Professional Documents
Culture Documents
:
يقول الدكتور النامي في مقدمة تحقيقه لكتاب أجوبة ابن خلفون-9 :
:12
وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة ،لَ َعلّ أخصبها وأثراها
ما أثره عنه تلميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم ،أبو عبيدة
مسلم بن أبي كريمة التميمي ،وضمام بن السائب وغيرهم .وقد تَمّ
تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة ،فكان جابر بن زيد نفسه مِمّن
شبكة الدرة السلمية
على أنّه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس
أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد وأبا عبيدة ،إلّ
أنّ تأسيسه على يدي جابر وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه
يطبع فقه المذهب ويغلب عليه ،ويحد من تأثير مدرسة الرأي ،التي
عظم خطرها في العراق.
على أنّ اتساع دائرة المذهب الباضي كدعوة إسلمية سياسية عامة
جعل المذهب ل يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو
ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة ،فَإِنّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن
يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الباضي في
البصرة ،فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة
وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون ،سجلت أقوالهم في
الثار المبكرة لعلماء الباضية.
وقد عرف هؤلء التلميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير
والطبقات الباضية هو اسم" :حملة العلم" .وبجهود حملة العلم
تأسست دولة الباضية في شمال إفريقيا ،فكان إمام الظهور الوّل
لهذه الدولة هو :أبو الخطاب عبد العلى بن السمح المعافري أحد
حملة العلم ،وقد بايعه أصحابه بالمامة في منطقة "صياد" قرب
بلدة زنجور في طرابلس سنة 140الهجري ،ولعب دورا هاما في
سياسة المنطقة في فترة قصيرة ،التي حكمها أَيّام ملك العباسيين .ثُمّ
بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع الباضية في
المغرب ،أفلح تلميذ آخر من تلميذ أبي عبيدة وأحد "حملة العلم"
وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الباضية
بتاهرت ،والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة ( 120سنة)
وازدهرت مع ازدهارها ،وما هيأته من ظروف الستقرار حركة
علمية ممتازة في كل من جبل "نفوسة" و"تاهرت" تركت ثروة
علمية واسعة ذات قيمة جليلة ،وبعد سقوط الدولة الباضية في
تاهرت احتفظت التجمعات السكانية الباضية بنوع من الستقلل
الديني والسياسي ،مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم
على رعايتها مجالس العلماء ،التي عرفت في اصطلح الباضية
"بمجالس العزابة" ،فاتصل النتاج العلمي بين إباضية المغرب في
مختلف العلوم السلمية حتّى أَيّامنا هذه.
وَلَ َعلّهُ من النصاف أَن نقرر هنا حقيقة هامة ..هي أنّ المذهب رغم
تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ المة
شبكة الدرة السلمية
ونحن نطمع أَن يكون نشر آثار الباضية دافعا لعلماء المة للتدبر
في فقه المذهب الباضي ،ووضعه في مكانه الصحيح الذي يُ َقوّي
ث المسلمين في عصرٍ هم أحوج الجماعة ،ويوحد صفوفهم ،ويلُمّ شع َ
ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم ،ورصد قوتهم لصد طغيان
الطاغوت المتربص بهم في الداخل والخارج.