر اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ إﻟ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠﺼﻼة ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ اﻟﺠﻨ ﺐ وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ إﻻ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬
‫ﺠُﻨ ﺐ‪ ،‬ذﻛ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬ ‫اﻟﺨﻄﺎب وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﺪم ﺟ ﻮازه ﻟﻠ ُ‬
‫ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬إﻻ أن اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ روى ﻋﻦ اﻟﻀﺤﺎك أﻧﮫ ﻗﺎل »رﺟﻊ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ«‪ .‬وﻗﯿ ﻞ‬
‫إن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺪ رﺟﻊ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﮫ ھﻮ اﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻓﻘﺪ ﺟﺎءت اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺑﺠﻮازه ﻓﯿﺘﻌﯿﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﮫ وﻃﺮح ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاه وﻗ ﺪ‬
‫ﻣﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠﺠﻨ ﺐ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ روى ﻋﻤ ﺎر ﺑ ﻦ ﯾﺎﺳ ﺮ ﻗ ﺎل »ﺑﻌﺜﻨ ﻲ‬
‫غ اﻟﺪاﺑ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗﯿ ﺖ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﺄﺟﻨﺒﺖُ‪ ،‬ﻓﻠﻢ أﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻓﺘﻤﺮﱠﻏ ُ‬
‫ﺖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻛﻤ ﺎ َﺗ َﻤ ﱠﺮ ُ‬
‫اﻟﻨﺒ ﻲﱠ ‪ r‬ﻓ ﺬﻛﺮت ذﻟ ﻚ ﻟ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻜﻔﯿ ﻚ أن ﺗﻘ ﻮل ﺑﯿ ﺪﯾﻚ ھﻜ ﺬا‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺿ ﺮب ﺑﯿﺪﯾ ﮫ اﻷرض‬
‫ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ اﻟﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ وﻇ ﺎھﺮ ﻛﻔﯿ ﮫ ووﺟﮭ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺤﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺴﻠﻤﺎن اﺛﻨ ﺎن‪ ،‬وﯾﻜﻔ ﻲ أن‬ ‫ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻨﮫ‪ .‬أﻣﺎ أﻧﮫ ﻣﺸﺮوع ﻟﺮﻓﻊ اﻟ َ‬
‫أﺷﯿﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول اﻟﺬي روﺗﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﯾﻔﯿﺪ ذﻟﻚ إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺘﯿﻤﱡﻢ اﺧﺘﺼﺖ ﺑﮫ ھﺬه اﻷﻣﺔ دون ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟ ﺬي رواه‬
‫ﻦ أﺣ ٌﺪ ﻗﺒﻠ ﻲ«‬
‫ﻄ ُﮭ ﱠ‬
‫ﺖ ﺧﻤﺴ ًﺎ ﻟﻢ ﯾُﻌ َ‬
‫ﺟﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻓﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ أول اﻟﺤﺪﯾﺚ »أُﻋﻄﯿ ُ‬
‫ﺛﻢ ذﻛﺮ »وﺟُﻌﻠﺖ ﻟﻲ اﻷرض ﻣﺴﺠﺪًا وﻃَﮭﻮرًا« ﺻﺮﯾﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﺳ ﺒﺐ ﻧ ﺰول آﯾ ﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ـ وھ ﻲ اﻵﯾ ﺔ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺎﺋ ﺪة ـ ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺎ ذﻛﺮﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺳﻔﺎره ﺣﺘﻰ إذا ﻛﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﯿ ﺪاء ـ أو ﺑ ﺬات‬
‫ﻋ ْﻘﺪٌ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺄﻗﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎﺳ ﮫ وأﻗ ﺎم اﻟﻨ ﺎس ﻣﻌ ﮫ وﻟﯿ ﺴﻮا ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎء‪،‬‬ ‫اﻟﺠﯿﺶ ـ اﻧﻘﻄﻊ ِ‬
‫ﻓﺄﺗﻰ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬أﻻ ﺗﺮى ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ؟ أﻗﺎﻣﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﻨﺎس‬
‫وﻟﯿﺴﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎء وﻟﯿﺲ ﻣﻌﮭﻢ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬واﺿ ٌﻊ رأﺳَ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬي ﻗ ﺪ‬
‫ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﻨ ﺎس وﻟﯿ ﺴﻮا ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎء وﻟ ﯿﺲ ﻣﻌﮭ ﻢ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ‪:‬‬ ‫ﻧﺎم‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺣﺒ ﺴ ِ‬
‫ﻓﻌﺎﺗﺒﻨﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻗ ﺎل ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء اﷲ أن ﯾﻘ ﻮل‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ ﯾﻄﻌﻨﻨ ﻲ ﺑﯿ ﺪه ﻓ ﻲ ﺧﺎﺻ ﺮﺗﻲ ﻓ ﻼ ﯾﻤﻨﻌﻨ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺘﺤﺮك إﻻ ﻣﻜﺎنُ رﺳﻮ ِل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬي‪ ،‬ﻓﻘﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﯿﻦ أﺻﺒﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﺰل‬
‫اﷲ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﺘﯿﻤﱠﻤﻮا‪ ،‬ﻓﻘﺎل أُﺳﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﺤُﻀﯿﺮ‪ :‬ﻣﺎ ھﻲ ﺑﺄول ﺑﺮﻛﺘﻜﻢ ﯾﺎ آل أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻓﺒﻌﺜﻨ ﺎ‬
‫اﻟﺒﻌﯿﺮ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﺄﺻﺒﻨﺎ اﻟﻌِﻘﺪ ﺗﺤﺘﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‬
‫وردت ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﻤ ﻮﻋﺘﯿﻦ رﺋﯿ ﺴﯿﺘﯿﻦ ھﻤ ﺎ ‪ :‬ﻣﺠﻤﻮﻋ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤﺮوﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ‪ ،‬وﻣﺠﻤﻮﻋ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻤﺮوﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ .‬ووردت اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ أﺧﺮى ﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻧﺬﻛﺮھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺈذن اﷲ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻗ ﺎل ﻋﻤ ﺎر ﺑ ﻦ ﯾﺎﺳ ﺮ ﻟﻌﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻣ ﺎ ﺗ ﺬﻛﺮ أ ﱠﻧ ﺎ ﻛﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺳ ﻔﺮ أﻧ ﺎ‬

‫ت ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪:r‬‬ ‫ﺖ ﻓ ﺼﻠﯿﺖُ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ ُ‬
‫وأﻧ ﺖ‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺎ أﻧ ﺖ ﻓﻠ ﻢ ﺗ ﺼﻞﱢ وأﻣ ﺎ أﻧ ﺎ ﻓﺘﻤﻌﱠ ْﻜ ُ‬

‫‪248‬‬
‫إﻧﱠﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿﻚ ھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﻀﺮب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻜﻔﱠﯿﮫ اﻷرض وﻧﻔﺦ ﻓﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ وﻛﻔﱠﯿ ﮫ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ﻟﻌﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﺑﻌﺜﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ‬

‫غ اﻟﺪاﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﯿﺪ ﻛﻤﺎ َﺗ َﻤ ﱠﺮ ُ‬
‫ﺖ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺘﻤﺮﱠﻏ ُ‬
‫ﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺟﻨﺒ ُ‬
‫إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿ ﻚ أن ﺗ ﺼﻨﻊ ھﻜ ﺬا ‪ ،‬ﻓ ﻀﺮب ﺑﻜﻔﱠﯿ ﮫ ﺿ ﺮﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﺛ ﻢ ﻧﻔ ﻀﮭﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻇﮭﺮ ﻛﻔﱢﮫ ﺑﺸﻤﺎﻟﮫ أو ﻇﮭﺮ ﺷﻤﺎﻟﮫ ﺑﻜﻔﱢﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪ -3‬وﻓﻲ رواﯾﺔٍ ﻟﻠﺒﺨﺎري »ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ أﺑ ﺰى ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ﺷ ﮭﺪ ﻋﻤ ﺮ وﻗ ﺎل ﻟ ﮫ‬

‫ﻋﻤﱠﺎر‪ :‬ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﯾﺔ ﻓﺄﺟﻨﺒﻨﺎ وﻗﺎل‪ :‬ﺗﻔﻞ ﻓﯿﮭﻤﺎ«‪.‬‬

‫‪ -4‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎري »ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑ ﺰى ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل ﻋﻤﱠ ﺎر‬
‫ﺖ ﻓﺄﺗﯿﺖُ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﯾﻜﻔﯿﻚ اﻟﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﺎن«‪.‬‬
‫ﻟﻌﻤﺮ ‪ :‬ﺗﻤ ﱠﻌ ْﻜ ُ‬

‫‪ -5‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟﻠﺒﺨ ﺎري ﻋ ﻦ ﻋﻤﱠ ﺎر ﻗ ﺎل »ﻓ ﻀﺮب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﯿ ﺪه اﻷرض ﻓﻤ ﺴﺢ وﺟﮭ ﮫ‬
‫وﻛﻔﯿﮫ«‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑﻌﺜﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﺄﺟﻨﺒﺖُ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ أﺟ ﺪ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﺘﻤﺮﱠﻏﺖُ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻛﻤ ﺎ َﺗﻤَ ﱠﺮغُ اﻟﺪاﺑ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗﯿ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺬﻛﺮتُ ذﻟ ﻚ ﻟ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﻘﻮل ﺑﯿﺪﯾﻚ ھﻜﺬا‪ ،‬ﺛﻢ ﺿﺮب ﺑﯿﺪﯾﮫ اﻷرض ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴﺢ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ‬
‫وﻇﺎھﺮ ﻛﻔﯿﮫ ووﺟﮭﮫ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -7‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﻋﻤﺎر »أﺗﯿﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﺎه ﻓﻘﺎل ‪ :‬إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿﻚ ھﻜﺬا‬
‫‪ ،‬وﻣﺴﺢ وﺟﮭﮫ وﻛﻔﱠﯿﮫ واﺣﺪة«‪.‬‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﻋﻤﺎر ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﺄﻣﺮﻧﻲ ﺿﺮﺑﺔ واﺣ ﺪة ﻟﻠﻮﺟ ﮫ واﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ« رواه‬
‫ﺢ إﺳﻨﺎده(‪.‬‬
‫أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺪارﻣﻲ وﻗﺎل )ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺻ ﱠ‬

‫‪ -9‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺎر » أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻣ ﺮه ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﯿﻦ « رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻗ ﺎل‬

‫)ﺣﺴﻦ ﺻﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺿ ﺮﺑﺘﺎن ﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﯿ ﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ« رواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻗﺎل »اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻊ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬ﻓﻘﻀﻰ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ‪،‬‬
‫ﺳ ﻜﱠﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱢﻜﻚ‬‫ﻓﻜ ﺎن ﻣ ﻦ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ ﯾﻮﻣﺌ ﺬ أن ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺮﱠ رﺟ ٌﻞ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ِ‬
‫وﻗ ﺪ ﺧ ﺮج ﻣ ﻦ ﻏ ﺎﺋﻂ أو ﺑ ﻮل‪ ،‬ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮدﱠ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛ ﺎد اﻟﺮﺟ ﻞ أن ﯾﺘ ﻮارى‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱢﻜﱠﺔ ﺿ ﺮب ﺑﯿﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﻂ وﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺿ ﺮب ﺿ ﺮﺑﺔ أﺧ ﺮى ﻓﻤ ﺴﺢ‬
‫ذراﻋﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ر ﱠد ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﺟ ﻞ اﻟ ﺴﻼم وﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻤﻨﻌﻨ ﻲ أن أردﱠ ﻋﻠﯿ ﻚ اﻟ ﺴﻼم إﻻ أﻧ ﻲ ﻟ ﻢ‬
‫أﻛﻦ ﻋﻠﻰ ﻃُﮭﺮ« رواه أﺑﻮداود‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﺗﯿﻤﱠﻤﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﺿ ﺮﺑﻨﺎ ﺑﺄﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿ ﺐ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﻔ ﻀﻨﺎ‬
‫أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻓﻤﺴﺤﻨﺎ ﺑﮭﺎ وﺟﻮھﻨ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺿ ﺮﺑﻨﺎ ﺿ ﺮﺑﺔ أﺧ ﺮى اﻟ ﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿ ﺐ ﺛ ﻢ ﻧﻔ ﻀﻨﺎ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﺴﺤﻨﺎ‬
‫ﺑﺄﯾﺪﯾﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻓﻖ إﻟﻰ اﻷﻛﻒﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺑﺖ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻇﺎھﺮ وﺑﺎﻃﻦ« رواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻃﺮﯾﻖ ﺛﺎﻟﺜﺔ‪:‬‬

‫ﺟ َﮭ ﯿﻢ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث ﺑ ﻦ اﻟ ﺼﱢﻤﱠﺔ اﻷﻧ ﺼﺎري ﻗ ﺎل »أﻗﺒ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻧﺤ ﻮ ﺑﺌ ﺮ َ‬

‫ﺟ َﻤ ﻞ‪،‬‬ ‫ﻋﻦ أﺑ ﻲ ُ‬
‫ﻓﻠﻘﯿﮫ رﺟﻞ ﻓﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺣﺘﻰ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪار ﻓﻤﺴﺢ ﺑﻮﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ردﱠ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم « رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﺴﻌﺔ ﻟﻌ ﱠﻤ ﺎر ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج وﻛ ﺬﻟﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺟُ َﮭ ﯿﻢ ﺑﻨ ﺪ )ج(‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻷول ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻔﻲ إﺳﻨﺎده ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻇﺒﯿﺎن ﻗﺎل اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ )ھﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ‬
‫اﻟﻘﻄ ﺎن واﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ وﻏﯿ ﺮ واﺣ ﺪ( وﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﺑ ﻮ داود )ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺸﻲء( وﻗ ﺎل اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪:‬‬
‫ﺷﺒﱠﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬‫ﺣﺒﱠﺎن )ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺄﺧﺒﺎره(‪ .‬ورواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ َ‬ ‫ﻣﺘﺮوك‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ‪ :‬ﺻﺪوق ﯾُﻜﺘﺐ ﺣﺪﯾﺜﮫ وﻻ ﯾﺤﺘﺞﱡ ﺑﮫ‪ .‬وﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﻻ ﯾﺮﺿﺎه وﯾﺮﻣﯿﮫ ﺑﺎﻹرﺟﺎء‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻔﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ وھﻮ ﺿﻌﯿﻒ ﺿﻌﱠﻔﮫ اﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ‬
‫داود ﺑﻌﺪ أن روى ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ )ﺳﻤﻌﺖ أﺣﻤﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬روى ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ ﺣ ﺪﯾﺜ ًﺎ ﻣﻨﻜ ﺮًا‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ(‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﻔﯿ ﮫ ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ أرﻗ ﻢ وھ ﻮ ﻣﺘ ﺮوك اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ واﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﺑﺸﻲء‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺒﺨﺎري )ﺗﺮﻛﻮه(‪.‬‬

‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﯾﻈﮭﺮ أن ﺟﻤﯿﻊ أﺣﺎدﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﺗﻨ ﺘﮭﺾ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻓﺘُﻄ ﺮح وﻻ ﯾُﻌﻤ ﻞ‬
‫ﺟ َﮭ ﯿﻢ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ) إن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ﺻ ﻔﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺢ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺳ ﻮى ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ُ‬
‫وﻋﻤﺎر‪ ،‬وﻣﺎ ﻋﺪاھﻤﺎ ﻓ ﻀﻌﯿﻒ أو ﻣﺨﺘﻠ ﻒ ﻓ ﻲ رﻓﻌ ﮫ ووﻗ ـﻔﮫ واﻟ ﺮاﺟﺢ ﻋ ﺪم رﻓﻌ ﮫ(‪ .‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ‬
‫ﺳ ﻮى ﻋ ﺸﺮة أﺣﺎدﯾ ﺚ ھ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻤ ﺎر اﻟﺘ ﺴﻌﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺟُﮭَ ﯿﻢ‪ .‬ﻓﻠْﻨ ﺴﺘﻌﺮض ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪:‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ »ﺿﺮب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻜﻔﱠﯿﮫ اﻷرض وﻧﻔﺦ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺛﻢ ﻣﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ وﻛﻔﯿ ﮫ«‬
‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﯿ ﮫ »ﺿ ﺮب ﺑﻜﻔﱠﯿ ﮫ ﺿ ﺮﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﺛ ﻢ ﻧﻔ ﻀﮭﻤﺎ ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻇﮭ ﺮ ﻛ ﱢﻔ ﮫ‬
‫ﺑ ﺸﻤﺎﻟﮫ أو ﻇﮭ ﺮ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﺑﻜ ﱢﻔ ﮫ ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﯿ ﮫ »وﻗ ﺎل ﺗﻔ ﻞ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ«‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿﮫ »ﯾﻜﻔﯿﻚ اﻟﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﺎن« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﯿﮫ »ﺿﺮب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﯿ ﺪه اﻷرض‬
‫ﻓﻤﺴﺢ وﺟﮭﮫ وﻛﻔﯿﮫ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس ﻓﯿﮫ »ﺿﺮب ﺑﯿﺪﯾﮫ اﻷرض ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة ﺛﻢ ﻣﺴﺢ اﻟ ﺸﻤﺎل‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻤﯿﻦ وﻇﺎھﺮ ﻛﻔﯿﮫ ووﺟﮭﮫ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﯿﮫ »وﻣﺴﺢ وﺟﮭﮫ وﻛﻔﯿﮫ واﺣ ﺪة« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻓﯿﮫ »ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة ﻟﻠﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﯿﻦ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻓﯿﮫ »أﻣﺮه ﺑﺎﻟﺘﯿﻤﻢ ﻟﻠﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﯿﻦ«‪.‬‬

‫ﺟﮭَﯿﻢ »ﻓﻤﺴﺢ ﺑﻮﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ« ﻓﻘﺪ وردت ﻓﯿﮫ ﻟﻔﻈ ﺔ )اﻟﯿ ﺪﯾﻦ(‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤ ﺎ وردت ﻓ ﻲ‬ ‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ُ‬
‫ﺳ ﺎﺋﺮ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟﻔﻈ ﺔ )اﻟﻜﻔ ﯿﻦ(‪ .‬ﻓ ﺄﻗﻮل‪ :‬أﻣ ﺎ ﻟﻔﻈ ﺔ )اﻟﯿ ﺪﯾﻦ( ﻓﮭ ﻲ ﻣﺠﻤﻠ ﺔ‪ ،‬وﺟ ﺎءت ﻟﻔﻈ ﺔ )اﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ(‬
‫ﺤ َﻤ ﻞ‬
‫ﻓﺒﯿﱠﻨﺖ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻟﯿﺪﯾﻦ وأﻧﮭﻤﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ أﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ إﻟﻰ اﻟﺮﱡﺳﻐﯿﻦ‪ ،‬واﻟﻤﺒﯿﻦ ﯾُﻌﻤﻞ ﺑ ﮫ و ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻤﺠﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻈﮭ ﺮ أﻧ ﮫ ﻻ ﺗﻌ ﺎرض ﺑ ﯿﻦ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻧﻌﻠ ﻢ أن اﻟﻨ ﺼﻮص ﯾﻔ ﺴﱢﺮ‬
‫ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﺑﻌ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ ﺗﻔ ﺴﱢﺮ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن‬
‫ﻄﻌُﻮا‬‫اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﻣ ﻦ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ اﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وﯾ ﺸﺒﮫ ھ ﺬا أن آﯾ ﺔ اﻟ ﺴﺮﻗﺔ ]واﻟ ﺴﱠﺎرقُ واﻟ ﺴﱠﺎ ِر َﻗ ُﺔ ﻓ ﺎ ْﻗ َ‬
‫َأ ْﯾ ِﺪ َﯾﮭُﻤَﺎ[ ﻓﺴﺮﺗﮭﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ﺑﺄن اﻟﯿﺪﯾﻦ اﻟﻠﺘﯿﻦ ﺗﻘﻄﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻗﺔ ھﻤﺎ اﻟﻜﻔﺎن‪ ،‬أي اﻟﯿ ﺪان إﻟ ﻰ‬

‫‪250‬‬
‫اﻟﺮﺳﻐﯿﻦ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﮫ ﺣﯿﻨﻤﺎ أُرﯾﺪ ﻏﺴﻞ ﻣﺎ ھﻮ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ذﻛ ﺮ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻻ ﻣﻘﯿﱠﺪﺗﯿﻦ ﺑـ ]إﻟﻰ اﻟ َﻤﺮَاﻓِﻖِ[ وإذن ﻓﺈن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ھ ﻮ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬أي ﻣ ﺴﺢ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻐﯿﻦ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻣﺴﺢ ﻣﺎ ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪ .‬ﻓﮭﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﺗﺮﺷﺪ إﻟﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬وﻣﻤﻦ ذھﺐ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺮأي‪ ،‬أي اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻋﻄﺎء‬
‫وﻣﻜﺤﻮل واﻷوزاﻋﻲ واﻟﻄﺒﺮي وﻣﺎﻟﻚ وإﺳﺤﻖ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺪﯾﻢ‪.‬‬

‫وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺜﻮري واﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺤﺴﻦ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺠﺪﯾ ﺪ‪ ،‬وﻋﻠ ﻲ واﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ واﺑﻨ ﮫ‬
‫ﺳﺎﻟﻢ ﻓﯿﻤﺎ رُوي ﻋﻨﮭﻢ إﻟﻰ وﺟﻮب ﻣﺴﺢ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﺘﯿﻤﻢ ﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ وﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠ ﺬراﻋﯿﻦ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ« رواه اﻟﺪراﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻊ ﻗﺎل »أراﻧﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﯿﻒ أﻣﺴﺢ ﻓﻤﺴﺤﺖ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻀﺮب ﺑﻜﻔﱠﯿﮫ اﻷرض ﺛ ﻢ‬
‫رﻓﻌﮭﻤ ﺎ ﻟﻮﺟﮭ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺿ ﺮب ﺿ ﺮﺑﺔ أﺧ ﺮى ﻓﻤ ﺴﺢ ذراﻋﯿ ﮫ ﺑﺎﻃﻨﮭﻤ ﺎ وﻇﺎھﺮھﻤ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﻣ ﺲﱠ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ« رواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺿﺮﺑﺘﯿﻦ ﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ وﺿ ﺮﺑﺔ‬
‫ي‪.‬‬
‫ﻟﻠﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺰﱠار واﺑﻦ ﻋﺪ ﱟ‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﺘ ﯿﻤﻢ ﺿ ﺮﺑﺘﺎن ﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ وﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠﯿ ﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ« رواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ...» r‬ﺿ ﺮب ﺑﯿﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎﺋﻂ وﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ‬

‫وﺟﮭﮫ ﺛﻢ ﺿﺮب ﺿﺮﺑﺔ أﺧﺮى ﻓﻤﺴﺢ ذراﻋﯿﮫ ‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ أﯾﻀًﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫ﻓﻨ ﺮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺑ ﺄن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺟﻤﯿﻌﮭ ﺎ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﺗﺮﻗ ﻰ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼح ﻓ ﻲ اﻻﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬أﻣ ﺎ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻘﺪ ﺑﯿﱠﻨﱠﺎ ﺿ ﻌﻔﮭﻤﺎ ﻋﻨ ﺪ ذﻛﺮھﻤ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻘ ﺎل ﻋﻨ ﮫ‬
‫اﺑﻦ دﻗﯿﻖ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬رواﯾﺔ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ھ ﺬه ﺷ ﺎذة‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟ ﺪارﻗﻄﻨﻲ )واﻟ ﺼﻮاب ﻣﻮﻗ ﻮف( أي ھ ﻮ‬
‫ﻼ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﻔﯿ ﮫ اﻟﺮﺑﯿ ﻊ ﺑ ﻦ ﺑ ﺪر ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‪.‬‬
‫ﻗﻮل ﺻﺤﺎﺑﻲ ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ دﻟﯿ ً‬
‫وأﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﻘ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ :‬ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣﻨﻜ ﺮ واﻟﺤ ﺮﯾﺶ ﺷ ﯿﺦ ﻻ ﯾُﺤ ﺘﺞ ﺑﺤﺪﯾﺜ ﮫ‪ .‬وﺿ ﻌﻔﮫ‬
‫أﯾﻀﺎً أﺑﻮ زُرﻋﺔ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺴﻘﻂ رأﯾﮭﻢ ﺑﻮﺟﻮب ﻣﺴﺢ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ‪.‬‬

‫ﻻ ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺄﻣﺮ ﺑ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻋﻘ ﺐ‬ ‫واﻧﻔﺮد اﻟﺰھﺮي ﺑﺎﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻤﺴﺢ إﻟ ﻰ اﻹﺑﻄ ﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﺪ ً‬
‫اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي ﺑﻘﻮﻟﮫ )وأﻣ ﺎ رواﯾ ﺔ اﻵﺑ ﺎط ﻓﻘ ﺎل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﻏﯿ ﺮه إنْ ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ وﻗ ﻊ ﺑ ﺄﻣﺮ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻜﻞﱡ ﺗﯿﻤﱡﻢ ﺻﺢ ﻟﻠﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻌﺪه ﻓﮭﻮ ﻧﺎﺳﺦ ﻟﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن وﻗﻊ ﺑﻐﯿ ﺮ أﻣ ﺮه ﻓﺎﻟﺤﺠ ﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ أﻣ ﺮ ﺑ ﮫ‪.‬‬
‫وﻣﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮﱢي رواﯾ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻛ ﻮن ﻋﻤ ﺎر ﯾﻔﺘ ﻲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬وراوي اﻟﺤﺪﯾﺚ أﻋﺮف ﺑﺎﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ﻏﯿﺮه وﻻ ﺳﯿﻤﺎ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﻤﺠﺘﮭﺪ(‪.‬‬

‫وﻣﻘﺘﻀﻰ ﻛﻼم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أن اﻟﻤﺴﺢ ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ ﻷن أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ ﻗ ﺪ ﺻ ﺤﱠﺖ وﺗ ﺄﺧﺮ‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إن اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻗﺪ ذﻛﺮ ﺻﺮاﺣﺔ أن اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺪ ﻗ ﺎل ﺑ ﺄن ﺣ ﺪﯾﺚ إﻟ ﻰ اﻵﺑ ﺎط ﻣﻨ ﺴﻮخ‪.‬‬
‫وﻋﻘﱠﺐ اﻟﻨﻮوي ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ أﯾﻀﺎً ﻓﻘﺎل )إﻧ ﮫ ـ أي ﻣ ﺴﺢ اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ ـ أﻗ ﻮى ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻟﯿﻞ‬
‫وأﻗﺮب إﻟﻰ ﻇﺎھﺮ اﻟﺴﻨﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ(‪ .‬وأﺿ ﻌﻒ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﺪﻻل اﻟﻘ ﻮل إن اﻟﻤ ﺴﺢ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ‬
‫إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻘﯿ ﺎس ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻷﻧ ﮫ ﺑ ﺪل ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﻘﯿ ﺎس ﺑﺎﻃ ﻞ‪ ،‬ﻷن اﻟﻘﯿ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟﻌﺒ ﺎدات ﻻ‬

‫‪251‬‬
‫ﻻ ‪ ،‬وﻷﻧﻨﺎ ﻟﻮ أردﻧﺎ اﻟﻘﯿﺎس ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﻟﻮﺟ ﺐ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻤ ﺴﺢ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ‬
‫ﯾﺼﺢ أو ً‬
‫اﻟﺒﺪﻟﯿﺔ ھﻲ اﻟﻌﻠﺔ‪ ،‬وﻛﻢ ﯾﺮﯾﺤﻨﺎ اﻟﻔﻘﮭﺎء اﻟﺬي ﻻ ﯾﻘﯿﺴﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدات وﯾﻘﻔﻮن ﻋﻨﺪ دﻻﻻت اﻟﻨﺼﻮص‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي ﻻ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻋﻨﮫ أن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ ذﻛ ﺮت اﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ وﻟ ﻢ ﺗ ﺬﻛﺮ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ وﻻ اﻟﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻹﺑﻄﯿﻦ ﻓﯿﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪھﺎ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وﻗﺪ ﺟﺎء ﺣﺪﯾﺚ ﻣﻨﮭﺎ ﯾﻘﻮل »ﯾﻜﻔﯿ ﻚ اﻟﻮﺟ ﮫ‬
‫واﻟﻜﻔﺎن« ﻓﺎﻟﻜﻔﺎﯾﺔ ﺿﺪ إﯾﺠﺎب ﻣﺴﺢ اﻟﺬراﻋﯿﻦ ﻗﻄﻌ ﺎً‪ ،‬إﻻ أن ﯾ ﺪﱠﻋﻮا أن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣﻨ ﺴﻮﺧﺔ‪ ،‬أو‬
‫أن أﺣﺎدﯾﺜﮭﻢ أﺻﺢ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﻢ ﻟﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮا ﺑﮭﺬا وﻻ ﺑﺬاك‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻤﺠﺰيء ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﻢ ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة ‪ :‬ذھﺐ ﻋﻄﺎء وﻣﻜﺤﻮل واﻷوزاﻋ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ‬
‫ﺠ ﺰِيء ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺿ ﺮﺑﺔ واﺣ ﺪة ﻟﻠﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪.‬‬
‫وإﺳﺤﻖ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر وﺟﻤﮭﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟ ﻰ أن اﻟﻤُ ْ‬
‫وذھﺐ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﯿﱢﺐ واﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ إﻟﻰ وﺟﻮب اﻹﺗﯿﺎن ﺑﺜﻼث ﺿﺮﺑﺎت‪ ،‬ﺿﺮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﺿ ﺮﺑﺔ‬
‫ﻟﻠﻜﻔ ﯿﻦ‪ ،‬وﺿ ﺮﺑﺔ ﻟﻠ ﺬراﻋﯿﻦ‪ .‬وذھ ﺐ اﻷﺣﻨ ﺎف واﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن إﻟ ﻰ وﺟ ﻮب ﺿ ﺮﺑﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ‪ ،‬واﺣ ﺪة‬
‫ﻟﻠﻮﺟﮫ‪ ،‬وأﺧﺮى ﻟﻠﻜﻔﯿﻦ أو ﻟﻠﯿﺪﯾﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﻓﻘﯿﻦ‪.‬‬

‫واﻟ ﺼﺤﯿﺢ ھ ﻮ ﻣ ﺎ ذھ ﺐ إﻟﯿ ﮫ َﻣ ﻦ ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﺑﺎﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﺮﺑﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻷن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ي ﺣ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ اﻟ ﻀﺮﺑﺘﯿﻦ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﺳﻮى ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺢﱠ أ ﱡ‬
‫أو ﻓ ﻲ اﻟ ﺜﻼث‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﺳ ﻮى ﺿ ﺮﺑﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﺎ ھ ﻲ اﻟﻤ ﺬﻛﻮرة واﻟﻤﻄﻠﻮﺑ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻨﻔﺦ ﻓﻲ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ‪ :‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ »ﻧﻔﺦ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺛﻢ ﻣ ﺴﺢ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ »ﺛﻢ ﻧﻔﻀﮭﻤﺎ ﺛﻢ ﻣﺴﺢ« واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿﮫ »ﺗﻔﻞ ﻓﯿﮭﻤﺎ«‪ .‬ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﺟ ﺎء اﻟ ﻨﻔﺦ‬
‫واﻟﻨﻔﺾ واﻟﺘﻔﻞ‪ ،‬وھﻲ ذوات ﻣﻌﺎن ﻣﺘﻘﺎرﺑ ﺔ‪ ،‬واﻟﻐﺎﯾ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ ھ ﻲ اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ ﻣ ﻦ ﻛﻤﯿ ﺔ اﻟﺘ ﺮاب واﻟﻐﺒ ﺎر‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻖ ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺴﺢ‪ .‬واﻟﻨﻔﺦ وﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎه وإن ﻟﻢ َﯾ ﺮِد ﻓ ﻲ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ إﻻ‬
‫أن ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺳﻜﺘﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻨْ ﻒِ‪ ،‬واﻟﻔ ﺮق واﺿ ﺢ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ‪ .‬ﻓ ﺴﻜﻮت ﺑﻌ ﺾ اﻟﻨ ﺼﻮص ﻋ ﻦ‬
‫ن‬
‫اﻟ ﻨﻔﺦ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﮫ أو ﺣﺘ ﻰ ﻋ ﺪم ﻓﻌﻠ ﮫ‪ .‬واﻟﺤﺎﺻ ﻞ أنﱠ ﻧ ﺼﻮﺻ ًﺎ ﺳ ﻜﺘﺖ ﻋ ﻦ اﻟ ﻨﻔﺦ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﻧﺼﻮﺻًﺎ أُﺧﺮى ذﻛﺮت اﻟﻨﻔﺦ‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻧﻘﻮل إن اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺬاﻛﺮة ﻓﯿﮭ ﺎ زﯾ ﺎدةٌ ﯾُ ﺼﺎر إﻟﯿﮭ ﺎ‬
‫وﯾُﻌﻤَﻞ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻻ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺎﻛﺘﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﱠﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﻨﻔﺦ أو ﯾ ﻨﻔﺾ أو ﯾﺘﻔ ﻞ أو ﻣ ﺎ‬
‫ﺟﺎءت ﺑﺎﻟﻨﻔﺦ دون وﺟﻮد ﻣﻌﺎرﺿﺔ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻣﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﺷﺎﺑﮫ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻤﺴﺢ‪.‬‬

‫‪ -4‬ھﻞ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻓﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ؟ ﻟِﻨﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ :‬اﻵﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرﺗﻲ اﻟﻤﺎﺋ ﺪة واﻟﻨ ﺴﺎء‬
‫ﺟ ْﻮ ِھ ُﻜ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ ْﯾ ُﻜ ْﻢ[‬ ‫ﺟ ْﻮ ِھ ُﻜ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ ْﯾ ُﻜ ْﻢ ِﻣ ْﻨﮫُ[ ] ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﻮ ُ‬ ‫ﺟﺎءﺗﺎ ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ اﻟﻮﺟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﯿﺪﯾﻦ ] ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﻮ ُ‬
‫واﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻌﺪﯾﺪة اﻟﻤﺮوﯾﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺎر ﺟﺎءت ﻛﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ »ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ وﻛﻔﯿ ﮫ «‪» ،‬ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻇﮭ ﺮ ﻛﻔ ﮫ ﺑ ﺸﻤﺎﻟﮫ أو ﻇﮭ ﺮ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﺑﻜﻔ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ« ‪» ،‬ﯾﻜﻔﯿ ﻚ اﻟﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﺎن«‪،‬‬
‫»ﻣ ﺴﺢ وﺟﮭ ﮫ وﻛﻔﯿ ﮫ«‪» ،‬ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ وﻇ ﺎھﺮ ﻛﻔﯿ ﮫ ووﺟﮭ ﮫ« ‪» ،‬ﻣ ﺴﺢ وﺟﮭ ﮫ‬
‫وﻛﻔﯿﮫ واﺣﺪة«‪» ،‬ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة ﻟﻠﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﯿﻦ« ‪» ،‬اﻟﺘ ﯿﻤﻢ ﻟﻠﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﯿﻦ«‪ .‬ورواﯾ ﺔ أﺑ ﻲ ﺟُﮭَ ﯿﻢ‬
‫ھﻲ »ﻣﺴﺢ ﺑﻮﺟﮭﮫ وﯾﺪﯾﮫ«‪.‬‬

‫ﻓﻌﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ روﯾﺖ ﻋﻨﮫ ﺳﺖ رواﯾﺎت ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻮﺟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪ ،‬ورواﯾﺘ ﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻓﻘ ﻂ‬
‫ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ورواﯾﺔ أﺑﻲ ﺟُ َﮭﯿﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ورد ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪.‬‬
‫واﻟﻤﻠﻔ ﺖ ﻟﻠﻨﻈ ﺮ أن اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟﻮﺣﯿ ﺪﺗﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ذﻛﺮﺗ ﺎ ﺗﻘ ﺪﯾﻢ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﮫ ھﻤ ﺎ اﻟﻠﺘ ﺎن ﺟﺎءﺗ ﺎ‬
‫ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻻ ﻧﺘ ﺼﻮر أن ﯾﻜ ﻮن ﻋ ﱠﻤ ﺎر ﻧﻔ ﺴﮫ راوي ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻌﺪﯾ ﺪة ﯾﺨ ﺎﻟﻒ‬
‫ﻧﻔﺴﮫ وﯾﻨﺎﻗﺾ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬أي ﻻ ﯾُﺘﺼﻮﱠر أن ﯾﺮوي ﻋﻤﺎر ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿ ﺔ ﻻﺳ ﯿﻤﺎ وأﻧ ﮫ ﯾ ﺮوي‬
‫ﻞ‬
‫ن اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺘﻌﺎرض ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ِﻗ َﺒ ِ‬ ‫ﺣﺎدﺛﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺨﺮج اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﯿﻦ ﻻ ﻏﯿﺮ‪ :‬إﻣﺎ أ ﱠ‬

‫‪252‬‬
‫ن ﻋﻤﱠﺎراً أراد ﺑ ﺎﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻻﺛﻨﺘ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺎﯾﺮﺗﯿﻦ ﻟ ﺴﺎﺋﺮ اﻟﺮواﯾ ﺎت‬ ‫اﻟﺮواة وﻟﻢ ﯾﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺎر‪ ،‬وإﻣﱠﺎ أ ﱠ‬
‫أن ﯾﺮﻛﱢﺰ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺮح ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪﱠﻣﮭﻤﺎ ﻟﻸھﻤﯿ ﺔ وﻟﻌ ﺪم اﻟﺨ ﺸﯿﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻠ ﺒﺲ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷن‬
‫اﻟﻮﺟﮫ ﺟﺎء ﺑﻨ ﺼﻮص اﻟﻘ ﺮآن واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣﻘَ ﺪﱠﻣًﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ‪ ،‬أي أﻧﱠ ﮫ ﺣ ﯿﻦ ﻛ ﺎن ﯾﺮﯾ ﺪ ذِ ْﻛ ﺮ اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ‬
‫ﻟﻤﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﯾﺒﺪأ ﺑﮭﻤﺎ ﻟﻸھﻤﯿﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﻛﺎن ﻻ ﯾﺮﯾﺪ ذِﻛﺮ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ذِﻛﺮ اﻟﻮﺟﮫ أوﻻً‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫ذِﻛﺮ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺎد ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وﻻ أﺗﺼﻮر اﺣﺘﻤﺎﻻً ﺛﺎﻟﺜﺎً‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻘﺎل إن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ أوﻻً ﻣﺮة أو ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ اﻟﻮﺟ ﮫ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺨﯿﯿ ﺮ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤﺎدﺛ ﺔ واﺣ ﺪة واﻟ ﺮاوي‬ ‫ن ذﻟ ﻚ ﻣﻨ ﮫ ﯾ ﺪ ﱡ‬‫ﻻ ﻣ ﺮات أﺧ ﺮى‪ ،‬وأ ﱠ‬‫أو ً‬
‫واﺣﺪ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺮﺟﯿﺢ أو اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ‪ ،‬ﻓﺒ ﺎﻟﺘﺮﺟﯿﺢ ﻧ ﺮﺟﱢﺢ رواﯾ ﺎت ﺗﻘ ﺪﯾﻢ اﻟﻮﺟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ ﻷﻧﮭ ﺎ‬
‫اﻷﻛﺜﺮ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺄوﯾﻞ ﻧﻘﻮل ﻣﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ ﻣ ﻦ أن ﻋﻤﱠ ﺎراً ﻗ ﺪم اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ ﺣ ﯿﻦ أراد ذِﻛ ﺮ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﺴﺤﮭﻤﺎ‬
‫ﻟﻸھﻤﯿﺔ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﺮﺟﺢ اﻻﺣﺘﻤﺎل اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫وﻣﻤﺎ ﯾﺰﯾﺪﻧﺎ اﻃﻤﺌﻨﺎﻧﺎً أن اﻵﯾﺘﯿﻦ اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﯿﻦ ﺑﺪأﺗﺎ ﺑﺎﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﺮر ﻣﻄﻤﺌﻨ ﯿﻦ أن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن‬
‫ﯾﻜﻮن ﺑﻤﺴﺢ اﻟﻮﺟﮫ أوﻻً ﺛﻢ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺴﱠﺒﻊ واﻵﯾﺘﺎن اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﺎن ﺗﺒﺪأ ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻮﺟﮫ‪،‬‬
‫ﻞ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﻮص‬ ‫وﻻ ﯾﻌﺎرﺿ ﮭﺎ ﺳ ﻮى رواﯾﺘ ﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻓﻘ ﻂ ﺟ ﺎء ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ذِﻛ ُﺮ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ُ‬
‫اﻟﺘ ﺴﻌﺔ وﯾُﺘ ﺮك اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﻨ ﺼﯿﻦ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ھ ﻮ ﻣ ﻊ اﻓﺘ ﺮاض وﺟ ﻮد اﻟﺘﻌ ﺎرض‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻣ ﻊ ﺗﺄوﯾ ﻞ‬
‫اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻼ ﺗﻌﺎرض‪ ،‬وﯾُﻌﻤﻞ ﺑﻤﺠﻤﻞ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻦ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻮﺟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن اﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ اﻟﺒﺪءُ ﺑﺎﻟﻮﺟ ﮫ ﺛ ﻢ ﺑ ﺎﻟﻜﻔﯿﻦ »اﺑ ﺪأوا ﺑﻤ ﺎ ﺑ ﺪأ اﷲ ﺑ ﮫ« وﺑﮭ ﺬا اﻟ ﺮأي‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪ ،‬وﻻ وﺟ ﮫ ﻟﮭ ﺬا اﻟ ﺮأي‪،‬‬
‫ﺗﻤﺴﻚ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ‪ .‬أﻣﺎ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ ﻓﻘ ﺪ اﻋﺘﺒ ﺮا اﻟﺒ ﺪء ﺑﺎﻟﻮﺟ ﮫ ُ‬
‫ﻷﻧﮭﻤﺎ إﻣﺎ أن ﯾﻘﻮﻻ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮب ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤﺎ اﺳﺘﺪﻟﻠﻨﺎ ﺑ ﮫ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ﯾﻘ ﻮﻻ ﺑﺎﻹﺑﺎﺣ ﺔ اﺳ ﺘﺪﻻﻻً ﺑﺎﻟﺮواﯾ ﺎت‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿﺔ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﺴﺢ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪ :‬وردت اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪» :‬ﺿ ﺮب ﺑﻜﻔﯿ ﮫ ﺿ ﺮﺑﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﺛ ﻢ‬
‫ﻧﻔﻀﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺴ ﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻇﮭ ﺮ ﻛﻔ ﮫ ﺑ ﺸﻤﺎﻟﮫ أو ﻇﮭ ﺮ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﺑﻜﻔ ﮫ«‪» ،‬ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ‬
‫وﻇﺎھﺮ ﻛﻔﯿﮫ«‪ .‬اﻟﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺟﺎءت ﺑﻤﺴﺢ ﻇﮭﺮ اﻟﻜ ﻒ ﺑﺎﻟ ﺸﻤﺎل‪ ،‬أو ﻣ ﺴﺢ ﻇﮭ ـﺮ اﻟ ﺸﻤﺎل ﺑ ﺎﻟﻜﻒ‪.‬‬
‫واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ھ ﺬه اﻟﻌﺒ ﺎرة ﻏﺎﻣ ﻀﺔ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢﱠ إﻻ أن ﺗُﻔ ﺴﱠﺮ )أو( ﺑ ـ )و(‪ .‬ﻷن اﻟﻤ ﺴﺢ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﻒ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺪ أﻓﺎد ﻣﺴﺢ ﻇﺎھﺮ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ ﺑﺪءاً ﺑﺎﻟﻜﻒ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺛﻢ اﻟﯿ ﺴﺮى‬ ‫ﻟﻠﻜﻔﱠﯿﻦ وﻟﯿﺲ ﻟﻜ ﱟ‬
‫ﻓﻘﻮﻟﮫ »ﻇﮭﺮ ﻛﻔﮫ ﺑﺸﻤﺎﻟﮫ« ﯾﻔﯿﺪ ﻇﮭ ﺮ اﻟﻜ ﻒ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ »ﻇﮭ ﺮ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ﺑﻜﻔ ﮫ« ﯾﻔﯿ ﺪ ﻣ ﺴﺢ ﻇﮭ ﺮ‬
‫اﻟﻜﻒ اﻟﯿﺴﺮى‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﺎﻗﺘﺼﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل »ﻇﺎھﺮ ﻛﻔﯿﮫ« أﻣﺎ ﻣﺎ ﺳ ﺒﻖ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻮل‬
‫»ﻣ ﺴﺢ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ« ﻓﯿُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ اﻟﻐُﺒ ﺎر اﻟﻌ ﺎﻟﻖ ﺑﺒ ﺎﻃﻦ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺒ ﺪء‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ‪ ،‬ﻣﺜﻠﮫ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻔﺦ واﻟﱠﺘﻔْﻞ‪.‬‬

‫وﻗﺪ أﻓﺎدت ھﺎﺗﺎن اﻟﺮواﯾﺘﺎن أن ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ ھﻲ أن ﯾﻤﺮﱢر ﺑﺎﻃﻦ ﻛﻔﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ‬
‫ﻛﻔﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وﯾﻤﺮﱢر ﺑﺎﻃﻦ ﻛﻔﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﻛﻔﮫ اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬أي ﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟﯿﻤﯿﻦ وﯾﺜﻨﱢﻲ ﺑﺎﻟ ﺸﻤﺎل‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫روى أﺑﻮ داود ﻋﻦ ﺷﻘﯿﻖ ﻋﻦ ﻋﻤﺎر أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﺼﻨﻊ ھﻜﺬا‪ :‬ﻓﻀﺮب ﺑﯿﺪه‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻨﻔﻀﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺿﺮب ﺑﺸﻤﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﺑﯿﻤﯿﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ‬
‫وﺟﮭﮫ« واﻟﺮواﯾﺘﺎن ﺑﻞ وﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺴﺢ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻟﻢ ﺗﺄت ﻋﻠﻰ ذﻛ ٍﺮ آﺧ َﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻤﻌـﻨﻰ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺄت ذﻛﺮ اﻟﺒﺪء ﺣﯿﻦ اﻟﻤ ﺴﺢ ﺑﺎﻷﺻ ﺎﺑﻊ أو ﺑﺎﻟﺮﺳ ﻎ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر ﺑ ﯿﻦ أن ﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﺑﺄﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ ﺛﻢ ﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﺎﻟﺮﺳﻎ‪ ،‬أو ﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺮﺳﻎ وﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﺄﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫‪ -6‬اﻟﻤ ﺸﺮوع ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺢ أن ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻟﻜ ﻼ اﻟﻜ ﱠﻔ ﯿﻦ وﻟﻠﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟﺘﻜ ﺮار‬
‫واﻟﻌ ﺪد‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟ ﻢ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻋ ﺪدًا ﻟﻠﻤ ﺴﺢ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﻌ ﺪد ﻣﻄﻠﻮﺑ ﺎً ﻟ ﺬﻛﺮ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ‬
‫ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ ذﻟﻚ »وﻣﺴﺢ وﺟﮭﮫ وﻛﻔﯿﮫ واﺣﺪة« ﻓﯿُﻘﺘَﺼ ُﺮ ﻋﻠﻰ واﺣﺪة وﻻ ﯾﺰاد ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ .‬ﺛ ﻢ إن اﻷﺻ ﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﺣﺎل اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﯿﻦ وﻣﺴﺢ اﻟﺮأس واﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﯿﺮة‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺴﺢ ﺗﺨﻔﯿﻒ ﻓﻼ ﯾﺘﻜﺮر ﺑﺤﺎل‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﺘﻜﺮار اﻟﻤﺴﺢ ﻓﻌﻠﯿﮫ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﺪﻟﯿﻞ وﻻ دﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻣﺴﺢ اﻟﻮﺟﮫ‪ :‬ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ذﻛ ٌﺮ ﻟﻜﯿﻔﯿ ٍﺔ ﻣﺨ ﺼﻮﺻ ٍﺔ ﻟﻤ ﺴﺢ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺮد ﺳ ﻮى‬
‫ك‬
‫ﺠ ﺰِيء ﻣ ﺴﺢُ ﺑﻌ ﻀﮫ وﺗ ﺮ ُ‬
‫ﺢ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻮﺟ ﮫ وﻻ ﯾُ ْ‬
‫ﻣﺴﺢ اﻟﻮﺟﮫ ﻋﻠ ﻰ إﻃﻼﻗ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﺬا ﻓ ﺈن اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻣ ﺴ ُ‬
‫ﺑﻌﻀﮫ اﻵﺧﺮ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﻮﺟﮫ وﻣﺴﺢ اﻟﺮأس‪ ،‬وﯾُﻌﻔﻰ ﻋ ﻦ‬
‫ﺿﯿْﻦ‪ ،‬وﯾُﻜﺘﻔﻰ ﺑﻤﺴﺢ ﻣ ﺎ‬
‫ﻣﺴﺢ داﺧﻞ اﻷﻧﻒ وداﺧﻞ اﻟﻔﻢ وداﺧﻞ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ وﻣﺎ ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺮ اﻟﻠﺤﯿﺔ واﻟﻌﺎر َ‬
‫ﯾﻈﮭﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﮫ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ وﺷﻌﺮ دون ﻣﺎ ﯾﺨﻔﻰ‪.‬‬

‫‪ -8‬اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ :‬ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻨﺒﻄﻨﺎ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﻘ ﻲ‬
‫أن ﻧﺒﺤﺚ ﻣﺴﺄﻟﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﮭﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻜﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬ھﻲ اﻟﻤ ﺎدة اﻟﺘ ﻲ ﯾُﻤ ﺴﺢ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ھ ﻞ ھ ﻲ اﻟﺘ ﺮاب‬
‫ﺑﻤﻌﻨﺎه اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﮭﺮة اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬أم ھﻲ ﻣﻄﻠﻖ وﺟﮫ اﻷرض ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﺻ ﺨﻮر وﺗ ﺮاب‬
‫وﺣﺠﺎرة ورﻣﺎل؟ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺬاھﺐ وﺟﻤﮭﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫ذھﺐ اﻷﺣﻨﺎف إﻟﻰ أن اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﱠﮭﻮر اﻟﺬي ﻃُﻠﺐ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ ھﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻷرض‬
‫ﻣ ﻦ ﺗ ﺮاب ورﻣ ﻞ وﺣ ﺼﻰ وﺣﺠ ﺮ وﻟ ﻮ أﻣﻠ ﺲ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺠﯿ ﺰوا اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺎﻟﺜﻠﺞ واﻷﺷ ﺠﺎر واﻟﺰﺟ ﺎج‬
‫واﻟﻤﻌﺎدن اﻟﻤﻨﻘﻮﻟ ﺔ واﻟﻠﺆﻟ ﺆ وإن ﻛ ﺎن ﻣ ﺴﺤﻮﻗﺎً‪ ،‬واﻟ ﺪﻗﯿﻖ واﻟﺮﻣ ﺎد واﻟﻜُﺤ ﻞ واﻟﻜﺒﺮﯾ ﺖ ‪ ،‬واﻟﺘ ﺮاب إذا‬
‫ﺧﺎﻟﻄﮫ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻷرض وﻏﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ أو ﺗﺴﺎوﯾﺎ ﺻﺢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ‪.‬‬

‫وذھﺐ اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﻮن إﻟﻰ أن اﻟﺼﻌﯿﺪ ﻣﺎ ﺻ ﻌﺪ أي ﻇﮭ ﺮ ﻣ ﻦ أﺟ ﺰاء اﻷرض ﻓﯿ ﺸﻤﻞ اﻟﺘ ﺮاب وھ ﻮ‬

‫اﻷﻓﻀﻞ‪ ،‬واﻟﺮﻣﻞ واﻟﺤﺠﺮ واﻟﺜﻠﺞ واﻟﻄﯿﻦ واﻟﺠﺺ وھ ﻮ ﻋﻨ ﺪھﻢ اﻟﺤﺠ ﺮ إذا اﺣﺘ ﺮق وﺻ ﺎر ﺟﯿ ﺮًا ‪،‬‬
‫ﺸﺐﱢ واﻟﻤﻠ ﺢ واﻟﻄ ﻮب ﻏﯿ ﺮ‬ ‫واﻟﻤﻌ ﺎدن إﻻ اﻟ ﺬھﺐ واﻟﻔ ﻀﺔ‪ ،‬واﻟﺠ ﻮاھﺮ واﻟﻤﻨﻘ ﻮل ﻣ ﻦ اﻟﻤﻌ ﺎدن ﻛﺎﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺤﺘﺮق ﻓﺈن اﺣﺘﺮق ﻟﻢ ﯾﺠُﺰ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺠﯿ ﺰوا اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑﻤ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ أﺟ ﺰاء اﻷرض ﻛﺎﻟﺨ ﺸﺐ‬
‫واﻟﺤﺸﯿﺶ‪ .‬وإذن ﻓﺎﻷﺣﻨﺎف واﻟﻤﺎﻟﻜﯿﻮن اﺷﺘﺮﻛﻮا ﻓﻲ أﺻﻞ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ دون اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺷﺘﺮﻛﻮا ﻓ ﻲ‬
‫أن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﯾﺠﻮز ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻠﻮ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻣﻦ ﺗﺮاب ورﻣﻞ وﺣﺠﺎرة وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﺑﮭﺬا اﻟﺮأي ﻗﺎل ﻋﻄﺎء‬
‫واﻷوزاﻋﻲ واﻟﺜﻮري‪.‬‬

‫وذھ ﺐ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن إﻟ ﻰ أن اﻟ ﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﱠﮭ ﻮر ھ ﻮ اﻟﺘ ﺮاب اﻟ ﺬي ﻟ ﮫ ﻏﺒ ﺎر إﻻ ﻧﺎﺳ ﺎً ﻣ ﻨﮭﻢ أﺟ ﺎزوا‬

‫اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﺮﻣ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻟ ﮫ ﻏﺒ ﺎر ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬واﻟﺘ ﺮاب اﻟﻤﺤﺘ ﺮق إﻻ إذا ﺻ ﺎر رﻣ ﺎداً‪،‬‬
‫وإن اﺧ ﺘﻠﻂ اﻟﺘ ﺮاب أو اﻟﺮﻣ ﻞ ﺑ ﺸﻲء آﺧ ﺮ ﻛ ﺪﻗﯿﻖ وإن ﻗ ﱠﻞ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺰ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬واﺷ ﺘﺮﻃﻮا أن ﻻ ﯾﻜ ﻮن‬
‫اﻟﺘﺮاب ﻣﺴﺘﻌ َﻤﻼً‪ ،‬وﻋﻨﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻤﻤﺴﻮح أو ﯾﺘﻨﺎﺛﺮ ﻣﻨﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﺢ‪.‬‬

‫وذھﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺼﻌﯿﺪ ھﻮ اﻟﺘﺮاب اﻟﺬي ﻟﮫ ﻏﺒﺎر أﯾﻀﺎً‪ ،‬وأن ﯾﻜ ﻮن اﻟﺘ ﺮاب ﻣﺒﺎﺣ ًﺎ ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺼﺢ ﺑﻤﻐﺼﻮب‪ ،‬وأن ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻣﺤﺘﺮﻗ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ ﺑﻤ ﺎ دق ﻣ ﻦ ﺧ ﺰف وﻧﺤ ﻮه ﻷن اﻟﻄ ﺒﺦ أﺧﺮﺟ ﮫ‬
‫ﻖ ﻏﺒﺎرُه ﻷن ﻣ ﺎ ﻻ ﻏﺒ ﺎر ﻟ ﮫ ﻻ ﯾُﻤ ﺴﺢ ﺑ ﺸﻲء ﻣﻨ ﮫ‪،‬‬ ‫ﻋﻦ أن ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯿﮫ اﺳﻢ اﻟﺘﺮاب‪ ،‬واﺷﺘﺮﻃﻮا أن َﯾ ْﻌَﻠ َ‬
‫ﺺ واﻟﱡﻨ ﻮرة ﻛ ﺎن ﺣﻜﻤ ﮫ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻄﱠﮭ ﻮر اﻟ ﺬي ﺧﺎﻟﻄ ﮫ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬ ‫ﺠ ﱢ‬‫وإن ﺧﺎﻟﻄ ﮫ ذو ﻏﺒ ﺎر ﻛ ﺎﻟ ِ‬
‫ﻈ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن اﻟﻤﺨ ﺎﻟﻂ ﻻ ﻏﺒ ﺎر ﻟ ﮫ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﻠﺘﺮاب ﺟ ﺎز اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﻟﻠﻤﺨ ﺎﻟﻂ اﻟ َﻐَﻠ َﺒ ُﺔ ُﻧ ِ‬
‫ﯾﻤﻨﻊ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاب وذﻟ ﻚ ﻛُﺒ ﺮﱟ وﺷ ﻌﯿﺮٍ وإن ﻛﺜُ ﺮ ﺟ ﺎز اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑﻄ ﯿﻦٍ ﻟ ﻢ ﯾﻤﻜ ﻦ‬
‫ﺗﺠﻔﯿﻔﮫ‪ ،‬واﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ ﺟﺎﺋﺰ إن ﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﺧﺮوج اﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﺑﻌﺪه‪ .‬وإذن ﻓﺎﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ اﺷ ﺘﺮﻛﻮا ﻓ ﻲ‬
‫أن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻻ ﯾﻜ ﻮن إﻻ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب اﻟ ﺬي ﻟ ﮫ ﻏﺒ ﺎر وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﺑﻐﯿ ﺮه‪ ،‬وﺑﮭ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ أﺧ ﺬ داود‪ .‬واﻵن‬

‫‪254‬‬
 ‫ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض اﻟﻨﺼﻮص ودﻻﻻت اﻷﻟﻔﺎظ ﻟﻐﺔً وﺷﺮﻋﺎً ﻻﺳﺘﻨﺒﺎط اﻟﺮأي اﻟﺮاﺟﺢ ﺑﺈذن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺟُﻌﻠ ﺖ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻟ ﻲ وﻷُﻣﺘ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪاً وﻃَﮭ ﻮراً‪،‬‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ أﻣﺘ ﻲ اﻟ ﺼﻼ ُة ﻓﻌﻨ ﺪه ﻣ ﺴﺠﺪه وﻋﻨ ﺪه ﻃَﮭ ﻮره ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﺴﻨﺪ ﺟﯿ ﺪ‪.‬‬
‫ﻓﺄﯾﻨﻤﺎ أدرﻛ ﺖ رﺟ ً‬
‫ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ وﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ[‪.‬‬

‫ﺻﻌِﯿﺪًا ﻃﯿﺒ ًﺎ[ ﻣﻦ اﻵﯾﺔ ‪ 34‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬ ‫‪ -2‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓﻠﻢ َﺗ ِ‬
‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ... r‬ﻓﺼﻠﱠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻔﺘ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ إذا ھﻮ ﺑﺮﺟ ٍﻞ ﻣﻌﺘﺰ ٍل ﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﯾﺎ ﻓﻼن أن ﺗﺼﻠﻲ ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﻮم؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫أﺻ ﺎﺑﺘﻨﻲ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ وﻻ ﻣ ﺎء‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻋﻠﯿ ﻚ ﺑﺎﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻜﻔﯿ ﻚ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮاً‪ ،‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫ﺖ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ ﺑﺎردة ﻓﻲ ﻏﺰوة ذات اﻟﺴﱠﻼﺳﻞ‪ ،‬ﻓﺄﺷﻔﻘﺖُ إنْ‬ ‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﻗﺎل »اﺣﺘﻠﻤ ُ‬
‫ﺖ ﺑﺄﺻ ﺤﺎﺑﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮوا ذﻟ ﻚ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻋﻤ ﺮو‬ ‫اﻏﺘﺴﻠﺖ أن أھﻠﻚ ﻓﺘﯿﻤﱠﻤﺖُ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻ ﻠﯿ ُ‬
‫ﺟﻨُﺐ؟ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﮫ ﺑﺎﻟﺬي ﻣﻨﻌﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻻﻏﺘ ﺴﺎل وﻗﻠ ﺖ إﻧ ﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ اﷲ ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬ ‫ﺖ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻚ وأﻧﺖ ُ‬‫ﺻﻠﯿ َ‬
‫وﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ إن اﷲ ﻛ ﺎن ﺑﻜ ﻢ رﺣﯿﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﻀﺤﻚ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻟ ﻢ ﯾﻘُ ْﻞ ﺷ ﯿﺌًﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أُﻋﻄﯿ ُ‬

‫ﺖ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾُﻌ ﻂَ أﺣ ﺪٌ ﻣ ﻦ اﻷﻧﺒﯿ ﺎء‬ ‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﺖ أﺣﻤ ﺪ‪،‬‬
‫ﺳ ﻤﱢﯿ ُ‬
‫ﺢ اﻷرض‪ ،‬و ُ‬ ‫ﺖ ﻣﻔ ﺎﺗﯿ َ‬
‫ت ﺑﺎﻟﺮﻋ ﺐ‪ ،‬وأُﻋﻄﯿ ُ‬
‫ﻓﻘﻠﻨ ﺎ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻣ ﺎ ھ ﻮ؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻧ ﺼﺮ ُ‬
‫وﺟُﻌﻞ اﻟﺘﺮاب ﻟﻲ ﻃَﮭﻮراً‪ ،‬وﺟُﻌﻠﺖ أﻣﺘﻲ ﺧﯿﺮ اﻷﻣﻢ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﱠﻨﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ ﺣﺬﯾﻔﺔ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ُ » r‬ﻓﻀﱢﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨ ﺎس ﺑ ﺜﻼث‪ :‬ﺟُﻌﻠ ﺖ ﺻ ﻔﻮﻓﻨﺎ ﻛ ﺼﻔﻮف‬
‫اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬وﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟﻨ ﺎ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣ ﺴﺠﺪاً‪ ،‬وﺟُﻌﻠ ﺖ ﺗﺮﺑﺘﮭ ﺎ ﻟﻨ ﺎ ﻃَﮭ ﻮرًا إذا ﻟ ﻢ ﻧﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وذﻛ ﺮ‬
‫ﺧﺼْﻠﺔ أﺧﺮى« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬‫َ‬

‫ﺟ َﮭ ﯿﻢ وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »أﻗﺒ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ... r‬ﺣﺘ ﻰ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺪار ﻓﻤ ﺴﺢ‬

‫‪ -7‬ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ُ‬
‫ﻆ ﻟﻠ ﺪارﻗﻄﻨﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ‬‫ﺑﻮﺟﮭ ﮫ وﯾﺪﯾ ﮫ ﺛ ﻢ ردﱠ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ٍ‬
‫ﺼﻤﱠﺔ »‪...‬‬
‫ﻆ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ اﻟ ﱢ‬‫إﺳﺤﻖ ﻋﻦ اﻷﻋﺮج »ﺣﺘﻰ وﺿﻊ ﯾﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪار« وﻓﻲ ﻟﻔ ٍ‬
‫ﻗﺎم إﻟﻰ ﺟﺪار ﻓﺤﺘﱠﮫ ﺑﻌﺼﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﮫ ﺛﻢ وﺿﻊ ﯾﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪار ‪.«...‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿﮫ »ﺟُﻌﻠ ﺖ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻟ ﻲ وﻷُﻣﺘ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪاً وﻃَﮭ ﻮرًا« واﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ[ واﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗ ﻢ ‪ 3‬ﻓﯿ ﮫ »ﻋﻠﯿ ﻚ ﺑﺎﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻜﻔﯿ ﻚ«‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ رﻗ ﻢ ‪ 4‬ﻓﯿ ﮫ‬ ‫] َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬
‫ﺻ ِﻌﯿْﺪًا َ‬
‫ﺟ ِﻌ ﻞ اﻟﺘ ﺮاب ﻟ ﻲ ﻃَﮭ ﻮراً«‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ رﻗ ﻢ ‪ 6‬ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺖ«‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ رﻗ ﻢ ‪ 5‬ﻓﯿ ﮫ » ُ‬‫ﺖ ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﯿ ُ‬ ‫»ﻓﺘﯿﻤﱠﻤ ُ‬
‫»ﺟُﻌﻠﺖ ﻟﻨ ﺎ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣ ﺴﺠﺪًا وﺟُﻌﻠ ﺖ ﺗﺮﺑﺘﮭ ﺎ ﻟﻨ ﺎ ﻃَﮭ ﻮراً«‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ رﻗ ﻢ ‪ 7‬ﻓﯿ ﮫ »أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺠ ﺪار ﻓﻤ ﺴﺢ ﺑﻮﺟﮭ ﮫ وﯾﺪﯾ ﮫ«‪ .‬ﻟﻘ ﺪ ﺗ ﺮدﱠدت ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص اﻷﻟﻔ ﺎظ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪) :‬اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ‪،‬‬
‫واﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻟﺘﺮاب‪ ،‬واﻟﺠﺪار( ﻛﻤﻮادﱠ ﯾُﺘﯿﻤﱠﻢﱡ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وأﻏﻔﻠﺖ اﻟﻤﻮاد ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗﻢ ‪.4‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬه اﻟﻨﺼﻮص واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔ ﻮا‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﺮاب ھﻞ ھﻮ ﻣﺨﺼﱢﺺ أم ﻣﻘﯿﱢﺪ ﻟﻠﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬أم ھﻮ ﻗﺪ ﺧﺮج ﻣﺨﺮج اﻷﻏﻠﺐ وأﻧ ﮫ ﻣﺠ ﺮد ﻓ ﺮ ٍد ﻣ ﻦ‬
‫أﻓﺮاد اﻟﻌﺎم وھﻮ اﻟﺼﻌﯿﺪ؟ وھﻞ اﻟﺘﺮاب ﯾﺸﻤﻞ اﻟﺮﻣ ﻞ أم ﻻ ﯾ ﺸﻤﻠﮫ؟ وﻧ ﺘﺞ ﻋ ﻦ ھ ﺬه اﻟﺨﻼﻓ ﺎت اﻵراء‬

‫‪255‬‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻸﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎھﺎ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‪ ،‬وﺷ ﺎرﻛﮭﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻏﯿ ﺮھﻢ‪ .‬وﺣﺘ ﻰ ﻧﺘﻮﺻ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺮاﺟﺢ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪﻟﻮل ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺼﻌﯿﺪ وآراء أھﻞ اﻟﻠﻐﺔ ﺛﻢ ﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﻮء‬
‫ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﻗﺎل اﻟﺰﱠﺟﱠ ﺎج واﻟﺨﻠﯿ ﻞ واﺑ ﻦ اﻷﻋﺮاﺑ ﻲ وﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻤ ﺼﺒﺎح‪ :‬اﻟ ﺼﻌﯿﺪ‪ :‬ھ ﻮ وﺟ ﮫ اﻷرض ﺳ ﻮاء‬
‫ﺟ ﺎج‪ :‬ﻻ أﻋﻠ ﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺧﻼﻓ ًﺎ ﺑ ﯿﻦ أھ ﻞ اﻟﻠﻐ ﺔ‪ .‬وﺑﮭ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻓ ﺴﱠﺮ‬
‫ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﺗﺮاب أو ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ‪ .‬وزاد اﻟﺰﱠ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻌﯿﺪ ﻛﻞﱞ ﻣﻦ أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﺜ ﻮري‪ .‬وﻗ ﺎل ﻗﺘ ﺎدة واﻟﻄﺒ ﺮي‪ :‬ھ ﻮ وﺟ ُﮫ اﻷرضِ اﻟﺨﺎﻟﯿ ِﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﺟ ﺎج وﺟﻤﺎﻋﺘ ﮫ‪،‬‬ ‫اﻟﻨﺒﺎت واﻟﻐﺮوس واﻟﺒﻨﺎء‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ زﯾﺪ‪ :‬اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻤ ﺴﺘﻮي‪ .‬واﻟ ﺮاﺟﺢ ھ ﻮ رأي اﻟﺰﱠ ﱠ‬
‫ﺳﻤﱢﻲ ﺑﮭﺬا اﻻﺳﻢ ﻷﻧﮫ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﯾُﺼﻌﺪ‬ ‫وﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻓﻘﮫ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﺎﻟﺼﻌﯿﺪ ھﻮ ﻣﺎ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻷرض‪ ،‬وﻗﺪ ُ‬
‫إﻟﯿﮫ ﻣﻦ اﻷرض‪ ،‬وﺟﻤﻊ اﻟﺼﻌﯿﺪ ﺻُﻌُﺪات‪ ،‬وﺗﻄﻠﻖ اﻟﺼﱡﻌُﺪات ﻋﻠ ﻰ اﻟﻄ ﺮق واﻟ ﺴﺒُﻞ‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺼﻌُﺪات ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ‪ .‬وإذن ﻓﺈن اﻟﺼﻌﯿﺪ ھﻮ وﺟﮫ‬ ‫»إﯾﺎﻛﻢ واﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ اﻟ ﱡ‬
‫اﻷرض أو ھﻮ ﺳﻄﺤﮭﺎ أو ﻣ ﺎ ﯾﻈﮭ ﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ﺻ ﺨﺮًا أو ﺣﺠ ﺎرة أو ﺗﺮاﺑ ًﺎ أو ﺟ ﺼ ًﺎ أو أﯾ ﺔ‬
‫ﻣﺎدة ﻣﻦ ﻣﻮاد اﻷرض اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إن اﻵﯾﺔ واﻷﺣﺎدﯾﺚ أﺗﺖ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ )اﻷرض ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻟﺘ ﺮاب‪ ،‬واﻟﺠ ﺪار(‬
‫وھﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﻨ ﺼﻮص ﻃﻠﺒ ﺖ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺎﻷرض ﻇﺎھﺮھ ﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﻃﻠﺒ ﺖ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟ ﺼﻌﯿﺪ وھ ﻮ‬
‫ﻇﺎھﺮھﺎ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻃﻠﺒ ﺖ اﻟﺘ ﯿﻤﱞﻢ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﻧﻌُ ﻢ ﻣ ﻦ أدﯾ ﻢ اﻷرض ـ ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟﻘ ﺎﻣﻮس اﻟﻮﺳ ﯿﻂ ـ ‪.‬‬
‫وﺟﻌﻠ ﺖ اﻟﺠ ﺪار ﻣﻤ ﺎ ﯾُﺘ ﯿﻤﱠﻢ ﺑ ﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟ ﺬﯾﻦ أﺟ ﺎزوا اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟ ﺼﺨﻮر واﻟﻤﻌ ﺎدن واﻟﺤﺠ ﺎرة واﻷﺗﺮﺑ ﺔ‬
‫واﻟﺮﻣﺎل إﻧﻤﺎ أَﻋﻤﻠﻮا ﻟﻔﻈﺔ اﻷرض وﻟﻔﻈﺔ اﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻗﺼﺮوا اﻟﺘﯿ ﱡﻤﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاب ﻓﻘﺪ ﻗ ﺎﻟﻮا‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﯿﺺ‪ ،‬أي ﺑﺘﺨﺼﯿﺺ اﻟﻌﺎم وھﻮ اﻷرض أو اﻟﺼﻌﯿﺪ ﺑﺎﻟﺨ ﺎص وھ ﻮ اﻟﺘ ﺮاب‪ .‬واﻟ ﺴﺆال ھ ﻮ ‪:‬‬
‫أي اﻟﺮأﯾﯿﻦ ھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ؟‪.‬‬

‫إن اﻟﻨﺼﻮص ﺣﯿﻦ ذﻛﺮت اﻟﺘﺮاب ﻟ ﻢ ﺗﺨ ﺼﱢﺺ ﺑ ﮫ اﻟﻌ ﺎم وھ ﻮ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬وإن اﻟﻨ ﺼﻮص ﺣ ﯿﻦ‬
‫ذﻛﺮت اﻟﺼﻌﯿﺪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﯾﺪ ﺗﺨﺼﯿﺺ اﻟﻌﺎم وھﻮ اﻷرض‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ أن اﻟﻨ ﺼﻮص ﺣ ﯿﻦ ذﻛ ﺮت اﻟﺠ ﺪار‬
‫ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﯾﺪ ﺗﺨﺼﯿﺺ اﻷرض أو اﻟﺼﻌﯿﺪ أو اﻟﺘﺮاب ﺑﮫ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ھ ﻮ أن اﻟﻨ ﺼﻮص ذﻛ ﺮت‬
‫ن ذﻛ َﺮ ﻓﺮ ٍد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎم ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ﺗﺨﺼﯿﺺ‬‫أﻟﻔﺎﻇﺎً ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وذﻛﺮت أﻓﺮادًا ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻌﺎم ﻻ ﻏﯿﺮ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ن ذﻛ ﺮ اﻟﺘ ﺮاب ﻻ ﯾﺨ ﺮج ﻋ ﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ إﻧﻤ ﺎ ﺧ ﺮج ﻋﻠ ﻰ اﻷﻏﻠ ﺐ ﻷﻧ ﮫ اﻟﺠ ﺰء‬ ‫ھﺬا اﻟﻌ ﺎم ﺑﮭ ﺬا اﻟﻔ ﺮد‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﻐﺎﻟﺐ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻷرض‪ ،‬وﻣﺎ ُذ ِﻛ َﺮ اﻟﺠﺪا ُر ﻟﯿﻜﻮن ﻣﺨﺼﱢﺼﺎً‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎم‪ ،‬أو‬
‫ﻗُﻞ ھﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺼﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻻ ﻏﯿﺮ‪ .‬ﻓﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﺘﺮاب ﻣﺨﺼﱢﺺ أو ﻣﻘﯿﱢﺪ ھﻮ ﻗ ﻮ ٌل ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪،‬‬
‫ﺑﻞ اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﺘﺮاب ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎم ﻻ ﻏﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺨﺼﯿﺺ وﻻ ﺗﻘﯿﯿﺪ‪ ،‬وﯾﻈﻞ اﻟﻌﺎم ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋﻤﻮﻣﮫ‪ ،‬وﺗﻈﻞ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒ ﺖ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻋﻠ ﻰ ﻋﻤﻮﻣﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗﻈ ﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﻃﻠﺒ ﺖ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ أو‬
‫اﻷرض ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﮭﺎ ھﻲ اﻷﺧﺮى ﻟﻢ ﯾﻘﻊ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺨﺼﯿﺺ وﻻ ﺗﻘﯿﯿﺪ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻨﺼﻮص ﻗﺪ أﺟ ﺎزت اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺎﻷرض‪ ،‬وﺑ ﺴﻄﺤﮭﺎ‪ ،‬وﺑﺘﺮاﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺠ ﺪران‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﮭ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ‪.‬‬
‫ﺼ ُﺮ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢَ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺮاب ﻟﻘﻠﻨ ﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺟ ﺎءت ﻧ ﺼﻮص ﺗﻨﮭ ﻰ‬ ‫ﻧﻌﻢ ﻟﻮ ﺟﺎءت ﻧ ﺼﻮص ﺗ ْﻘ ُ‬
‫ﻋﻤ ﺎ ﺳ ﻮى اﻟﺘ ﺮاب ﻟﻘﻠﻨ ﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‪ ،‬أﻣﱠ ﺎ وأن ﺷ ﯿﺌًﺎ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺼﻞ ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﯿﺺ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﻦ ذھ ﺐ ﻣ ﺬھﺒﮭﻤﺎ أﺧﻄ ﺄوا ﺣ ﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻔﺮﱢﻗ ﻮا ھﻨ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‬
‫وﺑﯿﻦ اﻟﺘﻨﺼﯿﺺ ﻋﻠﻰ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎم‪ ،‬رﻏﻢ أن اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ واﺿﺢ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮭﻢ إﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‬
‫إﻻ ﺑﺎﻟﺘﺮاب اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﯿﺺ ﺧﻄﺄ‪.‬‬

‫واﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻤﺴﻤﱠﻰ اﻟﻜﺸﺎف اﺟﺘﮭﺪ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ وﻧﺤﺎ ﻣﻨﺤﻰ آﺧﺮ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻣﻨﺤﻰ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﯿﮫ اﻹﻣﺎﻣﺎن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﺴﯿﺮ آﯾ ﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﻢ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮُﺟُﻮ ِھﻜُ ْﻢ وِأ ْﯾ ِﺪ ْﯾﻜُ ْﻢ ِﻣ ْﻨﮫُ[ أن ﻛﻠﻤﺔ )ﻣﻦ( ﻟﻠﺘﺒﻌﯿﺾ وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﮭﻢ أﺣﺪ‬
‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ ﻓﺎ ْﻣ َ‬ ‫] َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬
‫ﺻ ِﻌ ْﯿ َﺪًا َ‬

‫‪256‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﻗﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻣﺴﺤﺖ ﺑﺮأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺪھﻦ وﻣﻦ اﻟﺘﺮاب إﻻ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﺒﻌﯿﺾ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻓﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻵﯾ ﺔ‬
‫أﻧﮭﺎ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاب ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وأﻧﮫ ھﻮ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﻘﺼﻮد‪ ،‬وھﻮ رأي اﻹﻣ ﺎﻣﯿﻦ ﻧﻔ ﺴﮫ وإن ﺧﺎﻟﻔﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻻﺳﺘﻨﺒﺎط‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﺟﺎﻧﺒﮫ اﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻨﺒﺎط ﻛﻤ ﺎ ﺟﺎﻧ ﺐ اﻹﻣ ﺎﻣﯿﻦ وإن اﺧﺘﻠﻔ ﻮا‬
‫ن )ﻣِﻦ( ھﻨﺎ ﻟﻠﺘﺒﻌ ﯿﺾ وﻟﻜ ﻦ أيﱠ ﺑﻌ ﺾٍ ھ ﻮ اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ؟ ھ ﻞ ھ ﻮ‬ ‫ﻓﻲ وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ .‬أﺟﻞ إ ﱠ‬
‫ﺾ ﻣﻤﺎ ﺿﺮﺑﺖ اﻟﯿﺪ ﻋﻠﯿﮫ أم ھﻮ ﺑﻌﺾٌ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺼﻌﯿﺪ؟ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ھ ﻞ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ذﻟ ﻚ اﻟ ﺸﻲء‬ ‫ﺑﻌ ٌ‬
‫ﺾ ﻣﻤﺎ ﺿﺮﺑﺖ اﻟﯿﺪ ﻋﻠﯿﮫ أم ھﻮ ﺻﻨﻒٌ ﻣ ﻦ أﺻ ﻨﺎف اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻛﺎﻟﺮﻣ ﻞ واﻟﺘ ﺮاب‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻖ ﺑﺎﻟﯿﺪ وھﻮ ﺑﻌ ٌ‬
‫واﻟ ﺼﺨﻮر؟ ﻓ ﺈن ﻗ ﺎل ھ ﻮ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤ ﺎل اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻗﻠﻨ ﺎ ﻧﺤ ﻦ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤ ﺎل اﻷول‪ ،‬ﻓﻜﻤ ﺎ أن اﻻﺣﺘﻤ ﺎل اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﻤﻜﻦ ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻻﺣﺘﻤﺎل اﻷول ﻣﻤﻜﻦ ھﻮ اﻵﺧﺮ‪ ،‬أرأﯾﺖ ﻟﻮ ﻗﺎﻟ ﺖ اﻵﯾ ﺔ‪ :‬ﺗﯿﻤﱠﻤ ﻮا ﺗﺮاﺑ ﺎً ﻃﯿﺒ ﺎً‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻐﺔ أن ﯾﻘﺎل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﺎﻣﺴﺤﻮا ﺑﻮﺟﻮھﻜﻢ وأﯾﺪﯾﻜﻢ ﻣﻨﮫ؟ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﯾﺠﻮز‪ ،‬ﺑﻞ ھﻮ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟ ﺮاﺟﺢ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺘﺒﻌﯿﺾ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻻﺣﺘﻤﺎل اﻷول أرﺟﺢ وھﻮ أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦﱠ ﻛ ﱠﻞ ذﻟﻚ وأنﱠ وﺟ ﻮه اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﻏﯿ ﺮ ﻣﻨﻄﺒﻘ ﺔ ﺷ ﻲءٌ‪ ،‬واﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن اﻟﺘ ﺮاب ھ ﻮ‬
‫اﻟ ُﻤ ْﺠ ﺰيء ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺷ ﻲء آﺧ ﺮ‪ .‬ﻓﻠ ﺌﻦ ﻟ ﻢ أُواﻓ ﻖ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺰﻣﺨ ﺸﺮي ﻓ ﻲ وﺟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل إﻻ‬
‫أن ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺬھﺎب إﻟ ﻰ اﻟ ﺮأي ﻧﻔ ﺴﮫ اﻟ ﺬي ﯾ ﺬھﺒﻮن إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ أن اﻟﺘ ﺮاب وﺑ ﺸﻜﻞ أدق ﻣ ﺎ ﻧﻌُ ﻢ‬
‫ﻣﻦ أدﯾﻢ اﻷرض ھﻮ اﻟ ُﻤﺠْﺰيء ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ .‬أﻣﺎ ﻛﯿﻒ؟ ﻓﮭﺎﻛﻢ اﻟﺠﻮاب‪:‬‬

‫ن ﻧ ﻀﺮب أﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض أو ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻟﺘﺤﻤ ﻞ‬ ‫إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﯿﻦ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ آﯾ ﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ أ ْ‬
‫أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻧﻤﺴﺢ ﺑﮫ وﺟﻮھﻨﺎ وأﯾﺪﯾﻨﺎ‪ ،‬وﻧ ﻮﱠه ﺑﮭ ﺬا اﻟ ﺸﻲء ﺑﺘﻌﺒﯿ ﺮﯾﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ وإن ﻛ ﺎن واﺣ ﺪ ﯾﻜﻔ ﻲ‪،‬‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑﻮُﺟُ ْﻮ ِھﻜُ ْﻢ[ وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ ﻓﺎﻣ ﺴﺤﻮا وﺟ ﻮھَﻜﻢ‪،‬‬
‫وذﻟﻚ اھﺘﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻨﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﻟﻔ ﺖ ﻧﻈ ﺮ‪ .‬ﻓﻘ ﺎل ] ﻓﺎ ْﻣ َ‬
‫ﻓﺄدﺧﻞ ﺣﺮف اﻟﺒ ﺎء ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮھِﻜﻢ ﻟﯿ ﺪﻟﱢﻞ ـ وھ ﻮ أﻋﻠ ﻢ ـ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﻲء ﯾُﻤ ﺴﺢ ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜﺘ ﻒ ﺑ ﺬﻟﻚ ﺑ ﻞ‬
‫أﺿﺎف ] ِﻣ ْﻨﮫُ[ ﻟﯿﻨﻮﱢه ﺑﺎﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﯾﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﯾﺪي‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﺢ ﻟﻠﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﱠﯿﻦ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻟﯿ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣ ﺎدة اﻟ ﺼﻌﯿﺪ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣ ﺪﻟﻮل اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ھ ﻮ ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺮأي‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﻌﯿﺪ أيﱡ ﺻ ﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻷرضُ أﯾ ُﺔ‬
‫أرض‪ ،‬وﻇﺎھﺮھﺎ وﺑﺎﻃﻨﮭﺎ‪ ،‬إذا ﺿﺮﺑﻨﺎ اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﺤﻤﻠ ﺖ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻣﻨ ﮫ ﺟ ﺎز اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وإن ﻟ ﻢ ﺗﺤﻤ ﻞ ﻓ ﻼ‬
‫ﻣﺴﺢَ وﻻ ﺗﯿﻤﱡﻢ‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﻤﻘﯿﺎس اﻟﺪﻗﯿﻖ ﻟﺘﺤﺪﯾﺪ اﻟﺠﺰء اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﯿﺪ وﻣﻦ اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪.‬‬

‫وﺑﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﻧﻘﻮل إن اﻟﯿﺪ إذا ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاب اﻟﻄﯿﻨﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻨﮫ‪ ،‬وإذا ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣ ﻞ‬
‫ﺺ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺠﺎز اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ ﻛﻤﺎ ﺟﺎز ﺑﺎﻟﺘﺮاب وﺑ ﺎﻟﺠِﺺ‪،‬‬ ‫ﺠ ﱢ‬‫ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻨﮫ‪ ،‬وإذا ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ اﻟ ِ‬
‫ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﻨﺎ إن ﺿﺮﺑﻨﺎ اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﺨﺮ ﻟ ﻢ ﺗﺤﻤ ﻞ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وإن ﺿ ﺮﺑﻨﺎ اﻟﯿ ﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﺠ ﺎرة أو ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺤﺼﻰ ﻟﻢ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨﮫ ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ‪ ،‬وھـﺬا ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺟُﮭَﯿﻢ اﻟﺬي ذﻛﺮ اﻟﺠﺪار‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺠﺪار ﻣﻦ ﺗﺮاب اﻷرض ﺣﺘﻰ إذا ﺿﺮﺑﺖ اﻟﯿﺪ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻨﮫ ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻣﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮي‬
‫ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ وﯾﺆﻛﺪه أن اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ روى اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﺰﯾ ﺎدة »ﻓﺤ ﱠﺘ ﮫ ﺑﻌ ﺼﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣﻌ ﮫ« ﻓﮭ ﺬه اﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫ﺗﺰﯾﻞ اﻹﺷﻜﺎل ﺗﻤﺎﻣﺎً‪ ،‬وﺗﺠﻌﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺘﱠﺴﻖ ﻣﻊ ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ .‬ﻓﺎﻟﺠﺪار ﺣﺘﻰ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣ ﻦ‬
‫أن ﺗﺤﻤﻞ اﻟﯿﺪ ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﺄﺗﻰ ذﻟﻚ إﻻ ﺑﺤﺘﱢﮫ أو أن ﯾﻜﻮن ﻗﺪﯾﻤ ًﺎ ﻟﯿﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ ‪ .‬وﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﺗﻔﮭ ﻢ‬
‫أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﺮاب‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻧﻔﮭ ﻢ أن اﻟﺘ ﺮاب اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ‬
‫ﻦ ﻟﯿﺲ ﺣﺼﺮاً وﻗ ﺼﺮاً‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﺑ ﺎب‬ ‫ن ﻟﻠﺼﻌﯿﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺑﯿﺎ ٌ‬
‫اﻷﻋﻢﱢ اﻷﻏﻠﺐ وﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻤﺜﺎل ﻻ ﻏﯿﺮ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ اﻟﺮأي ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬وھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ »ﻓﺘﯿﻤﱠﻤﺖُ‬
‫ﺖ« دون ذﻛ ﺮ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ أو اﻟﺘ ﺮاب ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﺘ ﺮاب ھ ﻮ اﻟﻤﻄﻠ ﻮب دون اﻟﺮﻣ ﻞ ﻟ ﺴﺄﻟﮫ‬ ‫وﺻ ﻠﱠﯿ ُ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻦ اﻟﻤﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﯿﻤﱠﻢ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻧ ﮫ ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ‬

‫‪257‬‬
‫اﻟﺘﺮاب واﻟﺮﻣﻞ وﺷﺒﮭﮭﻤﺎ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﯾُﻔﮭﻢ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ‪ :‬ﻗﺎل »ﺑﻌﺜﻨﻲ رﺳ ﻮل‬
‫ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫غ اﻟﺪاﺑ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗﯿ ُ‬
‫ﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﯿﺪ ﻛﻤﺎ َﺗ َﻤ ﱠﺮ ُ‬ ‫اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﺄﺟﻨﺒ ُ‬
‫ﺖ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺘﻤﺮﱠﻏ ُ‬
‫ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻟﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿﻚ أن ﺗﻘﻮل ﺑﯿﺪﯾﻚ ھﻜﺬا‪ ،‬ﺛﻢ ﺿﺮب ﺑﯿﺪﯾﮫ اﻷرض ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﻣﺴﺢ اﻟﺸﻤﺎل ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ وﻇ ﺎ ِھ َﺮ ﻛﻔﱠﯿ ﮫ ووﺟ َﮭ ﮫ ‪ «...‬ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺴﺄﻟﮫ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻧ ﻮع اﻟ ﺼﻌﯿﺪ‬
‫اﻟﺬي ﺗﻤ ﱠﺮغَ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﺻﻌﯿﺪ وﺻﻌﯿﺪ ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﯿﺪ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﱠﻤﺮﱡغ‪ ،‬ﻷن اﻟﺼﺨﺮ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﱠﻤﺮﱡغ‪.‬‬

‫وﻧﻠﻔ ﺖ اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ أن اﻟﺠﺰﯾ ﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿ ﺔ وھ ﻲ ﻣﮭ ﺪ اﻹﺳ ﻼم وﻣ ﻮﻃﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ‬

‫رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ ھﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﮭ ﺎ أرض رﻣﻠﯿ ﺔ‪ ،‬وﻧ ﺰل اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﺟ ﺎءت اﻟ ﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ن ﺻﺤﺎﺑﯿًﺎ واﺣﺪاً ﺳ ﺄل اﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋ ﻦ‬ ‫ھﺬه اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺮﻣﻠﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ُﯾ ْﻨﻘَﻞ أ ﱠ‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﻨﻘﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻻ ﺣﺪﯾﺚٌ واﺣﺪ رواه أﺣﻤﺪ وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‬
‫ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل »ﺟﺎء أﻋﺮاﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ أﻛ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﺮﻣ ﻞ أرﺑﻌ ﺔ‬
‫ﺠ ُﻨ ﺐ ﻓﻤ ﺎ ﺗ ﺮى؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻋﻠﯿ ﻚ ﺑ ﺎﻟﺘﺮاب«‪.‬‬‫أﺷﮭﺮ أو ﺧﻤﺴﺔ أﺷﮭﺮ ﻓﯿﻜﻮن ﻓﯿﻨﺎ اﻟﻨﻔﺴﺎء واﻟﺤ ﺎﺋﺾ واﻟ ُ‬
‫ﻦ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻟﻀﻌﻒ اﻟﻤﺜﻨﱠﻰ ﺑﻦ اﻟﺼﺒﺎح‪ ،‬ﻗﺎﻟﮫ اﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )اﻷﻛﺜﺮ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﺗﻀﻌﯿﻔﮫ( وﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﯿﱢﻢ اﻟﺠﻮزﯾﺔ )ﻛ ﺎن ـ أي اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ـ ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ ﺑ ﺎﻷرض اﻟﺘ ﻲ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﺗﺮاﺑ ًﺎ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ أﻣﺘ ﻲ اﻟ ﺼﻼ ُة ﻓﻌﻨ ﺪه ﻣ ﺴﺠﺪُه‬
‫ﺖ رﺟ ً‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ أو ﺳﺒﺨﺔ أو رﻣﻼً‪ ،‬وﺻﺢ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﯿﺜﻤﺎ أدرﻛ ْ‬
‫وﻃَﮭﻮرُه‪ ،‬وھﺬا ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ أن ﻣﻦ أدرﻛﺘﮫ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﺮﻣ ﻞ ﻓﺎﻟﺮﻣ ﻞ ﻟ ﮫ ﻃَﮭ ﻮر‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ ﺳ ﺎﻓﺮ‬
‫ھﻮ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك ﻗﻄﻌﻮا ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻣﺎل ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﮭﻢ وﻣﺎؤھﻢ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻘﻠﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ ﺮو ﻋﻨ ﮫ‬
‫أﻧﮫ ﺣﻤﻞ ﻣﻌﮫ اﻟﺘﺮاب وﻻ أﻣﺮ ﺑﮫ وﻻ ﻓﻌﻠﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻣﻊ اﻟﻘﻄﻊ ﺑﺄن ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎوز اﻟﺮﱢﻣﺎ َل أﻛﺜﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ أرض اﻟﺤﺠﺎز وﻏﯿﺮه‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﺪﺑﱠﺮ ھﺬا ﻗﻄﻊ ﺑﺄﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺘﯿﻤﱠﻢ ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ‪ ،‬واﷲ أﻋﻠ ﻢ ‪،‬‬
‫وھﺬا ﻗﻮل اﻟﺠﻤﮭﻮر( ‪.‬‬

‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ إﻟ ﻰ أن وﺟ ﮫ اﻷرض‪ ،‬أو اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻓ ﻲ أي ﻣﻜ ﺎن ﻣ ﻦ اﻷرض ﯾ ﺼﺢ‬

‫اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﯿﺪ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨﮫ ﺷﯿﺌﺎً إذا ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﺑﺘﻌﺒﯿ ﺮ آﺧ ﺮ ﻓ ﺎﻷرض اﻟﺮﻣﻠﯿ ﺔ واﻷرض‬
‫اﻟﻄﯿﻨﯿ ﺔ اﻟ ﺴﻮداء واﻟﺤﻤ ﺮاء واﻷرض اﻟﺒﯿ ﻀﺎء واﻷرض اﻟﻜﺒﺮﯾﺘﯿ ﺔ واﻷرض اﻟﻤﻠﺤﯿ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ أدﯾ ﻢ اﻷرض ﺳ ﻮى اﻟﻤﻨ ﺎﻃﻖ اﻟ ﺼﺨﺮﯾﺔ وذوات اﻟﺤﺠ ﺎرة‪ .‬وﻟ ﻮ أﻧﻨ ﺎ أﺧ ﺬﻧﺎ‬
‫ﺑﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻮﺳﯿﻂ ﻟﻠﺘﺮاب ﻣﻦ أﻧﮫ ﻣ ﺎ ﻧَﻌُ َﻢ ﻣ ﻦ أدﯾ ﻢ اﻷرض‪ ،‬ﻷﻣﻜﻨﻨ ﺎ اﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺮاب وﺣﺪه ﻟﺸﻤﻮﻟﮫ ﻛﻞﱠ أﻧﻮاع اﻷرض ﺳﻮى اﻟﺼﺨﺮﯾﺔ واﻟﺤﺠﺮﯾﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫وﺑﻔﺮاﻏﻨﺎ ﻣ ﻦ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ اﻟﻤ ﺎدة اﻟ ﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻧﻜ ﻮن ﻗ ﺪ اﺳ ﺘﺠﻤﻌﻨﺎ ﺟﻤﯿ ﻊ ﻋﻨﺎﺻ ﺮ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻨﻘﻮل إن ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ أو ﺻﻔﺘﮫ ھﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻨﯿﱠﺔُ‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺘﺴﻤﯿﺔُ‪.‬‬

‫ب ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻜﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻌُﻢ ﻣﻦ أدﯾﻢ اﻷرض ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺿﺮ ُ‬

‫ﻒ‬
‫ﻒ ﻣ ﺎ ﯾَﻌْﻠ ﻖ ﺑ ﺎﻟﻜﻔﱠﯿﻦ ﻣ ﻦ ﻏﺒ ﺎ ٍر ﺑ ﺎﻟﻨﻔﺦ أو ﺑ ﺎﻟﻨﻔﺾ أو ﺑﺎﻟﺘﻔ ﻞ‪ ،‬أو ﺑﻤ ﺴﺢ ﺑ ﺎﻃﻦ اﻟﻜ ﱢ‬
‫‪ -4‬ﺗﺨﻔﯿ ُ‬
‫اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺑﺒﺎﻃﻦ اﻟﻜﻒﱢ اﻟﯿﺴﺮى‪.‬‬

‫ﺢ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻮﺟﮫ ﺑﺒﺎﻃﻦ ﻛﻒﱟ واﺣﺪة أو ﺑﺒﺎﻃﻦ ﻛﻔﱠﯿﮫ اﻻﺛﻨﺘﯿﻦ ﻣﺎ ﻇﮭﺮ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻣﺴ ُ‬

‫‪258‬‬
‫ﻒ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻣﻦ أﻃ ﺮاف اﻷﺻ ﺎﺑﻊ إﻟ ﻰ اﻟﺮﱡﺳ ﻐﯿﻦ‪،‬‬
‫‪ -6‬إﻣﺮا ُر ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻜﻒﱢ اﻟﯿﺴﺮى ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮ اﻟﻜ ﱢ‬
‫أو ﻣﻦ اﻟ ﱡﺮﺳﻐﯿﻦ إﻟﻰ أﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬

‫‪ -7‬إﻣﺮا ُر ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻜﻒﱢ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮ اﻟﻜﻒﱢ اﻟﯿﺴﺮى ﻣﻦ أﻃ ﺮاف اﻷﺻ ﺎﺑﻊ إﻟ ﻰ اﻟﺮﱡﺳ ﻐﯿﻦ‪،‬‬
‫أو ﻣﻦ اﻟﺮﱡﺳﻐﯿﻦ إﻟﻰ أﻃﺮاف اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﺮة واﺣﺪة‪.‬‬

‫‪ -8‬اﻟﺘﺮﺗﯿﺐُ‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻤﺴﺢ اﻟﻮﺟﮫ ﻗﺒﻞ ﻇﺎھﺮ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ -9‬اﻟﻤﻮاﻻةُ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻨﯿﺔ واﻟﺘﺴﻤﯿﺔ واﻟﻤ ﻮاﻻة ﻓﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠﻘ ﻮل ھﻨ ﺎ دون إﺿ ﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﻧﻌﯿﺪ‪ .‬واﻟﺒﺎﻗﻲ ﺳﺒﻖ ﺑﺤﺜﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﺴﱠﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫واﻟﻔﺮوض ﻣﻨﮭﺎ ﺳﺘﺔ ھﻲ‪ :‬اﻟﻨﯿﺔ‪ ،‬وﺿﺮب اﻟﻜﻔﱠ ﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻮﺟ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ‬
‫ﻇﺎھﺮ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪ ،‬واﻟﻤﻮاﻻة‪.‬‬

‫واﻟﻤﻨﺪوﺑﺎت ﺛﻼﺛﺔ ھﻲ‪ :‬اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ‪ ،‬وﺗﺨﻔﯿﻒ اﻟﻐﺒﺎر ﻋﻦ اﻟﻜﻔﱠﯿﻦ‪ ،‬وﻣ ﺴﺢ ﻇ ﺎھﺮ اﻟﻜ ﻒﱢ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻇﺎھﺮ اﻟﻜﻒﱢ اﻟﯿﺴﺮى‪.‬‬

‫ط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺘﯿ ﱡﻤ ِﻢ دﺧﻮلُ اﻟﻮﻗﺖ؟‪.‬‬

‫ھﻞ ﯾﺸﺘﺮ ُ‬
‫ﻗﺎل اﻷﺣﻨﺎف‪ :‬ﯾﺼﺢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬وذھﺐ ﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ وداود إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم‬
‫ﺻﺤﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه أنﱠ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟ ﻲ اﻷر ُ‬
‫ض ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‬
‫ﺖ وﺻﻠﯿﺖُ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫وﻃَﮭﻮرًا‪ ،‬أﯾﻨﻤﺎ أدرﻛﺘﻨﻲ اﻟﺼﻼة ﺗﻤﺴﱠﺤ ُ‬

‫ض ﻛﻠﱡﮭﺎ ﻟ ﻲ وﻷﻣﺘ ﻲ‬ ‫‪ -2‬ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ ـ وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ـ وﻓﯿﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل » ُ‬
‫ﺟ ِﻌﻠَﺖ اﻷر ُ‬
‫ﻣﺴﺠﺪاً وﻃَﮭﻮراً‪ ،‬ﻓﺄﯾﻨﻤﺎ أدرﻛﺖ رﺟﻼً ﻣﻦ أﻣﺘﻲ اﻟﺼﻼةُ ﻓﻌﻨﺪه ﻣﺴﺠﺪُه وﻋﻨﺪه ﻃَﮭ ﻮره« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ...» r‬وﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟ ﻲ اﻷرض ﻃﯿﱢﺒ ﺔ ﻃَﮭ ﻮراً وﻣ ﺴﺠﺪاً‪ ،‬ﻓﺄﯾُﻤ ﺎ‬
‫رﺟﻞٍ أدرﻛﺘﮫ اﻟﺼﻼة ﺻﻠﻰ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ‪ « ...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫‪ -4‬اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳـﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻃﮭ ﺎرةُ ﺿ ﺮورةٍ‪ ،‬وﻻ ﺿ ﺮورةَ إﻟﯿ ﮫ ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬وﻗ ﺎﻟﻮا إن‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول وﻣﺜﻠﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗﻢ ‪ 3‬ﻗﯿﱠﺪت اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺈدراك اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإدراك اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻻ ﯾﻜ ﻮن إﻻ ﺑ ﺪﺧﻮل وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻃﻠﺒ ﺖ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺣ ﯿﻦ إدراك اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻣﻔﮭﻮﻣﮭ ﺎ ﻋ ﺪم ﻃﻠ ﺐ‬
‫اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻗﺒ ﻞ إدراك اﻟ ﺼﻼة أي ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل وﻗﺘﮭ ﺎ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬اﻟﻘﯿ ﺎم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻻ‬
‫ﯾﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ دﺧﻮل وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺻﺢ اﻟﻮﺿﻮء ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻔﻌﻠﮫ ‪ ،r‬وﺑﻘﻲ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﺎھﺮ‬
‫اﻵﯾﺔ‪ .‬واﻟﺒﻨﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﺿﺢ‪ .‬ھﺬه أدﻟﺔ وﺣﺠﺞ ﻣﻦ اﺷﺘﺮﻃﻮا ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ دﺧﻮل وﻗﺖ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫‪259‬‬
 ‫واﻟﺤﻖ أن ھﺬه اﻷدﻟ ﺔ واﻟﺤﺠ ﺞ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻹﺛﺒ ﺎت دﻋ ـﻮاھﻢ‪ ،‬وأن اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﺷ ﺘﺮاط‬
‫دﺧﻮل اﻟﻮﻗــﺖ اﺳﺘــﺪﻻل ﺑﻌﯿﺪ‪ ،‬وﻟﻲﱞ ﻟﮭــﺎ ﻋﻦ ﻇﺎھﺮ دﻻﻻﺗﮭﺎ‪ ،‬وﺻﺮفٌ ﻟﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺎ ﺳ ﯿﻘﺖ ﻟ ﮫ‪.‬‬
‫ﺖ وﺻ ﻠﯿﺖُ «‪» ،‬أﯾﻨﻤ ﺎ أدر َﻛ ﺖْ‬ ‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﺟ ﺎء ﻓﯿﮭﻤ ﺎ »أﯾﻨﻤ ﺎ أدرﻛﺘﻨ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺗﻤ ﺴﱠﺤ ُ‬
‫ﺻ ﺪﱢرا ﺑ ـ )أﯾ ﻦ(‬
‫ﻼ ﻣﻦ أﻣﺘ ﻲ اﻟ ﺼﻼ ُة ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪه ﻣ ﺴﺠﺪه‪ ،‬وﻋﻨ ﺪه ﻃَﮭ ﻮره«‪ .‬إنﱠ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﻘ ﻮﻟﯿﻦ ﻗ ﺪ ُ‬ ‫رﺟ ً‬
‫وأﯾـﻦ ھﻨﺎ ﻣﻜﺎﻧﯿﺔ وﻟﯿﺴﺖ زﻣﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻔﯿﺪ ﺗﻮﻗﯿﺘﺎً وﻻ ﺗﻔﯿﺪ زﻣﻨ ﺎً ‪ ،‬وﻟ ﻮ أردﻧ ﺎ ﺗﺒ ﺴﯿﻂ اﻟﻘ ﻮل ﻟﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﻓ ﻲ‬
‫أي ﻣﻜﺎن أدرﻛﺘﻨﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺗﯿﻤﱠﻤﺖ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﻘﻮل ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﻟﻠﺼﻼة‪ .‬ھﻜﺬا ﯾﺠ ﺐ‬
‫ﻓﮭ ﻢ اﻟﻨ ﺼﯿﻦ أو اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻷوﻟ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺪ ﺳ ﯿﻘﺎ ﻟﺒﯿ ﺎن ﻛ ﻮن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠ ﺼﻼة ﯾﻘ ﻊ ﻓ ﻲ أي ﻣﻜ ﺎن ﻣ ﻦ‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺄﺗﯿﺎ إﻃﻼﻗﺎً ﻟﺒﯿﺎن ﺗﻮﻗﯿﺖ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أن ﯾﺄﺗﯿﺎ ﻟﺒﯿﺎن ﺗﻮﻗﯿﺖ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺪﺧﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ‪،‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻟﺘﻘﯿﯿﺪ ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻠﮫ اﻟﻨﺼﺎن‪ ،‬وھﻮ اﺟﺘﮭﺎد ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ﻻ ﯾﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻐ ﺔ‪ .‬ﺛ ﻢ إن اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‬
‫ﺻ ﺪﱢرا ﺑ ـ »ﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟ ﻲ اﻷرض ﻣ ﺴﺎﺟﺪ وﻃَﮭ ﻮراً« و »ﺟُﻌﻠ ﺖ اﻷرض ﻛﻠﱡﮭ ﺎ ﻟ ﻲ وﻷُﻣﺘ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪاً‬ ‫ﻗﺪ ُ‬
‫وﻃَﮭ ﻮرًا« وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أراد ﺑﯿ ﺎن أن اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣﻜ ﺎن ﺻ ﺎﻟﺢ ﻟﻠ ﺼﻼة واﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪،‬‬
‫وﺣﺘﻰ ﯾﺮﻛﱢﺰ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﺗﻰ ﺑﺒﯿﺎن ھﻮ‪ :‬إذا ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻲ أﯾﺔ ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ ھﺬه اﻷرض أﻣﻜﻨﻜﻢ أن ﺗُﺼﻠﱡﻮا ﻓﯿﮭﺎ‬
‫وﺗﺘﯿﻤﱠﻤﻮا‪ .‬ﻓ ﺄواﺧﺮ اﻟﻨ ﺼﱠﯿﻦ ﺳ ﯿﻘﺖ ﻟﺘﺜﺒﯿ ﺖ أواﺋﻠﮭ ﺎ وﺗﻮﻛﯿ ﺪھﺎ وﻟ ﻢ ﺗ ﺄت ﻟ ﺸﻲء آﺧ ﺮ‪ .‬ھﻜ ﺬا ﯾﺠ ﺐ ﻓﮭ ﻢ‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ ﺗﻮﻗﯿﺘ ﮫ ﺑ ﺪﺧﻮل‬ ‫ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿ ـﻦ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻧﺠ ـﺪ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻻ ﯾﻔﯿـ ـﺪان زﻣﺎﻧ ﱠﯿ ـﺔ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ وﺗﻮﻗﯿﺘ ﮫ ﻓ ﻀ ً‬
‫اﻟﻮﻗﺖ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﮭ ﻮ وإن ﺟ ﺎء ﺑﻠﻔ ﻆ ﻣﻐ ﺎﯾﺮ ﻗﻠ ﯿﻼً إﻻ أﻧ ﮫ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻧﻔ ﺴﮫ اﻟ ﺬي ﯾﻔﯿ ﺪه‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻷوﻻن‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ أن ﺻُﺪﱢر ﺑﻤﺎ ﺻُﺪﱢر ﺑﮫ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻷوﻻن »ﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟ ﻲ اﻷرض ﻃﯿﱢﺒ ًﺔ ﻃَﮭ ﻮراً‬
‫وﻣ ﺴﺠﺪًا« ﻗ ﺎل »ﻓﺄﯾُﻤ ﺎ رﺟ ـ ٍﻞ أدرﻛﺘ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﻠﻰ ﺣﯿ ﺚ ﻛ ﺎن« اﻧﻈ ﺮوا إﻟ ﻰ ﻟﻔﻈ ﺔ )ﺣﯿ ﺚ( ﻓﮭ ﻲ‬
‫ﻇﺮﻓﯿﺔ ﻣﻜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬أي ھﻲ ﻣﻤﺎﺛﻠ ﺔ ﻟ ـ )أﯾﻨﻤ ﺎ( ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻷوﻟ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ھ ﻮ‪ :‬إن اﷲ‬
‫ﺟﻌﻞ اﻷرض ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺴﺠﺪًا وﺗﻜ ﻮن ﻃَﮭ ﻮراً‪ ،‬وﻛ ﻞ رﺟ ﻞ أدرﻛﺘ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه‬
‫اﻷرض ﺣﯿﺜﻤﺎ ﻛﺎن‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻷرض وﺻﻼﺣﮭﺎ ﻟﻠﺼﻼة وﻟﻠﺘﯿ ﱡﻤﻢ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ ﺆت ﺑ ﮫ ﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ‬
‫ﺗﯿﻤﱡ ٍﻢ وزﻣﺎﻧِﮫ ﻗﻄﻌ ًﺎ‪ .‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺘﺤﺪﯾﺪ زﻣﺎن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ وﺗﻮﻗﯿﺘ ﮫ‪ ،‬واﻟ ﺸﺒﮭﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻋﻨ ﺪھﻢ‬
‫آﺗﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ )أدرك( اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﯾﺤ ﺼﻞ ﺣ ﯿﻦ إدراك اﻟ ﺼﻼة‬
‫وﻻ ﯾﻜﻮن إدراكٌ دون دﺧﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈذا دﺧ ﻞ اﻟﻮﻗ ﺖ ﺑ ﺪأ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪ .‬ھﻜ ﺬا ﻣﻨﻄﻘ ﻮا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻤﻘ ﺪﱢﻣﺎت‬
‫وﻧﺘﺎﺋﺞ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﺑﻼ ﺷﻚ‪ ،‬وﻟﻮ ھﻢ وﺳﱠﻌﻮا ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻈ ﺮ ﻟﻤ ﺎ وﻗﻌ ﻮا ﻓﯿﻤ ﺎ وﻗﻌ ﻮا ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﺧﻄ ﺄ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﺳﺘﻨﺒﺎﻃﮭﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ ﻣﻦ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ ﻓﮭﻮ أﯾﻀﺎً اﺳﺘﻨﺒﺎط ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬ﻓﺎﻵﯾﺔ ﺗﻔﺴﱠﺮ ﺑ ﺄن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻻ ﯾﺼﻠﻲ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ وﺿﻮء‪ ،‬ﻓﺠﺎءت ﺑﺼﯿﺎﻏﺔ ﺗﻔﯿﺪ أﻧﮫ إذا أردﺗﻢ اﻟﺼﻼة ﻓﺘﻮﺿﺄوا‪ ،‬وﻣﻔﮭﻮﻣﮭﺎ‬
‫إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ وﺿﻮء ﻓﻼ ﺗﺼﻠﻮا ﺣﺘ ﻰ ﺗﺘﻮﺿ ﺄوا‪ .‬وﺑﻤﻌﻨ ﻰ آﺧ ﺮ إذا ﻛﻨ ﺘﻢ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء ﻓ ﺼﻠﱡﻮا‪.‬‬
‫ﺳ ﯿﻘﺖ ﻟﺒﯿ ﺎن اﻟﻮﺿ ﻮء وأﻧ ﮫ ﺷ ﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗ ﺄت ﻟﺒﯿ ﺎن أن ﯾﺘﻮﺿ ﺄ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻟﻜ ﻞ‬ ‫ﻓﺎﻵﯾ ﺔ ِ‬
‫ﺻﻼة‪ ،‬أو أن ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻟﺪﺧﻮل وﻗﺖ ﻛﻞ ﺻﻼة‪ .‬وھﺬا اﻟﻘﻮل ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ اﻟﻮارد ﻓﻲ آﺧﺮ اﻵﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻵﯾﺔ أرادت أن ﺗﺒﯿﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺄت ﻟﻄﻠﺐ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻄﻠﻘًﺎ‪ .‬ﺑ ﻞ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫ن‬
‫ﻼ ﻋﻦ ِذ ْﻛ ِﺮ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وإن اﻵﯾﺔ ﻟﻢ ﺗﺄت إﻻ ﻟﺒﯿﺎن أ ﱠ‬ ‫ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ آﺧﺮ اﻵﯾﺔ ِذ ْﻛﺮُ اﻟﺼﻼة ﻓﻀ ً‬
‫ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻣﺮﯾﻀﺎً أو ﻣﺴﺎﻓﺮاً‪ ،‬أو أﺣﺪث ﺑﻐ ﺎﺋﻂ ﺣَ ﺪَﺛﺎً أﺻ ﻐﺮ‪ ،‬أو أﺣ ﺪث ﺑﺎﻟﺠﻤ ﺎع ﺣَ ﺪَﺛﺎً أﻛﺒ ﺮ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺠ ﺪ‬
‫ف ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ إﻟ ﻰ ﺑﯿ ﺎن ﺣﻜ ﻢ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‬‫اﻟﻤﺎء ﺗﯿﻤﱠﻢ‪ .‬ھﻜ ﺬا ﺗُﻔﮭ ﻢ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﯾﺤﺘﻤﻠ ﮫ اﻟ ﻨﺺ ‪ ،‬وﺻ ﺮ ُ‬
‫ﻞ ﻟﻠﻨﺺ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﺤﺘﻤﻞ‪ .‬وﻻ أﻃﯿ ﻞ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ واﺿ ﺢ‪،‬‬ ‫ﻟﺪﺧﻮل وﻗﺖ اﻟﺼﻼة ھﻮ ﺗﺤﻤﯿ ٌ‬
‫ﻓﺎﻵﯾﺔ ﻻ ﺗُﺜْ ِﺒﺖُ دﻋﻮاھﻢ‪.‬‬

‫ﻼ وﻻ ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻟﻨﻘﺪ‪ ،‬وإﻧ ﻲ ﻷﺗ ﺴﺎءل‪ :‬ﻣ ﻦ أﯾ ﻦ ﻟﻜ ﻢ‬

‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﮭﻮ ﻟﯿﺲ دﻟﯿ ً‬
‫اﻟﻘﻮل ﺑﻌﺪم ﺿﺮورة اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ؟ ھ ﻞ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻋﻨ ﺪﻛﻢ ﻻ ﯾﻜ ﻮن إﻻ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻓﺤ ﺴﺐ؟ أﻻ‬

‫‪260‬‬
‫ﯾﻠ ﺰم اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻟﻤ ﺲﱢ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ؟ أﻻ ﯾﻠ ﺰم ﻟﻠﻄ ﻮاف ﺣ ﻮل اﻟﻜﻌﺒ ﺔ؟ ﺑ ﻞ أﻻ‬
‫ﯾُﺸﺮع اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ اﻟﺬي ﯾﺤﺐﱠ أن ﯾﻜﻮن داﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة؟ أﻣﺎ ﻗﺮأﺗﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ أن اﻟﺮﺳﻮل‬
‫‪ r‬ﺗﯿﻤﱠﻢ ﻟﯿﺮ ﱠد ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺴﱠﻼم؟ ﻓﻠﻤﺎذا ﻗﺼﺮﺗﻢ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ھﻨ ﺎ ﻓ ﺄوﺟﺒﺘﻢ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺣ ﯿﻦ دﺧ ﻮل‬
‫اﻟﻮﻗﺖ؟ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أﻧﮫ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻜﱡﻢ واﻟﺘﱠ َﻌﺴﱡﻒ‪.‬‬

‫ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻻﺳ ﺘﻌﺮاض ﻧ ﺼﻞ إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم ﺻ ﻼح اﻷدﻟ ﺔ واﻟﺤﺠ ﺞ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠ ﻰ دﻋ ﻮى اﺷ ﺘﺮاط‬

‫دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ .‬وﺑﺴﻘﻮط ھﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل ﯾﺜﺒﺖ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣَﻦ ﻗﺎل ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ ،‬ﺣﺘﻰ وﻟﻮ‬
‫ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻋﻨ ﺪھﻢ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ذھﺒ ﻮا إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷن ﻗ ﻮﻟﮭﻢ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ﻋﻤ ﻮم اﻷدﻟ ﺔ اﻟﻘﺎﺿ ﯿﺔ ﺑ ﺄن اﻟﺘ ﯿ ﱡﻤﻢ‬
‫ﻃﮭ ﺎرة‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ ﻃﮭ ﺎرة ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠ ﺼﻼة وﻏﯿﺮھ ﺎ ﻛ ﺼﻼح اﻟﻮﺿ ﻮء ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ ،‬وأن ﻧ ﻮاﻗﺾ‬
‫اﻟﻮﺿﻮء ھﻲ ﻧﻮاﻗﺾ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء وﺟﺪان اﻟﻤﺎء ﻣﻦ ﺑﻌ ﺪ ﻓﻘ ﺪه ﻟﻠﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮاه ﻓ ﺎﻟﻨﻮاﻗﺾ ھ ﻲ‬
‫واﻟﻄﮭﺎرة ھﻲ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻔﺔ ﺗ ﺼﻒ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﺑﺄﻧ ﮫ ﻃُﮭ ﻮر‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ذر ﻗ ﺎل »أﺗﯿ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ ذر إن اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻃَﮭ ﻮر ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪت اﻟﻤ ﺎء ﻓﺄَ ِﻣ ﺴﱠﮫ‬
‫ﺑﺸﺮﺗَﻚ« رواه اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗﺎل )ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ(‪ .‬ﺑ ﻞ ﺟ ﺎءت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺗﺼﻒ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺄﻧﮫ وﺿﻮء‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ذر أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل » اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿﺐ وَﺿﻮء اﻟﻤﺴﻠﻢ وﻟﻮ إﻟ ﻰ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪت اﻟﻤ ﺎء ﻓﺄﻣ ﺴﱠﮫ ﺟِﻠْ ﺪَك ‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﺧﯿ ﺮ« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن‪ .‬ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ‬
‫وﺻﺤﺤﮫ‪ ،‬وواﻓﻘﮫ اﻟﺬھﺒﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﺼﻌﯿﺪ وَﺿﻮء اﻟﻤﺴﻠﻢ وإن ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻋ ﺸﺮ‬
‫ﺳ ﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻠْﯿﺘ ﻖ اﷲ وﻟﯿُﻤ ﺴﱠﮫ َﺑ ﺸَ َﺮه‪ ،‬ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﺧﯿ ﺮ« رواه اﻟﺒ ﺰﱠار وﺻ ﺤﺤﮫ اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻘﻄﱠﺎن‪ .‬وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪ :‬رﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫ﻓﻘﺪ أﻃﻠﻘﺖ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻟﻔﻈﺔ اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ وﺿ ﻮء ﻻ ﯾﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻨ ﮫ إﻻ ﺑ ﺄن وﺟ ﺪان‬
‫اﻟﻤﺎء ﻧﺎﻗﺾ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟ ﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪت اﻟﻤ ﺎء ﻓﺄﻣِ ﺴﱠﮫ ﺟﻠ ﺪك« وﻣﻌﻨ ﻰ ذﻟ ﻚ أﻧ ﮫ ﯾﻈ ﻞ‬
‫ﻣﺘﯿﻤﱢﻤًﺎ أي ﻃﺎھﺮًا ﻣﺎ دام اﻟﻤﺎء ﻣﻔﻘﻮداً‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﺮوج وﻗﺖ اﻟﺼﻼة ﻧﺎﻗﻀًﺎ ﻟﺬُﻛﺮ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾُ ﺬﻛﺮ‬
‫دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮده‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎﺋﻢ ﻣﻘ ﺎم اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ أﺣﻜﺎﻣ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺨﺮج ﻋﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﺑﺪﻟﯿﻞ‪ .‬واﻟﻮﺿﻮء ﻻ ﯾﻨﺘﻘﺾ ﺑﺨﺮوج وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﯾﺠ ﻮز ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ‪،‬‬
‫ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬إﻻ أن ﯾُﺆﺗَﻰ ﺑﺪﻟﯿﻞ ﺻﺎﻟﺢ‪ .‬وﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﺎ روي ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ أن ﻻ ﯾ ﺼﻠﱢﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ إﻻ ﺻ ﻼة واﺣ ﺪة ﺛ ﻢ ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ ﻟﻠ ﺼﻼة‬ ‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫اﻷﺧ ﺮى« رواه اﻟ ﺪارﻗﻄﻨﻲ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬أو ﻣ ﺎ روي ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﺤ ﺴﻦ ﺑ ﻦ‬ ‫»ﯾﺘﯿﻤﱠﻢ ﻟﻜﻞ ﺻ ﻼة« رواه اﻟ ﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻣ ﺮو ﱞ‬
‫ﻋﻤ ﺎرة وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ وﻗ ﺎل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‪ :‬ﻣﺘ ﺮوك‪ .‬وأﻣ ﺎ ﻗ ﻮل ﻋﻠ ﻲ ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺮوي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﺤ ﺎرث‬
‫اﻷﻋﻮر واﻟﺤﺎرث ﺿﻌﯿﻒ ﺑﻞ ﻛﺬﺑﮫ ﺑﻌﻀﮭﻢ ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )إﺳ ﻨﺎده ﺿ ﻌﯿﻒ( وﻣﺜﻠﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺘﯿﻤﱠﻢ ﻟﻜﻞ ﺻﻼة ﻛﻤﺎ رواه ﻋﻨﮫ اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﯿ ﮫ ﻋ ﺎﻣﺮ اﻷﺣ ﻮل ﻋ ﻦ‬
‫ﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬وﻋﺎﻣﺮ ﺿﻌﱠﻔﮫ اﺑﻦ ﻋُﯿﯿﻨﺔ وأﺣﻤﺪ‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﻤﺎﻋﮫ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻧﻈﺮ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺰم )اﻟﺮواﯾﺔ ﻓﯿﮫ ﻋﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻻ ﺗﺼﺢ(‪.‬‬

‫وﺟﺪانُ اﻟﻤﺎء ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪه‬

‫‪261‬‬
‫أﺑﻨﱠﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻛﺎﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎءٍ واﺣﺪ ھﻮ أن وﺟﺪان اﻟﻤﺎء ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪه ﯾﻨﻘﺾ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪،‬‬
‫إﻻ أن اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨ ﺎﻗﺾ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺘﻮﻗﯿ ﺖ‪ :‬ھ ﻞ وﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء ﻋﻘ ﺐ أداء‬
‫اﻟﺼﻼة وﻗﺒﻞ ﺧﺮوج اﻟﻮﻗﺖ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ واﻟ ﺼﻼة وﯾﻮﺟ ﺐ اﻹﻋ ﺎدة؟ وھ ﻞ وﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء‬
‫ﺐ ﻟﻼﻧﺼﺮاف ﻋﻨﮭﺎ وإﻋﺎدﺗﮭﺎ ؟ وھﻞ وﺟﺪان اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‬ ‫ﻞ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ وﻟﻠﺼﻼة وﻣﻮﺟ ٌ‬‫اﻟﺼﻼة ﻣﺒﻄ ٌ‬
‫ﻣﺒﻄﻞٌ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ وﻣﻮﺟﺐٌ ﻟﻠﻮﺿﻮء ﻟﻠﺼﻼة؟ أم أن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎق وﺗﺼﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﮫ؟‪.‬‬

‫ﻓﺬھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ إﻟﻰ أن ﻣﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺛ ﻢ وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔ ﺮاغ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻹﻋ ﺎدة‪ ،‬وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻃ ﺎووس وﻋﻄ ﺎء واﻟﻘﺎﺳ ﻢ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‬
‫وﻣﻜﺤﻮل واﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ واﻟﺰﱡھﺮي ورﺑﯿﻌﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮا إﻧﮭﺎ ﺗﺠ ﺐ ﻣ ﻊ ﺑﻘ ﺎء اﻟﻮﻗ ﺖ‪ .‬وذھ ﺐ ﺟﻤﮭ ﻮر اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‬
‫واﻷﺋﻤﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺘﯿﻤﱢﻢ إذا وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ اﻟ ﺼﻼة وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻻ ﺗ ﺼﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ‪.‬‬
‫وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ داود وﺳ ﻠﻤﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﻓ ﺬھﺒﺎ إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب‪ .‬وذھ ﺐ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻷوزاﻋ ﻲ‬
‫واﻟﺜ ﻮري إﻟ ﻰ أن اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺪﺧﻮل ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣﻨﮭ ﺎ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺨ ﺮوج ﻣﻨﮭ ﺎ وإﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‪ ،‬وﺧ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎﻟ ﻚ وداود ﻓﻘ ﺎﻻ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺨ ﺮوج ﺑ ﻞ ﯾﺤ ﺮم‪ ،‬واﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺔ‪.‬‬

‫ﺾ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ‪ .‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﻨ ﺎﻗﺾ ﻣﺘ ﻰ وﺟ ﺪ َﻧ َﻘ ﺾ‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق‬ ‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن وﺟﺪان اﻟﻤﺎء ﻧﺎﻗ ٌ‬
‫ﺟ ﺪ ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ أو ﺑﻌ ﺪه‪ ،‬وﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ وُﺟ ﺪ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة أو ﻓ ﻲ‬ ‫ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑ ﯿﻦ ﻛﻮﻧ ﮫ ُو ِ‬
‫ﻒ ﻻ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬وﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺈن ﻣ ﻦ‬ ‫أﺛﻨﺎﺋﮭﺎ أو ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ھ ﺬه اﻟﺤ ﺎﻻت ﺣﻜﻤﮭ ﺎ واﺣ ﺪ‪ ،‬واﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﺗﻜﱡﻠ ٌ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺛﻢ وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﺼﻼﺗﮫ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ وﻻ إﻋ ﺎدة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وأن اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ‬
‫إن وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﺑﻄﻞ ﺗﯿﻤﱡﻤﮫ ووﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬وﺻﻼﺗﮫ دون وﺿﻮء ﺑﺎﻃﻠ ﺔ‪،‬‬
‫وأن اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺪﺧﻮل ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣﻨﮭ ﺎ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺨ ﺮوج ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫وإﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ .‬وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﯿ ﱡﻤﻢ ﻛﺎﻟﻮﺿﻮء ﻧﺎﻗﻀﮫ ﻛﻨﺎﻗﻀﮫ ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ ،‬واﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺷ ﺒُﮭﺎت وﺗ ﺄوﯾﻼت ودﻻﻻت‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻨﻮاﻗﺾ ﺗﻔﺮﯾﻖ ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻏﺎﯾ ﺔ ﻣ ﺎ ﯾﺘﻤ ﺴﻚ ﺑ ﮫ اﻟ ﺬاھﺒﻮن إﻟﯿ ﮫ ُ‬
‫ﺑﻌﯿﺪة ﻻ ﺗﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻟﻨﻘﺎش‪.‬‬

‫ﻓﻤﺜﻼً ﻗﺎل ﻋﻄﺎء واﻟﻘﺎﺳﻢ وﻣﻜﺤﻮل واﺑﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ واﻟﺰﱡھ ﺮي ورﺑﯿﻌ ﺔ وﻃ ﺎووس‪ :‬ﺗﺠ ﺐ اﻹﻋ ﺎدة‬
‫ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻟﺘﻮﺟﱡﮫ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﮫ ‪ ،‬ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َأﻗِﻢ اﻟﺼﱠﻼ َة[ ﻣﻊ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]إذَا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺼﱠﻼةِ[ ﻓﺸﺮط ﻓﻲ ﺻﺤﺘﮭﺎ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﻜﻦ ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻘﻮﻟ ﮫ ‪» r‬ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻠْﯿﺘ ﻖ اﷲ‬
‫وﻟْﯿُ ِﻤ ﺴﱠﮫ َﺑ ﺸَﺮه«‪ .‬وﻗ ﺎل داود وﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬ﻻ ﯾﺠ ﺐ اﻻﻧ ﺼﺮاف ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﻞ ﯾﺤ ﺮم‪ .‬ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻋﻤَﺎ َﻟ ُﻜﻢْ[ وﻗﺎﻻ‪ :‬ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﺼﻼة ﻗﺪ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻓﺘﺘﺎﺣ ﺎً ﺻ ﺤﯿﺤﺎً ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﻮز ﻧﻘ ﻀﮭﺎ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻻ ُﺗ ْﺒﻄِﻠُﻮا َأ ْ‬
‫واﻻﻧﺼﺮاف ﻣﻨﮭﺎ‪ .‬وﻗﺎل داود‪ :‬إن اﻟﻤﺘﯿﻤﱢﻢ إذا وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻟﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻋﻤَﺎ َﻟ ُﻜﻢْ[‪ .‬وﺗ ﺮدد اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ‪ ،‬وﻋﱠﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ﺟ ﺎء‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وﻻ ُﺗ ْﺒﻄِﻠُﻮا َأ ْ‬
‫ﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬا‬ ‫ﺑﻠﻔﻆ »ﻓﺈذا وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻓ ْﻠ ُﯿ ِﻤﺴﱠﮫ ﺑﺸﺮﺗﮫ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ« ﻋﻠﱠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ )ﯾُﺸﻜِﻞ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب اﻟﻤﺪﱠﻋﻰ(‪ .‬ھﺬه أﻗﻮاﻟﮭﻢ وھﺬه ﺷﺒﮭﺎﺗﮭﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﻮﻟﮫ ـ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ ـ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪ ﱡ‬

‫وﻗﺪ ورد ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج رﺟ ﻼن ﻓ ﻲ ﺳ ﻔﺮ‪ ،‬ﻓﺤ ﻀﺮت‬

‫اﻟﺼﻼة وﻟﯿﺲ ﻣﻌﮭﻤﺎ ﻣﺎء‪ ،‬ﻓﺘﯿﻤﱠﻤﺎ ﺻﻌﯿﺪاً ﻃﯿﺒ ًﺎ ﻓﺼﻠﱠﯿﺎ‪ ،‬ﺛﻢ وﺟﺪا اﻟﻤ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ ـ ﻓﺄﻋ ﺎد أﺣ ﺪھﻤﺎ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﻮﺿﻮء وﻟﻢ ُﯾﻌِﺪ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أﺗﯿﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺬﻛﺮا ذﻟﻚ ﻟ ﮫ ﻓﻘ ﺎل ﻟﻠ ﺬي ﻟ ﻢ ُﯾ ِﻌ ﺪ‪ :‬أﺻ ﺒﺖ‬
‫ﺟ ُﺮ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪارﻣﻲ‬ ‫ﺴﻨﱠﺔ وأﺟﺰأﺗ ﻚ ﺻ ﻼﺗُﻚ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻟﻠ ﺬي ﺗﻮﺿ ﺄ وأﻋ ﺎد‪ :‬ﻟ ﻚ اﻷ ْ‬‫اﻟ ﱡ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ وأﺟﺰأﺗﻚ ﺻ ﻼﺗُﻚ‪،‬‬ ‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ﻓﻘﺎل ﻟﻠﺬي ﻟﻢ ُﯾﻌِﺪ‪ :‬أﺻﺒﺖ اﻟ ﱡ‬
‫ﺟ َﻤ َﻊ أﺟ َﺮ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪.‬‬
‫ﺟﻤْﻊ« ﻗﻮﻟﮫ ﺳَﮭﻢ ﺟﻤﻊ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ َ‬ ‫ﺳ ْﮭ ِﻢ َ‬
‫وﻗﺎل ﻟﻶﺧﺮ‪ :‬أﻣﺎ أﻧﺖ ﻓﻠﻚ ﻣﺜﻞ َ‬

‫‪262‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﺼﻌﯿﺪ وَﺿﻮء اﻟﻤﺴﻠﻢ وإن ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻋ ﺸﺮ‬
‫ﺳ ﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻠْﯿﺘ ﻖ اﷲ وﻟْﯿُ ِﻤ ﺴﱠﮫ َﺑ ﺸَﺮَه ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﺧﯿ ﺮ« رواه اﻟﺒ ﺰﱠار ورﺟﺎﻟ ﮫ رﺟ ﺎل‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎن‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول َر ﱞد ﺻﺮﯾﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أوﺟﺐ اﻹﻋﺎدة ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أﻧﮫ ﻻ اﺟﺘﮭﺎد ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻨﺺ‪ ،‬وھﺬا ﻧﺺ ﻓﻼ ﯾﺤﻞﱡ اﻟﻘﻮل ﺑﺨﻼﻓﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻠﺬي ﻟﻢ ﯾُﻌِﺪْ‬
‫»أﺻﺒﺖ اﻟﺴﱡﻨﺔ وأﺟﺰأﺋﻚ ﺻ ﻼﺗﻚ« ﻣﻨﻄ ﻮق ﻓ ﻲ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻹﻋ ﺎدة‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ رأﯾﮭ ﻢ أو اﺟﺘﮭ ﺎدھﻢ‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ر ﱞد ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إن اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ اﻻﻧ ﺼﺮاف ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة إن وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻓ ﻲ أﺛﻨﺎﺋﮭ ﺎ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم »ﻓﺈذا وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻓﻠﯿﺘﻖ اﷲ و ْﻟ ُﯿ ِﻤﺴﱠﮫ َﺑﺸَﺮه« ﻋﺎم ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣ ﺎﻻت وﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء ﻻ‬
‫ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﺣﺎﻟ ﺔ ﻣ ﺎ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﺣﺎﻟ ﺔ ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪھﺎ ‪ .‬ﻓﻮﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻛ ﺎﻟﺒﻮل‬
‫اﻟﻨﺎﻗﺾ ﻟﻠﻮﺿﻮء‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن ﻣﻦ ﺑﺎل اﻧﺘﻘﺾ وﺿﺆوه ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﺻﻼة أو ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة أو ﺑﻌ ﺪھﺎ‪،‬‬
‫وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﺼﻼة أو ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ أو ﻗﺒ ﻞ ﺧﺮوﺟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟﻤﺘ ﯿﻤﱢﻢ إن وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‬
‫اﻧﺘﻘﺾ ﺗﯿﻤﱡﻤُﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة أو ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أو ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﺼﻼة أو ﻗﺒﻞ‬
‫دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ أو ﻗﺒﻞ ﺧﺮوﺟﮫ‪ ،‬وﻣﻦ ادﻋﻰ اﻟﺘﺨﺼﯿﺺ ﺑﺤﺎﻟ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺎﻻت ﻓﻠﯿ ﺄت ﺑ ﺪﻟﯿﻞ‪ ،‬ﻻ ﺑ ﺸﺒﮭﺔ‬
‫وﻻ ﺑﺘﺄوﯾﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻓﮭ ﻮ ﻇ ﺎھ ٌﺮ ﺟ ﺪاً‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﯾﻨ ﺘﻘﺾُ ﺑﻮﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﯾ ﺼﺢ ﻟ ﮫ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ دون وﺿﻮء؟ وأﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻜﯿ ﻒ ُﯾ ﺘِﻢﱡ ﺻ ﻼﺗﮫ وﻗ ﺪ ﺑﻄ ﻞ ﺗﯿﻤﱡﻤ ﮫ ﺑﻮﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء؟‬
‫ﻋ َﻤ ﺎ َﻟ ُﻜﻢْ[؟ ﻓﻤ ﺎ‬
‫ﻻ ﺑﺎﻵﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ ]وﻻ ُﺗ ْﺒﻄِﻠُ ﻮا َأ ْ‬
‫وھﻞ ﻣﻦ أﺧﺮج رﯾﺤًﺎ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ُﯾ ﺘِﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﺴﺘﺪ ً‬
‫ﺷ ﺄﻧﻨﺎ وﻗ ﺪ ﺑﻄﻠ ﺖ ﻃﮭﺎرﺗﻨ ﺎ ﻓ ﻲ إﺑﻄ ﺎل اﻷﻋﻤ ﺎل؟ ﺛ ﻢ أي إﺑﻄ ﺎل ﻟﻸﻋﻤ ﺎل ھ ﺬا وﻧﺤ ﻦ ﻧﻮﺟ ﺐ إﻋ ﺎدة‬
‫اﻟﺼﻼة؟‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﺮد ﻓﻌﻼً‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﺗﺮدد اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺎء‪،‬‬
‫وﻣﺒﻌﺚ ﺗﺮدده راﺟﻊ إﻟﻰ أن ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ذر ﯾﻘ ـﻮل ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى اﻟﺮواﯾ ﺎت »ﻓ ﺈذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ﻓﻠْﯿُ ِﻤ ﺴﱠﮫ‬
‫ﺑﺸﺮﺗﮫ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ« ﻓﻘﺪ ﻋﻘﱠﺐ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﮫ ﻣﺲ اﻟﺒﺸﺮة ﺑﺎﻟﻤﺎء أي اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓ ﺈن‬
‫ﺐ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل‪ ،‬واﻟﺤ ﻖ ﻣﻌ ﮫ ﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ‬ ‫ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ« ﻓﺎﻋﺘﺒﺮھﺎ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﺻﺎرﻓ ًﺔ اﻟﻄﻠ َ‬
‫ﻆ ﻓﯿﮫ زﯾﺎدة ﺗﺰﯾﻞ اﻟﺘﺮدد وﺗﻠﻐﻲ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ اﻟ ﺼﺮف ﻋ ﻦ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻏﻔ ﻞ اﻟ ﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‬ ‫ﻟﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻔ ٌ‬
‫ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة اﻟﻮاردة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺒ ﺰﱠار‪ ،‬وھ ﻲ‪» :‬ﻓﻠْﯿﺘ ﻖ اﷲ« رﻏ ﻢ أﻧ ﮫ أورد ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏﻔ ﻞ ﻋ ﻦ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻓﺘ ﺮدد‪ .‬ذﻟ ﻚ أن ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﻓﻠﯿﺘ ﻖ‬
‫اﷲ« ﻗﺮﯾﻨﺔ ﺗﻔﯿﺪ وﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻤﻦ وﺟﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻘ ﺎل اﱠﺗ ﻖ اﷲ إﻻ ﻓ ﻲ ﻣﻌ ﺮض اﻟﻮاﺟ ﺐ أو‬
‫اﻟﻤﺤ ﺮﱠم‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻨ ﺪوﺑﺎت واﻟﻤﺒﺎﺣ ﺎت واﻟﻤﻜﺮوھ ﺎت‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒ ﺰﱠار ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺼﺮف اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وھﻲ ﻣﺴﻘﻄﺔٌ ﻟﺮأي ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺎﻟﻨﺪب وﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﺳﺘﺪﻻﺗﮭﻢ ﺑﺎﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ]إذا ُﻗ ْﻤ ُﺘﻢْ إﻟﻰ اﻟﺼﱠﻼةِ[ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻹﻋﺎدة ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺛﻢ‬
‫وﺟﺪ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻓﮭﻮ اﺳﺘﺪﻻل ﺑﻤﻔﮭﻮم ﯾﻌﺎرﺿﮫ ﻣﻨﻄﻮق ﺣﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻟﻤﻔﮭ ﻮم ﻻ ﯾﻘ ﻮى‬
‫ﺠ ﺮف‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛ ﺎن‬ ‫ﻋﻠ ﻰ ﻣﻌﺎرﺿ ﺔ اﻟﻤﻨﻄ ﻮق‪ ،‬وﻗ ﺪ روى ﻧ ﺎﻓﻊ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ »أﻧ ﮫ أﻗﺒ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟ ُ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺮﺑﺪ ﺗ ﯿﻤﱠﻢ‪ ،‬ﻓﻤ ﺴﺢ وﺟﮭ ﮫ وﯾﺪﯾ ﮫ وﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ واﻟ ﺸﻤﺲ ﻣﺮﺗﻔﻌ ﺔ ﻓﻠ ﻢ ُﯾ ِﻌ ﺪ‬
‫اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ‪ .‬ورواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﻓﺘﯿﻤﱠﻢ ﺑﺎﻟﺼﻌﯿﺪ وﺻﻠﻰ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ ِﻌﺪْ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻼة« ‪ .‬واﻟﺠُﺮف ﻣﻜﺎن ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪.‬‬

‫‪263‬‬
 ‫ﻣﺴﺄﻟــﺔ‬
‫ﯾﻜﻮن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس ﻛﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺤَﺪَث اﻷﺻﻐﺮ‪ ،‬واﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‬
‫واﻟﺤﯿﺾ واﻟﻨﻔﺎس ﯾﻨﻘﻀﮫ ﻣﺎ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻐ ﺴﻞ ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء‪ ،‬واﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺤَ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ﯾﻨﻘ ﻀﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺳ ﻮاء ﺑ ﺴﻮاء ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء وﺟ ﺪان اﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻧ ﺎﻗﺾ ﻟﻜﻠﯿﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ زوال اﻟﻌ ﺬر اﻟﻤﺒ ﯿﺢ‬
‫ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﯿﻤﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﺛ ﻢ أﺣ ﺪث ﺣَ ﺪَﺛًﺎ أﺻ ﻐﺮ ﻛ ﺄن ﺑ ﺎل أو ﺗﻐ ﻮﱠط اﻧ ﺘﻘﺾ ﺗﯿﻤﱡﻤ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﺤَ ﺪَث‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﺻ ﻐﺮ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻻ‬ ‫اﻷﺻ ﻐﺮ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻨ ﺘﻘﺾ ﺗﯿﻤﱡﻤ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن ﻧ ﺎﻗﺾ اﻟ َ‬
‫ﺤ ﺪَث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ أن‬ ‫ﻼ ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻣ ﻦ اﻟ َ‬ ‫اﻟﻐُﺴﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻨﻘﺾ ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ‪ ،‬واﻟﺠﻤﺎع ﻣﺜ ً‬
‫ﯾﻘﺎل إن اﻟﺒﻮل ﯾﻨﻘﺾ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻘﺎم اﻟﻐُﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﻟﻤﺎﻟﻜﯿ ﺔ اﻟ ﺬﯾﻦ ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻟﺒ ﻮل‬
‫ﺟﻨُﺒًﺎ‪.‬‬
‫ﺤﺪَث اﻷﺻﻐﺮ ﻣﻌﺎً‪ ،‬أي ﯾﻌﻮد ُ‬ ‫ﻼ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﻣﻦ اﻟ َ‬ ‫ﻣﺜ ً‬

‫وﻟ ﺴﺖ أرﯾ ﺪ أن أرد ﻋﻠ ﻰ رأي اﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﯿﻦ ھ ﺬا ﺑ ﺄﻛﺜﺮ ﻣ ﻦ أن أﻗ ﻮل إن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﯾﻘ ﻮم‬
‫ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻣﻘﺎم اﻟﻐُﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﯾﺄﺧﺬ أﺣﻜﺎﻣ ﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟﺒ ﻮل ﻣ ﺜﻼً ﯾ ﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻻ ﯾ ﻨﻘﺾ‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ اﻟﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ أﯾﻀﺎً ﺑﺨﺼﻮص اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﺛﯿﻦ اﻷﻛﺒﺮ واﻷﺻﻐﺮ‪.‬‬

‫ﻣﺘﻰ ُﯾﺸﺮع اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ؟‬

‫ﯾُﺸﺮع اﻟﺘﯿﻤﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد اﻟﻌﺬر اﻟﻤ ﺎﻧﻊ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤ ﺎء‬
‫ﻣﻊ وﺟﻮده‪ .‬وﻧﻔﺼﱢﻞ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪:‬‬

‫أو ًﻻ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء وھﻲ اﻷﺻﻞ‪ .‬وھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ وإن‬
‫ﻛﺎن اﻷﺻﻞ ﻓﯿﮭﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﱠﻔﺮ‪ ،‬ﻷﻧﮫ َﻗﻠﱠﻤﺎ ﯾُﻔﻘﺪ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﻀﺮ‪ ،‬وﻟ ﺬا إذا أرﯾ ﺪ ِذ ْﻛ ُﺮ َﻓ ْﻘ ِﺪ‬
‫اﻟﻤﺎء ذُ ِﻛ َﺮ ﺑﺪﻟَﮫ اﻟﺴﻔ ُﺮ ﻟﻠﺘﻐﻠﯿﺐ‪ ،‬وإذا أرﯾﺪ ذِﻛﺮ وﺟﻮد اﻟﻤﺎء ذُﻛ ﺮ ﺑﺪﻟ ﮫ اﻟﺤ ﻀﺮ ﻟﻠﺘﻐﻠﯿ ﺐ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫ﺢ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟ ﺴﻔﺮ ﺑﺬاﺗ ﮫ ﺳ ﺒﺐ ﻣﺒ ﯿﺢ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬ ‫ﺐ ﻣﺒ ﯿ ٍ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ أﻧ ﮫ إذا ُذ ِﻛ ﺮ اﻟ ﺴﱠﻔﺮ ﻛ ﺴﺒ ٍ‬
‫ﺐ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺤ ﻀﺮ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻟﺴﺒﺐ ھﻮ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإذا ذُﻛﺮ اﻟﺤﻀﺮ ﻛﺴﺒ ٍ‬
‫ذاﺗﮫ ﻣﺎﻧﻊ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﻤ ﺎﻧﻊ ھ ﻮ وﺟ ﻮد اﻟﻤ ﺎء ﻓﯿ ﮫ‪ .‬ھﻜ ﺬا ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﺗﻔﮭ ﻢ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت‬
‫ﺢ ﻟﻠﺘ ﯿﻤﱡﻢ‬ ‫ﺐ ﻣﺒ ﯿ ٌ‬
‫وأﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬وھﻜﺬا ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻔﮭﻢ أﻗﻮال اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء‪ .‬واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻓﻘﺪ اﻟﻤﺎء ﺳﺒ ٌ‬
‫ھﻲ‪:‬‬

‫ﺴﺘُﻢ‬
‫ﻂ أَو ﻻ َﻣ ْ‬
‫ﺣ ٌﺪ ِﻣ ْﻨﻜُ ْﻢ ِﻣ ﻦ اﻟ َﻐ ﺎ ِﺋ ِ‬
‫ﺟ ﺎء َأ َ‬
‫ﺳ َﻔ ٍﺮ أو َ‬
‫ﺿ ﻰ أَو ﻋﻠ ﻰ َ‬ ‫‪ -1‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] وإ ْ‬
‫ن ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ َﻣ ْﺮ َ‬
‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 6‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬ ‫ﺻ ِﻌﯿْﺪًا َ‬
‫ﺠﺪُوا ﻣﺎ ًء َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬
‫اﻟﻨﱢﺴﺎ َء ﻓﻠﻢ َﺗ ِ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﻔَﺮ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ... r‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧﻔﺘ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ إذا ھﻮ ﺑﺮﺟ ٍﻞ ﻣﻌﺘﺰل ﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﯾ ﺎ ﻓ ﻼن أن ﺗ ﺼﻠﻰ ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﻮم؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫أﺻﺎﺑﺘﻨﻲ ﺟﻨﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﺎء‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟﺼﻌﯿﺪ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻔﯿﻚ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ﻗﺎل »إﻧﻲ اﺟﺘﻮﯾﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﻟﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺬَو ٍد ﻣﻦ إﺑ ٍﻞ وﻏ ﻨ ٍﻢ ﻓﻜﻨ ﺖ‬
‫أﻛﻮن ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻨﺖ أﻋﺰب ﻋﻦ اﻟﻤﺎء وﻣﻌﻲ أھﻠﻲ ﻓﺘُﺼﯿﺒﻨﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ أﻧﻲ ﻗﺪ ھﻠﻜ ﺖ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻌ ﺪت ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌﯿ ﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﮭﯿ ﺖ إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ... r‬وﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ھﻠﻜ ﺖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وﻣ ﺎ‬
‫أھﻠﻜﻚ؟ ﻓﺤﺪﺛﺘﮫ ﻓﻀﺤﻚ ‪ ...‬ﻓﺄﻣﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟﻼً ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ﻓﺴﺘﺮﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘﺴﻠﺖ ﺛﻢ أﺗﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪:‬‬
‫إن اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿﺐ ﻃَﮭﻮ ٌر ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ اﻟﻤﺎء وﻟﻮ إﻟﻰ ﻋﺸﺮ ﺣﺠﺞ‪ ،‬ﻓﺈذا وﺟﺪت اﻟﻤﺎء ﻓ َﺄ ِﻣﺲﱠ ﺑ ﺸﺮﺗﻚ«‬

‫‪264‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬واﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺠﮭﻮل ﻓﻲ ﺳﻨﺪ أﺣﻤﺪ ھﻮ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ ﺑﺠ ﺪان‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻗﻮﻟﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮان »أﺻ ﺎﺑﺘﻨﻲ ﺟﻨﺎﺑ ﺔ وﻻ ﻣ ﺎء« ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن ﻓﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺎء ھ ﻮ ﺳ ﺒﺐ ﻗﻮﻟ ﮫ‬

‫ﻃﯿﱢﺒ ًﺎ[‬ ‫ﺠﺪُوا ﻣﺎءً[ ھﻮ ذﻛﺮٌ ﻟﺴﺒﺐ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﻓ َﺘ َﯿﻤﱠﻤُﻮا َ‬
‫ﺻ ِﻌﯿْﺪًا َ‬ ‫»ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟﺼﻌﯿﺪ« وﻗﻮﻟُﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓﻠﻢ َﺗ ِ‬
‫ﺐ ﻟﻘﻮﻟ ﮫ‬ ‫‪ .‬وﻗﻮﻟُﮫ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ذر »ﻓﻜﻨﺖ أﻋ ﺰب ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺎء وﻣﻌ ﻲ أھﻠ ﻲ ﻓﺘ ﺼﯿﺒﻨﻲ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ« ﺳ ﺒ ٌ‬
‫»إن اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿﺐ ﻃَﮭﻮر ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ اﻟﻤﺎء« ﺑﻞ إن اﻟﺠﻮاب ﻧﻔﺴﮫ ﯾﺤﻤ ﻞ اﻟ ﺴﺒﺐ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟﻌﻠ ﺖ‬
‫ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص َﻓ ْﻘ َﺪ اﻟﻤﺎء ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻇﺎھﺮ‪ ،‬وھﺬا ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻓﯿﮫ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪.‬‬

‫ﺻ ﻞ إﻟﯿ ﮫ‬
‫ن ﻧ ﺎ ٍء ﻻ ﯾُﻮ َ‬
‫وﺗﺸﻤﻞ ﺣﺎﻟﺔ َﻓﻘْ ِﺪ اﻟﻤﺎء ﻋﺪم وﺟﻮده ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﻌﻼً ‪ ،‬أو وﺟ ﻮده ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎ ٍ‬
‫إﻻ ﺑ َﻔ ﻮْت اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬أو ﺣ ﺼﻮل ﻣ ﺸﻘﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺻ ﻮل إﻟﯿ ﮫ ﻟﺒﻌ ﺪه‪ ،‬أو َﻓ ﻮْت اﻟﺮﻓﻘ ﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ ﻟ ﻮ ﻃﻠﺒ ﮫ‪ ،‬أو‬
‫وﺟﻮد زﺣﺎم ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮫ ﺧﻼل اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬أو وﺟﻮد ﻋﺪوﱟ ﻣﻦ إﻧﺴﺎن أو ﺣﯿﻮان ﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨ ﮫ‬
‫وﺑﯿﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أو وﺟﻮده ﻓﻲ ﺑﺌﺮ ﻻ ﯾﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺎﺋﮭﺎ إﻻ ﺑﺪﻟﻮ وﺣﺒﻞ وﻻ دﻟﻮ وﻻ ﺣﺒ ﻞ ﻟﺪﯾ ﮫ‪،‬‬
‫أو أن ﯾﻜﻮن ﺳﺠﯿﻨﺎً ﻣﺤﺠﻮزًا ﻋﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﻘﺮﯾﺐ ﻣﻨﮫ‪ ،‬أو وﺟﻮد ﻗﻠﱠﺔ ﻣﻨﮫ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻐﯿﺮ ﺷﺮﺑﮫ وﺗﺤﻀﯿﺮ‬
‫ﻃﻌﺎﻣﮫ أو ﻃﻌﺎم رﻓﻘﺎﺋﮫ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه أو ﺷُﺮب دواﺑﮫ‪ ،‬وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻣ ﺎ إذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺎء ﻣﻮﺟ ﻮدًا‬
‫وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ إﻻ ﺑﺜﻤﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻤﻦ اﻟﻤﺜﻞ‪ ،‬ﻓﮭﺬه ﻛﻠﮭﺎ ﺗ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻓﻘ ﺪ اﻟﻤ ﺎء اﻟﻤﺒﯿﺤ ﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬وﺟﻮد اﻟﻌﺬر اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء‪ .‬وھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺸﻤﻞ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﻤﺮﯾﺾ اﻟﺬي ﯾﺘﻀﺮر ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﺑﺰﯾﺎدة اﻟﻌﻠﱠﺔ أو ﺗﺄﺧﱡﺮ اﻟﺸﻔﺎء‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﺠ ﺮﯾﺢ اﻟ ﺬي ﯾﺨ ﺸﻰ ﻣ ﻦ ﺗ ﺄﺧﺮ اﻟﺘﺌ ﺎم ﺟُﺮﺣ ﮫ أو زﯾ ﺎدة اﻟﻌﱠﻠ ﺔ ‪ ،‬أو ﺣ ﺼﻮل أَﻟ ٍﻢ ﺑﻠﯿ ﻎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﻼﻣﺴﺔ اﻟﻤﺎء ﻟﺠﺮاﺣﮫ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ ﺷﺪﯾﺪة اﻟﺒﺮد وﻻ ﯾﺠﺪ ﺳﻮى ﻣﺎء ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺒﺮودة‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻋﻨﺪه ﻧﺎر ﻟﺘﺴﺨﯿﻨﮫ‪،‬‬
‫ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻮ اﻏﺘﺴﻞ ﻣﻨﮫ ﻧﺎﻟﮫ ﺿﺮر ﻓﻲ ﺑﺪﻧﮫ‪ ،‬أو ﺧﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﮭﻼك‪.‬‬

‫واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ن ُﻛ ْﻨ ُﺘ ْﻢ َﻣ ْﺮﺿَﻰ ‪.[...‬‬
‫‪ -1‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وإ ْ‬

‫ﻼ ﻣﻨ ﺎ ﺣﺠ ـ ٌﺮ ﻓ ﺸﺠﱠﮫ ﻓ ﻲ رأﺳ ﮫ ﺛ ﻢ اﺣ ﺘﻠﻢ‪،‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺳ ﻔَﺮ‪ ،‬ﻓﺄﺻ ﺎب رﺟ ً‬
‫ﻓﺴﺄل أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ھﻞ ﺗﺠﺪون ﻟ ﻲ رﺧ ﺼﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ؟ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣ ﺎ ﻧﺠ ﺪ ﻟ ﻚ رﺧ ﺼﺔ وأﻧ ﺖ ﺗﻘ ﺪر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ ﻓﻤﺎت‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أُﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺘﻠﻮه ﻗ ﺘﻠﮭﻢ اﷲ‪ ،‬أﻻ ﺳ ﺄﻟﻮا‬
‫ﻲ اﻟﺴﺆال‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻜﻔﯿﮫ أن ﯾﺘ ﯿﻤﱠﻢ وﯾﻌ ﺼﺮ أو ﯾﻌ ﺼﺐ ﻋﻠ ﻰ ﺟﺮﺣ ﮫ‬ ‫إذ ﻟﻢ ﯾﻌﻠﻤﻮا‪ ،‬ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺷِﻔﺎء اﻟ ِﻌ ﱢ‬
‫ﺧﺮﻗﺔ ﺛﻢ ﯾﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﯾﻐﺴﻞ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﺴﺪه« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﺻﺤﺤﮫ اﺑﻦ اﻟﺴﻜﻦ‪.‬‬

‫ﺖ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ ﺑﺎردة ﻓﻲ ﻏﺰوة ذات اﻟﺴﻼﺳﻞ‪ ،‬ﻓﺄﺷﻔﻘﺖُ إنْ‬ ‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﻗﺎل »اﺣﺘﻠﻤ ُ‬
‫اﻏﺘﺴﻠﺖُ أن أھﻠ ﻚ ﻓﺘﯿﻤﱠﻤ ﺖ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﯿﺖ ﺑﺄﺻ ﺤﺎﺑﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮوا ذﻟ ﻚ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻋﻤ ﺮو‬
‫ﺟﻨُﺐ؟ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﮫ ﺑﺎﻟﺬي ﻣﻨﻌﻨﻲ ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺴﺎل‪ ،‬وﻗﻠﺖ‪ :‬إﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ اﷲ ﯾﻘﻮل ـ‬ ‫ﺻﻠﯿﺖ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻚ وأﻧﺖ ُ‬

‫‪265‬‬
‫وﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮا أﻧﻔﺴَﻜﻢ إن اﷲ ﻛﺎن ﺑﻜﻢ رﺣﯿﻤ ﺎً ـ ﻓ ﻀﺤﻚ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻞ ﺷ ﯿﺌًﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﺗﻌﻠﯿﻘًﺎ‪.‬‬
‫واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ اﻷول دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺬر اﻷول‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗﻢ ‪ 2‬دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺬر اﻟﺜﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗﻢ ‪ 3‬دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺬر اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ .‬وﯾﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص أﯾﻀ ًﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن اﻟﻌ ﺬر اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾﺨ ﺘﺺ ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑ ﺪل اﻟ ُﻐ ﺴﻞ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺪل اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻷن اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‬
‫اﻟﺒﺎرد ﻻ ﯾُﺘﺼﻮر ﻓﯿﮫ أن ﯾﻠﺤﻖ اﻟﻀﺮر ﻓﻲ اﻟﺒﺪن أو ﯾﮭﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ‪.‬‬

‫ﻋ ﺼْﺐ اﻟﺠ ﺮح‬ ‫‪ -2‬إن اﻟﺠﺮح ﻻ ﯾﻜﻔﯿﮫ أن ﯾُﺘﯿﻤﱠﻢ ﻟﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾ ﻀﻢ إﻟ ﻰ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ َ‬
‫واﻟﻤﺴﺢَ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻏﺴﻞ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﺴﺪه ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ وﻧﺤﻮھﺎ‪ ،‬أو اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﯿﮫ واﻹﺗﯿ ﺎن ﺑ ﺴﺎﺋﺮ‬
‫أﻓﻌ ﺎل اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ودﻟﯿﻠ ﮫ اﻟ ﻨﺺ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻐ ﺴﻞ ﯾُﻠﺤ ﻖ ﺿ ﺮرًا ﺑ ﺎﻟﺠﺮح ﻛﻤ ﻦ أُﺟﺮﯾ ﺖ ﻟ ﮫ‬
‫ﻖ ﺑﻄﻦٍ أو ﺻﺪر ﻓﺈن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﯾﻜﻔﯿﮫ ﻹزاﻟﺔ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ودﻟﯿﻠﮫ اﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪.‬‬‫ﻋﻤﻠﯿ ُﺔ ﺷ ﱢ‬

‫ﻣﺴﺄﻟـﺔ‬
‫إذا زال اﻟﻌ ﺬر اﻟﻤ ﺎﻧﻊ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤ ﺎء ﺑﻄ ﻞ اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ ﻓ ﻮراً‪ ،‬ووﺟ ﺐ أن ﯾﻐﺘ ﺴﻞ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬أو‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺣﺎﻟﮫ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺄﻟﺔ‬
‫اﻟﺘﺮاب واﻟﺮﻣﻞ وﺳﻮاھﻤﺎ ﻣﻤﺎ ُﯾﺘَﯿﻤﱠﻢ ﺑﮫ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﱠﯿﻤﱡﻢ ﺑﮫ ﻣﺮﱠات وﻣﺮﱠات‪ ،‬وﻻ ﯾُﻔﻘ ﺪه اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ وﺻﻼﺣﮫ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ ﺛﺎﻧﯿﺔ وﺛﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺮِد أيﱡ دﻟﯿ ﻞ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﻣ ﺮة‪،‬‬
‫ﻓﯿﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻃُﮭﻮرﯾﺘﮫ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺄﻟﺔ‬
‫ﻗﺎل ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻨﮭﻢ اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ‪ :‬إن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﺪن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻧﺠﺎﺳﺔ وﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﻏﺴﻠﮭﺎ ﻟﻌﺪم‬
‫اﻟﻤ ﺎء أو ﺧ ﻮف اﻟ ﻀﺮر ﺑﺎﺳ ﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﺗ ﯿﻤﱠﻢ ﻟﮭ ﺎ وﺻ ﻠﻰ‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ :‬اﻟ ﺼﻌﯿﺪ اﻟﻄﯿ ﺐ ﻃَﮭ ﻮر‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ وإن ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺎء ﻋﺸﺮ ﺳﻨﯿﻦ ‪ .‬وھﺬا اﺳﺘﺪﻻل ﻓﺎﺳﺪ ﻻ ﯾﺼﺢ‪ ،‬ﻷن اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ھﻮ ﻋﺒﺎدة ﺗﻘﻮم ﻣﻘ ﺎم‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ واﻟﻮﺿﻮء ‪ ،‬ﻓﯿﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ورد ﻷﺟﻠﮫ‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ ھﻮ داﺧﻞ ﻓ ﻲ ﻋﻤ ﻮم اﻷﺧﺒ ﺎر‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻗ ﻮل‬
‫ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬ﻷن ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ھ ﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻌﻤ ﻮم ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﻀﻊ ﺗﺤﺘ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻔﺮﺿﯿﺎت واﻟﺘﺄوﯾﻼت‪.‬‬

‫ﻄﮭُﻮرﯾﻦ‬
‫ﺻﻼة ﻓﺎﻗﺪ اﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻄﱠﮭﻮرﯾﻦ اﻟﻤﺎء واﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎءت اﻟﻨﺼﻮص ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻮﺿﻮء ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﻮﺟﺪ اﻟﻤﺎء أو ﻣﻨﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓﺒﺎﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﺑﺎﻟﺼﻌﯿﺪ‪ .‬وﻧﺤﻦ ﻧﺒﺤﺚ اﻵن ﺣﺎﻟﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ھ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ َﻓ ْﻘ ِﺪ‬
‫ﻦ ﻓ ﻲ ﺣﺎﺷ ﺮة ﻻ ﻣ ﺎء ﻋﻨ ﺪه وﻻ‬ ‫ﺟ ﺪ ﺳ ﺠﯿ ٌ‬
‫ن ﯾُﻮ َ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ أ ْ‬
‫اﻟﻤ ﺎء و َﻓ ْﻘ ﺪِ اﻟ ﺼﻌﯿﺪ ﻣﻌ ﺎً‪ .‬وﻛﻤﺜ ﺎ ٍ‬
‫ﺻﻌﯿﺪ‪ ،‬وﻻ ﺟﺪار ﻟﺤﺎﺷﺮﺗﮫ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬وأراد ھﺬا اﻟﺴﺠﯿﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﯾﻔﻌﻞ؟ ھ ﻞ ﯾ ﺼﻠﻲ دون‬

‫‪266‬‬
‫ﻃﮭﻮر أم ﻻ ﯾﺼﻠﻲ؟ وھﻞ إذا ﺻﻠﻰ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺣ ﯿﻦ وﺟ ﺪ أﺣ ﺪ اﻟﻄﱠﮭ ﻮرﯾﻦ‪ ،‬ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة؟‬
‫ھﺬه ھﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ .‬وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫ﺻ ﻮرﯾﺔ‪ ،‬أي ﯾﻘ ﻮم اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺑﺤﺮﻛ ﺎت اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ وﻗ ﻮف‬ ‫اﻷﺣﻨ ﺎف ﻗ ﺎﻟﻮا ‪ :‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة ُ‬
‫ورﻛ ﻮع وﺳ ﺠﻮد وﺟﻠ ﻮس دون ﻗ ﺮاءة أو ﺗ ﺴﺒﯿﺢ أو ﺗ ﺸﮭﱡﺪ‪ ،‬ودون ﻧﱠﯿ ﺔ‪ ،‬وﺗﺒﻘ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ذﻣﺘ ﮫ‪،‬‬
‫ﯾﻘﻀﯿﮭﺎ ﻣﺘﻰ وﺟﺪ اﻟﻤﺎء أو اﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬وﺷﺎرﻛﮭﻢ ﻓﻲ وﺟﻮب اﻟﻘﻀﺎء اﻟﺜﻮري واﻷوزاﻋﻲ‪ .‬واﻟﻤ ﺎﻟﻜﯿﻮن‬
‫ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻨﮫ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ وﻻ ﯾﻘ ﻀﻲ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء أو اﻟ ﺼﻌﯿﺪ‪ .‬واﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬إن‬
‫ﻛ ﺎن ﺟُﻨُﺒ ًﺎ ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﺼﻼة ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﯾﻘﺘ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﯾﻌﯿ ﺪھﺎ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء أو‬
‫اﻟﺘ ﺮاب‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﻣُﺤْ ﺪِﺛﺎً ﺣَ ﺪَﺛﺎً أﺻﻐ ـﺮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة ﺗﺎﻣ ﺔ ﻣﻌﺘ ﺎدة‪ ،‬وﯾﻌﯿ ﺪھﺎ ﻣﺘ ﻰ وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء أو‬
‫اﻟﺘﺮاب‪ .‬واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﯾﺼﻠﻲ وﻻ ﯾﻌﯿ ﺪ إذا وﺟ ﺪ اﻟﻤ ﺎء أو اﻟﺘ ﺮاب‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﯾﻘﺘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻔﺮوض‪ ،‬وﺷﺎرﻛﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻹﻋﺎدة اﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ وﺳَﺤﻨﻮن واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫واﻟﺮأي اﻟﺬي ﯾﺘ ﺮﺟﺢ ﻟ ﺪﯾﻨﺎ ھ ﻮ رأي اﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ و َﻣ ﻦ ﺷ ﺎرﻛﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺴﺠﯿﻦ اﻟ ﺬي ﻻ ﻣ ﺎء ﻋﻨ ﺪه وﻻ‬
‫ﺻﻌﯿﺪ‪ ،‬واﻟﻤﺮﯾﺾ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻐ ﺎدرة ﻓﺮاﺷ ﮫ ﻟﻮﺿ ﻮء أو ﺗ ﯿ ﱡﻤﻢ‪ ،‬وﻻ أﺣ َﺪ ﻋﻨ ﺪه ﯾ ﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑ ﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ إﺣﻀﺎر اﻟﻤﺎء أو اﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬ﯾﺼﻠﯿﺎن ﺻﻼة ﺗﺎﻣﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻣﻌﺘﺎدة‪ ،‬وﯾﻜﻮﻧﺎن ﻗﺪ أدﱠﯾﺎ واﺟﺒﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﻠﺰﻣﮭﻤﺎ ﻗﻀﺎء اﻟﺼﻼة أو إﻋﺎدﺗﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوج اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وﯾﻤﻜﻨﮭﻤﺎ أن ﯾﺼﻠﯿﺎ دون ﻃﮭﺎرة ﻣﺎ ﺷﺎءا ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﻮاﻓﻞ أﯾﻀًﺎ‪.‬‬

‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ روت ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ اﺳﺘﻌﺎرت ﻣﻦ أﺳ ﻤﺎء ﻗ ﻼدة ﻓﮭﻠﻜ ﺖ‪،‬‬
‫ﻓﺄرﺳﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﺎﺳﺎً ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﺄدرﻛﺘﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﱡﻮا ﺑﻐﯿ ﺮ وﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫أﺗﻮا اﻟﻨﺒﻲ ‪َ r‬‬
‫ﺷ َﻜﻮْا ذﻟﻚ إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻨﺰﻟﺖ آﯾﺔ اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ودﻻﻟﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أن ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺻﻠﻮا دون وﺿﻮء ‪ ،‬وﻃﺒﻌ ًﺎ دون ﺗ ﯿﻤﱡﻢ‪ ،‬ﻷن اﻟﺘ ﯿﻤﱡﻢ‬
‫ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﺪ ﺷُﺮع ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺮ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ إﻗﺮارًا ﻣﻨﮫ ﻟﻔﻌﻠﮭﻢ‪.‬‬

‫واﻵن وﺑﻌﺪ أن ﺷُﺮع اﻟﺘﯿﻤﱡﻢ ﻻ ﯾﻜﻮن أﺣﺪ ﯾﺸﺒﮭﮭﻢ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﮭ ﻢ إﻻ َﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ دون وﺿ ﻮء ودون‬
‫ﺗﯿﻤﱡﻢ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد اﻟﻤﺎء واﻟﺼﻌﯿﺪ‪ ،‬أي إﻻ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﺎﻗﺪ اﻟﻄﱠﮭﻮرﯾﻦ ﻣﻌﺎً‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ دون‬
‫ﻃﮭﺎرة ﻣﺜﻠﮭﻢ‪ ،‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻓﺈن إﻗﺮار اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻟﺼﻼة اﻷوﱠﻟﯿﻦ ھﻮ إﻗﺮار ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺻ ﻠﻰ‬
‫وھﻮ ﻓﺎﻗﺪ اﻟﻄﱠﮭﻮرﯾﻦ‪.‬‬

‫وإﻟﻰ ھﺬا اﻻﺳﺘﺪﻻل ذھﺐ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻓ ﺎﺑﻦ ﺣﺠ ﺮ ﯾﻘ ﻮل )اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿ ﮫ أﻧﮭ ﻢ ﻓﻘ ﺪوا‬
‫اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻓﯿﮫ أﻧﮭﻢ ﻓﻘﺪوا اﻟﻤﺎء ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻔﯿﮫ دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟ ﺼﻼة ﻟﻔﺎﻗ ﺪ اﻟﻄﱠﮭ ﻮرﯾﻦ‪ ،‬ووﺟﮭ ﮫ‬
‫أﻧﮭ ﻢ ﺻ ﻠﱡﻮا ﻣﻌﺘﻘ ﺪﯾﻦ وﺟ ﻮب ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﻣﻤﻨﻮﻋ ﺔ ﻷﻧﻜ ﺮ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪(r‬‬
‫واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﯾﻘﻮل )ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ أﻧﮭﻢ ﻓﻘﺪوا اﻟﺘﺮاب‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻓﯿﮫ أﻧﮭﻢ ﻓﻘ ﺪوا اﻟﻤ ﺎء ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻋ ﺪم‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﻌﺪم اﻟﻤﺎء واﻟﺘﺮاب ﻷﻧﮫ ﻻ ﻣُﻄﮭﱢﺮ ﺳﻮاه(‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻔﺎﻗ ﺪ ﻟﻠﻄﱠﮭ ﻮرﯾﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ دون ﻃﮭ ﺎرة‪ ،‬وھ ﺬا اﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﯾ ﺮ ﱡد رأي أﺑ ﻲ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ ورأي ﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬أﻣ ﺎ‬
‫ﺑﺨﺼﻮص رأي ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻮاﺿﺢ ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص رأي أﺑﻲ ﺣﻨﻔﯿ ﺔ ﻓﮭ ﻮ أن اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﺤﺮﻛ ﺎت اﻟ ﺼﻼة‬
‫دون ﻧﯿﺔ ودون ﻗﺮاءة ﻟﯿﺲ ﺻﻼة‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﻦ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺻ ﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻨﺘﯿﺠ ﺔ ھ ﻮ‬
‫رأي ﻣﺎﻟﻚ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ر ﱞد ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫ﯾﺒﻘﻰ ﺳﺆال‪ :‬ھﻞ ﯾﻌﯿﺪ ﻣﻦ ﺻﻠﻰ دون ﻃﮭـﺎرة أم ﻻ ﯾﻌﯿـﺪ؟ ﯾﺪلﱡ ھــﺬا اﻟﺤﺪﯾــﺚ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻋﺎدة ﻏﯿﺮ‬
‫واﺟﺒﺔ‪ ،‬وإﻻ ﻟﺒﯿﱠﻨﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺒﯿﱢﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ دل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟـﻮب اﻹﻋـﺎدة‪ ،‬ﻷن اﻟﺤـﺎﺟـﺔ‬

‫‪267‬‬
‫اﻗﺘﻀﺖ ﻣﻨﮫ أن ﯾُﺒﯿﱢﻦ وﺟﻮب اﻹﻋــﺎدة ﻟﻮ ﻛﺎﻧــﺖ واﺟﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤــﺎ ﺳﻜﺖ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪،‬‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ُﯾﺮَدﱡ رأي أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ وﺟﻮب اﻹﻋﺎدة‪.‬‬

‫اﻟﻔﮭﺮس‬
‫اﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿﻮع‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ‪6 ......................................................................................‬‬
‫ﺗﻤﮭﯿﺪ‪8 .......................................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬
‫‪9‬‬ ‫أﺣﻜﺎم اﻟﻤﯿﺎه ‪...............................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫اﻟﻤﺎء اﻟﻄﱠﮭﻮر ‪.............................................................................‬‬
‫‪12‬‬ ‫اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺠﺲ ‪..............................................................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ‪...........................................................................‬‬
‫‪30‬‬ ‫ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء ‪......................................................................‬‬
‫‪32‬‬ ‫ﺳﻮْر اﻟﺤﯿﻮان ‪.............................................................................‬‬‫ُ‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫‪42‬‬ ‫أﻋﯿﺎن اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ‪..........................................................................‬‬
‫‪43‬‬ ‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ‪...................................................................‬‬
‫‪43‬‬ ‫أ‪ .‬اﻟﺒﻮل ‪....................................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫ب‪ .‬اﻟﻐﺎﺋﻂ ‪.................................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫ج‪ .‬اﻟﻤﺬي ‪..................................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫د‪ .‬اﻟﻮدي ‪..................................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮان ‪...................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫‪ -1‬اﻟﻜﻠﺐ ‪..................................................................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪ -2‬اﻟﺨﻨﺰﯾﺮ ‪...............................................................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪ -3‬اﻟﻤﯿﺘﺔ ‪..................................................................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﯿﻮان – اﻟﺪم اﻟﻤﺴﻔﻮح ‪..........................‬‬
‫‪76‬‬ ‫اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﻹِﻧﺴﺎن واﻟﺤﯿﻮان – اﻟﺨﻤﺮ ‪.........................................‬‬
‫‪46‬‬ ‫ﺷُﺒُﮭﺎت‪ :‬أوﻻً‪ -‬ﺑﻮل ﻣﺎ ﯾُﺆﻛﻞ ﻟﺤﻤﮫ وﻣﺎ ﻻ ﯾُﺆﻛﻞ ‪.......................................‬‬

‫‪268‬‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ -‬اﻟﻤﯿﺘﺔ وأﺟﺰاؤھﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪55 ..............................................‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜًﺎ‪ -‬ﻧﺠﺎﺳﺔ اﻟﺪم ‪62 .........................................................................‬‬
‫ﻦ أﻧﮫ ﻧﺠﺲ ‪63 ................................................................‬‬ ‫راﺑﻌًﺎ‪ -‬ﻣﺎ ﯾُﻈ ﱡ‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫‪68‬‬ ‫أﺣﻜﺎم اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ‪............................................................................‬‬
‫‪68‬‬ ‫ﺗﻤﮭﯿﺪ‪.......................................................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫ﺣﻜﻢ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻨﺠﺲ ‪....................................................................‬‬
‫‪72‬‬ ‫ھﻞ ﯾﺠﺐ اﻟﻌﺪد ﻓﻲ إزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ؟ ‪.....................................................‬‬
‫‪72‬‬ ‫اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ورد ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺪد ‪....................................................‬‬
‫‪75‬‬ ‫ﻣﺎ ﯾُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ إِزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺲ ‪.............................................................‬‬
‫‪78‬‬ ‫ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻤﺘﻨﺠﱢﺲ ‪..........................................................................‬‬
‫‪79‬‬ ‫اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ‪..................................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬
‫أﺣﻜﺎم وآداب ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ‪83 .............................................................‬‬
‫أﺣﻜﺎم وآداب ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻼء ‪83 ................................................‬‬
‫أﺣﻜﺎم وآداب ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت واﻟﻌﻤﺮان ‪87 ....................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‬
‫‪89‬‬ ‫ﺳُﻨﻦ اﻟﻔﻄﺮة ‪...............................................................................‬‬
‫‪89‬‬ ‫اﻟﺴﻮاك ‪....................................................................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫ﻗﺺﱡ اﻟﺸﺎرب ‪.............................................................................‬‬
‫‪93‬‬ ‫إﻋﻔﺎء اﻟﻠﺤﯿﺔ ‪...............................................................................‬‬
‫‪99‬‬ ‫ﻧﺘﻒ اﻹﺑﻂ ‪.................................................................................‬‬
‫‪100‬‬ ‫ﻗﺺﱡ اﻷﻇﻔﺎر‪..............................................................................‬‬
‫‪100‬‬ ‫ﻏﺴﻞ اﻟﺒﺮاﺟﻢ ‪.............................................................................‬‬
‫‪101‬‬ ‫ﺣﻠﻖ اﻟﻌﺎﻧﺔ ‪................................................................................‬‬
‫‪101‬‬ ‫اﻟﺨﺘﺎن ‪.....................................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس‬
‫‪105‬‬ ‫اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ‪...................................................................‬‬
‫‪105‬‬ ‫أﺣﻜﺎم اﻟﺸﱠﻌَﺮ ‪..............................................................................‬‬
‫‪105‬‬ ‫‪ (1‬إﻛﺮام اﻟﺸﱠﻌَﺮ ‪..........................................................................‬‬
‫‪107‬‬ ‫‪ (2‬ﻧﺘﻒ اﻟﺸﱠﻌَﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪..................................................................‬‬
‫‪107‬‬ ‫‪ (3‬ﺻﺒﻎ اﻟﺸﱠﻌَﺮ اﻷﺑﯿﺾ‪.................................................................‬‬
‫‪109‬‬ ‫‪ (4‬وﺻﻞ اﻟﺸﱠﻌَﺮ ‪..........................................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫‪ (5‬ﻧﻔﺶ اﻟﺸﱠﻌَﺮ ‪...........................................................................‬‬

‫‪269‬‬
‫‪ (6‬ﻓﺮق اﻟﺸﱠﻌَﺮ ‪111 ...........................................................................‬‬
‫‪ (7‬ﺣﻜﻢ اﻻﻛﺘﺤﺎل واﻟﺘﱠﻄﯿﱡﺐ ‪111 .............................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ‬
‫‪115‬‬ ‫اﻷﻏﺴﺎل اﻟﻤﺴﺘﺤﺒﱠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص ‪..........................................................‬‬
‫‪116‬‬ ‫ﻏُﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪.........................................................................‬‬
‫‪120‬‬ ‫ﻏُﺴﻞ اﻹِﺣﺮام ودﺧﻮل ﻣﻜﺔ‪..............................................................‬‬
‫‪120‬‬ ‫ﻏُﺴﻞ ﻣﻦ أُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿﮫ ‪....................................................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫ﻏُﺴﻞ ﻣﻦ ﻏﺴﱠﻞ ﻣﯿﺘﺎً ‪......................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ‬
‫‪123‬‬ ‫اﻟﻐُﺴﻞ ‪......................................................................................‬‬
‫‪123‬‬ ‫ﺻﻔﺔ اﻟﻐُﺴﻞ ‪...............................................................................‬‬
‫‪124‬‬ ‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻟﻤُﺠﺰْيء‪..........................................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫اﻟﻐُﺴﻞ اﻷﻛﻤﻞ ‪.............................................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫ﺗﻔﺼﯿﻼت ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻐُﺴﻞ ‪.................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ‬
‫‪132‬‬ ‫ﻣﻮﺟﺒﺎت اﻟﻐُﺴﻞ ‪...........................................................................‬‬
‫‪132‬‬ ‫أوﻻً‪ :‬اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ‪..............................................................................‬‬
‫‪134‬‬ ‫أﺣﻜﺎم اﻟﺠﻨﺐ ‪..............................................................................‬‬
‫‪145‬‬ ‫ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬إﺳﻼم اﻟﻜﺎﻓﺮ ‪........................................................................‬‬
‫‪147‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺜًﺎ‪ :‬اﻟﻤﻮت ‪...............................................................................‬‬
‫‪149‬‬ ‫راﺑﻌًﺎ‪ :‬اﻟﺤﯿﺾ ‪............................................................................‬‬
‫‪150‬‬ ‫أﺣﻜﺎم اﻟﺤﺎﺋﺾ ‪...........................................................................‬‬
‫‪152‬‬ ‫ﺠﻨُﺐ ‪................................‬‬‫اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﻋﻦ اﻟ ُ‬
‫‪157‬‬ ‫دم اﻟﺤﯿﺾ وﻣﺪﱠﺗﮫ ‪........................................................................‬‬
‫‪160‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ وأﺣﻜﺎﻣﮭﺎ ‪..................................................................‬‬
‫‪165‬‬ ‫ﺧﺎﻣﺴﺎً‪ :‬اﻟﻨﻔﺎس واﻟﻮﻻدة ‪.................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ‬
‫‪169‬‬ ‫اﻟﻮﺿﻮء ‪...................................................................................‬‬
‫‪169‬‬ ‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻮﺿﻮء وﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ ‪..........................................................‬‬
‫‪169‬‬ ‫ﻓﻀﻞ اﻟﻮﺿﻮء ‪............................................................................‬‬
‫‪170‬‬ ‫ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺿﻮء ‪............................................................................‬‬
‫‪205‬‬ ‫اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء ‪.......................................................‬‬
‫‪206‬‬ ‫اﻟﺼﻼة رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻘﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮء ‪....................................................‬‬
‫‪207‬‬ ‫ﻣﺴﺎﺋﻞ ‪.....................................................................................‬‬

‫‪270‬‬
‫ﺐ ﻟﮫ اﻟﻮﺿﻮء ‪208 ...................................................................‬‬
‫ﻣﺎ ﯾُﺴﺘﺤ ﱡ‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ‬

‫‪209‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﺒﻮس اﻟﺴﺎﺗﺮ ‪............................................................‬‬
‫‪209‬‬ ‫ﻣﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس ‪.....................................................................‬‬
‫‪211‬‬ ‫ﻣﺎ ﯾُﻌﺼﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠُﺮح واﻟﺠﺒﯿﺮة ‪.......................................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫ﻣﺎ ﯾُﻠﺒﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ‪.........................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ‬

‫‪220‬‬ ‫ﻧﻮاﻗﺾ اﻟﻮﺿﻮء ‪.........................................................................‬‬
‫‪220‬‬ ‫‪ (1‬اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﺴﺒﯿﻠﯿﻦ ‪.................................................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫‪ (2‬ﺧﺮوج اﻟﺪم‪............................................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫‪ (3‬اﻟﻘﻲء ‪..................................................................................‬‬
‫‪225‬‬ ‫‪ (4‬ﻣﺲﱡ اﻟﻔﺮج ‪............................................................................‬‬
‫‪227‬‬ ‫‪ (5‬اﻟﻨﻮم ‪...................................................................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫‪ (6‬أﻛﻞ ﻟﺤﻢ اﻟﺠَﺰور ‪.....................................................................‬‬
‫‪236‬‬ ‫ﻣﺴﺎﺋﻞ ‪.....................................................................................‬‬
‫‪237‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪ :‬ﻟﻤﺲ اﻟﻤﺮأة ﻻ ﯾﻨﻘﺾ اﻟﻮﺿﻮء ‪....................................‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ‬

‫‪244‬‬ ‫اﻟﺘﯿﻤﻢ ‪......................................................................................‬‬
‫‪244‬‬ ‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺘﯿﻤﻢ وﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ ‪..............................................................‬‬
‫‪244‬‬ ‫ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺘﯿﻤﻢ ‪.............................................................................‬‬
‫‪244‬‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ ‪..........................................................................‬‬
‫‪246‬‬ ‫ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ ‪................................................................................‬‬
‫‪257‬‬ ‫ھﻞ ﯾُﺸﺘﺮط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺘﯿﻤﻢ دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ‪................................................‬‬
‫‪259‬‬ ‫وﺟﺪان اﻟﻤﺎء ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪه ‪....................................................................‬‬
‫‪262‬‬ ‫ﻣﺘﻰ ﯾُﺸﺮع اﻟﺘﯿﻤﻢ؟ ‪.......................................................................‬‬
‫‪264‬‬ ‫ﺻﻼة ﻓﺎﻗﺪ اﻟﻄﱠﮭﻮرﯾﻦ ‪....................................................................‬‬

‫‪271‬‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ ‪2001‬ﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪2002‬ﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪2003‬ﻡ‬
‫ﺍﻟﻄﺒﻌـﺔ ﺍﻷﺧـﲑﺓ‬
‫ﻣﺰﻳﺪﺓ ﻭﻣﻨﻘﺤﺔ‬

‫‪272‬‬
 ‫ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻷﺭﺩﻧﻴﺔ ﺍﳍﺎﴰﻴﺔ‬
‫ﺭﻗﻢ ﺍﻹﻳﺪﺍﻉ ﻟﺪﻯ ﺩﺍﺋﺮﺓ‬
‫ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬
‫)‪(2003/12/2680‬‬
‫‪262,2‬‬
‫ﻋﻮﻳﻀﺔ‪ ،‬ﳏﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ‬
‫ﺍﳉﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ /‬ﳏﻤﻮﺩ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻋﻮﻳﻀﺔ‪-.‬‬
‫ﻁ ‪ -.3‬ﻋﻤﺎﻥ‪ :‬ﺍﳌﺆﻟﻒ‪. 2004 ،‬‬
‫‪880‬ﺹ‪.‬‬
‫ﺭ‪.‬ﺇ‪2003/12/2680 : .‬‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺻﻔﺎﺕ‪/ :‬ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ‪//‬ﺍﻹﺳﻼﻡ‪//‬ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ‪/‬‬
‫*ﰎ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻔﻬﺮﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬

‫ﺭﻗﻢ ﺍﻹﺟﺎﺯﺓ ﺍﳌﺘﺴﻠﺴﻞ ﻟﺪﻯ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ‪2001/2/341‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﻮﺯﻉ ﳎﺎﻧﺎﹰ‪ ،‬ﻭﻻ ﺣﻘﻮﻕ ﳏﻔﻮﻇﺔ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ‪،‬‬

‫ﻓﻴﺼﺢ ﻷﻱ ﺷﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻌـﻪ ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻳﻘـﻮﻡ‬
‫ﺑﻨﺸﺮﻩ ﻭﺗﺴﻮﻳﻘﻪ ﻭﺑﻴﻌﻪ ﻣﱴ ﺷﺎﺀ ﺷﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻄﺒﻌﻪ ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻫﻮ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻄﻠﻘﺎﹰ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴـﻪ ﻛﻠﻤـﺔ ﻭﻻ‬
‫ﳛﺬﻑ ﻣﻨﻪ ﻛﻠﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﯾﻊ – ﻋﻤﺎن اﻷردن ‪4613076 -‬‬ ‫دار اﻟﻮﺿﺎح‬

‫اﻟﺠَﺎﻣِﻊ ﻷَﺣْﻜَﺎمِ‬
‫ﺼﻼة‬‫اﻟ ﱠ‬
‫‪273‬‬
 ‫ﻋﺒﺪا ﱠﻟﻠﻄﯿﻒ ﺑﻦ‬
‫ﻷﺑﻲ إﯾﺎس ﻣَﺤ ُﻤﻮد ﺑﻦ َ‬
‫ﻀﺔ (‬
‫ﻣَﺤ ُﻤﻮد)ﻋُﻮﯾ َ‬

‫اﻟﺠﺰُء اﻟﺜﱠﺎﻧﻲ‬
‫ﺣﻜَﺎم اﻟﺼﱠﻼة‬
‫أْ‬

‫ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬ ‫دار اﻟﻮﺿﺎح‬

‫ﻋﻤﺎﻥ ‪ -‬ﺍﻷﺭﺩﻥ‬

‫‪274‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬
‫اﻟﺼﻼةُ‪ :‬ﺣﻜﻤُﮭﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘُﮭﺎ‬
‫ﻓﺮضُ اﻟﺼﻼة‬

‫ﻞ ﺻﱠﻠﻰ إذا دﻋﺎ‪ ،‬وﺳُﻤﯿﺖ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ ﺻ ﻼ ًة ﻻﺷ ﺘﻤﺎﻟﮭﺎ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﺼﻼ ُة ﻟﻐ ًﺔ اﻟﺪﻋﺎ ُء‪ ،‬ورﺟ ٌ‬
‫ﺧﻔﱢﻀﺖ إﻟﻰ ﺧﻤ ﺲ ﺻ ﻠﻮات‬ ‫اﻟﺪﻋﺎء‪ .‬وﻗﺪ ﻓُﺮﺿﺖ اﻟﺼﻼة ﻟﯿﻠﺔ اﻹﺳﺮاء ﺧﻤﺴﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ُ‬
‫َﺗﻌْﺪل ﻓﻲ ﺛﻮاﺑﮭﺎ اﻟﺨﻤﺴﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪» :‬ﻓُﺮﺿ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻟﯿﻠ َﺔ ُأ ْ‬
‫ﺳ ﺮِي ﺑ ﮫ‬
‫ي وإنﱠ ﻟ ﻚ‬
‫ت ﺧﻤﺴﯿﻦ ﺛﻢ ﻧﻘﺼﺖ ﺣﺘﻰ ﺟُﻌﻠﺖ ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻧُﻮدي ﯾﺎ ﻣﺤﻤﺪ إﻧﮫ ﻻ ﯾُﺒﺪﱠل اﻟﻘﻮ ُل ﻟﺪ ﱠ‬ ‫اﻟﺼﻠﻮا ُ‬
‫ﺑﮭ ﺬه اﻟﺨﻤ ﺲ ﺧﻤ ﺴﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‪ .‬وروى اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‬

‫‪275‬‬
‫ﻦ ﺧﻤ ﺴﻮن‪ ،‬ﻻ ﯾُﺒ ﱠﺪ ُل‬
‫ﺲ وھ ﱠ‬
‫ﻦ ﺧﻤ ٌ‬‫ﻼ ﻋﻦ اﻹﺳﺮاء‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬ھ ﱠ‬ ‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ أﻧﺲ ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﻃﻮﯾ ً‬
‫اﻟﻘ ﻮ ُل ﻟ ﺪيﱠ ‪ «...‬وروى أﺣﻤ ﺪ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل » ُﻓ ﺮض ﻋﻠ ﻰ ﻧﺒ ﯿﻜﻢ ‪r‬‬
‫ﺧﻤﺴﻮن ﺻﻼة‪ ،‬ﻓﺴﺄل رﺑﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻓﺠﻌﻠﮭﺎ ﺧﻤﺴ ًﺎ«‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺎت ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ ﺧﻤﺲ‪ ،‬وھﺬه ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ ،‬وﺣ ﺴﺒﻲ‬
‫ﻦ ھﻮ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻃﻠﺤ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺟ ﺎء‬ ‫أن أذﻛﺮ ﺣﺪﯾﺜﺎً واﺣﺪاً ﯾﺬﻛﺮھ ﱠ‬
‫رﺟ ٌﻞ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ أھﻞ ﻧﺠ ٍﺪ ﺛﺎﺋﺮَ اﻟﺮأس ﯾُﺴﻤَﻊ دو ﱡ‬
‫ي ﺻ ﻮﺗِﮫ وﻻ ﯾُﻔﻘَ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ﺣﺘ ﻰ دﻧ ﺎ‪،‬‬
‫ﻲ‬
‫ﺲ ﺻﻠﻮات ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم واﻟﻠﯿﻠ ﺔ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﻞ ﻋﻠ ﱠ‬ ‫ﻓﺈذا ھﻮ ﯾَﺴﺄل ﻋﻦ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺧﻤ ُ‬
‫ن ﺗَﻄﻮﱠع ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪.‬‬ ‫ﻏﯿﺮُھﺎ ؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻻ إﻻ أ ْ‬

‫ﻓﻀﻞُ اﻟﺼﻼة‬
‫اﻟﺼﻼة ھﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﺑﻌﺪ رﻛﻦ اﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬ﺑُﻨ ﻲ اﻹﺳ ﻼ ُم ﻋﻠ ﻰ ﺧﻤ ٍ‬
‫ﺲ‪ :‬ﺷ ﮭﺎدة أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬وإﻗ ﺎم اﻟ ﺼﻼة ‪ ،‬وإﯾﺘ ﺎء اﻟﺰﻛ ﺎة‪ ،‬واﻟﺤ ﺞ ‪ ،‬وﺻ ﻮم رﻣ ﻀﺎن« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫س ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬ ‫وھ ﻲ أول ﻣ ﺎ ﯾﺤﺎﺳَ ﺐ ﺑ ﮫ اﻟﻨ ﺎ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »أول ﺷﺊ ﻣﻤﺎ ﯾﺤﺎﺳَﺐ ﺑﮫ اﻟﻌﺒ ُﺪ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺻ ﻼﺗُﮫ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن أﺗﻤﱠﮭ ﺎ وإﻻ‬
‫زِﯾ ﺪ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺗﻄﻮﱡﻋ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾُﻔ َﻌ ُﻞ ﺑ ﺴﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤ ﺎل اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ ﻛ ﺬﻟﻚ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﺐ اﻷﻋﻤﺎل إﻟ ﻰ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ‪ ،‬ﻓﻌـ ـﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨ ـﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫واﻟﺼﻼة أﺣـ ﱡ‬

‫ﺐ إﻟ ﻰ اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟ ﺼﻼ ُة ﻋﻠ ﻰ وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺛ ﻢ أيﱡ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺛ ﻢ ِﺑ ﺮﱡ‬ ‫»ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬أ ﱡ‬
‫ي اﻟﻌﻤ ِﻞ أﺣ ﱡ‬
‫ﻦ وﻟ ﻮ اﺳ ﺘﺰدﺗُﮫ ﻟﺰادﻧ ﻲ« رواه‬ ‫اﻟﻮاﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻢ أيﱡ؟ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﮭ ﱠ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻤﻌﻨﺎه ﻋﻦ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫واﻟ ﺼﻼ ُة ﺗﻤﺤ ﻮ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ و ُﺗ ﺬھﺐ اﻟ ﺴﯿﺌﺎت‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‬

‫»أرأﯾﺘﻢ ﻟﻮ أن ﻧﮭﺮاً ﺑﺒﺎب أﺣﺪﻛﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ ﻓﯿﮫ ﻛ ﱠﻞ ﯾﻮم ﺧﻤﺴًﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ذﻟﻚ ﯾُﺒﻘﻲ ﻣ ﻦ َد َرﻧِ ﮫ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ‬
‫ﯾُﺒﻘ ﻲ ﻣ ﻦ درﻧ ﮫ ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺬﻟﻚ ﻣﺜ ﻞ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ ﯾﻤﺤ ﻮ اﷲ ﺑ ﮫ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إن اﻟﻌﺒ ﺪ إذا ﻗ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﻲ ﺑﺬﻧﻮﺑﮫ ﻓﻮُﺿﻌﺖ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ أو ﻋﺎﺗﻘ ﮫ‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤ ﺎ رﻛ ﻊ أو ﺳ ﺠﺪ ﺗ ﺴﺎﻗﻄﺖ ﻋﻨ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬ ‫أُﺗ َ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﻋُﺒــﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣــﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻣَـ ـﻦ ﺟ ﺎء‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ﻗــﺪ أﻛﻤﻠﮭﻦ ﻟﻢ ﯾﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺣﻘﮭﻦ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻛــﺎن ﻟــﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻠــﮫ ﻋﮭ ٌﺪ أن ﻻ ﯾُﻌﺬﱢﺑـ ـﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﺣﻜﻢُ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‬

‫اﻟﺼﻼة رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼم‪ ،‬وھﻲ ﻓﺮضٌ واﺟﺒ ٌﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻋﺎﻗ ﻞ ﺑ ﺎﻟﻎ ذﻛ ﺮًا ﻛ ﺎن أو‬
‫ﺤﻠُﻢ ﻓﮭﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﻠﱠﻒ ﺷﺮﻋﺎً ﺑﺄي ﺗﻜﻠﯿﻒ‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻓﯿﻤ ﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ‬ ‫أﻧﺜﻰ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ اﻟ ُ‬
‫ﻲ أﻣ ﺮه أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ اﻷﻣ ﺮ‬ ‫ﻲ أﻣﺮه أن ﯾ ﺄﻣﺮه ﺑ ﺄداء اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﺷ ﺊ ﻋﻠ ﻰ وﻟ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻗﺪ ﻃُﻠﺐ ﻣﻦ وﻟ ﱢ‬
‫ﻲ اﻷﻣ ﺮ أن ﯾ ﻀﺮب ﺻ ﺒﯿﮫ إن ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﻤﺘﺜ ﻞ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠ ﻎ اﻟ ﺼﺒﻲ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻨﺌ ﺬ ﯾُﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ وﻟ ﱢ‬

‫‪276‬‬
‫ﻟﻸﻣﺮ وﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ ‪ ،‬ﻟﯿﺪل ﻛﻞﱡ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻦ أھﻤﯿﺔ وﻣﻜﺎﻧ ﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ‬
‫ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣُ ﺮوا أوﻻدﻛ ﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻼة وھﻢ أﺑﻨﺎء ﺳﺒﻊ ﺳﻨﯿﻦ‪ ،‬واﺿﺮﺑﻮھﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻢ أﺑﻨﺎء ﻋﺸﺮ‪ ،‬وﻓﺮﱢﻗﻮا ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻀﺎﺟﻊ«‬
‫رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﺳﺒﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻋﻠﱢﻤﻮا اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺼﻼ َة اﺑﻦ ﺳﺒﻊ‬
‫ﺳﻨﯿﻦ‪ ،‬واﺿﺮﺑﻮه ﻋﻠﯿﮭﺎ اﺑﻦ ﻋﺸﺮة« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺼﺒﻲ اﺑﻦ ﺳﺒﻊ ﺳ ﻨﻮات ﯾ ﺆﻣﺮ ﺷ ﺮﻋًﺎ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬و ُﯾ ﻀﺮب ﻋﻠﯿﮭ ﺎ إن ھ ﻮ ﺑﻠ ﻎ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﻮات‪،‬‬
‫ط ﻓ ﻲ اﻟﺘﻜﻠﯿ ﻒ‪ ،‬وھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ وھ ﺬا اﻟ ﻀﺮب إﻧﻤ ﺎ ھﻤ ﺎ‬‫رﻏ ﻢ أﻧ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻜﱠﻠ ﻒ ﺷ ﺮﻋ ًﺎ ﻷن اﻟﺒﻠ ﻮغ ﺷ ﺮ ٌ‬
‫ﻟﺘﻌﻮﯾﺪ اﻟﺼﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة وﺗﻤﺮﯾﻨﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻟﯿﺲ ذﻟ ﻚ ﺗﻜﻠﯿﻔ ًﺎ ﻟ ﮫ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »رُﻓﻊ اﻟﻘﻠﻢ ﻋﻦ ﺛﻼث‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﻨﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﯿﻘﻆ‪ ،‬وﻋﻦ اﻟﺼﺒﻲ ﺣﺘﻰ ﯾﺤ ﺘﻠﻢ ‪ ،‬وﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺠﻨﻮن ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻘِﻞ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﻼ وﺗﮭﺎوﻧﺎً‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﺗﺮﻛﮭﺎ إ ْﻧﻜَﺎرًا ﻟﻮﺟﻮﺑﮭ ﺎ‬ ‫أﻣﺎ ﺗﺎرك اﻟﺼﻼة ﻓﮭﻮ إﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن َﺗﺮَﻛﮭﺎ ﻛﺴ ً‬
‫وﺟﺤﻮداً ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺄَﻣﺎ إن ھﻮ ﺗﺮﻛﮭﺎً ﻛﺴﻼً وﺗﮭﺎوﻧﺎً ﻓﮭ ﻮ ﻓﺎﺳ ﻖ ﻋ ﺎصٍ ﯾُﻌﺎﻗَ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﻓﻌﻠ ﮫ ﺗﻌﺰﯾ ﺮاً ﺑﻌﻘﻮﺑ ﺔٍ‬
‫ﯾﺮاھﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻘﺎﺿ ﻲ زاﺟ ﺮة‪ ،‬وأَﻣ ﺎ إنْ ھ ﻮ ﺗﺮﻛﮭ ﺎ ﺟﺤ ﻮداً وإﻧﻜ ﺎراً ﻓﮭ ﻮ ﻛ ﺎﻓﺮ ﻣﺮﺗ ﺪ ﻋ ﻦ دﯾ ﻦ اﷲ‬
‫ب ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓ ﺈن ﺗ ﺎب وإﻻ ﻗﺘ ﻞ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋُﺒ ﺎدة ﺑ ﻦ اﻟ ﺼﺎﻣﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وھﺬا ﯾُﺴﺘﺘﺎ ُ‬
‫»ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات اﻓﺘﺮﺿﮭﻦ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻟﻘﯿﮫ ﺑﮭﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﻀﯿﱢﻊ ﻣ ﻨﮭﻦ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻟﻘﯿ ﮫ وﻟ ﮫ ﻋﻨ ﺪه‬
‫ﻦ ﻟﻘﯿ ﮫ وﻻ ﻋﮭ ﺪ ﻟ ﮫ‪ ،‬إن‬ ‫ﻋﮭﺪ ﯾُﺪﺧِﻠﮫ ﺑﮫ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻘﯿﮫ وﻗﺪ اﻧﺘﻘﺺ ﻣﻨﮭﻦ ﺷ ﯿﺌﺎً اﺳ ﺘﺨﻔﺎﻓ ًﺎ ﺑﺤﻘﮭ ﱠ‬
‫ﺲ ﺻ ﻠﻮات‬ ‫ﺷ ﺎء ﻋﺬﺑ ﮫ وإن ﺷ ﺎء ﻏﻔ ﺮ ﻟ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺧﻤ ُ‬
‫اﻓﺘﺮﺿﮭﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻣَﻦ أﺣﺴﻦ وﺿﻮءَھﻦﱠ وﺻﻼﱠھﻦﱠ ﻟﻮﻗﺘﮭﻦﱠ وأﺗﻢﱠ رﻛﻮﻋﮭﻦﱠ وﺧ ﺸﻮﻋﮭﻦﱠ ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﷲ ﻋﮭ ﺪ أن ﯾﻐﻔ ﺮ ﻟ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻔﻌ ﻞ ﻓﻠ ﯿﺲ ﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﷲ ﻋﮭ ﺪ‪ ،‬إن ﺷ ﺎء ﻏﻔ ﺮ ﻟ ﮫ وإن ﺷ ﺎء‬
‫ﻋﺬﺑﮫ« ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﺗﺮك اﻟﺼﻼة ﻛﻔﺮًا ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪد ﻣ ﻦ اﻷﺋﻤ ﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن ﺷ ﺎء‬
‫ﻏﻔﺮ ﻟﮫ« ﻟﻤﻦ ﯾﺘﺮك اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎص ﻣﻨﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻨﺺ اﻷول‪ ،‬وﺑﻌﺪم اﻟﻔﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟ ﻨﺺ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻻﻧﺘﻘﺎص ﺗﺮك ﻟﻘﺴﻢ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﻋﺪم اﻟﻔﻌﻞ ﺗﺮك ﻟﮭ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا وذاك ﯾﺒﻘﯿ ﺎن ﺗﺤ ﺖ رﺣﻤ ﺔ اﷲ‬
‫وﻣﺸﯿﺌﺘﮫ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻋﻠﻤﻨــﺎ أن اﻟﻠـﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻻ ﯾﻐﻔ ﺮ ﻟﻠﻜ ﺎﻓﺮ وﻻ ﯾﻐﻔ ﺮ ﻟﻠﻤ ﺸﺮك وﻻ ﯾﻐﻔ ﺮ ﻟﻠﻤﺮﺗ ﺪ‬
‫ﻋﻦ دﯾﻨﮫ‪ ،‬وأن ذﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ ،‬وأن ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن دﻟﯿﻞ ذﻟﻚ ‪ -‬ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻘ ﻮل ]إن‬
‫ﻈ ْﯿ َﻤ ًﺎ[‬
‫ﻋِ‬ ‫ﷲ َﻓ َﻘ ﺪ ا ْﻓ َﺘ ﺮَى إ ْﺛ َﻤ ًﺎ َ‬ ‫ك ﺑﺎ ِ‬‫ﺸ ِﺮ ْ‬
‫ﻦ ﯾُ ْ‬‫ﻦ َﯾﺸَﺎءُ و َﻣ ْ‬
‫ن ذَﻟﻚ ِﻟ ْﻤ ْ‬
‫ك ِﺑ ِﮫ و َﯾ ْﻐ ِﻔﺮُ ﻣﺎ دُو َ‬
‫ﺸ َﺮ َ‬
‫ن ﯾُ ْ‬ ‫اﷲ ﻻ َﯾ ْﻐ ِﻔﺮُ َأ ْ‬
‫ﺳ ِﺒ ْﯿ ِﻞ اﷲ ُﺛ ﱠﻢ ﻣَﺎﺗُﻮا و ُھ ْﻢ‬ ‫ﻦ َ‬ ‫ﻋْ‬‫ﺻﺪﱡوا َ‬ ‫ن اﻟﺬﯾﻦ َﻛ َﻔﺮُوا و َ‬ ‫ﻞ ]إ ﱠ‬ ‫اﻵﯾﺔ ‪ 48‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬وﯾﻘﻮل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻦ ِدﯾْﻨ ﮫ‬ ‫ﻋْ‬ ‫ﻦ َﯾ ْﺮ َﺗ ِﺪ ْد ِﻣ ْﻨﻜُ ْﻢ َ‬‫ﻦ َﯾ ْﻐ ِﻔ َﺮ اﷲ ﻟﮭﻢ[ اﻵﯾﺔ ‪ 34‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬وﯾﻘﻮل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]‪ ...‬و َﻣ ْ‬ ‫ﻛُﻔﱠﺎ ٌر َﻓ َﻠ ْ‬
‫ﺻ ﺤَﺎبُ اﻟﻨﱠ ﺎ ِر ھُ ْﻢ ِﻓ ْﯿ َﮭ ﺎ‬ ‫ﻚ َأ ْ‬ ‫ﺧ َﺮ ِة وأُوﻟ ِﺌ َ‬
‫ﻋ َﻤ ﺎﻟُﮭُ ْﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﱡﻧْﯿﺎ واﻵ ِ‬
‫ﺖ َأ ْ‬
‫ﻄ ْ‬
‫ﺣ ِﺒ َ‬‫ﻚ َ‬ ‫ﺖ وھُ ﻮ َﻛ ﺎ ِﻓ ٌﺮ ﻓﺄُو ﻟ ِﺌ َ‬ ‫َﻓ َﯿﻤُ ْ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 217‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة ‪ -‬أدرﻛﻨ ﺎ أنﱠ ﺗ ﺎرك اﻟ ﺼﻼة ﺟﺰﺋﯿ ﺎً أو ﻛﻠﯿ ﺎً ﻏﯿ ﺮ ﻛ ﺎﻓﺮ وﻏﯿ ﺮ‬ ‫ﺧَﺎ ِﻟﺪُ ْو َ‬
‫ﻣﺸﺮك وﻏﯿﺮ ﻣﺮﺗﺪ ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺴﻠﻤ ًﺎ ﻋﺎﺻﯿًﺎ وﻓﺎﺳﻘ ًﺎ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ورب ﻗﺎﺋﻞ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻨﺺ اﻷول وھﻮ اﻻﻧﺘﻘﺎص ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮك ﺟﺰﺋﯿ ﺎً ﻟﻠ ﺼﻼة وإﻧﻤ ﺎ ﯾ ﺪل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻮق اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﺻﻠﻮاﺗﮫ ﻣﻦ ﺧ ﺸﻮع وﻗﻨ ﻮت واﻃﻤﺌﻨ ﺎن وﻣ ﺎ إﻟ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وإن اﻟ ﻨﺺ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻻ‬
‫ﯾ ﺪل ﻛ ﺬﻟﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺮك اﻟﻜﻠ ﻲ‪ ،‬وإن ﻗﻮﻟ ﮫ »وﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻔﻌ ﻞ« ﯾﻨ ﺼﺮف إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم إﺣ ﺴﺎن اﻟﻮﺿ ﻮء‬
‫ﻼ ﻻ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ‬ ‫ن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻧ ﺼ ًﺎ ﻓﯿ ﺼ ً‬
‫واﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻏﯿﺮ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻋﺪم إﺗﻤﺎم اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺨﺸﻮع‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮫ إ ﱠ‬
‫إﻻ اﻟﺘﺮك اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬وھﺬا ھﻮ‪ :‬ﻋﻦ ﻋُﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات ﻛﺘﺒﮭﻦ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﺒ ﺎد‪ ،‬ﻓ َﻤ ﻦ ﺟ ﺎء ﺑﮭ ﱠ‬
‫ﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﻀﯿﱢﻊ ﻣ ﻨﮭﻦ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‬
‫ﻦ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪ‪،‬‬ ‫ﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪ أن ﯾﺪﺧﻠﮫ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وﻣَﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﮭ ﱠ‬ ‫اﺳﺘﺨﻔﺎﻓﺎً ﺑﺤﻘﮭ ﱠ‬
‫إن ﺷ ﺎء ﻋﺬﱠﺑ ﮫ وإن ﺷ ﺎء أدﺧﻠ ﮫ اﻟﺠﻨ ﺔ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫وﻟﻔﻈ ﮫ »‪ ...‬إن ﺷ ﺎء ﻋﺬﺑ ﮫ وإن ﺷ ﺎء ﻏﻔ ﺮ ﻟ ﮫ«‪ .‬وﺗﺤ ﻀﺮﻧﻲ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻤﻘ ﺎم أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬

‫‪277‬‬
‫اﻧﺼﺮف اﻟﻜﺜﯿ ﺮون ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻨﮭ ﺎ وﻻ أﻗ ﻮل ﺟﻤ ﯿﻌﮭﻢ‪ ،‬واﺿ ﻄﺮﺑﻮا ﻓ ﻲ ﻓﮭ ﻢ دﻻﻻﺗﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻘﻔ ﻮا‬
‫ﻋﻨﺪھﺎ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮي أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺻﻠﻰ اﻟ َﺒ ْﺮدَﯾﻦ دﺧ ﻞ‬
‫اﻟﺠﻨﺔ « رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ‪ .‬واﻟﺒﺮدان ھﻤﺎ ﺻﻼﺗﺎ اﻟﻔﺠﺮ واﻟﻌﺼﺮ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻤﺎرة ﺑﻦ رُؤﯾﺒﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻟﻦ ﯾﻠﺞ اﻟﻨﺎر أﺣ ٌﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﺻﻠﱠﻰ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﻗﺒﻞ ﻏﺮوﺑﮭﺎ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻔﺠﺮ واﻟﻌﺼﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻓُﻀﺎﻟﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻋﻠﱠﻤﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜ ﺎن ﻓﯿﻤ ﺎ ﻋﻠﻤﻨ ﻲ »وﺣ ﺎ ِﻓﻆْ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ت ﻟﻲ ﻓﯿﮭﺎ أﺷﻐﺎ ٌل ﻓ ُﻤﺮْﻧﻲ ﺑﺄﻣ ٍﺮ ﺟﺎﻣ ٍﻊ إذا أﻧﺎ ﻓﻌﻠﺘُﮫ َأﺟْﺰأ‬
‫اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻠﺖ‪ :‬إنﱠ ھﺬه ﺳﺎﻋﺎ ٌ‬
‫ﻋﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮﯾﻦ‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻟﻐﺘﻨﺎ ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬وﻣ ﺎ اﻟﻌ ﺼﺮان؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻼةٌ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﺻﻼةٌ ﻗﺒﻞ ﻏﺮوﺑﮭﺎ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﺄﻗﻮل‪ :‬أﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼﺗﻲ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﯾُﻌﺘﺒﺮ ﺗﺎرﻛﺎً ﻟﻠﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ﺗﺮﻛﺎً ﺟﺰﺋﯿﺎً وﻣﻊ ذﻟﻚ ﯾﺒﻘﻰ ﻣﺴﻠﻤﺎً؟‪.‬‬

‫أﻣﱠﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘ ﻲ ھ ﻲ ﻣ ﻦ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺎ رواه ُﺑﺮَﯾ ﺪة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫ﯾﻘﻮل » اﻟﻌﮭﺪ اﻟ ﺬي ﺑﯿﻨﻨ ﺎ وﺑﯿ ﻨﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻤ ﻦ ﺗﺮﻛﮭ ﺎ ﻓﻘ ﺪ ﻛﻔ ﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻣﺎ رواه ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﺑ ﯿﻦ اﻟﺮﺟ ﻞ وﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺸﱢﺮك‬
‫واﻟﻜﻔﺮ ﺗﺮك اﻟﺼﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﻠﯿﻆ اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺳ ﺒﺎب‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﺴﻮق وﻗﺘﺎﻟﮫ ﻛﻔﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﺛﻨﺘﺎن ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ھﻤﺎ ﺑﮭﻢ ﻛﻔﺮ‪ :‬اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺐ واﻟﻨﯿﺎﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻟ ﯿﺲ ِﻣ ﻦ رﺟ ﻞٍ ادﱠﻋ ﻰ‬
‫ﻟﻐﯿﺮ أﺑﯿﮫ وھﻮ ﯾﻌﻠﻤﮫ إﻻ ﻛﻔﺮ ﺑﺎﷲ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺠ ِﺰ ﺑﮫ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ َﻓ ْﻠ ُﯿ ْﺜﻦِ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﻦ أﺛﻨﻰ ﻓﻘﺪ ﺷﻜﺮ‪ ،‬وﻣﻦ ﻛﺘﻢ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ‬
‫ﺟ َﺪ ﻓ ْﻠ َﯿ ْ‬
‫»ﻣﻦ أُﻋﻄﻲ ﻋﻄﺎءً ﻓﻮ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )وﻣﻌﻨ ﻰ ﻗﻮﻟ ﮫ ـ ـ وﻣ ﻦ ﻛ ﺘﻢ ﻓﻘ ﺪ‬ ‫‪ «...‬رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﻛﻔﺮ ــ ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻛﻔﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻤﺔ(‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ‪ ...‬وأُرﯾ ُ‬
‫ﺖ اﻟﻨ ﺎرَ‬
‫ﻦ‬
‫ﺖ أﻛﺜﺮ أھﻠِﮭﺎ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺑ َﻢ ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑﻜﻔ ﺮھ ّ‬‫ﻂ أﻓﻈﻊَ‪ ،‬ورأﯾ ُ‬ ‫ﻓﻠﻢ أرَ ﻣﻨﻈﺮاً ﻛﺎﻟﯿﻮ ِم ﻗ ﱡ‬
‫‪ ،‬ﻗﯿﻞ‪ :‬ﯾﻜﻔﺮن ﺑﺎﷲ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﻜﻔﺮنَ اﻟﻌﺸﯿﺮ وﯾﻜﻔﺮن اﻹﺣﺴﺎن ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻓﻘﺘ ﺎل اﻟﻤ ﺴﻠﻢ واﻟﻄﻌ ﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺴﺐ واﻟﻨﯿﺎﺣ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ وادّﻋ ﺎء اﻟ ﺸﺨﺺ ﻟﻐﯿ ﺮ أﺑﯿ ﮫ وﻛﺘﻤ ﺎن‬
‫ﻻ ﺗُﺨﺮج ﻣ ﻦ‬ ‫ص ﻓﺤﺴﺐ وﻟﯿﺴﺖ أﻓﻌﺎ ً‬ ‫اﻟﻌﻄﺎء وﺟﺤﻮد اﻟﻤﺮأة ﻓﻀﻞ زوﺟﮭﺎ وإﺣﺴﺎﻧﮫ ھﻲ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻣﻌﺎ ٍ‬
‫اﻟﻤﻠ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ إﻃ ﻼق اﻟﻜﻔ ﺮ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻟﻤﺠ ﺮد اﻟﺘﻐﻠ ﯿﻆ اﻟ ﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺪ أُﺳ ﺘُﻌﻤﻠﺖ ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟﻜﻔ ﺮ ھﻨ ﺎ‬
‫ﺸﺊ إذا ﺳﺘﺮه وﻏﻄﺎه‪ ،‬وﯾﻘ ﺎل ﻛﻔ ﺮ اﻟ ﺰارع اﻟﺒ ﺬر‬ ‫ﺑﻤﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻠﻐﻮي وﺗﻌﻨﻲ اﻟﺴّﺘﺮ واﻟﻐﻄﺎء‪ ،‬ﯾﻘﺎل ﻛﻔﺮ اﻟ ّ‬
‫ﻋ َﺪ اﷲُ‬‫ﺑﺎﻟﺘﺮاب إذا ﻏﻄّﺎه‪ ،‬وﻗﺪ ورد اﺳﺘﻌﻤﺎل ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َو َ‬
‫ﻚ ھُ ﻢُ‬
‫ﻦ َﻛ َﻔ َﺮ ﺑ ْﻌ َﺪ ذﻟ ﻚ ﻓَﺄوﻟ ِﺌ َ‬
‫ض ‪ ...‬وﻣ ْ‬
‫ﺨ ِﻠ َﻔﻨﱠﮭ ْﻢ ﻓ ﻲ اﻷر ِ‬
‫ﺴ َﺘ ْ‬
‫ت َﻟ َﯿ ْ‬
‫ﻋﻤِﻠﻮا اﻟ ﺼّﺎﻟﺤﺎ ِ‬ ‫ﻦ آﻣﻨﻮ ا ِﻣﻨْﻜ ْﻢ َو َ‬
‫اﻟﺬّﯾ َ‬
‫اﻟﻔَﺎﺳِﻘﻮن[ اﻵﯾﺔ ‪ 55‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ ‪ -‬وﻣ ﻦ ﻛﻔ ﺮ ‪ -‬ﻓ ﺴّﺮھﺎ اﻟﻤﻔ ﺴﺮون ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﻛُﻔ ﺮ اﻟﻨﻌﻤ ﺔ‪،‬‬
‫ﷲ ھ ْﻢ ﯾ ْﻜﻔُ ﺮون[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 72‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨﺤ ﻞ‪ .‬ﻓ ﺴّﺮﺗﮭﺎ‬ ‫ﻃ ِﻞ ﯾ ْﺆﻣِﻨ ﻮن َو ِﺑ ِﻨ ْﻌ َﻤ ِﺔ ا ِ‬ ‫وﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ] َأ َﻓﺒِﺎﻟﺒﺎ ِ‬
‫ﺠﺤَﺪون[‪.‬‬ ‫اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﮭﺎ ] ‪َ ...‬أ َﻓ ِﺒ ِﻨ ْﻌ َﻤ ِﺔ ا ِ‬
‫ﷲ َﯾ ْ‬

‫‪278‬‬
‫ج ﻣ ﻦ اﻟﻤّﻠ ﺔ‪،‬‬
‫ﺨ ِﺮ ُ‬
‫ﻓ ﺎﻟﻜﻔﺮ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﺮوج ﻣ ﻦ اﻟﻤّﻠ ﺔ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ أﻓﻌ ﺎ ٍل ﻣﺤﺮّﻣ ﺔ ﻻ ُﺗ ْ‬
‫واﻟﻘﺮﯾﻨ ُﺔ ھﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗﺤ ﺪ ُد أّﯾ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿ ﯿﻦ ھ ﻮ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ وﺻ ﻔﺖ ﺗ ﺮك‬
‫اﻟﺼﻼة ﺑﺄﻧ ُﮫ ﻛﻔﺮ ﻗﺪ وُﺟِﺪت ﻗﺮﯾﻨ ﺔٌ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺗ ﺼﺮﻓﮭﺎ إﻟ ﻰ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻠﻐ ﻮي ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وھ ﻲ اﻟﺘ ﻲ ذﻛﺮﻧﺎھ ﺎ‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺎً‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﺢ ﻣﻌﮭﺎ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺗﺮك اﻟﺼﻼة ﺧﺮوﺟ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺔ‪ ،‬وأن ﻣ ﻦ اﻋﺘﺒ ﺮوا ﺗ ﺮك اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻛﻔﺮًا إﻧﻤﺎ أﺧﻄﺄوا ﻓﯿﻤﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ‬

‫ﻓﺮَض اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ ھﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ أو ﺻ ﻼة‬
‫اﻟ ﺼﺒﺢ أو ﺻ ﻼة اﻟﻐ ﺪاة وھ ﻲ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وھ ﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ أو‬
‫اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ وھ ﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب وھ ﻲ ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء أو‬
‫ﺻﻼة اﻟ َﻌﺘَﻤَﺔ وھﻲ أرﺑﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻣﻌ ﺎذ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﻌﺜﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻚ‬
‫ﺗﺄﺗﻲ ﻗﻮﻣ ًﺎ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﺎدﻋُﮭﻢ إﻟﻰ ﺷﮭﺎدة أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وأﻧﻲ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﻢ أﻃ ﺎﻋﻮا‬
‫ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓَﺄﻋْﻠﻤْﮭﻢ أن اﷲ اﻓﺘﺮض ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻋ ﯿﻦ اﻟ ﺸﺮع ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ ﻣﯿﻘﺎﺗ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫ﺼﻠﱢـــﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠــﻰ اﻟﻈﮭ ـﺮ ﺣ ـﯿﻦ زاﻟ ﺖ‬ ‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺟ ﺎءه ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻗـ ـﻢ َﻓ َ‬
‫ﺼﻠﱢﮫ ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ ﺣﯿﻦ ﺻﺎر ﻇﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻣﺜﻠﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎءه‬ ‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻢ َﻓ َ‬
‫ﺼﻠﱢﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ‬ ‫ﺼﻠﱢﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺣﯿﻦ وﺟﺒﺖ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻗ ﻢ َﻓ َ‬ ‫اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻢ َﻓ َ‬
‫ﺼﻠﱢﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺣﯿﻦ ﺑﺮق اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬أو ﻗ ﺎل ﺣ ﯿﻦ ﺳ ﻄﻊ‬ ‫ﺣﯿﻦ ﻏﺎب اﻟﺸﻔﻖ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه اﻟﻔﺠﺮ ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻗﻢ َﻓ َ‬
‫ﺼﻠﱢﮫ ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ ﺣﯿﻦ ﺻﺎر ﻇﻞ ﻛﻞ ﺷ ﺊ ﻣﺜﻠَ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬ ‫اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه ﻣﻦ اﻟﻐﺪ ﻟﻠﻈﮭﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻢ َﻓ َ‬
‫ﺟﺎءه ﻟﻠﻌﺼﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻢ ﻓﺼَﻠﱢﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ ﺣﯿﻦ ﺻﺎر ﻇﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ ِﻣﺜْﻠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه ﻟﻠﻤﻐﺮب ﺣ ﯿﻦ‬
‫ﻏﺎﺑﺖ اﻟﺸﻤﺲ وﻗﺘًﺎ واﺣﺪًا ﻟﻢ ﯾﺰل ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه ﻟﻠﻌﺸﺎء ﺣﯿﻦ ذھﺐ ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬أو ﻗﺎل ُﺛﻠُﺚ اﻟﻠﯿﻞ‬
‫ﺼﻠﱢﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻔﺠﺮ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﺑ ﯿﻦ‬ ‫‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎءه ﻟﻠﻔﺠﺮ ﺣﯿﻦ أﺳﻔﺮ ﺟﺪاً ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻢ ﻓ َ‬
‫ھﺬﯾﻦ وﻗﺖ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺒﺨﺎري )ھﻮ أﺻﺢ ﺷﺊ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ( ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋــﻦ اﻟﻨﺒـــﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »وﻗﺖ اﻟﻈﮭﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺤﻀﺮ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ووﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ‬
‫ﺸﻔَﻖ‪ ،‬ووﻗﺖ اﻟﻌﺸﺎء إﻟ ﻰ ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ووﻗ ﺖ‬ ‫ﺗﺼﻔﺮﱠ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ووﻗﺖ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾَﺴﻘﻂ َﺛ ْﻮ ُر اﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن ﻣﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ھﻨ ﺎ ھ ﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﻤﺨﺘ ﺎرة دون‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﺠ ﺎﺋﺰة‪ ،‬أي ھ ﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﺘ ﻲ ﯾُﻨ ﺪَب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أداء اﻟ ﺼﻠﻮات ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ‬
‫ﻧﻔﺴﮭﺎ اﻟﺘﻲ واﻇﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ أداء اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻣﺎ ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺼﻼة ﻟﻮﻗﺘﮭـﺎ اﻵﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻀﮫ اﷲ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ زاد ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ ﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧ ﺼﻮص أﺧ ﺮى ﺳ ﺘﺄﺗﻲ ﻻﺣﻘ ًﺎ ﻓﮭ ﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ أداء ﺻﻠﻮاﺗﮭﻢ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﻤﻰ أوﻗﺎت اﻟﺠﻮاز أو أوﻗﺎت اﻟﻀﺮورة أو أوﻗ ﺎت‬
‫اﻟﻜﺮاھﺔ‪ .‬وﻧﺬﻛﺮ اﻵن ﻣﯿﻘﺎت ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫‪1‬ــ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪:‬‬

‫‪279‬‬
‫ﯾﺒﺪأ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻣﻦ زوال اﻟﺸﻤﺲ ‪ -‬أي ﻣﻦ ﺻُﻌﻮد اﻟ ﺸﻤﺲ إﻟ ﻰ ُﻗﺒﱠ ﺔ اﻟ ﺴﻤﺎء ‪ -‬وﯾﻨﺘﮭ ﻲ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺼﯿﺮ ﻇﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻄﻮل‪ ،‬أي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺒﺪأ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻦ‬
‫ي ﺣﯿ ٍ‬ ‫ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﺎر‪ .‬وﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ھﺬه ﻟﮭﺎ وﻗﺖ واﺣﺪ ﻛﻠﮫ وﻗﺖ اﺧﺘﯿ ﺎر‪ ،‬ﻓﺘ ﺆدﱠى ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ أ ﱢ‬
‫ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة دون وﺟﻮد ﻓﻀﻞ ﻷي ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻵﺧ ﺮ‪ .‬وﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ھ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻷوﻟ ﻰ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻼھﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺈﻣﺎﻣ ِﺔ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺔ ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺟﺎﺑﺮ‪ ،‬وﺑﻤ ﺎ روى ﻧ ﺎﻓﻊ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ وﻏﯿ ﺮه »ﻟﻤ ﺎ أﺻ ﺒﺢ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻟﯿﻠﺘ ﮫ اﻟﺘ ﻲ أُﺳ ﺮي ﺑ ﮫ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟ ﻢ‬
‫ﺳﻤﱢﯿﺖ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻗﺎم ﻓﺼﺎح ﺑﺄﺻ ﺤﺎﺑﮫ‪ :‬اﻟ ﺼﻼة‬ ‫َﯾ ُﺮﻋْﮫ إﻻ ﺟﺒﺮﺋﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻨﺰل ﺣﯿﻦ زاﻏﺖ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻠﺬﻟﻚ ُ‬
‫ﺟﺎﻣﻌ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺎﺟﺘﻤﻌﻮا‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺟﺒﺮﺋﯿ ﻞ ﺑ ﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻃ ﻮﱠل اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫اﻷوﻟﯿﯿﻦ ﺛﻢ ﻗﺼﱠﺮ اﻟﺒﺎﻗﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﻠﱠﻢ ﺟﺒﺮﺋﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﺳﻠﱠﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺰل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﮫ ‪ «...‬رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪ .‬وﺑﻤﺎ روى ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﺟُﺒﯿﺮ ﺑﻦ ﻣﻄﻌﻢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل ‪:‬‬
‫ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ » r‬أﻣﱠﻨ ﻲ ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﯿ ﺖ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﺣ ﯿﻦ زاﻟ ﺖ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪر اﻟﺸﱢﺮاك‪ ،‬وﺻﻠﻰ ﺑﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺣ ﯿﻦ ﻛ ﺎن ﻇﻠ ﮫ ﻣﺜﻠ ﮫ‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ ﺑ ﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺣ ﯿﻦ‬
‫أﻓﻄﺮ اﻟﺼﺎﺋﻢ‪ ،‬وﺻﻠﻰ ﺑﻲ اﻟﻌﺸﺎء ﺣﯿﻦ ﻏﺎب اﻟﺸﻔﻖ‪ ،‬وﺻﻠﻰ ﺑﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﺣﯿﻦ ﺣﺮُم اﻟﻄﻌﺎم واﻟ ﺸﺮاب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺎﺋﻢ ‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود واﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﺑ ﺪأ ﺑ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻈﮭﺮ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻗﺪر اﻟﺸﱢﺮاك‪ :‬اﻟﺸﱢﺮاك ھﻮ أﺣﺪ ﺳﯿﻮر اﻟﻨﻌﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮭﺎ‪ .‬واﻟﻤﺮاد ﺑﺬﻟﻚ ﺑﯿ ﺎن‬
‫أﻗﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻈﻞ وﻗﺖ اﻟﺰوال‪.‬‬

‫وﺣﯿ ﺚ أن ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟ ﺬي ﺗ ﺸﺘ ﱡﺪ ﻓﯿ ﮫ‬

‫ﺖ‬
‫ن وﻗ ِ‬ ‫اﻟﺤﺮارة ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﺤﺎرة‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ اﻟﺼﻼة ﺗﺸﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻟﮭﺬا ودﻓﻌًﺎ ﻟﻠﻤﺸﻘﺔ‪ ،‬وِﻟ َﻜ ْﻮ ِ‬
‫ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻛﻠﮫ وﻗﺖ اﺧﺘﯿﺎر ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﺴﻦ ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ أﯾﺎم اﻟﺤﺮ إﻟﻰ أن ﺗﻨﻜﺴﺮ ﺣﺪﱠﺗﮫ‪ ،‬وھﻮ‬
‫اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻹﺑﺮاد ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻨﻔ ﺮد واﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﯿﻦ َﻣ ﻦ ھ ﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ و َﻣ ﻦ ھ ﻢ‬
‫ﺧﺎرﺟﮫ‪ ،‬ﻓﺤﻜﻢ اﻟﻨﺪب ﻋﺎم ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺤﺎﻻت ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‪ r‬إذا‬
‫ﻛﺎن اﻟﺤ ﺮ َأﺑْ َﺮدَ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة وإذا ﻛ ﺎن اﻟﺒ ﺮد ﻋﺠﱠ ﻞ« رواه اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ذ ﱟر ﻗ ﺎل‬
‫»أذﱠن ﻣﺆذن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪َ :r‬أ ْﺑ ِﺮ ْد َأ ْﺑ ِﺮ ْد ‪ ،‬أو ﻗﺎل‪ :‬اﻧﺘﻈﺮ اﻧﺘﻈﺮ وﻗﺎل‪ :‬إن ﺷﺪة‬
‫ﺢ ﺟﮭ ﻨﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﺷ ﺘﺪ اﻟﺤ ﺮ ﻓ ﺄ ْﺑﺮِدوا ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‬ ‫اﻟﺤﺮ ﻣﻦ َﻓ ْﯿ ِ‬
‫وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ ‪.‬‬

‫‪2‬ــ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻮﺳﻄﻰ‪:‬‬

‫ﯾﺒ ﺪأ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ ﯾ ﺼﯿﺮ ﻇ ﻞ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻣﺜﻠ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻄ ﻮل وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﺑﻐ ﺮوب‬
‫اﻟ ﺸﻤﺲ‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﻐ ﺮوب اﻟ ﺸﻤﺲ وﻟ ﯿﺲ ﺑﺎﺻ ﻔﺮارھﺎ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻤ ﺎر‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻞ ﺷﺊ ﻣﺜﻠﯿﮫ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺎر‪ ،‬ﻷن ھﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﺣ ﺪﱠدا‬
‫ﺑﺼﯿﺮورة ﻇﻞ ﻛ ﱢ‬
‫ﻟﻠﻌﺼﺮ وﻗﺖ اﻻﺧﺘﯿﺎر ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬دون ﺗﻤﺎم اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻧ ﺼﻮص أﺧ ﺮى‪ .‬ﻓﺎﻟﻌ ﺼﺮ ﻟ ﮫ وﻗ ﺖ‬
‫اﺧﺘﯿﺎر ﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﺎﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻟﮫ وﻗ ﺖ ﺿ ﺮورة أو وﻗ ﺖ ﺟ ﻮاز ﯾﺒ ﺪأ ﺑﺎﺻ ﻔﺮار اﻟ ﺸﻤﺲ إﻟ ﻰ أن‬
‫ﺗﻐ ﺮب ﻓ ﻲ اﻷﻓ ﻖ اﻟﻐﺮﺑ ﻲ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ‪..‬‬
‫وﻣﻦ أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﻌﺼﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻓﺄﻓﻀﻞ وﻗﺖ ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﯾﻘﻊ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ أول اﻟﻮﻗﺖ إﻟﻰ أن ﯾﺒﺪأ اﺻﻔﺮار ُﻗ ﺮص اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﺨﺘﺎر‪ ،‬وھﻮ اﻟﺬي ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﯾﻌﻘﺒ ﮫ اﻟﻮﻗ ﺖ‬
‫اﻟﺠﺎﺋﺰ اﻟﺬي ﯾﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﻏﯿﺎب اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﯾُﺴﻤﻰ وﻗﺖ اﻟﻀﺮورة‪ ،‬أو وﻗﺖ اﻟﻜﺮاھ ﺔ‪ .‬وﻧﻘ ﺼﺪ ﺑ ﺎﻟﻐﺮوب‬
‫ص اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ ﯾﻤﺘﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻮارى ﻗﺮص اﻟﺸﻤﺲ ﻛﻠﮫ‪.‬‬ ‫ﻞ ﻗﺮ ِ‬
‫ب ﻛﺎﻣ ِ‬
‫ﻏﯿﺎ َ‬

‫‪280‬‬
‫وﻗ ﺪ ﺳ ﻤﯿﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ ﻟﻔ ﻀﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺮاﺟﺢ اﻷﺻﺢ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻲﱞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻟﻤﱠﺎ ﻛﺎن ﯾ ﻮم اﻷﺣ ﺰاب ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣ ﻸ‬
‫اﷲ ﻗُﺒﻮرھﻢ وﺑﯿﻮﺗﮭﻢ ﻧﺎراً ﻛﻤﺎ ﺣﺒﺴﻮﻧﺎ وﺷﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺣﺘ ﻰ ﻏﺎﺑ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﺼﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺜﯿﻦ‪ :‬ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮم اﻷﺣﺰاب »ﺷﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ‪ « ...‬وﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺷﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‬
‫‪.«...‬‬

‫ﻛﻤﺎ وﻗﻊ اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﺼﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟ ﮫ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻛﻨ ﺎ‬

‫ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻮم اﻟﺨﻨﺪق‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﻸ اﷲ ﻗﺒﻮرھﻢ وﺑﯿﻮﺗﮭﻢ ﻧ ﺎرًا ﻛﻤ ﺎ ﺷ ﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ‬
‫ﺣﺘ ﻰ ﻏﺎﺑ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ وھ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ«‪ .‬ووﻗ ﻊ اﻟﺘ ﺼﺮﯾﺢ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻟﻤﺎ ﻛ ﺎن ﯾ ﻮم اﻷﺣ ﺰاب ﺻ ﻠﯿﻨﺎ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‪،‬‬
‫ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﺷ ﻐﻠﻮﻧﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻣ ﻸ اﷲ ﻗﺒ ﻮرھﻢ وأﺟ ﻮاﻓﮭﻢ ﻧ ﺎراً«‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺻ ﻼة اﻟﻮﺳ ﻄﻰ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ«‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺳﻤﺮة‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺧﺼﮭﺎ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﻤﺰﯾﺪ ِذ ْﻛ ٍﺮ ﻓﻘﺎل ]ﺣَﺎ ِﻓﻈُﻮا ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﱠ َﻠﻮَاتِ واﻟ ﺼﱠﻼ ِة اﻟ ُﻮﺳْ ﻄَﻰ و ُﻗ ْﻮﻣُ ﻮا‬
‫ﻦ[ اﻵﯾﺔ ‪ 238‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺧﺼﮭﺎ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ‪ r‬ﺑﻤﺰﯾ ﺪ ذِ ْﻛ ٍﺮ وﺗﻔ ﻀﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬ ‫ﷲ ﻗَﺎ ِﻧ ِﺘ ْﯿ َ‬
‫»اﻟﺬي ﺗﻔﻮﺗ ﮫ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻛﺄﻧﻤ ﺎ وُ ِﺗ َﺮ أھﻠَ ﮫ وﻣﺎﻟَ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺨﻤﱠﺺ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن ھ ﺬه‬ ‫ﺑ ﺼﺮة اﻟﻐﻔ ﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑ ﺎﻟ ُﻤ َ‬
‫ﻋﺮِﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻓﻀﯿﱠﻌﻮھﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻛﺎن ﻟﮫ أﺟ ُﺮ ُه ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﺻ ﻼة‬ ‫اﻟﺼﻼة ُ‬
‫ﺑﻌﺪھﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻄﻠﻊ اﻟﺸﺎھﺪ ‪ -‬واﻟﺸﺎھﺪ اﻟﻨﺠﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪3‬ــ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪:‬‬

‫ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﺎ ﱢر ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ أن ﻟﻠﻤﻐﺮب وﻗﺘًﺎ واﺣﺪًا ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم‬
‫ﻓﻲ ﯾﻮﻣﯿﻦ ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﯿﻦ ھﻮ »ﺣﯿﻦ ﻏﺎﺑﺖ اﻟﺸﻤﺲ« وﺟﺎء ذﻟﻚ أﯾﻀﺎً ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﺟﺒﺮﺋﯿﻞ أﺗ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑ ﮫ اﻟ ﺼﻠﻮات وﻗﺘ ﯿﻦ إﻻ اﻟﻤﻐ ﺮب« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤ ﺮو اﻟﻤ ﺎر ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ أن »وﻗ ﺖ اﻟﻤﻐ ﺮب ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻘﻂ ﺛَ ﻮْ ُر‬
‫اﻟﺸﻔﻖ« ﻓﻨﻘﻮل إن ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺣﺪﱠد وﻗﺖ اﻻﺧﺘﯿﺎر وھ ﻮ اﻟﻤ ﺸﺎر إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﻋﻨﺪ ﻏﯿﺎب اﻟﺸﻤﺲ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻓﻘﺪ ﺣﺪﱠد ﻛﺎﻣﻞ وﻗﺖ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﻣﻦ ﻏﯿﺎب اﻟﺸﻤﺲ وﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﻐﯿﺎب اﻟﺸﻔﻖ اﻷﺣﻤﺮ‪ ،‬وإﻟ ﻰ ھ ﺬه اﻟﻨﮭﺎﯾ ﺔ أﺷ ﺎر اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه ﻋﻘﺒ ﺔ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺗ ﺰال أﻣﺘ ﻲ ﺑﺨﯿ ﺮ‪ ،‬أو ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔﻄ ﺮة‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺆﺧﺮوا‬
‫اﻟﻤﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘﺒﻚ اﻟﻨﺠﻮم« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‬
‫أﯾ ﻀ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﻌﺒ ﺎس ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻄﻠ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ اﺷ ﺘﺒﺎك اﻟﻨﺠ ﻮم ﻧﮭﺎﯾ ﺔ وﻗ ﺖ‬
‫ك اﻟﻨﺠ ﻮم‪ :‬اﻧﺘ ﺸﺎرُ اﻟﻈ ﻼم ﻋﻘ ﺐ ﻏﯿ ﺎب اﻟ ﺸﻔﻖ اﻷﺣﻤ ﺮ ﺑﺤﯿ ﺚ ﺗﺒ ﺪو ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻨﺠ ﻮم‬ ‫اﻟﻤﻐ ﺮب‪ .‬واﺷ ﺘﺒﺎ ُ‬
‫ﻼ ﺳ ﺄﻟﮫ ﻋ ﻦ وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬ ‫ﻓﺘﺘﺸﺎﺑﻚ ﻟﻜﺜﺮﺗﮭ ﺎ‪ .‬وروى ﺑﺮﯾ ﺪة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن رﺟ ً‬
‫ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ‪ : r‬ﺻﻞ ﻣﻌﻨ ﺎ ھ ﺬﯾﻦ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﯿ ﻮﻣﯿﻦ ‪ - ...‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ‪ ... -‬ﺛ ﻢ أﻣ ﺮه ‪ -‬أي ﺑ ﻼ ًﻻ ‪-‬‬
‫ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻤﻐﺮب ﺣﯿﻦ ﻏﺎﺑﺖ اﻟﺸﻤﺲ ‪ ...‬وﺻﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب ﻗﺒﻞ أن ﯾﻐﯿﺐ اﻟﺸﻔﻖ ‪ ...‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﯾﻦ اﻟ ﺴﺎﺋﻞ‬
‫ﻋﻦ وﻗﺖ اﻟﺼﻼة؟ ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺟﻞ‪ :‬أﻧﺎ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻗﺖ ﺻﻼﺗﻜﻢ ﺑ ﯿﻦ ﻣ ﺎ رأﯾ ﺘﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺣ ﯿﻦ ﻏﺎﺑ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬وﺻ ﻼھﺎ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻐﯿ ﺐ اﻟ ﺸﻔﻖ ﯾﻮﻣ ًﺎ آﺧ ﺮ‪،‬‬
‫وﺟﻌﻞ ذﻟﻚ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻧﺺ ﻗﺎﻃﻊ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫ﻦ اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﺑﺼﻼة اﻟﻤﻐﺮب وأداؤھﺎ ﻓﻲ أول اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺸﺘﺪ اﻟﻈﻼم وﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﻨﺠ ﻮم ﻓ ﻲ‬ ‫وﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﺳ ﻠَﻤ ُﺔ ﺑ ﻦ‬
‫اﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬ﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ وﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس اﻟﻤ ﺸﺎر إﻟﯿﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ أول اﻟﺒﺤ ﺚ‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ روى َ‬
‫اﻷﻛ ﻮع رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب إذا ﻏﺮﺑ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗ ﻮارت‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺠﺎب« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪4‬ــ وﻗﺖُ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪:‬‬

‫ﯾﺒ ﺪأ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺎب اﻟ ﺸﻔﻖ اﻷﺣﻤ ﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾﻨ ﺸﻖﱠ اﻟﻔﺠ ﺮ اﻟ ﺼﺎدق‪ ،‬وﺑﻌﺒ ﺎرة‬
‫أﺧﺮى ﯾﺒﺪأ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻨﺪ ﺳﻘﻮط اﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬أي ﻏﯿﺎﺑﮫ ﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ اﻟ ﺸﮭﺮ اﻟﮭﺠ ﺮي‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى اﻟﻨﻌﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إﻧﻲ ﻷﻋﻠ ُﻢ اﻟﻨﺎس ﺑﻮﻗﺖ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة‪ ،‬ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﺑﻈﮭ ﻮر اﻟﻔﺠ ﺮ اﻟﻤ ﺴﺘﻄﯿﺮ ‪،‬‬
‫ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻟﺴﻘﻮط اﻟﻘﻤﺮ ﻟﺜﺎﻟﺜ ٍﺔ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫أي اﻟﻤﻨﺘﺸﺮ ﻣﻌﺘﺮﺿًﺎ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻋﻜﺲ اﻟﻤﺴﺘﻄﯿﻞ اﻟﺬي ﯾﺒﺪو ﻣﻤﺘﺪًا إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﯾﺴﻤﻰ اﻷول اﻟﻔﺠﺮ‬
‫ﺳﻤُﺮة ﺑﻦ ﺟُﻨﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫اﻟﺼﺎدق ﺗﻤﯿﯿﺰاً ﻟﮫ ﻋﻦ اﻟﻔﺠﺮ اﻟﻜﺎذب‪ ،‬ﻓﻌﻦ َ‬
‫ض اﻷﻓﻖ اﻟﻤﺴﺘﻄﯿﻞ ھﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻄﯿﺮ ھﻜﺬا ‪ «...‬رواه‬ ‫»ﻻ ﯾﻐ ﱠﺮﻧﱠﻜﻢ ﻣﻦ ﺳﺤﻮرﻛﻢ أذانُ ﺑﻼل وﻻ ﺑﯿﺎ ُ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وﺣﯿﺚ أن ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﺗﻌﻘﺐ ﺻﻠﺔ اﻟﻌﺸﺎء ﻓﺈن وﻗﺖ اﻟﻌﺸﺎء ﯾﻤﺘ ﱡﺪ ﺣﺘﻰ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﻟﯿﺲ إﻟﻰ‬
‫ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ أو ﺷﻄﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺤﺴﺐ ﻛﻤﺎ ﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ‪ .‬ﻓﻜﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺨﺼﻮص‬
‫ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ وﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪﯾﻦ ‪ 3 ،2‬ﻣﻦ أن اﻟﺘﺤﺪﯾﺪ اﻟﻮارد ﻓﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻟﻮﻗﺖ اﻻﺧﺘﯿﺎر وﻟﯿﺲ ﻟﻮﻗﺖ اﻟﻀﺮورة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘ ﻮل اﻟﻘ ﻮل ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑﺨ ﺼﻮص ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺘﺤﺪﯾﺪ ﺑﺜﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ أو ﺑﺸﻄﺮ اﻟﻠﯿﻞ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺗﺤﺪﯾﺪ وﻗﺖ اﻻﺧﺘﯿﺎر أي وﻗ ﺖ اﻷﻓ ﻀﻠﯿﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬ﺛ ﻢ إن‬
‫ﻋ َﺘ َﻢ اﻟﻨﺒ ﻲﱡ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠ ﺔ ﺣﺘ ﻰ‬
‫اﻟﻄﺤﺎوي ﻗﺪ روى ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﺴﻨﺪ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻗﻮﻟﮭ ﺎ » َأ ْ‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ذھﺐ ﻋﺎﻣﱠﺔ اﻟﻠﯿﻞ وﺣﺘﻰ ﻧﺎم أھﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج ﻓ ﺼﻠﻰ وﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟﻮﻗﺘﮭ ﺎ ﻟ ﻮﻻ أن أﺷ ﱠ‬
‫أﻣﺘﻲ« ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ »ﺣﺘ ﻰ ذھ ﺐ ﻋﺎ ﱠﻣ ﺔ اﻟﻠﯿ ﻞ« وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﺗﺠ ﺎوز ﺷ ﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪.‬‬
‫وﻋﻦ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪َ» r‬أﻣَﺎ إﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﻮم‬
‫ﺗﻔﺮﯾﻂٌ‪ ،‬إﻧﻤﺎ اﻟﺘﻔﺮﯾﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ اﻟﺼﻼة ﺣﺘﻰ ﯾﺠﺊ وﻗﺖ اﻟﺼﻼة اﻷﺧﺮى« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻮﻻ‬
‫ورود أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻧﺘﮭﺎء وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﺑﻄﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ ﻟﺼﻠﺢ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﺗﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﺼﻼة اﻟﻌﺸﺎء ﺗﺼﺢ ﺣﺘﻰ ﺣﻠﻮل وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻓﯿﻨﺘﮭﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬أو ﺣﻮﻟﮫ ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬ﻟﯿﺒﺪأ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﻗﺖ اﻟﺠﻮاز ﺣﺘﻰ‬
‫ﺳ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ وﻗ ﺖ‬ ‫ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ُ‬
‫اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ ...‬ووﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬
‫وﯾُﻔﻀﱠﻞ ﺗﺄﺧﯿﺮ اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑ ﯿﻦ ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ وﻧ ﺼﻔﮫ ﻟﻠﻤﻨﻔ ﺮد وﻟﻠﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻮاء‪ ،‬إﻻ أَنْ‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﻰ‬‫ﺗُﻮﺟَﺪ ﻣﺸ ﱠﻘ ٌﺔ ﻓُﺘ ﺆدﱠى ﻓ ﻲ أول وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟ ﻮﻻ أن أﺷ ﱠ‬
‫أﻣﺘﻲ ﻷﺧﱠﺮت ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ أو ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺸﻘﺔ‬
‫ﺿ ﻌﻒ اﻟ ﻀﻌﯿﻒ وﻣ ﺮض اﻟﻤ ﺮﯾﺾ وأﻣﺜﺎﻟﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻼة اﻟ َﻌﺘَﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺨﺮج ﺣﺘ ﻰ ﻣ ﻀﻰ ﻧﺤ ٌﻮ ﻣ ﻦ ﺷ ﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺧ ﺬوا‬
‫ﻣﻘﺎﻋ ﺪﻛﻢ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬﻧﺎ ﻣﻘﺎﻋ ﺪﻧﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﻟﻨ ﺎس ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻮا وأﺧ ﺬوا ﻣ ﻀﺎﺟﻌﮭﻢ‪ ،‬وإﻧﻜ ﻢ ﻟ ﻦ ﺗﺰاﻟ ﻮا ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻼة ﻣﺎ اﻧﺘﻈ ﺮﺗﻢ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ ﺿ ﻌﻒ اﻟ ﻀﻌﯿﻒ وﺳ ﻘﻢ اﻟ ﺴﻘﯿﻢ ﻷﺧﱠ ﺮت ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة إﻟ ﻰ ﺷ ﻄﺮ‬
‫اﻟﻠﯿﻞ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑ ﺼﻼة اﻟ َﻌﺘَﻤ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‪.‬‬
‫واﻷﻓﻀﻞ ﺗﺴﻤﯿﺘﮭﺎ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ روى اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬

‫‪282‬‬
‫ﺤ ﻼب‬ ‫»ﻻ َﺗ ْﻐ ِﻠ َﺒ ﱠﻨﻜُﻢ اﻷﻋﺮاب ﻋﻠﻰ اﺳﻢ ﺻ ﻼﺗﻜﻢ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﷲ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ُﺗ ْﻌ ﺘِﻢ ﺑ ِ‬
‫اﻹﺑﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ َﺗ ْﻐ ِﻠ َﺒ ﱠﻨﻜُﻢ اﻷﻋ ﺮاب ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﻢ ﺻ ﻼﺗﻜﻢ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻘﻮﻟﻮن اﻟ َﻌﺘَﻤﺔَ ﻹﻋﺘﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﻹﺑﻞ«‪ .‬ﻓﻘﺪﻛﺎن اﻷﻋﺮاب ﯾﺆﺧﱢﺮون ﺣِﻼب اﻹﺑﻞ إﻟﻰ أن ﯾﺸﺘﺪ اﻟﻈﻼم‪ ،‬أي‬
‫اﻟﻌﺘَﻤَﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ﺻﻼة اﻟ َﻌﺘَﻤَﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ‪.‬‬

‫‪ 5‬ــ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪:‬‬

‫ﯾﺒﺪأ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬أو ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬أو ﺻﻼة اﻟﻐﺪاة‪ ،‬ﻣﻦ اﻧﺸﻘﺎق اﻟﻔﺠﺮ اﻟﺼﺎدق إﻟ ﻰ أن‬
‫ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ‪ -‬أي إﻟﻰ أن ﯾﻈﮭﺮ أول ﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ ‪ -‬ﻓﻘﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪» :‬ﻣﻦ أدرك ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺢ رﻛﻌﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﺼﺒﺢ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫واﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر ﺑ ﯿﻦ اﻟﺘﺒﻜﯿ ﺮ ﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أول وﻗﺘﮭ ﺎ ‪ -‬وھ ﻮ اﻟﻤ ﺴﻤﻰ ﺑ ﺎﻟﺘﱠﻐْﻠﯿﺲ ‪ -‬وﺑ ﯿﻦ اﻹﺳ ﻔﺎر ‪-‬‬
‫وھﻮ ﺗﺄﺧﯿﺮھﺎ إﻟﻰ ُﻗﺮْب ﻧﮭﺎﯾﺔ وﻗﺘﮭﺎ ‪ -‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳُﺌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ وﻗﺖ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻐﺪاة‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺣﯿﻦ ﻃﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﺛﻢ أﺳﻔﺮ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﯾﻦ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻋﻦ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻐ ﺪاة؟ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ‬
‫ھﺬﯾﻦ وﻗﺖ« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻐﻠ ﯿﺲ‪ ،‬أي اﻟﺘﺒﻜﯿ ﺮ‪ ،‬أﻓ ﻀﻞ ﻗﻠ ﯿﻼً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻦ ﻧﺴﺎ ُء اﻟﻤﺆﻣﻨﺎت ﯾﺸﮭﺪن ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﻣﺘﻠﻔﱢﻌ ﺎت ﺑ ُﻤ ﺮُوﻃِﮭﻦﱠ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻨﻘﻠ ﺒﻦ إﻟ ﻰ‬ ‫»ﻛ ﱠ‬
‫ﻦ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻀﯿﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻻ ﯾﻌﺮﻓﮭﻦﱠ أﺣ ٌﺪ ﻣﻦ اﻟﻐَﻠَﺲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ‬ ‫ﺑﯿﻮﺗﮭ ﱠ‬
‫ﻣﺴﻌﻮد اﻷﻧﺼﺎري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨـﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪...» r‬ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻣ ﺮ ًة ﺑ َﻐ َﻠ ﺲٍ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﺮة‬
‫ﺴﻔِﺮ« رواه أﺑ ﻮ‬‫أﺧﺮى ﻓﺄﺳﻔﺮ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﱠﻐﻠﯿﺲ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻌُﺪ إﻟ ﻰ أن ُﯾ ْ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪.‬‬‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬ ‫داود ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﺎﻟﺘﻐﻠﯿﺲ أﻓﻀﻞ ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ ﻟﯿﺎﻟﻲ اﻟﺸﺘﺎء اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺄﺧﺬ اﻟﻨﺎﺋﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬أﻣ ﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻟﯿﺎﻟﻲ اﻟﺼﯿﻒ ﻓﻠﻮ أﺳ ﻔﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺑ ﺼﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﻷﺣ ﺴﻦ ﺻ ﻨﻌﺎً‪ ،‬ﻷن اﻟﻠﯿ ﻞ ﻗ ﺼﯿﺮ واﻟﻨ ﺎس‬
‫ﯾﻨﺎﻣﻮن‪ ،‬ﻓﯿﻤﮭﻠﮭﻢ اﻹﻣﺎم ﺣﺘﻰ ﯾﺪرﻛﻮا اﻟﺼﻼة‪ .‬أﻣﱠﺎ ﻣ ﺎ ورد ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺄﻣﺮ ﺑﺎﻹﺳ ﻔﺎر‪ ،‬وأﻧ ﮫ أﻋﻈ ﻢ‬
‫ﻟﻸﺟﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗُﺤﻤَﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻏﯿﺮ اﻟﺘﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬ھﻮ اﻟﺘﺤﻘﱡﻖ واﻟﺘﺜﺒﱡﺖ ﻣﻦ ﺣﻠﻮل اﻟﻔﺠﺮ‪.‬‬

‫إذا أﺧﱠﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﺼﻠﻮات ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ‬

‫ﯾُﻨ ﺪب ﻷﺋﻤ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وﺣﻜ ﺎم اﻟﺪوﻟ ﺔ أدا ُء ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺼﻠﻮات ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﻓ ﻲ أواﺋ ﻞ ﻣﻮاﻗﯿﺘﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻋ ﺮف ﻣِـ ـﻦ إﻣ ﺎمٍ أو ﺣﺎﻛـ ـﻢٍ ﺗ ﺄﺧﯿﺮُ اﻟ ﺼﻼة‬
‫وﻋﺪم ﺗﺄﺧﯿﺮھﺎ إﻟ ﻰ أن ﺗﻨﺘﮭ ﻲ أوﻗـ ـﺎت اﻻﺧﺘﯿ ﺎر‪ ،‬ﻓـ ـﺈن ُ‬
‫ﺷُﺮع ﻟﻠﻤﺼﻠﱢﯿﻦ أن ﻻ ﯾﻨﺘﻈــﺮوا اﻟﺼﻼة ﻣﻌــﮫ ﺑﻞ ﯾﺼﻠﻮﻧﮭـــﺎ ﻣﻨﻔﺮدﯾﻦ‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﻢ أرادوا اﻟﺼﻼة ﻣﻊ‬
‫اﻹﻣــﺎم أو ﻣﻊ اﻟﺤﺎﻛـــﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﺗﻜﻮن ﺻ ﻼﺗﮭﻢ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل ﻟ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻛﯿ ﻒ أﻧ ﺖ إذا ﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﻠﯿ ﻚ أﻣ ﺮاء ﯾ ﺆﺧﺮون‬
‫اﻟ ﺼﻼة ﻋ ﻦ وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬أو ﯾُﻤﯿﺘ ﻮن اﻟ ﺼﻼة ﻋ ﻦ وﻗﺘﮭ ﺎ؟ ﻗ ﺎل ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻓﻤ ﺎ ﺗ ﺄﻣﺮﻧﻲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻞﱢ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻟﻮﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓـﺈن أدرﻛﺘﮭﺎ ﻣﻌﮭﻢ ﻓﺼﻞﱢ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﻚ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻋﺎﻟﯿ ﺔ اﻟﺒ ﺮاء ﻗ ﺎل »أﺧ ﺮ‬
‫اﺑﻦ زﯾﺎد اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺠﺎءﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ‪ ،‬ﻓﺄﻟﻘﯿﺖ ﻟﮫ ﻛﺮﺳﯿ ًﺎ ﻓﺠﻠﺲ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت ﻟﮫ ﺻﻨﯿﻊ‬
‫ﺾ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﻔﺘﮫ ﻓ ﻀﺮب إﻟ ﻰ ﻓﺨ ﺬي وﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﺳ ﺄﻟﺖ أﺑ ﺎ ذر ﻛﻤ ﺎ ﺳ ﺄﻟﺘﻨﻲ‪ ،‬ﻓ ﻀﺮب‬ ‫اﺑﻦ زﯾﺎد‪ ،‬ﻓﻌ ﱠ‬
‫ﻓﺨﺬي ﻛﻤﺎ ﺿﺮﺑﺖ ﻓﺨﺬك وﻗﺎل‪ :‬إﻧﻲ ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ‪ ،‬ﻓ ﻀﺮب ﻓﺨ ﺬي ﻛﻤ ﺎ ﺿ ﺮﺑﺖ‬
‫ﻓﺨﺬك وﻗﺎل‪ :‬ﺻ ﱢﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻟﻮﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن أدرﻛ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻌﮭ ﻢ ﻓ ﺼ ﱢﻞ وﻻ ﺗ ُﻘ ﻞ‪ :‬إﻧ ﻲ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻓ ﻼ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬ ‫أُﺻﻠﻲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫‪283‬‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺳﺘﺪرﻛﻮن أﻗﻮاﻣ ﺎً ﯾ ﺼﻠﱡﻮن اﻟ ﺼﻼة ﻟﻐﯿ ﺮ وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن أدرﻛﺘﻤ ﻮھﻢ ﻓ ﺼﻠﱡﻮا ﻓ ﻲ‬
‫ﺴﺒْﺤﺔ ھـ ـﻲ‬ ‫ﺳ ﺒْﺤﺔً« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬واﻟ ُ‬
‫ﺑﯿﻮﺗﻜﻢ ﻟﻠﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻌﺮﻓﻮن‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﱡﻮا ﻣﻌﮭ ﻢ واﺟﻌﻠﻮھ ﺎ ُ‬
‫ﺻ ﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠـ ـﺔ أو اﻟﺘﻄ ﻮﱡع‪ .‬وروى ﻋُﺒ ﺎدة ﺑ ﻦ اﻟ ﺼﺎﻣﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋـ ـﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗــ ـﺎل‬
‫»ﺳﯿﻜﻮن أﻣــﺮاء ﺗُﺸﻐﻠﮭﻢ أﺷﯿﺎء‪ ،‬ﯾﺆﺧﱢﺮون اﻟﺼﻼة ﻋ ﻦ وﻗﺘﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺎﺟﻌﻠﻮا ﺻ ﻼﺗﻜﻢ ﻣﻌﮭ ﻢ ﺗﻄﻮﻋ ًﺎ«‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻞ‬
‫أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ﺗﻜﻮن ﻧﺎﻓﻠﺔ وﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺎ دام ﯾﺄﺗﻢﱡ ﺑﺈﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ؟ ﻓﻸن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﺤ ﱡ‬
‫ﻟﮫ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ ﺷﺮﻋًﺎ أن ﯾﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬
‫أو اﻟﻤﻐﺮب ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬أو أﯾ ﺔ ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر‬
‫ﻣﻮﻟﻰ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ﻗﺎل »أﺗﯿﺖ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ وھ ﻮ ﻗﺎﻋ ﺪٌ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺒﻼط واﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ ‪ :‬أﻻ‬
‫ﺗﺼﻠﻲ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪ ﺻﻠﯿﺖُ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬أﻻ ﺗ ﺼﻠﻲ ﻣﻌﮭ ﻢ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻻ ﺗ ﺼﻠﻮا‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬ ‫ﺻﻼ ًة ﻓﻲ ﯾﻮمٍ ﻣﺮﺗﯿﻦ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫إِدراكُ رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ‬

‫ﻣﻦ أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ أﯾﺔ ﺻﻼة ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻗﺒﻞ ﺧﺮوج وﻗﺘﮭﺎ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﺼﱠﻼة‪ ،‬وﯾُﺘﻤﱡﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ‬
‫اﻟ ﺼﻼة اﻟﺘ ﻲ ﺗﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ أدرك ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﺒﺢ رﻛﻌﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬وﻣﻦ أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻐ ﺮب‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﻌﺼﺮ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا أدرك أﺣ ﺪُﻛﻢ ﺳ ﺠﺪة ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌ ﺼﺮ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ْﻠ ُﯿ ﺘ ﱠﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وإذا أدرك ﺳ ﺠﺪة ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻄﻠ ﻊ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻓ ْﻠﯿُﺘ ﱠﻢ ﺻﻼﺗﮫ« وﻟﯿﺲ ھﺬا ﺧﺎﺻ ًﺎ ﺑﺼﻼﺗﻲ اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻌﺼﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺣﻜﻢ ﻋﺎم ﻓ ﻲ‬
‫ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ أدرك رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ﻓﻘﺪ أدرﻛﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ«‪ .‬وﻻ ﯾﻌﻨﻲ ھﺬا‬
‫أﻧﮫ ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼﺗﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻀﯿﻖ وﻗﺘﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ إن ﻓﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ اﻋﺘُﺒ ﺮ ُﻣ َﻔﺮﱢﻃ ًﺎ‬
‫وﻟﺤﻘﮫ إﺛﻢ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺸﺒﱠﮫ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﺗﻠﻚ ﺻﻼة اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ‪ ،‬ﯾﺠﻠﺲ ﯾﺮﻗﺐ اﻟﺸﻤﺲ ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧَﻲ اﻟﺸﯿﻄﺎن‬
‫ﻼ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬‫ﻗﺎم ﻓﻨﻘﺮھﺎ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬ﻻ ﯾﺬﻛﺮ اﷲ إﻻ ﻗﻠﯿ ً‬

‫ن ﻓﺎﺗ ﮫ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻓﻘ ﺪ ﻓﺎﺗﺘ ﮫ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ووﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋ ﺪم‬

‫وﺗُ ﺪرك اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﺑ ﺈدراك رﻛﻮﻋﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺈ ْ‬
‫اﻋﺘﺪادھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬إذا ﺟﺌ ﺘﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة وﻧﺤ ﻦ‬
‫ﺳُﺠﻮد ﻓﺎﺳﺠﺪوا وﻻ ﺗﻌﺪﱠوھﺎ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻣﻦ أدرك اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وﺻ ﺤﺤﮫ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻣَﻦ ﻓﺎﺗﮫ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻼ ﯾﻌﺘﺪ ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد«‬
‫رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪.‬‬

‫ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻄﺒﯿﺔ‬

‫اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻄﺒﯿﺔ ھﻲ داﺋﺮة وھﻤﯿﺔ ﺗﺤ ﯿﻂ ﺑﺎﻟﻘﻄ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺎﻟﻲ ﺗ ﺸﻜّﻞ ﺣ ﺪًّا ﻓﺎﺻ ﻼً ﺑ ﯿﻦ اﻟﺒﻠ ﺪان اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﯾﺘﺸﻜﻞ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻞ أرﺑﻊ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﺎﻋﺔ‪ ،‬وﺑﯿﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﯾﻤﺘ ﺪ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻨﮭ ﺎر وﺣ ﺪه أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﻣﻦ أرﺑﻊ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﺎﻋﺔ واﻟﻠﯿﻞ وﺣﺪه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺰاد ﻛﻠﻤﺎ اﺗﺠﮭﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻟ ﺸﻤﺎل‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻐﺪو ﻧﮭﺎر اﻟﻘﻄﺐ وﺣﺪه ﺳﺘﺔ أﺷﮭﺮ وﻟﯿﻠ ﺔ ﺳ ﺘﺔ أﺷ ﮭﺮ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ‪ .‬وﻣ ﻦ اﻟﺒﻠ ﺪان اﻟﻮاﻗﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪاﺋﺮة‬
‫اﻟﻘﻄﺒﯿ ﺔ ﺷ ﻤﺎل ﻓﻨﻠﻨ ﺪه وﺷ ﻤﺎل اﻟﻨ ﺮوﯾﺞ وﺷ ﻤﺎل اﻟ ﺴﻮﯾﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾ ﺮة اﻻﺳ ﻜﻨﺪﻧﺎﻓﯿﺔ وأﺻ ﻘﺎع‬

‫‪284‬‬
‫ﺳﯿﺒﯿﺮﯾﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ﻓ ﻲ روﺳ ﯿﺎ‪ ،‬وﻣﻌﻈ ﻢ ﺟﺰﯾ ﺮة ﻏﺮﯾﻨﻠﻨ ﺪ واﻷرﺧﺒﯿ ﻞ ﻓ ﻲ ﺷ ﻤﺎﻟﻲ ﻛﻨ ﺪا وﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫اﻟﺒﻠ ﺪان ﯾﺰﯾ ﺪ اﻟﻨﮭ ﺎر ﻓﯿﮭ ﺎ ﻋ ﻦ أرﺑ ﻊ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺳ ﺎﻋﺔ‪ ،‬واﻟﻠﯿ ﻞ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ .‬واﻟ ﺴﺆال ھ ﻮ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﯾ ﺆدي‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان ﺻﻼﺗﮭﻢ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﺗُﻌﺮف ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺼﻼة ھﻨﺎك؟‬

‫واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺴﺆال ھﻮ أن اﻟﺸﺮع ﻗﺪ ﻋﯿّﻦ وﺣﺪﱠد ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎر‬
‫وﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وأوﺟﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﮭﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ واﻟﺘﻘﯿﺪ اﻟﺘﺎم ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ...] :‬إن اﻟﺼﻼة ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ ﻛﺘﺎﺑ ﺎً ﻣﻮﻗﻮﺗ ﺎً[ ﻣ ﻦ اﻵﯾ ﺔ ‪ 103‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮّت اﻷدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ ووﺟﻮب اﻟﺘﻘﯿﺪ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﺮد ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮع أي اﺳ ﺘﺜﻨﺎء وﻻ أي ﻧ ﺴﺦ ﻟﮭ ﺬه‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ‪ ،‬ﻓﺘﺒﻘﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻻ ﺗُﻘﺪﱠم وﻻ ﺗُﺆﺧﱠﺮ دون أي اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺒﻠﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﯾﻄﺔ اﻷرض‪،‬‬
‫ﺗﺒﻘﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻛﻤﺎ ھﻲ‪ ،‬وﺗﻠﺘﺰم ﻓﻲ اﻟﺒﻠ ﺪان اﻟﻮاﻗﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻒ اﻟ ﺸﻤﺎﻟﻲ واﻟﺒﻠ ﺪان اﻟﻮاﻗﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻒ‬
‫اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء‪.‬‬

‫وھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ ھﻲ أﺳﺒﺎب وﺟﻮد اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات ﻻ ﺗُﻮﺟﺪ وﻻ‬
‫ﻻ إذا دﺧﻠﺖ ﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ‪ ،‬وأن ﺻﻼة ُأدﱢﯾﺖ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﯿﻘﺎﺗﮭﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ھ ﻮ‬
‫ﺗﺆدى إ ّ‬
‫ﻣﺎ ﺳﺎر ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن وﻋﻤﻠﻮا ﺑﮫ ﻻ ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓﯿﮫ أﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ‪.‬‬

‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻧﻘﻮل إن ﺳﻜﺎن ھﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ وﺟﻮب ﻣﺮاﻋﺎة ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ دون أي اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻘﺼﺮ اﻟﻨﮭﺎر واﻟﻠﯿﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ أو ﻃﻮﻟﮭﻤﺎ‪،‬‬
‫ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺳﻜﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺻﻼة اﻟﻐﺪاة ﻓﻲ ﻣﯿﻘﺎت ﺻﻼة اﻟﻐﺪاة وھﻮ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻧﺸﻘﺎق اﻟﻔﺠﺮ اﻟﺼﺎدق‬
‫وإﻟﻰ أن ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻨﺘﻈ ﺮون ﻣﯿﻘ ﺎت ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﺳ ﺘﻮاء اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ﻲ ﻗﺒ ﺔ‬
‫ﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻄﻮل‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻨﺘﻈ ﺮون ﻣﯿﻘ ﺎت ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب وﯾﺒ ﺪأ ﻣﻨ ﺬ‬ ‫اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ أن ﯾﺼﯿﺮ ﻇ ّ‬
‫ﻏﯿ ﺎب ﻗ ﺮص اﻟ ﺸﻤﺲ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺎب اﻟ ﺸﻔﻖ اﻷﺣﻤ ﺮ ﻓﯿﺒ ﺪأ ﻣﯿﻘ ﺎت ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء وھﻜ ﺬا‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ‬
‫ﻣﻼﺣﻈ ﺔ أﯾ ﺔ زﯾ ﺎدة ﻓ ﻲ ﻃ ﻮل اﻟﻤﯿﻘ ﺎت أو ﻗ ﺼﺮه‪ ،‬ﻷن اﻟﺰﯾ ﺎدة ھ ﺬه ﺗﺤ ﺼﻞ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﯿﻒ‪،‬‬
‫وﯾﺤﺼﻞ اﻟﻨﻘﺺ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء‪ ،‬وﻻ ﺿﯿﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻻ إﺷﻜﺎل‪.‬‬

‫إن اﻟﺬي ﯾﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪان أن اﻟﺸﻤﺲ ﺗﻄﻠﻊ ﺻﺒﺎﺣﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺘﻮﺳﻂ ﻗﺒ ﺔ اﻟ ﺴﻤﺎء إﻟ ﻰ اﻟﺠﻨ ﻮب‬
‫ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬ﺛﻢ إﻧﮭﺎ إذا أوﺷﻜﺖ أن ﺗﻐﺮب ﻣﺎﻟ ﺖ ﻧﺤ ﻮ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻓ ﻮق اﻷﻓ ﻖ وﻗﺎﻣ ﺖ ﺑﺈﻛﻤ ﺎل دورﺗﮭ ﺎ اﻟﻌﺎدﯾ ﺔ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮق دون أن ﺗﺘﻮارى ﻓﻲ اﻷﻓﻖ اﻟﻐﺮﺑﻲ أو اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ أو اﻟ ﺸﺮﻗﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻌ ﺎود اﻟﻜ ﺮة‬
‫ﻓﺘﺘﻮﺳﻂ ﻗﺒﺔ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬وھﻜﺬا ﺗﺒﻘﻰ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺴﻢ اﻟﺠﻨ ﻮﺑﻲ ﺳ ﻄﻮﻋًﺎ‬
‫ﻞ ﻣﯿﻘ ﺎت اﻟﻤﻐ ﺮب‬ ‫ﻋﺎدﯾ ًﺎ ﯾﻈﮭ ﺮ ﺧﻼﻟ ﮫ ﻣﯿﻘ ﺎت اﻟﻈﮭ ﺮ وﻣﯿﻘ ﺎت اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺑ ﺪﻻً ﻣ ﻦ أن ﺗﻐ ﺮب ﻓﯿﺤ ّ‬
‫وﺑﻌﺪه ﻣﯿﻘﺎت اﻟﻌﺸﺎء ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻻﻧﺤﺮاف ﻧﺤﻮ اﻷﻓﻖ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻓﻮﻗﮫ ﻗﻠﯿﻼً دون أن ﺗﺘ ﻮارى إﻟ ﻰ أن ﺗﻜﻤ ﻞ‬
‫دورﺗﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أرﺑ ﻊ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺳ ﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﻐﯿ ﺐ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗﺒﻘ ﻰ ﺳ ﺎﻃﻌﺔ ﺑ ﺪورة ﻛﺎﻣﻠ ﺔ ﻛ ﻞ أرﺑ ﻊ‬
‫وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺳ ﺎﻋﺔ ﺗﺘﻜ ﺮر ﻣ ﺮﺗﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ أو ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات أو ﻣﺎﺋ ﺔ ﻣ ﺮة ﺗﺒﻌ ًﺎ ﻟ ﺼﻌﻮدﻧﺎ ﻧﺤ ﻮ ﺷ ﻤﺎل‬
‫اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻄﺒﯿﺔ‪.‬‬

‫وﺑﻤﻼﺣﻈ ﺔ ھ ﺬه اﻟﻈ ﺎھﺮة ﻧﺠ ﺪ أﻧﻨ ﺎ ﻧ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻧ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻐ ﺪاة‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺑﺪاﯾ ﺔ ھ ﺬه اﻟ ﺪورات‬
‫اﻟﻤﺘﻜﺮرة ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻘﻮم ﺑ ﺄداء ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﻣﯿﻘﺎﺗﮭﻤ ﺎ اﻟﻤﻌﺘ ﺎدﯾﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ‬
‫دورة‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻘﻮم ﺑﺄداء ﺻﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب وﻻ أداء ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء ﻷن ﻣﯿﻘﺎﺗﮭﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﻼّ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫ﺗﺒﻘﻰ ﺳ ﺎﻃﻌﺔ ﻋ ﺪة دورات وﻻ ﺗﻐﯿ ﺐ وﻻ ﯾﺤ ﺼﻞ ﻟﯿ ﻞ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﺑﺘ ﻮاﻟﻲ دورات اﻟ ﺸﻤﺲ ﺳ ﻮاء ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل أو أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎ اﺗﺠﮭﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﺿﻤﻦ اﻟ ﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻄﺒﯿ ﺔ ﻧﻘ ﻮم ﺑ ﺄداء ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻈﮭﺮ وﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻻ ﻧ ﺼﻠﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب وﻻ اﻟﻌ ﺸﺎء ﻷن اﻟﻠﯿ ﻞ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﻞّ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﻞ‬
‫ﻣﯿﻘﺎﺗﮭﻤﺎ‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻓ ﻲ ﺑﻼدﻧ ﺎ ﻣ ﻦ وﺟ ﻮب اﻟﺘﻘﯿ ﺪ ﺑﺎﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ‪،‬‬
‫ﻞ اﻟﻤﯿﻘﺎت ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬وإن ﺗﺄﺧﺮ اﻟﻤﯿﻘﺎت أو ﺗﻘﺪّم أﺧﺮﻧﺎ اﻟﺼﻼة أو ﻗﺪﻣﻨﺎھﺎ ﺗﺒﻌﺎً ﻟ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وإن‬
‫ﻓﺈن ﺣ ّ‬

‫‪285‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﺤﻞّ اﻟﻤﯿﻘﺎت ﺧﻼل ﯾﻮم أو ﯾﻮﻣﯿﻦ أو أﺳﺒﻮع أو ﺷﮭﺮ أو أﻛﺜﺮ ﻟﺼﻠﻮات اﻟﻐ ﺪاة واﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫ﻓﻼ ﺻﻼة ﻋﻠﯿﻨﺎ واﺟﺒﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ ﻟﺴﻜﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻘﺎع أن ﯾﻜﺜﺮوا ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻟ ﺴﻌﺔ اﻟﻮﻗ ﺖ‬
‫ﻋﻨﺪھﻢ‪ ،‬واﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﮭﺒﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻮاب ﻣﺎ ﯾﮭﺐ ﺳﻜﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﯾ ﺴﺄل أﺣ ﺪھﻢ‪ :‬ﻟﻤ ﺎذا ﻻ ﻧﻘ ﺪر ﻟ ﺼﻼﺗﻨﺎ ھﻨ ﺎك ﻗ ﺪر ﻣﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﺒﻠ ﺪان اﻟﻤﺠ ﺎورة ذات اﻟﻨﮭ ﺎر‬
‫واﻟﻠﯿﻞ اﻟﻌﺎدﯾﯿﻦ‪ ،‬أي اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ ﻣﻌًﺎ أرﺑﻌًﺎ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﺮاﻋﯿﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟ ﺸﻤﺎﻟﯿﺔ‪،‬‬
‫ﻼ ﻧ ﺼﻠﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ‬ ‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺘﺮب اﻟﺸﻤﺲ ﻣ ﻦ اﻷﻓ ﻖ اﻟﻐﺮﺑ ﻲ وﺗﺒ ﺪأ ﺑ ﺎﻻﻧﺤﺮاف ﻋﻨ ﮫ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ﻧﺼﻠﻲ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺘﺮب اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﺷ ﺮوﻗﮭﺎ اﻟﻤﻌﺘ ﺎد ﻓ ﻲ اﻷﻓ ﻖ اﻟ ﺸﺮﻗﻲ ﻧ ﺼﻠﻲ اﻟﻐ ﺪاة‬
‫ﻻ ﺑﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ اﻟ ﺬي رواه اﻟﻨ ﻮاس ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﻌﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪» :‬ذﻛ ﺮ‬ ‫وھﻜ ﺬا‪ ،‬اﺳ ﺘﺪﻻ ً‬
‫ت ﻏﺪاة ﻓﺨﻔﱠﺾ ﻓﯿﮫ ورﻓﱠﻊ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺎه ﻓﻲ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻨﺨﻞ‪ ...‬إﻟﻰ أن ﻗﺎل ﻋﻠﯿﮫ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺪﺟﺎل ذا َ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ...‬ﯾﺎ ﻋﺒ ﺎد اﷲ ﻓ ﺎﺛﺒﺘﻮا‪ ،‬ﻗﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ وﻣ ﺎ ﻟَﺒْﺜُ ﮫ ﻓ ﻲ اﻷرض؟ ﻗ ﺎل‪ :‬أرﺑﻌ ﻮن‬
‫ﯾﻮﻣﺎً‪ ،‬ﯾﻮمٌ ﻛﺴﻨﺔ وﯾﻮم ﻛﺸﮭﺮ وﯾﻮم ﻛﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﺳﺎﺋﺮ أﯾﺎﻣﮫ ﻛﺄﯾﺎﻣﻜﻢ‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻓ ﺬﻟﻚ اﻟﯿ ﻮم‬
‫اﻟﺬي ﻛﺴﻨﺔ أﺗﻜﻔﯿﻨﺎ ﻓﯿﮫ ﺻﻼة ﯾﻮم؟ ﻗﺎل؛ ﻻ‪ ،‬اﻗ ﺪروا ﻟ ﮫ ﻗ ﺪره‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫وأﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪ ،‬ﻓﮭﻨﺎ ﯾﻄﻠﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻘﺪروا ﻟﺘﻠﻚ اﻷﯾ ﺎم اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ ﻓ ﻲ زﻣ ﻦ ﺧ ﺮوج‬
‫اﻟﺪﺟﺎل ﻗﺪرھﺎ ﻓﻲ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻮ دﻟﯿﻞ ﺻﺤﯿﺢ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ ﻟﺴﻜﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨ ﺎﻃﻖ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ‬
‫ھﻮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺪرﻛﻮن أﯾﺎم اﻟﺪﺟﺎل؟‬

‫وﻟﻠﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﻄﻮﯾﻞ ﻧﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﺪﺟﺎل ﻣﻦ ﺧﻮارق ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺗ ﺸﺒﯿﮫ‬
‫وﺗﻤﺜﯿﻞ‪ ،‬وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ورودھﺎ ﻓﻲ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﺒﯿﻞ اﻟﻤﺠ ﺎز‪ ،‬ﻧ ﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻷﻧ ﺎ أﻋﻠ ﻢ ﺑﻤ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟ ﺪﺟﺎل ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻣﻌ ﮫ‬

‫ﻦ أﺣ ﺪ‬‫ﻧﮭ ﺮان ﯾﺠﺮﯾ ﺎن أﺣ ﺪھﻤﺎ رأي اﻟﻌ ﯿﻦ ﻣ ﺎ ٌء أﺑ ﯿﺾ واﻵﺧ ﺮ رأي اﻟﻌ ﯿﻦ ﻧ ﺎر‪ ،‬ﺗ ﺄﺟﺞ ﻓﺈﻣ ﺎ أدرﻛ ّ‬
‫ﻓﻠﯿﺄت اﻟﻨﮭﺮ اﻟﺬي ﯾﺮاه ﻧﺎرًا وﻟﯿﻐﻤّﺾ ﺛﻢ ﻟﯿﻄﺄﻃﺊ رأﺳﮫ ﻓﯿﺸﺮب ﻣﻨﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺎء ﺑﺎرد« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إن اﻟ ﺪﺟﺎل ﯾﺨ ﺮج وان ﻣﻌ ﮫ ﻣ ﺎءً‬
‫وﻧﺎراً‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﺮاه اﻟﻨﺎس ﻣﺎء ﻓﻨﺎر ﺗﺤُﺮق‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺬي ﯾ ﺮاه اﻟﻨ ﺎس ﻧ ﺎرًا ﻓﻤ ﺎء ﺑ ﺎرد ﻋ ﺬاب‪«...‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﺟـ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬أﻻ أﺧﺒ ﺮﻛﻢ ﻋ ﻦ اﻟ ﺪﺟﺎل ﺣ ﺪﯾﺜﺎً ﻣ ﺎ‬
‫ﺣﺪّﺛﮫ ﻧﺒﻲ ﻗﻮﻣﮫ‪ ،‬إﻧﮫ أﻋﻮر وإﻧﮫ ﯾﺠﺊ ﻣﻌﮫ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮل إﻧﮭﺎ اﻟﺠﻨﺔ ھﻲ اﻟﻨﺎر‪«...‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﺗﻤﺎﻣًﺎ أن اﻟﺨﻮارق اﻟﺘﻲ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮭﺎ اﻟﺪﺟﺎل ﻛﺎﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨ ﺎر‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻌﺪو ﻛﻮﻧﮭ ﺎ ﻣﺠ ﺮد ﻣﺠ ﺎز وﺗﻤﺜﯿ ﻞ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺑﺨ ﺼﻮص‬
‫ﺣﺪﯾﺜﻨﺎ »ﯾﻮم ﻛﺴﻨﺔ وﯾﻮم ﻛ ﺸﮭﺮ وﯾ ﻮم ﻛﺠﻤﻌ ﺔ‪ «...‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﯾ ﺎم ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﺗﻔﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﺠ ﺎز وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬وﺗﻌﻨﻲ أن ﺗﻠﻚ اﻷﯾﺎم ﺳﺘﻜﻮن ﻋﺼﯿﺒﺔ وﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟ ﺸﺪة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ وﻛ ﺄن اﻟﯿ ﻮم اﻷول‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﯾﻀﺎرع ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟ ﺸﺪاﺋﺪ واﻷھ ﻮال‪ ،‬وﻛ ﺄن اﻟﯿ ﻮم اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣﻨﮭ ﺎ ﯾ ﻀﺎرع ﺷ ﮭﺮاً ﻛ ﺎﻣﻼً ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺸﺪاﺋﺪ واﻷھﻮال‪ ،‬وھﻜﺬا ﯾﺘﻮﺟﺐ ﻓﮭﻢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪﺟﺎل‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺑﻞ إن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﯾﺨﺎﻟﻒ ﺣ ﺪﯾﺜﻨﺎ ھ ﺬا إن ھ ﻮ أُﺧ ﺬ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘ ﺔ‪ ،‬ھ ﻮ ﻣ ﺎ رواه أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﺘﻘ ﺎرب اﻟﺰﻣ ﺎن وﯾ ﻨﻘﺺ اﻟﻌﻤ ﻞ‪ ،‬وﯾُﻠﻘ ﻰ اﻟ ﺸﺢﱡ‪ ،‬وﯾﻜﺜ ﺮ‬

‫‪286‬‬
‫اﻟﮭﺮج‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬وﻣﺎ اﻟﮭﺮج؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻘﺘ ﻞُ اﻟﻘﺘ ﻞ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ﯾﺘﺤ ﺪث‬
‫ﻋﻦ أﯾﺎم آﺧﺮ اﻟﺰﻣ ﺎن وﻣﻨﮭ ﺎ أﯾ ﺎم اﻟ ﺪﺟﺎل ﻃﺒﻌ ﺎً ﯾ ﺬﻛﺮ أن اﻷﯾ ﺎم ﺗﻤ ﻀﻲ ﻣﺘﻘﺎرﺑ ﺔ ﻣ ﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬أي ﻛﺄﻧﮭ ﺎ‬
‫أﻗﺼﺮ ﻣﻦ اﻷﯾﺎم اﻻﻋﺘﯿﺎدﯾﺔ وﺗﻘﻞ ﺑﺮﻛﺔ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ إن أُﺧﺬ ھـﻮ اﻵﺧ ـﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘ ﺔ‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﺼﺎدم ﻣﻊ ﺣﺪﯾﺜﻨﺎ »ﯾﻮم ﻛﺴﻨﺔ‪ «...‬ﻓﻼ ﯾﺒﻘﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﺳﻮى ﻓﮭﻢ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ‬
‫واردة ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺠﺎز ﻻ ﻏﯿﺮ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن وﺳﯿّﺮه ﺑﻨﻮاﻣﯿﺲ وﻗﻮاﻧﯿﻦ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﯿﺮ إﻻّ أن ﺗﻘﻊ ﻣﻌﺠﺰة ﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺒﺸﺮ وﻣﻨﮭﻢ اﻟ ّﺪﺟّﺎل ﻣﮭﻤﺎ أوﺗﻮا ﻣﻦ ﻗ ﻮى وﺟﺒ ﺮوت أن‬
‫ﯾﻐﯿﺮوا ھﺬه اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ‪ .‬إن اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗ ﺪ ﺧﻠ ﻖ اﻟ ﺸﻤﺲ وﻓ ﺮض ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻧﻈﺎﻣ ﺎً ﺛﺎﺑﺘ ﺎً‪ ،‬وإﻧ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗ ﺪ‬
‫ﺧﻠﻖ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ‪ -‬ﺗﺒﻌًﺎ ﻟﺤﺮﻛﺘﮭﺎ اﻟﻈﺎھﺮة‪ ،‬وﻟﺴﻮف ﯾﺴﺘﻤﺮ ﺣﺎﻟﮭﺎ وﺣﺎل اﻟﻠﯿ ﻞ واﻟﻨﮭ ﺎر ﻛﻤ ﺎ أرادھ ﺎ‬
‫اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ إﻟﻰ أن ﯾﺮث اﻷرض وﻣﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ واﻟﺴﻤﻮات وﻣﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﻼ اﻟ ﺪﺟﺎل وﻻ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺪﺟﺎل ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺒﺸﺮ ﺑﻤﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ أن ﯾُﺤ ﺪﺛﻮا ﺗﻐﯿﯿ ﺮاً ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻨ ﻮاﻣﯿﺲ واﻟﻘ ﻮاﻧﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻦ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟ ﺪﺟﺎل وﻻ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺪﺟﺎل أن ﯾﻌﺠﱢﻠﻮا ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻈﺎھﺮﯾﺔ أو ﯾﺒﻄﺌﻮا ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟ ﺪﺟﺎل ﯾ ﺴﺘﺤﯿﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫إﺣﺪاث ﺗﻐﯿﯿ ﺮ ﻓ ﻲ ﻃ ﻮل اﻷﯾ ﺎم واﻟﻠﯿ ﺎﻟﻲ ﻣﮭﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﺘﻐﯿﯿ ﺮ ﯾ ﺴﯿﺮاً‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ وﻗ ﺪ ورد ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن‬
‫ﻻ أن ﻧﻔ ﺴّﺮ ھ ﺬا‬
‫اﻟﯿﻮم اﻷول ﻛﺴﻨﺔ!! إﻧﮫ ﻷﻣﺮ ﯾ ﺴﺘﺤﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺒ ﺸﺮ ﻓﻌﻠ ﮫ ﻗﻄﻌ ًﺎ‪ .‬وھﻜ ﺬا ﻻ ﯾﺒﻘ ﻰ ﻟﻨ ﺎ إ ّ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ وارد ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺠﺎز واﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫‪ -4‬إن اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن ﻋﻘﯿﺪة ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾﻜﻮن ﺟﺎزﻣ ﺎً‪ ،‬وإن ھ ﺬه اﻟﻌﻘﯿ ﺪة وھ ﺬا اﻟﻄﺮﯾ ﻖ‬
‫ﻻ إذا ورد ﻓﻲ آﯾﺔ ﻗﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ أو ﺣﺪﯾﺚ ﻣﺘﻮاﺗﺮ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺠﺎزم ﻟﻦ ﯾﻘﺒﻞ إ ّ‬

‫ﻓﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﯿﻮم اﻷول ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺪﺟﺎل ﯾﺒﻠﻎ ﺳﻨﺔ‪ ،‬واﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺒﻠﻎ ﺷﮭﺮاً‪ ،‬واﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺒﻠ ﻎ‬
‫ﺟﻤﻌﺔ أي أﺳﺒﻮﻋًﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻧﻌﺘﻘﺪه وﻧﺼﺪّﻗﮫ ﺗﺼﺪﯾﻘ ًﺎ ﺟﺎزﻣًﺎ ﻷﻧ ﮫ ورد ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺘ ﻮاﺗﺮ‪،‬‬
‫وھﺬا ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮫ وﻋﻤﻮﻣ ﮫ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ وﻗ ﺪ ﺗ ﺼﺎدم ھ ﺬا اﻟﺘ ﺼﺪﯾﻖ ﻣ ﻊ ﻧ ﻮاﻣﯿﺲ اﻟﻜ ﻮن اﻟﺜﺎﺑﺘ ﺔ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻟﻘ ﺪ‬
‫ﺗ ﺼﺎدم ﻣ ﻊ ﺣ ﺪﯾﺚ آﺧ ﺮ ﻣﺜﻠ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺤﺔ ﻛﻤ ﺎ ذﻛﺮﻧ ﺎ ذﻟ ﻚ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻨ ﺎ ﻻ ﻧ ﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﺗﻠﻚ اﻷﯾﺎم ﺑﺄﯾﺎﻣﻨﺎ ﻧﺤﻦ‪.‬‬

‫‪ -5‬وﻧ ﺄﺗﻲ اﻵن ﻟ ﺴﻨﺪ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻧ ﺴﺘﻤﯿﺢ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋ ﺬرًا ﻷﻧﻨ ﺎ ﻟ ﻢ ﻧﻘﺒﻠ ﮫ رﻏ ﻢ وروده ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻨﺠﺪ ﻣﺪاره ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮاوي اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻘﺮﺷ ﻲّ اﻟﺪﻣ ﺸﻘﻲ ﻓﮭ ﺬا اﻟ ﺮاوي ﻗ ﺪ اﻧﻔ ﺮد‬
‫ﺑﺮواﯾﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻲ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪ ،‬وﻟﻢ أﺟﺪه ﻣﺮوﯾﺎً ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ ﻃﺮﯾ ﻖ‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫اﻧﻔﺮد ﺑﺮواﯾﺘﮫ راو واﺣ ﺪ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻄﺎع اﻻﻃﻤﺌﻨ ﺎن إﻟﯿ ﮫ ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ إن ﺟﺎءﻧ ﺎ ﺑﻌﻘﺎﺋ ﺪ أو ﻣﺮوﯾ ﺎت ﺗﺘ ﻀﻤﻦ‬
‫ﺧﻮارق وﻣﻌﺠﺰات‪.‬‬

‫وأﯾ ﻀًﺎ ﻓ ﺈﻧﻨﻲ ﻟ ﺪى ﻣﺮاﺟﻌ ﺔ ﻛﺘ ﺐ ﺗ ﺮاﺟﻢ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﺟ ﺪت أن ﻛﺜﯿ ﺮﯾﻦ ﻣ ﻦ ﻋﻠﻤ ﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺪ‬
‫وﺛّﻘﻮه وﻋﺪﻟﻮه‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺘﺮف ﺑﺬﻟﻚ وﻧﺬﻛﺮه‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ وﺟﺪت ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أﻗﻮاﻻً ﻛﺜﯿ ﺮة ﻣﻐ ﺎﯾﺮة ُﻧ ﺴﺒﺖ‬
‫ﻟﻌﻠﻤﺎء أﻓﺬاذ وأﺋﻤﺔ أﻋﻼم ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻻ ﻧﻘﺒﻞ رواﯾﺘﮫ ھﺬه اﻟﺘﻲ اﻧﻔ ﺮد ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ورواھ ﺎ ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻧﻌﻠ ﻢ أن اﻟﺠ ﺮح ﻣﻘ ﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻌ ﺪﯾﻞ‪ ،‬ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ ﺑﺨ ﺼﻮص ﺣ ﺪﯾﺚ ﺗ ﻀﻤّﻦ ﺣ ﺼﻮل‬
‫ﺧﻮارق وﻣﻌﺠﺰات ﻟﻢ ﺗﻨﺴﺐ ﻟﻨﺒﻲ وﻻ رﺳﻮل!!‬

‫وھﺬه ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أﻗﻮال ھﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء‪:‬‬

‫ﻗﺎل أﺑﻮ داود‪ ) :‬اﻟﻮﻟﯿ ﺪ روى ﻋ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﺸﺮة أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟ ﯿﺲ ﻟﮭ ﺎ أﺻ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ أرﺑﻌ ﺔ(‬
‫وﻗ ﺎل اﻟ ﺬھﺒﻲ‪) :‬إذا ﻗ ﺎل اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﺟ ﺮﯾﺞ أو ﻋ ﻦ اﻷوزاﻋ ﻲ ﻓﻠ ﯿﺲ ﺑﻤﻌﺘﻤ ﺪ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﯾ ﺪﻟّﺲ ﻋ ﻦ‬

‫‪287‬‬
‫ﻛﺬاﺑﯿﻦ(‪ .‬وﻗﺎل أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ )ﻛ ﺎن اﻟﻮﻟﯿ ﺪ رﻓﱠﺎﻋ ﺎً( أي ﯾ ﺬﻛﺮ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ دون إﺳ ﻨﺎدٍ ﻛﻠ ﻲ أو ﺟﺰﺋ ﻲ‪.‬‬
‫وﻗﺎل أﺣﻤﺪ أﯾﻀًﺎ ﻛﻤﺎ روى ﻋﻨﮫ اﻟﻤﺮوزي )ﻛﺎن اﻟﻮﻟﯿﺪ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺨﻄﺄ(‪.‬‬

‫وﻗﺎل ﻣﮭﻨﺎ‪ :‬ﺳﺄﻟﺖ أﺣﻤﺪ ﻋﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﻓﻘﺎل )اﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﯿﮫ أﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺎ ﺳﻤﻊ وﻣﺎ ﻟﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﻟ ﮫ ﻣﻨﻜ ﺮات(‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ )ﻛ ﺎن اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﯾﺮﺳ ﻞ ﻋ ﻦ اﻷوزاﻋ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻨ ﺪ اﻷوزاﻋ ﻲ ﻋ ﻦ‬
‫ﺷﯿﻮخ ﺿﻌﻔﺎء ﻋﻦ ﺷﯿﻮخ ﻗﺪ أدرﻛﮭﻢ اﻷوزاﻋﻲ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻘﻂ أﺳ ﻤﺎء اﻟ ﻀﻌﻔﺎء وﯾﺠﻌﻠﮭ ﺎ ﻋ ﻦ اﻷوزاﻋ ﻲ(‬
‫وﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﻲ )ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﮭﺪي ﻋ ﻦ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﻤﻌﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ‪ ،‬وﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻣﯿﯿﻦ ﻣﺜﻠﮫ‪ ،‬وﻗﺪ أﻏﺮب ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻟﻢ ﯾﺸﺮﻛﮫ ﻓﯿﮭﺎ أﺣﺪ(‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺳﻌﺪ )ﺛﻘ ﺔ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‬
‫ﺴﻔَﺮ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻷوزاﻋ ﻲ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﺑ ﻦ‬ ‫ﯾﺴﺘﻨﻜﺮ ﺣﺪﯾﺜﮫ(‪ .‬وﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺴﮭﺮ )ﻛﺎن اﻟﻮﻟﯿﺪ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟ ﱠ‬
‫أﺑﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻛﺬاﺑًﺎ(‪.‬‬

‫وإذن ﻓﺈن اﻟﻮﻟﯿﺪ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺨﻄﺄ‪ ،‬وﯾﺪﻟﱢﺲ‪ ،‬وﯾﺮوي أﺣﺎدﯾﺚ ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬واﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪،‬‬
‫وﯾﺮوي ﻋﻦ ﻛﺬاﺑﯿﻦ وﯾﺨﻔﯿﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺪ‪ ،‬اﻟﺦ‪ ،‬ﻓﮭﻞ ﯾﺼﺢ ﻟﻨ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ﻛ ﻞ ھ ﺬا اﻟﺘﺠ ﺮﯾﺢ ﻣ ﻦ ﻛﺒ ﺎر ﻋﻠﻤ ﺎء‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن ﻧﻘﺒ ﻞ ﺑﺮواﯾﺘ ﮫ اﻟﺘ ﻲ اﻧﻔ ﺮد ﺑﮭ ﺎ وﺗﺘ ﻀﻤﻦ ﻣﻌﺠ ﺰات وﺧ ﻮارق؟ ﺛ ﻢ ﻧﻘ ﻮم ﺑﺎﻟﺒﻨ ﺎء ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻓﻨﺴﺘﻨﺒﻂ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ وﻧﻘﻮل ﺑﮫ؟‬

‫ﻟﮭﺬه اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻧﻘﺮر ﻣﻄﻤﺌﻨﯿﻦ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ‬
‫اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻌ ﺎم وھ ﻮ اﻟﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣ ﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘ ﺔ‪ ،‬ﯾﺠ ﺐ اﻟﻘ ﻮل ﺑﮭ ﺎ ﺑﺨ ﺼﻮﺻﻨﺎ وﺑﺨ ﺼﻮص ﺳ ﻜﺎن أﯾ ﺔ‬
‫ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻘﺎع اﻷرض‪ ،‬ﻷن ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺴﺦ وﻟﻢ ﯾﻘﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﺳﺘﺜﻨﺎء‪.‬‬

‫ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺗﻲ اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻌﺼﺮ‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ[ إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗ ﺪ ﺧ ﺺ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﻤﺰﯾ ﺪ ذﻛ ﺮٍ‪ ،‬وإن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺧـﺺ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﺑﻤﺰﯾﺪ ذﻛــﺮٍ وﺗﻔﻀﯿﻞ‪ ،‬وﻧﻘ ـﻮل ھﻨ ﺎ إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ‬
‫ﻼ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ زاﺋ ﺪًا ﻋﻠ ﻰ ﻓ ﻀﻞ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟ ﺼﻠﻮات‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬ ‫ﻟﺼﻼﺗﻲ اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻌﺼﺮ ﻓﻀ ً‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﯾﺘﻌﺎﻗﺒﻮن ﻓ ﯿﻜﻢ ﻣﻼﺋﻜ ﺔ ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ وﻣﻼﺋﻜ ﺔ ﺑﺎﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬وﯾﺠﺘﻤﻌ ﻮن‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻌﺮج اﻟﺬﯾﻦ ﺑ ﺎﺗﻮا ﻓ ﯿﻜﻢ ﻓﯿ ﺴﺄﻟﮭﻢ رﺑﮭ ﻢ وھ ﻮ أﻋﻠ ﻢ ﺑﮭ ﻢ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ‬
‫ﺗﺮﻛﺘﻢ ﻋﺒﺎدي؟ ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن‪ :‬ﺗﺮﻛﻨﺎھﻢ وھﻢ ﯾﺼﻠﻮن وأﺗﯿﻨ ﺎھﻢ وھ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪.‬‬ ‫واﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫ﻗﻀﺎء اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ‬

‫إذا ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺼﻼة ﻋ ﻦ وﻗﺘﮭ ﺎ اﻋﺘُﺒ ﺮت ﻓﺎﺋﺘ ﺔ‪ ،‬واﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ ﻗ ﺪ ﺗﻜ ﻮن ﻟﻨ ﺴﯿﺎنٍ أو ﻟﻨ ﻮمٍ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺗﻜ ﻮن‬
‫ﻟﺘﻘﺼﯿ ٍﺮ ﻣﺘﻌﻤﱠﺪ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼة ﻗﺪ ﻓﺎﺗﺖ ﻟﻨﻮم أو ﻟﻨﺴﯿﺎن‪ ،‬ﻓﯿﺠﺐ أداؤھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺗُﺆدﱠى ﺻﻼة اﻟﻨﻮم واﻟﻨﺴﯿﺎن وﻗﺖ اﻻﺳﺘﯿﻘﺎظ ﻣﺒﺎﺷﺮة ووﻗﺖ ﺗﺬ ﱡﻛ ِﺮھﺎ‪ ،‬ﻷن ذﻟﻚ ھ ﻮ وﻗﺘﮭ ﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺤﻞ ﺗﺄﺧﯿﺮھﺎ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا رﻗ ﺪ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼة أو ﻏﻔﻞ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻠْﯿﺼﻠﱢﮭﺎ إذا ذﻛﺮھﺎ ﻓﺈن اﷲ ﯾﻘﻮل‪َ :‬أﻗِﻢ اﻟﺼﻼة ﻟﺬﻛﺮي« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا أراد اﻟﻤﺴﻠﻢ أداء ﺻﻼة ﻣﻨﺴﯿﱠﺔ ﻓﺎﺋﺘﺔ ﻟﺘﺸﺎﻏﻞٍ أو ﻧﻮم ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺼﻠﱢﮭﺎ‬
‫ﺑﻌﺪُ‪ ،‬ﻗﺪﱠم اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﯾﻮم اﻟﺨﻨﺪق ﺟﻌﻞ ﯾ ﺴﺐ ﻛﻔ ﺎر ﻗ ﺮﯾﺶ وﻗ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻣ ﺎ ﻛ ﺪتُ أن أُﺻ ﻠﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﺣﺘﻰ ﻛﺎدت أن ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ : r‬ﻓﻮاﷲ إن ﺻﻠﯿﺘُﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻨﺰﻟﻨ ﺎ إﻟ ﻰ ُﺑﻄْﺤ ﺎن‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿ ﺄ‬

‫‪288‬‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺗﻮﺿ ﺄﻧﺎ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ﻏﺮﺑ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ ﺑﻌ ﺪھﺎ‬
‫اﻟﻤﻐﺮب« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وھﺬه اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ﻟﻨﻮم أو ﻧﺴﯿﺎن وﺗ ﺸﺎﻏﻞ إن أُدﱢﯾ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺤ ﻮ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﻠﺤﻖ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ إﺛﻢ‪ ،‬ﻷن ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﺑﺄداﺋـﮫ ﻟﮭﺎ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻛﻔﱠ ﺮ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ ھ ﺬه‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﻧ ﺲ‬
‫ن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣَﻦ ﻧﺴﻲ ﺻ ﻼ ًة ﻓ ْﻠ ُﯿ َ‬
‫ﺼﻠﱢﮭﺎ إذا ذﻛﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻻ ﻛﻔ ﺎرة ﻟﮭ ﺎ إﻻ ذﻟ ﻚ ‪ -‬ﻗ ﺎل‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أ ﱠ‬
‫ﻗﺘﺎدة ]وأﻗِﻢ اﻟﺼﱠﻼ َة ِﻟ ِﺬ ْﻛﺮِي[« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫أﻣﱠﺎ ﻣﻦ ﻓﺎﺗﺘﮫ ﺻﻼةٌ ﺑﺘﻘﺼﯿ ٍﺮ ﻣﺘﻌﻤﱠﺪ دون ﻋﺬر ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺄﺛﻢ إﺛﻤﺎً ﻋﻈﯿﻤ ﺎً وﯾﺤﺘ ﺎج ﻋﻨ ﺪ ذﻟ ﻚ‬
‫ح ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ اﻟﻜﺒﯿﺮ ھ ﺬا‪ ،‬وھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ ﻻ ﻛﻔ ﺎرة ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻜﻔ ﺎرة ﻻ ﺗﻜ ﻮن إﻻ‬
‫إﻟﻰ ﺗﻮﺑﺔ ﻧﺼﻮ ٍ‬
‫ﻟﻔﻮات ﺻﻼة ﺑﺴﺒﺐ ﺷﺮﻋﻲ ﻛﻨﻮم أو ﻧﺴﯿﺎن وﻏﻔﻠﺔ ﻻ ﻏﯿﺮ‪ ،‬وإذا ﻗﻀﻰ ھﺬا اﻟﻤﻘﺼﱢﺮ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ‪،‬‬
‫ﻻ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﻓﺈن اﻹﺛ ﻢ اﻟ ﺬي ﻟﺤﻘ ﮫ ﻻ ﯾ ﺴﻘﻂ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وأرﺟ ﻮ أن ﯾﻨﺘﻔ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻀﺎء ھ ﺬا‪ ،‬وأن ﯾﻜ ﻮن ذﻟ ﻚ دا ً‬
‫ﺻﺪق ﺗﻮﺑﺘﮫ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن ﻗﻀﺎء اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﺼﻠﻮاﺗﮫ اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺘ ﺮك اﻟﻤﺘﻌﻤ ﺪ ﻻ ُﯾ ﺴﻘﻂ اﻹﺛ ﻢ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﺣﺮى‬
‫ت ﻣﺘﺮوﻛﺔ أن ﻻ ﯾُﺴﻘﻂ اﻹﺛ ﻢ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻘﺒﻮﻟ ﺔ‬ ‫ﺑﻘﻀﺎء ﻏﯿﺮه ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎﺗﮫ وﻋﻠﯿﮫ ﺻﻠﻮا ٌ‬
‫ﻦ ِﻛﺘَﺎ َﺑ ًﺎ َﻣ ْﻮﻗُ ْﻮ َﺗ ًﺎ[‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ وﺗﻜﻮن ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] إنﱠ اﻟ ﺼﱠﻼ َة ﻛﺎ َﻧ ْ‬
‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬
‫اﻵﯾﺔ ‪ 103‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬وﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ أﻣ ﺮ ﺑ ﺄن ﯾﻘ ﻀﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺻ ﻼة ﻓﺎﺋﺘ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﻏﯿ ﺮه اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‪ ،‬أو أن أﺣ ﺪًا ﻗ ﻀﻰ ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﻠ ٍﻢ ﺻ ﻼ ًة ﻓﺎﺋﺘ ﺔ وأﻗ ﺮﱠه اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﻓﻌﻠ ﮫ‪ ،‬واﻟﻌﺒ ﺎدات‬
‫ﺗﻮﻗﯿﻔﯿﺔ ﻻ ﯾﺼﺢ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻘﯿﺎس إﻻ إذا وُﺟﺪت اﻟﻌﻠﺔ اﻟﻈﺎھﺮة ﻓﻲ اﻟﻨﺺ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ﻓﻜﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ ﺻ ﻼھﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ وﻋﻠ ﻰ ھﯿﺌﺘﮭ ﺎ ﻛﻤ ﺎ ﻟ ﻮ‬
‫ﻛﺎﻧ ﺖ ﻏﯿ ﺮ ﻓﺎﺋﺘ ﺔ وﻓ ﻲ وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻛﻤ ﺎ ھ ﻲ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺠﮭ ﺮ واﻹﺳ ﺮار واﻹﻗﺎﻣ ﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ‬
‫ﺐ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ‪ُ ،‬ﺷ ﺮع ﻟ ﮫ أن ﯾﻘ ﯿﻢ وﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﺟﮭﺮﯾ ﺔ‬ ‫ﻓﺎﺗﺘ ﮫ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ وﺻ ﻼھﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻨﮭ ﺎر ﻋ ِﻘ َ‬
‫ﺳ ﺮﱢﯾﺔ‪،‬‬‫وﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وإن ﻓﺎﺗﺘ ﮫ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ وذﻛﺮھ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺻ ﻼھﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣ ٍﺔ ﺻ ﻼ ًة ِ‬
‫وﺻ ﻼھﺎ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ﻗ ﺼﺔ ﻧ ﻮﻣﮭﻢ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﺛ ﻢ‬
‫أذﱠن ﺑ ﻼلٌ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻐ ﺪاة‪ ،‬ﻓ ﺼﻨﻊ ﻛﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻨﻊ ﻛ ﻞ ﯾ ﻮم«‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻐﺪاة ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪.‬‬ ‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑ ﺎﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ رﻛﻌﺘﺎ اﻟ ﱡ‬

‫ﺣﺒِﺴﻨﺎ ﯾﻮم اﻟﺨﻨﺪق ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﻛ ﺎن ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‬ ‫وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » ُ‬
‫ُھ ِﻮ ﱠﯾﺎً‪ ،‬وذﻟﻚ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻨ ﺰل ﻓ ﻲ اﻟﻘﺘ ﺎل ﻣ ﺎ ﻧ ﺰل‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛُﻔﯿﻨ ﺎ اﻟﻘﺘ ﺎل‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﮫ ] َﻓ ﻰ اﷲُ اﻟﻤ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬
‫ﻦ‬
‫ﻋ ِﺰ ْﯾ َﺰًا[ أَﻣـــﺮ اﻟﻨﺒــﻲ ‪ r‬ﺑﻼ ًﻻ ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﺼﻼھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﮭ ﺎ‪،‬‬ ‫ن اﷲُ َﻗ ِﻮﯾﱠ ًﺎ َ‬
‫اﻟ ِﻘﺘَـﺎ َل وﻛﺎ َ‬
‫ﺛﻢ أﻗﺎم اﻟﻌﺼﺮ ﻓﺼﻼھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺎم اﻟﻤﻐ ﺮب ﻓ ﺼﻼھﺎ ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓ ﻲ وﻗﺘﮭ ﺎ«‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫واﻷذان ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯾُﺸﺮع ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﺸ َﻐﻞُ اﻟﺠﻤﺎﻋ ُﺔ أھﻞُ اﻟﻤِﺼﺮ ﻋﻦ اﻷذان ﻓﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ ﻧﺘﯿﺠ َﺔ‬
‫ﺣﺮب‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬وﺟﻤﺎﻋ ﺔ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ اﻟﻤﻨ ﻮرة ﻓ ﻲ ﻣﻌﺮﻛ ﺔ اﻟﺨﻨ ﺪق‪ ،‬أو‬
‫ل ﻣ ﺪﻣﱢﺮ أو ﻃﻮﻓ ﺎن ﻣ ﺜﻼً‪ ،‬ﻓﯿ ﺆذن ﻋﻨ ﺪ إﻗﺎﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺸﻐَﻞ أھ ﻞُ ﺑﻠ ﺪ ﻋ ﻦ اﻷذان ﻧﺘﯿﺠ ﺔ ﻛﺎرﺛ ﺔ زﻟ ﺰا ٍ‬
‫ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻔﺎﺋﺘ ﺔ‪ ،‬أﻣ ﺎ إن أذﱠﻧ ﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ اﻟﻘﺎﻃﻨ ﺔ ﻓ ﻲ ﺑﻠ ﺪ‪ ،‬وأراد ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﻔﺎﺗﺌ ﺔ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ وﻗﺘﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻓﻼ ﯾﺤﺘﺎج ﻷذان‪ ،‬وﺗﻜﻔﯿﮫ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ﺴ َﻤﺮُ ﺑﻌﺪھﺎ‬
‫اﻟﻨﻮ ُم ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء واﻟ ﱠ‬

‫‪289‬‬
‫ﺴ َﻤ ُﺮ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾُﻨ ﺪب ﻟ ﮫ أن ﻻ ﯾﻨ ﺎم ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة‬
‫ﯾُﻜ ﺮَه اﻟﻨ ﻮ ُم ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺸﺎء واﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وإذا ﺻﻼھﺎ ُﻛﺮه ﻟﮫ أن ﯾﺴﻤُﺮ ‪ ،‬وﻧُﺪب ﻟﮫ أن ﯾﻨﺎم ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑَﺮز َة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‬
‫»إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻜﺮه اﻟﻨﻮم ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺸﺎء واﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻌ ﺪھﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه‬
‫أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺒﺎﻟﻲ ﺑﻌﺾ‬
‫ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻛﺎن ﻻ ﯾﺤﺐ اﻟﻨﻮم ﻗﺒﻠﮭﺎ وﻻ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻌﺪھﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وﯾﺒﺎﺣ ﺎن ﻟﺤﺎﺟ ﺔ ﻣﺜ ﻞ أن ﯾﻨ ﺎم ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه ﻣﻨﺘﻈ ﺮًا اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻛ ﺎن ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫ﯾﻨﺎﻣﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﻨﺘﻈﺮون اﻟﺼﻼة ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﺧﱠﺮ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬اﻟﻌﺸﺎء ذات ﻟﯿﻠﺔ إﻟﻰ ﺷ ﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬أو ﻛ ﺎد ﯾ ﺬھﺐ ﺷ ْ‬
‫ﻄ ُﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﻟﻨ ﺎس ﻗ ﺪ‬
‫ﺻﻠﻮا وﻧﺎﻣﻮا‪ ،‬وإﻧﻜﻢ ﻟﻢ ﺗﺰاﻟﻮا ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﺎ اﻧﺘﻈﺮﺗﻢ اﻟﺼﻼة ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫وﻣﺜﻞ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺴﺎﻓﺮًا أو ﯾﺮﯾﺪ ﻣﺰﯾﺪ ﺻﻼة أو ﻣﺎ ﺷﺎﻛﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ‬
‫ﺳ َﻤﺮَ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ ﻋﺸﺎء اﻵﺧﺮة‪ ،‬إﻻ ﻷﺣ ِﺪ رﺟﻠ ﯿﻦ‪ :‬ﻣُ ﺼﻞﱟ‬‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ َ‬
‫أو ﻣﺴﺎﻓﺮ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ‪ ،‬وﻗﺎل )رﺟﺎﻟﮫ ﺛِﻘﺎت(‪.‬‬

‫وﻣﺜﻞ أن ﯾﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻤﻞ ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫ إﻧﺠﺎزه ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﻤُﺮ ﻣﻊ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﻣِﻦ أﻣﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وأﻧﺎ ﻣﻌﮭﻤﺎ« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪُ وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﺼﻼة‬
‫ﻓﻀﻞُ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‬

‫‪290‬‬
‫إن ﻣﻤﺎ ﺗﻔﻀﱠﻞ اﷲ ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﺟﻌ ﻞ ﻟﮭ ﻢ اﻷرض ﻛﻠﮭ ﺎ ﻣ ﺴﺠﺪًا‬
‫دون اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ﯾُﺆدﱡون ﻓﯿﮭﺎ ﺻﻠﻮاﺗﮭﻢ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﺣﻠﻮا أو ارﺗﺤﻠ ﻮا‪ ،‬وھ ﺬه ﺗﻮﺳ ﻌ ٌﺔ ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﺗﻮﺳ ﻌﺔٌ‪،‬‬
‫ﺖ ﺻ ﻔﻮﻓُﻨﺎ‬‫ﻓﻌﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ُ » r‬ﻓ ﻀﱢﻠﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ﺑ ﺜﻼث‪ :‬ﺟُﻌِﻠ ْ‬
‫ﻃ ُﮭ ﻮرًا إذا ﻟ ﻢ ﻧﺠ ﺪ اﻟﻤ ﺎء‪،‬‬
‫ﺟﻌِﻠﺖ ﺗﺮﺑﺘﮭﺎ ﻟﻨ ﺎ َ‬
‫ﺟﻌِﻠﺖ ﻟﻨﺎ اﻷرضُ ﻛﻠﱡﮭﺎ ﻣﺴﺠﺪاً‪ ،‬و ُ‬
‫ﻛﺼﻔﻮف اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ و ُ‬
‫ﺟﻌِﻠ ﺖ ﻟ ﻲ‬‫ﺧ ﺼﻠﺔ أﺧ ﺮى« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ُ‬ ‫وذﻛ ﺮ َ‬
‫اﻷرض ﻃَﮭﻮرًا وﻣﺴﺠﺪاً‪ ،‬ﻓﺄﯾﱡﻤﺎ رﺟ ٍﻞ أدرﻛﺘ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠْﯿ ﺼ ﱢﻞ ﺣﯿ ﺚ أدرﻛﺘ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻛﻠﻤ ﺔ ـ‬
‫ﻣﺴﺠﺪ ـ ھﻨﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬أي ﻣﻜﺎن اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺄﯾ ﺔ ﺑﻘﻌ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷرض ﺻ ﻠﺤﺖ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺟﺎز إﻃﻼق ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤُﻌ ﱡﺪ واﻟﻤﺨﺼﱠﺺ ﻟﻠﻌﺒﺎدة‪ ،‬ﻓﻘﺪ ورد ﻓﻲ ﻓﻀﻠﮫ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫ﺧ ِﺮ ‪[...‬‬
‫ﷲ واﻟ َﯿ ْﻮ ِم اﻵ ِ‬
‫ﻦ ِﺑ ﺎ ِ‬
‫ﻦ آ َﻣ َ‬
‫ﷲ َﻣ ْ‬ ‫ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] إﻧﱠ َﻤ ﺎ َﯾ ْﻌﻤُ ﺮُ َﻣ ﺴَﺎ ِ‬
‫ﺟ َﺪ ا ِ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﻤ ﺎن‬ ‫اﻵﯾﺔ ‪ 18‬ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻧﺴﺐ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﻋُﻤﺮاﻧﮭﺎ دﻟﯿ ً‬
‫ﺑ ﮫ وﺑ ﺎﻟﯿﻮم اﻵﺧ ﺮ‪ .‬وروى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »إذا ﻣ ﺮرﺗﻢ ﺑﺮﯾ ﺎض‬
‫اﻟﺠﻨﺔ ﻓﺎرﺗﻌﻮا‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ وﻣﺎ رﯾﺎض اﻟﺠﻨﺔ؟ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬وﻣ ﺎ اﻟﺮﱠﺗ ﻊ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ وﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒ ﺮ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻛﻔ ﻰ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻮﺻ ﻒ‬
‫ﻼ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻣَﻦ ﻏ ﺪا إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وراح أﻋ ﺪ اﷲ ﻟ ﮫ ُﻧ ُﺰَﻟ ﮫ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻓﻀ ً‬
‫اﻟﺠﻨﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻏ ﺪا أو راح« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫»ﻣ ﻦ راح إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺠﺪ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ‪ ،‬ﻓﺨﻄﻮﺗ ﺎه ﺧﻄ ﻮة ﺗﻤﺤ ﻮ ﺳ ﯿﺌﺔ‪ ،‬وﺧﻄ ﻮة ﺗﻜﺘ ﺐ ﺣ ﺴﻨﺔ ‪ ،‬ذاھﺒ ًﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫وراﺟﻌﺎً« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫‪ » r‬ﻣﻦ ﺗﻄﮭﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ ﺛ ﻢ ﻣ ﺸﻰ إﻟ ﻰ ﺑﯿ ﺖ ﻣ ﻦ ﺑﯿ ﻮت اﷲ ﻟﯿﻘ ﻀﻲ ﻓﺮﯾ ﻀﺔ ﻣ ﻦ ﻓ ﺮاﺋﺾ اﷲ ﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﺧﻄﻮﺗﺎه‪ :‬إﺣﺪاھُﻤﺎ ﺗﺤﻂﱡ ﺧﻄﯿﺌﺔ‪ ،‬واﻷﺧﺮى ﺗﺮﻓﻊ درﺟﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺳ ﺒﻌ ٌﺔ ﯾُﻈﻠﱡﮭ ﻢ اﷲ ﻓ ﻲ ﻇ ﱢﻠ ﮫ ﯾ ﻮم ﻻ ﻇ ﱠﻞ إﻻ ﻇ ﱡﻠ ﮫ ‪ ...‬ورﺟ ﻞٌ‬
‫ﻗﻠﺒُﮫ ُﻣ َﻌﻠﱠﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﮭﻮ ﺷﺮف وﻓﻀﻞ ﯾﺠﺰي اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺠ ﺰاء اﻷوﻓ ﻰ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﻦ ﺑﻨﻰ ﻣﺴﺠﺪًا ﯾﺒﺘﻐ ﻲ ﺑ ﮫ وﺟ ﮫ اﷲ ﺑﻨ ﻰ اﷲ ﻟ ﮫ‬
‫ﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وھﺬا ﻻ ‪ r‬ﯾﻌﻨﻲ أن ﺑﻨﺎء اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ھ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻜ ﺎﻟﯿﻒ‬
‫اﻟﻔﺮدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻞ إن ھﺬه اﻟﻤﮭﻤﺔ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳ ﻼﻣﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻌﺪﺋ ٍﺬ‬
‫أن ﯾﺴﺎھﻤﻮا ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﮭﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺬھﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ‬

‫ﯾُﺴﺘﺤﺐ ﻟﻤﻦ ﺳﻤﻊ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ أو ﻋﺮف ﺣﺼﻮﻟﮭﺎ أن ﯾﺴﻌﻰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﺑﺴﻜﯿﻨﺔ ووﻗﺎر وﻻ‬
‫ﯾﺴﺮع ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻲ‪ ،‬وﻟْﯿﻌﻠﻢ أﻧﮫ ﻣﺎ دام ﺳﺎﻋﯿًﺎ وﻣﺎﺷﯿـ ًﺎ ﻓﮭﻮ ﻓﻲ ﺻﻼة‪ ،‬أي ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﺘﺤﺐ‬
‫ﻟﮫ أن ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻣﺎ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ اﻋﺘﻤﺎده‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ اﻟ ﺴﻌﻲ ﺑﺎﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﮭ ﺪوء وﻋ ﺪم اﻟﻌﺠﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ أدرﻛ ﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﺻ ﻼه ﻣﻌﮭ ﻢ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻓﺎﺗ ﮫ ﻣﻨﮭ ﺎ أﺗﻤ ﮫ وﺣ ﺪه‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬إذ ﺳﻤﻊ َ‬
‫ﺟ َﻠ َﺒ َﺔ رﺟﺎلٍ ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ ﻗﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﺷ ﺄ ُﻧﻜﻢ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬اﺳ ﺘﻌﺠﻠﻨﺎ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﻼ ﺗﻔﻌﻠ ﻮا‪ ،‬إذا أﺗﯿ ﺘﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻌﻠ ﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ أدرﻛ ﺘﻢ ﻓ ﺼﻠﻮا وﻣ ﺎ ﻓ ﺎﺗﻜﻢ‬
‫ﻓ ﺄ ِﺗﻤﱡﻮا« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا‬
‫ﺳﻤﻌﺘﻢ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﺎﻣ ﺸﻮا إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة وﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﻮﻗ ﺎر وﻻ ُﺗ ﺴﺮﻋﻮا‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ أدرﻛ ﺘﻢ ﻓ ﺼﻠﻮا‬
‫وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻓﺄﺗﻤﻮا« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ‬

‫‪291‬‬
 ‫ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ُﺛ ﱢﻮ َ‬
‫ب ﻟﻠﺼﻼة ﻓ ﻼ ﺗﺄﺗﻮھ ﺎ وأﻧ ﺘﻢ ﺗ ﺴ َﻌﻮْن‪ ،‬وأﺗﻮھ ﺎ وﻋﻠ ﯿﻜﻢ اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻤﺎ أدرﻛﺘﻢ ﻓﺼﻠﻮا وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻓﺄﺗﻤﱡﻮا‪ ،‬ﻓﺈنﱠ أﺣﺪﻛﻢ إذا ﻛﺎن ﯾﻌﻤ ﺪ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓﮭ ﻮ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫أدب اﻟﻤﺴﺠﺪ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺑﯿ ﺖ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﻞﱠ‪ ،‬ﻓﻌﻠ ﻰ َﻣ ﻦ ﯾ ﺰوره أن ﯾﺘ ﺄدﱠب ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﺮاﻋ ﻲ ﺟﻤﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻵداب‬
‫ﻄ ﺮ‪ ،‬واﺟﺘﻨ ﺎبُ أﻛ ﻞِ ﻣ ﺎ ﺗﻨﺒﻌ ﺚ ﻣﻨ ﮫ‬ ‫اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وأول ھ ﺬه اﻵداب اﻟﺘﱠﺠ ﱡﻤ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻠﺒ ﺎس واﻟﮭﯿﺌ ﺔ واﻟﺘﻌ ﱡ‬
‫ﺠ ٍﺪ ‪ [ ...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 31‬ﻣ ﻦ‬‫ﺴِ‬ ‫رواﺋﺢ ﺗﺆذي اﻟﻤﺼﻠﱢﯿﻦ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﯾ ﺎ َﺑ ِﻨ ﻲ آ َد َم ﺧُ ﺬُوا ِز ْﯾ َﻨ َﺘﻜُ ْﻢ ِ‬
‫ﻋ ْﻨ َﺪ ﻛُ ﻞﱢ َﻣ ْ‬
‫ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪ .‬وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ أﻛﻞ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟﺒﻘﻠ ﺔ‬
‫ﻦ ﻣ ﺴﺠﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﺗﺘ ﺄذى ﻣﻤ ﺎ‬ ‫اﻟﺜﻮم‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﺮة‪ :‬ﻣﻦ أﻛﻞ اﻟﺒﺼﻞ واﻟﺜﻮم واﻟ ُﻜ ﺮﱠاث ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﺮ َﺑ ﱠ‬
‫ﯾﺘﺄذى ﻣﻨﮫ ﺑﻨﻮ آدم« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻣﺒﺘ ﺪﺋًﺎ ﺑﺎﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬واﻟﺨ ﺮوج ﻣﻨ ﮫ ﻣﺒﺘ ﺪﺋﺎً ﺑﺎﻟﯿ ﺴﺮى ﻟﻤ ﺎ رُوى‬
‫وﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﺖ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ أن ﺗﺒ ﺪأ ﺑﺮﺟﻠ ﻚ‬ ‫ﺴﻨﱠﺔ إذا دﺧﻠ َ‬
‫ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وإذا ﺧﺮﺟﺖ أن ﺗﺒﺪأ ﺑﺮﺟﻠﻚ اﻟﯿﺴﺮى« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫وﺗﻘ ﻮل ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺪﺧﻮل ]ﺑ ﺴﻢ اﷲ واﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻓ ﺘﺢ ﻟ ﻲ أﺑ ﻮاب‬

‫ت ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل ]أﻋ ﻮذ ﺑ ﺎﷲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ وﺑﻮﺟﮭ ﮫ اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﺳ ﻠﻄﺎﻧﮫ اﻟﻘ ﺪﯾﻢ ﻣ ﻦ‬ ‫رﺣﻤﺘ ﻚ[ وإن ِز ْد َ‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ[ ﻓﮭﻮ ﺧﯿﺮ‪ .‬وﺗﻘﻮل إذا ﺧﺮﺟﺖ ]اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ وﺳﻠﱢﻢ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳ ﺄﻟﻚ‬
‫ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ[ وإن زدت ﺑﺎﻟﻘﻮل ]اﻟﻠﮭﻢ اﻋﺼﻤﻨﻲ ﻣِﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ‪ ،‬أو‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ َأﺟِﺮﻧﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‬
‫اﻟﺮﺟﯿﻢ[ ﻓﮭﻮ ﺧﯿﺮ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺣﻤﯿﺪ أو أﺑﻲ أﺳﯿﺪ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا دﺧ ﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻓﻠْﯿﻘﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻓﺘﺢ ﻟﻲ أﺑﻮاب رﺣﻤﺘﻚ‪ ،‬وإذا ﺧﺮج ﻓﻠْﯿﻘﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻠﻚ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ورواه اﻟ ﺪارﻣﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا دﺧ ﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﻠ ُﯿ ﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟﯿﻘ ﻞ ‪ .«...‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬ﻓﺰادا اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ .r‬وروى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا دﺧ ﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿ ﺼﻞﱢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وﻟﯿ ُﻘ ﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ َأﺟِﺮﻧ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‬
‫اﻟﺮﺟﯿﻢ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ﻓﺰاد اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ .r‬وروى ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ اﻟﻌ ﺎص ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻧﮫ ﻛﺎن إذا دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﺎل‪ :‬أﻋﻮذ ﺑ ﺎﷲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ وﺑﻮﺟﮭ ﮫ اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﺳ ﻠﻄﺎﻧﮫ اﻟﻘ ﺪﯾﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ﻗﺎل‪ :‬أَﻗﻂ؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺈذا ﻗ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻗ ﺎل اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﺣُ ِﻔ ﻆ ﻣﻨ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ اﻟﯿ ﻮم«‬
‫رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وروى أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا دﺧ ﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻓﻠﯿ ﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻟْﯿ ُﻘ ﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻓ ﺘﺢ ﻟ ﻲ أﺑ ﻮاب رﺣﻤﺘ ﻚ‪ ،‬وإذا ﺧ ﺮج ﻓﻠْﯿ ﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫وﻟﯿﻘ ﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻋ ﺼﻤﻨﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن اﻟ ﺮﺟﯿﻢ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺟﺮْﻧﻲ« ﺑﺪل »اﻟﻠﮭﻢ اﻋﺼﻤﻨﻲ«‪.‬‬ ‫َأ ِ‬

‫ﺚ وﻻ ﺑ ﺪﻋﺎ ٍء وﻻ ﺑﻘ ﺮاءة‬‫و ُﯾ ﺴﻦ ﺧﻔ ﺾ اﻟ ﺼﻮت ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺮﻓ ﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺻ ﻮﺗﮫ ﺑﺤ ﺪﯾ ٍ‬
‫اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﻔﺮدﯾ ﺔ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾ ﺸﻮﱢش ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺼﻠﱢﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ اﻟﺒﯿﺎﺿــﻲ »أن رﺳــﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧــﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس وھﻢ ﯾﺼﻠﱡﻮن‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﻠﺖ أﺻﻮاﺗُﮭﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬إن اﻟﻤﺼﻠﻲ ﯾﻨﺎﺟﻲ رﺑﮫ ﻓﻠﯿﻨﻈﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﺎﺟﯿﮫ ﺑﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﮭﺮ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾٍ ﺑﺎﻟﻘﺮآن« رواه‬
‫ﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻋﺘﻜ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﮭﻢ‬
‫ﻦ ﺑﻌ ﻀﻜﻢ ﺑﻌ ﻀﺎً‪ ،‬وﻻ‬ ‫ن ﻛﻠﱠﻜ ﻢ ﻣﻨ ﺎجٍ رﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺆذﯾ ﱠ‬
‫ﯾﺠﮭ ﺮون ﺑ ﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﻓﻜ ﺸﻒ اﻟ ﺴﺘﺮ وﻗ ﺎل‪ :‬أﻻ إ ﱠ‬

‫‪292‬‬
‫ﺾ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ‪ -‬أو ﻗﺎل ‪ -‬ﻓﻲ اﻟﺼﻼة« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﯾﺮﻓﻊ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌ ٍ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ إن ﺧ ﻼ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻣ ﻦ ﻧ ﺎسٍ ﯾ ﺼﻠﻮن‪ ،‬أو ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺼﻠﻮن ﺑﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄن ﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫ﺻﻮﺗﮫ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻛﻌﺐ »أﻧﮫ ﺗﻘﺎﺿﻰ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺣَ ﺪ َر ٍد َد ْﯾ َﻨ ًﺎ ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓـــ ـﻲ اﻟﻤ ﺴﺠــﺪ‪ ،‬ﻓﺎرﺗﻔﻌ ﺖ‬
‫ﻒ ﺣﺠﺮﺗ ﮫ‪،‬‬ ‫أﺻﻮاﺗﮭﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺳ ﻤﻌﮭﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج إﻟﯿﮭﻤ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﻛ ﺸﻒ ِ‬
‫ﺳ ﺠْ َ‬
‫ﻓﻨﺎدى‪ :‬ﯾﺎ ﻛﻌﺐ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻟﺒﯿﻚ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺿﻊ ﻣﻦ دَﯾﻨﻚ ھﺬا‪ ،‬وأوﻣ ﺄ إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬أي اﻟ ﺸﻄﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺖ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻘ ﻢ ﻓﺎﻗ ﻀﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ارﺗﻔﻌ ﺖ أﺻ ﻮاﺗﮭﻤﺎ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻟﻘ ﺪ ﻓﻌﻠ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ذﻟﻚ ‪.‬‬

‫ن ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻋُﺠﺮة ﻗﺎل »دﺧﻞ ﻋﻠ ﻲﱠ رﺳ ﻮل‬ ‫وﯾُﻜﺮه اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻤﺎ رُوي أ ﱠ‬
‫اﷲ ‪ r‬اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻗﺪ ﺷﺒﱠﻜﺖ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬ﯾ ﺎ ﻛﻌ ﺐ إذا ﻛﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻼ ﺗُ ﺸﺒﱢﻚ ﺑ ﯿﻦ‬
‫أﺻﺎﺑﻌﻚ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﺎ اﻧﺘﻈﺮت اﻟﺼﻼة« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ » r‬إذا ﺗﻮﺿﺄ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾﺮﺟ ﻊ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﻞ‬
‫ﺨ ﺪري أن‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟ ُ‬
‫ھﻜ ﺬا‪ ،‬وﺷ ﺒﱠﻚ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻦ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وإن أﺣﺪﻛﻢ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻛﺎن أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﯾُﺸﺒﱢﻜ ﱠ‬
‫ﻻ ﯾﺰال ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﺎ دام ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﯾﻜﺮه اﺗﺨﺎذ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻠﺒﯿﻊ واﻟﺸﺮاء‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾُﻜﺮه ﻋﻘﺪُ اﻟﺤﻠﻘﺎت ﻓﯿﮫ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻠﱡﻖ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺸﺮاء واﻟﺒﯿﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﯾﺤﺮم اﻟﺘﻨﺨﻢ واﻟﺒﺼﺎق ﻓﻲ أرض اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺟﺪراﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬اﻟ ُﺒ ﺰاق ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺧﻄﯿﺌ ﺔ وﻛﻔﱠﺎرﺗﮭ ﺎ دﻓﻨُﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺘﺸﻮﯾﺶ ﺑﻜﻼ ٍم وإﻟﺤﺎق اﻷذى ﺑﺈﻟﻘ ﺎء اﻟﻘ ﺎذورات وأﻣﺜ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻣﻨﮭ ﻲﱞ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﯾ ﺸﺘﺪﱡ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﺪ‬
‫إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﺪﱡ ﺗﺸﻮﯾﺸﺎً‪ ،‬وﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺗﺤﻘﯿ ٌﺮ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻣﺨ ﺎﻟﻒٌ ﻟﻮاﺟ ﺐ‬
‫اﺣﺘﺮاﻣﮫ واﻟﺘﺄدب ﻓﯿﮫ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮫ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت أﻋﻤﺎل وأﻣﻮر ﻋﺪﯾ ﺪة ﻣﻤ ﺎ ﻓﻌﻠﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻛ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺟﻮازھﺎ‪ ،‬ﻧﺠﺘﺰئ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ]اﻟﻨﻮم‪ ،‬واﻷﻛﻞ‪ ،‬واﻟﺘﱠ ﺼﺪﱡق ﻋﻠ ﻰ اﻟﻐﯿ ﺮ‪ ،‬واﻟﺘﻘﺎﺿ ﻲ‪ ،‬واﻟﻠﻌ ﺐ اﻟﻤﺒ ﺎح‪،‬‬
‫وﻣﺪاواة اﻟﻤﺮﺿﻰ واﻟﺠﺮﺣﻰ[ وھﺬه أدﻟﺘﮭﺎ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﮫ »أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺴﺘﻠﻘﯿﺎً ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ واﺿ ﻌًﺎ إﺣ ﺪى‬
‫رﺟﻠﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺮى« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ﺳﮭﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل »ﺟﺎء رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﯿﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺠ ﺪ ﻋﻠﯿ ﺎً ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫أﯾﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ ﺷﺊ ﻓﻐﺎﺿﺒﻨﻲ ﻓﺨ ﺮج‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ َﯾ ِﻘ ْﻞ ﻋﻨ ﺪي‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻹﻧﺴﺎن‪ :‬اﻧﻈﺮ أﯾﻦ ھﻮ‪ ،‬ﻓﺠﺎء ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ راﻗ ﺪ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ‬
‫ﺷﻘﱢﮫ وأﺻﺎﺑﮫ ﺗﺮاب‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻤﺴﺤﮫ ﻋﻨﮫ وﯾﻘﻮل‪ :‬ﻗﻢ أﺑ ﺎ‬ ‫ﻣﻀﻄﺠﻊ ﻗﺪ ﺳﻘﻂ رداؤه ﻋﻦ ِ‬
‫ﺗﺮاب‪ ،‬ﻗﻢ أﺑﺎ ﺗﺮاب« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث اﻟﺰﺑﯿ ﺪي ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﻧﺄﻛ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫اﻟﺨﺒﺰ واﻟﻠﺤﻢ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬ھ ﻞ ﻣ ﻨﻜﻢ أﺣ ﺪ‬

‫أﻃﻌﻢ اﻟﯿﻮم ﻣﺴﻜﯿﻨﺎً؟ ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ :‬دﺧﻠﺖ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﺈذا أﻧ ﺎ ﺑ ﺴﺎﺋ ٍﻞ ﯾ ﺴﺄل‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺪت‬
‫ﻛِﺴﺮة ﺧﺒﺰ ﻓﻲ ﯾﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬﺗﮭﺎ ﻣﻨﮫ ﻓﺪﻓﻌﺘﮭﺎ إﻟﯿﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻟﯿﮭﻮدُ أ َﺗﻮْا اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ‬
‫أﺻ ﺤﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ﻓ ﻲ رﺟ ﻞٍ واﻣ ﺮأة زﻧﯿ ﺎ ﻣ ﻨﮭﻢ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‬
‫ﺗﻘﺎﺿﻲ ﻛﻌﺐ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺣَﺪرَد‪ ،‬وﻗﻀﺎء اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫و ‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل» دﺧ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻤ ﺴﺠﺪ واﻟﺤﺒ ﺸﺔ ﯾﻠﻌﺒ ﻮن‬

‫ﻓﺰﺟﺮھﻢ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬دﻋﮭﻢ ﯾﺎ ﻋﻤﺮ ﻓ ﺈﻧﮭﻢ ﺑﻨ ﻮ أر ِﻓ ﺪة« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﺑﻨ ﻮ‬
‫أرﻓِﺪة‪ :‬أن اﻟﻠﻌﺐ ﻋﺎدة ھﺆﻻء اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫ز ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »أُﺻﯿﺐ ﺳﻌﺪ ﯾﻮم اﻟﺨﻨﺪق ﻓﻲ اﻷﻛﺤﻞ‪ ،‬ﻓﻀﺮب اﻟﻨﺒﻲ ‪r‬‬
‫ﺧﯿﻤ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﯿﻌﻮده ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﺼﻔﱠﺔ‪ ،‬ﻷدرﻛﻨ ﺎ‬‫وﻟﻮ ﻋﻠِﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻣﻜﺎن ﺳﻜﻦٍ ﻟﻔﻘﺮاء اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬وھﻢ اﻟﻤُﺴﻤﱠﻮن ﺑﺄھﻞ اﻟ ﱡ‬
‫ن ﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﯾُﻘﺎم ﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت ﻣﻤ ﺎ ﻟ ﮫ ﻋﻼﻗ ﺔ ﺑ ﺎﻟﻌﯿﺶ‪ ،‬ﺟ ﺎﺋ ٌﺰ ﻓﻌﻠُﮭ ﺎ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺗ ﺬﻛﱠﺮﻧﺎ أن‬
‫أﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬وھﻮ رﺋﯿﺲ اﻟﺪوﻟ ﺔ ‪ -‬ﻛ ﺎن ﯾﺘﺨ ﺬ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ دار ﺣﻜ ﻢ ﯾ ﺪﯾﺮ ﻓﯿ ﮫ ﺷ ﺆون دوﻟﺘ ﮫ ﻣ ﻦ ﻋﻘ ﺪ‬
‫اﻟﺮاﯾ ﺎت‪ ،‬وﺑﻌ ﺚ اﻟ ﺴﺮاﯾﺎ واﻟﺒﻌ ﻮث‪ ،‬ورﺑ ﻂ اﻷﺳ ﺮى واﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻮﻓ ﻮد‪ ،‬وﺗﻮزﯾ ﻊ اﻷﻣ ﻮال‪ ،‬وﺗ ﺼﻔﱡﺢ‬
‫أﻋﻤﺎل اﻟﻮﻻة واﻟﻌﻤﺎل واﻟﻤﻮﻇﻔﯿﻦ‪ ،‬وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أﺣﻜﺎم دﯾﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻷدرﻛﻨ ﺎ أنﱠ ﻛ ﻞ أﻋﻤ ﺎل اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‬
‫ﻣ ﻦ رﻋﺎﯾ ﺎ وﺣﻜ ﺎم ﺟ ﺎﺋﺰٌ ﻓﻌﻠُﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﯾُﺨْﻄِ ﺊ َﻣ ﻦ َﯾ ْﻘ ﺼُﺮ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠ ﻰ أداء اﻟ ﺼﻠﻮات‬
‫وﻣﺘﻌﻠﻘﺎﺗﮭﺎ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وﻣ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أﯾﺎﻣﻨ ﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻ ﺮة ﻣ ﻦ ﺗ ﺸﯿﯿﺪٍ وزﺧﺮﻓ ﺔٍ‪،‬‬
‫ﻖ اﻟﻤﻨ ﺎﺑﺮ واﻟﻤﺤﺎرﯾ ﺐ‪ ،‬ﺑﺤﯿ ﺚ ﺗﺒ ﺪو‬ ‫وﺗﻌﻠﯿ ﻖِ آﯾ ﺎت اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﻛﺘﺎﺑﺘﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺪران‪ ،‬وﺗﻨﻤﯿ ِ‬
‫ﻛﺎﻟﻘﺼﻮر اﻟﻔﺨﻤﺔ وﻗﺎﻋﺎت اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻟﮭ ﺎ وزﺧﺎرﻓﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﺧ ﻼف اﻟ ﺴﻨﱠﺔ‪ ،‬ورﺑﻤ ﺎ وﺻ ﻞ إﻟ ﻰ‬
‫ﺣﺪ اﻟﺤﺮﻣﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﺗﻔ ﺘﻦ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﯿﻦ وﺗ ﺸﻐﻠﮭﻢ وﺗُﻠﮭ ﯿﮭﻢ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻠﻮات وﻣ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺧﺸﻮع‪.‬‬

‫وأُﻧﻮﱢه ھﻨﺎ ﺑﺘﻌﻠﯿﻖ أﺳﻤﺎء اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وآﯾﺎتِ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ وﻛﺘﺎﺑﺘﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺪران واﻟﻤﺤﺎرﯾ ﺐ‬
‫ن ھﺬه أﻣﻮ ٌر ﻣﺎ ﻋُﮭﺪت ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ ،r‬وﻻ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷ ﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻟ ﻮ‬ ‫واﻟﻤﻨﺎﺑﺮ‪ ،‬ﻓﺄﻗﻮل إ ﱠ‬
‫ﻛﺎن ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺨﯿﺮ‪ ،‬أو ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺤﺒﱠﺔً ﻟﺴﺒﻘﻮﻧﺎ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وھﻢ اﻟﺴﺒﱠﺎﻗﻮن إﻟﻰ ﻛﻞ ﻓﻀﻞ وﻓﻀﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻟﮭﺬا ﻓ ﺈن‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ھﺬه اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت واﻟﺰﺧﺎرف ﻟﺘﻌﻮد إﻟﻰ ﺑﺴﺎﻃﺘﮭﺎ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑ ﻦ‬
‫ﺧ ِﺮﻓُﻨﱠﮭ ﺎ ﻛﻤ ﺎ‬ ‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﻣﺎ أُﻣﺮ ُ‬
‫ت ﺑﺘ ﺸﯿﯿﺪ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪َ :‬ﻟﺘُ َﺰ ْ‬
‫زﺧﺮﻓﺖ اﻟﯿﮭﻮد واﻟﻨﺼﺎرى« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬ﻻ ﺗﻘ ﻮم‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺒﺎھﻰ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬وروت أُم ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑﻨ ﺖ ﺳ ﻔﯿﺎن أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل » ‪ ...‬إﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ ﺷ ﺊ ﯾُﻠﮭ ﻲ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱢﯿﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬واﻟﺒﯿ ﺖ ھﻨ ﺎ‬
‫ھﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام‪.‬‬

‫‪294‬‬
 ‫أﻓﻀﻞ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‬
‫ﻛﻞ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺗﺴﺘﻮي ﻓﻲ اﻟﻔﻀﻞ إﻻ أرﺑﻌﺔ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﮭﺎ ﻣﺰﯾﺪ ﻓﻀﻞ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﻣﺮﺗﱠﺒ ًﺔ ﺣ ﺴﺐ‬
‫اﻟﻔﻀﻞ ھﻲ‪ :‬اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﻜﺔ واﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﮫ ﺗﻌ ﺪل ﻣﺎﺋ ﺔ أﻟ ﻒ ﺻ ﻼة‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﻨﺒ ﻮي ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‬
‫واﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺗﻌ ﺪل أﻟ ﻒ ﺻ ﻼة‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻷﻗ ﺼﻰ ﺑﺎﻟﻘ ﺪس واﺧﺘﻠﻔ ﺖ اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻓ ﻲ ﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻮرد أن اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺗﻌﺪل أﻟﻒ ﺻﻼة‪ ،‬وورد أن اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺗﻌﺪل ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺻﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻗُﺒ ﺎء ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬واﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﮫ ﺗﻌ ﺪل ﻋُﻤ ﺮة‪ .‬واﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ھ ﻲ وﺣ ﺪھﺎ اﻟﺘ ﻲ ﺗُ ﺸَﺪﱡ إﻟﯿﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺮﱢﺣﺎل‪ ،‬أي ﯾُﺴﺎﻓَﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﻗﺼ َﺪ اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﯿﮭﺎ واﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾُﺸﺮع اﻟﺴﻔﺮ ﻗﺼ َﺪ اﻟﻌﺒﺎدة إﻟﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ُﺗ ﺸ ﱡﺪ اﻟﺮﱢﺣ ﺎل إﻻ إﻟ ﻰ ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪ :‬اﻟﻤ ﺴﺠﺪِ اﻟﺤ ﺮام‪ ،‬وﻣ ﺴﺠﺪِ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ ،r‬وﻣ ﺴﺠﺪِ اﻷﻗ ﺼﻰ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺻ ﻼ ٌة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪي أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ أﻟ ﻒ ﺻ ﻼة ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه إﻻ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام‪ ،‬وﺻ ﻼ ٌة ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﺤ ﺮام أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ ﻣﺎﺋ ﺔ أﻟ ﻒ ﺻ ﻼة ﻓﯿﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ﻣﻮﻻ ِة اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أَﻓﺘِﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪس‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺤﺸَﺮ واﻟ َﻤ ْﻨﺸَﺮ اﺋﺘﻮه ﻓﺼﻠﱡﻮا ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻼ ًة ﻓﯿﮫ ﻛﺄﻟﻒ ﺻﻼة ﻓﻲ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬أرأﯾ ﺖ إن‬ ‫أرض اﻟ َﻤ ْ‬
‫ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أﺗﺤﻤﱠﻞ إﻟﯿﮫ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺘﮭﺪي ﻟﮫ زﯾﺘ ًﺎ ُﯾ ﺴﺮَج ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﻓﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻓﮭ ﻮ ﻛﻤ ﻦ أﺗ ﺎه« رواه‬
‫اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ أﺗﺤﻤﱠ ﻞ إﻟﯿ ﮫ‪ :‬أي أرﺗﺤ ﻞ إﻟﯿ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪرداء ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻓ ﻀﻞ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻ ﻼة ‪ ،‬وﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪي أﻟ ﻒ ﺻ ﻼة‪ ،‬وﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺻﻼة« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪» r‬أن ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ داود ﺳ ﺄل اﷲ ﺗﺒ ﺎرك وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﻋﻄ ﺎه اﺛﻨﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وأرﺟ ﻮ أن ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ‬
‫أﻋﻄﺎه اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﺳﺄﻟﮫ ُﻣﻠْﻜﺎً ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻷﺣ ٍﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﻓﺄﻋﻄﺎه إﯾﺎه‪ ،‬وﺳﺄﻟﮫ ﺣﻜﻤ ًﺎ ﯾُﻮاﻃﺊ ﺣﻜﻤَﮫ ﻓﺄﻋﻄ ﺎه‬
‫إﯾﺎه‪ ،‬وﺳﺄﻟﮫ ﻣَﻦ أﺗﻰ ھ ـﺬا اﻟﺒﯿ ﺖ ﯾﺮﯾ ﺪ ﺑﯿ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪس ﻻ ﯾﺮﯾ ﺪ إﻻ اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﮫ أن ﯾﺨ ﺮج ﻣﻨ ﮫ ﻛﯿ ﻮم‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ أﺳﯿﺪ ﺑ ﻦ‬ ‫وﻟﺪﺗﮫ أﻣﱡﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬وأرﺟﻮ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺪ أﻋﻄﺎه اﻟﺜﺎﻟﺚ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻇﮭﯿ ﺮ اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ‪ -‬وﻛ ﺎن ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬ﯾُﺤ ﺪﱢث ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻ ﻼ ٌة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗُﺒ ﺎء ﻛﻌُ ْﻤ ﺮ ٍة« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗُﺒ ﺎ‬
‫ﻛ ُﻌﻤْﺮ ٍة« ﺑﺪون اﻟﮭﻤﺰة‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼ ُة ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ اﻷرض‬

‫ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ أي ﺷﺊ ﻃ ﺎھﺮ‪ ،‬ﺗﺮاﺑ ﺎً ﻛ ﺎن أو ﺻ ﺨﺮاً أو ﺛﻠﺠ ﺎً أو ﺧ ﺸﺒﺎً أو ﺑ ﺴﺎﻃﺎً ﻛ ﺎن أو‬
‫ﺣﺼﯿﺮاً أو ﺛﯿﺎﺑﺎً أو ﻓﺮاﺷ ًﺎ دون ﻓ ﺎرق ﺑﯿﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺴﻔﯿﻨﺔ ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻛﯿ ﻒ أﺻ ﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﯿﻨﺔ ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﱢﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ إﻻ أن ﺗﺨ ﺎف‬
‫اﻟﻐﺮق« رواه اﻟﺒﺰار‪ .‬واﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﯿﻨﺔ ھ ﻲ ﺻ ﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﺸﺐ ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ دﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺮأﯾﺘﮫ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺼﯿﺮ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ أُمﱢ ﺣ ﺮامٍ ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺴﺎط« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺷﺪة اﻟﺤﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻄﻊ أﺣ ﺪُﻧﺎ‬
‫أن ﯾُﻤ ﱢﻜ ﻦ وﺟﮭ ﮫ ﻣ ﻦ اﻷرض ﺑ ﺴﻂ ﺛﻮﺑ ﮫ ﻓ ﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وروت ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وھ ﻲ ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻟﻘِﺒْﻠ ﺔ ‪ ،‬ﻋﻠ ﻰ ﻓ ﺮاشِ أھﻠ ﮫ‬
‫اﻋﺘ ﺮاض اﻟﺠﻨﺎﺋـ ـﺰ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وروى اﻟﺒﺨ ﺎري أن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺜﻠﺞ‪.‬‬

‫‪295‬‬
 ‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠـﻰ اﻟﻜﺮﺳـﻲ‬
‫ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻲ اﻟﺘﺴﻌﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﻨﺼﺮم اﻧﺘﺸﺮت ﻇﺎھﺮة اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮاﺳﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‬
‫وﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺮى ﻣﺴﺠﺪاً ﯾﺨﻠﻮ ﻣﻦ أﻋﺪادٍ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﺳﻲ اﻟﻤﻌ ﺪﱠة ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻈﺎھﺮة ﺗُﻠﺤﻆ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ إﻻ ﻧﺎدراً‪ ،‬واﻟﺴﺆال ھﻨﺎ ھﻮ ﻣﺎ ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ‪ ،‬وھ ﻞ ﻣ ﻦ دﻟﯿ ﻞ‬
‫ﺷ ﺮﻋﻲ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻮازھ ﺎ؟ وﻟﻠﺠ ﻮاب ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟ ﺴﺆال أﻗ ﻮل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬ﺑﺎﺳ ﺘﻌﺮاض اﻟﻨ ﺼﻮص ذات‬
‫اﻟﻌﻼﻗ ﺔ ﺑﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻧﺘﺒ ﯿﻦ أن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ أو‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬وﺟ ﺎﺋﺰة وﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻓﻘ ﻂ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع أو اﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬وﻟﻠﻤ ﺮﯾﺾ اﻟ ﺬي إذا ﺟﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻷرض ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ .‬وھﺬه ھﻲ اﻷدﻟﺔ ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ ﺣﯿ ﺚ‬

‫ﺗﻮﺟﮭﺖ‪ ،‬ﻓﺈذا أراد اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻧﺰل ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ « رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ رﺑﯿﻌﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﺒﱢﺢ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ‪،‬‬
‫وﯾﻮﻣﺊ إﯾﻤﺎ ًء ِﻗ َﺒ َﻞ أيﱠ وﺟ ٍﮫ ﺗﻮﺟﱠﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻨﻊ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ‪ -‬ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ‪ -‬رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‬

‫ﺟ ﮫ وﯾ ﻮﺗﺮ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻏﯿ ﺮ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ «‬ ‫‪ r‬ﯾﺴﺒﱢﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮاﺣﻠ ﺔ ﻗِﺒ َﻞ أ ﱢ‬
‫ي وﺟ ٍﮫ ﺗﻮ ﱠ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﺗﺪل ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﻓﺎرق ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ واﻟﺘﻄ ﻮع‪ ،‬ھ ﺬا اﻟﻔ ﺎرق‬
‫ﻋﺒﱢﺮ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﯿﺢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ب ‪ ،‬ج ‪ -‬ﯾﺼﺢ ﺗﺄدﯾﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ اﻟﺪاﺑ ﺔ‪،‬‬ ‫ھﻮ أن ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ‪ -‬و ُ‬
‫ﺑﯿﻨﻤ ﺎ ﯾﺘﻮﺟ ﺐ أداء اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ‪ ،‬وﻃﺒﻌ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ھﯿﺂﺗﮭ ﺎ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣ ﺔ‪» ،‬ﻓ ﺈذا أراد اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‬
‫ﻧﺰل« »وﻟﻢ ﯾﻜﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻨﻊ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« »ﻏﯿ ﺮ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ‪ -‬أي‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ ‪ -‬اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ« وھﺬه ﻧﺼﻮص ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﻮﺿﻮح ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻻ ﺗ ﺆدﱠى إﻻ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻻ ﯾُﺸﺮع أداؤھﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ اﻟﺪاﺑﺔ ‪.‬‬

‫وﺣﯿﺚ أن اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ اﻟﺪاﺑﺔ واﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺷﺊ واﺣﺪ وﻓﻌﻞ واﺣ ﺪ‪ ،‬ﻷن ﻛ ﻼ‬
‫اﻟﻔﻌﻠﯿﻦ ﺟﻠﻮس اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪﺗﮫ وﺗﺮك رﺟﻠﯿﮫ ﺗﺘﺪﻟﯿﺎن إﻟﻰ أﺳﻔﻞ‪ ،‬ﻓﺈن ھﺬﯾﻦ اﻟﻔﻌﻠ ﯿﻦ ﯾ ﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ واﺣﺪ‪ ،‬وأن ﻣﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ أﺣﺪھﻤﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ھﻮ اﻟﺠﻮاز‬
‫واﻹﺑﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أراد أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺗﻄﻮﻋ ًﺎ وﻧﺎﻓﻠ ًﺔ ﺟ ﺎز ﻟ ﮫ ذﻟ ﻚ وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟﺎز ﻟﮫ ذﻟﻚ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ داﺑﺔ ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼﺗﮫ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬
‫ﻣﺘﻘﺒﱠﻠﺔ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ أو اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻠﻢ ﯾُﺸﺮع أداؤھﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ اﻟﺪاﺑﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺸﺮع أداؤھﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻜﺮﺳﻲ‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﻌﻠﯿﻦ ﻓﻌﻞ واﺣﺪ ﻓﻲ واﻗﻌﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﺮو أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ أﺑﺪًا وھﻮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ داﺑﺘﮫ‪ ،‬أو وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺟﺎءت اﻟﻨﺼﻮص ﺗ ﺬﻛﺮ ﻓﻘ ﻂ أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟ ﺴﻼم ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ داﺑﺘ ﮫ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وﻟ ﯿﺲ ذﻟ ﻚ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺬﻛﺮ ھ ﺬه‬
‫ﺐ داﺑﺘ ﮫ ﻧ ﺰل ﻋﻨﮭ ﺎ وﺻ ﻼھﺎ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﻨ ﺼﻮص أﻧ ﮫ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا أراد أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ وھ ﻮ راﻛ ٌ‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﺗﺼﺢ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ اﻟﺪاﺑﺔ ﻷدﱠاھﺎ وﻟﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﻟﯿ ﺪل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪296‬‬
‫اﻟﺠﻮاز‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬واﻟﺘ ﺰم ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﻣ ﺮة ﺑ ﺄداء اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ‬
‫دﻟﯿﻞ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗُﺆدﱠى ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﺤﺴﺐ ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ اﻟﺪاﺑ ﺔ ﻛ ﺎﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ وأﻋﻄﯿﻨﺎھﻤ ﺎ ﺣﻜﻤ ﺎً واﺣ ﺪًا‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻣﺮﱠ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ رواه ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ أﻧﺲ ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬أﻧ ﮫ ذﻛ ﺮ أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ارﻛﺒ ﻮا ھ ﺬه اﻟ ﺪواب ﺳ ﺎﻟﻤ ًﺔ واﺑﺘ ﺪﻋﻮھﺎ ﺳ ﺎﻟﻤﺔً ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﺨ ﺬوھﺎ ﻛﺮاﺳ ﻲ« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻣﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺑﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻷﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ »إرﻛﺒﻮھ ﺎ ﺳ ﺎﻟﻤﺔ‬
‫ودﻋﻮھﺎ ﺳﺎﻟﻤﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﺨﺬوھﺎ ﻛﺮاﺳﻲ ﻷﺣ ﺎدﯾﺜﻜﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻄ ﺮق واﻷﺳ ﻮاق ‪ «...‬ﻓﻘ ﺪ ذﻛ ﺮ ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬أن رﻛ ﻮب اﻟﺪاﺑ ﺔ ھ ﻮ اﺗﺨﺎذھ ﺎ ﻛﺮﺳ ﯿﺎً‪ ،‬وأن اﻟﺠﻠ ﻮس ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﻮر اﻟ ﺪواب ھ ﻮ ﺟﻠ ﻮس ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻜﺮاﺳﻲ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻟﻨﺎ واﻗﻌﯿﺎً وﺷﺮﻋﯿﺎً أن رﻛﻮب اﻟﺪواب واﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮاﺳ ﻲ ﻓﻌ ﻞ‬
‫واﺣﺪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻟﻨﺎ أن ﻣﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ أﺣﺪھﻤﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ دون أي ﻓ ﺎرق‪ ،‬وأن‬
‫ﺣﻜﻢ أﺣﺪھﻤﺎ ھﻮ ﺣﻜﻢ اﻵﺧﺮ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻼﺻﺔ ھﻲ أن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ ﺟ ﺎﺋﺰة وﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻓﻘ ﻂ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع‪ ،‬وﻏﯿ ﺮ‬

‫ﺟﺎﺋﺰة وﻏﯿﺮ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ﻋ ﺎمﱞ ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻠﯿﻢ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن اﻟﺴﻠﯿﻢ ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﺈن اﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﯾﺘﻮﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض‪.‬‬

‫وﻧﻘ ﻒ ھﻨ ﺎ وﻗﻔ ﺔ ﻋﻨ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬إن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮﯾﺾ أن ﯾﻤ ﱢﻜ ﻦ ﺟﺒﮭ َﺘ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻷرض ﻓﻲ ﺳﺠﻮده‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ واﻗﻔًﺎ ﻛﺎﻟﺴﻠﯿﻢ أو ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ إن ﻛ ﺎن ﻻ ﯾﻘ ﻮى ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﻗ ﻮف‪ ،‬إﻻ‬
‫ن ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ ھﺬا اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﯿﻮﻣﺊ ﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ إﯾﻤﺎ ًء ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺗﺠﺪوﻧﮫ‬ ‫أْ‬
‫ﻣﻔﺼﱠﻼً ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺻﻼة اﻟﻤﺮﯾﺾ [ ﻓﻲ ]اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﺷﺮ [ ﻓﻼ ﻧﻌﯿﺪ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺮﯾﺾ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ أﺣﻮاﻟ ﮫ إن ﻛ ﺎن ﻗ ﺎدرًا ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻻ‬

‫ﻋ ﺬر ﻟ ﮫ ﺑﺘ ﺮك اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻷرض إﻻ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻋ ﺪم ﺗﻤ ﱡﻜِﻨ ِﮫ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﺑ ﺪون ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﺐ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺮك اﻟﺴﺠﻮد وﻟﻢ ﯾُﺆدﱢه ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻠ ﺖ ﺻ ﻼﺗﮫ إﻻ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻣﻄﺎَﻟ ٌ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺠﺰه ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ‪.‬‬

‫وھﻨ ﺎ ﻧﻘ ﻮل ﺑﺨ ﺼﻮص ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪:‬ھ ﺬا اﻟﻤ ﺮﯾﺾ اﻟﺠ ﺎﻟﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻈ ُﺮ ﻓﯿ ﮫ ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻓ ﻲ أﯾ ﺔ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﻣ ﻦ‬ ‫اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﯾُﻨ َ‬
‫ﻛﯿﻔﯿ ﺎت اﻟﺠﻠ ﻮس ﻛ ﺎﻟﺠﻠﻮس ﻣﺘﺮﺑﻌ ﺎً أو ﻣﻔﺘﺮﺷ ﺎً أو ﻣﺘﻮرﱢﻛ ﺎً ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻌ ﺬر ﺑﺘ ﺮك اﻟ ﺴﺠﻮد ﻣﻄﻠﻘ ﺎً ‪،‬‬
‫وﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ ﻻ ﺗﺼﺢ ﺻﻼﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻷن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻓﯿﮭﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻷرض‪ ،‬ﻓﺼﻼﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺗﺤﻮل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ أداء اﻟ ﺴﺠﻮد اﻟﻮاﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ واﻟﻘ ﺎدر ﻋﻠﯿ ﮫ‪ .‬أﻣ ﺎ إن‬
‫ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﻻ ﯾﻘ ﻮى ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻣﻄﻠﻘ ﺎً ﻣﮭﻤ ﺎ ﺣ ﺎول ذﻟ ﻚ واﺗﺨ ﺬ أوﺿ ﺎﻋًﺎ ﻋ ﺪة‬
‫ﻞ‬
‫ﺤْ‬‫ﻟﺠﻠﻮﺳﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪھﺎ‪ ،‬وﻋﻨﺪھﺎ ﻓﻘﻂ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ‪ ،‬ﻷن ﺻﻼﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻟﻢ ﺗ ُ‬
‫دون ﻗﯿﺎﻣﮫ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾَﻌُ ْﺪ ﯾﻘ ﻮى ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ رﺧ ﺼﺔ ﻟ ﮫ أرﺟ ﻮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن‬
‫ﯾﻘﺒﻠﮭﺎ ﻣﻨﮫ ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ‬

‫ھﺬه اﻟﻤﻮاﺿﻊ ھﻲ اﻟﻤﻘﺒ ﺮة‪ ،‬واﻟﺤ ﱠﻤ ﺎم‪ ،‬واﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﻨﺠﺲ ﻛﺎﻟﻤﺮﺣ ﺎض واﻟﻤﺰﺑﻠ ﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﺬي‬
‫ﻓﯿ ﮫ ﺗﻤﺎﺛﯿ ﻞُ ﻷُﻧ ﺎسٍ أو ﺣﯿﻮاﻧ ﺎت‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟ ﺬي ﺑُﻨ ﻲ ﻟﻺﺿ ﺮار ﺑﺎﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ وﺑﺎﻹﺳ ﻼم ﻛﻤ ﺴﺠﺪ‬

‫‪297‬‬
‫اﻟﻀﱢﺮار‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ ﻻ ﺗﺤ ﺮم اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﺮﺛ ﺪ أﻟ َﻐ َﻨ ﻮي رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻻ ﺗﺼﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻘﺒ ﻮر وﻻ ﺗﺠﻠ ﺴﻮا ﻋﻠﯿﮭ ﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ‬ ‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌ ُ‬
‫داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» :r‬اﻷرض‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ ،‬ورواه اﻟ ﺪارﻣﻲ وزاد‬ ‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﺑ ﻦ ُ‬ ‫ﻛﻠﱡﮭﺎ ﻣﺴﺠﺪ إﻻ اﻟﺤﻤﱠ ﺎم واﻟﻤﻘﺒ ﺮة« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫»ﻗﯿ ﻞ ﻷﺑ ﻲ ﻣﺤﻤ ﺪ‪ :‬ﺗﺠ ﺰئ اﻟ ﺼﻼ ُة ﻓ ﻲ اﻟﻤﻘﺒ ﺮة؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬إذا ﻟ ﻢ ﺗﻜ ﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﺒ ﺮ ﻓ ﻨﻌﻢ«‪ .‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري » ورأى ﻋﻤﺮ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻨ ﺪ ﻗﺒ ﺮ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻘﺒ َﺮ اﻟﻘﺒ ﺮَ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮه‬
‫ﺑﺎﻹﻋﺎدة«‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﻃﻠﺤﺔ ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‬
‫»ﻻ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﯿﺘ ًﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻛﻠ ﺐ وﻻ ﺻ ﻮرة ﺗﻤﺎﺛﯿ ﻞ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وروى اﻟﺒﺨ ﺎري »ﻛ ﺎن اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﯿﻌﺔ إﻻ ﺑﯿﻌ ًﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﻤﺎﺛﯿﻞ«‪ .‬واﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻷﺻﻨﺎم ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒ ﺎرة ﻋ ﻦ ﺗﻤﺎﺛﯿ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 52‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﻧﺒﯿ ﺎء‪ .‬وﻗ ﺪ ﻛﺜ ﺮت اﻟﺘﻤﺎﺛﯿ ﻞ‬ ‫ﻋ ﺎ ِﻛﻔُﻮ َ‬‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﻣَﺎ َھ ِﺬ ِه اﻟﺘﱠﻤَﺎ ِﺛ ْﯿﻞُ اﻟﺘﻲ َأ ْﻧﺘُ ْﻢ ﻟﮭَﺎ َ‬
‫ف اﺳ ﺘﻘﺒﺎل ﺿ ﯿﻮﻓﮭﻢ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﺠﻌ ﻞ‬ ‫ت ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ‪ ،‬وﻏﺮ َ‬ ‫ﻓﻲ ﺑﯿﻮت اﻟﻤُﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ زﻣﻨﻨﺎ ھﺬا زﯾﱠﻨﻮا ﺑﮭﺎ ﺻﺎﻻ ِ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﯿﻮت ﺣﺮاﻣﺎً‪ ،‬دون أن ﯾﺘﻨﺒﱠﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺬﻧﺐ اﻟﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ]واﻟ ِﺬ ْﯾﻦَ‬
‫ﻦ َﻗ ْﺒ ﻞُ‬
‫ﺳ ﻮ َﻟﮫُ ِﻣ ْ‬
‫ﷲ و َر َ‬
‫با َ‬
‫ﺣ ﺎ َر َ‬
‫ﻦ َ‬‫ﺻ ﺎ َدًا ِﻟ َﻤ ْ‬
‫ﻦ وإ ْر َ‬ ‫ﺿﺮَا َرًا وﻛُ ْﻔ َﺮًا و َﺗ ْﻔ ِﺮ ْﯾ َﻘ ًﺎ ﺑ ﯿَﻦ اﻟﻤُ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬
‫ﺠ َﺪًا ِ‬ ‫ﺴِ‬‫ﺨﺬُوا َﻣ ْ‬ ‫اﺗﱠ َ‬
‫ن‪ .‬ﻻ َﺗﻘُ ْﻢ ِﻓ ْﯿ ِﮫ َأ َﺑ َﺪًا ‪ [...‬اﻵﯾﺘ ﺎن ‪108 ، 107‬‬ ‫ﺸ َﮭ ُﺪ إ ﱠﻧ ُﮭﻢْ َﻟﻜَﺎذِﺑُ ْﻮ َ‬
‫ﷲ َﯾ ْ‬‫ﺴﻨَﻰ وا ُ‬ ‫ﺤ ْ‬ ‫و َﻟ َﯿﺤْ ِﻠ ُﻔﻦﱠ إنْ َأ َر ْدﻧَﺎ إﻻ اﻟ ُ‬
‫ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ .‬ﻓﻤﺴﺠﺪ اﻟﻀﱢﺮار ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﺠﺪ ﺑُﻨﻲ ﻟﻐﯿﺮ وﺟ ﮫ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣﺜ ﻞ أن ﯾُﻘ ﺼَ َﺪ‬
‫ﻣﻦ ﺑﻨﺎﺋﮫ اﻹﺿﺮا ُر ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬واﺗﺨﺎذُه ﻣﺮﻛﺰًا ﻟﻠﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ أو ﻋﻠ ﻰ دﯾ ﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻻ ﯾﻜﻔ ﻲ‬
‫ﻋﺪم اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾُﮭﺪم وﯾُﻨﻘﺾ ﻣﻦ أﺳﺎﺳﮫ‪ .‬أﻣﺎ ﺣﺮﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﻨﺠﺲ ﻓﻤﻌﻠﻮﻣ ٌﺔ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬وﯾﻤﻜ ﻦ ﻣﺮاﺟﻌ ﺔ اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺼﻞ‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮم ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة وﻻ ﺗﺠﻮز ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن ﺻﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ أﺣ ﺪ‬
‫ﺺ ﯾﻌﺘﺒﺮھ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ي ﻣﻨﮭ ﺎ ﻧ ﱞ‬
‫ھﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ ﺻﺤﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻹﺛﻢ وﻻ إﻋﺎدة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ َﯾ ﺮِد ﻓ ﻲ أ ﱟ‬
‫ﻣﺒﻄﻼت اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮاﺿﻊُ اﻟﺘﻲ ﺗُﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة‬

‫ھﻲ أرﺑﻌﺔ ﻣﻮاﺿﻊ‪:‬‬

‫أ ـ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻓﯿ ﮫ إﻟﮭ ﺎ ٌء وإﺷ ﻐﺎلٌ ﻟﻠﻤ ﺼﻠﱢﻲ‪ :‬ﻛﺄﻣ ﺎﻛﻦ اﻟﻠﮭ ﻮ واﻟﻠﻌ ﺐ‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﺎﻛﻦ ذات اﻟﺮﺳ ﻮﻣﺎت‬
‫واﻟﻨﻘﻮش‪ ،‬واﻟﻄﺮق اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬واﻷﺳﻮاق اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ وﻏﯿﺮھﺎ‪.‬‬

‫ب ـ ﻣﻌﺎﻃﻦ اﻹﺑﻞ‪.‬‬

‫ج ـ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻮاري وأﻋﻤﺪة اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪.‬‬

‫د ـ اﻟﻤﻜﺎن اﻟ ُﻤﻮَﻃﱠﻦ ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻷرﺑﻌﺔ ﺗُﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬دون أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺤُﺮﻣﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻛﺮاھﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻓﯿﮫ إﻟﮭﺎ ٌء وإﺷﻐﺎلٌ ﻟﻠﻤﺼﻠﱢﻲ ﻓﻠِﻤﺎ روى ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻗﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﻤﯿﺼ ٍﺔ ذاتِ أَﻋﻼم‪ ،‬ﻓﻨﻈﺮ إﻟ ﻰ َ‬
‫ﻋﻠَﻤﮭ ﺎ‪،‬‬

‫‪298‬‬
‫ﺣﺬَﯾﻔﺔ‪ ،‬واﺋﺘﻮﻧﻲ ﺑ َﺄ ْﻧ ِﺒﺠَﺎ ِﻧﯿﱠﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﻗﺎل‪ :‬اذھﺒﻮا ﺑﮭﺬه اﻟﺨﻤﯿﺼﺔ إﻟﻰ أﺑﻲ ﺟﮭﻢ اﺑﻦ ُ‬
‫أﻟﮭﺘﻨﻲ آﻧﻔ ًﺎ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻲ«‪ .‬واﻷﻧﺒِﺠﺎﻧِﯿﱠﺔ‪ :‬ھﻲ ﻛﺴﺎء ﻏﻠﯿﻆ ﻻ رﺳﻮم ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﺮاھﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻃﻦ اﻹﺑﻞ ﻓﻠِﻌﻠﱠﺔ ﺧﻮف اﻷذى وﻟﺤﻮق اﻟ ﻀﺮر ﺑﺎﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ ﺷ ﺮور‬
‫اﻹﺑﻞ ‪ ،‬ﻷن ﻣَﻦ ﯾﺼﻠﻲ ﺑﯿﻦ اﻹﺑﻞ ﺗﺒﻘ ﻰ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻣﺘ ﻮﺗﺮة ﺧﺎﺋﻔ ﺔ ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺆﺛﱢﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺨ ﺸﻮع واﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ُﻣ َﻐﻔﱠﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻻ ﺗُﺼﻠﱡﻮا ﻓ ﻲ ﻋﻄ ﻦ اﻹﺑ ﻞ‬
‫ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ ﺧُﻠﻘ ﺖ‪ ،‬أﻻَ ﺗ ﺮون ﻋﯿﻮﻧﮭ ﺎ وھِﺒﺎﺑﮭ ﺎ إذا ﻧﻔ ﺮت؟ وﺻ ﻠﻮا ﻓ ﻲ ُﻣ ﺮاح اﻟﻐ ﻨﻢ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ھ ﻲ‬
‫أﻗﺮب ﻣ ﻦ اﻟﺮﺣﻤ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ھِﺒﺎﺑﮭ ﺎ‪ :‬أي ﻧ ﺸﺎﻃﮭﺎ وﻛﺜ ﺮة ﺣﺮﻛﺘﮭ ﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻠ ﺔ ھ ﻲ‬
‫اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻧﻔﻮر اﻹﺑﻞ وﻣﺎ ﯾﺴﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ إﯾﺬاء اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﺮاھﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑ ﯿﻦ اﻷﻋﻤ ﺪة ﻓﻠِﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺤﻤﯿ ﺪ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﻮد أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺪُﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻮاري‪ ،‬ﻓﺘﻘ ﺪﻣﻨﺎ أو ﺗﺄﺧﺮﻧ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل أﻧ ﺲ‪ :‬ﻛﻨ ﺎ‬
‫ﻧﺘﱠﻘﻲ ھﺬا ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﯿﻨﺎ ﺧﻠﻒ أﻣﯿﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻷﻣﺮاء‪ ،‬ﻓﺎﺿﻄﺮﻧﺎ اﻟﻨﺎسُ ‪ ،‬ﻓﺼﻠﯿﻨﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺎرﯾﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻗﺎل أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬ﻛﻨ ﺎ ﻧﺘﱠﻘ ﻲ‬
‫‪ «...‬وﻟِﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ ُﻗﺮﱠة ﻋﻦ أﺑﯿﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧُﻨﮭَﻰ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻮاري‪ ،‬وﻧُﻄﺮد‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ ﻃﺮداً« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫وھﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﺧ ﺎص ﺑ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻓﺠ ﺎﺋﺰة ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﻮاري دون ﻛﺮاھ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »دﺧ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬وأﺳ ﺎﻣﺔ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ وﻋﺜﻤ ﺎن اﺑ ﻦ ﻃﻠﺤ ﺔ‬
‫وﺑﻼل‪ ،‬ﻓﺄﻃﺎل ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج‪ ،‬وﻛﻨ ﺖ أول اﻟﻨ ﺎس دﺧ ﻞ ﻋﻠ ﻰ َأﺛَ ِﺮهِ‪ ،‬ﻓ ﺴﺄﻟﺖ ﺑ ﻼ ًﻻ‪ :‬أﯾ ﻦ ﺻ ﻠﻰ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻌﻤﻮدﯾﻦ اﻟ ُﻤ َﻘ ﱠﺪﻣَﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻦ واﺣﺪٍ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ دون ﻏﯿﺮه ﻟﻠﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﻓﻤﻜﺮوه‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟِﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬ ‫وأﻣﺎ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮﻃ ٍ‬
‫اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﺷ ﺒﻞ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ُﯾ َﻮﻃﱢﻦ اﻟﺮﺟ ﻞ اﻟﻤﻜ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﻮﻃﱢﻦ‬
‫اﻟﺒﻌﯿﺮ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﻠﻔﻆ »إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻋ ﻦ‬
‫ﺴﺒُﻊ‪ ،‬وأن ﯾﻮﻃﱢﻦ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﻘﺎم اﻟﻮاﺣﺪ ﻛﺈﯾﻄﺎن اﻟﺒﻌﯿﺮ «‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ َﻧ ْﻘ ﺮ‬
‫ﺛﻼث‪َ :‬ﻧﻘْﺮ اﻟﻐﺮاب‪ ،‬واﻓﺘﺮاش اﻟ ﱠ‬
‫اﻟﻐﺮاب‪ :‬ھﻮ ﻛﻨﺎﯾ ﺔ ﻋ ﻦ ﺗﺨﻔﯿ ﻒ اﻟ ﺴﺠﻮد واﻹﺳ ﺮاع ﻓﯿ ﮫ‪ .‬وﻣﻌﻨ ﻰ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓﺮﺷ ﺔ اﻟ ﺴﺒُﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ‬
‫ﻂ اﻟﻤﺼﻠﻲ ذراﻋﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد وﻻ‬ ‫ﻣﺎﺟﺔ واﻓﺘﺮاش اﻟﺴﺒُﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺣﻤﺪ‪ :‬ھﻮ أن ﯾﺒﺴُ َ‬
‫ﯾﺮﻓﻌﮭﻤ ﺎ ﻛﻔﻌ ﻞ اﻟﻜﻠ ﺐ واﻟ ﺬﺋﺐ‪ .‬وﻣﻌﻨ ﻰ أن ﯾ ﻮﻃﱢﻦ اﻟﺮﺟ ﻞ اﻟﻤﻘ ﺎم اﻟﻮاﺣ ﺪ‪ :‬ھ ﻮ أن ﯾﺘﺨ ﺬ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ك واﺣﺪ ﻻ ﯾﻐﯿﱢﺮه‪.‬‬
‫ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ ﻣﻌﯿﻨًﺎ ﯾﺼﻠﻲ ﻓـﯿﮫ دون ﻏﯿﺮه‪،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻞ اﻟﺒﻌﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﯾﺒﺮك إﻻ ﻓﻲ ﻣﺒﺮ ٍ‬

‫وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻟﻠﻜﺮاھﺔ دون اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ھﻮ ﻣﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺔ ﺑ ﻦ اﻷﻛ ﻮع »أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﺳُﺒﺤﺔ اﻟﻀﺤﻰ‪ ،‬ﻓﯿﻌﻤ ﺪ إﻟ ﻰ اﻻﺳ ﻄﻮاﻧﺔ دون اﻟﻤ ﺼﺤﻒ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل ﻟ ﮫ ـ‬
‫اﻟﺮاوي ﻋﻨﮫ ـ ‪َ :‬أ َﻻ ﺗﺼﻠﻲ ھﺎ ھﻨﺎ؟ وأﺷﯿﺮ إﻟﻰ ﺑﻌ ﺾ ﻧ ﻮاﺣﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﻮل‪ :‬إﻧ ﻲ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺘﺤﺮﱠى ھﺬا اﻟﻤﻘﺎم« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺘﺤﺮى ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ ﯾﺼﺮف‬
‫اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻃﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﺮاھﺔ‪.‬‬

‫ﺣُﺮﻣ ُﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺒﻮر ﻣﺴﺎﺟﺪ‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ[ إن اﻟﻤﻘﺒﺮة ﻻ ﺗﺠﻮز ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻧﺮﯾ ﺪ‬
‫ھﻨﺎ أن ﻧﻔﺼﱢﻞ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺨﻄﯿﺮ اﻟﺬي ﺗﺠﺎوز ﻓﯿﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻛ ﻞ ﺣ ﺪﱟ‪ ،‬ﻓ َﺒ َﻨ ﻮْا‬

‫‪299‬‬
‫ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺒﻮر‪ ،‬وﺻﺎروا ﯾﺘﻮﺳﱠﻠﻮن إﻟ ﻰ اﷲ ﺑﺄﺻ ﺤﺎﺑﮭﺎ ﻓ ﻲ أدﻋﯿ ﺘﮭﻢ‪ ،‬وﯾﻘﯿﻤ ﻮن ﺣﻮﻟﮭ ﺎ اﻟﻄﻘ ﻮس‬
‫اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ ﻓﻨﻘﻮل‪:‬‬

‫ھﻨﺎﻟﻚ ﻓﺎرق ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮة‪ ،‬وﺑﯿﻦ َﻣ ﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن ﻓﯿ ﮫ ﻗﺒ ﺮ أو ﻋ ﺪة ﻗﺒ ﻮر ﻣ ﻦ‬

‫أﺟ ﻞ ھ ﺬا اﻟﻘﺒ ﺮ أو اﻟﻘﺒ ﻮر ﻇﻨ ﺎً ﻣﻨ ﮫ أن اﻟ ﺼــﻼة ھﻨـ ـﺎك أﻓ ﻀﻞ وأﻋﻈ ﻢ ﺑﺮﻛـ ـﺔ وأَدﻋـ ـَﻰ ﻟﻠﻘﺒ ﻮل‬
‫واﻻﺳ ﺘﺠﺎﺑﺔ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن اﻟ ﺼــﻼة ﻓـ ـﻲ اﻟﻤﻘﺒ ﺮة ﺣـ ـﺮام ‪ -‬وﻧﻌﻨ ﻲ ﺑ ﺎﻟﻤﻘﺒﺮة اﻷرض اﻟﻤﺨﺼ ﺼﺔ ﻟ ﺪﻓﻦ‬
‫اﻟﻤﻮﺗﻰ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻷرض اﻟﺘﻲ دﻓﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﯿﺖ أو اﺛﻨﺎن وﺑﻘﯿﺖ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺷﺄن اﻟﺪﻓﻦ ﻣ ﻦ زراﻋ ﺔ‬
‫وﺑﻨﺎء وﻋﻤﺮان ﻓﮭﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻘﺒﺮة‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﺼﻼة ﺗ ﺼﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ وﻻ ﺗﺤ ﺮم‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﻜ ﺎن اﻟﻤﺨ ﺼﺺ‬
‫ﻟﺪﻓـ ـﻦ اﻟﻤ ﻮﺗﻰ ودُﻓـ ـﻦ ﻓﯿ ﮫ أﻣ ـﻮات ﺑﺎﻟﻔﻌـ ـﻞ ھ ﻮ اﻟﻤﻘﺒ ﺮة ﺑﻐ ـﺾ اﻟﻨﻈـ ـﺮ ﻋ ـﻦ ﻛﺜ ﺮة اﻟﻘﺒ ﻮر ﻓﯿﮭ ﺎ أو‬
‫ﻗﱠﻠﺘِﮭـﺎ ‪ -‬ﻧﻌﻢ إن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺒﺮة ﺣﺮام‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻮن اﻟﻤﺼﻠﻲ ﯾﺼﻠﻲ ﻓ ﻮق اﻟﻘﺒ ﺮ أو ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺒﺮة ﻻ ﻗﺒﻮر ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ داﻣﺖ ﻣﻘﺒﺮة وﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ اﻟﻤﻘﺒﺮة‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺒﺮ ﻟﺬات اﻟﻘﺒﺮ رﺟﺎء ﻧﻮال ﺑﺮﻛﺘﮫ أو اﺗﺨﺎذه ﻣﺴﺠﺪًا ﻓﺎﻟﺤﺮﻣ ﺔ أﻋﻈ ﻢ واﻟ ﺬﻧﺐ‬
‫ﺲ وھ ﻮ ﯾﻘ ﻮل » ‪ ...‬إنﱠ‬ ‫أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟُﻨﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻤ ﻮت ﺑﺨﻤ ٍ‬
‫ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺘﺨ ﺬون ﻗﺒ ﻮر أﻧﺒﯿ ﺎﺋﮭﻢ وﺻ ﺎﻟﺤﯿﮭﻢ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬أﻻ ﻓ ﻼ ﺗﺘﱠﺨ ﺬوا اﻟﻘﺒ ﻮر ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪،‬‬
‫إﻧﻲ أﻧﮭﺎﻛﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗ ﺎﻻ »ﻟﻤ ﺎ ﻧﺰﻟ ﺖ ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻃﻔ ﻖ ﯾﻄ ﺮح ﺧﻤﯿ ﺼﺔ ﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻏ ﺘ ﱠﻢ ﻛ ﺸﻔﮭﺎ ﻋ ـﻦ‬
‫وﺟﮭﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎل وھﻮ ﻛﺬﻟﻚ‪ :‬ﻟﻌﻨ ُﺔ اﷲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿﮭ ﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى اﺗﺨ ﺬوا ﻗﺒ ﻮر أﻧﺒﯿ ﺎﺋﮭﻢ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﯾُﺤ ﺬﱢر‬
‫ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮا« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻤﻌﻨﺎه‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪» :r‬ﻗﺎﺗﻞ اﷲ اﻟﯿﮭﻮد‪ ،‬اﺗﺨﺬوا ﻗﺒﻮر أﻧﺒﯿﺎﺋﮭﻢ ﻣﺴﺎﺟﺪ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى‬
‫ﻟﻤ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة »ﻟﻌ ﻦ اﷲ اﻟﯿﮭ ﻮد واﻟﻨ ﺼﺎرى اﺗﺨ ﺬوا ﻗﺒ ﻮر أﻧﺒﯿ ﺎﺋﮭﻢ‬
‫ﻣﺴﺎﺟﺪ«‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﻌﻦ اﷲ ﻗﻮﻣ ًﺎ اﺗﺨﺬوا ﻗﺒ ﻮر أﻧﺒﯿ ﺎﺋﮭﻢ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﻠﮭ ﻢ ﻻ‬ ‫ﻣﺴﺎﺟﺪ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺗﺠﻌﻞ ﻗﺒ ﺮي وﺛﻨ ًﺎ ﯾُﻌﺒ ﺪ ‪ ،‬اﺷﺘ ـ ﱠﺪ ﻏ ﻀﺐ اﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻮم اﺗﺨ ﺬوا ﻗﺒ ﻮر أﻧﺒﯿ ﺎﺋﮭﻢ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ﺑﺴﻨﺪ ﺳﻘﻂ ﻣﻨﮫ اﺳﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﺳﻘﻮط اﺳﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﯾﻀ ﱡﺮ ﻷﻧﮭ ﻢ ﻛﻠﱠﮭ ﻢ ﻋ ﺪول‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ‪-‬‬
‫ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ‪ -‬رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إن ﻣِﻦ ﺷﺮار اﻟﻨﺎس ﻣَﻦ ﺗﺪرﻛﮭﻢ اﻟﺴﺎﻋﺔ وھﻢ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﻧﮭ ﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻋ ﻦ‬ ‫أﺣﯿﺎء‪ ،‬وﻣَﻦ ﯾﺘﺨﺬ اﻟﻘﺒﻮر ﻣﺴﺎﺟﺪ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺒﻮر ﻣﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬أي أﻣﺎﻛﻦ ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وذم ﻣ ﻦ ﯾﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ‪ ،‬وﻗ ﺎل ]ﻟﻌﻨ ﺔ اﷲ[‪] ،‬ﻗﺎﺗ ﻞ اﷲ[ ]ﻟﻌ ﻦ‬
‫ﺐ اﷲ[ ‪] ،‬إن ﻣﻦ ﺷ ﺮار اﻟﻨ ﺎس[‪ ،‬وھ ﺬه أﺑﻠ ﻎ ﺻ ﯿ ٍﻎ ﻣﻤﻜﻨ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻨﮭ ﻲ واﻟ ﺬم‪ ،‬وﻓ ﻲ‬ ‫اﷲ[‪] ،‬اﺷﺘﺪ ﻏﻀ ُ‬
‫اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ .‬وھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﻌﺪﯾﺪة اﻟﺸﺪﯾﺪة اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮭﺎ وھ ﺬا اﻟﺘﻐﻠ ﯿﻆ ﻓ ﻲ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ ﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻞ إﻟﯿﮭ ﺎ اﻟﻨﮭ ﻲ‬
‫ﺢ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺎرق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ .‬ﻓﻜﻞ ﻣﺴﺠﺪ ﺑُﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺒ ﺮ ﻧﺒ ﻲ أو ﻗﺒ ِﺮ ﺻ ﺎﻟ ٍ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺔ وأﺋﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ اﻟﻘﺒ ﺮ ﻻ ﺗﺠ ﻮز اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﺠ ﺐ ھﺪﻣ ﮫ ﻣﺜﻠ ﮫ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺴﺠﺪ اﻟ ﻀﱢﺮار‪،‬‬
‫واﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﺗﺠﻌ ﻞ ﻗﺒ ﺮي وﺛﻨ ﺎً ﯾُﻌﺒ ﺪ«‪ .‬ﻓﻔﯿ ﮫ إﺷ ـﺎرة إﻟ ﻰ اﻟﻮﺛﻨﯿ ﺔ‬
‫ﻞ ﺑﮭ ﺎ‬
‫ﺳ ِ‬‫ﺢ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗﻮ ﱡ‬
‫اﻟﻤﺘﱠﺨَ ﺬة ﺣﯿ ﺎل ھ ﺬه اﻟﻘﺒ ﻮر‪ ،‬ﻣ ﻦ ﻃ ﻮافٍ ﺣﻮﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗﻘ ﺪﯾ ٍﻢ ﻟﻸﻣ ﻮال ﻋﻨ ﺪھﺎ‪ ،‬وﺗﻤ ﺴﱡ ِ‬
‫وﻋﻨﺪھﺎ‪ ،‬إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ‪.‬‬

‫وﻛﺄﻣﺜﻠ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟﻘﺒ ﻮر‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺑُﻨ ﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪ :‬اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻹﺑﺮاھﯿﻤ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺨﻠﯿ ﻞ‪،‬‬
‫وﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻏﻮر اﻷردن وﻓﻲ ﻣُﺆﺗ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺴﺎﺟﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺎھﺮة‪ ،‬وﻣ ﺴﺎﺟﺪ ﻛﺜﯿ ﺮة ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺮاق‬
‫وإﯾ ﺮان‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﻻ ﺗﺤ ﱡﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﯾﺠ ﺐ ھ ﺪﻣﮭﺎ أو ﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ﻞ إﻏﻼﻗﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗﺨﻠ ﯿﺺ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺘﮭﺎ‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫وﻛﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﺨ ﺼﻮص ﻣ ﺴﺠﺪ اﻟ ﻀﱢﺮار واﻟﻤﻘﺒ ﺮة واﻟﺤﻤ ﺎم واﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﻨﺠﺲ واﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﺬي ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺗﻤﺎﺛﯿﻞ‪ ،‬ﻧﻘﻮل ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﺒ ﻮر‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﻣ ﺎﻛﻦ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗﺤ ﺮم اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮭﺎ ﺻﺤﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻹﺛﻢ‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻹﻋﺎدة‪ ،‬ﯾﺮاﺟ ﻊ ﺻ ﺪر اﻟﺒﺤ ﺚ ]اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﻻ ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ [ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ‪.‬‬

‫ﺗﺤﻮﯾ ُﻞ ﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﻜﻔﺎر وﻣﻘﺎﺑﺮھﻢ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺟﺪ‬

‫ﯾﺠﻮز ﺗﺤﻮﯾﻞ ﻛﻨﺎﺋﺲ اﻟﻨﺼﺎرى و ِﺑﯿَﻊ اﻟﯿﮭﻮد وﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﮭِﻨﺪوس وﺳﺎﺋﺮ ﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﻜﻔﺎر إﻟﻰ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ‪،‬‬
‫ﺑﻌﺪ إزاﻟﺔ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻜﺮات‪ :‬ﻛﺎﻷﺻﻨﺎم واﻟﺘﻤﺎﺛﯿﻞ واﻟﺼﱡﻠﺒﺎن وﺷﻌﺎرات اﻟﻜﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ أﺑ ﻲ‬
‫اﻟﻌﺎص »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻣﺮه أن ﯾﺠﻌﻞ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻄﺎﺋﻒ ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻮاﻏﯿﺘﮭﻢ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﯾﺠﻮز ﺗﺤﻮﯾﻞ ﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﻜﻔ ﺎر إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ ﺑﻌ ﺪ ﻧﺒ ﺸﮭﺎ وﺗﻨﻈﯿﻔﮭ ﺎ ﻣ ﻦ رُﻓ ﺎﺗﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﻧ ﺲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ـ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣ ﺴﺠﺪه ﻋﻨ ﺪ ﻗﺪوﻣ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ـ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫»ﯾﺎ ﺑﻨﻲ اﻟﻨﺠﺎر ﺛﺎﻣِﻨﻮﻧﻲ ﺑﺤﺎﺋﻄﻜﻢ ھﺬا‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ واﷲ ﻻ ﻧﻄﻠﺐ ﺛﻤﻨﮫ إﻻ إﻟﻰ اﷲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﻧ ﺲ‪ :‬ﻓﻜ ﺎن‬
‫ﺧ َﺮبٌ‪ ،‬وﻓﯿﮫ ﻧﺨﻞ ﻓﺄﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻘﺒ ﻮر اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ ﻓﻨُﺒ ﺸﺖ‬ ‫ﻓﯿﮫ ﻣﺎ أﻗﻮل ﻟﻜﻢ ﻗﺒﻮر اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬وﻓﯿﮫ ِ‬
‫ﺴﻮﱢﯾﺖ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻨﺨ ﻞ ﻓﻘُﻄ ﻊ‪ ،‬ﻓ ﺼﻔﱡﻮا اﻟﻨﺨ ﻞ ﻗِﺒﻠ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﺟﻌﻠ ﻮا ﻋ ﻀﺎدﺗﯿﮫ اﻟﺤﺠ ﺎرة‪،‬‬ ‫ﺨﺮَب ﻓ ُ‬
‫ﺛﻢ ﺑﺎﻟ ِ‬
‫وﺟﻌﻠﻮا ﯾﻨﻘﻠﻮن اﻟﺼﺨﺮ وھﻢ ﯾﺮﺗﺠﺰون‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻜﻮن ھﺬا اﻟﺘﺤﻮﯾﻞ ﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﻜﻔﺎر ﺟﺒﺮًا ﻋﻨﮭﻢ وﺗﻌﺪﯾ ًﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق أھﻞ اﻟﺬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز ﺷﺮﻋًﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﻮز ذﻟﻚ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﯾُﺴﻠﻢ اﻟﻜﻔﺎر‪ ،‬أو ﯾﮭﺠﺮوا اﻟﻤﻌﺒﺪ‪ ،‬أو ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻗ ﺪ ﺑﻨ ﻮا ﻣﻌﺒ ﺪھﻢ‬
‫ﺧﻼف أﺣﻜﺎم أھﻞ اﻟﺬﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﯾﻘﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺑﺘﺤﻮﯾﻞ ھ ﺬا اﻟﻤﻌﺒ ﺪ إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺠﺪ‪ ،‬أو إﻟ ﻰ‬
‫أﯾﺔ داﺋﺮة ﻣﻦ دواﺋﺮ اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟـﺚ‬
‫اﻷذان‪ :‬ﺣﻜﻤُﮭﺎ وأﻟﻔﺎﻇُﮫ‬
‫ﻓﺮضُ اﻷذان وأﻟﻔﺎﻇُﮫ‬

‫‪301‬‬
‫ُﻓﺮِض اﻷذان ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﮭﺠﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺣﯿﻦ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﯾﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﯿﺘﺤﯿﱠﻨــﻮن اﻟﺼﻠــﻮات وﻟﯿﺲ ﯾﻨﺎدي ﺑﮭﺎ‬
‫أﺣﺪ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻠﻤﻮا ﯾﻮﻣ ًﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺑﻌﻀﮭﻢ‪ :‬ا ﱠﺗﺨِﺬوا ﻧﺎﻗﻮﺳ ًﺎ ﻣﺜﻞ ﻧ ﺎﻗﻮس اﻟﻨ ﺼﺎرى‪ ،‬وﻗ ﺎل ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‪:‬‬
‫ﻼ ﯾﻨ ﺎدي ﺑﺎﻟ ﺼﻼة؟ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﯾ ﺎ ﺑ ﻼل‬ ‫ﻗَﺮﻧﺎً ﻣﺜﻞ ﻗَﺮن اﻟﯿﮭﻮد‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ‪َ :‬أوَﻻ ﺗﺒﻌﺜﻮن رﺟ ً‬
‫ﻗ ﻢ ﻓﻨ ﺎ ِد ﺑﺎﻟ ﺼﻼة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻗ ﺪ رأى ﺻ ﯿﻐ َﺔ اﻷذان‬
‫ﻻ ﯾﻨ ﺎدي ﺑﮭ ﺎ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬‫ﺻﺤﺎﺑﺔُ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم ﻓﺄﻗﺮﱠھﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻣﺮ ﺑ ﻼ ً‬
‫ﺑﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ رﺑﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻤﺎ أﻣﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﻮس ِﻟﯿُ ﻀﺮَبَ ﺑ ﮫ ﻟﻠﻨ ﺎس ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺠﻤ ﻊ ﻟﻠ ﺼﻼة ‪ -‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ وھ ﻮ ﻛ ﺎره ﻟﻤﻮاﻓﻘﺘ ﮫ اﻟﻨ ﺼﺎرى ‪ -‬ﻃ ﺎف ﺑ ﻲ وأﻧ ﺎ ﻧ ﺎﺋﻢ رﺟ ﻞ ﯾﺤﻤ ﻞ‬
‫ﻧﺎﻗﻮﺳ ًﺎ ﻓﻲ ﯾﺪه‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬ﯾﺎ ﻋﺒﺪاﷲ أﺗﺒﯿﻊ اﻟﻨﺎﻗﻮس؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﮫ؟ ﻗﺎل ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﻧ ﺪﻋﻮ ﺑ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻓﻼ أدﻟﱡﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھﻮ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ ﻗﺎل ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ ‪ :‬ﺑﻠﻰ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻘﻮل‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أنﱠ ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أنﱠ ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫ﺛﻢ اﺳﺘﺄﺧﺮ ﻏﯿﺮ ﺑﻌﯿﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬ﺗﻘﻮل إذا أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫ن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أ ﱠ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼةُ‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼ ُة‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖُ أﺗﯿﺖُ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﮫ ﺑﻤﺎ رأﯾﺖ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬إﻧﮭﺎ َﻟﺮُؤﯾﺎ ﺣﻖ إن ﺷﺎء اﷲ‪ ،‬ﻓﻘﻢ‬
‫ﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ رأﯾﺖ َﻓ ْﻠﯿُﺆذﱢن ﺑﮫ ﻓﺈﻧﮫ أﻧﺪى ﺻﻮﺗًﺎ ﻣﻨﻚ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﻤﺖ ﻣ ﻊ ﺑ ﻼل‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠ ﺖ أُﻟﻘﯿ ﮫ‬‫ﻣﻊ ﺑﻼل ﻓﺄَﻟ ِ‬
‫ﻋﻠﯿ ﮫ و ُﯾ ﺆذﱢن ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓ ﺴﻤﻊ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج ﯾﺠ ﺮ رداءه ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫ﺖ ﻣﺜ ﻞ اﻟ ﺬي ُأرِي‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻓﻠﻠ ﮫ اﻟﺤﻤ ﺪ«‪ .‬وﻋﻨ ﮫ ﻣ ﻦ‬ ‫واﻟﺬي ﺑﻌﺜﻚ ﺑ ﺎﻟﺤﻖ ﻟﻘ ﺪ رأﯾ ُ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﺛﺎن ﺑﻨﺤﻮه ‪ -‬وزاد »ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﺑﻼل ﻣﻮﻟﻰ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﯾ ﺆذن ﺑ ﺬﻟﻚ وﯾ ﺪﻋﻮ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬إﻟﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪ ،‬ﻓﺠﺎءه ﻓﺪﻋﺎه ذات ﻏﺪاة إﻟﻰ اﻟﻔﺠﺮ ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ‪ :‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧ ﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺖ ھ ﺬه اﻟﻜﻠﻤ ﺔ‬
‫ﻓﺼﺮخ ﺑﻼل ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﮫ‪ :‬اﻟﺼﻼ ُة ﺧﯿ ٌﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم ‪ ،‬ﻗﺎل ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺴﯿﱢﺐ‪ :‬ﻓﺄُدﺧﻠ ْ‬

‫‪302‬‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬وأﺧ ﺮج اﻟﻄﺮﯾ ﻖ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﺄذﯾﻦ إﻟﻰ ﺻﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ھﺬا ﯾﺬﻛﺮ ﻛﻠﻤﺎت اﻷذان ‪ -‬وھﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻼل ﯾ ﺆذﱢن ﺑ ﮫ ‪ -‬ﺧﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة‪،‬‬
‫وﯾﺬﻛﺮ ﻛﻠﻤﺎت اﻹﻗﺎﻣﺔ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة‪ ،‬وھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻧﺬھﺐ إﻟﯿﮫ وﻧﻘ ﻮل ﺑ ﮫ ﻓ ﺒﻼل رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ﻣﺆذن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻃﯿﻠﺔ ﺣﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن أذان ﺑﻼل ھﻮ اﻟﻤﻌﺘﺒﺮ واﻷﺧﺬ ﺑﮫ ﻣﺘﻌﯿﱢﻦ‪.‬‬

‫إﻻ أن ﻋ ﺪدًا ﻣ ﻦ اﻷﺋﻤ ﺔ واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬوا ﺑﮭ ﺬا اﻷذان ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ أﺧ ﺬوا ﺑ ﺄذان أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة‪،‬‬
‫ﺑﺪﻋﻮى أن أﺑﺎ ﻣﺤﺬورة ﺗﻌﻠﱠﻢ اﻷذان ﻋﻨﺪ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﮭﺠ ﺮة‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن أذان ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻗﺪ ﺷُﺮع ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﮭﺠﺮة‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن أذان أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة ﻣﺘﺄﺧﺮًا ﻋﻠﻰ أذان ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ‪،‬‬
‫ﻓﻮﺟﺐ ﻋﻨﺪھﻢ اﻷﺧﺬ ﺑﮫ ‪ -‬أﻋﻨﻲ أذان أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة‪.‬‬

‫واﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﺠﺪ أن اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة ﻟﻢ ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﯿﻐﺔ واﺣﺪة ﻛﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ‪ ،‬ﻓﻨﺠﺪ رواﯾ ًﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺘﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤ ﺔ‪ ،‬وأﺧ ﺮى ﺗ ﺄﺗﻲ ﺑ ﺴﺒﻊ‬
‫ﻋﺸﺮة‪ .‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﱠﻤﮫ اﻷذان ﺗﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺳ ﺒﻊ ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬اﻷذان‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫واﻹﻗﺎﻣﺔ‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫‪303‬‬
 ‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ«‬

‫رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ أﺧ ﺬ اﻹﻣ ﺎم اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﮭ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ‬
‫ﻟﻸذان‪ ،‬أي ﺑﺼﯿﻐﺔ اﻟﺘﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة »أن ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﱠﻤﮫ ھﺬا اﻷذان‪.‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﺛﻢ ﯾﻌﻮد ﻓﯿﻘﻮل ‪:‬‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ــ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ ــ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ــ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح ــ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬
‫ﺣﱠ‬
‫زاد إﺳﺤﻖ‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ ــ اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ«‬
‫رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ أﺧ ﺬ اﻹﻣ ﺎم ﻣﺎﻟ ﻚ ﺑﮭ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ﻟ ﻸذان‪ ،‬أي ﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟ ﺴﺒﻊ ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﻛﻠﻤﺔ‪.‬‬

‫وإذن ﻓ ﺈن اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻤﺮوﯾ ﺔ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة ﻟ ﻢ ﺗﺘﻔ ﻖ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﯿﻐﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن‬
‫اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻤﺮوﯾﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت ﺑ ﺼﯿﻐﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬ھ ﻲ ﺻ ﯿﻐﺔ ﺧﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة ﻛﻠﻤ ﺔ‬
‫ﻟﻸذان‪ ،‬وھﺬا ﻣﺮﺟﱢﺢ ﻣﻌﺘﺒﺮ‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن اﻟﻨﺎﻇﺮ اﻟﻤﺪﻗﻖ ﻓﻲ رواﯾﺎت أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة ﯾﺠﺪ أﻧﮫ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ رواﯾ ﺔ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫اﺑﻦ زﯾﺪ ﻟﺘﺼﺒﺢ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﺘﻜﺮار اﻟ ﻮارد‬
‫ﻓﻲ رواﯾﺎت أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة ‪ -‬أﻋﻨ ﻲ ﺗﻜ ﺮار اﻟ ﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ ‪ -‬ﻟ ﯿﺲ اﻟﻘ ﺼﺪ ﻣﻨ ﮫ أن ﯾﻜ ﻮن ﺛﺎﺑﺘ ﺎً ﻣﻜ ﺮﱠراً ﻓ ﻲ‬
‫اﻷذان ﻛﻤ ﺎ ﻓﮭ ﻢ اﻟﻜﺜﯿ ﺮون‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ھ ﺬا اﻟﺘﻜ ﺮار ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ اﻟﺘﻌﻠ ﯿﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻟﻘﱠ ﻦ أﺑ ﺎ ﻣﺤ ﺬورة ﻛﻠﻤ ﺎت اﻷذان‪ ،‬وﻧﻄ ﻖ أﺑ ﻮ ﻣﺤ ﺬورة ﺑﺎﻟ ﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻧﻄﻘﮭﻤ ﺎ ﺑ ﺼﻮت‬
‫ﺾ ﻣﻐ ﺎﯾ ٍﺮ ﻟ ﺼﻮﺗﮫ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﻄ ﻖ ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮه ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة وأن ﯾﺮﻓ ﻊ ﺻ ﻮﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻈ ﻦﱠ أن ﺗﻜ ﺮار‬‫ﻣ ﻨﺨﻔ ٍ‬
‫اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ ﻣﻘﺼﻮ ٌد ﻟﺬاﺗﮫ وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ ﻓﻌ ﻞ ﻣﻌﱢﻠ ﻢ ﻣ ﻊ ﺗﻠﻤﯿ ﺬه ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﯾ ﺆدي‬
‫ب ﻣﻨ ﮫ ﺑ ﺸﻜﻞ ﺧ ﺎﻃﺊ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﻮم اﻟﻤﻌﻠ ﻢ ﺑﺘ ﺼﺤﯿﺤﮫ ﺑ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة‪ ،‬وﺑﮭ ﺬا اﻟﻔﮭ ﻢ ﻧﻘ ﻮم‬ ‫اﻟﺘﻠﻤﯿ ُﺬ اﻟﻤﻄﻠ ﻮ َ‬
‫ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ رواﯾﺎت أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﺑﺨﺼﻮص ﻛﻠﻤﺎت اﻷذان‪.‬‬

‫اﺳﺘﻤﻌﻮا إﻟ ﻰ أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة وھ ﻮ ﯾﻘ ﻮل إن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪» r‬ﻋﻠﱠﻤ ﮫ ھ ﺬا اﻷذان«‪» ،‬ﻋﻠﱠﻤ ﮫ اﻷذان«‬

‫ن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮫ‪ :‬اذھﺐ ﻓﺄذﱢن ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﯿ ﺖ اﻟﺤ ﺮام‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﯾ ﺎ‬
‫ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ »أ ﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ؟ ﻓﻌﻠﱠﻤﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﺆذﱢﻧﻮن اﻵن ﺑﮭﺎ«‪ .‬ﺛﻢ إن اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ أورد رواﯾﺔ أﺧﺮى ذﻛﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﯿﻒ اﻟﺘﻘﻰ‬

‫‪304‬‬
‫ﻲ رﺳ ﻮ ُل اﷲ ‪r‬‬
‫أﺑﻮ ﻣﺤﺬورة ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻧﻔ ٍﺮ ﺑﺒﻌﺾ ﻃﺮﯾﻖ ﺣﻨﯿﻦ‪ ،‬إﻟﻰ أن ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺘﺄذﯾﻦ ھﻮ ﺑﻨﻔﺴﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻞ‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬

‫ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ارﺟﻊ ﻓﺎ ْﻣﺪُد ﺻﻮﺗﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﻗﻞ ‪:‬‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫ﺻ ﺮ ًة ﻓﯿﮭ ﺎ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﺔ ‪ . «...‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬ ‫ﺛﻢ دﻋﺎﻧﻲ ﺣﯿﻦ ﻗ ﻀﯿﺖ اﻟﺘ ﺄذﯾﻦ ﻓﺄﻋﻄ ﺎﻧﻲ ُ‬
‫ﻷﺑﻲ داود »ﺛﻢ ارﺟﻊ ﻓ ُﻤ ﱠﺪ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻚ« وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺣﻤﺪ »ارﺟ ﻊ ﻓﺎﻣْ ﺪُ ْد ﻣ ﻦ ﺻ ﻮﺗﻚ« وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫ﻻﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ »ارﻓﻊ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻚ«‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ )ارﺟﻊ( واﺿﺢ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺘﻌﻠ ﯿﻢ‪ ،‬وأﻧ ﮫ أراد ﻣ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة أن‬
‫ﯾﺘﺪارك اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ اﻷداء ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻷداء اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وھﻮ رﻓ ﻊ اﻟ ﺼﻮت وﻣ ﱡﺪهُ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘ ﺄذﯾﻦ‪ ،‬وإذن‬
‫ت ﺑﺘﻜﺮارھﺎ ﺑﺎﻷذان‪ ،‬وﺑﮭ ﺬا‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺮار ھﻮ ﺗﺼﻮﯾﺐ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ اﻷداء‪ ،‬وﻟﯿﺲ زﯾﺎدة ﻛﻠﻤﺎ ٍ‬
‫ﺲ ﻋ ﺸﺮ َة ﻛﻠﻤ ﺔً‪ ،‬واﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ‬ ‫اﻟﻔﮭ ﻢ ﯾ ﺼﺒﺢ أذان أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة ﻛ ﺄذان ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﺧﻤ َ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ واﺟﺐ ﻣﺎ دام ﻣﻤﻜﻨﺎً‪ ،‬وھﻨﺎ أﻣﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة وﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ‪ .‬وﻗﺪ ذھﺐ اﻷﺣﻨﺎف إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ‪.‬‬

‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬‫وإذا أُذﱢن ﻟﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ زﯾﺪت ﻛﻠﻤﺔ ]اﻟ ﺼﻼ ُة ﺧﯿ ٌﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم[ ﻣ ﺮﱠﺗﯿﻦ ﻋﻘ ﺐ ﻛﻠﻤ ﺔ ]ﺣ ﱠ‬
‫اﻟﻔﻼح[ ﻟﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ‪ ،‬وﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ﻣﺤﺬورة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ‬
‫ﺖ‪ :‬اﻟ ﺼﻼ ُة ﺧﯿ ٌﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪،‬‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ اﻷذان‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ ...‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﺻ ﻼةُ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻗﻠ َ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ﻋﻠﱢﻤﻨ ﻲ ُ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ‬
‫اﻟﺼﻼةُ ﺧﯿﺮٌ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬‫ﺖ‪ :‬ﺣ ﱠ‬ ‫ﻣﺤﺬورة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ ُأ َؤذﱢن ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﻠ ُ‬
‫اﻟﻔﻼح ﻗﻠﺖُ‪ :‬اﻟﺼﻼةُ ﺧﯿﺮٌ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬اﻟ ﺼﻼةُ ﺧﯿ ﺮٌ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬اﻷذان اﻷول« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬‫ﺴﻨﱠﺔ إذا ﻗ ﺎل اﻟﻤ ﺆذن ﻓ ﻲ أذان اﻟﻔﺠ ﺮ‪ :‬ﺣ ﱠ‬‫واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬اﻟﺼﻼة ﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم« رواه اﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ھﺬه ھﻲ ﻛﻠﻤﺎت اﻷذان اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﯿُﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪھــﺎ وﻻ ﯾُﺰاد ﻋﻠﯿﮭــﺎ ﻣﻦ ﻣﺜ ﻞ ]ﺣ ﱠ‬

‫ﺧﯿﺮ اﻟﻌﻤﻞ[ ﻋﻘﺐ ]ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح[‪ ،‬وﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ آﺧﺮ اﻷذان‬
‫ن اﻟ ﺼﻼ َة‬ ‫ن ﺑ ﺎﻷذا ِ‬
‫ﺚ ﻓﺘﺘﺮك‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾُﻠﺤِﻖ اﻟﻤﺆ ﱢذ ُ‬
‫ﺢ ﻓﯿﮭﺎ أﺣﺎدﯾ ُ‬
‫‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﺰﯾﺎدات وأﻣﺜﺎﻟﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﺼ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺑﺤﺠ ﺔ ﻣ ﺎ رواه ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إذا‬
‫ﺳﻤﻌﺘﻢ اﻟﻤﺆذن ﻓﻘﻮﻟﻮا ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﻮل ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﱡﻮا ﻋﻠﻲﱠ ‪ « ...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﺳ ﯿﻤﺮﱡ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻗﺮﯾﺒ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ھﺬا اﻟﻨﺺ ﻻ دﻻﻟﺔ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺼﻼة ھ ﺬه ﯾﻘﻮﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺳ ﻤﻌﻮا اﻷذان وﻟ ﯿﺲ‬

‫‪305‬‬
‫اﻟﻤﺆذن ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺣﺐ اﻟﻤﺆذن أن ﯾﻘﻮﻟﮭﺎ ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس ﺑ ﺸﺮط أن ﻻ ﯾﺠﻌﻠﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﯿﻐﺔ اﻷذان‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻘﻮﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ وﻻ ﯾﺮﻓﻌﮭﺎ ﺑﺼﻮت ﻋﺎل‪.‬‬

‫ﻓﻀﻞُ اﻷذان‬
‫ن ﻧﺒ ﻲ‬ ‫ب رﻓﻌِ ِﮫ ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﻟ َﺒﺮَاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أ ﱠ‬‫ﻓﻀﻞ اﻷذان ﻋﻈﯿﻢ وﺛﻮا ُ‬
‫ﺐ وﯾﺎﺑﺲ‪ ،‬وﻟ ﮫ ﻣﺜ ﻞ أﺟ ﺮ‬ ‫اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ‪ ...‬واﻟﻤُﺆذن ﯾُﻐﻔ ُﺮ ﻟﮫ ﻣ ﱠﺪ ﺻﻮﺗﮫ‪ ،‬وﯾﺼﺪﱢﻗﮫ ﻣَﻦ ﺳﻤﻌﮫ ﻣﻦ رﻃ ٍ‬
‫ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﻣﻌﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﯾﺘﺤ ﺼﻞ ﻛﻤ ﺎل اﻟﻔ ﻀﻞ ﻟﻠﻤ ﺆذن إن ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ أﺟ ﺮ ًة ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺘﺄذﯾﻦ وأدﱠاه اﺣﺘﺴﺎﺑﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ اﺟﻌﻠﻨ ﻲ إﻣ ﺎ َم‬
‫ﻗﻮﻣﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻧﺖ إﻣﺎﻣُﮭﻢ واﻗﺘ ِﺪ ﺑﺄﺿﻌﻔﮭﻢ‪ ،‬واﺗﱠﺨ ْﺬ ﻣﺆذﻧ ًﺎ ﻻ ﯾﺄﺧ ﺬ ﻋﻠ ﻰ أذاﻧ ﮫ أﺟ ﺮًا« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫ﻼ أﻧﮫ ﯾﻜ ﻮن ﺑ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺎس ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ أﻃ ﻮﻟﮭﻢ ﻋﻨﻘ ﺎً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ‬
‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﯾﻜﻔﻲ اﻟﻤﺆذن ﺷﺮﻓًﺎ وﻓﻀ ً‬
‫ﻗﺎل ‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »اﻟﻤﺆذﻧﻮن أﻃﻮ ُل اﻟﻨﺎس أﻋﻨﺎﻗ ًﺎ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻜ ﻦ‬
‫إنْ أﺧﺬ اﻟﻤﺆذن أُﺟﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄذﯾﻦ ﻓﺈنﱠ ذﻟﻚ ﯾﺠﻮز‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة ‪ -‬ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ ‪ -‬ﻗﺎل »‪...‬‬
‫ﻓﺄﻟﻘﻰ إﻟﻲﱠ رﺳﻮلُ اﷲ ‪ r‬اﻟﺘﺄذﯾﻦ ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ ‪ ...‬ﺛﻢ دﻋﺎﻧﻲ ﺣﯿﻦ ﻗﻀﯿﺖُ اﻟﺘﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻲ ُ‬
‫ﺻ ﱠﺮ ًة ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ داود‪.‬‬
‫ﺷﺊ ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬

‫ﺣﻜﻢُ اﻷذان‬
‫ض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻷﻣﺼﺎر ﻣ ﻦ ﻣ ﺪن وﻗ ﺮى دون َﻣ ﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ ﻣ ﺰارﻋﮭﻢ‬ ‫اﻷذان ﻓﺮ ٌ‬
‫وﻣﺘﻨﺰھﺎﺗﮭﻢ أو ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺴﺎﻓﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ اﻟ ﺪرداء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‬
‫»ﻣ ﺎ ﻣِﻦ ﺛﻼﺛ ٍﺔ ﻓﻲ ﻗﺮﯾ ﺔ ﻓ ﻼ ُﯾ ﺆذﱠن وﻻ ﺗُﻘ ﺎم ﻓ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة إﻻ اﺳ ﺘﺤﻮذ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ‪ «...‬رواه‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎل )ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺔ(‪ .‬وروى ﻣﺎﻟ ﻚ أن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل »إﻧﻤ ﺎ اﻷذان ﻟﻺﻣ ﺎم اﻟ ﺬي ﯾﺠﺘﻤ ﻊ‬
‫اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮫ«‪ .‬وروى اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إﻗﺎﻣﺔُ اﻟﻤِﺼﺮ ﺗﻜﻔﻲ«‪.‬‬

‫واﻷذان ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺎﺋﺮ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﻏ ﺰا ﺑﻨ ﺎ‬
‫ﻒ ﻋ ﻨﮭﻢ‪ ،‬وإن ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ أذاﻧ ﺎً أﻏ ﺎر‬‫ﻗﻮﻣ ًﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻐﺰو ﺑﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺢ وﯾﻨﻈﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺳ ﻤﻊ أذاﻧ ًﺎ ﻛ ﱠ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وإذا ﻛﺎن اﻟﺘﺄذﯾﻦ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن اﻟﺒﻠ ﺪان‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﻨ ﺪوب ﻟﻠﻤ ﺴﺎﻓﺮﯾﻦ‬
‫واﻟﻤﻨﻔﺮدﯾﻦ واﻟﻤﻨﺘﺸﺮﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮل‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻷﻧﺼﺎري أن أﺑﺎ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨُﺪري‬
‫ﻗﺎل ﻟﮫ »إﻧﻲ أراك ﺗﺤﺐ اﻟﻐﻨﻢ واﻟﺒﺎدﯾﺔ ﻓﺈذا ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻏﻨﻤﻚ أو ﺑﺎدﯾﺘﻚ ﻓﺎرﻓﻊْ ﺻﻮﺗﻚ ﺑﺎﻟﻨﺪاء‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺴﻤﻊ ﻣﺪى ﺻﻮت اﻟﻤﺆذن ﺟﻦﱞ وﻻ إﻧﺲ وﻻ ﺷﺊ إﻻ ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮫ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺘﮫ‬
‫ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﯾُﻌﺠَ ﺐ رﺑﱡ ﻚ ﻣ ﻦ راﻋ ﻲ ﻏ ﻨﻢ ﻓ ﻲ رأس اﻟ ﺸﱠﻈﯿﱠﺔ ﻟﻠﺠﺒ ﻞ ﯾ ﺆذﱢن ﻟﻠ ﺼﻼة‬
‫ت ﻟﻌﺒ ﺪي‬ ‫وﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل اﷲ‪ :‬اﻧﻈﺮوا إﻟﻰ ﻋﺒ ﺪي ھ ﺬا ﯾ ﺆذﱢن وﯾﻘ ﯿﻢ اﻟ ﺼﻼة ﯾﺨ ﺎف ﻣﻨ ﻲ‪ ،‬ﻗ ﺪ ﻏﻔ ﺮ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫وأدﺧﻠﺘﮫ اﻟﺠﻨﺔ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻼ وھﻮ ﻓﻲ ﻣﺴﯿ ٍﺮ ﻟﮫ ﯾﻘﻮل‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ :r‬ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻗﺎل »ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟ ً‬
‫اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ :‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪َ :r‬‬
‫ﺣﺮُم ﻋﻠﻰ اﻟﻨ ﺎر‪ ،‬ﻓﺎﺑﺘ ﺪرﻧﺎه ﻓ ﺈذا ھ ﻮ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪.‬‬ ‫ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺎﺷﯿﺔ أدرﻛﺘﮫ اﻟﺼﻼة ﻓﻨﺎدى ﺑﮭﺎ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫واﻟﺘﺄذﯾﻦ ﻋﺒﺎدة ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻌﻠـﻮم ﻋﻨ ﺪ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‬
‫‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﱢﺴﺎء أذانٌ وﻻ إﻗﺎﻣﺔ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻛﻮﻧﮫ ﻣﻔﺮوﺿ ﺎً‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺮأة أن ﺗُﺆذن أو ﺗُﻘﯿﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ‬

‫‪306‬‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆذن وﺗﻘﯿﻢ وﺗﺆُم اﻟﻨﱢﺴﺎء‪ ،‬وﺗﻘ ﻮم وﺳ ﻄﮭﻦ« وﻃﺒﻌ ﺎً ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ‬
‫ﯾﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ .r‬ﻓﺎﻷذان ﺟﺎﺋ ٌﺰ ﻟﻠﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫أﺣﻮال اﻟﻤﺆذن‬
‫ﻦ ﻟﻠﻤﺆذن أن ﯾﺮﻓﻊ اﻷذان واﻗﻔﺎً‪ ،‬ﻷن ذﻟﻚ أﺑﻠﻎ ﻓ ﻲ ﺗﻮﺻ ﯿﻞ اﻟ ﺼﻮت‪ ،‬وھ ﺬا ﻗﺒ ﻞ أن ﺗُﻌ ﺮف‬ ‫ﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﻣﻜﺒﱢﺮات اﻟﺼﻮت‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺴﻨﱠﺔ أﻓﻀﻞ وأوﻟﻰ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗ ﺎل »ﯾ ﺎ ﺑ ﻼل ُﻗ ﻢ ﻓﻨ ﺎ ِد ﺑﺎﻟ ﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻛﻤ ﺎ ُﯾ ﺴﻦﱡ ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ إﻻ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﺤﯿﻌﻠﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻠﺘﻔﺖ ﯾﻤﯿﻨﺎً وﯾﻠﺘﻔﺖ ﺷﻤﺎﻻً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺟُﺤَﯿﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ ﺑ ﻼ ًﻻ ﺧ ﺮج إﻟ ﻰ‬
‫اﻷﺑﻄﺢ ﻓﺄذﱠن‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟ ﺼﻼة ﺣ ﻲﱠ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﻼح‪ ،‬ﻟ ﻮى ﻋﻨﻘ ﮫ ﯾﻤﯿﻨ ًﺎ وﺷ ﻤﺎ ًﻻ وﻟ ﻢ َﯾ ﺴ َﺘﺪِر‬
‫‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ أن ﺑﻼﻻً ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ ھﺬا ﺑﺈﻗﺮا ٍر ﻣ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ .r‬وھ ﺬا ﻛﻠ ﮫ إن ُر ِﻓ َﻊ‬
‫ن ﺑﻐﯿﺮ ﻣﻜﺒﱢﺮ اﻟﺼﻮت‪ ،‬أﻣّﺎ إن ُر ِﻓ َﻊ ﺑﻤﻜﺒﱢﺮ اﻟﺼﻮت ﻓﻼ ﯾﻠﺰم ذﻟﻚ‪ .‬وﻻ ﺑﺄسَ ﺑﺄن ﯾ ﻀﻊ اﻟﻤ ﺆذن‬ ‫اﻷذا ُ‬
‫أﺻﺒﻌﯿﮫ ﻓﻲ أُذﻧﯿﮫ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﯾﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ أداﺋ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺟﺤﯿﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ ﺑﻼﻻً ﯾﺆذن وﯾﺪور‪ ،‬وأﺗﺘﺒﻊ ﻓﺎه ھﮭﻨﺎ وھﮭﻨﺎ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﯾﻤﯿﻨﺎً وﺷﻤﺎﻻً ‪ -‬وأﺻﺒﻌﺎه ﻓﻲ‬
‫أذﻧﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ﻦ ﻟﻠ ﺬﱢﻛﺮ اﻟﻄﮭ ﺎرة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى‬ ‫وﯾُﻨ ﺪب ﻟﻠﻤ ﺆذن أن ﯾ ﺆذﱢن ﻋﻠ ﻰ ﻃﮭ ﺎرة ﻷن اﻷذان ذِﻛ ﺮٌ ‪ ،‬و ُﺗ ﺴ ﱡ‬
‫اﻟﻤُﮭﺎﺟﺮ ﺑﻦ ﻗُﻨﻔ ﺬ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ أﺗ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾﺒ ﻮل‪ ،‬ﻓ ﺴﻠﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮدﱠ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﻮﺿﺄ‪ ،‬ﺛﻢ اﻋﺘﺬر إﻟﯿﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻲ ﻛﺮھﺖُ أن أذﻛﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﮭﺎرة« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وﯾُﻔﻀﱠﻞ أن ﯾﻜﻮن ﺻﻮت اﻟﻤﺆذن ﺣﺴﻨًﺎ َﻧ ِﺪﱠﯾًﺎ ﻗﻮﯾﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ اﻟﻤﺎر ﻓﻲ‬
‫ﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ رأﯾ ﺖ ﻓﻠْﯿ ﺆذن ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ أﻧ ﺪى ﺻ ﻮﺗًﺎ ﻣﻨ ﻚ«‪.‬‬ ‫]ﻓﺮض اﻷذان وأﻟﻔﺎﻇﮫ[ »ﻓﻘﻢ ﻣﻊ ﺑﻼل ﻓﺄَﻟ ِ‬
‫وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب اﻟﻤ ﺎر ﻓ ﻲ ]ﻓ ﻀﻞ اﻷذان[ »واﻟﻤ ﺆذن ﯾُﻐﻔ ُﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﱠﺪ ﺻ ﻮﺗﮫ‪،‬‬
‫وﯾُﺼﺪﱢﻗﮫ ﻣَﻦ ﺳﻤﻌﮫ ﻣﻦ رﻃﺐ وﯾﺎﺑﺲ«‪.‬‬

‫ي رﺟﻞ ﻣﺴﻠﻢ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﺎﺳﻘﺎً‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ﺟﺎھﻼً ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن أﻋﻤﻰ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ‬ ‫وﯾﺮﻓﻊ اﻷذان أ ﱡ‬
‫اﻟﺤﻮﯾﺮث رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﺗﯿﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ ﺷ ﺒﯿﺒﺔ ﻣﺘﻘ ﺎرﺑﻮن‪ ،‬ﻓﺄﻗﻤﻨ ﺎ ﻣﻌ ﮫ ﻋ ﺸﺮﯾﻦ‬
‫ﻦ أﻧﱠﺎ ﻗﺪ اﺷﺘﻘﻨﺎ أھﻠﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﻨﺎ ﻋﻤﻦ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻓﻲ أھﻠﻨﺎ‬ ‫ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رﺣﯿﻤﺎً رﻓﯿﻘﺎً‪ ،‬ﻓﻈ ﱠ‬
‫ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﺎه ﻓﻘﺎل‪ :‬ارﺟﻌﻮا إﻟﻰ أھﻠﯿﻜﻢ ﻓﺄﻗﯿﻤﻮا ﻓﯿﮭﻢ‪ ،‬وﻋﻠﱢﻤﻮھﻢ وﻣﺮوھﻢ إذا ﺣﻀﺮت اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺆذن‬
‫ﻟﻜﻢ أﺣﺪُﻛﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﯿﺆﻣﱠﻜُﻢ أﻛﺒﺮُﻛﻢ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﻓﻠﯿﺆذن ﻟﻜﻢ أﺣ ﺪُﻛﻢ« ھ ﻮ‬
‫دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟــﻮد ﺷﺮوط ﻓــﻲ اﻟﻤ ﺆذن ﺳ ﻮى أن ﯾﻜ ﻮن واﺣ ﺪاً ﻣ ﻨﮭﻢ‪ ،‬أي ﻣ ﺴﻠﻤًﺎ‪ .‬وﻗـ ـﺪ ﻛــ ـﺎن‬
‫ﻟﺮﺳﻮل اﻟﻠــﮫ ‪ r‬ﻣﺆذن أﻋﻤﻰ ھﻮ اﺑ ﻦ أُم ﻣﻜﺘ ﻮم‪ .‬واﻷذان ﻓ ﺮض ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﺟ ﺎل دون اﻟﻨ ﺴﺎء ﻛﻤ ﺎ ﻣ ﺮﱠ‬
‫ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ اﻷذان[ ‪ ،‬وﯾ ﺼﺢ اﻷذان ﻣ ﻦ ﺻ ﺒﻲ ﻗ ﺎدر ﻗ ﻮي اﻟ ﺼﻮت ﻷﻧ ﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺗﺤ ﺖ ﻟﻔﻈ ﺔ‬
‫)أﺣﺪﻛﻢ( ‪.‬‬

‫ف اﻟﻤﺪ ﻓﯿﮫ ﻣﺪًا ﻣﻨﺎﺳ ﺒًﺎ ُﯾ ﻀﻔﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻷذان ﺟﻤ ﺎﻻً‪،‬‬

‫وﯾُﺴﻦﱡ ﺗﺮﺗﯿﻞ اﻷذان ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗُﻤ ﱠﺪ ﺣﺮو ُ‬
‫ف اﻷﻟﻒ واﻟﻮاو واﻟﯿﺎء دون ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺮوف‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﻓﺘُﻤَ ﱡﺪ ﺣﺮو ُ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺄﻣﺮﻧﺎ أن ﻧﺮﺗﱢﻞ اﻷذان وﻧﺤﺬف اﻹﻗﺎﻣﺔ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫إﻻ أﻧﮫ ﯾﺠﺐ أن ﯾُﻌﻠَﻢ أن اﻟﺘﺮﺗﯿﻞ ﻻ ﺗﻨﺒﻐﻲ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐ ُﺔ ﻓﯿﮫ إﻟﻰ أن ﯾﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻏﻨﺎء وﺗﻄﺮﯾ ﺐ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫إن وﺻﻞ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤ ﱢﺪ ﻣُﻨ ﻊ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻛ ﺎن ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﺆذﱢن ﯾُﻄ ﺮﱢب‬

‫‪307‬‬
‫ﻼ ﺳ ﻤﺤﺎً وإﻻ ﻓ ﻼ ﺗ ﺆذن« رواه اﻟ ﺪار‬ ‫ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬اﻷذان ﺳ ﮭ ٌﻞ ﺳ ﻤﺢٌ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن أذاﻧ ﻚ ﺳ ﮭ ً‬
‫ﺖ ﻋﺎﻟﻤ ًﺎ ﺑﻔ ﻦ اﻟﻐﻨ ﺎء واﻟﻄ ﺮب ﺣﺘ ﻰ أﺧ ﻮض ﻓﯿ ﮫ وأُﺑ ﯿﱢﻦ اﻟﻔ ﺎرق ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﻞ‪،‬‬‫ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وأﻧﺎ ﻟ ﺴ ُ‬
‫وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺄس ﻣﻦ أن أﻗﻮل‪ :‬إن اﻟﺤﺮوف إذا ﺟﺮى ﻣﺪﱡھﺎ ﻋﻠﻰ وﺗﯿ ﺮة واﺣ ﺪة ﻓﮭ ﻮ ﺗﺮﺗﯿ ﻞ‪ ،‬وإذا ﺟ ﺮى‬
‫ﻣﺪﱡھﺎ ﻣُﻜﺴﱠﺮةً ذات ﺗﺮددات ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻮة واﻟﻀﻌﻒ ﻓﮭﻮ اﻟﻐﻨﺎء‪ ،‬واﷲ أﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫ن أولَ اﻟﻮﻗﺖ‬
‫اﻷذا ُ‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻷذان ﻋﻦ أول اﻟﻮﻗﺖ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬إﺣﺪاھﻤﺎ‪ :‬اﻟﻨ ﺪاء ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺠ ﻮز‬
‫ﻼ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻨ ﺪاء ﻟﯿ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ[ ﻓ ﺼﻞ‬ ‫ﺼ ً‬
‫رﻓﻊ اﻟﻨﺪاء اﻷول ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ‪ ،‬وﺗﺠ ﺪون ھ ﺬا ﻣﻔ ﱠ‬
‫]ﺻﻠﻮات ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﺪا اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ[ ‪ ،‬واﻷُﺧﺮى‪ :‬اﻟﻨﺪاء ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أﯾﻀًﺎ ﯾﺠﻮز ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻷذان ﻟ ُﯿ ﺘِ ﱠﻢ اﻟﻤُﺘﮭﺠﱢ ُﺪ ﺻ ﻼﺗﮫ وﯾ ﺴﺘﯿﻘﻆ اﻟﻨ ﺎﺋﻢ‪ ،‬وﯾ ﺘﻤﻜﻦ اﻟﻐﺎﻓ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﺗﻨﺎول ﻃﻌﺎم اﻟﺴﺤﻮر‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺘ ﺄذﯾﻦ ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ أول اﻟﻮﻗ ﺖ ھ ﻮ ﻣ ﺎ رواه ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن ﺑﻼل ﯾﺆذن إذا زاﻟﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻻ ﯾَﺨﺮِم‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻻ ﯾﻘ ﯿﻢ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺨ ﺮج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪،r‬‬
‫ﻗﺎل ﻓﺈذا ﺧﺮج أﻗﺎم ﺣﯿﻦ ﯾﺮاه« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﺘﺜﻨﺎء اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن ﻓﻤ ﺎ رُوي‬
‫ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻻ ﯾﻤﻨﻌﻦﱠ أﺣﺪَﻛﻢ أو أﺣﺪًا ﻣﻨﻜﻢ أذانُ ﺑ ﻼ ٍل ﻣ ﻦ‬
‫ﺳ ﺤﻮره‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺆذن أو ﯾﻨ ﺎدي ﺑﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻟﯿﺮﺟ ﻊ ﻗ ﺎﺋﻤﻜﻢ وﻟﯿﻨﺒ ﮫ ﻧ ﺎﺋﻤﻜﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻓ ـﻲ ھ ﺬه‬ ‫َ‬
‫اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠ ﺐ رﻓ ﻊ أذان ﺛ ﺎن ﻋﻨ ﺪ دﺧ ﻮل اﻟﻤﯿﻘ ﺎت ﻟ ﺼﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وﯾﻔ ﺼﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻷذاﻧ ﯿﻦ ﻣﻘ ﺪار‬
‫ﯾﺴﯿﺮ ﻗﺪر ﺗﻨﺎول وﺟﺒﺔ ﻃﻌﺎم‪ ،‬أو ﻗﺪر ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎﺟـﮫ اﻟﻤﺮء ﻟﻘﻀﺎء ﺣﺎﺟﺘ ﮫ واﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﺗُﻘ ﺪﱠر ﻓ ﻲ زﻣ ﻦ‬
‫اﺳ ﺘﻌﻤﺎل اﻟ ﺴﺎﻋﺎت اﻟﺤﺪﯾﺜ ﺔ ﺑﻌ ﺸﺮ دﻗ ﺎﺋﻖ أو ﺑﺮﺑ ﻊ ﺳ ﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» :r‬إذا أذﱠن ﺑﻼل ﻓﻜﻠﻮا واﺷﺮﺑﻮا ﺣﺘﻰ ﯾ ﺆذن اﺑ ﻦ اُم ﻣﻜﺘ ﻮم ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬وﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ إﻻ‬
‫أن ﯾﻨﺰل ھﺬا وﯾﺼﻌﺪ ھﺬا« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄذﯾﻦ وﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻨﮫ‬

‫ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎع اﻷذان أن ﯾﻘﻮل ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﻮل اﻟﻤ ﺆذن إﻻ أن ﯾﻘ ﻮل اﻟﻤ ﺆذن ]ﺣ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح[ ﻓﯿﻘﻮل ]ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ[ ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻤﺮ اﺑﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗ ﺎل اﻟﻤ ﺆذن اﷲ أﻛﺒ ﺮ اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻓﻘ ﺎل أﺣ ﺪُﻛﻢ‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ اﷲ‬
‫ن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل‬ ‫أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﺷﮭﺪ أ ﱠ‬
‫اﷲ ﻗﺎل‪ :‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﱠﻼة ﻗﺎل ‪ :‬ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑ ﺎﷲ ﺛ ﻢ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح ﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻗ ﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ اﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪ ،‬ﻣِﻦ ﻗﻠﺒﮫ دﺧﻞ اﻟﺠﻨ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ‬
‫ﺧُﺰﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨُﺪري أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺳ ﻤﻌﺘﻢ اﻟﻨ ﺪاء ﻓﻘﻮﻟ ﻮا ﻣﺜ ﻞ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻘﻮل اﻟﻤﺆذن« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫أﻣﱠﺎ ﻋﻘﺐ ﻓﺮاغ اﻟﻤﺆذن ﻣﻦ اﻷذان ﻓﯿُﺴﻦﱡ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪] -1‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ وﺳﻠﱢﻢ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﻟﻠـﮫ[ أو أﯾﺔ ﺻﯿﻐـﺔ ﻣـﻦ ﺻﯿﻎ اﻟﺼـﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل ‪.r‬‬

‫ت ﻣﺤﻤ ﺪًا اﻟﻮﺳ ﯿﻠﺔ واﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ واﺑﻌﺜ ﮫ ﻣﻘﺎﻣ ًﺎ‬

‫‪] -2‬اﻟﻠﮭﻢ رب ﱠھﺬه اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﺎﻣﺔ واﻟﺼﻼة اﻟﻘﺎﺋﻤ ﺔ آ ِ‬
‫ﻣﺤﻤﻮداً اﻟﺬي وﻋﺪﺗﮫ[‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫ﺖ ﺑ ﺎﷲ رﺑ ًﺎ‬
‫ﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪه ورﺳ ﻮﻟﮫ رﺿ ﯿ ُ‬ ‫‪] -3‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إ ّ‬
‫وﺑﻤﺤﻤﺪٍ رﺳﻮﻻً وﺑﺎﻹﺳﻼم دﯾﻨﺎً[‪.‬‬

‫‪] -4‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة[‪.‬‬

‫واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﯿﺐ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إذا ﺳﻤﻌﺘﻢ اﻟﻤﺆذن ﻓﻘﻮﻟﻮا‬
‫ﻲ ﺻﻼ ًة ﺻﻠﱠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﮭ ﺎ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﻮا اﷲ‬‫ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﻮل ﺛﻢ ﺻﻠﻮا ﻋﻠﻲﱠ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻣَﻦ ﺻﻠﱠﻰ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻟﻲ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔٌ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻻ ﺗﻨﺒﻐﻲ إﻻ ﻟﻌﺒﺪٍ ﻣﻦ ﻋﺒﺎد اﷲ‪ ،‬وأرﺟﻮ أن أﻛﻮن أﻧﺎ ھ ﻮ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﺳﺄل ﻟﻲ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ﺣﻠﱠﺖ ﻟﮫ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل ﺣ ﯿﻦ ﯾ ﺴﻤﻊ اﻟﻨ ﺪاء‪:‬‬
‫اﻟﻠﮭ ﻢ ربﱠ ھ ﺬه اﻟ ﺪﻋﻮة اﻟﺘﺎﻣ ﺔِ واﻟ ﺼﻼة اﻟﻘﺎﺋﻤ ِﺔ آتِ ﻣﺤﻤ ﺪًا اﻟﻮﺳ ﯿﻠﺔ واﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ‪ ،‬واﺑﻌﺜ ﮫ ﻣﻘﺎﻣ ﺎً‬
‫ﻣﺤﻤﻮداً اﻟﺬي وﻋﺪﺗﮫ‪ ،‬ﺣﻠﱠﺖ ﻟﮫ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣَ ﻦ ﻗ ﺎل ﺣ ﯿﻦ ﯾ ﺴﻤﻊ‬

‫ﺖ ﺑ ﺎﷲ رﺑ ًﺎ‬
‫اﻟﻤﺆذن‪ :‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪه ورﺳ ﻮﻟﮫ رﺿ ﯿ ُ‬
‫وﺑﻤﺤﻤ ٍﺪ رﺳﻮﻻً وﺑﺎﻹﺳﻼم دﯾﻨﺎً‪ ،‬ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ذﻧﺒﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬أﻣ ﺎ ﻋﻘ ﺐ أذان اﻟﻤﻐ ﺮب ﺧﺎﺻ ًﺔ‬
‫ﻓﯿُﻨ ﺪب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﻀﯿﻒ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ اﻟﻜﻠﻤ ﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪] :‬اﻟﻠﮭ ﱠﻢ إنﱠ ھ ﺬا إﻗﺒ ﺎلُ ﻟﯿﻠ ﻚ وإدﺑ ﺎرُ ﻧﮭ ﺎرك‬
‫ت دُﻋﺎ ِﺗﻚ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ[ ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أُم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻋﻠﱠﻤﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫وأﺻﻮا ُ‬
‫ت دُﻋﺎﺗِﻚ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ«‬‫‪ r‬أن أﻗﻮل ﻋﻨﺪ أذان اﻟﻤﻐﺮب‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إنﱠ ھﺬا إﻗﺒﺎ ُل ﻟﯿﻠﻚ وإدﺑﺎ ُر ﻧﮭﺎرك وأﺻﻮا ُ‬
‫رواه أﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻛﻤﺎ ﯾﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾُﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻘﺐ اﻷذان وﻗﺒﻞ اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﻣ ﺴﺘﺠﺎب ﻻ ُﯾ ﺮد‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟ ﺪﻋﺎء ﻻ ُﯾ ﺮدﱡ ﺑ ﯿﻦ اﻷذان‬
‫واﻹﻗﺎﻣﺔ ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻓﻤﺎذا ﻧﻘﻮل ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ؟ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺳ ﻠُﻮا اﷲ اﻟﻌﺎﻓﯿ َﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧ ﺮة« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »اﻟﺪﻋﺎء ﻻ ﯾُﺮ ﱡد ﺑﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ«‪.‬‬

‫ﻣﻐﺎدرةُ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻘﺐ اﻷذان‬

‫ﯾﺤﺮم ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﻤﻊ اﻷذان وھ ﻮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬أو ﻣ ﻦ دﺧ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻋﻘ ﺐ اﻷذان‪ ،‬أن ﯾﺨ ﺮج‬
‫ﻣﻨ ﮫ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺆدي اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ إﻻ ﻟﻌ ﺬرٍ ﺷ ﺮﻋﻲ ﻛﻘ ﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟ ﺔ أو اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وھ ﻮ ﯾﻨ ﻮي‬
‫اﻟﻌﻮدة إﻟﯿﮫ ﻷداء اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺸﻌﺜﺎء ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة ـ ورأى رﺟ ﻼً ﯾﺠﺘ ﺎز اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺧﺎرﺟ ﺎً ﺑﻌ ﺪ اﻷذان ‪ -‬ﻓﻘ ﺎل »أ ﱠﻣ ﺎ ھ ﺬا ﻓﻘ ﺪ ﻋ ﺼﻰ أﺑ ﺎ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ‪ «r‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫اﻟﺸﻌﺜﺎء ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة »أﻧﮫ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺄذﱠن اﻟﻤ ﺆذن ﻓﺨ ﺮج رﺟ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‪ :‬أﻣﱠ ﺎ‬
‫ھﺬا ﻓﻘﺪ ﻋﺼﻰ أﺑﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ ،r‬أ َﻣﺮَﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳﻤﻌﻨﺎ اﻟﻨﺪاء أن ﻻ ﻧﺨ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﻞ ﻋﻨ ﺪ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻧ ﺼﻠﻲ« رواه أﺑ ﻮ داود اﻟﻄﯿﺎﻟ ﺴﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻌﻤ ُ‬
‫أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣَﻦ ﺑﻌﺪھﻢ أن ﻻ ﯾﺨﺮج أﺣ ٌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻌﺪ اﻷذان إﻻ ﻣِﻦ ﻋﺬر أن ﯾﻜ ﻮن ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻏﯿﺮ وﺿﻮء أو أﻣﺮ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ(‪.‬‬

‫‪309‬‬
 ‫ن ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ‬
‫اﻷذا ُ‬
‫ﺗﻘ ﻮم ﺑﻌ ﺾ اﻹذاﻋ ﺎت ﺑﺮﻓ ﻊ اﻷذان ﻟﻠ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻤﻌﮫ اﻟﻨ ﺎس ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺬﯾﺎع واﻟﺘﻠﻔ ﺎز‪،‬‬
‫ﺠ ﱠﻤ ِﻊ إﺳﻜﺎنٍ أن ﯾﻘﺘﺼﺮوا ﻋﻠﯿﮫ ﻓ ﻼ ﯾُﺮﻓ ﻊ ﻓ ﯿﮭﻢ اﻷذان‬
‫ﻓﮭﺬا اﻷذان ﻻ ﯾﺠﻮز ﻷھﻞ ﻣﺪﯾﻨﺔ أو ﻗﺮﯾﺔ أو ُﻣ َ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺟﺪھﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻷذان ﻣﻦ اﻟﻤﺬﯾﺎع واﻟﺘﻠﻔﺎز ﻻ ﯾﻐﻨﯿﮭﻢ ﻋﻦ رﻓﻊ اﻷذان‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻷھﻞ اﻷﻣﺼﺎر ﻣ ﻦ‬
‫أن ﯾﺮﻓﻌﻮا ﺑﺄﻧﻔﺴﮭﻢ اﻷذان‪ ،‬إذ ﻣﺎ دام اﻷذان ﻓﺮض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾُﺆدﱡوه ﺑﺄﻧﻔﺴﮭﻢ‪.‬‬

‫وﯾﻘ ﻮم اﻟﻨ ﺎس ﺑﺘ ﺴﺠﯿﻞ أذان ﺑﻌ ﺾ اﻟﻤ ﺆذﻧﯿﻦ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔً ﻣ ﺆذﻧﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﺤ ﺮام ﺑﻤﻜ ﺔ واﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫اﻟﻨﺒﻮي ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺜﻞ ھﺬا اﻟﺘﺴﺠﯿﻞ ﻻ ﯾﺠﻮز أن ﯾﻮﺿﻊ ﻓﻲ إذاﻋﺎت اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وإﺳ ﻤﺎع اﻟﻨ ﺎس اﻷذان‬
‫اﻟﻤ ﺴﺠﱠﻞ ﻋﻮﺿ ًﺎ ﻋ ﻦ رﻓﻌ ﮫ ِﻣ ﻦ ِﻗَﺒ ﻞ ﻣ ﺆذن اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن رﻓ ﻊ اﻷذان ﻓ ﺮض ﻛﻔﺎﯾ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻤﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﮭﻢ ﻣ ﻦ ﺗﺄدﯾ ﺔ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺮض‪ ،‬أﻣ ﺎ إدارةُ آﻟ ﺔ اﻟﺘ ﺴﺠﯿﻞ وإﺳ ﻤﺎعُ اﻟﻨ ﺎس اﻷذان اﻟﻤ ﺴﺠﱠﻞ‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾُﺴﻘﻂ ﻋﻦ أھﺎﻟﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أو اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻔﺮض ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟ ﺬي ُﯾ ﺬاع ﻣﻨ ﮫ اﻷذان اﻟﻤ ﺴﺠﱠﻞ‬
‫ن أﺣﺪًا ﻣﻦ اﻷھﺎﻟﻲ ﻗﺎم ﺑﺄداء اﻟﻔﺮض ﻓﯿﮫ‪.‬‬ ‫ﻻ ﯾُﻌﺘﺒﺮ أ ﱠ‬

‫واﻟﺒُﻠﺪان إﻣﺎ أن ﺗﺘﻌﺪد ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﻻ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ ﺳ ﻮى ﻣ ﺴﺠﺪ واﺣ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ‬
‫ن ﻓﯿ ﮫ ﺷ ﺨﺺُ اﻟﻤ ﺆذن ﺣﱠﯿ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ‬‫اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ أو اﻟﻘﺮﯾ ﺔ ﻣ ﺴﺠﺪٌ واﺣ ﺪ ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﺷﺮﻋ ـﺎً ﻣ ﻦ أن ﯾَﺮﻓ ﻊ اﻷذا َ‬
‫اﻟﮭﻮاء ﻣﺒﺎﺷﺮة ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﻮز ﻟ ﮫ وﻻ ﻟﻐﯿ ﺮه أن ﯾ ﺴﺠﱢﻠﻮا أَذاﻧﮭ ﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘﻮﻣ ﻮا ﺑﺒﺜ ﮫ ﺑﻮاﺳ ﻄﺔ آﻟ ﺔ اﻟﺘ ﺴﺠﯿﻞ‬
‫وإذاﻋﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻨﺪ دﺧﻮل ﻛﻞ وﻗﺖ ﻣﻦ أوﻗﺎت اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾُﺴﻘﻂ اﻟﻔﺮض ﻋﻨﮭﻢ‪.‬‬

‫أﻣﱠﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أو اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻜﺒﯿ ﺮة اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﻀﻢﱡ ﻋ ﺪدًا ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗﯿ ﺎم ﻣ ﺆذنِ ﻣ ﺴﺠﺪٍ ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺑﺮ ﻓ ﻊ اﻷذان ﯾُﻌﺘَﺒَ ﺮ ﻗﯿﺎﻣ ًﺎ ﺑ ﺎﻟﻔﺮض ﻣ ﻦ أھ ﻞ ﻣﺪﯾﻨﺘ ﮫ أو ﻗﺮﯾﺘ ﮫ‪ ،‬وﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻟ ﻮ ﻗﺎﻣ ﺖ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‬
‫اﻷﺧﺮى ﺑﺒﺚ اﻷذان اﻟﻤﺴﺠﱠﻞ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻋﻤﻠﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻣﺠ ﺮد إﻋ ﻼ ِم اﻟﻨ ﺎس ﺑ ﺪﺧﻮل‬
‫وﻗﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾُﻌﺘﺒﺮ ﻓﻌﻠُﮭﺎ ھﺬا ﺗﺄدﯾﺔً ﻟﻔﺮض اﻷذان‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻨﺎل ﻓﺎﻋﻠُﮫ ﺛﻮابَ اﻟﺘﺄذﯾﻦ اﻟ ﺬي ﯾﻨﺎﻟ ﮫ ﻟ ﻮ‬
‫ﻗﺎم ھﻮ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﺑﺮﻓﻊ اﻷذان ‪.‬‬

‫ﻂ ﻣﺴﺎﺟ ُﺪ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺑﺸﺒﻜﺔ إذاﻋ ٍﺔ ﻣﻮﺣﱠﺪة ﺗﻘﻮم ﺑﺒﺚ اﻷذان‬

‫وﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أن ﺗُﺮﺑَ َ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺆذن إﺣ ﺪاھﺎ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻤﻊ أھ ﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة ﺻ ﻮت ﻣ ﺆذن واﺣ ﺪ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ واﺣ ﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ ﻣ ﻦ‬
‫ﺳﻤﱠﺎﻋﺎت اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺟﺎﺋﺰة ﺷﺮطَ أن ﯾَﺮﻓﻊ اﻷذان ﻣﺆذنٌ ﺑﺸﺨﺼﮫ وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ ﺷ ﺮﯾﻂ‬
‫ﻣ ﺴﺠﱠﻞ‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﺣ ﺼﻠﺖ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﺑﻮاﺳ ﻄﺔ ﺷ ﺮﯾﻂ ﻣ ﺴﺠﱠﻞ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻻ ﺗﻔ ﻲ ﺑ ﺎﻟﻐﺮض ‪ ،‬وﯾ ﺄﺛﻢ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺟﻤﯿﻌُﮭﻢ‪.‬‬

‫ن ﻓ ﻲ اﻟﺒﻠ ﺪ اﻟﻮاﺣ ﺪ‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ وﻓ ﻲ اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺳ ﺒﻘﺘﮭﺎ ھ ﻲ أن ﯾَﺮﻓ ﻊ اﻷذا َ‬
‫ﻞ اﻟﺒﻠ ﺪ أن ﯾ ﺴﺘﻌﻤﻠﻮا اﻷذان اﻟﻤ ﺴﺠﱠﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‬ ‫ﺺ واﺣﺪ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻋﻠﻰ اﻷﻗ ﻞ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻻ ﯾ ﻀﯿﺮ أھ َ‬ ‫ﺷﺨ ٌ‬
‫ن ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻮاﺣﺪ أيﱡ ﻣُﺆذﱢن ﺑﻨﻔ ﺴﮫ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬وﯾ ﺄﺛﻢ ﺟﻤﯿ ﻊ‬ ‫اﻷﺧﺮى ﺑﻌﺪﺋﺬٍ‪ ،‬أﻣﱠﺎ أن ﻻ ﯾَﺮﻓﻊ اﻷذا َ‬
‫اﻟﺴﻜﺎن‪.‬‬

‫وﯾﺤﺼﻞ أن ﺗﻘﻊ ﻗﺮﯾﺘﺎن ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺿ ﯿﻘﺔ ﻻ ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﺳ ﻮى ﻣﯿﻠ ﯿﻦ أو ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل ﻣ ﺜﻼً‪،‬‬
‫ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻮ ُأذﱢن ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ إﺣﺪى اﻟﻘﺮﯾﺘﯿﻦ ﺳﻤﻊ أھ ُﻞ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻷﺧﺮى اﻷذان ھﺬا‪ ،‬ﻓﺈن اﻷذان ھﺬا ﯾُﺴﻘﻂ‬
‫اﻟﻔﺮض ﻋﻦ أھﻞ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺴﻘﻄﮫ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻷﺧﺮى‪ ،‬إذ ﻻ ﺑﺪ ﻷھﻞ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻷﺧﺮى‬
‫ﻣِﻦ أن ﯾﺮﻓﻌﻮا ھﻢ أﯾﻀًﺎ اﻷذان ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺘﮭﻢ‪ ،‬أي ﻻ ﺑﺪ ﻷھﻞ ﻛﻞ ﻗﺮﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻘ ﺮﯾﺘﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑﻔ ﺮض‬
‫اﻟﺘﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﺳﻮاء وﺻﻞ أذان إﺣﺪاھﻤﺎ إﻟﻰ اﻷﺧﺮى أو ﻟﻢ ﯾﺼﻞ‪.‬‬

‫‪310‬‬
 ‫اﻹﻗﺎﻣ ُﺔ‪ :‬ﺣﻜﻤُﮭﺎ وأﻟﻔﺎﻇﮭﺎ‬
‫ض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ ﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ اﻷﻣ ﺼﺎر‪ ،‬وﻣﻨﺪوﺑ ﺔ ﻟﻤ ﻦ ھ ﻢ ﺧ ﺎرج‬ ‫اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻤﮭﺎ ﺣﻜﻢ اﻷذان ﻓﺮ ٌ‬
‫ﺣﺪود اﻷﻣﺼﺎر ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺮﯾﻦ وﻣﺰارﻋﯿﻦ ورﻋﺎة وﻣﺘﻨﺰھﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ اﻟﺪرداء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛ ٍﺔ ﻓ ﻲ ﻗﺮﯾ ٍﺔ وﻻ ﻓ ﻲ ﺑ ﺪ ٍو ﻻ ﺗُﻘ ﺎم ﻓ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة إﻻ اﺳ ﺘﺤﻮذ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻓﻌﻠﯿ ﻚ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫ن وﻻ ﺗُﻘ ﺎم ﻓ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة إﻻ اﺳ ﺘﺤﻮذ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ‪ «...‬وﻓ ﻲ‬ ‫» ﻣﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻓ ﻲ ﻗﺮﯾ ﺔ ﻓ ﻼ ُﯾ ﺆ ﱠذ ُ‬
‫رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻷﺣﻤﺪ » ﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻤ ﺴﺔ أﺑﯿ ﺎت ﻻ ُﯾ ﺆذﱠن ﻓ ﯿﮭﻢ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة وﺗﻘ ﺎم ﻓ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺼﻼة إﻻ اﺳ ﺘﺤﻮذ‬
‫ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وإن اﻟ ﺬﺋﺐ ﯾﺄﺧ ﺬ اﻟ ﺸﱠﺎذﱠة‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿ ﻚ ﺑﺎﻟﻤ ﺪاﺋﻦ ‪ «...‬ﻓﻘ ﺪ وردت اﻷﻟﻔ ﺎظ اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ )ﻓ ﻲ‬
‫ﻗﺮﯾ ﺔ وﻻ ﻓ ﻲ ﺑ ﺪو( )ﻓ ﻲ ﻗﺮﯾ ﺔ( )ﺧﻤ ﺴﺔ أﺑﯿ ﺎت( وھ ﺬه اﻷﻟﻔ ﺎظ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻜﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺒﻠ ﺪان‬
‫ك‬
‫واﻟﺴﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻮادي‪ ،‬وھﺬا ﻗﯿﺪٌ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿ ﮫ‪ .‬ﺛ ﻢ إﻧ ﮫ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻧ ﺼﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﺷ ﺘﺮا ُ‬
‫اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ إﻋﻄﺎؤُھﻤﺎ ﺣﻜﻤًﺎ واﺣﺪًا ﻟﻌ ﺪم وﺟ ﻮد ﻗﺮﯾﻨ ﺔ أو دﻟﯿ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ‪.‬‬

‫ﻦ ﻟ ﮫ أن‬‫ﺳ ﱠ‬
‫وﯾُﺴﻦ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺠﻠﺴﺔ‪ ،‬وﻋﺪم اﻟﻤﻮاﻻة ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ أراد أن ﯾُﻘﯿﻢ ُ‬
‫ﻼ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺄذﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻟﯿﻠ ﻰ ‪ -‬ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾ ﻞ ‪ -‬ﻗ ﺎل »وﺣ ﺪﺛﻨﺎ‬ ‫ﯾﻤﻜ ﺚ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ‪ ...‬ﻓﺠﺎء رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ ﻟ ﱠﻤ ﺎ رﺟﻌ ﺖ ﻟﻤ ﺎ رأﯾ ﺖ ﻣ ﻦ اھﺘﻤﺎﻣ ﻚ‬
‫ن ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻮﺑﯿﻦ أﺧﻀﺮﯾﻦ ﻓﻘﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺄذﱠن‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﻌﺪ ﻗﻌﺪة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓﻘ ﺎل ﻣﺜﻠﮭ ﺎ‪،‬‬ ‫رأﯾﺖ رﺟﻼً ﻛﺄ ﱠ‬
‫إﻻ أﻧﮫ ﯾﻘﻮل ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة ‪ ،...‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻟﻘﺪ أراك اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﺧﯿ ﺮاً ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ )ﺛﻢ ﻗﻌﺪ ﻗﻌﺪةً( ﺑﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫وﺗُﺆدﱠى اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ دون ﻣ ﱟﺪ وﻻ ﺗﺮﺗﯿﻞ ﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﻮارد‬
‫ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]أﺣﻮال اﻟﻤﺆذن[ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »وﻧﺤﺬف اﻹﻗﺎﻣﺔ« أي ﻧﺴﺮع ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻦ ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺆذن‬ ‫ﻦ ﻟ ﮫ أن ﯾﻘ ﯿﻢ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻟ ﻢ ُﯾ ﺴ ﱠ‬‫ﺳﱠ‬‫وﻣَﻦ أراد أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ﻣﻨﻔﺮدًا أو ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ُ‬

‫ﻟﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾُﻐﺮﱢر ﺑﺎﻟﻨﺎس وﺗﺨﺘﻠﻂ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟ ﺼﻠﻮات‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻼة ﻓﻤ ﺴﻨﻮن‪ ،‬وإذا‬
‫ﺗﻌﺪدت اﻟﻔﻮاﺋﺖ ﺗﻌﺪدت ﺑﺘﻌﺪدھﺎ اﻹﻗﺎﻣﺎت‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺣُﺒﺴﻨﺎ ﯾ ﻮم اﻟﺨﻨ ﺪق‬
‫ﻋﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮب ھُﻮ ﱠﯾ ًﺎ وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺰل ﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎل ﻣ ﺎ ﻧ ﺰل‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛُﻔﯿﻨ ﺎ اﻟﻘﺘ ﺎل‬
‫ﻋ ِﺰ ْﯾ َﺰًا[ أﻣ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑ ﻼ ًﻻ ﻓﺄﻗ ﺎم اﻟﻈﮭ ﺮ‪،‬‬
‫ن اﷲُ َﻗ ِﻮﯾﱠ ًﺎ َ‬ ‫وذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ]و َﻛﻔَﻰ اﷲُ اﻟﻤﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬
‫ﻦ اﻟ ِﻘ َﺘ ﺎ َل و َﻛ ﺎ َ‬
‫ﻓﺼﻼھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺎم اﻟﻌﺼﺮ ﻓﺼﻼھﺎ ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓ ﻲ وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻗ ﺎم اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‪.‬‬ ‫ﻓﺼﻼھﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫أﻣﺎ أﻟﻔﺎظ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎﻟﻚ ﯾﺄﺧﺬ ﺑﺤﺪﯾﺚ أﻧﺲ »ُأ ِﻣ َﺮ ﺑ ﻼل أن ﯾ ﺸﻔﻊ اﻷذان‬
‫وأن ُﯾ ﻮﺗِﺮ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻗ ﺎﺋﻼً إن ﻛﻠﻤ ﺎت اﻹﻗﺎﻣ ﺔ ﺗُ ﺆدﱠى وِﺗ ﺮاً وﻣﻨﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﻗﺎﻣ ﺖ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن ﻛﻠﻤﺎت اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻨﺪه ﻋﺸﺮاً‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫ﺣﱠ‬

‫‪311‬‬
 ‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ .‬وھﺬه ﻋﺸﺮ ﻛﻠﻤﺎت‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷﺣﻨﺎف وﻣﻌﮭﻢ اﻹﻣﺎم اﻟﺜﻮري ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن إن أﻟﻔﺎظ اﻹﻗﺎﻣﺔ ھﻲ أﻟﻔﺎظ اﻷذان ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻣﻊ زﯾ ﺎدة‬
‫ﻛﻠﻤﺔ ‪ -‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة ‪ -‬ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن ﻛﻠﻤﺎت اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻨﺪھﻢ ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣ ﱠ‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣ ﱠ‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ .‬وھﺬه ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪.‬‬
‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ھﺬا ﺑﻤﺎ روى أﺑﻮ داود ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ ﻋﻦ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أُﺣﯿﻠ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣ ﻮال‪ ،‬وأُﺣﯿـ ـﻞ اﻟ ﺼﯿــﺎم ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣ ﻮال ‪ -‬وﺳ ﺎق ﻧ ﺼﺮٌ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺺ اﺑ ﻦ اﻟﻤﺜﻨ ﻰ ﻣﻨ ﮫ ﻗ ﺼﺔ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ ﻧﺤ ﻮ ﺑﯿ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪس ﻗ ﻂ ‪ -‬ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﺤ ﺎل اﻟﺜﺎﻟ ﺚ أن‬ ‫ﺑﻄﻮﻟ ﮫ‪ ،‬واﻗ ﺘ ﱠ‬
‫رﺳـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪم اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﺼﻠﱠﻰ ـ ﯾﻌﻨﻲ ﻧﺤﻮ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ـ ﺛﻼﺛﺔ ﻋ ﺸﺮ ﺷ ﮭﺮاً‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﺰل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﺠ ِﺪ‬
‫ﺴِ‬
‫ﻄ َﺮ اﻟ َﻤ ْ‬
‫ﺷ ْ‬
‫ﻚ َ‬
‫ﺟ َﮭ َ‬
‫ﺿ ﺎھَﺎ َﻓ َﻮلﱢ َو ْ‬
‫ﻚ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱠﻤَﺎ ِء َﻓ َﻠﻨُ َﻮﻟﱢ َﯿﻨﱠ ﻚ ِﻗ ْﺒ َﻠ ًﺔ َﺗ ْﺮ َ‬ ‫ﺟ ِﮭ َ‬ ‫ھﺬه اﻵﯾﺔ ] َﻗ ْﺪ َﻧﺮَى َﺗ َﻘﻠﱡ َ‬
‫ﺐ َو ْ‬
‫ﻄ َﺮهُ[ ﻓﻮﺟﱠﮭﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ‪ ،‬وﺗﻢ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ ،‬وﺳ ﻤﱠﻰ‬ ‫ﺷْ‬‫ﺣ ْﯿﺚُ ﻣَﺎ ﻛُ ْﻨﺘُ ْﻢ َﻓ َﻮﻟﱡﻮا وُﺟُ ْﻮ َھﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﺤﺮَا ِم و َ‬
‫اﻟ َ‬
‫ﻧﺼﺮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺮؤﯾﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺠﺎء ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ ‪ :‬ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ‬
‫ﻗﺎل‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ‪ -‬ﻣﺮﺗﯿﻦ –‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح ‪ -‬ﻣﺮﺗﯿﻦ –‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫ﺛﻢ أﻣﮭﻞ ھُﻨﯿﱠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻘﺎل ﻣﺜﻠﮭﺎ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬زاد ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺣ ﻲﱠ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﻼح‪ ،‬ﻗ ﺪ ﻗﺎﻣ ﺖ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻟ ﱢﻘﻨْﮭﺎ ﺑ ﻼﻻً‪ ،‬ﻓ ﺄذﱠن ﺑﮭ ﺎ ﺑ ﻼل ‪ . «...‬وﺑﻤ ﺎ روى‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ ﻗﺎل »ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾ ﺪ‬

‫‪312‬‬
‫ﻼ ﻗ ﺎم وﻋﻠﯿ ﮫ ﺑ ﺮدان‬
‫ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻨ ﺎم ﻛ ﺄن رﺟ ً‬‫اﻷﻧﺼﺎري ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬رأﯾ ُ‬
‫أﺧﻀﺮان ﻋﻠﻰ ﺟِﺬﻣﺔ ﺣﺎﺋﻂ‪ ،‬ﻓﺄذن َﻣﺜْﻨﻰ وأﻗﺎم َﻣﺜْﻨﻰ‪ ،‬وﻗﻌﺪ َﻗﻌْﺪة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓ ﺴﻤﻊ ذﻟ ﻚ ﺑ ﻼل ﻓﻘ ﺎم ﻓ ﺄذن‬
‫َﻣﺜْﻨﻰ َﻣﺜْﻨﻰ‪ ،‬وأﻗﺎم ﻣﺜﻨﻰ وﻗﻌﺪ ﻗﻌﺪة «‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺟﺬﻣﺔ ﺣﺎﺋﻂ ‪ :‬أي ﺑﻘﯿﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﺋﻂ ﻣﺘﮭﺪﱢم‪ .‬وﺑﻤﺎ روى اﺑﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة ﻗﺎل »ﻋﻠﱠﻤﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻷذان ﺗﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺳ ﺒﻊ ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬اﻷذان‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ .‬واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ ﻻ اﷲ«‪.‬‬
‫وﺑﻤﺎ روى اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻠﱠﻤﮫ اﻷذان ﺗﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤ ﺔ‪ ،‬واﻹﻗﺎﻣ ﺔ‬
‫ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ«‪.‬‬

‫ﻓ ﺄﻗﻮل ‪ :‬أﻣ ﺎ رأي اﻟﻤﺎﻟﻜﯿ ﺔ ﻓ ﺈن اﺳ ﺘﻨﺎدھﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل »وأن ﯾ ﻮﺗﺮ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ« ﻟﻠﻘ ﻮل ﺑ ﺄن ﻛﻠﻤ ﺎتِ‬
‫اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﺸﺮٌ‪ ،‬ﯾُﺮدﱡ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﮭﯿﻦ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﮭﺬا اﻟﻨﺺ وإﻋﻤﺎﻟَﮫ دون ﻧﻈ ٍﺮ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ ذﻛ ﺮت ﻛﻠﻤ ﺎت اﻹﻗﺎﻣ ﺔ‬
‫ﻋﺮْﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﺄ ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﺧﻄﺄ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ‬ ‫ﯾﺠﻌﻞ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺼﺎدر ﺑﻤﻮﺟﺒﮫ ُ‬
‫ھﺬا اﻟﻨﺺ ﯾﺄﺧﺬون ﺑﺘﺜﻨﯿﺔ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻌﺎرِضٌ ﻟﻠ ﻨﱠﺺ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎذا ﯾُﻌﻤِﻠ ﻮن اﻟ ﻨﺺ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ )ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة( وﻻ ﯾُﻌﻤِﻠﻮﻧﮫ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ )اﷲ أﻛﺒﺮ(؟‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫ب‪ -‬ﻧﻌﻢ ﻗﺪ رُوي ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺎﻟﻨﺺ اﻟﻮارد‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻤﺎً اﻟﻠ ﺬﯾﻦ روﯾ ﺎ ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ‬
‫ﻗﺪ روﯾﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺰﯾﺎدة »إﻻ اﻹﻗﺎﻣﺔ« ﻓﻌﻨﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أُﻣ ﺮ ﺑ ﻼل أن‬
‫ﯾﺸﻔﻊ اﻷذان وأن ﯾُﻮﺗﺮ اﻹﻗﺎﻣﺔ إﻻ اﻹﻗﺎﻣﺔ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧ ﺮى ﻟ ﮫ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ »أُﻣ ﺮ ﺑ ﻼل أن ﯾ ﺸﻔﻊ‬
‫اﻷذان وأن ﯾُﻮﺗِﺮ اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻗﺎل إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ‪ :‬ﻓﺬﻛﺮتُ ﻷﯾﻮب ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻻ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ« ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ »زاد‬
‫ﯾﺤﯿﻰ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ ﻋﻦ أﺑﻦ ﻋُﻠﯿﱠﺔ‪ :‬ﻓﺤﺪﺛﺖ ﺑﮫ أﯾﻮب ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻻ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ«‪ .‬وھﻜ ﺬا ﺗﻜ ﻮن ﻛﻠﻤ ﺎت اﻹﻗﺎﻣ ﺔ‬
‫ﺑﺈﻋﻤﺎل ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪.‬‬
‫وأﻣﺎ رأي اﻷﺣﻨﺎف ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫أ‪ -‬أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ داود ﻓﺈن ﻛﻠﻤﺎت اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻮاردة ﻓﯿﮫ ﻋﺪدھﺎ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺟﺎءت ﻛﻠﻤﺎت اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﯿﮫ ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺒ ﺄي اﻟﻌ ﺪدﯾﻦ ﯾﺄﺧ ﺬون؟ ﺛ ﻢ إن ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫أﺑﻲ داود ھﺬا ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﮭﻤﺎم اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ )إن اﺑﻦ أﺑﻲ ﻟﯿﻠﻰ ﻟ ﻢ ﯾ ﺪرك‬
‫ﻣﻌﺎذًا وھﻮ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺣﺠﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ( وھﺬا ﻣﻦ ﻋﺠﯿﺐ اﻟﻘﻮل؟!‪.‬‬

‫ب‪ -‬إن ﺻﯿﻐﺔ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻨﺪ أﺑﻲ ﻣﺤﺬورة وردت َﻣﺜْﻨﻰ وﻟﯿﺴﺖ وﺗﺮاً‪ ،‬وھﺬا ﻣُﻌ ﺎرَض ﺑﺎﻟﺮواﯾ ﺎت‬
‫اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ إن اﻹﻗﺎﻣ ﺔ وﺗ ﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »أُﻣ ﺮ ﺑ ﻼل أن ﯾ ﺸﻔﻊ اﻷذان وأن ُﯾ ﻮﺗِﺮ‬
‫اﻹﻗﺎﻣﺔ إﻻ اﻹﻗﺎﻣﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »إﻧﻤﺎ ﻛﺎن اﻷذان ﻋﻠـﻰ ﻋﮭﺪ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻣﺮﺗﯿﻦ واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮة‪ ،‬ﻏﯿﺮ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺪ ﻗﺎﻣ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺳ ﻤﻌﻨﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ذﻟﻚ ﺗﻮﺿﺄﻧﺎ ﺛﻢ ﺧﺮﺟﻨﺎ« رواه اﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬

‫ض ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟﻜﺜﯿ ﺮة‬

‫ﻻ أﻗ ﺎم َﻣﺜْﻨ ﻰ ُﻣ َﻌ ﺎ َر ٌ‬
‫ج‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ اﻟﺬي ﯾﺬﻛﺮ أن ﺑ ﻼ ً‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ أن ﺑﻼﻻً ﻛﺎن ﯾﻘﯿﻢ وﺗﺮاً‪ ،‬وأن اﻟﻔﻌﻞ ھﺬا ﻣﻦ ﺑﻼل ﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻃﯿﻠﺔ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻟﺬا‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع اﻷﺧﺬ ﺑﮭ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ وﺗ ﺮك اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻌﺪﯾ ﺪة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ﺑﻐﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ‪.‬‬
‫وﯾﺤﻀﺮﻧﻲ ھﻨ ﺎ ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ اﻷﺛﯿ ﺮ )ﻗ ﺎل اﻟﺨﻄﱠ ﺎﺑﻲ ‪ ...‬وﻟ ﻢ َﯾ ﺰل وُﻟْ ﺪُ أﺑ ﻲ ﻣﺤ ﺬورة ـ وھ ﻢ اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾﻠُ ﻮن‬
‫اﻷذان ﺑﻤﻜﺔ ـ ُﯾ ْﻔﺮِدون اﻹﻗﺎﻣ ﺔ وﯾﺤﻜﻮﻧ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪھﻢ(‪ .‬ﻓ ﺈن ﺻ ﺢ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻓﮭ ﻮ اﻟﻔﯿ ﺼﻞ ﻓ ﻲ ﻣﺤ ﻞ‬
‫اﻟﺨﻼف‪.‬‬

‫إن اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﺮاﺟﺤﺔ ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ ھﻲ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﯿُﺸﺮع اﻋﺘﻤﺎدھﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﮭ ﺎ‪،‬‬
‫وھﺬه ھﻲ‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪،‬‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫ﻓﻌﻦ أﻧـﺲ رﺿــﻲ اﷲ ﻋﻨــﮫ ﻗﺎل »أًﻣ ﺮ ﺑ ﻼل أن ﯾ ﺸﻔﻊ اﻷذان وأن ُﯾ ﻮﺗِﺮ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ إﻻ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﺑﻤﻘﺘ ﻀﻰ ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ﻓ ﺈن ﻛﻠﻤ ﺎت اﻹﻗﺎﻣ ﺔ ﺗﻜ ﻮن إﺣ ﺪى ﻋ ﺸﺮة‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ اﻟﻮارد ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﻓ ﺮض اﻷذان وأﻟﻔﺎﻇ ﮫ[ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ » ‪ ..‬ﺗﻘ ﻮل‬
‫إذا أﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة‪:‬‬

‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬

‫أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ‪،‬‬
‫ﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ‪،‬‬
‫ﺣﱠ‬
‫ﺣﻲﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻼح‪،‬‬
‫ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة ‪،‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪«...‬‬
‫وﻛﻠﻤﺎﺗﮭﺎ إﺣﺪى ﻋ ﺸﺮة‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ذھ ﺐ إﻟ ﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻷوزاﻋ ﻲ وإﺳ ﺤﻖ وأﺑ ﻮ‬
‫ﺛﻮر وداود‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـ ُﻞ اﻟﺮاﺑـﻊ‬
‫أﺣﻮالُ اﻟﻤﺼﻠﻲ‬
‫اﻟﻄﮭﺎر ُة ﻟﻠﺼﻼة‬
‫إﻧ ﮫ ﻟﻤ ﻦ اﻟﻤﻌﻠ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة أن اﻟ ﺼﻼة ُﯾ ﺸﺘﺮط ﻟﮭ ﺎ اﻟﻄﮭ ﺎرة ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﺛﯿﻦ اﻷﻛﺒ ﺮ‬
‫واﻷﺻﻐﺮ ﻻ أﻋﻠﻢ ﻓﻘﯿﮭًﺎ ﯾﻘﻮل ﻏﯿﺮ ھﺬا‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺮى ﻋﻠﻰ ھﺬا ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﺘﺎﺑﻌﻮن وﺳﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪاﻟﱠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪:‬‬

‫‪315‬‬
‫ﺟ ْﻮ َھ ُﻜ ْﻢ وَأ ْﯾ ِﺪ َﯾ ُﻜ ْﻢ إﻟ ﻰ‬
‫ﻏ ﺴِﻠُﻮا ُو ُ‬‫ﻦ آ َﻣ ُﻨ ﻮْا إذَا ُﻗ ْﻤ ُﺘ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﱠﻼةِ ﻓﺎ ْ‬ ‫أ‪ -‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‪َ ] :‬ﯾ ﺎ أ ﱡﯾ َﮭ ﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻃ ﱠﮭﺮٌوا ‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 6‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﺟﻨُﺒ ًﺎ ﻓ ﺎ ﱠ‬
‫ن َﻛ ْﻨ ﺘُﻢ ُ‬
‫ﺳ ُﻜ ْﻢ وَأ ْرﺟُ َﻠ ُﻜ ْﻢ إﻟ ﻰ اﻟ َﻜ ْﻌ َﺒ ْﯿﻦِ وإ ْ‬
‫ﺴﺤُﻮا ﺑ ُﺮ ُؤ ْو ِ‬ ‫اﻟ َﻤﺮَا ِﻓ ﻖِ وا ْﻣ َ‬
‫ﺳـﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫ن‬ ‫ب‪ -‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﯾَﺎ أﯾﱡﮭَﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬

‫ﻦ آ َﻣﻨُﻮْا ﻻ َﺗ ْﻘ َﺮﺑُﻮْا اﻟﺼﱠﻼ َة وَأ ْﻧﺘُ ْﻢ ﺳُ ﻜَﺎرَى ﺣﺘﱠ ﻰ َﺗ ْﻌ َﻠﻤُ ﻮا َﻣ ﺎ َﺗﻘُ ْﻮﻟُ ْﻮ َ‬
‫ﺴﻠُﻮْا ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 43‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬ ‫ﺳ ِﺒ ْﯿ ٍﻞ ﺣﺘﱠﻰ َﺗ ْﻐ َﺘ ِ‬
‫وَﻻ ﺟُﻨُﺒ ًﺎ إﻻ ﻋَﺎ ِﺑﺮِي َ‬

‫ج‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮﺿ ﻮء وﺗﺤﺮﯾﻤﮭ ﺎ‬

‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ وﺗﺤﻠﯿﻠﮭﺎ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﺠُﻨ ﺐ ﻋﻨ ﺪ إﻗﺎﻣ ﺔ‬
‫اﻵﯾﺔ اﻷوﻟﻰ أﻣ ﺮت ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء ﻋﻨ ﺪ إﻗﺎﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬واﻻﻏﺘ ﺴﺎل ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻟﻠ ُ‬
‫ﺠُﻨ ﺐ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺸﺮﯾﻒ‬ ‫اﻟﺼﻼة أﯾﻀﺎً‪ ،‬واﻵﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ أﻣﺮت ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻟﻠ ُ‬
‫وﺻ ﻒ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺑﺄﻧ ﮫ ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼـﻼة‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺪﺧﻞ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة إﻻ ﺑﺎﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺟﺎء اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﱠﻄﮭﱡﺮ ﻗﺒ ﻞ أداء اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻜ ﻮن ﻃ ﺎھﺮًا ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﺪﺛﯿﻦ اﻷﻛﺒﺮ واﻷﺻﻐﺮ إن ھﻮ أراد اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ط‬
‫ورب ﻗﺎﺋﻞ ﯾﻘﻮل إن وﺟﻮب اﻟﻄﮭﺎرة ﻟﻠ ﺼﻼة ﻣ ﺴﻠﱠﻢ ﺑ ﮫ وﻟﻜ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﻄﮭ ﺎرة ﺷ ﺮ ٌ‬
‫ﻞ‬
‫ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻛﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﱠﻮﺟﱡﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ وإن ﻛﺎن ﻣﻦ واﺟﺒﺎت اﻟﺼﻼة إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ دﻟﯿ ٌ‬
‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺷﺮط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﮭﺬا ﻛﺬاك‪ .‬ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء‪ :‬ﻧﻌ ﻢ إن ﻣﺠ ﺮد اﻟﻮﺟ ﻮب ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ‬
‫ﺷﺮط‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ إن ﻟﻢ ُﯾ َﻘ ْﻢ ﺑﮫ ﻓﺈن ﺻﺎﺣﺒﮫ ﯾﺄﺛﻢ وﺗﺒﻘﻰ اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ﺷ ﺮط ﺻ ﺤﺔ‬
‫اﻟﺼﻼة إن ﻟﻢ ُﯾ َﻘﻢْ ﺑﮫ ﻓﺈن اﻟﺼﻼة ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ،‬وﻧﻘﻮل إن اﻟﻄﮭﺎرة ﺷ ﺮط ﺻ ﺤﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫واﺟﺒﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺸﺮع اﻋﺘﺒﺮ اﻟﺼﻼة ﺑﺪون اﻟﻄﮭﺎرة ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﻄﮭﺎرة‬
‫ط ﺻﺤﺔٍ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﯾﻘﺒﻞ اﷲ ﺻﻼ َة َﻣ ﻦ أﺣ ﺪث‬ ‫ﺷﺮ ُ‬
‫ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﺗُﻘﺒ ﻞ ﺻ ﻼ ُة أﺣ ﺪﻛﻢ إذا أﺣ ﺪث ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﺘﻮﺿ ﺄ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﻧ ﺺﱞ ﯾﻔﯿ ﺪ أن اﻟﻮﺿ ﻮء ﺷ ﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة وﻗﺒﻮﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻏُﻠ ﻮل«‬‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻻ ﺗُﻘﺒ ﻞ ﺻ ﻼ ٌة ﺑﻐﯿ ﺮ ﻃﮭ ﻮر‪ ،‬وﻻ ﺻ ﺪﻗ ٌﺔ ِﻣ ﻦ ُ‬
‫ﻄ ﱡﮭ ﻮر ‪ -‬ﻋﻤ ﻮم اﻟﻄُ ﱡﮭ ﻮر ‪-‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺪارﻣﻲ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وھ ﺬا ﻧ ﺺ ﯾﻔﯿ ﺪ أن اﻟ ُ‬
‫ط ﻟﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة وﻗﺒﻮﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء ورﻓ ﻊ اﻟﺤ ﺪث اﻷﻛﺒ ﺮ‪ ،‬أي اﻟﻐ ﺴﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‪.‬‬ ‫ﺷﺮ ٌ‬
‫ﻓﺎﻟﺘﻄﮭﱡﺮ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء واﻟﺘﻄﮭﱡﺮ ﺑﺎﻟﻐﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻛﻼھﻤ ﺎ ﺷ ﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻛﻤ ﺎ ﻗﻠ ﺖ ﻓ ﻲ أول‬
‫اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬ﻓﺈن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪.‬‬

‫ﺳَﺘ ُﺮ اﻟﻌَﻮرة‬
‫ﻞ ﻻ ﯾﻘﺒ ﻞ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ ﺻ ﻼة ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ‬ ‫ﺳَﺘﺮ اﻟﻌﻮرة ﺷﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة وﻗﺒﻮﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺎﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫وھ ﻮ ﻛﺎﺷ ﻒ ﻋﻮرﺗ ﮫ‪ ،‬ﯾ ﺴﺘﻮي ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟ ﺬﻛﻮر واﻹﻧ ﺎث‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة أﻣ ﺎم اﻟﻨ ﺎس أو ﻓ ﻲ‬
‫ﺧﻠﻮة‪ ،‬ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺴﺘﺮ ﻋﻮرﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﯾ ﺎ َﺑ ِﻨ ﻲ آ َد َم ﺧُ ﺬُوْا ِز ْﯾ َﻨ ﺘﻜُ ْﻢ ِ‬
‫ﻋ ْﻨ َﺪ ﻛُ ﻞﱢ‬
‫ﺠ ٍﺪ ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 31‬ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﻋ ﺮاف‪ .‬وﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺳ ﺒﺐ ﻧ ﺰول ھ ﺬه‬ ‫ﺴِ‬
‫َﻣ ْ‬
‫ﺧ ﺬوا زﯾﻨ ﺘَﻜﻢ‬ ‫اﻵﯾﺔ ﻓﻘﺎل »ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة إذا ﻃﺎﻓﺖ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺗُﺨﺮج ﺻﺪرَھﺎ وﻣﺎ ھﻨﺎك ﻓﺄﻧﺰل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ُ‬
‫ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﺴﺠﺪ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺰﯾﻨ ﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ھ ﻲ اﻟﻠﺒ ﺎس وﺳ ﺘﺮ اﻟﻌ ﻮرة‪ ،‬وروى‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬‫اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺻ ﻠﱠﻰ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓَ ْﻠ َﯿﺘﱠ ِﺰ ْر و ْﻟﯿَﺮﺗ ﺪِ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻄﺤـﺎوي‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﯾﻘﺒ ﻞ اﷲ ﺻ ﻼة‬

‫‪316‬‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وروى ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ »أن‬ ‫ﺾ إﻻ ﺑﺨﻤ ﺎر« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣ ﺎﺋ ٍ‬
‫ﺧﻤْ ﺮةٍ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﯿﺔ أُم ﻃﻠﺤﺔ اﻟﻄﻠﺤﺎت‪ ،‬ﻓﺮأت ﺑﻨﺎت ﻟﮭ ﺎ ﯾ ﺼﻠﯿﻦ ﺑﻐﯿ ﺮ ِ‬
‫ﻲ‬‫ﺼﱢﻠ َﯿﻦﱠ ﺟﺎرﯾ ٌﺔ ﻣ ﻨﮭﻦ إﻻ ﻓ ﻲ ﺧﻤ ﺎر‪ ،‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬دﺧ ﻞ ﻋﻠ ﱠ‬ ‫ﻀﻦ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ :‬ﻻ ُﺗ َ‬‫ﻗﺪ ﺣِ ْ‬
‫ﺷﻘﱢﯿﮫ ﺑ ﯿﻦ ھ ﺬه وﺑ ﯿﻦ اﻟﻔﺘ ﺎة اﻟﺘ ﻲ ﻓ ﻲ ﺣﺠ ﺮ أُم‬
‫ﺣﻘْﻮه ﻓﻘﺎل‪ُ :‬‬
‫ﻲ َ‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﺠﺮي ﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺳﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أراھ ﺎ إﻻ ﻗ ﺪ ﺣﺎﺿ ﺖ أو ﻻ أراھﻤ ﺎ إﻻ ﻗ ﺪ ﺣﺎﺿ ﺘﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ُﯾ ﺼﻠﯿﻦ ﺑﻐﯿ ﺮ‬
‫ﺤﻘْﻮ ‪ :‬ھﻮ ﻣﻮﺿﻊ اﻹزار وھﻮ ھﻨﺎ اﻹزار ﻧﻔ ﺴﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫ﺧِﻤﺮة‪ :‬أي ﯾُﺼﻠﯿﻦ ﺑﻐﯿﺮ أﻏﻄﯿﺔ اﻟﺮؤوس‪ .‬واﻟ َ‬
‫أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» :r‬ﻻ ﯾﻘﺒ ﻞ اﷲ ﻣ ﻦ اﻣ ﺮأ ٍة ﺻ ﻼ ًة ﺣﺘ ﻰ ُﺗ ﻮاري‬
‫زﯾﻨﺘﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﻣ ﻦ ﺟﺎرﯾ ﺔ ﺑﻠﻐ ﺖ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺨﺘﻤ ﺮ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أُم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﺳﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬أﺗﺼﻠﻲ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ درع وﺧِﻤﺎر ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﮭﺎ إزار؟ ﻗﺎل‪ :‬إذا ﻛ ﺎن اﻟ ﺪرع‬
‫ﺳﺎﺑﻐﺎً ﯾُﻐﻄﻲ ﻇﮭﻮر ﻗﺪﻣﯿﮭﺎ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫ﺑﯿﱠﻨﺖ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص أن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻼة أن ﺗﺴﺘﺮ ﺟﻤﯿﻊ ﺑﺪﻧﮭﺎ ﻣﻦ رأﺳﮭﺎ ﺣﺘ ﻰ ﻗ ﺪﻣﯿﮭﺎ‬
‫ﺑﺪﻻﻟﺔ )اﻟﺨﻤﺎر( ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﺣﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ‪ ،‬و )ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺘﻤﺮ( ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ ،‬وﺑﺪﻻﻟ ﺔ‬
‫)ﻇﮭ ﻮر ﻗ ﺪﻣﯿﮭﺎ( ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ داود واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وﻻ ُﯾ ﺴﺘﺜﻨﻰ ِﻣ ﻦ ﺳ ﺘﺮ ﺑ ﺪﻧﮭﺎ ﺳ ﻮى اﻟﻮﺟ ﮫ واﻟﻜﻔ ﯿﻦ‬
‫ﻇ َﮭ َﺮ ِﻣ ْﻨﮭَﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 31‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﻮر‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬ ‫ﻓﺤﺴﺐ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] وَﻻ ﯾُ ْﺒ ِﺪ ْﯾ َ‬
‫ﻦ ِز ْﯾ َﻨ َﺘﮭُﻦﱠ إﻻ ﻣَﺎ َ‬
‫ﻇ َﮭ َﺮ ِﻣ ْﻨﮭَﺎ[ ھﻮ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﺴﱠﺮه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﺎﺋﺸﺔ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ ﺑﺎﻟﻮﺟﮫ‬ ‫]إﻻ ﻣَﺎ َ‬
‫واﻟﻜﻔﯿﻦ‪.‬‬

‫وﯾﺸﺘﺮط ﻟ ﺴﺘﺮ اﻟﻌ ﻮرة أن ﺗﻜ ﻮن اﻟﺜﯿ ﺎب ﺳ ﻤﯿﻜﺔ ﺗﺨﻔ ﻲ ﻟ ﻮن اﻟﺒ ﺸﺮة ﺗﺤﺘﮭ ﺎ ﻓ ﻼ ﺗُﺠ ﺰئ اﻟﺜﯿ ﺎب‬
‫اﻟﺮﻗﯿﻘﺔ اﻟﺸﻔﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أُﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ زﯾﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ‪ ...‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻚ ﻟ ﻢ ﺗﻠ ﺒﺲ‬
‫اﻟ ُﻘ ْﺒﻄِﯿﺔ؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻛﺴﻮﺗﮭﺎ اﻣﺮأﺗﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ُ :‬ﻣﺮْھﺎ ﻓﻠْﺘﺠﻌ ﻞ ﺗﺤﺘﮭ ﺎ ﻏﻼﻟ ًﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺈﻧﻲ أﺧ ﺎف أن ﺗ ﺼﻒ ﺣﺠ ﻢ‬
‫ﻋﻈﺎﻣﮭﺎ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬واﻟﻘُﺒﻄﯿﺔ ﻛﺴﺎء رﻗﯿﻖ ﯾُﻨﺴﺐ إﻟﻰ أﻗﺒﺎط ﻣﺼﺮ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻋ ﻮرة اﻟﺮﺟ ﺎل ﻓﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺮة إﻟ ﻰ اﻟ ﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻟﯿ ﺴﺖ اﻟ ﺴﱡﺮة وﻻ اﻟﺮﻛﺒﺘ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﻮرة ‪،‬‬
‫وﻟﻜ ﻦ اﻷﺣ ﻮط ﺳ ﺘﺮ اﻟ ﺴﺮة ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷﻧﮭ ﺎ ﻟ ﺼﻐﺮھﺎ ﻻ ﯾﻜ ﺎد اﻟﻤ ﺮء ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ وھ ﻮ ﯾﻨﻈ ﺮ اﻟﯿﮭ ﺎ أن‬
‫ﯾَﺼﺮف ﻧﻈﺮه ﻋﻤﺎ ﺗﺤﺘﮭﺎ ﻓﯿﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺮام ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ أﯾ ﻮب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﯾﻘﻮل »ﻣﺎ ﻓﻮق اﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻮرة ‪ ،‬وﻣﺎ أﺳﻔﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﺮة ﻣﻦ اﻟﻌ ﻮرة« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬وإذا زوﱠج أﺣﺪُﻛﻢ ﻋﺒ ﺪَه أﻣ َﺘ ﮫ أو أﺟﯿ ﺮَه‬
‫ﻓﻼ ﺗﻨﻈﺮ اﻷﻣﺔ إﻟﻰ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻋﻮرﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﺴﱡﺮة إﻟﻰ رﻛﺒﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﻮرة« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻔﺨﺬان ﻓﮭﻤــﺎ ﻣﻦ اﻟﻌــﻮرة ﻟﻤـــﺎ روى ﻣﺤﻤــﺪ ﺑﻦ ﺟﺤــﺶ ﻗـــﺎل »ﻣ ﱠﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وأﻧ ﺎ ﻣﻌ ﮫ‬
‫ﻂ ﻓﺨ ﺬﯾﻚ ﻓ ﺈن اﻟﻔﺨ ﺬﯾﻦ ﻋ ﻮرة« رواه أﺣﻤ ﺪ‬ ‫ﻋﻠ ﻰ ﻣَﻌْ َﻤ ﺮ وﻓﺨ ﺬاه ﻣﻜ ﺸﻮﻓﺘﺎن‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻣَﻌْ َﻤ ﺮ ﻏ ﱢ‬
‫ﺟ ْﺮھَـــﺪ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﺑﺼﺮه وﻗﺪ اﻧﻜﺸﻒ ﻓﺨﺬُه ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻋﻠﯿﮫ ﺑُﺮدة ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن‬ ‫واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ َ‬
‫اﻟﻔﺨﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮرة« رواه اﻟﺤﺎﻛـﻢ وﺻﺤﺤــﮫ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺣﺴﱠﻨﮫ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ‬
‫ﻗﺮﯾﺒﺔ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﻔﺨ ﺬ ﻋ ﻮرة« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫وذﻛﺮه اﻟﺒﺨﺎري ﺗﻌﻠﯿﻘﺎً ‪ -‬أي ﺑﺪون ﺳﻨﺪ ‪.-‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﺪل ﺑ ﮫ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻔﺨ ﺬ ﻟ ﯿﺲ ﻋ ﻮرة‪ ،‬وأن اﻟﻌ ﻮرة ﻋﻨ ﺪھﻢ ھ ﻲ اﻟ ُﻘ ُﺒ ﻞ واﻟ ﱡﺪﺑُﺮ‬
‫ﻓﺤ ﺴﺐ ‪ -‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ رواه أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‬
‫ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻋﻦ ﻓﺨﺬه‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺄذن أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻓﺄذن ﻟﮫ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﺄذن ﻋﻤ ﺮ ﻓ ﺄذن ﻟ ﮫ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺳ ﺘﺄذن ﻋﺜﻤ ﺎن ﻓ ﺄرﺧﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺛﯿﺎﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻣﻮا ﻗﻠ ﺖ ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ اﺳ ﺘﺄذن أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ‬
‫وﻋﻤﺮ ﻓﺄذﻧﺖ ﻟﮭﻤﺎ وأﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﺳﺘﺄذن ﻋﺜﻤﺎن أرﺧﯿﺖ ﻋﻠﯿﻚ ﺛﯿﺎﺑﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أﻻ‬

‫‪317‬‬
‫أﺳﺘﺤﻲ ﻣﻦ رﺟﻞ واﷲِ إن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﮫ ؟« ‪ -‬ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ أن ھﺬا ﻓِﻌﻞٌ ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ل وأﻣ ٌﺮ ﻣﻨﮫ‪ ،‬واﻟﻘﻮل واﻷﻣﺮ أﻗﻮى ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻣﻦ اﻟﻔﻌ ﻞ ‪ ،‬ﺛ ﻢ إن‬ ‫واﻟﺴﻼم‪ ،‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻗﻮ ٌ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ رواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻀﻄﺠﻌًﺎ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻲ ﻛﺎﺷ ﻔﺎً ﻋ ﻦ ﻓﺨﺬﯾ ﮫ أو ﺳ ﺎﻗﯿﮫ‬
‫ﻓﺎﺳ ﺘﺄذن أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ‪ .«...‬ﻓﻔﯿ ﮫ ﺗ ﺮدﱡدٌ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻔﺨ ﺬﯾﻦ واﻟ ﺴﺎﻗﯿﻦ ‪ ،‬واﻟ ﺴﺎﻗﺎن ﻟﯿ ﺴﺘﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﻮرة ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺤﺘﻤﻼً ‪ ،‬وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺑﺨ ﺼﻮص ﻣ ﺎ رواه أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ‬
‫ي ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺈﻧﻲ‬ ‫اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻏﺰا ﺧﯿﺒ ﺮ ‪ -‬إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل »واﻧﺤ ﺴﺮ اﻹزار ﻋ ﻦ َﻓ ِ‬
‫ﺨ َﺬ ْ‬
‫ﺣ ﺴِﺮ اﻹزار«‪ .‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا‬ ‫ﻷرى ﺑﯿ ﺎض ﻓﺨ َﺬيْ ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ «... r‬رواه أﺣﻤ ﺪ ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ » ُ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺣﺎدﺛ ﺔ ﻓﻌ ﻞٍ‪ ،‬وﺗﻠ ﻚ أﻗ ﻮال وأواﻣ ﺮ ‪ ،‬ﻓﺘﻠ ﻚ أﻗ ﻮى ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل‪ .‬وﻣ ﻦ ﻧﺎﺣﯿ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﺈﻧﱠ ﮫ إذا‬
‫ﺗﻌﺎرﺿ ﺖ أواﻣ ﺮ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣ ﻊ أﻓﻌﺎﻟ ﮫ ﺣُﻤﻠ ﺖ أﻓﻌﺎﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬وﺑﻘﯿ ﺖ أﻗﻮاﻟ ﮫ‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔً و اﺟﺒﺔ اﻻﺗﱢﺒﺎع ﻛﻤﺎ ھ ﻮ اﻟﺤ ﺎل ھﻨ ﺎ‪ .‬واﻟﻨﺘﯿﺠ ﺔ ھ ﻲ إﱠﻧ ﮫ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ أن ﯾ ﺴﺘﺮ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﺳﺮﺗﮫ إﻟﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻼة إن ﻛﺎن ذﻛﺮًا‪ ،‬وأﻣﺎ اﻷﻧﺜﻰ ﻓﺘﺴﺘﺮ ﺟﻤﯿﻊ ﺑﺪﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﻮﺟﮫ واﻟﻜﻔﱠﯿﻦ‪.‬‬

‫اﻟﺜﻮبُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫إن اﻟﻤﺴﻠﻢ ذﻛﺮًا ﻛﺎن أو أُﻧﺜﻰ ﻣﺄﻣﻮر وﺟﻮﺑًﺎ ﺑﺴﺘﺮ ﻋﻮرﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﯾﻨﺪب ﻟ ﮫ ﻓ ﻮق ذﻟ ﻚ إن‬
‫ﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻜﺘﻔ ﯿﻦ أو ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﻛﺎن ذﻛﺮاً أن ﯾﻠﺒﺲ ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺮ اﻟﻌﻮرة‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻜﻮن ﺷﺊ ﻣﻦ ﺛﻮﺑ ﮫ ﻣﻠﻘ ً‬
‫أﺣ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب اﻟﻮاﺣ ﺪ ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋﺎﺗﻘﯿﮫ ﻣﻨﮫ ﺷﺊ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ » ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﺊ«‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾ ٍﺔ أُﺧﺮى ﻷﺣﻤﺪ »ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮫ ﻣﻨﮫ ﺷﺊ«‪ .‬ﺑﺎﻹﻓﺮاد‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻛﯿ ﺴﺎن »أﻧ ﮫ‬
‫رأى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎﺑﺦ ﺣﺘﻰ أﺗ ﻰ اﻟﺒﺌ ﺮ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣُﺘﱠ ﺰر ﺑ ﺈزار ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠﯿ ﮫ رداء‪ ،‬ﻓ ﺮأى‬
‫ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺌﺮ ﻋﺒﯿﺪاً ﯾُﺼﻠﱡﻮن‪ ،‬ﻓﺤﻞ اﻹزار وﺗﻮﺷﺢ ﺑﮫ وﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ .«...‬واﻟﺘﻮﺷﱡﺢ ھﻮ أن ُﯾ ْﺪﺧِﻞ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺜﻮب ﺗﺤﺖ اﻹﺑﻂ اﻷﯾﻤﻦ وﯾﻠﻘﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﻒ اﻷﯾﺴﺮ‪.‬‬

‫وﯾﻜﺮه أن ﯾﻐﻄﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻤﮫ ﺑﺜﻮﺑﮫ ‪ ،‬أي ﯾﻜﺮه اﻟﺘﻠﺜﱡﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة أﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »ﻧﮭﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻐﻄﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﺎه ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋﻨ ﮫ أﯾ ﻀ ًﺎ‬
‫»أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺴﺪل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن ﯾﻐﻄﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻓ ﺎه« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ وواﻓﻘﮫ اﻟﺬھﺒﻲ‪ .‬واﻟﺴﱠﺪل ھﻮ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﺷﺘﻤﺎل اﻟﺼﱠﻤﱠﺎء‪.‬‬

‫وﯾﻜ ﺮه أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ وھ ﻮ ﯾ ﺸﺘﻤﻞ اﻟ ﺼﱠﻤﱠﺎء‪ ،‬واﺷ ﺘﻤﺎل اﻟ ﺼﱠﻤﱠﺎء ھ ﻮ أن ﯾﺠﻠ ﻞ ﺑﺪﻧ ﮫ ﺑﺜ ﻮب‬
‫ﺨ ﺮِج ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻛ ﺄن ﯾﻠﻘ ﻲ ﻋﻠ ﻰ رأﺳ ﮫ أو ﻛﺘﻔﯿ ﮫ ﻛ ﺴﺎ ًء‬
‫ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﻣﻨﮫ ﺟﺎﻧﺒﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾُﺒﻘﻰ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﯾُ ْ‬
‫واﺳﻌ ًﺎ ﯾُﻠﻔﱡﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ وﺗﺒﻘﻰ اﻟﯿﺪان ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫ﺼﻤﱠﺎء‪ ،‬وأن ﯾﺤﺘﺒ ﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺑﺜﻮﺑ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺮﺟ ﮫ ﻣﻨ ﮫ ﺷ ﺊ«‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ﻟﺒﺴﺘﯿﻦ‪ :‬اﻟ ﱠ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻒ ﺛﻮﺑ ﮫ ﻓ ﻼ ﯾﺘﺮﻛ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﮫ ﯾ ﺴﻘﻂ ﺣﯿﺜﻤ ﺎ ﺳ ﻘﻂ‪ ،‬دون أن‬ ‫وإذا ﺻ ﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ُﻛ ﺮه ﻟ ﮫ أن ﯾﻜ ﱠ‬
‫ﻒ‬
‫ﯾﺮﻓﻌﮫ أو ﯾﻠﻤﻠﻤﮫ أو ﯾﺠﻤﻌﮫ ﺑ ﯿﻦ رِﺟﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أُﻣﺮﻧ ﺎ أ ﱠﻻ ﻧ ُﻜ ﱠ‬
‫ﺷﻌﺮًا وﻻ ﺛﻮﺑ ًﺎ وﻻ ﻧﺘﻮﺿﺄ ﻣِﻦ َﻣ ْﻮﻃَﺄ« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣﻮﻃﺄ‪ :‬أي ﻣﺎ ﯾﻮﻃﺄ ﻣﻦ اﻷذى ﻓ ﻲ اﻟﻄﺮﯾ ﻖ‪.‬‬
‫ﻒ ﺷﻌﺮاً وﻻ ﺛﻮﺑﺎً« رواه اﺑﻦ‬ ‫وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» :r‬أُﻣﺮت أن ﻻ أﻛ ﱠ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ ‪ .‬وﻧﺠﺪ ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ زﯾﺎدة ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﺜ ﻮب وھ ﻲ ﻛﺮاھ ﺔ ﻛ ﻒﱢ اﻟ ﺸﻌﺮ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺼﺎﺣﺐ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻄﻮﯾﻞ اﻟﻤﺴﺘﺮﺳﻞ‪ ،‬وھﻮ ﻗﻠﯿﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬

‫‪318‬‬
‫ﻼ ﺗﺮﻛ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺘﱠﮭ ﺪﱡل واﻟ ﺴﻘﻮط ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟ ﺴﺠﻮد دون أن‬
‫ﻛﺎن ﺷﻌﺮه ﻃ ﻮﯾ ً‬
‫ﯾﻌﻘﺼﮫ أو ﯾُﺮدﱢده‪.‬‬

‫ع ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺎس‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺠﺘﻨﺐ ھﺬه اﻷﻧ ﻮاع ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‬ ‫وﻗﺪ ﻧﮭﻰ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻦ أﻧﻮا ٍ‬
‫ﻣ ﻦ ﺑ ﺎب أوﻟ ﻰ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب اﻟﺤﺮﯾ ﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب اﻟﻤﻐ ﺼﻮب‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ‬
‫ل ﺣﺮام‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺜﯿ ﺎب اﻟﺨﺎﺻ ﺔ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺎء ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣﺘ ﺸﺒﮭًﺎ ﺑﮭ ﻦ‪،‬‬ ‫اﻟﺜﻮب اﻟﺬي دﻓﻊ ﺛﻤﻨﮫ ﻣﻦ ﻣﺎ ٍ‬
‫إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻠﺒﺎس‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼةُ ﺑﺎﻷﺣﺬﯾﺔ‬
‫ﺷ ﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ‬
‫ﺨﻔﱠﯿﻦ وﺗﺠﻮز ﺑﺎﻟﻨﻌﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ُ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة دون ﺣﺬاء ﺗﺠﻮز ﺑﺎﻟ ُ‬
‫ﻼ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ‬ ‫ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺣﺎﻓﯿ ًﺎ وﻣﻨ ﺘﻌ ً‬
‫اﻷزْدي ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬أﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻧﻌﻠﯿ ﮫ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ‪ ...‬ﻟﻘ ﺪ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺨﻔ ﯿﻦ‬
‫واﻟﻨﻌﻠﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪.‬‬

‫وﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻣﺮة أو ﻋﺪداً ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺮات ﺑ ﺎﻟﻨﻌﻠﯿﻦ اﺳ ﺘﺠﺎﺑ ًﺔ ﻟﻄﻠ ﺐ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ ،r‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﺷﺪﱠاد ﺑﻦ أوس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» :r‬ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﯿﮭﻮد ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﺼﻠﱡﻮن ﻓ ﻲ ﻧﻌ ﺎﻟﮭﻢ‬
‫وﻻ ﺧﻔ ﺎﻓﮭﻢ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﻜ ﻮن اﻟﻄﻠ ﺐ ﺟ ﺎء ﻣﻘﺮوﻧ ﺎً ﺑﻤﺨﺎﻟﻔ ﺔ اﻟﯿﮭ ﻮد ﯾﺠﻌ ﻞ‬
‫اﻟﻄﻠﺐ ﻟﻠﻨﺪب‪ ،‬وﯾﺘﺤﻘﻖ اﻟﻨﺪب ﺑﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﻨﻌﻠﯿﻦ واﻟﺨﻔﯿﻦ اﻟﺠﻮاز‪.‬‬

‫وﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﻨﻌﺎل وﺑﺎﻷﺣﺬﯾﺔ ﺑﺠﻤﯿﻊ أﺻﻨﺎﻓﮭﺎ وﻣﺴﻤﱠﯿﺎﺗﮭﺎ ‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺠﺴﺔ ﻓﺘُﻄﮭﱠﺮ ﺑﺄن‬
‫ﺗُﺪﻟﻚ ﺑﺎﻷرض ﺣﺘﻰ ﺗﺰول ﻋﯿﻦ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻓﺨﻠﻊ ﻧﻌﻠﯿﮫ ﻓﺨﻠﻊ اﻟﻨﺎس ﻧﻌﺎﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل ﻟﮭﻢ‪ :‬ﻟ ﻢ ﺧﻠﻌ ﺘﻢ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬رأﯾﻨ ﺎك ﺧﻠﻌ ﺖ ﻓﺨﻠﻌﻨ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬إن ﺟﺒﺮﯾ ﻞ أﺗ ﺎﻧﻲ ﻓ ﺄﺧﺒﺮﻧﻲ أن ﺑﮭﻤ ﺎ ﺧﺒﺜ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺟ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿﻘﻠ ﺐ ﻧﻌﻠﯿ ﮫ وﻟْﯿﻨﻈ ﺮ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﺧ َﺒ َﺜ ﺎً ﻓﻠْﯿﻤ ﺴﺤﮫ ﺑ ﺎﻷرض‪ ،‬ﺛ ﻢ ِﻟ ُﯿ ﺼ ﱢﻞ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻓﯿﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن رأى َ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﻨﻌﺎل‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼةُ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﱠاﺑﱠﺔ وﻛﻞ ﻣﺮﻛﻮب‬

‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ ﻛﺎﻟﺒﻌﯿﺮ واﻟﺤﻤ ﺎر واﻟﻔ ﺮس‪ ،‬وأن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ‬
‫ﻣﺮﻛﻮب ﻛﺎﻟﺴﯿﺎرة واﻟﻄﯿﺎرة واﻟﺴﻔﯿﻨﺔ واﻟﻘﻄﺎر‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل »رأﯾﺖ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎر وھﻮ ﻣﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﺧﯿﺒﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ ﺣﯿ ﺚ ﺗﻮﺟﱠﮭ ﺖ ﺑ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬واﻟﺮاﺣﻠ ﺔ‪ :‬ھ ﻲ‬
‫اﻟﻨﺎﻗﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺟﺎء ذﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أن رﺳﻮل اﻟﻠــﮫ ‪r‬‬
‫ﺳﺒْﺤﺘﮫ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﺗﻮﺟﮭﺖ ﺑـﮫ ﻧﺎﻗﺘﮫ « رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋــﻦ اﺑﻦ ﻋﻤــﺮ رﺿــﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨﮭﻤﺎ‬ ‫ﻛــﺎن ﯾﺼﻠﻲ ُ‬
‫ﻗﺎل »ﺳُﺌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ أُﺻ ﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﯿﻨﺔ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ق« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪.‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ إﻻ أن ﺗﺨﺎف اﻟ َﻐﺮَ َ‬

‫‪319‬‬
‫وﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﺼﻼة وﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣ ﺮام‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻻ ﯾ ﻀﯿﺮه أﯾ ﻦ ﺗﺘﺠ ﮫ ﺑ ﮫ‬
‫راﺣﻠﺘﮫ أو ﻣﺮﻛﻮﺑُﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا أراد أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ ﺗﻄﻮﱡﻋﺎً اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻓﻜﺒﱠﺮ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﻠﱠﻰ ﻋﻦ راﺣﻠﺘﮫ ﻓﺼﻠﻰ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﺗﻮﺟﱠﮭﺖ‬
‫ﺑﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ أو اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ أن ُﺗ ﺼﻠﱠﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض وﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺪاﺑ ﺔ‪،‬‬
‫ﺟ ﮫ‪،‬‬
‫ي وﺟ ﮫ ﺗﻮ ﱠ‬‫ﻓﻌﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺒﱢﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮاﺣﻠ ﺔ ِﻗ َﺒ ﻞ أ ﱢ‬
‫وﯾُﻮﺗﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ « رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ ﺣﯿﺚ ﺗﻮﺟﱠﮭ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أراد اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻧ ﺰل ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻞ‬
‫اﻟﻘِﺒﻠﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ إن ﻋﺠ ﺰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻟﻤﻄ ﺮٍ ﻧ ﺎزلٍ ووﺣ ﻞٍ ﺣﺎﺻ ﻞٍ ﺟ ﺎزت اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ وﻓ ﻲ اﻟ ﺴﯿﺎرة‪ ،‬وﯾﺠ ﺐ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﺳ ﺘﻘﺒﺎلُ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻃﯿﻠ ﺔ وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫روى َﯾ ْﻌﻠَﻰ ﺑﻦ ﻣُﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻧﺘﮭﻰ إﻟﻰ ﻣﻀﯿﻖ ھ ﻮ وأﺻ ﺤﺎﺑﮫ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ‬
‫راﺣﻠﺘﮫ‪ ،‬واﻟﺴﻤﺎء ﻣﻦ ﻓﻮﻗﮭﻢ واﻟ ِﺒ ﱠﻠ ُﺔ ﻣِﻦ أﺳﻔ َﻞ ﻣﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺤﻀﺮت اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ اﻟﻤﺆذن ﻓ ﺄذن وأﻗ ﺎم‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺗﻘﺪﱠم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﮭﻢ ﯾُﻮﻣﺊ إﯾﻤﺎءً‪ ،‬ﯾﺠﻌﻞ اﻟﺴﺠﻮد أﺧﻔﺾ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬أو‬
‫ﯾﺠﻌﻞ ﺳﺠﻮده أﺧﻔﺾ ﻣﻦ رﻛﻮﻋﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻋﺪ ٍو وﺷﺒﮭﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄداء ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺪاﺑ ﺔ وﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ‬

‫ﻼ اﻟﻘِﺒﻠﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻘ ِﺒ ٍﻞ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻛﯿﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ ﻟﮫ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻘ ِﺒ ً‬
‫ﻣﺮﻛﻮب‪ ،‬و ْﻟﯿُﺼ ﱢ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﺨﻮف وﺻﻔﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﺧ ﻮفٌ ھ ﻮ أﺷ ﱠﺪ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺻﻠﻮا ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ أﻗﺪاﻣﮭﻢ ورﻛﺒﺎﻧﺎً ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ وﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻧ ﺎﻓﻊ‪ :‬وﻻ أرى‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ذﻛﺮ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﺣﻜ ُﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ب اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺑﺎﻟﺜﻮب واﻟﻨﻌﻞ واﻟﺒﺪن‪ ،‬واﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬ ‫ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﻲ اﺟﺘﻨﺎ ُ‬
‫وﯾﺤﺮم ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺼﻠﻲ واﻟﻨﺠﺎﺳ ُﺔ ﻋﺎﻟﻘ ٌﺔ ﺑﺄيﱟ ﻣﻦ ھﺬه‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺼﻠﻲ ھﻜﺬا وھ ﻮ ﻻ ﯾﻌﻠ ﻢ ﺣﺘ ﻰ اﻟﻔ ﺮاغ‬
‫ﺳ ﺄَﻟَﺖ اﻣ ﺮأةٌ‬
‫ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﻻ إﺛﻢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ » َ‬
‫ﺖ إﺣﺪاﻧﺎ إذا أﺻﺎب ﺛﻮﺑَﮭﺎ اﻟ ﺪ ُم ﻣ ﻦ اﻟﺤﯿ ﻀﺔ ﻛﯿ ﻒ ﺗ ﺼﻨﻊ؟‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ أرأﯾ َ‬
‫ﻗﺎل ‪ :‬إذا أﺻﺎب إﺣﺪاﻛﻦ اﻟﺪم ﻣﻦ اﻟﺤﯿﺾ ﻓﻠْﺘﻘﺮﺻﮫ ﺛﻢ ﻟﺘﻨﻀﺤﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء ﺛ ﻢ ﻟﺘُ ﺼﻞﱢ« رواه أﺑ ﻮ داود‪.‬‬
‫وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﻤﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ إذ ﺧﻠ ﻊ ﻧﻌﻠﯿ ﮫ ﻓﻮﺿ ﻌﮭﻤﺎ‬
‫ﻋﻦ ﯾﺴﺎره‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻘﻮم أﻟﻘَﻮا ﻧﻌ ﺎﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼﺗﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﺣﻤﻠﻜ ﻢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫إﻟﻘ ﺎﺋﻜﻢ ﻧﻌ ﺎﻟﻜﻢ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬رأﯾﻨ ﺎك أﻟﻘﯿ ﺖ ﻧﻌﻠﯿ ﻚ ﻓﺄﻟﻘﯿﻨ ﺎ ﻧﻌﺎﻟﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم أﺗ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ أن ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻗﺬراً أو أذى‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬إذا ﺟﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿﻨﻈ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن رأى ﻓ ﻲ ﻧﻌﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬‫ﻗ ﺬرًا أو أذى ﻓﻠْﯿﻤ ﺴﺤﮫ وﻟْﯿُ ﺼﻞﱢ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻇ ﺎھﺮ ﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺻ ﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ وﻧﻌ ﻼه ﻧﺠ ﺴﺘﺎن‪ ،‬ﺛ ﻢ إﻧ ﮫ‬
‫ﺧﻠﻌﮭﻤﺎ وأﻛﻤﻞ ﺻﻼﺗﮫ وﻟﻢ ُﯾ ِﻌﺪْھﺎ وﻟﻢ ﯾﻘﻄﻌﮭﺎ‪.‬‬

‫وإذا ﻋﻠﻢ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة ﻧُﻈﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﻃﺮﺣﮭ ﺎ وإزاﻟﺘﮭ ﺎ‬
‫ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﻛ ﺄن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳ ﺔ ﻓ ﻲ ﻧﻌﻠﯿ ﮫ أو ﺟﻮرﺑﯿ ﮫ أو ﻏﻄ ﺎء رأﺳ ﮫ أو ﺳ ﺘﺮﺗﮫ ﻓﻄﺮﺣﮭ ﺎ ﺟ ﺎز ﻟ ﮫ‬
‫ﺑﻌﻤ ٍ‬

‫‪320‬‬
‫اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺛﯿﺎﺑ ﮫ اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﻃﺮﺣﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻄﻊ اﻟﺼﻼة وإزاﻟﺔ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ ﺟﺪﯾ ﺪ‪ ،‬ھ ﺬا ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎﺳ ﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺑﺎﻟﺜﻮب واﻟﻨﻌﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒ ﺪن‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أﻛﺜ ُﺮ ﻋ ﺬاب‬
‫اﻟﻘﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻮل« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺄﻣﻮر ﺑ ﺎﻟﺘﱠﻨﺰﱡه ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﻮل واﺟﺘﻨﺎﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻌﻠ ﻮم‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪.‬‬

‫وأﻣ ﺎ ﻧﺠﺎﺳ ﺔ اﻟﻤﻜ ﺎن‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺎم أﻋﺮاﺑ ﻲ ﻓﺒـ ـﺎل ﻓـ ـﻲ اﻟﻤ ﺴﺠـــﺪ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء أو ذَﻧﻮﺑ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻣ ﺎء‪،‬‬
‫ﺠً‬ ‫ﻓﺘﻨﺎوﻟﮫ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬دﻋﻮه وھَﺮﯾﻘﻮا ﻋﻠ ﻰ ﺑﻮﻟ ﮫ َ‬
‫ﺳ ْ‬
‫ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺑُﻌﺜﺘﻢ ﻣﯿﺴﱢﺮﯾﻦ وﻟﻢ ﺗُﺒﻌﺜ ﻮا ﻣُﻌ ﺴﱢﺮﯾﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬واﻟﺪﻻﻟ ﺔ واﺿ ﺤﺔ‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ اﻗﺘ ﺼﺮﻧﺎ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﺳﻄﺮ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺎن وﺟﻮب اﺟﺘﻨﺎب اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺜ ﻮب واﻟﻨﻌ ﻞ‬
‫واﻟﺒ ﺪن واﻟﻤﻜ ﺎن‪ ،‬وﺣﺮﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة ﺑﻮﺟﻮدھ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﻮاﻃﻦ اﻷرﺑﻌ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﻧ ﺰد ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﺑ ﺄن‬
‫اﺷ ﺘﺮﻃﻨﺎ ذﻟ ﻚ ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟﻤ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑ ﺄن ﻃﮭ ﺎرة اﻟﺜ ﻮب واﻟﻨﻌ ﻞ واﻟﺒ ﺪن واﻟﻤﻜ ﺎن ﺷ ﺮط‬
‫ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة‪ ،‬إذ ﻟﻢ ﯾَﺮد أي دﻟﯿﻞ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟ ﺸﺮﻃﯿﺔ ﻓﯿﺒﻘ ﻰ اﻷﻣ ﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وﺗﺒﻘ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻣﻊ اﻹﺛﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞُ اﻟﺨﺎﻣﺲ‬
‫اﻟﻘِﺒْﻠﺔُ واﻟﺴﱡﺘْﺮة‬
‫اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫إن ﻣﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣﻌﻠ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة أن ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﻠﻮاﺗﮭﻢ‪ ،‬واﻟﻘﺒﻠ ﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗ ﺼﻰ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪس ﻗُﺮاﺑ ﺔ اﻟ ﺴﻨﺔ واﻟﻨ ﺼﻒ أوﻻً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﺎرت ﻗِﺒﻠ ﺘﮭﻢ‬
‫اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﺳﺘﺴﺘﻤﺮﱡ إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﺪھﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﺒﺮاء ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﺤ ﻮ‬
‫ﺻﺮِﻓﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬ورواه‬ ‫ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮًا أو ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ُ‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺻﺤﺎﺑﮫ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ﺻُﺮﻓﺖ اﻟﻘِﺒﻠﺔ« رواه أﺣﻤﺪ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫‪321‬‬
 ‫وﻗﺪ ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﯾﺘﻮق إﻟﻰ ﺑﻠﺪه ﻣﻜﺔ‪ ،‬وﺗﮭﻔﻮ ﻧﻔ ﺴﮫ اﻟﻜﺮﯾﻤ ﺔ‬
‫ﻚ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱠﻤَﺎ ِء‬‫ﺟ ِﮭ َ‬ ‫ﺐو ْ‬ ‫إﻟﻰ اﻟﺘﺤﱡﻮل إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻨ ﺰل ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻣﺤﻘﻘ ًﺎ رﻏﺒﺘ ﮫ ] َﻗ ْﺪ َﻧ ﺮَى ﺗ َﻘﻠﱡ َ‬
‫ﻄ َﺮهُ وإنﱠ‬
‫ﺷ ْ‬
‫ﺤﺮَا ِم وﺣ ْﯿﺜُﻤَﺎ َﻛ ْﻨﺘُ ْﻢ َﻓ َﻮﻟﱡﻮا وُﺟُ ْﻮ َھﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﺠ ِﺪ اﻟ َ‬
‫ﺴِ‬
‫ﻄ َﺮ اﻟﻤ ْ‬ ‫ﺷْ‬‫ﻚ َ‬‫ﺟ َﮭ َ‬
‫ﻚ ِﻗﺒْﻠ ًﺔ َﺗ ْﺮﺿَﺎھﺎ َﻓ َﻮلﱢ َو ْ‬ ‫َﻓ َﻠﻨُ َﻮﻟﱢ َﯿﻨﱠ َ‬
‫ﻋﻤﱠﺎ َﯾ ْﻌ َﻤﻠُﻮن[ اﻵﯾﺔ ‪ 144‬ﻣﻦ ﺳﻮرة‬ ‫ﻦ َرﺑﱢ ِﮭ ْﻢ وﻣَﺎ اﷲُ ﺑﻐَﺎ ِﻓ ٍﻞ َ‬
‫ﺤﻖﱡ ِﻣ ْ‬
‫ن َأﻧﱠﮫُ اﻟ َ‬
‫ب َﻟ َﯿ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬
‫ﻦ أُ ْوﺗُﻮا اﻟ ِﻜﺘَﺎ َ‬‫اﻟﺬِﯾ َ‬
‫اﻟﺒﻘﺮة‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﺳ ﺘﺔ ﻋ ﺸﺮ ﺷ ﮭﺮاً‪،‬‬
‫ﺐ‬
‫ﺟ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﺰل اﷲ‪ :‬ﻗ ﺪ ﻧ ﺮى ﺗَﻘَﻠﱡ َ‬ ‫أو ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮاً‪ ،‬وﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺤﺐ أن ﯾُﻮ ﱠ‬
‫وﺟﮭِﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬ﻓﺘﻮﺟﱠﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻌﺒﺔ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫واﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ واﺟﺐ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﺗﺮﻛﮫ وإھﻤﺎﻟ ﮫ ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻻ ﯾﻮﺟ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص أي‬
‫دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻃﯿﺔ ﻻﺳﺘـﻘﺒﺎل اﻟ ِﻘﺒْﻠﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﯿﺲ ﺷ ﺮﻃﺎً ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟ ﺼﻼة وﻗﺒﻮﻟﮭ ﺎ‪،‬‬
‫وإﻧﻤﺎ ھﻮ واﺟﺐ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺻﻠﻰ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟ ِﻘﺒْﻠﺔ ﻋﻤﺪًا دون ﻋﺬر أﺛﻢ وﻟﻜﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ‪ .‬ذﻟ ﻚ أن‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ ورد ﺑﺨ ﺼﻮص اﻻﺳ ﺘﻘﺒﺎل ﻻ ﯾﺘﻌ ﺪى اﻷﻣ ﺮ واﻟﻄﻠ ﺐ اﻟﺠ ﺎزم‪ ،‬وﻣﺠ ﺮد اﻷﻣ ﺮ اﻟﺠ ﺎزم ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ‬
‫اﻟ ﺸﺮﻃﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ رواه أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﺳ ﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒْﻠ ﺔ وﻛ ﱢﺒ ﺮ« رواه‬
‫ﺤ ﺮَا ِم وﺣ ْﯿﺜُ َﻤ ﺎ ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ َﻓ َﻮﻟﱡ ﻮا‬
‫ﺠ ِﺪ اﻟ َ‬
‫ﺴِ‬
‫ﻄ َﺮ اﻟﻤ ْ‬
‫ﺷ ْ‬
‫ﻚ َ‬ ‫اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ھ ﻮ ﻣﺠ ﺮد أﻣ ﺮ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] ﻓ َﻮلﱢ و ْ‬
‫ﺟ َﮭ َ‬
‫ﻄ َﺮهُ[ ھﻮ ﻣﺠﺮد أﻣﺮ‪ ،‬وﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »ﺑﯿﻨﻤ ﺎ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ‬ ‫ﺷْ‬‫وُﺟُ ْﻮ َھﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﺑﻘُﺒﺎء‪ ،‬ﺟﺎءھــﻢ رﺟــﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ أُﻧﺰل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻗﺮآن‪ ،‬وأُﻣﺮ أن ﯾَﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟ ِﻘﺒْﻠ ﺔ‪،‬‬
‫أﻻَ ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻮھﺎ‪ ،‬وﻛﺎن وﺟﮫُ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺸﺎم ﻓﺎﺳﺘﺪاروا ﺑﻮﺟﻮھﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ھﻮ أﯾﻀًﺎ ﻣﺠﺮد أﻣﺮ ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻠﺢ أن ﯾﻜﻮن ﺷﺮﻃ ًﺎ‪.‬‬

‫واﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ واﺟﺐ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺠﺰ وﻋﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل‪ ،‬ﻣﺜﻞ أن ﯾﻤﻨﻌ ﮫ ﻣ ﺮض ﻣ ﻦ اﻟﺘﺤ ﺮك ﻓ ُﯿ ﺼﻠﱢﻲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬وﻣﺜﻞ أن ﯾُﺠﺮح ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛ ٍﺔ ﻓﺘﺜﺒﺘﮫ ﺟﺮاﺣُﮫ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻓﯿ ﮫ ﻣﺘﺠﮭ ًﺎ ﻧﺤ ﻮ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ‪ ،‬وﻣﺜ ﻞ‬
‫أن ﯾﻘﱢﯿ ﺪه آﺧ ﺮون ﻷي ﺳ ﺒﺐ ﻣ ﻦ اﻷﺳ ﺒﺎب إﻟ ﻰ ﺷ ﺠﺮة أو ﻋﻤ ﻮد ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﺗﺠ ﺎه اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه‬
‫ﺳ َﻌﮭﺎ‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ‬
‫ﺴ ًﺎ إﻻ ُو ْ‬ ‫ل ﻟﻠﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺎﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻘ ﻮل ]ﻻ ُﯾ َﻜﱢﻠ ُ‬
‫ﻒ اﷲ َﻧ ْﻔ َ‬ ‫اﻟﺤ ﺎﻻت ﯾ ﺼﻠﻲ دون اﺳ ﺘﻘﺒﺎ ٍ‬
‫‪ 286‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ .‬واﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ ... » :‬ﻓ ﺈذا أﻣ ﺮﺗﻜﻢ ﺑ ﺸﺊ ﻓ ﺄْﺗﻮا ﻣﻨ ﮫ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﻌﺘﻢ ‪«...‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﺣﺎﻟﺔ ﺷ ﺪة اﻟﺨ ﻮف ﻣ ﻦ ﻋ ﺪو‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ أن ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬

‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻛﺎن إذا ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف ﻗ ﺎل » ‪ ...‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﺧ ﻮفٌ ھ ﻮ أﺷ ﱠﺪ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺻ ﻠﻮا رﺟ ﺎ ًﻻ‬
‫ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ أﻗﺪاﻣﮭﻢ أو رُﻛﺒﺎﻧﺎً‪ ،‬ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ اﻟﻘﺒﻠﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ ﻗ ﺎل ﻧ ﺎﻓﻊ‪ :‬ﻻ أرى ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ذﻛﺮ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﻲ‬
‫ج‪ -‬ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱢ ﻣﺮﻛﻮب‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أن اﻟﻨﺒ ﱠ‬
‫‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ ﺣﯿﺚ ﺗﻮ ﱠ‬
‫ﺟﮭﺖ ﺑﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺟﺎء ذِﻛﺮ اﻟﺘﻄ ﻮﱡع ﺻ ﺮﯾﺤ ًﺎ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري واﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠـﻲ ﻋﻠـ ـﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻄ ﻮﱡع ﺣﯿﺜﻤ ﺎ ﺗﻮﺟﱠﮭ ﺖ ﺑ ﮫ ﯾ ﻮﻣﺊ‬
‫إﯾﻤﺎءً‪ ،‬وﯾﺠﻌﻞ اﻟﺴﺠﻮد أﺧﻔﺾ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛـ ـﺎن ﯾ ﺼﻠــﻲ ﻋﻠـــ ـﻰ ﻧﺎﻗﺘ ـﮫ ﺗﻄﻮﱡﻋ ﺎً ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﻟﻐﯿ ﺮ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ«‬
‫رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ ﺑ ﻦ رﺑﯿﻌ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ‬
‫راﺣﻠﺘﮫ اﻟﻨﻮاﻓﻞ ﻓﻲ ﻛﻞﱢ ﺟﮭﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫‪322‬‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ ﺣﯿ ﺚ ﺗﻮﺟﱠﮭ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أراد اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻧ ﺰل ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ ﻧﺤ ﻮ‬ ‫ورواه اﻟ ﺪارﻣﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﻤﺸﺮق‪ ،‬ﻓﺈذا أراد أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻧﺰل ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ«‪.‬‬

‫ﻓﻔﻲ ھ ﺬه اﻟﺤ ﺎﻻت اﻟ ﺜﻼث ﯾﺠ ﻮز ﺗ ﺮك اﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠ ﺔ واﻟﺘﻮﺟﱡ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة إﻟ ﻰ أﯾ ﺔ ﺟﮭ ﺔ ﻣ ﻦ‬

‫اﻟﺠﮭﺎت‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻓﯿﺘﻮﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺤ ﺮى اﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ وﯾﺘﻮﺟﱠ ﮫ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﻀﯿﺮه ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺤﺮي أن ﯾﺨﻄﺊ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻛ ﺄن‬
‫ﯾﻜﻮن ﻣ ﺴﺎﻓﺮًا وﻻ ﯾﻌ ﺮف اﻟﺠﮭ ﺎت‪ ،‬أو ﯾﻜ ﻮن اﻟﯿ ﻮم ﻏﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾ ﺼﻌﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺮء ﻓﯿ ﮫ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ اﻻﺗﺠ ﺎه‪،‬‬
‫ﻓﯿﺼﻠﱢﻲ ﺣﯿﺚ ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﮫ أﻧﮫ اﻻﺗﺠﺎه ﻧﺤ ﻮ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ‪ ،‬وﻻ إﻋ ﺎدة ﻋﻠﯿ ﮫ إن ﺗﺒ ﯿﻦ ﻟ ﮫ ﺧﻄ ﺆه ﺑﻌ ﺪ أداء‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺧﺮوج اﻟﻮﻗﺖ أو ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﯾﻮم ﻏﯿﻢ ﻓﻲ ﺳﻔ ٍﺮ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟ ِﻘﺒْﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ اﻟ ﺼﻼة وﺳ ﻠﱠﻢ ﺗﺠﱠﻠ ﺖ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﻠﻨﺎ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﯿﻨﺎ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ رُﻓﻌ ﺖ ﺻ ﻼﺗُﻜﻢ ﺑﺤﻘﱢﮭ ﺎ إﻟ ﻰ اﷲ ﻋ ﱠﺰ‬
‫وﺟ ﱠﻞ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وأﺻﺮح ﻣﻦ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻟﯿﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﯿﻢ‪ ،‬وﺧﻔﯿﺖ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﻘِﺒﻠﺔ وﻋﻠﱠﻤﻨﺎ ﻋَﻠَﻤﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮﻓﻨﺎ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﺈذا ﻧﺤﻦ ﻗﺪ ﺻﻠﯿﻨﺎ‬
‫إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻘﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮﻧﺎ ذﻟﻚ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ أﺣﺴﻨﺘﻢ وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮﻧﺎ أن ﻧﻌﯿﺪ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ﺟﮫُ إﻟﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻟﯿﺲ إﻟﻰ ﻋﯿﻨﮭﺎ‬

‫اﻟﺘﱠﻮ ﱡ‬
‫ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﱠﺠﮫ إﻟﻰ ﻋﯿﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ أو ﻣﻜﺎﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟ ﺬات إﻻ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟﻤﻮﺟ ﻮد ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام‪ ،‬أو ﻓﻲ ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﯾﺮى ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾﺘﻮﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺟ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﺠﮭ ﺔ اﻟﻤﻮﺟ ﻮدة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻜﻌﺒ ﺔ ھ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‬ ‫ﺠ ﺰئ اﻟﺘﻮ ﱡ‬
‫أن ﯾﺘﺠ ﮫ إﻟ ﻰ ﻋ ﯿﻦ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾ ْ‬
‫وﻟﯿﺴﺖ ﺟﮭﺘﮭﺎ وﻻ ﻧﺎﺣﯿﺘﮭﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻜ ﺔ وﻻ ﯾ ﺮى اﻟﻜﻌﺒ ﺔ وﻟﻜﻨ ﮫ ﯾ ﺮى اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﺤ ﺮام أو‬
‫ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺘﻮﺟﱠﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﯾﻜﻔﯿﮫ ذﻟﻚ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻣَ ﻦ ﻛ ﺎن ﺧ ﺎرج ﻣﻜ ﺔ ﻗﺮﯾﺒ ﺎً ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﯾﺘﺤﺮى اﺳﺘﻘﺒﺎل ﻣﻜﺔ‪ ،‬وھﻜﺬا ﻛﻠﻤﺎ ﺑﻌﺪت اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻗ ﱠﻞ اﻟ ﱠﺘ ﺸﺪﱡد ﻓ ﻲ ﺗﺤ ﺮﱢي اﻟﻌ ﯿﻦ ﻟ ُﯿ ﺼﺒﺢ ﺗﺤﺮﱢﯾ ًﺎ ﻟﻠﺠﮭ ﺔ‬
‫واﻟﻨﺎﺣﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻤﺜﻼً ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﯿ ﺪ ﻋ ﻦ ﻣﻜ ﺔ ﺑﻤِﺜ ﻞ ُﺑ ْﻌ ﺪ أھ ﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻋﻨﮭ ﺎ اﻻﺗﺠ ﺎه ﻧﺤ ﻮ ﺟﮭ ﺔ‬
‫ﺳ ﻌﺔ ﺗﻤﺘ ﺪ ﻣ ﻦ أﻗ ﺼﻰ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ إﻟ ﻰ أﻗ ﺼﻰ ﯾ ﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺄھ ﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻗِﺒﻠ ﺘُﮭﻢ ﻣﻤﺘ ﺪﱠة ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺸﺮق‬ ‫ﻣﻮ ﱠ‬
‫واﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬اﻟﻤﺸﺮق ﻋﻦ اﻟﯿﺴﺎر واﻟﻤﻐﺮب ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ ،‬وھﺬه ﻗِﺒﻠﺔُ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‬
‫إﻟ ﻰ اﻟ ﺸﻤﺎل ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗ ﺸﻤﻞ ﺑ ﻼد اﻟ ﺸﺎم واﻟﻌ ﺮاق وﺗﺮﻛﯿ ﺎ وأوروﺑ ﺎ اﻟ ﺸﺮﻗﯿﺔ‪ ،‬وإﻟ ﻰ ھ ﺬه اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ أﺷ ﺎر‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺸﺮق واﻟﻤﻐ ﺮب ﻗِﺒﻠ ﺔ«‬
‫ﺖ اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﻚ واﻟﻤﺸﺮق ﻋﻦ ﯾﺴﺎرك‬ ‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »إذا ﺟﻌﻠ َ‬
‫ﻓﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻗِﺒﻠﺔ إذا اﺳﺘﻘﺒﻠﺖ اﻟﻘِﺒﻠﺔ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ﻞ اﻟ ﯿﻤﻦ واﻟ َﻘ ﺮْن اﻹﻓﺮﯾﻘ ﻲ ﻓ ﺈن ﻗِﺒﻠ ﺘﮭﻢ ﺗﻘ ﻊ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺸﺮق واﻟﻤﻐ ﺮب‪،‬‬
‫وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ أھ ُ‬
‫وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﺮق ﯾﻜﻮن ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮭﻢ واﻟﻤﻐﺮب ﻋﻦ ﯾﺴﺎرھﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أھﻞ اﻟﻤﺸﺮق ﻛﻨﺠﺪ وﺟﻨﻮﺑﻲ إﯾﺮان وﺑﻼد اﻟﮭﻨ ﺪ ﻓ ﺈن ﻗِﺒﻠ ﺘﮭﻢ ﺗﻘ ﻊ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨ ﻮب‪،‬‬
‫اﻟﺸﻤﺎل ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮭﻢ واﻟﺠﻨﻮب ﻋﻦ ﯾ ﺴﺎرھﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺑ ﻼد وﺳ ﻂ إﻓﺮﯾﻘﯿ ﺎ وﻣ ﺎ ﺣﺎذاھ ﺎ ﻓ ﺈن‬
‫ﻗِﺒﻠﺘﮭﻢ ﺗﻘﻊ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب‪ ،‬اﻟﺸﻤﺎل ﻋﻦ ﯾﺴﺎرھﻢ واﻟﺠﻨﻮب ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮭﻢ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ َﻣ ﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ اﻟﺰواﯾ ﺎ ﻛﻤ ﺼﺮ وﻋُﻤ ﺎن وﺑ ﻼد ﺗُﺮﻛ ﺴﺘﺎن وأواﺳ ﻂ اﻟ ﺴﻮدان ﻓ ﺈن ﻋﻠ ﯿﮭﻢ أن‬
‫ﯾﻨﺤﺮﻓﻮا ﻓ ﻲ اﻻﺗﺠ ﺎه ﺑﻘ ﺪر اﻧﺤ ﺮاف اﻟﺰواﯾ ﺎ‪ .‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﻣ ﱠﺘ ﺴﻊ ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﯾ ﺸﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ﺑﻮﺟ ﻮب‬
‫ﺳ ﻌﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫ﺗﺤﺮﱢي ﻋﯿﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ ﻋﯿﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻜﻔﻲ ﻣﻌﺮﻓ ﺔ اﻟﻮﺟﮭ ﺔ اﻟﻤﻮ ﱠ‬

‫‪323‬‬
‫ﺻﻨِﻌﺖ ﺑﻮﺻ ﻼت ﺗﺤ ﺪد اﻻﺗﺠ ﺎه‬ ‫أن ﻻ ُﯾﺘَﺤﺮى ﻋﻦ ﻋﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻟﺘﺤﺪﯾﺪ ﻗِﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﮫ ﻗﺪ ُ‬
‫ﺑﺪ ﱠﻗﺔ‪ ،‬ﻓﻤَﻦ ﻣﻠﻚ ھﺬه اﻟﺒﻮﺻﻼت اﺳﺘﻄﺎع أن ﯾﺘﺠﮫ ﻧﺤ ﻮ ﻣﻜ ﺔ ﺑﺪﻗ ﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟ ﮫ أن‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻒ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺪﻗﯿﻖ ﺑﺤﺠﺔ أن ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب ﻗِﺒﻠﺔ‪ ،‬إذ أن ﻣَﻦ َﻣﻠَﻚ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪﯾ ﺪ‬
‫اﻟﺪﻗﯿﻖ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟ ﮫ أن ﯾﻨﺤ ﺮف ﯾﻤﻨ ﺔ أو ﯾ ﺴﺮة‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻛ َﻤ ﻦ ﯾﻘﻄ ﻦ ﻣﻜ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟ ﮫ ﺷ ﺮﻋًﺎ أن‬
‫ن ﻣَﻦ ﻣﻠﻚ ﺑﻮﺻ ﻠ ًﺔ ﺗﺤ ﺪﱢد‬‫ﯾﻨﺤﺮف ﻋﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ أو ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﯾﻤﻨﺔ أو ﯾﺴﺮة‪ ،‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻓﺈ ﱠ‬
‫ب اﻻﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ ﻣﻜﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﯾﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻮد اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﯿﮫ‬ ‫اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺑﺪﻗ ٍﺔ ﻓﺈن اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﻘﱢﮫ ﯾﺼﺒﺢ وﺟﻮ َ‬
‫ﻣﺘﱠﺴﻌﺎً‪.‬‬

‫اﻟﺴﱡﺘﺮ ُة ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ‬
‫وﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺴﱡﺘﺮة ﻣﺎ ﯾﻀﻌﮫ اﻟﻤﺼﻠﻲ أﻣﺎﻣﮫ ﻣﻦ ﻋﺼﺎ أو ﺧﺸﺒﺔ أو إﻧﺎء أو ﻏﯿﺮ ذﻟ ﻚ ﺑﻘ ﺼﺪ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ‬
‫ﻣﻜﺎن ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺸﺎرﻛﮫ ﻓﯿﮫ أﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ أداء اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻃﻤﺌﻨ ﺎن دون أن ﯾﻤ ﺮ ﻣﻨ ﮫ إﻧ ﺴﺎن‬
‫أو ﺣﯿﻮان ﯾﻘﻄﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﺻﻼﺗﮫ أو ﯾﺸﻮش اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫واﺗﺨﺎذ اﻟﺴﺘﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﻨﺪوب‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺳﺒﺮة ﺑﻦ ﻣﻌﺒﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫»إذا ﺻ ﻠﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿ ﺴﺘﺘ ْﺮ ﻟ ﺼﻼﺗﮫ وﻟ ﻮ ﺑ ﺴﮭﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺧﺮج ﯾ ﻮم اﻟﻌﯿ ﺪ أﻣ ﺮ ﺑﺎﻟ َ‬
‫ﺤﺮْﺑ ﺔ ﻓﺘُﻮﺿ ﻊ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ إﻟﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻦ ﺛ ﱠﻢ اﺗﺨﺬھﺎ اﻷﻣﺮاء« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫واﻟﻨﺎس وراءه‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓ ِﻤ ْ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪.‬‬ ‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ إﻟ ﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﺑ ﻦ ُ‬
‫ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔﻆ »إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ إﻟﻰ ﺑﻌﯿﺮه« ‪ .‬وھﻮ ﺷﺮحٌ ﻟﻠﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬

‫وﯾﺘﺤﺼﻞ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺘﺨﺬ اﻟﺴﱡﺘﺮة وﻛﺎن ﯾﺄﻣﺮ ﺑﺎﺗﺨﺎذھﺎ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺠﻌﻞ اﺗﺨﺎذ اﻟ ﺴﱡﺘﺮة ﻣﻨ ﺪوﺑﺎً وﻟ ﯿﺲ ﻣﺒﺎﺣ ﺎً‪ .‬أﻣ ﺎ أﻧ ﮫ ﻣﻨ ﺪوب وﻟ ﯿﺲ واﺟﺒ ﺎً ﻓﻠِﻤ ﺎ روى اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس »أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء ﻟﯿــﺲ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﺷـــﺊ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻷوْﻟ ﻰ أن ﯾ ﻀﻌﮭﺎ أﻣﺎﻣ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ أو إﻟ ﻰ اﻟﯿ ﺴﺎر‪ ،‬وﻻ‬

‫ﺳ ﺘﺮﺗﮫ؟ ﻓ ﺈن ا َ‬
‫أﻣﺎ أﯾﻦ ﯾﻀﻊ اﻟﻤﺼﻠﻲ ُ‬
‫ﯾﻀﻌﮭﺎ ﻗُﺒﺎﻟﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﻤﻘﺪاد ﺑﻦ اﻷﺳﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﺎ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﱠﻰ إﻟﻰ ﻋﻤﻮد‬
‫وﻻ ﻋﻮد وﻻ ﺷﺠﺮة إﻻ ﺟﻌﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺒﮫ اﻷﯾﻤﻦ أو اﻷﯾﺴﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻤُﺪ ﻟﮫ ﺻﻤْﺪاً« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﯾﺴﻦ ﻟﮫ أن ﯾﺪﻧﻮ ﻣﻦ ﺳُﺘﺮﺗﮫ ﻓﻼ ﯾُﻘﺼﯿﮭﺎ ﻋﻨﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺘﮫ إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻷن اﻟﻌﺒﺮة ﺑﺎﺗﺨ ﺎذ‬
‫ﺴ ﺘﺮة ھﻲ اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ اﻟﻤﺤ ﺪد‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺣﺎﺟ ﺔ ﺑ ﮫ ﻟﺠﻌ ﻞ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ واﺳ ﻌًﺎ ﺑﺤﯿ ﺚ‬ ‫اﻟ ﱡ‬
‫ﯾﺘﻌﺪى ﻣﻘﺪار اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺳﮭﻞ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﺜﻤ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬ورواه‬
‫أﺣﺪﻛﻢ إﻟﻰ ﺳُﺘﺮة ﻓ ْﻠ َﯿ ْﺪنُ ﻣﻨﮭﺎ ﻻ ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟ ﺸﯿﻄــﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﻠﻔﻆ »إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ْﻠﯿُﺼ ﱢﻞ إﻟﻰ ﺳُﺘﺮة وﻟﯿﺪنُ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ‬ ‫اﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ُ‬
‫ﻞ ﻣﻦ ﯾﻤﺮﱡ ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ إﻧ ﺴﺎن أو ﺣﯿ ﻮان ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺻ ﻼﺗﮫ‪،‬‬ ‫ﺻﻼﺗﮫ «‪ .‬واﻟﺸﯿﻄﺎن ھﻨﺎ ﻛ ﱡ‬
‫وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻣﺰﯾﺪ ﺑﯿﺎن ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫واﻻﻋﺘﺪال ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ أن ﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ ﺑُﻌ ُﺪ اﻟ ﺴﱡﺘﺮة ﻋ ﻦ ﻣﻮﺿ ﻊ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ أذرع أو ﻣﺘ ﺮﯾﻦ‬
‫اﺛﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » ‪ ...‬ﺛﻢ ﺻ ﻠﻰ ‪ -‬أي اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬وﺟﻌ ﻞ ﺑﯿﻨ ﮫ وﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﺠﺪار ﻧﺤﻮاً ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أذرع« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﺛﻢ ﺻﻠﱠﻰ وﺑﯿﻨﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫أذرع«‪ .‬وﻟ ﻮ أﻧ ﮫ ﺟﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺼﻒ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻷﺻ ﺎب اﻟ ﺴﻨﱠﺔ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ‬

‫‪324‬‬
‫ﺠ ﺪار ﻣﻤ ﱡﺮ اﻟ ﺸﺎة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‬ ‫اﻟ ﺴﺎﻋﺪي ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن ﺑ ﯿﻦ ﻣ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺑ ﯿﻦ اﻟ ِ‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬اﻟﺠ ﺪار ُ‬
‫ﺳ ﺘﺮة ﻟ ﮫ‪ ،‬واﺑﺘﻌ ﺪ ﻋﻨ ﮫ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ ﻣ ﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﮭ ﺎ اﻟ ﺸﺎة ﻟﻠﻤ ﺮور‪،‬‬
‫وھﺬه اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى اﻟﻤﺘﺮ اﻟﻮاﺣﺪ‪.‬‬

‫ﺳُﺘﺮةُ اﻹِﻣﺎم‬
‫ﺳ ﺘﺮ ًة ﻟﺠﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﺆﺗﻤﯿﻦ ﺑ ﮫ ﻻ‬‫ﺳ ﺘﺮة ﻟ ﮫ ﻛﺎﻧ ﺖ ُ‬‫إذا ﺻ ﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋ ٌﺔ ﺻ ﻼة ﺟﻤﺎﻋ ﺔ واﺗﺨ ﺬ اﻹﻣ ﺎم ُ‬
‫ﯾﻠﺰﻣﮭﻢ ﺳﻮاھﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺣﺎﻓﻆ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺴﻤﺢ ﻹﻧ ﺴﺎن وﻻ ﻟﺤﯿ ﻮان أن ﯾﻤ ﺮ ﺑﯿﻨ ﮫ‬
‫وﺑﯿﻦ ﺳُﺘﺮﺗﮫ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﻰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﻔﻌﻠﻮا ﺷﯿﺌًﺎ ﺑﻌﺪﺋﺬٍ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ‬
‫أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪﱢه ﻗﺎل »ھﺒﻄﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ َﺛ ِﻨ ﱠﯿﺔِ أَذاﺧِﺮ‪ ،‬ﻓﺤﻀﺮت اﻟ ﺼﻼة ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻓ ﺼﻠﻰ إﻟ ﻰ‬
‫ﺟﺪار ‪ -‬ﻓﺎﺗﺨﺬه ﻗِﺒﻠﺔ وﻧﺤﻦ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺠﺎءت ﺑﮭﯿﻤﺔ ﺗﻤﺮﱡ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻤﺎ زال ﯾُﺪا ِرﺋُﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻟ ﺼﻖ ﺑﻄﻨ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺠﺪار وﻣﺮﱠت ﻣِﻦ وراﺋﮫ‪ ،‬أو ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻣﺴﺪﱢد« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ‬‫ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻤﺮت ﺷﺎة ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﺴﺎﻋﺎھﺎ إﻟﻰ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺣﺘﻰ أﻟﺰق ﺑﻄﻨﮫ ﺑﺎﻟﻘِﺒﻠﺔ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧ ﺮ‪ :‬ﻣﻮﺿ ﻊ ﺑ ﯿﻦ ﻣﻜ ﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﯾُ ﺪارﺋُﮭﺎ‪ :‬أي ﯾ ﺪاﻓﻌﮭﺎ‬‫ﺣِﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ‪ .‬وﺛﻨﯿﱠ ﺔ أذا ِ‬
‫وﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺮور‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿـ ـﻲ اﷲ ﻋﻨـ ـﮫ ﻗ ﺎل »ﺟﺌ ـﺖ أﻧ ﺎ واﻟﻔ ﻀـﻞ وﻧﺤ ـﻦ‬
‫ﻋﻠ ﻰ أ َﺗ ﺎنٍ‪ ،‬ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس ﺑﻌﺮﻓ ﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺮرﻧ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ اﻟ ﺼﻒ‪ ،‬ﻓﻨﺰﻟﻨ ﺎ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫وﺗﺮﻛﻨﺎھ ﺎ ﺗﺮﺗ ﻊ ودﺧﻠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻒ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾ ُﻘ ﻞ ﻟ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷ ﯿﺌ ًﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫واﻷﺗﺎن‪ :‬ھﻲ أُﻧﺜﻰ اﻟﺤﻤﯿﺮ‪.‬‬

‫ل اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أن دﻓﻊ اﻹﻣﺎم ﻟﻠﻤﺎرﱢ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ واﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﻨ ﺪ اﺗﺨ ﺎذ‬ ‫دﱠ‬
‫اﻟﺴﱡﺘﺮة‪ ،‬ودل اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾ ﻀﯿﺮ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻣ ﺮورُ اﻹﻧ ﺴﺎن أو اﻟﺤﯿ ﻮان ﺑ ﯿﻦ أﯾ ﺪﯾﮭﻢ‪،‬‬
‫ن دﻓﻊ اﻟﻤﺎ ﱠر ِة ﻣﻦ أﻣﺎﻣﮭﻢ ﻟﯿﺲ واﺟﺒﺎً ﻋﻠﯿﮭﻢ ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﻓﻤﺮرﻧ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ اﻟ ﺼﻒ« ﻣ ﺎ‬ ‫وأ ﱠ‬
‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺨ ُﺬ ﺣﯿﺎَﻟ ﮫ‬
‫ﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺎن أن اﻟﻤﺮور ﻣﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﺴﱡﺘﺮة ﻻ ﺷﺊ ﻓﯿﮫ ﻟﻠﻤﺎ ﱢر وﻻ ﻟﻠﻤ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وﻻ ُﯾﱠﺘ َ‬ ‫وﻏﻨ ﱞ‬
‫ي ﺗﺼﺮف‪ ،‬وإﻻ ﻻﻧﺘﻔﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺗﺨﺎذ اﻟﺴﱡﺘﺮة‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺟُﺤﯿﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫أ ﱡ‬
‫ﻋ َﻨ ﺰ ٌة اﻟﻈﮭ ﺮَ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ واﻟﻌ ﺼﺮَ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﯾﻤ ﱡﺮ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ اﻟﻤ ﺮأة‬
‫ﺻ ﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ ﺑﺎﻟﺒﻄﺤ ﺎء‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ َ‬
‫واﻟﺤﻤﺎر« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬واﻟ َﻌﻨَﺰة‪ :‬ھﻲ ﻋﺼﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻓﮭﺎ ﺣﺪﯾﺪة ُﺗ ْﻨﺼَﺐ ﻛﺴُﺘﺮ ٍة‪.‬‬

‫وﻗﺪ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺟُﺤﯿﻔﺔ ھﺬا‪ ،‬وﻇﻨﻮا أن ﻣﺮور اﻟﻤﺮأة واﻟﺤﻤ ﺎر إﻧﻤ ﺎ‬
‫ﺳ ﺘﺮﺗﮫ‪ ،‬أي ھ ﻢ ﻇﻨ ﻮا أن اﻟﻤ ﺮور ﻗ ﺪ ﺣ ﺼﻞ ﻣ ﻦ أﻣ ﺎم اﻟ ﺴﺘﺮة وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻛﺎن ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬وﺑﯿﻦ ُ‬
‫وراﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺮور اﻟﻤﺮأة واﻟﺤﻤﺎر ﻣﻦ أﻣﺎم اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻻ ﯾﻘﻄﻊ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن ﻣﺮور اﻟﻤﺮأة واﻟﺤﻤﺎر ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺼﻞ ﻣ ﻦ وراء اﻟ ﺴﺘﺮة وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻣ ﻦ أﻣﺎﻣﮭ ﺎ‪ ،‬وأن ﻗ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﯾﻤ ﺮ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ اﻟﻤ ﺮأة واﻟﺤﻤ ﺎر« ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻣ ﺎ ﻓﮭﻤ ﻮه ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻟﺪﻻﻟ ﺔ‬
‫ﻦ ﺣﺒﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧﺮج ﻓﻲ ُ‬
‫ﺣﱠﻠ ٍﺔ‬ ‫رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺟُﺤﯿﻔﺔ ﻧﻔﺴﮫ ﻋﻨﺪ اﺑ ِ‬
‫ﻋ َﻨ َﺰةٌ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ إﻟﯿﮭﺎ ﯾﻤﺮﱡ ﻣﻦ وراﺋﮭﺎ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﻤﺮأة واﻟﺤﻤﺎر«‪ .‬وﻟﺮواﯾﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾﻘ ﮫ‬‫ﺣﻤﺮاءَ ﻓﺮُﻛﺰت َ‬
‫أﯾ ﻀ ًﺎ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻲ داود »ﺧ ﺮج رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﮭ ﺎﺟﺮة إﻟ ﻰ اﻟﺒﻄﺤ ﺎء‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫ﻋ َﻨ َﺰةٌ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻤ ﺮﱡ ﻣ ﻦ وراﺋﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺮأة واﻟﺤﻤ ﺎر« ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ واﻟﻌ ﺼﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ َ‬
‫ﺻﺮﺣﺖ ھﺎﺗﺎن اﻟﺮواﯾﺘﺎن ﺑﺄن اﻟﻤﺮور ﻛﺎن ﯾﺤﺼﻞ ﻣﻦ وراء اﻟﺴﱡﺘﺮة وﻟﯿﺲ ﻣﻦ أﻣﺎﻣﮭﺎ‪.‬‬

‫دﻓﻊُ اﻟﻤﺎرّ ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﺴﱡﺘﺮة‬

‫‪325‬‬
‫إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﺳُﺘﺮة ﻓﻼ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ دﻓﻊ اﻟﻤﺎ ﱢر ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ دﻓ ﻊ اﻟﻤ ﺎر‬
‫ن ھﻮ اﺗﱠﺨﺬ ﺳُﺘﺮة ﻓﻤﺮﱠ ﻣﻦ وراﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫إْ‬
‫ﺣ ﻞ ﻓﻠﯿ ﺼﻞﱢ‪ ،‬وﻻ ﯾﺒ ﺎ ِل َﻣ ﻦ ﻣ ﱠﺮ وراء ذﻟ ﻚ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬ ‫» إذا وَﺿﻊ أﺣﺪُﻛﻢ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﺜﻞ ﻣُﺆﺧﱠﺮ ِة اﻟ ﱠﺮ ْ‬
‫ﺣ ﻞ أي‬‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻣ ﺆﺧﱠﺮة اﻟﺮﺣ ﻞ ‪ :‬أي اﻟﻌ ﻮد اﻟ ﺬي ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺮﱠ ْ‬ ‫وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫ن ھﻮ اﺗﺨﺬ اﻟﺴﱡﺘﺮة وﻣ ﱠﺮ أﺣﺪٌ دوﻧﮭﺎ ﻓﺈنﱠ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ دﻓﻌُﮫ وﻟ ﻮ أدى‬ ‫اﻟﺴﺮج ﯾﺴﺘﻨﺪ إﻟﯿﮫ اﻟﺮاﻛﺐ‪ .‬أﻣﺎ إ ْ‬
‫إﻟﻰ ﻗﺘﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻛﺎن أﺣﺪﻛﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ع أﺣــﺪًا ﯾﻤ ﱡﺮ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ و ْﻟ َﯿﺪْرأه ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع‪ ،‬ﻓﺈن أﺑﻰ ﻓﻠْﯿﻘﺎﺗﻠﮫ ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﻮ ﺷﯿﻄﺎن« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻓﻼ َﯾ َﺪ ُ‬
‫ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﺑﻠﻔﻆ »إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ إﻟﻰ ﺷﺊ ﯾﺴﺘﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺄراد أﺣ ٌﺪ أن ﯾﺠﺘ ﺎز ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ‬
‫ﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ دﻓ َﻊ اﻟﻤﺎر ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﺴﱡﺘﺮة‪.‬‬
‫ﻓﻠْﯿﺪ َﻓﻌْﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺑﻰ ﻓﻠْﯿﻘﺎﺗﻠْﮫ ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﻮ ﺷﯿﻄﺎن« ﻓﻘﺪ ﻗﯿﱠﺪ اﻟﺤﺪﯾ ُ‬

‫وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈن ﻣ ﺮور اﻟﻤ ﺎر ﻣ ﻦ أﻣ ﺎم اﻟ ﺴﱡﺘﺮة ﺣ ﺮام ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺎ ﱢر ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫ﺟ َﮭ ﯿﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ أو ﺻﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ أو ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ُ‬
‫ن ﯾﻘ ﻒ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﺧﯿ ﺮٌ‬‫ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟﻮ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺎرﱡ ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﺎذا ﻋﻠﯿـ ـﮫ ﻟﻜـ ـﺎن أ ْ‬
‫ن ﯾﻤ ﱠﺮ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ اﻟﻨ ﻀﺮ‪ :‬ﻻ أدري ﻗ ﺎل أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ًﺎ أو ﺷ ﮭﺮًا أو ﺳ ﻨﺔ« رواه‬‫ﻟ ﮫ ِﻣ ﻦ أ ْ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓﻲ ھﺬا دﻻﻟﺔ ﻗﻮﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣُﺮﻣﺔ اﻟﻤﺮور‪ ،‬ودﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻄﻠ ﻖ اﻟ ﺼﻼة دون ﺗﻘﯿﯿ ﺪ‪،‬‬
‫ت ﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪي رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﻼ ُﻣ ْﻘﻌَﺪاً ﺑﺘﺒﻮك ﻓﺴﺄﻟﺘــﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺮر ُ‬
‫وﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻧﻤﺮان ﻗﺎل »ﻟﻘﯿﺖ رﺟ ً‬
‫ن أو ﺣﻤﺎ ٍر ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻄﻊ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺻﻼﺗﻨﺎ ﻗﻄﻊ اﷲ أﺛﺮه‪ ،‬ﻓﺄُﻗﻌِﺪ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ أﺗﺎ ٍ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻏ ﺰوان ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﺑ ﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻟﻠﻔ ﻆ‪ .‬ﻓﻠ ﻮﻻ أن ﻣ ﺮور اﻟﺮﺟ ﻞ ھ ﺬا ‪ -‬وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻞ ﻣﺤ ﺮﱠم ﻟﻤ ﺎ دﻋ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ھ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء‬
‫ﺣﻤﺎره ‪ -‬ﺑﯿﻦ ﯾﺪي رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ھ ﻮ ﻓﻌ ٌ‬
‫اﻟﺸﺪﯾﺪ اﻟﺬي ﺳﺒﱠﺐ ﻟﮫ اﻟﺸﻠﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﺈن اﻟﻤﺮور ﺑﯿﻦ أﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺟﺎﺋﺰ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓﯿ ﮫ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﻮن ﯾﻤﺮون ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ذﻛﻮرًا وإﻧﺎﺛًﺎ ﻛﺒﺎراً وﺻﻐﺎرًا دون إﺛﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ ودون إﺛﻢ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺑﺘﺮك دﻓﻌﮭﻢ‪ ،‬وإن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻷرﺣﻢ ﺑﻌﺒﺎده ﻣﻦ أن ﯾﻀﯿﱢﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ‬
‫أﺛﻨﺎء ﻋﺒﺎداﺗﮭﻢ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﺤﺮام ﻻﺧﺘﻼﻃﮭﻢ ﻓﯿﮫ وﺷﺪة اﻟﺰﺣﺎم‪ ،‬وﻟﻮﻻ ذﻟ ﻚ ﻟﺘﻌ ﺬﱠر ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﻲ ﺻﺤﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺣﯿﺚ اﻟﻄﺎﺋﻔﻮن ﻻ ﯾﻨﻘﻄﻌﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﱠﻮاف ﻟﯿﻼً وﻧﮭﺎراً‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ‬
‫ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻃ ﺎف ﺑﺎﻟﺒﯿ ﺖ ﺳ ﺒﻌﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﺤﺬاﺋ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬‫ﻄﻮﱠاف أﺣ ﺪ« رواه اﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﺎﺷﯿﺔ اﻟﻤﻘﺎم‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ وﻗﺎل )ھﺬا ﺑﻤﻜﺔ ﺧﺎﺻﺔ(‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺑﻠﻔﻆ »رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﺷ ﯿﺘﮫ )ﯾﻌﻨ ﻲ ﺣﺎﺷ ﯿﺔ اﻟﻄ ﻮاف( واﻟﻨ ﺎس ﯾﻤ ﺮون ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ«‪ .‬ورواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﺑﻠﻔ ﻆ »رأﯾ ﺖ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام واﻟﻨﺎس ﯾﻄﻮﻓﻮن ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺑﯿﻨ ﮫ‬
‫وﺑﯿﻨﮭﻢ ﺳُﺘﺮة«‪ .‬واﻟﺪﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾﻘﻄﻊُ اﻟﺼﻼةَ ﺑﻤﺮوره‬

‫ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﻣﺮور اﻟﻤ ﺮأة اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ‪ -‬أي َﻣ ﻦ ﺑﻠﻐ ﺖ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ ‪ -‬واﻟﻜﻠ ﺐ اﻷﺳ ﻮد‪ ،‬واﻟﺤﻤ ﺎر‪،‬‬
‫ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﺳُﺘﺮة ﻟﮫ‪ ،‬أو اﺗﺨﺬ ﺳُﺘﺮة وﻛﺎن اﻟﻤﺮور ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﺳُﺘﺮﺗﮫ‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻗﻠﻨﺎ اﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺗﻤﯿﯿﺰًا ﻟﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺼﻐﯿﺮة دون اﻟﺒﻠﻮغ‪ ،‬ﻷن اﻟﺼﻐﯿﺮة ﻻ ﺗﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺑﺤﺎل‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺋﺾ ﻣَﻦ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﺤ ﯿﺾ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻤ ﺮور ﻛﻤ ﺎ ﺗ ﻮھﱠﻢ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ .‬وﻗ ـﻠﻨﺎ إن‬
‫اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺗﻤﯿﯿﺰًا ﻟﮫ ﻋﻦ اﻟﻜﻼب ذوات اﻷﻟﻮان اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﻠﺐ اﻷﺑ ﯿﺾ واﻟﻜﻠ ﺐ‬
‫اﻷﺣﻤﺮ واﻟﻜﻠﺐ اﻷﺻﻔﺮ ﻻ ﺗـﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺤﻤﺎر ﻓﯿﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﻋﻤﻮﻣﺎً‪ ،‬ذﻛ ﺮًا ﻛ ﺎن أو أﻧﺜ ﻰ‪،‬‬

‫‪326‬‬
‫ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ذر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗﺎم أﺣﺪﻛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺴﺘﺮه إذا ﻛ ﺎن ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻣﺜﻞ آﺧِﺮة اﻟ ﱠﺮﺣْﻞ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﺜﻞ آﺧِﺮةِ اﻟ ﱠﺮﺣْﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻄﻊ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﺤﻤ ﺎر واﻟﻤ ﺮأة‬
‫واﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ذر ﻣﺎ ﺑﺎل اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد ﻣﻦ اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺣﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺻﻔﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ‬
‫اﺑﻦ أﺧﻲ ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻜﻠ ﺐ اﻷﺳ ﻮد ﺷ ﯿﻄﺎن« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺧ َﺮةِ اﻟﺮﺣ ﻞ ‪ -‬وﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ اﻟﺮواﯾ ﺎت‬ ‫ﺣﺒﱠ ﺎن ﺑ ﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ آ ِ‬‫وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻣﺆﺧﺮة اﻟﺮﺣﻞ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻌﻮد اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟ ﺴﺮج اﻟ ﺬي ﯾﻮﺿ ﻊ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮ اﻟﺠﻤ ﻞ ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ‬
‫اﻟﺮﻛﻮب ﯾﺴﺘﻨﺪ إﻟﯿﮫ اﻟﺮاﻛ ﺐ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ إن اﻟﻜﻠ ﺐ اﻷﺳ ﻮد ﺷ ﯿﻄﺎن ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠ ﻦ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﯾﺘ ﺼﻒ ﺑﺎﻟ ﺸﺮ ﻛﻤ ﺎ ﯾﺘ ﺼﻒ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﺑﺎﻟ ﺸﺮ‪ ،‬وﻗ ﺪ ورد ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ُﺮ‬
‫ﻲ ذﻟ ﻚ أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬ ‫اﻟ ﺸﯿﻄﺎن وﺻ ﻔًﺎ ﻟﻤﺮﺗﻜ ﺐ اﻟ ﺸﺮور‪ ،‬دون أن ﯾﻌﻨ َ‬
‫ض ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﯾ ْﻨ ﺸﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل‬ ‫ﻋ َﺮ َ‬‫ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺴﯿﺮ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟ َﻌﺮْج إذ َ‬
‫ﺊ ﺟﻮفُ رﺟ ٍﻞ ﻗﯿﺤ ﺎً ﺧﯿ ﺮٌ ﻟ ُﮫ ﻣ ﻦ أن ﯾ ْﻤﺘَِﻠ ﺊَ‬ ‫اﷲ ‪ :r‬ﺧﺬوا اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬أو أﻣﺴﻜﻮا اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻷَن ﯾ ْﻤﺘَﻠِ َ‬
‫ﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪.‬‬ ‫ﻦ ﻣﯿ ً‬‫ﺷِﻌﺮًا« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ‪ -‬ﺑﺎﻟﻌﺮج ‪ -‬ھﻲ ﻗﺮﯾ ٌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮِ ﺛﻤﺎﻧﯿ ٍﺔ وﺳﺒﻌﯿ ِ‬

‫ك اﻟ ﻨﺺ اﻟ ﺬي رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ذر ﯾﻔﯿ ﺪ أن ﻣ ﺮور ھ ﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛ ﺔ أﻣ ﺎم‬ ‫ﻓ ﺬا َ‬

‫اﻟﻤﺼﻠﻲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺨﺬ ﺳُﺘﺮة ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬ ‫»ﯾﻘﻄﻊ اﻟ ﺼﻼ َة اﻟﻤ ﺮأ ُة اﻟﺤ ﺎﺋﺾ واﻟﻜﻠ ﺐُ« رواه أﺑ ـﻮ داود وأﺣﻤـ ـﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد واﻟﻤ ﺮأة اﻟﺤ ﺎﺋﺾ«‪ .‬ﻓﮭ ـﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺧ ﺺﱠ اﻟﺤ ﺎﺋﺾ ﻣ ﻦ اﻹﻧ ﺎث‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻓﯿﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﺤﺎﺋﺾ‪ ،‬أي اﻟﺼﻐﯿﺮة‪ .‬وﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺼﻠﻲ‬
‫واﻟﺪواب ﺗﻤ ﱡﺮ ﺑ ﯿﻦ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮﻧﺎ ذﻟ ﻚ ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻣﺜ ُﻞ ﻣ ﺆﺧﺮة اﻟﺮﱠﺣ ﻞ ﺗﻜ ﻮن ﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪي‬
‫أﺣﺪﻛﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ ﯾﻀﺮه ﻣ ﺎ ﻣ ﱠﺮ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻧﻤﯿ ﺮ ﻓ ﻼ ﯾ ﻀﺮﱡه َﻣ ﻦ ﻣ ﱠﺮ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻣﻔﮭﻮم ھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن َﻣ ﻦ ﻣ ﱠﺮ ِﻣ ﻦ أﻣ ﺎم اﻟ ﺴﱡﺘﺮة ﻣ ﻦ‬ ‫وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ھﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﻄﻊ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأﻣﺎ إن ﻣﺮوا ﻣﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﺴﱡﺘﺮة ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻘﻄﻌﻮﻧﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذھﺐ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻷﺋﻤﺔ إﻟﻰ أن ھ ﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻻ ﯾﻘﻄﻌ ﻮن اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺠﻤﻠ ﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﺣﺮﻣﻠﺔ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﯾﺰ ﯾﻘﻮل ﻋﻦ أﻧ ﺲ »إن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻤ ﱠﺮ ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﮭﻢ ﺣﻤﺎر‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﯿّﺎش ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﯿﻌﺔ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ‪،‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎن اﷲ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣَﻦ اﻟﻤُﺴﺒﱢﺢ آﻧﻔًﺎ ﺳﺒﺤﺎن اﷲ؟ ﻗﺎل‪ :‬أﻧﺎ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬إﻧﻲ‬
‫ﺳﻤﻌﺖ أن اﻟﺤﻤﺎر ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻻ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺷﺊ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ‪ -‬ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ ‪» -‬أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬وأﺑﺎ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ ﯾﻘﻄﻊ ﺻﻼة اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺷﺊ وادرأ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ ،‬ورواه‬
‫ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﻔﯿ ﺮ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪان ﻋ ﻦ ﺳ ﻠﯿﻢ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﯾﻘﻄ ﻊ‬

‫اﻟﺼﻼة ﺷﺊ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ ﻣُﺠﺎﻟﺪ ‪ -‬ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﮭﻤﺬاﻧﻲ ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻮداك ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ‬
‫ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺷﺊ وادرؤا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﺷ ﯿﻄﺎن« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺷﯿﺒﺔ ‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻦ اﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻗﺎل »أﺗﺎﻧ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ‬
‫ﺳ ﺘﺮة‪ ،‬وﺣﻤ ﺎرة ﻟﻨ ﺎ وﻛﻠﺒ ﺔ ﺗﻌﺒﺜ ﺎن‬
‫ﻓﻲ ﺑﺎدﯾﺔ ﻟﻨﺎ وﻣﻌﮫ ﻋﺒﺎس ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﻟﯿﺲ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ُ‬
‫ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻰ ذﻟﻚ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬ورواه اﻟﻄﺤﺎوي ﺑﻤﻌﻨﺎه ‪.‬‬

‫و ‪ -‬ﻋﻦ إﺳﺤﻖ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻓﺮوة ﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﯾﺴﺎر ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‬
‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﻻ ﺗَﻘﻄﻊ ﺻﻼ َة اﻟﻤﺮء اﻣﺮأةٌ وﻻ ﻛﻠ ٌ‬
‫ﺐ وﻻ ﺣﻤﺎرٌ ‪ ،‬وادرأ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﯾ ﺪﯾﻚ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﻌﺖ«‬
‫رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء إن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﻨﺺ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾﻘﻄﻌﮭ ﺎ ﺷ ﺊ ﻟ ﻢ ﺗﺜﺒ ﺖ وﻟ ﻢ‬

‫ﺗﺨﺮج ﻋﻦ داﺋﺮة اﻟﻀﻌﻒ واﻟﻀﻌﻒ اﻟﺸﺪﯾﺪ‪ ،‬وھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺴﺘﺔ أﺑﺮزھ ﺎ‪ ،‬وھ ﻲ ﻻ ﺗﻘ ﻮى ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎھﻀﺔ أﺣﺎدﯾﺜﻨﺎ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺘﺮك وﻻ ﯾﻠﺘﻔ ﺖ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ ﺻ ﺨﺮ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺪي ‪ :‬ﯾﺤﺪﱢث ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎت ﺑﺎﻷﺑﺎﻃﯿﻞ‪ ،‬ﻋﺎﻣﺔ ﻣ ﺎ ﯾﺮوﯾ ﮫ ﻣﻨﻜ ﺮاً ﻣ ﻦ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﺎﺗﮫ ‪.‬‬
‫وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣِﺒﺎن ‪ :‬ﻻ ﯾﺤ ﱡﻞ اﻟﺮواﯾﺔ ﻋﻨﮫ ‪ .‬وﻗﺪ ﺿﻌﱠﻒ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ :‬ﻣﺘ ﺮوك ‪ .‬وﻗ ﺎل ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪:‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﺑﺸﺊ ‪.‬‬

‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﯿ ﮫ ﻋُﻔﯿ ﺮ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﺪان‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬ﺿ ﻌﯿﻒ ﻣﻨﻜ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗ ﺎل ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻌﯿﻦ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﺑﺜﻘﺔ ‪ .‬وﻣﺜﻠﮫ ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮازي ‪.‬‬

‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﯿ ﮫ ﻣُﺠﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺿ ﱠﻌﻔﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ راوي اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺿ ﻌﻔﮫ‬
‫ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ وﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﮭﺪي واﺑﻦ أﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ واﺑﻦ ﺳﻌﺪ ‪ .‬وﻗﺎل ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‪ :‬ﻻ ﯾﺤ ﺘﺞ‬
‫ﺑﮫ ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﺣﺒﺎن‪ :‬ﻻ ﯾﺠﻮز اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮫ ‪ .‬وﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻻ ﯾﺮاه ﺷﯿﺌ ًﺎ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﯿﮫ اﻧﻘﻄﺎع ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ وﺑﯿﻦ ﻋﻤﮫ اﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬ﻷن ﻋﺒﺎس ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﻟﻢ ﯾﺪرك ﻋﻤﮫ ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﺣﺪﯾﺚ ﻣﻨﻘﻄﻊ ‪.‬‬

‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻓ ﺮوة ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣﺘ ﺮوك ﻗﺎﻟ ﮫ أﺑ ﻮ اﻟﻄﯿ ﺐ ﻣﺤﻤ ﺪ آﺑ ﺎدي ‪ .‬ھ ﺬا‬
‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة راوي ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺪ روى ﻋﻨﮫ ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺎل »ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﺮأة واﻟﺤﻤﺎر واﻟﻜﻠﺐ ‪ ،‬وﯾﻘ ﻲ ذﻟ ﻚ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺆﺧﺮة اﻟﺮﺣ ﻞ« أي ﻋﻜ ﺲ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ھﺬا اﻻﺳﺘﻌﺮاض ﯾﺘﺒﯿﻦ ﺑﻮﺿﻮح ﺗﺎم أن ﺟﻤﯿﻊ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ أو واھﯿ ﺔ ‪ ،‬وھ ﻲ ﻣ ﺎ‬
‫اﺳﺘﻨﺪ إﻟﯿﮫ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن إن اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﻘﻄﻌﮭﺎ ﺷ ﺊ ‪ ،‬ﻓﻮﺟ ﺐ ﻃﺮﺣﮭ ﺎ وﻋ ﺪم اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﺑﮭ ﺎ ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ وأﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺟﺎءت ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻣﻊ أﺣﺎدﯾﺜﻨﺎ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤ ﺴﻨﺔ ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺜﺒ ﺖ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ إن اﻟﻤ ﺮأة اﻟﺤ ﺎﺋﺾ‪،‬‬
‫أي ﻣﻦ ﺑﻠﻐﺖ ‪ ،‬واﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد واﻟﺤﻤﺎر ﺗﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻗﻄﻊ ھﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ ﻣﻌﻨ ﻰ اﻟﻘﻄ ﻊ‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ‬
‫ﻣﻦ ﻓﺴﱠﺮ اﻟﻘﻄﻊ ﺑﺈﺑﻄﺎل اﻟﺼﻼة ووﺟﻮب إﻋﺎدﺗﮭﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺮور ھﺆﻻء‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﻓ ﺴﱠﺮ اﻟﻘﻄ ﻊ ﺑﺈﻟﺤ ﺎق‬
‫اﻟ ﻨﻘﺺ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة دون اﻹﺑﻄ ﺎل وھ ﻢ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي اﻟ ﺮاﺟﺢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻠﻐ ﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫اﻷول ﻓﺄﻧﮭﺎ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓ ﺎﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺳ ﻮرة ﯾﻮﺳ ﻒ ]‪...‬ﻓﻠ ﱠﻤ ﺎ رأﯾْ َﻨ ﮫُ أﻛْ َﺒﺮْ َﻧ ﮫُ‬
‫ﻦ َأ ْﯾ ِﺪ َﯾﮭُﻦﱠ ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ .31‬ﻓﮭﻨﺎ ﻟﻔﻈﺔ )ﻗﻄﱠﻌﻦ( ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺒﺘ ﺮ وإﻧﻤ ﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ اﻟﺠ ﺮح ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻘﻄﻊ‬ ‫وﻗﻄﱠ ْﻌ َ‬

‫‪328‬‬
‫ﻦ َأ ْﯾ ِﺪ َﯾﮭُﻦﱠ[ ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫ﺠ ﺮْح ] َو َﻗﻄﱠ ْﻌ َ‬
‫ﻄﻌُﻮا َأ ْﯾ ِﺪ َﯾﮭُﻤَﺎ[ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻔﯿ ﺪ إﻟﺤ ﺎق اﻟ ﻨﻘﺺ أو اﻟ َ‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺒﺘﺮ ]ﻓَﺎ ْﻗ َ‬
‫ﻗﺮﯾﻨﺔ ﺗﺤﺪﱢد أﯾًﺎ ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻟﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺑﻤﺮور ھﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ .‬وﻗﺪ وﺟﺪت ﺣﺪﯾﺜ ًﺎ رواه ﯾﺰﯾ ﺪ‬
‫ﺑﻦ ﻧﻤ ﺮان ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]دﻓ ﻊ اﻟﻤ ﺎر ﻋﻨ ﺪ اﺗﺨ ﺎذ اﻟ ﺴﺘﺮة[ ﯾ ﺸﻜﱢﻞ اﻟﻘﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘﻄ ﻊ ھﻨ ﺎ ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫اﻟﻨﻘﺺ ﻓﺤﺴﺐ وﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻹﺑﻄﺎل‪ ،‬وھﻮ ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ‪» r‬ﻗﻄﻊ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺻ ﻼﺗﻨﺎ ﻗﻄ ﻊ اﷲ أﺛ ﺮه«‪ .‬ﻓﻔ ﻲ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻢ ُﯾﺘْﺒﻊ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل اﻷﻣ ﺮَ ﻣﻨ ﮫ ﻷﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﺑﺈﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻘﻄﻮﻋ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﺳ ﻜﺖ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ اﻷﻣ ﺮ ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘﻄ ﻊ ﻻ ﯾﺘﻌ ﺪى اﻟ ﻨﻘﺺ‪ ،‬وإﻻ ﻟ ﺼﺪر اﻷﻣ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻮي‬
‫ﺑﺎﻹﻋﺎدة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺼﺪر اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﻋﺎدة دل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻤ ﺮاد ﻣ ﻦ اﻟﻘﻄ ﻊ ھ ﻮ اﻟ ﻨﻘﺺ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺼﻠﺢ ﻗﺮﯾﻨﺔ ﺗﺼﺮف اﻟﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﺘﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻟ ﻨﻘﺺ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺮﻓﻨﺎ ﻋ ﻦ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﺣﺒﺎن ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﺧﺰﯾﻤﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺗﻌ ﺎد‬
‫اﻟﺼﻼة ﻣﻦ َﻣ َﻤﺮﱢ اﻟﺤﻤﺎر واﻟﻤﺮأة واﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪:‬ﻣ ﺎ ﺑ ﺎل اﻷﺳ ﻮد ﻣ ﻦ اﻷﺻ ﻔﺮ ﻣ ﻦ اﻷﺣﻤ ﺮ؟‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻓﺴﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺳﻮد ﺷﯿﻄﺎن«‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻔﻈ ﺔ‬
‫)ﺗﻌﺎد اﻟﺼﻼة( ﻣﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ اﻹﺑﻄﺎل واﻟﺒﺘﺮ‪ ،‬وﯾﻨﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺪاره ﻋﻠﻰ ھﺸﺎم ‪ -‬ﺑﻦ ﺣﺴﺎن ‪ -‬اﻟﺬي رواه ﻋﻦ ﺣﻤﯿ ﺪ ﺑ ﻦ ھ ﻼل‬
‫ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ‪ .‬وﺑ ﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟ ﻰ ﺻ ﺤﯿﺢ اﺑ ﻦ ﺧﺰﯾﻤ ﺔ ﻧﺠ ﺪ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﺪة‬
‫ﻃﺮق ﻋﻦ ﺣﻤﯿﺪ ﺑﻦ ھﻼل ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر وﺟﻤﯿﻊ ھﺬه اﻟﻄﺮق ﺑﺎﺳ ﺘﺜﻨﺎء ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫ھﺸﺎم ﺑﻦ ﺣﺴﺎن ﺗﺬﻛﺮ ﻟﻔﻈﺔ )ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة( وھﻲ اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ اﻟﺘﻲ وردت ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻤ ﺎرة‬
‫ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﺮواة اﻟﺬﯾﻦ رووا ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔﻈﺔ )ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة( ﻋﻦ ﺣﻤﯿﺪ ﺑﻦ ھ ﻼل أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﻨﯿﻊ وﺳﮭﻞ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ وﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ اﻟﺰﻧﺎد‪ ،‬ﻓﮭﻮﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ وآﺧﺮون ﻏﯿﺮھﻢ ﻗﺪ رووا ﻋﻦ ﺣﻤﯿﺪ ﺑﻦ ھ ﻼل‬
‫ﻟﻔﻈﺔ )ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة( وﻟﻢ ﯾَﺮوِ ﻟﻔﻈ ﺔ )ﺗﻌ ﺎد اﻟ ﺼﻼة( إﻻ ھ ﺸﺎم ﺑ ﻦ ﺣ ﺴﺎن ﻋ ﻦ ﺣﻤﯿ ﺪ ﺑ ﻦ ھ ﻼل‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺷﻚ ﻓﻲ أﻧﻨﺎ ﻣﻀﻄﺮون ﻷﺧ ﺬ رواﯾ ﺔ اﻟﻜﺜﯿ ﺮﯾﻦ اﻟﻤﻌﺘ ﻀﺪة ﺑﺮواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ﺑ ﺎﻟﻘﻄﻊ‪ ،‬ورد رواﯾ ٍﺔ‬
‫ﻏﺮﯾﺒﺔٍ اﻧﻔﺮد ﺑﮭﺎ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﺣﺴﺎن ﺗﻘﻮل ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة ‪ ،‬ﻷن اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻛﻠﮭ ﺎ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ رواﯾ ﺔ واﺣ ﺪة ﺗ ﺬﻛﺮ‬
‫واﻗﻌﺔ واﺣﺪة وﻻ ﺑﺪ وﻻ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻋﻦ ﺗﺮﺟﯿﺢ إﺣﺪى اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ‪ .‬وﺑﺎﻟﺘﺮﺟﯿﺢ ﻧﻌﺘﻤ ﺪ رواﯾ ﺔ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﺮواة اﻟﺘ ﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﻔﻈ ﺔ )ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟ ﺼﻼة( وﻧ ﺮد رواﯾ ﺔ ﻏﺮﯾﺒ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ھ ﺸﺎم‬
‫وﺣ ﺪه ﺑﻠﻔﻈ ﺔ )ﺗﻌ ﺎد اﻟ ﺼﻼة( وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾﺜﺒ ﺖ ﻓﮭﻤﻨ ﺎ ﻣ ﻦ أن اﻟﻘﻄ ﻊ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﯾﻌﻨ ﻲ إﻟﺤ ﺎق‬
‫اﻟ ﻨﻘﺺ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﻓﮭﻤ ﮫ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿ ﻮان اﷲ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻘﻄ ﻊ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوي أن ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻮ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﺎ ﯾﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﺑ ﺎﻟﻤﺮور‬
‫ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺎ ﺻ ﻠﱠﻰ إﻻ إﻟ ﻰ ﺷ ﺊ ﯾ ﺴﺘﺮه ﻣـ ـﻦ اﻟﻨ ﺎس« رواه أﺑ ﻮ ﻧﻌﯿـ ـﻢ‪ .‬ورُوي أن ﻋﺒـ ـﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺴﻌﻮد ﻗﺎل »إن اﻟﻤﺮور ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ ﯾﻘﻄﻊ ﻧﺼﻒ ﺻﻼﺗﮫ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼ ُة إﻟﻰ ﻧﺎﺋﻢ أو ﺑﮭﯿﻤﺔ‬

‫ن َﯾﺘﱠﺨ َﺬ ھﺆﻻء‬
‫ﯾﺠﻮز أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻗِﺒﻠﺔ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻧﺎﺋﻢٌ ذﻛﺮًا ﻛﺎن أو أُﻧﺜﻰ‪ ،‬أو داﺑﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أ ْ‬
‫ﺳُﺘﺮ ًة ﻟﮫ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻻ ﯾﺘﻨ ﺎﻓﻰ ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺤُﺮﻣ ﺔ ﻣ ﺮور اﻟﻤ ﺮأة وﻗﻄﻌﮭ ﺎ ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وﺣُﺮﻣ ﺔ ﻣ ﺮور‬
‫اﻟﺬﻛﺮ أﯾﻀﺎً‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﺤﺮام ﻣﺮور اﻟﺮﺟﻞ وﻣﺮور اﻟﻤﺮأة‪ ،‬أﻣﺎ ﻧﻮﻣﮭﻤ ﺎ أﻣ ﺎم اﻟﻤ ﺼﻠﻲ واﻋﺘﺮاﺿ ﮭﻤﺎ‬
‫اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻓ ﻼ ﺷ ﺊ ﻓﯿ ﮫ ﻷﻧ ﮫ أﻣ ﺮ آﺧ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻌ ﺮﱢض راﺣﻠﺘ ﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ إﻟﯿﮭــ ـﺎ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻟﻘ ﺪ ﻛ ﺎن‬
‫رﺳـــﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮم ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وإﻧﻲ ﻟﻤﻌﺘﺮﺿﺔٌ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻓ ﺮاش أھﻠ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »واﷲ ﻟﻘ ﺪ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ وإﻧ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺮﯾﺮ‬
‫ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻣﻀﻄﺠﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺒﺪو ﻟﻲ اﻟﺤﺎﺟـﺔ ﻓﺄﻛﺮه أن أﺟﻠﺲ‪ ،‬ﻓﺄُوذي رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺄﻧﺴﻞﱠ ﻣﻦ‬
‫ﻋﻨ ﺪ رﺟﻠﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻔ ـﻲ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺘﯿﻦ ﻛﺎﻧـ ـﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻣﻌﺘﺮﺿـ ـﺔ وھـ ـﻲ‬

‫‪329‬‬
‫ﻣﻀﻄﺠﻌــﺔ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ إﻟﯿﮭــﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ ،r‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ذﻟﻚ‪ ،‬وﻣﻐﺎﯾﺮ ِة ذﻟ ﻚ ﻟﻠﻤ ﺮور اﻟ ﺬي ورد‬
‫اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ﻓﻤﺮور اﻟﻤﺮأة ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ ﯾﻘﻄﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ ﺻ ﻼﺗﮫ إﻟﯿﮭ ﺎ وھ ﻲ ﻧﺎﺋﻤ ﺔ أو ﻣ ﺴﺘﻠﻘﯿﺔ‬
‫ﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺎن أن اﻟﺼﻼة إﻟﻰ اﻟﻤﺮأة اﻟﻨﺎﺋﻤﺔ إﻧﻤﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮأة ﻣ ﻦ اﻷرﺣ ﺎم‬
‫ﻓﺠﺎﺋﺰ‪ .‬وﻏﻨ ﱞ‬
‫اﻟﻤﺤﺮﻣﯿﻦ دون اﻟﻨﺴﺎء اﻷﺟﻨﺒﯿﺎت ﻟﻤﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ واﻧ ﺸﻐﺎل ذھ ﻦ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وﻛﻼھﻤ ﺎ ورد اﻟﻨﮭ ﻲ‬
‫ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿ ﺖ ﻣ ﺴﺄﻟ ُﺔ ﻗﯿ ﺎمِ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ﺳﺠـ ـﺎدة ﺻ ﻐﯿﺮة ﻗ ﺪر ﻣ ﺎ ﯾﺤﺘﺎﺟ ﮫ اﻟﻤ ﺼﻠـﻲ ﻟ ﺼﻼﺗﮫ‪،‬‬
‫وﯾﺴﻤﻮﻧﮭﺎ ﺳﺠــﺎدة اﻟﺼﻼة‪ .‬ﻓﮭــﺬه اﻟﺴﺠــﺎدة ﺟــﺮى اﻟﻌــﺮف أن ﯾﻘﻒ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻓﮭﺎ وﯾ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻓﮭﺎ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أرى أن ﻣَﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺴﺠﺎدة ﻻ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ اﺗﺨــ ـﺎذ‬
‫ﺳُﺘﺮة ﻟــــﮫ‪ ،‬ذﻟﻚ أن ﻃـــﺮف اﻟﺴﺠﺎدة اﻟـ ـﺬي ﯾ ﺴﺠــﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺳ ﺠﻮده‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻀﯿﺮه‬
‫ﺳ ﺘﺮة ‪،‬‬‫ﻣ ﺮور أي إﻧ ﺴﺎن أو ﺣﯿ ﻮان ﺧﻠ ﻒ ﺳ ﺠﺎدﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺴﺠﺎدة ھ ﺬه ﺗﺄﺧ ﺬ ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤﻮﺿ ﻊ اﻟ ﺬي ﻟ ﮫ ُ‬
‫وﯾﺼﺒﺢ اﻟﻤﺤﺮﱠم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس أن ﯾﻤﺮوا ﻣﻦ ﻓﻮق اﻟﺴﺠﺎدة‪ ،‬ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻣﺮوا ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ‬
‫وﺑﯿﻦ ﺳﺘﺮﺗﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إن ھﻢ ﻣﺮﱡوا ﺑﻌﺪ ﻃﺮف اﻟﺴﺠﺎدة ﻓﻼ ﺷﺊ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺎر واﻟﻤ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺄﺛﻢ‬
‫اﻟﻤﺎر‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﻲ دﻓﻌﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞُ اﻟﺴـﺎدس‬
‫ﺻﻔ ُﺔ اﻟﺼﻼة‬

‫ﺣﻜﻢُ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام‬

‫ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام ھﻲ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻟﺼﻼة اﻷوﻟﻰ وھﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﯿﺔ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻗﺪ ﺳ ﻤﯿﺖ ﺑﮭ ﺬا اﻻﺳ ﻢ ﻷن‬
‫ﻻ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﺒﻠﮭﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل وأﻗﻮال‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ إن ﻧﻄﻖ ﺑﮭﺎ ﺣﺮﱢم ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺣﻼ ً‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة اﻟﻄﱡﮭ ﻮر‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤﮭ ﺎ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻠﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻔﺘ ﺘﺢ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬واﻟﻘﺮاءة ﺑـ اﻟﺤﻤ ُﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﻟﻠﺘﻜﺒﯿﺮ ﺻﯿﻐﺔ واﺣﺪة ﻻ ﻏﯿﺮ ھﻲ ]اﷲ أﻛﺒﺮ[ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻘﺪار اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ‪،‬‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ أن‬ ‫ﻼ ]اﷲ اﻷﻛﺒ ﺮ[ أو ]اﷲ ﻛﺒﯿ ﺮ[ أو ]اﷲ ھ ﻮ اﻷﻛﺒ ﺮ[ ﻓ ﻀ ً‬
‫ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﻮز أن ﯾﻘ ﻮل اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﺜ ً‬
‫ﯾﺴﺘﺒﺪل ﺑﮭﺎ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﻤﯿﺪ أو ﺗﺴﺒﯿﺢ أو ﺗﮭﻠﯿﻞ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ]اﷲ أﻛﺒﺮ[‪ ،‬وﻗﺪ ﻧُﻘﻠﺖ‬
‫ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺗﺮ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣﺠﺎل ﻟﻼﺟﺘﮭﺎد ﻓﯿﮭﺎ وإﺟﺮاء ﺗﻌﺪﯾﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ أو ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ‪.‬‬

‫‪330‬‬
‫وﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام ﻓﺮض ورﻛﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮭﺎ ‪ ،‬وﻻ ﺗُﻘﺒﻞ ﺻﻼ ٌة ﺑﺪوﻧﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ دﺧ ﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻘﻠﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﮭﻤﺎ ﻗﺎل أو ﻓﻌ ﻞ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﯿ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى‬
‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺧﻼﱠد ﻋﻦ ﻋﻤﮫ ‪ ...‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إﻧﮫ ﻻ ﺗﺘﻢ ﺻﻼة ﻷﺣﺪٍ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻓﯿﻀﻊ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ وﯾﺤﻤﺪ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ وﯾﺜﻨﻲ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﯾﻘﺮأ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﻛﻊ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ ﻣﻔﺎﺻ ﻠُﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻮي ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻦ ﻣﻔﺎﺻ ﻠُﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻮي‬ ‫ﯾﻘﻮل اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤ ﺌ ﱠ‬
‫ﻦ ﻣﻔﺎﺻ ﻠُﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻓﯿﻜ ﱢﺒ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻓﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ‬‫ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌ ﱠ‬
‫ﻓﻘ ﺪ ﺗﻤ ﺖ ﺻ ﻼﺗﮫ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾ ﻀﻊ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ :‬أي ﯾ ﻀﻌﮫ ﻣﻮاﺿ ﻌﮫ‪ ،‬ﯾﺮﯾ ﺪ ﺑ ﺬﻟﻚ إﺳ ﺒﺎغ‬
‫اﻟﻮﺿ ﻮء‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗ ﺎل اﻹﻣ ﺎم‪ :‬اﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وإذا ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫ﺳ ﺒﻎ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬ ‫ﺖ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓَﺄ ْ‬‫وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬إذا ﻗُﻤ َ‬
‫ﺛﻢ اﺳ ﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻓﻜ ﱢﺒ ﺮ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ دﱠﻟ ﺖ ھ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ھ ﻲ ]اﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ[ وﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻻ ﺗﺘﻢ اﻟﺼﻼة ﺑﺪوﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﺻﻼة ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﺒﺮ‪ ،‬وﻻ ﺻﻼة ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﻘ ﻞ ]اﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ[‪.‬‬

‫رﻓ ُﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ﯾُﺸﺮع ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ اﻻﺛﻨﺘﯿﻦ ﻋﻨﺪ اﻓﺘﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮة اﻷوﻟ ﻰ ‪ -‬ﺗﻜﺒﯿ ﺮةِ اﻹﺣ ﺮام ‪-‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾُﺸﺮع ﻟ ﮫ رﻓﻌﮭﻤ ﺎ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﻋﻨ ﺪ اﻟﺮﻓ ﻊ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪ اﻟﻘﯿ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ اﻷوﺳ ﻂ‪ ،‬أي ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻘﯿﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺸﺮع ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻷرﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾُﺸﺮع ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻘﯿﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،‬أو اﻟﻘﯿﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺮد دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻔﺮﻗ ﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ .‬روى‬ ‫ورﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ُ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻛﺎن إذا دﺧﻞ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻛﺒﱠ ﺮ ورﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬وإذا رﻛ ﻊ رﻓ ﻊ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وإذا ﻗﺎل ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وإذا ﻗ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ورﻓ ﻊ ذﻟ ﻚ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ إﻟﻰ ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ .«r‬ﻓﻤﻦ أراد اﺗﱢﺒﺎع اﻟﺴﱡﻨﺔ ﻓﺎﻟﺴﱡﻨﺔ رﻓ ُﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﻮاﻃﻦ اﻷرﺑﻌ ﺔ‪ ،‬ورﻓ ﻊ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻷول آﻛﺪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺒﻘﻰ ﺳُﻨﺔ ﻏﯿﺮ واﺟ ﺐ‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻠﻘﻤ ﺔ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻻ أﺻ ﻠﱢﻲ ﻟﻜ ﻢ ﺻ ﻼ َة رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ إﻻ‬
‫ﻣﺮﱠة« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻄﱠﺤﺎوي ﺑﻠﻔﻆ »ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓــﻲ أول ﺗﻜﺒﯿــﺮة ﺛ ﻢ ﻻ‬
‫ﯾﻌﻮد«‪ .‬ﻓﮭﻮ ﺣﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﺿﻌﱠﻔﮫ أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻻﻓﺘﺘ ﺎح‬

‫اﻟﺼﻼة رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن إﺑﮭﺎﻣﺎه ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣ ﻦ ﺷ ﺤﻤﺘﻲ أذﻧﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻻ ﯾﻌ ﻮد« رواه اﻟﻄﱠﺤ ﺎوي وأﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬ﻓﻘﺪ رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﺑﺪون زﯾﺎدة »ﺛﻢ ﻻ ﯾﻌﻮد«‪ .‬وﺻﻮﱠب اﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ذﻟ ﻚ وﻗ ﺎل )إن‬
‫ﺟ ٌﺔ ﻣِﻦ ﻗﻮل ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺎد‪ ،‬وﻛﺎن ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻂ‪ ،‬وﻗ ﺪ اﺗﻔ ﻖ اﻟﺤﻔ ﺎظ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ُﻣ ْﺪ َر َ‬
‫ﺟ ٌﺔ ﻣﻦ ﻗﻮل ﯾﺰﯾﺪ(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﻻ ﯾﺼﻠﺤﺎن ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬ ‫ُﻣ ْﺪ َر َ‬

‫وﻓﻲ أﯾﺎﻣﻨﺎ اﻟﺮاھﻨﺔ ﺗﻘﻮم ﻓﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺮﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻗُﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﺎم ﻣ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬أي ﺑﺮﻓ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫وھﻢ ﻣـﺎ ﯾﺰاﻟﻮن ﺟﺎﻟﺴﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺴﱡﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻓﻊ‪ ،‬إذ ﻻ رﻓ ﻊ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﺠﻠ ﻮس ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﻮل‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ »وإذا ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ«‪ .‬واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﻓ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻘﯿ ﺎم‪ ،‬واﻟﻘﯿ ﺎم ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺠﻠﻮس‪ ،‬وﯾﺸﮭﺪ ﻟﻤﺎ ﻧﻘﻮل ﻣﺎ رواه ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن‬

‫‪331‬‬
‫إذا ﻗﺎم إﻟﻰ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻛﺒﱠﺮ ورﻓــﻊ ﯾــﺪﯾﮫ ﺣ ﺬو ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾ ﺼﻨﻊ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ إذا ﻗ ﻀﻰ ﻗﺮاءﺗ ﮫ‬
‫وأراد أن ﯾﺮﻛﻊ‪ ،‬وﯾﺼﻨﻌﮫ إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﻻ ﯾﺮﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ﺻﻼﺗ ـﮫ وھ ﻮ‬
‫ﻗﺎﻋﺪ‪ ،‬وإذا ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻛﺬﻟﻚ وﻛﺒﱠﺮ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻣﺎ رواه اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ »أن رﺳ ـﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا اﻓﺘ ﺘﺢ اﻟ ﺼﻼة رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣ ﺬو ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وإذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻟﻠﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وإذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع رﻓﻌﮭﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ أﯾﻀﺎً وﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻻ ﯾﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺠﻮد«‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ »وﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ وھ ﻮ ﻗﺎﻋ ﺪ« واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻧﻘ ﻮل‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ »وﻛﺎن ﻻ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ رﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ‪ -‬ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد« واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻛﺬﻟﻚ ‪.‬‬

‫واﻟﯿﺪان ﺗُﺮﻓﻌﺎن ﻣ ﱠﺪاً ﻣﻊ ﺗﻔﺮﯾﻖ اﻷﺻﺎﺑﻊ‪ ،‬وﯾﺤﺎذي ﺑﮭﻤﺎ اﻟﻤﻨﻜﺒﯿﻦ أو ﺷﺤﻤﺘﻲ اﻷُذﻧﯿﻦ‪ ،‬وﺗُﺮﻓﻌ ﺎن‬
‫ﻣﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام ‪ ،‬وﻣﻊ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات اﻟﺜﻼث اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺛ ﻼث‬
‫ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻌﻤﻞ ﺑﮭﻦﱠ ﻗﺪ ﺗﺮﻛﮭ ﱠ‬
‫ﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻛ ﺎن ﯾﺮﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻣ ﱠﺪًا إذا دﺧ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﯾﻜﺒ ﺮ‬
‫ﻛﻠﻤﺎ رﻛﻊ ورﻓﻊ‪ ،‬واﻟﺴﻜﻮت ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺮاءة ﯾﺪﻋﻮ وﯾﺴﺄل اﷲ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻋﻠﻲ وﻓﯿﮫ »ورﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣ ﺬو ﻣﻨﻜﺒﯿ ﮫ«‪ .‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ واﺋ ﻞ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ »أﻧ ﮫ رأى اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا‬
‫اﻓﺘﺘﺢ اﻟﺼﻼة رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺎد إﺑﮭﺎﻣﺎه ﺗﺤﺎذي ﺷﺤﻤﺔ أُذﻧﯿ ﮫ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وروى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻨﺸﺮ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻧَ ﺸْﺮاً« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪.‬‬
‫وﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲﱟ اﻟﻤﺎر دﻟﯿﻞٌ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻷرﺑﻌﺔ‪.‬‬

‫إﻗﺎﻣﺔُ اﻟﺼﻔﻮف أو ﺗﺴﻮﯾﺘُﮭﺎ‬

‫ﻞ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ واﻟﺼﻔﻮف‬ ‫إن إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻔﻮف أو ﺗﺴﻮﯾﺘﮭﺎ ﻓﺮض ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺤ ﱡ‬
‫ﺟ ﺔ أو ﻣﻘﻄﻮﻋ ﺔ ﻣ ﻦ ھﻨ ﺎ وھﻨ ﺎك‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﻣﻌﻮ ﱠ‬
‫»ﺳَﻮﱡوا ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ ﻓﺈن ﺗﺴﻮﯾﺔ اﻟﺼﻔﻮف ﻣﻦ إﻗﺎﻣﺔ اﻟ ﺼـــﻼة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺳَ ﻮﱡوا ﺻﻔﻮﻓ ـﻜﻢ ﻓ ﺈن ﺗ ﺴﻮﯾﺔ اﻟ ﺼﻒ ﻣ ﻦ ﺗﻤ ﺎم اﻟ ﺼﻼة«‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ )إن ﺗ ﺴﻮﯾﺔ اﻟ ﺼﻔﻮف ﻣ ﻦ إﻗﺎﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإن‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻷن إﻗﺎﻣ ﺔ اﻟ ﺼﻼة وﺗﻤ ﺎم اﻟ ﺼﻼة واﺟﺒ ﺎن‪،‬‬ ‫ﺗﺴﻮﯾﺔ اﻟ ﺼﻒ ﻣ ﻦ ﺗﻤ ﺎم اﻟ ﺼﻼة( دﻟﯿ ٌ‬
‫واﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻔﻮف واﺳﺘﻮت ﺗﻘﺪم اﻹﻣﺎم‬
‫اﻟﺼﻒ اﻷول ووﻗﻒ ﻗُﺒﺎﻟﺔ وﺳﻄﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺒﺮ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﺗُﻘﺎم اﻟ ﺼﻼة وﺗ ﺘﻢ اﻟﺘ ﺴﻮﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻤﺴﺢ ﻣﻨﺎﻛﺒﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﺳ ﺘﻮوا وﻻ‬
‫ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑﺸﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮﱢم اﻟﺼﻔﻮف ﻛﻤﺎ ﺗُﻘﻮﱠم اﻟﻘِﺪاح‪ ،‬ﻓﺄﺑﺼﺮ رﺟ ً‬
‫ﻼ ﺧﺎرﺟ ًﺎ ﺻﺪرُه ﻣﻦ اﻟ ﺼﱠﻒ‪ ،‬ﻓﻠﻘ ﺪ رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﷲ ﺑﯿﻦ وﺟﻮھﻜﻢ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬ ‫‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻟ ُﺘﻘﯿ ُﻤﻦﱠ ﺻﻔﻮﻓﻜﻢ أو ﻟﯿﺨﺎﻟﻔُﻦ ا ُ‬

‫وﻋﻠ ﻰ اﻹﻣ ﺎم أن ﯾﻄﻤ ﺌﻦ إﻟ ﻰ اﺳ ﺘﻮاء اﻟ ﺼﻔﻮف ﺛ ﻢ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ ﯾﻜﱢﺒ ﺮ ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﱢﺒ ﺮ ﺣﺘ ﻰ‬

‫ﺗ ﺴﺘﻮي اﻟ ﺼﻔﻮف ﻓﻌ ﻼً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﻮﱢي‬
‫ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ إذا ﻗﻤﻨﺎ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈذا اﺳﺘﻮﯾﻨﺎ ﻛﺒﱠﺮ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ن ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ ھ ﺬه اﻷﻣ ﺔ أن ﺟﻌ ﻞ اﷲ ﺻ ﻼﺗﮭﺎ ﻣﻤﺎﺛﻠ ﺔ ﻻﺻ ﻄﻔﺎف اﻟﻤﻼﺋﻜ ـﺔ أﻣ ﺎم رﺑﮭ ﻢ‪ ،‬أي‬ ‫وإ ﱠ‬

‫ف ﻣﺘﺮاﺻ ﺔ ﻣ ﺴﺘﻘﯿﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‬ ‫ﺻ ﻔﻮﻓًﺎ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻔﻮ ٍ‬
‫ﺷﻤْﺲ؟ أُﺳﻜُﻨﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل‪:‬‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻲ أراﻛﻢ راﻓﻌﻲ أﯾﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭﺎ أذﻧﺎب ﺧﯿ ٍﻞ ُ‬
‫ﻋ ﺰِﯾﻦ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج ﻋﻠﯿﻨ ﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﻻ ﺗ ﺼﻔﱡﻮن ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺛﻢ ﺧﺮج ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻓﺮآﻧﺎ ﺣَﻠَﻘـﺎً ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻲ أراﻛﻢ ِ‬
‫ﻒ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻋﻨ ﺪ رﺑﮭ ﺎ؟ ﻓﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ وﻛﯿ ﻒ ﺗ ﺼﻒ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻋﻨ ﺪ رﺑﮭ ﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾُﺘﻤﱡ ﻮن‬ ‫ﺗﺼ ﱡ‬

‫‪332‬‬
‫اﻟﺼﻔﻮف اﻷُول وﯾﺘﺮاﺻﱡﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﻒ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أﻗﯿﻤ ﻮا اﻟ ﺼﻔﻮف ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺼﻔﱡﻮن ﺑ ﺼﻔﻮف اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ‪ ،‬وﺣ ﺎذوا ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻨﺎﻛ ﺐ‪ ،‬و ُ‬
‫ﺳ ﺪﱡوا‬
‫ت ﻟﻠ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وﻣ ﻦ وﺻ ﻞ ﺻﻔ ـ ًﺎ وﺻ ﻠﮫ اﷲ‬ ‫اﻟﺨﻠ ﻞ‪ ،‬وﻟِﯿﻨ ﻮا ﻓ ـﻲ أﯾ ﺪي إﺧ ﻮاﻧﻜﻢ‪ ،‬وﻻ َﺗ ﺬَروا ُﻓﺮُﺟ ﺎ ٍ‬
‫ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺻﻔﺎً ﻗﻄﻌﮫ اﷲ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ »وﻻ ﺗ ﺬروا ُﻓﺮُﺟ ﺎت ﻟﻠ ﺸﯿﻄﺎن« ﻓ ﺴﱠﺮه‬
‫ﻣ ﺎ رواه أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒــ ـﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ُر ﱡ‬
‫ﺻ ﻮا ﺻﻔﻮﻓَﻜــ ـﻢ وﻗ ﺎرﺑﻮا ﺑﯿﻨﮭـ ـﺎ‪،‬‬
‫وﺣﺎذوا ﺑﺎﻷﻋﻨﺎق‪ ،‬ﻓﻮاﻟﺬي ﻧﻔﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﯿﺪه إﻧﻲ ﻷرى اﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ ﺗ ﺪﺧﻞ ﻣ ﻦ ﺧ ﻼل اﻟ ﺼﻔﻮف ﻛﺄﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺤﺬَف« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬واﻟﺤ ﺬف ‪ -‬ﺑﻔﺘﺤﺘ ﯿﻦ ‪ -‬ﻏ ﻨﻢ ﺻ ﻐﯿﺮة اﻷﺣﺠ ﺎم‬ ‫اﻟ َ‬
‫ﺳﻮداء ﺟﺮداء ﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ أذﻧﺎب ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﯿﻤﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ اﻹﻣﺎم ﻋﻨﺪ إﺷ ﺮاﻓﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺗ ﺴﻮﯾﺔ اﻟ ﺼﻔﻮف ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﻋ ﺪة ﺻ ﯿﻎ‪ ،‬وھ ﺬه‬
‫اﻟ ﺼﯿﻎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣﻘ ﺼﻮدة ﻟ ﺬاﺗﮭﺎ ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ﯾُﻘ ﺼﺪ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺗﺤﻘﯿ ﻖ اﻟﺘ ﺴﻮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﯿﻤﻜﻦ أن ُﯾ ﺆﺗﻰ ﺑﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﺳ ﻊ ﻋﻠ ﻰ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬وﯾﻜﻔﯿ ﮫ أن ﯾﻘ ﻮل‬ ‫وﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺆﺗﻰ ﺑﻘﺴﻢ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ أن ﯾُﺆﺗﻰ ﺑﻐﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﻣﻮ ﱠ‬
‫ﻼ‪ :‬اﺳـﺘﻮوا وﺗﺮاﺻﱡﻮا وﻻ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﻮل‪ :‬اﺳﺘﻮوا واﻋﺘ ﺪﻟﻮا‪ ،‬وﯾﻤﻜ ﻦ أن ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﺳ ﺘﻮوا‬ ‫ﻣﺜ ً‬
‫وﺣﺎذوا ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻨﺎﻛﺐ وﺳُﺪﱡوا اﻟﺨﻠﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺼﺪ اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ وﻟﯿﺲ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﯾﻘﺎل‪.‬‬

‫وﻋﻨﺪ اﻻﺻﻄﻔﺎف ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺒﺎدرة إﻟﻰ ﺗﻜ ﻮﯾﻦ اﻟ ﺼﻒ اﻷوﱠل‪ ،‬ﻓ ﺈذا أﺗﻤ ﻮه ﻛﻮﱠﻧ ﻮا‬
‫ب ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﻞ وﺛ ﻮا ٍ‬
‫ﺧﻠﻔﮫ ﺻ ﱠﻔﺎً ﺛﺎﻧﯿﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﺻ ﱠﻔﺎً ﺛﺎﻟﺜﺎً إﻟﻰ أن ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺻﻔﻮﻓﮭﻢ‪ .‬وﻟﯿﺤﺮص ﻣَﻦ أراد ﻣﺰﯾ ﺪ ﻓ ﻀ ٍ‬
‫اﻟﺘﻘﺪم إﻟﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﻒ اﻷول أﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻔﻮف‪ ،‬ﯾﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻒ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻀﻞ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺼﻒ اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﻮ ﯾﻌﻠﻢ‬
‫اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ﻓـﻲ اﻟﻨـــﺪاء واﻟﺼﻒ اﻷول ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺠﺪوا إﻻ أن ﯾﺴﺘﮭﻤﻮا ﻋﻠﯿﮫ ﻻﺳﺘﮭﻤﻮا‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫وروى ﻣﺴﻠﻢ أﯾﻀًﺎ اﻟﻠﻔﻆ »ﻟﻮ ﺗﻌﻠﻤﻮن ‪ -‬أو ﯾﻌﻠﻤﻮن ‪ -‬ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻟﻤﻘ ﺪﱠم ﻟﻜﺎﻧ ﺖ ﻗُﺮﻋ ﺔ«‪ .‬وروى‬
‫أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أﺗﻤ ﻮا اﻟ ﺼﻒ اﻷول ﺛ ﻢ اﻟ ﺬي ﯾﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن‬
‫ﺺ ﻓ ْﻠ ﯿﻜﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻟﻤ ﺆﺧﱠﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬ ‫ﻧﻘ ٌ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إن اﷲ وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ ﯾﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﻮف اﻷوﻟﻰ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻷﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑﺸﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »إن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ‬
‫ﯾﺼﻠﱡﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول أو اﻟﺼﻔﻮف اﻷوﻟﻰ«‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟ ﺼﻒ اﻷول ﻟ ﮫ اﻟﻔ ﻀﻞ اﻷﻛﺒ ﺮ ‪ ،‬ﯾﺆﻛ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ رواه اﻟﻌِﺮﺑ ﺎض ﺑ ﻦ ﺳ ﺎرﯾﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬

‫»أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻠ ﺼﻒ اﻟﻤﻘـ ـﺪﱠم ﺛﻼﺛ ًﺎ وﻟﻠﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﺮﱠة« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫» إن اﷲ وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ ﯾ ﺼﻠﱡﻮن ﻋﻠ ـﻰ اﻟ ﺼﻒ اﻷول‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬إن اﷲ‬
‫وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ ﯾﺼﻠﱡﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ وﻋﻠ ﻰ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وﻋﻠ ﻰ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪«...‬‬
‫ﻼ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺼﻒ اﻷول ﯾﺬھﺐ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ اﻷﻛﺒ ﺮ ﯾﻠﯿ ﮫ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻟ ﻢ أﺟ ﺪ ﻟﻠ ﺼﻔﻮف اﻷﺧ ﺮى ﻓ ﻀ ً‬
‫ﻣﻨ ﺼﻮﺻًﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺳ ﻮى ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ اﻟﻤﻌﺠ ﻢ اﻷوﺳ ﻂ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » اﺳ ﺘﻐﻔﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻠ ﺼﻒ اﻷول ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ‪،‬‬
‫وﻟﻠﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻠﺜﺎﻟﺚ ﻣﺮة « ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻀﻞ اﺳﺘﻐﻔﺎر اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻟﮫ‬
‫ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬إﻻ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪاً‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺪه اﻟﻤﻘﺪام ﺑﻦ داود وأﯾﻮب اﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺿ ﻌﯿﻔﺎن‪،‬‬
‫وﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﻜﺬب ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪.‬‬

‫ص ﻣَ ﻦ أراد ﻣﺰﯾ ﺪ ﻓ ﻀﻞ وﺛ ﻮاب ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻘ ﺪم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻒ اﻷول‪،‬‬

‫وأﻋﻮد وأُﻛـﺮر ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻟﯿﺤ ـﺮ ْ‬
‫ﻒ اﻷول‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﯾﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﯾُﺸﻐﻞ أﺻﺤﺎﺑُﮫ اﻟﺼ ﱠ‬

‫‪333‬‬
‫ﻗﺎل »رأى اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﺗﺄﺧﱡﺮاً ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻓ ْﺄ َﺗﻤﱡﻮا ﺑﻲ وﻟْﯿﺄْﺗ ﱠﻢ ﺑﻜﻢ ﻣَﻦ ﺑﻌﺪﻛﻢ‪ ،‬ﻻ ﯾﺰال ﻗ ﻮم‬
‫ﯾﺘﺄﺧﺮون ﺣﺘﻰ ﯾﺆﺧﱢﺮھﻢ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻼ ﺑ ﻞ ﻋ ﺪة ﻣﻌ ﺎنٍ ﺟﻠﯿﻠ ﺔ أﺑﺮزھ ﺎ أن اﻟ ﺼﻔﻮف ﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺄﺗ ﱡﻢ‬ ‫وﻗ ﺪ ﺗ ﻀﻤﻦ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻌﻨ ﻰ ﺟﻠ ﯿ ً‬
‫ﺑﺎﻹﻣ ﺎم ﻓﯿﻜ ﻮن ﻟﻺﻣ ﺎم اﻟﻔ ﻀﻞ اﻷﻛﺒ ﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻤﯿ ﻊ‪ ،‬وأن اﻟ ﺼﻔﻮف اﻟﺘ ﻲ ﺗﻠ ﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻷول ﺗ ﺄْﺗ ﱡﻢ‬
‫ﺑﺎﻟ ﺼﻒ اﻷول‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻟﻠ ﺼﻒ اﻷول ﻓ ﻀ ُﻞ إﻣﺎﻣ ِﺘ ﮫ ﻟﻤ ﻦ ﯾﻠﯿ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻔﻮف‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻛ ﺎن ﺻ ﺤﺎﺑﺔ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺸﻜﱢﻠﻮن اﻟﺼﻒ اﻷول‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ اﺧﺘﺎرھﻢ أﺋﻤ ًﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾُﻘﺘ ﺪى ﺑﮭ ﻢ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ِ » r‬ﻟ َﯿ ِﻠ ِﻨ ﻲ ﻣ ﻨﻜﻢ أوﻟ ﻮ اﻷﺣ ﻼم واﻟﻨﱡﮭ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻟ ﺬﯾﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﯾﻠﻮﻧﮭﻢ ‪ ،‬ﺛﻼﺛﺎً ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬

‫اﺻﻄﻔﺎفُ اﻟﻨّﺴﺎء ﺧﻠﻒ اﻟﺮّﺟﺎل‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﺼﻠﱡﻮن زﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ رﺟ ﺎﻻً وﻧ ﺴﺎء ‪ ،‬اﻟﺮﺟ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣ ﺔ‬
‫واﻟﻨﺴﺎء ﺧﻠﻔﮭﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮة ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ﺣﺎﺟﺰ ﯾﺤﻮل دون رؤﯾﺔ أﺣﺪ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ﻟﻠﻔﺮﯾ ﻖ اﻵﺧ ﺮ‬
‫ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﯾﺎم‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻷﺧﯿ ﺮ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﺻ ﻒﱢ اﻟﻨ ﺴﺎء اﻷول‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻛ ﻦﱠ ﯾ ﺮﯾﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل‬ ‫أﺛﻨﺎء ﺳﺠﻮدھﻢ رؤﯾﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﯾﻜ ﱠ‬
‫وھﻢ ﺳﺎﺟﺪون‪ ،‬ورﺑﻤﺎ رأﯾﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﻋ ﻮراﺗﮭﻢ‪ ،‬ورﺑﻤ ﺎ أدى ھ ﺬا وذاك إﻟ ﻰ إﺷ ﻐﺎل ھ ﺆﻻء وأُوﻟﺌ ﻚ‪ ،‬ﺑ ﻞ‬
‫رﺑﻤ ﺎ أدى ذﻟ ﻚ إﻟ ﻰ ارﺗﻜ ﺎب اﻟﺤ ﺮام‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ ذمﱠ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬اﻟ ﺼﻒ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻟﻠﺮﺟ ﺎل وذمﱠ اﻟ ﺼﻒ‬
‫اﻷول ﻟﻠﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺧﯿ ﺮ ﺻ ﻔﻮف اﻟﺮﺟ ﺎل أوﻟﮭ ﺎ‬
‫وﺷﺮﱡھــﺎ آﺧﺮھــﺎ‪ ،‬وﺧﯿﺮ ﺻﻔﻮف اﻟﻨ ﺴﺎء آﺧﺮُھ ﺎ وﺷ ﺮﱡھﺎ أوﻟﮭ ﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟ ﺪارﻣﻲ‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬وﺟﺎء ﺣﺪﯾﺚ ﺛﺎن ﯾُﺒﯿﱢﻦ اﻟﻌﻠﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ ھﻮ ﻣـﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »ﻟﻘﺪ رأﯾﺖ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﺎﻗﺪي ُأ ُزرِھﻢ ﻓﻲ أﻋﻨﺎﻗﮭﻢ ﻣﺜﻞ اﻟ ﺼﺒﯿﺎن ﻣ ﻦ ﺿ ﯿﻖ ا ُﻷزُر ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪،r‬‬
‫ﻓﻘﺎل ﻗﺎﺋﻞ‪ :‬ﯾﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﻻ ﺗﺮﻓﻌﻦ رؤوﺳﻜﻦ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺮﻓ ﻊ اﻟﺮﺟ ﺎل« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ‬
‫ﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ُﯾ ﺆﻣﺮن ﻓ ﻲ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ‬ ‫ﺣﺒﱠﺄن ﺑﻠﻔﻆ »ﻛ ﱠ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬ ‫داود وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة أن ﻻ ﯾﺮﻓﻌﻦ رؤوﺳﮭﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺄﺧﺬ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻘﺎﻋﺪھﻢ ﻣﻦ اﻷرض ﻣﻦ ﺿﯿﻖ اﻟﺜﯿﺎب«‪ .‬وروى‬
‫أﺣﻤﺪ ﺣﺪﯾﺜ ًﺎ أﺻﺮح ﻓﻲ ﺑﯿﺎن اﻟﻌﻠﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺎل »‪ ...‬إن ﺧﯿﺮ ﺻﻔﻮف اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﻘﺪﱠم وﺷﺮﱠھﺎ اﻟﻤﺆﺧﱠﺮ‪ ،‬وﺧﯿ َﺮ ﺻ ﻔﻮف اﻟﻨ ﺴﺎء اﻟﻤ ﺆﺧﱠﺮ وﺷ ﺮﱠھﺎ‬
‫ﻀﻀْﻦ أﺑﺼﺎرﻛﻦ ﻻ ﺗﺮﯾﻦ ﻋﻮرات اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﺿ ﯿﻖ‬ ‫ﻏ ُ‬ ‫اﻟﻤﻘﺪﱠم‪ ،‬ﯾﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻨﺴﺎء إذا ﺳﺠﺪ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺎ ْ‬
‫اﻷُزُر« ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻠﺔ ھﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻠﻨﺴﺎء وﻧﻈ ﺮ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻟﻠﺮﺟ ﺎل‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن اﻟ ﺸﺮﱡ ﻓ ﻲ ﺗ ﺄﺧﺮ اﻟﺮﺟ ﺎل إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻒ اﻷﺧﯿﺮ وﺗﻘﺪﱡم اﻟﻨﺴﻮة إﻟﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻧﺰل ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺮآن ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻛﺎﻧﺖ اﻣﺮأ ٌة ﺗﺼﻠﻲ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺣﺴﻨﺎءُ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻜﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﻮم ﯾﺘﻘ ﺪم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻷول ﻟ ﺌﻼ ﯾﺮاھ ﺎ وﯾ ﺴﺘﺄﺧﺮ‬
‫ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﻤﺆﺧﱠﺮ‪ ،‬ﻓﺈذا رﻛﻊ ﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ إﺑﻄﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﺰل اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ‪ :‬وﻟﻘ ﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬واﻟﻌﻠ ﺔ ﺗ ﺪور ﻣ ﻊ‬
‫ﻋﻠﻤﻨﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﺪﻣﯿﻦ ﻣﻨﻜﻢ وﻟﻘ ﺪ ﻋﻠﻤﻨ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺘﺄﺧﺮﯾﻦ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻮل وﺟﻮدًا وﻋﺪﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺈن وﺟﺪت اﻟﻌﻠﺔ وﺟﺪ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬وإن اﻧﺘﻔﺖ اﻟﻌﻠﺔ اﻧﺘﻔﻰ اﻟﺤﻜ ﻢ‪ ،‬وﺑﺘﻄﺒﯿ ﻖ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ واﻗﻊ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﻲ أﯾﺎﻣﻨﺎ اﻟﺮاھﻨﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻢ ﯾﻌﻮدوا ﯾﺮون اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻲ‬
‫أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻢ ﯾﻌﺪن ﯾﺮﯾﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ ﻟ ﻮ ﻟﺤﻈ ﻦ اﻟﺮﺟ ﺎل ﻣ ﻦ ﺧ ﻼل‬
‫ﺴﻮْا ﺑﺜﯿ ﺎب ﺳ ﺎﺑﻐﺔ ﺗﺤ ﻮل‬‫اﻟﺜﻘﻮب واﻟﺴﺘﺎﺋﺮ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻓﺈﻧﮭﻦ ﻟﻢ ﯾﻌﺪن ﯾﺮﯾﻦ ﻋﻮرات اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻌ ﺪ أن اﻛ َﺘ َ‬
‫دون ﻛﺸﻒ اﻟﻌﻮرات‪ ،‬ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻧﺰول اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا‬
‫ﻦ ﺑﺘﻘ ﺪﻣﮭﻦ‬‫ﻦ إﻟﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﱠ‬ ‫ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻮة ﺑﺄس ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺟﺪﻧﺎ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ إن ھﻦﱠ ﺗﻘﺪﱠﻣ َ‬

‫‪334‬‬
‫ﻗ ﺪ اﻗﺘ ﺮﻓْﻦ ﺷ ﺮاً وأﺗ ﯿﻦ ﻣﺤ ﺬوراً‪ ،‬وﯾ ﺼﺒﺢ اﻟﺤ ﺎل ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﮭ ﻦ أن اﻟ ﺼﻒ اﻷول واﻟ ﺼﻒ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﺼﻒ اﻟﻤﺆﺧﱠﺮ ﻟﮭﺎ اﻟﺤﻜﻢ ﻧﻔﺴﮫ وھﻮ اﻹﺑﺎﺣﺔ دون ﻛﺮاھﺔ‪ ،‬ﻓ ْﻠﺘُﺼﻞﱢ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟ ﺼﻒ اﻟ ﺬي ﺗﺨﺘ ﺎره‬
‫دون ﺣﺮج‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺈن ﻓﻀﻞ اﻟ ﺼﻒ اﻷول وﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻒ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﺒﻘﯿ ﺎن ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭﻤ ﺎ‪،‬‬
‫وذﻟﻚ ﻟﻌﻠﺔ أﺧﺮى أﺷﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺒﻖ ﺣﺮص اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻒ اﻷول ﺛﻢ اﻟﺬي ﯾﻠﯿﮫ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪،‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﻮد اﻟﻌﻠﺔ ﯾﻌﻮد اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻻ ﺣﺎﺟﺰ ﻓﯿﮫ‪ ،‬أو ﻗﺎﻣﺖ ﺻﻼ ٌة ﻓﻲ ﻓﻼة‬
‫ﻣﻦ اﻷرض ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺪث ﻓﻲ ﻣﺼﻠﻰ اﻟﻌﯿﺪ‪ ،‬أو ﻗﺎﻣﺖ ﺻﻼة ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺮاء‪ ،‬ﻋ ﺎدت اﻟﻌﻠ ﺔ ﻓﻌ ﺎد‬
‫ﺑﻌﻮدﺗﮭﺎ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وھﻮ أن اﻟ ﺸﺮ ﻓ ﻲ ﺗﻘ ﺪﱡم اﻟﻨ ﺴﺎء إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻒ اﻷول‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺗ ﺄﺧﺮ اﻟﺮﺟ ﺎل إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﺼﻒ اﻟﻤﺆﺧﱠﺮ‪.‬‬

‫وﺿﻊُ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ﻒ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ﺷ ﺎ ﱠدًا ﺑﮭﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺪره‪ ،‬وإن ھ ﻮ‬ ‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﻀﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﱢ‬
‫ﻧﺸﺮ أﺻﺎﺑﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ رﺳﻎ اﻟﯿﺴﺮى وﺷﺊ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﺪ ﻓﺤﺴﻦ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﺟ ﺎءت ﻓ ﻲ‬
‫ﺠ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺣ ﻀﺮت رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا أو ﺣ ﯿﻦ‬ ‫ﺣْ‬‫أﺻ ﺢ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ واﺋ ﻞ ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻧﮭ ﺾ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺪﺧﻞ اﻟﻤﺤ ﺮاب ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ وﺿ ﻊ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺴﺮاه ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺻﺪره« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻮﺿﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻗﺒﯿﺼﺔ ﺑﻦ ُھﻠْﺐ ﻋﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺻﺪره« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﯾﺴﺎره‪ ،‬ورأﯾﺘﮫ ﻗﺎل ﯾﻀﻊ ھﺬه ﻋﻠﻰ ﺻﺪره‪ ،‬وﺻ ﻒﱠ ﯾﺤﯿ ﻰ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻓ ﻮق‬
‫اﻟ ِﻤﻔْﺼﻞ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ ﻃﺎووس ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻀﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى‬
‫ﺣﺠْﺮ ﻗﺎل »ﻗﻠﺖ ﻷﻧﻈﺮنﱠ‬ ‫ﺛﻢ ﯾﺸ ﱡﺪ ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪره وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫إﻟﻰ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﯿﻒ ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻨﻈﺮت إﻟﯿﮫ ﻓﻘ ﺎم ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ‪ ،‬ورﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺣﺎذﺗ ﺎ ﺑﺄذﻧﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫وﺿﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﮫ اﻟﯿﺴﺮى واﻟﺮﱡﺳﻎ واﻟﺴﺎﻋﺪ ‪ «...‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺬﻛﺮ وﺿ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺮة أو ﺗﺤﺘﮭ ﺎ ﻓﺄﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻋ ﺪدًا‬
‫وأﺿﻌﻒ ﻣﻨﮭﺎ ﺳﻨﺪاً‪ ،‬وأﻣﺎ إرﺳﺎل اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺎﻧﺒﯿﻦ ﻓﻔﮭ ٌﻢ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜﻨ ﺎ إذا ﺳ ﻠﱠﻤﻨﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﺑﺄﯾ ﺪﯾﻨﺎ اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‪،‬‬
‫ﺲ؟ إذا ﺳﻠﱠﻢ أﺣﺪﻛﻢ‬ ‫ﻓﻨﻈﺮ إﻟﯿﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻜﻢ ﺗﺸﯿﺮون ﺑﺄﯾﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭﺎ أذﻧﺎب ﺧﯿﻞ ُ‬
‫ﺷ ْﻤ ٍ‬
‫ﻓﻠﯿﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﻻ ﯾﻮﻣﺊ ﺑﯿﺪه«‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﮭﻲ ھﻨﺎ ﻋﻦ رﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺛﻢ إن أﺻ ﺤﺎب‬
‫ھﺬا اﻟﺮأي ﯾﺮون أن وﺿﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﺪر ﯾﺘﻨ ﺎﻓﻰ ﻣ ﻊ اﻟﺨ ﺸﻮع‪ ،‬وأن اﻟﺨ ﺸﻮع ﯾﻘﺘ ﻀﻲ إﺳ ﺒﺎل‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫وﯾﻜ ﺮه وﺿ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﺎﺻ ﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﻤ ﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﱠﺨ ﺼﱡﺮ أو اﻻﺧﺘ ﺼﺎر‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل » ُﻧ ِﮭ ﻲ أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﺨﺘ ﺼِﺮًا« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻣﺴﻠﻢ أﯾﻀًﺎ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »ﻧﮭﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾ ﺼﻠـﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﺨﺘ ﺼﺮًا«‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ‬ ‫ِ‬
‫ﻋ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ھ ﺮون »أﻧﺒﺄﻧ ﺎ ھ ﺸﺎم ﻋ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧُﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻻﺧﺘ ﺼﺎر ﻓ ـﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﻠﻨﺎ ﻟﮭﺸﺎم‪ :‬ﻣﺎ اﻻﺧﺘﺼﺎر؟ ﻗـﺎل‪ :‬ﯾﻀﻊ ﯾﺪه ﻋﻠ ﻰ ﺧ ﺼﺮه وھ ـﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﯾﺰﯾ ﺪ ‪:‬‬
‫ﻗﻠﻨﺎ ﻟﮭﺸﺎم‪ :‬ذﻛﺮه ﻋـﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪r‬؟ ﻗﺎل ﺑﺮأﺳﮫ أي ﻧﻌﻢ«‪.‬‬

‫اﻟﻨﻈﺮُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫‪335‬‬
‫ُﯾﻨْﺪَب ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﻨﻈﺮ وھﻮ واﻗﻒ إﻟﻰ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺳ ﺠﻮده‪ ،‬وأن ﯾﻨﻈ ﺮ وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ إﻟ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ‬
‫وﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وإنْ ھﻮ رﻛﱠﺰ ﻧﻈﺮه ﻋﻠﻰ ﺳﺒﱠﺎﺑﺘﮫ ﻓﻮق رﻛﺒﺘﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﻘﺪ أﺣﺴﻦ‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ اﻟﻮﺿ ﻊ اﻷﻣﺜ ﻞ‬
‫ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وھﻮ ﻣﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ﺑﻮاﺟ ﺐ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫» ﯾﺎ أﻧﺲ اﺟﻌﻞ ﺑﺼﺮك ﺣﯿ ﺚ ﺗ ﺴﺠﺪ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺟﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ وﺿﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﺎﻟ ﺴﱠﺒﱠﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺎوز ﺑ ﺼﺮُه إﺷ ﺎرﺗَﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻻﻟﺘﻔﺎت ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺪ ﺟﺎءت اﻟﻨﺼﻮص ﺗﻨﮭ ﻰ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫س ﯾﺨﺘﻠ ﺴﮫ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬ ‫»ﺳﺄﻟﺖُ رﺳ ﻮ َل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻻﻟﺘﻔ ﺎت ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﻮ اﺧ ﺘﻼ ٌ‬
‫اﻟﻌﺒﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﺟﺎءت ﻧﺼﻮص ﺗﺨﻔﱢ ﻒ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻟﯿﺒﻘ ﻰ اﻟﻨﮭ ﻲ ﺷ ﺪﯾﺪًا‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪرداء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻣﺮﻓﻮﻋ ًﺎ »ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس إﯾ ﺎﻛﻢ واﻻﻟﺘﻔ ﺎت‪،‬‬
‫ﻦ ﻓﻲ اﻟﻔ ﺮاﺋﺾ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري ﻓ ﻲ‬ ‫ن ﻏُﻠﺒﺘﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻮﱡع ﻓﻼ ﺗُﻐ َﻠ ُﺒ ﱠ‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺻﻼة ﻟﻠ ُﻤﻠْﺘﻔِﺖ‪ ،‬ﻓﺈ ْ‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻜﺒﯿﺮ وﺳﻜﺖ ﻋﻨﮫ‪ .‬واﻻﻟﺘﻔﺎت اﻟﻤﻨﮭﻲ ﻋﻨﮫ ھﻮ أن ﯾﻠ ﻮي اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻋﻨﻘ ﮫ ﯾﻤﻨ ﺔً وﯾ ﺴﺮةً ﺑﺤﯿ ﺚ‬
‫ﯾﺼﺒﺢ ﻧﻈﺮه إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ﺟﮭﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب أو ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟ ﺸﺮق‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ھ ﻮ اﻻﻟﺘﻔ ﺎت‬
‫اﻟﺬي ﯾﺸﻤﻠﮫ اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺸﺪﯾﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻻﻟﺘﻔﺎت ﯾﻤﻨ ًﺔ وﯾﺴﺮ ًة ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬أي اﻻﻟﺘﻔ ﺎت إﻟ ﻰ ھﻨ ﺎ وھﻨ ﺎك ﻓ ﻲ اﺗﺠ ﺎه‬
‫اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﻻ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻠﺘﻔ ﺖ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ﻓَﻠ ﻲﱡ اﻟﻌﻨ ﻖ‬
‫ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﯾﻤﯿﻨ ﺎً وﺷ ﻤﺎﻻً‪ ،‬وﻻ ﯾﻠ ﻮي ﻋﻨﻘ ﮫ ﺧﻠ ﻒ ﻇﮭ ﺮه« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﻠﻒ اﻟﻈﮭﺮ ﯾﺤﻮﱢل اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺟﮭ ﺔ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ‪ ،‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﺒ ﺪ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻠﺘﻔ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺻـ ـﺮف وﺟﮭ ﮫ اﻧ ﺼﺮف ﻋﻨ ﮫ« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪.‬‬ ‫»ﻻ ﯾ ﺰال اﷲ ﻣﻘ ﺒ ً‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﺒ ﺪ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻠﺘﻔ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺻ ﺮف‬ ‫ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻻ ﯾﺰال اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻣﻘ ﺒ ً‬
‫وﺟﮭﮫ اﻧﺼﺮف ﻋﻨﮫ«‪ .‬ﻣﻌﻨﻰ إذا ﺻﺮف وﺟﮭ ﮫ‪ :‬إذا ﻧﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮ اﻻﺗﺠ ﺎه اﻟﻤﻄﻠ ﻮب وھ ﻮ اﻻﺗﺠ ﺎه‬
‫ﻲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وھﻮ ﺣﺮام ﺑﻼ ﺷﻚ ﻷﻧﮫ‬ ‫ﻧﺤﻮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ .‬ﻓﺎﻻﻟﺘﻔﺎت اﻟﺬي ﯾﺨﺮج ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺟﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻌﺒﺔ ھﻮ اﻟﻤﻨﮭ ﱡ‬
‫ﯾﺤﻮﱢل اﻟﺼﻼة إﻟﻰ ﻏﯿﺮ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﺑﻘﻲ اﻻﻟﺘﻔﺎت ﻓ ﻲ داﺋ ﺮة اﻟﺘﱠﻮﺟﱡ ﮫ ﻧﺤ ﻮ اﻟﻜﻌﺒ ﺔ ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‬
‫ﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺎن أن اﻟﻨﻈﺮ ﺑﺎﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻓﺤﺴﺐ ﯾﻤﻨ ًﺔ وﯾﺴﺮةً ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﻌﻨﻖ ﺛﺎﺑﺘ ًﺎ ﻻ‬ ‫ﺑﮫ وﻻ ﯾﺸﻤﻠﮫ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬وﻏﻨ ﱞ‬
‫ﺷﺊ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫إﻻ أنﱠ ھﻨﺎك اﻟﺘﻔﺎﺗﺎً ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ ﯾﺤﺼﻞ ﺑﺘﺤﺮﯾﻚ اﻟﻮﺟﮫ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺼﻞ ﺑﺘﺤﺮﯾﻚ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ﻓﺤﺴﺐ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﺣﺮاﻣًﺎ‪ ،‬ھ ﻮ رﻓ ﻊ اﻟﺒ ﺼﺮ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺮﻓ ﻊ ﻟﻠﺒ ﺼﺮ ﻗ ﺪ ورد‬
‫ن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ أن ﯾُﻄ ﺄﻃﺊ رأﺳ ﮫ وﺑ ﺼﺮه‪ ،‬وﯾُﺤ ﱠﺒ ﺬ أن ﯾ ﺼﻮﱢب ﺑ ﺼﺮه ﻧﺤ ﻮ‬ ‫اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﻣﻮﺿ ﻊ ﺳ ﺠﻮده وھ ﻮ واﻗ ﻒ‪ ،‬وأن ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ﺳ ﺒﱠﺎﺑﺘﮫ أو رﻛﺒﺘﯿ ﮫ وﻣ ﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺻﻠﻰ رﻓﻊ ﺑﺼﺮه إﻟﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻓﻨﺰﻟ ﺖ‪ :‬اﻟ ﺬﯾﻦ ھ ﻢ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ ﺧﺎﺷﻌﻮن‪ ،‬ﻓﻄﺄﻃﺄ رأﺳﮫ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳـﻮل اﷲ ‪َ » r‬ﻟﯿَﻨﺘﮭ َﯿﻦﱠ أﻗﻮام ﯾﺮﻓﻌﻮن أﺑﺼﺎرھﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة أو ﻻ ﺗﺮﺟ ﻊ إﻟ ﯿﮭﻢ« رواه‬
‫ﻦ أﻗﻮامٌ ﻋ ﻦ رﻓﻌﮭ ﻢ أﺑ ﺼﺎرَھﻢ‬‫ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﯿﻨﺘﮭ َﯿ ﱠ‬
‫ﻦ أﺑﺼﺎرُھﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫ﻄ َﻔ ﱠ‬
‫ﻋﻨﺪ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺼﻼة إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء أو ﻟﺘُﺨ َ‬
‫ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﺎ ﺑﺎل أﻗﻮا ٍم ﯾﺮﻓﻌﻮن أﺑﺼﺎرھﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ؟ ﻓﺎﺷ ﺘ ﱠﺪ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻓﻘﺪ‬
‫ﻄ َﻔﻦﱠ أﺑﺼﺎرھﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬ ‫ﺨَ‬‫ﺣﺘﻰ ﻗﺎل‪ :‬ﻟ ُﯿ ْﻨ َﺘ َﮭ َﯿﻦﱠ ﻋﻦ ذﻟﻚ أو َﻟ ُﺘ ْ‬

‫‪336‬‬
‫ﺟﺎء اﻟﻨﮭ ﻲ ﺑ ﺼﯿﻐﺔ ﺷ ﺪﯾﺪة‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ]ﻟﯿﻨﺘﮭ ﯿﻦﱠ[ ﺗ ﻀﻤﱠﻦ ﻻم اﻷﻣ ﺮ وﻧ ﻮن اﻟﺘﻮﻛﯿ ﺪ‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ]أو ﻻ ﺗﺮﺟ ﻊ‬
‫ﻄﻔَﻦﱠ أﺑﺼﺎرھﻢ[ ﻗﺮﯾﻨﺔٌ إﺿﺎﻓﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ واﻟﻨﮭﻲ اﻟﺠﺎزم‪.‬‬ ‫إﻟﯿﮭﻢ[ ‪ ،‬وﻗﻮﻟﮫ ]أو ﻟﺘُﺨْ َ‬

‫ﻓﻤﻦ اﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ﺟﮭﺔ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﯾﻤﯿﻨًﺎ وﺷﻤﺎﻻً‪ ،‬أو اﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺻُﻌُﺪاً ﻓﻘﺪ ﺻﻠﻰ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﺟﮭ ﺔ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ وﺗ ﺮك ﺑ ﺬﻟﻚ واﺟ ﺐ اﻻﺳ ﺘﻘﺒﺎل‪ ،‬ﻓﻮﻗ ﻊ ﻓ ﻲ اﻹﺛ ﻢ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻻ ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﻋ ﺎدة‬
‫اﻟﺼﻼة وﺗﻈﻞ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﻊ ﺣﺼﻮل اﻟﻨﻘﺺ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »اﺧ ﺘﻼسٌ‬
‫ﯾﺨﺘﻠﺴﮫ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺒﺪ« اﻟﻤﺎر ﻓﻲ ﺻﺪر ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬

‫اﻟﺠﮭﺮُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ‬

‫اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﯾﻜﻮن ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء وﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ‬
‫ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮﱡع ﻓ ﻲ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ وﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء وﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻜﺴﻮف‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات ﻓﺎﻹﺳﺮار ﻓﯿﮭﺎ ھﻮ اﻟﻤﺸﺮوع‪.‬‬

‫وﯾﻜ ﻮن اﻟﺠﮭ ﺮ ﻓ ﻲ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ وﻣ ﺎ ﺗﯿ ﺴﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﻓﻘ ﻂ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن أﯾﻀًﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه‪ ،‬ﻋﻘ ﺐ‬
‫اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ وﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل‪ ،‬وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﻌﻠﻮم وﻣﻌﺮوف‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﺪر اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻓﻘﺪ ورد ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻵﺗﯿﺎن‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﻗ ﺮاءة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺪر ﻣ ﺎ‬

‫ﯾﺴﻤﻌﮫ ﻣَﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮة وھ ﻮ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬واﻟﺒﯿ ﺖ ھﻨ ﺎ‪ :‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻣﻜ ﺎن اﻟﻨ ﻮم أو ﻏﺮﻓ ﺔ‬
‫اﻟﻨﻮم‪ .‬واﻟﺤﺠﺮة ھﻨﺎ‪ :‬ﺗﻌﻨﻲ ﺻﺤﻦ اﻟﺪار أو ﺳﺎﺣﺘﮭﺎ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺧﺮج ﻟﯿﻠﺔ ﻓﺈذا ھﻮ ﺑﺄﺑﻲ ﺑﻜـﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﯾ ﺼﻠﻲ ﯾﺨﻔ ﺾ‬
‫ﻣﻦ ﺻﻮﺗﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻣ ﱠﺮ ﺑﻌﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ راﻓﻌﺎً ﺻﻮﺗﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻠﻤﺎ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺖ ﯾﺎ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺮرتُ ﺑﻚ وأﻧﺖ ﺗ ﺼﻠﻲ ﺗﺨﻔ ﺾ ﺻ ﻮﺗﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ أﺳ ﻤﻌ ُ‬
‫ﺖ َﻣ ﻦ ﻧﺎﺟﯿ ُ‬
‫ت ﺑﻚ وأﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ راﻓﻌًﺎ ﺻﻮﺗﻚ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ أُوﻗﻆ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻗﺎل ﻟﻌﻤﺮ‪ :‬ﻣﺮر ُ‬
‫اﻟﻮﺳ ﻨﺎن وأﻃ ﺮد اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬زاد اﻟﺤ ﺴﻦ ﻓ ﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ :‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ ارﻓ ﻊ ﻣ ﻦ ﺻ ﻮﺗﻚ‬
‫ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻗﺎل ﻟﻌﻤﺮ‪ :‬اﺧﻔﺾ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻚ ﺷﯿﺌ ًﺎ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ‪.‬‬

‫ﯾﺒ ﯿﻦ ھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن أن اﻟﺠﮭ ﺮ اﻟﻤ ﺸﺮوع ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣﺘﻮﺳ ﻄﺎً ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺸﺪة ﻓ ﻲ اﻟﺮﻓ ﻊ وﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻀﻌﻒ ﻓﻲ اﻟﺼﻮت واﻟﺨﻔ ﻮت ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻮﺻ ﻒ ﺑﺎﻻرﺗﻔ ﺎع وﻻ ﺑﺎﻻﻧﺨﻔ ﺎض واﻟﺨﻔ ﻮت‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﯾﺨﻔ ﺾ ﻣ ﻦ ﺻ ﻮﺗﮫ« و »راﻓﻌ ًﺎ ﺻ ﻮﺗﮫ« ﺛ ﻢ ﻋ ﻼج اﻷﻣ ﺮﯾﻦ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ارﻓ ﻊ ﻣ ﻦ ﺻ ﻮﺗﻚ‬
‫ﺷﯿﺌ ًﺎ« وﺑﻘﻮﻟﮫ »اﺧﻔﺾ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻚ ﺷﯿﺌ ًﺎ« واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻻﻋﺘ ﺪال ورﻓ ﺾ اﻟﺮﻓ ﻊ‬
‫واﻻﻧﺨﻔﺎض‪ ،‬وﯾﺄﺗﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻟﯿﺤﺪﱢد ﻗﺪر اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺸﻜﻞ دﻗﯿﻖ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺼﻮت اﻟﺬي إذا اﻧﺒﻌﺚ ﻣﻦ‬
‫داﺧﻞ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ﺳﻤﻌﮫ ﻣﻦ ﯾﻘﻒ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺪار‪ .‬ﻓﮭﺬا ھﻮ اﻟﺠﮭﺮ اﻟﻤﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رواه أﺑﻮ داود ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاءة اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻠﯿﻞ‪ :‬ﯾﺮﻓﻊ ﻃﻮرًا وﯾﺨﻔ ﺾ‬
‫ﻃﻮرًا« ‪ .‬وﻣﺎ رواه أﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻤﺮ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗ ﺎل »ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬رﺑﻤﺎ رﻓﻊ ورﺑﻤﺎ ﺧﻔﺾ«‪ .‬ﻓﯿﺨﻄﺊ ﻣَﻦ ﯾﺴﺘﺪل ﺑﮭﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺪر‬
‫اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻗ ﺪ وردا ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﺟ ﻮاز اﻟﺠﮭ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻢ‬

‫‪337‬‬
‫ﯾﺮدا ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻗﺪر اﻟﺠﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول »ﯾﺮﻓ ﻊ ﻃ ﻮراً وﯾﺨﻔ ﺾ ﻃ ﻮرًا« وﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ »رﺑﻤﺎ رﻓﻊ ورﺑﻤﺎ ﺧﻔﺾ« ﺟﺎء ﻟﺒﯿﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وأﻧ ﮫ اﻟﺠ ﻮاز‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟ ﺔ‬
‫ﺴ ﱡﺮ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬إذ ﻛﺎن ﯾﺠﮭﺮ ﻣﺮة وﻻ ﯾﺠﮭﺮ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﻞ ﯾُ ِ‬
‫اﻟﺠﮭﺮ واﺟﺒًﺎ ﻟﻤﺎ ﺗﺮﻛﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻣﺮاتٍ‪ ،‬وﺣﻜ ﻢ اﻟﺠﮭ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻐﺎﯾﺮ ﻟﻘﺪر اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وﻣـﺎ ﯾﺪﻋـﻢ ھــﺬا اﻟﻔﮭﻢ وﯾﺆﻛﺪه ﻣــﺎ رواه ﻋﺒﺪ اﻟﻠــﮫ ﺑ ﻦ أﺑـ ـﻲ ﻗ ﯿﺲ ﻗـ ـﺎل »ﺳﺄﻟـ ـﺖ ﻋﺎﺋ ﺸـﺔ‪...‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاءة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ أﯾﺠﮭﺮ أم ُﯾﺴﺮﱡ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﺟﮭﺮ‬
‫ورﺑﻤﺎ أﺳﺮﱠ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﺻ ﺤﺤﮫ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮭ ﺎ »رﺑﻤ ﺎ ﺟﮭ ﺮ ورﺑﻤ ﺎ أﺳ ﱠﺮ« واﺿ ﺢ‬
‫اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل‪ ،‬ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ أﺑﻲ داود ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﻋﻦ ﻏﻀﯿﻒ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث ﻗ ﺎل »ﻗﻠ ﺖ ﻟﻌﺎﺋ ﺸﺔ ‪...‬‬
‫أرأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﺠﮭ ﺮ ﺑ ﺎﻟﻘﺮآن أم ﯾﺨﻔ ﺖ ﺑ ﮫ؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬رﺑﻤ ﺎ ﺟﮭ ﺮ ﺑ ﮫ ورﺑﻤ ﺎ ﺧﻔ ﺖ ‪. «...‬‬
‫ﻓﻘﻮﻟﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »رﺑﻤﺎ ﺟﮭﺮ ﺑﮫ ورﺑﻤﺎ ﺧﻔﺖ« واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻧﻘ ﻮل‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫أﺧﺮﺟﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺨﻔﻮت ﻣ ﻦ اﻟﺠﮭ ﺮ وﺟﻌﻠﺘ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب اﻹﺳ ﺮار‪ ،‬وإذن ﻓ ﺈن ﻗ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ »ﯾﺨﻔﺾ ﻃﻮراً « و »رﺑﻤﺎ ﺧﻔﺾ« ﯾﻌﻨﻲ ﺗ ﺮك اﻟﺠﮭ ﺮ واﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻹﺳ ﺮار‪ ،‬وھ ﺬا إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﻟﺒﯿﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺠﮭﺮ وﻟﯿﺲ ﻟﺒﯿﺎن ﻗﺪر اﻟﺠﮭﺮ‪.‬‬

‫دﻋﺎ ُء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح‬
‫ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻦ ِذ ْﻛ ٍﺮ ودﻋﺎء ﻣﻔﺘﺘﺤًﺎ ﺑ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﻘ ﺐ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام وﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪،‬‬
‫وھﻮ ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﻟﮫ ﻋﺪة ﺻ ﯿﻎ أﺻ ﺤﮭﺎ ﺳ ﻨﺪًا ﻣ ﻊ ﺳ ﮭﻮﻟﺔ ﺣﻔﻈﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ ]اﻟﻠﮭ ﻢ ﺑﺎﻋ ﺪ‬
‫ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ ﺧﻄﺎﯾﺎي ﻛﻤﺎ ﺑﺎﻋﺪت ﺑﯿﻦ اﻟﻤ ﺸﺮق واﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻧﻘﱢﻨ ﻲ ﻣ ﻦ ﺧﻄﺎﯾ ﺎي ﻛﻤ ﺎ ﯾُﻨﻘﱠ ﻰ اﻟﺜ ﻮبُ‬
‫اﻷﺑﯿﺾ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﺴﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﯾ ﺎي ﺑ ﺎﻟﺜﻠﺞ واﻟﻤ ﺎء واﻟ َﺒ ﺮَد[ ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺳ ﻜﺖ ھُﻨ ﱠﯿ ًﺔ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻘ ﺮأ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﺑﺄﺑﻲ أﻧﺖ وأﻣﻲ أرأﯾﺖ ﺳﻜﻮﺗﻚ ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﻘﺮاءة ﻣﺎ ﺗﻘﻮل؟ ﻗ ﺎل أﻗ ﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺑﺎﻋ ﺪ ﺑﯿﻨ ﻲ وﺑ ﯿﻦ‬
‫ﺧﻄﺎﯾﺎي ﻛﻤﺎ ﺑﺎﻋﺪت ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻧﻘﱢﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﯾﺎي ﻛﻤﺎ ﯾُﻨﻘﱠﻰ اﻟﺜﻮبُ اﻷﺑﯿﺾُ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺪﻧﺲ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﺴﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﯾﺎي ﺑﺎﻟﺜﻠﺞ واﻟﻤﺎء واﻟ َﺒﺮَد« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وإن ھﻮ اﺳﺘﻔﺘﺢ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﻓﮭﻮ ﺣﺴﻦ ]ﺳ ﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭ ﻢ وﺑﺤﻤ ﺪك‪ ،‬وﺗﺒ ﺎرك اﺳ ﻤﻚ‪ ،‬وﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬
‫ﺟﺪﱡك وﻻ إﻟﮫ ﻏﯿ ﺮُك[ ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا اﻓﺘ ﺘﺢ‬ ‫َ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭﻢ وﺑﺤﻤﺪك وﺗﺒﺎرك اﺳ ﻤﻚ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﺟَ ﺪﱡك وﻻ إﻟ ﮫ ﻏﯿ ﺮك« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬
‫ﻋﺒْﺪة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻛ ﺎن ﯾﺠﮭ ﺮ ﺑﮭ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت‬ ‫ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺪﻋﺎء‪ .‬وروى َ‬
‫ﺟﺪﱡك ‪ ،‬وﻻ إﻟ ﮫ ﻏﯿ ﺮُك ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وإن‬ ‫ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭﻢ وﺑﺤﻤﺪك‪ ،‬ﺗﺒﺎرك اﺳﻤﻚ‪ ،‬وﺗﻌﺎﻟﻰ َ‬
‫ﻼ[ ﻓﺤ ﺴﻦٌ‬ ‫ھ ﻮ اﺳ ﺘﻔﺘﺢ ﺑﮭ ﺬه اﻟﻜﻠﻤ ﺎت ]اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻛﺒﯿ ﺮًا ‪ ،‬واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﻛﺜﯿ ﺮًا وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﺑُﻜ ﺮ ًة وأﺻ ﯿ ً‬
‫ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﯿﻨﻤ ﺎ ﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬إذ ﻗ ﺎل رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﻮم ‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ ﻛﺒﯿﺮًا واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻛﺜﯿﺮاً وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﺑُﻜﺮة وأﺻﯿﻼً‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣَﻦ اﻟﻘﺎﺋﻞ‬
‫ﻛﻠﻤ ﺔ ﻛ ﺬا وﻛ ﺬا؟ ﻗ ﺎل رﺟ ﻞ ِﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻮم‪ :‬أﻧ ﺎ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻋﺠﺒ ﺖُ ﻟﮭ ﺎ ُﻓﺘِﺤ ﺖ ﻟﮭ ﺎ أﺑ ﻮاب‬
‫ﻦ ﻣﻨﺬ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل ذﻟﻚ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ :‬ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻛﺘﮭ ﱠ‬

‫وإن ھﻮ اﺳﺘﻔﺘﺢ ﺑﮭﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﺤﺴﻦ ]اﻟﻠﮭﻢ ربﱠ ﺟﺒﺮاﺋﯿﻞ وﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ وإﺳﺮاﻓﯿﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻃﺮَ اﻟﺴﻤﻮات‬
‫ﻒ‬
‫واﻷرض‪ ،‬ﻋﺎﻟ َﻢ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة ‪ ،‬أﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺎدك ﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﯿﮫ ﯾﺨﺘﻠﻔﻮن‪ ،‬اھﺪﻧﻲ ﻟﻤﺎ اﺧ ُﺘﻠِ َ‬
‫ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﺑﺈذﻧﻚ‪ ،‬إﻧﻚ ﺗﮭﺪي ﻣﻦ ﺗ ﺸﺎء إﻟ ﻰ ﺻ ﺮاط ﻣ ﺴﺘﻘﯿﻢ[ ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ب ﺟﺒﺮاﺋﯿ ﻞ وﻣﯿﻜﺎﺋﯿ ﻞ وإﺳ ﺮاﻓﯿﻞ‪،‬‬ ‫»ﻛﺎن ‪ -‬ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻨﺒﻲ ‪ - r‬إذا ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ اﻓﺘﺘﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ر ﱠ‬

‫‪338‬‬
‫ﻓﺎﻃ َﺮ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض‪ ،‬ﻋﺎ ِﻟ َﻢ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة‪ ،‬أﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺎدك ﻓﯿﻤﺎ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓﯿ ﮫ ﯾﺨﺘﻠﻔ ﻮن‪،‬‬
‫اھﺪﻧﻲ ﻟﻤﺎ اﺧ ُﺘﻠِﻒ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﺑﺈذﻧﻚ‪ ،‬إﻧﻚ ﺗﮭﺪي ﻣَﻦ ﺗﺸﺎء إﻟﻰ ﺻﺮاط ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻨﻔﺮداً ﯾﻤﻠﻚ وﻗﺘﮫ‪ ،‬أو ﻛﺎن إﻣﺎم ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻻ ﯾﺨﺸﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮﯾ ﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪،‬‬
‫ﻓﯿﻤﻜﻨﮫ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء اﻟﻄﻮﯾﻞ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻲ ﻟﻠ ﺬي ﻓﻄ ﺮ اﻟ ﺴﻤﻮات واﻷرض‬ ‫ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﻗﺎم إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻗ ﺎل »وﺟﱠﮭ ﺖُ وﺟﮭ َ‬
‫ﺣﻨﯿﻔ ًﺎ وﻣﺎ أﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ‪ ،‬إن ﺻﻼﺗﻲ و ُﻧﺴُﻜﻲ وﻣﺤﯿﺎي وﻣﻤﺎﺗﻲ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ‬
‫ﺖ‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ُأﻣِﺮتُ وأﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺖ اﻟﻤﻠ ﻚ ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ أﻧ ﺖ‪ ،‬أﻧ ﺖ رﺑ ﻲ وأﻧ ﺎ ﻋﺒ ﺪُك‪ ،‬ﻇﻠﻤ ُ‬
‫ﻧﻔﺴﻲ واﻋﺘﺮﻓ ﺖ ﺑ ﺬﻧﺒﻲ‪ ،‬ﻓ ﺎﻏﻔﺮ ﻟ ﻲ ذﻧ ﻮﺑﻲ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ إﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻐﻔ ﺮ اﻟ ﺬﻧﻮب إﻻ أﻧ ﺖ‪ ،‬واھ ﺪﻧﻲ ﻷﺣ ﺴﻦ‬
‫اﻷﺧﻼق ﻻ ﯾﮭﺪي ﻷﺣ ﺴﻨﮭﺎ إﻻ أﻧ ﺖ‪ ،‬واﺻ ﺮف ﻋﻨ ﻲ ﺳ ﯿﺌَﮭﺎ ﻻ ﯾ ﺼﺮف ﻋﻨ ﻲ ﺳ ﯿﺌَﮭﺎ إﻻ أﻧ ﺖ‪ ،‬ﻟﺒﯿ ﻚ‬
‫وﺳ ﻌﺪﯾﻚ واﻟﺨﯿ ﺮ ﻛﻠ ﮫ ﻓ ﻲ ﯾ ﺪﯾﻚ‪ ،‬واﻟ ﺸﱠ ﱡﺮ ﻟ ﯿﺲ إﻟﯿ ﻚ‪ ،‬أﻧ ﺎ ﺑ ﻚ وإﻟﯿ ﻚ‪ ،‬ﺗﺒﺎرﻛ ﺖَ وﺗﻌﺎﻟﯿ ﺖَ‪ ،‬أﺳ ﺘﻐﻔﺮك‬
‫ب إﻟﯿﻚ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬‫وأﺗﻮ ُ‬

‫ودﻋﺎء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح ﻣﻨﺪوب ﻟﻺﻣﺎم وﻟﻠﻤﺄﻣﻮم وﻟﻠﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﻨﻔﺮد ﻓﯿﺪﻋﻮان ﺑﮫ ﻋﻘﺐ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام وﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم ﻓﯿ ﺪﻋﻮ ﺑ ﮫ ﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﯾﺘﺨﯿﺮ ﺳﻜﺘﺔ اﻹﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻗﺒﻞ ﺷﺮوﻋﮫ ﻓ ﻲ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﯾﺪﻋﻮ ﺑﮫ واﻹﻣﺎم ﯾﻘﺮأ‪ ،‬إذ رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺴﻜﺖ اﻹﻣﺎم وﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻋﻘﺐ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ ﻣﺒﺎﺷ ﺮة‪ ،‬أو وﺻ ﻞ‬
‫اﻟﻤ ﺄﻣﻮم واﻹﻣ ﺎم ﻗ ﺪ ﺷ ﺮع ﻓ ﻲ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ أو اﻟ ﺴﻮرة اﻟﺘ ﻲ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻨﺌ ﺬ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤ ﺄﻣﻮم أن‬
‫ﯾﺪﻋﻮ ﺑﺪﻋﺎء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح‪ ،‬ﻷن اﻹﻣﺎم ﺣ ﯿﻦ ﯾﻘ ﺮأ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم اﻻﺳ ﺘﻤﺎع واﻹﻧ ﺼﺎت‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إﻧﻤﺎ ﺟُﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻟ ُﯿ ﺆﺗ ﱠﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓﻜ ﱢﺒ ﺮوا ‪ ،‬وإذا‬
‫ﻗﺮأ ﻓﺄﻧﺼﺘﻮا« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﱠﻰ ﺻ ﻼة ﺟﮭ ﺮ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻓﻘﺎل‪ :‬ھﻞ ﻗﺮأ ﻣ ﻨﻜﻢ أﺣ ٌﺪ ﻣﻌ ﻲ آﻧﻔ ﺎً؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﯾ ﺎ‬
‫ع اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﮭﻰ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﯿﻤﺎ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻲ أﻗﻮل ﻣﺎ ﻟﻲ أُﻧﺎ َز ُ‬
‫ﻞ ]وإذا ﻗُ ﺮِئ‬‫ﯾﺠﮭﺮ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﺳﻤﻌﻮا ذﻟﻚ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺣﻤُﻮن[ اﻵﯾﺔ ‪ 204‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪ .‬وﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ ِ‬
‫ﺟﱠﻠ ٌﺔ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺼﺘُﻮا َﻟﻌَﱠﻠ ُﻜﻢْ ُﺗ ْﺮ َ‬
‫ﺳ َﺘ ِﻤﻌُﻮا َﻟﮫُ وَأ ْﻧ ِ‬
‫اﻟ ُﻘﺮْآنُ ﻓﺎ ْ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ھﺬه اﻵﯾﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءة إﻣﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬ﻣﻨﮭﻢ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد‬
‫وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُﻣ َﻐﻔﱠﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ‪.‬‬

‫اﻟﺘّﻌ ﱡﻮ ُذ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺐ دﻋﺎء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح وﻗﺒﻞ ﻗ ﺮاءة‬ ‫ﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ﻋﻘ َ‬ ‫ﯾُﻨﺪب اﻟﺘﻌﻮﱡ ُذ ﺑﺎﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺟ ْﯿ ِﻢ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 98‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬
‫ن اﻟ ﺮﱠ ِ‬
‫ﷲ ِﻣ ﻦ اﻟ ﺸﱠﯿْﻄﺎ ِ‬
‫ﺳ َﺘ ِﻌ ْﺬ ﺑ ﺎ ِ‬
‫ن ﻓﺎ ْ‬ ‫اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﻓ ﺈذَا َﻗ َﺮ ْأ َ‬
‫ت اﻟﻘُ ﺮْآ َ‬
‫اﻟﻨﺤﻞ‪ .‬وﯾﺘﺤﻘﻖ اﻟﻨﺪب ﺑﺄﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﻣﻦ ﺻﯿﻎ اﻟﺘﻌﻮﱡذ ﻛﺼﯿﻐﺔ ]أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟ ﺮﺟﯿﻢ[ وھ ﻲ‬
‫أﺷﮭﺮ اﻟﺼﯿﻎ‪ ،‬وﻛﺼﯿﻐﺔ ]أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﻌﻠﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ[ وﻛ ﺼﯿﻐﺔ ]اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﻋ ﻮذ‬
‫ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ﻣﻦ َھ ْﻤ ِﺰهِ وﻧﻔﺨِﮫ و َﻧ ْﻔ ِﺜ ِﮫ[‪.‬‬

‫وﯾﻜﻔ ﻲ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ أن ﯾﺘﻌ ﻮﱠذ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨ ﺼﻮص أﻣ ﺮت ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﺄت ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺗﻜ ﺮاره ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺎت اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬ﺛ ﻢ إن اﻟ ﺼﻼة ﺑﻤﺜﺎﺑ ﺔ ﺟﻠ ﺴﺔِ ﻗ ﺮاء ِة‬
‫ن واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن ﻗﺎرئ اﻟﻘﺮآن ﯾﻜﻔﯿﮫ ﺗﻌﻮﱠذ واﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻜﺬﻟﻚ ﯾﻜﻔﻲ اﻟﻤﺼﻠﱢﻲ ﺗﻌﻮﱡذ‬ ‫ﻗﺮآ ٍ‬
‫واﺣﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﺟُﺒﯿﺮ ﺑﻦ ﻣُﻄﻌﻢ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ دﺧ ﻞ‬
‫ﺨ ﮫ و َﻧ ْﻔ ِﺜ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻗﺎل ‪ ...‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن اﻟ ﺮﺟﯿﻢ ﻣ ﻦ َھ ْﻤ ﺰِه و َﻧ ْﻔ ِ‬
‫ﺲ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‪ .‬واﻟ ﻨﻔﺦ‪ :‬ھ ﻮ اﻟ ِﻜ ْﺒ ﺮ‪ .‬واﻟﻨﱠﻔ ﺚ‪ :‬اﻟ ﻨﻔﺦ ﻣ ﻊ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺼﺮَع ﻣ ﻦ ﻣ ﱢ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻣﻌﻨ ﻰ ھﻤ ﺰه‪ :‬اﻟ ﱠ‬

‫‪339‬‬
‫اﻟﺮﯾﻖ وھﻮ دون اﻟﺘﱠﻔﻞ‪ ،‬واﻟﺴﱠﺤَﺮةُ ﯾﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﮫ ﻓﻲ ﺳﺤﺮھﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺟ ﺪﱡك وﻻ إﻟ ﮫ ﻏﯿ ﺮك‪،‬‬
‫إذا ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻜﺒﱠﺮ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭ ﻢ وﺑﺤﻤ ﺪك وﺗﺒ ﺎرك اﺳ ﻤﻚ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ َ‬
‫أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﻌﻠﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ﻣﻦ ھﻤﺰِه وﻧَﻔﺜ ِﮫ وﻧَﻔﺨ ِﮫ ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻔﺘﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ« رواه‬
‫اﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺒﺴﻤﻠ ُﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﻲ أن ]ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ[ آﯾ ٌﺔ ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬أو آﯾ ٌﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ت أو ﻧﻔ َ‬
‫ﻟﺴﺖ أرﯾﺪ ھﻨﺎ إﺛﺒﺎ َ‬
‫ﺳ ﻮَر اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻤﺎﺋ ﺔ واﻟ ﺜﻼث ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﻮى ﺳ ﻮرة ﺑ ﺮاءة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ داﺧﻠ ﺔ ﻓ ـﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع‬ ‫ﻛﻞ ُ‬
‫اﻟﻌﻘﯿ ﺪة‪ ،‬وأﻧ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻜﺘ ﺎب أَﻗ ﺼﺮ اﻟﺒﺤ ﺚ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ واﻟﻤ ﺴﺎﺋﻞ اﻟﻌﻤﻠﯿ ﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻼة وأﺣﻜﺎﻣﮭﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ أرﯾﺪ ھﻨﺎ أن أُﺛﺒﺖ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﻗﺮأ اﻟﺴﻮرة ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‬
‫ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﺼﻼة اﻓﺘﺘﺢ ﻗﺮاءﺗﮫ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ‪،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أرﯾﺪ ﺣﺼﺮ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‬
‫وﺳﻮر اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻘﻂ ‪ ،‬ﻓﻌﻨﻮان اﻟﺒﺤ ﺚ ھ ﻮ ]اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓﺎﻟﺒﺤ ﺚ ﻣﺤ ﺼﻮر ﺑ ﮫ ﻻ‬
‫ﯾﺘﻌﺪاه إﻟﻰ ﻏﯿﺮه‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ ﺳﺎر ﺟﻤﮭﺮة اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺄن وﺿﻌﻮا ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺎﺋﻞ اﻟ ﺜﻼث ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻌﯿﺪ‬
‫ﻖ ﻣ ﻨﮭﻢ أن اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ آﯾ ﺔ ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬
‫واﺣﺪ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺨﺎﺿﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ اﺳ ﺘﻨﺒﻂ ﻓﺮﯾ ٌ‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟﻮب اﻟﺠﮭﺮ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ‪ ،‬وﻟﻤﺎ اﺳﺘﻨﺒﻂ ﻓﺮﯾﻖ آﺧﺮ أن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻟﯿﺴﺖ آﯾ ﺔ‬
‫ن ﻣِ ﻦ ھ ﺆﻻء ﻣَ ﻦ ﻏ ﺎﻟﻰ ﺑﺮأﯾ ﮫ ﻓﻘ ﺎل ﺑﻜﺮاھ ﺔ‬ ‫ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟ ﻮب اﻹﺳ ﺮار ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﺑ ﻞ إ ﱠ‬
‫ﻗﺮاءة اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺳﺮاً وﺟﮭﺮًا‪ ،‬ذﻟﻚ أن ھﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮوا ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص وﺟ ﺪوا‬
‫ﻧﺼﻮﺻﺎً ﺗﻘﻮل ﺑ ﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﮭ ﺎ ‪ ،‬وﻧ ﺼﻮﺻﺎً ﺗﻘ ﻮل ﺑﺎﻹﺳ ﺮار ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻷول اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮا ﺗﺄوﯾﻞ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻹﺳﺮار إﻻ ﺑﺘﻌﺴﱡﻒ‪ ،‬ﺑﻞ إن ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ردﱠھﺎ ‪،‬‬
‫وأﺧ ﺬ اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻵﺧ ﺮ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﻘﺎﺋﻠ ﺔ ﺑﺎﻹﺳ ﺮار ﻷﻧﮭ ﺎ أﻗ ﻮى إﺳ ﻨﺎداً‪ ،‬ﻓﺮﺟﱠﺤﻮھ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ‪ ،‬وﻻ زاﻟﺖ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺎﻟﻘ ﺔ ﺑ ﯿﻦ ھ ﺆﻻء وأوﻟﺌ ﻚ دون ﺣ ﺴﻢ‪ ،‬واﻟ ﺴﺒﺐ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ھ ﻮ‬
‫ﺧﻠﻄﮭﻢ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼث‪ ،‬رﻏﻢ أن ﻣﻨﮭﺎ ﻣ ﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘ ﺎد‪ ،‬وﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻷﺣﻜ ﺎم‪ ،‬وﺷ ﺘﺎن ﺑ ﯿﻦ‬
‫ھﺬﯾﻦ اﻟﺼﻌﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫ﺼﻌُﺪ‪،‬‬
‫وأﻧﺎ ھﻨﺎ أرﯾﺪ ﺑﺤﺚ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﺻ ﻌﯿﺪھﺎ ﻧﺎﺋﯿ ًﺎ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻤ ﺎ ﺳ ﻮاه ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻓﺄﻗﻮل‪ :‬إن اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ ﺑﮭ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﯾﻮﺻ ﻠﻨﺎ إﻟ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﺎﻹﺳ ﺮار ﺑﻘ ﺮاءة‬
‫اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ذﻟﻚ أن ھﺬا اﻟﺮأي ھﻮ اﻟﺮاﺟﺢ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫ﻞ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ‬ ‫ﯾﺘﻌﯿﱠﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺼﯿﺮُ إﻟﯿﮫ واﻟﻌﻤ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن ﻓﻠﻢ أﺳﻤﻊ أﺣﺪًا ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻘﺮأ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ« رواه‬
‫ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﺜﻤ ﺎن ﻓﻜ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺴﺘﻔﺘﺤﻮن ﺑـ اﻟﺤﻤ ُﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻻ ﯾﺬﻛﺮون ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ ﻓ ﻲ أول ﻗ ﺮاءة وﻻ ﻓ ﻲ‬
‫آﺧﺮه« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وأﺑﺎ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻔﺘﺘﺤﻮن اﻟﺼﻼة ﺑـ‬
‫اﻟﺤﻤﺪُ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫وﺧﻠﻒ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﺠﮭﺮون ﺑـ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﮭﺬه أرﺑﻊ رواﯾﺎت ﺻﺤﯿﺤﺔ وردت ﻓﻲ اﻹﺳﺮار ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ .‬وروت ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺴﺘﻔﺘﺢ اﻟﻘ ﺮاءة ﺑ ـ اﻟﺤﻤ ُﺪ ﷲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺘﻔﺘﺢ اﻟ ﺼﻼة‬‫رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ِ‬

‫‪340‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬واﻟﻘﺮاءة ﺑـ اﻟﺤﻤﺪُ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ .«...‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﻐ ﱠﻔ ﻞ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌﻨﻲ أﺑ ﻲ‬
‫ﺤ َﺪثَ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬وﻟﻢ‬ ‫ﺤ َﺪثٌ‪ ،‬إﯾﺎك واﻟ َ‬
‫ي ﺑﻨﻲ ُﻣ ْ‬
‫وأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أﻗﻮل ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻓﻘﺎل ﻟﻲ‪َ :‬أ ْ‬
‫ﺾ إﻟﯿ ﮫ اﻟﺤَ ﺪَث ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬وﻗ ﺪ‬ ‫أر أﺣﺪًا ﻣﻦ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن أﺑﻐ َ‬
‫ﺻﻠﯿﺖُ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣﻊ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن ﻓﻠﻢ اﺳﻤﻊ أﺣﺪًا ﻣ ﻨﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ُﻘﻠْﮭ ﺎ‪ ،‬إذا أﻧ ﺖ‬
‫ﺻﻠﯿﺖ ﻓﻘﻞ اﻟﺤﻤﺪُ ﷲ ربﱢ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻗﺎل )ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﻐ ﱠﻔ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ‪،‬‬
‫واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻨﮭﻢ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﺜﻤ ﺎن وﻋﻠ ﻲ وﻏﯿ ﺮھﻢ‪،‬‬
‫وﻣﻦ ﺑﻌﺪھﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ(‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ رﻣﺎه اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻟ ﻀﻌﻒ ﻷن ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑ ﻦ ﻣُﻐ ﱠﻔ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا إﻧ ﮫ ﻣﺠﮭ ﻮل‪ ،‬واﻟﺠ ﻮاب ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺸﺒﮭﺔ أن اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺳ ﻤﮫ ﯾﺰﯾ ﺪ ذﻛ ﺮه‬
‫ﺳ ﺌﻞ ﻋ ﻦ‬‫س »أﻧ ﮫ ُ‬ ‫اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ وأﺣﻤﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﻔﺖ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺮاوي ھﺬا‪ .‬وروى اﻟﺒ ﺰﱠار ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎ ٍ‬
‫اﻟﺠﮭﺮ ﺑـ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻮل ھﻲ ﻗﺮاءة اﻷَﻋﺮاب«‪ .‬ﻓﮭﺬه ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‬
‫اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤ ﺴﻨﺔ ﺗﻘ ﻮل ﺑﺎﻹﺳ ﺮار ‪ ،‬ﻓﯿﺘﻌ ﯿﻦ اﻷﺧ ﺬ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﺗﺠﺎھﻠﮭ ﺎ أو إھﻤﺎﻟﮭ ﺎ‪ ،‬أو ردھ ﺎ‬
‫وإﺑﻄﺎﻟﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻻﺿ ﻄﺮاب وﻣ ﻦ ﺛَ ﱠﻢ ﺑﺎﻟ ﻀﻌﻒ واﻟ ﺮﱠدﱢ‪ ،‬ﻓﺘﻌﻘﱠﺒ ﮫ‬ ‫وﻗ ﺪ ﺣ ﺎول اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﺒ ﺮ ر ْﻣ َ‬
‫ﻼ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ )ﻓﺎﻧ ﺪﻓﻊ ﺑﮭ ﺬا ﺗﻌﻠﯿ ﻞُ ﻣ ﻦ أﻋﱠﻠ ﮫ‬‫اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﻓ ﻲ ﻓ ﺘﺢ اﻟﺒ ﺎري ﻣﻔﱢﻨ ﺪًا ھ ﺬه اﻟﺘﮭﻤ ﺔ ﻗ ﺎﺋ ً‬
‫ﺑﺎﻻﺿ ﻄﺮاب ﻛ ﺎﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ َﺒ ﺮ( ذﻟ ﻚ أن اﻟﻔﺮﯾ ﻖ اﻵﺧ ﺮ اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺠﮭﺮ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻌﺎﻣ ﻞ ﻣ ﻊ ھ ﺬه‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ اﻧﮭ ﻢ اﺳ ﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻮﻟﮭﻢ ﺑ ﺎﻟﺠﮭﺮ‬ ‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﺠﺐ ﻣ ﻦ اﻻﻋﺘﺒ ﺎر ﻓ ﻀ ً‬
‫ي ﺣ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ‬ ‫ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺄوﯾﻞ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ ﻮرِدوا أ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣـﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﻤﺎ رواه اﺑـﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻔﺘﺘﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﺑ ـ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﺑﻤ ﺎ رواه أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬أُﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻲﱠ آﻧﻔﺎً ﺳ ﻮرةٌ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ إﻧ ﺎ أﻋﻄﯿﻨ ﺎك اﻟﻜ ﻮﺛﺮ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺧﺘﻤﮭﺎ‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﺑﻤﺎ رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘ ﻮل »اﻟﺤﻤ ﺪ‬
‫ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﺳﺒﻊُ آﯾﺎت إﺣﺪاھﻦ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬وھﻲ ﺳﺒﻊ اﻟﻤﺜﺎﻧﻲ واﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ‪،‬‬
‫وھﻲ أم اﻟﻘﺮآن وﻓﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وﺑﻤﺎ روﺗﮫ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪r‬‬
‫ﻗﺮأ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻓﻌﺪﱠھﺎ آﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ آﯾﺘﯿﻦ‪ ،‬وإﯾﺎك ﻧﺴﺘﻌﯿﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﺑﻤﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫وﺟﻤﻊ ﺧﻤﺲ أﺻﺎﺑﻌﮫ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻻ ﯾﻌﺮف ﻓﺼﻞ اﻟﺴﻮرة ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺰل ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﺑﻤ ﺎ رواه ﻋﻠ ﻲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ » ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺠﮭﺮ ﺑ ـ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻮرﺗﯿﻦ ﻣﻌ ًﺎ« رواه‬
‫اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﺑﻤﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑ ـ ﺑ ﺴﻢ اﷲ‬
‫اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﺑﻤﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫إذا اﻓﺘﺘﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺪأ ﺑـ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺟﻤﻊ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أو اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺪل ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﻗ ﺎل‬
‫ﺠ ِﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬‫ﺑ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺰادت ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ ﺣ ﺪﯾﺜﺎً‪ ،‬واﺳ ﺘﺪﻟﻮا أﺧﯿ ﺮًا ﺑﻤ ﺎ رواه ﻧﻌ ﯿﻢ اﻟ ُﻤ ْ‬
‫»ﺻﻠﯿﺖ وراء أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻓﻘﺮأ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺮأ ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺑﻠ ﻎ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻓﻘﺎل آﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨ ﺎس آﻣ ﯿﻦ‪ ،‬وﯾﻘ ﻮل ﻛﻠﻤ ﺎ ﺳ ﺠﺪ‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وإذا‬
‫ﻗ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻓ ﻲ اﻻﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻗ ﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ‪ ،‬وإذا ﺳ ﻠﱠﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬واﻟ ﺬي ﻧﻔ ﺴﻲ ﺑﯿ ﺪه إﻧ ﻲ ﻷﺷ ﺒﮭُﻜﻢ‬
‫ﺻﻼ ًة ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬واﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ أﺧ ﺮى ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻻ ﺗﺨ ﺮج‬
‫ﻋ ﻦ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻹﺳ ﻨﺎد أو اﻟﻤﺘ ﻮن ﺿ ﺮﺑﻨﺎ ﻋﻨﮭ ﺎ ﺻ ﻔﺤﺎً ﺧ ﺸﯿﺔَ اﻹﻃﺎﻟ ﺔ‪ ،‬وﻷﻧﮭ ﺎ ﻻ‬
‫ﺗﻀﯿﻒ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻓﺎﺋﺪة‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء‪ :‬أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻓﻘ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻋﻨ ﮫ )إﺳ ﻨﺎده ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺬاك(‬
‫ﻼ ﻓﻲ إﺳﻨﺎد أﺣﺪھﺎ أﺑﻮ اﻟﺼﱠﻠﺖ اﻟ َﮭﺮَوي ﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ‬
‫ورواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﺪة ﻃﺮق ﻛﻠﮭﺎ ﺿﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺜ ً‬
‫اﻟ ُﻌﻘَﯿﻠﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ )راﻓﻀﻲﱞ ﺧﺒﯿﺚ( وﻓﻲ إﺳﻨﺎد آﺧﺮ أﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺠﮭﻮل‪ ،‬وﻓﻲ إﺳﻨﺎد آﺧ ﺮ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬
‫ﺣﻔﺺ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﻋﻨﮫ )أﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﺮك ﺣﺪﯾﺜ ﮫ( وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ ﻋﻨ ﺪ أﺑ ﻲ داود‬
‫ﻓﺈن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﻗﺮأ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﺢ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋﻨ ﺪ اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻘﯿ ﺪة وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺄﻟﺘﻨﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ھ ﻮ‬

‫ﻣﻌﺎرَض ﺑﺤﺪﯾﺚ أﺻﺢ إﺳﻨﺎدًا ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ﻧﻔﺴﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة ﻟﻢ‬
‫ﯾﻘﺮأ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن ﻓﮭﻲ ﺧﺪاج‪ ،‬ﺛﻼﺛﺎً ﻏﯿﺮ ﺗﻤﺎم‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻷﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ :‬إﻧﱠﺎ ﻧﻜﻮن وراء اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫اﻗﺮأ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻗ ﺎل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‪ُ :‬ﻗ ﺴِﻤﺖ اﻟ ﺼﻼة ﺑﯿﻨ ﻲ وﺑ ﯿﻦ‬
‫ﻋﺒﺪي ﻧﺼﻔﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻌﺒ ﺪي ﻣ ﺎ ﺳ ﺄل‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗ ﺎل اﻟﻌﺒ ﺪ اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﺣﻤ ﺪﻧﻲ‬
‫ﻋﺒﺪي‪ ،‬وإذا ﻗﺎل اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺛﻨﻰ ﻋﻠﻲﱠ ﻋﺒﺪي‪ ،‬وإذا ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ ﯾ ﻮم اﻟ ﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ﻲ ﻋﺒ ﺪي‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗ ﺎل إﯾ ﺎك ﻧﻌﺒ ﺪ وإﯾ ﺎك ﻧ ﺴﺘﻌﯿﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل ھ ﺬا ﺑﯿﻨ ﻲ‬
‫ﻣﺠﱠﺪﻧﻲ ﻋﺒﺪي‪ ،‬وﻗﺎل ﻣ ﺮة ﻓ ﻮﱠض إﻟ ﱠ‬
‫وﺑﯿﻦ ﻋﺒﺪي وﻟﻌﺒﺪي ﻣﺎ ﺳﺄل‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎل اھﺪﻧﺎ اﻟ ﺼﺮاط اﻟﻤ ﺴﺘﻘﯿﻢ ﺻ ﺮاط اﻟ ﺬﯾﻦ أﻧﻌﻤ ﺖ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ‪ ،‬ﻗﺎل ھﺬا ﻟﻌﺒﺪي وﻟﻌﺒﺪي ﻣﺎ ﺳﺄل« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺳﺘ ـﺪل‬
‫ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﺄن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ آﯾﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺣ ﺴﺐ ﻓﮭﻤﮭ ﻢ‬
‫ﻟﺬﻛﺮھﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ﻗِﺴﻤﺔ آﯾ ﺎت اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻗ ﺴﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي ﯾﺮوﯾ ﮫ أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫ﯾﻌﺎرض اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬وھ ﻮ أﻗ ﻮى ﻣﻨ ﮫ إﺳ ﻨﺎداً وأﺻ ﺢ‬
‫ﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ إﻟ ﻰ أن ِﻛ ﻼ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻟﯿ ﺴﺎ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﻨﺎ ]اﻟﺠﮭ ﺮ ﺑﺎﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﻼ ﺷﻚ ‪ ،‬إﺿﺎﻓ ًﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﻠ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ آﯾ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗ ﺮأ‬

‫وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﻤﺼﻠﻲ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻗﺮأ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ دون أن ﯾﺘﻄﺮق اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﺬا إﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺠﮭﺮ أو اﻹﺳﺮار ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺮاءة‬
‫ﻓﻼ دﻻﻟﺔ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻨﺪ أﺑﻲ داود ﻓﯿﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ دون ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ‪ ،‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲﱟ ﻋﻨﺪ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻓﻘﺪ رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻣﻦ ﻋ ﺪة ﻃ ﺮق ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ‬
‫ﻼ ﻓ ﻲ ﺳ ﻨﺪ إﺣ ﺪاھﺎ ﻋﯿ ﺴﻰ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ )ﻣﺘ ﺮوك‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ‪ .‬ﻓﻤ ﺜ ً‬
‫ﺣﺒﱠﺎن )ﯾﺮوي ﻋﻦ آﺑﺎﺋﮫ أﺷﯿﺎ َء ﻣﻮﺿ ﻮﻋﺔ( وﻓ ﻲ ﺳ ﻨﺪ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ أﺣﻤ ﺪ اﻟﻤﻘ ﺮي‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ( وﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ )ﻟﯿﺲ ﺑﺜﻘﺔ(‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﻨﺪ ﻃﺮﯾﻖ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ﻟﻌﻠ ﻲ وﻋ ﱠﻤ ﺎر ﻣﻌ ًﺎ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻤﺮ وﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫اﻟﺠُﻌﻔﻲ ﺿﻌﯿﻔﺎن ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺤﺎﻛﻢ )ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺷﻤﺮ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ وﻏﯿ ﺮه ‪ (...‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ‬
‫ﺣﻨﯿﻔﺔ‪ :‬ﻣﺎ رأﯾﺖ أﻛﺬب ﻣﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔﻲ‪ .‬وأﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻔﯿﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻌﻤ ﺮي ﻗ ﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ ﻋﻨ ﮫ )ﺿ ﻌﯿﻒ ﺟ ﺪًا( وأﻣ ﺎ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ اﻟﺘ ﻲ زادت‬
‫ج ﻟﮭﺎ ﻓﻼ‬ ‫ﻲ ﺑﻄﺮﻗﮫ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ إﻻ ﻧﻤﻮذ ٌ‬ ‫ﺚ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻨﮭﺎ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬وﻣﺎ ﺣﺪﯾ ُ‬
‫ﺗﻘ ﻮى ﻣﺠﺘﻤﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻌﺎرﺿ ﺔ أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻹﺳ ﺮار اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺗﻨﺎوﻟﺘﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻖ إﻣ ﺎ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ وﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﺟ ﺪاً‪ ،‬وھ ﻲ اﻷﻛﺜﺮﯾ ﺔ‪ ،‬وإِﻣ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﺟ ـﺎءت ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﺄﻟﺘﻨﺎ‬
‫]اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﮭﻲ ﻗﺪ ﺟﺎءت ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷوﻟ ﻰ أو ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ أﺣﺎدﯾﺚ اﻹﺳﺮار ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وھﻜﺬا ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺜﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ ﺻﻼﺣﮫ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‬
‫ﺳﻮى ﺣﺪﯾﺚ ﻧﻌﯿﻢ اﻟﻤُﺠْﻤِﺮ ﻋﻨ ﺪ اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ )ھ ﻮ‬
‫أﺻﺢ ﺣﺪﯾﺚ ورد ﻓﻲ ذﻟﻚ ﯾﻌﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ( وھﻮ ﯾﺘﻨﺎول ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ‪ ،‬ﻓﻠْﻨﻘ ﻒ ﻣﻌ ًﺎ‬
‫ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫أو ًﻻ‪ :‬ﻟﻘﺪ روى ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻏﯿﺮ ﻧﻌﯿﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رواﯾﺔ ﺑﺪون ذﻛ ﺮ اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﺠﻌﻠﻨ ﺎ ﻧ ﺸﻚ‬
‫ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻼ ﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ھﻮ أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬وﻓﻌﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻟﯿﺲ دﻟﯿﻼً‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬

‫وﺛﺎﻧﯿ ًﺎ‪ :‬إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺬﻛﺮ ﻓﻌ ً‬
‫ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ ﯾﺠﻮز ﺗﻘﻠﯿﺪه‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬أي اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت أﻓﻌﺎﻻً ﻟﻠﺮﺳﻮل ‪ r‬ﯾﺠﺐ‬
‫أﺧﺬھﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫وﺛﺎﻟﺜﺎً‪ :‬أﻣﺎ ﻗﻮل أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ »إﻧﻲ ﻷﺷﺒﮭﻜﻢ ﺻﻼ ًة ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ «r‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﺠﻌ ﻞ‬
‫ﺑﻌﻀﮭﻢ ﯾﻌﻄﯿﮫ ﺻﻔﺔ اﻟﺮﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻓﻐﯿﺮ ﻣﺴﻠﱠﻢ ﺑﮫ ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ ،‬إذ ھﻨﺎك ﻓﺎرق ﺑﯿﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‬
‫ﻼ )إن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ(‬ ‫)إﻧ ﻲ أﺷ ﺒﮭُﻜﻢ ﺻ ﻼ ًة ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ (r‬وﺑ ﯿﻦ أن ﯾﻘ ﻮل ﻣ ﺜ ً‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺒﺎرة اﻷوﻟﻰ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻗﻄﻌﯿﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺘﺸﺎﺑﮫ ﺑﯿﻦ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻣ ﻊ‬
‫اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ‪.‬‬

‫وراﺑﻌ ﺎً‪ :‬إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ أن أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺪ ﻗ ﺮأ اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ وﻗ ﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وﻋﻄ ﻒ ﻗ ﺮاءة‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺑـ ﺛﻢﱠ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﺎﯾﺮة ﺑﯿﻦ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ واﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻟﻤﺎ ﻋﻄﻒ إﺣﺪاھﻤﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺣﺠﱠ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑ ﺎﻟﺠﮭﺮ أﻛﺜ ﺮ ﻣﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﺣﺠﺔ ﻟﮭﻢ‪.‬‬

‫وﺧﺎﻣﺴﺎً‪ :‬إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺬﻛﺮ أن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﻗﺪ ﻗﺮأ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ دون أن ﯾﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘ ﺮاءة‬
‫ﺟﮭﺮاً أو ﻣﺨﺎﻓﺘﺔ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ أدﻟﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺮاءة اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ھﻨ ﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻧﺒﺤ ﺚ ﻋ ﻦ أدﻟ ﺔ اﻟﺠﮭ ﺮ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺮاء ُة ﻟﮭﺎ ﺷﺊ‪ ،‬واﻟﺠﮭ ُﺮ ﺑﻘﺮاءﺗﮭﺎ ﺷﺊ آﺧﺮ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻢ ﯾﺘﻄﺮق إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ اﻟﺠﮭ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺑﺤﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال‪ .‬وھﻜ ﺬا ﯾﺘ ﻀﺢ ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ أن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻘ ﻮى‬ ‫ﯾﺼﻠﺢ دﻟﯿ ً‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻹﺳﺮار ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫إن ﻗﻮﻟﻲ ﺑﺎﻹﺳﺮار ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أﻧﻨ ﻲ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻘ ﻮل ﺑ ﺄن اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫ﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ واﻷﺧ ﺮى ﻣ ﻦ‬ ‫آﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﻻ ﻣﻦ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ذﻟﻚ أﻧﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺳﺎﺑﻘ ًﺎ ﻗﺪ َﻓﺼَﻠ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼث‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أن ذﻟﻚ ﯾﻌﻨﻲ‬
‫اﻋﺘﺒ ﺎر اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬واﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻹﺳ ﺮار ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺠﮭﺮ‬
‫واﻹﺳﺮار أﻣﺮان ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ﻋﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ آﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ أو أﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ آﯾﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫إﺛﺒﺎت اﻟﺠﮭﺮ أو إﺛﺒﺎت اﻹﺳﺮار ﻋﻠﻰ إﻟﺤﺎق اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺤﺔ أو إﺧﺮاﺟﮭﺎ ﻣﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﻧﻘﺴﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮاءات ﻗﺴﻤﯿﻦ‪ :‬ﻗﺴﻢ ﯾﻘﻮل ﺑﺈﺛﺒﺎت اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻛﺂﯾ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ وﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮر‬
‫اﻷﺧﺮى ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺳﻮرة ﺑﺮاءة ﻣﻨﮭﻢ‪ :‬اﺑﻦ ﻛـﺜﯿﺮ وﻗﺎﻟﻮن وﻋﺎﺻﻢ واﻟﻜﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬وﻗﺴﻢ ﯾﻘﻮل ﺑﺤ ﺬﻓﮭﺎ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﺻ ﻞِ اﻟ ﺴﻮر ﻣ ﻨﮭﻢ‪ :‬أﺑ ﻮ ﻋﻤ ﺮو وﺣﻤ ﺰة و َورْش واﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ‪ .‬واﻧﻘ ﺴﻢ اﻷﺋﻤ ﺔ‬
‫ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن ﺣ ﯿﻦ و ْ‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ أﯾﻀﺎً ﻗﺴﻤﯿﻦ‪ :‬اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻛﺜﺮ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻹﺳﺮار ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ وھﻢ‪ :‬أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻣﺎﻟﻚ وأﺣﻤ ﺪ‪ ،‬واﻟﻘ ﺴﻢ‬
‫اﻷﻗﻞ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ وھﻮ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﺣﺪه‪ .‬واﻧﻔﺮد أھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ وھﻢ داود وﺟﻤﺎﻋﺘﮫ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ‬
‫آﯾﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺑﻤﻔﺮدھﺎ ﺳﻮرة ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻟﯿﺴﺖ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻷﯾﺔ ﺳﻮرة أﺧﺮى ‪ ،‬وھﻮ ﻇﺎھﺮ اﻟﺨﻄﺄ‪.‬‬

‫واﻧﻘﺴﻢ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺣﯿﺎل ﻗﺮاءة اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ‪ :‬ﻗﺴﻢ ﯾﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮب ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪،‬‬
‫وﻗ ﺴﻢ ﯾﻘ ﻮل ﺑﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎب ﻗﺮاءﺗﮭ ﺎ ‪ ،‬وﻗ ﺴﻢ ﺛﺎﻟ ﺚ ﯾﻘ ﻮل ﺑﻜﺮاھ ﺔ ﻗﺮاءﺗﮭ ﺎ وأن ذﻟ ﻚ ﺑﺪﻋ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ ﻇ ﺎھﺮ‬
‫اﻟﺨﻄﺄ‪ .‬وأﻧﺎ أﻗﻮل ﺑﻮﺟﻮب ﻗﺮاءﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮأوﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﻌ ﺮف‬
‫ن ھ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮأوﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱢﺮ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻘﺮاءة ﺑﮭ ﺎ ﺳ ﺮًا ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻋ ﺪم‬
‫أﻧﮭ ﻢ ﺗﺮﻛ ﻮا ﻗﺮاءﺗﮭ ﺎ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وإ ْ‬

‫‪343‬‬
‫اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن اﻟﻘ ﺮاءة ﺳ ﺮًا ﻻ ﺟﮭ ﺮًا ﻧ ﺪﺑ ًﺎ‬
‫واﺳﺘﺤﺒﺎﺑﺎً‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ھﺬا اﻹﺳﺮار ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة دون ﻏﯿﺮ اﻟﺼﻼة ﻛﻤﺎ ﺻ ﺮﱠﺣﺖ ﺑ ﺬﻟﻚ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ؟ ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﯿﻤﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬إذا ﻗﺮأ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ھ ﺰأ ﻣﻨ ﮫ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﻮن وﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣﺤﻤ ﺪ ﯾ ﺬﻛﺮ إﻟ ﮫ اﻟﯿﻤﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫ﻣﺴﯿﻠﻤﺔ ﯾﺘﺴﻤﱠﻰ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ ھ ﺬه اﻵﯾ ﺔ أﻣ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﻻ ﯾُﺠﮭَ ﺮ ﺑﮭ ﺎ«‪ .‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺖ ِﺑ َﮭ ﺎ[ ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ذِﻛ ﺮ ھ ﺬه‬
‫ﻚ وﻻ ﺗُﺨَﺎ ِﻓ ْ‬ ‫اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )رﺟﺎﻟﮫ ﻣﻮﺛﱠﻘﻮن( وھﻮ ﯾﻘﺼﺪ آﯾ ﺔ ] َﻓ ﻼ َﺗ ْ‬
‫ﺠ َﮭ ْﺮ ِﺑ ﺼَﻼ ِﺗ َ‬
‫اﻵﯾﺔ ﺻﺮﯾﺤ ًﺎ ﻓﯿﻤﺎ رواه اﺑﻦ اﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺮﻓ ﻊ ﺻ ﻮﺗﮫ ﺑ ـ ﺑ ﺴﻢ‬
‫اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻣ ﺴﯿﻠﻤﺔ ﻗ ﺪ ﺗ ﺴﻤﻰ ﺑ ﺎﻟﺮﺣﻤﻦ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن اﻟﻤ ﺸﺮﻛﻮن إذا ﺳ ﻤﻌﻮا ذﻟ ﻚ ﻣ ـﻦ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻗﺪ ذُﻛﺮ ﻣﺴﯿﻠﻤﺔُ إﻟﮫُ اﻟﯿﻤﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺎرﺿﻮه ﺑﺎﻟﻤُﻜﺎء واﻟ ﱠﺘﺼْﺪﯾﺔ واﻟﺼﱠﻔﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺰل اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬وﻻ ﺗﺠﮭﺮ ﺑﺼﻼﺗﻚ وﻻ ﺗُﺨﺎﻓﺖ ﺑﮭﺎ«‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻣﺴﺄﻟ ٌﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﺮار ھﻲ‪ :‬ھ ﻞ اﻹﺳ ﺮار ﯾﻌﻨ ﻲ إﺧﻔ ﺎءً ﻟﻠ ﺼﻮت إﺧﻔ ﺎءً ﺗﺎﻣ ﺎً‪ ،‬أم أن اﻹﺳ ﺮار‬
‫ﯾﻌﻨ ﻲ ﺧﻔ ﺾ اﻟ ﺼﻮت ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﺘﻤﯿ ﺰ ﻋ ﻦ اﻟﺠﮭ ﺮ؟ إن ﺟﻤﮭ ﺮة اﻟﻔﻘﮭ ﺎء أﺧ ﺬوا ﺑ ﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻷول‪ ،‬وأن‬
‫اﻹﺳﺮار ﯾﻌﻨﻲ ﻛﺘﻤﺎن اﻟﺼﻮت وإﺧﻔﺎءه إﺧﻔﺎء ﺗﺎﻣﺎً‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤﺎ رواه أﻧﺲ »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﺜﻤ ﺎن ﻓﻠ ﻢ أﺳ ﻤﻊ أﺣ ﺪًا ﻣ ﻨﮭﻢ ﯾﻘ ﺮأ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻻ ﺑﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ‬ ‫ﻓﺬﻛﺮ »ﻓﻠﻢ أﺳﻤﻊ أﺣﺪاً ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻘﺮأ«‪ .‬وأن ھﺬا ھﻮ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺠﮭﺮ اﺳ ﺘﺪﻻ ً‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺧﻠﻒ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋ ﻨﮭﻢ وﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﻻ ﯾﺠﮭﺮون ﺑ ـ ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ « رواه أﺣﻤ ﺪ ‪ .‬ﻓ ﺬﻛﺮ »وﻛ ﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﺠﮭ ﺮون« ﻓﺄﺧ ﺬوا ﻣ ﻦ‬
‫اﻟ ﱠﻨﺼﱠﯿﻦ أن إﻋﻼن اﻟﺼﻮت ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺠﮭ ﺮ وأن ﻛﺘﻤﺎﻧ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻹﺳ ﺮار‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪﻣﺎ ﻣ ﺮﱠت ﻋﻠ ﯿﮭﻢ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻼ »أن‬ ‫ﺗﻘﻮل ﺑﻘﺮاءة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﺜﻞ ﺣﺪﯾﺚ أُم ﺳﻠﻤﺔ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﻣ ﺜ ً‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺮأ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻓﻌﺪﱠھﺎ آﯾﺔ ‪ .«...‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ‪ ،‬اﺗﺨﺬوھﺎ أدﻟ ﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻗ ﺎﺋﻠﯿﻦ إن اﻟﻤ ﺼﻠﱢﯿﻦ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻟﯿ ﺴﻤﻌﻮا ﻗ ﺮاءة اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻟ ﻮﻻ أﻧ ﮫ‬
‫ﺟﮭﺮ ﺑﮭﺎ‪ .‬واﺳﺘﻨﺎدًا إﻟﻰ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻣﻌﮫ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣ ﻨﮭﻢ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑ ﻦ ﺣﻤ ﺎد‬
‫وأﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻮاﻟﺒﻲ اﻟﻜﻮﻓﻲ ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء وأوﻟﺌﻚ إن اﻹﺳ ﺮار ھ ﻮ ﺿ ﺪ اﻟﺠﮭ ﺮ ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺠﮭﺮ ھ ﻮ رﻓ ﻊ اﻟ ﺼﻮت‪ ،‬واﻟﺠﮭ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫ت اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة‬
‫اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﯾﻌﻨﻲ رﻓﻊ اﻟﺼﻮت ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿ ﺴﻤﻊ ﺻ ﻮ َ‬
‫اﻟﻤﺼﻠﱡﻮن ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺼﻔﻮف أو ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻄﻠ ﻮب ﻣ ﻦ اﻹﻣ ﺎم إﺳ ﻤﺎعُ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﺠﮭ ﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻟﯿُﺴﻤﻌﮭﻢ ﻗﺮاءﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺨﻄﯿﺐ إذا ﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎس رﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺠﻌﻠﮭﻢ ﯾﺴﻤﻌﻮن ﺧﻄﺒﺘﮫ‪.‬‬

‫ھﺬا ھﻮ اﻟﺠﮭﺮ‪ ،‬ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ اﻟﺨﻔﺾ واﻹﺳﺮار‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﺼﻠﻲ اﻹﻣﺎم ﺻﻼة ﺳﺮﯾﺔ ﻛﺄن ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻼة‬
‫اﻟﻈﮭﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﻟﯿُﺴﻤﻊ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ وإﻧﻤﺎ ﯾﻘﺮأ ﻟﻨﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻨﻲ أﻧﮫ ﯾﻘ ﺮأ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ أﻧ ﮫ‬
‫ﯾُﺤﻈﺮ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾُﺴﻤِﻊ ﺻﻮﺗَﮫ اﻟﻤﺼﻄﻔﱢﯿﻦ ﺧﻠﻔﮫ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﺳ ﻤﻊ اﻟﻤ ﺼﻄﻔﱡﻮن ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﻧﺒ ﺮات‬
‫ﻗﺮاءة اﻹﻣﺎم وﺗﺒﯿﻨﻮا ﻣﻨﮭﺎ أﻧﮫ ﯾﻘﺮأ‪ ،‬ﺑﻞ وﺳﻤﻌﻮا ﻗﺮاءﺗﮫ اﻟﺨﻔﯿﻀﺔ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺘﻨ ﺎﻗﺾ ﻣ ﻊ اﻹﺳ ﺮار‪،‬‬
‫وﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺟﮭﺮًا ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣ ﺎ ﻧﻘ ﻮل ﻣ ﺎ رواه أﺑ ﻮ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرة ﺳﻮرة وﯾُﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾﺔ‬
‫أﺣﯿﺎﻧ ﺎً« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ ﺻ ﻠﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬اﻟﻈﮭ ﺮ وھ ﻲ ﺻ ﻼة ﺳ ﺮﯾﺔ‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ وھ ﻲ‬
‫أﯾ ﻀًﺎ ﺻ ﻼة ﺳ ﺮﯾﺔ‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ« وذﻛ ﺮ أﻧ ﮫ ﻗ ﺮأ ﻓﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب‬
‫وﺳﻮرة ﺳﻮرة‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﺮاوي أن ﯾﻌﻠﻢ ﺑﻘﺮاءة اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻟﻮﻻ أﻧﮫ ﯾﺴﻤﻌﮭﺎ‪ ،‬وأوﺿﺢ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻗﻮﻟﮫ »وﯾُﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾﺔ أﺣﯿﺎﻧﺎً« ﻓﻜﯿﻒ ﯾَﺴﻤﻊ اﻟﻤﺼﻠﻮن ﻗ ﺮاءة اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ‬

‫‪344‬‬
‫واﻟﻌ ﺼﺮ اﻟ ﺴﺮﯾﺘﯿﻦ؟ إﻧﮭ ﻢ ﯾ ﺴﻤﻌﻮن اﻟﻘ ﺮاءة ﺳ ﻤﺎﻋﺎً ﻣﺘﻘﻄﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓﻤ ﺮة َﯾ ﺴﻤﻌﻮن وأﺧ ﺮى ﻻ ﯾ ﺴﻤﻌﻮن‬
‫ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻗﻮﻟﮫ »وﯾُﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾﺔ أﺣﯿﺎﻧﺎً« وﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻟﯿﻜﻮن ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻔﮭﻤﻮن اﻹﺳﺮار‪.‬‬

‫وﻻ ﯾﻜﻮن ذﻟﻚ أﯾﻀًﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاءﺗ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺟﮭﺮﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳ ﺮار ﻋﻨ ﺪھﻢ ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫ﻋﺪم اﻟﺴﻤﺎع‪ ،‬واﻟﺠﮭﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ وﻋﻨﺪھﻢ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺴﻤﺎع اﻟﺘ ﺎم‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﺳ ﻤﺎع ﻏﯿ ﺮ ﺗ ﺎم‪ ،‬أي ﺣ ﺼﻞ‬
‫اﻹﺳ ﺮار ﺑ ﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟ ﺬي ﻧ ﺬھﺐ إﻟﯿ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺼﻠﻲ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓﻨ ﺴﻤﻊ ﻣﻨ ﮫ اﻵﯾ ﺔ ﺑﻌ ﺪ اﻵﯾ ﺎت ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة ﻟﻘﻤ ﺎن واﻟ ﺬارﯾﺎت« رواه اﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬أﻟ ﯿﺲ ھـ ـﺬا‬
‫ﻼ ﻇﺎھــﺮًا ﺻﺮﯾﺤـــﺎً ﻋﻠـــﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺳﺮار؟ إن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ وﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺻ ﻼة‬ ‫اﻟﻨﺺ دﻟﯿــ ً‬
‫ﺳ ﺮﯾﺔ أي أن اﻟﻘ ﺮاءة ﻓﯿﮭ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﺑﺎﻹﺳ ﺮار وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﺟـ ـﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول »و ُﯾ ﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾـ ـﺔ‬
‫أﺣﯿﺎﻧ ﺎً« وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »ﻓﻨ ﺴﻤﻊ ﻣﻨ ﮫ اﻵﯾ ﺔ ﺑﻌ ﺪ اﻵﯾ ﺎت« ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل دﻻﻟـ ـﺔ ﺑﺎدﯾ ﺔ اﻟﻘ ﻮة‬
‫واﻟﻮﺿﻮح ﻋﻠﻰ أن اﻹﺳﺮار ﯾﻌﻨـــﻲ ﺧﻔـﺾ اﻟﺼﻮت وﻟ ﯿﺲ ﻛﺘﻤﺎﻧ ﮫ ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﱠ ﺔ‪ ،‬وأن اﻻﺳﺘــ ـﺪﻻل ﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻠــﻰ اﻟﺠﮭــﺮ ﻓــﻲ اﻟﺼــﻼة اﻟﺴﺮﯾﺔ اﺳﺘﺪﻻل ﺧﺎﻃﺊ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ‬
‫وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ ﺻﻼة ﺳﺮﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻲ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺪﻣﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻓ ﻲ ﺧﻼﻓ ﺔ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‬ ‫ﺤﱢ‬ ‫وأﯾ ﻀ ًﺎ ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻟ ﺼﱡﻨﺎﺑ ِ‬

‫ﺼﺪﱢﯾﻖ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﯿﺖ وراءه اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن وﺳ ﻮرة وﺳ ﻮرة ﻣ ﻦ‬ ‫اﻟ ﱢ‬
‫ﺲ ﺛﯿﺎﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ ﻗ ﺮأ‬ ‫ﻗﺼﺎر اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﻓﺪﻧﻮت ﻣﻨﮫ ﺣﺘﻰ إن ﺛﯿﺎﺑﻲ ﻟﺘﻜ ﺎد أن ﺗﻤ ﱠ‬
‫ﺖ‬
‫ﻚ َأ ْﻧ َ‬
‫ﺣ َﻤ ًﺔ إﻧﱠ َ‬
‫ﻚ َر ْ‬
‫ﻦ َﻟ ﺪُ ْﻧ َ‬
‫ﺐ ﻟﻨ ﺎ ِﻣ ْ‬ ‫ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن وﺑﮭ ﺬه اﻵﯾ ﺔ ] رﺑﱠ َﻨ ﺎ ﻻ ﺗُ ِﺰ ْ‬
‫غ ﻗُﻠُﻮﺑَﻨ ﺎ َﺑ ْﻌ َﺪ إ ْذ َھ َﺪ ْﯾ َﺘﻨَﺎ َو َھ ْ‬
‫اﻟ َﻮھﱠﺎبُ[« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪ .‬اﺳﺘﻤﻊ إﻟﯿــﮫ ﯾﻘـﻮل »ﺛﻢ ﻗـﺎم ﻓـﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ‪ ...‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ ﻗ ﺮأ ﺑ ﺄُ ﱢم اﻟﻘ ﺮآن وﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻵﯾﺔ ‪ «...‬واﻟﺮﻛﻌــﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓــﻲ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮاءة ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻹﺳﺮار ﻗﻄﻌﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮر أن‬
‫ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺟﮭﺮاً‪ ،‬وﻣﻊ ھﺬا اﻹﺳﺮار ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﱡﻨﺎﺑﺤِﻲ ﻗـ ـﺪ ﺳﻤﻌــ ـﮫ ﯾﻘ ﺮأ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ‬
‫ﻻ ﻟﺨﻄﺄ أن اﻹﺳﺮار ﯾﻌﻨﻲ ﺧﻔﺾ اﻟﺼﻮت وﻟ ﯿﺲ ﻛﺘﻤﺎﻧ ﮫ ﻓ ﻲ ھ ﺬه‬ ‫دﻧﺎ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺆﻛﺪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﺪع ﻣﺠﺎ ً‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ .‬ﺛﻢ إن ﻗﻮﻟ ﮫ ھﻨ ﺎ »ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ ﻗ ﺮأ« ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن )اﻟﻘ ﺮاءة( ﻻ ﺗﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة )اﻟﺠﮭ ﺮ(‬
‫ﻛﻤـ ـﺎ ﻓ ﺴﺮوھـــﺎ ﻋﻨ ﺪ اﻻﺳﺘـ ـﺪﻻل ﺑﺤ ﺪﯾﺚ أم ﺳﻠﻤــ ـﺔ وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬وﻟﮭـ ـﺬا ﻓ ﺈن أي ﺣ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻗ ﺮاءة‬
‫اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ أﺳﺮﱠ ﺑﮭﺎ ﻗﺮأ وﻣﻦ ﺟﮭ ﺮ ﺑﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺮأ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺮاءة ﺗﻜﻮن ﺟﮭﺮًا وﺗﻜﻮن إﺳﺮاراً‪ ،‬ﻓﯿﺴﻘﻂ اﺳﺘﺪﻻﻟﮭﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﻘﺮاءة اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣ ِﺪ ْﯾ َﺜ ًﺎ‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 3‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﺟ ِﮫ َ‬‫ﺾ َأ ْزوَا ِ‬
‫ﺳ ﺮﱠ اﻟﻨﺒ ﻲُ إﻟ ﻰ َﺑ ْﻌ ِ‬ ‫دﻋﻮاھﻢ ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] وإ ْذ َأ َ‬
‫اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻵﯾﺔ دﻟﱠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺬھﺐ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺳﺮار وھﻮ ﺧﻔ ﺾ اﻟ ﺼﻮت وﻟ ﯿﺲ ﻛﺘﻤﺎﻧ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﺔ‪ ،‬إذ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﻣَﻦ ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺑﺎﻹﺳﺮار وﻧﻘﻞ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ‪ ،‬أو ﻧﻘﻞ‬
‫أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ ﻗ ﺮاءة اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻇ ﻦ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ أن ذﻟ ﻚ دالﱞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﮭ ﺮ ﺑﮭ ﺎ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ﺑ ﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻮ أدرﻛ ﻮا ﻣﻌﻨ ﻰ اﻹﺳ ﺮار ﺣﻘﯿﻘ ﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا ﻣ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ اﺿ ﻄﺮوا إﻟ ﻰ ﻣﻌﺎرﺿ ﺔ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻹﺳﺮار‪.‬‬

‫ﺣﺒﱠﺎن رواﯾﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫وأﺧﯿﺮًا أﻋﻮد ﻟﺤﺪﯾﺚ ﻧﻌﯿﻢ اﻟﻤُﺠْﻤِﺮ ﺛﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ وﺟﺪتُ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﺑﻦ ِ‬
‫ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ »ﺻﻠﯿﺖ وراء أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻓﻘﺎل ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺮأ ﺑﺄم اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺑﻠ ﻎ‬
‫ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ ‪ .«...‬ﻓﻘﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗﻮﻟ ﮫ »ﻓﻘ ﺎل ﺑ ﺴﻢ اﷲ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ« وﻋ ﱠﻘ ﺐ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ »ﺛﻢ ﻗﺮأ ﺑ ﺄم اﻟﻜﺘ ﺎب« ﻓﺎﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ واﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻗﺮأھ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺘﻔﺮﯾ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ﺗ ﻼوة اﻟﺒ ﺴﻤﻠﺔ‬
‫وﺗﻼوة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف اﻟﺼﻮت ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام أن اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﯾُﺠ َﮭ ﺮ ﺑﮭ ﺎ ‪ -‬وھﻨ ﺎ ﻋﱠﺒ ﺮ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ‪ -‬ﻓﺈن اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻟﻢ ﯾُﺠﮭﺮ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ إﻧﮫ ﻗﺮأ ﺑﮭﺎ واﻛﺘﻔ ﻰ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إﻧ ﮫ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وذﻟ ﻚ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻤﻐﺎﯾﺮة ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻹﺳﺮار ﺑﮭﺎ‪ ،‬وھﺬه ﻧﻘﻄﺔ ﺳﺎدﺳ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮد ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻧﻌ ﯿﻢ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺠﻌﻠﮫ ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫‪345‬‬
 ‫ﻗﺮاءةُ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺗﺠﺐ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ رﻛﻌ ﺎت اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ ﺛﻨﺎﺋﯿ ﺔ وﺛﻼﺛﯿ ﺔ ورﺑﺎﻋﯿ ﺔ‪،‬‬
‫ﺳ ﺮﯾﺔ أو ﺟﮭﺮﯾ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ‪ -‬و ُﺗ ﺴﻤﻰ‬
‫وﻻ ﺑ ﯿﻦ ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ وﻧﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﯿﻦ إﻣ ﺎم وﻣ ﺄﻣﻮم وﻣﻨﻔ ﺮد ﻓ ﻲ ِ‬
‫أﯾﻀًﺎ أُ ﱠم اﻟﻘﺮآن ‪ -‬ﺗﺠﺐ ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻘﺮأھ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓ ﺼﻼﺗﮫ‬
‫ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ إﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ وردت ﻧﺼﻮص ﺻﺮﯾﺤﺔ ﻗﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ :‬ﻓﺮوى ﻋُﺒ ﺎدة اﺑ ﻦ‬
‫اﻟ ﺼﺎﻣﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺻ ﻼة ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﺮأ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وأﺻﺮح ﻣﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻣ ﻦ‬
‫ﺑﺴﻨﺪ ﺻ ﺤﯿﺢ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﺗُﺠ ﺰئ ﺻ ﻼةٌ ﻻ ﯾﻘ ﺮأ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب«‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﺗﺠ ﺰئ ﺻ ﻼ ٌة ﻻ ﯾُﻘ َﺮأُ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬وإن ﻛﻨ ﺖ‬
‫ض‬
‫ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم؟ ﻗ ﺎل ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪي وﻗ ﺎل‪ :‬اﻗ ﺮأ ﻓ ﻲ ﻧﻔ ﺴﻚ«‪ .‬ﻓ ﺄي ادﻋ ﺎء ﺑﻐﯿ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻓﮭ ﻮ ﻣﻌ ﺎرِ ٌ‬
‫ﻟﻠﻨﺼﻮص ﻗﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل ﻋﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﺑﻨ ﺼﻮص أﺧ ﺮى ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻻ ﺗﺠ ﺐ ﻗﺮاءﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻨﻘ ﻒ ﻋﻨ ﺪ‬

‫ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص‪ :‬روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﱠﻰ ﺻ ﻼة ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﺮأ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن ﻓﮭﻲ ﺧﺪاج ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻏﯿﺮ ﺗﻤﺎم‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻷﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة إﻧ ﺎ ﻧﻜ ﻮن وراء اﻹﻣ ﺎم ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻗ ﺮأ‬
‫ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﱠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ أو اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﻜﻢ ﻗﺮأ ﺧﻠﻔﻲ ﺑـ ﺳﺒّﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ؟ ﻓﻘﺎل رﺟﻞ‪ :‬أﻧ ﺎ وﻟ ﻢ أُرد‬
‫ﺑﮭ ﺎ إﻻ اﻟﺨﯿ ﺮ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ ﻋﻠﻤ ﺖُ أن ﺑﻌ ﻀﻜﻢ ﺧﺎَﻟﺠَﻨﯿﮭ ﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺜًﺎ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬إﻧ ﻲ أﻗ ﻮل ﻣ ﺎﻟﻲ أُﻧ ﺎزَع اﻟﻘ ﺮآن؟ ﻓ ﺎﻧﺘﮭﻰ اﻟﻨ ﺎس ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮاءة ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺠﮭﺮ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﺳﻤﻌﻮا ذﻟﻚ ﻣﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ .«r‬وروى‬
‫أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺪﺧﻞ رﺟ ٌﻞ ﻓﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺮ ﱠد رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ارﺟ ﻊ ﻓ ﺼ ﱢﻞ ﻓﺈﻧ ﻚ ﻟ ﻢ ُﺗ ﺼﻞﱢ‪ ،‬ﻓﺮﺟ ﻊ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﺼﻠﻰ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺻﻠﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ : r‬وﻋﻠﯿ ﻚ اﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺴﻦُ‬‫ﺣ ِ‬
‫ارﺟﻊ ﻓﺼ ﱢﻞ ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺼﻞﱢ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﺛﻼث ﻣﺮات ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺟﻞ‪ :‬واﻟﺬي ﺑﻌﺜﻚ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻣﺎ أُ ْ‬
‫ﺖ إﻟﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻜ ﱢﺒ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻗ ﺮأ ﻣ ﺎ ﺗﯿ ﺴﱠﺮ ﻣﻌ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﺛ ﻢ ارﻛ ﻊ‬
‫ﻏﯿﺮَ ھﺬا‪ ،‬ﻋﻠﱢﻤﻨﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إذا ﻗﻤ َ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ راﻛﻌﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓﻊ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺘﺪل ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺠُﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓﻊ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ‬
‫ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻚ ﻛﻠﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول إن ﻛﻠﻤﺔ ﺧﺪاج ﺗﻌﻨ ﻲ ﻧﺎﻗ ﺼﺔ ﻏﯿ ﺮ ﺗﺎﻣ ﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟ ﺼﻼة ﻧﺎﻗ ﺼﺔ‪،‬‬
‫وﻛﻮﻧﮭﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أﻧﮭ ﺎ ﺑﺎﻃﻠ ﺔ ‪ ،‬ﻷن اﻟﺒﺎﻃ ﻞ ﻻ ﯾﻮﺻ ﻒ ﺑ ﺎﻟﻨﻘﺺ‪ ،‬وﻗ ﺎﻟﻮا ﻋ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫واﻟﺜﺎﻟﺚ إن ﻛﻮن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﺧﻠﻔﮫ ‪ -‬واﻟﻘﺮاءة ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﻣﺎ ﺗﯿ ﺴﱠـﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ‪ -‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬واﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻟﯿﻜ ﻮن ﻟ ﻮﻻ‬
‫أﻧﮭﺎ ﻏﯿﺮ واﺟﺒﺔ‪ ،‬وإذن ﻓﺈن ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻏﯿﺮ واﺟﺒﺔ‪ .‬وﻗﺎﻟﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ‪ -‬وھ ﻮ‬
‫اﻟﻤﺸﮭﻮر ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺑﺄﻧﮫ ﺣﺪﯾﺚُ اﻟﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ ‪ -‬إﻧﮫ ﯾﺪل ﺑ ﺸﻜﻞ واﺿ ﺢ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻻ ﺗﺠ ﺐ‪،‬‬
‫ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮫ »ﺛﻢ اﻗﺮأ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﱠﺮ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن«‪ .‬ﻓﺄﯾﺔ آﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺗﺠﺰئ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬
‫وﺟﻮاﺑﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﮭﺎﺗﮭﻢ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫ﻼ إن ﻛﺎﻧ ﺖ ﺷ ﺮوﻃﮫ ﻧﺎﻗ ﺼﺔ‬‫أوﻻً‪ :‬أ ‪ -‬ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧُﺴﻠﱢﻢ ﺑﺄن اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌَﻘﺪ ﻣ ﺜ ً‬
‫ﻼ ﻛﺄﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻨﻌﻘﺪ‪ ،‬واﻟﺤﺞ إن ﻧﻘﺺ اﻟﻮﻗ ﻮف ﺑﻌﺮﻓ ﺔ ﺻ ﺎر ﺑ ﺎﻃﻼً‪ ،‬واﻟ ﺼﻮم إن‬‫ﻧﻘﺼﺎً ﻣﻌﯿﻨﺎً ﯾﺼﺒﺢ ﺑﺎﻃ ً‬
‫ﻧﻘﺺ اﻟﻨﯿﺔ ﺑﻄﻞ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﻼة إن ﻧﻘﺼﺖ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﺑﻄﻠﺖ‪ ،‬ﻓﯿﻘﺎل ﻟﻔﺎﻋﻠﮭﺎ ﻧﻘﺼﺖ ﺻﻼﺗﻚ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﺎل ﻟﻠﺤ ﺎج‬

‫‪346‬‬
‫ﻧﻘﺺ ﺣﺠﻚ وھﻜﺬا‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﻨﻘﺺ ﻣﺆدﯾًﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻄﻼن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﻘﺺ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺪ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟ ﺒﻄﻼن ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﻗ ﺪ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟ ﺼﺤﺔ ﻏﯿ ﺮ اﻟﻜﺎﻣﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﻮز اﻋﺘﺒ ﺎر اﻟ ﻨﻘﺺ ذا ﻣﻌﻨ ﻰ واﺣ ﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ ﺑ ﻞ إن ﻟ ﮫ ﻣﻌﻨﯿ ﯿﻦ‬
‫اﺛﻨﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺎر إﻟﻰ اﻟﺘﺮﺟﯿﺢ إﻻ ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺄﯾﻦ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھﻨﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﻘﺺ ﻻ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺒﻄﻼن؟‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ﻟ ﻮ ﺳ ﻠﱠﻤﻨﺎ ﺑﻤ ﺎ ﯾ ﺪﱠﻋﻮن ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧ ﺴﺄﻟﮭﻢ‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﯾُﺘ ﱡﻤ ﻮن اﻟ ﻨﻘﺺ وﺑﻤ ﺎذا ﯾُﺘﻤﱡﻮﻧ ﮫ؟ ﻓ ﺈن ﻗ ﺎﻟﻮا ﻧﺘ ﱡﻤ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻧﺺ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﻠﻨﺎ إن ھﺬا ﯾُﺴﻨﺪ رأﯾﻨﺎ‪ ،‬وإن ﻗﺎﻟﻮا ﻧﺘ ﱡﻤ ﮫ ﺑﺂﯾ ﺎت أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﻗﻠﻨ ﺎ‬
‫ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دﻟﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ھﺬا‪.‬‬

‫ج ‪ -‬أﻻ ﺗﺮون إﻟﻰ ﺗﺘﻤﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻛﯿﻒ ﺳﺄل اﻟ ﺴﺎﻣﻌﻮن أﺑ ﺎ ھﺮﯾ ﺮة‪ ،‬وﺑﻤ ﺎذا أﺟ ﺎﺑﮭﻢ؟ أﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ‬
‫ﺑﻘﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﮭﻢ؟ أﻻ ﯾﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻨﮭﺎ ﺳﻮاھﺎ؟‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯿ ﺎً‪ :‬إﻧ ﺎ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻻ ﻧ ﺴﻠﻢ ﺑ ﺪﻋﻮاھﻢ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻧﮭ ﺎھﻢ ﻋ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻛﺎن ﻋﻦ اﻗﺘﺮان ﻗﺮاءﺗﮭﻢ ﺑﻘﺮاءﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﮭﻲ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻋ ﻦ أن‬
‫ﯾﻘ ﺮأوا اﻟﻔﺎﺗﺤ ـﺔ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﻗﺮاءﺗ ﮫ ھ ﻮ ﻟﻠﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻨﮭ ﻲ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺖ أن ﺑﻌ ﻀﻜﻢ ﺧﺎﻟﺠﻨﯿﮭ ﺎ« وﻗﻮﻟ ﮫ »ﻣ ﺎﻟﻲ أُﻧ ﺎزَع اﻟﻘ ﺮآن« واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬ ‫واﻟﺴﻼم » ﻗﺪ ﻋﻠﻤ ُ‬
‫ﻧﻘﻮل‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﯾﻨﺎزَع ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﻘﺮآن ﻟﻤﺎ ﻛ ﺎن اﻟﻨﮭ ﻲ وﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻻﻧﺘﮭ ﺎء‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺗﺒ ﯿﻦ ھ ﺬا‬
‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻟﻢ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺑﻘﯿﺖ اﻟﻘﺮاءة ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮭﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺟ ﻮب‪،‬‬
‫وﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﻤﺎ رواه ﻋُﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺻﻼة اﻟﻐﺪاة‪ ،‬ﻓﺜﻘُﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻲ ﻷراﻛ ﻢ ﺗﻘ ﺮأون وراء إﻣ ﺎﻣﻜﻢ‪ ،‬ﻗﻠﻨ ﺎ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ واﷲ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﺎ ﻟﻨﻔﻌﻞ ھﺬا‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻠ ﻮا إﻻ ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﺻ ﻼة ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﺮأ‬
‫ﺑﮭﺎ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻗ ﺎل )ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋُﺒ ﺎدة ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ واﻟﻌﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة‬
‫ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﻋﻨ ﺪ أﻛﺜ ﺮ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ( ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ..‬ﻓ ﻼ‬
‫ن أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ‬
‫ت إﻻ ﺑﺄم اﻟﻘ ﺮآن« ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻻ ﯾﻘ ﺮأ ﱠ‬ ‫ﺗﻘﺮأوا ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن إذا ﺟﮭﺮ ُ‬
‫إذا ﺟﮭﺮتُ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة إﻻ ﺑُﺄ ﱢم اﻟﻘﺮآن«‪ .‬ﻓﻘﺪ دل ھﺬا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻋ ﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﺠ ﺔ واﻟﻤﻘﺎرﻧ ﺔ ‪،‬‬
‫وﺑﻘ ﻲ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وﻟ ﻢ ﯾﻜﺘ ﻒ ﺑﻄﻠﺒﮭ ﺎ ﺑ ﻞ ﻃﻠﺒﮭ ﺎ‬
‫ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﺤﻜﻤﮭﺎ وھﻮ اﻟﻮﺟﻮب اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻣﻌﮫ اﻟﺘﱠﻤﺎم‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﺑﻔﻘﺪه اﻟ ﺒﻄﻼن‪ .‬وﺑ ﺈدراك ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫ﯾﺪرك ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إﻧﻤ ﺎ‬
‫ﺟُﻌ ﻞ اﻹﻣ ﺎم ﻟ ُﯿ ﺆﺗﻢﱠ ﺑ ﮫ ﻓ ﺈذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓﻜ ﱢﺒ ﺮوا وإذا ﻗ ﺮأ ﻓﺄﻧ ﺼﺘﻮا ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫وﺻﺤﺤﮫ ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﮭﻲ ﻣﺤﺼﻮر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺮاءة اﻹﻣﺎم ﻻ ﻏﯿﺮ‪ ،‬وھﻮ ھ ﻮ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻧﻔ ﺴﮫ اﻟ ﺬي أراده‬
‫ن[ا ﻵﯾ ﺔ ‪ 204‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﺣﻤُ ْﻮ َ‬
‫ﺼﺘُﻮا َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ ﺗُ ْﺮ َ‬ ‫اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]وإذَا ُﻗﺮِئ اﻟﻘُﺮْآنُ ﻓَﺎ ْ‬
‫ﺳ َﺘ ِﻤﻌُﻮا َﻟﮫُ َوَأ ْﻧ ِ‬
‫ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻓﺴﺮھﺎ ﺟﻤﮭﺮة اﻟﻤﻔ ﺴﺮﯾﻦ ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﺮاءة‬
‫ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻗﺮاءﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺨﺎﻟﺠﺔ واﻟﻤﻨﺎزﻋﺔ ھﻤﺎ ﻋﻠﺔ اﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺟ ﺎءت ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻘ ﺮأون ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺧﻠﻄ ﺘﻢ ﻋﻠ ﻲﱠ‬
‫ن ھﺬه اﻟﻌﻠﺔ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻟﻘﺮآن « رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﺎﻟﻌﻠﺔ ﻟﻠﻨﮭﻲ إذن ھﻲ ﺧﻠﻂ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم‪ ،‬وﺣﯿﺚ أ ﱠ‬
‫اﻟ ﺼﻼة اﻟ ﺴﺮﯾﺔ ﻓ ﺈنﱠ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ أن ﯾﻘ ﺮأوا اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن ھ ﺬه اﻟﻌﻠ ﺔ ﺗﻨﺘﻔ ﻲ أﯾ ﻀًﺎ‬
‫ن اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﯾﻘﺮأوﻧﮭ ﺎ آﻧ ﺬاك ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺤﻜﻢ ﻣ ﺪاره ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺴﻜﺖ اﻹﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﻟﻌﻠﺔ ﻛﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣﻌﻠ ﻮم‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وﻻ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز ﺗ ﺮك‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﻄﻠﻘًﺎ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜًﺎ ‪ :‬أﻣﺎ ﺑﺨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺒﮭﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ وھ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﺛﻢ اﻗﺮأ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن« ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫‪347‬‬
‫أ‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ )ﻣﺎ ﺗﯿﺴﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن( ﻋﺎم ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺸﻤﻞ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬واﻟﻌ ﺎم ﯾﺒﻘ ﻰ ﻋﺎﻣ ﺎً إﻻ إن‬
‫ورد دﻟﯿ ﻞ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ‪ ،‬وﻗ ﺪ ورد دﻟﯿ ﻞ اﻟﺘﺨ ﺼﯿﺺ ﻟﮭ ﺬا اﻟﻌ ﺎم ﺑ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﻘ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻋﺪﯾﺪة‪ ،‬ﻓﯿﺘﻌﯿﻦ اﻷﺧﺬ ﺑﮭﺎ واﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬وﺣﻤﻞ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺎص‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻧﻔﺴﮫ ﻗﺪ روي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ رﻓﺎﻋ ﺔ ﺑ ﻦ راﻓ ﻊ اﻟﺰرﻗ ﻲ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪...‬‬
‫ﻋ ْﺪ ﺻ ﻼﺗَﻚ ﻓﺈ ﱠﻧ ﻚ ﻟ ﻢ ُﺗ ﺼﻞﱢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻋﻠﻤﻨ ﻲ ﻛﯿ ﻒ أﺻ ﻨﻊ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬إذا اﺳ ﺘﻘﺒﻠﺖ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ‬ ‫َأ ِ‬
‫ﻓﻜﺒﱢﺮ‪ ،‬ﺛﻢ اﻗﺮأ ﺑُﺄمﱢ اﻟﻘﺮآن ﺛﻢ اﻗﺮأ ﺑﻤﺎ ﺷﺌﺖ ‪ «...‬ورواه رﻓﺎﻋﺔ اﺑﻦ راﻓﻊ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪...‬‬
‫ﺛﻢ اﻗﺮأ ﺑُﺄمﱢ اﻟﻘﺮآن ‪ ،‬وﺑﻤﺎ ﺷﺎء اﷲ أن ﺗﻘﺮأ ‪ «...‬رواه أﺑﻮ داود واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪه‪ .‬ﻓﺄﺿﺎف ھﺬان‬
‫اﻟﻨ ﺼﺎن اﻷﻣ ﺮَ ﺑﻘ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ زﯾ ﺎد ًة ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻠ ﻮم أن اﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫ﺚ ﺛﺎن ﺗُﺆﺧﺬ وﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وھﻨﺎ ذُﻛﺮت اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻧ ﺺ ﻣ ﺴﻠﻢ ‪،‬‬ ‫اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚٍ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾ ٍ‬
‫ﻓﺘُﻘﺒﻞ وﯾُﻌﻤﻞ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ رﺧﱠﺺ ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾﺤﺴﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن أن ﯾﺴﺘﻌﯿﺾ ﻋﻨﮫ ﺑ ﺬﻛﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺗﮭﻠﯿﻞ وﺗﺤﻤﯿﺪ وﺗﺴﺒﯿﺢ ‪ ...‬إﻟﺦ ‪ -‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻋﻘ ﺐ ھ ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ ﻣﺒﺎﺷ ﺮة ‪ -‬ﻓﻘ ﺮاءة‬
‫آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻻ ﺷﻚ َأوْﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ واﻟﺘﺴﺒﯿﺢ ‪ ...‬إﻟﺦ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أﺳﻠﻢ ﺷﺨﺺ‬
‫ﺣﺪﯾﺜـ ًﺎ واﺳﺘﻄﺎع أن ﯾﺤﻔﻆ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺤﯿﻦ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻓ ﺈن ﻗﺮاءﺗﮭ ﺎ ﺗ ﺼﺒﺢ واﺟﺒ ﺔ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ ﺣﻔﻈﮭﺎ وﻛﺎن ﯾﺤﻔﻆ آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻏﯿﺮھﺎ ﻗﺮأ ﺑﮭﺎ ﻋﻮﺿ ًﺎ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾُﺤ ﺴﻦ ﻗ ﺮاءة ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﺳ ﺒﱠﺢ اﷲ وھﱠﻠ ﻞ وﻛﱠﺒ ﺮ وھﻜ ﺬا ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌ ﺪول ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﯿ ﺴﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن أو إﻟ ﻰ اﻷذﻛ ﺎر ھ ﻲ رﺧ ﺼ ٌﺔ ﻟﻤ ﻦ ﻻ ﯾﺤﻔﻈﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠ ﻮز ﺗﻌﻤﯿﻤﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺤ ﺎﻻت واﻷﺣ ﻮال‪ .‬وﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮﻧ ﺎ ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ رواﯾ ﺎت ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ وﺟ ﺪﻧﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺗﻔﯿﺪان أن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ ھ ﻲ ﻣ ﻦ ھ ﺬا‬ ‫رواﯾ ًﺔ ﻟﻠﺘﺮﻣﺬي وأﺧﺮى ﻻﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﻘﺒﯿﻞ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻛﻤﺎ ﺑﺪا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺤﺴﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺠﺎءت رواﯾﺎت ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫ ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘ ﺮآن ﻛﺮواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﺟ ﺎءت رواﯾ ﺎت ﺗﻄﻠ ﺐ ﻣﻨ ﮫ ذﻛ ﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ إن ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾﺤ ﺴﻦ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ رﻓﺎﻋ ﺔ ﺑ ﻦ راﻓ ﻊ »‪ ...‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻣﻌ ﻚ ﻗ ﺮآن ﻓ ﺎﻗﺮأ‪،‬‬
‫وإﻻ ﻓﺎﺣﻤﺪ اﷲ وﻛ ﱢﺒﺮْه وھﻠﱢﻠﮫ ﺛﻢ ارﻛﻊ‪ .«...‬وإذن ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ‪ -‬أي ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ ‪ -‬إﻧﻤﺎ‬
‫ﺟﺎء ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﺧﺎﺻًﺎ ﻓ ُﯿﻘْﺼﺮ ﻋﻠﯿﮫ وﻻ ﯾﻌ ﱡﻢ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﯿُﺴﺘﺪل ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻣ ﻦ ﻻ ﯾﺤ ﺴﻦ ﻗ ﺮاءة‬
‫ﺠ ﺔ ﻓﯿ ﮫ ﻟﻤ ﻦ أراد اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬‫ﺣﱠ‬‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬أو ﻣﻦ ﻻ ﯾﺤﺴﻦ ﻗﺮاءة ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓ ﻼ ُ‬
‫وﺟﻮب ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬ﻟﮭ ﺬه اﻟﻨﻘ ﺎط اﻟ ﺜﻼث ﯾﺘﺒ ﯿﻦ أن اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮب ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ھﻮ اﺳ ﺘﺪﻻل ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺤﻠ ﮫ وﻇ ﺎھﺮ اﻟﺨﻄ ﺄ ‪ ،‬ﻓﯿﻨﺒﻐ ﻲ اﻟﻌ ﺪول ﻋﻨ ﮫ‬
‫واﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟﻮب ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد ﻟﻤﺎ ﺑﺪأﻧﺎ ﺑﮫ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬إن ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ واﺟﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌﺔ ﻣﻦ رﻛﻌﺎت اﻟ ﺼﻼة دون‬
‫اﺳﺘﺜﻨﺎء‪ ،‬وإن ﺗﺨﺼﯿﺺ ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﺜﻼﺛﯿﺔ أو اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ ھ ﻮ ﺗﺨ ﺼﯿﺺ‬
‫دون دﻟﯿﻞ ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﺪﻟﯿﻞ ھﻮ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﯾﺬھﺒﻮن إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﻗﺘﺎدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ » r‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﻲ اﻷُوﻟَﯿ ﯿﻦ ﺑ ﺄم اﻟﻜﺘ ﺎب وﺳ ﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ا ُﻷ ْ‬
‫ﺧ ﺮَﯾﯿﻦ ﺑ ﺄم‬
‫ﺴ ِﻤﻌُﻨﺎ اﻵﯾ ﺔ ‪ ،‬وﯾﻄ ﻮﱢل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻄ ﻮﱢل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬و ُﯾ ْ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وھﻜﺬا ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫وﻗﻠﻨﺎ إن ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ واﺟﺒ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻹﻣ ﺎم وﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم وﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟ ﺴﺮﯾﺔ‬
‫وﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ‪ ،‬وﻧ ﻀﯿﻒ ھﻨ ﺎ أن اﻹﻣ ﺎم واﻟﻤ ﺄﻣﻮم واﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﯾﻘ ﺮأون اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﺴﺮﯾﺔ دون إﺷﻜﺎل‪ ،‬وذﻟﻚ واﺿﺢ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ ﻓﺎﻹﻣ ﺎم واﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﯾﻘ ﺮآن اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫دون إﺷﻜﺎل أﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻓﺘﺒﻘﻰ ﻗﺮاءة اﻟﻤﺄﻣﻮم ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻘ ﺮاءة ﻣِ ﻦ ﻗِ َﺒ ﻞ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم ﺳ ﺒﻖ‬
‫ﻲ اﻟﻘ ﺮآن«‪» ،‬ﻣ ﺎ‬ ‫ﻓﯿﮭﺎ ﻧﮭﻲ »وإذا ﻗﺮأ ﻓﺄﻧﺼﺘﻮا«‪» ،‬إﻧﻲ أراﻛﻢ ﺗﻘﺮأون وراء إﻣﺎﻣﻜﻢ«‪» ،‬ﺧﻠﻄ ﺘﻢ ﻋﻠ ﱠ‬

‫‪348‬‬
‫ﻞ ھﺬا ‪ ،‬وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻋﺎم‪ ،‬وﺟ ﺎء اﺳ ﺘﺜﻨﺎ ٌء ﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﻋُﺒ ﺎدة »ﻓ ﻼ ﺗﻔﻌﻠ ﻮا إﻻ‬‫ﻟﻲ أُﻧﺎزعُ اﻟﻘﺮآن«‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻛ ﱡ‬
‫ن أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ إذا‬
‫ت إﻻ ﺑ ُﺄ ﱢم اﻟﻘ ﺮآن«‪» ،‬ﻻ ﯾﻘ ﺮأ ﱠ‬
‫ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن«‪» ،‬ﻓﻼ ﺗﻘﺮأوا ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن إذا ﺟﮭ ﺮ ُ‬
‫ت ﺑﺎﻟﻘﺮاءة إﻻ ﺑُﺄ ﱢم اﻟﻘﺮآن«‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺮواﯾﺎﺗﮫ ھﻮ اﻵﺧﺮ‪.‬‬ ‫ﺟﮭﺮ ُ‬

‫وإذن ﻓﺈن اﻟﻤ ﺄﻣﻮم ﻻ ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ ﺳ ﻮى اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ وﯾﺘ ﺮك ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ‬

‫آﯾﺎت اﻟﻘ ﺮآن واﻟ ﺴﻮر ‪ ،‬ﻷن اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ وﺣ ﺪھﺎ ﻣ ﺴﺘﺜﻨﺎة ﻣ ﻦ اﻟﻨﮭ ﻲ وﯾﺒﻘ ﻰ اﻟﻨﮭ ﻲ ﺷ ﺎﻣﻼً ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن‪.‬‬

‫ن ﻗ ﺮاءة اﻹﻣ ﺎم ﻗ ﺮاءةٌ ﻟﻠﻤ ﺄﻣﻮم‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺚ اﻟﺘﻲ ﯾ ﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ أ ﱠ‬

‫أﻣﺎ اﻷﺣﺎدﯾ ُ‬
‫اﻟﻤﺄﻣﻮم أن ﯾﻘﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺷﺪﱠاد ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪» r‬ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ إﻣﺎمٌ ﻓﻘﺮاءةُ اﻹﻣﺎم ﻟﮫ ﻗﺮاءة« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺗﻜﻔﯿ ﻚ ﻗ ﺮاء ُة اﻹﻣ ﺎم ﺧﺎﻓَ َ‬
‫ﺖ أو ﺟﮭ َﺮ« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬ﻓ ﺈنﱠ ھ ﺬه‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ ﺿﻌﯿﻔﺔٌ‪ ،‬ﺿﻌﱠﻔﮭﺎ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻧﻔﺴُﮫ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺿﻌﱠﻔﮭﺎ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌ ﺴﻘﻼﻧﻲﱡ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺎﻓﻆ‬
‫ﺢ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫اﻟﺮﱠازي ‪ -‬وﻗﺪ ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ »ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ إﻣﺎمٌ ﻓﻘﺮاء ُة اﻹﻣﺎم ﻟﮫ ﻗﺮاء ٌة«‪ :‬ﻟﻢ ﯾ ﺼ ﱠ‬
‫ﻓﯿﮫ ﺷﺊ‪ ،‬إﻧﻤﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻣﺸﺎﯾﺨﻨﺎ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺮواﯾﺎت ﻋﻦ ﻋﻠﻲ واﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﯾُﻠﺘﻔﺖُ ﻟﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺘﻰ ﯾﻘﺮأ اﻟﻤﺄﻣﻮم اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﺮأُھﺎ ﻓﻲ ﺳَﻜْﺘﺔ اﻹﻣﺎم ﻋﻘﺐ ﻓﺮاﻏﮫ ﻣﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗ ﺮاءة اﻟ ﺴﻮرة ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻓﯿﺤﻘ ﻖ واﺟ ﺐ اﻟﻘ ﺮاءة واﻻﺳ ﺘﻤﺎع ﻟﻘ ﺮاءة اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻓ ﺈن ﻋﻠ ﻰ اﻹﻣ ﺎم أن‬
‫ﺳ ﻤُﺮة‬
‫ﯾﺴﻜﺖ ﻓﺘﺮة ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻘﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻓﺮاﻏﮫ ﻣﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﻗﺮاءة اﻟﺴﻮرة ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ َ‬
‫ﺟﻨْﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﺻ ﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ ﺳ ﻜﺖ ﺳ ﻜﺘﺘﯿﻦ إذا اﻓﺘ ﺘﺢ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬ ‫ﺑﻦ ُ‬
‫وإذا ﻗﺎل وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﺳﻜﺖ أﯾﻀ ًﺎ ُھ َﻨ ﱠﯿﺔً« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺣﻔ ﻆ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺳﻜﺘﺘﯿﻦ‪ :‬ﺳﻜﺘﺔ إذا ﻛﺒﱠﺮ‪ ،‬وﺳﻜﺘﺔ إذا ﻓﺮغ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐ ﻀﻮب ﻋﻠ ﯿﮭﻢ وﻻ اﻟ ﻀﺎﻟﯿﻦ«‪ .‬ﻓ ﺈن‬
‫ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﻜﺖ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬أو ﻛ ﺎن ﺳ ﻜﻮﺗﮫ أﻗ ﺼﺮ ﻣﻤ ﺎ ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟﯿ ﮫ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓ ﻼ ﯾ ﺪع اﻟﻤ ﺄﻣﻮم ﻗ ﺮاءة‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻘﺮأھﺎ واﻹﻣﺎم ﯾﻘﺮأ اﻟﺴﻮرة وﻻ ﺣ ﺮج ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺤ ﺮص اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺮاءة‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬وﻟْﯿﺤﺬر ﻣﻦ ﺗﺮﻛﮭﺎ ﻓﻲ أﯾﺔ رﻛﻌﺔ ﻣﻦ رﻛﻌﺎت ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻷنﱠ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﮭﺎ ﻋﻤﺪًا أو ﺳﮭﻮًا ﻓﻲ أﯾﺔ‬
‫رﻛﻌﺔ ﺑﻄﻠﺖ ﺻﻼﺗﮫ ووﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻌﯿﺪ ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﺒﺮھﺎ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﱠﮭﻮ‪.‬‬

‫ﺻﻼةُ ﻣَﻦ ﻻ ﯾُﺤﺴﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‬

‫ن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﻘﺮأھﺎ ﻓﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻗﻠﻨﺎ إنﱠ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻻ ﺗﺠﺰئ ﺻﻼ ٌة ﺑﺪوﻧﮭﺎ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫رﻛﻌﺎت ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺷﺨﺺ ﻻ ﯾﻌﺮف اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﻻ ﯾﺤﻔﻈﮭﺎ وﻋﺎﺟﻠﺘﮫ اﻟﺼﻼة‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺘﻌﻠﻤﮭﺎ ﻓﯿﻤﻜﻨﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﺤﻔﻈﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﺈن ﻛ ﺎن ﻻ‬
‫ﯾﺤﻔﻆ ﻣﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﺷ ﯿﺌًﺎ اﺳ ﺘﻌﺎض ﻋﻨ ﮫ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل ]ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤ ﺪُ ﷲ وﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒ ﺮ وﻻ‬
‫ﺣ ﻮلَ وﻻ ﻗ ﻮةَ إﻻ ﺑ ﺎﷲ[ ﻓ ﺈن اﺳﺘﻌ ﺼﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺣﻔﻈُ ﮫ ﻛﻠ ﮫ أﻣﻜﻨ ﮫ ﺣﻔ ﻆ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟ ﺬﻛﺮ وﺗﻜ ﻮن‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى رﻓﺎﻋﺔ ﺑﻦ راﻓﻊ ‪ -‬ﻓﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ ‪ -‬أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎل »‪...‬‬
‫ﺖ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻛﻤﺎ أﻣﺮك اﷲ ﺛﻢ ﺗﺸﮭﱠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺄَﻗﻢ ﺛ ﻢ ﻛﺒﱢ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻣﻌ ﻚ ﻗ ﺮآن ﻓ ﺎﻗﺮأ ﺑ ﮫ‬ ‫إذا ﻗﻤ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑ ﺎﺧﺘﻼف ﯾ ﺴﯿﺮ ﻓ ﻲ‬ ‫وإﻻ ﻓﺎﺣﻤﺪ اﷲ وﻛﺒﱢﺮه وھﻠﱢﻠْﮫ ﺛﻢ ارﻛﻊ ‪ .«...‬رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻻ ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬وإﻻ ﺣﻤِﺪ اﷲ وﻛﺒﱠﺮه وھﱠﻠَﻠ ﮫ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬ ‫اﻟﻠﻔﻆ‪ .‬ﻓﻔﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أﻣﺮه اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أن ﯾﻘﺮأ أو ً‬
‫اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ أوﻓﻰ ﻗﺎل »ﺟﺎء رﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻋﻠﱢﻤﻨﻲ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﯾُﺠﺰﺋﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‬
‫ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أﻗﺮأ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻗﻞ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ وﻻ ﺣ ﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ ﺑ ﺎﷲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وﻟﻔﻈ ﮫ »ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ ﻻ أﺳ ﺘﻄﯿﻊ‬ ‫‪ «..‬رواه اﺑﻦ ُ‬

‫‪349‬‬
‫ﺠ ِﺰﺋُﻨ ﻲ‪ .«...‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ زﯾ ﺎدة ﻓ ﻲ اﻟ ﺬﻛﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫أﺧﺬ ﺷﺊ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻌﻠﱢﻤﻨﻲ ﻣﺎ ُﯾ ْ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﺮأ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﺎ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﺣﻔﻈ ﮫ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﻟﯿﻌﺠ ﻞ ﻓ ﻲ ﺣﻔ ﻆ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺘﺄﻣﯿﻦُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﻦ ﻋﻘ ﺐ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺳ ﻮاء ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻺﻣﺎم وﻟﻠﻤﺄﻣﻮم وﻟﻠﻤﻨﻔﺮد اﻟﺘ ﺄﻣﯿ ُ‬
‫ﺳﺮﯾﺔ أو ﺟﮭﺮﯾﺔ‪ ،‬وإﻻ ﻓﻮﱠت ﻋﻠﯿﮫ ﺧﯿ ﺮًا ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓ ﻲ ﻓ ﻀﻞ اﻟﺘ ﺄﻣﯿﻦ ﻣ ﺎ رواه أﺑ ﻮ زھﯿ ﺮ ﻗ ﺎل‬
‫ﺢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‪،‬‬ ‫»أُﺧﺒ ﺮﻛﻢ ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺧﺮﺟﻨ ﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺗﯿﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ رﺟ ﻞ ﻗ ﺪ أﻟ ﱠ‬
‫ﺧ َﺘﻢَ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻮم‪ :‬ﺑ ﺄي ﺷ ﺊ‬ ‫ن َ‬‫ﺐإ ْ‬‫ﺟ َ‬‫ﻓﻮﻗ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺘﻤﻊ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪َ :r‬أ ْو َ‬
‫ﯾَﺨ ﺘِﻢ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑ ﺂﻣﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ إن ﺧ ﺘﻢ ﺑ ﺂﻣﯿﻦ ﻓﻘ ﺪ أوﺟ ﺐ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ إن ﺧ ﺘﻢ ﺑ ﺂﻣﯿﻦ ﻓﻘ ﺪ‬
‫أوﺟﺐ‪ :‬أي إن ﻗﺎل آﻣﯿﻦ ﻋﻘﺐ ﻓﺮاﻏﮫ ﻣﻦ دﻋﺎﺋﮫ ﻓﻘﺪ ﻧﺎل اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وھﺬا وإن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺼﻠﺢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻷﻧ ﮫ ﻣﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬واﻟ ﺪﻋﺎء‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﻼة ﯾﻜ ﻮن ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻓﯿُﻨ ﺪب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ ﻋﻘ ﺐ ﻓﺮاﻏ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ـﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺧﺎرﺟﮭﺎ أن ﯾﻘﻮل آﻣﯿﻦ‪ ،‬وآﻣ ﯿﻦ ﻛﻠﻤ ﺔ ﺗﻌﻨ ﻲ اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﺘﺠﺐ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ ﺣﺴﺪﺗﻜﻢ اﻟﯿﮭﻮد ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻣﺎ ﺣﺴﺪﺗﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼم واﻟﺘﺄﻣﯿﻦ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺴﺮﱢ ُﯾ ﺆﻣﱢﻦ ﺳ ﺮاً‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬واﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﯾﺘﺒﻊ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺮ واﻟﺴﱢـﺮﱢ‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﺠﮭﺮ ﯾُﺆﻣﱢﻦ ﺟﮭﺮاً‪ ،‬وﻓﻲ اﻟ ﱢ‬
‫ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﻨﻔﺮد واﻟﻤﺄﻣﻮم‪ ،‬ﻓﺈذا ﺟﮭﺮ اﻹﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﺟﮭﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺠﮭﺮ اﻟﻤﺄﻣﻮم ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﯿﻦ‬
‫‪ ،‬وإذا أﺳ ﱠﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺮاءة أﺳ ﱠﺮ اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻓﺄﺳﺮﱠ اﻟﻤﺄﻣﻮم اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ‪ .‬وﺣﺎل اﻟﻤﻨﻔﺮد ﻛﺤ ﺎل اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ﺣُﺠﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻗﺮأ وﻻ اﻟﻀﱠﺎﻟﱢﯿﻦ ﻗ ﺎل آﻣ ﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫ﺑﮭﺎ ﺻﻮﺗﮫ« رواه اﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻓﻘﺎل آﻣﯿﻦ ﯾﻤ ﱡﺪ ﺑﮭ ﺎ ﺻ ﻮﺗﮫ«‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ واﺋﻞ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛﺒﱠ ﺮ رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ أﺳ ﻔﻞ ﻣِ ﻦ أذﻧﯿ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮأ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻗﺎل آﻣ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ وأﻧ ﺎ ﺧﻠﻔ ﮫ ‪ .«...‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ أﺑ ﻲ‬
‫ﺣﺠْﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »إﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺠﮭﺮ ﺑ ﺂﻣﯿﻦ‪ ،‬وﺳ ﻠﱠﻢ‬ ‫داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ‪ ،‬ﺣﺘﻰ رأﯾﺖ ﺑﯿﺎض ﺧﺪه«‪ .‬ﻓﮭﺬه ﻧﺼﻮص داﱠﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺘ ﺄﻣﯿﻦ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن اﻹﻣﺎم ﯾﺠﮭﺮ ﺑﮫ ﻟﯿﺴﻤﻌﮫ ﻣَﻦ ﺧﻠﻔﮫ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻓﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ اﻟﻤﻘﺎرﻧ ﺔ ﺑ ﯿﻦ ﺗ ﺄﻣﯿﻦ اﻹﻣ ﺎم وﺗ ﺄﻣﯿﻦ‬

‫اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎل اﻹﻣﺎم وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻗﺎل ھﻮ آﻣﯿﻦ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻮن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ أﻣﯿﻦ‪ ،‬دون‬
‫أن ﯾﻨﺘﻈ ﺮوه ﺣﺘ ﻰ ﯾﻔ ﺮغ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وإﻻ ﻓﺎﺗ ﺖ اﻟﺠﻤﯿ ﻊ ﻓ ﻀﯿﻠﺔ اﻟﻤﻘﺎرﻧ ﺔ‪ .‬وﺣﺘ ﻰ ﻻ ﺗﻔ ﻮﺗﮭﻢ اﻟﻤﻘﺎرﻧ ﺔ ﯾﻤ ﺪﱠ‬
‫اﻹﻣﺎم اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ وﻻ ﯾﺤﺬﻓﮫ ﺣﺬﻓًﺎ ﻓﯿﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻣﻊ ﺗﺄﻣﯿﻦ إﻣﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ أن‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻤ ﱡﺪ ﺑﮭﺎ ﺻﻮﺗﮫ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻘﺪ وردت ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺪة أﺣﺎدﯾﺚ ﻧُﻮرد ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻨﮭﺎ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﻣﱠﻦ اﻟﻘﺎرئ ﻓﺄﻣﱢﻨﻮا ﻓﺈن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗُﺆﻣﱢﻦ‪ ،‬ﻓﻤﻦ واﻓ ﻖ ﺗﺄﻣﯿﻨ ﮫ ﺗ ﺄﻣﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻏﻔ ﺮ اﷲ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪم ﻣ ﻦ ذﻧﺒ ﮫ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗﺎل اﻹﻣﺎم ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻐﻀﻮب ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻓﻘﻮﻟﻮا آﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﻘﻮل‬
‫آﻣﯿﻦ‪ ،‬وإن اﻹﻣﺎم ﯾﻘﻮل آﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻤﻦ واﻓﻖ ﺗﺄﻣﯿﻨﮫ ﺗﺄﻣﯿﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻏُﻔﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪم ﻣ ﻦ ذﻧﺒ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻓﺈن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﯾﻘﻮﻟﻮن« ورواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪه ﺑﺪون »ﻓﺈن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‬
‫ﺗﻘ ﻮل آﻣ ﯿﻦ‪ ،‬وإن اﻹﻣ ﺎم ﯾﻘ ﻮل آﻣ ﯿﻦ« ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﺗﺒ ﺎدروا‬

‫‪350‬‬
‫اﻹﻣﺎم‪ ،‬إذا ﻛﺒﱠﺮ ﻓﻜﺒﱢﺮوا‪ ،‬وإذا ﻗﺎل وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻓﻘﻮﻟﻮا آﻣﯿﻦ ‪ «...‬وﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻣ ﻦ‬ ‫أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا أﻣﱠﻦ اﻹﻣﺎم ﻓﺄﻣﱢﻨﻮا‪ ،‬ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻣَﻦ واﻓﻖ ﺗﺄﻣﯿﻨُﮫ ﺗﺄﻣﯿ َ‬
‫ذﻧﺒ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ إذا أ ﱠﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺎرئ‪ ،‬وإذا أ ﱠﻣ ﻦ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ُﯾ ﺆﻣﱢﻦ ‪ ،‬أو ﺣ ﯿﻦ ُﯾ ﺆﻣﱢﻦ‪ .‬وﻟ ﯿﺲ ﻣﻌﻨ ﺎه إذا أﺗ ﱠﻢ اﻟﺘ ﺄﻣﯿﻦ‪ ،‬أو ﺑﻌ ﺪ أن ُﯾ ﺆﻣﱢﻦ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﻓﺴﺮه آﺧﺮون‪ .‬وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻮاﻓﻖ ﺗﺄﻣﯿﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻣﻊ ﺗﺄﻣﯿﻦ إﻣﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬وﯾﻘﻮى اﻻﺣﺘﻤﺎل ﺑﺎﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻣ ﻊ‬
‫ﺗﺄﻣﯿﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ »إذا ﻗ ﺎل اﻹﻣ ﺎم ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﻐ ﻀﻮب ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ إﺗﻤﺎﻣ ﮫ‪،‬‬‫وﻻ اﻟﻀﺎﻟﯿﻦ ﻓﻘﻮﻟﻮا آﻣﯿﻦ« ﻓﻠﻢ ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ھﻨ ﺎ اﻧﺘﻈ ﺎر ﺗ ﺄﻣﯿﻦ اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻀ ً‬
‫وھﺬا ﻣﻌﻨﺎه أن ﯾﺒﺎدر اﻹﻣﺎم ﻛﻤﺎ ﯾﺒﺎدر اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻋﻘ ﺐ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻗﺮاءةُ ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻘﺮأ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻘﺐ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‬
‫وﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬إﻣﺎﻣًﺎ ﻛﺎن أو ﻣﻨﻔﺮداً ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺴﺮﯾﺔ وﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم‬
‫ﻓﯿُﻨﺪب ﻟﮫ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺴﺮﯾﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣﺮﱠ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮوي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ وﻧ ﺼﮫ ھ ﻮ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷُوﻟَﯿﯿﻦ ﺑﺄُم اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﺑﺄم اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬و ُﯾ ﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وﯾﻄ ﻮﱢل ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻄ ﻮﱢل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ أَﺛﺒﺖ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺮاءة ﺳﻮرة ﻣﻦ ﺳ ﻮر اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﻓ ﻲ‬
‫ﻛﻞ رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿﯿﻦ إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻘﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ ﻛﻞﱟ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ‪ ،‬وﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪.‬‬

‫وﻟﯿﺲ ﻟﻘﺮاءة ﻣﺎ ﺗﯿ ﺴﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﻣﻘ ﺪار ﻣﻌﻠ ﻮم ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺴﻨﺔ ﺗﺤ ﺼﻞ ﺑﻘ ﺮاءة أي ﻗ ﺪر ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻘ ﺮاءة آﯾ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬وﺑﻘ ﺮاءة آﯾﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﺑﻘ ﺮاءة ﺛ ﻼث آﯾ ﺎت‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺗﺤ ﺼﻞ ﺑﻘ ﺮاءة‬
‫ﺳﻮرة ﻗﺼﯿﺮة ﻣﺜﻞ ﺳﻮرة ]ﻗﻞ ﯾﺎ آﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون[ ﻓﻘﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺳ ﻤﺎن؟ ﻗﻠﻨ ﺎ ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫ت ﻋِﻈ ﺎ ٍم ِ‬ ‫ﺧﻠِﻔ ﺎ ٍ‬ ‫ﻗﺎل » أﯾﺤﺐ أﺣ ﺪﻛﻢ إذا رﺟ ﻊ إﻟ ﻰ أھﻠ ﮫ أن ﯾﺠ ﺪ ﻓﯿ ﮫ ﺛ ﻼث َ‬
‫ن« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻓ ﺜﻼثُ آﯾ ﺎت ﯾﻘ ﺮأ ﺑﮭ ﻦ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ ﺛ ﻼث ﺧَﻠِ َﻔ ﺎتٍ ﻋﻈ ﺎمٍ ﺳ ﻤﺎ ٍ‬
‫ﺨﻠِﻔﺎت‪ :‬ھﻲ اﻟﺤﻮاﻣﻞ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ‪ .‬ﻓﮭﻨﺎ ذُﻛﺮت ﺛﻼث آﯾﺎت‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫واﻟ َ‬
‫ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺑـ ﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ﻓﮭﻨ ـﺎ ذُﻛ ﺮت‬ ‫أﺣﺪ‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺸﺎء اﻵﺧ ﺮة ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﺠﻤﻌ ﺔِ اﻟﺠﻤﻌ ﺔَ واﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﻜﺎﻓﺮون وﺳﻮرة ﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣﺪ‪ ،‬وھﻤﺎ ﻣ ﻦ أﻗ ﺼﺮ ﺳ ﻮر اﻟﻘ ﺮآن‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ن ُﺗ َﻌ ﱢﺬ ْﺑ ُﮭ ْﻢ ﻓ ﺈ ﱠﻧ ُﮭ ْﻢ‬‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠـﺔً ‪ ،‬ﻓﻘﺮأ ﺑﺂﯾﺔ ﺣﺘ ﻰ أﺻ ﺒﺢ ﯾﺮﻛ ﻊ وﯾ ﺴﺠﺪ ﺑﮭ ﺎ ]إ ْ‬
‫ﺤ ِﻜ ْﯿﻢُ[« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫ﺖ اﻟ َﻌ ِﺰ ْﯾﺰُ اﻟ َ‬
‫ﻚ َأ ْﻧ َ‬‫ن َﺗ ْﻐ ِﻔ ْﺮ َﻟﮭُ ْﻢ ﻓَﺈﻧﱠ َ‬
‫ك وإ ْ‬
‫ﻋﺒَﺎدُ َ‬
‫ِ‬
‫»أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ] ُﻗﻮُْﻟﻮْا آ َﻣﻨﱠﺎ ﺑِﺎﷲِ وﻣَﺎ ُأﻧْ ِﺰ َل إﻟ ْﯿ َﻨ ﺎ و َﻣ ﺎ ُأﻧْ ِﺰلَ إﻟ ﻰ‬
‫ﺳﻮَا ٍء َﺑ ْﯿ َﻨﻨَﺎ و َﺑ ْﯿ َﻨﻜُ ْﻢ[‬ ‫إ ْﺑﺮَا ِھ ْﯿ َﻢ ‪ [...‬إﻟﻰ آﺧﺮ اﻵﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻷﺧﺮى ] ﻗُ ْﻞ ﯾَﺎ َأ ْھ َﻞ اﻟ ِﻜﺘَﺎ ِ‬
‫ب َﺗﻌَﺎ َﻟﻮْا إﻟﻰ َﻛ ِﻠ َﻤ ٍﺔ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ دل ھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪r‬‬ ‫ﺴ ِﻠﻤُﻮَن[« رواه اﺑ ﻦ ُ‬ ‫ﺷ َﮭﺪُوا ِﺑ َﺄﻧﱠﺎ ﻣُ ْ‬ ‫إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ ] ا ْ‬
‫ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ آﯾ ًﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ‪ .‬ﻓﺎﻷﻣﺮ إذن ﻣﻮﺳﱠﻊ‪ ،‬ﯾﺒﺪأ ﺑﻘﺮاءة آﯾ ﺔ واﺣ ﺪة وﯾﻨﺘﮭ ﻲ‬
‫ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﯾﻄﯿﻖ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻗﺮاءﺗﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﯾﻘﺮأ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻵﯾﺎت اﻟﻜﺜﯿﺮة‪ ،‬وﻗﺪ ﯾﻘﺮأ ﺳ ﻮرة ﻗ ﺼﯿﺮة‬
‫واﺣ ﺪة‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾﻘ ﺮأ اﻟ ﺴﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﯾﻘ ﺮأ اﻟ ﺴﻮر اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ واﻟﻘ ﺼﯿﺮة‪ ،‬ﯾﺨﺘ ﺎر ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء‬
‫ﺑﺤ ﺴﺐ ﻗﺪرﺗ ﮫ وﺳ ﻌﺔ وﻗﺘ ﮫ ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ ﻓ ﻲ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ‪ .‬ﻗ ﺎل ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »إﻧ ﻲ‬
‫ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ رﻛﻌ ﺔ ﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺳ ﻮرة ﻓ ﻲ ﻋ ﺸﺮ‬ ‫ف اﻟﻨﻈ ﺎﺋﺮ اﻟﺘ ﻲ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﺑﮭ ﱠ‬ ‫ﻷَﻋ ﺮ ُ‬

‫‪351‬‬
‫رﻛﻌ ﺎت« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﯾﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈ ﺎﺋﺮ اﻟ ﺴﻮر اﻟﻤﺘ ﺸﺎﺑﮭﺔ ﻓ ﻲ ﻣ ﺎ ﺗﺤﺘﻮﯾ ﮫ ﻣ ﻦ ﻣ ﻮاﻋﻆ أو أواﻣ ﺮ أو‬
‫ﻋﻘﺎﺋﺪ وھﻜﺬا‪ ،‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺷ ﻘﯿﻖ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗﻠ ﺖ ﻟﻌﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »ھ ﻞ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻮر ﻓﻲ رﻛﻌﺔ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬واﻟﻤُﻔﺼﱠﻞ‪ :‬ھﻮ اﻟﺴﱡﺒﻊ اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘ ﺮآن‬
‫ﺢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺣُﺬﯾﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ‬ ‫اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﺒﺪأ ﺑ ﺴﻮرة اﻟﺤﺠ ﺮات ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻷﺻ ﱢ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻓﺘﺘﺢ اﻟﺒﻘﺮة ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺮﻛ ُﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﺋﺔ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﻀﻰ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﺎ ﻓ ﻲ رﻛﻌ ﺔ‬
‫ﺳ ﻼً‪ ،‬إذا‬‫ﻓﻤﻀﻰ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺮﻛﻊ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻘﺮأھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ آل ﻋﻤﺮان ﻓﻘﺮأھ ﺎ‪ ،‬ﯾﻘ ﺮأ ﻣﺘﺮ ﱢ‬
‫ﺢ ﺳﺒﱠﺢ‪ ،‬وإذا ﻣ ﱠﺮ ﺑﺴﺆال ﺳﺄل وإذا ﻣ ﱠﺮ ﺑﺘﻌﻮﱡذ ﺗﻌﻮﱠذ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﻓﺠﻌﻞ ﯾﻘﻮل ﺳ ﺒﺤﺎن‬ ‫ﻣ ﱠﺮ ﺑﺂﯾ ٍﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺴﺒﯿ ٌ‬
‫رﺑﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺎن رﻛﻮﻋﮫ ﻧﺤﻮاً ﻣﻦ ﻗﯿﺎﻣﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻃ ﻮﯾﻼً ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻤ ﺎ‬
‫رﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﺳﺠﻮده ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ ﻗﯿﺎﻣ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫أدﻟﺔ ‪ ،‬اﻷول ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة ﺳﻮرﺗﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻏﯿﺮ ﻣﺤ ﱠﺪ ٍد‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﻮر اﻟﻘﺼﯿﺮة ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬واﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺮاءة أﻃ ﻮل ﺛ ﻼث ﺳ ﻮر ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﻮﺳﱠﻊ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ‪.‬‬

‫وﺗُﺴﺘﺤﺐ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣـﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ واﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﻣ ﱠﺮ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻷُوﻟﯿﯿﻦ ﺑُﺄ ﱢم اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرﺗﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷﺧﺮﯾﯿﻦ ﺑﺄُم اﻟﻜﺘﺎب« إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل »وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ«‪ .‬وإذن‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﻓﺈﻧﮭﺎ ُ‬
‫أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻗﺎل ﻋﻤﺮ ﻟﺴﻌﺪ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﺷ ﻜَﻮْك ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﺣﺘ ﻰ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬أﻣ ﺎ أﻧ ﺎ ﻓﺄﻣ ﱡﺪ ﻓ ﻲ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ‬
‫ﻦ ﺑﻚ‬ ‫ﺖ ذﻟ ﻚ اﻟﻈ ﱡ‬‫ﺖ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﺪﻗ َ‬ ‫وأﺣﺬف ﻓﻲ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ‪ ،‬وﻻ آﻟﻮ ﻣﺎ اﻗﺘﺪﯾ ُ‬
‫أو ﻇﻨﻲ ﺑﻚ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ ﻓﯿﮫ اﺧﺘﻼف ﯾﺴﯿﺮ‪.‬‬

‫ﻓﻘﻮل ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص ﻟﻌﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أ ُﻣ ﱡﺪ ﻓﻲ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ وَأﺣْ ﺬف ﻓ ﻲ‬
‫اﻷُﺧ ﺮﯾﯿﻦ« ﯾﺆﻛ ﺪ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ‪ ،‬وھ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وﻟﻜ ﻦ ﺗﺠ ﻮز‬
‫اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷﺧﺮﯾﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ رواه أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺪر ﺛﻼﺛ ﯿﻦ آﯾ ﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺪر ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة آﯾﺔ‪ ،‬أو ﻗﺎل ﻧﺼﻒ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ‬
‫رﻛﻌﺔ ﻗﺪر ﻗﺮاءة ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة آﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺪر ﻧﺼﻒ ذﻟﻚ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧﺺ واﺿ ﺢ‬
‫اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﻗﺮأ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ ﻣ ﺎ ﺗﯿ ﺴﺮ ﻟ ﮫ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻗ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺼﻒ ﻣﻤ ﺎ ﻗ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬا ﻋﻨ ﺪي ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻷﺟﻞ ﺑﯿﺎن اﻟﺠﻮاز‪ ،‬ﺷ ﺄﻧﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﺷ ﺄن اﻗﺘ ﺼﺎره ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى ﺻ ﻠﻮاﺗﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺮاءة‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻟﺒﯿﺎن اﻟﺠﻮاز‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺟ ﺎء ﻓ ﺼﻠﱠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫ﻟﻢ ﯾﻘﺮأ ﻓﯿﮭﻤﺎ إﻻ ﺑﺄم اﻟﻜﺘﺎب« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻓﮭﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺣﻜﻢ اﻟﺠ ﻮاز ھ ﺬا‪ ،‬ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﺎ رُوي‬
‫ﺼﺪﱢﯾﻖ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﯿﺖ وراءه‬ ‫ﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ اﻟ ﱢ‬ ‫ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺼﱡﻨﺎﺑﺤِﻲ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻗﺪ ْﻣ ُ‬
‫اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻓﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿﯿﻦ ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن وﺳﻮرة‪ ،‬وﺳﻮرة ﻣﻦ ﻗﺼﺎر اﻟ ُﻤﻔَ ﺼﱠﻞ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓ ﻲ‬
‫ﺲ ﺛﯿﺎﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ ﻗ ﺮأ ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن وﺑﮭ ﺬه اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ن ﺛﯿ ﺎﺑﻲ ﻟﺘﻜ ﺎ ُد أن ﺗﻤ ﱠ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬ﻓ ﺪﻧﻮت ﻣﻨ ﮫ ﺣﺘ ﻰ إ ﱠ‬
‫ﺖ اﻟ َﻮھﱠﺎبُ[« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وروى‬ ‫ﻚ َأ ْﻧ َ‬
‫ﺣ َﻤ ًﺔ إﻧﱠ َ‬
‫ﻚ َر ْ‬
‫ﻦ َﻟﺪُ ْﻧ َ‬
‫ﺐ ﻟﻨَﺎ ِﻣ ْ‬ ‫] رﺑﱠﻨَﺎ ﻻ ﺗُ ِﺰ ْ‬
‫غ ﻗُﻠُ ْﻮ َﺑﻨَﺎ َﺑ ْﻌ َﺪ إ ْذ َھ َﺪ ْﯾ َﺘﻨَﺎ و َھ ْ‬
‫ﻧﺎﻓﻊ »أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻛﺎن إذا ﺻﻠﱠﻰ وﺣﺪه ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﺔ ﺟﻤﯿﻌ ـﺎً ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن‬
‫وﺳﻮرة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ‪ «...‬رواه ﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫وﯾﺠﻮز ﺗﻜﺮار ﻗﺮاءة اﻟﺴﻮرة اﻟﻮاﺣﺪة أو اﻵﯾﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ رﻛﻌﺎت اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ذر وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠﺔً‪ ،‬ﻓﻘﺮأ ﺑﺂﯾﺔ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﯾﺮﻛ ﻊ وﯾ ﺴﺠﺪ ﺑﮭ ﺎ‪.«...‬‬
‫ﺟﮭَﯿﻨ ﺔ »أﻧ ﮫ ﺳ ﻤﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ إذا زﻟﺰﻟ ﺖ اﻷرض‪ ،‬ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫وروى رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ ُ‬

‫‪352‬‬
‫ﻛﻠﺘﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻼ أدري َأﻧَﺴﻲ رﺳﻮ ُل اﷲ ‪ r‬أم ﻗﺮأ ذﻟﻚ ﻋﻤﺪًا« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ رﺟ ٌﻞ ﻣ ﻦ ﺟﮭﯿﻨ ﺔ ﻻ‬
‫ﯾﻀﻌﻒ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻷن ﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﺗﻀﺮﱡ‪ ،‬وﻗﻮل اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ َأﻧَﺴﻲ أم ﻗﺮأ ذﻟﻚ ﻋﻤﺪًا ﻻ ﯾﻐﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺷﯿﺌﺎً ﺑﺄﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱡﺔ إﻃﺎﻟ ﺔ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﺑﺎﻹﻛﺜ ﺎر ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮاءة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻜ ﻮن اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ دوﻧﮭ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫واﻟ ﱡ‬
‫اﻟﻄﻮل‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن اﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ واﻟﺮاﺑﻌ ﺔ دون اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬ﯾﻄﻮﱢل ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ‬
‫وﯾﻘﺼﱢﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ وﯾُﺴﻤﻊ اﻵﯾﺔ أﺣﯿﺎﻧﺎً‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب وﺳ ﻮرﺗﯿﻦ ‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻄﻮﱢل ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ وﯾﻘﺼﱢﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗ ﺪ روى‬
‫أﺑﻮ داود ﺗﻌﻘﯿﺐ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة ﻋﻠ ﻰ رواﯾﺘ ﮫ ھ ﺬه ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓﻈﻨﻨ ﺎ أﻧ ﮫ ﯾﺮﯾ ﺪ ﺑ ﺬﻟﻚ أن ﯾ ﺪرك اﻟﻨ ﺎس اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ«‪.‬‬

‫وﻟ ﺴﺖ أرﯾ ﺪ ھﻨ ﺎ اﻟﺨ ﻮض ﻓ ﻲ أﺑﺤ ﺎث اﻟﻌﻘﯿ ﺪة ﻓﺄُﻧ ﺎﻗﺶ اﻟ ﺮأﯾﯿﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿ ﯿﻦ ﺑﺨ ﺼﻮص ﺳ ﻮر‬
‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪ ،‬ھﻞ ﺗﺮﺗﯿﺒﮭﺎ ﺗﻮﻗﯿﻔﻲ أم اﺟﺘﮭﺎدي ﻣﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻷن ﻣﺠ ﺎل ھ ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ‬
‫ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﯿﱠﺪ ﺑﺘﺮﺗﯿﺐ ﺳﻮر اﻟﻘ ﺮآن ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ‬
‫ﻟﺪى ﺗﻼوﺗﮫ ﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗﻠﺰﻣ ﮫ ﻗ ﺮاءة اﻟ ﺴﻮر ﺣ ﺴﺐ ﺗﺮﺗﯿﺒﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﺗ ﺼﺢ ﻟ ﮫ‬
‫ﻗﺮاءة ﺳﻮرة اﻹﺧﻼص ﻣﺜﻼ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﺛﻢ ﻗﺮاءة ﺳﻮرة اﻟﻜﻮﺛﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وﺳ ﻮرة اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﺳﻮرة اﻻﻧﺸﺮاح ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ رﻛﻌﺔ واﺣﺪة ﺳﻮرة ﺗﺒﺎرك ﺛﻢ ﺳﻮرة‬
‫ﯾﺲ ﺛﻢ ﺳﻮرة اﻟﻜﮭﻒ ﻣﺜﻼ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﺪﯾﺚ ﺣﺬﯾﻔﺔ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »ﻓ ﺎﻓﺘﺘﺢ‬
‫اﻟﺒﻘﺮة ‪ ...‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ اﻟﻨﱢﺴﺎء ‪ ...‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ آل ﻋﻤﺮان« ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﺗﺮﺗﯿﺐ ھﺬه اﻟﺴﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺠﻮز ﻓﻌﻠﮫ ﻓﮭﻮ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻣﻨﻜﱠﺴﺎً‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗﻘﺮأ آﯾﺔ ﺛﻢ ﺗﻘﺮأ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﮭﺎ ﻻ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﺮأ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﮭﺎ وھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻘ ﺮاءة ﺣ ﺮام ﻻ ﺗﺠ ﻮز ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻷن ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻵﯾﺎت ﻓﻲ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن ﺗﻮﻗﯿﻔﻲ ﻗﻄﻌ ًﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﺗﺠ ﻮز ﻣﻌﺎرﺿ ﺘﮫ وﻻ‬
‫ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮫ‪.‬‬

‫ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ‬

‫إن ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻣﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأه رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ‬
‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎك ﺳُﻨﱠﺔٌ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ﻟﻜ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻟ ﺬا ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر‬
‫ﺑﯿﻦ ﻗﺮاءة ھﺬه اﻟﺴﻮرة أو ﺗﻠﻚ ﻓﻲ ھﺬه اﻟ ﺼﻼة أو ﺗﻠ ﻚ‪ ،‬ﻓﻠﯿ ﺴﺖ أﯾ ﺔ ﺳ ﻮرة ﻣ ﻦ ﺳ ﻮر اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ‬
‫ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻦ أﺧﺘﮭﺎ ﻟﺼﻼةٍ دون ﺻﻼة‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أنﱠ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻮاﺣ ﺪة‬
‫ﻛ ﺎﻟﻤﻐﺮب ﻣ ﺜﻼً ﺑﻘِ ﺼﺎر اﻟﻤُﻔَ ﺼﱠﻞ ﺗ ﺎرة‪ ،‬وﺑﺎﻟ ﺴﻮر اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ ﺗ ﺎرة أﺧ ﺮى‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﻨﻔ ﻲ اﺧﺘ ﺼﺎص أﯾ ﺔ‬
‫ﺻﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺴﻮرٍ ﻣﻌﯿﻨﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻗ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ‬

‫ﻣﻤﺎ ﻧُﻘﻞ إﻟﯿﻨﺎ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ :‬ﻗﺮأ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﻌﻮﱠذﺗﯿﻦ واﻟﺰﻟﺰﻟﺔ واﻟﺘﻜﻮﯾﺮ واﻹﻧﺴﺎن واﻟﻮاﻗﻌﺔ واﻟﻄﻮر و ق واﻟﻔ ﺘﺢ‬
‫واﻟﺴﺠﺪة واﻟﺮوم واﻟﻤﺆﻣﻨﻮن وﯾﺲ واﻟﺼﱠﺎﻓﱠﺎت‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ :‬ﻗﺮأ ﻓﯿﮭــﺎ اﻟﻠﯿـﻞ واﻟﻐﺎﺷﯿﺔ واﻷﻋﻠﻰ واﻟﻄﺎرق واﻟﺒﺮوج واﻟﺬارﯾﺎت وﻟﻘﻤﺎن‪.‬‬

‫‪353‬‬
 ‫ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ :‬ﻗﺮأ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻄﺎرق واﻟﺒﺮوج‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ :‬ﻗﺮأ ﻓﯿﮭﺎ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ وﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون وﻗ ﺼﺎر اﻟﻤُﻔ ﺼﱠﻞ ﻛﺎﻟ ﻀﺤﻰ‬
‫وﻣﺎ ﺣﻮﻟﮭﺎ واﻟﻤﺮﺳﻼت واﻟﻄﻮر وﻣﺤﻤﺪ واﻟﺪﺧﺎن واﻷﻋﺮاف واﻷﻧﻌﺎم‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪ :‬ﻗﺮأ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﻠ ﻖ واﻟﺘ ﯿﻦ واﻟ ﻀﺤﻰ واﻟﻠﯿ ﻞ واﻟ ﺸﻤﺲ واﻟ ﺴﻮر ﻣ ﻦ وﺳ ﻂ اﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ‬
‫واﻷﻋﻠﻰ واﻟﻄﺎرق واﻟﺒﺮوج واﻻﻧﺸﻘﺎق‪.‬‬

‫ھ ﺬا ﻣ ﺎ ذﻛﺮَﺗ ﮫ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚُ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤ ﺴﻨﺔ ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺻ ﻠﻮاﺗﮫ اﻟﺨﻤ ﺲ‪،‬‬
‫وﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض ھﺬه اﻟﻘﺮاءات ﻧﺠﺪ أن ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺗﺮاوﺣﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻌﻮذﺗﯿﻦ وﺳ ﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨ ﻮن‪ ،‬وأن‬
‫ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﺗﺮاوﺣﺖ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ وﻟﻘﻤ ﺎن‪ ،‬وأن ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺗﺮاوﺣ ﺖ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ واﻟﺒ ﺮوج‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫ذﻟ ﻚ ﺗﻘ ﺎرب‪ ،‬وأن ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب ﺗﺮاوﺣ ﺖ ﺑ ﯿﻦ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ واﻷﻧﻌ ﺎم‪ ،‬وأن ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫ﺗﺮاوﺣﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻠﻖ واﻻﻧﺸﻘﺎق وﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻘﺎرب أﯾﻀﺎً ‪.‬‬

‫إﻻ أﻧ ﮫ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ ﻣﻼﺣﻈ ﺔ أن ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻤ ﻮم ھ ﻲ أﻃ ﻮل ﺻ ﻠﻮاﺗﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬

‫واﻟﺴﻼم‪ ،‬وﻗﺪ ﻗُﺪرت ﻗﺮاءﺗُﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺘﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ آﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬ﺗﻠﯿﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻄ ﻮل‬
‫ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗُﺪرت ﻗﺮاءﺗُﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺜﻼﺛﯿﻦ آﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬وﺗﻌﺎدﻟﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻣ ﻊ‬
‫ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء ﺑﻤﻘ ﺪار ﺧﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة آﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬وأن اﻟﻤﻐ ﺮب ھ ﻲ أﺧ ﻒﱡ وأﻗ ﺼ ُﺮ‬
‫ﻄﺮِداً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻗﺘ ﺎدة ﻗ ﺎل‬ ‫ﺻﻠﻮاﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬وھﺬا ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣُ ﱠ‬
‫»ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻄﯿ ﻞ ﻓ ﻲ أول اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻔﺠ ﺮ واﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬ﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺮى أﻧ ﮫ ﯾﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ َﺑ ْﺮزَة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫ﻟﯿﺘﺪارك اﻟﻨﺎس« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟ ﺴﺘﯿﻦ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺎﺋ ﺔ آﯾ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ‬
‫اﻟﺨﺪري »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺪر ﺛﻼﺛ ﯿﻦ‬
‫آﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺪر ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة آﯾﺔ أو ﻗﺎل ﻧﺼﻒ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿ ﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺪر ﻗ ﺮاءة ﺧﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة آﯾ ﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻷُﺧ ﺮﯾﯿﻦ ﻗ ﺪر ﻧ ﺼﻒ ذﻟ ﻚ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﻼ أﺷ ﺒﮫ ﺻ ﻼ ًة ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﯾﺴﺎر ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ رﺟ ً‬
‫ﻣ ﻦ ﻓ ﻼن‪ ،‬ﻹﻣ ﺎ ٍم ﻛ ﺎن ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺳ ﻠﯿﻤﺎن ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر‪ :‬ﻓ ﺼﻠﯿﺖ ﺧﻠﻔ ﮫ ﻓﻜ ﺎن ﯾﻄﯿ ﻞ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻈﮭ ﺮ وﯾﺨﻔ ﻒ اﻷﺧ ﺮﯾﯿﻦ ‪ ،‬وﯾﺨﻔ ﻒ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺑﻘ ﺼﺎر اﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ‪،‬‬
‫وﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻷُوﻟﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺎء ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻐ ﺪاة ﺑﻄ ﻮال اﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬واﻹﻣ ﺎم اﻟ ﺬي ﻛ ﺎن ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ھ ﻮ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﺮﺣﺖ ﺑ ﺬﻟﻚ‬ ‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫إﺣ ﺪى اﻟﺮواﯾ ﺎت‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻛﺘ ﺐ إﻟ ﻰ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ َأنْ اﻗ ﺮ ْأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ‬
‫ﺑﻄﻮال اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ( وﻗﺎل )وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ( وﻗﺎل )رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻛﺘ ﺐ إﻟ ﻰ أﺑ ﻲ‬
‫ن اﻗﺮأْ ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ ﺑﺄوﺳﺎط اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ( وﻗﺎل )رأى ﺑﻌ ﺾ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ أن ﻗ ﺮاءة ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ أَ ْ‬
‫ﻛﻨﺤﻮ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﯾﻘﺮأ ﺑﻘﺼﺎر اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ(‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي أﯾﻀﺎً )رُوي ﻋﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ‬
‫ﻛﺘﺐ إﻟﻰ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ أن اﻗﺮ ْأ ﻓﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺑﻘ ﺼﺎر اﻟ ُﻤﻔَ ﺼﱠﻞ( وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻔﺎن أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺎء ﺑ ﺴـﻮرٍ ﻣِ ﻦ أوﺳ ﺎط اﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ ﻧﺤ ﻮ ﺳ ﻮرة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ وأﺷ ﺒﺎھﮭﺎ( وﻗ ﺎل‬
‫ن اﻷﻣ ﺮ ﻋﻨ ﺪھﻢ‬ ‫أﯾﻀﺎً )رُوي ﻋﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬واﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ أﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺮأوا ﺑ ﺄﻛﺜﺮ ﻣ ﻦ ھ ﺬا وأﻗ ﻞ‪ ،‬ﻛ ﺄ ﱠ‬
‫واﺳﻊ ﻓﻲ ھﺬا( وھﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻣ ﻦ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﯾﺆﯾ ﺪ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺬي ﻗﻠﺘ ﮫ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ وھ ﻮ أن ھ ﺬا اﻟ ﻨﮭﺞ ﻓ ﻲ‬
‫ﻄﺮِدًا‪.‬‬
‫اﻟﻘﺮاءة إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣُ ﱠ‬

‫‪354‬‬
‫ﺐ أن ﯾﻘ ﻒ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ ﺑﻘ ﺮاءات رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺗﻮﺟﯿﮭﺎﺗ ﮫ أﻧﻘ ﻞ ﻟ ﮫ‬
‫وإﻟﻰ ﻣَﻦ أﺣ ﱠ‬
‫ﺟﻤﻠ ًﺔ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺑﺨﺼﻮص رﻛﻌﺘﻲ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ :‬روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗﺮأ ﻓﻲ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون وﻗﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺒﻘ ﺮة ﻗﻮﻟ ﻮا آﻣﻨ ﺎ ﺑ ﺎﷲ وﻣ ﺎ أُﻧ ﺰل إﻟﯿﻨ ﺎ إﻟ ﻰ آﺧ ﺮ اﻵﯾ ﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻷﺧ ﺮى آﻣﻨ ﺎ ﺑ ﺎﷲ واْﺷ ﮭﺪ ﺑﺄ ﱠﻧ ﺎ‬
‫ﻣﺴﻠﻤﻮن« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻘﺪ روى ﺳِﻤﺎك ﺑﻦ ﺣﺮب ﻋ ﻦ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ »أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﺴﻤﻌﮫ ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ق واﻟﻘﺮآن اﻟﻤﺠﯿﺪ وﯾﺲ واﻟﻘ ﺮآن‬
‫ﺳ ﻤﺎك‪ .‬وﻋ ﻦ ﺳ ﺎﻟﻢ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل‬ ‫اﻟﺤﻜﯿﻢ« رواه أﺣﻤﺪ إﻻ أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻟ ﻀﻌﻒ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬ ‫»إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟَﯿ ُﺆﻣﱡﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺼﱠﺎﻓﱠﺎت« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺼﺒﺢ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﺼﻮص ورد أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮُأ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﺳ ﻮرة أﻟ ﻢ‬
‫ﺗﻨﺰﯾ ﻞ اﻟ ﺴﺠﺪة‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺳ ﻮرة اﻹﻧ ﺴﺎن‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ أﻟ ﻢ ﺗﻨﺰﯾ ﻞ وھ ﻞ أﺗ ﻰ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻷﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ‬
‫ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ أﻟ ﻢ ﺗﻨﺰﯾ ﻞ وھ ﻞ أﺗ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺳ ﻮرة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وإذا ﺟ ﺎءك‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮن«‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ وﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ :‬ﻋﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ إذا ﯾﻐ ﺸﻰ وﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻧﺤ ﻮ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ أﻃ ﻮل ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وروى ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﺑ ـ‬
‫ﺳﺒﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺢ ﺑﺄﻃﻮلَ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وروى ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﺎﻟ ﺴﻤﺎء واﻟﻄ ﺎرق واﻟ ﺴﻤﺎء ذات اﻟﺒ ﺮوج«‬
‫رواه اﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫ن ُأ ﱠم اﻟﻔ ﻀﻞ ﺳ ﻤﻌﺘﮫ وھ ﻮ‬ ‫‪ -3‬ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ :‬روى اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أ ﱠ‬

‫ﺧ ُﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﻋﺮْﻓﺎً( ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ ﺑُﻨ ﻲ واﷲ ﻟﻘ ﺪ ذ ﱠﻛﺮْﺗﻨ ﻲ ﺑﻘﺮاءﺗ ﻚ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻮرةَ‪ ،‬إﻧﮭ ﺎ ﻵ ِ‬
‫ﯾﻘﺮأ )واﻟﻤﺮﺳﻼتِ ُ‬
‫ﺖ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وأم اﻟﻔ ﻀﻞ ھ ﻲ واﻟ ﺪة اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬ ‫ﺳﻤﻌ ُ‬
‫واﺳﻤﮭﺎ ﻟُﺒﺎﺑﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﺎرث اﻟﮭﻼﻟﯿﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﺟﺒﯿﺮ ﺑﻦ ﻣﻄﻌﻢ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺮأ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﺑﺎﻟﻄﻮر« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪ -4‬ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء وﺗﺴﻤﻰ أﺣﯿﺎﻧ ﺎً ﺻ ﻼة اﻟ َﻌﺘَ َﻤ ﺔ‪ :‬روى اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻓ ﻲ ﺳ ﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺸﺎء ﻓ ﻲ إﺣ ﺪى اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑ ﺎﻟﺘﯿﻦ واﻟﺰﯾﺘ ﻮن« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫وروى ﺑﺮﯾ ﺪة اﻷﺳ ﻠﻤﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء ﺑﺎﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫وﺿﺤﺎھﺎ وأﺷﺒﺎھﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻮر« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ راﻓﻊ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة اﻟ َﻌﺘَﻤ َﺔ ﻓﻘﺮأ إذا اﻟﺴﻤﺎء اﻧﺸﻘﱠﺖ ﻓﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺠﺪت ﺧﻠ ﻒ أﺑ ﻲ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ﻓ ﻼ أزال‬
‫أﺳ ﺠﺪ ﺑﮭ ﺎ ﺣﺘ ﻰ أﻟﻘ ﺎه« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ‬
‫اﻷﻧﺼﺎري ﻷﺻﺤﺎﺑﮫ اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻄﻮﱠل ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺼﺮف رﺟﻞ ﻣﻨﺎ ﻓﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺄُﺧﺒﺮ ﻣﻌﺎذ ﻋﻨ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ‬
‫ﻣﻨﺎﻓﻖ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ دﺧﻞ ﻋﻠﻰ رﺳـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄﺧﺒﺮه ﻣﺎ ﻗﺎل ﻣﻌﺎذ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬أﺗﺮﯾﺪ‬

‫‪355‬‬
‫س ﻓ ﺎﻗﺮأ ﺑ ـ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺿ ﺤﺎھﺎ‪ ،‬وﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪،‬‬
‫ﺖ اﻟﻨ ﺎ َ‬
‫أن ﺗﻜﻮن ﻓﺘﱠﺎﻧﺎً ﯾ ﺎ ﻣﻌ ﺎذ؟ إذا أ َﻣ ْﻤ َ‬
‫واﻗﺮأ ﺑـ اﺳﻢ رﺑﻚ‪ ،‬واﻟﻠﯿﻞ إذا ﯾﻐﺸﻰ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻜﺒﯿ ُﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺳﻨﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒّﺔ ﻣﺎ ﻋﺪا ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻓ ﺮض‪ ،‬وھ ﻲ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮة‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗُﺒﺘﺪأ ﺑﮭﺎ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺑﺤﺜﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أول اﻟﻔ ﺼﻞ‪ .‬وھ ﺬه اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮات ﺟﻤﯿﻌﮭ ﺎ ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻟﻺﻣ ﺎم‬
‫وﻟﻠﻤ ﺄﻣﻮم وﻟﻠﻤﻨﻔ ﺮد‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﺻ ﺤﯿﺤﺎً أﻧﮭ ﺎ ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻟﻺﻣ ﺎم ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن اﻟﻨ ﺼﻮص ﻛﻠﮭ ﺎ ذﻛ ﺮت‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻋﺎﻣ ًﺎ دون ﺗﺨ ﺼﯿﺺ وﻣﻄﻠﻘ ًﺎ دون ﺗﻘﯿﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾُﻠﺘﻔ ﺖ ﻟﻠ ﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﺘﺨﺼﯿ ﺼﮭﺎ‬
‫ﺑﺎﻹﻣﺎم دون اﻟﻤﺄﻣﻮم أو اﻟﻤﻨﻔﺮد‪.‬‬

‫ﺴ ﱡﺮ ﻓ ﻲ‬
‫وﯾ ﺴﻦ اﻟﺠﮭ ﺮ ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻟﻺﻣ ﺎم ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺮﯾﺔ واﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻮاء‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم ﻓ ُﯿ ِ‬
‫ﺴﺮﱢﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺴﺮﱡ ﻓﻲ اﻟ ﱢ‬
‫ﺴﺮﱢﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء أﻣﺎ اﻟﻤﻨﻔﺮد ﻓﯿﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ وﯾُ ِ‬‫اﻟ ﱢ‬

‫وﯾُﺸﺮع ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻧﺘﻘـﺎلٍ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺣﺮﻛﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ھﻤ ﺎ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻘﻮل ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[ وﻋﻨ ﺪ اﻻﻟﺘﻔ ﺎت ﯾﻤﻨ ﺔ وﯾ ﺴﺮة ﻓ ﻲ ﻧﮭﺎﯾ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻘ ﻮل ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ[ ﻓ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻣ ﺸﺮوع ﻋﻨ ﺪ ﻛ ﻞ رﻓ ٍﻊ وﺧﻔ ﺾٍ وﻗﯿ ﺎ ٍم وﻗﻌ ﻮ ٍد ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ وﻓﻲ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم وﻟﻠﻤﺄﻣﻮم وﻟﻠﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﻟﻠﺮﺟﺎل وﻟﻠﻨﺴﺎء وﻟﻸﻃﻔﺎل‪.‬‬

‫واﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ اﺛﻨﺘﯿﻦ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺗﻜﺒﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬وإﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﺗﻜﺒﯿﺮة ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﺜﻨﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬وﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﺗﻜﺒﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺜﻼﺛﯿﺔ‪ ،‬وﻗﺪ وردت أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻧﺨﺘ ﺎر ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺦ‬
‫ﺖ اﻟﻈﮭﺮ ﺑﺎﻟﺒﻄﺤﺎء ﺧﻠ ﻒ ﺷ ﯿ ٍ‬ ‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »ﺻﻠﯿ َ‬
‫أﺣﻤﻖَ‪ ،‬ﻓﻜﺒﱠﺮ ﺛﻨﺘﯿﻦ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ إذا ﺳ ﺠﺪ وإذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻘ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬ﺗﻠ ﻚ‬
‫ﺻﻼة أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﺑﺎﺧﺘﻼفٍ ﯾﺴﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻧ ﺎ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻜﺒ ﺮ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞﱢ ﺧﻔ ٍ‬

‫ﺾ ورﻓ ﻊ‬
‫ض ﺧﺪﱠﯾ ﮫ‪ ،‬ورأﯾ ﺖ أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ‬
‫وﻗﯿ ﺎم وﻗﻌ ﻮد‪ ،‬وﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺮى ﺑﯿ ﺎ ُ‬
‫ﯾﻔﻌﻼن ذﻟﻚ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻗ ﺎم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ ﺣ ﯿﻦ‬

‫ﯾﻘﻮم‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻓﻊ ﺻُﻠْﺒﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل‬
‫وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ‪ :‬رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ‪ -‬ﻗﺎل ﻋﺒ ﺪ اﷲ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ‪ -‬ﺛ ﻢ ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﯾﮭ ﻮي‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫رأﺳﮫ ﺛﻢ ﯾﻜﺒﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻛﻠﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻀﯿﮭﺎ‪،‬‬
‫وﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺠﻠﻮس« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤــﻦ وأﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ »أن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﻛـــﺎن ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓــﻲ ﻛــﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﻏﯿﺮھـــﺎ‪ ،‬ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮم ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﯾﺮﻛـ ـﻊ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘـ ـﻮل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤـ ـﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻘﻮل رﺑﻨـــﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤـــﺪ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل اﻟﻠــﮫ أﻛﺒﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﮭﻮي ﺳﺎﺟـ ـﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜﺒﱢ ﺮ ﺣ ـﯿﻦ‬
‫ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣــﯿﻦ ﯾﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس ﻓ ﻲ‬
‫اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻔ ﺮغ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل ﺣ ﯿﻦ ﯾﻨ ﺼﺮف‪ :‬واﻟ ﺬي ﻧﻔ ﺴﻲ‬

‫‪356‬‬
 ‫ﺷ َﺒﮭَ ًﺎ ﺑﺼﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬إ ْ‬
‫ن ﻛﺎﻧ ﺖ ھ ﺬه ﻟَ ﺼﻼﺗُﮫ ﺣﺘ ﻰ ﻓ ﺎرق اﻟ ﺪﻧﯿﺎ« رواه أﺑ ﻮ‬ ‫ﺑﯿﺪه إﻧﻲ ﻷﻗﺮﺑُﻜﻢ َ‬
‫داود‪.‬‬

‫ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول »ﺻ ﻠﯿﺖ اﻟﻈﮭ ﺮ ﺑﺎﻟﺒﻄﺤ ﺎء ﺧﻠ ﻒ ﺷ ﯿﺦ أﺣﻤ ﻖ ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ ﺛﻨﺘ ﯿﻦ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ‬

‫ﺗﻜﺒﯿﺮة«‪» ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺗﻠﻚ ﺻ ﻼة أﺑ ﻲ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ‪ ،«r‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ اﺛﻨﺘ ﺎن وﻋ ﺸﺮون‬
‫ﺾ ورﻓ ٍﻊ وﻗﯿ ﺎمٍ وﻗﻌ ﻮدٍ وﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره«‬‫ﺗﻜﺒﯿﺮة‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ »ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺧﻔ ٍ‬
‫ﻓﺎﺳﺘﺜﻨﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ »ﯾﻘ ﻮل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه ﺣ ﯿﻦ ﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫ﺻُﻠْﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ«‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﺜﻨﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﻻﻋﺘﺪال ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻣ ﻦ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ »ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ‬
‫ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣ ﻦ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ وﻏﯿﺮھ ﺎ«‪ .‬وھ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ ُﯾ ﺸﺮع ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺼﻠﻮات‬
‫ن ﻛﺎﻧﺖ ھ ﺬه ﻟَ ﺼﻼﺗُﮫ ﺣﺘ ﻰ ﻓ ﺎرق اﻟ ﺪﻧﯿﺎ« ‪ .‬دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ واﻟﻨﺎﻓﻠﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ »إ ْ‬
‫ﺛﺒﻮت ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻟﻢ ﯾُﻨﺴﺦ ﻣﻨﮭﺎ ﺷ ﺊ ‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ »ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ‪،‬‬
‫ﺣﯿﻦ ﯾﮭﻮي ﺳﺎﺟﺪًا«‪ .‬دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھ ﻮ ﺑ ﺼﯿﻐﺔ ]اﷲ أﻛﺒ ﺮ[ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ .‬ﻗ ﺎل‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي )واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻣﻨﮭﻢ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠ ﻲ وﻏﯿ ﺮھﻢ‪ ،‬و َﻣ ﻦ‬
‫ﺑﻌﺪھﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ‪ ،‬وﻋﻠﯿﮫ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻟﻌﻠﻤﺎء( وھﻮ ﯾﻘﺼﺪ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ وﻟ ﯿﺲ واﺟﺒ ًﺎ وﻻ ﻓﺮﺿ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺗ ﺮك ﺟﺎﻧﺒ ﺎً ﻣ ﻦ‬

‫إﻻ أن ھﺬا اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ُ‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻣﺮة‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟﺘ ـﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﺑ ﻦ َأ ْﺑ ﺰَى‬
‫ﯾﺤﺪﱢث ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ »أﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜ ﺎن ﻻ ﯾُ ِﺘ ﱡﻢ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ إذا ﺧﻔ ﺾ وإذا رﻓ ﻊ«‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وروى ﻣﺜﻠ ﮫ أﺑ ﻮ داود وﻋﻘ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ )ﻣﻌﻨ ﺎه إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع وأراد أن‬
‫ﯾﺴﺠﺪ ﻟﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ‪ ،‬وإذا ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﻟﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ( وروى أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ‬
‫ل ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ ـ ﻓﻘ ﺎل »ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺣ ﯿﻦ ﻛﺒ ﺮ‬ ‫ﻦ أو ُ‬
‫ﺳ ﺌﻞ َﻣ ْ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ـ وﻗ ﺪ ُ‬
‫وﺿ ﻌﻒ ﺻ ﻮﺗﮫ ﺗﺮﻛ ﮫ«‪ .‬ﻓﻠ ﻮﻻ أﻧ ﮫ ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ ﻟﻤ ﺎ ﺗﺮﻛ ﮫ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وﺳ ﻜﺖ ﻋﻨ ﮫ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻘﯿﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ھﻲ ﻗﯿﺎم ﺷﺨﺺ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ اﻟﻘﺮﯾﺒﯿﻦ ﻣﻦ اﻹﻣﺎم ﺑﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﻋﺎﻟﯿ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾُﺴﻤﻊ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ اﻟﺒﻌﯿﺪﯾﻦ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺴﻤﻌﻮن ﺗﻜﺒﯿ ﺮات اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻌﻤﻠﯿ ﺔ ﺟ ﺎﺋﺰة‪،‬‬
‫واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﺷ ﺘﻜﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ وراءه‬
‫وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ‪ ،‬وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﯾُﺴﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﺗﻜﺒﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔ ﺖ إﻟﯿﻨ ﺎ ﻓﺮآﻧ ﺎ ﻗﯿﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر إﻟﯿﻨ ﺎ ﻓﻘﻌ ﺪﻧﺎ ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ‬
‫ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻗﻌﻮداً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬أن ﻛ ﺪﺗﻢ آﻧﻔ ًﺎ ﻟَﺘﻔﻌﻠ ﻮن ﻓﻌ ﻞ ﻓ ﺎرس واﻟ ﺮوم ﯾﻘﻮﻣ ﻮن ﻋﻠ ﻰ ﻣﻠ ﻮﻛﮭﻢ‬
‫وھ ﻢ ﻗﻌ ﻮد ﻓ ﻼ ﺗﻔﻌﻠ ﻮا‪ ،‬اﺋﺘﻤ ﻮا ﺑ ﺄﺋﻤﺘﻜﻢ ‪ ،‬إن ﺻ ﻠﱠﻰ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓ ﺼﻠﻮا ﻗﯿﺎﻣ ﺎً وإن ﺻ ﻠﱠﻰ ﻗﺎﻋ ﺪًا ﻓ ﺼﻠﻮا‬
‫ﻗﻌﻮدًا« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وروى ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ رواﯾ ﺔ‬
‫أﺧﺮى ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﱠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺒﱠﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺒﱠﺮ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻟﯿُﺴﻤﻌﻨﺎ‪،‬‬
‫ﺛ ﻢ ذﻛ ﺮ ﻧﺤ ﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻟﯿ ﺚ« ﻓﺎﻹﻣ ﺎم إن ﻛ ﺎن ﻣﺮﯾ ﻀﺎً أو ﻛ ﺎن ﺿ ﻌﯿﻒ اﻟ ﺼﻮت ﺟ ﺎز ﻟ ﺸﺨﺺ ﻗ ﻮي‬
‫ن ھ ﺬا ﻣﻮﻗ ﻮف ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟ ﺔ‬ ‫اﻟﺼﻮت أن ﯾﺮدﱢد ﺧﻠﻔﮫ ﺗﻜﺒﯿﺮاﺗﮫ ﻟﯿُﺴﻤﻊ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ وﻻ ﺷ ﺊ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ ،‬إﻻ أ ّ‬
‫ﻋﺪم وﺟﻮد ﻣﻜﺒﺮات ﺻ ﻮت ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وإﻻ ﻓ ﺈن ﺻ ﻮت اﻹﻣ ﺎم إذا ﻧُﻘ ﻞ ﺑﻤﻜﺒ ﺮات اﻟ ﺼﻮت ﻓﺈﻧ ﮫ‬
‫ﯾﺼﻞ إﻟ ﻰ ﺟﻤ ﻮع اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ دون ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟﻤ ﻦ ﯾ ﺮدد ﺗﻜﺒﯿﺮاﺗ ﮫ ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ أرى أن ﺗﺮدﯾ ﺪ‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﺨﺺٍ ﺛﺎن ﯾﺼﺒﺢ ﻣﻜﺮوھﺎً‪ ،‬ﻷﻧﮫ رﺑﻤﺎ ﺷﻮﱠش ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ع وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬّﻛﺮ ﻓﯿﮫ‬

‫اﻟﺮﻛﻮ ُ‬
‫اﻟﺮﻛ ﻮع ھ ﻮ ﻣ ﺪﱡ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ ﻣ ﻮازاة اﻷرض ﺑﺎﻟ ﺼﻔﺔ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣ ﺔ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن اﻟ ﺮأس ﻓ ﻲ‬
‫ع ﻋﻨﮫ أو اﻧﺨﻔﺎض‪ ،‬وإذا رﻛﻊ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻋ ﺪ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟﻨﺒﯿ ﮫ وﻓ ﺮﱠج ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻈﮭﺮ دون ارﺗﻔﺎ ٍ‬

‫‪357‬‬
‫أﺻﺎﺑﻌـﮫ وﻗﺒﺾ ﺑﺮاﺣﺘﯿﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ‪ ،‬ھﺬا ھ ﻮ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وھ ﺬه ھ ﻲ ھﯿﺌﺘ ﮫ اﻟﻤﺜﻠ ﻰ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﺎﻟﻢ ﻗ ﺎل‬
‫»أﺗﯿﻨﺎ أﺑﺎ ﻣﺴﻌﻮد ﻓﻘﻠﻨﺎ ﻟﮫ‪ :‬ﺣﺪﱢﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺎم ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﻨﺎ وﻛﺒﱠﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رﻛﻊ وﺿﻊ‬
‫راﺣﺘﯿﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ‪ ،‬وﺟﻌﻞ أﺻﺎﺑﻌﮫ أﺳﻔﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﺟﺎﻓﻰ ﺑﻤﺮﻓﻘﯿﮫ ﺣﺘﻰ اﺳ ﺘﻮى ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻣﻨ ﮫ ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﺣﺘﻰ اﺳ ﺘﻮى ﻛ ﱡﻞ ﺷ ﺊ ﻣﻨ ﮫ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫أﺑ ﻲ ﺣُﻤﯿ ﺪ اﻟ ﺴﺎﻋﺪي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا رﻛ ﻊ اﻋﺘ ﺪل ﻓ ـﻠﻢ ﯾﻨ ﺼﺐ رأﺳ ﮫ وﻟ ﻢ‬
‫ُﯾ ْﻘ ِﻨ ْﻌ ﮫ‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻋﺘ ﺪل ﯾﻌﻨ ﻲ‪ :‬ﻛ ﺎن وﺳ ﻄﺎً ﺑ ﯿﻦ اﻻرﺗﻔ ﺎع‬
‫واﻻﻧﺨﻔﺎض‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﺼﺐ رأﺳ ﮫ وﻟ ﻢ ﯾﻘﻨﻌ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ‪ :‬ﻟ ﻢ ﯾﺮﻓ ْﻌ ﮫ ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﺘﻮى ﻇﮭ ﺮه وﻟ ﻢ ﯾﺨﻔ ﻀﮫ‬
‫ﻋﻨﮫ وإﻧﻤﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮاه‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺑَﺮزَة اﻷﺳﻠﻤﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا‬
‫ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﺮه ﻣ ﺎءٌ ﻻﺳ ﺘﻘﺮﱠ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن‬ ‫ﺻ ﱠ‬‫رﻛ ﻊ ﻟ ﻮ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا رﻛﻊ ﻟﻮ وُﺿﻊ ﻗﺪحٌ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮه ﻟﻢ ﯾُﮭ ﺮاق« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣُﻤﯿ ﺪ‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺪي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﻧ ﺎ أﺣﻔﻈُﻜ ﻢ ﻟ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬رأﯾﺘ ﮫ إذا ﻛﺒﱠ ﺮ ﺟﻌ ﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣ ﺬوَ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ھﺼﺮ ﻇﮭ ﺮه‪:‬‬ ‫ﻣﻨﻜﺒﯿﮫ‪ ،‬وإذا رﻛﻊ أﻣﻜﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ رﻛﺒﺘﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ھﺼﺮ ﻇﮭﺮه ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬
‫أي ﺛﻨﺎه ﻓﻲ اﺳﺘﻮا ٍء ﻣِﻦ ﻏﯿﺮ ﺗﻘﻮﯾﺲ‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﻧ ﺎ أﻋﻠﻤﻜ ﻢ ﺑ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬
‫إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎم ﻓﻜﺒﱠﺮ ورﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﺣﯿﻦ ﻛﺒﱠﺮ ﻟﻠﺮﻛﻮع‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﻓﻮﺿﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ‬
‫ﻛﺎﻟﻘﺎﺑﺾ ﻋﻠﯿﮭﺎ ‪ ،‬ﻓ َﻮ َﺗ َﺮ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻨﺤﱠﻰ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻋ ﻦ ﺟﻨﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻮﱢب رأﺳ ﮫ وﻟ ﻢ ُﯾ ْﻘ ِﻨ ْﻌ ﮫ‪ «...‬رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ واﺋﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا رﻛﻊ ﻓﺮﱠج أﺻﺎﺑﻌﮫ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ن ﺛﻨ ﻰ ﻇﮭ ﺮه وﻗ ﺒﺾ‬ ‫واﻟﺮﻛﻮع ﻓﺮض ورﻛﻦ ﻻ ﺗﺼﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺪوﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺻﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﺮﻛ ﻊ ﺑ ﺄ ْ‬
‫ﻼ ﻻ ُﯾ ﺘ ﱡﻢ اﻟﺮﻛ ﻮع‬
‫ﺑﻜﻔﱠﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ ﻓ ﻼ ﺻ ﻼة ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ وھ ﺐ ﻗ ﺎل »رأى ﺣﺬﯾﻔ ﺔ رﺟ ً‬
‫ﺖ ُﻣﺖﱠ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﷲ ﻣﺤﻤﺪاً ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬ ‫واﻟﺴﺠﻮد ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﺻﻠﯿﺖَ‪ ،‬وﻟﻮ ُﻣ ﱠ‬
‫ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪.‬‬

‫ﺠﺪُوا‬
‫ﺳ ُ‬ ‫وﻗ ﺪ ﻗ ﺎل اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﯾﺨﺎﻃ ﺐ اﻟﻨ ﺎس ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ] َﯾ ﺎ َأﯾﱡ َﮭ ﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ آ َﻣ ُﻨ ﻮا ا ْر َﻛ ُﻌ ﻮا وا ْ‬
‫ﺤﻮْن[ اﻵﯾﺔ ‪ 77‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ‪ .‬وﻻ ﯾﺨﺘﺎر ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﺮﻛ ﻮ َ‬
‫ع‬ ‫ﺨ ْﯿﺮَ َﻟﻌَﱠﻠ ُﻜ ْﻢ ُﺗﻔِْﻠ ُ‬
‫ﻋ ُﺒﺪُوا ر ﱠﺑ ُﻜﻢْ وا ْﻓﻌَﻠُﻮا اﻟ َ‬
‫وا ْ‬
‫واﻟﺴﺠﻮدَ ﻣﻦ دون ﺳ ﺎﺋﺮ أﻓﻌ ﺎل اﻟ ﺼﻼة ﻟﯿ ﺪل ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺑﮭﻤ ﺎ إﻻ ﻟﻜﻮﻧﮭﻤ ﺎ رﻛﻨ ﯿﻦ ﻣ ﻦ أرﻛﺎﻧﮭ ﺎ ﻻ ﺗﻜ ﻮن‬
‫ﺻﻼة ﺑﺪوﻧﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫ن أﻗ ﱠﻞ ﻣ ﺎ ﺗﺘﺤﻘ ﻖ‬
‫ﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﺳﺘﻮاؤه ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨ ﺔ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ أﯾ ﻀﺎً‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫وﻻ ﯾﻜﻔﻲ ﺛﻨ ُ‬
‫اﻟﻄﱡﻤﺄﻧﯿﻨ ُﺔ ﺑ ﮫ أن ﺗ ﺴﻜﻦ ﺣﺮﻛﺘ ﮫ وھ ﻮ راﻛ ﻊ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻟﻠﻤُ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ » ‪ ...‬ﺛ ﻢ ارﻛ ﻊ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ راﻛﻌ ًﺎ‪ «...‬رواه‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄل رﺟ ﻞٌ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ أﻣ ﺮ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺎل ﻟﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺧﱢﻠ ْﻞ أﺻﺎﺑ َﻊ ﯾﺪﯾﻚ ورﺟﻠﯿﻚ ﯾﻌﻨﻲ إﺳ ﺒﺎغ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻓﯿﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‬
‫ﺖ ﻓ ﻀﻊ ﻛﻔﯿ ﻚ ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﻚ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ ‪ -‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤﺌ ﱠﻨ ﺎ ‪ -‬وإذا ﺳ ﺠﺪت‬ ‫ﻟ ﮫ‪ :‬إذا رﻛﻌ َ‬
‫ﻦ ﺟﺒ َﮭ َﺘﻚ ﻣﻦ اﻷرض ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪ ﺣﺠﻢ اﻷرض« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬ ‫ﻓ َﺄ ْﻣ ِﻜ ْ‬

‫ق‬
‫ﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع ﻛﺎن ﻣﻌﻤﻮﻻً ﺑﮫ ﻓﺘﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﻧُﺴﺦ‪ ،‬واﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ھﻮ إﻟﺼﺎ ُ‬ ‫وأُﻟﻔ ُ‬
‫راﺣﺘﻲ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﺑﺒﻌﻀﮭﻤﺎ ﺣﺎلَ اﻟﺮﻛﻮع وﺟﻌﻠُﮭﻤﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺨﺬﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ‪ -‬اﺑﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد‬
‫‪ -‬ﻗ ﺎل»ﻋﻠﱠﻤﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ ورﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ وﻃ ﱠﺒ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ وﺟﻌﻠﮭﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ‬
‫رﻛﺒﺘﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﺒﻠﻎ ﺳﻌﺪًا ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺻﺪق أﺧﻲ ﻗﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺛﻢ ُأ ِﻣﺮْﻧﺎ ﺑﮭﺬا‪ ،‬وأﺧ ﺬ ﺑﺮﻛﺒﺘﯿ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ إﻟ ﻰ ﺟﻨ ﺐ أﺑ ﻲ ﻓﻄَﺒﱠﻘْ ﺖُ ﺑ ﯿﻦ ﻛ ﱠﻔ ﻲﱠ ﺛ ﻢ‬
‫وﺿﻌﺘﮭﻤﺎ ﺑ ﯿﻦ ﻓﺨ ﺬيﱠ‪ ،‬ﻓﻨﮭ ﺎﻧﻲ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎل‪ :‬ﻛﻨ ﺎ ﻧﻔﻌﻠ ﮫ ﻓﻨُﮭﯿﻨ ﺎ ﻋﻨ ﮫ ‪ ،‬وأُﻣﺮﻧ ﺎ أن ﻧ ﻀﻊ أﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪358‬‬
‫اﻟ ﱡﺮﻛَﺐ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻣﻲ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬وﻣ ﺼﻌﺐ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ‬
‫ھﻮ اﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠ ُﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع ﺗﻌﻈﯿﻢ اﻟﺮﱠب ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫واﻟ ﱡ‬
‫»‪ ...‬أﻻ وإﻧ ﻲ ﻧُﮭﯿ ﺖ أن أﻗ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن راﻛﻌ ًﺎ أو ﺳ ﺎﺟﺪًا ‪ ،‬ﻓﺄﻣ ﺎ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻓﻌﻈﱢﻤ ﻮا ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﱠﺮبﱠ‪ ،‬وأﻣ ﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‬‫ﻦ أن ُﯾ ﺴﺘﺠﺎب ﻟﻜ ﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ُ‬ ‫اﻟﺴﺠﻮد ﻓﺎﺟﺘﮭﺪوا ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء‪َ ،‬ﻓ َﻘ ِﻤ ٌ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻨﮫ‪.‬‬
‫وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫وﻗﺪ وردت ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻋﺪة ﺻﯿﻎ ﻟﻠﺬﱢﻛْﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع أﺷﮭﺮھﺎ وأَوﻻھﺎ ]ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ[‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻓﯿُﺴﻦﱡ اﻷﺧﺬ ﺑﮭﺎ وﺗﻘﺪﯾﻤﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻣ ـﻦ اﻷذﻛ ﺎر‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻣﻌﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﺴﺒﱢﺢ ﺑﺎﺳﻢ رﺑﻚ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻟﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪:r‬‬
‫اﺟﻌﻠﻮھﺎ ﻓﻲ رﻛﻮﻋﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﺳﺒﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ ﻗﺎل‪ :‬اﺟﻌﻠﻮھﺎ ﻓﻲ ﺳﺠﻮدﻛﻢ« رواه أﺣﻤﺪ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وروى أﺑﻮ َﺑﻜْﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺒﱢﺢ ﻓ ﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ‬ ‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﺠﻮده ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪ .‬وﻋﻦ ﺣُﺬﯾﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﯿﻤ ﺎن‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺳ ﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل إذا رﻛ ﻊ‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ‪ ،‬ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬وإذا‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫ﺳ ﺠﺪ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﻄﯿﺎﻟﺴﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ وردت ﺻ ﯿﻐﺔ ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ وﺑﺤﻤ ﺪه[ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺎت ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ‪ ،‬ﻓﯿﻨﺒﻐ ﻲ أن‬
‫ﺗُﺘﺮك وﯾﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ[ وﺗﻘ ﺎل ﺛﻼﺛ ﺎً ھﻜ ﺬا ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ‪،‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ[‪ .‬وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻣ ﻦ اﻷذﻛ ﺎر‬
‫اﻟﺘ ﻲ ﺳ ﺄذﻛﺮھﺎ ﺑﻌ ﺪ ﻗﻠﯿ ﻞ ﻷﻧﮭ ﺎ اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻮﺣﯿ ﺪة اﻟﺘ ﻲ أﻣﺮﻧ ﺎ ﺑﮭ ﺎ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ ،r‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن اﻷذﻛ ﺎر‬
‫اﻷﺧﺮى ﻗﺪ وردت ﻣﻦ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھﺬه اﻟﺼﯿﻎ ھﻲ‪:‬‬

‫أ‪] -‬ﺳُﺒﱡﻮحٌ ﻗُﺪﱡوسٌ ربﱡ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔِ واﻟﺮوحِ[‪.‬‬

‫ﺠﺒَﺮوتِ واﻟﻤَﻠَﻜﻮتِ واﻟﻜﺒﺮﯾﺎءِ واﻟ َﻌﻈَﻤﺔ[‪.‬‬

‫ب‪] -‬ﺳﺒﺤﺎن ذي اﻟ َ‬

‫ﺖ وﻟ ﻚ أﺳ ﻠﻤﺖُ‪ ،‬أﻧ ﺖ رﺑ ﻲ ﺧ ﺸﻊ ﺳ ﻤﻌﻲ وﺑ ﺼﺮي وﻣﺨﱢ ﻲ‬

‫ﺖ وﺑ ﻚ آﻣﻨ ُ‬‫ج‪] -‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻟ ﻚ رﻛﻌ ُ‬
‫وﻋﻈﻤﻲ وﻋﺼَﺒﻲ وﻣﺎ اﺳﺘﻘﻠﱠﺖ ﺑﮫ َﻗ َﺪﻣِﻲ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ[‪.‬‬

‫وھﺬه ھﻲ أدﻟﺘﮭﺎ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ‪ :‬ﺳُ ﺒﱡﻮح ﻗُ ﺪﱡوس‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫ربﱡ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﺮوح« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺳ ﺒﱡﻮحٌ ﻗُ ﺪﱡوسٌ ‪ -‬ﺗُﻘ ﺮآن ﺑ ﻀ ﱢﻢ أوﻟﮭﻤ ﺎ وھ ﻮ اﻷﺷ ﮭﺮ‪ ،‬وﺑﻔ ﺘﺢ أوﻟﮭﻤ ﺎ وھ ﻮ‬
‫رﻛﻮﻋ ﮫ وﺳ ﺠﻮده«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ُ‬
‫اﻷﻗﻞ ﺷﮭﺮة ‪ :-‬ھﻤﺎ ﺻﻔﺘﺎن ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻮف ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗُﻤﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رﻛﻊ ﻣﻜﺚ ﻗﺪر‬
‫ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن ذي اﻟﺠﺒ ﺮوت واﻟﻤﻠﻜ ﻮت واﻟﻜﺒﺮﯾ ﺎء واﻟﻌﻈﻤ ﺔ« رواه‬
‫ﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠ ًﺔ ﻓﻘ ﺎم ﻓﻘ ﺮأ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ ،‬ﻻ ﯾﻤ ﱡﺮ ﺑﺂﯾ ﺔ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔﻆ »ﻗﻤ ُ‬
‫رﺣﻤ ﺔ إﻻ وﻗ ﻒ ﻓ ﺴﺄل‪ ،‬وﻻ ﯾﻤ ﱡﺮ ﺑﺂﯾ ﺔ ﻋ ﺬاب إﻻ وﻗ ﻒ ﻓﺘﻌ ﻮﱠذ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ ﺑﻘ ﺪر ﻗﯿﺎﻣ ﮫ ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫رﻛﻮﻋﮫ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن ذي اﻟﺠﺒ ﺮوت واﻟﻤﻠﻜ ﻮت واﻟﻜﺒﺮﯾ ﺎء واﻟﻌﻈﻤ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﺠﺪ ﺑﻘ ﺪر ﻗﯿﺎﻣ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﺳﺠﻮده ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻘﺮأ ﺑﺂل ﻋﻤﺮان‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺮأ ﺳﻮرة ﺳﻮرة«‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا رﻛﻊ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻟ ﻚ رﻛﻌ ﺖُ‬
‫ﺖ‬
‫ﺖ وﻟﻚ أﺳﻠﻤﺖُ‪ ،‬أﻧﺖ رﺑﻲ‪ ،‬ﺧﺸﻊ ﺳﻤﻌﻲ وﺑﺼﺮي وﻣﺨﻲ وﻋﻈﻤ ﻲ وﻋ ﺼﺒﻲ وﻣ ﺎ اﺳ ﺘ َﻘﱠﻠ ْ‬ ‫وﺑﻚ آﻣﻨ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﮫ ﻗﺪﻣﻲ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫ھﺬه ھﻲ اﻷذﻛ ﺎر اﻟﺘ ﻲ ﺗﻘ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﻛﻤ ﺎ ﻗﻠ ﺖ أوﻻھ ﺎ وأَﻓ ﻀﻠُﮭﺎ ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ[‬
‫ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻗﻮل أﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﺜﻼث ﻋﻘﺒﮭﺎ‪ ،‬إذ ﻻ ﻣﺤ ﺬور ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ‬
‫ﺑﯿﻦ ذِﻛﺮﯾﻦ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬه اﻷذﻛﺎر ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع اﻟﻮاﺣﺪ‪.‬‬

‫وﻗﺪ روى ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾُﻜﺜ ﺮ أن‬
‫ﯾﻘﻮل ﻓﻲ رﻛﻮﻋﮫ وﺳﺠﻮده‪ :‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﺑﺤﻤﺪك‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ«‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ وﺳ ﺠﻮده‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﺑﺤﻤ ﺪك‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ« ﻓﮭ ﺬه‬
‫اﻟﺼﯿﻐﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﻟﻢ أُدْرﺟﮭﺎ ﺿﻤﻦَ اﻷذﻛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗُﻘ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻷن ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ‬
‫ﺟﺎءت ﻣﻘﯿﺪة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻟﻢ ﺗﺄت ﻣﻄﻠﻘﺔ‪ ،‬ﻓ ﻼ أرى أن ﺗُﻘ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى‬
‫ﻣﺴﺮوق ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻜﺜ ﺮ أن ﯾﻘ ﻮل ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻤ ﻮت‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎﻧﻚ‬
‫وﺑﺤﻤ ﺪك أﺳ ﺘﻐﻔﺮُك وأﺗ ﻮبُ إﻟﯿ ﻚ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻣ ﺎ ھ ﺬه اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻟﺘ ﻲ أراك أَﺣ ﺪ ْﺛﺘَﮭﺎ‬
‫ﺗﻘﻮﻟﮭﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺟُﻌﻠ ﺖ ﻟ ﻲ ﻋﻼﻣ ٌﺔ ﻓ ﻲ أُﻣﺘ ﻲ إذا رأﯾﺘﮭ ﺎ ﻗﻠﺘﮭ ﺎ‪ ،‬إذا ﺟ ﺎء ﻧ ﺼﺮ اﷲ واﻟﻔ ﺘﺢ‪ ،‬إﻟ ﻰ آﺧ ﺮ‬
‫ﷲ‬
‫ﺼﺮُ ا ِ‬ ‫ﺟ ﺎ َء َﻧ ْ‬ ‫اﻟ ﺴﻮرة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ إﻻ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻧ ﺰل ﻋﻠﯿ ﮫ ]إذَا َ‬
‫ن َﺗﻮﱠا َﺑ ًﺎ[‬
‫ﺳ َﺘ ْﻐ ِﻔ ْﺮهُ إﻧﱠ ﮫُ َﻛ ﺎ َ‬
‫ﻚ وا ْ‬
‫ﺤ ْﻤ ِﺪ َرﺑﱢ َ‬
‫ﺢ ِﺑ َ‬
‫ﺴﺒﱢ ْ‬
‫ﺟ ًﺎ‪َ .‬ﻓ َ‬
‫ﷲ َأ ْﻓﻮَا َ‬
‫ﻦا ِ‬
‫ن ﻓﻲ ِد ْﯾ ِ‬
‫س َﯾ ْﺪﺧُﻠُ ْﻮ َ‬
‫ﺖ اﻟﻨﱠﺎ َ‬
‫واﻟ َﻔ ْﺘﺢُ‪ .‬و َرَأ ْﯾ َ‬
‫ﻓﺎﻣﺘﺜ ﻞ ﻟﻸﻣ ﺮ اﻹﻟﮭ ﻲ ﻋﻨ ﺪ ذاك‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾﻘﻮﻟﮭ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ ﻓ ﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮﻟﮭ ﺎ إﻻ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ‬
‫ﺣﺼﻮل ﻓﺘﺢٍ ﻛﺒﯿﺮ ﻛﻔﺘﺢ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس واﺳﺘﺨﻼﺻﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﯿﮭﻮد‪ ،‬أو ﻓﺘﺢ روﻣﺎ واﺣﺘﻼل إﯾﻄﺎﻟﯿﺎ ﻣﺮﻛ ِﺰ‬
‫اﻟﺒﺎﺑﻮﯾ ﺔ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺑ ﺸﱠﺮﻧﺎ ﺑ ﺬﻟﻚ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬أو ﻓ ﺘﺢ ﻣﻮﺳ ﻜﻮ‪ ،‬أو اﺳ ﺘﻌﺎدة اﻷﻧ ﺪﻟﺲ‪ ،‬وأﻣﺜ ﺎل ھ ﺬه‬
‫اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻟﻜﺒﺮى‪ ،‬وإﻻ ﻓﯿُﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﯿﻎ اﻷرﺑﻊ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺘﺴﺒﯿﺤﺎت اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬أﻣﺎ ﻋ ﺪد ھ ﺬه اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺤﺎت ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع اﻟﻮاﺣ ﺪ ﻓﮭ ﻮ أن ﻻ‬
‫ﯾﻘﻞ ﻋﻦ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬ﻓﮭﺬا ھﻮ أدﻧﻰ اﻟﺘﱠﻤﺎم‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﯿﻠﺖ ﻣﺮة أو ﻣﺮﺗﯿﻦ أﺟﺰأت ﻣﻊ ﻧﻘﺺ اﻟﻔﻀﻞ ﻟﻌ ﺪم‬
‫اﻟﺘﺄﺳﱢﻲ‪ ،‬إذ ﻟﻢ ﯾُﻌﺮف أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺎﻟﮭﺎ ﻣﺮة أو ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﺣ ﱠﺪ ﻷﻛﺜﺮه ﺧﺎﺻ ًﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﻔﺮد‪.‬‬

‫واﻹﻣﺎم ﯾﺴﺒﺢ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻻ ﯾُﺜﻘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﯾ ٍﺪ ﻓﺈﻧﻲ أرى أن ﯾﺴﺒﱢﺢ‬
‫اﻹﻣ ﺎم ﺳ ﺒ َﻊ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت‪ ،‬ﻓﯿ ﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﻮن ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎﺗﮭﻢ اﻟ ﺜﻼث دون ﻋﺠﻠ ﺔ‪ ،‬ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ وأن‬
‫ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺒﻄﺊ واﻟﻤﺴﺒﻮق واﻟﻤﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﻓﻖ ﺑﮭﺆﻻء ﻣﻨﺪوب‪ .‬ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣ ﺎ أراه اﻟﻘ ﺪر اﻟﻤﺨﺘ ﺎر ﻟﻺﻣ ﺎم‪،‬‬
‫وإن زاد ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻓﻼ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌ ﺸﺮ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺟﺒﯿ ﺮ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﺎ رأﯾﺖ أﺣﺪًا أﺷﺒﮫ ﺻﻼ ًة ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻐﻼم ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﻋﻤﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﻌﺰﯾﺰ ‪ -‬ﻗ ﺎل ﻓﺤَﺰَرﻧ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻋ ﺸﺮ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋ ﺸﺮ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت« رواه أﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫ورواه أﺑﻮ داود ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻧﮭﺎﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬ﻓﯿُﻜ ﺮه ﻟﻨ ﺎ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﺴﻲﱢ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﺗﺨ ﱡﺘ ِﻢ اﻟ ﺬھﺐ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن ﻓ ﻲ‬ ‫ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ ﻟ ﺒﺲ اﻟ َﻘ ﱢ‬
‫اﻟﺮﻛ ﻮع« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﺎﻧﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن وأﻧ ﺎ‬
‫راﻛﻊ أو ﺳﺎﺟﺪ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻻ إﻧﻲ ﻧُﮭﯿ ﺖ أن أﻗ ﺮأ‬
‫ﻦ أن‬‫راﻛﻌﺎً أو ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﻓﺄﻣﱠﺎ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻌﻈﱢﻤﻮا ﻓﯿﮫ اﻟ ﺮب‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﺎﺟﺘﮭ ﺪوا ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬ﻓ َﻘ ِﻤ ٌ‬

‫‪360‬‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )وھ ﻮ ﻗ ﻮل أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﯾُﺴﺘﺠﺎب ﻟﻜﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣَﻦ ﺑﻌﺪھﻢ‪ ،‬ﻛﺮھﻮا اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد(‪.‬‬

‫اﻟﺮﻓﻊُ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺬّﻛﺮ ﻓﯿﮫ‬

‫ﺻ ﻠْﺒﮫ‪ ،‬أي ﻇﮭ ﺮه ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع‪،‬‬
‫اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﺮض ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﺗﺮﻛ ﮫ ‪ ،‬وھ ﻮ إﻗﺎﻣ ﺔ اﻟﺮﺟ ﻞ ُ‬
‫واﻹﻗﺎﻣ ﺔ ھ ﺬه ﺗﻌﻨ ﻲ ﺗﻤ ﺎم اﻧﺘ ﺼﺎب اﻟﻈﮭ ﺮ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﯾ ﺴﻤﻰ أﯾ ﻀًﺎ اﻻﻋﺘ ﺪال‪ ،‬وھ ﻮ رﻛ ﻦ ﻣ ﻦ‬
‫أرﻛﺎن اﻟﺼﻼة ﻻ ﺗﺼﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺪوﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‬
‫ﺻ ﻠْﺒَﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‬
‫»ﻻ ﺗُﺠ ﺰئ ﺻ ﻼ ٌة ﻻ ﯾﻘ ﯿﻢ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪ .‬وﻷﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ ﺷ ﯿﺒﺎن‬ ‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل » ‪ ...‬ﯾﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻧﮫ ﻻ ﺻﻼة ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾُﻘﯿﻢ ﺻُ ﻠﺒﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد«‪ .‬وﻷﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻃﻠﻖ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﻨﻔﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﺻ ﻠْﺒﮫ ﺑ ﯿﻦ رﻛﻮﻋﮭ ﺎ وﺳ ﺠﻮدھﺎ«‪ .‬وھ ﺬا‬‫‪» :r‬ﻻ ﯾﻨﻈ ﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ إﻟ ﻰ ﺻ ﻼة ﻋﺒ ﺪ ﻻ ﯾﻘ ﯿﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ ُ‬
‫ﻼ‬
‫أوﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ‪ ،‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺑﻲ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﺧ ﻼﱠد ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﮫ أن رﺟ ً‬
‫دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪ -‬ﻓﺬﻛﺮ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ ‪ -‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إﻧﮫ ﻻ ﺗﺘﻢ ﺻﻼ ٌة ﻷﺣ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻨ ﺎس ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﻀﻊ اﻟﻮﺿﻮء ‪ ...‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻮي ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫ﯾﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﻣﻔﺎﺻﻠﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل اﷲ أﻛﺒﺮ ‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻮي ﻗﺎﻋ ﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل اﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﻣﻔﺎﺻﻠُﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ ﻓﯿﻜﺒﱢﺮ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﱠﻤﺖ ﺻﻼﺗﮫ«‪.‬‬

‫ن ﺗ ﺴﻜﻦ اﻟﺤﺮﻛ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﻓ ﻼ‬ ‫ض ﻻ ﯾﺤﻞ ﺗﺮﻛﮫ‪ ،‬وأﻗﻠﮫ أ ْ‬

‫واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻓﻊ ﻓﺮ ٌ‬
‫ﺗﺘﻮاﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟﺮﻓ ﻊ واﻟ ﺴﺠﻮد ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻜﻮن ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻜﻮن ﻓ ﻲ‬
‫اﻻﻧﺘﺼﺎب ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬ﺛﻢ ارﻛــﻊ ﺣﺘــﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ‬
‫راﻛﻌــﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓ ﻊ ﺣﺘـ ـﻰ ﺗﻌﺘ ﺪل ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺳﺠـ ـﺪ ﺣﺘ ـﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ ﺳ ﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺟﻠ ﺲ ﺣﺘ ـﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ‬
‫ﺟﺎﻟﺴــﺎً‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﻌــﻞ ذﻟﻚ ﻓــﻲ ﺻﻼﺗﻚ ﻛﻠﮭــﺎ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ رﻓﺎﻋ ﺔ‬
‫ﺑﻦ راﻓﻊ اﻟﺰرﻗﻲ»‪ ...‬ﻓ ﺈذا رﻛﻌ ﺖ ﻓﺎﺟﻌ ﻞ راﺣﺘﯿ ﻚ ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﻚ‪ ،‬واﻣ ُﺪ ْد ﻇﮭ ﺮَك ‪ ،‬وﻣ ﱢﻜ ﻦ ﻟﺮﻛﻮﻋ ﻚ‪،‬‬
‫ﺻ ْﻠﺒَﻚ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺮﺟ ﻊ اﻟﻌﻈ ﺎم إﻟ ﻰ ﻣﻔﺎﺻ ﻠﮭﺎ«‪ .‬واﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﻤﺜﻠ ﻰ أن ﯾﻄ ﻮل‬ ‫ﻓ ﺈذا رﻓﻌ ﺖ رأﺳ ﻚ ﻓ ﺄَﻗﻢ ُ‬
‫اﻻﻋﺘﺪال ﻟﯿﺒﻠﻎ ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﺒﺮاء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن رﻛ ﻮع اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﺳ ﺠﻮده‪،‬‬
‫وإذا رﻓﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع وﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮاء« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻗﺎل »ﻛﺎن أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﯾﻨﻌ ﺖ ﻟﻨ ﺎ ﺻ ﻼة اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻜ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ‪.‬‬
‫رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻗﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻮل ﻗﺪ ﻧﺴﻲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻦ ﻟﻺﻣﺎم وﻟﻠﻤﻨﻔﺮد أن ﯾﻘﻮﻻ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ‬ ‫أﻣﺎ اﻟ ﱢﺬﻛْﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮﻓﻊ ﻓﯿُﺴ ﱡ‬
‫ﻦ ذﻟﻚ ﻟﻠﻤﺄﻣﻮم‪ ،‬وﯾﺴﻦ ﻟﻠﺜﻼﺛﺔ أن ﯾﻘﻮﻟﻮا ﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﱠﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ أو ] اﻟﻠﮭ ﻢ‬ ‫ﺣﻤﺪه[ وﻻ ﯾُﺴ ﱡ‬
‫رﺑﱠﻨ ﺎ ﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ أو ]رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ أو ]رﺑﻨ ﺎ ﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ أﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐﺔ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻎ ﯾﻘﻮﻟﻮﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺗﺠﺰﺋﮭﻢ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻗﺪ وردت ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﺣ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ‬
‫ﻗﺎل ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[ وروى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻗﺎل اﻹﻣﺎم‬
‫ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻣَﻦ واﻓﻖ ﻗﻮﻟُﮫ ﻗﻮ َل اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻏُﻔ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﺗﻘﺪﱠم ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻓﮭﻨﺎ ﻗﺎل ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[‪ .‬وروى ﻋﻠﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻛﺎن إذا ﻛﺒﱠﺮ اﺳﺘﻔﺘﺢ ﺛﻢ ﻗﺎل ‪ ...‬وإذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ‬
‫اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ ﻗ ﺎل ]رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ وروى أﺑ ﻮ ھ ـﺮﯾﺮة‬

‫‪361‬‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻗﺎل اﻹﻣﺎم ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻓﮭﻨﺎ ﻗﺎل ]رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[‪.‬‬
‫اﺑﻦ ِ‬

‫ھ ﺬه ھ ـﻲ اﻷدﻟ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﯿﻎ اﻷرﺑ ﻊ‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟ ﻰ ]اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ‬

‫اﻟﺤﻤ ﺪ[ ﺗ ﺸﻤﻞ ﻣ ﺎ ﻧﻘ ﺼﺖ ﻋﻨ ـﮫ اﻟ ﺼﯿـﻎ اﻟﺜ ـﻼث اﻷﺧ ـﺮى ﻓﮭ ـﻲ ﺗﻌﺘﺒ ﺮ أﻓ ﻀﻠﮭـﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺒ ـﺎدة ﺛ ﻮابٌ‪،‬‬
‫واﻟﺜﻮاب ﻋﻠـﻰ ﻛـﻞ ﻟﻔﻆ وﻛﻞ ﺣﺮف‪ ،‬وھﻨﺎ ﻋﺒﺎد ٌة ﺑﺤﺮوف أﻛﺜﺮ ﻓﮭﻲ اﻷَوﻟﻰ واﻷﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول أﺛﺒﺖ أن اﻹﻣﺎم ﯾﻘﻮل ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ وھ ﺬا‬
‫ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣ ﻦ َﯾ ْﻘ ﺼُﺮ ﻗ ﻮل اﻹﻣ ﺎم ﻋﻠ ﻰ ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺟـ ـﺎء ﺑﻠﻔ ـﻆ‬
‫ﻋــﺎم‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﯾﺼﻠﺢ دﻟﯿﻼً ﻟﻺﻣﺎم ودﻟﯿﻼً ﻟﻠﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﯾﻌﺰزه ﻣﺎ رواه أﺑﻮ ﺳ ﻠﻤﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ »أن أﺑ ﺎ‬
‫ھﺮﯾﺮة ﻛﺎن ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﻏﯿﺮھﺎ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن وﻏﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﱢﺒ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﯾﻘ ﻮم ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺴﺠﺪ‪ ...‬ﺛ ﻢ‬
‫ن ﻛﺎﻧ ﺖ ھ ﺬه‬ ‫ﺷ ﺒَﮭ ًﺎ ﺑ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬إ ْ‬ ‫ﯾﻘﻮل ﺣﯿﻦ ﯾﻨﺼﺮف‪ :‬واﻟﺬي ﻧﻔ ﺴﻲ ﺑﯿ ﺪه إﻧ ﻲ ﻷﻗ ﺮﺑﻜﻢ َ‬
‫ﻟﺼﻼﺗُﮫ ﺣﺘﻰ ﻓﺎرق اﻟﺪﻧﯿﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ »ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﻏﯿﺮھ ﺎ« ﯾﻔﯿ ﺪ أﻧﮭ ﺎ‬
‫ن ﻛﺎﻧ ﺖ ھ ﺬه ﻟ ﺼﻼﺗُﮫ ﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﺗﺸﻤﻞ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﻨﻔﺮد ﻷن ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ُﺗ ﺆدﱠى اﻧﻔﺮادﯾ ﺎً‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ »إ ْ‬
‫ﻓﺎرق اﻟﺪﻧﯿﺎ« ﯾﻔﯿﺪ أن ھﺬه اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ أداھﺎ أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ھ ﻲ اﻷﻓﻌ ﺎل ﻧﻔ ﺴﮭﺎ اﻟﺘ ﻲ أدﱠاھ ﺎ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪.r‬‬
‫وإذن ﻓﺎﻹﻣﺎم واﻟﻤﻨﻔﺮد ﻛﻼھﻤﺎ ﯾﻘﻮل ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[‪.‬‬

‫ﻓﯿﺒﻘ ﻰ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﯾﻘ ﻮل ]اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﻮل ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[‬

‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ »إذا ﻗ ﺎل اﻹﻣ ﺎم ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه ﻓﻘﻮﻟ ﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ« ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ أن ﯾﻘﻮﻟﻮا ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ[ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾ ﺪون‬
‫ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺟﻤﻠﺔ ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه[‪ ،‬وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻣ ﺎ رواه رﻓﺎﻋ ﺔ ﺑ ﻦ راﻓ ﻊ اﻟﺰرﻗ ﻲ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﯾﻮﻣ ﺎً ﻧ ﺼﻠﻲ وراء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤ ﺎ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ‬
‫ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﻗﺎل رﺟﻞ وراءه‪ :‬رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ﺣﻤ ﺪًا ﻛﺜﯿ ﺮًا ﻃﯿﺒ ًﺎ ﻣﺒﺎرﻛ ًﺎ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧ ﺼﺮف ﻗ ﺎل‪َ :‬ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬أﻧﺎ ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬رأﯾﺖ ﺑﻀﻌﺔ وﺛﻼﺛﯿﻦ ﻣَﻠَﻜ ﺎً ﯾﺒﺘ ﺪروﻧﮭﺎ أﯾﮭ ﻢ ﯾﻜﺘﺒﮭ ﺎ أ ﱠو َل« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري ‪.‬‬
‫ﻓﮭﻨﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ اﻟﺮﺟﻞ ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه[ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺣﺼﻞ ھﺬا اﻟﺘ ﺴﺎﺑﻖ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻛﺘﺎﺑ ﺔ ﻣ ﺎ‬
‫ﻗﺎل‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ‪ :‬أن ﯾﻘ ﻮل‬
‫اﻹﻣﺎم ‪ -‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ‪ -‬وﯾﻘﻮل ﻣَﻦ ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم ‪ -‬رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ(‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣﺘ ﻰ ﯾﻘ ﻮل اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ‪ -‬إﻣﺎﻣ ﺎً ﻛ ﺎن أو ﻣﻨﻔ ﺮداً – ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[ و]اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ‬

‫اﻟﺤﻤﺪ[؟ ﻓﻘﺪ أﺟﺎب أﺑﻮ ھُﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺴﺆال ﺑﻤﺎ رواه »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫ﺻﻠْﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘ ﻮل وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ‪ :‬رﺑﱠﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ« رواه‬ ‫ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﯾﺮﻓﻊ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﯾﻘ ﻮل ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[ وھ ﻮ ﯾﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ رﻛﻮﻋ ﮫ‪ ،‬أي ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء‬ ‫اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺣﺮﻛﺘﮫ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻌﺘﺪل واﻗﻔﺎً وﺗﺴﻜﻦ ﺣﺮﻛﺘﮫ ﯾﻘﻮل ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[ أو أﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﯿﻎ‬
‫اﻟﻮاردة‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد ﺛﺎﻧﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﺼﯿﻎ اﻟﻮاردة ﻓﻨﻘ ﻮل ‪ :‬ﻟﻘ ﺪ ذﻛﺮﻧ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ أرﺑ ﻊ ﺻ ﯿﻎ ﺗﻘ ﺎل ﻋﻘ ﺐ ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ‬
‫ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه[ وﻓﻀﱠﻠﻨﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺼﯿﻐﺔ ]اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ[ ‪ .‬وﻧﻘﻮل اﻵن إن ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ‬
‫ھﻲ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻋﻘﺐ ]ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه[ ﻟﻜﻦْ ھﻨﺎك ﺻﯿﻎٌ إﺿ ﺎﻓﯿﺔ ﺗﻘ ﺎل أﯾ ﻀﺎً‬
‫ﻣﻨﮭﺎ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﺎرﱠة ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ رﻓﺎﻋﺔ اﺑ ﻦ راﻓ ﻊ وھ ﻲ ]رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ﺣﻤ ﺪًا‬
‫ﻼ ھ ﻲ ]اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ ﻟ ﻚ‬
‫ﻛﺜﯿﺮاً ﻃﯿﺒﺎً ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﻓﯿﮫ[ وﻗﺪ ﻗﺮأﺗﻢ ﻣـﺎ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ‪ .‬وھﻨﺎك ﺻﯿﻐﺔ أﻃﻮل ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﻣﻞءَ اﻟﺴﻤﻮات وﻣﻞءَ اﻷرضِ وﻣﻞءَ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣﻞء ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺷ ﺊ ﺑﻌ ُﺪ[ ﻓﻌ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ‬

‫‪362‬‬
‫أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن إذا ﻗ ﺎم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻗ ﺎل‪ ..‬وإذا رﻓ ﻊ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺖ ﻣﻦ ﺷﺊ‬ ‫اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﻣ ﻞ َء اﻟ ﺴﻤﻮات وﻣ ﻞ َء اﻷرض وﻣ ﻞ َء ﻣ ﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻣ ﻞ َء ﻣ ﺎ ﺷ ﺌ َ‬
‫ﺑﻌ ُﺪ‪ «..‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫وھﻨ ﺎك ﺻ ﯿﻐﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ أﻃ ﻮل ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﺑﻘﺘﮭﺎ ھ ﻲ ]رﺑﻨ ﺎ ﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ﻣ ﻞءَ اﻟ ﺴﻤﻮات وﻣ ﻞءَ اﻷرض‬
‫ﻖ ﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﻌﺒ ُﺪ وﻛﻠﱡﻨﺎ ﻟﻚ ﻋﺒﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻤ ﺎ‬ ‫ﺖ ﻣﻦ ﺷﺊ ﺑﻌﺪُ‪ ،‬أھﻞَ اﻟﺜﱠﻨﺎءِ واﻟﻤﺠـﺪِ‪ ،‬أﺣ ﱡ‬ ‫وﻣﻞ َء ﻣﺎ ﺷﺌ َ‬
‫ﺠ ﱡﺪ[ وﻗﺪ وردت ھﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺪارﻣﻲ‬ ‫ﺠ ﱢﺪ ﻣﻨﻚ اﻟ َ‬
‫أﻋﻄﯿﺖَ‪ ،‬وﻻ ﻣُﻌﻄﻲَ ﻟﻤﺎ ﻣﻨﻌﺖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔﻊ ذا اﻟ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺑﺎﺧﺘﻼﻓ ﺎت ﯾ ﺴﯿﺮة ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ‬ ‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺑ ﻦ ُ‬‫وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻗ ﺎل‪ :‬رﺑﻨ ﺎ ﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪُ‬
‫ﻖ ﻣﺎ ﻗ ﺎل اﻟﻌﺒ ﺪ‬ ‫ﻣﻞ َء اﻟﺴﻤﻮات وﻣﻞ َء اﻷرض وﻣﻞ َء ﻣﺎ ﺷﺌﺖَ ﻣِﻦ ﺷﺊ ﺑﻌﺪُ‪ ،‬أھ َﻞ اﻟﺜﱠﻨﺎءِ واﻟﻤﺠﺪِ‪ ،‬أﺣ ﱡ‬
‫ﺠ ﱡﺪ« رواه‬ ‫ﺠ ﱢﺪ ﻣﻨ ﻚ اﻟ َ‬
‫ﺖ وﻻ ﻣﻌﻄﻲ ﻟﻤﺎ ﻣﻨﻌﺖَ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔ ﻊ ذا اﻟ َ‬ ‫وﻛﻠﱡﻨﺎ ﻟﻚ ﻋﺒﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻤﺎ أﻋﻄﯿ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﺰﯾﺎدة اﻟ ﻮاو »رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ« وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ ﺑﺰﯾ ﺎدة اﻟﻠﮭ ﻢ‬ ‫اﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻻﺑﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﺰﯾﺎدة اﻟﻠﮭﻢ واﻟﻮاو »اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ« وﻓ ﻲ‬ ‫»اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ« وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻻﺑﻦ ُ‬
‫رواﯾﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺰﯾﺎدة وﻣ ﻞ َء ﻣ ﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ » ِﻣ ْﻞ َء اﻟ ﺴﻤﻮات و ِﻣ ْﻞ َء اﻷرض و ِﻣ ْﻞ َء ﻣ ﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ« واﻟﺰﯾ ﺎدة‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮواة اﻟﺜﻘﺎت ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺘُﺰاد ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدات إﻟﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻮارد ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺪارﻣﻲ ﻓﺘ ﺼﺒﺢ ھﻜ ﺬا ]اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫ﻞ‬
‫رﺑﻨﺎ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪُ ﻣﻞءَ اﻟﺴﻤﻮات وﻣﻞءَ اﻷرض وﻣﻞءَ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣﻞءَ ﻣﺎ ﺷ ﺌﺖ ﻣ ﻦ ﺷ ﺊ ﺑﻌ ﺪُ‪ ،‬أھ َ‬
‫ﺖ وﻻ‬ ‫ﺖ وﻻ ﻣُﻌﻄﻲ ﻟﻤﺎ ﻣﻨﻌ َ‬ ‫اﻟﺜﻨﺎءِ واﻟﻤﺠﺪِ‪ ،‬أﺣﻖﱡ ﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﻌﺒﺪ وﻛﻠﱡﻨﺎ ﻟﻚ ﻋﺒ ٌﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻤﺎ أﻋﻄﯿ َ‬
‫ﯾﻨﻔﻊ ذا اﻟﺠَﺪﱢ ﻣﻨﻚ اﻟﺠَ ﱡﺪ[‪.‬‬

‫وھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﺗ ﺸﻤﻞ اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻤ ﺎ ﱢر‪ .‬ﻓﺘﺒﻘ ﻰ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ‬
‫ﺻﯿﻐﺘﺎن‪ :‬اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ھﺬه‪ ،‬واﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟ ﻰ ]رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ﺣﻤ ﺪاً ﻛﺜﯿ ﺮاً ﻃﯿﺒ ﺎً ﻣﺒﺎرﻛ ﺎً ﻓﯿ ﮫ[‬
‫ﻓﻤﻦ أﺣﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻠ ﮫ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻣ ﻦ أﺣ ﺐ اﻷﺧ ﺬ ﺑﺎﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ ﻓﻠ ﮫ ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫وﻣﻦ أﺣﺐ أن ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﻠـﮫ ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﯿﻘﻮل إذا رﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع ]ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه[ وﯾﻘ ﻮل إذا‬
‫اﻋﺘﺪل ﻗﺎﺋﻤ ﺎً ]اﻟﻠﮭ ﻢ رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ﺣﻤ ﺪاً ﻛﺜﯿ ﺮاً ﻃﯿﺒ ﺎً ﻣﺒﺎرﻛ ًﺎ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻣ ﻞ َء اﻟ ﺴﻤﻮات وﻣ ﻞ َء اﻷرض‬
‫ﻖ ﻣﺎ ﻗ ﺎل اﻟﻌﺒ ُﺪ وﻛﻠﻨ ﺎ ﻟ ﻚ ﻋﺒ ﺪ‪،‬‬ ‫ﻞ اﻟﺜﻨﺎء واﻟﻤﺠ ِﺪ أﺣ ﱡ‬
‫وﻣﻞ َء ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣﻞ َء ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺷﺊ ﺑﻌﺪ‪ ،‬أھ َ‬
‫اﻟﻠﮭ ﻢ ﻻ ﻣ ﺎﻧﻊ ﻟﻤ ﺎ أﻋﻄﯿ ﺖ وﻻ ﻣﻌﻄ ﻲ ﻟﻤ ﺎ ﻣﻨﻌ ﺖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔ ﻊ ذا اﻟﺠ ﺪ ﻣﻨ ﻚ اﻟﺠ ﺪ[ ﻓﯿﻨ ﺎل اﻟﺨﯿ ﺮ ﻛﻠ ﮫ‪.‬‬
‫ﺠ ﱡﺪ‪ :‬أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻆ واﻟﻐﻨﻰ ﻻ ﯾﻨﻔﻌﮫ ﺣﻈﮫ وﻏﻨﺎه ﻣﻦ أﻣﺮك ﯾﺎ رب‬ ‫ﺠ ﱢﺪ ﻣﻨﻚ اﻟ َ‬
‫وﻣﻌﻨﻰ وﻻ ﯾﻨﻔﻊ ذا اﻟ َ‬
‫وﻗﻀﺎﺋﻚ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺴﺠﻮ ُد وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬّﻛﺮ ﻓﯿﮫ‬

‫ذﻛﺮﻧﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺼﻞ اﻷول أن اﻟ ﺼﻼة أﺣ ﺐ اﻷﻋﻤ ﺎل إﻟ ﻰ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وذﻛﺮﻧ ﺎ أن اﻟ ﺼﻼة ﻟﻐ ًﺔ‬
‫ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﺪﻋﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﻼة إذن ﻗﺪ اﺳ ﺘﻤﺪﱠت ﻓ ﻀﻠﮭﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬أو أن اﻟ ﺪﻋﺎء ھ ﻮ أﺑ ﺮز ﻣ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻏ ﺮو ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺈن اﻟ ﺪﻋﺎء ھ ﻮ اﻟﻌﺒ ﺎدة‪ ،‬ﻓ ﺈذا أدرﻛﻨ ﺎ أن اﻟ ﺴﺠﻮد ھ ﻮ ﻣ ﻮﻃﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء ﺑ ﺸﻜﻞ رﺋﯿ ﺴﻲ‬
‫أدرﻛﻨﺎ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﺠﻮد ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »أﻗﺮب‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ رﺑﮫ وھﻮ ﺳﺎﺟﺪ ﻓ ﺄﻛﺜﺮوا اﻟ ﺪﻋﺎء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫وروى اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ...» r‬أﻻ وإﻧ ﻲ ﻧُﮭﯿ ُ‬
‫ﺖ أن أﻗ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن راﻛﻌ ًﺎ أو‬
‫ﻦ أن ُﯾ ﺴﺘﺠﺎب‬ ‫ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻌﻈﱢﻤﻮا ﻓﯿﮫ اﻟ ﺮب‪ ،‬وأﻣ ﺎ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﺎﺟﺘﮭ ﺪوا ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓﻘَﻤ ٌ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻟﻜﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ب دﻋﺎؤه‪.‬‬
‫ﺳﺠﻮده ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻦ رﺑﮫ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺠﺎ ٌ‬

‫‪363‬‬
‫ﺴﺠُﺪُ َﻣ ﺎ‬ ‫ﻞ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﻟ ﮫ وﻋﺒﺎدﺗﮭ ﺎ إﯾ ﺎه ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﻘ ﺎل ]و ِ‬
‫ﷲ َﯾ ْ‬ ‫وﻗﺪ ﻋﺒﱠﺮ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 49‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨﺤ ﻞ‪.‬‬ ‫ﺴ َﺘ ْﻜ ِﺒﺮُ ْو َ‬
‫ﻦ دَاﺑﱠ ٍﺔ واﻟﻤﻼ ِﺋ َﻜﺔُ وھُ ْﻢ ﻻ َﯾ ْ‬ ‫ض ِﻣ ْ‬
‫ت وﻣَﺎ ﻓﻲ ا َﻷ ْر ِ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺴﱠﻤﻮَا ِ‬
‫ﺲ واﻟ َﻘ َﻤ ُﺮ‬
‫ﺸ ْﻤ ُ‬ ‫ض واﻟ ﱠ‬‫ﻦ ﻓ ﻲ ا َﻷ ْر ِ‬ ‫ت و َﻣ ْ‬ ‫ﺴﻤَﻮا ِ‬ ‫ﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﱠ‬ ‫ﺠ ُﺪ َﻟ ُﮫ َﻣ ْ‬ ‫ﺴُ‬‫ن اﷲ َﯾ ْ‬ ‫وﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]أَﻟ ْﻢ َﺗ َﺮ َأ ﱠ‬
‫ﻦ اﷲُ َﻓ َﻤ ﺎ‬
‫ﻦ ﯾُ ِﮭ ِ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿ ِﮫ اﻟ َﻌ ﺬَابُ و َﻣ ْ‬
‫ﺣﻖﱠ َ‬ ‫ﻦ اﻟﻨﱠﺎس و َﻛ ِﺜ ْﯿ ٌﺮ َ‬ ‫ﺠﺮُ واﻟﺪﱠوَابﱡ و َﻛ ِﺜ ْﯿ ٌﺮ ِﻣ َ‬
‫ﺠﺒَﺎلُ واﻟﺸﱠ َ‬ ‫واﻟﻨﱡﺠُ ْﻮمُ واﻟ ِ‬
‫ﻦ ﻣُ ْﻜ ِﺮ ٍم إنﱠ اﷲ َﯾ ْﻔ َﻌﻞُ ﻣَﺎ َﯾﺸَﺎءُ[ اﻵﯾﺔ ‪ 18‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ‪.‬‬ ‫َﻟﮫُ ِﻣ ْ‬

‫وﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﺠﻮد أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻗﺪ ﻛﺮﱠم ﻣﻮاﺿ ﻊ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓ ﻲ ﺟ ﺴﻢ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑ ﺄن ﺣﻤﺎھ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬إذا أراد اﷲ رﺣﻤ َﺔ َﻣ ﻦ أراد‬
‫ﻣ ﻦ أھ ﻞ اﻟﻨ ﺎر أﻣ َﺮ اﷲ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ أن ﯾُﺨﺮِﺟ ﻮا َﻣ ﻦ ﻛ ﺎن ﯾﻌﺒ ﺪ اﷲ‪ ،‬ﻓﯿﺨﺮﺟ ﻮﻧﮭﻢ وﯾﻌﺮﻓ ﻮﻧﮭﻢ ﺑﺂﺛ ﺎر‬
‫اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬وﺣﺮﱠم اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر أن ﺗﺄﻛﻞ أﺛﺮ اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﯿﺨﺮﺟﻮن ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﻓﻜﻞ اﺑﻦ آدم ﺗﺄﻛﻠﮫ اﻟﻨﺎ ُر‬
‫إﻻ أﺛﺮ اﻟﺴﺠﻮد ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وھﻮ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪ ،‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ‬
‫ﯾﺰﯾﺪ»‪ ...‬إن اﻟﻨﺎر ﺗﺄﻛﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻣﻦ اﺑﻦ آدم إﻻ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻮد«‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﺠﻮد أن اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﻗ ﺪ اﺧﺘ ﺎر أﻋ ﻀﺎء اﻟ ﺴﺠﻮد ﻣ ﻦ أﺟ ﺴﺎد اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﺘﻜ ﻮن‬
‫اﻟﺴﯿﻤﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﯿﺰھﻢ ﻋﻤﻦ ﺳﻮاھﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺟﻌﻞ اﻟﺒﯿﺎض واﻟﻨﻮر ﯾﺸﻊ ﻣﻦ ﺟﺒ ﺎھﮭﻢ‪،‬‬
‫ﺣ َﻤ ﺎءُ َﺑ ْﯿ َﻨﮭُ ْﻢ‬
‫ﻋ َﻠ ﻰ اﻟﻜُﻔﱠ ﺎ ِر رُ َ‬‫ﺷ ﺪﱠاءُ َ‬ ‫ﻦ َﻣ َﻌﮫُ َأ ِ‬
‫ﷲ واﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫وإﻟﻰ ھﺬا أﺷﺎر اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ ]ﻣُ َ‬
‫ﺤﻤﱠ ٌﺪ َرﺳُ ْﻮلُ ا ِ‬
‫ﻦ َأ َﺛ ِﺮ اﻟ ﺴﱡﺠُ ْﻮ ِد ‪[...‬‬ ‫ﺳ ْﯿﻤَﺎھُ ْﻢ ﻓ ﻲ وُﺟُ ْﻮ ِھ ِﮭ ْﻢ ِﻣ َ‬ ‫ﺿ ﻮَاﻧ ًﺎ ِ‬
‫ﷲ و ِر ْ‬
‫ﻦا ِ‬ ‫ﻼ ِﻣ َ‬
‫ﻀً‬‫ن َﻓ ْ‬
‫َﺗﺮَاھُ ْﻢ رُﻛﱠ َﻌ ًﺎ ﺳُ ﺠﱠﺪًا َﯾ ْﺒ َﺘﻐُ ْﻮ َ‬
‫اﻵﯾﺔ ‪ 29‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻔﺘﺢ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﺠﻮد ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﻌﺪان ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﻠﺤ ﺔ‬
‫اﻟﯿَﻌْﻤُﺮي ﻗﺎل »ﻟﻘﯿﺖ ﺛﻮﺑﺎن ﻣﻮﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻌﻤﻞ أﻋﻤﻠﮫ ﯾُﺪﺧﻠﻨﻲ اﷲ ﺑﮫ اﻟﺠﻨ ﺔ‪،‬‬
‫أو ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ ﺑﺄﺣﺐ اﻷﻋﻤﺎل إﻟﻰ اﷲ‪ ،‬ﻓﺴﻜﺖ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺘـﮫ ﻓﺴﻜﺖ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺘـﮫ اﻟﺜﺎﻟﺜـﺔ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺳﺄﻟﺖُ ﻋﻦ‬
‫ذﻟﻚ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ ﺑﻜﺜﺮة اﻟﺴﺠﻮد ﷲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺠﺪ ﷲ ﺳﺠﺪة إﻻ رﻓﻌﻚ اﷲ ﺑﮭﺎ درﺟ ﺔ‬
‫ﻂ ﻋﻨﻚ ﺑﮭﺎ ﺧﻄﯿﺌﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻣﻌ ﺪان‪ :‬ﺛ ﻢ ﻟﻘﯿ ﺖ أﺑ ﺎ اﻟ ﺪرداء ﻓ ﺴﺄﻟﺘﮫ ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﻲ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل ﺛﻮﺑ ﺎن«‬
‫وﺣ ﱠ‬
‫ودﻻﻟﺘﮫ واﺿﺤﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ھﯿﺌ ﺔ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﺘﻜ ﻮن ﺑ ﺄن ﯾﺠﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ ورﻛﺒﺘﯿ ﮫ وﻛﻔﱠﯿ ﮫ وﺟﺒﮭﺘ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‬
‫ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻗﺪ ﺳﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻀﺎء ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺴﺠﻮد إﻻ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » َأ َﻣ َﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن ﯾﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻀﺎء‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﱡ‬
‫ﻒ ﺷ ﻌﺮاً وﻻ ﺛﻮﺑ ﺎً ‪:‬‬
‫اﻟﺠﺒﮭﺔ واﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ واﻟﺮﱢﺟﻠﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ أﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إذا ﺳ ﺠﺪ اﻟﻌﺒ ﺪ ﺳ ﺠﺪ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‬‫ﻣﻌﮫ ﺳﺒﻌﺔ أﻃ ﺮاف‪ :‬وﺟ ُﮭ ﮫ وﻛ ﱠﻔ ﺎه ورﻛﺒﺘ ﺎه وﻗ ﺪﻣﺎه«‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻲ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻠﻔﻆ »إذا ﺳ ﺠﺪ اﻟﻌﺒ ﺪ ﺳ ﺠﺪ ﻣﻌ ﮫ ﺳ ﺒﻌﺔ‬ ‫واﺑﻦ ُ‬
‫آراب ‪ .«...‬ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا ﺳ ﺠﺪ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺳ ﺠﺪ ﻣﻌ ﮫ‬
‫ﺳﺒﻌﺔ آراب ‪ .«...‬ﻗﻮﻟﮫ اﻵراب‪ :‬أي اﻷﻋﻀﺎء‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﻋ ﻀﺎء اﻟ ﺴﺒﻌﺔ ھ ﻲ أﻋ ﻀﺎء اﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻻ ﺑ ﺪ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺴﺠﻮد‪.‬‬

‫وﯾُﻨﺪب وﺿﻊُ اﻟﻘـﺪﻣﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺘﺼﺎبٍ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﺑ ﺄﻃﺮاف اﻷﺻ ﺎﺑﻊ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬وﯾﺒﺎﻋ ﺪ ﻗﻠ ﯿﻼً ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟ ﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺒ ﺴﻂ ﻛﻔﱠﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﺿ ﺎ ﱠﻣًﺎ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ‪ ،‬وﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻧ ﻒ إﺿ ﺎﻓ ًﺔ إﻟ ﻰ اﻟﺠﺒﮭ ﺔ‪،‬‬
‫وﯾﻀﻌﮭﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﻛﻔﱠﯿﮫ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬وﯾُﻔﺮﱢج ﺑﯿﻦ ﻓﺨﺬﯾﮫ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﻣﻞ ﺑﻄﻨﮫ ﻋﻠﻰ ﺷ ﺊ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﯾُﻨﺤﱢ ﻲ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻦ ﺟﻨﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ ﻣﺮﻓﻘﯿ ﮫ وﺳ ﺎﻋﺪﯾﮫ ﻋ ﻦ اﻷرض‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ ﻣﻘﻌﺪﺗ ﮫ‪ ،‬وﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ‬
‫ﺨﻮﱢﯾًﺎ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ أنﱠ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ورﺟﻠﯿﮫ ﯾﻜﻮن ﺧﺎوﯾﺎً ‪ -‬وﯾ ﺪع ﺛﯿﺎﺑ ﮫ ﺗ ﺴﻘﻂ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺳ ﺠﻮده‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﻣُ َ‬

‫‪364‬‬
‫ﻼ ﯾ ﺴﻘﻂ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻊ ﺳ ﺠﻮده ﻻ ﯾﻜﻔﱡﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ن ﻛ ﺎن ﻣ ﺴﺘﺮﺳ ً‬
‫ﯾﺪع ﺷ ﻌﺮه إ ْ‬
‫ﻒ ﺷﻌﺮًا وﻻ ﺛﻮﺑﺎً‪ .«...‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﻓﯿﮫ »‪ ...‬وﻻ ﯾﻜ ﱡ‬
‫ھﻲ ﻣﻨﺪوﺑﺎت اﻟﺴﺠﻮد‪.‬‬

‫ﻲ ﻋﻨ ﮫ ﺷ ﺮﻋﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾﺤﻤ ﻞ ﺑﻄﻨ ﮫ‬

‫وﯾﺤﺎذر اﻟﺮﺟﻞ أن ﯾﺒﺴﻂ ﺳ ﺎﻋﺪﯾﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻷن ھ ﺬا ﻣﻨﮭ ﱞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬﯾﮫ ﺗﺄﺳﱢﯿًﺎ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻻ ﯾﺘﻤﺪﱠد ﻓﻲ ﺳ ﺠﻮده‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠ ﻰ ﺟﺒﮭﺘ ﮫ ﻓﺤ ﺴﺐ دون أﻧﻔ ﮫ‪،‬‬
‫ﺠ ﺰئ وﻣﻘﺒ ﻮل‪ .‬وﻓ ﻲ‬‫وﻻ ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺪوﺑﺎت‪ ،‬ﻓﺈن ھﻮ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻼ إﺛ ﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﺳ ﺠﻮده ﻣ ْ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ وردت اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺳ ﺠﺪ َ‬

‫ت ﻓ ﻀَ ْﻊ ﻛﻔﯿ ﻚ‪ ،‬وارﻓ ﻊ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا ﺳ ﺠﺪت ﻓ ﻀﻊ ﻛﻔﯿ ﻚ‪ ،‬وارﻓ ﻊ ﻣﺮﻓﻘﯿ ﻚ‬
‫ﻣﺮﻓﻘﯿ ﻚ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻧﺘﺼﺐ«‪.‬‬

‫ﺤ ْﯿ َﻨﺔَ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺻﻠﱠﻰ ﻓﺮﱠج ﺑ ﯿﻦ‬ ‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ُﺑ َ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا‬
‫ض إﺑﻄﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬‫ﯾﺪﯾ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺒ ﺪ َو ﺑﯿ ﺎ ُ‬
‫ﺳﺠﺪ ﻓﺮﱠج ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺪوَ ﺑﯿﺎضُ إﺑﻄﯿﮫ«‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ واﺋﻞ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا رﻛﻊ ﻓﺮﱠج أﺻﺎﺑﻌﮫ وإذا‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﻠﻔﻆ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺳﺠﺪ ﺿ ﱠﻢ أﺻﺎﺑﻌﮫ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫إذا ﺳﺠﺪ ﺿ ﱠﻢ أﺻﺎﺑﻌﮫ« وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮا اﻟﺮﻛﻮع‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺣﻤﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ -‬ووﺻﻒ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬ﻗﺎل »وإذا ﺳﺠﺪ ﻓ ﺮﱠج ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﻓﺨﺬﯾﮫ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﻣ ٍﻞ ﺑﻄﻨَﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻓﺨﺬﯾﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﻈﻜُﻢ ﻟﺼﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬رأﯾﺘﮫ إذا ﻛﺒﱠﺮ‬ ‫ﺣﻤَﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻧﺎ ﻛﻨﺖ أﺣﻔ َ‬ ‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ُ‬
‫ﺼ َﺮ ﻇﮭﺮَه‪ ،‬ﻓﺈذا رﻓﻊ رأﺳ ﮫ اﺳ ﺘﻮى‬
‫ﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ رﻛﺒﺘﯿﮫ ﺛﻢ َھ َ‬‫ﺟﻌﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﺣِﺬاء ﻣﻨﻜﺒﯿﮫ‪ ،‬وإذا رﻛﻊ أَﻣ َﻜ َ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻮد ﻛﻞ ﻓﻘﺎر ﻣﻜﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺳ ﺠﺪ وﺿ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻔْﺘ ِﺮشٍ وﻻ ﻗﺎﺑ ﻀﮭﻤﺎ‪ ،‬واﺳ ﺘﻘﺒﻞ ﺑ ﺄﻃﺮاف‬
‫أﺻﺎﺑﻊ رﺟﻠﯿﮫ اﻟـﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺟﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى وﻧ ﺼﺐ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬وإذا‬
‫ﺟﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻗﺪﱠم رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى وﻧﺼﺐ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻗﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪﺗﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫و ‪ -‬ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل ‪ :‬ﺟ ﺎء رﺟ ﻞ إﻟ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻓﻘ ﺎل »إن ﻣ ﻮﻻك إذا ﺳ ﺠﺪ‬

‫وﺿﻊ ﺟﺒﮭﺘﮫ وذراﻋﯿﮫ وﺻﺪرَه ﺑ ﺎﻷرض‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬ﻣ ﺎ ﯾﺤﻤﻠ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺗ ﺼﻨﻊ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫اﻟﺘﻮاﺿﻊ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ھﻜﺬا رِﺑﻀ ُﺔ اﻟﻜﻠﺐ‪ ،‬رأﯾﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﺳﺠﺪ رُؤي ﺑﯿﺎضُ إﺑﻄﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺠ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠ ﻰ أﻧﻔ ﮫ ﻣ ﻊ‬

‫ﺣْ‬‫ز ‪ -‬ﻋ ﻦ واﺋ ﻞ ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺟﺒﮭﺘﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺣﺠْﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧ ﮫ رأى اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺠﺪ ﺑ ﯿﻦ ﻛﻔﱠﯿ ﮫ ‪ -‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ‪-‬‬ ‫ح ‪ -‬ﻋﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫وﯾﺪاه ﻗﺮﯾﺒﺘﺎن ﻣﻦ أُذﻧﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫ط ‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رُؤي ﻋﻠ ﻰ ﺟﺒﮭﺘ ﮫ وﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻦ ﻣﻦ ﺻﻼةٍ ﺻﻼھﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎس« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬
‫أرﻧﺒﺘﮫ أﺛ ُﺮ ﻃﯿ ٍ‬

‫ﻋﺠِﯿﺰَﺗَ ﮫ وﺧ ﻮﱠى‬
‫ي ‪ -‬ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ وﺻﻒ اﻟﺴﺠﻮد ﻗ ﺎل »ﻓﺒ ﺴﻂ ﻛﻔﯿ ﮫ ورﻓ ﻊ َ‬
‫وﻗﺎل‪ :‬ھﻜﺬا ﺳﺠﺪ اﻟﻨﺒﻲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻌﺠﯿﺰة ‪ :‬أي اﻟﻤﻘﻌﺪة‪.‬‬

‫ك ‪ -‬ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺻﻠﱠﻰ ﺟَ ﱠ‬
‫ﺨ ﻰ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺟﺨﱠﻰ‪ :‬أي ﻟﻢ ﯾﺘﻤﺪد ﻓﻲ رﻛﻮﻋﮫ وﻻ ﻓﻲ ﺳﺠﻮده‪.‬‬

‫ت ﺻﻼ َة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺮأﯾﺘ ﮫ ﻣُﺨﻮﱢﯾ ﺎً‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﺖ‬

‫ل ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺗﺪ ﱠﺑ ْﺮ ُ‬
‫ﺨﻮﱢﯾﺎً‪ :‬أي ُﻣﺠَﺎﻓِﯿﺎً ﺑﻄﻨﮫ ﻋﻦ اﻷرض‪ ،‬وﻣﺠﺎﻓﯿًﺎ ﻋﻀُﺪﯾﮫ ﻋﻦ ﺟﻨﺒﯿﮫ‪.‬‬ ‫ﺑﯿﺎض إﺑﻄﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣُ َ‬

‫م ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﺤ ﺎرث رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳ ﺠﺪ ﯾُﺠ ﱢﻨ ُ‬

‫ﺢ ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮده‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى وﺿﺢُ إﺑﻄﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ن ‪ -‬ﻋﻦ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺳﺠﺪ ﺟﺎﻓﻰ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أن َﺑﮭْﻤ ًﺔ أرادت‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﯾﺴﯿﺮ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ‬ ‫أن ﺗﻤ ﱠﺮ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻟﻤﺮﱠت« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺟ ﻨﱠﺢ‬ ‫ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳﺠﺪ َ‬
‫ﺧ ﻮﱠى ﺑﯿﺪﯾ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ َ‬
‫ﺢ إﺑﻄﯿ ﮫ‪:‬‬
‫ﺢ إﺑﻄﯿﮫ ﻣِﻦ وراﺋﮫ‪ ،‬وإذا ﻗﻌ ﺪ اﻃﻤ ﺄنﱠ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿ ﺴﺮى «‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ وﺿ ُ‬‫ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى َوﺿَ ُ‬
‫أي ﺑﯿﺎضُ إﺑﻄﯿﮫ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﺧﻮﱠى وﺟﻨﱠﺢ‪ :‬أي ﺟﺎﻓﻰ وﺑﺎﻋﺪ‪.‬‬

‫س ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗﺒ ﺴﻂ ذراﻋﯿ ﻚ إذا ﺻ ﻠﯿﺖ‬

‫ﺖ ذﻟﻚ ﺳﺠﺪ ﻛ ﱡﻞ ﻋ ﻀﻮ ﻣﻨ ﻚ«‬‫ﺿ ْﺒﻌَﯿﻚ‪ ،‬ﻓﺎﻧﻚ إذا ﻓﻌﻠ َ‬
‫ف ﻋﻦ َ‬
‫ﻋﻢْ ﻋﻠﻰ راﺣﺘﯿﻚ وﺟﺎ ِ‬
‫ﺴﺒُﻊ‪ ،‬وا ﱠد ِ‬
‫ﻛﺒﺴﻂ اﻟ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻀﱠﺒﻌﺎن‪ :‬أي ﻣﺎ ﺗﺤﺖ اﻹﺑﻄﯿﻦ‪.‬‬ ‫رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ع ‪ -‬روى ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺳﺠﺪ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﻌﺘﺪل‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﺘﺮش‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﻠﻔﻆ »اﻓﺘﺮاش اﻟﻜﻠﺐ«‪.‬‬
‫ذراﻋﯿﮫ اﻓﺘﺮاش اﻟﺴﺒُﻊ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫ف ‪ -‬ﻋﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻋﺘ ﺪﻟﻮا ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد وﻻ ﯾﺒ ﺴﻂ‬

‫ﺣﺒﱠ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻋﺘ ﺪﻟﻮا‬
‫أﺣﺪُﻛﻢ ذراﻋﯿﮫ اﻧﺒﺴﺎط اﻟﻜﻠﺐ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ش اﻟﻜﻠﺐ«‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﺘﺮش أﺣﺪﻛﻢ ذراﻋﯿﮫ اﻓﺘﺮا َ‬

‫ھﺬه ھﻲ ھﯿﺌﺔ اﻟﺴﺠﻮد اﻟﻮاﺟﺒ ﺔ وﻣﻨ ﺪوﺑﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻨﮭ ﺎ أن ﯾﺠ ﺎﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟﻨﺒﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫ﻣﺮﻓﻘﯿﮫ وﺳﺎﻋﺪﯾﮫ ﻋﻦ اﻷرض‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ إن ﺳﺠﺪ ﺳﺠﻮداً ﻃ ﻮﯾﻼً ﻓﺜﻘُ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻊ وأﺻ ﺎﺑﮫ اﻹﻋﯿ ﺎء‬
‫واﻟﻤﺸﻘﺔ ُرﺧﱢﺺ ﻟﮫ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﺮﻓﻘﯿﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺷ ﻜﺎ أﺻ ﺤﺎبُ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إﻟﯿ ﮫ ﻣ ﺸ ﱠﻘ َﺔ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﯿﮭﻢ إذا ﺗﻔﺮﱠﺟ ﻮا‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬اﺳ ﺘﻌﯿﻨﻮا ﺑﺎﻟ ﱡﺮ َﻛ ﺐ« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ إذا َﺗ َﻔﺮﱠﺟ ﻮا‪ :‬أي إذا ﺗﻌﺒ ﻮا‪.‬‬ ‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺮﻛﺐ ﺗﻜﻮن ﺑﺄن ﯾﻀﻊ اﻟﻤﺼﻠﱢﻲ ﻣﺮﻓﻘﯿﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿﮫ إذا ﻃﺎل اﻟﺴﺠﻮد وﺗﻌﺐ ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫ﻦ ﺣﺮﻛﺔُ اﻟﺴﺎﺟﺪ وھﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟ ﺴﺠﻮد‬ ‫واﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد ﻓﺮض ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ وأﻗﻠﮭﺎ أن ﺗﺴﻜ َ‬
‫ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ -‬وذﻛﺮ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ ‪ -‬أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎل‬

‫‪366‬‬
‫ﻦ ﺳﺎﺟﺪًا ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ روى رﻓﺎﻋﺔ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ اﺳﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌ ﱠ‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻄﻮﯾ ﻞ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻟﻠﺮﺟ ﻞ اﻟ ﺬي ﺻ ﻠﻰ وأﻣ ﺮه اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﺈﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة »ﺛ ﻢ إذا أﻧ ﺖ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺖ وﺟﮭﻚ وﯾﺪﯾﻚ ﺣﺘﻰ ﯾﻄﻤﺌﻦ ﻛ ﱡﻞ ﻋﻈﻢ ﻣﻨﻚ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﮫ« رواه اﺑﻦ ُ‬ ‫ﺳﺠﺪت ﻓ َﺄ ْﺛ ِﺒ ْ‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘﺪر اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻟﻼﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾﻜﻔ ﻲ ﻟﻘ ﻮل اﻟ ﺬﱢﻛﺮ اﻟﻤ ﺄﺛﻮر‪ ،‬وﺳ ﻨﺬﻛﺮه ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﻗﻠﯿﻞ‪ ،‬وھﻮ ﯾﻘﺎرب ﻗﺪر اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬أو ﻗﺪر اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓ ﻲ اﻟﻘﯿ ﺎم ﻋﻘ ﺐ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬أو ﻗ ﺪر‬
‫اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺴﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي أن اﻟﺒﺮاء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﻛ ﻮع اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫وﺳﺠﻮده وإذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع وﺑﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮاء« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻦ ھﺬا‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ[ وﻟﻤﺎ روى ﺛﺎﺑ ﺖ ﻋ ﻦ‬
‫ﻲ ﺑﻜﻢ ﻛﻤ ﺎ رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﻨ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛﺎﺑ ﺖ‪:‬‬ ‫أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »إﻧﻲ ﻻ آﻟﻮ أن أﺻ ﱢﻠ َ‬
‫ﻛﺎن أﻧﺲ ﯾﺼﻨﻊ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻟﻢ أرﻛﻢ ﺗﺼﻨﻌﻮﻧﮫ‪ ،‬ﻛﺎن إذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻗﺎم ﺣﺘﻰ ﯾﻘ ﻮل اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﻗ ﺪ‬
‫ﻧﺴﻲ‪ ،‬وﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﻧﺴﻲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺴﺠﻮد ﻓﺮض ورﻛﻦ ﻻ ﺗﺼﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺪوﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺻﻠﻰ وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ اﻟ ﺴﺠﻮد اﻟﻤﻌ ﺮوف ﻓ ﻼ‬
‫ﻞ ]ﯾ ﺎ َأﯾﱡﮭ ﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ آ َﻣ ُﻨ ﻮا ا ْر َﻛ ُﻌ ﻮا‬ ‫ﺻ ﻼة ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺧﺎﻃ ﺐ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﻨ ﺎس ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺨ ْﯿﺮَ َﻟﻌَﱠﻠ ُﻜ ْﻢ ُﺗﻔِْﻠﺤُ ْﻮنَ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 77‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺤ ﺞ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠت ﻓ ﻲ‬ ‫ﻋ ُﺒﺪُوا ر ﱠﺑ ُﻜ ْﻢ وا ْﻓﻌَﻠُﻮا اﻟ َ‬
‫ﺠﺪُوا وا ْ‬
‫ﺳُ‬‫وا ْ‬
‫ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻛ ﻮع وھﯿﺌﺘ ﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[ وﻗﻠﻨ ﺎ ھﻨ ﺎك )وﻻ ﯾﺨﺘ ﺎر ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫أﻓﻌﺎل اﻟﺼﻼة ﻟﯿﺪل ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﮭﻤﺎ إﻻ ﻟﻜﻮﻧﮭﻤﺎ رﻛﻨﯿﻦ ﻣ ﻦ أرﻛﺎﻧﮭ ﺎ ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼ ٌة ﺑ ﺪوﻧﮭﻤﺎ( وﻋ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺖ ُﻣ ﱠ‬ ‫ﺑﻦ وھﺐ ﻗﺎل »رأى ﺣﺬﯾﻔﺔُ رﺟﻼً ﻻ ﯾُﺘﻢ اﻟﺮﻛﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﺻ ﻠﱠﯿﺖَ‪ ،‬وﻟ ﻮ ُﻣ ﱠ‬
‫ﻏﯿﺮ اﻟﻔﻄﺮة اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﷲ ﻣﺤﻤﺪاً ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑ ﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺮﻛﻮع وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ[‪.‬‬

‫وﯾﻨ ﺪب وﺿ ﻊ اﻟ ﺮﻛﺒﺘﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻗﺒ ﻞ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺨ ﺮور ﻟﻠ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ورﻓ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺠ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا‬ ‫ﺣْ‬‫اﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﮭﻮض‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي أن واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫ﺳﺠﺪ ﯾ ﻀﻊ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ ﻗﺒـ ـﻞ ﯾﺪﯾـ ـﮫ‪ ،‬وإذا ﻧﮭ ﺾ رﻓ ـﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻗﺒ ﻞ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣِﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨــﮫ‪ .‬وروى أﺑﻮ داود ﻋــﻦ واﺋﻞ رﺿــﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨــﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬ﻓ ﺬﻛﺮ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺼﻼة ‪ -‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺠﺪ وﻗﻌﺘﺎ رُﻛﺒﺘﺎه إﻟﻰ اﻷرض ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻊ ﻛﻔﱠﺎه«‪ .‬ھﻜﺬا وردت اﻟﺮواﯾﺔ‬
‫ﻞ واﺣـﺪ وھــﻲ ﻟﻐﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺸﮭﻮرة‪ .‬وروى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺑﻠﻔﻈـ »وﻗﻌﺘﺎ رُﻛﺒﺘﺎه« ﺑﻔﺎﻋﻠﯿﻦ ﻟﻔﻌـ ٍ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »إذا ﺳﺠﺪ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﺒﺪأ ﺑﺮﻛﺒﺘﯿﮫ ﻗﺒﻞ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺒﺮك ﻛﺒﺮوك اﻟﻔﺤﻞ« رواه‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﻄﺤﺎوي‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﯿﮫ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻓﯿﮫ اﻷﻣ ُﺮ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔ ﺔ‬
‫اﻟﻔﺤﻞ ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﮫ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﺎ رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل‬
‫اﷲ ‪» r‬إذا ﺳﺠﺪ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻼ ﯾﺒﺮك ﻛﻤﺎ ﯾﺒﺮك اﻟﺠﻤﻞ‪ ،‬وﻟْﯿﻀﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﺛﻢ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ«‪ .‬ﺑﺘﻘ ﺪﯾﻢ وﺿ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿﮫ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﮭ ﺬا اﻟﻠﻔ ﻆ ﯾﺨ ﺎﻟﻒ أوﻟُ ﮫ آﺧ ﺮَه‪ ،‬ﻓﺄوُﻟ ﮫ ﯾ ﺄﻣ ُﺮ ﺑﻤُﺨَﺎﻟَﻔ ِﺔ‬
‫اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ ﺑُﺮوﻛﮫ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن آﺧﺮه ﯾﺄﻣﺮ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ وھﺬا ﺗﻨﺎﻗﺾ‪ ،‬ذﻟﻚ أن اﻟﺠﻤﻞ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺒﺮك ﯾﺒﺪأ ﺑﯿﺪﯾﮫ أوﻻً‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺒﺮك ﻋﻠﻰ رﺟﻠﯿﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻌﻠ ﻮم وﻇ ﺎھﺮ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ُﻧ ﺆﻣﺮ ﻓ ﻲ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺎﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ ﺛ ﻢ ﻧ ﺆﻣﺮ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔ ﺔ اﻟﺠﻤ ﻞ؟ ﺛ ﻢ إن ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬
‫واﻟﻄﺤﺎوي ﯾﺄﻣﺮ أﯾ ﻀﺎً ﺑﻤﺨﺎﻟَﻔ ﺔِ اﻟﻔﺤ ﻞ ﻓ ﻲ ﺑﺮوﻛ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﺒ ﺪء ﺑ ﺎﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن‬
‫اﺗﻔﻘ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻣ ﺮ ﺑﻤﺨﺎﻟَﻔ ِﺔ اﻟﺠﻤ ﻞ ﻓ ﻲ ﺑﺮوﻛ ﮫ‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻟﻠﯿ ﺪﯾﻦ واﻟ ﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ .‬واﻟﻮاﻗ ﻊ‬
‫اﻟﻤُﺪرَك اﻟﻤﺤﺴﻮس ﻟﺒ ﺮوك اﻟﺠﻤ ﻞ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﺑ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ وأﺑﻲ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬ھﺬه واﺣﺪة‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﮭﻲ أن اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﺎ داود روﯾﺎ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﻌﻤ ُﺪ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﯿﺒ ﺮك ﻛﻤ ﺎ ﯾﺒ ﺮك اﻟﺠﻤ ﻞ«‪ .‬ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺄت ﻋﻠ ﻰ ذﻛ ﺮ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫واﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺄﺗﺴﺎءل‪ :‬ھﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﻏﯿﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ أم ھﻤﺎ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ؟ وﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗُ ﺬﻛﺮ‬
‫اﻟﯿﺪان واﻟﺮﻛﺒﺘﺎن ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ؟ إن اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ھﻮ اﻷﻣﺮ ﺑﻤﺨﺎﻟَﻔﺔِ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ‬
‫ﺑﺮوﻛ ﮫ‪ ،‬وأﻣ ﺎ ﺗﺮﺗﯿ ﺐ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ واﻟ ﺮﻛﺒﺘﯿﻦ ﻓﺎﺧﺘﻠﻔ ﺖ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺑ ﺸﺄﻧﮫ‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺜﺎﺑ ﺖ‪ ،‬وھ ﻮ اﻷﻣ ﺮ‬
‫ﺑﻤﺨﺎﻟَﻔﺔِ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﮫ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﺠﻤﻞ ﯾﺒﺮك ﺑﺎدﺋ ًﺎ ﺑﯿﺪﯾ ﮫ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﺄﻣﻮر ﺑﺎﻟﺒ ﺪء ﺑ ﺎﻟﺮﻛﺒﺘﯿﻦ‬
‫ﻟﺘﺘﻢ اﻟﻤﺨﺎﻟَﻔﺔُ‪ ،‬وھﺬا ﻣﻮاﻓﻖ ﻟﺤﺪﯾﺚ واﺋﻞ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻤﺎر‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑﮫ وﯾُﺘ ﺮك ﻣ ﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔ ﮫ‪ .‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻗ ﯿّﻢ‬
‫اﻟﺠﻮزّﯾ ﺔ ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ـ زاد اﻟﻤﻌ ﺎد ‪ :-‬إن ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻣﻤ ﺎ اﻧﻘﻠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ اﻟ ﺮوا ِة ﻣ ْﺘُﻨ ﮫُ‪،‬‬
‫وأﺻﻠﮫ‪ :‬وﻟْﯿَﻀَﻊْ رُﻛْﺒَﺘﯿْﮫِ ﻗﺒﻞ ﯾﺪﯾْﮫِ‪ .‬وھﻮ ﻗﻮل وﺟﯿ ٌﮫ وﺻﺎﺋﺐ‪.‬‬

‫وﻧ ﺄﺗﻲ إﻟ ﻰ اﻟ ﺬﻛﺮ واﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﻨﻘ ﻮل إﻧ ﮫ ﻗ ﺪ وردت ﻟ ﮫ ﻋ ﺪة ﺻ ﯿﻎ أﺷ ﮭﺮھﺎ وأَوْﻻھ ﺎ‬
‫]ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ[ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻓﯿُﺴﻦ اﻷﺧ ُﺬ ﺑﮭﺎ وﺗﻘﺪﯾﻤﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﯿﻎ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻗﻮل ھﺬه‬
‫اﻟﺼﯿﻎ اﻷﺧﺮى ﻋﻘﺐ ﻗﻮل ]ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ[ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬إذ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ ﺻ ﯿﻐﺘﯿﻦ أو أﻛﺜ ﺮ ھﻨ ﺎ ﺟ ﺎﺋﺰ‪،‬‬
‫وﻗـﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺮﻛﻮع وھﯿﺌﺘﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[ ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻲ ﻗ ﻮل ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻷﻋﻠ ﻰ[‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓ ﻼ ﻧﻌﯿ ﺪ‪ .‬وھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ورد اﻷﻣ ﺮ ﺑﮭ ﺎ وﻟ ﻢ ﯾَ ﺮِد اﻷﻣ ُﺮ ﺑﻘ ﻮل ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وﻏﯿﺮُھ ﺎ إﻧﻤ ﺎ‬
‫وردت ﻣﻦ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻘﻂ‪ ،‬وأواﻣﺮه ‪ r‬ﻣﻘﺪﱠﻣ ٌﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﮫ‪.‬‬

‫وﻧﺬﻛﺮ اﻵن ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﯿﻎ اﻟﻮاردة‪:‬‬

‫أ‪] -‬ﺳﺒﱡﻮحٌ ﻗُﺪﱡوسٌ ربﱡ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﺮوح[‪.‬‬

‫ﺠﺒَﺮوتِ واﻟﻤَ َﻠﻜُﻮتِ واﻟﻜِﺒﺮﯾﺎءِ واﻟ َﻌﻈَﻤﺔ[‪.‬‬

‫ب‪] -‬ﺳﺒﺤﺎن ذي اﻟ َ‬

‫ج‪ ] -‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﺮﺿﺎك ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻤﻌﺎﻓﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑ ﻚ ﻣﻨ ﻚ‪ ،‬ﻻ‬
‫أُﺣﺼﻲ ﺛﻨﺎ ًء ﻋﻠﯿﻚ‪ ،‬أﻧﺖ ﻛﻤﺎ أﺛﻨﯿﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ[ ‪.‬‬

‫ﺳﺮﱠه[‪.‬‬
‫ﺧ َﺮهُ وﻋﻼﻧ ﱠﯿ َﺘﮫُ و ِ‬
‫ﺟﱠﻠﮫُ وأ ﱠو َﻟ ُﮫ وآ ِ‬
‫د‪] -‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮﻟﻲ ذﻧﺒﻲ ُﻛﱠﻠ ُﮫ ِد ﱠﻗﮫُ و ِ‬

‫ھـ‪] -‬اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﻟ ﺴﺎﻧﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺳ ﻤﻌﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺑ ﺼﺮي ﻧ ﻮراً‪،‬‬
‫وﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وأﻣﺎﻣﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﺧﻠﻔﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻮﻗﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﺗﺤﺘ ﻲ ﻧ ﻮراً‪،‬‬
‫ﻈ ْﻢ ﻟﻲ ﻧﻮرًا[‪.‬‬
‫ﻋِ‬‫واﺟﻌ ْﻞ ﻟﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وأ ْ‬

‫و‪ ] -‬اﻟﻠﮭﻢ ﻟﻚ ﺳﺠﺪتُ‪ ،‬وﺑﻚ آﻣﻨ ﺖُ‪ ،‬وﻟ ﻚ أﺳ ﻠﻤﺖُ‪ ،‬ﺳ ﺠﺪ وﺟﮭ ﻲ ﻟﻠ ﺬي ﺧﻠﻘ ﮫ ﻓ ﺼﻮﱠره ﻓﺄﺣ ﺴﻦ‬
‫ﻖ ﺳﻤﻌَﮫ وﺑﺼَﺮه‪ ،‬ﻓﺘﺒﺎرك اﷲ أﺣﺴﻦ اﻟﺨﺎﻟﻘﯿﻦ[‪.‬‬‫ﺻ َﻮرَه‪ ،‬ﻓﺸ ﱠ‬
‫ُ‬

‫وھﻨﺎك أدﻋﯿﺔ أﺧﺮى وردت ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ‪ r‬ﯾﺪﻋﻮ ﺑﮭﺎ ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮده‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء اﻟﻮﻗ ﻮف‬
‫ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻠْﯿﻄُﻠﺒْﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﺴﺖ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺼﯿﻐﺘﯿﻦ اﻻُوﻟﯿﯿﻦ )أ ‪ ،‬ب( ﻗﺪ ورد دﻟﯿﻞُ ﻛﻞﱟ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺑﺤﺚ ]اﻟﺮﻛﻮع وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ[ ﻓﻼ ﻧﻌﯿ ﺪھﻤﺎ ﺧ ﺸﯿﺔ اﻹﻃﺎﻟ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺮﺟ ﻊ إﻟﯿﮭﻤ ﺎ ھﻨ ﺎك‪ .‬وﻧ ﺬﻛﺮ اﻵن‬
‫أدﻟﺔ اﻟﺼﯿﻎ اﻷﺧﺮى ﺣﺴﺐ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺬﻛﻮر‪:‬‬

‫‪368‬‬
‫ت رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺮاش‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠ ﺖ‬ ‫‪ -1‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻓﻘ ﺪ ُ‬
‫أﻃﻠﺒﮫ ﺑﯿ ﺪي‪ ،‬ﻓﻮﻗﻌ ﺖ ﯾ ﺪي ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺎﻃﻦ ﻗﺪﻣﯿ ﮫ وھﻤ ﺎ ﻣﻨﺘ ﺼﺒﺘﺎن‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﻋ ﻮذ‬
‫ﺳﺨَﻄﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻤﻌﺎﻓﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ‪ ،‬وأﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣﻨ ﻚ‪ ،‬ﻻ أُﺣ ﺼﻰ ﺛﻨ ﺎ ًء ﻋﻠﯿ ﻚ‪ ،‬أﻧ ﺖ‬ ‫ﺑﺮﺿﺎك ﻣﻦ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬‫ﻛﻤﺎ أﺛﻨﯿﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮده »اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ ذﻧﺒ ﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ﺳﺮﱠه« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﺧﺮَه وﻋﻼﻧﯿﺘﮫ و ِ‬
‫ﻛﻠﱠﮫ دِﻗﱠﮫ وﺟِﻠﱠﮫ وأوﻟَﮫ وآ ِ‬

‫ﺖ ﻛﯿ ﻒ ﯾ ﺼﻠﻲ‬ ‫ﺖ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ ﺧ ﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ ﻓ َﺒ َﻘ ْﯿ ُ‬ ‫‪ -3‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑ ﱡ‬

‫رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬وذﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ أﻓﻌﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬ﺛﻢ ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ ﯾﻘﻮل ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ أو ﻓﻲ ﺳﺠﻮده‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺒ ﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺳ ﻤﻌﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻓ ﻲ ﺑ ﺼﺮي ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻋ ﻦ‬
‫ﯾﻤﯿﻨﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﻋﻦ ﺷِﻤﺎﻟﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وأﻣﺎﻣﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﺧﻠﻔﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﻓﻮﻗﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬وﺗﺤﺘﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬واﺟﻌ ﻞ‬
‫ﻟﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬أو ﻗﺎل‪ :‬واﺟﻌﻠﻨﻲ ﻧﻮراً« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‬
‫ﻈ ْﻢ ﻟ ﻲ ﻧ ﻮرًا[‬
‫ﻈ ْﻢ ﻟ ﻲ ﻧ ﻮرًا« وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ‪» :‬واﺟﻌﻠﻨ ﻲ ﻧ ﻮراً« ﻓﻔﯿﮭ ﺎ زﯾ ﺎدة ھ ﻲ ]أَﻋ ِ‬ ‫ﻋِ‬
‫ﺟ ﺎء »وﻗ ﺎل َأ ْ‬
‫واﻟﺰﯾﺎدة ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ .‬وﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌ ﻞ‬
‫ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻧﻮرًا وﻓﻲ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻧﻮراً ‪ «...‬ﻓﻔﯿﮭﺎ زﯾﺎدة ]وﻓﻲ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻧﻮراً[ ﻓﺘُﻘﺒﻞ‪.‬‬

‫وأُﻟﻔ ﺖ اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ أن اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء ﻟ ﯿﺲ ﺑ ﻼزم‪ ،‬ﻓﺮواﯾ ﺎت ﻣ ﺴﻠﻢ ﻟ ﻢ ﺗﻠﺘ ﺰم ﺗﺮﺗﯿﺒ ًﺎ‬
‫واﺣﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺟﺎءت رواﯾﺘﮫ ھﻜﺬا »ﺛﻢ ﻗﺎم ﯾﺼﻠﻲ وﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮده‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌ ﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﻗﻠﺒﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬واﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﺳﻤﻌﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬واﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﺑﺼﺮي ﻧﻮراً‪ ،‬واﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬واﺟﻌ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻓ ﻮﻗﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬وﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎري ﻧ ﻮراً‪ ،‬واﺟﻌ ﻞ أﻣ ﺎﻣﻲ ﻧ ﻮراً‪ ،‬واﺟﻌ ﻞ ﺧﻠﻔ ﻲ ﻧ ﻮرًا‪،‬‬
‫ت‪.‬‬
‫ﻋﻈِﻢ ﻟﻲ ﻧﻮراً‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺦ‪ ،‬ﻓﺄﺗﺎه ﺑﻼل ﻓﺄﯾﻘﻈﮫ ﻟﻠﺼﻼة«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ َﺑ َﻘ ْﯿﺖُ‪ :‬أي رﻣﻘﺖُ وﻧﻈﺮ ُ‬ ‫وَأ ْ‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ... » r‬إذا ﺳ ﺠﺪ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻟ ﻚ‬

‫ﺻ ﻮَره‪ ،‬ﻓ ﺸﻖ ﺳ ﻤﻌَﮫ‬ ‫ﺳﺠﺪت وﺑﻚ آﻣﻨﺖ‪ ،‬وﻟﻚ أﺳﻠﻤﺖ‪ ،‬ﺳﺠﺪ وﺟﮭﻲ ﻟﻠ ﺬي ﺧﻠﻘ ﮫ ﻓ ﺼﻮﱠره ﻓﺄﺣ ﺴﻦ ُ‬
‫ﻦ اﻟﺨ ﺎﻟﻘﯿﻦ ‪ «...‬رواه أﺣﻤـ ـﺪ‪ .‬واﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓ ﻲ ھـ ـﺬا اﻟﺪﻋـ ـﺎء أﯾ ﻀﺎً ﻟ ﯿﺲ‬
‫وﺑ ﺼﺮَه‪ ،‬ﻓﺘﺒ ﺎرك اﷲ أﺣ ﺴ ُ‬
‫ﺑﻼزم‪ ،‬ﻓﻘﺪ رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻐﯿ ﺮ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻓـ ـﻲ رواﯾـ ـﺔ أﺣﻤ ـﺪ‪ ،‬وھ ﻮ ھﻜ ﺬا »اﻟﻠﮭ ﻢ ﻟ ﻚ ﺳﺠ ـﺪت وﻟ ﻚ‬
‫أﺳﻠﻤﺖ وﺑـﻚ آﻣﻨ ﺖ‪ ،‬ﺳ ﺠﺪ وﺟﮭ ﻲ ﻟﻠ ﺬي ﺧﻠﻘ ﮫ وﺻَ ﻮﱠره ﻓﺎﺣ ﺴﻦ ﺻ ﻮرَﺗَﮫ‪ ،‬وﺷ ﻖ ﺳ ﻤﻌﮫ وﺑ ﺼﺮه‪،‬‬
‫ﺗﺒﺎرك اﷲ اﺣﺴﻦ اﻟﺨﺎﻟﻘﯿﻦ«‪.‬‬

‫ھﺬه ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺒﯿﺤﺎت واﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ‪.‬أﻣﺎ ﻗﺪر ﺗﺮدادھ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد اﻟﻮاﺣ ﺪ ﻓ ﺈن أدﻧ ﻰ‬
‫اﻟﺘﻤﺎم أن ﺗُﻘﺎل ﺛﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗﯿﻠ ﺖ ﻣ ﺮ ًة واﺣ ﺪة أو ﻣ ﺮﺗﯿﻦ أﺟ ﺰأت ﻣ ﻊ ﻧﻘ ﺺ اﻟﻔ ﻀﻞ‪ ،‬وﻻ ﺣ ﱠﺪ‬
‫ﻷﻛﺜﺮه ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﻔــﺮد‪ ،‬وأﻣـــﺎ اﻹﻣﺎم ﻓﯿﺴﺒﺢ ﺑﻤﻘـﺪار ﻣــﺎ ﻻ ﯾُﺜﻘــﻞ وﯾﺸﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﺳﺒﱠﺢ ﺳﺒﻊ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت ﻓﺤ ﺴﻦ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺘﻤﻜﻦ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﻮن ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣﮭ ﻞ دون‬
‫اﺳﺘﻌﺠﺎل‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأن ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺒﻄ ﺊ ﻓ ﻲ اﻟﻨﻄ ﻖ وﻣ ﻨﮭﻢ اﻟﻤ ﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺮﻓﻖ ﻣﻄﻠ ﻮب‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻌﺸﺮ ﺗﺴﺒﯿﺤﺎت ﻓﯿﺸﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻌﻔﺎء ﻣﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻣ ﺎ ﻗ ﺎم‬
‫أﺣﺪُﻛﻢ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻠﯿﺨﻔﱢﻒ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﯿﮭﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ وﻓﯿﮭﻢ اﻟﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬وإذا ﻗﺎم وﺣﺪه َﻓ ْﻠ ُﯿﻄِﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﺷﺎء« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻛ ﻮع وھﯿﺌﺘ ﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[‬
‫ﺤ َﺰرْﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻮع ﻋﺸﺮ ﺗﺴﺒﯿﺤﺎت‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد ﻋﺸﺮ ﺗﺴﺒﯿﺤﺎت«‪.‬‬ ‫وﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﻓ َ‬

‫‪369‬‬
‫وﻻ ﯾُﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻛﻤ ﺎ ﻻ ﯾُﻘ ﺮُأ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬ﻟ ﻮرود اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻘﺖ‬
‫أﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻲ ھﺬا‪ :‬اﺛﻨﺎن رواھﻤﺎ ﻣﺎﻟﻚ وﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻟ ﺚ‬
‫رواه أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻼ ﻧﻌﯿ ﺪ‪ ،‬وﻟﯿﺮﺟ ﻊ إﻟﯿﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻛ ﻮع‬
‫وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬﱢﻛْﺮ ﻓﯿﮫ[‪.‬‬

‫وﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﺸﻒ اﻟﺠﺒﮭﺔ واﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬إن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد أن ﯾ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻒ ﯾﺪﯾﮫ وﺟﺒﮭﺘﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ ﺣ ﺎل اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬وﺣ ﺎل ﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ رﺿ ﻮان اﷲ‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﻢ وھﻮ ﻛﺎﺷ ٌ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺧﺎﻟﻒ أﺣﺪھﻢ اﻷﺻﻞ ﻧﺒﱠﮭﮫ ‪ r‬ﻓﻌﺎد إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﯿ ﺎض ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ أﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »رأى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟﻼً ﯾﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻮر اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺄوﻣﺄ ﺑﯿﺪه ارﻓ ْﻊ ﻋﻤﺎﻣﺘ ﻚ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﻼ ﯾ ﺴﺠﺪ إﻟ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ وﻗ ﺪ اﻋ ﺘ ﱠﻢ‬ ‫ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وروى ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺧﯿ ﻮان اﻟ ﺴﺒﺎﺋﻲ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﺴ َﺮ ﻋﻦ ﺟﺒﮭﺘﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬إﻻ أﻧﮫ إن ﺟﺎء ﺣﺮﱞ ﺷﺪﯾﺪ أو ﺑﺮد ﺷﺪﯾﺪ ﺑﺤﯿ ﺚ ﻛ ﺎن‬ ‫ﺤ َ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﺒﮭﺘﮫ‪ ،‬ﻓ َ‬
‫اﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ اﻷرض ﯾﺸﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﺟﺎز اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﺗﻐﻄﯿﺔ اﻟﺠﺒﮭ ﺔ واﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬أو‬
‫إﻟﻘﺎء ﺷﺊ ﻣﻦ اﻟﺜﯿﺎب ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻮد دﻓﻌـﺎً ﻟﻠﻤﺸﻘﺔ وﺗﻮﺳ ﻌ ًﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ إذا ﺻﻠﯿﻨﺎ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻈﮭﺎﺋﺮ ﺳ ﺠﺪﻧﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺛﯿﺎﺑﻨ ﺎ اﺗﱢﻘ ﺎ َء اﻟﺤ ﺮﱢ «‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻠﻲ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺷ ﺪة اﻟﺤ ﱢﺮ‬
‫‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟﻢ ﯾ ﺴﺘﻄﻊ أﺣ ﺪﻧﺎ أن ُﯾ َﻤ ﱢﻜ ﻦ وﺟ َﮭ ﮫ ﻣ ﻦ اﻷرض ﺑ ﺴﻂ ﺛﻮﺑ ﮫ ﻓ ﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫وﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﻓــﺈذا ﻟــﻢ ﯾﻘــ ـﺪر أﺣ ﺪﻧﺎ‪ «...‬وإذن ﻓ ﺈن وﺟ ﻮد ﺣﺎﺋ ﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺠﺒﮭ ﺔ واﻟﯿ ﺪﯾﻦ وﺑ ﯿﻦ اﻷرض‬
‫ﻣﺮھـﻮن ﺑﻌــﺪم اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬أو ﺑﻌـــﺪم اﻟﻘﺪرة أو ﺑﺸﺪﱠة اﻟﺤﺮﱢ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ھﻮ ﻣﺮھ ﻮن ﺑ ﺸﺪة اﻟﺒ ﺮد‪ ،‬ﻛﻤ ﻦ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ زﻣﮭﺮﯾﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاء‪ ،‬أو ﻛﻤﻦ ﯾﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻠﺞ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب واﺣـ ـﺪ ﻣﺘﻮﺷﱢﺤـ ـ ًﺎ ﺑ ﮫ ﯾﺘﻘ ﻲ ﺑ ُﻔ ﻀُﻮﻟــﮫ ﺣـ ـ ﱠﺮ اﻷرض وﺑﺮدھ ﺎ« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﯾﺘﱠﻘﻲ ﺑﻔﻀﻮﻟﮫ‪ :‬أي ﯾﺤﻤﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﺮ واﻟﺒﺮد ﺑﻤﺎ ﻓﻀﻞ وزاد ﻣﻦ ﺛﻮﺑﮫ اﻟﺬي ﯾﻠﺒﺴﮫ‪.‬‬

‫وھ ﺬا ﺣﺠ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻣﻨ ﻊ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻟﺜ ﻮب اﻟﻤﻠﺒ ﻮس‪ ،‬وأﺟ ﺎز اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻟﺜ ﻮب ﻏﯿ ﺮ‬

‫اﻟﻤﻠﺒ ﻮس ﯾﻠﻘﯿ ﮫ ﺗﺤﺘ ﮫ ﻟﯿﻜ ﻮن ﻛﺎﻟﺒ ﺴﺎط‪ ،‬ﻧﻌ ﻢ ﻓﮭ ﺬا ﺣﺠ ﺔ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻣ ﺎ روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه ‪ -‬ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ‪ -‬رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﱠﻰ ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﻲ‬
‫ﻒ ﺑﮫ‪ ،‬ﯾﻀﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻠﯿﮫ ﯾﻘﯿﮫ َﺑ ْﺮدَ اﻟﺤ ﺼﻰ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه‬
‫ﻋﺒﺪ اﻷﺷﮭﻞ وﻋﻠﯿﮫ ﻛﺴﺎ ٌء ﻣﺘﻠ ﱢﻔ ٌ‬
‫أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﺟﺎءﻧﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺼﻠﱠﻰ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺑﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻷﺷﮭﻞ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺘ ﮫ واﺿ ﻌﺎً ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ ﺛﻮﺑ ﮫ‬
‫إذا ﺳﺠﺪ«‪.‬‬

‫واﻟﻤﺤ ﺼﱢﻠﺔ ھ ﻲ أن اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ ﻃ ﺮف اﻟﻌﻤﺎﻣ ﺔ اﻟﻤﻠﺒﻮﺳ ﺔ أو ﻃ ﺮف اﻟﻜﻮﻓﯿ ﺔ أو اﻟﻄﺎﻗﯿ ﺔ‪ ،‬أو‬

‫اﻟﺴﺠﻮد ﺑﺎﻟﻘﻔﺎزات ﻓﻲ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﺟﺎﺋﺰ ﻛﻠﮫ إن ﻛﺎن ﻟﻌﺬر اﻟﺤ ﱢﺮ واﻟﺒﺮد‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﻜـﻦ ﺣ ٌﺮ وﻻ ﺑﺮ ٌد ﻛُﺮھـﺖ‬
‫ﺗﻐﻄﯿ ُﺔ اﻟﺠﺒﮭـﺔ واﻟﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺼـﻼة ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺒﻮﻟـﺔ وﺻﺤﯿﺤـﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺠﻠﺴﺔُ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ‬

‫ﺻ ﻠْﺒﮫ‪ ،‬وأن ﯾﻄﻤ ﺌﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑ ﺄن ﺗ ﺴﻜﻦ ﺣﺮﻛﺘ ﮫ‪،‬‬
‫ﯾﺠﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻘﻌ ﺪة أن ﯾﻘ ﯿﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ ُ‬
‫وﯾُﺴﻦﱡ ﻟﮫ ﺗﻄﻮﯾﻠﮭﺎ ﻟﺘﻜﻮن ﻧﺤﻮاً ﻣ ﻦ ﻗ ﺪر اﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬وﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟ ﮫ أن ﺗﺘﻮاﺻ ﻞ ﺣﺮﻛﺘ ﮫ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ اﻟﺒﺮاء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﻛﻮع اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﺳﺠﻮده‪ ،‬وإذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﱡﻛﻮع‪ ،‬وﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮاء« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻓ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[‬
‫وﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﺴﺠﻮد وھﯿﺌﺘ ﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[‪ .‬وﻋ ﻦ ﻃﻠ ﻖ ﺑ ﻦ ﻋﻠ ﻲ اﻟﺤﻨﻔ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﯾﻨﻈﺮ اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﱠﻞ إﻟﻰ ﺻﻼةِ ﻋﺒ ٍﺪ ﻻ ﯾُﻘﯿﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺻُﻠْﺒﮫ ﺑﯿﻦ رﻛﻮﻋﮭـﺎ وﺳ ﺠﻮدھﺎ«‬

‫‪370‬‬
 ‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ھﻮ وﺣﺪﯾﺜﺎن ﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻓ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[ وﻋ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ ﻋ ﻦ‬
‫أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إﻧﻲ ﻻ آﻟﻮ أن أُﺻﻠﻲ ﺑﻜﻢ ﻛﻤﺎ رأﯾﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﻨ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛﺎﺑ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن‬
‫أﻧﺲ ﯾﺼﻨﻊ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻟ ﻢ أرﻛ ﻢ ﺗ ﺼﻨﻌﻮﻧﮫ‪ ،‬ﻛ ﺎن إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻗ ﺎم ﺣﺘ ﻰ ﯾﻘ ﻮل اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﻗ ﺪ‬
‫ﻧﺴﻲ‪ ،‬وﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﻧﺴﻲ« رواه اﻟﺒﺨـﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ‬
‫ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﺴﺠﻮد وھﯿﺌﺘ ﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[ وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺴﺘﻔﺘﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬واﻟﻘﺮاءة ﺑـ اﻟﺤﻤ ُﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ ...‬وﻛﺎن إذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺠﺪة‬
‫ﻟﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻮي ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »‪ ..‬وﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬إذا ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﻗﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻘ ﻮل ﻗ ﺪ أوھ ﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﺠـﺪ وﯾﻘﻌ ﺪ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﻧﻘﻮل ﻗﺪ أوھﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل‬
‫»‪ ...‬ﺛﻢ اﺳﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓﻊ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺳ ﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻚ ﻛﻠﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻹﻗﻌﺎء ‪،‬أي اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﺒﯿﻦ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤﺪاً ﻋﻠﻰ رؤوس أﺻﺎﺑﻊ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ‬ ‫وﯾُﺴ ﱡ‬
‫واﻟﺮﻛﺒﺘﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬أي ﯾﻨﺼﺐ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ وﯾﺠﻠﺲ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻃﺎووس أﻧﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﻠﻨ ﺎ‬
‫ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓ ﻲ اﻹﻗﻌ ﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘ ﺪﻣﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﻲ اﻟ ﺴﻨﱠﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻗﻠﻨ ﺎ‪ :‬إﻧ ﺎ ﻟﻨ ﺮاه ﺟﻔ ﺎءً‬
‫ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ :‬ھﻲ ﺳﻨﺔ ﻧﺒﯿﻚ ‪ «r‬رواه أﺑﻮ داود‪ ،‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ﺧﺰﯾﻤ ﺔ وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﺑﺎﺧﺘﻼف ﯾﺴﯿﺮ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻹﻗﻌﺎء اﻟﺬي ورد اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻓﺈﻧﮫ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻹﻗﻌﺎء اﻟﻤﺴﻨﻮن‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫أن ﯾُﻠﺼﻖ إﻟْﯿَﯿَﮫ ﺑﺎﻷرض‪ ،‬وﯾﻨﺼﺐ ﺳﺎﻗﯿﮫ وﯾ ﻀﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﯾﻔﻌ ﻞ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻔﻌ ﻞ اﻟﻜﻠ ﺐ‪ .‬ھ ﺬه‬
‫أوﻻً‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ھﻲ أنﱠ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ورد ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻹﻗﻌ ﺎء روﯾ ﺖ ﺑﺄﺳ ﺎﻧﯿﺪ ﺿﻌﯿﻔ ـﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫وﻗﺪ رُوﯾﺖ أﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻠﯿﻞ‪ :‬رب اﻏﻔﺮ ﻟ ﻲ وارﺣﻤﻨ ﻲ واﺟْﺒُﺮﻧ ﻲ وارزﻗﻨ ﻲ وارﻓﻌﻨ ﻲ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ‪ :‬رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ وارﺣﻤﻨﻲ وارﻓﻌﻨ ﻲ وارزﻗﻨ ﻲ‬
‫واھﺪﻧﻲ« ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔﻆ »إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ وارﺣﻤﻨﻲ‬
‫وﻋﺎﻓـﻨﻲ واھﺪﻧﻲ وارزﻗﻨﻲ«‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ رب اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ‪ ،‬رب‬

‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وﻓﯿﮫ ﻃﻮل‬ ‫اﻏﻔﺮ ﻟﻲ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ وأﻗﺮﱠه اﻟﺬھﺒﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫‪ ،‬وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﻧﺤﻮًا ﻣﻤ ﺎ رﻓ ﻊ‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬رب اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ‪ ،‬ﻧﺤ ﻮًا ﻣﻤ ﺎ ﺳ ﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺳﺠﺪ ﻧﺤﻮًا ﻣﻤﺎ رﻓﻊ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ«‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿﺮ ﻓﯿﮫ »رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ« وھﺬا اﻟﺪﻋﺎء داﺧﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺑﺮواﯾﺎﺗ ﮫ اﻟ ﺜﻼث‪،‬‬
‫وھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺜﻼث اﻷوﻟﻰ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺑ ﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭ ﺎ ]اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ وارﺣﻤﻨ ﻲ وﻋ ﺎﻓﻨﻲ واھ ﺪﻧﻲ‬
‫وارزﻗﻨ ﻲ واﺟﺒُﺮﻧ ﻲ وارﻓﻌﻨ ﻲ[ ﻓ ُﯿ ﺪﻋﻰ ﺑﮭ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء أﺧ ﺬاً ﺑ ﺎﻟﺨﯿﺮ ﻛﻠ ﮫ‪ .‬وإن ھ ﻮ أﺣ ﺐ اﻻﺧﺘ ﺼﺎر‬
‫واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ دﻋﺎء واﺣﺪ ﻓﻠْﯿﻘﻞ ]رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ‪ ،‬رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ[ ﯾﻜﺮﱢرھﺎ‪.‬‬

‫ﺟﻠﺴ ُﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ‬
‫‪371‬‬
‫ھﻲ اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﺨﻔﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗَ ْﻌ ُﻘ ﺐ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﺠﺪة اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ وﻗﺒ ﻞ اﻟﻨﮭ ﻮض إﻟ ﻰ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‬
‫وإﻟﻰ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪ ،‬أي إذا ﻓﺮغ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ وأراد أن ﯾﻘ ﻮم ﻟﻠﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺟﻠ ﺲ‬
‫ﺟﻠ ﺴﺔ ﻗ ﺼﯿﺮة ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم‪ ،‬وإذا ﻓ ﺮغ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ وأراد أن ﯾﻘ ﻮم ﻟﻠﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ ﺟﻠ ﺲ ﺟﻠ ﺴﺔ‬
‫ﻗ ﺼﯿﺮة ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم‪ ،‬وﺗ ﺴﻤﻰ ﺟﻠ ﺴﺔ اﻻﺳ ﺘﺮاﺣﺔ‪ .‬وھ ﺬه اﻟﺠﻠ ﺴﺔ ﻣﻨﺪوﺑ ﺔ ﻣ ﺴﺘﺤﺒﺔ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗِﻼﺑ ﺔ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺟﺎءﻧﺎ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ اﻟﺤُﻮﯾﺮث ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪﻧﺎ ھﺬا‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﻷُﺻ ﻠﻲ ﺑﻜ ﻢ وﻣ ﺎ أرﯾ ﺪ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ أرﯾﺪ أن أُرﯾﻜﻢ ﻛﯿﻒ رأﯾﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗﺎل أﯾﻮب ﻓﻘﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﻗِﻼﺑﺔ‪ :‬وﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﮫ؟‬
‫ﺳ ﻠِﻤﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﯾ ﻮب‪ :‬وﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ اﻟ ﺸﯿﺦ ُﯾ ﺘ ﱡﻢ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪،‬‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺜﻞ ﺻﻼة ﺷﯿﺨﻨﺎ ھﺬا‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ َ‬
‫وإذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻋﻦ اﻟﺴﺠﺪة اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺟﻠﺲ واﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻗﯿﱠﺪھ ـﺎ‬
‫أﺑﻮ داود ﻓـﻲ رواﯾﺔ ﻟﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ »‪ ...‬ﻛﺎن إذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﺪة اﻵﺧﺮة ﻓـﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﻌﺪ ﺛﻢ‬
‫ﻗﺎم«‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ﻗﯿﱠﺪھﺎ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ »‪ ...‬ﻗﺎل ﻓﻘﻌﺪ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﺣﯿﻦ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺴﺠﺪة اﻷﺧﯿﺮة ﺛﻢ ﻗﺎم«‪ .‬وﻗﯿﱠﺪھﺎ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﺑﺎﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻘﻮﻟﮫ »ﻗﺎل أﺑ ﻮ‬
‫ﺠﺮْﻣﻲ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺆمﱡ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ‬ ‫ﺳﻠِﻤﺔ اﻟ َ‬
‫ﻗِﻼﺑﺔ‪ :‬ﻓﺼﻠﻰ ﺻﻼة ﻛﺼﻼة ﺷﯿﺨﻨﺎ ھﺬا ﯾﻌﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ َ‬
‫‪ ،r‬ﻗ ﺎل أﯾ ﻮب ‪ :‬ﻓﺮأﯾ ﺖ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺳَ ﻠِﻤﺔ ﯾ ﺼﻨﻊ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻻ أراﻛ ﻢ ﺗ ﺼﻨﻌﻮﻧﮫ‪ ،‬ﻛ ﺎن إذا رﻓ ﻊ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ اﺳﺘﻮى ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ«‪ .‬وﻟﺨﱠﺺ ﻣﺎﻟﻚ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﻮﯾﺮث رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﻘﻮﻟﮫ »إﻧﮫ رأى اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻓﻲ وِﺗ ﺮٍ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﻨﮭﺾ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ وﺗ ﺮٍ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪:‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻮي ﻗﺎﻋﺪًا« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﻔﺮدﯾﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﺰوﺟﯿﺔ ‪ ،‬وھﻤﺎ اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪.‬‬

‫وﻛﻮن ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﺧﻔﯿﻔﺔ ﻗـﺼﯿﺮة ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ﻋﺪم اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﯿﮭﺎ وﻋ ﺪم اﻟ ﺴﻜﻮن‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﻤَﯿ ﺪ اﻟ ﺴﺎﻋﺪي ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا ﻗ ﺎم إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة اﻋﺘ ﺪل ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ‬
‫ﺧُﺰﯾﻤﺔ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ُ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻗﺎل ‪ ...‬ﺛﻢ ھﻮى ﺳﺎﺟﺪًا وﻗﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﺛﻨﻰ رﺟﻠﮫ وﻗﻌﺪ ﻓﺎﻋﺘﺪل ﺣﺘﻰ ﯾﺮﺟﻊ ﻛﻞ‬
‫ﻋﻈﻢ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﮫ ﺛﻢ ﻧﮭﺾ«‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺳُﻨﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻓﺮﺿًﺎ ﻓﺬﻟﻚ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻟﻢ ﯾﻄﻠﺒﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤُﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻋﻠﱠﻤ ﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺿﺎً ﻟﻌﻠﱠﻤﮫ إﯾﺎھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ إن ﻗﻮل أﯾﻮب ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺣﻤ ﺪ »ﻓﺮأﯾ ﺖ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﺳَﻠِﻤﺔ ﯾﺼﻨﻊ ﺷﯿﺌﺎً ﻻ أراﻛﻢ ﺗﺼﻨﻌﻮﻧﮫ« ﺛﻢ ذﻛﺮ ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻓﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟ ﻰ واﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‬
‫ﻟﯿﺪل ﻋﻠﻰ أن ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﺮﺿﺎً‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ ﺗﺮﻛﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ زﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪.r‬‬

‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ اﻹﺟﺎﺑ ﺔ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ »ﺛﻨ ﻰ رﺟﻠ ﮫ وﻗﻌ ﺪ ﻓﺎﻋﺘ ﺪل‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ‬ ‫أﻣﺎ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺠﻠﻮس‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ رواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﯾﺮﺟ ﻊ ﻛ ﻞ ﻋﻈ ﻢ إﻟ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻌﮫ« ‪ .‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑﺎﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﻤﺜﻨﱠﯿ ﺔ اﻟﺮﱢﺟ ﻞ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻠ ﺴﺔ ﺗﻜ ﻮن ﺑ ﺄن‬
‫ﯾﺜﻨﻲ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى ‪ -‬أي ﯾﻔﺮﺷﮭﺎ ‪ -‬وﯾﻨﺼﺐ اﻟﺮﱢﺟﻞ اﻟﯿﻤﻨـﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻌـﺪ ﻋﻠ ـﻰ اﻟﯿ ﺴـﺮى‪ ،‬وھ ـﻲ ﺗﻤﺎﺛ ﻞ‬
‫اﻟﺠﻠﺴـﺔ ﻟﻠﺘﱠﺸﮭـﺪ اﻷوﺳـﻂ ﻛﻤﺎ ﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫إﻻ أﻧﮫ ﻟﻮ أﻗﻌﻰ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ اﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺘﯿﻦ ﻓﺈﻧﻲ أرﺟﻮ أن ﻻ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﺄس‪،‬‬
‫ﻞ أﻋﻠﻢ‪.‬‬
‫ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ أﺳﮭﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻮض‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﻮﺳﱠﻊ‪ ،‬واﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬

‫اﻟﺘﺸ ﱡﮭ ُﺪ وھﯿﺌ ُﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ‬

‫ﻟﻠﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻋﺪة ﺻﯿﻎ ﻣﺄﺛﻮرة أذﻛﺮ ﻟﻜﻢ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫‪372‬‬
‫ت واﻟﻄﯿﺒﺎتُ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم‬
‫أ‪] -‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ واﻟﺼﻠﻮا ُ‬
‫ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ[‪.‬‬

‫ب‪] -‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ اﻟﻄﯿﺒﺎتُ اﻟﺼﻠﻮاتُ ﷲ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم‬
‫ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ[‪.‬‬

‫ج‪] -‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ اﻟﻤﺒﺎرﻛ ﺎتُ اﻟ ﺼﻠﻮاتُ اﻟﻄﯿﺒ ﺎت ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‬
‫وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨ ﺎ وﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ اﻟ ﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫رﺳﻮل اﷲ[‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ر ﱠﺗﺒ ﺖُ ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻎ ﺣ ﺴﺐ اﻷوﻟﻮﯾ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷَوﻟﻰ أن ﯾﺄﺧ ﺬ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬وإﻻ‬
‫ﻓﺎﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وإﻻ ﻓﺎﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬وھﺬه ھﻲ أدﻟﺘﮭﺎ ﺣﺴﺐ ﺗﺮﺗﯿﺒﮭﺎ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ إذا ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﻠﻨﺎ ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﷲ ﻗﺒﻞ ﻋﺒﺎده‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺮﯾﻞ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻓﻼن‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧ ﺼﺮف اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫‪ r‬أﻗﺒﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﻮﺟﮭﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن اﷲ ھﻮ اﻟ ﺴﻼم‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺟﻠ ﺲ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠْﯿﻘ ﻞ‪ :‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ ﷲ‬
‫واﻟﺼﻠﻮاتُ واﻟﻄﯿﺒﺎتُ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ‬
‫اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ إذا ﻗﺎل ذﻟﻚ أﺻﺎب ﻛﻞﱠ ﻋﺒ ٍﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء واﻷرض‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪،‬‬
‫وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﯿﺘﺨﯿﺮ ﺑﻌ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﻣﺎ ﺷﺎء« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻓﻼن ‪ -‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻓﻼن وﻓ ﻼن ‪ :-‬ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ .‬ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ »‪ ...‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺮاﺋﯿﻞ وﻣﯿﻜﺎﺋﯿ ﻞ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ﻓ ﻼن‬
‫وﻓﻼن‪ ،‬ﯾﻌﻨﻮن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ‪ .«...‬وﻗﻮﻟﮫ ﻟﯿﺘﺨﯿﺮ ﺑﻌ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم‪ :‬اﻟﻜ ﻼم ھﻨ ﺎ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ .‬ﺑﺪﻻﻟ ﺔ رواﯾ ﺔ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وھﻲ »‪ ...‬ﻟﯿﺘﺨﯿﺮ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء أﻋﺠﺒﮫ إﻟﯿﮫ ‪.«...‬‬ ‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻲ داود واﺑﻦ ُ‬

‫ب‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ اﻷﺷ ﻌﺮي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »‪ ...‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧﻄﺒﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﺒ ﯿﻦ ﻟﻨ ﺎ‬

‫ﺳﻨﱠﺘﻨﺎ وﻋﻠﱠﻤﻨﺎ ﺻﻼﺗﻨﺎ ﻓﻘﺎل‪ ...‬وإذا ﻛﺎن ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻌﺪة ﻓﻠ ﯿﻜﻦ ِﻣ ﻦ أول ﻗ ﻮل أﺣ ﺪﻛﻢ‪ :‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ اﻟﻄﯿﺒ ﺎتُ‬
‫ُ‬
‫ت ﷲ ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨ ﺎ وﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ‬ ‫اﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬
‫اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‬
‫وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻌﻠﻤﻨﺎ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻤﻨ ﺎ اﻟ ﺴﻮرة‬
‫ت اﻟﻄﯿﺒ ﺎتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ‬ ‫ت اﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬‫ت اﻟﻤﺒﺎرﻛ ﺎ ُ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎ ُ‬
‫ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن‬
‫ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﻄﺤﺎوي ﺑﻠﻔﻆ »وأن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳ ﻮل اﷲ«‪ .‬ورواه‬
‫ت ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ‬ ‫ت اﻟﻄﯿﺒ ﺎ ُ‬
‫ت اﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬‫ت اﻟﻤﺒﺎرﻛ ﺎ ُ‬
‫أﺣﻤﺪ واﺑ ﻦ ﺣِﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎ ُ‬
‫ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬ﺳﻼمٌ ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ اﻟ ﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟ ﮫ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ« ﺑﺘﻨﻜﯿﺮ ]ﺳﻼم[ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ اﻟﻤﺒﺎرَﻛﺎتُ اﻟﺼﻠﻮاتُ اﻟﻄﯿﺒﺎتُ ﷲ‪ ،‬ﺳﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪،‬‬
‫ﺳ ﻼمٌ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ وﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ اﻟ ﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا رﺳ ﻮل اﷲ«‬
‫ت اﻟﻤﺒﺎرَﻛ ﺎتُ اﻟ ﺼﻠﻮاتُ اﻟﻄﯿﺒ ﺎتُ‬
‫ﺑﺘﻨﻜﯿﺮ ]ﺳﻼم[ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻌﯿﻦ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎ ُ‬
‫ﷲ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ‬
‫أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳـﻮﻟﮫ«‪ .‬ﻓﺬﻛﺮ ]ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ[ ﺑﺪل ]رﺳﻮل اﷲ[‪ .‬ﻓﮭﺬه‬
‫اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ﻗ ﺪ اﺿ ﻄﺮﺑﺖ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬ﻓﺄﺳ ﻘﻄﮭﺎ اﻻﺿ ﻄﺮاب ﻋ ﻦ ﻣ ﺴﺘﻮى ﺳ ﺎﺑﻘﺘﯿﮭﺎ ﻓﻜﺎﻧ ﺖ‬

‫‪373‬‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻷوﻟ ﻰ واﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﻠ ﻢ ﺗ ﻀﻄﺮب ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﺮواﯾ ﺎت‪ ،‬وﻟﻜ ﻮن اﻷوﻟ ﻰ اﺗﻔ ﻖ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻷوْﻟﻰ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﺣﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﻗ ـﺪ رُوي ﻋﻨ ﮫ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻷوْﻟﻰ‪ ،‬وﺟﻌﻠﺘﮭﺎ ا َ‬‫اﻟﺸﯿﺨﺎن ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﺘﮭﺎ ا ُ‬
‫ﻏﯿ ﺮ وﺟ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ أﺻ ﺢ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﱠﺘ ﺸﮭﱡﺪ‪ ،‬واﻟﻌﻤ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﻨ ﺪ أﻛﺜ ﺮ أھ ﻞ اﻟﻌﻠ ﻢ ﻣ ﻦ‬
‫أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬و َﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ(‪ .‬ﺛ ﻢ إن رواﯾ ﺎت اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﻧُﻘ ﻞ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﺗﻠﻘﱠﺎھ ﺎ ﻋ ﻦ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻠﻘﯿﻨ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟﺒﺨ ﺎري ﻋﻨ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ »ﻋﻠﻤﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ - r‬وﻛﻔ ﻲ ﺑ ﯿﻦ ﻛﻔﯿ ﮫ ‪-‬‬
‫ت اﻟﺘ ﺸﮭﱡ َﺪ ِﻣ ﻦ ﻓ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻟ ﱠﻘﻨِﯿﮭ ﺎ ﻛﻠﻤ ًﺔ‬
‫اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ‪ .«...‬وروى اﻟﻄﺤ ﺎوي ﻋﻨ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ »أﺧ ﺬ ُ‬
‫ﻛﻠﻤﺔً ‪ . «...‬ﻓﮭﺬه زﯾﺎدةٌ ﻓﻲ ﻗﻮة اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟﻰ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﺻﯿﻎ أﺧﺮى ﻟﻠﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﻏﯿﺮ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﺜﻼث ﻻ ﺑﺄس ﺑﺈﻃﻼﻋﻜﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪:‬‬

‫أ‪] -‬ﺑﺴﻢ اﷲ وﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ واﻟﺼﻠﻮاتُ واﻟﻄﯿﺒﺎتُ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‬
‫وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا ﻋﺒﺪه‬
‫ورﺳﻮﻟﮫ[ وﻗﺪ وردت ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ‬
‫وردت ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻻﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻟﻜ ﻦ ﺑﺰﯾ ﺎدة ]ﷲ[ ﻋﻘ ﺐ ]واﻟﻄﯿﺒ ﺎت[ وﻻ َﯾ ْﺒ ُﻌ ﺪ ﻋﻨ ﺪي أن ﺟ ﺎﺑﺮًا ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻔﺘﺘﺢ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﺑﻘﻮﻟﮫ ]ﺑﺴﻢ اﷲ وﺑﺎﷲ[ ﺗﺒﺮﱡﻛﺎً ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻌﺘﺒﺮ ذﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﻣﻦ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﻧﻔﺴﮭﺎ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫ورد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ِذﻛْﺮ »أﺳﺄل اﷲ اﻟﺠﻨﺔ وأﻋﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر« ﻋﻘﺐ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ‪ ،‬ﻓﻠﻢ أﻋﺘﺒﺮھﺎ‬
‫ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻲ دﻋﺎء ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﮭﱡﺪ‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ‬
‫ﻣﺎ ﺟـﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫ﺸﮭﱠﺪ ﺛ ﻢ أﺳ ﺄل اﷲ اﻟﺠﻨ ﺔ وأﻋ ﻮذ ﺑ ﮫ‬ ‫]اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺼﻼة [ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﻗﺎل أ َﺗ َ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ‪ .«...‬ﻓﺠﻌﻞ ھﺬا اﻟﻘﻮل دﻋﺎ ًء ﻏﯿﺮ داﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﮭﺪ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻓ ﺈن ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ‬
‫اﻟﻮاردة ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ھﻲ ﺻﯿﻐﺔ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد اﻷوﻟﻰ ﻧﻔﺴُﮭﺎ‪.‬‬

‫ب‪] -‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ اﻟﺼﻠﻮاتُ اﻟﻄﯿﺒﺎتُ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم‬
‫ن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ اﻟ ﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أ ﱠ‬
‫ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ[ وﻗﺪ ﺟﺎءت ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺑﻲ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻛﻤﺎ رواھﺎ اﻟﻄﺤﺎوي وﻟﻜﻦ ﺑﺪون ]وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ[ ﻓﻲ رواﯾﺔ ‪ ،‬وﺑﮭﺎ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ‪.‬‬

‫ت اﻟﺰاﻛﯿﺎتُ ﷲ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ‪ ،‬وأن‬ ‫ت اﻟﺼﻠﻮا ُ‬

‫ت اﻟﻄﯿﺒﺎ ُ‬
‫ج‪] -‬اﻟﺘﺤﯿﺎ ُ‬
‫ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ‬
‫اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ[ وھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ رواھﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺔ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻣﻘﺪﱠﻣ ًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪.r‬‬

‫ت اﻟ ﺼﻠﻮاتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‬‫ت ﷲ اﻟﻄﯿﺒ ﺎ ُ‬ ‫د‪] -‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ ﷲ اﻟﺰاﻛﯿ ﺎ ُ‬
‫وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا ﻋﺒﺪه‬
‫ورﺳﻮﻟﮫ[ وھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ رواھﺎ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻄﺤﺎوي ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ‪،‬‬
‫وﻟﯿ ﺴﺖ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ اﻟﻄﺤ ﺎوي ﻟﻔﻈ ُﺔ ]اﻟﻄﯿﺒ ﺎت[ وھﻨ ﺎك ﺻ ﯿﻎ ﻏﯿ ﺮ ھ ﺬه ﻟﻠﺘ ﺸﮭﺪ ﻟ ﻢ أر ﺿ ﺮورة‬
‫ﻹﯾﺮادھﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ أﺣﺐ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻠْﯿﻄﻠﺒﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻧﱢﮭﺎ‪.‬‬

‫وﺑﺎﺳ ﺘﻌﺮاض ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟ ﻮاردة ھﻨ ﺎ ﻧﺠ ﺪ أﻧﮭ ﺎ ﺟ ﺎءت ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ« أو »ﺳ ﻼمٌ ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ« أي أﻧﮭ ﺎ ﻛﻠﱠﮭ ﺎ ﺟ ﺎءت‬
‫ﺑﺼﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄﺎب‪ ،‬ﻏﯿﺮ أن ﻋﺪداً ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺄن ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄﺎب ﻛ ﺎن ﻣﻌﻤ ﻮﻻً ﺑﮭ ﺎ واﻟﺮﺳ ﻮل‬

‫‪374‬‬
‫‪ r‬ﺣﻲﱞ‪ ،‬وأن ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺻﯿﻐﺔ اﻟ َﻐﯿْﺒﺔ ‪ -‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ ‪ -‬ﺑﻌ ﺪ‬
‫وﻓﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻋﻠﱠﻤﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟ ﱠﺘ ﺸﮭﱡﺪ‪ ،‬ﻛ ﱢﻔ ﻲ ﺑ ﯿﻦ ﻛﻔﱠﯿ ﮫ‪،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ت واﻟﻄﯿﺒ ﺎتُ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ‬ ‫ت ﷲ واﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬ ‫ﯾﻌﻠﱢﻤﻨﻲ اﻟﺴﻮرة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ :‬اﻟﺘﺤﯿﺎ ُ‬
‫اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒ ﺎد اﷲ اﻟ ﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫ﻋﺒ ﺪه ورﺳ ﻮﻟﮫ‪ ،‬وھ ﻮ ﺑ ﯿﻦ ﻇﮭﺮاﻧﯿﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ُﻗ ﺒﺾ ﻗﻠﻨ ﺎ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ت ﷲ‪،‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻛ ﺎن ﯾﺘ ﺸﮭﺪ ﻓﯿﻘ ﻮل »ﺑ ﺴﻢ اﷲ ‪ ،‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬
‫اﻟﺰاﻛﯿﺎتُ ﷲ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ «...‬رواه ﻣﺎﻟﻚ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺗﻌﻠﻤﻨ ﺎ اﻟﺘ ﺸﮭــﺪ وﺗ ﺸﯿﺮ ﺑﯿ ﺪھﺎ ﺗﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ‬
‫ت ﷲ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ «...‬رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬ ‫ت اﻟﺰاﻛﯿﺎ ُ‬
‫ت اﻟﺼﻠﻮا ُ‬
‫اﻟﻄﯿﺒﺎ ُ‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﻗﺎل » ﺳﻤﻌﺖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﯾﻘﻮﻻن ﻓﻲ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ :‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ‬
‫ت اﻟﻄﯿﺒ ﺎتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ ‪ « ...‬رواه ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﻤﺒﺎرﻛ ﺎتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺼﻠﻮا ُ‬
‫اﻟﺮزاق‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ ﻋﻄﺎء »أن أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺴﻠﱢﻤﻮن واﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺣ ﱞ‬

‫ﻲ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ« رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪.‬‬

‫ﻓﻨﺠﯿﺐ ھﺆﻻء ﺑﺄن ﺗﻌ ﱡﺪدَ ﺻﯿﻎ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﻻ ﺻ ﯿﻐﺔ ﺑ ﺬاﺗﮭﺎ واﺟﺒ ﺔ دون ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وأن‬
‫ھﺬا اﻟﺘﻌﺪد ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز اﻷﺧ ﺬ ﺑﺄﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐ ٍﺔ ﻣ ﺄﺛﻮرةٍ واردةٍ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺧ ﺬ ﺑﺄﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐﺔ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻎ‬
‫ﺳ ﻊ‪ .‬ﻓﻜﻤ ﺎ أﻧ ﮫ ﯾﺘ ﺴﻊ ﻟﮭ ﺬه‬
‫ﺟ ﺎﺋﺰ ﺷ ﺮﻋﺎً‪ ،‬و ُﻣ ﺴﻘﻂٌ ﻟﻠﻔ ﺮض واﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮُ ﻓ ﻲ أﻟﻔ ﺎظ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ﻣﻮ ﱠ‬
‫اﻟ ﺼﯿﻐﺔ وﻟﺘﻠ ﻚ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﯾﺘ ﺴﻊ ﻛ ﺬﻟﻚ ﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄ ﺎب وﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻐﯿﺒ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا اﻻﺗ ﺴﺎع ﻻ ﯾﻨﻔ ﻲ اﻟﻘ ﻮل‬
‫ﺑﺄوﻟﻮﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﺑﺄوﻟﻮﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄﺎب ﻋﻠﻰ ﺻﯿﻐـﺔ اﻟ َﻐﯿْﺒﺔ ﻣﻊ ﺟﻮاز اﻟﻜﻞ ﻃﺒﻌًﺎ‪.‬‬

‫ق ﻋﺪﯾ ﺪ ٍة زاد رُواﺗﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﺟ ﺎءت ﻛﻠﮭ ﺎ‬

‫ﻓﺮواﯾﺔ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻧُﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻃﺮ ٍ‬
‫ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ دون أي اﺧ ﺘﻼف‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ﻣ ﺮﺟﺢٌ ﻣﻌﺘﺒ ٌﺮ ﻟﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ اﻟﺮواﯾ ﺎت واﻷﻟﻔ ﺎظ‪.‬‬
‫ﻓ ﺎﻟﻘﻮل ﺑ ﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﻻ ﯾﻨﻔ ﻲ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺘﻔ ﻀﯿﻞ إﺣ ﺪاھﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ‪ .‬وﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪﻋﻢ اﻟﻘ ﻮل أﯾ ﻀًﺎ ﺑﺘﻔ ﻀﯿﻞ‬
‫ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄﺎب ﻋﻠﻰ ﺻﯿﻐﺔ اﻟ َﻐﯿْﺒﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﺟﻤﯿﻊ رواة اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﻗــﺪ اﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ رواﯾـ ـﺔ ﺻﯿﻐـ ـﺔ اﻟﺨﻄــ ـﺎب دون‬
‫أن ﯾﻘﯿﺪوھﺎ ﺑﺤﯿﺎة اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﯿﺪًا ﻟﮭﺎ ﻟﺬﻛﺮوه‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺪ ذﻛﺮ ﺻ ﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ أﻣ ﺎم اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪،‬‬
‫وأن ذﻟﻚ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﮫ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﻨﻜ ﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮﻃ ﺄ »ﻋ ﻦ‬
‫ي أﻧﮫ ﺳ ﻤﻊ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﯾﻌ ﱢﻠ ﻢ اﻟﻨ ﺎس اﻟﺘ ﺸﮭﺪ‪،‬‬ ‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒ ٍﺪ اﻟﻘﺎر ﱢ‬
‫ت اﻟ ﺼﻠﻮاتُ ﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿ ﻚ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ورﺣﻤ ﺔ‬ ‫ت ﷲ‪ ،‬اﻟﻄﯿﺒ ﺎ ُ‬
‫ت ﷲ‪ ،‬اﻟﺰاﻛﯿ ﺎ ُ‬‫ﯾﻘﻮل ﻗﻮﻟﻮا‪ :‬اﻟﺘﺤﯿﺎ ُ‬
‫اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷ ﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ«‪.‬‬

‫‪375‬‬
‫‪ - 3‬ﻟ ﻢ ُﯾ ﺮو أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻋﱠﻠ ﻢ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺻ ﯿﻐﺘﯿﻦ‪ :‬ﺻ ﯿﻐ ًﺔ ﯾﻘﻮﻟﻮﻧﮭ ﺎ وھ ﻮ ﺣ ﻲﱞ‪ ،‬وﺻ ﯿﻐ ًﺔ‬
‫ﯾﻘﻮﻟﻮﻧﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻤﮭﻢ ﺻ ﯿﻐﺔ واﺣ ﺪة ھ ﻲ ﺻ ﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄ ﺎب‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ ﺑﺘﺮﻛﮭ ﺎ واﻷﺧ ﺬ‬
‫ﺑﺼﯿﻐﺔ اﻟﻐﯿﺒﺔ إذا ﻣﺎت‪.‬‬

‫ﻟﮭﺬه اﻷﺳﺒﺎب ﻓﺈﱠﻧ ﺎ ﻧ ﺬھﺐ إﻟ ﻰ ﺗﻔ ﻀﯿﻞ ﺻ ﯿﻐﺔ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﯿﻐﺔ اﻟ َﻐﯿْﺒ ﺔ‪ ،‬وﻧ ﺮى أن ﺻ ﯿﻐﺔ‬
‫اﻟ َﻐﯿْﺒ ﺔ ﻟﯿ ﺴﺖ إﻻ اﺟﺘﮭ ﺎدًا ﻣ ﻦ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﯾ ﺼﺢ أﺧ ﺬه وﺗﻘﻠﯿ ﺪه ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺼﺢ ﺗﺮﻛ ﮫ‪ ،‬وأﻧ ﺎ أﻗ ﻮل‬
‫ﺑﺄوﻟﻮﯾﺔ ﺗﺮﻛﮫ‪.‬‬

‫وﯾﺠﻠﺲ ﻟﻠﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ‪ ،‬وﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ـﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺜﻼﺛﯿ ﺔ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ذﻛ ﺮ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟﺠﻠ ﺴﺘﯿﻦ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »‪ ...‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل إذا ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ وﺳ ﻂ اﻟ ﺼﻼة وﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ت ﷲ ‪.«...‬‬
‫َو ِرﻛِﮫ اﻟﯿﺴﺮى اﻟﺘﺤﯿﺎ ُ‬

‫واﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ وﺳ ﻂ اﻟ ﺼﻼة ھ ﻮ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ اﻷول‪ ،‬واﻟ ﺬي ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ ھ ﻮ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬان‬
‫اﻟﺘﺸﮭﺪان واﺟﺒﺎن ﻣﻔﺮوﺿﺎن‪ ،‬ﻻ ﯾﺠﻮز ﺗﺮﻛﮭﻤﺎ أو ﺗﺮك أﺣ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﻧﻘ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ أن ﯾُﻔ ﺮض اﻟﺘ ﺸﮭ ُﺪ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ اﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ ﺟﺒﺮﯾ ﻞ‬
‫وﻣﯿﻜﺎﺋﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻻ ﺗﻘﻮﻟ ﻮا ھﻜ ﺬا‪ ،‬ﻓ ﺈن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ھ ﻮ اﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻗﻮﻟ ﻮا‪:‬‬
‫اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ واﻟﺼﻠﻮاتُ واﻟﻄﯿﺒﺎتُ ‪ «...‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﺻﺤﺤﮫ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ‬
‫»ﻗﺒﻞ أن ﯾُﻔﺮَض اﻟﺘﺸﮭﺪ« وھﺬا واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ‪ ،‬وھﻮ ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺘﱠ ﺸﮭﱡﺪ اﻷول واﻟ ﱠﺘ ﺸﮭﱡﺪ اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ‬
‫ﺤﯿْﻨﺔَ اﻷﺳﺪي ﺣﻠﯿﻒُ‬ ‫ﻦ ُﺑ َ‬
‫ﻟﮫ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ »ﻓﻘﻮﻟﻮا ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻠﺴﺔ«‪ .‬وروى ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ُ‬
‫ﺑﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎم ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻠ ﻮس‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أﺗ ﻢﱠ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺳ ﺠﺪ‬
‫ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺠﺪة وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬وﺳﺠﺪھﻤﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﻌ ﮫ ﻣﻜ ﺎن ﻣ ﺎ ﻧ ﺴﻲ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺠﻠ ﻮس« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »ﻗ ﺎم ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻠ ﻮس« ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺠﻠ ﻮس‬
‫ﻟﻠﺘﺸﮭﺪ اﻷول‪ ،‬وﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن ھﺬا اﻟﺠﻠﻮس واﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وأﯾﻀ ًﺎ ﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺧﺬ ﺑﯿﺪ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ ،‬ﻓﻌﻠﱠﻤﮫ اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻘ ﺎل ﻗ ﻞ‪ :‬اﻟﺘﺤﯿ ﺎتُ ﷲ ‪ ...‬وأن‬
‫ﺖ ﺻ ﻼﺗﻚ‪ ،‬إن ﺷ ﺌﺖ‬ ‫ﻣﺤﻤـﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺈذا ﻗﻀﯿﺖ ھﺬا أو ﻗﺎل ﻓﺈذا ﻓﻌﻠ ﺖ ھ ﺬا ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﻀﯿ َ‬
‫أن ﺗﻘﻮم ﻓﻘﻢ ‪ ،‬وإن ﺷﺌﺖ أن ﺗﻘﻌﺪ ﻓﺎﻗﻌﺪ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود واﻟﺪارﻣﻲ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪ .‬ﻏﯿﺮ أن‬
‫ظ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ أن اﻟﺠﻤﻠ ﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة ُﻣ ْﺪرَﺟ ٌﺔ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ ﻗﻮَﻟ ُﮫ‬
‫ﺤﻔْﺎ َ‬
‫اﻟ ُ‬
‫ﺖ ﺻ ﻼﺗﻚَ‪ «...‬وﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬ ‫»ﻓﺈذا ﻗﻀﯿﺖَ ھﺬا‪ ،‬أو ﻗﺎلَ‪ :‬ﻓﺈذا ﻓﻌﻠﺖَ ھﺬا ﻓﻘ ْﺪ ﻗﻀﯿ َ‬
‫ﻓﯿﻜﻮن ھﺬا اﻟﻘﻮل إذن ﻗﻮل ﺻﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وأﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﺣﻜﺎم ﺷﺮﻋﯿﺔ ﯾﺼﺢ أﺧ ﺬھﺎ وﺗﻘﻠﯿ ﺪھﺎ‪ .‬وأﯾ ﻀًﺎ‬
‫رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾُﻌﱢﻠﻤُﻨ ﺎ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻌﻠﻤﻨ ﺎ اﻟ ﺴﻮرة ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﯾﻘﻮل ﺗﻌﻠﱠﻤﻮھﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﺻﻼة إﻻ ﺑﺘﺸﮭﺪ« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪ .‬ووﺛﱠﻖ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ رﺟ ﺎل ﺳ ﻨﺪه‪ .‬وروى‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ ﺗﻤﺎم اﻟﺼﻼة«‪ .‬وروى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻋﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻻ ﺗﺠ ﻮز ﺻ ﻼةٌ إﻻ ﺑﺘ ﺸ ﱡﮭ ٍﺪ« ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓﺎﻧ ﻀﻢ ﻗ ﻮل ﻋﻤ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻤﺮوﯾ ﺎت اﻷرﺑﻌ ﺔ ﯾُﺆﺧ ﺬ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺣﻜ ﻢ وﺟ ﻮب‬
‫اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫واﻟﱠﺘ ﺸﮭﱡﺪ اﻷول ﯾﺠﻠ ﺲ ﻟ ﮫ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻧﺎﺻ ﺒﺎً رِﺟﻠ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻣُﻮَﺟﱢﮭ ﺎً ﺻ ﺪرھﺎ ﻧﺤ ﻮ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻣﻔﺘﺮﺷ ًﺎ‬
‫رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى ﺟﺎﻟﺴًﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﯾﺠﻠ ﺲ ﻟﻠﺘ ﺸﮭﺪ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻋﻠ ﻰ َورِﻛِ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى ﺑ ﺄن ُﯾﻘَ ﺪﱢم رِﺟﻠ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى‬
‫ﻓﯿﻀﻌﮭﺎ ﺑﯿﻦ ﻓﺨﺬه وﺳ ﺎﻗﮫ‪ ،‬وﯾﺠﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻘﻌﺪﺗ ﮫ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺠﻠﻮﺳ ﯿﻦ ﯾ ﻀﻊ راﺣﺘ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه‬
‫اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬وراﺣﺘ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿ ﺴﺮى ﻗﺎﺑ ﻀﺎً ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ ﺑﺄﺻ ﺎﺑﻌﮫ‪ ،‬وﯾ ﻀ ﱡﻢ أﺻ ﺎﺑﻊ ﯾ ﺪه‬
‫اﻟﯿﻤﻨﻰ اﻟﺨﻨﺼﺮ واﻟﺒﻨﺼﺮ واﻟﻮﺳﻄﻰ‪ ،‬وﯾﻀﻊ إﺑﮭﺎﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺳﻄﻰ‪ ،‬وﯾﻤ ﺪﱡ ﺳ ﺒﱠﺎﺑﺘﮫ ﻣ ﺪاً ﺧﻔﯿﻔ ﺎً ﺿ ﻌﯿﻔًﺎ‬

‫‪376‬‬
‫ﻼ ‪ -‬وﯾﺒﻘﯿﮭﺎ ھﻜﺬا ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺪﻋﺎء‪ ،‬ﻓﮭﺬه ھ ﻲ اﻟﮭﯿﺌ ﺔ اﻟﻤﺜﻠ ﻰ ﻟﺠﻠ ﻮس اﻟﺘ ﺸﮭﺪ‪،‬‬ ‫‪ -‬أي ﯾﺠﻌﻠﮭﺎ ﻣﻨﺤﻨﯿ ًﺔ ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﺣﺠْﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗ ﺪﻣﺖُ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﻷﻧﻈ ﺮنﱠ إﻟ ﻰ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬ ‫ﻓﻌﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫ﻓﻠﻤ ﺎ ﺟﻠ ﺲ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ‪ -‬ﻟﻠﺘ ﺸﮭﺪ‪ ،‬اﻓﺘ ﺮش رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه‬
‫اﻟﯿ ﺴﺮى ‪ -‬وﻧ ﺼﺐ رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ« رواه اﻟﺘﱢﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈ ﮫ »‪ ...‬وإذا ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ‬
‫ﺢ اﻟﯿ ﺴﺮى وﻧ ﺼﺐ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ وﻧ ﺼﺐ أُﺻ ﺒﻌﮫ‬ ‫اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ أَﺟﻨ َ‬
‫ﻟﻠﺪﻋﺎء‪ ،‬ووﺿﻊ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﻋﻠﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿ ﺴﺮى ‪ .«...‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وﻟﻔﻈ ﮫ »‪ ...‬ﺛ ﻢ ﻗﻌ ﺪ ﻓ ﺎﻓﺘﺮش‬
‫رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬ﻓﻮﺿﻊ ﻛﻔﮫ اﻟﯿﺴﺮى ﻋﻠﻰ ﻓﺨ ﺬه ورﻛﺒﺘ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ ﺣ ﱠﺪ ﻣﺮﻓﻘ ﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻓﺨﺬه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺒﺾ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺤﱠﻠ ﻖ ﺣﻠﻘ ًﺔ ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ أُﺻ ﺒﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺘ ﮫ ﯾﺤ ﱢﺮﻛُﮭ ﺎ ﯾ ﺪﻋﻮ ﺑﮭ ﺎ«‪.‬‬
‫ﺴﺒﱠﺎﺑﺔ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓﺮأﯾﺘ ﮫ‬‫وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أُﺧ ﺮى ﻷﺣﻤ ﺪ »‪ ...‬ﺣﱠﻠ ﻖ ﺑﺎﻟﻮﺳ ﻄﻰ واﻹﺑﮭ ﺎم‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﺎﻟ ﱠ‬
‫ﯾﺤﺮﻛﮭﺎ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﮭﺎ‪ :‬أي ﯾﺤﺮﱢﻛُﮭﺎ ﻣِﻦ ﻣﻮﺿﻌﮭﺎ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ‪ .‬ﻓﮭﻮ إذا ﻧﺼﺒﮭﺎ ﺛﺒﱠﺘﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫ھﯿﺌﺘﮭﺎ ﻃﯿﻠ ﺔ اﻟ ﺪﻋﺎء دون أن ﯾُﺮﺟِﻌَﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻌﮭﺎ‪ ،‬أو ﯾُ ﺪﯾﻢ ﺗﺤﺮﯾﻜﮭ ﺎ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻔﻌ ﻞ ﻛﺜﯿ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻟﻠﺴﱠﺒﺎﺑﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ھﻲ اﻟﺘﻄﺒﯿ ﻖ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫أﺣﻤﺪ‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ روى ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ذﻛﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺸﯿﺮ ﺑﺄﺻ ﺒﻌﮫ‬
‫إذا دﻋﺎ وﻻ ﯾُﺤﺮﱢﻛﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﺟُﺮﯾْﺞ‪ :‬وزاد ﻋﻤﺮو ﺑﻦ دﯾﻨﺎر ﻗﺎل‪ :‬أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ أﻧ ﮫ رأى‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺪﻋﻮ ﻛﺬﻟﻚ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وروى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق اﻟﺸﻄﺮ اﻷول‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ُ‬
‫ﺣﻤَﯿ ﺪ‬
‫اﻟﺴﱠﺎﻋﺪي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﻧ ﺎ ﻛﻨ ﺖ أﺣﻔﻈ ُﻜ ﻢ ﻟ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬رأﯾﺘ ﮫ إذا ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﺟﻌ ﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ‬
‫ﺣِﺬاء ﻣﻨﻜﺒﯿﮫ ‪ ...‬ﻓﺈذا ﺟﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى وﻧﺼﺐ اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وإذا ﺟﻠﺲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻵﺧﺮة ﻗﺪﱠم رِﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى وﻧﺼﺐ اﻷُﺧﺮى‪ ،‬وﻗﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪﺗ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﺧ ﺮ رﺟﻠ ﮫ‬‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ »‪ ...‬ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘ ﻀﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺼﻼة أ ﱠ‬ ‫رواﯾﺔ ﻻﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﯿﺴﺮى‪ ،‬وﻗﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺷِﻘﱢﮫِ ﻣﺘﻮرﱢﻛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﻠﻢ«‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا‬
‫ش ﻗﺪﻣ ﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿ ﺴﺮى‬ ‫ﻗﻌﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺟﻌﻞ ﻗﺪﻣﮫ اﻟﯿﺴﺮى ﺑﯿﻦ ﻓﺨﺬه وﺳﺎﻗﮫ‪ ،‬و َﻓ َﺮ َ‬
‫ﻋﻠ ﻰ رﻛﺒﺘ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬ووﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ وأﺷ ﺎر ﺑﺄُﺻ ﺒﻌﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ أﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻗﻌ ﺪ ﯾ ﺪﻋﻮ‪ ،‬وﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺴﺒﱠﺎﺑــﺔ‪ ،‬ووﺿـ ـﻊ إﺑﮭﺎﻣـ ـﮫ‬ ‫ﻓﺨﺬه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﻋﻠــﻰ ﻓﺨــﺬه اﻟﯿﺴﺮى وأﺷــﺎر ﺑﺄُﺻﺒﻌﮫ اﻟ ﱠ‬
‫ﻋﻠـﻰ أُﺻﺒﻌﮫ اﻟﻮﺳﻄﻰ‪ ،‬وﯾُ ْﻠ ِﻘ ُﻢ ﻛﻔﱠﮫ اﻟﯿﺴﺮى رﻛﺒﺘَﮫ «‪ .‬وﻋــﻦ ﻧﻤﯿﺮ اﻟﺨُـ ـﺰاﻋﻲ رﺿـ ـﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨـ ـﮫ‬
‫»أﻧﮫ رأى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓـﻲ اﻟﺼﻼة واﺿﻌــ ًﺎ اﻟﯿﻤﻨــﻰ ﻋﻠــﻰ ﻓﺨـﺬه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬راﻓﻌ ًﺎ أُﺻﺒﻌﮫ اﻟﺴﱠﺒﺎﺑﺔ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ﻗﺪ ﺣﻨﺎھــﺎ ﺷﯿﺌــﺎً وھــﻮ ﯾﺪﻋـﻮ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺘﻮرﱠك ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ اﻟﺘﺸﮭﺪ اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬واﻟﺘﱠﻮرﱡكُ ھﻮ أن ﯾُﻠﺼﻖ إﻟﯿﯿﮫ ﺑﺎﻷرض‪ ،‬وﯾﻤﺪ رﺟﻠﯿﮫ‬
‫ﻓﻲ اﺗﺠﺎه واﺣﺪ ﺟﮭﺔ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ .‬وھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﺗﺸﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻤﻦ وﺟﺪ ﻣﺸ ﱠﻘ ًﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻼ ﺑ ﺄس‬
‫ﺑﺄن ﯾَﻌْﺪِل ﻋﻨﮭﺎ إﻟﻰ ھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻟﻠﺘﱠ ﺸﮭﱡﺪ اﻷول‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن ﺑﻨ ﺼﺐ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ وﺑ ﺴﻂ اﻟﯿ ﺴﺮى واﻟﺠﻠ ﻮس‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﯿﺴﺮى‪ .‬ﻓﺈن وﺟﺪ ﻣﺸﻘﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ أﯾﻀ ًﺎ ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣﻦ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻣﺘﺮﺑﱢﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟ ﺪﯾﻦ‬
‫ﯾُﺴﺮ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ أﺧﺒ ﺮه »أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﺮى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﺘﺮ ﱠﺑ ُﻊ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة إذا ﺟﻠﺲ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻔﻌﻠﺘﮫ وأﻧﺎ ﯾﻮﻣﺌﺬٍ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺴﻦ‪ ،‬ﻓﻨﮭﺎﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ وﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﺳُﻨﺔ اﻟﺼﻼة أن‬
‫ﻲﻻ‬ ‫ﺗﻨ ﺼﺐ رﺟﻠ ﻚ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ وﺗﺜﻨ ﻲ رﺟﻠ ﻚ اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ ﻟ ﮫ‪ :‬ﻓﺈﻧ ﻚ ﺗﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬إن رﺟﻠ ﱠ‬
‫ﺗﺤﻤﻼﻧﻲ« رواه ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑ ﻦ ﺣﻜ ﯿﻢ »إﻧﻤ ﺎ‬
‫أﻓﻌﻞ ھﺬا ﻣﻦ أﺟﻞ أﻧﻲ أﺷﺘﻜﻲ«‪.‬‬

‫وﯾُﻜﺮه ﻓﻲ ﺟﻠﻮس اﻟﺘﺸﮭﺪ أن ﯾﻌﺘﻤﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﯾﺪه أو ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﺑ ﺄن ﯾ ﻀﻌﮭﻤﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‬
‫ﻣﺴﺘﻌﯿﻨﺎً ﺑﮭﻤﺎ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻜﺮه اﻟﺠﻠﻮس ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪﺗﮫ وﯾﻨﺼﺐ ﺳﺎﻗﯿﮫ وﯾﻀﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬ﯾُﻘﻌﻲ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻋﻘِﺐ‬
‫ﻋ ْﻘﺒَﺔ اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬أو َ‬
‫ﯾُﻘﻌﻲ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﻘﺮد وﺳﺎﺋﺮ ﻟﺴﺒﺎع‪ ،‬وھﻮ اﻹﻗﻌﺎء اﻟﻤﻨﮭﻲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺴﻤﻰ ُ‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻌﺘﻤ ﺪ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ‬

‫‪377‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻔﻈﮫ »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﺠﻠ ﺲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫اﻟﺼﻼة« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫وھﻮ ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﮫ«‪ .‬ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ أﺑ ﻲ داود »ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﺠﻠ ﺲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة وھﻮ ﻣﻌﺘﻤ ٌﺪ ﻋﻠﻰ ﯾﺪه«‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬رأى رﺟﻼً ﺳﺎﻗﻄﺎً ﯾﺪه ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﺠﻠﺲ ھﻜﺬا‪ ،‬إﻧﻤﺎ ھ ﺬه ﺟﻠ ﺴﺔ اﻟ ﺬﯾﻦ ﯾﻌ ﺬﱠﺑﻮن«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺳﺎﻗﻄﺎً ﯾﺪه‪ :‬أي واﺿﻌًﺎ ﯾﺪه ﺑﺠﺎﻧﺒﮫ ﻣﻌﺘﻤﺪًا ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ .‬وروى أﺑﻮ داود ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ‬
‫ﺷ ﻘﱢﮫ‬ ‫ﻼ ﯾﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ ﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ -‬وﻗﺎل ھﺮون ﺑﻦ زﯾ ﺪ ﺳ ﺎﻗﻄ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ِ‬ ‫رأى رﺟ ً‬
‫اﻷﯾﺴﺮ ‪ -‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ‪ :‬ﻻ ﺗﺠﻠﺲ ھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﺈن ھﻜﺬا ﯾﺠﻠﺲ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺬﱠﺑﻮن«‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﺘﻔﺘﺢ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﻘﺮاءة ﺑـ اﻟﺤﻤ ﺪُ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬وﻛ ﺎن إذا‬
‫رﻛﻊ ﻟﻢ ُﯾﺸْﺨﺺ رأﺳﮫ وﻟﻢ ﯾﺼﻮﱢﺑﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻛ ﺎن إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻮي ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬وﻛﺎن إذا رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﺪة ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻮي ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل‬
‫ﻋ ْﻘ َﺒ ِﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞﱢ رﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﺘﺤﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻔﺮش رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى وﯾﻨﺼﺐ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻨﮭﻰ ﻋ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وﯾﻨﮭﻰ أن ﯾﻔﺘﺮش اﻟﺮﺟﻞ ذراﻋﯿﮫ اﻓﺘﺮاش اﻟﺴﺒﻊ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺨ ﺘﻢ اﻟ ﺼـﻼة ﺑﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ أُﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »وﻛ ﺎن ﯾﻨﮭ ﻰ ﻋ ﻦ ﻋَﻘِ ﺐ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن«‪.‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺑﻲ داود وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أوﺻ ﺎﻧﻲ‬
‫ﺧﻠﯿﻠ ﻲ ﺑ ﺜﻼث وﻧﮭ ﺎﻧﻲ ﻋ ﻦ ﺛ ﻼث‪ :‬أوﺻ ﺎﻧﻲ ﺑ ﺎﻟﻮﺗﺮ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬وﺻ ﯿﺎم ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﺷ ﮭﺮ‪،‬‬
‫ورﻛﻌﺘ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وﻧﮭ ﺎﻧﻲ ﻋ ﻦ اﻻﻟﺘﻔ ﺎت‪ ،‬وإﻗﻌ ﺎ ٍء ﻛﺈﻗﻌ ﺎء اﻟ ِﻘ ﺮد‪ ،‬و َﻧ ْﻘ ٍﺮ ﻛﻨﻘ ﺮ اﻟ ﺪﯾﻚ« رواه‬
‫أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أُﺧ ﺮى ﻟ ﮫ »‪...‬وﻧﮭ ﺎﻧﻲ ﻋ ﻦ ﻧَ ْﻘ ﺮةٍ ﻛﻨَ ْﻘ ﺮةِ اﻟ ﺪﯾﻚ‪ ،‬وإِﻗﻌ ﺎءٍ ﻛﺎﻗﻌ ﺎ ِء اﻟﻜﻠ ﺐ‪،‬‬
‫ت ﻛﺎﻟﺘﻔﺎت اﻟﺜﻌﻠﺐ«‪.‬‬ ‫واﻟﺘﻔﺎ ٍ‬

‫واﻟﺴﻨﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ‪ -‬اﻷول واﻷﺧﯿ ﺮ ‪ -‬أن ﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻹﺳ ﺮار وﻋ ﺪم اﻟﺠﮭ ﺮ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻓ ـﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد‬ ‫اﻟﺴﺮﯾﺔ أو اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻺﻣﺎم وﻟﻠﻤﺄﻣﻮم وﻟﻠﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ ُ‬
‫ﻲ اﻟ ﱠﺘ ﺸﮭﱡﺪَ«‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ أن َﯾﺨْﻔَ ﻰ‬
‫ﺨ ِﻔ َ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل » ِﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ أن ُﺗ ْ‬
‫اﻟﺘﱠﺸﮭﱡ ُﺪ«‪ .‬واﻟﻤﻌﻨﻰ واﺣﺪ‪.‬‬

‫ﺴﺒﱠﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬‫وﯾﺴﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﮭﺪ أن ﻻ ﯾﺠﺎوز اﻟﺒﺼﺮ اﻟﻔﺨ ﺬﯾﻦ واﻟ ﱠ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ وﺿ ﻊ ﯾ ﺪه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ ،‬وﯾ ﺪه‬
‫اﻟﯿ ﺴﺮى ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه اﻟﯿ ﺴﺮى‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﺎﻟ ﺴﱠﺒﱠﺎﺑﺔ وﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺎوز ﺑ ﺼﺮُ ُه إﺷ ﺎرﺗَﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه‬
‫ﺴﺒﱠﺎﺑﺔ ﻻ ﯾﺠ ﺎوز ﺑ ﺼ ُﺮهُ إﺷ ﺎرﺗَﮫ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ ﻓﯿ ﮫ اﺧ ﺘﻼف‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »وأﺷ ﺎر ﺑﺎﻟ ﱠ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼةُ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ﯾﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻗﺒﻞ رﺟﻞ ﺣﺘﻰ ﺟﻠﺲ ﺑﯿﻦ ﯾﺪي رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ ﻋﻨ ﺪه ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬أ ﱠﻣ ﺎ‬
‫ﺖ‬
‫ﺼﻤَ َ‬ ‫اﻟﺴﻼم ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎه ﻓﻜﯿﻒ ﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﻚ إذا ﻧﺤ ﻦ ﺻ ﻠﯿﻨﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﻨﺎ ﺻ ﻠﱠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﻚ؟ ﻗ ﺎل ﻓ َ‬
‫ﺣﺘﻰ أﺣﺒﺒﻨﺎ أن اﻟﺮﺟﻞ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺄﻟﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬إذا أﻧ ﺘﻢ ﺻ ﻠﯿﺘﻢ ﻋﻠ ﻲﱠ ﻓﻘﻮﻟ ﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤـ ـﺪ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ اﻷُﻣﻲ وﻋﻠــﻰ آل ﻣﺤﻤــﺪ ﻛﻤــﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ اﻷُﻣــﻲ وﻋﻠـﻰ آل ﻣﺤﻤــﺪ ﻛﻤــﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وﻋﻠــﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧﻚ ﺣﻤﯿـ ـﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ«‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤــﺪ واﻟﺤﺎﻛــﻢ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨـﮫ‪ .‬ﻗﻮﻟـ ـﮫ أﻣـ ـﺎ اﻟ ﺴﻼم ﻓﻘ ﺪ ﻋﺮﻓﻨـ ـﺎه‪ :‬ﯾﻌﻨ ـﻲ ﻣـ ـﺎ‬
‫رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل )اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿـﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤــﺔ اﻟﻠــﮫ وﺑﺮﻛﺎﺗــﮫ( ‪ .‬أﻣـ ـﺎ ﻗﻮﻟـ ـﮫ )ﻛﯿ ﻒ‬
‫ﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﻚ إذا ﻧﺤــﻦ ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻓـﻲ ﺻﻼﺗﻨـــﺎ( ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺪل ﻋﻠــﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟ ﺼـﻼة ھ ﺬه ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬

‫‪378‬‬
‫ﻦ‬
‫دون ﺗﻘﯿﯿﺪھــ ـﺎ ﺑﻤﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﻣﻮاﺿ ﻊ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬إذ ﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص ﻧ ﺺ واﺣ ﺪ ﺻ ﺤﯿﺢ أو ﺣ ﺴ ٌ‬
‫ن أو ﻣﻮﺿﻊٍ ﻓـﻲ اﻟﺼﻼة ﻟﻠﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪.r‬‬ ‫ﯾﺪل ﻋﻠـﻰ ﺗﺤﺪﯾــﺪ ﻣﻜـــﺎ ٍ‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»إذا ﺗﺸﮭﱠﺪ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻠﯿﻘﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬وارﺣﻢ ﻣﺤﻤﺪًا وآل ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ وﺑﺎرﻛﺖ وﺗﺮﺣﱠﻤ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ« ‪ .‬ﻓﮭ ﻮ وإن ﺣ ﻮى ﺗﺤﺪﯾ ﺪاً ﻟﻤﻮﺿ ﻊِ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وأن ذﻟ ﻚ‬
‫إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻋﻘﺐ اﻟﺘﺸﮭﺪ‪ ،‬إﻻ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ إﺳ ﻨﺎده ﻣﺠﮭ ﻮل ‪ -‬رﺟ ﻞٌ ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ اﻟﺤ ﺎرث ‪ -‬ﻓﮭ ﻮ إذن‬
‫ﺣ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾُﻌﺘ ﺪﱡ ﺑ ﮫ‪ .‬وأﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫» ﯾﺘﺸﮭﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪﻋﻮ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ« ‪ .‬ﻓﺈﻧ ﮫ وإن ﺣ ﻮى أﯾ ﻀﺎً ﺗﺤﺪﯾ ﺪاً ﻟﻤﻜ ﺎن‬
‫اﻟ ﺼﻼة اﻹﺑﺮاھﯿﻤﯿ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة إﻻ أﻧ ﮫ ﻗ ﻮل ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﻜ ﺎم‬
‫ﺺ واﺣﺪ ﻣﻌﺘﺒ ٌﺮ‬ ‫اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ اﺟﺘﮭﺎدي ﯾﺠﻮز ﺗﻘﻠﯿﺪه‪ .‬وإذن ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻧ ﱞ‬
‫ﯾﺤﺪد ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺼﻼة اﻹﺑﺮاھﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬أﻣ ﺎ ﻣ ﺎ درج ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻞ‪،‬‬‫ﻼ ﻋ ﻦ ﺟﯿ ٍ‬ ‫ن ﻛﻠﻤﺘﮭﻢ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﺖ ﻋﻠﻰ ذﻟ ﻚ ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ أﻣ ٌﺮ ﻧُﻘ ﻞ إﻟﯿﻨ ﺎ ﻋﻤﻠﯿ ًﺎ ﺟ ﯿ ً‬
‫ﻋﻘﺐ اﻟﺘﺸﮭﺪ اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻣﺘﻮاﺗﺮًا‪.‬‬

‫وﻟﯿﺴﺖ ﻟﻠﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﯿﻐﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ ﯾﺠﺐ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﮭﺎ‪ ،‬ذﻟﻚ أﻧﮫ رُوﯾ ﺖ ﻋ ﺪة ﺻ ﯿﻎ‬
‫ﻟﮭﺬه اﻟﺼﻼة ﻣﻦ ﻋﺪة ﻃﺮق ﺻﺤﯿﺤﺔ وﺣﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻞ ﺻﯿﻐﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺗُﺠﺰئ وﺗﻜﻔﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ وردت ﻋﺪة ﺻ ﯿﻎ‬
‫ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ﻃﺮقٍ ﻋ ﱠﺪ ٍة ﻋﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺑ ﻞ وردت ﻋ ﺪة ﺻ ﯿﻎ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ھﺆﻻء‪ ،‬ﻓﻘﺪ روﯾﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻋُﺠﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﺛ ﻼث‬
‫ﺣﻤَﯿﺪ اﻟ ﺴﺎﻋﺪي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وأﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ‬ ‫ﺻﯿﻎ‪ ،‬وﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ُ‬
‫ﻣ ﺴﻌﻮد اﻷﻧ ﺼﺎري ﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻛ ﻞ ھ ﺬه اﻟﻄ ﺮق ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﺣ ﺴﻨﺔ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ‬
‫ي ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ رواه أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﯿﻦ أ ﱟ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣَﻦ َ‬
‫ﺳﺮﱠه أن ﯾﻜﺘ ﺎل ﺑﺎﻟﻤﻜﯿ ﺎل اﻷوﻓ ﻰ إذا ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ أھ ﻞ اﻟﺒﯿ ﺖ ﻓﻠﯿﻘ ﻞ‪:‬‬
‫اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻲ وأزواﺟِﮫ أُﻣﮭ ﺎتِ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ وذرﯾﺘ ﮫ وأھ ﻞ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ آل‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »ﻣ ﻦ ﺳ ﺮﱠه أن ﯾﻜﺘ ﺎل ﺑﺎﻟﻤﻜﯿ ﺎل اﻷوﻓ ﻰ« ھ ﻮ دﻟﯿ ﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺗﻔﺎوت ﺑﯿﻦ اﻟﺼﯿﻎ‪ ،‬وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ‪ ،‬أو ﻟﻮﻻ أن اﻟﺼﻼة ھﺬه ﺗُﺆدﱠى ﺑﻌ ﺪة ﺻ ﯿﻎ ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ھ ﺬا‬
‫اﻟﻘﻮل‪ .‬وﺟﻤﯿﻊ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎِ ﻣﺮوﯾﺔٌ وﻣﻨﺴﻮﺑ ٌﺔ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﻨ ﺎ ﻧﻄﻤ ﺌﻦ إﻟ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺗﻌ ﺪد‬
‫اﻟﺼﯿﻎ‪ ،‬وھﺬا ﻻ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻷﺧﺬ ﺑ ﺄﻗﻮى ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻎ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻹﺳ ﻨﺎد‪ .‬وإن أﻗ ﻮى ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻎ ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﯿﺚ اﻹﺳﻨﺎد ھﻲ ﺑ ﻼ ﺷ ﻚ ﻣ ﺎ اﺗﻔ ﻖ ﻋﻠ ﻰ رواﯾﺘﮭ ﺎ اﻟ ﺸﯿﺨﺎن اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ‪ ،‬وﻗ ﺪ اﺗﻔ ﻖ اﻟ ﺸﯿﺨﺎن‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﯿﻐﺘﯿﻦ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﻌﺪﯾﺪة ھﻤﺎ‪:‬‬

‫أ‪] -‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ إﻧ ﻚ‬
‫ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪،‬‬
‫إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ[‪.‬‬

‫ب‪] -‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وأزواﺟﮫ وذرﯾﺘﮫ ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫وأزواﺟﮫ وذرﯾﺘﮫ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ[‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷَوﻟﻰ اﺧﺘﯿﺎر واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺼﯿﻐﺘﯿﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻘﺪ رُوﯾﺖ ﻋﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻋُﺠﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﻨﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻓﻘﻠﻨﺎ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻛﯿﻒ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﻜﻢ أھ َﻞ اﻟﺒﯿﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﷲ ﻗ ﺪ ﻋﻠﱠﻤﻨ ﺎ ﻛﯿ ﻒ ﻧ ﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ؟ ﻗ ﺎل‬

‫‪379‬‬
‫ﻗﻮﻟﻮا ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧ ﻚ‬
‫ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪،‬‬
‫إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﺬﻛﺮ »آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ« ﻓ ﻲ اﻟﻤﻮﺿ ﻌﯿﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻓﯿﮭﻤﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ‪.‬‬

‫ﺣﻤَﯿﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل »إﻧﮭ ﻢ ﻗ ﺎﻟﻮا‪:‬‬ ‫وأﻣﺎ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻘﺪ رُوﯾﺖ ﻋﻦ أﺑﻲ ُ‬
‫ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻛﯿ ﻒ ﻧ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﻚ؟ ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﻮﻟ ﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وأزواﺟ ﮫ‬
‫وذرﯾﺘ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وأزواﺟ ﮫ وذرﯾﺘ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ آل‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وھﺬه ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﯿﻎ اﻟﻤﺄﺛﻮرة اﻷﺧﺮى‪:‬‬

‫‪] -1‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻲ اﻷﻣﻲ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل‬
‫إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ اﻷﻣ ﻲ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد ﻋﻘﺒﺔ اﺑ ﻦ‬ ‫إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ[ وﻗﺪ وردت ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﺎﻣﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »أﻗﺒ ﻞ رﺟ ﻞٌ ﺣﺘ ﻰ ﺟﻠ ﺲ ﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪي رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻧﺤ ﻦ ﻋﻨ ﺪه ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬أ ﱠﻣ ﺎ اﻟ ﺴﻼ ُم ﻓﻘ ﺪ ﻋﺮﻓﻨ ﺎه ﻓﻜﯿ ﻒ ﻧ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﻚ إذا ﻧﺤ ﻦ ﺻ ﻠﯿﻨﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﻨﺎ ﺻ ﻠﻰ اﷲ‬
‫ﻲ ﻓﻘﻮﻟ ﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫ﺼﻤَﺖَ ﺣﺘﻰ أﺣﺒﺒﻨﺎ أنﱠ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﯾﺴﺄﻟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل ‪ :‬إذا أﻧ ﺘﻢ ﺻ ﻠﯿﺘﻢ ﻋﻠ ﱠ‬ ‫ﻋﻠﯿﻚ؟ ﻗﺎل ﻓ َ‬
‫ﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻲ اﻷﻣﻲ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻲ اﻷُﻣﻲ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ وﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ‬
‫ﻣﺠﯿﺪ«‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ .‬ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺣﻤﺪ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫‪] -2‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ ﻋﺒ ﺪِك ورﺳ ﻮﻟِﻚ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫وآل ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وآل إﺑﺮاھﯿﻢ[ وﻗﺪ وردت ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ رواه أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ‬
‫ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﻠﻨﺎ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ھﺬا اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ ﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨ ﺎه ﻓﻜﯿ ﻒ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻋﻠﯿﻚ؟ ﻓﻘﺎل ﻗﻮﻟﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪِك ورﺳﻮﻟِﻚ ﻛﻤﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ وآل ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وآل إﺑﺮاھﯿﻢ«‪.‬‬

‫‪] -3‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ‪،‬‬
‫وﺑﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ[ وﻗ ﺪ وردت ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ رواه أﺣﻤﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻃﻠﺤ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻛﯿ ﻒ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﻚ؟ ﻗﺎل ﻗﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ إﺑ ﺮاھﯿﻢ إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ‬
‫ﻣﺠﯿﺪ‪ ،‬وﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ«‪.‬‬

‫ﻞ وأﻃﻮ َل ﺻﯿﻐ ٍﺔ ﻣﻦ ﺻﯿﻎ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪:r‬‬

‫وإﻟﯿﻜﻢ أﺷﻤ َ‬

‫ﺖ ﻋﻠ ﻰ آل‬‫‪] -4‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ ﺑﯿﺘ ﮫ ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ أزواﺟ ﮫ وذرﯾﺘ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ َ‬

‫إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ‪ ،‬وﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ أھﻞ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ أزواﺟ ﮫ وذرﯾﺘ ﮫ ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ[ وﻗ ﺪ وردت ھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ‬
‫أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل »اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ‬
‫أزواﺟﮫ وذرﯾﺘﮫ ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ‪ ،‬وﺑﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ ﺑﯿﺘ ﮫ‬

‫‪380‬‬
‫وﻋﻠﻰ أزواﺟﮫ وذرﯾﺘﮫ ﻛﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺖ ﻋﻠﻰ آل إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ«‪ .‬وﺟﮭﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﺗ ﻀﺮﱡ‬
‫ﻷﻧﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﻋﺪول‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )رﺟﺎل أﺣﻤﺪ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ(‪.‬‬

‫ھﺬه ﺳﺖﱡ ﺻﯿﻎ أﻗﻮاھﺎ إﺳﻨﺎداً اﻟﺼﯿﻐﺘﺎن اﻷُوﻟﯿﺎن‪ ،‬وأﺷﻤﻠﮭﺎ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﺧﺘﺎر ﺻﯿﻐﺔً‬
‫ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ وأﺧﺬ ﺑﮭﺎ ﻛﻔﺘﮫ وأﺟﺰأﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻮﺳﱠﻊ‪.‬‬

‫ﻗﺪ درج ﻋﻠﻰ أﻟﺴِﻨﺔ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﯿ ﻮم ﻗ ﻮﻟﮭﻢ )ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ( ﻗﺒ ﻞ )إﻧ ﻚ ﺣﻤﯿ ﺪ ﻣﺠﯿ ﺪ( أي ﺑﺰﯾ ﺎدة‬
‫)ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ(‪ ،‬وﻗﺪ وردت ھـﺬه اﻟﻠﻔ ـﻈﺔ ﻓﯿﻤـ ـﺎ رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‪ ،‬وﻓﯿﻤ ـﺎ رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻣـﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد اﻷﻧﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻟﻔﻈ ﮫ »‪ ...‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل‬
‫ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻋﻠ ﻰ آل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻋﻠ ﻰ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﻣﺤﻤ ﺪ ﻛﻤ ﺎ ﺑﺎرﻛ ﺖ ﻋﻠ ﻰ آل‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ‪ .«...‬وھﻲ ﺻﯿﻐﺔ ﺳﺎﺑﻌﺔ ﺗُﻀﻢﱡ إﻟﻰ ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﮭﺎ‪ .‬ﻛﻤﺎ وردت ھﺬه‬
‫اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ رواه اﻟﺪارﻣﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑ ﻲ‬
‫ﺣﻤﯿﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪي‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ درج ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺜﯿﺮون ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل )اﻟﻠﮭ ﻢ ﺻ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤ ﺪ وﻋﻠ ﻰ آل ﺳ ﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤ ﺪ ‪...‬‬
‫وﺑﺎرك ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ‪ (...‬ﺑﺰﯾﺎدة )ﺳﯿﺪﻧﺎ(‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا ﻻ أﺻ َﻞ ﻟ ﮫ ُﻣ ْﻌﺘَﺒ ﺮاً‪،‬‬
‫إذ ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾُﻨﻘ ﻞ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ أﯾ ﺔ رواﯾ ﺔ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ أو ﺣ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻟﮭ ﺬا ﻓ ﺈﻧﻲ أﻧ ﺼﺢ ﺑﺘﺮﻛﮭ ﺎ‬
‫واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﺛﻮر ﻷﻧﮫ أﻓﻀﻞ‪ ،‬ﻓﺈن أﺑﻮا إﻻ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﮭﺎ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬ﻷن اﻷﻣﺮ ﻣﻮﺳﱠﻊ‬
‫ﺣ ﺴﻦ اﻟﺘ ﺄدﱡب ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل‬ ‫ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﺖ‪ .‬وﻗﺪ أﺿﺎف ھﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺑ ﺪﻋﻮى أن ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ُ‬
‫اﷲ ‪ ، r‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎﻧﺒﮭﻢ اﻟ ﺼﻮاب ﻓﯿﻤ ﺎ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن اﻟﺘ ﺄدب ﻣﻌ ﮫ ﯾﻜ ﻮن ﺑﻄﺎﻋﺘ ﮫ ﻓﯿﻤ ﺎ ﺷ ﺮﻋﮫ ﻟﻨ ﺎ‬
‫واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﺪء اﻟﺒﺤﺚ إن اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬وﻟﻢ َأ ُﻗ ْﻞ ﺑﻮﺟﻮﺑﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ذﻟﻚ أن ورود اﻷﻣﺮ ﺑﮭ ﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ ﻻ ﯾﻜﻔ ﻲ ﻹﯾﺠﺎﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻷن اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟ ﺸﺊ ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب إﻻ‬
‫ﺑﻘﺮﯾﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺻﻮﻟﯿﯿﻦ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺮ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﺠﺮد اﻟﻄﻠﺐ‪ ،‬واﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ھ ﻲ‬
‫اﻟﺘ ﻲ ﺗﺠﻌﻠ ﮫ ﯾﻔﯿ ﺪ اﻟﻮﺟ ﻮب أو اﻟﻨ ﺪب أو اﻹﺑﺎﺣ ﺔ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮف ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺗﺼﺮﻓﮫ إﻟﻰ اﻟﻨﺪب‪ ،‬وإﻟﯿﻜﻢ اﻟﺒﯿﺎن‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺪارﻣﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻠﻘﻤﺔ أن ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪه »وأن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫أﺧﺬ ﺑﯿﺪ ﻋﺒﺪ اﷲ‪ ،‬ﻓﻌﻠﱠﻤﮫ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ :‬اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ‪ ...‬اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬ﻗﺎل زھﯿﺮ‪ :‬أراه ﻗﺎل‪ :‬أﺷﮭﺪ‬
‫أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ أﯾﻀ ًﺎ ‪ -‬ﺷﻚ ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻜﻠﻤﺘﯿﻦ ‪ -‬إذا ﻓﻌﻠﺖ ھﺬا‬
‫ﺖ أن ﺗﻘﻮم ﻓﻘﻢ‪ ،‬وإن ﺷﺌﺖَ أن ﺗﻘﻌﺪ ﻓﺎﻗﻌﺪ«‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫ﺖ ﺻﻼﺗﻚ إن ﺷﺌ َ‬ ‫ﺖ ﻓﻘﺪ ﻗﻀﯿ َ‬
‫أو ﻗﻀﯿ َ‬
‫]اﻟﺘﱠ ﺸﮭﱡﺪ وھﯿﺌ ﺔ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻟ ﮫ[ ﻓﻠ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻔﺮوﺿ ﺔ واﺟﺒ ﺔ ﻟﻤ ﺎ ﺟ ﺎز ھ ﺬا‬
‫اﻟﻘ ﻮل »إذا ﻓﻌﻠ ﺖ ھ ﺬا أو ﻗ ﻀﯿﺖ ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﻀﯿﺖ ﺻ ﻼﺗﻚ إن ﺷ ﺌﺖ أن ﺗﻘ ﻮم ﻓﻘ ﻢ« ﻋﻘ ﺐ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﺗﻤﺎﻣًﺎ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﺮﺟ ﻞ »ﻣ ﺎ‬
‫ﻦ دﻧ ﺪﻧﺘَﻚ‬
‫ﺴُ‬‫ﺣ ِ‬
‫ﺗﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة؟ ﻗﺎل‪ :‬أﺗﺸﮭﱠﺪ ﺛﻢ أﺳﺄل اﷲ اﻟﺠﻨﺔ وأﻋﻮذ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‪ ،‬أﻣَﺎ واﷲ ﻣﺎ ُأ ْ‬
‫وﻻ دﻧﺪﻧ ﺔ ﻣﻌ ﺎذ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺣﻮﻟﮭ ﺎ ﻧﺪﻧ ﺪن«‪ .‬ﻓﮭ ﺬا رﺟ ﻞ ﯾ ﺴﺄﻟﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﯿﺠﯿﺒﮫ »أﺗﺸﮭﺪ ﺛﻢ أﺳﺄل اﷲ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر« وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺟﻮاﺑﮫ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫‪ ،r‬ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺮ ﻋﻠﯿﮫ ‪ r‬ﻗﺮاءﺗﮫ‪ ،‬واﻟﺴﻜﻮت ﻣﻨﮫ ‪ r‬ﻓﻲ ﻣﻌﺮض اﻟﺤﺎﺟﺔ ﺑﯿﺎن وﺗﺸﺮﯾﻊ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼة‬

‫‪381‬‬
‫ﻋﻠﯿﮫ واﺟﺒﺔ ﻟﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾُﺒ ﱢﯿﻨَﮭ ﺎ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺮﺟ ﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻔﻌ ﻞ ﻓﻘ ﺪ دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم‬
‫وﺟﻮب ھﺬه اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻓ ﺮغ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﮭﺪ اﻵﺧِﺮ ﻓﻠﯿﺘﻌﻮﱠذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ أرﺑﻊ‪ :‬ﻣﻦ ﻋ ﺬاب ﺟﮭ ﻨﻢ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب اﻟﻘﺒ ﺮ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت‪ ،‬وﻣﻦ ﺷﺮﱢ اﻟﻤﺴﯿﺢ اﻟﺪﺟﺎل«‪ .‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﺨ ﺼﻮﺻﺔ ﻣﻔﺮوﺿ ﺔً ﻟﻘ ﺎل ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻲ ﻓﻠْﯿﺘﻌ ﻮذ ﺑ ﺎﷲ ﻣ ﻦ أرﺑ ﻊ(‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮھﺎ‪،‬‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻣﺜﻼً )إذا ﻓﺮغ أﺣﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﱠ‬
‫وﻟﻤ ﺎ ﺟﻌ ﻞ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻋﻘ ﺐ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ دل ﻋﻠ ﻰ أن ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺎت ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ .‬وﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻌﻠﱢﻤﻨ ﺎ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻌﻠﱢﻤﻨ ﺎ اﻟ ﺴﻮرة ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ :‬ﺑ ﺴﻢ اﷲ وﺑ ﺎﷲ‪،‬‬
‫اﻟﺘﺤﯿﺎتُ ﷲ واﻟﺼﻠﻮاتُ واﻟﻄﯿﺒﺎتُ ﻟﮫ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‬
‫وﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ‪ ،‬أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪ ،‬وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪاً ﻋﺒ ﺪه ورﺳ ﻮﻟﮫ‪ ،‬أﺳ ﺄل اﷲ‬
‫اﻟﺠﻨﺔ وأﻋـﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر«‪ - .‬وﻗﺪ أﺷﺮت إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺘﺸﮭﺪ وھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ[‬
‫ﺐ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻣﺒﺎﺷﺮة دون ﻓﺎﺻﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪.r‬‬ ‫‪ -‬ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺪﻋﺎء ﯾﻌ ُﻘ ُ‬

‫‪-‬‬ ‫د ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺎر وﻓﯿﮫ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾُﺼﻠﻮا ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬

‫ن ھ ﺬا اﻟﻄﻠ ﺐ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﺑﻔﻌ ٍﻞ ﻓﯿ ﮫ ﻗُﺮﺑ ﺔ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺣﻤﺪ ‪ -‬إن َﻛ ْﻮ َ‬
‫وھﻮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ن ھﺬه اﻟﻘُﺮﺑﺔ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﻘﺮاﺋﻦ أﻧﮭﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣﻔﺮوﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ إﻻ أن ﺗﻜ ﻮن‬ ‫إﻟﻰ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وإن َﻛ ْﻮ َ‬
‫ﻣﻨﺪوﺑﺔً وﻣﺴﺘﺤﺒﱠﺔً‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮد اﻟﺒﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻟﻮ ﺻﻠﯿﺖ ﺻ ﻼة ﻻ أُﺻ ﻠﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎ رأﯾﺖ أﻧﮭﺎ ﺗﺘﻢ« ﻓﻘﺪ رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﻗﺎل )ﺗﻔﺮﱠد ﺑﮫ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔ ﻲ وھ ﻮ‬
‫ل ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪،‬‬ ‫ﺿﻌﯿﻒ(‪ .‬وﻛﺬﱠﺑﮫ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أﻧ ﮫ ﻗ ﻮ ُ‬
‫وﻗﻮل اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻟﯿﺲ دﻟﯿﻼً ﺷﺮﻋﯿًﺎ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﺎ رواه ﻋﺒﺪ اﻟﻤﮭﯿﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ ﺳﮭﻞ اﻟﺴﺎﻋﺪي ﻗﺎل »ﺳﻤﻌﺖ أﺑﻲ ﯾﺤﺪﱢث ﻋﻦ ﺟﺪﱢي أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻻ ﺻﻼة ﻟﻤﻦ ﻻ وﺿ ﻮء ﻟ ﮫ ‪ ،‬وﻻ وﺿ ﻮء ﻟﻤ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﺻ ﻼة‬
‫ﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ﻧﺒ ﻲ‬ ‫ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻲ اﷲ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬دا ً‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﻻ ﯾُﺤﺘﺞ ﺑﺮواﯾﺎﺗﮫ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ ،‬وإن ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﮭ ﯿﻤﻦ‬
‫ﻄ ﺮح وﻻ ﯾُﻠﺘﻔ ﺖ إﻟﯿ ﮫ‪ .‬وﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ رﺳ ـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬‫وا ٍه ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺬھﺒﻲ‪ ،‬ﻓﯿُ ْ‬
‫ﻣﻨﺪوﺑﺔ وﻟﯿﺴﺖ واﺟﺒﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺪﻋﺎءُ واﻟﺘَﻌﻮﱡذ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺼﻼة‬

‫إذا ﻓﺮغ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺘﮫ اﻷﺧﯿﺮة ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻧُﺪب إﻟﯿﮫ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻛﻤﺎ ﻧُﺪب إﻟﯿﮫ أن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺎء‪ ،‬وأن ﯾﺘﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺘﱠﺴ ٌﻊ ﻟﻠ ﺪﻋﺎء‬
‫وﻟﻠﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺘﺨﯿﺮ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺔ واﻟﺘﱠﻌﻮﱡذاتِ ﻣﺎ ﯾﻌﺠﺒﮫ‪ ،‬وأﻓﻀﻠﮭﺎ ﻣﺎ أُﺛﺮ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﻋﻮ ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب اﻟﻘﺒ ﺮ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬
‫ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر‪ ،‬وﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت‪ ،‬وﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤﺴﯿﺢ اﻟﺪﺟﺎل« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه‬
‫أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻓ ﺮغ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﮭﺪ اﻷﺧﯿﺮ ﻓﻠْﯿﺘﻌﻮﱠذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ أرﺑﻊ‪ :‬ﻣﻦ ﻋﺬاب ﺟﮭﻨﻢ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب اﻟﻘﺒ ﺮ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ‬

‫‪382‬‬
‫اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت‪ ،‬وﻣﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ اﻟﻤ ﺴﯿﺢ اﻟ ﺪﱠﺟﺎل«‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود وﻣ ﺴﻠﻢ ورواﯾ ﺔٍ‬
‫ﻟﻠﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪارﻣﻲ ﻟﻔ ﻆ »‪ ...‬وﻣ ﻦ ﺷ ﱢﺮ اﻟﻤ ﺴﯿﺢ اﻟ ﺪﺟﺎل«‪ .‬وھ ﺬا وذاك ﺟ ﺎﺋﺰان ﻣ ﺄﺛﻮران ﺑﺄﯾﮭﻤ ﺎ‬
‫دﻋ ﻮتَ واﺳ ﺘﻌﺬتَ أﺻ ﺒﺖَ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺪﻋﻮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫»اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣ ﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ اﻟﻤ ﺴﯿﺢ اﻟ ﺪﺟﺎل‪ ،‬وأﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﺛﻢ واﻟ َﻤﻐْﺮم‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ﻗﺎﺋ ﻞ‪ :‬ﻣ ﺎ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ ﺗ ﺴﺘﻌﯿﺬ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟ َﻤ ْﻐ ﺮم‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﻟﺮﺟ ﻞ إذا ﻏ ﺮم ﺣ ﺪﱠث ﻓﻜ ﺬب ووﻋ ﺪ ﻓ ﺄﺧﻠﻒ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺰﯾﺎدة اﻟﺘﻌﻮذ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﺛﻢ واﻟﻤﻐﺮم‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﺳﻘﻂ اﻟﺘﻌﻮﱡذ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر‪.‬‬

‫ﺣﺒﱠﺎن اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫وﻗﺪ ﺟﻤﻊ اﺑﻦ ِ‬
‫ﻛﺎن ﯾﺪﻋﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب اﻟﻘﺒ ﺮ‪ ،‬وأﻋ ﻮذ‬
‫ﺑﻚ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤﺴﯿﺢ اﻟﺪﺟﺎل‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺄﺛﻢ‬
‫واﻟ َﻤﻐْﺮم‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﻘﺎل ﻗﺎﺋﻞ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﯿﺬ ﻣﻦ اﻟ َﻤﻐْﺮم‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬إن اﻟﺮﺟﻞ‬
‫إذا ﻏﺮم ﺣﺪﱠث ﻓﻜﺬب ووﻋﺪ ﻓﺄﺧﻠﻒ«‪ .‬ﻓﮭﺬه أﻛﻤﻞ ﺻﯿﻎ اﻟﺘﻌﻮﱡذ ﻓﺘُﺆﺧﺬ وﺗُﻘﺪﱠم ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻼ‪:‬‬
‫أﻣﺎ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻋﻘﺐ اﻟﺘﺸﮭﺪ وﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﻜﺜﯿﺮة أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ دﻋﺎ ًء ﻗﺼﯿﺮًا وآﺧﺮ ﻃﻮﯾ ً‬

‫أ‪] -‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ ﻇﻠﻤ ﺖُ ﻧﻔ ﺴﻲ ﻇﻠﻤ ًﺎ ﻛﺜﯿ ﺮًا وﻻ ﯾﻐﻔ ﺮ اﻟ ﺬﻧﻮب إﻻ أﻧ ﺖ ‪ ،‬ﻓ ﺎﻏﻔﺮ ﻟ ﻲ ﻣﻐﻔ ﺮة ﻣ ﻦ‬
‫ﻋﻨﺪك وارﺣﻤﻨﻲ‪ ،‬إﻧﻚ أﻧﺖ اﻟﻐﻔﻮر اﻟﺮﺣﯿﻢ[ ‪.‬‬

‫ﺖ اﻟﺤﯿ ﺎة ﺧﯿ ﺮًا ﻟ ﻲ‪ ،‬وﺗ ﻮﻓﱠﻨﻲ إذا‬ ‫ﺨﻠْﻖ أَﺣﯿﻨﻲ ﻣﺎ ﻋﻠﻤ َ‬ ‫ب‪] -‬اﻟﻠﮭﻢ ﺑﻌﻠﻤﻚ اﻟﻐﯿﺐ وﻗﺪرﺗِﻚ ﻋﻠﻰ اﻟ َ‬
‫ﻋﻠﻤﺖ اﻟﻮﻓﺎة ﺧﯿﺮاً ﻟﻲ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ وأﺳﺄﻟﻚ ﺧﺸﯿﺘَﻚ ﻓﻲ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة‪ ،‬وأﺳﺄﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔَ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺮﺿﺎ‬
‫واﻟﻐﻀﺐ‪ ،‬وأﺳﺄﻟﻚ اﻟﻘﺼﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻐﻨﻰ‪ ،‬وأﺳﺄﻟﻚ ﻧﻌﯿﻤﺎً ﻻ ﯾﻨﻔﺪ‪ ،‬وأﺳ ﺄﻟﻚ ُﻗ ﱠﺮةَ ﻋ ﯿﻦٍ ﻻ ﺗﻨﻘﻄ ﻊ‪،‬‬
‫وأﺳ ﺄﻟﻚ اﻟﺮﺿ ﺎء ﺑﻌ ﺪ اﻟﻘ ﻀﺎء‪ ،‬وأﺳ ﺄﻟﻚ ﺑ ﺮد اﻟﻌ ﯿﺶ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤ ﻮت‪ ،‬وأﺳ ﺄﻟﻚ ﻟ ﺬة اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ وﺟﮭ ﻚ‬
‫ﻀﻠﱠﺔ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ز ﱢﯾ ﱠﻨ ﺎ ﺑﺰﯾﻨ ﺔ اﻹﯾﻤ ﺎن واﺟﻌﻠﻨ ﺎ‬
‫ﻀ ﱠﺮ ٍة وﻻ ﻓﺘﻨ ٍﺔ ُﻣ ِ‬
‫ق إﻟﻰ ﻟﻘﺎﺋﻚ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﺿ ﺮﱠا َء ُﻣ ِ‬
‫واﻟﺸﻮ َ‬
‫ھُﺪاةً ﻣﮭﺪﯾﯿﻦ[‪ .‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﱢﺪﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻋﻠﱢﻤﻨ ﻲ دﻋ ﺎءً أدﻋ ﻮ‬
‫ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻇﻠﻤ ًﺎ ﻛﺜﯿﺮًا وﻻ ﯾﻐﻔﺮ اﻟ ﺬﻧﻮب إﻻ أﻧ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺎﻏﻔﺮ ﻟ ﻲ‬ ‫ﺑﮫ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻲ‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ ﻇﻠﻤ ُ‬
‫ﻣﻐﻔﺮة ﻣﻦ ﻋﻨﺪك وارﺣﻤﻨﻲ‪ ،‬إﻧﻚ أﻧﺖ اﻟﻐﻔﻮر اﻟﺮﺣﯿﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫ﺖ‬
‫وﻋﻦ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ ﺻﻼ ًة ﻓﺄوﺟﺰ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﮫ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻘ ﻮم‪ :‬ﻟﻘ ﺪ ﺧﻔﱠﻔ َ‬
‫أو أوﺟﺰتَ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬أﻣﱠ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓﻘ ﺪ دﻋ ﻮتُ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑ ﺪﻋﻮات ﺳ ﻤﻌﺘﮭﻦﱠ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬
‫ﻲ ﻏﯿﺮ أﻧﮫ ﻛﻨﻰ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﮫ ﻋﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺟ ﺎء ﻓ ﺄﺧﺒﺮ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎم ﺗﺒﻌﮫ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ھﻮ أُﺑ ﱞ‬
‫ﺣﯿِﻨ ﻲ ‪ ...‬واﺟﻌﻠﻨ ﺎ ُھ ﺪا ًة ﻣﮭ ﺪﯾﯿﻦ« رواه‬ ‫ﺑ ﮫ اﻟﻘ ﻮم‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺑﻌﻠﻤ ﻚ اﻟﻐﯿ ﺐ وﻗ ﺪرﺗﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻠ ﻖ َأ ْ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻜﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻨﮫ ﻋﺪة أﻟﻔﺎظ‪ .‬أﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺐ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ أدﻋﯿﺔ أﺧ ﺮى ﻓﺪوﻧ ﮫ‬
‫ﻛﺘﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﮭﻲ ﻃﺎﻓﺤﺔ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫وﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺪﻋﻮ ﻣﻦ ﻏﯿ ﺮ اﻷدﻋﯿـ ـﺔ اﻟﻤ ﺄﺛﻮرة ﺑﻤــ ـﺎ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟﯿ ﮫ ﻣ ﻦ أﻣ ﻮر‪ ،‬ﻛ ﺄن ﯾ ﺪﻋﻮ‬
‫ض أﺻ ﺎﺑﮫ‪ ،‬أو ﺑﺎﻟﻨﺠ ﺎة ﻣ ﻦ ﻛُﺮﺑ ﺔ أﻟ ﱠﻤ ﺖ ﺑ ﮫ‪ ،‬أو أن ﯾﻌﯿﻨ ﮫ رﱡﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺣﻤ ﻞ‬ ‫ﻟﻨﻔ ﺴﮫ ﺑﺎﻟ ﺸﻔﺎء ﻣ ﻦ ﻣ ﺮ ٍ‬
‫اﻟﺪﻋﻮة‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿـــﺎم ﺑﻤﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻧﻔ ﻊٌ وﺧﯿ ﺮٌ ﻟــ ـﮫ وﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬أو أن ﯾﺪﻋـ ـﻮ رﺑـ ـﮫ ﻹﻋ ﺎدة اﻟﺨﻼﻓ ﺔ‬
‫اﻟﺮا ﺷﺪة‪ ،‬أو أن ﯾﺪﻋﻮ رﺑﮫ ﻟﯿﺮزﻗﮫ اﻟﺸﮭﺎدة ﻓـﻲ ﺳﺒﯿﻠــﮫ‪ ،‬أو أي دﻋﺎء ﯾﺤﻘﻖ ﻓﯿﮫ ﺧﯿﺮاً ﻟﻨﻔ ﺴﮫ وﻷھﻠـ ـﮫ‬
‫وﻟﺠﯿﺮاﻧﮫ وﻷﺻﺤﺎﺑــﮫ وﻟﻌﻤﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ‪ ،‬وﻛﻠﻤـــﺎ ﻋﻤﱠﻢ اﻟﺪﻋـﺎء ﻛﺎن أﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫اﻟﺘﺴﻠﯿ ُﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫‪383‬‬
‫إذا ﻓ ﺮغ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ وﺟﻮﺑ ﺎً‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﺘﱠﻌ ﻮﱡذ واﻟ ﺪﻋﺎء ﻧ ﺪﺑ ًﺎ‬
‫واﺳﺘﺤﺒﺎﺑ ًﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﺟﻮﺑ ﺎً‪ ،‬وﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره ﻧ ﺪﺑﺎً واﺳ ﺘﺤﺒﺎﺑﺎً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻠ ﻲ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ح اﻟ ﺼﻼة اﻟﻄﱡﮭ ﻮر‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤُﮭ ﺎ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻠُﮭ ﺎ‬ ‫ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻔﺘ ﺎ ُ‬
‫اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ ﺗ ـﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣ ﺮام[‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﺤﺮﯾﻤﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ :‬أي أن ﻛﻞ ﻓﻌﻞ أو ﻗﻮل ﻋﺪا أﻓﻌﺎل اﻟ ﺼﻼة وﻣ ﺎ ﯾﻘ ﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ ﯾ ﺼﺒﺢ ﻣﺤﺮﱠﻣ ﺎً ﺑﻤﺠ ﺮد اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺗﺤﻠﯿﻠﮭ ﺎ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ :‬أي أن ﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ﺣ ﺮم ﻓﻌﻠ ﮫ أو ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟ ﺼﻼة ﯾﻌ ﻮد ﺣ ﻼﻻً ﺑﻤﺠ ﺮد اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ .‬ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻧﻔ ﺴﮫ ُﯾ ﺸﻜﻞ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﻟ ﻢ أﻗ ﻒ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ واﺣ ﺪ وﻻ أﺛ ﺮٍ واﺣ ﺪ ﯾ ﺬﻛﺮ أن‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أو أﺣ ﺪ ﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ ﻗ ﺪ ﺧ ﺮج ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ دون أن ﯾﺨﺘﻤﮭ ﺎ ﺑﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻓ ﺮضٌ واﺟ ﺐ‪،‬‬
‫وﻻ ﺗُﺨﺘﻢ اﻟﺼﻼة إﻻ ﺑﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﺤﻞ ﺗﺮﻛﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن ‪ :‬إﺣﺪاھﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ ،‬واﻷﺧ ﺮى ﻋ ﻦ اﻟﯿ ﺴﺎر‪ .‬وﯾﻘ ﻮل ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ]اﻟ ﺴﻼم‬
‫ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ[ ﻓﻌﻦ ﺳﻌﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ أرى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ‬
‫ﯾﺴﺎره ﺣﺘﻰ أرى ﺑﯿﺎض ﺧﺪه« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وروى ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﯾﺴﺎره‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺑ ﻮ داود‬‫ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى أو ﻧﺮى ﺑﯿﺎض ﺧﺪﱠﯾﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وروى اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺘﻔﺎوت ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﺾ ورﻓ ٍﻊ وﻗﯿﺎ ٍم وﻗﻌﻮدٍ‪ ،‬وﯾﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ـﺔ‬ ‫‪ r‬ﯾﻜﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻔ ٍ‬
‫اﷲ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤـﺔ اﷲ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى ﺑﯿﺎض ﺧ ﺪه‪ ،‬ورأﯾ ﺖ أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻔﻌ ﻼن ذﻟ ﻚ«‪ .‬وروى اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ‬
‫ض ﺧ ﺪﱢه«‪ .‬وروى اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬ ‫ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﺷِﻤﺎﻟﮫ )وﯾﻘ ﻮل( اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ ﺣﺘ ﻰ ﯾُ ﺮى ﺑﯿ ﺎ ُ‬
‫»ﺳُﺌﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻛﻠﻤ ﺎ و َ‬
‫ﺿ ﻊ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻛﻠﻤ ﺎ َرﻓَ ﻊ‪،‬‬
‫ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫ﻧﺼﻮص ﺗﺪل ﺑﻮﺿﻮح ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ وﻋﻦ اﻟ ﺸﻤﺎل‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‬
‫ﻻ‪.‬‬
‫ﯾﻜﻮن ﺑﺼﯿﻐﺔ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬ﯾﻤﯿﻨًﺎ وﺷﻤﺎ ً‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻓﮭ ﻮ ﻟﻠﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻋ ﻦ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻋ ﻦ اﻟﯿ ﺴﺎر ﻣﻨ ﺪوﺑﺎً ﻣ ﺴﺘﺤﺒ ًﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺎ روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻔﺔ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »‪ ...‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺠﻠﺲ ﻓﯿﺘﺸﮭﺪ وﯾﺪﻋﻮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ واﺣﺪة ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ‪ ،‬ﯾﺮﻓﻊ ﺑﮭﺎ ﺻﻮﺗﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻗﻈﻨﺎ‪«...‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ‬
‫وﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﯾﻔﺘﺘﺤ ﻮن اﻟﻘ ﺮاءة ﺑ ـ اﻟﺤﻤ ﺪُ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ وﯾ ﺴﻠﻤﻮن ﺗ ﺴﻠﯿﻤﺔ« رواه‬
‫اﻟﺒﺰﱠار وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )رﺟﺎﻟ ﮫ رﺟ ﺎل اﻟ ﺼﺤﯿﺢ(‪ .‬وﻣ ﺎ رواه أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺳ ﻠﱠﻢ‬
‫ﻼ ﺑﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ واﺣ ﺪة دون اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ‬ ‫ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬ﻓﻜﻮﻧﮫ ‪ r‬ﻗﺪ ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺘﺤﱢﻠ ً‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﯿ ﺴﺎر ﯾ ﺪل دﻻﻟ ﺔ واﺿ ﺤﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻋ ﻦ اﻟﯿ ﺴﺎر‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫ﺗﺤﻠﯿ ﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾ ﺘﻢ إﻻ ﺑﺘ ﺴﻠﯿﻤﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻟﻤ ﺎ اﻛﺘﻔ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑ ﺎﻟﺨﺮوج ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺑﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ‬
‫واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫وﻧﻀﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ اﻟﻘﻮل إﻧﮫ ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻏﯿ ﺮ واﺟﺒ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ دام رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ﻻ ﯾﻜﺎدون ﯾﺘﺮﻛﻮﻧﮭﺎ ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻟﻨﺎ إﻻ أن ﻧﻘﻮل ﺑﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻗ ﺼﺮ اﻟﻮﺟ ﻮب ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﻋﺪة ﺻﯿﻎ ﻟﻠﺘﺴﻠﯿﻢ أﻛﺜﺮھﺎ رواﯾﺔً وأﺻﺤﱡﮭﺎ إﺳ ﻨﺎداً ھ ﻲ ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ[‬
‫ﻓ ﺄرى اﻷﺧ ﺬ ﺑﮭ ﺎ واﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﮭ ﺎ وﺗ ﺮك ﻣ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻣ ﻦ أدﻟ ﺔ‪ ،‬ووردت ﺻ ﯿﻐﺔ ]اﻟ ﺴﻼم‬

‫‪384‬‬
‫ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗﮫ[ ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻠﯿﻤﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ واﺋ ﻞ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻜ ﺎن ﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‬
‫وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻤﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪.‬‬
‫وروى ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺮى ﺑﯿ ﺎض‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﻓ ﻲ‬
‫ﺧﺪﱢه‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺘﺴﻠﯿﻤﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬إﻻ أنﱠ إﺳﻨﺎد ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ دون إﺳﻨﺎد اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺼﺤﺔ واﻟﻘﻮة‪.‬‬

‫ﻛﻤ ﺎ وردت ﺻ ﯿﻐﺔ ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ [ ﻓﻘ ﻂ دون ]ورﺣﻤ ﺔ اﷲ[ ودون ]وﺑﺮﻛﺎﺗ ﮫ[ ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ واﺣﺪة‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ«‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻮل ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳ ﻠﱠﻤﻨﺎ ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‬
‫‪ ،‬ﯾ ﺸﯿﺮ أﺣ ﺪُﻧﺎ ﺑﯿ ﺪه ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ‬
‫ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﻗﺎﺑﻠﺘﮭﺎ رواﯾ ٌﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﺟﺎء ﻓﯿﮭﺎ »ﻛﻨ ﺎ إذا ﺻ ﻠﯿﻨﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﻠﻨ ﺎ‪:‬‬
‫اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‪ ،‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ ‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﯿ ﺪه إﻟ ﻰ اﻟﺠ ﺎﻧﺒﯿﻦ ‪ .«...‬وﺳ ﺘﺄﺗﻲ‬
‫ﺑﺘﻤﺎﻣﮭﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ إن ﺷﺎء اﷲ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ذﻛ ﺮ ﻣ ﺴﻠﻢ ھﻨ ﺎ اﻟ ﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟ ﻰ ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ[ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻀﻌﻒ ﺻﯿﻐﺔ ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ[ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت‪ .‬وﻻ ﯾﺒﻌ ﺪ ﻋﻨ ﺪي أن اﻟ ﺬي روى ﺻ ﯿﻐﺔ‬
‫اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﻛﺎن اھﺘﻤﺎﻣﮫ ُﻣ ْﻨ ﺼﱠﺒًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻹﺷ ﺎرة ﺑﺎﻷﯾ ﺪي ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪،‬‬
‫وﻟﯿﺲ ُﻣﻨْﺼﱠﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻛﺘـﻔﻰ ﺑﺬﻛﺮ ‪ :‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ‪ ،‬ھﻜﺬا ﺑﺈﯾﺠﺎز‪ .‬ﻟﮭ ﺬا أﻋ ﻮد‬
‫وأﻗ ﻮل إن اﻷﻓ ﻀﻞ واﻷَوﻟ ﻰ أن ﯾﻜ ﻮن اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻋ ﻦ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ وﻋ ﻦ اﻟ ﺸﻤﺎل ﺑ ﺼﯿﻐﺔ ]اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‬
‫ورﺣﻤﺔ اﷲ[ وﯾﺒﻘﻰ اﻷﻣﺮ ﻣﻮﺳﱠﻌ ًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﺑﺄﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﺳﻠﱠﻤﻮا أﺟﺰأﺗﮭﻢ‪.‬‬

‫وﯾ ﺴﻦ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐ ﺔُ ﻓ ﻲ اﻻﻟﺘﻔ ﺎت ﯾﻤﻨ ﺔً وﯾ ﺴﺮةً ﺑﺤﯿ ﺚ ﺗﻈﮭ ﺮ ﺻ ﻔﺤﺔ ﺧ ﺪه ﻟﻤ ﻦ ﯾﺠﻠ ﺲ‬
‫ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﺄن ﯾﺒﻠ ﻎ ﻧﻈ ﺮُه أﻗ ﺼﻰ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ وأﻗ ﺼﻰ اﻟﯿ ﺴﺎر دون أن ﯾﺘﺠ ﺎوز ذﻟ ﻚ إﻟ ﻰ اﻟﻨﻈ ﺮ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﺌﺎم ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻻ ﻟﺰوم ﻟﮫ وﻻ أﺻﻞ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ اﻟﻘ ﻮل »ﺣﺘ ﻰ‬
‫أرى ﺑﯿﺎض ﺧﺪه«‪» ،‬ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى أو ﻧﺮى ﺑﯿﺎض ﺧﺪﯾﮫ«‪» ،‬ﺣﺘﻰ ﯾُﺮى ﺑﯿ ﺎض ﺧ ﺪه«‪ .‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫ﺑﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ :‬اﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ورﺣﻤ ﺔ اﷲ‪،‬‬
‫وﻋﻦ ﯾﺴﺎره ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺪو ﻟﮭﻢ ﺻﻔﺤﺘُﮫ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺻﻔﺤﺘﮫ‪ :‬أي ﺟﺎﻧﺐ وﺟﮭﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ اﻟ ﺴﺮﻋﺔ ﻓﯿ ﮫ وﺗﺨﻔﯿﻔ ﮫ دون ﻣ ﱟﺪ أو إﻃﺎﻟ ٍﺔ ﺧﻼﻓ ﺎً ﻟﻤ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ ﻛﺜﯿ ﺮ ﻣ ﻦ اﻷﺋ ـﻤﺔ‬
‫واﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗ ﺎل »ﺣ ﺬف اﻟ ﺴﻼم ﺳُ ﻨﱠ ٌﺔ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ھﻜ ﺬا ﻣﻮﻗﻮﻓ ﺎً ﻋﻠ ﻰ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺎً إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻤﻮﻗ ﻮف‬
‫أﺻﺢ‪ ،‬ذﻟﻚ أن أﺑﺎ داود ﺑﻌﺪ أن روى اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗ ﺎل )ﺳ ﻤﻌﺖ أﺑ ﺎ ﻋﻤﯿ ﺮ ﻋﯿ ﺴﻰ ﺑ ﻦ ﯾ ﻮﻧﺲ اﻟﻔ ﺎﺧﻮري‬
‫اﻟﺮﻣﻠ ﻲ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻟﻤ ﺎ رﺟ ﻊ اﻟﻔﺮﯾ ﺎﺑﻲ ﻣ ﻦ ﻣﻜ ﺔ ﺗ ﺮك رﻓ ﻊ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﮭ ﺎه أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ ﻋ ﻦ‬
‫رﻓﻌﮫ(‪ .‬واﻟﻔﺮﯾﺎﺑﻲ ھﻮ أﺣﺪ رواة ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ داود وأﺣﻤﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬
‫ﺳﱠﻨ ٌﺔ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓﻊ‪.‬‬
‫ﻞ ﻛﺬا ُ‬
‫ن ِﻓ ْﻌ َ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻗﻮل اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ َأ ﱠ‬

‫وﻻ ُﺗﺸﺮع ﺣﺮﻛﺔ اﻷﯾﺪي ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻟﺘﻠﻮﯾﺢ ﺑﮭﺎ ﻣﻊ ﻛ ﻞ ﺗ ﺴﻠﯿﻤﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑﺎﻹﺷ ﺎرة ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻣﻲ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة رﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮫ ﻗـــــ ـﺎل »ﻛﻨ ﺎ إذا ﺻـﻠﯿ ـﻨﺎ ﻣ ـﻊ رﺳـ ـﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗــﻠـﻨـﺎ‪ :‬اﻟـﺴـﻼم ﻋـﻠـﯿﻜـﻢ ورﺣـﻤـﺔ اﻟﻠـﮫ‪ ،‬اﻟﺴـﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬وأﺷﺎر ﺑﯿﺪه إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻧﺒﯿﻦ‪،‬‬
‫ﺷ ْﻤﺲٍ؟ إﻧﻤ ﺎ ﯾﻜﻔ ﻲ أﺣ ﺪَﻛﻢ أن ﯾ ﻀﻊ‬
‫ب ﺧﯿ ٍﻞ ُ‬ ‫ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻋﻼم ﺗُﻮ ِﻣﺌُﻮن ﺑﺄﯾﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭ ﺎ أذﻧ ﺎ ٌ‬
‫ﯾﺪه ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬه ﺛﻢ ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠﻰ أﺧﯿﮫ ﻣِﻦ ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﺷﻤﺎﻟﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣ ﺎ‬
‫ﺸﻤْﺲ؟ أﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ أن ﯾ ﻀﻊ ﯾ ﺪه ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه‪،‬‬ ‫ﺑﺎل ھﺆﻻء اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺮﻣﻮن ﺑﺄﯾﺪﯾﮭﻢ ﻛﺄﻧﮭﺎ أذﻧﺎب اﻟﺨﯿﻞ اﻟ ُ‬

‫‪385‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ أﺧﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ؟«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻲ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻋ ﻦ‬
‫ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة ﻗﺎل‪ :‬ﺧﺮج ﻋﻠﯿﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻲ أراﻛﻢ راﻓﻌﻲ أﯾﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭﺎ أذﻧ ﺎب ﺧﯿ ـ ٍﻞ‬
‫ﺷ ْﻤﺲٍ؟ اﺳﻜُﻨﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ .«...‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻣ ﺎ ﺑ ﺎل أﻗ ﻮا ٍم ﯾﺮﻣ ﻮن ﺑﺄﯾ ﺪﯾﮭﻢ ﻛﺄﻧﮭ ﺎ‬ ‫ُ‬
‫ﺸ ْﻤﺲِ‪َ ،‬أ َﻻ ﯾﺴﻜﻦ أﺣﺪُﻛﻢ وﯾﺸﯿﺮ ﺑﯿﺪه ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﻠﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺎﺣﺒﮫ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‬ ‫أذﻧﺎبُ اﻟﺨﯿﻞ اﻟ ُ‬
‫وﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ؟«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ﺸُﻤْﺲ‪ :‬أي اﻟﺨﯿ ﻞ اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﺗ ﺴﺘﻘ ﱡﺮ وﻻ ﺗﮭ ﺪأ‪ ،‬ﺑ ﻞ ﺗُﺤ ﺮﱢك أذﻧﺎﺑﮭ ﺎ وأرﺟﻠﮭ ﺎ‬
‫ﻲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪ .‬ﻓﺎﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ واﻹﯾﻤﺎء ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟﺮﻣﻲ ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻨﮭ ﱞ‬
‫ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]رﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﺑﻠﻔﻆ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »وﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ وھ ﻮ ﻗﺎﻋ ﺪ«‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن اﻹﺷ ﺎرة واﻹﯾﻤ ﺎء‬
‫ﻲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ وﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﺎ دام اﻟﻤ ﺼﻠﻲ‬ ‫واﻟﺮﻣﻲ واﻟﺮﻓﻊ ﻟﻸﯾﺪي ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮ ﻣﺸﺮوع وﻣﻨﮭ ﱞ‬
‫ﻗﺎﻋﺪاً‪ .‬وﯾﻜﻔﻲ ﻟﺠﻤﻊ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﮭﯿﺎت ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »اﺳ ﻜُﻨُﻮا ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة«‪» ،‬أﻻ ﯾ ﺴﻜُﻦ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ؟«‪ .‬ﻓﺎﻟﺴﻜﻮن ھﻮ اﻟﻤﻄﻠﻮب واﻟﻤﺸﺮوع وﺧ ـﻼفُ ذﻟ ﻚ ﻣﺤﻈ ـﻮر ﻣﻨﮭ ﻲ ﻋﻨ ﮫ‪ .‬وﻻ ﯾ ﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣ ﻦ‬
‫ﺴﺒﱠﺎﺑﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺟﻠﺴﺔ اﻟﺘﺸﮭﺪ واﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺿﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺨﺬﯾﻦ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬ ‫ذﻟﻚ ﺳﻮى ﺗﺤﺮﯾﻚ اﻟ ﱠ‬
‫ﻣ ﱠﺮ ﺗﻔﺼﯿﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺘﺸﮭﺪ وھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ[‪.‬‬

‫واﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻛﻤــ ـﺎ ھ ﻮ واﺟــ ـﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻹﻣــ ـﺎم وﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﻔـ ـﺮد ﻓﮭ ﻮ واﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻋﺘْﺒ ـﺎن رﺿ ﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨـ ـﮫ ﻗـ ـﺎل‬
‫ﯾﻜﻔ ﯿﮭﻢ ﺗ ﺴﻠﯿﻢ اﻹﻣـ ـﺎم وﻻ ﯾﻐﻨـ ـﻲ ﺗ ﺴﻠﯿﻤﮫ ﻋ ﻦ ﺗ ﺴﻠﯿﻤﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻌـ ـﻦ ِ‬
‫»ﺻﻠﯿﻨــﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺴﻠﱠﻤﻨــﺎ ﺣــﯿﻦ ﺳﻠﱠﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈﮫ »‪ ...‬ﻓﻘﺎم رﺳﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬وﺻﻔﻔﻨــﺎ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﺛـﻢ ﺳﻠــﱠﻢ وﺳﻠﱠﻤﻨـــﺎ ﺣــﯿﻦ ﺳﻠﱠﻢ«‪.‬‬

‫ﺳﺠﻮ ُد اﻟﺴﱠﮭﻮ‬
‫ﺣﻜ ُﻤ ُﮫ وأﺳﺒﺎﺑُﮫ‬
‫ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻓﺮض واﺟ ﺐ ﻋﻨ ﺪ ﺗ ﺮك ﻓ ﺮض واﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻣﻜﺘﻮﺑ ًﺔ ﻛﺎﻧ ﺖ أو ﺗﻄﻮﻋ ﺎً‪،‬‬
‫ﺠ َﺒ ﺮ ﺑ ﺴﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ وﺗﺠ ﺐ‬‫ﻦ ﻓﺎﻟ ﺼﻼة ﺗﺒﻄ ﻞ‪ ،‬وﻻ ُﺗ ْ‬
‫وﻣﻨ ﺪوب ﻋﻨ ﺪ ﺗ ﺮك ﻣﻨ ﺪوب‪ .‬أﻣ ﺎ إن ُﺗ ﺮك رﻛ ٌ‬
‫ﺺ ﻓﻲ أﻣ ﺮ‪ ،‬أو‬‫إﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺮأي اﻟﺮاﺟﺢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ أن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﯾُﺠﺒَﺮ ﺑﮫ ﻧﻘ ٌ‬
‫ﺗُﻌﺎﻟَﺞ ﺑﮫ زﯾﺎد ٌة ﻓﻲ أﻣ ٍﺮ ﺑﻨﺴﯿﺎن ﻓﻲ ھ ﺬا أو ذاك‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن اﻟ ﻨﻘﺺ ﻓ ﻲ ﻓ ﺮض‪ ،‬أو ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺰﯾ ﺎدة ﻓ ﻲ‬
‫ﻓﺮض ﻋﻤﺪًا ﻓﺈن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻻ ﻣﺤﻞ ﻟﮫ ھﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬وﯾﻠﺤﻖ ﺻﺎﺣﺒﮫ اﻹﺛﻢ‪.‬‬

‫ﺳ ﻤﻲ ﺳ ﺠﻮد‬ ‫ﻓﺴﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻻ ﯾﻨﻔﻊ وﻻ ﯾُﺸﺮع إﻻ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻘﺺ أو اﻟﺰﯾﺎدة ﺑﺎﻟﻨﺴﯿﺎن ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ُ‬
‫ﺷ ـﺮع ﻟﮭﻤ ﺎ‬
‫اﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬واﻟﺴﮭﻮ واﻟﻨﺴﯿﺎن ﺑﺎب واﺣﺪ‪ ،‬ﻓـﺎﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ ﻓﺮض‪ ،‬أو اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﻓﺮض ھﻤﺎ ﻣ ﺎ ُ‬
‫ﻼ‬‫ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻨﺪ ﺣ ﺼﻮﻟﮭﻤﺎ ﺑ ﺴﺒﺐ اﻟﻨ ﺴﯿﺎن‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﻗ ﺮره اﻟ ﺸﺮع واﻋﺘﺒ ﺮ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ ﻣ ﺰﯾ ً‬
‫ﻟﻺﺛﻢ ﺻﺎرﻓـًﺎ ﻟﻠﺤﺮام‪ .‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﺷ ﻚ‬
‫ﻦ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﯿﻘﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺪ ِر ﻛ ﻢ ﺻ ﻠﱠﻰ ﺛﻼﺛ ًﺎ أم أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓﻠْﯿﻄ ﺮح اﻟ ﺸﻚ وﻟْﯿ ﺒ ِ‬
‫ﯾ ﺴﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﺻ ﻠﻰ ﺧﻤ ﺴًﺎ ﺷ ﻔﻌﻦ ﻟ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﺻ ﻠﻰ إﺗﻤﺎﻣ ًﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬‫ﻷرﺑﻊٍ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﺮﻏﯿﻤ ًﺎ ﻟﻠﺸﯿﻄﺎن« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺤﯿْﻨﺔ اﻷﺳﺪي ﺣﻠﯿﻒ ﺑﻨﻲ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻄﻠ ﺐ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎم ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻠ ﻮس‪،‬‬ ‫ُﺑ َ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ أﺗﻢ ﺻﻼﺗﮫ ﺳﺠـﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺠﺪة وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬وﺳﺠﺪھﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻧﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻌﯿﺪ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ ﺧﻤﺴًﺎ ﯾﻌﯿﺪ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﺷ ﻔﻌﺎً‪،‬‬
‫وھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺳﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ وھ ﻮ إﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة إﻟ ﻰ أﺻ ﻠﮭﺎ أﻣ ٌﺮ ﻻزم ﻻ ﺑ ﺪ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬إذ ﻟ ﻮﻻه ﻟﺒﻘﯿ ﺖ‬

‫‪386‬‬
‫اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ ﺧﻤﺴﺎً وﺗﺮاً‪ ،‬وﺑﺴﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ اﻧﺘﻔﻰ اﻟﺨﻠﻞ وﺗﻢﱠ ﺗ ﺼﻮﯾﺐُ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ واﺟ ﺐ‬
‫ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻘﻮل »ﺳﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ‪ ...‬ﻣﻜ ﺎن ﻣ ﺎ ﻧ ﺴﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻠ ﻮس« واﻟﺠﻠ ﻮس ھﻨ ﺎ ھ ﻮ‬

‫اﻟﺠﻠﻮس اﻷوﺳﻂ‪ ،‬وھﺬا اﻟﺠﻠﻮس واﺟﺐ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺜﻼﺛﯿ ﺔ واﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﺑﯿﱠﻨ ﺎه ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ‬
‫ﻻ ﻣﺤ ﻞ اﻟﺠﻠ ﻮس‬‫اﻟﺼﻼة[ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺘﺸﮭﺪ وھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟ ﮫ[ وھﻨ ﺎ اﻋﺘﺒ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ ﺣ ﺎ ً‬
‫اﻷوﺳﻂ اﻟﻮاﺟﺐ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮫ أﺳﻘﻂ اﻹﺛﻢ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺗﺮك اﻟﻮاﺟﺐ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻧﻔﮭﻢ وﺟﻮب ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻨ ﺪ ﺗ ﺮك ﻓ ﺮض واﺟ ﺐ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻤﻜﻨﻨ ﺎ أن ﻧﻔﮭ ﻢ‬
‫أن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻨﺪ ﺗﺮك ﻣﻨﺪوب ﻣﻨﺪوب‪ ،‬ﻷن اﻟﺬي ﯾﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﻔﺮض ﻓﺮض‪ ،‬واﻟﺬي ﯾﺤﻞ ﻣﺤ ﻞ‬
‫اﻟﻤﻨﺪوب ﻣﻨﺪوب‪ .‬وﻻ ﯾﻘﺎل إن ﺗﺮك ﻓﺮضٍ ﺑﺎﻟﻨﺴﯿﺎن ﻟﯿﺲ ﺣﺮاﻣﺎً وﻻ ﯾﺘﺮﺗ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﺛ ﻢ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ رﺗﱠﺒ ﺘﻢ‬
‫ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﻮل؟ ﻓﺎﻟﺠﻮاب أن اﻟﺬي ﺗﺮك ﻓﺮﺿﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﯿﺎن ﻟ ﻢ ﯾ ﺄﺛﻢ وﻟ ﻢ ﯾﺮﺗﻜ ﺐ ﺣﺮاﻣ ﺎً ﻣ ﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻧﺎﺳﯿﺎً‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺘﺬﻛﺮ وﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﻧﺎﺳﯿﺎً ﻓﺈﻧﮫ آﻧ ﺬاك ﯾ ﺄﺛﻢ إن ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﺘ ﺪارك ﻣ ﺎ ﻧ ﺴﯿﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﻨﺎﺳ ﻲ‬
‫ﻓﺮﺿﺎً ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺄﺛﻢ ﻣﺎ دام ﺳﺎھﯿًﺎ وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ إﻻ إن ھ ﻮ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﺗﺮك ﻓﺮﺿﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﯿﺎن ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺄﺛﻢ‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﻮ ﺗﺬﻛﱠﺮ ﻟﺤﻘﮫ اﻹﺛﻢ آﻧﺬاك إن ھﻮ ﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﺑ ﮫ وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻟ ﮫ‬
‫ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ‪ .‬وھﺬا أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻮﺿﻮح ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪.‬‬

‫ﻚ ﻓ ﻲ ﻋ ﺪد ﻣ ﺎ‬
‫وﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﯾُﺸﺮع ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺮﻛﻌﺎت أو ﻧﻘﺺ ﻓﯿﮭ ﺎ أو ﺷ ﱟ‬
‫ﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻛﻤﺎ ﺑﺪأﻧﺎ أول ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺑ ﮫ ﻛﺘ ﺮك اﻟﺘ ﺸﮭﺪ اﻷوﺳ ﻂ‬ ‫ض واﺟ ٍ‬
‫أﺗﻰ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﻋﻨﺪ ﺗﺮك ﻓﺮ ٍ‬
‫ﻣﺜﻼً‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻻت واﺟﺒ ًﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮫ‪.‬‬

‫وﯾﺴﺘﺤﺐ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ ﻋﻨ ﺪ ﺗ ﺮك ﻣﻨ ﺪوب ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ ﻋﻨ ﺪ ﺑ ﺪء اﻟﺒﺤ ﺚ ھ ﺬا ﻛﺘ ﺮك اﻟ ﺬﻛﺮ ﻓ ﻲ‬

‫اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬وﺗ ﺮك اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ ‪ ،‬وﺗ ﺮك اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮات ﺳ ﻮى ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام‪ ،‬وﺗ ﺮك‬
‫اﻟﺼﻼة اﻹﺑﺮاھﯿﻤﯿﺔ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﻨﺪوﺑﺎت اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ وﻏﯿ ﺮه وﻓﯿ ﮫ »إذا ﺷ ﻚ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻠﻢ ﯾ ْﺪ ِر َﻛ ْﻢ ﺻﻠﻰ‪ ،‬ﺛﻼﺛ ًﺎ أم أرﺑﻌ ًﺎ‪ ...‬ﺛﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ أن ُﯾ ﺴَﻠﱢﻢ ‪ .«...‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫ﺤﯿْﻨ ﺔ‬
‫دﻟﯿﻞ اﻟﺴﺠﻮد ﻟﺤﺼﻮل اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻋﺪد رﻛﻌﺎت اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ُﺑ َ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وﻓﯿﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎم ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻠ ﻮس ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أﺗ ﻢﱠ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ‪ . «...‬ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻨﺪ ﺗﺮك واﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻛﺎﻟﺠﻠﻮس ﻟﻠﺘ ﺸﮭﱡﺪ‬
‫اﻷوﺳ ﻂ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟﻈﮭ ﺮ ﺧﻤ ﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪َ :‬أزِﯾ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟ ﺼﻼة؟ ﻗ ﺎل‪ :‬وﻣ ﺎ ذاك؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻤ ﺴﺎً‪ ،‬ﻓﺜﻨ ﻰ رﺟﻠﯿ ﮫ وﺳ ﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وزاد ﻓﻲ رواﯾﺔ »وﺳﻠﱠﻢ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻷﺣﻤ ﺪ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫أو اﻟﻌﺼﺮ ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﻲ اﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ھﺎﺗﺎن اﻟﺴﺠﺪﺗﺎن ﻟﻤ ﻦ ﻇ ﻦ ﻣ ﻨﻜﻢ‬
‫أﻧﮫ زاد أو ﻧﻘﺺ«‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺳ ﻠﱠﻢ ﻓ ﻲ ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت‬
‫ﺨﺮْﺑ ﺎق‪،‬‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﺪﺧﻞ )وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﺪﺧﻞ اﻟﺤﺠﺮة( ﻓﻘﺎم إﻟﯿﮫ رﺟﻞ ﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟ ِ‬
‫وﻛﺎن ﻓﻲ ﯾﺪه ﻃﻮل ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﺬﻛﺮ ﻟ ﮫ ﺻ ﻨﯿﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أَﺻ ﺪق ھ ﺬا؟‬
‫ﻗﺎﻟﻮا ‪ :‬ﻧﻌﻢ ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮك ﺛﻢ ﺳﻠﱠﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﺛﻢ ﺳﻠﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ‬
‫داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﮭﺬه أدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺰﯾﺎدة وﻋﻨﺪ اﻟﻨﻘﺼﺎن‪.‬‬

‫ﻛﯿﻔﯿﺔُ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﱠﮭﻮ‬

‫‪387‬‬
‫ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﱠﮭﻮ ﺳ ﺠﺪﺗﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺘ ﺎن ﻋﺎدﯾﺘ ﺎن‪ ،‬ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ذِﻛ ﺮٌ ﻛﺤﺎﻟﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة وﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺟﻠﻮس‪ ،‬وﻟﮭﻤﺎ ﺗﻜﺒﯿﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻔﺾ وﻋﻨﺪ اﻟﺮﻓﻊ ﻛﺎﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﻌﻘﺒﮭﻤﺎ ﺟﻠﻮس ﯾ ﺴﯿﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺴﻠﯿﻢ‬
‫ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ وﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل دون ﺗﺸ ﱡﮭﺪٍ‪ ،‬وﯾُﺆﺗﻰ ﺑﮭﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﮭﺬا ھﻮ اﻷﺻﻞ‪ ،‬وﯾﺠ ﻮز‬
‫أن ﯾُﺆﺗﻰ ﺑﮭﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ .‬وﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ وردت اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إ ﱠ‬

‫ن أﺣ ﺪﻛﻢ إذا ﻗ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ ﺟ ﺎءه‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻓ َﻠﺒَﺲ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺪري ﻛﻢ ﺻﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺈذا وﺟﺪ ذﻟﻚ أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﻠْﯿﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ﻲ إﻣ ﺎ‬‫‪ -2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﺣ ﺪى ﺻ ﻼﺗﻲ اﻟ َﻌ ِ‬

‫ﺸﱢ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ وإﻣﺎ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺴﻠﱠﻢ ﻓﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ أﺗﻰ ﺟﺬﻋ ًﺎ ﻓﻲ ِﻗﺒْﻠﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺎﺳﺘﻨﺪ إﻟﯿﮭﺎ ُﻣ ْﻐﻀَﺒﺎً‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫ن اﻟﻨ ﺎس‪ُ :‬ﻗ ﺼِﺮت اﻟ ﺼﻼةُ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ذو اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬ ‫ﺳﺮْﻋﺎ ُ‬
‫اﻟﻘﻮم أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ‪ ،‬ﻓﮭﺎﺑﺎ أن ﯾﺘﻜﻠﻤﺎ‪ ،‬وﺧﺮج ُ‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أ ُﻗ ﺼﺮت اﻟ ﺼﻼة أم ﻧ ﺴﯿﺖَ؟ ﻓﻨﻈ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻤﯿﻨ ﺎً وﺷ ﻤﺎ ًﻻ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ذو‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺻﺪق‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﺼ ﱢﻞ إﻻ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﺳﻠﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ ﺛﻢ ﺳﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓﺮﻓ ﻊ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ وﺳﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ ورﻓﻊ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وأُﺧﺒﺮت ﻋﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬وﺳ ﻠﱠﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﺒ ﺎﻗﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺳﻠﱠﻢ ﺛﻢ ﻛﺒﺮ وﺳﺠﺪ ﻣﺜﻞ ﺳﺠﻮده أو أﻃﻮل‪ ،‬ﺛﻢ رﻓﻊ وﻛﺒﱠﺮ ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ وﺳﺠﺪ ﻣﺜـﻞ ﺳ ﺠﻮده أو أﻃ ﻮل‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫رﻓﻊ وﻛﺒﱠﺮ ‪.«...‬‬

‫ﺤﯿْﻨﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺾ‬ ‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ُﺑ َ‬

‫اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎم ﻓﻠ ﻢ ﯾﺠﻠ ﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم اﻟﻨ ﺎس ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ وﻧﻈﺮﻧ ﺎ ﺗ ﺴﻠﯿﻤَﮫ ﻛﺒﱠ ﺮ ﻓ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﻠﱠﻢ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺷ ﻚ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺪْ ِر ﻛ ﻢ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺛﻼﺛﺎً أم أرﺑﻌﺎً‪ ،‬ﻓﻠْﯿﻄﺮح اﻟﺸﻚ وﻟﯿﺒﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺳﺘﯿﻘﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬ﻓ ـﺈن‬
‫ﻛﺎن ﺻﻠﻰ ﺧﻤ ﺴ ًﺎ ﺷ ﻔﻌﻦ ﻟ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﺻ ﻠﻰ إﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻷرﺑ ٍﻊ ﻛﺎﻧﺘ ﺎ ﺗﺮﻏﯿﻤ ًﺎ ﻟﻠ ﺸﯿﻄﺎن« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﺟﺎء اﻷﻣﺮ ﻓﯿ ﮫ ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد ﻗﺒ ﻞ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣﻨ ﮫ ‪r‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬وھﺬان اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﯾﺪﻻﱠن ﻋﻠﻰ أن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ھ ﺬه واﺣ ﺪة‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‬
‫ﻓﮭﻲ أن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ھﻮ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ ﺟﺰ ٌء ﻣﻦ اﻟﺼﻼة وﺗﺘ ﱠﻤ ٌﺔ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ھ ﻮ ﺻ ﻼة ﻣﻨﻔ ﺮدة ﻣ ﺴﺘﻘﻠﺔ‬
‫ن اﻷﺻﻞ‬ ‫ﺑﺬاﺗﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﺼﻼة وﻟﯿﺲ ﺧﺎرﺟ ًﺎ ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬وﻣﺎ دام أﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة وﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ ﻓﺈ ﱠ‬
‫إذن أن ﯾﻘﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻣﺜﻠﮫ ﻣﺜﻞ ﺳﺎﺋﺮ أﺟﺰاء اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻟﮭﺬا ﻗﻠﻨﺎ إن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ھ ﻮ‬
‫أن ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ .‬واﻟﺬي دﻋﺎﻧﺎ إﻟﻰ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل واﻟﻮﻗ ﻮف ﻋﻨ ﺪه ھ ﻮ أن اﻟ ﺮأي اﻵﺧ ﺮ اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑ ﺄن‬
‫ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻟﺪﯾﮫ أدﻟﺘﮫ اﻟﻘﻮﯾﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وھﻮ رأي وﺟﯿﮫ ﻣﻌﺘﺒَﺮ ﺑﻼ ﺷﻚ‪ ،‬وﻟﻮﻻه‬
‫ﻟﺬھﺒﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل إﻧﮫ اﻟﺮأي اﻟﺼﻮاب وﺣ ﺪه دون ﺳ ﻮاه‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا اﻛﺘﻔﯿﻨ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮد‬
‫اﻟﺴﮭﻮ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﯾﺠﻮز أن ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪه‪ .‬أﻣﺎ أدﻟﺔ ﻣﻦ ذھﺒﻮا إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺳﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ‬
‫إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﮭﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﻲ اﻟﺴﮭﻮ ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻼم أو اﻟﻜﻼم« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬ﻗ ﺎل إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﻻ أدري زاد أو ﻧﻘ ﺺ ‪-‬‬
‫ﺣﺪَث ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺷ ﺊ ؟ ﻗ ﺎل وﻣ ﺎ ذاك ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﺻ ﻠﯿﺖ ﻛ ﺬا وﻛ ﺬا‪،‬‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻗﯿﻞ ﻟﮫ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ َأ َ‬
‫ﻓﺜﻨﻰ رﺟﻠﯿﮫ واﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬وﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﺛﻢ ﺳﻠﱠﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ ﺑﻮﺟﮭ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﺣ ﺪث‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺷﺊ ﻟﻨﺒﱠﺄﺗﻜﻢ ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إﻧﻤﺎ أﻧ ﺎ ﺑ ﺸﺮ ﻣ ﺜﻠُﻜﻢ أﻧ ﺴﻰ ﻛﻤ ﺎ ﺗ ْﻨ ﺴَﻮن‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻧ ﺴﯿﺖ ﻓ ﺬﻛﱢﺮوﻧﻲ‪،‬‬
‫وإذا ﺷﻚ أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠْﯿﺘﺤ ﺮى اﻟ ﺼﻮاب ﻓﻠْﯿُ ﺘِﻢﱠ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟﯿ ﺴﻠﱢﻢ ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬وإذا ﺷﻚ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‬
‫ﻓﻠْﯿﺘﺤﺮﱠ اﻟﺼﻮاب‪ ،‬ﻓ ْﻠ ُﯿ ِﺘﻢﱠ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ ﻟﯿﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ«‪ ،‬ﺑﺤﺬف ]ﺛﻢ ﻟﯿﺴﻠﻢ[ اﻟﻮاردة ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬
‫ج ‪ -‬اﻟﺤﺪﯾﺚ رﻗﻢ ‪ 2‬أﻋﻼه‪ ،‬وﻓﯿﮫ »ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺳﻠﱠﻢ ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ ‪.«...‬‬

‫ﺤﺘُ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ أن ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ ﺟ ﺰء‬

‫ﻓﺄدﻟﺔ ھﺆﻻء ﻣﻮازﯾﺔ وﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻟﻸدﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟ ﺮأي اﻟ ﺬي رﺟﱠ ْ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺼﻼة وﻣﺘﻤﱢ ٌﻢ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ ﻟﻘﻠﺖ ﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺮأي ھﺬا واﻟﺮأي ذاك‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻗﻠ ﺖ إن اﻷﺻ ﻞ‬
‫ھﻮ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺴﺠﻮد ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﯾﺠﻮز أن ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪه‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻷﻓ ﻀﻞ اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ذھﺐ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﺬاھﺐ ﺷﺘﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع‪ ،‬ﻓﻤِﻦ ﻗﺎﺋ ٍﻞ إن ﺳﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ ﯾﺠ ﺐ أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻞ إﻧﮫ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻞ إﻧ ﮫ ﯾﻜ ﻮن ﻗﺒ ﻞ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ن ﻛ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺣﺼﻮل ﻧﻘ ﺺ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﺑﻌ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻋﻨ ﺪ ﺣ ﺼﻮل زﯾ ﺎدة‪ ،‬إﻟ ﻰ ﻗﺎﺋ ﻞ إ ﱠ‬
‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ‪ ،‬إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻵراء واﻷﻗﻮال‪ ،‬واﻟﻘﻠﯿﻞ اﻟﻘﻠﯿ ﻞ ﻣ ﻦ ھ ـﺆﻻء ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﺎل ﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ وﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﺑﻌﺪه‪ ،‬ﻣﻊ أن اﻟﻤﺘﻤﻌﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص ﯾﺠ ﺪ ﻧﻔ ﺴﮫ‬
‫ﯾﺄﺧﺬ ﺑﮭﺬا اﻟﺮأي اﻷﺧﯿﺮ‪.‬‬

‫ذﻟﻚ أن اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻠﮭﺎ ﺻﺤﯿﺤﺔ وﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ ﻧﺴﺦ‪ ،‬ودﻻﻻﺗﮭﺎ واﺿﺤﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ اﻟﺘﺄوﯾ ﻞ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ‬
‫ﺟﺰْﺋﯿﺔ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﻗﻮل ﺑﺄﻓﻀﻠﯿﺔ اﻟﺴﺠﻮد ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻷﺧ ﺬت ﺑﮭ ﺬا‬ ‫ﻣﺎ ﻗﻠﺘﮫ ﻣﻦ ُ‬
‫اﻟﺮأي‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻓﺎﻟﺮأﯾﺎن ﻣﺘـﻘﺎرﺑﺎن‪.‬‬

‫وﻧ ﺄﺗﻲ اﻵن إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺴﮭﻮ‪ .‬ﻗ ﺎل ﻧ ﺎس ﺑﻮﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺸﮭﱡﺪ ﻋﻘ ﺐ ﺳ ﺠﺪﺗﻲ‬
‫اﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ أﻇﮭﺮھﺎ وأﻗﻮاھ ﺎ ﺳ ﻨﺪاً ﻣ ﺎ رواه ﻋﻤ ﺮان ﺑ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋ ﻦ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ ﻓ ﺴﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﺴﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺗ ﺸﮭﺪ ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﱠﻢ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬وﻣﺎ ﺳﻮى ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﺄﺣﺎدﯾﺚ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﯾُﻌﺘ ﺪﱡ ﺑﮭ ﺎ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وإن ﺻ ﺤﺤﮫ ﻧ ﺎس‬
‫ﻓﻘﺪ ﺿﻌﻔﮫ ﻧﺎس آﺧﺮون ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ َﺒﺮﱢ واﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ ،‬ﻓﻼ أراه ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ .‬وﺗﺒﻘ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺴﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ذﻛﺮ اﻟﺘﺸﮭﺪ‪ .‬ﺛﻢ إن ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ ھﻮ ﺟﺰء ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬واﻟﺼﻼة أﯾﺔ ﺻﻼة ﺗﺨﺘﻢ ﺑﺘﺸ ﱡﮭ ٍﺪ واﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺤﺘﺎج ھﺬه اﻟﺼﻼة إﻟ ﻰ ﺗ ﺸﮭ ٍﺪ ﺛ ﺎنٍ‪ ،‬إﻻ أن ﺗ ﺄﺗﻲ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﺮد ﻧﺼﻮص ﺻﺤﯿﺤﺔ ﺑﺬﻟﻚ‪.‬‬

‫وأﺧﯿ ﺮًا أﻗ ﻮل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬إذا ﻧ ﺴﻲ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ أن ﯾﺠﻠ ﺲ ﻟﻠﺘ ﺸﮭﺪ‪ ،‬ﻓﺄﻣﻜﻨ ﮫ أن ﯾ ﺄﺗﻲ ﺑ ﮫ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻘ ﻮم‬
‫وﯾﻌﺘﺪل واﻗﻔًﺎ ﻓﻠﯿﻔﻌﻞ‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﻗ ﺎم واﻋﺘ ﺪل واﻗﻔ ﺎً ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﺢ ﻟ ﮫ أن ﯾﻌ ﻮد ﻟﻠﺠﻠ ﻮس‪ ،‬ﺑ ﻞ ﯾﻜﻤ ﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫وﯾﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺘﮭﺎ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﺷِﻤﺎﺳ ﺔ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ‬
‫ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎم وﻋﻠﯿﮫ ﺟﻠﻮس‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨ ﺎس وراءه‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻓﻠ ﻢ ﯾﺠﻠ ﺲ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻓ ﺮغ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻧﻲ ﺳﻤﻌﺘﻜﻢ ﺗﻘﻮﻟ ﻮن‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ‪ ،‬ﻛﯿﻤ ﺎ أﺟﻠ ﺲ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ‪ ،‬إﻧﻤﺎ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺬي ﺻﻨﻌﺘﮫ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫‪389‬‬
 ‫اﻟﻌﻤﻞُ ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺮﻛﻌﺎت‬
‫ك أن‬ ‫ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل اﻟ ﺸﻚ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻋ ﺪد اﻟﺮﻛﻌ ﺎت اﻟ ُﻤ ﺆدﱠاة ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺸﱠﺎ ﱢ‬
‫ﯾﺘﺤﺮى اﻟﺼﻮاب واﻟﯿﻘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈن وﺻﻞ إﻟﯿﮭﻤﺎ ﺑﻨﻰ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ وأﺗ ﱠﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺛ ﻢ ﺳ ﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﻲ اﻟ ﺴﮭﻮ‪ ،‬وإن‬
‫ھﻮ ﻟﻢ ﯾﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﻮاب واﻟﯿﻘﯿﻦ وﺑﻘﻲ اﻟﺸﻚ ﻗﺎﺋﻤﺎً ھﻞ ﺻ ﻠﱠﻰ ﺛﻨﺘ ﯿﻦ أم ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬أو ھ ﻞ ﺻ ﻠﻰ ﺛﻼﺛ ًﺎ‬
‫أم أرﺑﻌًﺎ أﺧﺬ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬أي أﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﻨﺘﯿﻦ وﻃﺮح اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ ،‬أو أﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﻼث وﻃﺮح اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺑﻨ ﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وأﺗﻢ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳ ﺠﺪ أﯾ ﻀًﺎ ﺳ ﺠﺪﺗﻲ اﻟ ﺴﮭﻮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬وإذا ﺷﻚ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻠْﯿﺘﺤ ﺮى اﻟ ﺼﻮاب ﻓ ْﻠ ُﯿ ِﺘ ﱠﻢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ‪ .«...‬ﻛﻤﺎ ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وﺟ ﺎء‬
‫ﻓﯿﮫ » إذا ﺷﻚ أﺣﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠ ﻢ َﯾ ْﺪ ِر ﻛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ ﺛﻼﺛ ًﺎ أم أرﺑﻌ ًﺎ ﻓﻠْﯿﻄ ﺮح اﻟ ﺸﻚ‪ ،‬وﻟﯿ ﺒﻦ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫اﺳﺘﯿﻘﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ‪.«...‬‬

‫وھﺬا اﻟﺸﻚ وﺧﻔﺎء اﻟﺼﻮاب إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ ﻓﻌ ﻞ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ووﺳﻮﺳ ﺘﮫ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺎرﱢ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗﻠﯿﻞ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿﺮه وﺟﺎء ﻓﯿ ﮫ »إن أﺣ ﺪﻛﻢ إذا ﻗ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﺟ ﺎءه‬
‫اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻓﻠﺒﺲ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺪري ﻛﻢ ﺻ ﻠﻰ ‪ .«...‬ﻓﺤﺘ ﻰ ﯾ ﺘﺨﻠﺺ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟ ﺸﯿﻄﺎن أذﻛ ﺮ‬
‫ﻟﻜﻢ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺎص أﻧﮫ ﻗﺎل »ﯾﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﺣ ﺎل اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﺑﯿﻨ ﻲ وﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼﺗﻲ‬
‫وﺑﯿﻦ ﻗﺮاءﺗﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ذاك ﺷﯿﻄﺎن ﯾﻘﺎل ﻟﮫ ﺧَﻨْ ﺰَب‪ ،‬ﻓ ﺈذا أﻧ ﺖ ﺣﺴ ﺴﺘﮫ ﻓﺘﻌ ﻮﱠذ ﺑ ﺎﷲ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬واﺗﻔ ﻞ ﻋ ﻦ‬
‫ﺐ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ ﻋﻨﻲ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬ ‫ﺖ ذاك ﻓﺄَذھ َ‬
‫ﯾﺴﺎرك ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻗﺎل‪ ،‬ﻓﻔﻌﻠ ُ‬

‫‪390‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺴﺎﺑـﻊ‬
‫اﻟﻘﻨﻮتُ واﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺗـﻤﮭﯿﺪٌ‬
‫ﺑﺤﺜﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﺼﻞ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﺗﺤ ﺖ ﻋﻨ ﻮان ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[ ﻣُﻜﻮﱢﻧ ﺎت اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ أﻗ ﻮال وأﻓﻌ ﺎل‪،‬‬
‫ﻓ ﺬﻛﺮﻧﺎ اﻷﻗ ﻮال واﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺸﻜﻞ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﮭ ﺎ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻧﺮﯾ ﺪ أن ﻧﺒﺤ ﺚ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ ﺗﺤ ﺖ‬
‫ﻋﻨﻮان ]اﻟﻘﻨﻮت واﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻣﻌ ﺎﻧﻲ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟﻠﻔﻈﺘ ﯿﻦ وﻣ ﺎ ﺗ ﺪﻻن ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻧﺒ ﯿﻦ أن اﻟﻘﻨ ﻮت‬
‫ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ اﻷﻗ ﻮال ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺸﺮوﻋﺔ‪ ،‬وأن اﻟﺨ ﺸﻮع ﯾﻌﻨ ﻲ اﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ‬
‫اﻷﻓﻌ ﺎل ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺸﺮوﻋﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻧﺒ ﺪأ ﺑ ﺎﻟﻜﻼم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﻨ ﻮت وﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﺘ ـﻜﻠﻢ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺨﺸﻮع وﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫‪1‬ــ اﻟ ُﻘﻨُﻮتُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ن ﻋ ﺪة‪ .‬وأﻣ ﺎ ﻓ ﻲ‬ ‫أﺻ ﻞ اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ اﻟﻠﻐ ﺔ اﻟ ﺪوام ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺸﺊ‪ ،‬وﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﺗﻔﺮﻋ ﺖ ﻣﻌ ﺎ ٍ‬
‫ﷲ و َرﺳُﻮﻟِـ ـ ِﮫ‬
‫ﺖ ِﻣ ْﻨﻜُﻦﱠ ِ‬ ‫ﻞ ]و َﻣ ْ‬
‫ﻦ َﯾ ْﻘﻨُ ْ‬ ‫اﻟ ﺸﺮع ﻓﮭ ﻮ دوام اﻟﻄﺎﻋ ﺔ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﻞﱠ‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻋ َﺘ ْﺪﻧَﺎ َﻟ َﮭ ﺎ ِر ْز َﻗ ًﺎ َﻛ ِﺮ ْﯾﻤَـ ـ ًﺎ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 31‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﺣ ﺰاب‪.‬‬ ‫ﻦ وَأ ْ‬ ‫ﺟﺮَھ ﺎ َﻣ ﺮﱠ َﺗ ْﯿ ِ‬‫ﺤ ًﺎ ﻧُ ْﺆ ِﺗ َﮭ ﺎ َأ ْ‬
‫ﺻ ﺎ ِﻟ َ‬
‫و َﺗ ْﻌ َﻤ ْﻞ َ‬
‫ﻦ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 120‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﺸ ِﺮ ِﻛ ْﯿ َ‬
‫ﺣ ِﻨ ْﯿ َﻔ ًﺎ و َﻟ ْﻢ َﯾ ﻚُ ِﻣ ﻦ اﻟﻤُ ْ‬
‫ﷲ َ‬
‫ن أُﻣﱠ ًﺔ ﻗَﺎ ِﻧ َﺘ ًﺎ ِ‬‫وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] إنﱠ إﺑﺮا ِھ ْﯿ َﻢ ﻛَﺎ َ‬
‫ض ﻛُ ﱞﻞ َﻟ ﮫُ‬
‫ت وا َﻷ ْر ِ‬
‫ﺨ َﺬ اﷲُ َو َﻟ َﺪًا ﺳُ ْﺒﺤَﺎ َﻧﮫُ ﺑَــ ْﻞ َﻟﮫُ ﻣَﺎ ﻓِــــﻲ اﻟﺴﱠﻤَــﻮَا ِ‬ ‫اﻟﻨﺤﻞ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] وﻗَﺎﻟُﻮا اﺗﱠ َ‬
‫ﻞ وﻣ ﺎ‬ ‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 116‬ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ .‬وﻛﺜﯿ ﺮ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﺗﻌﻨ ﻲ دوام اﻟﻄﺎﻋ ﺔ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬ ‫ﻗَﺎ ِﻧﺘُﻮ َ‬
‫ﺗﺴﺘﻠﺰﻣﮫ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺬﻟﻞ وﺧﻀﻮع‪.‬‬

‫ن أﺧ ﺮى ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﺮع‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤ ﺎ أُﻃﻠﻘ ﺖ وأُرﯾ ﺪ ﺑﮭ ﺎ اﻟ ﺪﻋﺎء‪،‬‬‫إﻻ أن ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻗ ﺪ اﺳ ﺘُﻌﻤﻠﺖ ﻟﻤﻌ ﺎ ٍ‬

‫وﻣﻨ ﮫ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘﻨ ﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‬
‫واﻟﻤﻐﺮب« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﻨ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬وﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬‫ﺷ ﮭﺮاً ﺑﻌ ﺪ اﻟﺮﻛ ﻮع ﯾ ﺪﻋﻮ ﻋﻠ ﻰ أﺣﯿ ﺎ ٍء ﻣ ﻦ اﻟﻌ ﺮب ﺛ ﻢ ﺗﺮﻛ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻗﻨﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺷﮭﺮًا ﻣﺘﺘﺎﺑﻌ ًﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻣِﻦ ذﻟﻚ ﯾﻘﺎل دﻋﺎء اﻟﻘﻨﻮت‪.‬‬
‫واﻟﺼﺒﺢ ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﻛ ﱢﻞ ﺻﻼة ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ُ‬

‫ورﺑﻤﺎ أُﻃﻠﻘﺖ وأُرﯾﺪ ﺑﮭﺎ ﻃﻮل اﻟﻘﯿﺎم‪ ،‬وﻣﻨﮫ ﻣﺎ ورد ﻋﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳُ ﺌﻞ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬أي اﻟ ﺼﻼة أﻓ ﻀﻞ ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻃ ﻮل اﻟﻘﻨ ﻮت« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻃﻮل اﻟﻘﻨﻮت‪ :‬أي ﻃﻮل اﻟﻘﯿﺎم‪.‬‬

‫وﺗﻄﻠﻖ ﻟﻔﻈﺔ اﻟﻘﻨﻮت وﯾُﺮاد ﺑﮭ ﺎ اﻟ ﺴﻜﻮت واﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ اﻟﻜ ﻼم‪ ،‬وﻣﻨ ﮫ ﻣ ﺎ ورد ﻋ ﻦ زﯾ ﺪ اﺑ ﻦ‬
‫أرﻗ ﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺘﻜﻠﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﯾُﻜﱢﻠ ﻢ اﻟﺮﺟ ﻞ ﺻ ﺎﺣﺒﮫ وھ ﻮ إﻟ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻧﺰﻟ ﺖ‪ :‬وﻗﻮﻣ ﻮا ﷲ ﻗ ﺎﻧﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓُﺄﻣِﺮﻧ ﺎ ﺑﺎﻟ ﺴﻜﻮت وﻧُﮭﯿﻨ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻜ ﻼم« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ‬
‫داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻓﻜﻠﻤﺔ ﻗﺎﻧﺘﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﺳﺎﻛﺘﯿﻦ ُﻣ ْﻤﺴِﻜﯿﻦ ﻋﻦ ﻛﻼم اﻟﻨﺎس‪ .‬ھﺬا ھ ﻮ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬

‫‪391‬‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ أﺧﺬاً ﻣﻦ ﺳ ﺒﺐ اﻟﻨ ﺰول‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ھ ﻮ ﻣ ﺪار اﻟﺒﺤ ﺚ‬
‫ﻞ‪.‬‬
‫ھﻨﺎ‪ .‬وﻟﻜﻨﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺄﺧﺬ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﻨﻮت وھﻮ دوام اﻟﻄﺎﻋﺔ ﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﱠ‬

‫ﻓ ﺎﻟﻘﻨﻮت ﻣ ﺪار اﻟﺒﺤ ﺚ إذن ھ ﻮ اﻻﻣﺘﻨ ﺎع ﻋ ﻦ اﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻊ اﻟﻨ ﺎس وﻋ ﺪم ﻣﺨﺎﻃﺒ ﺔ اﻵدﻣﯿ ﯿﻦ‪،‬‬
‫واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ دون ﺳﻮاه‪ ،‬ﻟﺘﺒﻘﻰ اﻟﺼﻼة ﻛﻠﱡﮭﺎ ﷲ‪ ،‬وﻟﺘﺒﻘﻰ اﻟﻄﺎﻋ ﺔ‬
‫ي ﻛ ﻼم ﻣ ﻊ ﻏﯿ ﺮ اﷲ ھ ﻮ ﻗﻄ ٌﻊ ﻟﻄﺎﻋ ﺔ اﷲ‪،‬‬ ‫ﻛﻠﮭﺎ ﻟﮫ‪ ،‬وﻟﺘﺒﻘﻰ اﻟﻌﺒﺎدة ﻛﻠﮭﺎ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ .‬ﻓﺄ ﱡ‬
‫وھﻮ وﻗﻒٌ ﻟﻠﻘﻨﻮت‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ھﻮ إﻧﻘﺎص ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ ﯾﺎﺳ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬
‫ﺳ ﺒُﻌُﮭﺎ‬ ‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل » إن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻟﯿﻨ ﺼﺮف وﻣ ﺎ ﻛُ ِﺘ ﺐ ﻟ ﮫ إﻻ ُ‬
‫ﻋ ﺸْ ُﺮ ﺻ ﻼﺗﮫ ُﺗ ﺴُﻌُﮭﺎ ﺛُﻤُﻨُﮭ ﺎ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ »إن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻟﯿ ﺼﻠﻲ‬ ‫ﺼﻔُﮭﺎ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬ ‫ﺳُﺪُﺳُﮭﺎ ﺧُﻤُﺴُﮭﺎ رُﺑُﻌُﮭﺎ ﺛُﻠُﺜُﮭﺎ ِﻧ ْ‬
‫ﺳ ُﺪﺳُﮭﺎ ﺣﺘﻰ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺳﺒُﻌﮭﺎ أو ُ‬
‫ﺴﻌُﮭﺎ أو ُﺛ ُﻤﻨُﮭﺎ أو ُ‬
‫ﺸﺮُھﺎ أو ُﺗ ُ‬
‫ﻋ ْ‬
‫اﻟﺼﻼة وﻟﻌﻠﮫ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻟﮫ ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ُ‬
‫اﻟﻌﺪد«‪.‬‬

‫ﻓ ﺈذا ﺻ ﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﺄدى واﺟﺒ ﺎت اﻟ ﺼﻼة ﻛﻠﱠﮭ ﺎ وﻟ ﻢ ﯾﺮﺗﻜ ﺐ ﺣﺮاﻣ ًﺎ ﺣ ﺼﱠﻞ ﺻ ﻼة ﺗﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وإن‬
‫اﻧﺘﻘﺺ ﻣﻦ واﺟﺒﺎﺗﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎً أو ارﺗﻜﺐ ﺣﺮاﻣﺎً ﺣﺼﱠـﻞ ﺻ ﻼة ﻧﺎﻗ ﺼﺔ ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ اﻧ ﺘﻘﺺ ﻣ ﻦ واﺟﺒﺎﺗﮭ ﺎ أو‬
‫ﻒ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬ ‫ﻋﺸْﺮ ﺻﻼ ٍة أو رﺑ َﻊ ﺻ ﻼة أو ﻧ ﺼ َ‬ ‫ﻓﻌﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﺮام‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻼ ﯾﺤﺼﱢﻞ إﻻ ُ‬
‫ﺗﻜﻠﻢ ﻣﻊ ﻏﯿﺮه وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺪ ﻗﻄﻊ ﺑﻜﻼﻣﮫ ﻃﺎﻋﺘﮫ ﷲ ﻓﺎﻧﺘﻘﺺ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ﺗﻜﻠ ﻢ‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﮫ أن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻣﺄﻣﻮر ﺑ ﺪوام اﻟﻄﺎﻋ ﺔ ﻣ ﺸﻐﻮ ٌل ﺑﮭ ﺎ ﻋﻤ ﺎ ﺳ ﻮاھﺎ ﻣ ﻦ اﻷﻗ ﻮال‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﺮد ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ رﺟﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﺳﻠﱠﻤﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﺮد ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻓﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠﯿ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﺘﺮد ﻋﻠﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻟﺸُﻐﻼً « رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻞ ﻋ ﻦ ﻣﺨﺎﻃﺒ ﺔ ﻏﯿ ﺮه‪ .‬وﯾﺰﯾ ﺪ اﻷﻣ َﺮ‬ ‫ن َﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﺷ ﻐﻞ ﺑﻤﺨﺎﻃﺒ ﺔ رﺑ ﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬ ‫ﻧﻌﻢ إ ﱠ‬

‫وﺿﻮﺣًﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذ ﻛﻨ ﺎ ﺑﻤﻜ ﺔ ﻗﺒ ﻞ‬
‫أن ﻧﺄﺗﻲ أرض اﻟﺤﺒﺸﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ َﻗ ﺪِﻣﻨﺎ ﻣ ﻦ أرض اﻟﺤﺒ ﺸﺔ أﺗﯿﻨ ﺎه ﻓ ﺴﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮدﱠ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬﻧﻲ ﻣ ﺎ‬
‫ﺤﺪِث ﻓ ﻲ أﻣ ﺮه ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء‪ ،‬وإﻧ ﮫ‬ ‫َﻗﺮُب وﻣﺎ َﺑ ُﻌﺪَ ﺣﺘﻰ ﻗﻀَﻮا اﻟﺼﻼة ﻓﺴﺄﻟﺘﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ُﯾ ْ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﻗﺪ أﺣﺪث ﻣﻦ أﻣﺮه أن ﻻ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ وﻋﺒ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻤﯿ ﺪ وﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬وإذا ﻛﻨ ﺘﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘﻨ ﻮت ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟ ﺴﻜﻮت‬ ‫ﻓ ﺎ ْﻗ ُﻨﺘُﻮا وﻻ َﺗﻜَﻠﱠﻤ ﻮا«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﺎﻗﻨﺘﻮا وﻻ ﺗﻜﻠﱠﻤ ﻮا ﺻ ﺮﯾ ُ‬
‫واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﻜﻼم‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﺖ ھﻮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ إﻻ اﻟﻜﻼم اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻦ ﻗﺮاء ٍة وذﻛ ٍﺮ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﻞﱠ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﻠﻤﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﺎ أﻧﺎ أﺻﻠﻲ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذ ﻋﻄﺲ رﺟ ٌﻞ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﻮم ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺮﺣﻤﻚ اﷲ‪ ،‬ﻓﺮﻣﺎﻧﻲ اﻟﻘﻮم ﺑﺄﺑﺼﺎرھﻢ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬وا ُﺛﻜْ ﻞَ ُأﻣﱢﺘ ﺎه‪ ،‬ﻣ ﺎ ﺷ ﺄﻧﻜﻢ ﺗﻨﻈ ﺮون إﻟ ﻲﱠ؟‬
‫ﻓﺠﻌﻠﻮا ﯾﻀﺮﺑﻮن ﺑﺄﯾﺪﯾﮭﻢ ﻋﻠﻰ أﻓﺨﺎذھﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأﯾ ﺘﮭﻢ ﯾ ﺼﻤﺘﻮﻧﻨﻲ ﻟﻜﻨﱢ ﻲ ﺳ ﻜﺖﱡ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺒﺄﺑﻲ وأُﻣﻲ ﻣﺎ رأﯾﺖ ﻣﻌﻠﻤﺎً ﻗﺒﻠﮫ وﻻ ﺑﻌﺪه أﺣﺴﻦ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎً ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻮاﷲ ﻣﺎ َﻛ َﮭﺮَﻧﻲ وﻻ ﺿﺮﺑﻨﻲ‬
‫وﻻ ﺷﺘﻤﻨﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‬
‫وﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬أو ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪارﻣﻲ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ‬
‫ﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻛ ﻼم اﻟﻨ ﺎس ھ ﺬا‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‬ ‫داود وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »إن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺤـ ﱡ‬
‫وﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬أو ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ .«r‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﻓﻠﻤ ﺎ رأﯾ ﺘﮭﻢ ﯾ ﺼﻤﺘﻮﻧﻨﻲ ﻟﻜﻨ ﻲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻟﻔ ﻆ ﯾﺰﯾ ﻞ اﻟﻠ ﺒﺲ»ﻓﻠﻤ ﺎ رأﯾ ﺘﮭﻢ‬ ‫ف وﻣﻦ ﺛَ ﱠﻢ ﻟَﺒﺲٌ‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ اﺑﻦ ِ‬
‫ﺖ« ﯾﺒﺪو ﻓﯿﮫ ﺣﺬ ٌ‬
‫ﺻﻤ ﱡ‬
‫ﺖ«‪.‬‬
‫ﺖ« ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﺤﺎوي ﻟﻔﻆ »ﻓﻠﻤﺎ رأﯾﺘﮭﻢ ﯾﺴﻜﺘﻮﻧﻨﻲ ﺳﻜ ﱡ‬ ‫ﯾﺼﻤﺘﻮﻧﻲ ﻟﻜﻲ أﺳﻜﺖ ﺳﻜ ﱡ‬

‫‪392‬‬
‫ﺢ وﺗﺤﻤﯿﺪٌ‪ ،‬وﻛﻠ ﮫ‬ ‫ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻋﺒﺎدة ‪ ،‬واﻟﻌﺒﺎدة ﻛﻠﮭﺎ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻗﻮاﻟﮭﺎ ﻗﺮاء ٌة وذِﻛ ٌﺮ ودﻋﺎ ٌء وﺗﺴﺒﯿ ٌ‬
‫ﺢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬ ‫ﷲ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮاه ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ُﯾﺸْﺮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻣﻤﺎ ھﻮ ﻣﻮﺟﱠﮫ ﻟﻐﯿﺮ اﷲ ﻓﻐﯿﺮ ﺻﺎﻟ ٍ‬
‫ﻞ ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﻛﻼھﻤﺎ ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب اﻟﻘﻨ ﻮت‪.‬‬ ‫ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻟﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﺣﺮام ﻻ ﯾﺤ ﱡ‬
‫وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻓﺈن ﺗﺸﻤﯿﺖ اﻟﻌﺎﻃﺲ واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻊ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ﻣﺨﺘﻠ ﻒ اﻟ ﺸﺆون ﺣ ﺮام‬
‫ﻻ ﯾﺠﻮز ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪ .‬وﯾﻜﻔﻲ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺣﻜﻢ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام[ وھ ﻮ‬
‫ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻄﱡﮭ ﻮر‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤُﮭ ﺎ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻠُﮭ ﺎ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓ ﺈن ﻓﯿ ﮫ )وﺗﺤﺮﯾﻤﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ( وﻣﻌﻨﺎه أن اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﯾﺠﻌ ﻞ ﻛ ﻞ ﻛ ﻼم ﻏﯿ ﺮ ﻛ ﻼم اﻟ ﺼﻼة ﻣﺤﺮﱠﻣ ﺎً‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎم ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ‪ ،‬وﯾﺸﻤﻞ اﻹﻣﺎم ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻤﺄﻣﻮم‪.‬‬

‫واﻟﻜ ﻼم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﻨﻔﺎن ‪ :‬ﺻ ﻨﻒ ﻣ ﺸﺮوع ﻣﺘﻌ ﯿﻦ ﻛﻘ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ‬
‫واﻟﺘ ﺸﮭﺪ‪ ،‬وﺻ ﻨﻒ ﻣ ﺸﺮوع ﻏﯿ ﺮ ﻣﺘﻌ ﯿﱢﻦ ﻛﺎﻷدﻋﯿ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد واﻟﺠﻠ ﻮس‪ ،‬وﻛ ﺬِﻛﺮ اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻤﺎ ﻧﺪب إﻟﯿﮫ واﺳﺘُﺤﺐ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺼﻨﻒ اﻷول ﻓﮭﻮ ﻣ ﻦ اﻷﻗ ﻮال اﻟﺘ ﻲ ﺗﺘ ﺸﻜﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وأﻣ ﺎ‬
‫اﻟﺼﻨﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﻦ اﻷﻗ ﻮال واﻟﻜ ﻼم اﻟﻤ ﺄذون ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وھ ﻮ دون اﻷﻗ ﻮال اﻟﺘ ﻲ ﺗﺘ ﺸﻜﻞ‬
‫اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ أو ﻟ ﻢ ﯾﻘﻠﮭ ﺎ أو أﻛﺜ ﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ أو ﻗﻠﱠ ﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة ﺑﺎﻗﯿ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺎﻟﮭ ﺎ‬
‫وﺷﻜﻠﮭﺎ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺪﻋﺎء واﻟﺘﻌﻮﱡذ واﻟﺬﱢﻛﺮ اﻟﻤﺄذون ﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﻞ واﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐ‬
‫أﯾﻀﺎً ﻓﻼ ﻧﻌﯿﺪ‪ .‬وﻧﻀﯿﻒ ھﻨﺎ إﻟﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ أن ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺄذون ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻜ ﻼم واﻟ ﺪﻋﺎء ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﺎﺣﺐ‬
‫ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺼﻠﻲ إذا ﻗﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﻗﻒ ﻋﻨﺪ آﯾﺎت اﷲ ﯾﺪﻋﻮ وﯾﺘﻌﻮﱠذ ﺑﻤﺎ ﯾﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻘﺮأ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺣﺬﯾﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣ ﱠﺮ ﺑﺂﯾ ِﺔ رﺣﻤ ﺔ إﻻ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺣُﺬﯾﻔ ﺔ‬‫وﻗ ﻒ ﻋﻨ ﺪھﺎ ﻓ ﺴﺄل‪ ،‬وﻻ ﻣ ﱠﺮ ﺑﺂﯾ ﺔ ﻋ ﺬاب إﻻ وﻗ ﻒ ﻋﻨ ﺪھﺎ ﻓﺘﻌ ﻮﱠذ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ذات ﻟﯿﻠ ﺔ ﻓ ﺎﻓﺘﺘﺢ اﻟﺒﻘ ﺮة‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾﺮﻛ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﺛ ﻢ‬
‫ﻣﻀﻰ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ رﻛﻌﺔ ﻓﻤﻀﻰ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ‪ :‬ﯾﺮﻛﻊ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻘﺮأھ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻓﺘ ﺘﺢ‬
‫ﺳﻼً‪ ،‬إذا ﻣ ﱠﺮ ﺑﺂﯾ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺗ ﺴﺒﯿﺢ ﺳ ﺒﱠﺢ‪ ،‬وإذا ﻣ ﱠﺮ ﺑ ﺴﺆال ﺳ ﺄل‪ ،‬وإذا ﻣ ﱠﺮ‬ ‫آل ﻋﻤﺮان ﻓﻘﺮأھﺎ‪ ،‬ﯾﻘﺮأ ﻣﺘﺮ ﱢ‬
‫ﺑﺘﻌﻮﱡذ ﺗﻌﻮﱠذ ﺛﻢ رﻛﻊ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﻗﺮاءة ﻣ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻷدﻋﯿﺔ واﻟﺘ ﱡﻌ ﻮﱡذات ﺗﻨ ﺪرج ﺗﺤ ﺖ ذﻛ ﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ـﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻷﺑ ﻲ داود ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤَﻜَ ﻢ اﻟ ﺴﻠﻤﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ‪» r‬إﻧﻤ ﺎ اﻟ ﺼﻼة ﻟﻘ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن وذﻛ ِﺮ اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻠﯿﻜﻦ ذﻟﻚ ﺷﺄﻧﻚ«‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ )إﻧﻤـــﺎ( ﯾﻔﯿـ ـﺪ اﻟﺤ ﺼـﺮ‪ ،‬ﻓﯿﺤ ﺼﺮ اﻟﻜ ﻼم ﺑﻘ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن وذﻛ ﺮ‬ ‫ﻛﻨ َ‬
‫اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰاد ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺨﺎﻃﺐ ﺑﮫ اﻟﻨﺎس‪ .‬وھ ﺬا رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻣُﻨ ﻊ ﻣ ﻦ ﻛ ﻼم اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻤﻨﻮﻋﻮن ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أرﺳﻠﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺼﻄَﻠﻖ‪ ،‬ﻓﺄﺗﯿﺘ ﮫ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌﯿ ﺮه ﻓﻜﻠﻤﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﻲ ﺑﯿ ﺪه ھﻜ ﺬا ‪-‬‬‫وھﻮ ﻣﻨﻄﻠﻖ إﻟﻰ ﺑﻨ ﻲ اﻟ ُﻤ ْ‬
‫وأوﻣﺄ زھﯿﺮ ﺑﯿﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﻠﻤﺘـﮫ ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﻲ ھﻜ ﺬا ‪ -‬ﻓﺄوﻣ ﺄ زھﯿ ﺮ أﯾ ﻀ ًﺎ ﺑﯿ ﺪه ﻧﺤ ﻮ اﻷرض‪ ،‬وأﻧ ﺎ أﺳ ﻤﻌﮫ‬
‫ﺖ ﻓﻲ اﻟﺬي أرﺳﻠﺘﻚ ﻟﮫ؟ ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻤﻨﻌﻨﻲ أن أُﻛﻠﻤﻚ إﻻ أﻧﻲ‬ ‫ﯾﻘﺮأ ﯾﻮﻣﺊ ﺑﺮأﺳﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮغ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻓﻌﻠ َ‬
‫ﻛﻨﺖ أُﺻﻠﻲ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻓﮭ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻗﻄﻌ ﻲ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻊ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻣﻤﻨﻮع ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ط أن ﯾﻜﻮن ﻣِﻦ ذﻛﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻋﻄﺲ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻜﻼم ﻣﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﮫ ﺷﺮ َ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺄن ﯾﻘﻮل )اﻟﺤﻤﺪ ﷲ‪ ،‬أو اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺣ ﺎل(‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺳ ﻤﻊ ﺻ ﻮت اﻟﺮﻋ ﺪ وھ ﻮ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺄن ﯾﻘﻮل )اﻟﻠﮭ ﻢ ﻻ ﺗﻘﺘﻠﻨ ﺎ ﺑﻐ ﻀﺒﻚ وﻻ ﺗُﮭﻠﻜﻨ ﺎ ﺑﻌ ﺬاﺑﻚ وﻋﺎﻓﻨ ﺎ ﻗﺒ ﻞ ذﻟ ﻚ(‪ ،‬وﻟ ﻮ ﺳ ﻤﻊ‬
‫ﺻﻮت اﻟﺮﯾﺢ اﻟﺸﺪﯾﺪة وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻼ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄن ﯾﻘ ﻮل )اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌﻠﮭ ﺎ رﯾﺎﺣ ﺎً وﻻ ﺗﺠﻌﻠﮭ ﺎ رﯾﺤ ﺎً(‬
‫وھﻜﺬا ﻣﻤﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﺪﻋﺎء وذﻛ ﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ رﻓﺎﻋ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻌﻄﺴﺖُ ﻓﻘﻠﺖُ‪ :‬اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﺣﻤ ﺪًا ﻛﺜﯿ ﺮًا ﻃﯿﺒ ًﺎ ﻣﺒﺎرﻛ ًﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻣﺒﺎرﻛـ ـ ًﺎ ﻋﻠﯿ ـﮫ ﻛﻤ ـﺎ ﯾﺤـ ـ ﱡ‬
‫ﺐ‬

‫‪393‬‬
‫رﺑﻨﺎ وﯾﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻧﺼﺮف ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣَﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة؟ ﻓﻠﻢ ﯾ ﺘﻜﻠﻢ أﺣ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻗﺎﻟﮭﺎ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ :‬ﻣَﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة؟ ﻓﻠﻢ ﯾ ﺘﻜﻠﻢ أﺣ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗﺎﻟﮭ ﺎ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‪َ :‬ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺘﻜﻠﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة؟‬
‫ﻓﻘﺎل رﻓﺎﻋﺔ ﺑﻦ راﻓ ﻊ ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺮاء‪ :‬أﻧ ﺎ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻛﯿ ﻒ ﻗﻠ ﺖ؟ ﻗ ﺎل ﻗﻠ ﺖ‪ :‬اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﺣﻤ ﺪاً‬
‫ﻛﺜﯿﺮاً ﻃﯿﺒ ًﺎ ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﻓﯿﮫ ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺐﱡ رﺑﻨﺎ وﯾﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬واﻟﺬي ﻧﻔﺴﻲ ﺑﯿ ﺪه ﻟﻘ ﺪ‬
‫اﺑﺘﺪرھﺎ ﺑﻀﻌﺔٌ وﺛﻼﺛﻮن ﻣَ َﻠﻜ ًﺎ أﯾﮭﻢ ﯾﺼﻌﺪ ﺑﮭﺎ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﯾﺴﯿﺮ‪.‬‬

‫وھﻨ ﺎك ﺣﺎﻟﺘ ﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﯾﺠ ﻮز ﻓﯿﮭﻤ ﺎ اﻟﻜ ﻼم اﻟﻤﻮﺟﱠ ﮫ ﻟﻶﺧ ﺮﯾﻦ وردت ﺑﮭﻤ ﺎ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺷ ﺮﯾﻔﺔ‬
‫ﺗﺴﺘﺜﻨﯿﮭﻤﺎ ﻣﻦ وﺟﻮب اﻟﻘﻨﻮت واﻟﺴﻜﻮت ﻓﯿُﻘﺘَﺼﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ وﻻ ﯾﺠﻮز ﺗﻌﺪﱢﯾﮭﻤﺎ أو اﻟﻘﯿﺎس ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣ ﻊ‬
‫ذﻟﻚ وﺟﺐ أن ﯾﻜﻮن اﻟﻜﻼم ﻣﻤﺎ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻻ ﻏﯿ ﺮ‪ ،‬وھﺎﺗ ﺎن اﻟﺤﺎﻟﺘ ﺎن ھﻤ ﺎ‪:‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ اﺣﺘﯿﺎج اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻏﯿﺮه إﻟﻰ ﺧﻄﺄ أو ﻧﺎﺋﺒ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺋﺐ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻹﻣﺎم ﻓﺈﻧﱠﮫ إن ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺻﻼة ﺟﮭﺮﯾﺔ ﻓﺄﺧﻄ ﺄ ﻓ ﻲ ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬أو ﻟ ﻢ ﯾُ ﺴﻌﻔﮫ ﺣﻔﻈُ ﮫ‬
‫ﻓﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻠﻤﺼﻠﯿﻦ أن ﯾُﺴْ ِﻌﻔُﻮه ﺑﻘﺮاءة اﻵﯾﺔ أو اﻵﯾﺎت اﻟﺘ ﻲ أﺧﻄ ﺄ ﺑﻘﺮاءﺗﮭ ﺎ أو ﻧ ﺴﯿﮭﺎ‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺬﻛﺮھﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاءة ﺷﯿﺌًﺎ‪ .‬وأﻣ ﺎ إن أﺧﻄ ﺄ اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻲ ﻓﻌ ﻞٍ ﻣ ﻦ أﻓﻌ ﺎل اﻟ ﺼﻼة ﻛ ﺄَن‬
‫ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬أو أراد اﻟﻨﮭ ﻮض ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ دون ﺟﻠ ﻮس ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ‬
‫ﻦ ﻓﺤﺴﺐ إن ﻛﻦﱠ ﻧﺴﺎء‪.‬‬ ‫ﯾﺴﺒﺤﻮن ﺑﺎﻟﻘﻮل )ﺳﺒﺤﺎن اﷲ( إن ﻛﺎﻧﻮا رﺟﺎﻻً‪ ،‬وﯾﺼﻔﻘﻦ ﺑﺄ ُﻛ ﱢﻔ ِﮭ ﱠ‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﯾﺴﺒﺤﻮن إن ﻧﺎﺑﺘﮭﻢ ﻧﺎﺋﺒﺔ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﺻ ﻼﺗﮭﻢ‪ .‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز اﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻊ اﻟﻐﯿ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫ﺴﻮﱠر ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﻗﺎل »ﺷﮭﺪت رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﺘﺮك‬ ‫اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﺎ رواه اﻟﻤُ َ‬
‫ﺖ آﯾ َﺔ ﻛ ﺬا وﻛ ﺬا‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ھ ﻼ‬ ‫ﺷ ﯿﺌًﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﺮأه‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ رﺟ ﻞ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﺗﺮﻛ َ‬
‫ﺴﻮﱠر ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟ ُﻤ َ‬‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻻﺑﻦ ِ‬ ‫أ ْذ َﻛ ْﺮﺗَﻨﯿﮭﺎ؟« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫»ﻗﺎل ﻓﮭﻼ أذ َﻛ ْﺮﺗَﻨﯿﮭﺎ؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻇﻨﻨﺖ أﻧﮭﺎ ﻗﺪ ﻧُﺴﺨﺖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻟ ﻢ ﺗُﻨ ﺴَﺦ«‪ .‬وﻣ ﺎ رواه ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﺻﻼ ًة ﻓﺎﻟﺘﺒﺲ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓ ﺮغ ﻗ ﺎل ﻷُﺑ ﻲﱟ‪ :‬أﺷ ﮭﺪت ﻣﻌﻨ ﺎ؟‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود إﻻ أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﻮرد )أن‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻤﺎ ﻣﻨﻌﻚ أن ﺗﻔﺘﺤﮭﺎ ﻋﻠﻲﱠ؟« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺗﻔﺘﺤﮭﺎ ﻋﻠﻲﱠ( وﻣﺎ رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ اﻷﺋﻤﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪.«r‬‬

‫واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺟ ﻮاز اﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻊ اﻟﻐﯿ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ھ ﻮ ﻣ ﺎ رواه ﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ اﻟ ﺴﺎﻋﺪي‬

‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » َﻣ ﻦ ﻧﺎﺑ ﮫ ﺷ ﺊ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻠﯿﻘ ﻞ‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ اﻟﺘ ﺼﻔﯿﻖ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ‬‫ﻟﻠﻨ ﺴﺎء واﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﻟﻠﺮﺟ ﺎل« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬وروى اﺑ ـﻦ ِ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذھﺐ إﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف ﻟ ُﯿ ﺼﻠﺢ ﺑﯿ ﻨﮭﻢ وﺣﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬
‫ﺼﺪﱢﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺗﺼﻠﻲ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﺄُﻗﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ أﺑ ﻮ‬ ‫ﻓﺠﺎء ﺑﻼل إﻟﻰ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟ ﱢ‬
‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﻓﺠﺎء رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﺘﺨﻠﱠﺺ ﺣﺘﻰ وﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ ﻓﺼﻔﱠﻖ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫ﻖ اﻟﺘﻔ ﺖ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﻓ ﺮأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪َ r‬أ ْ‬
‫ن‬ ‫س اﻟﺘ ﺼﻔﯿ َ‬‫أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻻ ﯾﻠﺘﻔﺖ ﻓﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أﻛﺜ ﺮ اﻟﻨ ﺎ ُ‬
‫ﺖ ﻣﻜﺎﻧ ﻚ‪ ،‬ﻓﺮﻓ ﻊ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﺤﻤ ﺪ اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ أﻣ ﺮه ﺑ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬ ‫أﺛ ُﺒ ْ‬
‫اﺳﺘﺄﺧﺮ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻮى ﻓﻲ اﻟﺼﻒ‪ ،‬وﺗﻘ ﱠﺪم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜ ﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﻣﻨﻌﻚ أن ﺗﻠﺒﺚ إذ أﻣﺮﺗُﻚ؟ ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ‪ :‬ﻣﺎ ﻛﺎن ﻻﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗُﺤﺎﻓ ﺔ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪي رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ ،r‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣﺎ ﻟﻲ رأﯾﺘﻜﻢ أﻛﺜﺮﺗﻢ اﻟﺘﺼﻔﯿﻖ؟ ﻣَﻦ ﻧﺎﺑﮫ ﺷﺊ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻠﯿ ﺴﺒﱢﺢ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ إن‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺳﮭﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ‬ ‫ﺳﺒﱢﺢ اﻟ ُﺘﻔِﺖَ إﻟﯿﮫ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻟﺘﺼﻔﯿﻖ ﻟﻠﻨﺴﺎء«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻻﺑﻦ ِ‬
‫»‪ ...‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ﻟﻠﻨ ﺎس‪ :‬إذا ﻧ ﺎﺑﻜﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﻜﻢ ﺷ ﺊ ﻓﻠْﯿ ﺴﺒﺢ اﻟﺮﺟ ﺎل وﻟْﺘ ﺼﻔﱢﻖ اﻟﻨ ﺴﺎء«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﻟﻠﺮﺟ ﺎل واﻟﺘ ﺼﻔﯿﻖ ﻟﻠﻨ ﺴﺎء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬

‫‪394‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﱠﺤﺎوي‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺰﯾﺎدة »ﻓﻲ اﻟﺼﻼة«‬
‫وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻓﻲ آﺧﺮھﺎ‪.‬‬

‫وأُﻛﺮﱢر اﻟﻘﻮل إن اﻟﻜﻼم ﻣﻊ اﻟﻐﯿﺮ ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﻜﻼمٍ ﻣ ﻦ ﺟ ﻨﺲ ﻛ ﻼم اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻃﺐ‬ ‫اﻟﻤﺸﺮوع أو اﻟﻤﺄذون ﻓﯿﮫ‪ ،‬أي ﻣﻦ اﻟﻜﻼم اﻟﻤﺨﺎﻃَﺐ ﺑﮫ ربﱡ اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ اﻟﻜ ﻼم اﻟﻤﺨﺎ َ‬
‫ﺑ ﮫ اﻟﺒ ﺸﺮ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺰﯾ ﺪ اﻟﺮﺟ ﻞ إن اﺣﺘ ﺎج ﻟﻤﺨﺎﻃﺒ ﺔ اﻟﻐﯿ ﺮ ﻋﻠ ﻰ أن ﯾ ﺴﺒﱢﺢ‪ ،‬واﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﻣ ﻦ ﺟ ﻨﺲ ﻛ ﻼم‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﺮﺟﻞ إن اﺣﺘﺎج ﻟﻠﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘﺮأ اﻵﯾﺎت اﻟﺘ ﻲ ﺳ ﮭﺎ ﻋﻨﮭ ﺎ إﻣﺎ ُﻣ ﮫ أو‬
‫أﺧﻄﺄ ﻓ ﻲ ﺗﻼوﺗﮭ ﺎ دون أﯾ ﺔِ إﺿ ﺎﻓﺔٍ أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ ﻛ ﻼم اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺎﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ذﻟ ﻚ ﻓ ﺎﻟﻘﻨﻮت‬
‫واﺟﺐ اﻻﻟﺘﺰام ‪ ،‬وھﻮ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺴﻜﻮت واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ ﻛﻼم اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫واﻟﻤﺴﻜﻮت ﻋﻨﮫ ھﻮ اﻟﻜﻼم‪ ،‬واﻟﻜﻼم ﯾﻌﻨ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ ذوات اﻟﺤ ﺮوف‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﻻ ﺣ ﺮوف ﻓﯿ ﮫ ﻓﻠ ﯿﺲ‬
‫ﺑﻜﻼم‪ ،‬وﻣِﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﺤﻈﻮر‪ ،‬وﻻ ﯾﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻘﻨﻮت‪ ،‬ﻓﺎﻟﺒﻜﺎء وإن ﻛﺎن ﺑﺼﻮت ﻣﺴﻤﻮع ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻛﻼﻣًﺎ وﻣِﻦ ّﺛ ﱠﻢ ﻓﻠﯿﺲ ﺑﻤﺤﻈﻮر‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﻣُﻄ ﺮﱢف ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻗ ﺪ روى ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻧﺘﮭﯿ ﺖ إﻟ ﻰ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وِﻟ ﺼﺪره أَزﯾ ٌﺰ ﻛ ﺄزﯾﺰ اﻟﻤِﺮْﺟ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺒﻜ ﺎء« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫س ﯾﻮم ﺑﺪر ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻘﺪاد‪ ،‬وﻟﻘﺪ رأﯾﺘُﻨﺎ وﻣﺎ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وإن ﻋﻠﯿﺎً رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﯿﻨﺎ ﻓﺎر ٌ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬واﻷدﻟ ﺔ‬‫ﻓﯿﻨﺎ ﻗﺎﺋﻢٌ إﻻ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮة ﯾﺼﻠﻲ وﯾﺒﻜﻲ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﺒﻜﺎء ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻛﺜﯿﺮة وﻣﻌﺮوﻓﺔ‪.‬‬

‫ﺦ وإن ﻛ ﺎن ﺑ ﺼﻮت ﻣ ﺴﻤﻮع ﻓﺈﻧ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺤﻈ ﻮر‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﻛﻼﻣ ًﺎ ﺣﺘ ﻰ وﻟ ﻮ ﺧ ﺮج‬ ‫واﻟ ﻨﻔ ُ‬
‫ﺑﺤﺮوف‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﯾﺼﻒ ﺻﻼة اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻛﺴﻮف اﻟﺸﻤﺲ »وﺟﻌﻞ‬
‫ب ِﻟ َﻢ ﺗﻌ ﺬﺑﮭﻢ وأﻧ ﺎ ﻓ ﯿﮭﻢ؟‬
‫ﯾﻨﻔﺦ ﻓﻲ اﻷرض وﯾﺒﻜﻲ وھﻮ ﺳ ﺎﺟﺪ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ وﺟﻌ ﻞ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ر ﱢ‬
‫ب ِﻟ َﻢ ﺗﻌﺬﺑﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺴﺘﻐﻔﺮك؟ ﻓﺮﻓﻊ رأﺳ ﮫ وﻗ ﺪ ﺗﺠﱠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود‬ ‫ر ﱢ‬
‫وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﻧﻔﺦ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺳﺠﻮده ﻓﻘﺎل‪ :‬أف أف‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬رب أﻟ ﻢ َﺗﻌِ ﺪﻧﻲ أن ﻻ ﺗﻌ ﺬﺑﮭﻢ وأﻧ ﺎ‬
‫ﺤ ﺼَﺖ‬ ‫ﻓ ﯿﮭﻢ؟ أﻟ ﻢ ﺗﻌ ﺪﻧﻲ أن ﻻ ﺗﻌ ﺬﺑﮭﻢ وھ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻐﻔﺮون؟ ﻓﻔ ﺮغ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ وﻗ ﺪ أَ ْﻣ َ‬
‫ﻞ‬
‫اﻟﺸﻤﺲُ«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أَﻣْﺤَﺼﺖ‪ :‬أي ﻇﮭﺮت واﻧﺠﻠﺖ‪ .‬ﻓﮭﺬان دﻟﯿﻼن ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز اﻟ ﻨﻔﺦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬دﻟﯿ ٌ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﻨﻔﺢ‪ ،‬وآﺧﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺦ ﺑﺤﺮﻓﯿﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎذا ﯾﻘ ﻮل أﺻ ﺤﺎب اﻟﻘ ﻮل ﺑﺤﺮﻣ ﺔ إﺧ ﺮاج أي‬
‫ﺻﻮت ﺑﺤﺮﻓﯿﻦ‪ ،‬اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺪﱡون ذﻟﻚ ﻛﻼﻣﺎً؟‪.‬‬

‫ﻧﻌﻢ ﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮل ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻜﻼم ﺑﺤﺮﻓﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻞ وﻧﻘﻮل ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻟﻜﻼم ﺑﺤﺮف واﺣﺪ ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻞ اﻷﻣ ﺮ‪:‬‬
‫ت‬
‫ف أو عِ‪ ،‬ﻣﻦ وﻗﻰ ووﻓﻰ ووﻋﻰ‪ ،‬ﻣﺎ دام اﻟﺤﺮف ﻗﺪ ﺧﺮج ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻛﻼم‪ ،‬أﻣﺎ إن ﺧﺮج ﺻﻮ ٌ‬ ‫ق أو ِ‬
‫ِ‬
‫ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺟﻨﺲ اﻟﻜ ﻼم ﻓﻤ ﺎ دﻟ ﯿﻠﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺗﺤﺮﯾﻤ ﮫ؟ ﻓﮭ ﺬا ﺻ ﻮت ﻗ ﺪ ﺧ ﺮج ﺑﺤ ﺮﻓﯿﻦ ]أف أف[ وﺧ ﺮج‬
‫ﻣﻜﺮﱠراً‪ ،‬أي ﺧﺮج ﺑﺄرﺑﻌﺔ ﺣﺮوف‪ ،‬أﺧﺮﺟﮫ رﺳﻮﻟﻨﺎ اﻟﻜﺮﯾﻢ ‪ ،r‬ﻓﮭﻞ ﯾﺒﻘﻰ ﻟﮭﻢ ﻋﺬر ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟‪.‬‬

‫ح‬
‫واﻟﻨﺤﻨﺤﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑ ﺼﻮت ﻣ ﺴﻤﻮع‪ ،‬وإن ﺧﺮﺟ ﺖ ﺑﺤ ﺮف أو ﺑﺤ ﺮﻓﯿﻦ أو ﺣﺘ ﻰ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ )ِإ ِ‬
‫ف وﺣ ﺪه‪ ،‬وﻣ ﻊ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺈن ﻋﻨ ﺪﻧﺎ ﻣ ـﺎ‬‫ْم(‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻛﻼﻣﺎً‪ ،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺤﻈ ﻮرة‪ ،‬وھ ﺬا ﻛ ﺎ ٍ‬
‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮازھﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن ﻟﻲ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳ ﺎﻋ ٌﺔ‬
‫آﺗﯿﮫ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا أﺗﯿﺘُﮫ أﺳﺘﺄذﻧﺖ إن وﺟﺪﺗﮫ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﺘﻨﺤﻨﺢ دﺧﻠﺖُ‪ ،‬وإن وﺟﺪﺗﮫ ﻓﺎرﻏ ﺎً َأذِن ﻟ ﻲ« رواه‬
‫ﺟ ُﻊ واﻟﺤﺸﺮﺟﺔُ‪ ،‬ﻷن اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻗﺪ ﻗ ﺎم ﻋﻠ ﻰ ﺗﺤ ﺮﯾﻢ‬ ‫ﻦ واﻟﺘﱠﻮ ﱡ‬
‫ﺦ واﻟﻨﺤﻨﺤ ِﺔ واﻟﺒﻜﺎ ِء‪ :‬اﻷﻧﯿ ُ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻣﺜﻞ اﻟﻨﻔ ِ‬
‫اﻟﻜﻼم‪ ،‬واﻟﻜﻼم ھﻮ اﻟﻤﻌﮭﻮد واﻟﻤﻌﺮوف‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮاه ﻓﻐﯿﺮ داﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﻟﯿﻞ‪.‬‬

‫واﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻊ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ھ ﻞ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﻣﺒﻄﻼﺗﮭ ﺎ وﻣ ﺎ ﯾﺘﺮﺗ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ وﺟ ﻮب‬

‫اﻹﻋﺎدة‪ ،‬أم ھﻮ ﺣﺮام ﻓﺤﺴﺐ ﯾﺄﺛﻢ ﺻﺎﺣﺒﮫ وﯾﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ وﻻ ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﻋ ﺎدة اﻟ ﺼﻼة؟ ﻗ ﺎل‬
‫اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر )أﺟﻤﻊ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻣ ﻦ ﺗﻜﻠ ﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﺎﻣ ﺪًا وھ ﻮ ﻻ ﯾﺮﯾ ﺪ إﺻ ﻼح ﺻ ﻼﺗﮫ أن‬

‫‪395‬‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﻓﺎﺳﺪة‪ ،‬واﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓ ﻲ ﻛ ﻼم اﻟ ﺴﺎھﻲ واﻟﺠﺎھ ﻞ(‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )اﻟﻌﻤ ُﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﻨ ﺪ أﻛﺜ ﺮ أھ ﻞ‬
‫اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إذا ﺗﻜﻠﻢ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﺎﻣﺪاً ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة أو ﻧﺎﺳ ﯿًﺎ أﻋ ﺎد اﻟ ﺼﻼة(‪ .‬وﻗ ﺎل ﻗ ﻮم ‪ :‬إذا ﺗﻜﻠ ﻢ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫ﻼ ﺻﺤﱠﺖ ﺻﻼﺗﮫ‪ .‬وﻋﺰاه اﻟﻨﻮوي إﻟﻰ اﻟﺠﻤﮭﻮر‪.‬‬ ‫ﻋﺎﻣﺪًا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أﻋﺎدھﺎ‪ ،‬وإذا ﺗﻜﻠﻢ ﻧﺎﺳﯿ ًﺎ أو ﺟﺎھ ً‬

‫وﻗﺪ اﺳﺘﺪل ﻣﻦ ﻗ ﺎل ﺑ ﺒﻄﻼن ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺘﻜﻠﻢ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »إن ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻻ‬
‫ف ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﺑ ﻦ‬ ‫ﯾﺼﻠﺢ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻨﺎس« وھﻮ ﻃﺮ ٌ‬
‫ن ﻛﻮن اﻟﻜ ﻼم ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻌﻨ ﺎه أﻧ ﮫ ﯾُﻔ ﺴﺪ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫اﻟﺤﻜﻢ وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا إ ﱠ‬
‫ن ﻣﺎ ﯾﺤﺮم ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ‪.‬‬ ‫أﻓﺴﺪھﺎ أﺑﻄﻠﮭﺎ ووﺟﺒﺖ إﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ .‬وأﺧﺬ ﻗﻮم ﻣﻦ ھﺆﻻء ﺑﻘﺎﻋﺪة أ ﱠ‬

‫ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء‪ :‬إﻧﻨ ﺎ ﻧ ﺴﻠﱢﻢ ﺑ ﺄن اﻟﻜ ﻼم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ وأﻧ ﮫ ﺣ ﺮام ﻻ ﯾﺠ ﻮز‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨ ﺎ‬
‫وﻧﺤ ﻦ ﻧﻘ ﻮل ﺑﮭ ﺬا إﻧﻤ ﺎ ﻧﻘ ﻒ ﻋﻨ ﺪ دﻻﻻت اﻟﻨ ﺼﻮص وﻻ ﻧﺘﻌ ﺪاھﺎ إﻟ ﻰ اﻓﺘﺮاﺿ ﺎت أو اﺳ ﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻻ‬
‫ن ﻣﺎ ﻻ‬ ‫ﺗﺤﺘﻤﻠﮭﺎ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أﯾ ﻦ ﻟﮭ ﻢ أن ﻛ ﻞ ﻣﺤ ﺮﱠم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﯾﺒﻄﻠﮭ ﺎ؟ وﻣ ﻦ أﯾ ﻦ ﻟﮭ ﻢ أ ﱠ‬
‫ﯾَﺼﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ؟‪.‬‬

‫ﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﯾﺒﻄﻠﮭ ﺎ ﻓﮭ ﻮ أﯾ ﻀ ًﺎ‬‫أﻣﺎ أﺧﺬُھﻢ ﺑﻘﺎﻋﺪة أن ﻣﺎ ﯾﺤﺮم ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬أو أن ﺗ ﺮك واﺟ ٍ‬

‫ﺧﻄﺄ‪ ،‬واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة إﻻ ﺗﺮك ﺷﺮط ﻣﻦ ﺷ ﺮوﻃﮭﺎ‪ ،‬أو ﺗ ﺮك رﻛ ﻦ ﻣ ﻦ أرﻛﺎﻧﮭ ﺎ‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة وﻻ ﯾﻔ ﺴﺪھﺎ‪ .‬وﻻ أُرﯾ ﺪ اﻟ ﺪﺧﻮل ﻓ ﻲ أﺑﺤ ﺎث ﻋﻠ ﻢ اﻷﺻ ﻮل أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﻷن ﻣﻜﺎﻧﮫ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أر ﱡد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻤﺎ رواه ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ »إذ ﻋﻄ ﺲ‬
‫رﺟ ٌﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺮﺣﻤﻚ اﷲ ‪ ...‬ﻗﺎل‪ :‬إن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ﻛ ﻼم اﻟﻨ ﺎس«‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬا ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻋﻠﻤﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن اﻟﻜ ﻼم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺑ ﻲ‬
‫داود »إن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺤ ﱡﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻨﺎس ھﺬا«‪ .‬أي أﻋﻠﻤﮫ ﺑﺤﺮﻣﺔ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﮫ وﻟ ﻢ ﯾ ﺰد‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﻄﺎﻟﺒﮫ ﺑﺎﻹﻋﺎدة‪ ،‬ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼﺗﮫ ﻟ ﻢ ﺗﺒﻄ ﻞ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟﺤ ﺮام‪ .‬وﻻ ﯾ ﺼﺢ ﺗﺄوﯾ ﻞ‬
‫ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إﻧ ﮫ وإن ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ اﻟﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﻻ ﯾﻤﻨ ﻊ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜ ﻮن‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﮫ اﻹﻋﺎدة‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء‪ :‬ﺣﺘﻰ ﯾﺜﺒﺖ ﻗ ﻮﻟﻜﻢ ھ ﺬا ﻧﻘ ﻮل ﻟ ﮫ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا دﻟﯿ ﻞ واﺿ ﺢ‬
‫ف ﻋﻠـﻰ أﺣ ﺪ‬ ‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻜﻼم ﺣﺮام‪ ،‬وﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ وﻻ ﯾﻔﺴﺪھﺎ‪ ،‬وھﻮ ردﱞ ﻛﺎ ٍ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻﻟﯿﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﺳﺘﺪﻻﻟﮭﻢ اﻷول وھﻮ أن اﻟﻘﻮل »إن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻨﺎس« ﯾﺪل‬
‫ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎد ﺻﻼة اﻟﻤﺘـﻜﻠﻢ ‪ ،‬ﻓﻤﻨﻘﻮض ھﻮ اﻵﺧﺮ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑ ﻦ اﻟﺤﻜ ﻢ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬ﻷن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺳﻤﻊ ﻛﻼم ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأﻓﮭﻤﮫ أﻧﮫ ﻓﻌﻞ ﺣﺮاﻣﺎً‪ ،‬وأﻧﮫ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬واﻛﺘﻔ ﻰ‬
‫ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺎن وﻟﻢ ﯾﺰد ﻋﻠﯿﮫ أﻣﺮًا ﺑﻮﺟﻮب اﻹﻋﺎدة‪ .‬ﻓﺎﻟﻘﻮل إذن ﺑﻮﺟﻮب اﻹﻋﺎدة ھ ﻮ ﺗﻘ ﱡﻮلٌ ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،r‬وھﻮ ﻻ ﯾﺠﻮز‪.‬‬

‫ﻼ واﻟﺠﺎھ ﻞ ﻣﻌ ﺬور‪،‬‬ ‫ﻼ ﻻ ﯾﺒﻄﻞ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وإن ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ھ ﺬا ﺗﻜﻠ ﻢ ﺟ ﺎھ ً‬ ‫وأﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﻢ إن اﻟﻜﻼم ﺟﮭ ً‬
‫ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ھﻮ أن ﻣﺎ ﯾُﺒﻄِﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ ﺗﺮك ﺷﺮط أو ﺗ ﺮك رﻛ ﻦ ﻻ ﯾﺠﻌ ﻞ ﻓﺎﻋَﻠ ﮫ ﺟﮭ ﻼً ﻧﺎﺟﯿ ﺎً ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ أو ﻧﺴﯿﺎﻧﺎً‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻗﺒ ﻞ‬ ‫ن ﻣﻦ ﺻﻠﻰ دون وﺿﻮء ﺟﮭ ً‬ ‫ﺑﻄﻼن ﺻﻼﺗﮫ ووﺟﻮب إﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬ذﻟﻚ أ ﱠ‬
‫دﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ ﺟﮭﻼً أو ﻧﺴﯿﺎﻧﺎً‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﻓﺘ ﺮك اﻟﺮﻛ ﻮع ﺟﮭ ﻼً أو ﻧ ﺴﯿﺎﻧﺎً ﻓ ﺼﻼﺗﮫ ﺑﺎﻃﻠ ﺔ‪ ،‬وﺗﺠ ﺐ‬
‫ن ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻮ ﻓﻌﻞ‬ ‫ﻋﻠﯿﮫ إﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔﻌﮫ ﺟﮭﻠﮫ وﻻ ﺳﮭﻮه ھﻨﺎ‪ ،‬وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل إ ﱠ‬
‫ﻼ أو ﻧﺴﯿﺎﻧﺎً‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻼﺗﮫ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬وﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﯾﺄﻣﺮه اﻟﺮﺳ ﻮل‬ ‫ﻣﺎ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺟﮭ ً‬
‫ن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﺈﻋﺎدﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻜ ﻼم ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ‬ ‫‪ r‬ﺑﺎﻹﻋﺎدة ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ وﺟﺪﻧﺎ أ ﱠ‬
‫ﻣﺒﻄﻼت اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وأﯾﻀ ًﺎ ﻗﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺗﻜﻠﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻧﺎﺳ ﯿﺎً‪ ،‬ﻓﺒﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﺎ ﺻﻠﻰ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟﮫ »ﻓﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣ ﺎ ﺻ ﻠﻰ« ﺑﻌ ﺪ أن ﺗﻜﻠ ﻢ ﻧﺎﺳ ﯿﺎً‪ ،‬ﯾ ﺪل ﺑﻤ ﺎ ﻻ ﻟ ﺒﺲ ﻓﯿ ﮫ‬

‫‪396‬‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻜﻼم ﻧﺴﯿﺎﻧًﺎ ﻻ ﯾُﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻌﻀﺪ اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺬي ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ أن ﻣﻌﺎوﯾﺔ‬
‫ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻢ ﯾُﺆﻣﺮ ﺑﺎﻹﻋﺎدة‪.‬‬

‫وأﯾﻀًﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺪﯾﺚ ذي اﻟﯿﺪﯾﻦ وھﻮ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤ ﺸﮭﻮرة‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‬ ‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻤ ﺮان ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺼﯿﻦ‪ ،‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪،‬‬
‫ورواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﺑﻠﻔﻆ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﺳ ﺒﻖ‪ ،‬وﻧﻜﺘﻔ ﻲ ﺑ ﺈﯾﺮاد اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة‪:‬‬
‫ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ‪ ،‬ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻓ ﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻘ ﺎم ذو اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﻗُ ﺼِﺮت اﻟ ﺼﻼةُ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أم ﻧ ﺴﯿﺖَ؟ ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻟ ﻢ‬
‫ﺾ ذﻟﻚ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ﻓﻘ ﺎل ‪ :‬أﺻ ﺪق ذو‬ ‫ﯾﻜﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ ﻛﺎن ﺑﻌ ُ‬
‫اﻟﯿﺪﯾﻦ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﻌﻢ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻓﺄﺗ ﱠﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﺠﺪ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ وھ ﻮ‬
‫ﺟ ﺎﻟﺲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺗﻜﻠ ﻢ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﻣ ﻦ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﺗﻜﻠﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﻌﺪﺋ ٍﺬ ﺑﺈِﺗﻤﺎم ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ واﺻﻼً اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُوﻟﯿﯿﻦ‬
‫ﺑﺮﻛﻌﺘﯿﻦ أُﺧﺮﯾﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻢ ﻧﺮه ﯾﺴﺘﺄﻧﻒ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻌﻠﻨﺎً ﺑﻄﻼﻧﮭﺎ‪ .‬وﻟﻤﻦ ﺷﺎء أن ﯾﻘﻮل إﻧﮫ ﺗﻜﻠﻢ ﻧﺎﺳﯿﺎً‪ ،‬وﻟﻤ ﻦ‬
‫ﻼ ﻧﻘ ﻮل‪ :‬إﻧ ﮫ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن اﻟﻜ ﻼم ﻣ ﻦ ﻣ ﺒﻄﻼت اﻟ ﺼﻼة ﻟﻌﻠﱠﻤ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺷﺎء أن ﯾﻘﻮل إﻧ ﮫ ﺗﻜﻠ ﻢ ﺟ ﺎھ ً‬
‫ﻲ ﻓﺄﻋﺎد اﻟﺼﻼة ﺑﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأﯾﻨﺎه ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺑﻨ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﺻ ﻠﻰ وأﺗ ﻢ‬
‫ﻟﺼﺤﺎﺑﺘﮫ ﺑﺪرس ﻋﻤﻠ ﱟ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ دل ذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﻮﺿﻮح ﻋﻠﻰ أن اﻟﻜﻼم ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻣﺒﻄﻼت اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وأﯾﻀﺎً ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ وھﻮ أﯾﻀﺎً ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤ ﺸﮭﻮرة‪ ،‬وﻗ ﺪ رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود وﻏﯿ ﺮھﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺪﺧﻞ رﺟﻞ ﻓﺼﻠﻰ ﺛﻢ ﺟﺎء ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓ ﺮ ﱠد اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺼﻞﱢ‪ ،‬ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬واﻟﺬي ﺑﻌﺜﻚ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻣﺎ أُﺣﺴﻦُ ﻏﯿﺮه ﻓﻌﻠﱢﻤﻨﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إذا ﻗﻤﺖ‬‫ارﺟﻊ ﻓﺼ ﱢﻞ ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻢ ُﺗ َ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﻜﺒﱢﺮ‪ ،‬ﺛﻢ اﻗﺮأ ﻣﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺛ ﻢ ارﻛ ﻊ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ راﻛﻌ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ارﻓ ﻊ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﻌﺘﺪل ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ارﻓ ﻊ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ اﺳ ﺠﺪ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻤ ﺌﻦ‬
‫ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻚ ﻛﻠﮭﺎ«‪ .‬ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ أرﺟﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺮﺟﻞ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻗ ﺎﺋ ً‬
‫ﻼ‬
‫ﻟﮫ إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺻﻼﺗﮫ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا أرﺟﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺛﻼث ﻣ ﺮات‬
‫وﻟﻢ ﯾُﺮﺟﻊ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺮة واﺣﺪة؟ إﻧﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﺴﻜﺖ ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ‬
‫ﻓﻼ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﺎﻹﻋﺎدة ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأﯾﻨﺎه ﻗﺪ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺪ دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ‬
‫ﺻﻼة ﻣﻌﺎوﯾﺔ‪ ،‬وﻛﻮﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ أﻋﻠ ﻢ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﺑﺄﻧ ﮫ ارﺗﻜ ﺐ ﺣﺮاﻣ ﺎً ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﻘ ﻂ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﺪل دﻻﻟﺔ ﻣﺆﻛﺪة ﻋﻠﻰ أن ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾﺮاه ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ ﻣﻦ أن اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﯾﺤﺼﻞ ﺟﮭﻼً ﻻ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن اﻟﻜﻼم اﻟﻤﺘﻌﻤﱠﺪ ھ ﻮ‬
‫اﻟﻤُﺒﻄﻞ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺄن اﻟﺬي ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﻌﻤﺪ واﻟﺠﮭ ﻞ ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﻼ ﺑﻤﺒﻄﻼت اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠ ﻢ ﯾﻨﻔﻌ ﮫ ﺟﮭﻠ ﮫ وﺑﻄﻠ ﺖ ﺻ ﻼﺗﮫ‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺊ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺛﻼث ﻣــﺮات ﺟﮭ ً‬
‫ﻣﻤﺎ ﯾﺪل دﻻﻟﺔ ﻣﺆﻛﺪة ﻋﻠﻰ أن ﻣﺒﻄﻼت اﻟﺼﻼة ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺒﻄﻼت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺠﮭﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء‪.‬‬
‫وﻟﮭﺬا ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻟﻜﻼم ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻄﻼت ﻟﻜﺎن أﺑﻄﻞ ﺻﻼة ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻷن اﻟﺠﮭﻞ ﻻ ﯾﻐﻨـ ـﻲ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ‬
‫ﻋﻠِﻤﻨﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ أﺑﻄﻞ ﺻﻼة اﻟﻤﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ رﻏ ﻢ‬ ‫ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻤﺒﻄــﻼت ﻛﻤــﺎ أﺛﺒﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ َ‬
‫أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺟﺎھﻼً‪ ،‬وﻋﻠﻤﻨ ﺎ أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾﺒﻄ ﻞ ﺻـ ـﻼة ﻣﻌﺎوﯾـ ـﺔ ﺑ ﻦ اﻟﺤﻜـ ـﻢ اﻟـ ـﺬي‬
‫ﻒ ﻋﻤ ﺎ ﻓﻌﻠ ﮫ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﺑ ﻦ اﻟﺤﻜ ﻢ ﺑ ﻼ‬ ‫ﺗﻜﻠــﻢ ﺟﺎھﻼً‪ ،‬أدرﻛﻨﺎ أن ﻣ ﺎ ﻓﻌﻠ ﮫ اﻟﻤ ﺴﺊ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣﻐ ﺎﯾ ٌﺮ وﻣﺨﺘﻠ ٌ‬
‫ن ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ اﺑ ﻦ‬ ‫ل إﻻ ﻋﻠﻰ أنﱠ اﻟﻤُﺴﺊ ﺻﻼﺗَﮫ ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﯾﺒﻄﻞ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وأ ﱠ‬ ‫ﺷﻚ‪ ،‬وھﺬا اﻻﺧﺘﻼف ﻻ ﯾﺪ ﱡ‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ إﻻ ﺣﺮاﻣ ًﺎ دون أن ﯾﺼﻞ ذﻟﻚ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻤ ﺒﻄﻼت‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻟﻜ ﻼم ﻟ ﯿﺲ ﻣ ﻦ‬
‫ﻣﺒﻄﻼت اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻻ ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫‪397‬‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﻀﺢ أن اﻻﺳﺘﺪﻻﻻت اﻟﺘ ﻲ اﺳ ﺘﺪل ﺑﮭ ﺎ ھ ﺬا اﻟﻔﺮﯾ ﻖ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ‪ ،‬وأن اﻟ ﺮأي اﻟ ﺬي‬
‫ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑـﮫ ﻣﻦ أن اﻟﻜﻼم ﯾﺒﻄﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ھﻮ رأي ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ ﻟﻨ ﺎ إﻻ أن ﻧﻘ ﻮل إن اﻟﻜ ﻼم‬
‫ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤُﺤﺮﱠﻣﺎت ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وأن ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﯾﻨﻘﺼﮭﺎ ﻓﺤﺴﺐ وﻻ ﯾﺒﻄﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫ع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫‪2‬ــ اﻟﺨﺸﻮ ُ‬

‫ﻦ‬
‫ﺷ ِﻌ ْﯿ َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﮭَﺎ ﺧَﺎ ِ‬ ‫ﻞ ]و َﺗﺮَاھُ ْﻢ ﯾُ ْﻌ َﺮﺿُ ْﻮ َ‬
‫ن َ‬ ‫اﻟﺨﺸﻮع ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺴﻜﻮن ﻓﻲ ذﱠﻟ ٍﺔ وﺧﻀﻮع‪ ،‬ﻗﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﺷ َﻌ ًﺔ‬‫ﺧﻔِــﻲﱟ ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 45‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى‪ .‬وﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ]ﺧَﺎ ِ‬ ‫ف َ‬‫ﻃ ْﺮ ٍ‬‫ﻦ َ‬ ‫ن ﻣِــ ْ‬ ‫ﻣِﻦ اﻟﺬﱡلﱢ َﯾ ْﻨﻈُــﺮُ ْو َ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 43‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻘﻠ ﻢ‪.‬‬ ‫ﺳ ﺎ ِﻟﻤُ ْﻮ َ‬
‫ن إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﱡﺠُ ْﻮ ِد وھُ ْﻢ َ‬
‫ﻋ ْﻮ َ‬
‫َأ ْﺑﺼَﺎرُھُ ْﻢ َﺗ ْﺮ َھﻘُﮭُ ْﻢ ِذﻟﱠ ٌﺔ و َﻗ ْﺪ ﻛَﺎﻧُﻮْا ﯾُ ْﺪ َ‬
‫وروى اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪ ..» :‬إن اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﱠﻞ إذا ﺑ ﺪا ﻟ ﺸﺊ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮫ ﺧﺸﻊ ﻟﮫ ‪ «..‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫إن اﻟ ﺼﻼة أﻗ ﻮال وأﻓﻌ ﺎل وإﻧﮭ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ ﷲ رب اﻟﻌ ﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻨﺒﻐ ﻲ أن ﻻ ﯾُﻘ ﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻣ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﻣﺸﺮوع وﻣﻮﺟﱠ ٌﮫ إﻟﯿﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ .‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﻻ ﯾُﻔﻌﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻣ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﺸﺮوع ﻣ ﻦ أﻓﻌ ﺎل اﻟ ﺼﻼة‬
‫إﻻ ﻣﺎ ﺟﺎءت اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺋﮫ ﻓﯿﺒﺎح‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﺣﺮام‪ ،‬وﯾﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة‬
‫واﻟ ﺴﻼم ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻄﱡﮭﻮر‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤُﮭﺎ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻠﮭﺎ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ‬
‫ﻞ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ل وﻛ ﻞﱠ ﻓﻌ ٍ‬‫ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام[ وﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠ ﺼﻼة ﯾﺠﻌ ﻞ ﻛ ﻞ ﻗ ﻮ ٍ‬
‫ﻣﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺣﺮاﻣًﺎ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺣﺚ اﻟﺸﺮع ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ورﻏﱠﺐ ﻓﯿﮫ وﺑﯿﱠﻦ ﻓ ﻀﻠﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻌﺪﯾ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫ن[ اﻵﯾﺘ ﺎن ‪ 2 ،1‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﺷ ﻌُ ْﻮ َ‬‫ﺻ ﻼ ِﺗ ِﮭ ْﻢ ﺧَﺎ ِ‬ ‫ﻦ ھُ ْﻢ ﻓﻲ َ‬ ‫ن ‪ .‬اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬‫ﺢ اﻟﻤ ْﺆ ِﻣﻨُ ْﻮ َ‬ ‫ﻞ] َﻗ ْﺪ َأ ْﻓ َﻠ َ‬
‫ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻦ‪.‬‬
‫ﺷ ِﻌ ْﯿ َ‬
‫ﻋ َﻠ ﻰ اﻟﺨَﺎ ِ‬
‫ﺼ ْﺒﺮِ واﻟ ﺼﱠﻼ ِة وإﻧﱠ َﮭ ﺎ َﻟ َﻜ ِﺒ ْﯿ َﺮ ٌة إﻻ َ‬
‫ﺳ َﺘ ِﻌ ْﯿ ُﻨﻮْا ﺑِﺎﻟ ﱠ‬ ‫ﺳ ﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨ ﻮن‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]وا ْ‬
‫ﺟﻌُ ﻮْن[ اﻵﯾﺘ ﺎن ‪ 46 ،45‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫ن َأﻧﱠﮭُ ْﻢ ﻣُﻼﻗُ ْﻮ َرﺑﱢ ِﮭ ْﻢ وَأﻧﱠﮭُ ْﻢ إ َﻟ ْﯿ ِﮫ رَا ِ‬
‫ﻦ َﯾﻈُﻨﱡ ْﻮ َ‬
‫اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »‪ ...‬ﻓﺪﻋﺎ ﺑﻮَﺿُﻮءٍ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ اﻣ ﺮئ ﻣ ﺴﻠ ٍﻢ‬
‫ﺗﺤ ﻀُﺮه ﺻ ﻼ ٌة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔٌ ﻓﯿُﺤ ﺴﻦ وﺿ ﻮءَھﺎ وﺧ ﺸﻮﻋﮭﺎ ورﻛﻮﻋﮭ ﺎ إﻻ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻛﻔ ﺎر ًة ﻟِﻤ ﺎ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺬﻧﻮب ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾُﺆت ﻛﺒﯿﺮة‪ ،‬وذﻟﻚ اﻟﺪھ َﺮ ﻛﻠﱠﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋُﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻦ أﺣ ﺴﻦ‬ ‫ﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﺒ ﺎده‪َ ،‬ﻣ ْ‬ ‫ﻗ ﺎل‪ :‬أﺷ ﮭ ُﺪ ﺳ ﻤﻌﺖُ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﺧﻤ ﺲ ﺻ ﻠﻮات اﻓﺘﺮﺿ ﮭﻦ ا ُ‬
‫وﺿ ﻮءَھﻦ وﺻ ﻼﱠھﻦ ﻟ ﻮﻗﺘﮭﻦ‪ ،‬ﻓ ﺄﺗ ﱠﻢ رﻛ ﻮﻋﮭﻦ وﺳ ﺠﻮدھﻦ وﺧ ﺸﻮﻋﮭﻦ ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﻋﻨ ﺪ اﷲ ﻋﮭ ﺪ أن‬
‫ﯾﻐﻔﺮ ﻟﮫ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪ‪ ،‬إن ﺷﺎء ﻏﻔﺮ ﻟﮫ وإن ﺷﺎء ﻋﺬﱠﺑﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ‬
‫داود‪.‬‬

‫وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺎﺧﺘﺎر أﻛﺜﺮھﻢ اﻟﻨﺪب واﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬واﺧﺘ ﺎر‬
‫اﻵﺧﺮون اﻟﻮﺟﻮب وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وﺣﺘﻰ ﻧﺘﺒﯿﻦ وﺟﮫ اﻟﺼﻮاب ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﻨﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص‬
‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺬﻟﻚ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺻ ﻠﻰ رﻓ ﻊ ﺑ ﺼﺮه إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء‬
‫ﻓﻨﺰﻟﺖ‪ :‬اﻟﺬﯾﻦ ھﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ ﺧﺎﺷﻌﻮن‪ ،‬ﻓﻄﺄﻃﺄ رأﺳﮫ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫‪398‬‬
 ‫ﻦ ُھ ْﻢ ﻋَ ﻦِ اﻟﱠﻠﻐْ ﻮِ‬ ‫ن‪ .‬واﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬‫ﺷﻌُ ْﻮ َ‬
‫ﻦ ھُ ْﻢ ﻓﻲ ﺻَﻼ ِﺗ ِﮭ ْﻢ ﺧَﺎ ِ‬ ‫ن ‪ .‬اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﺢ اﻟﻤ ْﺆ ِﻣﻨُ ْﻮ َ‬ ‫ب ‪ -‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﻗ ْﺪ َأ ْﻓ َﻠ َ‬
‫ﺟ ِﮭ ْﻢ َأ ْو َﻣ ﺎ‬
‫ﻋ َﻠ ﻰ َأ ْزوَا ِ‬‫ن‪ .‬إﻻ َ‬ ‫ﺣ ﺎ ِﻓﻈُ ْﻮ َ‬
‫ﺟ ِﮭ ْﻢ َ‬ ‫ﻦ ھُ ْﻢ ِﻟﻔُ ﺮُ ْو ِ‬ ‫ن‪ .‬واﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﻋﻠُ ْﻮ َ‬‫ﻦ ھُ ْﻢ ﻟِﻠﺰﱠ َﻛ ﺎ ِة َﻓ ﺎ ِ‬ ‫ن‪ .‬واﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﻣُ ْﻌ ِﺮﺿُ ْﻮ َ‬
‫ﻦ ھُ ْﻢ َﻷﻣَﺎﻧَﺎ ِﺗ ِﮭ ْﻢ‬
‫ن‪ .‬وَاﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻚ ھُﻢ اﻟﻌَﺎدُ ْو َ‬ ‫ﻚ َﻓﺄُو َﻟ ِﺌ َ‬‫ﻦ ا ْﺑ َﺘﻐَﻰ َورَا َء َذ ِﻟ َ‬ ‫ﻦ‪َ .‬ﻓ َﻤ ْ‬ ‫ﻏ ْﯿﺮُ َﻣﻠُ ْﻮ ِﻣ ْﯿ َ‬ ‫ﺖ َأ ْﯾﻤَﺎﻧُﮭُ ْﻢ ﻓَﺈﻧﱠﮭُ ْﻢ َ‬
‫َﻣ َﻠ َﻜ ْ‬
‫ن‬
‫ن‪ .‬اﻟ ﺬِﯾﻦ َﯾ ِﺮﺛُ ْﻮ َ‬ ‫ﻚ ھُ ﻢ اﻟﻮَا ِرﺛُ ْﻮ َ‬ ‫ن‪ .‬أُو َﻟ ِﺌ َ‬ ‫ﺤ ﺎ ِﻓﻈُ ْﻮ َ‬ ‫ﺻ َﻠﻮَا ِﺗ ِﮭ ْﻢ ﯾُ َ‬
‫ﻋ َﻠ ﻰ َ‬ ‫ﻦ ھُ ْﻢ َ‬ ‫ن‪ .‬واﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﻋ ْﮭ ِﺪ ِھ ْﻢ رَاﻋُ ْﻮ َ‬ ‫وَ‬
‫ن[ اﻵﯾﺎت ﻣﻦ ‪ 11-1‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن‪.‬‬ ‫س ھُ ْﻢ ِﻓ ْﯿﮭَﺎ ﺧَﺎ ِﻟﺪُ ْو َ‬
‫اﻟ ِﻔ ْﺮ َد ْو َ‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ﻛﻨ ﺎ إذا ﺻﻠﯿﻨـ ـﺎ ﻣـ ـﻊ رﺳ ﻮل اﻟﻠـ ـﮫ ‪ r‬ﻗﻠﻨ ﺎ‪:‬‬

‫اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻜﻢ ورﺣﻤﺔ اﷲ‪ ،‬وأﺷﺎر ﺑﯿﺪه إﻟﻰ اﻟﺠ ﺎﻧﺒﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﺲ؟‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﺑﺘﻤﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬ ‫‪ :r‬ﻋ ﻼ َم ﺗُﻮ ِﻣ ُﺌ ﻮن ﺑﺄﯾ ﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭ ﺎ أذﻧ ﺎ ُ‬
‫ب ﺧﯿ ﻞٍ ﺷُ ﻤْ ٍ‬
‫ن ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‬ ‫ﺚ ﺛﺎ ٍ‬
‫]اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ وﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﺪﯾ ٌ‬
‫ﺷ ْﻤﺲٍ؟ اﺳ ُﻜﻨﻮا ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻲ أراﻛﻢ راﻓﻌﻲ أﯾ ﺪﯾﻜﻢ ﻛﺄﻧﮭ ﺎ أذﻧ ﺎبُ ﺧﯿ ٍﻞ ُ‬
‫‪ . «...‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫اﻟﺪﻟﯿﻞ اﻷول ﯾﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺨﺸﻮع ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﺣُﺮﻣ ﺔُ‬
‫اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻤﺎ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ إﻋﺎدﺗﮫ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 2‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن‪ .‬ﻓﻔﮭﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﺷﻌُ ْﻮ َ‬ ‫ﻓﻨﺰل ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ]اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ ھُ ْﻢ ﻓﻲ ﺻَﻼ ِﺗ ِﮭ ْﻢ ﺧَﺎ ِ‬
‫واﻟﺴﻼم ﻣﻦ ھﺬه اﻵﯾﺔ أن اﻟﺨﺸﻮع ﯾﻘﺘﻀﻲ ﻋﺪم رﻓ ﻊ اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓﻄﺄﻃ ﺄ رأﺳ ﮫ‪ ،‬وھ ﺬا ﻛﻠ ﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟﺨ ﺸﻮع ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ رﻓ ﻊ اﻟﺒ ﺼﺮ‪ ،‬وأن رﻓ ﻊ اﻟﺒ ﺼﺮ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ اﻟﺨ ﺸﻮع‪ ،‬وﻣ ﺎ دام أن رﻓ ﻊ‬
‫اﻟﺒﺼﺮ ﺣﺮام‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﺸﻮع ﺑﺨﻔﺾ اﻟﺒﺼﺮ إذن واﺟﺐ‪.‬‬

‫واﻟﺪﻟﯿﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺪل ھﻮ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺨﺸﻮع‪ ،‬ﻓﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ وﺻﻒ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ إن‬
‫ھﻢ ﻓﻌﻠﻮا ﻛﺬا وﻛﺬا وﻛﺬا‪ ،‬وﻓﻌﻠﻮا اﻟﺨﺸﻮع وﺻﻔﮭﻢ ﺑﺎﻟﻔﻼح‪ ،‬وﺑﺸﱠﺮھﻢ ﺑﻮراﺛ ﺔ اﻟﻔ ﺮدوس‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫أن ﻣﻦ أراد اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻔﻼح ودﺧﻮل أﻋﻠﻰ درﺟ ﺎت اﻟﺠﻨ ﺔ ﻓﻠْﯿﺨ ﺸﻊ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬و ْﻟﯿُ ْﻌ ﺮِض ﻋ ﻦ اﻟﻠﻐ ﻮ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ھ ﺬه‬‫ع اﻷﻣﺎﻧ ﺔ واﻟﻌﮭ ﺪ‪ ،‬و ْﻟﯿُﺤ ﺎﻓﻆ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺗ ﺮك ﻓﻌ ً‬ ‫و ْﻟُﯿ َﺰكﱢ‪ ،‬و ْﻟ َﯿﺤْﻔﻆ ﻓﺮﺟ ﮫ‪ ،‬و ْﻟُﯿ ﺮا ِ‬
‫اﻷﻓﻌ ﺎل ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺤﻖ اﻟﻔ ﻼح ودﺧ ﻮل اﻟﻔ ﺮدوس‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن ﻣ ﻦ ﻻ ﯾﺨ ﺸﻊ ﻻ ﯾ ﻀﻤﻦ اﻟﻔ ﻼح ودﺧ ﻮل‬
‫ع أن اﻟﺨ ﺸﻮع ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ؟ إن اﻟﻔ ﻼح ودﺧ ﻮل‬ ‫ﻲ ُﻣ ﱠﺪ ٍ‬
‫اﻟﻔ ﺮدوس‪ ،‬ﻓﮭ ﻞ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ أن ﯾ ﺪﱠﻋ َ‬
‫اﻟﻔﺮدوس ھﻤﺎ اﻟﻔﻮز اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬وإن اﻟﻔﻮز اﻷﻛﺒﺮ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﻤﻦ اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺜﻤﻦ اﻷﻛﺒﺮ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻣ ﻦ‬
‫ﺻ ﻨﻒ اﻟﻤﻨ ﺪوﺑﺎت‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ـﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻮاﺟﺒ ﺎت‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻧﺠ ﺪ أن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﺬﻛﻮرات ﻓ ﻲ ھ ﺆﻻء اﻵﯾ ﺎت‬
‫اﻟﻤﺒﺎرﻛﺎت ھﻲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺒﺎت‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﺸﻮع واﺟﺐ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ اﻟﺜﺎﻟــﺚ ﻓـﺈﻧﮫ ﯾﻌﻀــﺪ اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋ ﻞ ﺑﻮﺟـ ـﻮب اﻟﺨ ﺸﻮع وﯾﱠﺘ ﺴﻖ ﻣﻌ ـﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ‪r‬‬
‫ﻻ‬
‫ﻗﺪ ﻧﮭﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻦ ﺗﺤﺮﯾﻚ اﻷﯾﺪي ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻧﮭﯿ ًﺎ ﻗﺎﺳﯿﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺳﺄﻟﮭﻢ ﺳﺆا ً‬
‫اﺳﺘﻨﻜﺎرﯾﺎً‪ ،‬وﺷﺒﱠﮫ أﯾﺪﯾﮭﻢ ﺑﺄذﻧﺎب اﻟﺨﯿﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﮭﺎھﻢ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ اﻟﺼﺮﯾﺢ ]اﺳ ﻜُﻨُﻮا[ وﯾﺒﻌ ﺪ أن ﯾﻘ ﻮل ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻟﻤﺠﺮد رؤﯾﺔ أﻣﺮٍ ﻣﻜﺮو ٍه ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ أﻧﮫ ﻧﮭﻰ ﻋﻦ ﻓﻌ ٍﻞ ﻣﺤﺮﱠم ﻣﻀﺎ ﱟد ﻟﻠﺨﺸﻮع‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺜﺒ ﺖ‬
‫ﻟﻠﺨﺸﻮع ﺣﻜﻢ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﺸﻮع واﺟﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫إن اﻟﺸﺮع اﻟﺸﺮﯾﻒ وإن ھﻮ أوﺟﺐ اﻟﺨﺸﻮع إﻻ أﻧﮫ ﺗﻮﺳﱠﻊ ﻓﻲ اﻹذن ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن ﺧﻔﯿﻔﺔ‪ ،‬دون أن ﯾﻌﺘﺒﺮھﺎ ﻗﺎدﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﺸﻮع وﻻ ﻣﻨﺎﻓﯿﺔ ﻟﮫ‪ ،‬وﻧ ﺬﻛﺮ ﺟﻤﻠ ﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ھﺬه اﻷﻋﻤﺎل‪:‬‬

‫‪399‬‬
 ‫ض ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ (1‬اﻟﻤﺸﻲ ﻟﺤﺎﺟ ٍﺔ َﺗ ْﻌ ِﺮ ُ‬
‫ض ﻓﺎﺣﺘﺎج إﻟﻰ أن ﯾﺘﻘﺪم ﻗﻠ ﯿﻼً إﻟ ﻰ اﻷﻣ ﺎم أو إﻟ ﻰ أن ﯾﺘ ﺄﺧﺮ‬ ‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ إن ﻋَﺮض ﻟﮫ ﻋﺎر ٌ‬
‫ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬أو إﻟﻰ أن ﯾﺨﻄﻮ ﻗﻠﯿﻼً ﯾﻤﻨﺔ أو ﯾﺴﺮة أن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﺎة وھﺪوء وﺳﻜﯿﻨﺔ وﯾﻤﻀﻲ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪،‬‬
‫ﻼ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣ ﺎزم ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﻮا ﺳ ﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ‪ :‬ﻣِ ﻦ أي ﺷ ﺊ‬ ‫وﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻛﻞ أوﺿﺎﻋﮫ ﻣﺴﺘﻘﺒ ً‬
‫ﻋﻤَِﻠ ﮫ ﻓ ﻼن ﻣ ﻮﻟﻰ ﻓﻼﻧ ﺔ ﻟﺮﺳ ﻮل‬ ‫اﻟﻤﻨﺒﺮ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أﻋﻠﻢ ﻣﻨﻲ‪ ،‬ھﻮ ﻣﻦ أَﺛ ﻞِ اﻟﻐﺎﺑ ﺔ‪َ ،‬‬
‫اﷲ ‪ ،r‬وﻗﺎم ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﯿﻦ ﻋُﻤﻞ ووُﺿﻊ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻛﺒﱠﺮ وﻗﺎم اﻟﻨ ﺎس ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ‬
‫ورﻛ ﻊ ورﻛ ﻊ اﻟﻨ ﺎس ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ رﺟ ﻊ اﻟﻘَﮭ َﻘ ﺮى ﻓ ﺴﺠﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋ ﺎد إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﺛﻢ رﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ رﺟﻊ اﻟﻘَﮭﻘَﺮى ﺣﺘﻰ ﺳﺠﺪ ﺑﺎﻷرض‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﺷﺄﻧﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫ﻓﻘﺪ اﻋﺘﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻤﻨﺒﺮ وﺻﻠﻰ ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻛﺎن إذا أراد اﻟﺴﺠﻮد رﺟﻊ إﻟ ﻰ اﻟ ﻮراء‪ ،‬ﻓﻨ ﺰل‬
‫إﻟﻰ اﻷرض ﻓﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﺪم ﻓﺎﻋﺘﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ‪ ،‬ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻓﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ‬
‫ﺗﻌﻠ ﯿﻢ اﻟﻨ ﺎس اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ ﻣ ﺎ رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﮭﻞ اﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ اﻷﻧ ﺼﺎري‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬ﻓ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ أﺻ ﻞ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﺛ ﻢ ﻋ ﺎد‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻓ ﺮغ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﻤﺎ ﺻﻨﻌﺖُ ھــﺬا ﻟﺘﺄﺗﻤﱡﻮا وﻟﺘﻌَﻠﱠﻤﻮا ﺻﻼﺗﻲ«‪ .‬وﻋــﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿـ ـﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ واﻟﺒﺎب ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻐﻠﻖ‪ ،‬ﻓﺠﺌﺖ ﻓﻤﺸﻰ ﺣﺘﻰ ﻓﺘﺢ ﻟﻲ ﺛﻢ رﺟ ﻊ إﻟ ﻰ‬
‫ن اﻟﺒ ﺎب ﻓ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻓﯿ ﮫ أﻧ ﮫ‬
‫ﻣﻘﺎﻣ ﮫ‪ ،‬ووﺻ َﻔﺖْ أ ﱠ‬
‫ﺖ اﻟﺒ ﺎب ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎﺋﻢٌ‬ ‫ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺗﻄﻮﻋ ﺎً‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »اﺳ ﺘﻔﺘﺤ ُ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻤﺸﻰ ﻓﻲ اﻟﻘِﺒﻠﺔ إﻣﺎ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وإﻣﺎ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره ﺣﺘﻰ ﻓﺘﺢ ﻟﻲ‪ ،‬ﺛﻢ رﺟﻊ إﻟﻰ ُﻣ ﺼﻼه« رواه‬
‫ﺖ‬
‫ف ﻓﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ ،‬ورواه اﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »اﺳ ﺘﻔﺘﺤ ُ‬ ‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻄﯿﺎﻟﺴﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺎﺧﺘﻼ ٍ‬
‫اﻟﺒﺎب ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﺗﻄﻮﻋﺎً‪ ،‬واﻟﺒﺎب ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺸﻰ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ أو ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره ﻓﻔ ﺘﺢ‬
‫اﻟﺒﺎب‪ ،‬ﺛﻢ رﺟﻊ إﻟ ﻰ ُﻣ ﺼﻼه«‪ .‬ورواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﺳ ﺘﻔﺘﺢ‬
‫إﻧﺴﺎن اﻟﺒﺎب ﻓﺘﺢ ﻟﮫ ﻣﺎ ﻛـﺎن ﻓﻲ ﻗِﺒﻠﺘﮫ‪ ،‬أو ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ أو ﻋﻦ ﯾﺴﺎره‪ ،‬وﻻ ﯾﺴﺘﺪﺑﺮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ«‪.‬‬

‫‪ (2‬اﻹِﺷﺎر ُة ﺑﺎﻟﯿﺪﯾﻦ وﺗﺤﺮﯾﻜﮭﻤﺎ‪:‬‬

‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺮد اﻟﺘﺤﯿﺔ إﺷ ﺎرةً ﺑﯿ ﺪه أو ﺑﺈﺻ ﺒﻌﮫ أو ﺑﺮأﺳ ﮫ‪ ،‬وأن ﯾﺘﻨ ﺎول ﺑﯿﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾﺤﺘ ﺎج‬
‫إﻟ ﻰ ﺗﻨﺎوﻟ ﮫ‪ ،‬وأن ﯾﺤ ﺮك ﺑﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﺗﺤﺮﯾ ﻚ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟﻰ ﻗُﺒﺎء ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺠﺎءﺗﮫ اﻷﻧ ﺼﺎر ﻓ ﺴﻠﱠﻤﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺣﯿﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﯿﮫ وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ؟ ﻗﺎل ﯾﻘﻮل‬ ‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﺒﻼل‪ :‬ﻛﯿﻒ رأﯾ َ‬
‫ھﻜﺬا‪ ،‬وﺑﺴﻂ ﻛﻔﱠﮫ‪ ،‬وﺑ ﺴﻂ ﺟﻌﻔ ﺮ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮن ﻛﻔ ﮫ‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ ﺑﻄﻨ ﮫ أﺳ ﻔ َﻞ وﻇﮭ ﺮه إﻟ ﻰ ﻓ ﻮق« رواه أﺑ ﻮ‬
‫داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »دﺧﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻣﺴﺠﺪ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻋﻮف ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻗُﺒﺎء‬
‫ﺻ ﮭﯿﺒ ًﺎ وﻛـ ـﺎن ﻣﻌ ﮫ‪:‬‬
‫ﺖ ُ‬ ‫‪ -‬ﻓﺪﺧــﻞ رﺟـ ـﺎل ﻣ ـﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر ﯾ ﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﯿ ـﮫ ‪ ،‬ﻗ ـﺎل اﺑ ﻦ ﻋﻤـ ـﺮ‪ :‬ﻓ ﺴﺄﻟـ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬‫ﻛﯿﻒ ﻛــﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻔﻌﻞ إذا ﻛﺎن ﯾُﺴﱠﻠﻢُ ﻋﻠﯿﮫ وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺸﯿﺮ ﺑﯿ ﺪه« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪارﻣﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ‪ .‬وﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣ ﱠﺮ ﻋﻠﻰ رﺟﻞ وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ‬ ‫واﺑﻦ ُ‬
‫ﺳ ﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ وھ ﻮ‬ ‫ﻓﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﺮد اﻟﺮﺟﻞ ﻛﻼﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺮﺟﻊ إﻟﯿ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ‪ :‬إذا ُ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻼ ﯾﺘﻜﻠﻢ‪ ،‬و ْﻟ ُﯿﺸِﺮ ﺑﯿﺪه« رواه ﻣﺎﻟﻚ ‪ .‬وﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻠـ ـﮫ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌــﻮد رﺿ ﻲ‬
‫ﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺸﺔ أﺗﯿﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﺴﻠﱠﻤﺖُ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﺄوﻣﺄ ﺑﺮأﺳﮫ« رواه‬ ‫اﻟﻠـﮫ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣ ُ‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﺻﮭﯿﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣ ﺮرتُ ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﺴﻠﱠﻤﺖُ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺮ ﱠد‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬ ‫إﺷﺎرةً‪ ،‬ﻗﺎل وﻻ أﻋﻠﻤﮫ إﻻ ﻗﺎل‪ :‬إﺷﺎرةً ﺑﺈﺻ ﺒﻌﮫ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻧﺨﺴﻔﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬
‫ﻓﻘﺎم ﻗﯿﺎﻣًﺎ ﻃﻮﯾﻼً ‪ -‬وذﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻟﻰ أن ﻗﺎل ‪ -‬ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف وﻗ ﺪ ﺗﺠﻠﱠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲُ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬

‫‪400‬‬
‫‪ :r‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ آﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت اﷲ ﻻ ﯾﺨ ﺴﻔﺎن ﻟﻤ ﻮت أﺣ ﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا رأﯾ ﺘﻢ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻓﺎذﻛﺮوا اﷲ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ رأﯾﻨﺎك ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻚ ﺛﻢ رأﯾﻨ ﺎك َﻛ ْﻌ َﻜ ْﻌ ﺖَ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :r‬إﻧ ﻲ‬
‫رأﯾﺖ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﺘﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻨﻘﻮداً‪ ،‬وﻟﻮ أﺻﺒ ُﺘ ُﮫ ﻷﻛﻠﺘﻢ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﺑﻘﯿﺖ اﻟﺪﻧﯿﺎ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ‬
‫ﺳ ُﻤﺮَة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺖ إﻟﻰ اﻟﻮراء‪ .‬وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ َ‬ ‫ﺖ‪ :‬أي رﺟﻌ َ‬ ‫ﻛﻌﻜﻌ َ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ ﯾَﮭ ﻮي ﺑﯿ ﺪه‪ ،‬ﻓ ﺴﺄﻟﮫ اﻟﻘ ﻮم ﺣ ﯿﻦ اﻧ ﺼﺮف ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ھ ﻮ ﻛ ﺎن ُﯾ ْﻠ ِﻘ ﻲ‬
‫ﻲ ﺷﺮ َر اﻟﻨﺎر ﻟﯿﻔﺘﻨﻨﻲ ﻋﻦ ﺻﻼﺗﻲ ﻓﺘﻨﺎوﻟﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻮ أﺧﺬﺗُﮫ ﻣﺎ أﻧﻔﻠﺖ ﻣﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﯾُﻨﺎط إﻟﻰ ﺳﺎرﯾﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻠ ﱠ‬
‫ن أھ ﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾُﻨ ﺎط إﻟ ﻰ ﺳ ﺎرﯾﺔ‪ :‬أي ُﯾ ﺮﺑَﻂ‬ ‫ﺳﻮاري اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﯾﻨﻈ ﺮ إﻟﯿ ﮫ ِو ْﻟ ﺪا ُ‬
‫ﺖ ﻋﻨ ﺪ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋﻨ ﺪھﺎ ﺗﻠ ﻚ اﻟﻠﯿﻠ ﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﻌﻤ ﻮد‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻧﻤ ُ‬
‫ﺖ ﻋﻠﻰ ﯾﺴﺎره ﻓﺄﺧﺬﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪،‬‬ ‫ﻓﺘﻮﺿﺄ ﺛﻢ ﻗﺎم ﯾﺼﻠﻲ ‪ ،‬ﻓﻘﻤ ُ‬
‫ﺛﻢ ﻗﺎم ﺣﺘﻰ ﻧﻔ ﺦ وﻛ ﺎن إذا ﻧ ﺎم ﻧﻔ ﺦ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﺎه اﻟﻤ ﺆذن ﻓﺨ ﺮج ﻓ ﺼﻠﻰ وﻟ ﻢ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪.‬‬
‫وﻣﯿﻤﻮﻧﺔ ھﻲ زوج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﺧﺎﻟﺔ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء اﻟﺘ ﺼﺮﯾﺢ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » ِﺑﺖﱡ ﻋﻨﺪ ﺧﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘﻤﺖ‬
‫ﻋﻦ ﯾﺴﺎره ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪي ﻓﺄﻗ ﺎﻣﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ« ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫»ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ وھﻮ ﺷﺎكٍ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺟﺎﻟﺴﺎً وﺻﻠﻰ وراءه ﻗﻮمٌ ﻗﯿﺎﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺄﺷﺎر إﻟﯿﮭﻢ أنْ‬
‫اﺟﻠﺴﻮا‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﺟُﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻟ ُﯿﺆْﺗ ﱠﻢ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رﻛﻊ ﻓ ﺎرﻛﻌﻮا وإذا رﻓ ﻊ ﻓ ﺎرﻓﻌﻮا‪ ،‬وإذا‬
‫ﺻﻠﻰ ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ ﻓﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳﺎً« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻨ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺳ ﻤﺎء ﺑﻨ ﺖ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‬
‫ﺧ ﺴَﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤﺲُ‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻟﻨ ﺎس ﻗﯿ ﺎم‬ ‫ج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ َ‬‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »أﺗﯿ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸ َﺔ زو َ‬
‫ﯾﺼﻠﻮن‪ ،‬وإذا ھﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﺼﻠﻲ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻠﻨﺎس؟ ﻓﺄﺷﺎرت ﺑﯿﺪھﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء وﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ‪،‬‬
‫ن ﻓﻌ َﻞ ﺻﺤﺎﺑﯿﺔ ﻛﻌﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ وھ ﻲ‬ ‫ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬آﯾﺔ ؟ ﻓﺄﺷﺎرت أن ﻧﻌﻢ ‪ «..‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺸﮭﻮد ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔﻘﮫ ﻟﻤﻤﺎ ﯾُﺴﺘﺄﻧَﺲُ ﺑﮫ‪.‬‬

‫‪ (3‬ﻗﺘ ُﻞ اﻟﺤﯿﺔ واﻟﻌﻘﺮب‪:‬‬

‫ﯾﺠﻮز ﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻﻼة ﻓـ َﻌﺮَﺿﺖ ﻟﮫ ﺣﯿﺔ أو ﻋﻘﺮب أو وﺣﺶ ﻛﺎﺳﺮ ﻣ ﺆ ٍذ أن ﯾﻘﺘﻠ ﮫ وﯾﻤ ﻀﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ‪،‬‬
‫ﻓﺠﺎء ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺟﮭ ﮫ ﻓ ﺪﺧﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ‪ ،‬ﻗ ﺎم إﻟ ﻰ‬
‫ﺟﺎﻧﺒﮫ ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺠﺎءت ﻋﻘﺮب ﺣﺘﻰ اﻧﺘﮭﺖ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﺗﺮﻛﺘﮫ وأﻗﺒﻠﺖ إﻟﻰ ﻋﻠﻲﱟ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ‬
‫رأى ذﻟﻚ ﻋﻠﻲ ﺿﺮﺑﮭﺎ ﺑﻨﻌﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻘﺘﻠ ﮫ إﯾﺎھ ﺎ ﺑﺄﺳ ﺎً« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪.‬‬
‫ﺳ ﻮ َدﯾْﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻌﻘ ﺮب واﻟﺤﯿ ﺔ«‬ ‫وروى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻣﺮ ﺑﻘﺘﻞ ا َﻷ ْ‬
‫ﺳ ﻮدَﯾﻦ‬‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻗﺘﻠ ﻮا ا َﻷ ْ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫‪.«...‬‬

‫‪ (4‬ﺣﻤﻞ اﻟﻄﻔﻞ‪:‬‬
‫ﻼ أو ﻃﻔﻠــﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﮭــﺮه أو ﻛﺘﻔﯿﮫ‪ ،‬أو ﯾﺤﻤﻠﮫ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ وھﻮ ﻓﻲ‬ ‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺤﻤــﻞ ﻃﻔــ ً‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﻗﺘﺎدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ وھ ﻮ ﺣﺎﻣ ٌﻞ أُﻣﺎﻣ َﺔ ﺑﻨ َ‬
‫ﺖ‬
‫ﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻷﺑﻲ اﻟﻌﺎص ﺑﻦ رﺑﯿﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻗ ﺎم ﺣﻤﻠﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺳ ﺠﺪ وﺿ ﻌﮭﺎ‪ ،‬وإذا ﻗ ﺎم‬ ‫زﯾﻨﺐ ﺑﻨ ِ‬
‫ﺣﻤﻠﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋﻦ ﺷ ﺪﱠاد اﻟﻠﯿﺜ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻋﻠﯿﻨـ ـﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓـ ـﻲ‬
‫ﻦ أو ﺣ ﺴﯿﻦٍ‪ ،‬ﻓﺘﻘـ ـﺪم اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪r‬‬
‫إﺣـ ـﺪى ﺻﻼﺗَـ ـﻲ اﻟﻌ ﺸﻲ اﻟﻈﮭـ ـﺮ أو اﻟﻌ ﺼـﺮ وھ ﻮ ﺣﺎﻣـ ـ ُﻞ ﺣ ﺴــ ٍ‬
‫ﻓﻮﺿ ﻌﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻟﻠ ﺼــﻼة ﻓ ﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓ ﺴﺠـﺪ ﺑ ﯿﻦ ﻇﮭ ﺮي ﺻ ﻼﺗﮫ ﺳ ﺠﺪ ًة أﻃﺎﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ رﻓﻌ ﺖ‬

‫‪401‬‬
‫رأﺳﻲ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻟﺼﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﺳ ﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻓﺮﺟﻌ ﺖ ﻓ ﻲ ﺳﺠـ ـﻮدي‪ ،‬ﻓﻠﻤـ ـﺎ ﻗ ﻀﻰ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺼــﻼة ﻗﺎل اﻟﻨﺎس‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻚ ﺳﺠﺪت ﺑﯿﻦ ﻇﮭـﺮي اﻟ ﺼﻼة ﺳ ﺠﺪةً أﻃﻠﺘَﮭ ﺎ‪،‬‬
‫ﻦ اﺑﻨ ﻲ ارﺗﺤﻠﻨ ﻲ‬‫ﺣﺘ ﻰ ﻇﻨ ﱠﻨ ﺎ أﻧ ﮫ ﻗ ﺪ ﺣ ﺪث أﻣ ﺮٌ‪ ،‬أو أﻧ ﮫ ُﯾ ﻮﺣَﻰ إﻟﯿ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻛ ﱡﻞ ذﻟ ﻚ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻓﻜــﺮھﺖ أن أُﻋﺠﻠــﮫ ﺣﺘــﻰ ﯾﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﮫ« رواه أﺣﻤـﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤﺎﻛــﻢ‪.‬‬

‫‪ (5‬اﻻﻟﺘﻔﺎت‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﻠﻔﻆ‬‫ﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة [ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ُ‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻠﺘﻔﺖ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﯾﻤﯿﻨ ًﺎ وﺷ ﻤﺎﻻً‪ ،‬وﻻ ﯾﻠ ﻮي ﻋﻨﻘ ﮫ ﺧﻠ ﻒ ﻇﮭ ﺮه«‪ .‬ورواه أﯾ ﻀًﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫‪ (6‬دﻓ ُﻊ اﻟﻤﺎ ّر ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﺼﻠﻲ‪:‬‬

‫وﻣﻦ ذﻟﻚ دﻓﻊ اﻟﻤﺎ ﱢر ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤ ﺼﻠﻲ إﻧ ﺴﺎﻧًﺎ ﻛ ﺎن أو ﺣﯿﻮاﻧ ًﺎ ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ ]اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‬
‫واﻟﺴﱡﺘﺮة[ ﺣﺪﯾﺚ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬إذا ﻛﺎن أﺣﺪﻛﻢ ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺪع أﺣ ﺪًا ﯾﻤ ﺮ ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وﻟْﯿﺪرأه ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع‪ ،‬ﻓﺈن أﺑﻰ ﻓﻠْﯿﻘﺎﺗﻠﮫ ﻓﺈﻧﻤﺎ ھﻮ ﺷﯿﻄﺎن«‪ .‬وﺣﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨﺎري ﺑﻠﻔﻆ »إذا ﺻ ﻠﻰ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ إﻟﻰ ﺷﺊ ﯾﺴﺘﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺄراد أﺣ ٌﺪ أن ﯾﺠﺘﺎز ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﻠْﯿﺪﻓﻌ ﮫ ﻓ ﺈن أﺑ ﻰ ﻓﻠْﯿﻘﺎﺗﻠ ﮫ ﻓﺈﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻮ ﺷﯿﻄﺎن«‪ .‬ﻓﮭﺬا ﺑﺤﻖ اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺳُﺘﺮة اﻹﻣﺎم[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻘِﺒﻠﺔ واﻟ ﺴﱡﺘﺮة[ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺧ ﺮ‪ ،‬ﻓﺤ ﻀﺮت اﻟ ﺼﻼة ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻓ ﺼﻠﻰ إﻟ ﻰ‬ ‫أﺑ ﻲ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ھﺒﻄﻨ ﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ َﺛ ِﻨﯿﱠ ِﺔ أَذا ِ‬
‫ﺟﺪار ‪ -‬ﻓﺎﺗﺨﺬه ﻗِﺒﻠﺔ وﻧﺤﻦ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺠﺎءت ﺑﮭﯿﻤﺔ ﺗﻤﺮﱡ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﻤﺎ زال ُﯾﺪَا ِرﺋُﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻟ ﺼﻖ ﺑﻄﻨ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺠﺪار وﻣﺮت ﻣﻦ وراﺋﮫ‪ ،‬أو ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻣﺴﺪد«‪.‬‬

‫‪ (7‬ﺗﺴﻮﯾﺔ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻮد‪:‬‬

‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﺴﻮﯾﺔ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻮد وﺗﮭﯿﺌﺘﮫ ﻟﻠﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﻣﻌﯿﻘﯿ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﻼ ﻓﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬ﺗ ﺴﻮﯾ َﺔ اﻟﺤ ﺼﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود‪.‬‬ ‫‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺗﻤ ﺴﺢ وأﻧ ﺖ ﺗ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛﻨ ﺖ ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻓ ﺎﻋ ً‬
‫ن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ‬ ‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻣ ﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔ ﻆ »إ ﱠ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﯾﺴﻮﱢي اﻟﺘﺮاب ﺣﯿﺚ ﯾﺴﺠﺪ ﻗﺎل‪ :‬إن ﻛﻨﺖ ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻮاﺣﺪة«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »ذﻛ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫اﻟﻤﺴﺢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺤﺼﻰ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬إن ﻛﻨﺖ ﻻ ﺑﺪﱠ ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻮاﺣﺪة«‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺢ ﻣ ﱠﺮةً واﺣ ﺪة ﺟ ﺎﺋﺰ‬
‫ﻻ ﺷﺊ ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫‪ (8‬اﻟﺘﺒﺴﱡﻢ‪:‬‬
‫وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺒﺴﱡﻢ‪ ،‬دون أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﺣـﺪﱢ اﻟﻘﮭﻘﮭــﺔ أو اﻟﻘﺮﻗــﺮة‪ ،‬ﻓﻌــﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿـ ـﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻦ اﻟﻘَﺮ َﻗ ﺮة« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه‬
‫ﺴ ُﻢ ﻻ ﯾﻘﻄﻊ اﻟ ﺼــﻼة وﻟﻜ ْ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﺘﺒ ﱡ‬
‫ﻦ ﺗﻘﻄﻌﮭ ﺎ اﻟﻘﮭﻘﮭ ﺔ« واﻟﻘﺮﻗ ﺮة‪ :‬ھ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻚ اﻟﻌ ﺎﻟﻲ‪.‬‬ ‫ﺸﺮُ‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﺑﻠﻔﻆ »ﻻ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة اﻟ َﻜ َ‬
‫واﻟﻜﺸﺮ ھﻮ إﺑﺪاء اﻷﺳﻨﺎن ﺑﺎﻟﺘﺒﺴﻢ‪.‬‬

‫‪ (9‬اﻟﺒُﺼﺎق واﻟ ﱠﺘ َﻨﺨﱡﻢ‪:‬‬

‫‪402‬‬
‫وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺒﺼﺎق واﻟﺘﻨﺨﱡﻢ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻜﻮن ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﯿﺴﺎر أو ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺪم اﻟﯿ ﺴﺮى ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫روى أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬رأى ﻧُﺨﺎﻣ ًﺔ ﻓ ﻲ ﻗِﺒﻠ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﺤﻜﱠﮭ ﺎ‬
‫ﺑﺤ ﺼﺎة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﮭ ﻰ أن ﯾﺒ ﺰق اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ أو أﻣﺎﻣ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﯾﺒ ﺰق ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره أو ﺗﺤ ﺖ ﻗﺪﻣ ﮫ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﯿﺴﺮى« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬

‫‪ (10‬إﺻﻼح اﻟﺜﻮب‪:‬‬
‫ﺠﺮٍ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳ ﻮل‬ ‫ﺣْ‬‫وﻣﻦ ذﻟﻚ إﺻﻼحُ اﻟﺜﻮب ﺑﺤﺮﻛﺎت ﻗﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ واﺋﻞ ﺑﻦ ُ‬
‫اﷲ ‪ r‬إذا دﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺒﱠﺮ ﺛﻢ اﻟﺘﺤﻒ‪ ،‬ﺛ ﻢ أدﺧ ﻞ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ ﺛﻮﺑ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺧ ﺬ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈ ﮫ » ‪ ...‬ﻓﻠﻤ ﺎ أراد أن ﯾﺮﻛ ﻊ أﺧ ﺮج‬‫ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ذﻛ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﻮب ‪.«...‬‬

‫‪ (11‬ﺣﻤ ُﻞ اﻟﻤﺼﺤﻒ‪:‬‬
‫وﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﻤﻞ اﻟﻤﺼﺤﻒ واﻟﻘﺮاءة ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ أﺑﻲ ُﻣﻠَﯿﻜﺔ ﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻧﮭﺎ ﻛﺎن ﯾ ُﺆﻣﱡﮭﺎ ﻏﻼﻣُﮭﺎ ذﻛﻮان ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺤﻒ ﻓﻲ رﻣﻀﺎن« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وذﻛﺮه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺗﻌﻠﯿﻘ ﺎً‪ .‬وروى اﺑ ﻦ اﻟﺘﯿﻤ ﻲ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ »أن ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺼﺤﻒ‬
‫ﻞ‬
‫ﻞ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﻓﻌ ُ‬ ‫ن ﻛ ﺎن ﻓﻌ َ‬
‫وھ ﻲ ﺗ ﺼﻠﻲ« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‪ .‬وﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ واﻟ ﺬي ﻗﺒﻠ ﮫ وِإ ْ‬
‫ﻋ ﮫ واﻟﻌﻤ ُﻞ ﺑ ﮫ ﻛﺤﻜ ﻢٍ ﺷ ﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻧﺎھﯿ ﻚ ﻋ ﻦ أن‬ ‫اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺼﺢ ﺗﻘﻠﯿ ﺪه واﺗﱢﺒﺎ ُ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣﺸﮭﻮد ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔﻘﮫ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻌﻞ ھﺬا ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﯾﺒﻌ ﺪ ﺟ ﺪًا أن ﻻ‬
‫ﯾﻄﱠﻠﻊ ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﯾﻘﺮﱠھﺎ ﻋﻠﯿﮫ ‪.‬‬

‫‪ (12‬اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﯿﻦ‪:‬‬

‫وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻘﺪ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺠﺎءت ﺟﺎرﯾﺘﺎن ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻄﻠ ﺐ اﻗﺘﺘﻠﺘ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬھﻤﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻨ ﺰع‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻻﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫إﺣﺪاھﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﺧﺮى ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﯾﻀًﺎ »‪ ...‬وﺟﺎءت ﺟﺎرﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻄﻠ ﺐ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬﺗﺎ ﺑﺮﻛﺒﺘ ﻲ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻔﺮع ‪ -‬أو ﻓﺮﱠق ‪ -‬ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ وﻟﻢ ﯾﻨﺼﺮف«‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ وﻟ ﻢ ﯾﻨ ﺼﺮف‪ :‬أي ﻟ ﻢ ﯾﻘﻄ ﻊ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ وإﻧﻤﺎ أﺗﻤﮭﺎ‪.‬‬

‫ھﺬه اﻷﻋﻤﺎل اﻻﺛﻨﺘﺎ ﻋﺸﺮة وأﻣﺜﺎﻟﮭﺎ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﺨ ﺸﻮع وﻻ ﺗُﻔ ﺴﺪ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬وﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ﯾﻌﻠ ﻢ‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ أن اﻟﺨﺸﻮع ﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺠﻤﻮد‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ واﻟﺘﺤﺮك ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠ ﺰم ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﺰم‪ ،‬دون‬
‫ع ﻷﻣ ﺮ ر ﱢﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ اﻟﺘ ﺰم ﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﺚ أو إﻛﺜﺎ ٍر ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﺑﺤﯿﺚ ﯾﺒﻘﻰ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺧ ﻀﻮ ٍ‬ ‫ﻋﺒ ٍ‬
‫ج إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﻟْﯿﺘﺤﺮك أﯾﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻻزﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻠْﯿﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أي ﻓﻌﻞ ﯾﺤﺘﺎ ُ‬

‫وھﺬه اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ‪ -‬وإن ﺷﺌﺖ ﻗﻠﺖ اﻟﺴﻜﯿﻨﺔ ‪ -‬ﻣﻄﻠﻮﺑ ٌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﻤ ﺸﻲ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ُﺛ ﻮﱢب ﻟﻠ ﺼﻼة‬
‫ﻓﻼ ﺗﺄﺗﻮھﺎ وأﻧﺘﻢ ﺗﺴ َﻌﻮْن‪ ،‬وأﺗﻮھﺎ وﻋﻠ ﯿﻜﻢ اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ أدرﻛ ﺘﻢ ﻓ ﺼﻠﱡﻮا‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻓ ﺎﺗﻜﻢ ﻓ ﺄﺗﻤﱡﻮا‪ ،‬ﻓ ﺈنﱠ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ إذا ﻛﺎن ﯾﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﮭﻮ ﻓﻲ ﺻﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‬
‫ن أﺣﺪَﻛﻢ إذا ﻛ ﺎن ﯾﻌﻤ ﺪ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓﮭ ﻮ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة«‪.‬‬ ‫ﺑﻠﻔﻆ »إذا أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ‪ «...‬دون ﻗﻮﻟﮫ »ﻓﺈ ﱠ‬

‫‪403‬‬
 ‫وﻟﻜﻦ اﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮوﯾﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗُﻘﺒ ﻞ‪ .‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى‬
‫ﺴ َﻊ إﻟﯿﮭﺎ أﺣﺪُﻛﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﯿﻤﺶِ‬ ‫ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »إذا ُﺛﻮﱢب ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻓﻼ َﯾ ْ‬
‫ﺾ ﻣﺎ ﺳﺒﻘﻚ«‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺸﻲ ﻻ ﯾﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣ ﻊ اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ ﻣ ﻊ أﻧ ﮫ‬ ‫وﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﻮﻗﺎر‪ ،‬ﺻﻞﱢ ﻣﺎ أدرﻛﺖَ واﻗ ِ‬
‫ﺣﺮﻛﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺴﱠﻌﻲ ‪ -‬وھﻮ اﻻﺳ ﺘﻌﺠﺎل ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺸﻲ ‪ ،‬وﻣﺜﻠ ﮫ اﻟ ﺮﻛﺾ وﻣ ﺎ ﯾ ﺼﺎﺣﺒﮫ‬
‫ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎت إﺿﺎﻓﯿﺔ ‪ -‬ﯾﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﯿﻨﻤ ﺎ ﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺼﻠﻲ‬
‫ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذ ﺳﻤﻊ ﺟﻠﺒﺔ رﺟﺎل‪ ،‬ﻓﻠﻤﱠﺎ ﺻﻠﻰ ﻗﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﺷ ﺄﻧﻜﻢ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬اﺳ ﺘﻌﺠﻠﻨﺎ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻠﻮا‪ ،‬إذا أﺗﯿﺘﻢ اﻟﺼﻼة ﻓﻌﻠﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ أدرﻛﺘﻢ ﻓﺼﻠﱡﻮا وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻓﺄﺗﻤﱡﻮا« رواه اﻟﺒﺨﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻌﺠﻞ اﻟﻨﺎس أﺣﺪﺛﻮا ﺟَﻠَﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻨﮭﺎھﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ذﻟﻚ وأﻣ ﺮھﻢ ﺑﺎﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬رﻏ ﻢ‬
‫أﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻗﺪ دﺧﻠﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺸﻲ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﯾﻜﻮن ﺑﺨﺸﻮع وﺳﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬وﻋﺪم رﻛﺾ واﺳﺘﻌﺠﺎل‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣ ﻦ ﺟﻠﺒ ﺔ‬
‫ﻋﺠْﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‬ ‫وﺣﺮﻛﺎت إﺿﺎﻓﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺄﻧﮫ ﻓﻲ ﺻﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ُ‬
‫»إذا ﺗﻮﺿﺄ أﺣﺪُﻛﻢ ﻓﺄﺣﺴﻦ وﺿﻮءَه‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﺮج ﻋﺎﻣﺪًا إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﯾﺸﺒﻜﻦﱠ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ‬
‫ﻦ ﯾﺪه«‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود وﻓﯿﮫ »ﻓﻼ ﯾ ﺸﺒﻜﻦﱠ‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن وﻓﯿﮫ »ﻓﻼ ﯾﺸﺒﻜ ﱠ‬
‫ﺻﻼة« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ«‪ .‬ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺸﻲ ﻻ ﯾﺘﻨ ﺎﻗﺾ ﻣ ﻊ اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ ﻓ ﺈن اﻟﺤﺮﻛ ﺎت اﻟﻘﻠﯿﻠ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﺗﺘﻨ ﺎﻗﺾ ﻣ ﻊ‬
‫اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ ھ ﻲ اﻷُﺧ ﺮى‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﺘﻨ ﺎﻗﺾ ﻣﻌﮭ ﺎ اﻟﻌﺒ ﺚ واﻟﻠﮭ ﻮ واﻟﺤﺮﻛ ﺎت اﻟ ﺼﺎﺧﺒﺔ واﻷﻋﻤ ﺎل ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﻼزﻣ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺨ ﺸﻮع واﺟ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻣ ﻊ وﺟﻮﺑ ﮫ واﻻﻟﺘ ﺰام ﺑ ـﮫ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻹﺗﯿ ﺎن‬
‫ن وھﺪوء‪ ،‬وﺑﻘﺪر اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﺤﺴﺐ وﻻ إﺛﻢ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ .‬وھ ﺬا ﻛ ـﻠﱡﮫ ﻣﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺎﻟﺨ ﺸﻮع ﻓ ﻲ‬ ‫ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻗﻠﯿﻠﺔ ﺑﺘﺄ ﱟ‬
‫اﻟﺠﻮارح‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﺈن اﻧﺸﻐﺎل اﻟﺬھﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﺄﻣﺮ ﻣ ﻦ اﻷﻣ ﻮر‪ ،‬وﻃ ﺮو َء أﻓﻜ ﺎ ٍر ﻋﻠ ﻰ‬
‫ذھﻨﮫ ﻻ ﯾﺘﻨﺎﻓــﻰ ﻣﻊ ﺧﺸﻮع اﻟﻘﻠﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﷲ‬
‫ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺗﺠﺎوز ﻷﻣﺘﻲ ﻋﻤﺎ ﺣﺪﱠﺛﺖ ﺑ ﮫ أﻧ ُﻔ ﺴَﮭﺎ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﺗﻌﻤ ﻞ أو ﺗ ﺘﻜﻠﻢ ﺑ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻨﻄ ﻖ ﺑ ﮫ وﻻ ﯾﻌﻤ ﻞ ﺑ ﮫ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻘﺒ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ وراء‬ ‫ُ‬
‫ﺣﺠَﺮ ﻧﺴﺎﺋﮫ‪ ،‬ﻓﻔﺰع‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻌﺼﺮ ﻓﺴﻠﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻣﺴﺮﻋ ًﺎ ﻓﺘﺨﻄﻰ رﻗﺎب اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ُ‬
‫ﺳ ﺮﻋﺘﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ذﻛ ﺮتُ ﺷ ﯿﺌًﺎ ﻣ ﻦ ﺗِ ْﺒ ٍﺮ‬‫اﻟﻨ ﺎس ﻣ ﻦ ﺳ ﺮﻋﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﻓ ﺮأى أﻧﮭ ﻢ ﻋﺠﺒ ﻮا ﻣ ﻦ ُ‬
‫ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺮھﺖ أن ﯾﺤﺒﺴﻨﻲ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮت ﺑﻘﺴْﻤﺘِﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻣ ﻦ ﺗِ ْﺒ ﺮ‪ :‬أي‬
‫ﻣﻦ ذھﺐ ﻟﻢ ﯾُﺼﮭﺮ ﺑﻌﺪ‪ .‬واﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻮح واﻟﺒﯿﺎن ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺰﯾﺪ أدﻟﺔ‪.‬‬

‫ﻲ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫اﻷﻓﻌﺎ ُل واﻟﺤﺎﻻت اﻟﻤﻨﮭ ﱡ‬
‫ھﻨﺎك أﻓﻌﺎل وردت ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص‪ ،‬ﻧﮭ ﻰ ﻋﻨﮭ ﺎ اﻟ ﺸﺮع ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﻧﮭﯿﺎً ﻏﯿﺮ ﺟﺎزم‪ ،‬وھﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻧﮭﯿ ًﺎ ﺟﺎزﻣ ﺎً‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫ت وردت ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬ﻧﮭ ﻰ اﻟ ﺸﺮع ﻓﯿﮭ ﺎ ﻋ ﻦ‬ ‫ن ھﻨ ﺎك ﺣ ﺎﻻ ٍ‬
‫اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ أ ﱠ‬
‫أداء اﻟﺼﻼة ﻧﮭﯿًﺎ ﻏﯿﺮ ﺟﺎزم‪ ،‬وھﻲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗُﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼ ُة‪ .‬ﻓﺄذﻛﺮ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھ ﺔ أوﻻً‪،‬‬
‫ﺛﻢ أذﻛﺮ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗُﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼةُ‪ ،‬ﺛﻢ أذﻛﺮ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪.‬‬

‫أ‪ .‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫‪404‬‬
‫ﻣﺮﱠ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ أﺑﺤﺎﺛﻨﺎ اﻟﻤﺎﺿ ﯿﺔ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﻤﻜﺮوھ ﺔ‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺸﯿﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ ھﻨ ﺎ دون إﻋ ﺎدة‬
‫ﺑﺤﺚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺔ ﻗﺎﺻﺪﯾﻦ ﺟﻤﻊ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ‬
‫واﺣﺪٍ ﺗﯿﺴﯿﺮًا ﻟﺪراﺳﺘﮭﺎ واﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ ﺑﺤﺜﮭﺎ ﻓﮭﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺘﱠﺨ ﺼﱡﺮ‪ :‬أي وﺿ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﺎﺻ ﺮﺗﯿﻦ ‪ .‬اﻧﻈ ﺮ ﺑﺤ ﺚ ]وﺿ ﻊ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[‬
‫ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﺼﻤﱠﺎء‪ :‬أي أن ﯾﺠﻠﱢﻞ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺑﺪﻧَﮫ ﺑﺜﻮب ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﻣﻨﮫ ﺟﺎﻧﺒﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾُﺒﻘﻲ ﻣﻨ ﮫ‬
‫‪ -2‬اﺷﺘﻤﺎل اﻟ ﱠ‬
‫ﻣﺎ ﯾُﺨﺮج ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻨﮫ ‪ .‬اﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺜﻮب ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]أﺣﻮال اﻟﻤُﺼﻠﻲ[‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺘﱠﻠ ﺜﱡﻢ‪ :‬أي ﺗﻐﻄﯿ ﺔ اﻟﻔ ﻢ ﺑﺜ ﻮبٍ وﺷ ﺒﮭِﮫ‪ .‬اﻧﻈ ﺮ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺜ ﻮب ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓ ﺼﻞ ]أﺣ ﻮال‬
‫اﻟﻤﺼﻠﻲ[‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﯿﺪﯾﻦ‪ :‬أُﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺘﺸﮭﱡﺪ وھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[ ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ﻛﻒﱡ اﻟﺜ ﻮب‪ :‬أي ﻟﻤﻠﻤﺘ ﮫ وﺟﻤ ﻊ أﻃﺮاﻓ ﮫ ﺑﺎﻟﯿ ﺪﯾﻦ ﻟﻠﺤﯿﻠﻮﻟ ﺔ دون ﺳ ﻘﻮﻃﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﺴﺠﻮد‪ .‬اﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺜﻮب ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]أﺣﻮال اﻟﻤﺼﻠﻲ[‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻛ ﻒﱡ اﻟ ﺸﱠﻌَﺮ اﻟﻄﻮﯾ ﻞ‪ :‬أي ﺟﻌﻠ ﮫ ﺿ ﻔﺎﺋﺮ وﻋﻘ ﺼﮫ ورﺑﻄ ﮫ‪ ،‬ﻟﻠﺤﯿﻠﻮﻟ ﺔ دون ﺳ ﻘﻮﻃﮫ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻷرض ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺠﻮد‪ .‬اﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺜﻮب ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓ ﺼﻞ ]أﺣ ﻮال اﻟﻤ ﺼﻠﻲ[‪ .‬وأُﺿ ﯿﻒ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ﺳﺒﻖ إﯾﺮاده ﻣﻦ أدﻟﺔ ﻣﺎ رواه أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﻤﻘﺒﺮي »أﻧﮫ رأى أﺑ ﺎ راﻓ ﻊ ﻣ ﻮﻟﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﱠﺮ ﺑﺤ ﺴﻦ ﺑ ﻦ‬
‫ﺿ ﻔْﺮﯾﮫ ﻓ ﻲ ﻗﻔ ﺎه‪ ،‬ﻓﺤﱠﻠﮭُﻤ ﺎ أﺑ ﻮ راﻓ ﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔ ﺖ ﺣ ﺴﻦ إﻟﯿ ﮫ ُﻣ ْﻐ ﻀَﺒﺎً‪،‬‬
‫ﻋﻠﻲ‪ ،‬وﺣﺴﻦ ﯾﺼﻠﻲ ﻗ ﺪ ﻏ ﺮز َ‬
‫ﻓﻘ ﺎل أﺑ ﻮ راﻓ ﻊ‪َ :‬أ ْﻗ ِﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼﺗﻚ وﻻ ﺗﻐ ﻀﺐ‪ ،‬ﻓ ﺈﻧﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ذاك ِﻛ ْﻔ ُﻞ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ‬ ‫اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﯾﻘﻮل ﻣﻘﻌﺪ اﻟﺸﯿﻄﺎن ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﻣﻐﺮز ﺿَﻔْﺮﯾﮫ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻀﻔْﺮ واﻟﻌﻘﯿﺼﺔ ھﻤﺎ اﻟﺸﱠﻌﺮ اﻟﻤﻨﺴﻮج أو اﻟﻤﺠﺪول‪ .‬وﻣ ﺎ رواه‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺿَﻔﺮﯾﮫ‪ :‬أي ﻋﻘﯿﺼﺘﯿﮫ‪ ،‬واﻟ ﱠ‬
‫ِ‬
‫ﺳﮫ‬ ‫ُﻛﺮَﯾ ﺐ ﻣ ﻮﻟﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس »أن ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رأى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث ﯾ ﺼﻠﻲ ورأ ُ‬
‫ص ﻣِﻦ وراﺋﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎم وراءه ﻓﺠﻌﻞ ﯾﺤﻠﮫ‪ ،‬وأﻗ ﱠﺮ ﻟﮫ اﻵﺧَﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤﱠﺎ اﻧ ﺼﺮف أﻗﺒ ﻞ إﻟ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬ ‫ﻣﻌﻘﻮ ٌ‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻟﻚ وﻟﺮأﺳﻲ؟ ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﻣﺜﻞ ھ ﺬا ﻣﺜ ﻞ اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﻠﻲ وھ ﻮ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﻣﻜﺘﻮف« رواه أﺑﻮ داود وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫وﻧﻌﺮض اﻵن ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺔ ‪:‬‬

‫ﻚ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻣ ﻦ ﺣ ﯿﻦ ﺧﺮوﺟ ﮫ‬ ‫‪ -7‬اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺎﺑﻊ‪ :‬ﯾُﻜﺮه ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ أن ﯾﺸ ﱢﺒ َ‬

‫ﻣﻦ ﺑﯿﺘﮫ إﻟﻰ أن ﯾﻔﺮغ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﯿُﻜﺮه ﻟﮫ أن ﯾﺸﺒﱢﻚ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ وھﻮ ذاھﺐ إﻟﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫وھﻮ ﻣﺎﻛﺚٌ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ أو ﯾﻨﺘﻈﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻃﺒﻌﺎً وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ ھ ﺬه اﻷﺣ ﻮال‬
‫ﺠ ﺮَة أدرﻛ ﮫ وھ ﻮ ﯾﺮﯾ ﺪ‬‫ﻋْ‬‫اﻟﺜﻼث ﯾﻜﺮه اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺎﺑﻊ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ اﻟﺨﯿ ﺎط »أن ﻛﻌ ﺐ ﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻮﺟﺪﻧﻲ وأﻧﺎ ﻣﺸﺒﱢﻚ ﯾﺪيﱠ إﺣﺪاھﻤﺎ ﺑﺎﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻔﺘﻖ ﯾﺪيﱠ وﻧﮭﺎﻧﻲ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻗﺎل‪:‬‬
‫ﻦ وﺿﻮءَه‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﺮج ﻋﺎﻣ ﺪًا إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻼ ﯾ ﺸﺒﱢﻜﻦﱠ‬ ‫ﺴَ‬
‫ﺣَ‬ ‫إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬إذا ﺗﻮﺿﺄ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﺄ ْ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ اﻟﺠﺰء اﻷﺧﯿ ﺮ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬إﻻ أﻧﮭﻤ ﺎ ذﻛ ﺮا‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬ ‫ﯾﺪه ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ﺻﻼة« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫اﺳﻢ أﺑﻲ ﺛﻤﺎﻣﺔ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ ‪» r‬إذا ﺗﻮﺿ ﺄ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻﻼة ﺣﺘﻰ ﯾﺮﺟﻊ ﻓﻼ ﯾﻘﻞ ھﻜﺬا‪ ،‬وﺷﺒﱠﻚ ﺑﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ُ‬

‫‪405‬‬
‫وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]أدب اﻟﻤ ﺴﺠﺪ[ ﻓ ﺼﻞ ]اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وأﻣ ﺎﻛﻦ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓﮭ ﺬان دﻟ ﯿﻼن ﻋﻠ ﻰ ﻛﺮاھﯿ ﺔ‬
‫اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺬھﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪.‬‬

‫ﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻗﺪ ﺷ ﺒﱠﻜﺖ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﻲ‬ ‫ﺠﺮَة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »دﺧﻞ ﻋﻠ ﱠ‬ ‫ﻋْ‬‫وﻋﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ُ‬
‫ت‬
‫ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬ﯾ ﺎ ﻛﻌ ﺐ إذا ﻛﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻼ ُﺗ ﺸﺒﱢﻚ ﺑ ﯿﻦ أﺻ ﺎﺑﻌﻚ‪ ،‬ﻓﺄﻧ ﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼ ٍة ﻣ ﺎ اﻧﺘﻈ ﺮ َ‬
‫اﻟﺼﻼة« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻛ ﺎن أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ‬
‫ن أﺣﺪﻛﻢ ﻻ ﯾﺰال ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣ ﺎ دام ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬ ‫ﺸﺒﱢﻜﻦﱠ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺘﱠﺸﺒﯿﻚ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ُﯾ َ‬
‫ﺣﺘ ﻰ ﯾﺨ ﺮج ﻣﻨ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ واﻟ ﺬي ﻗﺒﻠ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]أدب اﻟﻤ ﺴﺠﺪ[ ﻓ ﺼﻞ‬
‫]اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﺼﻼة[‪ .‬ﻓﮭﺬان دﻟﯿﻼن ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﯿﺔ اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻤُﻜﺚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪.‬‬

‫ﻼ ﻗ ﺪ ﺷ ﺒﱠﻚ أﺻ ﺎﺑﻌﮫ‬ ‫ﺠ ﺮة »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬ ‫ﻋْ‬‫وروى اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ُ‬

‫ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻔﺮﱠج ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ«‪ .‬ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞٌ ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﯿﺔ اﻟﺘﺸﺒﯿﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔً إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ن أﺣ ﺪﻛﻢ ﻻ ﯾ ﺰال‬ ‫ورد ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺎﺑﻘـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن ﻣَﻦ »أﺗﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻ ﻼة«‪» ،‬إ ﱠ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﺎ دام ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ«‪» ،‬إذا ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﺗﺸﺒﱢﻚ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﻚ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة ﻣ ﺎ‬
‫اﻧﺘﻈﺮت اﻟﺼﻼة«‪.‬‬

‫ﻦ‬
‫‪ -8‬ﻣﺴﺢ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﺠﻮد أﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﻣﺮة‪ :‬وذﻟﻚ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ إذا ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻓﯿﮫ ﺗ ﺮاب ﺧ ﺸ ٌ‬
‫أو ﺣﺼﻰ أو ﻣﺎ ﯾﺸﺒﮫ ذﻟﻚ وأراد اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬أُﺑﯿﺢ ﻟﮫ أن ﯾﻤﺴﺢ ﺑﯿﺪه ﻣﻮﺿﻊ ﺟﺒﮭﺘﮫ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫وﻛُﺮه ﻟﮫ أن ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻣُﻌﯿﻘﯿﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﺗﻤﺴﺢ وأﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﻓ ﺈن ﻛﻨ ﺖ ﻓ ﺎﻋﻼً ﻓﻮاﺣ ﺪة ‪ ،‬ﺗ ﺴﻮﯾﺔَ اﻟﺤ ﺼﺎ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻞ ُﯾ ﺴﻮﱢي اﻟﺘ ﺮاب ﺣﯿ ﺚ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إن ﻛﻨﺖ ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻮاﺣﺪة« ‪ .‬وﻟﻤ ﺴﻠﻢ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﺑﻠﻔ ﻆ »ذﻛ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟﻤ ﺴﺢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫اﻟﺤﺼﻰ ‪ -‬ﻗﺎل‪ :‬إن ﻛﻨﺖ ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻮاﺣﺪة«‪ .‬وﻗ ـﺪ ﻣ ﺮﱠت ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﻛﻠﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻌﻤ ﻞ اﻟﻘﻠﯿ ﻞ[‬
‫اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -9‬اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾُﻠﮭ ﻲ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ :‬وذﻟ ﻚ أن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﺄﻣﻮر ﺑﺤ ﻀﻮر اﻟ ﺬھﻦ‬
‫واﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »‪ ...‬إن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻟﺸُﻐﻼً«‪ .‬ھﺬا ﻃ ﺮف‬
‫ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وأﺣﻤﺪ ﻣﺮﱠ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻘﻨﻮت ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ‪.‬‬
‫وﻟﻤ ﺎ روى ﻋُﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ اﻟﺠﮭﻨ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ ِﻣ ﻦ أﺣ ﺪ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬
‫ﻓﯿﺤﺴﻦ اﻟﻮﺿﻮء وﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ُﯾ ْﻘﺒِﻞ ﺑﻘﻠﺒﮫ ووﺟﮭﮫ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ إﻻ وﺟﺒ ﺖ ﻟ ﮫ اﻟﺠﻨ ﺔ« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫‪ .‬ﻓﺈذا ﻧﻈﺮ اﻟﻤﺼﻠﻲ إﻟﻰ ﺷﺊ أو أﻣ ٍﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﻓﺄﺷﻐﻠﮫ ﻧﻈﺮه ﻋ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﺻ ﺎر اﻟﻨﻈ ﺮ ﻣﻜﺮوھ ﺎً‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻗ ﺎم رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺧﻤﯿ ﺼﺔ ذات أﻋ ﻼم‪ ،‬ﻓﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ‬
‫ﻋﻠﻤﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬اذھﺒ ﻮا ﺑﮭ ﺬه اﻟﺨﻤﯿ ﺼﺔ إﻟ ﻰ أﺑ ﻲ ﺟَﮭ ﻢ ﺑ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ‪ ،‬وأْﺗ ﻮﻧﻲ‬
‫ﺑ َﺄ ْﻧﺒِﺠﺎ ِﻧ ﱠﯿﺔٍ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ أﻟﮭﺘﻨﻲ آﻧﻔًﺎ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﺘ ﻲ ﺗُﻜ ﺮه ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺼـﻼة[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﺼﻼة[ وﻓﻲ أﯾﺎﻣﻨ ﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻ ﺮة ﯾُﻜ ﺮه ﻟﻠﻤ ﺼﻠﻲ اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ ﺷﺎﺷ ﺔ‬
‫اﻟﺘﻠﻔ ﺎز‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻜ ﺮه ﻟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﻤﺎع إﻟ ﻰ ﺻ ﻮت اﻹذاﻋ ﺎت‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟﺘﻠﻔ ﺎز واﻻﺳ ﺘﻤﺎع إﻟ ﻰ‬
‫ﻻ ﻛﺒﯿﺮًا‪.‬‬
‫اﻹذاﻋﺎت ﯾﺸﻐﻼن اﻟﺬھﻦ إﺷﻐﺎ ً‬

‫ب‪ .‬اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗُﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة‬

‫‪ -1‬اﻟﺼﻼة ﺑﺤﻀﺮة اﻟﻄﻌﺎم ﻣﻜﺮوھﺔ ‪ :‬إذا أراد اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺼﻼ َة أﯾ ﺔَ ﺻ ﻼةٍ‪ ،‬ووُﺿ ﻊ ﻟ ﮫ ﻃﻌﺎﻣُ ﮫ‬
‫ﺑﺪأ ﺑﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم وأَﺧﺬ ﺣﺎﺟﺘﮫ ﻣﻨﮫ ﺑﺄﻧ ﺎة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻟ ﺼﻼﺗﮫ ﺑﻌﺪﺋ ٍﺬ وﻟ ﯿﺲ اﻟﻌﻜ ﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا وُﺿﻊ اﻟﻌَﺸﺎء وأُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼ ُة ﻓﺎﺑ ﺪأوا ﺑﺎﻟ َﻌ ﺸﺎء« رواه‬

‫‪406‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬ ‫اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا وُﺿﻊ ﻋَﺸﺎ ُء أﺣﺪﻛﻢ وأُﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓﺎﺑ ﺪأوا ﺑﺎﻟ َﻌ ﺸﺎء‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا ﻛ ﺎن أﺣ ﺪﻛﻢ ﻋﻠ ﻰ‬‫وﻻ ﯾَ ْﻌﺠَﻞ ﺣﺘﻰ ﯾﻔﺮغ ﻣﻨ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ن أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة«‪.‬‬ ‫ﻃﻌﺎم ﻓﻼ َﯾ ْﻌﺠََﻠﻦﱠ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﮫ ﻣﻨﮫ‪ ،‬وإ ْ‬

‫‪ -2‬اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ ﻣﺪاﻓﻌ ﺔ اﻷﺧﺒﺜ ﯿﻦ ﻣﻜﺮوھ ﺔ‪ :‬واﻷﺧﺒﺜ ﺎن ھﻨ ﺎ ھﻤ ﺎ اﻟﺒ ﻮل واﻟﻐ ﺎﺋﻂ‪ .‬وﯾﻘ ﺎل ﻟﻤ ﻦ‬
‫ﯾ ﺪاﻓﻊ اﻟﺒ ﻮل ﺣﺎﻗﻨ ﺎً‪ ،‬وﻟﻤ ﻦ ﯾ ﺪاﻓﻊ اﻟﻐ ﺎﺋﻂ أو اﻟﺒ ﺮاز ﺣﺎﻗﺒ ًﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﻨ ﺪب ﻟ ﮫ أن ﯾﻘ ﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺮﺣ ﺎض أوﻻً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻌﻤ ﺪ إﻟ ﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ‬‫ﯾﻘﻮل »ﻻ ﺻﻼة ﺑﺤﻀﺮة اﻟﻄﻌﺎم‪ ،‬وﻻ وھﻮ ﯾﺪا ِﻓ ُﻌﮫُ اﻷﺧﺒﺜﺎن« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻷرﻗﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إذا ﺣ ﻀﺮت اﻟ ﺼﻼة وﺣ ﻀﺮ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »إذا أراد أﺣ ﺪﻛﻢ أن ﯾ ﺬھﺐ‬ ‫اﻟﻐﺎﺋﻂ ﻓﺎﺑﺪأوا ﺑﺎﻟﻐﺎﺋﻂ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺨﻼء وأُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻠْﯿﺬھﺐ إﻟﻰ اﻟﺨﻼء«‪ .‬وروى ﺛﻮﺑﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻻ ﯾﻘﻮم أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وھﻮ ﺣ ﺎﻗﻦ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺘﺨﻔ ﻒ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﻋﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﯾﻘ ﻮم أﺣ ﺪﻛﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة وﺑ ﮫ أذى«‪.‬‬
‫ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ »ﻻ ﺻ ﻼة ﺑﺤ ﻀﺮة اﻟﻄﻌ ﺎم وﻻ وھ ﻮ ﯾﺪاﻓﻌ ﮫ اﻷﺧﺒﺜ ﺎن« ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻧﻔ ﻲ‬
‫ن )ﻻ( ھﻨ ﺎ ﻧﺎھﯿ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ ﻧﺎﻓﯿ ﺔ‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟ ﺔ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬ ‫اﻟ ﺼﻼة أو ﻧﻔ ﻲ ﺻ ﺤﺘﮭﺎ ﺑ ﻞ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻻ ُﺗ ﺼﻠﻮا‪،‬ﻷ ﱠ‬
‫اﻷﺧﺮى اﻟﻮاردة‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺼﻼة ﻋﻨـﺪ إﺟﮭﺎد اﻟﺒﺪن ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﺷﺎﻗﱠﺔ وﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﻮر واﻟﻨﻌﺎس ﻣﻜﺮوھﺔ‪ :‬ﯾُﻨ ﺪب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫أن ﯾﺼﻠﻲ وﺑﮫ ﻧﺸﺎط وﺣﯿﻮﯾﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﮫ أﻛﻤ ﻞ وأﻓ ﻀﻞ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﻧﻌﺲ أﺣﺪﻛﻢ وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻠْﯿﺮﻗﺪْ ﺣﺘﻰ ﯾﺬھﺐ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺐ ﻧﻔﺴﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‬ ‫اﻟﻨﻮم‪ ،‬ﻓﺈن أﺣﺪﻛﻢ إذا ﺻﻠﻰ وھﻮ ﻧﺎﻋﺲ ﻻ ﯾﺪري ﻟﻌﻠﮫ ﯾﺴﺘﻐﻔﺮ ﻓﯿﺴ ﱡ‬
‫وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »دﺧــﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺈذا ﺣﺒـﻞٌ ﻣﻤﺪودٌ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺎرﯾﺘﯿﻦ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣــﺎ ھــﺬا اﻟﺤﺒﻞ؟ ﻗﺎﻟـﻮا‪ :‬ھـﺬا ﺣﺒ ٌﻞ ﻟﺰﯾﻨﺐ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺘﺮت ﺗﻌﻠﱠﻘﺖ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪: r‬‬
‫ﻻ‪ ،‬ﺣﻠﱡﻮه‪ ،‬ﻟﯿُﺼ ﱢﻞ أﺣـﺪﻛــﻢ ﻧﺸﺎﻃـﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺘﺮ ﻓﻠْﯿﻘﻌـﺪ« رواه اﻟﺒﺨـــﺎري وﻣﺴﻠــﻢ وأﺣـﻤـ ـﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ج‪ .‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤُﺤﺮﱠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬

‫ﻣ ﺮﱠ ﻣﻌﻨ ﺎ ﻓ ﻲ أﺑﺤﺎﺛﻨ ﺎ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﻨﺤﻦ ﻧُ ﺸﯿﺮ إﻟﯿﮭ ﺎ ھﻨ ﺎ‬
‫دوﻧﻤ ﺎ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻹﻋ ﺎدة ﺑﺤﺜﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﺒﺤ ﺚ اﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣ ﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿ ﺔ ﻗﺎﺻ ﺪﯾﻦ ﺟﻤ ﻊ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷﻓﻌ ﺎل‬
‫اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ‪ ،‬وھﺬه ھﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ ﺑﺤﺜﮭﺎ‪:‬‬

‫ﻲ اﻟﻌﻨﻖ واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﺘﺠﺎوز ﻧﻈﺮ اﻟﻤﺼﻠﻲ‬

‫‪ -1‬اﻻﻟﺘﻔﺎتُ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ :‬وﻧﻌﻨﻲ ﺑﮫ َﻟ ﱠ‬
‫ﺟﮭ َﺔ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬اﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫‪ -2‬رﻓﻊ اﻟﺒﺼﺮ إﻟﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء‪ :‬أُﻧﻈ ﺮ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة[ ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[ واﻧﻈ ﺮ ﺑﺤ ﺚ‬

‫]اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻘﻨﻮت واﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﺚ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ :‬وﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻜﺜﯿ ﺮ ﻣ ﺎ ﻻ ﯾﻤﻜ ﻦ ﺗ ﺼﻨﯿﻔﮫ ﺗﺤ ﺖ اﻟﻌﻤ ﻞ‬ ‫‪ -3‬اﻟﻌﻤ ُﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ واﻟ َﻌ َﺒ ُ‬
‫اﻟﻘﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟ ﺬي ﯾﻐﻠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿ ﺴﻠﺒﮭﺎ ھﯿﺌﺘَﮭ ﺎ‪ ،‬وﯾﻤﺤ ﻮ اﻟﺨ ﺸﻮع ﻣﻨﮭ ﺎ‪ .‬وﻧﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟﻌﺒ ﺚ‬

‫‪407‬‬
‫اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻟﻠﻤ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮم ﺑﮭ ﺎ ﺗ ﺴﻠﯿﺔً واﺳ ﺘﮭﺘﺎراً ﺑ ﺴﻜﯿﻨﺔ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ووﻗﺎرھﺎ‪ ،‬واﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﻠﯿﻞ[ ﺑﻨﺪ ]اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﯿﻦ [ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫وﻧﺒﺤﺚ اﻵن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤـﺮﱠﻣﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ -4‬اﻟﻘﮭﻘﮭ ﺔ أو اﻟﻘﺮﻗ ﺮة ‪ :‬وھ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻚ ﺑ ﺼﻮت ﻣ ﺴﻤﻮع‪ ،‬ھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ ﻣﺤ ﺮﱠم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫وﯾﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﺨﺸﻮع‪ ،‬ﻣﺜﻠﮫ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻤ ﻞ اﻟﻜﺜﯿ ﺮ واﻟﻌﺒ ﺚ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﺣ ﺮام‪ .‬وﻗ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﺴﻢُ ﻻ ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟ ﺼﻼة وﻟﻜ ﻦ اﻟﻘﺮﻗ ﺮة« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬ ‫ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »اﻟﺘﺒ ﱡ‬
‫ﺸ ُﺮ وﻟﻜ ﻦ ﺗﻘﻄﻌﮭ ﺎ اﻟﻘﮭﻘﮭ ﺔ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟ ﺼﻼة اﻟ َﻜ َ‬
‫ﺟﺢ‬ ‫ﺸﺮ‪ :‬أي إﺑ ﺪاء اﻷﺳ ﻨﺎن ﺑﺎﻟﺘﺒ ﺴﱡﻢ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻣﻮﻗﻮﻓ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺎﺑﺮ‪ ،‬ور ﱠ‬ ‫اﻟ َﻜ َ‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﻗﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺑﺮ أﯾ ﻀ ًﺎ ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﺪ رواﯾﺘ ﮫ ﻟﻠﺤ ﺪﯾﺚ )ﻟ ﻢ ﯾ ﺮوه ﻣﺮﻓﻮﻋ ًﺎ ﻋ ﻦ‬
‫ﺳﻔﯿﺎن إﻻ ﺛﺎﺑ ﺖ( وإذن ﻓﻘ ﺪ أﺛﺒ ﺖ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ رواﯾ ﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺔ ﻓﯿﻘﺒ ﻞ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ‬
‫]اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﻠﯿﻞ[ ﺑﻨﺪ ]اﻟﺘﺒﺴﻢ [ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -5‬اﻟﺒُﺼﺎق واﻟﺘﻨﺨﱡﻢ ﺗﺠﺎه اﻟﻘِﺒﻠﺔ أو ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ :‬ﻓﻤﻦ ﺑﺼﻖ أﻣﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺗﺠ ﺎه ﻗِﺒﻠﺘ ﮫ‪ ،‬أو‬
‫ﻼ ﻣﺤﺮﱠﻣ ﺎً‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ‬ ‫ﻞ ﻓِﻌ ً‬ ‫ﺗﻨﺨﱠﻢ ﻓﻠﻔﻆ ﻧُﺨﺎﻣﺘﮫ ﺗﺠﺎه ﻗِﺒﻠﺘﮫ‪ ،‬أو ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻓﻘﺪ ارﺗﻜﺐ ﺧﻄﯿﺌﺔ وﻓﻌ َ‬
‫إن ﺑﺼﻖ أو ﺗﻨﺨﱠﻢ ﺟﮭﺔ اﻟﯿﺴﺎر أو ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺪم اﻟﯿﺴﺮى ﻓﻔﻌﻠﮫ ﻣﺒﺎح ﻻ ﺷﺊ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رأى ﺑُﺼﺎﻗ ًﺎ ﻓﻲ ﺟﺪار اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﺤﻜﱠﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ن اﷲ ِﻗ َﺒ ﻞ وﺟﮭ ﮫ إذا ﺻ ﻠﻰ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬ ‫ﻓﻘﺎل‪ :‬إذا ﻛﺎن أﺣﺪﻛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻼ ﯾﺒﺼﻖ ِﻗﺒَﻞ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬ورواه اﻟ ﺪارﻣﻲ وﻟﻔﻈ ﮫ »ﺑﯿﻨ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ‪ ،‬إذ رأى ﻧُﺨﺎﻣ ﺔ ﻓ ﻲ ﻗِﺒﻠ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬
‫ﻓﺘﻐ ﯿﱠﻆ ﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬إن اﷲ ِﻗ َﺒ َﻞ أﺣ ﺪِﻛﻢ إذا ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺒ ﺰﻗﻦﱠ‪ ،‬أو ﻗ ﺎل ﻻ‬
‫ﺨ َﻤﻦﱠ‪ ،‬ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﮭﺎ ﻓﺤﻚ ﻣﻜﺎﻧﮭﺎ‪ ،‬أو أﻣﺮ ﺑﮭﺎ ﻓﻠُﻄﺨﺖ ﺑﺰﻋﻔﺮان«‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ اﺑﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﯾﺘﻨ ﱠ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬إن اﻟﻤﺆﻣﻦ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﻨﺎﺟﻲ رﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺒ ﺰﻗﱠﻦ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ وﻻ‬
‫ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره أو ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ‬
‫ج ر ﱠﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺘﻔﻠﻦﱠ أﺣ ٌﺪ‬‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» :r‬إذا ﻛ ﺎن أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣُﻨ ﺎ ٍ‬
‫ﻣ ﻨﻜﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺟﻌﻔ ﺮ‪ :‬ﻓ ﻼ ﯾﺘﻔ ﻞ أﻣﺎﻣ ﮫ وﻻ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره أو ﺗﺤ ﺖ‬
‫ﻼ أ ﱠم ﻗﻮﻣ ًﺎ ﻓﺒ ﺴﻖ ﻓ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‬ ‫ﻗﺪﻣﯿﮫ«‪ .‬وروى أﺑﻮ ﺳ ﮭﻠﺔ اﻟ ﺴﺎﺋﺐ ﺑ ﻦ ﺧ ﻼﱠد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺟ ً‬
‫ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﻈﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﯿﻦ ﻓﺮغ‪ :‬ﻻ ﯾ ﺼ ﱢﻞ ﻟﻜ ﻢ ‪ ،‬ﻓ ﺄراد ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻟﮭ ﻢ‬
‫ﻓﻤﻨﻌ ﻮه‪ ،‬وأﺧﺒ ﺮوه ﺑﻘ ﻮل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺬﻛﺮ ذﻟ ﻚ ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬وﺣ ﺴﺒﺖ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺖ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود وﻓﯿﮫ »إﻧﻚ آذﯾﺖ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ‬ ‫آذﯾ َ‬
‫اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺤﺐ اﻟﻌﺮاﺟﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰال ﻓﻲ ﯾﺪه ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺪﺧﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ﺴ ﱡﺮ أﺣ ﺪُﻛﻢ أن ﯾُﺒ ﺼَﻖ‬ ‫ﻓﺮأى ﻧُﺨﺎﻣ ًﺔ ﻓﻲ ﻗِﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺤﻜﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ُﻣ ْﻐ ﻀَﺒ ًﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﯾُ َ‬
‫ﻓﻲ وﺟﮭﮫ؟ إن أﺣﺪﻛﻢ إذا اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ رﺑﮫ ﺟ ﱠﻞ وﻋﺰّ‪ ،‬واﻟﻤﻠﻚ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺘﻔ ﻞ‬
‫ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻻ ﻓ ﻲ ﻗِﺒﻠﺘ ﮫ‪ ،‬وﻟﯿﺒ ﺼﻖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره أو ﺗﺤ ﺖ ﻗﺪﻣ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻋﺠ ﻞ ﺑ ﮫ أﻣ ٌﺮ ﻓﻠﯿﻘ ﻞ ھﻜ ﺬا‪،‬‬
‫ووﺻﻒ ﻟﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﺠﻼن ذﻟﻚ‪ :‬أن ﯾﺘﻔﻞ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺮد ﺑﻌ ﻀﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ﺾ« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻌ ﺮاﺟﯿﻦ‪ :‬أي أﻋ ﻮاد اﻟﻨﺨﯿ ﻞ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وروى أﯾ ﻀًﺎ‬ ‫ﺐ اﻟﻨﺨﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ وھ ﻲ ﻓ ﻲ وﺟﮭ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬ ‫ﺚ ﺻﺎﺣ ُ‬ ‫» ﯾُﺒ َﻌ ُ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺣﺬﯾﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺗﻔ ﻞ ﺗﺠ ﺎه اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﺟ ﺎء ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‬
‫وﺗﻔﻠُﮫ ﺑﯿﻦ ﻋﯿﻨﯿﮫ«‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﯿ ﮫ »ﻻ ﯾﺒ ﺼﻖ ِﻗ َﺒ ﻞ وﺟﮭ ﮫ ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﷲ ِﻗ َﺒ ﻞ وﺟﮭ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﯿ ﮫ »إن‬
‫ﻦ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫اﻟﻤ ﺆﻣﻦ إذا ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ﯾﻨ ﺎﺟﻲ رﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺒ ﺰﻗ ﱠ‬

‫‪408‬‬
‫ﻦ أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﻜﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ ‪ ...‬ﻓ ﻼ ﯾﺘﻔ ﻞ أﻣﺎﻣ ﮫ وﻻ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ«‬ ‫ج ر ﱠﺑ ﮫ ﻓ ﻼ ﯾ ﺘﻔﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿ ﮫ » ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣُﻨ ﺎ ٍ‬
‫ﺖ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ‪ ...‬إﻧ ﻚ آذﯾ ﺖ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ«‬ ‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﯿ ﮫ »ﻓﺒ ﺴﻖ ﻓ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ‪ ...‬ﻗ ﺎل آذﯾ َ‬
‫ﻖ ﻓ ﻲ وﺟﮭ ﮫ؟ إن‬ ‫ﺼ َ‬
‫ﺴ ﱡﺮ أﺣ ﺪﻛﻢ أن ُﯾ ْﺒ َ‬
‫واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﻓﯿ ﮫ »أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ُﻣ ْﻐ ﻀَﺒ ًﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أ ُﯾ َ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ إذا اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ رﺑﮫ ﺟ ﻞﱠ وﻋ ﺰﱠ‪ ،‬واﻟﻤﻠ ﻚ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎدس ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺐ اﻟﻨﺨﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ وھ ﻲ ﻓ ﻲ وﺟﮭ ﮫ« واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ ﻓﯿ ﮫ »ﻣ ﻦ ﺗﻔ ﻞ‬ ‫»ﯾُﺒ َﻌﺚُ ﺻﺎﺣ ُ‬
‫ﻆ ﻓﻲ‬ ‫ﺗﺠﺎه اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﺟﺎء ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ وﺗﻔﻠُﮫ ﺑﯿﻦ ﻋﯿﻨﯿﮫ« ﻓﮭﻞ ھﻨ ﺎك ﻣﺤ ﺮﱠم ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ورد ﻓﯿ ﮫ ﺗﻐﻠ ﯿ ٌ‬
‫اﻟﻨﮭﻲ وﺟﺰ ٌم ﻓﯿﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺒﺼﺎق واﻟﻨﺨﺎﻣﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﻘِﺒﻠﺔ وﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ؟‪.‬‬

‫ﻼ أو أوراﻗﺎً ﺻﺤﯿﱠﺔً‪ ،‬أﻣﺎ ﻣﻦ ﯾﺤﻤﻞ ﻣﻨﺪﯾﻼً أو أوراﻗ ﺎً ﺻ ﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﱠ ﮫ‬

‫وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾﺤﻤﻞ ﻣﻨﺪﯾ ً‬
‫ﻲ ﻋﻨﻘﮫ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ أو اﻷﻣﺎم‪.‬‬ ‫ﯾﺒﺼﻖ أو ﯾﺘﻨﺨﻢ ﻓﯿﮭﺎ وھﻮ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟ ٍﺔ إﻟﻰ َﻟ ﱢ‬

‫ھ ﺬه ھ ﻲ اﻷﻓﻌ ﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺘ ﻲ وردت ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ اﻟ ﺸﺮﯾﻔﺔ ﻗ ﺼﺮﻧﺎ ﺑﺤﺜﻨ ﺎ‬
‫ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﻧﺘﻄ ﺮق إﻟ ﻰ أﻓﻌ ﺎلٍ رآھ ﺎ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻣﻜﺮوھ ﺔً أو ﻣﺤﺮﱠﻣ ًﺔ دون أن ُﯾ ﻮرِدوا ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻧ ﺼﻮﺻًﺎ‬
‫ﺷ ﺮﻋﯿﱠﺔ ﻣﻌﺘﺒ ﺮةً ﻣﺜ ﻞ‪ :‬ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻷﻛ ﻞ واﻟ ﺸﺮب‪ ،‬وﻛﺮاھ ﺔ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤﺤ ﺮاب‪ ،‬وﻛﺮاھ ﺔ ﺗﻐﻤ ﯿﺾ‬
‫اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ‪ ،‬إﻟﺦ ‪...‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻣـﻦ‬
‫ﻣﺎ ﯾُﻔﻌﻞ وﯾُﻘﺎل ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة‬
‫أو ًﻻــ ﻣﺎ ﯾُﻔﻌَﻞ ﻋَﻘِﺐَ اﻟﺼﻼةُ‬

‫‪409‬‬
 ‫ﺐ اﻟﺼﻼة‬
‫ﻋﻘِ َ‬
‫س ﻓﺘﺮ ًة َ‬
‫أ‪ .‬اﻟﺠﻠﻮ ُ‬
‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ إذا ﺧﺮج ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ أن ﯾﻠﺒﺚ ﻓﺘﺮة ﻓ ﻲ ُﻣ ﺼﻼه ﻟﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻠﺒ ﺚ ﻣ ﻦ‬
‫ﺛﻮاب‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻘﻄﻊ ﺛﻮاﺑﮫ إﻻ أن ﯾﻘﻮم ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﮫ أو ﯾﻨﺘﻘﺾ وﺿﻮؤه‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ رُوي ﻋـﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﻠﺲ ﻣﺠﻠﺴﮫ اﻟﺬي ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﻓﯿﮫ ﻟﻢ َﺗﺰَل اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮫ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟ ﮫ اﻟﻠﮭ ﻢ ارﺣﻤ ﮫ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ُﯾﺤْ ﺪِث« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺤﺪِث أو ﯾﻘﻮم«‪ .‬وﻟﻤﺎ روى أﺑ ﻮ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ »ﻣﺎ ﻟﻢ ُﯾ ْ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻻﺑﻦ ُ‬
‫واﺳﻤﮫ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺣﺒﯿﺐ ﺑﻦ رﺑﯿﻌﺔ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إن اﻟﻌﺒﺪ إذا ﺟﻠﺲ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺼﻼه ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ﺻﻠﱠﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬وﺻﻼﺗﮭﻢ ﻋﻠﯿﮫ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﮫ اﻟﻠﮭﻢ ارﺣﻤﮫ‪ ،‬وإن ﺟﻠﺲ‬
‫ﯾﻨﺘﻈﺮ اﻟﺼﻼة ﺻﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﮭﻢ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﮫ اﻟﻠﮭ ﻢ ارﺣﻤ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫ﻼ وﺧﯿ ﺮاً‪ ،‬ﻓ ْﻠُﯿ ْﻜ ِﺜ ﺮ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫وﻛﻔﻰ ﺑﺎﺳﺘﺠﻼب دﻋﻮات ﻣﻼﺋﻜﺔ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑ ﺎﻟﻤﻐﻔﺮة واﻟﺮﺣﻤ ﺔ ﻓ ﻀ ً‬
‫ھ ﺬه اﻟ ﺪﻋﻮات ﺑﺎﻹﻛﺜ ﺎر ﻣ ﻦ اﻟﻤﻜ ﺚ‪ .‬وﯾ ﺰداد اﻟﻤﻜ ﺚ اﺳ ﺘﺤﺒﺎﺑﺎً إن ﻛ ﺎن ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪ .‬واﻟﻤ ﺪة‬
‫ﺳ ﺌﻞ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ‬ ‫اﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﻠﻤﻜﺚ أن ﯾﻠﺒﺚ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﻼه إﻟﻰ أن ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ وﺗﺮﺗﻔ ﻊ ﻗﻠ ﯿﻼً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ُ‬
‫ﺳ ﻤﺮة »ﻛﯿ ﻒ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻨﻊ إذا ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﺒﺢ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻛ ﺎن ﯾﻘﻌ ﺪ ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه إذا ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻼ ُه اﻟ ﺬي‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈﮫ »ﻛﺎن ﻻ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ ُﻣ ﺼ ﱠ‬ ‫اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺻ ﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺼﺒﺢ أو اﻟﻐ ﺪاة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻃﻠﻌ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻗ ﺎم«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى‬
‫ﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﺻ ﻠﻰ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺟﻠ ﺲ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺴَﻨﺎً‪ ،‬أي ﺗﻄﻠﻊ وﺗﺮﺗﻔﻊ‪.‬‬ ‫ﺣﺴَﻨًﺎ‪ :‬أي ﻃﻠﻮﻋ ًﺎ َ‬
‫ﺣﺴَﻨ ًﺎ«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ َ‬
‫ﻣﺼﻼه ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ َ‬

‫ن ﺗ ﺪﻋﻮه ﺣﺎﺟ ٌﺔ ﻟﻼﻧ ﺼﺮاف‪ ،‬أو ﻛ ﺎن إﻣﺎﻣ ًﺎ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋ ﺔ‬ ‫ﻓ ْﻠُﯿﻄِﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟﻤﻜ ﺚ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﺎع ‪ ،‬إﻻ أ ْ‬
‫ﻓﯿﻨﺼﺮف دون ﻃﻮل ﻣﻜﺚ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ إنْ ﻛﺎن إﻣﺎمُ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔِ ﺧﻠﯿﻔﺔً اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أو واﻟﯿ ﺎً ﺟ ﺮت اﻟﻌ ﺎدة أن‬
‫ﺠ ﻞ ﻓ ﻲ اﻻﻧ ﺼﺮاف ﺣﺘ ﻰ ﻻ ﯾ ﺸﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‪ .‬وﻗ ﺪ ﻛ ﺎن‬ ‫ﻻ ﯾﻨ ﺼﺮف اﻟﻨ ﺎس ﻗﺒ ﻞ اﻧ ﺼﺮاﻓﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻌ ﱢ‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓ ﻲ زﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺮوه ﯾﻨ ﺼﺮف اﺣﺘﺮاﻣ ًﺎ وﺗ ﻮﻗﯿﺮاً‪ ،‬وﻣﺜﻠ ﮫ‬
‫اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪون‪ ،‬ﻟﮭﺬا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم رﺑﻤﺎ ﻋﺠﱠﻞ اﻻﻧﺼﺮاف ﻷﺟ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻔﻌ ﻞ ﺧﻠﻔ ﺎؤه‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روت أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﺳ ﻠﱠﻢ ﯾﻤﻜ ﺚ ﻓ ﻲ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ‬
‫ﯾﺴﯿﺮاً« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ وراء اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻜﺎن ﺳ ﺎﻋﺔَ‬
‫ُﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﯾﻘ ﻮم‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﯿﺖ وراء أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﻓﻜ ﺎن إذا ﺳ ﻠﻢ وﺛ ﺐ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮم ﻋ ﻦ رﺿ ﻔﺔ« رواه ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﺮزاق‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﯾﻘﻮم ﻋﻦ رﺿﻔﺔ‪ :‬أي ﯾﻘﻮم ﻣﺴﺮﻋﺎً ﻛﺄَﻧﱠ ﮫ ﻛ ﺎن ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺊ ﻣﺤﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻟﻨ ﺎر‪ .‬وﯾﻤﻜ ﻦ‬
‫ﻟﻺﻣﺎم ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ﯾﻨ ﺼﺮف ﻣ ﻦ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ أن ﯾﻨ ﺼﺮف اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ اﻟﺠﻠ ﻮس‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺔ‪.‬‬

‫وﯾُﻨﺪبُ ﻟﻠﻤُﺼﻠﻲ أن ﻻ ﯾﻐﺎدر ﻣُﺼﻼهُ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻤﻜﺚ ﻓﺘﺮة ﺗﻜﻔﯿﮫ ﻟﯿﻘﻮل ﻓﯿﮭ ﺎ )اﺳ ﺘﻐﻔﺮ اﷲ( ﺛﻼﺛ ﺎً‪،‬‬
‫ﺖ ﯾﺎ ذا اﻟﺠﻼل واﻹﻛ ﺮام( ﻟﻤ ﺎ روى ﺛﻮﺑ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫و )اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺖ اﻟﺴﻼم وﻣﻨﻚ اﻟﺴﻼم ﺗﺒﺎرﻛ َ‬
‫ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا اﻧ ﺼﺮف ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ اﺳ ﺘﻐﻔﺮ ﺛﻼﺛ ﺎً وﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺖ اﻟ ﺴﻼم وﻣﻨ ﻚ‬
‫اﻟ ﺴﻼم ﺗﺒﺎرﻛ ﺖ ذا اﻟﺠ ﻼل واﻹﻛ ﺮام ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﯾ ﺎ ذا اﻟﺠ ﻼل واﻹﻛ ﺮام«‪ .‬ﺑﺰﯾ ﺎدة ]ﯾ ﺎ[‪ .‬وﻛ ﺬا رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ أﺳ ﻘﻂ‬
‫ُ‬
‫]اﻟﻠﮭﻢ[ ﻣﻦ أوﻟﮫ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﻘﻌﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ إﻻ ﻗﺪر‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﯾﻘﻮل ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺖ اﻟﺴﻼم ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬

‫وﻛﻤ ﺎ ﯾُ ﺸﺮع ﻟﻺﻣ ﺎم أن ﯾﻤﻜ ﺚ ﻓ ﻲ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ ﻋﻘ ﺐ اﻟ ﺼﻼة اﺳ ﺘﺠﻼﺑًﺎ ﻷدﻋﯿ ﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤ ﺔ‬
‫واﻟﻤﻐﻔﺮة وﯾﻤﻜﺚ ﻣﻌﮫ اﻟﻤﺼﻠﻮن‪ ،‬ﯾُﺸﺮع ﻟﮫ وﻟﮭﻢ اﻟﻤﻜﻮث ﻟﺴﺒﺐٍ ﺛﺎنٍ ھ ﻮ ﺗﻤﻜ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻣ ﻦ ﻣﻐ ﺎدرة‬
‫اﻟﻤﺼﻠﻰ ﻗﺒﻞ اﻧﺼﺮاف اﻟﺮﺟﺎل ﺣﻔﻈًﺎ ﻟﮭﻦ وﺻﻮْﻧﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻲ‬

‫‪410‬‬
‫ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳﻠﱠﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ُﻗﻤْ ﻦَ‪ ،‬وﺛﺒ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺛﺒ ﺖ ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺎم رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎم اﻟﺮﺟ ﺎل« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ‪ .‬ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳ ﻠﻢ ﻗ ﺎم‬ ‫ِ‬
‫اﻟﻨﺴﺎء ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻀﻲ ﺗﺴﻠﯿﻤﮫ‪ ،‬وﻣﻜﺚ ﯾﺴﯿﺮًا ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻘ ﻮم ‪ -‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﺷ ﮭﺎب ‪ -‬ﻓ ﺄُرى واﷲ أﻋﻠ ﻢ أن‬
‫ﻣﻜﺜـﮫ ﻟﻜﻲ ﯾﻨﻔﺬ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺒﻞ أن ﯾﺪرﻛﮭﻦ ﻣَﻦ اﻧﺼﺮف ﻣﻦ اﻟﻘ ﻮم«‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺳﻠﱠﻢ ﻣﻜﺚ ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺮون أن ذﻟﻚ ﻛﯿﻤﺎ‬
‫ﯾﻨﻔﺬ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺟﺎل«‪.‬‬

‫وھﺬا وذاك ﻣﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﺜ ﻮاب اﻟﻤﻜ ﺚ‪ .‬أﻣ ﺎ ﺛ ﻮاب اﻟ ﺬﻛﺮ ﻋﻘ ﺐ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﺈن اﻹﻣ ﺎم اﻟﻤﺘﻌﺠ ﻞ ﻻ‬
‫ن ﯾﺘﺤ ﻮل إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬أو وھ ﻮ ﻋﺎﺋ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫ﺤ ﺮَم ﺑﻘﯿﺎﻣ ﮫ اﻟﻔ ﻮري ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬إذ ﯾﻤﻜﻨ ﮫ ﺗﺤ ﺼﯿﻞ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن ﺛ ـﺎ ٍ‬
‫ُﯾ ْ‬
‫ن ِذ ْﻛ َﺮ اﷲ ﯾُﻨﺪب ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎل‪.‬‬
‫ﺻﻼﺗﮫ إﻟﻰ ﺑﯿﺘﮫ أو إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﺣﺎﺟﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬

‫س‬
‫ﺐ ﻟﮫ أن ﯾ ﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻮﺟﮭ ﮫ اﻟﻨ ﺎ َ‬
‫ﺤ ﱠ‬
‫وإذا ﺟﻠﺲ اﻷﻣﺎم ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ‪ -‬ﻃﺎل ﺟﻠﻮﺳُﮫ أو ﻗَﺼُﺮ ‪ -‬اﺳ ُﺘ ِ‬
‫ﻞ ﻣﯿﻤﻨﺘﮫ ﺧﺎﺻ ﺔً‪ ،‬ﻓﯿﻨﺤ ﺮف ﺑﻮﺟﮭ ﮫ ﻧﺤ ﻮھﻢ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺳ ﻤﺮة ﺑ ﻦ ﺟﻨ ﺪب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن‬ ‫وأھ َ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﺻﻠﻰ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ ﺑﻮﺟﮭ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ إذا‬
‫ﺻﻠﯿﻨﺎ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺣﺒﺒﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ُﯾﻘْﺒِﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﻮﺟﮭﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺴﻤﻌﺘﮫ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬رب‬
‫ﻗِﻨﻲ ﻋﺬاﺑﻚ ﯾﻮم ﺗﺒﻌﺚ أو ﺗﺠﻤﻊ ﻋﺒﺎدك« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑ ﺪون ذﻛ ﺮ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ آﺧ ﺮه‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ اﻷﺳﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜﺎن إذا اﻧﺼﺮف اﻧﺤﺮف«‬
‫رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔ ﻆ »أﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ‬
‫اﻧﺤﺮف«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻧﺼﺮف‪ :‬أي ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﺼﻼة‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ اﻧﺤ ﺮف‪ :‬أي ﻏﱠﯿ ﺮ اﺗﺠﺎھ ﮫ اﻟ ﺬي ﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة ﻟﯿﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫ف ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ واﻟﺸﻤﺎل‬
‫ب‪ .‬اﻻﻧﺼﺮا ُ‬
‫ﻣﻦ ﻗﻀﻰ ﺻﻼﺗﮫ وﺟﻠﺲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ أراد ﻟﻠﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﮭ ﺾ ﻟﻼﻧ ﺼﺮاف ﻓﺈﻧ ﮫ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر‬
‫ﺑﯿﻦ أن ﯾﻨﻔﺘﻞ ﯾﻤﻨﺔً وﺑ ﯿﻦ أن ﯾﻨﻔﺘ ﻞ ﯾ ﺴﺮةً‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﻨﻔﺘ ﻞ إﻟ ﻰ ﺟﮭ ﺔ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻻ ﯾﺘﻘﯿ ﺪ ﺑﺠﮭ ﺔ‬
‫دون ﺟﮭ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺸﺮب ﻗﺎﺋﻤ ﺎً وﻗﺎﻋ ﺪاً‪،‬‬
‫ﻼ وﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وروى ھُ ْﻠ ﺐ‬ ‫وﯾﺼﻠﻲ ﺣﺎﻓﯿﺎً وﻣﻨﺘﻌ ً‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ُﺆﻣﱡﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻨ ﺼﺮف ﻋﻠ ﻰ ﺟﺎﻧﺒﯿ ﮫ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬ﻋﻠ ﻰ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ »وﻛ ﺎن ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ ﺷ ﻘﱠﯿﮫ«‪ .‬ﻗ ﺎل‬ ‫ﺷ ﻤﺎﻟﮫ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي )ﯾُﺮوى ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬إن ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺟﺘ ﮫ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ أﺧ ﺬ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺟﺘﮫ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره أﺧﺬ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره(‪ .‬وروى أﺑﻮ داود ﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »ﻻ ﯾﺠﻌﻞ أﺣﺪﻛﻢ ﻧﺼﯿﺒﺎً ﻟﻠﺸﯿﻄﺎن ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ أن ﻻ ﯾﻨﺼﺮف إﻻ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺪ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬أﻛﺜﺮَ ﻣﺎ ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻤ ﺎرة‪ :‬أﺗﯿ ﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﺑﻌ ﺪُ‪ ،‬ﻓﺮأﯾ ﺖ ﻣﻨ ﺎزل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ‬
‫ﻦ أﺣﺪُﻛﻢ ﻟﻠﺸﯿﻄﺎن ﻣﻦ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺟ ﺰءاً‪ ،‬ﻻ ﯾ ﺮى إﻻ أنﱠ ﺣ ﱠﻘ ﺎً ﻋﻠﯿ ﮫ‬ ‫ﯾﺴﺎره«‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﻻ ﯾﺠﻌﻠ ﱠ‬
‫أن ﻻ ﯾﻨﺼﺮف إﻻ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬أﻛﺜﺮ ﻣﺎ رأﯾﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ«‪ .‬وأﻧ ﺎ ﻻ أﻇ ﻦ أن‬
‫ﻋﺒ ﺎرة »أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ« ﻗُ ﺼﺪ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻹﺣ ﺼﺎء وﺗﻐﻠﯿ ُ‬
‫ﺐ‬
‫اﻻﻧﺼﺮ اف ﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل ﻋﻠﻰ اﻻﻧ ﺼﺮاف ﻋ ﻦ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻘ ﺪر ﻣ ﺎ ُﻗ ﺼﺪ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺑﯿ ﺎن أن اﻻﻧ ﺼﺮاف ﻟ ﻢ‬
‫ﻻ ﺑﻘﻮل أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﯾﻜﻦ ﺗُﻠ َﺘ َﺰ ُم ﻓﯿﮫ ﺟﮭﺔ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬اﺳﺘﺪﻻ ً‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟ ﺎءت‬ ‫»‪ ...‬أﻛﺜﺮ ﻣﺎ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻦ أﺣ ﺪُﻛﻢ‬‫رواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري ‪ -‬وھ ﻮ اﻟﻘﻤ ﺔ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﺤ ﺪﱢﺛﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻻﻟﺘ ﺰام ﺑﺄﻟﻔ ﺎظ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ‪ -‬ھﻜ ﺬا »ﻻ ﯾﺠﻌَﻠ ﱠ‬
‫ﻟﻠ ﺸﯿﻄﺎن ﺷ ﯿﺌًﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﯾ ﺮى أن ﺣﻘ ًﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﻻ ﯾﻨ ﺼﺮف إﻻ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻟﻘ ﺪ رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ‬

‫‪411‬‬
‫‪r‬ﻛﺜﯿﺮًا ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﯾﺴﺎره«‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء اﻟﻘﻮل ھﻜﺬا »ﻛﺜﯿﺮاً ﯾﻨﺼﺮف ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره« وھ ﺬا اﻟﻠﻔ ﻆ أد ﱡ‬
‫ق‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ »أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ ‪ ...‬ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ ﺷ ﻤﺎﻟﮫ«‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻠﻔﻆ اﻟﻮارد ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫وﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﺑ ﯿﻦ رواﯾ ﺔ » أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ ﯾﻨ ﺼﺮف ﻋ ﻦ ﺷﻤﺎﻟ ـﮫ« وﺑ ﯿﻦ رواﯾ ﺔ »أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ‬
‫ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ« ‪ -‬وإن ﻛﺎن اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ ﻟﯿﺲ ﻣﮭﻤﺎً ‪ -‬ﺑﺎﻟﻘﻮل إن راوي اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺷﺎھﺪه‪ ،‬وإن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﯾﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺻﻠﻮاﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪه ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺣﺠُﺮات زوﺟﺎﺗﮫ واﻗﻌﺔ إﻟﻰ ﯾﺴﺎر اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﯾﻨﺼﺮف إﻟ ﻰ ﺟﮭ ﺔ اﻟ ﺸﻤﺎل‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻞ اﺑ ﻦ‬ ‫ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺿ ﺤﺔ ﺟ ﺪًا »إن‬ ‫ﻣ ﺴﻌﻮد ﻣ ﺸﺎھﺪاﺗﮫ ﻟ ﺬﻟﻚ اﻻﻧ ﺼﺮاف‪ ،‬وﺟ ﺎءت اﻟﺮواﯾ ﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺢ اﺑ ﻦ ِ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﺎﻣﱠﺔ ﻣﺎ ﯾﻨﺼﺮف ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره إﻟ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﺤﺠُ ﺮات«‪ .‬وأﻣ ﺎ راوي اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓ ﺬﻛﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﺷ ﺎھﺪه‪ ،‬وأﻧ ﮫ رأى اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﯾُﻜﺜ ﺮ ﻣ ﻦ اﻻﻧ ﺼﺮاف ﻋ ﻦ اﻟﯿﻤ ﯿﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾﺒﻌ ﺪ ﻋﻨ ﺪي أن ذﻟ ﻚ ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺤﺼﻞ ﻣﻨﮫ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪه ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ‪ ،‬أو ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾﺮﯾ ﺪ اﻻﻧ ﺼﺮاف إﻟ ﻰ ﺣﺠﺮاﺗ ﮫ‬
‫ﻋﻘﺐ ﺻﻠﻮاﺗﮫ‪ ،‬ﻓـﻜﺎن ﯾﻨﺼﺮف ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﺤ ﺐ اﻟﺘﯿ ﺎﻣﻦ ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ‬
‫أﻣﻮره‪ .‬وﻋﻠﻰ أﯾﺔ ﺣﺎل ﻓﺈن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻮﺳﱠﻊ‪.‬‬

‫ج‪ .‬اﻟﻔﺼ ُﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﺻﻼة اﻟﺘﱠﻄﻮﱡع‬

‫ﺴﻨَﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻤﻐ ﺮب‬ ‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ إذا ﻓﺮغ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وأراد اﻹﺗﯿﺎن ﺑ ُ‬
‫واﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬أو اﻟﺘﱠﻨﻔﱡﻞ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء ﻣﻦ ﻧﻮاﻓﻞ أن ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻨﺪوﺑ ﺔ ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه اﻟ ﺬي أدى‬
‫ﻓﯿﮫ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﺘﻘ ﺪﱠم ﻗﻠ ﯿﻼً أو ﯾﺘ ﺄﺧﱠﺮ ﻗﻠ ﯿﻼً‪ ،‬أو ﯾﺒﺘﻌ ﺪ ﯾﻤﻨ ﺔ أو ﯾﺒﺘﻌ ﺪ ﯾَ ﺴﺮة‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﺎﺑﻂ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺻ ﻠﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺄراد أن ﯾﺘﻄ ﻮع‬
‫ﻼ أو ﯾﺘﺄﺧﺮ ﻗﻠﯿﻼً‪ ،‬أو ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ أو ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق‪ .‬وإذا أراد أن‬ ‫ﺑﺸﺊ ﻓﻠْﯿﺘﻘﺪﱠم ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﯾ ﺆدﱢي ھ ﺬه اﻟ ﺼﻠﻮات ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه اﻟ ﺬي ﺻ ﻠﻰ ﻓﯿ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻓﻠْﯿﺨ ﺮج ﻣ ﻦ ﻣ ﺼﻼه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﺧﺮوﺟ ﮫ ﻣﻨ ﮫ ﯾﻌ ﻮد إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬أو ﯾ ﺘﻜﻠﻢ ﻣ ﻊ ﻏﯿ ﺮه ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺴﺘﺄﻧﻒ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑ ﺬﻟﻚ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﻗﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻘ ﺼﻮرة‪،‬‬
‫ﻲ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ َﺗ ُﻌﺪْ ﻟِﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖَ‪ ،‬إذا ﺻﻠﯿﺖ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬‫ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻗﻤﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﻓﺼﻠﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ دﺧﻞ أرﺳﻞ إﻟ ﱠ‬
‫ﺻ ﻞ ﺻ ﻼةٌ ﺑ ﺼﻼ ٍة ﺣﺘ ﻰ‬‫ﻓﻼ َﺗﺼِﻠْﮭﺎ ﺑﺼﻼة ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻜﻠﻢ أو ﺗﺨ ﺮج‪ ،‬ﻓ ﺈنﱠ ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬أﻣ ﺮ ﺑ ﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻻ ﺗُﻮ َ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺗﺨﺮج أو ﺗﺘﻜﻠﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫ﺐ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أذﻛﺎر‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺎً ــ ﻣﺎ ﯾُﻘﺎلُ ﻋَ ِﻘ َ‬

‫ﻚ ِﻣ ﻦ‬ ‫ﻋ َﻠ ْﯿ َ‬
‫ﻚ َﻧ ْﺘﻠُ ْﻮهُ َ‬ ‫ﻞ ] َذ ِﻟ َ‬ ‫ﻟﻠ ﱢﺬﻛْﺮ ﻋﺪة ﻣﻌﺎنٍ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻦ‬‫ﺤ ُ‬ ‫اﻵﯾَﺎتِ واﻟ ﱢﺬ ْﻛ ِﺮ اﻟﺤَ ِﻜ ْﯿ ِﻢ[ اﻵﯾﺔ ‪ 58‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة آل ﻋﻤ ﺮان‪ .‬وﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]إﻧ ﺎ َﻧ ْ‬
‫ﺠ ﺮ‪ .‬وﻗ ﺪ ﯾُﻄﻠ ﻖ ﻋﻠ ﻰ ﻛﺘ ﺐ اﻷﻧﺒﯿ ﺎء اﻟ ﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‬ ‫ﺤْ‬ ‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 9‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟ ِ‬ ‫َﻧﺰﱠ ْﻟﻨَﺎ اﻟﺬﱢ ْﻛ َﺮ وَإﻧﱠﺎ َﻟﮫُ َﻟﺤَﺎ ِﻓﻈُ ْﻮ َ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ي اﻟ ﺼﱠﺎ ِﻟﺤُ ْﻮ َ‬ ‫ﻋ َﺒ ﺎ ِد َ‬
‫ض َﯾ ِﺮﺛُ َﮭ ﺎ ِ‬ ‫ﻦ َﺑ ْﻌ ِﺪ اﻟ ﺬﱢ ْﻛ ِﺮ َأنﱠ ا َﻷ ْر َ‬ ‫ﻛﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َو َﻟ َﻘ ْﺪ َﻛ َﺘ ْﺒ َﻨ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺰﱠﺑُ ْﻮ ِر ِﻣ ْ‬
‫ﻚ إﻻ‬ ‫ﻦ َﻗ ْﺒ ِﻠ َ‬‫ﺳ ْﻠﻨَﺎ ِﻣ ْ‬ ‫ﻞ ]و َﻣ ﺎ َأ ْر َ‬ ‫‪ 105‬ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﻧﺒﯿ ﺎء‪ .‬واﻟ ﺬﻛﺮ ھﻨ ﺎ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺘ ﻮراة‪ .‬وﻛﻘﻮﻟ ﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 43‬ﻣـ ـﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨﺤـ ـﻞ‪ .‬وﻗـ ـﺪ‬ ‫ن ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ ﻻ َﺗ ْﻌ َﻠﻤُـ ـ ْﻮ َ‬
‫ﺳ َﺄﻟُﻮْا َأ ْھ َﻞ اﻟ ﺬﱢ ْﻛ ِﺮ إ ْ‬
‫ﻲ إ َﻟ ْﯿ ِﮭ ْﻢ ﻓَﺎ ْ‬
‫ﺣ ْ‬
‫ِرﺟَﺎ ًﻻ ﻧُ ْﻮ ِ‬
‫ف‬
‫ﺳ ْﻮ َ‬ ‫ﻚو َ‬ ‫ﻚ َو ِﻟ َﻘ ْﻮ ِﻣ َ‬‫ﯾﻄﻠ ﻖ ﻋﻠـــ ـﻰ ﻣﻌﻨـ ـﻰ اﻟ ﺸﺮف واﻟﺮﻓﻌ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ] وإﻧﱠ ﮫُ َﻟ ِﺬ ْﻛ ٌﺮ َﻟ َ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 44‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف‪ .‬وﻗﺪ ﯾﻄﻠﻖ وﯾﺮاد ﻣﻨﮫ اﻟﺼﻼة ﻛﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﯾ ﺎ َأﯾﱡ َﮭ ﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ‬ ‫ﺴ َﺄﻟُ ْﻮ َ‬
‫ﺗُ ْ‬
‫ن ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ‬
‫ﺧ ْﯿ ٌﺮ َﻟﻜُ ْﻢ إ ْ‬ ‫ﷲ و َذرُوْا اﻟ َﺒ ْﯿ َﻊ َذ ِﻟﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﺳ َﻌﻮْا إﻟﻰ ِذ ْﻛ ِﺮ ا ِ‬ ‫ﻦ َﯾ ْﻮ ِم اﻟﺠُﻤُ َﻌ ِﺔ ﻓَﺎ ْ‬ ‫ي ﻟِﻠﺼﱠﻼ ِة ِﻣ ْ‬ ‫آ َﻣﻨُﻮْا إذَا ﻧُ ْﻮ ِد َ‬
‫ﻞ ]و َﻣ ْ‬
‫ﻦ‬ ‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 9‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ ﯾﻄﻠ ﻖ و ُﯾ ﺮاد ﻣﻨ ﮫ اﻟ ﺪﯾﻦ ﻛﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬ ‫َﺗ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬
‫ﺿ ْﻨ َﻜ ًﺎ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 124‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﻃﮫ‪.‬‬ ‫ﺸ ًﺔ َ‬ ‫ﻦ ِذ ْﻛﺮِي ﻓَﺈنﱠ َﻟﮫُ َﻣ ِﻌ ْﯿ َ‬ ‫ﻋْ‬‫ض َ‬ ‫ﻋ َﺮ َ‬ ‫َأ ْ‬

‫‪412‬‬
 ‫أﻣﺎ أﺻﻞُ اﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﻤﻌﻨﺎه اﻻﺳﺘﺤﻀﺎر‪ ،‬ﻓﺬِﻛ ُﺮ اﻟﺸﺊ اﺳﺘﺤﻀﺎرُه‪ ،‬وﯾﻜﻮن اﻻﺳﺘﺤﻀﺎر ﻓ ﻲ اﻟ ﺬھﻦ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﺠﺮﯾﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺴﺎن‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﻘ ﻮل اﷲ‬
‫ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ‪ :‬أﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﻇﻦﱢ ﻋﺒﺪي ﺑﻲ وأﻧـﺎ ﻣﻌﮫ ﺣﯿﻦ ﯾﺬﻛﺮﻧﻲ‪ ،‬إن ذﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻔ ﺴﮫ ذﻛﺮ ُﺗ ﮫ ﻓ ﻲ ﻧﻔ ﺴﻲ‪،‬‬
‫وإن ذﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻸٍ ذﻛﺮﺗُﮫ ﻓﻲ ﻣﻸٍ ھﻢ ﺧﯿﺮٌ ﻣ ﻨﮭﻢ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻟﻠ ﺬﻛﺮ ھ ﻮ‬
‫ﻋﻦ‬ ‫ﻞ ]‪ ...‬إنﱠ اﻟ ﺼﱠﻼةَ ﺗَﻨْﮭَ ﻰْ َ‬ ‫اﻟ ﺸﺎﺋﻊ وھ ﻮ اﻷﻛﺜ ﺮ‪ ،‬وﻗ ﺪ ورد ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﷲ ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ن[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 45‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒ ﻮت‪ .‬وﻗ ﺎل‬ ‫ﺼ َﻨﻌُ ْﻮ َ‬
‫ﷲ أﻛﺒ ﺮُ واﷲُ َﯾ ْﻌ َﻠ ﻢُ َﻣ ﺎ َﺗ ْ‬
‫ﺤﺸَﺎ ِء واﻟﻤُ ْﻨ َﻜ ِﺮ و َﻟ ِﺬ ْﻛﺮُ ا ِ‬
‫اﻟ َﻔ ْ‬
‫ن اﷲ إﻻ ﻗَِﻠ ْﯿﻼً[ اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ن اﻟﻨﱠ ﺎسَ وﻻ ﯾَ ْﺬ ُﻛ ُﺮ ْو َ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]‪ ...‬وإذَا ﻗَﺎ ُﻣﻮْا إﻟﻰ اﻟﺼﱠﻼةِ ﻗَﺎ ُﻣﻮْا ُﻛﺴَﺎﻟَﻰ ﯾُ ﺮَا ُؤ ْو َ‬
‫ﻰ ﺟُﻨُ ْﻮ ِﺑﻜُ ْﻢ‬
‫ﻋ َﻠ ْ‬
‫ﷲ ِﻗﯿَﺎ َﻣ ًﺎ وﻗُﻌُ ْﻮ َدًا و َ‬‫ﻀ ْﯿﺘُﻢ اﻟﺼﱠﻼ َة ﻓَﺎ ْذﻛُﺮُوْا ا َ‬ ‫‪ 142‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﻓﺈذَا َﻗ َ‬
‫‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 103‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬وﻛﺜﯿ ٌﺮ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻟﻠ ﺬﱢﻛﺮ ‪ -‬اﻻﺳﺘﺤ ﻀﺎر ‪-‬‬
‫واﻟﻤﻌﻨﻰ اﻷول ﻟﮫ ‪ -‬اﻟﻘ ﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ‪ -‬ھﻤ ﺎ اﻟﻤﻘ ﺼﻮدان ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ ‪ ،‬وھﻤ ﺎ اﻟﻠ ﺬان ُﯾ ﺮاد اﻹﺗﯿ ﺎن‬
‫ﺑﮭﻤﺎ ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺣﺚ ﻛﺘﺎب اﻟﻠــﮫ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﷲ ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻨﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻜﺜﯿ ﺮ ﻣ ﻦ آﯾﺎﺗ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﻓ ﺈذَا‬
‫ﺷ ﺪﱠ ِذ ْﻛ َﺮًا‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 200‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ .‬وﻗ ﺎل‬ ‫ﷲ َﻛ ِﺬ ْﻛ ِﺮﻛُ ْﻢ آﺑَﺎ َءﻛُ ْﻢ َأ ْو َأ َ‬ ‫ﺳ َﻜﻜُ ْﻢ ﻓَﺎ ْذﻛُﺮُوْا ا َ‬ ‫ﻀ ْﯿﺘُ ْﻢ َﻣﻨَﺎ ِ‬
‫َﻗ َ‬
‫ﺸﻲﱢ واﻹ ْﺑ َﻜ ﺎ ِر[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 41‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة آل ﻋﻤ ﺮان‪ .‬وﻗ ﺎل‬ ‫ﺢ ﺑِﺎﻟ َﻌ ِ‬ ‫ﺳ ﺒﱢ ْ‬ ‫ﻚ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا َو َ‬ ‫ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]‪ ...‬وَا ْذﻛُ ْﺮ َرﺑﱠ َ‬
‫ﷲ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 227‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟ ﺸﻌﺮاء ‪.‬‬ ‫ت َو َذ َﻛﺮُوْا ا َ‬ ‫ﻋ ِﻤﻠُﻮْا اﻟﺼﱠﺎ ِﻟﺤَﺎ ِ‬ ‫ﻦ آ َﻣﻨُﻮْا َو َ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] إﻻ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ك َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا[ اﻵﯾﺘﺎن ‪ 33‬و ‪ 34‬ﻣﻦ ﺳﻮرة ﻃﮫ‪ .‬وﻗﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻞ‬ ‫ﻚ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا ‪َ .‬و َﻧ ْﺬﻛُ َﺮ َ‬
‫ﺤَ‬‫ﺴﺒﱢ َ‬‫ﻲ َﻧ َ‬‫وﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] َﻛ ْ‬
‫ﷲ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا[ اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ﺧ َﺮ َو َذ َﻛ َﺮ ا َ‬
‫ﷲ وَاﻟ َﯿ ْﻮ َم اﻵ ِ‬ ‫ن َﯾ ْﺮﺟُ ْﻮ ا َ‬ ‫ﻦ ﻛَﺎ َ‬ ‫ﺴ َﻨﺔُ ِﻟ َﻤ ْ‬ ‫ﺣ َ‬ ‫ﺳ َﻮ ٌة َ‬‫ﷲ أُ ْ‬ ‫ن َﻟﻜُ ْﻢ ﻓﻲ َرﺳُ ْﻮ ِل ا ِ‬ ‫] َﻟ َﻘ ْﺪ ﻛَﺎ َ‬
‫ﻋ ﺪﱠ اﷲُ َﻟﮭُ ْﻢ َﻣ ْﻐ ِﻔ َﺮ ًة‬ ‫ت َأ َ‬ ‫ﷲ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا وَاﻟ ﺬﱠا ِﻛ َﺮا ِ‬
‫ﻦا َ‬ ‫ﻞ] ‪ ..‬واﻟ ﺬﱠا ِﻛ ِﺮ ْﯾ َ‬ ‫‪ 21‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﺣﺰاب‪ .‬وﻗﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُ ﻮْا ا ْذﻛُ ُﺮوْا اﷲَ‬ ‫ﻞ ﺟﻼﻟ ﮫ ] َﯾ ﺎ َأ ﱡﯾ َﮭ ﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﻈ ْﯿ َﻤ ًﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 35‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻷﺣ ﺰاب‪ .‬وﻗ ﺎل ﺟ ﱠ‬ ‫ﻋِ‬ ‫ﺟ َﺮًا َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ﺸﺮُوْا ﻓ ﻲ‬ ‫ﻀﯿَﺖ اﻟ ﺼﱠﻼةُ ﻓَﺎ ْﻧ َﺘ ِ‬ ‫ِذ ْﻛ َﺮًا َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا[ اﻵﯾﺔ ‪ 41‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﺣﺰاب‪ .‬وﻗﺎل ﺟ ﻞﱠ ﺟﻼﻟ ﮫ ] َﻓ ﺈذَا ﻗُ ِ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 10‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪.‬‬ ‫ﷲ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ ﺗُ ْﻔ ِﻠﺤُ ْﻮ َ‬
‫ﷲ وَا ْذﻛُﺮُوْا ا َ‬ ‫ﻀ ِﻞ ا ِ‬ ‫ﻦ َﻓ ْ‬ ‫ض وَا ْﺑ َﺘﻐُﻮْا ِﻣ ْ‬‫ا َﻷ ْر ِ‬

‫ﻛﻤﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺣﺚ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﷲ‪ ،‬وﻧﻮﱠه ﺑﻔﻀﻞ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬
‫ﺟ ْﻤ ﺪان‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺴﯿﺮ ﻓ ﻲ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﱠﺮ ﻋﻠ ﻰ ﺟﺒ ﻞ ﯾُﻘ ﺎل ﻟ ﮫ ُ‬
‫ﺟﻤْﺪان‪ ،‬ﺳﺒﻖ اﻟ ُﻤ َﻔﺮﱢدون‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬وﻣ ﺎ اﻟﻤُﻔَ ﺮﱢدون ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟ ﺬاﻛﺮون اﷲ‬ ‫ﺳﯿﺮوا‪ ،‬ھﺬا ُ‬
‫ﻛﺜﯿﺮاً واﻟﺬاﻛﺮات« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻓﯿﮫ »ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻤﺴﺘﮭﺘﺮون ﻓﻲ ذﻛﺮ اﷲ‪ ،‬ﯾ ﻀ ُﻊ اﻟ ﺬﱢﻛﺮُ‬
‫ﻋﻨﮭﻢ أﺛﻘﺎﻟَﮭﻢ‪ ،‬ﻓﯿﺄﺗﻮن ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺧﻔﺎﻓﺎً«‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻓﯿﮫ »ﻗﺎل‪ :‬اﻟﺬﯾﻦ ﯾﮭﺘَﺮون ﻓ ﻲ ذِﻛ ﺮ اﷲ«‪.‬‬
‫ﻗﻮﻟﮫ ﯾﮭﺘﺮون‪ :‬أي ﯾُﻮﻟَﻌﻮن أو ﯾُﻜﺜِﺮون ﺟﺪاً‪.‬‬

‫وﻟﻠﺬﱢﻛﺮ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ودرﺟﺔ رﻓﯿﻌﺔ ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]‪ ...‬إنﱠ اﻟ ﺼﱠﻼةَ ﺗَﻨْﮭَ ﻰْ ﻋَ ﻦ‬
‫ﷲ َأ ْﻛ َﺒﺮُ ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 45‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت‪ .‬وﻗ ﺪ ُﻓ ﺴﱢﺮ ﺑ ﺄن ذِﻛ ﺮ اﷲ أﻛﺒ ﺮ‬‫ﺤﺸَﺎ ِء وَاﻟﻤُ ْﻨ َﻜ ِﺮ َو َﻟ ِﺬ ْﻛﺮُ ا ِ‬
‫اﻟ َﻔ ْ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻨﻊ اﻟﻔﺤ ﺸﺎء واﻟﻤﻨﻜ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ اﻟ ﺪﱠرداء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أﻻ‬
‫أُﻧﺒ ﺌُﻜﻢ ﺑﺨﯿ ﺮ أﻋﻤ ﺎﻟﻜﻢ وأزﻛﺎھ ﺎ ﻋﻨ ﺪ ﻣﻠ ﯿﻜﻜﻢ وأرﻓﻌﮭ ﺎ ﻓ ﻲ درﺟ ﺎﺗﻜﻢ‪ ،‬وﺧﯿ ٌﺮ ﻟﻜ ﻢ ﻣ ﻦ إﻧﻔ ﺎق اﻟ ﺬھﺐ‬
‫واﻟﻮرِق‪ ،‬وﺧﯿﺮٌ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ أن ﺗ ْﻠﻘَﻮا ﻋﺪوﻛﻢ ﻓﺘﻀﺮﺑﻮا أﻋﻨﺎﻗﮭﻢ وﯾﻀﺮﺑﻮا أﻋﻨ ﺎﻗﻜﻢ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﺑﻠ ﻰ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ذِﻛﺮُ اﷲ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ‪ ،‬ورواه ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻮﻗﻮﻓًﺎ‪.‬‬

‫واﻟﺬﱢﻛﺮ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻻﺳ ﺘﻌﺎذة‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿ ﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ‪،‬‬
‫ﻼ‪.‬‬‫ﻞ ﺑﺤﺜًﺎ ﻣﻨﻔﺼ ً‬
‫وﯾﻜﻮن ﺑﺘﻼوة آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء‪ .‬و ُﻧ ْﻔﺮِ ُد ﻟﻜ ﱟ‬

‫أــ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر‬

‫‪413‬‬
‫ﻦ أن ﯾﻜــﻮن ﺛﻼث ﻣــﺮات‪ ،‬ﻓﻌ ـﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺴﱡ‬‫ﺴﻦﱡ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬و ُﯾ َ‬ ‫ُﯾ َ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻌﺠﺒ ﮫ أن ﯾ ﺪﻋﻮ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﻐﻔﺮ ﺛﻼﺛ ًﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﯾ ﺼﺢ‬
‫اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﺑﺄﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﱢﯿﻎ‪ ،‬ﻛ ﺄن ﯾﻘ ﻮل )أﺳ ﺘﻐﻔ ُﺮ اﷲ( ﯾﻜﺮرھ ﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬أو ﯾﻘ ﻮل )أﺳ ﺘﻐﻔ ُﺮ اﷲ‬
‫اﻟﺬي ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ اﻟﺤﻲﱠ اﻟﻘﯿﱡﻮ َم وأﺗﻮبُ إﻟﯿﮫ( ﯾﻜﺮرھﺎ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬أو ﯾﻘﻮل )اﻟﻠﮭﻢ أﻧ ﺖ رﺑ ﻲ ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ أﻧ ﺖ‬
‫ﺖ‪ ،‬أﺑ ﻮءُ ﻟ ﻚ‬
‫ﺧﻠﻘﺘَﻨﻲ وأﻧﺎ ﻋﺒﺪُك وأﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪك ووﻋﺪك ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖُ‪ ،‬أﻋﻮ ُذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ ﺷ ﺮﱢ ﻣ ﺎ ﺻ ﻨﻌ ُ‬
‫ﻲ وأﺑﻮ ُء ﺑﺬﻧﺒﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻏﻔ ْﺮ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻐﻔﺮ اﻟ ﺬﻧﻮب إﻻ أﻧ ﺖ( ﯾﻜﺮرھ ﺎ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ .‬وھ ﺬه اﻟ ﺼﯿﻐﺔ‬‫ﺑﻨﻌﻤﺘﻚ ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻷﺧﯿﺮة ھﻲ ﺧﯿﺮ ﺻﯿﻎ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر وﺳﯿﱢﺪﺗﮭﺎ‪ .‬ﻓﻌﻦ َﺛﻮْﺑﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا‬
‫اﻧ ﺼﺮف ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ اﺳ ﺘﻐﻔﺮ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺖ اﻟ ﺴﻼم وﻣﻨ ﻚ اﻟ ﺴﻼم ﺗﺒﺎرﻛ ﺖ ذا اﻟﺠ ﻼل‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »ﯾﺎ ذا اﻟﺠﻼل واﻹﻛﺮام« ﺑﺰﯾ ﺎدة‬ ‫واﻹﻛﺮام ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬
‫]ﯾﺎ[‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺠﻠﻮس ﻓﺘﺮ ًة ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة[ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ‪ .‬وروى زﯾﺪ ﻣﻮﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ‬
‫ﻏ ِﻔ ﺮ‬ ‫ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﻦ ﻗﺎل‪ :‬اﺳﺘﻐﻔ ُﺮ اﷲ اﻟﺬي ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ اﻟﺤ ﱠ‬
‫ﻲ اﻟﻘﯿﱡﻮ َم وأﺗﻮب إﻟﯿﮫ ‪ُ ،‬‬
‫ﻟﮫ وإن ﻛﺎن ﻓ ﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﺰﺣﻒ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑ ﺴﻨﺪ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ‬
‫ﻣ ﺴﻌﻮد وزاد »ﺛﻼﺛ ﺎً «‪ .‬وﻋ ﻦ ﺷ ﺪاد ﺑ ﻦ أوس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬ﺳ ﯿﺪ اﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر أن‬
‫ﺗﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺖ رﺑﻲ ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧﺖ‪ ،‬ﺧﻠ ْﻘﺘَﻨﻲ وأﻧﺎ ﻋﺒﺪك‪ ،‬وأﻧﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪك ووﻋ ﺪك ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﻌﺖ‪،‬‬
‫أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮﱢ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖُ‪ ،‬أﺑﻮء ﻟﻚ ﺑﻨﻌﻤﺘﻚ ﻋﻠﻲﱠ‪ ،‬وأﺑﻮ ُء ﺑﺬﻧﺒﻲ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻐﻔﺮ اﻟ ﺬﻧﻮب‬
‫إﻻ أﻧﺖ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ل‬
‫وﯾُﻨ ﺪب أن ﯾﻘ ﻮل ﻋﻘ ﺐ اﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر )اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺖ اﻟ ﺴﻼمُ وﻣﻨ ﻚ اﻟ ﺴﻼ ُم ﺗﺒﺎرﻛ ﺖَ ﯾ ﺎ ذا اﻟﺠ ﻼ ِ‬
‫واﻹﻛﺮا ِم( ﻟﺤﺪﯾﺚ ﺛﻮﺑﺎن‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ روت ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﺳ ﻠﱠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺖ اﻟﺴﻼم وﻣﻨﻚ اﻟﺴﻼم ﺗﺒﺎرﻛﺖ ﯾﺎ ذا اﻟﺠﻼل واﻹﻛﺮام« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ب ــ اﻻﺳﺘﻌﺎذ ُة‬
‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺴﺘﻌﯿﺬ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮور ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬وإ ﱠﻧﮫُ وإنْ ﻛﺎن‬
‫اﻟﺘﻌﻮﱡذ ﺑﺎﷲ ﻣﻨﺪوﺑ ًﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﯿﻦ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻠﻮات آﻛ ُﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﺪب وأدﻋ ﻰ إﻟ ﻰ اﻻﺳ ﺘﺠﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ف اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧِﺮ و ُد ُﺑﺮَ‬
‫ي اﻟﺪﻋﺎء أﺳﻤﻊُ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺟﻮ َ‬
‫أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﯿﻞ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ أ ﱡ‬
‫اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺎت« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﻣ ﻦ ﺻ ﯿﻎ اﻟﺘﻌ ﻮﱡذ ﻋﻘ ﺐ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟ ﺼﯿﻐﺘﺎن‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﺎن‪:‬‬

‫‪] -1‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻔﻘﺮ وﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ[‪.‬‬

‫‪] -2‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﺒﺨﻞ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣ ﻦ اﻟﺠ ﺒﻦ‪ ،‬وأﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ أن أُر ﱠد إﻟ ﻰ أرذل‬
‫اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺪﻧﯿﺎ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ[‪.‬‬

‫ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑَﻜﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻣ ﺼﻌﺐ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻔﻘﺮ وﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺐ‬
‫ﺑﻦ ﺳﻌﺪ وﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ ﻣﯿﻤ ﻮن اﻷزدي ﻗ ﺎﻻ » ﻛ ﺎن ﺳ ﻌ ٌﺪ ﯾﻌﻠﱢ ﻢ ﺑﻨﯿ ﮫ ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت ﻛﻤ ﺎ ﯾﻌﻠ ﻢ اﻟﻤﻜﺘ ُ‬
‫ن ﯾﻘ ﻮل‪ :‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﺘﻌ ﻮﱠذ ﺑﮭ ﻦ دُ ُﺑ َﺮ اﻟ ﺼﻼة‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﺒﺨ ﻞ‪،‬‬‫اﻟﻐﻠﻤ ﺎ َ‬
‫وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻦ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ أن أُر ﱠد إﻟﻰ أرذل اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣ ﻦ ﻓﺘﻨ ﺔ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ‪ ،‬وأﻋ ﻮذ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﻜﺘﺐُ اﻟﻐﻠﻤﺎن‪:‬‬ ‫ﺑﻚ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫أي ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻐﻠﻤﺎن‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫وﻗﺪ رُوﯾﺖ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎذة ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺮور ﻣﻤﺎ ﻟ ﻢ ﺗُﻘﱠﯿ ﺪ‬
‫ﺑﺄَدﺑ ﺎر اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬أذﻛ ﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ :‬اﻟﻜ ﺴﻞ وﺳ ﻮء اﻟﻘ ﻀﺎء و َدرْك اﻟ ﺸﻘﺎء‪ ،‬وﺷ ﻤﺎﺗﺔ اﻷﻋ ﺪاء وﺟَ ْﮭ ﺪ اﻟ ﺒﻼء‪،‬‬
‫ﻏﻠَﺒ ﺔ اﻟﺮﺟ ﺎل‪ ،‬وﺷ ﺮ اﻟﻐﻨ ﻰ‬‫ﺿ ﻠْﻊ اﻟ ﺪﱠﯾﻦ و َ‬
‫واﻟﻌﺠ ﺰ واﻟﮭ ﺮم واﻟﻤ ﺄﺛﻢ واﻟﻤﻐ ﺮم‪ ،‬وﺷ ﺮ ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ اﷲ‪ ،‬و َ‬
‫واﻟﻔﻘ ﺮ واﻟﻘﻠ ﺔ واﻟﺬﱢﱠﻟ ﺔ‪ ،‬وزوال اﻟﻨﻌﻤ ﺔ وﺗﺤﻮﯾ ﻞ اﻟﻌﺎﻓﯿ ﺔ‪ ،‬وﻓُﺠ ﺎءة اﻟﻨﱢﻘﻤ ﺔ وﺟﻤﯿ ﻊ ﺳ ﺨﻂ اﷲ‪ ،‬واﻟ ﺸﱢﻘﺎق‬
‫واﻟﻨﻔﺎق وﺳﻮء اﻷﺧﻼق‪ ،‬واﻟﺠﻮع واﻟﺨﯿﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻤﺎً ﻻ ﯾﻨﻔﻊ وﻗﻠﺒﺎً ﻻ ﯾﺨ ﺸﻊ وﻧﻔ ﺴﺎً ﻻ ﺗ ﺸﺒﻊ ودﻋ ﺎ ًء ﻻ‬
‫ﯾُﺴﻤﻊ‪ ،‬وﺷﺮ اﻟﺴﻤﻊ وﺷﺮ اﻟﺒ ﺼﺮ وﺷ ﺮ اﻟﻠ ﺴﺎن وﺷ ﺮ اﻟﻘﻠ ﺐ وﺷ ﺮ اﻟﻤﻨ ﻲﱢ‪ ،‬واﻟﮭ ﺪم واﻟﺘ ﺮدﱢي واﻟﻐ ﺮق‬
‫ﺠ ﺬام‬ ‫واﻟﺤﺮق‪ ،‬وﺗﺨﺒﱡﻂَ اﻟﺸﯿﻄﺎن واﻟﻤﻮت ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ ﻣﺪﺑﺮًا‪ ،‬واﻟﻤﻮت ﻟﺪﯾﻐﺎً‪ ،‬واﻟﺒﺮص واﻟﺠﻨﻮن واﻟ ُ‬
‫ت اﻷﺧ ﻼق واﻷھ ﻮاء واﻷﻋﻤ ﺎل‪ .‬وﻟ ﻢ أُورد اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾ ﺔ اﻟ ﺸﺮﯾﻔﺔ اﻟﺘ ﻲ‬ ‫وﺳﺊ اﻷﺳﻘﺎم‪ ،‬وﻣﻨﻜﺮا ِ‬
‫ذﻛﺮت ھﺬه اﻻﺳﺘﻌﺎذات ﻷﻧﻨﻲ اﻛﺘﻔﯿﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻻﺳﺘﻌﺎذات اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻘﯿﺪةً ﺑﺄدﺑ ﺎر اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬وأُذﻛﱢﺮ ﺑﺄﻧﻨﻲ ذﻛﺮت ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻮذات ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺪﻋﺎء واﻟﺘﻌﻮﱡذ ﻓﻲ آﺧِﺮ اﻟ ﺼﻼة[ ﻓ ﺼﻞ‬
‫]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[ وردت ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﻟﯿﺲ ﻓ ﻲ ُدﺑُﺮھ ﺎ‪ ،‬وﷲ اﻟﺤﻜﻤ ﺔ ﻓ ﻲ اﺧﺘ ﺼﺎص ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‬
‫وﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﺑﺄدﺑ ﺎر اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﺟ ﺎء ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ .‬واﻟﻌﺒ ﺎدة ﺗﻮﻗﯿﻔﯿ ﺔ ﯾ ﺆﺗَﻰ ﺑﮭ ﺎ ﻛﻤ ﺎ وردت‪ .‬وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫ﻗﻮﻟﻲ ھﺬا أﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﻌﻮﱡذ ﻣﻦ ﺳﻮى ﻣﺎ ورد اﻟﺘﻌﻮذ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ أدﺑﺎر اﻟﺼﻼة ﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻋﻨﯿ ﺖ أن اﻟﺘﻌ ﻮذ ﻣﻤ ﺎ ورد اﻟﺘﻌ ﻮذ ﻣﻨ ﮫ ﻓ ﻲ أَدﺑ ﺎر اﻟ ﺼﻼة ﯾُﻘ ﱠﺪم وﯾﻔ ﻀﱠﻞ ﻓ ﻲ أَدﺑ ﺎر اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ﺳﻮاه‪.‬‬

‫ج ــ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢُ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪُ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮُ واﻟﺘﮭﻠﯿ ُﻞ‬

‫إن ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ أن ﻛﻼم اﷲ ھﻮ ﺧﯿﺮ اﻟﻜﻼم‪ ،‬وأن اﻟﺘﻘﺮب إﻟﻰ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﺎﻷذﻛﺎر ﻣﻤﺎ ﻟﯿﺲ‬
‫ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻻ ﯾﻌﺪل اﻟﺘﻘﺮب إﻟﯿﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﻜﻼﻣ ﮫ‪ .‬وﯾ ﺄﺗﻲ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿ ﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﺳ ُﻤﺮَة ﺑﻦ ﺟﻨﺪب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬أﻓ ﻀﻞ‬ ‫ﻛﻼم اﷲ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ واﻟﻔﻀﻞ‪ ،‬ﻓﻌﻦ َ‬
‫اﻟﻜﻼم ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮآن أرﺑﻊ وھﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻻ ﯾﻀﺮﱡك ﺑﺄﯾﱢﮭﻦ ﺑ ﺪأت‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ‪ ،‬واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ‪ ،‬وﻻ إﻟ ﮫ‬
‫إﻻ اﷲ‪ ،‬واﷲ أﻛﺒﺮ« رواه اﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﺧﻠﺖ رواﯾﺔ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ »وھ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن«‪ .‬وھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﻌﻨﻲ أﻧﮭ ﺎ ﺛﺎﺑﺘ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮآن‪ .‬وﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻓ ﻀﻞ ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ‬
‫أﯾﻀﺎً ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻷنْ أﻗ ﻮل ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ‬
‫واﻟﺤﻤﺪ ﷲ وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ أﺣﺐﱡ إﻟﻲﱠ ﻣﻤﺎ ﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫ﺤ ﺴِﻦ ﻗ ﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[ أن ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ‬ ‫ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺻ ﻼة َﻣ ﻦ ﻻ ُﯾ ْ‬
‫ﺠ ِﺰئ ﻋﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻟﻤ ﻦ ﻻ‬ ‫ﺠ ِﺰئ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬ﺑﻞ ُﺗ ْ‬
‫وﻗﻮل ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ ُﺗ ْ‬
‫ﯾﺤﻔﻆ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬وھﺬه ﻓﻀﯿﻠﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻟﮭﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺨﻤﺲ‪.‬‬

‫وأﯾ ﻀ ًﺎ ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﺳ ﺘﻜﺜﺮوا ﻣ ﻦ اﻟﺒﺎﻗﯿ ﺎت‬

‫اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت‪ ،‬ﻗﯿﻞ‪ :‬وﻣﺎ ھ ﻲ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟﺘﺤﻤﯿ ﺪ واﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ وﻻ ﺣ ﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ‬
‫ﺑﺎﷲ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺿﻢ اﻟﺤﻮﻗﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ واﻟﺘﺴﺒﯿﺢ وأﺳﻘﻂ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬

‫ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »أﻓﻀﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأﻓﻀﻞ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ رواه ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬
‫»ﺧﯿﺮ اﻟﺪﻋﺎء دﻋﺎ ُء ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ‪ ،‬وﺧﯿﺮ ﻣﺎ ﻗﻠﺖُ واﻟﻨﺒﯿﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ‬
‫ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه ﻣﺎﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻃﻠﺤ ﺔ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻛﺮﯾﺰ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ]ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻗﺪﯾﺮ[‪.‬‬

‫‪415‬‬
 ‫وﻗﺪ ﺣﺜﱠﺖ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻗ ﻮل ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت ﻋﻘ ﺐ اﻟ ﺼﻠﻮات‪ ،‬وﺗﺒﺎﯾﻨ ﺖ ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻘ ﺪار ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﺎل ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ورد ﻗﻮﻟﮭ ﺎ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬وورد ﻗﻮﻟﮭ ﺎ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬وورد ﻗﻮﻟﮭ ﺎ ﺧﻤ ﺴًﺎ‬
‫وﻋﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬وورد أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ وأﻛﺜ ﺮ‪ ،‬واﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﺨﺘ ـﺎر ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻣﻤ ﺎ ﯾﺘ ﺴﻊ وﻗﺘ ﮫ ﻟ ﮫ وﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻘﻮى ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﺎ ورد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻋﺸﺮاً‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬

‫ﺧﻠﱠﺘﺎن ﻻ ﯾُﺤﺼﯿﮭﻤﺎ رﺟ ٌﻞ ﻣﺴﻠﻢ إﻻ دﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وھﻤ ﺎ ﯾ ﺴﯿﺮ وﻣ ﻦ ﯾﻌﻤ ﻞ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬ ‫‪َ »r‬‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ ﯾ ﺴﺒﱢﺢ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ ُد ُﺑ ﺮ ﻛ ﱢﻞ ﺻ ﻼة ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬وﯾﺤﻤ ﺪ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬وﯾﻜﺒﱢ ﺮ‬
‫ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺧﻤﺴﻮن وﻣﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن‪ ،‬وأﻟﻒ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺰان‪ ،‬وأﻧ ﺎ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وذﻛ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺨَﻠﱠ ﺔ‬ ‫ﻦ ﺑﯿﺪه ‪ «...‬رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬ ‫ﯾَﻌ ِﻘ ُﺪ ُھ ﱠ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ وھﻲ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻮم‪ .‬وﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ »ﻓﮭﻲ ﺧﻤﺴﻮن وﻣﺎﺋﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ن ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺜﻼث ﺗﻘﺎل ﻋﺸﺮ ﻣﺮات‬ ‫اﻟﻠﺴﺎن وأﻟﻒ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺰان«‪ :‬أ ﱠ‬
‫ﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن اﻟﻤﺠﻤ ﻮع ﺧﻤ ﺴﯿﻦ ﻛﻠﻤ ﺔ‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أﻧﮭ ﺎ ﺛ ﻼث ﻛﻠﻤ ﺎت‬
‫ﻓﯿﺼﺒﺢ ﻣﺠﻤﻮﻋﮭﺎ ﻛﻠﱢﮭﺎ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﻛﻠﻤﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﯾﻀﺎﻋﻔﮭﺎ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﻮاﺣ ﺪة ﺑﻌ ﺸﺮٍ‪،‬‬
‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﻗﺪ ﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ھﻮ وﻓﺎﻃﻤﺔ ﯾﻄﻠﺒ ﺎن ﺧﺎدﻣ ﺎً‬ ‫ﻓﺘﺼﺒﺢ أﻟﻔﺎً وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﱠﺒﻲ ﯾﺨﻔﻒ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ذﻟﻚ ﻓﺬﻛﺮ ﻗﺼﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻢ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻟﮭﻤ ﺎ »َأ َﻻ‬
‫ت ﻋﻠﻤﻨ ﯿﮭﻦﱠ ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬ ‫أُﺧﺒﺮﻛﻤ ﺎ ﺑﺨﯿ ﺮٍ ﻣﻤ ﺎ ﺳ ﺄﻟﺘﻤﺎﻧﻲ؟ ﻗ ﺎﻻ‪ :‬ﺑﻠ ﻰ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻛﻠﻤ ﺎ ٌ‬
‫ﺗُ ﺴﺒﱢﺤﺎن ﻓ ﻲ دُﺑُ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻋ ﺸﺮًا وﺗﺤﻤ ﺪان ﻋ ﺸﺮًا وﺗﻜ ﱢﺒ ﺮان ﻋ ﺸﺮًا ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وذﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ ‪ ،‬واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ أرﺑﻌﺎً وﺛﻼﺛ ﯿﻦ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻟﻨﻮم‪ ،‬وﻗﺪ اﻗﺘﺼﺮﻧﺎ ﻓﻲ إﯾﺮاد ھ ﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﺬي ﻗﺒﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﻤﻮﺿ ﻮع ﺑﺤﺜ ـﻨﺎ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟ ﺬﱢﻛﺮ‬
‫ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬ﻓﮭﺬان ﺣﺪﯾﺜﺎن ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻋﺸﺮًا ﻋﺸﺮًا‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺸﺮاً وھ ﻮ اﻟﺠﻤﻠ ﺔ اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن‬

‫ن رﺟﻠﯿﮫ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺘﻜﻠﻢ‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣَﻦ ﻗﺎل ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ وھﻮ ﺛﺎ ٍ‬
‫ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟ ﮫ اﻟﺤﻤ ﺪ ﯾﺤﯿ ﻲ وﯾﻤﯿ ﺖ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ‪ ،‬ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات‪ ،‬ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﮫ‬
‫ﻋﺸﺮ ﺣﺴﻨﺎت‪ ،‬وﻣُﺤﻲ ﻋﻨﮫ ﻋﺸﺮ ﺳﯿﺌﺎت‪ ،‬ورُﻓﻊ ﻟﮫ ﻋﺸﺮ درﺟﺎت‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻮ َﻣ ﮫ ذﻟ ﻚ ﻛﻠﱠ ﮫ ﻓ ﻲ ﺣ ﺮزٍ‬
‫ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺮوه‪ ،‬وﺣُﺮس ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻟ ﻢ ﯾﻨﺒ ﻎ ﻟ ﺬﻧﺐ أن ﯾﺪرﻛ ﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟﯿ ﻮم إﻻ اﻟ ﺸﺮك ﺑ ﺎﷲ«‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ أﺑ ﻲ أﯾ ﻮب اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إذا‬
‫ﺻﻠﻰ اﻟﺼﺒﺢ‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻗﺪﯾﺮ‪ ،‬ﻋ ﺸ َﺮ‬
‫ﻦ ﻋ ﺸ ُﺮ ﺳ ﯿﺌﺎت‪ ،‬ورُﻓ ﻊ‬ ‫ﻦ ﻋﺸ ُﺮ ﺣﺴﻨﺎت‪ ،‬وﻣُﺤﻲ ﻋﻨﮫ ﺑﮭ ﱠ‬ ‫ﻦ ﻛﻌﺪل أرﺑﻊ رﻗﺎب‪ ،‬وﻛﺘﺐ ﻟﮫ ﺑﮭ ﱠ‬ ‫ﻣﺮات ﻛ ﱠ‬
‫ﻦ ﻟ ﮫ ﺣﺮَﺳ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﺣﺘ ﻰ ﯾﻤ ﺴﻲ‪ ،‬وإذا ﻗﺎﻟﮭ ﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب ﻓﻤﺜ ﻞ‬ ‫ﻦ ﻋﺸ ُﺮ درﺟﺎت‪ ،‬وﻛ ﱠ‬‫ﻟﮫ ﺑﮭـ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن ﻓﺎﻃﻤ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﺟ ﺎءت‬ ‫ذﻟﻚ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺠ َﻠﺖْ ﯾ ﺪي ﻣ ﻦ اﻟﺮﱠﺣ ﻰ‪ ،‬أﻃﺤ ﻦ‬ ‫إﻟﻰ ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﺗﺸﺘﻜﻲ إﻟﯿﮫ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ واﷲ ﻟﻘﺪ َﻣ ِ‬
‫ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‬ ‫ﻚ اﷲ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﯾﺄﺗﻚ‪ ،‬وﺳ ﺄد ﱡﻟ ِ‬ ‫ﻣﺮة وأﻋﺠﻦ ﻣﺮة‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬إ ْ‬
‫ن ﯾﺮز ْﻗ ِ‬
‫‪ ...‬وإذا ﺻﻠﯿﺖِ ﺻﻼةَ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻘﻮﻟﻲ‪ :‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ ﻟ ﮫ اﻟﻤﻠ ﻚ وﻟ ﮫ اﻟﺤﻤ ﺪ ﯾﺤﯿ ﻲ‬
‫وﯾﻤﯿﺖ ﺑﯿﺪه اﻟﺨﯿﺮ وھﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ‪ ،‬ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﻖ رﻗﺒ ﺔ ﻣ ﻦ و َﻟ ﺪ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟ ﺬﻧﺐ ُﻛ ﺴﺐ ذﻟ ﻚ‬ ‫ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﻞ واﺣ ﺪة ﻣ ﻨﮭﻦ ﻛ ِﻌ ْﺘ ِ‬
‫ﻚ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ أن‬
‫ﺳ ِ‬
‫اﻟﯿ ﻮم أن ﯾﺪرﻛ ﮫ إﻻ أن ﯾﻜ ﻮن اﻟ ﺸﺮك ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ‪ ،‬وھ ﻮ ﺣﺮ ُ‬
‫ﺗﻘﻮﻟﯿﮫ ﻏﺪوةً إﻟﻰ أن ﺗﻘﻮﻟﯿﮫ ﻋﺸﯿﱠﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷ ﯿﻄﺎن وﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﺳ ﻮء« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬
‫ﻣﺨﺘﺼﺮاً‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣَﺠِﻠﺖ ﯾﺪي ﻣﻦ اﻟﺮﺣ ﻰ‪ :‬أي ﯾﺒ ﺴﺖ ﯾ ﺪي وﺻ ﺎرت ﺧ ﺸﻨﺔ ﻣ ﻦ ﻛﺜ ﺮة ﻃﺤ ﻦ اﻟﺤﺒ ﻮب‬
‫ﺺ ﻓﻲ ﻗ ﻮل اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات‪ .‬وﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻣﻼﺣﻈ ُﺔ أن اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺸﺮ‬ ‫ﺑﺎﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻧ ﱞ‬
‫ﻣ ﺮات إﻧﻤ ﺎ ورد ﺗﻘﯿﯿ ﺪه ﺑ ﺼﻼﺗﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ واﻟﻤﻐ ﺮب ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﯿُﻨ ﺪب ذﻛ ﺮُه ﻋ ﺸﺮًا ﻋﻘ ﺐ ھ ﺎﺗﯿﻦ‬

‫‪416‬‬
‫ي ﻣﻦ‬
‫اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ إن ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ وردت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﯿﻦ أ ﱟ‬
‫ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﺎ ورد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺟ ﺎء اﻟﻔﻘ ﺮاء‬
‫إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ذھﺐ أھﻞ اﻟ ﱡﺪﺛُﻮر ﻣ ﻦ اﻷﻣ ﻮال ﺑﺎﻟ ﺪﱠرﺟﺎت اﻟﻌ ﻼ واﻟﻨﻌ ﯿﻢ اﻟﻤﻘ ﯿﻢ‪ُ ،‬ﯾ ﺼﻠﱡﻮن ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺠ ﻮن ﺑﮭ ﺎ وﯾﻌﺘﻤ ﺮون‪ ،‬وﯾﺠﺎھ ﺪون‬ ‫ﻧ ﺼﻠﻲ وﯾ ﺼﻮﻣﻮن ﻛﻤ ﺎ ﻧ ﺼﻮم‪ ،‬وﻟﮭ ﻢ ﻓ ﻀْﻞٌ ﻣ ﻦ أﻣ ﻮالٍ ﯾﺤ ﱡ‬
‫وﯾﺘﺼﺪﱠﻗﻮن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻻ أُﺣﺪﺛﻜﻢ ﺑﻤﺎ إنْ أﺧﺬﺗﻢ ﺑﮫ أدرﻛ ﺘﻢ ﻣ ﻦ ﺳ ﺒﻘﻜﻢ وﻟ ﻢ ﯾ ﺪرﻛﻜﻢ أﺣ ﺪٌ ﺑﻌ ﺪﻛﻢ‪ ،‬وﻛﻨ ﺘﻢ‬
‫ﻇ ْﮭ ﺮَا ِﻧ ْﯿﮭِﻢ إﻻ ﻣ ﻦ ﻋﻤ ﻞ ﻣﺜﻠ ﮫ؟ ﺗ ﺴ ﱢﺒﺤُﻮن وﺗﺤﻤ ﺪون وﺗﻜ ﱢﺒ ﺮون ﺧﻠ ﻒ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫ﻦ أﻧﺘﻢ ﺑ ﯿﻦ َ‬
‫ﺧﯿ َﺮ َﻣ ْ‬
‫ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻓﻘﺎل ﺑﻌﻀﻨﺎ‪ :‬ﻧﺴﺒﺢ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺤﻤﺪ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻧﻜﺒﺮ أرﺑﻌﺎً‬
‫وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺮﺟﻌﺖ إﻟﯿﮫ ﻓﻘﺎل ﺗﻘﻮل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن ﻣﻨﮭﻦ ﻛﻠﮭﻦ ﺛﻼﺛ ﺎً‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ذر‪:‬‬ ‫وﺛﻼﺛﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ُ‬
‫ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ذھﺐ أﺻﺤﺎب اﻟﺪﱡﺛﻮر ﺑﺎﻷﺟﺮ ‪ُ ،‬ﯾ ﺼﻠﱡﻮن ﻛﻤ ﺎ ﻧ ﺼﻠﻲ‪ ،‬وﯾ ﺼﻮﻣﻮن ﻛﻤ ـﺎ ﻧ ﺼﻮم‪ ،‬وﻟﮭ ﻢ‬
‫ﻓُﻀﻮل أﻣﻮال ﯾﺘﺼﺪﱠﻗﻮن ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﯾﺎ أﺑﺎ ذر َأ َﻻ أُﻋﻠﻤﻚ ﻛﻠﻤﺎت ﺗﺪرك ﺑﮭﻦ ﻣَﻦ ﺳ ﺒﻘﻚ‬
‫وﻻ ﯾﻠﺤﻘﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻚ إﻻ ﻣﻦ أﺧﺬ ﺑﻤﺜﻞ ﻋﻤﻠﻚ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻠﻰ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺗﻜﺒﱢﺮ اﷲ ُدﺑُﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة‬
‫ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺤﻤﺪه ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺴ ﱢﺒﺤُﮫ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺨﺘﻤﮭ ﺎ ﺑ ـ ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻗ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ ﻗﺪﯾﺮ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫آﺧﺮه » ﻏُﻔﺮت ﻟﮫ ذﻧﻮﺑﮫ وﻟﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣﺜ ﻞ زﺑ ﺪ اﻟﺒﺤ ﺮ« ﻗﻮﻟ ﮫ أﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺪﱡﺛﻮر‪ :‬أي أﺻ ﺤﺎب اﻷﻣ ﻮال‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮة‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺳ ﺒﱠﺢ اﷲ ﻓ ﻲ ُد ُﺑ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﺣﻤﺪ اﷲ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻛﺒﱠﺮ اﷲ ﺛﻼﺛًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺘﻠﻚ ﺗﺴﻌﺔ وﺗﺴﻌﻮن‪ ،‬وﻗ ﺎل ﺗﻤ ﺎم‬
‫اﻟﻤﺎﺋ ﺔ‪ :‬ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ ﻟ ﮫ اﻟﻤﻠ ﻚ وﻟ ﮫ اﻟﺤﻤ ﺪ وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ‪ ،‬ﻏُﻔ ﺮت‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬‫ﺧﻄﺎﯾﺎه وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ زﺑﺪ اﻟﺒﺤﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺟ ﺎء اﻟﻔﻘ ﺮاء إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إن اﻷﻏﻨﯿ ﺎء‬
‫ﯾُﺼﻠﱡﻮن ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻠﻲ وﯾﺼﻮﻣﻮن ﻛﻤ ﺎ ﻧ ﺼﻮم‪ ،‬وﻟﮭ ﻢ أﻣ ﻮال ﯾﺘ ﺼﺪﻗﻮن وﯾﻨﻔﻘ ﻮن‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬إذا‬
‫ﺻﻠﯿﺘﻢ ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﺛﻼﺛﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬واﷲ أﻛﺒﺮ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻦ ﺑَﻌﺪﻛﻢ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬‫إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﻓﺈﻧﻜﻢ ﺗﺪرﻛﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻜﻢ وﺗﺴﺒﻘﻮن َﻣ ْ‬

‫وأُﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أن ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ وإن ھﻲ اﺗﻔﻘﺖ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ إﻻ أﻧﮭﺎ‬
‫ﺗﺒﺎﯾﻨﺖ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول اﻏﻔﻞ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ ﻛﻠﯿﺎً‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ذﻛﺮ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً دون‬
‫ﺗﺤﺪﯾﺪ‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ذﻛﺮ اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ذﻛ ﺮ اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬وأﻧ ﺎ أﻣﯿ ﻞ‬
‫إﻟﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬي رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻓﯿﮫ اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ ﻣﺮة واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ‬
‫ن رواھ ﺎ ﺛﻘ ﺔ‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ ھ ﻮ ﻻ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑ ﻞ‬ ‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬ﻷن اﻟﺰﯾ ﺎدة ﺗُﻘﺒ ﻞ إ ْ‬
‫ﯾﻌﻀﺪه وﯾﻔﺴﱢﺮه‪ .‬وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿُﺤﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼﺗﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ واﻟﻤﻐ ﺮب وﯾُﻘ ﺼﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ‪ ،‬واﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﻋﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻣﺎ ورد ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ‪ :‬ﻋﻦ زﯾﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أُﻣِﺮﻧ ﺎ أن‬
‫ﻲ رﺟ ٌﻞ ﻓ ﻲ‬‫ﻧﺴ ﱢﺒﺢَ ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺤﻤﺪ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﻧﻜﺒﱢﺮ أرﺑﻌﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺄُﺗ َ‬
‫ﻣﻨﺎﻣﮫ ﻓﻘﯿﻞ ﻟ ﮫ‪ :‬إﻧ ﮫ َأ َﻣ ﺮَﻛﻢ ﻣﺤﻤ ٌﺪ أن ﺗ ﺴﺒﱢﺤﻮا ﻓ ﻲ ُد ُﺑ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺤﻤ ﺪوا ﺛﻼﺛ ًﺎ‬
‫وﺛﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬وﺗﻜﺒﱢﺮوا أرﺑﻌﺎً وﺛﻼﺛﯿﻦ؟ ﻗﺎل ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬اﺟﻌﻠﻮھﺎ ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬واﺟﻌﻠﻮا ﻓﯿ ﮫ اﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬ ‫ﻓﻠﻤﺎ أﺻﺒﺢ أﺗﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄﺧﺒﺮه‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻓﺎﻓﻌﻠﻮه« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺑ ﻦ ُ‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ..‬ﺳ ﺒﱢﺤﻮا‬
‫ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬واﺣﻤﺪوا ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬وﻛﺒﱢﺮوا ﺧﻤ ﺴﺎً وﻋ ﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬وھﻠﱢﻠُ ﻮا ﺧﻤ ﺴًﺎ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺎﺋﺔ ‪.«...‬‬

‫‪417‬‬
‫وھﻨ ﺎك أﺣﺎدﯾ ﺚ أﺧ ﺮى ذﻛ ﺮت اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ أرﺑﻌ ﺎً وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬وأﺑﻘ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿ ﺪ ﺛﻼﺛ ﺎً‬
‫ﺠ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬ ‫ﻋْ‬
‫وﺛﻼﺛ ﯿﻦ ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺛﻼﺛ ﯿﻦ‪ ،‬ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ رواه ﻛﻌ ﺐ ﺑ ﻦ ُ‬
‫» ُﻣ َﻌﻘﱢﺒ ﺎت ﻻ ﯾﺨﯿ ﺐ ﻗ ﺎﺋﻠُﮭﻦ أو ﻓ ﺎﻋﻠُﮭﻦ ُد ُﺑ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ :‬ﺛ ﻼث وﺛﻼﺛ ﻮن ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺔ ‪ ،‬وﺛ ﻼث‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ رواه أﺑ ﻮ‬‫وﺛﻼﺛﻮن ﺗﺤﻤﯿﺪة‪ ،‬وأرﺑﻊ وﺛﻼﺛﻮن ﺗ ـﻜﺒﯿﺮة« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺪرداء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ‬
‫اﻟﻌﺪد‪ .‬وﯾﻼﺣﻆ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ أن اﻟ ﺮﻗﻢ وﺻ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﺑﺰﯾ ﺎدة ﺗﻜﺒﯿ ﺮة واﺣ ﺪة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮات اﻟ ﺜﻼث‬
‫واﻟﺜﻼﺛﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺮﻗﻢ وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﺰﯾ ﺎدة ﺗﮭﻠﯿﻠ ﺔ واﺣ ﺪة ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﻤ ﺎر ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ‬
‫)‪» (2‬ﻓﺘﻠ ﻚ ﺗ ﺴﻌ ٌﺔ وﺗ ﺴﻌﻮن‪ ،‬وﻗ ﺎل ﺗﻤ ﺎم اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ ‪ «...‬ﻛﻤ ﺎ أﻧ ﮫ وﺻ ﻞ إﻟ ﻰ اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ اﻟﻤ ﺎر ﻓ ﻲ ﺑﻨ ﺪ )‪» (3‬ﺳ ﺒﱢﺤﻮا ﺧﻤ ﺴﺎً وﻋ ﺸﺮﯾﻦ و‪ ...‬و‪ ...‬و‪ ...‬ﻓﺘﻠ ﻚ ﻣﺎﺋ ﺔ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫ﻦ ﻣﻠ ﻚ اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﻜ ﺎﻓﻲ واﻟﺮﻏﺒ ﺔ ﻓ ﻲ ﻣﺰﯾ ﺪ اﻟﺜ ﻮاب ﻓﻠْﯿﻮﺻ ﻞ ھ ﺬه‬ ‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻧَﻮﱠھ ﺖ ﺑﺎﻟﻌ ﺪد ﻣﺎﺋ ﺔ‪ ،‬ﻓَ َﻤ ْ‬
‫اﻟﺠﻤﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺨﺘﺮ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺮاھﺎ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﯿﻎ اﻟﺜﻼث‪ ،‬وإذا أﺗ ﻢﱠ اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﺟﻤﻠ ﺔ ﺑﺘﮭﻠﯿﻠ ﺔ‬
‫ﻲ ﻟِﻤﺎ ﻣﻨﻌﺖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔﻊ ذا اﻟﺠَ ﺪﱢ ﻣﻨ ﻚ‬ ‫واﺣﺪة ﻓﻠﯿﻘﻞ ﺑﻌﺪھﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة ]اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻤﺎ أﻋﻄﯿﺖ‪ ،‬وﻻ ﻣُﻌﻄ َ‬
‫اﻟﺠَﺪﱡ[ وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ روى اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ دُُﺑ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ :‬ﻻ إﻟ ﮫ‬
‫إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻻ ﻣ ﺎﻧﻊ ﻟﻤ ﺎ أﻋﻄﯿ ﺖ‪،‬‬
‫ﺠ ﱡﺪ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬ ‫ﺠ ﱢﺪ ﻣﻨ ﻚ اﻟ َ‬
‫وﻻ ﻣﻌﻄﻲ ﻟﻤﺎ ﻣﻨﻌ ﺖ‪ ،‬وﻻ ﯾﻨﻔ ﻊ ذا اﻟ َ‬
‫داود‪.‬‬

‫وھﻨ ﺎك ﺻ ﯿﻐﺔ راﺑﻌ ﺔ ﻟﻠﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿ ﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟﺘﮭﻠﯿ ﻞ وﻟﻠﺤﻮﻗﻠ ﺔ ﻛ ﺬﻟﻚ ﺗ ﻀﺎف ﻟﻠ ﺼﯿﻎ‬
‫اﻟﺜﻼث اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬أﻧﺪب اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﮭ ﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ‪ ،‬وھ ﻲ ھﻜ ﺬا ]ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ‬
‫ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ اﻷرض‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪدَ ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋﺪ َد ﻣ ﺎ ھ ﻮ ﺧ ﺎﻟﻖ‪ .‬واﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬واﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ‬
‫اﻷرض‪ ،‬واﷲ أﻛﺒﺮ ﻋﺪدَ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬واﷲ أﻛﺒﺮ ﻋﺪدَ ﻣﺎ ھﻮ ﺧﺎﻟﻖ‪ .‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻋﺪدَ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻓﻲ اﻷرض واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ﺧﻠ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ‬
‫ھﻮ ﺧﺎﻟﻖ‪ .‬وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻻ إﻟ ﮫ‬
‫إﻻ اﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻋﺪ َد ﻣﺎ ھ ﻮ ﺧ ﺎﻟﻖ‪ .‬وﻻ ﺣ ﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ ﺑ ﺎﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ‬
‫ﺧﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ ﺑ ﺎﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻻ ﺣ ﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ ﺑ ﺎﷲ‬
‫ﻋﺪدَ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ ﻋﺪدَ ﻣﺎ ھﻮ ﺧﺎﻟﻖ[ ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺑﻨ ﺖ ﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫وﻗﺎص ﻋﻦ أﺑﯿﮭﺎ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »أﻧ ﮫ دﺧ ﻞ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ اﻣ ﺮأة وﺑ ﯿﻦ ﯾ ﺪﯾﮭﺎ ﻧ ﻮى أو‬
‫ﻚ ﻣ ﻦ ھ ﺬا أو أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ‬ ‫ك ﺑﻤﺎ ھﻮ أﯾ ﺴﺮ ﻋﻠﯿ ِ‬ ‫ﺣﺼﻰ ﺗﺴﺒﱢﺢ ﺑﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬أُﺧﺒﺮ ِ‬
‫ﺧﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪدَ ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﻓ ﻲ اﻷرض‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ﺧﻠ ﻖ ﺑ ﯿﻦ ذﻟ ﻚ‪،‬‬
‫وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ ھ ﻮ ﺧ ﺎﻟﻖ‪ ،‬واﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ ﻣﺜ ﻞ‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬وﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﯿﻒ ﯾﺤﺼﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺴﺒﯿﺤﺎﺗﮫ وأذﻛﺎره ﻓﯿﺄﺗﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪار اﻟﺬي ﯾﺮﯾﺪ؟ ﻓ ﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ‬
‫أﻧﮫ ﯾﺠﻮز اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺒﺤﺔ وﺑﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﺟﻨ ﺴﮭﺎ ﻛ ﺎﻟﻨﻮى واﻟﺤ ﺼﻰ واﻟﺨ ﺮز‪ ،‬ﻟﻜ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ واﻷَذﻛ ﺎر اﻟﻌ ﱡﺪ ﺑﺎﻷﺻ ﺎﺑﻊ واﻷﻧﺎﻣ ﻞ ﻷﻧﮭ ﻦ ﻣ ﺴﺆوﻻت ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وﯾ ﺸﮭﺪن ﻟ ﺼﺎﺣﺒﮭﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﺬﱢﻛﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﯾﺴﯿﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻣﺮھﻦ أن ﯾﺮاﻋﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺘﻘﺪﯾﺲ واﻟﺘﮭﻠﯿﻞ‪،‬‬
‫ﻄﻘَﺎت« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬‫وأن ﯾﻌﻘﺪن ﺑﺎﻷﻧﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﻦ ﻣ ﺴﺆوﻻت ﻣ ﺴﺘﻨ َ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ ﺑُﺴﺮة ‪ -‬وﻟﯿﺲ ﯾﺴﯿﺮة ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳ ﻨﻦ أﺑ ﻲ داود ‪ -‬ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل ﻟﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻋﻠ ﯿﻜﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﮭﻠﯿﻞ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬واﻋﻘﺪن ﺑﺎﻷﻧﺎﻣ ﻞ ﻓ ﺈﻧﮭﻦ ﯾ ﺄﺗﯿﻦ ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ ﻣ ﺴﺆوﻻت ﻣ ﺴﺘﻨﻄﻘﺎت‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﻐﻔﻠْﻦ ﻓﺘﻨﺴَﯿﻦ اﻟﺮﺣﻤ ﺔ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫‪418‬‬
‫ﯾﻌﻘﺪه ﺑﯿﺪه‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻟﻜﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﯿﻤﯿﻨ ﮫ« ﺑ ﺪل ]ﺑﯿ ﺪه[‬
‫ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﺪون ]ﺑﯿﺪه[ وﺑﺪون ]ﺑﯿﻤﯿﻨﮫ[ ھﻜﺬا »ﯾﻌﻘﺪ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ«‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ أراد ﻧ ﻮال اﻟﺜ ﻮاب اﻟﻌﻈ ﯿﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﻘ ﺼﯿﺮ واﻟﺠﮭ ﺪ اﻟﻘﻠﯿ ﻞ وﻻ ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺎﺑﺢ‬
‫ﺟﻮَﯾﺮﯾ ﺔ‬
‫وﻧﻮى وﺣﺼﻰ ﻓﻠﯿﻘﺮأ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻟﯿﻌﻤ ﻞ ﺑﻤ ﺎ ﻓﯿ ﮫ‪ :‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ ُ‬
‫رﺿــ ـﻲ اﷲ ﻋﻨﮭـ ـﺎ »أن اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪ r‬ﺧـ ـﺮج ﻣ ﻦ ﻋﻨ ﺪھﺎ ﺑُﻜــ ـﺮ ًة ﺣـــ ـﯿﻦ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﺒـــﺢ وھ ﻲ ﻓ ﻲ‬
‫ﻚ ا؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪:‬‬‫ﻣﺴﺠﺪھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ رﺟﻊ ﺑﻌﺪ أن أﺿﺤﻰ وھﻲ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ زﻟ ﺖِ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤ ﺎل اﻟﺘ ﻲ ﻓﺎرﻗﺘُ ِ‬
‫ﺖ ﻣﻨ ﺬ اﻟﯿ ﻮم‬‫ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﻟﻘ ﺪ ﻗﻠ ﺖُ ﺑﻌ ﺪك أرﺑ ﻊَ ﻛﻠﻤ ﺎت ﺛ ﻼث ﻣـ ـﺮات‪ ،‬ﻟ ﻮ وُزﻧ ﺖ ﺑﻤـ ـﺎ ﻗُﻠ ِ‬
‫ﺷ ﮫ وﻣ ﺪا َد ﻛﻠﻤﺎ ِﺗ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻟﻮزﻧﺘﮭﻦ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ وﺑﺤﻤﺪه ﻋ ﺪ َد ﺧﻠ ِﻘ ﮫ ورِﺿ ﺎ ﻧﻔ ﺴِﮫ و ِز َﻧ َﺔ ﻋﺮ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ »أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺳﺒﺤــ ـﺎن اﷲ ﻋ ﺪدَ ﺧﻠﻘ ﮫ‪،‬‬ ‫واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺳﺒﺤﺎن اﷲ رﺿﺎ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤــﺎن اﷲ زﻧ َﺔ ﻋﺮﺷﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻣﺪا َد ﻛﻠﻤﺎﺗﮫ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ﺔ اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي » ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﺧﻠﻘ ﮫ‪ ،‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﺧﻠﻘ ﮫ‪ ،‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﺧﻠﻘ ﮫ‪ .‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ‬
‫رﺿﺎ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ رﺿﺎ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ رﺿﺎ ﻧﻔﺴﮫ‪ .‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ زِﻧ َﺔ ﻋﺮﺷ ﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤــ ـﺎن‬
‫اﷲ زِﻧ َﺔ ﻋﺮﺷــــﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤـــﺎن اﻟﻠــﮫ زِﻧ َﺔ ﻋﺮﺷﮫ‪ .‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﻟﻠـ ـﮫ ﻣ ﺪادَ ﻛﻠﻤـ ـﺎﺗﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤــ ـﺎن اﷲ ﻣ ﺪادَ‬
‫ﻛﻠﻤﺎﺗﮫ‪ ،‬ﺳﺒﺤــﺎن اﷲ ﻣــﺪا َد ﻛﻠﻤﺎﺗﮫ« واﻟﺼﯿﻐﺔ اﻷوﻟﻰ أﺳﮭﻞ وأﻓ ﻀﻞ ﻷن ﻓﯿﮭ ﺎ ]وﺑﺤﻤ ﺪه[ ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ‬
‫أن اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺪ ﺧﻠﺘﺎ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ اﻷذﻛﺎر أﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫ﻓﮭﺆﻻء أرﺑﻊ ﻛﻠﻤﺎت ﻗﺼﺎر ﯾﻘﻮﻟﮭﻦ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﯿﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاب اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻄﻮال ﻣﻦ اﻷذﻛ ﺎر‬
‫ﺟﻮَﯾﺮﯾ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗ ـﺪ واﻇﺒ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺬﻛﺮ ﻣﻨ ﺬ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ إﻟ ﻰ وﻗ ﺖ‬ ‫ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ذﻟ ﻚ أن ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬه‬
‫اﻟﻀﺤﻰ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬أو إﻟﻰ أن ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻨﮭ ﺎر ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ اﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﻤﺪة ﺗﻘﺪﱠر ﺑﺴﺎﻋﺘﯿﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳ ﺎﻋﺎت ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﻋﺎﺗﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﻘ ﻮل ھ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺘﯿﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻓﺮﺻﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﻧﺼﻒ دﻗﯿﻘﺔ ﻓﯿﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاب اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﻏﯿﺮھ ﱠ‬
‫ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﺤﺼﺎد اﻟﺜﻮاب اﻟﻌﻈﯿﻢ‪.‬‬

‫ب أﻛﺜ ﺮ ذﻛﺮھ ﺎ ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ أﻣﺎﻣ ﺔ‬ ‫وھﻨ ﺎك ﻓﺮﺻ ﺔ أﻋﻈ ﻢ ﻟﺘﺤ ﺼﯿﻞ ﺛ ﻮا ٍ‬
‫اﻟﺒﺎھﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﱠﺮ ﺑﮫ وھﻮ ﯾﺤﺮﱢك ﺷﻔﺘﯿﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎذا ﺗﻘﻮل ﯾﺎ أﺑﺎ أُﻣﺎﻣ ﺔ؟‬
‫ﻗﺎل‪ :‬أذﻛﺮ رﺑﻲ‪ ،‬ﻗﺎل أﻓﻼ أُﺧﺒﺮك ﺑﺄﻛﺜﺮ ‪ -‬أو أﻓﻀﻞ ‪ -‬ﻣﻦ ذِﻛﺮك اﻟﻠﯿﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﮭﺎر واﻟﻨﮭ ﺎر ﻣ ﻊ اﻟﻠﯿ ﻞ؟‬
‫أن ﺗﻘﻮل‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋﺪدَ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ‪ ،‬وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻣﻞءَ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ‪ ،‬وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪدَ ﻣ ﺎ ﻓ ﻲ اﻷرض‬
‫واﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻣ ﻞ َء ﻣ ﺎ ﻓ ﻲ اﻷرض واﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ ﻋ ﺪ َد ﻣ ﺎ أﺣ ﺼﻰ ﻛﺘﺎ ُﺑ ﮫ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪.‬‬‫وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻋﺪ َد ﻛ ﱢﻞ ﺷﺊ‪ ،‬وﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﻣﻞ َء ﻛ ﱢﻞ ﺷﺊ‪ ،‬وﺗﻘﻮل اﻟﺤﻤﺪ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻓﮭ ﺆﻻء اﻟﻜﻠﻤ ﺎت اﻟﻘﻠ ﯿﻼت ﯾ ْﻔ ﻀُﻠْﻦ اﻟ ﺬﻛﺮَ اﻟﻠﯿ ﻞَ ﻣ ﻊ اﻟﻨﮭ ﺎر واﻟﻨﮭ ﺎرَ ﻣ ﻊ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬أي ﯾ ْﻔ ﻀُﻠْﻦ أرﺑﻌ ًﺎ‬
‫وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻷذﻛﺎر‪ ،‬ﻓﮭﻦ ﻻ ﺷﻚ أﻋﻈﻢ ﺛﻮاﺑ ًﺎ ﻣﻦ اﻟ ﺬﻛﺮ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟﻮﯾﺮﯾ ﺔ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫د ـــ ﺗﻼو ُة آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‬

‫ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟ ُﻘﺮُﺑﺎت ﻋﻨﺪ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻟﺴﺖ ھﻨﺎ ﺑﺼﺪد ﺑﺤﺚ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻷﻧ ﮫ‬
‫ﺧﺎرج ﻋﻦ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ ،‬وھﻮ ]ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻓﺤﺴﺐ ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة[‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع‬
‫ﻓﮭﻲ أن اﻟﻤﻨﺪوب ﻗﺮاء ُة اﻟﻘﺮآن ﻛﻠﱢﮫ ﻓﻲ ﺷﮭﺮٍ ‪ ،‬ﻓﮭﻲ أﻋ ﺪل اﻟﻘ ﺮآءات‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﺮﯾ ﺪ اﻟﻤﺰﯾ ﺪ‬
‫وﻋﻨﺪه ﻗﺪرة وﻧﺸﺎط وﻓﺮاغ ﻓﻼ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﺑﺤﺎل‪ ،‬أي ﻻ ﯾﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻛﻠﮫ ﻓﻲ أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫أﯾﺎم‪ .‬وﻧ ﺄﺗﻲ ﻟﻤﻮﺿ ﻮﻋﻨﺎ ﻓﻨﻘ ﻮل إن اﻟﻤﻨ ﺪوب ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ إذا ﺻ ﻠﻰ وﺟﻠ ﺲ ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن ﯾﺘﻠ ﻮ ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪419‬‬
 ‫‪ -1‬آﯾﺔ اﻟﻜﺮﺳﻲ وھﻲ اﻵﯾﺔ ‪ 255‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺳﻮرة اﻟﻔﻠﻖ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺳﻮرة اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫‪] -4‬ﺳﺒﺤﺎن رﺑﱢﻚ ربﱢ اﻟﻌﺰةِ ﻋﻤﺎ ﯾﺼﻔﻮن‪ .‬وﺳﻼ ٌم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ‪ .‬واﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ[[‬
‫اﻵﯾﺎت ‪ 182 ، 181 ، 180‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺼﺎﻓﺎت‪.‬‬

‫ھ ﺬا ﻣ ﺎ وردت ﺑ ﮫ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬وﻣ ﻦ أراد اﻟﺰﯾ ﺎدة ﻓﺎﻟﺒ ﺎب ﻣﻔﺘ ﻮح‪ ،‬وأﺧ ﺺﱡ ﺑﺎﻟ ﺬﻛﺮ ﺳ ﻮرة‬
‫اﻹﺧ ﻼص‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أدﺧﻠﮭ ﺎ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻌ ﻮﱢذات ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ﺑﺘﻼوﺗﮭ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟﻤﻌ ﻮﱢذﺗﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺿﻌﯿﻒ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﯾﺬﻛﺮھﺎ ﺑﺎﻻﺳﻢ‪ .‬وأﻣﺎ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﮫ أﻋﻼه ﻓﻘﺪ وردت ﺑﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﻗ ﺮأ آﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ ُد ُﺑ ﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻟ ﻢ ﯾﻤﻨﻌ ﮫ ﻣ ﻦ دﺧ ﻮل اﻟﺠﻨ ﺔ إﻻ أن ﯾﻤ ﻮت« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﺤ ﺴﻦ ﺑ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﻗ ﺮأ آﯾ ﺔ اﻟﻜﺮﺳ ﻲ ﻓ ﻲ دُ ُﺑ ﺮ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻣﺔ اﷲ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة اﻷﺧﺮى« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋُﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻣﺮﻧﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن أﻗﺮأ اﻟﻤﻌﻮﱢذات ُدﺑُﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة« رواه اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ »إﻗ ﺮأوا اﻟﻤﻌ ﻮﱢذات ﻓ ﻲ دُ ُﺑ ﺮ ﻛ ﱢﻞ ﺻ ﻼة« وﻓ ﻲ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬ ‫واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫رواﯾ ﺔ ﻟﻠﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي »اﻟﻤﻌ ﻮﱢذﺗﯿﻦ« ﺑﺎﻟﺘﺜﻨﯿ ﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟﻤﻌ ﻮﱢذات ‪ -‬ﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﺠﻤ ﻊ ‪ -‬اﺳ ﺘﺪل ﺑ ﮫ‬
‫ﺑﻌ ﻀﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻹﺗﯿ ﺎن ﺑ ﺴﻮرة اﻹﺧ ﻼص وﺳ ﻮرة اﻟﻔﻠ ﻖ وﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻷن ھ ﺆﻻء اﻟ ﺴﻮر ﺛ ﻼثٌ‪،‬‬
‫ووﻗﻒ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻈﺔ اﻟﻤﻌﻮﱢذﺗﯿﻦ ‪ -‬ﺑﺎﻟﺘﺜﻨﯿﺔ ‪ -‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ﺑ ﺘﻼوة ﺳ ﻮرة اﻟﻔﻠ ﻖ وﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺎس ﻓﺤ ﺴﺐ‬
‫وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وذﻟﻚ أن ﻣﻦ أﺳﻠﻮب اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ أن ُﯾ ﺆﺗﻰ ﺑ ﺼﯿﻐﺔ اﻟﺠﻤ ﻊ ﻟﻠﻤﻔ ﺮد وﻟﻠﻤﺜﻨ ﻰ أﺣﯿﺎﻧ ﺎً‪،‬‬
‫ﺻ َﮭﻮَاﺗِﮫ( واﻟﺤ ﺼﺎن‬ ‫ﻒ ﻋﻦ َ‬ ‫ﺨ ﱠ‬‫ﻼ ﻗ ﺎل اﻣ ﺮؤ اﻟﻘ ﯿﺲ ﻓ ﻲ ﻣﻌﻠﱠﻘﺘ ﮫ ﯾ ﺼﻒ اﻟﺤ ﺼﺎن )ُﯾ ﺰلﱡ اﻟﻐ ﻼمَ اﻟ ِ‬ ‫ﻓﻤﺜ ً‬
‫ب ‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ‬ ‫ﺤ ﺮَا ِ‬
‫ﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ِﻤ ْ‬ ‫ﻟﯿﺴﺖ ﻟﮫ إﻻ ﺻﮭﻮةٌ واﺣﺪة‪ ،‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﻓﻨَﺎ َد ْﺗﮫُ اﻟﻤَﻼ ِﺋ َﻜﺔُ َوھُـ َﻮ ﻗَﺎ ِﺋ ٌﻢ ﯾُ َ‬
‫ﺼﻠﱢ ْ‬
‫س إنﱠ‬ ‫ﻦ ﻗَ ﺎلَ َﻟﮭُ ﻢ اﻟﻨﱠ ﺎ ُ‬ ‫ﻞ ﺟﻼﻟ ﮫ ]اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫‪ 39‬ﻣﻦ ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان‪ .‬واﻟﻤﻨﺎدي ھﻮ ﺟﺒﺮﯾﻞ وﺣﺪه‪ .‬وﻗﺎل ﺟ ﱠ‬
‫ﺸ ْﻮھُ ْﻢ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 173‬ﻣﻦ ﺳﻮرة آل ﻋﻤ ﺮان‪ .‬واﻟﻘﺎﺋ ﻞ ھ ﻮ رﺟ ﻞ واﺣ ﺪ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺧَ‬ ‫ﺟ َﻤﻌُﻮْا َﻟﻜُ ْﻢ ﻓَﺎ ْ‬
‫س َﻗ ْﺪ َ‬‫اﻟﻨﱠﺎ َ‬
‫ﺧﺰاﻋﺔ‪ .‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﺧ ﺮج اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أﻃﻠ ﻖ ﻟﻔﻈ ﺔ اﻟﻤﻌ ﻮﱢذات ‪ -‬ﺑ ﺎﻟﺠﻤﻊ ‪ -‬ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻌ ﻮﱢذﺗﯿﻦ ‪ -‬اﻟﻔﻠ ﻖ واﻟﻨ ﺎس ‪ -‬ﻓﮭﻤ ﺎ اﻟﻤﻘ ﺼﻮدﺗﺎن ﻓﻘ ﻂ‪ .‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓ ﺈن ﺳ ﻮرة اﻹﺧ ﻼص ﻻ ﺗﻨ ﺪرج‬
‫ﺗﺤﺖ ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣﻄﻠﻮﺑ ﺔ ھﻨ ﺎ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫ﻋﻤﱠ ﺎ‬
‫ﻚ َربﱢ اﻟ ِﻌ ﺰﱠ ِة َ‬‫ن َرﺑﱢ َ‬‫»ﺳ ﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺮة ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﻨ ﺪ اﻧ ﺼﺮاﻓﮫ ]ﺳُ ﺒْﺤﺎ َ‬
‫ﻦ[« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬ ‫ﷲ َربﱢ اﻟﻌَﺎﻟ َﻤ ْﯿ َ‬ ‫ﺤ ْﻤﺪُ ِ‬ ‫ﻦ ‪ .‬وَاﻟ َ‬
‫ﺳ ِﻠ ْﯿ َ‬
‫ﻋﻠَﻰ اﻟﻤُ ْﺮ َ‬ ‫ن‪َ .‬وﺳَﻼ ٌم َ‬ ‫ﺼﻔُ ْﻮ َ‬
‫َﯾ ِ‬

‫ھـ ــ اﻟﺪﱡﻋــﺎءُ‬
‫إن ﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم ﻣﻌﻠ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟ ﻀﺮورة‪ ،‬وإﻟ ﻰ ﻣ ﻦ ﻓﺎﺗ ﮫ اﻟﻮﻗ ﻮف ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص ﻓﯿﮫ أﻋﺮض ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟــﻰ ] ُﻗ ْﻞ ﻣﺎ َﯾ ْﻌ َﺒُﺄ ﺑﻜــ ـﻢ رﺑـ ـﻲ ﻟ ﻮﻻ دﻋ ﺎؤُﻛﻢ ﻓﻘ ﺪ ﻛ ﱠﺬ ْﺑﺘُﻢ‬
‫ف ﯾﻜﻮنُ ﻟِﺰاﻣ ًﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 77‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن‪ .‬ودﻻﻟ ﺔ اﻵﯾ ﺔ واﺿ ﺤﺔ ﻓ ﻲ ﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬وﻋ ﻦ‬ ‫ﻓﺴﻮ َ‬
‫ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه‬ ‫ﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻐ ﻀ ْ‬ ‫أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ْﺪعُ ا َ‬
‫ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬ ‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ﺑﻠﻔﻆ »إﻧﮫ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﯾﺴﺄل اﷲ ﯾﻐﻀ ْ‬

‫‪420‬‬
‫«‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﻟﯿﺲ ﺷﺊ أﻛﺮم ﻋﻠﻰ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء« رواه‬
‫ﻼ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻛﻔﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻀ ً‬ ‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ِ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﻟ ﺪﻋﺎء ھ ﻮ اﻟﻌﺒ ﺎدة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺮأ‪ :‬وﻗ ﺎل رﺑﻜ ﻢ ادﻋﻮﻧ ـﻲ اﺳﺘﺠـ ـ ْ‬
‫ﺐ‬
‫ﻟﻜـــﻢ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ‬
‫ﯾﺰﯾـــﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤــ ـﺮ إﻻ اﻟ ِﺒ ﺮﱡ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺮ ﱡد اﻟﻘ ﻀــﺎء إﻻ اﻟـ ـﺪﻋﺎء‪ ،‬وإن اﻟﺮﺟ ﻞ َﻟ ُﯿﺤْـ ـ َﺮ ُم اﻟ ﺮزقَ ﺑﺨﻄﯿﺌ ﺔٍ‬
‫ﯾﻌﻤﻠﮭ ﺎ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤـ ـﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻟ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ إﻻ ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ اﻷﺧﯿ ﺮ »وﻻ ﯾ ﺮ ﱡد‬
‫ع اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻟﻨﺪﻋﻮه ﺑﺈﺧﻼص‪ ،‬وﻟﻨﻜﺜﺮ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻼ ﻋﻈﯿﻤﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻨﺪ ُ‬
‫اﻟﻘﻀﺎء إﻻ اﻟﺪﻋﺎء« ﻟﻜﻔﻰ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻀ ً‬
‫اﻟﺪﻋﺎء‪ ،‬وﻟﻨﺮجُ ﻣﻦ اﷲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﺑﻀﻌﺔ أﺣﺎدﯾﺚ ﻓﯿﮭﺎ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎل ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ ] -1‬اﻟﻠﮭﻢ أﻋﻨﱢﻲ ﻋﻠﻰ ذِﻛْﺮِك وﺷﻜﺮِك وﺣُﺴْﻦِ ﻋﺒﺎدﺗِﻚ[‪.‬‬

‫ﺖ وﻣ ﺎ أﻧ ﺖ‬
‫‪] -2‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻗﺪﱠﻣﺖُ وﻣ ﺎ أﺧﱠ ﺮتُ‪ ،‬وﻣ ﺎ أﺳ ﺮرتُ وﻣ ﺎ أﻋﻠﻨ ﺖُ‪ ،‬وﻣ ﺎ أﺳ ﺮﻓ ُ‬
‫أﻋﻠ ُﻢ ﺑﮫ ﻣﻨﻲ‪ ،‬أﻧﺖ اﻟﻤﻘﺪﱢم وأﻧﺖ اﻟﻤُﺆﺧﱢﺮ ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧﺖ[‪.‬‬

‫‪] -3‬ربﱢ ﻗﻨﻲ ﻋﺬاﺑﻚ ﯾﻮم ﺗﺒﻌﺚ ﻋﺒﺎدك[‪.‬‬

‫ووردت أدﻋﯿ ﺔ أﺧ ﺮى ﻓ ﻲ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻟﯿ ﺴﺖ أﺳﺎﻧﯿﺪُھــ ـﺎ ﻗﻮﯾ ﺔ‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا اﻛﺘﻔﯿ ﺖ ﺑﺎﻷدﻋﯿ ﺔ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ‬

‫اﻟﻤﺬﻛــﻮرة‪ ،‬وھﺬه ھﻲ أدﻟﺘﮭﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ‪ :‬ﻋ ﻦ ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﺧ ﺬ‬
‫ﺣﺒﱡﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﮫ ﻣﻌ ﺎذ‪ :‬ﺑ ﺄﺑﻲ أﻧ ﺖ وأُﻣ ﻲ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ وأﻧ ﺎ أُﺣﺒ ﻚ‪،‬‬
‫ﺑﯿﺪه ﯾﻮﻣ ًﺎ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﻣﻌ ﺎذ إﻧﻲ ُﻷ ِ‬
‫ﻦ‬
‫ﺴِ‬‫ﺣ ْ‬‫ﻋﻦﱠ ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة أن ﺗﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ أﻋﻨﱢﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮِك وﺷُﻜﺮِك و ُ‬ ‫ﻗﺎل‪ :‬أُوﺻﯿﻚ ﯾﺎ ﻣﻌﺎذ ﻻ ﺗﺪ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ -‬ﻓ ﻲ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬‫ﻋﺒﺎدﺗِﻚ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫ﺻﻔﺔ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬ﻗﺎل »ﻓﺈذا ﺳﻠﱠﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟ ﻲ ﻣ ﺎ ﻗ ﺪﱠﻣﺖُ وﻣ ﺎ أﺧﱠ ﺮتُ‬
‫ت وﻣﺎ أﻋﻠﻨﺖُ‪ ،‬وﻣﺎ أﺳﺮﻓﺖُ وﻣﺎ أﻧﺖ أﻋﻠ ُﻢ ﺑﮫ ﻣﻨﻲ‪ ،‬أﻧﺖ اﻟﻤﻘﺪﱢم وأﻧﺖ اﻟﻤﺆﺧﱢﺮ ﻻ إﻟﮫ إﻻ‬ ‫وﻣﺎ أﺳﺮر ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ إﻻ أﻧ ﮫ ذﻛ ﺮ ھ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬‫أﻧ ﺖ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫اﻟﺘﱠﺸﮭﱡﺪ واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ وﻟﯿﺲ ﺑﻌﺪه‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ إذا ﺻ ﻠﯿﻨﺎ ﺧﻠ َ‬
‫ب ِﻗ ِﻨ ﻲ ﻋ ﺬاﺑﻚ ﯾ ﻮم ﺗﺒﻌ ﺚ أو‬
‫أﺣﺒﺒﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﯾُﻘﺒﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﻮﺟﮭﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓ ﺴﻤﻌﺘُﮫ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ر ﱢ‬
‫ﺗﺠﻤﻊ ﻋﺒﺎدك« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺠﻠﻮس ﻓﺘﺮة ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة[ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ‪.‬‬

‫ﺟﺮْﻧ ﻲ ﻣ ﻦ‬
‫وﻗﺪ ورد اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾُﺪﻋﻰ ﺑﮫ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼﺗﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ واﻟﻤﻐ ﺮب ﺧﺎﺻ ﺔ ]اﻟﻠﮭ ﻢ َأ ِ‬
‫اﻟﻨﺎر[ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﻟﺤﺎرث ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﺘﻤﯿﻤ ﻲ أن أﺑ ﺎه ﺣﺪﱠﺛ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا‬
‫ﺟﺮْﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﺳﺒﻊ ﻣﺮات‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ إن ﻣﺖ ﻣﻦ ﯾﻮﻣ ﻚ‬ ‫ﺻﻠﯿﺖ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻘﻞ ﻗﺒﻞ أن ﺗُﻜﱢﻠﻢَ أﺣﺪاً‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ أ ِ‬
‫ذﻟﻚ ﻛﺘﺐ اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﱠﻞ ﻟﻚ ﺟِﻮارًا ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‪ ،‬وإذا ﺻﻠﯿﺖ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻘ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﻚ إن ﻣ ﺖ ﻣ ﻦ‬
‫ﺟ ﻮارًا ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎر« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ‬‫ﻟﯿﻠﺘﻚ ﻛﺘ ﺐ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻟ ﻚ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫ِ‬

‫ھﺬا ﻣﺎ وردت ﺑﮫ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻦ أدﻋﯿﺔ ﺗﻘﺎل ﻋﻘﺐ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ذﻟ ﻚ أن ﻻ ﯾ ﺪﻋﻮ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﺑﺄي دﻋﺎء آﺧﺮ ﯾﺨﺘﺎره ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺪﻋﺎء ﻣ ﺸﺮوع وﻣﻨ ﺪوب ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ وﻗ ﺖ وﺑﺄﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐﺔ‪،‬‬
‫ﻷوْﻟﻰ واﻷﻓﻀﻞ‬ ‫وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻮاردة ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻠﻮات ﻟﮭﺎ ﻣﯿﺰ ٌة ﺧﺎﺻﺔ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﻋﻠﻢ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎ َ‬
‫اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮭﺎ وﺗﻘﺪﯾﻤﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ھﻮ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﯿﻦ أن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤ ﺎ ﯾﺤﻘ ﻖ ﺣﺎﺟﺎﺗ ﮫ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﮫ‬
‫ودﻧﯿﺎه وآﺧﺮﺗﮫ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎت ﯾﺨﺘﺎرھﺎ ﺑﻨﻔﺴﮫ‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ أن ﯾﺨﺘ ﺎر ﻣ ﻦ أدﻋﯿ ﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻤ ﺎ وردت ﺑ ﮫ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻄﻠﻘﺔ ‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫وإﻧﻲ أُﻗﺪﱢم اﻟﻌﻮن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻀﻤﺎر ﻓﺄذﻛﺮ ﺟﻤﻠ ﺔً ﻣ ﻦ اﻷدﻋﯿ ﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌ ﺔ اﻟﻤ ﺄﺛﻮرة ‪ ،‬ﻻﺳ ﯿﻤﺎ وأن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻌﺠﺒﮫ اﻟﺠﻮاﻣﻊ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء ‪ ،‬وﯾﺪع ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي‬
‫رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ‪.‬‬

‫ﺐ اﻟﻘﻠﻮب ﺛﺒﱢﺖ ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ دﯾﻨﻚ[ ‪.‬‬

‫‪] -1‬ﯾﺎ ﻣﻘﱢﻠ َ‬

‫ﺣ ﺐﱠ اﻟﻤ ﺴﺎﻛﯿﻦ‪ ،‬وأن ﺗﻐﻔ ﺮ ﻟ ﻲ‬

‫‪] -2‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﻲ أﺳ ﺄﻟﻚ ﻓِﻌ َﻞ اﻟﺨﯿ ﺮات وﺗ ﺮكَ اﻟﻤﻨﻜ ﺮات و ُ‬
‫ﺐ‬
‫ﺐ ﻣ ﻦ ﯾﺤﺒ ﻚ وﺣ ﱠ‬
‫ت ﻓﺘﻨ ًﺔ ﻓ ﻲ ﻗ ﻮم ﻓﺘ ﻮﻓﱠﻨﻲ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻔﺘ ﻮن‪ ،‬وأﺳ ﺄﻟﻚ ﺣ ﱠﺒ ﻚ وﺣ ﱠ‬
‫وﺗﺮﺣﻤﻨ ﻲ‪ ،‬وإذا أرد َ‬
‫ﻋﻤ ٍﻞ ﯾﻘﺮﱢﺑﻨﻲ إﻟﻰ ﺣﺒﻚ[ ‪.‬‬

‫ف واﻟﻐﻨﻰ[‪.‬‬
‫‪] -3‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ اﻟﮭﺪى واﻟﺘﱡﻘﻰ واﻟﻌﻔﺎ َ‬

‫‪] -4‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ اﻟﻌﻔ َﻮ واﻟﻌﺎﻓﯿ َﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة[‪.‬‬

‫‪] -5‬اﻟﻠﮭﻢ رﺑﱠﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗِﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر[‪.‬‬

‫وﻟﻠ ﺪﻋﺎء ﺟﻤﻠ ﺔٌ ﻣ ﻦ اﻵداب ﻻ ﺑ ﺪ ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ أن ﯾﺤ ﯿﻂ ﺑﮭ ﺎ وأن ﯾﺮاﻋﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻟﻌ ﻞ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن‬
‫ﯾﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﮫ وﯾﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﮫ‪ ،‬وﻣﻦ ھﺬه اﻵداب ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﻦ ﻟ ﮫ ذاﻛ ٌﺮ ﻟ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ﻏﺎﺋ ﺐ ﻋ ﻦ ذھﻨ ﮫ وﻏﯿ ﺮ ﻻ ٍه ﻋﻨ ﮫ‪،‬‬

‫ﻄٌ‬‫‪ -1‬أن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫ وھﻮ ﻣﺘﻔ ﱢ‬
‫وإﻻ ﻓﺈن دﻋﺎءه ﻻ ﯾﺴﺘﺠﺎب ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺎل »إن اﻟﻘﻠﻮب أوﻋﯿﺔ وﺑﻌﻀﮭﺎ أوﻋﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺳﺄﻟﺘﻢ اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﱠﻞ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس ﻓﺎﺳ ﺄﻟﻮه‬
‫وأﻧﺘﻢ ﻣﻮﻗﻨﻮن ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﷲ ﻻ ﯾﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﻌﺒﺪٍ دﻋﺎه ﻋﻦ ﻇﮭﺮ ﻗﻠﺐ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻞ ﺗﺤﻘﯿ ﻖَ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬وﻟْﯿ ﺴﺘﻤ ﱠﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء وﻻ ﯾﯿ ﺄس‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺠَ‬‫‪ -2‬أن ﻻ َﯾ ْﻌ َ‬
‫ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ُﯾ ﺴﺘﺠﺎب ﻷَﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻌﺠ ﻞ‪ ،‬ﯾﻘ ﻮل دﻋ ﻮتُ ﻓﻠ ﻢ ُﯾ ﺴ َﺘﺠَ ْ‬
‫ﺐ ﻟ ﻲ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﺣ ﻢ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري‬ ‫‪ -3‬أن ﻻ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﺪﻋﺎء ﻣﺤ ﱠﺮمٍ وﻓﯿ ﮫ إﺛ ﻢ‪ ،‬أو ﺑ ﺪﻋﺎء ﻓﯿ ﮫ ﻗﻄﯿﻌ ﺔ ر ِ‬
‫ﺣ ٍﻢ إﻻ‬‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ ﯾ ﺪﻋﻮ ﺑ ﺪﻋﻮة ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿﮭ ﺎ إﺛ ﻢ وﻻ ﻗﻄﯿﻌ ﺔ ر ِ‬
‫ﺠ ﻞ ﻟ ﮫ دﻋﻮ َﺗ ﮫ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ﯾ ﺪﱠﺧﺮھﺎ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮة‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن‬‫أﻋﻄﺎه اﷲ ﺑﮭﺎ إﺣ ﺪى ﺛ ﻼث‪ :‬إﻣ ﺎ أن ﯾُﻌ ﱢ‬
‫ﯾﺼﺮف ﻋﻨﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﻮء ﻣﺜﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إذن ُﻧﻜْﺜﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬اﷲ أﻛﺜﺮ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺑ ﻮ‬
‫ﯾﻌﻠﻰ ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ﯾ ﺴﺘﻔﺘﺢ اﻟ ﺪﻋﺎء ﺑﺤﻤ ﺪ اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ واﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ رﺳ ﻮﻟﮫ ‪ ،r‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪﻋﻮ ﺑﻤ ﺎ ﺷ ﺎء‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻼ ﯾ ﺪﻋﻮ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻟ ﻢ ﯾﻤﺠﱢ ﺪ‬ ‫ﻓُﻀﺎﻟﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ ﺻﺎﺣﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل » ﺳﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟ ً‬
‫اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻋﺠﱠﻞ ھﺬا‪ ،‬ﺛﻢ دﻋ ﺎه ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ أو ﻟﻐﯿ ﺮه‪ :‬إذا‬
‫ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠْﯿﺒﺪأ ﺑﺘﺤﻤﯿﺪ رﺑﱢﮫ ﺟﻞﱠ وﻋﺰﱠ واﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻌ ُﺪ ﺑﻤ ﺎ‬
‫ﻲ‬
‫ﻲ اﻟﻌﻠ ﱢ‬ ‫ﺷ ﺎء« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وإذا اﺳ ﺘﻔﺘﺢ اﻟ ﺪﻋﺎء ﺑ ـ ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ َ‬
‫ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺴﺘﻔﺘﺢ دﻋ ﺎ ًء إﻻ‬ ‫اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻮھﺎب[ ﻓﺤﺴﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي أن ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ اﻷﻛﻮع ﻗﺎل »ﻣﺎ ﺳﻤﻌ ُ‬
‫ﻲ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻮھﺎب« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﱠﺤﮫ‪ ،‬وواﻓﻘﮫ اﻟﺬھﺒﻲ‪.‬‬ ‫ﻲ اﻟﻌﻠ ﱢ‬
‫اﺳﺘﻔﺘﺤﮫ ﺑـ ﺳﺒﺤﺎن رﺑ َ‬

‫‪422‬‬
 ‫ﻼ ﺑﺎﻃﻦ ﻛﻔﯿﮫ ﺗﺠﺎه وﺟﮭﮫ‪ ،‬وأن ﻻ ﯾﺠﺎوز ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ‪ ،‬وإذا ﻓ ﺮغ‬ ‫‪ -5‬أن ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ إذا دﻋﺎﺟﺎﻋ ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء ﻣﺴﺢ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ﺳﻠﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗ ﺎل »إن رﺑﻜ ﻢ ﺣﯿ ﻲﱞ‬
‫ﻛﺮﯾﻢٌ‪ ،‬ﯾ ﺴﺘﺤﯿﻲ ﻣ ﻦ ﻋﺒ ﺪه أن ﯾﺮﻓ ﻊ إﻟﯿ ﮫ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﯿﺮدﱠھﻤ ﺎ ﺻ ﻔﺮاً‪ ،‬أو ﻗ ﺎل ﺧ ﺎﺋﺒﺘﯿﻦ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤﯿ ﺮ ﻣ ﻮﻟﻰ أﺑ ﻲ اﻟﻠﺤ ﻢ »أﻧ ﮫ رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﯾﺴﺘﺴﻘﻲ ﻋﻨﺪ أﺣﺠﺎر اﻟﺰﯾﺖ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻦ اﻟﺰوراء‪ ،‬ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾﺪﻋﻮ ﯾﺴﺘﺴﻘﻲ‪ ،‬راﻓﻌ ًﺎ ﻛﻔﯿ ﮫ ﻻ ﯾﺠ ﺎوز ﺑﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬‫ﻼ ﺑﺒﺎﻃﻦ ﻛﻔﱢﮫ إﻟﻰ وﺟﮭﮫ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬ ‫رأﺳﮫ‪ ،‬ﻣﻘﺒ ً‬
‫اﻟﺨﻄﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻟ ﻢ ﯾﺤﻄﱠﮭﻤ ﺎ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﻤﺴﺢ ﺑﮭﻤﺎ وﺟﮭﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺜﻨﻰ ﻓ ﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ :‬ﻟ ﻢ ﯾﺮدﱠھﻤ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻤ ﺴﺢ ﺑﮭﻤ ﺎ وﺟﮭ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ ،‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺪﻋﺎء‪.‬‬

‫‪ -6‬أن ﯾﻜ ﺮر اﻟ ﺪﻋﺎء ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﻌﺠﺒ ﮫ أن‬

‫ﯾﺪﻋﻮ ﺛﻼﺛﺎً وﯾﺴﺘﻐﻔﺮ ﺛﻼﺛ ًﺎ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪ -7‬ﯾﻘﻮل ﻋﻘﺐ اﻟﺪﻋﺎء آﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ داود ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ زھﯿ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫ﺧ ﺘَﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺟ ﻞ‬
‫ن َ‬ ‫ﺑﺤﺚ ]اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[ وﻓﯿﮫ »ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬أَوﺟ َ‬
‫ﺐإ ْ‬
‫ي ﺷﺊ ﯾﺨﺘﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﺂﻣﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ إن ﺧﺘﻢ ﺑﺂﻣﯿﻦ ﻓﻘﺪ أوﺟﺐ ‪.«...‬‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ‪ :‬ﺑﺄ ﱢ‬

‫وأﻧﺎ ھﻨﺎ أدﻋﻮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أن ﯾﺘﻘﺒﱠﻞ ﻣﻨﻲ ﻣﺎ ﻛﺘﺒ ﺖ ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎﺑﻲ ھ ﺬا‪ ،‬وأن ﯾﺠﻌﻠ ﮫ ﻓ ﻲ ﻣﯿ ﺰان ﺣ ﺴﻨﺎﺗﻲ‪،‬‬
‫وأن ﯾﻠﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء اﻟﺮﺿﺎ واﻟﻘﺒﻮل‪ ،‬إﻧﮫ ﺳﻤﯿﻊ اﻟﺪﻋﺎء آﻣﯿﻦ ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺘﺎﺳـﻊ‬
‫ﺻﻠﻮات ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﺪا اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ‬
‫‪ .1‬ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‬
‫ﺣﻜﻤﮭــﺎ ووﻗﺘﮭـــﺎ‬

‫‪423‬‬
‫إﺧﺘﻠﻔ ﺖ آراء اﻟﻔﻘﮭ ﺎء وﺗ ﺸﻌﱠﺒﺖ ﺣ ﻮل ﺣﻜ ﻢ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ أوﺟﺒﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻋﯿ ﺎن‪،‬‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺆﻛﱠﺪة‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺮھﺎ ﻓﺮض ﻛﻔﺎﯾﺔ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻌ ﺪة أﻣ ﻮر‬ ‫وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺮھﺎ ُ‬
‫أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ھ ﻲ ﻣ ﻦ ﺷ ﻌﺎﺋﺮ اﻹﺳ ﻼم وأَﻋﻼﻣ ﮫ‪ ،‬وﯾَﺒﻌ ُﺪ أن ُﺗﺒْﻨ ﻰ ﺷ ﻌﺎﺋﺮ اﻹﺳ ﻼم‬
‫وأﻋﻼﻣﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺪوﺑﺎت ﯾﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﮭ ﺎ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻤﻜ ﻦ ﺗﺮﻛﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﺘﻘﯿﻢ اﻟﺤ ﺎل إﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒ ﺎر ھ ﺬه اﻟ ﺸﻌﯿﺮة‬
‫وھﺬا اﻟﺸﻌﺎر ﻣﻦ ﻓﺮوض اﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬وھﺬه اﻟﺸﻌﯿﺮة ‪ -‬ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪ -‬ﻗﺪ رﺗﱠﺐ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣﻨﺎﺳ ﻚ ﻻ‬
‫ﻚ ﻛﺜﯿ ﺮ ٌة ﻣﻨﮭ ﺎ ذﺑ ﺢ اﻷﺿ ﺎﺣﻲ ﯾ ﻮم اﻟﻌﯿ ﺪ‪ ،‬وھ ﺬا‬ ‫ﯾُﻘﺎم ﺑﮭ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﯾُﻘ ﺎم ﺑﮭ ﺬه اﻟ ﺸﻌﯿﺮة‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﺤ ﺞ ﻣﻨﺎﺳ ُ‬
‫اﻟﻤﻨﺴﻚ وھﻮ اﻟﺬﺑﺢ ﯾﺘﻮﻗﻒ اﻟﻘﯿﺎم ﺑ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑ ﺸﻌﯿﺮة ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮر أن ﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﯿﺪ ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬أي ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺎﺑﻠﯿﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﺮك‪ ،‬ﻓﺘﺘﻌﻄﱠﻞ ﺑﺘﺮﻛﮭ ﺎ ﻣﻨﺎﺳ ﻚ اﻟﺤ ﺞ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﻄﺒﻨ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﻮم اﻷﺿ ﺤﻰ ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺻ ﻼﺗﻨﺎ وﻧ ﺴﻚ‬
‫ُﻧ ﺴُﻜﻨﺎ ﻓﻘ ﺪ أﺻ ﺎب اﻟ ُﻨ ﺴُﻚ‪ ،‬وﻣ ﻦ َﻧ ﺴَﻚ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻓﺈﻧ ﮫ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ُﻧ ﺴُﻚ ﻟ ﮫ ‪ «...‬رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻧﻔﺴﮭﺎ »إن أول ﻣﺎ ﻧﺒﺪأ ﻓﻲ ﯾﻮﻣﻨﺎ ھــﺬا أن ﻧﺼﻠــﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺳ ﱠﻨﺘَﻨ ـﺎ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻧﺤ ﺮ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻓﺈﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻟﺤ ﻢ ﻗﺪﱠﻣ ﮫ‬ ‫ﻧﺮﺟﻊ ﻓﻨﻨﺤــﺮ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﻓﻌ ـﻞ ذﻟ ﻚ ﻓﻘ ـﺪ أﺻ ـﺎب ُ‬
‫ﺤ ْﺮ[ اﻵﯾﺔ ‪ 2‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻜﻮﺛﺮ‪.‬‬ ‫ﻚ وَا ْﻧ َ‬ ‫ﻷھﻠﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟ ﱡﻨﺴُﻚ ﻓﻲ ﺷﺊ ‪ .«...‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] َﻓ َ‬
‫ﺼﻞﱢ ِﻟ َﺮﺑﱢ َ‬

‫‪ -2‬إن اﻟ ﺸﺮع ﻓ ﺮض ﻓﺮوﺿ ًﺎ وﺟﻌ ﻞ أداءھ ﺎ واﺟﺒ ًﺎ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ اﻟﻔ ﺮوض أﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ‬
‫ض ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻔﺮوض‪ ،‬ﺛﻢ رأﯾﻨﺎه َﯾﻘْﺒﻞ ﺑ ﺄداء ﻓﻌ ٍﻞ آﺧ ﺮ ﺑﺪﻟ ﮫ دل ذﻟ ﻚ‬ ‫اﻟﻤﻨﺪوﺑﺎت‪ ،‬ﻓﺈنْ أﻣﺮ اﻟﺸﺮع ﺑﻔﺮ ٍ‬
‫ض ھﻮ اﻵﺧﺮ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ أﻏﻨ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟﻔ ﺮض اﻷول‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻨ ﺪوب دون‬ ‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻵﺧﺮ ھﺬا ﻓﺮ ٌ‬
‫ض‬
‫ﻞ اﻟﻔ ﺮض وﻻ ﯾ ﺴ ﱡﺪ ﻣ ﺴﺪﱠه‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺴﺪ ﻣ ﺴ ﱠﺪ اﻟﻔ ﺮض إﻻ ﻓ ﺮ ٌ‬ ‫ﻞ اﻟﻤﻨﺪوب ﻣﺤ ﱠ‬ ‫ﺤﱡ‬
‫اﻟﻔﺮض ﻣﻨﺰﻟﺔً‪ ،‬وﻻ َﯾ ِ‬
‫ﻣﺜﻠﮫ‪ ،‬وھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﯾﺴﮭﻞ ﻓﮭﻤﮭ ﺎ وﻗﺒﻮﻟﮭ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻓ ﺮض اﻟ ﺸﺮع ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ رأﯾﻨ ﺎه ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑ ﺄداء‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺑﺪل ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻔﮭﻤﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺮض‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤ ﺎ‬
‫ﺳﺪﱠت ﻣﺴ ﱠﺪ ﺻﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ رأﯾﻨ ﺎ اﻟ ﺸﺮع ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑ ﺄداء ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﻄﻞَ ﺻﻼ ُة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﺮض ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﻦ ﺻﻠﱠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻟﺘُﺒ ِ‬
‫ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﻓﻘﺪ ﺳﻘﻂ ﻋﻨﮫ ﻓﺮض اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬أﻻ ﯾُﻔﮭﻢ ﻣﻦ ھﺬا أن ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻟ ﻮﻻ أﻧﮭ ﺎ ﻣﻔﺮوﺿ ﺔ ﻟﻤ ﺎ‬
‫ض‬
‫ﺣﻠﱠﺖ ﻣﺤﻞ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻤﺎ أﺳ ﻘﻄﺖ ﻓ ﺮض ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ؟ وھ ﻞ ُﺗ ﺴﻘﻂ ﺻ ﻼ ٌة ﻣﻨﺪوﺑ ﺔٌ ﻓ ﺮ َ‬
‫ﺻﻼةٍ ﻣﻔﺮوﺿﺔٍ؟ ﻋﻦ وھﺐ ﺑﻦ ﻛﯿﺴﺎن ﻗﺎل »ﺷﮭﺪت اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﺑﻤﻜﺔ وھﻮ أﻣﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﻮاﻓ ﻖ ﯾ ﻮ ُم ﻓﻄ ﺮ‬
‫أو أﺿﺤﻰ ﯾﻮمَ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺧﱠﺮ اﻟﺨﺮوج ﺣﺘﻰ ارﺗﻔﻊ اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬ﻓﺨﺮج وﺻﻌﺪ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﺨﻄﺐ وأﻃﺎل‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫س ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ أﻣﯿ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ ﺷ ﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺒﻠ ﻎ ذﻟ ﻚ اﺑ ﻦ‬ ‫ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﻟﻢ ﯾﺼ ﱢﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻌﺎب ﻋﻠﯿﮫ ﻧ ﺎ ٌ‬
‫ﻋﺒﺎس ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺻﺎب اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ اﻟﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬وﺑﻠﻎ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬رأﯾﺖ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ إذا اﺟﺘﻤﻊ ﻋﯿﺪان ﺻﻨﻊ ﻣﺜﻞ ھﺬا« رواه اﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود دون ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﻼ ﺳ ﺄل زﯾ ﺪ‬ ‫آﺧﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ )وﺑﻠﻎ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ‪ .(...‬وﻋﻦ إﯾﺎس ﺑﻦ أﺑﻲ رﻣﻠﺔ اﻟﺸﺎﻣﻲ ﻗﺎل »ﺳ ﻤﻌﺖ رﺟ ً‬
‫ت ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﯿﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻨﻊ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫ﺑﻦ أرﻗﻢ‪ :‬ھﻞ ﺷﮭﺪ َ‬
‫ﺻﻠﻰ اﻟﻌﯿﺪ ﺛﻢ رﺧﱠﺺ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﻦ ﺷﺎء أن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻠﯿﺼ ﱢﻞ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‬
‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »اﺟﺘﻤﻊ ﻋﯿﺪان ﻓ ﻲ ﯾ ﻮﻣﻜﻢ ھ ﺬا‪،‬‬
‫ﺠﻤﱢﻌﻮن إن ﺷﺎء اﷲ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ أﯾ ﻀ ًﺎ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﺷﺎء أﺟﺰأه ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وإﻧﺎ ُﻣ َ‬
‫وأﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ .‬ودﻻﻟﺔ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص واﺿﺤﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬إن اﻟﺸﺮع ﻟﻢ ﯾُﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ ﻷداء اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎت‪ ،‬وﺣﺜﮭﻦ‬
‫ﻋﻠﻰ أداء ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺄداء اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻦ ﻟﻠ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ أداﺋﮭ ﻦ ﻟﮭ ﺬه اﻟ ﺼﻠﻮات ﻓ ﻲ‬
‫ﺚ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬وھﺬا ﺣﻜ ٌﻢ ﻋﺎم ﻟﻢ ﯾُﻜﺴﺮ إﻻ ﻣ ﻊ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ وﺟ ﺪﻧﺎ اﻟ ﺸﺮع ﯾ ﺄﻣﺮ وﯾﺤ ﱡ‬
‫ﺢ أﯾﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺮوج اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ ﻷداء ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬وﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺤ ﺚ أن اﻟ ﺸﺮع ﻟ ﻢ‬ ‫وﯾُﻠ ﱡ‬

‫‪424‬‬
‫ﺤ ﯿﱠﺾ ﻣ ﻨﮭﻦ‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﯾﺴﺘﺜﻦ أﯾﺔ اﻣﺮأة‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻣﺮ ﺑﺨ ﺮوج اﻟ ﺸﺎﺑﺎت واﻟ ﺼﻐﯿﺮات واﻟﻜﺒﯿ ﺮات وﺣﺘ ﻰ اﻟ ُ‬
‫ﻞ ھ ﺬا؟ ھ ﻞ‬‫ﻣ ﻦ ﻻ ﺗﻤﻠ ﻚ ﺟﻠﺒﺎﺑ ًﺎ ﺗﺨ ﺮج ﻓﯿ ﮫ أن ﺗ ﺴﺘﻌﯿﺮ ﺟﻠﺒﺎﺑ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻣ ﺮأة أﺧ ﺮى‪ ،‬ﻓﻌﻠ ﻰ ﻣ ﺎذا ﯾ ﺪل ﻛ ﱡ‬
‫ﯾُﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺴﺎء ﺗ ﺮكُ أداءِ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺎت وﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وأداؤُھ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأﯾﻨﺎه ﯾَﻄﻠﺐ ﺧﺮوج اﻟﻨﺴﺎء ﻷداء ﺻﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻧﻘ ﻮل إن ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻣﻨﺪوﺑ ﺔ‬
‫ﻣ ﺴﺘﺤﺒﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ؟ إن ھ ﺬا ﺑﻌﯿ ﺪ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻮاب‪ ،‬وﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮر أن ﯾ ﺄﻣﺮ اﻟ ﺸﺮع اﻟﻨ ﺴﺎء ﺑ ﺄن ﯾ ﺆدﱢﯾﻦ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼة‬ ‫ن ذﻟ ﻚ ﻛﻠ ﮫ ﻟﯿ ﺪ ﱡ‬ ‫اﻟﻔ ﺮوض ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻦﱠ ﺑ ﺎﻟﺨﺮوج ﻷداء اﻟﻤﻨ ﺪوب‪ .‬إ ﱠ‬
‫اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﺮض واﺟﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﻨﺎ ﻧُﺆﻣﺮ أن ﻧَﺨﺮج ﯾ ﻮم اﻟﻌﯿ ﺪ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﻦ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﯿُﻜ ﱢﺒ ﺮن ﺑﺘﻜﺒﯿ ﺮھﻢ وﯾ ﺪﻋﻮن‬ ‫ﺾ ﻓ ﯿﻜ ﱠ‬‫ﺤ ﱠﯿ َ‬
‫ﺧ ﺪرھﺎ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﻧُﺨ ﺮج اﻟ ُ‬ ‫ﻧُﺨ ـﺮِج اﻟﺒﻜ ﺮ ﻣ ﻦ ِ‬
‫ﻃﮭْﺮﺗﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﺒﺨﺎري ﻋ ﻦ‬ ‫ﺑﺪﻋﺎﺋﮭﻢ‪ ،‬ﯾﺮﺟﻮن ﺑﺮﻛﺔ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم و ُ‬
‫أم ﻋﻄﯿﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ُأﻣِﺮﻧﺎ أن ﻧُﺨﺮج اﻟﻌﻮاﺗﻖ وذوات اﻟﺨﺪور«‪ .‬وروى اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﺣﻔﺼﺔ رﺿﻲ اﷲ‬
‫ﺤ ﯿﱠﺾ اﻟﻤ ﺼﻠﻰ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى‬ ‫ﻋﻨﮭﺎ ﻧﺤﻮه‪ ،‬وزاد »ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﻮاﺗﻖ وذوات اﻟﺨﺪور وﯾﻌﺘ ﺰل اﻟ ُ‬
‫ﺤﯿﱠﺾ واﻟﻌﻮاﺗﻖ وذوات اﻟﺨﺪور ‪-‬‬ ‫ﻟﻠﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ ﻗﺎﻟﺖ »ُأﻣِﺮﻧﺎ أن ﻧﺨﺮج‪ ،‬ﻓﻨُﺨﺮج اﻟ ُ‬
‫ﺤ ﯿﱠﺾ ﻓﯿ ﺸﮭﺪن ﺟﻤﺎﻋ ﺔ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ودﻋ ﻮﺗﮭﻢ‬ ‫ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋ ﻮن أو اﻟﻌﻮاﺗ ﻖ ذوات اﻟﺨ ﺪور ‪ -‬ﻓﺄﻣ ﺎ اﻟ ُ‬
‫ﻦ ﻓﻲ‬‫وﯾﻌﺘﺰﻟﻦ ﻣﺼﻼھﻢ«‪ .‬وﻋﻦ أم ﻋﻄﯿﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »أَﻣَﺮﻧ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﻧُﺨ ﺮﺟﮭ ﱠ‬
‫ﺤﯿﱠﺾ ﻓﯿﻌﺘﺰﻟﻦ اﻟﺼﻼة وﯾﺸﮭﺪن اﻟﺨﯿﺮ‬ ‫ﺾ وذوات اﻟﺨﺪور‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟ ُ‬ ‫ﺤ ﱠﯿ َ‬
‫اﻟﻔﻄﺮ واﻷﺿﺤﻰ اﻟﻌﻮاﺗﻖَ واﻟ ُ‬
‫ودﻋ ﻮة اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﺣ ﺪاﻧﺎ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﻟﮭ ﺎ ﺟﻠﺒ ﺎب‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ِ :‬ﻟﺘُﻠْﺒ ﺴﮭﺎ أُﺧﺘُﮭ ﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﺟﻠﺒﺎﺑﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻌﻮاﺗﻖ‪ :‬أي اﻟﺸﱠﺎﺑﺎت اﻟﺼﻐﯿﺮات‬
‫ﺨ ﺪﱠرات اﻟﻤ ﺴﺘﻮرات اﻟﻼﺗ ﻲ ﻻ ﯾﻈﮭ ﺮن وﻻ‬ ‫اﻟﻠ ﻮاﺗﻲ ﺑﻠﻐ ﻦ اﻟﻤﺤ ﯿﺾ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ذوات اﻟﺨ ﺪور‪ :‬أي اﻟﻤُ َ‬
‫ﯾﻐﺎدرن ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ ﻋﺎدة إﻻ ﻟﺤﺎﺟﺔ وﺿﺮورة‪.‬‬

‫ض ﻛﻔﺎﯾﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻓﺮض ﻋﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻸنﱠ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾُﻨ ﺎدَى ﻟﮭ ﺎ ﺑ ﺄذان‬ ‫ن ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﺮ ُ‬ ‫أﻣﺎ أ ﱠ‬
‫وﻻ إﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺗﻤﺖ ھﺬه اﻟﺼﻼة وﻛﺜﯿ ٌﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﺸﻐﻮﻟﻮن ﻋﻨﮭﺎ ﻟﻢ ُﯾ َﺬﻛﱢﺮھﻢ ﺑﮭﺎ ﻣﺆذن وﻻ ﻣﻘﯿﻢ‪،‬‬
‫وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻟﺸُﺮع ﻟﮭﺎ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻟﺠﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻏﯿﺮ ﻣ ﺮة وﻻ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﺑﻐﯿ ﺮ أذان وﻻ إﻗﺎﻣ ﺔ«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ﻗ ﺎل أﺧﺒﺮﻧ ﻲ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫اﻷﻧﺼﺎري »أن ﻻ أذان ﻟﻠ ﺼﻼة ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﯾﺨ ﺮج اﻹﻣ ﺎم وﻻ ﺑﻌ ﺪ ﻣ ﺎ ﯾﺨ ﺮج‪ ،‬وﻻ إﻗﺎﻣ ﺔ وﻻ‬
‫ﻧﺪاء وﻻ ﺷﺊ‪ ،‬ﻻ ﻧ ﺪاء ﯾﻮﻣﺌ ٍﺬ وﻻ إﻗﺎﻣ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺟ ﺎء »ﻗ ﺎل‪ :‬ﺷ ﮭﺪت ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﻌﯿﺪ ﻓﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ اﻟﺨﻄﺒﺔ ﺑﻐﯿﺮ أذان وﻻ إﻗﺎﻣﺔ ‪ .«...‬وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﯿﺎن ﻟﻨُﻮدي‬
‫ﺑﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﻋﻨﮭﺎ أﺣﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﮭﻮ ﻛﻮﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ‪ ،‬ﯾﺒﺪأ ﺣﯿﻦ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺸﻤﺲ وﺗﺒﯿﺾﱡ‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﻤﺮ‬
‫ﺣﺘﻰ زوال اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬أي ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻮﺳﻂ اﻟﺸﻤﺲ ُﻗﺒﱠﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻈﮭﯿﺮة‪ .‬ﻓﻌﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﯿﺮ اﻟﺮﺣﺒ ﻲ‬
‫ﻗﺎل »ﺧﺮج ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺑُﺴﺮ ﺻﺎﺣﺐُ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﯾﻮم ﻋﯿ ﺪ ﻓﻄ ﺮ أو أﺿ ﺤﻰ‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﻜﺮ‬
‫إﺑﻄﺎء اﻹﻣﺎم ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﱠﺎ ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﻓﺮﻏﻨﺎ ﺳﺎﻋﺘﻨﺎ ھﺬه‪ ،‬وذﻟﻚ ﺣﯿﻦ اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪.‬‬
‫ﻗﻮﻟ ﮫ وذﻟ ﻚ ﺣ ﯿﻦ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ‪ :‬أي ﻋﻨ ﺪ اﻧﺘﮭ ﺎء وﻗ ﺖ ﻛﺮاھ ﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﺑ ﺪء ﺟ ﻮاز اﻟ ﺼﻼة ﻛﺎﻟ ﻀﺤﻰ‬
‫وﻣﻄﻠﻖ اﻟﻨﻮاﻓﻞ‪.‬‬

‫وﻧﻘ ﻮل ﺑﻌﺒ ﺎرة أﺧ ﺮى إن وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﯾﺒ ﺪأ ﻋﻨ ﺪ ارﺗﻔ ﺎع اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗﺤ ﻮﱡل ﻟﻮﻧﮭ ﺎ إﻟ ﻰ‬
‫ن ﻟ ﻢ ﺗُ ﺆدﱠ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺒﯿﺎض ﻓﻲ أول اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬وﯾﺴﺘﻤﺮ اﻟﺠﻮاز ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬ﻓ ﺈ ْ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺴﺒﺐ ﻃﺎرئ‪ُ ،‬أدﱢﯾﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻦ اﻟﻐﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ أداؤھﺎ ﺑﻌ ﺪ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻨﮭ ﺎر ﺑﺤ ﺎل‪،‬‬
‫ﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ﻋﻤﯿﺮ ﺑﻦ أﻧﺲ ﻋ ﻦ ﻋﻤﻮﻣ ٍﺔ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن رﻛﺒ ﺎً ﺟ ﺎءوا إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﯾﺸﮭﺪون أﻧﮭﻢ رأوا اﻟﮭﻼل ﺑ ﺎﻷﻣﺲ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﻔﻄ ﺮوا‪ ،‬وإذا أﺻ ﺒﺤﻮا أن ﯾﻐ ﺪوا إﻟ ﻰ ﻣ ﺼﻼھﻢ«‬

‫‪425‬‬
‫رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈ ﮫ »إن ﻗﻮﻣ ﺎً رأوا اﻟﮭ ﻼل‪ ،‬ﻓ ﺄﺗﻮا اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻢ أن‬
‫ﯾﻔﻄﺮوا ﺑﻌﺪﻣﺎ ارﺗﻔﻊ اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬وأن ﯾﺨﺮﺟﻮا إﻟﻰ اﻟﻌﯿ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺪ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »أُﻏﻤﻲ ﻋﻠﯿﻨﺎ ھﻼلُ ﺷﻮال ﻓﺄﺻﺒﺤﻨﺎ ﺻﯿﺎﻣﺎً‪ ،‬ﻓﺠﺎء رﻛﺐ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬ﻓ ﺸﮭﺪوا ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫‪ r‬أﻧﮭ ﻢ رأوا اﻟﮭ ﻼل ﺑ ﺎﻷﻣﺲ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻢ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻔﻄ ﺮوا ‪ ،‬وأن ﯾﺨﺮﺟ ﻮا إﻟ ﻰ ﻋﯿ ﺪھﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻐﺪ«‪ .‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﺟﺎﺋﺰة ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﮭﺎر ﻟ ﺼﻼھﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ُ‬
‫ﻏ ﱠﻢ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‬
‫اﻟﮭ ﻼل‪ ،‬وﻋﻠﻤ ﻮا ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم اﻟﺘ ﺎﻟﻲ ﺑ ﺪء اﻹﻓﻄ ﺎر ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ ﻗ ﺪوم اﻟﺮﻛ ﺐ »ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ارﺗﻔ ﻊ‬
‫ﺐ ﻣ ﻦ آﺧ ﺮ اﻟﻨﮭ ﺎر« ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺘﺒﻠﯿﻎ ﻛ ﺎن ﺑ ﯿﻦ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻨﮭ ﺎر وآﺧ ﺮه وﻟ ﻢ ﺗﻐ ﺮب‬ ‫اﻟﻨﮭ ﺎر«‪» ،‬ﺟ ﺎء رﻛ ٌ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻌﺪ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ أﺟﱠﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻼة ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄﺮ إﻟﻰ ﺻﺒﺎح اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‬

‫ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ رﻛﻌﺘﺎن ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﺗﻜﺒﯿ ﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﯿ ﺎت ﻣﻨﮭ ﺎ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﻘﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﻮرة ق واﻟﻘ ﺮآن اﻟﻤﺠﯿ ﺪ أو ﺳ ﻮرة ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وإن ﻗ ﺮأ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ‬
‫ﻓﺠﺎﺋﺰ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﺮ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜﱢﺒ ﺮ ﻓﯿﻌﺘ ﺪل‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜﺒ ﺮ ﻟﻠ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺠﻠ ﺲ ﺟﻠ ﺴﺔ ﻗ ﺼﯿﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻟﻠﺴﺠﻮد‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻟﻠﻘﯿﺎم‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺧﻤﺲ ﺗﻜﺒﯿﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺎت‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳ ﻮرة اﻗﺘﺮﺑ ﺖ‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺔ أو ﺳﻮرة اﻟﻐﺎﺷﯿﺔ‪ ،‬وإن ﻗ ﺮأ ﻏﯿﺮھﻤ ﺎ ﻓﺠ ﺎﺋﺰ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻔﻌ ﻞ ﻣ ﺎ ﻓﻌ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ‪ .‬وھﺎﺗ ﺎن‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن ﺗُﺆدﱠﯾﺎن ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﯾَﺠﮭﺮ ﻓﯿﮭﻤﺎ اﻹﻣﺎمُ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪.‬‬

‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺳﺒﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺎت‪ ،‬وﺧﻤﺲ ﺗﻜﺒﯿﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺎت‪ ،‬ﻟﻨﺒﯿﻦ ﺗﺘﺎﻟﻲ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮات ﻻ ﯾﻔ ﺼﻞ‬
‫ت ﯾﺘﺨﻠﻠﮫ ذﻛﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻮاﺣﺪة واﻷﺧﺮى ﻓﺎﺻﻞٌ‪ ،‬وﻻ ﺳﻜﻮ ٌ‬
‫ﺳﺒﻊ ﺗﻜﺒﯿ ﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﯿ ﺎت ﻣﻨﮭ ﺎ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام‪ ،‬ﻟﻨﺒ ﯿﻦ أن ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام داﺧﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮات‬
‫اﻟﺴﺒﻊ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻨﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪.‬‬

‫وھﺬه اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات ﺳُﻨﺔ ﻣﺴﺘﺤ ﱠﺒﺔٌ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﮭﺎ ﻻ إﺛﻢ ﻋﻠﯿﮫ وﻻ ﺗﺒﻄ ﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻼة اﻷﺿ ﺤﻰ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻔﻄ ﺮ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬ ‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ رﻛﻌﺘﺎن‪ ،‬ﺗﻤﺎم ﻏﯿﺮ ﻗ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻟ ﺴﺎن ﻧﺒ ﯿﻜﻢ ‪ ،r‬وﻗ ﺪ ﺧ ﺎب ﻣ ﻦ اﻓﺘ ﺮى« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓ ﻲ ﻋﯿ ﺪٍ ِﺛﻨْﺘ ﻲ‬
‫ﻋ ﺸﺮةَ ﺗﻜﺒﯿ ﺮةً‪ ،‬ﺳ ﺒﻌًﺎ ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ وﺧﻤ ﺴًﺎ ﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮة‪ ،‬وﻟ ﻢ ُﯾ ﺼ ﱢﻞ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻓﯿ ﮫ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮُ ﻓ ﻲ اﻟﻔﻄ ﺮ ‪ ،‬ﺳ ﺒﻊٌ ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ وﺧﻤ ﺲٌ ﻓ ﻲ‬
‫اﻵﺧﺮة ‪ ،‬واﻟﻘﺮاءة ﺑﻌﺪھﻤﺎ ﻛﻠﺘﯿﮭﻤﺎ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧ ﮫ ﺳ ﺄل أﺑ ﺎ واﻗ ﺪ اﻟﻠﯿﺜ ﻲ‬
‫»ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﺑﮫ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻷﺿﺤﻰ واﻟﻔﻄﺮ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺑـ ق واﻟﻘﺮآن اﻟﻤﺠﯿ ﺪ‪،‬‬
‫ﺳ ُﻤﺮَة اﺑ ﻦ‬‫واﻗﺘﺮﺑﺖ اﻟﺴﺎﻋﺔ واﻧﺸﻖ اﻟﻘﻤﺮ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وﻋ ﻦ َ‬
‫ﺟ ْﻨﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﺑـ ﺳﺒﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ وھﻞ أﺗ ﺎك‬ ‫ُ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻐﺎﺷﯿﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪ -‬وﻗﺎل ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪ ‪ -‬ﺑـ ﺳﺒﱢﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ وھﻞ أﺗ ﺎك ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻐﺎﺷ ﯿﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫واﻓﻖ ذﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻗﺮأ ﺑﮭﻤﺎ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫وﺑﻌﺪ أن ﯾﻨﺘﮭﻲ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﯾﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬وﯾُﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﺤﻤﻞ ﺑﯿﺪه ﻋﺼًﺎ أو ﻗﻮﺳﺎً‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺨﻄﺐ ﺧﻄﺒﺘﯿﻦ ﻛﺨﻄﺒﺘﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﯾﻌﻆ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﺣﺎﺛ ًﺎ إﯾ ﺎھﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺼﺪﱡق ﻓ ﻲ ﻋﯿ ﺪ اﻟﻔﻄ ﺮ‪،‬‬
‫وﻣﺒﯿﻨﺎً ﻟﮭﻢ ﺣﻜﻢ اﻷﺿﺤﯿﺔ وﺣﺎﺛﺎً ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻷﺿﺤﻰ‪ ،‬وﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات ﻓﻲ أﺛﻨ ﺎء‬
‫اﻟﺨﻄﺒﺔ‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫س ﻟﮭﺎ واﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾُﻨﺪب ذﻟ ﻚ‬ ‫ﺳﻨﱠﺔ‪ ،‬ﻟﮭﺬا ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ اﻟﺠﻠﻮ ُ‬ ‫وﺧﻄﺒﺔ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ُ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻷﺿﺤﻰ واﻟﻔﻄ ﺮ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺨﻄﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »إن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﺧﺮج ﯾﻮم اﻟﻔﻄﺮ‪ ،‬ﻓﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ اﻟﺨﻄﺒﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺷﮭﺪت اﻟﻌﯿ ﺪ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﺜﻤ ﺎن‪ ،‬ﻓﻜﻠﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺼﻠﻮن ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴـﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد ﻗ ﺎل »إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء رﺿ ﻲ‬ ‫ﯾﺨﻄﺐ اﻟﺨﻄﺒﺘﯿﻦ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺑﺠﻠﻮس« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧُﻮوِل ﯾﻮم اﻟﻌﯿﺪ ﻗﻮﺳﺎً ﻓﺨﻄﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﻗﺎل »ﻣﻦ اﻟﺴُﻨﺔ أن ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ اﻹﻣ ﺎم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ﺗ ﺴﻌ ًﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ وﺳ ﺒﻌ ًﺎ‬
‫ﺑﻌﺪھﺎ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪.‬‬

‫وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ﺟﻠﻮﺳ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ ﯾ ﻮم أﺿ ﺤﻰ‪ ،‬ﻓﺄﺗﺎﻧ ﺎ‬

‫ﻚ ﯾ ﻮﻣﻜﻢ ھ ﺬا‪ ،‬اﻟ ﺼﻼةُ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺘﻘ ﺪم ﻓ ﺼﻠﻰ‬ ‫ﺴِ‬‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬إن أول ُﻧ ُ‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ ﺳﻠﻢ‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﺎس ﺑﻮﺟﮭﮫ‪ ،‬وأُﻋﻄﻲ ﻗﻮﺳ ًﺎ أو ﻋ ﺼﺎ ﻓﺎﺗﱠﻜ ﺄ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﺤﻤ ﺪ اﷲ وأﺛﻨ ﻰ‬
‫ﺟ ْﺰ َر ٌة أﻃﻌﻤ ﮫ أھﻠ ﮫ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ اﻟ ﺬﺑﺢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وأﻣﺮھﻢ وﻧﮭﺎھﻢ وﻗﺎل‪ :‬ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻣﻨﻜﻢ ﻋﺠﱠﻞ ذﺑﺤﺎً ﻓﺈﻧﻤﺎ ھ ﻲ َ‬
‫ﺟ ْﺰرَة ‪ :‬أي ﺷﺎةٌ ﻣﺬﺑﻮﺣﺔ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ َ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺼﻠﻰ ﻋﻨﺪ دار ﻛﺜﯿﺮ ﺑﻦ اﻟﺼﻠﺖ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺧﻄ ﺐ ﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ أذاﻧ ـﺎً‬
‫وﻻ إﻗﺎﻣﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺷﮭﺪت ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟ ﺼﻼة ﯾ ﻮم اﻟﻌﯿ ﺪ‪ ،‬ﻓﺒ ﺪأ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ ﺑﻐﯿ ﺮ أذان وﻻ‬
‫إﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻣﺘﻮﻛﱢﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻼل‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺘﻘﻮى اﷲ وﺣﺚ ﻋﻠ ﻰ ﻃﺎﻋﺘ ﮫ‪ ،‬ووﻋ ﻆ اﻟﻨ ﺎس وذ ﱠﻛ ﺮھﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺐ ﺟﮭ ﻨﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻣ ﺖ‬ ‫ﺼ ُ‬
‫ﺣ َ‬
‫ﻦ َ‬‫ﻣ ﻀﻰ ﺣﺘ ﻰ أﺗ ﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓ ﻮﻋﻈﮭﻦ وذ ﱠﻛ ﺮھﻦ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺗ ﺼﺪﻗﻦ ﻓ ﺈن أﻛﺜ ﺮﻛ ﱠ‬
‫ﻦ ﺗُﻜْ ِﺜ ﺮن اﻟ ﺸﱠﻜﺎ َة‬
‫ﺳ ﻄ ِﺔ اﻟﻨ ﺴﺎء ﺳ ﻔﻌﺎءُ اﻟﺨ ﺪﯾﻦ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ِ :‬ﻟ َﻢ ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻷﻧﻜ ﱡ‬‫اﻣ ﺮأة ﻣ ﻦ ِ‬
‫وﺗَﻜْ ُﻔ ﺮن اﻟﻌ ﺸﯿﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺠﻌﻠ ﻦ ﯾﺘ ﺼﺪﱠﻗﻦ ﻣ ﻦ ﺣُﻠ ﯿﱢﮭﻦ‪ ،‬ﯾُﻠﻘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب ﺑ ﻼل ﻣ ﻦ أﻗ ﺮاﻃﮭﻦﱠ‬
‫وﺧﻮاﺗﻤﮭﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﻦ ﺳِﻄﺔ اﻟﻨﺴﺎء‪ :‬أي ﻣ ﻦ أوﺳ ﺎط اﻟﻨ ﺴﺎء‬
‫ﺣﺴﺒًﺎ وﻧﺴﺒًﺎ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﺳﻔﻌﺎءُ اﻟﺨﺪﯾﻦ‪ :‬أي ﺑﺨﺪﱠﯾﮭﺎ اﺳﻮداد وﺗﻐﯿﱡﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻠ ﻮن‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺗُ ْﻜﺜِ ﺮن اﻟ ﺸﱠﻜﺎة ‪ :‬أي‬
‫ﻦ‪:‬‬ ‫ﺗُ ْﻜ ِﺜ ﺮن اﻟ ﺸﻜﻮى واﻟﺘ ﺬﻣﺮ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺗَ ْﻜ ُﻔ ﺮن اﻟﻌ ﺸﯿﺮ‪ :‬أي ﺗﺠﺤ ﺪن إﺣ ﺴﺎن اﻟ ﺰوج‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ أﻗ ﺮاﻃﮭ ﱠ‬
‫أﻗ ﺮاطٌ ﺟﻤ ﻊ ﻗُ ﺮط وھ ﻮ ﻣ ﺎ ﯾُﻌَﻠﱠ ﻖ ﺑ ﺎﻵذان ﻟﻠﺘﺰﯾﱡ ـﻦ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟ ﺴﺎﺋﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫ت رﺳﻮ َل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮم ﻋﯿﺪ‪ ،‬ﺻﻠﻰ وﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪ ﻗ ﻀﯿﻨﺎ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء ﺟﻠ ﺲ ﻟﻠﺨﻄﺒ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬ ‫»ﺣﻀﺮ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬‫ﺷﺎء أن ﯾﺬھﺐ ذھﺐ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬إذا ﻓﺮغ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺮﺟﺎل ذھﺐ إﻟﻰ ﻣُﺼﻠﱠﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓ ﻮﻋﻈﮭﻦ وذ ﱠﻛ ﺮھﻦ‬
‫وأﻣ ﺮھﻦ ﺑﺎﻟ ﺼﺪﻗﺔ‪ ،‬أي أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﺨﻄ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﺮﺟ ﺎل ﺛ ﻢ ﯾ ﺬھﺐ ﯾﺨﻄ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ذﻟ ﻚ‬
‫واﺿﺤﺎً ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻲ داود واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻟﻤ ﺎر ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‬
‫»ﺛﻢ ﻣﻀﻰ ﺣﺘﻰ أﺗﻰ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻮﻋﻈﮭﻦ وذﻛﱠﺮھﻦ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺗﺼﺪﱠﻗْﻦ«‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺟﺎء ذﻟﻚ واﺿﺤ ًﺎ أﯾﻀ ًﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ رواه اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮﺟﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﻮم ﻓﻄ ﺮ أو‬
‫أﺿ ﺤﻰ ﻓ ﺼﻠﻰ ﺛ ﻢ ﺧﻄ ﺐ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻮﻋﻈﮭﻦ وذ ﱠﻛ ﺮھﻦ وأﻣ ﺮھﻦ ﺑﺎﻟ ﺼﺪﻗﺔ«‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﺨﻠﻔﺎء ﯾﻔﻌﻠﻮن‪.‬‬

‫وﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﺤ ﺎلُ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﻻ ﯾﻤﻜﱢ ﻦ اﻹﻣ ﺎمَ ﻣ ﻦ أن ﯾُﻮﺻ ﻞ ﺻ ﻮﺗﮫ ﻟﻠﻨ ﺴﺎء اﻟﺠﺎﻟ ﺴﺎت ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤ ﺆﺧﺮة‪ ،‬أي ﺧﻠ ﻒ ﺟﻤ ﻮع اﻟﺮﺟ ﺎل اﻟ ﻀﺨﻤﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺣ ﻀﺮت إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﻰ ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﺻ ﻮب‪ ،‬ﻟ ﺸﺪة‬
‫اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻛﺎن اﻹﻣﺎم ﯾﻨﺰل إﻟ ﯿﮭﻦ وﯾﻘﺘ ﺮب ﻣ ﻦ ﺟﻤﻌﮭ ﻦ وﯾﺨﻄ ﺐ ﻓ ﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛ ﺎن‬
‫ﺻﻮﺗﮫ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻨﺰول إﻟﯿﮭﻦ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ھ ﺬا اﻟﻤﻌﻨ ﻰ ﻓﯿﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬

‫‪427‬‬
‫اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »أﺷﮭﺪ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪َ r‬ﻟ ﺼﻠﱠﻰ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ‪ ،‬ﻗ ـﺎل ﺛ ﻢ ﺧﻄ ﺐ‪،‬‬
‫ﻓ ﺮأى أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺴﻤﻊ اﻟﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻓﺄﺗ ﺎھﻦ ﻓ ﺬﻛﱠﺮھﻦ ووﻋﻈﮭ ﻦ وأﻣ ﺮھﻦ ﺑﺎﻟ ﺼﺪﻗﺔ‪ ،‬وﺑ ﻼل ﻗﺎﺋ ﻞ ﺑﺜﻮﺑ ﮫ‪،‬‬
‫ﺨ ﺮص واﻟ ﺸﺊ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‬ ‫ﻓﺠﻌﻠ ﺖ اﻟﻤ ﺮأة ﺗﻠﻘ ﻲ اﻟﺨ ﺎﺗﻢ واﻟ ُ‬
‫اﻟﺨُﺮص‪ :‬أي اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺬھﺐ أو اﻟﻔﻀﺔ‪ ،‬أو ھﻮ اﻟﻘُﺮط ﺑﺤﺒﺔ واﺣﺪة‪.‬‬

‫ﺟ ﮫ ﺑﻌ ﺾ ﻛﻼﻣ ﮫ إﻟ ﻰ‬
‫ﻟﮭﺬا أﻗﻮل إﻧﮫ ﻣﻊ وﺟﻮد ﻣﻜﺒﱢﺮات اﻟﺼﻮت اﻵن‪ ،‬ﻓﺈن اﻹﻣ ﺎم ﯾﻜﻔﯿ ﮫ أن ﯾﻮ ﱢ‬
‫ﻦ‪.‬‬
‫اﻟﻨﺴﺎء دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺰول إﻟﯿﮭﻦ‪ ،‬أي ﯾﺨﺼﺺ اﻹﻣﺎم ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺘﮫ ﻟﮭ ﱠ‬

‫إن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ أن ُﺗ ﺆدﱠى ﻓ ﻲ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬أي ﻓ ﻲ ﺧ ﺎرج اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ‬

‫ﻣﺴﺎﺟﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻰ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ أﺿﺤﻰ أو ﻓﻄ ٍﺮ إﻟﻰ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺑﻜ ﺮ ﺑ ﻦ ُﻣ َﺒ ﺸﱢﺮ اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ‬‫اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﮭﻢ ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ أﻏﺪو ﻣﻊ أﺻﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ وﯾ ﻮم اﻷﺿ ﺤﻰ‪ ،‬ﻓﻨ ﺴﻠﻚ‬
‫ﺑﻄﻦ ﺑﻄﺤﺎن ﺣﺘﻰ ﻧﺄﺗﻲ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﻨﺼﻠﻲ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﻧﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﺑﻄﻦ ﺑﻄﺤﺎن إﻟﻰ ﺑﯿﻮﺗﻨﺎ«‬
‫رواه أﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﻐﻮي‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮت ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨ ﺎ ھ ﺬا أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺬﻛﺮ ﺧ ﺮوج رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺘﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﺣﺎل دون اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﻰ ﺣﺎﺋﻞ وﻣﺎﻧﻊ ﻛﻤﻄﺮ أو ﻗﯿﻆ ﯾﻀ ﱡﺮ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﱢﯿﻦ ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣﻦ‬
‫أداﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﯾﺤﯿﻰ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ اﻟﺘﯿﻤﻲ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة »أﻧﮭ ﻢ أﺻ ﺎﺑﮭﻢ ﻣﻄ ﺮ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم‬
‫ﻋﯿﺪ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﮭﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﻌﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ وواﻓﻘﮫ اﻟﺬھﺒﻲ‪.‬‬

‫ﺳ ﺘﺮة ﯾ ﺼﻠﻲ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺤ ﺮص‬ ‫وﯾُﺴﻦﱡ أن ﯾﺘﺨﺬ اﻹﻣﺎم ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ُ‬
‫ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذ ﺳُﺘﺮة ﻟﺼﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﺗُﺮ َﻛ ﺰُ اﻟﺤﺮﺑ ﺔُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وزاد »وﻛ ﺎن ﯾﺨﻄ ﺐ ﺑﻌ ﺪ‬ ‫ُﻗﺪﱠاﻣﮫ ﯾﻮم اﻟﻔﻄﺮ واﻟﻨﱠﺤﺮ ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻐﺪو إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‬
‫واﻟ َﻌ َﻨ َﺰةُ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﺗُﺤﻤَﻞ و ُﺗ ْﻨﺼَﺐ ﺑﺎﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﯿﺼﻠﻲ إﻟﯿﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻣﺰﯾ ﺪ‬
‫ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﺗﺨﺎذ اﻟﺴﱡﺘﺮة ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﱡﺘﺮة ﻟﻠﻤُﺼﻠﱢﻲ[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻘِﺒﻠﺔ واﻟﺴﱡﺘﺮة[‪.‬‬

‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﱠﺔ ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﻓﻲ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]وَا ْذﻛُ ُﺮوْا ا َ‬
‫ﷲ ﻓ ﻲ َأﯾﱠ ﺎمٍ‬ ‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ُ‬
‫ت‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 203‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ ،‬واﻷﯾ ﺎم اﻟﻤﻌ ﺪودات ھ ﻲ أﯾ ﺎم اﻟﺘ ﺸﺮﯾﻖ‪ ،‬ذﻛ ﺮ ذﻟ ﻚ اﺑ ﻦ‬ ‫َﻣ ْﻌﺪُ ْودَا ٍ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﯿﻤﺎ رواه ﻋﻨﮫ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﻣﻦ ﻋﺪة ﻃﺮق‪ .‬وﯾﺪﺧﻞ ﻋﯿﺪ اﻷﺿ ﺤﻰ ﻓ ﻲ‬
‫ھﺬه اﻷﯾﺎم ﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺘﮫ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺗﺸﺮﯾﻖ اﻟﻠﺤﻢ واﻷﻛ ﻞ واﻟ ﺸﺮب‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻣ ﺸﺮوع ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﺒﯿﺤﺔ ﯾﻮم ﻋﯿﺪ اﻷﺿﺤﻰ إﻟﻰ آﺧﺮ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ ‪ .‬وﯾﺼﺢ أن ﯾُﺒﺪأ ﺑﮫ ﺻ ﺒﯿﺤ َﺔ ﯾ ﻮم ﻋﺮﻓ ﺔ ﻟﻤ ﺎ روى‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻰ ﺑﻜﺮ اﻟﺜﱠﻘﻔﻲ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ أﻧﺴًﺎ وﻧﺤﻦ ﻏﺎدﯾﺎن ﻣﻦ ﻣِﻨﻰ إﻟ ﻰ ﻋﺮﻓ ﺎت ﻋ ﻦ اﻟﺘﻠﺒﯿ ﺔ‪ ،‬ﻛﯿ ﻒ‬
‫ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺼﻨﻌﻮن ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪r‬؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻛﺎن ﯾُﻠﺒﱢﻲ اﻟﻤُﻠﺒﱢﻲ ﻻ ُﯾﻨﻜَﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ اﻟﻤﻜ ﱢﺒ ﺮ ﻓ ﻼ ﯾُﻨ َﻜ ُﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وروى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﻜ ﱢﺒ ﺮ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ إﻟﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ آﺧﺮ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ‪ ،‬وﯾﻜﺒﱢﺮ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ«‪ .‬وروى‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس »أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ إﻟﻰ آﺧﺮ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﯾﻜﺒﱢﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﯾﻘﻮل‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ ﻛﺒﯿ ﺮاً‪ ،‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ ﻛﺒﯿ ﺮاً‪ ،‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ وأﺟ ﻞﱡ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒ ﺮ وﷲ اﻟﺤﻤ ﺪ«‬
‫ھﺬا ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻷﺿﺤﻰ‪.‬‬

‫‪428‬‬
 ‫أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄﺮ ﻓﯿﺒﺪأ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻏﺮوب ﺷﻤﺲ آﺧﺮ أﯾﺎم رﻣﻀﺎن‪ ،‬وﯾﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﺻ ﻼة‬
‫ﺴ َﺮ‬ ‫اﻟﻌﯿﺪ ﻣ ﻦ ﺿ ﺤﻰ ﯾ ﻮم اﻟﻌﯿ ﺪ‪ ،‬ﻟﻘﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]‪ ...‬ﯾُ ِﺮ ْﯾ ﺪُ اﷲُ ِﺑﻜُ ﻢ اﻟﯿُ ْ‬
‫ﺴ َﺮ وَﻻ ﯾُ ِﺮ ْﯾ ﺪُ ِﺑﻜُ ْﻢ اﻟﻌُ ْ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 185‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة‪.‬‬ ‫ﺸﻜُﺮُ ْو َ‬ ‫ﻋﻠَﻰ ﻣَﺎ َھﺪَاﻛُ ْﻢ َو َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ َﺗ ْ‬
‫ﷲ َ‬
‫َو ِﻟﺘُ ْﻜ ِﻤﻠُ ْﻮ ا اﻟ ِﻌﺪﱠ َة َو ِﻟﺘُ َﻜﺒﱢﺮُوْا ا َ‬

‫أﻣﺎ ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﺗ ﺮد أﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐﺔ ﺑﺮواﯾ ﺔ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ وﻻ ﺣ ﺴﻨﺔ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮل‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻛ ﻞ ﻣ ﺎ ورد ﻓﯿﮭ ﺎ رواﯾ ﺎتٌ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ أﺻ ﺤﱡﮭﺎ إﺳ ﻨﺎداً وأَوْﻻھ ﺎ ﺑﺎﻷﺧ ﺬ اﻟ ﺼﯿﻐﺔ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫]اﷲ أﻛﺒﺮ اﷲ أﻛﺒﺮ ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ‪ ،‬واﷲ أﻛﺒ ﺮ اﷲ أﻛﺒ ﺮ وﷲ اﻟﺤﻤ ﺪ[‪ ،‬وﻗ ﺪ رواھ ﺎ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬
‫واﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر ﻋﻦ ﻋﻠﻲ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪ .‬وھﻨ ﺎك ﺻ ﯿﻐﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ رواھ ﺎ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ھﻲ ]اﷲ أﻛﺒﺮ ﻛﺒﯿﺮًا اﷲ أﻛﺒﺮ ﻛﺒﯿﺮاً‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ وأﺟ ﱡﻞ ‪ ،‬اﷲ أﻛﺒﺮ‬
‫ﻞ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻓﻲ ھﺬا ﻣﻮﺳﱠﻊ‪.‬‬ ‫وﷲ اﻟﺤﻤﺪ[‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ‪.‬وﻋﻠﻰ ﻛ ﱟ‬
‫واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﺨﺘﺺﱟ ﺑﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎت وﻏﯿﺮ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎت‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻮ ﺗﻜﺒﯿﺮ ﻣﻄﻠ ﻖ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ‬
‫وﻗ ﺖ وﻋﻠ ﻰ أﯾ ﺔ ﺣ ﺎل ‪ ،‬ﻟﻠﺮﺟ ﺎل وﻟﻠﻨ ﺴﺎء ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﻮاء‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺮد أي ﺗﻘﯿﯿ ﺪ ﻣﻌﺘﺒ ﺮ ﻟﻠﺘﻜﺒﯿ ﺮ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫ﻦ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ اﻷﺧﺮى‬
‫ﺳُﻨَ ُ‬

‫‪ -1‬اﻷﻛﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬ﯾُﺴﻦ اﻷﻛﻞ ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻠﻰ‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﯿ ﺪ اﻷﺿ ﺤﻰ‬
‫ﻦ أﻛﻞُ اﻟﺘ ْﻤ ِﺮ ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄ ﺮ‪ ،‬وأن ﯾﺘﻨ ﺎول‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﯿﺄﻛﻞ ﻣﻦ أُﺿﺤﯿﺘﮫ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ أُﺿﺤﯿﺔ‪ ،‬وﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﻣﻨﮫ ﺣﺒﱠﺎتٍ وﺗﺮاً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﻐ ﺪو ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺄﻛ ﻞ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ‬‫ﺗﻤﺮات‪ ،‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﮫ أﺿﺎف‪ :‬وﯾﺄﻛﻠﮭﻦ ِوﺗْﺮاً« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻋﻦ ُﺑﺮَﯾﺪة اﻷﺳﻠﻤﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ ﻻ ﯾﺨ ﺮج ﺣﺘ ﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄ َﻌ ﻢ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »إنﱠ‬ ‫ﻄ َﻌ ُﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺮﺟﻊ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ُ‬‫وﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ ﻻ َﯾ ْ‬
‫ﻄﻌَﻢ ﯾ ﻮم اﻟﻨﺤ ﺮ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺬﺑﺢ«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻻ ﯾﺨﺮج ﯾﻮم اﻟﻔﻄﺮ ﺣﺘـﻰ َﯾ ْ‬
‫ﻄﻌَﻢ‪ ،‬وﻻ َﯾ ْ‬
‫ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻔﻄﺮ ﯾﻮم اﻟﻔﻄﺮ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺨﺮج‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬ ‫ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﻀﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﺻﻠﱠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻓﺈذا رﺟﻊ ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ«‪.‬‬

‫وﺑﺎﺧﺘ ﺼﺎر أﻗ ﻮل‪ :‬إن اﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ أن ﯾﺄﻛ ﻞ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟﻄﻌ ﺎم ﺛ ﻢ ﯾﺨ ﺮج إﻟ ﻰ‬
‫ن اﻟﺴﱡﻨﺔ ﻓﻲ ﯾ ﻮم اﻷﺿ ﺤﻰ أن ﯾﺨ ﺮج اﻟﻤ ﺴﻠﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﻰ أوﻻً ﻓﯿ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻌ ﻮد إﻟ ﻰ‬ ‫اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﺑﯿﺘﮫ ﻓﯿﺄﻛﻞ ﻣﻦ أُﺿﺤﯿﺘﮫ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ أُﺿﺤﯿﺔ‪ ،‬أو ﯾﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم ﺑﯿﺘﮫ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬ﯾُﺴﻦ ﻟﻺﻣ ﺎم وﻟﻠﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ أن ﯾ ﺬھﺒﻮا إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‪،‬‬
‫وﯾﻌﻮدوا ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺧـﺮى‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻮم ﻋﯿﺪ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﻄﺮﯾ ﻖ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ وﯾﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺧﺮى« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ رﺟﻊ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﺧﺮج ﻓﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬

‫‪429‬‬
‫‪ -3‬اﻟﻐﻨﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪ‪ :‬ﯾﺴﻦ اﻟﻐﻨﺎء واﻟﻀﺮب ﺑﺎﻟ ﺪﱡﻓﻮف واﻟ ﻨﻔﺦ ﺑ ﺎﻟﻤﺰاﻣﯿﺮ واﻟ ﺮﻗﺺ ﺑﺎﻟ ﺴﻼح ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻌﯿﺪ‪ ،‬وﯾُﺴﻦ إﻇﮭﺎر اﻟﻔﺮح واﻟ ﺴﺮور ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﺄس ﺑ ﺄن ﯾ ﺼﺤﺐ اﻹﻣ ﺎ َم وھ ﻮ ﺧ ﺎرج إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‬
‫س ﻣﻦ اﻟﻤُﻐﻨﯿﻦ ﯾﻐﻨﻮن وﯾﺮﻗﺼﻮن ﺣﻮل اﻹﻣﺎم أو وراءه‪ .‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »دﺧﻞ‬ ‫ﻧﺎ ٌ‬
‫أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻨ ﺪي ﺟﺎرﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ ﺟ ﻮاري اﻷﻧ ﺼﺎر ﺗﻐﻨﯿ ﺎن ﺑﻤ ﺎ ﺗﻘﺎوﻟ ﺖ اﻷﻧ ﺼﺎر ﯾ ﻮم ﺑُﻌ ﺎث‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫وﻟﯿﺴﺘﺎ ﺑﻤﻐﻨﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺑﻜ ﺮ‪ :‬أﻣﺰاﻣﯿ ﺮُ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ وذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم ﻋﯿ ﺪ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ إنﱠ ﻟﻜﻞ ﻗﻮم ﻋﯿﺪاً وھﺬا ﻋﯿﺪﻧﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺶ َﯾ ْﺰ ِﻓﻨُﻮن ﻓﻲ ﯾﻮم ﻋﯿ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺪﻋﺎﻧﻲ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓﻮﺿ ﻌﺖ‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺟﺎء ﺣﺒ ٌ‬
‫ﯾﺪي ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺒﮫ ﻓﺠﻌﻠﺖ أﻧﻈﺮ إﻟﻰ َﻟﻌِﺒﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﻛﻨﺖ أﻧﺎ اﻟﺘﻲ أﻧﺼﺮف ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟ ﯿﮭﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺟ ﺎء ﺣ ﺒﺶ ﯾﺰﻓِﻨ ﻮن‪ :‬أي ﺟ ﺎء اﻷﺣﺒ ﺎش وھ ﻢ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻣ ﻦ أﺻ ﻞ ﺣﺒ ﺸﻲ‬
‫ﯾﺮﻗﺼﻮن ﺑ ﺎﻟﺤِﺮاب‪ .‬وﻋ ﻦ ﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎدة ﻗ ﺎل »‪ ..‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾُﻘَﻠﱠ ُ‬
‫ﺲ ﻟ ﮫ ﯾ ﻮ َم‬
‫اﻟﻔﻄﺮ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻻﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋ ﺎﻣﺮ ﻗ ﺎل »ﺷ ﮭﺪ ﻋﯿ ﺎض اﻷﺷ ﻌﺮي ﻋﯿ ﺪًا‬
‫ﺑﺎﻷﻧﺒﺎر ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ أراﻛﻢ ُﺗ َﻘﱢﻠﺴُﻮن ﻛﻤﺎ ﻛ ﺎن ُﯾ َﻘﱠﻠ ﺲ ﻋﻨ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ .«r‬ﻗﻮﻟ ﮫ ُﯾﻘَﻠﱠ ﺲ‪ ،‬وﺗﻘﱢﻠ ﺴﻮن‪ :‬أي‬
‫ﻀﺮَب ﺑﺎﻟﺪﱡف وﯾُﻐﻨﱠﻰ‪.‬‬‫ﯾُ ْ‬

‫ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ُ :‬ﯾ ﺴﺘﺤـﺐ ﻟﻺﻣ ﺎم إذا ﺻ ﻠﻰ ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ أن‬ ‫ﻋ ِﻘ َ‬

‫‪ -4‬وﻗ ﻮف اﻹﻣ ﺎم ﻟﻠﻨ ﺎس َ‬
‫ﯾﺘﻤﮭﱠــﻞ ﻓﻲ اﻻﻧﺼﺮاف ﺣﺘــﻰ ﯾﻨﺼﺮف اﻟﻨــﺎس‪ ،‬ﻓﯿﻨﻈــﺮ إﻟﯿﮭﻢ وﯾﺘﻔﻘـﺪ أﺣﻮاﻟﮭﻢ وﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺘﯿﻤﻲ رﺿــﻲ اﷲ ﻋﻨ ـﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﺋﻤ ﺎً ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻮق ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﻌﯿﺪ ﯾﻨﻈﺮ واﻟﻨﺎس ﯾﻤﺮﱡون« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ وﻟﻔﻈﮫ »رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا اﻧﺼﺮف‬
‫ﻣﻦ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ أﺗﻰ وﺳﻂ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻓﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺎس ﻛﯿ ﻒ ﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن وﻛﯿ ﻒ ﺳِ ﻤَﺘُﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻒ‬
‫ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﯾﻨﺼﺮف«‪.‬‬

‫ﺳ ﻨﺔ ﻗﺒﻠﯿ ﺔ وﻻ‬
‫‪ -5‬ﻋﺪم اﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ وﺑﻌﺪھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ :‬ﻟﯿﺴﺖ ﻟﺼﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ ُ‬
‫ن‬
‫ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻏﯿ ﺮ ُﻣ ﺴﺘﺤَﺐ‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬ ‫ﺑﻌﺪﯾ ﺔ‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ اﻟﺘﱠﻨ ﱡﻔ ُ‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب ﯾﺒﻘﻰ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻷداء ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻟ ﮫ ﺗﺤﯿ ﺔ ﻋﻨ ﺪ دﺧﻮﻟ ﮫ‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻟﻌ ﺮاء واﻟ ﺼﺤﺮاء‬
‫واﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ ﻓﻼ ﺗﺤﯿﺔ ﻟﮭﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ إذا أﺗﻰ إﻟﻰ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ ﺟﻠﺲ وﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ‪ ،‬ﺛﻢ إذا ﺻﻠﻰ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ واﺳ ﺘﻤﻊ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺒﺔ اﻧﺼﺮف دون أن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ أﯾﺔ رﻛﻌﺔ‪ .‬ھﺬه ھﻲ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﺮج ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ واﻷﺿ ﺤﻰ إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪،‬‬
‫ﻓ ﺄول ﺷ ﺊ ﯾﺒ ﺪأ ﺑ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻨ ﺼﺮف ﻓﯿﻘ ﻮم ﻣﻘﺎﺑ ﻞ اﻟﻨ ﺎس واﻟﻨ ﺎس ﺟﻠ ﻮس ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻔﻮﻓﮭﻢ‪،‬‬
‫ﻓ ﯿﻌﻈﮭﻢ وﯾﻮﺻ ﯿﮭﻢ وﯾ ﺄﻣﺮھﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﯾﺮﯾ ﺪ أن ﯾﻘﻄ ﻊ ﺑﻌﺜ ـ ًﺎ ﻗﻄﻌ ﮫ أو ﯾ ﺄﻣﺮ ﺑ ﺸﺊ أﻣ ﺮ ﺑ ﮫ ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻨﺼﺮف« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ ﺑﻨﺤﻮه‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺼ ﱢﻞ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ اﻟﻨ ﺴﺎء وﻣﻌ ﮫ ﺑ ﻼل‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮھﻦ‬
‫ﺳ ﺨﺎﺑَﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬ ‫ﺻ ﮭﺎ و ِ‬‫ﺧ ْﺮ َ‬
‫ﺑﺎﻟ ﺼﺪﻗﺔ ﻓﺠﻌﻠ ﻦ ﯾُﻠﻘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺗُﻠْﻘ ﻲ اﻟﻤ ﺮأة ُ‬
‫ﺨ ﺮص ھ ﻮ اﻟﺤﻠﻘ ﺔ اﻟ ﺼﻐﯿﺮة ﻣ ﻦ اﻟﺤﻠ ﻲ‪ ،‬واﻟ ﺴﱢﺨﺎب‬ ‫ﺧﺮﺻ ﮭﺎ وﺳِ ﺨﺎﺑﮭﺎ‪ :‬اﻟ ُ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ُ‬ ‫ُ‬
‫ھﻲ اﻟﻘﻼدة‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ »أﻧﮫ ﺧﺮج ﯾﻮم ﻋﯿﺪ ﻓﻠﻢ ﯾﺼ ﱢﻞ ﻗﺒﻠﮭﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮ‬
‫أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻌﻠﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺻـﻼة اﻟﺠﻨﺎزة‬

‫ﺣﻜﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة‬

‫‪430‬‬
‫ض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ أﻧﮭﺎ ﺣ ﻖ ﻣ ﻦ ﺣﻘ ﻮق اﻷﻣ ﻮات ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﯿ ﺎء‪ ،‬ﻓﯿﺠ ﺐ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ﻓﺮ ٌ‬
‫ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﯿ ﺎء أداء ھ ﺬا اﻟﺤ ﻖ ﻟﻸﻣ ﻮات ﻛ ﺴﺎﺋﺮ اﻟﺤﻘ ﻮق ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم‪ .‬وﻗ ﺪ ﺻ ﻠﱠﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ھ ﺬه‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬وداوم ھﻮ ﻋﻠﯿﮭﺎ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺛﻼث‪:‬‬

‫أ‪ -‬أﻟﻐﺎلﱢ أي اﻟﺨﺎﺋﻦ ﻷﻣﻮال اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﻤﺪﯾﻦ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺘﺮك ﻣﺎﻻً ﻟﻠﺴﱠﺪاد ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺘﻄﻮﱠع أﺣﺪٌ ﻟﺴﺪاد َدﯾْﻨﮫ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻗﺎﺗﻞ ﻧﻔﺴﮫ أي اﻟﻤﻨﺘﺤﺮ‪.‬‬

‫ھﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻣﺘﻨﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻨﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ أذن ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫ﻼ ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺗ ﻮﻓﻲ‬ ‫ﺠﮭَﻨﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺟ ً‬ ‫أﻣﺎ ﻋﻦ اﻷول ﻓﻘﺪ روى زﯾﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟ ُ‬
‫ﺑﺨﯿﺒﺮ‪ ،‬وأﻧﮫ ذُﻛﺮ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺻﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ ‪ ،‬ﻓﺘﻐﯿﱠﺮت وﺟﻮه اﻟﻘﻮم ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى‬
‫ﺧﺮَزًا ﻣﻦ ﺧ ﺮز اﻟﯿﮭ ﻮد‬
‫اﻟﺬي ﺑﮭﻢ ﻗﺎل ‪ :‬إن ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ ﻏﻞﱠ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ ‪ ،‬ﻓﻔﺘﱠﺸﻨﺎ ﻣﺘﺎﻋﮫ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﻓﯿﮫ َ‬
‫ﻣﺎ ﯾﺴﺎوي درھﻤﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻲ ‪ r‬ﺑﺠﻨ ﺎزة ﻟﯿ ﺼﻠﻲ‬ ‫وأﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أُﺗ ﻲ اﻟﻨﺒ ﱡ‬

‫ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻋﻠﯿﮫ دﯾﻦ؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻧﻌﻢ دﯾﻨﺎرﯾﻦ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺗﺮك ﻟﮭﻤﺎ وﻓﺎء؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺼﻠﱡﻮا ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻲ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓ ﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬ ‫ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻗﺘﺎدة‪ :‬ھﻤﺎ إﻟ ﱠ‬
‫واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻣ ﺎت‬
‫وﻋﻠﯿﮫ دﯾﻦ ﺳﺄل ھﻞ ﻟﮫ وﻓﺎءٌ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﯿﻞ ﻧﻌﻢ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وإذا ﻗﯿ ﻞ ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻠﱡﻮا ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺘﺢ اﷲ ﻋﻠﻰ رﺳﻮﻟﮫ ‪ r‬اﻟﻔﺘﻮح ﻗـﺎل‪ :‬أﻧﺎ أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻣ ﻦ أﻧﻔ ﺴﮭﻢ‪ ،‬ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك دﯾْﻨ ﺎً ﻓﻌﻠ ﻲﱠ‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫وﻣﻦ ﺗﺮك ﻣﺎﻻً ﻓﻠﻠﻮارث« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫وأﻣ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﻓﻘ ﺪ رُوي أن ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎت رﺟ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ‬

‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺄﺗﺎه رﺟﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻣﺎت ﻓﻼن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻟﻢ ﯾﻤ ﺖ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﺗ ﺎه اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺛ ﻢ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‬
‫ﻓ ﺄﺧﺒﺮه‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﻛﯿ ﻒ ﻣ ﺎت؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﺤ ﺮ ﻧﻔ ﺴﮫ ﺑِ ِﻤ ﺸْﻘَﺺٍ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺼﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ«‪ .‬وﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔ ﻗﺎل »إذن ﻻ أُﺻﻠﱢﻲ ﻋﻠﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ھﺬه ھﻲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ اﻣﺘﻨﻊ ﻓﯿﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻷﻣ ﻮات وَأ ِذ َ‬
‫ن ﻟﻐﯿ ﺮه‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭﻢ‪.‬‬

‫وﺳﯿﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﻜﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛ ﺔ ﻣ ﻊ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬وأن ذﻟ ﻚ ﻏﯿ ﺮ واﺟ ﺐ وﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻣﻨﺪوب‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺣﺎﻟﺔ راﺑﻌﺔ ﺗﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺜﻼث اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﻣﺘﻤ ﱢﯿ ﺰة‬
‫ﺑﺄﻧﮭﺎ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﻐﻨﻲ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﮭﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﻧﺎل ﻣﻦ أﺟ ﺮ وﻣﻨﺰﻟ ﺔ ﻋﻨ ﺪ رﺑ ﮫ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺒﻖ ﻟﮫ ﺣﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﯿﺎء ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮫ ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻷﺣﯿﺎء ﻻ وﺟﻮﺑ ًﺎ وﻻ ﻧﺪﺑ ًﺎ‪.‬‬

‫إن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﺄﻣﻮرون ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺖ ﻣﺎ دام ﻣﺴﻠﻤﺎً ﯾﺸﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ‪ ،‬وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا‬
‫ب ﯾﮭ ﻮدي ﯾﺨ ﺪم اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫رﺳ ﻮل اﷲ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺻ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن ﺷ ﺎ ﱞ‬
‫ﻓﻤﺮض‪ ،‬ﻓﺄﺗﺎه اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻌﻮده ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﻓﺘ ﺸﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأﻧ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ؟ ﻗ ﺎل ﻓﺠﻌ ﻞ ﯾﻨﻈ ﺮ‬

‫‪431‬‬
‫إﻟﻰ أﺑﯿﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﻞ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﻟﻚ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛ ﻢ ﻣ ﺎت‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﺻ ﻠﻮا ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ« رواه‬
‫ض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ ﻗ ﻮل اﻟﺠﻤﮭ ﻮر‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﺻ ﻠﱠﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وھﺬه اﻟﺼﻼة ھﻲ ﻓﺮ ٌ‬
‫ﺺ واﺣ ٌﺪ ﻟﻜﻔﻰ‪ ،‬وَﻟﺴَﻘﻂ اﻹﺛﻢ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﯾﻦ‪.‬‬
‫ﺷﺨ ٌ‬

‫ﺣﻜﻢُ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﺷﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر‬

‫ﺧﺮِج ﻣﻦ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ﻣ ﻦ ﯾُﻘﺘ ﻞ ﻓ ﻲ ﺣ ﺮب اﻟﺒﻐ ﺎة‬‫ﻷْ‬
‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﺖ ]ﻋﻠﻰ ﺷﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر[ ُ‬
‫ﻷﻧﮭﺎ ﺣﺮب ﺑﯿﻦ ﻣﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﻘﺘﯿﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﺷﮭﯿﺪ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ﻣ ﻦ ﯾُﻘﺘ ﻞ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺠﮭﺎد وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻘﺘﻞ ﺑﻔﻌﻞ ﻛﺎﻓﺮ‪ ،‬ﻛﺄن ﯾَﻘﺘﻞ ﻛﺎﻓ ٌﺮ ﻣﺴﻠﻤ ًﺎ ﻓﻲ ﻧﺰاع وﺷ ﺠﺎر ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﯾﺨ ﺮج ﻣ ﻦ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻜﻢ أﯾﻀًﺎ ﻣﻦ ﺧﺮﺟﻮا ﻟﻠﺠﮭﺎد ﻓ ﻲ ﺳ ﺒﯿﻞ اﷲ ﻓﻤ ﺎﺗﻮا ﺑﺎﻟﻄ ﺎﻋﻮن أو ﺑ ﺎﻟﻐﺮق أو ﺑ ﺪاء اﻟ ﺒﻄﻦ أو ﺑﻐﯿ ﺮ‬
‫ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﻮادث واﻷﻣ ﺮاض‪ ،‬وإن ﻛ ﺎﻧﻮا ﻋﻨ ﺪ اﷲ ﺷ ﮭﺪاء‪ .‬ﻓﯿﺒﻘ ﻰ َﻣ ﻦ ﯾﻘﺘ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛ ﺔ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻟﻜﻔﺎر ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ھﻮ اﻟﺸﮭﯿﺪ اﻟ ﺬي ﯾﺠ ﺮي اﻟﺒﺤ ﺚ ﻋ ﻦ ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﯾﻠﺤ ﻖ ﺑ ﮫ ﻃﺒﻌ ﺎً ﻣ ﻦ‬
‫ﯾُﺠﺮح ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر ﺛﻢ ﯾﻤﻮت ﻣﺘﺄﺛﺮاً ﺑﺠﺮاﺣﮫ‪ ،‬وﻟﻮ ﺗﺄﺧﱠﺮ ﻣﻮﺗﮫ أﯾﺎﻣﺎً أو أﺳﺎﺑﯿﻊ أو ﺷ ﮭﻮراً‪،‬‬
‫ﻦ ﺗﺄﺧﺮ ﺧﺮوج روﺣﮫ ﻓﺘﺮة ﻃﺎﻟﺖ أو ﻗﺼﺮت‪.‬‬ ‫ﻷن واﻗﻌﮫ أﻧﮫ ﻗُﺘﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر وﻟﻜ ْ‬

‫ھﺬا اﻟﺸﮭﯿﺪ ﻻ ﯾُﻐﺴﱠﻞ وﻻ ﯾُﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾُﺪﻓﻦ ﺑﺜﯿﺎﺑﮫ وﻣﺎ ﻟُﻄﺨ ﺖ ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻣﺎء دون ﺻ ﻼة‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﮭﯿﺪ ﻏﯿﺮ واﺟﺒﺔ وﻻ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬وھﻲ ﺟﺎﺋﺰة ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﻰ ُأﺣُﺪ ﻓﻲ ﺛﻮب واﺣﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮل‪ :‬أﯾﮭﻤ ﺎ أﻛﺜ ﺮ‬
‫أﺧﺬاً ﻟﻠﻘﺮآن؟ ﻓﺈذا أُﺷﯿﺮ ﻟﮫ إﻟﻰ أﺣﺪھﻤﺎ ﻗﺪﱠﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﺪ وﻗﺎل‪ :‬أﻧﺎ ﺷﮭﯿﺪ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺆﻻء ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‪،‬‬
‫وأﻣﺮ ﺑﺪﻓﻨﮭﻢ ﻓﻲ دﻣﺎﺋﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻢ ُﯾ َﻐﺴﱠﻠﻮا وﻟﻢ ﯾُﺼ ﱠﻞ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى »وﻟ ﻢ ﯾُ ﺼ ﱢﻞ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‬
‫وﻟﻢ ُﯾ َﻐﺴﱢﻠﮭﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »إﻧﮫ ﻗﺎل ﻓﻲ ﻗﺘﻠ ﻰ‬
‫أﺣﺪ ﻻ ﺗُﻐﺴﱢﻠﻮھﻢ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﻞ ﺟﺮح أو ﻛ ﱠﻞ دم ﯾﻔﻮح ﻣﺴﻜ ًﺎ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﺼ ﱢﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ«‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺮوﯾﱠﺔ ﻋﻦ ﺗﻐﺴﯿﻞ ﺷﮭﺪاء ُأﺣُﺪ واﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻜﻠﮭﺎ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻘ ﺎل‪ ،‬وﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻋﻠﺔ وﺿﻌﻒ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺼﻤﺪ أﻣﺎم ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬ﻓﯿﺒﻘ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺣ ﺪ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف إﻟ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‬ ‫وھﻮ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺧﺮج ﯾﻮﻣﺎً ﻓﺼﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ ُأ ُ‬
‫ط ﻟﻜ ﻢ‪ :‬ﻣ ﺄﺧﻮذ ﻣ ﻦ‬‫ط ﻟﻜﻢ‪ ،‬وأﻧﺎ ﺷﮭﯿﺪ ﻋﻠﯿﻜﻢ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ إﻧ ﻲ َﻓ ﺮَ ٌ‬ ‫ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻲ َﻓ َﺮ ٌ‬
‫اﻟﻔﺮط وھﻮ ﻣﻦ ﯾﺴﺒﻖ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻣﻮرد اﻟﻤﺎء ﻟﯿُﮭ ﱢﯿﺊ ﻟﮭ ﻢ اﻟﺤﯿ ﺎض وﯾﻤﻸھ ﺎ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‪ ،‬وھ ﻮ ھﻨ ﺎ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ‬
‫ﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أن‬ ‫أﻧ ﻲ ﻣﺘﻘ ﺪﻣﻜﻢ إﻟ ﻰ اﻟﺤ ﻮض أو اﻟﻜ ﻮﺛﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ وﺳ َﺘﺮِدُون ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺪاء أﺣﺪ‪ ،‬إﻻ أن ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟﯿ ﺴﺖ ﻟﻠﻐﺎﯾ ﺔ‬
‫ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﻠﻮات اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﺗﻮدﯾﻊ ﻣﻨﮫ ﻟﮭﺆﻻء اﻟ ﺸﮭﺪاء ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻤ ﻮت‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ أﺷ ﺒﮫ ﺑﺘﺤﯿ ﺔ‬
‫ﺠﮭَﻨﻲ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﻗﺘﻠ ﻰ أُﺣ ﺪ ﺑﻌ ﺪ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ‬ ‫اﻟﻤﻮدﱢع ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﻟ ُ‬
‫ﺳﻨﯿﻦ ﻛﺎﻟﻤﻮدﱢع ﻟﻸﺣﯿﺎء واﻷﻣﻮات‪ ،‬ﺛﻢ ﻃﻠﻊ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ ﺑ ﯿﻦ أﯾ ﺪﯾﻜﻢ َﻓ ﺮَط وأﻧ ﺎ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﺷ ﮭﯿﺪ‬
‫ﺣ ﺪ ﻛﺎﻧ ﺖ وﻗﻔ ﺔ وداع‬ ‫‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ﺗﻮﺿ ﺢ أن ﺻ ﻼﺗﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﮭﺪاء أ ُ‬
‫ﻟﮭﺆﻻء اﻟﺸﮭﺪاء‪ .‬ﻓﺎﻟﺸﮭﯿﺪ ﻻ ﯾُﻐﺴﱠﻞ وﻻ ﯾُﺼﻠﱠﻰ ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮات اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‬

‫إن ﺷﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر ھﻮ اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﻮﺣﯿ ﺪة اﻟﻤ ﺴﺘﺜﻨﺎة ﻣ ﻦ وﺟ ﻮب اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻷﻣ ﻮات‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﻘﻮل ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﷲ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن ُﯾ ﺼﻠﱡﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻘﻲ واﻟﺸﻘﻲ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﺼﻐﯿﺮ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺪل واﻟﻔﺎﺳﻖ‪ ،‬وﺣﺘﻰ اﻟﻘﺎﺗ ﻞ واﻟﻤﻨﺘﺤ ﺮ‬

‫‪432‬‬
‫وﻣﺮﺗﻜﺐ اﻟﻜﺒﯿﺮة ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﯿﺎء أن ﯾﺼﻠﻮا ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬واﻟﺴﱢﻘﻂ ‪ -‬وھﻮ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي وُﻟﺪ ﻣﯿﺘﺎً أو ﻣ ﺎت‬
‫ﻋﻘ ﺐ وﻻدﺗ ﮫ ﻣﺒﺎﺷ ﺮة ‪ -‬ﺗﺠ ﺐ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠﯿ ﮫ ھ ﻮ اﻵﺧ ﺮ ﻣ ﺎ دام إﻧ ﺴﺎﻧًﺎ ذا روح‪ ،‬أي وﻟ ﺪ ﻋ ﻦ أرﺑﻌ ﺔ‬
‫أﺷﮭﺮ ﻓﻤﺎ ﻓﻮق‪ ،‬ﻷن ﻧﻔﺦ روﺣﮫ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻘﺐ اﻷﺷﮭﺮ اﻷرﺑﻌـﺔ وھﻮ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ أﻣﮫ‪ ،‬وﻋﻨﺪ ﻧﻔﺦ اﻟﺮوح‬
‫ﯾﺼﺒﺢ إﻧﺴﺎﻧﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻣ ﺎت ﺑﻌﺪﺋ ٍﺬ وﺟﺒ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺣ ﺪﺛﻨﺎ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ اﻟﺼﺎدق اﻟﺼﺪوق ﻗﺎل »إن أﺣﺪﻛﻢ ﯾُﺠﻤ ﻊ َ‬
‫ﺧ ْﻠ ُﻘ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﻄ ﻦ أﻣ ﮫ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻘﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﻮن ﻣُﻀﻐﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺒﻌﺚ اﷲ ﻣَﻠَﻜ ًﺎ ﻓﯿُﺆﻣﺮ ﺑﺄرﺑﻊ ﻛﻠﻤﺎت‪ ،‬وﯾُﻘ ﺎل ﻟ ﮫ‬
‫اﻛﺘﺐ ﻋﻤﻠﮫ ورزﻗﮫ وأﺟﻠﮫ وﺷﻘﻲ أو ﺳﻌﯿﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﻔﺦ ﻓﯿﮫ اﻟﺮوح« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺷ ﻌﺒﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟ ﺴﱢﻘﻂ‬ ‫واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ و ُﯾ ﺪﻋﻰ ﻟﻮاﻟﺪﯾ ﮫ ﺑ ﺎﻟﻤﻐﻔﺮة واﻟﺮﺣﻤ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿــﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ » ﻟﻘ ﺪ ﺗُ ﻮﻓﱢﻲ إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﺑ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺼﻞﱢ ﻋﻠﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺰﱠار وأﺑﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‪ .‬ﻓ ﺈن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫وھــﻮ اﺑﻦ ﺛﻤﺎﻧﯿـــﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮاً ﻓﻠﻢ ُﯾ َ‬
‫ﻣﻨﻜﺮ‪ ،‬ﻗﺎﻟﮫ أﺣﻤﺪ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ‪ :‬ﻻ ﯾﺼﺢ‪ .‬ﻓﻼ ﯾُﺴﺘﺸﮭﺪ ﺑﮫ‪.‬‬

‫وﺗُﺸﺮع اﻟﺼﻼ ُة ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻗُﺘ ﻞ ﻓ ﻲ ﺣ ﱟﺪ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪود اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﻦ َﻗَﺘ ﻞ ﻧﻔ ﺴًﺎ ﻓﻘُﺘ ﻞ‪ ،‬أو زﻧ ﻰ‬
‫وھﻮ ﻣُﺤﺼَﻦ ﻓﺮُﺟﻢ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻣﺮأة ﻣ ﻦ ﺟﮭﯿﻨ ﺔ اﻋﺘﺮﻓ ﺖ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﺖ‬
‫ﻦ إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وﺿ َﻌ ْ‬ ‫رﺳ ـﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺰﻧ ﺎ‪ ،‬وﻗﺎﻟ ﺖ أﻧ ﺎ ﺣﺒﻠ ﻰ‪ ،‬ﻓ ﺪﻋﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وﻟﯿﮭ ﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أَﺣ ﺴ ْ‬
‫ﺸﻜﱠﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺛﯿﺎﺑُﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﺮﺟﻤﮭﺎ ﻓﺮُﺟﻤﺖ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬ ‫ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ‪ ،‬ﻓﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓ ُ‬
‫ﺸﺪﱠت‪ ،‬ﻛ ﻲ ﻻ ﺗﺘﻜ ﺸﻒ‬ ‫‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﺸُ ﱠﻜﺖ ‪ :‬أي ﻓ ُ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ أﺳ ﻠﻢ ﺟ ﺎء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺄﻋﺘﺮف‬ ‫ﻋﻨ ﺪ رﺟﻤﮭ ﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠ ﺎرة‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺟ ً‬
‫ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ‪ ،‬ﻓﺄﻋﺮض ﻋﻨﮫ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﺣﺘﻰ ﺷﮭﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ أرﺑﻊ ﻣﺮات‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬أﺑ ﻚ ﺟﻨ ﻮن؟‬
‫ﺼ ْﻨﺖَ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮ ﺑ ﮫ ﻓ ُﺮﺟِﻢ ﺑﺎﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أذﻟﻘﺘ ﮫ اﻟﺤﺠ ﺎرة ﻓ ﺮﱠ‪ ،‬ﻓ ﺄُدرك‬
‫ﺣ ِ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗﺎل‪ُ :‬أ ْ‬
‫ﻓﺮُﺟﻢ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧﯿ ﺮًا وﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ أذﻟﻘﺘ ﮫ اﻟﺤﺠ ﺎرة‪ :‬أي‬
‫ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺤﺠﺎرة ﻣﻨﮫ اﻟﺠﮭﺪ واﻟﺸﺪة‪ .‬وروى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ‬
‫وﻟﺪ اﻟﺰﻧﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﻣﮫ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺎﺳﮭﺎ«‪.‬‬

‫ﻓ ﺼﻼة اﻟﺠﻨ ﺎزة ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﯿ ﻊ أﻣ ﻮات اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﮭﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻣﻌﺎﺻ ﯿﮭﻢ وأﺣ ﻮاﻟﮭﻢ‪،‬‬
‫ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺷﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﯿﺎﻧﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋﺐ‬

‫ُﺗ ﺸﺮع اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ اﻟﻐﺎﺋ ﺐ إﻃﻼﻗ ﺎً‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻣ ﺎت ﻣ ﻦ زﻣ ﻦ ﻗﺮﯾ ﺐ أو ﻣ ﻦ زﻣ ﻦ ﺑﻌﯿ ﺪ‪،‬‬
‫وﺳﻮاء ﻣﺎت ﻓﻲ أرض اﻹﺳﻼم ودوﻟﺔ اﻹﺳﻼم أو ﻣ ﺎت ﻓ ﻲ دار اﻟﻜﻔ ﺮ وﺑ ﻼد اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬وﺳ ﻮاء ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻞ ﻋﻠﯿﮫ أﺣﺪ‪ ،‬وﺳﻮاء دُﻓﻦ ﻓﻲ ﻗﺒﺮه أو ﻟﻢ ﯾﺪﻓﻦ ﺑﻌ ﺪ‪ .‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ‬ ‫س أو ﻟﻢ ﯾﺼ ﱢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞُ ﻧﺎ ٌ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻣﻄﻠﻘﺎً دون ﺗﻘﯿﯿ ﺪٍ ﺑﺰﻣ ﺎن أو ﻣﻜ ﺎن أو ﺣﺎﻟ ﺔ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ روى ﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﺑ ﻦ أﺳ ﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺟ ﺎء ذات ﯾ ﻮم ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻠﻮا ﻋﻠ ﻰ أخٍ ﻟﻜ ﻢ ﻣ ﺎت ﺑﻐﯿ ﺮ أرﺿ ﻜﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣ ﻦ ھ ﻮ ﯾ ﺎ‬
‫ﺻ ﺤْﻤﺔُ اﻟﻨﺠﺎﺷ ﻲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻣﻮا ﻓ ﺼﻠﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‬ ‫رﺳ ﻮل اﷲ ؟ ﻗ ﺎل‪َ :‬‬
‫اﻟﻄﯿﺎﻟﺴﻲ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻗﺎل »أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﱠ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﻗﺒ ﺮ ﻣﻨﺒ ﻮذٍ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﱠﮭﻢ وﺻ ﻔﻮا‬
‫ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺎ ﻋﻤ ﺮو و َﻣ ﻦ ﺣ ﺪﱠﺛﻚ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻟﻔﻈﮫ »ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬أَﺗ ﻰ رﺳ ﻮلُ اﷲ ‪ r‬ﻗﺒ ﺮًا ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ‪ :‬ھ ﺬا دُﻓ ﻦ أو دُﻓﻨ ﺖ‬

‫‪433‬‬
‫اﻟﺒﺎرﺣﺔ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ :‬ﻓ ﺼﻔﻔﻨﺎ ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ«‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﱠﺮ ﺑﻘﺒ ٍﺮ رﻃ ﺐٍ‪ ،‬ﻓ ﺼﻔﱡﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ وﻛ ﱠﺒ ﺮ أرﺑﻌ ﺎً«‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺒ ٍﺮ ﺑﻌﺪ ﺷﮭﺮ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻼ أو اﻣ ﺮأة‪ ،‬ﻛ ﺎن َﯾﻘُ ﱡﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻤ ﺎت‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻌﻠ ﻢ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﻤﻮﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺬﻛﺮه ذات‬
‫ﻋﻨﮫ »أن أﺳﻮد‪ ،‬رﺟ ً‬
‫ﯾﻮم ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣــﺎ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن؟ ﻗﺎﻟـﻮا‪ :‬ﻣﺎت ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻓﻼ آذﻧﺘﻤﻮﻧﻲ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬إﻧﮫ ﻛﺎن‬
‫ﻛ ﺬا وﻛ ﺬا‪ ،‬ﻗ ﺼﱠﺘﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺤ ﱡﻘ ﺮوا ﺷ ﺄﻧﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺪﻟﱡﻮﻧﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻗﺒ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺄﺗﻰ ﻗﺒ ﺮه ﻓ ﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﻀﻞُ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎزة واﺗﺒﺎﻋﮭﺎ‬

‫ﻣﻦ ﺗﺒﻊ ﺟﻨﺎزة ﻣﻦ ﺑﺪء ﺳﯿﺮھﺎ وﺧﺮوﺟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺑﯿ ﺖ أھﻠﮭ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﯾُ ﺼﻠﱠﻲ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻧ ﺎل أﺟ ﺮاً ﯾَﻌْ ـِﺪل‬
‫وزن اﻟﺠﺒﻞ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺤﺮص اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ واﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وإن ھ ﻮ اﺳ ﺘﻤﺮﱠ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤ ﺸﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺎزة ﺣﺘ ﻰ ُﺗ ﻮارى اﻟﺘ ﺮاب ﻧ ﺎل أﺟ ﺮًا ﯾﻌ ﺪل وزن ﺟﺒﻠ ﯿﻦ ﻋﻈﯿﻤ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺷﮭﺪ اﻟﺠﻨﺎزة ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻠﱢﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻠﮫ ﻗﯿﺮاط‪ ،‬وﻣﻦ ﺷﮭﺪ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗُﺪﻓﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻗﯿﺮاﻃﺎن‪ ،‬ﻗﯿﻞ‪ :‬وﻣ ﺎ اﻟﻘﯿﺮاﻃ ﺎن؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣﺜ ﻞ اﻟﺠﺒﻠ ﯿﻦ اﻟﻌﻈﯿﻤ ﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎزة وﻟﻢ َﯾ ْﺘ َﺒﻌْﮭﺎ ﻓﻠﮫ ﻗﯿﺮاط‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺒﻌﮭﺎ ﻓﻠﮫ ﻗﯿﺮاﻃﺎن‪ ،‬ﻗﯿ ﻞ‪ :‬وﻣ ﺎ‬
‫ﺣ ﺪ«‪ .‬وﻛﻤ ﺎ ﯾﺤ ﺼﻞ اﻟﺜ ﻮاب ﺑﺎﻟﻤ ﺸﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺎزة‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﺤ ﺼﻞ‬ ‫اﻟﻘﯿﺮاﻃﺎن؟ ﻗ ﺎل‪ :‬أﺻ ﻐﺮُھﻤﺎ ﻣﺜ ﻞ ُأ ُ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻛﻮب ﻓﻲ ﺳﯿﺎرة أو ﺑﺮﻛﻮب داﺑﱠﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺎﺷﻲ ﻛﺎﻟﺮاﻛﺐ ﻓﻲ اﺗﱢﺒﺎع اﻟﺠﻨﺎزة‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‬

‫ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﯾﺼﻠﱡﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺖ ﻓﻲ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬أي ﻓ ﻲ اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﺬي‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺼﻠﱡﻮن ﻓﯿﮫ ﺻﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬و َﻗﻠﱠﻤ ﺎ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺼﻠﻮن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫ﻲ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي ﻣﺎت ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﺧﺮج ﺑﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﻌﻰ اﻟﻨﺠﺎﺷ ﱠ‬
‫ﻓﺼﻒﱠ ﺑﮭﻢ‪ ،‬وﻛﺒﱠﺮ ﻋﻠﯿﮫ أرﺑﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮات« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وروى ﻋﺒـﺎد ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ‬
‫»أن ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻣﺮت أن ُﯾ َﻤ ﱠﺮ ﺑﺠﻨﺎزة ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﺘ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﻧﻜﺮ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻣﺎ أﺳﺮع ﻣﺎ ﻧﺴﻲ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻣﺎ ﺻﻠﱠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﮭﯿﻞ ﺑ ﻦ اﻟﺒﯿ ﻀﺎء إﻻ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﯾﺤﺪﱢث ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﻟﻤﺎ ﺗ ﻮﻓﻲ‬
‫ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص أرﺳﻞ أزواج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن ﯾﻤﺮوا ﺑﺠﻨﺎزﺗﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ُﯿ ﺼَﻠﱢﯿﻦ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﻔﻌﻠ ﻮا‪،‬‬
‫ﺠﺮِھﻦ ﯾﺼﻠﯿﻦ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أُﺧﺮج ﺑﮫ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ اﻟﺬي ﻛ ﺎن إﻟ ﻰ اﻟﻤﻘﺎﻋ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺒﻠﻐﮭﻦ‬ ‫ﻓﻮُﻗِﻒ ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺣُ َ‬
‫أن اﻟﻨﺎس ﻋﺎﺑﻮا ذﻟﻚ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا ﻣ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺠﻨ ﺎﺋﺰ ُﯾ ﺪﺧﻞ ﺑﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺒﻠ ﻎ ذﻟ ﻚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ‬
‫أﺳﺮع اﻟﻨﺎس إﻟﻰ أن ﯾﻌﯿﺒﻮا ﻣﺎ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﮭﻢ ﺑﮫ‪ ،‬ﻋﺎﺑﻮا ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ُﯾ َﻤ ﱠﺮ ﺑﺠﻨﺎزة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻣﺎ ﺻﻠﻰ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﺳﮭﯿﻞ ﺑﻦ ﺑﯿﻀﺎء إﻻ ﻓﻲ ﺟﻮف اﻟﻤﺴﺠﺪ«‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻣﺎ روى ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻮﻟـﻰ اﻟﺘﻮأﻣﺔ ﻋﻦ أﺑﻰ ھﺮﯾـﺮة رﺿــﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨﮫ ﻗــﺎل‪ :‬ﻗــﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪» r‬ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎزة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ ﺷﺊ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وﻟﻔﻈﮫ »ﻓﻼ ﺻﻼة ﻟﮫ«‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻓ ﻼ ﺷ ﺊ ﻟ ﮫ«‪ .‬ﻓ ﺈنﱠ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺪاره‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻟﺢ ﻣ ﻮﻟﻰ اﻟﺘﻮأﻣ ﺔ‪ ،‬اﺧ ﺘﻠﻂ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ ﻋﻤ ﺮه‪ ،‬وﺿ ﻌﻔﮫ أﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ اﻟﻘﻄ ﺎن وﻣﺎﻟ ﻚ‬

‫‪434‬‬
‫واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ إﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ ﺛﻘ ﺔً‪ ،‬ﻓﯿﻄ ﺮح ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ .‬وﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﻷَوﻟ ﻰ أن ُﯾ ﺼﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻨ ﺎﺋﺰ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬وﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ دون إﺛﻢ ودون ﺣﺮج‪.‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒُ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ وﻣﻦ اﻟﻤﺮأة‬

‫ﯾُ ﺸﺮع أن ﯾﻘ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻨ ﺎزة ﺣﯿ ﺎل رأس اﻟﺮﺟ ﻞ وأﻋ ﺎﻟﻲ ﺻ ﺪره‪ ،‬وﺣﯿ ﺎل وﺳ ﻂ‬
‫ﻋﺠِﯿﺰﺗِﮭ ﺎ‪ ،‬ھ ﺬا إن ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺠﻨ ﺎزة واﺣ ﺪة‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﺗﻌ ﺪدت اﻟﺠﻨ ﺎﺋﺰ ﻓﻜﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬إذا ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫اﻟﻤﺮأة وﻋﻨﺪ َ‬
‫ﺻﻔﱡﻮا ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻜﻮن اﻟﻮاﺣﺪ أﻣﺎم اﻵﺧ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ وﻗ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﺣ ﺬا َء رأس اﻷدﻧ ﻰ إﻟﯿ ﮫ ﻣ ﻨﮭﻢ‪،‬‬ ‫أﻣﻮاﺗًﺎ ﻋﺪة ُ‬
‫ﻼ ﻣﻌ ًﺎ ﺟُﻌ ﻞ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‬ ‫ﻼ واﻣ ﺮأة وﻃﻔ ً‬ ‫وﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ ﺻ ﻼة واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎﻧﻮا رﺟ ً‬
‫اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﺛﻢ ﺟُﻌﻞ اﻟﻄﻔﻞ أﻣﺎم اﻟﺮﺟ ﻞ ﺛ ﻢ ﺟُﻌﻠ ﺖ اﻟﻤ ﺮأة أﻣ ﺎم اﻟﻄﻔ ﻞ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ اﻹﻣ ﺎم‬
‫ﺟ ْﻨ ﺪُب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ وراء اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫ﺳ ُﻤﺮَة ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﺻﻼة واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ َ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻣﺮأة ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺎﺳﮭﺎ ﻓﻘﺎم وﺳﻄﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ أم ﻛﻌﺐ ﻣﺎﺗﺖ وھﻲ ُﻧ َﻔﺴَﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎم رﺳﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺳﻄﮭﺎ«‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﻏﺎﻟﺐ ‪ -‬اﻟﺤﻔﺎظ ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ أُﺗﻲ ﺑﺠﻨﺎزةِ‬
‫رﺟﻞٍ‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻋﻨﺪ رأس اﻟﺴﺮﯾﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أُﺗﻲ ﺑﺠﻨﺎزة اﻣﺮأة ﻓﻘﺎم أﺳﻔﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺬاء اﻟﺴﺮﯾﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻗﺎل ﻟﮫ اﻟﻌﻼء ﺑﻦ زﯾﺎد‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ﺣﻤﺰة أھﻜﺬا ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟﺮﺟ ﻞ واﻟﻤ ﺮأة ﻧﺤ ﻮًا ﻣﻤ ﺎ‬
‫رأﯾﺘﻚ ﻓﻌﻠﺖ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺄﻗ ﺒ ﻞ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ اﻟﻌ ﻼء ﺑ ﻦ زﯾ ﺎد ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﺣﻔﻈ ﻮا« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﻋﺠِﯿﺰﺗِﮭ ـﺎ«‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻟﻔﻈ ﮫ‬ ‫واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻓﻘ ﺎم ﻋﻨ ﺪ َ‬
‫» ﻓﻘﺎم أﺳﻔ َﻞ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺣ ﺬاء اﻟ ﺴﺮﯾﺮ ﯾﻌﻨ ﻲ وﺳ ﻂ اﻟﻤ ﺮأة«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋَﺠِﯿﺰﺗِﮭ ﺎ ‪ :‬أي ُﻣ َﺆﺧﱠﺮﺗِﮭ ﺎ‪ ،‬وﺗﻌﻨ ﻲ‬
‫وﺳﻂ اﻟﻤﺮأة‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ أﺑ ﻰ رﺑ ﺎح ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺎر ‪ -‬ﻣ ﻮﻟﻰ اﻟﺤ ﺎرث اﺑ ﻦ ﻧﻮﻓ ـﻞ ‪ -‬ﻗ ﺎل »ﺣ ﻀﺮت‬
‫ﺟﻨﺎزة ﺻﺒﻲ واﻣﺮأة‪ ،‬ﻓ ُﻘﺪﱢم اﻟﺼﺒﻲ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻘﻮم‪ ،‬ووُﺿﻌﺖ اﻟﻤ ﺮأة وراءه‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻘﻮم أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري واﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﺑﻮ ﻗﺘﺎدة وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﺘﮭﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘ ﺎﻟﻮا ‪ :‬اﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ«‬
‫رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ وُﺿﻌ ـﺖ اﻟﻤ ـﺮأة وراءه‪ :‬أي وُﺿ ـﻊ ﻧﻌ ﺶ اﻟﻤ ﺮأة وراء‬
‫ﻧﻌﺶ اﻟﺼﺒﻲ‪.‬‬

‫وإذا ﻛﺎن اﻟ ﺼﺒﻲ ﻣ ﺴﺠﱠﻰ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺮأة ﺗﻜ ﻮن آﻧ ﺬاك أﻣﺎﻣ ﮫ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ‪،‬‬
‫ﯾﺸﮭﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺻﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ ﺗ ﺴﻊ ﺟﻨ ﺎﺋﺰ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ اﻟﺮﺟ ﺎل‬
‫ﯾﻠﻮن اﻹﻣﺎم واﻟﻨﺴﺎء ﯾﻠﯿﻦ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺼﻔﱠﮭﻦ ﺻﻔًﺎ واﺣﺪاً‪ ،‬ووُﺿﻌﺖ ﺟﻨﺎزة أم ﻛﻠﺜﻮم ﺑﻨﺖ ﻋﻠ ﻲ اﻣ ﺮأة‬
‫ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب واﺑﻦ ﻟﮭﺎ ﯾﻘﺎل ﻟﮫ زﯾﺪ‪ ،‬وُﺿﻌﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬واﻹﻣ ﺎم ﯾﻮﻣﺌ ـﺬ ﺳﻌﯿ ـﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻌ ـﺎص‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻨﺎس اﺑﻦ ﻋﻤﺮ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وأﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ وأﺑﻮ ﻗﺘﺎدة‪ ،‬ﻓﻮُﺿﻊ اﻟﻐ ﻼم ﻣﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ اﻹﻣ ﺎم ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺟ ﻞ‪:‬‬
‫ﻓﺄﻧﻜﺮتُ ذﻟﻚ ﻓﻨﻈﺮت إﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وأﺑﻲ ھﺮﯾﺮة وأﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ وأﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ ھ ﺬا ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪:‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ«‪.‬‬
‫ھﻲ اﻟ ﱡ‬

‫ب ﻛﺜﺮ ِة اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ وﻛﺜﺮ ِة اﻟﺼﻔﻮف‬

‫اﺳﺘﺤﺒﺎ ُ‬
‫ﯾُﻨﺪب أن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎزة ﺟﻤﻊٌ ﻏﻔﯿ ﺮ ﻻ ﯾﻘﻠ ﻮن ﻋ ﻦ أرﺑﻌ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺑﻠﻐ ﻮا اﻟﻤﺎﺋ ﺔ ﻓﮭ ﻮ زﯾ ﺎدة‬
‫ﻒ اﻟﻤ ﺼﻠﱡﻮن ﻓ ﻲ ﺛﻼﺛ ﺔ ﺻ ﻔﻮف ﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ﻞ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺼﻠﻮن‬ ‫ﻓﻀﻞ وﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻨﺪب أن ﯾﺼﻄ ﱠ‬
‫ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺼﻼح واﻟﺘﻘﻮى ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ أرﺟ ﻰ ﻟﻘﺒ ﻮل ﺗ ﺸ ﱡﻔﻌِﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤﯿ ﺖ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ رﺟ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ ﯾﻤ ﻮت ﻓﯿﻘ ﻮم ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨﺎزﺗ ﮫ أرﺑﻌ ﻮن‬
‫ﻼ ﻻ ُﯾ ﺸﺮﻛﻮن ﺑ ﺎﷲ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ إﻻ ﺷ ﻔﱠﻌﮭﻢ اﷲ ﻓﯿ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ‬
‫رﺟ ً‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﯿﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮫ أﻣ ٌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‬ ‫ِ‬

‫‪435‬‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪.‬‬
‫ﺷﻔﱢﻌﻮا ﻓﯿﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﯾﺒﻠﻐﻮن ﻣﺎﺋﺔ ﻛﻠﮭﻢ ﯾﺸﻔﻌﻮن ﻟﮫ إﻻ ُ‬
‫وﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ھﺒﯿﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻣ ﺆﻣﻦ ﯾﻤ ﻮت ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫أﻣﺔٌ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﻠﻐﻮا أن ﯾﻜﻮﻧﻮا ﺛﻼﺛﺔ ﺻ ﻔﻮف إﻻ ﻏُﻔ ﺮ ﻟ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣ ﺎ ِﻣ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ ﯾﻤ ﻮت ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺔ ﺻ ﻔﻮف‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻻ أوﺟﺐ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻜﺎن ﻣﺎﻟﻚ إذا اﺳﺘﻘﻞﱠ أھﻞَ اﻟﺠﻨﺎزة ﺟﺰﱠأھﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺻﻔﻮف‪ ،‬ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ«‪.‬‬

‫ﺻﻔﺔُ ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة‬

‫ف ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻜﺒﱢﺮ راﻓﻌﺎً ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﺄس ﺑﻘ ﺮاءة ﺳ ﻮرة‬‫س ﺻﻔﻮ ٌ‬‫ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم واﻟﻨﺎ ُ‬
‫ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ ﺛﺎﻧﯿﺔ راﻓﻌﺎً ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬واﻷَوﻟ ﻰ أن ﯾﻘ ﻮل اﻟ ﺼﻼة اﻹﺑﺮاھﯿﻤﯿ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻜﱢﺒ ﺮ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ راﻓﻌ ﺎً ﯾﺪﯾ ﮫ‪ ،‬ﻓﯿ ﺪﻋﻮ ﻟﻠﻤﯿ ﺖ ﺑ ﺈﺧﻼص ﻃﺎﻟﺒ ﺎً ﻟ ﮫ اﻟﻤﻐﻔ ﺮة واﻟﺮﺣﻤ ﺔ‪ ،‬وإن ھ ﻮ دﻋ ﺎ ﺑﺄﺣ ﺪ‬
‫اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻛﺎن أﻓﻀﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻜﺒﱢﺮ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وإن ھ ﻮ ﺳ ﻠﱠﻢ أﯾ ﻀًﺎ ﻋ ﻦ‬
‫ﺴ ﱡﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة وﻻ ﯾﺠﮭ ﺮ‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟ ﺼﻔﺔ اﻟﻔ ﻀﻠﻰ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻨ ﺎزة‪.‬‬ ‫ﺷﻤﺎﻟﮫ ﻛﺎن أﻓﻀﻞ‪ ،‬و ُﯾ ِ‬
‫وﯾﺠﻮز ﺟﻤﻊ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻣﻊ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ واﻟﺴﻮرة‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺠﻮز أﯾﻀﺎً ﺟﻤ ﻊ اﻟ ﺪﻋﺎء إﻟﯿﮭ ﺎ ﻟﺘﻜ ﻮن‬
‫ﻛﻠﮭ ﺎ ﻋﻘ ﺐ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮة اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻜﺒ ﺮ ﺛﻼﺛ ًﺎ دون ﻗ ﺮاءة أو ذﻛ ﺮ أو دﻋ ﺎء‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺸﺮوع اﻟﻮاﺟ ﺐ ھ ﻮ‬
‫ﺳ ﻊ ﯾﺨﺘ ﺎر ﻣﻨ ﮫ‬‫ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻋﻘﺐ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮة اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺛ ﻼث ﺗﻜﺒﯿ ﺮات أﺧ ﺮى‪ ،‬وﺑ ﺎﻗﻲ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ ﻣُﻮ ﱠ‬
‫ﺢ ﺑﺄﯾ ﺔ ﺻ ﯿﻐﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟ ﺼﻼة اﻹﺑﺮاھﯿﻤﯿ ﺔ‬ ‫اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء‪ .‬واﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺗ ﺼ ﱡ‬
‫اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﻮس اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أﻓﻀﻞ وأوﻟ ﻰ‪ .‬وﯾﺠ ﻮز أن ﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼة اﻟﺠﻨ ﺎزة ﺟﮭﺮﯾ ﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻹﺳﺮار ﺑﮭﺎ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﯾﺠﻮز أن ﯾﻜﻮن اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﺧﻤﺴﺎً وﺳﺘﺎً وﺳﺒﻌًﺎ‪ .‬وھﺬه ھﻲ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻ ﻔﺔ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» :r‬ﻗ ﺪ ﺗ ﻮﻓﻲ اﻟﯿ ﻮم رﺟ ﻞ ﺻ ﺎﻟﺢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﺒﺶ‪ ،‬ﻓﮭُﻠﻢﱠ ﻓﺼﻠﱡﻮا ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺼﻔﻔﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋﻠﯿ ﮫ وﻧﺤ ﻦ ﺻ ﻔﻮف« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨ ﺎزة‪ ،‬ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ أرﺑﻌ ًﺎ‬
‫وﺳﻠﱠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﺧ ﻼ ٌل ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌﻠﮭ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗ ﺮﻛﮭ ﱠ‬

‫ﻦ اﻟﻨ ﺎس‪،‬‬ ‫ج‪ -‬ﻋﻦ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل » ِ‬
‫ﻦ ﺗﺴﻠﯿﻢ اﻹﻣﺎم ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎزة ﻣﺜﻞ ﺗﺴﻠﯿﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬ ‫إﺣﺪاھ ﱠ‬

‫د‪ -‬ﻋﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻮف ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨ ﺎزة‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬ورواه‬‫ﺳﻨﱠﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ِ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺎل‪ :‬ﻟﯿﻌﻠﻤﻮا أﻧﮭﺎ ُ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈﮫ »ﻓﻘﺮأ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرة‪ ،‬وﺟﮭﺮ ﺣﺘﻰ أﺳ َﻤﻌَﻨﺎ ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮغ أﺧﺬت ﺑﯿﺪه ﻓ ﺴﺄﻟﺘﮫ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل ﺳُﻨﱠﺔٌ وﺣﻖ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﺛﻢ اﻧﺼﺮف ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس‪ ،‬إﻧﻲ ﻟ ﻢ أﻗ ﺮأ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ واﻟ ﺴﱡﻨﺔ ھﻨ ﺎ‪ :‬أي ﻃﺮﯾﻘ ﺔ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ أو‬
‫ﻋﻠﻨ ًﺎ إﻻ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮا أﻧﮭﺎ اﻟﺴﱡﻨﺔ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ُ‬
‫اﻟﺘﻄﻮﱡع‪.‬‬

‫ھـ‪ -‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ ﺑ ﻦ ﺳ ﮭﻞ أﻧ ﮫ أﺧﺒ ﺮه رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن اﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎزة أن ﯾﻜﺒﱢﺮ اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﺮأ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮة اﻷوﻟﻰ ﺳﺮًا ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﯾﺨﻠﺺ اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﺠﻨﺎزة ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮات‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻨﮭﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ُﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﺳ ﺮًا ﻓ ﻲ‬

‫‪436‬‬
‫ﻧﻔﺴﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق وأﺑﻮ داود اﻟﻄﯿﺎﻟﺴﻲ‪ .‬وأﺧ ﺮج ﻧﺤ ﻮه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻣ ﻦ وﺟ ﮫ‬
‫آﺧﺮ‪.‬‬

‫و‪ -‬ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧ ـﮫ ﻛ ﺎن ﯾﺮﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة ﻣ ﻦ ﺗﻜﺒﯿ ﺮ‬
‫اﻟﺠﻨﺎزة‪ ،‬وإذا ﻗﺎم ﺑﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﯾﻌﻨ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪ .‬ورُوي اﻟﺮﻓ ﻊ ﻋ ﻦ‬
‫أﻧﺲ وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﯾﻀ ًﺎ‪.‬‬

‫ز‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻧﻌﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إﻟﻰ أﺻﺤﺎﺑﮫ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﺪﱠم ﻓﺼﻔﻮا‬
‫ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﻜﺒﱠﺮ أرﺑﻌ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ح ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ َأﺻْ ﺤﻤﺔ اﻟﻨﺠﺎﺷ ﻲ ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ أرﺑﻌ ﺎً« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ط ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻷﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ أرﻗ ﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨ ﺎزة‪ ،‬ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ‬

‫ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎم إﻟﯿﮫ أﺑﻮ ﻋﯿﺴﻰ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ أﺑ ﻰ ﻟﯿﻠ ﻰ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪه ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻧ ﺴﯿﺖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ وﻟﻜ ﻦ‬
‫ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ أﺑﻰ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺧﻠﯿﻠﻲ ﻓﻜﺒﱠﺮ ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻼ أﺗﺮﻛﮭ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ي ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ واﺋﻞ ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻜﺒﱢﺮون ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳ ﺒﻌﺎً وﺧﻤ ﺴﺎً وﺳ ﺘﺎً‪ ،‬أو ﻗ ﺎل‬
‫أرﺑﻌﺎً‪ ،‬ﻓﺠﻤﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﺻﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺄﺧﺒﺮ ﻛ ﱡﻞ رﺟ ٍﻞ ﺑﻤ ﺎ رأى ‪،‬‬
‫ﻓﺠﻤﻌﮭﻢ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮات ﻛﺄﻃﻮل اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ك ‪ -‬ﻋﻦ ﺷﺮﺣﺒﯿﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺎل »ﺣﻀﺮت ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺻﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨ ﺎزة ﺑ ﺎﻷﺑﻮاء‪،‬‬
‫وﻛﺒﱠﺮ ﺛﻢﱠ ﻗﺮأ ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن راﻓﻌ ًﺎ ﺻﻮﺗﮫ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﻋﺒ ﺪُك واﺑ ﻦُ ﻋﺒ ﺪك‬
‫ﻦ أﻣﺘﻚ ﯾﺸﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪك ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟ ﻚ وﯾ ﺸﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪك ورﺳ ﻮﻟﻚ أﺻ ﺒﺢ‬ ‫واﺑ ُ‬
‫ﻓﻘﯿﺮاً إﻟﻰ رﺣﻤﺘﻚ وأﺻﺒﺤﺖَ ﻏﻨﯿًﺎ ﻋﻦ ﻋﺬاﺑﮫ‪ ،‬ﺗَﺨﻠﱠﻰ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ وأھﻠﮭ ﺎ‪ ،‬إن ﻛ ﺎن زاﻛﯿ ًﺎ ﻓﺰ ﱢﻛ ﮫ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن ﻣﺨﻄﺌﺎً ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﮫ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ أﺟﺮه وﻻ ُﺗﻀِﻠﱠﻨﺎ ﺑﻌﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﻛﺒﺮ ﺛ ﻼث ﺗﻜﺒﯿ ﺮات ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﻲ ﻟﻢ أﻗﺮأ ﻋﻠﻨﺎً إﻻ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮا أﻧﮭﺎ اﻟﺴﱡﻨﺔ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﺷﺮﺣﺒﯿﻞ ﺿﻌﻔﮫ ﻧ ﺎس‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ووﺛﱠﻘﮫ اﺑﻦ ِ‬

‫اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﻤﯿﺖ‬
‫ﯾﺼﺢ اﻟﺪﻋـﺎء ﺑﺄﯾﺔ ﺻﯿﻐﺔ ﻓﯿﮭـﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺮﺣﻤـﺔ واﻟﻤﻐﻔـ ـﺮة ﻟﻠﻤﯿ ﺖ‪ ،‬واﻟﺘ ﺸﻔﱡـﻊ ﻟـ ـﮫ ﺑ ﺈﺧﻼص‪ ،‬إﻻ‬
‫أن اﻟﺪﻋﺎء ﺑﺎﻟﻤﺄﺛﻮر أﻓﻀﻞ‪ ،‬وھﺬه ﺛﻼث ﺻﯿﻎٍ ﻟﻠﺪﻋﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺖ ﻣﺮوﯾﺔ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪:r‬‬

‫ﺳ ﻊ ﻣُﺪْﺧَﻠ ﮫ‪ ،‬واﻏ ﺴﻠﮫ ﺑﺎﻟﻤ ﺎء‬ ‫ﻒ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وأَ ْﻛ ﺮِ ْم ُﻧﺰَُﻟ ﮫ وو ﱢ‬

‫أ‪ -‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﮫ وارﺣﻤﮫ‪ ،‬وﻋﺎﻓِ ِﮫ واْﻋ ُ‬
‫واﻟﺜﻠﺞ واﻟ َﺒﺮَد‪ ،‬وﻧﻘﱢﮫ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﻘﱠﯿﺖ اﻟﺜﻮب اﻷﺑﯿﺾ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻧﺲ‪ ،‬وأﺑﺪ ْﻟ ﮫ داراً ﺧﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ داره‪،‬‬
‫ﻋﺬْه ﻣﻦ ﻋ ﺬاب اﻟﻘﺒ ﺮ وﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب‬ ‫ﻼ ﺧﯿﺮًا ﻣﻦ أھﻠﮫ‪ ،‬وزوﺟ ًﺎ ﺧﯿﺮاً ﻣﻦ زوﺟﮫ‪ ،‬وأدﺧﻠﮫ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وَأ ِ‬ ‫وأھ ً‬
‫اﻟﻨﺎر‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﻏﻔ ﺮ ﻟﺤﯿﱢﻨ ﺎ وﻣﯿﺘﻨ ﺎ وﺷ ﺎھﺪﻧﺎ وﻏﺎﺋﺒﻨ ﺎ وﺻ ﻐﯿﺮﻧﺎ وﻛﺒﯿﺮﻧ ﺎ وذﻛﺮﻧ ﺎ وأُﻧﺜﺎﻧ ﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻣ ﻦ‬
‫أﺣﯿﯿ َﺘ ﮫ ﻣﻨ ﺎ ﻓ َﺄﺣْﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺗﻮﻓﯿﺘ ﮫ ﻣﻨ ﺎ ﻓﺘﻮ ﱠﻓ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻹﯾﻤ ﺎن‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨ ﺎ أﺟ ﺮه وﻻ‬
‫ﺗُﻀِﻠﱠﻨﺎ ﺑﻌﺪه‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫ﻦ ﻋﺒﺪِك‪ ،‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺸﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪك ورﺳ ﻮﻟﻚ‪ ،‬وأﻧ ﺖ‬ ‫ج‪ -‬اﻟﻠﮭﻢ ﻋﺒﺪُك واﺑ ُ‬
‫أﻋﻠﻢ ﺑﮫ ﻣﻨﻲ‪ ،‬إن ﻛﺎن ﻣﺤﺴﻨ ًﺎ ﻓﺰد ﻓﻲ إﺣﺴﺎﻧﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﺴﯿﺌ ًﺎ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ أﺟﺮه وﻻ ﺗَﻔﺘﻨﱠﺎ‬
‫ﺑﻌﺪه‪.‬‬

‫دﻟﯿﻞ اﻟﺪﻋﺎء اﻷول ﻣ ـﺎ رواه ﻋ ﻮف ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ‬

‫ﻒ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وأَﻛ ﺮم ُﻧ ـﺰُﻟﮫ‬
‫ﺖ ﻣﻦ دﻋﺎﺋﮫ وھﻮ ﯾﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﮫ وارﺣﻤﮫ‪ ،‬وﻋﺎﻓﮫ واﻋ ُ‬ ‫ﺟﻨﺎزة‪ ،‬ﻓﺤﻔﻈ ُ‬
‫ووﺳﱢﻊ ﻣُ ْﺪﺧَﻠَﮫ‪ ،‬واﻏﺴﻠﮫ ﺑﺎﻟﻤﺎء واﻟ ﺜﻠﺞ واﻟﺒَ ﺮَد‪ ،‬وﻧﻘﱢ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺨﻄﺎﯾ ﺎ ﻛﻤ ﺎ ﻧﻘﯿ ﺖ اﻟﺜ ﻮب اﻷﺑ ﯿﺾ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ ﺧﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ أھﻠ ﮫ‪ ،‬وزوﺟ ًﺎ ﺧﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ زوﺟ ﮫ‪ ،‬وأدﺧﻠ ﮫ‬‫اﻟ ﺪﻧﺲ‪ ،‬وَأ ْﺑﺪِﻟ ﮫ دارًا ﺧﯿ ﺮاً ﻣ ﻦ داره‪ ،‬وأھ ً‬
‫ﻋﺬْه ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ وﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬ ‫اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وَأ ِ‬

‫ودﻟﯿﻞ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎ رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨ ﺎزة‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔــﺮ ﻟﺤﯿﱢﻨﺎ وﻣﯿﺘﻨــﺎ‪ ،‬وﺷﺎھﺪﻧـﺎ وﻏﺎﺋﺒﻨﺎ‪ ،‬وﺻﻐﯿﺮﻧـــﺎ وﻛﺒﯿﺮﻧﺎ‪ ،‬وذﻛﺮﻧﺎ وأُﻧﺜﺎﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫ﺣﯿِﮫ ﻋﻠــﻰ اﻹﺳـﻼم‪ ،‬وﻣﻦ ﺗﻮﻓﯿﺘﮫ ﻣﻨﺎ ﻓﺘﻮﻓﱠﮫ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﻤﺎن‪ ،‬اﻟﻠﮭـﻢ ﻻ َﺗﺤْﺮﻣﻨﺎ أﺟﺮه‬ ‫ﻣﻦ أﺣﯿﯿﺘَﮫ ﻣﻨﺎ ﻓَﺄ ْ‬
‫وﻻ ﺗُﻀﻠﱠﻨﺎ ﺑﻌﺪه« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟـ ـﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي إﻟ ﻰ»ﻓﺘﻮﻓﱠ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻹﯾﻤ ﺎن« ورواه أﺑ ﻮ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬ ‫داود واﺑﻦ ِ‬

‫ودﻟﯿﻞ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺎ رواه أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻦ ﻋﺒ ﺪِك ﻛ ﺎن ﯾ ﺸﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪُك ورﺳ ﻮﻟُﻚ‪،‬‬
‫ﺟﻨﺎزة ﯾﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻋﺒ ﺪُك واﺑ ُ‬
‫وأﻧﺖ أﻋﻠﻢ ﺑﮫ ﻣﻨﻲ‪ ،‬إن ﻛﺎن ﻣﺤﺴﻨ ًﺎ ﻓﺰد ﻓﻲ إﺣﺴﺎﻧﮫ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣُﺴﯿﺌ ًﺎ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﮫ‪ ،‬وﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ أﺟﺮه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪.‬‬‫وﻻ ﺗَﻔ ِﺘﻨﱠﺎ ﺑﻌﺪه« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫وإﻧ ﻲ أرى أن اﻟ ﺪﻋﺎﺋﯿﻦ اﻷول واﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﯾُ ﺪﻋﻰ ﺑﺄﺣ ﺪھﻤﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﯿ ﺖ ﺑﺎﻟﻐ ﺎً‪ ،‬ذﻛ ﺮاً ﻛ ﺎن أو‬
‫ﻼ دون اﻟﺒﻠ ﻮغ ﻓ ُﯿ ﺪﻋﻰ ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ .‬وﯾﻤﻜ ﻦ أن ُﯾ ﺪﻋﻰ‬ ‫ﺳ ﻘْﻄﺎً أو ﻃﻔ ً‬ ‫اﻣ ﺮأة‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤﯿ ﺖ ِ‬
‫ﺟ ﺮًا[‪ .‬ﻓﻌ ﻦ ھﻤ ﺎم ﺑ ﻦ ﻣﻨﺒ ﮫ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬‫ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء اﻟﺘ ﺎﻟﻲ أﯾ ﻀًﺎ ]اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌﻠ ﮫ ﻟﻨ ﺎ ﺳَ َﻠ َﻔًﺎ و َﻓﺮَﻃ ًﺎ وأ ْ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻔﻮس اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻌﻤﻞ ﺧﻄﯿﺌﺔ ﻗﻂ‪ ،‬وﯾﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻠﮫ ﻟﻨ ﺎ‬
‫ن »وأﺟﺮاً« ﺑﺪل )وذﺧﺮاً( رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬ ‫ﻆ ﺛﺎ ٍ‬
‫ﺳ َﻠ َﻔ ًﺎ و َﻓﺮَﻃ ًﺎ وذُﺧﺮًا « وﻓﻲ ﻟﻔ ٍ‬
‫َ‬

‫واﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﻤﯿﺖ أن ﯾﻜﻮن ﺑﺈﺧﻼص ﻋ ﱠﻞ اﷲَ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﺘﻘﺒﻞ اﻟ ﺪﻋﺎء وﯾُ ﺸﻔﱢﻊ‬
‫ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺖ‪ ،‬وﺑﺪون اﻹﺧﻼص ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء ﻻ ﯾﻜﻮن ﺷﺊ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻗﺪ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إذا ﺻﻠﯿﺘﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﯿ ﺖ ﻓﺄﺧﻠ ﺼﻮا ﻟ ﮫ اﻟ ﺪﻋﺎء«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬

‫وھﺬه اﻷدﻋﯿﺔ ﺟﺎءت ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺼﯿﻐﺔ اﻟﻤﺬﻛﱠﺮ‪ ،‬وھ ﻲ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻠ ﺬﻛﻮر واﻹﻧ ﺎث دون ﺗﻐﯿﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓ ُﯿ ﺪﻋﻰ‬
‫ﺑﮭﺎ ﻛﻤﺎ وردت ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻤﯿﺖ ذﻛﺮًا أو أﻧﺜﻰ‪ ،‬وﯾﻜﻮن اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻠ ﻰ إرادة اﻟ ﺸﺨﺺ اﻟﻤُﺘ ﻮﻓﱠﻰ‪ ،‬وھ ﻮ‬
‫ﯾﺸﻤﻞ اﻟﺠﻨﺴﯿﻦ ‪.‬‬

‫ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ﻣﻦ ﻃﮭﺎرة ﻛﺎﻣﻠﺔ‬

‫ھﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﯾﺠﯿﺰون ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ﺑﺪون وﺿﻮء ﻣﻌﺘﺒﺮﯾﻦ أﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺻ ﻼة‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ھﻲ دﻋ ﺎء‪ ،‬أو ﺻ ﯿﻐﺔ وھﯿﺌ ﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﯿﻎ اﻟ ﺪﻋﺎء وھﯿﺌﺎﺗ ﮫ‪ ،‬واﻟ ﺪﻋﺎء ﻻ ﯾﻠﺰﻣ ﮫ اﻟﻮﺿ ﻮء وﻻ اﻟﻄﮭ ﺎرة‪.‬‬
‫ﻼ ﺻ ﻼ ٌة ﻛ ﺴﺎﺋﺮ‬ ‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء‪ :‬ﻟﻘﺪ اﺑﺘﻌﺪﺗﻢ ﻛﺜﯿﺮًا ﻋﻦ اﻟﺤ ﻖ واﻟ ﺼﻮاب‪ ،‬ﻷن ﺻ ﻼة اﻟﺠﻨ ﺎزة ھ ﻲ ﻓﻌ ً‬
‫اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬ﺗﺒﺘﺪئ ﺑﺘﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام وﺗﻨﺘﮭﻲ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬و ُﯾﻘْﺮأ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬وﺗُ ﺆدﱠى ﻛﻤ ﺎ ﺗُ ﺆدﱠى‬

‫‪438‬‬
‫اﻟﺼﻠﻮات ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ وﻏﯿﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻠﮭﺎ إﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮﻣﻮن ﯾﺼﻄﻔﱡﻮن ﺧﻠﻔﮫ ﯾﻘﺘ ﺪون ﺑ ﮫ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ وردت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟﻨﺎﻃﻘ ﺔ ﺑﻮﺻ ﻔﮭﺎ ﺻ ﻼة‪ ،‬وﯾﻜﻔ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺮوي ﻋﻠ ﻰ ﻟ ﺴﺎن‬
‫اﻟﺮﺳ ﻮل ‪» r‬ﺻ ﻠﻮا ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺎﺣﺒﻜﻢ«‪ .‬وﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻨﺠﺎﺷ ﻲ »ﻓ ﺼﻠﱡﻮا ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓ ﺼﻔﻔﻨﺎ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وﻧﺤﻦ ﺻﻔﻮف«‪ .‬وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻨﺎ ﻟﻤﺰﯾﺪ ﺑﯿﺎن ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﻀﯿﺔ ھﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻮﺿ ﻮح ﺑﺤﯿ ﺚ ﻻ ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ‬
‫وِﻗﻔ ٍﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬه‪.‬‬

‫ﺠﻤُﻌَﺔ‬
‫‪ .3‬ﺻﻼةُ اﻟ ُ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺮض ﻋﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢٍ ذﻛ ٍﺮ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﻋﻨﮭﺎ ﺛﻼث ﻣﺮات ﺑﺪون ﻋﺬر‬
‫أو ﺗﮭﺎوﻧﺎً ﺑﮭﺎ ﯾﻄﺒﻊ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﮫ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻋﻨﺪه ﻣ ﻦ اﻟﻐ ﺎﻓﻠﯿﻦ وﻣ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ‪ .‬وھ ﻲ رﻛﻌﺘ ﺎن‬
‫اﺛﻨﺘﺎن ﻋﺎدﯾﺘﺎن ﺗُﻮدﱠﯾﺎن ﺟﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﯾﺴﺒﻘﮭﻤﺎ ﻗﯿﺎم اﻹﻣ ﺎم ﺑﺈﻟﻘ ﺎء ﺧﻄﺒﺘ ﯿﻦ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﺟﻠ ﺴﺔ ﻗ ﺼﯿﺮة‪ ،‬وﺗُﻮدﯾﱠ ﺎن‬
‫ص وآﺛ ﺎ ٍم‬
‫ﺟﮭﺮًا‪ .‬وﻣﻦ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻟﮫ ﻛﻔﺎرة ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﺎ ٍ‬
‫ﺳﻮى اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ‪ ،‬وھﺬه ھﻲ أدﻟﺔ ﻣﺎ ﺳﻘﻨﺎه ﻣﻦ أﺣﻜﺎم‪:‬‬

‫ﷲ‬
‫ﺳ َﻌﻮْا إﻟ ﻰ ِذ ْﻛ ِﺮ ا ِ‬ ‫ﻦ َﯾ ْﻮ ِم اﻟﺠُﻤُ َﻌ ِﺔ ﻓَﺎ ْ‬ ‫ي ﻟﻠ ﺼﱠﻼ ِة ِﻣ ْ‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُ ﻮْا إذَا ﻧُ ْﻮ ِد َ‬ ‫‪ -1‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﯾَﺎ َأﯾﱡﮭَﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ‬
‫ض وَا ْﺑ َﺘﻐُﻮْا ِﻣ ْ‬
‫ﺸﺮُوْا ﻓﻲ ا َﻷ ْر ِ‬ ‫ﻀﯿَﺖ اﻟﺼﱠﻼةُ ﻓَﺎ ْﻧ َﺘ ِ‬ ‫ن ‪ .‬ﻓَﺈذَا ﻗُ ِ‬ ‫ن ﻛُ ْﻨﺘُ ْﻢ ﺗ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬‫ﺧ ْﯿ ٌﺮ َﻟﻜُ ْﻢ إ ْ‬
‫َو َذرُوا اﻟ َﺒ ْﯿ َﻊ َذ ِﻟﻜُ ْﻢ َ‬
‫ن[ اﻵﯾﺘﺎن ‪ 9‬و ‪ 10‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪.‬‬ ‫ﷲ َﻛ ِﺜ ْﯿ َﺮًا َﻟ َﻌﻠﱠﻜُ ْﻢ َﺗ ْﻔ ِﻠﺤُ ْﻮ َ‬
‫ﷲ وَا ْذﻛُﺮُوْا ا َ‬ ‫ﻀ ِﻞ ا ِ‬
‫َﻓ ْ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ وأﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬أﻧﮭﻤﺎ ﺳﻤﻌﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻦ ﻣﻦ‬‫أﻋﻮاد ﻣﻨﺒﺮه »ﻟَﯿﻨ َﺘ ِﮭ َﯿﻦﱠ أﻗ ﻮامٌ ﻋ ﻦ َو َدﻋِﮭ ﻢ اﻟﺠﻤﻌ ﺎت أو ﻟﯿﺨ ﺘﻤﻦﱠ اﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻗﻠ ﻮﺑﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟﯿﻜ ﻮ ُﻧ ﱠ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ واﺑ ﻦ‬ ‫اﻟﻐ ﺎﻓﻠﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ‪ -‬ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ‪ -‬رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨـﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﻘﻮم ﯾﺘﺨﻠﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪:‬‬
‫ق ﻋﻠ ﻰ رﺟ ﺎل ﯾﺘﺨﻠﻔ ﻮن ﻋ ﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ«‬
‫ﺣ ﱢﺮ َ‬
‫ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﺛ ﻢ ُأ َ‬
‫ﺖ أن آﻣ ﺮ رﺟ ً‬
‫ﻟﻘﺪ ھﻤﻤ ـ ُ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺗ ﺮك اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺛ ﻼث ﻣِ ﺮارٍ ﻣ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وروى اﺑ ﻦ‬‫ﻏﯿﺮ ﻋﺬر ﻃﺒﻊ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨّﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ اﻟﺠﻌ ﺪ اﻟ ﻀﻤﺮي أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‬ ‫ِ‬
‫»ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات ﺗﮭﺎوﻧ ًﺎ ﺑﮭ ﺎ ﻃﺒ ﻊ اﷲ ﻋﻠ ﻰ ﻗﻠﺒ ﮫ«‪ .‬ﻓﺠ ﺎء ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺠﻌﺪ اﻟﻀﻤﺮي أﯾ ﻀًﺎ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺗ ﺮك‬ ‫»ﺗﮭﺎوﻧﺎً«‪ .‬وروى اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻋﺬر ﻓﮭﻮ ﻣﻨﺎﻓﻖ«‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻼة اﻟ ﺴﻔﺮ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻷﺿ ﺤﻰ‬

‫رﻛﻌﺘﺎن‪ ،‬وﺻﻼة اﻟﻔﻄﺮ رﻛﻌﺘﺎن‪ ،‬وﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬ﺗﻤ ﺎمٌ ﻏﯿ ﺮ ﻗ ﺼﺮٍ ﻋﻠ ﻰ ﻟ ﺴﺎن ﻣﺤﻤ ﺪ ‪«r‬‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وﻓ ﻲ ﺳ ﻨﺪه اﻧﻘﻄ ﺎع ﺑ ﯿﻦ ﻋﻤ ﺮ واﻟ ﺮاوي ﻋﻨ ﮫ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻟﯿﻠﻰ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﺻﻠﮫ ﺑﺄن ذﻛﺮ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﺠﺮة ﻓﺼﺎر اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ .‬ﻏﯿ ﺮ‬
‫أن اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ]ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﻣﺤﻤﺪ ‪ [...‬وإﻧﻤﺎ روى اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻮﻗﻮﻓًﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮ‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫‪ -6‬ﻋ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬ﻻ ﯾﻐﺘ ﺴﻞ رﺟ ٌﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﺲ ﻣﻦ ﻃﯿﺐ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺨ ﺮج ﻓ ﻼ ﯾﻔ ﺮﱢق ﺑ ﯿﻦ‬‫ﻃﮭْﺮ‪ ،‬وﯾﺪﱠھﻦ ﻣﻦ دُھﻨﮫ أو ﯾﻤ ﱡ‬
‫وﯾﺘﻄﮭﺮ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ ُ‬
‫ﻏﻔِﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑ ﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ اﻷﺧ ﺮى«‬
‫اﺛﻨﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﺎ ُﻛﺘِﺐ ﻟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﺼﺖ إذا ﺗﻜﻠﻢ اﻹﻣﺎم إﻻ ُ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ ﺑﺎﺧﺘﻼفٍ ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ‪ .‬وﻟﻤﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻓﺄﺣ ﺴﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء ﺛ ﻢ أﺗ ﻰ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﺎﺳ ﺘﻤﻊ‬
‫وأﻧﺼﺖ ﻏُﻔﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ وزﯾﺎدة ﺛﻼﺛـﺔ أﯾﺎم‪ ،‬وﻣﻦ ﻣﺲﱠ اﻟﺤﺼﻰ ﻓﻘﺪ ﻟﻐﺎ«‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟﺠﻤﻌ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻛﻔ ﺎرةُ ﻣ ﺎ‬

‫ﺶ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬
‫ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ُﺗ ْﻐ َ‬

‫‪ -8‬ﻋﻦ ﺣﻔﺼﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »رَوا ُ‬

‫ح اﻟﺠﻤﻌﺔ واﺟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣﺤ ﺘﻠﻢ« رواه‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﺳ ﻤﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧﻄﺒﺘ ﺎن ﯾﺠﻠ ﺲ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﯾﻘ ﺮأ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟ ﻮاردة‪ ،‬ووﺟ ﮫ‬
‫اﻟﻘﺮآن وﯾﺬﻛﱢﺮ اﻟﻨﺎس« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﮭ ﺎ ﺗ ﺪ ﱡ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺎ ﻇﺎھﺮ‪ ،‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻣﺰﯾﺪٌ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ واﻟﺘﻮﺿﯿﺤﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺣﻜ ﺎم ﻓ ﻲ اﻷﺑﺤ ﺎث‬
‫اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﺈذن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺠﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﺗﺠﺐ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻷﻣﺼﺎر‪ ،‬أي ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن اﻟﻤ ﺪن واﻟﻘ ﺮى واﻟﺘﺠﻤﻌ ﺎت اﻟ ﺴﻜﻨﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺎرﺟﯿﻦ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺒﻌﯿﺪﯾﻦ ﻋﻦ ﺳﻤﺎع اﻷذان‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ ﺗﻘ ﺪﯾﺮ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﺒﻌ ﺪ ﻋ ﻦ اﻟ ِﻤ ﺼﺮ‬
‫ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬أي ﺑﺤ ﻮاﻟﻲ ﺧﻤ ﺴﺔ ﻛﯿﻠ ﻮﻣﺘﺮات ﺗﻘﺮﯾﺒ ﺎً‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ اﺑﺘﻌ ﺪ ﻋ ﻦ ﺣ ﺪود اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ أو اﻟﻘﺮﯾ ﺔ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﺟُﻤﻌ ﺔ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺴﻤﻊ اﻷذان ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺎدة‪ ،‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑ ﺎﻷذان ھﻨ ﺎ اﻷذان دون‬
‫ﻣﻜﺒﱢﺮات اﻟﺼﻮت أو اﻟﻤُﺬاع ﻣﻦ اﻹذاﻋﺎت‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﻷذان ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟﺒﺸﺮي اﻟﻌﺎدي‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﻋﻤﺮو‬
‫ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪» :‬إﻧﻤ ﺎ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﺳ ﻤﻊ اﻟﻨ ﺪاء« رواه‬
‫اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﻻ ﺑ ﺄس ﺑ ﮫ‪ .‬وروى ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﯿﺐ »أن ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻌﺎص ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻮھﻂ ﻓﻼ ﯾﺸﮭﺪ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻒ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻄﺎﺋﻒ أرﺑﻌﺔ أﻣﯿﺎل‬
‫ﺟﻤُﻌ ﺔ وﻻ ﺗ ﺸﺮﯾﻖ‬ ‫أو ﺛﻼﺛﺔ« رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﻗ ﺎل »ﻻ ُ‬
‫إﻻ ﻓﻲ ﻣﺼ ٍﺮ ﺟﺎﻣ ٍﻊ« رواه اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ )‪...‬ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌ ﺮب ﺣ ﻮل‬
‫ﻒ‪.(...‬‬ ‫اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﯿﻤﻮا ﺟﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻻ أﻣﺮھﻢ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬وﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻟﻢ َﯾ ْ‬
‫ﺨ َ‬

‫وﺗﺠﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴﻠﻢ ‪ :‬إﻻ اﻟﻤ ﺮﯾﺾ واﻟ ﺼﺒﻲ واﻟﻤ ﺮأة واﻟﻌﺒ ﺪ واﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻌ ﺬور‬
‫ﻟﻌﺬ ٍر ﻛﺎﻟﻤﻄﺮ واﻟﻮﺣﻞ واﻟﺒﺮد اﻟ ﺸﺪﯾﺪ واﻟﺨ ﻮف ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﻨﻔﺲ أو اﻟﻤ ﺎل أو اﻷھ ﻞ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﻤﺤﺒ ﻮس‪.‬‬
‫وﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪ ﻓﻲ ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ أﺟﺰأﺗﮫ ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﯾﺠﻮز ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺼﻠﱢﻲ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻦ ﻟﮫ أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ إِﺿ ﺎﻓﺔ ﻟ ﺼﻼة‬ ‫وھﺬا اﻟﺤﻜﻢ اﻷﺧﯿﺮ ﯾﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻣﻮم‪ ،‬أﻣﺎ اﻹﻣﺎم ﻓﺄﻧﮫ ﯾُﺴ ﱡ‬
‫اﻟﻌﯿﺪ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻟﯿﺸﮭﺪھﺎ ﻣﻌﮫ ﻣﻦ ﺗﺨﻠﻔﻮا ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪ وﻣﻦ أرادوا أداءھﺎ ﻣﻤﻦ ﺻﻠﻮا ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪ‪.‬‬

‫وﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﻘﯿﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺮ أن ﯾﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻗﺒ ﻞ ﺣﻠ ﻮل وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻓ ﻲ‬

‫وﻗﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻼ ﯾﺤﻞ ﻟﮫ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻷن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ وﺟﺒﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻼ ﯾﺤﻞ ﻟ ﮫ ﺗﺮﻛﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻖ واﺟﺐٌ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ إﻻ أرﺑﻌ ﺔ‪ :‬ﻋﺒ ﺪ‬ ‫ﻃﺎرق ﺑﻦ ﺷﮭﺎب ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺣ ٌ‬
‫ﻣﻤﻠﻮك أو اﻣﺮأة أو ﺻﺒﻲ أو ﻣﺮﯾﺾ« رواه أﺑﻮ داود ﻣﺮﺳﻼً ووﺻﻠﮫ اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ﻓﻘﺪ رواه ﻋﻨﺪه ﻃﺎرق‬

‫‪440‬‬
‫ﺑﻦ ﺷﮭﺎب ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﺻ ﺤﯿﺢ‪ .‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻨﻔﮫ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺤ ﺴﻦ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﺟﻤﻌ ﺔ«‪ .‬وھ ﻮ ﻣﺮﺳَ ﻞ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬وﻣﺮاﺳ ﯿﻞ‬
‫ﺳ ﻞ اﻟ ﺬي رواه اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻷن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋ ﺪول‪ .‬وﻣﺜﻠ ﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﺮ َ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وأﺑﻮ داود ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ذﺋ ﺐ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ اﺑ ﻦ ﺷ ﮭﺎب ‪ -‬اﻟﺰﱡھ ﺮي ‪ -‬ﯾﺮﯾ ﺪ أن ﯾ ﺴﺎﻓﺮ ﯾ ﻮم‬
‫ﺤ َﻮةً‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬ﺗﺴﺎﻓﺮ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳﺎﻓﺮ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ«‪ .‬وروى‬ ‫ﺿْ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ َ‬
‫ﻼ ﻋﻠ ﻰ ھﯿﺌ ﺔ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﮫ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻟ ﻮﻻ أن‬ ‫اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪه » أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب أﺑ ﺼﺮ رﺟ ً‬
‫اﻟﯿﻮم ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﻟﺨﺮﺟﺖُ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ‪ :‬أُﺧﺮج ﻓ ﺈن اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻻ ﺗﺤ ﺒﺲ ﻋ ﻦ ﺳ ﻔﺮ «‪ .‬وھ ﺬا اﻷﺛ ﺮ وإن‬
‫ﻛﺎن ﻗﻮﻻً ﻟﻌﻤﺮ إﻻ أﻧﮫ ﯾﺒﻌﺪ أن ﯾﻘﻮﻟﮫ ﻋﻤﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﯾ ﺔ ﺣ ﺎل ﻓ ﺈن ﻗ ﻮل اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﻜ ﻢ‬
‫ﺷﺮﻋﻲ ﯾﺼﺢ أﺧﺬه واﻟﻌﻤ ﻞ ﺑ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻠ ﯿﺢ ﺑ ﻦ أﺳ ﺎﻣﺔ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل »أﺻ ﺎب اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم‬
‫ﺟﻤﻌﺔ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ ﻣﻄﺮًا ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن اﻟﺼﻼة اﻟﯿﻮم أو اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﯿﻮم ﻓﻲ اﻟﺮﱢﺣﺎل« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ‬
‫داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺮﱢﺣ ﺎل‪ :‬أي ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻟﻤ ﺴﺎﻛﻦ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت رواﯾ ﺎت ﺗ ﺬﻛﺮ‬
‫اﻟﺒﯿﻮت ﻧﺼﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث اﺑﻦ ﻋﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ ﻗﺎل »ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻟﻤﺆذﱢﻧ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﯾﻮم ﻣﻄﯿﺮ‪ :‬إذا ﻗﻠﺖَ أﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ ﻓﻼ ﺗﻘﻞ ﺣﻲﱠ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﻞ ﺻ ﻠﻮا ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻜﺄنﱠ اﻟﻨﺎس اﺳﺘﻨﻜﺮوا‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻌﻠﮫ ﻣﻦ ھﻮ ﺧﯿﺮ ﻣﻨﻲ‪ ،‬إن اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﺰﻣﺔ‪ ،‬وإﻧ ﻲ ﻛﺮھ ﺖ أن أُﺣ ﺮﺟﻜﻢ‬
‫ﻓﺘﻤﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﻄ ﯿﻦ واﻟ ﱠﺪﺣْﺾ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ﺪﱠﺣْﺾ‪ :‬أي اﻟﺰﻟ ﻖ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا‬
‫اﻟﻘﻮل واﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤﻄ ﺮ واﻟﻄ ﯿﻦ ﻣ ﻦ أﻋ ﺬار ﺗ ﺮك اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬وﯾ ﺪل ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺣﺮِﺟﻜﻢ« ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﺔ ﻟﺘﺮك اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤﻄ ﺮ واﻟﻄ ﯿﻦ‪ ،‬وھ ﻲ اﻟﻤ ﺸﻘﺔ وﺣ ﺼﻮل‬ ‫»وإﻧﻲ ﻛﺮھﺖ أن ُأ ْ‬
‫اﻟﺤﺮج‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻷﻋﺬار أﯾﻀًﺎ اﻟﺮﯾﺢ اﻟﺸﺪﯾﺪة واﻟﺒﺮد اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻟﻤﺎ رواه ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﺎدي ﻣﻨﺎدﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﻤﻄﯿﺮة أو اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﺒﺎردة ذات اﻟﺮﯾﺢ‪ :‬ﺻﻠﻮا ﻓﻲ رﺣﺎﻟﻜﻢ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وﻻ ﯾﻘﺎل إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺟﺎء ﻧﺼًﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﮭﻮ ﻗﯿﺪ‪ ،‬وھ ﻮ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‬
‫وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘ ﺎل ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻷن اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ھﻨ ﺎ ھ ﻮ ﻓ ﻲ اﻋﺘﺒ ﺎر اﻟﺒ ﺮد واﻟ ﺮﯾﺢ واﻟﻤﻄ ﺮ‬
‫أﻋ ﺬاراً‪ ،‬وﻣ ﺎ داﻣ ﺖ ھ ﺬه اﻟﺜﻼﺛ ﺔ أﻋ ﺬاراً‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻨ ﺴﺤﺐ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻷن اﻟﻌ ﺬر ﻋ ﺬر‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺗﻔﺮﯾﻖ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ﺑﯿﻦ ﻋﺬر اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻋﺬر اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻣﻤﺎ ﯾ ﺸﮭﺪ ﻟﮭ ﺬا اﻟﻔﮭ ﻢ ﻣ ﺎ رواه اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺳﻤﻊ اﻟﻨ ﺪاء ﻓﻠ ﻢ ﯾﺄﺗ ﮫ ﻓ ﻼ ﺻ ﻼة ﻟ ﮫ إﻻ ﻣ ﻦ ﻋ ﺬر« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﮭﻨﺎ ﺟﺎء اﻟﻨﺪاء ﻋﺎﻣﺎً‪ ،‬وﺟﺎء اﻟﻌ ﺬر ﻋﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺼﺮ اﻷﻋ ﺬار ﻋﻠ ﻰ ﺗ ﺮك اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ دون اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ‪.‬‬

‫واﻟﺨﻮف ﻋﺬر‪ ،‬واﻟﺨﻮف ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻣ ﻦ ﻋ ﺪو أو ﺣﯿ ﻮان ﻛﺎﺳ ﺮ أو ﺳ ﯿﻞ ﺟ ﺎرف أو‪،...‬‬
‫وﯾﻜ ﻮن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺎل‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻋﻠ ﻰ اﻷھ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺄي ﺧ ﻮف وُﺟ ﺪ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻷﺻ ﻨﺎف اﻧ ﺪرج ﺗﺤ ﺖ ﻋ ﺬر‬
‫اﻟﺨﻮف اﻟﻤﺒﯿﺢ ﻟﺘﺮك اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻤﻊ‬
‫اﻟﻤﻨﺎدي ﻓﻠﻢ ﯾﻤﻨﻌﮫ ﻣﻦ اﺗﱢﺒﺎﻋﮫ ﻋﺬر‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬وﻣﺎ اﻟﻌﺬر؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺧﻮف أو ﻣﺮض‪ ،‬ﻟﻢ ﺗُﻘﺒﻞ ﻣﻨﮫ اﻟﺼﻼة‬
‫اﻟﺘﻲ ﺻﻠﻰ« رواه أﺑﻮ داود ‪ .‬واﻟﺤﺒﺲ ﻋﺬر‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﯾﺤﻮل دون ﺗﻤﻜﱡﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮس ﻣﻦ أن ﯾﺸﮭﺪ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫‪ ،‬واﻷﻣﺮ ﻇﺎھﺮ‪.‬‬

‫أﻣﺎ أنﱠ ﻣَﻦ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪ ﻓﻲ ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﻓﺈن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻻ ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﺗﺠ ﺰئ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﯿﺪ ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺘﺠﺪون ﺑﺤﺚ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ ‪ 2‬ﻣﻦ ﺑﺤﺚ ]ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ـ ﺣﻜﻤُﮭﺎ ووﻗﺘُﮭﺎ[‪.‬‬

‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﺖ ﺻــﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬أي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰول اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﻤﺎء ﺟﮭﺔ‬ ‫ﺖ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌــﺔ وﻗ ُ‬
‫وﻗ ُ‬
‫اﻟﻐﺮب‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى إﯾﺎس ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ اﻷﻛﻮع ﻋﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺎ ُﻧﺠَﻤﱢ ُﻊ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا زاﻟ ﺖ‬

‫‪441‬‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺮﺟﻊ ﻧﺘﺘﺒﻊ اﻟﻔﺊ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺣﯿﻦ ﺗﻤﯿﻞ اﻟﺸﻤﺲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫وﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ﻣ ﻦ ﺗﺄﺧﯿﺮھ ﺎ أﯾ ﺎم اﻟﺤ ﺮ اﻟ ﺸﺪﯾﺪ وﺗﻘ ﺪﯾﻤﮭﺎ‬
‫ﺠ ﻞ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒ ﺮد‬ ‫أﯾ ﺎم اﻟﺒ ﺮد ﻓﻜ ـﺬﻟﻚ ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌ ﻞ ﺑﺨ ﺼﻮص ﺻـ ـﻼة اﻟﺠﻤﻌـ ـﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻛ ﺎن ﯾُﻌَ ﱢ‬
‫وﯾﺆﺧﺮھﺎ ﻋﻨﺪ اﺷﺘﺪاد اﻟﺤ ﱢﺮ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا اﺷ ﺘﺪ اﻟﺒ ﺮد‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻜﱠﺮ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬وإذا اﺷﺘﺪ اﻟﺤ ﱡﺮ أ ْﺑ َﺮ َد ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ُ‬

‫اﻟﻨﺪاء ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﻛ ﺎن اﻷذان ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺣ ﺪًا زﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ‪ ،‬وﻛ ﺎن ھ ﺬا اﻷذان‬

‫ﯾُﺮﻓﻊ ﻋﻨﺪ اﻋﺘﻼء اﻹﻣﺎم اﻟﻤﻨﺒﺮ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾُﺮﻓﻊ أذان آﺧﺮ ﻏﯿﺮه‪ ،‬إﻟﻰ أن ﺟﺎء ﻋﺜﻤﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫وﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺰاد أذاﻧًﺎ آﺧﺮ ﻗﺒﻞ ھﺬا اﻷذان ﻹﻋﻼم اﻟﻨﺎس ﺑﻘﺮب ﻣﻮﻋﺪ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وھ ﺬا اﻷذان‬
‫إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ اﻷذان اﻷول ﻻ ﯾﺰال ﻣﻌﻤﻮﻻً ﺑﮫ ﺣﺘﻰ اﻟﯿﻮم‪ .‬ﻓﺎﻷذان زﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وزﻣﻦ ﺻ ﺎﺣﺒﯿﮫ‬
‫أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ ھ ﻮ اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟﻤﻌﻤ ﻮل ﺑ ﮫ ﺣﺎﻟﯿ ﺎً‪ ،‬واﻷذان اﻟ ﺬي زاده ﻋﺜﻤ ﺎن ھ ﻮ اﻷذان اﻷول‬
‫ﻓﻲ أﯾﺎﻣﻨﺎ ھﺬه‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺪﺧﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺛ ﻢ ﯾﻌﺘﻠ ﻲ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﻒ اﻟﻤ ﺆذن ﻓ ﻮرًا‬
‫وﯾﺮﻓﻊ اﻷذان ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺑﺪء وﻗﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻮﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﯾﻜ ﻮن ﻋﻨ ﺪ رﻓ ﻊ‬
‫ﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪ رﻓ ﻊ اﻷذان اﻷول‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻧﺠ ﺪ ﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ ﻣﻨ ﺎﻃﻖ‬ ‫اﻷذان واﻹﻣ ﺎم ﺟ ﺎﻟ ٌ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﯾﺮﻓﻊ اﻷذان اﻷول ﻗﺒﻞ زوال اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺴﺎﻋﺔ زﻣﻨﯿﺔ ﻓﻠﻜﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ وﻗﺖ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﻗﺪ دﺧﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻌﺘﺒﺮ اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ دﺧﻞ إﻻ ﻋﻨﺪ رﻓ ﻊ اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن وﺟ ﻮب اﻟ ﺴﻌﻲ‬
‫ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﯾﻜ ﻮن ﻋﻨ ﺪ رﻓ ﻊ اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وﻟ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪ اﻷذان اﻷول‪ ،‬وھ ﺬا اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ھ ﻮ‬
‫ﺳ َﻌﻮْا إﻟ ﻰ ِذ ْﻛ ِﺮ‬
‫ﻦ َﯾ ْﻮ ِم اﻟﺠُﻤُ َﻌ ِﺔ ﻓَﺎ ْ‬
‫ي ﻟﻠﺼﱠﻼ ِة ِﻣ ْ‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُﻮْا إذَا ﻧُ ْﻮ ِد َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﯾَﺎ َأﯾﱡﮭَﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 9‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ .‬ﻓﻌﻦ اﻟ ﺴﺎﺋﺐ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ‬ ‫ن ُﻛ ْﻨ ُﺘ ْﻢ ﺗ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬
‫ﺧ ْﯿ ٌﺮ َﻟ ُﻜ ْﻢ إ ْ‬
‫اﷲ َو َذ ُروْا اﻟ َﺒ ْﯿ َﻊ َذ ِﻟ ُﻜ ْﻢ َ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إن اﻟﺘﺄذﯾﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ أﻣﺮ ﺑﮫ ﻋﺜﻤ ﺎن ﺣ ﯿﻦ ﻛﺜ ﺮ أھ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫اﻟﺘﺄذﯾﻦ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﺠﻠﺲ اﻹﻣﺎم« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺘﺄذﯾﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻨ ﺎ‪ :‬ھ ﻮ اﻷذان اﻷول‪.‬‬
‫وﺟﺎء ذﻛﺮه ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﯾ ﺎت ﺑﺄﻧ ﮫ اﻷذان اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‪ ،‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑ ﮫ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ﺑﻌ ﺪ اﻷذان اﻷول وﻧ ﺪاء‬
‫اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إن اﻟﺬي زاد اﻟﺘﺄذﯾﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﺜﻤﺎن‬
‫ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺣﯿﻦ ﻛﺜﺮ أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻏﯿ ﺮ واﺣ ﺪ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻟﺘ ﺄذﯾﻦ ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﺠﻠﺲ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻛ ﺎن اﻷذان‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ أذاﻧ ﯿﻦ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﻛ ﺎن زﻣ ﻦ ﻋﺜﻤ ﺎن ﻓﻜﺜ ﺮ‬
‫اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺎﻷذان اﻷول ﺑﺎﻟ ﱠﺰوْراء«‪ .‬واﻟﺨﻠﻂ ﻓﻲ وﺻﻒ أذان ﻋﺜﻤﺎن آت ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻻﻋﺘﺒﺎر‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫اﻋﺘُﺒ ﺮت اﻹﻗﺎﻣ ﺔ أذاﻧ ﺎً ﻗﯿ ﻞ زاد ﻋﺜﻤ ﺎن اﻷذان اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‪ ،‬وإن ﻟ ﻢ ﺗﻌﺘﺒ ﺮ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ أذاﻧ ًﺎ ﻗﯿ ﻞ زاد ﻋﺜﻤ ﺎن‬
‫اﻷذان اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬وإن اﻋﺘُﺒﺮ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﻨﺪاء ﻗﯿﻞ زاد ﻋﺜﻤﺎن اﻷذان اﻷول‪.‬‬

‫وﻗﺪ زاد ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ھﺬا اﻷذان ﻹﻋﻼم اﻟﻨﺎس ﻣﺴﺒﻘ ًﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﮭﯿﺄوا ﻟﻠﺼﻼة ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل‬
‫ﻣﯿﻘﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺮﻓﻌﮫ ﻓﻲ ﺳﻮقٍ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﯾﻘﺎل ﻟﮭ ﺎ اﻟ ﺰﱠوراء ﻟﺘ ﺴﻤﻌﮫ ﺟﻤ ﻮع اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬أﻣ ﺎ اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ اﻟﺰﻣﻨ ﻲ ﻓﯿُﺮﻓ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ أو ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺎب اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ھﻜ ﺬا ﻛ ﺎن‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﻟ ﺴﺎﺋﺐ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ‬
‫ن ﺑﯿﻦ ﯾ ﺪي رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺟﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻋﻠ ﻰ‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن ﯾُﺆ ﱠذ ُ‬
‫ﺑﺎب اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬واﻷﻣ ﺮ اﻟﻤﮭ ﻢ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ھ ﻮ أن اﻷذان‬

‫‪442‬‬
‫اﻷول ‪ -‬وھﻮ أذان ﻋﺜﻤﺎن ‪ -‬إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾُﺮﻓﻊ ﻟﺘﮭﯿﺌﺔ اﻟﻨﺎس ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ دﺧﻮل وﻗﺖ اﻟﻮﺟ ﻮب‪،‬‬
‫وأن اﻷذان اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟﻤﺮﻓ ﻮع ﻋﻨ ﺪ ﺟﻠ ﻮس اﻹﻣ ﺎم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ھ ﻮ اﻷذان اﻟﻤﻌﺘﺒ ﺮ ﻟﻮﺟ ﻮب اﻟ ﺴﻌﻲ‬
‫ﻟﻠﺼﻼة وﻟﻺﯾﺬان ﺑﺪﺧﻮل اﻟﻮﻗﺖ‪.‬وﻟﻜﻦ ﺟﻤﮭﺮة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺮاھﻦ ﻗﺪ ﻏﯿﺮوا ﻣﯿﻘﺎت اﻷذان‬
‫اﻷول‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠﻮه ﻋﻨﺪ دﺧﻮل وﻗﺖ اﻟﻮﺟﻮب وﻟﯿﺲ ﻗﺒﻠﮫ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل زﻣﻦ ﻋﺜﻤﺎن‪ ،‬وﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬
‫ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﺼﻼة ﻻ ﺗﻘﺎم إﻻ ﺑﻌﺪ رﻓﻊ اﻷذان اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺎد‪.‬‬

‫ﻷوْﻟ ﻰ‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ أﺣﺪﺛﮫ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أﯾﺎﻣﻨﺎ ھﺬه ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء ﻗﺒﻞ اﻷذان اﻷول ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ أﺻﻞ وا َ‬
‫ﺗﺮﻛﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻌﺪد اﻟﺬي ﺗﺠﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻛﺎﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﺗ ﺼﺢ ﻣ ﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ ﻓ ﺼﺎﻋﺪاً‪ ،‬وﻛﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﻌ ﺪد أﻛﺒ ﺮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ أﻓ ﻀﻞ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻻﺛﻨﯿﻦ وﻣﻦ ھﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻻ ُﺑ ﱠﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜﻮﻧ ﻮا ﻓ ﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ أو‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮﯾﺔ أو ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻤﱡﻊ اﻟ ﺴﻜﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ اﻟﺒ ﻮادي واﻟﺤﻘ ﻮل واﻟﻌ ﺮاء‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷن أھ ﻞ اﻟﺒ ﻮادي‬
‫واﻟﺼﺤﺮاء واﻟﻤﺰارع ﻻ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺠﻤﻌﺔ وﻟﻮ ﻛﺜﺮوا‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ إﻻ ﻋﻠﻰ أھ ﻞ اﻷﻣ ﺼﺎر‬
‫ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﯿﮫ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣﻦ اﻷﻋ ﺪاد اﻟﻼزﻣ ﺔ ﻟﻮﺟ ﻮب ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﻜﻠﮭ ﺎ اﺟﺘﮭ ﺎدات ﻓﻘﮭﯿ ﺔ‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺣﺪﯾﺚ‬
‫ص ﻟ ﺼﺤّﺔ‬ ‫‪ ،‬إذ ﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﻌﯿﯿﻦ ﻋﺪد ﻣﺨﺼﻮص‪ ،‬أﻋﻨﻲ اﺷ ﺘﺮاط ﻋ ﺪ ٍد ﻣﺨ ﺼﻮ ٍ‬
‫اﻧﻌﻘﺎد اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻦ ذِﻛﺮ اﻷﻋﺪاد ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺨﻠ ﻮ ﻣ ﻦ أن ﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ وﻗ ﻊ اﺗﻔﺎﻗ ﺎً ‪-‬‬
‫ﻼ‪:‬‬
‫أي واﻗﻌ َﺔ ﻋﯿﻦ ‪ -‬وﻟﻢ ﯾﻘﻊ ﺷﺮﻃﺎً‪ ،‬أو ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ورد ﻓﻲ رواﯾﺎت ﺿﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬ﻓﻤﺜ ً‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ »ﻛﺎن أﺳﻌﺪ أوّل ﻣﻦ ﺟ ّﻤ َﻊ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻗﺒﻞ‬
‫ﺨ ﻀِﻤﺎت‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬وﻛ ﻢ أﻧ ﺘﻢ‬ ‫ﻣﻘﺪم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ھ ْﺰ ٍم ﻣ ﻦ َ‬
‫ﺣ ﱠﺮ ِة ﺑﻨ ﻲ ﺑﯿﺎﺿ ﺔ ﻓ ﻲ ﻧﻘﯿ ٍﻊ ﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟ َ‬
‫ﻼ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ‪ -‬ﻓﻲ َھﺰْم ‪ -‬اﻟﮭﺰم ھﻮ ﻣﺎ اﺳﺘﻮى ﻣ ﻦ‬ ‫ﯾﻮﻣﺌﺬٍ؟ ﻗﺎل‪ :‬أرﺑﻌﻮن رﺟ ً‬
‫اﻷرض‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ‪ -‬ﺣﺮّة ﺑﻨ ﻲ ﺑﯿﺎﺿ ﺔ ‪ -‬اﻟﺤ ﺮّة ھ ﻲ اﻷرض اﻟﻤﻐﻄ ﺎة ﺑﺎﻟﺤﺠ ﺎرة اﻟ ﺴﻮداء‪ ،‬وﺣ ﺮّة ﺑﻨ ﻲ‬
‫ﺑﯿﺎﺿﺔ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﯿﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ .‬واﻟﻨﻘﯿﻊ‪ :‬اﻟﺒﺌﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﻤﺎء‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﺨﻄ ﺐ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎءت ﻋﯿ ٌﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﺎم ﻓﺎﻧﻔﺘ ﻞ‬
‫ﻼ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ‪.‬‬ ‫اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﯾﺒْﻖَ إﻻ اﺛﻨﺎ ﻋﺸ َﺮ رﺟ ً‬

‫ﻓﮭﺬان اﻟﻨﺼَﺎن ورد ﻓﻲ أوﻟﮭﺎ ﻋ ﺪد اﻷرﺑﻌ ﯿﻦ‪ ،‬وورد ﻓ ﻲ ﺛﺎﻧﯿﮭﻤ ﺎ ﻋ ﺪد اﻻﺛﻨ ﻲ ﻋ ﺸﺮ‪ ،‬وﻗ ﺪ ورد‬
‫ط ﻟﻮﺟﻮب اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻘﻊ اﺗﻔﺎﻗﺎً ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‬ ‫ھﺬان اﻟﻌﺪدان ﻓﻲ اﻟﻨﺼﯿﻦ اﺗﻔﺎﻗًﺎ وﻟﻢ ﯾﺮدْ أيّ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻛﺸﺮ ٍ‬
‫ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻟﯿﻜﻮن ﺷﺮﻃﺎً‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺆﺧﺬ ﻣﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﻨ ﺼﯿﻦ أن ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﯾ ﺸﺘﺮط ﻟﮭ ﺎ ﺗ ﻮﻓﺮ اﻷرﺑﻌ ﯿﻦ أو‬
‫ﻼ‪:‬‬
‫ﺗﻮﻓﱡﺮ اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ واﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ .‬وﻣﺜ ً‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل »ﻣﻀﺖ اﻟﺴﱡﻨﱠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺛﻼﺛﺔ إﻣﺎﻣ ًﺎ وﻓ ﻲ ﻛ ﻞ أرﺑﻌ ﯿﻦ ﻓﻤ ﺎ ﻓ ﻮق ﺟﻤﻌ ﺔ وﻓﻄ ﺮ‬
‫ﺣﺒّﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫وأﺿﺤﻰ‪ ،‬وذﻟﻚ أﻧﮭﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫ﺳﯿﱠﺔ ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﺟﺒ ٌﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﻗﺮﯾ ﺔ وإن ﻟ ﻢ‬

‫‪ -2‬ﻋﻦ ُأ ﱢم ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ﱠﺪ ْو ِ‬
‫ﯾﻜﻦ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ أرﺑﻌﺔ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫‪ -3‬ﻋﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻋﻠ ﻰ اﻟﺨﻤ ﺴﯿﻦ ﺟﻤﻌ ﺔ ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿﻤ ﺎ دون ذﻟ ﻚ« رواه اﻟ ﺪار‬
‫ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه ﺛﻼﺛﺔ ﻧﺼﻮص وردت ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻋﺪاد ﻛﺸﺮط ﻟ ﺼﺤﺔ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻟﻜﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻮق ﻛﻮﻧﮭ ﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗ ﻀﺔ‬
‫ھﻲ ﻧﺼﻮص ﺿﻌﯿﻔﺔ اﻹﺳﻨﺎد ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ﻓﺎﻟﻨﺺ اﻷول ﺿﻌّﻔﮫ ﺟﻤﮭﺮة اﻟﺤﻔّﺎظ‪ ،‬وﻗ ﺎل‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ )ﻻ ﯾُﺤْﺘَﺞﱡ ﺑﻤﺜﻠﮫ( واﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺿﻌّﻔﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻧﻔﺴﮫ واﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺿﻌّﻔﮫ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻧﻔﺴﮫ‬
‫ﻷن ﻓﻲ ﺳﻨﺪه ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻗﺎل اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ :‬ﻣﺘﺮوك‪ .‬ﻓﮭﻲ أﺣﺎدﯾﺚ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﻻ ﯾﺤﺘﺞ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﺛ ّﻢ‬
‫ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻣﻦ أﻧﮫ اﺷﺘﺮط اﻷرﺑﻌ ﯿﻦ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ واﺷ ﺘﺮط اﻟﺨﻤ ﺴﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪ ،‬ﻷن أﻗ ﻮال اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ و َﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪھﻢ ﻟﯿ ﺴﺖ أدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷﺣﻜ ﺎم‬
‫اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪.‬‬

‫وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أﻗﻮل إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﯿﻞ ﻣﻦ اﺷﺘﺮاط اﻟﻌﺪد ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ دﻟﯿﻞ ﻣﻌﺘﺒﺮ ‪.‬‬

‫إدراك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ ﻹدراك اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﻣﻦ أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻘﺪ أدرك ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬وﻋﻠﯿ ﮫ أن ُﯾ ِﺘ ﱠﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺑﺎﻹﺗﯿ ﺎن‬
‫ﺑﺮﻛﻌﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻣ ـﻦ أدرك أﻗـ ـﻞ ﻣ ﻦ رﻛﻌـ ـﺔ ﻛـ ـﺄن أدرك اﻹﻣـ ـﺎم وھ ﻮ ﺳﺎﺟـ ـﺪ ﻓ ـﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬أو وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﺟﻠﻮس اﻟﺘﺸﮭﺪ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ أدرك ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﺬﻟﻚ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ أرﺑﻌﺎً ھﻲ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ أدرك ﻣ ﻦ‬
‫اﻟ ﺼﻼة رﻛﻌ ﺔ ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ أدرك ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ رﻛﻌ ﺔ ﻓﻠْﯿ ﺼ ﱢﻞ إﻟﯿﮭ ﺎ أُﺧ ﺮى«‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣ ﻦ أدرك ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ رﻛﻌ ﺔ ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة«‪ .‬وﻋ ﻦ‬ ‫رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ ‪ .‬وﻻﺑﻦ ُ‬
‫اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻣﻦ أدرك ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ رﻛﻌ ﺔ ﻓ ْﻠﯿُ ﻀِﻒ إﻟﯿﮭ ﺎ أُﺧ ﺮى‪ ،‬وﻣـ ـﻦ ﻓﺎﺗﺘ ﮫ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘــﺎن ﻓﻠْﯿﺼ ﱢﻞ أرﺑﻌــﺎً« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي )واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻋﻨﺪ أﻛﺜﺮ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ‬
‫أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻏﯿﺮھﻢ‪ ،‬ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣ ﻦ أدرك رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺻ ﻠﱠﻰ إﻟﯿﮭ ﺎ أُﺧ ﺮى‪ ،‬وﻣ ﻦ أدرﻛﮭ ﻢ‬
‫ﺟﻠﻮﺳﺎً ﺻﻠﻰ أرﺑﻌﺎً(‪.‬‬

‫اﻟﺘﺒﻜﯿـﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻀـﻮر‬
‫ﻦ اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺬھﺎب ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وأنﱠ ﻣَﻦ أﺗ ﻰ إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ‬ ‫ﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﺗﺼﺪﱠق ﺑﺠﻤ ﻞ‪ ،‬وﻣَ ﻦ أﺗ ﻰ إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺼﺪق ﺑﺒﻘ ﺮة‪ ،‬و َﻣ ﻦ أﺗ ﻰ إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺗﺼﺪق ﺑﻜﺒﺶ‪ ،‬وﻣَﻦ أﺗﻰ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺗﺼﺪﱠق ﺑﺪﺟﺎﺟﺔ‪ ،‬وﻣَﻦ أﺗﻰ إﻟﯿ ﮫ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ اﻟﺨﺎﻣ ﺴﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺼﺪق ﺑﺒﯿ ﻀﺔ‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟ ﺬي ﯾ ﺄﺗﻲ ﺑﻌ ﺪ ﺣﻠ ﻮل وﻗ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﻋﺘﻼء اﻹﻣﺎم اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﺒﻜﱢﺮًا ﺑﺤﺎل‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﯾﻜ ﻮن ﻗﺒ ﻞ ﺣﻠ ﻮل اﻟﻮﻗ ﺖ‪،‬‬
‫أي ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺰوال‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻨ ﺪب اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﻠﺘﺒﻜﯿ ﺮ إﻟ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺰوال‪ ،‬وﺟﻌ ﻞ اﻟﻮﻗ ﺖ‬
‫ﻣﻘﺴﱠﻤﺎً إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ أﻗﺴﺎم أو ﺳﺎﻋﺎت‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﯾﺎت ذِﻛﺮ ﺳﺖ ﺳ ﺎﻋﺎت‪ ،‬وھ ﺬه اﻟ ﺴﺎﻋﺎت‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ھﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺎت اﻟﺘ ﻲ ﻧ ﺴﺘﻌﻤﻠﮭﺎ ﻓ ﻲ أﯾﺎﻣﻨ ﺎ اﻟﺮاھﻨ ﺔ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾُﺘ ﺼﻮﱠر أن ﺗﻜ ﻮن ھ ﺬه اﻟ ﺴﺎﻋﺎت ھ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻔﻠﻜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﮭﺎ اﻟﯿﻮم‪ ،‬وإﻻ ﻟﻮﺟﺐ اﻟﻘ ﻮل إن اﻟﻤﺒﻜﱢـ ـﺮ اﻷول ﯾﺤ ﻀﺮ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ ﺷ ﺮوق‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً‪ ،‬وﻟﻢ ﯾُﺮو ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻻ ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ أﻧﮭﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺤ ﻀﺮون ﻟ ﺼﻼة‬

‫‪444‬‬
‫ﻋ ﺮف‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻋﺘﺒﺎر ھﺬه اﻟﺴﺎﻋﺎت ﻣﺠﺮﱠد ﺗﻘﺴﯿﻤﺎت زﻣﻨﯿﺔ ﯾُﻘ ﱢﺪرُھﺎ ُ‬
‫اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺘﺒﻜﯿﺮ‪ ،‬وﯾﻘﺪرھﺎ ﻗﺪوم اﻟﻨﺎس ﻓﻌﻼً ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻨﻘﻮل إن اﻟﻔﻮج اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺎدﻣﯿﻦ ﻛﺄﻧﻤﺎ‬
‫ﺗﺼﺪﱠﻗﻮا ﺑﺠﻤﻞ‪ ،‬واﻟﻔﻮج اﻟﺬﯾـﻦ ﯾﻠﻮﻧﮭﻢ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺗﺼﺪﻗﻮا ﺑﺒﻘﺮة‪ ،‬وھﻜ ﺬا‪ ،‬وﯾﺒ ﺪأ اﻟﻌ ﺪﱡ ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺪوم أول ﻓ ﻮج‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﺪوم ﯾﺘﻘ ﺪم ﻣ ﺮة وﯾﺘ ﺄﺧﺮ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻌﺒﺮة ﺑﻮﻗ ﻮع اﻟﻘ ﺪوم وﻟ ﯿﺲ ﺑ ﺎﻟﺘﻌﯿﯿﻦ اﻟﺰﻣﻨ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺒَﻖ‪ .‬وإﻧﻲ أرى أن ﻻ ﯾُﻌﺘ ﱠﺪ ﺑﺎﻟﻘﺪوم إن ﻛﺎن ﺣﺼﻞ ﻗﺒﻞ ارﺗﻔﺎع اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻨﺪ اﻟﻀﺤﻰ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ذﻟﻚ ﻟﯿﺲ وﻗﺖ ﺻﻼة‪.‬‬

‫ﻏ ﺴْﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ‬‫ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ اﻏﺘﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ُ‬
‫ﺛﻢ راح ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺮﱠب َﺑﺪَﻧﺔ‪ ،‬وﻣﻦ راح ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺮﱠب ﺑﻘ ﺮة‪ ،‬وﻣ ﻦ راح ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺮﱠب ﻛﺒﺸﺎً أﻗﺮن‪ ،‬وﻣﻦ راح ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺮﱠب دﺟﺎﺟ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ راح ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺮﱠب ﺑﯿﻀﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺧ ﺮج اﻹﻣ ﺎم ﺣ ﻀﺮت اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﯾ ﺴﺘﻤﻌﻮن اﻟ ﺬﻛﺮ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ َﺑﺪَﻧ ًﺔ‪ :‬أي ﺑﻌﯿ ﺮًا ذﻛ ﺮاً ﻛ ﺎن أو أُﻧﺜ ﻰ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻛﺒ ﺸﺎً‬
‫ن‪ :‬أي ذا ﻗ ﺮﻧﯿﻦ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ﺮ ﺳ ﺎﻋﺎت اﻟﺘﺒﻜﯿ ﺮ ﻗﺒ ﻞ ﺧ ﺮوج اﻹﻣ ﺎم أي ﻗﺒ ﻞ ﺣ ﺼﻮل وﺟ ﻮب‬ ‫أﻗ ﺮ َ‬
‫اﻟ ﺴﻌﻲ‪ ،‬ﻷن ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻠﺤﻈ ﺔ ﺗﻄ ﻮي اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﺻﺤﻔﮭـ ـﺎ وﺗ ﺸﺮع ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﻤﺎع ﻟﻠ ﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ـﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ـﻲ اﻟﻠـ ـﮫ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ـﺎل‪ :‬ﻗ ـﺎل اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪» r‬إذا ﻛ ﺎن ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻗﻔ ﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺎب‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﻜﺘﺒﻮن اﻷول ﻓﺎﻷول‪ ،‬و َﻣﺜَﻞ اﻟ ُﻤ َﮭﺠﱢﺮ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﺬي ﯾُﮭ ﺪي َﺑﺪَﻧ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻛﺎﻟ ﺬي ﯾُﮭ ﺪي ﺑﻘ ﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻛﺒﺸﺎً ‪ ،‬ﺛﻢ دﺟﺎﺟﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﯿﻀﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺧ ﺮج اﻹﻣ ﺎم ﻃَ َﻮوْا ﺻ ﺤﻔﮭﻢ وﯾ ﺴﺘﻤﻌﻮن اﻟ ﺬﻛﺮ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻟﻔﻈﮫ »إذا ﻛﺎن ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺑﺎب‬
‫ﻣﻦ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﯾﻜﺘﺒﻮن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﻨﺎزﻟﮭﻢ اﻷول ﻓﺎﻷول‪ ،‬ﻓﺈذا ﺧﺮج اﻹﻣ ﺎم ﻃَ َﻮوْا‬
‫اﻟﺼﺤﻒ واﺳﺘﻤﻌﻮا اﻟﺨﻄﺒﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤُﮭﺠﱢﺮ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻛﺎﻟﻤُﮭﺪي َﺑﺪَﻧﺔ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﺬي ﯾﻠﯿ ﮫ ﻛﻤُﮭ ﺪي ﺑﻘ ﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻟﺬي ﯾﻠﯿﮫ ﻛﻤُﮭﺪي ﻛﺒﺶ ‪ -‬ﺣﺘﻰ ذﻛﺮ اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﻀﺔ‪ ،‬زاد ﺳﮭﻞ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ ‪ -‬ﻓﻤ ﻦ ﺟ ﺎء ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻓﺈﻧﻤﺎ ﯾﺠﺊ ﺑﺤﻖﱟ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﻤُﮭﺠﱢﺮ‪ :‬أي اﻵﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﮭﺎﺟﺮة وھﻲ وﻗﺖ اﺷﺘﺪاد اﻟﺤﺮ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺧ ﺮج اﻹﻣ ﺎم‪ :‬أي ﺻ ﻌﺪ اﻹﻣ ﺎم اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﻟﻠﺨﻄﺒ ﺔ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺪل ﻓ ﻮق ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أﻣ ﺮﯾﻦ‬
‫اﺛﻨ ﯿﻦ‪ :‬أن اﻟﺘﺒﻜﯿ ﺮ ﯾﻜ ﻮن ﻗﺒ ـﻞ ﺧ ﺮوج اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬ﻷن اﻟﻤﻼﺋﻜ ﺔ ﻻ ﺗﻜﺘ ﺐ ﻋﻨ ﺪ ﺧ ﺮوج اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬أي أن‬
‫اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﯾﻨﺘﮭﻲ وﻗﺘﮫ إذا ﺧﺮج اﻹﻣﺎم‪ ،‬واﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ أن اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﯾﺒﺪأ ﻋﻨﺪ اﺷﺘﺪاد اﻟﺤﺮﱢ ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫»وﻣَ َﺜ ُﻞ اﻟ ُﻤ َﮭﺠﱢﺮ«‪» ،‬ﻓﺎﻟ ُﻤ َﮭﺠﱢﺮ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة«‪ .‬واﻟﻤُﮭﺠﱢﺮ ھﻮ اﻟﻘﺎدم ﻋﻨ ﺪ اﺷ ﺘﺪاد اﻟﺤ ﺮ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻨﻔ ﻲ أن‬
‫ت‬
‫ﯾﻜﻮن اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﻣﺒﺪأُه ﻣﻦ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﯾﻨﻔﻲ ﺑﻨﻔﯿﮫ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺳﺎﻋﺎ ٍ‬
‫ﻓﻠﻜﯿﺔ‪.‬‬

‫ﺳُﻨﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬
‫ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺟﻤﻠ ٌﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ واﻟﻤﻨﺪوﺑﺎت ﯾُﻨﺪب اﻹﺗﯿﺎن ﺑﮭﺎ وھﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﯾﻐﺘﺴﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺒﻞ ﺧﺮوﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﯿﺬھﺐ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻧﻈﯿﻔ ًﺎ ﻃﯿﺐ اﻟﺮاﺋﺤ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا ﺟﺎء أﺣﺪﻛﻢ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠْﯿﻐﺘ ﺴﻞ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن اﻟﻨ ﺎس ﯾﻨﺘ ﺎﺑﻮن‬
‫ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ﻣﻨ ﺎزﻟﮭﻢ واﻟﻌ ﻮاﻟﻲ‪ ،‬ﻓﯿ ﺄﺗﻮن ﻓ ﻲ اﻟﻐﺒ ﺎر ﯾ ﺼﯿﺒﮭﻢ اﻟﻐﺒ ﺎر واﻟﻌ ﺮق‪ ،‬ﻓﯿﺨ ﺮج ﻣ ﻨﮭﻢ‬
‫ن ﻣﻨﮭﻢ وھﻮ ﻋﻨﺪي‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬ﻟﻮ أﻧﻜﻢ ﺗﻄﮭﱠﺮﺗﻢ ﻟﯿﻮﻣﻜﻢ ھ ﺬا«‬ ‫اﻟﻌﺮق‪ ،‬ﻓﺄﺗﻰ رﺳﻮ َل اﷲ ‪ r‬إﻧﺴﺎ ٌ‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾﻨﺘ ﺎﺑﻮن‪ ،‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﯾﺘﻨ ﺎوﺑﻮن‪ :‬أي ﯾ ﺄﺗﻮن ﻓﻮﺟ ﺎً إﺛ ﺮ ﻓ ﻮج‪ .‬واﻟﻌ ﻮاﻟﻲ‪:‬‬
‫ھ ﻲ ﻣﻨﻄﻘ ﺔ ﺧ ﺎرج اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺰارع‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ‪ -‬وﺳ ﺄﻟﮫ رﺟ ﻞ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻐُﺴﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ أواﺟﺐٌ ھ ﻮ؟ ‪ -‬ﻗ ﺎل »ﻻ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺷ ﺎء اﻏﺘ ﺴﻞ‪ ،‬وﺳ ﺄُﺣﺪﺛﻜﻢ ﻋ ﻦ ﺑ ﺪء اﻟﻐ ﺴﻞ‪ ،‬ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻨ ﺎس ﻣﺤﺘ ﺎﺟﯿﻦ وﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻠﺒ ﺴﻮن اﻟ ﺼﻮف‪ ،‬وﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺴﻘﻮن اﻟﻨﺨ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻇﮭ ﻮرھﻢ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻣ ﺴﺠﺪ‬

‫‪445‬‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺿﯿﻘًﺎ ﻣﺘﻘﺎرب اﻟﺴﻘﻒ‪ ،‬ﻓﺮاح اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟ ﺼﻮف ﻓﻌﺮﻗ ﻮا‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻣﻨﺒ ﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺼﯿﺮاً ‪،‬‬
‫ح اﻟﺼﻮف‪ ،‬ﻓﺘﺄذى ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‬ ‫إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺛﻼث درﺟﺎت‪ ،‬ﻓﻌﺮق اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺼﻮف ﻓﺜﺄرت أرواﺣُﮭﻢ أروا ُ‬
‫ﺑﺒﻌﺾ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ أرواﺣﮭﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إذا ﺟﺌﺘﻢ اﻟﺠﻤﻌﺔ‬
‫ﺐ إن ﻛﺎن ﻋﻨﺪه« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫ﺲ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ أَﻃﯿﺐ ﻃﯿ ٍ‬
‫ﻓﺎﻏﺘﺴﻠﻮا‪ ،‬وﻟْﯿﻤ ﱠ‬

‫‪ -2‬أن ﯾﻠﺒﺲ ﺛﯿﺎﺑ ًﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻧﻈﯿﻔﺔ ‪ ،‬وأن ﯾﺘﻄﯿﱠﺐ ﺑﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﯿﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ‬
‫اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻣﻦ اﻏﺘﺴﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻣ ﱠ‬
‫ﺲ ﻣ ﻦ ﻃﯿ ﺐ اﻣﺮأﺗ ﮫ إن‬
‫ﻂ رﻗﺎب اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬وﻟ ﻢ َﯾ ْﻠ ُﻎ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤﻮﻋﻈ ﺔ ﻛﺎﻧ ﺖ ﻛﻔ ﺎرة‬
‫ﻛﺎن ﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻟﺒﺲ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺛﯿﺎﺑﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﺘﺨ ﱠ‬
‫ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻐﻰ وﺗﺨﻄﻰ رﻗﺎب اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ ﻇﮭﺮاً« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﺳﻼم رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ إن وﺟَﺪ‪ ،‬أو ﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ إن وﺟﺪﺗﻢ أن ﯾﺘﺨﺬ‬
‫ﺛﻮﺑﯿﻦ ﻟﯿﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺳﻮى ﺛﻮﺑﻲ ﻣﮭﻨﺘﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬ورواه ﻣﺎﻟﻚ ﻋ ﻦ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﻣﺮﺳ ﻼً‪،‬‬
‫ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﻟﻔﻈﮫ »ﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻟﻮ اﺷﺘﺮى ﺛﻮﺑﯿﻦ ﻟﯿﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺳﻮى ﺛﻮب ﻣﮭﻨﺘﮫ«‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ﯾﺬھﺐ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﺎﺷﯿ ًﺎ ﺑﺴﻜﯿﻨﺔ وھﺪوء‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إذا أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻼ ﺗﺄﺗﻮھﺎ ﺗﺴ َﻌﻮْن‪ ،‬واﺋﺘﻮھ ﺎ ﺗﻤ ﺸﻮن ﻋﻠ ﯿﻜﻢ اﻟ ﺴﻜﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ‬
‫أدرﻛﺘﻢ ﻓﺼﻠﻮا وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻓﺄَ ِﺗﻤﱡﻮا« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬أﻣﱠﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺑﻌﯿ ﺪًا ﻋﻨ ﮫ ﻓﻠْﯿﺮﻛ ﺐ وﻟْﯿ ﺪرك‬
‫ﻣﺮﺗﺒ ًﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﻓﺈن ذﻟﻚ أﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺗﺤﯿ َﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺠﻠﺲ‪ ،‬ﻓ ﺈن دﺧ ﻞ واﻹﻣ ﺎم ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﻓﻠْﯿﺠﻌﻠﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »دﺧﻞ رﺟﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ واﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺻ ﻠﯿﺖ؟‬
‫ﺳ ﻠﯿﻜًﺎ ﺟ ﺎء ورﺳ ﻮل‬ ‫ﻗﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓ ﺼ ﱢﻞ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ »أن ُ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ ﻓﺠﻠﺲ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮه اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أن ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎل‪ :‬إذا ﺟﺎء أﺣﺪﻛﻢ‬
‫واﻹﻣﺎم ﯾﺨﻄﺐ ﻓﻠﯿﺼﻞﱢ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﯾﺘﺠﻮﱠز ﻓﯿﮭﻤﺎ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﯾﺘﺠَﻮﱠز ﻓﯿﮭﻤﺎ‪ :‬أي‬
‫ﯾﺴﺮع ﻓﯿﮭﻤﺎ‪ .‬وﯾﻤﻜﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺑﺤﺚ ]ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع[‪.‬‬

‫‪ -5‬أن ﯾﺠﻠﺲ ﻓﻲ أﻗﺮب ﻣﻜﺎن إﻟﻰ اﻹﻣﺎم ﺑﺪون أن ﯾﺘﺨﻄ ﻰ رﻗ ﺎب اﻟﻨ ﺎس إﻻ أن ﯾ ﺮى ﻓُﺮﺟ ﺔ ﻻ‬
‫ﺟ ْﻨ ﺪُب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن ﻧﺒ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺳﻤُﺮة ﺑ ﻦ ُ‬‫ﯾﺼﻞ إﻟﯿﮭﺎ إﻻ ﺑﺘﺨﻄﱢﻲ اﻟﺮﻗﺎب ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻌﻦ َ‬
‫‪ r‬ﻗﺎل »اﺣﻀُﺮوا اﻟﺬﻛﺮ وادﻧُﻮا ﻣﻦ اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻻ ﯾ ﺰال ﯾﺘﺒﺎﻋ ﺪ ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺆﺧﱠﺮ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ وإ ْ‬
‫ن‬
‫دﺧﻠﮭﺎ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺑُﺴﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺟﻼً ﺟﺎء إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ - r‬زاد ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺔ ﯾﺘﺨﻄﻰ رﻗﺎب اﻟﻨﺎس ‪ -‬وھﻮ ﯾﺨﻄﺐ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اﺟﻠﺲ ﻓﻘﺪ آذﯾﺖ وآﻧﯿﺖ« رواه أﺣﻤﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻄﱠﺤﺎوي‪ .‬وﯾﻤﻜﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺑﺤﺚ ]ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ[ ﻓ ﺼﻞ ] ﺻ ﻼة‬ ‫وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﺘﻄﻮع[‪.‬‬

‫وإن ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﯾﺠﻠ ﺲ ﻓﯿ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﯿﻢ ﻏﯿ ﺮه وﯾﺠﻠ ﺲ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫اﻓﺴﺤﻮا أو ﺗﻔﺴﱠﺤﻮا‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﯾﻘ ﯿﻢ أﺣ ﺪُﻛﻢ أﺧ ﺎه ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺨﺎﻟﻔﮫ إﻟﻰ ﻣﻘﻌﺪه ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﯿﻘﻞ‪ :‬اﻓﺴﺤﻮا« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ن‬
‫‪ -6‬وﻣﻦ ﻧﻌﺲ ﻓــﻲ اﻟﻤﺴﺠـﺪ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﻠْﯿﺘﺤ ﻮل ﻣ ﻦ ﻣﻜﺎﻧ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﯿﺠﻠﺲ ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن آﺧ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ذﻟﻚ أدﻋﻰ ﻟﺪﻓﻊ اﻟﻨﻌﺎس وﻏﻠﺒ ﺔ اﻟﻨ ﻮم‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا‬
‫ﻧﻌﺲ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻠْﯿﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﻣﺠﻠ ﺴﮫ ذﻟ ﻚ إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮه« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬

‫‪446‬‬
‫ﻦ ﻟﻠﻤُﺼﻠﱢﻲ أن ﯾﺠﻠ ﺲ ﻗُﺒﺎﻟ ﺔ اﻹﻣ ﺎم ﻣﺘﻮﺟﱢﮭ ًﺎ إﻟﯿ ﮫ ﻟ ﺴﻤﺎع ﺧﻄﺒﺘ ﮫ ورؤﯾﺘ ﮫ‪ ،‬أﻣ ﺎ َﻣ ﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫‪ -7‬ﯾُﺴ ﱡ‬
‫ﺑﻌﯿﺪﯾﻦ ﻋﻨﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن رؤﯾﺘﮫ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺘﻮﺟﮭﻮن ﻧﺤﻮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺪي ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن‬
‫ﺳ ﻞ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪،‬‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﻗﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ اﺳﺘﻘﺒﻠﮫ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﺑﻮﺟﻮھﮭﻢ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣﺮ َ‬
‫وﻣﺮاﺳﯿﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪.‬‬

‫ﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻣﻘ ﺪار ﻣﻌ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ْﻠُﯿ ﺼ ﱢﻞ ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء‬

‫‪ -8‬ﯾُﻨﺪَب اﻟﺘﱠﻨﻔﱡﻞ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻟﻠﺘﻨ ﱡﻔ ِ‬
‫ﺳ ﻨ ًﺔ ﻟﻠﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻻ ﺳﻨ ـ َﺔ ﻟﮭ ﺎ ﻗﺒﻠﯿ ﺔً‪ ،‬إﻻ أن ﯾ ﺪﺧﻞ‬ ‫ﻣ ﻦ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﺮﻛﻌ ﺎت ﻟﯿ ﺴﺖ ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ واﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﯿﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﻲ ﺗﺤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ »أن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﻛﺎن ﯾﻐﺪو إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﻲ رﻛﻌﺎت ﯾﻄﯿﻞ ﻓﯿﮭﻦ اﻟﻘﯿ ﺎم‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻧ ﺼﺮف اﻹﻣ ﺎم رﺟ ﻊ‬
‫إﻟﻰ ﺑﯿﺘﮫ ﻓ ﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﻗ ﺎل‪ :‬ھﻜ ﺬا ﻛ ﺎن ﯾﻔﻌ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ اﻏﺘﺴﻞ ﺛﻢ أﺗﻰ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺼﻠﻰ ﻣ ﺎ ﻗُ ﺪﱢر ﻟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻧ ﺼﺖ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻔﺮغ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻌﮫ ﻏُﻔِﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻷﺧﺮى ‪ ،‬وﻓﻀﻞ ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﺧﻄﺒـﺔ اﻟﺠﻤﻌـﺔ‬
‫ض ﺳ ﻤﺎﻋﮭﺎ واﻻﺳ ﺘﻤﺎع إﻟﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ داﺧﻠ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ‬ ‫ض إﻟﻘﺎؤھ ﺎ وﻓ ﺮ ٌ‬ ‫ﺧﻄﺒ ُﺔ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﺮ ٌ‬
‫ﻦ َﯾ ْﻮ ِم اﻟﺠُﻤُ َﻌ ِﺔ‬
‫ي ﻟِﻠﺼﱠﻼ ِة ِﻣ ْ‬
‫ﻦ آ َﻣﻨُﻮْا إذَا ﻧُ ْﻮ ِد َ‬ ‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ ذﻛﺮ اﷲ اﻟﻮارد ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] ﯾَﺎ َأﯾﱡﮭَﺎ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ن[ اﻵﯾﺔ ‪ 9‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ .‬وھﻲ‬ ‫ن ﻛُ ْﻨﺘُ ْﻢ ﺗ ْﻌ َﻠﻤُ ْﻮ َ‬
‫ﺧ ْﯿ ٌﺮ َﻟﻜُ ْﻢ إ ْ‬
‫ﷲ و َذرُوْا اﻟ َﺒ ْﯿ َﻊ َذ ِﻟﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﺳ َﻌﻮْا إﻟﻰ ِذ ْﻛ ِﺮ ا ِ‬
‫ﻓَﺎ ْ‬
‫ﻗﺴﻤﺎن ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺟﻠﻮس ﻗﺼﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﺨﻄ ﺐ‬
‫ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺧﻄﺒﺘ ﯿﻦ ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﺑﺠﻠ ﺴﺔ« رواه اﻟﺒ ﺰار وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‪ ،‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬
‫ورﺟﺎﻟﮫ رﺟﺎل اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘﻌ ﺪ‬
‫ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮن اﻵن« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻣﺜﻠـ ـﮫ‪.‬‬
‫ﻦ أن ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻣـﺎ ﯾـﻠـﻲ‪:‬‬ ‫وروى ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﻦ ﺳﻤﺮة ﻣﺜﻠﮫ‪ .‬وﯾُﺴ ﱡ‬

‫أ‪ِ -‬ذ ْﻛ ﺮ اﻟ ﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻛ ﻞ‬

‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺠﺬﻣﺎء‪ :‬أي اﻟﻘﺼﯿﺮة‪.‬‬
‫ﺠﺬْﻣﺎء« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺧﻄﺒﺔ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺸ ﱡﮭ ٌﺪ ﻓﮭﻲ ﻛﺎﻟﯿﺪ اﻟ َ‬

‫ﺳ ُﻤﺮَة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﻟﻠﻨﺒ ﻲ‬‫ب‪ -‬ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ َ‬
‫‪ r‬ﺧﻄﺒﺘﺎن ﯾﺠﻠﺲ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﯾﻘﺮأ اﻟﻘ ﺮآن وﯾُ ﺬﻛﱢﺮ اﻟﻨ ﺎس« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أُم ھ ﺸﺎم ﺑﻨ ﺖ ﺣﺎرﺛ ﺔ ﺑ ﻦ‬
‫ت ق واﻟﻘ ﺮآن اﻟﻤﺠﯿ ﺪ إﻻ ﻋ ﻦ ﻟ ﺴﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬ ‫اﻟﻨﻌﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »‪ ...‬وﻣ ﺎ أﺧ ﺬ ُ‬
‫ﯾﻘﺮأُھﺎ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ إذا ﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎس« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ج‪ -‬اﻟﻮﻗﻮف ﺣﯿﻦ اﻟﺨﻄﺒﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻻﺗﱢﻜـﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻮس أو ﻋﺼﺎ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺨﻄﺐ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »ﻣ ﺎ رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ إﻻ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ َﻤ ﻦ ﺣ ﺪﱠﺛﻚ أﻧ ﮫ ﺟﻠ ﺲ ﻓﻜﺬﱢﺑ ﮫ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﻔﻌ ﻞ‪ ،‬ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ ﺛ ﻢ ﯾﻘﻌ ﺪ ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮم ﻓﯿﺨﻄ ﺐ‪ ،‬ﻛ ﺎن ﯾﺨﻄ ﺐ ﺧﻄﺒﺘ ﯿﻦ ﯾﻘﻌ ﺪ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧﻄ ﺐ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫رﺟﻠﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪447‬‬
‫د‪ -‬إﻟﻘﺎؤُھﺎ ﺑﺼﻮت ﻗﻮي ﻏﺎﺿﺐ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺧﻄﺐ اﺣﻤﺮﱠت ﻋﯿﻨﺎه وﻋﻼ ﺻﻮﺗﮫ واﺷﺘﺪ ﻏﻀﺒﮫ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧ ﮫ ﻣﻨ ِﺬ ُر ﺟ ﯿ ٍ‬
‫ﺶ‪ ،‬ﯾﻘ ﻮل‪:‬‬
‫ﺻﺒﱠﺤﻜﻢ وﻣﺴﱠﺎﻛﻢ‪ ،‬وﯾﻘﻮل‪ :‬ﺑُﻌﺜﺖُ أﻧﺎ واﻟﺴﺎﻋﺔ ﻛﮭﺎﺗﯿﻦ‪ ،‬وﯾﻘﺮن ﺑﯿﻦ أﺻﺎﺑﻌﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬أن ﺗﻜﻮن اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻗﺼﯿﺮة ﻣﻮﺟﺰة ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣ ﻦ ﻓﻘ ﮫ اﻹﻣ ﺎم اﻟﺨﻄﯿ ﺐ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺎر‬
‫ن ﻃ ﻮل ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ وﻗ ﺼﺮ ﺧﻄﺒﺘ ﮫ‬ ‫اﺑﻦ ﯾﺎﺳﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »إ ﱠ‬
‫ﺴﺤْﺮاً« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻣ ِﺌ ﱠﻨﺔٌ ﻣﻦ ﻓﻘﮭِﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻃﯿﻠﻮا اﻟ ﺼﻼة وأَﻗ ﺼﺮوا اﻟﺨﻄﺒ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈنﱠ ﻣ ﻦ اﻟﺒﯿ ﺎن ﻟ ِ‬
‫ﻗﻮﻟﮫ َﻣ ِﺌﻨﱠﺔ‪ :‬أي ﻋﻼﻣﺔٌ ودﻻﻟﺔ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ أُﺻ ﻠﻲ ﻣ ﻊ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ، r‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻗ ﺼﺪًا وﺧﻄﺒﺘ ﮫ ﻗ ﺼﺪًا« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫ﻄﺒَﻨـﺎ رﺳﻮ ُل اﷲ ‪،r‬‬ ‫و‪ -‬ﺑﺪء اﻟﺨﻄﺒﺔ ﺑﺤﻤﺪ اﷲ واﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧ َ‬
‫ن أﻓ ﻀﻞَ‬‫ب اﷲ‪ ،‬وإ ﱠ‬ ‫ق اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻛﺘﺎ ُ‬
‫ن أﺻﺪ َ‬
‫ﻓﺤﻤﺪ اﷲ وأﺛﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ھﻮ أھﻞ ﻟﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﻣﱠﺎ ﺑﻌﺪُ‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﺤ ﺪَﺛﺎﺗُﮭﺎ وﻛ ﱠﻞ ﺑﺪﻋ ﺔ ﺿ ﻼﻟﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ ﺻ ﻮﺗﮫ وﺗﺤ َﻤ ﱡﺮ وﺟﻨﺘ ﺎه‪،‬‬ ‫ي ﻣﺤﻤﺪٍ‪ ،‬وﺷ ﱠﺮ اﻷﻣﻮر ُﻣ ْ‬
‫اﻟ َﮭﺪْي ھﺪ ُ‬
‫وﯾﺸﺘﺪ ﻏﻀﺒﮫ إذا ذﻛﺮ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻛﺄﻧﮫ ُﻣ ْﻨ ِﺬرُ ﺟﯿﺶٍ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻢ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬أﺗ ﺘﻜﻢ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ز ‪ -‬إذا دﻋﺎ اﻟﺨﻄﯿﺐ رﻓﻊ ﺳﺒﱠﺎﺑَﺘﮫ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪه ﻛﻠﮭﺎ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻔﻌ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺎء ﻓ ﻲ زﻣﺎﻧﻨ ﺎ ھ ﺬا‪،‬‬
‫ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺴﻠﻤﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ‬
‫ﯾﺨﻄ ﺐ إذا دﻋ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ھﻜ ﺬا‪ ،‬ورﻓ ﻊ اﻟ ﺴﱠﺒﱠﺎﺑَﺔ وﺣ ﺪھﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻤﺎرة ﺑﻦ ُر َوﯾْﺒﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﻄﺐ ِﺑﺸْﺮ ﺑﻦ ﻣ ﺮوان وھ ﻮ راﻓ ﻊ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ ﯾﺪﻋﻮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺎرة‪ :‬ﻗﺒﱠﺢ اﷲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬رأﯾ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﯾﻘ ﻮل إﻻ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬ ‫ھﻜﺬا‪ ،‬ﯾﺸﯿﺮ ﺑﺈﺻﺒﻌﮫ« رواه اﺑﻦ ُ‬

‫وھ ﺬا ﻣﺜ ﺎلٌ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﯿ ﺔ ﺧﻄﺒ ﺔ ]إنﱠ اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ ﻧ ﺴﺘﻌﯿﻨﮫ وﻧ ﺴﺘﻐﻔﺮه وﻧ ﺴﺘﮭﺪﯾﮫ وﻧﺴﺘﻨ ﺼﺮه‪ ،‬وﻧﻌ ﻮذ‬
‫ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺷﺮور أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﻦ ﺳﯿﺌﺎت أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﯾﮭﺪه اﷲ ﻓﻼ ُﻣ ﻀ ﱠﻞ ﻟ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﯾ ﻀﻠﻞ ﻓ ﻼ ھ ﺎدي ﻟ ﮫ‪،‬‬
‫وأﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وأﺷ ﮭﺪ أن ﻣﺤﻤ ﺪًا ﻋﺒ ﺪُه ورﺳ ﻮﻟُﮫ‪ ،‬ﻣ ﻦ ﯾﻄ ﻊ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﻓﻘ ﺪ رَﺷ ﺪ ‪ ،‬وﻣ ﻦ‬
‫ﻦ إﻻ وأﻧ ﺘﻢ ﻣ ﺴﻠﻤﻮن‪،‬‬ ‫ﯾﻌﺺ اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ ﻓﻘﺪ ﻏﻮى ‪ ،‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا اﺗﻘﻮا اﷲ ﺣﻖ ﺗُﻘﺎﺗﮫ وﻻ ﺗﻤﻮ ُﺗ ﱠ‬
‫ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس اﺗﻘﻮا رﺑﻜﻢ اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ واﺣﺪة وﺧﻠﻖ ﻣﻨﮭ ﺎ زوﺟﮭ ﺎ وﺑ ﺚ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ رﺟ ـﺎﻻً ﻛﺜﯿ ﺮًا‬
‫وﻧﺴﺎء واﺗﱠﻘﻮا اﻟﻠــﮫ اﻟﺬي ﺗﺴﺎءﻟﻮن ﺑﮫ واﻷرﺣــﺎم إن اﷲ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻜﻢ رﻗﯿﺒﺎً‪ ،‬ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟ ﺬﯾﻦ آﻣﻨ ﻮا اﺗﻘ ﻮا‬
‫اﷲ وﻗﻮﻟﻮا ﻗﻮﻻً ﺳﺪﯾﺪاً ﯾُﺼﻠﺢ ﻟﻜﻢ أﻋﻤﺎﻟﻜﻢ وﯾَﻐﻔﺮ ﻟﻜﻢ ذﻧ ﻮﺑﻜﻢ وﻣ ﻦ ﯾﻄ ﻊ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ ﻓﻘ ﺪ ﻓ ﺎز ﻓ ﻮزاً‬
‫ﻋﻈﯿﻤ ﺎً‪ ،‬أﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ‪ . [...‬وﺗﺠ ﺪون أﺟ ﺰاء ھ ﺬه اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﯿ ﺔ ﻣﺒﺜﻮﺛ ﺔ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﻨﺪه ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬وﻓﯿﻤﺎ رواه أﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬وﻓﯿﻤﺎ رواه ﻏﯿﺮھﻤﺎ‪.‬‬

‫وإذا ﺧﻄ ﺐ اﻹﻣ ﺎم ﺳ ﻜﺖ اﻟﻨ ﺎس وﺣ ﺮم ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟﻜ ﻼم‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜﱢﻠ ﻢ أﺣ ﺪُھﻢ اﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‪.‬‬
‫واﻟﻜﻼم ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻟﻐﻮٌ‪ ،‬واﻟﻠﻐﻮ ﯾﺤﺮم ﺻﺎﺣﺒﮫ ﺛﻮابَ ﺻﻼ ِة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺈنﱠ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻟﻐﺎ وﻣﻦ ﻟﻐ ﺎ‬
‫ﺴﺐُ ﻟﮫ ﺻﻼة ﻇﮭ ﺮ‪ .‬وإذا ﺳ ﻠﻢ أﺣ ﺪھﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺎره ر ﱠد اﻵﺧ ﺮ اﻟ ﺴﻼم ﻓ ﻲ ﻧﻔ ﺴﮫ‬ ‫ﻓﻼ ﺟﻤﻌﺔ ﻟﮫ ‪ ،‬وﺗُﺤ َﺘ َ‬
‫دون إﺧﺮاج ﺻﻮتٍ‪ ،‬وأ ِﺛ َﻢ َﻣ ﻦ ﺳ ﻠﱠﻢ‪ .‬وھ ﺬا اﻹﻧ ﺼﺎت ﻣ ﺸﺮوع ﻟﻤ ﻦ ﺣ ﻀﺮ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ‪ :‬اﻟ ﺪاﻧﻲ اﻟﻘﺮﯾ ﺐ‬
‫ﺖ ﻟ ﺼﺎﺣﺒﻚ ﯾ ﻮم‬ ‫واﻟﻨﺎﺋﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪ‪ .‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﻗﻠ َ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ أﻧﺼﺖ واﻹﻣﺎم ﯾﺨﻄﺐ ﻓﻘﺪ ﻟﻐﻮت« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »‪...‬وﻣﻦ ﻟﻐﻰ وﺗﺨﻄﻰ رﻗﺎب اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ‬
‫ﻇﮭﺮًا« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ ‪ 2‬ﻣﻦ ﺑﺤﺚ ]ﺳ ﻨﻦ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ[‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ‬

‫‪448‬‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »‪ ...‬وﻣَﻦ ﻗﺎل ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ )ﺻﮫ( ﻓﻘﺪ ﻟﻐﺎ وﻣﻦ ﻟﻐﺎ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﺘﮫ ﺗﻠﻚ ﺷﺊ‪،‬‬
‫ﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل ذﻟﻚ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﺛﻢ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ آﺧﺮ ذﻟﻚ‪ :‬ﺳﻤﻌ ُ‬
‫ﻗﺎل »ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ إذ ﻗﺎم رﺟﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ھﻠﻚ اﻟﻜُﺮاع وھﻠﻚ اﻟ ﺸﺎءُ‪،‬‬
‫ﻓ ﺎدع اﷲ أن ﯾ ﺴﻘﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﺪ ﯾﺪﯾ ﮫ ودﻋ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ُﻜ ﺮاع‪ :‬أي اﻟﺨﯿ ﻞ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻓﻤ ﺪ ﯾﺪﯾ ﮫ‬
‫ودﻋﺎ‪ :‬ﻣ ّﺪ اﻟﯿﺪﯾﻦ ھﻨﺎ إﻧﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ دﻋﺎء اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‪ ،‬وھﻮ ھﻨﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺮَﺿﯿﺔ‪ ،‬وھﻮ ﻻ ﯾﺘﻌﺎرض ﻣﻊ‬
‫ﻗﻮﻟﻨﺎ إن ﺧﻄﯿﺐ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﯾﺮﻓ ﻊ ﺳ ﺒﱠﺎﺑﺘﮫ وﻻ ﯾﺮﻓ ﻊ ﯾ ﺪه ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ دﻋ ﺎء اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﯾُ ﺸﺮع ﻣ ﺪ اﻟﯿ ﺪﯾﻦ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻈﮭﺮ ﺑﯿﺎض اﻹﺑﻄﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ دﻋﺎﺋﮫ‬
‫إﻻ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‪ ،‬وأﻧﮫ ﯾﺮﻓﻊ ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺮى ﺑﯿ ﺎض إﺑﻄﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‪.‬‬

‫ﻋﺮَﺿﺖ ﻟﮫ ﺣﺎﺟﺔ وھ ﻮ ﯾﺨﻄ ﺐ أن ﯾﻘﻄ ﻊ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﮫ أن ﯾﻨ ﺰل ﻋ ﻦ‬ ‫ن َ‬

‫أﻣﺎ اﻹﻣﺎم ﻓﯿﺠﻮز ﻟﮫ إ ْ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻟﻘﻀﺎﺋﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻌ ﺪ ﻗ ﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟ ﺔ ﯾﻌ ﻮد ﻹﺗﻤ ﺎم ﺧﻄﺒﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ رﻓﺎﻋ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»اﻧﺘﮭﯿﺖ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﺨﻄﺐ ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ رﺟﻞ ﻏﺮﯾﺐ ﺟﺎء ﯾﺴﺄل ﻋﻦ دﯾﻨﮫ ﻻ‬
‫ﻲ ﺑﻜﺮﺳﻲ ﻓﻘﻌﺪ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ ﯾﻌﻠﻤﻨﻲ ﻣﻤﺎ ﻋﻠﱠﻤﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﯾﺪري ﻣﺎ دﯾﻨﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺄﻗﺒﻞ إﻟﻲﱠ‪ ،‬ﻓﺄُﺗ َ‬
‫ﺛﻢ أَﺗﻰ ﺧﻄﺒﺘﮫ ﻓﺄﺗ ﱠﻢ آﺧﺮھﺎ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﺑُﺮﯾﺪة اﻷﺳ ﻠﻤﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺒﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺤﺴﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻗﻤﯿﺼﺎن أﺣﻤ ﺮان ﯾﻤ ﺸﯿﺎن وﯾﻌﺜ ﺮان‪،‬‬
‫ﻓﻨ ﺰل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪ ،‬ﻓﺤﻤﻠﮭﻤ ﺎ ﻓﻮﺿ ﻌﮭﻤﺎ ﺑ ﯿﻦ ﯾﺪﯾ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﺪق اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ إﻧﻤ ﺎ‬
‫أﻣﻮاﻟﻜﻢ وأوﻻدﻛﻢ ﻓﺘﻨﺔ‪ ،‬ﻧﻈﺮتُ إﻟﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺼﺒﯿﯿﻦ ﯾﻤﺸﯿﺎن وﯾﻌﺜﺮان ﻓﻠﻢ أﺻﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﻄﻌﺖ ﺣﺪﯾﺜﻲ‬
‫ورﻓﻌﺘﮭﻤﺎ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ )إﻧ ﮫ ﻟ ﯿﺲ‬
‫ھﻨﺎك ﺳُﻨـﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر اﻵﯾـﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ﻟﻜـﻞ ﺻـﻼة‪ ،‬ﻟـﺬا ﻓــﺈن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿــﺎر ﺑ ﯿﻦ ﻗ ﺮاءة ھ ﺬه‬
‫اﻟﺴﻮرة أو ﺗﻠﻚ ﻓﻲ ھــﺬه اﻟﺼﻼة أو ﺗﻠ ﻚ‪ ،‬ﻓﻠﯿ ﺴﺖ أﯾـ ـﺔ ﺳ ﻮرة ﻣـ ـﻦ ﺳ ﻮر اﻟﻘـ ـﺮآن اﻟﻜ ﺮﯾﻢ ﺑﺄﻓ ﻀــﻞ‬
‫ﺺ ﯾﻔﯿﺪ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻗ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬ ‫ن ورد ﻧ ٌ‬ ‫ﻣﻦ أﺧﺘﮭــﺎ ﻟﺼﻼة دون ﺻﻼة( ‪ .‬وﻧﻀﯿﻒ ھﻨﺎ‪ :‬إ ْ‬
‫ن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن ﻗﺮاءة ھﺬه اﻟﺴﻮرة ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﺎرت ھ ﻲ اﻟﻤﻨﺪوﺑ ﺔ دون‬ ‫ﻛﺬا ﺑﺴﻮرة ﻛﺬا ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﺳﻮاھﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻮر‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ھﻲ ﺑﻘﺮاءة ﺳﻮرة أو ﺑﻀﻊ آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ ﺑﻘﺮاءة آﯾﺔ واﺣ ﺪة‪،‬‬
‫وأﻣﺎ ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﻗﺮأه رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻠﯿﺴﺖ ھﻲ اﻟﻤﻨﺪوﺑﺔ وﺣﺪھﺎ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺘﺤﻘﻖ اﻟﻤﻨﺪوب ﺑﻘﺮاءة أي ﺷﺊ‬
‫ﻞ‪ .‬وﻧ ﺬﻛﺮ ھﻨ ﺎ ﺟﻤﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ وردت ﻓ ﻲ ﻗﺮاءﺗ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﻣ ﻦ ﻛﺘ ﺎب اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺑﮭﺎ وﻟﻼﻃﻼع ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻧﺪع ﻣَﻦ ﯾﻮ ﱡد أن ﯾﻘﺮأ ﻛﻤﺎ ﻗﺮأ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺴﻼم ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺒﺘﻐﺎه‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ راﻓﻊ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﻟﻨ ﺎ أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﺑﻌ ﺪ ﺳ ﻮرة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻵﺧــﺮة إذا ﺟـﺎءك اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺄدرﻛـﺖ أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة ﺣـﯿﻦ اﻧﺼﺮف ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬إﻧﻚ ﻗﺮأت‬
‫ﺑﺴﻮرﺗﯿﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﯾﻘﺮأ ﺑﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة‪ :‬إﻧ ﻲ ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﻘﺮأ ﺑﮭﻤﺎ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ أﺑﻲ راﻓﻊ أﯾﻀﺎً ﺑﻠﻔﻆ »ﻓﻘﺮأ ﺑﺴﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ اﻟ ﺴﺠﺪة اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻵﺧ ﺮة‬
‫إذا ﺟﺎءك اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮن«‪.‬‬

‫‪449‬‬
‫‪ -2‬ﻋ ﻦ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺑ ـ ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وھ ﻞ أﺗ ﺎك ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻐﺎﺷ ﯿﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ أﻟ ﻢ‬
‫ﺗﻨﺰﯾﻞ اﻟﺴﺠﺪة‪ ،‬وھﻞ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺪھﺮ‪ ،‬وأن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠـﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﺟ ْﻨﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺑـ ﺳﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ‬ ‫ﺳﻤُﺮة ﺑﻦ ُ‬
‫‪ -4‬ﻋﻦ َ‬
‫اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وھﻞ أﺗﺎك ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻐﺎﺷﯿﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺴﱡﻨّﺔ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫أﺧ ﺬاً ﺑﺎﻟﻘﺎﻋ ﺪة اﻟﺘ ﻲ اﻋﺘﻤ ﺪﻧﺎھﺎ ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع[ ﻓﺈﱠﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن ﻟ ﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺳ ﻨﺔ‬
‫ﻣﺆﻛﺪة راﺗﺒﺔ ﺑﻌﺪﯾﺔ ھﻲ رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وإن ﻟﮭ ﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ أُﺧ ﺮﯾﯿﻦ ﺑﻌ ﺪﯾﺘﯿﻦ ﻣﻠﺤﻘﺘ ﯿﻦ ﺑﺎﻟ ﺴﻨﺔ‬
‫ﻦ اﻹﺗﯿﺎن ﺑ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬وإن أﺗ ﻰ ﺑ ﺄرﺑﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻛ ﺎن‬ ‫اﻟﻤﺆﻛﺪة اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ ،‬ﻓﯿُﺴ ﱡ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ اﻟﺒﻌﺪﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬‫ذﻟﻚ أﻓﻀﻞ‪ .‬واﻷﻓﻀﻞ أن ُﺗ ﺆدﱠى اﻟ ﱡ‬
‫»أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮب رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‬
‫وﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨ ﺼﺮف‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻛ ﺎن ﻻ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨ ﺼﺮف ﻓﯿ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﯿﺘﮫ«‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﺻﻠﻰ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻧﺼﺮف ﻓﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻨﻊ ذﻟﻚ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺻﻠﯿﺘﻢ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﺼﻠﻮا أرﺑﻌ ًﺎ ‪ -‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ‪ -‬ﻓ ﺈن‬
‫ﻋﺠ ﻞ ﺑ ﻚ ﺷ ﺊ ﻓ ﺼ ﱢﻞ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ إذا رﺟﻌ ﺖ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓ ْﻠﯿُﺼ ﱢﻞ ﺑﻌ ﺪھﺎ أرﺑﻌ ًﺎ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ﻓﻀﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‬

‫ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ أﻓﻀﻞ اﻷﯾﺎم ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق‪ ،‬ﻓﮭﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ وﻣ ﻦ ﯾ ﻮم اﻷﺿ ﺤﻰ وﻣ ﻦ‬
‫ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘ ﻲ ﺟﻌﻠ ﺖ ﯾ ﻮم ﻋﺮﻓ ﺔ أﻓ ﻀﻞ اﻷﯾ ﺎم ھ ﻲ أدﻧ ﻰ ﻣﺮﺗﺒ ﺔ ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻔ ﻀﯿﻞ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﯾﺎم‪ .‬ﻓﻔﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺧﻠ ﻖ اﷲ آدم ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أدﺧﻠ ﮫ اﷲ اﻟﺠﻨ ﺔ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ‬
‫أﺧﺮﺟ ﮫ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ ﺗﻮﻓﱠ ﺎه اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻓ ﻲ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺳ ﺎﻋﺔ ﯾُ ﺴﺘﺠﺎب ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ ﺗﻘ ﻮم‬
‫اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺧﯿ ُﺮ ﯾ ﻮمٍ ﻃﻠﻌ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺸﻤﺲ ﯾ ﻮمُ‬
‫اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿ ﮫ ﺧُﻠ ﻖ آدم ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أُدﺧ ﻞ اﻟﺠﻨ ﺔ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ أُﺧ ﺮج ﻣﻨﮭ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﻘ ﻮم اﻟ ﺴﺎﻋﺔ إﻻ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﻟﺒﺎﺑ ﺔ اﻟﺒ ﺪري ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻨ ﺬر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺳﯿﺪ اﻷﯾﺎم ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وأﻋﻈﻤﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‪ ،‬وأﻋﻈ ﻢ ﻋﻨ ﺪ اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﱠﻞ‬
‫ﻣ ﻦ ﯾ ﻮم اﻟﻔﻄ ﺮ وﯾ ﻮم اﻷﺿ ﺤﻰ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ ﺧﻤ ﺲ ﺧ ﻼل‪ :‬ﺧﻠ ﻖ اﷲ ﻓﯿ ﮫ آدم‪ ،‬وأھ ﺒﻂ اﷲ ﻓﯿ ﮫ آدم إﻟ ﻰ‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻓﯿﮫ ﺗﻮﻓﱠﻰ اﷲ آدم‪ ،‬وﻓﯿﮫ ﺳﺎﻋﺔ ﻻ ﯾﺴﺄل اﻟﻌﺒﺪُ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﯿﺌ ًﺎ إﻻ آﺗ ﺎه اﷲ ﺗﺒ ﺎرك وﺗﻌ ﺎﻟﻰ إﯾ ﺎه‬
‫ح وﻻ‬ ‫ض وﻻ رﯾ ﺎ ٍ‬
‫ﻚ ﻣﻘ ﺮﱠب وﻻ ﺳ ﻤﺎ ٍء وﻻ أر ٍ‬ ‫ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺄل ﺣﺮاﻣ ﺎً‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ ﺗﻘ ﻮم اﻟ ﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻣَﻠ ٍ‬

‫‪450‬‬
‫ﺟﺒﺎلٍ وﻻ ﺑﺤﺮٍ إﻻ ھﻦ ﯾُﺸﻔﻘﻦ ﻣﻦ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺒ ﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬
‫ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘ ﻲ ﯾ ﺴﺘﺠﺎب ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓﮭ ﻲ واﻗﻌ ٌﺔ ﻣ ﺎ ﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﺢ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺠﺘﮭ ﺪ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺜﻘ ﻮا‬ ‫وﻏ ﺮوب اﻟ ﺸﻤﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأي اﻷﺻ ﱢ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻠــﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﺪﻋﺎﺋﮭـﻢ‪ ،‬ﻓﻌـﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾـﺮة رﺿـﻲ اﻟﻠــﮫ ﻋﻨ ـﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ذﻛ ﺮ ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻓﯿﮫ ﺳﺎﻋﺔ ﻻ ﯾﻮاﻓﻘﮭﺎ ﻋﺒ ٌﺪ ﻣﺴﻠﻢ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﯾ ﺴﺄل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﺷ ﯿﺌًﺎ إﻻ أﻋﻄ ﺎه‬
‫إﯾ ﺎه‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﯿ ﺪه ﯾُﻘﻠﱢﻠﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾﻘﻠﻠﮭ ﺎ‪ :‬أي أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺳﺎﻋﺔ ﻗﺼﯿﺮة‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري وأﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إن‬
‫ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺳ ﺎﻋﺔ ﻻ ﯾﻮاﻓﻘﮭ ﺎ ﻋﺒ ٌﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ ﯾ ﺴﺄل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ إﻻ أﻋﻄ ﺎه إﯾ ﺎه وھ ﻲ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﻌ ﺼﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒ ﺰﱠار‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺛِﻨﺘﺎ ﻋﺸﺮة‪ ،‬ﯾﺮﯾﺪ ﺳﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﯾ ﺴﺄل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ إﻻ آﺗ ﺎه اﷲ ﻋ ﱠﺰ‬
‫وﺟﻞﱠ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻤﺴﻮھﺎ آﺧﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫وﻗــﺪ أﺷﻜﻠــﺖ ﻋﻠ ـﻰ اﻟﻨـ ـﺎس اﻟﻌﺒـ ـﺎرة اﻟﺘـ ـﻲ ﺗﻘ ـﻮل »ﻻ ﯾﻮاﻓﻘـﮭـ ـﺎ ﻋﺒ ٌﺪ ﻣ ﺴﻠــﻢ وھـ ـﻮ ﻗﺎﺋـ ـﻢ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ«‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن آﺧﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻨﮭ ﺎر وﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻻ ﺻ ﻼة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﯾﻘ ﺎل »وھ ﻮ‬
‫ﻗﺎﺋﻢ ﯾﺼﻠﻲ«؟ واﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻹﺷﻜﺎل ھﻮ أن ﻣ ﻦ ﺟﻠ ﺲ ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬أو ﺟﻠ ﺲ ﯾﻨﺘﻈ ﺮ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻓﮭﻮ ﻓﻲ ﺻﻼة‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ »ﻗﻠﺖ ﻟﻌﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺳ ﻼم‪ :‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة وﻟﯿ ﺴﺖ‬
‫ﺑﺴﺎﻋﺔ ﺻﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪َ :‬أ َو ﻟ ﻢ ﺗﻌﻠ ﻢ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣﻨﺘﻈ ﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﺑﻠ ﻰ ھ ﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻨﻀﺮ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﻋ ﻦ‬ ‫واﷲ ھﻲ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺳﻼم ﻗﺎل »ﻗﻠﺖ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺟﺎﻟﺲ‪ :‬إﻧﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﺳ ﺎﻋﺔ ﻻ‬
‫ﯾﻮاﻓﻘﮭﺎ ﻋﺒﺪ ﻣﺴﻠﻢ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﺴﺄل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺷ ﯿﺌًﺎ إﻻ أﻋﻄ ﺎه ﻣ ﺎ ﺳ ﺄﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺑﻌﺾ ﺳﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﺻﺪق رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻨﻀﺮ ﻗﺎل أﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ‪ :‬ﺳﺄﻟﺘﮫ‪:‬‬
‫ن اﻟﻌﺒ ﺪ‬
‫أﯾﺔ ﺳﺎﻋﺔ ھﻲ؟ ﻗﺎل ‪ :‬آﺧﺮ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬إﻧﮭﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﺑ ﺴﺎﻋﺔ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺑﻠ ﻰ إ ﱠ‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة إذا ﺻ ﻠﻰ ﺛ ﻢ ﻗﻌ ﺪ ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه ﻻ ﯾﺤﺒ ﺴﮫ إﻻ اﻧﺘﻈ ﺎر اﻟ ﺼﻼة« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﯾُﺴﺘﺠﺎب ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺪﻋﺎء واﻗﻌﺔ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻧﮭﺎر ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻷن ھ ﺬه اﻟ ﺴﺎﻋﺔ ھ ﻲ ﻣ ﺎ‬
‫دﻟﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮة‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ اﻷﺷ ﻌﺮي رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻠﻔﻆ »ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬ھﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ أن ﯾﺠﻠ ﺲ اﻹﻣ ﺎم إﻟ ﻰ أن ﺗُﻘ ﻀﻰ اﻟ ﺼﻼة«‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﻘﺪ أﻋﱠﻠ ﮫ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑﺎﻻﻧﻘﻄ ﺎع ﺑ ﯿﻦ ﻣﺨﺮﻣ ﺔ راوي اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﺑ ﯿﻦ‬
‫ف ﻓﻲ‬‫أﺑﯿﮫ‪ ،‬وواﻓﻘﮫ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻗﺎﺋﻼً )وﺟﻮد اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﻣﻦ ﻣﺨﺮﻣﺔ ﺑﺄﻧﮫ ﻟﻢ ﯾ ﺴﻤﻊ ﻣ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻛ ـﺎ ٍ‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﺣﻤﱠﺎد ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ‪ :‬ﻣﺨﺮﻣﺔ ﺑﻦ ﺑﻜﯿﺮ رواه ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﺑﻜﯿﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ‬ ‫دﻋﻮى اﻻﻧﻘﻄﺎع(‪ .‬وﻗﺎل أﺣﻤﺪ ﻧﻘ ً‬
‫ﺞ وھﻮ ﻟﻢ ﯾﺴﻤﻊ ﻣﻦ أﺑﯿﮫ‪ .‬وأﺿﺎف‪ :‬إن ﺣ ﱠﻤ ﺎد ﺑ ﻦ ﺧﺎﻟ ﺪ ﺳ ﻤﻌﮫ ﻣ ﻦ ﻣﺨﺮﻣ ﺔ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ .‬ﺛ ﻢ إن‬ ‫اﷲ ﺑﻦ اﻷﺷ ﱢ‬
‫اﻟﺤﺎﻓﻆ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻗﺪ رﻣﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﺎﻻﺿﻄﺮاب‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ وإن ورد ﻓﻲ ﺻ ﺤﯿﺢ ﻣ ﺴﻠﻢ إﻻ أﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﯾُﺤﺘﺞﱡ ﺑﮫ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﯾُﻨﺪب اﻹﻛﺜﺎر ﻣــﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻠـ ـﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻷن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠﯿ ﮫ ﺗﻌ ﺮض ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺴﺮﱡ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أوس ﺑﻦ أﺑﻲ أوس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ أﻓ ﻀﻞ‬ ‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﯿﻮم ﻓﯿُ َ‬
‫ﻲ ﻣﻦ‬ ‫أﯾ ﺎﻣﻜﻢ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿ ﮫ ﺧُﻠ ﻖ آدم وﻓﯿ ﮫ ُﻗ ﺒﺾ‪ ،‬وﻓﯿ ﮫ اﻟﻨﻔﺨ ﺔ وﻓﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻌﻘﺔ‪ ،‬ﻓ ﺄﻛﺜﺮوا ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻼﺗﻜﻢ ﻣﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻲﱠ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ وﻛﯿﻒ ﺗُﻌ ﺮض ﻋﻠﯿ ﻚ ﺻ ﻼﺗُﻨﺎ وﻗ ﺪ‬
‫ﺖ ـ ﻗ ﺎل‪ :‬إن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﻞﱠ ﺣ ﺮﱠم ﻋﻠ ﻰ اﻷرض أن ﺗﺄﻛ ﻞ أﺟ ﺴﺎد اﻷﻧﺒﯿ ﺎء‬ ‫َأ ِر ْﻣ ﺖَ؟ ـ ﯾﻌﻨ ﻲ وﻗ ﺪ َﺑﻠِﯿ َ‬
‫ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪.‬‬

‫‪451‬‬
 ‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﻌﺎﺷـﺮ‬
‫ﺻﻼة أھﻞ اﻷﻋﺬار‬
‫]اﻟﺨﺎﺋﻒ واﻟﻤﺴﺎﻓﺮ واﻟﻤﺮﯾﺾ[‬

‫‪ (1‬ﺻــﻼة اﻟـﺨـﻮف‬
‫إذا ﺧﺎف اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﺪوﱠھﻢ ﺷُﺮع ﻟﮭﻢ أداء ﺻﻼﺗﮭﻢ ﻣﻘﺼﻮرةً ﺑﺄﺷ ﻜﺎل وﻛﯿﻔﯿ ﺎت ﻋ ﺪة أوﺻ ﻠﮭﺎ‬
‫ﺑﻌ ﺾ اﻷﺋﻤ ﺔ إﻟ ﻰ ﺳ ﺒﻌﺔ أﺷ ﻜﺎل‪ ،‬وأوﺻ ﻠﮭﺎ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ اﻵﺧ ﺮ إﻟ ﻰ ﺳ ﺒﻌﺔ ﻋ ﺸﺮ ﺷ ﻜﻼً‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ن َﺗ ْﻘ ﺼُﺮُوْا ِﻣ ﻦ‬
‫ح َأ ْ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ﺟُ َﻨ ﺎ ٌ‬
‫ﺲ َ‬
‫ض َﻓ َﻠ ْﯿ َ‬
‫ﺿ َﺮ ْﺑﺘُ ْﻢ ﻓﻲ ا َﻷ ْر ِ‬ ‫ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻗﻮﻟُﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ] وَإذَا َ‬
‫ﻋﺪُوﱠًا ﻣُ ِﺒ ْﯿ َﻨ ًﺎ[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 101‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﻦ ﻛَﺎﻧُﻮْا َﻟﻜُ ْﻢ َ‬
‫ﻦ َﻛ َﻔﺮُوْا إنﱠ اﻟﻜَﺎ ِﻓ ِﺮ ْﯾ َ‬
‫ن َﯾ ْﻔ ِﺘ َﻨﻜُ ْﻢ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﺧ ْﻔﺘُ ْﻢ َأ ْ‬
‫ن ِ‬
‫اﻟﺼﱠﻼ ِة إ ْ‬
‫اﻟﻨﺴﺎء‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻗﺼﺮ ﺻﻼة اﻟﺨﻮف ﻓﻌﺎ ﱞم ﯾﺸﻤﻞ إﻧﻘﺎص ﻋﺪد رﻛﻌ ﺎت اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ُﺘ ﺼﻠﱠﻰ اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻛﻤ ﺎ ﺗُ ﺼﻠﻰ رﻛﻌ ـﺔً واﺣ ﺪة ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺜﻨﺎﺋﯿ ﺔ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺸﻤﻞ إﻧﻘ ﺎص ﺣ ﺪودھﺎ‬
‫ﺟ ﮫٍ ﻧﺤ ﻮ‬
‫ورﻛﻮﻋﮭ ﺎ وﺳ ﺠﻮدھﺎ وھﯿﺌﺎﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ُﺘ ﺼﻠﱠﻰ إﯾﻤ ﺎءً ﺑ ﻼ رﻛ ﻮع وﻻ ﺳ ﺠﻮد وﻻ وﻗ ﻮف وﻻ ﺗﻮ ﱡ‬
‫اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬أي ﺗُﺼﻠﱠﻰ ﻛﯿﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ‪ ،‬واﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪ اﺷﺘﺪاد اﻟﺨـﻮف وﻋﻨﺪ اﻻﻟﺘﺤﺎم ﻓ ﻲ اﻟﻘﺘ ﺎل‪،‬‬
‫ن َﺗ ْﻘﺼُﺮُوْا ﻣِﻦ اﻟﺼﱠﻼ ِة[‪ .‬ﻓﺎﻟﻘ ﺼﺮ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ اﻵﯾ ﺔ‬
‫وﻛﻞ ھﺬه اﻹﻧﻘﺎﺻﺎت ﺗﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]َأ ْ‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﯾﻌﻨﻲ ﻣﻄﻠﻖ اﻹﻧﻘﺎص وﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺨﺎص ﺑﺈﻧﻘﺎص اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻷرﺑ ﻊ‬
‫إﻟﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ آت ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻘﺮآن وﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪.‬‬

‫ﺖ َﻟﮭُﻢ اﻟ ﺼﱠﻼ َة‬ ‫أﻣــﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﯿﻘﻮل ﺑﻌــﺪ اﻵﯾــﺔ اﻟﻤﺬﻛــﻮرة أﻋــﻼه ] وَإذَا ﻛُﻨْـ َ‬
‫ﺖ ِﻓ ْﯿ ِﮭ ْﻢ َﻓ َﺄ َﻗ ْﻤ َ‬
‫ى‬ ‫ﺧ َﺮ ْ‬ ‫ت ﻃَﺎ ِﺋ َﻔ ٌﺔ أُ ْ‬‫ﻦ َورَا ِﺋﻜُ ْﻢ َو ْﻟ َﺘ ْﺄ ِ‬ ‫ﺠﺪُوْا َﻓ ْﻠ َﯿﻜُ ْﻮﻧُﻮْا ِﻣ ْ‬ ‫ﺳَ‬ ‫ﺤ َﺘﮭُ ْﻢ َﻓ ﺈذَا َ‬ ‫ﺳ ِﻠ َ‬
‫ﻚ َو ْﻟ َﯿ ْﺄﺧُﺬُوْا َأ ْ‬‫َﻓ ْﻠ َﺘﻘُ ْﻢ ﻃَﺎ ِﺋ َﻔ ٌﺔ ِﻣ ْﻨﮭُ ْﻢ َﻣ َﻌ َ‬
‫ﺤ ِﺘﻜُ ْﻢ‬ ‫ﺳ ِﻠ َ‬‫ﻦ َأ ْ‬‫ﻋ ْ‬ ‫ن َ‬‫ﻦ َﻛ َﻔ ﺮُوْا َﻟ ْﻮ َﺗ ْﻐﻔُﻠُ ْﻮ َ‬ ‫ﺤ َﺘﮭُ ْﻢ َودﱠ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬ ‫ﺳ ِﻠ َ‬‫ﺣ ْﺬ َرھُ ْﻢ َوَأ ْ‬
‫ﻚ َو ْﻟ َﯿ ْﺄﺧُﺬُوْا ِ‬ ‫ﺼﻠﱡﻮْا َﻣ َﻌ َ‬‫ﺼﻠﱡﻮْا َﻓ ْﻠﯿُ َ‬ ‫ﻟﻢ ﯾُ َ‬
‫ﻰ‬ ‫ﺿ ْ‬ ‫ﻄ ٍﺮ َأ ْو ﻛُ ْﻨ ﺘُ ْﻢ َﻣ ْﺮ َ‬ ‫ى ِﻣ ﻦ َﻣ َ‬ ‫ن ِﺑﻜُ ْﻢ َأ َذ ً‬ ‫ن ﻛَﺎ َ‬‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ إ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ﺣ َﺪ ًة وَﻻ ﺟُﻨَﺎ َ‬ ‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ َﻣ ْﯿ َﻠ ًﺔ وَا ِ‬
‫ن َ‬‫وَأ ْﻣ ِﺘ َﻌ ِﺘﻜُ ْﻢ َﻓ َﯿ ِﻤ ْﯿﻠُ ْﻮ َ‬
‫ﻀ ْﯿﺘُﻢ اﻟﺼﱠﻼ َة ﻓ َﺎ ْذﻛُﺮُ ْوا‬ ‫ﻋﺬَاﺑ ًﺎ ﻣُ ِﮭ ْﯿ َﻨ ًﺎ‪ .‬ﻓَﺈذَا َﻗ َ‬ ‫ﻦ َ‬ ‫ﻋﺪﱠ ِﻟ ْﻠﻜَﺎ ِﻓ ِﺮ ْﯾ َ‬
‫ﷲ َأ َ‬
‫ﺣ ْﺬ َرﻛُ ْﻢ إنﱠ ا َ‬ ‫ﺤ َﺘﻜُ ْﻢ َوﺧُﺬُوْا ِ‬ ‫ﺳ ِﻠ َ‬‫ﻀﻌُﻮْا َأ ْ‬ ‫ن َﺗ َ‬ ‫َأ ْ‬
‫ﻦ‬
‫ﻰ اﻟﻤُ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬ ‫ﻋ َﻠ ْ‬
‫ﺖ َ‬ ‫ﻃ َﻤ ْﺄ َﻧ ْﻨﺘُ ْﻢ َﻓ َﺄ ِﻗ ْﯿﻤُﻮْا اﻟ ﺼﱠﻼ َة إنﱠ اﻟ ﺼﱠﻼ َة ﻛَﺎ َﻧ ْ‬ ‫ﻰ ﺟُﻨُ ْﻮ ِﺑﻜُ ْﻢ َﻓ ﺈذَا ا ْ‬ ‫ﻋ َﻠ ْ‬ ‫ﷲ ِﻗﯿَﺎ َﻣ ًﺎ َوﻗُﻌُ ْﻮ َدًا َو َ‬ ‫ا َ‬
‫ﺖ َﻟﮭُ ﻢ‬ ‫ِﻛﺘَﺎ َﺑ ًﺎ َﻣ ْﻮﻗُ ْﻮ َﺗ ًﺎ[ اﻵﯾﺘ ﺎن ‪ 103 ، 102‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﻓ َﺄ َﻗ ْﻤ َ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ أﺷ ﻜﺎل ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬أي أﻧ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ وﺻ ﻒ ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﺎﺋﻒ‬ ‫اﻟ ﺼﱠﻼةَ[‪ ،‬و ذﻛ ﺮ ﺑﻌ ﺪه ﺷ ﻜ ً‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮرة ﺑﺄﻧﮭﺎ إﻗﺎﻣ ٌﺔ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف اﻟﻤﻘ ﺼﻮرة إﻟ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ اﻋ ُﺘ ِﺒ َﺮ‬
‫ﻃ َﻤ ْﺄ َﻧ ْﻨﺘُ ْﻢ َﻓ َﺄ ِﻗ ْﯿﻤُﻮْا اﻟﺼﱠﻼ َة[ ﻣﻊ ﺑﻘﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬ﻣ ﺎ‬ ‫ﻣﻘﯿﻤًﺎ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﯿﮭﺎ ] ﻓَﺈذَا ا ْ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺼﻼة ﺑﻐﯿﺮ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻻ ﺗُﻌﺘﺒﺮ إﻗﺎﻣﺔ ﻟﮭﺎ ‪ .‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻓﺈن أداء اﻟﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ اﻻﻃﻤﺌﻨ ﺎن‬
‫ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﮫ إﻗﺎﻣ ٌﺔ ﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻔﮭﻮﻣﮫ أن أداء اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻃﻤﺌﻨ ﺎن ﻻ ﯾﻌﺘﺒ ﺮ إﻗﺎﻣ ًﺔ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﻃﺐَ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬ ‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻨﺪﻣﺎ أُﻣﺮ أن ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻼة اﻟﺨﻮف اﻟﻤﻘﺼﻮرة ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺧﻮ ِ‬
‫ﺖ َﻟﮭُﻢ اﻟﺼﱠﻼ َة[ أدرﻛﻨﺎ أن ﺻﻼة اﻟﺨﻮف اﻟﻤﻘﺼﻮرة إﻟﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ھﻲ إﻗﺎﻣﺔٌ ﻟﻠﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﺒ ﻖ‬ ‫] َﻓ َﺄ َﻗ ْﻤ َ‬
‫ن أداءَ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ ﻋ ﺪم اﻻﻃﻤﺌﻨ ﺎن ﻻ‬ ‫ﻃ َﻤ ْﺄ َﻧ ْﻨﺘُ ْﻢ َﻓ َﺄ ِﻗ ْﯿﻤُﻮْا اﻟ ﺼﱠﻼ َة[ إﻻ أ ﱠ‬ ‫ﻣﻦ دﻻﻟﺔ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َﻓ ﺈذَا ا ْ‬
‫ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻔﻆ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ أن ﯾﻜﻮن أداؤھﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺪم اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﺑﺈﻧﻘﺎص ﻻ ﺗﻮﺻﻒ‬
‫ص آﺧﺮ ﻏﯿﺮ إﻧﻘﺎصِ ﻋﺪد اﻟﺮﻛﻌﺎت‬ ‫اﻟﺼﻼة ﻣﻌﮫ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣُﻘﺎﻣﺔ‪ ،‬وھﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أداء ھﺬه اﻟﺼﻼة ﺑﺈﻧﻘﺎ ٍ‬
‫إﻟﻰ ﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬وھﻮ اﻹﯾﻤﺎء أو اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫‪452‬‬
 ‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻘﺪ ورد ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ ﻓﺮض اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ﻟ ﺴﺎن ﻧﺒ ﯿﻜﻢ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أ ﱠ‬
‫اﻟﻤﻘ ﯿﻢ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ اﻟﺨ ﺎﺋﻒ رﻛﻌ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫ب ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف ﺑ ﺬي ﻗَ ﺮَد‬
‫ض ﻣﻦ أرض ﺑﻨﻲ ﺳُﻠﯿﻢ ‪ -‬ﻓﺼﻒﱠ اﻟﻨﺎس ﺧﻠﻔﮫ ﺻﻔﱠﯿﻦ‪ ،‬ﺻﻒ ﻣﻮازي اﻟﻌﺪو وﺻﻒ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﺼﻠـﻰ‬ ‫أر ٍ‬
‫ف ھ ﺆﻻء‪،‬‬ ‫ف ھـ ـﺆﻻء وھ ﺆﻻء إﻟ ﻰ ﻣ ﺼﺎ ﱢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺼﻒ اﻟﺬي ﯾﻠﯿﮫ رﻛـﻌـﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻜـﺺ ھ ـﺆﻻء إﻟ ـﻰ ﻣ ﺼـﺎ ﱢ‬
‫ﻓﺼﻠﻰ ﺑﮭﻢ رﻛﻌﺔ أﺧﺮى ‪ -‬زاد ﻓﻲ رواﯾﺔ ‪ -‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻟﻠﻨﺒﻲ ‪ r‬رﻛﻌﺘﯿﻦ وﻟﻜﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ رﻛﻌ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺤ ﺎوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ‬ ‫واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻣﺜﻠﮫ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﺣﺬﯾﻔﺔ ﻣﺜﻠﮫ‪.‬‬

‫ﻋ ﺴْﻔﺎنَ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬

‫ﺿ ﺠْﻨﺎنَ و ُ‬‫ج‪ -‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧ ﺰل ﺑ ﯿﻦ َ‬
‫ﺟﻤِﻌﻮا أﻣ ﺮَﻛﻢ‬
‫ﺐ إﻟ ﯿﮭﻢ ﻣ ﻦ آﺑ ﺎﺋﮭﻢ وأﺑﻨ ﺎﺋﮭﻢ وھ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓ َﺄ ْ‬
‫اﻟﻤ ﺸﺮﻛﻮن‪ :‬إن ﻟﮭ ﻢ ﺻ ﻼ ًة ھ ﻲ أﺣ ﱡ‬
‫ﻓﻤﯿﻠ ﻮا ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﻣﯿﻠ ًﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬وإن ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم أﺗ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﺄﻣﺮه أن ﯾﻘ ﺴﻢ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ‬
‫ﺣ ْﺬرَھﻢ وأﺳ ﻠﺤﺘﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬ ‫ﺷ ﻄﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﺒﻌ ﻀﮭﻢ‪ ،‬وﺗﻘ ﻮم اﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷﺧ ﺮى وراءھ ﻢ وﻟْﯿﺄﺧ ﺬوا ِ‬
‫ﺣ ْﺬرَھﻢ وأﺳﻠﺤﺘﮭﻢ‪ ،‬ﻟﺘﻜﻮن ﻟﮭﻢ رﻛﻌ ﺔ رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل‬ ‫ﺗﺄﺗﻲ اﻷﺧﺮى ﻓﯿﺼﻠﻮن ﻣﻌﮫ‪ ،‬وﯾﺄﺧﺬ ھﺆﻻء ِ‬
‫اﷲ ‪ ،r‬وﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﻛﻌﺘ ﺎن« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﺿَ ﺠْﻨﺎن وﻋُ ﺴْﻔﺎن ھﻤ ﺎ‬
‫ﺨ ﱠﻔ ﺾ أي ﺗ ﻨﻘﺺ‬ ‫ﻣﻮﺿﻌﺎن ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ اﻟﺨ ﻮف ُﺗ َ‬
‫إﻟﻰ رﻛﻌﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ‪ ،‬وأﯾﻀ ًﺎ‪:‬‬

‫ﻼ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وﺟ ﺎء‬ ‫أ‪ -‬روى اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺣﺪﯾﺜًﺎ ﻃﻮﯾ ً‬
‫ف ھﻮ أﺷﺪ‬‫ﻓﻲ آﺧﺮه ﻗﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ »ﻓﯿﻜﻮن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﯿﻦ ﻗﺪ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺧﻮ ٌ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺻﻠﻮا رﺟﺎﻻً ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ أﻗ ﺪاﻣﮭﻢ أو رﻛﺒﺎﻧ ﺎً‪ ،‬ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻠﻲ اﻟﻘﺒﻠ ﺔ أو ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻠﯿﮭﺎ«‪ .‬ورواه‬
‫ف أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺼﻞﱢ راﻛﺒ ًﺎ أو ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﺗُﻮﻣﺊ إﯾﻤﺎ ًء«‪.‬‬ ‫ﻣﺴﻠﻢ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺧﻮ ٌ‬

‫ب‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﻧﯿﺲ ﻗﺎل »ﺑﻌﺜﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟﻰ ﺧﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ ﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﮭ ﺬﻟﻲ وﻛ ﺎن ﻧﺤ ﻮ‬
‫ت ﺻ ﻼةُ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬إﻧ ﻲ ﻷﺧ ﺎف أن‬ ‫ﻋﺮَﻧﺔ وﻋﺮﻓﺎت‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اذھﺐ ﻓﺎﻗﺘﻠْﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺮأﯾﺘﮫ وﺣﻀﺮ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن أُؤﺧﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖ أﻣﺸﻲ وأﻧﺎ أُﺻﻠﻲ أوﻣﺊ إﯾﻤﺎ ًء ﻧﺤﻮَه‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ دﻧ ﻮت‬ ‫ﯾﻜﻮن ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻨﮫ ﻣﺎ إ ْ‬
‫ﻣﻨﮫ ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬ﻣَﻦ أﻧﺖ؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺑﻠﻐﻨﻲ أﻧﻚ ﺗﺠﻤ ﻊ ﻟﮭ ﺬا اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓﺠﺌﺘ ﻚ ﻓ ﻲ ذاك‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إﻧ ﻲ ﻟﻔ ﻲ ذاك ‪ ،‬ﻓﻤ ﺸﯿﺖ ﻣﻌ ﮫ ﺳ ﺎﻋﺔ ﺣﺘ ﻰ إذا أﻣﻜﻨﻨ ﻲ ﻋﻠﻮ ُﺗ ﮫ ﺑ ﺴﯿﻔﻲ ﺣﺘ ﻰ ﺑ ﺮد« رواه أﺑ ﻮ داود ‪.‬‬
‫ورواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣﻄ ﻮﱠﻻً‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺣﻤ ﺪ »ﻓ ﺼﻠﯿﺖ وأﻧ ﺎ أﻣ ﺸﻲ ﻧﺤ ﻮه أُوﻣ ﺊ ﺑﺮأﺳ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد«‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﻋﻦ ﺣﺬﯾﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﯿﻤﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل ﻟﺴﻌﯿﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺎص وھﻮ ﯾﺸﺮح ﻟﮫ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻ ﻼة‬
‫ﺞ ﻣﻦ اﻟﻌﺪو ﻓﻘﺪ ﺣﻞﱠ ﻟﮭﻢ اﻟﻘﺘ ﺎل واﻟﻜ ﻼم« رواه أﺣﻤ ﺪ وھ ﺬا‬ ‫ن ھﺎﺟﮭﻢ َھ ْﯿ ٌ‬
‫اﻟﺨﻮف »وﺗﺄﻣﺮ أﺻﺤﺎﺑﻚ إ ْ‬
‫ﻃﺮف ﻣﻨﮫ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛ ﺔ وإن وردت ﻋﻠ ﻰ‬
‫أﻟﺴﻨﺔ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﻌ ﺪ أن ﺗﻜ ﻮن ﻣ ﻦ ﻋﻨ ﺪ أﻧﻔ ﺴﮭﻢ‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﺗﻔﯿ ﺪ أن ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف ﺗﻜ ﻮن إﯾﻤ ﺎءً‪ ،‬أو‬
‫ﯾﺘﺨﻠﻠﮭﺎ اﻟﻘﺘﺎل واﻟﻜﻼم‪ ،‬ﻣﺎ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺼﻼة ھﻨﺎ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﺎﻣ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ھﯿﺌﺘﮭ ﺎ اﻟﻤﻌﺮوﻓ ﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻘ ﺼﺮ اﻟ ﻮارد‬

‫‪453‬‬
‫ن َﺗ ْﻘ ﺼُﺮُوْا ِﻣ ﻦ اﻟ ﺼﱠﻼ ِة[ ﻋ ﺎم ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺼﺮ إﻟ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ‪،‬‬
‫ح َأ ْ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ﺟُ َﻨ ﺎ ٌ‬ ‫ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ] َﻓ َﻠ ْﯿ َ‬
‫ﺲ َ‬
‫وﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ إﻟﻰ رﻛﻌﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ إﻟﻰ اﻹﯾﻤﺎء‪.‬‬

‫ن أﺑﺮز ھﺬه اﻷﺷ ﻜﺎل‬

‫ن ﻟﺼﻼة اﻟﺨﻮف أﺷﻜﺎﻻً وﻛﯿﻔﯿﺎت ﻋﺪة‪ ،‬وأﻗﻮل ھﻨﺎ إ ﱠ‬
‫ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﺪء اﻟﺒﺤﺚ إ ﱠ‬
‫ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺼﻼة رﻛﻌﺔ واﺣﺪة‪:‬‬

‫ﺖ ﻗﺎﺋﻤًﺎ وﯾﺘﺮﻛﮭﻢ ﺧﻠﻔ ﮫ ﯾ ﺴﻠﱢﻤﻮن وﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن‪ ،‬ﻓﺘ ﺄﺗﻲ‬‫ﯾُﺼﻠﻲ اﻹﻣﺎم ﺑﻄﺎﺋﻔ ٍﺔ رﻛﻌ ًﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﺛﻢ َﯾ ْﺜُﺒ ُ‬
‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﯿﺼﻄﱡﻔﻮن ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ رﻛﻌﺘﮫ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ورﻛﻌﺘَﮭﻢ اﻟﻮﺣﯿ ﺪة وﯾ ﺴﻠﻢ وﯾ ﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬وﻻ‬
‫ي ﻣ ﻦ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟﻄ ﺎﺋﻔﺘﯿﻦ رﻛﻌ ًﺔ أﺧ ﺮى‪ ،‬ﺑ ﻞ ﺗ ﺼﻠﻲ ﻛ ﻞ ﻃﺎﺋﻔ ﺔ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤ ﺎ‬ ‫ُﺗ ﺆدﱢي أ ﱞ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻹﻣﺎم رﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﻤ ﺎرة ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ :‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس ﺣﺪﯾﺜﺎن وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻟﺼﻼة رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﯾﺼﻠﻲ اﻹﻣﺎم ﺑﻄﺎﺋﻔﺔ رﻛﻌﺔً واﺣﺪة وﯾَﺜُْﺒﺖُ ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬وﯾﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﯾُﺘِﻤﱡﻮا ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ رﻛﻌﺘﮭﻢ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‬
‫وﯾﻨﺼﺮﻓﻮا‪ ،‬وﺗﺄﺗﻲ اﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻓﯿ ﺼﻄﻔﱡﻮن ﺧﻠﻔ ﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ رﻛﻌﺘ ﮫ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وﯾ ﺼﻠﻮن ھ ﻢ ﻣﻌ ﮫ‬
‫رﻛﻌ ﺘﮭﻢ اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺜﺒ ﺖ اﻹﻣ ﺎم ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬وﯾﻨﺘﻈ ﺮھﻢ ﺣﺘ ﻰ ﯾُﺘﻤﱡ ﻮا ﻷﻧﻔ ﺴﮭﻢ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﻠﻢ‬
‫وﯾﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ھ ﺬا اﻟ ﺸﻜﻞ ﻣ ﺎ رواه ﺻ ﺎﻟﺢ ﺑ ﻦ ﺧ ﻮﱠات ﻋﻤ ﻦ ﺷﮭ ـﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮم ذات‬
‫اﻟﺮﱢﻗﺎع ﺻﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﺨﻮف »أن ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺻﻔﱠﺖ ﻣﻌﮫ وﻃﺎﺋﻔﺔ ُوﺟَﺎ َه اﻟﻌﺪو‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑ ﺎﻟﺘﻲ ﻣﻌ ﮫ رﻛﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺛﺒﺖ ﻗﺎﺋﻤﺎً وأﺗﻤﻮا ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ ﺛﻢ اﻧﺼﺮﻓﻮا‪ ،‬ﻓﺼﻔﱡﻮا ُوﺟَﺎهَ اﻟﻌ ﺪو‪ ،‬وﺟ ﺎءت اﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷﺧ ﺮى ﻓ ﺼﻠﻰ‬
‫ﺑﮭﻢ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻘﯿﺖ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺛﺒﺖ ﺟﺎﻟﺴﺎً وأﺗ ﱡﻤ ﻮا ﻷﻧﻔ ﺴﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﻢ ﺑﮭ ﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ب ‪ -‬أو ﯾ ﺼﻠﻲ اﻹﻣ ﺎم ﺑﻄﺎﺋﻔ ﺔ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ اﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﯾُﺘِﻤﱡﻮﻧﮭﻤ ﺎ ﻣﻌ ﮫ وﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن وﯾﺜﺒ ﺖ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺄﺗﻲ‬
‫اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ اﻹﻣﺎم رﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﯾﺘﻤﻮﻧﮭﻤﺎ ﻣﻌﮫ وﯾﺴﻠﻢ وﯾﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ ھ ـﺬا‬
‫اﻟﺸﻜﻞ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻗﺒﻠﻨ ﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛﻨ ﺎ ﺑ ﺬات اﻟﺮﱢﻗ ﺎع‬
‫ﻗﺎل ‪ ...‬ﻗﺎل ﻓﻨﻮدي ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻄﺎﺋﻔﺔ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ ﺗﺄﺧﺮوا‪ ،‬وﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻷﺧﺮى رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻗﺎل ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت وﻟﻠﻘ ﻮم رﻛﻌﺘ ﺎن« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﻄﺤ ﺎوي‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﯾ ﺼﻠﻲ اﻹﻣ ﺎم ﺑﻄﺎﺋﻔ ﺔ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﯾ ﺴﻠﻢ وﯾ ﺴﻠﻤﻮن ﺛ ﻢ ﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن‪ ،‬وﺗ ﺄﺗﻲ اﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷﺧ ﺮى‬
‫ﻓﺘﺼﻄﻒﱡ ﺧﻠﻔﮫ ﺛﻢ ﯾﻨﻮون ﻣﻌﺎً وﯾﺼﻠﻮن ﻣﻌﺎً رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ وﯾﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬وھﺬه أﺳ ﮭﻞ اﻷﺷ ﻜﺎل ﻛﻠﮭ ﺎ‪،‬‬
‫واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل»ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف‬
‫ﻓﺼﻠﻰ ﺑ ﺒﻌﺾ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻓﺘ ﺄﺧﺮوا‪ ،‬وﺟ ﺎء آﺧ ﺮون ﻓﻜ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎﻧﮭﻢ ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﱠﻢ ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ـﺎت وﻟﻠﻘ ﻮم رﻛﻌﺘ ﺎن رﻛﻌﺘ ﺎن« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼة اﻹﻣ ﺎم اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ‪ .‬وأﻧ ﺖ أﺧ ﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻷﺷﻜﺎل وﺑﯿﻦ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣ ﻦ اﻷﺷ ﻜﺎل اﻷﺧ ﺮى اﻟﺜﺎﺑﺘ ﺔ واﻟﻤﺮوﯾ ﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ ﺑﺄﺳ ﺎﻧﯿﺪ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وإن‬
‫ﻛﺎن ﻟﻲ أن أﺧﺘﺎر ﻟﻜﻢ ﻓﺈﻧﻲ أﺧﺘﺎر اﻷﺳﮭﻞ ﻣﻨﮭﺎ وھﻮ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻷﺧﯿﺮ‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﻓﺈن اﻹﻣﺎم ﯾﻔﻌﻞ ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﻣـﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﻨ ﺪ‬
‫‪ 2‬ﺳﻮى أﻧ ﮫ ﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر ﺑ ﯿﻦ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ رﻛﻌ ﺔ وﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷﺧ ﺮى رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬أو‬
‫ﯾﻌﻜﺲ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻷوﻟﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻷﺧﺮى رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻼ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﺟﺎﺋﺰ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن دھﻢ اﻟﻌ ﺪو اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ دﯾ ﺎرھﻢ وأﺧ ﺎﻓﮭﻢ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ ﻓ ﺄرادوا أن ﯾ ﺼﻠﻮا ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺨﻮف أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﺗﺎﻣﺎت‪ ،‬ﻓﺈن اﻹﻣﺎم ﯾﻔﻌﻞ ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺪ ‪ 2‬ﺳﻮى أﻧﮫ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ‬
‫اﻷوﻟ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﯾﺜﺒ ﺖ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً رﯾﺜﻤ ﺎ ﯾُﺘِ ﱡﻤ ﻮن وﺣ ﺪھﻢ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‪ ،‬أي رﯾﺜﻤ ﺎ ﯾ ﺄﺗﻮن ﺑ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫إﺿ ﺎﻓﯿﺘﯿﻦ ﺛ ﻢ ﯾﻨ ﺼﺮﻓﻮن‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺄﺗﻲ اﻟﻄﺎﺋﻔ ﺔ اﻷﺧ ﺮى وﯾ ﺼﻄﻔﻮن ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ رﻛﻌﺘﯿ ﮫ‬
‫اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ُﯿ ﺘِﻢ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ‪ ،‬وﯾ ﺼﻠﻮن ھ ﻢ ﻣﻌ ﮫ رﻛﻌﺘ ﯿﮭﻢ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺜﺒ ﺖ اﻹﻣ ﺎم ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ‬
‫رﯾﺜﻤﺎ ﯾُﺘﻤﱡﻮن ھﻢ رﻛﻌﺘﯿﮭﻢ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﻤﻮن ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ وﯾﺴﻠﻤﻮن‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼة إﯾﻤﺎ ًء وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﻮب وﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺟﮭﺔ اﻟﻘِﺒﻠﺔ‬

‫إذا اﺷﺘﺪ اﻟﺨﻮف واﺳﺘﺒﺪﱠ ﺑﺎﻟﻨﺎس اﻟﺬﻋﺮُ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﯾﺴﮭﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ إﻗﺎﻣﺔ ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف‬
‫ﺑﺄﯾﺔ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﯿﻔﯿﺎت اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ ذات اﻟﻘﯿﺎم واﻟﻘﻌﻮد واﻟﺮﻛ ﻮع واﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﺟ ﺎز ﻟﮭ ﻢ إﺗﯿ ﺎنُ اﻟ ﺼﻼة‬
‫إﯾﻤﺎ ًء ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻜﻮن اﻟﺴﺠﻮد أﺧﻔﺾ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬وﺟﺎزت ﻟﮭ ﻢ اﻟ ﺼﻼة وھ ﻢ ﻣﺎﺷ ﻮن‪ ،‬وھ ﻢ راﻛﺒ ﻮن‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺟﺎزت ﻟﮭﻢ دون أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺆدون اﻟﺼﻼة إﯾﻤ ﺎءً وﻛﯿﻔﻤ ﺎ اﺗﻔ ﻖ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ھﻜ ﺬا اﻟﮭ ﺎربُ‬
‫ﻣ ﻦ ﻋ ﺪوه‪ ،‬راﻛﺒ ﺎً اﻟ ﺴﯿﺎرة أو اﻟﻄ ﺎﺋﺮة أو اﻟﺪاﺑ ﺔ أو اﻟ ﺴﻔﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ إﯾﻤ ﺎءً اﻟﻤﻠﺘ ﺼﻖُ ﺑﺤﺠ ﺮ أو‬
‫ﺻﺨﺮة أو ﺟﺪار ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺧﺘﺒﺎء ﻣﻦ اﻟﻌﺪو‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻟﺤﺎﻻت وأﻣﺜﺎﻟﮭﺎ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺼﻠﻲ إﻟﻰ أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﻞ إﻟﻰ أي اﺗﺠﺎه‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻨﺪ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﮫ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة واﻟﺬﻛﺮ واﻹﯾﻤﺎء ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬و ْﻟﯿُﺼ ﱢ‬
‫ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮت اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺪاﻟﱠﺔُ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺮوﯾ ُﺔ ﻋ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﻧ ﯿﺲ وﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ‪.‬‬

‫‪ (2‬ﺻــﻼة اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ‬
‫اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬أي رﻛﻌﺘ ﺎن ﻟﻠﻈﮭ ﺮ وﻟﻠﻌ ﺼﺮ وﻟﻠﻌ ﺸﺎء ‪ ،‬وﺗﺒﻘ ﻰ ﺻ ﻼﺗﺎ‬
‫اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮭﻤﺎ دون ﺗﻐﯿﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن أول ﻣ ﺎ اﻓ ُﺘ ﺮِض‬
‫ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺼﻼ ُة رﻛﻌﺘﺎن رﻛﻌﺘﺎن إﻻ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬ﺛﻢ أﺗ ﱠﻢ اﷲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ‬
‫واﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة أرﺑﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ‪ ،‬وأﻗﺮﱠ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﮭﺎ اﻷول ﻓﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻼة اﻷﺿ ﺤﻰ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ِ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻔﻄ ﺮ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬ﺗﻤ ﺎ ٌم ﻏﯿ ﺮ ﻗ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻟ ﺴﺎن‬
‫ﻧﺒﯿﻜﻢ ‪ ،r‬وﻗﺪ ﺧﺎب ﻣﻦ اﻓﺘﺮى« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻠﻮات ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﺪا اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ[ ‪.‬‬

‫واﻟﺼﻼ ُة ﻗﺼﺮًا ﯾﻨﺎل ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﺛﻮاب اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‪ ،‬ﻟ ﺬا ﻓ ﻼ داﻋ ﻲ ﻷداﺋﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ أرﺑ ﻊ‬
‫رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﻻ ﺳ ﯿﻤﺎ وأن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ رﺿ ﻮان اﷲ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ‪ -‬وھ ﻢ أﺣ ﺮص اﻟﻨ ﺎس ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺜ ﻮاب ‪ -‬ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻘ ﺼﺮون دوﻣ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »‪ ...‬إﻧ ﻲ ﺻ ﺤﺒﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻓﻠﻢ ﯾ ﺰد ﻋﻠ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺣﺘ ﻰ ﻗﺒ ﻀﮫ اﷲ‪ ،‬وﺻ ﺤﺒﺖ أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺰد ﻋﻠ ﻰ‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻀﮫ اﷲ‪ ،‬وﺻﺤﺒﺖ ﻋﻤﺮ ﻓﻠﻢ ﯾﺰد ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺒ ﻀﮫ اﷲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﺤﺒﺖ ﻋﺜﻤ ﺎن‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺰد ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻀﮫ اﷲ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫واﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ رﺧﺼﺔ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻔﺮ اﻵﻣﻦ واﻟﺴﻔﺮ اﻟ َﻤﺨُﻮف‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﯾﻌﻠﻰ ﺑﻦ أﻣﯿﺔ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻗﻠ ﺖ ﻟﻌﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب‪ :‬ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﺟُﻨ ﺎح أن َﺗ ْﻘ ﺼُﺮوا ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة إن ﺧﻔ ﺘﻢ أن ﯾﻔﺘ ﻨﻜﻢ اﻟ ﺬﯾﻦ‬
‫ﺖ ﻣﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺻﺪﻗﺔ‬ ‫ﺖ ﻣﻤﺎ ﻋﺠﺒ َ‬‫ﻛﻔﺮوا‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻣِﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻋﺠﺒ ُ‬
‫ﺗﺼﺪق اﷲ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻓﺎﻗﺒﻠﻮا ﺻﺪﻗﺘﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻋﻦ‬
‫ﺣﺎرﺛﺔ ﺑﻦ وھﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻤِﻨَ ﻰ آ َﻣ َ‬
‫ﻦ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن اﻟﻨ ﺎس وأﻛﺜ ﺮه‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﺖ ﺧﻠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻤِﻨ ﻰ واﻟﻨ ﺎس أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎﻧﻮا‪،‬‬ ‫ﻃﺮﯾ ﻖ ﺣﺎرﺛ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺻ ﻠﯿ ُ‬
‫ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع«‪.‬‬

‫وﻣ ﺎ داﻣ ﺖ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻘ ﺼﻮرة رﺧ ﺼﺔ ﻓ ﺈن ﺗ ﺮك اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻘ ﺼﻮرة واﻹﺗﯿ ﺎن ﺑﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‬
‫ن َﺗ ْﻘ ﺼُﺮُوْا ِﻣ ﻦ اﻟ ﺼﱠﻼ ِة[ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻵﯾ ﺔ ‪101‬‬
‫ح َأ ْ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ﺟُ َﻨ ﺎ ٌ‬ ‫ﺟﺎﺋﺰ ﻻ ﺣُﺮﻣ َﺔ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]ﻓَﻠ ْﯿ َ‬
‫ﺲ َ‬
‫ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨ ﺴﺎء‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﺻ ﺪﻗﺔ ﺗ ﺼﺪق اﷲ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﻓ ﺎﻗﺒﻠﻮا ﺻ ﺪﻗﺘﮫ«‪ ،‬ﯾ ﺪل‬
‫ﻛﻼھﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘ ﺼﺮ رﺧ ﺼﺔ وﻟ ﯿﺲ ﻋﺰﯾﻤ ﺔ‪ .‬وأﯾ ﻀﺎً ﻗ ﺪ رُوﯾ ﺖ أﺣﺎدﯾ ـﺚُ ﻛﺜﯿ ـﺮة ﺗ ﺬﻛﺮ أن ﺻ ﺤﺎﺑﺔ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺻﻠﻮا ﺻﻼة رﺑﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺳﻔﺎرھﻢ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻷﺳﻮد ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭ ﺎ اﻋﺘﻤ ﺮت ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺖ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻜﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﺑ ﺄﺑﻲ أﻧ ﺖ وأُﻣ ﻲ ﻗ ﺼﺮتُ وأﺗﻤﻤ ُ‬
‫ﺖ ﯾﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﻋﺎب ﻋﻠﻲﱠ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬‫ﺖ ﻗﺎل‪ :‬أﺣﺴﻨ ِ‬
‫وأﻓﻄﺮتُ وﺻﻤ ُ‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺮوة ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‬
‫ﻲ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﱠ‬
‫أرﺑﻌﺎً‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮭﺎ‪ :‬ﻟﻮ ﺻﻠﯿﺖِ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ اﺑ ﻦ أﺧﺘ ﻲ إﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺸ ﱡ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬ورواه ﻋﺒﺪاﻟﺮزاق ﺑﻠﻔﻆ »أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ُﺗ ِﺘ ﱡﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ«‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻤِﻨ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وأﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﺑﻌ ﺪه‪،‬‬
‫وﻋﻤﺮ ﺑﻌﺪ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ‪ ،‬وﻋﺜﻤﺎن ﺻﺪرًا ﻣﻦ ﺧﻼﻓﺘﮫ‪ ،‬ﺛﻢ إن ﻋﺜﻤ ﺎن ﺻ ﻠﻰ ﺑﻌ ُﺪ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫إذا ﺻﻠﻰ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﺻ ﻠﻰ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬وإذا ﺻ ﻼھﺎ وﺣ ﺪه ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ ،‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺑﻠﻔﻆ ﻗﺮﯾﺐ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋ ﻦ ﺣﻔ ﺺ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ أَﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻧﻄُِﻠ ﻖَ ﺑﻨ ﺎ إﻟ ﻰ اﻟ ﺸﺎم إﻟ ﻰ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻠ ﻚ وﻧﺤ ﻦ‬

‫ﺞ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ اﻟﻌﺼﺮ ﺛﻢ ﺳ ﻠﻢ ودﺧ ﻞ‬ ‫ض ﻟﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رﺟﻊ وﻛﻨﺎ ﺑﻔ ﱢ‬ ‫ﻼ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر ِﻟ َﯿ ْﻔ ِﺮ َ‬
‫أرﺑﻌﻮن رﺟ ً‬
‫ﻓﺴﻄﺎﻃﮫ‪ ،‬وﻗﺎم اﻟﻨﺎس ﯾﻀﯿﻔﻮن إﻟﻰ رﻛﻌﺘﯿﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ أﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺒﱠﺢ اﷲ اﻟﻮﺟ ﻮه‪ ،‬ﻓ ﻮاﷲ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ وﻻ ﻗُﺒﻠﺖ اﻟﺮﺧﺼﺔ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬ ‫ﻣﺎ أﺻﺎﺑﺖ اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺰﺑﯿﺮ أن ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﺘﺮة ﺛﻢ ﺻﻠﻰ أرﺑﻌ ًﺎ‪.‬‬

‫ﻓﻌﺎﺋﺸﺔ وﻋﺜﻤﺎن وأرﺑﻌﻮن ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر وﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﻛﻠﮭ ﻢ ﺻ ﻠﻮا ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬وﻃﺒﻌ ًﺎ ﺻ ﻠﻰ‬
‫س ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‬ ‫ﻋﺜﻤﺎن وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺎوﯾﺔ أرﺑﻌًﺎ ﯾﺄﺗ ﱡﻢ ﺑﮭﻤﺎ ﻧﺎ ٌ‬
‫ﻏﯿﺮ ﺟﺎﺋﺰة ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ ﻟﻤَﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣ ﻦ ھ ﺆﻻء اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟ َﻤ ﺎ أﺛﻨ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﻓﻌ ﻞ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ ھﺬا‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﺤﯿﺢ أن اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ رﺧﺼﺔ وﻟﯿﺲ ﻋﺰﯾﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪.‬‬

‫ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ‬

‫‪456‬‬
‫ﻟﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻷﺋﻤﺔ واﻟﻔﻘﮭﺎء اﺧﺘﻼﻓًﺎ ﻛﺒﯿﺮًا ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺑ ﺪﱠ ﻣ ﻦ أن ﯾﻘﻄﻌﮭ ﺎ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ‬
‫ن ﻣﺤﻤﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر ﻗ ﺪ أوﺻ ﻞ ھ ﺬه اﻵراء إﻟ ﻰ اﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ‪،‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﺣﺘﻰ إ ﱠ‬
‫وﻧﺤﻦ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض أﺑﺮز اﻵراء ھﺬه‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأن ﻣﻌﻈﻤﮭﺎ ﻻ دﻟﯿﻞ ﻣﻌﺘﺒﺮًا ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧﻨﺎﻗ ﺸﮭﺎ‬
‫ﻣﻊ أدﻟﺘﮭﺎ وﺷُﺒُﮭﺎﺗﮭﺎ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮاب ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺈذن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬رأي اﻷﺣﻨ ﺎف ‪ :‬ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻛﺘ ﺎب اﻟﻤﺒ ﺴﻮط ﻟ ﺸﻤﺲ اﻟ ﺪﯾﻦ اﻟﺴﺮﺧ ﺴﻲ‪ ،‬وھ ﻮ ﻋُﻤ ﺪة ﻛﺘ ﺐ‬
‫ت أو إﻟ ﻰ ﺿ ﯿﻌ ٍﺔ ﻻ ﯾ ﺴﻤﻰ ﻣ ﺴﺎﻓﺮاً‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ إﺛﺒ ﺎت‬ ‫اﻷﺣﻨ ﺎف‪ ،‬ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ ]‪ ...‬واﻟﺨ ﺎرج إﻟ ﻰ ﺣ ﺎﻧﻮ ٍ‬
‫اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﺳﻢ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﻗﺪﱠرﻧﺎ ﺑﺜﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎ ٍم ﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ‪ ،‬أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻗﻮﻟ ﮫ ‪» r‬ﻻ ﺗ ﺴﺎﻓﺮ اﻟﻤ ﺮأ ُة‬
‫ﻓﻮق ﺛﻼﺛ ِﺔ أﯾﺎمٍ وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ إﻻ وﻣﻌﮭﺎ زوﺟﮭﺎ‪ ،‬أو ذو رﺣ ٍﻢ ﻣﺤﺮ ٍم ﻣﻨﮭﺎ« ﻣﻌﻨﺎه ﺛﻼﺛﺔَ أﯾﺎم‪ ،‬وﻛﻠﻤﺔ ﻓ ﻮق‬
‫ﺻﻠﺔٌ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺎﺿﺮﺑﻮا ﻓﻮق اﻷﻋﻨﺎق‪ ،‬وھﻲ ﻻ ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺨﺮوج ﻟﻐﯿﺮه ﺑ ﺪون ﻣﺤ ﺮ ٍم ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫‪» r‬ﯾﻤﺴﺢ اﻟﻤﻘﯿﻢ ﯾﻮﻣﺎً وﻟﯿﻠﺔ واﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎمٍ وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ« ﻓﮭ ﻮ ﺗﻨ ﺼﯿﺺ ﻋﻠ ﻰ أن ﻣ ﺪة اﻟ ﺴﻔﺮ ﻻ‬
‫ﺗﻨﻘﺺ ﻋﻤﺎ ﯾﻤﻜﻦ اﺳﺘﯿﻔﺎء ھﺬه اﻟﺮﺧﺼﺔ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬واﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﯿﮫ أن اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺮﺧﺼﺔ ﻟﻤ ﺎ ﻓﯿ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺤﺮج واﻟﻤﺸﻘﺔ‪ ،‬وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺮج واﻟﻤﺸﻘﺔ أن ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ أن ﯾﺤﻤﻞ رَﺣﻠَﮫُ ﻣ ﻦ ﻏﯿ ﺮ أھﻠ ﮫ وﯾﺤﻄ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﯿﺮ أھﻠﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻻ ﯾﺘﺤﻘﻖ ﻓﯿﻤﺎ دون اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ‪ [ ...‬إﻟ ﻰ أن ﻗ ﺎل ]وﻻ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻟﻠﺘﻘ ﺪﯾﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮاﺳ ﺦ ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ذﻟﻚ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻄﺮق ﻓﻲ اﻟﺴﮭﻮل واﻟﺠﺒﺎل واﻟﺒ ﺮ واﻟﺒﺤ ﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﺘﻘ ﺪﯾﺮ ﺑﺎﻷﯾ ﺎم واﻟﻤﺮاﺣ ﻞ‪،‬‬
‫وذﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﻓﯿﺮﺟﻊ إﻟﯿﮭﻢ ﻋﻨﺪ اﻻﺷﺘﺒﺎه ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻗﺼﺪ ﻣﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة [ وﻗﺪ‬
‫ﺟﺒَﯿ ﺮ وﺳ ﻔﯿﺎن اﻟﺜ ﻮري‪ ،‬و ُﻧ ﺴﺐ إﻟ ﻰ ﻋﺜﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﻋﻔ ﺎن وﻋﺒ ﺪاﷲ ﺑ ﻦ‬ ‫ﺷ ﺎرﻛﮭﻢ اﻟ ﺮأي ھ ﺬا ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻣﺴﻌﻮد وﺣﺬﯾﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ رأي اﻷﺣﻨﺎف ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ أﻗ ﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم‪ ،‬وﻻ ﻋﺒ ﺮة ﻋﻨ ﺪھﻢ ﺑﺘﻘ ﺪﯾﺮ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ ﺑﺎﻷﻣﯿ ﺎل واﻟﻔﺮاﺳ ﺦ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ اﻟﺘﻘ ﺪﯾﺮ ﺑﺎﻷﯾ ﺎم‬
‫واﻟﻤﺮاﺣﻞ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬رأي اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ‪ :‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺪوﻧﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫]ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳ ﻢ‪ :‬ﻛ ﺎن ﻣﺎﻟ ﻚ ﯾﻘ ﻮل ﻗﺒ ﻞ اﻟﯿ ﻮم‪ :‬ﯾﻘ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة ﯾ ﻮم وﻟﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗ ﺮك‬
‫ﻼ ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻓ ﻲ‬‫ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬ﻻ ﯾﻘ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة إﻻ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺔ وأرﺑﻌ ﯿﻦ ﻣ ﯿ ً‬
‫أرﺑﻌﺔ ُﺑﺮُدٍ [‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ رأي اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ﻣ ﺴﯿﺮة ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺔ وأرﺑﻌ ﯿﻦ‬
‫ﻣﯿﻼً‪ ،‬وھﻲ ﺗﻌﺎدل ﺳﺘﺔ ﻋﺸ َﺮ ﻓﺮﺳﺨ ًﺎ‪ ،‬أو ‪ 88.7‬ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮًا‪.‬‬

‫ج ‪ -‬رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‪ :‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻷم ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﻼ‬
‫]‪ ...‬ﻓﻠﻠﻤ ﺮء ﻋﻨ ﺪي أن ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓﯿﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣ ﺴﯿﺮة ﻟﯿﻠﺘ ﯿﻦ ﻗﺎﺻ ﺪﺗﯿﻦ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﺳ ﺘﺔ وأرﺑﻌ ﻮن ﻣ ﯿ ً‬
‫ﺐ أن ﻻ أﻗ ﺼﺮ ﻓ ﻲ أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ﺛ ﻼث اﺣﺘﯿﺎﻃ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﺑﺎﻟﮭﺎﺷ ﻤﻲ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓﯿﻤ ﺎ دوﻧﮭ ﺎ‪ ،‬وأﻣ ﺎ أﻧ ﺎ ﻓﺄﺣ ﱡ‬
‫ﻧﻔﺴﻲ‪ ،‬وأن ﺗﺮك اﻟﻘﺼﺮ ﻣﺒﺎح ﻟﻲ‪ .‬ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ‪ :‬ﻓﮭﻞ ﻓﻲ أن ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮﻣﯿﻦ ﺣﺠ ﺔ ﺑﺨﺒ ٍﺮ ﻣﺘﻘ ﺪم؟‬
‫ﻗﯿﻞ‪ :‬ﻧﻌﻢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧ ﺎ ﺳ ﻔﯿﺎن ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﻋ ﻦ ﻋﻄ ﺎء‬
‫ﻋ ﺴْﻔﺎن وإﻟ ﻰ ﺟ ﺪة وإﻟ ﻰ اﻟﻄ ﺎﺋﻒ‪،‬‬‫ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﻧﮫ ﺳﺌﻞ‪ :‬أﺗﻘﺼﺮ إﻟﻰ ﻋﺮﻓﺔ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إﻟﻰ ُ‬
‫ﻼ ﺑﺎﻷﻣﯿ ﺎل اﻟﮭﺎﺷ ﻤﯿﺔ‪ ،‬وھ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة ﻟﯿﻠﺘ ﯿﻦ ﻗﺎﺻ ﺪﺗﯿﻦ‬ ‫ﻗ ﺎل‪ :‬وأﻗ ﺮب ھ ﺬا ﻣ ﻦ ﻣﻜ ﺔ ﺳ ﺘﺔٌ وأرﺑﻌ ﻮن ﻣ ﯿ ً‬
‫ﺐ اﻷﻗﺪام وﺳﯿ َﺮ اﻟﺜﻘ ﻞ‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧ ﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺎﻓﺮ ﻣ ﻊ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﺒﺮﯾ ﺪ ﻓ ﻼ ﯾﻘ ﺼﺮ‬
‫دﺑﯿ َ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ ﺳ ﺎﻟﻢ أن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﻛ ﺐ إﻟ ﻰ ذات اﻟﻨ ﺼﺐ ﻓﻘ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺴﯿﺮة ذﻟﻚ‪ ،‬ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ‪ :‬وﺑﯿﻦ ذات اﻟﻨﺼﺐ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أرﺑﻌ ﺔ ُﺑ ﺮُ ٍد‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧ ﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﺷ ﮭﺎب ﻋ ﻦ‬
‫ﺳﺎﻟﻢ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ أﻧﮫ رﻛﺐ إﻟﻰ رﯾﻢ ﻓﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻣﺎﻟ ﻚ‪ :‬وذﻟ ﻚ ﻧﺤ ٌﻮ ﻣ ﻦ أرﺑﻌ ﺔ‬
‫ﺑُﺮُ ٍد [‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﺼﺢ ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة ﻟﯿﻠﺘ ﯿﻦ ﻗﺎﺻ ﺪﺗﯿﻦ‪ ،‬وھ ﻲ ﺗﻌ ﺎدل ﺳ ﺘﺔ‬
‫ﻼ ﺑﺎﻟﮭﺎﺷ ﻤﻲ‪ ،‬أي ﻣ ﺴﺎﻓﺔ ‪ 85‬ﻛﯿﻠ ﻮﻣﺘﺮاً ‪ .‬وﯾﺤﺘ ﺎط اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ ﻓﯿﻘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة‬‫وأرﺑﻌ ﯿﻦ ﻣ ﯿ ً‬
‫ل‪ ،‬وھﺬه ﺗﻌﺎدل ‪ 127.5‬ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮاً ‪.‬‬‫ﺛﻼث ﻟﯿﺎ ٍ‬

‫د‪ -‬رأي اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ﻼ ﺑﺎﻟﮭﺎﺷ ﻤﻲ ﻓﻠ ﮫ أن ﯾﻘ ﺼﺮ‪.‬‬ ‫] وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺳﻔﺮه ﺳﺘﺔ ﻋﺸ َﺮ ﻓﺮﺳﺨًﺎ أو ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وأرﺑﻌ ﯿﻦ ﻣ ﯿ ً‬
‫ﻗﺎل اﻷﺛﺮم‪ :‬ﻗﯿﻞ ﻷﺑﻲ ﻋﺒﺪاﷲ ‪ -‬أي ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ‪ -‬ﻓﻲ ﻛ ﻢ ﺗﻘ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﻲ أرﺑﻌ ﺔ ُﺑ ﺮُ ٍد‪،‬‬
‫ﻗﯿﻞ ﻟﮫ‪ :‬ﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮ ٍم ﺗﺎ ﱟم ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬أرﺑﻌ ُﺔ ُﺑ ُﺮ ٍد ﺳﺘﺔ ﻋﺸ َﺮ ﻓﺮﺳﺨ ًﺎ وﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮﻣﯿﻦ‪.‬‬

‫ﻓﻤﺬھﺐ أﺑﻲ ﻋﺒﺪاﷲ أن اﻟﻘﺼﺮ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻓﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﺘ َﺔ ﻋﺸ َﺮ ﻓﺮﺳﺨﺎً‪ ،‬واﻟﻔﺮﺳﺦ ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل‪،‬‬
‫ﻓﯿﻜ ﻮن ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺔ وأرﺑﻌ ﯿﻦ ﻣ ﯿﻼً‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﻘﺎﺿ ﻲ‪ :‬واﻟﻤﯿ ﻞ اﺛﻨ ﺎ ﻋ ﺸﺮ أﻟ ﻒ ﻗ ﺪ ٍم‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻣ ﺴﯿﺮة ﯾ ﻮﻣﯿﻦ‬
‫ﻋﺴْﻔﺎن إﻟﻰ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ اﻟﻄ ﺎﺋﻒ إﻟ ﻰ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺟ ﺪة إﻟ ﻰ‬ ‫ﻗﺎﺻﺪﯾﻦ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗﺪره اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﻦ ُ‬
‫ﻣﻜﺔ ‪ ، ...‬ﻓﻌﻠﻰ ھﺬا ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ ﯾﻮﻣﯿﻦ ﻗﺎﺻﺪﯾﻦ‪ ،‬وھﺬا ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس واﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ ،‬وإﻟﯿ ﮫ‬
‫ذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻠﯿﺚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وإﺳ ﺤﻖ[ وأﺿ ﺎف اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ ]وروي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ض‬
‫ﻋﻤﺮ أﻧﮫ ﯾﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة ﻋﺸﺮة ﻓﺮاﺳﺦ‪ ،‬ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪ :‬ﺛﺒﺖ أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻛﺎن ﯾﻘﺼﺮ إﻟ ﻰ أر ٍ‬
‫ﻟﮫ وھﻲ ﺛﻼﺛﻮن ﻣﯿﻼً‪ ،‬وروي ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم وﻻ ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓﯿﻤ ﺎ‬
‫دوﻧﮫ‪ ،‬وإﻟﯿﮫ ذھﺐ اﻷوزاﻋﻲ‪ ،‬وﻗﺎل ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ‪ :‬ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮ ٍم ﺗﺎ ﱟم ‪ ،‬وﺑﮫ ﻧﺄﺧ ﺬ‪ [...‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ‬
‫ﻼ ﺣﺘﻰ ﯾﺠ ﻮز ﻟ ﮫ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬وھ ﻲ‬ ‫ﻓﻲ رأي أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﯾﺤﺘﺎج ﻷن ﯾﻘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓ َﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿ ٍﺔ وأرﺑﻌﯿﻦ ﻣﯿ ً‬
‫ﺗﻌﺎدل ‪ 88.7‬ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮًا ‪ ،‬وھﻮ رأي ﻣﺎﻟﻚ ‪ .‬إﻻ أن اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﻟﻢ ﯾﻠﺘ ﺰم ﺑ ﺮأي إﻣﺎﻣ ﮫ وإﻧﻤ ﺎ أﺧ ﺬ ﺑﻘ ﻮل‬
‫ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺘﻘﺪﯾﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻤﺴﯿﺮة ﯾﻮ ٍم ﺗﺎ ﱢم ‪ ،‬وھﻲ ﺗﻌﺎدل أرﺑﻌ ًﺔ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﻣ ﯿﻼً‪ ،‬أي ‪ 44.35‬ﻛﯿﻠ ﻮ‬
‫ﻣﺘﺮًا ﻓﻘﻂ‪ ،‬دون أن ﯾﺬﻛﺮ ﻣﻦ ھﻢ ھﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬رأي اﺑﻦ ﺣﺰم ‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﻦ ﻋﻠﻤ ﺎء أھ ﻞ اﻟﻈ ﺎھﺮ‪ :‬ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻤﻰ اﻟﻤﺤﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‬
‫]واﻟﺴﻔﺮ ھﻮ اﻟﺒﺮوز ﻋﻦ ﻣﺤﻠﺔ اﻹﻗﺎﻣ ﺔ ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟ ﻀﺮب ﻓ ﻲ اﻷرض‪ ،‬ھ ﺬا اﻟ ﺬي ﻻ ﯾﻘ ﻮم أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻦ‬
‫أھﻞ اﻟﻠﻐﺔ ‪ -‬اﻟﺘﻲ ﺑﮭﺎ ﺧﻮﻃﺒﻨﺎ وﺑﮭﺎ ﻧﺰل اﻟﻘﺮآن ‪ -‬ﺳﻮاه‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﺠ ﻮز أن ﯾﺨ ﺮج ﻋ ﻦ ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ إﻻ ﻣ ﺎ‬
‫ﺺ ﺑﺈﺧﺮاﺟ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ وﺟ ﺪﻧﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺧ ﺮج إﻟ ﻰ اﻟﺒﻘﯿ ﻊ ﻟ ﺪﻓﻦ اﻟﻤ ﻮﺗﻰ‪ ،‬وﺧ ﺮج إﻟ ﻰ‬ ‫ﺢ اﻟ ﻨ ﱡ‬
‫ﺻ ﱠ‬
‫اﻟﻔ ﻀﺎء ﻟﻠﻐ ﺎﺋﻂ واﻟﻨ ﺎس ﻣﻌ ﮫ ﻓﻠ ﻢ ﯾﻘ ﺼﺮوا وﻟ ﻢ ﯾﻔﻄ ﺮوا‪ ،‬وﻻ أﻓﻄ ﺮ وﻻ ﻗ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج ھ ﺬا ﻋ ﻦ أن‬
‫ﺠﺰْ ﻟﻨﺎ أن ﻧُﻮﻗِﻊ اﺳﻢ اﻟﺴﻔﺮ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳ ﻤﺎه ﻣ ﻦ‬ ‫ﯾﺴﻤﻰ ﺳﻔﺮاً‪ ،‬وﻋﻦ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺴﻔﺮ ‪ ،‬ﻓﻠﻢ َﯾ ُ‬
‫ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روﯾﻨ ﺎ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻟ ﻮ‬
‫ﻞ ﻣ ﻦ ﻣﯿ ٍ‬ ‫ھﻮ ﺣﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺳ ﻔﺮًا‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﻧﺠ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ أﻗ ﱠ‬
‫ﻼ ﻟﻘﺼﺮتُ اﻟﺼﻼ َة «[‪ .‬وأﺿﺎف اﺑﻦ ﺣﺰم ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ]وأﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﺈن ﻣﺎ دون اﻟﻤﯿ ﻞ ﻣ ﻦ آﺧ ﺮ‬ ‫ﺧﺮﺟﺖ ﻣﯿ ً‬
‫ﺑﯿﻮت ﻗﺮﯾﺘﮫ ﻟﮫ ﺣﻜﻢ اﻟﺤﻀﺮ ﻓﻼ ﯾﻘﺼﺮ ﻓﯿﮫ وﻻ ﯾﻔﻄﺮ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻠﻎ اﻟﻤﯿﻞ ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﺻﺎر ﻓﻲ ﺳﻔﺮه ﺗُﻘ ﺼَﺮ‬
‫ﻄ ُﺮ [ ‪.‬‬
‫ﺼ ُﺮ وﯾُﻔ ِ‬
‫ﻓﯿﮫ اﻟﺼﻼة وﯾُﻔﻄَﺮ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻘ ُ‬

‫ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﻓ ﻲ رأي اﺑ ﻦ ﺣ ﺰم ﯾﻘ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﯿﺮة ﻣﯿ ﻞ واﺣ ﺪ ﺧ ﺎرج ﺑﯿ ﻮت اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ أو‬

‫اﻟﻘﺮﯾﺔ وﺗﻌﺎدل ‪ 1848‬ﻣﺘﺮًا ‪ ،‬أي ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮًا واﺣﺪاً وﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻋﺸﺎر اﻟﻜﯿﻠﻮﻣﺘﺮ‪.‬‬

‫وﻟﻠﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ أذﻛﺮ ﻟﻜﻢ آراء أﺧﺮى ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻗ ﺎل ﺑﮭ ﺎ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء دوﻧﻤ ﺎ ﺣﺎﺟ ﺔ ﻣﻨ ﺎ‬
‫ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﮭﺎ ‪ ،‬أﻧﻘﻠﮭﺎ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﻛﺘ ﺎب اﻟﻤﺤﻠ ﻰ ﻻﺑ ﻦ ﺣ ﺰم وھ ﺬه ھ ﻲ ]أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑﺘﺤﺪﯾ ﺪ ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﺼﺮ ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ أُﻓﻖ إﻟﻰ أُﻓﻖ‪ ،‬وﺣﯿﺚ ﯾﺤﻤَﻞ اﻟﺰاد واﻟﻤﺰاد‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﺘﺔ وﺗﺴﻌﯿﻦ ﻣﯿﻼً‪ ،‬وﻓﻲ اﺛﻨﯿﻦ وﺛﻤ ﺎﻧﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻼ ‪ ،‬أو ﻓ ﻲ واﺣ ﺪ وﺳ ﺘﯿﻦ ﻣ ﯿﻼً‪ ،‬أو ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺔ وأرﺑﻌ ﯿﻦ‬ ‫وﻓﻲ اﺛﻨﯿﻦ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﻣﯿﻼً ‪ ،‬وﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ وﺳﺘﯿﻦ ﻣ ﯿ ً‬
‫ﻼ[‪.‬‬ ‫ﻼ‪ ،‬أو أرﺑﻌﯿﻦ ﻣﯿﻼً‪ ،‬أو ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛﯿﻦ ﻣﯿ ً‬ ‫ﻣﯿﻼً‪ ،‬أو ﺧﻤﺴﺔ وأرﺑﻌﯿﻦ ﻣﯿ ً‬

‫وﻧﺤﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮد اﻷﺻﻮﻟﯿﺔ اﻟﻤﻌﺘﺒﺮة ‪:‬‬

‫‪458‬‬
‫أ ‪ -‬إن اﻟﺤﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن ﺷﺮﻋﯿ ًﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾﺆﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﺸﺮع ‪ ،‬أي ﻣﻦ أدﻟﺘﮫ اﻟﻤﻌﺘﺒ ﺮة‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫اﻟﻜﺘ ﺎب واﻟ ﺴﻨﺔ وإﺟﻤ ﺎع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﻘﯿ ﺎس ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺳ ﻮى ھ ﺬه اﻷدﻟ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﮭﺎ ﺣﻜﻤ ًﺎ ﺷﺮﻋﯿًﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻨﺎ ﻧﺤﻦ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إن ﻗﻮل اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن دﻟﯿﻼً ﺷﺮﻋﯿ ًﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﯾُﺠ ِﻤ َﻊ اﻟﺼﺤﺎﺑ ُﺔ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻗﺎل‬
‫ﺻ ﺤﺎﺑﻲ أو ﻋ ﺸﺮة ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ أو ﺣﺘ ﻰ ﻣﺎﺋ ﺔ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻗ ﻮﻻً‪ ،‬وﺟ ﺎء ﺻ ﺤﺎﺑﺔ آﺧ ﺮون ﺑﻘ ﻮلٍ أو أﻗ ﻮالٍ‬
‫ﻼ ﺷﺮﻋﯿﺎً‪ ،‬وﻛﻞ ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ أﺣﻜ ﺎم‬‫ن أﯾ ًﺎ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﻗﻮال ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ دﻟﯿ ً‬‫ﻣﺨﺎﻟِﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﯾﻌﻨﻲ أ ﱠ‬
‫ﺷﺮﻋﯿﺔ اﺟﺘﮭﺎدﯾﺔ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﻗﻠﱠﺪھﺎ أو اﺗﱠﺒﻌﮭﺎ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إن اﻟﺤﻘ ﺎﺋﻖ اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣﻘﺪﱠﻣ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺤﻘ ﺎﺋﻖ اﻟﻠﻐﻮﯾ ﺔ ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻌﻤ ﻞ ﺑﺎﻟﺤﻘ ﺎﺋﻖ اﻟﻠﻐﻮﯾ ﺔ إﻻ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم وﺟﻮد ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺷﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﺗﺤﺖ أي ﻇﺮف ﻣﻦ اﻟﻈﺮوف‪.‬‬

‫ل أو ﻓﻌ ﻞٌ ﻣﻐ ﺎﯾﺮٌ ﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ آﺧ ﺮ ﻓ ﺈن ذﻟ ﻚ ﯾﻌﻨ ﻲ‬‫ل أو ﻓﻌﻞٌ ﻟﺼﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﺎء ﻗﻮ ٌ‬ ‫د ‪ -‬إذا ﺟﺎء ﻗﻮ ٌ‬
‫ي‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻗﻮﻻً أو ﻓﻌﻼً ﻣﺮﻓﻮﻋ ﺎً إﻟ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وإذا ﻧُﻘ ﻞ ﻋ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ واﺣ ٍﺪ‬ ‫ﻞ اﺟﺘﮭﺎد ﱞ‬‫ل أو ﻓﻌ ٌ‬
‫أﻧﮫ ﻗﻮ ٌ‬
‫ي‬‫ﻗﻮﻻن أو ﻓﻌﻼن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن ﻛﺎن ذﻟ ﻚ ﻣَ ﺪْﻋﺎةً ﻟ ﺮﻓﺾ ﻛ ﻼ اﻟﻘ ﻮﻟﯿﻦ أو اﻟﻔﻌﻠ ﯿﻦ وﻋ ﺪم ﺟ ﻮاز اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑ ﺄ ‪‬‬
‫ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜ ﻮن أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻗ ﺪ ﻧُﻘ ﻞ ﺑ ﺴﻨﺪ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻓﯿُﻄ ﺮح ‪ ،‬وﯾﺆﺧ ُﺬ اﻵﺧ ﺮ إن ﻛ ﺎن ﻗ ﺪ ﻧُﻘ ﻞ ﺑ ﺴﻨﺪ‬
‫ﺻﺤﯿﺢ أو ﺣﺴﻦٍ‪.‬‬

‫ﺺ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﷲ أو ﻣﻦ ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وورد ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ‬ ‫ھـ ‪ -‬إذا ورد ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟ ٍﺔ ﻧ ﱞ‬
‫ﻗﻮل ﺻﺤﺎﺑﻲ ُأﺧِﺬ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﷲ أو ﻣﻦ ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺗﺮك ﻗﻮل اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬إﻻ أن‬
‫ﯾﻜﻮن ھﺬا اﻟﻘﻮل ﺷﺮﺣﺎً أو ﺗﻔﺴﯿﺮاً ﻟﻠﻨﺺ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺄﺧﺬه ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ‪.‬‬

‫ﺠ ْﺰ ﻋ ﻼج‬‫ﺼﺮَ اﻟﻨﺺﱡ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻢ َﯾ ُ‬

‫ﺺ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﻮﻟﺠﺖ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔُ ﺑﮭﺬا اﻟﻨﺺ و ُﻗ ِ‬ ‫و ‪ -‬إذا ورد ﻧ ﱞ‬
‫أﯾﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ أﺧﺮى ﺑﮫ‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻜﻮن ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺄﻟﺘﯿﻦ ﻋﻠ ٌﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛ ٌﺔ ﻇﺎھﺮ ٌة ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﺻ ﺮاﺣ ًﺔ أو دﻻﻟ ًﺔ‪،‬‬
‫وإﻻ ﻓﻼ ﻗﯿﺎس ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدات‪.‬‬

‫ﺑﺎﻻﺗﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟﺒﻨ ﻮد اﻷﺻ ﻮﻟﯿﺔ‪ ،‬وﺑ ﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓ ﻲ آراء اﻷﺋﻤ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ وﻏﯿ ﺮھﻢ اﻟﺘ ﻲ‬
‫اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎھﺎ آﻧﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ھﺬه اﻟﺒﻨﻮد ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ و ُﯾ ﺴﺮٍ أن ﻧ ﺮدﱠ ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻵراء‪ ،‬وﻧُﻈﮭ ﺮ‬
‫ﺧﻄﺄھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ‪ ،‬وﻧُﺜﺒﺖ أن اﻟ ﺼﻮاب ﻗ ﺪ ﺟﺎﻧ ﺐ اﻟﺠﻤﯿ ﻊ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت ﻣﺨﺎﻟِﻔ ﺔً ﻟﻠﻨ ﺼﻮص‬
‫اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ .‬أﻣﺎ ﻛﯿﻒ؟ ﻓﺈﻟﯿﻜﻢ اﻟﺒﯿﺎن ‪:‬‬

‫ل اﻷﺣﻨ ﺎف ﻋﻠ ﻰ ﺗﻘ ﺪﯾﺮ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫‪ - 1‬ﻣﻨﺎﻗ ﺸﺔ رأي اﻷﺣﻨ ﺎف‪ :‬اﺳ ﺘﺪ ﱠ‬
‫ﺣ ٍﻢ ﻣﺤ ﺮ ٍم ﻣﻨﮭ ﺎ«‬
‫واﻟ ﺴﻼم »ﻻ ُﺗ ﺴﺎﻓﺮ اﻟﻤ ﺮأ ُة ﻓ ﻮق ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎمٍ وﻟﯿﺎﻟﯿﮭ ﺎ إﻻ وﻣﻌﮭ ﺎ زوﺟﮭ ﺎ أو ذو ر ِ‬
‫وﺑﻘﻮﻟﮫ ‪» r‬ﯾﻤﺴﺢ اﻟﻤﻘﯿﻢ ﯾﻮﻣ ًﺎ وﻟﯿﻠﺔً واﻟﻤﺴﺎﻓﺮُ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎمٍ وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ«‪.‬‬

‫ل ﻣ ﻦ اﻷﺣ ﻮال‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن‬ ‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬إن ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻻ ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ ﺑﺤﺎ ٍ‬
‫ﺼ ُﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ وﻻ ﯾﺘﻌ ﺪاه إﻟ ﻰ ﻏﯿ ﺮه‪،‬‬
‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮعٍ ﺧ ﺎصﱟ ﺑ ﺴﻔﺮ اﻟﻤ ﺮأة ﻓﯿُﻘ َ‬
‫ﺼ َﺮ ﻋﻠ ﯿﮭﻦ وﻟ ﻢ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﺮﺟ ﺎل ﺑﺤ ﺎل‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫واﻟﻤﻌﻠﻮم ﻓﻘﮭﯿ ًﺎ أن اﻟ ﻨﺺ إذا ﺟ ﺎء ﻣﺨﺎﻃﺒ ًﺎ اﻟﻨ ﺴﺎء ُﻗ ِ‬
‫ﻼ ﻋﻦ أﻧﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺿﻮع ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة ‪.‬‬ ‫ﯾﺸﻤﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺳﻔﺮ اﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬ﻓﻀ ً‬

‫ﻞ إﻟ ﻰ‬
‫ﺼ ُﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻨﻘ ُ‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻤ ﺴﺢ ﻓ ﻲ اﻟﻮﺿ ﻮء ﻓﯿُﻘ َ‬
‫ﻣﻮﺿ ﻮع ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻻ ﯾ ﺼﺢ أن ﯾ ﺆﺗﻰ ﺑﮭﻤ ﺎ ﻋﻠ ﻰ‬

‫‪459‬‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺴﻔﺮ اﻟﻤﺮأة ﻏﯿﺮ ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬واﻟﻤﺴﺢ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻏﯿﺮ ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫ﻣﻮاﺿﯿﻊ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ﻻ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻋﻠﺔٌ ﻇﺎھﺮةٌ ﻻ ﺻﺮاﺣﺔً وﻻ دﻻﻟﺔً ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺼﺢ اﻟﻘﯿ ﺎس‪ .‬وﻻ‬
‫ﯾﻘﺎل إن اﻟﺴﻔﺮ ھﻮ ﻋﻠ ٌﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻟﻤﻮاﺿﯿﻊ‪ ،‬ﻻ ﯾﻘﺎل ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺴﻔﺮ ھﻨﺎ ﻟﯿﺲ ﻋﻠ ٍﺔ وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ‬
‫ﺳﺒﺐ‪ ،‬واﻟﺴﺒﺐ ﻻ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن ھﺬﯾﻦ اﻟﻨﺼﯿﻦ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎءا ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮﻋﯿﻦ ﻣﻨﻔ ﺼﻠﯿﻦ‬
‫ﺗﻤﺎﻣ ًﺎ ﻋ ﻦ ﻣﻮﺿ ﻮع ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻻ ﯾ ﺸﺘﺮﻛﺎن ﻣ ﻊ ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ﺑﺄﯾ ﺔ ﻋﻠ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫اﻟﻘﯿﺎس ھﻨﺎ ﻻ ﯾﺼﺢ ‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن ھﺆﻻء ﻗﺪ ﻧﻈﺮوا ﻓﻲ ﻟﻔﻆ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻓﻮﺟﺪوا ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻟﻔﻈﺔ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ووﺟﺪوا ھﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ‬
‫ﻗﺪ ﺟﺎءت ﺑﺼﺪد اﻟﺴﯿﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﻣﺎ دام اﻟﺴﯿﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ وُﺻﻒ ﺑﺄﻧ ﮫ ﺳ ﻔﺮ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل إن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ھﻮ ﻣﻦ ﺳﺎر ھﺬه اﻟﻤﺪة اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ أﻗ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾ ﺼﺢ‬
‫ﻟﮫ دون ﻏﯿﺮه ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة ‪ .‬ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫إﻧﻨ ﺎ ﻻ ﻧﺨ ﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓ ﻲ أن اﻟ ﺴﯿﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم وﻟﯿﺎﻟﯿﮭ ﺎ ﯾﻌﺘﺒ ﺮ ﺳ ﻔﺮًا‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إن اﻟﺜﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم‬
‫وﻟﯿﺎﻟﯿﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﺄت ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﺷﺮﻃﺎً وﻻ ﺗﻘﯿﯿﺪاً ﻟﻠ ﺴﯿﺮ ﺣﺘ ﻰ ﯾﻌﺘﺒ ﺮ ﺳ ﻔﺮاً ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺟ ﺎءت ﺗﻘﯿﯿ ﺪاً زﻣﻨﯿ ﺎً‬
‫ﻟﺴﻔﺮ اﻟﻤﺮأة وﻟﻠﻤﺴﺢ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ﺧﻄ ﺄ دﻋ ﻮاھﻢ ﻣ ﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ‬
‫ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬ﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻻﻣ ﺮأة ﺗ ﺆﻣﻦ ﺑ ﺎﷲ واﻟﯿ ﻮم اﻵﺧ ﺮ أن ﺗ ﺴﺎﻓﺮ‬
‫ﻣ ﺴﯿﺮة ﯾ ﻮ ٍم وﻟﯿﻠ ﺔ ﻟ ﯿﺲ ﻣﻌﮭ ﺎ ﺣﺮﻣ ﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ‪ :‬ﺣﺮﻣ ﺔ ‪ :‬أي رﺟ ﻞ ﻣﺤ ﺮم‬
‫ﺑﻨﺴﺐ أو ﻗﺮاﺑﺔ ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧﺺ ﺻﺤﯿﺢ ﺻﺮﯾﺢ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﺳﻢ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬وھﻲ‬
‫ﺛﻠﺚ اﻟﻤﺴﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻮھﺎ ﺷﺮﻃ ًﺎ وﺗﻘﯿﯿﺪًا ﻟﻠﺴﯿﺮ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺢ إﻃﻼق اﺳﻢ اﻟﺴﻔﺮ ﻋﻠﯿﮫ ‪.‬‬

‫ﺑﻞ إن ھﻨﺎك أﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺎﻟﺤ ًﺔ أﻃﻠﻘﺖ اﺳﻢ اﻟﺴﻔﺮ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ دون ھ ﺬا وذاك ﺑﻜﺜﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﻟﻠﺠ ﻼج‬
‫ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب‪ ،‬ﻓﻨﺴﯿﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل ﻓﯿﺘﺠﻮﱠز ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة وﯾﻘ ﺼﺮ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ‪ .‬وﻋﻦ ﻣﺤﺎرب ﺑﻦ دﺛﺎر ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﻘ ﻮل »إﻧ ﻲ ﻷﺳ ﺎﻓﺮ اﻟ ﺴﺎﻋﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻨﮭ ﺎر‬
‫ﻓﺄﻗ ﺼﺮ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺗ ﺴﺎﻓﺮ‬
‫اﻣ ﺮأةٌ ﺑﺮﯾ ﺪاً إﻻ ﻣ ﻊ ذي ﻣﺤ ﺮم« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وأﺑ ﻮ داود ‪ .‬واﻟﺒﺮﯾ ﺪ أرﺑﻌ ﺔ ﻓﺮاﺳ ﺦ‪ ،‬وﺗﻘ ﺪر ﺑــ ـ ‪22‬‬
‫ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮًا ‪ .‬وھﺬه اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺗﻘﻄﻊ ﻓﻲ ﻧﺼﻒ ﯾﻮم ﺗﻘﺮﯾﺒًﺎ ‪ .‬ﻓﻤﺎذا ﯾﻘﻮل إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻷﺣﻨﺎف؟ إن ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ‬
‫ﻓﯿﮫ أن اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ اﺳﺘﻨﺒﻄﻮا ﻣﻨﮭﻤﺎ اﻟﻘﺼﺮ ﻻ ﯾﻔﯿﺪاﻧﮭﻢ ‪ ،‬وأن ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭﻤﺎ ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﺮﯾﺐ أو ﺑﻌﯿ ٍﺪ ﺑﻤﻮﺿﻮع ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رأي اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ‪ :‬رأي اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ ﻣﺄﺧﻮ ٌذ ﻣﻦ ﻗﻮل ﻣﻨﺴﻮب ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻓﮭﻮ إذن اﺗﺒﺎع ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻻ اﺟﺘﮭﺎدٌ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أﺣ ﺐ أن ﯾﻘﻠ ﺪ‪ ،‬أو ﯾ ﱠﺘِﺒ ﻊ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻓﻠﯿﻔﻌ ﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨ ﺎ ھﻨ ﺎ ﻟ ﺴﻨﺎ ﺑ ﺼﺪد ﺗﻘﻠﯿ ﺪ أو اﺗﺒ ﺎع أﺣ ﺪ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻧﺮﯾ ﺪ أن ﻧ ﺴﺘﻨﺒﻂ اﻟﺤﻜ ﻢ‬
‫اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وﺳﻨﺬﻛﺮ ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ ﻻﺣﻘ ﺎً ﺗﻌ ﺎرض ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس ھﺬا ‪ ،‬وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻗﻮل اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾُﻈﮭ ُﺮ ﺧﻄﺄ ھﺬا اﻟﺮأي ‪.‬‬

‫ﺛ ﻢ إن أﻗ ﻮال اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ -‬وھ ﻲ ﻟﯿ ﺴﺖ أدﻟ ﺔ ﺷ ﺮﻋﯿﺔ ‪ -‬ﺗﻌﺘﺒ ﺮ ﻏﯿ ﺮ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج إن ھ ﻲ‬

‫ﺗﻌﺎرﺿﺖ واﺧﺘﻠﻔﺖ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻣ ﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ھ ﺬه ﻧﺠ ﺪ أﻗ ﻮال ﺻ ﺤﺎﺑﺔٍ وأﻓﻌ ﺎﻻً ﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔٍ ﺗﺨ ﺎﻟﻒ ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﻀﻄﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻋﺪم أﺧﺬ ھﺬا اﻟﺮأي‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ زﯾﺪ ﺑ ﻦ ﺧﻠﯿ ﺪة ﻋ ﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪.‬وﻣ ﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﻠﺠﻼج »ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ‪ ،‬ﻓﻨﺴﯿﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل ﻓﯿﺘﺠﻮﱠز ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﯾﻘ ﺼﺮ« رواه‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻧﺘﻘﺎءِ أﻗﻮالٍ ﻣﻦ أﻗﻮالٍ دون ﺳﻨﺪٍ ﺷﺮﻋﻲ‪.‬‬

‫ﺐ‬
‫‪ - 3‬ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‪ :‬رأي اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ اﺗﱢﺒﺎع ھﻮ اﻵﺧﺮ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻓﯿﻤ ﺎ ُﻧ ﺴ َ‬
‫إﻟﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟﯿﺲ اﺟﺘﮭﺎدًا ﻓﻲ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬اﻧﻈ ﺮوا ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﻨﺪ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﯾﻘ ﻮل ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ ]أﺧﺒﺮﻧ ﺎ‬

‫‪460‬‬
‫ﺳﻔﯿﺎن ﺑﻦ ﻋﯿﯿﻨﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ دﯾﻨﺎر ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﺎح ﻗﺎل » ﻗﻠﺖ ﻻﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬أﻗ ﺼُﺮُ إﻟ ﻰ‬
‫ﻋﺮﻓﺔ ؟ ﻗﺎل ‪:‬ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إﻟﻰ ﺟﺪة وﻋُﺴﻔﺎن واﻟﻄﺎﺋﻒ‪ ،‬وإن ﻗﺪﻣﺖَ ﻋﻠﻰ أھ ٍﻞ أو ﻣﺎﺷﯿ ٍﺔ ﻓﺄَﺗﻢ«‪ ) .‬ﻗﺎل(‬
‫وھﺬا ﻗﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ ،‬وﺑﮫ ﻧﺄﺧﺬ[‪ .‬ﻓﮭﻮ ﻗﻮل واﺿﺢ ﺗﻤﺎﻣًﺎ أﻧﮫ اﺗﱢﺒﺎع ﻻﺑﻦ ﻋﻤﺮ واﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﻤﺎ ‪ .‬وأﻛﺮر اﻟﻘﻮل إﻧﻨﺎ ھﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺼﺪد ﺗﻘﻠﯿﺪ أو اﺗﺒﺎع أﺣﺪ ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻧﺮﯾﺪ أن ﻧﺴﺘﻨﺒﻂ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وھﻲ ﻣﺘﻮاﻓﺮة ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ھﺬه‪ ،‬وﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﺈذن اﷲ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رأي اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ‪ :‬اﻟﻘﻮل ﻓﯿﮫ ھﻮ اﻟﻘﻮل ﻧﻔﺴﮫ ﻓ ﻲ رأي اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻨﺎﺑﻠ ﺔ ﻗ ﺪ اﺗﱠﺒﻌ ﻮا‬
‫ن اﺑ ﻦ ﻗُﺪاﻣ ﺔ‪،‬‬‫ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﺴﺘﺪﻟﻮا ﻋﻠ ﻰ ﺗﻘ ﺪﯾﺮ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬واﻟﻐﺮﯾ ﺐ أ ﱠ‬
‫وھﻮ ﻓﻘﯿﮫ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ اﻟﻤﻘﺪﱠم ‪ ،‬ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑ ﺮأي إﻣﺎﻣِ ﮫ أﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻘﻠ ﺪ أو ﯾﺘﱠﺒ ﻊ ﺻ ﺤﺎﺑ ًﺔ ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻨﺪ إﻟ ﻰ‬
‫ﻧﺺ ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ اﺗﱠﺒﻊ ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل‪ ،‬ﻋﺎﻣ َﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻤﺴﯿﺮة ﯾ ﻮ ٍم ﺗ ﺎ ﱟم ‪ ،‬وﻟﯿﺘ ُﮫ ذﻛ ﺮ ﻟﻨ ﺎ أﺳ ﻤﺎء‬
‫ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ھﺆﻻء‪ ،‬أو ﻋﺪدھﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ‪ ،‬ﻓﺄﺧﻄﺄ ﺧﻄﺄﯾﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ‪ :‬أوﻟﮭﻤ ﺎ أﻧ ﮫ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺪل ﻋﻠ ﻰ رأﯾ ﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ أﻧﮫ ﻗﻠﱠ ﺪ أو ﻗ ﻞ اﺗﱠﺒ ﻊ ﻋﺎﻣ ﺔ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء ﻛﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻣ ﻊ أن ﻋﻠﻤ ﺎء اﻟﻤ ﺬاھﺐ‬
‫اﻷرﺑﻌﺔ ھﻢ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء‪ ،‬وھﻢ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﮭﺬا اﻟﻘﻮل ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ رأي اﺑﻦ ﺣ ﺰم‪ :‬إن اﺑ ﻦ ﺣ ﺰم ﺑﺤ ﺚ اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﺑﺤﺜ ًﺎ ﻟُﻐﻮﯾ ًﺎ ‪ ،‬وﺑﻨ ﻰ رأﯾ ﮫ ﻋﻠ ﻰ دﻻﻟ ﺔ‬
‫اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ أن اﻟﺴﻔﺮ ﻟﻐ ًﺔ ھﻮ اﻟﺒﺮوز ﻋﻦ ﻣﺤﻠﺔ اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻀﺮب ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺄﻃﻠﻖ اﻟ ﺴﻔﺮ‬
‫وﺟﻌﻞ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺴﻔﺮ ﯾﺒﯿﺢ اﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ وﻗﺪ ﻗ ﻀﻰ ﺑﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﺑ ﮫ أﺣ ﺐﱠ أن ﯾﺴﺘ ﺸﮭﺪ ﺑﻘ ﻮل ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‬
‫ت اﻟﺼﻼة‬ ‫ﻼ ﻟﻘﺼﺮ ُ‬‫ﺖ ﻣﯿ ً‬
‫ﻻ ﻻﺑﻦ ﻋﻤﺮ »ﻟﻮ ﺧﺮﺟ ُ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ رأﯾﮫ اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ دﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﺔ ‪ ،‬ﻓﺮوى ﻗﻮ ً‬
‫« ورواه أﯾﻀًﺎ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄ اﺑﻦ ﺣﺰم ﺧﻄﺄﯾﻦ اﺛﻨﯿﻦ ‪ :‬أوﻟﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﺑﻨﻰ رأﯾﮫ ﻋﻠﻰ دﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أن ھﻨ ﺎك‬
‫ﻧﺼﻮﺻًﺎ ﺷﺮﻋﯿ ًﺔ ﺣﺪدت ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ ﻟ ﻢ ﯾ ﺄتِ ﻋﻠ ﻰ ذﻛﺮھ ﺎ‪ .‬واﻟﺜ ﺎﻧﻲ أﻧ ﮫ اﺳﺘ ﺸﮭﺪ‪ ،‬وﻟﻨﻘ ﻞ اﺳ ﺘﺄﻧﺲ‬
‫ﺑﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺪلﱠ ﺑﮫ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻟﻮ اﺳﺘﺪل ﺑﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﻘﻰ ﻣﺨﻄﺌﺎً‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑﻘ ﻮل اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪،‬‬
‫وإﻧﻤﺎ أﺧﺬ ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﺛﻢ أورد ﻗﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻷﻧﮫ رآه ﯾﺆﯾﺪ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﱠﻞ إﻟﯿﮫ‪ ،‬ھﺬا إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ ﻗﺪ روﯾﺖ ﻋﻨﮫ أﻓﻌﺎل ٌ وأﻗﻮالٌ ﺗﻌﺎرض ھﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﯿﮫ ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﻨ ﺎ ﻻ ﻧﻄﻤ ﺌﻦ إﻟ ﻰ ھ ﺬا‬
‫ﺧﻠَﯿ ﺪة ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻗ ﺎل » َﯾ ْﻘ ﺼُﺮُ‬
‫اﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد ‪ ،‬وﻻ ﻧﻘﺒ ﻞ اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﺑ ﮫ ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ُ‬
‫اﻟﺼﻼ َة ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ‪ .‬وﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺧﺮج إﻟ ﻰ‬
‫ض ﻟ ﮫ ﺑ ﺬات اﻟﻨ ﺼﺐ ﻓﻘ ﺼﺮ وھ ﻲ ﺳ ﺘﺔَ ﻋ ﺸ َﺮ ﻓﺮﺳ ﺨًﺎ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ وﻋﺒ ﺪاﻟﺮزاق‬ ‫أر ٍ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ‪.‬وﻋﻦ ﻣﺤﺎرب ﺑﻦ دﺛ ﺎر ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﻘ ﻮل »إﻧ ﻲ ﻷُﺳ ﺎﻓﺮ اﻟ ﺴﺎﻋﺔَ ﻣ ﻦ اﻟﻨﮭ ﺎر‬
‫ﻓﺄﻗﺼﺮ« رواه اﺑﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ‪ .‬وھ ﺬا ﻋﺒ ﺪاﻟﺮزاق ﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻨﱠﻔﮫ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﺪة رواﯾ ﺎت‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓ ﺮوى ﻋﻨ ﮫ أن ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ ھ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ إﻟ ﻰ ﺧﯿﺒ ﺮ‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫ﻼ‪ ،‬وأن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ھﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﱡﻮﯾﺪاء‪ ،‬وھ ﻲ ﺗﻌ ﺎدل اﺛﻨ ﯿﻦ وﺳ ﺒﻌﯿﻦ‬ ‫ﻦ ﻣﯿ ً‬
‫ﺗﻌﺎدل ﺳﺘ ًﺔ وﺗﺴﻌﯿ َ‬
‫ﻼ‪ ،‬ﻓﻜﯿﻒ ﯾُﺠﯿﺰ اﺑﻦ ﺣﺰم وﻏﯿﺮه ﻣﻤﻦ ﯾ ﻨﮭﺞ‬ ‫ﻼ ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ إﻟﻰ رﯾﻢ‪ ،‬وھﻲ ﺗﻌﺎدل ﺛﻼﺛﯿﻦ ﻣﯿ ً‬ ‫ﻣﯿ ً‬
‫ﻞ ﻟ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺗﻌ ﺪدت أﻗﻮاﻟ ﮫ‬ ‫ل ﻻﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أو ﺑﻔﻌ ٍ‬ ‫ﻧﮭﺠﮫ أن ﯾﺴﺘﺪل أو ﯾﺴﺘ ﺸﮭﺪ ﻋﻠ ﻰ ﺗﻘ ﺪﯾﺮ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ ﺑﻘ ﻮ ٍ‬
‫وأﻓﻌﺎﻟﮫ اﻟﻤﺮوﯾﺔ ﻋﻨﮫ واﺧﺘﻠﻔﺖ ؟‬

‫إن اﺑﻦ ﺣﺰم ﻗﺪ أﺧﻄﺄ ﺑﺎﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ‪ ،‬وإن اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺪ أﺧﻄﺄ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﻔﻌ ﻞ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺪال ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ أرﺑﻌﺔ ُﺑ ُﺮدٍ ‪ ،‬وإن اﻟﺤﻨﺎﺑﻠ َﺔ ﻗﺪ أﺧﻄﺌﻮا ﺑﺘﻘﻠﯿﺪ أو اﺗﺒ ﺎع اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ‪،‬‬
‫ﻓﻜ ﻞ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﺪل أو اﺳﺘ ﺸﮭﺪ أو ﻗﻠ ﺪ أو اﺗﺒ ﻊ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻓﻘ ﺪ ﺟﺎﻧﺒ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻮاب‪.‬‬

‫إن أﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ إن ﺗﻌﺎرﺿﺖ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﮭﺎ ﺣﺠ ﺔ‪ ،‬وإن أﻗ ﻮال اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﻮاﺣ ﺪ إن ﺗﻌﺎرﺿ ﺖ‬
‫اﻋﺘُﺒ ﺮت ﻻ ﻗﯿﻤ ﺔ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﺢ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل وﻻ اﻻﺳﺘ ﺸﮭﺎد ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺟ ﺎءت أﻗ ﻮال اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓ ﻲ‬

‫‪461‬‬
‫ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ھﺬه ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔً وﻣﺨﺘﻠﻔﺔً ﻛﺜﯿﺮاً‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ ﻃﺮﺣﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وﻋﺪم اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﺎ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﺳ ﯿﻤﺎ وأن ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻋ ﺪدًا ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺎﻓﯿ ﺔ ﻻﺳ ﺘﻨﺒﺎط ﺣﻜ ﻢ ھ ﺬه‬
‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻨﮭﺎ ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗُﺪاﻣﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤُﻐﻨﻲ ]ﻗﺎل اﻟﻤﺼﻨﻒ‪ :‬وﻻ أرى ﻟﻤﺎ ﺻ ﺎر إﻟﯿ ﮫ اﻷﺋﻤ ﺔ ﺣﺠ ﺔ‪،‬‬
‫ﻷن أﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻻ ﺣﺠﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻊ اﻻﺧﺘﻼف‪ ،‬وﻗﺪ روي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ‬
‫ﻋﻤﺮ ﺧﻼف ﻣﺎ اﺣﺘﺞ ﺑﮫ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺛﻢ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻮﺟﺪ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮭﻢ ﺣﺠﺔ ﻣﻊ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻓﻌﻠﮫ‬
‫‪ ،‬وإذا ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ أﻗﻮاﻟﮭﻢ اﻣﺘﻨﻊ اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ اﻟﺬي ذﻛﺮوه ﻟ ﻮﺟﮭﯿﻦ )أﺣ ﺪھﻤﺎ( أﻧ ﮫ ﻣﺨ ﺎﻟﻒ ﻟ ﺴﻨﺔ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﺘﻲ روﯾﻨﺎھﺎ‪) ... ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ( أن اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ ﺑﺎﺑﮫ اﻟﺘﻮﻗﯿﻒ ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺠﻮز اﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮫ ﺑﺮأي ﻣﺠﺮد‪،‬‬
‫ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وﻟﯿﺲ ﻟﮫ أﺻﻞ ﯾﺮد إﻟﯿﮫ‪ ،‬وﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯿﮫ ‪ .[ ...‬وﻟﻘ ﺪ أﺻ ﺎب اﺑ ﻦ ﻗﺪاﻣ ﺔ ﻓ ﻲ ﻗﻮﻟ ﮫ ھ ﺬا‬
‫وأﺟﺎد ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﺗﻌﺎﻟﺞ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﮭﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﺟُﺒﯿﺮ ﺑﻦ ﻧُﻔﯿﺮ ﻗﺎل‪ :‬ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻊ ﺷﺮﺣﺒﯿﻞ ﺑﻦ اﻟ ﺴﻤﻂ إﻟ ﻰ ﻗﺮﯾ ﺔ ﻋﻠ ﻰ رأس ﺳ ﺒﻌ َﺔ ﻋ ﺸﺮ‬
‫ﻼ ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل »رأﯾ ﺖ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫أو ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﯿ ً‬
‫ﺻﻠﻰ ﺑﺬي اﻟﺤُﻠﯿﻔﺔ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ أﻓﻌﻞ ﻛﻤﺎ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻔﻌﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‬
‫ل أو‬
‫وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ‪ .‬وذو اﻟﺤﻠﯿﻔ ﺔ‪ :‬ﻣﻮﺿ ﻊ ﯾﺒﻌ ﺪ ﻋ ﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﺳ ﺘ َﺔ أﻣﯿ ﺎ ٍ‬
‫ﺳﺒﻌﺔ أﻣﯿﺎلٍ ﺗﻘﺮﯾﺒًﺎ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﺑﺬي اﻟﺤُﻠﯿﻔﺔ رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وزاد ﻓ ﻲ‬
‫آﺧﺮه »آﻣﻨﺎً ﻻ ﯾﺨﺎف ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع«‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﮭﻨﺎﺋﻲ ﻗﺎل ‪ :‬ﺳﺄﻟﺖ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﻗﺼﺮ اﻟﺼـﻼة‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪:‬‬

‫ك ‪ -‬ﺻ ﻠﻰ‬ ‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺧ ﺮج ﻣ ﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬أو ﺛﻼﺛ ﺔ ﻓﺮاﺳ ﺦ ‪ُ -‬‬
‫ﺷ ﻌﺒ ُﺔ اﻟ ﺸﺎ ﱡ‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﺑﻦ أﺑـﻲ ﺷﯿﺒـﺔ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺎرون ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﺳ ﺎﻓﺮ ﻓﺮﺳ ﺨﺎً ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة« رواه‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﯿ ﮫ أﺑ ﻮ ھ ﺎرون ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﻟﻘﻄ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ وأﺑ ﻮ زُرﻋ ﺔ وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‬
‫اﻟ ﺮازي واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ ‪ ،‬وﻟ ﻢ أﺟ ﺪ َﻣ ﻦ وﺛﻘ ﮫ أو ﻗﺒﻠ ﮫ ‪ ،‬ﻓﯿﺘ ﺮك اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ‪ .‬ﻓﺘﺒﻘ ﻰ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ ﺛﻼﺛ ﺔ أﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾ ﺬﻛﺮان أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﺑ ﺬي اﻟﺤﻠﯿﻔ ﺔ ‪ -‬وھ ﻲ ﺗﺒﻌ ﺪ ﻋ ﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺳﺘ َﺔ أﻣﯿﺎل أو ﺳﺒﻌﺔ أﻣﯿﺎل ‪ -‬رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ أﻧﮭ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ‪ .‬وذﻛ ﺮ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ أﺣﻤﺪ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع‪ ،‬وﻓﻲ ذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗ ﺄﺧﺮ ھ ﺬه اﻟﺤﺎدﺛ ﺔ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻨﻔ ﻲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺣ ﺼﻮل اﻟﻨ ﺴﺦ ‪ .‬ﻓﮭ ﺬان ﻧ ﺼﺎن ﺻ ﺤﯿﺤﺎن ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺎﻓﺮ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺳﺘﺔ أﻣﯿ ﺎل وﺳ ﺒﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎذا ﻟ ﻢ ﯾﺄﺧ ﺬ اﻷﺋﻤ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﺑﮭ ﺬﯾﻦ اﻟﻨ ﺼﯿﻦ؟ وإﻧﻤ ﺎ راح‬
‫ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﯾﻨﻈﺮون ﻓﻲ أﻗﻮال اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ ،‬وﯾﺴﺘﻨﺒﻄﻮن ﻣﻨﮭﺎ اﻷﺣﻜ ﺎم رﻏ ﻢ ﺗﻌﺎرﺿ ﮭﺎ واﺧﺘﻼﻓﮭ ﺎ‪ ،‬أو‬
‫ﻓﻲ أدﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﻷﺣﻨﺎف ؟!‬

‫‪462‬‬
‫إن ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﯾ ﺒﻄﻼن أﻗ ﻮال اﻷﺋﻤ ﺔ اﻷرﺑﻌ ﺔ ﺑ ﺸﻜﻞ واﺿ ﺢ ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﻣ ﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم وﻻ‬
‫ﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮﻣﯿﻦ ‪ ،‬وﻻ ﻣﺴﯿﺮة ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻻ ﻣﺴﯿﺮة ﻣﯿﻞ واﺣﺪ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﺘﻘ ﺪﯾﺮ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺒ ﺖ‬
‫اﻟﻌﻮدة ﻋﻦ ھﺬه اﻷﻗﻮال ‪ ،‬واﻟﺘﻘﯿﺪ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ‪. r‬‬

‫ﻼ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺣﺎدﺛﺔ ﻋﯿﻦ واﺣﺪة ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻧﺺ‬ ‫وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿﺼ ً‬
‫ﻋﻠﻰ دﯾﻤﻮﻣﺔ ھﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻗﻮل اﻟﺤﺪﯾﺚ ) إذا ﺧﺮج ( وھﻮ ﺗﺸﺮﯾﻊ ﺻﺮﯾﺢ ﺑﺄن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﺷ ﺮع‬
‫ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻘﺼﺮ إن ھﻢ ﺳﺎﻓﺮوا ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل أو ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺮاﺳﺦ ‪ .‬واﻟﺸﻚ ھﺬا ﻣﻦ اﻟ ﺮاوي ﺷ ﻌﺒﺔ ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﺳﺎﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل ‪ ،‬أو ﺳ ﺎﻓﺮ ﻣ ﻨﮭﻢ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻓﺮاﺳ ﺦ ﺟ ﺎز ﻟ ﮫ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ .‬وﺣﯿ ﺚ أن اﻟﻔﺮﺳ ﺦ‬
‫ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ أن ﻣﻦ ﺳ ﺎﻓﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل أو ﺳ ﺎﻓﺮ ﺗ ﺴﻌﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة‪.‬‬
‫ﻓﺘ ﺼﺒﺢ ﻋﻨ ﺪﻧﺎ ﺛﻼﺛ ﺔ أﻗ ﻮال ﻣﺤﺘﻤﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ‪ :‬ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬وﺳ ﺒﻌﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬وﺗ ﺴﻌﺔ أﻣﯿ ﺎل‪،‬‬
‫وﻧﺤﻦ ﻧﺄﺧُﺬُ ﺑﺎﻷﻛﺜﺮ ﻣﻨﮭﺎ اﺣﺘﯿﺎﻃﺎً وھﻮ ﺗﺴﻌﺔ أﻣﯿ ﺎل وﺗﺒﻠ ﻎ ﺣ ﻮاﻟﻲ ﺳ ﺒﻌﺔ ﻋ ﺸﺮ ﻛﯿﻠ ﻮ ﻣﺘ ﺮًا‪.‬ﻓﮭ ﺬه ھ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪرﺗﮭﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ اﻷﺧﺬُ ﺑﮭﺎ واﻻﻟﺘﺰامُ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ور ﱡد ﺟﻤﯿﻊ أﻗ ﻮال‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿﺔ واﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﻘﺪﯾﺮ اﻟﺸﺮﻋﻲ‪.‬‬

‫وﻟﯿﺘﮭﻢ ‪ ،‬ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﮭﻢ وﻋﻔﺎ ﻋﻨﮭﻢ‪ ،‬أﺧﺬوا ﺑﺎﻟﺒﻨﻮد اﻟﺴﺘﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎھ ﺎ ‪ ،‬وھ ﻲ ﺑﻨ ﻮد ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻻ‬
‫ﻻ ﻣﻦ أن‬ ‫ﻏﺒﺎر ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻟﯿﺨﺮﺟﻮا ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﯾ ٍﺮ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻠﻮا ‪ ،‬وﺑﺪ ً‬
‫ﯾﺄﺧ ﺬوا اﻟ ﻨﺺ اﻟ ﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ إن وﺟ ﺪوا أﻗ ﻮال ﺻ ﺤﺎﺑﺔ أوﻟﻮھ ﺎ ﺑﻤ ﺎ ﯾﺘﻔﻘ ﻮا ﻣﻌ ﮫ أو ردوھ ﺎ‪ ،‬رأﯾﻨ ﺎھﻢ‬
‫ﯾﺄﺧ ﺬون أﻗ ﻮال اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺘ ﺸﺮﯾﻊ‪ ،‬وﯾﻘﻮﻣ ﻮن ﺑﺘﺄوﯾ ﻞ اﻟ ﻨﺺ اﻟ ﺸﺮﻋﻲ ﺗ ﺄوﯾﻼً ﺑﻌﯿ ﺪاً‪ ،‬أي ھ ﻢ ﻗ ﺎﻣﻮا‬
‫ﺑﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﻔﻌﻠﻮا ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟ ﻨﺺ اﻟ ﺸﺮﻋﻲ‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‪ ،‬ﻗ ﺪ أوﻟ ﻮه ﺑ ﺄن‬
‫اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﮫ ﺑﺪء اﻟﻘﺼﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﻄﻮﯾﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﻦ ﻧﻮى اﻟ ﺴﻔﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣﺮاﺣ ﻞ‪ ،‬أو ﻣ ﺮﺣﻠﺘﯿﻦ‬
‫ﻼ‪ ،‬ﺟﺎز ﻟﮫ اﻟﻘﺼﺮ إن ھﻮ ﻗﻄﻊ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل أو ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺮاﺳﺦ‪ ،‬ﻓﻨﻘﻠﻮا ھﺬا اﻟﻨﺺ ﻣﻦ‬ ‫‪ ،‬أو أرﺑﻌﺔ ﺑُﺮُد ﻣﺜ ً‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻋﮫ‪ ،‬وھﻮ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ إﻟﻰ آﺧ ﺮ ھ ﻮ ‪ :‬ﻣﺘ ﻰ ﯾﺒ ﺪأ اﻟﻘ ﺼﺮ؟ وﺷ ﺘﺎن ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻮﺿ ﻮﻋﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻟﻘﺪ أﺧﻄﺌﻮا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺘﻘﯿﺪوا ﺑﮭﺬا اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ‪ ،‬وزاد اﻟﺨﻄﺄ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ أوﻟ ﻮه ﺑﻘ ﻮﻟﮭﻢ‬
‫ﺺ ﻓﻲ ﺑﺪء اﻟﻘﺼﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬وﻟﺒﯿﺎن ھﺬا اﻟﺨﻄﺄ ﻧﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬ ‫إﻧﮫ ﻧ ﱞ‬

‫‪ - 1‬إن اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻨﺪ اﻹﺋﻤﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ھﻮ أن ﻣﻦ أراد أن ﯾﺴﺎﻓﺮ ﻓﻠﮫ أن ﯾﻘ ﺼﺮ ﺑﻤﺠ ﺮد اﻟﺨ ﺮوج‬
‫ﻋﻦ آﺧﺮ ﺑﯿﺖ ﻣﻦ ﺑﯿﻮت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أو اﻟﻘﺮﯾﺔ‪ ،‬وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن ﻣﻦ ﻏﺎدر آﺧﺮ ﺑﯿﺖ واﺑﺘﻌﺪ ﻋﻨ ﮫ ﻣﺎﺋ ﺔ ﻣﺘ ﺮ‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ ﻋﻨﺪھﻢ ﻓﻠﻤﺎذا ﯾﻀﻌﻮن ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻘﺎم ‪ ،‬وھﻮ‬
‫ﯾﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛﺔ أﻣﯿﺎل ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﺑﺪء اﻟﻘﺼﺮ ﻋﻨﺪھﻢ ؟ أﻟﯿﺲ ﻓﻲ ھﺬا ﺗﻨﺎﻗﺾ؟ إﻧﮭ ﻢ إﻣ ﺎ‬
‫أن ﯾﺒﻘ ﻮا ﻋﻠ ﻰ إﺟﻤ ﺎﻋﮭﻢ ‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن ﯾﺄﺧ ﺬوا ﺑﮭ ﺬا اﻟ ﻨﺺ وﯾ ﺪَﻋﻮا اﻹﺟﻤ ﺎع‪ ،‬ﻷن اﻟ ﻨﺺ واﻹﺟﻤ ﺎع‪،‬‬
‫ﻣﺘﻌﺎرﺿﺎن ھﻨﺎ‪.‬‬

‫‪ - 2‬إن ﺗ ﺄوﯾﻠﮭﻢ ﻣﻨﻘ ﻮض وﻣﻐﻠ ﻮط‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن ھ ﺬا اﻟ ﻨﺺ ﻟ ﻢ ﯾﺠ ﺊ ﻓ ﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع ﺑ ﺪء اﻟﻘ ﺼﺮ‪،‬‬

‫وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺗﻘ ﺪﯾﺮ ﻣ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬وأدَعُ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ اﻟﻌ ﺴﻘﻼﻧﻲ‪ ،‬وھ ﻮ ﺷ ﺎﻓﻌﻲ اﻟﻤ ﺬھﺐ‪،‬‬
‫وﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺑﺸﺮح اﻟﺒﺨﺎري ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ دﻋ ﻮاھﻢ ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻜﺘ ﺎب ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‬
‫]وﺣﻜﻰ اﻟﻨﻮوي أن أھﻞ اﻟﻈﺎھﺮ ذھﺒﻮا إﻟﻰ أن أﻗﻞ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘ ﺼﺮ ﺛﻼﺛ ﺔ أﻣﯿ ﺎل‪ ،‬وﻛ ﺄﻧﮭﻢ اﺣﺘﺠ ﻮا ﻓ ﻲ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود ﻣﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل‪» :‬ﻛ ﺎن رﺳ ـﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﺧ ـﺮج ﻣ ﺴﯿﺮة ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫أﻣﯿﺎل ‪ -‬أو ﻓﺮاﺳﺦ ‪ -‬ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة« وھﻮ أﺻ ﺢ ﺣ ﺪﯾﺚ ورد ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺎن ذﻟ ﻚ وأﺻ ﺮﺣﮫ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﺣﻤﻠ ﮫ‬
‫ﻣ ﻦ ﺧﺎﻟﻔ ﮫ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺮاد ﺑ ﮫ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘ ﻲ ﯾﺒﺘ ﺪأ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟﻘ ﺼﺮ ﻻ ﻏﺎﯾ ﺔ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨﻔ ﻰ ُﺑ ْﻌ ُﺪ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﻤ ﻞ‪ ،‬ﻣ ﻊ أن اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ذﻛ ﺮ ﻓ ﻲ رواﯾﺘ ﮫ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻮﺟ ﮫ أن ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ راوﯾ ﮫ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺳﺄﻟﺖ أﻧﺴﺎً ﻋﻦ ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻛﻨﺖ أﺧ ﺮج إﻟ ﻰ اﻟﻜﻮﻓ ﺔ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺒ ﺼﺮة ‪ -‬ﻓﺄﺻ ﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﺘﻰ أرﺟﻊ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﻧﺲ« ﻓﺬﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﻈﮭﺮ أﻧﮫ ﺳﺄﻟﮫ ﻋﻦ ﺟ ﻮاز اﻟﻘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﯾﺒﺘﺪأ اﻟﻘﺼﺮ ﻣﻨﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﻲ ذﻟﻚ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺘﻘﯿﺪ ﺑﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻞ ﺑﻤﺠ ﺎوزة اﻟﺒﻠ ﺪ‬

‫‪463‬‬
‫اﻟﺬي ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮭﺎ ‪ [ ...‬وھﻜﺬا ﯾﻈﮭﺮ ﺑﻮﺿﻮح أن ﻣﻦ أراد ﺳﻔﺮاً ﯾﺒﻠﻎ ﺳ ﺒﻌﺔ ﻋ ﺸﺮ ﻛﯿﻠ ﻮﻣﺘﺮاً أو أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﻓﺈن ﻟﮫ أن ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ ‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﺑ ﺪء ﻗ ﺼﺮ اﻟ ﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﺤ ﺼﻞ ﺑﻤﺠ ﺮد اﻟﺨ ﺮوج ﻋ ﻦ آﺧ ﺮ ﺑﯿ ﺖ ﻣ ﻦ ﺑﯿ ﻮت اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ أو‬

‫اﻟﻘﺮﯾﺔ‪ ،‬أي ﺑﻤﺠﺮد ﻣﻐﺎدرة اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أو اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﺘ ﻲ ﯾ ﺴﻜﻨﮭﺎ‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﻤﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺼﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾ ﺼﻞ إﻟ ﻰ‬
‫أول ﺑﯿﺖ ﻣﻦ ﺑﯿﻮت اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أو اﻟﻘﺮﯾﺔ ﻟﺪى ﻋﻮدﺗﮫ ﻣﻦ ﺳﻔﺮه‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺒﺨﺎري »وﺧ ﺮج ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺼﺮ وھ ﻮ ﯾ ﺮى اﻟﺒﯿ ﻮت ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ رﺟ ﻊ ﻗﯿ ﻞ ﻟ ﮫ‪ :‬ھ ﺬه اﻟﻜﻮﻓ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻻ ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﻧ ﺪﺧﻠﮭﺎ«‪ .‬وﻻ‬
‫ﯾﻮﺟﺪ ﻧﺺ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ‪ ،‬ﻓﻨﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﮭﺬا اﻷﺛﺮ ‪.‬‬

‫وﯾﺼﺢ اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ أي ﺳﻔﺮ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ﺳ ﻔﺮ ﻃﺎﻋ ﺔ‪ ،‬أو ﺳ ﻔﺮاً ﻣﺒﺎﺣ ﺎً‪ ،‬أو ﺳ ﻔﺮاً ﻣﺤﺮﱠﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ‬
‫ﯾُﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ وﺻﻒ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬وﺣُﺪد ﺑﺴﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮاً ﻓ ﺄﻛﺜﺮ اﺣﺘﯿﺎﻃ ﺎً ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﺒ ﯿﺢ اﻟﻘ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻌﺒﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ وﻟﯿﺲ ﺑﻨﻮﻋﮫ أو ﻏﺎﯾﺘﮫ أو اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ‬

‫ذھﺐ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﻘﯿﻤ ًﺎ إذا ﻧ ﻮى إﻗﺎﻣ ﺔ أرﺑﻌ ﺔ‬
‫أﯾﺎم ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻨﮭﯿﮫ ‪ r‬ﻟﻠﻤﮭﺎﺟﺮﯾﻦ ﻋﻦ إﻗﺎﻣﺔٍ ﻓﻮق ﺛﻼثٍ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ‪.‬‬

‫وذھﺐ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺘﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ إذا ﻋ ﺰم ﻋﻠ ﻰ إﻗﺎﻣ ﺔ ﺧﻤ ﺴﺔ ﻋ ﺸﺮ ﯾﻮﻣ ﺎً‪ ،‬واﺣ ﺘﺞ‬
‫ﺖ ﺑﺒﻠ ٍﺪ وأﻧﺖ ﻣﺴﺎﻓ ٌﺮ وﻓﻲ ﻧﻔ ﺴﻚ أن ﺗﻘ ﯿﻢ ﺧﻤ ﺴﺔ ﻋ ﺸﺮ‬
‫ﺑﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤﺮ أﻧﮭﻤﺎ ﻗﺎﻻ‪ :‬إذا أﻗﻤ َ‬
‫ﯾﻮﻣﺎً ﻓﺄﻛﻤﻞ اﻟﺼﻼة ‪.‬‬

‫وﻗﺎل اﻷوزاﻋﻲ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎً ‪ .‬وﻗﺎل رﺑﯿﻌﺔ ﯾﻮﻣﺎً واﺣﺪاً وﻟﯿﻠﺔ ‪.‬‬

‫واﻟﺬي أراه ھﻮ أن ھﺆﻻء ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﻗ ﺪ ﺟ ﺎﻧﺒﮭﻢ اﻟ ﺼﻮاب‪ ،‬ﻷن ﻣ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ اﺳ ﺘﺪل ﺑﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﻌ ﺎﻟﺞ‬
‫ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ھﺬه‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﺳﺘﺪل ﺑﺄﻗﻮال ﺻﺤﺎﺑﺔ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺪل ﺑﺎﻟﻨ ﺼﻮص اﻟ ﺸﺮﻋﯿﺔ‪ ،‬وھ ﻲ ﻣﺘ ﻮاﻓﺮة ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺴﺄﻟﺘﻨﺎ ھﺬه‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ أﻧﮫ ﻗﺪ روي ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ آراء ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪:‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺬي ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﻘﻮل ﺑﮫ واﻟﻤﺼﯿﺮ إﻟﯿﮫ ھﻮ أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة ﻣ ﺎ دام‬
‫ﯾﻨﻄﺒ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺻ ﻒ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﻃ ﺎل اﻟ ﺴﻔﺮ أو َﻗ ﺼُﺮ‪ ،‬وﻛ ﻞ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ زﻣﻨ ﻲ ﻟ ﺴﻔﺮ اﻟﻘ ﺼﺮ ھ ﻮ اﺟﺘﮭ ﺎد‬
‫ﻣﺮﺟﻮح‪ ،‬وﻣﺘﻰ ﻧﻮى اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ اﻻﺳﺘﯿﻄﺎن ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻓﻘﺪ َﻓ َﻘ َﺪ وﺻﻒ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ وﺻﺎر ﻣﻘﯿﻤًﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻹﺗﻤﺎم‪ .‬ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﻈﻞ ﻣﺴﺎﻓﺮاً ﺣﺘﻰ ﯾﻌ ﻮد ﻟﻮﻃﻨ ﮫ وﻣﺪﯾﻨﺘ ﮫ وﻣﻜ ﺎن ﺳ ﻜﻨﺎه ‪ ،‬أو ﯾﺘﺤ ﻮل وﯾﺘﱠﺨ ﺬ ﻟﻨﻔ ﺴﮫ‬
‫وﻃﻨﺎً ﺟﺪﯾﺪًا وﻣﻜﺎنَ إﻗﺎﻣﺔٍ ﺟﺪﯾﺪاً ﯾﻘﯿﻢ ﻓﯿﮫ إﻗﺎﻣﺔ داﺋﻤﺔ‪ ،‬وﯾﻈﻞ ﯾﻘﺼﺮ ﻣﺎ دام ﻣﺴﺎﻓﺮًا وﻟﻮ اﺳ ﺘﻤﺮ ﺳ ﻔﺮه‬
‫ﺳﻨﺔ أو أﻛﺜﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﻘﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ وﺻﻒ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إن ھﻮ ﻧ ﻮى اﻹﻗﺎﻣ ﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘ ﺔ أﯾﺎﻣ ﺎً وأﺳ ﺎﺑﯿﻊ ﻓ ﻲ دار‬
‫ﻞ ﻣ ﺴﺎﻓﺮًا ﯾﻘ ﺼﺮ‬‫اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻟ ﻮ ﺗ ﺰوج اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﻓ ﻲ دار ﺳ ﻔﺮه ﻣ ﻦ اﻣ ﺮأة ﻣﻘﯿﻤ ﺔ ھﻨ ﺎك‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻈ ﱡ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ إﻻ إن ﻧﻮى اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻋﻨﺪھﺎ ﻓﯿُﺘ ﱡﻢ‪.‬‬

‫ن‬
‫وﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إذا ﺗﺰوج ﻓﻲ دار ﺳﻔﺮه ﻣﻦ اﻣ ﺮأ ٍة ﻣﻘﯿﻤ ٍﺔ ﻓﯿﮭ ﺎ وﺟ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ أ ْ‬
‫ﺠ ْﺰ ﻟﮫ ﻗﺼﺮھﺎ‪ ،‬ﻷن ھﺆﻻء ﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﺤﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ ﺟﺪًا ﻋﻠﻰ دﻋﻮاھﻢ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ‬ ‫ﯾُ ِﺘ ﱠﻢ ﺻﻼﺗﮫ وﻟﻢ َﯾ ُ‬
‫ﻣﻄﻠﻘﺎً ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬وھﻮ‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ذﺑﺎب »أن ﻋﺜﻤﺎن اﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺻﻠﻰ‬
‫ﺖ‪ ،‬وإﻧ ﻲ‬ ‫ﺑﻤﻨﻰ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪ ،‬ﻓﺄﻧﻜﺮه اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧ ﻲ ﺗﺄھﱠﻠ ﺖ ﺑﻤﻜ ﺔ ﻣﻨ ﺬ ﻗ ﺪﻣ ُ‬
‫ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻣﻦ ﺗﺄ ﱠھﻞَ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻓﻠْﯿﺼ ﱢﻞ ﺻﻼة اﻟﻤﻘﯿﻢ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ‬

‫‪464‬‬
‫‪.‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪ ﯾﺚ ﻣﻨﻘﻄ ﻊ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﮫ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‪ ،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أن راوﯾ ﮫ ﻋﻜﺮﻣ ﺔ ﺑ ﻦ إﺑ ﺮاھﯿﻢ ‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺠ َﻤ ٌﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﮫ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ‪.‬‬ ‫اﻟﺬھﺒﻲ ‪ُ :‬ﻣ ْ‬

‫واﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﻘﺼﺮ ﻣﺎ دام ﻓﻲ ﺳﻔﺮه‪ ،‬ﻣﺎﺷ ﯿ ًﺎ ﻛ ﺎن أو راﻛ ﺐ داﺑ ﺔ أو ﻣﺮﻛﺒ ﺔ‪ :‬ﻛﻄ ﺎﺋﺮة أو ﺳ ﻔﯿﻨﺔ أو‬
‫ﺳﯿﺎرة‪ ،‬ﻧﺎﻟﮫ اﻟﺘﻌﺐ واﻹﻋﯿﺎء أو ﻟﻢ ﯾﻨﻠ ﮫ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻌﺒﺮة ﺑﺎﻟ ﺴﻔﺮ ‪ -‬ﻛﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ وﻗﻠﻨ ﺎ ‪ -‬دون أﯾ ﺔ‬
‫إﺿﺎﻓﺔ أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟﻨ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ إﻟ ﻰ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﺘﻰ رﺟﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬أﻗﻤﺘﻢ ﺑﻤﻜﺔ ﺷﯿﺌﺎً؟ ﻗ ﺎل‪ :‬أﻗﻤﻨ ﺎ ﺑﮭ ﺎ ﻋ ﺸﺮًا«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺳ ﺎﻓﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄﻗ ﺎم ﺗ ﺴﻊ ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻗﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺘﺒﻮك ﻋﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣًﺎ ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وأﺣﺎدﯾﺚ أﺧ ﺮى ﻣﺜﻠﮭ ﺎ ﻓ ﺈن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ ﺗﺤﺪﯾ ﺪًا زﻣﻨﯿ ًﺎ ﻟﻠﻘ ﺼﺮ ﻓ ﻲ‬ ‫واﺑﻦ ِ‬
‫اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن ھ ﺬه اﻷوﻗ ﺎت اﻟﻤ ﺬﻛﻮرة إﻧﻤ ﺎ وﻗﻌ ﺖ ﻛﺤ ﻮادث ﻋ ﯿﻦ‪ ،‬وﻟﯿ ﺴﺖ ﻟﮭ ﺎ دﻻﻟ ﺔ‬
‫ﻋ ﱠﺪةٌ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا‬ ‫أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻔﯿﺪ ﺗﻘﯿﯿﺪ اﻟﻘﺼﺮ ﺑﮭﺬه اﻷوﻗﺎت‪ .‬وﻗﺪ ﻓﮭﻢ ذﻟﻚ ِ‬
‫ﯾﺘﻘﯿﺪون ﺑﺰﻣﻦ ﻣﺤﺪﱠد ﻟﻠﻘﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺒﯿﮭﻘﻲ روى ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ‬
‫ﻗ ﺎل » أرﯾ ﺢ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ اﻟ ﺜﻠﺞ وﻧﺤ ﻦ ﺑﺄذرﺑﯿﺠ ﺎن ﺳ ﺘﺔ أﺷ ﮭﺮ ﻓ ﻲ ﻏ ﺰاة‪ ،‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ :‬وﻛﻨ ﺎ ﻧ ﺼﻠﻲ‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ .‬وأﺣ ـﻤﺪ روى ﻋ ﻦ ﺛﻤﺎﻣ ﺔ ﺑ ﻦ ﺷﺮاﺣﯿ ـﻞ ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟ ﺖ إﻟ ﻰ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ ﺻ ﻼة‬
‫‪ -‬أي‬ ‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬رﻛﻌﺘﯿﻦ رﻛﻌﺘﯿﻦ إﻻ ﺻﻼة اﻟﻤﻐـــﺮب ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ ...‬إﻟﻰ أن ﻗ ـﺎل ﺛﻤﺎﻣ ـﺔ ﻗـ ـﺎل‬
‫ﺖ ﺑﺄذرﺑﯿﺠ ﺎن‪ ،‬ﻻ أدري ﻗ ﺎل أرﺑﻌ ﺔ أﺷ ﮭﺮ أو ﺷ ﮭﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓ ﺮأﯾﺘﮭﻢ‬ ‫اﺑ ـﻦ ﻋﻤ ـﺮ ‪ -‬ﯾ ﺎ أﯾﮭ ـﺎ اﻟﺮﺟ ـﻞ ﻛﻨ ـ ُ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻮﻧﮭﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ رﻛﻌﺘ ـﯿﻦ ‪ .«..‬ﯾﻘ ﺼﺪ ﺑﻘﻮﻟ ﮫ رأﯾ ﺘﮭﻢ ﯾ ﺼﻠﻮﻧﮭﺎ‪ :‬ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ .r‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺼﻨﻒ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ»أنﱠ أﺑﺎ ﺟﻤﺮة ‪ ،‬ﻧﺼﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮان‪ ،‬ﻗﺎل ﻻﺑـﻦ ﻋﺒﺎس إﻧ ﺎ ﻧﻄﯿ ﻞ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑ ﺎﻟﻐﺰو‬
‫ﺑﺨﺮاﺳﺎن ‪ ،‬ﻓﻜﯿﻒ ﺗﺮى؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺻﻞﱢ رﻛﻌﺘﯿﻦ وإن أﻗﻤﺖَ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﯿﻦ «‪.‬‬

‫‪ (3‬ﺻــﻼة اﻟﻤﺮﯾﺾ‬
‫اﻟﻤﺮض ﺑﻼء ﻣﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﻌﺒﺎده ﯾﺜﯿ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﺎﺑﺮﯾﻦ وﯾﻨ ﺘﻘﻢ ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧ ﺪﯾﻦ‪ ،‬وإنﱠ ﻣ ﻦ‬
‫ﻓﻀﻞ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده اﻟﺼﺎﺑﺮﯾﻦ أﻧﮫ ﯾﺤﺘﺴﺐ ﻟﮭﻢ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﺣﺮﻣﮭﻢ اﻟﻤﺮض ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑ ﮫ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﻤﻠ ﻮن ﻓ ﻲ ﺣ ﺎل اﻟ ﺼﺤﺔ‪ ،‬وﻣِ ﻦ ذﻟ ﻚ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ ھﯿﺌﺎﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺣﺮﻣ ﮫ اﻟﻤ ﺮض ﻣ ﻦ اﻟﻘﯿ ﺎم‬
‫واﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد واﻟﻘﻌﻮد ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺼﺎر ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻀﻄﺠﻌﺎً ﻣﺜﻼً أو ﯾﺼﻠﻲ إﯾﻤﺎءً‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺜﻮاب ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﯿﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻮ ھﻮ ﺻﻠﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺑﮭﯿﺌﺎﺗﮭ ﺎ اﻟﻤﻌﺮوﻓ ﺔ ﻓ ﻲ ﺣ ﺎل اﻟ ﺼﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﺎ أﺣﺪٌ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس ُﯾ ﺼﺎب ﺑ ﺒﻼء ﻓ ﻲ ﺟ ﺴﺪه إﻻ أﻣ ﺮ‬
‫اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺤﻔﻈﻮﻧﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻛﺘﺒﻮا ﻟﻌﺒﺪي ﻛﻞ ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻓﻲ وَﺛﺎﻗﻲ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬واﻟﻮَﺛﺎق ھﻨﺎ‪ :‬ھﻮ اﻟﻤﺮض‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻣ ﺮض اﻟﻌﺒ ﺪ أو ﺳ ﺎﻓﺮ ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ اﻷﺟ ﺮ ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻌﻤ ﻞ ﻣﻘﯿﻤ ﺎً‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺎً« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬أو ﻛ ﺎن‬
‫ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺟﻌﻠ ﮫ‬ ‫ﯾﻨﺎل ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﻣﺸﻘ ًﺔ ﺻﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻌﺬﱠر ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠ ﻰ اﻷرض أو ﺷ ﱠ‬
‫أﺧﻔﺾ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع دوﻧﻤﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﯾﻀﻊ وﺳﺎدة أو ﺧﺸﺒﺔ ﻟﯿﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻜﻔﯿﮫ ﻓﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ‬
‫ﺾ اﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺠﻠﻮس ﺻﻠﻰ ﻣﻀﻄﺠﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ ووﺟﮭ ﮫ ﺗِﻠﻘ ﺎ َء‬ ‫اﻹﯾﻤﺎ ُء وﺧﻔ ُ‬
‫اﻟﻘِﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﺎد ﻣﺮﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻓﺮآه ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ وﺳ ﺎدة ﻓﺮﻣ ﻰ‬
‫ﺖ اﻷرض وإﻻ ﻓ ﺄَوﻣﺊ إﯾﻤ ﺎءً‪ ،‬واﺟﻌ ﻞ‬ ‫ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﻋ ﻮدًا ﯾ ﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﺮﻣ ﻰ ﺑ ﮫ وﻗ ﺎل‪ :‬إن أﻃﻘ َ‬

‫‪465‬‬
‫ﺳ ﺠﻮدك أﺧﻔ ﺾ ﻣ ﻦ رﻛﻮﻋ ﻚ« رواه اﻟﺒ ﺰﱠار واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ اﺳ ﺘﻄﺎع ﻣ ﻨﻜﻢ أن ﯾ ﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿ ﺴﺠﺪ وﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﻄﻊ ﻓ ﻼ ﯾﺮﻓ ﻊ إﻟ ﻰ ﺟﺒﮭﺘ ﮫ ﺷ ﯿﺌًﺎ‬
‫ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ رﻛﻮﻋ ﮫ وﺳ ﺠﻮده ﯾ ﻮﻣﺊ إﯾﻤ ﺎ ًء« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮان ﺑ ﻦ ﺣ ﺼﯿﻦ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﺑ ﻲ ﺑﻮاﺳ ﯿﺮ‪ ،‬ﻓ ﺴﺄﻟﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﱢﻞ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ‬
‫ﺐ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ‬ ‫ﺟ ْﻨ ٍ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻘﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﻓﺈن ﻟ ﻢ ﺗ ﺴﺘﻄﻊ ﻓﻌﻠ ﻰ َ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻛ ﻞ أُﻣ ﻮره‪،‬‬ ‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﮫ اﻷﯾﻤﻦ ﺧﺎﺻﺔً‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺤ ﱡ‬
‫ﺐ اﻟﺘﯿ ﱡﻤ َ‬
‫ﻓﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻨ ﺐ اﻷﯾﻤ ﻦ أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬وإﻻ ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﻼة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻨ ﺐ اﻷﯾ ﺴﺮ ﺟ ﺎﺋﺰة‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﯾﻘﯿﱢﺪ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﺠﻨﺐ اﻷﯾﻤﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن ﻛﺎن إﻣﺎمُ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺮﯾﻀﺎً واﺿﻄﺮ ﻟﻠ ﺼﻼة ﺟﺎﻟ ﺴﺎً ﻓ ﺈن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ ﺧﻠﻔ ﮫ ﯾ ﺼﻠﻮن‬
‫ﺷ ﺮﻋﺖ ﻓ ـﯿﮭﺎ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮﯾﺾ ﻟﻸﺻ ﺤﱠﺎء‪،‬‬ ‫ﻣﺜـﻠﮫ ﺟﻠﻮﺳًﺎ وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻏﯿﺮ ﻣﺮﺿﻰ‪ ،‬ﻓﮭﺬه ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ُ‬
‫ﺷ ﻘﱡﮫ‬
‫ﺤﺶ ِ‬ ‫ﺠِ‬‫ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﻛ ﺐ ﻓﺮﺳ ًﺎ ﻓ ﺼُﺮع ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ُ‬
‫اﻷﯾﻤﻦ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺻﻼة ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮات وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ ﻓﺼﻠﯿﻨﺎ وراءه ﻗﻌﻮداً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤ ﺎ ﺟُﻌ ﻞ‬
‫اﻹﻣﺎم ﻟﯿﺆﺗﻢﱠ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﺼﻠﻮا ﻗﯿﺎﻣﺎً‪ ...‬وإذا ﺻﻠﻰ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻓﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳ ﺎً أﺟﻤﻌ ﻮن« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ وھ ﻮ ﺷ ﺎكٍ ﻓ ﺼﻠﻰ ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ وراءه ﻗ ﻮم ﻗﯿﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر إﻟ ﯿﮭﻢ أن اﺟﻠ ﺴﻮا‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﺟُﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻟﯿُﺆﺗﻢﱠ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رﻛ ﻊ ﻓ ﺎرﻛﻌﻮا وإذا رﻓ ﻊ ﻓ ﺎرﻓﻌﻮا‪ ،‬وإذا ﺻ ﻠﻰ ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ‬
‫ﻓﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳﺎً« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻟﻠﻤﺰﯾﺪ ﯾﻤﻜﻨﻜﻢ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺑﺤﺚ‬
‫]اﻹﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﺟﺎﻟﺴﺎً[ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧﯿﺮ ]اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﻧﻌﻮد ﻷﺻﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬ﻟﻮ دﺧﻞ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ وھﻮ ﻣﺴﺘﻄﯿﻊ ﻗﺎدر ﻓﻮﻗ ﻒ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋﺠ ﺰ‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺻﻼﺗﮫ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟ ﮫ أن ﯾﺒﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻣ ﻀﻰ وﯾﺠﻠ ﺲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻟﻮ ھﻮ دﺧﻞ اﻟ ﺼﻼة وھ ﻮ ﻏﯿ ﺮ ﻣ ﺴﺘﻄﯿ ٍﻊ ﻓﺠﻠ ﺲ ﻓ ﻲ أوﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ وﺟ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫ﻧﻔﺴﮫ ھِﻤﱠ ًﺔ وﻗﻮ ًة وﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬وھﻜﺬا ﯾﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎت وأوﺿ ﺎع‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﮫ ﻓﻼ ﻋﻠﯿﮫ أن ﻻ ﯾﺄﺗﯿﮫ‪.‬‬

‫وﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾُﻌﻠﻢ أن اﻟﻌﺬر اﻟﻤﺒﯿﺢ ﻟﻤﺎ ﺳﺒﻖ ھ ﻮ اﻟﻤ ﺮض‪ ،‬أو وﺟ ﻮد اﻟﻤ ﺸﻘﺔ‪ ،‬أو اﻟﺨ ﻮف ﻣ ﻦ ﺣ ﺼﻮل‬
‫ن اﻟﻤ ﺮض إن ﻛ ﺎن ﺧﻔﯿﻔ ًﺎ‬ ‫ﺿ ﺮر‪ ،‬أو اﻟﺨ ﻮف ﻣ ﻦ ﺣ ﺼﻮل زﯾ ﺎدة ﻣ ﺮض‪ .‬وأُﻟﻔ ﺖ اﻟﻨﻈ ﺮ إﻟ ﻰ أ ﱠ‬
‫ع ﺧﻔﯿ ﻒٌ‪ ،‬أو ﻛ ﺎن رﻣ ٌﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﯿﻦ وأﻣﺜ ﺎل ذﻟ ﻚ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﺻ ﺪا ٌ‬
‫ﺳ ﻌﺎلُ‪ ،‬أو ﻛ ﺎن ُ‬
‫ﻛﺎﻟﺮﺷ ﺢ‪ ،‬أو ﻛ ﺎن ُ‬
‫ﻣﺄﻣﻮر ﺑﺎﻹﺗﯿﺎن ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺎﺗﮭﺎ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻘﺪرﺗـﮫ واﺳﺘﻄﺎﻋﺘﮫ ذﻟ ﻚ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺎل »‪ ...‬وإذا أﻣ ﺮﺗﻜﻢ ﺑ ﺄﻣ ٍﺮ ﻓ ﺄﺗﻮا ﻣﻨ ﮫ ﻣ ﺎ اﺳ ﺘﻄﻌﺘﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وإنﱠ اﻟﻤﺮﯾﺾ ﺑﺄﻣﺜﺎل ھﺬه اﻷﻣ ﺮاض ﯾ ﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟ ﺼﻼة ﺑﮭﯿﺌﺎﺗﮭ ﺎ اﻟﻜﺎﻣﻠ ﺔ‬
‫ﺑﻼ ﺷﻚ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺼﻠﺢ ھﺬه اﻷﻣﺮاض ﻷن ﺗﻜﻮن أﻋﺬارًا‪.‬‬

‫اﻟﺠﻤﻊُ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‬

‫ﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﺠﻤﻊ إﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وإﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﺢ اﻟﺠﻤﻊ‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﻌﻠ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ .‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺠﻤﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ إذا‬
‫ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﺳﯿﺮٍ‪ ،‬وﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ‬

‫‪466‬‬
‫ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﻔﺮ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬واﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻛﺜﯿﺮة ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﯾﺮادھﺎ ﻛﻠﮭﺎ ‪.‬‬

‫واﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﺣﺎﻟ ﺔ اﺳ ﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات أن ﻟﻜ ﻞ واﺣ ﺪة ﻣﻨﮭ ﺎ وﻗﺘ ًﺎ‬
‫ﺷ ﺮﻋﺖ ﻋﻨ ﺪ وﺟ ﻮد ﻋ ﺬر ﻣ ﻦ اﻷﻋ ﺬار‪ ،‬ﻓ ـﺈن ﻟ ﻢ‬‫ﻣﻌﻠﻮﻣ ًﺎ ﻻ ﯾﺼﺢ ﺗﺠﺎوزه‪ ،‬وھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ُ‬
‫ﯾﻜ ﻦ ھﻨ ﺎك ﻋ ﺬر ﻓ ـﺈن اﻟﺠﻤ ﻊ ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻗﻄﻌ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺪ ذﻛﺮﻧ ﺎ ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ ]اﻟ ﺼﻼة ﺣﻜﻤﮭ ﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭ ﺎ[‬
‫ﻣﻮاﻗﯿﺖ ھﺬه اﻟﺼﻠﻮات وأﻧﮭﺎ واﺟﺒﺔ اﻻﻟﺘﺰام‪.‬‬

‫وﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄ ﻣﻦ أﺑﺎﺣﻮا اﻟﺠﻤﻊ دون وﺟﻮد ﻋ ﺬر‪ ،‬ﻣﺘ ﺬرﻋﯿﻦ ﺑﺤ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻤﺎﻧﯿﺎً ﺟﻤﯿﻌﺎً وﺳﺒﻌﺎً ﺟﻤﯿﻌﺎً« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﻠﻔﻆ‬
‫»ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿ ًﺎ وﺳﺒﻌًﺎ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫أﺧﺮى ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺧﻮف وﻻ ﺳﻔﺮ‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ‬
‫اﻟﺰﺑﯿﺮ‪ :‬ﻓﺴﺄﻟﺖ ﺳﻌﯿﺪاً‪ِ :‬ﻟ َﻢ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺳﺄﻟﺖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻛﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أراد أن ﻻ ﯾُﺤ ﺮج‬
‫أﺣﺪًا ﻣﻦ أﻣﺘﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﺟﻤ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﺧﻮف وﻻ ﻣﻄﺮ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻻﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬ﻣ ﺎ أراد‬
‫إﻟ ﻰ ذﻟ ﻚ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬أراد أن ﻻ ﯾُﺤ ﺮج أﻣﺘ ﮫ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس أﯾ ﻀًﺎ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌﺎً‪ ،‬واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ ﻓﻲ ﻏﯿ ﺮ ﺧ ﻮف وﻻ ﺳ ﻔﺮ«‬
‫س ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻄﺮﻗ ﮫ اﻟﻤﺘﻌ ﺪدة ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز اﻟﺠﻤ ﻊ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻘﯿ ﺪوه ﺑ ﺄي‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﺎﺳﺘﺪل ﻧﺎ ٌ‬
‫ﻋﺬر ﻣﻦ اﻷﻋﺬار‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻄﺮﻗﮫ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻮا إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬وإﻻ وﺟ ﺐ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻌ ﺪم‬
‫وﺟﻮب اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻤﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺼﻼة‪ ،‬أو وﺟﺐ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻤﻮاﻗﯿ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨ ﺪوب ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫ﻦ‬
‫ﻋ َﻠ ﻰ اﻟﻤُ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ْﯿ َ‬ ‫وھ ﺬا ﻣﺨ ﺎﻟﻒ ﻟﻠﺤ ﻖ وﻣﺠﺎﻧ ﺐ ﻟﻠ ﺼﻮاب‪ ،‬واﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻘ ﻮل ]‪ ...‬إنﱠ اﻟ ﺼﱠﻼ َة ﻛَﺎ َﻧ ْ‬
‫ﺖ َ‬
‫ِﻛﺘَﺎ َﺑ ًﺎ َﻣ ْﻮﻗُ ْﻮ َﺗ ًﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 103‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ‪.‬‬

‫واﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺟﻤﻌ ًﺎ‬
‫ﺧ ﺮ وﻗﺘﮭ ﺎ ﻓ ﺼﻼھﺎ‪ ،‬وﻋﺠﱠ ﻞ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ إﻟ ﻰ أول‬ ‫ﺻُﻮ ِرﱠﯾﺎً‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ أﺧﱠ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ إﻟ ﻰ آ ِ‬
‫وﻗﺘﮭﺎ ﻓﺼﻼھﺎ‪ ،‬ﻓﻈﮭﺮت اﻟﺼﻼﺗﺎن وﻛﺄﻧﮭﻤﺎ ﺟُﻤِﻌﺘﺎ ﻣﻌﺎً‪ ،‬وﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺑﺼﻼﺗﻲ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء‪،‬‬
‫واﻟﺠﻤ ﻊ اﻟ ﺼﱡﻮرِي ﺟ ﺎﺋﺰ إﻃﻼﻗ ﺎً دون أﻋ ﺬار ﻃﺒﻌ ًﺎ‪ .‬وﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ُ r‬ﯾ ﺼﻠﱢﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻔُﻮا ﻓﻌﻠﮫ ﺑﺄﻧ ﮫ ﺟﻤ ﻊ‪ ،‬وھ ﻮ ﺟﻤ ﻊ‬
‫أواﺋﻞ أوﻗﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ رأَوه ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻋﺎدﺗﮫ ﺳﺒﻌًﺎ وﺛﻤﺎﻧﯿﺎً‪ ،‬و َ‬
‫ﻓﻌﻼً‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻇﻨﻮا أﻧﮫ أﺧﺮج ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻣﻦ وﻗﺘﮭﺎ وأدﺧﻠﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وﻓﻌ ﻞ ﻣﺜ ـﻞ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﺨﺼﻮص ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ﻷن اﻟﺠﻤ ﻊ ھ ﻮ إﺧ ﺮاج إﺣ ﺪى اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﻣ ﻦ وﻗﺘﮭ ﺎ وإدﺧﺎﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫وﻗ ﺖ اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻠﺘﻔﺘ ﻮا إﻟ ﻰ اﻟﺠﻤ ﻊ اﻟ ﺼُﻮرِي‪ ،‬وھ ﻮ إﺑﻘ ﺎء ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة ﻓ ﻲ وﻗﺘﮭ ﺎ وﻟﻜ ﻦ ﺑﺘﻘﺮﯾ ﺐ‬
‫إﺣﺪاھﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﺑﺄن ﺗُﺆدﱠى أُوﻻھﻤﺎ ﻓﻲ آﺧِﺮ وﻗﺘﮭﺎ واﻷﺧ ﺮى ﻓ ﻲ أول وﻗﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺤ ﺼﻞ اﻟﺠﻤ ﻊ‬
‫وھ ﻮ ھﻨ ﺎ اﻟﺠﻤ ﻊ اﻟ ﺼﱡﻮري‪ ،‬أي أﻧ ﮫ ﯾﺄﺧ ﺬ ﺻ ﻮرة اﻟﺠﻤ ﻊ‪ .‬ھ ﺬا ﻣ ﺎ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ اﻟ ﺬھﺎب إﻟﯿ ﮫ وإﻻ ﺑﻄﻠ ﺖ‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ‪ ،‬أو ﺻﺎرت ﻣﻨﺪوﺑﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھﺬا ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺤﻖ وﻣﺠﺎﻧﺐ ﻟﻠﺼﻮاب‪.‬‬

‫وزﯾ ﺎد ًة ﻓ ﻲ اﻻﻃﻤﺌﻨ ﺎن ﻓﺈﱠﻧ ﺎ ﻧ ﻮرد ﺣ ﺪﯾﺜﯿﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا‪ ،‬أﺣ ﺪھﻤﺎ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﺠﻞ‬‫ﺧ ﺮ اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋ ﱠ‬ ‫ﻋﺒ ﺎس أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿ ﺎً ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ وﺳ ﺒﻌﺎً ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬أ ﱠ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ وأﺧﱠﺮ اﻟﻤﻐﺮب وﻋﺠﱠﻞ اﻟﻌﺸﺎء« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎ رواه ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫ﺧ ﺮ اﻟﻈﮭ ﺮ‬‫أﯾﻀﺎً ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻤﺎﻧﯿﺎً ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ وﺳﺒﻌﺎً ﺟﻤﯿﻌﺎً‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ اﻟ ﺸﻌﺜﺎء أﻇ ﻦ أ ﱠ‬
‫ﺠ ﻞ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻗ ﺎل وأﻧ ﺎ أﻇ ﻦ ذاك« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﺑ ﻦ‬ ‫ﺧ ﺮ اﻟﻤﻐ ﺮب وﻋ ﱠ‬‫وﻋﺠﱠﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ وأ ﱠ‬

‫‪467‬‬
‫ﺧ ﺮ اﻟﻤﻐ ﺮب‬‫ﺠ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ وأ ﱠ‬‫ﺧ ﺮ اﻟﻈﮭ ﺮ وﻋ ﱠ‬
‫ﻋﺒ ﺎس راوي اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﺑﻄﺮﻗ ﮫ اﻟﻤﺘﻌ ﺪدة ﯾﻘ ﻮل »أ ﱠ‬
‫وﻋﺠﱠﻞ اﻟﻌﺸﺎء« واﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻻ ﯾﻨﺎﻗﺾ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬وإﻋﻤ ﺎل اﻟ ﺪﻟﯿﻠﯿﻦ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ إھﻤ ﺎل أﺣ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺒﺈﻋﻤ ﺎل‬
‫اﻟﺪﻟﯿﻠﯿﻦ ﻧﺨﺮج ﺑﺎﻟﻔﮭﻢ اﻟﺬي ﻗﻠﻨﺎ ﺑﮫ‪ ،‬وھ ﻮ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺟﻤ ﻊ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ھﻨ ﺎ ﺟﻤﻌ ﺎً ﺻُ ﻮرﯾﺎً‪ ،‬أي‬
‫أﻧﮫ ﺻﻠﻰ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة اﻟﺠﻤﻊ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺐ اﻟﺬھﺎب إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ وﺗﺮك ﻣﺎ ﺳﻮاه ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ أول ھ ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ إن اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ھ ﻮ ﺣﺎﻟ ﺔ اﺳ ﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ وﻗﻠﻨ ﺎ إن ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ‬

‫ﺷ ﺮﻋﺖ ﻋﻨ ﺪ وﺟ ﻮد ﻋ ﺬر ﻣ ﻦ اﻷﻋ ﺬار‪ ،‬واﻷﻋ ﺬار اﻟﻤﺒﯿﺤ ﺔ ﻟﻠﺠﻤ ﻊ ھ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ واﻟﻤﻄ ﺮ واﻟﺨ ﻮف‬ ‫ُ‬
‫واﻟﻤ ﺮض واﻟﮭ ﺮم وأﻣﺜﺎﻟﮭ ﺎ ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺸﻜﻞ ﻋ ﺪم اﻟﺠﻤ ﻊ ﻣ ﻊ وﺟﻮدھ ﺎ ﺣﺮﺟ ﺎً وﻣ ﺸﻘﺔ‪ ،‬واﻟ ﺸﺮع ﻗ ﺪ رﻓ ﻊ‬
‫اﻟﺤ ﺮج ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓ ﺈذا وُﺟ ﺪ ﻋ ﺬر ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻷﻋ ﺬار ﺟ ﺎز اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬أي ﺟ ﺎز أن‬
‫ﺼﻠﱠﻰ‬‫ﺗُﺠﻤﻊ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ ﻣ ﻊ اﻟﻌ ﺼﺮ وﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب ﻣ ﻊ اﻟﻌ ﺸﺎء ﺟﻤ ﻊ ﺗﻘ ﺪﯾﻢ أو ﺟﻤ ﻊ ﺗ ﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻓ ُﺘ َ‬
‫اﻟﺼﻼﺗﺎن ﻓﻲ وﻗﺖ إﺣﺪاھﻤﺎ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻮﻗﺖ وﻗﺖ أُوﻻھﻤﺎ أو ﻛﺎن وﻗﺖ أُﺧﺮاھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻼ اﻷﻣ ﺮﯾﻦ‬
‫ﺟﺎﺋﺰ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه‬
‫إﻟﻰ ﺗﺒﻮك« رواه ﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻋﺠﻞ ﺑ ﮫ‬
‫اﻟﺴﯿﺮ ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء« رواه ﻣﺎﻟﻚ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺟﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ« رواه اﻟﺒ ﺰﱠار وأﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪.‬‬
‫وروى اﻟﺒ ﱠﺰار ﻣﺜﻠﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺟﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ وﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ‬
‫ﺣﻤﻠﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ؟ ﻗﺎل ﻓﻘﺎل‪ :‬أراد أن ﻻ ﯾُﺤﺮج أﻣﺘﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﺑﻄﺮﻗ ـﮫ اﻟﻤﺘﻌ ﺪدة وﻓﯿ ﮫ »ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﻏﯿﺮ ﺧﻮف وﻻ ﺳﻔﺮ« ‪» .‬ﺟﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻏﯿﺮ ﺧﻮف وﻻ ﻣﻄﺮ«‪ .‬ﯾﺮﯾﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﯾﺒﯿﻦ أن اﻟﺨﻮف واﻟﻤﻄﺮ واﻟﺴﻔﺮ أﻋﺬار ﻟﻠﺠﻤ ﻊ‪،‬‬
‫وﻗﺪ ﻧﻔﻰ وﺟﻮدھﺎ آﻧﺬاك ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮﻻ أن ھ ﺬه أﻋ ﺬار ﻟﻤ ﺎ ذﻛﺮھ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﺬه اﻷﻋﺬار ﺗﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺮج واﻟﻤ ﺸﻘﺔ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل »أراد أن ﻻ ﯾُﺤ ﺮج أﺣ ﺪًا‬
‫ﻣﻦ أﻣﺘﮫ«‪ .‬وﯾﺪﺧﻞ اﻟﮭﺮم ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب أﯾﻀﺎً‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓـﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾ ﺴﺒﱢﺐ ﺣﺮﺟ ﺎً ﻟﻠﻤ ﺼﻠﻲ إنْ ھ ﻮ‬
‫ﺻ ﻠﻰ ﺑ ﺪون ﺟﻤ ﻊ‪ :‬ﻛ ﺎﻟﺮﯾﺢ اﻟﺒ ﺎردة اﻟ ﺸﺪﯾﺪة واﻟﻮﺣ ﻞ واﻟ ﱠﺰَﻟ ﻖ ﻓ ﻲ ﻃﺮﯾ ﻖ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وأﻣﺜﺎﻟﮭ ﺎ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺟﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﯿﻦ اﻷوﻟ ﻰ واﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ‬
‫ﺖ ھ ﺬا ﻟﻜ ﻲ ﻻ ﺗُﺤ ﺮَج أﻣﺘ ﻲ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻓﻘﯿ ﻞ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻨﻌ ُ‬
‫ﻓﺎﻟﻘﺎﻋﺪة ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ھﻲ أﻧﮫ ﺟﺎﺋﺰ إن وﺟﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻋﺬر ﯾ ﺴﺒﺐ ﺣﺮﺟ ًﺎ ﻟ ﮫ إن ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬وھﺬه ﻗﺎﻋﺪة واﺳﻌﺔ ﺑﻼ ﺷﻚ‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻨﻌﻘ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺰرﻋﺔ وﻓﻲ اﻟﻤﺼﻨﻊ وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻛﻤﺎ ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻔﺮد‪ ،‬وھﻨﺎ ﻧﻘ ﻮل‬
‫ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫إن اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ﯾﺠﻮز ﺣﯿﺚ ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﯿُﺠﻤ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻛﻤ ﺎ ﯾُﺠﻤ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ‬
‫وﻓﻲ اﻟﻤﺰرﻋﺔ وﻓﻲ اﻟﻤﺼﻨﻊ وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﯾُﺠﻤﻊ ﻣ ﻦ ِﻗَﺒ ﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻛﻤ ﺎ ﯾﺠﻤ ﻊ ﻣ ﻦ ِﻗ َﺒ ﻞ اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﺳ ﻮاء‬
‫ﺑﺴﻮاء دون ﻣﻼﺣﻈﺔ أي ﻓﺎرق ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻣﺎ دام اﻟﻌﺬر ﻣﻮﺟﻮداً‪ ،‬وھﺬا اﻟﻌ ﺬر إن وُﺟِ َﺪ ﺟ ﺎز اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﺴﺒﺒﮫ‬
‫دون اﺷﺘﺮاط وﺟﻮد اﻟﻤﺸﻘﺔ ﻟﺪى اﻟﻤﺼﻠّﻲ‪ ،‬ﻓﻔﻲ وﺟﻮد اﻟﻌﺬر ﯾﺴﺘﻮي وﺟ ﻮد اﻟﻤ ﺸﻘﺔ وﻋ ﺪم وﺟﻮدھ ﺎ‪،‬‬
‫ﻼ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﯿﺢ اﻟﺠﻤﻊ ﺳﻮاء ﻧﺎﻟﺖ اﻟﻤﺴﺎﻓ َﺮ ﻣﺸﻘ ٌﺔ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه أو ﻟﻢ ﺗﻨﻠﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻄﺮ ﻣﺜﻼً ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﯿﺢ‬ ‫ﻛﺎﻟﺴﻔﺮ ﻣﺜ ً‬
‫اﻟﺠﻤﻊ ﻟﻠﻤﺼﻠّﯿﻦ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ وﻣﻨﻔﺮدﯾﻦ ﺳﻮاء ﻧﺎﻟﺘﮭﻢ ﻣ ﺸﻘﺔٌ ﻣﻨ ﮫ أو ﻟ ﻢ ﺗ ﻨﻠﮭﻢ‪ ،‬ﻷن اﻟﻌ ﺬر اﻟﻌ ﺎم أو اﻟﺤﺎﺟ ﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ إذا وُﺟِ َﺪتْ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﻖﱢ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺳﻮاء ﻣﻦ ﻧﺎﻟﺘﮫ ﻣﺸﻘّﺔٌ ﻣﻨﮫ وﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻨﻠﮫ‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋﺪم وﺟﻮب وﺟﻮد اﻟﻤﺸﻘّﺔ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﺠﻤ ﻊ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻄ ﺮ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪه وﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﺑ ﯿﻦ ﺑﯿﺘ ﮫ وﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺷﺊ‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫ج أن ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﻊَ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ذي‬ ‫ﺛﻢ إﻧﮫ ﯾُﺴﻦ ﻟﻠﺤﺎ ﱢ‬
‫اﻟﺤﺠ ﺔ‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺟﻤ َﻊ ﺗ ﺄﺧﯿﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻤﺰدﻟﻔ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﺴﺘﻮي ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟﺤ ﺎجﱡ ﻣ ﻦ أھ ﻞ ﻣﻜ ﺔ‬
‫واﻟﺤﺎجﱡ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إﻟﯿﮭﺎ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺔ‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ وھﻮ إﻣﺎمٌ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺤﺠﺎج ﻣﻦ أھﻞ ﻣﻜﺔ وﻣﻦ ﻏﯿﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺜﻦ أھ ﻞ ﻣﻜ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺠﻤ ﻊ‪،‬‬
‫ﻣـﺎ ﯾـﺪل ﻋﻠـﻰ ﺟـﻮاز اﻟﺠﻤﻊ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮﯾﻦ وﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺳ ﻢ اﻟﺤ ﺞ ﻓ ﻲ ﻋﺮﻓ ﺔ وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﻗ ﺎل » دﺧﻠﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‪ ...‬ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬أﺧﺒﺮﻧ ﻲ ﻋ ﻦ ﺣﺠ ﺔ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ ...:‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻜﺚ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﺤﺞ‪ ،‬ﺛﻢ أذﱠن ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ اﻟﻌﺎﺷ ﺮة‬
‫أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺎجﱞ ‪ ...‬ﻓﺄﺟﺎز رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺘﻰ أﺗﻰ ﻋﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪ اﻟﻘﺒﺔ ﻗ ﺪ ﺿُ ﺮﺑﺖ ﻟ ﮫ ﺑ َﻨﻤِ ﺮَة‬
‫ﻓﻨﺰل ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا زاﻏﺖ اﻟﺸﻤﺲ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮاء ﻓ ُﺮﺣِﻠﺖ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺗﻰ ﺑﻄﻦ اﻟ ﻮادي ﻓﺨﻄ ﺐ اﻟﻨ ﺎس‪...‬‬
‫ﺛﻢ أذﱠن ﺛﻢ أﻗﺎم‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺎم ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ وﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺣﺘﻰ أﺗﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ ‪ «...‬ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »دﻓﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺘﻰ اﻧﺘﮭﻰ إﻟﻰ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء‬
‫ﺑﺄذان واﻗﺎﻣﺘﯿﻦ وﻟﻢ ﯾ ﺼ ﱢﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺳ ﺎﻣﺔ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫ﺸﻌْﺐ ﻧ ﺰل ﻓﺒ ﺎل‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻮﺿ ﺄ وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺒﻎ اﻟﻮﺿ ﻮء‬ ‫»دﻓﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻋﺮﻓ ﺔ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛ ﺎن ﺑﺎﻟ ﱢ‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﺼﻼة أﻣﺎﻣﻚ‪ ،‬ﻓﺮﻛﺐ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ﻧﺰل ﻓﺘﻮﺿ ﺄ ﻓﺄﺳ ﺒﻎ اﻟﻮﺿ ﻮء‪،‬‬
‫ﺛﻢ أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﺛﻢ أﻧﺎخ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﺑﻌﯿﺮه ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أُﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﺼﻼھﺎ‬
‫ﺿﺮِﺑﺖ ﻟﮫ ﺑﻨَﻤِﺮة‪:‬‬ ‫وﻟﻢ ﯾﺼ ﱢﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺷﯿﺌ ًﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻗﺪ ُ‬
‫أي ﻗﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﻟﮫ اﻟﺨﯿﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺑﺠﻨﺐ ﻋﺮﻓﺎت ﯾﺴﻤﻰ َﻧﻤِﺮة‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺑﺎﻟﻘ ﺼﻮاء‪:‬‬
‫ﯾﻌﻨﻲ ﺑﮭﺎ ﻧﺎﻗﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ .r‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻘﻠ ﺖ ﻟ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﻓﻘ ﺎل اﻟ ﺼﻼة أﻣﺎﻣ ﻚ‪ :‬ﯾﻌﻨ ﻲ‬
‫أن أﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ زﯾﺪ ذﻛﱠﺮ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﺑﺤﻠ ﻮل ﻣﻮﻋ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ﻓﺄﻋﻠﻤ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﻗﺎدﻣﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺼﻠﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ ﻷﻧﮫ أراد ﺗﺄﺧﯿﺮھﺎ ﻟﯿﺼﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ﺟﻤﻌ ًﺎ‪.‬‬

‫ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‬

‫ﺢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ وﻗﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ دون ﻧ ﱠﯿ ِﺔ ﺟﻤﻌِﮭ ﺎ ﻣ ﻊ‬ ‫ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﺟﻤﻊ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ إﻟﻰ ﻧﯿﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺼ ﱡ‬
‫اﻟﻌ ﺼﺮ أن ﯾﻘ ﻮم وﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌ ًﺎ إﯾﺎھ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻔ ﻮر أو ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﺘﺮاﺧﻲ‪ ،‬وﺳﻮاء ﻓﻌﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ أﻓﻌﺎﻻً أو ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ زﯾﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »دﻓ ﻊ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻋﺮﻓ ﺔ‪ ،‬ﻓﻨ ﺰل اﻟ ﺸﻌﺐ ﻓﺒ ﺎل ﺛ ﻢ ﺗﻮﺿ ﺄ وﻟ ﻢ ُﯾ ﺴﺒﻎ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﻓﻘﻠ ﺖ ﻟ ﮫ‪ :‬اﻟ ﺼﻼة‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﺼﻼة أﻣﺎﻣﻚ‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ﻓﺘﻮﺿﺄ ﻓﺄﺳﺒﻎ‪ ،‬ﺛﻢ أُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﺛﻢ أﻧﺎخ ﻛﻞﱡ‬
‫إﻧ ﺴﺎن ﺑﻌﯿ ﺮه ﻓ ﻲ ﻣﻨﺰﻟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ أُﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﺼﻠﻰ وﻟ ﻢ ﯾ ﺼ ﱢﻞ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﯾ ﺪل ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ورﺿ ﻲ اﷲ ﻋ ﻨﮭﻢ أﺟﻤﻌ ﯿﻦ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻮا‬
‫اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻧﻄﻠﻘ ﻮا إﻟ ﻰ رﺣ ﺎﻟﮭﻢ ﯾﺘ ﺪﺑﺮون ﺷ ﺆوﻧﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻧ ﺎﺧﻮا ﺟِﻤ ﺎﻟﮭﻢ ﻓ ﻲ ﻣﻨ ﺎزﻟﮭﻢ‪ ،‬وإذا ﺑﮭ ﻢ‬
‫ﯾﺴﻤﻌﻮن اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺸﺎء ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮا ﯾﺼﻠﻮﻧﮭﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋﺪم وﺟﻮد ﻧﯿﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤﺎ اﻧﻄﻠﻘ ﻮا إﻟ ﻰ ﺟِﻤ ﺎﻟﮭﻢ وﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪ ﱡل أﯾ ﻀًﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺮاﺧ ﻲ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز‬
‫ل ﻋﺪة ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪.‬‬‫اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻓﻌﺎ ٍ‬

‫وﯾُﺸﺮع ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ أذانٌ واﺣﺪٌ وإﻗﺎﻣﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪ ،‬وإن أذﱠن ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‪ ،‬وﻻ أرى‬
‫ﻣﺎ ﯾﺮاه ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻣﻦ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻟﻠﺼﻼﺗﯿﻦ‪ .‬أﻣ ﺎ دﻟﯿ ﻞ اﻷول ﻓﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺎر ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗﻠﯿ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺒﺤ ﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ »ﺛ ﻢ أذن ﺛ ﻢ أﻗ ﺎم ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻗ ﺎم ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ«‪ .‬وﻣ ﺎ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ أﯾﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ »ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﺎ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺑ ﺄذان وإﻗ ﺎﻣﺘﯿﻦ«‪.‬‬
‫ﺞ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪،‬‬ ‫وأﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻷذاﻧﯿﻦ ﻓﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ ﻗ ﺎل »ﺣ ﱠ‬

‫‪469‬‬
‫ﻼ ﻓ ﺄذن وأﻗ ﺎم‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫ﻓﺄﺗﯿﻨﺎ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ﺣﯿﻦ اﻷذان ﺑﺎﻟ َﻌ َﺘﻤَﺔ أو ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮ رﺟ ً‬
‫وﺻﻠﻰ ﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ دﻋﺎ ﺑﻌﺸﺎﺋﮫ ﻓﺘﻌﺸﻰ‪ ،‬ﺛﻢ أﻣﺮ أُرى رﺟﻼً ﻓﺄذن وأﻗﺎم‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﻤﺮو‪ :‬ﻻ أﻋﻠ ﻢ‬
‫اﻟﺸﻚ إﻻ ﻣﻦ زھﯿﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻗﺎل‪ :‬إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻻ ﯾﺼﻠﻲ ھﺬه‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺔ إﻻ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھ ﺬا اﻟﻤﻜ ﺎن ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﯿ ﻮم‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋﺒ ﺪ اﷲ‪ :‬ھﻤ ﺎ ﺻ ﻼﺗﺎن ُﺗﺤَ ﻮﱠﻻن ﻋ ﻦ‬
‫وﻗﺘﮭﻤﺎ‪ :‬ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﺑﻌﺪﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻨﺎس اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ‪ ،‬واﻟﻔﺠﺮ ﺣﯿﻦ ﯾﺒﺰغ اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬واﻟﻔﻌﻞ وإن ﻛﺎن ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ ھ ﻮ ﻋﺒ ﺪ اﷲ‬ ‫‪ r‬ﯾﻔﻌﻠﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد إﻻ أن اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟ ﺬﯾﻦ ﻣﻌ ﮫ ﻗ ﺪ واﻓﻘ ﻮه ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻓﻌ ﻞ‪ ،‬وھ ﺬا إﺟﻤ ﺎع ﻣ ﻨﮭﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﻮاز‬
‫ن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻗﺎل إﻧﮫ رأى اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻔﻌﻠﮫ‪.‬‬ ‫اﻷذاﻧﯿﻦ‪ ،‬ھﺬا إﺿﺎﻓﺔً إﻟﻰ أ ﱠ‬

‫أﻣﺎ دﻟﯿﻠﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻟﻠﺼﻼﺗﯿﻦ ﻓﻤﺎ رواه اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺻﻠﻰ‬
‫ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑ َ‬
‫ﺠ ْﻤ ٍﻊ ﺑﺈﻗﺎﻣ ٍﺔ واﺣ ﺪة« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺠ ْﻤ ﻊٍ‪ ،‬ﺻ ﻠﻰ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺛﻼﺛ ًﺎ واﻟﻌ ﺸﺎء رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬‫وﻟﻔﻈ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺟﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺑ َ‬
‫ﺑﺈﻗﺎﻣ ٍﺔ واﺣ ﺪة«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺑﺠَ ْﻤ ﻊٍ‪ :‬أي ﺑﺎﻟﻤﺰدﻟﻔ ﺔ‪ ،‬وﺟَﻤْ ﻊ اﺳ ﻢ ﻣ ﻦ أﺳ ﻤﺎﺋﮭﺎ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وإن ﻛ ﺎن‬
‫ﺻ ﺤﯿﺤﺎً‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﯾﻌ ﺎرض أﺣﺎدﯾ ﺚ أﺧ ﺮى ﺻ ﺤﯿﺤﺔ أﻛﺜ ﺮ ﻣﻨ ﮫ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻹﻗ ﺎﻣﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤﺰدﻟﻔ ﺔ‪،‬‬
‫وﺣﯿﺚ أن اﻟﺤﺎدﺛﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﺟﯿﺢ إﺣﺪاھﻤﺎ‪ ،‬وأﻧﺎ أُرﺟﺢ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﺗﻘ ﻮل ﺑﺎﻹﻗ ﺎﻣﺘﯿﻦ‪،‬‬
‫ﺛﻢ إن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﻗﺪ رُوي ﻋﻨ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ »ﺟﻤ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑ ﯿﻦ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺑﺠَﻤْ ٍﻊ ﻛ ﻞ واﺣ ﺪة‬
‫ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ وﻟﻢ ﯾُﺴﺒﱢﺢ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠ ﻰ إﺛ ﺮ ﻛ ﻞ واﺣ ﺪة ﻣﻨﮭﻤ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه‬
‫اﻟﺮواﯾﺔ ﺗﺨﺎﻟﻒ اﻟﺮواﯾﺔ اﻷوﻟﻰ وﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻹﻗﺎﻣﺘﯿﻦ ‪.‬‬

‫وإذا أﺗ ﻢ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ اﻷوﻟ ﻰ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﺛ ﻢ زال اﻟﻌ ﺬر‪ ،‬ﻛ ﺄن ﺻ ﻠﻰ ﻟﻤﻄ ٍﺮ ﺛ ﻢ‬
‫اﻧﻘﺸﻌﺖ اﻟ ﺴﺤﺐ وﺻ ﺤﺎ اﻟﺠ ﻮ‪ ،‬ﻓ ﺼﻼﺗﮫ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ‪ ،‬وﺟﻤ ُﻌ ﮫ ﺻ ﺤﯿﺢ وﻻ إﻋ ﺎدة ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬إذ ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﻗﺪ ﺗﻤﱠﺖ واﻟﻌﺬر ﻣﻮﺟﻮد ﻓﺎﻟﺼﻼة ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻀﯿﺮھﺎ أن ﯾﺰول اﻟﻌﺬر ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﻟﻌﺬر اﻟﺴﻔﺮ أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إن ﺣﺎن ﻋﻠﯿﮫ وﻗ ﺖ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺴﺘﺄﻧﻒ اﻟﻤ ﺴﯿﺮ‬ ‫واﻟ ﱡ‬
‫أن ﯾﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ ﺟﻤ ﻊ ﺗﻘ ﺪﯾﻢ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ھ ﻮ‬
‫اﺳﺘﺄﻧﻒ اﻟﻤﺴﯿﺮ ﻓﺤﺎن وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻓﺎﻟﺴﱡﻨﺔ أن ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﯿﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾﺤ ﯿﻦ وﻗ ﺖ اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﻓﯿﻨﺰل‪ ،‬وﯾﺼﻠﻲ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ ﺟﻤ ﻊ ﺗ ﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﺳ ﻔﺮ‪ ،‬ﻓﺰاﻏ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﺮﺗﺤ ﻞ ﺻ ﻠﻰ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌﺎً‪ ،‬وإن ارﺗﺤﻞ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺰﯾﻎ اﻟﺸﻤﺲ ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ أول وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﯾﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬إذا ﻋﺠ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻔﺮ‬
‫ﯾﺆﺧﺮ اﻟﻈﮭﺮ إﻟﻰ أول وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ ﻓﯿﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﯾﺆﺧﱢﺮ اﻟﻤﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫ﺣﯿﻦ ﯾﻐﯿﺐ اﻟﺸﻔﻖ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫واﻟﻤﺴﺎﻓﺮ َﯾ ْﻘﺼُﺮ اﻟﺼﻼة وﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ﻣﺎ دام ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﯿﮫ وﺻﻒ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ‪ ،‬ﺳﻮاء ﻧ ﺰل ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻜﺎن وأﻗﺎم ﻓﯿﮫ ﻓﺘﺮة‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ داﺑﺘﮫ أو ﻓﻲ ﺳﯿﺎرﺗﮫ أو ﻓﻲ ﻗﻄﺎره‪ ،‬وﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ إﻗﺎﻣﺘﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﻃﺮﯾ ﻖ ﺳ ﻔﺮه ﻃﻮﯾﻠ ﺔ أو ﻗ ﺼﯿﺮة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺳ ﺎﻓﺮ إﻟ ﻰ ﺗﺒ ﻮك وأﻗ ﺎم ﻓﯿﮭ ﺎ ﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣ ﺎً‬
‫ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ أﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻗﻮل ﺟﺎﺑﺮ‪ .‬وﺳﺎﻓﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم إﻟﻰ ﻣﻜﺔ‪ ،‬وأﻗﺎم ﻓﯿﮭﺎ‬
‫ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎً ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻗﻮل اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ .‬وﻃﺒﻌ ﺎً ﻛ ﺎن إذا‬
‫ﻗﺼﺮ ﺟﻤﻊ‪ ،‬وﻋﻦ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮭﻢ ﺧﺮﺟـﻮا ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﺎم ﺗﺒ ﻮك‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻈﮭ ﺮ واﻟﻌ ﺼﺮ واﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺄﺧﱠﺮ اﻟ ﺼﻼة ﯾﻮﻣ ًﺎ ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج‬
‫ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﻤﻐ ﺮب واﻟﻌ ﺸﺎء ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ‪ «...‬رواه ﻣﺎﻟ ﻚ‬

‫‪470‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ووﺟ ﮫ اﻻﺳ ﺘﺪﻻل ﺑﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻻ ﻓﻲ ﺗﺒﻮك‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ داﺑﺘﮫ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺧﺒﺎﺋﮫ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ وﯾﺨ ﺮج ﻣﻨ ﮫ‬ ‫واﻟﺴﻼم ﻣﻘﯿﻤ ًﺎ ﻧﺎز ً‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸـﺮ‬

‫ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮﱡع أو ﺻﻼة اﻟ ّﻨﻔْﻞ‬
‫ﻓﻀﻞ ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع وأﺻﻨﺎﻓﮭﺎ‬
‫ﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]اﻟ ﺼﻼة ﺣﻜﻤﮭ ﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭ ﺎ[ أن اﻟ ﺼﻼة ھ ﻲ أول ﻣ ﺎ‬
‫ﯾُﺤﺎﺳَﺐ ﺑﮫ اﻟﻨ ﺎس ﯾ ﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وأﻋﻨ ﻲ ﺑﮭ ﺎ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬه اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ إن ﺻ ﻠﺤﺖ‬
‫وﻛﻤﻠﺖ ﻓﻘﺪ رﺟﺎ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ اﻟﻔ ﻼح‪ ،‬وإن ھ ﻲ ﻓ ﺴﺪت ﺑﺘ ﺮكٍ أو إﺧ ﻼلٍ ﺑﺄرﻛﺎﻧﮭ ﺎ وﺷ ﺮوط ﺻ ﺤﺘﮭﺎ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺧﺴﺮ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ وﺧﺎب‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻧﻘﺼﺖ ھﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻓﻠ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﺻ ﺎﺣﺒﮭﺎ ﻗ ﺪ أداھ ﺎ ﻛﻠﮭ ﺎ‪ ،‬أو أداھ ﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋ ﮫ‪ .‬ﻓ ﺼﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع‬ ‫ﺺ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة ﺗﻄ ﱡﻮ ِ‬ ‫ﺗﻘﺼﯿﺮ ﻣﻨﮫ ﻓﻲ واﺟﺒﺎﺗﮭﺎ ﻓﺈن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ُﯾ ِﺘ ﱡﻢ ﻟ ﮫ ﻧﻘ َ‬
‫ﺠﺒُﺮ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ‪ ،‬وھﺬا ﻓﻀﻞ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ ﻟ ﺼﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬ ‫ﺗَ ْ‬
‫روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﺳﻤﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »إن أول ﻣﺎ ﯾُﺤﺎﺳﺐ ﺑ ﮫ اﻟﻌﺒ ﺪ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬
‫ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬ﻓﺈن أﺗﻤﱠﮭﺎ وإﻻ ﻗﯿﻞ اﻧﻈﺮوا ھ ﻞ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ ﺗﻄ ﻮع‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﺗﻄ ﻮع‬
‫أُﻛﻤﻠﺖ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﻋﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾُﻔﻌﻞ ﺑﺴﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ‬
‫داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وروى ﺗﻤ ﯿﻢ اﻟ ﺪاري ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن‬
‫أول ﻣﺎ ﯾُﺤﺎﺳﺐ ﺑﮫ اﻟﻌﺒﺪُ اﻟﺼﻼةُ‪ ،‬ﻓﺈن وﺟﺪ ﺻﻼﺗﮫ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ ﻛﺘﺒ ﺖ ﻟ ﮫ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ‪ ،‬وإن ﻛ ﺎن ﻓﯿﮭ ﺎ ﻧﻘ ﺼﺎن‬
‫ﻗ ﺎل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜ ﺔ‪ :‬اﻧﻈ ﺮوا ھ ﻞ ﻟﻌﺒ ﺪي ﻣ ﻦ ﺗﻄ ﻮع ﻓ ﺄﻛﻤﻠﻮا ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﻧﻘ ﺺ ﻣ ﻦ ﻓﺮﯾ ﻀﺘﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ن ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻣ ﺎ ﺟ ﺎء‬ ‫اﻟﺰﻛﺎة‪ ،‬ﺛﻢ اﻷﻋﻤﺎل« رواه اﻟﺪارﻣﻲ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وإ ﱠ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ روﺗﮫ أم ﺣﺒﯿﺒﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮭﺎ ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒ ٍﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ‬
‫ﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬أو ﺑﻨﻰ اﷲ ﻋﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﻟ ﮫ‬ ‫ﻛﻞ ﯾﻮم ﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﺗﻄﻮﻋ ًﺎ ﻏﯿﺮ ﻓﺮﯾﻀﺔ إﻻ ﺑُﻨﻲ ﻟﮫ ﺑﯿ ٌ‬
‫ﺑﯿﺘﺎً ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟ ﱠﻨﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻛﻤ ﺎ ُﺗ ﺴﻤﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﻼة‬
‫ﻰ واﺣﺪ‪.‬‬‫اﻟﺘﻄﻮع ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺴﻤﻰ أﯾﻀًﺎ ﺻﻼة اﻟﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬وﺻﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬وھﺬه اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ ھﻲ ﻟﻤﺴ ﱠﻤ ً‬

‫وﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﻟ ﮫ وﻗ ﺖ ﻣﻌ ﯿﻦ ﻣﺨ ﺼﻮص ﻛ ﺼﻼة اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ وﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ‬

‫وﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ وﻗﺖ ﻣﻌﯿﻦ ﻣﺨ ﺼﻮص ﻛ ﺼﻼة اﻟﺘ ﺴﺎﺑﯿﺢ وﺻ ﻼة اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺐ ﻛﺘﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺳﺠﻮد اﻟﺘﻼوة وﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﻟ ﯿﺲ ﻟ ﮫ‬
‫أن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﻟﮫ ﺳﺒ ٌ‬
‫ﺳﺒﺐٌ ﻛﻘﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ وﺻﻼة اﻟﺘﺴﺎﺑﯿﺢ‪ .‬وﻧﺘﻨﺎول ﺟﻤﯿﻊ أﺻﻨﺎف ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﺑﺸﺊ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ‪:‬‬

‫ﺴﻨَﻦُ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة‬

‫أ‪ .‬اﻟ ﱡ‬
‫وﻧﻌﻨﻲ ﺑﮭﺎ اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﺘﻲ واﻇ ﺐ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻊ ﺻﻠﻮاﺗ ـﮫ اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﺑﻌ ﺪھﺎ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺘﺮﻛﮭﺎ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﻀﺮ‪ .‬وھﺬه اﻟﺮﻛﻌﺎت ھﻲ‪ :‬رﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﺎن ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ورﻛﻌﺘﺎن ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﺎن ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﺎن ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ‬

‫‪471‬‬
‫ﻋﺸﺮ رﻛﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﻻ ﯾ ﺪع رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪،‬‬
‫ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﺒﺢ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺣﻔﻈ ﺖُ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻋ ﺸﺮ رﻛﻌ ﺎت ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ واﻟﻨﮭ ﺎر‪ :‬رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﺣﺪﱠﺛﺘﻨﻲ ﺣﻔﺼﺔ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺠﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫وﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬وﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬وﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈﮫ »‪ ...‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻤﻐﺮب‬ ‫ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﻓﻔﻲ ﺑﯿﺘﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ِ‬
‫واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺼﻠﯿﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ«‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻔﻈﮫ »‪ ..‬ﻓﺄﻣﺎ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ واﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وأﺧﺒﺮﺗﻨ ﻲ أﺧﺘ ﻲ ﺣﻔ ﺼﺔ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ إذا ﻃﻠ ﻊ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﻋﺔ ﻻ أدﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﯿﮭﺎ«‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺷﻘﯿﻖ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ »ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب ﺛﻨﺘ ﯿﻦ ‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﻌ ﺸﺎء رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺛﻨﺘ ﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﻋ ﺸﺮ َرﻛَﻌ ﺎت‪ ،‬وھ ﻲ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺆﻛﺪة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ أﻗ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺳُ ﻤﱢﯿﺖ راﺗﺒ ﺔ وﻣﺆﻛﱠ ﺪة ﻻﺧﺘ ﺼﺎﺻﮭﺎ دون‬
‫ﻏﯿﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺜﺒﻮت واﻟﺪوام دون ﺗﻔﺮﯾﻂ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﺎﻟﺴﱡﻨﺔ ﻓﯿﮭﺎ أن ﺗُﺆدﱠى ﺧﻔﯿﻔﺔ دون إﻛﺜﺎ ٍر ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﺑﻞ إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫أﻣﺎ ُ‬
‫ﯾﻜﺎد ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﺣﻔ ﺼﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻛﺎن إذا اﻋﺘﻜﻒ اﻟﻤﺆذن ﻟﻠ ﺼﺒﺢ وﺑ ﺪا اﻟ ﺼﺒﺢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻘ ﺎم اﻟ ﺼﻼة« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈﮫ »ﻛﺎن إذا ﺳﻜﺖ اﻟﻤﺆذن ﻣﻦ اﻷذان ﻟﺼﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ وﺑ ﺪا اﻟ ﺼﺒﺢ ‪.«...‬‬
‫ورواه أﺣﻤﺪ أﯾﻀًﺎ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ ﺑ ﯿﻦ‬
‫اﻟﻨﺪاء واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫‪ r‬ﯾﺨﻔﻒ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ إﻧﻲ ﻷﻗﻮل‪ :‬ھﻞ ﻗﺮأ ﺑﺄم اﻟﻜﺘﺎب ؟« رواه اﻟﺒﺨﺎري‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻣ ﺮة »ﺑ ﺄم اﻟﻘ ﺮآن« وﻣ ﺮة أﺧ ﺮى »ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب«‪ .‬ورواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬ ‫واﺑﻦ ُ‬
‫أﺣﻤﺪ »ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب«‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود وﻣﺎﻟﻚ »ﺑﺄم اﻟﻘﺮآن«‪ .‬واﻟﻤﻌﻨﻰ واﺣﺪ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻃﻠ ﻊ اﻟﻔﺠ ﺮ ﯾﺤ ﺮص ﻋﻠ ﻰ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﯾﻘﺘ ﺼﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻼ‬

‫ﯾﺼﻠﻲ ﻏﯿﺮھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ اﻟﻨﻮاﻓ ﻞ أﺷ ﱠﺪ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻣﻨﮫ ﺗﻌﺎھﺪاً ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﺒﺢ«‪ .‬وﻋﻦ ﺣﻔﺼﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻃﻠ ﻊ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ ﻻ ﯾﺼﻠﻲ إﻻ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﻟﺸﺪة ﺣﺮﺻﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻘ ﺪ ﻛ ﺎن ﯾﺒ ﺎدر إﻟ ﻰ أداﺋﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻮر‬
‫ﻓﺮاغ اﻟﻤﺆذن ﻣﻦ اﻷذان دون ﺗﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻛﺄن اﻷذان ﻓﻲ أُذﻧﯿﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾﺤﺚ ﻛﺜﯿﺮًا ﻋﻠﻰ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ َﺗ َﺪﻋُﻮا رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ وإن ﻃﺮدﺗﻜﻢ اﻟﺨﯿﻞ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻄﺤﺎوي‪.‬‬

‫وﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم إذا ﺻﻠﻰ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﺿﻄﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﮫ اﻷﯾﻤﻦ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺄﻣﺮ‬
‫اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑ ﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن اﻻﺿ ﻄﺠﺎع ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﻨ ﺐ اﻷﯾﻤ ﻦ ﻋﻘ ﺐ أداﺋﮭﻤ ﺎ ﺳ ﻨﺔ ﻣ ﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا رﻛﻊ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ اﺿﻄﺠﻊ ﻋﻠﻰ ِ‬
‫ﺷ ﻘﱢﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬

‫‪472‬‬
‫‪» r‬إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﻓﻠْﯿ ﻀﻄﺠﻊ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن أﻣﺮه ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ھ ﻮ ﻟﻠﻨ ﺪب‬
‫داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫وﻟ ﯿﺲ ﻟﻠﻮﺟ ﻮب ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬إذا ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﻲ‬
‫اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓ ﺈنْ ﻛﻨ ﺖ ﻧﺎﺋﻤ ﺔ اﺿ ﻄﺠﻊ‪ ،‬وإن ﻛﻨ ﺖ ﻣ ﺴﺘﯿﻘﻈﺔ ﺣﺪﺛ ـﻨﻲ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﺨ ﺎري واﺑ ﻦ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻨﻮن ﺑﺨ ﺼﻮص ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ -‬رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ‪ -‬ھ ﻮ ﺗﺨﻔﯿﻔﮭﻤ ﺎ واﻟﺘﻌﺠﯿ ﻞ ﺑﺄداﺋﮭﻤ ﺎ‬
‫ﻋﻘﺐ اﻷذان ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬واﻟﺤﺮص ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ وﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﯾﻂ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل‪ ،‬واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﻼ ﯾ ﺰاد‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬واﻻﺿﻄﺠﺎع ﺑﻌﺪھﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺐ اﻷﯾﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﺔ وﻏﯿﺮھ ﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ أن ﺗُﺆدﱠى ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻻﺿﻄﺠﺎع‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻀﻞ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻘﺪ ورد ﻓﯿﮫ ﻋ ـﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »رﻛﻌﺘ ﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ﻛﻤ ﺎ ورد ﻓﯿ ﮫ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ ﺧﯿﺮٌ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟ ﱠﻨﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﺪ ﻃﻠ ﻮع اﻟﻔﺠ ﺮ »ﻟَﮭُﻤ ﺎ أﺣ ﱡ‬
‫ﺐ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ‪.‬‬
‫ﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬‫إﻟ ﱠ‬

‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻈﮭﺮ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن ﺗُﺆدﱠﯾﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ وأُﺧﺮﯾﺎن ﺑﻌﺪه ‪ -‬وﻗﺪ ﺳﻠﻒ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ‬
‫وأﻣﺎ ُ‬
‫ھﺬا ‪ -‬وﻧﻀﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﯿﺖ‬
‫ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪھﺎ«‪.‬‬

‫وأﻣ ﺎ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻠﯿ ﺴﺖ ﻟﮭ ﺎ ﺳ ﻨﺔ راﺗﺒ ﺔ ﻣﺆﻛ ﺪة ﻻ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﻟﻤ ﺎ ﻣ ﱠﺮ ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻲ أول‬

‫اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬وﻧﻀﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠﻲﱟ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻣ ﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ إﺛﺮ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ رﻛﻌﺘﯿﻦ إﻻ اﻟﻔﺠﺮ واﻟﻌﺼﺮ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫رواه ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﺻﻼة ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺻﻼة ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ .‬وﻣﺎ رُوي ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎص رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﺻﻼﺗﺎن ﻻ ﯾُﺼﻠﱠﻰ ﺑﻌﺪھﻤﺎ‪ :‬اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬واﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﺑﻌﺪﯾ ﺔ‬
‫ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ أدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮد ُ‬
‫ﻟﻠﻌﺼﺮ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﺑﻌﺪﯾﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺜﻞ‪:‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ورد ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ ﯾُﺸﺘَﺒﮫ ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ُ‬

‫ي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ رأى اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﱢﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ«‬
‫أ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮ ﱢ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺻ ﻼﺗﺎن ﻟ ﻢ ﯾﺘﺮﻛﮭﻤ ﺎ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺳ ﺮاً وﻻ ﻋﻼﻧﯿ ﺔ‪:‬‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺠﺮ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻄﺤﺎوي‪.‬‬

‫ﺢ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﺻ ﱢﻞ ‪ ،‬إﻧﻤ ﺎ ﻧﮭ ﻰ رﺳ ﻮل‬
‫ج‪ -‬ﻋﻦ ﺷُﺮﯾ ٍ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻗﻮﻣَﻚ أھ َﻞ اﻟﯿﻤﻦ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة إذا ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺤﺎوي‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫ﻓﺈن ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻗ ﻀﺎ ًء ﻟﺮاﺗﺒﺘ ﻲ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ اﻟﺒﻌﺪﯾﺘﯿﻦ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﺷُ ﻐِﻞ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻣ ﺮة ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺼﻠﮭﻤـﺎ‪ ،‬ﻓ ﺼﻼھﻤﺎ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺛ ﻢ اﺳ ﺘﻤﺮ‬
‫ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﻋﻘﺐ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺻ ﻠﻰ ﺻ ﻼة داوم ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ ﻻ‬
‫ﯾُﻘﺘ ﺪى ﺑ ﮫ ﻓﯿ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ رأى ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻈﻨ ﻮا أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺒﺎﺣﺎت أو اﻟﻤﺴﻨﻮﻧﺎت اﻗﺘﺪاء ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻨﻘﻠﻮا ﻣ ﺎ ﺷ ﺎھﺪوه وأﻓﺘَ ﻮا ﺑﻤ ﺸﺮوﻋﯿﺘﮫ‪ ،‬وﻧﺒ ﺴﻂ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮى رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻘ ﺐ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وﻟﻤ ﺎ ﻟ ﻢ‬
‫ﺳﻨﱠﺔً ﻟﻌﻤﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻔﺘﻲ ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬أﻣﺎ ﺳﺒﺐ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ھﺎﺗﯿﻦ ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺳﺒﺒﮭﻤﺎ ﻓﻘﺪ ﻇﻨﺘﮭﻤﺎ ُ‬
‫ﻋِﻠ َﻤﺘْﮫ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ وﻗﻠﻨﺎه ﻣﻦ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﻗﺪ ﺷُﻐﻞ ﻋﻦ‬ ‫َ‬
‫رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ اﻟﺒﻌ ﺪﯾﺘﯿﻦ ﻓﻘ ﻀﺎھﻤﺎ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺛ ﻢ داوم ﻋﻠ ﻰ أداﺋﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻨﻔ ﻲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻟﻌﻤﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫أﻧﮭﻤﺎ ُ‬

‫ب ‪ -‬ﻟﻘﺪ ﻧُﻘﻞ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ﻃﺮق ﺻﺤﯿﺤﺔ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ‬
‫ﺛﺒﺖ ﻟﻨﺎ ذﻟﻚ ﺛﻢ رأﯾﻨﺎه ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﯾُﺼﻠﻲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ أدرﻛﻨ ﺎ أن ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ‪،‬‬
‫وأن ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻨﻘﻮل ﻋﻨﮫ أﯾﻀ ًﺎ‪.‬‬

‫ج‪ -‬إن اﻷﺣﺎدﯾ ـﺚ اﻟﺘ ـﻲ ﺗﺒـ ـﺪو ﻣﺘﻌﺎرﺿ ﺔ ﻓ ـﻲ ھـ ـﺬا اﻟﻤﻮﺿ ﻮع ﻟ ﯿﺲ ﻓﯿﮭـ ـﺎ ﻧﺎﺳ ﺦ وﻣﻨ ﺴﻮخ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺪﱠﻋـ ـﻲ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭـ ـﺎء‪ ،‬إذ ﻟ ﯿﺲ ﺻﺤﯿﺤـ ـﺎً اﻻدﱢﻋـ ـﺎ ُء ﺑ ﺄن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺪاﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻗ ﺪ ﻧ ﺴﺨﺖ‬
‫ﺼ ﺼﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨ ﺴﺦ ﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺑﻌ ﺪ وﻓ ﺎة اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗﻄﻌ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻧُﻘ ﻞ ﻋ ﻦ‬‫اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺎھﯿ ﺔ ﻋﻨﮭ ﺎ أو ﺣﺘ ﻰ ﺧ ﱠ‬
‫اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ اﻣﺘﺜ ﺎﻟﮭﻢ ﻟﻠﻨﮭ ﻲ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﻨﻔ ﻲ دﻋ ﻮى اﻟﻨ ﺴﺦ‪ .‬ﻟﮭ ﺬه اﻷﻣ ﻮر اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻓ ﺈن اﻟ ﺮأي اﻟ ﺮاﺟﺢ ھ ﻮ أﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﺻ ﻼة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ ﻛﻤ ﺎ ﺻ ﺮﺣﺖ ﺑ ﺬﻟﻚ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‪ ،‬وأن اﻟﻔﺘ ﺮة ﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫وﺑ ﯿﻦ ﻏ ﺮوب اﻟ ﺸﻤﺲ ھ ﻲ واﺣ ﺪة ﻣ ﻦ اﻟﻔﺘ ﺮات اﻟﻤﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وأن ھ ﺬا اﻟﺤﻜ ﻢ ُﻣﺤْ َﻜ ﻢ ﻏﯿ ﺮ‬
‫ﻣﻨﺴﻮخ‪ .‬وﻧﺴﺘﺪ ﱡل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ رﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ درﱠاج »أن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺳﺒﱠﺢ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻣﻜ ﺔ ‪،‬‬
‫ﺖ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬‫ﻓﺮآه ﻋﻤ ﺮ ﻓﺘﻐ ﯿﱠﻆ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪َ :‬أ َﻣ ﺎ واﷲ ﻟﻘ ﺪ ﻋﻠﻤ َ‬
‫واﻟﻄﺤﺎوي‪ .‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﺻﺮاﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﺎت ﺣﻜﻢ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ وﻋﺪم ﻧﺴﺨﮫ‪.‬‬

‫ﺨﺮَﻣ ﺔ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ أزھ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺴﻮَر ﺑ ﻦ َﻣ ْ‬‫‪ -2‬ﻋ ﻦ ُﻛﺮَﯾ ﺐ »أن اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس واﻟ ِﻤ ْ‬
‫ﻋﻨﮭﻢ أرﺳﻠﻮه إﻟ ﻰ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬اﻗ ﺮأ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺴﻼم ﻣﻨ ﺎ ﺟﻤﯿﻌ ﺎً‪ ،‬وﺳَ ﻠْﮭﺎ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ وﻗﻞ ﻟﮭﺎ‪ :‬إﻧﱠﺎ أُﺧﺒﺮﻧﺎ أﻧﻚِ ﺗُﺼﻠﱢﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﺑ َﻠﻐَﻨﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻨﮭﻤﺎ‪،‬‬
‫وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ :‬وﻛﻨﺖ أﺿﺮب اﻟﻨ ﺎس ﻣ ﻊ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻛُﺮﯾ ﺐ‪ :‬ﻓ ﺪﺧﻠﺖ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺳ ْﻞ أ ﱠم ﺳ ﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟ ﺖ إﻟ ﯿﮭﻢ ﻓ ﺄﺧﺒﺮﺗﮭﻢ‬ ‫ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓﺒﻠﱠﻐﺘﮭ ﺎ ﻣ ﺎ أرﺳ ﻠﻮﻧﻲ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪َ :‬‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺮدﱡوﻧﻲ إﻟﻰ أم ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ أرﺳﻠﻮﻧﻲ ﺑﮫ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ‪:‬‬
‫ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻨﮭﻤﺎ ‪ ،‬ﺛﻢ رأﯾﺘﮫ ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﺣﯿﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ وﻋﻨ ﺪي ﻧ ﺴﻮ ٌة ﻣ ﻦ‬
‫ﺖ إﻟﯿﮫ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻗﻮﻣﻲ ﺑﺠﻨﺒﮫ ﻓﻘﻮﻟﻲ ﻟ ﮫ‪ :‬ﺗﻘ ﻮل ﻟ ﻚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ‪:‬‬ ‫ﺣﺮَام ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر‪ ،‬ﻓﺄرﺳﻠ ُ‬
‫ﺑﻨﻲ َ‬
‫ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺳﻤﻌﺘﻚ ﺗﻨﮭﻰ ﻋﻦ ھﺎﺗﯿﻦ وأراك ﺗﺼﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن أﺷ ﺎر ﺑﯿ ﺪه ﻓﺎﺳ ﺘﺄﺧﺮي ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻔﻌﻠ ﺖ‬
‫ﺖ ﻋﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ‬ ‫اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻓﺄﺷﺎر ﺑﯿﺪه ﻓﺎﺳﺘﺄﺧﺮت ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﺑﻨﺖ أﺑﻲ أُﻣﯿﺔ ﺳﺄﻟ ِ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وإﻧﮫ أﺗﺎﻧﻲ ﻧﺎسٌ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﯿﺲ ﻓﺸﻐﻠﻮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﮭﻤﺎ ھﺎﺗ ﺎن«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫‪ - 3‬ﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻟ ﻢ أر رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻗ ﻂ إﻻ ﻣ ﺮة‬
‫س ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ ﻓ ﺸﻐﻠﻮه ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺼﻞﱢ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ﺷ ﯿﺌًﺎ ﺣﺘ ﻰ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ‪،‬‬
‫واﺣﺪة‪ ،‬ﺟﺎءه ﻧﺎ ٌ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ دﺧﻞ ﺑﯿﺘﻲ ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗ ﯿﺲ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن‬

‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﺸُﻐﻞ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓ ﺮغ رﻛﻌﮭﻤ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻲ‬
‫ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻛﮭﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻗﯿﺲ‪ :‬ﻓﺴﺄﻟﺖ أﺑﺎ ھﺮﯾ ﺮة ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ ﻛﻨ ﺎ ﻧﻔﻌﻠ ﮫ ﺛ ﻢ‬
‫ﺗﺮﻛﻨﺎه« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث ﺑ ﻦ ھ ﺸﺎم ﻗ ﺎل »أﺟﻤ ﻊ أﺑ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻌﻤ ﺮة‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ ﺷ ﺌﺖَ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺪﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ي ﺑُﻨﻲ ﻟ ﻮ دﺧﻠﻨ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻣﯿ ﺮ ﻓﻮدﱠﻋﻨ ﺎه‪ ،‬ﻗﻠ ُ‬ ‫ﺣﻀﺮ ﺧﺮوﺟُﮫ ﻗﺎل‪ :‬أ ْ‬
‫ﻣﺮوان وﻋﻨﺪه ﻧﻔﺮٌ ﻓﯿﮭﻢ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮوا اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ اﺑﻦ‬
‫اﻟﺰﺑﯿﺮ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ﻣﺮوان‪ :‬ﻣﻤﻦ أﺧ ﺬﺗَﮭﻤﺎ ﯾ ﺎ اﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ؟ ﻗ ﺎل أﺧﺒﺮﻧ ﻲ ﺑﮭﻤ ﺎ أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬ﻓﺄرﺳﻞ ﻣﺮوان إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ :‬ﻣﺎ رﻛﻌﺘﺎن ﯾﺬﻛﺮھﻤﺎ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ أن أﺑﺎ ھﺮﯾﺮة أﺧﺒﺮه ﻋﻨﻚِ‬
‫أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ؟ ﻓﺄرﺳ ﻠﺖ إﻟﯿ ﮫ‪ :‬أﺧﺒﺮﺗﻨ ﻲ أم ﺳ ﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺄرﺳ ﻞ إﻟ ﻰ أم‬
‫ﺳﻠﻤﺔ‪ :‬ﻣﺎ رﻛﻌﺘﺎن زﻋﻤﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻧﻚِ أﺧﺒﺮﺗِﮭﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪:‬‬
‫ﺖ أﻣ ﺮي ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻮﺿ ﻌﮫ‪ ،‬ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻈﮭ ﺮ وﻗ ﺪ أُﺗ ﻲ‬ ‫ﯾﻐﻔ ﺮ اﷲ ﻟﻌﺎﺋ ﺸﺔ ‪ ،‬ﻟﻘ ﺪ وﺿ َﻌ ْ‬
‫ﻲ وﻛ ﺎن ﯾ ﻮﻣﻲ‪ ،‬ﻓﺮﻛ ﻊ‬ ‫ﺑﻤﺎلٍ‪ ،‬ﻓﻘﻌﺪ ﯾﻘﺴﻤﮫ ﺣﺘﻰ أﺗﺎه اﻟﻤﺆذﱢن ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف إﻟ ﱠ‬
‫ت ﺑﮭﻤ ﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻤ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن‬ ‫رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ ﻓﻘﻠﻨﺎ‪ :‬ﻣﺎ ھﺎﺗﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﻣ ﺮ َ‬
‫ﺴ ُﻢ ھ ﺬا اﻟﻤ ﺎل ﺣﺘ ﻰ ﺟ ﺎءﻧﻲ اﻟﻤ ﺆذن ﺑﺎﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻜﺮھ ﺖ أن‬ ‫ﻛﻨ ﺖ أرﻛﻌﮭﻤ ﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ‪ ،‬ﻓ ﺸﻐﻠﻨﻲ َﻗ ْ‬
‫أدﻋﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ‪ :‬اﷲ أﻛﺒﺮ أﻟﯿﺲ ﻗﺪ ﺻﻼھﻤﺎ ﻣﺮة واﺣﺪة؟ واﷲ ﻻ أدﻋﮭﻤﺎ أﺑﺪاً‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ أم‬
‫ﺳﻠﻤﺔ‪ :‬ﻣﺎ رأﯾﺘﮫ ﺻ ﻼھﻤﺎ ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻏﻔ ﺮ اﷲ ﻻﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ ﻓﻘ ﺪ اﺟﺘﮭ ﺪ ﻓﺄﺧﻄ ﺄ‬
‫ﺻﻠﱢﯿﺘﺎ ﻗﻀﺎ ًء‪.‬‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮار ﺑﺄداء ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺑﺎن ﻟﮫ أﻧﮭﻤﺎ ُ‬

‫‪ - 6‬ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ وﯾﻨﮭ ﻰ ﻋﻨﮭ ﺎ‪،‬‬
‫وﯾﻮاﺻﻞ وﯾﻨﮭﻰ ﻋ ﻦ اﻟﻮﺻ ﺎل« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬واﻟﻮﺻ ﺎل‪ :‬ھ ﻮ ﻣﻮاﺻ ﻠﺔ اﻟ ﺼﯿﺎم ﯾﻮﻣ ﺎً وﻟﯿﻠ ﺔ دون‬
‫إﻓﻄﺎر‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ » أﻧﮫ ﺳﺄل ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ اﻟ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺛﻢ إﻧﱠﮫ ﺷُﻐﻞ ﻋﻨﮭﻤﺎ أو ﻧﺴﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓ ﺼﻼھﻤﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ‬
‫ﺛﻢ أﺛﺒﺘﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻛﺎن إذا ﺻﻠﻰ ﺻﻼة أﺛﺒﺘﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أﺛﺒﺘﮭﻤﺎ‪ :‬أي داوم ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪.‬‬

‫ﺴﻤَﻠﻲ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓﻘﻠﺖ ‪ :‬ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺎ ﻋﻠﱠﻤﻚ اﷲ وأﺟﮭ ﻞُ‪،‬‬ ‫ﻋﺒْﺴ َﺔ اﻟ ﱡ‬
‫‪ -8‬ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ َ‬
‫أﺧﺒﺮﻧ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﱢﻞ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺛ ﻢ أَ ْﻗ ﺼِ ْﺮ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﺮﺗﻔﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﺣﯿﻦ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن وﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻟﮭ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺠﺮُ ﺟﮭ ﻨﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﺴَ‬‫ﻣﺸﮭﻮدة ﻣﺤﻀﻮرة ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﻘﻞﱠ اﻟﻈﻞ ﺑﺎﻟﺮﻣﺢ‪ ،‬ﺛﻢ َأ ْﻗﺼِﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﺈنﱠ ﺣﯿﻨﺌﺬ ُﺗ ْ‬
‫ﺼﺮ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ‬ ‫أﻗﺒﻞ اﻟﻔﺊ ﻓﺼﻞﱢ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺼﻼة ﻣﺸﮭﻮدة ﻣﺤﻀﻮرة ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺛﻢ َأ ْﻗ ِ‬
‫ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن وﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﺴﺠﺪ ﻟﮭﺎ اﻟﻜﻔﺎر ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻘﻞﱠ اﻟﻈ ﻞ ﺑ ﺎﻟﺮﻣﺢ‪ :‬أي ﺣﺘ ﻰ ﯾﻜ ﻮن اﻟﻈ ﻞ ﻣﻘﺎﺑ ﻞ اﻟ ﺮﻣﺢ‬
‫دون أن ﯾﻤﯿﻞ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻐﺮب أو إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮق‪ ،‬وﯾﻜﻮن ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﮭﺎر‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫‪ - 9‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌﺖ ﻏﯿ ﺮ واﺣ ﺪ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب‪ ،‬وﻛﺎن أﺣﺒﱠﮭﻢ إﻟﻰﱠ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺠﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ُ‬

‫‪ - 10‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ -11‬ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن ﻗﺎل »إﻧﻜــﻢ َﻟﺘُﺼﻠﱡﻮن ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻟﻘـ ـﺪ ﺻﺤﺒﻨ ـﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻤ ﺎ‬
‫رأﯾﻨﺎه ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻘﺪ ﻧﮭﻰ ﻋﻨﮭﻤﺎ ‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ اﻟﺒﻌﺪﯾﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺑﮫ ﺳﻮى ﻋﺎﺋﺸﺔ واﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ ﻓﯿﻤ ﺎ رُوي ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‬ ‫إن اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟ ﱡ‬
‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﻗﺪ رأﯾﺘﻢ ﻛﯿ ﻒ‬ ‫ﻣﻦ آﺛﺎر‪ ،‬وﻗﺪ رأﯾﺘﻢ ﻛﯿﻒ ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻔﻌﻠﮭﺎ ﺳﻮى ﻋﻠ ﱟ‬
‫أن ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺪ أﻧﻜﺮھﺎ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وذﻛﱠﺮه ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺳُﻨﺔ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن راﺗﺒﺘﺎن ﻣﺆﻛ ﺪﺗﺎن ﺗُﺆدﱠﯾ ﺎن ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ‪،‬‬
‫وﻧﻀﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ« وﻣﺎ رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺑﯿﺘﻲ ﻓﯿﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ«‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺳُﻨﺔ اﻟﻌﺸﺎء ﻓﮭ ﻲ رﻛﻌﺘ ﺎن راﺗﺒﺘ ﺎن ﻣﺆﻛ ﺪﺗﺎن ﺗُﺆدﱠﯾ ﺎن ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻛﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻔﻨﺎ‪،‬‬
‫وﻧﻀﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ »أﻧ ﮫ‬
‫ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ«‪ .‬وﻣ ﺎ رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »‪ ...‬وﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﻌﺸﺎء ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺪﺧﻞ ﺑﯿﺘ ﻲ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ‪«...‬‬
‫ف ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪.‬‬ ‫ﻃ َﺮ ٌ‬
‫َ‬

‫ب‪ .‬اﻟﺴﱡﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﱠﺪة‬

‫وھﻲ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ أﺣﯿﺎﻧﺎً وﯾﺘﺮﻛﮭ ﺎ أﺣﯿﺎﻧ ﺎً أﺧ ﺮى‪ ،‬وھ ﺬه اﻟ ﺴﻨﻦ ھ ﻲ‪:‬‬
‫رﻛﻌﺘﺎن أُﺧﺮﯾ ﺎن ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ﺎً ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﺎن أُﺧﺮﯾ ﺎن ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ‬
‫أرﺑﻌ ًﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ أو أرﺑﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﺎن أُﺧﺮﯾ ﺎن أو أرﺑ ﻊٌ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪،‬‬
‫ﻓﯿﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ أو ﺳ ﱠﺘًﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ .‬وھ ﺆﻻء أرﺑ ﻊ ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم واﻟﻠﯿﻠ ﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻛ ﱟﻞ وردت‬
‫ﺐ‬
‫ﻧﺼﻮص‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻗﺎﺑﻮس ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »أرﺳﻞ أﺑﻲ اﻣﺮأ ًة إﻟﻰ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﯾ ﺴﺄﻟﮭﺎ أي اﻟ ﺼﻼة ﻛﺎﻧ ﺖ أﺣ ﱠ‬
‫إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻮاﻇﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ أرﺑﻌ ًﺎ ﯾﻄﯿﻞ ﻓﯿﮭﻦ اﻟﻘﯿﺎم وﯾﺤﺴﻦ‬
‫ﻓﯿﮭﻦ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾ ﺪع ﺻ ﺤﯿﺤﺎً وﻻ ﻣﺮﯾ ﻀ ًﺎ وﻻ ﻏﺎﺋﺒ ﺎً وﻻ ﺷ ﺎھﺪًا ﻓ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ع أرﺑﻌ ًﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺎل« رواه أﺣﻤ ﺪ‬ ‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾ ﺪ ُ‬
‫وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ أرﺑﻌﺎً وﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪،‬‬
‫وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺷ ﻘﯿﻖ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻦ اﻟﺘﻄ ﻮﱡع ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ أرﺑﻌ ًﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺨﺮج ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺑﯿﺘ ﻲ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺑﯿﺘﻲ ﻓﯿﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺪﺧﻞ‬
‫ﺑﯿﺘﻲ ﻓﯿﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﻓﯿﮭﻦ اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻛﺎن إذا ﻃﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﺻ ﻠﻰ‬

‫‪476‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺨ ﺮج ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣ ﻦ ﺷ ﺪة ﺣﺮﺻ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋﻠ ﻰ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُﺧ ﺮﯾﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻈﮭﺮ أﻧﮫ ﻗﻠﱠﻤﺎ ﺗﺮﻛﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إنﱠ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ روى ﻋ ﻦ إﺑ ﺮاھﯿﻢ ‪ -‬اﻟﻨﺨﻌ ﻲ ‪ -‬ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾَﻌُ ﺪﱡون‬
‫ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ أرﺑﻌ ﺎً ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪،‬‬
‫ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ :‬وﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺴﺘﺤﺒﻮن رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ إﻻ أﻧﮭ ﻢ ﻟ ﻢ ﯾﻜﻮﻧ ﻮا‬
‫َﯾ ُﻌﺪﱡوﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻨﱠﺔ« ‪ .‬ﻓﻘﺪ أﻟﺤﻖ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ھﺎﺗﯿﻦ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة‪ ،‬ﻷن ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻛ ﺎن ﯾﻌﻨﯿ ﮫ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ(‪.‬‬
‫ﺑﻘﻮﻟﮫ )ﯾ ُﻌﺪﱡون ﻣﻦ اﻟ ﱡ‬

‫وﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ إن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺤ ﺮص ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة ﻋﻠ ﻰ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل ﻛﺬﻟﻚ إﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﺷﺪﯾﺪ اﻟﺤﺮص ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻈﮭﺮ‬
‫ھﺎﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ أﻧ ﮫ ﺛﺒ ﺖ ﺑﺎﻟﻨ ﺼﻮص اﻟﺘ ﻲ أوردﻧﺎھ ﺎ ﺳ ﺎﺑﻘﺎً أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﺣ ﺼﻞ ﻣﻨ ﮫ أنْ‬
‫ﺻﻠﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻓﻘﻂ ﻷدﺧﻠﻨﺎ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة ‪.‬‬

‫ﺳ ﻨﺔ أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ‬ ‫ﻼ ﻋﻈﯿﻤًﺎ ﻻ ﯾﻨﺎزﻋﮭﻤﺎ ﻓﯿﮫ أﯾ ﺔ ُ‬

‫وﻗﺪ ذﻛﺮت اﻟﻨﺼﻮص أن ﻟﮭﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓﻀ ً‬
‫اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أم ﺣﺒﯿﺒﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮ ٍم وﻟﯿﻠ ٍﺔ‬
‫ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ‪ :‬أرﺑﻌ ًﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ‬ ‫ﺛِﻨﺘ ﻲ ﻋ ﺸﺮةَ رﻛﻌ ًﺔ ُﺑ ِﻨ ﻲ ﻟ ﮫ ﺑﯿ ٌ‬
‫اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻐ ﺪاة« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وروى اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻨﮭﺎ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺛِﻨﺘ ﻲ ﻋ ﺸﺮ َة‬ ‫ِ‬
‫رﻛﻌﺔً ﻓﻲ اﻟﯿﻮم ﺑﻨﻰ اﷲ ﻟﮫ ﺑﯿﺘًﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ‪ :‬أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﺒﺢ«‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ وﻗﯿﱠ ﺪه ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﺳ ﻮى‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ«‪ .‬وﺟﺎء ھ ﺬا اﻟﻘﯿ ﺪ ﺻ ﺮﯾﺤًﺎ ﻓﯿﻤ ﺎ رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪٍ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﷲ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺛِﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮةَ رﻛﻌ ًﺔ ﺗﻄﻮﻋ ﺎً ﻏﯿ ﺮ ﻓﺮﯾ ﻀﺔ إﻻ ﺑﻨ ﻰ اﷲ ﻟ ﮫ‬
‫ﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬ ‫ﺑﯿﺘﺎً ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬أو إﻻ ُﺑﻨِﻲ ﻟﮫ ﺑﯿـ ٌ‬
‫اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ ﺛِﻨﺘﻲ ﻋ ﺸﺮةَ رﻛﻌ ًﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﺑُﻨ ﻲ ﻟ ﮫ ﺑﯿ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ‪ :‬أرﺑ ٍﻊ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‪،‬‬
‫ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ورﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻔﺠ ﺮ« رواه‬
‫اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ﻓ ﺈذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ﻋ ﺸﺮٌ‪ ،‬وأن ﺑﻨ ﺎء ﺑﯿ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ‬
‫ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻤﺜﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬وأن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ أﻛﻤﻞ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻌﺸﺮ‬
‫ﺑﺮﻛﻌﺘﻲ اﻟﻈﮭﺮ ھﺎﺗﯿﻦ دون ﺳﻮاھﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ‪ ،‬أدرﻛﻨﺎ ﻣﺎ ﻟﮭﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن اﻷُﺧﺮﯾﺎن ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ﻗ ﻮل أم ﺣﺒﯿﺒ ﺔ زوج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪» r‬أن ﺣﺒﯿﺒﮭ ﺎ‬
‫ﺲ وﺟﮭَ ﮫ اﻟﻨ ﺎرُ‬
‫ﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﺘﻤ ﱠ‬ ‫أﺑﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ r‬أﺧﺒﺮھﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒ ٍﺪ ﻣﺆﻣ ٍ‬
‫أﺑﺪاً إن ﺷﺎء اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞﱠ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وورد ﻓﯿﮭﻤﺎ وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ ﻗ ﻮل أم‬
‫ﺣﺒﯿﺒﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺻﻠﻰ أرﺑﻌﺎً ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ وأرﺑﻌ ًﺎ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﺣ ﺮﱠم اﷲ‬
‫ﻟﺤﻤﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﺟﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻋﻨ ﺪ أﺑ ﻲ داود‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أم ﺣﺒﯿﺒﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻟﻔ ﻆ »ﻣ ﻦ ﺣ ﺎﻓﻆ ﻋﻠ ﻰ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻗﺒ ﻞ‬ ‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫ﺣﺮﱢم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر«‪ .‬وﺣﺘﻰ ﯾُﻔﮭﻢ اﻟ ﱠﻨﺼﱠﺎن ﺟﯿﺪًا أﻗﻮل‪ :‬إن اﻟﺴﱡﻨﺔ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻟﻠﻈﮭ ﺮ ھ ﻲ‬‫اﻟﻈﮭﺮ وأرﺑﻊٍ ﺑﻌﺪھﺎ ُ‬
‫رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن ﻗﺒﻠﮭﺎ‪ ،‬ورﻛﻌﺘﺎن أُﺧﺮﯾﺎن ﺑﻌﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮل اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪ :‬أرﺑﻌًﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﻌﻨﻰ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‬
‫ﺟﻤِﻌﺘﺎ ﻣﻊ اﻟﺮاﺗﺒﺘﯿﻦ ﻓﺼﺎر اﻟﻌﺪد أرﺑﻌﺎً‪ ،‬وﻗﻞ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﺑﺨﺼﻮص اﻟ ُ‬ ‫ذﻟﻚ أن رﻛﻌﺘﯿﻦ أُﺧﺮﯾﯿﻦ ﻗﺪ ُ‬
‫اﻟﺒﻌﺪﯾ ﺔ ﻟﻠﻈﮭ ﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪﻣﺎ ﺗ ﺬﻛﺮ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻀﻞ اﻟﺮﻛﻌ ﺎت اﻷرﺑ ﻊ ﻓ ﺈن ﻣﻌﻨ ﻰ ذﻟ ﻚ أن اﻟﻔ ﻀﻞ ﯾ ﺸﻤﻞ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷُﺧﺮﯾﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻞ إن اﻟﻔﻀﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﯿﻜﻮن ﻟﻮﻻھﻤﺎ‪.‬‬

‫‪477‬‬
‫أﻣﺎ ھﺆﻻء اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻷرﺑﻊ اﻟﻘﺒﻠﯿ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ واﻟﺒﻌﺪﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗُ ﺼﻠﻰ ﻣَﺜﻨ ﻰ ﻣَﺜﻨ ﻰ‪ ،‬أي رﻛﻌﺘ ﯿﻦ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﻘ ﺪ روى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ واﻟﻨﮭ ﺎر ﻣَﺜﻨ ﻰ ﻣَﺜﻨ ﻰ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪارﻣﻲ واﺑ ﻦ ِﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وأﺷ ﺎر إﻟﯿ ﮫ اﻟﺒﺨ ﺎري ﻓ ﻲ ﺻ ﺤﯿﺤﮫ‪ .‬وﺳ ﯿﺄﺗﻲ ﺑﻌ ﺪ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ُ‬
‫ﯾﻔﯿﺪ أن اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻷرﺑﻊ اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﻠﱠﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻦ ﺗﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻓﮭﺆﻻء ﻛﺄوﻟﺌﻚ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺮواﺗﺐ اﻟﻤﺆﻛﺪة ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن أو أرﺑﻊ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬ ‫وأﻣﺎ ُ‬
‫وﻣﻦ ﺷﺎء ﺻﻠﻰ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬وﺗُﺆدﱠى ھﺬه اﻟﺴﱡﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ وﻟ ﯿﺲ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺷ ﻘﯿﻖ‬
‫ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻋﻦ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ وﺛﻨﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ‪،‬‬
‫وﺛﻨﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﺛﻨﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬وﺛﻨﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺗ ﺴﻌ ًﺎ‪ «...‬رواه‬
‫أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﻗﺒﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه أﺑ ﻮداود‪ .‬وروى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »رﺣ ﻢ اﷲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻠﻲ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬‫اﻣﺮأً ﺻﻠﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ أرﺑﻌﺎً« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑ ﯿﻦ ﻛ ﻞ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪«...‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وھﻮ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻟﻔﻈﮫ »ﻛـﺎن اﻟﻨﺒﻲ‬
‫‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻦ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﱠﺑﯿﻦ‪ ،‬وﻣَﻦ ﺗﺒﻌﮭﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ«‪.‬‬

‫س ﻣ ﻨﮭﻢ إن اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‬

‫وﻗﺪ أﺷﻜﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﯾﺬﻛﺮ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻧﺎ ٌ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ اﻟ ﻮارد ﻓ ﻲ اﻟﺘﱠ ﺸﮭﱡﺪ وﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ ﺗ ﺴﻠﯿﻢ اﻟﺘﱠﺤﱡﻠ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ‪ .‬وﻗ ﺎل‬
‫اﻵﺧﺮون ﺑﻞ ھﻮ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ اﻟﺬي ﯾﺘﺤﻠﻞ ﺑﮫ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ .‬وھ ﻮ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ ﻟ ﮫ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ﻣﺜﻨﻰ ﻣﺜﻨﻰ«‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺬي رواه أﺑ ﻮ أﯾ ﻮب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »أرﺑ ٌﻊ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻟ ﯿﺲ‬

‫ن اﻷرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‬ ‫ﻓﯿﮭﻦ ﺗﺴﻠﯿﻢ ﺗُﻔﺘَﺢ ﻟﮭﻦ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ ‪ -‬وھ ﻮ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أ ﱠ‬
‫ﻻ ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻦ ﺗﺴﻠﯿﻢ ‪ -‬ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ ﺳﻨﺪه ﻋﺒﯿﺪة‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ داود )ﻋﺒﯿﺪة ﺿ ﻌﯿﻒ(‪ .‬ﻓﯿ ﺮ ﱡد وﻻ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﻗﺒﻠﯿ ﺔ ﻣﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﺎﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة‪،‬‬
‫ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ وﻗﻠﺖ ﻓﻘﺪ وردت ﻟﻠﻌ ﺼﺮ ُ‬
‫ھﻲ رﻛﻌﺘﺎن أو أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪ ،‬وأﻧﺖ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎر ﺑﯿﻦ اﻻﺛﻨﺘﯿﻦ واﻷرﺑﻊ‪.‬‬

‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫وأﻣﺎ ُ‬
‫س ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺒﺘﺪرون اﻟﺴﻮاري‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﯾﺨﺮج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻤﺆذﱢن إذا أذﱠن ﻗﺎم ﻧﺎ ٌ‬
‫وھ ﻢ ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﱡﻮن اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﺑ ﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣ ﺔ ﺷ ﺊ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻔﻈﮫ »‪ ..‬وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻦ اﻷذان ‪r‬واﻹﻗﺎﻣﺔ إﻻ ﻗﺮﯾﺐ« أي‬ ‫وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫ع ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻛ ﺎن‬‫ﻓﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة‪ .‬وﻋﻦ ﻣﺨﺘﺎر ﺑﻦ ﻓﻠﻔﻞ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺘﻄ ﱡﻮ ِ‬
‫ﻋﻤﺮ ﯾﻀﺮب اﻷﯾﺪي ﻋﻠﻰ ﺻﻼ ٍة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﻛﻨﺎ ﻧ ﺼﻠﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ ﻏ ﺮوب‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ‪ :‬أﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻼھﻤﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻛ ﺎن ﯾﺮاﻧ ﺎ ﻧ ﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﯾﺄﻣﺮﻧﺎ وﻟﻢ ﯾﻨﮭﻨﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺻﻠﻮا ﻗﺒﻞ ﺻ ﻼة‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻟﻤ ﻦ ﺷ ﺎء‪ ،‬ﻛﺮاھﯿ ﺔ أن ﯾﺘﺨ ﺬھﺎ اﻟﻨ ﺎس ُ‬
‫ورواه أﺣﻤﺪ وﻟﻔﻈﮫ »ﺻﻠﻮا ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻐﺮب رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺻﻠﻮا ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻐ ﺮب رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﺪ‬
‫ن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺴﻨﱠﺔ ﻟ ﻢ ﯾُﻌ ﺮف أ ﱠ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ«‪ .‬وھ ﺬه اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‪ :‬ﻟﻤ ﻦ ﺷ ﺎء‪ ،‬ﻛﺮاھﯿ ﺔ أن ﯾﺘﺨ ﺬھﺎ اﻟﻨ ﺎس ُ‬
‫ﺻﻼھﺎ ﯾﻮﻣﺎً‪ ،‬ﻟﺬا ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺼﻨﱠﻒ ﻓﻲ أدﻧﻰ اﻟﺪرﺟﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺮواﺗﺐ اﻟﻤﺆﻛﺪة‪.‬‬

‫‪478‬‬
 ‫ت أرﺑ ٌﻊ ﺗﻀﺎف إﻟ ﻰ رﻛﻌﺘ ﻲ‬ ‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻌﺸﺎء اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺮواﺗﺐ ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪ ،‬أو َرﻛَﻌﺎ ٌ‬ ‫وأﻣﺎ ُ‬
‫اﻟﻌﺸﺎء اﻟﺒﻌﺪﯾﺘﯿﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺘﯿﻦ اﻟﻤُﺆَﻛﱠﺪﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺷُﺮﯾﺢ ﺑﻦ ھﺎﻧﻲ ﻗﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺻﻼ ٌة أﺧﺮى أن ﯾﺆﺧﱢﺮھﺎ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﺪﯾﺚ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة‪ ،‬وﻣ ﺎ‬
‫ﻲ إﻻ ﺻﻠﻰ ﺑﻌﺪھﺎ أرﺑﻌ ًﺎ أو ﺳﺘ ًﺎ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أرﺑﻌﺎً‬ ‫ﺻﻼھﺎ ﻗﻂ ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠ ﱠ‬
‫أو ﺳﺘﺎً‪ :‬أي ﯾﺸﻤﻞ اﻟﺮاﺗﺒﺘﯿﻦ واﻟﺴﱡﻨﺔ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ‪.‬‬

‫ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟ ﺴﱡﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﺎﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة ‪ ،‬أﻋﻼھ ﺎ وأوﻻھ ﺎ ﺑ ﺎﻻﻟﺘﺰام رﻛﻌﺘ ﺎن ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﻗﺒﻠﯿﺔ ﻟﻠﻈﮭﺮ‪ ،‬وأدﻧﺎھﺎ رﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وﻣﺠﻤﻮﻋﮭ ﺎ أرﺑ ﻊ‬
‫ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ‪.‬‬

‫ﻗﻀﺎءُ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ واﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﮭﺎ‬

‫ﯾُﺸﺮع ﻗﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ واﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﮭ ﺎ إن ھ ﻲ ﻓﺎﺗ ﺖ ﺑﻨ ﻮم أو ﻧ ﺴﯿﺎن أو اﻧ ﺸﻐﺎل ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﻞ ﻓﻲ أوﻗﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬وﻗﺪ وردت ﻋﺪة ﻧﺼﻮص ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب‪ ،‬وﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﻧﺠ ﺪ ﺟﻤﻠ ﺔ‬ ‫ﺗُﺼ ﱠ‬
‫ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ وﻗﺎﺋﻊ ﻋ ﺪة ﻣ ﻦ ﻗ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ ھ ﺬه‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻮﻗ ﺎﺋﻊ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻟﻠﺤ ﺼﺮ‬
‫وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﻟﻤﺠﺮد اﻟﺘﻨﺼﯿﺺ ﻋﻠ ﻰ أﻓ ﺮا ٍد ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﯿﻨ ﺴﺤﺐ اﻟﺤﻜ ﻢ اﻟﻤ ﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﯿ ﻊ‬
‫ھﺬه اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬وﻻ ﯾُﻮﻗﻒ اﻟﺤﻜﻢ ھﺬا ﻋﻠﻰ اﻷﻓﺮاد اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬
‫ﺼﻠﱢﮭﻤﺎ ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه‬ ‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻓ ْﻠ ُﯿ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻧﺎم ﻋﻦ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻓ ﺼﻼھﺎ‬ ‫اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻣﺮﯾﻢ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ‬ ‫ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫‪ r‬ﻓﻲ ﺳﻔﺮ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺮﯾﻨﺎ ﻟﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ وﺟ ﮫ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻧ ﺰل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻨ ﺎم وﻧ ﺎم اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﻧﺴﺘﯿﻘﻆ إﻻ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻗﺪ ﻃﻠﻌ ﺖ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻤ ﺆذن ﻓ ﺄذن‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒ ﻞ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أﻣﺮه ﻓﺄﻗﺎم‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻠﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ‬
‫ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ﻓﻀُﺮب ﻋﻠﻰ آذاﻧﮭﻢ ﺣﺘﻰ أﯾﻘﻈﮭ ﻢ ﺣ ﱡﺮ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﻘ ﺎﻣﻮا‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺗﻮﺿ ﺄوا‪ ،‬ﺛ ﻢ أذن‬
‫ﺑﻼل ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺻﻠﻮا رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﺛﻢ ﺻﻠﻮا اﻟﻔﺠﺮ«‪ .‬ﻓﮭﺬه ﻧﺼﻮص ﻓﻲ ﻗﻀﺎء ﺳُـﻨﱠﺔ اﻟﻔﺠ ﺮ‬
‫اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪.‬‬

‫وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﻟﻢ ﯾﺼﻞ أرﺑﻌ ًﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ ﺻﻼھﻦ ﺑﻌ ﺪھﺎ«‬
‫رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻓﺎﺗﺘ ﮫ اﻷرﺑ ﻊ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫ﺻﻼھﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ﻓﮭ ﺬان ﻧ ﺼﱠﺎن ﻓ ﻲ ﻗ ﻀﺎء ﺳ ﻨﺔ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻣﻨﮭﺎ واﻟﻤﻠﺤﻘﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺮاﺗﺒﺔ رﻛﻌﺘﺎن واﻟﻤﻠﺤﻘﺔ رﻛﻌﺘﺎن ‪ ،‬ﻓﮭﻤﺎ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة[ ﻓ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ ُﻛﺮَﯾ ﺐ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫س ﻣﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻘ ﯿﺲ ﻓ ﺸﻐﻠﻮﻧﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬ ‫وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻲ داود وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »وإﻧﮫ أﺗﺎﻧﻲ ﻧﺎ ٌ‬
‫اﻟﻠﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﮭﻤﺎ ھﺎﺗﺎن«‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻧﻔﺴﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻛ ﺎن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﺸُﻐِﻞ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺼﺮ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮغ رﻛﻌﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻲ«‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻣ ﱠﺮٌ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻧﻔﺴﮫ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤ ﺎرث‬
‫ﺑﻦ ھﺸﺎم ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻈﮭ ﺮ وﻗ ﺪ ُأ ِﺗ َ‬
‫ﻲ ﺑﻤ ﺎلٍ‪ ،‬ﻓﻘﻌ ﺪ ﯾﻘ ﺴﻤﮫ ﺣﺘ ﻰ أﺗ ﺎه‬
‫ﻰ وﻛ ﺎن َﯾ ﻮﻣﻲ‪ ،‬ﻓﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﻠﻨ ﺎ‪ :‬ﻣ ﺎ‬ ‫اﻟﻤﺆذن ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ ﺛﻢ اﻧﺼﺮف إﻟ ﱠ‬
‫ﺖ أرﻛﻌﮭﻤ ﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ‪،‬‬‫ھﺎﺗﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬أﻣﺮت ﺑﮭﻤﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻤ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن ﻛﻨ ُ‬
‫ﺴﻢُ ھﺬا اﻟﻤﺎل ﺣﺘﻰ ﺟﺎءﻧﻲ اﻟﻤ ﺆذن ﺑﺎﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻜﺮھ ﺖُ أن أدﻋﮭﻤ ﺎ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﻧ ﺼﻮص ﺛﻼﺛ ﺔ‬ ‫ﻓﺸﻐﻠﻨﻲ َﻗ ْ‬

‫‪479‬‬
 ‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻈﮭﺮ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﺒﻌﺪﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻗﻀﺎء ُ‬

‫وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة[ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ‪ -‬ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‬
‫ﺷ ﻐِﻞ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ أو ﻧ ﺴﯿﮭﻤﺎ‬
‫‪ -‬ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ إﻧ ﮫ ُ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ‪ .‬وﻛﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ وﻗﻠﻨ ﺎ ﻓ ﺈن اﻟﻨ ﺼﻮص‬
‫ﺺ ﻓﻲ ﻗﻀﺎء ُ‬ ‫ﻓﺼﻼھﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ« ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧ ٌ‬
‫ﻗﺪ ذﻛﺮت وﻗﺎﺋﻊ ﻣﻦ ﻗﻀﺎء اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ واﻟﻤﻠﺤﻘﺔ‪ ،‬وھﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻟﻠﺤﺼﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ‬
‫ﻗﻀـﺎء اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬واﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺘﻰ ﺗُﻘﻀﻰ ھﺬه اﻟ ﺴﻨﻦ ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺟﻤﯿ ﻊ اﻷوﻗ ﺎت ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻘ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ أوﻗ ﺎت‬
‫اﻟﻜﺮاھﺔ وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ ُﻛﺮَﯾﺐ‪ ،‬وﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻗ ﯿﺲ‪ ،‬وﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‬
‫ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث ﺑ ﻦ ھ ﺸﺎم‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﺗ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻀﺎء ﺳ ﻨﺔ اﻟﻈﮭ ﺮ اﻟﺒﻌﺪﯾ ﺔ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ﺳ ﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻗ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﺔ ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ‪،‬‬
‫واﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻨﮭﻲﱞ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻟﻸﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ أوردﻧﺎھ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة[ ﻓ ﻲ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ .‬وروى ﻗﯿﺲ ‪ -‬ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ‪ -‬رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ‬ ‫ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ُ‬
‫ﺻﻠﻰ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬ﻣ ﺎ ھﺎﺗ ﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ‬
‫رﺳﻮل اﷲ رﻛﻌﺘ ﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻟ ﻢ أﻛ ﻦ ﺻ ﻠﯿﺘﮭﻤﺎ َﻓﮭُﻤ ﺎ ھﺎﺗ ﺎن‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓ ﺴﻜﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ «r‬رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜ ﺮ ذﻟ ﻚ ﻋﻠﯿ ﮫ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬا‬ ‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻔﺠﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﻜﺮاھﺔ ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﯾﻌﻘﺐ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ﻗﻀﺎء ُ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗﺮﺗﻔ ﻊ‪ .‬ﻓﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗﺮﺗﻔ ﻊ ﻣﻨﮭ ﻲﱞ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻌﺼﺮ‬ ‫ﻟﻸﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة[ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ُ‬
‫اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻜﺮاھﯿﺔ ﻓﻲ أداء اﻟﺼﻼة ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻲ إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ ﺧﺎﺻ ﺔ ﺑ ﺼﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع اﻟﻤﻄﻠﻘ ﺔ‬
‫ﻏﯿ ﺮ اﻟﻤﻘﯿ ﺪة ﺑﻮﻗ ﺖ أو ﺑ ﺴﺒﺐ أو ﺑﻐ ﺮض ﺧ ﺎصﱟ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻗ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ واﻟﻤﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وأداء‬
‫اﻟﺼﻠﻮات ذوات اﻷﺳﺒﺎب واﻷﻏﺮاض اﻟﺨﺎﺻﱠﺔ‪ ،‬ﻛﺘﺤﯿﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف وﺻ ﻼة اﻟﺠﻨ ﺎزة‪،‬‬
‫ﻞ ذﻟﻚ ﺟﺎﺋﺰ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻲ ھﺬه‪.‬‬ ‫وﻛﺼﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة وﺻﻼة اﻟﺤﺎﺟﺔ وﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‪ ،‬ﻓﻜ ﱡ‬

‫أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣَﻦ ﻧﺴﻲ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ َﻓ ْﻠ ُﯿ ﺼﻠﱢﮭﻤﺎ إذا‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣَ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾُ ﺼَ ﱢﻞ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‬‫ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ اﻟﻤ ﺎرﱢ آﻧﻔ ﺎً‪،‬‬‫ﻓ ْﻠﯿُﺼﻠﱢﮭﻤﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ«‪ .‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻗ ﯿﺲ ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻓﻘﻮﻟﮫ ﻟﯿﺼﻠﮭﻤﺎ إذا ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ﻋﺪم ﺟﻮاز ﺻﻼﺗﮭﻤﺎ ﻗﺒ ﻞ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟ ﺸﺊ‬
‫ﻻ‪.‬‬‫ﻟﯿﺲ ﻧﮭﯿًﺎ ﻋﻦ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ھﺬا أو ً‬

‫ﺳ ﻨﱠﺔ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺑﻌ ﺪ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬‫وﺛﺎﻧﯿ ﺎً إن أﻣ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻘ ﻀﺎء ﺻ ﻼة ُ‬

‫ﺳ ﻨﱠﺔ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬وأﻣﺎ ﺳﻜﻮﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻗ ﻀﺎء ﺻ ﻼة ُ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ اﻟﻔﺠﺮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﯾﻌﻘﺐ ﻃﻠﻮع‬ ‫ﻓﯿﺪل ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺎﺣﺔ واﻟﺠﻮاز‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻨﺪب ﻟﮫ أن ﯾﺨﺘﺎر ﻟﻘﻀﺎء ُ‬
‫ن ھ ﻮ ﺗﻌﺠﱠ ﻞ ﻓﻠ ﻢ ﯾﻨﺘﻈ ﺮ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ وارﺗﻔﺎﻋﮭ ﺎ‪ ،‬وﺻ ﻼھﺎ ﻗﺒ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫اﻟ ﺸﻤﺲ ﺑ ﻞ وارﺗﻔﺎﻋﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈ ْ‬
‫أﺟﺰأت ﻋﻨﮫ وﺟﺎزت ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻌﺎرض ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ‪.‬‬

‫ﺣﱠﺒ ﺎن اﻟ ﺬي‬
‫وأﻣ ﺎ اﻟ ﺸﺒﮭﺔ اﻟﺘ ﻲ أﺛﺎرھ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻄﺤ ﺎوي وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺳﻨﻮرده اﻵن‪ ،‬وھﻲ ﻋﺪم ﻣﺸﺮوﻋﺔ ﻗﻀﺎء اﻟﺴﻨﻦ واﻟﻨﻮاﻓﻞ ﻓﻲ أوﻗ ﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﺷ ﺒﮭﺔ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟﻘﺎﺿ ﯿﺔ ﺑﺠ ﻮاز ﻗ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ واﻟﻨﻮاﻓ ﻞ ﻓ ﻲ أوﻗ ﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﯾﻘﻮل‪ :‬ﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌﺼﺮ ﺛﻢ دﺧﻞ ﺑﯿﺘﻲ ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫ﻲ ﻣﺎل ﻓﺸﻐﻠﻨﻲ ﻋﻦ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻛﻨ ﺖ‬ ‫‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﯿﺖَ ﺻﻼة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺼﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪم ﻋﻠ ﱠ‬
‫أُﺻ ﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﺼﻠﯿﺘﮭﻤﺎ اﻵن ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أﻓﻨﻘ ﻀﯿﮭﻤﺎ إذا ﻓﺎﺗﺘ ﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ« رواه‬

‫‪480‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻟﻔﻈـ ـﮫ »‪...‬ﺷﻐﻠﻨـ ـﻲ ﻋ ـﻦ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻛﻨـ ـﺖ أرﻛﻌﮭﻤــ ـﺎ‬‫اﻟﻄﺤﺎوي وأﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻗﺒ ﻞ اﻟﻌ ﺼﺮ ‪ .«...‬ﻓ ﺄوﻻً ‪ :‬ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ ﺿ ﻌﱠﻔﮭﺎ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ﻓ ﻼ ﺗ ﺼﻤﺪ أﻣ ﺎم اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‬
‫واﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﻤﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻗﻀﺎء اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرﺿﺘﮭﺎ‪ .‬وﺛﺎﻧﯿﺎً‪ :‬ﻋﻠﻰ ﻓﺮض ﻗﺒﻮل ھ ﺬه‬
‫اﻟﺮواﯾـﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟ ﺴﻨﺪ ﻓ ﺈن ﻗﻮﻟ ﮫ »أﻓﻨﻘ ﻀﯿﮭﻤﺎ إذا ﻓﺎﺗﺘ ﺎ ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ« ﯾُﻔ ﺴﱠﺮ ﺑﻨﻔ ﻲ اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻘ ﻀﺎء‪،‬‬
‫ﻓﻜ ﺄن أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﺳ ﺄﻟﺖ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ :r‬ھ ﻞ ﺗﺄﻣﺮﻧ ﺎ ﺑﺎﻟﻘ ﻀﺎء ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ .‬وﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻨﺺ ﻧﻔﻲ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﻘﻀﺎء‪ .‬ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎ أﺧﺮﺟ ﮫ اﻟﻄﺤ ﺎوي ﻧﻔ ﺴﮫ »أن ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ أرﺳ ﻞ إﻟ ﻰ‬
‫أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﯾ ﺴﺄﻟﮭﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ رﻛﻌﮭﻤ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ‪ ،‬ﺻ ﻠﻰ‬
‫ت ﺑﮭﻤﺎ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﻲ ﻛﻨ ﺖ أُﺻ ﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻌ ﺪ‬ ‫ﺖ‪ :‬أﻣﺮ َ‬‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨﺪي رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ُ‬
‫اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﺸُﻐﻠﺖُ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ ﻓ ﺼﻠﯿﺘﮭﻤﺎ اﻵن«‪ .‬واﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﯾﻔ ﺴﺮ ﺑﻌ ﻀﮭﺎ ﺑﻌ ﻀﺎً‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻔ ﺴﺮ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻗﺒﻠﮫ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع واﺣﺪ وﻣ ﻦ ِﻗ َﺒ ﻞِ راو واﺣ ﺪٍ ھ ﻮ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ‪،‬‬
‫واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء وﺑﯿﻦ اﻟ ﺴﻜﻮت ﻋ ﻦ اﻟﻘ ﻀﺎء أن اﻷﻣ ﺮ ﺑﺎﻟﻘ ﻀﺎء ﯾﺠﻌﻠ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﯾﺠﻌﻠﮫ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻟﺘﺨﯿﯿﺮ‪ .‬وھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﯾﺘﻀﻤﻨﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟ ُﻤﺰَﻧﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »ﺻ ﻠﻮا ﻗﺒ ﻞ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻤﻐﺮب ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪ :‬ﻟﻤ ﻦ ﺷ ﺎء‪ ،‬ﻛﺮاھﯿ ﺔ أن ﯾﺘﺨ ﺬھﺎ اﻟﻨ ﺎس ﺳُ ﻨﱠﺔ«‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﺴﻨﻦ‬
‫اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة[ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ‪ .‬ﻓﻠﻮ ﺑﻘ ﻲ أﻣ ﺮه ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﺻ ﻠﻮا ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب« دون ﻗﻮﻟﮫ »ﻟﻤﻦ ﺷﺎء« ﻻﻋﺘُﺒﺮت اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬وﻟﺜ ﺎﺑﺮ‬
‫ﺴﱢﻨﱠﯿ ُﺔ ودﺧﻠﺘﺎ ﻓ ﻲ داﺋ ﺮة اﻟﺘﺨﯿﯿ ﺮ‪،‬‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎل »ﻟﻤﻦ ﺷﺎء« ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻗﻀﺎء ھﺎﺗﯿـﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻓ ﻲ داﺋ ﺮة اﻟﺘﺨﯿﯿ ﺮ وﻟ ﯿﺲ ﻓ ﻲ داﺋ ﺮة اﻟ ﺴﱡﻨﺔ‪،‬‬
‫ﺳ ﱠﻨ ُﺔ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ داﺧﻠ ﺔ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﺷﺎء ﺻﻼھﻤﺎ وﻣﻦ ﺷﺎء ﺗﺮﻛﮭﻤﺎ‪ ،‬وﯾُﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﻗ ﻀﺎء اﻟ ﺴﻨﻦ ُ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ ﻗ ﻀﺎؤھﻤﺎ‪ ،‬ﻷن أﻣ ﺮه ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﺴﱢﻨﯿﱠﺔ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻟﺘﺨﯿﯿﺮ‪ .‬ﻓﺮﻛﻌﺘ ﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫داﺋﺮة اﻟ ﱡ‬
‫واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ »ﻣﻦ ﻧﺴﻲ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻓَ ْﻠ ُﯿ ﺼﻠﱢﮭﻤﺎ إذا ﻃﻠﻌ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ«‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﺻ ﺪر ﻓ ﻲ‬
‫ﺳ ﻨﺔ أﺧ ﺮى ﻣ ﻦ‬ ‫ﺴﻨﱠﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺼﻞ ﻓ ﻲ ﻗ ﻀﺎء أﯾ ﺔ ُ‬ ‫ﻗﻀﺎء رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠﺮ أﻣ ٌﺮ ﻧﺒﻮي ﻓﺼﺎر ﻣ ﻦ اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ واﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺤﺮص اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬وﻟْﯿ ﺼﻠﻮھﻤﺎ ﻓ ﻲ وﻗﺘﮭﻤ ﺎ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬أو ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ إن ھﻤﺎ ﻓﺎﺗﺘﺎ‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﺮواﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‬

‫إن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻨﺎھﺎ ﻟﻠﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ واﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﮭﺎ ھﻲ أن اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‬
‫ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻗ ﻞ ﻣﻨﮭ ﺎ وﻟ ﻢ ﯾﺘﺮﻛﮭ ﺎ ﺑﺤ ﺎل ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬ﻓﮭ ﺬان ﺷ ﺮﻃﺎن ﯾﺘﻮﺟ ﺐ‬ ‫ھﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘ ﻲ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺼ ﱢ‬
‫ﺳ ﻨﻨًﺎ راﺗﺒ ﺔ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪھﺎ ﯾﻤﻜ ﻦ‬
‫وﺟﻮدھﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻧﻘ ﺺ أﺣ ﺪھﻤﺎ أو زاﻻ ﻣﻌ ًﺎ ﻟ ﻢ ﺗ ُﻌ ﺪ ُ‬
‫اﻋﺘﺒﺎرھ ﺎ ﺳ ﻨﻨﺎً ﻣﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﺎﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬه اﻟﻘﺎﻋ ﺪة ﺗ ﺼﻠﺢ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ ﻛﻤ ﺎ ﺗ ﺼﻠﺢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‪.‬‬
‫وﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺼﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﻓﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﻧﺠ ﺪ أن ھ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺸﺮﻃﯿﻦ ﻟ ﻢ ﯾﺘ ﻮﻓﺮا ﻣﻌ ًﺎ‬
‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺎت‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎءت اﻟﻨ ﺼﻮص ﺑﺘ ﺮك ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻓﻲ أﯾﺔ ُ‬
‫اﻟﺴﻔﺮ أﺣﯿﺎﻧًﺎ إن ﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﻏﺎﻟﺒ ﺎً‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺘ ﺮك ﻟﻠ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ وﻟ ﻮ ﻣ ﺮة واﺣ ﺪة ﯾﺨﺮﺟﮭ ﺎ ﻋ ﻦ‬
‫ﻛﻮﻧﮭﺎ ﺳُﻨﻨًﺎ راﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺳُﻨَﻨﺎً راﺗﺒﺔ ﻓﯿ ﮫ ﻷُﺗ ﻲَ ﺑﮭ ﺎ ﻓﯿ ﮫ ﺑ ﺸﻜﻞ داﺋ ﻢ‪ .‬وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓﺈﻧ ﺎ‬
‫ﻦ أﯾﺔ ﺳُﻨﺔ راﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺷ ﺮع ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾ ﺼﻠﻮا‬ ‫ﻧﻘﻮل إن اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ ﻟﻢ ﯾﺴ ﱠ‬
‫ع ﻣﻄﻠﻖ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﯿﺪ‪ ،‬ﻻ ﯾﺼﺢ أن ﯾﻘﺎل ﻋﻨﮭﺎ إﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﺣﻔﺺ‬ ‫ﺻﻼة ﺗﻄ ﱡﻮ ٍ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻊ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‪ ،‬ﻓ ﺮأى ﺑﻌ ﺾ وﻟ ﺪه ﯾﺘﻄ ﻮع ﻓﻘ ﺎل‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ‪ :‬ﺻﻠﯿﺖُ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮا ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ ‪،‬‬
‫ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ :‬وﻟ ﻮ ﺗﻄﻮﱠﻋ ﺖُ ﻷﺗﻤﻤ ﺖ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠـﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓ ﻲ‬

‫‪481‬‬
‫ﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺣﺘﻰ ﻗﺒﺾ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻻ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠ ﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وأﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ رﺿ ﻲ‬ ‫رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﺤﺒ ُ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﺾ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻻ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ«‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧﺺ ﻗﻄﻌﻲ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬وأﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ‬
‫وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن ﻟﻢ ﯾﺼﻠﻮا ﻓﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ وﻻ اﻟﻤﻠﺤﻘ ﺔ ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ ﺳ ﻨﻦ‬
‫راﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻛﻤـﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻻ ﺗُﺘﺮك اﻟﺴﱡﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻷن ﺷﺮﻃﮭﺎ اﻟﺪوام‪.‬‬

‫ﻻ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺖ ﻣﻤﻦ ﯾﻘﻮل ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ اﺳﺘﺪﻻ ً‬
‫وﻟﻘﺪ ﻋﺠﺒ ُ‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ واﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ‬
‫اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ أرﺑﻌﺎً وﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺻﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ أرﺑﻌ ًﺎ وﻟﯿﺲ ﺑﻌﺪھﺎ ﺷﺊ‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫ﺛﻼﺛ ًﺎ وﺑﻌﺪھﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﺻﻠﻰ اﻟﻌ ﺸﺎء أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ اﻟﻈﮭ ﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﺑﻌ ﺪھﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪،‬‬
‫واﻟﻌﺼﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﻟ ﯿﺲ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﺷ ﺊ‪ ،‬واﻟﻤﻐ ﺮب ﺛﻼﺛ ـًﺎ وﺑﻌ ﺪھﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬واﻟﻌ ﺸﺎء رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﺑﻌ ﺪھﺎ‬
‫رﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻓ ﺮض رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟﺤ ﻀﺮ واﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻜﻤ ﺎ‬
‫ﺗﺼﻠﱢﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ ﻗﺒﻠﮭﺎ وﺑﻌﺪھﺎ ﻓﺼ ﱢﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻗﺒﻠﮭﺎ وﺑﻌﺪھﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳﺎﻓﺮت ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻔﺮاً‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ‬
‫أره ﺗﺮك اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭﺮ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ ،‬وﻟﻘ ﺪ روى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫ﻓ ﺄﻗﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء‪ :‬أﻣﱠ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﮭ ﻮ ﻣ ﺮو ﱞ‬
‫اﻟ ﺴﺎﺑﻖ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ اﻟ ﺬي ﯾﻘ ﻮل ﻓﯿ ﮫ »‪ ..‬ﻓﻠ ﻢ ُﯾ ﺼﻠﱡﻮا ﻗﺒﻠﮭ ﺎ وﻻ ﺑﻌ ﺪھﺎ ‪ «..‬ﻓﮭﻤ ﺎ ﻣﺘﻌﺎرﺿ ﺎن‪ ،‬وﻣ ﻊ‬
‫اﻟﺘﻌﺎرض ﻓﺈن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺴﺎﺑﻖ ُﯾﺮَﺟﱠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﺬا‪ ،‬ﻓﯿُﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷول وﯾُﺘﺮك اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ .‬ھ ﺬا‬
‫أوﻻً ‪ .‬وﺛﺎﻧﯿﺎً ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﺤﻀﺮ وأﺗ ﻰ ﻋﻠ ﻰ ذﻛ ﺮ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ذﻛ ﺮ‬
‫ﻟﻠﻈﮭﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪﯾﺘﯿﻦ ﻓﻘﻂ وﻟ ﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ﻟ ﻠﻈﮭ ﺮ ﺳُ ﻨﱠﺔ ﻗﺒﻠﯿ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣﺨ ﺎﻟﻒ ﻟﺠﻤﯿ ﻊ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻓ ﻲ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻮع‪ ،‬ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺘﻨًﺎ وﺷﺬوذه‪ ،‬ﻓﯿﻄﺮح وﯾﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫ب ﻗﺎﺋ ٍﻞ ﯾﻘ ﻮل إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺘﻌ ﺎرض ﻣ ﻊ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ وإن اﻟﺠﻤ ﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﻣﻤﻜ ﻦ‪،‬‬ ‫وﺛﺎﻟﺜ ًﺎ ُر ﱠ‬
‫وذﻟﻚ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﯾﻔﯿﺪ ﻏﺎﻟﺐ اﻷﺣﻮال‪ ،‬وأن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻔﯿ ﺪ أﺣ ﻮاﻻً أﺧ ﺮى ﻟﺒﯿ ﺎن اﻟﺠ ﻮاز‬
‫ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻏﺎﻟﺐ أﺣﻮاﻟﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻋ ﺪم ﺻ ﻼة ھ ﺬه اﻟﺮﻛﻌ ﺎت ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ‪،‬‬
‫وأﻧ ﮫ ﻓﻌﻠﮭ ﺎ أﺣﯿﺎﻧ ًﺎ ﻟﺒﯿ ﺎن اﻟﺠ ﻮاز‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﻮل إن ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻻ ﯾ ﺼﺢﱡ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾ ﺼﺢ أن ﺗﻮﺻ ﻒ ھ ﺬه‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺎت ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺳﻨﻦ راﺗﺒﺔ ﻣﻊ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄﻧﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺪ ﻓﻌﻠﮭ ﺎ أﺣﯿﺎﻧ ﺎً وﺗﺮﻛﮭ ﺎ أﺣﯿﺎﻧ ﺎً‬
‫أُﺧﺮى‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ ﺗﺒﻘﻰ ﺳﻨﻨﺎً راﺗﺒﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬ؟ أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﮭﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳ ﺘﺪﻻل‪،‬‬
‫ﻄ ﺎن‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ أﺣﻤ ﺪ راوي ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓﮭ ﻮ إذن ﻻ ﯾ ﺴﻌﻔﮭﻢ‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫ﻓﻘﺪ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ اﺑ ﻦ اﻟﻘ ﱠ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺳﻨﺔ راﺗﺒﺔ ﻣﺆﻛﺪة ﻗﺒﻠﯿﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫وأﺑﻮ داود ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﺤﺒﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻔﺮاً‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ رأﯾﺘ ﮫ ﺗ ﺮك اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫إذا زاﻏﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﮭ ﺮ«‪ .‬ﻓﮭﺎﺗ ﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن ﻟﯿ ﺴﺘﺎ ھﻤ ﺎ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ﻟﻠﻈﮭ ﺮ ﻛﻤ ﺎ ﯾﺘﻮھﻤ ﻮن‪،‬‬
‫وإﻧﻤﺎ ھﻤﺎ رﻛﻌﺘﺎن ﺗُﺼﻠﯿﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰﯾﻎ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ‪ ،‬ﻓﮭﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﻓﻞ‪.‬‬

‫وھﻜﺬا ﯾﻈﮭﺮ أن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ﻻ ُﯾ ﺴﺘﺪلﱡ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮد اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ اﻟﻤﺆﻛﱠ ﺪة ﻓ ﻲ‬

‫اﻟﺴﻔﺮ‪ .‬وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻓﺈﻧ ﺎ ﻧﻘ ﻮل إﻧ ﮫ ﻻ ﺳ ﻨﻦ راﺗﺒ ﺔ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺴﻔﺮ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻧﻮاﻓ ﻞ وﺳ ﻨﻦ ﻏﯿ ﺮ‬
‫راﺗﺒﺔ‪ ،‬أﻇﮭﺮھﺎ رﻛﻌﺘﺎن ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻛﺜ ﺮت اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺬﻛﺮ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺼﻠﯿﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬وﻟﻮﻻ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ روي ﻋﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ أﻧ ﮫ‬
‫ﻦ‬
‫ﺗﺮك اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻨﮭﺎ ھﺎﺗﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن‪ ،‬ﻷﺛﺒﺘﻨﺎھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﻛﻤ ﺎ ھﻤ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﻀﺮ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﺗﺮﻛَﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻠﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻛﻠﮭ ﺎ وﻣﻨﮭ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ ﯾﺤ ﻮل دون اﻋﺘﺒ ﺎر‬

‫‪482‬‬
‫ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺳﻨﺔ راﺗﺒﺔ ﻣﺆﻛﺪة‪ ،‬ﻓﻼ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ ﺗﻌﻤﯿﻢ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻨﻔﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪،‬‬
‫واﻋﺘﺒﺎر أن ﻛﻞ ﻣﺎ روي ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ﻧﻮاﻓﻞ أداھﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺣﻠﺔ أو ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‬
‫ع ﻏﯿﺮ ﻣﻘﯿﺪ‪.‬‬
‫إﻧﻤﺎ ھﻲ ﻧﻮاﻓﻞ ﻣﻄﻠﻘﺔ وﺗﻄ ﱡﻮ ٌ‬

‫ج‪ .‬ﺗﺤﯿﱠﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‬

‫ﯾُﻨﺪب ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ إذا ذھﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻋﻨ ﺪ دﺧ ﻮل اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﻗﺒ ﻞ أن‬
‫ﯾﺠﻠﺲ‪ ،‬وﻻ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ ذﻟﻚ إﻻ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻏﯿﺮ ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺘﺤﯿﱠﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ رﻛﻌﺘ ﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ﻗﺘﺎدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا دﺧ ﻞ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫ﻗﺒﻞ أن ﯾﺠﻠﺲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﻗﺘ ﺎدة أﯾ ﻀ ًﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﻠﻔ ـﻆ »إذا دﺧ ـﻞ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »إذا دﺧﻞ أﺣﺪُﻛﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﯾﺠﻠﺲ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ«‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫أﺣﺪُﻛﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﯿﮫ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻛﺎن ﻟ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪َ r‬د ْﯾ ﻦ ﻓﻘ ﻀﺎﻧﻲ وزادﻧ ﻲ‪ ،‬ودﺧﻠ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬ﺻ ﻞﱢ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري ﺑﺘﻘﺪﯾ ٍﻢ وﺗﺄﺧﯿﺮ‪.‬‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬

‫ﻦ ﺗﺤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ وﻗ ﺖ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓﯿ ﮫ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق ﺑ ﯿﻦ أوﻗ ﺎت اﻟﻜﺮاھ ﺔ‬
‫و ُﺗ ﺴ ﱡ‬
‫وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﮭﺎر واﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻤﺘﻰ دﺧ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﺣﺘ ﻰ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻓ ﻲ‬
‫أﺛﻨﺎء ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺈن ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺪب ﺑﺎق وﻣﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﺟﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺧﻄﺐ ﻓﻘﺎل‪ :‬إذا ﺟﺎء أﺣﺪﻛﻢ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ وﻗ ﺪ ﺧ ﺮج اﻹﻣ ﺎم ﻓﻠْﯿ ﺼﻞﱢ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ »إذا ﺟ ﺎء أﺣ ﺪﻛﻢ واﻹﻣ ﺎم ﯾﺨﻄ ﺐ أو ﻗ ﺪ ﺧ ﺮج ﻓﻠْﯿ ﺼ ﱢﻞ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ .‬وﻓ ﻲ ھ ﺬه‬
‫اﻟﺤﺎﻟﺔ ‪ -‬أﻋﻨﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪ -‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺸﺮع ﺗﺨﻔﯿ ﻒ ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ واﻟﺘﺠ ﻮﱡز ﻓﯿﮭﻤ ﺎ وﻋ ﺪم‬
‫ﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ ﯾ ﻮم‬ ‫إﻃﺎﻟﺘﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »دﺧ ﻞ رﺟ ﻞٌ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ واﻟﻨﺒ ﱡ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ‪ :‬ﺻ ﱢﻞ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺠﻠﺲ« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻧﻌ ﻢ إن اﻷﺻ ﻞ ھ ﻮ أن ُﺗ ﺼﻠﱠﻰ اﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن ﻗﺒ ﻞ اﻟﺠﻠ ﻮس‪ ،‬وھ ﺬا ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أن َﻣ ﻦ دﺧ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫ع ﻟ ﮫ أداء ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن ھﺎﺗ ﺎن اﻷﺻ ُﻞ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻓﺠﻠ ﺲ ﻟ ﺴﺒﺐ أو ﻵﺧ ﺮ ﻻ ُﯾ ﺸﺮ ُ‬
‫ﻋ ِﻘ ﺐَ اﻟﺠﻠ ﻮس‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﻦ أداءَھﻤﺎ ﯾﻈﻞﱡ ﻣ ﺸﺮوﻋًﺎ أﯾ ﻀًﺎ َ‬ ‫أداﺋﮭﻤﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻠﻮس‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻄﻔَﺎﻧﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ورﺳﻮ ُل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﻋﺪٌ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪،‬‬ ‫ﻚ اﻟ َﻐ َ‬
‫ﺳ َﻠ ْﯿ ٌ‬
‫ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺟﺎء ُ‬
‫ﻓﻘﻌﺪ ﺳُﻠﯿﻚ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬أرﻛﻌ ﺖَ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻗ ﻢ ﻓﺎرﻛﻌﮭﻤ ﺎ« رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻄﺤﺎوي‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻲ داود ﺑﻠﻔﻆ »ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺟ ﺎء ﺳُ ﻠَﯿﻚ‬
‫اﻟﻐﻄَﻔﺎﻧﻲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ورﺳﻮلُ اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ‪ ،‬ﻓﺠﻠﺲ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ‪ :‬ﯾﺎ ﺳُﻠﯿﻚ ﻗﻢ ﻓ ﺎرﻛﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﺗﺠ ﻮﱠز‬
‫ﻓﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬إذا ﺟﺎء أﺣﺪﻛﻢ ﯾﻮمَ اﻟﺠﻤﻌﺔ واﻹﻣﺎمُ ﯾﺨﻄﺐ ﻓﻠﯿﺮﻛﻊ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﻟْﯿﺘﺠﻮﱠز ﻓﯿﮭﻤﺎ«‪ .‬وﻋﻨﮫ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »دﺧﻞ رﺟﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﺻ ﻠﯿﺖ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻻ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻢ ﻓﺼﻞﱢ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻗﻢ ﻓﺼﻞﱢ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن‬
‫اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺟﻠﺲ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺆدي ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮه رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾ ﺼﻠﯿﮭﻤﺎ‪ ،‬أي ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﻗﺪ ﺟﻠﺲ‪.‬‬

‫ﻗﻠﻨ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ إن ﺗﺤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﺳُ ﻨﱠﺔ ﻣﻨﺪوﺑ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ ﻓﺮﺿ ًﺎ ﺧﻼﻓ ًﺎ ﻟﻤ ﺎ ﺗﻮھﻤ ﮫ ﺑﻌ ﻀُﮭﻢ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺚ ﻛﺜﯿﺮاً وﺗﺸﺪد ﻋﻠﻰ أداﺋﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻄﺤ ﺎوي وأﺑ ﻮ داود ﻗ ﺪ أﺧﺮﺟ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺜﺎً ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺑُﺴﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺟﺎء رﺟﻞ ﯾﺘﺨﻄﻰ رﻗﺎب اﻟﻨﺎس ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟ ﮫ رﺳ ﻮل‬
‫ﺖ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ آﻧﯿ ﺖَ‪ :‬أي ﺗ ﺄﺧﺮتَ ﻓ ﻲ اﻟﻤﺠ ﺊ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻗﯿ ﺪ أﺑ ﻮ داود ﻗ ﺪوم‬ ‫اﷲ ‪ :r‬اﺟﻠ ﺲ ﻓﻘ ﺪ آذﯾ ـ َ‬
‫ﺖ وآﻧﯿ َ‬
‫اﻟﺮﺟ ﻞ ﺑﺄﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء ﺧﻄﺒ ﺔ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﻘﻮﻟ ﮫ »ﻓﺠ ﺎء رﺟ ﻞ ﯾﺘﺨﻄ ﻰ رﻗ ﺎب اﻟﻨ ﺎس ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ‬

‫‪483‬‬
‫واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄ ﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬اﺟﻠ ﺲ ﻓﻘ ﺪ آذﯾ ﺖ«‪ .‬ﺑ ﺪون ﻗﻮﻟ ﮫ )آﻧﯿ ﺖ(‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺗﺤﯿ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ واﺟﺒﺔ ﻷﻣﺮه رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺄداﺋﮭﺎ وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮه ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس‪.‬‬

‫ﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ أوﻗﺎت‬ ‫وﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إن ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ُﺗﺴَ ﱡ‬
‫اﻟﻜﺮاھﺔ وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وﻻ ﺑﯿﻦ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬وﻧﻘﻮل ھﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺣﺎﻟﺔ ﺟ ﺎءت ﺑﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺼﻮص ھ ﻲ ﺣﺎﻟ ُﺔ‬
‫ﻣﺎ إذا دﺧﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ﺪھﺎ ﻻ ﺗُ ﺸﺮع ﺗﺤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﯾ ﺪﺧﻞ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻓ ﻮراً‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ‪،‬‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻼ ﺻ ﻼ َة إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ورواه أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻨﻦ‪.‬‬

‫ﺻﻠﱢﯿﺖ‬
‫أﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪ ،‬وﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﱠﻨﻔﱡﻞ ﻗﺒﻠﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺧﺎص ﺑﻤﺎ إذا ُ‬
‫ﺼﻠﱠﻰ ﻟﯿﺲ ﻣﺴﺠﺪاً‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺤﯿ َﺔ ﻟﮫ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﺻﻼ ُة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﻰ‪ ،‬أي ﺧﺎرج اﻟﺒﯿﻮت واﻟﻤﺪن‪ ،‬ﻷن اﻟ ُﻤ َ‬
‫ﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻷن ﺣﻜﻤﮭﺎ ﻋﺎم ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‬ ‫ﺻﻠﱢﯿﺖ ﺻﻼ ُة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻠْﯿﺼ ﱢ‬
‫إن ُ‬
‫وﻏﯿﺮھﻤﺎ‪.‬‬

‫د‪ .‬اﻟــﻮﺗــــــﺮ‬
‫اﻟ ﻮﺗﺮ ھ ﻮ اﻟ ﺼﻨﻒ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻣ ﻦ أﺻ ﻨﺎف ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أن اﻟ ﻮﺗﺮ ﻣﻨ ﺪوب ﻣ ﺴﺘﺤﺐ‬
‫ﻼ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻛِﻨﺎﻧ ﺔ ﯾ ﺪﻋﻰ اﻟ ُﻤﺨْ ِﺪﺟِﻲﱠ‬ ‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﺮﺿًﺎ وﻻ واﺟﺒﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ ﻣﺤﯿﺮﯾﺰ »أن رﺟ ً‬
‫ﻲ‪َ :‬ﻓﺮُﺣﺖ إﻟ ﻰ ﻋُﺒ ﺎدة ﺑ ﻦ‬ ‫ﺟﱡ‬‫ﺨ ِﺪ ِ‬
‫ﺳﻤﻊ رﺟﻼً ﺑﺎﻟﺸﺎم ﯾُﺪﻋﻰ أﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﯾﻘﻮل إن اﻟﻮﺗـﺮ واﺟﺐ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟ ُﻤ ْ‬
‫ﺲ ﺻ ﻠﻮات‬ ‫اﻟ ﺼﺎﻣﺖ ﻓﺄﺧﺒﺮ ُﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻋُﺒ ﺎدة‪ :‬ﻛ ﺬب أﺑ ﻮ ﻣﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﺧﻤ ُ‬
‫ﻛﺘﺒﮭﻦ اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺟﺎء ﺑﮭﻦ ﻟﻢ ﯾﻀﯿﱢﻊ ﻣﻨﮭﻦ ﺷﯿﺌﺎً اﺳﺘﺨﻔﺎﻓﺎً ﺑﺤﻘﮭﻦ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪ‬
‫أن ﯾﺪﺧﻠﮫ اﻟﺠﻨﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﮭﻦ ﻓﻠﯿﺲ ﻟﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻋﮭﺪ‪ ،‬إن ﺷﺎء ﻋﺬﺑﮫ وإن ﺷﺎء أدﺧﻠﮫ اﻟﺠﻨﺔ«‬
‫رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻃ ﺮف ﻣﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺤ ْﺘ ٍﻢ‬
‫ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »اﻟ ﻮﺗﺮ ﻟ ﯿﺲ ﺑ َ‬ ‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﺼﻼة‪ :‬ﺣﻜﻤﮭ ﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭ ﺎ[‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﻦ ﺳُﻨﺔ ﺳﻨﱠﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ «r‬رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪.‬‬ ‫ﻛﮭﯿﺌﺔ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫ﻦ ﻋﻤ ﻞ ﺑ ﮫ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬واﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن ﻣ ﻦ‬ ‫وﻋﻦ ﻋُﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﻟﻮﺗﺮ أﻣ ٌﺮ ﺣ ﺴ ٌ‬
‫ﺑﻌﺪه وﻟﯿﺲ ﺑﻮاﺟﺐ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ودﻻﻟﺔ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ واﺿﺤﺔ‪ ،‬وأﯾ ﻀًﺎ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ ﺣﯿ ﺚ ﺗﻮﺟﮭ ﺖ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﯾ ﻮﻣﺊ إﯾﻤ ﺎء‬
‫ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ إﻻ اﻟﻔﺮاﺋﺾ‪ ،‬وﯾﻮﺗﺮ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺴﺒﱢﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺣﻠﺔ ِﻗﺒَﻞ أي وﺟﮫ ﺗﻮﺟﱠﮫ‪ ،‬وﯾﻮﺗِﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻏﯿ ﺮ‬
‫أﻧﮫ ﻻ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ«‪ .‬ﻓﻠﻮﻻ أن اﻟﻮﺗﺮ ﻣﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ﻓﺮﺿًﺎ ﻟﻤﺎ أوﺗﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‬
‫ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ‪ ،‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻤ ﺎ ﺑﻌ ﺚ ﻣﻌ ﺎذًا رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫إﻟﻰ اﻟﯿﻤﻦ ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻚ ﺗ ْﻘﺪَم ﻋﻠﻰ ﻗﻮ ٍم أھﻞِ ﻛﺘﺎب‪ ،‬ﻓﻠﯿﻜﻦ أولَ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮھﻢ إﻟﯿﮫ ﻋﺒ ﺎدة اﷲ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻋﺮﻓ ﻮا‬
‫اﷲ ﻓ ﺄﺧﺒﺮھﻢ أن اﷲ ﻗ ﺪ ﻓ ﺮض ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺧﻤ ﺲ ﺻ ﻠﻮات ﻓ ﻲ ﯾ ﻮﻣﮭﻢ وﻟﯿﻠ ﺘﮭﻢ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻗﺎل ﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ) ‪ ..‬ﻛﺎن ﺑﻌﺚ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ‪ r‬ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ إﻟﻰ اﻟ ﯿﻤﻦ ﻗﺒ ﻞ‬ ‫وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺧﺮوﺟﮫ ﻣﻦ اﻟ ﺪﻧﯿﺎ ﺑﺄﯾ ﺎم ﯾ ﺴﯿﺮة‪ ،‬وأﻣ ﺮه ‪ r‬أن ﯾﺨﺒ ﺮھﻢ أن اﷲ ﻗ ﺪ ﻓ ﺮض ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺧﻤ ﺲ ﺻ ﻠﻮات ﻓ ﻲ‬
‫ﻞ وﻋ ﻼ ﻟﻠﻨ ﺎس ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻠﻮاﺗﮭﻢ ﻛﻤ ﺎ زﻋ ﻢ‬ ‫ﯾﻮﻣﮭﻢ وﻟﯿﻠﺘﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻮﺗﺮ ﻓﺮﺿ ﺎً أو ﺷ ﯿﺌﺎً زاده اﷲ ﺟ ﱠ‬
‫ﻣﻦ ﺟﮭﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻟﻢ ﯾﻤﯿﱢﺰ ﺑﯿﻦ ﺻﺤﯿﺤﮭﺎ وﺳﻘﯿﻤﮭﺎ‪ ،‬ﻷﻣ ﺮ اﻟﻤ ﺼﻄﻔﻰ ‪ r‬ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ أن‬
‫ﯾﺨﺒﺮھﻢ أن اﷲ ﺟﻞﱠ وﻋﻼ ﻓﺮض ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺳﺖَ ﺻﻠﻮات ﻻ ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ﻓﻔﯿﻤﺎ وﺻﻔﻨﺎ أﺑ ﯿﻦ اﻟﺒﯿ ﺎن ﺑ ﺄن اﻟ ﻮﺗﺮ‬
‫ﻟﯿﺲ ﺑﻔﺮض‪ ،‬وﺑﺎﷲ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ(‪.‬‬

‫ﻻ ﺛﻢ ﻧﻨﺎﻗﺸﮭﺎ‪:‬‬
‫وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك أﺣﺎدﯾﺚ ﺗُﻮھﻢ ﺑﻮﺟﻮب ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻧﺬﻛﺮھﺎ أو ً‬

‫‪484‬‬
‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ راﻓﻊ اﻟﺘﻨﻮﺧﻲ ﻗﺎﺿﻲ إﻓﺮﯾﻘﯿﺔ »أن ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺪم‬
‫اﻟﺸﺎم وأھﻞ اﻟﺸﺎم ﻻ ﯾُﻮﺗﺮون‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟﻤﻌﺎوﯾ ﺔ‪ :‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻲ أرى أھ ﻞ اﻟ ﺸﺎم ﻻ ﯾ ﻮﺗﺮون؟ ﻓﻘ ﺎل ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ‪:‬‬
‫وواﺟﺐٌ ذﻟﻚ ﻋﻠﯿﮭﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ ‪ ،‬ﺳﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل‪ :‬زادﻧ ﻲ رﺑ ﻲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺻ ـﻼة وھ ﻲ‬
‫اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬ووﻗﺘﮭﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ »ﺳ ﺄل رﺟ ﻞٌ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ اﻟ ﻮﺗﺮ أواﺟ ﺐ ھ ﻮ؟ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أو َﺗ ﺮَ رﺳ ﻮلُ اﷲ ‪r‬‬

‫واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن«‪ .‬وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺛﺎﻧﯿﺔ »ﻗﺎل رﺟ ﻞ ﻻﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‪ :‬أرأﯾ ﺖ اﻟ ﻮﺗﺮ أﺳ ﻨﱠﺔ ھ ﻮ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﺳُ ﻨﱠﺔ؟‬
‫أوﺗﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأوﺗﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻻ أﺳ ﱠﻨﺔٌ ھﻮ؟ ﻗﺎل‪َ :‬ﻣ ْﮫ أﺗﻌﻘﻞ؟ أوﺗﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأوﺗﺮ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن« رواھﻤﺎ أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒَﺮ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ُﺑﺮَﯾﺪة اﻷﺳ ﻠﻤﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟ ﻮﺗﺮ ﺣ ﻖ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﻟ ﻢ ﯾ ﻮﺗﺮ‬
‫ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻟﮭﺎ ﺛﻼﺛﺎً« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﺑﻲ أﯾﻮب ﻋﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻟ ﻮﺗﺮ ﺣ ﻖ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ أﺣ ﱠ‬

‫ﺐ أن ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﺨﻤ ﺲ ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ‪،‬‬
‫ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ ذﻟ ﻚ‬
‫وﻣ ﻦ أﺣ ﺐ أن ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑ ﺜﻼث ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻣ ﻦ أﺣ ﺐ أن ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﻮاﺣ ﺪة ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺷ ﱠ‬
‫ﺣﱠﺒﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ ،‬ورواه أﺑﻮ داود ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ‪.‬‬
‫ﻓﻠﯿُﻮﻣﺊ إﯾﻤﺎء« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻲ ﻓ ﺮاﺋﺾ وھ ﻦﱠ ﻟﻜ ﻢ‬ ‫ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﺛ ﻼثٌ ھ ﱠ‬

‫ﻦ ﻋﻠ ﱠ‬ ‫ھ ـ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﻗ ﺎل ‪ :‬ﺳ ﻤﻌ ُ‬
‫ع‪ :‬اﻟﻮﺗﺮ واﻟﻨﺤﺮ وﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬ ‫ﺗﻄ ﱡﻮ ٌ‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻲ ﺳﻨﺪه ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ زﺣﺮ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬ﺿﻌﻔﮫ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ واﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ واﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺪﯾﻨﻲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ‪ :‬ﯾﺮوي اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻋﻦ اﻷﺛﺒﺎت‪ .‬وﻗﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ )وﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻟﻢ ﯾﺘ ﺄﻣﱠﺮ‬ ‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫ﻓـﻲ زﻣـﻦ ﻣﻌـﺎذ(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤـﺪﯾـﺚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ وﺟ ﻮب اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻣﺘﻨ ﺎع‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤـﺮ ﻋﻦ إﺟﺎﺑﺔ اﻟﺴﺎﺋﻞ واﻛﺘﻔﺎؤه ﺑﺘﻜﺮار ﻓﻌ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬واﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب‪،‬‬
‫وﯾﺒﺪو ﻟﻲ أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺧﺸﻲ إن ھﻮ ﻗﺎل إن اﻟﻮﺗﺮ ﺳﻨﺔ أن ﯾﺆدي ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺗﻔ ﺮﯾﻂ اﻟﻨ ﺎس ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺎﻛﺘﻔﻰ‬
‫ﺑﺘﺮدﯾﺪ ﻓِﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻞﱠ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﯾﻘﺘﺪي ﺑﻔﻌﻠﮭﻢ ‪ ،‬وھﺬا ﻋﻠﻰ ﻓ ﺮض أن اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺻ ﺎﻟﺢ‬
‫ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬وإﻻ ﻓ ﺈن اﻟﻌﺮاﻗ ﻲ ﻗ ﺪ ذﻛ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ھ ﺬا ﺿ ﻤﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﻀﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺑﺨﺼﻮص اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻓﮭﻮ أﯾﻀًﺎ ﺿﻌﯿﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻓ ﺮض ﺻ ﻼﺣﮫ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻓ ﺈن‬
‫ﻟﻔﻈَ ُﮫ »اﻟ ﻮﺗﺮ ﺣ ﻖ« وارد ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ‪ .‬ﻓ ﺄﻗﻮل‪ :‬إن ﻗ ﻮل اﻟﺮﺳ ﻮل ‪» r‬اﻟ ﻮﺗﺮ ﺣ ﻖ« ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ‬
‫اﻟﻮﺟﻮب اﻟﺸﺮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪ ،‬ﻓﻜﻤﺎ أن اﻟﻮاﺟﺐ ﺣﻖ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻤﻨﺪوب أو اﻟﺴﻨّﺔ أﯾﻀﺎً ﺣﻖ‪ ،‬ﻓﻜﻠﻤ ﺔ ﺣ ﻖ‬
‫ھﻨﺎ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﮫ ﺛﺎﺑﺖ ﻣﺸﺮوع‪ ،‬وھﺬا اﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﯾﻌﺪو ﻛﻮﻧﮫ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﺤﺚ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﻔﯿ ﺪ أﻛﺜ ﺮ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺪه أﺑﻮ ﺟﻨﺎب اﻟﻜﻠﺒ ﻲ ‪ -‬ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺣﯿ ﺔ ‪ -‬ﺿ ﻌﯿﻒ‪ ،‬ﺿ ﻌﱠﻔﮫ‬
‫ﯾﺤﯿ ﻰ اﻟﻘﻄ ﺎن واﻟﻌِﺠﻠ ﻲ واﻟﺠﻮزﺟ ﺎﻧﻲ وأﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟ ﺬﱠھﺒﻲ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺼﻠﺢ‬
‫ﺺ واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪.‬‬ ‫ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج ‪ .‬وھﻜﺬا ﯾﺘﺒﯿﻦ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ دﻟﯿﻞ أو ﻧ ﱞ‬

‫وﻗﺪ ﺣﻜﻰ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮب اﻟﻮﺗﺮ ‪ ،‬وﯾﺒﺪو أﻧﮫ ﻧﺴﻲ أو ﻛﺎن ﯾﺠﮭﻞ رأي أﺑ ﻲ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ‪،‬‬
‫ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻮﺟﻮب اﻟﻮﺗﺮ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )وﻗﺪ ذھﺐ اﻟﺠﻤﮭﻮر إﻟﻰ أن اﻟﻮﺗﺮ ﻏﯿﺮ واﺟﺐ ﺑﻞ ُ‬
‫وﺧﺎﻟﻔﮭﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻘﺎل إﻧﮫ واﺟﺐ( ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر )‪ ...‬وھﻮ ﻗﻮل ﻋﻮام أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﺧﺎﻟﻔﮭﻢ وزﻋﻢ أن اﻟﻮﺗﺮ ﻓﺮض(‪ .‬ﻗﻮل اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر ﻋﻮام أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﻌﻤ ﺎن‪ :‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻋﻤ ﻮم أو‬
‫ﻋﺎﻣﺔ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫وﻗﺪ ﺣﺚ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺜﯿﺮاً ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌ ﻞ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﺗﺘﻤﺘ ﻊ ﺑﻔ ﻀﻞ ﻋﻈ ﯿﻢ‪،‬‬
‫‪ -‬ﺣ ﺪﯾﺚ‬ ‫ﺳ ﻨﱠﺔ اﻟ ﺼﺒﺢ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ‬‫وﯾﻜﺎد اﻟﻮﺗﺮ ﯾﻌﺪل ﻓﻲ اﻟﻔ ﻀﻞ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬أي ُ‬
‫ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﺑُﺮﯾﺪة اﻷﺳﻠﻤﻲ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ‪ -‬ﯾﺪل ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ ﻟﻠ ﻮﺗﺮ ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ‪ .‬وأﯾ ﻀﺎً‪ ،‬ﻋ ﻦ ﻋﻠ ٍ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾﺎ أھﻞ اﻟﻘﺮآن أوﺗﺮوا ﻓﺈن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ وِﺗﺮٌ ﯾﺤﺐ اﻟﻮﺗﺮ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻛﻼھﻤﺎ ﺑﻠﻔﻆ »ﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ‪ :‬إن اﻟ ﻮﺗﺮ ﻟ ﯿﺲ ﺑﺤ ﺘﻢ‬ ‫داود‪ .‬ورواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أوﺗ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ أھ ﻞ اﻟﻘ ﺮآن أوﺗ ﺮوا ﻓ ﺈن اﷲ وﺗ ﺮ‬‫وﻻ ﻛﺼﻼﺗﻜﻢ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﯾﺤ ﺐ اﻟ ﻮﺗﺮ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﺧﺎرﺟ ﺔ اﺑ ﻦ ﺣُﺬاﻓ ﺔ اﻟ َﻌ ﺪَوي رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻋﻠﯿﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬إن اﷲ ﻗﺪ أﻣﺪﱠﻛﻢ ﺑﺼﻼة ﻟﮭﻲ ﺧﯿ ٌﺮ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺣُﻤﺮ اﻟ ﱠﻨﻌَﻢ‪ ،‬ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻟﻜﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‬
‫إﻟﻰ أن ﯾﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺣُﻤﺮ اﻟﻨﱠﻌَﻢ‪ :‬أي اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ وﻗﺖ اﻟﻮﺗﺮ ﻓﮭﻮ وﻗﺖ ﻣﻮﺳﱠﻊ‪ ،‬ﯾﻤﺘ ﱡﺪ ﻣﻦ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء إﻟ ﻰ ﻃﻠ ﻮع اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻟﺤﻈﺎت ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬ﺟﻌﻠ ﮫ اﷲ ﻟﻜ ﻢ ﻓﯿﻤ ﺎ ﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء إﻟ ﻰ أن ﯾﻄﻠ ﻊ‬
‫اﻟﻔﺠ ﺮ«‪ .‬وروى أﺑ ﻮ ﺑ ﺼﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إن اﷲ زادﻛ ﻢ ﺻ ﻼة وھ ﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ‪،‬‬
‫ﻓﺼﻠﻮھﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬
‫ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬ ‫وﺗ ﺄﺧﯿﺮ اﻟ ﻮﺗﺮ إﻟ ﻰ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ أﻓ ﻀﻞ ﻟﻤ ﻦ ﻗ ﻮي ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻣ ﺴﺮوق ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟ ُ‬
‫ﻋﻦ وﺗ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ِ :‬ﻣ ﻦ ﻛ ﻞﱢ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻗ ﺪ أوﺗ ﺮ‪ ،‬ﻣِ ﻦ أوﻟ ﮫ وأوﺳ ﻄﮫ‪ ،‬واﻧﺘﮭ ﻰ وﺗ ﺮه ﺣ ﯿﻦ ﻣ ﺎت‬
‫ﺴﺤَﺮ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻛ ﻞﱠ اﻟﻠﯿ ﻞ أوﺗ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬ ‫ﻓ ﻲ اﻟ ﱠ‬
‫ﺴﺤَﺮ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن‬ ‫واﻧﺘﮭ ﻰ وﺗ ﺮه إﻟ ﻰ اﻟ ﱠ‬
‫ﯾﻮﺗﺮ أول اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﺛﻢ أوﺗﺮ ﻓﻲ وﺳﻄﮫ ﺛﻢ أﺛﺒﺖ اﻟ ﻮﺗﺮ ﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟ ﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬وذﻟ ﻚ ﻋﻨ ﺪ ﻃﻠ ﻮع اﻟﻔﺠ ﺮ«‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺧ ﺎف أن ﻻ ﯾﻘ ﻮم ﻣ ﻦ آ ِ‬
‫ﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‬
‫ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ أوﱠﻟ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻃﻤ ﻊ أن ﯾﻘ ﻮم آﺧِ ﺮَه ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺻ ﻼة آﺧِ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻣ ﺸﮭﻮدة‪ ،‬وذﻟ ﻚ‬
‫أﻓﻀﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ »أﯾﻜ ﻢ ﺧ ﺎف‬
‫أن ﻻ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ ﺛ ﻢ ﻟﯿﺮﻗ ﺪ‪ ،‬وﻣ ﻦ وﺛ ﻖ ﺑﻘﯿ ﺎمٍ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓﻠْﯿ ﻮﺗﺮ ﻣ ﻦ آﺧ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗ ﺮاءة‬
‫آﺧِ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻣﺤ ﻀﻮرة ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أﻓ ﻀﻞ«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل ﻷﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‪:‬‬
‫ﺧ َﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻷﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‪ :‬أﺧ ﺬ‬‫ﻣﺘﻰ ﺗﻮﺗﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬أوﺗﺮ ﻣ ﻦ أول اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻟﻌﻤ ﺮ‪ :‬ﻣﺘ ﻰ ﺗ ﻮﺗﺮ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬آ ِ‬
‫ھ ﺬا ﺑ ﺎﻟﺤﺰم‪ ،‬وﻗ ﺎل ﻟﻌﻤ ـﺮ‪ :‬أﺧ ـﺬ ھ ﺬا ﺑ ﺎﻟﻘﻮة« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ وﺟ ﺪھﺎ‬
‫ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ أﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ ﺑﺨ ﻂ أﺑﯿ ﮫ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺎل ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﺘﻰ ﺗﻮﺗﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬أول اﻟﻠﯿ ﻞ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌَﺘَﻤ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺄﻧ ﺖ ﯾ ﺎ ﻋﻤ ﺮ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬آﺧِ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﻣ ﺎ‬
‫أﻧﺖ ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻓﺄﺧ ﺬت ﺑﺎﻟﺜﱢﻘ ﺔ‪ ،‬وأﻣ ﺎ أﻧ ﺖ ﯾ ﺎ ﻋﻤ ﺮ ﻓﺄﺧ ﺬت ﺑ ﺎﻟﻘﻮة«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬اﻟ ﻮﺗﺮ رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟ ﻮﺗﺮ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أوﺗ ﺮوا ﻗﺒ ﻞ اﻟ ﺼﺒﺢ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ ﻋ ﺪد رﻛﻌ ﺎت اﻟ ﻮﺗﺮ ﻓﺄﻗﻠﮭ ﺎ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬وأﻛﺜﺮھ ﺎ ‪ -‬ﻣﻤ ﺎ روي ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ - r‬ﺗ ﺴﻊُ‬
‫رﻛﻌ ﺎت‪ .‬ﻓ ﺎﻟﻮﺗﺮ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬أو ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬أو ﺧﻤ ﺲ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬أو ﺳ ﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬أو ﺗ ﺴﻊ‬
‫رﻛﻌﺎت‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وﻓﯿ ﮫ »اﻟ ﻮﺗﺮ‬
‫رﻛﻌﺔ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ«‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ِﻣﺠْﻠﺰ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟ ﻮﺗﺮ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬رﻛﻌﺔ ﻣﻦ آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﺳﺄﻟﺖ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬رﻛﻌﺔ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾُﺴﻠﱢﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺛِﻨﺘﯿﻦ وﯾﻮﺗﺮ ﺑﻮاﺣﺪة« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﺛِﻨﺘ ﯿﻦ‪:‬‬
‫أي أن ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ رﻛﻌﺘﺎن رﻛﻌﺘﺎن‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﻮاﺣ ﺪة« رواه‬
‫ﻼ ﺳﺄل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ﺻﻼة‬ ‫اﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وروى اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺟ ً‬

‫‪486‬‬
‫اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺻﻼةُ اﻟﻠﯿﻞ َﻣﺜْﻨﻰ َﻣﺜْﻨﻰ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺧ ﺸﻲ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟ ﺼﺒﺢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة‬
‫ﺗﻮﺗِﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺻﻠﻰ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻓﮭ ﺬه أدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﻮﺗﺮ‬
‫رﻛﻌﺔ واﺣﺪة‪.‬‬

‫وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‪،‬‬

‫وﯾﻮﺗِﺮ ﺑﺜﻼث وﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ -‬وﻓﻲ رواﯾ ﺔ‪ :‬وﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ‪ -‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛﺒ ﺮ ﺻ ﺎر إﻟ ﻰ ﺗ ﺴﻊ‪،‬‬
‫ﺳﺖﱟ وﺛﻼثٍ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺰﯾ ﺪ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻋﻠ ﻰ إﺣ ﺪى ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺄل ﻋ ﻦ‬
‫ﺣ ﺴﻨﮭﻦ وﻃ ﻮﻟﮭﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ «...‬رواه‬ ‫ﺣ ﺴﻨﮭﻦ وﻃ ﻮﻟﮭﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﺄل ﻋ ﻦ ُ‬
‫ُ‬
‫ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻮﺗﺮ ﺑﺜﻼث« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫وﻟﻔﻈﮫ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﺗِﺮ ﺑﺜﻼث‪ ،‬ﯾﻘﺮأ ﻓ ﯿﮭﻦ ﺑﺘ ﺴﻊ ﺳ ﻮر ﻣ ﻦ اﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ‪ ،‬ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‬
‫ﺑﺜﻼث ﺳﻮر‪ ،‬آﺧﺮُھﻦ ﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣ ﺪ«‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أوﺗ ﺮ‬
‫ﺑﺜﻼث‪ ،‬ﺑـ ﺳﺒﱢﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣ ﺪ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻓﮭﺬه أدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺗﺮ ﯾﻜﻮن ﺛﻼث رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ﯾﻮﺗﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺲ ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻨﮭﻦ إﻻ ﻓﻲ آﺧﺮھﻦ‪ ،‬ﻓﺈذا أذن اﻟﻤﺆذن ﻗﺎم ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‬
‫ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﻮﺗﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺑﺨﻤ ﺲ‪ ،‬ﻻ ﯾﺠﻠ ﺲ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ إﻻ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ«‪.‬‬
‫وﻋ ﻦ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑ ﺴﺒ ٍﻊ وﺑﺨﻤ ﺲٍ‪ ،‬ﻻ ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑﯿ ﻨﮭﻦ‬
‫ﺑﺴﻼم وﻻ ﺑﻜﻼم« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﮭﺬه أدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺗﺮ ﯾﻜﻮن ﺧﻤﺲ رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ أُﻣﺎﻣ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﺘ ﺴﻊ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺑ ﺪﱠن وﻛﺜ ﺮ‬

‫ﻟﺤﻤﮫ أوﺗﺮ ﺑﺴﺒﻊ‪ ،‬وﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وھﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺮأ ﺑ ـ إذا زﻟﺰﻟ ﺖ وﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻗﻠ ﺖ ﯾ ﺎ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ ‪ -‬ﯾﻘ ﺼﺪ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ‪-‬‬
‫أﻧﺒﺌﯿﻨﻲ ﻋﻦ وﺗﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻛﻨﺎ ﻧُﻌ ﱡﺪ ﻟﮫ ﺳﻮاﻛَﮫ وﻃَﮭﻮرَه‪ ،‬ﻓﯿﺒﻌﺜﮫ اﷲ ﻣﺎ ﺷﺎء أن ﯾﺒﻌﺜ ﮫ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﯿﺘﺴﱠﻮك وﯾﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وﯾﺼﻠﻲ ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺤﻤﺪه‬
‫وﯾﺪﻋﻮه‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﮭﺾ وﻻ ﯾﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ﻓﯿﺼﻠﻲ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻌﺪ ﻓﯿ ﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺤﻤ ﺪه وﯾ ﺪﻋﻮه‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺴﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤ ًﺎ ﯾُﺴﻤﻌﻨﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﯾﺴﻠﻢ وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ‪ ،‬ﻓﺘﻠﻚ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﯾ ﺎ ﺑﻨ ﻲ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ أﺳﻦﱠ ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬وأﺧﺬ اﻟﻠﺤﻢ أوﺗﺮ ﺑﺴﺒﻊٍ‪ ،‬وﺻﻨﻊ ﻓﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣﺜ ﻞ ﺻ ﻨﯿﻌﮫ اﻷول‪ ،‬ﻓﺘﻠ ﻚ ﺗ ﺴ ٌﻊ‬
‫ﯾﺎ ﺑُﻨﻲ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈﮫ »‪ ..‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺒ ﺮ وﺿ ﻌُﻒ أوﺗ ﺮ ﺑ ﺴﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻻ‬
‫ﯾﻘﻌﺪ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﮭﺾ وﻻ ﯾﺴﻠﻢ ﻓﯿﺼﻠﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺛ ﻢ ُﯾ ﺴﻠﱢﻢ ﺗ ﺴﻠﯿﻤﺔ ‪ «...‬ﻓﮭ ﺬه أدﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫أن اﻟﻮﺗﺮ ﯾﻜﻮن ﺳﺒﻊ رﻛﻌﺎت وﯾﻜﻮن ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫ﺛﻢ إن ھﺬه اﻷدﻟﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺗﺮ ﯾﻜﻮن رﻛﻌﺔ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﺳﺒﻌﺎً‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﺗﺴﻌﺎً‪ ،‬ﺗﺪلﱡ أﯾﻀﺎً ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺗﺮ ﻣﻨﺪوب وﻟﯿﺲ ﻓﺮﺿ ﺎً‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﻓﺮﺿ ًﺎ ﻟﻜ ﺎن ﺛﺎﺑ ﺖ اﻟﻌ ﺪد‪،‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎءت اﻷدﻟﺔ ﺑﺎﻟﺘﺨﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺪد دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﺮﺿﺎً‪ .‬ﺛ ﻢ إن أﺑ ﺎ أﯾ ﻮب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺪ روى أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »اﻟﻮﺗﺮ ﺣﻖ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺷ ﺎء ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ ﺑﺨﻤ ﺲٍ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺷ ﺎء ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ ﺑ ﺜﻼث‪ ،‬وﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨ‪‬ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ ،‬ورواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ‪ .‬وھﺬا ﺗﺨﯿﯿ ﺮ‬ ‫ﺷﺎء ﻓﻠﯿﻮﺗﺮ ﺑﻮاﺣﺪة« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ل ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪.‬‬ ‫واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻌﺪد دا ﱞ‬

‫أﻣ ﺎ ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﺻ ﻼة اﻟ ﻮﺗﺮ ﻋﻠ ﻰ اﺧ ﺘﻼف رﻛﻌﺎﺗ ﮫ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﻌ ﺪد ﻓﮭ ﻲ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬إنْ ﻛ ﺎن اﻟ ﻮﺗﺮ‬

‫رﻛﻌﺔ واﺣﺪة ﻓﺎﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ﻇﺎھﺮة‪ .‬وإن ﻛﺎن اﻟ ﻮﺗﺮ ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت ﺻ ﻼھﺎ ﻣﺘ ﺼﻠﺔ ﺑﺘﻜﺒﯿ ﺮة إﺣ ﺮام واﺣ ﺪة‬

‫‪487‬‬
‫وﻗﻌﻮدٍ واﺣﺪٍ ﻓﻲ آﺧﺮھﺎ‪ ،‬ﯾﺘﺸﮭﺪ ﻓﯿﮫ وﯾﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﻌﺪ ﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻘﻌﺪ ﺑﻌﺪ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ .‬وإن ﻛ ﺎن اﻟ ﻮﺗﺮ‬
‫ﺧﻤﺲ رﻛﻌﺎت ﻓﻜﺬﻟﻚ‪ ،‬أي ﺻﻼھﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺘﻜﺒﯿﺮة إﺣﺮا ٍم واﺣﺪةٍ وﻗﻌﻮ ٍد واﺣﺪٍ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ ﯾﺘ ﺸﮭﺪ ﻓﯿ ﮫ‬
‫وﯾﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﻌﺪ ﻏﯿ ﺮه‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾﻘﻌ ﺪ ﺑﻌ ﺪ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ وﻻ ﺑﻌ ﺪ اﻷرﺑ ﻊ‪ ،‬أي ﻻ ﯾﻘﻌ ﺪ إﻻ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ .‬وإن ﻛ ﺎن اﻟ ﻮﺗﺮ ﺳ ﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت ﺻ ﻼﱠھﺎ ﻣﺘ ﺼﻠﺔ ﺑﺘﻜﺒﯿ ﺮة إﺣ ﺮامٍ واﺣ ﺪة وﺗ ﺸﮭﱡﺪٍ أول‬
‫ﯾﻘﻌﺪ ﻟﮫ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﻨﮭﺾ ﻟﯿ ﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟ ﺴﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘﻌ ﺪ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ ﻓﯿﺘ ﺸﮭﺪ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ وﯾﺴﻠﱢﻢ‪ .‬وإن ﻛﺎن اﻟﻮﺗﺮ ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﺻﻼﱠھﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺘﻜﺒﯿﺮة إﺣﺮامٍ واﺣﺪة وﺗﺸﮭﱡ ٍﺪ أول ﯾﻘﻌﺪ ﻟﮫ‬
‫ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﮭﺾ ﻟﯿﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺘﺎﺳ ﻌﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘﻌ ﺪ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ ﻓﯿﺘ ﺸﮭﺪ اﻟﺘ ﺸﮭﺪ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ وﯾ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء دﺧﻞ اﻟﻤﻨﺰل ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺑﻌﺪھﻤﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ أﻃــﻮل ﻣﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أوﺗﺮ ﺑﺜﻼث ﻻ ﯾﻔﺼﻞ ﻓﯿﮭﻦ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻔﺼﻞ ﻓﯿﮭﻦ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ أن ﺗُﺼﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌ ﺎت اﻟ ﺜﻼث ﻣﺘ ﺼﻠﺔ دون ﺗ ﺸﮭﺪ وﺗ ﺴﻠﯿﻢ ﻣ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ‪.‬‬
‫ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا ﻣﺎ روﺗﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻻ ﯾﺴﻠﱢﻢ ﻓﻲ رﻛﻌﺘﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ« رواه‬
‫ﻦ ﻛﻌﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻲﺑُ‬ ‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻣﺎ رواه أﺑ ﱡ‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ﺑـ ﺳﺒﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑـ ﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑـ ﻗﻞ ھﻮ‬
‫اﷲ أﺣﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾﺴﻠﱢﻢ إﻻ ﻓﻲ آﺧﺮھﻦ‪ ،‬وﯾﻘﻮل ﯾﻌﻨﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ :‬ﺳ ﺒﺤﺎن اﻟﻤﻠ ﻚ اﻟﻘ ﺪوس ﺛﻼﺛ ﺎً« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫أﻣﺎ إن ﺳﻠﱠﻢ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿﯿﻦ ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﻻ ﺗُﺤﺘ ﺴﺒﺎن‬
‫ﻣﻦ اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗُﺤﺘ ﺴﺒﺎن ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺴﺒﻖ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬وﯾﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬إذ ﻣﺎ دام أن اﻟﻮﺗﺮ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈن ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﺗُﻘﻄ ﻊ ﺑﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﻻ ُﺗ ﺆدﱠى إﻻ ﺑﺘﻜﺒﯿ ﺮة‬
‫إﺣ ﺮا ٍم واﺣ ﺪة وﺗ ﺴﻠﯿﻤ ٍﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬وإﻻ ﻟﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﻼة واﺣ ﺪة‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﻌ ﺪھﺎ ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ وﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ‬
‫ب اﻟﻨ ﺎس« رواه‬ ‫اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬وﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﺑـ ﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣﺪ وﻗﻞ أﻋﻮذ ﺑﺮب اﻟﻔﻠﻖ وﻗﻞ أﻋﻮذ ﺑ ﺮ ﱢ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ﻻﺣﻆ ﻗﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ »اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ﯾ ﻮﺗﺮ ﺑﻌ ﺪھﺎ« ﻓﮭ ﻮ ﯾ ﺪل ﺻ ﺮاﺣﺔ ﻋﻠ ﻰ أن‬ ‫اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻟﯿﺴﺘﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھﺬا ﺟﺎء ﻗﻮﻟﮭﺎ »وﯾﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﺑ ـ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ«‪ .‬ﻓﺎﻟﺮﻛﻌﺘ ﺎن‬
‫ن ﻓُﺼﻠﺘﺎ ﻋﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﻮدا ﺗُﺤﺘﺴﺒﺎن ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﺗُﺤﻤﻞ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺮوﯾﺔ‬ ‫إْ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‬‫اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻔ ﺼﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺸﻔﻊ واﻟ ﻮﺗﺮ« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻻ ﻋﻨﮭﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ .‬ﻓﺎﻟﺸﻔﻊ ھﻮ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬واﻟﻮﺗﺮ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪھﺎ ﻣﻔﺼﻮ ً‬
‫وأﯾ ﻀًﺎ ﻓ ﺈن اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱢﻲ ﻻ ﯾﻘﻌـ ـﺪ ﺑﻌـ ـﺪ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ وﻻ ﯾﺘ ﺸﮭﺪ اﻟﺘ ﺸﮭــﺪ اﻷول‪ ،‬أي ﻻ ﯾﻔﻌـ ـﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ اﻟﺜﻼﺛﯿـﺔ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ ﺻ ﻼة اﻟ ﻮﺗﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ أﻣﺮ ﺑﮫ اﻟﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿﻒ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل‬
‫ﺸﺒﱠﮭﻮا ﺑﺼﻼة اﻟﻤﻐﺮب« رواه اﺑ ﻦ‬ ‫اﷲ ‪ r‬أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻻ ﺗﻮﺗﺮوا ﺑﺜﻼث‪ ،‬أوﺗﺮوا ﺑﺨﻤﺲ أو ﺑﺴﺒﻊ‪ ،‬وﻻ َﺗ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﻓﯿﮫ ﺗﻘﺪﯾﻢ وﺗﺄﺧﯿﺮ‪.‬‬
‫ِ‬

‫ن‬
‫ﺼﺮﱢﺣﺔ ﺑ ﺜﻼث وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻨ ﺎھﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺜﻼث ﺑ َﺄ ْ‬
‫وﻗﺪ ﺟﻤﻊ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ ﺑ ﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ُﻤ َ‬
‫ﺣﻤَﻞ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺘﺎر ﺑﺜﻼث ﺑﺘﺸﮭﱡﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺸﺎﺑﮭﺔ ذﻟﻚ ﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺠ ﻮاز‬ ‫َ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹﯾﺘﺎر ﺑﺜﻼث ﻣﺘﱠﺼﻠ ٍﺔ ﺑﺘﺸ ﱡﮭ ٍﺪ واﺣ ٍﺪ ﻓﻲ آﺧﺮھﺎ‪ ،‬وﻗﺪ أﺣﺴﻦ ﺑﮭﺬا اﻟﺠﻤﻊ ‪ ،‬ﻓﺤﺘ ﻰ ﻻ ﯾﺘ ﺸﺎﺑﮫ اﻟ ﻮﺗﺮ‬
‫واﻟﻤﻐﺮب ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﻋﻘﺐ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﻘ ﻂ وﯾﺘ ﺸﮭﺪ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟ ﺜﻼث‪ .‬ھ ﺬا‬
‫ﺑﺨﺼﻮص ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﺛﻼث رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﺧﻤﺲ رﻛﻌﺎت‪ ،‬ﻓﻘﺪ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﯾﻮﺗﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺲ‪ ،‬ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ‬
‫ﺷﺊ إﻻ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺲ ﻻ ﯾﺠﻠ ﺲ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ‬ ‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﯾﻮﺗﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺨﻤ ٍ‬

‫‪488‬‬
‫اﻟﺨﻤﺲ إﻻ ﻓﻲ آﺧﺮھﻦ‪ ،‬ﯾﺠﻠﺲ ﺛﻢ ﯾُﺴﻠﱢﻢ«‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ .‬وﻋﻦ أم ﺳﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﺗﺮ ﺑﺴﺒﻊ وﺑﺨﻤﺲ ﻻ ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿ ﻨﮭﻦ ﺑ ﺴﻼمٍ وﻻ ﺑﻜ ﻼمٍ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﺳﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺧ ﺬ اﻟﻠﺤ ﻢ‪ ،‬ﺻ ﻠﻰ ﺳ ﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻻ ﯾﻘﻌ ﺪ إﻻ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮھﻦ ‪ «...‬رواه‬ ‫ﻗﺎﻟﺖ »ﻟﻤﺎ أﺳ ﱠ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑﻠﻔﻆ »ﻛﻨﺎ ﻧُﻌِ ﱡﺪ ﻟ ﮫ ﺳ ﻮاﻛﮫ وﻃَﮭ ﻮره‪ ،‬ﻓﯿﺒﻌﺜ ﮫ اﷲ ﻟﻤ ﺎ ﺷ ﺎء أن ﯾﺒﻌﺜ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﯿﺘ ﺴﻮك وﯾﺘﻮﺿ ﺄ ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺳ ﺒﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وﻻ ﯾﺠﻠ ﺲ ﻓ ﯿﮭﻦ إﻻ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺴﺎدﺳﺔ‪ ،‬ﻓ ﯿﺠﻠﺲ‬
‫وﯾﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺪﻋﻮ«‪ .‬ووﻗﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﻟﻔﻆ »ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺒِﺮ وﺿﻌُـﻒ أوﺗﺮ ﺑﺴﺒﻊ رﻛﻌﺎت ﻻ ﯾﻘﻌ ﺪ إﻻ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﮭﺾ وﻻ ﯾُﺴﻠﱢﻢ‪ ،‬ﻓﯿﺼﻠﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺛﻢ ﯾﺴﻠﱢﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ ‪ .«...‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫أﻋ ﻼه ﻗﺒ ﻞ ﺑ ﻀﻌﺔ أﺳ ﻄﺮ ﺣ ﺪﯾﺚ أم ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺲ ﻻ ﯾﻔﺼﻞ ﺑﯿﻨﮭﻦ ﺑﺴﻼم وﻻ ﺑﻜﻼم«‪.‬‬ ‫»ﯾﻮﺗﺮ ﺑﺴﺒ ٍﻊ وﺑﺨﻤـ ٍ‬

‫وأﻣ ﺎ ﺑﺨ ﺼﻮص ﻛﯿﻔﯿ ﺔ ﺻ ﻼة اﻟ ﻮﺗﺮ ﺗ ﺴﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روت ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬
‫»‪...‬وﯾُﺼﻠﻲ ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺤﻤﺪه وﯾﺪﻋﻮه‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﮭﺾ وﻻ‬
‫ﯾﺴﻠﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ﻓﯿﺼﻠﻲ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻌﺪ ﻓﯿﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺤﻤﺪه وﯾﺪﻋﻮه‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﻠﱢﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤ ًﺎ ُﯾﺴْﻤﻌُﻨﺎ ‪«...‬‬
‫ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬إذا أوﺗﺮ ﺑﺘﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﻟﻢ ﯾﻘﻌﺪ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺤﻤﺪ اﷲ وﯾﺬﻛﺮه وﯾﺪﻋﻮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾ ﻨﮭﺾ وﻻ ﯾ ﺴﻠﱢﻢ‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬‫ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ وﯾﺬﻛﺮ اﷲ وﯾﺪﻋﻮ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﻠﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﺔ ﯾُﺴﻤﻌﻨﺎه ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬

‫وأﻣ ﺎ اﻟﻘ ﺮاءة ﻓ ﻲ رﻛﻌ ﺎت اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﺳ ﺒﱢﺢ اﺳ ﻢَ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣﺪ‪ ،‬وﻣ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓﻠْﯿﻘ ﺮأ ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺎء‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ‬ ‫ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮر‪ ،‬ھ ﺬا ﻟﻤ ﻦ أراد أن ﯾﺘﻘﯿ ﺪ ﺑﻘ ﺮاءة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ .r‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﱢ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ ﺑ ـ ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑـ ﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑـ ﻗﻞ ھﻮ اﷲ أﺣ ﺪ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﻠﱢﻢ إﻻ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮھﻦ‪ ،‬وﯾﻘ ﻮل‪،‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ‬ ‫ﯾﻌﻨﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﻟ َﻤﻠِﻚ اﻟ ُﻘﺪﱡوس‪ ،‬ﺛﻼﺛ ًﺎ« رواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫أﺑﺰى رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﻮﺗﺮ ﺑـ ﺳﺒﱢﺢ اﺳﻢ رﺑﻚ اﻷﻋﻠﻰ وﻗﻞ ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون وﻗ ﻞ‬
‫ﻚ اﻟ ُﻘﺪﱡوس‪ ،‬ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ‬ ‫ﺳﺒْﺤﺎن اﻟﻤِﻠ ِ‬
‫ھﻮ اﷲ أﺣﺪ‪ ،‬وإذا أراد أن ﯾﻨﺼﺮف ﻣﻦ اﻟﻮﺗﺮ ﻗﺎل‪ُ :‬‬
‫ﺻ ﻮﺗﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﮭﻤ ﺎ ﻋﻨ ﮫ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ »‪..‬وﻛ ﺎن إذا ﺳ ﻠﱠﻢ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺳﺒﺤﺎن اﻟ َﻤﻠِﻚ اﻟ ُﻘﺪﱡوس‪ ،‬ﯾﻄﻮﱢﻟﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻼﺛ ًﺎ«‪.‬‬

‫ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺒﯿﻦ أن اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ رﻛﻌﺔ اﻟﻮﺗﺮ اﻷوﻟﻰ ﺗﻜﻮن ﺑـ ﺳﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺑ ـ ﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﺑ ـ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ‪ ،‬وإن زاد ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺟ َﺮﯾْﺞ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‬‫اﻟﻤﻌ ﻮذﺗﯿﻦ ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ﺑ ﻦ ُ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ :‬ﺑﺄي ﺷﺊ ﻛﺎن ﯾ ﻮﺗﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﺑ ـ ﺳ ﺒﺢ‬
‫اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺑ ـ ﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ ﺑ ـ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ‬
‫واﻟﻤﻌﻮذﺗﯿﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺗُﺒﯿﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ أن ﻣﻦ اﻟ َﮭ ﺪْي اﻟﻨﺒ ﻮي أن ﯾﻘ ﻮل ﻣ ﻦ ﯾﻔ ﺮغ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟ ﻮﺗﺮ )ﺳ ﺒﺤﺎن‬

‫اﻟ َﻤﻠِﻚِ اﻟﻘُﺪﱡوس‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﻟ َﻤﻠِﻚِ اﻟﻘُﺪﱡوس‪ ،‬ﺳﺒﺤﺎن اﻟ َﻤﻠِﻚِ اﻟﻘُﺪﱡوس( ﯾﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﯾﻤﺪھﺎ ﻣﺪﱠًا‪.‬‬

‫ﺳ ﻊ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﯾﻤﺘ ﺪ ﻣ ﻦ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء إﻟ ﻰ ﻃﻠ ﻮع‬‫ﻣ ٌﺮﱠ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ أن وﻗ ﺖ اﻟ ﻮﺗﺮ ﻣﻮ ﱠ‬
‫ﺴﺤَﺮ‪ ،‬وﻧ ﻀﯿﻒ ھﻨ ﺎ أن اﻟ ﻮﺗﺮ ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬وأن اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﻮﺗﺮ أن ﯾﻜﻮن آﺧﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﱠ‬

‫‪489‬‬
‫ﻣﺮﱠة واﺣﺪة ﻓ ﻲ اﻟﻠﯿﻠ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬وﻻ ﯾُ ﺸﺮع أن ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ وﺗ ﺮان أو أﻛﺜ ﺮ ﻓ ﻲ ﻟﯿﻠ ﺔ واﺣ ﺪة‪ .‬وﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﺷﻔﻌـًﺎ ﺷﻔﻌﺎً‪ ،‬أي َﻣﺜْﻨﻰ َﻣﺜْﻨﻰ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻓﺮغ ﻣﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﺧﺘﻤﮭ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻟ ﮫ أن‬
‫ﯾﻮﺗﺮ ﻣﺒﻜﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﻮ أراد اﻟﺘﻨﻔﱡﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻨﻮاﻓ ﻞ‪ -‬أﻋﻨ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ -‬ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺸﺎء ﺷﻔﻌ ًﺎ ﺷﻔﻌﺎً‪ ،‬أي َﻣﺜْﻨﻰ َﻣﺜْﻨﻰ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻋﻘﺐ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻣﻦ اﻹﺗﯿﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﺮﻛﻌﺔ ﯾﺸﻔﻊ ﺑﮭﺎ وﺗﺮه‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺘﻨﻔﻞ ﺷ ﻔﻌﺎً ﺷ ﻔﻌﺎً‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺨﺘﻢ ﺻﻼﺗﮫ ﺑﺎﻟﻮﺗﺮ ﻓﺮأي ﻣﺮﺟﻮح‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯾﻜﻮن ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ وﺗ ﺮﯾﻦ ﻓ ﻲ ﻟﯿﻠ ﺔ واﺣ ﺪة‪،‬‬
‫إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ أن إﺿﺎﻓﺔَ رﻛﻌ ٍﺔ ﺟﺪﯾﺪةٍ إﻟﻰ رﻛﻌﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﺗﺴﻠﯿﻢ وﻓﺎﺻﻞ زﻣﻨﻲ ﻛﺒﯿ ﺮ ﻟ ﯿﺲ ﻟ ﮫ دﻟﯿ ﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺷﺮع اﷲ ﯾُﻌﺘﺪ ﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﻘﻮل ﺑﮫ‪ .‬ﻓﻌﻦ ﻃﻠﻖ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ ﻧﺒ ﻲ اﷲ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‪ .‬وأﻣ ﺎ ﻣ ﺎ رواه‬‫‪ r‬ﯾﻘﻮل »ﻻ وﺗﺮان ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺳﺌِﻞ ﻋ ﻦ اﻟ ﻮﺗﺮ ﻗ ﺎل‪ :‬أﻣ ﺎ أﻧ ﺎ ﻓﻠ ﻮ أوﺗ ﺮت ﻗﺒ ﻞ أن‬‫ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ُ‬
‫ﺖ ﺑﻮاﺣﺪة ﻣﺎ ﻣ ﻀﻰ ﻣ ﻦ وﺗ ﺮي‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻣﺜﻨ ﻰ ﻣﺜﻨ ﻰ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬ ‫أﻧﺎم‪ ،‬ﺛﻢ أردت أن أﺻﻠﻲ ﺑﺎﻟﻠﯿﻞ ﺷﻔﻌ ُ‬
‫ﻗ ﻀﯿﺖ ﺻ ﻼﺗﻲ أوﺗ ﺮت ﺑﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻣ ﺮ أن ﯾﺠﻌ ﻞ آﺧ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ اﻟ ﻮﺗﺮ« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﮭﻮ اﺟﺘﮭﺎد ﻣﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ أﻣﺮه ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أن ﯾﺠﻌ ﻞ آﺧ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ اﻟ ﻮﺗﺮ‪،‬‬
‫وﻓﻌﻞ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ أو اﺟﺘﮭ ﺎده ﻟ ﯿﺲ دﻟ ﯿﻼً ﺷ ﺮﻋﯿﺎً وإن ﻛ ﺎن ﺣﻜﻤ ﺎً ﺷ ﺮﻋﯿﺎً ﯾﺠ ﻮز ﺗﻘﻠﯿ ﺪه واﺗﱢﺒﺎﻋ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺧﻄﱠﺄ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﺟﺘﮭﺎده ھﺬا‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻋﻦ ﺳ ﺎﻟﻢ »ﻋ ﻦ‬
‫اﺑﻦ ﻋﻤﺮ أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﻧﺎم ﻋﻠﻰ وﺗﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌ ﺔ إﻟ ﻰ وﺗ ﺮه ﻓﯿ ﺸﻔﻊ ﻟ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫أوﺗﺮ ﺑﻌ ُﺪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺰھﺮي‪ :‬ﻓﺒﻠﻎ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺠﺒﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إنﱠ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻟﯿ ﻮﺗﺮ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺛﻼث ﻣﺮات«‪ .‬ﯾﻘ ﺼﺪ وﺗ ﺮه ﻗﺒ ﻞ أن ﯾﻨ ﺎم‪ ،‬ﺛ ﻢ وﺗ ﺮه اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟ ﺬي ﯾ ﺸﻔﻊ ﺑ ﮫ وﺗ ﺮه اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫وﺗﺮه اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻷﺧﯿﺮ ﻋﻘ ﺐ اﻟﻔ ﺮاغ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﺷ ﻚ ﻓ ﻲ أﻧ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺪ أﺧﻄ ﺄ ﻓ ﻲ‬
‫ﻄ ﺄت ھ ﻲ اﻷﺧ ﺮى ھ ﺬا اﻟ ﺮأي ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬ ‫اﺟﺘﮭﺎده ھﺬا‪ .‬وھﺬه أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﺧ ﱠ‬
‫روى ﻋﺒﺪ اﻟ ﺮزاق »ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻋﻄﯿ ﺔ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗ ﺎل‪ :‬ذُﻛ ﺮ ﻟﮭ ﺎ اﻟﺮﺟ ﻞ ﯾ ﻮﺗﺮ ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﺘﯿﻘﻆ ﻓﯿ ﺸﻔﻊ‬
‫ﺑﺮﻛﻌﺔ ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ذﻟﻚ ﯾﻠﻌﺐ ﺑﻮﺗﺮه«‪.‬‬

‫أﻣﺎ أﻣﺮه ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم أن ﯾﺠﻌ ﻞ آﺧ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ أن ﻣ ﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ ﻻ ﯾﻘﺪﱢم اﻟﻮﺗﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ وﻻ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﺑ ﯿﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾﺠﻌﻠ ﮫ ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﻓﻌ ﻞ‬
‫ذﻟﻚ وﻧﺎم ﻓﻘﺪ اﻣﺘﺜﻞ ﻟﻸﻣﺮ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ ،‬ﺛﻢ إن ھﻮ اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻣﻦ ﻟﯿﻠﺘﮫ ﺗﻠﻚ وﺑﺪا ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺗﻄﻮﱡﻋ ًﺎ‬
‫ﻞ ﻣﺎ ﺷﺎء دون ﻣﺤﻈﻮر وﻻ ﯾﻨﻘﺾ ﻣ ﺎ ﺻ ﻼه ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﻮن ﺑﻔﻌﻠ ﮫ ھ ﺬا ﻗ ﺪ ﺧ ﺎﻟﻒ اﻷﻣ ﺮ‬ ‫ﻓ ْﻠﯿُﺼ ﱢ‬
‫اﻟﻨﺒﻮي‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺳﺒﻖ ﻟﮫ أن اﻣﺘﺜﻞ ﻟﻸﻣﺮ‪ ،‬واﻣﺘﺜﺎﻟﮫ ﻟﻸﻣﺮ ﻻ ﯾﻌﻨﻲ ﺣﺮﻣﺎﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻔﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻮ اﺳﺘﯿﻘﻆ ﻣﻦ‬
‫ﻟﯿﻠﺘﮫ وأراد اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫وﻛﻤﺎ أﺿﻔﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ أن اﻟﻮﺗﺮ ﯾُﺼﻠﱠﻰ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻠ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨ ﺎ ﻧ ﻀﯿﻒ ھﻨ ﺎ أن‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ھﻮ ﻣ ﻦ اﻟﻨﻮاﻓ ﻞ اﻟﺘ ﻲ داوم ﻋﻠ ﻰ ﻓﻌﻠﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﺣ ﺚ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺄﺧ ﺬ‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ﺣﻜﻢ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺘﻲ داوم ﻋﻠﯿﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ﺣﯿ ﺚ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻗ ﻀﺎﺋﮭﺎ إنْ ھ ﻲ ﻓﺎﺗ ﺖ وﺧ ﺮج‬
‫وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻧﺎم دون أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﺛﻢ اﺳﺘﯿﻘﻆ وﻗﺪ ﻃﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻓ ﺈن ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أﺻ ﺒﺢ أﺣ ﺪﻛﻢ وﻟ ﻢ ﯾ ﻮﺗﺮ ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ« رواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﻧ ﺎم ﻋ ﻦ وﺗ ﺮه أو ﻧ ﺴﯿﮫ‬
‫ﻓﻠْﯿﺼﻠﱢﮫ إذا أﺻﺒﺢ أو ذﻛﺮه« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود إﻻ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾ ﺬﻛﺮ ‪-‬‬
‫إذا أﺻ ﺒﺢ ‪ .-‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻣ ﻦ ﻧ ﺎم ﻋ ﻦ وِﺗ ﺮه ﻓﻠْﯿُ ﺼ ﱢﻞ إذا أﺻ ﺒﺢ«‪ .‬وﻋ ﻦ اﻷﻏ ﺮﱢ اﻟ ُﻤﺰَﻧ ﻲ‬
‫ﻼ أﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ إﻧﻲ أﺻﺒﺤﺖ وﻟﻢ أُوﺗﺮ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻓﺄوﺗﺮ« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬ ‫»أن رﺟ ً‬

‫اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ وﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‬

‫‪490‬‬
 ‫وﻧﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬ﯾُﺴﻦﱡ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة ﻣﻨ ﮫ‪ ،‬وﯾُﻔﻌ ﻞ‬
‫ﻃﯿﻠﺔ اﻟﻌﺎم ‪ ،‬وﯾﺘﺄﻛﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ رﻣﻀﺎن‪ ،‬وﯾُﺆﺗﻰ ﺑﮫ ﻋﻘﺐ اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ إن ﻗﻨ ﺖ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﺐ إﻟ ﻲﱠ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ )رُواةُ‬
‫ﺳ ﻊ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟﻘﻨ ﻮت ﻋﻘ ﺐ اﻟﺮﻛ ﻮع أﺣ ﱡ‬‫اﻟﺮﻛﻮع ﺟﺎز ﻟ ﮫ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓ ﺎﻷﻣﺮ ﻣﻮ ﱠ‬
‫ﺲ‬
‫اﻟﻘﻨﻮت ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع أﻛﺜﺮ وأﺣﻔ ﻆ وﻋﻠﯿ ﮫ درج اﻟﺨﻠﻔ ﺎء اﻟﺮاﺷ ﺪون(‪ .‬وﻗ ﺎل أﺣﻤ ﺪ‪ :‬ﻟ ﻢ َﯾ ﺮ ِو ﻋ ﻦ أﻧ ٍ‬
‫اﻟﻘﻨﻮتَ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع ﺳﻮى ﻋﺎﺻﻢ اﻷﺣﻮل ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫وﯾُﻨﺪب أن ﯾُﺪﻋﻰ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ]اﻟﻠﮭﻢ اھ ﺪﻧﻲ ﻓ ﯿﻤﻦ ھ ﺪﯾﺖ‪ ،‬وﻋ ﺎﻓﻨﻲ ﻓ ﯿﻤﻦ ﻋﺎﻓﯿ ﺖ‪،‬‬
‫وﺗَ ﻮﻟﱠﻨﻲ ﻓ ﯿﻤﻦ ﺗﻮﻟﯿ ﺖ‪ ،‬وﺑ ﺎرك ﻟ ﻲ ﻓﯿﻤ ﺎ أﻋﻄﯿ ﺖ‪ ،‬وﻗِﻨ ﻲ ﺷ ﱠﺮ ﻣ ﺎ ﻗ ﻀﯿﺖ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﻚ ﺗﻘ ﻀﻲ وﻻ ﯾُﻘ ﻀﻰ‬
‫ل ﻣ ﻦ واﻟﯿ ﺖ‪ ،‬وﻻ َﯾ ِﻌ ﱡﺰ ﻣ ﻦ ﻋﺎدﯾ ﺖ‪ ،‬ﺗﺒﺎرﻛ ﺖ رﺑﻨ ﺎ وﺗﻌﺎﻟﯿ ﺖ[ ‪ .‬أو ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء اﻟﺘ ﺎﻟﻲ‬
‫ﻋﻠﯿ ﻚ‪ ،‬إﻧ ﮫ ﻻ َﯾ ِﺬ ﱡ‬
‫ﺨﻄِﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻤﻌﺎﻓﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ‪ ،‬وأﻋ ﻮذ ﺑ ﻚ ﻣﻨ ﻚ‪ ،‬ﻻ أُﺣ ﺼﻲ‬ ‫ﺳَ‬‫]اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﺮﺿﺎك ﻣﻦ َ‬
‫ﺛﻨﺎءً ﻋﻠﯿﻚ‪ ،‬أﻧﺖ ﻛﻤﺎ أﺛﻨﯿﺖَ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ[ ‪ .‬وﻻ ﯾﻌﻨﻲ ھ ﺬا وذاك أﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟ ﺪﻋﺎء إﻻ ﺑﮭﻤ ﺎ‪َ ،‬ﻓﻠْﯿ ﺪعُ‬
‫اﻟﻤﺴﻠ ُﻢ رﺑﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺘﮫ ﺑﮭﺬا اﻟﺪﻋﺎء أو ﺑﺬاك أو ﺑﺴﻮاھﻤﺎ‪ ،‬أو ﯾﺠﻤﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء اﻟﻤ ﺄﺛﻮر واﻟ ﺪﻋﺎء ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﺟﺘﮫ‪ .‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻓﻲ آﺧﺮ وﺗﺮه‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋ ﻮذ ﺑﺮﺿ ﺎك‬
‫ﺖ‬‫ﺳﺨَﻄﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻤﻌﺎﻓﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻨﻚ‪ ،‬ﻻ أُﺣﺼﻲ ﺛَﻨﺎ ًء ﻋﻠﯿﻚ‪ ،‬أﻧﺖ ﻛﻤﺎ أﺛﻨﯿ َ‬ ‫ﻣﻦ َ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾﻘ ﻮل »ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ‬
‫آﺧﺮ وﺗﺮه« أي ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻨﮫ‪ .‬وﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻦ دﻋﺎء ھﻮ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟ ﺬي‬
‫ت أﻗ ﻮﻟﮭﻦ‬ ‫ذﻛﺮﺗﮫ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻋﻠﱠﻤﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﻠﻤ ﺎ ٍ‬
‫ﻓﻲ ﻗﻨﻮت اﻟﻮﺗﺮ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اھﺪﻧﻲ ﻓﯿﻤﻦ ھﺪﯾﺖ‪ ،‬وﻋﺎﻓﻨﻲ ﻓ ﯿﻤﻦ ﻋﺎﻓﯿ ﺖ‪ ،‬وﺗ ﻮﻟﱠﻨﻲ ﻓ ﯿﻤﻦ ﺗﻮﻟﯿ ﺖ‪ ،‬وﺑ ﺎرك‬
‫ﻟﻲ ﻓﯿﻤ ﺎ أﻋﻄﯿ ﺖ‪ ،‬وﻗِﻨ ﻲ ﺷ ﱠﺮ ﻣ ﺎ ﻗ ﻀﯿﺖ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﻚ ﺗﻘ ﻀﻲ وﻻ ﯾُﻘ ﻀﻰ ﻋﻠﯿ ﻚ‪ ،‬إﻧ ﮫ ﻻ ﯾ ﺬل ﻣ ﻦ واﻟﯿ ﺖ‪،‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬ ‫ﺗﺒﺎرﻛ ﺖ رﺑﻨ ﺎ وﺗﻌﺎﻟﯿ ﺖ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﺑﺰﯾ ﺎدة »وﻻ ﯾﻌ ﱡﺰ ﻣ ﻦ ﻋﺎدﯾ ﺖ« ﻋﻘ ﺐ »إﻧ ﮫ ﻻ َﯾ ﺬِلﱡ ﻣ ﻦ واﻟﯿ ﺖ«‪ .‬وھ ﻲ زﯾ ﺎدة ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬
‫ﻓﺘُﻘﺒﻞ وﺗﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺪﻋﺎء‪.‬‬

‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻟﮭ ﻢ‬ ‫وروى أﺑ ﻮ داود »أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﺟﻤ ﻊ اﻟﻨ ﺎس ﻋﻠ ﻰ أُﺑ ﱢ‬

‫ﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠ ﺔ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﻨ ﺖ ﺑﮭ ﻢ إﻻ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻒ اﻟﺒ ﺎﻗﻲ«‪ .‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻒ اﻷﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ رﻣ ﻀﺎن‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ‪ ،‬وھ ﻲ ﻻ ﺗﻜ ﻮن إﻻ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟ ﺔ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺛ ﺎن رواه أﺑ ﻮ‬
‫ﻲ ﺑ ﻦ ﻛﻌ ﺐ أﻣﱠﮭ ﻢ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن ‪ -‬وﻛ ﺎن ﯾﻘﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﺼﻒ اﻵﺧ ﺮ ﻣ ﻦ‬ ‫ن أُﺑ ﱠ‬
‫داود ﺑﻠﻔ ﻆ »أ ﱠ‬
‫رﻣﻀﺎن«‪ .‬وﺳﺘﺄﺗﻲ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﻘﻨﻮت ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع وﺑﻌﺪه ﺗﺎﻟﯿًﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻣﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﻨﻮازل واﻟﻜ ﻮارث ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫وﻗﻌﺖ اﻟﻨﻮازل واﻟﻜﻮارث ﻓﺎﻟﻘﻨﻮت ﻣﺸﺮوع ﻓ ﻲ ﺟﻤﯿ ﻊ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ‪ ،‬وﻻ ُﯾ ﺸﺮَع اﺗﺨ ﺎذُ ﺻ ﻼ ٍة‬
‫ﺑﻌﯿﻨﮭ ﺎ ﻟﻠﻘﻨ ﻮت‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻻ ﺗﺨ ﺘﺺ ﺑ ﺎﻟﻘﻨﻮت ﺻ ﻼ ٌة دون ﺻ ﻼة‪ .‬أﻣ ﺎ إن ﻋ ﺪﻣﺖ اﻟﻨ ﻮازل واﻟﻜ ﻮارث‬
‫ﻓﻼ ﻗﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ‪ ،‬وﻻ ﻗﻨﻮت آﻧﺌ ٍﺬ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣﺎﻟﻚ اﻷﺷ ﺠﻌﻲ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻗﻠ ﺖ ﻷﺑ ﻲ‪ :‬ﯾ ﺎ أﺑ ﺖِ إﻧ ﻚ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ وﻋﻤ ﺮ وﻋﺜﻤ ﺎن وﻋﻠ ﻲ ھﮭﻨ ﺎ‬
‫ﺤ ﺪَث« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ي ﺑُﻨ ﻲﱠ ﻣُ ْ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﯿﻦ أﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻨﺘ ﻮن؟ ﻗ ﺎل‪َ :‬أ ْ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ »ﺻ ﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﻘﻨ ﺖ‪،‬‬ ‫ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫وﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻨﺖ‪ ،‬وﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ ﻋﻤﺮ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻨﺖ‪ ،‬وﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ ﻋﺜﻤﺎن ﻓﻠ ﻢ ﯾﻘﻨ ﺖ‪،‬‬
‫وﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠﻒ ﻋﻠﻲ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻨﺖ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﺑُﻨﻲ إﻧﮭﺎ ﺑﺪﻋﺔ«‪ .‬وﻻ أﻋﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮازل واﻟﻜﻮارث ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻟﺤﺮوب واﻟﺰﻻزل واﻟﺒﺮاﻛﯿﻦ واﻟﻄﻮﻓـﺎن‪ ،‬وإﻧﻤﺎ أﻋﻨﻲ أﯾﻀﺎً ﻣ ﺎ ﯾ ﺼﯿﺐ اﻟﻤ ﺮء ﻣ ﻦ‬
‫ﻧﻜﺒﺎتٍ وﻣ ﺼﺎﺋﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ُﯾ ﺴﺠَﻦ اﻟ ﺸﺨﺺ‪ ،‬أو ﯾﻄﻠﺒ ﮫ ﺳ ﻠﻄﺎن ﻣﺘ ﺴﻠﱢﻂ‪ ،‬أو ﯾ ﻀﻞ اﻟ ﺴﺒﯿﻞ ﻓ ﻲ ﺳ ﻔﺮه‪ ،‬أو‬
‫ﯾﻤﺮض ﻣﺮﺿًﺎ ﺷﺪﯾﺪاً‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻟﻨﻮازل اﻟﻔﺮدﯾﺔ أﯾﻀﺎً ﯾﻘﻨﺖ اﻟﻤﺼﻠﱢﻲ ﻓﻲ أﯾﺔ ﺻﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬واﻟﺪﻟﯿﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﻨ ﻮازل ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﻨ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺷ ﮭﺮاً‬

‫‪491‬‬
‫ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ ﻓﻲ ُدﺑُﺮ ﻛ ﻞ ﺻ ﻼة‪ ،‬إذا ﻗ ﺎل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ‬
‫ﺼﯿﱠﺔ‪ ،‬و ُﯾ َﺆﻣﱢﻦ‬
‫ﻋ َ‬
‫نوُ‬
‫ﻋ ٍﻞ و َذ ْﻛ ﻮا َ‬
‫ﺳ ﻠَﯿﻢ ﻋﻠ ﻰ ِر ْ‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ ﺑﻨ ﻲ ُ‬
‫ﺣﻤﺪه ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﱟ‬
‫ﻦ ﺧﻠﻔَﮫ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أرﺳﻞ إﻟﯿﮭﻢ ﯾﺪﻋﻮھﻢ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ﻓﻘﺘﻠﻮھﻢ«‪ .‬ﻗﺎل ﻋﻜﺮﻣﺔ‪ :‬ھﺬا ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻘﻨ ﻮت‪ .‬رواه‬ ‫َﻣ ْ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫اﺑﻦ ُ‬

‫وﯾﺴﺘﻤﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﻘﻨﺖ ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﻨﺎزﻟﺔ واﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﺘﮭ ﺖ اﻟﻨﺎزﻟ ﺔ ﺗﻮﻗ ﻒ ﻋ ﻦ اﻟﻘﻨ ﻮت‪ ،‬أو ﻗﻨ ﺖ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﺷﺎء ﺛﻢ ﺗﻮﻗﻒ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺪﯾﻢ اﻟﻘﻨﻮت ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎﺋﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﻨﺖ‬
‫ﻋ ﻞٍ وذَ ْﻛ ﻮَانَ وﻗ ﺎل‪ :‬ﻋُ ﺼَﯿﱠ ُﺔ ﻋ ﺼﺖ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ«‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﮭﺮًا ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﯾ ﺪﻋﻮ ﻋﻠ ﻰ ِر ْ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻘﯿﱠﺪًا ﺑﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻲ ﻣﻦ أﺣﯿ ﺎء اﻟﻌ ﺮب ﺛ ﻢ ﺗﺮﻛ ﮫ« رواه‬ ‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﮭﺮاً ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع ﻋﻠﻰ ﺣ ﱟ‬
‫أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﺣِﺒﱠ ﺎن واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺻ ﻢ اﻷﺣ ﻮل ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺘﮫ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻘﻨﻮت َأ َﻗ ْﺒﻞَ اﻟﺮﻛﻮع أو ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺰﻋﻤ ﻮن أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗﻨﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﺬﺑﻮا ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﮭﺮًا ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺎس َﻗﺘَﻠﻮا أﻧﺎﺳ ًﺎ ﻣ ﻦ‬
‫أﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﯾﻘ ﺎل ﻟﮭ ﻢ اﻟ ُﻘ ﺮﱠاء« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻋ ﻦ ﻋﺎﺻ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﺄﻟﺖ‬
‫أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻘﻨﻮت‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع أو ﺑﻌﺪه؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺒﻠﮫ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﺈن‬
‫ﻓﻼﻧﺎً أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻨﻚ أﻧﻚ ﻗﻠﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﺬب‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع ﺷ ﮭﺮاً‪،‬‬
‫ﻼ إﻟ ﻰ ﻗ ﻮم ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ دون أوﻟﺌ ﻚ‪،‬‬ ‫أراه ﻛﺎن ﺑ ﻌ ﺚ ﻗﻮﻣ ًﺎ ﯾﻘ ﺎل ﻟﮭ ﻢ اﻟ ُﻘ ﺮﱠاء زُھ ﺎء ﺳ ﺒﻌﯿﻦ رﺟ ً‬
‫وﻛﺎن ﺑﯿﻨﮭﻢ وﺑﯿﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﮭﺪ‪ ،‬ﻓﻘﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﮭﺮاً ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﯿﮭﻢ« ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗـﺎل »ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟ َﻌ َﺘﻤَﺔ ﺷﮭﺮًا ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻗﻨﻮﺗﮫ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ َأ ْﻧ ِ‬
‫ﺞ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ‬
‫ﺞ اﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﯿﻦ ﻣﻦ‬ ‫ﺳﻠَﻤﺔ ﺑﻦ ھﺸﺎم‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻧﺞﱢ ﻋﯿﱠﺎش ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﯿﻌﺔ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ ﻧ ﱢ‬ ‫ﺞ َ‬ ‫ﺑﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ َﻧ ﱢ‬
‫اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﺷ ﺪد وﻃﺄﺗ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻀﺮ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺟﻌﻠﮭ ﺎ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ ﺳ ﻨﯿﻦ ﻛ ﺴِﻨِﻲ ﯾﻮﺳ ﻒ‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ‬
‫ھﺮﯾﺮة‪ :‬وأﺻﺒﺢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﯾﻮم ﻓﻠﻢ ﯾﺪع ﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻟﮫ ﻓﻘﺎل ‪ :r‬أﻣﺎ ﺗﺮاھﻢ ﻗ ﺪ ﻗ ﺪﻣﻮا‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻠﻔﻆ »ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن‬ ‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬ ‫؟« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺣ ِﻤ ﺪه ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﻗﻨﻮﺗ ﮫ‪ - ..‬ﻣﺜ ﻞ‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﻨﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻌﺔ ﻓﻲ ﺻﻼ ٍة ﺷ ﮭﺮاً‪ ،‬إذا ﻗ ﺎل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ َ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ‪ ..‬ﻗﺎل أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ :‬ﺛﻢ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﺮك اﻟﺪﻋﺎء ﺑﻌ ﺪ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‪:‬‬ ‫رواﯾﺔ اﺑﻦ ِ‬
‫أرى رﺳـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺪ ﺗﺮك اﻟﺪﻋﺎء ﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﯿﻞ‪ :‬وﻣﺎ ﺗﺮاھﻢ ﻗﺪ ﻗﺪﻣﻮا«‪.‬‬

‫ﻓﻘ ﺪ دﻟ ﺖ ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘﻨ ﻮت ﯾُ ﺸﺮع ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﻮازل ﺑﻘ ﺪرھﺎ وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﺑﺎﻧﺘﮭﺎﺋﮭ ﺎ وﻻ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﻋﻘﺐ رواﯾﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿﺮ )ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺨﺒﺮ ﺑﯿﺎن واﺿ ﺢ أن اﻟﻘﻨ ﻮت إﻧﻤ ﺎ‬ ‫ﯾﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗﺎل اﺑﻦ ِ‬
‫ﯾُﻘﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات ﻋﻨ ﺪ ﺣ ﺪوث ﺣﺎدﺛ ﺔ ﻣﺜ ﻞ ﻇﮭ ﻮر أﻋ ﺪاء اﷲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬أو ﻇﻠ ﻢ ﻇ ﺎﻟﻢ ﻇُﻠ ﻢ‬
‫اﻟﻤﺮء ﺑﮫ أو ﺗﻌﺪﱠى ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬أو أﻗﻮام أﺣﺐ أن ﯾﺪﻋﻮ ﻟﮭﻢ‪ ،‬أو أﺳﺮى ﻣﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ أﯾ ﺪي اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ‬
‫وأﺣ ﺐ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻟﮭ ﻢ ﺑ ﺎﻟﺨﻼص ﻣ ﻦ أﯾ ﺪﯾﮭﻢ‪ ،‬أو ﻣ ﺎ ﯾ ﺸﺒﮫ ھ ﺬه اﻷﺣ ﻮال‪ .‬ﻓ ﺈذا ﻛ ﺎن ﺑﻌ ﺾ ﻣ ﺎ وﺻ ﻔﻨﺎ‬
‫ﻣﻮﺟﻮدًا ﻗﻨﺖ اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺻﻼة واﺣﺪة أو اﻟﺼﻠﻮات ﻛﻠﮭﺎ أو ﺑﻌﻀﮭﺎ دون ﺑﻌﺾ‪ ،‬ﺑﻌ ﺪ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺷﺎء ﺑﺎﺳﻤﮫ وﯾﺪﻋﻮ ﻟﻤﻦ أﺣ ﺐ ﺑﺎﺳ ﻤﮫ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﻋﺪم ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻷﺣﻮال ﻟﻢ ﯾﻘﻨﺖ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻓﻲ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬إذ اﻟﻤ ﺼﻄﻔﻰ ‪ r‬ﯾﻘﻨ ﺖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺸﺮﻛﯿﻦ‬
‫وﯾﺪﻋﻮ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﯾﻮﻣ ًﺎ ﻣﻦ اﻷﯾﺎم ﺗﺮك اﻟﻘﻨﻮت‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ ذﻟﻚ أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ‪:r‬‬
‫ﺻﻠْﻨﺎه(‪ .‬وﻟﻘﺪ أﺻﺎب اﺑ ﻦ ﺣِﱠﺒ ﺎن ﻓﯿﻤ ﺎ ذھ ﺐ‬
‫أﻣﺎ ﺗﺮاھﻢ ﻗﺪ ﻗﺪﻣﻮا‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬا أﺑﯿﻦ اﻟﺒﯿﺎن ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ أ ﱠ‬
‫إﻟﯿﮫ ﻓﯿﻤﺎ أرى‪.‬‬

‫إﻻ أن ھﻨﺎك ﻣﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﻘﻨﻮت إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھ ﺆﻻء ﻗ ﺴﻤﺎن‪ :‬ﻗ ﺴﻢ‬
‫ﯾﻘﻮل‪ُ :‬ﯾ ْﻘﻨَﺖ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻃﯿﻠﺔ اﻟﻌﺎم‪ ،‬واﻟﻘﺴﻢ اﻵﺧﺮ ﯾﻘﻮل‪ُ :‬ﯾﻘْﻨَ ﺖ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨ ﻮازل ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وﻗﺪ اﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪492‬‬
‫أ ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﻨﺖ ﺷﮭﺮًا ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺮﻛﮫ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺢ‬
‫ﻓﻠﻢ ﯾﺰل ﯾﻘﻨﺖ ﺣﺘﻰ ﻓﺎرق اﻟﺪﻧﯿﺎ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ اﻟ ﺸﻄﺮ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﻨﮫ‪.‬‬

‫ﺳ ﺌﻞ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ‪ :‬ھ ﻞ ﻗﻨ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻧﻌ ﻢ ﺑﻌ ﺪ‬

‫ب ‪ -‬ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﺳ ﯿﺮﯾﻦ ﻗ ﺎل » ُ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﺛﻢ ﺳُﺌﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ :‬ھﻞ ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺑﻌ ﺪ اﻟﺮﻛ ﻮع‬
‫ﯾﺴﯿﺮاً« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻋ ﻦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺑ ﻦ‬
‫ﺳﯿﺮﯾﻦ ﻗﺎل‪ :‬ﺳُﺌﻞ أﻧﺲ‪ :‬أﻗﻨﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ‪ :‬أَوَﻗﻨﺖ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع ﯾﺴﯿﺮاً«‪.‬‬

‫ﺳﺌِﻞ ﻋﻦ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻨﺖ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﻛﻮع‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎل » ُ‬
‫وﺑﻌﺪه« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗـﺎل »ﺑﻌﺚ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳ ﺮﯾﺔ ﯾﻘ ﺎل ﻟﮭ ﻢ اﻟ ُﻘ ﺮﱠا ُء ﻓﺄﺻ ﯿﺒﻮا‪،‬‬
‫ﺟ َﺪ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﻨ ﺖ ﺷ ﮭﺮًا ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬وﯾﻘ ﻮل‪ :‬إن‬ ‫ﻓﻤ ﺎ رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪َ r‬و َ‬
‫ﺟ َﺪ ﻋﻠ ﻰ ﺷ ﺊ ﻣ ﺎ َو َ‬
‫ﻋﺼَﻮا اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﺼﯿﱠ َﺔ َ‬
‫ﻋُ َ‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ ﺧُﻔﺎف ﺑﻦ إﯾﻤﺎءٍ ﺑ ﻦ رَﺣْ ﻀَﺔَ اﻟﻐِﻔ ﺎري ﻗ ﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟ ﺼﺒﺢ وﻧﺤ ﻦ‬
‫ﺼﻮْا‬
‫ﻋ َ‬‫ﺼﯿﱠﺔ َ‬
‫ﻋ َ‬
‫ﻼ و َذ ْﻛ ﻮان‪ ،‬و ُ‬
‫ﻋ ً‬
‫ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة ﻗ ﺎل‪ :‬ﻟﻌ ﻦ اﷲ ِﻟﺤْﯿ ﺎن و ِر ْ‬
‫اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ‪ ،‬أﺳﻠﻢ ﺳﺎﻟﻤﮭﺎ اﷲ‪ ،‬وﻏِﻔﺎر ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ وﻗﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧ ﺼﺮف‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‬
‫ﺖ ﻗﻠﺘُﮫ وﻟﻜﻦ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻗﺎﻟﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬ ‫ﻗﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﻲ أﻧﺎ ﻟﺴ ُ‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء‪ :‬أﻣﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﯿ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻗﻨ ﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺼﺒﺢ وأن اﻟﻘﻨ ﻮت إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻷﺟ ﻞ ﺣﺎدﺛ ـﺔ اﻟﻘ ﺮاء اﻟ ﺬﯾﻦ ﻗُﺘﻠ ﻮا‪ ،‬وھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن ﻻ ﯾﻔﯿ ﺪان ﺣ ﺼﺮ‬
‫ت‬
‫ﻞ وﻗﻮع اﻟﻘﻨﻮ ِ‬ ‫ﻦ ﺣﺼﻠﺖ رآھﺎ اﻟﺮاوي ﻓﻨﻘﻠﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻨ ْﻘ ُ‬ ‫اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﯾﺬﻛﺮان واﻗﻌﺔ ﻋﯿ ٍ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻻ ﯾﻨﻔﻲ وﻗﻮﻋﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻛﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻇ ﺎھﺮ‪ ،‬ﺑ ﻞ إن ﻋﻨ ﺪﻧﺎ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺬﻛﺮ‬
‫وﻗﻮع اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ وﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﻘ ﺮاء ھ ﺆﻻء‪ ،‬ﻣ ﺎ ﯾﻨﻔ ﻲ ﺣ ﺼﺮ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫وﻗﻮع اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ ُ‬
‫وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ وﻓﯿ ﮫ »ﻗﻨ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺷ ﮭﺮاً ﻣﺘﺘﺎﺑﻌ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ‬
‫واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻲ دﺑﺮ ﻛﻞ ﺻ ﻼة إذا ﻗ ﺎل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫ﺼﯿﱠﺔ‪.«...‬‬
‫ﻋ َ‬
‫ﻋﻞٍ و َذﻛْﻮان و ُ‬
‫ﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳُﻠَﯿﻢ ﻋﻠﻰ ِر ْ‬
‫اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﺣ ﱟ‬

‫وﺛﺒﺖ أﯾﻀًﺎ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨ ﻮازل ﯾﻘﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ وﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾﻨﻔ ﻲ‬
‫اﺧﺘﺼﺎص اﻟﺼﺒﺢ ﺑﺎﻟﻘﻨﻮت‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة ﻗﻨﺖ وﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺞ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺞ‬
‫ﺳﻠَﻤﺔ ﺑﻦ ھﺸﺎم‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺞ ﻋﯿﱠﺎش ﺑﻦ أﺑ ﻲ رﺑﯿﻌ ﺔ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺞ اﻟﻤﺴﺘ ﻀﻌﻔﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬ ‫َ‬
‫ﺴﻨِﻲ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ‬ ‫اﺷ ُﺪدْ وﻃﺄﺗﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺮ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻠﮭﺎ ﺳﻨﯿﻦ ﻛ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺑﻠﻔﻆ اﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬ﻓﮭﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﻘﻨﻮت ﻓ ﻲ‬ ‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﻦ ﻟﻜ ـﻢ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وأﯾﻀًﺎ روى أﺑ ﻮ ﺳ ﻠﻤﺔ ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ـﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »واﻟﻠ ـﮫ ُﻷﻗَ ﺮﱢﺑ ﱠ‬
‫ﺻ ﻼ َة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻜ ﺎن أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة ﯾﻘﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻵﺧ ﺮة ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﺸﺎء وﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺜﮫ اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة وﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﯾﻘ ﻮل ﺳ ﻤﻊ‬

‫‪493‬‬
‫اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه‪ ،‬وﯾ ﺪﻋﻮ ﻟﻠﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ وﯾﻠﻌ ﻦ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬ﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﻋ ﺎﻣﺮ‪ :‬وﯾﻠﻌ ﻦ اﻟﻜ ﺎﻓﺮﯾﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻈﮭ ﺮ وﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء وﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺼﺒﺢ‪ .‬وروى اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋ ﺎزب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﻨ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ واﻟﻤﻐ ﺮب« رواه‬
‫أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﮭ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ وﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻤﻐ ﺮب‪ ،‬وﻣﺜﻠ ﮫ ﻣ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ اﻟﻤﻐ ﺮب‬
‫واﻟﻔﺠﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ﻓﮭﻞ ﺑﻘﯿﺖ ﺣﺠﺔ ﻟﮭﺆﻻء ﻟﺤﺼﺮ اﻟﻘﻨﻮت ﺑﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻮازل؟‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺜﺎن اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﯿﺪﻻن ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﻗﻨ ﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وأن ذﻟ ﻚ‬
‫ﻛﺎن ﺟﻮاب ﺳﺆال‪ ،‬ﻓﺎﻟﺴﺎﺋﻞ ﺳﺄل ﻋﻦ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻓﺄﺟﯿﺐ ﺑﺎﻹﯾﺠ ﺎب‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺄل اﻟ ﺴﺎﺋﻞ‬
‫ت أو ﻧﻔ ﻲٌ‪ ،‬ﻓ ﻼ دﻻﻟ ﺔ ﻓ ﻲ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻋ ﻦ اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻟﻨ ﺮى ھ ﻞ ﯾﻜ ﻮن إﺛﺒ ﺎ ٌ‬
‫ﺣﺼﺮ اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻟﮭﺆﻻء ﻣﻦ دﻟﯿﻞ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺤﺼﺮ اﻟﻘﻨﻮت ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‬
‫ﺳﻮى اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻘﻂ وھ ﻮ ﻗﻮﻟ ﮫ »وأﻣ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺰل ﯾﻘﻨ ﺖ ﺣﺘ ﻰ ﻓ ﺎرق اﻟ ﺪﻧﯿﺎ«‪ .‬وﻧ ﺮد‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻌﺎرض اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻤﺎر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻓﯿﮫ »ﺻﻠﯿﺖ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ﯾﻘﻨﺖ ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ِ‬
‫اﻻﺷﺠﻌﻲ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺖِ إﻧﻚ ﻗﺪ ﺻﻠﻲ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ‬
‫ث«‪ .‬ﻓﻜﯿ ﻒ‬‫ﺤﺪ ٌ‬ ‫وﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠﻲ ھﮭﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﯿﻦ أﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻨﺘﻮن؟ ﻗﺎل‪ :‬أي ﺑﻨﻲ ُﻣ ْ‬
‫ﻧﻮﻓﻖ ﺑﯿﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿﯿﻦ؟ إﻧﮫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ر ﱢد أﺣﺪھﻤﺎ أو أن ﻧﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﺄوﯾﻞ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إﻧﮫ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ أن اﻟﻘﻨﻮت إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻘﯿﺪًا ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻨﻮازل‪ ،‬ﻓﻘﺪ‬
‫ﻣﺮﱠت اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻼ ﻧﻌﯿﺪ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ أﯾﻀﺎً ﺗﺘﻌﺎرض ﻣ ﻊ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺈﻣ ﺎ أن‬
‫ﻧﺮد ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وإﻣﺎ أن ﻧﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﺄوﯾﻞ‪ ،‬وﻣﻤﺎ ﯾﺪل أﯾﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﻣ ﺎ رواه أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻻ ﯾﻘﻨﺖ إﻻ إذا دﻋﺎ ﻟﻘﻮم أو دﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮم« رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬وﻣﺎ رواه أﺑ ﻮ‬ ‫ﻋﻨﮫ »أ ﱠ‬
‫ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛـﺎن ﻻ ﯾﻘﻨﺖ إﻻ أن ﯾﺪﻋﻮ ﻷﺣﺪ أو ﯾ ﺪﻋﻮ ﻋﻠ ﻰ أﺣ ﺪ‪ ،‬وﻛ ﺎن إذا‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻣﺜﻠ ﮫ روى اﺑ ﻦ‬‫ﻗﺎل ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻗ ﺎل رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺞ ‪ «..‬رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﯾﻘﻮل ھﺆﻻء؟‪.‬‬
‫ِ‬

‫ج ‪ -‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻣﻄﻌ ﻮن ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬إذ رواه أﺑ ﻮ ﺟﻌﻔ ﺮ اﻟ ﺮازي اﻟﺘﻤﯿﻤ ﻲ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟ ﺮاوي ﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ‬
‫ﺨِﻠ ﻂ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ُزرْﻋ ﺔ‪ :‬إﻧ ﮫ ﺷ ﯿﺦ َﯾ ِﮭ ُﻢ‬
‫أﺣﻤﺪ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﺑﻘﻮي ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺪﯾﻨﻲ‪ :‬إﻧ ﮫ ﯾَ ْ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن )ﻛ ﺎن ﯾﻨﻔ ﺮد ﻋ ﻦ اﻟﻤ ﺸﺎھﯿﺮ‬ ‫ﻛﺜﯿﺮاً ‪ .‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﻌﯿﻦ‪ :‬إﻧﮫ ﯾُﻜﺘﺐ ﺣﺪﯾﺜﮫ وﻟﻜﻨﮫ ﯾﺨﻄﺊ‪ .‬وﻗﺎل اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻛﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﯾﻌﺠﺒﻨﻲ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺤﺪﯾﺜ ﮫ إﻻ ﻓﯿﻤ ﺎ واﻓ ﻖ اﻟﺜﻘ ﺎت(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾُﺤ ﺘﺞ ﺑ ﮫ وﻻ‬
‫ﯾﺼﻤﺪ أﻣﺎم اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻟﮫ‪.‬‬

‫د ‪ -‬ﻋﻨﺪﻧﺎ أﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﺗُﻠﻘ ﻲ اﻟ ﻀﻮء ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻘﻨ ﻮت ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣﺆﻗﺘ ًﺎ‬
‫ﺑﻤﺪة ﺷﮭﺮ واﺣﺪ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وأﻧﮫ ﺣﺼﻞ ﻋﻨﺪ وﻗﻮع ﻧﺎزﻟﺔ اﻟﻘ ﺮاء‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫»ﻗﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺷﮭﺮاً ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ِرﻋْﻞٍ وذَﻛْﻮانَ وﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻋُ َ‬
‫ﺼﯿﱠﺔُ‬
‫ﻋ ﺼﺖ اﷲ ورﺳ ﻮﻟﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﻨ ﺖ‬
‫ﺼﯿﱠﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﻜﯿ ﻒ ﯾ ﺮوي أﺑ ﻮ ﺟﻌﻔ ﺮ‬ ‫ﻋ َ‬
‫ﺷﮭﺮًا ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠـﺮ ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ُ‬
‫اﻟﺮازي ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻣﺎ زال ﯾﻘﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﻓﺎرق اﻟﺪﻧﯿﺎ؟‪.‬‬

‫‪494‬‬
‫ض ﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻛﺜﯿ ﺮة‪ ،‬وﻣ ﻊ اﻟﺘﻌ ﺎرض ﯾُﺘ ﺮك‬ ‫ھـ ‪ -‬إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أﻧﮫ ﻣُﻌﺎ ِر ٌ‬
‫ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ وﯾُﻌﻤَ ﻞ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻻ ﺑ ﺪ ﻣﻨ ﮫ إن ﻧﺤ ﻦ أﺧ ﺬﻧﺎ ﺑﻈ ﺎھﺮ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ دون ﺗﺄوﯾﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﺘﺄوﯾﻞ رﺣﻤ ًﺔ ﺑﻤﻦ ﺻﺢ ﻋﻨﺪھﻢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﺣ ﺎروا‬
‫ﺤ َﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﯾﻌﻨ ﻲ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬إن ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ُﯾ ْ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻨﻮت ﻃﻮل اﻟﻘﯿﺎم وﻻ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺪﻋﺎء اﻟﻤﻌﺮوف‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﻒ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‬
‫ل ﻣﻦ وﻗﻮﻓﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا ھ ﻮ اﻟﻤﻌﻨ ﻰ اﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﻟﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ‬ ‫أﻃﻮ َ‬
‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻛﺎن ﯾﻘﻨﺖ ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺪﻋﻮ‪ ،‬وأن وﻗﻮﻓﮫ اﻟﻄﻮﯾﻞ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﻓﻲ ذﻛ ﺮ‬
‫اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ ﯾَﻠﺠُﺄ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ أﻋﻤﻞ اﻟﺪﻟﯿﻠﯿﻦ وﻟ ﻢ ﯾﻄ ﺮح أﺣ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ رواه ﻣﺤﻤ ﺪ‬
‫ﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ ﻗﺎل »ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﻣَﻦ ﺻﻠﻰ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻼة اﻟﻐﺪاة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رﻓﻊ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻗﺎم‬
‫ُھ َﻨﯿﱠﺔ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻠﻔﻆ »ﺣ ﺪﺛﻨﻲ ﺑﻌ ﺾ ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه‪ ،‬ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻗ ﺎم ُھ َﻨ ْﯿ َﮭ ًﺔ«‪ .‬وﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻼ‬
‫اﻟﻮﺟﮭﯿﻦ أﺧﺬًا ﺑﻈﺎھﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ أو أﺧﺬاً ﺑﺎﻟﺘﺄوﯾﻞ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ُﯾﺸﺮع اﻟﻘﻨ ﻮت اﻟ ﺪاﺋﻢ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻓﻲ أﯾﺔ ﺻﻼة ﻣﻔﺮوﺿﺔ‪.‬‬

‫وﻧﻘﻮل أﺧﯿﺮًا إن دﻋﺎء اﻟﻘﻨﻮت ﺳﻮاء ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ أو ﻓﻲ ﻏﯿﺮھ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻠﻮات‬
‫اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﺰول اﻟﻜﻮارث‪ ،‬أو ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ‪ ،‬ﯾﻜﻮن ﺑﺼﻮت ﻣ ﺴﻤﻮع‬
‫ﯾُﺠﮭَﺮ ﺑﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﻤﻌﮫ اﻟﻤُﺆﺗﻤﱡﻮن ﺧﻠﻔﮫ ﻓﯿـُﺆﻣﱢﻨﻮن ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس اﻟ ﺬي رواه‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﻗﻨﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺷﮭﺮًا ﻣﺘﺘﺎﺑﻌًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ‬ ‫اﺑﻦ ُ‬
‫واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻲ دﺑﺮ ﻛﻞ ﺻ ﻼة إذا ﻗ ﺎل ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫ﻦ ﻣَﻦ ﺧﻠﻔﮫ ‪. «...‬‬ ‫ن وﻋُﺼﯿﱠﺔ‪ ،‬و ُﯾ َﺆ ﱢﻣ ُ‬ ‫ﻋ ٍﻞ و َذﻛْﻮا َ‬
‫ﺳﻠَﯿ ٍﻢ ﻋﻠﻰ ِر ْ‬
‫ﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ُ‬ ‫اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﺣ ﱟ‬
‫ﻻﺣﻆ ﻗﻮﻟﮫ »ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ« وﻗﻮﻟﮫ »و ُﯾ َﺆﻣﱢﻦ ﻣَﻦ ﺧﻠﻔﮫ« ﻣ ﺎ‬
‫ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﻘﻨﻮت ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات ﻛﻠﮭ ﺎ اﻟﺠﮭﺮﯾ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ واﻟ ﺴﺮﯾﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا أراد أن ﯾﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ أو ﯾﺪﻋﻮ ﻷﺣﺪ ﻗﻨﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻛﻮع‪،‬‬
‫ﺳ ﻠَﻤﺔ ﺑ ﻦ‬ ‫ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻗﺎل إذا ﻗﺎل ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤ ﺪه رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ :‬أﻟﻠﮭ ﻢ أﻧ ﺞ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ و َ‬
‫ھ ﺸﺎم وﻋ ﱠﯿ ﺎش ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ رﺑﯿﻌ ﺔ واﻟﻤﺴﺘ ﻀﻌﻔﯿﻦ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺷ ﺪد وﻃﺄﺗ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ُﻣ ﻀَﺮ‪،‬‬
‫ﺴﻨِﻲ ﯾﻮﺳﻒ‪ ،‬ﻗﺎل ﯾَﺠﮭَﺮ ﺑﺬﻟﻚ وﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺑﻌ ﺾ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬ ‫واﺟﻌﻠﮭﺎ ﺳﻨﯿﻦ ﻛ ِ‬
‫ب‬
‫ﺷ ﺊ َأ ْو َﯾﺘُ ْﻮ َ‬
‫ﻚ ِﻣ ﻦ ا َﻷ ْﻣ ِﺮ َ‬ ‫اﻟﻌﻦ ﻓﻼﻧ ًﺎ وﻓﻼﻧﺎً‪ ،‬ﺣﯿﱠﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﻧ ﺰل اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ] َﻟ ْﯿ َ‬
‫ﺲ َﻟ َ‬
‫ن ‪ «[..‬رواه أﺣﻤﺪ ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﯿﮫ »ﯾﺠﮭﺮ ﺑﺬﻟﻚ«‪.‬‬ ‫ﻋ َﻠ ْﯿ ِﮭ ْﻢ َأ ْو َﯾ َﻌﺬﱢ َﺑﮭُ ْﻢ ﻓَﺈﻧﱠﮭُ ْﻢ ﻇَﺎ ِﻟﻤُ ْﻮ َ‬
‫َ‬

‫ھـ‪ .‬ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ‬

‫ﺳ ﻤﯿﺖ ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ ﺑﮭ ﺬا اﻻﺳ ﻢ ﻷن اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ ﯾ ﺴﺘﺮﯾﺤﻮن ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ﻛ ﻞ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‪،‬‬
‫ُ‬
‫ﻓﯿﻨﺎﻟﻮن ﺗﺮوﯾﺤ ًﺔ واﻟﺠﻤﻊ ﺗﺮاوﯾﺢ‪ .‬وھﺬه اﻟﺼﻼة ھﻲ ﻣﻦ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ ﺧﺎﺻ ﺔ ﺑ ﺸﮭﺮ رﻣ ﻀﺎن‪،‬‬
‫ﻓﮭﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻲ رﻣﻀﺎن‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺣﻜﻢ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﮭﻮ اﻟﻨﺪب واﻻﺳ ﺘﺤﺒﺎب‪ ،‬وﻣَ ﻦ ﺻ ﻼﱠھﺎ إﯾﻤﺎﻧ ﺎً واﺣﺘ ﺴﺎﺑﺎً ﻏُ ِﻔ ﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪﱠم‬
‫ﻏ ﺐ ﻓ ﻲ ﻗﯿ ﺎم رﻣ ﻀﺎن ﻣ ﻦ‬ ‫ﻣﻦ ذﻧﺒﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾُﺮ ﱢ‬
‫ﻏﻔِﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﺗﻘ ﺪم ﻣ ﻦ ذﻧﺒ ﮫ«‬ ‫ﻏﯿﺮ أن ﯾﺄﻣﺮھﻢ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺰﯾﻤﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‪ :‬ﻣﻦ ﻗﺎم رﻣﻀﺎن إﯾﻤﺎﻧًﺎ واﺣﺘﺴﺎﺑًﺎ ُ‬
‫رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ »ﻣِ ﻦ ﻏﯿ ﺮ أن ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ ﻓﯿ ﮫ ﺑﻌﺰﯾﻤ ﺔ« واﺿ ﺢ‬
‫اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺪب وﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب‪ .‬وأﯾ ﻀ ًﺎ ﻓﻘ ﺪ روت ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ذات ﻟﯿﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻧﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺑﻠ ﺔ ﻓﻜﺜ ﺮ اﻟﻨ ﺎس‪،‬‬
‫ﺛﻢ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ أو اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﻠﻢ ﯾﺨﺮج إﻟﯿﮭﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ رأﯾ ُ‬
‫ﺖ‬

‫‪495‬‬
‫اﻟ ﺬي ﺻ ﻨﻌﺘﻢ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻤﻨﻌﻨ ﻲ ﻣ ﻦ اﻟﺨ ﺮوج إﻟ ﯿﻜﻢ إ ﱠﻻ أﻧ ﻲ ﺧ ﺸﯿﺖ أن ﺗُ ْﻔ ﺮض ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫رﻣ ﻀﺎن« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود وﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »إ ﱠﻻ أﻧ ﻲ ﺧ ﺸﯿﺖ أن ُﺗ ْﻔ ﺮض‬
‫ﻋﻠﯿﻜﻢ« ﯾﺪل ﻗﻄﻌ ًﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻟﻨﺪب‪.‬‬

‫وھﺬه اﻟﺼﻼة ﯾﺠﻮز أن ﺗُﺼﻠﱠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ وﯾﺠﻮز ﻃﺒﻌ ًﺎ أن ﺗُﺼﻠﱠﻰ ﻓﺮادى وھﻮ اﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫ﺻﻠﱢﯿﺖ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔُﻀﻠﻰ‪ ،‬ﺗﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻔ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﻲ‬ ‫اﻟﺘﻄﻮع ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وإذا ُ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﺼﻼة ﻓُﺮادى ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬وآﺧﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﻞ اﻟﺼﻼة ﻓُﺮادى ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﺼ َﻔ ٍﺔ أو ﺣ ﺼﯿ ٍﺮ‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫ﺨ َ‬‫ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »اﺣﺘﺠﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣُﺠَﯿ ﺮ ًة ﺑ َ‬
‫‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺘﺘﺒ ﻊ إﻟﯿ ﮫ رﺟ ﺎل وﺟ ﺎءوا ﯾ ﺼﻠﻮن ﺑ ﺼﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛ ﻢ ﺟ ﺎءوا ﻟﯿﻠ ﺔ ﻓﺤ ﻀﺮوا‪،‬‬
‫ﺼﺒُﻮا اﻟﺒ ﺎب‪ ،‬ﻓﺨ ﺮج إﻟ ﯿﮭﻢ‬ ‫ﺣ َ‬ ‫وأﺑﻄﺄ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻠﻢ ﯾﺨﺮج إﻟﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﺮﻓﻌﻮا أﺻ ﻮاﺗﮭﻢ و َ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ُ r‬ﻣ ْﻐﻀَﺒﺎً‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮭﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣﺎ زال ﺑﻜﻢ ﺻﻨﯿﻌﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖُ أﻧﮫ ﺳﯿُﻜﺘﺐ ﻋﻠﯿﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻠ ﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﻜﻢ ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺧﯿ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮء ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ إﻻ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ وﻟﻔﻈﮫ »إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﺗﺨﺬ ﺣﺠﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺣﺼﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻓﯿﮭﺎ ﻟﯿﺎﻟﻲ ﺣﺘﻰ اﺟﺘﻤﻊ إﻟﯿ ﮫ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻓﻘ ﺪوا ﺻ ﻮﺗﮫ ﻟﯿﻠ ﺔً ﻓﻈﻨ ﻮا أﻧ ﮫ ﻧ ﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ ﺑﻌ ﻀﮭﻢ‬
‫ﯾﺘﻨﺤﻨﺢ ﻟﯿﺨﺮج إﻟﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ زال ﺑﻜﻢ اﻟﺬي رأﯾﺖ ﻣﻦ ﺻُﻨﻌِﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﺧﺸﯿﺖ أن ﯾُﻜﺘﺐ ﻋﻠﯿﻜﻢ‪ ،‬وﻟﻮ‬
‫ﻛﺘ ﺐ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﻣ ﺎ ﻗﻤ ﺘﻢ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻮا أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ﺑﯿﻮﺗ ـﻜﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈن أﻓ ﻀﻞ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮء ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ إﻻ‬
‫ﺼ َﻔ ٍﺔ أو ﺣ ﺼﯿ ٍﺮ‪ :‬أي اﺗﺨ ﺬ ﻟ ﮫ ﺣﺠ ﺮة‬ ‫ﺨ َ‬ ‫اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‪ :‬اﺣﺘﺠ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣُﺠَﯿ ﺮة ﺑ َ‬
‫ﺨﺼَﻔﺔ واﻟﺤﺼﯿﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ واﺣ ﺪ‪ .‬ﯾ ﺪل ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ‬ ‫ﺻﻐﯿﺮة ﻣﻦ ﺣﺼﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟ َ‬
‫إن ھﻲ ُأدﱢﯾ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت ﻛﺎﻧ ﺖ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ أداﺋﮭ ﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ذر رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﺻُﻤﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻓﻠﻢ َﯾﻘُﻢ ﺑﻨﺎ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﮭﺮ ﺣﺘﻰ ﺑﻘﻲ ﺳﺒﻊٌ‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﺑﻨﺎ ﺣﺘﻰ ذھﺐ‬
‫ﺛُﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻟﻢ َﯾﻘُ ﻢ ﺑﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺨﺎﻣ ﺴﺔ ﻗ ﺎم ﺑﻨ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ذھ ﺐ ﺷ ﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪،‬‬
‫ﻓﻘﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻟ ﻮ ﻧﻔﻠﺘَﻨ ﺎ ﻗﯿ ﺎمَ ھ ﺬه اﻟﻠﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﻟﺮﺟ ﻞ إذا ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺣﺴِﺐ ﻟﮫ ﻗﯿﺎمُ ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻟﻢ ﯾﻘﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺟﻤ ﻊ أھﻠ ﮫ وﻧ ﺴﺎءه‬ ‫ﯾﻨﺼﺮف ُ‬
‫واﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎم ﺑﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺧﺸﯿﻨﺎ أن ﯾﻔﻮﺗﻨﺎ اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﻔﻼح؟ ﻗ ﺎل اﻟ ﺴﺤﻮر‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟ ﻢ ﯾﻘ ﻢ ﺑﻨ ﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺣﺘ ﻰ ﺑﻘ ﻲ ﺳ ﺒﻊ‪ :‬ﯾﻌﻨ ﻲ‬ ‫ﺑﻘﯿﺔ اﻟﺸﮭﺮ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻟﻢ ﯾﻘﻢ ﺑﻨﺎ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﻘ ﻢ ﻓﯿﮭ ﺎ‪.‬‬
‫وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻗﺎم ﺑﻨﺎ‪ :‬ﻣﻌﻨﺎه ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﺨ ﺎﻣﺲ واﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ ﻗ ﺎم ﺑﮭ ﺎ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻓﻠﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‬
‫ﺟﻤﻊ أھﻠﮫ وﻧﺴﺎءه واﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎم ﺑﻨﺎ‪ :‬ﻣﻌﻨﺎه أﻧ ﮫ ﻗ ﺎم ﺑﻜ ﻞ ھ ﺆﻻء ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ ﻣ ﻦ رﻣ ﻀﺎن‪.‬‬
‫وﯾﺒﺪو أﻧﮭﺎ أﻓﻀﻞ ﻟﯿﺎﻟﯿﮫ‪.‬‬

‫ﺚ ﻣﺎ رواه ﻧﻌﯿﻢ ﺑﻦ زﯾﺎد أﻧﮫ ﺳﻤﻊ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑﺸﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﯾﻘ ﻮل ﻋﻠ ﻰ‬ ‫ﯾﻔﺴﺮ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾ َ‬
‫ﻣﻨﺒﺮ ﺣﻤﺺ »ﻗﻤﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﯿﻠﺔ ﺛﻼث وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ رﻣ ﻀﺎن إﻟ ﻰ ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻷول‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﻗﻤﻨﺎ ﻣﻌﮫ ﻟﯿﻠﺔ ﺧﻤﺲ وﻋﺸﺮﯾﻦ إﻟﻰ ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﻨﺎ ﻟﯿﻠﺔ ﺳﺒﻊ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺎ أن ﻻ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻧﺪرك اﻟﻔﻼح‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻛﻨﺎ ﻧﺪﻋﻮ اﻟﺴﱠﺤﻮر اﻟﻔﻼح ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫ﯾ ﺪل ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻰ أﻓ ﻀﻠﯿﺔ ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬إذ ﻓ ﻲ ﻟﯿ ﺎﻟﻲ رﻣ ﻀﺎن‬
‫اﻟﻔﺮدﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻄﺮ اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻨﮫ‪ ،‬أي ﻓﻲ اﻟﻠﯿ ﺎﻟﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺗُﻠ ﺘَﻤَﺲ ﻓﯿﮭ ﺎ ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﻘ ﺪر‪ ،‬ﺻ ﻼھﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺑﺎﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وﺻ ﻼھﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ ﻧ ﺼﺎن ﯾُﻈ ﻦ أﻧﮭﻤ ﺎ ﻣﺘﻌﺎرﺿ ﺎن‪ :‬اﻷول ﯾ ﺪلﱡ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ أﻓ ﻀﻠﯿ ِﺔ أداﺋﮭ ﺎ ﺟﻤﺎﻋ ـ ًﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻨﻘ ﻮل‬
‫أﻓﻀﻠﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾ ﺪ ﱡ‬
‫ﻣ ﺴﺘﻌﯿﻨﯿﻦ ﺑ ﺎﷲ اﻟﻤُﻌ ﯿﻦ‪ :‬إن ﻗﻮﻟ ﮫ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟ ﻨﺺ اﻷول »ﻓ ﺼﻠﱡﻮا أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﻜﻢ ﻓ ﺈن أﻓ ﻀﻞ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ إﻻ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ« ﯾُﺆﺧﺬ ﻣﻨﮫ أن ﻣﻦ أراد اﻟﺘﻄﻮع ‪ -‬واﻷﺻﻞُ ﻓ ﻲ اﻟﺘﻄ ﻮع‬
‫أداؤُه ﻓﺮدﯾ ًﺎ ‪ -‬ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ‪ ،‬ﻷن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬

‫‪496‬‬
 ‫ن أداءه ﻟﮭ ﺎ ﻓ ﻲ‬ ‫ھﺬه ھﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة وھﻲ اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻓﻤﻦ أراد أن ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫اﻟﺒﯿﺖ أﻓﻀﻞ ﻟﮫ ﻣﻦ أداﺋﮫ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪ ،‬وھﺬا أﻣ ﺮ ﻏﯿ ﺮ ﻣﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ ،‬وﻣ ﺎ دام ھ ﺬا‬
‫ھﻮ اﻷﺻﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺒﻨﻲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ ھﻲ اﻷﻓ ﻀﻞ ﺑ ﻼ ﺷ ﻚ‪ ،‬ﻷن اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ اﻷﺻﻞ ﻓﯿﮭﺎ أﻧﮭﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺮدﯾﺔ‪ ،‬وھﺬا أﻣﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﺨ َﺘﻠَﻒ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻦ ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻀﻠَﯿﻦ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻓﺮدﯾ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ‬‫اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻷﺻ ﻠﯿﻦ وﺑ ﯿﻦ اﻷﻓ َ‬
‫ﻓﺈﻧﮫ ﯾَﻌﻤﻞ ﺑﺄﺻ ﻞ واﺣ ﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻌﻤ ﻞ ﺑﺄﺻ ﻞ واﺣ ﺪ ﻓﺤ ﺴﺐ‬
‫أﯾﻀﺎً‪ ،‬وھﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﺟﯿﺢ أﺣﺪ اﻷﺻ ﻠﯿﻦ ﻋﻠ ﻰ اﻵﺧ ﺮ‪ ،‬وﻗ ﺪ وﺟ ﺪﻧﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ذر اﻟﻘﺎﺋ ﻞ »ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫ﺠ ْﻤ ُﻌ ُﮫ أھﻠَﮫ وﻧﺴﺎءَه ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺟﻤﻊ أھﻠﮫ وﻧﺴﺎءه واﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎم ﺑﻨﺎ«‪ .‬ﻓ َ‬
‫ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ ‪ -‬وھ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻏﻠ ﺐ ﻟﯿﻠ ﺔ اﻟﻘ ﺪر ‪ -‬وﻋ ﺪم ﺗﺮﻛ ﮫ إﯾ ﺎھﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن‬
‫اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﺮدﯾﺎً‪ ،‬ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻠﯿﺔ اﻟﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة‬
‫اﻟﻔﺮدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬إذ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻌﻜ ﺲ ﻟﻤ ﺎ ﺟﻤ ﻊ أھﻠ ﮫ وﻧ ﺴﺎءه ﻓ ﻲ ﺗﻠ ﻚ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺪل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺻﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ -‬وأﻋﻨ ﻲ ﺑ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ‪ -‬أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ اﻷﺧ ﺬ ﺑﺎﻷﺻ ﻞ اﻷول‬
‫وھﻮ اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺮدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻓﺼﺎرت اﻟﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﺄﺗﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪.‬‬

‫ﻓﺘﺒﻘﻰ اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺮدﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻟ ﺼﻼة اﻟﻔﺮدﯾ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ‪ ،‬وھﻨ ﺎ ﻻ ﺗ ﺮدد ﻓ ﻲ ﺗﻔ ﻀﯿﻞ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﺣﺴﻢ ھﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﺣ ﯿﻦ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺼ ﱢﻞ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬
‫ﻼ ﻟﮭﻢ »إن أﻓﻀﻞ ﺻﻼة اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ« أي‬ ‫وﺻﺎر ﻻ ﻣﻔﺮ ﻟﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﺮدﯾﺎً‪ ،‬ﻗﺎﺋ ً‬
‫أﺷﺎر ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ وأداء ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻻ أن ﯾﺼﻠﻮھﺎ ﻓﺮدﯾ ًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪.‬‬

‫وھﻨﺎ ﻗﺪ ﯾﻘﺎل‪ :‬وﻟﻤﺎذا ﻧﻔﺘﺮض أﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا ﺳﯿ ﺼﻠﻮﻧﮭﺎ ﻓﺮدﯾ ﺎً ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﻟ ﻦ ﯾ ﺼﻠﻮھﺎ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‬
‫ﻓﯿﮫ؟ ﻓﻨﻘﻮل‪ :‬إﻧﮭﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﮭﻢ أن ﯾﺼﻠﻮا ﺟﻤﺎﻋﺔ ورﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺎﺿﺮ ﻻ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻌﮭ ﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ‬
‫ﺑ ﺼﻼﺗﮭﺎ ﺟﻤﺎﻋ ﺔً ﺑﺈﻣﺎﻣ ﺔِ إﻣ ﺎمٍ ﯾﻌﯿﱢﻨ ﮫ ﻣ ﻦ ﺑﯿ ﻨﮭﻢ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﻓﻌ ﻼً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻋ ﺎدوا إﻟ ﻰ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ‪،‬‬
‫وﺻﻠﻮھﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ اﻟﺘﻲ ﻟ ﻢ ﯾﺨ ﺮج ﻓﯿﮭ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻠ ﺼﻼة ﺑﮭ ﻢ‪ ،‬وﻟ ﻢ ُﯾ ْﻨ َﻘ ﻞ أي ﻧ ﺺ‬
‫ﺑﺄﻧﮭﻢ ﻋﻘﺪوھﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺣﯿﻨﺬاك‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﯾﻘ ﺎل ﻣ ﺎ داﻣ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت ﻓﺮدﯾ ﺎً ﻓﻠﻤ ﺎذا‬
‫أﻣﺮھﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﺬھﺎب ﻷداﺋﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ ﻓﺮدﯾ ﺎً؟ أي ﻟﻤ ﺎذا ﻓ ﻀﱠﻞ اﻟﻤﻔ ﻀﻮل ﻋﻠ ﻰ اﻷﻓ ﻀﻞ؟‬
‫ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﺧ ﺸﯿﺖ أن ﯾُﻜﺘ ﺐ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ وﻟ ﻮ ﻛُﺘ ﺐ ﻋﻠ ﯿﻜﻢ ﻣ ﺎ‬
‫ﻗﻤ ﺘﻢ ﺑ ﮫ« ﻓﺨ ﺸﯿﺘﮫ ‪ r‬ﻣ ﻦ ﻓ ﺮض ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ إن ھ ﻮ داوم ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ھﻮ اﻟﺬي ﻣﻨﻌﮫ ﻣﻦ أداﺋﮭﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ ذﻟ ﻚ ﻟﺮﺑﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻣﻨ ﮫ اﻷﻣ ﺮ‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً‪.‬‬

‫ﻦ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﺎ‬‫أﻣﺎ ﻋﺪد رﻛﻌﺎت ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺸﺮع ﻟﻢ ﯾﺤﺪﱢد ﻋﺪدًا ﻣﻌﯿﻨ ًﺎ ﯾُﻠ َﺘ ﺰَم ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﺗُﺼﻠﻰ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺎت ﺛﻤﺎنٍ ﺗﻌﻘﺒﮭﺎ ﺛﻼث رﻛﻌﺎت ﻣﻦ اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻷن ھﺬا اﻟﻌﺪد ھﻮ ﻣﺎ روي ﻋﻨﮫ ‪ r‬ﻣﻦ‬
‫ﺳﻠَﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ أﻧﮫ ﺳﺄل ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل‬ ‫ﻓﻌﻠﮫ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ َ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن؟ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺰﯾ ﺪ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻋﻠ ﻰ إﺣ ﺪى‬
‫ﺣ ﺴﻨﮭﻦ‬ ‫ﺴ ْﻞ ﻋﻦ ُ‬
‫ﺴﻞْ ﻋﻦ ﺣُﺴﻨﮭﻦ وﻃﻮﻟﮭﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ أرﺑﻌًﺎ ﻓﻼ َﺗ َ‬ ‫ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ‪ ،‬ﯾﺼﻠﻲ أرﺑﻌﺎً ﻓﻼ َﺗ َ‬
‫وﻃﻮﻟﮭﻦ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟﻚ وأﺑﻮ داود‪ .‬ﻗﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪:‬‬
‫ﯾﻌﻨﻲ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ‪ .‬وﻋﻨﮭﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة ﻣﻨﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ورﻛﻌﺘﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬وﻋﻨﮭ ﺎ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ـﺎن ‪ -‬أي رﺳ ﻮل اﷲ ‪- r‬‬
‫ن َرﻛَﻌ ﺎت ﺛ ﻢ ﯾ ﻮﺗﺮ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓ ﺼﻼﺗﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛﻤ ﺎ َ‬
‫واﻟﺴﻼم ﺑﺎﻟﻠﯿﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت ﻋ ﺪا اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺟ ﺎء‬

‫‪497‬‬
‫ﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل »ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻨﻲ اﻟﻠﯿﻠ َﺔ ﺷﺊ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﻓﻲ رﻣ ﻀﺎن ‪ -‬ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫أُﺑ ﱡ‬
‫وﻣﺎ ذاك ﯾﺎ أُﺑﻲﱡ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻧﺴﻮ ٌة ﻓﻲ داري ﻗُﻠﻦ‪ :‬إﻧﱠﺎ ﻻ ﻧﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻓﻨﺼﻠﻲ ﺑﺼﻼﺗﻚ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺼﻠﯿﺖ ﺑﮭ ﻦ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‬
‫ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت ﺛﻢ أوﺗﺮت‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻜﺎن ﺷﺒﮫ اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺷﯿﺌﺎً« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻷوﺳﻂ‪ ،‬وﺣﺴﱠﻦ اﻟﮭﯿﺜﻤﻲ إﺳﻨﺎده‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﺗﺠﻮز زﯾﺎدة ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ إﻟﻰ أن ﺗﺒﻠ ﻎ ﻋ ﺸﺮﯾﻦ رﻛﻌ ﺔ ﯾﻌﻘﺒﮭ ﺎ اﻟ ﻮﺗﺮ رﻛﻌ ﺔ واﺣ ﺪة‪ ،‬أو‬
‫ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬رُوي ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﺮﻛﻌ ﺎت اﻟﺜﻤ ﺎﻧﻲ ﻣُ ْﻠﺰِﻣ ﺔً ﻟﻤ ﺎ‬
‫ﺗﺠﺎوزھ ﺎ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﻣ ﻨﮭﻢ ﺗﺠﺎوزُھ ﺎ دل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻻﻟﺘ ﺰام‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺘﺠﺎوزوھ ﺎ ﻓﺮدﯾ ًﺎ أو ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻢ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻓ ﻲ‬
‫ع اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ دﻟﯿ ﻞ‬ ‫ع ﺻ ﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وإﺟﻤ ﺎ ُ‬ ‫ﻣ ﺴﺠﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻟ ﻢ ﯾﻨﻜ ﺮ ذﻟ ﻚ أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻨﮭﻢ ﻓﻜ ﺎن إﺟﻤ ﺎ َ‬
‫ﺷﺮﻋﻲ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫ﺼﯿﱢﮭﻢ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻋ ِ‬ ‫ﺷﮭﺮ رﻣﻀﺎن ﺑﻌ ﺸﺮﯾﻦ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل وﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﻘ ﺮأون ﺑ ﺎﻟﻤﺌﯿﻦ‪ ،‬وﻛ ﺎﻧﻮا ﯾﺘﻮﻛ ﺄون ﻋﻠ ﻰ ِ‬
‫ﻋﮭ ﺪ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻣ ﻦ ﺷ ﺪة اﻟﻘﯿ ﺎم« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﯾﻘ ﺮأون ﺑ ﺎﻟﻤﺌﯿﻦ‪ :‬أي ﯾﻘ ﺮأون‬
‫اﻟﺴﻮر اﻟﻄﻮﯾﻠ ﺔ اﻟﺘ ﻲ آﯾﺎﺗﮭ ﺎ ﺑﺎﻟﻤﺌ ﺎت‪ .‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ ﻓﺤ ﺴﺐ وأﻧﮭ ﺎ ﻋ ﺸﺮون رﻛﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ي ﻗﺎل »ﺧﺮﺟﺖ ﻣ ﻊ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪،‬‬ ‫وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒ ٍﺪ اﻟﻘﺎ ﱢر ﱡ‬
‫ﻓﺈذا اﻟﻨﺎس أوزاعٌ ﻣﺘﻔﺮﱢﻗﻮن‪ ،‬ﯾﺼﻠﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻨﻔﺴﮫ‪ ،‬وﯾﺼﻠﻲ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑ ﺼﻼﺗﮫ اﻟ ﺮھﻂ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫ﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ‪،‬‬ ‫ﻋﻤﺮ‪ :‬إﻧﻲ أرى ﻟﻮ ﺟﻤﻌﺖ ھﺆﻻء ﻋﻠﻰ ﻗﺎرئ واﺣﺪ ﻟﻜﺎن أﻣﺜﻞ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺰم ﻓﺠﻤﻌﮭﻢ ﻋﻠﻰ أُﺑ ﱢ‬
‫ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻌﮫ ﻟﯿﻠﺔ أﺧﺮى واﻟﻨﺎس ﯾﺼﻠﻮن ﺑﺼﻼة ﻗﺎرﺋﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻋﻤ ﺮ‪ :‬ﻧِﻌْﻤ ﺖ اﻟﺒﺪﻋ ُﺔ ھ ﺬه واﻟﺘ ﻲ‬
‫ﯾﻨ ﺎﻣﻮن ﻋﻨﮭ ﺎ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﻲ ﯾﻘﻮﻣ ﻮن‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻟﻨ ﺎس ﯾﻘﻮﻣ ﻮن أوﻟ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬ﻗﻮل ﻋﻤﺮ ِﻧ ْﻌﻤَﺖ اﻟﺒﺪﻋ ُﺔ ھﺬه ‪ :‬ﺗﻔﺴﱠﺮ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھ ﺎ اﻟﻌﻤ ﻞ اﻟﺒ ﺪﯾﻊ اﻟﺠﯿ ﺪ‪،‬‬
‫وﻻ ﺗﻔﺴﱠﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم »ﻛ ﻞ ُﻣﺤْﺪَﺛَ ﺔٍ ﺑﺪﻋ ﺔ وﻛ ﱡﻞ ﺑﺪﻋ ﺔ ﺿ ﻼﻟﺔ«‬
‫ﺤﺪَﺛﺎً‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﻣ ﻦ ﺛ ﱠﻢ‬ ‫رواه أﺑﻮ داود ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺮﺑﺎض‪ .‬وذﻟﻚ ﻷن ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ ھﺬا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﻣﺮًا ُﻣ ْ‬
‫ﺑﺪﻋﺔً ﻣﺤﺮﱠﻣﺔ‪ ،‬ﻷﻧﱠﺎ روﯾﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﻋ ﺪدًا ﻣ ﻦ ﻟﯿ ﺎﻟﻲ رﻣ ﻀﺎن ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ »ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺟﻤﻊ أھﻠﮫ وﻧﺴﺎءه واﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎم ﺑﻨ ﺎ« رواه أﺑ ﻮ‬
‫ﺤ ﺪِث أﻣ ﺮًا ﺟﺪﯾ ﺪاً ﺑﺠﻤ ﻊ‬ ‫داود وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ذرﱟ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ .‬ﻓﻌﻤﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻟ ﻢ ُﯾ ْ‬
‫ﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻌﻠﮫ ﺑﺪﻋ ًﺔ ﺗﻨﺪرج ﺗﺤ ﺖ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم »ﻛ ﻞ‬ ‫اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ أُﺑ ﱢ‬
‫ﺤﺪَﺛﺔٍ ﺑﺪﻋﺔ وﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ«‪.‬‬ ‫ُﻣ ْ‬

‫ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﻜﺘﻔﻲ ﺑﺜﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت‪ ،‬وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ زادوھ ﺎ ﻓ ﻲ ﻋﮭ ﺪ ﻋﻤ ﺮ‬

‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ ﻋﺸﺮﯾﻦ رﻛﻌﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾ ُﺆﻣﱡﮭﻢ أﺑﻲﱡ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ اﻟﺬي روﯾﻨﺎ ﻋﻨﮫ آﻧﻔ ﺎً أﻧ ﮫ ﺻ ﻼﱠھﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت إﻣﺎﻣ ًﺎ ﻟﻠﻨﺴﻮة اﻟﻼﺗﻲ ﻛﻦ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻓ ﺪل ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﻮاز‪ .‬وﻻ‬
‫ﻞ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬وﻓﻌ ﻞ‬ ‫ﯾﻌﺠﺒﻨﻲ ﻗﻮل ﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﺑﺰﯾﺎدﺗﮭﺎ إﻟﻰ أن ﯾﺒﻠﻎ ﺑﮭﺎ اﻷرﺑﻌﯿﻦ رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻨﺤﻦ أﻣﺎﻣَﻨﺎ ﻓﻌ ُ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺑﻌﺪ ھﺬﯾﻦ اﻟﻔﻌﻠﯿﻦ ﻣﻦ ﻓﻀ ٍﻞ ﯾُﻠ َﺘﻤَﺲ أو ﺧﯿ ٍﺮ ﯾُﻄﻠَﺐ‪.‬‬

‫ص ﺑﺴﻮ ٍر ﻣﻌﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﻘﺮأ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﺷﺎء ﻣ ﻦ‬

‫أﻣﺎ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﻓﻠﻢ ﯾﺮد ﻓﯿﮭﺎ اﺧﺘﺼﺎ ٌ‬
‫ﻛﺘﺎب اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻟْﯿﻄﻮﱢل ﻣﺎ وﺳﻌﮫ اﻟﺘﻄﻮﯾﻞ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ًﺔ إن ھﻮ ﺻﻼﱠھﺎ ﻣﻨﻔﺮدًا‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ ﻧ ﺎسٌ ﻓ ﻲ زﻣﺎﻧﻨ ﺎ ھ ﺬا ﻣ ﻦ ﻗ ﺮاءة آﯾ ﺔ ﻗ ﺼﯿﺮة واﺣ ﺪة ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﻮاﺣ ﺪة‪ ،‬ورﺑﻤ ﺎ‬
‫ﻦ[ أو‬‫ﺟ ِﺪ ْﯾ َ‬ ‫ق[ أو ] َو َﺗ َﻘﻠﱡ َﺒ َ‬
‫ﻚ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﱠﺎ ِ‬ ‫ﻛﺎﻧ ﺖ ﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً ﺑﻨﻔ ﺴﮭﺎ ﻣِ ﻦ ﻣﺜ ﻞ ]وَاﻟ ﺴﱠﻤَﺎ ِء وَاﻟﻄﱠ ﺎ ِر ِ‬
‫ل ﻋﻠﻰ ﺟﮭﻞٍ وﻋﺰوف ﻣﻨﮭﻢ ﻋ ﻦ ﺛ ﻮاب اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ إﺳ ﺎءة ﻓ ﻲ أداء ھ ﺬه‬ ‫]ﻣُ ْﺪھَﺎﻣﱠﺘَﺎن[ ﻓﮭﻮ دا ﱞ‬
‫اﻟ ﺼﻼة اﻟﺘ ﻲ ﯾﻘ ﺎل ﻓﯿﮭ ﺎ إﻧﮭ ﺎ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓ ﻲ رﻣ ﻀﺎن‪ ،‬وﻣ ﺎ ﯾﻌﻨﯿ ﮫ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ھ ﺬا ﻣ ﻦ اﻹﻃﺎﻟ ﺔ‬
‫واﻻﺳﺘﻐﺮاق‪.‬‬

‫‪498‬‬
 ‫و‪ .‬ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ‬
‫وﯾﻘﺎل أﯾﻀﺎً ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾﻘ ﺎل اﻟﺘﮭﺠ ﺪ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‪َ ] :‬ﯾ ﺎ َأ ﱡﯾﮭَ ﺎ اﻟ ُﻤ ﱠﺰﻣﱢ ﻞُ‪ .‬ﻗُ ﻢ اﻟﻠﯿْ َﻞ إﻻ ﻗَِﻠ ْﯿﻼً[‬
‫ﻚ‬
‫ن َﯾ ْﺒ َﻌ َﺜ َ‬
‫ﻰ َأ ْ‬
‫ﺴْ‬
‫ﻋ َ‬ ‫اﻵﯾﺘﺎن ‪ 2 ،1‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺰﻣ ﻞ‪ ،‬وﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ] و ِﻣ ﻦ اﻟﻠ ْﯿ ِﻞ َﻓ َﺘ َﮭﺠﱠ ْﺪ ِﺑ ِﮫ ﻧَﺎ ِﻓ َﻠ ًﺔ َﻟ َ‬
‫ﻚ َ‬
‫ﺤﻤُ ْﻮ َدًا[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 79‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة اﻹﺳ ﺮاء‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﻮﺗﺮ[ ﺣ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬ ‫ﻚ َﻣﻘَﺎ َﻣ ًﺎ َﻣ ْ‬
‫َرﺑﱡ َ‬
‫ﻼ ﺳ ﺄل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺻ ﻼ ُة اﻟﻠﯿ ﻞ‬ ‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺟ ً‬
‫َﻣﺜْﻨﻰ َﻣﺜْﻨﻰ ‪ «..‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ﺠﺪِ ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌ ﺪ ﻧ ﻮ ٍم ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺮى ذﻟ ﻚ ﻋ ﺪد‬ ‫وﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﻃﻼق اﻟﺘﮭ ﱡ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺄن اﻟﺘﮭﺠﺪ واﻟﮭُﺠﻮد ﻟﻐ ًﺔ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻨﻮم‪ ،‬ﻣﻦ ھﺠ ﺪ ﯾﮭﺠ ﺪ إذا ﻧ ﺎم‪ ،‬وﻟﮭ ﺬا‬
‫ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬اﻟﺘﮭﺠﺪ ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ ﻧﻮمٍ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻﻠﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺸﺎء ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺎم ﻓﺈن ﺻﻼﺗﮫ ﻻ ﺗﻜﻮن‬
‫ﻻ ﻷن ﺣُﻜﻢ اﻟﺘﮭﺠﺪ ھﻮ ﺣُﻜﻢ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﻧﻔ ﺴﮫ دون‬ ‫ﺗﮭﺠﺪًا ‪ .‬ﻧﻌﻢ ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﻘﯿﯿﺪ‪ ،‬أو ً‬
‫ﻓﺎرق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿًﺎ ﻷن ﻛﻠﻤﺔ ھﺠﺪ ﯾﮭﺠﺪ ﻛﻤﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻧﺎم ﯾﻨﺎم‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻌﻨﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﺳﮭﺮ ﯾﺴﮭﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻷﺿﺪاد‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺼﺢ إﻃﻼق اﻟﺘﮭﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻮم ﻛﻤﺎ ﯾﺼﺢ إﻃﻼﻗﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻮم‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﮭﻮ ﻋﻈﯿﻢ ﻻ ﯾﻔﻮﻗـﮫ ﺳ ﻮى ﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻘﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ‬
‫أﻓﻀﻞ ﺻﻠﻮات اﻟﺘﻄﻮع ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮواﺗﺐ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪» r‬أﻓﻀﻞ اﻟﺼﯿﺎم ﺑﻌﺪ ﺷﮭﺮ رﻣﻀﺎن ﺷﮭـﺮ اﷲ اﻟﻤﺤ ﺮﱠم‪ ،‬وأﻓ ﻀﻞ اﻟ ﺼﻼة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻠﯿﻞ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺳُ ﺌﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬
‫ي اﻟ ﺼﻼة أﻓ ﻀﻞ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ ﺟ ﻮف اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻗﯿ ﻞ‪ :‬أي اﻟ ﺼﯿﺎم أﻓ ﻀﻞ ﺑﻌ ﺪ‬
‫أ ﱡ‬
‫رﻣﻀﺎن؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺷﮭﺮ اﷲ اﻟﺬي ﺗﺪﻋﻮﻧﮫ اﻟﻤﺤﺮﱠم« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫وﻗﺪ وردت ﻋﺪة ﻧﺼﻮص ﺗﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬رﺣﻢ اﷲ رﺟ ً‬
‫ﻼ ﻗﺎم ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓ ﺼﻠﱠﻰ وأﯾﻘ ﻆ اﻣﺮأﺗ ﮫ ﻓ ﺼﻠﱠﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈن أﺑ ﺖ‬
‫ﻧﻀﺢ ﻓﻲ وﺟﮭﮭﺎ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ورﺣﻢ اﷲ اﻣﺮأة ﻗـﺎﻣﺖ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺼﻠﱠﺖ وأﯾﻘﻈﺖ زوﺟﮭﺎ ﻓﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺈن أﺑﻰ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ‬ ‫ﻧﻀﺤﺖ ﻓﻲ وﺟﮭﮫ ﺑﺎﻟﻤﺎء« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪»r‬ﺛﻼﺛ ﺔ ﯾ ﻀﺤﻚ اﷲ إﻟ ﯿﮭﻢ‪ :‬اﻟﺮﺟ ﻞ إذا ﻗ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﯾ ﺼﻠﻲ‪،‬‬
‫ﺻ ﻔﱡﻮا ﻟﻠ ﺼﻼة‪ ،‬واﻟﻘ ﻮم إذا ﺻ ﻔﱡﻮا ﻟﻠﻘﺘ ﺎل« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ ﯾﻌﻠ ﻰ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬‫واﻟﻘ ﻮم إذا َ‬
‫ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل ﻟ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾ ﺎ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﻻ ﺗﻜ ﻦ ﻣﺜ ﻞ ﻓ ﻼن‪ ،‬ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﻘﻮم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺘﺮك ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وروى أﺑ ﻮ أُﻣﺎﻣ ﺔ اﻟﺒ ﺎھﻠﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﻘﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺈﻧﮫ دأب اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ‪ ،‬وھﻮ ﻗُﺮﺑﺔ ﻟﻜﻢ إﻟﻰ رﺑﻜﻢ‪ ،‬و ُﻣ َﻜﻔﱢﺮةٌ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻠﺴﯿﺌﺎت‪ ،‬و َﻣﻨْﮭﺎ ٌة ﻋﻦ اﻹﺛﻢ« رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬

‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻣﻔﺮوﺿًﺎ وواﺟﺒ ًﺎ ﻃﯿﻠﺔ ﻋﺎم ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻨﺬ أن ﻧﺰل ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ]ﯾَﺎ َأ ﱡﯾﮭَ ﺎ اﻟ ُﻤ ﱠﺰﻣﱢ ﻞْ‪.‬‬
‫ن ﺣُﻜﻢ اﻟﻮﺟﻮب ﻗ ﺪ ُﻧ ﺴﺦ ﻟﯿ ﺼﺒﺢ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ‬ ‫ﻗُﻢ اﻟﻠ ْﯿﻞَ إﻻ ﻗَ ِﻠ ْﯿﻼً[ اﻵﯾﺘﺎن ‪ 2 ،1‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺰﱠﻣﱢﻞ‪ .‬ﺛﻢ إ ﱠ‬
‫ﺼ َﻔﮫُ َوﺛُﻠُ َﺜ ﮫُ‬
‫ﻦ ﺛُﻠُ َﺜ ﻲ اﻟﻠ ْﯿ ِﻞ َو ِﻧ ْ‬‫ﻰ ِﻣ ْ‬ ‫ﻚ َﺗﻘُ ْﻮمُ َأ ْد َﻧ ْ‬ ‫ﻣﻨﺪوﺑﺎً ﻣﺴﺘﺤﺒﺎً ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]إنﱠ َرﺑﱠ َ‬
‫ﻚ َﯾ ْﻌ َﻠ ﻢُ َأﻧﱠ َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ َﻓ ﺎ ْﻗ َﺮأُوْا َﻣ ﺎ َﺗ َﯿ ﺴﱠ َﺮ‬
‫ب َ‬
‫ﺤ ﺼُ ْﻮهُ َﻓ َﺘ ﺎ َ‬ ‫ﻦ ﺗُ ْ‬‫ﻋ ِﻠ َﻢ أﻟﱠ ْ‬
‫ﻚ وَاﷲُ ﯾُ َﻘﺪﱢرُ اﻟﻠ ْﯿ َﻞ وَاﻟﻨﱠﮭَﺎ َر َ‬
‫ﻦ َﻣ َﻌ َ‬
‫َوﻃَﺎ ِﺋ َﻔ ٌﺔ ﻣِﻦ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﺤ ﺼُـﻮه‪ :‬أي ﻋﻠ ﻢ أن ﻟ ﻦ ﺗﻄﯿﻘ ﻮه وﻟ ﻦ‬ ‫ن ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 20‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﻤﺰﻣ ﻞ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻋﻠ ﻢ أﻟﱠ ﻦْ ﺗُ ْ‬ ‫ﻣِﻦ اﻟﻘُﺮْآ ِ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﻮه‪ .‬ﻓﻌﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ھﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ »أﻧﮫ ﺟﺎء إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﯾ ﺴﺄﻟﮭﺎ‪ ...‬أﻧﺒﺌﯿﻨ ﻲ‬
‫ﺖ ﺗﻘ ﺮأ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻤﺰﻣ ﻞ؟ ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﺑﻠ ﻰ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻓ ﺈن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ‬ ‫ﻋﻦ ﻗﯿﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬أﻟﺴ َ‬
‫اﻓﺘﺮض ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻲ أول ھﺬه اﻟﺴﻮرة‪ ،‬ﻓﻘﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﺣﻮﻻً‪ ،‬وأﻣﺴﻚ اﷲ ﺧﺎﺗﻤﺘﮭ ﺎ اﺛﻨ ﻲ‬
‫ﻋﺸﺮ ﺷﮭﺮًا ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﻧﺰل اﷲ ﻓﻲ آﺧﺮ ھﺬه اﻟ ﺴﻮرة اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ﺗﻄﻮﻋ ًﺎ‬

‫‪499‬‬
 ‫ﺑﻌﺪ ﻓﺮﯾﻀﺔ ‪ «...‬ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿـﻲ اﷲ ﻋﻨـﮫ ﻗـﺎل ﻓـﻲ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ‬
‫ب َ‬
‫ﺤ ﺼُ ْﻮهُ َﻓ َﺘ ﺎ َ‬
‫ﻦ ﺗُ ْ‬ ‫ﺼﻔَـ ُﮫ[ ﻧ ﺴﺨﺘﮭـﺎ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ ] َ‬
‫ﻋ ِﻠ َﻢ أﻟﱠ ْ‬ ‫اﻟﻤ ﱠﺰ ﱢﻣ ﻞ »] ُﻗ ـﻢ اﻟﻠ ْﯿ ـ َﻞ إﻻ َﻗ ِﻠ ْﯿ ـ ً‬
‫ﻼ ِﻧ ْ‬
‫ن[ ‪ « ...‬رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬ ‫ﻓَﺎ ْﻗ َﺮأُوْا ﻣَﺎ َﺗ َﯿﺴﱠ َﺮ ﻣِﻦ اﻟﻘُﺮْآ ِ‬

‫أﻣﺎ وﻗﺖ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﮭﻮ ﻣﻮﺳﱠﻊ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﻮﻗﺖ اﻟﻮﺗﺮ وﻛﻮﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ‪ ،‬ﯾﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺻ ﻼة‬
‫ﺧ ﺮَ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻟﻤ ﺎ رُوي أن ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺴﺔ ﻗ ﺎل‬ ‫اﻟﻌﺸﺎء إﻟﻰ أذان اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬أي ﻃﻠ ﻮع اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬وأﻓ ﻀﻠُﮫ آ ِ‬
‫»ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ أي اﻟﻠﯿ ﻞ أﺳ ﻤﻊ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺟ ﻮف اﻟﻠﯿ ﻞ اﻵﺧِ ﺮ‪ ،‬ﻓ ﺼ ﱢﻞ ﻣ ﺎ ﺷ ﺌﺖ« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﻤ ﻦ أﺣ ﺐﱠ أن ﯾﻨ ﺎل اﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣ ﺔ ﻟﻘﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓﻠْﯿ ﺼﻠﱢﮫ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻛﻠﻤ ﺎ‬
‫اﻗﺘﺮب ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﺗﺤ ﱠﻘ ﻖ ﻣ ﻦ ﻧ ﻮال اﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻣ ﺴﺮوق ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬
‫ﻋﻦ ﻋﻤﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺤﺐ اﻟﺪاﺋﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻗﻠﺖ‪ :‬أي ﺣﯿﻦ ﻛﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ؟ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻛ ﺎن إذا‬
‫ﺳﻤﻊ اﻟﺼﺎرخ ﻗﺎم ﻓﺼﻠﻰ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ﺼﺎرخ‪ :‬أي‬
‫ﻼ‬
‫اﻟﺪﯾﻚ وھﻮ ﯾﺼﺮخ ﻓﻲ آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻗﺒﯿﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ‪ .‬وھﺬا ﻛﻠﮫ إن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺮء ﯾﺮﯾ ﺪ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ﻣﻦ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫أﻣﺎ إن أراد أن ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻘﺪار ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺠﻌ ﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺜﻠ ﺚ اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬وإن ھ ﻮ أراد أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻘ ﺪار ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺒ ﺪأ ﺑﻤﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﻓ ﻲ آﺧ ﺮه‪ ،‬وإن ھ ﻮ أراد اﻟﺰﯾ ﺎدة ﻓﻠْﯿﺒ ﺪأ‬
‫ﻋﻘﺐ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻷوﱠل‪ ،‬وﻻ ُﯾ َﻔﻀﱠﻞ أن ﯾُﺰاد ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺮء ﻣﻦ أﺧ ﺬ ﻗ ﺴﻂ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﻮم ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻛﻠﮫ‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻞﱟ وردت أﺣﺎدﯾﺚ أذﻛﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫ﺧ ﺮه ﻓﻠﯿ ﻮﺗﺮ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺧﺎف أن ﻻ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻠﯿﻮﺗﺮ أوﻟﮫ‪ ،‬وﻣﻦ ﻃﻤ ﻊ أن ﯾﻘ ﻮم آ ِ‬
‫آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻼة آﺧِﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻣﺸﮭﻮدة وذﻟﻚ أﻓﻀﻞ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺘـﺮﻣﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪.‬‬
‫وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ »أﯾﱡﻜﻢ ﺧﺎف أن ﻻ ﯾﻘﻮم ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓﻠْﯿ ﻮﺗﺮ ﺛ ﻢ ﻟﯿﺮﻗ ﺪ‪،‬‬
‫ﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻣﺤ ﻀﻮرة وذﻟ ﻚ أﻓ ﻀﻞ«‪ .‬وﻗ ﺪ‬ ‫وﻣﻦ وﺛﻖ ﺑﻘﯿﺎمٍ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻠْﯿﻮﺗﺮ ﻣﻦ آﺧِﺮه‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻗ ﺮاءة آ ِ‬
‫ﻣﺮﱠت اﻟﺮواﯾﺘﺎن ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﻮِﺗﺮ[‪ .‬وروى أﺑﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﯾﻨ ﺰل‬
‫رﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻞﱠ ﻟﯿﻠﺔ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء اﻟ ﺪﻧﯿﺎ ﺣ ﯿﻦ ﯾﺒﻘ ﻰ ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻵﺧ ﺮ‪ ،‬ﯾﻘ ﻮل‪َ :‬ﻣ ﻦ ﯾ ﺪﻋﻮﻧﻲ‬
‫ﻓﺄﺳﺘﺠﯿﺐ ﻟﮫ‪ ،‬ﻣَﻦ ﯾﺴﺄﻟﻨﻲ ﻓﺄﻋﻄﯿﮫ‪ ،‬ﻣَﻦ ﯾ ﺴﺘﻐﻔﺮﻧﻲ ﻓ ﺄﻏﻔﺮ ﻟ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﺑﻠﻔﻆ »إذا ﻗُﻀﻲ ﺷﻄ ُﺮ اﻟﻠﯿﻞ أو ﺛﻠﺜﺎه ﯾﻨﺰل اﷲ‬
‫ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ‪ . «...‬ﻓﺘﺮدد ﺑﯿﻦ ﺷﻄﺮ اﻟﻠﯿﻞ وﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬وﻣﺜﻠﮫ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ‬
‫رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻋﻨﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﺑﻠﻔ ﻆ »ﯾﻨ ﺰل اﷲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء اﻟ ﺪﻧﯿﺎ ﻟ ﺸﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ أو‬
‫ﻟﺜﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧِﺮ«‪ .‬ﻓﮭﺬه اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺜﻼث ﺻﺮﱠﺣﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺜﻠﺚ اﻵﺧِﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﺗ ﺮددت رواﯾﺘ ﺎن‬
‫ﻣﻨﮭﺎ ﺑﯿﻦ ﺷﻄﺮ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﺜﻠﺚ اﻵﺧِﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﺟﺎءت رواﯾﺔ راﺑﻌﺔ رواھﺎ ﻣﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻄﺮﯾ ﻖ ﻧﻔ ﺴﮭﺎ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »ﯾﻨﺰل اﷲ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻟﯿﻠﺔ ﺣﯿﻦ ﯾﻤﻀﻲ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻷول«‪ .‬وﺑﻤﺜﻠﮭ ﺎ ﺟ ﺎءت رواﯾ ﺎت‬
‫ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وأﺑﻲ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة وأﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﺧ ﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﻣﻌﺎرِﺿ ﺔ ﻟﻠﺮواﯾ ﺎت اﻷوﻟ ﻰ‬ ‫ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪ .‬ﻓﮭ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﺗ ﺬﻛﺮ ﺛﻠ ﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻷول وﻟ ﯿﺲ اﻵ ِ‬
‫ﺟﺢ‬ ‫وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮواﯾﺔَ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻘﻮﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ رواھ ﺎ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻗ ﺪ ر ﱠ‬
‫ﺟﻤﮭﺮة ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤ ﺪﯾﺚ رواﯾ ﺔ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻲ داود ﻋﻠ ﻰ رواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ اﻟﺮاﺑﻌ ﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺮواﯾﺔ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺑﻲ داود أوﻟﻰ‪ ،‬وﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻘﻮﯾ ﺔ‬
‫ﺐ اﻟ ﺼﻼة إﻟ ﻰ‬ ‫ﺣ ﱡ‬‫ﻣﺎ رواه ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮫ‪َ :‬أ َ‬
‫ﺐ اﻟ ﺼﯿﺎم إﻟ ﻰ اﷲ ﺻ ﯿﺎ ُم داود‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻨ ﺎم ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ وﯾﻘ ﻮم‬ ‫ﺣ ﱡ‬
‫اﷲ ﺻﻼةُ داود ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم‪ ،‬وَأ َ‬
‫ﺛﻠﺜ ﮫ ‪ ،‬وﯾﻨ ﺎم ﺳُﺪُﺳ ﮫ‪ ،‬وﯾ ﺼﻮم ﯾﻮﻣ ﺎً وﯾﻔﻄ ﺮ ﯾﻮﻣ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺧ ﺮ ﯾﻜ ﻮن آﺧ ﺮ أرﺑ ﻊ‬‫ﻓﻠ ﻮ اﻓﺘﺮﺿ ﻨﺎ أن اﻟﻠﯿ ﻞ ھﻨ ﺎ اﺛﻨﺘ ﺎ ﻋ ﺸﺮة ﺳ ﺎﻋﺔ ﻋ ﺼﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟﺜﻠ ﺚ اﻵ ِ‬
‫ﺳﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﯾﻜﻮن اﻟﺸﻄﺮ ﺳﺖ ﺳﺎﻋﺎت ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺎم داود ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻷول وﻗ ﺎم‬
‫ﺛﻠﺜﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﺳﺎﻋﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺜﻠﺚ اﻵﺧِﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ وﻧ ﺎم ﺳ ﺎﻋﺘﯿﻦ ﻣﻨ ﮫ أي‬

‫‪500‬‬
‫ﻧﺎم ﺳﺪس اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬أي أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻓﻨﺎل اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ‪ .‬وھﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺸﮭﺪ أﯾ ﻀًﺎ‬
‫ﻟﻠ ﺮواﯾﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ﺗﺮددﺗ ﺎ ﺑ ﯿﻦ ﺷ ﻄﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ وﺛﻠﺜ ﮫ اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣ ﺔ ﯾﻤﻜ ﻦ أن ﺗُﻨ ﺎل ﺑﺎﻟﺒ ﺪء ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ ،‬ﻓ ﺪاود ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻛ ﺎن ﯾﻨ ﺎم ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ ،‬أي ﯾﻨ ﺎم اﻟ ﺴﺎﻋﺎت اﻟ ﺴﺖ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﯾﻘﻮم ﻋﻨ ﺪ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ُﺛﻠُﺜ ﺎً ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺑﺎدﺋ ﺎً ﺑﻤﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ‬
‫ﺧ ﺮ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧ ﮫ‬ ‫ﯾﺼﻠﻲ ﺳﺎﻋﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺳﺎﻋﺘﯿﻦ أﺧﺮﯾﯿﻦ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻵ ِ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ أرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت‪ ،‬وھﻲ ﺗﻌﺎدل ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ ﻛﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »وﯾﻘ ﻮم ﺛﻠﺜ ﮫ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺜﻠ ﺚ ﯾﺠﻤ ﻊ‬
‫ﺑﯿﻦ ﺳﺎﻋﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻷﺧﯿﺮ وﺳﺎﻋﺘﯿﻦ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿ ﻞ اﻷﺧﯿ ﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﯾﺠﻤ ﻊ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﻨ ﺼﻒ‬
‫اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﺜﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧﺮ‪.‬‬

‫ن وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ ﻣﻮﺳﱠﻊ‪ ،‬ﯾﺒﺪأ ﻋﻘﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ أﺣﺒﺒ ﺖ ﻓﻘ ﻂ‬ ‫وﻟﻜﻨﻲ أﻋﻮد ﻓﺄُذﻛﱢﺮ ﺑﺄ ّ‬
‫أن أﻧﻮﱢه ﺑﻮﻗﺖ اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﺗﺘﺮدد ﺑﯿﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧِﺮ‪.‬‬

‫ﻋ َﻠ ْﯿ ِﮫ‬
‫ﻼ‪ .‬أو ِز ْد َ‬ ‫ﺺ ِﻣ ْﻨﮫُ َﻗ ِﻠ ْﯿ ً‬ ‫أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟ ُﻤ ﱠﺰﻣﱢﻞ ]ﻗُﻢ اﻟﻠ ْﯿ َﻞ إﻻ ﻗَ ِﻠ ْﯿﻼً‪ِ .‬ﻧ ْ‬
‫ﺼ َﻔﮫُ أَو ا ْﻧﻘُ ْ‬
‫ﻼ[ اﻵﯾ ﺎت ‪ 4 ، 3 ،2‬ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮرة‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻮرة ﻧﻔ ﺴﮭﺎ ]إنﱠ رَﺑﱠ ﻚَ‬ ‫ن َﺗ ْﺮ ِﺗ ْﯿ ً‬
‫َو َرﺗﱢﻞ اﻟﻘُﺮْآ َ‬
‫ﻚ ‪ [...‬اﻵﯾ ﺔ ‪ 20‬ﻣ ﻦ‬ ‫ﻦ َﻣ َﻌ َ‬
‫ﺼ َﻔﮫُ َوﺛُﻠُ َﺜ ﮫُ َوﻃَﺎ ِﺋ َﻔ ٌﺔ ِﻣ ﻦ اﻟ ِﺬ ْﯾ َ‬
‫ﻦ ﺛُﻠُ َﺜ ﻲ اﻟﻠ ْﯿ ِﻞ َو ِﻧ ْ‬
‫ﻰ ِﻣ ْ‬
‫ﻚ َﺗﻘُ ْﻮمُ َأ ْد َﻧ ْ‬
‫َﯾ ْﻌ َﻠ ﻢُ َأﻧﱠ َ‬
‫اﻟﺴﻮرة‪ .‬ﻓﺈن ھﺬا اﻟﻘﻮل وذاك ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع وﻗ ﺖ اﻟﻔ ﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣ ﺔ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣﺘﻌﻠ ﻖ ﺑﻘ ﺪر ﻗﯿ ﺎم‬
‫اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺘﻌﺎرض ھﺬا ﻣﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﱠدت وﻗﺖ اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﻨﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪،‬‬
‫وﺑﺜﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧِﺮ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘ ﺎب اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ﻟﻤ ﻦ ﺷ ﺎء اﻟﺘﻄﻮﯾ ﻞ ھ ﻮ‬
‫ﺑﻘﺪر ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻋﻨﺪھﺎ ﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وھ ﺬا ﯾ ﺸﻤﻞ اﻟﺜﻠ ﺚ اﻵﺧ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ‪.‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﺑﻘﺪر ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وھﺬا ﻇﺎھﺮ‪ .‬وﯾﻜﻮن ﺑﻘﺪر ﺛﻠﺜﻲ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪھﺎ ﯾﺒ ﺪأ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻋﻘ ﺐ اﻧ ﺼﺮام‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿ ِﮫ[‬
‫ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻷول‪ ،‬وﯾﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﯿﺸﻤﻞ ھﻮ اﻵﺧﺮ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧِﺮ‪ .‬وﻣﺜﻠﮫ ]َأ ْو ِز ْد َ‬
‫ﺧ ﺮ‪ .‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﺈن ﺛﻠ ﺚ‬ ‫ﻓﮭﻮ أﯾﻀًﺎ ﯾﺒﺪأ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ وﯾﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ آﺧﺮه ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓﯿﮫ ﺛﻠﺚ اﻟﻠﯿﻞ اﻵ ِ‬
‫اﻟﻠﯿﻞ اﻵﺧﺮ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﺣﻮاﻟﮫ ‪ ،r‬ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت ﻓﻲ اﻟﻤ ﱠﺰﻣﱢﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻌﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ ﯾﻘﻮم اﻟﻠﯿﻞ وﺣﺪه ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬أﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ‪،‬‬
‫وﯾﻜﻮن ﺑﺼﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﻜﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ أول اﻟﻠﯿﻞ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻷن ھ ﺬا ھ ﻮ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎن ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ﺣﺎل ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ[ ﻣ ﺎ رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣﺎﻟ ﻚ »ﻓﻘ ﺎل‬
‫ﻋﻤﺮ ‪ :‬ﻧﻌﻤﺖ اﻟﺒﺪﻋﺔ ھﺬه‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﯾﻨﺎﻣﻮن ﻋﻨﮭﺎ أﻓﻀﻞ ﻣِﻦ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮﻣﻮن‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ آﺧ ﺮ اﻟﻠﯿ ﻞ ‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻨﺎس ﯾﻘﻮﻣﻮن أوﻟﮫ«‪.‬‬

‫أﻣﱠﺎ ﻛﻢ رﻛﻌﺎت ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ؟ ﻓﻤﺎ ﻗﻠﺘﮫ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ أُﻋﯿﺪ ﻗﻮﻟﮫ ھﻨﺎ وھﻮ أن اﻟ ﺸﺮع ﻟ ﻢ ﯾﺤ ﺪد‬
‫ﻟﮭﺎ ﻋﺪداً ﻣﻌﯿﻨﺎً ﯾُﻠْ َﺘﺰَم ﺑﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦﱠ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﺎ ﺗُ ﺼﻠﻰ ﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺎت ﺛﻤ ﺎن ﺗﻌﻘﺒﮭ ﺎ ﺛ ﻼث رﻛﻌ ﺎت ﻣ ﻦ‬
‫ﺧ ﺼّﺖ‬ ‫اﻟﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻷن ھﺬا اﻟﻌﺪد ھﻮ ﻣﺎ رُوي ﻋﻨﮫ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ ‪ ،r‬ﻓﺼﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ھ ﻲ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ُ‬
‫ﺑﮭ ﺬا اﻻﺳ ﻢ ﻓ ﻲ ﺷ ﮭﺮ رﻣ ﻀﺎن دون ﻏﯿ ﺮه ﻣ ﻦ أﺷ ﮭﺮ اﻟ ﺴﻨﺔ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺮاوﯾﺢ[‬
‫ﺳﻠَﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ »أﻧﮫ ﺳﺄل ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ :‬ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ َ‬
‫‪ r‬ﻓﻲ رﻣﻀﺎن ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺰﯾﺪ ﻓﻲ رﻣﻀﺎن وﻻ ﻓ ﻲ ﻏﯿ ﺮه ﻋﻠ ﻰ إﺣ ﺪى ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﺣ ﺴﻨﮭﻦ‬ ‫ﺣ ﺴﻨﮭﻦ وﻃ ﻮﻟﮭﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﻞ ﻋ ﻦ ُ‬ ‫رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﻲ أرﺑﻌ ًﺎ ﻓ ﻼ ﺗ ﺴﻞ ﻋ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‬ ‫وﻃﻮﻟﮭﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻼﺛ ًﺎ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﻮﺗﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‬
‫ﺑﺨﻤﺲٍ‪ ،‬ﻻ ﯾﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺷﺊ إﻻ ﻓﻲ آﺧﺮھﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻮﺗﺮ ورﻛﻌﺘﺎ اﻟﻔﺠﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬

‫‪501‬‬
‫واﺑﻦ ﺣِﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ أُم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ وﻗﺪ ﺳﺄﻟﮭﺎ أﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ن رﻛﻌ ﺎت ﺛ ﻢ ﯾ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وھ ﻮ‬‫ﻓﻘﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛﻤ ﺎ َ‬
‫ﺟﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻓﺈذا أراد أن ﯾﺮﻛﻊ ﻗﺎم ﻓﺮﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻨ ﺪاء واﻹﻗﺎﻣ ﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ«‬
‫رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ اﻟ ﺸﻌﺒﻲ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻠﯿﻞ ﻓﻘ ﺎﻻ‪ :‬ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺛﻤ ﺎنٍ‪ ،‬وﯾ ﻮﺗﺮ ﺑ ﺜﻼث‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔﺠ ﺮ«‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﻮﺗﺮ ﺛﻼﺛ ﺎً‬
‫وھﻮ اﻷﺷﮭﺮ واﻷﻏﻠﺐ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﺻﻼه ﺧﻤﺴﺎً‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﺻﻼه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟ ﻚ أو أﻗ ﻞ‪ .‬واﻟ ﺬي ﯾﮭﻤﱡﻨ ﺎ ھﻨ ﺎ‬
‫ھﻮ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺟ ﺎء أﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ أرﺑﻌ ﺎً وأرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬أي ﺻ ﻠﻰ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت ﻋ ﺪا‬
‫اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ھﻲ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ھﻨﺎ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﯾ ﻮﺗﺮ ﻣ ﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺲ‪ ،‬أي أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ھﻨﺎ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت أﯾﻀﺎً‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛ ﻼث‬
‫ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ اﻟ ﻮﺗﺮ ورﻛﻌﺘ ﺎ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬أي أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺛﻼﺛ ًﺎ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺳ ﻨﺔ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ أﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ھﻜ ﺬا ﻣﺠﻤﻠ ًﺔ دون‬
‫ﺗﻔﺼﯿﻞ‪ ،‬وھﻲ رواﯾ ٌﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎدس اﻟﻤﺮوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﺑﻦ ﻋﻤﺮ‬
‫ﺗﻔﺼﯿﻞ ھﺬا اﻟﻤﺠﻤﻞ » ﺛﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺛﻤ ﺎنٍ‪ ،‬وﯾ ﻮﺗﺮ ﺑ ﺜﻼث‪ ،‬ورﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔﺠ ﺮ«‪ .‬ﻓﮭ ﻮ‬
‫أﯾﻀ ًﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺻﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‬
‫ﺛﻢ ﯾﻮﺗﺮ‪ .‬وھﻜﺬا ﻓﺈن ﺟﻤﯿﻊ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪل ﺻﺮاﺣﺔ أو دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫ﻞ ﻋ ﺪداً ﺗ ﺬﻛﺮ ﻋ ﻦ اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أﻧ ـﮫ ﺻ ﻠﻰ أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺗ ﺎرة‪،‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﺟﺎءت أﺣﺎدﯾﺚ أﺧﺮى أﻗ ﱡ‬
‫ﻼ روى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ َﻣﺨْﺮﻣ ﺔ ﻋ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺧﺎﻟ ﺪ اﻟﺠﮭﻨ ﻲ‬ ‫وأﻗ ﻞ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﺗ ﺎرة أﺧ ﺮى‪ ،‬ﻓﻤ ﺜ ً‬
‫ﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬ ‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻷرْﻣُ َﻘ ﱠ‬
‫ﻃﻮﯾﻠﺘﯿﻦ ﻃﻮﯾﻠﺘﯿﻦ ﻃﻮﯾﻠﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وھﻤ ﺎ دون اﻟﻠﺘ ﯿﻦ ﻗﺒﻠﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وھﻤ ﺎ‬
‫دون اﻟﻠﺘﯿﻦ ﻗﺒﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وھﻤﺎ دون اﻟﻠﺘﯿﻦ ﻗﺒﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ وھﻤﺎ دون اﻟﻠﺘﯿﻦ‬
‫ﻗﺒﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ أوﺗ ﺮ ‪ ،‬ﻓ ﺬﻟﻚ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ .‬ﻓﮭ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ذﻛ ﺮ‬
‫ﻋ ﺸﺮ رﻛﻌ ﺎت ﻟ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﺪا اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬واﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﺨﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺑ ﺪء ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وروى‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ روى ﻣﺴﺮوق » أﻧﮫ دﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻓ ﺴﺄﻟﮭﺎ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ؟‬
‫ﻓﻘﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﺛﻢ إﻧﮫ ﺻﻠﻰ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﺗﺮك رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻗُﺒﺾ ‪ r‬ﺣﯿﻦ ﻗُﺒﺾ وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﺗ ﺴﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬آﺧ ﺮ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ واﻟ ﻮﺗﺮ ﺛ ﻢ رﺑﻤ ﺎ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﺟﺎء إﻟﻰ ﻓﺮاﺷﻲ ھﺬا‪ ،‬ﻓﯿﺄﺗﯿﮫ ﺑﻼل ﻓﯿﺆذﻧﮫ ﺑﺎﻟﺼﻼة« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ ﺗﺮك رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬أي أﻧﮫ أﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﻋ ﺪد رﻛﻌ ﺎت ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﺛِﻨﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ُ‬
‫ﻋِﻠ ﻢ‬
‫أﻧﮭﺎ أﺳﮭﺒﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺮﻛﻌﺎت اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺣﯿﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺠﻤﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺛ ﻼث ﻋ ﺸﺮة‬
‫ﻋﻠِﻢ أﻧﮭﺎ إﻧﻤﺎ ﻗ ﺼﺪت ﻣ ﻦ ﻗﻮﻟﮭ ﺎ ھ ﺬا »أ ﱠﻧ ﮫ ﺻ ﻠﻰ إﺣ ﺪى ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﺗ ﺮك رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ ،‬أﻧ ﮫ‬
‫رﻛﻌﺔ‪ُ ،‬‬
‫ﺻﺎر ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻋﮭﺪه ﺳﺖ رﻛﻌﺎت ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﻋ ﺪا اﻟ ﺜﻼث ﻣ ﻦ اﻟ ﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن اﻟﻤﺠﻤ ﻮع‬
‫ﺗﺴﻊ رﻛﻌﺎت ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮭﺎ إﻧﮫ ﺻﻠﻰ إﺣﺪى ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﻓ ُﯿﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ أﺿﺎﻓﺖ‬
‫رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬أو اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻟﺨﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﺗﺤﺘ ﺴﺒﮭﻤﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر اﻟﻌ ﺪد ﻛﻠ ﮫ إﺣ ﺪى‬
‫ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪ .‬ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﯾﺎدة ﻣﻨ ﮫ ‪ r‬ﻣ ﺮة‪ ،‬واﻟ ﻨﻘﺺ ﻣﻨ ﮫ ﻣ ﺮة أﺧ ﺮى ﻓ ﻲ ﻋ ﺪد رﻛﻌ ﺎت ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻠﯿ ﻞ ﻷﺟ ﻞ ﺑﯿ ﺎن اﻟﺠ ﻮاز وﻋ ﺪم وﺟ ﻮب اﻻﻗﺘ ﺼﺎر ﻋﻠ ﻰ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‪ .‬ﻓ ﺼﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﻛ ﺼﻼة‬
‫اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ﺛﻤﺎﻧﻲ رﻛﻌﺎت ﻣﻊ ﺟﻮاز اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﯿﮭﺎ واﻟﻨﻘﺺ ﻣﻨﮭﺎ‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫واﻟ ﺴﱡﻨﺔ ﻓ ﻲ ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ أن ﺗُﻔﺘ ﺘﺢ اﻟ ﺼﻼة ﺑ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ ﻛﻤ ﺎ ﺟ ﺎء ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺎر‬
‫ﺚ زﯾﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺠﮭﻨﻲ »ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ«‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫أﻋﻼه‪ ،‬ﺣﺪﯾ ِ‬
‫ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا ﻗ ﺎم أﺣ ﺪﻛﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻓﻠﯿﻔﺘ ﺘﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺑ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻗ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻟﯿ ﺼﻠﻲ اﻓﺘ ﺘﺢ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﺑﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﺧﻔﯿﻔﺘﯿﻦ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫ﺴ ﱠﻨﺔ ﻛﺬﻟﻚ أن ﯾﻘﻮم اﻟﻤﺮء ﺑﺘﻨﻈﯿﻒ أﺳﻨﺎﻧﮫ ﺑﺎﻟﺴﻮاك أو ﺑﺎﻟﻔﺮﺷﺎة ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪،‬‬ ‫وﻣﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ﻓﻘﺪ روى ﺣﺬﯾﻔﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﻗﺎم ﻟﻠﺘﮭﺠﱡﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ َﯾﺸُﻮص ﻓﺎه ﺑﺎﻟﺴﱢﻮاك« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫وﻣ ﻦ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ أﯾ ﻀ ًﺎ أن ﯾ ﺪﻋﻮ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﻤ ﺎ ﺗﯿ ﺴﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ أدﻋﯿ ﺔ ﻣ ﺄﺛﻮرة ﻗﺒ ﻞ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺑﺎﻟ ﺼﻼة‪ .‬وﻗ ﺪ‬
‫اﺧﺘﺮت ﻟﻜﻢ ھﺬا اﻟﺪﻋﺎء واﻟﺬﻛﺮ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إذا ﻗﺎم ﻣ ﻦ‬
‫ﻚ‬
‫اﻟﻠﯿﻞ ﯾﺘﮭﺠﱠﺪ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ‪ ،‬أﻧﺖ َﻗﯿﱢﻢ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻣَﻦ ﻓﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﻟ ﻚ ُﻣ ْﻠ ُ‬
‫اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻣَﻦ ﻓﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ أﻧﺖ ﻧﻮر اﻟ ﺴﻤﻮات واﻷرض و َﻣ ﻦ ﻓ ﯿﮭﻦ‪ ،‬وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‬
‫ﻖ ووﻋ ﺪُك اﻟﺤ ﻖﱡ وﻟﻘ ﺎؤُك ﺣ ﻖﱞ وﻗﻮﻟُ ﻚ ﺣ ﻖﱞ‪،‬‬‫ﻚ اﻟ ﺴﻤﻮات واﻷرض‪ ،‬وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ أﻧ ﺖ اﻟﺤ ﱡ‬ ‫أﻧ ﺖ َﻣﻠِ ُ‬
‫ﺖ وﺑ ﻚ‬ ‫واﻟﺠﻨﺔ ﺣﻖ واﻟﻨﺎر ﺣ ﻖ‪ ،‬واﻟﻨﺒﯿ ﻮن ﺣ ﻖ‪ ،‬وﻣﺤﻤ ﺪ ‪ r‬ﺣ ﻖ‪ ،‬واﻟ ﺴﺎﻋﺔ ﺣ ﻖ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻟ ﻚ أﺳ ﻠﻤ ُ‬
‫ﺖ وﻣ ﺎ أﺧﱠ ﺮتُ‪،‬‬ ‫آﻣﻨﺖ‪ ،‬وﻋﻠﯿﻚ ﺗﻮﻛﻠﺖ وإﻟﯿﻚ أﻧﺒﺖ‪ ،‬وﺑﻚ ﺧﺎﺻﻤﺖ وإﻟﯿﻚ ﺣﺎﻛﻤﺖ‪ ،‬ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻗ ﺪﱠﻣ ُ‬
‫ت وﻣ ﺎ أﻋﻠﻨ ﺖُ‪ ،‬أﻧ ﺖ اﻟﻤﻘ ﺪﱢم وأﻧ ﺖ اﻟﻤ ﺆﺧﱢﺮ‪ ،‬ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ أﻧ ﺖ ‪ -‬أو ‪ -‬ﻻ إﻟ ﮫ ﻏﯿ ﺮك« رواه‬ ‫وﻣ ﺎ أﺳ ﺮر ُ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪.‬‬

‫وﻟﻤﻦ ﺷﺎء دﻋﺎءً أﺧﻒﱠ وأﺳﮭﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻔ ﻆ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﻘ ﻞ ﻣ ﺎ رواه ﻋُﺒ ﺎدة ﺑ ﻦ اﻟ ﺼﺎﻣﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﺗﻌﺎ ﱠر ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ وﺣ ﺪه ﻻ ﺷ ﺮﯾﻚ ﻟ ﮫ ﻟ ﮫ اﻟﻤﻠ ﻚ وﻟ ﮫ اﻟﺤﻤ ﺪ‬
‫وھ ﻮ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ ﺷ ﺊ ﻗ ﺪﯾﺮ‪ ،‬اﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ وﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ وﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒ ﺮ وﻻ ﺣ ﻮل وﻻ ﻗ ﻮة إﻻ‬
‫ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ‪ ،‬أو دﻋﺎ اﺳﺘُﺠﯿﺐ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﻮﺿﺄ ﻗُﺒﻠ ﺖ ﺻ ﻼﺗﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﺑﺰﯾﺎدة ]اﻟﻌﻠﻲﱢ اﻟﻌﻈﯿﻢ[ ﻟﺘﺼﺒﺢ »وﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ«‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وﯾﺠﻮز ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ اﻟﺠﮭﺮ ﻛﻤﺎ ﯾﺠﻮز اﻹﺳﺮار ‪ ،‬وﯾﺠﻮز رﻓﻊ اﻟﺼﻮت ﻛﻤﺎ ﯾﺠﻮز اﻟﺨﻔﺾ‪،‬‬
‫ھﺬا إن ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻨﻔﺮداً دون أن ﯾﺼﻠﻲ إﻟ ﻰ ﺟ ﻮاره أﺣ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ أو ﻣﻜ ﺎن‬
‫ﻓﯿﮫ آﺧﺮون ﯾﺼﻠﻮن‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺨﻔﺾ ﺻﻮﺗﮫ ﻛﻲ ﻻ ﯾﺸﻮﱢش ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻋﻨﺪه ﻣﻦ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ ﻓﻌ ـﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﺴ ﱡﺮ ؟ ﻗﺎﻟﺖ‪:‬‬‫أﺑﻲ ﻗﯿﺲ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ‪ ...‬ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاءة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ أﯾﺠﮭﺮ أم ُﯾ ِ‬
‫ﻛ ﱠﻞ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻛﺎن ﯾﻔﻌﻞ‪ ،‬ورﺑﻤ ﺎ ﺟﮭ ﺮ ورﺑﻤ ﺎ أﺳ ﺮﱠ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺑ ﻮ داود واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﺎﻧ ﺖ ﻗ ﺮاءة اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻠﯿ ﻞ ﯾﺮﻓ ﻊ ﻃ ﻮرًا وﯾﺨﻔ ﺾ‬
‫ﻃ ﻮرًا« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ﻗﺮﯾﺒ ﺎً ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ‪ ،‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»اﻋﺘﻜﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺴﻤﻌﮭﻢ ﯾﺠﮭﺮون ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬ﻓﻜﺸﻒ اﻟﺴﺘﺮ وﻗﺎل‪ :‬أﻻ إ ﱠ‬
‫ن ﻛﻠﱠﻜ ﻢ‬
‫ﺾ ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة‪ ،‬أو ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓ ﻲ‬ ‫ﻣﻨ ﺎجٍ رﺑ ﮫ ﻓ ﻼ ُﯾ ﺆذ َﯾﻦﱠ ﺑﻌ ﻀُﻜﻢ ﺑﻌ ﻀﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾﺮﻓ ﻊ ﺑﻌ ﻀﻜﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ٍ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺼﻼة« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫ض ﻣﻦ ﻟﯿﻠﺘﮫ‪،‬‬‫وﻛﻤﺎ ﺗُﻘﻀﻰ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮواﺗﺐ ﻓﺈن ﻣﻦ واﻇﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺄﺧﺬﺗﮫ َﻧﻮْﻣﺔ‪ ،‬أو َﻣﺮِ َ‬
‫أو ﺷُﻐﻞ ﻋﻨﮫ ﻗﻀﺎه ﻓﻲ ﻧﮭﺎره اﻟﻤﻘﺒﻞ‪ ،‬وﻗﻀﺎه ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﺳﻌﺪ ﺑﻦ‬
‫ھﺸﺎم ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن إذا ﻓﺎﺗﺘ ﮫ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻣ ﻦ وﺟ ﻊ أو‬
‫ﻏﯿﺮه ﺻﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﺎر ﺛِﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻋﻨ ﺪ ﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ھﺸﺎم ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻋﻤ ﻞ ﻋﻤ ً‬
‫ﻼ أﺛﺒﺘ ﮫ‪،‬‬
‫وﻛﺎن إذا ﻧﺎم ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ أو ﻣﺮض ﺻﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﺎر ِﺛ ْﻨﺘَﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ‪ .«...‬وﻋﻦ ﻋﻤﺮ اﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﻧﺎم ﻋﻦ ﺣﺰﺑﮫ أو ﻋـﻦ ﺷﺊ ﻣﻨـﮫ ﻓﻘﺮأه ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﺻﻼة‬

‫‪503‬‬
‫اﻟ ﻔﺠﺮ وﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻛُﺘ ﺐ ﻟ ﮫ ﻛﺄﻧﻤ ﺎ ﻗ ﺮأه ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺑ ﻮ داود‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫واﺑﻦ ُ‬

‫وﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺒ ﺎدة ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﯾﻘ ﻮم ﺑﻤ ﺎ ﻓ ﻲ وﺳ ﻌﮫ وﺑﻤ ﺎ ﯾﻄﯿ ﻖ وﺑﻤ ﺎ ﻻ ﯾ ﺸﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷن اﷲ‬
‫ﻞ ﻋﺒ ﺪُه‪ ،‬ﻓﻜ ﺬﻟﻚ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة ﻗﯿ ﺎم اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬‫ﻞ ﺣﺘ ﻰ ﯾَﻤ ﱠ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻻ ﯾَﻤ ﱡ‬
‫ﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وﻋﻨﺪي اﻣﺮأة ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣَﻦ ھﺬه؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬اﻣﺮأةٌ ﻻ ﺗﻨﺎ ُم ﺗ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻋﻠ ﯿﻜﻢ‬ ‫»دﺧﻞ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن ﺑﻠﻔ ﻆ‬‫ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﯿﻘﻮن‪ ،‬ﻓﻮاﷲ ﻻ ﯾﻤ ﱡﻞ اﷲ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﱡﻮا‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫»إن اﻟﺤﻮﻻء ﺑﻨﺖ ﺗﻮﯾﺖ ﻣﺮت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ وﻋﻨﺪھﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ھ ﺬه‬
‫اﻟﺤﻮﻻء زﻋﻤﻮا أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻨﺎم اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻻ ﺗﻨﺎم اﻟﻠﯿﻞ! ﺧﺬوا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﯿﻘﻮن‪ ،‬ﻓﻮاﷲ ﻻ ﯾ ﺴﺄم‬
‫اﷲ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺄﻣﻮا«‪ .‬ﻓﻠْﯿﺠﮭﺪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﻣ ﺎ وﺳ ﻌﮫ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺣ ﺼﻠﺖ ﻟﺪﯾ ﮫ ﻣ ﺸﻘﱠﺔٌ ﺑﺎﻟﻐ ﺔ‪،‬‬
‫وﺻ ﺎر ﻻ ﯾﻄﯿ ﻖ اﻻﺳ ﺘﻤﺮار ﺗﻮﻗ ﻒ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة وﻧ ﺎم‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗﺎم أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺎﺳﺘﻌﺠﻢ اﻟﻘﺮآنُ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﮫ ﻓﻠﻢ ﯾ ﺪر ﻣ ﺎ ﯾﻘ ﻮل ﻓﻠﯿ ﻀﻄﺠﻊ«‬
‫رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ز‪ .‬ﺻﻼة اﻟﻀﱡﺤﻰ‬

‫وھﺬه اﻟﺼﻼة ﺗﺴﻤﱠﻰ ﺻﻼة اﻷوﱠاﺑﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪.‬‬
‫»ﻻ ﯾﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ إﻻ أوﱠاب ﻗ ﺎل‪ :‬وھ ﻲ ﺻ ﻼة اﻷوﱠاﺑ ﯿﻦ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻞ‪ .‬وﻟ ﺼﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﻓ ﻀﻞ ﻋﻈ ﯿﻢ وﺛ ﻮاب‬ ‫ﻗﻮﻟﮫ اﻷوﱠاب‪ :‬أي ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺮﺟ ﻮع ﺑﺎﻟﺘﻮﺑ ﺔ إﻟ ﻰ اﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﱠ‬
‫ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﻓﻀﻠﮭﺎ أن ﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﺛِﻨﺘﻲ ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﺑﻨ ﻰ اﷲ ﻟ ﮫ ﻗ ﺼﺮًا ﻓ ﻲ اﻟﺠﻨ ﺔ‪،‬‬
‫وھﻮ اﻟﻔﻀﻞ اﻟﺬي ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣَﻦ ﺻﻠﻰ ﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﯿ ﻮم‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة[‪ .‬ﻓﻜ ﺄن اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﺗﻌ ﺪل اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻣَ ﻦ ﺻ ﻠﻰ‬
‫اﻟﻀﺤﻰ ﺛِﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ ﺑﻨﻰ اﷲ ﻟﮫ ﻗﺼﺮاً ﻣﻦ ذھﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ« رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﻓﻀﻞ ھﺬه اﻟﺼﻼة أن رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ ﺗُﺠﺰﺋﺎن وﺗﻌ ﺪﻻن ﺛﻼﺛﻤﺎﺋ ﺔ وﺳ ﺘﯿﻦ ﺻ ﺪﻗﺔ‪ ،‬ﻓ ﺄ ْﻛﺮِم ﺑ ﮫ‬
‫ﻣ ﻦ ﻓ ﻀﻞ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ ﺑﺮﯾ ﺪة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻓ ﻲ اﻹﻧ ﺴﺎن ﺛﻼﺛُﻤﺎﺋ ٍﺔ‬
‫وﺳﺘﻮن ِﻣﻔْﺼﻼً‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿﮫ أن ﯾﺘﺼﺪق ﻋﻦ ﻛﻞ ِﻣﻔْﺼﻞ ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬وﻣﻦ ﯾﻄﯿﻖ ذﻟ ﻚ ﯾ ﺎ ﻧﺒ ﻲ اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺠﺰِﺋ ﻚ«‬ ‫اﻟﻨﱡﺨﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﺪﻓﻨﮭﺎ‪ ،‬أو اﻟﺸﺊ ُﺗ َﻨﺤﱢﯿﮫ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻘ ﺪر ﻓﺮﻛﻌﺘ ﺎ اﻟ ﻀﺤﻰ ُﺗ ْ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ذر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل » ُﯾ ﺼﺒﺢ ﻋﻠ ﻰ ﻛ ﻞ‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫رواه اﺑﻦ ُ‬
‫ﺳُﻼﻣﻰ ﻣ ﻦ أﺣ ﺪﻛﻢ ﺻ ﺪﻗﺔ‪ ،‬ﻓﻜ ﻞ ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺔ ﺻ ﺪﻗﺔ‪ ،‬وﻛ ﻞ ﺗﺤﻤﯿ ﺪة ﺻ ﺪﻗﺔ‪ ،‬وﻛ ﻞ ﺗﮭﻠﯿﻠ ﺔ ﺻ ﺪﻗﺔ‪ ،‬وﻛ ﻞ‬
‫ﺗﻜﺒﯿﺮة ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬وأﻣﺮٌ ﺑﻤﻌﺮوفٍ ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬وﻧﮭﻲٌ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬وﯾﺠﺰئ ﻣﻦ ذﻟﻚ رﻛﻌﺘ ﺎن ﯾﺮﻛﻌﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﻀﺤﻰ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ُ‬

‫وﻣﻦ ﻓﻀﻞ ھﺬه اﻟﺼﻼة أن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺘﻜﻔﱠﻞ ﻟ ﺼﺎﺣﺒﮭﺎ ﺑ ﺄن ﯾﻜﻔﯿ ﮫ ﯾﻮﻣ ﮫ اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ‬
‫ﻓﯿ ﮫ ‪ ،‬وﺟ ﺎءت اﻟﻜﻔﺎﯾ ﺔ ﻋﺎﻣ ﺔ ﻟﺘ ﺸﻤﻞ اﻟﺤﻔ ﻆ ﻣ ﻦ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وﺗ ﻮﻓﯿﺮ اﻟ ﺮزق اﻟﺤ ﻼل ور ﱠد اﻟ ﺸﺮ‬
‫ﻄ َﻔ ﺎﻧﻲ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻋ ﻦ رﺑ ﮫ ﺗﺒ ﺎرك‬ ‫واﻟﻤﻜﺮوه‪ ،‬وﻣ ﺎ إﻟ ﻰ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﻧُﻌ ﯿﻢ ﺑ ﻦ َھ ﱠﻤ ﺎر اﻟ َﻐ َ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‬
‫وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﯾــﺎ اﺑﻦ آدم ﺻ ﱢﻞ ﻟ ﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻓ ﻲ أول اﻟﻨﮭ ﺎر أﻛﻔ ﻚ آﺧ ﺮه« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وإﻟﻰ ﻣﻦ ﻛﺜﺮت ﺧﻄﺎﯾﺎه وﺗﻌﺎﻇﻤﺖ ذﻧﻮﺑﮫ ورﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺑﺔ وﻣﻐﻔﺮة ھﺬه اﻟ ﺬﻧﻮب ﻣﮭﻤ ﺎ ﺑﻠﻐ ﺖ‪،‬‬
‫ﺠﮭَﻨﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ‬ ‫ﻓﻠْﯿﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻟْﯿﻌﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه‪ :‬ﻋﻦ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ أﻧﺲ اﻟ ُ‬
‫‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ ﻗﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﻼه ﺣﯿﻦ ﯾﻨﺼﺮف ﻣﻦ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺴﺒﱢﺢ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ ﻻ ﯾﻘ ﻮل‬

‫‪504‬‬
‫ﻏﻔِﺮ ﻟﮫ ﺧﻄﺎﯾﺎه وإن ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ زﺑ ﺪ اﻟﺒﺤ ﺮ« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬ﻓ ﺈذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن‬ ‫إﻻ ﺧﯿﺮاً‪ُ ،‬‬
‫ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺗ ﺴﺒﻖ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ ﺑﺤ ﻮاﻟﻲ ﺳ ﺎﻋﺔ إﻟ ﻰ ﺳ ﺎﻋﺔ وﻧ ﺼﻒ ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﻋﺎﺗﻨﺎ‪ ،‬وأن ﺻ ﻼة‬
‫اﻟ ﻀﺤﻰ ﺗﻜ ﻮن ﻋﻨ ﺪ ارﺗﻔ ﺎع اﻟ ﺸﻤﺲ ﻣ ﻦ ﺟﮭ ﺔ اﻟﻤ ﺸﺮق ﻛﺎرﺗﻔﺎﻋﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺟﮭ ﺔ اﻟﻤﻐ ﺮب ﻋﻨ ﺪ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﯾﻘﺪر ذﻟﻚ ﺑﺴﺎﻋﺘﯿﻦ وﻧﺼﻒ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫ اﻟﺮاﻏﺐ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺑﺔ وﻣﻐﻔﺮة اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻟﺬﻧﻮﺑﮫ ُﯾﻘَﺪﱠر ﺑﺤﻮاﻟﻲ أرﺑ ﻊ ﺳ ﺎﻋﺎت ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﻋﺎﺗﻨﺎ ﯾُﻤ ﻀﯿﮭﺎ ﻓ ﻲ ﻣ ﺼﻼه‬
‫اﻟﺬي ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﯿﮭ ﺎ وﯾ ﺪﻋﻮه‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ اﻟﻘ ﺮآن ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮم ﻓ ﻲ آﺧﺮھ ﺎ‬
‫ﺑﺄداء رﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﮭﺬا ﺑﺎبٌ ﻟﻠﺘﺎﺋﺒﯿﻦ ﻋﻈﯿﻢ‪.‬‬

‫أﻣﺎ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﻓﯿﺒﺪأ ﺣﯿﻦ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺸﻤﺲ وﺗﺒﯿﺾﱡ‪ ،‬وﻟﺰﯾﺎدة اﻟﺪﻗﺔ ﻧﻘﻮل ‪ :‬إن وﻗﺘﮭ ﺎ ﯾﺒ ﺪأ‬
‫ﻋﻨﺪ ارﺗﻔﺎع اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺸﺮق ﻛﺎرﺗﻔﺎﻋﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻨ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓﮭ ﻲ ﺗﻘﺎﺑ ﻞ‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ آﺧِﺮ اﻟﻨﮭﺎر واﻟﻀﺤﻰ ﻓﻲ أوﱠﻟِﮫ‪ ،‬وﯾﺴﺘﻤﺮ وﻗﺘﮭ ﺎ إﻟ ﻰ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﺑ ﻦ أرﻗ ﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ أھ ﻞ ﻗُﺒ ﺎء وھ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن اﻟ ﻀﺤﻰ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‬‫ﺻ ﻼة اﻷوﱠاﺑ ﯿﻦ إذا رﻣ ﻀﺖ اﻟ ِﻔ ﺼﺎل ﻣ ﻦ اﻟ ﻀﺤﻰ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ورأى زﯾﺪ ﺑﻦ أرﻗﻢ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﻮﻣًﺎ ﯾﺼﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﻀﺤﻰ ﻓﻘﺎل »أﻣ ﺎ ﻟﻘ ﺪ ﻋﻠﻤ ﻮا أن‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ھﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ أﻓﻀﻞ‪ ،‬إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل‪ :‬ﺻﻼة اﻷوﱠاﺑﯿﻦ ﺣﯿﻦ ﺗﺮﻣﺾ اﻟﻔِﺼﺎل«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ إذا رﻣﻀﺖ اﻟﻔِﺼﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‪ ،‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﺣ ﯿﻦ ﺗ ﺮﻣﺾ‬ ‫رواه ﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻔﺼﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ إذا اﺣﺘﺮﻗﺖ أَﺧﻔﺎف ﺻﻐﺎر اﻹﺑﻞ‪ ،‬أي إذا اﺷﺘﺪ اﻟﺤﺮ ﻓﺴﺨﻦ اﻟﺮﻣ ﻞ‬
‫ﻓﻠﻢ ﺗ ﺴﺘﻄﻊ اﻟﺠﻤ ﺎل اﻟ ﺼﻐﯿﺮة اﻟﻤ ﺸﻲ ﻓﻮﻗ ﮫ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻗ ﺎل ذﻟ ﻚ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻷھ ﺎﻟﻲ ﻗُﺒ ﺎء ﻋﻨ ﺪﻣﺎ رآھ ﻢ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻮن اﻟ ﻀﺤﻰ ﻓ ﻲ أول اﻟﻨﮭ ﺎر‪ ،‬ﻓﺒ ﯿﱠﻦ ﻟﮭ ﻢ أن وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﯾﺒ ﺪأ ﻋﻨ ﺪ ارﺗﻔ ﺎع اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫ﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى‬ ‫وﺳﺨﻮﻧﺔ اﻷرض وﻟﯿﺲ ﻓﻲ أول اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻗﺪ رُوي ﻋﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﻼ‬
‫ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ » أﻧ ﮫ رآھ ﻢ ﯾ ﺼﻠﻮن اﻟ ﻀﺤﻰ ﻋﻨ ﺪ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ھ ﱠ‬ ‫أﺑﻮ رﻣﻠﺔ ﻋ ﻦ ﻋﻠ ﱟ‬
‫ﺗﺮﻛﻮھﺎ ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺪر رﻣﺢ أو رﻣﺤﯿﻦ ﺻﻠﱡﻮھﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻠﻚ ﺻﻼة اﻷوﱠاﺑ ﯿﻦ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻀﺤﻰ ﺣﯿﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻣِﻦ اﻟﻤﺸﺮق ﻣﻦ‬
‫ﻣﻜﺎﻧﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﺪد رﻛﻌﺎت ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﻓﺄﻗﻠﮫ ﺛِﻨﺘﺎن‪ ،‬وﻻ ﺣ ﱠﺪ ﻷﻛﺜ ﺮه‪ ،‬وﻛ ﺎن اﻟﻐﺎﻟ ﺐ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺻﻼة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت إﻟﻰ ﺛﻤ ﺎنٍ‪ ،‬وھ ﻲ ُﺗ ﺼﻠﻰ ﺛِﻨﺘ ﯿﻦ ﺛِﻨﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗ ﺎل »أوﺻ ﺎﻧﻲ ﺧﻠﯿﻠ ﻲ ﺑ ﺜﻼث ﻻ أدﻋﮭ ﻦ ﺣﺘ ﻰ أﻣ ﻮت‪ ،‬ﺻ ﻮم ﺛﻼﺛ ﺔ أﯾ ﺎم ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﺷ ﮭﺮ‪ ،‬وﺻ ﻼة‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻟﻔﻈﮫ »وﺻﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ‬ ‫اﻟﻀﺤﻰ‪ ،‬وﻧﻮم ﻋﻠﻰ وﺗﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬وأن ﻻ أدع‬ ‫رﻛﻌﺘﯿﻦ«‪ .‬وﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﻟﻠﺒﯿﮭﻘﻲ وﻣﺴﻠﻢ »ورﻛﻌﺘ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻀﺤﻰ ﻓﺈﻧﮭ ـﺎ ﺻ ﻼة اﻷوﱠاﺑ ﯿﻦ«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أوﺻ ﺎﻧﻲ ﺧﻠﯿﻠ ﻲ‬
‫ﺠﮭَﻨ ﻲ وﻓﯿ ﮫ »ﯾ ﺴﺒﺢ‬ ‫ﺚ ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ أﻧﺲ اﻟ ُ‬‫ﺑﺮﻛﻌﺘﻲ اﻟﻀﺤﻰ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾ ُ‬
‫ﺚ أﺑ ﻲ ذ ﱟر وﻓﯿ ﮫ »رﻛﻌﺘ ﺎن ﯾﺮﻛﻌﮭﻤ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﻀﺤﻰ«‪ .‬وﺣ ﺪﯾﺚُ ﺑﺮﯾ ﺪة وﻓﯿ ﮫ‬ ‫رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ«‪ .‬وﺣ ﺪﯾ ُ‬
‫»ﻓﺮﻛﻌﺘﺎ اﻟﻀﺤﻰ ﺗُﺠﺰﺋﻚ«‪ .‬ﻓﮭﺬه ﻧﺼﻮص ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﺗﻜﻮن رﻛﻌﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ‪.‬‬

‫وﻋﻦ ﻣﻌﺎذة »أﻧﮭ ﺎ ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ :‬ﻛ ﻢ ﻛـ ـﺎن رﺳ ﻮل اﻟﻠـ ـﮫ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠـﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪:‬‬
‫أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪ ،‬وﯾﺰﯾﺪ ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء اﷲ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻧُﻌﯿﻢ ﺑﻦ ھَﻤﱠ ﺎر وﻓﯿ ﮫ »ﯾ ﺎ اﺑ ﻦ آدم ﺻ ﱢﻞ ﻟ ﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻓ ﻲ أول اﻟﻨﮭ ﺎر ‪ .«...‬ﻓﮭ ﺬان‬
‫ﻧﺼﱠﺎن ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﺗﻜﻮن أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »أﺗﯿ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻋ ﺮض ﻋﻠﯿ ﮫ ﺑﻌﯿ ﺮًا ﻟ ﻲ‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺘ ﮫ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﺗﻜ ﻮن ﺳ ﺖ‬ ‫ﺺ ﯾﺪ ﱡ‬‫ﺻﻠﻰ اﻟﻀﺤﻰ ﺳﺖ رﻛﻌﺎت« رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪ .‬ﻓﮭﺬا ﻧ ﱞ‬
‫رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫‪505‬‬
 ‫وﻋﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧﺮﺟ ﺖ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟ ﻰ َ‬
‫ﺣ ﱠﺮ ِة ﺑﻨ ﻲ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ‬
‫اﻟﻀﺤﻰ ﺛﻤﺎن رﻛﻌﺎت ﻃﻮﱠل ﻓﯿﮭﻦﱠ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »دﺧ ﻞ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ أم ھـﺎﻧﺊ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﯿﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻀﺤﻰ ﺛﻤﺎنَ رﻛﻌﺎت« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﻗﺎﻟ ﺖ »إن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬دﺧ ﻞ ﺑﯿﺘﮭ ﺎ ﯾ ﻮم ﻓ ﺘﺢ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ وﺻ ﻠﻰ ﺛﻤ ﺎﻧﻲ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ أر ﺻ ﻼة ﻗ ﱡ‬
‫ﻂ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺪارﻣﻲ‪.‬‬ ‫أﺧﻒﱠ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬ﻏﯿﺮ أﻧﮫ ﯾﺘﻢ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟ ﻀﺤﻰ ﺛﻤ ﺎن رﻛﻌ ﺎت«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ورواه اﺑﻦ ِ‬
‫ل ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﺗﻜ ﻮن ﺛﻤ ﺎﻧﻲ‬ ‫ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻗﺎﻟ ﺖ أم ھ ﺎﻧﺊ‪ :‬وذﻟ ﻚ ﺿ ﺤﻰ«‪ .‬ﻓﮭ ﺬه ﻧ ﺼﻮص ﺗ ﺪ ﱡ‬
‫رﻛﻌﺎت‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ وﻓﯿﮫ »ﻣَﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻀﺤﻰ ﺛِﻨﺘﻲ ﻋ ﺸﺮة رﻛﻌ ﺔ ﺑﻨ ﻰ‬
‫ﺺ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻀﺤﻰ ﺗﻜﻮن ﺛِﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪.‬‬
‫اﷲ ﻟﮫ ﻗﺼﺮًا ﻣﻦ ذھﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ«‪ .‬وھﺬا ﻧ ﱞ‬

‫ﻞ اﻟﻤﺮء ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء ﻣﻨﮭ ﺎ‪،‬‬

‫واﻟﻤُﺤﺼﱢﻠﺔ ھﻲ أن ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ أﻗﻠﱡﮭﺎ ﺛِﻨﺘﺎن‪ ،‬وﻻ ﺣ ﱠﺪ ﻷﻛﺜﺮھﺎ ‪ ،‬ﻓﻠْﯿﺼ ﱢ‬
‫ﻦ ﻣﺎ أﻛﺮﻣﮫ اﷲ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺛﻮاب وﺟﺰاء‪.‬‬
‫ﺠِ‬‫و ْﻟ َﯿ ْ‬

‫وھﺬه اﻟﺼﻼة ﺗُﺆدﱠى اﻧﻔﺮادﯾـًﺎ وﺗﺆدﱠى ﺟﻤﺎﻋـﺔً‪ ،‬ﻓﻘﺪ روى ﻋِﺘﺒﺎن ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ ﺳُﺒﺤﺔ اﻟﻀﺤﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻣﻮا وراءه ﻓﺼﻠﻮا ﺑﺼﻼﺗﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ُ‬

‫ﻞ ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﻗﻂ‪ ،‬وأﺣﺎدﯾ ﺚ‬ ‫إﻻ أن ھﻨﺎك ﻋﺪداً ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺬﻛﺮ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻢ ﯾﺼ ﱢ‬
‫أﺧ ﺮى ﺗ ﺬﻛﺮ أﻧ ﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ إﻻ إن ھ ﻮ رﺟ ﻊ ﻣ ﻦ ﺳ ﻔﺮ‬
‫وﻣﻐﯿﺒﺔ‪ ،‬أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻣﺎ رأﯾﺖُ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﺳُ ﺒﺤﺔ اﻟ ﻀﺤﻰ ﻗ ﻂ‪«...‬‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺒﺨﺎري أن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »‪ ...‬وﻣﺎ ﺳ ﺒﱠﺢ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺳُﺒﺤﺔ اﻟﻀﺤﻰ ﻗﻂ‪ ،‬وإﻧﻲ ُﻷ َ‬
‫ﺳﺒﱢﺤﮭﺎ«‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ ﻣﻮرﱢق أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻗﻠﺖ ﻻﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ‪ :‬أﺗ ﺼﻠﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗﻠ ﺖ‬
‫ﻓﻌﻤﺮ؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﺄﺑﻮ ﺑﻜﺮ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻻ إﺧﺎﻟﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﺷ ﻘﯿﻖ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗﻠ ﺖ ﻟﻌﺎﺋ ﺸﺔ‪ :‬ھ ﻞ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ؟‬

‫ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻻ ‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺠﺊ ﻣﻦ ﻣﻐﯿﺒﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﺄﻗﻮل‪:‬‬

‫ﺖ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﻣﻘﱠﯿ ﺪ ًة ﺑﻌﻮدﺗ ﮫ‬

‫أ ـ إن ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺨﺎﻟﻒ ﺣﺪﯾﺜﮭﺎ اﻷول‪ ،‬ﻓﺎﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾُﺜﺒ ُ‬
‫‪ r‬ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺑﺮواﯾﺘﯿﮫ ﯾﻨﻔﻲ ﻧﻔﯿ ًﺎ ﺑﺎﺗًﺎ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم وﻣﻄﻠﻖ‪.‬‬

‫ب ـ إن ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻟﺘ ﻲ رُوي ﻋﻨﮭ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﺑﺮواﯾﺘﯿ ﮫ ﻗ ﺪ رُوي ﻋﻨﮭ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ ﯾﻌ ﺎرض ھ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ وﯾﻨﺎﻗﻀﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ اﻟﺮﱢﺷ ﻚ »ﺣ ﺪﺛﺘﻨﻲ ﻣﻌ ﺎذة أﻧﮭ ﺎ ﺳ ﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ :‬ﻛ ﻢ ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ؟ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت وﯾﺰﯾ ﺪ ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وروى ﻣ ﺴﻠﻢ رواﯾ ﺔ‬
‫أﺧــﺮى ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑـﻲ ﺳﻌﯿــﺪ ﻗـﺎل‪ :‬ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻗﺘﺎدة أن ﻣُﻌﺎذة اﻟﻌﺪوﯾﺔ ﺣﺪﺛﺘﮭﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻀﺤﻰ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬وﯾﺰﯾﺪ ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ«‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻤﻨﻘﻮﻟ ﺔ ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﺟﺎءت ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ‪.‬‬

‫‪506‬‬
‫ج ـ أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟ ﺬي ﯾﺆﺧ ﺬ ﻣﻨ ﮫ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻟ ﻢ ﯾﻜ ﻦ ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﻀﺤﻰ‪ِ ،‬ﻣ ﻦ‬
‫ﻟﻔﻈﺔ »ﻻ إﺧﺎﻟﮫ« ﻓﺎﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫‪ - 1‬إن ھ ﺬه اﻟﻠﻔﻈ ﺔ »ﻻ إﺧﺎﻟ ﮫ« ﺗﻨﺒ ﺊ ﻋ ﻦ اﻟ ﺸﻚ واﻟﻈ ﻦ وﻋ ﺪم اﻟﺘﺜﺒ ﺖ‪ ،‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﯾ ﺼﺒﺢ اﻟﺨﺒ ﺮ‬
‫ﻣﺤﺘﻤﻼً‪ ،‬وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘـﺪﻻل‪.‬‬

‫‪ - 2‬إن اﻟﺒﺨﺎري ذﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ]ﺑ ﺎب ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻔﺮ[‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ أن‬
‫ن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﺣ ﯿﻦ ﻧﻔ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟ ﻀﺤﻰ إﻧﻤ ﺎ ﻧﻔﺎھ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري ﻗﺪ ﻓﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬أو ﻗﻞ ﻗ ﺪ ﻋﻠ ﻢ أ ﱠ‬
‫ن اﻟﺒﺨﺎري ﻗﺪ اﺳﺘﻨﺪ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ﺑ ﺎب اﻟ ﺴﻔﺮ‬ ‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﻔﺮ وﻟﯿﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠﻖ‪ ،‬وﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ أ ﱠ‬
‫إﻟﻰ أَﻣﺮٍ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪه‪ ،‬وھﻮ اﻟﻤﺸﮭﻮد ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫‪ - 3‬إن اﺑ ـﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻗ ﺪ رُوي ﻋﻨ ﮫ ﻣ ﺎ ﯾﻌ ﺎرض ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ إن ھ ﻮ اﻋﺘُﺒ ﺮ ﻧﺎﻓﯿ ًﺎ ﻟﻤﻄﻠ ﻖ‬

‫اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺤﻀﺮ ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﻻ ﯾﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟ ﻀﺤﻰ‬
‫إﻻ ﻓ ﻲ ﯾ ﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﯾ ﻮم ﯾﻘ ﺪَم ﻣﻜ ﺔ ﻓﺈﻧ ﮫ ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺪَﻣﮭﺎ ﺿ ﺤﻰ‪ ... ،‬وﯾ ﻮم ﯾ ﺄﺗﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗُﺒ ﺎء ‪ «...‬رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وإذن ﻓﺈن اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺟﺎءت ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ھﻲ اﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﺮﺟﺢ ﻟﺪﯾﻨﺎ اﻟﺮأي اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻤﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﻟﻠﺮواﯾ ﺎت اﻟﻌﺪﯾ ﺪة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺗﺜﺒﺘﮭﺎ‪ .‬إذ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺜﺎﺑﺖ أن ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋـﺔ وﻣﻨﺪوﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭ ﺎ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿﮭﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻀﺤﻰ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻮل ﻻ ﯾﺪﻋﮭﺎ‪ ،‬وﯾﺪﻋﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻮل ﻻ ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ح‪ .‬ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف‬

‫وھﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤ ﺴﻨﻮﻧﺔ اﻟﻤ ﺸﺮوﻋﺔ ﻋﻨ ﺪ ﺣ ﺼﻮل ﻛ ﺴﻮفٍ ﻟﻠ ﺸﻤﺲ أو ﻟﻠﻘﻤ ﺮ‪ .‬واﻟﻜ ﺴﻮف ﯾﻄﻠ ﻖ‬
‫ﻋﻠﻰ ذھﺎب اﻟﻀﻮء‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻻﺳﻮداد‪ .‬وﻛﻤﺎ ﯾﻄﻠﻖ اﻟﻜﺴﻮف ﻋﻠ ﻰ اﺳ ﻮداد اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻄﻠ ﻖ ﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ اﺳﻮداد اﻟﻘﻤﺮ‪ ،‬وإن ﺷﺌﻨﺎ اﻟﺘﻤﯿﯿ ﺰ ﺑﯿﻨﮭﻤ ﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﻛ ﺴﻮف اﻟ ﺸﻤﺲ وﺧ ﺴﻮف اﻟﻘﻤ ﺮ‪ ،‬وﻛﻼھﻤ ﺎ ﺟ ﺎﺋﺰ‬
‫ﻟﻐﺔ وﺷﺮﻋ ًﺎ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ وﻗ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﻓﯿﺒ ﺪأ ﻋﻨ ﺪ ﺑ ﺪء ﻛ ﺴﻮف اﻟ ﺸﻤﺲ وﯾ ﺴﺘﻤﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾﻨﺠﻠ ﻲ اﻟﻜ ﺴﻮف‬
‫وﯾﺬھﺐ‪ ،‬وﯾﻌﻮد ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ ﻛﺎﻣﻼً‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﯾﺒﺪأ ﻋﻨﺪ ﺑ ﺪء ﺧ ﺴﻮف اﻟﻘﻤ ﺮ‪ ،‬وﯾ ﺴﺘﻤﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾﻨﺠﻠ ﻲ‬
‫اﻟﺨﺴﻮف وﯾﺬھﺐ‪ ،‬وﯾﻌﻮد ﻧ ﻮر اﻟﻘﻤ ﺮ ﻛ ﺎﻣﻼً‪ .‬وﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﻛ ﺼﻼة اﻟﺨ ﺴﻮف ﺗﻤﺎﻣ ﺎً ﺗُ ﺆدﱠى ﻋﻨ ﺪ‬
‫ذھ ﺎب ﺿ ﻮء اﻟ ﺸﻤﺲ أو ذھ ﺎب ﻧ ﻮر اﻟﻘﻤ ﺮ ﻛﻠﯿ ﺎً أو ﺟﺰﺋﯿ ﺎً دون اﻋﺘﺒ ﺎرٍ ﻷوﻗ ﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﺣ ﺼﻞ‬
‫ﻛ ﺴﻮف اﻟ ﺸﻤﺲ ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓ ﺈن ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ُﺗ ﺆدﱠى ﻋﻨﺪﺋ ﺬ دون ﻛﺮاھ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮأي‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬ﻷن ھﺬا اﻟﻮﻗﺖ ھﻮ وﻗﺘﮭﺎ‪.‬‬

‫واﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف أن ﺗﺴﺘﻐﺮق ﻛﺎﻣﻞ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺒﺪأ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻣ ﻊ ﺑ ﺪء اﻟﻜ ﺴﻮف‬
‫ﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﻮم‬ ‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤ ُ‬ ‫وﯾﻨﺘﮭﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﻊ اﻧﺘﮭﺎﺋﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل » َﻛ َ‬
‫ﻣ ﺎت إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨ ﺎس‪ :‬ﻛ ﺴﻔﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻟﻤ ﻮت إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫واﻟﻘﻤﺮ ﻻ ﯾﻨﻜﺴﻔﺎن ﻟﻤﻮت أﺣﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا رأﯾ ﺘﻢ ﻓ ﺼﻠﱡﻮا وادﻋ ﻮا اﷲ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺒ ﺰﱠار‪ .‬ورواه ﻣ ﺴﻠﻢ وﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬ﻓ ﺈذا رأﯾﺘﻤﻮھﻤ ﺎ ﻓ ﺎدﻋﻮا اﷲ وﺻ ﻠﻮا‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺨﺮج ﯾﺠ ﱡﺮ رداءه‬ ‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤ ُ‬‫ﺧَ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻜﺸﻒ« ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ َﺑﻜْﺮة ﻗﺎل » َ‬
‫ﺣﺘ ﻰ اﻧﺘﮭ ﻰ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﺛ ﺎب اﻟﻨ ﺎس إﻟﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن‬

‫‪507‬‬
‫اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ آﯾﺘﺎن ﻣﻦ آﯾﺎت اﷲ‪ ،‬وإﻧﮭﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﺴﻔﺎن ﻟﻤﻮت أﺣﺪ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓ ﺼﻠﻮا وادﻋ ﻮا‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻜﺸﻒ ﻣﺎ ﺑﻜﻢ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن اﺑﻨ ﺎً ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻣ ﺎت ﯾﻘ ﺎل ﻟ ﮫ إﺑ ﺮاھﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ« رواه‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول‪ :‬ﻓ ﺈذا رأﯾﺘﻤﻮھﻤ ﺎ ﻓ ﺎدﻋﻮا اﷲ وﺻ ﻠﻮا‬ ‫اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻜﺸﻒ‪ ،‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ‪ :‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ آﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت اﷲ وإﻧﮭﻤ ﺎ ﻻ ﯾﺨ ﺴﻔﺎن‬
‫ﻟﻤﻮت أﺣﺪ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﺼﻠﻮا وادﻋﻮا ﺣﺘﻰ ﯾﻨﻜﺸﻒ ﻣﺎ ﺑﻜﻢ‪ :‬ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ أﺣﻜﺎم ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف ھﻲ ﺻﻼة اﻟﺨﺴﻮف ﻧﻔﺴﮭﺎ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إن اﻟﺒﺪء ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﯾﻜﻮن ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﻜﺴﻮف أو اﻟﺨﺴﻮف‪.‬‬

‫ج ‪ -‬إن اﻟﺼﻼة ﺗﺴﺘﻐﺮق ﻛﺎﻣﻞ وﻗﺘﮭﺎ ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﯾﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ ﺑ ﺪء اﻟﻜ ﺴﻮف وﯾ ﺴﺘﻤﺮ‬
‫ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻧﻜﺸﺎﻓﮫ وذھﺎﺑﮫ ﻣﮭﻤﺎ ﻃﺎل زﻣﻨﮫ‪ ،‬ﺳﻮاء اﺳﺘﻤﺮ ﺳﺎﻋﺔ أو أﻛﺜﺮ أو أﻗﻞ‪.‬‬

‫وأُﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ھﻨ ﺎ إﻟ ﻰ أن ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ أن ُﺗ ﺸﻐﻞ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻣ ﺎ أن‬
‫ﻻ ‪ -‬وﯾﻜﻮن ذﻟﻚ إن ﻛ ﺎن وﻗﺘﮭ ﺎ ﻗ ﺪ ﺿ ﺎق ‪ -‬ﺛ ﻢ ُﺗ ﺼﻠﱠﻰ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف‪ ،‬وإﻣ ﺎ أن‬ ‫ﺗُﺼﻠﱠﻰ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ أو ً‬
‫ﺗُﺼﻠﱠﻰ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف أوﻻً وﯾُﻔﺮغ ﻣﻨﮭﺎ ﻗﺒﻞ اﻧﺘﮭﺎء وﻗﺖ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺘﺮة ﻛﺎﻓﯿﺔ‪.‬‬

‫و ُﯾ ﺴﻦ أداء ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬وﻻ ُﯾ ﺆذﱠن ﻟﮭ ﺎ وﻻ ﯾُﻘ ﺎم‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﯾُﻜﺘﻔ ﻰ ﺑ ﺪﻋﻮة‬
‫اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮل ]اﻟﺼﻼةُ ﺟﺎﻣﻌﺔ[ ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺑَﻜﺮة ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻋﻨ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺎﻧﻜ ﺴﻔﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺠﺮ رداءه ﺣﺘﻰ دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺣﺘ ﻰ اﻧﺠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ ﻻ ﯾﻨﻜ ﺴﻔﺎن ﻟﻤ ﻮت أﺣ ﺪ‪ ،‬ﻓ ﺈذا رأﯾﺘﻤﻮھ ﺎ ﻓ ﺼﻠﻮا وادﻋ ﻮا ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﯾﻨﻜ ﺸﻒ ﻣ ﺎ ﺑﻜ ﻢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه‪ .‬ﻓﮭ ﺬا دﻟﯿ ﻞ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ‬‫ﺴﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤ ُ‬ ‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻟﻤﺎ َﻛ َ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﻮدي‪ :‬إن اﻟﺼﻼة ﺟﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺮﻛﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﺪة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‬
‫ﺟﱢﻠ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ ،‬وﻗﺎﻟ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‪ :‬ﻣ ﺎ ﺳ ﺠﺪت‬ ‫ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﺪة ﺛ ﻢ ﺟﻠ ﺲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ‬ ‫ﺳﺠﻮداً ﻗﻂﱡ ﻛﺎن أﻃﻮل ﻣﻨﮭﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺴﻔَﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺒﻌ ﺚ ﻣﻨﺎدﯾ ﺎً‪ :‬اﻟ ﺼﻼةُ ﺟﺎﻣﻌ ﺔٌ‪ ،‬ﻓ ﺎﺟﺘﻤﻌﻮا‬ ‫ﺧَ‬‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ»أن اﻟﺸﻤﺲ َ‬
‫وﺗﻘﺪﱠم ﻓﻜﺒﱠﺮ‪ ،‬وﺻﻠﱠﻰ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﻓﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ وأرﺑﻊ ﺳﺠﺪات« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻓﮭ ﺬان دﻟ ﯿﻼن ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟﻨﺪاء ﻟﺼﻼة اﻟﻜﺴﻮف إﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻘﻮل ]اﻟﺼﻼ ُة ﺟﺎﻣﻌﺔ[‪.‬‬

‫وﻣ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺪوب ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﺣ ﺼﻮل اﻟﻜ ﺴﻮف أو اﻟﺨ ﺴﻮف ﻋ ﺪا اﻟ ﺼﻼة اﻹﻛﺜ ﺎرُ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﻋﺎء‬
‫ف ﻻ زاﻟ ﺖ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﺑﻘﯿ ﺔ‪،‬‬ ‫ف أو اﻟﺨ ﺴﻮ ُ‬
‫واﻟﺘ ﺼﺪﱡق‪ ،‬ﺧﺎﺻ ﺔ إن ﻓ ﺮغ اﻟﻤ ﺼﻠﱡﻮن ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ واﻟﻜ ﺴﻮ ُ‬
‫ﻓﯿﻤﻜﻦ إﺷﻐﺎل ﺑﻘﯿﺔ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﷲ ودﻋﺎﺋﮫ‪ .‬وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ أﻗﻮل إذا ﺣﺼﻞ اﻟﻜﺴﻮف ﺻﻠﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن‬
‫ﺻﻼة ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻣﺤﺎوﻟﯿﻦ أن ﯾﻘﻀﻮا ﻛﺎﻣﻞ وﻗﺖ اﻟﻜﺴﻮف ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈن ھﻢ أﺗﻤﻮا ﺻﻼﺗﮭﻢ ﻗﺒﻞ اﻧﻘ ﻀﺎء‬
‫اﻟﻜ ﺴﻮف أﻣ ﻀَﻮا ﻣ ﺎ ﺗﺒﻘ ﻰ ﻣ ﻦ وﻗ ﺖ اﻟﻜ ﺴﻮف ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء واﻟ ﺬﻛﺮ‪ .‬أﻣ ﺎ إن اﻧﺘﮭ ﻰ اﻟﻜ ﺴﻮف وھ ﻢ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة أﺗﻤﱡﻮھﺎ ﺧﻔﯿﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ وﻓﯿ ﮫ »ﻓ ﺈذا‬
‫رأﯾ ﺘﻢ ﻓ ﺼﻠﻮا وادﻋ ﻮا اﷲ«‪ .‬وﻣﺜﻠ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ َﺑ ْﻜ ﺮة ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه اﻟﻤ ﺎر ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ وﻓﯿ ﮫ‬
‫»وإذا ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﻓ ﺼﻠﻮا وادﻋ ﻮا ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨﻜ ﺸﻒ ﻣ ﺎ ﺑﻜ ﻢ«‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣﻮﺳ ﻰ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫ﺧﺴَﻔﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻘﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪َ r‬ﻓﺰِﻋﺎً ﯾﺨﺸﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺗﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓ ﺼﻠﱠﻰ ﺑ ﺄﻃﻮل ﻗﯿ ﺎم‬ ‫»َ‬
‫ورﻛ ﻮع وﺳ ﺠﻮد رأﯾﺘ ﮫ ﻗ ﻂ ﯾﻔﻌﻠ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺎل‪ :‬ھ ﺬه اﻵﯾ ﺎت اﻟﺘ ﻲ ﯾﺮﺳ ﻞ اﷲ ﻻ ﺗﻜ ﻮن ﻟﻤ ﻮت أﺣ ﺪ وﻻ‬
‫ﻟﺤﯿﺎﺗ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﯾﺨ ﻮﱢف اﷲ ﺑﮭ ﺎ ﻋﺒ ﺎده‪ ،‬ﻓ ﺈذا رأﯾ ﺘﻢ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺎﻓﺰﻋﻮا إﻟ ﻰ ذﻛ ﺮ اﷲ ودﻋﺎﺋ ﮫ‬
‫ﺲ ﻓﻲ‬ ‫ﺧ ﺴَﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤ ُ‬‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ » َ‬ ‫واﺳﺘﻐﻔﺎره« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ ِ‬

‫‪508‬‬
‫ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ - r‬ﻓﺬﻛﺮت اﻟﺤﺪﯾﺚ إﻟﻰ أن ﻗﺎﻟﺖ ‪ -‬ﻓﺨﻄﺐ اﻟﻨﺎس ﻓﺤﻤﺪ اﷲ وأﺛﻨ ﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫إن اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ آﯾﺘﺎن ﻣﻦ آﯾﺎت اﷲ ﻻ ﯾﻨﺨﺴﻔﺎن ﻟﻤﻮت أﺣﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رأﯾﺘﻢ ذﻟﻚ ﻓﺎدﻋﻮا‬
‫اﷲ وﻛﺒﱢ ﺮوا‪ ،‬وﺻ ﻠﱡﻮا وﺗ ﺼﺪﻗﻮا ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟ ﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺳ ﻤﺎء‬
‫ﺲ ﻋﻠ ﻰ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ - r‬ﻓ ﺬﻛﺮت اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬ ‫ﺧﺴَﻔَﺖ اﻟﺸﻤ ُ‬‫ﺑﻨﺖ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ » َ‬
‫ﺨﺴَﻔﺎن‬‫ﻲ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إن اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ آﯾﺘﺎن ﻣﻦ آﯾﺎت اﷲ ﻻ َﯾ ْ‬ ‫إﻟﻰ أن ﻗﺎﻟﺖ ‪ -‬ﺛﻢ َر ِﻗ َ‬
‫ﻟﻤﻮت أﺣﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رأﯾﺘﻢ ذﻟﻚ ﻓﺎﻓﺰﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﺼﻼة وإﻟﻰ اﻟﺼﺪﻗﺔ وإﻟﻰ ذِﻛ ﺮ اﷲ ‪ «...‬رواه‬
‫أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف ﻓﮭﻲ رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪ ،‬ﻛﻞ رﻛﻌﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺮﻛﻮﻋﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ‪ ،‬وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟ ﻚ‬
‫ﻓ ﺮأي ﻣﺮﺟ ﻮح‪ ،‬و ُﺗ ﺆدﱠى ﻛﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ‪ :‬ﯾُﺤْ ﺮِم اﻹﻣ ﺎم ﺑ ﺎﻟﺘﻜﺒﯿﺮ‪ ،‬وﯾﻘ ﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤ ﺔ ﺟﮭ ﺮًا وﺳ ﻮرة ﻃﻮﯾﻠ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻼ‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﺮأ‬
‫ﻼ ﻗﺮﯾﺒ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ﻗﺎﺋ ً‬ ‫ﯾﺮﻛﻊ رﻛﻮﻋﺎً ﻃﻮﯾ ً‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﺳﻮرة ﻃﻮﯾﻠﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ دون ﻗﺮاءة اﻟﻘﯿﺎم اﻷول‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺮﻛﻊ رﻛﻮﻋﺎً ﻃﻮﯾﻼً دون اﻟﺮﻛﻮع اﻷول‪،‬‬
‫ﻼ‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﺳ ﺠﻮدًا ﻃ ﻮﯾﻼً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺠﻠ ﺲ ﺟﻠ ﺴﺔ‬ ‫ﺛ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ ﻗ ﺎﺋ ً‬
‫ﻃﻮﯾﻠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺠﺪ ﺳﺠﻮداً ﻃﻮﯾﻼً دون اﻟﺴﺠﻮد اﻷول‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻮم ‪ ،‬وﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ ﻓﻲ‬
‫ﻻ‬
‫ﻞ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﯾﻨﺼﺮف ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺑﺎﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻣﺤ ﺎو ً‬ ‫اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﺈﻃﺎﻟ ٍﺔ أﻗ ﱠ‬
‫أن ﻻ ﯾﻔﺮغ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾﻨﺠﻠ ﻲ اﻟﻜ ﺴﻮف‪ .‬ھ ﺬه ھ ﻲ اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺔ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟ ﻮاردة ﻓ ﻲ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﻧﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺗﻔﺎﺻﯿﻠﮭﺎ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أن ﯾﮭﻮدﯾﺔ ﺟﺎءت ﺗ ﺴﺄﻟﮭﺎ ﻓﻘﺎﻟ ﺖ ﻟﮭ ﺎ ‪ :‬أﻋ ﺎذكِ اﷲ ﻣ ﻦ ﻋ ﺬاب‬
‫اﻟﻘﺒﺮ‪ ،‬ﻓﺴﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬أﯾﻌﺬﱠب اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻗﺒﻮرھﻢ؟ ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﺎﺋﺬاً ﺑﺎﷲ ﻣ ﻦ‬
‫ﺲ ﻓﺮﺟ ﻊ ﺿ ﺤﻰ‪ ،‬ﻓﻤ ﱠﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺴﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤ ُ‬ ‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﻏﺪاة ﻣﺮﻛﺒﺎً‪ ،‬ﻓ َ‬
‫ﺨ َ‬
‫ﺤﺠَﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﯾﺼﻠﻲ وﻗﺎم اﻟﻨﺎس وراءه‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻗﯿﺎﻣًﺎ ﻃ ﻮﯾﻼً ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾﻼً‪،‬‬ ‫ﺑﯿﻦ ﻇﮭﺮاﻧﻲ اﻟ ُ‬
‫ﻼ وھ ﻮ دون اﻟﺮﻛ ﻮع اﻷول‪،‬‬ ‫ﻼ وھﻮ دون اﻟﻘﯿﺎم اﻷول‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾ ً‬ ‫ﺛﻢ رﻓﻊ ﻓﻘﺎم ﻗﯿﺎﻣًﺎ ﻃﻮﯾ ً‬
‫ﻼ وھﻮ دون اﻟﻘﯿ ﺎم اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾﻼً وھ ﻮ دون‬ ‫ﺛﻢ رﻓﻊ ﻓﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻘﺎم ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻃﻮﯾ ً‬
‫ﻼ وھ ﻮ دون‬ ‫ﻼ وھ ﻮ دون اﻟﻘﯿ ﺎم اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾ ً‬ ‫اﻟﺮﻛ ﻮع اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻗﯿﺎﻣ ًﺎ ﻃ ﻮﯾ ً‬
‫اﻟﺮﻛﻮع اﻷول‪ ،‬ﺛﻢ رﻓﻊ ﻓﺴﺠﺪ‪ ،‬واﻧﺼﺮف ﻓﻘﺎل ﻣ ﺎ ﺷ ﺎء اﷲ أن ﯾﻘ ﻮل‪ ،‬ﺛ ﻢ أﻣ ﺮھﻢ أن ﯾﺘﻌ ﻮذوا ﻣ ﻦ‬
‫ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤﺲُ‪،‬‬ ‫ﺧَ‬ ‫ب ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﱠﻰ ﯾﻮم َ‬
‫ﻓﻘﺎم ﻓﻜﺒﺮ ﻓﻘﺮأ ﻗﺮاءة ﻃﻮﯾﻠﺔ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾﻼً‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه‪،‬‬
‫ﻼ وھ ﻲ‬ ‫وﻗﺎم ﻛﻤﺎ ھﻮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺮأ ﻗﺮاءة ﻃﻮﯾﻠﺔ وھ ﻲ أدﻧ ﻰ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮاءة اﻷوﻟ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ رﻛﻮﻋ ًﺎ ﻃ ﻮﯾ ً‬
‫أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﻮداً ﻃﻮﯾﻼً‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻵﺧﺮة ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﻠﱠﻢ وﻗ ﺪ‬
‫اﻧﺠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺨﻄ ﺐ اﻟﻨ ﺎس ﻓﻘ ﺎل ﻓ ﻲ ﻛ ﺴﻮف اﻟ ﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ‪ :‬إﻧﮭﻤ ﺎ آﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت اﷲ ﻻ‬
‫ﺨﺴَﻔﺎن ﻟﻤﻮت أﺣﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رأﯾﺘﻤﻮھﻤﺎ ﻓﺎﻓﺰﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪.‬‬ ‫َﯾ ْ‬

‫ﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎم‬ ‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤ ُ‬‫ج ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل » َﻛ َ‬
‫وﻗﻤﻨﺎ ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻃﺎل اﻟﻘﯿﺎم ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺎ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺮاﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﻓﻠﻢ ﯾﻜﺪ ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ رﻓ ﻊ ﻓﻠ ﻢ ﯾﻜ ﺪ‬
‫ﯾﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ﻓﻠﻢ ﯾﻜﺪ ﯾﺮﻓﻊ رأﺳﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺟﻠﺲ ﻓﻠ ﻢ ﯾﻜ ﺪ ﯾ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﺠﺪ ﻓﻠ ﻢ ﯾﻜ ﺪ ﯾﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﯾﻨﻔﺦ ﻓﻲ اﻷرض وﯾﺒﻜﻲ وھﻮ ﺳﺎﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫ب ِﻟ َﻢ ﺗﻌﺬﺑﻨﺎ وﻧﺤ ﻦ ﻧ ﺴﺘﻐﻔﺮ؟ ﻓﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ وﻗ ﺪ‬‫ب ِﻟﻢَ ﺗﻌﺬﺑﮭﻢ وأﻧﺎ ﻓﯿﮭﻢ‪ ،‬ر ﱢ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﯾﻘﻮل‪ :‬ر ﱢ‬
‫ﺗﺠﻠﱠﺖ اﻟﺸﻤﺲ وﻗﻀﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﺤﻤﺪ اﷲ وأﺛﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إن اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ آﯾﺘ ﺎن‬

‫‪509‬‬
‫ﻒ أﺣﺪُھﻤﺎ ﻓﺎﻓﺰﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ‬
‫ﺴ َ‬
‫ﻣﻦ آﯾﺎت اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ‪ ،‬ﻓﺈذا َﻛ َ‬
‫ﺧُﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤﺲُ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﺄﺗﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬ ‫ﺧَ‬‫د ‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ» َ‬
‫اﻟﻤﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﻜﱠﺒﺮ وﻛﺒﱠﺮ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺮأ ﻓﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة وأﻃﺎل اﻟﻘﯿﺎم‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﻓﺄﻃﺎل اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ‬
‫رأﺳﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤ ﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓﻘ ﺮأ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﻘ ﺮاءة‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ‬
‫رأﺳﮫ ﺛﻢ ﺳﺠﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎم ﻓﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ آﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت اﷲ‬
‫ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ ﻻ ﯾﻨﺨﺴﻔﺎن ﻟﻤﻮت أﺣ ﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا رأﯾ ﺘﻢ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺎﻓﺰﻋﻮا إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة « رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎل »اﻧﻜﺴﻔﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮم ﻣﺎت إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ رﺳﻮل اﷲ‬
‫‪ - ... r‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ ‪ ... -‬ﻓﻜﺒ‪ ‬ﺮ ﺛ ﻢ ﻗ ﺮأ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﻘ ﺮاءة‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ ﻧﺤ ﻮاً ﻣﻤ ﺎ ﻗ ﺎم‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺮﻛﻮع‪ ،‬ﻓﻘﺮأ ﻗﺮاءة دون اﻟﻘﺮاءة اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﻧﺤﻮًا ﻣﻤﺎ ﻗﺎم‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫و‪ -‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »ﺟﮭﺮ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﺴﻮف ﺑﻘﺮاءﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻓ ﺮغ ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﺮاءﺗﮫ ﻛ ﱠﺒ ﺮ ﻓﺮﻛ ﻊ‪ ،‬وإذا رﻓ ﻊ ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ ﻟﻤ ﻦ ﺣﻤ ﺪه رﺑﻨ ﺎ وﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻌ ﺎود‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‬
‫اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﻓﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ وأرﺑ ﻊ ﺳ ﺠﺪات« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري واﺑ ﻦ ِ‬
‫وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫ﺐ ﻟﻺﻣﺎم أن ﯾﺨﻄﺐ اﻟﻤُﺼﻠﱢﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﺎﺳﺐ اﻟﻤﻘﺎم‪ ،‬واﻟ ﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠ ﻰ أن‬ ‫ﺤ ﱠ‬

‫وإذا ﻓﺮغ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة اﺳﺘُ ِ‬
‫ﺚ )ب( اﻟ ﺬي روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء‬ ‫ﻟﺼﻼة اﻟﻜﺴﻮف ﺧﻄﺒـ ًﺔ اﻟﺤﺪﯾ ُ‬
‫ﻓﯿﮫ »ﻓﺨﻄﺐ اﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎل ‪ .«...‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ )ج( اﻟ ﺬي رواه ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ‬
‫أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »وﻗ ﻀﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓﺤﻤ ﺪ اﷲ وأﺛﻨ ﻰ ﻋﻠﯿ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ‪ .«...‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ﺲ ﻓ ﻲ ﻋﮭ ﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل‬ ‫ﺧﺴَﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤ ُ‬
‫اﻟﺬي روﺗﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ » َ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﻓﺄﻃﺎل اﻟﻘﯿﺎم‪ ،‬ﺛﻢ رﻛ ﻊ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﺮﻛ ﻮع‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﻘﯿ ﺎم وھ ﻮ دون اﻟﻘﯿ ﺎم‬
‫اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟﺮﻛ ﻮع وھ ﻮ دون اﻟﺮﻛ ﻮع اﻷول‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺳ ﺠﺪ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻓﻌ ﻞ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺛﻢ اﻧﺼﺮف وﻗﺪ اﻧﺠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺨﻄ ﺐ اﻟﻨ ﺎس ﻓﺤﻤ ﺪ اﷲ‬
‫وأﺛﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬إن اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤ ﺮ آﯾﺘ ﺎن ﻣ ﻦ آﯾ ﺎت اﷲ ﻻ ﯾﻨﺨ ﺴﻔﺎن ﻟﻤ ﻮت أﺣ ﺪ وﻻ ﻟﺤﯿﺎﺗ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺈذا رأﯾﺘﻢ ذﻟﻚ ﻓﺎدﻋﻮا اﷲ وﻛﺒﺮوا وﺻﻠﻮا وﺗﺼﺪﻗﻮا‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣ ٍﺪ أﻏﯿ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫ﻼ وﻟﺒﻜﯿ ﺘﻢ‬‫اﷲ أن ﯾﺰﻧﻲ ﻋﺒﺪه أو ﺗﺰﻧﻲ أﻣﺘﮫ‪ ،‬ﯾﺎ أﻣﺔ ﻣﺤﻤ ﺪ واﷲ ﻟ ﻮ ﺗﻌﻠﻤ ﻮن ﻣ ﺎ أﻋﻠ ﻢ ﻟ ﻀﺤﻜﺘﻢ ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ﻛﺜﯿﺮًا« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻤ ﺮوي ﻋ ﻦ أﺳ ﻤﺎء رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻓﺎﻧ ﺼﺮف رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻗ ﺪ ﺗﺠ ﱠﻠ ﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺨﻄ ﺐ ﻓﺤﻤ ﺪ اﷲ ﺑﻤ ﺎ ھ ﻮ أھﻠ ﮫ ﺛ ﻢ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻏﯿﺮ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮ‪ ،‬وﻛﻠﮭﺎ ﺗﺬﻛﺮ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﻌﺪ‬
‫أن ﯾﻔﺮغ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﯾﻘﻒ ﻓﯿﺨﻄﺐ اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫وُأﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻔﻘﮭﺎء واﻷﺋﻤﺔ ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف اﺧﺘﻼﻓﺎً ﻛﺒﯿﺮاً‪ ،‬ﻓﻤ ﻨﮭﻢ‬
‫ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إن ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف رﻛﻌﺘ ﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻋﺎدﯾﺘ ﺎن ﻛﺮﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣﺮوﯾ ﺔ‪،‬‬
‫وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﮭﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ رﻛﻮﻋ ﺎن اﺛﻨ ﺎن‪ ،‬وھ ﻮ ﻣ ﺎ أﺧ ﺬﻧﺎ ﺑ ﮫ وأﺛﺒﺘﻨ ﺎه ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟ ﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﻣ ﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إﻧﮭ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﺛﻼﺛ ﺔ رﻛﻮﻋ ﺎت‪ ،‬ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ‬
‫ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺮوﯾﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﮭ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ أرﺑﻌ ﺔ رﻛﻮﻋ ﺎت‪ ،‬ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ‬
‫ﻣﺮوﯾﺔ‪ ،‬وﻣﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﻗ ﺎل إﻧﮭ ﺎ رﻛﻌﺘ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﺧﻤ ﺴﺔ رﻛﻮﻋ ﺎت‪ ،‬ﻣ ﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﺄﺣﺎدﯾ ﺚ ﻣﺮوﯾ ﺔ‪،‬‬

‫‪510‬‬
‫وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﮭﺎ رﻛﻌﺘﺎن ﺛﻢ رﻛﻌﺘﺎن ﺛ ﻢ رﻛﻌﺘ ﺎن‪ ،‬وﻛﻠﮭ ﺎ ﻋﺎدﯾ ﺔ ﻣﺜ ﻞ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ إﻟ ﻰ أن ﯾﻨﺘﮭ ﻲ‬
‫اﻟﻜﺴﻮف‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ھﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﺮوﯾﺔ‪ ،‬وﻟﻢ أﺟﺪ ﺿﺮورة ﻟﺬﻛﺮ ﻛﻞ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ‪.‬‬

‫وﺣﺴﺒﻲ أن أﻗﻮل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﻧﻌﻢ إن ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺪ رُوي ﻋﻨﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ رﻛﻮﻋ ﺎت ﻋﻨ ﺪ‬
‫أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬وروي ﻋﻦ ﻋﻠﻲﱠ اﺑﻦ أﺑﻲ‬
‫ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺪ ﺻﻼﱠھﺎ أرﺑﻌﺔ رﻛﻮﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ ،‬وأن‬
‫اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺪ رُوي ﻋﻨﮫ اﻟﺮﻛﻮﻋﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪،‬‬
‫ﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺪ رُوي ﻋﻨ ﮫ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﺮﻛﻮﻋ ﺎت اﻟﺨﻤ ﺴﺔ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻲ داود‬ ‫وأن أُﺑ ﱠ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ ،‬وأن ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ ﻟﺒﯿﺪ واﻟﻨﻌﻤ ﺎن ﺑ ﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ وﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو رﺿ ﻲ اﷲ ﻋ ﻨﮭﻢ ﻗ ﺪ رُوﯾ ﺖ‬
‫ﻋﻨﮭﻢ أﺣﺎدﯾﺚ ﺑﺄن ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن ﻋﺎدﯾﺘﺎن ‪ ،‬وأن اﻟﻨﻌﻤﺎن اﺑﻦ ﺑ ﺸﯿﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺚ ﺑﺎﻟﺼﻼة رﻛﻌﺘﯿﻦ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وأﺑﻲ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪.‬‬ ‫ﻗﺪ رُوي ﻋﻨﮫ ﺣﺪﯾ ٌ‬

‫وﻻ ﯾُﻨﻜَﺮ أن ﻋﺪداً ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ اﻹﺳ ﻨﺎد ﺗ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻤﻜ ﻦ اﻷﺧ ﺬ‬
‫ﺑﺠﻤﯿﻊ ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ واﻟﻘﻮل ﺑﺠ ﻮاز ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻔﺎت وﻛﯿﻔﯿ ﺎت ﻋ ﺪة ﻟ ﻮ ﻛ ﺎن ﻗ ﺪ رُوي‬
‫ن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬أﻧﮫ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛ ﺴﻮﻓﺎت ﻋ ﺪة ‪ .‬أ ﱠﻣ ﺎ وأ ﱠ‬
‫ف واﺣﺪة‪ ،‬وأﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﺻﻠﱠﻰ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟ ﺴﻨﺔ اﻟﻌﺎﺷ ﺮة ﻟﻠﮭﺠ ﺮة‪،‬‬ ‫ﺻﻼ َة ﻛﺴﻮ ٍ‬
‫وأﻧﮫ ﺻﻼﱠھﺎ ﯾﻮم ﻣﺎت وﻟﺪه إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺪ ﻣﺎت ﺑﻌ ﺪ ﻣ ﻮت إﺑ ﺮاھﯿﻢ ﺑﺤ ﻮاﻟﻲ‬
‫أرﺑﻌﺔ أﺷﮭﺮ وﻧﺼﻒ‪ ،‬وﻻ ﯾُﺤﺘَﻤﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪة اﻟﯿﺴﯿﺮة ﺣﺼﻮل ﻛﺴﻮﻓﯿﻦ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻗﺪ رُوي أن ﺻﺤﺎﺑﺔ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺠﮭﻠﻮن ﻛﯿﻔﯿﺔ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ أن ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬آﻧ ﺬاك‪ ،‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺲ ﻓﻲ ﻋﮭ ﺪ ﻋﺜﻤ ﺎن اﺑ ﻦ‬ ‫ﺴﻔَﺖ اﻟﺸﻤ ُ‬ ‫ﺢ اﻟﺨُﺰاﻋﻲ ﻗﺎل » َﻛ َ‬
‫أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾُﺼﻠﱢﮭﺎ ﻣﻌﮭﻢ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬وأن أﺑﺎ ﺷُﺮﯾ ٍ‬
‫ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺨ ﺮج ﻋﺜﻤ ﺎن ﻓ ﺼﻠﱠﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺗﻠﻚ اﻟ ﺼﻼة رﻛﻌﺘ ﯿﻦ وﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف ﻋﺜﻤ ﺎن ﻓ ﺪﺧﻞ داره ‪«...‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺒ ﺰﱠار‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﮭﯿﺜﻤ ﻲ )رواﺗ ـﮫ ﻣُﻮﺛﱠﻘ ﻮن( ﻣ ﺎ ﯾ ﺪل دﻻﻟ ﺔ واﺿ ﺤﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف إﻧﻤ ﺎ ﺗﻜ ﻮن ﺑ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ وﺳ ﺠﺪﺗﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﻣ ﻦ رﻛﻌﺘﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وأن ھ ﺬا ھ ﻮ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻋﻨﺪ ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وإﻻ ﻟﻤﺎ ﺻﻼﱠھﺎ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﺎﻟﺼﺤﺎﺑﺔ دون إﻧﻜﺎر‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ُ‬
‫ﻋِﻠ ﻢ ﻛ ﱡﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ف ﻋ ﺪةٌ ﻣ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺑ ﻞ ﺻ ﻼة ﻛ ﺴﻮف‬ ‫ت ﻛ ﺴﻮ ٍ‬‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺘﺤﺪة‪ ،‬وأﻧﮫ ﻟﻢ ﺗﻜ ﻦ ﺻ ﻠﻮا ُ‬
‫واﺣﺪة ﯾﻮم ﻣﺎت إﺑﺮاھﯿﻢ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗـﮫ ﻋﻠﯿـﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺑﺄﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﮭﺮ‪ .‬وإذن ﻓ ﺈن اﺣﺘﻤ ﺎل‬
‫وﺟﻮد ﻋﺪة ﻛﯿﻔﯿﺎت ﻟﮭﺬه اﻟﺼﻼة ﻏﯿﺮ وارد‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ إﻻ اﻟﺘﺮﺟﯿﺢ ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿﺔ‪.‬‬

‫وﻋﻨ ﺪ اﻟﺘ ﺮﺟﯿﺢ ُﺗ ﺮﺟﱠﺢ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺬﻛﺮ ﻟ ﺼﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف رﻛ ﻮﻋﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﻷﻧﮭ ﺎ‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺳﻮاھﺎ وأﻗﻮى ﻣﻨﮭﺎ إﺳﻨﺎداً‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﺗﻔﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ إﻣﺎﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ ،‬وﻣ ﺎ اﺗﻔ ﻖ ﻋﻠﯿ ﮫ‬
‫ھﺬان اﻹﻣﺎﻣﺎن اﻟﺠﻠﯿﻼن ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻘﻮة واﻟﺼﺤﺔ‪ .‬وﻟﮭﺬا ﻧﻘ ﻮل إن ﻛ ﻞ اﻟﻜﯿﻔﯿ ﺎت ﻋ ﺪا‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺮﻛﻮﻋﯿﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌﺔ ھﻲ ﻣﺮﺟﻮﺣﺔ‪.‬‬

‫وﻻ ﺑﺄس ﺑﺄن أُﺿﯿﻒ أﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻟﻢ ُﯾ ْﺮ َو ﻋﻨﮫ ﺣﺪﯾﺚ واﺣﺪ ﺻﺤﯿﺢ أو ﺣ ﺴﻦ ﺑﺄﻧ ﮫ‬
‫ﻗﺪ ﺻﻠﱠﻰ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻋﻨﺪ ﺧﺴﻮف اﻟﻘﻤ ﺮ ﻓ ﻲ أﯾ ﺔ ﻟﯿﻠ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﺎﻟﻲ‪ ،‬وأن ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف‬
‫ﻋﻨﺪ ﺧﺴﻮف اﻟﻘﻤﺮ ﻟﻢ ﺗﺄت ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم وإﻧﻤ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗﻮﻟ ﮫ اﻟ ﺬي ﺗﻌ ﺪد ﻧﻘﻠُ ﮫ وھ ﻮ أن‬
‫ﺲ أو ﺧَ ﺴَﻒ اﻟﻘﻤ ُﺮ ﻣﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ إﯾ ﺮاده‪ ،‬وھ ﺬا أﯾ ﻀًﺎ ﯾ ﺪﻋﻢ ﻗﻮﻟﻨ ﺎ‬
‫ﺴﻔَﺖ اﻟ ﺸﻤ ُ‬
‫ﺗُ ﺼﻠﱠﻰ ھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة إن ﻛَ َ‬
‫ﺑﺎﺗﺤ ﺎد اﻟﻘ ﺼﺔ وﻋ ﺪم اﻟﺘﻌ ﺪد‪ ،‬وﯾ ﺪﻋﻢ ﺑﺎﻟﺘ ﺎﻟﻲ وﺟ ﻮب اﻟﺘ ﺮﺟﯿﺢ ﺑ ﯿﻦ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻤﺘﻌﺎرﺿ ﺔ‪ ،‬ﻷﻧ ﮫ ﻻ‬
‫ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻟﻜﻮﻧﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻗﺪ ذﻛﺮت ﺣﺎدﺛﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﻗﺒ ﻮل ﺟﻤﯿ ﻊ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت إﻻ‬
‫رواﯾﺔ واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ ھﻲ اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﯿﮭﺎ‪.‬‬

‫‪511‬‬
 ‫ط‪ .‬ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‬
‫ﺐ‬
‫ﺺ ﺳﻘﻲَ اﻟﻤﺎءِ ﻟﻨﻔﺴﮫ أو ﻃﻠﺒُﮫ ﻟﻐﯿﺮه‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺸﺮع ھﻮ ﻃﻠ ُ‬ ‫ﺐ اﻟﺸﺨ ِ‬ ‫اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ھﻮ ﻃﻠ ُ‬
‫ص ﻣﻦ‬ ‫ﻲ اﻟﻤﺎ ِء ﻣﻦ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻨﺪ اﻧﺤﺒﺎس اﻟﻤﻄﺮ وﺣﺼﻮل اﻟﻘﺤﻂ ﻋﻠﻰ وﺟ ٍﮫ ﻣﺨﺼﻮ ٍ‬ ‫اﻟﺸﺨﺺِ ﺳﻘ َ‬
‫ﻰ ِﻟ َﻘ ْﻮ ِﻣ ِﮫ‬ ‫ﺳ ْ‬ ‫ﻰ ﻣُ ْﻮ َ‬‫ﺴ َﻘ ْ‬‫ﺳ َﺘ ْ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎدة‪ .‬وﻗﺪ ورد ذﻛﺮ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﻞﱠ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ]وإ ْذ ا ْ‬
‫ﻋ ْﯿ َﻨ ًﺎ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 60‬ﻣﻦ ﺳ ﻮرة اﻟﺒﻘ ﺮة‪ .‬وﻗ ﺎل‬ ‫ﺸ َﺮ َة َ‬
‫ﻋ ْ‬
‫ت ِﻣ ْﻨﮫُ ا ْﺛ َﻨﺘَﺎ َ‬
‫ﺠ َﺮ ْ‬
‫ﺠ َﺮ ﻓَﺎ ْﻧ َﻔ َ‬
‫ﺤَ‬
‫ك اﻟ َ‬ ‫ب ِﺑ َﻌﺼَﺎ َ‬ ‫ﺿ ِﺮ ْ‬ ‫َﻓﻘُ ْﻠﻨَﺎ ا ْ‬
‫ﺖ ِﻣ ْﻨ ﮫُ ا ْﺛ َﻨ َﺘ ﺎ‬
‫ﺴ ْ‬ ‫ﺠ َ‬‫ﺠ َﺮ ﻓَﺎ ْﻧ َﺒ َ‬‫ﺤَ‬‫ك اﻟ َ‬
‫ب ِﺑ َﻌ ﺼَﺎ َ‬
‫ﺿ ِﺮ ْ‬
‫ﺴﻘَﺎهُ َﻗ ْﻮﻣُﮫُ أَن ا ْ‬ ‫ﺳ َﺘ ْ‬‫ﻰ إذ ا ْ‬ ‫ﺳْ‬ ‫ﺣ ْﯿﻨَﺎ إﻟﻰ ﻣُ ْﻮ َ‬ ‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ]‪َ ..‬وَأ ْو َ‬
‫ﻋ ْﯿ َﻨ ًﺎ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 160‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪ .‬وﻧﺰول اﻟﻤﺎء رﺣﻤﺔ واﻧﺤﺒﺎﺳﮫ ﻛﺜﯿﺮًا ﻋﺬاب ﯾﻌﺬﱢب‬ ‫ﺸ َﺮ َة َ‬
‫ﻋ ْ‬ ‫َ‬
‫ﺳ َﺘﻘَﺎﻣُﻮْا‬ ‫ن َﻟ ﻮ ا ْ‬ ‫ﺼﻮْا وﻟﻢ ﯾﺘﻘﻮا اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ] َوَأ ْ‬ ‫اﷲ ﺑﮫ ﻋﺒﺎدًا ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ‪ ،‬أو ﻋ َ‬
‫ى‬‫ﻞ ] َو َﻟ ْﻮ َأنﱠ َأ ْھ َﻞ اﻟﻘُ َﺮ ْ‬ ‫ﻏﺪَﻗ ًﺎ[ اﻵﯾﺔ ‪ 16‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺠﻦ‪ .‬وﻗﺎل ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬ ‫ﺳ َﻘ ْﯿﻨَﺎھُ ْﻢ ﻣَﺎ ًء َ‬
‫ﻋﻠَﻰ اﻟﻄﱠ ِﺮ ْﯾ َﻘ ِﺔ َﻷ ْ‬ ‫َ‬
‫ض ‪ [...‬اﻵﯾﺔ ‪ 96‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف‪.‬‬ ‫ت ﻣِﻦ اﻟﺴﱠﻤَﺎ ِء وَا َﻷ ْر ِ‬ ‫ﻋ َﻠ ْﯿ ِﮭ ْﻢ َﺑ َﺮﻛَﺎ ٍ‬
‫ﺤﻨَﺎ َ‬ ‫آ َﻣﻨُﻮْا وَاﺗﱠ َﻘﻮْا َﻟ َﻔ َﺘ ْ‬

‫ﻄ ﺮَ ﻣ ﻦ‬
‫وﻗ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒ ﻮي اﻟ ﺸﺮﯾﻒ أﻧ ﮫ ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﻗ ﻮم ﯾﻤﻨﻌ ﻮن اﻟﺰﻛ ﺎة إﻻ ُﻣﻨِﻌ ﻮا اﻟﻘَ ْ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﻗﺒﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ ﻣﻌ ﺸﺮ اﻟﻤﮭ ﺎﺟﺮﯾﻦ‪،‬‬
‫ﺧﻤﺲُ إذا اﺑﺘﻠﯿﺘﻢ ﺑﮭﻦ‪ ،‬وأﻋﻮذ ﺑﺎﷲ أن ﺗ ﺪرﻛﻮھﻦ‪ ... :‬وﻟ ﻢ ﯾﻤﻨﻌ ﻮا زﻛ ﺎة أﻣ ﻮاﻟﮭﻢ إﻻ ُﻣﻨِﻌ ﻮا اﻟﻘﻄ ﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﻟﻮﻻ اﻟﺒﮭﺎﺋﻢ ﻟﻢ ﯾُﻤﻄَﺮوا ‪ «...‬رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻗﺪ اﺗﻔﻘﺖ ﻛﻠﻤ ﺔ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء واﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﻋﻠ ﻰ‬
‫أن ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﺳﻨﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻻ أﻋﻠﻢ ﻓﻘﯿﮭ ًﺎ ﻗﺎل ﺑﻮﺟﻮﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫واﻷﺻ ﻞ ﻓ ﻲ ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺘﮭﺎ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ ﺻ ﻼﱠھﺎ‪ ،‬وﺻ ﻼﱠھﺎ ﻣﻌ ﮫ ﺻ ﺤﺎﺑﺘﮫ رﺿ ﻮان اﷲ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺧ ﺮج إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘ ﺴﻘﻰ ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻞ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ وﻗﻠ ﺐ رداءه وﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ُ‬
‫وﻋﻦ ﻋﺒﱠﺎد ﺑ ﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﮫ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾ ﻮم ﺧ ﺮج ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺤ ﻮﱠل إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻇﮭﺮه‪ ،‬واﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﯾﺪﻋﻮ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﻮﱠل رداءه‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﱠﻰ ﻟﻨ ﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺟﮭ ﺮ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ﺑ ﺎﻟﻘﺮاءة« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﺷ ﺮﻋﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋ ُﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء‪ ،‬وأن ُﺗ ﺼﻠﱠﻰ ﺑ ﺪون أذان وﻻ إﻗﺎﻣ ﺔ ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫وﻗ ﺪ ُ‬
‫ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﻣ ًﺎ ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ‪ ،‬وﺻ ﻠﱠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑ ﻼ أذان وﻻ‬
‫إﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﻄﺒﻨﺎ ودﻋﺎ اﷲ‪ ،‬وﺣﻮﱠل وﺟﮭﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻘِﺒﻠﺔ راﻓﻌ ًﺎ ﯾﺪه‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﻠﺐ رداءه‪ ،‬ﻓﺠﻌﻞ اﻷﯾﻤﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫اﻷﯾﺴﺮ واﻷﯾﺴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﯾﻤﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ واﻷﺛﺮم واﺑﻦ ُ‬

‫أﻣﺎ وﻗﺖ ھﺬه اﻟﺼﻼة ‪ ،‬ﻓﺄي وﻗﺖ ﻋﺪا أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻰ ھﻮ وﻗﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻷﻓ ﻀﻞ ﺗﺄدﯾﺘُﮭ ﺎ ﻓ ﻲ أول‬
‫اﻟﻨﮭﺎر ﻛﻤﺎ ﺗُﺆدﱠى ﺻﻼةُ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺷﻜﺎ اﻟﻨﺎس إﻟ ﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﻗﺤﻮط اﻟﻤﻄﺮ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻤﻨﺒﺮ ﻓﻮﺿﻊ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻠﻰ‪ ،‬ووﻋﺪ اﻟﻨﺎس ﯾﻮﻣ ًﺎ ﯾﺨﺮﺟﻮن ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪:‬‬
‫ﻓﺨﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﯿﻦ ﺑﺪا ﺣﺎﺟﺐ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻘﻌﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ﻓﻜﺒﱠ ﺮ ‪ ،r‬وﺣﻤ ﺪ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺛ ﻢ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻜﻢ ﺷﻜﻮﺗﻢ ﺟﺪب دﯾﺎرﻛﻢ واﺳﺘﺌﺨﺎر اﻟﻤﻄﺮ ﻋﻦ إﺑﱠﺎن زﻣﺎﻧ ﮫ ﻋ ﻨﻜﻢ‪ ،‬وﻗ ﺪ أﻣ ﺮﻛﻢ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ‬
‫أن ﺗﺪﻋﻮه ووﻋﺪﻛﻢ أن ﯾﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﻜﻢ‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ .‬اﻟ ﺮﺣﻤﻦ اﻟ ﺮﺣﯿﻢ‪ .‬ﻣﻠ ﻚ ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﺪﯾﻦ‪ .‬ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﯾﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ أﻧﺖ اﷲ ﻻ إﻟﮫ إﻻ أﻧﺖ اﻟﻐﻨﻲ وﻧﺤ ﻦ اﻟﻔﻘ ﺮاء‪َ ،‬أ ْﻧ ﺰِل ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‬
‫ﺖ ﻟﻨﺎ ﻗﻮ ًة وﺑﻼﻏ ًﺎ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ رﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﺰل ﻓﻲ اﻟﺮﻓ ﻊ ﺣﺘ ﻰ ﺑ ﺪا ﺑﯿ ﺎض‬ ‫اﻟﻐﯿﺚ واﺟﻌﻞ ﻣﺎ أﻧﺰﻟ َ‬
‫إﺑﻄﯿﮫ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﻮﱠل إﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﻇﮭﺮه‪ ،‬وﻗﻠﺐ ‪ -‬أو ﺣﻮﱠل ‪ -‬رداءه وھﻮ راﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺒ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺣ ﯿﻦ ﺑ ﺪا ﺣﺎﺟ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ :‬أي‬ ‫وﻧﺰل ﻓﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ «...‬رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣﯿﻦ ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ‪ .‬وھﺬا ھﻮ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫‪512‬‬
‫أﻣﺎ ﺻ ﻔﺔ ﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﻓﮭ ﻲ رﻛﻌﺘ ﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن ﻣﻤﺎﺛﻠﺘ ﺎن ﻟﺮﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‬
‫واﻟﺠﮭﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻏﯿ ﺮه وﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬وﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ .‬وﻛ ﺬﻟﻚ‬
‫ﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﱠﺎد ﺑﻦ ﺗﻤﯿﻢ ﻋﻦ ﻋﻤﮫ آﻧﻔًﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه وﻓﯿﮫ »ﺛﻢ ﺻﻠﻰ ﻟﻨﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺟﮭ ﺮ ﻓﯿﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮاءة«‪ .‬وﻋﻦ أﺑ ﻲ إﺳ ﺤﻖ » ﺧ ﺮج ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ اﻷﻧ ﺼﺎري وﺧ ﺮج ﻣﻌ ﮫ اﻟﺒ ﺮاء ﺑ ﻦ ﻋ ﺎزب‬
‫وزﯾﺪ ﺑ ﻦ أرﻗ ﻢ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋ ﻨﮭﻢ ﻓﺎﺳﺘ ﺴﻘﻰ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﺑﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ رﺟﻠﯿ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮ ﻣﻨﺒ ﺮ ﻓﺎﺳ ﺘﻐﻔﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺻﻠﱠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﯾﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺆذن وﻟﻢ ُﯾﻘِﻢ‪ ،‬ﻗﺎل أﺑﻮ إﺳﺤﻖ‪ :‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻟﻠﻌﻠﻢ ﻓ ﺈن ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﯾﺰﯾ ﺪ ھ ﻮ ﻏﯿ ﺮ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ اﻟﻤ ﺎر ذﻛ ﺮه ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫وھﻨﺎك ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء ﯾ ﺮون أن ﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﺗﻤﺎﺛ ﻞ ﺗﻤﺎﻣ ﺎً ﺻ ﻼة اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬وأن ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺳﺒﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮات ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ وﺧﻤﺴ ًﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﺑﻤﺎ رواه اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺳ ﻼً‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻛﻤ ﺎ‬ ‫»أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺧﺮج ُﻣ َﺘﺨَﺸﻌ ًﺎ ُﻣ َﺘ َ‬
‫ﻀﺮﱢﻋ ًﺎ ﻣُﺘﻮاﺿِﻌ ًﺎ ُﻣﺘَﺒ ﱢﺬ ًﻻ ُﻣﺘَﺮ ﱢ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪ ‪ ،‬ﻟ ﻢ ﯾﺨﻄ ﺐ ﻛﺨﻄﺒ ﺘﻜﻢ ھ ﺬه« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣﺘﺒﺬﱢﻻً ‪ :‬أي ﯾﻠﺒﺲ ﻟﺒﺎس اﻟﻌﻤﻞ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻣﺘﺮﺳﱢﻼً‪ :‬أي ﻣﺘﻤﮭﱢﻼً ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻌﺠﻞ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟﻮا إن‬
‫ﻗ ﻮل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس »ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪ« ﯾﻔﯿ ﺪ أن ﻟ ﺼﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﺗﻜﺒﯿ ﺮات ﻛﺘﻜﺒﯿ ﺮات اﻟﻌﯿ ﺪ‪،‬‬
‫واﺳﺘﺪﻟﻮا ﺑﻤﺎ رواه ﻃﻠﺤﺔ ﻗﺎل »أرﺳﻠﻨﻲ ﻣﺮوان إﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس أﺳ ﺄﻟﮫ ﻋ ﻦ ﺳُ ﻨﺔ اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺳُ ﻨﱠﺔ اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﺳُ ﻨﱠﺔ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻌﯿ ﺪﯾﻦ‪ ،‬إﻻ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﻠ ﺐ رداءه‪ ،‬ﻓﺠﻌ ﻞ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﯾﺴﺎره وﯾﺴﺎره ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬وﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ ،‬وﻛﺒﱠـﺮ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﺗﻜﺒﯿﺮات وﻗﺮأ ﺳﺒﺢ اﺳﻢ رﺑ ﻚ‬
‫اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬وﻗﺮأ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ھﻞ أﺗﺎك ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻐﺎﺷﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺒﱠ ﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ ﺧﻤ ﺲ ﺗﻜﺒﯿ ﺮات« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬
‫واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ‪ .‬ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء ‪ :‬أﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﻓﻔﯿ ﮫ ﻣﺤﻤ ﺪ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ﻗ ﺎل ﻓﯿ ﮫ‬
‫اﻟﺒﺨ ﺎري‪ :‬ﻣﻨﻜ ﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗ ﺎل اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‪ :‬ﻣﺘ ﺮوك اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗ ﺎل أﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ :‬ﺿ ﻌﯿﻒ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﯿﻒ ﻻ ﯾ ﺼﻠﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج ﻓﯿﻄ ﺮح‪ .‬وأﻣ ﺎ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺣﻤ ﺪ ﻓﻐﯿ ﺮ واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ذھﺒﻮا إﻟﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﺘﻘﯿﯿﺪ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺖ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺤﻤﻞ ھ ﺬا‬
‫اﻟﻘﻮل ﻣﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻠﻰ أﻧﮫ أراد أن ﯾﻘﻮل إن ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻛﺼﻼة اﻟﻌﯿﺪ رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪ ،‬ﯾﺸﮭﺪ‬
‫ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮزاق »‪ ...‬ﻓﺪﻋﺎ وﺻﻠﱠﻰ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﯿ ﺪ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‪ .‬ﻓ ﺼﻼة‬
‫اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن ﻋﺎدﯾﺘﺎن ﯾُﺠﮭﺮ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪.‬‬

‫ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم أﻣﺎم اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻣ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻣُﻮﻟﱢﯿ ﺎً ﻇﮭ ﺮه إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬وﯾُﺤ ﻮﱢل ﺛﻮﺑ ﮫ ﺑﺤﯿ ﺚ ﯾﺠﻌ ﻞ‬
‫اﻟﻈﺎھﺮ ﺑﺎﻃﻨﺎً واﻟﺒﺎﻃﻦ ﻇﺎھﺮًا ‪ ،‬واﻷﯾﻤﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﻮب ﻋﻠﻰ ﯾﺴﺎره‪ ،‬واﻷﯾﺴﺮ ﻣﻨ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬وﯾﺤ ﻮﱢل‬
‫اﻟﻤﺼﻠﻮن ﺛﯿﺎﺑﮭﻢ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺎء‪ ،‬وﯾُﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص‪ ،‬وﻟﮫ أن ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺟﮭ ﺮًا دون ﺗﻜﺒﯿ ﺮات ﺳ ﻮى ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺳ ﻠﱠﻢ وﻗ ﻀﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﺻﻌﺪ اﻟﻤﻨﺒﺮ وﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎس ﺧﻄﺒﺔ ﻣﻨﺎﺳ ﺒﺔ ﺛ ﻢ ﻧ ﺰل‪ ،‬وإذا دﻋ ﺎ رﻓ ﻊ ﯾﺪﯾ ﮫ ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ ،‬وأﺷ ﺎر ﺑﻈﮭ ﺮ ﻛﻔﯿ ﮫ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء‪ ،‬وﺟﻌﻞ اﻟﺒﻄﻮن ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻷرض‪.‬‬

‫ﺴﻨﱠﺔ أن ﺗُﺆدﱠى ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬أي ﺧ ﺎرج ﺑﯿ ﻮت اﻟﺒﻠ ﺪ‪ ،‬وأن ُﯾ ﺆﺗَﻰ ﻟﮭ ﺎ ﺑﻤﻨﺒ ﺮ‬
‫وﻣﻦ اﻟ ﱡ‬
‫ع‬
‫ﯾﻘﻒ ﻋﻠﯿﮫ اﻹﻣﺎم ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء اﻟﺨﻄﺒ ﺔ‪ ،‬وأن ﯾﺨ ﺮج اﻟﻤ ﺼﻠﱡﻮن إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ ﺑﺨ ﺸﻮع وھ ﺪوء وﺗ ﻀﺮﱡ ٍ‬
‫ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺠﻤﱢﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎس‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ وردت أﺣﺎدﯾﺚ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﺳﺘ ﺴﻘﻰ وﻋﻠﯿ ﮫ ﺧﻤﯿ ﺼ ٌﺔ ﻟ ﮫ‬

‫ﺳﻮداءُ‪ ،‬ﻓﺄراد أن ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑﺄﺳ ﻔﻠﮭﺎ ﻓﯿﺠﻌﻠ ﮫ أﻋﻼھ ﺎ‪ ،‬ﻓﺜﻘُﻠ ﺖ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺒﮭ ﺎ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻷﯾﻤ ﻦَ ﻋﻠ ﻰ اﻷﯾ ﺴﺮ‬
‫واﻷﯾﺴ َﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﯾﻤﻦ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺧﻤﯿﺼﺔ‪ :‬أي ﻛﺴﺎ ٌء أﺳﻮ ُد ﺛﺨﯿﻦ‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺒﱠﺎد ﺑﻦ ﺗﻤﯿﻢ ﻋﻦ ﻋﻤﱢﮫ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ ﻗﺎل »ﺧﺮج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ وﺣ ﻮﱠل رداءه«‬
‫رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﺑﻠﻔﻆ »ﻓﻘﻠﺐ رداءه«‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ زﯾﺪ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﺪ رأﯾﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣ ﯿﻦ اﺳﺘ ﺴﻘﻰ ﻟﻨ ﺎ أﻃ ﺎل‬
‫اﻟﺪﻋﺎء وأﻛﺜﺮَ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻢ ﺗﺤﻮﱠل إﻟﻰ اﻟﻘِﺒﻠﺔ وﺣﻮﱠل رداءه‪ ،‬ﻓﻘﻠﺒﮫ ﻇﮭﺮًا ﻟﺒﻄﻦ‪ ،‬وﺗﺤﻮﱠل اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻣﻌﮫ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -4‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه وﻓﯿ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﺧﺮج ﻣُﺘﺨﺸﱢﻌ ًﺎ ﻣُﺘﻀﺮﱢﻋ ًﺎ ﻣﺘﻮاﺿﻌ ًﺎ ﻣُ َﺘ َﺒﺬﱢ ًﻻ ﻣُ َﺘ َﺮﺳﱢ ً‬
‫ﻼ ‪ .«...‬وﺟﺎء ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ اﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ »ﺧ ﺮج رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻣﺘﺒ ﱢﺬ ًﻻ ﻣﺘﻮاﺿﻌ ًﺎ ﻣﺘﻀﺮﱢﻋ ًﺎ ‪ ،‬ﻓﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ ‪.«...‬‬

‫‪ -5‬وﻣﺮﱠ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻨﺪ أﺑﻲ داود وﻏﯿﺮه »‪ ...‬ﻓ ﺄﻣﺮ ﺑﻤﻨﺒ ﺮٍ ﻓﻮُﺿ ﻊ ﻟ ﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤُﺼﻠﱠﻰ ‪.«...‬‬

‫‪ -6‬ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻻ ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻲ ﺷ ﺊ ﻣ ﻦ دﻋﺎﺋ ﮫ إﻻ‬
‫ﻓ ﻲ اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﯾﺮﻓ ﻊ ﺣﺘ ﻰ ُﯾ ﺮى ﺑﯿ ﺎضُ إﺑﻄﯿ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -7‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﺳﺘﺴﻘﻰ‪ ،‬ﻓﺄﺷﺎر ﺑﻈﮭﺮ ﻛﻔﯿ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟ ﺴﻤﺎء« رواه‬
‫أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -8‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺴﺘﺴﻘﻲ ھﻜﺬا‪ ،‬ﯾﻌﻨﻲ وﻣ ﱠﺪ ﯾﺪﯾﮫ ‪ ،‬وﺟﻌﻞ ﺑﻄﻮﻧﮭﻤﺎ‬
‫ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻷرض‪ ،‬ﺣﺘﻰ رأﯾﺖ ﺑﯿﺎض إﺑﻄﯿﮫ« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪ -9‬ﻋﻦ ﻋﺒﱠﺎد ﺑﻦ ﺗﻤ ﯿﻢ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ‪ ،‬ﻓﺘﻮﺟ ﮫ إﻟ ﻰ‬

‫اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﯾﺪﻋﻮ‪ ،‬وﺣﻮﱠل رداءه‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﱠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺟﮭﺮ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ -10‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﻣ ﺎً ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ‪ ،‬وﺻ ﻠﱠﻰ ﺑﻨ ﺎ‬

‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑ ﻼ أذان وﻻ إﻗﺎﻣ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺧﻄﺒﻨ ﺎ ودﻋ ﺎ اﷲ‪ ،‬وﺣ ﻮﱠل وﺟﮭ ﮫ ﻧﺤ ﻮ اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ راﻓﻌ ًﺎ ﯾ ﺪه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗﻠ ﺐ‬
‫رداءه ﻓﺠﻌﻞ اﻷﯾﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﯾﺴﺮ واﻷﯾﺴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﯾﻤﻦ« رواه أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ -11‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ زﯾ ﺪ اﻟﻤ ﺎزﻧﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‬

‫واﺳﺘ ﺴﻘﻰ‪ ،‬وﺣ ﻮﱠل رداءه ﺣ ﯿﻦ اﺳ ﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل إﺳ ﺤﻖ ﻓ ﻲ ﺣﺪﯾﺜ ﮫ‪ :‬وﺑ ﺪأ ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﻄﺒ ﺔ ﺛ ﻢ‬
‫اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﺪﻋﺎ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫‪ -12‬ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻗ ﺎل »ﺧ ﺮج ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ اﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر‬
‫ﺣﺘ ﻰ رﺟ ﻊ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ أﻣﯿ ﺮ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ ﻣ ﺎ رأﯾﻨ ﺎك اﺳﺘ ﺴﻘﯿﺖ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻟﻘ ﺪ ﻃﻠﺒ ﺖُ اﻟﻤﻄ ﺮ ﺑﻤﺠ ﺎدﯾﺢ‬
‫ﻏﻔﱠ ﺎ َرًا‪ .‬ﯾُ ْﺮﺳِ ﻞ اﻟ ﺴﱠﻤَﺎءَ ﻋََﻠ ﯿْﻜُ ْﻢ‬ ‫ن َ‬ ‫اﻟ ﺴﻤﺎء اﻟﺘ ﻲ ﺗ ﺴﺘﻨﺰل ﺑﮭ ﺎ اﻟﻤﻄ ﺮ ] َﻓﻘُ ْﻠ ﺖُ ا ْ‬
‫ﺳ َﺘ ْﻐ ِﻔﺮُوْا َرﺑﱠﻜُ ْﻢ إﻧﱠ ﮫُ َﻛ ﺎ َ‬
‫ﻋ َﻠ ْﯿﻜُ ْﻢ ِﻣ ْﺪرَا َرًا‬
‫ﺳ ﻞ اﻟ ﺴﱠﻤَﺎ َء َ‬ ‫ﻦ[ ] ا ْ‬
‫ﺳ َﺘ ْﻐ ِﻔﺮُوْا َرﺑﱠﻜُ ْﻢ ﺛُ ﻢﱠ ﺗُ ْﻮﺑُ ﻮْا إﻟﯿ ِﮫ ﯾُ ْﺮ ِ‬ ‫ِﻣ ْﺪرَا َرًا‪َ .‬وﯾُ ْﻤ ِﺪ ِْدﻛُ ْﻢ ِﺑ َﺄ ْﻣﻮَا ٍل َو َﺑ ِﻨ ْﯿ َ‬
‫َو َﯾ ِﺰ ْدﻛُ ْﻢ ﻗُ ﻮﱠ ًة إﻟ ﻰ ﻗُ ﻮﱠ ِﺗﻜُ ْﻢ[« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ وﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻣﺠ ﺎدﯾﺢ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء‪ :‬أي اﻷﻧﻮاء اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﺮ‪ ،‬ﺷﺒﮫ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﺑﮭﺎ‪.‬‬

‫‪514‬‬
‫واﻻﺳﺘﺴﻘﺎء اﻟﺬي ﻣﻌﻨﺎه ﻃﻠﺐ ﺳ ﻘﻲ اﻟﻤ ﺎء ﻣ ﻦ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﺨ ﺼﻮﺻﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧ ـﮫ ﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻟ ﺪﻋﺎء ﻓﻘ ﻂ دون ﺻ ﻼ ٍة ﺧﺎﺻ ﺔ ﺑ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﯾُﻘﺘ ﺼَﺮ ﻓ ﻲ اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﻋﻠ ﻰ ﻣﺠ ﺮد اﻟ ﺪﻋﺎء‬
‫واﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ﻓﻤ ﺎ زاد ﻋﻠ ﻰ اﻻﺳ ﺘﻐﻔﺎر ﺣﺘ ﻰ‬
‫رﺟﻊ«‪ .‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻋﻤﺮ اﻗﺘﺼﺮ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر وﻟﻢ ﯾﺼﻞﱢ‪ ،‬ﺑﺪﻻﻟﺔ رواﯾﺔ أﺧ ﺮى ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﺑﻠﻔ ﻆ »أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب ﺧ ﺮج ﺑﺎﻟﻨ ﺎس إﻟ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ودﻋ ﺎ واﺳ ﺘﻐﻔﺮ ﺛ ﻢ ﻧ ﺰل‪،‬‬
‫ﻓﺎﻧﻘﻠﺐ وﻟﻢ ﯾُﺼﻞﱢ«‪ .‬وﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺬﻛﺮ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺪﻋﻮ ﯾﺴﺘﺴﻘﻲ دون ﺻﻼة‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﯾﺴﺘﺴﻘﻲ اﻹﻣﺎم ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﻓﺤﺴﺐ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ دون ﺻﻼة اﺳﺘﺴﻘﺎء‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎم اﻟﻨﺎس ﻓﺼﺎﺣﻮا ﻓﻘﺎﻟﻮا‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﻗﺤﻂ اﻟﻤﻄﺮ واﺣﻤﺮﱠت اﻟ ﺸﺠﺮ وھﻠﻜ ﺖ اﻟﺒﮭ ﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻓ ﺎدع اﷲ أن ﯾ ﺴﻘﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ‪ ،‬ﻣ ﺮﺗﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻋ ًﺔ ﻣ ﻦ ﺳ ﺤﺎب‪ ،‬ﻓﻨ ﺸﺄت ﺳ ﺤﺎﺑ ٌﺔ ﻓ ﺄﻣﻄﺮت‪ ،‬وﻧ ﺰل ﻋ ﻦ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‬ ‫واﯾ ُﻢ اﷲِ ﻣ ﺎ ﻧ ﺮى ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻤﺎء َﻗ َﺰ َ‬
‫ﻓﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻟﻢ ﺗﺰل ﺗﻤﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺨﻄﺐ‪ ،‬ﺻﺎﺣﻮا إﻟﯿﮫ‪:‬‬
‫ﺗﮭﺪﻣﺖ اﻟﺒﯿﻮت واﻧﻘﻄﻌﺖ اﻟﺴﺒﻞ ﻓﺄدع اﷲ ﯾﺤﺒﺴﮭﺎ ﻋﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺘﺒﺴﱠﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺣﻮاﻟﯿﻨ ﺎ وﻻ‬
‫ت إﻟ ﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ‪،‬‬‫ﺸﻄَﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔُ‪ ،‬ﻓﺠﻌﻠ ﺖ ﺗﻤﻄ ﺮ ﺣﻮﻟﮭ ﺎ وﻻ ﺗﻤﻄ ﺮ ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨ ﺔ ﻗﻄ ﺮة‪ ،‬ﻓﻨﻈ ﺮ ُ‬ ‫ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‪ ،‬ﻓ َﻜ َ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫وإﻧﮭ ﺎ ﻟﻔ ﻲ ﻣﺜ ﻞ اﻹﻛﻠﯿ ﻞ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫أﺧﺮى ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »‪ ...‬ﻓ ﺎدع اﷲ أن ﯾُﻐﯿﺜﻨ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺮﻓ ﻊ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ‪ .«...‬وﺳ ﺘﺄﺗﻲ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻟﺜ ﺔ ﻋﻨ ﺪ‬
‫ﻏﺜْﻨﺎ‪ .«...‬وﯾﺠﻮز ﻃﺒﻌﺎً أن ﯾﻜﻮن اﻟ ﺪﻋﺎء ﻋﻘ ﺐ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺎت‪ ،‬ﻷن‬ ‫اﻟﺒﺨﺎري ﺑﻠﻔﻆ »اﻟﻠﮭﻢ أ ِ‬
‫ذﻟﻚ أرﺟﻰ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫ﺣﻲِ ﺑﻠﺪَك اﻟﻤﯿﺖ‪.‬‬

‫ﻖ ﻋﺒﺎ َدك وﺑﮭﺎﺋﻤَﻚ واﻧﺸﺮْ رﺣﻤﺘَﻚ وأَ ْ‬
‫أ‪ -‬اﻟﻠﮭﻢ اﺳ ِ‬

‫ﻼ ﻏﯿﺮ راﺋﺚ‪.‬‬
‫ﻏﺪَﻗ ًﺎ ﻋﺎﺟ ً‬
‫ﻃَﺒ َﻘًﺎ ﻣُﺮﯾﻌ ًﺎ َ‬
‫ب‪ -‬اﻟﻠﮭﻢ اﺳﻘﻨﺎ ﻏﯿﺜ ًﺎ ﻣُﻐﯿﺜ ًﺎ ﻣَﺮﯾﺌ ًﺎ َ‬

‫ﻼ ﻏﯿﺮ آﺟﻞ‪.‬‬
‫ج‪ -‬اﻟﻠﮭﻢ اﺳﻘﻨﺎ ﻏﯿﺜ ًﺎ ﻣُﻐﯿﺜ ًﺎ ﻣَﺮﯾﺌ ًﺎ ﻣُﺮﯾﻌﺎً ﻧﺎﻓﻌًﺎ ﻏﯿﺮ ﺿﺎ ﱟر ﻋﺎﺟ ً‬

‫‪ -1‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﯿﺐ ﻋ ﻦ أﺑﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﺟ ﺪه رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إذا‬

‫ﺣ ﻲِ ﺑﻠ ﺪك اﻟﻤﯿ ﺖ« رواه أﺑ ﻮ داود‪.‬‬
‫اﺳﺘﺴﻘﻰ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻖ ﻋﺒ ﺎدك وﺑﮭﺎﺋﻤ ﻚ‪ ،‬واﻧ ﺸﺮ رﺣﻤﺘ ﻚ وَأ ْ‬
‫ورواه ﻣﺎﻟﻚ وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق دون أن ﯾﺬﻛﺮا ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺪ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه‪.‬‬

‫‪ -2‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺟﺎء أﻋﺮاﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻟﻘ ﺪ‬
‫ﻄﺮُ ﻟﮭﻢ ﻓﺤﻞٌ‪ ،‬ﻓﺼﻌﺪ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﺤﻤﺪ اﷲ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ‬ ‫ﺨِ‬‫ﺟﺌﺘﻚ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻗﻮم ﻣﺎ ﯾﺘﺰود ﻟﮭﻢ راع‪ ،‬وﻻ َﯾ ْ‬
‫ﻏﺪَﻗًﺎ ﻋﺎﺟﻼً ﻏﯿﺮ راﺋﺚ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺰل‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ ﯾﺄﺗﯿ ﮫ أﺣ ٌﺪ ﻣ ﻦ وﺟ ﮫ ﻣ ﻦ‬ ‫ﻃﺒَﻘ ًﺎ ﻣُﺮﯾﻌًﺎ َ‬
‫اﺳﻘﻨﺎ ﻏﯿﺜﺎً ﻣُﻐﯿﺜﺎً ﻣَﺮﯾﺌﺎً َ‬
‫ﻃﺒَﻘ ﺎً‪ :‬أي ﻣُﻐﻄﱢﯿ ﺎً اﻷرض ﻛﺜﯿ ﺮاً‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫ﺣﯿِﯿﻨﺎ«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻣَﺮﯾﺌﺎً‪ :‬أي ﻃﯿﺒﺎً‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ َ‬ ‫اﻟﻮﺟﻮه إﻻ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻗﺪ ُأ ْ‬
‫ﻏ ﺪَﻗ ًﺎ‪ :‬أي ﻏﺰﯾ ﺮاً ﻛﺒﯿ ﺮ اﻟﻘﻄ ﺮات‪.‬‬
‫ﻣﺮﯾﻌًﺎ ‪ -‬ﺑﻀﻢ أوﻟﮫ وﻓﺘﺤ ﮫ ‪ -‬أي ﯾﺠﻠ ﺐ اﻟﺨ ﺼﺐ واﻟﻨﱠﻤ ﺎء‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ َ‬
‫ع‪ :‬أي ﻻ ﯾﺨﺮج ﻟﮭﻢ راعٍ ﻟﺮﻋﻲ اﻟﻤﻮاﺷﻲ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد‬ ‫وﻗﻮﻟﮫ راﺋﺚ‪ :‬أي آﺟﻞ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻣﺎ ﯾﺘﺰود ﻟﮭﻢ را ٍ‬
‫ﺨﻄِﺮ ﻟﮭ ﻢ ﻓﺤ ﻞ‪ :‬أي ﻻ ﯾﺤ ﺮﱢك ﻟﮭ ﻢ َذ َﻛ ُﺮ اﻟﺠِﻤ ﺎل‬ ‫ﻣﺮاع ذات أﻋﺸﺎب ﻣﻦ اﻧﺤﺒﺎس اﻟﻤﻄﺮ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻻ َﯾ ْ‬
‫ذﻧﺒَﮫ ﯾﻤﻨﺔ وﯾﺴﺮة ﻟﺸﺪة ﺿﻌﻔﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻮع‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫ﻲ ﺑ ﻮاﻛﻲ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ ﻏﯿﺜ ﺎً‬
‫‪ -3‬وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﺗ ﺖ اﻟﻨﺒ ﱠ‬
‫ﻼ ﻏﯿ ﺮ آﺟ ﻞ‪ ،‬ﻗ ﺎل ‪ :‬ﻓﺄﻃﺒﻘ ﺖ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ اﻟ ﺴﻤﺎء« رواه أﺑ ﻮ‬ ‫ﻣُﻐﯿﺜ ًﺎ ﻣَﺮﯾﺌ ًﺎ ﻣُﺮﯾﻌ ًﺎ ﻧﺎﻓﻌ ًﺎ ﻏﯿ ﺮ ﺿ ﺎر‪ ،‬ﻋ ﺎﺟ ً‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺑﻮاﻛﻲ‪ :‬أي ﻧﺴﺎء ﯾﺒﻜﯿﻦ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺠﺪب‪.‬‬ ‫داود واﺑﻦ ُ‬

‫ﻓﺈذا أﻧﻌﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﻐﯿ ﺚ وﻧ ﺰل اﻟﻤﻄـ ـﺮ‪ ،‬اﺳﺘُﺤِـ ـﺐﱠ ﻟﮭ ﻢ أن ﯾﻘﻮﻟ ﻮا ]اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫ﺻﯿﱢﺒًﺎ ﻧﺎﻓﻌًﺎ[ ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛــﺎن إذا ﻧﺰل اﻟﻤﻄــﺮ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺻﯿﱢﺒﺎً‬ ‫َ‬
‫ﻧﺎﻓﻌ ًﺎ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺻﯿﱢﺒﺎً‪ :‬أي ﻣﻄﺮًا أو ﻏﯿﺜًﺎ‪.‬‬

‫ﺤﺐﱠ أن ﯾﻘﻮﻟ ﻮا ]اﻟﻠﮭ ﻢ ﺣﻮاﻟﯿﻨ ﺎ وﻻ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ[ أو‬ ‫ﻓﺈذا اﺷﺘﺪ ﻧﺰول اﻟﻤﻄﺮ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺄذى ﻣﻨﮫ اﻟﻨﺎس اﺳ ﺘُ ِ‬
‫ﻈ ﺮاب واﻷودﯾ ﺔ وﻣﻨﺎﺑ ﺖ اﻟ ﺸﺠﺮ[‪.‬‬ ‫ﯾﻘﻮﻟ ﻮه وﯾﺰﯾ ﺪوا ﻋﻠﯿ ﮫ ]اﻟﻠﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻵﻛ ﺎم واﻟﺠﺒ ﺎل واﻵﺟ ﺎم واﻟ ﱢ‬
‫ﻼ ]اﻟﻠﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺘﻼل واﻟﺠﺒ ﺎل‬ ‫وﻟﯿ ﺴﺖ ھ ﺬه اﻷﻟﻔ ﺎظ ﺑﻼزﻣ ٍﺔ ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﻋﺎء‪ ،‬ﻓﻠﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾﻘ ﻮل ﻣ ﺜ ً‬
‫واﻟﻤﺰارع واﻷودﯾﺔ واﻟﻤﺮاﻋﻲ‪ [...‬إﻟ ﺦ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣ ﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وﻏﯿﺮھﻤﺎ وﺟﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬ﺻ ﺎﺣﻮا إﻟﯿ ﮫ‪ :‬ﺗﮭ ﺪﱠﻣﺖ اﻟﺒﯿ ﻮت واﻧﻘﻄﻌ ﺖ اﻟ ﺴﺒﻞ ﻓ ﺎدع اﷲ ﯾﺤﺒ ﺴﮭﺎ ﻋﻨ ﺎ‪،‬‬
‫ﺸﻄَﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨ ُﺔ ﻓﺠﻌﻠ ﺖ ﺗﻤﻄ ﺮ ﺣﻮﻟﮭ ﺎ وﻻ ﺗﻤﻄ ﺮ‬ ‫ﻓﺘﺒﺴﻢ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﺣﻮاﻟﯿﻨﺎ وﻻ ﻋﻠﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓ َﻜ َ‬
‫ب ﻛ ﺎن وُﺟ ﺎه‬ ‫ﻼ دﺧ ﻞ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻣ ﻦ ﺑ ﺎ ٍ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻗﻄﺮة‪ .«...‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ » أن رﺟ ً‬
‫اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‪ ،‬ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎﺋﻢ ﯾﺨﻄ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ھﻠﻜ ﺖ‬
‫اﻟﻤﻮاﺷﻲ واﻧﻘﻄﻌﺖ اﻟﺴﺒﻞ‪ ،‬ﻓﺎدع اﷲ أن ﯾﻐﯿﺜﻨﺎ ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺮﻓﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﯾ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ اﺳ ﻘﻨﺎ‪،‬‬
‫اﻟﻠﮭﻢ اﺳﻘﻨﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ اﺳﻘﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺎل أﻧﺲ‪ :‬وﻻ واﷲ ﻣﺎ ﻧﺮى ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻦ ﺳﺤﺎب وﻻ َﻗ َﺰﻋَﺔ وﻻ ﺷﯿﺌﺎً‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻦ ﺳَ ْﻠﻊٍ ﻣﻦ ﺑﯿﺖ وﻻ دار‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻄﻠﻌﺖ ﻣﻦ وراﺋﮫ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻣﺜ ﻞ اﻟﺘ ﺮس‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺗﻮﺳ ﻄﺖ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء اﻧﺘﺸﺮت ﺛﻢ أﻣﻄﺮت‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬واﷲ ﻣﺎ رأﯾﻨ ﺎ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺳ ﺘﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ اﻟﺒ ﺎب ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ورﺳـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎﺋﻢ ﯾﺨﻄ ﺐ‪ ،‬ﻓﺎﺳ ﺘﻘﺒﻠﮫ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ھﻠﻜ ﺖ اﻷﻣ ﻮال‬
‫ﺴﻜَﮭﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺮﻓ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﯾ ﮫ ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﺣﻮاﻟﯿﻨ ﺎ وﻻ‬ ‫واﻧﻘﻄﻌﺖ اﻟﺴﺒﻞ‪ ،‬ﻓﺎدع اﷲ أن ُﯾ ْﻤ ِ‬
‫ﻈ ﺮاب واﻷودﯾ ﺔ وﻣﻨﺎﺑ ﺖ اﻟ ﺸﺠﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻓﺎﻧﻘﻄﻌ ﺖ‬ ‫ﻋﻠﯿﻨ ﺎ‪ ،‬اﻟﻠﮭ ﻢ ﻋﻠ ﻰ اﻵﻛ ﺎم واﻟﺠﺒ ﺎل واﻵﺟ ﺎم واﻟ ﱢ‬
‫وﺧﺮﺟﻨ ﺎ ﻧﻤ ﺸﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ وﺟ ﺎه اﻟﻤﻨﺒ ﺮ ‪ -‬ﺑ ﻀﻢ أوﻟ ﮫ وﻛ ﺴﺮه ‪ -‬أي ﻗُﺒﺎﻟ ﺔ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﺮ ‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺮة اﻷوﻟ ﻰ ]واﻧﻘﻄﻌ ﺖ اﻟ ﺴﺒﻞ[ وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ]ﺗﻘﻄﱠﻌ ﺖ اﻟ ﺴﺒﻞ[ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻹﺑ ﻞ‬
‫ﺿ ﻌﻔﺖ ﻣ ﻦ ﺷ ﺪة اﻟﺠ ﻮع ﻓﻠ ﻢ ﺗﻌ ﺪ ﺗَﻌْ ُﻤ ﺮ اﻟ ﺴﺒﻞ ﻓ ﺼﺎرت اﻟ ﺴﺒﻞ ﻣﮭﺠ ﻮرة‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺮة اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‬
‫]واﻧﻘﻄﻌ ﺖ اﻟ ﺴﺒﻞ[ ﯾﻌﻨ ﻲ أن اﻷﻣﻄ ﺎر داھﻤﺘﮭ ﺎ واﻟ ﺴﯿﻮل ﻏﻤﺮﺗﮭ ﺎ ﻓﺘﻌﻄ ﻞ اﻟ ﺴﯿﺮ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ وﻻ‬
‫ﺳﻠْﻊ‪ :‬ھﻮ ﺟﺒﻞ ﻏﺮﺑﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨ ﻮرة أي ﺟﮭ ﺔ ﻗ ﺪوم اﻟ ﺴﺤﺐ‪.‬‬ ‫َﻗﺰَﻋﺔ‪ :‬أي وﻻ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺤﺎب ‪ .‬و َ‬
‫واﻵﻛﺎم‪ :‬ھﻲ اﻟﺘﻼل أو اﻟﺠﺒﺎل اﻟﺼﻐﯿﺮة‪ .‬واﻵﺟﺎم‪ :‬ھﻲ اﻟﻐﺎﺑﺎت‪ .‬واﻟﻈﱢﺮاب‪ :‬ھﻲ اﻟﺮواﺑﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮة‪.‬‬
‫وﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾﻘﺪﱢﻣﻮا ﻣَﻦ ﯾﺘﻮﺳﻤﻮن ﻓﯿﮫ اﻟﻔﻀﻞ واﻟﺼﻼح ﯾﺴﺘ ﺴﻘﻮن ﺑ ﮫ‪ ،‬وﻗ ﺪ ﻗ ﺪﱠم ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ اﻟﻌﺒﺎس ﻋﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺪ روى أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻛﺎﻧﻮا إذا ﻗﺤﻄﻮا اﺳﺘﺴﻘﻰ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤﻄﻠ ﺐ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ إﻧ ﺎ ﻛﻨ ﺎ‬
‫ﺴ َﻘﻮْن« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﺑﻦ‬ ‫ﻧﺘﻮﺳﱠﻞ إﻟﯿﻚ ﺑﻨﺒﯿﻨﺎ ﻓﺘﺴﻘﯿﻨﺎ‪ ،‬وإﻧﺎ ﻧﺘﻮﺳﻞ إﻟﯿﻚ ﺑﻌﻢ ﻧﺒﯿﻨﺎ ﻓﺎﺳﻘﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺎل َﻓ ُﯿ ْ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ُ‬
‫ِ‬

‫وإﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻟﻠﻔﺎﺋﺪة أُﻗﺪﱢم ھﺬﯾﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﺻﺎﺑﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻄ ﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓﺤ ﺴﺮ رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﺛﻮﺑﮫ ﺣﺘﻰ أﺻﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺮ ﻓﻘﻠﻨﺎ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ِﻟ َﻢ ﺻﻨﻌﺖَ ھﺬا؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻷﻧﮫ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﮭ ٍﺪ ﺑﺮﺑﱢﮫ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪516‬‬
‫ﻋ ﺮف ذﻟ ﻚ‬ ‫‪ -2‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ زوج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻟﺖ »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬إذا ﻛﺎن ﯾﻮم اﻟ ﺮﯾﺢ واﻟﻐ ﯿﻢ ُ‬
‫ﺳ ﱠﺮ ﺑﮫ وذھﺐ ﻋﻨ ﮫ ذﻟ ﻚ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ﺖ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ‪ :‬ﻓ ﺴﺄﻟﺘﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إﻧ ﻲ‬
‫ﻓﻲ وﺟﮭﮫ وأﻗﺒﻞ وأدﺑﺮ‪ ،‬ﻓﺈذا أﻣﻄﺮت ُ‬
‫ﻋ ﺮف‬ ‫ﺧﺸﯿﺖ أن ﯾﻜﻮن ﻋﺬاﺑﺎً ﺳُﻠﱢﻂ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﻲ‪ ،‬وﯾﻘﻮل إذا رأى اﻟﻤﻄ ﺮ‪ :‬رﺣﻤ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ُ‬
‫ذﻟﻚ ﻓﻲ وﺟﮭﮫ وأﻗﺒﻞ وأدﺑﺮ‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﻛﺎن ﯾَﻈﮭَﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻓﻼ ﯾﮭﺪأ ﺑ ﻞ ﯾﻈ ﻞ‬
‫ﯾﺘﺤﺮك‪.‬‬

‫ي‪ .‬ﺻﻼة اﻟﺘﺴﺎﺑﯿﺢ‬

‫ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮﱡع ﻟﻢ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ھ ﺬا اﺛﻨ ﺎن ﻣ ﻦ اﻟﻌﻠﻤ ﺎء‪.‬‬ ‫ﺣﻜﻢ ھﺬه اﻟﺼﻼة ُ‬
‫وھ ﺬه اﻟ ﺼﻼة ﻻ وﻗ ﺖ ﻟﮭ ﺎ‪ ،‬ﺑ ﻞ ُﺗ ﺆدﱠى ﻓ ﻲ أي وﻗ ﺖ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ أو اﻟﻨﮭ ﺎر ﻋ ﺪا أوﻗ ﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ‪ ،‬وھ ﻲ‬
‫ﺗُﺆدﱠى ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم ﻣﺮة‪ ،‬وإﻻ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع ﻣﺮة‪ ،‬وإﻻ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺷﮭﺮ ﻣﺮة‪ ،‬وإﻻ ﻓﻔﻲ ﻛ ﻞ ﺳ ﻨﺔ ﻣ ﺮة‪،‬‬
‫ﻼ أﻧﮭﺎ ﺗﻐﻔﺮ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺬﻧﻮب ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف أﻧﻮاﻋﮭﺎ‪.‬‬ ‫وإﻻ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻤﺮ ﻛﻠﮫ ﻣﺮة‪ ،‬وﯾﻜﻔﻲ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﻀ ً‬
‫وﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺴﺎﺑﯿﺢ أو ﺻ ﻼة اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺢ ﯾﻤﻜ ﻦ ﺗﺄدﯾﺘﮭ ﺎ ﻣﻨﻔ ﺮداً‪ ،‬أو ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﺖ أو ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺠﺪ أو ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ ذﻟﻚ أي ﺗﻘﯿﯿﺪ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻘﻰ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ إﻃﻼﻗﮫ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻛﯿﻔﯿﺔ ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻓﮭﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﺗُﺼﻠﱢﻲ ھﺬه اﻟﺼﻼة أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﺗﻘﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وﺳﻮرة أو ﺑﻌﺾ ﺳﻮرة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻘ ﻮل وأﻧ ﺖ واﻗ ﻒ ]ﺳ ﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤ ﺪ ﷲ وﻻ إﻟ ﮫ إﻻ اﷲ واﷲ‬
‫أﻛﺒﺮ[ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺮﻛ ﻊ ﻓﺘﻘ ﻮل وأﻧ ﺖ راﻛ ﻊ اﻟ ﺬﱢﻛ َﺮ ﻧﻔ ﺴَﮫ وﻟﻜ ﻦ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻌﺘ ﺪل‬
‫ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﺘﻘﻮﻟﮫ ﻋﺸﺮ ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺴﺠﺪ ﻓﺘﻘﻮﻟﮫ وأﻧﺖ ﺳﺎﺟﺪ ﻋﺸﺮ ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻌﺘ ﺪل ﻓ ﻲ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻓﺘﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻋﺸﺮ ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺴﺠﺪ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﺘﻘﻮﻟﮫ وأﻧ ﺖ ﺳ ﺎﺟﺪ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻌﺘ ﺪل ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺠﻠ ﻮس ﻓﺘﻘﻮﻟ ﮫ‬
‫ﻋﺸﺮ ﻣﺮات‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻨﮭﺾ ﻟﻠﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﺘﻔﻌﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻔﻌ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗ ﺴﻠﱢﻢ‪ .‬وﺑ ﺬﻟﻚ ﺗﻜ ﻮن ﻗ ﺪ ﻗﻠ ﺖ‬
‫ھﺬا اﻟﺬﻛﺮ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮة‪ ،‬ﺧﻤﺴﺎً وﺳ ﺒﻌﯿﻦ ﻣ ﺮة ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬أن‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﻠﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ »ﯾﺎ ﻋﺒﺎس ﯾ ﺎ ﻋ ﱠﻤ ﺎه أﻻ أُﻋﻄﯿ ﻚ‪ ،‬أﻻ أﻣﻨﺤ ﻚ‪ ،‬أﻻ َأﺣْﺒ ﻮك‪،‬‬
‫ﻏﻔَﺮ اﷲ ﻟﻚ ذﻧﺒﻚ أوﻟﮫ وآﺧﺮه ﻗﺪﯾ َﻤ ﮫ وﺣﺪﯾﺜَ ﮫ‪ ،‬ﺧﻄ ﺄه‬ ‫أﻻ أﻓﻌﻞ ﺑﻚ ﻋﺸﺮ ﺧﺼﺎل إذا أﻧـﺖ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ َ‬
‫وﻋﻤﺪه ﺻﻐﯿﺮه وﻛﺒﯿﺮه‪ ،‬ﺳﺮﱠه وﻋﻼﻧﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻋﺸﺮ ﺧﺼﺎل؟ أن ﺗﺼﻠﻲ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت ﺗﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‬
‫ﻓﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﺳﻮرة‪ ،‬ﻓﺈذا ﻓﺮﻏﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ أول رﻛﻌﺔ وأﻧﺖ ﻗﺎﺋﻢ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤ ﺪ‬
‫ﷲ وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺧﻤﺲ ﻋ ﺸﺮة ﻣ ﺮة ﺛ ﻢ ﺗﺮﻛ ﻊ ﻓﺘﻘﻮﻟﮭ ﺎ وأﻧ ﺖ راﻛ ﻊ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﺮﻓ ﻊ‬
‫رأﺳﻚ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع ﻓﺘﻘﻮﻟﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﮭﻮي ﺳﺎﺟﺪًا ﻓﺘﻘﻮﻟﮭﺎ وأﻧ ﺖ ﺳ ﺎﺟﺪ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﻚ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﻓﺘﻘﻮﻟﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺴﺠﺪ ﻓﺘﻘﻮﻟﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺮﻓﻊ رأﺳﻚ ﻓﺘﻘﻮﻟﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ ﺧﻤﺲ‬
‫وﺳ ﺒﻌﻮن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﺗﻔﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ ﻓ ﻲ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬إن اﺳ ﺘﻄﻌﺖ أن ﺗ ﺼﻠﱢﯿﮭﺎ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﯾ ﻮم ﻣ ﺮة‬
‫ﻓﺎﻓﻌﻞ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺟﻤﻌﺔ ﻣﺮة‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻔﻌ ﻞ ﻓﻔ ﻲ ﻛ ﻞ ﺷ ﮭﺮ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﺗﻔﻌ ﻞ ﻓﻔ ﻲ ﻛ ﻞ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬‫ﺳ ﻨﺔ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻟ ﻢ ﺗﻔﻌ ﻞ ﻓﻔ ﻲ ﻋﻤ ﺮك ﻣ ﺮة« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ُ‬
‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أﺣﺒ ﻮك ‪ :‬أي أُﻋﻄﯿ ﻚ وأُو ِﺛ ﺮك‪ .‬وﻗﻮﻟ ﮫ ﻋ ﺸﺮ ﺧ ﺼﺎل ‪ :‬ھ ﻲ اﻟﺘ ﺴﺒﯿﺤﺎت اﻟﺘ ﻲ ﺗﺘﻜ ﺮر‬
‫ﻋﺸﺮًا ﻋﺸﺮًا ﻣﺎ ﻋﺪا ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﯿﺎم‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮ اﻷﻋ ﱠﻢ اﻷﻏﻠﺐ‪ .‬وﺧﺮﱠج ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ راﻓﻊ أﯾﻀ ًﺎ وﻓﻲ ﺳﻨﺪه ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪة ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ وﺛﱠﻘﮫ وﻣﻨﮭﻢ ﻣ ﻦ ﺿ ﻌﱠﻔﮫ‪،‬‬
‫وﺟﺎء ﻓﯿﮫ » ﻓﺼ ﱢﻞ أرﺑﻊ رﻛﻌ ﺎت ﺗﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ رﻛﻌ ﺔ ﺑﻔﺎﺗﺤ ﺔ اﻟﻜﺘ ﺎب وﺳ ﻮرة‪ ،‬ﻓ ﺈذا اﻧﻘ ﻀﺖ اﻟﻘ ﺮاءة‬
‫ﻓﻘﻞ‪ :‬ﺳﺒﺤﺎن اﷲ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ وﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﺮﻛ ﻊ‪ ،‬ﺛ ﻢ ارﻛ ﻊ‬
‫ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋﺸﺮًا ﺛﻢ ارﻓﻊ رأﺳﻚ ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺠﺪ ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓﻊ رأﺳﻚ ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋ ﺸﺮاً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﺳﺠﺪ ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋﺸﺮاً‪ ،‬ﺛﻢ ارﻓﻊ رأﺳﻚ ﻓﻘﻠﮭﺎ ﻋﺸﺮاً ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮم‪ ،‬ﻓﺘﻠﻚ ﺧﻤﺲ وﺳﺒﻌﻮن ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻌﺔ‪،‬‬
‫وھﻲ ﺛﻼﺛُﻤﺎﺋﺔ ﻓﻲ أرﺑﻊ رﻛﻌﺎت‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ذﻧﻮﺑﻚ ﻣﺜﻞ رﻣﻞِ ﻋﺎﻟﺞٍ ﻏﻔﺮھﺎ اﷲ ﻟ ﻚ ‪ .«...‬وﻋ ﺎﻟﺞ‪ :‬ھ ﻮ‬
‫اﺳﻢ ﻣﻮﺿﻊ‪.‬‬

‫‪517‬‬
 ‫ك‪ .‬ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة‬
‫اﻻﺳﺘﺨﺎرة ﻣﺼﺪر اﺳﺘﺨﺎر ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﺨِﯿﺮة‪ ،‬وھﻮ ھﻨﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﺨِﯿﺮة ﻓﻲ اﻷﻣﺮ واﺳ ﺘﻌﻼم ﻣ ﺎ‬
‫ﻋﻨ ﺪ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﯿ ﮫ‪ .‬واﻻﺳ ﺘﺨﺎرة دﻋ ﺎء ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ دﻋ ﺎء ﺷُ ﺮع أن ﯾُ ﺆدﱠى ﺑ ﺼﻼة ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ‬
‫ﻛﺎﻻﺳﺘﺴﻘﺎء‪ .‬وﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء )ﻛﻤ ﺎ ﯾﻜ ﻮن ﺑﺎﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﺨ ﺼﻮﺻﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻜ ﻮن‬
‫ﺑﻤﺠﺮد اﻟﺪﻋﺎء دون ﺻﻼة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ(‪ ،‬ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل ھﻨﺎ إﻧﮫ ﯾﺠﻮز أن ﯾﺴﺘﺨﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ رﺑﱠﮫ ﻣﻘﺘ ﺼﺮًا ﻓ ﻲ‬
‫ﺧ ْﺮ ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺄﻟﺔ ﻛ ﺬا‬
‫ب ِ‬
‫ﻼ‪ :‬ر ﱢ‬
‫ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟ ﺪﻋﺎء ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺼﻠﱢﻲ ﻟ ﮫ ﺻ ﻼة ﺧﺎﺻ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻘ ﻮل ﻣ ﺜ ً‬
‫وﻛﺬا‪ ،‬أو اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺘﺨﯿﺮك ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻔﻼﻧ ﻲ‪ ،‬وﯾﻜﺘﻔ ﻲ ﺑ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﮫ إن أداه ﺑ ﺼﻼة ﺧﺎﺻ ﺔ‬
‫ﺑﮫ ﻓﮭﻮ أﻓﻀﻞ وأرﺟﻰ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة ﻣﺴﻨﻮﻧﺔ ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬وھﻲ رﻛﻌﺘﺎن اﺛﻨﺘﺎن‪ ،‬وﯾﺠﻮز أن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓ ﻼ‬
‫ﺑﺄس ﺑﺄن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﺘﺨﯿﺮ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻣﺜﻼً ﻗﺒﻞ أن ﯾﺪﻋﻮ دﻋ ﺎء اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‪ .‬وﻻ ﯾُﺒﻨ ﻰ دﻋ ﺎ ُء‬
‫اﻻﺳﺘﺨﺎرة ﻋﻠﻰ ﺻﻼة ﻣﻔﺮوﺿﺔ وﻻ ﻧﺎﻓﻠﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺼﻮدة ﻣﻨﮭ ﺎ اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‪ ،‬ﺑ ﻞ ﻻ ﺑ ﺪ ﻟﮭ ﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﺻﻼ َة اﺳﺘﺨﺎر ٍة ﻓﻌ ً‬

‫أﻣﺎ ﺻﻔﺔ اﻻﺳﺘﺨﺎرة ﻓﻜﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﺗﺼﻠﱢﻲ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺑﻨﯿﺔ اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ اﻟﺘ ﺴﻠﯿﻢ ﺗ ﺪﻋﻮ‬
‫ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ ]اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺘﺨﯿﺮُك ﺑﻌﻠﻤِﻚ وأﺳﺘﻘﺪرُك ﺑﻘﺪرﺗﻚ وأﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻓ ﻀﻠﻚ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﻚ ﺗﻘ ﺪر وﻻ‬
‫أﻗﺪر وﺗﻌﻠﻢ وﻻ أﻋﻠﻢ وأﻧﺖ ﻋﻼﱠم اﻟﻐﯿﻮب‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠﻢ أنﱠ ھﺬا اﻷﻣﺮ ‪ -‬وﺗﺬﻛﺮه ھﻨﺎ ‪ -‬ﺧﯿﺮ ﻟﻲ‬
‫ﻓﻲ دﯾﻨﻲ وﻣﻌﺎﺷﻲ وﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮي ‪ -‬وﻟﻚ أن ﺗﻘﻮل ﺑﺪل وﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮي‪ :‬وﻋﺎﺟﻞ أﻣﺮي وآﺟﻠﮫ ‪ -‬ﻓﺎﻗْ ُﺪرْه‬
‫ﻟﻲ وﯾﺴﱢﺮه ﻟﻲ ﺛﻢ ﺑﺎرك ﻟﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠ ﻢ أن ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ‪ -‬وﯾﻤﻜﻨ ﻚ أن ﺗ ﺬﻛﺮه ھﻨ ﺎ ﻣ ﺮة ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ‪-‬‬
‫ﺷ ﱞﺮ ﻟﻲ ﻓﻲ دﯾﻨﻲ وﻣﻌﺎﺷﻲ وﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮي ‪ -‬وﻟﻚ أن ﺗﻘﻮل ﺑﺪل وﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮي‪ :‬وﻋﺎﺟﻞ أﻣﺮي وآﺟﻠِﮫ ‪-‬‬
‫ﻓﺎﺻ ﺮﻓﮫ ﻋﻨ ﻲ واﺻ ﺮﻓﻨﻲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬و ْا ْﻗ ُﺪ ْر ﻟ ﻲ اﻟﺨﯿ َﺮ ﺣﯿ ﺚ ﻛ ﺎن ﺛ ﻢ أرﺿ ﻨﻲ ﺑ ﮫ[‪ .‬ﻓﻠ ﻮ أراد ﻣ ﺜﻼ أن‬
‫ﯾ ﺴﺘﺨﯿﺮ رﺑ ﮫ ﻓ ﻲ اﺧﺘﯿ ﺎر ﻓﺘ ﺎة اﺳ ﻤﮭﺎ ﻓﺎﻃﻤ ﺔ زوﺟ ﺔً ﻟ ﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﯾﻘ ﻮل ھﻜ ﺬا ]اﻟﻠﮭ ﻢ إن ﻛﻨ ﺖ ﺗﻌﻠ ﻢ أن‬
‫زواﺟﻲ ﻣ ﻦ ﻓﺎﻃﻤ ﺔ ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﻗﺒ ﺔ أﻣ ﺮي ‪ -‬أو ﯾﻘ ﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ إن ﻛﻨ ﺖ ﺗﻌﻠ ﻢ أن‬
‫ﺴﺮْه ﻟ ﻲ ﺛ ﻢ‬ ‫زواﺟﻲ ﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤ ﺔ ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﺟ ﻞ أﻣ ﺮي وآﺟﻠ ﮫ ‪ -‬ﻓﺎْﻗْ ُﺪ ْر ُه ﻟ ﻲ وﯾ ﱢ‬
‫ك ﻟﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠﻢ أن زواﺟـﻲ ﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺷ ﱞﺮ ﻟﻲ ﻓﻲ دﯾﻨﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﻗﺒ ﺔ أﻣ ﺮي ‪ -‬أو‬ ‫ﺑﺎر ْ‬
‫ﯾﻘ ﻮل‪ :‬وإن ﻛﻨ ﺖ ﺗﻌﻠ ﻢ أن زواﺟ ﻲ ﻣ ﻦ ﻓﺎﻃﻤ ﺔ ﺷ ﱞﺮ ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﺟ ِﻞ أﻣ ﺮي وآﺟِﻠ ﮫ ‪-‬‬
‫ﻓﺎﺻﺮﻓﮫ ﻋﻨﻲ واﺻﺮﻓﻨﻲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وا ْﻗﺪُر ﻟﻲ اﻟﺨﯿ َﺮ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن‪ ،‬ﺛﻢ أ ْرﺿِﻨﻲ ﺑﮫ[‪.‬‬

‫وﺑﻌ ﺪ أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ وﯾ ﺪﻋﻮ ﺑﮭ ﺬا اﻟ ﺪﻋﺎء ﯾﺘ ﺮك ﻣﯿﻠ ﮫ اﻟ ﺴﺎﺑﻖ ﻟﻸﻣ ﺮ اﻟ ﺬي اﺳ ﺘﺨﺎر اﷲ‬
‫ﺲ ﺑﮭ ﺬا‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﯾﻨﺘﻈﺮ ﻣﺎ ﯾُﻮﻗﻌﮫ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﮫ ﻣﻦ ﻣﯿﻞ ﻟﮫ أو ﻣﯿﻞ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺈن ھ ﻮ ﻟ ﻢ ﯾُﺤ ﱠ‬
‫اﻟﻤﯿﻞ ﻣﻦ أول ﺻﻼة ﻛﺮر اﻟﺼﻼة ﻣ ﺮة وﻣ ﺮﺗﯿﻦ وﺛﻼﺛ ًﺎ و‪ ...‬ﺣﺘ ﻰ ﯾﺤ ﺼﻞ اﻟﻤﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﯿﺘ ﺼﺮف ﺣ ﺴﺒﮫ‬
‫ﺳﻠﺒ ًﺎ أو إﯾﺠﺎﺑﺎً‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻌﻠﻤﻨ ﺎ اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‬
‫ﻓﻲ اﻷﻣﻮر ﻛﻠﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻤﻨﺎ اﻟ ﺴﻮرة ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن ﯾﻘ ﻮل‪ :‬إذا ھ ﱠﻢ أﺣ ﺪُﻛﻢ ﺑ ﺎﻷﻣﺮ ﻓﻠﯿﺮﻛ ﻊ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫ﻏﯿﺮ اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﺛﻢ ﻟﯿﻘﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺘﺨﯿﺮك ﺑﻌﻠﻤﻚ وأﺳﺘﻘﺪرك ﺑﻘﺪرﺗﻚ وأﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ اﻟﻌﻈ ﯿﻢ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻘﺪر وﻻ أﻗﺪر وﺗﻌﻠﻢ وﻻ أﻋﻠﻢ وأﻧﺖ ﻋﻼﱠم اﻟﻐﯿﻮب‪ ،‬اﻟﻠﮭﻢ إن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠﻢ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺧﯿﺮ ﻟ ﻲ‬
‫ﻓﻲ دﯾﻨﻲ وﻣﻌﺎﺷﻲ وﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮي ‪ -‬أو ﻗﺎل ﻋﺎﺟ ِﻞ أﻣ ﺮي وآﺟ ِﻠ ﮫ ‪ -‬ﻓﺎﻗْ ﺪُرْهُ ﻟ ﻲ وﯾ ﺴﺮه ﻟ ﻲ ﺛ ﻢ ﺑ ﺎرك‬
‫ﻟﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠ ﻢ أن ھ ﺬا اﻷﻣ ﺮ ﺷ ﱞﺮ ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﻗﺒ ﺔ أﻣ ﺮي ‪ -‬أو ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ‬
‫ﻲ اﻟﺨﯿ ﺮَ ﺣﯿ ﺚ ﻛ ﺎن ﺛ ﻢ أَرﺿ ﻨﻲ ﺑ ﮫ‪.‬‬ ‫ﻋﺎﺟﻞ أﻣﺮي وآﺟﻠِﮫ ‪ -‬ﻓﺎﺻﺮﻓﮫ ﻋﻨﻲ واﺻﺮﻓﻨﻲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬وا ْﻗ ُﺪ ْر ﻟ َ‬
‫ﻗﺎل ‪ ،‬وﯾﺴﻤﱢﻲ ﺣﺎﺟﺘﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وﻓﯿ ﮫ »‪..‬اﻟﻠﮭ ﻢ إن ﻛﻨ ﺖ‬
‫ﺗﻌﻠﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ ‪ -‬ﻓﯿﺴﻤﱢﯿﮫ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺊ ‪ -‬ﺧﯿﺮًا ﻟﻲ ﻓﻲ دﯾﻨﻲ وﻣﻌﺎﺷ ﻲ وﻋﺎﻗﺒ ِﺔ أﻣ ﺮي ‪ -‬أو ﺧﯿ ﺮًا‬
‫ﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﺟﻞ أﻣﺮي وآﺟﻠِﮫ ‪ -‬ﻓﺎﻗﺪُره ﻟﻲ وﯾﺴﱢﺮه ﻟﻲ وﺑﺎرك ﻟﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬وإن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻠﻢ ‪ -‬ﯾﻘ ﻮل ﻣﺜ ﻞ ﻣ ﺎ‬

‫‪518‬‬
‫ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ‪ -‬وإن ﻛﺎن ﺷﺮًا ﻟﻲ ﻓﺎﺻﺮﻓﮫ ﻋﻨﻲ واﺻﺮﻓﻨﻲ ﻋﻨﮫ واﻗﺪُر ﻟﻲ اﻟﺨﯿﺮ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﻛﺎن‬
‫ﺛﻢ رﺿﱢﻨﻲ ﺑﮫ«‪ .‬وروى اﻟﺤﺪﯾﺚ أﺑﻮ ﯾَ ْﻌﻠَﻰ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وزاد ﻓ ﻲ آﺧ ﺮه »ﻻ‬
‫ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ«‪ .‬ﻓﻤﻦ أﺣﺐ زﯾﺎدﺗﮭﺎ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ أﺳﺘﻘﺪرك‪ :‬أي أﻃﻠ ﺐ ﻣﻨ ﻚ أن ﺗﺠﻌ ﻞ ﻟ ﻲ‬
‫ﻗﺪر ًة ﻋﻠﯿﮫ‪ .‬وروى أﺑ ﻮ أﯾ ﻮب اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ُأ ْﻛ ﺘُﻢ اﻟﺨِﻄﺒ ﺔ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺗﻮﺿﺄ ﻓﺄﺣﺴﻦ وﺿﻮءك‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻞﱢ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﷲ ﻟﻚ‪ ،‬ﺛﻢ اﺣﻤﺪ رﺑﻚ وﻣﺠﱢﺪه ﺛﻢ ﻗﻞ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ إﻧ ﻚ ﺗﻘ ﺪر وﻻ‬
‫أﻗﺪِر‪ ،‬وﺗﻌﻠﻢ وﻻ أﻋﻠﻢ وأﻧﺖ ﻋﻼﱠم اﻟﻐﯿﻮب‪ ،‬ﻓ ﺈن رأﯾ ﺖ ﻟ ﻲ ﻓﻼﻧ ﺔ ‪ ،‬ﺗ ﺴﻤﯿﮭﺎ ﺑﺎﺳ ﻤﮭﺎ‪ ،‬ﺧﯿ ﺮًا ﻟ ﻲ ﻓ ﻲ‬
‫دﯾﻨﻲ ودﻧﯿﺎي وآﺧﺮﺗﻲ ﻓﺎ ْﻗ ُﺪرْھﺎ ﻟ ﻲ‪ ،‬وإن ﻛ ـﺎن ﻏﯿﺮھ ﺎ ﺧﯿ ﺮاً ﻟ ﻲ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ دﯾﻨ ﻲ ودﻧﯿ ﺎي وآﺧﺮﺗ ﻲ‬
‫ﻓﺎﻗﺾ ﻟﻲ ﺑﮭﺎ أو ﻗﺎل ﻓﺎ ْﻗ ُﺪرْھﺎ ﻟﻲ« رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺛﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻣ ﺎ ﻛﺘ ﺐ اﷲ ﻟ ﻚ‪ :‬ﯾﻔﯿ ﺪ ﺟ ﻮاز‬
‫اﻟﺰﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ .‬وﯾﻼ ﺣﻆ ﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ أن أﻟﻔﺎﻇﮭﻤ ﺎ اﺧﺘﻠﻔ ﺖ‪ ،‬ﻓﮭ ﺬا اﻻﺧ ﺘﻼف ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن‬
‫اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء ھﻮ اﻟﻤﻌﻨﻰ وﻟﯿﺲ ذات اﻟﻠﻔﻆ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻟﻔﻆ اﻟﺒﺨﺎري أﻓﻀﻞ وأوﻟﻰ ﺑﺎﻷﺧﺬ‪.‬‬

‫وﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن وآﯾﺎﺗﮫ ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺮاءة ﻣ ﺎ ﺗﯿ ﺴﱠﺮ ﻣﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫اﻻﺳﺘﺨﺎرة‪ ،‬ﻓﻠﯿﻘﺮأ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﺷﺎء ﻣﻦ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن وآﯾﺎﺗﮫ‪.‬‬

‫وﻗ ﺪ ﺣ ﺚ اﻟ ﺸﺮع اﻟﺤﻨﯿ ﻒ ﻋﻠ ﻰ اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة‪ ،‬وﺟﻌﻠﮭ ﺎ ﻣ ﺸﺮوﻋﺔ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ اﻷﻣ ﻮر ﺻ ﻐﯿﺮِھﺎ‬

‫وﻛﺒﯿﺮِھ ﺎ‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ رواﯾ ﺔ اﻟﺒﺨ ﺎري »ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻌﻠﱢﻤﻨ ﺎ اﻻﺳ ﺘﺨﺎر َة ﻓ ﻲ اﻷﻣ ﻮر ﻛﻠﮭ ﺎ«‪ .‬ﻓ ﻼ‬
‫ﯾﺴﺘﻨﻜﻒ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺎرة اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓ ﻲ أي أﻣ ﺮ ﺧﻔ ﻲَ ﻋﻠﯿ ﮫ ﻓﯿ ﮫ وﺟ ُﮫ اﻟﺤ ﻖ واﻟ ﺼﻮاب ﻛﺒﯿ ﺮًا‬
‫ﻼ ﻛﺎن أو ﺣﻘﯿﺮًا‪ ،‬وﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺛﻮاب‪.‬‬‫ﻛﺎن أو ﺻﻐﯿﺮاً‪ ،‬ﺟﻠﯿ ً‬

‫أﻣﺎ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﯾﻈﮭﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺤﻖ واﻟﺼﻮاب ﻓﻼ ﺗﺸﺮع ﻓﯿﮭﺎ اﻻﺳﺘﺨﺎرة‪ ،‬ﻓﺈﻗﺪاﻣ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠﮭ ﺎد‪،‬‬
‫أو ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ أھﻠ ﮫ‪ ،‬أو ﻋﻠ ﻰ أداء اﻟﻌﻤ ﺮة‪ ،‬أو ﻋﻠ ﻰ زرع اﻷرض‪ ،‬أو ﻋﻠ ﻰ ﻧﮭﯿ ﮫ ﻓﻼﻧ ًﺎ ﻋ ﻦ‬
‫ﺷﺮب اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬ﻛﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر وأﻣﺜﺎﻟﮭﺎ ﻻ اﺳﺘﺨﺎرة ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻈﮭﻮر اﻟﺤﻖ ﻓﯿﮭﺎ واﻟﺼﻮاب‪.‬‬

‫وﺑﺎﻻﺳﺘﺨﺎرة ﺗُﻨﺎل اﻟﺴﻌﺎدة وﺑﺘﺮﻛﮭﺎ ﯾُﻨﺎل اﻟﺸﻘﺎء‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ وﻗﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻦ ﺳﻌﺎدة اﺑﻦ آدم اﺳﺘﺨﺎرﺗﮫ اﷲ‪ ،‬وﻣﻦ ﺳ ﻌﺎدة اﺑ ﻦ آدم رﺿ ﺎه ﺑﻤ ﺎ ﻗ ﻀﺎه اﷲ‪،‬‬
‫ﺷ ﻘْﻮة اﺑ ﻦ آدم ﺳ ﺨﻄﮫ ﺑﻤ ﺎ ﻗ ﻀﺎه اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ«‬
‫وﻣﻦ ﺷِﻘْﻮة اﺑﻦ آدم ﺗﺮﻛﮫ اﺳ ﺘﺨﺎرة اﷲ‪ ،‬وﻣ ﻦ ِ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫وأﺧﯿﺮًا أﻗﻮل إن ﻛﺜﯿﺮًا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﯾﻌﻤﺪون ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﺨﺎرة إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﻮم وﯾﻨﺘﻈ ﺮون أن ﯾ ﺮﯾﮭﻢ اﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣﻨﺎﻣ ًﺎ ﻓﯿﮫ اﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺎراﺗﮭﻢ‪ ،‬ﻟﺬا ﻓﮭﻢ ﯾﺆﺧﱢﺮون ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﺎﻣﻮا ﯾُﺼﻠﱡﻮن ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﺎﻣﻮن ﻣﻨﺘﻄ ﺮﯾﻦ ﻣ ﻦ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ أن ُﯾ ﺮﯾﮭﻢ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﮭﻢ ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺎروه ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﮭﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ ـ وﺗﺴﻤﻰ اﻟﺘﺒﯿﯿﺖ ـ ﻻ أﺻﻞ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟ ﺸﺮع‪ ،‬ﻓﺎﻷﻓ ﻀﻞ‬
‫ﺗﺮك اﻟﺘﺒﯿﯿﺖ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺨﺎرة‪ ،‬واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻣﺎ دﻟﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺼﻮص‪.‬‬

‫ل‪ .‬ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة‬

‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺿﻊ إذا ﻣﺮﱠ ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺎرئ اﺳﺘُﺤﺐﱠ ﻟﮫ أن ﯾﺴﺠﺪ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺳﺠﺪة‬
‫واﺣ ﺪة ھ ﻲ ﺳ ﺠﺪة اﻟ ﺘﻼوة‪ ،‬أو ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺘﻼوة‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﺣ ﺚ اﻟ ﺸﺮع ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻨ ﺪ اﻟﻤ ﺮور ﺑﮭ ﺬه‬
‫اﻟﻤﻮاﺿﻊ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗﺮأ اﺑ ﻦ آدم اﻟ ﺴﺠﺪة ﻓ ﺴﺠﺪ‬
‫اﻋﺘﺰل اﻟﺸﯿﻄﺎن ﯾﺒﻜﻲ ﯾﻘﻮل‪ :‬ﯾﺎ وﯾﻠﮫ ُأﻣِﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد ﻓ ﺴﺠﺪ ﻓﻠ ﮫ اﻟﺠﻨ ﺔ ‪ ،‬وأُﻣ ﺮت ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد ﻓﻌ ﺼﯿﺖ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ اﻟﺴﺠﺪة‪ :‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻵﯾ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻓﯿﮭ ﺎ‬
‫ﻓﻠﻲ اﻟﻨﺎر« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺳﺠﺪة‪.‬‬

‫‪519‬‬
‫أﻣﺎ أن ﺣﻜﻢ ھﺬه اﻟﺴﺠﺪة اﻟﻨﺪب وﻟﯿﺲ اﻟﻮﺟﻮب ﻓﻸﻧﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺳﺠﺪ ﻣﺮات‪ ،‬وﺗﺮك‬
‫اﻟﺴﺠﻮد ﻣﺮات أﺧﺮى ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد ﻣﺤﻤ ﻮﻻً ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨ ﺪب وﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺮأ اﻟ ﻨﺠﻢ ﻓ ﺴﺠﺪ وﺳ ﺠﺪ اﻟﻨ ﺎس ﻣﻌ ﮫ إﻻ رﺟﻠ ﯿﻦ أرادا‬
‫اﻟﺸﮭﺮة« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﺮأ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﻨﺠﻢ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﺴﺠﺪ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وﺳﺠﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﮫ ﻏﯿ َﺮ ﺷﯿ ٍ‬
‫ﺦ أﺧﺬ ﻛ ﱠﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ ﺣ ﺼﻰ أو ﺗ ﺮاب‪ ،‬ﻓﺮﻓﻌ ﮫ‬
‫إﻟﻰ ﺟﺒﮭﺘﮫ وﻗﺎل‪ :‬ﯾﻜﻔﯿﻨﻲ ھﺬا‪ ،‬ﻓﺮأﯾﺘﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗُﺘﻞ ﻛﺎﻓﺮًا« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻗﺪ ﻗﯿﻞ إن اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ أﻣﯿﺔ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﻄـﺎء ﺑﻦ ﯾﺴﺎر أﻧﮫ‬
‫»ﺳﺄل زﯾﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺰﻋﻢ أﻧ ﮫ ﻗ ﺮأ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬واﻟ ﻨﺠﻢ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻓﯿﮭ ﺎ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺑﻮ داود‪.‬‬

‫وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﯾﻔﻌﻠﻮن‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﯾ ﺴﺠﺪون ﻣ ﺮة‪ ،‬وﻻ ﯾ ﺴﺠﺪون ﻣ ﺮة‬
‫أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻌﻦ رﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ »أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺮأ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ‬
‫ﺑﺴﻮرة اﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﺟﺎء اﻟﺴﺠﺪة ﻧﺰل ﻓﺴﺠﺪ وﺳﺠﺪ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠ ﺔ ﻗ ﺮأ‬
‫ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﺟﺎءت اﻟﺴﺠﺪة ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﱠﺎ ﻧﻤ ﱡﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺳﺠﺪ ﻓﻘﺪ أﺻﺎب‪ ،‬وﻣﻦ ﻟ ﻢ‬
‫ﯾﺴﺠﺪ ﻓﻼ إﺛﻢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ«‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ أﺧ ﺮى ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻗﻮﻟ ﮫ ‪-‬‬
‫»إن اﷲ ﻟﻢ ﯾﻔﺮض اﻟﺴﺠﻮد إﻻ أن ﻧﺸﺎء« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ اﻟﺘ ﻲ ﯾُ ﺴﺘﺤﺐ ﻋﻨ ﺪھﺎ اﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﮭﻨ ﺎك ﻣﻮاﺿ ﻊ ﻣﺘﻔ ﻖ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ ،‬وھﻨ ﺎك ﻣﻮاﺿ ﻊ‬
‫ﻣﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ اﻟﻤﺘﻔ ﻖ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﻓﮭ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿ ﺔ‪ :‬اﻷﻋ ﺮاف‪ ،‬اﻟﺮﻋ ﺪ‪ ،‬اﻟﻨﺤ ﻞ‪،‬‬
‫اﻹﺳﺮاء‪ ،‬ﻣﺮﯾﻢ‪ ،‬اﻟﺤﺞ‪ ،‬اﻟﻔﺮﻗﺎن ‪ ،‬اﻟﻨﻤﻞ‪ ،‬أﻟ ﻢ ﺗﻨﺰﯾ ﻞ‪ ،‬وﺣ ﻢ اﻟ ﺴﺠﺪة‪ ،‬وﻋ ﺪدھﺎ ﻋ ﺸﺮ‪ .‬وأﻣ ﺎ اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ‬
‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ :‬اﻟﺴﺠﺪة اﻟﺜﺎﻧﯿـﺔ ﻓﻲ ﺳ ﻮرة اﻟﺤ ﺞ ﻓﻘ ﺪ أﺛﺒﺘﮭ ﺎ أﺣﻤ ﺪ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ‪،‬‬
‫ﺳﻮرة ص ﻓﻘﺪ أﺛﺒﺘﮭﺎ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟﻚ‪ ،‬ﺳﻮر اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ اﻟﺜﻼث‪ :‬اﻟﻨﺠﻢ واﻻﻧ ﺸﻘﺎق واﻟﻌﻠ ﻖ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﺠ ﺮات وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﺑ ﺴﻮرة‬ ‫أﺛﺒﺘﮭ ﺎ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤ ﺪ‪ ،‬وﻧﻌﻨ ﻲ ﺑﺎﻟ ُﻤ َﻔ ﺼﱠﻞ ﻣ ﺎ ﯾﺒ ﺪأ ﺑ ﺴﻮرة اﻟﺤُ ُ‬
‫اﻟﻨﺎس‪ ،‬وﻣﺠﻤﻮع ھ ﺬه اﻟ ﺴﺠﺪات ﺧﻤ ﺲٌ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣﺠﻤ ﻮع اﻟ ﺴﺠﺪات اﻟﻤﺘﻔ ﻖ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ واﻟﻤﺨﺘﻠ ﻒ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ‬
‫ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﺳﺠﺪة ﻟﻢ ﯾﺜﺒﺘﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ إﻻ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫واﻟﺬي أراه وأذھﺐ إﻟﯿﮫ ھﻮ أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟ ﺴﺠﺪات اﻟﺨﻤ ﺲ ﻋ ﺸﺮة ُﯾ ﺴﻦ ﻓﯿﮭ ﺎ اﻟ ﺴﺠﻮد و ُﯾ ﺴﺘﺤﺐ‪،‬‬
‫ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺳﺠﺪة )ص(‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ أرى أن اﻟﺴﺠﻮد ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺎﺣﺔ واﻟﺘﺨﯿﯿﺮ‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء ﺳ ﺠﺪ ﺑﮭ ﺎ وﻣ ﻦ‬
‫ﺷﺎء ﺗﺮﻛﮭﺎ‪ .‬ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ص ﻟﯿ ﺴﺖ ﻣ ﻦ ﻋ ﺰاﺋﻢ اﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬وﻗ ﺪ رأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪r‬‬
‫ﯾ ﺴﺠﺪ ﻓﯿﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪارﻣﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »ص‬
‫ﺨ ﺪري ﻗ ﺎل »ﻗ ﺮأ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وھ ﻮ‬ ‫ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ ﻋﺰاﺋﻢ اﻟﺴﺠﻮد« واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟ ُ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ ص‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺴﺠﺪة ﻧﺰل ﻓﺴﺠﺪ وﺳﺠﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﯾ ﻮ ٌم آﺧ ﺮ ﻗﺮأھ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫س ﻟﻠ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬إﻧﻤ ﺎ ھ ﻲ ﺗﻮﺑ ﺔ ﻧﺒ ﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ﻲ رأﯾ ﺘﻜﻢ ﺗ ﺸﺰﱠﻧﺘﻢ‬ ‫ﺸﺰﱠن اﻟﻨ ﺎ ُ‬
‫ﺑﻠﻎ اﻟ ﺴﺠﺪة ﺗَ َ‬
‫ﺣﺒﱠــ ـﺎن واﻟﺤﺎﻛـ ـﻢ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪.‬‬
‫ﻟﻠﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻨﺰل ﻓﺴﺠﺪ وﺳ ﺠﺪوا« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟ ﺪارﻣﻲ واﺑ ﻦ ِ‬
‫س ‪ :‬أي ﺗﮭﯿﺄوا ‪.‬ﻓﻘ ﺪ وﺻ ﻔﮭﺎ ‪ r‬ﺑﺄﻧﮭ ﺎ ﺗﻮﺑ ﺔ ﻧﺒ ﻲ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ ﻧﺒ ﻲ اﷲ داود ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ‪-‬‬ ‫ن اﻟﻨﺎ ُ‬
‫ﺸﺰﱠ َ‬
‫ﻗﻮﻟﮫ ﺗَ َ‬
‫وﻟﻮﻻ أﻧﮫ رأى ﺗﮭﯿﺆ اﻟﻨﺎس ﻟﻠﺴﺠﻮد ﻟﻤــ ـﺎ ﺳﺠ ـﺪ‪ ،‬ووﻗ ﻊ ﻓ ﻲ رواﯾ ﺔٍ ﻟﻠ ﱠﻨ ﺴﺎﺋـﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺳﺠـﺪ ﻓﻲ ص وﻗﺎل‪ :‬ﺳﺠﺪھﺎ داود ﺗﻮﺑﺔ وﻧﺴﺠﺪھﺎ ﺷ ﻜﺮًا«‪ .‬ﻓﻤ ﻦ ﺷ ﺎء‬
‫ﺳﺠﺪ ﻓﻲ )ص(‪ ،‬وﻣﻦ ﺷﺎء ﺗﺮﻛﮭﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺳﺠﺪة اﻟﺤﺞ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﮭﻲ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻼ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ إﺳ ﻘﺎﻃﮭﺎ‪ ،‬إذ وردت ﻓﯿﮭ ﺎ آﺛ ﺎر ﻛﺜﯿ ﺮة ﻋ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﺪ روى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺳﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬إن ھﺬه اﻟﺴﻮرة ُﻓﻀﱢﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺴﻮر ﺑ ﺴﺠﺪﺗﯿﻦ«‪.‬‬

‫‪520‬‬
‫وروى ﻣﺎﻟﻚ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻷﺛﺮ‪ .‬وروى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ أﯾ ﻀ ًﺎ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻓ ﻲ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ﺳ ﺠﺪﺗﺎن«‪ .‬وروى ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ دﯾﻨ ﺎر ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ‬
‫ﯾﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ«‪ .‬ﻛﻤﺎ رُوﯾﺖ آﺛﺎ ٌر أﺧﺮى ﻋ ﻦ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﺔ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺴﺠﺪون ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ﺳﺠﺪﺗﯿﻦ‪.‬‬

‫ل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻠ ﻮب‪ ،‬ﻷن ﻣﺜ ﻞ ھ ﺬه اﻷُﻣ ﻮر ﻻ ﯾﻔﻌﻠﮭ ﺎ‬

‫ن ﻛﺎﻧﺖ آﺛﺎرًا إﻻ أﻧﮭﺎ ﺗﺪ ﱡ‬
‫وھﺬه اﻟﻨﺼﻮص وإ ْ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ ﻋﻨﺪ أﻧﻔﺴﮭﻢ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺳَﺠَﺪات اﻟ ُﻤ َﻔﺼﱠﻞ اﻟﺜﻼث ‪ -‬اﻟﻨﺠﻢ واﻻﻧﺸﻘﺎق واﻟﻌﻠﻖ ‪ -‬ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺪل ﻧ ﺎس ﻋﻠ ﻰ ﻋ ﺪم اﻟ ﺴﺠﻮد‬
‫ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ‪ ،‬ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ‬
‫ﻣﻦ اﻟ ُﻤﻔَﺼﱠﻞ ﻣﻨﺬ ﺗﺤﻮﱠل إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ« رواه أﺑﻮ داود‪ .‬وﻣ ﺎ روي ﻋ ﻦ زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻗﺎل »ﻗﺮأت ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟ ﻨﺠﻢ ﻓﻠ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮭﺆﻻء أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﻓﻔ ﻲ إﺳ ﻨﺎده أﺑ ﻮ ﻗُﺪاﻣ ﺔ واﺳ ﻤﮫ اﻟﺤ ﺎرث ﺑ ﻦ ﻋﺒﯿ ﺪ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﺣﻤ ﺪ‪:‬‬
‫ﻣ ﻀﻄﺮب اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﺑ ﻮ ﺣ ﺎﺗﻢ‪ :‬ﻻ ﯾُﺤ ﺘﺞﱡ ﺑ ﮫ‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺿ ﻌﻔﮫ ﯾﺤﯿ ﻰ ﺑ ﻦ ﻣﻌ ﯿﻦ‬
‫واﻟﻨﻮوي‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎج‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺈن ﻋﺪم ﺳﺠﻮد رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺮاءة‬
‫ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﺪة ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻟﯿﺲ ﻣﻮﺿﻊ ﺳ ﺠﺪة‪ ،‬إذ ﯾﺤﺘﻤ ﻞ أن ﯾﻜ ﻮن اﻣﺘﻨﺎﻋ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟ ﺴﺠﻮد‬
‫ﻟﺒﯿ ﺎن ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻋﻠﻤﻨ ﺎ أن ھﻨ ﺎك ﻋ ﺪداً ﻣ ﻦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺬﻛﺮ ﺳ ﺠﻮده ‪ r‬ﻋﻨ ﺪ ھ ﺬا‬
‫ﻼ أن اﻣﺘﻨﺎﻋ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟ ﺴﺠﻮد إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﻟﺒﯿ ﺎن ﻋ ﺪم اﻟﻮﺟ ﻮب‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‬
‫اﻟﻤﻮﺿﻊ ‪ ،‬أدرﻛﻨﺎ ﻓﻌ ً‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه وﻓﯿﮫ »ﻗﺮأ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟ ﻨﺠﻢ ﺑﻤﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺴﺠﺪ‬
‫ﻓﯿﮭﺎ وﺳﺠﺪ ﻣ ﻦ ﻣﻌ ﮫ‪ .«...‬وﻣ ﱠﺮ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ وﻓﯿ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺮأ اﻟ ﻨﺠﻢ‬
‫ﻓﺴﺠﺪ‪ ،‬وﺳﺠﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﮫ‪ «...‬رواه أﺣﻤﺪ وﻏﯿﺮه‪ .‬ﻓﺎﻣﺘﻨﺎﻋ ﮫ ‪ r‬ﻋ ﻦ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻣ ﺮة ﻋﻨ ﺪ ﻗ ﺮاءة اﻟ ﻨﺠﻢ‬
‫ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ أراد ﺑﯿﺎن ﻋﺪم اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أن ھﺬه اﻟﺴﻮرة ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﺠﻮد‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺳﺠﺪﺗﺎ اﻻﻧﺸﻘﺎق واﻟﻌﻠﻖ ﻓﻘﺪ وردت ﻓﯿﮭﻤﺎ أﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺜﺒﺘﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻣﻨﮭ ﺎ‪ :‬ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺠﺪﻧﺎ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ‪ -‬إذا اﻟ ﺴﻤﺎء اﻧ ﺸﻘﱠﺖ‪ ،‬و اﻗ ﺮأ ﺑﺎﺳ ﻢ رﺑ ﻚ ‪ «-‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ راﻓﻊ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة اﻟ َﻌ َﺘ َﻤ ﺔ ﻓﻘ ﺮأ ‪-‬‬
‫إذا اﻟﺴﻤﺎء اﻧﺸﻘﱠﺖ ‪ -‬ﻓﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﻣﺎ ھﺬه؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺠﺪت ﺑﮭﺎ ﺧﻠﻒ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ ،r‬ﻓﻼ أزال أﺳ ﺠﺪ‬
‫ﺑﮭﺎ ﺣﺘﻰ أﻟﻘﺎه« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﻗ ﺮاءة اﻟﻘ ﺮآن‬
‫ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤ ﺲ[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﺘﺤﺐ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻋﻨ ﺪ ھ ﺬه اﻟﻤﻮاﺿ ﻊ اﻷرﺑ ﻊ‬
‫ﻋﺸﺮة‪ ،‬وﻻ ﺑﺄس ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد ﻋﻨﺪ ﺳﺠﺪة ص‪.‬‬

‫وﻛﻤ ﺎ أن اﻟ ﺴﺠﻮد ﻟﻠﻘ ﺎرئ ﻣ ﺴﺘﺤﺐﱞ‪ ،‬ﻓﻜ ﺬﻟﻚ اﻟ ﺴﺠﻮد ﻟﻤ ﻦ ﺣ ﻀﺮ اﻟ ﺘﻼوة ﻣ ﻦ ﺳ ﺎﻣﻊ وﻣ ﺴﺘﻤﻊ‬
‫ﻦ ﺑﺴﺠﻮد اﻟﻘﺎرئ‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﺴﺠﺪ اﻟﻘﺎرئ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ‬ ‫ﻦ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﺎﻣﻊ واﻟﻤﺴﺘﻤﻊ رھ ٌ‬‫ﺐ أﯾﻀﺎً‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻣُﺴﺘﺤ ٌ‬
‫ﻣَ ﻦ ﻋﻨ ﺪه‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘ ﺎرئ إﻣ ﺎ ُم ﻣ ﻦ ﺣ ﻀﺮ اﻟ ﺘﻼوة‪ ،‬وﺑ ﺪون اﻹﻣ ﺎم ھ ﺬا ﻻ ﺳ ﺠﻮد ﻟﻠﺤﺎﺿ ﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﻣ ﺮت‬
‫اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺮأ اﻟ ﻨﺠﻢ ﻓ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﺳ ﺠﺪ اﻟﻨ ﺎس ﻣﻌ ﮫ ‪» .«...‬ﻗ ﺮأ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬اﻟ ﻨﺠﻢ ﺑﻤﻜ ﺔ‬
‫ﻓﺴﺠﺪ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وﺳﺠﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﮫ ‪» . «...‬أن ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺮأ ﯾ ﻮم اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺒﺮ ﺑﺴﻮرة اﻟﻨﺤﻞ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إذا ﺟ ﺎء اﻟ ﺴﺠﺪة ﻧ ﺰل ﻓ ﺴﺠﺪ وﺳ ﺠﺪ اﻟﻨ ﺎس‪» . «...‬ﻗ ﺮأ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫وھﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ ص ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺴﺠــﺪة ﻧﺰل ﻓﺴﺠﺪ ‪ ،‬وﺳﺠﺪ اﻟﻨـﺎس ﻣﻌﮫ ‪» . «...‬ﺳﺠﺪﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ‬
‫ت ﺑﮭــﺎ ﺧﻠﻒ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳـﻢ ‪ . «r‬ﻓﮭ ﺬا‬ ‫‪ r‬ﻓﻲ ‪ -‬إذا اﻟﺴﻤﺎء اﻧﺸﻘﱠﺖ‪ ،‬و اﻗﺮأ ﺑﺎﺳﻢ رﺑــﻚ ‪» . «-‬ﺳﺠــﺪ ُ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد ﺧﻠﻒ اﻟﻘﺎرئ إن ھﻮ ﺳﺠﺪ‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﺎﺿ ﺮﯾﻦ ﻻ ﯾ ﺴﺠﺪون إن ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ اﻟﻘ ﺎرئ ﻓﻤ ﺎ روى زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ أﺳ ﻠﻢ »أن‬
‫ﻏﻼﻣﺎً ﻗﺮأ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬اﻟﺴﺠﺪة‪ ،‬ﻓﺎﻧﺘﻈﺮ اﻟﻐﻼ ُم اﻟﻨﺒﻲَ ‪ r‬أن ﯾﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻗ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل‬
‫ت ﻟ ﺴﺠﺪﻧﺎ« رواه‬ ‫اﷲ أﻟﯿﺲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺴﻮرة ﺳﺠﺪة؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻠﻰ وﻟﻜﻨﻚ ﻛﻨﺖ إﻣﺎﻣَﻨ ﺎ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﺳ ﺠﺪ َ‬
‫اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق‪ .‬ورواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻄ ﺎء ﺑ ﻦ ﯾ ﺴﺎر‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫وإن ﻛﺎن ﻣﺮﺳﻼً‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل‪ ،‬ﻷن ﺳﻘﻮط اﺳﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻻ ﯾ ﻀﻌﻒ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ ،‬ﻓﺎﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ‬
‫ﻛﻠﮭﻢ ﻋﺪول‪.‬‬

‫وﯾ ﺴﺘﺤﺐ ﺳ ﺠﻮد اﻟ ﺘﻼوة ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻛﺎﺳ ﺘﺤﺒﺎﺑﮫ ﺧﺎرﺟﮭ ﺎ‪ ،‬وﯾُ ﺴﺘﺤﺐ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‬
‫واﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ راﻓﻊ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري وﻏﯿﺮه وﻓﯿﮫ »ﺻﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ أﺑ ﻲ‬
‫ھﺮﯾﺮة اﻟﻌَﺘَﻤَﺔَ ﻓﻘﺮأ ‪ -‬إذا اﻟﺴﻤﺎء اﻧﺸﻘﱠﺖ ‪ -‬ﻓﺴﺠﺪ ‪ .«...‬واﻟ َﻌﺘَﻤَﺔ ھﻲ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺻﻔﺔ ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ﻓﻜﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﯾﻜﺒﺮ وﯾ ﺴﺠﺪ وﯾﻘ ﻮل ]ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻷﻋﻠ ﻰ[ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾ ﻀﯿﻒ‬
‫ﻖ ﺳ ﻤﻌَﮫ وﺑ ﺼﺮَه ﺑﺤﻮﻟ ﮫ وﻗﻮﺗ ﮫ ﻓﺘﺒ ﺎرك اﷲ‬ ‫إن ﺷﺎء ﻣﺎ ﯾﻠ ﻲ ]ﺳ ﺠﺪ وﺟﮭ ﻲ ﻟﻠ ﺬي ﺧﻠﻘ ﮫ وﺻ ﻮﱠره وﺷ ﱠ‬
‫ﻂ ﻋﻨﻲ ﺑﮭﺎ ِوزْراً‪ ،‬واﻛﺘﺐ ﻟﻲ ﺑﮭ ﺎ أﺟ ﺮاً‪ ،‬واﺟﻌﻠﮭ ﺎ ﻟ ﻲ‬‫أﺣﺴﻦ اﻟﺨﺎﻟﻘﯿﻦ[ وﯾﻀﯿﻒ إن ﺷﺎء ]اﻟﻠﮭﻢ اﺣْﻄُ ْ‬
‫ﻋﻨﺪك ُذﺧْﺮاً‪ ،‬وﺗﻘ ﱠﺒﻠْﮭﺎ ﻣﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘ ﱠﺒ ْﻠﺘَﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪك داود[‪ .‬وﯾﻤﻜﻨﮫ أن ﯾﻜﺮر ھ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺪﻋﺎءﯾﻦ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﺮﻓﻊ وﯾﺴﻠﱢﻢ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﻋﻦ ﯾﺴﺎره وﻻ ﯾﺘﺸﮭﺪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻘﺪ روى ﻧﺎﻓﻊ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل »ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﺮأ ﻋﻠﯿﻨ ﺎ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﻣ ﱠﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﺪة ﻛﺒﱠﺮ وﺳﺠﺪ وﺳﺠﺪﻧﺎ« رواه أﺑﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻋﺒ ﺪاﻟﺮزاق‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﻗﺎل »ﻛﺎن أُﺑﻲﱞ إذا ﻗﺮأ اﻟﺴﺠﺪة ﻗﺎل اﷲ أﻛﺒﺮ ﺛﻢ ﺳﺠﺪ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬وﻟ ﻢ ُﯾ ﺮو ﻋ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‬
‫أﻧﮫ ﺗﺮك اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ أو أﻣﺮ ﺑﺘﺮﻛﮫ ﻋﻨﺪ ﺳﺠﻮد اﻟﺘﻼوة‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﺴﺒﯿﺤﺔ ]ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ[ ﻓﻘﺪ ﻣﺮت ﺛﻼﺛﺔ أﺣﺎدﯾﺚ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‪ ،‬أﻋﻨ ﻲ ذﻛ ﺮ ]ﺳ ﺒﺤﺎن‬
‫رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ[ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮد ھﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋ ﻦ ﻋﻘﺒ ﺔ ﺑ ﻦ ﻋ ﺎﻣﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »‪ ...‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻧﺰﻟ ﺖ ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ ﻗ ﺎل‪:‬‬

‫ﺣﺒﱠﺎن‪.‬‬
‫اﺟﻌﻠﻮھﺎ ﻓﻲ ﺳﺠﻮدﻛﻢ« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬

‫ب ‪ -‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ َﺑ ْﻜ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾ ﺴﺒﺢ ﻓ ﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ‬

‫اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﺛﻼﺛﺎً‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﺠﻮده ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ« رواه اﻟﺒﺰﱠار‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋ ﻦ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ ﺑ ﻦ اﻟﯿﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »‪ ...‬وإذا ﺳ ﺠﺪ ﻗ ﺎل ﺳ ﺒﺤﺎن رﺑ ﻲ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬ﺛ ﻼث‬

‫ﻣ ﺮات« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﺗﺠ ﺪوﻧﮭﺎ ﻛﺎﻣﻠ ﺔ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﺮﻛ ﻮع وھﯿﺌﺘ ﮫ واﻟ ﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿ ﮫ[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ‬
‫ﺴﻨﱠﺔ أن ﯾﻘﺎل ﻓﯿﮭﺎ ]ﺳﺒﺤﺎن رﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ[ ﺛﻼﺛًﺎ‪.‬‬‫ن اﻟ ﱡ‬
‫اﻟﺼﻼة[‪ .‬وﺣﯿﺚ أن ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ھﻲ ﺳﺠﻮد‪ ،‬ﻓﺈ ﱠ‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ]ﺳﺠﺪ وﺟﮭ ﻲ ‪ [...‬إﻟ ﺦ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ورد ﻓﯿ ﮫ ﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‬
‫ﻖ ﺳﻤﻌﮫ وﺑﺼﺮه ﺑﺤﻮﻟ ﮫ‬ ‫»ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﺳﺠﻮد اﻟﻘﺮآن‪ :‬ﺳﺠﺪ وﺟﮭﻲ ﻟﻠﺬي ﺧﻠﻘﮫ وﺷ ﱠ‬
‫وﻗﻮﺗ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﺤ ﺎﻛﻢ وزادا »ﻓﺘﺒ ﺎرك اﷲ أﺣ ﺴﻦ‬
‫ﺧ َﻠ َﻘ ﮫ«‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ‬
‫اﻟﺨ ﺎﻟﻘﯿﻦ«‪ .‬ﻛﻤ ﺎ رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ وزادا »وﺻ ﻮﱠره« ﺑﻌ ﺪ ﻗﻮﻟ ﮫ » َ‬
‫اﻟﺴﻜﻦ وﻗﺎل ﻓﻲ آﺧﺮه »ﺛﻼﺛﺎً«‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ورد ﻓﯿﮫ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪،r‬‬
‫ﻓﺄﺗﺎه رﺟﻞ ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻲ رأﯾﺖ اﻟﺒﺎرﺣﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺮى اﻟﻨﺎﺋﻢ ﻛﺄﻧﻲ أُﺻﻠﻲ إﻟﻰ أﺻﻞ ﺷﺠﺮة‪ ،‬ﻓﻘﺮأت اﻟﺴﺠﺪة‬
‫ﻄﻂْ ﻋﻨﻲ ﺑﮭﺎ ِوزْراً‪ ،‬واﻛﺘﺐ ﻟﻲ ﺑﮭﺎ‬
‫ﺣُ‬‫ﻓﺴﺠﺪت‪ ،‬ﻓﺴﺠﺪت اﻟﺸﺠﺮة ﻟﺴﺠﻮدي‪ ،‬ﻓﺴﻤﻌﺘﮭﺎ ﺗﻘﻮل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ا ْ‬

‫‪522‬‬
‫أﺟﺮاً‪ ،‬واﺟﻌﻠﮭ ﺎ ﻟ ﻲ ﻋﻨ ﺪك ذﺧ ﺮاً‪ ،‬ﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪ :‬ﻓﺮأﯾ ﺖ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺮأ اﻟ ﺴﺠﺪة ﻓ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓ ﺴﻤﻌﺘﮫ‬
‫ﯾﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﺳ ﺠﻮده ﻣﺜ ﻞ اﻟ ﺬي أﺧﺒ ﺮه اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋ ﻦ ﻗ ﻮل اﻟ ﺸﺠﺮة« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وزادا »وﺗﻘﺒﻠﮭﺎ ﻣﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺒﱠﻠﺘَﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪك داود«‪.‬‬‫واﺑﻦ ِ‬

‫أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ذﻛ ﺮ اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻋ ﻦ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﺘ ﺎﺑﻌﯿﻦ أﻧﮭ ﻢ ﻛ ﺎﻧﻮا إذا‬
‫ي ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬وﻻ ﻋ ﻦ أﺣ ﺪ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺚ ﻣ ﺮو ٍ‬
‫ﻓﺮﻏﻮا ﻣﻦ ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ﺳﻠﱠﻤﻮا‪ ،‬وﻟﻢ أﻗﻒ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪﯾ ٍ‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺘﮫ ﻋﻦ ﺷﺊ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬ﻻ ﻧﻔﯿًﺎ وﻻ إﺛﺒﺎﺗﺎً‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺣﯿﺚ أن ﺳﺠﺪة اﻟ ﺘﻼوة ھ ﻲ ﺻ ﻼة‪ ،‬وﻟﮭ ﺎ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة‬
‫ﻞ ﻣﻦ اﻹﺣﺮام ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ‬ ‫اﻹﺣﺮام‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﺻﻞ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ ﺗﺤﻠﯿ ٌ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣﻔﺘ ﺎح اﻟ ﺼﻼة اﻟﻄﱡﮭ ﻮر‪ ،‬وﺗﺤﺮﯾﻤﮭ ﺎ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻠﮭ ﺎ‬
‫اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬أُﻧﻈﺮوا ﺑﺤﺚ ]ﺣﻜﻢ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻔﺔ اﻟ ﺼﻼة[‪ .‬وﻣﻤ ﺎ‬
‫ﯾﺪل ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ﺻﻼة وأﻧﮭﺎ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺣﻜﻢ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻣ ﺎ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‬
‫ﻋﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ »‪ ...‬وﻟﻜﻨﻚ ﻛﻨﺖ إﻣﺎﻣﻨﺎ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﺳ ﺠﺪت ﻟ ﺴﺠﺪﻧﺎ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ وﻏﯿ ﺮه‪.‬‬
‫ﻓﻘﺎرئ اﻟﻘﺮآن إذا ﺳﺠﺪ اﺋﺘ ﱠﻢ ﺑ ﮫ اﻟﺤﺎﺿ ﺮون‪ ،‬واﺗﺨ ﺬوه إﻣﺎﻣ ًﺎ ﻓ ﺴﺠﺪوا ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻜ ﻮن ذﻟ ﻚ ﻟ ﻮﻻ أن‬
‫ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ﺻﻼة‪.‬‬

‫وﯾﺘﺮﱠﺗ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا أن ھ ﺬه اﻟ ﺴﺠﺪة ﯾﻠﺰﻣﮭ ﺎ اﻟﻮﺿ ﻮء واﻟﻄﮭ ﺎرة اﻟﻜﺎﻣﻠ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﺒ ﺪن واﻟﺜ ﻮب‬
‫واﻟﻤﻮﺿﻊ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﺼﻠﻮات‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﻠﺰﻣﮭ ﺎ اﺳ ﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠ ﺔ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺻ ﻼة‪ ،‬إﻻ أن ﯾﻜ ﻮن راﻛﺒ ﺎً ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‬
‫ﺑﻌﺪم اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل‪ ،‬ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺻﻠﻮات اﻟﺘﻄﻮﱡع إن ھﻲ أُدﱢﯾﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ‪ ،‬أو ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎرة أو ﻓﻲ اﻟﺴﻔﯿﻨﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺋﺮة أو ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻲ ﻓﺈن ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ﺟﺎﺋﺰة ﻷﻧﮭﺎ ﺻﻼة ﻟﮭﺎ ﺳﺒﺐ‪ ،‬وﯾﻜﻮن وﻗﺖ ھﺬه اﻟﺴﺠـﺪة‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺮاءة ﺣﯿﺜﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ‪ ،‬ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻣﺜﻞ ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف ﻣﺜ ً‬

‫م‪ .‬ﺳﺠﺪة اﻟﺸﻜﺮ وﺻﻼة اﻟﺸﻜﺮ‬

‫ﯾُﺴﺘﺤﺐ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل ﻧﻌﻤﺔ أو زوال ﻣﻀﺮﱠة أن ﯾﺴﺠﺪ ﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺳ ﺠﺪة‪ ،‬وھ ﺬه اﻟ ﺴﺠﺪة‬
‫‪ -‬وﺗﺴﻤﻰ ﺳﺠﺪة اﻟ ﺸﻜﺮ ‪ -‬ﻣﻤﺎﺛﻠ ﺔ ﻟ ﺴﺠﺪة اﻟ ﺘﻼوة ﻣ ﻦ ﺣﯿ ﺚ اﻟﺘﻜﺒﯿ ﺮ واﻟ ﺴﺠﻮد واﻟ ﺬﻛﺮ ﻓﯿﮭ ﺎ‪ ،‬واﻟﺮﻓ ﻊ‬
‫واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﯾﺠﺐ ﻟﮭﺬه اﻟﺴﺠﺪة ﻣﺎ ﯾﺠﺐ ﻟﺴﺠﺪة اﻟﺘﻼوة وأﯾﺔ ﺻﻼة أﺧﺮى ﻣﻦ وﺿ ﻮء‬
‫وﺳﺘﺮ ﻋﻮرة وﻃﮭﺎرة ﺛﻮب وﻃﮭﺎرة ﻣﻮﺿﻊ واﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠﺔ ووﺟ ﻮد ﻧﯿ ﺔ وھﻜ ﺬا‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻮف رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺧﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺎﺗﺒﻌﺘﮫ ﺣﺘﻰ دﺧﻞ ﻧﺨﻼً‪ ،‬ﻓ ﺴﺠﺪ ﻓﺄﻃ ﺎل اﻟ ﺴﺠﻮد‬
‫ﺣﺘﻰ ﺧﻔﺖ أو ﺧﺸﯿﺖ أن ﯾﻜﻮن اﷲ ﻗﺪ ﺗﻮﻓﺎه أو ﻗﺒﻀﮫ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺠﺌﺖ أﻧﻈﺮ‪ ،‬ﻓﺮﻓﻊ رأﺳﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻣ ﺎ ﻟ ﻚ‬
‫ﯾﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ؟ ﻗﺎل ‪ :‬ﻓﺬﻛﺮت ذﻟﻚ ﻟﮫ ﻓﻘﺎل‪ :‬إن ﺟﺒﺮﯾ ﻞ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺴﻼم ﻗ ﺎل ﻟ ﻲ‪ :‬أﻻ أﺑ ﺸﺮك؟ إن اﷲ‬
‫ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﯾﻘ ﻮل ﻟ ﻚ‪ :‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻋﻠﯿ ﻚ ﺻ ﻠﯿﺖُ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿ ﻚ ﺳ ﻠﱠﻤﺖُ ﻋﻠﯿ ﮫ« رواه أﺣﻤ ـﺪ‬
‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ‪ .‬وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻷﺣﻤﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬إن ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم أﺗﺎﻧﻲ ﻓﺒ ﺸﱠﺮﻧﻲ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬إن اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﻋﻠﯿ ﻚ ﺻ ﻠﯿﺖُ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻋﻠﯿ ﻚ ﺳ ﻠﻤﺖُ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺴﺠﺪت ﷲ ﻋ ﺰﱠ وﺟ ﻞﱠ ﺷ ﻜﺮًا«‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟﺒ ﺮاء‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺑﻌ ﺚ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧﺎﻟ ﺪ ﺑ ﻦ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ إﻟ ﻰ أھ ﻞ اﻟ ﯿﻤﻦ ﯾ ﺪﻋﻮھﻢ إﻟ ﻰ اﻹﺳ ﻼم ﻓﻠ ﻢ‬
‫ﯾﺠﯿﺒﻮه‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺑﻌﺚ ﻋﻠﻲ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﻃﺎﻟ ﺐ وأﻣ ﺮه أن ﯾُﻘﻔ ﻞ ﺧﺎﻟ ﺪاً وﻣَ ﻦ ﻛ ﺎن ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬إﻻ رﺟ ﻞ‬
‫ﻣﻤﻦ ﻛﺎن ﻣﻊ ﺧﺎﻟﺪ أﺣﺐ أن ﯾﻌﻘﺐ ﻣﻊ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻠْﯿﻌﻘﺐ ﻣﻌ ﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل اﻟﺒ ﺮاء ‪ :‬ﻓﻜﻨ ﺖ ﻣﻤ ﻦ‬
‫ﻋﻘﺐ ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ دﻧﻮﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ﺧﺮﺟﻮا إﻟﯿﻨﺎ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﺻﻔﱠﻨﺎ ﺻﻔﺎً واﺣﺪاً‪،‬‬
‫ﺛﻢ ﺗﻘﺪم ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻓﻘﺮأ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻛﺘﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺄﺳﻠﻤﺖ ھﻤﺪان ﺟﻤﯿﻌﺎً‪ ،‬ﻓﻜﺘﺐ ﻋﻠ ﻲ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮫ إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺈﺳﻼﻣﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻗﺮأ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻜﺘﺎب ﺧ ﺮ ﺳ ﺎﺟﺪاً‪ ،‬ﺛ ﻢ رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬

‫‪523‬‬
‫اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ھﻤﺪان‪ ،‬اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ھﻤﺪان« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺑَﻜﺮةَ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﺴ ﱡﺮ ﺑﮫ ﺧ ﱠﺮ ﺳﺎﺟﺪًا ﺷﻜﺮًا ﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‬ ‫‪ r‬ﻛﺎن إذا أﺗﺎه أﻣ ٌﺮ َﯾ ُ‬
‫ﺴﺮﱡه أو ُﯾ َ‬
‫واﻟﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻋﻨ ﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ ﺷ ﮭﺪ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﺗ ﺎه ﺑ ﺸﯿﺮ ﯾﺒ ﺸﺮﱢه‬
‫ﺣﺠْﺮ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﻓﺨ ﺮ ﺳ ﺎﺟﺪاً‪ «...‬رواه‬ ‫ﺑﻈﻔﺮِ ﺟﻨﺪٍ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺪوھﻢ‪ ،‬ورأﺳﮫ ﻓﻲ ِ‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﮭﺬه أدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺳﺠﺪة اﻟﺸﻜﺮ‪.‬‬

‫وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ أوﻓ ﻰ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﱠﻰ ﯾ ﻮم ُﺑ ﺸﱢﺮ ﺑ ﺮأس أﺑ ﻲ ﺟﮭ ﻞ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ«‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟــﺔ ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺰﱠار وﻟﻔﻈﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺣﯿﻦ ُﺑﺸﱢـﺮ ﺑ ﺎﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬وﺣ ﯿﻦ‬
‫ُﺑﺸﱢﺮ ﺑﺮأس أﺑﻲ ﺟﮭﻞ«‪ .‬ﻓﮭــﺬا دﻟﯿــﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﺻــﻼة اﻟﺸﻜــﺮ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ رﻛﻌﺘــﺎن اﺛﻨﺘ ﺎن‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ‬
‫ﺷﺎء ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪة واﺣﺪة‪ ،‬وﻣﻦ ﺷﺎء ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺧﯿﺮ‪.‬‬

‫ن‪ .‬اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻘﺎم‬

‫ﯾُﺴﻦ ﻟﻤﻦ دﺧﻞ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام وﻃﺎف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺳﺒﻌﺔ أﺷ ﻮاط أن ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻠ ﻒ ﻣَﻘ ﺎم‬
‫إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﺟﺎﻋﻼً اﻟﻤَﻘﺎم ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ ،‬وﺗﺴﻤﻰ ھﺎﺗﺎن اﻟﺮﻛﻌﺘﺎن رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻄ ﻮاف‪ ،‬ﻗ ﺎل‬
‫ﻋ ِﮭ ْﺪﻧَﺎ إﻟ ﻰ‬
‫ﻰ َو َ‬
‫ﺼﻠﱠ ْ‬
‫ﻦ َﻣﻘَﺎ ِم إ ْﺑ ﺮَا ِھ ْﯿ َﻢ ﻣُ َ‬
‫ﺨﺬُوْا ِﻣ ْ‬ ‫س َوَأ ْﻣ َﻨ ًﺎ وَاﺗﱠ ِ‬ ‫ﺖ َﻣﺜَﺎ َﺑ ًﺔ ﻟﻠﻨﱠﺎ ِ‬ ‫ﻞ ] وَإ ْذ َ‬
‫ﺟ َﻌ ْﻠﻨَﺎ اﻟ َﺒ ْﯿ َ‬ ‫اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠ‬
‫ﻦ وَاﻟﺮﱡﻛﱠ ِﻊ اﻟ ﺴﱡﺠُ ْﻮ ِد[ اﻵﯾ ﺔ ‪ 125‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻮرة‬ ‫ﻦ واﻟ َﻌ ﺎ ِﻛ ِﻔ ْﯿ َ‬ ‫ﻲ ﻟﻠﻄﱠ ﺎ ِﺋ ِﻔ ْﯿ َ‬ ‫ﻃﮭﱢ ﺮَا َﺑﯿْﺘ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ﻋ ْﯿ َﻞ َأ ْ‬
‫ﺳ ﻤَﺎ ِ‬
‫إ ْﺑ ﺮَا ِھ ْﯿ َﻢ وَإ ْ‬
‫اﻟﺒﻘﺮة‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻗ ﺎل ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب‪ :‬ﻗﻠ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻟ ﻮ‬
‫ﻰ« رواه اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه‪.‬‬ ‫ﺼﻠﱠ ْ‬‫ﻦ َﻣﻘَﺎ ِم إ ْﺑﺮَا ِھ ْﯿ َﻢ ﻣُ َ‬ ‫ﺨﺬُوْا ِﻣ ْ‬ ‫اﺗﺨﺬت اﻟﻤﻘﺎم ﻣُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺰل اﷲ‪ :‬وَاﺗﱠ ِ‬

‫واﻟﺴﻨﺔ أن ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬وﯾﻘﺮأ ﻓ ﻲ اﻷوﻟ ﻰ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ ﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ‬

‫ن ھﻮ أراد اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻗﺮاءﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻗﺎل »أﺗﯿﻨ ﺎ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ‬ ‫اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬إ ْ‬
‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﻓﺴﺄﻟﻨﺎه ﻋﻦ ﺣﺠﺔ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓ ﺬﻛﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﺑﻄﻮﻟ ﮫ وﻗ ﺎل‪ :‬إذا ﻓ ﺮغ ‪ -‬ﯾﺮﯾ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻄ ﻮاف ‪-‬‬
‫ﻰ ‪ -‬ﻗﺎل‪ :‬أي‬ ‫ﺼﻠﱠـ ْ‬
‫ﻦ َﻣﻘَـﺎ ِم إ ْﺑﺮَا ِھﯿْــ َﻢ ﻣُ َ‬
‫ﺨﺬُوْا ﻣِـ ْ‬
‫ﻋﻤﺪ إﻟﻰ َﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻓﺼﻠﻰ ﺧﻠﻔﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ وﺗﻼ ‪ -‬وَاﺗﱠ ِ‬
‫ﯾﻘــﺮأ ﻓﯿﮭﻤــﺎ ﺑﺎﻟﺘــﻮﺣﯿﺪ وﻗــﻞ ﯾﺎ أﯾﮭــﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون« رواه اﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ‬
‫ﻻ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺣﺠﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺣﺘﻰ إذا أﺗﯿﻨﺎ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻌ ﮫ اﺳ ﺘﻠﻢ اﻟ ﺮﻛﻦ‪ ،‬ﻓﺮﻣ ﻞ‬ ‫ﻣﻄﻮ ً‬
‫ﺛﻼﺛ ًﺎ وﻣﺸﻰ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻔﺬ إﻟﻰ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻓﻘﺮأ‪ :‬وا ﱠﺗﺨِﺬوا ﻣﻦ ﻣَﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ُﻣ ﺼﻠﱠﻰ‪،‬‬
‫ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻤَﻘﺎم ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺒﯿﺖ‪ ،‬ﻓﻜﺎن أﺑ ﻲ ﯾﻘ ﻮل‪ :‬وﻻ أﻋﻠﻤ ﮫ ذﻛ ﺮه إﻻ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪ :‬ﻗ ﻞ ھ ﻮ اﷲ أﺣ ﺪ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﯾ ﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻜ ﺎﻓﺮون ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﻗﺮﯾﺒ ﺎً ﻣﻨ ﮫ‪ .‬وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »‪ ...‬وﺳ ﻤﻌﺘﮫ ‪ -‬ﯾﻌﻨ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪- r‬‬
‫ﯾﻘ ﻮل‪ :‬ﻣ ﻦ ﻃ ﺎف أُﺳ ﺒﻮﻋًﺎ ﯾُﺤ ﺼﯿﮫ‪ ،‬وﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻛ ﺎن ﻟ ﮫ ﻛﻌ ﺪل رﻗﺒ ﺔ ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫أُﺳﺒﻮﻋﺎً ﯾُﺤﺼﯿﮫ‪ :‬أي ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ﯾَﻌُﺪﱡھﺎ‪ .‬وھﺬه اﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ ‪ -‬أﻋﻨ ﻲ ﺻ ﻼة رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻤَﻘ ﺎم وﻣﺜﻠﮭ ﺎ‬
‫ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﺤ ﺮام ‪ -‬ﯾﺆدﱠﯾ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ وﻗ ﺖ ﻣ ﻦ ﻟﯿ ﻞ أو ﻧﮭ ﺎر‬ ‫اﻟﻄﻮاف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ ِﻗ َﺒﻞِ َﻣ ﻦ ﯾ ﺪﺧ ُ‬
‫دون ﻛﺮاھﺔ‪ ،‬وھﺬه ﻣﯿﺰة ﻣﯿﱠﺰ اﷲ ﺳ ﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﮭ ﺎ ﺑﯿﺘ ﮫ اﻟﺤ ﺮام دون ﺳ ﻮاه ﻣ ﻦ ﺑﻘ ﺎع اﻷرض‪ ،‬ﻓﻠ ﯿﺲ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام وﻗﺖ ﻧﮭﻲ ﻛﺮاھﺔ وﻧﮭﻲ ﺗﺤﺮﯾﻢ ﻷﯾﺔ ﺻﻼة ﻛﺎﻧﺖ‪ ،‬ﻓﺮﯾﻀﺔ أو ﺗﻄﻮﻋ ﺎً‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ روى ﺟﺒﯿ ﺮ‬
‫ﺑﻦ ﻣﻄﻌﻢ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﯾﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف ﻻ ﺗﻤﻨﻌﻮا أﺣ ﺪاً ﻃ ﺎف ﺑﮭ ﺬا اﻟﺒﯿ ﺖ وﺻ ﻠﱠﻰ أﯾ ﺔَ ﺳ ﺎﻋ ٍﺔ‬
‫ﺷﺎء ﻣﻦ ﻟﯿ ٍﻞ أو ﻧﮭﺎر« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻣَﻘ ﺎم إﺑ ﺮاھﯿﻢ ھ ﻮ‬
‫ﺠ ٍﺮ ﺣﯿﻦ ﻛﺎن ﯾﺒﻨﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻊ وﻟ ﺪه إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ‬ ‫ﺣَ‬ ‫اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻘﻒ ﻓﯿﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ َ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم‪.‬‬

‫ﺐ اﻷذان‬
‫س‪ .‬اﻟﺼﻼةُ ﻋَ ِﻘ َ‬

‫‪524‬‬
‫ﺗُﻨﺪب اﻟﺼﻼ ُة ﻋﻘﺐ اﻷذان وﻗﺒﻞ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻟﻠﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣﻐ ﱠﻔ ﻞ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﺑﯿﻦ ﻛﻞ أذاﻧﯿﻦ ﺻﻼة‪ ،‬ﺑﯿﻦ ﻛﻞ أذاﻧ ﯿﻦ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل ﻓ ﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜ ﺔ‪ :‬ﻟﻤ ﻦ‬
‫ﯾﺸﺎء« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﯾﻘ ﺼﺪ ﺑ ﺎﻷذاﻧﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ‬
‫س ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺒﺘﺪرون اﻟﺴﻮاري‪،‬‬ ‫ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎن اﻟﻤﺆذن إذا أذن ﻗﺎم ﻧﺎ ٌ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﺨﺮج اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وھﻢ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﯾُﺼﻠﱡﻮن اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﯿﻦ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ ﺷﺊ«‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‬ ‫رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫اﻟﻤﺆﻛﺪة[‪.‬‬

‫ع‪ .‬اﻟﺼﻼةُ ﻋَ ِﻘﺐَ اﻟﻮﺿﻮء‬

‫ﺣﻤْﺮان ﻣ ﻮﻟﻰ ﻋﺜﻤ ﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﯾُﺴﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ إذا ھﻮ ﺗﻮﺿﺄ أن ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻤﺎ روى ُ‬
‫»أﻧﮫ رأى ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن دﻋﺎ ﺑﺈﻧﺎء ‪ ،‬ﻓﺄﻓﺮغ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﯿﮫ ﺛﻼث ﻣﺮار ﻓﻐﺴﻠﮭﻤﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أدﺧﻞ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻹﻧﺎء ﻓﻤ ﻀﻤﺾ واﺳﺘﻨ ﺸﻖ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛﻼﺛ ﺎً‪ ،‬وﯾﺪﯾ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺮﻓﻘﯿﻦ ﺛ ﻼث ِﻣ ﺮار‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻣ ﺴﺢ‬
‫ﺑﺮأﺳ ﮫ ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ رﺟﻠﯿ ﮫ ﺛ ﻼث ﻣِ ﺮار إﻟ ﻰ اﻟﻜﻌﺒ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﻣ ﻦ ﺗﻮﺿ ﺄ ﻧﺤ ﻮ‬
‫وﺿﻮﺋﻲ ھﺬا‪ ،‬ﺛﻢ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﻻ ُﯾﺤَﺪﱢث ﻓﯿﮭﻤ ﺎ ﻧﻔ ﺴﮫ ﻏُﻔِ َﺮ ﻟ ﮫ ﻣ ﺎ ﺗﻘ ﺪﱠم ﻣ ﻦ ذﻧﺒ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬وﻟﻤﺎ روى أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﺒﻼل ﻋﻨﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪:‬‬
‫ي ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ؟ ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫ف ﻧﻌﻠﯿﻚ ﺑﯿﻦ ﯾﺪ ﱠ‬
‫ﯾﺎ ﺑﻼل ﺣﺪﱢﺛﻨﻲ ﺑﺄرﺟﻰ ﻋﻤﻞ ﻋﻤﻠﺘَﮫ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ ُد ﱠ‬
‫ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻤﻼً أرﺟﻰ ﻋﻨﺪي أﻧﱢﻲ ﻟﻢ أﺗﻄﮭﺮ ﻃُﮭﻮرًا ﻓﻲ ﺳﺎﻋ ِﺔ ﻟﯿ ٍﻞ أو ﻧﮭﺎر إﻻ ﺻﻠﯿﺖ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻄﱡﮭ ﻮر‬
‫ﻣﺎ ﻛُﺘﺐ ﻟﻲ أن أُﺻﻠﻲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾﺤ ﺪﱢث اﻟﻨ ﺎس‪،‬‬ ‫ﻋﻠﯿﻨﺎ رﻋﺎﯾﺔ اﻹﺑﻞ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎءت ﻧ ﻮﺑﺘﻲ ﻓﺮوﱠﺣﺘُﮭ ﺎ ﺑ َﻌ ﺸﻲﱟ‪ ،‬ﻓﺄدرﻛ ُ‬
‫ﻓﺄدرﻛﺖ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﺘﻮﺿﺄ ﻓﯿﺤﺴﻦ وﺿﻮءه‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮم ﻓﯿ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻣﻘﺒ ﻞٌ ﻋﻠﯿﮭﻤ ﺎ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫ﺑﻘﻠﺒﮫ ووﺟﮭﮫ إﻻ وﺟﺒﺖ ﻟﮫ اﻟﺠﻨﺔ ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫اﻷوﻗﺎتُ اﻟﻤﻨﮭﻲﱡ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ‬

‫ﺖ ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع[ ﻷن أﻛﺜ ﺮه ﯾﺘﻌﻠ ﻖ ﺑ ﺼﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع وﻟ ﯿﺲ‬
‫إﻧﻤﺎ وﺿﻌ ُ‬
‫ﺑﺼﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬وھﺬه اﻷوﻗﺎت ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ھﻲ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ﻋﻨﺪ ﺑﺪء ﺑﺰوغ اﻟﺸﻤﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻮق اﻷﻓﻖ اﻟﺸﺮﻗﻲ وﺗﺒﯿَﺾﱠ‪.‬‬

‫ﺊ ﺧﻠﻔ ﮫ ‪ ،‬ﻻ ﯾﻤﯿ ﻞ إﻟ ﻰ ﺟﮭ ﺔ‬

‫ﻞﺷ ٍ‬
‫ب ‪ -‬ﻋﻨﺪ اﺳﺘﻮاء اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ُﻗﺒﱠﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺤﯿﺚ ﯾ ﺴﻘﻂ ﻇ ﱡﻞ ﻛ ﱢ‬
‫اﻟﻤﺸﺮق وﻻ إﻟﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﻐﺮب‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ﻋﻨﺪ اﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ وﺗَ َﺪﻟﱢﯿﮭﺎ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎً وراء اﻷﻓﻖ اﻟﻐﺮﺑﻲ‪.‬‬

‫ﻞ اﻟﻤﺼﻠﱢﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪھﻤﺎ‪ ،‬ھﻤﺎ‪:‬‬

‫وﻣﻨﮭﺎ وﻗﺘﺎن اﺛﻨﺎن ﯾﺘﺪﺧﻞ ﻓِﻌ ُ‬

‫أ ‪ -‬ﻣﺎ ﺑﻌ َﺪ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﺮﯾﻀﺔ اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺑﺰوغ اﻟﺸﻤﺲ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ﻣﺎ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﺮﯾﻀﺔ اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ اﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ وﺗَ َﺪﻟﱢﯿﮭﺎ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﻐﺮب‪.‬‬
‫وﻗﺪ وردت ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ‪:‬‬

‫‪525‬‬
‫ﺠﮭَﻨﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت ﻛ ﺎن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻨﮭﺎﻧ ﺎ‬ ‫‪ - 1‬ﻋﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﻟ ُ‬
‫أن ﻧﺼﻠﻲ ﻓﯿﮭﻦ‪ ،‬أو أن ﻧﻘﺒﺮ ﻓﯿﮭﻦ ﻣﻮﺗﺎﻧ ﺎ‪ :‬ﺣ ﯿﻦ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺑﺎزﻏ ﺔ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺮﺗﻔ ﻊ‪ ،‬وﺣ ﯿﻦ ﯾﻘ ﻮم‬
‫ﻒ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻟﻠﻐ ﺮوب ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ‬ ‫ﻀ ﱠﯿ ُ‬
‫ﻗﺎﺋﻢ اﻟ ﻈﮭﯿﺮة ﺣﺘﻰ ﺗﻤﯿﻞ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﺣﯿﻦ َﺗ َ‬
‫داود وأﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺣﯿﻦ ﯾﻘ ﻮم ﻗ ﺎﺋﻢ اﻟﻈﮭﯿ ﺮة‪ :‬أي ﺣ ﺎل اﺳ ﺘﻮاء اﻟ ﺸﻤﺲ وﺣ ﯿﻦ ﻻ‬
‫ﯾﺒﻘﻰ ﻟﻠﺸﺊ اﻟﻮاﻗﻒ ﻇﻞٌ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق وﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ ﺗَﻀﯿﱠﻒ‪ :‬أي ﺗﻤﯿﻞ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ ﻋﺒ ﺪ اﷲ اﻟ ﺼﱡﻨﺎﺑِﺤِﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ ﺗﻄﻠ ﻊ‬

‫ﺑﯿﻦ َﻗﺮْﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓﺈذا ارﺗﻔﻌﺖ ﻓﺎرﻗﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ وﺳ ﻂ اﻟ ﺴﻤﺎء ﻗﺎ َرﻧَﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا دَﻟﻜَ ﺖ أو ﻗ ﺎل‬
‫زاﻟﺖ ﻓﺎرﻗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا دﻧﺖ ﻟﻠﻐﺮوب ﻗﺎرﻧﮭﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻏﺮﺑ ﺖ ﻓﺎرﻗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﻼ ُﺗ ﺼﻠﱡﻮا ھ ﺬه اﻟ ﺜﻼث ﺳ ﺎﻋﺎت«‬
‫رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ دﻟﻜ ﺖ أو ﻗ ﺎل زاﻟ ﺖ‪ :‬أي ﻣﺎﻟ ﺖ ﻋ ﻦ ﻛﺒ ﺪ اﻟ ﺴﻤﺎء‬
‫ووﺳﻄﮫ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﯾﺘﺤﺮى أﺣﺪﻛﻢ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻋﻨ ﺪ ﻃﻠ ﻮع‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﺛﺎﻧﯿ ﺔ ﻟﻤ ﺴﻠﻢ‬‫اﻟ ﺸﻤﺲ وﻻ ﻋﻨ ﺪ ﻏﺮوﺑﮭ ﺎ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣﺎﻟ ﻚ واﺑ ﻦ ُ‬
‫»إذا ﺑﺪا ﺣﺎﺟ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ َﺄﺧﱢﺮوا اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﺒ ﺮز‪ ،‬وإذا ﻏ ﺎب ﺣﺎﺟ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ﺄﺧﱢﺮوا اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻐﯿﺐ«‪ .‬وروى أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣ ﺴﻠﻢ ﻣ ـﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﯾ ﻀًﺎ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ‬
‫ﺤ ﺮﱠوْا ﺑ ﺼﻼﺗﻜﻢ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ وﻻ ﻏﺮوﺑﮭ ﺎ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻄﻠ ﻊ ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻃﻠ ﻊ ﺣﺎﺟ ﺐ‬ ‫ﺗﺘ َ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻼ ﺗُﺼﻠﱡﻮا ﺣﺘﻰ ﯾﺒﺮز‪ ،‬وإذا ﻏ ﺎب ﺣﺎﺟ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ﻼ ُﺗ ﺼﻠﱡﻮا ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﯿ ﺐ« ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ إذا ﺑ ﺪا‬
‫ﺣﺎﺟﺐ اﻟﺸﻤﺲ‪ :‬أي إذا ﻇﮭﺮ ﻃﺮف اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻌﻠﻮي‪ .‬وﻗﻮﻟﮫ إذا ﻏﺎب ﺣﺎﺟﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ :‬أي إذا اﺧﺘﻔ ﻰ‬
‫ﻃﺮفُ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺴﻔﻠﻲ وراء اﻷُﻓﻖ‪.‬‬

‫ﺟ ْﻨﺪُب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻻ ﺗُﺼﻠﱡﻮا ﺣﯿﻦ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ وﻻ‬ ‫ﺳ ُﻤﺮَة ﺑﻦ ُ‬
‫‪ - 4‬ﻋﻦ َ‬
‫ﺣﯿﻦ ﺗﺴﻘﻂ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن وﺗﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺗﻄﻠ ﻊ ‪...‬‬
‫وﺗﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن‪ :‬ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺸﯿﻄﺎن ﯾﺴﺘﺸﺮﻓﮭﺎ ﻟﯿُﻐﻮي ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺎس آﻧﺬاك‪.‬‬

‫اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷول واﻟﺜ ﺎﻧﻲ ذﻛ ﺮا اﻷوﻗ ﺎت اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ ﺑﺤﺮﻛ ﺔ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﺤ ﺴﺐ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺮاﺑﻊ ذﻛﺮًا وﻗﺘﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ‪.‬‬

‫وإﻟﯿﻜﻢ ﺟﻤﻠ ًﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ ﯾﺘﺪﺧﻞ ﻓِﻌْﻞ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬أو‬
‫ﻗﻮﻟﻮا ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻃﺮفٍ واﺣﺪٍ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺻ ﻼ َة ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ‬

‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻻ ﺻﻼ َة ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋ ﻦ ﺳ ﻌﺪ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ وﻗ ﺎص رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﺻ ﻼﺗﺎن ﻻ‬

‫ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ ﺑﻌ ﺪھﻤﺎ ‪ ،‬اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬واﻟﻌ ﺼﺮ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪ - 3‬ﻋﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻻ ﺻ ﻼة ﺑﻌ ﺪ‬

‫اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬وﻻ ﺻ ﻼة ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﯿ ﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن اﻷوﻻن ﺑﺘﻤﺎﻣﮭﻤ ﺎ‪ ،‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ـﺎﻟﺚ ﺑﺎﻹﺷ ﺎرة إﻟﯿ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟ ﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺆﻛﺪة[ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ]ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع[‪.‬‬

‫‪526‬‬
‫‪ - 4‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻧﮭﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺻ ﻼﺗﯿﻦ ‪ :‬ﺑﻌ ﺪ اﻟﻔﺠ ﺮ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ‪ ،‬وﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ« رواه اﻟﺒﺨﺎري ‪.‬‬

‫ﻞ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ ﻃ ﺮف ﻛ ﻞ واﺣ ﺪ‬ ‫ذﻛﺮت ھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ ﯾﺘﺪﺧﻞ ﻓِ ْﻌ ُ‬
‫ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وھ ﻮ اﻟﻄ ﺮف اﻷول ﻣ ﻦ ﻛ ﻞ ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬وﻧﻌﻨ ﻲ ﺑ ﺬﻟﻚ أن وﻗ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ اﻷول ﯾﺒ ﺪأ ﻋﻘ ﺐ ﻓ ﺮاغ‬
‫ن ھﻮ ﺗﻘﺪﱠم ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ أو ﺗﺄﺧﺮ ﻓﺈن اﻟﻮﻗﺖ ﯾﻌﻘ ﺐ ﺻ ﻼﺗﮫ‬ ‫اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ھﻮ ﻟﻠﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﺈ ْ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن وﻗﺖ اﻟﻨﮭﻲ ﻃﻮﯾﻼً ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وﯾﻜﻮن ﻗ ﺼﯿﺮًا ﻓ ﻲ اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا‬
‫اﻟﻄﻮل وھ ﺬا اﻟﻘ ﺼﺮ ﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﻨﮭ ﻲ إﻧﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﺑﻔﻌ ﻞ اﻟ ُﻤ ﺼﻠﱢﻲ ﻧﻔ ﺴﮫ‪ ،‬وﻗ ﻞ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ ﺑﺨ ﺼﻮص وﻗ ﺖ‬
‫اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒـﺪأ ﻋﻘﺐ ﻓﺮاغ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ھﻮ ﻟﻠﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺈن ھﻮ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‬
‫أو ﺗﺄﺧﺮ ﻓﺈن اﻟﻮﻗﺖ ﯾﻌﻘﺐ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻄﻮل وﯾﻘﺼﺮ ﺗﺒﻌًﺎ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﯾﺤ ﺪﱢد اﻟﻄ ﺮف‬
‫اﻷول ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻲ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ‪.‬‬

‫وإﻟﯿﻜﻢ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ذﻛﺮ ھﺬﯾﻦ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ ﺑﺤﺮﻛ ﺔ اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫ﺴَﻠﻤِﻲ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬أي أن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗـﺪ ﺟﻤﻊ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭ ﻲ ﻛﻠﮭ ﺎ‪ :‬ﻋ ﻦ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺴﺔ اﻟ ﱡ‬
‫ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »‪ ...‬ﻓﻘﻠﺖ ‪ :‬ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺎ ﻋﻠﱠﻤﻚ اﷲ وأﺟﮭﻠﮫ‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﺻ ﻞﱢ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺛﻢ أﻗﺼﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺮﺗﻔ ﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻄﻠ ﻊ ﺣ ﯿﻦ ﺗﻄﻠ ﻊ ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن ‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻟﮭ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺻ ﱢﻞ ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﺸﮭﻮدة ﻣﺤ ﻀﻮرة ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻘﻞ‬
‫ﺠ ُﺮ ﺟﮭ ﻨﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أﻗﺒ ﻞ اﻟﻔ ﺊ ﻓ ﺼ ﱢﻞ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﻟ ﺼﻼة‬
‫ﺴَ‬‫اﻟﻈﻞ ﺑﺎﻟﺮﻣﺢ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺼﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﺈنﱠ ﺣﯿﻨﺌﺬ ُﺗ ْ‬
‫ﻣﺸﮭﻮدة ﻣﺤﻀﻮرة ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﺼﺮ ﻋﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻐ ﺮب‬
‫ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌ ﺬ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻟﮭ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‬
‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛ ﺪة[ ﻣ ﻦ ھ ﺬا اﻟﻔ ﺼﻞ ]ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع[‪ .‬وروى أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ اﻟﻤﻌﻄّﻞ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ‪.‬‬

‫وﻟﺘﻮﺿﯿﺢ اﻟﻤﻮﺿﻮع أﻛﺜﺮ أﻗﻮل إن ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم واﻟﻠﯿﻠﺔ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺣﺘﻰ ﯾﻈﮭﺮ ﻃﺮف اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻌﻠﻮي ﻋﻨ ﺪ اﻟﺒ ﺰوغ ‪،‬‬
‫وھﺬا ﻣﻤﺎ ﯾﺘﺪﺧﻞ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﯾﺪ أﺣﺪ ﻃﺮﻓﯿﮫ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻄﺮف اﻷول‪.‬‬

‫ﺾ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﻦ اﻷوﻗ ﺎت اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘ ﺔ‬

‫‪ - 2‬ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺒ ﺪأ ﺑ ﺰوغ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺮﺗﻔ ﻊ وﺗﺒ ﯿ ﱠ‬
‫ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﺗﺒﻠ ﻎ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟ ﺴﻤﺎء ‪ ،‬وھ ﻮ وﻗ ﺖ ﻗ ﺼﯿﺮ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﻦ اﻷوﻗ ﺎت اﻟﺜﻼﺛ ﺔ‬
‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﺑﻌ ﺪﻣﺎ ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﯾﺒ ﺪأ اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ اﻟ ﺬي ﯾﺘ ﺪﺧﻞ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﯾ ﺪ‬
‫ﻃﺮﻓﮫ اﻷول‪.‬‬

‫‪ - 5‬ﻋﻨﺪ اﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ ﯾﺒﺪأ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﺮﻛ ﺔ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﺤ ﺴﺐ‪،‬‬
‫وﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﻐﯿﺎب ﻃﺮف اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻌﻠﻮي وراء اﻷﻓﻖ اﻟﻐﺮﺑﻲ‪.‬‬

‫وإن ﻧﺤﻦ أﺣﺒﺒﻨﺎ دﻣﺞ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ - 1‬اﻟﻮﻗﺖ اﻷول ﯾﺒﺪأ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﯾ ﺼﻠﻲ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وﯾﻤﺘ ﺪ إﻟ ﻰ ارﺗﻔ ﺎع اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫واﺑﯿﻀﺎﺿﮭﺎ‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫‪ - 2‬اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﺒ ﺪأ ﻣ ﻦ ﺗﻮﺳ ﻂ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ﻲ ﻣﻨﺘ ﺼﻒ اﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬وﯾﻨﺘﮭ ﻲ ﺑﻤﯿ ﻞ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻧﺤ ﻮ‬
‫ﻼ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻐﺮب وﻟﻮ ﻗﻠﯿ ً‬

‫‪ - 3‬اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﺒﺪأ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وﯾﻤﺘ ﺪ إﻟ ﻰ أن ﯾﻐﯿ ﺐ ﻗ ﺮص‬
‫اﻟﺸﻤﺲ ﻛﻠﮫ ﺧﻠﻒ اﻷﻓﻖ اﻟﻐﺮﺑ ﻲ‪ ،‬وھ ﺬا اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ أﺳ ﮭﻞ وأوﺿ ﺢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨ ﺎ ﻧُﺒﻘ ﻲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺮﺗﯿ ﺐ اﻷول‬
‫ﻻﺧﺘﻼف اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮫ‪.‬‬

‫واﻟﺬي أراه وأرﺟﱢﺤﮫ أن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﺤﺴﺐ ﺣﺮام‬
‫وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻜﺮوھﺔ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وأن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻣﻜﺮوھﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﺣﺮاﻣًﺎ‪ .‬أي أن اﻟﺼﻼة‬
‫ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت ‪ 5 ،3 ،2‬ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ اﻷول ﺣﺮام‪ ،‬وأن اﻟﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟ ﻮﻗﺘﯿﻦ اﻟﺒ ﺎﻗﯿﯿﻦ ‪ 4 ،1‬ﻣﻜﺮوھ ﺔ ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺑ ﺪء ﺑ ﺰوغ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻣﻜﺮوھ ﺔ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻦ‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ اﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ ﻓﮭﻲ أﯾﻀ ًﺎ ﻣﻜﺮوھﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ ﺣﺮام‪ ،‬أﻋﻨﻲ ﻋﻨ ﺪ ﺑ ﺪء اﻟﺒ ﺰوغ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺮﺗﻔ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫وﺗﺒﯿﺾﱠ‪ ،‬وﻋﻨﺪ اﺳﺘﻮاء اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓ ﻲ وﺳ ﻂ اﻟ ﺴﻤﺎء ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪ اﺻ ﻔﺮار اﻟ ﺸﻤﺲ وﺗ ﺪﻟﱢﯿﮭﺎ ﻟﻠﻐ ﺮوب ﺣﺘ ﻰ‬
‫ن اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ذﻛ ﺮت‬ ‫ﺗﻐﺮب‪ ،‬ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬه اﻷوﻗﺎت ﺣﺮام ﻻ ﺗﺠﻮز‪ .‬أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ھﺬا وذاك‪ ،‬ﻓﻸ ﱠ‬
‫اﻟ ﻮﻗﺘﯿﻦ اﻗﺘ ﺼﺮت ﻋﻠ ﻰ ﻣﺠ ﺮد اﻟﻨﮭ ﻲ دون أﯾ ﺔ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮف اﻟﻨﮭ ﻲ إﻟ ﻰ اﻟﺘﺤ ﺮﯾﻢ »ﻻ ﺻ ﻼة ﺑﻌ ﺪ‬
‫ﺻﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ...‬وﻻ ﺻ ﻼة ﺑﻌ ﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ«‪» .‬ﺻ ﻼﺗﺎن ﻻ ُﯾ ﺼﻠﱠﻰ ﺑﻌ ﺪھﻤﺎ‪ ،‬اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬واﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ« ‪» .‬ﻻ ﺻﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﺼﺒﺢ‪ ...‬وﻻ ﺻﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ« ‪» .‬ﻧﮭﻰ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺠﺮ ‪ ...‬وﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ .«...‬ﻓﺎﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ ﻻ‬
‫ﺗﻮﺟ ﺪ ﻣﻌ ﮫ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺗ ﺼﺮﻓﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻮﺟ ﻮب‪ ،‬ﻓﯿﻈ ﻞ ﻧﮭﯿ ًﺎ دون ﻗﺮﯾﻨ ﺔ وﺟ ﻮب‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗﺒﻘ ﻰ إﻻ اﻟﻜﺮاھ ﺔ‪،‬‬
‫وأﯾﻀﺎً ھﻨﺎك ﻧﺺ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه‬‫»ﻻ ﯾُﺼﻠﱠﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ إﻻ أن ﺗﻜﻮن اﻟ ﺸﻤـﺲ ﺑﯿ ﻀﺎء ﻣﺮﺗﻔﻌ ﺔ« رواه اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ‬
‫اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ وﻟﻔﻈﮫ »ﻻ ﺗﺼﻠﱡﻮا ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ إﻻ أن ﺗﺼﻠﱡﻮا واﻟﺸﻤﺲ ﻧﻘﯿﺔ«‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻻﺑﻦ ُ‬
‫وأﺑ ﻲ داود وأﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻻ ﺗ ﺼﻠﱡﻮا ﺑﻌ ﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ إﻻ أن ﺗ ﺼﻠﱡﻮا واﻟ ﺸﻤﺲ ﻣﺮﺗﻔﻌ ﺔ«‪ .‬ﻓﮭ ﻲ ﻗﺮﯾﻨ ﺔ‬
‫ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﺼﺮف اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮب‪ ،‬وﻣﻤﺎ ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬا اﻟﻔﮭﻢ ﻣﺎ رواه رﺑﯿﻌ ﺔ ﺑ ﻦ دراج »أن ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ‬
‫أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺳﺒﺢ ﺑﻌﺪ اﻟﻌ ﺼﺮ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﻓ ﻲ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻣﻜ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺮآه ﻋﻤ ﺮ ﻓﺘﻐ ﯿﱠﻆ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫ﺖ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻧﮭ ﻰ ﻋﻨﮭﻤ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ﻓﻘ ﺪ دل ھ ﺬا‬ ‫ﻗ ﺎل‪َ :‬أ َﻣ ﺎ واﷲ ﻟﻘ ﺪ ﻋﻠﻤ َ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ اﺟﺘﮭﺎد ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻌﺪم ﺣﺮﻣﺔ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﻻ ﺳﯿﻤﺎ وأﻧ ﮫ َﻓ َﻌ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﺑﺎﻟﻨﮭﻲ‪ ،‬وﻟﻮ ﻓﮭﻢ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻟﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ ﻣ ﺎ ﻓﻌ ﻞ‪ .‬ھ ﺬا ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻠ ﺼﻼة ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻌﺼﺮ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﻼة ﻋﻘﺐ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﻓﺈن ﻣﻤﺎ ﯾﺸﮭﺪ ﻟﻔﮭﻤﻨﺎ ﻣﺎ رواه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻲ ﺑﻦ ﯾﻌﻠ ﻰ‬
‫ﺑﻦ أﻣﯿﺔ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »رأﯾﺖ ﯾﻌﻠﻰ ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ رﺟ ﻞ أو‬
‫ﻗﯿ ﻞ ﻟ ﮫ‪ :‬أﻧ ﺖ رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎب رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗ ﺼﻠﻲ ﻗﺒ ﻞ أن ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﯾﻌﻠ ﻰ‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘﻮل‪ :‬إن اﻟﺸﻤﺲ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻗﺎل ﻟﮫ ﯾﻌﻠﻰ‪ :‬ﻓﺄن ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ وأﻧ ﺖ‬
‫ﻓ ﻲ أﻣ ﺮ اﷲ ﺧﯿ ٌﺮ ﻣ ﻦ أن ﺗﻄﻠ ﻊ وأﻧ ﺖ ﻻ ٍه« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﯾﺒﻌ ﺪ أن ﯾﻜ ﻮن ﯾﻌﻠ ﻰ ھﻨ ﺎ ﺻ ﻠﱠﻰ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺻﻠﻰ ھﻨﺎ ﺗﻄﻮﻋ ًﺎ وإﻻ ﻟﻤ ﺎ ﻗ ﺎل ﻣ ﺎ ﻗ ﺎل‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ اﺟﺘﮭ ﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻛﻤ ﺎ اﺟﺘﮭ ﺪ ﻋﻠ ﻲ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ وﻗﺘﻲ اﻟﻨﮭﻲ ھﻮ ﻧﮭﻲ ﻏﯿﺮ ﺟﺎزم‪.‬‬

‫ھﺬا ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻜﺮاھ ﺔ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬وﻋﻘ ﺐ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬ﻓ ﻲ ﺣ ﯿﻦ أﻧﻨ ﺎ ﻧﺠ ﺪ‬
‫اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﻋﻨ ﺪ اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻷوﻗ ﺎت اﻟﺜﻼﺛ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻟﮭ ﺎ ﺗﻌﱡﻠ ﻖ ﺑﺤﺮﻛ ﺔ اﻟ ﺸﻤﺲ ﻓﺤ ﺴﺐ‪.‬‬

‫‪528‬‬
‫ث ﺳﺎﻋﺎت ﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ‬ ‫ﻓﺒﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻣﺎ أوردﻧﺎه ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﺑﮭﺬا اﻟﺨﺼﻮص ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ »ﺛﻼ ُ‬
‫‪ r‬ﯾﻨﮭﺎﻧ ﺎ أن ﻧ ﺼﻠﻲ ﻓ ﯿﮭﻦ أو أن ﻧﻘﺒ ﺮ ﻣﻮﺗﺎﻧ ﺎ‪» .«...‬إن اﻟ ﺸﻤﺲ ﺗﻄﻠ ﻊ ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن‪ ،‬ﻓ ﺈذا‬
‫ارﺗﻔﻌﺖ ﻓﺎرﻗﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺴﻤﺎء ﻗﺎرﻧﮭﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا َد َﻟ َﻜ ﺖ أو ﻗ ﺎل زاﻟ ﺖ ﻓﺎرﻗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈذا دﻧ ﺖ‬
‫ﻟﻠﻐﺮوب ﻗﺎرﻧﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻏﺮﺑﺖ ﻓﺎرﻗﮭﺎ‪» .«...‬ﻻ ﺗﺘﺤ ﱠﺮوْا ﺑﺼﻼﺗﻜﻢ ﻃﻠ ﻮع اﻟ ﺸﻤﺲ وﻻ ﻏﺮوﺑﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺗﻄﻠﻊ ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن‪» . «...‬ﻻ ﺗ ﺼﻠﱡﻮا ﺣ ﯿﻦ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ وﻻ ﺣ ﯿﻦ ﺗ ﺴﻘﻂ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗﻄﻠ ﻊ ﺑ ﯿﻦ‬
‫ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن وﺗﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن« ‪ ...» .‬ﺛﻢ َأ ْﻗﺼِﺮ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻄﻠ ﻊ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺣﺘ ﻰ‬
‫ﺗﺮﺗﻔﻊ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﺣﯿﻦ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن‪ ،‬وﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﺴﺠﺪ ﻟﮭﺎ اﻟﻜﻔﺎر‪ ... ،‬ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺘﻘﻞ اﻟﻈ ﻞ‬
‫ﺴﺠَﺮ ﺟﮭ ﻨﻢ ‪ ...،‬ﺛ ﻢ أَﻗْ ﺼِﺮ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐ ﺮب‬ ‫ﺑﺎﻟﺮﻣﺢ‪ ،‬ﺛﻢ َأ ْﻗﺼِﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺈن ﺣﯿﻨﺌ ٍﺬ ُﺗ ْ‬
‫اﻟﺸﻤﺲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻐﺮب ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن وﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾ ﺴﺠﺪ ﻟﮭ ﺎ اﻟﻜﻔ ﺎر‪ .«...‬أﻻ ﺗﻼﺣﻈ ﻮن ﻣﻌ ﻲ ﻛﯿ ﻒ‬
‫أﺧﺬ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻨﺤﻰً آﺧﺮ؟ ﻓﻘﺪ ﺟﺎء اﻟﻨﮭﻲ ﻣﻘﺘﺮﻧﺎً ﺑﻘ ﺮاﺋﻦ وأﻣ ﺎرات‬
‫داﱠﻟ ﺔٍ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺠ ﺰم‪ ،‬ﻓﻔ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻗ ﺎل »أو أن ﻧﻘﺒ ﺮ ﻣﻮﺗﺎﻧ ﺎ«‪ ،‬رﻏ ﻢ أن ﻗﺒ ﺮ اﻟﻤﯿ ﺖ ﻓ ﺮض‪،‬‬
‫واﻹﺳ ﺮاع ﻓ ﻲ ﻗﺒ ﺮه ﻓ ﺮض ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻟ ﻮﻻ وﺟ ﻮد ﻣ ﺎﻧﻊ ﺟ ﺎزم ﻟﻮﺟ ﺐ ﻗﺒ ﺮ اﻟﻤ ﻮﺗﻰ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ اﻟﻮﻗ ﺖ‬
‫وﺑﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﺗﺄﺧﯿﺮ اﻟﺪﻓﻦ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻟﻠﻮﺟﻮب‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻧﻼﺣﻆ ِذ ْﻛ َﺮ‬
‫اﻗﺘﺮان ﻗﺮﻧ ﻲ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﺑﮭ ﺬه اﻷوﻗ ﺎت اﻟﺜﻼﺛ ﺔ‪ ،‬وﻓ ﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ‪ -‬وﻗ ﺪ َذ َﻛ ﺮ وﻗﺘ ﯿﻦ ﻣ ﻦ ھ ﺬه‬
‫اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ‪ -‬ذَﻛَﺮ أﯾﻀًﺎ اﻗﺘﺮاﻧﮭﻤﺎ ﺑﻘﺮﻧﻲ اﻟﺸﯿﻄﺎن‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ‪ .‬أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻘﺪ ُذﻛِﺮ اﻗﺘﺮان ﻗﺮﻧﻲ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﺑﻮﻗﺘﯿﻦ‪ ،‬و ُذﻛِﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﺠ ُﺮ ﺟﮭ ﻨﱠﻢ واﻟﻌﯿ ﺎذ ﺑ ﺎﷲ‪،‬‬
‫ﻓﮭﺬه ﻗﺮاﺋﻦ وأﻣﺎرات واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻧﮭﻲ ﺟﺎزم ﻓﻲ ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ‪.‬‬

‫وأﺿﯿﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ رُوي ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬

‫ﯾﻘﻮل‪ :‬ﺗﻠﻚ ﺻﻼة اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ‪ ،‬ﯾﺠﻠﺲ ﯾﺮﻗﺐ اﻟ ﺸﻤﺲ ﺣﺘ ﻰ إذا ﻛﺎﻧ ﺖ ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ اﻟ ﺸﯿﻄﺎن ﻗ ﺎم ﻓﻨﻘﺮھ ﺎ‬
‫أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﻻ ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ ﻓﯿﮭ ﺎ إﻻ ﻗﻠ ﯿﻼً« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻷﺣﻤ ﺪ‬
‫وﻣﺎﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﻧ ﺲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﯾ ﻀًﺎ ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺗﻠ ﻚ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﯾﺠﻠ ﺲ‬
‫أﺣﺪھﻢ ﺣﺘﻰ إذا اﺻ ﻔﺮﱠت اﻟ ﺸﻤﺲ وﻛﺎﻧ ﺖ ﺑ ﯿﻦ ﻗﺮﻧ ﻲ ﺷ ﯿﻄﺎن ﻗ ﺎم ﻧﻘ ﺮ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﻻ ﯾ ﺬﻛﺮ اﷲ ﻓﯿﮭ ﺎ إﻻ‬
‫ع اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ‬ ‫ﻗﻠﯿﻼً«‪ .‬وﻷﺣﻤﺪ رواﯾﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﻧﺲ ﺑﻠﻔﻆ »أﻻ أﺧﺒ ﺮﻛﻢ ﺑ ﺼﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻖ؟ َﯾ َﺪ ُ‬
‫إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺑﯿﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﯿﻄﺎن‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻧﻲ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻗﺎم ﻓﻨﻘﺮھﺎ ﻧﻘﺮات اﻟﺪﯾﻚ‪ ،‬ﻻ ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ‬
‫ﻗﻠﯿﻼً«‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻧﻘﺮھﺎ ﻧﻘﺮات اﻟﺪﯾﻚ‪ :‬أي أﺳﺮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺄﺧﺮه‪.‬‬

‫ﻓﻔﻲ ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺎت ﺟ ﺎءت ﻗﺮﯾﻨ ﺔ ﺟﺪﯾ ﺪة ﻣ ﻀﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ھ ﻲ ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ »ﺗﻠ ﻚ‬

‫ﺻﻼة اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ« وﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿ ﺔ »ﺗﻠ ﻚ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات«‪ .‬وﻗ ﺪ ذﻛﺮھ ﺎ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻓ ﻲ‬
‫رواﯾﺘﮫ ھﻜﺬا »ﺗﻠ ﻚ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺗﻠ ﻚ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺗﻠ ﻚ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ«‪ .‬وﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ »أﻻ أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﺼﻼة اﻟﻤﻨﺎﻓﻖ؟«‪ .‬ﻓﺄي وﺻﻒ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺬم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻮﺻﻒ؟‬

‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ إﻟﻰ أن اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﺗﺒ ﺪأ اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﺮوق ‪ ،‬وﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻔ ﱠﺮ اﻟ ﺸﻤﺲ ھ ﻮ ﻧﮭ ﻲ ﻏﯿ ﺮ ﺟ ﺎزم ‪،‬‬
‫وﺗﻜﻮن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ ﻣﻜﺮوھ ﺔ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬وإﻟ ﻰ أن اﻟﻨﮭ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻋﻨ ﺪ ﺷ ﺮوق اﻟ ﺸﻤﺲ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺮﺗﻔﻊ وﺗﺒﯿﺾ‪ ،‬وﻋﻨﺪ اﺳﺘﻮاﺋﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﯿﻞ ﻋﻦ ﻗﺒ ﺔ اﻟ ﺴﻤﺎء‪ ،‬وﻋﻨ ﺪ ﺗ ﺪﻟﱢﯿﮭﺎ ﻟﻠﻐ ﺮوب ﺣﺘ ﻰ ﺗﻐﯿ ﺐ‬
‫ھﻮ ﻧﮭﻲ ﺟﺎزم‪ ،‬وﺗﻜﻮن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬه اﻷوﻗﺎت ﺣﺮاﻣﺎً ﻻ ﺗﺠﻮز‪ ،‬ﻓﻔﻲ أوﻗﺎت اﻟﻨﮭﻲ اﻟﺠﺎزم‪ ،‬أي ﻓﻲ‬
‫أوﻗﺎت ﺗﺤ ﺮﯾﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤ ﺴﻠﻢ أن ﯾ ﺼﻠﻲ أﯾ ﺔ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬ﻻ ذات ﺳ ﺒﺐ وﻻ ﻣ ﺎ ﻟ ﯿﺲ ﻟﮭ ﺎ ﺳ ﺒﺐ‪،‬‬
‫ﻓﺘﺤﯿ ﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﺳ ﺠﺪة اﻟ ﺘﻼوة ﻛ ﺼﻼة اﻻﺳ ﺘﺨﺎرة وﺻ ﻼة اﻻﺳﺘ ﺴﻘﺎء ﻻ ﯾﺠ ﻮز أداؤھ ﺎ ﻓ ﻲ ھ ﺬه‬
‫اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬ﻷن أداءھﺎ ﻣﻨﺪوب واﻟﺼﻼة ﻓﻲ ھﺬه اﻷوﻗﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺣ ﺮام‪ ،‬ﻟﮭ ﺬا ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻹﺗﯿ ﺎن‬
‫ھﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻨﺪوب ﺑﺎرﺗﻜﺎب اﻟﺤﺮام‪ ،‬أﻣـﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﻲ اﻟﻨﮭﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﺠﺎزم‪ ،‬أي ﻓﻲ وﻗﺘﻲ ﻛﺮاھﺔ اﻟﺼﻼة ﻓ ﺈن‬
‫ھﺬه اﻟﻨﻮاﻓﻞ إن ﻛﺎﻧﺖ ذوات أﺳﺒﺎب‪ ،‬ﻛﺘﺤﯿﺔ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف وﺳ ﺠﺪة اﻟ ﺘﻼوة‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﺗُ ﺆدﱠى‬
‫وﻻ ﻛﺮاھﺔ‪ ،‬ﻷن أوﻗﺎﺗﮭﺎ ﻗﺪ ﺣﻠﱠﺖ ﺑﮭﺬﯾﻦ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ ‪ ،‬وھﻲ ﻣﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬واﻟﻮﻗﺘﺎن وﻗﺘﺎ ﻛﺮاھﺔ‪ ،‬وإﻧﻲ ﻷرﺟﻮ‬

‫‪529‬‬
‫ب ﻗ ﻀﺎ ُء‬
‫ت اﻷﺳ ﺒﺎ ِ‬
‫ﻞ ذوا ِ‬
‫ﻞ اﻟﻨﻮاﻓ ِ‬
‫أن ﯾﺘﻐﻠﺐ اﻟﻤﻨﺪوب ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻜ ﺮوه وﯾﺜ ﺎب ﻓﺎﻋﻠ ﮫ إن ﺷ ﺎء اﷲ‪ .‬وﻣﺜ ُ‬
‫اﻟﻔﻮاﺋﺖ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬وﺣﺘﻰ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﻮﻗﺘﯿﻦ ﯾﺠﻮز ذﻟﻚ وﻻ ﻛﺮاھﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ﺎ اﻟ ﺼﻠﻮات اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻣﻤ ﺎ ﻻ ﺷ ﻚ ﻓ ـﯿﮫ أن ﺗ ﺄﺧﯿﺮ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﺣﺘ ﻰ ﯾﺒ ﺪأ ﻗ ﺮص‬

‫اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺎﻟﻈﮭﻮر ﺣﺮام‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ إﻟﻰ اﺻﻔﺮار اﻟﺸﻤﺲ وﺗﻀﱡﯿﻔِﮭﺎ ﻟﻠﻐ ﺮوب ﻋﻤ ﺪًا‬
‫ﻦ إن ﺑ ﺪأ اﻟﻤ ﺼﻠﻲ ﺑ ﺼﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‬ ‫ﻓﯿ ﮫ ﺗﻘ ﺼﯿﺮ ﯾﺤﺎﺳ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟﻌﺒ ﺪ‪ ،‬وإﻟ ﻰ ﻏﯿﺎﺑﮭ ﺎ ﺣ ﺮام ﻗﻄﻌ ﺎً‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫وﻃﻠﻌﺖ اﻟ ﺸﻤﺲ وھ ﻮ ﻻ زال ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻓ ﻼ إﺛ ﻢ‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ إن ھ ﻮ ﺑ ﺪأ ﺑ ﺼﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﺛ ﻢ اﺻ ﻔﺮﱠت‬
‫اﻟﺸﻤﺲ وﻏﺎﺑﺖ وھﻮ ﻻ زال ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻼ إﺛﻢ‪ ،‬وﺗﻘُﺒ ُﻞ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺻﻠﻰ رﻛﻌﺔ ﻣ ﻦ‬
‫ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻄﻠﻮع وﻗﺒﻞ اﻟﻐﺮوب‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ھﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ ﻓ ﻲ ﺑﺤﺜ ﻲ ]وﻗ ﺖ‬
‫ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ[ و ]وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ[ ﻓﺼﻞ ]اﻟﺼﻼة ‪ :‬ﺣﻜﻤﮭﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ[ ‪.‬‬

‫أﺣﻜﺎمٌ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺘﻄﻮﱡع‬

‫‪ -1‬ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺠﻠﻮس وﻻ اﻻﺿﻄﺠﺎع إﻻ ﻣﻦ ﺿﺮورة ﻛﻤ ﺮض أو ﻋﺠ ﺰ‪،‬‬
‫وأﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻓﯿﺠ ﻮز اﻟﺠﻠ ﻮس وﯾﺠ ﻮز اﻻﺿ ﻄﺠﺎع‪ ،‬ﺳ ﻮاء ﻛﺎﻧ ﺖ ھﻨ ﺎك ﺿ ﺮورة أو ﻟ ﻢ‬
‫ﺗﻜﻦ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻤﺘﻄﻮﱢع ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ ﻟ ﮫ ﻧ ﺼﻒ أﺟ ﺮ اﻟﻘ ﺎﺋﻢ‪ ،‬واﻟﻤﺘﻄ ﻮع ﻣ ﻀﻄﺠﻌًﺎ أو ﻧﺎﺋﻤ ﺎً ﻟ ﮫ ﻧ ﺼﻒ أﺟ ﺮ‬
‫اﻟﺠﺎﻟﺲ أو رﺑﻊ أﺟﺮ اﻟﻘﺎﺋﻢ‪ ،‬وﻟﮭﺬا ﻓﺈن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع أن ﺗُﺆدﱠى ﻛ ﺼﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﺑﺎﻟﻘﯿ ﺎم‬
‫ﻟﻤ ﻦ ﻗ ﺪر ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻷن اﻟﻤ ﺼﻠﻲ إﻧﻤ ﺎ ﯾﺒﺘﻐ ﻲ اﻟﺜ ﻮاب ﻓ ﻼ ﯾﺤ ﺮم ﻧﻔ ﺴﮫ ﻧ ﺼﻒ اﻷﺟ ﺮ أو ﺛﻼﺛ ﺔ أرﺑﺎﻋ ﮫ‬
‫ﺑﺼﻼﺗﮫ ﺟﺎﻟﺴﺎً أو ﻧﺎﺋﻤﺎً‪ .‬وإنﱠ ﻟﻨﺎ ﻓ ﻲ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟ ُﻘ ﺪو َة اﻟﺤ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻓﮭ ﻮ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻛ ﺎن‬
‫ﯾﺤﺮص داﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺼﻠﱢﮭﺎ ﺟﺎﻟ ﺴﺎً إﻻ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻛﺒ ﺮ وﺿ ﻌﻒ ﺟ ﺴﻤﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻟﻤﺎ ﺑﺪﱠن رﺳ ﻮ ُل اﷲ ‪ r‬وﺛﻘُ ﻞ ﻛ ﺎن أﻛﺜ ﺮ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﺣﻔﺼﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻣﺎ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻠﻰ ﻓﻲ ُ‬
‫ﺳﺒْﺤﺘﮫ ﻗﺎﻋ ﺪًا ﺣﺘ ﻰ ﻛ ﺎن ﻗﺒ ﻞ‬
‫وﻓﺎﺗﮫ ﺑﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺳُ ﺒْﺤﺘﮫ ﻗﺎﻋ ﺪاً‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﺑﺎﻟ ﺴﻮرة ﻓﯿﺮﺗﱢﻠﮭ ﺎ ﺣﺘ ﻰ ﺗﻜ ﻮن أﻃ ﻮ َل ﻣ ﻦ‬
‫ﺳ ﺒْﺤﺘﮫ‪ :‬أي ﺗﻄﻮﱡﻋ ﮫ ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺣﺘ ﻰ‬‫أﻃﻮ َل ﻣﻨﮭﺎ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ُ‬
‫ﺗﻜﻮن أﻃﻮل ﻣﻦ أﻃﻮل ﻣﻨﮭﺎ‪ :‬أي أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﺮأ وﯾﺮﺗﱢﻞ وﯾﻤﺪﱡ ﻓﻲ ﻗﺮاءﺗﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﻐ ﺪو اﻟ ﺴﻮرة اﻟﻤﻘ ﺮوءة‬
‫أﻃﻮل ﻣﻦ ﺳﻮرة أﻃﻮل ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻘﺮاءة ﻏﯿﺮه‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺣﺮﺻﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮع ﻗﺎﺋﻤ ﺎً وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﺿ ﻌﻒ أﻧ ﮫ ﻛ ﺎن‬
‫ﻣﻊ ﺻﻼﺗﮫ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﯾﺼﻠﻲ ﻣﺮات أﺧﺮى ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﯾﺘﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺷﻘﯿﻖ ﻗﺎل »ﺳ ﺄﻟﺖ‬
‫ﻼ‬ ‫ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﻋ ﻦ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋ ﻦ ﺗﻄﻮﱡﻋ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ ... :‬وﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻟ ﯿﻼً ﻃ ﻮﯾ ً‬
‫ﻼ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ وﻟ ﯿ ً‬
‫ﻃﻮﯾﻼً ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬وﻛ ﺎن إذا ﻗ ﺮأ وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ رﻛ ﻊ وﺳ ﺠﺪ وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ‪ ،‬وإذا ﻗ ﺮأ ﻗﺎﻋ ﺪًا رﻛ ﻊ وﺳ ﺠﺪ وھ ﻮ‬
‫ﻗﺎﻋ ﺪ ‪ «..‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ اﻟﻤ ﺬﻛﻮرة ھﻨ ﺎ ﻓ ﻲ‬
‫ﻄﺮِدة ‪ ،‬أﻋﻨﻲ ﺑﮭﺎ أﻧﮫ إذا ﻗﺮأ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ رﻛ ﻊ وﺳ ﺠﺪ وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ‪ ،‬وإذا ﻗ ﺮأ ﻗﺎﻋ ﺪًا رﻛ ﻊ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻏﯿﺮ ُﻣ ﱠ‬
‫وﺳﺠﺪ وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻏﯿﺮ ذﻟ ﻚ ﻣ ﺮات‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ‬
‫ﻦ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ‬ ‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أﻧﮭ ﺎ ﻟ ﻢ ﺗ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻠﯿ ﻞ ﻗﺎﻋ ﺪاً ﻗ ﻂ ﺣﺘ ﻰ أﺳ ﱠ‬
‫ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا أراد أن ﯾﺮﻛﻊ ﻗﺎم ﻓﻘﺮأ ﻧﺤ ﻮًا ﻣ ﻦ ﺛﻼﺛ ﯿﻦ آﯾ ﺔ أو أرﺑﻌ ﯿﻦ آﯾ ﺔ ﺛ ﻢ رﻛ ﻊ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ن ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن رﺳ ﻮل‬ ‫ﻆ ﺛﺎ ٍ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟﻚ ﺑﻠﻔ ٍ‬
‫اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ ﻓﯿﻘﺮأ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﻗﺮاءﺗ ﮫ ﻧﺤ ﻮٌ ﻣ ﻦ ﺛﻼﺛ ﯿﻦ آﯾ ﺔ أو أرﺑﻌ ﯿﻦ‬
‫آﯾﺔ ﻗﺎم ﻓﻘﺮأھﺎ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﻊ ﺛﻢ ﺳﺠﺪ ‪ ،‬ﯾﻔﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﺜ ﻞ ذﻟ ﻚ« ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺨﯿ ﺎر‬
‫ﺑﯿﻦ أن ﯾﺼﻠﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬وﺑﯿﻦ أن ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﺟﺎﻟﺴًﺎ وﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﻛﻼ اﻟﻔﻌﻠ ﯿﻦ ﻧُﻘ ﻼ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪.r‬‬

‫‪530‬‬
‫أﻣﺎ ﺟﻮاز ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﺟﺎﻟ ﺴﺎً وﻧﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬وﻧﻘ ﺼﺎن أﺟﺮھﻤ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﻤﺮان ﺑﻦ اﻟﺤُﺼﯿﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺎﻋ ﺪًا ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫إن ﺻﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﮭﻮ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﻣﻦ ﺻﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪًا ﻓﻠﮫ ﻧﺼﻒ أﺟﺮ اﻟﻘ ﺎﺋﻢ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﻧﺎﺋﻤ ﺎً ﻓﻠ ﮫ ﻧ ﺼﻒ‬
‫أﺟﺮ اﻟﻘﺎﻋﺪ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ ﺑﻨﺤﻮه‪ .‬وﯾُﺤﻤﻞ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ واﻟﺘﻄﻮع‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﯾُﺤﻤ ﻞ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‬
‫ي اﻟﻤﻌﺎﻓﻰ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﺮﯾﺾ إن ﻋﺠﺰ ﻋ ﻦ اﻟﻘﯿ ﺎم ﺳ ﻮاء ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ أو‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻘﻮ ﱢ‬
‫ﻼ وﺗﺠﺪون ﺑﺤﺚ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ‬ ‫اﻟﺘﻄﻮع ﻓﺼﻠﻰ ﺟﺎﻟﺴًﺎ أو ﻧﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬ﻓﺈن ﻟﮫ اﻷﺟﺮ ﻛﺎﻣ ً‬
‫]ﺻﻼة اﻟﻤﺮﯾﺾ[ ‪.‬‬

‫وإذا ﺻﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺟﺎﻟﺴًﺎ ﺻﻠﻰ ﻣﺘﺮﺑﻌًﺎ ﻻ ﻣﻔﺘﺮﺷًﺎ وﻻ ﻣﺘﻮرﱢﻛًﺎ‪ -‬واﻻﻓﺘﺮاش ھﻮ أن ﯾﺠﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى وﯾﻨﺼﺐ رﺟﻠﮫ اﻟﯿﻤﻨ ﻰ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺘ ﻮرﱡك ﻓﮭ ﻮ أن ﯾﻘ ﺪم رﺟﻠ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى ﻓﯿ ﻀﻌﮭﺎ ﺑ ﯿﻦ ﻓﺨ ﺬه‬
‫وﺳﺎﻗﮫ وﯾﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ إﻟﯿﺘﮫ ‪ ،-‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »رأﯾﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺰﺑﯿ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﻣﺘﺮﺑﻌ ًﺎ« رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬
‫»رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺪﻋﻮ ھﻜـﺬا ‪ ،‬ووﺿﻊ ﯾﺪﯾﮫ ﻋﻠﻰ رﻛﺒﺘﯿ ﮫ وھ ﻮ ﻣﺘﺮﺑ ٌﻊ ﺟ ﺎﻟﺲ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫إﻻ أﻧﮫ إن ﺻﻠﻰ ﻣﻔﺘﺮﺷ ًﺎ أو ﻣﺘﻮرﱢﻛ ًﺎ ﺟﺎز‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﺐ اﻟﺠﻠﻮس ﻣﺘﺮﺑﻌ ًﺎ‪.‬‬

‫‪ - 2‬إذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﺄﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‪ُ ،‬ﻛ ﺮه ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺸﺮع ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺘﻄﻮع‪ ،‬وﻟﻜﻦ إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﺪأ ﺑﺼﻼة اﻟﺘﻄﻮع ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﺎم اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ‪ ،‬ﺛﻢ أﻗﯿﻤﺖ اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ‬
‫ﻓﻠْﯿﺘﻤﱠﮭﺎ ﺧﻔﯿﻔﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺪﺧﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ دون ﺗﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ روى أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »إذا أﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻼ ﺻ ﻼة إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺪارﻣﻲ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ُﺑﺤَﯿﻨﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ﻼً‬
‫وﻗﺪ أﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻث ﺑﮫ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ :r‬اﻟﺼﺒﺢ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬اﻟﺼﺒﺢ أرﺑﻌﺎً؟« رواه اﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﻻث ﺑ ﮫ اﻟﻨ ﺎس‪ :‬أي‬
‫أﺣﺎﻃﻮا ﺑﮫ‪.‬‬

‫ن ﺻﻼةَ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻟﯿ ﺴﺖ ﻓﺮﺿ ًﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺼﺤﯿﺢ وإﻧﻤ ﺎ‬ ‫وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﺮاھﺔ وﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻓﻸ ﱠ‬
‫ھﻲ ﻣﻨﺪوﺑﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻨﺪوب‪ ،‬وﺗ ﺮك اﻟﻤﻨ ﺪوب ﻟ ﯿﺲ ﺣﺮاﻣ ﺎً‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿ ًﺎ ﻗ ﺪ‬
‫ﺳﺮْﺟﺲ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »أﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓ ﺮأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟ ً‬
‫ﻼ‬ ‫رُوي ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ َ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘ ﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ‪ :‬ﺑ ﺄي ﺻ ﻼﺗﻚ اﺣﺘ ﺴﺒﺖ‪ ،‬ﺑ ﺼﻼﺗﻚ وﺣ ﺪك أو ﺻ ﻼﺗﻚ اﻟﺘ ﻲ ﺻ ﻠﯿﺖ‬
‫ﻣﻌﻨﺎ؟« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ﻓﻘ ﺪ اﺣﺘ ﺴﺐ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟ ﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫ﺳ ﻨﱠﺔ ﺻ ﻼة اﻟ ﺼﺒﺢ ﻋﻨ ﺪ إﻗﺎﻣ ﺔ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ‬ ‫ﺻﻼﺗﯿﻦ‪ ،‬إﺣﺪاھﻤﺎ اﻟﺘ ﻲ ﺻ ﻼھﺎ وﺣ ﺪه‪ ،‬وھ ﻲ ُ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﮫ ھﺬه ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ وﻏﯿ ﺮ ﺟ ﺎﺋﺰة ﻟﻤ ﺎ اﺣﺘ ﺴﺒﮭﺎ وﻷﻣ ﺮه ﺑﺈﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻟ ﻢ ﯾﻔﻌ ﻞ دل ذﻟ ﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﺼﻼة ﻗﺪ ﻗُﺒﻠﺖ‪ .‬وأﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول »ﻓ ﻼ ﺻ ﻼة إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ«‬
‫ﻻ ھﻨ ﺎ ھ ﻲ اﻟﻨﺎھﯿ ﺔ وﻟﯿ ﺴﺖ ھ ﻲ اﻟﻨﺎﻓﯿ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻜ ﻮن ﻣﻌﻨ ﻰ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل‪ :‬ﻻ ُﺗ ﺼﻠﻮا إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ‬
‫ﻣﻌﻨﺎه‪ :‬ﻻ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﺻﻼة إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‪.‬‬

‫‪ - 3‬اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ اﻷﺻ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ أن ُﺗ ﺆدﱠى ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع‬
‫اﻷﺻﻞ ﻓﯿﮭﺎ أن ﺗُﺆدﱠى ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻷن أداءھﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت أﻓ ﻀﻞ وأﻋﻈ ﻢ ﺛﻮاﺑ ﺎً‪،‬‬
‫وھﺬا ﻛﻠﮫ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺈن ﺻﻼﺗﮭﻦ ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ واﻟﺘﻄ ﻮع ﺳ ﻮاء‪،‬‬
‫ﻟﻤ ﺎ روى اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ ﺗﻤﻨﻌ ﻮا ﻧ ﺴﺎءﻛﻢ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ وﺑﯿ ﻮﺗﮭﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬ﻓ ﺼﻼة اﻟﻨ ﺴﺎء ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﮭﻦ‬
‫ﺧﯿ ٌﺮ ﻟﮭ ﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮭﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﺠﺪُ ﻣﺴﺠﺪَ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻟﻤﺎ رُوي ﻋ ﻦ أم ُ‬
‫ﺣ َﻤ ْﯿ ٍﺪ‬
‫ﺣ َﻤ ْﯿ ٍﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ »أﻧﮭﺎ ﺟﺎءت اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﻲ أﺣ ﺐ‬ ‫اﻣﺮأة أﺑﻲ ُ‬

‫‪531‬‬
‫ﻚ ﺗﺤﺒ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻌ ﻲ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗُﻚ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻚ ﺧﯿ ﺮ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ‬ ‫ﺖ أﻧ ِ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻣﻌﻚ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗ ﺪ ﻋﻠﻤ ُ‬
‫ﺣﺠﺮﺗﻚ‪ ،‬وﺻﻼﺗُﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗﻚ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ دارك‪ ،‬وﺻﻼﺗُﻚ ﻓﻲ دارك ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﻚ‬
‫ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗﻮﻣ ﻚ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗُﻚ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗﻮﻣ ﻚ ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪي« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﺣﱠﺒﺎن‪ .‬واﻟﺤﺠﺮة ھﻨﺎ ھﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ أﻣﺎم اﻟﺒﯿﺖ‪ .‬واﻟﺒﯿﺖ ھﻮ ﻣﻜﺎن‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﻤﺒﯿﺖ‪ ،‬أي ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم‪ .‬وﻣﺤﺼﱢﻠﺔ ھﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ أن ﺻﻼة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻣﺨﺪﻋﮭﺎ ‪ -‬أي‬
‫ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻧﻮﻣﮭﺎ ‪ -‬أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬رﻏﻢ أن اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺗﻌﺪل أﻟﻒ ﺻﻼة‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه إﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام‪.‬‬

‫ﻧﻌ ﻮد إﻟ ﻰ أول اﻟﺒﺤ ﺚ ﻓﻨﻘ ﻮل‪ :‬إن ﺻ ﻼة اﻟﺘﻄ ﻮع ﻟﻠﺮﺟ ﺎل اﻷﺻ ﻞ ﻓﯿﮭ ﺎ أن ُﺗ ﺆدﱠى ﻓ ﻲ اﻟﺒﯿ ﻮت‬
‫وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬وإن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت أﻓﻀﻞ وأﺟﺰل ﺛﻮاﺑﺎً‪ ،‬وﻛﻲ ﻻ ﺗﻜ ﻮن اﻟﺒﯿ ﻮت ﻣﻘﻔ ﺮة ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻛﺎﻟﻘﺒﻮر‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻗ ﻀﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﺴﺠﺪه ﻓﻠﯿﺠﻌﻞ ﻟﺒﯿﺘﮫ ﻧﺼﯿﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓ ﺈن اﷲ ﺟﺎﻋ ٌﻞ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺧﯿ ﺮًا« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫وأﺣﻤﺪ‪ .‬وروى زﯾﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﻜﻢ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﺧﯿ ﺮ ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺮء ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻟﻔﻈ ﮫ »‪..‬‬
‫ﻓﺼﻠﱡﻮا أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺈن أﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة ﺻﻼ ُة اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ إﻻ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑ ﺔ«‪ .‬وﻋ ﻦ زﯾ ﺪ‬
‫ﺠﮭَﻨﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺻ ﻠﱡﻮا ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮﺗﻜﻢ وﻻ ﺗﺘﱠﺨ ﺬوھﺎ ﻗﺒ ﻮرًا«‬ ‫ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟ ُ‬
‫رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﻟﺒﺰﱠار‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬اﺟﻌﻠ ﻮا ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﯿﻮﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻜﻢ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﺨﺬوھﺎ ﻗﺒﻮرًا« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬ﻓ ﺼﻼةُ اﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ‬
‫ﺗﺆدﱠى ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أداﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وﻟﻮ ﻓﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ‬
‫ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أﯾﱡﻤ ﺎ أﻓ ﻀﻞ‪ ،‬اﻟ ﺼﻼ ُة ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻲ أو‬‫ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺳ ﻌﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﺄﻟ ُ‬
‫اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ؟ ﻗﺎل‪ :‬أﻻ ﺗﺮى إﻟﻰ ﺑﯿﺘﻲ ﻣ ﺎ أﻗﺮﺑ ﮫ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪َ ،‬ﻓ ﻸَن أُﺻ ﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻲ أﺣ ﺐ‬
‫ﻲ ﻣ ﻦ أن أُﺻ ﻠﱢﻲ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬إﻻ أن ﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔ« رواه اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود‬ ‫اﻟ ﱠ‬
‫واﻟﺘﺮﻣﺬي‪.‬‬

‫‪ - 4‬وﻛﻤﺎ ﯾﺠﻮز أن ﺗﺼﻠﱠﻰ اﻟﻨﺎﻓﻠ ُﺔ اﻧﻔﺮادﯾًﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﻮز أن ﺗﺼﻠﱠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔً‪ ،‬ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ ﻧﺎﻓﻠﺔ وأﺧ ﺮى‪،‬‬
‫ﻋﺘْﺒﺎن ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻷﻧﺼﺎري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻛﻨﺖ أُﺻﻠﱢﻲ ﻟﻘ ﻮﻣﻲ ﺑﺒﻨ ﻲ ﺳ ﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﯾﺤ ﻮل‬ ‫ﻓﻌﻦ ِ‬
‫ﻲ اﺟﺘﯿ ﺎزه ِﻗ َﺒ َﻞ ﻣ ﺴﺠﺪھﻢ‪ ،‬ﻓﺠﺌ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬ ‫ﺑﯿﻨ ﻲ وﺑﯿ ﻨﮭﻢ وا ٍد إذا ﺟ ﺎءت اﻷﻣﻄ ﺎر‪ ،‬ﻓﯿ ﺸﻖ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻓﻘﻠ ﺖ ﻟ ﮫ ‪ :‬إﻧ ﻲ أﻧﻜ ﺮت ﺑ ﺼﺮي‪ ،‬وإن اﻟ ﻮادي اﻟ ﺬي ﺑﯿﻨ ﻲ وﺑ ﯿﻦ ﻗ ﻮﻣﻲ ﯾ ﺴﯿﻞ إذا ﺟ ﺎءت اﻷﻣﻄ ﺎر‪،‬‬
‫ﻲ اﺟﺘﯿﺎزه ‪ ،‬ﻓﻮددت أﻧﻚ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﺘﺼﻠﻲ ﻣﻦ ﺑﯿﺘﻲ ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ أﺗﺨﺬه ﻣُﺼﻠﱠﻰ‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪:r‬‬ ‫ﻖ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻓﯿﺸ ﱡ‬
‫ﻲ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺷﺘﺪ اﻟﻨﮭﺎر‪ ،‬ﻓﺎﺳ ﺘﺄذن رﺳ ﻮل اﷲ‬ ‫ﺳﺄﻓﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻐﺪا ﻋﻠ ﱠ‬
‫‪ r‬ﻓﺄذﻧﺖ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﺠﻠﺲ ﺣﺘﻰ ﻗ ﺎل‪ :‬أﯾ ﻦ ﺗﺤ ﺐ أن أﺻ ﻠﻲ ﻣ ﻦ ﺑﯿﺘ ﻚ؟ ﻓﺄﺷ ﺮت ﻟ ﮫ إﻟ ﻰ اﻟﻤﻜ ﺎن اﻟ ﺬي‬
‫ﺐ أن أُﺻ ﻠﻲ ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ وﺻ ﻔﻔﻨﺎ وراءه‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﻢ‪ ،‬وﺳ ﻠﱠﻤﻨﺎ‬ ‫أﺣ ﱡ‬
‫ﺣﯿﻦ ﺳﻠﱠﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ اﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫ﺣ ﺮَا ٍم ﺧﻠﻔﻨ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‬ ‫»ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺑﯿ ﺖ أ ﱢم َ‬
‫ﺣ ﺮَام‪ ،‬ﻓﺄﻗ ﺎﻣﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ وأم َ‬
‫وأﺑﻮ داود‪ .‬وأم ﺣﺮام ھﻲ ﺧﺎﻟﺔ أﻧﺲ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎم ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ‬
‫ﯾ ﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻘﻤ ﺖ ﻓﺘﻮﺿ ﺄت ﻓﻘﻤ ﺖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺠ ﺬﺑﻨﻲ ﻓﺠﺮﱠﻧ ﻲ ﻓﺄﻗ ﺎﻣﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺛ ﻼث‬
‫ﻋﺸﺮة رﻛﻌﺔ‪ ،‬ﻗﯿﺎﻣُﮫ ﻓﯿﮭﻦ ﺳﻮاء« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻧـﻲ ﻋﺸـﺮ‬

‫‪532‬‬
 ‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‬
‫ﺣﻜﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻓﻀﻠﮭﺎ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺳﻨﺔ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ‪ ،‬وﺗﺘﺄﻛﺪ أﻛﺜﺮ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬وھﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻓ ﺮض ﻋ ﯿﻦ وﻻ‬
‫ﻓﺮض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻔﻘﮭﺎء‪ ،‬ﻣﺴﺘﺪﻟﯿﻦ ﻋﻠﻰ رأﯾﮭﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬ﻟ ﯿﺲ ﺻ ﻼ ٌة أﺛﻘ ﻞَ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺒْﻮاً‪ ،‬ﻟﻘﺪ ھﻤﻤ ﺖُ أن آﻣ ﺮ اﻟﻤ ﺆذن ﻓﯿﻘ ﯿﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ‬
‫اﻟﻔﺠﺮ واﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬وﻟﻮ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻷ َﺗﻮْھﻤـﺎ وﻟﻮ َ‬
‫ق ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ ﻻ ﯾﺨ ﺮج إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﺑﻌ ﺪ« رواه‬ ‫ﺣ ﱢﺮ َ‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ﻧ ﺎر ﻓ ُﺄ َ‬
‫ﺷ َﻌ ً‬
‫آﻣﺮ رﺟﻼً ﯾﺆم اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺛ ﻢ آﺧ َﺬ ُ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪.‬‬

‫ﻲ ‪ r‬رﺟ ٌﻞ أﻋﻤ ﻰ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧ ﮫ‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﺗ ﻰ اﻟﻨﺒ ﱠ‬
‫ﻟﯿﺲ ﻟﻲ ﻗﺎﺋﺪ ﯾﻘﻮدﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺴﺄل رﺳﻮ َل اﷲ ‪ r‬أن ﯾُﺮﺧﱢﺺ ﻟ ﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺮﺧﱠﺺ‬
‫ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ وﻟﻰ دﻋﺎه ﻓﻘﺎل‪ :‬ھﻞ ﺗﺴﻤﻊ اﻟﻨﺪاء؟ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻓﺄﺟﺐ« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻦ اﺑﻦ أم ﻣﻜﺘﻮم »أﻧﮫ ﺳﺄل اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻲ رﺟ ٌﻞ ﺿﺮﯾ ُﺮ اﻟﺒﺼﺮ ﺷﺎﺳ ﻊُ‬
‫اﻟﺪار‪ ،‬وﻟﻲ ﻗﺎﺋﺪ ﻻ ﯾﻼﺋﻤﻨﻲ‪ ،‬ﻓﮭﻞ ﻟﻲ رﺧﺼﺔ أن أُﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻲ؟ ﻗﺎل‪ :‬ھﻞ ﺗﺴﻤﻊ اﻟﻨﺪاء؟ ﻗﺎل‪ :‬ﻧﻌﻢ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻻ أﺟﺪ ﻟﻚ رﺧﺼﺔ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ ﺳ ﻤﻊ اﻟﻨ ﺪاء ﻓﻠ ﻢ ﯾُﺠ ﺐ ﻓ ﻼ‬

‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪.‬‬
‫ﺻﻼة ﻟﮫ إﻻ ﻣِﻦ ﻋﺬر« رواه اﺑﻦ ِ‬

‫ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭ ﺆﻻء إن ھ ﺬه اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗُﺤ َﻤ ﻞ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﻀﻮر ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وأﻧﮭ ﺎ‬

‫ن اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول‬ ‫ن ﺣﻘﯿﻘﺘُﮫ ﻏﯿ ُﺮ ﻣﺮادة‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﺑﺼﯿ ٍﻎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ .‬ﺛﻢ إ ﱠ‬
‫وردت ﻣﻮرد اﻟﺰﱠﺟﺮ‪ ،‬وأ ﱠ‬
‫ﺟ ﺎء ﻓ ﻲ اﻟﻤﻨ ﺎﻓﻘﯿﻦ وﻟ ﻢ ﯾ ﺄت ﻋﺎ ﱠﻣ ًﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ أول اﻟﺤ ﺪﯾﺚ »ﻟ ﯿﺲ ﺻ ﻼ ٌة أﺛﻘ َﻞ ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ« واﺿﺢ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل‪ .‬وﯾﺰﯾﺪ اﻷﻣ َﺮ وﺿﻮﺣ ًﺎ ﻣ ﺎ ﻗﺎﻟ ﮫ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻟﻘﺪ رأﯾﺘُﻨﺎ وﻣﺎ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة إﻻ ﻣﻨﺎﻓﻖ ﻗﺪ ﻋُﻠﻢ ﻧﻔﺎﻗﮫ أو ﻣﺮﯾﺾ‪ ،‬إن ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺮﯾﺾ‬
‫ﻟَﯿﻤﺸﻲ ﺑﯿﻦ رﺟﻠﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺼﻼة ‪ «...‬رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﻃﻮﯾﻞ‪ .‬وﻣﺎ رواه أﺑﻮ ﻋﻤﯿﺮ اﺑﻦ أﻧﺲ ﻗﺎل »ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻤﻮﻣﺘﻲ ﻣ ﻦ اﻷﻧ ﺼﺎر ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ :r‬ﻣﺎ ﯾ ﺸﮭﺪھﻤﺎ ﻣﻨ ﺎﻓﻖ‪ ،‬ﯾﻌﻨ ﻲ اﻟﻌ ﺸﺎء واﻟﻔﺠ ﺮ« رواه اﺑ ﻦ أﺑ ﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ‪ .‬ﻓ ﺄراد رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن‬
‫ﯾﮭﺪد اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﺸﮭﺪون اﻟﺼﻼة ﻣﻌﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ ذاك‪.‬‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﮭﻮ ﻛﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻣﻮﺿﻮﻋﮭﻤﺎ واﺣﺪ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ أﺣ ﺪھﻤﺎ ﯾﻨﻄﺒ ﻖ‬
‫ﻻ ﺑﻌ ﺪم ﺣ ﻀﻮر ﺻ ﻼة‬ ‫ﺧ ﺺ ﻟﻸﻋﻤ ﻰ أو ً‬ ‫ﻋﻠ ﻰ اﻵﺧ ﺮ‪ .‬ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﯾ ﺬﻛﺮ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ر ﱠ‬
‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺪل ﻋﻦ ذﻟﻚ وأوﻗﻒ اﻟﺘﺮﺧﯿﺺ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ واﺟﺒﺔ ﻟﻤﺎ رﺧﱠﺺ ﻋﻠﯿﮫ‬
‫ك ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ .‬أﻣ ﺎ ﻟﻤ ﺎذا ﻋ ﺪل ﺑﻌ ﺪ ذﻟ ﻚ ﻋ ﻦ‬ ‫اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ﻟﻸﻋﻤ ﻰ ﺑ ﺼﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد و َﺗ ْﺮ ِ‬
‫اﻟﺘﺮﺧﯿﺺ ﻟﮫ ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﯾُﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ آﺛﺮ ﺻﺎﺣﺒَﮫ اﻷﻋﻤﻰ ھﺬا ﺑﻔﻀﯿﻠﺔ ﺣﻀﻮر ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﺸﺪد‬
‫ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ﺣﻀﻮرھﺎ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺴﺎﺑﻘﻮن إﻟ ﻰ اﻟﺜ ﻮاب واﻟﻤﻨ ﺪوﺑﺎت‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ‬
‫ُرﺧﱢﺺ ﻟﮭﺬا اﻷﻋﻤﻰ ﺑﺘﺮك ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻓُﮭﻢ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ أن ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻛ ﺼﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‬
‫وﻻ ﻣﯿ ﺰة ﻟﮭ ﺎ ‪ ،‬ﻟﮭ ﺬا أﻣ ﺮ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ھ ﺬا اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﺘﻤ ﺴﻚ ﺑﺤ ﻀﻮر ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‬
‫وﺷﺪﱠد ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫وأﻣﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﯿُﺤﻤَﻞ ﻋﻠ ﻰ أنﱠ اﻟﻤ ﺮاد ﻣﻨ ﮫ ﻻ ﺻ ﻼة ﻛﺎﻣﻠ ﺔ‪ ،‬وﻟ ﯿﺲ ﻧﻔ ﻲ اﻟ ﺼﻼة ﺑﺎﻟﻜﻠﯿ ﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻤﻌﻠﻮم ﻓﻲ ﻋﻠﻢ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﮫ أن إﻋﻤﺎل اﻟﺪﻟﯿﻠﯿﻦ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ إھﻤﺎل أﺣﺪھﻤﺎ‪ ،‬وأن اﻟﻘﻮل ﺑﻌ ﺪم ﺗﻌ ﺎرض‬
‫اﻷدﻟﺔ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺘﻌﺎرﺿﮭﺎ‪ .‬ذﻟﻚ أن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﺪم‬
‫وﺟ ﻮب ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﻓﮭﻤﻨ ﺎ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﺜﻼﺛ ﺔ ھ ﺬه ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ داﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺮﺿ ﯿﺔ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﻀﻄﺮ ﻟﻠﻘﻮل ﺑﺘﻌﺎرض اﻷدﻟﺔ واﻟﻘﻮل ﺑﺈھﻤﺎل ﻗﺴﻢ ﻣﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﺬا ﻣ ﺎ ﻻ ﯾ ﺼﺢ اﻟﻠﺠ ﻮء‬
‫إﻟﯿﮫ إﻻ ﻋﻨﺪ ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺠﻤ ﻊ واﻟﺘﻮﻓﯿ ﻖ ﺑﯿﻨﮭ ﺎ‪ ،‬واﻹﻣﻜﺎﻧﯿ ﺔ ھﻨ ﺎ ﻣﻤﻜﻨ ﺔ وﻣﺘ ﻮﻓﺮة ﺑﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ذﻛ ﺮُه‪،‬‬
‫وھﺬه اﻷﺣﺎدﯾﺚ ھﻲ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳ ـﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل»ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة‬
‫أﺣﺪﻛﻢ وﺣﺪه ﺑﺨﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺟﺰءاً« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ﻋﻦ أُﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻮﻣ ًﺎ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﺷ ﺎھ ٌﺪ‬
‫ﻓ ﻼنٌ ؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﺷ ﺎھ ٌﺪ ﻓ ﻼن؟ ﻗ ﺎﻟﻮا‪ :‬ﻻ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬إن ھ ﺎﺗﯿﻦ اﻟ ﺼﻼﺗﯿﻦ أﺛﻘ ﻞ اﻟ ﺼﻠﻮات ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻮ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻷﺗﯿﺘﻤﻮھﻤﺎ وﻟﻮ ﺣﺒﻮاً ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛ ﺐ‪ ،‬وإن اﻟ ﺼﻒ اﻷول ﻋﻠ ﻰ ﻣﺜ ﻞ‬
‫ﺻﻒ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪ ،‬وﻟﻮ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﺎ ﻓﻀﯿﻠﺘﮫ ﻻﺑﺘﺪرﺗﻤﻮه‪ ،‬وإن ﺻﻼة اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ أزﻛﻰ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫وﺣﺪه‪ ،‬وﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ أزﻛﻰ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﺜﺮ ﻓﮭﻮ أﺣﺐ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ« رواه‬
‫أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﻋﻦ أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ‪» r‬أﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس أﺟﺮًا ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة أﺑﻌ ﺪھﻢ‬
‫ﻓﺄﺑﻌﺪھﻢ ﻣﻤﺸﻰ‪ ،‬واﻟ ﺬي ﯾﻨﺘﻈ ﺮ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم أﻋﻈ ﻢ أﺟ ﺮاً ﻣ ﻦ اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻨﺎم« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ اﻷﺳﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺣﺠﺠﻨ ﺎ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣﺠ ﺔ اﻟ ﻮداع‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ أو اﻟﻔﺠﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻢ اﻧﺤﺮف ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ أو اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﺎس ﺑﻮﺟﮭﮫ‪،‬‬
‫ﻲ‬
‫ﻓﺈذا ھﻮ ﺑﺮﺟﻠﯿﻦ ﻣﻦ وراء اﻟﻨﺎس ﻟﻢ ﯾﺼﻠﯿﺎ ﻣﻊ اﻟﻨ ﺎس ﻓﻘ ﺎل‪ :‬اﺋﺘ ﻮﻧﻲ ﺑﮭ ﺬﯾﻦ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺄُﺗ َ‬
‫ﺑﮭﻤﺎ ﺗﺮﻋﺪ ﻓﺮاﺋﺼُﮭﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻜﻤﺎ أن ﺗﺼﻠﯿﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس؟ ﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﱠﺎ ﻗﺪ ﻛﻨﺎ ﺻﻠﯿﻨﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺮﺣﺎل‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻼ‪ ،‬إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﮫ ﺛ ﻢ أدرك اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم ﻓﻠﯿ ﺼﻠﮭﺎ ﻣﻌ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﮫ ﻧﺎﻓﻠﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷول ﺟﻌ ﻞ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﺑﺨﻤ ﺲ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﻣ ﺮة‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ‬

‫ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻏﯿ ﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ وﻻ ﺟ ﺎﺋﺰة ﻟﻤ ﺎ ﻗﯿ ﻞ ﻣ ﺎ ﻗﯿ ﻞ‪ ،‬وھ ﺬا واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ﺻ ﻼة‬
‫اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‪ .‬واﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﯾﻘ ﻮل »إن ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣ ﻊ اﻟﺮﺟ ﻞ أزﻛ ﻰ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ وﺣ ﺪه« وﻻ ﯾﻘ ﺎل ھ ﺬا‬
‫اﻟﻘ ﻮل ﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻏﯿ ﺮ ﺟ ﺎﺋﺰة ‪ ،‬وھ ﺬا أﯾ ﻀﺎً واﺿ ﺢ اﻟﺪﻻﻟ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‪.‬‬
‫واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﻘﻮل »اﻟ ﺬي ﯾﻨﺘﻈ ﺮ اﻟ ﺼﻼة ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺼﻠﯿﮭﺎ ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم أﻋﻈ ﻢ أﺟ ﺮًا ﻣﻦ اﻟ ﺬي ﯾ ﺼﻠﻲ ﺛ ﻢ‬
‫ﯾﻨ ﺎم« ﻓ ﺎﻋﺘﺒﺮ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ أﻋﻈ ﻢ أﺟ ﺮاً ﻣ ﻦ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‪ ،‬وھ ﺬا ﯾﻌﻨ ﻲ اﺷ ﺘﺮاﻛﮭﻤﺎ ﻓ ﻲ اﻷﺟ ﺮ‪ ،‬وإﻻ‬
‫ﻟﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ ھ ﺬه اﻟﻤﻔﺎﺿ ﻠﺔ‪ .‬أﻣ ﺎ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺮاﺑ ﻊ ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »إذا ﺻ ﻠﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ رﺣﻠ ﮫ ﺛ ﻢ أدرك اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻊ‬
‫اﻹﻣ ﺎم ﻓﻠْﯿ ﺼﻠﮭﺎ ﻣﻌ ﮫ ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻟ ﮫ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ«‪ .‬ﻓﻘﻮﻟ ﮫ »إذا ﺻ ﻠﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓ ﻲ رﺣﻠ ﮫ« وﻗﻮﻟ ﮫ »ﻓﻠْﯿ ﺼﻠﱢﮭﺎ ﻣﻌ ﮫ‬
‫ﻓﺈﻧﮭ ﺎ ﻟ ﮫ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ« ﯾ ﺪﻻن ﻋﻠ ﻰ أ ﱠن ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻗ ﺪ ُﻗﺒِﻠ ﺖ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺻ ﻼھﺎ ﺑﻌﺪﺋ ﺬٍ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓ ﺈن ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﺗﻜ ﻮن ﻧﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬وھ ﺬا ﻣ ﻦ أوﺿ ﺢ اﻟ ﺪﻻﻻت ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺤﺔ ﺻ ﻼة اﻟﻤﻨﻔ ﺮد‪ ،‬إذ ﻟ ﻮ‬
‫ﻛﺎﻧ ﺖ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ واﺟﺒ ﺔ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺻ ﻼةُ اﻟﻤﻨﻔ ﺮد ﻏﯿ َﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟ ٍﺔ ﻻﻋُﺘ ِﺒ ﺮت ﺻ ﻼة اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ھ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ اﻟﻤﺆداة وﻟﯿﺲ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻞ‪ ،‬وھﺬا ﻇﺎھ ٌﺮ ﺟﺪاً‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫ن اﻟﻘﻮل ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻌﺎرض ﺑﯿﻦ اﻷدﻟﺔ ھﻨﺎ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﺟ ﻮد اﻟﺘﻌ ﺎرض‪،‬‬ ‫ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أﻗﻮل‪ :‬إ ﱠ‬
‫ﺤ َﻤ ُﻞ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻷرﺑﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻋﻠ ﻰ أﻧﮭ ﺎ ﺗﻌﻨ ﻲ ﻣﻄﻠ ﻖ اﻟﺤ ﺚ‪ ،‬وﻻ ﺗﻔﯿ ﺪ وﺟﻮﺑ ًﺎ وﻻ‬
‫وﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ُﺗ ْ‬
‫ﻓﺮﺿﺎً‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﺈن أﺣﺎدﯾﺚ ﻛﺜﯿﺮة ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺘﮭﺎ َﺗ ْﻔﻀُﻞ ﺻﻼة اﻟﻤﻨﻔﺮد ﺑﺨﻤﺲ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ‬
‫درﺟ ًﺔ أو ﺟﺰءًا أو ﺻﻼةً‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺎت‪ ،‬أذﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬ﺗَﻔْ ﻀُﻞ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﯿ ﻊ‬
‫ﺻ ﻼة أﺣ ﺪﻛﻢ وﺣ ﺪه ﺑﺨﻤ ﺲ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺟ ﺰءًا ‪ ،‬وﺗﺠﺘﻤ ﻊ ﻣﻼﺋﻜ ﺔ اﻟﻠﯿ ﻞ وﻣﻼﺋﻜ ﺔ اﻟﻨﮭ ﺎر ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة‬
‫ن ﻗ ﺮآن اﻟﻔﺠ ِﺮ ﻛ ﺎن ﻣ ﺸﮭﻮدًا« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري‬
‫اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻘ ﻮل أﺑ ﻮ ھﺮﯾ ﺮة‪ :‬ﻓ ﺎﻗﺮأوا إن ﺷ ﺌﺘﻢ‪ :‬إ ﱠ‬
‫وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫‪ -2‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﺻﻼة اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺗﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﮫ وﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﻓﻲ ﺳﻮﻗﮫ ﺧﻤﺴ ًﺎ وﻋﺸﺮﯾﻦ درﺟﺔ ‪ «..‬رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻓ ﻀﻠﺖ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟﻔ ﺬﱢ‬

‫ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺻﻼة اﻟﻔ ﱢﺬ ‪ :‬أي ﺻﻼة اﻟﻤﻨﻔﺮد‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ رﺟ ﻞ ﯾﺘﻮﺿ ﺄ‬

‫ﻂ ﺑﮭ ﺎ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﺣ ﱠ‬
‫ﻓﯿﺤﺴﻦ اﻟﻮﺿﻮء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾ ﺄﺗﻲ ﻣ ﺴﺠﺪًا ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻓﯿﺨﻄ ﻮ ﺧﻄ ﻮة إﻻ رُﻓ ﻊ ﺑﮭ ﺎ درﺟ ﺔ أو ُ‬
‫ن ﻓ ﻀﻞ ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‬ ‫ب ﺑ ﯿﻦ اﻟﺨُﻄ ﺎ‪ ،‬وإ ﱠ‬
‫ﺧﻄﯿﺌﺔ‪ ،‬وﻛﺘﺒﺖ ﻟﮫ ﺑﮭﺎ ﺣ ﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ إن ﻛﻨ ﺎ ﻟﻨﻘ ﺎر ُ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ وﺣﺪه ﺑﺨﻤﺲ وﻋﺸﺮﯾﻦ درﺟﺔ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪.‬‬

‫‪ -5‬وﻋﻨﮫ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬إن ﻧﺒ ﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل » ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤ ﻊ ﺗَﻔْ ﻀُ ُﻞ ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ‬

‫وﺣﺪه ﺧﻤﺴﺎً وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺿﻌﻔﺎً‪ ،‬ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺜﻞ ﺻﻼﺗﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺰﱠار واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫واﻧﻔﺮد اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﺮواﯾﺔ اﻟﺴﺒﻊ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻗﺎل » ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ َﺗ ْﻔ ُ‬
‫ﻀ ُﻞ ﺻ ﻼ َة اﻟﻔ ﱢﺬ ﺑ ﺴﺒﻊ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ درﺟ ﺔ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‬
‫وﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﻢ ﺗُﺮو ﻋﻦ ﺻﺤﺎﺑﻲ ﻏﯿﺮه ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ إﻻ ﻣ ﺎ ُﻧ ﺴﺐ ﻷﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫ن‬
‫رواﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ذﻛﺮ اﻟﺴﺒﻊ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﻨﺪھﺎ ﺷﺮﯾﻚ اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﻔﻈﮫ ﺿﻌﻒ‪ ،‬إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ أ ﱠ‬
‫ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻤﺲ واﻟﻌ ﺸﺮﯾﻦ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻤﺲ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ أﻛﺜﺮ‪ ،‬ﻓﮭﻲ أوﻟﻰ ﺑﺎﻷﺧ ﺬ‪ .‬ﻗ ﺎل اﻟﺘﺮﻣ ﺬي )ﻋﺎ ﱠﻣ ُﺔ َﻣ ﻦ روى ﻋ ﻦ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬إﻧﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا »ﺧﻤﺲ وﻋﺸﺮﯾﻦ« إﻻ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﺈﻧﮫ ﻗﺎل ﺑـ »ﺳﺒﻊ وﻋﺸﺮﯾﻦ«(‪.‬‬

‫وإنﱠ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ أن ﺛﻮاﺑﮭﺎ ﯾﻔﻀﻞ ﺛﻮاب اﻟﺘﱠﺼﺪق ﺑﺸﺎﺗﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن ﻧﺒﻲ اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻟﻮ أن أﺣﺪﻛﻢ ﯾﻌﻠﻢ أﻧﮫ إذا ﺷﮭﺪ اﻟﺼﻼة ﻣﻌﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮫ أﻋﻈﻢ ﻣ ﻦ‬
‫ﺷﺎة ﺳﻤﯿﻨﺔ أو ﺷﺎﺗﯿﻦ ﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﯾﺼﯿﺐ ﻣﻦ اﻷﺟﺮ أﻓﻀﻞ« رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وإن ﻓ ﻀﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻓ ﻀﻞ ﻛﺒﯿ ﺮ وﺛ ﻮاب ﻋﻈ ﯿﻢ ﺧﺎﺻ ﺔ ﺻ ﻼﺗﻲ اﻟﻔﺠ ﺮ واﻟﻌ ﺸﺎء‪ ،‬ﻓﻤ ﻦ ﺻ ﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﺸﺎء ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺎم ﻧﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‪ ،‬وﻣﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء واﻟﻔﺠﺮ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺎم اﻟﻠﯿﻞ ﻛﻠﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ‬
‫ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل »ﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻌ ﺸﺎء ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‬

‫‪535‬‬
‫ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ ﻗ ﺎم ﻧ ﺼﻒ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﺒﺢ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻓﻜﺄﻧﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ اﻟﻠﯿ ﻞ ﻛﻠ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺪارﻣﻲ وأﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫وﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻼة أو اﻟﻌﺮاء أﻋﻈﻢ أﺟﺮاً‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﺧﻤﺴﯿﻦ درﺟﺔ أي اﻟﻀﻌﻒ‪ ،‬ﻓﻌﻦ‬
‫أﺑﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﺗﺰﯾ ﺪ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺻ ﻼﺗﮫ وﺣ ﺪه ﺧﻤ ﺴﺎً وﻋ ﺸﺮﯾﻦ درﺟ ﺔ‪ ،‬وإن ﺻ ﻼھﺎ ﺑ ﺄرض ﻓ ﻼ ٍة ﻓ ﺄﺗ ﱠﻢ وﺿ ﻮءھﺎ ورﻛﻮﻋﮭ ﺎ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬ورواه اﻟﺤ ﺎﻛﻢ وأﺑ ﻮ داود‬
‫وﺳﺠﻮدھﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﺧﻤﺴﯿﻦ درﺟﺔ« رواه اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷ ﯿﺒﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺑﻠﻔ ﻆ »اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﺗﻌ ﺪل ﺧﻤ ﺴًﺎ وﻋ ﺸﺮﯾﻦ ﺻ ﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺻ ﻼھﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻔ ﻼة ﻓ ﺄﺗﻢﱠ رﻛﻮﻋﮭ ﺎ‬
‫وﺳﺠﻮدھﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺧﻤﺴﯿﻦ ﺻﻼة«‪.‬‬

‫واﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﺒﻌﯿ ﺪ أﻋﻈ ﻢ ﺛﻮاﺑ ﺎً ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﻘﺮﯾ ﺐ‪ ،‬وذﻟ ﻚ أن اﻟﺜ ﻮاب‬
‫ﯾﺰداد ﺑﺰﯾﺎدة اﻟﺨﻄﻰ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﺗﺮﻓﻌﮫ درﺟﺔ‪ ،‬وﻛﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﻦ ﯾﺴﺎره ﺗﺤﻂ ﻋﻨﮫ ﺧﻄﯿﺌﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﻣﺮ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻲ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫ﻂ‬
‫ﺣ ﱠ‬ ‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ ﻣﺴﺠﺪًا ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﯿﺨﻄﻮ ﺧﻄﻮة إﻻ رُﻓ ﻊ ﺑﮭ ﺎ درﺟ ﺔ‪ ،‬أو ُ‬
‫ن ﻛﻨ ﺎ ﻟﻨﻘ ﺎرب ﺑ ﯿﻦ اﻟﺨﻄ ﺎ ‪ . «...‬وﻋ ﻦ ﺳ ﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ‬ ‫ﺑﮭ ﺎ ﻋﻨ ﮫ ﺧﻄﯿﺌ ﺔ‪ ،‬وﻛُﺘﺒ ﺖ ﻟ ﮫ ﺑﮭ ﺎ ﺣ ﺴﻨﺔ ﺣﺘ ﻰ إ ْ‬
‫ت ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻲ ﻣُﺤﺪﱢﺛـﻜﻢ ﺣﺪﯾﺜ ًﺎ ﻣﺎ أﺣﺪﺛﻜﻤﻮه إﻻ اﺣﺘﺴﺎﺑﺎً‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺴﯿﱢﺐ ﻗﺎل »ﺣﻀﺮ رﺟﻼً ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر اﻟﻤﻮ ُ‬
‫ﺳﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل ‪ :‬إذا ﺗﻮﺿ ﺄ أﺣ ﺪﻛﻢ ﻓﺄﺣ ﺴﻦ اﻟﻮﺿ ﻮء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺧ ﺮج إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة ﻟ ﻢ ﯾﺮﻓ ﻊ‬
‫ﻂ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻋﻨ ﮫ‬ ‫ﻗﺪﻣﮫ اﻟﯿﻤﻨﻰ إﻻ ﻛﺘﺐ اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻟﮫ ﺣﺴﻨﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾ ﻀﻊ ﻗﺪﻣ ﮫ اﻟﯿ ﺴﺮى إﻻ ﺣ ﱠ‬
‫ﺳﯿﺌﺔ‪ ،‬ﻓﻠْﯿُﻘَﺮﱢب أﺣﺪﻛﻢ أو ﻟﯿﺒﻌﺪ‪ ،‬ﻓﺈن أﺗﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺼﻠﻰ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻏﻔﺮ ﻟﮫ‪ ،‬ﻓﺈن أﺗﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻗﺪ‬
‫ﺻﻠﻮا ﺑﻌﻀ ًﺎ وﺑﻘﻲ ﺑﻌﺾ ﺻﻠﻰ ﻣﺎ أدرك‪ ،‬وأﺗﻢ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻛﺎن ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈن أﺗﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻗﺪ ﺻﻠﻮا ﻓﺄﺗ ﱠﻢ‬
‫اﻟ ﺼﻼة ﻛ ﺎن ﻛ ﺬﻟﻚ« رواه أﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »اﻷﺑﻌ ﺪُ‬
‫ﻓﺎﻷﺑﻌﺪُ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻋﻈﻢُ أﺟﺮاً « رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ﺣ ﺪﯾﺚ أﺑ ﻲ‬
‫ﻣﻮﺳﻰ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وﻓﯿﮫ »أﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس أﺟﺮًا ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أﺑﻌﺪھﻢ ﻓﺄﺑﻌ ﺪھﻢ ﻣﻤ ﺸﻰ‬
‫‪ .«...‬وھـﺬه اﻟﺨﻄـﻮات اﻟﺘـﻲ ﺗﺰﯾـﺪ اﻟﺤﺴﻨﺎت وﺗﻤﺤﻮ اﻟﺴﯿﺌﺎت ﺗُﺤﺘﺴﺐ ﻓ ﻲ اﻟ ﺬھﺎب وﻓ ﻲ اﻹﯾ ﺎب ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺠﺪ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺬھﺎب ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮو اﺑ ﻦ اﻟﻌ ﺎص رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻣ ﻦ راح إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺠﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬ﻓﺨﻄ ﻮة ﺗﻤﺤ ﻮ ﺳ ﯿﺌﺔ وﺧﻄ ﻮة ﺗﻜﺘ ﺐ ﺣ ﺴﻨﺔ ذاھﺒ ًﺎ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬
‫وراﺟﻌﺎً« رواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬

‫وﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮاﺣﺪ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟ ﺼﻼة وﺣ ﺪه‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﻊ اﻟ ﺮﺟﻠﯿﻦ أزﻛ ﻰ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮاﺣﺪ‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﺪد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ أﻛﺜﺮ ﻓﮭﻮ أﻓﻀﻞ ﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ ﺣ ﺪﯾﺚ‬
‫ن ﺻ ﻼة اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣ ﻊ‬ ‫أﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻨﺪ أﺑﻲ داود وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬وإ ﱠ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ أزﻛﻰ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ وﺣﺪه‪ ،‬وﺻﻼﺗﮫ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ أزﻛﻰ ﻣﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣ ﻊ اﻟﺮﺟ ﻞ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﻛﺜ ﺮ ﻓﮭ ﻮ‬
‫أﺣﺐ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ«‪.‬‬

‫ﺻــﻼة اﻟﻨﺴﺎء‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻨﺴﺎء اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ ﻟﻠﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ اﻷزواج وأوﻟﯿ ﺎء اﻷﻣ ﻮر ﻋ ﺪم‬
‫ﻣﻨﻌﮭﻦ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬إﻻ َأنﱠ ﺻﻼﺗﮭﻦ ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﮭﻦ ودورھﻦ ﺧﯿ ﺮ ﻟﮭ ﻦ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮭﻦ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬وإذا‬
‫ت‬
‫ﻦ ﻣﺘﻄﯿﺒ ﺎ ٍ‬
‫ﺧﺮﺟﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻠﺼﻼة ﺑﻌﺪ أﺧﺬ اﻹذن ﻣﻦ اﻷزواج وأوﻟﯿﺎء اﻷﻣﻮر ﻓﻼ ﯾﺤ ﻞ ﻟﮭ ﻦ أن ﯾﻜ ﱠ‬
‫ﻣﺘﻌﻄﱢﺮات‪ ،‬وﻟﯿﺨﺮﺟﻦ دون ﻃﯿﺐ ودون ﺑﺨﻮر‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪» r‬ﻻ ﺗﻤﻨﻌﻮا ﻧﺴﺎءﻛﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وﺑﯿﻮﺗُﮭﻦ ﺧﯿ ٌﺮ ﻟﮭﻦ« رواه أﺑﻮ داود وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ُ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‬
‫واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »إذا اﺳ ﺘﺄذﻧﻜﻢ ﻧ ﺴﺎؤﻛﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺴﺎﺟﺪ ﻓ ﺄذﻧﻮا ﻟﮭ ﻦ« رواه‬

‫‪536‬‬
‫ن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻻ‬ ‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ أ ﱠ‬‫ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬
‫ﻦ َﺗ ِﻔ ﻼت« رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺗﻤﻨﻌ ﻮا إﻣ ﺎء اﷲ ﻣ ﺴﺎﺟﺪ اﷲ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻟﯿﺨ ﺮﺟﻦ وھ ﱠ‬
‫واﻟﺪارﻣﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟﮫ ﺗَﻔِﻼت‪ :‬أي ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻄﯿﺒﺎت‪ .‬وﻋﻦ زﯾﻨﺐ اﻣ ﺮأة ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻣ ﺴﻌﻮد رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ‪ :‬ﻗ ﺎل ﻟﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺷ ﮭﺪت إﺣ ﺪاﻛﻦ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓ ﻼ ﺗﻤ ﱠ‬
‫ﺲ ﻃﯿﺒ ًﺎ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ إﻻ أﻧﮫ ﻗﺎل »اﻟﻌﺸﺎء« ﺑﺪل »اﻟﻤﺴﺠﺪ«‪.‬‬ ‫واﺑﻦ ِ‬

‫ض ﯾﺠ ﺐ أن ُﯾ ﺼﺎن‪ ،‬وﻛﻠﻤ ﺎ ﻛﺎﻧ ﺖ اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻲ ﻣﻜ ﺎن ﺑﻌﯿ ﺪ ﻋ ﻦ اﻷﻧﻈ ﺎر ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ‬‫ﻋﺮ ٌ‬ ‫ﻓﺎﻟﻤﺮأة ِ‬

‫أﻓﻀﻞ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺪﱡور أﺧﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﮭﻲ أﻓﻀﻞ ِﻟﻤُﻜﺜﮭﻦ‪ ،‬واﻟﻐﺮف ﻓﻲ اﻟﺪور أﺧﻔﻰ ﻣﻦ اﻟ ﺴﺎﺣﺎت‪،‬‬
‫ﻓﮭﻲ أﻓﻀﻞ ِﻟﻤُﻜﺜﮭﻦ واﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ اﺑﺘﻌﺪت اﻟﻨﺴﺎء ﻋ ﻦ أﻣ ﺎﻛﻦ اﻟﻈﮭ ﻮر ﻛ ﺎن ذﻟ ﻚ ﺧﯿ ﺮًا ﻟﮭ ﻦ‪،‬‬
‫ﺣ َﻤ ْﯿ ٍﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪي رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬أﻧﮭﺎ ﺟﺎءت إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻘﺎﻟﺖ »ﯾﺎ رﺳﻮل‬ ‫ﺣ َﻤ ْﯿ ٍﺪ اﻣﺮأة أﺑﻲ ُ‬
‫ﻓﻌﻦ أم ُ‬
‫ﺖ أﻧﻚ ﺗﺤﺒ ﯿﻦ اﻟ ﺼﻼة ﻣﻌ ﻲ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗُﻚ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﻚ ﺧﯿ ٌﺮ ﻣ ﻦ‬ ‫ﺣﺐﱡ اﻟﺼﻼة ﻣﻌﻚ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺪ ﻋﻠﻤ ُ‬ ‫اﷲ إﻧﻲ ُأ ِ‬
‫ﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗﻚ‪ ،‬وﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗﻚ ﺧﯿﺮ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ دارك‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ دارك ﺧﯿ ﺮ‬
‫ﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗﻮﻣ ﻚ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗﻮﻣ ﻚ ﺧﯿ ﺮ ﻟ ﻚ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﻚ ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪي‪،‬‬
‫ﻗﺎل‪ ،‬ﻓﺄَﻣﺮتْ ﻓ ُﺒﻨِﻲ ﻟﮭﺎ ﻣﺴﺠ ٌﺪ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺑﯿﺘﮭﺎ وأﻇﻠﻤﮫ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ‪ ،‬ﺣﺘ ﻰ ﻟﻘﯿ ﺖ اﷲ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬وﻗﺪ ﻣﺮ ﻓﻲ ﺑﺤ ﺚ ]أﺣﻜ ﺎم ﻋﺎﻣ ﺔ ﻟ ﺼﻼة‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬ ‫ﻋﺰﱠ وﺟﻞﱠ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ واﺑﻦ ُ‬
‫اﻟﺘﻄﻮع [ ﻗﻮﻟﮫ ﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻚ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗﻚ‪ :‬اﻟﺒﯿﺖ ھﻨﺎ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠ ﻰ ﻏﺮﻓ ﺔ اﻟﻨ ﻮم‪،‬‬
‫واﻟﺤﺠﺮة ھﻨﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ أﻣﺎم اﻟﻐﺮﻓﺔ‪.‬‬

‫اﻹﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻼة ﺧﻔﯿﻔﺔ‬

‫ﯾُﻨ ﺪب ﻟﻺﻣ ﺎم اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﻣﺮاﻋ ﺎ ًة ﻷﺣ ﻮال اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻷن ﻓ ﯿﮭﻢ اﻟﻤ ﺮﯾﺾ‬
‫ﻖ ﻋﻠ ﯿﮭﻢ‪ ،‬وﻻ‬ ‫واﻟ ﻀﻌﯿﻒ‪ ،‬واﻟﻜﺒﯿ ﺮ اﻟﮭ ﺮم واﻟ ﺼﻐﯿﺮ وذا اﻟﺤﺎﺟ ﺔ‪ ،‬ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ ﺻ ﻼة ﺧﻔﯿﻔ ﺔ ﻻ ﺗ ﺸ ﱡ‬
‫ﯾﻌﻨﻲ ﻗﻮﻟﻲ ھﺬا أن ﯾﻨﻘُﺮ ﺻﻼﺗﮫ ﻧﻘ ﺮ اﻟﻐ ﺮاب وﻻ ﯾﺘﻤﮭ ﺎ ﻋﻠ ﻰ وﺟﮭﮭ ﺎ‪ .‬وإنﱠ ﻣ ﻦ اﻟﺘﺨﻔﯿ ﻒ أن ﻻ ﯾﺰﯾ ﺪ‬
‫ﺲ اﻹﻣ ﺎم ﺑ ﺄن ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻣ ﻦ‬‫اﻹﻣﺎم ﻣﺜﻼً ﻓﻲ رﻛﻮﻋ ﮫ وﺳ ﺠﻮده ﻋﻠ ﻰ ﺛ ﻼث ﺗ ﺴﺒﯿﺤﺎت‪ ،‬وإذا أﺣ ﱠ‬
‫ﺣﺼﻞ ﻟﮫ ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮه إﻟﻰ اﻹﺳ ﺮاع ﻓ ﻲ ﺻﻼﺗ ـﮫ ُﻧ ﺪب ﻟ ﮫ أن ﯾﺘﺠ ﻮﱠز ﻓﯿﮭ ﺎ وﯾﺨﻔﻔﮭ ﺎ‪ ،‬ﻛ ﺄن ﯾ ﺴﻤﻊ ﺑﻜ ﺎء‬
‫ﺻﺒﻲ ﻓﯿﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ أﻣﮫ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﻲ ﺧﻠﻔﮫ ﻓﯿﺨﻔﻒ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻣ ﺴﻌﻮد اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»ﻗﺎل رﺟﻞ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻻ أﻛﺎد أدرك اﻟﺼﻼة ﻣﻤﺎ ﯾﻄﻮﱢل ﺑﻨﺎ ﻓﻼن‪ ،‬ﻓﻤﺎ رأﯾﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻣﻮﻋﻈﺔ‬
‫أﺷ ﱠﺪ ﻏﻀﺒ ًﺎ ﻣﻦ ﯾﻮﻣِﺌﺬ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إن ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻨﻔﱢﺮﯾﻦ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻓﻠﯿﺨﻔﱢﻒ‪ ،‬ﻓﺈن ﻓ ﯿﮭﻢ‬
‫اﻟﻤﺮﯾﺾ واﻟﻀﻌﯿﻒ وذا اﻟﺤﺎﺟﺔ« رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻒ ﺻ ﻼة وﻻ أﺗ ﱠﻢ ﻣ ﻦ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وإن ﻛ ﺎن‬ ‫ﻂ أﺧ ﱠ‬ ‫ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗ ﺎل »ﻣ ﺎ ﺻ ﻠﯿﺖ وراء إﻣ ﺎم ﻗ ﱡ‬
‫ﻟﯿ ﺴﻤﻊُ ﺑﻜ ﺎء اﻟ ﺼﺒﻲ ﻓﯿﺨ ﱢﻔ ﻒ ﻣﺨﺎﻓ ﺔ أن ﺗُﻔ ﺘﻦ أﻣ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إﻧ ﻲ ﻷدﺧ ﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة وأﻧ ﺎ أرﯾ ﺪ إﻃﺎﻟﺘﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺳ ﻤﻊ ﺑﻜ ﺎء اﻟ ﺼﺒﻲ‬
‫ﺟ ِﺪ أﻣ ﮫ ﻣ ﻦ ﺑﻜﺎﺋ ﮫ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻨ ﮫ أﯾ ﻀ ًﺎ‬‫ﻓﺄﺗﺠﻮﱠز ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻲ ﻣﻤﺎ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺷ ﺪة َو ْ‬
‫»أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛﺎن ﻣِﻦ أﺧﻒ اﻟﻨﺎس ﺻ ﻼة ﻓ ﻲ ﺗﻤ ﺎم« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪.‬‬
‫وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا أ ﱠم أﺣﺪﻛﻢ اﻟﻨﺎس ﻓﻠﯿﺨﻔﻒ‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﯿﮭﻢ اﻟ ﺼﻐﯿﺮ‬
‫واﻟﻜﺒﯿﺮ واﻟﻀﻌﯿﻒ واﻟﻤﺮﯾﺾ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺻﻠﻰ وﺣﺪه ﻓﻠﯿﺼﻞﱢ ﻛﯿﻒ ﺷ ﺎء« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺣﻤ ﺪ‬
‫وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﻼ ﻟﯿﺪرﻛﮭﺎ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮون‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻹﻣﺎم راﻛﻌ ًﺎ‬ ‫إﻻ أﻧﮫ ﯾُﺸﺮع ﻟﻺﻣﺎم أن ﯾﻄﯿﻞ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻃﺎل رﻛﻮﻋﮫ ﻗﻠﯿﻼً ﻟﯿﺪرﻛﮫ اﻟﺪاﺧﻞ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﺸﻖ ذﻟﻚ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ‬ ‫ﺲ ﺑﺪاﺧ ٍ‬
‫وأﺣ ﱠ‬
‫ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻗﺘ ﺎدة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ اﻟﻈﮭ ﺮ ﻓ ﻲ اﻷوﻟﯿ ﯿﻦ ﺑ ﺄمﱢ اﻟﻜﺘ ﺎب‬
‫وﺳﻮرﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ اﻷﺧﺮﯾﯿـﻦ ﺑﺄم اﻟﻜﺘﺎب وﯾُﺴﻤﻌﻨﺎ اﻵﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻄ ﻮﱢل ﻓ ﻲ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻷوﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﻻ‬

‫‪537‬‬
‫ﯾﻄﻮﱢل ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟﻌ ﺼﺮ‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﺒﺢ« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ‪.‬‬
‫ورواه أﺑﻮ داود وزاد »ﻓﻈﻨﻨﺎ أﻧﮫ ﯾﺮﯾﺪ ﺑﺬﻟﻚ أن ﯾﺪرك اﻟﻨﺎس اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻷوﻟﻰ«‪ .‬وﻗﺪ ﻣ ﺮﱠ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ‬
‫ﺑﺤﺚ ]ﻗﺮاءة ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة[‪.‬‬

‫ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻤﺄﻣﻮم ﻟﻺﻣﺎم‬

‫ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم أن ﯾﺘ ﺎﺑﻊ إﻣﺎﻣ ﮫ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺣﺮﻛ ﺎت اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻻ ﯾﺤ ﻞ ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺴﺒﻘﮫ ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ‬
‫ن ﺻ ﻼﺗﮫ‬ ‫ع وﻻ ﺳ ﺠﻮدٍ‪ ،‬وﻻ رﻓ ٍﻊ وﻻ ﺗ ﺴﻠﯿﻢٍ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ ﻣ ﻊ إﺛﻤ ﮫ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻓ ﺈ ﱠ‬ ‫ﻣﻄﻠﻘ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﻼ ﯾ ﺴﺒﻘﮫ ﻓ ﻲ رﻛ ﻮ ٍ‬
‫ن ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺮﱠم ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻻ ﯾﻌﻨ ﻲ أﻧ ﮫ ﯾﺒﻄﻠﮭ ﺎ‪ ،‬أُﻧﻈ ﺮ ﺑﺤ ﺚ ]اﻟﻨﻈ ﺮ ﻓ ﻲ‬ ‫ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻏﯿﺮ ﺑﺎﻃﻠﺔ ‪ -‬ذﻟﻚ أ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻼة[ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻔـﺔ اﻟﺼﻼة[‪ ،‬واﻧﻈﺮ ﺑﺤﺚ ]اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة [ ﻓﺼﻞ ]اﻟﻘﻨﻮت واﻟﺨ ﺸﻮع ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة [ ‪ -‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬إﻧﻤﺎ ﺟُﻌﻞ اﻹﻣﺎم ِﻟ ُﯿ ﺆﺗ ﱠﻢ ﺑ ﮫ ﻓ ﻼ‬
‫ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وإذا ﻛﺒﱠﺮ ﻓﻜﺒﺮوا‪ ،‬وإذا رﻛﻊ ﻓﺎرﻛﻌﻮا‪ ،‬وإذا ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻓﻘﻮﻟ ﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭ ﻢ‬
‫رﺑﱠﻨ ﺎ ﻟ ﻚ اﻟﺤﻤ ﺪ ‪ ،‬وإذا ﺳ ﺠﺪ ﻓﺎﺳ ﺠﺪوا‪ ،‬وإذا ﺻ ﻠﻰ ﺟﻠﻮﺳ ًﺎ ﻓ ﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳ ﺎً أﺟﻤﻌ ﯿﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي‪ .‬وﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎزب ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻠﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓ ﺈذا‬
‫ﻦ أﺣ ٌﺪ ﻣﻨﺎ ﻇﮭ ﺮه ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﻀﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺟﺒﮭﺘ ﮫ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض« رواه‬ ‫ﺤِ‬‫ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻊ اﷲ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه ﻟﻢ َﯾ ْ‬
‫اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ داود‪ .‬ورواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻟﻔﻈﮫ »ﻛﻨﺎ إذا ﺻﻠﯿﻨﺎ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺮﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ‬
‫ﻦ رﺟ ﻞ ﻣﻨ ﺎ ﻇﮭ ﺮه ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺴﺠﺪ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻨ ﺴﺠﺪ«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻣﻌﺎوﯾ ﺔ ﺑ ﻦ أﺑ ﻲ‬ ‫ﺤ ِ‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻟ ﻢ َﯾ ْ‬
‫ﺳﻔﯿﺎن ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ ﺗﺒ ﺎدروﻧﻲ ﺑ ﺎﻟﺮﻛﻮع وﻻ ﺑﺎﻟ ﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻤﮭﻤ ﺎ أﺳ ﺒﻘﻜﻢ ﺑ ﮫ إذا رﻛﻌ ﺖ‬
‫ﺗﺪرﻛﻮﻧﻲ ﺑﮫ إذا رﻓﻌﺖ‪ ،‬وﻣﮭﻤﺎ أﺳﺒﻘﻜﻢ ﺑﮫ إذا ﺳﺠﺪت ﺗﺪرﻛﻮﻧﻲ ﺑﮫ إذا رﻓﻌﺖ‪ ،‬إﻧﻲ ﻗ ﺪ ﺑ ﺪﱠﻧﺖُ« رواه‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن‪ - .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺑ ﺪﻧﺖ‪ :‬ﻗُﺮﺋ ﺖ ﺑﺘ ﺸﺪﯾﺪ اﻟ ﺪال ‪ :‬ﺑ ﺪﱠﻧﺖ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھ ﺎ‬ ‫اﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻛﺒﺮت‪ ،‬وﻗﺮﺋﺖ ﺑﺘﺨﻔﯿﻔﮭﺎ‪ :‬ﺑَﺪُﻧﺖ‪ ،‬وﻣﻌﻨﺎھ ﺎ ﺳ ﻤﻨﺖ‪ ،‬واﻟ ﺼﻮاب ﻗ ﺮاءة ﺑ ﺪﱠﻧﺖ ﺑﺎﻟﺘ ﺸﺪﯾﺪ ﺑﻤﻌﻨ ﻰ ﻛﺒ ﺮت‪.‬‬
‫ﯾﺸﮭﺪ ﻟﮭﺬه اﻟﻘﺮاءة ﻣﺎ رُوي أن ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﻣﺎ رأﯾﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﺮأ ﻓ ﻲ ﺷ ﺊ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‬
‫ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﻠﯿﻞ ﺟﺎﻟﺴﺎً‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺒﺮ ﻗﺮأ ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ ‪ «...‬رواه ﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨ ﺎري‪ .‬ووﻗ ﻊ ﻋﻨ ﺪ اﺑ ﻦ ِ‬
‫واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ ﻟﻔﻆ »ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ وھﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﺑﻌﺪﻣﺎ دﺧﻞ ﻓ ﻲ اﻟ ﺴﻦ« ‪ -‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ‬
‫ﻗﺎل »ﺻ ﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ذات ﯾ ﻮم‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧ ﺼﺮف ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة أﻗﺒ ﻞ إﻟﯿﻨ ﺎ ﺑﻮﺟﮭ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪ :‬أﯾﮭ ﺎ‬
‫اﻟﻨﺎس إﻧﻲ إﻣﺎﻣُﻜﻢ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺴﺒﻘﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺮﻛﻮع وﻻ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد‪ ،‬وﻻ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم وﻻ ﺑﺎﻟﻘﻌﻮد‪ ،‬وﻻ ﺑﺎﻻﻧﺼﺮاف‬
‫‪ «...‬رواه اﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ وﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬أﻣ ﺎ ﯾﺨ ﺸﻰ‬
‫أو أﻻ ﯾﺨ ﺸﻰ أﺣ ﺪﻛﻢ إذا رﻓ ﻊ رأﺳ ﮫ واﻹﻣ ﺎم ﺳ ﺎﺟﺪ أن ﯾﺤ ﻮﱢل اﷲ رأﺳ ﮫ رأس ﺣﻤ ﺎر‪ ،‬أو ﺻ ﻮرﺗﮫ‬
‫ﺻ ﻮرة ﺣﻤ ﺎر؟« رواه أﺑ ﻮ داود واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺘﺤﺬﯾ ـﺮ اﻟ ﺸﺪﯾﺪ‬
‫ﺑﺎﺣﺘﻤﺎل إﯾﻘﺎع ﻋﻘﻮﺑﺔ اﻟﻤﺴﺦ دﻟﯿﻞ أﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ ﺣُﺮﻣﺔ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺄﻣﻮم ﻟﻺﻣﺎم‪.‬‬

‫وﻛﻤﺎ أُﻣﺮ اﻟﻤﺼﻠﻮن ﺑﺄن ﯾﺘ ﺎﺑﻌﻮا إﻣ ﺎﻣﮭﻢ ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ أُﻣ ﺮوا أﯾ ﻀﺄ ﺑ ﺄن ﯾﺘ ﺎﺑﻌﻮه ﻓ ﻲ اﻟﻘﯿ ﺎم‬
‫ﻟﻠﺼﻼة ﻋﻨﺪ اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺴﺒﻘﻮه ﻓﻲ اﻟﻮﻗﻮف‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻨﺘﻈﺮون ﻗﺪوﻣﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ووﻗﻮﻓﮫ ﻟﻠﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﯾﻘﻔﻮن ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﻗﺘﺎدة أﻧﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا أًﻗﯿﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻼ ﺗﻘﻮﻣ ﻮا‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن »‪...‬‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻷﺑ ﻲ داود واﺑ ﻦ ِ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺗﺮوﻧﻲ« رواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗ َﺮوْﻧﻲ ﻗﺪ ﺧﺮﺟﺖ«‪.‬‬

‫واﻷوْﻟ ﻰ ﻟﻠﻤ ﺄﻣﻮم ﻋﻘ ﺐ اﻟﺘ ﺴﻠﯿــﻢ أن ﻻ ﯾ ﺴﺮع ﻓ ﻲ اﻻﻧ ﺼﺮاف‪ ،‬ﺑ ﻞ ﯾﻨﺘﻈ ـﺮ ﻗﻠﯿـ ـﻼً رﯾﺜﻤ ﺎ‬
‫ﯾﻨ ﺼﺮف اﻹﻣ ﺎم ﻗﺒﻠـ ـﮫ‪ ،‬أو ﯾُﻤْﻜِـ ـﻦ ﻟﻺﻣ ﺎم ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟ ﺴﮭﻮ أن ﯾﺘــ ـﺪارك ﻣ ﺎ ﻛـــ ـﺎن ﻗ ـﺪ ﻧ ﺴﯿﮫ ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﯿﺴﺘﺄﻧﻔﮭــﺎ وﯾﺴﺠـــﺪ ﻟﻠﺴﮭﻮ ﻓﯿﺴﺠـــﺪ اﻟﻤﺄﻣﻮم ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﻌــﻦ أﻧﺲ »أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺣﻀﱠﮭــﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻧﮭﺎھﻢ أن ﯾﻨﺼﺮﻓﻮا ﻗﺒﻞ اﻧﺼﺮاﻓـﮫ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة« رواه أﺑﻮ داود‪.‬‬

‫‪538‬‬
 ‫ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺈﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮم واﺣﺪ‬
‫ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﺛﻨﯿﻦ ‪ :‬إﻣﺎمٍ وﻣﺄﻣﻮمٍ واﺣﺪٍ وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻤﺄﻣﻮم ﺻ ﺒﯿﺎً‪ ،‬وﺗﻨﻌﻘ ﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ﻛﻤ ﺎ‬
‫ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﻓﻠﺔ دون ﻓﺎرق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺄﻣﻮم واﺣﺪًا وﺟﺐ أن ﯾﻘﻒ إﻟﻰ ﯾﻤﯿﻦ اﻹﻣ ﺎم دون أن‬
‫ﯾﺘﻘﺪم ﻋﻨﮫ أو ﯾﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬وﻻ ﯾﺼﺢ اﻟﻮﻗﻮف إﻟﻰ ﯾﺴﺎر اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﻌ ﻞ أﺛ ﻢ وﻟﻜ ﻦ ﺗﻈ ﻞ ﺻ ﻼﺗﮫ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم أن ﯾﻨﻮي اﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻮ ﺻﻠﻰ أﺣ ٌﺪ ﻣﻨﻔﺮدًا ﺛﻢ ﺟ ﺎء ﺷ ﺨﺺ ﻓﻮﻗ ﻒ ﺣ ﺬاءه ﻣﺆﺗ ﱠﻤ ًﺎ‬
‫ﺑﮫ اﻧﻌﻘﺪت ﻟﮫ ﺻﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔ رﻏﻢ أن اﻹﻣ ﺎم ﻟ ﻢ ﯾﻨ ﻮ اﻹﻣﺎﻣ ﺔ اﺑﺘ ﺪاءً‪ ،‬ﻻ ﻓ ﺮق ﻓ ﻲ ذﻟ ﻚ ﺑ ﯿﻦ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‬
‫ﺖ ﻋﻨ ﺪ ﺧ ﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧـ ـﺔ‪ ،‬ﻓﻘـ ـﺎم اﻟﻨﺒـ ـﻲ ‪ r‬ﯾ ﺼﻠـﻲ‬ ‫واﻟﻨﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑ ﱡ‬
‫ﻣ ـﻦ اﻟﻠﯿ ـﻞ‪ ،‬ﻓﻘﻤ ـﺖ أﺻ ﻠﻲ ﻣﻌ ﮫ ﻓﻘﻤ ﺖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﺮأﺳ ﻲ ﻓﺄﻗ ﺎﻣﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﺒﺨــﺎري وﻣﺴﻠــﻢ وأﺣﻤــﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ووﻗﻊ ﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﺑﻦ ﻋﺒ ﺎس‬
‫ﺑﻠﻔﻆ »‪ ..‬ﻓﻘﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻘﻤﺖ إﻟﻰ ﺟﻨﺒﮫ اﻷﯾﺴﺮ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﯿﺪي ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ِﻣ ﻦ ﺷ ﻘﱢﮫ اﻷﯾﻤ ﻦ«‪ .‬ﻓﮭﻨ ﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼةُ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ إﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮمٍ ﺻﺒﻲ‪ ،‬ﻓﺎﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻛﺎن آﻧﺬاك ﺻﺒﯿًﺎ اﺑﻦ ﻋ ﺸﺮ‬
‫ﺳﻨﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »ﻣﺎت رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وأﻧﺎ اﺑﻦ ﻋ ﺸﺮ ﺳ ﻨﯿﻦ وأﻧ ﺎ ﻣﺨﺘ ﻮن‪،‬‬
‫ﺤﻜَﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﯾﻀ ًﺎ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬ﻓﻘﻤﺖُ‬ ‫وﻗﺪ ﻗﺮأت اﻟ ُﻤ ْ‬
‫إﻟﻰ ﺟﻨﺒﮫ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬﻧﻲ ﻓﺄﻗﺎﻣﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ ،‬وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ :‬وأﻧﺎ ﯾﻮﻣﺌﺬ اﺑﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﯿﻦ«‬
‫رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﯾ ﺪل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ إﺿ ﺎﻓ ًﺔ إﻟ ﻰ ﻣ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﻋﻠ ﻰ أن اﻹﻣ ﺎم ﻻ ﯾﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ أن ﯾﻨ ﻮي ﻟ ﺼﻼة‬
‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪ اﻻﺑﺘﺪاء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ وﺣﺪه‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﺘﺤﻖ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﺑ ﺼﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓ ﺄﻗﺮﱠه واﺳ ﺘﻤﺮ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮫ ﺟﻤﺎﻋﺔ‪ .‬وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ أوﺿﺢ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رواﯾﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻋﻨﺪ أﺣﻤ ﺪ ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ..‬ﻓﺄﻣﮭ ﻞ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺣﺘﻰ إذا ﻋﺮف أﻧﻲ أرﯾ ﺪ أن أُﺻ ﻠﻲ ﺑ ﺼﻼﺗﮫ ﻟﻔ ﺖ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑ ُﺄ ُذﻧﻲ ﻓ ﺄدارﻧﻲ ﺣﺘ ﻰ‬
‫أﻗﺎﻣﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ‪ .«...‬وأوﺿﺢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﻣﺎ رواه أﺑ ﻮ داود ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ‬
‫ﻼ ﯾﺼﻠﻲ وﺣﺪه ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻻ رﺟ ٌﻞ ﯾﺘﺼﺪق ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻣﻌ ﮫ؟«‬ ‫ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺑﺼﺮ رﺟ ً‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬ﻛﻤ ﺎ ﯾ ﺪل اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻷول ﻋﻠ ﻰ أن اﻟﻤ ﺄﻣﻮم‬ ‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﺑﻦ ِ‬‫ورواه أﯾﻀًﺎ اﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ُ‬
‫إن ﻛﺎن وﺣﺪه وﻗﻒ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻦ اﻹﻣﺎم دون أن ﯾﺘﺄﺧﺮ أو ﯾﺘﻘﺪم‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻘﻮل »ﻓﺄﻗﺎﻣﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ«‪.‬‬
‫ﺷﻘﱢﮫ اﻷﯾﻤﻦ«‪ .‬دون أن ﯾﺬﻛﺮ ﺗﻘﺪﯾﻤ ًﺎ أو ﺗﺄﺧﯿﺮاً‪ ،‬ﯾ ﺸﮭﺪ ﻟﮭ ﺬا اﻟﻔﮭ ﻢ ﻣ ﺎ‬
‫وﯾﻘﻮل ﻟﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ »ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻣﻦ ِ‬
‫رواه اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »أﺗﯿﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻓﺼﻠﯿﺖ ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪي‬
‫ﻓﺠﺮﱠﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﺣﺬاءه‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻗﺒﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﻼﺗﮫ ﺧﻨ ﺴﺖ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫اﻧﺼﺮف ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻲ أَﺟﻌﻠﻚ ﺣﺬاﺋﻲ ﻓﺘﺨ ُﻨﺲُ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ َأ َو ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻷﺣ ﺪ أن ﯾ ﺼﻠﻲ‬
‫ﺣﺬاءك وأﻧﺖ رﺳﻮل اﷲ اﻟﺬي أﻋﻄﺎك اﷲ؟ ﻗﺎل ﻓﺄﻋﺠﺒﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺪﻋﺎ اﷲ ﻟﻲ أن ﯾﺰﯾﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤًﺎ وﻓﮭﻤ ًﺎ‪«...‬‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ ﻣﺤﺎذاﺗ ﮫ‪.‬‬ ‫رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﺧﻨ ﺴﺖ‪ :‬أي ﺗ ﺄﺧﺮت ﻗﻠ ﯿ ً‬
‫ﺴﻨﱠﺔ‬‫ﻓﺎﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬أوﻗ ﻒ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس ﺣ ﺬاءه أي ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ دون ﺗﻘ ﺪﯾﻢ أو ﺗ ﺄﺧﯿﺮ‪ ،‬وذﻟ ﻚ ﻷﻧﮭ ﺎ ھ ﻲ اﻟ ﱡ‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ ﻣﺤ ﺎذاة رﺳ ﻮل‬ ‫اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﻗﻒ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺣﺬاءه‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﺪا ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس أن ﯾﺘﺄﺧﺮ ﻗﻠﯿ ً‬
‫اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﮫ ذﻟﻚ ﺳﺄﻟﮫ ‪ r‬ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ ﺑﺠﻮاب أﻋﺠﺒ ﮫ وھ ﻮ أﻧ ﮫ ﻻ ﯾﻨﺒﻐ ﻲ ﻷﺣ ﺪ أن‬
‫ﻼ ﻷﻧﮫ رﺳﻮل‪ ،‬واﻟﺮﺳﻮل ﯾﻘﺪﱠم ﻋﻠ ﻰ ﻏﯿ ﺮه‪ .‬وھ ﺬا اﻟﺠ ﻮاب ﻣ ﻦ اﺑ ﻦ‬ ‫ﯾﺼﻠﻲ ﺣﺬاءه‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﺘﺄﺧﺮ ﻋﻨﮫ ﻗﻠﯿ ً‬
‫ﻋﺒﺎس‪ ،‬وھﺬا اﻹﻋﺠﺎب ﺑﮫ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻻ ﯾﻌﻨﻲ أن اﻟﺴﱡﻨﺔ اﻟﻤ ﺸﺮوﻋﺔ ھ ﻲ ﻣ ﺎ ﻓﻌ ﻞ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‪،‬‬
‫وذﻟﻚ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺪ أوﻗﻔﮫ إﻟﻰ ﺟﻮاره‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌﺪﯾ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﺮواﯾ ﺎت اﻟﻤﺮوﯾ ﺔ أن اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس وﻗ ﻒ‬
‫إﻟﻰ ﺟﻮاره وﻟﻢ ﯾﺘ ﺄﺧﺮ‪ ،‬ﺛ ﻢ إن ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺻ ﻠﻰ ﻓ ﻲ‬
‫ﺛﻮب واﺣﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻤﺖ ﺧﻠﻔﮫ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﺄذﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺴﻠﻢ وأﺑﻮ‬
‫داود واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وإن ﺟﺒﱠﺎر ﺑﻦ ﺻﺨﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »إن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎم ﯾﺼﻠﻲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﻘﻤ ﺖ‬
‫ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﯿ ﺪي ﻓﺤ ﻮﻟﻨﻲ ﻋ ـﻦ ﯾﻤﯿﻨ ـﮫ ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﯾﻠﺒ ﺚ ﯾ ﺴﯿﺮًا أن ﺟ ﺎء اﻟﻨ ﺎس« رواه‬

‫‪539‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ اﻟﻤﺸﺮوﻋـﺔ ھـﻲ وﻗﻮف اﻟﻤﺄﻣﻮم اﻟﻔﺮد إﻟﻰ ﺟ ﻮار اﻹﻣ ﺎم ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ ﺣ ﺬاءَه‪ ،‬دون ﺗﻘ ﺪم‬
‫أﺣﻤﺪ‪ .‬ﻓﺎﻟ ﱡ‬
‫أو ﺗﺄﺧﱡﺮ‪.‬‬

‫ﻣﻔﺎرﻗﺔُ اﻹﻣﺎم‬
‫ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺄﻣﻮم أن ﯾﻔﺎرق إﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة إن ﻛﺎن ﻟﻠﻤﻔﺎرﻗﺔ ﻋ ﺬر‪ ،‬وﻟ ﮫ أن ﯾﺒﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺎ‬
‫ﺻﻼه ﻣﻊ اﻹﻣﺎم وﯾﺘﻢ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻨﻔﺮداً‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛ ﺎن ﻣﻌ ﺎذ ﺑ ﻦ ﺟﺒ ﻞ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﯾ ﺆم ﻗﻮﻣ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺪﺧﻞ ﺣ ﺮا ٌم وھ ﻮ ﯾﺮﯾ ﺪ أن ﯾ ﺴﻘﻲ ﻧﺨﻠ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺪﺧﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻟﯿ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻊ‬
‫اﻟﻘﻮم‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى ﻣﻌﺎذاً ﻃﻮﱠل ﺗﺠﻮﱠز ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ وﻟﺤﻖ ﺑﻨﺨﻠﮫ ﯾ ﺴﻘﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻗ ﻀﻰ ﻣﻌ ﺎ ٌذ اﻟ ﺼﻼة ﻗﯿ ﻞ‬
‫ﻟ ﮫ‪ :‬إن ﺣﺮاﻣ ًﺎ دﺧ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻓﻠﻤ ﺎ رآك ﻃﻮﱠﻟ ﺖ ﺗﺠ ﻮﱠز ﻓ ﻲ ﺻ ﻼﺗﮫ وﻟﺤ ﻖ ﺑﻨﺨﻠ ﮫ ﯾ ﺴﻘﯿﮫ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬إﻧ ﮫ‬
‫ﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ‪ ،‬أﯾﻌﺠﻞ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺳﻘﻲ ﻧﺨﻠﮫ؟ ﻗﺎل ﻓﺠﺎء ﺣﺮا ٌم إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬وﻣﻌﺎذ ﻋﻨ ﺪه ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﻼ ﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺪﺧﻠﺖ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻷﺻﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻘﻮم‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻮﱠل ﺗﺠﻮﱠزت ﻓﻲ‬ ‫ﯾﺎ ﻧﺒﻲ اﷲ إﻧﻲ أردت أن أﺳﻘﻲ ﻧﺨ ً‬
‫ﺻﻼﺗﻲ وﻟﺤﻘﺖ ﺑﻨﺨﻠﻲ أﺳﻘﯿﮫ‪ ،‬ﻓﺰﻋﻢ أﻧﻲ ﻣﻨﺎﻓﻖ‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒﻞ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎذ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻓﺘﱠﺎ ٌ‬
‫ن أﻧ ﺖ أﻓﺘﱠ ﺎن‬
‫أﻧﺖ؟ ﻻ ﺗُﻄﻮﱢل ﺑﮭﻢ‪ ،‬اﻗﺮأ ﺑ ـ ﺳ ﺒﺢ اﺳ ﻢ رﺑ ﻚ اﻷﻋﻠ ﻰ‪ ،‬واﻟ ﺸﻤﺲ وﺿ ﺤﺎھﺎ‪ ،‬وﻧﺤﻮھﻤ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﻟﺒﺰﱠار ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﻠﻔﻆ »‪ ...‬ﺛﻢ ﺟﺎء ﻗﻮﻣﮫ ‪ -‬ﯾﻌﻨﻲ ﻣﻌﺎذاً ‪ -‬ﻓﻘ ﺮأ‬
‫اﻟﺒﻘﺮة‪ ،‬ﻓﺎﻋﺘﺰل رﺟ ٌﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ﻓﺼﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻘﯿﻞ‪ :‬ﻧﺎﻓﻘﺖَ ﯾﺎ ﻓﻼن‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻣﺎ ﻧﺎﻓﻘﺖ‪ ،‬ﻓﺄﺗﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪« ... r‬‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وﺣﺮام ھﻮ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﺮام اﺑﻦ ﻣﻠﺤﺎن‪ .‬وﻋﻦ أﺑﻲ ﺑُﺮﯾ ﺪة اﻷﺳ ﻠﻤﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‬
‫»إن ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﯾﻘﻮل ﺻﻠﻰ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ‪ ،‬ﻓﻘﺮأ ﻓﯿﮭﺎ اﻗﺘﺮﺑﺖ اﻟﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎم رﺟﻞ ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﺒﻞِ أن ﯾﻔﺮغ ﻓﺼﻠﻰ وذھﺐ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ﻣﻌ ﺎذ ﻗ ﻮ ًﻻ ﺷ ﺪﯾﺪاً‪ ،‬ﻓ ﺄﺗﻰ اﻟﺮﺟ ﻞُ اﻟﻨﺒ ﻲﱠ ‪ r‬ﻓﺎﻋﺘ ﺬر إﻟﯿ ﮫ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫إﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬ﺻ ﱢﻞ ﺑ ـ اﻟ ﺸﻤﺲ وﺿ ﺤﺎھﺎ‪ ،‬وﻧﺤﻮھ ﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺴﻮر«‬
‫رواه أﺣﻤﺪ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص أﻣﺮان‪ :‬أﺣﺪھﻤﺎ أن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺄﻣﻮم واﺳﻤﮫ ﺣﺮام ﺑﻦ ﻣﻠﺤﺎن ﻗﺪ ﻗﻄ ﻊ ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻣﻌﺎذ ﻟﻌﺬر اﻟﺘﻄﻮﯾﻞ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬وﻛﺎن ﺣ ﺮام ﻣ ﺴﺘﻌﺠﻼً ﯾﺮﯾ ﺪ ﺳ ﻘﻲ ﻧﺨﻠ ﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﻃﺎﻟ ﺖ ﺻ ﻼة‬
‫ﻣﻌﺎذ ﻗﻄﻌﮭﺎ ﺣﺮام وأﺗ ﱠﻢ اﻟﺼﻼة ﻣﻨﻔﺮداً‪ .‬واﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ أن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻨﱠﻒ ﻣﻌﺎذًا وﻟﻢ ﯾﻌ ﱢﻨ ﻒ ﺣﺮاﻣ ًﺎ‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬان اﻷﻣﺮان ﯾﺪﻻن ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ﻗﻄﻊ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻟﻌﺬر‪.‬‬

‫اﻟﺼﻼةُ ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺮﺗﯿﻦ‬

‫ﯾﺠﻮز أن ﺗُﻌﻘﺪ ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﻮاﺣ ﺪ ﺻ ﻼﺗﺎن أو أﻛﺜ ﺮ ﺟﻤﺎﻋ ﺔً إﺣ ﺪاھﺎ ﺗﻌﻘ ﺐ اﻷﺧ ﺮى‪ ،‬وﯾﺠ ﻮز‬
‫ﻟﻤﻦ ﺻﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ أن ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻷﺧﺮى‪ ،‬وﺗﺤﺘ ﺴﺐ ﻟ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻷﺧ ﺮى‬
‫ﻻ ﺛﻢ دﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺨﺪري رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫ﻧﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﻤﻦ ﺻﻠﻰ ﻣﻨﻔﺮدًا أو ً‬
‫ﻼ ﯾﺼﻠﻲ وﺣﺪه ﻓﻘﺎل‪ :‬أَﻻ رﺟ ٌﻞ ﯾﺘﺼﺪق ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻣﻌ ﮫ؟«‬ ‫ﻋﻨﮫ »أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﺑﺼﺮ رﺟ ً‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي ‪ .‬وﻗ ﺪ ﺳ ﺒﻖ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺗﻨﻌﻘ ﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﺑ ﻦ ُ‬ ‫رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﻼ دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﻗﺪ ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل‬ ‫ﺑﺈﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮم واﺣﺪ [ اﻟﻤﺎ ﱢر ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »أن رﺟ ً‬
‫اﷲ ‪ r‬ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪َ :r‬ﻣ ﻦ ﯾﺘ ﺼﺪق ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬا ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﻣﻌ ﮫ؟ ﻓﻘ ﺎم رﺟ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﻮم‬
‫ﻓﺼﻠﻰ ﻣﻌ ﮫ«‪ .‬ﻓﺎﻟﻨ ﺎس اﻟ ﺬﯾﻦ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ ﻛ ﺎﻧﻮا ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻮا ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫اﻟﺼﻼة ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻣﺼﺮﱠﺣ ًﺎ ﺑﮫ ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻷﺣﻤﺪ‪ ،‬ﻓﺠﺎء اﻟﺮﺟ ﻞ ﺑﻌ ﺪ ﻓ ﺮاغ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﯾﺼﻠﻲ وﺣﺪه‪ ،‬ﻓﻄﻠﺐ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ أﺣﺪ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺻﻠﻮا ﻣﻌ ﮫ‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ أن ﯾﺄﺗ ﱠﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻣﻌﮫ ﺟﻤﺎﻋ ﺔً‪ ،‬وھﻜ ﺬا ﯾﻜ ﻮن اﻟ ﺼﺤﺎﺑﻲ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ ﻣ ﺮﺗﯿﻦ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺴﺠ ٍﺪ واﺣ ٍﺪ ﺑﺄﻣ ٍﺮ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز ﻋﻘﺪ ﺻﻼﺗﯿﻦ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ واﺣ ﺪ‬

‫‪540‬‬
‫ﻟﺼﻼة واﺣﺪة‪ .‬وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ‬
‫ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ ﻗﻮﻣﮫ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ ﺗﻠ ﻚ اﻟ ﺼﻼة« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻓﮭﺬا ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺧﻠﻒ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛﻢ ﯾ ﺬھﺐ إﻟ ﻰ ﻣ ﺴﺠﺪ ﻗﻮﻣ ﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ‬
‫إﻣﺎﻣﺎً اﻟﺼﻼ َة ﻧﻔﺴَﮭﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻌﺎذ ﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ .‬وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻗﻠﻨ ﺎ ﻣ ـﺎ ﻗﻠﻨ ﺎه ﻓ ﻲ أول‬
‫اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ أﻧﮫ ﯾﺠﻮز أن ﺗُﻌﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ اﻟﻮاﺣ ﺪ ﺻ ﻼﺗﺎن ﺟﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وﯾﺠ ﻮز ﻟﻤ ﻦ ﺻ ﻠﻰ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ أن‬
‫ﺲ ﻣﻊ‬ ‫ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔ أﺧﺮى‪ .‬وأﯾﻀﺎً روى ﺑُﺴﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﺠﻦ ﻋﻦ ﻣﺤﺠﻦ »أﻧﮫ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﻠ ٍ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﺄذﱠن ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺛﻢ رﺟﻊ وﻣﺤﺠﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺴﮫ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ :r‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ أن ﺗﺼﻠﻲ‪ ،‬أﻟﺴﺖ ﺑﺮﺟ ِﻞ ﻣﺴﻠﻢ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻠ ﻰ وﻟﻜﻨ ﻲ ﻛﻨ ﺖ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﯿﺖ ﻓ ﻲ أھﻠ ﻲ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل ﻟ ﮫ‬
‫ﺖ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﯿﺖ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬ ‫ن ﻛﻨ َ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ :r‬إذا ﺟﺌﺖَ ﻓﺼﻞﱢ ﻣﻊ اﻟﻨ ﺎس وإ ْ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ وﺻﺤﺤﮫ‪ .‬أﻣﺎ أن اﻟﺼﻼة اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺗﺤﺘﺴﺐ ﻧﺎﻓﻠﺔ ﻓِﻠﻤَﺎ روى ﯾﺰﯾ ﺪ ﺑ ﻦ اﻷﺳ ﻮد ﻋﻨ ﺪ أﺣﻤ ﺪ‬ ‫ِ‬
‫وأﺑ ﻲ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟ ﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺣﻜ ﻢ ﺻ ـﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ـﺔ‬
‫وﻓﻀﻠﮭـﺎ[ وﺟـﺎء ﻓﯿـﮫ »ﯾـﺎ رﺳﻮل اﻟﻠ ـﮫ إ ﱠﻧ ﺎ ﻗ ـﺪ ﻛﻨ ﺎ ﺻ ﻠﯿﻨﺎ ﻓ ﻲ اﻟﺮﺣ ﺎل‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﻼ ﺗﻔﻌ ﻼ‪ ،‬إذا ﺻ ﻠﻰ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﮫ ﺛﻢ أدرك اﻟﺼﻼة ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻓ ْﻠﯿُﺼﻠﱢﮭﺎ ﻣﻌﮫ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﮫ ﻧﺎﻓﻠﺔ«‪.‬‬

‫اﻟﻤﺴﺒﻮق ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻹﻣﺎم‬

‫إذا ﺣﻀﺮ اﻟﻤﺴﺒﻮق وأراد اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻛﺒﱠﺮ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام‪ ،‬واﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ‬
‫اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻹﻣﺎم راﻛﻌًﺎ أو ﺳﺎﺟﺪًا أو ﺟﺎﻟﺴًﺎ أو ﻗﺎﺋﻤﺎً‪ ،‬وإذا أدرك ﻣﻊ اﻹﻣﺎم رﻛﻮع رﻛﻌﺔ ﻓﻘ ﺪ‬
‫أدرك اﻟﺮﻛﻌﺔ ﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬وإن ﻓﺎﺗﮫ اﻟﺮﻛ ﻮع ﻟ ﻢ ﯾ ﺪرك اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‪ ،‬وﺑﻌ ﺪ أن ﯾ ﺴﻠﱢﻢ اﻹﻣ ﺎم ُﯾ ﺘ ﱡﻢ ﻣ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ ‪ -‬وﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﻣ ﻦ‬
‫أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﺼﻼة« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻟﻤ ﺴﻠﻢ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة‬
‫أﯾﻀﺎً ﺑﻠﻔﻆ »ﻣﻦ أدرك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻣَ ﻦ أدرك رﻛﻌ ﺔ‪ :‬أي‬
‫ﻣﻦ أدرك رﻛﻮع رﻛﻌﺔ‪ .‬واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺮﻛﻌﺔ ﺗﻄﻠﻖ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﻮع ﻣﺎ روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ...‬وﺗﻘ ﺪﱠم ﻓﻜﺒ ﺮ وﺻ ﻠﻰ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻓ ﻲ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ‪ «...‬رواه‬
‫ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻣ ﺎ روﺗ ﮫ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أﯾ ﻀﺎً ﺑﻠﻔ ﻆ »‪ ..‬ﺛ ﻢ ﯾﻌ ﺎود اﻟﻘ ﺮاءة ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻜ ﺴﻮف أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت ﻓ ﻲ‬
‫رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ‪ «...‬رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬وﻻ ﯾُﻔ ﺴﱠﺮ ھ ﺬان اﻟﺤ ﺪﯾﺜﺎن إﻻ ﺑ ﺎﻟﻘﻮل إن ﻛﻠﻤ ﺔ أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‬
‫ﺗﻌﻨﻲ ھﻨﺎ أرﺑﻌﺔ رﻛﻮﻋ ﺎت‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة‪ :‬أي ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟﺮﻛﻌ ﺔ و ِﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ أدرك اﻟ ﺼﻼة‪.‬‬
‫وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ھﺮﯾ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﺟﺌ ﺘﻢ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻼة وﻧﺤ ﻦ ﺳ ﺠﻮد‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ‬ ‫ﻓﺎﺳ ﺠﺪوا وﻻ ﺗ ُﻌ ﺪﱡوھﺎ ﺷ ﯿﺌﺎً‪ ،‬وﻣ ﻦ أدرك اﻟﺮﻛﻌ ﺔ ﻓﻘ ﺪ أدرك اﻟ ﺼﻼة« رواه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺦ ﻟﻸﻧ ﺼﺎر ﻗ ﺎل »دﺧ ﻞ رﺟ ٌﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻓ ﻲ‬ ‫واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾ ﺰ ﺑ ﻦ رُﻓﯿ ﻊ ﻋ ﻦ ﺷ ﯿ ٍ‬
‫ﺧﻔْﻖَ ﻧﻌﻠﯿﮫ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل وﺟﺪﺗﻨﺎ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﺠﻮداً ﻓﺴﺠﺪت‪ ،‬ﻗ ﺎل‪:‬‬ ‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺴﻤﻊ َ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻓﻌﻠﻮا ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌ َﺘﺪﱡوا ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد إﻻ أن ﺗﺪرﻛﻮا اﻟﺮﻛﻌ ﺔ‪ ،‬وإذا وﺟـ ـﺪﺗﻢ اﻹﻣ ﺎم ﻗﺎﺋﻤـ ـ ًﺎ ﻓﻘﻮﻣـ ـﻮا‪،‬‬
‫أو ﻗﺎﻋـ ـﺪًا ﻓﺎﻗﻌـ ـﺪوا‪ ،‬أو راﻛﻌ ًﺎ ﻓ ﺎرﻛﻌﻮا‪ ،‬أو ﺳ ﺎﺟﺪًا ﻓﺎﺳ ﺠﺪوا‪ ،‬أو ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ ﻓﺎﺟﻠ ﺴﻮا« رواه ﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﺮزاق وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻋﻦ اﻟﻤﻐﯿﺮة ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ أﻧﮫ ﻗﺎل »ﺗﺨﻠﱠﻔﺖُ ﻣﻊ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫ﻲ وﻣﻌ ﻲ اﻹداوة‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺼﺒﺒﺖ ﻋﻠ ﻰ ﯾ ﺪي‬ ‫‪ r‬ﻓ ﻲ ﻏ ﺰوة ﺗﺒ ﻮك‪ ،‬ﻓﺘﺒ ﺮﱠز رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛ ﻢ رﺟ ﻊ إﻟ ﱠ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﺛﻢ اﺳ ﺘﻨﺜﺮ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﯾﻌﻘ ﻮب‪ :‬ﺛ ﻢ ﺗﻤ ﻀﻤﺾ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻏ ﺴﻞ وﺟﮭ ﮫ ﺛ ﻼث ﻣ ﺮات‪ ،‬ﺛ ﻢ أراد أن‬
‫ﺠ ﱠﺒ ﺔ ﻓﻐ ﺴﻞ ﯾ ﺪه‬‫ﺟﺒﱠﺘﮫ‪ ،‬ﻓﻀﺎق ﻋﻨﮫ ُﻛﻤﱠﺎھﺎ‪ ،‬ﻓﺄﺧﺮج ﯾﺪه ﻣﻦ اﻟ ُ‬ ‫ﯾﻐﺴﻞ ﯾﺪﯾﮫ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺨﺮﺟﮭﻤﺎ ﻣﻦ ُﻛﻤﱠﻲ ُ‬
‫اﻟﯿﻤﻨﻰ ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬وﯾﺪه اﻟﯿﺴﺮى ﺛﻼث ﻣﺮات‪ ،‬وﻣﺴﺢ ﺑﺨﻔﱠﯿﮫ وﻟﻢ ﯾﻨﺰﻋﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋﻤ ﺪ إﻟ ﻰ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﻓﻮﺟ ﺪھﻢ ﻗ ﺪ ﻗ ﺪﱠﻣﻮا ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮﺣﻤﻦ ﺑ ﻦ ﻋ ﻮف ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﮭ ﻢ‪ ،‬ﻓ ﺄدرك رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬إﺣ ﺪى اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺼﻠﻰ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس اﻟﺮﻛﻌﺔ اﻵﺧﺮة ﺑﺼﻼة ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻗﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾُ ِﺘﻢﱡ‬
‫ﺻﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻓﺰع اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﺄﻛﺜﺮوا اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻗﺒﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻗﺪ أﺣﺴﻨﺘﻢ‬

‫‪541‬‬
‫وأﺻ ﺒﺘﻢ‪ ،‬ﯾﻐ ﺒﻄﮭﻢ أن ﺻ ﻠﻮا اﻟ ﺼﻼة ﻟﻮﻗﺘﮭ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺑ ﻮ داود وﻟﻔﻈ ﮫ »ﻓﺄﺗﯿﻨ ﺎ‬
‫اﻟﻨﺎس وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أراد أن ﯾﺘ ﺄﺧﺮ‪ ،‬ﻓﺄوﻣ ﺄ إﻟﯿ ﮫ‬
‫أن ﯾﻤﻀﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺼﻠﯿﺖ أﻧﺎ واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺧﻠﻔ ﮫ رﻛﻌ ﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺳ ﻠﱠﻢ ﻗ ﺎم اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺳﺒﻖ ﺑﮭﺎ وﻟﻢ ﯾ ﺰد ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺷ ﯿﺌ ًﺎ«‪ .‬وإﻧﻤ ﺎ أوردت ﺣ ﺪﯾﺚ اﻟﻤﻐﯿ ﺮة ﺑ ﻦ ﺷ ﻌﺒﺔ ﻷﺟ ﻞ ﻗﻮﻟ ﮫ ﻓ ﻲ اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ »ﻗﺎم رﺳﻮل اﷲ ‪ُ r‬ﯾ ِﺘ ﱡﻢ ﺻﻼﺗَﮫ« ﻛﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤ ﺴﺒﻮق ُﯾ ﺘِ ﱡﻢ ﻣ ﺎ ﺑﻘ ﻲ ﻟ ﮫ ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ .‬وأﻣ ﺎ‬
‫اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﯿﮭ ﺎ »ﻓ ﺼﻠﻰ اﻟﺮﻛﻌ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﺳُ ﺒﻖ ﺑﮭ ﺎ وﻟ ﻢ ﯾ ﺰد ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺷ ﯿﺌًﺎ« ھ ﺬه اﻟﺮواﯾ ﺔ‬
‫ﺳﺒِﻖ ﺑﮫ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬وھﺬا ر ﱞد‬ ‫دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺴﺒﻮق ُﯾ ِﺘ ﱡﻢ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻘﻂ وﻻ ﯾﺴﺠﺪ ﻟﻠﺴﮭﻮ‪ ،‬وﻻ ﯾﺄﺗﻲ إﻻ ﻣﺎ ُ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أوﺟﺒﻮا ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺒﻮق‪.‬‬

‫ﺤﺪِث ﻣﻦ اﻟﺼﻼة‬
‫ﺧﺮوج اﻟﻤُ ْ‬
‫ﺷ ﺮع ﻟ ﮫ أن ﯾﺄﺧ ﺬ ﺑﺄﻧﻔ ﮫ‬
‫َﻣ ﻦ أﺣ ﺪث وھ ﻮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻓ ﻲ ﺟﻤﺎﻋ ﺔ ﺳ ﻮاء ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﻣ ﺴﺠﺪ أو ﻏﯿ ﺮه ُ‬
‫ﻦ ﻋﻨﺪه ﻣِﻦ اﻟﻨﺎس أﻧﮫ رﻋﻒ‪ ،‬وﯾﻨﺴﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻟﯿﺘﻮﺿﺄ ﺛﻢ ﯾﻌ ﻮد‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ‬ ‫ﻣُﻮھِﻤﺎً َﻣ ْ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا أﺣﺪث أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ﻓﻠْﯿﺄﺧﺬ ﺑﺄﻧﻔﮫ ﺛ ﻢ ﻟﯿﻨ ﺼﺮف« رواه أﺑ ﻮ داود‬
‫ﺣﺒﱠﺎن ﺑ ﺎﺧﺘﻼف ﻓ ﻲ اﻷﻟﻔ ﺎظ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ‬ ‫واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﺑﻦ ِ‬
‫ﻋﻨﮭﺎ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »إذا أﺣﺪث أﺣﺪُﻛﻢ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻠْﯿﻀﻊ ﯾﺪه ﻋﻠﻰ أﻧﻔﮫ ﺛ ﻢ ﻟﯿﻨ ﺼﺮف«‬
‫رواه اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ‬

‫اﻷﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‬
‫أ‪ .‬ﺻﻔـــﺔ اﻷﺋﻤﱠـﺔ‬
‫ﻖ ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ‬ ‫اﻷﺣ ﱡ‬

‫اﻷﺣﻖ ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ ھﻢ ﺣﺴﺐ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬

‫‪542‬‬
 ‫‪ - 1‬اﻷﻗﺮأ ﻟﻜﺘﺎب اﷲ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﻔﻈًﺎ ﻟﮫ‪.‬‬

‫‪ - 2‬اﻷﻋﻠﻢ واﻷﻓﻘﮫ‪.‬‬

‫‪ - 3‬اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎً‪.‬‬

‫ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺳ ﻌﯿﺪ اﻟﺨ ﺪري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إذا ﻛ ﺎﻧﻮا ﺛﻼﺛ ﺔ ﻓﻠْﯿ ُﺆﻣﱠﮭﻢ‬
‫أﺣﺪُھﻢ‪ ،‬وأﺣﻘﱡﮭ ﻢ ﺑﺎﻹﻣﺎﻣ ﺔ أﻗ ﺮؤھﻢ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻨﱠ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﯾ ﺆم اﻟﻘ ﻮم أﻗ ﺮؤھﻢ ﻟﻠﻘ ﺮآن« رواه أﺣﻤ ﺪ‪ .‬وﻷﺣﻤ ﺪ ﻣ ﻦ ﻃﺮﯾ ﻖ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺔ ﺑﻠﻔ ﻆ‬
‫»ﻟﯿ ﺆﻣﻜﻢ أﻛﺜ ﺮُﻛﻢ ﻗﺮآﻧ ًﺎ«‪ .‬ورواه اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ واﻟﺒﺨ ﺎري وأﺑ ﻮ داود واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﻮﯾﺮث‬
‫أن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺎل ﻟﮫ وﻟ ﺼﺎﺣﺐ ﻟ ﮫ »إذا ﺣ ﻀﺮت اﻟ ﺼﻼة ﻓﺄذﱢﻧ ﺎ وأﻗﯿﻤ ﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻟﯿﺆﻣﻜﻤ ﺎ أﻛﺒﺮﻛﻤ ﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ‬
‫واﺑ ﻦ ِﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﺘﺮﻣ ﺬي واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﻣ ﺴﻌﻮد اﻷﻧ ﺼﺎري رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬ﯾ ﺆم اﻟﻘ ﻮم أﻗ ﺮؤُھﻢ ﻟﻜﺘ ﺎب اﷲ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ اﻟﻘ ﺮاءة ﺳ ﻮاء ﻓ ﺄﻋﻠﻤﮭﻢ ﺑﺎﻟ ﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬ﻓ ﺈن‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﱡﻨﺔ ﺳﻮاء ﻓﺄﻗﺪﻣﮭﻢ ھﺠﺮة‪ ،‬ﻓ ﺈن ﻛ ﺎﻧﻮا ﻓ ﻲ اﻟﮭﺠ ﺮة ﺳ ﻮاء ﻓﺄَﻗ ﺪﻣﮭﻢ ﺳ ﻨﱠﺎً‪ ،‬وﻻ ﯾَ ُﺆ ﱠﻣﻦﱠ اﻟﺮﺟ ﻞُ‬
‫اﻟﺮﺟ ﻞَ ﻓ ﻲ ﺳ ﻠﻄﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻻ ﯾﻘﻌ ﺪ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ ﻋﻠ ﻰ ﺗَﻜﺮِﻣﺘ ﮫ اﻻ ﺑﺈذﻧ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ‪ .‬ورواه أﺣﻤ ﺪ وﻟﻔﻈ ﮫ »وﻻ‬
‫ﺖ‬
‫ﺠﻠَ ﺲ ﻋﻠ ﻰ ﺗﻜﺮﻣﺘ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ إﻻ ﺑﺈذﻧ ﮫ«‪ .‬وﻗ ﺪ أﺧﺮﺟ ُ‬ ‫ُﯾ َﺆ ﱡم اﻟﺮﺟ ُﻞ ﻓ ﻲ أھﻠ ﮫ وﻻ ﻓ ﻲ ﺳ ﻠﻄﺎﻧﮫ‪ ،‬وﻻ ُﯾ ْ‬
‫أﺣ ﱢﻘﯿﱠﺔ اﻷﻗﺪم ھﺠﺮ ًة اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻌﺪم وﺟﻮدھﺎ اﻵن‪.‬‬

‫وﻗﺪ ﺣﻮى اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿﺮ إﺿﺎﻓﺘﯿﻦ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻟﻤ ﺎ ﺳ ﺒﻖ ﺑﯿﺎﻧ ﮫ ھﻤ ﺎ‪ :‬أن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ ﯾﻜ ﻮن ھ ﻮ‬
‫ﺟ ُﻞ ﻓﻲ أھﻠﮫ إﻻ أن ﯾﺄذن ﻟﻐﯿ ﺮه ﺑﺎﻹﻣﺎﻣ ﺔ‪.‬‬‫اﻹﻣﺎم وﻟﯿﺲ اﻷﻗﺮأ وﻻ اﻷﻓﻘﮫ وﻻ اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎً‪ ،‬وﻻ ُﯾ َﺆ ﱡم اﻟﺮ ُ‬
‫واﻟﺨﻠﯿﻔﺔ وﻣﺜﻠﮫ اﻟﻮاﻟﻲ ﻓﻲ وﻻﯾﺘﮫ واﻟﻌﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﻟﺘﮫ ﯾﻜﻮﻧﻮن اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﺤﻜﻤ ﻮن ﻓﯿ ﮫ‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺨﻠﯿﻔﺔ وﻣﺜﻠﮫ اﻟ ﻮاﻟﻲ ﻓ ﻲ وﻻﯾﺘ ﮫ واﻟﻌﺎﻣ ﻞ ﻓ ﻲ ﻋﻤﺎﻟﺘ ﮫ ﯾُﻘ ﺪﱠﻣﻮن ﻋﻠ ﻰ ﺻ ﺎﺣﺐ اﻟﺒﯿ ﺖ‪ ،‬وﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ﺮأ‬
‫ﻟﻜﺘﺎب اﷲ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻷﻋﻠﻢ واﻷﻓﻘﮫ واﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﻠﯿﻔﺔ واﻟﻮاﻟﻲ واﻟﻌﺎﻣﻞ َﯾﺆُﻣﱡﻮن اﻟﻨﺎس ﺣﯿﺜﻤ ﺎ ﻛ ﺎﻧﻮا‬
‫»وﻻ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﺎﻧﮫ«‪.‬‬

‫إِﻣﺎﻣﺔ اﻷﻋﻤﻰ‬
‫ﺗﺠﻮز إﻣﺎﻣﺔ اﻷﻋﻤﻰ ﻟﻠﻌﻤﯿﺎن وﻟﻠﻤﺒﺼﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻮاء دون ﺗﻔﻀﯿﻞٍ ﻟﻸﻋﻤ ﻰ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﺒ ﺼﺮ‪ ،‬أو‬
‫ﻟﻠﻤﺒ ﺼﺮ ﻋﻠ ﻰ اﻷﻋﻤ ﻰ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﺳ ﺘﺨﻠﻒ اﺑ ﻦ أم‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه اﺑﻦ‬ ‫ﻣﻜﺘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ وھﻮ أﻋﻤﻰ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﺑﻦ ِ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ .‬وﻋﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ اﻟﺮﺑﯿﻊ اﻷﻧ ﺼﺎري‬ ‫ِ‬
‫»أن ﻋِﺘﺒﺎن ﺑﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻛ ﺎن ﯾ ـﺆم ﻗﻮﻣ ﮫ وھ ﻮ أﻋﻤ ﻰ‪ ،‬وأﻧ ﮫ ﻗ ﺎل ﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ :r‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ إﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺴﯿْﻞ وأﻧﺎ رﺟﻞ ﺿﺮﯾﺮ اﻟﺒﺼﺮ‪ ،‬ﻓﺼ ﱢﻞ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻓﻲ ﺑﯿﺘ ﻲ ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ أﺗﺨ ﺬه ﻣ ﺼﻠﻲ‪،‬‬ ‫ﺗﻜﻮن اﻟﻈﻠﻤﺔ واﻟ ﱠ‬
‫ن ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﻓﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ‬ ‫ﻓﺠﺎءه رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﻦ ﺗﺤﺐ أن أﺻﻠﻲ؟ ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻰ ﻣﻜﺎ ٍ‬
‫‪ «r‬رواه اﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ وﻣﺎﻟﻚ‪ .‬وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري ﺑﻠﻔ ﻆ »ﻗ ﺎل ﻟﻠﻨﺒ ﻲ‪ :‬ﯾ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ﻗ ﺪ‬
‫أﻧﻜﺮتُ ﺑﺼﺮي وأﻧﺎ أﺻﻠﻲ ﻟﻘﻮﻣﻲ« ﻓﮭﺬه اﻟﺮواﯾﺔ اﻷﺧﯿ ﺮة ﻓﯿﮭ ﺎ ﺑﯿ ﺎن أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺪ أُﺧﺒ ﺮ ﺑ ﺄن‬
‫ﻋِﺘﺒﺎن ﻛﺎن ﯾﺆم ﻗﻮﻣﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺘﺮض ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬

‫إﻣﺎﻣﺔ اﻟﺼﺒﻲ‬

‫‪543‬‬
‫ﺗﺠﻮز إﻣﺎﻣﺔ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺒﻠﻎ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ وﻓ ﻲ اﻟﻨﺎﻓﻠ ﺔ‪ ،‬ﻟﻠﺮﺟ ﺎل وﻟﻠ ﺼﺒﯿﺎن وﻟﻠﻨ ﺴﺎء‪ ،‬ﻣ ﺎ‬
‫دام ﻗﺎدرًا ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻗﺎرﺋًﺎ ﻟﻜﺘﺎب اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ .‬ﻓﻌﻦ ﻋﻤﺮو ﺑ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻟﻤ ﺎ ﻛ ﺎن ﯾ ﻮم‬
‫اﻟﻔﺘﺢ ﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﯾﻤﺮﱡون ﻋﻠﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ﺟﺎءوا ﻣﻦ ﻋﻨﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﻜﻨﺖ أﻗ ـﺮأ وأﻧ ﺎ ﻏ ﻼم‪ ،‬ﻓﺠـ ـﺎء‬
‫أﺑــﻲ ﺑﺈﺳﻼم ﻗﻮﻣِـﮫ إﻟﻰ رﺳﻮل اﻟﻠـﮫ ‪ ،r‬ﻓﻘـﺎل رﺳـﻮل اﻟﻠـﮫ ‪ :r‬ﯾﺆﻣﻜﻢ أﻛﺜﺮﻛﻢ ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬ﻓﻨﻈﺮوا ﻓﻜﻨﺖ‬
‫ﺳﺖَ ﻗﺎرﺋِﻜﻢ‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﺎﺷﺘﺮوا ﻟﮫ ﺑﺮدة‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻤ ﺎ ﻓﺮﺣ ﺖ أﺷ ﱠﺪ‬ ‫أﻛﺜﺮھﻢ ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬ﻗﺎل ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻣﺮأة‪ :‬ﻏﻄﻮا إ ْ‬
‫ﻣﻦ ﻓﺮﺣﻲ ﺑﺬﻟﻚ« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬ورواه اﻟﺒﺨﺎري وﺟﺎء ﻓﯿ ﮫ »‪ ...‬وﻟﯿ ُﺆﻣﱠﻜﻢ أﻛﺜ ﺮُﻛﻢ‬
‫ﻗﺮآﻧﺎً‪ ،‬ﻓﻨﻈﺮوا ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻦ أﺣ ٌﺪ أﻛﺜﺮ ﻗﺮآﻧًﺎ ﻣﻨﻲ ِﻟﻤَﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﻠﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺒﺎن‪ ،‬ﻓﻘﺪﱠﻣﻮﻧﻲ ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﮭﻢ وأﻧ ﺎ‬
‫اﺑ ﻦ ﺳ ﺖ أو ﺳ ﺒﻊ ﺳ ﻨﯿﻦ ‪ «...‬ﺷ ﺮحُ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ‪ :‬راوي اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋﻤ ﺮو ﺑ ﻦ ﺳ ﻠﻤﺔ ﻛ ﺎن ﻣ ﻦ ﻗﺒﯿﻠ ٍﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬاھﺒﯿﻦ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻋﺎم ﻓﺘﺤﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﯾﻤﺮون ﺑﮭﺬه اﻟﻘﺒﯿﻠﺔ ﯾﻘ ﺮأون اﻟﻘ ﺮآن‪،‬‬
‫ﻓﻜﺎن ھﺬا اﻟﺼﺒﻲ ﯾ ﺴﺘﻤﻊ وﯾﺤﻔ ﻆ ﻣﻤ ﺎ ﯾﻘ ﺮأه اﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ أﺳ ﻠﻢ أھﻠ ﮫ ورﺟ ﺎل ﻗﺒﯿﻠﺘ ﮫ وذھ ﺐ أﺑ ﻮه‬
‫ﯾﺨﺒﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺑﺈﺳﻼم اﻟﻘﺒﯿﻠﺔ‪ ،‬أﻣﺮھﻢ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﺆﻣﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة أﻛﺜﺮھﻢ ﻗﺮآﻧ ﺎً‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ‬
‫أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺣﺪﯾﺜﻲ ﻋﮭﺪ ﺑﺎﻹﺳﻼم‪ ،‬وﺣﯿﺚ أن اﻟﺼﺒﻲ راوي اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻛﺎن ﯾﺤﻔﻆ ﺷﯿﺌﺎً ﻣ ﻦ اﻟﻘ ﺮآن‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ‬
‫ﻗﺪﱠﻣﻮه ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻓﻜﺎن إﻣﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﺮﺟ ﺎل واﻟﻨ ﺴﺎء ﯾ ﺼﻠﻮن ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓﺒ ﺎن دُُﺑ ﺮ اﻟ ﺼﺒﻲ ﻓ ﻲ أﺛﻨ ﺎء‬
‫ﻼ ﯾ ﺴﺘﺮ ﻋﻮرﺗ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺗﻨﻜ ﺸﻒ‬ ‫اﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﺮأﺗﮫ اﻣﺮأة ﻓﻄﻠﺒﺖ ﺗﻐﻄﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺎﺷﺘﺮوا ﻟ ﮫ ﺑ ﺮدة أي ﺛﻮﺑ ًﺎ ﻃ ﻮﯾ ً‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻤﺮأة‬
‫ﺗﺠﻮز إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﺼﺢﱡ ﻟﻠﻨ ﺴﺎء‪ ،‬وإذا أ ﱠﻣ ﺖ وﻗﻔ ﺖ ﻓ ﻲ وﺳ ﻂ اﻟ ﺼﻒ وﻟ ﻢ ﺗﺘﻘ ﱠﺪ ْﻣ ﮫُ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ‬
‫ﻧﻌ ﯿﻢ ﻗ ﺎل »ﺣ ﺪﺛﻨﺎ اﻟﻮﻟﯿ ﺪ ﻗ ﺎل‪ :‬ﺣ ﺪﺛﺘﻨﻲ ﺟ ﺪﺗﻲ ﻋ ﻦ أم ورﻗ ﺔ ﺑﻨ ﺖ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ اﻟﺤ ﺎرث اﻷﻧ ﺼﺎري‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ اﻟﻘﺮآن‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻗﺪ أﻣﺮھ ﺎ أن ﺗ ﺆم أھ ﻞ دارھ ﺎ‪ ،‬وﻛ ﺎن ﻟﮭ ﺎ ُﻣ ﺆذﱢن‪ ،‬وﻛﺎﻧ ﺖ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﻟﺤ ﺎﻛﻢ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ رﯾﻄ ﺔ اﻟﺤﻨﻔﯿ ﺔ »أن‬ ‫ﺗﺆم أھﻞ دارھﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ أﻣﱠﺘ ُﮭﻦﱠ‪ ،‬وﻗﺎﻣﺖ ﺑﯿﻨﮭﻦﱠ ﻓﻲ ﺻﻼة ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ« رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﺣُﺠَﯿ ﺮة ﺑﻨ ﺖ ﺣ ﺼﯿﻦ ﻗﺎﻟ ﺖ »أﻣﱠﺘﻨ ﺎ أم ﺳ ﻠﻤﺔ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺼﺮ ﻓﻘﺎﻣ ﺖ ﺑﯿﻨﻨ ﺎ« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‬
‫واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ‪ .‬وﻟﻢ َﯾ ِﺮ ْد أن اﻣﺮأة ﻗ ﺪ أ ﱠﻣ ﺖ اﻟﺮﺟ ﺎل‪ ،‬ﻓﺘُﻘﺘ ﺼﺮ إﻣﺎﻣ ﺔ اﻟﻤ ﺮأة‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺤﺴﺐ‪.‬‬

‫اﻗﺘﺪاء اﻟﻤﻘﯿﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ‬

‫ﯾﺠ ﻮز أنْ ﯾ ﺄﺗﻢﱠ اﻟﻤﻘ ﯿﻢ ﺑﺎﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ وھ ﻮ اﻷﺻ ﻞ‪ ،‬ﻛﻤ ﺎ ﯾﺠ ﻮز أن ﯾ ﺄﺗﻢﱠ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﺑ ﺎﻟﻤﻘﯿﻢ‪ ،‬ﻓ ﺈذا أمﱠ‬
‫اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ وﻓ ﺮغ ﻣ ﻦ اﻟ ﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ‪ -‬أي ﻣ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﻤﻘ ﺼﻮرة ‪ -‬وﺳ ﻠﱠﻢ أﺗ ﱠﻢ اﻟﻤﻘﯿﻤ ﻮن ﺧﻠﻔ ﮫ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ‬
‫اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ ﻣﻨﻔ ﺮدﯾﻦ‪ ،‬أﻣ ﺎ إذا أ ﱠم اﻟﻤﻘ ﯿﻢ اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﻓ ﺈن اﻟﻤ ﺴﺎﻓﺮ ﺧﻠﻔ ﮫ ﯾُ ﺘِ ﱡﻢ ﺻ ﻼﺗﮫ اﻟﺮﺑﺎﻋﯿ ﺔ وﻻ ﯾﻔ ﺎرق‬
‫اﻹﻣﺎم‪ .‬ﻓﻌﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ »أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻛﺎن إذا ﻗﺪم ﻣﻜﺔ ﺻﻠﻰ ﺑﮭﻢ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ‬
‫ﯾﻘﻮل‪ :‬ﯾﺎ أھﻞ ﻣﻜﺔ أﺗﻤﻮا ﺻﻼﺗﻜﻢ ﻓﺈﻧﺎ ﻗﻮ ٌم ﺳَ ْﻔﺮٌ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ ﻗ ﻮ ٌم‬
‫ﺳﻔْﺮ‪ :‬أي ﻗﻮم ﻣﺴﺎﻓﺮون‪ .‬وﻋﻦ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل »ﺟﺎء ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ ﯾﻌ ﻮد ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬ ‫َ‬
‫ﺻ ﻔﻮان‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﻟﻨ ﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف‪ ،‬ﻓﻘﻤﻨ ﺎ ﻓﺄﺗﻤﻤﻨ ﺎ« رواه ﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق وﻣﺎﻟ ﻚ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎل »ﻛﻨﺎ ﻣﻊ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬إذا ﻛﻨﺎ ﻣﻌﻜﻢ ﺻﻠﯿﻨﺎ أرﺑﻌﺎً‪ ،‬وإذا رﺟﻌﻨﺎ‬
‫ﺳ ﱠﻨ ُﺔ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ‪ «r‬رواه أﺣﻤﺪ ‪ .‬وﻓ ﻲ ﻟﻔ ﻆ آﺧ ﺮ ﻋ ﻦ اﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺎس‬ ‫إﻟﻰ رﺣﺎﻟﻨﺎ ﺻﻠﯿﻨﺎ رﻛﻌﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻗﺎل‪ُ :‬‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أﻧﮫ ﺳُﺌﻞ‪ :‬ﻣﺎ ﺑﺎل اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ إذا اﻧﻔﺮد وأرﺑﻌ ﺎً إذا اﺋ ﺘ ﱠﻢ ﺑﻤﻘ ﯿﻢ؟ ﻓﻘ ﺎل‪:‬‬
‫ﺴﻨﱠﺔ« رواه أﺣﻤﺪ‪ .‬وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻷﺧﯿﺮ ﯾﺄﺧﺬ ﺣﻜ ﻢ اﻟﺮﻓ ﻊ أي اﻻﺗ ﺼﺎل ﺑﺎﻟﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻟﻘﻮﻟ ﮫ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟ ﱡ‬
‫»ﺗﻠﻚ اﻟﺴﱡﻨﺔ« وﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ »أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤ ﺮ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ وراء اﻹﻣ ﺎم ﺑﻤﻨ ﻰ أرﺑﻌ ﺎً‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺻ ﻠﻰ‬

‫‪544‬‬
‫ﻟﻨﻔ ﺴﮫ ﺻ ﻠﻰ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ« رواه ﻣﺎﻟ ﻚ‪ .‬وروى ﻣﺎﻟ ﻚ ﻋ ﻦ ﻧ ﺎﻓﻊ »أن اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ أﻗ ﺎم ﺑﻤﻜ ﺔ ﻋ ﺸﺮ ﻟﯿ ﺎ ٍل‬
‫ﯾﻘﺼﺮ اﻟﺼﻼة‪ ،‬إﻻ أن ﯾﺼﻠﯿﮭﺎ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻓﯿﺼﻠﯿﮭﺎ ﺑﺼﻼﺗﮫ«‪.‬‬

‫اﻗﺘﺪاء اﻟﻤﻔﺘﺮض ﺑﺎﻟﻤﺘﻨﻔﻞ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ‬

‫ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻧﺎﻓﻠ ﺔ أن ﯾ ﺄﺗ ﱠﻢ ﺑ ﮫ وﺗ ﺼﺢ ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ‬ ‫ﯾﺠﻮز ﻟﻤﻦ ﯾﺮﯾﺪ ﺻ ﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ ووﺟ ﺪ رﺟ ً‬
‫ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ »أن ﻣﻌﺎذ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻛ ﺎن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻊ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬اﻟﻌ ﺸﺎء اﻵﺧ ﺮة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﺮﺟ ﻊ إﻟ ﻰ‬
‫ﻗﻮﻣﮫ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻼة« رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري وأﺣﻤﺪ‪ .‬ورواه اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ وﻋﺒ ﺪ‬
‫اﻟﺮزاق واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺰﯾﺎدة » ھﻲ ﻟﮫ ﺗﻄﻮﱡع وﻟﮭﻢ ﻣﻜﺘﻮﺑ ٌﺔ اﻟﻌ ﺸﺎ َء« وھ ﺬه رواﯾ ﺔ اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ »ﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﻛﺎن ﻣﻌﺎذ ﯾﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻨﻄﻠﻖ إﻟ ﻰ ﻗﻮﻣ ﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬ھ ﻲ ﻟ ﮫ ﺗﻄ ﻮﱠع وھ ﻲ ﻟﮭ ﻢ‬
‫ﻣﻜﺘﻮﺑ ﺔٌ اﻟﻌ ﺸﺎ َء« ﯾ ﺬﻛﺮ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ أن ﻗ ﻮم ﻣﻌ ﺎذ ﻛ ﺎﻧﻮا ﯾ ﺼﻠﻮن ﺻ ﻼة اﻟﻌ ﺸﺎء اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ ﺧﻠ ﻒ‬
‫ﻣﻌﺎذ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺑﮭﻢ ﻧﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﯾﻜﻮن ﻗﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء ﺧﻠ ﻒ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺟ ﺎء ﻓ ﻲ ﻓ ﺼﻞ‬
‫]ﺻﻼة أھﻞ اﻷﻋ ﺬار[ ﺑﺤ ﺚ ]ﺻ ﻼة اﻟﺨ ﻮف[ اﻟﺒﻨ ﺪ )‪ (2‬اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ »ﻋ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑَﻜْ ﺮة أﻧ ﮫ ﻗ ﺎل‪:‬‬
‫ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﺻﻼة اﻟﺨﻮف‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺒﻌﺾ أﺻﺤﺎﺑﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﺛﻢ ﺳﻠﻢ ﻓﺘﺄﺧﺮوا‪ ،‬وﺟ ﺎء آﺧ ﺮون‬
‫ﻓﻜﺎﻧـﻮا ﻓﻲ ﻣﻜ ﺎﻧﮭﻢ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺛ ﻢ ﺳ ﻠﻢ‪ ،‬ﻓ ﺼﺎر ﻟﻠﻨﺒ ﻲ ‪ r‬أرﺑ ﻊ رﻛﻌ ﺎت‪ ،‬وﻟﻠﻘ ﻮم رﻛﻌﺘ ﺎن‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪.‬‬‫رﻛﻌﺘﺎن« رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﺑﻦ ِ‬

‫وﺟﮫ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ أن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻛ ﺎن ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ اﻟ ﺼﻼة اﻟﻤﻔﺮوﺿ ﺔ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ ﺑﻘ ﺴﻢ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬وأﺗ ﱠﻢ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﯿﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ رﻛﻌﺘﯿﻦ أﺧ ﺮﯾﯿﻦ ﻓﺈﻧ ﮫ إﻧﻤ ﺎ ﺻ ﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ‬
‫ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﻛﻌﺘﯿﻦ ﻧﺎﻓﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﮭﻢ ھﻢ ﺻﻠﻮھﻤﺎ ﻓﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜ ﺎﻧﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺴﻠﻤﯿﻦ ﻗ ﺪ‬
‫ﺻﻠﻮا اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ﻣﺆﺗﻤﱢﯿﻦ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﯾﺼﻠﻲ ﻧﺎﻓﻠﺔ‪.‬‬

‫وﻛﻤ ﺎ ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤﻔﺘ ﺮض أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺧﻠ ﻒ اﻟﻤﺘﻨﻔ ﻞ ﻓﻜ ﺬﻟﻚ ﯾﺠ ﻮز اﻟﻌﻜ ﺲ‪ ،‬أي ﯾﺠ ﻮز ﻟﻠﻤﺘﻨﻔ ﻞ أن‬

‫ﯾﺼﻠﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻔﺘﺮض‪ ،‬ﺑﻞ وﯾُﻨﺪب ذﻟﻚ ﻟﮫ إن ھ ﻮ أدرك ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ ﺳ ﻮاء ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ أو ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻌﺮاء وﻛﺎن ھﻮ ﻗﺪ أدى اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻨﺪب ﻟﮫ ﻋﻨﺪﺋـ ٍﺬ أن ﯾﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ‪ ،‬وﺗﻜ ﻮن ﺻ ﻼﺗﮫ‬
‫ﻣﻌﮭﻢ ﻧﺎﻓﻠﺔ وھﻢ ﯾﺆدون ﺻﻼة اﻟﻔﺮﯾ ﻀﺔ‪ ،‬ﻟﻤ ﺎ رُوي ﻋ ﻦ ﻣﺤﺠ ﻦ اﻟ ﺪﯾﻠﻲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »أﺗﯿ ﺖ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﺄُﻗﯿﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﺠﻠﺴﺖ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻰ ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬أﻟﺴﺖ ﺑﻤﺴﻠﻢ؟ ﻗﻠﺖ‪ :‬ﺑﻠﻰ‪ ،‬ﻗﺎل ‪ :‬ﻓﻤﺎ ﻣﻨﻌﻚ أن‬
‫ﺗﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ؟ ﻗﺎل ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻗﺪ ﺻﻠﯿﺖ ﻓﻲ أھﻠﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﺼﻞﱢ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس« رواه أﺣﻤﺪ وﻣﺎﻟ ﻚ واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻟﻤﺎ رُوي ﻋﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ اﻷﺳﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓ ﻲ ]ﺣﻜ ﻢ‬ ‫ِ‬
‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻓﻀﻠﮭﺎ[ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻜﻤﺎ أن ﺗُﺼﻠﱢﯿﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس؟ ﻗﺎﻻ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ‬
‫إﻧﺎ ﻗﺪ ﻛﻨﺎ ﺻﻠﯿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﺎل ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻼ‪ ،‬إذا ﺻﻠﻰ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﮫ ﺛ ﻢ أدرك اﻟ ﺼﻼة ﻣ ﻊ اﻹﻣ ﺎم‬
‫ﻓﻠْﯿﺼﻠﱢﮭﺎ ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﮫ ﻧﺎﻓﻠﺔ « رواه أﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﻟﺪارﻣﻲ‪.‬‬

‫اﻹﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﺟﺎﻟﺴ ًﺎ‬

‫ﯾﺠﻮز ﻟﻺﻣﺎم إن ﻛﺎن ﻣﺮﯾﻀﺎً أن ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺟﺎﻟ ﺴﺎً‪ ،‬وﻓ ﻲ ھ ﺬه اﻟﺤﺎﻟ ﺔ ﯾ ﺼﻠﱢﻲ اﻟﻤﺆﺗ ﱡﻤ ﻮن ﺑ ﮫ‬
‫وھﻢ ﺟﺎﻟﺴﻮن أﯾﻀﺎً ﻣﻘﺘﺪﯾﻦ ﺑﺈﻣﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻗ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪» r‬إﻧﻤ ﺎ‬
‫ﺟﻌِﻞ اﻹﻣﺎم ﻟﯿُﺆﺗ ﱠﻢ ﺑﮫ ﻓﻼ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮا ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وإذا ﻛﺒ ﺮ ﻓﻜﺒ ﺮوا وإذا رﻛ ﻊ ﻓ ﺎرﻛﻌﻮا‪ ،‬وإذا ﻗ ﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻊ اﷲ‬
‫ُ‬
‫ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪه‪ ،‬ﻓﻘﻮﻟﻮا‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ‪ ،‬وإذا ﺳﺠﺪ ﻓﺎﺳﺠﺪوا‪ ،‬وإذا ﺻ ﻠﻰ ﺟﻠﻮﺳ ًﺎ ﻓ ﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳ ًﺎ‬
‫أﺟﻤﻌﯿﻦ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﻣﺘﺎﺑﻌ ﺔ اﻟﻤ ﺄﻣﻮم‬

‫‪545‬‬
‫ﻟﻺﻣ ﺎم[ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ[ ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ أم اﻟﻤ ﺆﻣﻨﯿﻦ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ أﻧﮭ ﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﺻ ﻠﻰ‬
‫رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺑﯿﺘ ﮫ وھ ﻮ ﺷ ﺎكٍ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ وﺻ ﻠﻰ وراءه ﻗ ﻮم ﻗﯿﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر إﻟ ﯿﮭﻢ أن‬
‫اﺟﻠﺴﻮا‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ ﺟُﻌﻞ اﻹﻣﺎم ﻟﯿﺆﺗ ﱠﻢ ﺑـﮫ‪ ،‬ﻓﺈذا رﻛﻊ ﻓﺎرﻛﻌﻮا وإذا رﻓﻊ ﻓ ﺎرﻓﻌﻮا‪ ،‬وإذا‬
‫ﺻ ﻠﻰ ﺟﺎﻟ ﺴًﺎ ﻓ ﺼﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳ ﺎً« رواه اﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »اﺷ ﺘﻜﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ وراءه وھ ﻮ ﻗﺎﻋ ﺪ‪ ،‬وأﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ُﯾ ﺴﻤﻊ اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﺗﻜﺒﯿﺮَه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ إﻟﯿﻨﺎ ﻓﺮآﻧﺎ ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻓﺄﺷﺎر إﻟﯿﻨﺎ ﻓﻘﻌﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺼﻠﯿﻨﺎ ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻗﻌﻮداً‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻠﱠﻢ ﻗﺎل‪ :‬إنْ ﻛﺪﺗﻢ‬
‫آﻧﻔﺎً ﻟﺘﻔﻌﻠﻮن ﻓﻌﻞ ﻓﺎرس واﻟﺮوم‪ ،‬ﯾﻘﻮﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻮﻛﮭﻢ وھﻢ ﻗﻌﻮد ﻓ ﻼ ﺗﻔﻌﻠ ﻮا‪ ،‬اﺋﺘﻤ ﻮا ﺑ ﺄﺋﻤﺘﻜﻢ إن‬
‫ﺻﻠﱠﻰ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﺼﻠﻮا ﻗﯿﺎﻣﺎً‪ ،‬وإن ﺻﻠﱠﻰ ﻗﺎﻋﺪًا ﻓﺼﻠﻮا ﻗﻌ ﻮدًا« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‬
‫واﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻛ ﺎن ﻓ ﻲ ﻧﻔ ٍﺮ ﻣ ﻦ أﺻ ﺤﺎﺑﮫ‬
‫ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻟﺴﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن أﻧﻲ رﺳﻮل اﷲ إﻟﯿﻜﻢ؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺑﻠﻰ ﻧﺸﮭﺪ أﻧﻚ رﺳﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬أﻟ ﺴﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤ ﻮن‬
‫أﻧﮫ ﻣﻦ أﻃﺎﻋﻨﻲ ﻓﻘﺪ أﻃﺎع اﷲ وﻣِﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﻃﺎﻋﺘﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﺑﻠﻰ ﻧﺸﮭﺪ أﻧﮫ ﻣﻦ أﻃﺎﻋﻚ ﻓﻘ ﺪ أﻃ ﺎع‬
‫ن ِﻣ ﻦ ﻃﺎﻋ ﺔ اﷲ أن ﺗﻄﯿﻌ ﻮﻧﻲ‪ ،‬وﻣ ﻦ ﻃ ﺎﻋﺘﻲ أن ﺗﻄﯿﻌ ﻮا‬ ‫اﷲ و ِﻣ ﻦ ﻃﺎﻋ ﺔ اﷲ ﻃﺎﻋﺘ ﻚ‪ ،‬ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ وأﺣﻤ ﺪ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ﻓﮭ ﺬا‬‫أُﻣ ﺮاءَﻛﻢ‪ ،‬وإن ﺻ ﻠﻮا ﻗﻌ ﻮدًا ﻓ ﺼﻠﻮا ﻗﻌ ﻮداً« رواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫اﻟﻨﺺ ﻣِﻦ أﺑﻠﻎ اﻟﺪﻻﻻت ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﺻﻼة اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﺟﻠﻮﺳﺎً إن ﺻﻠﻰ اﻹﻣﺎم ﺟﺎﻟﺴًﺎ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﺎ ﯾُﺮوى ﻣﻦ أن أﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺻ ﺤﺎﺑﮫ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻ ﺤﺎﺑﮫ وﻣﺎﻟ ﻚ وأﺻ ﺤﺎﺑﮫ ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑ ﺼﻼة‬
‫ي ﻣﺮﺟﻮح وﺿﻌﯿﻒ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻗﯿﺎﻣﺎً ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم اﻟﺠﺎﻟﺲ‪ ،‬ﻓﮭﻮ رأ ٌ‬

‫أﻣﺎ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ وﻣﺎﻟ ﻚ ﻓﻘ ﺪ اﻋﺘﻤ ﺪا ﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪﯾﺚ رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ وﻋﺒ ﺪ اﻟ ﺮزاق ﻣ ﻦ‬
‫ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔﻲ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﻻ َﯾ ُﺆ ﱠﻣ ﱠ‬
‫ﻦ أﺣ ٌﺪ ﺑﻌ ﺪي ﺟﺎﻟ ﺴ ًﺎ« ﻓﻨﻘ ﻮل ﻟﮭﻤ ﺎ‬
‫إن ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺎل ﻋﻨﮫ اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﺑﻌﺪ أن رواه )ﻟ ﻢ َﯾ ﺮوه ﻏﯿ ﺮ ﺟ ﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟ ﺸﻌﺒﻲ وھ ﻮ‬
‫ﻣﺘﺮوك‪ ،‬واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻣﺮﺳﻞ ﻻ ﺗﻘﻮم ﻟﮫ اﻟﺤﺠ ﺔ(‪ .‬وﻧﻘ ﻞ اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ھ ﺬا اﻟﻘ ﻮل ﻓ ﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﮫ ﻋﻨ ﺪ رواﯾﺘ ﮫ ﻟﮭ ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺚ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ إﻧﮫ ﺿ ﻌﯿﻒ ﺟ ﺪاً‪ .‬وﻗ ﺎل ﻋﻨ ﮫ أﺑ ﻮ ﺣﻨﯿﻔ ﺔ إﻧ ﮫ ﻛ ﺬاب‪ .‬ﻓﻘ ﺪ ذﻛ ﺮ اﺑ ﻦ‬
‫ﺣِﺒﱠﺎن ﻋﻦ أﺑﻲ ﯾﺤﯿﻰ اﻟﺤﻤﺎﻧﻲ ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﯾﻘﻮل )ﻣﺎ رأﯾﺖ ﻓﯿﻤﻦ ﻟﻘﯿﺖ أﻓ ﻀﻞ ﻣ ﻦ ﻋﻄ ﺎء ‪،‬‬
‫وﻻ ﻟﻘﯿﺖ ﻓﯿﻤﻦ ﻟﻘﯿﺖ أﻛﺬب ﻣﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔﻲ ‪ (...‬ﻓﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ھ ﺬا ﺳ ﺎﻗﻂ ﻻ ﯾﺤ ﻞ اﻻﺣﺘﺠ ﺎج ﺑ ﮫ‪ ،‬وإﻧ ﻲ‬
‫ﻷﻋﺠﺐ ﻣﻦ اﻷﺣﻨﺎف ﻛﯿﻒ ﯾﺄﺧﺬون ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ رﻏﻢ ﺗﻜﺬﯾﺐ إﻣﺎﻣﮭﻢ ﻟﺮاوﯾﮫ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠُﻌﻔﻲ!‬

‫وأﻣﺎ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻘﺪ ﻗ ﺎﻟﻮا إن اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻵﻣ ﺮة ﺑﺎﻟ ﺼﻼة ﺟﻠﻮﺳ ﺎً ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم اﻟﺠ ﺎﻟﺲ‬
‫ھﻲ ﻣﻨﺴﻮﺧﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟ ﺖ »ﻟﻤ ﺎ ﺛﻘ ﻞ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺟ ﺎء ﺑ ﻼل‬
‫ُﯾ ْﺆذِﻧﮫ ﺑﺎﻟﺼﻼة‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺮوا أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﯾﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إن أﺑﺎ ﺑﻜ ﺮ رﺟ ٌﻞ أﺳ ﯿﻒ‪،‬‬
‫وإﻧﮫ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﻢ ﻣﻘﺎﻣﻚ ﻻ ﯾُﺴﻤﻊ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻮ أﻣﺮت ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻣﺮوا أﺑﺎ ﺑﻜﺮ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس‪،‬‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﺤﻔﺼﺔ‪ :‬ﻗ ﻮﻟﻲ ﻟ ﮫ‪ :‬إن أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ رﺟ ﻞ أَﺳ ﯿﻒ‪ ،‬وإﻧ ﮫ ﻣﺘ ﻰ ﯾﻘ ﻢ ﻣﻘﺎﻣ ﻚ ﻟ ﻢ ُﯾ ﺴﻤﻊ اﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ‬
‫ﻦ ﺻﻮاﺣﺐ ﯾﻮﺳﻒ‪ ،‬ﻣ ﺮوا أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ دﺧ ﻞ ﻓ ﻲ‬ ‫أﻣﺮتَ ﻋﻤﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬إﻧﻜﻦﱠ ﻷﻧﺘ ﱠ‬
‫ﺟ ﻼه ﺗﺨُﻄ ﺎن ﻓ ﻲ اﻷرض‬ ‫اﻟﺼﻼة وﺟﺪ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ِ‬
‫ﺧ ﱠﻔ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﯾﺘﮭ ﺎدى ﺑ ﯿﻦ رﺟﻠ ﯿﻦ و ِر ْ‬
‫ﺣ ﺴﱠﮫ ذھ ﺐ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﯾﺘ ﺄﺧﺮ‪ ،‬ﻓﺄوﻣ ﺄ إﻟﯿ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪،r‬‬ ‫ﺣﺘ ﻰ دﺧ ﻞ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺳ ﻤﻊ أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ِ‬
‫ﻓﺠــﺎء رﺳﻮل اﻟﻠـﮫ ‪ r‬ﺣﺘـﻰ ﺟﻠﺲ ﻋﻦ ﯾﺴﺎر أﺑﻲ ﺑﻜ ﺮ‪ ،‬ﻓﻜ ﺎن أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ ﯾ ﺼﻠﻲ ﻗﺎﺋﻤ ﺎً‪ ،‬وﻛ ﺎن رﺳ ﻮل‬
‫اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻗﺎﻋﺪاً‪ ،‬ﯾﻘﺘﺪي أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﺼﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬واﻟﻨﺎس ﯾﻘﺘﺪون ﺑﺼﻼة أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿ ﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﮫ« رواه اﻟﺒﺨﺎري‪ .‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وﺟﺎء ﻓﯿﮫ »‪ ...‬ﻓﺄﺟﻠﺴﺎه إﻟﻰ ﺟﻨﺐ أﺑﻲ ﺑﻜ ﺮ‪ ،‬وﻛ ﺎن أﺑ ﻮ ﺑﻜ ﺮ‬
‫ﯾﺼﻠﻲ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺼﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ ،r‬واﻟﻨﺎس ﯾﺼﻠﻮن ﺑ ﺼﻼة أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ‪ ،‬واﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﻗﺎﻋ ﺪ«‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ‬
‫اﻷﺳﯿﻒ‪ :‬أي اﻟﺮﻗﯿﻖ اﻟﺮﺣﯿﻢ‪.‬‬

‫واﻟﺮد ﻋﻠﻰ ھﺆﻻء ﻣﻦ وﺟﻮه‪:‬‬

‫‪546‬‬
‫‪ -1‬إن ﺣﺎدﺛﺔ ﺻﻼة رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬وھﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ‪ ،‬وﺻ ﻼة أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﻣﻘﺘ ﺪﯾًﺎ ﺑ ﮫ وھ ﻮ ﻗ ﺎﺋﻢ واﻟﻨ ﺎس‬
‫ﯾﺼﻠﻮن ﻗﯿﺎﻣﺎً ﺑﺼﻼة أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻗﺪ وردت ﻓﻲ أﺣﺎدﯾﺚ ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك أﺣﺎدﯾﺚ أُﺧﺮى ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‬
‫ل‬
‫ﻗﺪ أوردت اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻐﺎﯾﺮ‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت أن اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻗﺪ ﺻﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳًﺎ ﺧﻠﻒ إﻣﺎﻣﮭﻢ رﺳ ﻮ ِ‬
‫اﷲ ‪ r‬اﻟﺠﺎﻟﺲ‪ ،‬وﯾﻜﻔ ﻲ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ اﻟﻤ ﺎر ﻗﺒ ﻞ ﻗﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ ﺟ ﺎء ﻓﯿ ﮫ »اﺷ ﺘﻜﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ‬
‫وراءه وھﻮ ﻗﺎﻋﺪ وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﯾُﺴﻤﻊ اﻟﻨ ﺎس ﺗﻜﺒﯿ ﺮَه‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻔ ﺖ إﻟﯿﻨ ﺎ ﻓﺮآﻧ ﺎ ﻗﯿﺎﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺄﺷ ﺎر إﻟﯿﻨ ﺎ ﻓﻘﻌ ﺪﻧﺎ‪،‬‬
‫ﻓﺼﻠﯿﻨﺎ ﺑﺼﻼﺗﮫ ﻗﻌﻮدًا« وﺣﯿ ﺚ أن ھ ﺬه اﻟﺤﺎدﺛ ﺔ وردت ﻣ ﺮة ﺑﻜﯿﻔﯿ ﺔ ﻣﻌﯿﻨ ﺔ‪ ،‬ووردت ﺑﻜﯿﻔﯿ ﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔ ﺔ‬
‫ﻣﺮة أُﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ‪ ،‬وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫‪ - 2‬إن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻗﺪ رُوي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ‪ ،‬وھﻨ ﺎك ﺣ ﺪﯾﺚ ﻣ ﺮوي ﻋﻨﮭ ﺎ ھﻜ ﺬا‪ :‬ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ »أن أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ ﺻ ﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ اﻟ ﺼﻒ ﺧﻠﻔ ﮫ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣِﺒﱠﺎن واﺑﻦ ﺧُﺰﯾﻤﺔ‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﻄﺤﺎوي ﺑﻠﻔﻆ »ﺻﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﻣﺮﺿ ﮫ‬
‫اﻟﺬي ﻣﺎت ﻓﯿﮫ ﺧﻠﻒ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﻗﺎﻋ ﺪاً« ﻓﻌﺎﺋ ﺸﺔ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗ ﺪ رُوي ﻋﻨﮭ ﺎ ﻗ ﻮﻻن ﻣﺘﻌﺎرﺿ ﺎن‪:‬‬
‫أﺣﺪھﻤﺎ ﯾﻘﻮل إن اﻹﻣﺎم ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم‪ ،‬وﺛﺎﻧﯿﮭﻤ ﺎ ﯾﻘ ﻮل إن اﻹﻣ ﺎم ﻛ ﺎن أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ‬
‫رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ‪ ،‬ﻓﺼﺎر اﻷﻣﺮ ﻣﺤﺘﻤﻼً‪ ،‬وﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﯾﺴﻘﻂ اﻻﺳﺘﺪﻻل‪.‬‬

‫‪ - 3‬ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺪﻋﻤﮫ وﯾﻘﻮﯾﮫ اﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﻟﺘ ﺎﻟﻲ‪ :‬ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﻗ ﺎل »آﺧِ ُﺮ ﺻ ﻼة‬
‫ﺻﻼھﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻊ اﻟﻘﻮم ﻓﻲ ﺛﻮب واﺣﺪ ﻣﺘﻮﺷﱢﺤًﺎ ﺑﮫ ‪ -‬ﯾﺮﯾﺪ ﻗﺎﻋﺪاً ﺧﻠﻒ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ« رواه اﺑ ﻦ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ورواه أﺣﻤﺪ ﺑﻠﻔﻆ »آﺧﺮ ﺻﻼة ﺻﻼھﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣ ﻊ اﻟﻘ ﻮم ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب واﺣ ﺪ ﻣﺘﻮﺷﱢ ﺤًﺎ ﺑ ﮫ‬ ‫ِ‬
‫ﺧﻠﻒ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ« ورواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي ﺑﻠﻔ ﻆ »ﺻ ﻠﻰ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﻣﺮﺿ ﮫ ﺧﻠ ﻒ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ ﻗﺎﻋ ﺪًا ﻓ ﻲ‬
‫ﺛﻮب ﻣﺘﻮﺷِﺤ ًﺎ ﺑ ﮫ« ‪ .‬وﻗ ﺎل )ھ ﺬا ﺣ ﺪﯾﺚ ﺣ ﺴﻦ ﺻ ﺤﯿﺢ( وھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ﻋ ﻦ أﻧ ﺲ‪ ،‬واﻟ ﺬي ﻗﺒﻠ ﮫ ﻋ ﻦ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﺣﺪﯾﺜﺎن ﺻﺤﯿﺤﺎن ﻻ ﻣﻄﻌ ﻦ ﻓ ﻲ أي ﻣﻨﮭﻤ ﺎ‪ ،‬ﻓﮭ ﻞ ﺑﻌ ﺪ ھ ﺬﯾﻦ اﻟﺤ ﺪﯾﺜﯿﻦ وﺑﻌ ﺪ‬
‫ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﯾﺒﻘﻰ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﻣﺎ ﯾﺘﻤﺴﻜﻮن ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻘ ﻮل ﺑﻨ ﺴﺦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺼﻼة اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﺟﻠﻮﺳًﺎ ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم اﻟﺠﺎﻟﺲ؟ ھﻞ ﯾﺼﺢ ﻧ ﺴﺦ اﻷﺣﺎدﯾ ﺚ اﻟ ﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻜﺜﯿ ﺮة‬
‫ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻣﺤﺘﻤﻞ؟‪.‬‬

‫ﻼ ﻣﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ وأُﺳ ﯿﺪ ﺑ ﻦ ﺣ ﻀﯿﺮ وﻗ ﯿﺲ ﺑ ﻦ‬‫‪ -4‬روى اﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ ﻣﻦ ﻃﺮق أن ﻛ ً‬

‫ﺣﱠﺒ ﺎن )إن ﻣ ﻦ‬
‫ﻗﮭ ﺪ ﻗ ﺪ ﺻ ﻠﻰ إﻣﺎﻣ ًﺎ وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ‪ ،‬وأن اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﺧﻠﻔ ﮫ ﺻ ﻠﻮا ﺟﻠﻮﺳ ﺎً‪ ،‬وﻗ ﺎل اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺣ ﻀﯿﺮ وﻗ ﯿﺲ اﺑ ﻦ‬ ‫أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أرﺑﻌﺔ أﻓﺘﻮا ﺑﮫ‪ :‬ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ وأﺑﻮ ھﺮﯾﺮة وأُﺳﯿﺪ اﺑ ﻦ ُ‬
‫ﻗﮭﺪ‪ ،‬واﻹﺟﻤﺎع ﻋﻨﺪﻧﺎ إﺟﻤﺎع اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ‪ ...‬وﻟﻢ ﯾُﺮو ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺧﻼف ﻟﮭﺆﻻء اﻷرﺑﻌ ﺔ ﻻ‬
‫ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﻣﺘ ﺼﻞ وﻻ ﻣﻨﻘﻄ ﻊ‪ ،‬ﻓﻜ ﺄن اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ أﺟﻤﻌ ﻮا ﻋﻠ ﻰ أن اﻹﻣ ﺎم إذا ﺻ ﻠﻰ ﻗﺎﻋ ﺪاً ﻛ ﺎن ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ أن ﯾﺼﻠﻮا ﻗﻌﻮدًا( وﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق )وﻣﺎ رأﯾﺖ اﻟﻨﺎس إﻻ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻣﺎم إذا ﺻﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪًا‬
‫ﺻﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﮫ ﻗﻌﻮداً‪ ،‬وھﻲ ﺳُﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ واﺣﺪ( وﺣﯿﺚ أن اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﺟﻤﻌ ﻮا أو ﻛ ﺎدوا‪ ،‬وﺣﯿ ﺚ أن‬
‫ذﻟﻚ ﺳُﻨﺔ ﻓﮭﻞ ﯾﺼﺢ ﺑﻌﺪﺋﺬ اﻟﻘﻮل ﺑﺎﻟﻨﺴﺦ‪ ،‬وھﻞ أﺣﺪٌ أﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ؟‪.‬‬

‫‪ - 5‬إن اﻟﺮﺳ ﻮل ‪ r‬ﻗ ﺪ أﻣ ﺮ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ ﺑﺎﻻﻗﺘ ﺪاء ﺑﺎﻹﻣ ﺎم ﻓ ﻲ ﻗﯿﺎﻣ ﮫ وﺟﻠﻮﺳ ﮫ‪ ،‬وﻋﻨ ﺪﻣﺎ رآھ ﻢ‬
‫ن ﻛ ﺪﺗﻢ آﻧﻔ ًﺎ ﻟﺘﻔﻌﻠ ﻮن ﻓﻌ ﻞ ﻓ ﺎرس واﻟ ﺮوم‬ ‫ﯾﺨﺎﻟﻔﻮن إﻣﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﺧﻠﻔﮫ ﻗﯿﺎﻣ ﺎً وھ ﻮ ﺟ ﺎﻟﺲ ﻗ ﺎل »إ ْ‬
‫ﯾﻘﻮﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻮﻛﮭﻢ وھﻮ ﻗﻌﻮد«‪ .‬وﻗﺪ ﻗﺮأت ﺗﻌﻠﯿﻘ ًﺎ ﻟﻄﯿﻔ ًﺎ ﻷﺣﻤ ﺪ ﻣﺤﻤ ﺪ ﺷ ﺎﻛﺮ ﻋﻠ ﻰ ھ ﺬه اﻟﻤ ﺴﺄﻟﺔ‬
‫أﻧﻘﻠﮫ ﻟﻜﻢ ) ودﻋﻮى اﻟﻨ ﺴﺦ ﯾﺮدھ ﺎ ﺳ ﯿﺎق أﺣﺎدﯾ ﺚ اﻷﻣ ﺮ ﺑ ﺎﻟﻘﻌﻮد وأﻟﻔﺎﻇﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓ ﺈن ﺗﺄﻛﯿ ﺪ اﻷﻣ ﺮ ﺑ ﺎﻟﻘﻌﻮد‬
‫ﺑﺄﻋﻠﻰ أﻟﻔﺎظ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻣﻊ اﻹﻧﻜﺎر ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺄﻧﮭﻢ ﻛﺎدوا ﯾﻔﻌﻠﻮن ﻓﻌ ﻞ ﻓ ﺎرس واﻟ ﺮوم ﯾﺒﻌ ﺪ ﻣﻌﮭﻤ ﺎ اﻟﻨ ﺴﺦ ‪،‬‬
‫ن ﻋﻠﺔ اﻟﺘﺸﺒﱡﮫ ﺑﻔﻌ ﻞ اﻷﻋ ﺎﺟﻢ زاﻟ ﺖ‪،‬‬ ‫إﻻ إن ورد ﻧﺺ ﺻﺮﯾﺢ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ إﻋﻔﺎﺋﮭﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ وأ ﱠ‬
‫وھﯿﮭﺎت أن ﯾﻮﺟﺪ ھﺬا اﻟﻨﺺ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ زﻋﻤﻮه ﻟﻠﻨﺴﺦ ھ ﻮ ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ ‪ -‬أﻋﻨ ﻲ ﻓ ﻲ ﺻ ﻼة اﻟﻨﺒ ﻲ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺮض ﻣﻮﺗﮫ ﻣﻊ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ‪ -‬وﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻣﻤﺎ أرادوا ‪.(...‬‬

‫‪547‬‬
‫‪ - 6‬وأﻗﻮل أﺧﯿﺮًا ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﻋﻠﻰ اﻓﺘﺮاض أﻧ ﮫ ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ ﻧ ﺼﻮص ﺗﻌ ﺎرض ﺣ ﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋ ﺸﺔ اﻷول‬
‫اﻟﺬي ﯾﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ادﱢﻋﺎء اﻟﻨﺴﺦ ‪ ،‬وﻗﻄﻌ ﺎً ﻟﻠﺤﺠ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﮫ ﻻ ﺣﺎﺟ ﺔ ﺑﮭ ﻢ إﻟ ﻰ اﻟﻘ ﻮل ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺦ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺤﻤﻠﻮا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ ﺧ ﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿ ﮫ اﻟ ﺼﻼة واﻟ ﺴﻼم ‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨ ﻰ أﻧ ﮫ ﻣ ﺎ‬
‫ﻛﺎن ﻟﻐﯿﺮ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻜﻮن إﻣﺎﻣًﺎ ﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ ﺗ ﺬﻛﺮ أن أﺑ ﺎ ﺑﻜ ﺮ ﻛ ﺎن اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬وأن اﻟﻨ ﺎس‬
‫ﺧﻠﻔﮫ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺄﺗﻤﻮن ﺑﮫ وﯾﻘﺘﺪون ﺑﮫ‪ ،‬وأن أﺑﺎ ﺑﻜ ﺮ ﻛ ﺎن ﯾ ﺄﺗﻢﱡ وﯾﻘﺘ ﺪي ﺑﺮﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬ﻓﺎﻷﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗﻘ ﻮل‬
‫»وﻛﺎن أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﯾﺼﻠﻲ وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﺑ ﺼﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬واﻟﻨ ﺎس ﯾ ﺼﻠﻮن ﺑ ﺼﻼة أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮ« ووﻗ ﻊ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن وﻏﯿﺮه »ﻓﻜﺎن أﺑﻮ ﺑﻜ ﺮ ﯾ ﺄﺗ ﱡﻢ ﺑ ﺎﻟﻨﺒﻲ ‪ ،r‬واﻟﻨ ﺎس ﯾ ﺄﺗﻤﻮن ﺑ ﺄﺑﻲ ﺑﻜ ﺮ« ﻓﮭ ﻞ‬ ‫ﻓﻲ رواﯾ ٍﺔ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ِ‬
‫ﯾﻘ ﻮل اﻟ ﺸﺎﻓﻌﯿﻮن إن اﻟ ﺼﻼة ﺑﺈﻣ ﺎﻣﯿﻦ ﻓ ﻲ وﻗ ﺖ واﺣ ﺪ ﺟ ﺎﺋﺰ وﻣ ﺸﺮوع؟ أﻻ ﯾ ﺪل ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ أﻧ ﮫ ﻣ ﻦ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﻘﻠﺪه ﻓﯿﮫ؟‪.‬‬

‫إن ھﺬه اﻟﺒﻨﻮد ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ وﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺗُﺴﻘﻂ اﻻدﻋﺎء ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻨﺴﺦ ‪ ،‬وﯾﺒﻘﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎﻣًﺎ وﻣﺤﻜﻤًﺎ ﺑ ﺄن‬
‫اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﯾﺼﻠﻮن ﺟﻠﻮﺳًﺎ ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم اﻟﺠﺎﻟﺲ‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺨ ّﻞ ﺑﺸﺮوط اﻟﺼﻼة‬

‫ﺐ أو َﻣ ﻦ ﻟ ﯿﺲ ﻋﻠ ﻰ وﺿ ﻮء وھ ﻮ ﻻ ﯾﻌﻠ ﻢ ﺣﺘ ﻰ ﺧ ﺮج ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺈن‬ ‫ﺟُﻨ ٌ‬
‫إذا أ ﱠم اﻟﻨ ﺎس ُ‬
‫اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻻ ﯾﻌﯿ ﺪون ﺻ ﻼﺗﮭﻢ ﻷﻧﮭ ﺎ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟ ﺔ‪ ،‬وﯾﻌﯿ ﺪھﺎ اﻹﻣ ﺎم وﺣ ﺪه ﻷن اﻟﻄﮭ ﺎرة ﺷ ﺮط‬
‫ﻞ اﻹﻣﺎم ﺑﺄي ﺷﺮط وأﻧﮭﻰ ﺻﻼﺗﮫ دون ﻋﻠﻢ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‬ ‫ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﺪوﻧﮭﺎ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ إذا أﺧ ﱠ‬
‫ﻓ ﺼﻼﺗﮭﻢ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﺻ ﻼﺗﮫ وﺣ ﺪه ﺑﺎﻃﻠ ﺔ ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠﯿ ﮫ إﻋﺎدﺗﮭ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺪ وردت ﻋ ﺪة آﺛ ﺎر ﻋ ﻦ ﻛﺒ ﺎر‬
‫ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬أﻧﮭﻢ ﺻﻠﻮا ﺑﺎﻟﻨﺎس وھﻢ ﺟﻨﺐ‪ ،‬أو وھﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ وﺿﻮء‪ ،‬دون ﻋﻠﻢ ﻣﻨﮭﻢ وﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ إﻧﮭﻢ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮا ﺑ ﺬﻟﻚ ﺑﻌ ﺪ اﻧﻘ ﻀﺎء ﺻ ﻼﺗﮭﻢ أﻋ ﺎدوا ھ ﻢ وﺣ ﺪھﻢ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮوا‬
‫اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺑﺈﻋﺎدة ﺗـﻠﻚ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻛﻞ ذﻟ ﻚ ﻋﻠ ﻰ ﻣ ﺮأى وﻣ ﺴﻤﻊ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿ ﻮان اﷲ‬
‫ﻋﻠﯿﮭﻢ دون إﻧﻜﺎر ﻣﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ إﺟﻤﺎﻋ ًﺎ‪ .‬ﻓﻌﻦ اﻷﺳﻮد ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﻣ ﻊ ﻋﻤ ﺮ ﺑ ﻦ اﻟﺨﻄ ﺎب‬
‫ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف ﻓ ﺮأى ﻓ ﻲ ﺛﻮﺑ ﮫ اﺣﺘﻼﻣ ﺎً‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ وﻏ ﺴﻞ ﻣ ﺎ رأى ﻓ ﻲ‬
‫ﺛﻮﺑ ﮫ وأﻋ ﺎد ﺻ ﻼﺗﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﻧُﻌ ﺪ ﺻ ﻼﺗﻨﺎ« رواه اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر‪ .‬وﻋ ﻦ اﻟ ﺸﺮﯾﺪ اﻟﺜﻘﻔ ﻲ »أن ﻋﻤ ﺮ ﺻ ﻠﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﻨ ﺎس وھ ﻮ ﺟﻨ ﺐ‪ ،‬ﻓﺄﻋ ﺎد وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﻌﯿ ﺪوا« رواه اﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ ﺑ ﺴﻨﺪ رواﺗ ﮫ ﺛﻘ ﺎت‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﻄﻠِﻖ »أن ﻋﺜﻤ ﺎن ﺻ ﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨ ﺎس ﺻ ﻼة اﻟﻔﺠ ﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو اﺑﻦ اﻟﺤﺎرث ﺑ ﻦ اﻟﻤ ﺼ َ‬
‫ﺖ وﻻ أﻋﻠ ﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻏﺘ ﺴﻞ‬ ‫ت واﷲ‪ ،‬أﺟﻨﺒ ُ‬
‫ت واﷲ‪ ،‬ﻛﺒ ﺮ ُ‬‫اﻟﻨﮭ ﺎر رأى أﺛ ﺮ اﻟﺠﻨﺎﺑ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﻓﺨ ﺬه ﻓﻘ ﺎل‪ :‬ﻛﺒ ﺮ ُ‬
‫وأﻋﺎد اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟ ﻢ ﯾ ﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﻌﯿ ﺪوا« رواه اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر واﻷﺛ ﺮم واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟ ﺪار ﻗﻄﻨ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫ﻧﺎﻓﻊ »أن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺻﻠﻰ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ ‪ ،‬ﺛﻢ ذﻛـﺮ أﻧﮫ ﻣﺲﱠ ذﻛﺮه ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﻌﯿﺪوا« رواه‬
‫اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬ورواه اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر وﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق واﺑﻦ أﺑﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﯾﺴﯿﺮ‪.‬‬

‫ﻼ وھﻮ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﻓﺈن ﺻﻼة اﻟﻤﺆﺗﻤﯿﻦ ﺑ ﮫ‬ ‫ﻓﺎﻹﻣﺎم إذا أﺧﻞ ﺑﺸﺮط ﻣﻦ ﺷﺮوط اﻟﺼﻼة ﻛﺎﻟﻄﮭﺎرة ﻣﺜ ً‬
‫ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﺳﻮاء ﺗﻤﺖ اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻹﺧﻼل أو ﺣﺼﻞ ﺗﺪارك ﻟﮫ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﻓ ﺎﻟﻌﺒﺮة ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫أن ﯾﻜﻮن ﻗ ﺪ ﺣ ﺼﻞ ﻣ ﺎ ﺣ ﺼﻞ ﺑ ﺪون ﻋﻠ ﻢ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬أﻣ ﺎ إذا ﻛ ﺎن اﻹﻣ ﺎم ﯾﻌﻠ ﻢ ﺑﻮﺟ ﻮد اﻹﺧ ﻼل‪ ،‬وﻛ ﺎن‬
‫اﻟﻤﺆﺗﻤﻮن ﯾﻌﻠﻤﻮن ﺑﻮﺟﻮده ﻟﺪى اﻹﻣﺎم‪ ،‬ﻓﺈن ﺻﻼة اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ‪.‬‬

‫ﻞ ﺑ ﺸﺮوط اﻟ ﺼﻼة أو اﻧ ﺘﻘﺺ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺷ ﯿﺌﺎً ﻓ ﺈن ﻣ ﺮدوده راﺟ ﻊ‬

‫واﻟﺨﻼﺻ ﺔ أن اﻹﻣ ﺎم إن ھ ﻮ أﺧ ﱠ‬
‫ﻋﻠﯿﮫ وﺣﺪه‪ ،‬وﻻ ﯾﻀﯿﺮ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺷﺊ إﻻ أن ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﻌﻠﻤ ﻮن وﯾﺮﺿ ﻮن ﻓﯿ ﺸﺎرﻛﻮه ﻓ ﻲ أﻣ ﺮه‪ ،‬وذﻟ ﻚ‬
‫ﻟﻸدﻟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬وﻟﻤﺎ روى ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﻗﺎل‪ :‬ﺳ ﻤﻌﺖ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﻘ ﻮل » َﻣ ﻦ أ ﱠم اﻟﻨ ﺎس ﻓﺄﺻ ﺎب‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن واﺑ ﻦ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ واﺗﻢﱠ اﻟﺼﻼة ﻓﻠﮫ وﻟﮭﻢ‪ ،‬وﻣﻦ اﻧﺘﻘﺺ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺷﯿﺌ ًﺎ ﻓﻌﻠﯿﮫ وﻻ ﻋﻠﯿﮭﻢ« رواه اﺑﻦ ِ‬
‫ﺧُﺰﯾﻤﺔ وأﺣﻤﺪ وأﺑﻮ داود واﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ‪.‬‬

‫‪548‬‬
 ‫اﻹﻣﺎم ﯾﺴﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ‬
‫ﻟﻺﻣﺎم أن ﯾﺴﺘﺨﻠﻒ أﺣﺪًا ﻣﻤﻦ ﯾﻘﻔﻮن ﺧﻠﻔﮫ ﯾﻘﺪﱢﻣﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻟﯿﺆﻣﮭﻢ ﺑﺪﻟﮫ‪ ،‬وﻟﮫ أن ﻻ ﯾﺴﺘﺨﻠﻒ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ‬
‫ﯾﻨﺼﺮف ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻌﺎرض اﻟ ﺬي ﯾﺤ ﻮل دون ﻣﻮاﺻ ﻠﺔ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬ﺛ ﻢ ﯾﻌ ﻮد ﻹﻣ ﺎﻣﺘﮭﻢ‪ ،‬ﻛ ﺄن‬
‫ﯾﺘﺬﻛﺮ أﻧﮫ ﺟﻨﺐ ‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ وﺿﻮء‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ ﺛﯿﺎﺑﮫ ﻧﺠﺎﺳﺔ دون أن ﯾﻜﻮن ذھﺎﺑ ﮫ ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﻌ ﺎرض‬
‫ﯾﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ زﻣ ﻦ ﻃﻮﯾ ﻞ ﯾ ﺸﻖ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑﻜ ﺮة رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬‬
‫اﺳﺘﻔﺘﺢ اﻟﺼﻼة ﻓﻜﺒﱠﺮ‪ ،‬ﺛﻢ أوﻣﺄ إﻟ ﯿﮭﻢ أنْ ﻣﻜ ﺎﻧَﻜﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ دﺧ ﻞ ﻓﺨ ﺮج ورأﺳ ﮫ ﯾﻘﻄ ﺮ ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﮭ ﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤ ﺎ‬
‫ﺣﺒﱠ ﺎن‬
‫ﻗﻀﻰ اﻟﺼﻼة ﻗﺎل‪ :‬إﻧﻤﺎ أﻧﺎ ﺑﺸﺮ وإﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺟﻨﺒ ًﺎ« رواه أﺣﻤ ﺪ ‪ .‬وروى ﻧﺤ ﻮه أﺑ ﻮ داود واﺑ ﻦ ِ‬
‫ﺟﻨُﺐ وھﻮ ﻓﻲ اﻟ ﺼﻼة ﻟ ﻢ ﯾ ﺴﺘﺨﻠﻒ أﺣ ﺪاً‪ ،‬ﺑ ﻞ ذھ ﺐ ﻣ ﺴﺮﻋ ًﺎ‬ ‫واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮ أﻧﮫ ُ‬
‫ﻹزاﻟﺔ اﻟﻌﺎرض وھﻮ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺎد ﻓﺄمﱠ اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫ﻼ‬
‫ﻲ ﻓﺮﻋ ﻒ‪ ،‬ﻓﺄﺧ ﺬ رﺟ ً‬‫أﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺟ ﻮاز اﻻﺳ ﺘﺨﻼف ﻓﻤ ﺎ رواه أﺑ ﻮ رزﯾ ﻦ ﻗ ﺎل »أﻣﱠﻨ ﺎ ﻋﻠ ﱞ‬
‫ﻓﻘﺪﱠﻣﮫ وﺗﺄﺧﱠﺮ« رواه ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق وﺳﻌﯿﺪ ﺑ ﻦ ﻣﻨ ﺼﻮر‪ .‬وھ ﺬا اﻟﻔﻌ ﻞ وإن ﻛ ﺎن ﻣ ﻦ ﺻ ﺤﺎﺑﻲ‪ ،‬إﻻ أﻧ ﮫ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻻﺳﺘﺨﻼف‪.‬‬ ‫ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى وﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺮوه‪ ،‬ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ دﻟﯿ ً‬

‫اﻹﻣﺎم ﯾﻜﺮھﮫ اﻟﻤﺼﻠﻮن‬

‫إﻣﺎﻣﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﺬي ﯾﻜﺮھﮫ اﻟﻤﺼﻠﻮن ﺣﺮام ﻻ ﺗﺤ ﻞﱡ ﻟ ﮫ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ اﻟ ﺼﻼة ﺧﻠﻔ ﮫ ﺟ ﺎﺋﺰة وﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻌﻦ أﺑﻲ أُﻣﺎﻣﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪» r‬ﺛﻼﺛﺔ ﻻ ﺗﺠﺎوز ﺻﻼﺗﮭﻢ آذاﻧﮭﻢ‪ ،‬اﻟﻌﺒ ُﺪ اﻵﺑﻖ‬
‫ﺣﺘﻰ ﯾﺮﺟﻊ‪ ،‬واﻣﺮأة ﺑﺎﺗﺖ وزوﺟﮭ ﺎ ﻋﻠﯿﮭ ﺎ ﺳ ﺎﺧﻂ‪ ،‬وإﻣ ﺎ ُم ﻗ ﻮ ٍم وھ ﻢ ﻟ ﮫ ﻛ ﺎرھﻮن« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي‪.‬‬
‫وﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻋ ﻦ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗ ﺎل »ﺛﻼﺛ ﺔ ﻻ ﺗﺮﺗﻔ ﻊ ﺻ ﻼﺗﮭﻢ ﻓ ﻮق رؤوﺳ ﮭﻢ‬
‫ﺷﺒﺮاً‪ ،‬رﺟﻞٌ أمﱠ ﻗﻮﻣﺎً وھﻢ ﻟﮫ ﻛﺎرھﻮن‪ ،‬واﻣﺮأة ﺑﺎﺗﺖ وزوﺟﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺳﺎﺧﻂ‪ ،‬وَأﺧَﻮان ﻣﺘ ﺼﺎرﻣﺎن«‬
‫رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ .‬ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﮫ ﻻ ﺗﺠﺎوز اﻷذن‪ ،‬وﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻮق اﻟﺮأس ﻓﺈن ھﺬه اﻟﺼﻼة ﻻ ﺷ ﻚ‬
‫ﺣﺮام‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻜﺮوھﺔ ﻓﺤﺴﺐ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑ ﺬﻟﻚ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘﮭ ﺎء‪ ،‬واﻟﻤﻘ ﺼﻮد ﺑ ُﻜ ْﺮ ِه اﻟﻤ ﺼﻠﯿﻦ ﻟﻺﻣ ﺎم‬
‫ﻼ ﻣ ﻦ ﺑ ﯿﻦ ﺟﻤﮭ ﻮر‬ ‫ﻛ ﺮه اﻟﻜﺜ ﺮ ِة ﻣ ﻨﮭﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾ ﻀﯿﺮ ھ ﺬه اﻹﻣﺎﻣ ﺔ أن ﯾﻜﺮھﮭ ﺎ ﺷﺨ ﺼﺎن أو ﺛﻼﺛ ﺔ ﻣ ﺜ ً‬
‫اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ﺑﺎﻟﻜﺜﺮة‪.‬‬

‫ب‪ .‬ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﺼﻠﯿﻦ‬

‫أﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻟﻮاﺣﺪ وأﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻹﺛﻨﺎن ﻓﺼﺎﻋـﺪًا‬

‫ﻼ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻦ اﻹﻣ ﺎم دون أن ﯾﺘﻘ ﺪم ﻋﻠﯿ ﮫ اﻹﻣ ﺎم ﺑ ﺸﺊ‪ ،‬ﻓ ﺈذا ﺟ ﺎء رﺟ ﻞ‬ ‫ﯾﻘﻒ اﻟﻮاﺣﺪ إذا ﻛﺎن رﺟ ً‬
‫ن اﺻﻄﻒ اﻻﺛﻨﺎن ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم‪ ،‬وﻛ ﺬﻟﻚ ﯾﻔﻌﻠ ﻮن إن ﻛ ﺎﻧﻮا أﻛﺜ ﺮ ﻣ ﻦ اﺛﻨ ﯿﻦ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﻮن‬ ‫ﺛﺎ ٍ‬
‫ﻒ اﻟﺮﺟ ﻞ‬
‫رﺟﻼً وﻃﻔﻼً ﻓﺤﺴﺐ اﺻﻄﻔﱠﺎ ﺧﻠ ﻒ اﻹﻣ ﺎم ﻛ ﺬﻟﻚ‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎﻧﻮا رﺟ ﻼً وﻃﻔ ﻼً واﻣ ﺮأة اﺻ ﻄ ﱠ‬
‫ﻼ واﻣﺮأة ﻓﻘﻂ وﻗﻒ اﻟﺮﺟ ﻞ ﻋ ﻦ‬ ‫واﻟﻄﻔﻞ ﺧﻠﻒ اﻹﻣﺎم‪ ،‬ووﻗﻔﺖ اﻟﻤﺮأة ﺧﻠﻔﮭﻤﺎ وﺣﺪھﺎ‪ ،‬وإذا ﻛﺎﻧﻮا رﺟ ً‬
‫ﯾﻤﯿﻦ اﻹﻣﺎم ووﻗﻔﺖ اﻟﻤﺮأة ﺧﻠﻔﮭﻤ ﺎ وﺣ ﺪھﺎ‪ .‬ﻓﻌ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ ﺑ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻗ ﺎل »ﻛﻨ ﺖ ﻣ ﻊ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺳﻔﺮ‪ ...‬ﻓﺠﺎء ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻗ ﺎم ﻓ ﺼﻠﻰ ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب واﺣ ﺪ ﺧ ﺎﻟﻒ ﺑ ﯿﻦ ﻃﺮﻓﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﻘﻤ ﺖ‬
‫ﺧﻠﻔﮫ ﻓﺄﺧﺬ ﺑ ﺄذﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨ ﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ« رواه ﻣ ﺴﻠﻢ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﺒ ﺪ اﷲ ﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺑﻌﺜﻨﻲ اﻟﻌﺒﺎس إﻟﻰ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬وھ ﻮ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﺖ ﺧ ﺎﻟﺘﻲ ﻣﯿﻤﻮﻧ ﺔ‪ ،‬ﻓﺒ ﱡ‬
‫ﺖ ﻣﻌ ﮫ‬
‫ﺗﻠ ﻚ اﻟﻠﯿﻠ ﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎم ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣ ﻦ اﻟﻠﯿ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘﻤ ﺖ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‪ ،‬ﻓﺘﻨ ﺎوﻟﻨﻲ ﻣ ﻦ ﺧﻠ ﻒ ﻇﮭ ﺮه ﻓﺠﻌﻠﻨ ﻲ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﯾﻤﯿﻨﮫ« رواه ﻣﺴﻠﻢ‪ .‬وﻋﻨﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل »أﺗﯿﺖ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﻓ ﺼﻠﯿﺖ ﺧﻠﻔ ﮫ‪،‬‬

‫‪549‬‬
‫ﻓﺄﺧﺬ ﺑﯿﺪي ﻓﺠﺮﱠﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﺣﺬاءه‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ أﻗﺒﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﮫ ﺧﻨﺴﺖُ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ‬
‫‪ ،r‬ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺼﺮف ﻗﺎل ﻟﻲ‪ :‬ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻲ أﺟﻌﻠﻚ ﺣﺬاﺋﻲ ﻓﺘﺨ ُﻨﺲُ؟ ﻓﻘﻠﺖ‪ :‬ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ َأ َو ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻷﺣ ﺪ أن‬
‫ﯾﺼﻠﻲ ﺣﺬاءك وأﻧ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ اﻟ ﺬي أﻋﻄ ﺎك اﷲ؟ ﻗ ﺎل‪ :‬ﻓﺄﻋﺠﺒﺘ ﮫ ﻓ ﺪﻋﺎ اﷲ ﻟ ﻲ أن ﯾﺰﯾ ﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤ ًﺎ‬
‫وﻓﮭﻤ ﺎً ‪ «...‬رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود واﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﺮﱠ ذﻛ ﺮ ھ ﺬا اﻟﺤ ﺪﯾﺚ ووﺟ ﮫ‬
‫اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ]ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺈﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮم واﺣ ﺪ [ ﻓ ﺼﻞ ]ﺻ ﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋ ﺔ[‪ .‬وﻋ ﻦ ﺟ ﺎﺑﺮ‬
‫ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ اﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬ﻓﺠﺌﺖ ﻓﻘﻤﺖ إﻟ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ ﻋ ﻦ ﯾ ﺴﺎره‪،‬‬
‫ﺐ ﻟ ﻲ ﻓ ﺼﻔﻔﻨﺎ ﺧﻠﻔ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﻰ ﺑﻨ ﺎ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﻓ ﻲ ﺛ ﻮب‬ ‫ﻓﻨﮭﺎﻧﻲ ﻓﺠﻌﻠﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓﺠ ﺎء ﺻ ﺎﺣ ٌ‬
‫واﺣﺪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﯿ ﮫ« رواه أﺣﻤ ﺪ وﻣ ﺴﻠﻢ وأﺑ ﻮ داود‪ .‬وﻓ ﻲ رواﯾ ﺔ ﻣ ﺴﻠﻢ »ﻓﺄﺧ ﺬ ﺑﺄﯾ ﺪﯾﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌ ًﺎ‬
‫ﻓﺪﻓﻌﻨﺎ ﺣﺘﻰ أﻗﺎﻣﻨﺎ ﺧﻠﻔﮫ«‪ .‬وﻋﻦ أﻧﺲ اﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ »أن ﺟﺪﱠﺗ ﮫ ُﻣ َﻠﯿْﻜ ﺔ دﻋ ﺖ رﺳ ﻮل اﷲ‬
‫‪ r‬ﻟﻄﻌﺎم ﺻﻨﻌﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺄﻛﻞ ﻣﻨﮫ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻮﻣﻮا ﻓﻸُﺻَﻞﱢ ﻟﻜﻢ‪ ،‬ﻗﺎل أﻧﺲ‪ :‬ﻓﻘﻤ ُ‬
‫ﺖ إﻟﻰ ﺣ ﺼﯿﺮ ﻟﻨ ﺎ ﻗ ﺪ اﺳ ﻮدﱠ‬
‫ﻣﻦ ﻃﻮل ﻣﺎ ُﻟﺒِﺲ‪ ،‬ﻓﻨﻀﺤﺘﮫ ﺑﻤﺎء ﻓﻘﺎم ﻋﻠﯿ ﮫ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ ،r‬وﺻ ﻔﻔﺖ أﻧ ﺎ واﻟﯿﺘ ﯿﻢ وراءه واﻟﻌﺠ ﻮز‬
‫ﻣﻦ وراﺋﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﻟﻨ ﺎ رﻛﻌﺘ ﯿﻦ‪ ،‬ﺛ ﻢ اﻧ ﺼﺮف ‪ «r‬رواه أﺑ ﻮ داود وأﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ وﻣﺎﻟ ﻚ‪.‬‬
‫وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﯿﺖ ﻣ ﻊ اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ ،r‬وﻋﺎﺋ ﺸﺔ ﺧﻠﻔﻨ ﺎ وأﻧ ﺎ إﻟ ﻰ ﺟﻨ ﺐ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬أُﺻﻠﻲ ﻣﻌﮫ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺼﺒﯿﺎن واﻟﻨﺴﺎء‬

‫ﯾﻘﻒ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺻﻔًﺎ واﺣﺪًا أو أﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻘﻒ اﻟ ﺼﺒﯿﺎن ﺧﻠﻔﮭ ﻢ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﺗﻘ ﻒ اﻟﻨ ﺴﺎء ﺧﻠ ﻒ‬
‫اﻟﺼﺒﯿﺎن‪ ،‬وإذا ﻛ ﺎن ﺻ ﺒﻲ واﺣ ﺪ ﻓﻘ ﻂ وﻗ ﻒ ﻓ ﻲ ﺻ ﻒ اﻟﺮﺟ ﺎل‪ ،‬أﻣ ﺎ إن ﻛ ﺎن اﻟ ﺼﺒﯿﺎن اﺛﻨ ﯿﻦ ﻓ ﺄﻛﺜﺮ‬
‫ﻼ ﺧﻠ ﻒ‬ ‫ﻓﺎﻷﻓ ﻀﻞ واﻟ ﺴﱡﻨﱠﺔ ھ ﻲ أن ﯾﺨﺮﺟ ﻮا ﻣ ﻦ ﺻ ﻒ اﻟﺮﺟ ﺎل وﯾﻜﻮﱢﻧ ﻮا ﻣ ﻦ أﻧﻔ ﺴﮭﻢ ﺻ ﻔًﺎ ﻣﻨﻔ ﺼ ً‬
‫اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬واﻟﻨﺴﺎء ﯾﺸﻜﱢﻠﻦ ﺻﻔﺎً ﺧﻠﻒ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ .‬وإذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى اﻣﺮأة واﺣﺪة ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻘﻒ وﺣﺪھﺎ ﺧﻠﻒ‬
‫اﻟ ﺼﻔﻮف‪ ،‬ﻓ ﺈن دﺧﻠ ﺖ ﻓ ﻲ ﺻ ﻒ اﻟ ﺼﺒﯿﺎن ﻓﻘ ﺪ ﺧﺎﻟﻔ ﺖ اﻟ ﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﺻ ﻼﺗﮭﺎ ﺻ ﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ﻋﺒ ﺪ‬
‫ﻏﻨْﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل أﺑ ﻮ ﻣﺎﻟ ﻚ اﻷﺷ ﻌﺮي ﻟﻘﻮﻣ ﮫ »أَﻻ أُﺻ ﻠﻲ ﻟﻜ ﻢ ﺻ ﻼة رﺳ ﻮل اﷲ ‪r‬؟ ﻓ ﺼﻒ‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ َ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل ﺛﻢ ﺻ ﻒ اﻟﻮﻟ ﺪان ﺛ ﻢ ﺻ ﻒ اﻟﻨ ﺴﺎء ﺧﻠ ﻒ اﻟﻮﻟ ﺪان« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ‪ .‬وﻋ ﻦ‬
‫أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل »ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﺗﻄﻮﻋﺎً‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻓﻘﺎﻣﺖ أم ُ‬
‫ﺳ َﻠﯿْﻢ وأم ﺣﺮام‬
‫ﺧﻠﻔﻨ ﺎ‪ ،‬ﻗ ﺎل ﺛﺎﺑ ﺖ‪ :‬ﻻ أﻋﻠﻤ ﮫ إﻻ ﻗ ﺎل‪ :‬وأﻗ ﺎﻣﻨﻲ ﻋ ﻦ ﯾﻤﯿﻨ ﮫ‪ ،‬ﻓ ﺼﻠﯿﻨﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺑ ﺴﺎط« رواه أﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ‬
‫داود‪ .‬وﻣﺮﱠ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺪﯾﺚ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]أﯾ ﻦ ﯾﻘ ﻒ اﻟﻮاﺣ ﺪ وأﯾ ﻦ ﯾﻘ ﻒ‬
‫اﻻﺛﻨﺎن ﻓﺼﺎﻋﺪًا[ وﻓﯿﮫ ]وﺻﻔﻔﺖ أﻧﺎ واﻟﯿﺘﯿﻢ وراءه[‪ .‬ﻣﻤ ﺎ ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن اﻟ ﺼﺒﻲ إن ﻛ ﺎن وﺣ ﺪه دﺧ ﻞ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻒﱢ اﻟﺮﺟﺎل‪.‬‬

‫ﺻﻼة اﻟﺮﺟﻞ وﺣﺪه ﺧﻠﻒ اﻟﺼﻔﻮف‬

‫إذا اﻛﺘﻤﻠﺖ اﻟﺼﻔﻮف ﺟﺎز ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻟﻤﻨﻔﺮد أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻔﻮف وﺣ ﺪه‪ ،‬وﻻ ﯾﻠﺰﻣ ﮫ ﺟ ﺬب‬
‫ﺷ ﺨﺺ ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻒ اﻟ ﺬي أﻣﺎﻣ ﮫ ﻟﯿ ﺼﻠﻲ ﻣﻌ ﮫ ﻣُﻜﻮﱢﻧ ًﺎ ﻣﻌ ﮫ ﺻ ﻔﺎً‪ ،‬وﻛ ﻞ ﻣ ﺎ رُوي ﻣ ﻦ أﺣﺎدﯾ ﺚ ﺗ ﺄﻣﺮ‬
‫اﻟﻤ ﺼﻠﻲ وﺣ ﺪه أن ﯾﺠ ﺬب إﻟﯿ ﮫ أﺣ ﺪاً ﻣ ﻦ اﻟ ﺼﻒ اﻟ ﺬي أﻣﺎﻣ ﮫ ھ ﻲ ﺿ ﻌﯿﻔﺔ أو واھﯿ ﺔ ﻻ ﺗ ﺼﻠﺢ‬
‫ﻼ ﺻ ﻠﻰ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻔﻮف وﺣ ﺪه‪،‬‬ ‫ﻼ روى واﺑ ﺼﺔ ﻣ ﺎ ﯾﻠ ﻲ » رأى رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رﺟ ً‬ ‫ﻟﻼﺣﺘﺠ ﺎج‪ ،‬ﻓﻤ ﺜ ً‬
‫ﻼ ﻓﻘ ﺎم ﻣﻌ ﻚ؟ أﻋ ﺪ ﺻ ﻼﺗﻚ«‬ ‫ﻓﻘﺎل‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻟﻤﺼﻠﻲ وﺣﺪه أﻻ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺼﻒ‪ ،‬أو ﺟﺮرت إﻟﯿﻚ رﺟ ً‬
‫رواه اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ‪ ،‬وﻗ ﺎل اﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ ]ﺗﻔ ﺮد ﺑ ﮫ اﻟ ﺴﺮي ﺑ ﻦ إﺳ ﻤﺎﻋﯿﻞ وھ ﻮ ﺿ ﻌﯿﻒ[ وﻋ ﻦ اﺑ ﻦ‬
‫ﻋﺒﺎس »أن اﻟﻨﺒﻲ‪ r‬أﻣﺮ اﻵﺗ ﻲ وﻗ ﺪ ﺗ ﱠﻤ ﺖ اﻟ ﺼﻔﻮف أن ﯾﺠﺘ ﺬب إﻟﯿ ﮫ رﺟ ً‬
‫ﻼ ﯾﻘﯿﻤ ﮫ إﻟ ﻰ ﺟﻨﺒ ﮫ« رواه‬
‫اﻟﻄﺒﺮاﻧ ﻲ ﺑﺈﺳ ﻨﺎد ﻗ ﺎل اﻟﺤ ﺎﻓﻆ اﺑ ﻦ ﺣﺠ ﺮ‪ :‬وا ٍه‪ .‬وﻣﻤ ﻦ ﻗ ﺎل ﺑﻤ ﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺠ ﺬب اﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وﻋﻄ ﺎء‬
‫وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫وذھﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ وأﺣﻤ ﺪ ﺑ ﻦ ﺣﻨﺒ ﻞ وإﺳ ﺤﻖ ﺑ ﻦ را ُھﻮَﯾ ﮫ واﻷوزاﻋ ﻲ إﻟ ﻰ ﻋ ﺪم ﻣ ﺸﺮوﻋﯿﺔ‬
‫ﻒ ﻣﻜﺘﻤ ﻞ ﯾﻘﻄ ﻊ ذﻟ ﻚ اﻟ ﺼﻒ وﯾُﺤ ﺪث ﻓﯿ ﮫ‬‫اﻟﺠﺬب‪ ،‬وھﻮ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻷن ﺟﺬب ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﺻ ﱟ‬
‫ﻼ وذﻟﻚ ﺣﺮا ٌم ﻻ ﯾﺠﻮز‪ ،‬ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ أن رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﻗﺎل »ﻣﻦ وﺻﻞ ﺻﻔ ‪‬ﺎ وﺻﻠﮫ اﷲ‪،‬‬ ‫ﺧﻠ ً‬
‫وﻣ ﻦ ﻗﻄ ﻊ ﺻ ﻔًﺎ ﻗﻄﻌ ﮫ اﷲ« رواه اﻟﱠﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﺑ ﻦ ﺧُﺰﯾﻤ ﺔ وأﺣﻤ ﺪ وأﺑ ﻮ داود واﻟﺤ ﺎﻛﻢ‪ .‬ﻓﺎﻟﻤ ﺴﻠﻤﻮن‬
‫ﻣﺄﻣﻮرون ﺑﻮﺻﻞ اﻟﺼﻔﻮف وإﻛﻤﺎﻟﮭﺎ ﻻ ﺑﻘﻄﻌﮭﺎ‪ .‬ﺛﻢ إن اﻟﺮﺳﻮل ‪ r‬ﻗﺎل »‪ ...‬وإذا أﻣﺮﺗﻜﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻓ ﺄﺗﻮا‬
‫ﻣﻨﮫ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ« رواه اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة‪ ،‬ورواه ﻣﺴﻠﻢ وأﺣﻤﺪ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ‪ .‬وﺣﺎﻟﺘﻨ ﺎ‬
‫ھﺬه ھﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺬر وﻋﺪم اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻼ إﺛﻢ ﻋﻨﺪﺋﺬ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺼﻠﻲ وﺣﺪه إن ﻟﻢ ﯾﺠﺪ ﻓُﺮﺟﺔ ﻓﮭ ﻮ ﻣﻌ ﺬور‪،‬‬
‫وﻻ إﺛﻢ ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﺻﻼﺗﮫ وﺣﺪه ﺧﻠﻒ اﻟﺼﻔﻮف ﻣﺸﺮوﻋﺔ وﺻﺤﯿﺤﺔ‪ .‬وﻗﺪ ذﻛ ﺮ اﺑ ﻦ اﻟﻤﻨ ﺬر أن اﻟﺤ ﺴﻦ‬
‫اﻟﺒ ﺼﺮي وﻣﺎﻟﻜ ﺎً واﻷوزاﻋ ﻲ واﻟ ﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺻ ﺤﺎب اﻟ ﺮأي ﯾﻘﻮﻟ ﻮن ﺑﻌ ﺪم ﺑﻄ ﻼن اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨﻔ ﺮداً‪،‬‬
‫ﺑ ﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠ ﻖ دون ﺗﻘﯿﯿ ﺪھﺎ ﺑ ﺄي ﻋ ﺬر‪ ،‬وﻧﺤ ﻦ ﻻ ﻧﻘ ﻮل ذﻟ ﻚ ﺑ ﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠ ﻖ‪ ،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻧﻘﯿ ﺪه ﺑﻌ ﺬر ﻋ ﺪم‬
‫اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻻﻣﺘﻼء اﻟﺼﻔﻮف‪.‬‬

‫ﺠ ﺰ ﻟ ﮫ أن ﯾ ﺼﻠﻲ ﻣﻨﻔ ﺮدًا ﺧﻠ ﻒ‬ ‫أﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﺼﻒ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺘﻤﻞ ﻓﻘﺪ ﻟﺰﻣﮫ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﯿ ﮫ‪ ،‬وﻟ ﻢ َﯾ ُ‬
‫اﻟﺼﻔﻮف‪ ،‬ﻷن اﻷﺻ ﻞ ﺑﻄ ﻼن اﻟ ﺼﻼة ﻣﻨﻔ ﺮدًا ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻔﻮف‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ واﺑ ﺼﺔ ﺑ ﻦ ﻣﻌﺒ ﺪ »أن رﺟ ﻼً‬
‫ﺻ ﻠﻰ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻒ وﺣ ﺪه‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮه رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬أن ﯾﻌﯿ ﺪ اﻟ ﺼﻼة« رواه اﻟﺘﺮﻣ ﺬي وأﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ‬
‫ﺣﱠﺒ ﺎن وﻟﻔﻈ ﮫ »إن رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ﻼً ﯾ ﺼﻠﻲ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻒ وﺣ ﺪه‪ ،‬ﻓ ﺄﻣﺮه‬ ‫ﻣﺎﺟ ﺔ‪ .‬ورواه اﺑ ﻦ ِ‬
‫ﻓﺄﻋﺎد اﻟﺼﻼة«‪ .‬ورواه أﺑﻮ داود إﻻ أﻧﮫ ذﻛﺮ »ﻓﺄﻣﺮه أن ﯾﻌﯿﺪ اﻟﺼﻼة«‪ .‬وﻋ ﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺑ ﻦ ﺷ ﯿﺒﺎن »أن‬
‫ﻼ ﯾ ﺼﻠﻲ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻒ‪ ،‬ﻓﻮﻗ ﻒ ﺣﺘ ﻰ اﻧ ﺼﺮف اﻟﺮﺟ ﻞ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل رﺳ ﻮل اﷲ ‪:r‬‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬رأى رﺟ ً‬
‫ﺧﺰَﯾﻤ ﺔ واﺑ ﻦ‬
‫اﺳ ﺘﻘﺒﻞ ﺻ ﻼﺗﻚ‪ ،‬ﻓ ﻼ ﺻ ﻼة ﻟﺮﺟ ﻞٍ ﻓ ﺮدٍ ﺧﻠ ﻒ اﻟ ﺼﻒ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﺑ ﻦ ﻣﺎﺟ ﺔ واﺑ ﻦ ُ‬
‫ﺣﺒﱠﺎن‪ .‬ﻓﺼﻼة اﻟﻤﻨﻔﺮد ﺧﻠﻒ اﻟﺼﻒ وﺣﺪه ﺑﺎﻃﻠﺔ‪ ،‬وﺗﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ إﻋﺎدﺗﮭﺎ ﻟﺼﺮﯾﺢ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وﯾﻜﺮه ﻟﻤﻦ ﺗﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام أن ُﯾﺤْﺮم وﯾﺮﻛﻊ دون اﻟﺼﻒ ﺛ ﻢ ﯾﻤ ﺸﻲ ﺣﺘ ﻰ ﯾ ﺪﺧﻞ ﻓ ﻲ‬
‫ﺤ ﺮم ‪ ،‬أي ﯾﻜﺒ ﺮ ﺗﻜﺒﯿ ﺮة اﻹﺣ ﺮام‪ ،‬وﯾُ ﺘﻢﱡ ﻣ ﺎ ﻓﺎﺗ ﮫ‬
‫اﻟﺼﻒ‪ ،‬ﺑﻞ ﯾﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ وﻋﻨﺪﺋ ﺬٍ ﯾُ ْ‬
‫ﻦ إن ﻓﻌ ﻞ اﻟﻤﺘ ﺄﺧﺮ ذﻟ ﻚ ﻓ ﺄﺣﺮم ﻗﺒ ﻞ دﺧ ﻮل اﻟ ﺼﻒ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﺗﺴﻠﯿﻢ اﻹﻣﺎم واﻻﻧﺼﺮاف ﻣﻦ اﻟ ﺼﻼة‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫ورﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﻣﺸﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ ﻓﺼﻼﺗﮫ ﺻﺤﯿﺤﺔ وإن ﻛﺎﻧ ﺖ ﺧ ﻼف اﻟ ﺴﱡﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ أﺑ ﻲ ﺑَﻜ ﺮة‬
‫رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أﻧ ﮫ ﺟ ﺎء ورﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬راﻛ ﻊ‪ ،‬ﻓﺮﻛ ﻊ دون اﻟ ﺼﻒ ﺛ ﻢ ﻣ ﺸﻰ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻒ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ‪ :r‬ﻣَﻦ ھﺬا اﻟﺬي رﻛﻊ ﺛﻢ ﻣﺸﻰ إﻟ ﻰ اﻟ ﺼﻒ؟ ﻓﻘ ﺎل أﺑ ﻮ ﺑَﻜ ﺮة‪ :‬أﻧ ﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ﺎل اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ :r‬زادك اﷲ‬
‫ﺣﺮﺻ ًﺎ وﻻ ﺗﻌُﺪ« رواه أﺣﻤﺪ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨ ﺴﺎﺋﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘ ﻲ واﻟﻄﺤ ﺎوي‪ .‬ﻗﻮﻟ ﮫ زادك اﷲ ﺣﺮﺻ ًﺎ وﻻ‬
‫ﺗﻌﺪ‪ :‬ﯾ ﺪل ﻋﻠ ﻰ أن ﺻ ﻼة أﺑ ﻲ ﺑَﻜ ﺮة ﻗ ﺪ ﻗُﺒﻠ ﺖ وﺻ ﺤﱠﺖ‪ ،‬وﻟ ﻮ ﻛﺎﻧ ﺖ ﺑﺎﻃﻠ ﺔ ﻷﻣ ﺮه ﺑﺎﻹﻋ ﺎدة‪ .‬إﻻ أﻧﮭ ﺎ‬
‫ﺧﻼف اﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ »وﻻ ﺗَ ُﻌﺪ«‪ .‬وﻣﻤ ﻦ رُوي ﻋ ﻨﮭﻢ ﺟ ﻮاز ﺻ ﻼة أﺑ ﻲ ﺑَﻜ ﺮة زﯾ ﺪ ﺑ ﻦ‬
‫ﺛﺎﺑﺖ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ‪ ،‬وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ وأﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وﻋﺮوة‬
‫ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ واﺑﻦ ﺟُﺮﯾﺞ وﻣﻌﻤﺮ‪ ،‬ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬر ﻓﻲ اﻷوﺳﻂ‪.‬‬

‫أﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ؟‬

‫ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم ﻗُﺒﺎﻟﺔ وﺳﻂ ﺻﻒ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﺧﻠﻔﮫ‪ ،‬وﯾﻜﺮه أن ﯾﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﻜ ﺎن أﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺄﻣﻮﻣﯿﻦ‬
‫إﻻ أن ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻗﺼﺪ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻼ ﺑﺄس‪ ،‬وﻻ ﺑﺄس ﺑﺤﺼﻮل اﻟﻌﻜﺲ‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻮن أﻋﻠ ﻰ ﻣ ﻦ‬
‫إﻣ ﺎﻣﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻜ ﻦ ﻻ ﺑ ﺪ ﻣ ﻦ أن ﯾﻈﻠ ﻮا ﯾ ﺮون اﻹﻣ ﺎم أو ﯾ ﺴﻤﻌﻮن ﺻ ﻮﺗﮫ‪ .‬وإذا وُﺟ ﺪ ﺣﺎﺋ ﻞ ﺑ ﯿﻦ اﻹﻣ ﺎم‬
‫واﻟﻤﺄﻣﻮم ﻻ ﯾﻤﻨﻊ اﻟﺮؤﯾﺔ أو ﺳﻤﺎع اﻟﺼﻮت ﻓﻼ ﺑﺄس‪ .‬وﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤُﺆﺗ ﱢﻢ أن ﯾﻜﻮن ﺧﺎرج اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣ ﺎ دام‬
‫ﯾ ﺮى اﻹﻣ ﺎم أو ﯾ ﺴﻤﻊ ﺻ ﻮﺗﮫ ﻓﯿ ﺼﻠﻲ ﺑ ﺼﻼﺗﮫ‪ ،‬ﻓﻌ ﻦ ھﻤ ﺎم »أن ﺣﺬﯾﻔ ﺔ أ ﱠم ﺑﺎﻟﻨ ﺎس ﺑﺎﻟﻤ ﺪاﺋﻦ ﻋﻠ ﻰ‬
‫دﻛﺎن‪ ،‬ﻓﺄﺧﺬ أﺑﻮ ﻣﺴﻌﻮد ﺑﻘﻤﯿﺼﮫ ﻓﺠﺒﺬه‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮغ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﮫ ﻗﺎل‪ :‬أﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾُﻨ َﮭﻮْن ﻋﻦ‬
‫ﺧﺰَﯾﻤﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ‪ .‬ورواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﺑﻦ‬ ‫ذﻟﻚ ؟ ﻗﺎل‪ :‬ﺑﻠﻰ ﻗﺪ ذﻛﺮت ﺣﯿﻦ ﻣﺪدﺗﻨﻲ« رواه أﺑﻮ داود واﺑﻦ ُ‬

‫‪551‬‬
‫ﺣِﺒﱠﺎن ﺑﻠﻔﻆ » ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﺣﺬﯾﻔﺔ ﻋﻠﻰ دﻛﺎن ﻣﺮﺗﻔ ﻊ ﻓ ﺴﺠﺪ ﻋﻠﯿ ﮫ‪ ،‬ﻓﺠﺒ ﺬه أﺑ ﻮ ﻣ ﺴﻌﻮد اﻟﺒ ﺪري‪ ،‬ﻓﺘﺎﺑﻌ ﮫ‬
‫ﻲ ﻋﻦ ھﺬا؟ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ﺣﺬﯾﻔ ﺔ‪ :‬أﻟ ﻢ ﺗﺮﻧ ﻲ ﻗ ﺪ‬ ‫ﺣﺬﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ اﻟﺼﻼة ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺴﻌﻮد‪ :‬أﻟﯿﺲ ﻗﺪ ُﻧﮭِ َ‬
‫ﻲ ﻋﻨﮫ إﻻ أن ﯾﻜﻮن ذﻟ ﻚ ﻷﺟ ﻞ ﺗﻌﻠ ﯿﻢ اﻟ ﺼﻼة ﻓ ﻼ ﺑ ﺄس‪،‬‬ ‫ﺗﺎﺑﻌﺘﻚ؟«‪ .‬ﻓ ُﻌُﻠ ﱡﻮ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ ﻣﻨﮭ ﱞ‬
‫ﻟﻤﺎ روى ﺳﮭﻞ ﺑ ﻦ ﺳﻌ ـﺪ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ »أن اﻟﻨﺒ ﻲ ‪ r‬ﺟﻠ ﺲ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺒ ﺮ أول ﯾ ﻮم وُﺿ ﻊ‪ ،‬ﻓﻜ ﱠﺒ ﺮ‬
‫وھﻮ ﻋﻠﯿﮫ ﺛﻢ رﻛﻊ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﺰل اﻟﻘﮭﻘﺮى ﻓﺴﺠﺪ وﺳﺠﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﮫ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻋ ﺎد ﺣﺘ ﻰ ﻓ ﺮغ ﻓﻠﻤ ﺎ اﻧ ﺼﺮف‬
‫ﻗﺎل‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭ ﺎ اﻟﻨ ﺎس إﻧﻤ ﺎ ﻓﻌﻠ ﺖ ھ ﺬا ﻟﺘ ﺄﺗﻤﱡﻮا ﺑ ﻲ و ِﻟ َﺘﻌَﱠﻠ ُﻤ ﻮا ﺻ ﻼﺗﻲ« رواه أﺣﻤ ﺪ واﻟﺒﺨ ﺎري وﻣ ﺴﻠﻢ‬
‫واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ واﻟﺪارﻣﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻗ ﺎل »رأﯾ ﺖ أﻧ ﺲ ﺑ ﻦ ﻣﺎﻟ ﻚ ﺻ ﻠﻰ اﻟﺠﻤﻌ ﺔ ﻓ ﻲ ﺑﯿ ﻮت‬
‫ﺣﻤﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف‪ ،‬ﻓﺼﻠﻰ ﺑﺼﻼة اﻹﻣﺎم ﻓ ﻲ اﻟﻤ ﺴﺠﺪ‪ ،‬وﺑ ﯿﻦ ﺑﯿ ﻮت ﺣﻤﯿ ﺪ واﻟﻤ ﺴﺠﺪ‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻖ« رواه اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ »ﺻﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ r‬ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗ ﮫ‪،‬‬
‫واﻟﻨﺎس ﯾﺄﺗﻤﱡﻮن ﺑﮫ ﻣﻦ وراء اﻟﺤﺠﺮة‪ ،‬ﯾﺼﻠﻮن ﺑﺼﻼﺗﮫ« رواه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ‪ .‬وﻗ ﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻓ ﻲ ﺑﺤ ﺚ ]ﺻ ﻼة‬
‫ﺼﻔَﺔ أو‬ ‫ﺨ َ‬ ‫اﻟﺘﺮاوﯾﺢ [ ﻓﺼﻞ ]ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع[ ﺣﺪﯾﺚ زﯾﺪ اﺑﻦ ﺛﺎﺑ ﺖ »اﺣﺘﺠ ﺮ رﺳ ﻮل اﷲ ‪ r‬ﺣُ َ‬
‫ﺠ ْﯿ ﺮة ﺑ َ‬
‫ﺣﺼﯿﺮ‪ ،‬ﻓﺨﺮج رﺳﻮل اﷲ ‪ r‬ﯾﺼﻠﻲ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻓ َﺘ َﺘﺒﱠﻊ إﻟﯿ ﮫ رﺟ ﺎل وﺟ ﺎءوا ﯾ ﺼﻠﻮن ﺑ ﺼﻼﺗﮫ ‪ «...‬رواه‬
‫ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﱠﺴﺎﺋﻲ‪.‬‬

‫غ ﻣﻨﮫ إﻋﺪادًا وﻣﺮاﺟﻌ ًﺔ اﻟﺴﺎﻋﺔَ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻇﮭﺮ ﯾﻮم اﻷرﺑﻌ ﺎء‬
‫ﺗﻢﱠ ﺑﻔﻀﻞ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻧﻌﻤﺘﮫ اﻟﻔﺮا ُ‬
‫وﻗﻔ ﺔ ﻋﺮﻓ ﺔ اﻟﺘﺎﺳ ﻊ ﻣ ﻦ ذي اﻟﺤﺠ ﺔ ﻋ ﺎم ‪ 1420‬ھﺠﺮﯾ ﺔ‪ ،‬واﻟﺨ ﺎﻣﺲ ﻋ ﺸﺮ ﻣ ﻦ آذار ﻋ ﺎم ‪2000‬‬
‫ﻣﯿﻼدﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻔﮭﺮس‬
‫اﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫اﻟﻤﻮﺿﻮع‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻷول‬
‫اﻟﺼﻼة‪ :‬ﺣﻜﻤﮭﺎ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ ‪5 ................................................................‬‬
‫ﻓﺮض اﻟﺼﻼة ‪5 .............................................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة ‪6 ..............................................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ‪7 .....................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ ‪11 ............................................................‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ‪12 ........................................................................‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻮﺳﻄﻰ ‪14 ...........................................‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ‪15 ......................................................................‬‬

‫‪552‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ‪16 ........................................................................‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ‪18 .........................................................................‬‬
‫إذا أﺧﱠﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﺼﻠﻮات ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﯿﺘﮭﺎ ‪19 ..................................................‬‬
‫إدراك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ وﻗﺘﮭﺎ ‪20 ......................................................‬‬
‫ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻄﺒﯿﺔ‪21 ......................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ ﺻﻼﺗﻲ اﻟﺼﺒﺢ واﻟﻌﺼﺮ ‪28 ..........................................................‬‬
‫ﻗﻀﺎء اﻟﺼﻼة اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ‪28 ......................................................................‬‬
‫اﻟﻨﻮم ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء واﻟﺴﱠﻤﺮ ﺑﻌﺪھﺎ ‪31 ..................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻧـﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وأﻣﺎﻛﻦ اﻟﺼﻼة ‪33 ..................................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪33 .............................................................................‬‬
‫اﻟﺬھﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪34 .......................................................................‬‬
‫أدب اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪35 ...............................................................................‬‬
‫أﻓﻀﻞ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ‪40 ............................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ اﻷرض ‪41 ...............................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ‪42 .....................................................................‬‬
‫اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﻮز اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ ‪45 ....................................................‬‬
‫اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة ‪46 ........................................................‬‬
‫ﺣُﺮﻣﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺒﻮر ﻣﺴﺎﺟﺪ ‪48 ...............................................................‬‬
‫ﺗﺤﻮﯾﻞ ﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﻜﻔﺎر وﻣﻘﺎﺑﺮھﻢ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺟﺪ ‪50 .............................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟـﺚ‬
‫اﻷذان‪ :‬ﺣﻜﻤﮫ وأﻟﻔﺎﻇﮫ ‪53 ....................................................................‬‬
‫ﻓﺮض اﻷذان وأﻟﻔﺎﻇﮫ ‪53 .....................................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ اﻷذان ‪59 ...............................................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ اﻷذان ‪60 .................................................................................‬‬
‫أﺣﻮال اﻟﻤﺆذﱢن ‪61 .............................................................................‬‬
‫اﻷذان أول اﻟﻮﻗﺖ ‪63 .........................................................................‬‬
‫ﻣﺎ ﯾُﻘﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄذﯾﻦ وﻋﻘﺐ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻨﮫ ‪64 ..................................................‬‬
‫ﻣﻐﺎدرة اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻘﺐ اﻷذان ‪66 .............................................................‬‬
‫اﻷذان ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ ‪66 ...............................................................‬‬
‫اﻹﻗﺎﻣﺔ ‪ :‬ﺣﻜﻤﮭﺎ وأﻟﻔﺎﻇﮭﺎ‪68 .................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬
‫أﺣﻮال اﻟﻤﺼﻠﱢﻲ ‪77 ............................................................................‬‬
‫اﻟﻄﮭﺎرة ﻟﻠﺼﻼة ‪77 ...........................................................................‬‬
‫ﺳَﺘﺮ اﻟﻌﻮرة ‪78 ................................................................................‬‬
‫اﻟﺜﻮب ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪81 .........................................................................‬‬

‫‪553‬‬
 ‫اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻷﺣﺬﯾﺔ ‪83 ...........................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺑﺔ وﻛﻞ ﻣﺮﻛﻮب ‪84 ........................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪85 .................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺨﺎﻣـﺲ‬
‫ﺴﺘْﺮة ‪87 ..............................................................................‬‬
‫اﻟﻘِﺒﻠﺔُ واﻟ ﱡ‬
‫اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘِﺒﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪87 .................................................................‬‬
‫اﻟﺘﱠﻮﺟﱡﮫ إﻟﻰ ﺟﮭﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻟﯿﺲ إﻟﻰ ﻋﯿﻨﮭﺎ ‪90 ...............................................‬‬
‫اﻟﺴﱡﺘﺮة ﻟﻠﻤﺼﻠﱢﻲ ‪91 ............................................................................‬‬
‫ﺳُﺘﺮة اﻹﻣﺎم ‪93 ................................................................................‬‬
‫دﻓﻊ اﻟﻤﺎ ﱢر ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﺴﱡﺘﺮة ‪94 ..............................................................‬‬
‫ﻣﺎ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﺑﻤﺮوره ‪96 .................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة إﻟﻰ ﻧﺎﺋﻢ أو ﺑﮭﯿﻤﺔ ‪101 .................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺴـﺎدس‬
‫ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻼة ‪103 ..............................................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام ‪103 .....................................................................‬‬
‫رﻓﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪104 ....................................................................‬‬
‫إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻔﻮف أو ﺗﺴﻮﯾﺘﮭﺎ ‪106 .............................................................‬‬
‫اﺻﻄﻔﺎف اﻟﻨﺴﺎء ﺧﻠﻒ اﻟﺮﺟﺎل ‪109 ..........................................................‬‬
‫وﺿﻊ اﻟﯿﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪111 ..................................................................‬‬
‫اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪113 .........................................................................‬‬
‫اﻟﺠﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﺠﮭﺮﯾﺔ ‪115 ...............................................................‬‬
‫دﻋﺎء اﻻﺳﺘﻔﺘﺎح ‪117 ...........................................................................‬‬
‫اﻟﺘﱠﻌﻮﱡذ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪120 .........................................................................‬‬
‫اﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪120 ........................................................................‬‬
‫ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪131 .................................................................‬‬
‫ﺻﻼة ﻣَﻦ ﻻ ﯾﺤﺴﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ‪138 .......................................................‬‬
‫اﻟﺘﺄﻣﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪139 ........................................................................‬‬
‫ﻗﺮاءة ﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪141 .....................................‬‬
‫ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ‪146 ....................................................‬‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪150 ........................................................................‬‬
‫اﻟﺮﻛﻮع وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ ‪153 ...............................................................‬‬
‫اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ ‪159 ............................................................‬‬
‫اﻟﺴﺠﻮد وھﯿﺌﺘﮫ واﻟﺬﱢﻛﺮ ﻓﯿﮫ ‪164 ...............................................................‬‬
‫اﻟﺠﻠﺴﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺠﺪﺗﯿﻦ ‪176 .....................................................................‬‬
‫ﺟﻠﺴﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ ‪178 ..........................................................................‬‬
‫اﻟﺘﺸﮭﺪ وھﯿﺌﺔ اﻟﺠﻠﻮس ﻟﮫ ‪180 .................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪190 .....................................................‬‬
‫اﻟﺪﻋﺎء واﻟﺘﱠﻌﻮﱡذ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺼﻼة ‪197 .........................................................‬‬

‫‪554‬‬
‫اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة‪199 .........................................................................‬‬
‫ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ‪ :‬ﺣﻜﻤﮫ وأﺳﺒﺎﺑﮫ ‪204 ...........................................................‬‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺳﺠﻮد اﻟﺴﮭﻮ ‪207 ........................................................................‬‬
‫اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮل اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺮﻛﻌﺎت ‪211 ............................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺴﺎﺑـﻊ‬
‫اﻟﻘﻨﻮت واﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪213 ............................................................‬‬
‫ﺗﻤﮭﯿﺪ‪213 ........................................................................................‬‬
‫‪ -1‬اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪213 ....................................................................‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺨﺸﻮع ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪226 ..................................................................‬‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪229 ..................................................................‬‬
‫اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺤﺎﻻت اﻟﻤﻨﮭﻲﱡ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪237 ............................................‬‬
‫أ‪ -‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻜﺮوھﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪238 ........................................................‬‬
‫ب‪ -‬اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ُﺗﻜﺮه ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺼﻼة ‪241 ....................................................‬‬
‫ج‪ -‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺮﱠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪242 ........................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻣـﻦ‬
‫ﻣﺎ ﯾُﻔﻌﻞ وﯾﻘﺎل ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ‪247 .............................................................‬‬
‫أوﻻً ‪ -‬ﻣﺎ ﯾُﻔﻌﻞ ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ‪247 .............................................................‬‬
‫أ‪ -‬اﻟﺠﻠﻮس ﻓﺘﺮة ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ‪247 ...........................................................‬‬
‫ب‪ -‬اﻻﻧﺼﺮاف ﻋﻦ اﻟﯿﻤﯿﻦ واﻟﺸﻤﺎل ‪250 ....................................................‬‬
‫ج‪ -‬اﻟﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ وﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع ‪251 ......................................‬‬
‫ﺛﺎﻧﯿـًﺎ ‪ -‬ﻣﺎ ﯾُﻘﺎل ﻋﻘﺐ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أذﻛﺎر ‪252 .................................................‬‬
‫أ‪ -‬اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ‪254 ...............................................................................‬‬
‫ب‪ -‬اﻻﺳﺘﻌﺎذة ‪255 ..............................................................................‬‬
‫ج‪ -‬اﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻟﺘﺤﻤﯿﺪ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺘﮭﻠﯿﻞ ‪257 .................................................‬‬
‫د‪ -‬ﺗﻼوة آﯾﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ‪265 ................................................................‬‬
‫ھـ‪ -‬اﻟﺪﻋﺎء ‪267 ................................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺘﺎﺳـﻊ‬
‫ﺻﻠﻮات ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻋﺪا اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺨﻤﺲ ‪273 ..............................................‬‬
‫‪ -1‬ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪ ،‬ﺣﻜﻤﮭﺎ ووﻗﺘﮭﺎ ‪273 ......................................................‬‬
‫ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪277 .......................................................................‬‬
‫اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ‪282 ........................................................................‬‬
‫ﺳﻨﻦ اﻟﻌﯿﺪﯾﻦ اﻷﺧﺮى ‪283 .....................................................................‬‬
‫‪ -2‬ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ‪ ،‬ﺣﻜﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ‪286 ................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﺷﮭﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎر ‪287 ............................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮات اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ‪289 .........................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋﺐ ‪290 .....................................................................‬‬

‫‪555‬‬
‫ﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎزة واﺗﱢﺒﺎﻋﮭﺎ ‪291 ....................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪292 ..........................................................‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ وﻣﻦ اﻟﻤﺮأة ‪293 ....................................................‬‬
‫اﺳﺘﺤﺒﺎب ﻛﺜﺮة اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ وﻛﺜﺮة اﻟﺼﻔﻮف ‪294 ..............................................‬‬
‫ﺻﻔﺔ ﺻﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ‪295 .......................................................................‬‬
‫اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﻤﯿﺖ ‪297 ..............................................................................‬‬
‫ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ﻣﻦ ﻃﮭﺎرة ﻛﺎﻣﻠﺔ ‪299 .................................................‬‬
‫‪ - 3‬ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪300 .........................................................................‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﺗﺠﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪302 ....................................................................‬‬
‫وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪304 .......................................................................‬‬
‫اﻟﻨﺪاء ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪305 ......................................................................‬‬
‫اﻟﻌﺪد اﻟﺬي ﺗﺠﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪307 .............................................................‬‬
‫إدراك رﻛﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ ﻹدراك اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪309 ....................................‬‬
‫اﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﻮر ‪309 ......................................................................‬‬
‫ﺳﻨﻦ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪311 ................................................................................‬‬
‫ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪314 ..............................................................................‬‬
‫اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪318 .................................................................‬‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺮاﺗﺒﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪319 .............................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ‪320 .........................................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﻌﺎﺷـﺮ‬
‫ﺻﻼة أھﻞ اﻷﻋﺬار ]اﻟﺨﺎﺋﻒ واﻟﻤﺴﺎﻓﺮ واﻟﻤﺮﯾﺾ[ ‪323 .................................‬‬
‫‪ -1‬ﺻﻼة اﻟﺨﻮف ‪323 .........................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة إﯾﻤﺎ ًء وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﻮب وﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺟﮭﺔ اﻟﻘِﺒﻠﺔ ‪328 .................................‬‬
‫‪ - 2‬ﺻﻼة اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ‪329 ........................................................................‬‬
‫ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻘﺼﺮ ‪331 ..............................................................................‬‬
‫اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ ‪344 ...............................................................‬‬
‫‪ - 3‬ﺻﻼة اﻟﻤﺮﯾﺾ ‪346 .......................................................................‬‬
‫اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ‪349 ......................................................................‬‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼﺗﯿﻦ ‪354 ...............................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺤـﺎدي ﻋﺸـﺮ‬

‫ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع أو ﺻﻼة اﻟﻨﻔﻞ ‪357 ...........................................................‬‬
‫ﻓﻀﻞ ﺻﻼة اﻟﺘﻄﻮع وأﺻﻨﺎﻓﮭﺎ ‪357 ..........................................................‬‬
‫أ ‪ -‬اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة ‪358 .................................................................‬‬
‫ب ‪ -‬اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ اﻟﻤﺆﻛﺪة ‪366 .............................................‬‬
‫ﻗﻀﺎء اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺮاﺗﺒﺔ واﻟﺴﻨﻦ اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﮭﺎ‪371 ................................................‬‬
‫ﺻﻼة اﻟﺮواﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ‪375 .................................................................‬‬
‫ج ‪ -‬ﺗﺤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ‪378 .........................................................................‬‬
‫د – اﻟﻮﺗﺮ ‪380 ..................................................................................‬‬

‫‪556‬‬
‫اﻟﻘﻨﻮت ﻓﻲ اﻟﻮﺗﺮ وﻓﻲ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ‪392 ................................................‬‬
‫ھـ ‪ -‬ﺻﻼة اﻟﺘﺮاوﯾﺢ ‪401 ......................................................................‬‬
‫و‪ -‬ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿﻞ ‪407 ...............................................................................‬‬
‫ز ‪ -‬ﺻﻼة اﻟﻀﺤﻰ ‪417 ........................................................................‬‬
‫ح ‪ -‬ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف ‪423 .......................................................................‬‬
‫ط ‪ -‬ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ‪431 .....................................................................‬‬
‫ي ‪ -‬ﺻﻼة اﻟﺘﺴﺎﺑﯿﺢ ‪439 .......................................................................‬‬
‫ك ‪ -‬ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة ‪441 .....................................................................‬‬
‫ل ‪ -‬ﺳﺠﺪة اﻟﺘﻼوة ‪444 .........................................................................‬‬
‫م ‪ -‬ﺳﺠﺪة اﻟﺸﻜﺮ وﺻﻼة اﻟﺸﻜﺮ ‪451 .........................................................‬‬
‫ن ‪ -‬اﻟﺼﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻘﺎم ‪450 .......................................‬‬
‫س ‪ -‬اﻟﺼﻼة ﻋﻘﺐ اﻷذان ‪453 ................................................................‬‬
‫ع ‪ -‬اﻟﺼﻼة ﻋﻘﺐ اﻟﻮﺿﻮء ‪454 ..............................................................‬‬
‫اﻷوﻗﺎت اﻟﻤﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ ‪455 ........................................................‬‬
‫أﺣﻜﺎم ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺼﻼة اﻟﺘﻄﻮع ‪463 ............................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻧـﻲ ﻋﺸـﺮ‬

‫ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪469 .............................................................................‬‬
‫ﺣﻜﻢ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻓﻀﻠﮭﺎ ‪469 ............................................................‬‬
‫ﺻﻼة اﻟﻨﺴﺎء ‪475 ...............................................................................‬‬
‫اﻹﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻼة ﺧﻔﯿﻔﺔ ‪476 ................................................................‬‬
‫ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻤﺄﻣﻮم ﻟﻺﻣﺎم ‪478 .....................................................................‬‬
‫ﺗﻨﻌﻘﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺈﻣﺎم وﻣﺄﻣﻮم واﺣﺪ ‪479 ......................................................‬‬
‫ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻹﻣﺎم ‪481 ..............................................................................‬‬
‫اﻟﺼﻼة ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺮﺗﯿﻦ ‪482 ......................................................‬‬
‫اﻟﻤﺴﺒﻮق ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻹﻣﺎم ‪484 .............................‬‬
‫ﺧﺮوج اﻟﻤﺤﺪث ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ‪486 ..............................................................‬‬

‫اﻟﻔﺼـﻞ اﻟﺜﺎﻟـﺚ ﻋﺸـﺮ‬

‫اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ‪489 ........................................................................‬‬
‫أ ‪ -‬ﺻﻔﺔ اﻷﺋﻤﺔ ‪489 ...........................................................................‬‬
‫اﻷﺣﻖ ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ ‪489 ............................................................................‬‬
‫إﻣﺎﻣﺔ اﻷﻋﻤﻰ ‪490 ..............................................................................‬‬
‫إﻣﺎﻣﺔ اﻟﺼﺒﻲ ‪491 ..............................................................................‬‬
‫إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻤﺮأة ‪491 ................................................................................‬‬
‫اﻗﺘﺪاء اﻟﻤﻘﯿﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ‪492 .........................................................‬‬
‫اﻗﺘﺪاء اﻟﻤﻔﺘﺮض ﺑﺎﻟﻤﺘﻨﻔﻞ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ‪493 .....................................................‬‬
‫اﻹﻣﺎم ﯾﺼﻠﻲ ﺟﺎﻟﺴﺎً ‪494 .......................................................................‬‬
‫ﺻﻼة اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺨﻞﱢ ﺑﺸﺮوط اﻟﺼﻼة ‪499 ....................................................‬‬
‫اﻹﻣﺎم ﯾﺴﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ‪500 ...............................................................‬‬

‫‪557‬‬
‫اﻹﻣﺎم ﯾﻜﺮھﮫ اﻟﻤﺼﻠﱡﻮن ‪501 ...................................................................‬‬
‫ب ‪ -‬ﻣﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎم واﻟﻤﺼﻠﱢﯿﻦ )أﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻟﻮاﺣﺪ وأﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻻﺛﻨﺎن ﻓﺼﺎﻋﺪًا؟( ‪501 ...‬‬
‫ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺼﺒﯿﺎن واﻟﻨﺴﺎء ‪503 ..................................................................‬‬
‫ﺻﻼة اﻟﺮﺟﻞ وﺣﺪه ﺧﻠﻒ اﻟﺼﻔﻮف ‪503 .....................................................‬‬
‫أﯾﻦ ﯾﻘﻒ اﻹﻣﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﯿﻦ؟ ‪505 .........................................................‬‬

‫‪558‬‬