You are on page 1of 70

‫كيف‬

‫نُحيــي قلوبنــا‬
‫في رمضـــان؟‬
‫ما بيوم‬
‫مع القرآن في رمضان يو ً‬

‫مجــدي الهـــللي‬
‫‪www.alemanawalan.com‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬

‫الطبعة الولى‬
‫‪1 4 2 7‬هـ ‪2 0 0 6 -‬م‬

‫‪15 17 2/ 200 6‬‬ ‫رقم اليداع‪:‬‬


‫الترقيم الدولي‪I.S.B.N :‬‬
‫‪977-6119-87-5‬‬

‫مؤسسة اقرأ‬
‫للنشر والتوزيع والترجمة‬
‫ش أحمد عمارة ‪ -‬بجوار حديقة الفسطاط‬ ‫‪10‬‬
‫محمول‪:‬‬ ‫القاهرة ت‪5326610 :‬‬
‫‪0101175447 -0102327302‬‬
‫‪www.iqraakotob.com‬‬
‫‪E-mail:info@iqraakotob.com‬‬

‫يا فرحتنا‪ ...‬اقترب رمضان‬


‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪3‬‬
‫الحمد لله كثيًرا كما أنعم علينا كثيًرا‪.‬‬
‫الحمد لله الذي شرفنا وكرمنا على سائر‬
‫ما ل تُعد ول تُحصى‪.‬‬ ‫خلقه وأنعم علينا نع ً‬
‫‪...‬الحمد لربنا الذي ل تزال هداياه ومنحه‬
‫تتوالى علينا بتوالي الليل والنهار‪ ،‬والصلة‬
‫والسلم على الهادي البشير‪...‬المبعوث‬
‫رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪ :‬فها هي اليام‬
‫تمضي‪ ،‬وها هو رمضان يقترب قدومه‬
‫ويقترب‪ ،‬حامل ً معه‪ -‬كما عودنا‪ -‬بشريات‬
‫كثيرة‪ ،‬وهدايا متنوعة ما بين مغفرة‬
‫للذنوب‪ ،‬وعتق من النار‪ ،‬ورفع للدرجات‬
‫ومضاعفة للحسنات‪.‬‬
‫‪...‬رمضان أتى ليؤكد لنا حب الله عز‬
‫وجل لعباده على الرغم من إعراضهم عنه‪،‬‬
‫ومخالفتهم لوامره‪ ،‬وانتهاكهم لحرماته‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه يريد الخير للجميع‪ ،‬ويتيح لهم‬
‫الفرصة تلو الفرصة‪ ،‬ويهيئ لهم الجو‬
‫المناسب لتخاذ قرار العودة إليه والصلح‬
‫معه‪...‬وها هو رمضان قد أتى ليحمل لنا‬
‫هذه الرسالة أَقْبِ ْل وَ َل َتخَفْ ِإّنكَ ِم َن الَ ِمنِيَ ‪ .‬فيا‬
‫لفرحتنا‪ ،‬ويا لسعادتنا ببلوغنا رمضان‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪4‬‬
‫حــــدد هدفــــــــك‬
‫أخي في الله‪:‬‬
‫‪...‬رمضان على البواب ‪ ...‬رمضان هدية‬
‫من رب العباد تحمل في طياتها كل ما‬
‫يعيدنا إليه ويقربنا منه‪ ...‬فماذا عسانا أن‬
‫نفعل معه؟!‬
‫إنها فرصة ل تتكرر إل مرة كل عام‪ ،‬وما‬
‫يدرينا أين سنكون في العام القادم!!‬
‫فهيا بنا نُحسن الستفادة من هذه‬
‫المنحة‪...‬‬
‫هيا بنا نغتنم الفرصة‪ ،‬ونتعرض للنفحة‪،‬‬
‫ونتسابق في الخيرات‪.‬‬
‫ولكن قبل أن نبدأ السباق لبد أن نحدد‬
‫هدفنا الرئيس الذي نريد أن نبلغه في هذا‬
‫الشهر حتى نضع الوسائل المناسبة‬
‫لتحقيقه‪...‬‬
‫قبل أن نبــــــــدأ‬
‫أخي‪ ..‬قبل أن تحدد هدفك تذكر هذه‬
‫المور‪:‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪5‬‬
‫* أننا نريد أن نستمر على الستقامة‬
‫والهمة العالية لفعل الصالحات بعد‬
‫رمضان‪..‬‬
‫* الستمرار على الستقامة بعد رمضان‬
‫يستلزم زيادة حقيقية لليمان في القلب‪..‬‬
‫* أن الرجلين يكون مقامهما في صف الصلة‬
‫واحدًا‪ ،‬وبين صلتهما ما بين السماء والرض‪،‬‬
‫وليس ذلك لختلف حركات البدن‪ ،‬ولكن‬
‫لختلف ما في قلبيهما من إيمان وخشوع‪.‬‬
‫* أن الله عز وجل يحب منا أن يحضر القلب‬
‫ل ُلحُو ُمهَا وَلَ ِدمَا ُؤهَا َولَكِن يَنَالُهُ‬
‫أثناء الطاعة لَن يَنَا َل ا َ‬
‫التّ ْقوَى مِنكُمْ‬
‫[الحج‪.]37:‬‬
‫* أن حضور القلب مع الطاعة أكثر ثوابًا‬
‫بمشيئة الله من عدم حضوره‪.‬‬
‫* لو أن ملكًا من الملوك أهدى إليه أحد‬
‫رعيته جواهر كثيرة مقلدة ورديئة‪ ،‬بينما‬
‫أهدى إليه آخر جوهرة واحدة‬
‫حقيقية‪..‬فأيهما سينال حب الملك‪..‬وأيهما‬
‫سيقرب منه ويجزل له العطاء؟‬
‫لعلكم تتقـــــون‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪6‬‬
‫فإن كان المر كذلك فماذا ينبغي أن‬
‫يكون هدفنا عند زيارة رمضان لنا؟ أل‬
‫توافقني‪ -‬أخي الكريم‪ -‬أن الهدف السمى‬
‫هو إحياء القلب وملؤه باليمان‪ ،‬لتدب الروح‬
‫في العمال وتستمر الستقامة بعد ذهاب‬
‫شهر رمضان؟‬
‫ألم يحدد لنا القرآن هذا الهدف في قوله‬
‫تعالى‪ :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ آمَنُوا ُكِتبَ َعلَيْكُ ُم الصّيَامُ َكمَا ُكِتبَ َعلَى‬
‫الّذِينَ مِن َق ْبلِكُ ْم لَ َعلّكُ ْم تَتّقُونَ [البقرة‪ .]183:‬وهل التقوى‬
‫إل صورة ومظهر عظيم لحياة القلب‬
‫وتمكن اليمان منه؟!‬
‫فلنرفع علم التقوى ولنضعه نصب‬
‫أعيننا ولنشمر للوصول إليه خلل هذا‬
‫الشهر الكريم‪.‬‬
‫مظاهــــــر النجــاح‬
‫ومظاهر نجاح الواحد منا في الوصول‬
‫إلى هذا الهدف هو تغيير سلوكه‪ ،‬فعندما‬
‫يحيا القلب ويزداد منسوب اليمان فيه فإن‬
‫هذا من شأنه أن يدفع صاحبه للسلوك‬
‫الصحيح والعمل الصالح في كل التجاهات‬
‫والوقات بتلقائية ودون تكلف‪...‬ألم يقل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪7‬‬
‫ل فَِإّنهَا مِن تَ ْقوَى الْ ُقلُوبِ‬
‫سبحانه‪َ :‬ذِلكَ وَمَن ُي َعظّمْ شَعَاِئ َر ا ِ‬
‫[الحج‪.]32:‬‬

‫وعندما سأل الصحابة رسول الله عن‬


‫علمات ومظاهر دخول النور القلب وإحيائه‬
‫له قال‪« :‬التجاف عن دار الغرور‪ ،‬والنابة إل دار اللود‪،‬‬
‫والستعداد للموت قبل نزوله» أخرجه الحاكم‬
‫والبيهقي‪.‬‬
‫ومن مظاهر التجافي عن دار الغرور‪:‬‬
‫قلة الهتمام بالدنيا‪ ،‬وعدم التلهف على‬
‫تحصيلها‪ ،‬وعدم الحزن على فواتها‪ ،‬وترك‬
‫التنافس من أجلها‪ ،‬وعدم حسد‬
‫الخرين عليها‪.‬‬
‫أما النابة إلى دار الخلود فتُظهرها‬
‫المسارعة إلى فعل الخيرات‪ ،‬وشدة الورع‪،‬‬
‫وتقديم مصلحة الدين على جميع المصالح‬
‫الدنيوية عند تعارضهما‪.‬‬
‫ومن مظاهر الستعداد للموت قبل‬
‫نزوله‪ :‬التحلل من المظالم‪ ،‬ورد الحقوق‪،‬‬
‫ودوام الستغفار والتوبة وكتابة الوصية‪ ،‬و‪...‬‬
‫الوســـــــــــــائل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪8‬‬
‫ووسائلنا لتحقيق هدفنا العظيم هي‬
‫الوسائل المعروفة لدينا‪ ،‬والتي مارسناها‬
‫من قبل ولكننا سنتعامل معها بطريقة تهتم‬
‫بكيفية تفعيلها وتحريك القلب معها‪.‬‬
‫أعظم وسيلة‪:‬‬
‫وأعظم وسيلة تقوم بإحياء القلب وزيادة‬
‫اليمان فيه هي القرآن‪َ :‬وِإذَا ُتلَِيتْ َعلَ ْيهِمْ آيَاتُهُ‬
‫[النفال‪.]3:‬‬ ‫زَا َدْتهُمْ إِيَانًا‬
‫والمر اللفت للنتباه أن هناك ارتباطًا‬
‫وثيقًا بين رمضان والقرآن‪ ،‬فرمضان هو‬
‫الشهر الذي فضله الله عز وجل واختصه‬
‫بنزول أعظم المعجزات فيه َش ْهرُ رَ َمضَا َن الّذِي‬
‫ُأْنزِلَ فِي ِه الْ ُقرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ َوبَيّنَاتٍ ّم َن اْلهُدَى‬
‫وَالْ ُفرْقَانِ [البقرة‪]185:‬‬

‫إن القرآن له تأثير عظيم على القلوب‬


‫سنَ اْلحَدِيثِ ِكتَابًا مّتَشَاِبهًا مّثَانِ َي تَقْشَ ِعرّ ِمنْهُ ُجلُودُ الّذِينَ‬ ‫الُ َنزّلَ َأحْ َ‬
‫كرِ الِ [الزمر‪.]23:‬‬ ‫َيخْشَ ْونَ َرّبهُمْ ثُ ّم َتلِيُ ُجلُو ُدهُمْ وَ ُقلُوُبهُ ْم ِإلَى ِذ ْ‬
‫معنى ذلك أننا ل نستطيع أن نصل إلى‬
‫هدفنا بدون القرآن‪ ،‬وأعظم وأهم وقت‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟ ‪9‬‬
‫يستفاد فيه من القرآن هو رمضان‪ ،‬بل قل‬
‫إن رمضان هو موسم القرآن الخاص؛ لذلك‬
‫سيكون معنا القرآن‪ -‬بمشيئة الله‪ -‬كل‬
‫يوم‪..‬في تلوتنا في الصلة‪ ،‬وفي تلوتنا‬
‫خارج الصلة‪..‬وفي مدارستنا لبعض سوره‬
‫وآياته‪ ،‬وفي استماعنا في صلة التراويح‬
‫والتهجد‪ ،‬ولكن لن يكون همنا كم ختمة‬
‫سنختمها‪ ،‬بل سيكون همنا كم مرة تأثر‬
‫القلب واقشعر الجلد وبكت العين‪،...‬‬
‫وستلحظ أخي الحبيب أننا في الصفحات‬
‫القادمة ومع كل يوم جديد في رمضان‬
‫سنطرح بإذن الله وسيلة جديدة للستفادة‬
‫من القرآن وذلك في أغلب أيام الشهر‪.‬‬
‫العمل الصالح‪:‬‬
‫ومع القرآن تأتي العمال الصالحة التي‬
‫[فاطر‪:‬‬ ‫تزيد اليمان وترفعه وَالْ َعمَلُ الصّاِلحُ َيرْفَعُهُ‬
‫‪.]10‬‬
‫والعمال الصالحة المتاحة أمامنا في‬
‫رمضان وغيره كثيرة فهناك الدعاء والذكر‬
‫والعمرة والعتكاف وصلة الرحم والحسان‬
‫إلى الجار والدعوة إلى الله وقضاء حوائج‬
‫الناس و‪...‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪10‬‬
‫وكلما استفاد المرء من إيمانه الذي أنشأه‬
‫القرآن في قلبه وذلك حين يُتبعه بالعمل‬
‫الصالح فإن هذا شأنه أن يعود بأثر عظيم على‬
‫القلب؛ فتزداد حياته ومستوى اليمان فيه‪،‬‬
‫فالعمل الصالح بمثابة الماء للبذر والزيت‬
‫لةَ َوأَنفَقُوا ِممّا‬
‫صَ‬‫للسراج ِإ ّن الّذِينَ َي ْتلُونَ ِكتَابَ الِ َوأَقَامُوا ال ّ‬
‫[فاطر‪.]29:‬‬ ‫لنِيَ ًة َيرْجُونَ ِتجَا َرةً لّن تَبُورَ‬
‫رَزَقْنَاهُمْ ِسرّا وَ َع َ‬
‫وسنقترح عليك أخي الكريم أن تقوم معنا‬
‫بأداء عمل صالح في كل يوم بالضافة إلى‬
‫برنامجك الخاص من باب التعاون على البر‬
‫والتقوى‪ ،‬وستلحظ أن هناك عمل ً جديدًا كل‬
‫يوم‪ ،‬عليك أن تجتهد في التيان به حتى ل‬
‫س اْلمُتَنَافِسُونَ‬
‫ك َفلْيََتنَافَ ِ‬
‫يسبقك أحد إلى الله وَفِي َذلِ َ‬
‫[المطففين‪]26:‬‬
‫السؤال اليومي‪:‬‬
‫ومع القرآن والعمل الصالح يأتي السؤال‬
‫اليومي والذي يهتم كذلك بالجانب اليمانى‬
‫– وبخاصة القرآن‪ -‬لعله يسهم مع غيره من‬
‫العمال في الوصول للهدف المنشود لَ َعلّ ُكمْ‬
‫تَتّقُونَ‬
‫وأقترح – أخي‪ -‬أن تقوم بالجابة عن كل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪11‬‬
‫سؤال في يومه وأن تشرك فيه أهلك‬
‫وأولدك لتعم الفائدة على الجميع‪ ،‬والله‬
‫الموفق وهو المستعان وعليه التكلن‪.‬‬

‫***‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪12‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫المالك المدبََر‪ ،‬والحاكم الوحد لهذه‬
‫الرض وهذا الكون هو الله عز وجل‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه الذي يملك القدرة والقوة‬
‫المطلقة‪...‬وهو سبحانه الذي يرفع ويخفض‪،‬‬
‫ويُقدم ويُؤخر‪ ،‬ويُعز ويذل قُ ِل اللّهُمّ مَاِلكَ اْل ُملْكِ‬
‫ُت ْؤتِي اْلمُ ْلكَ مَن تَشَا ُء َوَتنِعُ اْل ُملْكَ ِممّ ْن تَشَا ُء َوتُ ِعزّ مَن تَشَا ُء َوتُذِلّ‬
‫ك الْخَ ْي ُر ِإّنكَ عَلَى كُلّ شَيْ ٍء قَدِيرٌ [آل عمران‪،]26:‬‬ ‫مَن تَشَاءُ ِبيَدِ َ‬
‫ومع ذلك كله‪ ،‬فإن الله عز وجل ل يظلم‬
‫أحدا‪ ،‬فل يذل أقواما أو يؤخرهم إل إذا‬
‫ارتكبوا من المعاصي ما استدعى غضبه‬
‫سَبتْ َأيْدِيكُ ْم َويَعْفُو عَن‬
‫وعقوبته وَمَا َأصَابَكُم مّن ّمصِيَبةٍ فَِبمَا كَ َ‬
‫[الشورى‪.]30:‬‬ ‫كَِثيٍ‬
‫معنى ذلك أنه عندما يصيبنا الذل والهوان‬
‫فعلينا أن نعود إلى أنفسنا‪ ،‬ونحاسبها باحثين‬
‫عن السباب التي استدعت العقوبة اللهية‬
‫فنتركها ونُزيلها‪ ،‬ونبحث كذلك عن السباب‬
‫التي تستجلب رحمته‪ -‬سبحانه‪ -‬فنسارع إلى‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪13‬‬
‫القيام بها‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬السعادة والشقاء‪،‬‬
‫والتيسير والتعسير‪ ،‬والنصر والهزيمة‪،‬‬
‫والهدى والضلل‪...‬أمور يظهر آثارها بين‬
‫الناس كنتائج لفعال قاموا بها‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫ت َأيْدِي‬
‫حرِ ِبمَا كَسََب ْ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬ظ َه َر الْفَسَادُ فِي الَْبرّ وَالَْب ْ‬
‫[الروم‪،]41:‬‬ ‫ض الّذِي عَ ِملُوا َل َع ّلهُمْ َيرْجِعُونَ‬
‫س لِيُذِي َقهُ ْم بَعْ َ‬
‫النّا ِ‬
‫والقرآن ملئ باليات التي تؤكد هذه‬
‫الحقيقة‪..‬اذكر من خلل تدبرك للجزء الول‬
‫من القرآن ثلث آيات تؤكد هذه الحقيقة‪.‬‬

‫ربنا رب غفور‪ ..‬ينتظر من عباده أن‬


‫يستغفروه ليغفر لهم مهما كان خطؤهم‬
‫وجرمهم‪..‬ينادي على كل واحد منهم‪ :‬أقبل‬
‫ول تخف‪ ،‬متى جئتني قبلتك‪ ،‬وعلى أي حال‬
‫تكون فيها «يا ابن آدم إنك ما دعوتن ورجوتن غفرت لك‬
‫على ما كان منك ول أبال‪ ،‬يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء‬
‫ث استغفرتن غفرت لك‪ ،‬يا ابن آدم لو أتيتن بقراب الرض خطايا ث‬
‫لقيتن ل تشرك ب شيئا‪ ،‬لتيتك بقرابا مغفرة» رواه‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪14‬‬
‫‪..‬نعم يا أخي‪ :‬إن مغفرة ربك تسع كل‬
‫ذنوبك‪ ،‬وذنوبنا‪..‬كل ما هو مطلوب مني ومنك‬
‫أن نُقبل عليه بصدق‪..‬أن نعتذر له عما مضى‬
‫من ذنوب وتقصير‪..‬أن ندخل عليه وشعور‬
‫الندم عما أسرفنا على أنفسنا فيه يتملكنا‪،‬‬
‫ويقلقنا‪ ،‬فنلح في طلب العفو والصفح منه‬
‫سبحانه‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫كرامة الله لعباده‪ ،‬ووليته لهم مرتبطة‬
‫بمدى استقامتهم على أمره َوهُوَ َيَت َولّى الصّالِحِيَ‬
‫[العراف‪.]196:‬‬

‫واستمرار الكرامة باستمرار الستقامة َولَِئنِ‬


‫اتّبَ ْعتَ َأ ْهوَا َءهُم بَ ْعدَ مَا جَاءَكَ ِمنَ اْل ِعلْمِ مَا َلكَ ِمنَ الِ مِن َولِيّ وَ َل وَاقٍ‬
‫[الرعد‪]37:‬‬

‫فعُلُو أمتنا وعزها ومجدها مرتبط بمدى‬


‫إيمان أفرادها واستقامتهم على أمر الله‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪15‬‬
‫َوَأنْتُمُ ا َل ْع َل ْونَ ِإنْ كُ ْنتُم ّمؤْ ِمنِيَ [آل عمران‪ ،]139:‬وكلما‬
‫ضعف اليمان بين أفراد المة‪ ،‬خرجت المة‬
‫من دائرة المعية والتأييد اللهي‪ ،‬واستبدلت‬
‫حلِلْ َعلَيْ ِه َغضَبِي فَقَ ْد َهوَى‬
‫رضا الله بغضبه‪ ..‬وَمَن َي ْ‬
‫[طه‪.]81:‬‬

‫‪ ‬الســؤال‪ :‬اذكر من الجزء الثاني من‬


‫القرآن آية تؤكد هذا المعنى‪ ،‬وأن الكرامة‬
‫والولية من الله على قدر الستقامة من‬
‫العبد‪.‬‬

‫الدعاء هو الطلب من الله واستدعاء‬


‫معونته‪ ،‬وأهم سبب لستجابة الدعاء هو‬
‫إظهار الفتقار إلى الله‪ ،‬والتبرؤ من الحول‬
‫والقوة‪ ،‬وكلما اشتد الفتقار أسرعت الجابة‬
‫[النمل‪.]62:‬‬ ‫ض َطرّ ِإذَا َدعَاهُ‬
‫أَمّن ُيجِيبُ اْلمُ ْ‬
‫ول يقف شيء أمام الدعاء‪ ،‬فبسببه‬
‫يُسخـِـر الله أقوى الشياء وأعظمها لضعف‬
‫الشياء وأصغرها‪ ،‬ولنتذكر دعاء يونس عليه‬
‫السلم الذي دعا به ربه بقلب منكسر فسخر‬
‫الله له الحوت والبحر وأنجاه من الظلمات‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪16‬‬
‫فَنَادَى فِي ال ّظلُمَاتِ أَن ّل ِإلَهَ ِإلّ أَنتَ ُس ْبحَاَنكَ ِإنّي كُنتُ ِمنَ الظّاِلمِيَ‬
‫فَاسَْتجَ ْبنَا لَهُ َوَنجّيْنَاهُ ِمنَ الْ َغمّ َوكَ َذِلكَ نُ ْنجِي اْلمُؤْ ِمنِيَ [النبياء‪:‬‬
‫‪.]88 ،87‬‬
‫فلنجتهد في الدعاء في هذا اليوم وكل يوم‬
‫على أن تكون استغاثتنا بالله كاستغاثة‬
‫المشرف على الغرق‪ ،‬وأن تكون الدعوة‬
‫الرئيسة هي أن يمن الله علينا ويحيي قلوبنا‬
‫في هذا الشهر‪ ،‬وأن يذيقنا حلوة اليمان‪،‬‬
‫ولذة معرفته سبحانه‪.‬‬

‫‪3‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫في يوم من اليام‪ ،‬وبينما كان رسول الله‬
‫يتحدث مع الصحابة إذ قال لهم‪« :‬يوشك أن‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪17‬‬
‫تتداعي عليكم المم كما تتداعي الكلة إل قصعتها» فانزعج‬
‫الصحابة انزعاجا شديدًا من هذا الوضع‬
‫المخيف‪ ،‬فسأل أحدهم عن سبب ذلك‪ ،‬وهل‬
‫هو قلة العدد؟! فأجاب ‪« :‬بل أنتم يومئذ كثي‪ ،‬ولكنكم‬
‫غثاء كغثاء السيل» فاشتد المر غموضا‪..‬فما السبب‬
‫حا‬
‫إذن؟! هنا يستطرد في الكلم شار ً‬
‫حا لوضع المة آنذاك‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫وموض ً‬
‫«ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة‬
‫منكم‪ ،‬وليقذفن في قلوبكم الوهن»! فيسال‬
‫أحدهم‪ :‬وما الوهن؟! فيجيب ‪« :‬حب الدنيا‬
‫وكراهية الموت» صحيح الجامع الصغير ‪..‬نعم‬
‫حب الدنيا هو الوهن الذي بسببه ضاعت المة‬
‫وأصبحت مفعول ً به وليست ‪..‬فاعلً‪..‬باتت‬
‫تحت القدام‪ ،‬يتنازع أمرها الجميع‪ ،‬وهي‬
‫مستسلمة‪..‬خاضعة‪ ..‬ولكن أليس حب الدنيا‬
‫وكراهية الموت مرادفين لضعف اليمان؟!‬
‫الجابة‪ :‬بلى‪ ،‬فكلما ضعف اليمان زاد حب‬
‫الدنيا‪ ،‬وزاد البعد عن الله‪ ،‬وزاد بعد الله‬
‫عنا‪..‬إن مشكلتنا التي نعاني منها الن ليست‬
‫في نقص العدد أو العدة‪..‬بل في ضعف‬
‫اليمان‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪18‬‬
‫هذه هي الحقيقة التي ينبغي أل نغفلها‬
‫إن أردنا أن ننهض مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬هناك الكثير من اليات‬
‫في القرآن تؤكد أن مشكلتنا مشكلة إيمانية‬
‫وأنه باليمان والتقوى ينصلح الحال‪ ،‬وتأتي‬
‫المعونة من الله‪ ،‬وبدونهما يسوء الحال‪،‬‬
‫ويزداد الذل والهوان‪..‬اذكر آية من الجزء‬
‫الثالث تؤكد هذا المعنى‪.‬‬

‫تهيئة القلب للصلة‪ :‬كلما هيأ المرء‬


‫نفسه للصلة كانت استفادته منها أكبر‪،‬‬
‫ومن وسائل هذه التهيئة‪ :‬إنهاء أي شيء‬
‫معلق يشغل البال‪ ،‬والوضوء‪ ،‬والتبكير‬
‫للمسجد قبل الذان‪...‬قال أبو الدرداء‪ :‬إن‬
‫من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل‬
‫على صلته وقلبه فارغ‪...‬‬
‫والتبكير بصفة خاصة له مفعول عجيب‬
‫في حضور القلب مع الصلة‪ ،‬فهو يُصفي‬
‫الخواطر الدنيوية‪ ،‬ويسكنها‪...‬فلنجتهد اليوم‬
‫وكل يوم في القيام بهذا العمل‪ ،‬وعلى‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪19‬‬
‫الخت المسلمة أن تخصص مكانًا في بيتها‬
‫تتخذه مسجدًا تبكر في الذهاب إليه قبل‬
‫الذان‪.‬‬

‫‪4‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫أخبر بأن المة ستتعرض لنكسات وهزائم‬
‫وفتن‪ -‬كما أسلفنا‪ -‬وأخبر أن السبب في ذلك‬
‫صا في العدد أو العدة ولكن السبب‬‫ليس نق ً‬
‫هو ضعف اليمان‪ ،‬كلما ضعف اليمان نقص‬
‫التأييد اللهي‪ ...‬وأخبر بأن المخرج من هذه‬
‫الفتن هو القرآن‪ ،‬فعندما قال يوما لصحابه‪:‬‬
‫«ستكون فت»‪ .‬فسألوه وهم منزعجون‪ :‬وما‬
‫المخرج منها؟! كانت الجابة الحاسمة‬
‫الواضحة من رسول الله ‪« :‬كتاب ال»‪...‬‬
‫وفي يوم آخر تحدث مع حذيفة بن اليمان‬
‫عن الفتن التي ستمر بالمة‪ ،‬فما كان من‬
‫حذيفة إل أن سأله‪ :‬وماذا أفعل إن أدركت تلك‬
‫الفتن؟ فأجابه ‪ :‬يا حذيفة عليك بكتاب الله‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪20‬‬
‫فتعلمه واتبع ما فيه‪ ،‬ففيه النجاة‪ ..‬فيكرر‬
‫عليه حذيفة السؤال ثلث مرات‪ ،‬فيجيبه‬
‫بنفس الجابة‪[...‬أخرجه الحاكم]‬

‫ولقد حدث بالفعل ما أخبر به من هزائم‬


‫ونكسات وفتن‪ ،‬ودخلت المة في نفق مظلم‪،‬‬
‫ول تدري كيف تخرج منه‪ ،‬مع أنه قد أخبرنا‬
‫بالمخرج أل وهو‪ :‬القرآن الكريم‪..‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬القرآن ملئ باليات التي‬
‫تتحدث عن وظيفة القرآن‪ ،‬ودوره‪ ،‬وعمله‬
‫في الناس اذكر آية من الجزء الرابع تتحدث‬
‫عن القرآن مع تعليق مختصر عليها‪.‬‬

‫قال ‪« :‬من كانت لخيه عنده مظلمة من عرض أو مال‪،‬‬


‫فليتحلله اليوم‪ ،‬قبل أن يؤخذ منه يوم ل دينار ول درهم‪ ،‬فإن كان له‬
‫عمل صال‪ ،‬أخذ منه بقدر مظلمته‪ ،‬وإن ل يكن له عمل‪ ،‬أخذ من‬
‫سيئات صاحبه فجعلت عليه» رواه المام أحمد‪.‬‬
‫فلنجعل اليوم يوم التسامح والتحلل من‬
‫المظالم‪ ،‬مع الزوج‪ ،‬ومع الصدقاء والزملء‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪21‬‬
‫وجميع الناس‪ ،‬ولتكن المسامحة في أمر‬
‫العراض بكلم عام حتى ل تُوغَر الصدور‪ ،‬أما‬
‫مظالم الموال والمور المادية فلبد من إعادتها‬
‫أو التحلل من صاحبها‪....‬‬

‫‪5‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫تعامل الجيل الول مع القرآن على حقيقته‬
‫ككتاب هداية وتغيير‪ ،‬وكمنبع عظيم لليمان‪،‬‬
‫فاستقامت حياتهم‪ ،‬وتحررت قلوبهم من أسر‬
‫الدنيا‪ ،‬فو ََفي الله بعهده معهم‪ ،‬ومكنهم في‬
‫الرض خلل سنوات معدودة وَ َمنْ َأوْفَى بِ َعهْ ِدهِ ِمنَ الِ‬
‫[التوبة‪.]111:‬‬
‫وعندما هجر المسلمون القرآن‪،‬‬
‫وانشغلوا بلفظه عن جوهره‪ ،‬وتركوا تدبر‬
‫آياته‪ ،‬والتأثر بها حدث لهم ما حدث من ذل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪22‬‬
‫وانكسار وهزائم متتالية‪.‬‬
‫يقول عبد الله بن مسعود‪ :‬نزل القرآن‬
‫ليُعمل به‪ ،‬فاتخذ الناس تلوته عملً‪...‬أي‬
‫أصبحت التلوة وما يتعلق بها هي عملهم الذي‬
‫ينشغلون به عن اتباع هدى القرآن وليس‬
‫العكس‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬من الحقائق التي تؤكد عليها‬
‫سورة النساء أن الله عز وجل ل يظلم الناس‬
‫شيئًا‪ ،‬وأن أي نقص يحدث لهم هو بسبب‬
‫أفعالهم‪..‬اذكر ثلث آيات من السورة تؤكد هذا‬
‫المعنى‪.‬‬

‫رد المانات إلى أصحابها من صفات المؤمنين‪،‬‬


‫ولعل الواحد منا قد أخذ من أخيه كتابًا‪ ،‬أو شريطًا أو‬
‫أي شيء ولو صغيًرا ونسيه عنده‪ ،‬ونسيه أخوه‬
‫كذلك فيأتي الجل‪ ،‬ونفاجأ يوم القيامة بأننا‬
‫مطالبون برد هذه المانات وإهداء حسناتنا ثمنا لها‪.‬‬
‫فلنسارع اليوم بجرد الكتب والشرطة‪...‬وإعادة كل‬
‫ما ل يخصنا إلى صاحبه‪...‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪23‬‬
‫‪6‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫أنزل الله عز وجل القرآن وجمع فيه بين‬
‫أمرين عظيمين لم يجتمعا في كتاب من‬
‫قبل‪..‬الرسالة والمعجزة‪ ،‬فالرسالة تبين‬
‫للناس وتهديهم للطريق الموصل لرضا الله‬
‫وجنته َش ْهرُ رَ َمضَا َن الّذِي ُأْنزِ َل فِي ِه الْ ُقرْآ ُن هُدًى لّلنّاسِ‬
‫[البقرة‪.]185:‬‬
‫أما المعجزة القرآنية فتقوم بدور بالغ‬
‫الهمية أل وهو الخذ بيد من يتمسك بالقرآن‪،‬‬
‫وإخراجه من الظلمات إلى النور‪..‬إلى طريق‬
‫الهدى‪ ،‬وتظل تسير به في هذا الطريق حتى‬
‫توصله إلى ربه‪ ،‬ولقد جمع الله عز وجل بين‬
‫هاتين الوظيفتين للقرآن في قوله‪ :‬قَدْ جَاءَكُم مّ َن الِ‬
‫[المائدة‪:‬‬ ‫نُورٌ وَكِتَابٌ مِّبيٌ يَهْدِي بِ ِه الُ مَ ِن اتّبَعَ رِضْوَانَهُ ُسُبلَ السّلَمِ‬
‫‪ ]16 ،15‬هذه هي وظيفة القرآن كرسالة َويُخْرِ ُجهُم‬
‫ت ِإلَى النّو ِر بِإِ ْذنِهِ وهذه هي وظيفته كمعجزة‪.‬‬
‫مّ َن الظّ ُلمَا ِ‬

‫‪ ‬الســؤال‪ :‬اذكر من الجزء السادس‬


‫آية تبين وظيفة القرآن كرسالة هادية‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪24‬‬
‫ومعجزة تغييرية‪.‬‬

‫قال رسول الله ‪ :‬إن ال أوحى إل يي بن زكريا‬


‫بمس كلمات أن يعمل بن‪ ،‬ويأمر بن إسرائيل أن يعملوا‬
‫بن‪..‬فذكر الحديث إلى أن قال فيه‪« :‬وآمركم‬
‫بالصدقة‪ ،‬ومَثلُ ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إل عنقه‪،‬‬
‫وقرّبوه ليضربوا عنقه‪ ،‬فجعل يقول‪ :‬هل لكم أن أفدي نفسي منكم؟‬
‫وجعل يعطي القليل والكثي حت فدى نفسه» رواه الترمذي‪.‬‬
‫تأمل معي قوله ‪« :‬وجعل يعطي القليل والكثي حت‬
‫فدى نفسه» فهل لنا أن نفدي أنفسنا من أسر‬
‫الذنوب بالصدقة؟!‬
‫أخي‪ :‬بكم تفدي نفسك؟! بمائة جنيه‪...‬‬
‫بألف ‪...‬بعشرة آلف‪..‬؟ كل منا أدري بما فعل‬
‫من ذنوب وما يقابلها من فداء‪ ،‬فلنبدأ اليوم‬
‫رحلة الفداء قبل فوات الوان‪...‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪25‬‬
‫‪7‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫لقد أمرنا الله عز وجل بأمرين علينا أن‬
‫نأخذ بهما حين نقرأ القرآن لكي تتم الفائدة‬
‫المرجوة من هذا الكتاب العظيم‪.‬‬
‫المر الول‪ :‬تدبر اليات‪ ،‬أو بمعنى آخر‬
‫فهم واستيعاب ما نقرأ منها كِتَابٌ َأْن َزلْنَاهُ ِإلَ ْيكَ‬
‫[ص‪.]29:‬‬ ‫ُمبَارَ ٌك لّيَ ّدّبرُوا آيَاتِهِ َولَِيتَ َذ ّكرَ أُولُو اللْبَابِ‬
‫والمر الثاني‪ :‬الترتيل وَ َرتّلِ الْ ُقرْآنَ َت ْرتِيلً‬
‫[المزمل‪.]4:‬‬
‫فالتدبر هو إعمال العقل فيما نقرأ لفهم‬
‫المراد من الكلم مثلما نُعمل عقولنا عند قراءة‬
‫أي كلمات لكي نفهم المراد منها‪.‬‬
‫والترتيل هو تبيين الحروف وقراءتها‬
‫بتؤدة‪ ،‬والتغني بها‪ ،‬وأهم وظيفة للترتيل هي‬
‫الطرق على المشاعر والعمل على‬
‫استثارتها‪ ،‬فإذا ما اقترن ذلك بالتدبر‪ ،‬أي‬
‫تجاوبت المشاعر وتعانقت مع الفهم الناتج‬
‫من تدبر اليات‪..‬كانت النتيجة دخول نور‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪26‬‬
‫القرآن إلى القلب‪ ،‬وإنباته لليمان فيه‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬في الجزء السابع‪ :‬ذكر‬
‫جا لناس سمعوا آيات القرآن‬ ‫القرآن نموذ ً‬
‫وفهموها وتأثروا بها‪ ،‬وقالوا من الكلمات ما يدل‬
‫على دخول نور اليمان إلى قلوبهم‪..‬اذكر هذه‬
‫اليات التي تدل على هذا النموذج في الجزء‬
‫السابع‪.‬‬

‫المواظبة على إخراج الصدقة‪ ،‬والتبكير‬


‫بها له دور عظيم في استجلب الرحمة‪،‬‬
‫ودفع العذاب طيلة اليوم‪ ،‬وكيف ل؟ وما من‬
‫ملك ينادي‪« :‬اللهم أعط‬ ‫يوم ينشق فجره إل و َ‬
‫منفقا خلفًا» فلنبكر بالصدقة حتى نستفيد من‬
‫دعوة هذا الملك أطول فترة ممكنة‪ ،‬والحل‬
‫العملي لذلك هو تخصيص صندوق في‬
‫سر من‬ ‫المنزل للصدقة‪ ،‬نضع فيه ما تي ََ‬
‫المال‪ -‬وإن قل‪ -‬وذلك عند الفجر‪ ،‬وكلما‬
‫وجدنا أمامنا بابًا من أبواب الخير دفعنا إليه‬
‫مع في الصندوق‪.‬‬‫ما تج ََ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪27‬‬
‫‪8‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫كم ختمة ستختمها في رمضان؟‪ :‬سؤال‬
‫يتردد كثيًرا بيننا كلما دخل علينا رمضان‪ ،‬بل‬
‫إنك تجد الواحد منا يتسابق مع إخوانه في‬
‫عدد الختمات التي سيختمها‪ ،‬فإن سألته لماذا‬
‫يفعل ذلك؟ أجابك بأنه يريد تحصيل أكبر قدر‬
‫من الحسنات‪.‬‬
‫أخي‪ ...‬ليس لهذا نزل القرآن‪ ،‬بل نزل‬
‫ليُحيى قلوبنا‪ ،‬ويملها باليمان‪ ،‬ويدفعها‬
‫للقيام بالعمل الصالح‪..‬‬
‫لقد ختمنا القرآن قبل ذلك عشرات‬
‫المرات دون أن نفهم أو نتأثر بما نقرأ‪ ،‬فماذا‬
‫كانت النتيجة‪ ..‬ماذا غيََر فينا القرآن؟!‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬لماذا يقرأ النسان؟! وهل‬
‫يُعقل أن يقوم المرء بالقراءة بلسانه وحنجرته‬
‫دون أن يُعمل عقله فيما يقرأ‪ ،‬ودون أن يجتهد‬
‫في فهم المعنى المراد من الكلمات التي تقع‬
‫عليها عيناه؟! وكم كتابًا يقرأه الناس دون فهم‬
‫معانيه؟‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪28‬‬

‫أوصى الله عز وجل بصلة الرحم لتقوى‬


‫الروابط بين أفراد المجتمع‪ ،‬ويتحقق مفهوم‬
‫الجسد الواحد ولن رمضان هو شهر البر‬
‫والحسان فعلينا أن نجتهد في القيام بهذا‬
‫العمل‪ ،‬وأن نكون المبادرين بذلك‪...‬قال ‪:‬‬
‫«‪ ..‬وإن أعجل الطاعة ثوابًا لصلة الرحم‪ ،‬حتى‬
‫إن أهل البيت ليكونون فجرة فتنمو أموالهم‪،‬‬
‫ويكثر عددهم إذا تواصلوا»صحيح الجامع الصغير‪.‬‬

‫‪9‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫إن كان الهدف من قراءة القرآن هو‬
‫تحصيل الحسنات فقط لبحثنا عن أعمال‬
‫أخرى أكثر ثوابًا منه ول يستغرق أداؤها وقتًا‬
‫طويلً‪ .‬ولكن أمر القرآن غير ذلك فلقد‬
‫أنزله الله ليكون وسيلة للهداية والتغيير‪،‬‬
‫وما الجر والثواب المترتب على قراءته إل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪29‬‬
‫حافًزا يشحذ همة المسلم لكي يقبل على‬
‫القرآن فينتفع من خلل هذا القبال باليمان‬
‫المتولد من الفهم والتأثر‪ ،‬فينصلح حاله‬
‫ويقترب من ربه‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬الب الذي يُحفَِز ابنه على‬
‫مذاكرة دروسه من خلل رصد الجوائز له‪...‬‬
‫يقينًا أن هدفه من خلل رصده لهذه الجوائز‬
‫هو انتفاع ابنه بالمذاكرة‪ ،‬وليس مقصده‬
‫مجرد جلوسه أمام الكتاب دون مذاكرة‬
‫حقيقية‪.‬‬
‫ولله المثل العلى‪ ،‬فلنه سبحانه يحب‬
‫عباده ويريد لهم الخير أنزل إليهم هذا‬
‫الكتاب الذي يجمع بين الرسالة‬
‫والمعجزة‪ ...‬ولكي يستمر تعاملهم معه‪،‬‬
‫م يستمر انتفاعهم بما يُحدثه هذا‬‫ومن ث ََ‬
‫الكتاب من تغيير في داخلهم يدفعهم‬
‫لسلوك طريق الهدى؛ كانت الحوافز‬
‫الكثيرة التي تُرغَبهم وتحببهم في دوام‬
‫القبال عليه ومنها أن لهم بكل حرف‬
‫يقرؤونه عشر حسنات‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬يظن البعض أن صلحه في‬
‫ف لنيل رضا الله عز وجل‪،‬‬
‫نفسه فقط كا ٍ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪30‬‬
‫فيترك دعوة غيره من الشاردين‪ ،‬ول يفكر إل‬
‫في نفسه‪ ،‬ولقد بيََن القرآن خطأ هذا الفهم‬
‫وذلك في عرضه لقصة أصحاب السبت في‬
‫سورة العراف‪ ..‬اذكر ما يؤكد هذا المعنى من‬
‫اليات مع تعليق مختصر عليها‪.‬‬

‫هل تريد أن تحيطك العناية اللهية من‬


‫كل جانب؟‪..‬إذ ًا فاستمع إلى ما قاله الحبيب‬
‫المصطفى ‪« :‬من عاد مريضا ل يزل يوض ف الرحة حت‬
‫يلس فإذا جلس اغتمس فيها» رواه أحمد‪.‬‬
‫وعليك أن تختار التوقيت المناسب‬
‫لعيادته مراعاة لظروفه‪ ،‬وللستفادة كذلك‬
‫من هذه الرحمة اللهية أطول فترة‬
‫ممكنة‪...‬قال ‪« :‬ما من مسلم يعود مسلما غُدوة إل صلى‬
‫عليه سبعون ألف مَلك حت يسى‪ ،‬وإن عاده عشيّة إل صلى عليه‬
‫سبعون ألف ملك حت يُصبح‪ ،‬وكان له خريف من النة» رواه‬
‫الترمذي‪ ،‬والخريف‪ :‬الثمر‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪31‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫قد يقول قائل‪ :‬لنجعل القراءة الهادئة‬
‫المتأنية التي تراعي الفهم والتأثر في غير‬
‫رمضان‪ ،‬أما خلل هذا الشهر فينبغي أن‬
‫ننتهز فرصة مضاعفة ثواب العمال فيه‪،‬‬
‫فنقرأ أكبر قدر ممكن من القرآن‪...‬‬
‫‪..‬نعم‪ ،‬رمضان فرصة عظيمة للنطلقة‬
‫القوية‪ ،‬وذوق حلوة اليمان من خلل القرآن‬
‫‪..‬نعم‪ ،‬رمضان يصلح كنقطة بداية لمن يشكو‬
‫عدم وجود همة ورغبة في التعامل مع القرآن‬
‫بتدبر وتأثر‪ ..‬أما أن يكون التعامل مع القرآن‬
‫في رمضان بطريقة تبحث عن الجر فقط‪،‬‬
‫م ل تراعي الهدف الذي نرجوه فهذا‬ ‫ومن ث ََ‬
‫معناه أن نظل في أماكننا ندور في حلقة‬
‫مفرغة‪ ،‬فقراءة القرآن بفهم وتأثر ينبغي أن‬
‫تصاحبنا طيلة العام‪ ،‬بل إن الحاجة إليها لتشتد‬
‫أكثر وأكثر في شهر رمضان باعتبار أنه فرصة‬
‫جيدة ومناخ مناسب لحياء القلب باليمان‪،‬‬
‫ولنعلم جميعًا أننا لو ختمنا القرآن في رمضان‬
‫ختمة واحدة‪ ..‬بتفهم وتأثر فإن أثرها‪ ،‬والثواب‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪32‬‬
‫المترتب عليها سيكون‪ -‬بمشئية الله‪ -‬أفضل‬
‫من عشرات الختمات بدون فهم وتأثر‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪« :‬الناصر هو الله»‪..‬حقيقة‬
‫ينبغي على كل مسلم أن يعتقدها ويُوقن‬
‫بها‪ ،‬ولقد ظهر الكثير من آثار هذه الحقيقة‬
‫في سورة التوبة‪..‬اذكر آيتين تؤكدان عليها‬
‫من السورة مع تعليق مختصر‪.‬‬

‫في مثل هذا اليوم انتصر المسلمون‬


‫على اليهود بفضل الله عز وجل‪ ،‬وذلك بعد‬
‫ما يئسوا من كل الرايات الرضية‪ ،‬ورفعوا‬
‫راية «الله أكبر»‪.‬‬
‫وفي هذه اليام التي نعيشها نرى جراح‬
‫المسلمين قد انتشرت في كل مكان في‬
‫العالم‪ ،‬فهل لنا أن نعمل على نُصرة هؤلء‪،‬‬
‫ف الضراعة إلى الله عز وجل‬‫وأن نرفع أك ُ ََ‬
‫الذي هو أكبر من كل كبير أن يخفف عن‬
‫إخواننا المضطهدين في كل مكان‪ ،‬وأن‬
‫يكشف غمهم وكربهم‪ ،‬ويعيد لهم حقوقهم‬
‫المسلوبة؟!‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪33‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫أخي القارئ‪ :‬ل يكن همك أن تنتهي من‬
‫الجزء أو السورة‪ ،‬بل اجعل همك فهم ما تقرأ‬
‫والتأثر به قدر المستطاع‪.‬‬
‫عن أبى جمرة قال‪ :‬قلت لبن عباس‪:‬‬
‫إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في‬
‫ثلث‪ ،‬فقال‪ :‬لن أقرأ البقرة في ليلة‬
‫ى من أن أقرأ كما‬ ‫فأدبرها وأرتلها أح َُ‬
‫ب إل ََ‬
‫تقول‪.‬‬
‫ومن وصايا ابن مسعود‪« :‬ل تهذوا القرآن‬
‫هذ ََ الشعر‪ ،‬ول تنثروه نثر الدقل‪ ،‬وقفوا عند‬
‫عجائبه وحركوا به القلوب ول يكن هم‬
‫أحدكم من السورة آخرها»‬
‫ويقول ابن القيم‪ :‬ل شيء أنفع للقلب من‬
‫قراءة القرآن بالتدبر والتفكر‪ ،‬فإنه جامع لجميع‬
‫منازل السائرين‪ ،‬ومقامات العارفين‪..‬فلو علم‬
‫الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لشتغلوا بها‬
‫عن كل ما سواها‪ ،‬فقراءة آية بتفكر خير من‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪34‬‬
‫ختمة بغير تدبر وتفهم‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬اذكر من خلل قراءتك‬
‫وتدبرك للجزء الحادي عشر ثلث آيات تدل‬
‫على أن الله عز وجل قريب من‬
‫عباده‪..‬يُنْصرهم‪ ،‬ويسمعهم‪ ،‬ويستجيب‬
‫دعاءهم‪.‬‬

‫فلسطين في وضع صعب‪ ،‬ويحتاج أهلنا‬


‫فيها إلى شتى أنواع المساعدات‪ ،‬وإلى الدعاء‬
‫الشديد‪ ..‬فلنجتهد في ذلك دوما‪ ،‬ولتكن لنا‬
‫دعوة يومية دائمة لهل فلسطين وحبذا لو‬
‫كانت عند الفطار‪ ،‬ولنجعل الولد يؤَمنون‬
‫على ذلك الدعاء‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫كما أن الماء هو غيث الرض‪ ،‬فكذلك‬
‫القرآن هو غيث القلوب‪...‬قال ‪«:‬اللهم اجعل‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪35‬‬
‫القرآن ربيع قلوبنا» والربيع‪ :‬الغيث‪ ،‬وكما أن‬
‫الرض تحتاج لدوام تدفق الماء إليها لتنُبت‬
‫وتُزهر وتُثمر‪ ،‬كذلك القلوب تحتاج إلى دوام‬
‫تعرضها للقرآن لينبت فيها اليمان ويُزهر‬
‫ويُثمر‪.‬‬
‫فعلينا أن نكثر من أوقات قراءتنا للقرآن‪،‬‬
‫ول يكن هم أحدنا بلوغ آخر السورة أو‬
‫الجزء‪ ،‬بل ليكن همه أن يفهم ما يقرأ‪ ،‬وأن‬
‫ش ِعرّ مِ ْنهُ‬
‫سنَ اْلحَدِيثِ كِتَابًا مّتَشَاِبهًا مّثَانِ َي تَقْ َ‬
‫يتأثر به الُ َنزّ َل أَحْ َ‬
‫ُجلُودُ الّذِينَ َيخْشَ ْونَ َرّبهُمْ ثُ ّم َتلِيُ ُجلُو ُدهُمْ وَ ُقلُوُبهُ ْم ِإلَى ِذ ْكرِ الِ‬
‫[الزمر‪.]23:‬‬

‫‪ ‬الســؤال‪ :‬جاء في ختام سورة هود‬


‫َوكُلّ نّقُصّ َعلَ ْيكَ ِمنْ َأنْبَا ِء الرّسُلِ مَا نَُثّبتُ بِ ِه ُفؤَادَكَ وَجَاءَ َك فِي هَ ِذهِ‬
‫كرَى ِل ْل ُمؤْمِنِيَ [هود‪.]120:‬‬ ‫حقّ وَ َم ْو ِعظَةٌ َو ِذ ْ‬
‫الْ َ‬
‫ما هي التذكرة والموعظة التي حملتها‬
‫سورة هود للرسول عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫ولمته من بعده؟!‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪36‬‬
‫الجلوس بعد صلة الفجر إلى ما بعد‬
‫شروق الشمس بربع ساعة على القل في‬
‫المسجد‪ ،‬وصلة الضحى بعد ذلك لننال الثواب‬
‫العظيم الذي بشرنا به رسول الله ‪« :‬من قعد ف‬
‫مصله حي ينصرف من صلة الصبح حت يسبح ركعت الضحى ل يقول‬
‫إل خيًا غفرت له خطاياه ولو كانت أكثر من زبد البحر» رواه‬
‫المام أحمد‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله يقول‪« :‬من صلى الفجر‪ -‬أو قال الغداة‪ -‬فقعد‬
‫ف مقعده فلم يلغُ (لم يتحدث) بشيء من أمر الدنيا ويذكر ال حت‬
‫يصلي الضحى أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ل ذنب له»‬
‫أخرجه أبو يعلي‪.‬‬
‫أما المرأة فلها أن تجلس في مسجد‬
‫بيتها‪ -‬أي المكان الذي تصلي فيه بالبيت‪-‬‬
‫لتنال هذه المثوبة‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪37‬‬
‫الوضوء له دور كبير في تجديد النشاط‪،‬‬
‫وتهيئة المرء للدخول إلى القرآن‪ ،‬وكذلك‬
‫السواك‪ ..‬وكلما كان لقاؤنا بالقرآن في‬
‫مكان هادئ كان ذلك أدعى للفهم والتأثر‪.‬‬
‫ولقد اعتكف رسول الله في المسجد‬
‫فسمع بعض أصحابه يجهرون بالقراءة فكشف‬
‫الستر وقال‪« :‬أل إن كلكم مناج ربه فل يؤذين بعضكم بعضًا‪ ،‬ول‬
‫يرفع بعضكم على بعض بالقراءة»‬
‫رواه أبو داود‪.‬‬
‫فلنبحث عن مكان هادئ في المنزل أو‬
‫ركن خال في المسجد –قدر المستطاع‪-‬‬
‫فنقرأ فيه القرآن‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬تحدثت سورة الرعد عن‬
‫مظاهر كثيرة للقدرة اللهية المطلقة‪ ..‬اذكر‬
‫ثلثة منها مع ذكر اليات التي دلت عليها‪.‬‬

‫قال ‪« :‬أحب الناس إل ال أنفعهم‪ ،‬وأحب العمال إل ال‬


‫عز وجل سرور تدخله على مسلم‪ ،‬أو تكشف عنه كربة‪ ،‬أو تقضى‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪38‬‬
‫عنه دينًا‪ ،‬أو تطرد عنه جوعًا‪ ،‬ولن أمشى مع أخي السلم ف حاجة‪،‬‬
‫أحب إلّ من أن أعتكف ف السجد شهرا‪ »..‬رواه‬
‫الطبراني‪.‬‬
‫فلنجتهد في القيام بهذا العمل الصالح‪..‬‬
‫أن نُدخل السرور على مسلم‪ ،‬ولنتذكر أن‬
‫أحد الصالحين أتاه رجل حسن المظهر‬
‫والثياب في قبره فسأله‪ :‬من أنت؟ فقال‬
‫له‪ :‬أنا السرور الذي أدخلته على أخيك يوم‬
‫كذا‪...‬‬
‫وأبواب إدخال السرور واسعة ولو حتى‬
‫بقطعة حلوى‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪39‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫قال ‪« :‬أكثروا من تلوة القرآن ف بيوتكم‪ ،‬فإن البيت‬
‫الذي تكثر فيه تلوة القرآن يكثر خيه‪ ،‬ويتسع على أهله‪،‬‬
‫وتضره اللئكة وتزجر عنه الشياطي‪ ،‬وإن البيت الذي ل يُقرأ‬
‫فيه القرآن يكثر شره‪ ،‬ويضيق على أهله‪ ،‬وتجره اللئكة‪،‬‬
‫وتضره الشياطي» [رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة]‪..‬‬
‫فلنجعل لبيوتنا حظا ً كبيرا من تلوة القرآن‬
‫لننعم بهذه الثمرات‪.‬‬
‫كان أبو هريرة يقول‪ :‬البيت الذي يُقرأ فيه‬
‫القرآن كالبيت الذي فيه المصباح‪ ،‬والبيت‬
‫(‪) 1‬‬
‫ح ََ‬
‫ش‪.‬‬ ‫الذي ل يُقرأ فيه القرآن كال ُ‬
‫سميت سورة النحل‬ ‫‪ ‬الســؤال‪ُ :‬‬
‫بسورة النِعم لما تضمنته من مظاهر كثيرة‬
‫وألوان عديدة لنِعم الله على عباده‪ ..‬اذكر‬
‫‪1‬‬
‫ح ََ‬
‫ش‪ :‬هو المكان الذي تجتمع فيه القاذورات‬ ‫() ال ُ‬
‫والنجاس‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪40‬‬
‫عشًرامن هذه النعم كما وردت في‬
‫السورة‪ ،‬مع بيان اليات التي تضمنتها‪.‬‬

‫قال ‪« :‬ثلث أقسم عليهن‪ :‬ما نقص مال قط من صدقة‪،‬‬


‫فتصدقوا‪ ،‬ول عفا رجل عن مظلمة ظُلمها إل زاده ال تعال با عزا‪،‬‬
‫فاعفوا يزدكم ال عزّا‪ ،‬ول فتح رجل على نفسه باب مسألة يسأل‬
‫الناس إل فتح ال عليه باب فقر» [صحيح الجامع] فلنجاهد‬
‫أنفسنا حتى نتخلق بخلق العفو عمن أساء‬
‫إلينا‪ ،‬ونتذكر فضل العفو عمن ظلمنا لنعفوا‬
‫عنهم بنفس راضية‪ ،‬ولنشهد الله على ذلك‬
‫حبّونَ أَن يّ ْغ ِفرَ‬
‫العفو لعله يعفو عنا َوْليَعْفُوا َوْليَصْ َفحُوا أَلَ ُت ِ‬
‫الُ لَ ُكمْ [النور‪ ]22 :‬ولن النفوس قد يصعب عليها‬
‫ذلك‪ ،‬فما أجمل استغلل ذلك الشهر في‬
‫ترويضها على هذا الخلق‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪41‬‬
‫من توجيهاته ‪« :‬إن أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن‬
‫يتحزن فيه»‪«.‬إن أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه‬
‫يشى ال»‪« .‬اتلوا القرآن وابكوا فإن ل تبكوا فتباكوا»‪.‬‬
‫فالتباكي والتحزن مع القراءة له دور‬
‫كبير في استثارة المشاعر وتهيئة القلب‬
‫للتجاوب مع اليات‪ ...‬فلنفعل ذلك حتى‬
‫نقترب من هدفنا‪ .‬أل وهو التأثر بما نفهمه‬
‫فيزداد اليمان‪ ،‬ويحيا القلب شيئًا فشيئًا‪.‬‬
‫قال حذيفة بن اليمان‪ :‬اقرؤوا القرآن‬
‫حزن‪ ،‬ول تجفوا عنه‪ ،‬وتعاهدوه‪ ،‬ورتلوه‬ ‫ب ُ‬
‫ترتيل‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬تحدثت سورة السراء‬
‫كثيًرا عن القرآن‪ ،‬ووصفته بأوصاف كثيرة‪،‬‬
‫وبينت دوره‪ ،‬ووصفت حال من يتعامل معه‬
‫حا‪ ..‬اذكر آية من آيات سورة‬ ‫تعامل ً صحي ً‬
‫السراء تحدثت عن دور القرآن في الهداية‪،‬‬
‫واذكر كذلك اليات التي بينت فعل القرآن‬
‫وأثره فيمن يتعامل معه تعامل ً صحي ً‬
‫حا‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪42‬‬
‫هل كتبت وصيتك؟ قبل أن تجيب عن هذا‬
‫السؤال تأمل معي هذا الحديث‪ :‬عن ابن‬
‫عمر‪ -‬رضي الله عنهما‪ -‬أن رسول الله قال‪:‬‬
‫«ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتي إل ووصيته‬
‫ي ليلة‬‫مكتوبة عنده»‪ ،‬وقال ابن عمر‪ :‬ما مرت عل ََ‬
‫منذ سمعت رسول الله قال ذلك إل وعندي‬
‫وصيتي‪.‬‬
‫وفي هذه الوصية يكتب الواحد منا ما له‬
‫وما عليه من أموال‪ ،‬ويكتب فيها كذلك‬
‫وصاياه لهله وأولده‪ ،‬وكيف ينظمون الحياة‬
‫من بعده‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫الترتيل له دور كبير في استثارة المشاعر‪،‬‬
‫م حدوث التأثر‪ ،‬على أن يكون ذلك‬ ‫ومن ث ََ‬
‫الترتيل مصحوبًا بالتدبر والتفهم حتى يثمر‬
‫زيادة اليمان في القلب‪ .‬قال ‪« :‬حسنوا القرآن‬
‫بأصواتكم فإن الصوت السن يزيد القرآن حسنًا» [رواه‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪43‬‬
‫الدارمي]‪.‬‬
‫ومما يساعد كذلك على سرعة استجلب‬
‫التأثر‪ :‬القراءة من المصحف‪ ..‬قال ‪« :‬من‬
‫سَرّه أن يبه ال ورسوله فليقرأ ف الصحف» [صحيح الجامع‬
‫الصغير]‪.‬‬
‫والجهر بالقراءة له أثر معروف في‬
‫استدعاء التأثر‪ ..‬قال ‪« :‬ما أذن ال لشيء كما أذن‬
‫لنب حسن الصوت يتغن بالقرآن يهر به» [صحيح الجامع‬
‫الصغير]‪.‬‬

‫‪ ‬الســؤال‪ :‬الله عز وجل هو الرحمن‬


‫الرحيم‪ :‬وقد تجلت مظاهر كثيرة لصفة‬
‫الرحمة اللهية في سورة مريم ‪ ..‬اذكر ثلثة‬
‫من هذه المظاهر مع اليات التي دلت‬
‫عليها‪.‬‬

‫الزوجة والولد لهم علينا حقوق خاصة‬


‫«كلكم راع‪ ،‬وكلكم مسؤول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع‪ ،‬وهو‬
‫مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع ف أهله‪ ،‬وهو مسؤول عن‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪44‬‬
‫رعيته‪ ،‬والرأة راعية ف بيت زوجها‪ ،‬وهي مسؤولة عن‬
‫رعيتها‪[ »..‬متفق عليه]‬

‫ومفهوم المسؤولية ليس مقصوًرا على‬


‫توفير الطعام والشراب وسائر النفقات بل‬
‫الهم هو تربيتهم على الستقامة على أمر الله‬
‫[طه‪.]132 :‬‬ ‫صطَِبرْ َعلَ ْيهَا‬
‫لةِ وَا ْ‬
‫ك بِالصّ َ‬
‫َوأْ ُمرْ َأ ْهلَ َ‬
‫ورمضان فرصة عظيمة للجلوس مع‬
‫الزوجة والولد‪ ،‬ومتابعة أعمالهم‪ ،‬وشحذ‬
‫هممهم‪ ،‬والشتراك معهم في الجابة عن‬
‫السئلة‪ ،‬والقيام بالعمال الصالحة‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪45‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫قال‪ :‬لقد جلست أنا وأخي مجلسا ً ما أحب أن‬
‫حمر النَعم‪ ،‬أقبلت أنا وأخي‪ ،‬وإذا‬ ‫لي به ُ‬
‫مشيخة من صحابة رسول الله جلوس عند‬
‫باب من أبوابه‪ ..‬إذ ذكروا آية من القرآن‬
‫فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم فخرج‬
‫رسول الله مغضبًا قد احمر وجهه‪ ،‬يرميهم‬
‫بالتراب ويقول‪« :‬مهل يا قوم‪ ،‬بذا أُهلكت المم من قَبلكم‬
‫باختلفهم على أنبيائهم‪ ،‬وضربم الكتب بعضهم ببعض‪ ،‬فما عرفتم‬
‫منه فاعملوا به‪ ،‬وما جهلتم فردوه إل عاله»[رواه أحمد]‪.‬‬

‫ويقول عبد الله بن مسعود‪ :‬إن للقرآن‬


‫منارا ً كمنار الطريق‪ ،‬فما عرفتم منه‬
‫فتمسكوا به‪ ،‬وما يشبه عليكم‪ -‬أو قال ُ‬
‫شبَه‬
‫عليكم‪ -‬فكِلوه إلى عالمه‪.‬‬
‫معنى ذلك أنه ل يجب علينا‪ -‬حين نقرأ‬
‫القرآن‪ -‬أن نقف عند كل كلمة أو آية ل‬
‫نعرف معناها ونحاول معرفته‪ ،‬بل يكفينا‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪46‬‬
‫الفهم الجمالي العام من اليات‪ ،‬وإن‬
‫تيََسرت القراءة من المصحف الذي يحوي‬
‫هامشه معاني الكلمات الغريبة فبها‬
‫ونعمت‪ ،‬لن ذلك ل يجعل القارئ يضطر‬
‫لقطع قراءته وتأثره للنظر في التفسير‪ ،‬بل‬
‫يكفيه فقط أن ينظر في الهامش ليفهم ما‬
‫استغلق عليه فهمه‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال ‪ :‬تتحدث سورة النبياء‬
‫باستفاضة عن مظاهر عديدة لقيومية الله على‬
‫خلقه وقربه منهم‪ ،‬وسرعة استجابته لهم‪ ..‬اذكر‬
‫ثلثة مظاهر تبين هذا المعنى مع ذكر اليات‬
‫الدالة عليها‪.‬‬

‫قد تَحول ظروف البعض من الجلوس مع‬


‫الزوجة والولد بصفة منتظمة ومتابعتهم‪ ..‬ومع‬
‫ذلك تبقى هناك أوقات تجتمع فيها السرة كلها‬
‫في رمضان كوقت الفطار والسحور‪ ..‬فلننتهز‬
‫هذا الجتماع في القيام بمتابعة أفراد السرة‬
‫وشحذ هممهم‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪47‬‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫القرآن خطاب من الله عز وجل لعباده‬
‫أجمعين‪ ..‬هذا الخطاب يتضمن أسئلة علينا أن‬
‫صَب َح مَا ُؤ ُك ْم َغ ْورًا‬
‫نجيب عليها مثل قول تعالى‪ُ :‬ق ْل َأرَأْيُت ْمِإ ْن َأ ْ‬
‫َفمَن ّيْأتِي ُك ْمِبمَاٍء ّمِع ٍي [الملك‪ ]30 :‬فيجيب‪ :‬الله رب العالمين‪.‬‬
‫وفي القرآن أوامر للتنفيذ السريع علينا أن نقوم‬
‫علَى [العلى‪]1 :‬‬ ‫ك ال ْ‬‫بها مثل قوله تعالى‪َ :‬سّب ِح ا ْس َم َرّب َ‬
‫فنسبح‪ ،‬وفيها حديث عن الجنة علينا أن نسأل‬
‫الله بلوغها‪ ،‬وحديث عن النار فنستعيذ بالله منها‪.‬‬
‫يقول محمد إقبال‪ :‬كنت أقرأ القرآن بعد‬
‫صلة الصبح كل يوم‪ ،‬وكان أبي يراني‪،‬‬
‫فيسألني‪ :‬ماذا أصنع؟ فأجيبه‪ :‬أقرأ القرآن‪،‬‬
‫وظل على ذلك ثلث سنوات متتاليات يسألني‬
‫سؤاله‪ ،‬فأجيبه جوابي‪ ،‬وذات يوم قلت له‪ :‬ما‬
‫بالك يا أبي تسألني نفس السؤال‪ ،‬وأجيبك‬
‫جوابًا واحدًا‪ ،‬ثم ل يمنعك ذلك عن إعادة‬
‫السؤال من غد؟ فقال‪ :‬إنما أردت أن أقول لك‪:‬‬
‫يا ولدي اقرأ القرآن كأنه نزل إليك‪ .‬ومنذ ذلك‬
‫اليوم بدأت أتفهم القرآن وأقبل عليه‪ ،‬فكان من‬
‫أنواره ما اكتسبت‪ ،‬ومن درره ما نظمت‪.‬‬
‫الســؤال ‪ :‬في سورة النور تتأكد حقيقة‬ ‫‪‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪48‬‬
‫مهمة وهي أننا بالله ل بأنفسنا‪ ،‬وأن كل عمل‬
‫صالح نؤديه فهو محض فضل منه سبحانه‪،‬‬
‫وكل معصية ل نفعلها فهي محض عصمة‬
‫منه‪ ..‬اذكر آيتين من السورة تؤكدان هذا‬
‫المعنى مع تعليق مختصر‪.‬‬

‫من أهم العمال الصالحة التي ل تتوافر‬


‫إل في أيام الصيام‪« ..‬تفطير الصائمين»‬
‫قال رسول الله «من فطّر صائمًا كان له مثل أجره‪،‬‬
‫غي أنه ل ينقصُ من أجر الصائم شيئًا» [صحيح الجامع‬
‫الصغير]‪ .‬فحبذا لو قمنا بهذا العمل الصالح‪،‬‬
‫وحبذا لو كان للفقراء والمساكين‪.‬‬

‫‪1‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫قيل للسيدة عائشة رضي الله عنها‪ :‬إن‬
‫أناسا ً يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو‬
‫ثلثاً‪ ،‬فقالت‪« :‬قرؤوا ولم يقرؤوا‪ ،‬كان رسول‬
‫الله يقوم ليلة التمام فيقرأ سورة البقرة‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪49‬‬
‫وسورة آل عمران وسورة النساء ل يمر بآية‬
‫فيها استبشار إل دعا الله تعالى ورغب‪ ،‬ول يمر‬
‫بآية فيها تخويف إل دعا واستعاذ» [رواه أحمد]‪.‬‬

‫فلنفعل مثل ما كان يفعله رسولنا ‪،‬‬


‫ولنتجاوب مع القراءة فإذا وجدنا موضع تسبيح‬
‫سبحنا‪ ،‬وموضع استغفار استغفرنا‪ ،‬وموضع‬
‫دعاء دعونا‪ ،‬وعند آيات النار نستعيذ بالله من‬
‫شرها‪ ،‬وعند آيات الجنة نتشوق ونطلب أن‬
‫نكون من أهلها‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال ‪ :‬تحدثت سورة النمل عن‬
‫فرعون وأنه رأى آيات مبصرة تدل على صدق‬
‫موسى ‪ ،‬ومع ذلك لم يؤمن‪ ،‬وفي نفس‬
‫ملِكة سبأ تري آيات مبصرة تدل‬
‫السورة نجد َ‬
‫على الله الواحد فتؤمن‪ ..‬ولقد بين القرآن‬
‫السبب لعدم إيمان فرعون‪ ،‬والسبب ليمان‬
‫ملكة سبأ‪..‬اذكر اليات التي تدل على ذلك‪.‬‬

‫إطعام الطعام‪ ..‬باب عظيم من أبواب الخير‬


‫غفل عنه الكثير من الناس‪ ..‬قال ‪« :‬إن ف النة‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪50‬‬
‫غرفا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها» قالوا‪« :‬لمن‬
‫هي يا رسول الله؟ قال‪ -:‬لن أطعم الطعام‪ ،‬وأطاب‬
‫الكلم‪ ،‬وصلى بالليل والناس نيام» [رواه أحمد]‪.‬‬

‫فلنطعم كلما سنحت الفرصة بعضا ً من‬


‫أصدقائنا كما كان يفعل الصحابة‪ ..‬كان علي‬
‫يقول‪« :‬لن أجمع ناسا ً من أصحابي على‬
‫صاع من طعام أحب إلى من أن أخرج إلى‬
‫السوق اشتري نسمة فأعتقها»‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫عندما نكثر من قراءة القرآن‪ ،‬ونداوم‬
‫عليها كل يوم‪ ،‬ونقرأ بترتيل‪ ،‬ومن‬
‫المصحف‪ ،‬وبصوت مسموع‪ ،‬ونفهم ما نقرأ‪-‬‬
‫ولو بصورة إجمالية‪ -‬ونتجاوب مع الخطاب‬
‫القرآني‪ ..‬فإن هذا من شأنه أن يستثير‬
‫المشاعر‪ ،‬وستأتي بإذن الله‪ -‬لحظات يتم‬
‫فيها التأثر بآية أو آيات من القرآن خلل‬
‫القراءة‪ ..‬هذا التأثر معناه دخول النور إلى‬
‫القلب في هذه اللحظة‪ ،‬وزيادة اليمان‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪51‬‬
‫فيه‪ ..‬فماذا نفعل آنذاك؟!‬
‫علينا أن نستثمر هذه الفرصة أطول‬
‫فترة ممكنة من خلل تكرار الية أو اليات‬
‫التي أثرت فينا‪ ،‬ول ننتقل عنها إلى غيرها‬
‫طالما وجد التأثر‪ ،‬فإن هدأت المشاعر‬
‫وخف التأثر انتقلنا إلى اليات الخرى‬
‫منتظرين تأثًرا جديدًا‪.‬‬
‫خلق عظيم يحبه الله‬ ‫‪ ‬الســؤال‪ :‬الحياء ُ‬
‫عز وجل‪ ،‬وهو شعبة من شعب اليمان وثمرة‬
‫خلق وظهرت‬ ‫من ثمراته‪ ،‬ولقد تجلى هذا ال ُ‬
‫العديد من مظاهره في قصة موسى مع‬
‫الفتاتين في سورة القصص‪ ..‬اذكر من القصة‬
‫ثلثة مظاهر لخلق الحياء‪.‬‬

‫أوصانا الله عز وجل في كتابه وعلى‬


‫لسان رسوله بالحسان إلى الجار‪« :‬مازال جبيل‬
‫يوصين بالار حت ظننت إنه سيورّثُه» [متفق عليه]‪.‬‬
‫ورمضان فرصة عظيمة للقيام بهذا العمل‬
‫العظيم‪ ،‬والمبالغة في الحسان إلى الجار‬
‫بشتى الصور‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪52‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫القرآن‪:‬‬ ‫مع‬
‫لو قيل لك‪ :‬عليك أن تقوم بترديد وتكرار‬
‫جملة واحدة لمدة نصف ساعة ماذا سيكون‬
‫شعورك وأنت ترددها؟ فما بالك لو قيل لك‬
‫كررها ساعة أو ساعتين‪ ..‬يقينًا ستشعر بالضيق‬
‫الشديد والتبرم و‪ ..‬أتدري‪ -‬أخي‪ -‬أن رسول الله‬
‫ظل ليلة كاملة‪ -‬عدة ساعات‪ -‬يردد آية واحدة‬
‫إِن تُعَ ّذبْهُ ْم فَِإنّهُمْ عِبَادُكَ َوإِن تَغْفِرْ لَهُ ْم فَِإّنكَ أَنتَ الْ َعزِي ُز الْحَكِيمُ‬
‫[المائدة‪ ]118 :‬يرددها بمحض إرادته واختياره! فقد‬
‫استحوذ معناها على عقله ومشاعره‪.‬‬
‫‪..‬فلنكرر تلك الية التي نتأثر بها ونحن نقرأ‬
‫القرآن‪ ،‬ولنعلم أنه كلما كررناها ونحن في حالة‬
‫التأثر فإن هذا معناه استمرار تدفق النور‬
‫ب الحياة في‬‫م تد َُ‬
‫واليمان إلى القلب‪ ،‬ومن ث ََ‬
‫جنباته‪.‬‬
‫الســؤال‪ :‬في سورة الروم ولقمان‬ ‫‪‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪53‬‬
‫هناك العديد من اليات التي تتحدث عن دلئل‬
‫وجود الله وأنه الله الحق الواحد الذي ل‬
‫شريك له ول ند ََ له‪ ،‬ول صاحبة‪ ،‬ول ولد‪ ..‬اذكر‬
‫خمسة من هذه الدلئل مع اليات الدالة‬
‫عليها‪.‬‬

‫كان من هدْيه إذا دخلت العشر الخيرة‬


‫من رمضان العتكاف في المسجد‪،‬‬
‫والجتهاد في العبادة‪ ..‬فلنجتهد في القيام‬
‫بهذا العمل المبارك‪ ،‬فإن لم نستطع أن‬
‫نعتكف اعتكافًا كليًا فليكن اعتكافًا جزئيًا‬
‫وحبذا لو كان في ليالي العشر أو الوتر منها‬
‫لعل نفحات ليلة القدر تصيبنا ونحن‬
‫معتكفون في المسجد‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫عن عباد بن حمزة قال‪ :‬دخلت على أسماء‬
‫رضي الله عنها وهي تقرأ‪ :‬فَمَنّ الُ عَلَ ْينَا وَ َوقَانَا عَذَابَ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪54‬‬
‫السّمُومِ [الطور‪ ،]27 :‬فوقفت عندها‪ ،‬فجعلت تعيدها‬
‫ى ذلك فذهبت إلى السوق‪،‬‬
‫وتدعو‪ ،‬فطال عل ََ‬
‫فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو‪..‬‬
‫إن ترديد اليات التي تؤثر في القلب‬
‫لوسيلة عظيمة في بناء اليمان وترسيخه‪،‬‬
‫ولقد كان هذا هو هدى النبي وصحابته‬
‫الكرام‪ ..‬فلنقتد بهم لعلنا نقترب منهم‪.‬‬
‫إن التشبه‬ ‫وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم‬
‫بالرجال فلح‬
‫ولنجتهد في قراءة القرآن في هذه اليام‬
‫ك‪-‬‬
‫الخيرة من رمضان‪ -‬بفهم وترتيل وتبا ٍ‬
‫ولننتظر بلهفة لحظات التأثر كي نردد الية‪،‬‬
‫وندعو ونبكي‪..‬‬
‫الســؤال‪ :‬في سورة فاطر جاء المر‬ ‫‪‬‬
‫[فاطر‪]3 :‬‬ ‫ت الِ عَلَيْ ُكمْ‬
‫اللهي يَا َأيّهَا النّاسُ اذْ ُكرُوا نِعْ َم َ‬
‫وتحدثت السورة عن الكثير من نِعم الله على‬
‫سا منها مع اليات الدالة عليها‪.‬‬
‫عباده‪ ..‬اذكر خم ً‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪55‬‬
‫لنحذر من الخلطة والكلم‪ ،‬وكل ما يقطع‬
‫علينا خلوتنا بالله عز وجل ونحن معتكفون‪.‬‬
‫يقول ابن رجب‪ :‬فحقيقة العتكاف‪ :‬قطع‬
‫العلئق عن الخلئق للتصال بخدمة الخالق‪.‬‬
‫وللخت المسلمة أن تعتكف في مسجد‬
‫بيتها (‪ )1‬استنادا ً إلى رأي الحناف في جواز‬
‫ذلك‪ ،‬ولتقتطع من يومها وقتًا تلزم فيه‬
‫مسجدها‪ ،‬وتقبل فيه على الله عز وجل‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫عن مسروق قال‪ :‬قال لي رجل من أهل‬
‫مكة‪ :‬هذا مقام أخيك تميم الداري‪ ،‬لقد‬
‫رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح‬
‫يقرأ آية من كتاب الله‪ ،‬يركع ويسجد ويبكي‬
‫سبَ الّذِينَ ا ْجَترَحُوا السّيّئَاتِ أَن ّنجْ َع َلهُمْ كَالّذِينَ آ َمنُوا َوعَ ِملُوا‬
‫أَمْ حَ ِ‬

‫‪1‬‬
‫() المقصود من مسجد البيت‪ :‬المكان الذي تخصصه‬
‫ثابتا يكفي‬
‫الخت للصلة فيه‪ ،‬وحبذا لو كان مكانًا ً‬
‫لصلتها‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪56‬‬
‫[الجاثية‪:‬‬ ‫الصّاِلحَاتِ َسوَاءً ّمحْيَاهُ ْم وَ َممَاُتهُمْ سَاءَ مَا َيحْ ُكمُونَ‬
‫‪.]21‬‬
‫وقرأ عبد الله بن عمر سورة المطففين‬
‫س ِل َربّ الْعَاَلمِيَ [المطففين‪]6 :‬‬
‫حتى بلغ َيوْمَ يَقُو ُم النّا ُ‬
‫فبكي حتى خَر‪ ،‬ولم يستطع قراءة ما بعد‬
‫هذه الية‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬اذكر الية التي تأثرت بها‬
‫خلل قراءتك للقرآن‪ ،‬واذكر المعنى اليماني‬
‫الذي تولد لديك في لحظات التأثر‪.‬‬

‫قال محمد إقبال‪ :‬كن مع من شئت في‬


‫العلم والحكمة‪ ،‬ولكنك ل ترجع بطائل حتى‬
‫تكون لك أنََة في السحر‪.‬‬
‫إن النين لله عز وجل له أثر عجيب في‬
‫استجلب الرحمة‪ ،‬ونزول السكينة‪ ،‬وإجابة‬
‫الدعاء‪ ،‬وزرع بذور الخلص في القلب‪ ،‬فإن‬
‫كان ذلك عند السحر (آخر الليل) كان‬
‫تحصيل هذه الثمار أشد‪ ،‬فقد سأل داود‬
‫جبريل عليهما السلم فقال‪ :‬يا جبريل‪ ،‬أي‬
‫الليل أفضل؟ قال‪« :‬يا داود‪ ،‬ما أدري إل أن‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪57‬‬
‫العرش يهتز عند السحر» وقال سفيان‪( :‬إن‬
‫حا مخزونة تحت العرش‪ ،‬تهب عند‬ ‫لله ري ً‬
‫السحار فتحمل النين والستغفار)‪.‬‬
‫فهل لنا أن نئن إلى الله في هذه الليلة‬
‫وكل ليلة؟!‬
‫هل لنا أن نتذكر ذنوبنا السابقة ونهرع‬
‫إلى المحراب في السحر نُسمع الله أنيننا‪،‬‬
‫ونكتب إليه بدموعنا رسائل السترحام‬
‫والعتذار؟!!‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫مدارسة آيات القرآن تعنى التعرف على‬
‫اليات من كل جوانبها من علم وأحكام‬
‫ب للنزول‪ ،‬وأعمال‬
‫ومعان إيمانية‪ ،‬وأسبا ٍ‬
‫تدل عليها‪..‬‬
‫قال عبد الله بن مسعود‪ :‬كان الرجل منا‬
‫إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف‬
‫معانيهن والعمل بهن‪.‬‬
‫فليكن ذلك دأبنا حين نحفظ القرآن‪..‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪58‬‬
‫وليكن لنا في شهر رمضان سورة نبدأ‬
‫بحفظها بطريقة الصحابة‪ ،‬فنأخذ بضع آيات‬
‫ونتعلم ما فيها‪ ،‬ونتعرف على العمال التي‬
‫تدل عليها‪ ،‬ول نتجاوز هذه اليات إل إذا قمنا‬
‫بتنفيذ ما دلت عليه من أعمال‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬في قصة مؤمن آل‬
‫فرعون في سورة غافر يظهر بوضوح مدى‬
‫حرص الداعية على قومه وعلى هدايتهم‪،‬‬
‫وخوفه عليهم‪ ،‬واستخدام أساليب الترغيب‬
‫قبل الترهيب في ذلك‪ ..‬اذكر ثلث آيات‬
‫تؤكد على هذا المعنى مع تعليق مختصر‬
‫عليها‪.‬‬

‫كان عمر بن الخطاب يقول‪ :‬كل يوم‬


‫يقال‪ :‬مات فلن بن فلن‪ ،‬ولبد من يوم‬
‫يقال فيه‪ :‬مات عمر‪.‬‬
‫إن أغلب من في القبور قد فاجأه‬
‫الموت‪ :‬إما في الطريق وهو يسير‪ ،‬وإما‬
‫وهو بين أهله وأصحابه‪ ،‬وإما وهو نائم على‬
‫ت َولَوْ ُكنْتُمْ‬
‫فراشه‪ ،‬وإما‪َ ....‬أيَْنمَا تَكُونُوا يُدْرِككّمُ اْل َموْ ُ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪59‬‬
‫فِي ُبرُوجٍ مّشَيّ َدةٍ [النساء‪ .]78 :‬والسعيد من استعد‬
‫لهذا اللقاء الحتمي وتجهز له‪.‬‬
‫فلنفكر في هذا المر‪ ،‬ولنبحث عما ينبغي‬
‫أن نفعله قبل أن يفاجئنا الموت‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫ليس هناك تعارض بين مدارسة القرآن‬
‫وبين التلوة اليومية‪ ،‬فالتلوة اليومية هي‬
‫التي تزيد اليمان‪ ،‬وتولَد الطاقة وتحيي‬
‫ما‪ ،‬وتدله‬‫القلب‪ ،‬والمدارسة تزيد المرء عل ً‬
‫على أعمال صالحة قد تكون غائبة عنه‪،‬‬
‫وأهم ضامن يضمن تنفيذ هذه العمال هو‬
‫وجود الطاقة والقوة الدافعة المتولدة من‬
‫ك‪.‬‬
‫القراءة اليومية بتفهم وترتيل وتبا ٍ‬
‫يقول عبد الله بن عمر‪ :‬لقد عشنا برهة من‬
‫دهرنا‪ ،‬وأحدنا يؤتي اليمان قبل القرآن‪ ،‬فتنزل‬
‫السورة على محمد فنتعلم حللها وحرامها‪،‬‬
‫وأمرها وزجرها‪ ،‬وما ينبغي أن نقف عليه منها‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪60‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬في سورة الشورى تبدو‬
‫بوضوح مظاهر الرادة والمشيئة اللهية‬
‫الكونية النافذة‪ ،‬وأنه ما شاء الله كان وما‬
‫لم يشأ لم يكن؟ اذكر ثلثة مظاهر لهذا‬
‫المعنى مع ذكر اليات الدالة عليها‪.‬‬

‫لنتذكر من مات من أقاربنا وأصدقائنا‬


‫ومعارفنا‪ ،‬ونتخيل أمنياتهم لو عادوا للدنيا‪..‬‬
‫ماذا سيفعلون؟! ونسجل تلك المنيات‬
‫ونحاول أن نقوم بها لنفسنا حتى ل نندم‬
‫وقت ل ينفع فيه الندم‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫تقول السيدة عائشة‪ :‬لما نزلت هذه‬
‫لفِ اللّيْلِ وَالّنهَارِ‬
‫ض وَاخِْت َ‬
‫سمَاوَاتِ وَالَرْ ِ‬
‫الية‪ِ :‬إ ّن فِي َخ ْلقِ ال ّ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪61‬‬
‫َليَاتٍ لُولِي الْلبَابِ [آل عمران‪ ]190 :‬على النبي ‪،‬‬
‫قام يصلى‪ ،‬فأتاه بلل يُؤذنه بالصلة‪ ،‬فرآه‬
‫يبكي‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬تبكي وقد غفر‬
‫الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«يا بلل‪ ،‬أفل أكون عبدا شكورًا‪ ،‬وما ل ل أبكي وقد نزل علىّ‬
‫لفِ اللّيْلِ وَالّنهَارِ‬
‫ض وَاخِْت َ‬ ‫الليلة ِإ ّن فِي َخ ْلقِ ال ّ‬
‫سمَاوَاتِ وَالَرْ ِ‬
‫َليَاتٍ لُولِي الْلبَابِ [آل عمران‪ ]190 :‬ثم قال‪« :‬ويل لن‬
‫قرأ هذه اليات ث ل يتفكر با» [رواه ابن حبان]‪.‬‬

‫‪ ‬الســؤال‪ :‬في سورة الحقاف آيات‬


‫تبين حال نفر من الجن عند استماعهم للقرآن‬
‫وكيف سارعوا إلى قومهم يصفون لهم‬
‫القرآن‪ ..‬اذكر صفتين من هذه الصفات كما‬
‫بينتها اليات‪.‬‬

‫ما ونحن نسير في هذه الحياة‬ ‫نحتاج دو ً‬


‫إلى وقفات مع النفس نحاسبها فيها على ما‬
‫مضى من أعمال‪ ..‬ونُحصي عليها الذنوب‬
‫وأوجه التقصير‪ ،‬ثم نسارع بالتوبة إلى الله‪.‬‬
‫لقد خف الحساب يوم القيامة على قوم‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪62‬‬
‫دققوا الحساب مع أنفسهم في الدنيا‪ ،‬فلنكن‬
‫من هؤلء ولنكثر من تلك الجلسات التي نخلو‬
‫فيها بأنفسنا لننتزع منها اعترافًا بالتقصير‪،‬‬
‫فمعرفة الداء والعتراف به نصف الدواء‪،‬‬
‫والندم هو جوهر التوبة‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫القرآن أفضل وسيلة تزيد حب الله في‬
‫القلب‪ ..‬قال ‪« :‬أل من اشتاق إل ال فليستمع كلم ال‪،‬‬
‫فإن مثل القرآن كمثل جراب مسك أي وقت فتحه فاح ريه»‬
‫[رواه الديلمي]‬
‫ومما يمكن لحب الله في القلب من خلل‬
‫القرآن‪ :‬تتبع اليات التي تتحدث عن مظاهر‬
‫حب الله لعباده‪ ،‬والتي تتمثل في توالي نعمه‬
‫وإمداداته لعباده‪ ،‬وتسخير الكون لهم‪ ،‬وسعة‬
‫عفوه ورحمته‪ ،‬وحلمه وستره وإمهاله للعصاة‪،‬‬
‫وخطابه الودود المطمئن الذي يخاطب به‬
‫عباده‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪63‬‬
‫فحبذا لو تتبعنا هذه المظاهر خلل قراءتنا‬
‫للقرآن‪ ،‬واجتهدنا في تجاوب القلب معها‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬اذكر خمسة من مظاهر‬
‫حب الله لعباده واليات الدالة عليها من‬
‫خلل قراءتك للقرآن‪.‬‬

‫هناك مجالت كثيرة لمحاسبة النفس‬


‫تتناول حياة المسلم من جميع جوانبها‪ ،‬علينا‬
‫أن نقف أمام كل جانب من جوانبها‪،‬‬
‫ونقتبس منها أوجه التقصير لنتداركها‪.‬‬
‫هذه الجوانب هي‪:‬‬
‫‪ -1‬عبادات الجوارح كالصلة والصيام والعمال‬
‫الصالحة البدنية‪.‬‬
‫‪ -2‬عبادات القلوب‪ :‬كالشكر والصبر والرضا‪.‬‬
‫‪ -3‬معاصي الجوارح‪ :‬كالتقصير في الصلة‪،‬‬
‫وكإطلق البصر والغيبة والنميمة‪.‬‬
‫‪ -4‬معاصي القلوب‪ :‬كالحسد والغرور والعجاب‬
‫بالنفس‪.‬‬
‫‪ -5‬حقوق الخرين‪ :‬كحق الوالدين والزوجة‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪64‬‬
‫والولد‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫يقول الحسن البصري‪ :‬إن هذا القرآن قد‬
‫قرأه عبيد وصبيان ل علم لهم بتأويله‪ ،‬ولم‬
‫يأتوا المر من أوله‪ .‬قال الله تعالى‪ :‬كِتَابٌ‬
‫[ص‪،]29 :‬‬ ‫َأْن َزلْنَاهُ ِإلَ ْيكَ مُبَارَ ٌك لّيَ ّدّبرُوا آيَاتِ ِه َولِيَتَ َذ ّك َر أُولُو الْلبَابِ‬
‫وما تدبَُر آياته إل اتباعه لعلمه‪ ،‬أما‪ -‬والله‪-‬‬
‫ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده‪ ،‬حتى‬
‫إن أحدهم ليقول‪ :‬والله لقد قرأت القرآن‬
‫كله وما أسقطت منه حرفًا‪ ..‬قد والله قد‬
‫أسقطه كله‪ ،‬ما ُرئي القرآن له في خلق ول‬
‫عمل‪ ،‬وإن أحدهم ليقول‪ :‬والله إني لقرأ‬
‫السورة في نَفَس‪ .‬ما هؤلء بالقراء ول‬
‫العلماء ول الورعة‪ .‬متى كان القراء يقولون‬
‫مثل هذا؟! ل أكثر الله في الناس مثل‬
‫هؤلء‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال‪ :‬المعاملة على قدر‬
‫المعرفة‪ ..‬هذه القاعدة تظهر بوضوح في‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪65‬‬
‫تعاملنا مع الله عز وجل‪ ،‬فنحن ل نعامله بما‬
‫يليق بجلله لننا ل نعرفه‪ ،‬اذكر آية من‬
‫سورة الحشر تؤكد هذا المعنى‪.‬‬

‫حقيقة الشكر هو الشعور بالمتنان تجاه‬


‫المنعم‪.‬‬
‫ولقد أكرمنا الله عز وجل في هذا الشهر‬
‫وتفضل علينا بنعم ل تعد ول تحصى‪ ،‬فإن‬
‫أردنا أن يزداد شكرنا له سبحانه‪ ،‬فلنبدأ‬
‫بتذكر نعم الله علينا خلل هذا الشهر‪ ،‬وحبذا‬
‫لو كتبنا هذه النعم‪ ،‬وأشركنا معنا الزوجة‬
‫والولد‪.‬‬

‫‪2‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫نزل رجل من العرب على عامر بن‬
‫ربيعة فأكرم عامر مثواه‪ ،‬وكلم فيه‬
‫رسول الله ‪ ،‬فجاء الرجل إليه فقال‪ :‬إني‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪66‬‬
‫استقطعت رسول الله واديًا‪ ،‬ما في‬
‫العرب أفضل منه‪ ،‬ولقد أردت أن أقطع لك‬
‫منه قطعة تكون لك ولعقبك‪ .‬فقال عامر‪ :‬ل‬
‫حاجة لي في قطعتك‪ ،‬نزلت اليوم سورة‬
‫أذهلتنا عن الدنيا اقَْت َربَ لِلنّاسِ حِسَاُبهُمْ َوهُمْ فِي غَ ْفلَةٍ‬
‫مّ ْع ِرضُونَ [النبياء‪ .. ]1:‬هكذا كان تعاملهم مع‬
‫القرآن‪ ..‬وهكذا كان فعل القرآن فيهم‪.‬‬
‫ملك هناك‬‫‪ ‬الســؤال‪ :‬في سورة ال ُ‬
‫آيات كثيرة تعرفنا بالله عز وجل وأنه على‬
‫كل شيء قدير‪ ..‬اذكر ثلثة مظاهر تؤكد هذا‬
‫المعنى مع اليات الدالة عليها‪.‬‬

‫من صور الشكر‪ :‬سجود الشكر والثناء‬


‫على الله وشكره على نِعمه التي أنعم بها‬
‫علينا‪ ،‬ومن صور الشكر كذلك‪ :‬الكثار من‬
‫حمد الله‪ ،‬وكذلك إخراج زكاة الفطر امتنانًا‬
‫لله الذي يسر لنا الصيام والقيام وسائر‬
‫العمال الصالحة التي قمنا بها‪.‬‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪67‬‬
‫‪3‬رمضان‬
‫مع القرآن‪:‬‬
‫لنستمر في قراءة القرآن بعد رمضان‬
‫بنفس الطريقة التي كنا نفعلها في رمضان‪،‬‬
‫فالقرآن هو غيث قلوبنا‪ ،‬فإن أردنا لتلك‬
‫القلوب حياة حقيقية فما علينا إل أن نجعلها‬
‫ما لهذا الغيث المبارك‪.‬‬ ‫تتعرض دو ً‬
‫جاء في الحديث‪« :‬مثل القرآن ومثل الناس كمثل‬
‫الرض والغيث‪ ،‬بينما الرض ميتة هامدة‪ ،‬إذ أرسل ال عليها‬
‫الغيث فاهتزت‪ ،‬ث يرسل الوابل فتهتز وتربو‪ ،‬ث ل يزال يرسل‬
‫أودية حت تبذر وتنبت ويزهو نباتا‪ ،‬ويُخرج ال ما فيها من‬
‫زينتها ومعايش الناس والبهائم‪ ،‬وكذلك فعل هذا القرآن بالناس»‬
‫كل ذلك أخي الحبيب سيتحقق بمشيئة الله‬
‫إن أحسنا التعامل مع القرآن‪ ،‬وأكثرنا من‬
‫اللقاء به‪.‬‬
‫‪ ‬الســؤال ‪ :‬قال تعالى‪ِ :‬إ ْن ُهَو إ ّ‬
‫ِل ِذ ْكٌرّْلعَاَل ِم َي ِل َم ْن‬
‫شَاَء ِمْن ُك ْمأَن َي ْسَتقِي َم [التكوير‪ ]28 ،27 :‬في هاتين اليتين عدة‬
‫صفات للقرآن وكذلك شرط أساس من شروط‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪68‬‬
‫النتفاع به‪ ..‬وضح ذلك؟!‬

‫الكثار من الستغفار‪ ..‬فلعلنا نكون قد‬


‫أُعجبنا ببعض أعمالنا خلل هذا الشهر‪،‬‬
‫ولعلنا نكون قد قصرنا في بعض العمال‪،‬‬
‫ولعلنا نكون قد ظننا خيًرا في أنفسنا ونسينا‬
‫أن الله عز وجل هو سبب كل خير قمنا به‪.‬‬
‫ولنتذكر أن الستغفار بعد الطاعة هو‬
‫س وَاسَْتغْ ِفرُوا‬
‫ض النّا ُ‬
‫دأب الصالحين ثُمّ أَفِيضُوا ِمنْ حَ ْيثُ أَفَا َ‬
‫[البقرة‪.]199 :‬‬ ‫الَ‬
‫كيف نحيي قلوبنا في رمضان؟‪69‬‬
‫أما بعد‪..‬‬
‫أخي‪..‬‬
‫إن كان رمضان قد مضى فإن الله‬
‫معنا في رمضان وفي غير رمضان وَالُ‬
‫خَ ْيرٌ َوَأبْقَى [طه‪ ..]73 :‬وإن كان رمضان قد‬
‫مضى فإن القرآن مازال بين أيدينا‪،‬‬
‫ولعل أهم ما قصدت إليه هذه الورقات‬
‫هو أن نتعامل مع القرآن تعامل ً جديدًا‬
‫يجعلنا نتذوق حلوة اليمان من خلله‪،‬‬
‫عوض لنا عن‬ ‫لتبقى هذه الحلوة أكبر ِ‬
‫غياب رمضان فلنداوم على القراءة‬
‫اليومية للقرآن‪ -‬مهما كانت ظروفنا‪-‬‬
‫ك‪ ،‬وترتيل‪ -‬كما تعودنا‬ ‫وذلك بتفهَُم‪ ،‬وتبا ٍ‬
‫في رمضان‪ ،-‬ولنردد الية التي تجاوبت‬
‫معها مشاعرنا لنزداد بها إيماناً‪ ،‬فيستمر‬
‫تيار الحياة في التدفق لقلوبنا‪ ،‬ونستمر‬
‫في السير إلى الله بتلك القلوب الحية‬
‫[النجم‪.]42 :‬‬ ‫َوَأنّ ِإلَى َرّبكَ اْلمُنَتهَى‬
‫والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا‬
‫لنهتدي لول أن هدانا الله‪.‬‬
‫وَفِي ذَِلكَ َفلْيَتَنَافَسِ اْل ُمتَنَافِسُونَ‬
‫ترسل الجابات مجمعة في‬
‫نهاية شهر رمضان المبارك على‬
‫عنوان مؤسسة اقرأ للنشر‬
‫والتوزيع والترجمة أو على‬
‫البريد اللكتروني الموجود في‬
‫الصفحة الثانية‪.‬‬
‫وسوف يمنح لعشرين فائًزا‬
‫هدايا قيمة من إصدارات‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫آخر موعد لتسليم الجابات‬
‫‪ 30‬شوال ‪1427‬هـ‬

You might also like