You are on page 1of 6

‫وقفات تربوية مع صحيح‬

‫المام مسلم‬

‫كتاب‪ :‬الزكاة‬
‫باب‪ :‬ل تحل الصدقة لرسول ال ‪ r‬وأهل بيته‬
‫‪ -515‬عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬أخذ الحسن بن علي رضي ال‬
‫عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه‪ ،‬فقال رسول ال ‪(( :r‬كخ كخ ارم بها‪،‬‬
‫أما عملت أنا ل نأكل الصدقة؟!))‪.‬‬
‫(م ‪)3/117‬‬
‫‪ -515‬في هذا الحديث فوائد‪:‬‬
‫وأهسسل بيتسسه‪ ،‬ومعهسسم بعسسض‬ ‫‪ -515-1‬أن الصسسدقة محرمسسة على رسسسول ال‬
‫أبناء عمه‪ ،‬وهم الذين لهم حق في الخمس‪ ،‬بنو هاشم وبنو المطلب‪.‬‬
‫ول يزال هذا الحكسم سسارياً فسي ذريتهسم‪ ،‬ولكسن إذا عطسل الخمسس فلم يصسل منسه‬
‫شيء‪ ،‬فقد اختلف العلماء هل تحل لهم الصدقة‪ ،‬والراجح‪ :‬أنه تحل لهم الصدقة إذا‬
‫تعطلت أحكام الخمس‪.‬‬
‫‪ -515-2‬أن الطفسل ولو لم يبلغ‪ ،‬ولم يكلف يجسب نهيسه إذا وقسع فيمسا ل يجوز‬
‫للمكلفيسن‪ ،‬ومسا يحرم عليهسم يحرم عليسه‪ ،‬ولكنسه ل يأثسم‪ ،‬وإنمسا يأثسم وليسه إذا تركسه‬
‫يرتكب المحرم‪.‬‬
‫بنهسسي‬ ‫‪ -515-3‬انظسسر إلى هذا السسسلوب الرائع فسسي التربيسسة‪ ،‬حيسسث لم يكتفسِ‬
‫الحسسسن وزجره عسسن أكسسل تمسسر الصسسدقة‪ ،‬وإنمسسا خاطبسسه وكأنسسه يخاطسسب أحسد الرجال‪،‬‬
‫فخاطسب عاطفتسه بالزجسر‪(( :‬كسخ كسخ))‪ ،‬وخاطسب عقله بالتعليسل‪(( :‬أمسا علمست أنسا ل نأكسل‬
‫الصدقة))‪ ،‬وأمره بقوله‪ (( :‬ارم بها))‪.‬‬
‫وهذا السسلوب يغيسب عسن نظسر كثيسر مسن المربيسن وبخاصسة مسع الصسغار‪ ،‬حيسث‬
‫يكتفون بزجرهم ونهيهم‪ ،‬بحجة أنهم ل يفهمون‪ ،‬وهذا قصور في التربية‪ ،‬وخطأ في‬
‫إدراك قدرات الطفال العقليسسة‪ ،‬حيسسث إن بعضهسسم يعقسسل ويفهسسم مسسا يراد منسسه‪ ،‬وإن لم‬
‫يتجاوز الثالثسة مسن عمره‪ ،‬والتمييسز أمسر نسسبي‪ ،‬وقسد رأيست طفلً لم يبلغ الثانيسة‪ ،‬أي‬
‫هسسو فسسي سسسن الرضاع يتصسسرف تصسسرفات ل يقوم بهسسا بعسسض مسسن بلغ الرابعسسة أو‬
‫الخامسسة مسن العمسر‪ ،‬وقسد تعجبست منسه‪ ،‬وتعجسب معسي مسن رآه ممسن يعرفسه ومسن ل‬
‫يعرفه‪.‬‬
‫‪ -516‬في حديث عبد المطلب ما يلي‪:‬‬
‫‪r‬‬ ‫باب‪ :‬كراهية استعمال آل النبي‬
‫‪ -516‬عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال‪ :‬اجتمع ربيعة بن الحارث‬
‫والعباس بن عبد المطلب فقالً‪ :‬وال لو بعثنا هذين الغلمين (قال لي وللفضل بن‬
‫عباس) إلى رسول ال ‪ r‬فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات‪ ،‬فأديا ما يؤدي الناس‬
‫وأصابا مما يصيب الناس‪ ،‬قال‪ :‬فبينما هما في ذلك جاء علي ابن أبي طالب فوقف‬
‫عليهما فذكرا له ذلك فقال علي‪ :‬ل تفعل‪ ،‬فوال ما هو بفاعل‪ ،‬فانتحاه‪ 1‬ربيعة ابن‬
‫الحارث فقال‪ :‬وال ما تصنع هذا إل نفاسة‪ 2‬منك علينا‪ ،‬فوال لقد نلت صهر رسول‬

‫أي عرض له وقصده‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أي حسداً‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪105‬‬ ‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬ ‫الزكاة‬
‫وقفات تربوية مع صحيح‬
‫المام مسلم‬

‫ال ‪ r‬فما نفسناه عليك‪ ،‬قال علي‪ :‬أرسلوهما‪ ،‬فانطلقنا‪ ،3‬واضطجع علي‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫صلى رسول ال ‪ r‬الظهر سبقناه إلى الحجرة‪ ،‬فقمنا عنده حتى جاء‪ ،‬فأخذ بآذاننا‪،‬‬
‫ثم قال‪(( :‬أخرجا ما تصرران‪ ،))2‬ثم دخل ودخلنا عليه‪ ،‬وهو يومئذ عند زينب بنت‬
‫جحش‪ .‬قال‪ :‬فتواكلنا الكلم‪ ،‬ثم تكلم أحدنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال أنت أبر الناس‪،‬‬
‫وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح‪ ،‬فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصادقات‪ ،‬فنؤدي‬
‫إليك كما يؤدي الناس‪ ،‬ونصيب كما يصيبون‪ ،‬قال‪ :‬فسكت طويلً حتى أردنا أن‬
‫نكلمه‪ ،‬قال‪ :‬وجعلت زينب تلمع‪ 3‬إلينا من وراء الحجاب أن ل تكلماه‪ ،‬قال‪ :‬ثم قال‪:‬‬
‫((إن الصدقة ل ينبغي لل محمد‪ ،‬إنما هي أوساخ الناس‪ ،‬ادعوا لي محمية (كان‬
‫على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب))‪ ،‬قال‪ :‬فجاآه‪ ،‬فقال‪(( :‬أنكح هذا‬
‫الغلم ابنتك)) (للفضل بن عباس) فأنكحه‪ ،‬وقال لنوفل بن الحارث‪(( :‬أنكح هذا‬
‫الغلم ابنتك)) (لي) فأنكحني‪ ،‬وقال لمحمية‪(( :‬أصدق عنهما من الخمس كذا‬
‫وكذا))‪ .‬قال الزهري‪ :‬لم يسمه لي‪.‬‬
‫(م ‪)3/118‬‬
‫‪ -516-1‬جواز إطلق لفظ "الغلم" على من بلغ الحلم‪ ،‬وبلغ سن الزواج‪.‬‬
‫‪ -516-2‬العباس ع مّ النبي وربيعة بن الحارث ابن عمه ‪-‬رضي ال عنهما‪-‬‬
‫ل يجدان مسا يزوجان بسه ابنيهمسا‪ ،‬كسم فسي هذه الحقيقسة مسن الدروس والعسبر‪ ،‬حيسث ل‬
‫محاباة ول استغلل نفوذ‪ ،‬بل هم كغيرهم من المسلمين لهم حقوق وعليهم واجبات‪،‬‬
‫مئة من البل‪ ،‬ول يعطي مثل ذلك عمه‪،‬‬ ‫بل نجد أن بعض العراب يعطيه النبي‬
‫صنو أبيه‪ ،‬سداً للذرائع‪ ،‬وإقامة للعدل‪.‬‬
‫‪ -516-3‬ما حدث بين العباس وربيعة وبين علي ‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬مما يحدث‬
‫بيسن الناس فهسم بشسر‪ ،‬وتعتريهسم طبائع البشسر‪ ،‬وهذا ل يقدح فسي فضلهسم ومكانتهسم‪،‬‬
‫فقد حدث أعظم من ذلك ممن هو أفضل منهم‪ ،‬أبي بكر وعمر رضي ال عنهما‪.‬‬
‫ومسسن هنسسا فإننسسي أنبسسه إلى أن مسسا يتوهمسسه البعسسض مسسن أن قدواتنسسا فسسي الماضسسي‬
‫والحاضسر ل يجوز أن يقسع منهسم مسا يقسع مسن غيرهسم غيسر صسحيح‪ ،‬وليسس مسا يقسع مسن‬
‫خطسأ بقادح فسي إمامتهسم ومنسسزلتهم؛ وتنسسزيههم عسن مثسل هذا خطسأ فسي التصسور‪ ،‬غلو‬
‫في الرجال‪.‬‬
‫والحقيقسة أنهسم غيسر معصسومين‪ ،‬وأن مسا يقسع منهسم مسن هنات وزلت ل تقدح فسي‬
‫إمامتهم مادامت ليست من الكبائر‪ ،‬فالنبياء ‪-‬وهم أسوتنا‪ -‬اختلف أهل العلم هل تقع‬
‫منهم الصغائر أو هي داخلة في العصمة؟ والقول بوقوعها منهم قول قوي‪ ،‬فإذا كان‬
‫المسر كذلك فوقوعهسا مسن العلماء والقادة أولى‪ ،‬وهسو غيسر مؤثسر فسي إمامتهسم‪ ،‬فهسم‬
‫بشر من جملة بني آدم‪ ،‬وكل بني آدم خطّاء‪.‬‬
‫‪ -516-4‬ل در هذين الغلمين‪ ،‬ما أجمل أدبهما‪ ،‬وأحسن خُلقَهما‪ ،‬كيف ل‪ ،‬وهما‬
‫وتلك‬ ‫مسن بيست النبوة‪ ،‬فليقت ِد بهسم شبابنسا‪ ،‬وأبناؤنسا‪ ،‬وتأمسل كلمهمسا مسع النسبي‬

‫في ((مسلم))‪(( ،‬فانطقا))‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أي ما يجمعانه في صدوركما من الكلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫يقال‪ :‬ألمع يلمع إذا أشار بثوبه أو يده‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬
‫‪106‬‬
‫الزكاة‬
‫وقفات تربوية مع صحيح‬
‫المام مسلم‬

‫المقدمسة الرائعسة التسي بدءا بهسا حديثهمسا‪ ،‬وجعلهسا توطئة لمسا يريدان‪ ،‬فرضسي ال‬
‫عنهما وأرضاهما‪.‬‬
‫‪ -516-5‬ملطفسة النسبي وحسسن خلقسه مسع هذيسن الغلميسن درس عظيسم لكثيسر‬
‫مسن الذيسن يحسسبون أن الغلظسة والقسسوة هسي مقومات الشخصسية والمهابسة‪ ،‬وهسم فسي‬
‫ذلك واهمون‪ ،‬وسيد المرسلين الذي مل قلوب أصحابه محبة ومهابة بلغ الغاية‬
‫في عظمة الخلق‪ ،‬والتواضع‪ ،‬وحسن التودد والملطفة‪.‬‬
‫‪ - 516-6‬وممسا يسستفاد أن المدح فسي الوجسه ليسس محرم ًا بإطلق‪ ،‬فمنسه مسا هسو‬
‫جائز‪ ،‬كمسا قال هنسا‪(( :‬أنست أبر الناس‪ ،‬وأوصسل الناس))‪ ،‬وليسس هذا مسن الغلو‪ ،‬بسل هسو‬
‫قول بالحسق واعتراف بسه‪ ،‬ومنسه مسا هسو محرم إذا كان كذباً‪ ،‬أو غلواً‪ ،‬أو يخاف على‬
‫صاحبه من الفتنة‪ ،‬أو يراد به التوصل إلى غير حق‪.‬‬
‫والمنهسج الحسق هسو إعمال جميسع النصسوص‪ ،‬كسل فسي موضعسه‪ ،‬وعدم أخسذ بعضهسا‬
‫وترك بعض‪ ،‬أو ضرب بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ -516-7‬يُشرع للشاب إذا وجسد فسي نفسسه حاجسة إلى الزواج أن يفاتسح وليسه فسي‬
‫ذلك‪ ،‬وأن يبادر إليسسه‪ ،‬والسسسنة معسسه‪(( :‬يسسا معشسسر الشباب مسسن اسسستطاع منكسسم الباءة‬
‫فليتزوج‪ ))...‬الحديسث‪ .‬وعلى وليسه السستجابة له‪ ،‬فهذا حسق مسن حقوق ابنسه‪ ،‬ل يجوز‬
‫له أن يماطل فيه أو يسوف‪ ،‬إل بعذر شرعي‪ ،‬مع ما في المبادرة من مصالح عظيمة‬
‫في العاجل والجل‪ ،‬بل أرى أن يبادر الولي في تزويج مَن تحت وليته‪ ،‬وأن يفاتحه‬
‫هسو فسي ذلك‪ ،‬بسل يأمره بأن يحصسن نفسسه‪ ،‬وبخاصسة فسي هذا الزمسن الذي كثرت فيسه‬
‫الفتن‪.‬‬
‫وأنبسه الشباب إلى خطورة تأخيسر الزواج‪ ،‬والعتذار بمسبررات واهيسة‪ ،‬وهذا مسن‬
‫تأثيسسر وسسسائل العلم المنحرفسسة‪ ،‬والزواج رحمسسة وسسسكينة‪ ،‬وباب عظيسسم مسسن أبواب‬
‫الرزق‪ ،‬وقد وعد ال سبحانه بذلك في سورة النعام بقوله‪ ( :‬قل تعالوا أتل ما حرم ربكم‬
‫عليكسم أل تشركوا بسه شيئاً وبالوالديسن إحسسساناً ول تقتلوا أولدكسم مسن إملق نحسسن نرزقكسسم وإياهسسم ول‬
‫تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ول تقتلوا النفس التي حرم ال إل بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم‬
‫تعقلون ) [النعام‪.]151 :‬‬
‫وفي سورة السراء بقوله‪ ( :‬ول تقتلوا أولدكسم خشيسة إملق نحسن نرزقهسم وإياكسم إن قلتهسم‬
‫كان خطئًا كبيراً ) [السراء‪.]31 :‬‬
‫ثسم إن الزواج المبكسر له فوائده العظيمسة فسي الدنيسا والخرة‪ ،‬وقسد ل يدرك الشاب‬
‫هذه الفوائد إل بعسد فوات الوان‪ ،‬فيندم ولت سساعة مندم‪ ،‬ولنسا فسي هذيسن الغلميسن‬
‫القدوة والسوة الحسنة‪.‬‬
‫‪ -516-8‬ل در زينسسب ‪-‬رضسسي ال عنهسسا‪ -‬أم المؤمنيسسن‪ ،‬التقيسسة الورعسسة‪ ،‬حيسسث‬
‫ساعدت هذين الشابين في تحقيق طلبهما‪ ،‬بالشارة إليهما أل يستعجل‪ ،‬فهي أعرف‬
‫وأنه لم يسأل شيئاً إل أعطاه‪ ،‬وقد أعطاهما خيراً مما سأل‪ ،‬حيث‬ ‫منهما بالنبي‬
‫حقق طلبهما بدون مشقة أو عناء‪.‬‬
‫وتعامله مسسع هذيسسن الغلميسسن أسسسوة حسسسنة‪ ،‬حيسسث‬ ‫‪ -516-9‬فسسي خلق النسسبي‬
‫اعتذر عن تحقيق رغبتهما في إرسالهما وتأميرهما على الصدقة‪ ،‬وبيّن لهما العذر‬
‫فسي ذلك تطييباً لنفسسيهما‪ ،‬ولكنسه عوضهمسا خيرًا مسن ذلك‪ ،‬وأفضسل ممسا كانسا يبغيان‪،‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬
‫‪107‬‬
‫الزكاة‬
‫وقفات تربوية مع صحيح‬
‫المام مسلم‬

‫فلم يخرجسسا مسسن عنده إل وقسسد تزوج كسسل واحسسد منهمسسا‪ ،‬وهذا نهايسسة أملهمسسا‪ ،‬وغايسسة‬
‫قصدهما‪ ،‬وفي ذلك من الدروس أن النسان إذا اعتذر عن تحقيق طلب لحد فليبيّن‬
‫له العذر والسبب‪ ،‬حتى ل تذهب به الظنون شر مذهب‪ ،‬وفيه تطييب للقلب وتأليف‬
‫له‪ ،‬كما أن المسؤول قد يعوض السائل بخير مما رغب وطلب‪ ،‬ول يكتفي بالعتذار‬
‫الول‪ ،‬فكم لذلك من أثر في النفوس‪ ،‬وبخاصة إذا بدر من العلماء والوجهاء‪ ،‬ثم إن‬
‫زاد فسي العوض أيضاً لمسا جعله حا ًل بالمبادرة إلى تحقيسق هذه الرغبسة‪،‬‬ ‫النسبي‬
‫والنفسس مولعسة بحسب العاجسل‪ ،‬وهذا خلق الكرام‪ ،‬أمسا التسسويف والتأجيسل فل يليسق‬
‫ن والتسويف والذى‪.‬‬ ‫بهم‪ ،‬والعتذار خير من تحقيق طلب يصاحبه الم ّ‬
‫‪ -516-10‬مشروعيسة طلب تولّي عمسل مسن العمال إذا وجسد الرجسل فسي نفسسه‬
‫ما قاله للشعريين ((ل‬ ‫الكفاءة‪ ،‬وكان لغرض مشروع‪ ،‬ولذلك لم يقل لهما النبي‬
‫نسستعمل على عملنسا مسن أراده))‪ ،1‬ويختلف المسر باختلف الحال والشخاص والعمسل‬
‫وسسبب الطلب‪ ،‬وعلى الوالي أن ينظسر فيمسا يحقسق المصسلحة‪ ،‬ولكسل حالة حكمهسا وقسد‬
‫‪ .‬بل قد يكون طلب‬ ‫قال يوسف قبل ذلك‪ ( :‬اجعلني على خزائن الرض إني حفيظ عليم )‬
‫[يوسف‪]55 :‬‬

‫العمل واجباً إذا توافر ما يلي‪:‬‬


‫‪-1‬وجد في نفسه الكفاءة‪.‬‬
‫‪-2‬غلب على ظنه أنه إذا طلبه سيعطاه‪.‬‬
‫‪-3‬وغلب على ظنه أنه قد يتوله من ليس أهلً له‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا علم أو غلب على ظنسه أنسه لو طلبسه غيره ممسن هسو كفسؤ لم يمكسن منسه‪،‬‬
‫وإنما يقدم عليه من ل تجوز وليته‪.‬‬
‫ففسي هذه الحوال يجسب عليسه طلب العمسل بسل قسد يأثسم بتركسه‪ ،‬ولنحذر مسن الورع‬
‫البارد‪ ،‬والعلم القاصسسر‪ ،‬فالورع الحقيقسسي هسسو أن يقدم على هذا العمسسل ل لشخصسسه‪،‬‬
‫وإنمسا مسن أجسل مصسالح المسسلمين‪ ،‬وان يتقسي ال فسي هذا العمسل‪ ،‬ويحذر مسن حظوظ‬
‫النفسس‪ ،‬ومسن خاف مسن نفسسه عدم القدرة على القيام بحقوق الوليسة عذر بذلك وال‬
‫سبحانه مطلع على ما في القلوب‪ ،‬وعليم بخفاياها وما تكنه‪.‬‬
‫‪r‬‬ ‫باب‪ :‬إباحة ما أهدي من الصدقة لل النبي‬
‫‪ r‬لحما‬ ‫‪ -517‬عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬أهدت بريرة إلى النبي‬
‫تصدق به عليها فقال‪(( :‬هو لها صدقة ولنا هدية))‪.‬‬
‫(م ‪)3/120‬‬
‫‪ -518‬عن أم عطية رضي ال عنها قالت‪ :‬بعث إلي رسول ال ‪ r‬بشاة من‬
‫الصدقة‪ ،‬فبعثت إلى عائشة منها بشيء‪ ،‬فلما جاء رسول ال ‪ r‬إلى عائشة قال‪:‬‬
‫((هل عندكم شيء))؟ قالت‪ :‬ل إل أن نسيبة بعثت إلينا من الشاة التي بعثتم بها‬
‫إليها‪ ،‬قال‪(( :‬إنها قد بلغت محلها))‪( .‬م ‪)2/120‬‬
‫‪ -517:518‬هذه الحاديسسث أصسسل فسسي جواز أخسسذ مسسا كان أصسسله الصسسدقة؛ بعسسد‬
‫اسسستحالته‪ ،‬فهذا اللحسسم كان صسسدقة فاسسستحال هديسسة‪ ،‬ويلحسسق بسسه فروع كثيرة؛ كأكسسل‬

‫‪ 1‬رواه مسلم في كتاب المارة باب النهي عن طلب المارة والحرص عليها ‪ ،)1824( 3/1456‬والبخاري في كتاب الجارة باب‬
‫استئجار الرجل الصالح ‪.2/789‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬
‫‪108‬‬
‫الزكاة‬
‫وقفات تربوية مع صحيح‬
‫المام مسلم‬

‫الوارث مسن مالٍ‪ ،‬أصسله مسن وصسية مورّثسه إذا كان قسد وصسل إلى الموصسَى إليسه‪ ،‬على‬
‫أن ل يكون حيلة توصية لوارث‪ ،‬فإن كان حيلة حرم‪ ،‬وعوقب بنقيض قصده‪.‬‬
‫حرّم ذلك‬
‫وهسسو يدل على سسسماحة هذا الديسسن وواقعيتسسه‪ ،‬وأنسسه ديسسن عملي‪ ،‬إذ لو ُ‬
‫للحِقست بالناس مشقسة‪ ،‬حتسى مَنْس وصسل إليهسم المال فسي الصسل‪ ،‬فإذا حرمناه على منْس‬
‫يأتيهم فلن يجدوا ما يقدمونه لضيوفهم فيش قّ عليهم ذلك‪ ،‬وال سبحانه يقول‪ ( :‬وما‬
‫‪ .‬كما أنه يصعب التحرّي عن أصل هذا المال‪ ،‬وغير‬ ‫جعل عليكم في الدين من حرج )‬
‫[الحسج‪]78 :‬‬

‫ذلك من السباب التي ل تتفق مع طبيعة هذا الدين وتشريعاته الميسّرة السمحة‪.‬‬
‫باب‪ :‬قبول النبي ‪ r‬الهدية ورد الصدقة‬
‫‪ -519‬عسن أبسي هريرة رضسي ال عنسه قال‪ :‬أن النسبي ‪ r‬كان إذا أتسي بطعام‪ ،‬سسأل‬
‫(م‬ ‫عنه‪ ،‬فإن قيل‪ :‬هدية‪ ،‬أكل منها‪ ،‬وإن قيل‪ :‬صدقة‪ ،‬لم يأكل منها‪.‬‬
‫‪)121 -3/120‬‬
‫‪ -519‬فيسه مشروعيسة السسؤال عسن مسا يصسل إلى النسسان مسن مال‪ ،‬وهسو مسستحب‬
‫وليس بواجب‪ ،‬وإيجابه فيه مشقة وعسر‪ ،‬ولكن يتأكد إذا كان مثل هذا المال مظنة‬
‫أن يكون حراماً‪ ،‬يخفى على من جاء به حكمه‪.‬‬
‫باب‪ :‬في زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير‬
‫‪ -520‬عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما‪ :‬أن رسول ال ‪ r‬فرض زكاة‬
‫الفطر من رمضان على الناس‪ :‬صاعًا من تمر‪ ،‬أو صاعاً من شعير‪ ،‬على كل حر أو‬
‫عبد ذكر أو أنثى من المسلمين‪.‬‬
‫(م ‪)3/68‬‬
‫باب‪ :‬زكاة الفطر من الطعام والقط والزبيب‬
‫‪ -521‬عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال‪ :‬نخرج إذا كان فينا رسول ال‬
‫‪ r‬زكاة الفطر عن كل صغير وكبير‪ ،‬حر أو مملوك‪ ،‬صاعاً من طعام‪ ،‬أو صاعاً من‬
‫أقط‪ ،‬أو صاع ًا من شعير‪ ،‬أو صاعًا من تمر‪ ،‬أو صاعًا من زبيب‪ ،‬فلم نزل نخرجه‬
‫حتى قدم معاوية بن أبي سفيان حاجاً أو معتمراً‪ ،‬فكلم الناس على المنبر فكان فيما‬
‫كلم الناس أن قال‪ :‬إني أرى أن مدين من سمراء الشام‪ ،‬تعدل صاعاً من تمر‪ ،‬فأخذ‬
‫الناس بذلك‪ .‬قال أبو سعيد‪ :‬فأما أنا فل أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت‬
‫(م‬
‫‪)3/69‬‬
‫باب‪ :‬المر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلة‬
‫‪ -522‬عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما‪ :‬أن رسول ال ‪ r‬أمر بإخراج زكاة‬
‫الفطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر أن تؤدى قبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل خروج الناس إلى الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلة‪.‬‬
‫(م ‪)3/70‬‬
‫‪ -520:522‬في أحاديث زكاة الفطر وقفات‪:‬‬
‫أ‪ -‬عظمسة هذا الديسن وسسموه‪ ،‬وحرصسه على تطهيسر أفراده‪ ( :‬خسذ مسن أموالهسم صسدقةً‬
‫‪.‬‬ ‫تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلتك سكن لهم وال سميع عليم )‬
‫[التوبة‪]103 :‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬
‫‪109‬‬
‫الزكاة‬
‫وقفات تربوية مع صحيح‬
‫المام مسلم‬

‫فالصسسدقة تطهيسسر للباطسسن وتزكيسسة للنفسسس وشكسسر للنعمسسة‪ ،‬ورحمسسة بالفقراء‬


‫والمساكين‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عنايسة السسلم بالتكافسل الجتماعسي‪ ،‬ومواسساة الفقراء‪ ،‬وجسبر كسسر قلوبهسم‪،‬‬
‫وبخاصسة فسي هذا اليوم الذي هسو يوم فرح وعيسد‪ ،‬ولذلك ورد فسي بعسض الحاديسث‪:‬‬
‫((اغنوهسم عسن المسسألة فسي هذا اليوم))‪ ،1‬كمسا أنهسم فسي عيسد الضحسى يواسسون بلحوم‬
‫الضاحسي‪ ،‬وهسو دليسل على كمال هذا الديسن‪ ،‬وعنايتسه بأفراده أغنياء وفقراء‪ ،‬فلكسل‬
‫صسنف نصسيبه مسن هذا الخيسر‪ ،‬فهسي للغنسي طه ٌر ونماء‪ ،‬وحم ٌد وشكرٌ‪ ،‬وهسي للفقيسر‬
‫مواسساة‪ ،‬ورحمسة وتطييبٌس لقلبسه‪ ،‬وفيهسا مسن إشاعسة المحبسة وتأليسف القلوب‪ ،‬ودفسع‬
‫الحسد ما فيها‪.‬‬
‫ج‪ -‬تخرج زكاة الفطسسسسسسسر مسسسسسسسن غالب قوت البلد‪ ،‬ول تجزئ النقود على القول‬
‫الصحيح‪ ،‬وأمرها موسع بين عدة أصناف‪ ،‬دفعاً للحرج والمشقة‪ ،‬وأفضلها ما تشتد‬
‫إليه الحاجة‪ ،‬عند من أعطيت له‪ ،‬وهذا يختلف من بلد إلى بلد‪ ،‬ومن زمن إلى زمن‪،‬‬
‫فالشعيسر ‪ -‬اليوم ‪ -‬ل يأكله الناس فسي كثيسر مسن البلدان‪ ،‬فل يناسسب إخراجسه بخلف‬
‫الماضي‪.‬‬
‫د‪ -‬دقسة التزام أبسي سسعيد وشدة ورعسه‪ ،‬مسع أنسه لم ينكسر على معاويسة ومسن أخسذ‬
‫برأيسه‪ ،‬وفسي رأي معاويسة مسا يدل على سسعة هذه الشريعسة‪ ،‬وأن باب الجتهاد مفتوح‬
‫لهله‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه الدارقطني في سننه قال الزيلعي‪ :‬غريب بهذا اللفظ‪ ،‬وذكر إخراج ابن عدي له في الكامل وقال‪ :‬أعله بأبي معشر نجيح‪ ،‬وذكر‬
‫أيضاً رواية الحاكم له في علوم الحديث‪ .‬انظر نصب الراية ‪.2/432‬‬

‫صحيح مسلم‪ :‬كتاب‬


‫‪‬‬
‫‪110‬‬
‫الزكاة‬

You might also like