Professional Documents
Culture Documents
المام مسلم
كتاب :الزكاة
باب :ل تحل الصدقة لرسول ال rوأهل بيته
-515عن أبي هريرة رضي ال عنه قال :أخذ الحسن بن علي رضي ال
عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ،فقال رسول ال (( :rكخ كخ ارم بها،
أما عملت أنا ل نأكل الصدقة؟!)).
(م )3/117
-515في هذا الحديث فوائد:
وأهسسل بيتسسه ،ومعهسسم بعسسض -515-1أن الصسسدقة محرمسسة على رسسسول ال
أبناء عمه ،وهم الذين لهم حق في الخمس ،بنو هاشم وبنو المطلب.
ول يزال هذا الحكسم سسارياً فسي ذريتهسم ،ولكسن إذا عطسل الخمسس فلم يصسل منسه
شيء ،فقد اختلف العلماء هل تحل لهم الصدقة ،والراجح :أنه تحل لهم الصدقة إذا
تعطلت أحكام الخمس.
-515-2أن الطفسل ولو لم يبلغ ،ولم يكلف يجسب نهيسه إذا وقسع فيمسا ل يجوز
للمكلفيسن ،ومسا يحرم عليهسم يحرم عليسه ،ولكنسه ل يأثسم ،وإنمسا يأثسم وليسه إذا تركسه
يرتكب المحرم.
بنهسسي -515-3انظسسر إلى هذا السسسلوب الرائع فسسي التربيسسة ،حيسسث لم يكتفسِ
الحسسسن وزجره عسسن أكسسل تمسسر الصسسدقة ،وإنمسسا خاطبسسه وكأنسسه يخاطسسب أحسد الرجال،
فخاطسب عاطفتسه بالزجسر(( :كسخ كسخ)) ،وخاطسب عقله بالتعليسل(( :أمسا علمست أنسا ل نأكسل
الصدقة)) ،وأمره بقوله (( :ارم بها)).
وهذا السسلوب يغيسب عسن نظسر كثيسر مسن المربيسن وبخاصسة مسع الصسغار ،حيسث
يكتفون بزجرهم ونهيهم ،بحجة أنهم ل يفهمون ،وهذا قصور في التربية ،وخطأ في
إدراك قدرات الطفال العقليسسة ،حيسسث إن بعضهسسم يعقسسل ويفهسسم مسسا يراد منسسه ،وإن لم
يتجاوز الثالثسة مسن عمره ،والتمييسز أمسر نسسبي ،وقسد رأيست طفلً لم يبلغ الثانيسة ،أي
هسسو فسسي سسسن الرضاع يتصسسرف تصسسرفات ل يقوم بهسسا بعسسض مسسن بلغ الرابعسسة أو
الخامسسة مسن العمسر ،وقسد تعجبست منسه ،وتعجسب معسي مسن رآه ممسن يعرفسه ومسن ل
يعرفه.
-516في حديث عبد المطلب ما يلي:
r باب :كراهية استعمال آل النبي
-516عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال :اجتمع ربيعة بن الحارث
والعباس بن عبد المطلب فقالً :وال لو بعثنا هذين الغلمين (قال لي وللفضل بن
عباس) إلى رسول ال rفكلماه فأمرهما على هذه الصدقات ،فأديا ما يؤدي الناس
وأصابا مما يصيب الناس ،قال :فبينما هما في ذلك جاء علي ابن أبي طالب فوقف
عليهما فذكرا له ذلك فقال علي :ل تفعل ،فوال ما هو بفاعل ،فانتحاه 1ربيعة ابن
الحارث فقال :وال ما تصنع هذا إل نفاسة 2منك علينا ،فوال لقد نلت صهر رسول
ال rفما نفسناه عليك ،قال علي :أرسلوهما ،فانطلقنا ،3واضطجع علي ،قال :فلما
صلى رسول ال rالظهر سبقناه إلى الحجرة ،فقمنا عنده حتى جاء ،فأخذ بآذاننا،
ثم قال(( :أخرجا ما تصرران ،))2ثم دخل ودخلنا عليه ،وهو يومئذ عند زينب بنت
جحش .قال :فتواكلنا الكلم ،ثم تكلم أحدنا ،فقال :يا رسول ال أنت أبر الناس،
وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح ،فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصادقات ،فنؤدي
إليك كما يؤدي الناس ،ونصيب كما يصيبون ،قال :فسكت طويلً حتى أردنا أن
نكلمه ،قال :وجعلت زينب تلمع 3إلينا من وراء الحجاب أن ل تكلماه ،قال :ثم قال:
((إن الصدقة ل ينبغي لل محمد ،إنما هي أوساخ الناس ،ادعوا لي محمية (كان
على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب)) ،قال :فجاآه ،فقال(( :أنكح هذا
الغلم ابنتك)) (للفضل بن عباس) فأنكحه ،وقال لنوفل بن الحارث(( :أنكح هذا
الغلم ابنتك)) (لي) فأنكحني ،وقال لمحمية(( :أصدق عنهما من الخمس كذا
وكذا)) .قال الزهري :لم يسمه لي.
(م )3/118
-516-1جواز إطلق لفظ "الغلم" على من بلغ الحلم ،وبلغ سن الزواج.
-516-2العباس ع مّ النبي وربيعة بن الحارث ابن عمه -رضي ال عنهما-
ل يجدان مسا يزوجان بسه ابنيهمسا ،كسم فسي هذه الحقيقسة مسن الدروس والعسبر ،حيسث ل
محاباة ول استغلل نفوذ ،بل هم كغيرهم من المسلمين لهم حقوق وعليهم واجبات،
مئة من البل ،ول يعطي مثل ذلك عمه، بل نجد أن بعض العراب يعطيه النبي
صنو أبيه ،سداً للذرائع ،وإقامة للعدل.
-516-3ما حدث بين العباس وربيعة وبين علي -رضي ال عنهم -مما يحدث
بيسن الناس فهسم بشسر ،وتعتريهسم طبائع البشسر ،وهذا ل يقدح فسي فضلهسم ومكانتهسم،
فقد حدث أعظم من ذلك ممن هو أفضل منهم ،أبي بكر وعمر رضي ال عنهما.
ومسسن هنسسا فإننسسي أنبسسه إلى أن مسسا يتوهمسسه البعسسض مسسن أن قدواتنسسا فسسي الماضسسي
والحاضسر ل يجوز أن يقسع منهسم مسا يقسع مسن غيرهسم غيسر صسحيح ،وليسس مسا يقسع مسن
خطسأ بقادح فسي إمامتهسم ومنسسزلتهم؛ وتنسسزيههم عسن مثسل هذا خطسأ فسي التصسور ،غلو
في الرجال.
والحقيقسة أنهسم غيسر معصسومين ،وأن مسا يقسع منهسم مسن هنات وزلت ل تقدح فسي
إمامتهم مادامت ليست من الكبائر ،فالنبياء -وهم أسوتنا -اختلف أهل العلم هل تقع
منهم الصغائر أو هي داخلة في العصمة؟ والقول بوقوعها منهم قول قوي ،فإذا كان
المسر كذلك فوقوعهسا مسن العلماء والقادة أولى ،وهسو غيسر مؤثسر فسي إمامتهسم ،فهسم
بشر من جملة بني آدم ،وكل بني آدم خطّاء.
-516-4ل در هذين الغلمين ،ما أجمل أدبهما ،وأحسن خُلقَهما ،كيف ل ،وهما
وتلك مسن بيست النبوة ،فليقت ِد بهسم شبابنسا ،وأبناؤنسا ،وتأمسل كلمهمسا مسع النسبي
المقدمسة الرائعسة التسي بدءا بهسا حديثهمسا ،وجعلهسا توطئة لمسا يريدان ،فرضسي ال
عنهما وأرضاهما.
-516-5ملطفسة النسبي وحسسن خلقسه مسع هذيسن الغلميسن درس عظيسم لكثيسر
مسن الذيسن يحسسبون أن الغلظسة والقسسوة هسي مقومات الشخصسية والمهابسة ،وهسم فسي
ذلك واهمون ،وسيد المرسلين الذي مل قلوب أصحابه محبة ومهابة بلغ الغاية
في عظمة الخلق ،والتواضع ،وحسن التودد والملطفة.
- 516-6وممسا يسستفاد أن المدح فسي الوجسه ليسس محرم ًا بإطلق ،فمنسه مسا هسو
جائز ،كمسا قال هنسا(( :أنست أبر الناس ،وأوصسل الناس)) ،وليسس هذا مسن الغلو ،بسل هسو
قول بالحسق واعتراف بسه ،ومنسه مسا هسو محرم إذا كان كذباً ،أو غلواً ،أو يخاف على
صاحبه من الفتنة ،أو يراد به التوصل إلى غير حق.
والمنهسج الحسق هسو إعمال جميسع النصسوص ،كسل فسي موضعسه ،وعدم أخسذ بعضهسا
وترك بعض ،أو ضرب بعضها ببعض.
-516-7يُشرع للشاب إذا وجسد فسي نفسسه حاجسة إلى الزواج أن يفاتسح وليسه فسي
ذلك ،وأن يبادر إليسسه ،والسسسنة معسسه(( :يسسا معشسسر الشباب مسسن اسسستطاع منكسسم الباءة
فليتزوج ))...الحديسث .وعلى وليسه السستجابة له ،فهذا حسق مسن حقوق ابنسه ،ل يجوز
له أن يماطل فيه أو يسوف ،إل بعذر شرعي ،مع ما في المبادرة من مصالح عظيمة
في العاجل والجل ،بل أرى أن يبادر الولي في تزويج مَن تحت وليته ،وأن يفاتحه
هسو فسي ذلك ،بسل يأمره بأن يحصسن نفسسه ،وبخاصسة فسي هذا الزمسن الذي كثرت فيسه
الفتن.
وأنبسه الشباب إلى خطورة تأخيسر الزواج ،والعتذار بمسبررات واهيسة ،وهذا مسن
تأثيسسر وسسسائل العلم المنحرفسسة ،والزواج رحمسسة وسسسكينة ،وباب عظيسسم مسسن أبواب
الرزق ،وقد وعد ال سبحانه بذلك في سورة النعام بقوله ( :قل تعالوا أتل ما حرم ربكم
عليكسم أل تشركوا بسه شيئاً وبالوالديسن إحسسساناً ول تقتلوا أولدكسم مسن إملق نحسسن نرزقكسسم وإياهسسم ول
تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ول تقتلوا النفس التي حرم ال إل بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم
تعقلون ) [النعام.]151 :
وفي سورة السراء بقوله ( :ول تقتلوا أولدكسم خشيسة إملق نحسن نرزقهسم وإياكسم إن قلتهسم
كان خطئًا كبيراً ) [السراء.]31 :
ثسم إن الزواج المبكسر له فوائده العظيمسة فسي الدنيسا والخرة ،وقسد ل يدرك الشاب
هذه الفوائد إل بعسد فوات الوان ،فيندم ولت سساعة مندم ،ولنسا فسي هذيسن الغلميسن
القدوة والسوة الحسنة.
-516-8ل در زينسسب -رضسسي ال عنهسسا -أم المؤمنيسسن ،التقيسسة الورعسسة ،حيسسث
ساعدت هذين الشابين في تحقيق طلبهما ،بالشارة إليهما أل يستعجل ،فهي أعرف
وأنه لم يسأل شيئاً إل أعطاه ،وقد أعطاهما خيراً مما سأل ،حيث منهما بالنبي
حقق طلبهما بدون مشقة أو عناء.
وتعامله مسسع هذيسسن الغلميسسن أسسسوة حسسسنة ،حيسسث -516-9فسسي خلق النسسبي
اعتذر عن تحقيق رغبتهما في إرسالهما وتأميرهما على الصدقة ،وبيّن لهما العذر
فسي ذلك تطييباً لنفسسيهما ،ولكنسه عوضهمسا خيرًا مسن ذلك ،وأفضسل ممسا كانسا يبغيان،
فلم يخرجسسا مسسن عنده إل وقسسد تزوج كسسل واحسسد منهمسسا ،وهذا نهايسسة أملهمسسا ،وغايسسة
قصدهما ،وفي ذلك من الدروس أن النسان إذا اعتذر عن تحقيق طلب لحد فليبيّن
له العذر والسبب ،حتى ل تذهب به الظنون شر مذهب ،وفيه تطييب للقلب وتأليف
له ،كما أن المسؤول قد يعوض السائل بخير مما رغب وطلب ،ول يكتفي بالعتذار
الول ،فكم لذلك من أثر في النفوس ،وبخاصة إذا بدر من العلماء والوجهاء ،ثم إن
زاد فسي العوض أيضاً لمسا جعله حا ًل بالمبادرة إلى تحقيسق هذه الرغبسة، النسبي
والنفسس مولعسة بحسب العاجسل ،وهذا خلق الكرام ،أمسا التسسويف والتأجيسل فل يليسق
ن والتسويف والذى. بهم ،والعتذار خير من تحقيق طلب يصاحبه الم ّ
-516-10مشروعيسة طلب تولّي عمسل مسن العمال إذا وجسد الرجسل فسي نفسسه
ما قاله للشعريين ((ل الكفاءة ،وكان لغرض مشروع ،ولذلك لم يقل لهما النبي
نسستعمل على عملنسا مسن أراده)) ،1ويختلف المسر باختلف الحال والشخاص والعمسل
وسسبب الطلب ،وعلى الوالي أن ينظسر فيمسا يحقسق المصسلحة ،ولكسل حالة حكمهسا وقسد
.بل قد يكون طلب قال يوسف قبل ذلك ( :اجعلني على خزائن الرض إني حفيظ عليم )
[يوسف]55 :
1رواه مسلم في كتاب المارة باب النهي عن طلب المارة والحرص عليها ،)1824( 3/1456والبخاري في كتاب الجارة باب
استئجار الرجل الصالح .2/789
الوارث مسن مالٍ ،أصسله مسن وصسية مورّثسه إذا كان قسد وصسل إلى الموصسَى إليسه ،على
أن ل يكون حيلة توصية لوارث ،فإن كان حيلة حرم ،وعوقب بنقيض قصده.
حرّم ذلك
وهسسو يدل على سسسماحة هذا الديسسن وواقعيتسسه ،وأنسسه ديسسن عملي ،إذ لو ُ
للحِقست بالناس مشقسة ،حتسى مَنْس وصسل إليهسم المال فسي الصسل ،فإذا حرمناه على منْس
يأتيهم فلن يجدوا ما يقدمونه لضيوفهم فيش قّ عليهم ذلك ،وال سبحانه يقول ( :وما
.كما أنه يصعب التحرّي عن أصل هذا المال ،وغير جعل عليكم في الدين من حرج )
[الحسج]78 :
ذلك من السباب التي ل تتفق مع طبيعة هذا الدين وتشريعاته الميسّرة السمحة.
باب :قبول النبي rالهدية ورد الصدقة
-519عسن أبسي هريرة رضسي ال عنسه قال :أن النسبي rكان إذا أتسي بطعام ،سسأل
(م عنه ،فإن قيل :هدية ،أكل منها ،وإن قيل :صدقة ،لم يأكل منها.
)121 -3/120
-519فيسه مشروعيسة السسؤال عسن مسا يصسل إلى النسسان مسن مال ،وهسو مسستحب
وليس بواجب ،وإيجابه فيه مشقة وعسر ،ولكن يتأكد إذا كان مثل هذا المال مظنة
أن يكون حراماً ،يخفى على من جاء به حكمه.
باب :في زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير
-520عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما :أن رسول ال rفرض زكاة
الفطر من رمضان على الناس :صاعًا من تمر ،أو صاعاً من شعير ،على كل حر أو
عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
(م )3/68
باب :زكاة الفطر من الطعام والقط والزبيب
-521عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال :نخرج إذا كان فينا رسول ال
rزكاة الفطر عن كل صغير وكبير ،حر أو مملوك ،صاعاً من طعام ،أو صاعاً من
أقط ،أو صاع ًا من شعير ،أو صاعًا من تمر ،أو صاعًا من زبيب ،فلم نزل نخرجه
حتى قدم معاوية بن أبي سفيان حاجاً أو معتمراً ،فكلم الناس على المنبر فكان فيما
كلم الناس أن قال :إني أرى أن مدين من سمراء الشام ،تعدل صاعاً من تمر ،فأخذ
الناس بذلك .قال أبو سعيد :فأما أنا فل أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت
(م
)3/69
باب :المر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلة
-522عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما :أن رسول ال rأمر بإخراج زكاة
الفطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر أن تؤدى قبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل خروج الناس إلى الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلة.
(م )3/70
-520:522في أحاديث زكاة الفطر وقفات:
أ -عظمسة هذا الديسن وسسموه ،وحرصسه على تطهيسر أفراده ( :خسذ مسن أموالهسم صسدقةً
. تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلتك سكن لهم وال سميع عليم )
[التوبة]103 :
1أخرجه الدارقطني في سننه قال الزيلعي :غريب بهذا اللفظ ،وذكر إخراج ابن عدي له في الكامل وقال :أعله بأبي معشر نجيح ،وذكر
أيضاً رواية الحاكم له في علوم الحديث .انظر نصب الراية .2/432