You are on page 1of 33

‫كتاب شرح عجائب القلب‬

‫وهو الكتاب الول من ربع الهلكات‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫ال مد ل الذي تتح ي دون إدراك جلله القلوب والوا طر وتد هش ف مبادي إشراق أنواره الحداق والنوا ظر الطلع على خفيات ال سرائر‬
‫العال بكنونات الضمائر الستغن ف تدبي ملكته عن الشاور والوازر مقلب القلوب وغفار الذنوب وستار العيوب ومفرج الكروب والصلة‬
‫على سيد الرسلي وجامع شل الدين وقاطع دابر اللحدين وعلى آله الطيبي الطاهرين وسلم كثيا أما بعد فشرف النسان وفضيلته الت فاق‬
‫با جلة من أصناف اللق باستعداده لعرفة ال سبحانه الت هي ف الدنيا جاله وكماله وفخره وف الخرة عدته وذخره وإنا استعد للمعرفة‬
‫بقلبه ل بارحة من جوارحه فالقلب هو العال بال وهو التقرب إل ال وهو العامل ل وهو الساعي إل ال وهو الكاشف با عند ال ولديه‬
‫وإن ا الوارح أتباع وخدم وآلت ي ستخدمها القلب وي ستعملها ا ستعمال الالك للع بد وا ستخدام الرا عي للرع ية وال صانع لللة فالقلب هو‬
‫القبول عند ال إذا سلم من غي ال وهو الحجوب عن ال إذا صار مستغرقا بغي ال وهو الطالب وهو الخاطب وهو العاتب وهو الذي‬
‫يسعد بالقرب من ال فيفلح إذا زكاه وهو الذي ييب ويشقى إذا دنسه ودساه وهو الطيع بالقيقة ل تعال وإنا الذي ينتشر على الوارح‬
‫من العبادات أنواره وهو العاصي التمرد على ال تعال وإنا الساري إل العضاء من الفواحش آثاره وبإظلمه واستنارته تظهر ماسن الظاهر‬
‫ومساويه إذ كل إناء ينضح با فيه وهو الذي إذا عرفه النسان فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وهو الذي إذا جهله النسان‬
‫فقد جهل نفسه وإذا جهل نفسه فقد جهل ربه ومن جهل قلبه فهو بغيه أجهل إذ أكثر اللق جاهلون بقلوبم وأنفسهم وقد حيل بينهم‬
‫وب ي أنف سهم فإن ال يول ب ي الرء وقل به وحيلول ته بأن ين عه عن مشاهد ته ومراقب ته ومعر فة صفاته وكيفية تقل به ب ي أ صبعي مع أ صابع‬
‫الرحن وأنه كيف يهوي مرة إل أسفل السافلي وينخفض إل أفق الشياطي وكيف يرتفع أخرى إل أعلى عليي ويرتقي إل عال اللئكة‬
‫القرب ي و من ل يعرف قل به لياق به ويراع يه ويتر صد ل ا يلوح من خزائن اللكوت عل يه وف يه ف هو م ن قال ال تعال ف يه ن سوا ال فأن ساهم‬
‫أنفسهم أولئك هم الفاسقون فمعرفة القلب وحقيقة أوصافه أصل الدين وأساس طريق السالكي وإذ فرغنا من الشطر الول من هذا الكتاب‬
‫من الن ظر في ما يري على الوارح من العبادات والعادات و هو العلم الظا هر ووعد نا أن نشرح ف الش طر الثا ن ما يري على القلب من‬
‫الصفات الهلكات والنجيات وهو العلم الباطن فل بد أن نقدم عليه كتابي كتابا ف شرح عجائب صفات القلب وأخلقه وكتابا ف كيفية‬
‫رياضة القلب وتذيب أخلقه ث نندفع بعد ذلك ف تفصيل الهلكات والنجيات فلنذكر الن من شرح عجائب القلب بطريق ضرب المثال‬
‫ما يقرب من الفهام فإن التصريح بعجائبه وأسراره الداخلة ف جلة عال اللكوت ما يكل عن دركه أكثر الفهام‪.‬‬
‫بيان معن النفس والروح والقلب والعقل وما هو الراد بذه السامي‬
‫أعلم أن هذه الساء الربعة تستعمل ف هذه البواب ويقل ف فحول العلماء من ييط بذه السامي واختلف معانيها وحدودها ومسمياتا‬
‫وأكثر الغاليط منشؤها الهل بعن هذه السامي واشتراكها بي مسميات متلفة ونن نشرح ف معن هذه السامي ما يتعلق بغرضنا اللفظ‬
‫الول ل فظ القلب وهو يطلق لعنيي أحدها اللحم الصنوبري الشكل الودع ف الانب اليسر من الصدر وهو لم مصوص وف باطنه‬
‫تويف وف ذلك التجويف دم أسود هو منبع الروح ومعدنه ولسنا نقصد الن شرح شكله وكيفيته إذ يتعلق به غرض الطباء ول يتعلق به‬
‫الغراض الدينية وهذا القلب موجود للبهائم بل هو موجود للميت ونن إذا أطلقنا لفظ القلب ف هذا الكتاب ل نعن به ذلك فإنه قطعة لم‬
‫ل قدر له و هو من عال اللك والشهادة إذ تدر كه البهائم با سة الب صر فضل عن الدمي ي والع ن الثا ن هو لطي فة ربان ية روحان ية ل ا بذا‬
‫القلب السمان تعلق وتلك اللطيفة هي حقيقة النسان وهو الدرك العال العارف من النسان وهو الخاطب والعاقب والعاتب والطالب‬
‫ولاس علقسة مسع القلب السسمان وقسد تيت عقول أكثسر اللق فس إدراك وجسه علقتسه فإن تعلقسه بسه يضاهسي تعلق العراض بالجسسام‬
‫والوصساف بالوصسوفات أو تعلق السستعمل لللة باللة أو تعلق التمكسن بالكان وشرح ذلك ماس نتوقاه لعنييس أحدهاس أنسه متعلق بعلوم‬
‫الكاشفة وليس غرضنا من هذا الكتاب إل علوم العاملة والثان أن تقيقه يستدعي إفشاء سر الروح وذلك ما ل يتكلم فيه رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ 1‬فليس لغيه أن يتكلم فيه والقصود أنا إذا أطلقنا لفظ القلب ف هذا الكتاب أردنا به هذه اللطيفة وغرضنا ذكر أوصافها‬
‫وأحوالا ل ذكر حقيقتها ف ذاتا وعلم العاملة يفتقر إل معرفة صفاتا وأحوالا ول يفتقر إل ذكر حقيقتها اللفظ الثان الروح وهو أيضا‬
‫يطلق فيما يتعلق بنس غرضنا لعنيي أحدها جسم لطيف منبعه تويف القلب المسان فينشر بواسطة العروق الضوارب إل سائر أجزاء‬
‫البدن وجريانه ف البدن وفيضان أنوار الياة والس والبصر والسمع والشم منها على أعضائها يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار‬
‫ف زوايا البيت فإنه ل ينتهي إل جزء من البيت إل ويستني به والياة مثالا النور الاصل ف اليطان والروح مثالا السراج وسريان الروح‬
‫وحركته ف الباطن مثال حركة السراج ف جوانب البيت بتحريك مركه والطباء إذا أطلقوا لفظ الروح أرادوا به هذا العن وهو بار لطيف‬
‫أنضجته حرارة القلب وليس شرحه من غرضنا إذ التعلق به غرض الطباء الذين يعالون البدان فأما غرض أطباء الدين العالي للقلب حت‬
‫ينساق إل جوار رب العالي فليس يتعلق بشرح هذه الروح أصل العن الثان هو اللطيفة العالة الدركة من النسان وهو الذي شرحناه ف‬
‫أحد معان القلب وهو الذي أراده ال تعال بقوله قل الروح من أمر رب وهو أمر عجيب ربان تعجز أكثر العقول والفهام عن درك حقيقته‬
‫اللفظ الثالث النفس وهو أيضا مشترك بي معان ويتعلق بغرضنا منه معنيان أحدها أنه يراد به العن الامع لقوة الغضب والشهوة ف النسان‬
‫على ما سيأت شرحه وهذا الستعمال هو الغالب على أهل الت صوف لنم يريدون بالن فس الصل الامع للصفات الذمومة من النسان‬
‫فيقولون ل بد من ماهدة النفس وكسرها وإليه الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم أعدى عدوك نفسك الت بي جنبيك‪ 2‬العن الثان هي‬
‫اللطي فة ال ت ذكرنا ها ال ت هي الن سان بالقي قة و هي ن فس الن سان وذا ته ولكن ها تو صف بأو صاف متل فة ب سب اختلف أحوال ا فإذا‬
‫سكنت تت المر وزايلها الضطراب بسبب معارضة الشهوات سيت النفس الطمئنة قال ال تعال ف مثلها يا أيتها النفس الطمئنة ارجعي‬
‫إل ر بك راض ية مرض ية والن فس بالع ن الول ل يت صور رجوع ها إل ال تعال فإن ا مبعدة عن ال و هي من حزب الشيطان وإذا ل ي تم‬
‫سكونا ولكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية ومعترضة عليها سيت النفس اللوامة لنا تلوم صاحبها عند تقصيه ف عبادة موله قال ال‬
‫تعال ول أقسم بالنفس اللوامة وإن تركت العتراض وأذعنت وأطاعت لقتضى الشهوات ودواعي الشيطان سيت النفس المارة بالسوء قال‬
‫ال تعال إخبارا عن يوسف عليه السلم أو امرأة العزيز وما أبرئ نفسي إن النفس لمارة بالسوء وقد يوز أن يقال الراد بالمارة بالسوء‬
‫هي النفس بالعن الول فإذن النفس بالعن الول مذمومة غاية الذم وبالعن الثان ممودة لنا نفس النسان أي ذاته وحقيقته العالة بال‬
‫تعال وسائر العلومات اللفظ الرابع العقل وهو أيضا مشترك لعان متلفة ذكرناها ف كتاب العلم والتعلق بغرضنا من جلتها معنيان أحدها‬
‫أنه قد يطلق ويراد به العلم بقائق المور فيكون عبارة عن صفة العلم الذي مله القلب والثان أ نه قد يطلق ويراد به الدرك للعلوم فيكون‬
‫هو القلب أعن تلك اللطيفة ونن نعلم أن كل عال فله ف نفسه وجود هو أصل قائم بنفسه والعلم صفة حالة فيه والصفة غي الوصوف‬
‫والع قل قد يطلق ويراد به صفة العال و قد يطلق ويراد به م ل الدراك أع ن الدرك و هو الراد بقوله صلى ال عل يه و سلم أول ما خلق ال‬
‫العقل‪ 3‬فإن العلم عرض ل يتصور أن يكون أول ملوق بل لبد وأن يكون الحل ملوقا قبله أو معه ولنه ل يكن الطاب معه وف الب أنه‬
‫قال له تعال أق بل فأق بل ث قال له أدبر فأدبر الد يث فإذن قد انك شف لك أن معا ن هذه ال ساء موجودة و هي القلب ال سمان والروح‬
‫السمان والن فس الشهوانية والعلوم فهذه أرب عة معان يطلق علي ها اللفاظ الرب عة ومعن خا مس وهي اللطي فة العالة الدر كة من الن سان‬
‫واللفاظ الرب عة بملت ها تتوارد علي ها فالعا ن خ سة واللفاظ أرب عة و كل ل فظ أطلق لعني ي وأك ثر العلماء قد الت بس علي هم اختلف هذه‬
‫اللفاظ وتواردها فتراهم يتكلمون ف الواطر ويقولون هذا خا طر العقل وهذا خاطر الروح وهذا خاطر القلب وهذا خاطر النفس وليس‬
‫يدري الناظر اختلف معان هذه الساء ولجل كشف الغطاء عن ذلك قدمنا شرح هذه السامي وحيث ورد ف القرآن والسنة لفظ القلب‬
‫فالراد به العن الذي يفقه من النسان ويعرف حقيقة الشياء وقد يكن عنه بالقلب الذي ف الصدر لن بي تلك اللطيفة وبي جسم القلب‬
‫علقة خاصة فإنا وإن كانت متعلقة بسائر البدن ومستعملة له ولكنها تتعلق به بواسطة القلب فتعلقها الول بالقلب وكأنه ملها وملكتها‬

‫‪ 1‬حديث أنه صلى ال عليه وسلم ل يتكلم ف الروح متفق عليه من حديث ابن مسعود ف سؤال اليهود عن الروح وفيه فأمسك النب صلى ال عليه وسلم فلم يرد‬
‫عليهم فعلمت أنه يوحى إليه الديث وقد تقدم‬
‫‪ 2‬حديث أعدى عدوك نفسك الت بي جنبيك أخرجه البيهقي ف كتاب الزهد من حديث ابن عباس وفيه ممد بن عبد الرحن بن غزوان أحد الوضاعي‬
‫‪ 3‬حديث أول ما خلق ال العقل وف الب أنه قال له أقبل فأقبل وقال أدبر فأدبر الديث تقدم ف العلم‬
‫وعالها ومطيتها ولذلك شبه سهل التستري القلب بالعرش والصدر بالكرسي فقال القلب هو العرش والصدر هو الكرسي ول يظن به أنه‬
‫يرى أنه عرش ال وكرسيه فإن ذلك مال بل أراد به أنه ملكة النسان والجرى الول لتدبيه وتصرفه فهما بالنسبة إليه كالعرش والكرسي‬
‫بالنسبة إل ال تعال ول يستقيم هذا التشبيه أيضا إل من بعض الوجوه وشرح ذلك أيضا ل يليق بغرضنا فلنجاوزه‪.‬‬
‫بيان جنود القلب‬
‫قال ال تعال و ما يعلم جنود ر بك إل هو فلله سبحانه ف القلوب والرواح وغي ها من العوال جنود مندة ل يعرف حقيقت ها وتف صيل‬
‫عددها إل هو ونن الن نشي إل بعض جنود القلب فهو الذي يتعلق بغرضنا وله جندان جند يرى بالبصار وجند ل يرى إل بالبصائر وهو‬
‫ف حكم اللك والنود ف حكم الدم والعوان فهذا معن الند فأما جنده الشاهد بالعي فهو اليد والرجل والعي والذن واللسان وسائر‬
‫العضاء الظاهرة والباطنة فإن جيعها خادمة للقلب ومسخرة له فهو التصرف فيها والردد لا وقد خلقت مبولة على طاعته ل تستطيع له‬
‫خلفا ول عليه تردا فإذا أمر العي بالنفتاح انفتحت وإذا أمر الرجل بالركة تركت وإذا أمر اللسان بالكلم وجزم الكم به تكلم وكذا‬
‫سائر العضاء وتسخي العضاء والواس للقلب يشبه من وجه تسخي اللئكة ل تعال فإنم مبولون على الطاعة ل يستطيعون له خلفا بل‬
‫ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وإنا يفترقان ف شيء وهو أن اللئكة عليهم السلم عالة بطاعتها وامتثالا والجفان تطيع‬
‫القلب ف النفتاح والنطباق على سبيل الت سخي ول خب ل ا من نف سها و من طاعت ها للقلب وإن ا افت قر القلب إل هذه النود من ح يث‬
‫افتقاره إل الر كب والزاد ل سفره الذي لجله خلق و هو ال سفر إل ال سبحانه وق طع النازل إل لقائه فلجله خل قت القلوب قال ال تعال‬
‫و ما خل قت ال ن وال نس إل ليعبدون وإن ا مرك به البدن وزاده العلم وإن ا ال سباب ال ت تو صله إل الزاد وتك نه من التزود م نه هو الع مل‬
‫الصال وليس يكن العبد أن يصل إل ال سبحانه ما ل يسكن البدن ول ياوز الدنيا فإن النل الدن ل بد من قطعه للوصول إل النل‬
‫الق صى فالدن يا مزر عة الخرة و هي منل من منازل الدى وإن ا سيت دن يا لن ا أد ن النلت ي فاض طر إل أن يتزود من هذا العال فالبدن‬
‫مركبه الذي يصل به إل هذا العال فافتقر إل تعهد البدن وحفظه وإنا يفظ البدن بأن يلب إليه ما يوافقه من الغذاء وغيه وأن يدفع عنه ما‬
‫ينافيه من أسباب اللك فافتقر لجل جلب الغذاء إل جندين باطن وهو الشهوة وظاهر وهو اليد والعضاء الالبة للغذاء فخلق ف القلب من‬
‫الشهوات ما احتاج إليه وخلقت العضاء الت هي آلت الشهوات فافتقر لجل دفع الهلكات إل جندين باطن وهو الغضب الذي به يدفع‬
‫الهلكات وينت قم من العداء وظا هر و هو ال يد والر جل للذ ين ب ما يع مل بقت ضى الغ ضب و كل ذلك بأمور خار جة فالوارح من البدن‬
‫كالسلحة وغيها ث الحتاج إل الغذاء ما ل يعرف الغذاء ل تنفعه شهوة الغذاء وإلفه فافتقر للمعرفة إل جندين باطن وهو إدراك السمع‬
‫والبصر والشم واللمس والذوق وظاهر وهو العي والذن والنف وغيها وتفصيل وجه الاجة إليها ووجه الكمة فيها يطول ول تويه‬
‫ملدات كثية وقد أشرنا إل طرف يسي منها ف كتاب الشكر فليقتنع به فجملة جنود القلب تصرها ثلثة أصناف صنف باعث ومستحث‬
‫إما إل جلب النافع الوافق كالشهوة وإما إل دفع الضار الناف كالغضب وقد يعب عن هذا الباعث بالرادة والثان هو الحرك للعضاء إل‬
‫تصيل هذه القاصد ويعب عن هذا الثان بالقدرة وهي جنود مبثوثة ف سائر العضاء ل سيما العضلت منها والوتار والثالث هو الدرك‬
‫التعرف للشياء كالواسيس وهي قوة البصر والسمع والشم والذوق واللمس وهي مبثوثة ف أعضاء معينة ويعب عن هذا بالعلم والدراك‬
‫ومع كل واحد من هذه النود الباطنة جنود ظاهرة وهي العضاء الركبة من الشحم واللحم والعصب والدم والعظم الت أعدت آلت لذه‬
‫النود فإن قوة البطش إنا هي بالصابع وقوة البصر إنا هي بالعي وكذا سائر القوى ولسنا نتكلم ف النود الظاهرة أعن العضاء فإنا من‬
‫عال اللك والشهادة وإن ا نتكلم الن فيما أيدت به من جنود ل ترو ها وهذا ال صنف الثالث و هو الدرك من هذه الملة ينقسم إل ما قد‬
‫أسكن النازل الظاهرة وهي الواس المس أعن السمع والبصر والشم والذوق واللمس وإل ما أسكن منازل باطنة وهي تاويف الدماغ‬
‫وهي أيضا خسة فإن النسان بعد رؤية الشيء يغمض عينه فيدرك صورته ف نفسه وهو اليال ث تبقى تلك الصورة معه بسبب شيء يفظه‬
‫وهو الند الافظ ث يتفكر فيما حفظه فيكب بعض ذلك إل البعض ث يتذكر ما قد نسيه ويعود إليه ث يمع جلة معان الحسوسات ف‬
‫خياله بالس الشترك ب ي الح سوسات ف في البا طن حس مشترك وتيل وتف كر وتذ كر وح فظ ولول خلق ال قوة ال فظ والف كر والذكر‬
‫والتخيل لكان الدماغ يلو عنه كما تلو اليد والرجل عنه فتلك القوى أيضا جنود باطنة وأماكنها أيضا باطنة فهذه هي أقسام جنود القلب‬
‫وشرح ذلك ب يث يدر كه ف هم الضعفاء بضرب المثلة يطول ومق صود م ثل هذا الكتاب أن ينت فع به القوياء والفحول من العلماء ولك نا‬
‫نتهد ف تفهيم الضعفاء بضرب المثلة ليقرب ذلك من أفهامهم‪.‬‬
‫بيان أمثلة القلب مع جنوده الباطنة‬
‫اعلم أن جندي الغضب والشهوة قد ينقادان للقلب انقيادا تا ما فيعينه ذلك على طريقه الذي يسلكه وتسن مرافقتهما ف السفر الذي هو‬
‫بصدده وقد يستعصيان عليه استعصاء بغي وترد حت يلكاه ويستبعداه وفيه هلكه وانقطاعه عن سفره الذي به وصوله إل سعادة البد‬
‫وللقلب جند آخر وهو العلم والكمة والتفكر كما سيأت شرحه وحقه أن يستعي بذا الند فإنه حزب ال تعال على الندين الخرين‬
‫فإنما قد يلتحقان بزب الشيطان فإن ترك الستعانة وسلط على نفسه جند الغضب والشهوة هلك يقينا وخسر خسرانا مبينا وذلك حالة‬
‫أكثر اللق فإن عقولم صارت مسخرة لشهواتم ف استنباط اليل لقضاء الشهوة وكان ينبغي أن تكون الشهوة مسخرة لعقولم فيما يفتقر‬
‫الع قل إليه ونن نقرب ذلك إل فهمك بثلثة أمثلة الثال الول أن نقول مثل نفس النسان ف بدنه أعن بالنفس اللطيفة الذكورة كمثل‬
‫ملك ف مدينته وملكته فإن البدن ملكة النفس وعالها ومستقرها ومدينتها وجوارحها وقواها بنلة الصناع والعملة والقوة العقلية الفكرة له‬
‫كالش ي النا صح والوز ير العا قل والشهوة له كالع بد ال سوء يلب الطعام والية إل الدي نة والغ ضب والم ية له ك صاحب الشر طة والع بد‬
‫الالب للمية كذاب مكار خداع خبيث يتمثل بصورة الناصح وتت نصحه الشر الائل والسم القاتل وديدنه وعادته منازعة الوزير الناصح‬
‫ف آرائه وتدبياته حت ل يلو من منازعته ومعارضته ساعة كما أن الوال ف ملكته إذا كان مستغنيا ف تدبياته بوزيره مستشيا له ومعرضا‬
‫عن إشارة هذا العبد البيث مستدل بإشارته ف أن الصواب ف نقيض رأيه أدبه صاحب شرطته وساسه لوزيره وجعله مؤترا له مسلطا من‬
‫جهته على هذا العبد البيث وأتباعه وأنصاره حت يكون العبد مسوسا ل سائسا ومأمورا مدبرا ل أميا مدبرا استقام أمر بلده وانتظم العدل‬
‫بسببه فكذا النفس مت استعانت بالعقل وأدبت بمية الغضب وسلطتها على الشهوة واستعانت بإحداها على الخرى تارة بأن تقلل مرتبة‬
‫الغضب وغلوائه بخال فة الشهوة وا ستدراجها وتارة بقمع الشهوة وقهرها بت سليط الغ ضب والمية عليها وتقب يح مقتضياتا اعتدلت قوا ها‬
‫وحسنت أخلقها ومن عدل عن هذه الطريقة كان كمن قال ال تعال فيه أفرأيت من اتذ إله هواه وأضله ال على علم وقال تعال واتبع‬
‫هواه فمثله كمثل الكلب إن تمل عليه يلهث أو تتركه يلهث وقال عز وجل فيمن نى النفس عن الوى وأما من خاف مقام ربه ونى‬
‫النفس عن الوى فإن النة هي الأوى وسيأت كيفية ماهدة هذه النود وتسليط بعضها على بعض ف كتاب رياضة النفس إن شاء ال تعال‬
‫الثال الثا ن اعلم أن البدن كالدي نة والع قل أع ن الدرك من الن سان كملك مدبر ل ا وقواه الدر كة من الواس الظاهرة والباط نة كجنوده‬
‫وأعوا نه وأعضاؤه كرعي ته والن فس المارة بال سوء ال ت هي الشهوة والغ ضب كعدو يناز عه ف ملكته وي سعى ف إهلك رعي ته ف صار بد نه‬
‫كرباط وث غر ونف سه كمق يم ف يه مرا بط فإن هو جا هد عدوه وهز مه وقهره على ما ي ب ح د أثره وإذا عاد إل الضرة ك ما قال ال تعال‬
‫والجاهدون ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم فضل ال الجاهدين بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة وإن ضيع ثغره وأهل رعيته ذم أثره‬
‫‪1‬‬
‫فانتقم منه عند ال تعال فيقال له يوم القيامة يا راعي السوء أكلت اللحم وشربت اللب ول تأو الضالة ول تب الكسي اليوم أنتقم منك‬
‫كما ورد ف الب وإل هذه الجاهدة الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم رجعنا من الهاد الصغر إل الهاد الكب ‪ 2‬الثال الثالث مثل العقل‬
‫مثل فارس متصيد وشهوته كفرسه وغضبه ككلبه فمت كان الفارس حاذقا وفرسه مروضا وكلبه مؤدبا معلما كان جديرا بالنجاح ومت‬
‫كان هو ف نفسه أخرق وكان الفرس جوحا والكلب عقورا فل فرسه ينبعث تته منقادا ول كلبه يسترسل بإشارته مطيعا فهو خليق بأن‬
‫يع طب فضل عن أن ينال ما طلب وإن ا خرق الفارس م ثل ج هل الن سان وقلة حكم ته وكلل ب صيته وجاح الفرس م ثل غل بة الشهوة‬
‫خصوصا شهوة البطن والفرج وعقر الكلب مثل غلبة الغضب واستيلئه نسأل ال حسن التوفيق بلطفه‪.‬‬
‫بيان خاصية قلب النسان‬
‫أعلم أن جلة ما ذكرناه قد أنعم ال به على سائر اليوانات سوى الدمي إذ للحيوان الشهوة والغضب والواس الظاهرة والباطنة أيضا حت‬
‫إن الشاة ترى الذئب بعينها فتعلم عداوته بقلبها فتهرب منه فذلك هو الدراك الباطن فلنذكر ما يتص به قلب النسان ولجله عظم شرفه‬
‫‪ 1‬حديث يقال يوم القيامة يا راعي السوء أكلت اللحم وشربت اللب ول ترد الضالة الب ل أجد له أصل‬
‫‪ 2‬حديث رجعنا من الهاد الصغر إل الهاد الكب أخرجه البيهقي ف الزهد من حديث جابر وقال هذا إسناد ف ضعف‬
‫واستأهل القرب من ال تعال وهو راجع إل علم وإرادة أما العلم فهو العلم بالمور الدنيوية والخروية والقائق العقلية فإن هذه أمور وراء‬
‫الحسوسات ول يشاركه فيها اليوانات بل العلوم الكلية الضرورية من خواص العقل إذ يكم النسان بأن الشخص الواحد ل يتصور أن‬
‫يكون ف مكان ي ف حالة واحدة وهذا ح كم م نه على كل ش خص ومعلوم أ نه ل يدرك بال س إل ب عض الشخاص فحك مه على ج يع‬
‫الشخاص زائد على ما أدر كه ال س وإذا فه مت هذا ف العلم الظا هر الضروري ف هو ف سائر النظريات أظ هر وأ ما الرادة فإ نه إذا أدرك‬
‫بالعقل عاقبة المر وطريق الصلح فيه انبعث من ذاته شوق إل جهة الصلحة وإل تعاطي أسبابا والرادة لا وذلك غي إرادة الشهوة وإرادة‬
‫اليوانات بل يكون على ضد الشهوة فإن الشهوة تنفر عن الفصد والجامة والعقل يريدها ويطلبها ويبذل الال فيها والشهوة تيل إل لذائذ‬
‫الطعمة ف حي الرض والعاقل يد ف نفسه زاجرا عنها وليس ذلك زاجر الشهوة ولو خلق ال العقل العرف بعواقب المور ول يلق هذا‬
‫الباعث الحرك للعضاء على مقتضى حكم العقل لكان حكم العقل ضائعا على التحقيق فإذن قلب النسان اختص بعلم وإرادة ينفك عنها‬
‫سائر اليوان بل ينفك عن ها ال صب ف أول الفطرة وإنا يدث ذلك فيه بعد البلوغ وأ ما الشهوة والغ ضب والواس الظاهرة والباطنة فإن ا‬
‫موجودة ف حق الصب ث الصب ف حصول هذه العلوم فيه له درجتان إحداها أن يشتمل قلبه على سائر العلوم الضرورية الولية كالعلم‬
‫باستحالة الستحيلت وجواز الائزات الظاهرة فتكون العلوم النظرية فيها غي حاصلة إل أنا صارت مكنة قريبة المكان والصول ويكون‬
‫حاله بالضافة إل العلوم كحال الكاتب الذي ل يعرف من الكتابة إل الدواة والقلم والروف الفردة دون الركبة فإنه قد قارب الكتابة ول‬
‫يبلغها بعد الثانية أن تتحصل له العلوم الكتسبة بالتجارب والفكر فتكون كالخزونة عنده فإذا شاء رجع إليها وحاله حال الاذق بالكتابة إذ‬
‫يقال له كا تب وإن ل ي كن مباشرا للكتابة بقدرته علي ها وهذه هي غاية در جة الن سانية ول كن ف هذه الدر جة مراتب ل ت صى بتفاوت‬
‫اللق فيهسا بكثرة العلومات وقلتهسا وبشرف العلومات وخسستها وبطريسق تصسيلها إذ تصسل لبعسض القلوب بإلام إليس على سسبيل البادأة‬
‫والكاش فة ولبعض هم بتعلم واكت ساب و قد يكون سريع ال صول و قد يكون ب طئ ال صول و ف هذا القام تتبا ين منازل العلماء والكماء‬
‫وال نبياء والولياء فدرجات التر قي ف يه غ ي م صورة إذ معلومات ال سبحانه ل نا ية ل ا وأق صى الر تب رت بة ال نب الذي تنك شف له كل‬
‫القائق أو أكثرها من غي اكتساب وتكلف بكشف إلي ف أسرع وقت وبذه السعادة يقرب العبد العبد من ال تعال قربا بالعن والقيقة‬
‫وال صفة ل بالكان وال سافة ومرا قي هذه الدرجات هي منازل ال سائرين إل ال تعال ول ح صر لتلك النازل وإن ا يعرف كل سالك منله‬
‫الذي بلغه ف سلوكه فيعرفه ويعرف ما خلفه من النل فأما ما بي يديه فل ييط بقيقته علما لكن قد يصدق به إيانا بالغيب كما أنا نؤمن‬
‫بالنبوة والنب ونصدق بوجوده ولكن ل يعرف حقيقة النبوة إل النب وكما ل يعرف الني حال الطفل ول الطفل حال الميز وما يفتح له‬
‫من العلوم الضرورية ول الميز حال العاقل وما اكتسبه من العلوم النظرية فكذلك ل يعرف العاقل ما افتتح ال على أوليائه وأنبيائه من مزايا‬
‫لطفه ورحته ما يفتح ال للناس من رحة فل مسك لا وهذه الرحة مبذولة بكم الود والكرم من ال سبحانه وتعال غي مضنون با على‬
‫أ حد ول كن إن ا تظ هر ف القلوب التعر ضه لنفحات رح ة ال تعال ك ما قال صلى ال عل يه و سلم إن لرب كم ف أيام دهر كم لنفحات أل‬
‫فتعرضوا لا‪ 1‬والتعرض ل ا بتطه ي القلب وتزكي ته من ال بث والكدورة الا صلة من الخلق الذمو مة ك ما سيأت بيا نه وإل هذا الود‬
‫الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم ينل ال كل ليلة إل ساء الدنيافيقول هل من داع فأستجيب له وبقوله صلى ال عليه وسلم حكاية عن‬
‫ر به عز و جل ل قد طال شوق البرار إل لقائي وأ نا إل لقائ هم أ شد شوقا‪ 2‬وبقوله تعال من تقرب إل شبا تقر بت إل يه ذراعا‪ 3‬كل ذلك‬
‫إشارة إل أن أنوار العلوم ل تتجب عن القلوب لبخل ومنع من جهة النعم تعال عن البخل والنع علوا كبيا ولكن حجبت لبث وكدورة‬
‫وشغل من جهة القلوب فإن القلوب كالوان فما دامت متلئة بالاء ل يدخلها الواء فالقلوب الشغولة بغي ال ل تدخلها العرفة بلل ال‬
‫تعال وإل يه الشارة بقوله صلى ال عل يه و سلم لول أن الشياط ي يومون على قلوب ب ن آدم لنظروا إل ملكوت ال سماء‪ 4‬و من هذه الملة‬
‫يتبي أن خاصية النسان العلم والكمة وأشرف أنواع العلم هو العلم بال وصفاته وأفعاله فبه كمال النسان وف كماله سعادته وصلحه‬

‫‪ 1‬حديث إن لربكم ف أيام دهركم لنفحات الديث متفق عليه من حديث أب هريرة وأب سعيد وقد تقدم‬
‫‪ 2‬حديث يقول ال عز وجل لقد طال شوق البرار إل لقائي الديث ل أجد له أصل إل أن صاحب الفردوس خرجه من حديث أب الدرداء ول يذكر له ولده ف‬
‫مسند الفردوس إسنادا‬
‫‪ 3‬حديث يقول ال من تقرب إل شبا تقربت إليه ذراعا متفق عليه من حديث أب هريرة‬
‫‪ 4‬حديث لول أن الشياطي يومون على قلوب بن آدم الديث أخرجه أحد من حديث أب هريرة بنحوه وقد تقدم ف الصيام‬
‫لوار حضرة اللل والكمال فالبدن مر كب للن فس والن فس م ل للعلم والعلم هو مق صود الن سان وخا صيته ال ت لجله خلق وك ما أن‬
‫الفرس يشارك المار ف قوة المل ويتص عنه باصية الكر والفر وحسن اليئة فيكون الفرس ملوقا لجل تلك الاصية فإن تعطلت منه‬
‫نزل إل حض يض رت بة المار وكذلك الن سان يشارك المار والفرس ف أمور ويفارق ها ف أمور هي خا صيته وتلك الا صية من صفات‬
‫اللئ كة القرب ي من رب العال ي والن سان على رت بة ب ي البهائم واللئ كة فإن الن سان من ح يث يتغذى وين سل فنبات و من حيث ي س‬
‫ويتحرك بالختيار فحيوان ومن حيث صورته وقامته فكالصورة النقوشة على الائط وإنا خاصيته معرفة حقائق الشياء من استعمل جيع‬
‫أعضائه وقواه على وجه الستعانة با على العلم والعمل فقد تشبه باللئكة فحقيق بأن يلحق بم وجدير بأن يسمى ملكا وربانيا كما أخب‬
‫ال تعال عن صواحبات يوسف عليه السلم بقوله ما هذا بشرا إن هذا إل ملك كري ومن صرف هته إل أتباع اللذات البدنية يأكل كما‬
‫تأكل النعام فقد انط إل حضيض أفق البهائم فيصي إما غمرا كثور وإما شرها كخنير وإما ضربا ككلب أو سنور أو حقودا كجمل أو‬
‫متكبا كنمر أو ذا روغان كثعلب أو يمع ذلك كله كشيطان مريد وما من عضو من العضاء ول حاسة من الواس إل ويكن الستعانة‬
‫به على طريق الوصول إل ال تعال كما سيأت بيان طرف منه ف كتاب الشكر فمن استعمله فيه فقد فاز ومن عدل عنه فقد خسر وخاب‬
‫وجلة السعادة ف ذلك أن يعل لقاء ال تعال مقصده والدار الخرة مستقره والدنيا منله والبدن مركبه والعضاء خدمه فيستقر هو أعن‬
‫الدرك من الن سان ف القلب الذي هو و سط ملك ته كاللك ويري القوة اليال ية الود عة ف مقدم الدماغ مرى صاحب بريدة إذ تت مع‬
‫أخبار الحسسوسات عنده ويري القوة الافظسة التس مسسكنها مؤخسر الدماغ مرى خازنسه ويري اللسسان مرى ترجانسه ويري العضاء‬
‫التحركة مرى كتابه ويري الواس المس مرى جواسيسه فيوكل كل واحد منها بأخبار صقع من الصقاع فيوكل العي بعال اللوان‬
‫والسمع بعال الصوات والشم بعال الروائح وكذلك سائرها فإنا أصحاب أخبار يلتقطونا من هذه العوال ويؤدونا إل القوة اليالية الت‬
‫هي كصاحب البيد ويسلمها صاحب البيد إل الازن وهي الافظة ويعرضها الازن على اللك فيقتبس اللك منها ما يتاج إليه ف تدبي‬
‫ملكته وإتام سفره الذي هو بصدده وقمع عدوه الذي هو مبتلي به ودفع قواطع الطريق عليه فإذا فعل ذلك كان موفقا سعيدا شاكرا نعمة‬
‫ال وإذا عطل هذه الملة أو استعملها لكن ف مراعاة أعدائه وهي الشهوة والغضب وسائر الظوظ العاجلة أو ف عمارة طريقه دون منله‬
‫إذ الدن يا طري قه ال ت علي ها عبوره ووط نه وم ستقره الخرة كان مذول شق يا كافرا بنع مة ال تعال مضي عا لنود ال تعال نا صرا لعداء ال‬
‫مذل لزب ال فيستحق القت والبعاد ف النقلب والعاد نعوذ بال من ذلك وإل الثال الذي ضربناه أشار كعب الحبار حيث قال دخلت‬
‫على عائ شة ر ضي ال عن ها فقلت الن سان عيناه هاد وأذناه ق مع ول سانه ترجان ويداه جناحان ورجله بر يد والقلب م نه ملك‪ 1‬فإذا طاب‬
‫اللك طابت جنوده فقالت هكذا سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول وقال علي رضي ال عنه ف تثيل القلوب إن ل تعال ف أرضه‬
‫آنية وهي القلوب فأحبها إليه تعال أرقها وأصفاها وأصلبها ث فسره فقال أصلبها ف الدين وأصفاها ف اليقي وأرقها على الخوان وهو‬
‫إشارة إل قوله تعال أشداء على الكفار رحاء بينهم وقوله تعال مثل نوره كمشكاة فيها مصباح قال أب بن كعب رضي ال عنه معناه مثل‬
‫نور الؤمن وقلبه وقوله تعال أو كظلمات ف بر لي مثل قلب النافق وقال زيد بن أسلم ف قوله تعال ف لوح مفوظ وهو قلب الؤمن‬
‫وقال سهل مثل القلب والصدر مثل العرش والكرسي فهذه أمثلة القلب‪.‬‬
‫بيان مامع أوصاف القلب وأمثلته‬
‫اعلم أن النسان قد اصطحب ف خلقته وتركيبه أربع شوائب فلذلك اجتمع عليه أربعة أنواع من الوصاف وهي الصفات السبعية والبهيمية‬
‫والشيطانية والربانية فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من العداوة والبغضاء والتهجم على الناس بالضرب والشتم ومن‬
‫حيث سلطت عليه الشهوة يتعاطى أفعال البهائم من الشره والرص والشبق وغيه ومن حيث إنه ف نفسه أمر ربان كما قال ال تعال قل‬
‫الروح من أمر رب فإنه يدعي لنفسه الربوبية ويب الستيلء والستعلء والتخصص والستبداد بالمور كلها والتفرد بالرياسة والنسلل‬
‫عن ربقة العبودية والتواضع ويشتهي الطلع على العلوم كلها بل يدعي لنفسه العلم والعرفة والحاطة بقائق المور ويفرح إذا نسب إل‬
‫العلم ويزن إذا نسب إل الهل والحاطة بميع القائق والستيلء بالقهر على جيع اللئق من أوصاف الربوبية وف النسان حرص على‬

‫‪ 1‬حديث عائشة النسان عيناه هاد وأذناه قمع ولسانه ترجان الديث أخرجه أو نعيم ف الطب النبوي والطبان ف مسند الشاميي والبيهقي ف الشعب من حديث أب‬
‫هريرة ونوه وله ولحد من حديث أب ذر وأما الذن فقمع وأما العي فمقرة لا يوعي القلب ول يصح منها شيء‬
‫ذلك و من ح يث ي تص من البهائم بالتمي يز مع مشارك ته ل ا ف الغ ضب والشهوة ح صلت ف يه شيطان ية ف صار شريرا ي ستعمل التمي يز ف‬
‫ا ستنباط وجوه ال شر ويتو صل إل الغراض بال كر واليلة والداع ويظ هر ال شر ف معرض ال ي وهذه أخلق الشياط ي و كل إن سان ف يه‬
‫شوب من هذه الصول الربعة أعن الربانية والشيطانية والسبعية والبهيمية وكل ذلك مموع ف القلب فكأن الجموع ف إهاب النسان‬
‫خنير وكلب وشيطان وحكيم فالنير هو الشهوة فإنه ل يكن النير مذموما للونه وشكله وصورته بل لشعه وكلبه وحرصه والكلب هو‬
‫الغضب فإن السبع الضاري والكلب العقور ليس كلبا وسبعا باعتبار الصورة واللون والشكل بل روح معن السبعية الضراوة والعدوان والعقر‬
‫و ف با طن الن سان ضراوة ال سبع وغض به وحرص الن ير وشب قه فالن ير يد عو بالشره إل الفحشاء والن كر وال سبع بالغ ضب إل الظلم‬
‫واليذاء والشيطان ل يزال يهيج شهوة النير وغيظ السبع ويغري أحدها بالخر ويسن لما ما ها مبولن عليه والكيم الذي هو مثال‬
‫الع قل مأمور بأن يد فع ك يد الشيطان ومكره بأن يك شف عن تلبي سه بب صيته النافذة ونوره الشرق الوا ضح وأن يك سر شره هذا الن ير‬
‫بت سليط الكلب عل يه إذ بالغ ضب يكسر سورة الشهوة ويد فع ضراوة الكلب بت سليط الن ير عليه وي عل الكلب مقهورا ت ت سياسته فإن‬
‫فعل ذلك وقدر عليه اعتدل المر وظهر العدل ف ملكة البدن وجرى الكل على الصراط الستقيم وإن عجز عن قهرها وقهروه واستخدموه‬
‫فل يزال ف استنباط اليل وتدقيق الفكر ليشبع النير ويرضى الكلب فيكون دائما ف عبادة كلب وخنير وهذا حال أكثر الناس مهما كان‬
‫أك ثر هت هم الب طن والفرج ومناف سة العداء والع جب م نه أ نه ين كر على عبدة ال صنام عبادت م للحجارة ولو ك شف الغطاء ع نه وكو شف‬
‫بقيقة حاله ومثل له حقيقة حاله كما يثل للمكاشفي إما ف النوم أو ف اليقظة لرأى نفسه ماثل بي يدي خنير ساجدا له مرة وراك عا‬
‫أخرى ومنتظرا لشارته وأمره فمهما هاج النير لطلب شيء من شهواته انبعث على الفور ف خدمته وإحضار شهوته أو رأى نفسه ماثل‬
‫بي يدي كلب عقور عابدا له مطيعا سامعا لا يقتضيه ويلتمسه مدققا بالفكر ف حيل الوصول إل طاعته وهو بذلك ساع ف مسرة شيطانه‬
‫فإنه الذي يهيج النير ويثي الكلب ويبعثهما على استخدامه فهو من هذا الوجه يعبد الشيطان بعبادتما فلياقب كل عبد حركاته وسكناته‬
‫وسكوته ونطقه وقيامه وقعوده ولينظر بعي البصية فل يرى إن أنصف نفسه إل ساعيا طول النهار ف عبادة هؤلء وهذا غاية الظلم إذ جعل‬
‫الالك ملوكا والرب مربوبا والسيد عبدا والقاهر مقهروا إذ العقل هو الستحق للسيادة والقهر والستيلء وقد سخره لدمة هؤلء الثلثة فل‬
‫جرم ينتشر إل قلبه من طاعة هؤلء الثلثة صفات تتراكم عليه حت يصي طابعا ورينا مهلكا للقلب وميتا له أما طاعة خنير الشهوة فتصدر‬
‫منها صفة الوقاحة والبث والتبذير والتقتي والرياء والتكة والجانة والعبث والرص والشع واللق والسد والقد والشماتة وغيها وأما‬
‫طاعة كلب الغضب فتنتشر منها إل القلب صفة التهور والبذالة والبذخ والصلف والستشاطة والتكب والعجب والستهزاء والستخفاف‬
‫وتق ي اللق وإرادة ال شر وشهوة الظلم وغي ها وأ ما طا عة الشيطان بطا عة الشهوة والغ ضب فيح صل من ها صفة ال كر والداع واليلة‬
‫والدهاء والراءة والتلبيس والتضريب وال غش والب وال نا وأمثالا ولو عكس المر وقهر الميع تت سياسة ال صفة الربانية لستقر ف‬
‫القلب من الصفات الربانية العلم والكمة واليقي والحاطة بقائق الشياء ومعرفة المور على ما هي عليه والستيلء على الكل بقوة العلم‬
‫والبصية واستحقاق التقدم على اللق لكمال العلم وجلله ولستغن عن عبادة الشهوة والغضب ولنتشر إليه من ضبط خنير الشهوة ورده‬
‫إل حد العتدال صفات شري فة م ثل الع فة والقنا عة والدو والز هد والورع والتقوى والنب ساط وح سن اليئة والياء والظرف وال ساعدة‬
‫وأمثال ا وي صل فيه من ض بط قوة الغ ضب وقهر ها ورد ها إل حد الوا جب صفة الشجا عة والكرم والنجدة وض بط الن فس وال صب واللم‬
‫والحتمال والعفسو والثبات والنبسل والشهامسة والوقار وغيهسا فالقلب فس حكسم مرآة قسد اكتنفتسه هذه المور الؤثرة فيسه وهذه الثار على‬
‫التوا صل وا صلة إل القلب أ ما الثار الحمودة ال ت ذكرنا ها فإن ا تز يد مرآة القلب جلء وإشرا قا ونورا وضياء ح ت يتلل ف يه جل ية ال ق‬
‫وينكشف فيه حقيقة المر الطلوب ف الدين وإل مثل هذا القلب الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم إذا أراد ال بعبد خيا جعل له واعظا‬
‫من قلبه‪ 1‬وبقوله صلى ال عليه وسلم من كان له من قلبه واعظ كان عليه من ال حافظ ‪ 2‬وهذا القلب هو الذي يستقر فيه الذكر قال ال‬
‫تعال أل بذكر ال تطمئن القلوب وأما الثار الذمومة فإنا مثل دخان مظلم يتصاعد إل مرآة القلب ول يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى‬
‫إل أن يسود ويظلم ويصي بالكلية مجوبا عن ال تعال وهو الطبع وهو الرين قال ال تعال كل بل ران على قلوبم ما كانوا يكسبون وقال‬
‫عز وجل أن لو نشاء أصبناهم بذنبوهم ونطبع على قلوبم فهم ل يسمعون فربط عدم السماع بالطبع بالذنوب كما ربط السماع بالتقوى‬
‫‪ 1‬حديث إذا أراد ال بعبده خيا جعل له واعظا من قلبه أخرجه أبو منصور الديلمي ف مسند الفردوس من حديث أم سلمة وإسناده جيد‬
‫‪ 2‬حديث من كان له من قلبه واعظ كان عليه من ال حافظ ل أجد له أصل‬
‫فقال تعال واتقوا ال وا سعوا واتقوا ال ويعلم كم ال ومه ما تراك مت الذنوب ط بع على القلوب وع ند ذلك يع مى القلب عن إدراك ال ق‬
‫وصلح الدين ويستهي بأمر الخرة ويستعظم أمر الدنيا ويصي مقصور الم عليها فإذا قرع سعه أمر الخرة وما فيها من الخطار دخل من‬
‫أذن وخرج من أذن ول يستقر ف القلب ول يركه إل التوبة والتدارك أولئك يئسوا من الخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور وهذا‬
‫هو معن اسوداد القلب بالذنوب كما نطق به القرآن والسنة قال ميمون بن مهران إذا أذنب العبد ذنبا نكت ف قلبه نكتة سوداء فإذا هو‬
‫نزع وتاب صقل وإن عاد زيد فيها حت يعلو قلبه فهو الران وقد قال النب صلى ال عليه وسلم قلب الؤ من أجرد فيه سراج يزهر وقلب‬
‫الكافر أسود منكوس‪ 1‬فطاعة ال سبحانه بخالفة الشهوات مصقلة للقلب ومعاصيه مسودات له فمن أقبل على العاصي اسود قلبه ومن أتبع‬
‫السيئة السنة وما أثرها ل يظلم قلبه ولكن ينقص نوره كالرآة الت يتنفس فيها ث تسح ويتنفس ث تتمسح فإنا ل تلو عن كدورة وقد‬
‫قال صلى ال عليه وسلم القلوب أربعة قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب الؤمن وقلب أسود منكوس فذلك قلب الكافر وقلب أغلف‬
‫مربوط على غلفه فذلك قلب النافق وقلب مصفح فيه إيان ونفاق‪ 2‬فمثل اليان فيه كمثل البقلة يدها الاء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل‬
‫القرحة يدها القيح والصديد فأي الادتي غلبت عليه حكم له با وف رواية ذهبت به قال ال تعال إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من‬
‫الشيطان تذكروا فإذا هم مب صرون فأ خب أن جلء القلب وإب صاره ي صل بالذ كر وأ نه ل يتم كن م نه إل الذ ين اتقوا فالتقوى باب الذ كر‬
‫والذكر باب الكشف والكشف باب الفوز الكب وهو الفوز بلقاء ال تعال‪.‬‬
‫بيان مثل القلب بالضافة إل العلوم خاصة‬
‫اعلم أن م ل العلم هو القلب أع ن اللطي فة الدبرة لميسع الوارح و هي الطاعسة الخدو مة من جيسع العضاء و هي بالضا فة إل حقائق‬
‫العلومات كالرآة بالضا فة إل صور التلونات فكما أن للمتلون صورة ومثال تلك ال صورة ينط بع ف الرآة وي صل ب ا كذلك ل كل معلوم‬
‫حقيقة ولتلك القيقة صورة تنطبع ف مرآة القلب وتتضح فيها وكما أن الرآة غي وصور الشخاص غي وحصول مثالا ف الرآة غي فهي‬
‫ثلثة أمور فكذلك ههنا ثلثة أمور القلب وحقائق الشياء وحصول نفس القائق ف القلب وحضورها فيه فالعال عبارة عن القلب الذي فيه‬
‫ي ل مثال حقائق الشياء والعلوم عبارة عن حقائق الشياء والعلم عبارة عن ح صول الثال ف الرآة وك ما أن الق بض مثل ي ستدعي قاب ضا‬
‫كاليد ومقبوضا كالسيف ووصول بي السيف واليد بصول السيف ف اليد ويسمى قبضا فكذلك وصول مثال العلوم إل القلب يسمى‬
‫عل ما و قد كا نت القي قة موجودة والقلب موجودا ول ي كن العلم حا صل لن العلم عبارة عن و صول القي قة إل القلب ك ما أن ال سيف‬
‫موجود واليد موجودة ول يكن اسم القبض والخذ حاصل لعدم وقوع السيف ف اليد نعم القبض عبارة عن حصول السيف بعينه ف اليد‬
‫والعلوم بعينه ل يصل ف القلب فمن علم النار ل تصل عي النار ف قلبه ولكن الاصل حدها وحقيقتها الطابقة لصورتا فتمثيله بالرآة‬
‫أول لن عي النسان ل تصل ف الرآة وإنا يصل مثال مطابق له وكذلك حصول مثال مطابق لقيقة العلوم ف القلب يسمى علما وكما‬
‫أن الرآة ل تنكشف فيها الصورة لمسة أمور أحدها نقصان صورتا كجوهر الديد قبل أن يدور ويشكل ويصقل والثان لنثه وصدئه‬
‫وكدور ته وإن كان تام الش كل والثالث لكو نه معدول به عن ج هة ال صورة إل غي ها ك ما إذا كا نت ال صورة وراء الرآة والرا بع لجاب‬
‫مرسل بي الرآة والصورة والامس للجهل بالهة الت فيها الصورة الطلوبة حت يتعذر بسببه أن ياذي با شطر الصورة وجهتها فكذلك‬
‫القلب مرآة مستعدة لن ينجلي فيها حقيقة الق ف المور كلها وإنا خلت القلوب عن العلوم الت خلت عنها لذه السباب المسة أولا‬
‫نقصان ف ذاته كقلب الصب فإنه ل ينجلي له العلومات لنقصانه والثان لكدورة العاصي والبث الذي يتراكم على وجه القلب من كثرة‬
‫الشهوات فإن ذلك ينع صفاء القلب وجلءه فيمتنع ظهور الق فيه لظلمته وتراكمه وإليه الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم من قارف ذنبا‬
‫فارقه عقل ل يعود إليه أبدا‪ 3‬أي حصل ف قلبه كدورة ل يزول أثرها إذ غايته أن يتبعه بسنة يحوه با فلو جاء بالسنة ول تتقدم السيئة‬
‫لزداد ل مالة إشراق القلب فل ما تقد مت ال سيئة سقطت فائدة ال سنة ل كن عاد القلب ب ا إل ما كان ق بل ال سيئة ول يزدد ب ا نورا فهذا‬
‫خسران مبي ونقصان ل حيلة له فليست الرآة الت تتدنس ث تسح بالصقلة كالت تسح بالصقلة لزيادة جلئها من غي دنس سابق فالقبال‬

‫‪ 1‬حديث قلب الؤمن أجرد فيه سراج يزهر الديث أخرجه أحد والطبان ف الصغي من حديث أب سعيد وهو بعض الديث الذي يليه‬
‫‪ 2‬حديث القلوب أربعة قلب أجرد فيه سراج يزهر الديث أخرجه أحد والطبان ف الصغي من حديث أب سعيد الدري وقد تقدم‬
‫‪ 3‬حديث من قارف ذنبا فراقه عقل ل يعود إليه أبدا ل أر له أصل‬
‫على طاعة ال والعراض عن مقتضى الشهوات هو الذي يلو القلب ويصفيه ولذلك قال ال تعال والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقال‬
‫صلى ال عليه وسلم من عمل با علم ورثه ال علم ما ل يعلم‪ 1‬الثالث أن يكون معدول به عن جهة القيقة الطلوبة فإن قلب الطيع الصال‬
‫وإن كان صافيا فإنه ليس يتضح فيه جلية الق لنه ليس يطلب الق وليس ماذيا برآته شطر الطلوب بل ربا يكون متسوعب الم بتفصيل‬
‫الطاعات البدن ية أو بتهيئة أ سباب العي شة ول ي صرف فكره إل التأ مل ف حضرة الربوب ية والقائق الف ية الل ية فل ينك شف له إل ما هو‬
‫متف كر فيه من دقائق آفات العمال وخفايا عيوب النفس إن كان متفكرا فيها أو مصال العيشة إن كان متفكرا في ها وإذا كان تقييد الم‬
‫بالعمال وتفصيل الطاعات مانعا عن انكشاف جلية الق فما ظنك فيمن صرف الم إل الشهوات الدنيوية ولذاتا وعلئقها فكيف ل ينع‬
‫عن الكشف القيقي الرابع الجاب فإن الطيع القاهر لشهواته التجرد الفكر ف حقيقة من القائق قد ل ينكشف له ذلك لكونه مجوبا عنه‬
‫باعتقاد سبق إليه منذ الصبا على سبيل التقليد والقبول بسن الظن فإن ذلك يول بينه وبي حقيقة الق وينع من أن ينكشف ف قلبه خلف‬
‫ما تلقفه من ظاهر التقليد وهذا أيضا حجاب عظيم به حجب أكثر التكلمي والتعصبي للمذاهب بل أكثر الصالي التفكرين ف ملكوت‬
‫ال سموات والرض لن م مجوبون باعتقادات تقليد ية جدت ف نفو سهم ور سخت ف قلوب م و صارت حجا با بين هم وب ي درك القائق‬
‫الامس الهل بالهة الت يقع منها العثور على الطلوب فإن طالب العلم ليس يكنه أن يصل العلم بالجهول إل بالتذكر للعلوم الت تناسب‬
‫مطلوبه حت إذا تذكرها ورتبها ف نفسه ترتيبا مصوصا يعرفه العلماء بطرق العتبار فعند ذلك يكون قد عثر على جهة الطلوب فتنجلي‬
‫حقيقة الطلوب لقلبه فإن العلوم الطلوبة الت ليست فطرية ل تقتنص إل بشبكة العلوم الاصلة بل كل علم ل يصل إل عن علمي سابقي‬
‫يأتلفا ويزدوجان على وجه مصوص فيحصل من ازدواجهما علم ثالث على مثال ما يصل النتاج من ازدواج الفحل والنثى ث كما أن من‬
‫أراد أن يستنتج رمكة ل يكنه ذلك من حار وبعي وإنسان بل من أصل مصوص من اليل الذكر والنثى وذلك إذا وقع بينهما ازدواج‬
‫م صوص فكذلك كل علم فله أ صلن م صوصان وبينه ما طر يق ف الزدواج ي صل من ازدواجه ما العلم ال ستفاد الطلوب فال هل بتلك‬
‫الصول وبكيفية الزدواج هو الانع من العلم ومثاله ما ذكرناه من الهل بالهة الت الصورة فيها بل مثاله أن يريد النسان أن يرى قفاه‬
‫مثل بالرآة فإنه إذا رفع الرآة بإزاء وجهه ل يكن قد حاذى با شطر القفا فل يظهر فيها القفا وإن رفعها وراء القفا وحاذاه كان قد عدل‬
‫بالرآة عن عينه فل يرى الرآة ول صورة القفا فيها فيحتاج إل مرآة أخرى ينصبها وراء القفا وهذه ف مقابلتها بيث يبصرها ويراعي مناسبة‬
‫بي وضع الرآتي حت تنطبع صورة القفا ف الرآة الحاذية للقفا ث تنطبع صورة هذه الرآة ف الرآة الخرى الت ف مقابلة العي ث تدرك‬
‫العي صورة القفا فكذلك ف اقتناص العلوم طرق عجيبة فيها ازورارات وتريفات أعجب ما ذكرناه ف الرآة يعز على بسيط الرض من‬
‫يهتدي إل كيفية اليلة ف تلك الزورارات فهذه هي ال سباب الان عة للقلوب من معرفة حقائق المور وإل فكل قلب فهو بالفطرة صال‬
‫لعرفة القائق لنه أ مر ربان شريف فارق سائر جواهر العال بذه الاصية والشرف وإليه الشارة بقوله عز وجل إنا عرض نا المانة على‬
‫السموات والرض والبال فأبي أن يملنها وأشفقن منها وحلها النسان إشارة إل أن له خاصية تيز با عن السموات والرض والبال با‬
‫صار مطيقا لمل أمانة ال تعال وتلك المانة هي العرفة والتوحيد وقلب كل آدمي مستعد لمل المانة ومطيق لا ف الصل ولكن يثبطه‬
‫عن النهوض بأعبائها والوصول إل تقيقها السباب الت ذكرناها ولذلك قال صلى ال عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة وإنا أبواه‬
‫يهودانسه وينصسرانه ويجسسانه‪ 2‬وقول رسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم لول أن الشياطيس يومون على قلوب بنس آدم لنظروا إل ملكوت‬
‫السماء‪ 3‬إشارة إل بعض هذه السباب الت هي الجاب بي القلوب وبي اللكوك وإليه الشارة با روى عن ابن عمر رضى ال عنهما قال‬
‫قيل لرسول ال صلى ال عليه وسلم يا رسول ال أين ال ف الرض أو ف السماء قال ف قلوب عباده الؤمني‪ 4‬وف الب قال ال تعال ل‬
‫ي سعن أرضي ول سائي وو سعن قلب عبدي الؤ من الل ي الوادع‪ 5‬وف الب أ نه ق يل يا رسول ال من خ ي الناس فقال كل مؤ من مموم‬

‫‪ 1‬حديث من عمل با علم ورثه ال علم ما ل يعلم رواه أبو نعيم ف اللية من حديث أنس وقد تقدم ف العلم‬
‫‪ 2‬حديث كل مولود يولد على الفطرة الديث متفق عليه من حديث أب هريرة‬
‫‪ 3‬حديث لول أن الشياطي يومون على قلوب بن آدم الديث تقدم‬
‫‪ 4‬حديث ابن عمر أين ال قال ف قلوب عباده الؤمني ل أجده بذا اللفظ وللطبان من حديث أب عتبة الولن يرفعه إل النب صلى ال عليه وسلم قال إن ل آنية من‬
‫أهل الرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالي الديث فيه بقية بن الوليد وهو مدلس لكنه صرح فيه بالتحديث‬
‫القلب فقيل وما مموم القلب فقال هو التقي النقي الذي ل غش فيه ول بغي ول غدر ول غل ول حسد‪ 6‬ولذلك قال عمر رضي ال عنه‬
‫رأى قل ب ر ب إذ كان قد ر فع الجاب بالتقوى و من ارت فع الجاب بي نه وب ي ال تلى صورة اللك واللكوت ف قل به فيى ج نة عرض‬
‫بعض ها ال سموات والرض أ ما جلتها فأك ثر سعة من ال سموات والرض لن السموات والرض عبارة عن عال اللك والشهادة و هو وإن‬
‫كان واسع الطراف متباعد الكناف فهو متناه على الملة وأما عال اللكوت وهي السرار الغائبة عن مشاهدة البصار الخصوصة بإدراك‬
‫البصائر فل ناية له نعم الذي يلوح للقلب منه مقدار متناه ولكنه ف نفسه وبالضافة إل علم ال ل ناية له وجلة عال اللك واللكوت إذا‬
‫أخذت دف عة واحدة ت سمى الضرة الربوب ية لن الضرة الربوب ية مي طة ب كل الوجودات إذ ل يس ف الوجود ش يء سوى ال تعال وأفعاله‬
‫وملكته وعبيده من أفعاله فما يتجلى من ذلك للقلب هي النة بعينها عند قوم وهو سبب استحقاق النة عند أهل الق ويكون سعة ملكه‬
‫ف ال نة ب سب سعة معرف ته وبقدار ما تلى له من ال و صفاته وأفعاله وإن ا مراد الطاعات وأعمال الوارح كل ها ت صفية القلب وتزكي ته‬
‫وجلؤه قد أفلح من زكا ها ومراد تزكي ته ح صول أنوار اليان ف يه أع ن إشراق نور العر فة و هو الراد بقوله تعال ف من يرد ال أن يهد يه‬
‫يشرح صدره للسلم أفمن شرح ال صدره للسلم فهو على نور من ربه نعم هذا التجلي وهذا اليان له ثلث مراتب الرتبة الول إيان‬
‫العوام وهو إيان التقليد الحض والثانية إيان التكلمي وهو مزوج بنوع استدلل ودرجته قريبة من درجة إيان العوام والثالثة إيان العارفي‬
‫وهو الشاهد بنور اليقي ونبي لك هذه الراتب بثال وهو أن تصديقك بكون زيد مثل ف الدار له ثلث درجات الول أن يبك من جربته‬
‫بالصدق ول تعرفه بالكذب ول اتمته ف القول فإن قلبك يسكن إليه ويطمئن ببه بجرد السماع وهذا اليان بجرد التقليد وهو مثل إيان‬
‫العوام فإنم لا بلغوا سن التمييز سعوا من آبائهم وأمهاتم وجود ال تعال وعلمه وإرادته وقدرته وسائر صفاته وبعثة الرسل وصدقهم وما‬
‫جاءوا به وكما سعوا به قبلوه وثبتوا عليه واطمأنوا إليه ول يطر ببالم خلف ما قالوه لم لسن ظنهم بآبائهم وأمهاتم ومعلميهم وهذا‬
‫اليان سبب النجاة ف الخرة وأهله من أوائل رتب أصحاب اليمي وليسوا من القربي لنه ليس فيه كشف وبصية وانشراح صدر بنور‬
‫اليقي إذ الطأ مكن فيما سع من الحاد بل من العداد فيما يتعلق بالعتقادات فقلوب اليهود والنصارى أيضا مطمئنة با يسمعونه من‬
‫آبائهم وأمهاتم إل أنم اعتقدوا ما اعتقدوا خطأ لنم ألقى إليهم الطأ والسلمون اعتقدوا الق ل لطلعهم عليه ولكن ألقى إليهم كلمة‬
‫الق الرتبة الثانية أن تسمع كلم زيد وصوته من داخل الدار ولكن من وراء جدار فتستدل به على كونه ف الدار فيكون إيانك وتصديقك‬
‫ويقينك بكونه ف الدار أقوى من تصديقك بجرد السماع فإنك إذا قيل لك إنه ف الدار ث سعت صوته ازددت به يقينا لن الصوات تدل‬
‫على الشكل والصورة عند من يسمع الصوت ف حال مشاهدة الصورة فيحكم قلبه بأن هذا صوت ذلك الشخص وهذا إيان مزوج بدليل‬
‫والطأ أيضا مكن أن يتطرق إليه إذ الصوت قد يشبه الصوت وقد يكن التكلف بطريق الحاكاة إل أن ذلك قد ل يطر ببال السامع لنه‬
‫ليس يعل للتهمة موضعا ول يقدر ف هذا التلبيس والحاكاة غرضا الرتبة الثالثة أن تدخل الدار فتنظر إليه بعينك وتشاهده وهذه هي العرفة‬
‫القيقيسة والشاهدة اليقينيسة وهسي تشبسه معرفسة القربيس والصسديقي لنمس يؤمنون عسن مشاهدة فينطوي فس إيانمس إيان العوام والتكلميس‬
‫ويتميزون بزية بينة يستحيل معها إمكان الطأ نعم وهم أيضا يتفاوتون بقادير العلوم وبدرجات الكشف أما درجات الكشف فمثاله أن‬
‫يبصر زيدا ف الدار عن قرب وف صحن الدار ف وقت إشراق الشمس فيكمل له إدراكه والخر يدركه ف بيت أو من بعد أو ف وقت‬
‫عشية فيتمثل له ف صورته ما يستيقن معه أنه هو ولكن ل يتمثل ف نفسه الدقائق والفايا من صورته ومثل هذا متصور ف تفاوت الشاهدة‬
‫للمور الليسة وأمسا مقاديسر العلوم فهسو بأن يرى فس الدار زيدا وعمرا وبكرا غيس ذلك وآخسر ل يرى إل زيدا فمعرفسة ذلك تزيسد بكثرة‬
‫العلومات ل مالة فهذا حال القلب بالضافة إل العلوم وال تعال أعلم بالصواب‪.‬‬
‫بيان حال القلب بالضافة إل أقسام العلوم العقلية والدينية والدنيوية والخروية‬
‫أعلم أن القلب بغريزته مستعد لقبول حقائق العلومات كما سبق ولكن العلوم الت تل فيه تنقسم إل عقلية وإل شرعية والعقلية تنقسم إل‬
‫ضرورية ومكتسبة والكتسبة إل دنيوية وأخروية أما العقلية فنعن با ما تقضي با غريزة العقل ول توجد بالتقليد والسماع وهي تنقسم إل‬

‫‪ 5‬حديث قال ال ما وسعن أرضي ول سائي ووسعن قلب عبدي الؤمن اللي الوادع ل أر له أصل وف حديث أب عتبة قبله عند الطبان بعد قوله وآنية ربكم قلوب‬
‫عباده الصالي وأحبها إليه ألينها وأرقها‬
‫‪ 6‬حديث قيل من خي الناس قال كل مؤمن مموم القلب الديث أخرجه ابن ماجه من حديث عبد ال بن عمر بإسناد صحيح‬
‫ضرورية ل يدري من أين حصلت وكيف حصلت كعلم النسان بأن الشخص الواحد ل يكون ف مكاني والشيء الواحد ل يكون حادثا‬
‫قديا موجودا معدوما معا فإن هذه علوم يد النسان نفسه منذ الصبا مفطورا عليها ول يدري مت حصل له هذا العلم ول من أين حصل له‬
‫أعن أنه ل يدري له سببا قريبا وإل فليس ي فى عل يه أن ال هو الذي خل قه وهداه وإل علوم مكتسبة وهي ال ستفادة بالتعلم وال ستدلل‬
‫وكل القسمي قد يسمى عقل قال علي رضي ال عنه رأيت العقل عقلي فمطبوع ومسموع ول ينفع مسموع إذا ل يك مطبوع كما ل‬
‫تنفع الشمس وضوء العي منوع والول هو الراد بقوله صلى ال عليه وسلم لعلي ما خلق ال خلقا أكرم عليه من العقل ‪ 1‬والثان هو الراد‬
‫بقوله صلى ال عل يه و سلم لعلى ر ضي ال ع نه إذا تقرب الناس إل ال تعال بأنواع الب فتقرب أ نت بعقلك‪ 2‬إذ ل ي كن التقرب بالغريزة‬
‫الفطرية ول بالعلوم الضرورية بل بالكتسبة ولكن مثل علي رضي ال عنه هو الذي يقدر على التقرب باستعمال العقل ف اقتناص العلوم الت‬
‫ب ا ينال القرب من رب العال ي فالقلب جار مرى الع ي وغريزة الع قل ف يه جارية مرى قوة الب صر ف الع ي وقوة الب صار لطي فة تف قد ف‬
‫الع مى وتو جد ف الب صر وإن كان قد غ مض عين يه أو جن عل يه الل يل والعلم الا صل م نه ف القلب جار مرى قوة إدراك الب صر ف الع ي‬
‫ورؤيته لعيان الشياء وتأخر العلوم عن عي العقل ف مدة الصبا إل أوان التمييز أو البلوغ يضاهي تأخر الرؤية عن البصر إل أوان إشراق‬
‫الشمس وفيضان نورها على البصرات والقلم الذي سطر ال به العلوم على صفحات القلوب يرى مرى قرص الشمس وإنا ل يصل العلم‬
‫ف قلب الصب قبل التمييز لن لوح قلبه ل يتهيأ بعد لقبول نفس العلم والقلم عبارة عن خلق من خلق ال تعال جعله سببا لصول نقش‬
‫العلوم ف قلوب البشر قال ال تعال الذي علم بالقلم علم النسان ما ل يعلم وقلم ال تعال ل يشبه قلم خلقه كما ل يشبه وصفه وصف‬
‫خلقه فليس قلمه من قصب ول خشب كما أنه تعال ليس من جوهر ول عرض فالوازنة بي البصية الباطنة والبصر الظاهر صحيحة من‬
‫هذه الوجوه إل أنه ل مناسبة بينهما ف الشرف فإن البصية الباطنة هي عي النفس الت هي اللطيفة الدركة وهي كالفارس والبدن كالفرس‬
‫وعمى الفارس أضر على الفارس من عمى الفرس بل ل نسبة لحد الضررين إل الخر ولوازنة البصية الباطنة للبصر الظاهر ساه ال تعال‬
‫باسه فقال ما كذب الفؤاد ما رأى سى إدراك الفؤاد رؤية وكذلك قوله تعال وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والرض وما أراد به‬
‫الرؤية الظاهرة فإن ذلك غي مصوص بإبراهيم عليه السلم حت يعرض ف معرض المتنان ولذلك سى ضد إدراكه عمى فقال تعال فإنا ل‬
‫تعمى البصار ولكن تعمى القلوب الت ف الصدور وقال تعال ومن كان ف هذه أعمى فهو ف الخرة أعمى وأضل سبيل فهذا بيان العلم‬
‫العقلي أ ما العلوم الدين ية ف هي الأخوذة بطر يق التقل يد من ال نبياء صلوات ال علي هم و سلمه وذلك ي صل بالتعلم لكتاب ال تعال و سنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم وفهم معانيهما بعد السماع وبه كمال صفة القلب وسلمته عن الدواء والمراض فالعلوم العقلية غي كافية ف‬
‫سلمة القلب وإن كان متاجا إليها كما أن العقل غي كاف ف استدامة صحة أسباب البدن بل يتاج إل معرفة خواص الدوية والعقاقي‬
‫بطر يق التعلم من الطباء إذ مرد الع قل ل يهتدي إل يه ول كن ل ي كن فه مه ب عد ساعه إل بالع قل فل غ ن بالع قل عن ال سماع ول غ ن‬
‫بالسماع عن العقل فالداعي إل مض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل والكتفي بجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور فإياك أن‬
‫تكون من أحد الفريقي وكن جامعا بي الصلي فإن العلوم العقلية كالغذية والعلوم الشرعية كالدوية والشخص الريض يستضر بالغذاء‬
‫م ت فا ته الدواء فكذلك أمراض القلوب ل ي كر علج ها إل بالدو ية ال ستفادة من الشري عة و هي وظائف العبادات والعمال ال ت ركب ها‬
‫ال نبياء صلوات ال علي هم ل صلح القلوب ف من ل يداوي قل به الر يض بعالات العبادة الشرع ية واكت فى بالعلوم العقل ية ا ستضر ب ا ك ما‬
‫يستضر الريض بالغذاء وظن من يظن أن العلوم العقلية مناقضة للعلوم الشرعية وأن المع بينهما غي مكن هو ظن صادر عن عمى ف عي‬
‫البصية نعوذ بال منه بل هذا القائل ربا يناقض عنده بعض العلوم الشرعية لبعض فيعجز عن المع بينهما فيظن أنه تناقض ف الدين فيتحي‬
‫به فينسل من الدين انسلل الشعرة من العجي وإنا ذلك لن عجزه ف نفسه خيل إليه نقضا ف الدين وهيهات وإنا مثاله مثال العمى الذي‬
‫د خل دار قوم فتع ثر في ها بأوا ن الدار فقال ل م ما بال هذه الوا ن تر كت على الطر يق ل ل ترد إل مواضع ها فقالوا له تلك الوا ن ف‬
‫مواضع ها وإن ا أ نت ل ست تتدي للطر يق لعماك فالع جب م نك أ نك ل ت يل عثر تك على عماك وإنا تيل ها على تق صي غيك فهذه ن سبة‬
‫العلوم الدينية إل العلوم العقلية والعلوم العقلية تنقسم إل دنيوية وأخروية فالدنيوية كعلم الطب والساب والندسة والنجوم وسائر الرف‬
‫والصسناعات والخرويسة كعلم أحوال القلب وآفات العمال والعلم بال تعال وبصسفاته وأفعاله كمسا فصسلناه فس كتاب العلم وهاس علمان‬
‫‪ 1‬حديث ما خلق ال خلقا أكرم عليه من العقل أخرجه الترمذي الكيم ف نوادر الصول بإسناد ضعيف وقد تقدم ف العلم‬
‫‪ 2‬حديث إذا تقرب الناس إل ال بأنواع الب فتقرب أنت بعقلك أخرجه أبو نعيم من حديث علي بإسناد ضعيف‬
‫متنافيان أعن أن من صرف عنايته إل أحدها حت تعمق فيه قصرت بصيته عن الخر على الكثر ولذلك ضرب علي رضى ال عنه للدنيا‬
‫والخرة ثلثة أمثلة فقال ها ككفت اليزان وكالشرق والغرب وكالضرتي إذا أرضيت إحداها أسخطت الخرى ولذلك ترى الكياس ف‬
‫أمور الدنيا وف علم الطب والساب والندسة والفلسفة جهال ف أمور الخرة والكياس ف دقائق علوم الخرة جهال ف أكثر علوم الدنيا‬
‫لن قوة العقل ل تفي بالمرين جيعا ف الغالب فيكون أحدها مانعا من الكمال ف الثان ولذلك قال صلى ال عليه وسلم إن أكثر أهل‬
‫النة البله‪ 1‬أي البله ف أمور الدنيا وقال السن ف بعض مواعظه لقد أدركنا أقواما لو رأيتموهم لقلتم ماني ولو أدركوكم لقالوا شياطي‬
‫فمهما سعت أمرا غريبا من أمور الدين جحده أهل الكياسة ف سائر العلوم فل يغرنك جحودهم عن قبوله إذ من الحال أن يظفر سالك‬
‫طريسق الشرق باس يوجسد فس الغرب فكذلك يري أمسر الدنيسا والخرة ولذلك قال تعال إن الذيسن ل يرجون لقاءنسا ورضوا بالياة الدنيسا‬
‫واطمأنوا با الية وقال تعال يعلمون ظاهرا من الياة الدنيا وهم عن الخرة هم غافلون وقال عز وجل فأعرض عمن تول عن ذكرنا ول‬
‫يرد إل الياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم فالمع بي كمال الستبصار ف مصال الدنيا والدين ل يكاد يتيسر إل لن رسخه ال لتدبي عباده‬
‫ف معاشهم ومعادهم وهم النبياء الؤيدون بروح القدس الستمدون من القوة اللية الت تتسع لميع المور ول تضيق عنها فأما قلوب سائر‬
‫اللق فإنا إذا استقلت بأمر الدنيا انصرفت عن الخرة وقصرت عن الستكمال فيها‪.‬‬
‫بيان الفرق بي اللام والتعلم والفرق بي طريق الصوفية ف استكشاف الق وطريق النظار‬
‫اعلم أن العلوم الت ليست ضرورية وإنا تصل ف القلب ف بعض الحوال تتلف الال ف حصولا فتارة تجم على القلب كأنه ألقي فيه‬
‫من ح يث ل يدري وتارة تكت سب بطر يق ال ستدلل والتعلم فالذي ي صل ل بطر يق الكت ساب وحيلة الدل يل ي سمى إلا ما والذي ي صل‬
‫بالستدلل يسمى اعتبارا واستبصارا ث الواقع ف القلب بغي حيلة وتعلم واجتهاد من العبد ينقسم إل ما ل يدري العبد أنه كيف حصل له‬
‫ومن أين حصل وإل ما يطلع معه على السبب الذي منه استفاد ذلك العلم وهو مشاهدة اللك اللقى ف القلب والول يسمى إلاما ونفثا ف‬
‫الروع والثا ن ي سمى وحيا وت تص به ال نبياء والول ي تص به الولياء وال صفياء والذي قبله و هو الكت سب بطر يق ال ستدلل ي تص به‬
‫العلماء وحقيقة القول فيه أن القلب مستعد لن تنجلي فيه حقيقة الق ف الشياء كلها وإنا حيل بينه وبينها بالسباب المسة الت سبق‬
‫ذكر ها ف هي كالجاب ال سدل الائل ب ي مرآة القلب وب ي اللوح الحفوظ الذي هو منقوش بم يع ما ق ضى ال به إل يوم القيا مة وتلى‬
‫حقائق العلوم من مرآة اللوح ف مرآة القلب يضا هي انطباع صورة من مرآة ف مرآهتقابل ها والجاب ب ي الرآت ي تارة يزال بال يد وأخرى‬
‫يزول ببوب الرياح تركه وكذلك قد تب رياح اللطاف وتنكشف الجب عن أعي القلوب فينجلي فيها بعض ما هو مسطور ف اللوح‬
‫الحفوظ ويكون ذلك تارة ع ند النام فيعلم به ما يكون ف ال ستقبل وتام ارتفاع الجاب بالوت ف به ينك شف الغطاء وينك شف أي ضا ف‬
‫اليقظة حت يرتفع الجاب بلطف خفي من ال تعال فيلمع ف القلوب من وراء ستر الغيب شيء من غرائب العلم تارة كالبق الاطف‬
‫وأخرى على التوال إل حد ما ودوامه ف غاية الندور فلم يفارق اللام الكتساب ف نفس العلم ول ف مله ول ف سببه ولكن يفارقه من‬
‫جهة زوال الجاب فإن ذلك ليس باختيار العبد ول يفارق الوحي اللام ف شيء من ذلك بل ف مشاهدة اللك الفيد للعلم فإن العلم إنا‬
‫يصل ف قلوبنا بواسطة اللئكة وإليه الشارة بقوله تعال وما كان لبشر أن يكلمه ال إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي‬
‫بإذنه ما يشاء فإذا عرفت هذا فاعلم أن ميل أهل التصوف إل العلوم اللامية دون التعليمية فلذلك ل يرصوا على دراسة العلم وتصيل ما‬
‫صنفه الصنفون والبحث عن القاويل والدلة الذكورة بل قالوا الطريق تقدي الجاهدة ومو الصفات الذمومة وقطع العلئق كلها والقبال‬
‫بكنه المة على ال تعال ومهما حصل ذلك كان ال هو التول لقلب عبده والتكفل له بتنويره بأنوار العلم وإذا تول ال أمر القلب فاضت‬
‫عليه الرحة وأشرق النور ف القلب وانشرح الصدر وانكشف له سر اللكوت وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحة وتللت‬
‫فيه حقائق المور اللية فليس على العبد إل الستعداد بالتصفية الجردة وإحضار المة مع الرادة الصادقة والتعطش التام والترصد بدوام‬
‫النتظار لا يفتحه ال تعال من الرحة فالنبياء والولياء انكشف لم المر وفاض على صدورهم النور ل بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب‬
‫بل بالزهد ف الدنيا والتبي من علئقها وتفريغ القلب من شواغلها والقبال بكنه المة على ال تعال فمن كان ل كان ال له وزعموا أن‬
‫الطر يق ف ذلك أول بانقطاع علئق الدن يا بالكل ية وتفر يغ القلب من ها وبق طع ال مة عن ال هل والال والولد والو طن و عن العلم والول ية‬

‫‪ 1‬حديث أكثر أهل النة البله أخرجه البزار من حديث أنس وضعفه وصححه القرطب ف التذكرة وليس كذلك فقد قال ابن عدي أنه منكر‬
‫والاه بل يصي قلبه إل حالة يستوي فيها وجود كل شيء وعدمه ث يلو بنفسه ف زواية مع القتصار على الفرائض والرواتب ويلس فارغ‬
‫القلب مموع الم ول يفرق فكره بقراءة قرآن ول بالتأمل ف تفسي ول بكتب حديث ول غيه بل يتهد أن ل يطر بباله شيء سوى ال‬
‫تعال فل يزال بعد جلوسه ف اللوة قائل بلسانه ال ال على الدوام مع حضور القلب حت ينتهي إل حالة يترك تريك اللسان ويرى كأن‬
‫الكلمة جارية على لسانه ث يصب عليه إل أن يحي أثره عن اللسان ويصادف قلبه مواظبا على الذكر ث يواظب عليه إل أن يحي عن‬
‫القلب صورة اللفظ وحروفه وهيئة الكلمة ويبقى معن الكلمة مردا ف قلبه حاضرا فيه كأنه لزم له ل يفارقه وله اختيار إل أن ينتهي إل‬
‫هذا الد واختيار ف استدامة هذه الالة بدفع الوسواس وليس له اختيار ف استجلب رحة ال تعال بل هو با فعله صار متعرضا لنفحات‬
‫رحة ال فل يبقى إل النتظار لا يفتح ال من الرحة كما فتحها على النبياء والولياء بذه الطريق وعند ذلك إذا صدقت إرادته وصفت‬
‫هته وحسنت مواظبته فلم تاذبه شهواته ول يشغله حديث النفس بعلئق الدنيا تلمع لوامع الق ف قلبه ويكون ف ابتدائه كالبق الاطف‬
‫ل يثبت ث يعود وقد يتأخر وإن عاد فقد يثبت وقد يكون متطفا وإن ثبت قد يطول ثباته وقد ل يطول وقد يتظاهر أمثاله على التلحق وقد‬
‫يقتصر على فن واحد ومنازل أولياء ال تعال فيه ل تصر كما ل يصى تفاوت خلقهم وأخلقهم وقد رجع هذا الطريق إل تطهي مض‬
‫من جان بك وت صفية وجلء ثس اسستعداد وانتظار ف قط وأ ما النظار وذوو العتبار فلم ينكروا وجود هذا الطريسق وإمكا نه وإفضائه إل هذا‬
‫القصد على الندور فإنه أكثر أحوال النبياء والولياء ولكن استوعروا هذا الطريق واستبطؤا ثرته واستبعدوا استجماع شروطه وزعموا أن‬
‫مو العلئق إل ذلك الد كالتعذر وإن حصل ف حال فثباته أبعد منه إذ أدن وسواس وخاطر يشوش القلب وقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قلب الؤمن أشد تقلبا من القدر ف غليانا‪ 1‬أخرجه أحد والاكم وقال عليه أفضل الصلة والسلم قلب الؤمن بي أصبعي من أصابع‬
‫الرحن‪ 2‬وفس أثناء هذه الجاهدة قسد يفسسد الزاج ويتلط العقسل ويرض البدن وإذا ل تتقدم رياضسة النفسس وتذيبهسا بقائق العلوم نشبست‬
‫بالقلب خيالت فاسدة تطمئن النفس إليها مدة طويلة إل أن يزول وينقضي العمر قبل النجاح فيها فكم من صوف سلك هذا الطريق ث بقي‬
‫ف خيال واحد عشرين سنة ولو كان قد أتقن العلم من قبل لنفتح له وجه التباس ذلك اليال ف الال فالشتغال بطريق التعلم أوثق وأقرب‬
‫إل الغرض وزعموا أن ذلك يضاهي ما لو ترك النسان تعلم الفقه وزعم أن النب صلى ال عليه وسلم ل يتعلم ذلك وصار فقيها بالوحي‬
‫واللام من غي تكرير وتعليق وأنا أيضا ربا انتهت ب الرياضة والواظبة إليه ومن ظن ذلك فقد ظلم نفسه وضيع عمره بل هو كمن يترك‬
‫طريق الكسب والراثة رجاء العثور على كن من الكنوز فإن ذلك مكن ولكنه بعيد جدا فكذلك هذا وقالوا ل بد أول من تصيل ما حصله‬
‫العلماء وفهم ما قالوه ث ل بأس بعد ذلك بالنتظار لا ل ينكشف لسائر العلماء فعساه ينكشف بعد ذلك بالجاهدة‪.‬‬
‫بيان الفرق بي القامي بثال مسوس‬
‫اعلم أن عجائب القلب خارجة عن مدركات الواس لن القلب أيضا خارج عن إدراك الس وما لبس مدركا بالواس تضعف الفهام عن‬
‫دركه إل بثال مسوس ونن نقرب ذلك إل الفهام الضعيفة بثالي أحدها أنه لو فرضنا حوضا مفورا ف الرض احتمل أن يساق الاء من‬
‫فوقه بأنار تفتح فيه ويتمل أن ي فر أسفل الوض ويرفع منه التراب إل أن يقرب من م ستقر الاء ال صاف فينفجر الاء من أ سفل الوض‬
‫ويكون ذلك الاء أ صفى وأدوم و قد يكون أغزر وأك ثر فذلك القلب م ثل الوض والعلم م ثل الاء وتكون الواس ال مس مثال النار و قد‬
‫ي كن أن ت ساق العلوم إل القلب بوا سطة أنار الواس والعتبار بالشاهدات ح ت يتل يء عل ما وي كن أن ت سد هذه النار باللوة والعزلة‬
‫وغض البصر ويعمد إل عمق القلب بتطهيه ورفع طبقات الجب عنه حت تنفجر ينابيع العلم من داخله فإن قلت فكيف يتفجر العلم من‬
‫ذات القلب و هو خال ع نه فاعلم أن هذا من عجائب أ سرارالقلب ول ي سمح بذكره ف علم العاملة بل القدر الذي ي كن ذكره أن حقائق‬
‫الشياء مسطورة ف اللوح الحفوظ بل ف قلوب اللئكة القربي فكما أن الهندس يصور أبنية الدار ف بياض ث يرجها إل الوجود على‬
‫وفق تلك النسخة فكذلك فاطر السموات والرض كتب نسخة العال من أوله إل آخره ف اللوح الحفوظ ث أخرجه إل الوجود على وفق‬
‫تلك النسخة والعال الذي خرج إل الوجود بصورته تتأدى منه صورة أخرى إل الس واليال فإن من ينظر إل السماء والرض ث يغض‬
‫ب صره يرى صورة ال سماء والرض ف خياله حت كأنه ين ظر إليها ولو انعد مت ال سماء والرض وب قي هو ف نف سه لوجد صورة السماء‬

‫‪ 1‬حديث قلب الؤمن أشد تقلبا من القدر ف غليانا أخرجه أحد والاكم وصححه من حديث القداد بن السود‬
‫‪ 2‬حديث قلب الؤمن بي أصبعي من أصابع الرحن أخرجه مسلم من حديث عبد ال بن عمر أخرجه مسلم‬
‫والرض ف نفسه كأنه يشاهدها وينظر إليهما ث يتأدى من خياله أثر إل القلب فيحصل فيه حقائق الشياء الت دخلت ف الس واليال‬
‫والاصل ف القلب موافق للعال الاصل ف اليال والاصل ف اليال موافق للعال الوجود ف نفسه خارجا من خيال النسان وقلبه والعال‬
‫الوجود موافق للنسخة الوجودة ف اللوح الحفوظ فكأن للعال أربع درجات ف الوجود وجود ف اللوح الحفوظ وهو سابق على وجوده‬
‫السمان ويتبعه وجوده القيقي ويتبع وجوده القيقي وجوده اليال أعن وجود صورته ف اليال ويتبع وجوده اليال وجوده العقلي أعن‬
‫وجود صورته ف القلب وبعض هذه الوجودات روحانية وبعضها جسمانية والروحانية بعضها أشد روحانية من البعض وهذا اللطف من‬
‫الكمة اللية إذ جعل حدقتك على صغر حجمها بيث تنطبع صورة العال والسموات والرض على اتساع أكنافها فيها ث يسري من‬
‫وجودها ف الس وجود إل اليال ث منه وجود ف القلب فإنك أبدا ل تدرك إل ما هو واصل إليك فلو ل يعل للعال كله مثال ف ذاتك‬
‫لا كان لك خب ما يباين ذاتك فسبحان من دبر هذه العجائب ف القلوب والبصار ث أعمى عن دركها القلوب والبصار حت صارت‬
‫قلوب أكثر اللق جاهلة بأنفسها وبعجائبها ولنرجع إل الغرض القصود فنقول القلب قد يتصور أن يصل فيه حقيقة العال وصورته تارة من‬
‫الواس وتارة من اللوح الحفوظ كما أن العي يتصور أن يصل فيها صورة الشمس تارة من النظر إليها وتارة من النظر إل الاء الذي يقابل‬
‫الش مس وي كي صورتا فمه ما ارت فع الجاب بي نه وب ي اللوح الحفوظ رأى الشياء ف يه وتف جر إل يه العلم م نه فا ستغن عن القتباس من‬
‫دا خل الواس فيكون ذلك كتف جر الاء من ع مق الرض ومه ما أق بل على اليالت الا صلة من الح سوسات كان ذلك حجا با له عن‬
‫مطال عة اللوح الحفوظ ك ما أن الاء إذا اجت مع ف النار م نع ذلك من التف جر ف الرض وك ما أن من ن ظر إل الاء الذي ي كي صورة‬
‫الشمس ل يكون ناظرا إل نفس الشمس فإذن للقلب بابان باب مفتوح إل عال اللكوت وهو اللوح الحفوظ وعال اللئكة وباب مفتوح‬
‫إل الواس المسس التمسسكة بعال اللك والشهادة وعال الشهادة واللك أيضسا ياكسي عال اللكوت نوعسا مسن الحاكاة فأمسا انفتاح باب‬
‫القلب إل القتباس من الواس فل يفى عليك وأما انفتاح بابه الداخل إل عال اللكوت ومطالعة اللوح الحفوظ فتعلمه علما يقينيا بالتأمل‬
‫ف عجائب الرؤيا واطلع القلب ف النوم على ما سيكون ف الستقبل أو كان ف الاضي من غي اقتباس من جهة الواس وإنا ينفتح ذلك‬
‫الباب لن انفرد بذكر ال تعال وقال صلى ال عليه وسلم سبق الفردون قيل ومن هم الفردون يا رسول ال قال التنهون بذكر ال تعال‬
‫و ضع الذ كر عن هم أوزار هم فوردوا القيا مة خفا فا ث قال ف و صفهم إخبارا عن ال تعال فقال ث أق بل بوج هي علي هم أترى من واجه ته‬
‫بوجهي يعلم أحد أي شيء أريد أن أعطيه ث قال تعال أول ما أعطيهم أن أقذف النور ف قلوبم فيخبون عن كما أخب عنهم ‪ 1‬ومدخل‬
‫هذه الخبار هو الباب الباطن فإذا الفرق بي علوم الولياء والنبياء وبي علوم العلماء والكماء هذا وهو أن علومهم تأت من داخل القلب‬
‫من الباب النف تح إل عال اللكوت وعلم الك مة يتأ تى من أبواب الواس الفتو حة إل عال اللك وعجائب عال القلب وتردده ب ي عال ي‬
‫الشهادة والغيب ل يكن أن يستقصى ف علم العاملة فهذا مثال يعلمك الفرق بي مدخل العالي الثال الثان يعرفك الفرق بي العملي أعن‬
‫عمسل العلماء وعمسل الولياء فإن العلماء يعملون فس اكتسساب نفسس العلوم واجتلباس إل القلب وأولياء الصسوفية يعملون فس جلء القلوب‬
‫وتطهيها وتصفيتها وتصقيلها فقط فقد حكى أن أهل الصي وأهل الروم تباهوا بي يدي بعض اللوك بسن صناعة النقش والصور فاستقر‬
‫رأى اللك على أن يسلم إليهم صفة لينقش أهل الصي منها جانبا وأهل الروم جانبا ويرخي بينهما حجاب ينع اطلع كل فريق على الخر‬
‫ففعل ذلك فجمع أهل الروم من الصباغ الغريبة ما ل ينحصر ودخل أهل الصي من غي صبغ وأقبلوا يلون جانبهم ويصقلونه فلما فرغ‬
‫أهل الروم ادعى أهل الصي أنم قد فرغوا أيضا فعجب اللك من قولم وأنم كيف فرغوا من النقش من غي صبغ فقيل وكيف فرغتم من‬
‫غي صبغ فقالوا ما عليكم ارفعوا الجاب فرفعوا وإذا بانبهم يتلل منه عجائب الصنائع الرومية مع زيادة إشراق وبريق إذ كان قد صار‬
‫كالرآة الجلوة لكثرة التصقيل فازداد حسن جانبهم بزيد التصقيل فكذلك عناية الولياء بتطهي القلب وجلئه وتزكيته وصفائه حت يتلل‬
‫فيه جلية الق بنهاية الشراق كفعل أهل الصي وعناية الكماء والعلماء بالكتساب ونقش العلوم وتصيل نقشها ف القلب كفعل أهل‬
‫الروم فكيفما كان المر فقلب الؤمن ل يوت وعلمه عند الوت ل يحى وصفاؤه ل يتكدر وإليه أشار السن رحة ال عليه بقوله التراب‬
‫ل يأكل مل اليان بل يكون وسيلة وقربة إل ال تعال وأما ما حصله من نفس العلم وما حصله من الصفاء والستعداد لقبول نفس العلم‬

‫‪ 1‬حديث سبق الفردون قيل ومن هم قال الستهترون بذكر ال الديث أخرجه مسلم من حديث أب هريرة مقتصرا على أول الديث وقال فيه وما الفردون قال‬
‫الذاكرون ال كثيا والذاكرات ورواه الاكم بلفظ قال الذين يستهترون بذكر ال وقال صحيح على شرط الشيخي وزاد فيه البيهقي ف الشعب يضع الذكر عنهم‬
‫أثقالم ويأتون يوم القيامة خفافا ورواه هكذا الطبان ف العجم الكبي من حديث أب الدرداء دون الزيادة الت ذكرها الصنف ف آخره وكلها ضعيف‬
‫فل غ ن به ع نه ول سعادة ل حد إل بالعلم والعر فة وب عض ال سعادات أشرف من ب عض ك ما أ نه ل غ ن إل بالال ف صاحب الدر هم غ ن‬
‫وصاحب الزائن الترعة غن وتفاوت درجات السعداء بسب تفاوت العرفة واليان كما تتفاوت درجات الغنياء بسب قلة الال وكثرته‬
‫فالعارف أنوار ول ي سعى الؤمنون إل لقاء ال تعال إل بأنوار هم قال ال تعال ي سعى نور هم ب ي أيدي هم وبأيان م و قد روي ف ال ب إن‬
‫بعضهم يعطي نورا مثل البل وبعضهم أصغر حت يكون آخرهم رجل يعطي نورا على إبام قدميه فيضيء مرة وينطفيء أخرى فإذا أضاء‬
‫قدم قدميه فمشى وإذا طفيء قام ومرورهم على الصراط على قدر نورهم فمنهم من ير كطرف العي ومنهم من ير كالبق ومنهم من ير‬
‫كالسحاب ومنه من ير كانقضاض الكواكب ومنهم من ير كالفرس إذا اشتد ف ميدانه والذي أعطى نورا على إبام قدمه يبوحبوا على‬
‫وجهه ويديه ورجليه ير يدا ويعلق أخرى ويصيب جوانبه النار فل يزال كذلك حت يلص ‪1‬حديث صحيح على شرط الشيخي الديث‬
‫فبهذا يظ هر تفاوت الناس ف اليان ولو وزن إيان أ ب ب كر بإيان العال ي سوى ال نبيي والر سلي لر جح فهذا أي ضا يضا هي قول القائل لو‬
‫وزن نور الشمس بنور السرج كلها لرجح فإنا آحاد العوام نوره مثل نور السراج وبعضهم نوره كنور الشمع وإيان الصديقي نوره كنور‬
‫القمر والنجوم وإيان النبياء كالشمس وكما ينكشف ف نور الشمس صورة الفاق مع اتساع أقطارها ول ينكشف ف نور السراج إل‬
‫زواية ضيقه من البيت فكذلك تفاوت انشراح الصدر بالعارف وانكشاف سعة اللكوت لقلوب العارفي ولذلك جاء ف الب أنه يقال يوم‬
‫القيامة أخرجوا من النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان ونصف مثقال وربع مثقال وشعية وذرة ‪ 2‬كل ذلك تنبيه على تفاوت درجات‬
‫اليان وأن هذه القاد ير من اليان ل ت نع دخول النار و ف مفهو مه أن من إيا نه يز يد على مثقال فإ نه ل يد خل النار إذ لو د خل ل مر‬
‫بإخراجه أول وأن من ف قلبه مثقال ذرة ل يستحق اللود ف النار وإن دخلها وكذلك قوله صلى ال عليه وسلم ليس شيء خيا من ألف‬
‫مثله إل الن سان الؤمن‪ 3‬ح سن إشارة إل تفض يل قلب العارف بال تعال الو قن فإ نه خ ي من ألف قلب من العوام و قد قال تعال وأن تم‬
‫العلون إن كن تم مؤمن ي تفضيل للمؤمن ي على ال سلمي والراد به الؤ من العارف دون القلد وقال عز و جل ير فع ال الذ ين آمنوا من كم‬
‫والذين أوتوا العلم درجات فأراد ههنا بالذين آمنوا الذين صدقوا من غي علم وميزهم عن الذين أوتوا العلم ويدل ذلك على أن اسم الؤمن‬
‫يقع على القلد وإن ل يكن تصديقه عن بصية وكشف وفسر ابن عباس رضي ال عنهما قوله تعال والذين أوتوا العلم درجات فقال يرفع‬
‫ال العال فوق الؤمن بسبعمائة درجة بي كل درجتي كما بي السماء والرض وقال صلى ال عليه وسلم أكثر أهل النة البله وعليون‬
‫لذوي اللباب‪ 4‬وقال صلى ال عليه وسلم فضل العال على العابد كفضلي على أدن رجل من أصحاب‪ 5‬وف رواية كفضل القمر ليلة البدر‬
‫على سائر الكواكب فبهذه الشواهد يتضح لك تفاوت درجات أهل النة بسب تفاوت قلوبم ومعارفهم ولذا كان يوم القيامة يوم التغابن‬
‫إذ الحروم من رحة ال عظيم الغب والسران والحروم يرى فوق درجته درجات عظيمة فيكون نظره إليها كنظر الغن الذي يلك عشرة‬
‫دراهم إل الغن الذي يلك الرض من الشرق إل الغرب وكل واحد منهما غن ولكن ما أعظم الفرق بينهما وما أع ظم الغب على من‬
‫يسر حظه من ذلك وللخرة أكب درجات وأكب تفضيل‪.‬‬
‫بيان شواهد الشرع على صحة طريق أهل التصوف ف اكتساب العرفة ل من التعلم ول من‬
‫الطريق العتاد‬
‫أعلم أن من انكشف له شيء ولو الشيء اليسي بطريق اللاموالوقوع ف القلب من حيث ل يدري فقد صار عارفا بصحة الطريق ومن ل‬
‫يدرك ذلك من نف سه قط فينب غي أن يؤ من به فإن در جة العر فة ف يه عزيزة جدا ويش هد لذلك شوا هد الشرع والتجارب والكايات أ ما‬
‫‪ 1‬حديث إن بعضهم يعطي نورا مثل البل حت يكون أصغرهم رجل يعطي نوره على إبام قدمه الديث أخرجه الطبان والاكم من حديث ابن مسعود قال الاكم‬
‫صحيح على شرط الشيخي‬
‫‪ 2‬حديث يقال يوم القيامة أخرجوا من النار من ف قلبه ربع مثقال من إيان الديث متفق عليه من حديث أب سعيد وليس فيه قوله ربع مثقال متفق عليه‬
‫‪ 3‬حديث ليس شيء خيا من ألف مثله إل النسان أو الؤمن أخرجه الطبان من حديث سلمان بلفظ النسان ولحد من حديث ابن عمر ل نعلم شيئا خيا من مائة‬
‫مثله إل الرجل الؤمن وإسنادها حسن إسناده‬
‫‪ 4‬حديث أكثر أهل النة البله وعليون لذوي اللباب تقدم دون هذه لزيادة ول أجد لذه الزيادة أصل‬
‫‪ 5‬حديث فضل العال على العابد كفضلي على أدن رجل من أصحاب أخرجه الترمذي من حديث أب أمامة وصححه وقد تقدم ف العلم وكذلك الرواية الثانية أخرجه‬
‫الترمذي‬
‫الشواهد فقوله تعال والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فكل حكمة تظهر من القلب بالواظبة على العبادة من غي تعلم فهو بطريق الكشف‬
‫واللام وقال صلى ال عليه وسلم من عمل با علم ورثه ال علم ما ل يعلم ووفقه فيما يعمل حت يستوجب النة ومن ل يعمل با يعلم تاه‬
‫فيما يعلم ول يوفق فيما يعمل حت يستوجب النار‪ 1‬وقال ال تعال ومن يتق ال يعل له مرجا من الشكالت والشبه ويرزقه من حيث ل‬
‫يتسب يعلمه علما من غي تعلم ويفطنه من غي تربة وقال ال تعال يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا ال يعل لكم فرقانا قيل نورا يفرق به بي‬
‫الق والباطل ويرج به من الشبهات ولذلك كان صلى ال عليه وسلم يكثر ف دعائه من سؤال النور فقال صلى ال عليه وسلم اللهم أعطن‬
‫نورا وزدن نورا واجعل ل ف قلب نورا وف قبي نورا وف سعي نورا وف بصري نورا حت قال ف شعري وف بشري وف لمي ودمي‬
‫وعظامي‪ 2‬و سئل صلى ال عل يه و سلم عن قول ال تعال أف من شرح ال صدره لل سلم ف هو على نور من ر به ما هذا الشرح فقال هو‬
‫‪4‬‬
‫التوسعة إن النور إذا قذف به ف القلب اتسع له الصدر وانشرح‪ 3‬وقال صلى ال عليه وسلم لبن عباس اللهم فقهه ف الدين وعلمه التأويل‬
‫‪5‬‬
‫وقال علي رضي ال عنه ما عندنا شيء أسره النب صلى ال عليه وسلم إلينا إل أن يؤت ال تعال عبدا فهما ف كتابه وليس هذا بالتعلم‬
‫وقيل ف تفسي قوله تعال يؤت الكمة من يشاء إنه الفهم ف كتاب ال وقال تعال ففهمناها سليمان خص ما انكشف باسم الفهم وكان‬
‫أبو الدرداء يقول الؤمن من ينظر بنور ال من وراء ستر رقيق وال إنه للحق يقذفه ال ف قلوبم ويريه على ألسنتهم وقال بعض السلف ظن‬
‫الؤ من كها نة وقال صلى ال عل يه و سلم أتقوا فرا سة الؤ من فإ نه ين ظر بنور ال تعال ‪ 6‬وإل يه يش ي قوله تعال إن ف ذلك ليات للمتو سي‬
‫وقوله تعال قد بينا اليات لقوم يوقنون وروى السن عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال العلم علمان فعلم باطن ف القلب فذلك‬
‫هو العلم النافع‪ 7‬وسئل بعض العلماء عن العلم الباطن ما هو فقال هو سر من أسرار ال تعال يقذفه ال تعال ف قلوب أحبابه ل يطلع عليه‬
‫ملكا ول بشرا وقد قال صلى ال عليه وسلم إن من أمت مدثي ومعلمي ومكلمي وإن عمر منهم ‪ 8‬وقرأ ابن عباس رضي ال عنهما وما‬
‫أر سلنا من قبلك من ر سول ول نب ول مدث يع ن ال صديقي والحدث هو الل هم والل هم هو الذي انك شف له ف با طن قل به من ج هة‬
‫الداخل ل من جهة الحسوسات الارجة والقرآن مصرح بأن التقوى مفتاح الداية والكشف وذلك علم من غي تعلم وقال ال تعال وما‬
‫خلق ال ف ال سموات والرض ليات لقوم يتقون خ صصها ب م وقال تعال هذا بيان للناس وهدى وموع ظة للمتق ي وكان أ بو يز يد وغيه‬
‫يقول ل يس العال الذي ي فظ من كتاب فإذا ن سي ما حفظه صار جاهل إن ا العال الذي يأ خذ علمه من ربه أي و قت شاء بل ح فظ ول‬
‫درس وهذا هو العلم الربان وإليه الشارة بقوله تعال وعلمناه من لدنا علما مع أن كل علم من لدنه ولكن بعضها بوسائط تعليم اللق فل‬
‫يسمى ذلك علما لدنيا بل اللدن الذي ينفتح ف سر القلب من غي سبب مألوف من خارج فهذه شواهد النقل ولو جع كل ما ورد فيه من‬
‫اليات والخبار والثار لرج عن الصر وأما مشاهدة ذلك بالتجارب فذلك أيضا خارج عن الصر وظهر ذلك على الصحابة والتابعي‬
‫ومن بعدهم وقال أبو بكر الصديق رضي ال عنه لعائشة رضي ال عنها عند موته إنا ها أخواك وأختاك وكانت زوجته حامل فولدت بنتا‬
‫فكان قد عرف قبل الولدة أنا بنت وقال عمر رضي ال عنه ف أثناء خطبته يا سارية البل البل إذ انكشف له أن العدو قد أشرف عليه‬
‫فحذره لعرفته ذلك ث بلوغ صوته إليه من جلة الكرامات العظيمة وعن أنس بن مالك رضي ال عنه قال دخلت على عثمان رضي ال عنه‬
‫وكنت قد لقيت امرأة ف طريقي فنظرت إليها شزرا وتأملت ماسنها فقال عثمان رضي ال عنه لا دخلت يدخل علي أحدكم وأثر الزنا‬
‫ظاهر على عينيه أما علمت أن زنا العيني النظر لتتوبن أولعزرنك فقلت أوحي بعد النب فقال ل ولكن بصية وبرهان وفراسة صادقة وعن‬

‫‪ 1‬حديث من عمل با علم الديث تقدم ف العلم دون قوله ووفقه فيما يعمل فلم أرها‬
‫‪ 2‬حديث اللهم أعطن نورا وزدن نورا الديث متفق عليه من حديث ابن عباس متفق عليه‬
‫‪ 3‬حديث سئل عن قوله تعال أفمن شرح ال صدر للسلم الديث وف الستدرك من حديث ابن مسعود وقد تقدم ف العلم‬
‫‪ 4‬متفق عليه حديث اللهم فقهه ف الدين وعلمه التأويل قاله لبن عباس متفق عليه من حديث ابن عباس دون قوله وعلمه التأويل فأخرجه بذه الزيادة أحد وابن حبان‬
‫والاكم وصححه وقد تقدم ف العلم‬
‫‪ 5‬حديث علي ما عندنا شيء أسره إلينا رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أن يؤت ال عبدا فهما ف كتابه تقدم ف آداب تلوة القرآن‬
‫‪ 6‬حديث أتقوا فراسة الؤمن الديث أخرجه الترمذي من حديث أب سعيد وقد تقدم أخرجه الترمذي‬
‫‪ 7‬حديث العلم علمان الديث تقدم ف العلم‬
‫‪ 8‬أخرجه البخاري ومسلم حديث إن من أمت مدثي ومكلمي وأن عمر منهم أخرجه البخاري من حديث أب هريرة لقد كان فيما قبلكم من المم مدثون فإن يك ف‬
‫أمت أحد فإنه عمر ورواه مسلم من حديث عائشة‬
‫أب سعيد الراز قال دخلت السجد الرام فرأيت فقيا عليه خرقتان فقلت ف نفسي هذا وأشباهه كل على الناس فنادان وقال وال يعلم ما‬
‫ف أنفسكم فاحذروه فاستغفرت ال ف سري فنادان وقال وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ث غاب عن ول أره وقال زكريا بن داود دخل‬
‫أبو العباس بن مسروق على أب الفضل الاشي وهو عليل وكان ذا عيال ول يعرف له سبب يعيش به قال فلما قمت قلت ف نفسي من أين‬
‫يأ كل هذا الر جل قال ف صاح ب يا أ با العباس رد هذه ال مة الدن ية فإن ل تعال ألطا فا خف ية وقال أح د النق يب دخلت على الشبلي فقال‬
‫مفتونا يا أحد فقلت ما الب قال كنت جالسا فجرى باطري أنك بيل فقلت ما أنا بيل فعاد من خاطري وقال بل أنت بيل فقلت ما‬
‫فتح اليوم على بشيء إل دفعته إل أول فقي يلقان قال فما استتم الاطر حت دخل على صاحب لؤنس الادم ومعه خسون دينارا فقال‬
‫اجعلها ف مصالك قال وقمت فأخذتا وخرجت وإذا بفقي مكفوف بي يدي مزين يلق رأسه فتقدمت إليه وناولته الدناني فقال أعطها‬
‫الزين فقلت إن جلتها كذا وكذا قال أو ليس قد قلنا لك إنك بيل قال فناولتها الزين فقال الزين قد عقدنا لا جلس هذا الفقي بي أيدينا‬
‫أن ل نأخذ عليه أجرا قال فرميت با ف دجلة وقلت ما أعزك أحد إل أذله ال عز وجل وقال حزة بن عبد ال العلوي دخلت على أب الي‬
‫النينان وأعتقدت ف نفسي أن أسلم عليه ول آكل ف داره طعاما فلما خرجت من عنده إذا به قد لقن وقد حل طبقا فيه طعام وقال يا فت‬
‫كل فقد خرجت الساعة من اعتقادك وكان أبو الي النينان هذا مشهورا بالكرامات وقال إبراهيم الرقي قصدته مسلما عليه فحضرت صلة‬
‫الغرب فلم يكد يقرأ الفاتة مستويا فقلت ف نفسي ضاعت سفرت فلما سلم خرجت إل الطهارة فقصدن سبع فعدت إل أب الي وقلت‬
‫قصدن سبع فخرج وصاح به وقال أل أقل لك ل تتعرض لضيفان فتنحى السد فتطهرت فلما رجعت قال ل اشتغلتم بتقوي الظاهر فخفتم‬
‫السد وأشتغلنا بتقوي البواطن فخافنا السد وما حكى من تفرس الشايخ وإخبارهم عن اعتقادات الناس وضمائرهم يرج عن الصر بل ما‬
‫حكى عنهم من مشاهدة الضر عليه السلم والسؤال منه ومن ساع صوت الاتف ومن فنون الكرامات خارج عن الصر والكاية ل تنفع‬
‫الاحد ما ل يشاهد ذلك من نفسه ومن أنكر الصل أنكر التفصيل والدليل القاطع الذي ل يقدر أحد على جحده أمران أحدها عجائب‬
‫الرؤيا الصادقة فإنه ينكشف با الغيب وإذا جاز ذلك ف النوم فل يستحيل أيضا ف اليقظة فلم يفارق النوم اليقظة إل ف ركود الواس وعدم‬
‫اشتغالا بالحسوسات فكم من مستيقظ غائص ل يسمع ول يبصر لشتغاله بنفسه والثان إخبار رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الغيب‬
‫وأمور ف الستقبل كما اشتمل عليه القرآن وإذا جاز ذلك للنب صلى ال عليه وسلم جاز لغيه إذ النب عبارة عن شخص كوشف بقائق‬
‫المور وشغل بإصلح اللق فل يستحيل أن يكون ف الوجود شخص مكاشف بالقائق ول يشتغل بإصلح اللق وهذا ل يسمى نبيا بل‬
‫ي سمى ول يا ف من آ من بال نبياء و صدق بالرؤ يا ال صحيحة لز مه ل مالة أن ي قر بأن القلب له بابان باب إل خارج و هو الواس وباب إل‬
‫اللكوت من داخل القلب وهو باب اللام والنفث ف الروع والوحي فإذا أقربما جيعا ل يكنه أن يصر العلوم ف التعلم ومباشرة السباب‬
‫الألوفة بل يوز أن تكون الجاهدة سبيل إليه فهذا ما ينبه على حقيقة ما ذكرناه من عجيب تردد القلب بي عال الشهادة وعال اللكوت‬
‫وأما السبب ف انكشاف المر ف النام بالثال الحوج إل التعبي وكذلك تثل اللئكة للنبياء والولياء بصور متلفة فذلك أيضا من أسرار‬
‫عجائب القلب ول يليق ذلك إل بعلم الكاشفة فلنقتصر على ما ذكرناه فإنه كاف للستحثاث على الجاهدة وطلب الكشف منها فقد قال‬
‫بعض الكاشفي ظهر ل اللك فسألن أملي عليه شيئا من ذكرى الفي عن مشاهدت من التوحيد وقال ما نكتب لك عمل ونن نب أن‬
‫نصعد لك بعمل تتقرب به إل ال عز وجل فقلت ألستما تكتبان الفرائض قال بلى قلت فيكفيكما ذلك وهذه إشارة إل أن الكرام الكاتبي‬
‫ل يطلعون على أ سرار القلب وإن ا يطلعون على العمال الظاهرة وقال ب عض العارف ي سألت ب عض البدال عن م سألة من مشاهدة اليق ي‬
‫فالتفت إل شاله فقال ما تقول رحك ال ث التفت إل يينه فقال ما تقول رحك ال ث أطرق إل صدره وقال ما تقول رحك ال ث أجاب‬
‫بأغرب جواب سعته فسألته عن التفاته فقال ل يكن عندي ف السألة جواب عتيد فسألت صاحب الشمال فقال ل أدري فسألت صاحب‬
‫اليمي وهو أعلم منه فقال ل أدري فنظرت إل قلب وسألته فحدثن با أجبتك فإذا هو أعلم منهما وكأن هذا هو معن قوله صلى ال عليه‬
‫وسلم أن ف أمت مدثي وإن عمر منهم وف الثر إن ال تعال يقول أيا عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكري توليت‬
‫سياسته وكنت جليسه ومادثه وأنيسه وقال أبو سليمان الداران رحة ال عليه القلب بنلة القبة الضروبة حولا أبواب مغلقة فأي باب فتح‬
‫له ع مل ف يه ف قد ظ هر انفتاح باب من أبواب القلب إل ج هة اللكوت والل العلى وينف تح ذلك الباب بالجاهدة والورع والعراض عن‬
‫شهوات الدنيا ولذلك كتب عمر رضي ال عنه إل أمراء الجناد احفظوا ما تسمعون من الطيعي فإنم ينجلي لم أمور صادقة وقال بعض‬
‫العلماء يد ال على أفواه الكماء ل ينطقون إل ب ا ه يأ ال ل م من ال ق وقال آ خر لو شئت لقلت إن ال تعال يطلع الاشع ي على ب عض‬
‫سره‪.‬‬
‫بيان تسلط الشيطان على القلب بالوساوس ومعن الوسوسة وسبب غلبتها‬
‫اعلم أن القلب كما ذكرناه مثل قبة مضروبة لا أبواب تنصب إليه الحوال من كل باب ومثاله أيضا مثال هدف تنصب إليه السهام من‬
‫الوانب أو هو مثال مرآة منصوبة تتاز عليها أصناف الصور الختلفة فتتراءى فيها صورة بعد صورة ول تلو عنها أو مثال حوض تنصب‬
‫فيه مياه متلفة من أنار مفتوحة إليه وإنا مداخل هذه الثار التجددة ف القلب ف كل حال أما من الظاهر فالواس المس وأما من الباطن‬
‫فاليال والشهوة والغ ضب والخلق الرك بة من مزاج الن سان فإ نه إذا أدرك بالواس شيئا ح صل م نه أ ثر ف القلب وكذلك إذا ها جت‬
‫الشهوة مثل بسبب كثرة الكل وبسبب قوة ف الزاج حصل منها ف القلب أثر وإن كف عن الحساس فاليالت الاصلة ف النفس تبقى‬
‫وينتقل اليال من شيء إل شيء وبسب انتقال اليال ينتقل القلب من حال إل حال آخر والقصود أن القلب ف التغي والتأثر دائما من‬
‫هذه السباب وأخص الثار الاصلة ف القلب هو الواطر وأعن بالواطر ما يصل فيه من الفكار والذكار وأعن به إدراكاته علوما إما‬
‫على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر فإنا تسمى خواطر من حيث إنا تطر بعد أن كان القلب غافل عنها والواطر هي الحركات‬
‫للرادات فإن الن ية والعزم والرادة إن ا تكون ب عد خطور النوى بالبال ل مالة فمبدأ الفعال الوا طر ث الا طر يرك الرغ بة والرغ بة ترك‬
‫العزم والعزم يرك النية والنية ترك العضاء والواطر الحركة للرغبة تنقسم إل ما يدعو إل الشر أعن إل ما يضر ف العاقبة وإل ما يدعو‬
‫إل الي أعن إل ما ينفع ف الدار الخرة فهما خاطران متلفان فافتقرا إل اسي متلفي فالاطر الحمود يسمى إلاما والاطر الذموم أعن‬
‫الداعي إل الشر يسمى وسواسا ث إنك تعلم أن هذه الواطر حادثة ث إن كل حادث فل بد له من مدث ومهما اختل فت الوادث دل‬
‫ذلك على اختلف ال سباب هذا ما عرف من سنة ال تعال ف ترت يب ال سببات على ال سباب فمه ما ا ستنارت حيطان الب يت بنور النار‬
‫وأظلم سقفه وا سود بالدخان عل مت أن سبب ال سواد غ ي سبب ال ستنارة وكذلك لنوار القلب وظلم ته سببان متلفان ف سبب الا طر‬
‫الداعي إل الي يسمى ملكا وسبب الاطر الداعي إل الشر يسمى شيطانا واللطف الذي يتهيأ به القلب لقبول إلام الي يسمى توفيقا‬
‫والذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء وخذلنا فإن العان الختلفة تفتقر إل أسامي متلفة واللك عبارة عن خلق خلقه ال‬
‫تعال شأنه إفاضة الي وإفادة العلم وكشف الق والوعد بالي والمر بالعروف وقد خلقه وسخره لذلك والشيطان عبارة عن خلق شأنه‬
‫ضد ذلك وهو الوعد بالشر والمر بالفحشاء والتخويف عند الم بالي بالفقر فالوسوسة ف مقابلة اللام والشيطان ف مقابلة اللك والتوفيق‬
‫ف مقابلة الذلن وإل يه الشارة بقوله تعال و من كل ش يء خلق نا زوج ي فإن الوجودات كل ها متقابلة مزدو جة إل ال تعال فإ نه فرد ل‬
‫مقابل له بل هو الواحد الق الالق للزواج كلها فالقلب متجاذب بي الشيطان واللك وقد قال صلى ال عليه وسلم ف القلب لتان لة من‬
‫اللك إيعاد بالي وتصديق بالق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من ال سبحانه وليحمد ال ولة من العدو إيعاد بالشر وتكذيب بالق وني عن‬
‫الي فمن وجد ذلك فليستعذ بال من الشيطان الرجيم ث تل قوله تعال الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء‪ 1‬الية وقال السن إنا‬
‫ها هان يولن ف القلب هم من ال تعال وهم من العدو فرحم ال عبدا وقف عند هه فما كان من ال تعال أمضاه وما كان من عدوه‬
‫جاهده ولتجاذب القلب بي هذين السلطي قال رسول ال صلى ال عليه وسلم قلب الؤمن بي أصبعي من أصابع الرحن ‪ 2‬فال يتعال عن‬
‫أن يكون له أصبع مركبة من لم ودم وعصب منقسمة بالنامل ولكن روح الصبع سرعة التقليب والقدرة على التحريك والتغيي فإنك ل‬
‫تريد أصبعك لشخصه بل لفعله ف التقليب والترديد كما أنك تتعاطى الفعال بأصابعك وال تعال يفعل ما يفعل باستسخار اللك والشيطان‬
‫وها مسخران بقدرته ف تقليب القلوب كما أن أصابعك مسخرة لك ف تقليب الجسام مثل والقلب بأصل الفطرة صال لقبول آثار اللك‬
‫ولقبول آثار الشيطان صلحا متساويا ليس يترجح أحدها على الخر وإنا يترجح أحد الانبي باتباع الوى والكباب على الشهوات أو‬
‫العراض عنها ومالفتها فإن اتبع النسان مقتضى الغضب والشهوة ظهر تسلط الشيطان بواسطة الوى وصار القلب عش الشيطان ومعدنه‬
‫لن الوى هو مرعى الشيطان ومرتعه وإن جاهد الشهوات ول يسلطها على نفسه وتشبه بأخلق اللئكة عليهم السلم صار قلبه مستقر‬
‫اللئكة ومهبطهم ولا كان ل يلو قلب عن شهوة وغضب وحرص وطمع وطول أمل إل غي ذلك من صفات البشرية التشعبة عن الوى‬

‫‪ 1‬حديث ف القلب لتان لة من اللك إيعاد بالي الديث أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي ف الكبى من حديث ابن مسعود أخرجه الترمذي والنسائي‬
‫‪ 2‬حديث قلب الؤمن بي أصبعي الديث تقدم‬
‫ل جرم ل يل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولن بالوسوسة ولذلك قال صلى ال عليه وسلم ما منكم من أحد إل وله شيطان قالوا‬
‫وأنت يا رسول ال قال وأنا إل أن ال أعانن عليه فأسلم فل يأمر إل بي‪ 1‬وإنا كان هذا لن الشيطان ل يتصرف إل بواسطة الشهوة فمن‬
‫أعانه ال على شهوته حت صارت ل تنبسط إل حيث ينبغي وإل الد الذي ينبغي فشهوته ل تدعو إل الشر فالشيطان التدرع با ل يأمر‬
‫إل بالي ومهما غلب على القلب ذكر الدنيا بقتضيات الوى وجد الشيطان مال فوسوس ومهما انصرف القلب إل ذكر ال تعال ارتل‬
‫الشيطان وضاق ماله وأقبل اللك وألم والتطارد بي جندي اللئكة والشياطي ف معركة القلب دائم إل أن ينفتح القلب لحدها فيستوطن‬
‫وي ستمكن ويكون اجتياز الثا ن اختل سا وأك ثر القلوب قد فتحت ها جنود الشياط ي وتلكت ها فامتلت بالو ساوس الداع ية إل إيثار العاجلة‬
‫واطراح الخرة ومبدأ اسستيلئها اتباع الشهوات والوى ول يكسن فتحهسا بعسد ذلك إل بتخليسة القلب عسن قوت الشيطان وهسو الوى‬
‫والشهوات وعمارته بذكر ال تعال الذي هو مطرح أثر اللئكة وقال جابر بن عبيدة العدوي شكوت إل العلء بن زياد ما أجد ف صدري‬
‫من الوسوسة فقال إنا مثل ذلك مثل البيت الذي ير به اللصوص فإن كان فيه شيء عالوه وإل مضوا وتركوه يعن أن القلب الال عن‬
‫الوى ل يدخله الشيطان ولذلك قال ال تعال إن عبادي ل يس لك علي هم سلطان ف كل من ات بع الوى ف هو ع بد الوى ل ع بد ال ولذلك‬
‫سلط ال عليه الشيطان وقال تعال أفرأيت من اتذ إله هواه وهو إشارة إل أن من الوى إله ومعبوده فهو عبد الوى ل عبد ال ولذلك‬
‫قال عمرو ابن العاص للنب صلى ال عليه وسلم يا رسول ال حال الشيطان بين وبي صلت وقراءت فقال ذلك شيطان يقال له خنب فإذا‬
‫أحسسته فتعوذ بال منه وات فل على يسارك ثلثا قال ففعلت ذلك فأذهبه ال عن‪ 2‬وف الب إن للوضوء شيطانا يقال له الولان فاستعيذوا‬
‫بال منه‪ 3‬ول يحو وسوسة الشيطان من القلب إل ذكر ما سوى ما يوسوس به لنه إذا خطر ف القلب ذكر شيء انعدم منه ما كان فيه من‬
‫قبل ولكن كل شيء سوى ال تعال وسوى ما يتعلق به فيجوز أيضا أن يكون مال للشيطان وذكر ال هو الذي يؤمن جانبه ويعلم أنه ليس‬
‫للشيطان فيه مال ول يعال الشيء إل بضده وضد جيع وساوس الشيطان ذكر ال بالستعاذة والتبي عن الول والقوة وهو معن قولك‬
‫أعوذ بال مسن الشيطان الرجيسم ول حول ول قوة إل بال العلي العظيسم وذلك ل يقدر عليسه إل التقون الغالب عليهسم ذكسر ال تعال وإناس‬
‫الشيطان يطوف علي هم ف أوقات الفلتات على سبيل الل سة قال ال تعال أن الذ ين اتقوا إذا م سهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم‬
‫مب صرون وقال ماهد ف معن قول ال تعال من شر الو سواس الناس قال هو منب سط على القلب فإذا ذ كر ال تعال خنس وانق بض وإذا‬
‫غفل انبسط على قلبه فالتطارد بي ذكر ال تعال ووسوسة الشيطان كالتطارد بي النور والظلم وبي الليل والنهار ولتضادها قال ال تعال‬
‫استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر ال وقال أنس قال رسول ال صلى ال عليه وسلم إن الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم فإن‬
‫هو ذكر ال تعال خنس وإن نسي ال تعال التقم قلبه‪ 4‬وقال ابن وضاح ف حديث ذكره إذا بلغ الرجل أربعي سنة ول يتب ول يتب مسح‬
‫الشيطان وجهه بيده وقال بأب وجه من ل يفلح‪ 5‬وكما أن الشهوات متزجة بلحم ابن آدم ودمه فسلطنة الشيطان أيضا سارية ف لمه ودمه‬
‫ومي طة بالقلب من جوان به ولذلك قال صلى ال عل يه و سلم إن الشيطان يري من ا بن آدم مرى الدم فضيقوا مار يه بالوع‪ 6‬وذلك لن‬
‫الوع يك سر الشهوة ومرى الشيطان الشهوات ول جل اكتناف الشهوات للقلب من جوان به قال ال تعال إخبارا عن إبل يس لقعدن ل م‬
‫صراطك الستقيم ث لتينهم من بي أيديهم ومن خلفهم وعن إيانم وعن شائلهم وقال صلى ال عليه وسلم إن الشيطان قعد لبن آدم‬
‫بطرق فق عد له بطر يق ال سلم فقال أت سلم وتترك دي نك ود ين آبائك فع صاه وأ سلم ث ق عد له بطر يق الجرة فقال أتا جر أتدع أر ضك‬
‫و سائك فع صاه وها جر هو ق عد له بطر يق الهاد فقال أتا هد و هو تلف الن فس والال فتقا تل فتق تل فتن كح ن ساؤك ويق سم مالك فع صاه‬
‫وجاهد‪ 7‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم فمن فعل ذلك فمات كان حقا على ال أن يدخله النة فذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ 1‬حديث ما منكم من أحد إل وله شيطان الديث أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود أخرجه مسلم‬
‫‪ 2‬حديث ابن أب العاص إن الشيطان حال بين وبي صلت الديث أخرجه مسلم من حديث ابن أب العاص أخرجه مسلم‬
‫‪ 3‬حديث إن للوضوء شيطانا يقال له الولان الديث أخرجه ابن ماجه والترمذي من حديث أب بن كعب وقال غريب وليس إسناده بالقوي عند أهل الديث أخرجه‬
‫ابن ماجه والترمذي غريب وليس اسناده بالقوي‬
‫‪ 4‬حديث أنس إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف كتاب مكايد الشيطان وأبو يعلى الوصلي وابن عدي ف الكامل وضعفه‬
‫‪ 5‬حديث ابن وضاح إذا بلغ الرجل أربعي سنة ول يتب مسح الشيطان بيده وجهه وقال بأب وجه من ل يفلح ل أجد له أصل‬
‫‪ 6‬حديث إن الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم تقدم‬
‫‪ 7‬حديث إن الشيطان قعد لبن آدم بطريق الديث أخرجه النسائي من حديث سبة بن أب فاكه بإسناد صحيح‬
‫معن الوسوسة وهي هذه الواطر الت تطر للمجاهد أنه يقتل وتنكح نساؤه وغي ذلك ما يصرفه عن الهاد وهذه الواطر معلومة فإذا‬
‫الوسواس معلوم بالشاهدة وكل خاطر فله سبب ويفتقر إل اسم يعرفه فاسم سببه الشيطان ول يتصور أن ينفك عنه آد مي وإنا يتلفون‬
‫بعصيانه ومتابعته ولذلك قال عليه السلم ما من أحد إل وله شيطان‪ 1‬فقد اتضح بذا النوع من الستبصار معن الوسوسة واللام واللك‬
‫والشيطان والتوفيق والذلن فبعد هذا نظر من ينظر ف ذات الشيطان أنه جسم لطيف أو ليس بسم وإن كان جسما فكيف يدخل بدن‬
‫النسان ما هو جسم فهذا الن غي متاج إليه ف علم العاملة بل مثال الباحث عن هذا مثال من دخلت ف ثيابه حية وهو متاج إل إزالتها‬
‫ودفع ضررها فاشتغل بالبحث عن لونا وشكلها وطولا وعرضها وذلك عي الهل فمصادمة الواطر الباعثة على الشر قد علمت ودل‬
‫ذلك على أ نه عن سبب ل مالة وعلم أن الداعي إل ال شر الحذور ف الستقبل عدو ف قد عرف العدو ل مال فينب غي أن يشت غل بجاهد ته‬
‫و قد عرف ال سبحانه عداو ته ف مواضع كثية من كتابه ليؤ من به ويترز عنه فقال تعال إن الشيطان ل كم عدو فاتذوه عدوا إنا يدعو‬
‫حزبه ليكونوا من أصحاب السعي وقال تعال أل أعهد إليكم يا بن آدم أن ل تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبي فينبغي للعبد أن يشتغل‬
‫بد فع العدو عن نف سه ل بال سؤال عن أ صله ون سبه وم سكنه ن عم ينب غي أن ي سأل عن سلحه ليدف عه عن نف سه و سلح الشيطان الوى‬
‫والشهوات وذلك كاف للعال ي فأ ما معر فة ذا ته و صفاته وحقيق ته نعوذ بال م نه وحقي قة اللئ كة فذلك ميدان العارف ي التغلغل ي ف علوم‬
‫الكاشفات فل يتاج ف علم العاملة إل معرف ته ن عم ينب غي أن يعلم أن الوا طر تنق سم إل ما يعلم قط عا أ نه داع إل ال شر فل ي فى كو نه‬
‫وسوسة وإل ما يعلم أنه داع إل الي فل يشك ف كونه إلاما وإل ما يتردد فيه فل يدري أنه من لة اللك أو من لة الشيطان فإن من‬
‫مكايد الشيطان أن يعرض الشر ف معرض الي والتمييز ف ذلك غامض وأكثر العباد به يهلكون فإن الشيطان ل يقدر على دعائهم إل الشر‬
‫الصريح فيصور الشر بصورة الي كما يقول للعال بطريق الوعظ أما تنظر إل اللق وهم موتى من الهل هلكى من الغفلة قد أشرفوا على‬
‫النار أما لك رحة على عباد ال تنقذهم من العاطب بنصحك ووعظك وقد أنعم ال عليك بقلب بصي ولسان ذلق ولجة مقبولة فكيف‬
‫تكفسر نعمسة ال تعال وتتعرض لسسخطه وتسسكت عسن إشاعسة العلم ودعوة اللق إل الصسراط السستقيم وهسو ل يزال يقرر ذلك فس نفسسه‬
‫ويستجره بلطيف اليل إل أن يشتغل بوعظ الناس ث يدعوه بعد ذلك إل أن يتزين لم ويتصنع بتحسي اللفظ وإظهار الي ويقول له إن ل‬
‫تفعل ذلك سقط وقع كلمك من قلوبم ول يهتدوا إل الق ول يزال يقرر ذلك عنده وهو ف أثنائه يؤكد فيه شوائب الرياء وقبول اللق‬
‫ولذة الاه والتعزز بكثرة التباع والعلم والن ظر إل اللق بع ي الحتقار في ستدرج ال سكي بالن صح إل اللك فيتكلم و هو ي ظن أن ق صده‬
‫الي وإنا قصده الاه والقبول فيهلك بسببه وهو يظن أنه عند ال بكان وهو من الذين قال فيهم رسول ال صلى ال عليه وسلم إن ال‬
‫ليؤيد هذا الدين بقوم ل خلق لم‪ 2‬و إن ال ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر‪ 3‬ولذلك روى أن إبليس لعنه ال تثل لعيسى ابن مري صلى ال‬
‫عليه وسلم فقال له قل ل إله إل ال فقال كلمة حق ول أقولا بقولك لن له أيضا تت الي تلبيسات وتلبيسات الشيطان من هذا النس ل‬
‫تتناهسى وباس يهلك العلماء والعباد والزهاد والفقراء والغنياء وأصسناف اللق منس يكرهون ظاهسر الشسر ول يرضون لنفسسهم الوض فس‬
‫العا صي الكشو فة و سنذكر جلة من مكا يد الشيطان ف كتاب الغرور ف آ خر هذا الر بع ولعل نا إن أم هل الزمان صنفنا ف يه كتا با على‬
‫الصوص نسميه تلبيس إبليس فإنه قد انتشر الن تلبيسه ف البلد والعباد ل سيما ف الذاهب والعتقادات حت ل يبق من اليات إل رسها‬
‫كل ذلك إذعانا لتلبيسات الشيطان ومكايده فحق على العبد أن يقف عند كل هم يطر له ليعلم أنه من لة اللك أو من لة الشيطان وأن‬
‫يعن النظر فيه بعي البصية ل بوى من الطبع ول يطلع عليه إل بنور التقوى والبصية وغزارة العلم كما قال تعال إن الذين اتقوا إذا مسهم‬
‫طائف من الشيطان تذكروا أي رجعوا إل نور العلم فإذا هم مبصرون أي ينكشف لم الشكال فأما من ل يرض نفسه بالتقوى فيميل طبعه‬
‫إل الذعان بتلبي سه بتابعة الوى فيكثر فيه غلطه ويتعجل فيه هلكه وهو ل يشعر وف مثلهم قال سبحانه وتعال وبدا لم من ال ما ل‬
‫يكونوا يتسبون قيل هي أعمال ظنوها حسنات فإذا هي سيئات وأغمض أنواع علوم العاملة الوقوف على خدع النفس ومكايد الشيطان‬
‫وذلك فرض ع ي على كل ع بد و قد أهله اللق واشتغلوا بعلوم ت ستجر إلي هم الو سواس وت سلط علي هم الشيطان وتن سيهم عداو ته وطر يق‬
‫الحتراز عنه ول ينجي من كثرة الوسواس إل سد أبواب الواطر وأبوابا الواس المس وأبوابا من داخل الشهوات وعلئق الدنيا واللوة‬

‫‪ 1‬حديث ما من أحد إل له شيطان الديث تقدم‬


‫‪ 2‬حديث إن ال يؤيد هذا الدين بأقوام ل خلق لم أخرجه النسائي من حديث أنس بإسناد جيد‬
‫‪ 3‬حديث إن ال يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر متفق عليه من حديث أب هريرة وقد تقدم ف العلم‬
‫ف ب يت مظلم ت سد باب الواس والتجرد عن الهل والال يقلل مدا خل الو سواس من البا طن ويب قى مع ذلك مدا خل باط نة ف التخيلت‬
‫الارية ف القلب وذلك ل يدفع إل بشغل القلب بذكر ال تعال ث إنه ل يزال ياذب القلب وينازعه ويلهيه عن ذكر ال تعال فل بد من‬
‫ماهدته وهذه ماهدة ل آخر لا إل الوت إذ ل يتخلص أحد من الشيطان ما دام حيا نعم قد يقوى بيث ل ينقاد له ويدفع عن نفسه شره‬
‫بالهاد ولكن ل يستغن قط عن الهاد والدافعة ما دام الدم يري ف بدنه فإذا ما دام حيا فأبواب الشيطان مفتوحة إل قلبه ل تنغلق وهي‬
‫الشهوة والغ ضب وال سد والط مع والشره وغي ها ك ما سيأت شرح ها ومه ما كان الباب مفتو حا والعدو غ ي غا فل ل يد فع إل بالرا سة‬
‫والجاهدة قال ر جل للح سن يا أ با سعيد أينام الشيطان فتب سم وقال لو نام ل سترحنا فإذن ل خلص للمؤ من م نه ن عم له سبيل إل دف عه‬
‫وتضعيف قوته قال صلى ال عليه وسلم إن الؤمن ينضى شيطانه كما ينضى أحدكم بعيه ف سفره ‪ 1‬وقال ابن مسعود شيطان الؤمن مهزول‬
‫وقال قيس بن الجاج قال ل شيطان دخلت فيك وأنا مثل الزور وأنا الن مثل العصفور قلت ول ذاك قال تذيبن بذكر ال تعال فأهل‬
‫التقوى ل يتعذر علي هم سد أبواب الشيطان وحفظ ها بالرا سة أع ن البواب الظاهرة والطرق الل ية ال ت تف ضي إل العا صي الظاهرة وإن ا‬
‫يتعثرون ف طر قه الغام ضة فإن م ل يهتدون إلي ها فيحر سونا ك ما أشر نا إل يه ف غرور العلماء والوعاظ والش كل أن البواب الفتو حة إل‬
‫القلب للشيطان كثية وباب اللئكة باب واحد وقد التبس ذلك الباب الواحد بذه البواب الكثية فالعبد فيها كالسافر الذي يبقى ف بادية‬
‫كثية الطرق غام ضة ال سالك ف ليلة مظل مة فل يكاد يعلم الطر يق إل بع ي ب صية وطلوع ش س مشر قة والع ي الب صية هه نا هي القلب‬
‫الصفى بالتقوى والشمس الشرقة هو العلم الغزير الستفاد من كتاب ال تعال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ما يهدي إل غوامض طرقه‬
‫وإل فطرقه كثية وغامضة قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه خط لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم يوما خطا وقال هذا سبيل ال ث‬
‫خط خطوطا عن يي الط وعن شاله ث قال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ث تل وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول‬
‫تتبعوا السبل لتلك الطوط‪ 2‬فبي صلى ال عليه وسلم كثرة طرقه وقد ذكرنا مثال للطريق الغامض من طرقه وهو الذي يدع به العلماء‬
‫والعباد الالكي لشهواتم الكافي عن العاصي الظاهرة فلنذكر مثال لطريقه الواضح الذي ل يفى إل أن يضطر الدمي إل سلوكه وذلك‬
‫كما روى عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال كان راهب ف بن إسرائيل فعمد الشيطان إل جارية فخنقها وألقى ف قلوب أهلها أن‬
‫دواءها عند الراهب فأتوا با إليه فأب أن يقبلها فلم يزالوا به حت قبلها فلما كانت عنده ليعالها أتاه الشيطان فزين له مقاربتها ول يزل به‬
‫ح ت واقع ها فحملت م نه فو سوس إل يه وقال الن تفت ضح يأت يك أهل ها فاقتل ها فإن سألوك ف قل ما تت فقتل ها ودفن ها فأ تى الشيطان أهل ها‬
‫فوسوس إليهم وألقى ف قلوبم أنه أحبلها ث قتلها ودفنها فأتاه أهلها فسألوه عنها فقال ماتت فأخذوه ليقتلوه با فأتاه الشيطان فقال أنا‬
‫الذي خنقت ها وأ نا الذي ألق يت ف قلوب أهل ها فأطع ن ت نج وأخل صك من هم قال باذا قال ا سجد ل سجدتي ف سجد له سجدتي فقال له‬
‫الشيطان إن برىء منك فهو الذي قال ال تعال فيه كمثل الشيطان إذ قال للنسان اكفر فلما كفر قال إن بريء منك ‪ 3‬فانظر الن إل حيله‬
‫واضطراره الراهب إل هذه الكبائر وكل ذلك لطاعته له ف قبول الارية للمعالة وهو أمر هي وربا يظن صاحبه أنه خي وحسنة فيحسن‬
‫ذلك ف قلبه ب في الوى فيقدم عل يه كالراغب ف ال ي فيخرج ال مر ب عد ذلك عن اختياره ويره الب عض إل الب عض بيث ل ي د مي صا‬
‫فنعوذ بال من تضييع أوائل المور وإليه الشارة بقوله صلى ال عليه وسلم من حام حول المى يوشك أن يقع فيه‪.4‬‬
‫بيان تفصيل مداخل الشيطان إل القلب‬
‫اعلم أن مثال القلب مثال ح صن والشيطان عدو ير يد أن يد خل ال صن فيمل كه وي ستول عل يه ول يقدر على ح فظ ال صن من العدو إل‬
‫براسة أبواب الصن ومداخله ومواضع ثلمه ول يقدر على حراسة أبوابه من ل يدري أبوابه فحماية القلب عن و سواس الشيطان واجبة‬
‫وهو فرض عي على كل عبد مكلف وما ل يتوصل إل الواجب إل به فهو أيضا واجب ول يتوصل إل دفع الشيطان إل بعرفة مداخله‬

‫‪ 1‬حديث إن الؤمن ينضى شيطانه الديث أخرجه أحد من حديث أب هريرة وفيه ابن ليعة‬
‫‪ 2‬حديث ابن مسعود خط لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم خطا فقال هذا سبيل ال الديث أخرجه النسائي ف الكبى والاكم وقال صحيح السناد‬
‫‪ 3‬حديث كان راهب ف بن إسرائيل فأخذ الشيطان جارية فخنقها وألقى ف قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب الديث بطوله ف قوله تعال كمثل الشيطان إذ قال‬
‫للنسان اكفر رواه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان وابن مردويه ف تفسيه ف حديث عبيد بن أب رفاعة مرسل وللحاكم نوه موقوفا على علي بن أب طالب وقال‬
‫صحيح السناد ووصله بطي ف مسنده من حديث علي‬
‫‪ 4‬حديث من حام حول المى يوشك أن يقع فيه متفق عليه من حديث النعمان ابن بشي من يرتع حول المى يوشك أن يواقعه لفظ البخاري‬
‫فصارت معرفة مداخله واجبة ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد وهي كثية ولكنا نشي إل البواب العظيمة الارية مرى الدروب الت‬
‫ل تض يق عن كثرة جنود الشيطان ف من أبوا به العظي مة الغ ضب والشهوة فإن الغ ضب هو غول الع قل وإذا ض عف ج ند الع قل ه جم ج ند‬
‫الشيطان ومهما غضب النسان لعب الشيطان به كما يلعب الصب بالكرة فقد روي أن موسى عليه السلم لقيه إبليس فقال له يا موسى‬
‫أنت الذي اصطفاك ال برسالته وكلمك تكليما وأنا خلق من خلق ال أذنبت وأريد أن أتوب فاشفع ل إل رب أن يتوب علي فقال موسى‬
‫ن عم فلما صعد موسى البل وكلم ربه عز و جل وأراد النول قال له ربه أد المانة فقال موسى يا رب عبدك إبليس يريد أن تتوب عليه‬
‫فأوحى ال تعال إل موسى يا موسى قد قضيت حاجتك مره أن يسجد لقب آدم حت يتاب عليه فلقي موسى إبليس فقال له قد قضيت‬
‫حاجتك أمرت أن تسجد لقب آدم حت يتاب عليك فغضب واستكب وقال ل أسجد له حيا أسجد له ميتا ث قال له يا موسى إن لك علي‬
‫حقا با شفعت ل إل ربك فاذكرن عند ثلث ل أهلكك فيهن اذكرن حي تغضب فإن روحي ف قلبك وعين ف عينك وأجري منك‬
‫مرى الدم اذكرن إذا غضبت فإنه إذا غضب النسان نفخت فيه أنفه فما يدري ما يصنع واذكرن حي تلقي الزحف فإن آتى ابن آدم حي‬
‫يلقى الزحف فأذكره زوجته وولده وأهله حت يول وإياك أن تلس إل امرأة ليست بذات مرم فإن رسولا إليك ورسولك إليها فل أزال‬
‫حت أفتنك با وأفتنها بك فقد أشار بذا إل الشهوة والغضب والرص فإن الفرار من الزحف حرص على الدنيا وامتناعه من السجود لدم‬
‫ميتا هو السد وهو أعظم مداخله وقد ذكر أن بعض الولياء قال لبليس أرن كيف تغلب ابن آدم فقال آخذه عند الغضب وعند الوى‬
‫فقسد حكسى أن إبليسس ظهسر لراهسب فقال له الراهسب أي أخلق بنس آدم أعون لك قال الدة فإن العبسد إذا كان حديدا قلبناه كمسا يقلب‬
‫الصبيان الكرة وقيل إن الشيطان يقول كيف يغلبن ابن آدم وإذا رضي جئت حت أكون ف قلبه وإذا غضب طرت حت أكون ف رأسه ومن‬
‫أبوابه العظي مة ال سد والرص فمهما كان العبد حريصا على كل ش يء أعماه حرصه وأصمه إذ قال صلى ال عليه وسلم حبك للش يء‬
‫يعمي وي صم‪ 1‬ونور البصية هو الذي يعرف مداخل الشيطان فإذا غطاء السد والرص ل يبصر فحينئذ ي د الشيطان فرصة فيحسن عند‬
‫الريص كل ما يوصله إل شهوته وإن كان منكرا وفاحشا فقد روي أن نوحا عليه السلم لا ركب السفينة حل فيها من كل زوجي اثني‬
‫ك ما أمره ال تعال فرأى ف ال سفينة شي خا ل يعر فه فقال له نوح ما أدخلك فقال دخلت ل صيب قلوب أ صحابك فتكون قلوبمسم عي‬
‫وأبدانم معك فقال له نوح أخرج منها يا عدو ال فإنك لعي فقال له إبليس خس أهلك بن الناس وسأحدثك منهم بثلث ول أحدثك‬
‫باثنتي فأوحى ال تعال إل نوح أنه ل حاجة لك بالثلث فليحدثك بالثني فقال له نوح ما الثنتان فقال ها اللتان ل تكذبان ها اللتان ل‬
‫تلفان بما أهلك الناس الرص والسد فبالسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما وأما الرص فإنه أبيح لدم النة كلها إل الشجرة فأصبت‬
‫حاجت منه بالرص ومن أبوابه العظيمة الشبع من الطعام وإن كان حلل صافيا فإن الشبع يقوي الشهوات والشهوات أسلحة الشيطان فقد‬
‫روي أن إبليس ظهر ليحي بن زكريا عليهما السلم فرأى عليه معاليق من كل شيء فقال له يا إبليس ما هذه العاليق قال هذه الشهوات الت‬
‫أصبت با ابن آدم فقال فهل فيها من شيء قال ربا شبعت فثقلناك عن الصلة وعن الذكر قال فهل غي ذلك قال ل قال ل علي أن ل أمل‬
‫بطن من الطعام أبدا فقال له إبليس ول علي أن ل أنصح مسلما أبدا ويقال ف كثرة الكل ست خصال مذمومة أولا أن يذهب خوف ال‬
‫من قلبه الثان أن يذهب رحة اللق من قلبه لنه يظن أنم كلهم شباع والثالث أنه يثقل عن الطاعة والرابع أنه إذا سع كلم الكمة ل يد‬
‫له رقة والامس أنه إذا تكلم بالوعظة والكمة ل يقع ف قلوب الناس والسادس أن يهيج فيه المراض ومن أبوابه حب التزين من الثاث‬
‫والثياب والدار فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالبا على قلب النسان باض فيه وفرخ فل يزال يدعوه إل عمارة الدار وتزيي سقوفها وحيطانا‬
‫وتوسيع أبنيتها ويدعوه إل التزين بالثياب والدواب ويستسخره فيها طول عمره وإذا أوقعه ف ذلك فقد استغن أن يعود إليه ثانية فإن بعض‬
‫ذلك يره إل البعض فل يزال يؤديه من شيء إل شيء إل أن يساق إليه أجله فيموت وهو ف سبيل الشيطان واتباع الوى ويشى من ذلك‬
‫سوء العاقبة بالك فر نعوذ بال منه ومن أبوابه العظيمة الطمع ف الناس لنه إذا غلب الطمع على القلب ل يزل الشيطان يبب إليه التصنع‬
‫والتزين لن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حت الطموع فيه كأنه معبوده فل يزال يتفكر ف حيلة التودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل‬
‫للوصول إل ذلك وأ قل أحواله الثناء عليه با ليس فيه والداهنة له بترك ال مر بالعروف والن هي عن الن كر ف قد روى صفوان بن سليم أن‬
‫إبليس تثل لعبد ال بن حنظلة فقال له يا ابن حنظلة احفظ عن شيئا أعلمك به فقال ل حاجة ل به قال انظر فإن كان خيا أخذت وإن‬

‫‪ 1‬حديث حبك للشيء يعمي ويصم أخرجه أبو داود من حديث أب الدرداء بإسناد ضعيف‬
‫كان شرا رددت يا ابن حنظلة ل تسأل أحدا غي ال سؤال رغبة وانظر كيف تكون إذا غضبت فإن أملكك إذا غضبت ومن أبوابه العظيمة‬
‫العجلة وترك التثبت ف المور وقال صلى ال عليه وسلم العجلة من الشيطان والتأن من ال تعال ‪ 1‬وقال عز وجل خلق النسان من عجل‬
‫وقال تعال وكان النسان عجول وقال لنبيه صلى ال عليه وسلم ول تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وهذا لن العمال ينبغي‬
‫أن تكون بعد التبصرة والعرفة والتبصرة تتاج إل تأمل وتهل والعجلة تنع من ذلك وعند الستعجال يروج الشيطان شره على النسان من‬
‫حيث ل يدري فقد روي أنه لا ولد عيسى بن مري عليه السلم أتت الشياطي إبليس فقالوا أصبحت الصنام قد نكست رءوسها فقال هذا‬
‫حادث مكانكم فطار حت أتى خافقي الرض فلم يد شيئا ث وجد عيسى عليه السلم قد ولد وإذا اللئكة حافي به فرجع إليهم فقال إن‬
‫نبيا قد ولد البارحة ما حلت أنثى قط ول وضعت إل وأنا حاضرها إل هذا فأيسوا من أن تعبد الصنام بعد هذه الليلة ولكن ائتوا بن آدم‬
‫من قبل العجلة والفة ومن أبوابه العظيمة الدراهم والدناني وسائر أصناف الموال من العروض والدواب والعقار فإن كل ما يزيد على قدر‬
‫القوت والاجة فهو مستقر الشيطان فإن من معه قوته فهو فارغ القلب فلو وجد مائة دينار مثل على طريق انبعث من قلبه شهوات تتاج‬
‫كل شهوة منها إل مائة دينار أخرى فل يكفيه ما وجد بل يتاج إل تسعمائة أخرى وقد كان قبل وجود الائة مستغنيا فالن لا وجد مائة‬
‫ظن أنه صار با غنيا وقد صار متاجا إل تسعمائة ليشتري دارا يعمرها وليشتري جارية وليشتري أثاث البيت ويشتري الثياب الفاخرة وكل‬
‫شيء من ذلك يستدعي شيئا آخر يليق به وذلك ل آخر له فيقع ف هاوية آخرها عمق جهنم فل آخر لا سواهقال ثابت البنان لا بعث‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال إبل يس لشياطي نه ل قد حدث أ مر فانظروا ما هو فانطلقوا ح ت أعيوا ث جاءوا وقالوا ما ندري قال أ نا‬
‫آتيكم بالب فذهب ث جاء وقال قد بعث ال ممدا صلى ال عليه وسلم قال فجعل يرسل شياطينه إل أصحاب النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فينصرفون خائبي ويقولون ما صحبنا قوما قط مثل هؤلء نصيب منهم ث يقومون إل صلتم فيمحي ذلك فقال لم إبليس رويدا بم عسى‬
‫ال أن يفتح لم الدنيا فنصيب منهم حاجتنا‪ 2‬وروي أن عيسى عليه الصلة والسلم توسد يوما حجرا فمر به إبليس فقال يا عيسى رغبت ف‬
‫الدنيا فأخذه عيسى صلى ال عليه وسلم فرمى به من تت رأسه وقال هذا لك مع الدنيا وعلى القيقة من يلك حجرا يتوسد به عند النوم‬
‫فقد ملك من الدنيا ما يكن أن يكون عدة للشيطان عليه فإن القائم بالليل مثل للصلة مهما كان بالقرب منه حجر يكن أن يتوسده فل‬
‫يزال يدعوه إل النوم وإل أن يتوسده ولو ل يكن ذلك لكان ل يطر له ذلك ببال ول تتحرك رغبته إل النوم هذا ف حجر فكيف بن يلك‬
‫الخاد اليثرة والفرش الوطيئة والتنهات الطيبة فمت ينشط لعبادة ال تعال ومن أبوابه العظيمة البخل وخوف الفقر فإن ذلك هو الذي ينع‬
‫النفاق والتصدق ويدعو إل الدخار والكن والعذاب الليم وهو الوعود للمكاثرين كما نطق به القرآن العزيز قال خيثمة بن عبد الرحن‬
‫إن الشيطان يقول ما غلبن ابن غلبة فلن يغلبن على ثلث أن آمره أن يأخذ الال من غي حقه وإنفاقه ف غي حقه ومنعه من حقه وقال‬
‫سفيان ليس للشيطان سلح مثل خوف الفقر فإذا قبل ذلك منه أخذ ف الباطل ومنع من الق وتكلم بالوى وظن بربه ظن السوء ومن‬
‫آفات البخل الرص على ملزمة السواق لمع الال والسواق هي معشش الشياطي وقال أبو أمامة إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫إن إبليس لا نزل إل الرض قال يارب أنزلتن إل الرض وجعلتن رجيما فاجعل ل بيتا قال المام قال أجعل ل ملسا قال السواق ومامع‬
‫الطرق قال اجعل ل طعاما قال طعامك ما ل يذكر اسم ال عليه قال اجعل ل شرابا قال كل مسكر قال اجعل ل مؤذنا قال الزامي قال‬
‫اج عل ل قرآ نا قال الش عر قال اج عل ل كتا با قال الو شم قال اج عل ل حدي ثا قال الكذب قال اج عل ل م صايد قال الن ساء‪ 3‬و من أبوا به‬
‫العظيمة التوصل التعصب للمذاهب والهواء والقد على الصوم والنظر إليهم بعي الزدراء والستحقار وذلك ما يهلك العباد والفساق‬
‫جيعا فإن الطعن ف الناس والشتغال بذكر نقصهم صفة مبولة ف الطبع من الصفات السبعية فإذا خيل إليه الشيطان أن ذلك هو الق وكان‬
‫موافقا لطبعه غلبت حلوته على قلبه فاشتغل به بكل هته وهو بذلك فرحان مسرور يظن أنه يسعى ف الدين وهو ساع ف اتباع الشياطي‬
‫فترى الواحد منهم يتعصب لب بكر الصديق رضي ال عنه وهو آكل الرام ومطلق اللسان بالفضول والكذب ومتعاط لنواع الفساد ولو‬
‫رآه أبو بكر لكان أول عدو له إذ موال أب بكر من أخذ سبيله وسار بسيته وحفظ ما بي لييه وكان من سيته رضي ال عنه أن يضع‬

‫‪ 1‬حديث العجلة من الشيطان والتأن من ال أخرجه الترمذي من حديث سهل بن سعد بلفظ الناة وقال حسن‬
‫‪ 2‬حديث ثابت لا بعث صلى ال عليه وسلم قال إبليس لشياطينه لقد حدث أمر الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان هكذا مرسل‬
‫‪ 3‬حديث أب أمامة إن إبليس لا نزل إل الرض قال يارب أنزلتن إل الرض وجعلتن رجيما فاجعل ل بيتا قال المام الديث أخرجه الطبان ف الكبي وإسناده‬
‫ضعيف جدا ورواه بنحوه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف أيضا‬
‫حصاة ف فمه ليكف لسانه عن الكلم فيما ل يعنيه فأن لذا الفضول أن يدعى ولءه وحبه ول يسي بسيته وترى فضوليا آخر يتعصب‬
‫لعلي رضي ال عنه وكان من زهد علي وسيته أنه لبس ف خلفته ثوبا اشتراه بثلثة دراهم وقطع رأس الكمي إل الرسغ ونرى الفاسق‬
‫لبسا الثياب الرير ومتجمل بأموال اكتسبها من حرام وهو يتعاطى حب علي رضي ال عنه ويدعيه وهو أول خصمائه يوم القيامة وليت‬
‫شعري من أخذ ولدا عزيزا لنسان هو قرة عينه وحياة قلبه فأخذ يضربه و يزقه وينتف شعره ويقطعه بالقراض وهو مع ذلك يدعي حب‬
‫أبيه وولءه فكيف يكون حاله عنده ومعلوم أن الدين والشرع كانا أحب إل أب بكر وعمر وعثمان وعلى وسائر الصحابة رضي ال عنهم‬
‫من الهل والولد بل من أنفسهم والقتحمون لعاصي الشرع هم الذين يزقون الشرع ويقطعونه بقاريض الشهوات ويتوددون به إل عدو‬
‫ال إبليس وعدو أوليائه فترى ك يف يكون حال م يوم القيا مة ع ند ال صحابة وع ند أولياء ال تعال ل بل لو ك شف الغطاء وعرف هؤلء ما‬
‫تبه الصحابة ف أمة رسول ال صلى ال عليه وسلم لستحيوا أن يروا على اللسان ذكرهم مع قبح أفعالم ث إن الشيطان ييل إليهم أن من‬
‫مات م با لب بكر وعمر فالنار ل توم حوله وييل إل الخر أ نه إذا مات مبا لعلي ل ي كن عليه خوف وهذا رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم يقول لفاط مة ر ضي ال عن ها و هي بض عة منه‪ 1‬إعملي فإ ن ل أغ ن ع نك من ال شيئا‪ 2‬وهذا مثال أوردناه من جلة الهواء وهكذا‬
‫حكم التعصبي للشافعي وأب حنيفة ومالك وأحد وغيهم من الئمة فكل من ادعى مذهب إمام وهو ليس يسي بسيته فذلك المام هو‬
‫خ صمه يوم القيا مة إذ يقول له كان مذ هب الع مل دون الد يث بالل سان وكان الد يث بالل سان ل جل الع مل ل ل جل الذيان ف ما بالك‬
‫خالفتن ف العمل والسية الت هي مذهب ومسلكي الذي سلكته وذهبت فيه إل ال تعال ث ادعيت مذهب كاذبا وهذا مدخل عظيم من‬
‫مداخل الشيطان قد أهلك به أكثر العال وقد سلمت الدارس لقوام قل من ال خوفهم وضعفت ف الدين بصيتم وقويت ف الدنيا رغبتهم‬
‫واش تد على ال ستتباع حر صهم ول يتمكنوا من ال ستتباع وإقا مة الاه إل بالتع صب فحب سوا ذلك ف صدورهم ول ينبهو هم على مكا يد‬
‫الشيطان ف يه بل نابوا عن الشيطان ف تنف يذ مكيد ته فا ستمر الناس عل يه ون سوا أمهات دين هم ف قد هلكوا وأهلكوا فال تعال يتوب علي نا‬
‫وعليهم وقال السن بلغنا أن إبليس قال سولت لمة ممد صلى ال عليه وسلم العاصي فقصموا ظهري بالستغفار فسولت لم ذنوبا ل‬
‫يستغفرون ال تعال منها وهي الهواء وقد صدق اللعون فإنم ل يعلمون أن ذلك من السباب الت تر إل العاصي فكيف يستغفرون منها‬
‫ومن عظيم حيل الشيطان أن يشغل النسان عن نفسه بالختلفات الواقعة بي الناس ف الذاهب والصومات قال عبد ال بن مسعود جلس‬
‫قوم يذكرون ال تعال فأتاهم الشيطان ليقيمهم عن ملسهم ويفرق بينهم فلم يستطع فأتى رفقة أخرى يتحدثون بديث الدنيا فأفسد بينهم‬
‫فقاموا يقتتلون وليس إياهم يريد فقام الذ ين يذكرون ال تعال فاشتغلوا ب م يف صلون بين هم فتفرقوا عن ملسهم وذلك مراد الشيطان منهم‬
‫و من أبوابه ح ل العوام الذين ل يارسوا العلم ول يتبحروا فيه على التفكر ف ذات ال تعال وصفاته وف أمور ل يبلغها حد عقولم حت‬
‫يشككهم ف أصل الدين أو ييل إليهم ف ال تعال خيالت يتعال ال عنها يصي أحدهم با كافرا أو مبتدعا وهو به فرح مسرور مبتهج با‬
‫و قع ف صدره ي ظن ذلك هو العرفة والب صية وأنه انك شف له ذلك بذكائه وزيادة عقله فأ شد الناس حا قة أقوا هم اعتقادا ف ع قل نف سه‬
‫وأث بت الناس عقل أشد هم اتا ما لنف سه وأكثر هم سؤال من العلماء قالت عائ شة ر ضي ال عن ها قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إن‬
‫الشيطان يأت أحدكم فيقول من خلقك فيقول ال تبارك وتعال فيقول فمن خلق ال فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بال ورسوله فإن‬
‫ذلك يذهب عنه حديث عائشة أن الشيطان يأت أحدكم فيقول من خلقك فيقول ال الديث أخرجه أحد والبزار وأبو يعلى ف مسانيدهم‬
‫ورجاله ثقات وهو متفق عليه من حديث أب هريرة والنب صلى ال عليه وسلم ل يأمر بالبحث ف علج هذا الوسواس فإن هذا وسواس‬
‫يده عوام الناس دون العلماء وإنا حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتم ومعايشهم ويتركوا العلم للعلماء فالعامي لو يزن ويسرق‬
‫كان خيا له من أن يتكلم ف العلم فإنه من تكلم ف ال وف دينه من غي إتقان العلم وقع ف الكفر من حيث ل يدري كمن يركب لة‬
‫الب حر و هو ل يعرف ال سباحة ومكا يد الشيطان في ما يتعلق بالعقائد والذا هب ل ت صر وإن ا أرد نا ب ا أوردناه الثال و من أبوا به سوء ال ظن‬
‫بالسلمي قال ال تعال يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيا من الظن إن بعض الظن إث فمن يكم بشر على غيه بالظن بعثه الشيطان على أن‬
‫يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك أو يقصر ف القيام بقوقه أو يتوان ف إكرامه وينظر إليه بعي الحتقار ويرى نفسه خيا منه وكل ذلك من‬

‫‪ 1‬حديث فاطمة بضعة من متفق عليه من حديث السور بن مرمة‬


‫‪ 2‬حديث إن ل أغن عنك من ال شيئا قاله لفاطمة متفق عليه من حديث أب هريرة‬
‫الهلكات ولجل ذلك منع الشرع من التعرض للتهم فقال صلى ال عليه وسلم اتقوا مواضع التهم‪ 1‬حت احترز هو صلى ال عليه وسلم من‬
‫ذلك روي عن علي بن حسي أن صفية بنت حي بن أخطب أخبته أن النب صلى ال عل يه وسلم كان معتك فا ف ال سجد قالت فأتيته‬
‫فتحدثت عنده فلما أمسيت انصرفت فقام يشي معي فمر به رجلن من النصار فسلما ث انصرفا فناداها وقال إنا صفة بنت حي فقال يا‬
‫ر سول ال ما ن ظن بك إل خيا فقال إن الشيطان يرى من ا بن آدم مرى الدم من ال سد وإ ن خش يت أن يد خل عليكما‪ 2‬فان ظر ك يف‬
‫أشفق صلى ال عليه وسلم على دينهما فحرسهما وكيف أشفق على أمته فعلمهم طريق الحتراز من التهمة حت ل يتساهل العال الورع‬
‫العروف بالدين ف أحواله فيقول مثلي ل يظن به إل الي إعجابا منه بنفسه فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم ل ينظر الناس كلهم إليه بعي‬
‫واحدة بل بعي الرضا بعضهم وبعي السخط بعضهم ولذلك قال الشاعر وعي الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عي السخط تبدي الساويا‬
‫فيجب الحتراز عن ظن السوء وعن تمة الشرار فإن الشرار ل يظنون بالناس كلهم إل الشر فمهما رأيت إنسانا يسيء الظن بالناس طالبا‬
‫للعيوب فاعلم أنه خبيث الباطن وأن ذلك خبثه يترشح منه وإنا رأى غيه من حيث هو فإن الؤمن يطلب العاذير والنافق يطلب العيوب‬
‫والؤمن سليم الصدر ف حق كافة اللق فهذه بعض مداخل الشيطان إل القلب ولو أردت استقصاء جيعها ل أقدر عليه وف هذا القدر ما‬
‫ينبه على غيه فليس ف الدمي صفة مذمومة إل وهي سلح الشيطان ومدخل من مداخله فإن قلت فما العلج ف دفع الشيطان وهل يكفي‬
‫ف ذلك ذ كر ال تعال وقول النسسان ل حول ول قوة إل بال فاعلم أن علج القلب فس ذلك سسد هذه الدا خل بتطهيس القلب من هذه‬
‫الصفات الذمومة وذلك ما يطول ذكره وغرضنا ف هذا الربع من الكتاب بيان علج الصفات الهلكات وتتاج كل صفة إل كتاب منفرد‬
‫على ما سيأت شرحه نعم إذا قطعت من القلب أصول هذه الصفات كان للشيطان بالقلب اجتيازات وخطرات ول يكن له استقرار وينعه‬
‫من الجتياز ذكر ال تعال لن حقيقة الذكر ل تتمكن من القلب إل بعد عمارة القلب بالتقوى وتطهيه من الصفات الذمومة وإل فيكون‬
‫الذكر حديث نفس ل سلطان له على القلب فل يدفع سلطان الشيطان ولذلك قال ال تعال إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان‬
‫تذكروا فإذا هم مبصرون خصص بذلك التقى فمثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك فإن ل يكن بي يديك خبز أو لم فإنه ينجر‬
‫بأن تقول له اخسأ فمجرد الصوت يدفعه فإن كان بي يديك لم وهو جائع فإنه يهجم على اللحم ول يندفع بجرد الكلم فالقلب الال‬
‫عن قوت الشيطان ين جر ع نه بجرد الذ كر فأ ما الشهوة إذا غل بت على القلب دف عت حقي قة الذ كر إل حوا شي القلب فلم يتم كن من‬
‫سويدائه في ستقر الشيطان ف سويداء القلب وأ ما قلوب التق ي الال ية من الوى وال صفات الذمو مة فإ نه يطرق ها الشيطان ل للشهوات بل‬
‫للوها بالغفلة عن الذكر فإذا عاد إل الذكر خنس الشيطان ودليل ذلك قوله تعال فاستعذ بال من الشيطان الرجيم وسائر الخبار واليات‬
‫الواردة ف الذكر قال أبو هريرة التقى شيطان الؤمن وشيطان الكافر فإذا شيطان الكافر دهي سي كاس وشيطان الؤمن مهزول أشعث أغب‬
‫عار فقال شيطان الكافر لشيطان الؤمن مالك مهزول قال أنا مع رجل إذا أكل سى ال فأظل جائعا وإذا شرب سى ال فأظل عطشانا وإذا‬
‫لبس سى ال فأظل عريانا وإذا أدهن سى ال فأظل شعثا فقال لكن مع رجل ل يفعل شيئا من ذلك فأنا أشاركه ف طعامه وشرابه ولباسه‬
‫وكان ممد بن واسع يقول كل يوم بعد صلة الصبح اللهم إنك سلطت علينا عدوا بصيا بعيوبنا يرانا هو وقبيله من حيث ل نراهم اللهم‬
‫فآيسه منا كما آيسته من رحتك وقنطه منا كما قنطته من عفوك وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبي رحتك إنك على كل شيء قدير‬
‫قال فتمثل له إبليس يوما ف طريق السجد فقال له يا ابن واسع هل تعرفن قال ومن أنت قال أنا إبليس فقال وما تريد قال أريد أن ل تعلم‬
‫أحد هذه الستعاذة ول أتعرض لك قال وال ل أمنعها من أراد فاصنع ما شئت وعن عبد الرحن ابن أب ليلى قال كان شيطان يأت النب‬
‫صلى ال عل يه و سلم بيده شعلة من نار فيقوم ب ي يد يه و هو ي صلي فيقرأ ويتعوذ فل يذ هب فأتاه جبائ يل عل يه ال سلم فقال له قل أعوذ‬
‫بكلمات ال التامات الت ل ياوزهن بر ول فاجر من شر ما يلج ف الرض وما يرج منها وما ينل من السماء وما يعرج فيها ومن فت‬
‫الل يل والنهار و من طوارق الل يل والنهار إل طار قا يطرق ب ي يا رح ن فقال ذلك فطفئت شعل ته و خر على وجهه‪ 3‬وقال ال سن نبئت أن‬

‫‪ 1‬حديث اتقوا مواضع التهم ل أجد له أصل‬


‫‪ 2‬حديث صفية بنت حي أن النب صلى ال عليه وسلم كان معتكفا فأتيته فتحدثت عنده الديث وفيه أن الشطيان يري من ابن آدم مرى الدم متفق عليه‬
‫‪ 3‬حديث عبد الرحن بن أب ليلى كان الشيطان يأت النب صلى ال عليه وسلم بيده شعلة من نار الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان هكذا مرسل ولالك‬
‫ف الوطأ نوه عن يي بن سعيد مرسل ووصله ابن عبد الب ف التمهيد من رواية يي ابن ممد بن عبد الرحن بن سعد بن زرارة عن عياش الشامي عن ابن مسعود‬
‫ورواه أحد والبزار من حديث عبد الرحن بن حبيش وقيل له كيف صنع رسول ال صلى ال عليه وسلم ليلة كادته الشياطي فذكر نوه‬
‫جبائيل عليه السلم أتى النب صلى ال عليه وسلم فقال إن عفريتا من الن يكيدك فإذا أويت إل فراشك فاقرأ آية الكرسي ‪ 1‬وقال صلى ال‬
‫عليه وسلم أتان الشيطان فنازعن ث نازعن فأخذت بلقه فوالذي بعثن بالق ما أرسلته حت وجدت برد ماء لسانه على يدي ولول دعوة‬
‫أخي سليمان عليه السلم لصبح طريا ف السجد‪ 2‬وقال صلى ال عليه وسلم ما سلك عمر فجا إل سلك الشيطان فجا غي الذي سلكه‬
‫عمر‪ 3‬وهذا لن القلوب كانت مطهرة عن مرعى الشيطان وقوته وهي الشهوات فمهما طم عت ف أن يندفع الشيطان عنك بجرد الذكر‬
‫كما اندفع عن عمر رضي ال عنه كان مال وكنت كمن يطمع أن يشرب دواء قبل الحتماء والعدة مشغولة بغليظ الطعمة ويطمع أن‬
‫ينف عه كما ن فع الذي شربه بعد الحتماء وتلية العدة والذ كر الدواء والتقوى احتماء وهي تلي القلب عن الشهوات فإذا نزل الذكر قلبا‬
‫فارغا عن غي الذكر اندفع الشيطان كما تندفع العلة بنول الدواء ف العدة الالية عن الطعمة قال ال تعال إن ف ذلك لذكرى لن كان له‬
‫قلب وقال تعال كتب عليه أنه من توله فأنه يضله ويهديه إل عذاب السعي ومن ساعد الشيطان بعمله فهو مواليه وإن ذكر ال بلسانه وإن‬
‫كنت تقول الديث قد ورد مطلقا بأن الذكر يطرد الشيطان‪ 4‬ول تفهم أن أكثر عمومات الشرع مصوصة بشروط نقلها علماء الدين فأنظر‬
‫إل نف سك فل يس ال ب كالعيان وتأ مل أن منت هى ذكرك وعباد تك ال صلة فرا قب قل بك إذا ك نت ف صلتك ك يف ياذ به الشيطان إل‬
‫السواق وحساب العالي وجواب العاندين وكيف ير بك ف أودية الدنيا ومهالكها حت إنك ل تذكر ما قد نسيته من فضول الدنيا إل ف‬
‫صلتك ول يزد حم الشيطان على قل بك إل إذا صليت فال صلة م ك القلوب فب ها يظ هر ما سنها وم ساويها فال صلة ل تق بل من القلوب‬
‫الشحونة بشهوات الدنيا فل جرم ل ينطرد عنك الشيطان بل ربا يزيد عليك الوسواس كما أن الدواء قبل الحتماء ربا يزيد عليك الضرر‬
‫فإن أردت اللص من الشيطان فقدم الحتماء بالتقوى ث أردفه بدواء الذكر يفر الشيطان منك كما فر من عمر رضي ال عنه ولذلك قال‬
‫وهب بن منبه اتق ال ول تسب الشيطان ف العلنية وأنت صديقه ف السر أي أنت مطيع له وقال بعضهم يا عجبا لن يعصى الحسن بعد‬
‫معرفته بإحسانه ويطيع اللعي بعد معرفته بطغيانه وكما أن ال تعال قال ادعون استجب لكم وأنت تدعوه ول يستجيب لك فكذلك تذكر‬
‫ال ول يهرب الشيطان م نك لف قد شروط الذ كر والدعاء ق يل لبراه يم بن أد هم ما بال نا ند عو فل ي ستجاب ل نا و قد قال تعال ادعو ن‬
‫استجب لكم قال لن قلوب كم مي تة قيل و ما الذي أمات ا قال ثان خصال عرفتم حق ال ول تقوموا ب قه وقرأ ت القرآن ول تعملوا بدوده‬
‫وقلتم نب رسول ال صلى ال عليه وسلم ول تعملوا بسنته وقلتم نشى الوت ول تستعدوا له وقال تعال إن الشيطان لكم عدوا فاتذوه‬
‫عدوا فواطأتوه على العاصي وقلتم ناف النار وأرهقتم أبدانكم فيها وقلتم نب النة ول تعملوا لا وإذا قمتم من فرشكم رميتم عيوبكم‬
‫وراء ظهوركم وافترشتم عيوب الناس أمامكم فأسخطتم ربكم فكيف يستجيب لكم فإن قلت فالداعي إل العاصي الختلفة شيطان واحد‬
‫أو شياطي متلفون فاعلم أنه ل حاجة لك إل معرفة ذلك ف العاملة فاشتغل بدفع العدو ول تسأل عن صفته كل البقل من حيث يؤت ول‬
‫تسأل عن البقلة ولكن الذي يتضح بنور الستبصار ف شواهد الخبار أنم جنود مندة وأن لكل نوع من العاصي شيطانا يصه ويدعو إليه‬
‫فأما طريق الستبصار فذكره يطول ويكفيك القدر الذي ذكرناه وهو أن اختلف السببات يدل على اختلف السباب كما ذكرناه ف نور‬
‫النار و سواد الدخان وأ ما الخبار ف قد قال ما هد لبل يس خ سة من الولد قد ج عل كل وا حد من هم على ش يء من أمره ثب والعور‬
‫ومب سوط وداسم وزلنبور فأ ما ثب ف هو صاحب ال صائب الذي يأ مر بالثبور و شق اليوب ول طم الدود ودعوى الاهل ية وأ ما العور فإ نه‬
‫صاحب الزنا يأمر به ويزينه وأما مبسوط فهو صاحب الكذب وأما داسم فإنه يدخل مع الرجل إل أهله يرميهم بالعيب عنده ويغضبه عليهم‬
‫وأ ما زلنبور ف هو صاحب ال سوق فب سببه ل يزالون متظلم ي وشيطان ال صلة ي سمى خنب‪ 5‬وشيطان الوضوء ي سمى الولان‪ 6‬و قد ورد ف‬
‫ذلك أخبار كثية وكما أن الشياطي فيهم كثرة فكذلك ف اللئ كة و قد ذكرنا ف كتاب الش كر ال سر ف كثرة اللئ كة واخت صاص كل‬
‫‪ 1‬حديث السن نبئت أن جبيل أتى النب صلى ال عليه وسلم فقال إن عفريتا من الن يكيدك الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان هكذا مرسل‬
‫‪ 2‬حديث أتان شيطان فنازعن ث نازعن فأخذت بلقه الديث أخرجه ابن أب الدنيا من رواية الشعب مرسل هكذا وللبخاري من حديث أب هريرة أن عفريتا من الن‬
‫تفلت علي البارحة أو كلمة نوها ليقطع علي صلت فأمكنن ال منه الديث والنسائي ف الكبى من حديث عائشة كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه‬
‫وقال حت وجدت برد لسانه على يدي الديث وإسناده جيد‬
‫‪ 3‬حديث ما سلك عمر فجا إل سلك الشيطان فجا غي فجه متفق عليه من حديث سعد بن أب وقاص بلفظ يا ابن الطاب ما لقيك الشيطان سالكا فجا الديث‬
‫‪ 4‬الديث الوارد بأن الذكر يا عمر يطرد الشيطان تقدم‬
‫‪ 5‬حديث إن شيطان الصلة يسمى خنب أخرجه مسلم من حديث عثمان بن أب العاص وقد تقدم أول الديث‬
‫‪ 6‬حديث إن شيطان الوضوء يسمى الولان تقدم وهو عند الترمذي من حديث أب‬
‫واحد منهم بعمل منفرد به وقد قال أبو أمامة الباهلي قال رسول ال صلى ال عليه وسلم وكل بالؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما ل‬
‫يقدر عليه من ذلك للبصر سبعة أملك يذبون عنه كما يذب الذباب عن قصعة العسل ف اليوم الصائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل‬
‫سهل وجبل كل باسط يده فاغر فاه ولو وكل العبد إل نفسه طرفة عي لختطفته الشياطي ‪ 1‬وقال أيوب بن يونس بن يزيد بلغنا أنه يولد‬
‫من أبناء النس من أبناء الن ث ينشئون معهم وروى جابر ابن عبد ال أن آدم عليه السلم لا هبط إل الرض قال يارب هذا الذي جعلت‬
‫بي ن وبي نه عداوة إن ل تع ن عل يه ل أقوى عل يه قال ل يولد لك ولد إل و كل به ملك قال يارب زد ن قال أجزي بال سيئة سيئة وبال سنة‬
‫عشرا إل ما أريد قال رب زدن قال باب التوبة مفتوح ما دام ف السد الروح قال إبليس يارب هذا العبد الذي كرمته علي إن ل تعن عليه‬
‫ل أقوى عل يه قال ل يولد له ولد إل ولد لك ولد قال يارب زد ن قال تري من هم مرى الدم وتتخذون صدورهم بيو تا قال رب زد ن قال‬
‫أجلب علي هم بيلك ورجلك إل قوله غرورا و عن أب الدرداء ر ضي ال ع نه قال قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم خلق ال الن ثل ثة‬
‫أ صناف صنف حيات وعقارب وخشاش الرض و صنف كالر يح ف الواء و صنف علي هم الثواب والعقاب وخلق ال تعال ال نس ثل ثة‬
‫أصناف صنف كالبهائم كما قال تعال لم قلوب ل يفقهون با ولم أعي ل يبصرون با ولم آذان ل يسمعون با أولئك كالنعام بل هم‬
‫أضل وصنف أجسامهم أجسام بن آدم وأرواحهم أرواح الشياطي وصنف ف ظل ال تعال يوم القيامة يوم ل ضل إل ظله‪ 2‬وقال وهيب بن‬
‫الورد بلغنا أن إبليس تثل ليحي بن زكريا عليهما السلم وقال إن أريد أن أنصحك قال ل حاجة ل ف نصحك ولكن أخبن عن بن آدم‬
‫قال هم عندنا ثلثة أصناف أما صنف منهم وهم أشد الصناف علينا نقبل على أحدهم حت نفتنه ونتمكن منه فيفزع إل الستغفار والتوبة‬
‫فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ث نعود إليه فيعود فل نن نيأس منه ول نن ندرك منه حاجتنا فنحن منه ف عناء وأما الصنف الخر فهم‬
‫ف أيدينا بنل الكرة ف أيدي صبيانكم نقلبهم كيف شئنا قد كفونا أنفسهم وأما الصنف الثالث فهم مثلك معصومون ل نقدر منهم على‬
‫شيء فإن قلت فكيف يتمثل الشيطان لبعض الناس دون البعض وإذا رأى صورة فهل هي صورته القيقية أو هو مثال يثل له به فإن كان‬
‫على صورته القيقية فكيف يرى بصور متلفة وكيف يرى ف وقت واحد ف مكاني وعلى صورتي حت يراه شخصان بصورتي متلفتي‬
‫فأعلم أن اللك والشيطان لما صورتان هي حقيقة صورتما ول تدرك حقيقة صورتما بالشاهدة إل بأنوار النبوة فما رأى النب صلى ال‬
‫عليه وسلم جبائيل عليه السلم ف صورته إل مرتي‪ 3‬وذلك أنه سأله أن يريه نفسه على صورته فواعده بالبقيع وظهر له براء فسد الفق من‬
‫الشرق إل الغرب ورآه مرة أخرى على صورته ليلة العراج عند سدرة النتهى وإنا كان يراه ف صورة الدمي غالبا ‪ 4‬فكان يراه ف صورة‬
‫دحية الكلب‪ 5‬وكان رجل حسن الوجه والكثر أنه يكاشف أهل الكاشفة من أرباب القلوب بثال صورته فيتمثل الشيطان له ف اليقظة فياه‬
‫بعينه ويسمع كلمه بأذنه فيقوم ذلك مقام حقيقة صورته كما ينكشف ف النام لكثر الصالي وإنا الكاشف ف اليقظة هو الذي انتهى إل‬
‫رتبة ل ينعه اشتغال الواس بالدنيا عن الكاشفة الت تكون ف النام فيى ف اليقظة ما يراه غيه ف النام كما روى عن عمر بن عبد العزيز‬
‫رحه ال أن رجل سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من قلب ابن آدم فرأى ف النوم جسد رجل شبه البلور يرى داخله من خارجه ورأى‬
‫الشيطان ف صورة ضفدع قاعد على منكبه اليسر بي منكبه وأذنه له خرطوم طويل دقيق قد أدخله من منكبه اليسر إل قلبه يوسوس إليه‬
‫فإذا ذكر ال تعال خنس ومثل هذا قد يشاهد بعينه ف اليقظة فقد رآه بعض الكاشفي ف صورة كلب جاث على جيفة يدعو الناس إليها‬
‫وكا نت الي فة مثال الدن يا وهذا يري مرى مشاهدة صورته القيق ية فإن القلب ل بد وأن تظ هر ف يه حقي قة من الو جه الذي يقا بل عال‬
‫اللكوت وعند ذلك يشرق أثره على وجهه الذي يقابل عال اللك والشهادة لن أحدها متصل بالخر وقد بينا أن القلب له وجهان وجه‬

‫‪ 1‬حديث أب أمامة وكل بالؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان والطبان ف العجم الكبي بإسناد ضعيف‬
‫‪ 2‬حديث أب الدرداء خلق ال الن ثلثة أصناف صنف حيات وعقارب الديث أخرجه ابن أب الدنيا ف مكايد الشيطان وابن حبان ف الضعفاء ف ترجة يزيد بن سنان‬
‫وضعفه والاكم نوه متصرا ف الن فقط ثلثة أصناف من حديث أب ثعلبة الشن وقال صحيح السناد‬
‫‪ 3‬حديث أنه صلى ال عليه وسلم ما رأى جبيل ف صورته إل مرتي أخرجه الشيخان من حديث عائشة وسئلت هل رأى ممد ربه وفيه ولكنه رأى جبيل ف صورته‬
‫مرتي‬
‫‪ 4‬حديث أنه كان يرى جبيل ف صورة الدمي غالب أخرجه الشيخان من حديث عائشة وسئلت فأين قوله ث دنا فتدل قالت ذاك جبيل كان يأتيه ف صورة الرجل‬
‫الديث‬
‫‪ 5‬حديث أنه كان يرى جبيل ف صورة دحية الكلب أخرجه الشيخان من حديث أسامة بن زيد أن جبيل أتى النب صلى ال عليه وسلم وعنده أم سلمة فجعل يدث‬
‫ث قام قال النب صلى ال عليه وسلم لم سلمة من هذا قالت دحية الديث‬
‫إل عال الغيب وهو مد خل اللام والوحي ووجه إل عال الشهادة فالذي يظ هر منه ف الوجه الذي يلي جانب عال الشهادة ل يكون إل‬
‫صورة متخيلة لن عال الشهادة كله متخيلت إل أن اليال تارة يصل من النظر إل ظاهر عال الشهادة بالس فيجوز أن ل تكون الصورة‬
‫على وفق العن حت يرى شخصا جيل الصورة وهو خبيث الباطن قبيح السر لن عال الشهادة عال كثي التلبيس أما الصورة الت تصل ف‬
‫اليال من إشراق عال اللكوت على باطن سر القلوب فل تكون إل ماكية للصفة وموافقة لا لن الشيطان ف صورة كلب وضفدع للصفة‬
‫وموافقة لا فل جرم ل يرى العن القبيح إل بصورة قبيحة فيى الشيطان ف صورة كلب وضفدع وخنير وغيها ويرى اللك ف صورة‬
‫جيلة فتكون تلك الصورة عنوان العان وماكية لا بالصدق ولذلك يدل القرد والنير ف النوم على إنسان خبيث وتدل الشاة على إنسان‬
‫سليم ال صدر وهكذا ج يع أبواب الرؤ يا والت عبي وهذه أ سرار عجي بة و هي من أ سرار عجائب القلب ول يل يق ذكر ها بعلم العاملة وإن ا‬
‫القصسود أن تصسدق بأن الشيطان ينكشسف لرباب القلوب وكذلك اللك تارة بطريسق التمثيسل والحاكاة كمسا يكون ذلك فس النوم وتارة‬
‫بطريق القيقة والكثر هو التمثيل بصورة ماكية للمعن هو مثال العن ل عي العن إل أنه يشاهد بالعي مشاهدة مققة وينفرد بشاهدته‬
‫الكاشف دون من حوله كالنائم‪.‬‬
‫بيان ما يؤاخذ به العبد من وساوس القلوب وهها وخواطرها وقصودها وما يعفى عنه ول‬
‫يؤاخذ به‬
‫اعلم أن هذا أمر غامض وقد وردت فيه آيات وأخبار متعارضة يلتبس طريق المع بينها إل على ساسرة العلماء بالشرع فقد روي عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال عفى عن أمت ما حدثت به نفوسها ما ل تتكلم به أو تعمل به‪ 1‬وقال أبو هريرة قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إن ال تعال يقول للحفظة إذا هم عبدي بسيئة فل تكتبوها فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هم بسنة ل يعملها فاكتبوها حسنة فإن‬
‫عملها فاكتبوها عشرا‪ 2‬وقد خرجه البخاري ومسلم ف الصحيحي وهو دليل على العفو عن عمل القلب وهه بالسيئة وف لفظ آخر من هم‬
‫بسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بسنة فعملها كتبت له إل سبعمائة ضعف ومن هم بسيئة فلم يعملها ل تكتب عليه وإن عملها‬
‫كتبت وف ل فظ آ خر وإذا تدث بأن يعمل سيئة فأ نا أغفرها له ما ل يعمل ها وكل ذلك يدل على الع فو فأ ما ما يدل على الؤاخذة فقوله‬
‫سبحانه إن تبدوا ما ف أنف سكم أو تفوه يا سبكم به ال فيغ فر ل ن يشاء ويعذب من يشاء وقوله تعال ول ت قف ما ل يس لك به علم إن‬
‫السمع والب صر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول فدل على أن عمل الفؤاد كعمل السمع والبصر فل يعفي عنه وقوله تعال ول تكتموا‬
‫الشهادة ومن يكتمها فإنه آث قلبه وقوله تعال ل يؤاخذكم ال باللغو ف أيانكم ولكن يؤاخذكم با كسبت قلوبكم والق عندنا ف هذه‬
‫السألة ل يوقف عليه ما ل تقع الحاطة بتفصيل أعمال القلوب من مبدأ ظهورها إل أن يظهر العمل على الوارح فنقول أول ما يرد على‬
‫القلب الاطر كما لو خطر له مثل صورة امرأة وأنا وراء ظهره ف الطريق لو التفت إليها لرآها والثان هيجان الرغبة إل النظر وهو حركة‬
‫الشهوة ف الطبع وهذا يتولد من الاطر الول ونسميه ميل الطبع ويسمى الول حديث النفس والثالث حكم القلب بأن هذا ينبغي أن يفعل‬
‫أي ينبغي أن ينظر إليها فإن الطبع إذا مال ل تنبعث المة والنية ما ل تندفع الصوارف فإنه قد ينعه حياء أو خوف من اللتفات وعدم هذه‬
‫الصوارف ربا يكون بتأمل وهو على كل حال حكم من جهة العقل ويسمى هذا اعتقادا وهو يتبع الاطر واليل الرابع تصميم العزم على‬
‫اللتفات وجزم النية فيه وهذا نسميه ها بالفعل ونية وقصدا وهذا الم قد يكون له مبدأ ضعيف ولكن إذا أصغى القلب إل الاطر الول‬
‫حت طالت ماذبته للنفس تأكد هذا الم وصار إرادة مزومة فإذا انزمت الرادة فربا يندم بعد الزم فيترك العمل وربا يغفل بعارض فل‬
‫يعمل به ول يلتفت إليه وربا يعوقه عائق فيتعذر عليه العمل فههنا أربع أحوال للقلب قبل العمل بالارحة الاطر وهو حديث النفس ث اليل‬
‫ث العتقاد ث الم فنقول أما الاطر فل يؤاخذ به لنه ل يدخل تت الختيار وكذلك اليل وهيجان الشهوة لنما ل يدخلن أيضا تت‬
‫الختيار وها الرادان بقوله صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم عفى عن أمت ما حدثت به نفوسها فحديث النفس عبارة عن الواطر‬
‫ال ت ت جس ف الن فس ول يتبع ها عزم على الف عل فأ ما ال م والعزم فل ي سمى حد يث الن فس بل حد يث الن فس ك ما روي عن عثمان بن‬

‫‪ 1‬حديث عفى لمت عما حدثت به نفوسها متفق عليه من حديث أب هريرة إن ال تاوز لمت عما حدثت به أنفسها الديث‬
‫‪ 2‬حديث أب هريرة يقول ال إذا هم عبدي بسيئة فل تكتبوها عليه الديث قال الصنف أخرجه مسلم والبخاري ف الصحيحي قلت هو كما قال واللفظ لسلم فلهذا‬
‫وال أعلم قدمه ف الذكر‬
‫مظعون حيث قال للنب صلى ال عليه وسلم يا رسول ال نفسي تدثن أن أطلق خولة قال مهل إن من سنت النكاح قال نفسي تدثن أن‬
‫أجب نف سي قال مهل خ صاء أمت دءوب ال صيام قال نف سي تدث ن أن أتر هب قال مهل رهبان ية أمت الهاد وال ج قال نف سي تدثن أن‬
‫أترك اللحم قال مهل فإن أحبه ولو أصبته لكلته ولو سألت ال لطعمنيه‪ 1‬فهذه الواطر الت ليس معها عزم على الفعل هي حديث النفس‬
‫ولذلك شاور رسول ال صلى ال عليه وسلم إذ ل يكن معه عزم وهم بالفعل وأما الثالث وهو العتقاد وحكم القلب بأنه ينبغي أن يفعل‬
‫فهذا تردد بي أن يكون اضطرارا أو اختيارا والحوال تتلف فيه فالختياري منه يؤاخذ به والضطراري ل يؤاخذ به وأما الرابع وهو الم‬
‫بالفعل فإنه مؤاخذ به إل أنه إن ل يفعل نظر فإن كان قد تركه خوفا من ال تعال وندما على هه كتبت له حسنة لن هه سيئة وامتناعه‬
‫وماهد ته نف سه ح سنة وال م على و فق الط بع م ا يدل على تام الغفلة عن ال تعال والمتناع بالجاهدة على خلف الط بع يتاج إل قوة‬
‫عظيمة فجده ف مالفة الطبع هو العمل ل تعال والعمل ل تعال أشد من جده ف موافقة الشيطان بوافقة الطبع فكتب له حسنة لنه رجح‬
‫جده ف المتناع وه ه به على ه ه بالف عل وإن تعوق الف عل بعائق أو تر كه بعذر ل خو فا من ال تعال كت بت عل يه سيئة فإن ه ه ف عل من‬
‫القلب اختياري والدليل على هذا التفصيل ما روى ف الصحيح مفصل ف لفظ الديث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم قالت اللئكة‬
‫عليهم السلم رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن هو عملها فاكتبوها له بثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة‬
‫إنا تركها من جرائي‪ 2‬وحيث قال فإن ل يعملها أراد به تركها ل فأما إذا عزم على فاحشة فتعذرت عليه بسبب أو غفلة فكيف تكتب له‬
‫ح سنة و قد قال صلى ال عل يه و سلم إن ا ي شر الناس على نياتم‪ 3‬ون ن نعلم أن من عزم ليل على أن ي صبح ليق تل م سلما أو يز ن بامرأة‬
‫فمات تلك الليلة مات مصرا ويشر على نيته وقد هم بسيئة ول يعملها والدليل القاطع فيه ما روي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال إذا‬
‫التقى السلمان بسيفيهما فالقاتل والقتول ف النار فقيل يا رسول ال هذا القاتل فما بال القتول قال لنه أراد قتل صاحبه ‪ 4‬وهذا نص ف أنه‬
‫صار بجرد الرادة من أهل النار مع أنه قتل مظلوما فكيف يظن أن ال ل يؤاخذ بالنية والم بل كل هم دخل تت اختيار العبد فهو مؤاخذ‬
‫به إل أن يكفره بسنة ونقض العزم بالندم حسنة فلذلك كتبت له حسنة فأما فوت الراد بعائق فليس بسنه وأما الواطر وحديث النفس‬
‫وهيجان الرغ بة ف كل ذلك ل يد خل ت ت اختيار فالؤاخذة به تكل يف ما ل يطاق ولذلك ل ا نزل قوله تعال وإن تبدوا ما ف أنف سكم أو‬
‫تفوه ياسبكم به ال جاء ناس من الصحابة إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وقالوا كلفنا ما ل نطيق إن أحدنا ليحدث نفسه با ل يب‬
‫أن يثبت ف قلبه ث ياسب بذلك فقال صلى ال عليه وسلم لعلكم تقولون كما قالت اليهود سعنا وعصينا قولوا سعنا وأطعنا فقالوا سعنا‬
‫وأطعنا‪ 5‬فأنزل ال الفرج بعد سنة بقوله ل يكلف ال نفسا إل وسعها فظهر به أن كل ما ل يدخل تت الوسع من أعمال القلب هو الذي‬
‫ل يؤاخذ به فهذا هو كشف الغطاء عن هذا اللتباس وكل من يظن أن كل ما يري على القلب يسمى حديث النفس ول يفرق بي هذه‬
‫القسام الثلثة فل بد وأن يغلط وكيف ل يؤاخذ بأعمال القلب من الكب والعجب والرياء والنفاق والسد وجلة البائث من أعمال القلب‬

‫‪ 1‬حديث إن عثمان بن مظعون قال يا رسول ال نفسي تدثن أن أطلق خولة قال مهل إن من سنت النكاح الديث أخرجه الترمذي الكيم ف نوادر الصول من رواية‬
‫علي بن زيد عن سعيد بن السيب مرسل نوه وفيه القاسم بن عبيد ال العمري كذبه أحد بن حنبل ويي بن معي وللدارمي من حديث سعد بن أب وقاص لا كان‬
‫من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال يا عثمان إن ل أومر بالرهبانة الديث وفيه من رغب عن سنت‬
‫فليس من وهو عندكم بلفظ رد رسول ال صلى ال عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لختصينا وللبغوي والطبان ف معجمي الصحابة بإسناد حسن‬
‫من حديث عثمان بن مظعون أنه قال يا رسول ال إن رجل تشق علي هذه العزوبة ف الغازي فتأذن ل يا رسول ال ف الصاء فأختصي قال ل ولكن عليك يا ابن‬
‫مظعون بالصيام فإنه مفرة ولحد والطبان بإسناد جيد من حديث عبد ال بن عمرو خصاء أمت الصيام والقيام وله من حديث سعيد بن العاص بإسناد فيه ضعف إن‬
‫عثمان بن مظعون قال يا رسول ال ائذن ل ف الختصاء فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم إن ال قد أبدلنا بالرهبانية النيفية السمحة والتكبي على كل شرف‬
‫الديث وابن ماجه بسند ضعيف من حديث عائشة النكاح من سنت ولحد وأب يعلى من حديث أنس لكل نب وقال أبو يعلى لكل أمة رهبانية ورهبانية هذه المة‬
‫الهاد ف سبيل ال وفيه زيد العمى وهو ضعيف ولب داود من حديث أب أمامة إن سياحة أمت الهاد ف سبيل ال وإسناده جيد‬
‫‪ 2‬حديث قالت اللئكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر الديث قال الصنف إنه ف الصحيح وهو كما قال ف صحيح مسلم من حديث أب هريرة‬
‫‪ 3‬حديث إنا يشر الناس على نياتم أخرجه ابن ماجة من حديث جابر دون قوله إنا وله من حديث أب هريرة إنا يبعث الناس على نياتم وإسنادها حسن ومسلم من‬
‫حديث عائشة يبعثهم ال على نياتم وله من حديث أم سلمة يبعثون على نياتم‬
‫‪ 4‬حديث إذا التقى بسيفيهما فالقاتل والقتول ف النار الديث متفق عليه من حديث أب بكرة‬
‫‪ 5‬حديث لا نزل قوله تعال وإن تبدوا ما ف أنفسكم أو تفوه ياسبكم به ال جاء ناس من الصحابة إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا كلفنا ما ل نطيق الديث‬
‫أخرجه مسلم من حديث أب هريرة وابن عباس نوه‬
‫بل السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول أي ما يدخل تت الختيار فلو وقع البصر بغي اختيار على غي ذي مرم ل يؤاخذ به‬
‫فإن أتبعها نظرة ثانية كان مؤاخذا به لنه متار فكذا خواطر القلب تري هذا الجرى بل القلب أول بؤاخذته لنه الصل قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم التقوى ههنا وأشار إل القلب‪ 1‬وقال ال تعال لن ينال ال لومها ول دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وقال صلى ال‬
‫عليه وسلم الث حواز القلوب‪ 2‬وقال الب ما اطمأن إليه القلب وإن أفتوك وأفتوك‪ 3‬حت إنا نقول إذا حكم القلب الفت بإياب شيء وكان‬
‫مطئا فيه صار مثابا عليه بل من قد ظن أنه تطهر فعليه أن يصلي فإن صلى ث تذكر أنه ل يتوضأ كان له ثواب بفعله فإن تذكر ث تركه كان‬
‫معاقبا عليه ومن وجد على فراشه امرأة فظن أنا زوجته ل يعص بوطئها وإن كانت أجنبية فإن ظن أنا أجنبية ث وطئها عصى بوطئها وإن‬
‫كانت زوجته وكل ذلك نظر إل القلب دون الوارح‪.‬‬
‫بيان أن الوسواس هل يتصور أن ينقطع بالكلية عند الذكر أم ل‬
‫اعلم أن العلماء الراقبي للقلوب الناظرين ف صفاتا وعجائبها اختلفوا ف هذه السألة على خس فرق فقالت فرقة الوسوسة تنقطع بذكر ال‬
‫عز وجل لنه صلى ال عليه وسلم قال فإذا ذكر ال خنس‪ 4‬والنس هو السكوت فكأنه يسكت وقالت فرقة ل ينعدم أصله ولكن يري ف‬
‫القلب ول يكون له أثر لن القلب إذا صار مستوعبا بالذكر كان مجوبا عن التأثر بالوسوسة كالشغول بمه فإنه قد يتكلم ول يفهم وإن‬
‫كان الصوت ير على سعه وقالت فرقة ل تسقط الوسوسة ول أثرها أيضا ولكن تسقط غلبتها للقلب فكأنه يوسوس من بعد وعلى ضعف‬
‫وقالت فرقة ينعدم عند الذكر ف لظة وينعدم الذكر ف لظه ويتعاقبان ف أزمنة متقاربة يظن لتقاربا أنا متساوقة وهي كالكرة الت عليها‬
‫نقط متفرقة فإنك إذا أدرتا بسرعة تواصلها بالركة واستدل هؤلء بأن النس قد ورد ونن نشاهد الوسوسة مع الذكر ول وجه له إل هذا‬
‫وقالت فر قة الو سوسة والذ كر يت ساوقان ف الدوام على القلب ت ساوقا ل ينق طع وك ما أن الن سان قد يرى بعين يه شيئ ي ف حالة واحدة‬
‫فكذلك القلب قد يكون مرى لشيئ ي ف قد قال صلى ال عل يه و سلم ما من ع بد إل وله أرب عة أع ي عينان ف رأ سه يب صر ب ما أ مر دنياه‬
‫وعينان ف قلبه يبصر بما أمر دينه‪ 5‬وإل هذا ذهب الحاسب والصحيح عندنا أن كل هذه الذاهب صحيحة ولكن كلها قاصرة عن الحاطة‬
‫بأصناف الوسواس وإنا نظر كل واحد منهم إل صنف واحد من الوسواس فأخب عنه والوسواس أصناف الول أن يكون من جهة التلبيس‬
‫بالق فإن الشطيان قد يلبس بالق فيقول للنسان تترك التنعم باللذات فإن العمر طويل والصب عن الشهوات طول العمر أله عظيم فعند‬
‫هذا إذا ذكر العبد عظيم حق ال تعال وعظيم ثوابه وعقابه وقال لنفسه الصب عن الشهوات شديد ولكن الصب على النار أشد منه ول بد‬
‫من أحدها فإذا ذكر العبد وعد ال تعال ووعيده وجدد إيانه ويقينه خنس الشيطان وهرب إذ ل يستطيع أن يقول له النار أيسر من الصب‬
‫على العاصي ول يكنه أن يقول العصية ل تفضي إل النار فإن إيانه بكتاب ال عز وجل يدفعه عن ذلك فينقطع وسواسه وكذلك يوسوس‬
‫إليه بالعجب بعمله فيقول أي عبد يعرف ال كما تعرفه ويعبده كما تعبده فما أعظم مكانك عند ال تعال فيتذكر العبد حينئذ أن معرفته‬
‫وقلبه وأعضاءه الت با عمله وعلمه كل ذلك من خلق ال تعال فمن أين يعجب به فيخنس الشيطان إذ ل يكنه أن يقول ليس هذا من ال‬
‫فإن العر فة واليان يدف عه فهذا نوع من الو سواس ينق طع بالكل ية عن العارف ي ال ستبصرين بنور اليان والعر فة ال صنف الثا ن أن يكون‬
‫وسواسه بتحريك الشهوة وهيجانا وهذا ينقسم إل ما يعلم العبد يقينا أنه معصية وإل ما يظنه بغالب الظن فإن علمه يقينا خنس الشيطان‬
‫عن تييج يؤثر ف تريك الشهوة ول ينس عن التهييج وإن كان مظنونا فربا يبقى مؤثرا بيث يتاج إل ماهدة ف دفعه فتكون الوسوسة‬
‫موجودة ولكنها مدفوعة غي غالبة الصنف الثالث أن تكون وسوسة بجرد الواطر وتذكر الحوال الغالبة والتفكر ف غي الصلة مثل فإذا‬
‫أقبل على الذكر تصور أن يندفع ساعة ويعود ويندفع ويعود فيتعاقب الذكر والوسوسة ويتصور أن يتساوقا جيعا حت يكون الفهم مشتمل‬
‫على فهم معن القراءة وعلى تلك الواطر كأنما ف موضعي من القلب وبعيد جدا أن يندفع هذا النس بالكلية بيث ل يطر ولكنه ليس‬

‫‪ 1‬حديث التقوى ههنا وأشار إل القلب أخرجه مسلم من حديث أب هريرة وقال إل صدره‬
‫‪ 2‬حديث الث حواز القلوب تقدم ف العلم‬
‫‪ 3‬حديث الب ما اطمأن إليه القلب وإن أفتوك وأفتوك أخرجه الطبان من حديث أب ثعلبة ولحد نوه من حديث وابصة وفيه وإن أفتاك الناس وأفتوك وقد تقدما‬
‫‪ 4‬حديث إذا ذكر ال خنس أخرجه ابن أب الدنيا وابن عدي من حديث أنس ف أثناء حديث إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم الديث وقد تقدم قريبا‬
‫‪ 5‬حديث ما من عبد إل وله أربعة أعي عينان ف رأسه يبصر بما أمر دنياه وعينان ف قلبه يبصر بما أمر دينه أخرجه أبو منصور الديلمي ف مسند الفردوس من حديث‬
‫معاذ بلفظ الخرة مكان دينه وفيه السي بن أحد بن ممد الروي السماخي الافظ كذبه الاكم والفة منه‬
‫مال إذا قال صلى ال عليه وسلم من صلى ركعتي ل يدث فيهما نفسه بشيء من أمر الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه‪ 1‬فلول أنه متصور لا‬
‫ذكره إل أ نه ل يت صور ذلك إل ف قلب استول عل يه ال ب ح ت صار كال ستهتر فإ نا قد نرى ال ستوعب القلب بعدو تأذى به قد يتف كر‬
‫بقدار ركعتي وركعات ف مادلة عدوه بيث ل يطر بباله غي حديث عدوه وكذلك الستغرق ف الب قد يتفكر ف مادثة مبوبه بقلبه‬
‫ويغوص ف فكره بيث ل يطر بباله غي حديث مبوبه ولو كلمه غيه ل يسمع ولو اجتاز بي يد أحد لكان كأن ل يراه وإذا تصور هذا ف‬
‫خوف من عدو وع ند الرص على مال وجاه فك يف ل يت صور من خوف النار والرص على ال نة ول كن ذلك عز يز لض عف اليان بال‬
‫تعال واليوم الخر وإذا تأملت جلة هذه القسام وأصناف الوسواس علمت أن لكل مذهب من الذاهب وجها ف مل مصوص وبالملة‬
‫فاللص من الشيطان ف لظة أو ساعة غي بعيد ولكن اللص منه عمرا طويل بعيد جدا ومال ف الوجود ولو تلص أحد من وساوس‬
‫الشيطان بالواطر وتييج الرغبة لتخلص رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد روي أنه نظر إل علم ثوبه ف الصلة فلما سلم رمى بذلك‬
‫الثوب وقال شغلن عن الصلة وقال اذهبوا به إل أب جهم وائتون بأنبجانيته‪ 2‬وكان ف يده خات من ذهب فنظر إليه وهو على النب ث رمى‬
‫به قال نظرة إليه ونظرة إليكم‪ 3‬وكان ذلك لوسوسة الشيطان بتحريك لذة النظر إل خات الذهب وعلم الثوب وكان ذلك قبل تري الذهب‬
‫فلذلك لب سه ث ر مى به فل تنق طع و سوسة عروض الدن يا ونقد ها إل بالر مي والفار قة ف ما دام يلك شيئا وراء حاج ته ولو دينارا واحدا ل‬
‫يدعه الشيطان ف صلته من الوسوسة ف الفكر ف ديناره وأنه كيف يفظه وفيماذا ينفقه وكيف يفيه حت ل يعلم به أحد وكيف يظهره‬
‫حت يتباهى به إل غي ذلك من الوساوس فمن أنشب مالبه ف الدنيا وطمع ف أن يتخلص من الشطيان كان كمن انغمس ف العسل وظن‬
‫أن الذباب ل يقع عليه فهو مال فالدنيا باب عظيم لوسوسة الشيطان وليس له باب واحد بل أبواب كثية قال حكيم من الكماء الشيطان‬
‫يأت ابن آدم من قبل العاصي فإن امتنع أتاه من وجه النصيحة حت يلقيه ف بدعة فإن أب أمره بالتحرج والشدة حت يرم ما ليس برام فإن‬
‫أب شككه ف وضوئه وصلته حت يرجه عن العلم فإن أب خفف عليه أعمال الب حت يراه الناس صابرا عفيفا فتميل قلوبم إليه فيعجب‬
‫نفسه وبه يهلكه وعند ذلك يشتد إلاحه فإنا آخر درجة ويعلم أنه لو جاوزها أفلت منه إل النة‪.‬‬
‫بيان سرعة تقلب القلب وانقسام القلوب ف التغي والثبات‬
‫اعلم أن القلب كما ذكرناه تكتنفه الصفات الت ذكرناها وتنصب إليه الثار والحوال من البواب الت وصفناها فكأنه هدف يصاب على‬
‫الدوام من كل جانب فإذا أصابه شيء يتأثر به أصابه من جانب آخر ما يضاده فتتغي صفته فإن نزل به الشيطان فدعاه إل الوى نزل به‬
‫اللك وصرفه عنه وإن جذبه شيطان إل شر جذبه شيطان آخر إل غيه وإن جذبه ملك إل خي جذبه آخر إل غيه فتارة يكون متنازعا بي‬
‫ملكي وتارة بي شيطاني وتارة بي ملك وشيطان ل يكون قط مهمل وإليه الشارة بقوله تعال ونقلب أفئدتم وأبصارهم ولطلع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم على عجيب صنع ال تعال ف عجائب القلب وتقلبه كان يلف به فيقول ل ومقلب القلوب‪ 4‬وكان كثيا ما يقول‬
‫‪5‬‬
‫يا مقلب القلوب ثبت قلب على دينك قالوا أو تاف يا رسول ال قال وما يؤمنن والقلب بي أصبعي من أصابع الرحن يقلبه كيف يشاء‬
‫وف ل فظ آ خر إن شاء أن يقي مه أقامه وإن شاء أن يزي غه أزاغه وضرب له صلى ال عل يه وسلم ثل ثة أمثلة فقال مثل القلب م ثل الع صفور‬
‫يتقلب ف كل ساعة‪ 6‬وقال صلى ال عليه وسلم مثل القلب ف تقلبه كالقدر إذا استجمعت غليانا‪ 7‬وقال مثل القلب كمثل ريشة ف أرض‬

‫‪ 1‬حديث من صلى ركعتي ل يدث فيهما نفسه بشيء من الدنيا تقدم ف الصلة‬
‫‪ 2‬حديث أنه صلى ال عليه وسلم نظر إل علم ف ثوبه ف الصلة الديث تقدم‬
‫‪ 3‬حديث كان ف يده خات من ذهب فنظر إليه على النب فرماه فقال نظرة إليكم أخرجه النسائي من حديث ابن عباس وتقدم ف الصلة‬
‫‪ 4‬حديث ل ومقلب القلوب أخرجه البخاري من حديث ابن عمر‬
‫‪ 5‬حديث يا مثبت القلوب ثبت قلب على دينك الديث أخرجه الترمذي من حديث أنس وحسنه والاكم من حديث جابر وقال ابن أب الدنيا صحيح على شرط‬
‫مسلم ولسلم من حديث عبد ال ابن عمرو اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك والنسائي ف الكبى و ابن ماجه والاكم وصححه على شرط البخاري‬
‫ومسلم من حديث النواس بن سعان ما من قلب إل بي أصبعي من أصابع الرحن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه والنسائي ف الكبى بإسناد جيد نوه من حديث عائشة‬
‫‪ 6‬حديث مثل القلب مثل العصفور يتقلب ف كل ساعة أخرجه الاكم ف الستدرك وقال صحيح على شرط مسلم والبيهقي ف الشعب من حديث أب عبيدة بن الراح‬
‫قلت رواه البغوي ف معجمه من حديث أب عبيد غي منسوب وقال ل ادري له صحبة أم ل‬
‫‪ 7‬حديث مثل القلب ف تقلبه كالقدر إذا استجمعت غليانا أخرجه أحد والاكم وقال صحيح على شرط البخاري من حديث القداد بن السود‬
‫فلة تقلبهسا الرياح ظهرا لبطن‪ 8‬وهذه التقلبات وعجائب صسنع ال تعال فس تقلبهسا مسن حيسث ل تدي إليسه العرفسة ل يعرفهسا إل الراقبون‬
‫والراعون لحوال م مع ال تعال والقلوب ف الثبات على ال ي وال شر والتردد بينه ما ثل ثة قلب ع مر بالتقوى وز كا بالريا ضة وط هر عن‬
‫خبائث الخلق تنقدح فيه خواطر الي من خزائن الغيب ومداخل اللكوت فينصرف العقل إل التفكر فيما خطر له ليعرف دقائق الي فيه‬
‫ويطلع على أسرار فوائده فينكشف له بنور البصية وجهه فيحكم بأنه ل بد من فعله فيستحثه عليه ويدعوه إل العمل به وينظر اللك إل‬
‫القلب فيجده طي با ف جوهره طاهرا بتقواه م ستنيا بضياء الع قل معمورا بأنوار العر فة فياه صالا لن يكون له م ستقرا ومهب طا فع ند ذلك‬
‫يده بنود ل ترى ويهديه إل خيات أخرى حت ينجر الي إل الي وكذلك على الدوام ول يتناهى إمداده بالترغيب بالي وتيسي المر‬
‫عليه وإليه الشارة بقوله تعال فأما من أعطى واتقى وصدق بالسن فسنيسره لليسرى وف مثل هذا القلب يشرق نور الصباح من مكشاة‬
‫الربوبية حت ل يفى فيه الشرك الفي الذي هو أخفى من دبيب النملة السوداء ف الليلة الظلماء فل يفى على هذا النور خافية ول يروج‬
‫عليه شيء من مكايد الشيطان بل يقف الشيطان ويوحي زخرف القول غرورا فل يلتفت إليه وهذا القلب بعد طهارته من الهلكات يصي‬
‫على القرب معمورا بالنجيات الت سنذكرها من الشكر والصب والوف والرجاء والفقر والزهد والحبة والرضا والشوق والتوكل والتفكر‬
‫والحا سبة وغ ي ذلك و هو القلب الذي أق بل ال عز و جل بوج هه عل يه و هو القلب الطمئن الراد بقوله تعال أل بذ كر ال تطمئن القلوب‬
‫وبقوله عز وجل يا أيتها النفس الطمئنة القلب الثان القلب الخذول الشحون بالوى الدنس بالخلق الذمومة والبائث الفتوح فيه أبواب‬
‫الشياطي السدود عنه أبواب اللئكة ومبدأ الشر فيه أن ينقدح فيه خاطر من الوى ويهجس فيه فينظر القلب إل حاكم العقل ليستفت منه‬
‫ويستكشف وجه الصواب فيه فيكون العقل قد ألف خدمة الوى وأنس به واستمر على استنباط اليل له وعلى مساعدة الوى فتستول‬
‫الن فس وت ساعد عل يه فينشرح ال صدر بالوى وتنب سط ف يه ظلما ته لنباس ج ند الع قل عن مدافع ته فيقوى سلطان الشيطان لت ساع مكا نه‬
‫ب سبب انتشار الوى فيق بل عل يه بالتزي ي والغرور والما ن ويو حي بذلك زخر فا من القول غرورا فيض عف سلطان اليان بالو عد والوع يد‬
‫ويبو نور اليق ي لوف الخرة إذ يتصاعد عن الوى دخان مظلم إل القلب يل جوانبه حت تنطفيء أنواره فيصي العقل كالع ي الت مل‬
‫الدخان أجفانا فل يقدر على أن ينظر وهكذا تفعل غلبة الشهوة بالقلب حت ل يبقى للقلب إمكان التوقف والستبصار ولو بصره واعظ‬
‫وأسعه ما هو الق فيه عمى عن الفهم وصم عن السمع وهاجت الشهوة فيه وسطا الشيطان وتركت الوارح على وفق الوى فظهرت‬
‫العصية إل عال الشهادة من عال الغيب بقضاء من ال تعال وقدره وإل مثل هذا القلب الشارة بقوله تعال أرأيت من اتذ إله هواه أفأنت‬
‫تكون عليه وكيل أم تسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إل كالنعام بل هم أضل سبيل وبقوله عز وجل لقد حق القول على‬
‫أكثر هم ف هم ل يؤمنون وبقوله سواء علي هم أأنذرت م أم ل تنذر هم ل يؤمنون ورب قلب هذا حاله بالضا فة إل ب عض الشهوات كالذي‬
‫يتورع عن بعض الشياء ولكنه إذا رأى وجها حسنا ل يلك عينه وقلبه وطاش عقله وسقط مساك قلبه أو كالذي ل يلك نفسه فيما فيه‬
‫الاه والرياسة والكب ول يبقى معه مسكة للتثبت عند ظهور أسبابه أو كالذي ل يلك نفسه عند الغضب مهما استحقر وذكر عيب من‬
‫عيوبه أو كالذي ل يلك نفسه عند القدرة على أخذ درهم أو دينار بل يتهالك عليه تالك الواله الستهتر فينسى فيه الروءة والتقوى فكل‬
‫ذلك لت صاعد دخان الوى إل القلب ح ت يظلم وتنطف يء م نه أنواره فينطف يء نور الياء والروءة واليان وي سعى ف ت صيل مراد الشيطان‬
‫القلب الثالث قلب تبدو فيه خواطر الوى فتدعوه إل الشر فيلحقه خاطر اليان فيدعوه إل الي فتنبعث النفس بشهوتا إل نصرة خاطر‬
‫الشر فتقوى الشهوة وتسن التمتع والتنعم فينبعث العقل إل خاطر الي ويدفع ف وجه الشهوة ويقبح فعلها وينسبها إل الهل ويشبهها‬
‫بالبهيمة والسبع ف تجمها على الشر وقلة اكتراثها بالعواقب فتميل النفس إل نصح العقل فيحمل الشيطان حلة على العقل فيقوي داعي‬
‫الوى ويقول ما هذا التحرج البارد ول تت نع عن هواك فتؤذي نف سك و هل ترى أحدا من أ هل ع صرك يالف هواه أو يترك غرضه أفتترك‬
‫لم ملذ الدنيا يتمتعون با وتجر على نفسك حت تبقى مروما شقيا متعوبا يضحك عليك أهل الزمان أفتريد أن يزيد منصبك على فلن‬
‫وفلن وقد فعلوا مثل ما اشتهيت ول يتنعوا أما ترى العال الفلن ليس يترز من مثل ذلك ولو كان ذلك شرا لمتنع منه فتميل النفس إل‬
‫الشيطان وتنقلب إليه فيحمل اللك حلة على الشيطان ويقول هل لك إل من أتبع لذة الال ونسي العاقبة أفتقنع بلذة يسية وتترك لذة النة‬
‫ونعيمها أبد الباد أم تستثقل أل الصب عن شهوتك ول تستثقل أل النار أتغتر بغفلة الناس عن أنفسهم واتباعهم هواهم ومساعدتم الشيطان‬
‫‪ 8‬حديث مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلة الديث أخرجه الطبان ف الكبي والبيهقي ف الشعب من حديث أب موسى الشعري بإسناد حسن وللبزار نوه من‬
‫حديث أنس بإسناد ضعيف‬
‫مع أن عذاب النار ل يففه عنك معصية غيك أرأيت لو كنت ف يوم صائف شديد الر ووقف الناس كلهم ف الشمس وكان لك بيت‬
‫بارد أكنت تساعد الناس أو تطلب لنفسك اللص فكيف تالف الناس خوفا من حر الشمس ول تالفهم خوفا من حر النار فعند ذلك‬
‫تتثل النفس إل قول اللك فل يزال يتردد بي الندين متجاذبا بي الزبي إل أن يغلب على القلب ما هو أول به فإن كانت الصفات الت‬
‫ف القلب الغالب علي ها ال صفات الشيطان ية ال ت ذكرنا ها غلب الشيطان ومال القلب إل جن سه من أحزاب الشيطان معر ضا عن حزب ال‬
‫تعال وأوليائه وم ساعدا لزب الشيطان وأعدائه وجرى على جوار حه ب سابق القدر ما هو سبب بعده عن ال تعال وإن كان الغلب على‬
‫القلب الصفات اللكية ل يصغ القلب إل إغواء الشيطان وتريضه إياه على العاجلة وتوينه أمر الخرة بل مال إل حزب ال تعال وظهرت‬
‫الطاعة بوجب ما سبق من القضاء على جوارحه فقلب الؤمن بي أصبعي من أصابع الرحن أي بي تاذب هذين الندين وهو الغالب أعن‬
‫التقل يب والنتقال من حزب إل حزب أ ما الثبات على الدوام مع حزب اللئ كة أو مع حزب الشيطان فنادر من الا نبي وهذه الطاعات‬
‫والعا صي تظ هر من خزائن الغ يب إل عال الشهادة بوا سطة خزا نة القلب فإ نه من خزائن اللكوت و هي أي ضا إذا ظهرت كا نت علمات‬
‫تعرف أرباب القلوب سابق القضاء فمن خلق للجنة يسرت له أسباب الطاعات ومن خلق للنار يسرت له أسباب العاصي وسلط عليه أقران‬
‫السوء وألقى ف قلبه حكم الشيطان فإنه بأنواع الكم يغر المقى بقوله إن ال رحيم فل تبال وإن الناس كلهم ما يافون ال فل تالفهم‬
‫وإن العمر طويل فاصب حت تتوب غدا يعدهم وينيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا يعدهم التوبة وينيهم الغفرة فيهلكهم بإذن ال تعال‬
‫بذه اليل وما يري مراها فيوسع قلبه لقبول الغرور ويضيقه عن قبول الق وكل ذلك بقضاء من ال وقدر فمن يرد ال أن يهديه يشرح‬
‫صدره للسلم ومن يرد أن يضله يعل صدره ضيقا حرجا كأنا يصعد ف السماء إن ينصركم ال فل غالب لكم وإن يذلكم فمن ذا الذي‬
‫ينصركم من بعده فهو الادي والضل يفعل ما يشاء ويكم ما يريد ل راد لكمه ول معقب لقضائه خلق النة وخلق لا أهل فاستعملهم‬
‫بالطاعة وخلق النار وخلق لا أهل فاستعمله بالعاصي وعرف اللق علمة أهل النة وأهل النار فقال إن البرار لفي نعيم وإن الفجار لفي‬
‫جحيم ث قال تعال فيما روى عن نبيه صلى ال عليه وسلم هؤلء ف النة ول أبال وهؤلء ف النار ول أبال ‪ 1‬فتعال ال اللك الق ل يسئل‬
‫عما يفعل وهم يسئلون ولنقتصر على هذا القدر اليسي من ذكر عجائب القلب فإن استقصاءه ل يليق بعلم العاملة وإنا ذكرنا منه ما يتاج‬
‫إل يه لعر فة أغوار علوم العاملة وأ سرارها لينت فع ب ا من ل يق نع بالظوا هر ول يتزئ بالق شر عن اللباب بل يتشوق إل معر فة دقائق حقائق‬
‫ال سباب وفي ما ذكرناه كفا ية له ومق نع إن شاء ال تعال وال ول التوف يق ت كتاب عجائب القلب ول ال مد وال نة ويتلوه كتاب ريا ضة‬
‫النفس وتذيب الخلق والمد ل وحده وصلى ال على كل عبد مصطفى‪.‬‬

‫‪ 1‬حديث قال ال عز وجل هؤلء إل النة ول أبال وهؤلء إل النار ول أبال أخرجه أحد وابن حبان من حديث عبد الرحن بن قتادة السلمي وقال ابن عبد الب ف‬
‫الستيعاب أنه مضطرب السناد‬

You might also like