Professional Documents
Culture Documents
لشهك أن لكهل علم مهن العلوم أسهسه التهي يبنهي عليهها ،والتهي تصهبح بدورهها
المرجعيهة الرئيسهية لكهل نشاط داخهل إطار هذا العلم أو ذاك .وانطلقها مهن هذه القاعدة
كان لزاما علينها حينمها نتصهدى لدراسهة نهص مها مترج َم إلى لغهة جديدة غيهر لغتهه
ال صلية -أن نلم بال ساس النظري لعلم الترج مة ،وأن ن عي جيدا أ هم قضاياه ،جاعل ين
من هذا الساس مرجعية موضوع ية لحكامنا على ال نص المترجم سواء أكانت أحكاما
إيجابية أم سلبية؛ وذلك في محاولة للخروج عن حدود الذاتية والنفعال السريع.
و من ه نا كان لزا ما علي نا أن نبدأ هذا الب حث بقضا يا الترج مة وال سس الفعل ية
ال تي ينب غي على المتر جم أن ي سير وفقا ل ها .و قد بدأنا ها بعرض سريع لتطور حر كة
الترجمة منذ أقدم العصور وحتى عصرنا الحاضر ،مع التأكيد على أهداف ودوافع هذه
الحركهة على مهر التاريهخ .ثهم تناولنها بعهض القضايها مثهل إمكانيهة الترجمهة أو عدم
إمكانيت ها ،و ما يتعلق بهذا من فا قد في الترج مة ،ك ما تناول نا قض ية علم ية الترج مة أو
فنيت ها .ثم انتقل نا إلى لب الموضوع و هو تعر يف م صطلح الترج مة في ضوء التش عب
الكهبير لهذا التعريهف .كذلك مها يتعلق بدور المترجهم فهي إخراج العمهل بصهورة جيدة،
وأهم الشروط التي ينبغي أن تتوفر فيه .ثم انتقلنا لبعض القضايا حول هذه النقطة مثل
قضية اللتزام والمانة في الترجمة ،قضية التطابق والتكافؤ .كما تناولنا مسألة تاريخية
اللفظ ومعاصرته .ثم انتقلنا من هذا لعرض أهم أنواع الترجمة ،وأهم مناهجها ،وأخيرا
تناولنا تحليل النص وتركيبه باعتبارها المرحلة الرئيسية في عملية الترجمة.
*****************************
1
مدخل:
تعد الترجمة من أقدم أنواع النشاط النساني؛ فهي ظاهرة ملزمة لتاريخ النسان
مهن أقدم العصهور ،ولكهن مهن الممكهن القول بأنهها ظهرت بظهور الحاجهة إلى وسهيلة
للتفاههم بيهن ناطقهي اللغات المختلفهة .إذ إن تعدد الشعوب ،واختلف اللغات التهي أسههم
أصحابها في الحضارة النسانية – جعلها الداة الوحيدة لسد حاجة التواصل المصاحب
لكافة أنواع التبادل والصلت بين البشر فرادي وجماعات .وما يتولد عن هذه الصلت
من اختلط ناتج عن التجارة والحروب ،والتصال الديبلوماسي والثقافي .هذا التواصل
غ ير المنت ظم ب ين القبائل والشعوب المتجاورة ذات اللغات المختل فة قد ولد صناعة ،أو
وظيفة غير مستقرة تخضع للظروف يؤديها بعض الوسطاء -ممن توفرت لهم ظروف
تعلم اللغات المتفاعلة مهع لغتههم الم بيهن الوفود التجاريهة ووفود الجيوش المتحاربهة،
والبعثات الديبلوماسهية ،وعمليات السهتعلم التهي يقوم بهها كهل محارب للتعرف على
خصمه.
ومن الثابت أن أقدم هذه النماذج للترجمة قد أتت من الشرق الدنى القديم .فأقدم
ما لدينا من نماذج مكتوبة هو ما تركه لنا السومريون والتي ترجع إلى اللف الرابعة
ق بل الميلد .و هي أش به بمعا جم تحتوي على عدد من الكلمات كت بت على ألواح الط ين
باللغة السومرية وكتبت أمامها معانيها باللغة الكادية .ثم عرفت بلد أشور الترجمة فيما
نشره ( سرجون الكادي) في حوالي اللف الثال ثة ق بل الميلد في أرجاء إ مبراطوريته
من نقوش مزخر فة بلغات عدة .ك ما كا نت با بل في ع هد (حمورا بي) مدي نة يتكلم أهل ها
عدة لغات.
2
وأما في منطقة فارس فنجد نقش (بهستون) والمدون بثلث لغات هي الفارسية
القديمة والشورية والبابلية وقد أرخ (دارا الول) لحروبه وانتصاراته وأعماله فيه.
كما يشير العهد القديم لوجود نشاط ترجمي في المبراطورية الفارسية القديمة
وهو ما انعكس في سفر أستير ( 8/9وكتب حسب كل ما أمر به مردخاي إلى اليهود
وإلى المرازبة والولة ورؤساء البلدان من الهند إلى كوش ..بكتابها وكل شعب بلسانه).
كما تطور شكل خاص من الترجمة في المجتمع اليهودي في عهد (نحميا) حوالي 397
ق.م حيث جاء في سفر نحميا ( 8/8وقرأوا في السفر في شريعة ال ببيان وفسروا
المعنى وأفهموهم القراءة) .وكانت هذه هي أولى محاولت ترجمة العهد القديم مشافهة
وبشكل مباشر على الجمهور وذلك نقلً من اللغة العبرية إلى اللغة الرامية السائدة
آنذاك كلغة رسمية للمبراطورية الفارسية والتي ل يعرف سواها اليهود.
ومن ثم فقد لعب العهد القديم دورا بارزا في تطور الفكر الترجمي على مر
العصور .وذلك بالمحاولت الدائبة لنقله سواء من اللغة العبرية أو الرامية إلى مختلف
لغات العلم ،مما كان له أبلغ الثر في إثارة قضايا ومشكلت عديدة حول الترجمة
وكيفيتها ونوعية النص وأهمية تحديد منهج المترجم ،ومشكلة المانة واللتزام بالصل
إلى غير ذلك من مشكلت الترجمة.
وفي خلل القرون الوسطى كان مركز الترجمة والشعاع الثقافي متمركزا في
بغداد حاضرة الدولة السلمية ،حيث تم نقل الروائع الغريقية القديمة إلى اللغة العربية
على يد التراجمة السريان ،وذلك في القرنين التاسع والعاشر الميلديين ،ثم انتقل
المراكز بعد ذلك إلى طليطلة الندلسية في القرن الثاني عشر فترجمت فيها الروائع
الغريقية إلى اللغة اللتينية عبر مناهل الحضارة واللغة العربية ،كما ترجمت العديد من
كنوز اللغة العربية إلى اللغتين اللتينية والعبرية ،حيث كانت الندلس هي ثمرة علقات
حسن الجوار بين العرب واليهود.
3
ومع فيض التراجم التي غمرت أوروبا في عصر النهضة خاصة من اللغة
الغريقية بدأت تعقد المقارنات بين الترجمات القديمة والترجمات المعاصرة – آنذاك –
خاصة المتعلقة بالعمال الدنيوية .وهو بهذا يؤكد هبوط مستوى الترجمات في عصره
مقارنة بما سبقها من ترجمات خاصة تلك المتعلقة بترجمة الكتاب المقدس.
وفي القرن السادس عشر سيطرت شخصية "مارتن لوثر" على ميدان الترجمة،
من خلل بروز النزعة نحو ترجمة النص الديني إلى اللمانية بصفة خاصة -كما أنه
استطاع في كتابه (رسائل حول الترجمة) أن يصيغ بعض المبادئ حول مفاهيم الترجمة
بصورة أي أنه حتى هذه الفترة كانت معظم الثارات لقضايا الترجمة تنبع من
المشكلت المتعلقة بترجمة النص الديني بصفة خاصة أيا كان نوعه.
أما في خلل القرنين السابع والثامن عشر فقد ساد مبدأ الحرية غير المقيدة في
الترجمة حتى لقد أطلق على هذه الفترة اسم (عصر الخيانة الكبرى للترجمة) ،ذلك أن
مترجمي هذه الفترة لم يسألوا أنفسهم (هل تم انتزاع الدرجة الدقيقة للمعنى أو الوجدان
في ذلك السطر أم ل؟
وفي القرن التاسع عشر كانت معظم الكتابات حول الترجمة محاولة لتنظير
قضاياها ومعالجتها معالجة موضوعية مع وضع الحكام والقواعد التي ينبغي أن يسير
وفقا لها المترجم.
هذا وتشهد الترجمة في القرن العشرين ازدهارا لم تبلغه من قبل ،وذلك عائد إلى
ما وصل إليه العالم من توسع في العلقات الرسمية والتجارية والثقافية وغير ذلك من
مجالت التصال بين الشعوب والفراد.
فلم تعد الترجمة قاصرة على نوعية محددة من النصوص ،بل انطلقت إلى كافة
المجالت ،وصارت الكتب تطبع بأكثر من لغة في آن واحد ،وفي أكثر من مكان؛ مما
جعل من الجدير وصف عصرنا بأنه حقا (عصر الترجمة).
ولم تحتل الترجمة هذه المكانة إل لهميتها القصوى في حياة النسان المعاصر
بل والقديم كذلك ،فهي الوسيلة السحرية لتوثيق عرى التفاهم بين الشعوب والمم على
مر التاريخ النساني ،ونقل المعارف والثقافات بين الشعوب إذ إنها تلعب دور المحرض
الثقافي.
4
دوافع الترجمة وأهميتها:
فالترجمة على امتداد التاريخ كانت ركيزة من ركائز الحضارة وأساسا من أسس
النهضة وقيامها في أي مجتمع بشري .فمع النهضة يزداد النشاط الترجمي ويزدهر.
فللترجمة العديد من الهداف والدوافع :منها ما هو سياسي ،أو ديني ،أو ثقافي ،أو
اجتماعي ،أو علمي...الخ.
فالترجمة سياسيا إنما تجريها إرادة سياسية واعية تسعى للحصول على أسباب
القوة التي تملكها إرادة سياسية منافسة معاصرة لها أو سابقة عليها قد أورثتها أرضها
وشعبها وبقيت صامدة أمامها بتراثها ،مما اضطرها للستفادة منه واستيعابه لتجاوزه.
وهو ما نجده لدى كافة الحضارات التي كانت تستقي قوتها ودعائمها مما سبقها من
حضارات أخرى.
والترجمة دينيا هي التي تسعى إلى التعرف على الديان الخرى وفهمها بدقة،
بهدف مهاجمتها أو الدفاع أمامها والمجادلة معها ،أي بهدف التبشير أو الجدل الديني.
كما هو الحال بين أتباع الديان السماوية.
في حين أن الترجمة ثقافيا هي وسيلة لنقل المعارف والجناس الدبية ،كما أنها
مرآة للذوق الدبي السائد في فترة ما في مجتمع معين ،فهي وسيلة لمعرفة الخر؛ لن
الرسالة خير معبر عن ذات صاحبها ونزعاته ودخائل نفسه .وهي وسيلة لستيعاب
المنجزات الفكرية والفنية للشعوب الخرى .وهي بذلك تحقق هدفها الثقافي بالضافة إلى
كونها محققة للمتعة والبهجة النفسية في آن واحد.
وأما الترجمة عمليا وتقنيا فهي تهدف للاستفادة من علوم الخرين ومعارفهم،
ومحاولة إنشاء أعضاء مفقودة في الحضارة المتلقية ،من خلل نقل التكنولوجيا والعلوم
الساسية التي ترتكز عليها أية حضارة .كما كان الحال بالنسبة للترجمة من اليونانية
إلى العربية في أول عهد الدولة السلمية بالترجمة.
وعلى المستوى الجتماعي قد تكون الترجمة سببا في بلوغ أصحابها مراتب عليا
من السلم الجتماعي في المجتمع ،كما أنها علمية نقل للتقاليد والعراف والساطير بين
الشعوب.
5
وعلى مستوى اللغة والتصال فمن أهم دوافع الترجمة ،الرقي باللغة القومية ،فهذه
هي الغاية الولى والأخيرة للترجمة ،حيث تترك اللغة المنقول منها طابعها على اللغة
الهدف؛ لنها الوعاء الذي اُستخدم في عملية النقل.
وفي مقابل ذلك ل ينبغي أن نغفل الثر السيئ والخطير للترجمة ،وهو متمثل في
نقل ما من شأنه الساءة إلى أخلق ،أو فكر ،أو شعور المة القومي ،أو ديانتها،
وخاصة في حالت الزمات التي تمر بها أي أمة من المم.
وإزاء هذه الدعوة لستحالة الترجمة ظهر على الطرف الخر القول بأن كل
شيء قابل للترجمة .باعتبار أن اللغة ما هي إل وعاء حامل للفكار .وبالتالي يمكن
فصل المحمول عن حامله ،وإعادة شرحه وصياغته دون إخلل بمراده.
وإزاء هذا التشدد من الجانبين ظلت المناقشات الدائمة لمعوقات الترجمة ليجاد
حلول لها وصول إلى حل وسط يقر بإمكانية الترجمة مع صعوبة تحقيق الترجمة
الكاملة؛ ذلك أن السباب التي اعتمد عليها أصحاب الرأي الول إنما هي نفسها التي
اعتمد عليها أنصار الرأي الخر لتبرير عملية الترجمة ،والتي انحصرت في
الختلفات على المستوى اللغوي بين اللغات ،وفي الختلفات على المستوى الجغرافي،
والبيئي ،والجتماعي والعقائدي والسياسي ،والتكنولوجي ،والمعرفي العام ،أي اختلف
المستوى الحضاري ككل بين أمة وأخرى.
ومع إقرارنا بوجود مثل هذه الختلفات إل أنها لن تجتمع أما المترجم في آن
واحد هما يسهل التعامل معها .فكما هو معروف أن الترجمة إنما تجرى بين لغتين
6
وثقافتين متناسبتين إلى حد بعيد ،كما هو الحال بين اليطالية والإسبانية ،وبين العربية
والعبرية .أو أنها تتم بين لغتين متباعدتين لغويا ولكنهما متوازيتان على المستوى الثقافي
بشكل وثيق ،كما هو الحال بين اللمانية والهنغارية .كما أن الترجمة يمكن أن تكون بين
لغتين وثقافتين متباعدتين كما هو الحال بين النجليزية ولغة الزولو ،أو بين الغريقية
واليابانية .فمن خلل هذا التصنيف نجد أن هناك دائماً قاسما مشتركا في أغلب
الحوال ،بما يساعد على تقليل العراقيل المحتملة أمام الترجمة .بل إنه حتى في الحالة
الثالثة والتي تتضمن اختلف اللغتين والثقافتين ،فسنجد أن هناك اشتراكا – رغم ذلك –
بينهما في الكليات العامة بما يكفل تخطي حاجز اللغة أو الثقافة ،مثل :الجتماع في
الوجود على كوكب واحد بما يعني الشتراك في العوامل البيولوجية والفسيولوجية
والجغرافية والبيئية بين المجتمعات المختلفة ،مما يؤدي لوجود هذه الكليات الجتماعية
والدينية والسياسية والفكرية العامة التي تسود بين هذه المجتمعات .وكذلك كليات لغوية
سواء على مستوى المعجم أو مستوى النحو أو السلوب.
وهذا ما يفسر تلك العبارة ذات التناقض الظاهري" :إن الترجمة مستحيلة
وضرورية وهامة" ؛ ذلك أنه رغم ما يعترضها من اختلفات ،فهى مهمة للتواصل
النساني.
وطالما أن التواصل اللغوي ممكن دائما بين أبناء اللغة الواحدة ،مع الخذ في
العتبار بالستخدامات الفردية للغة ،مما ينتج تواصل نسبي مرهون بشروط حدوثه،
وبالمشاركين فيه ،وبالقناة المستخدمة ،وبزمنه – أي بملبساته بصفة عامة – أي إذا
أجزنا التواصل في ضوء ذلك فإن الترجمة جائزة وممكنة باعتبارها شكل ونوعا خاصا
من أنواع التواصل.
فكما تشير نظرية العلم إلى أن البلغ دائما ما يفقد أثناء عملية التواصل
جزءا منه وهو ما يطلق عليه (النتروبيا) – entropyوأن هذا الجزء هو الفرق بين
النية ،والقصد وبين ما يحصل منها ،وأنه حقيقة علمية بالنسبة للتواصل عامة فمن باب
أولى وأحرى أن يوجد في عملية الترجمة والتي هي درجة أكثر تعقيدا من التواصل
العادي .وبما أن تحليل عملية التصال على هذا النحو يؤكد وجود مستويات مختلفة
للتصال (حسب نسبية البلغ) فمن المؤكد أن نشير إلى تعدد مستويات الترجمة
بالتالي ،حيث تختلف باختلف ظروفها ،وسياقها ،والمشاركين فيها.
7
وهكذا ،تظل الترجمة قائمة طالما ظل التصال البشري موجودا إل أننا ينبغي
أن نؤكد على نسبية الترجمة دائما ،فل وجود لما يسمى بالترجمة الكاملة.
وقد اعتبر أنصار الرأي الول أن الترجمة فن يعتمد أساسا على التمكن من
لغتين ،ووجود ملكات أدبية لدى المترجم .وبما أنها فن إبداعي فإن قدرات المترجم
الدبية وإمكاناته النية لها دورها في هذا النشاط ،فهو مثله مثل الديب ينبغي أن يتمتع
بشخصية منفردة من حيث أسلوب وطرق الداء أثناء الترجمة .وهو التجاه الذي يضع
من تحليل إمكانات البداع وحدوده لدى المترجم وسيلتين لتقييم التراجم ،والحكم عليها.
إل أن هذه المعايير ظلت محل اختلف وتطور على مر العصور؛ نظرا لختلف
اللغات والعلوم ،واختلف طبيعة المترجم ذاتها ،ومناهجه التي يسير عليها أثناء
ممارسته لعمله .كما ارتبط هذا التطور بتطور الداب والفنون وغيرها من ضروب
الثقافة.
ولكن مع كون الترجمة كغيرها من أنماط النشاط النساني خاضعة للتطور الدائم
المرتبط بتطور المجتمع والفكر والحضارة عامة ،ومع دخولها إلى كافة مجالت النشاط
النساني ،فقد بات من المنطقي المناداة بوضع السس العامة لمعالجتها والوقوف على
جوهر قضاياها ،وخصائصها اللغوية والفنية والسيكلوجية ،استنادا إلى دعائم علمية؛ مما
أدى إلى ظهور الرأي الخر القائل بأن الترجمة علم قائم بذاته يعني بدراسة القضايا
المشتركة بين مختلف أنواع الترجمة؛ للوصول إلى نقاط التلقي لتيسير نقل المعلومات.
وهو التجاه الذي يناقش قضايا الترجمة في إطار اللغتين الهدف والمصدر ،وكذا
مضمون النص ،وعوامل الزمان والمكان ،وشخصية المرسل والمتلقي ودور المترجم
بينهما.
8
وإذا كان الشعراء والكتاب هم أول من تعرض لمبادئ الترجمة ،ومناهجها من
واقع المنطلقات الجمالية والدبية؛ نظرا لنحصار الترجمة في إطار النصوص الدبية
شعرا ونثرا بالدرجة الولى ،فإن بعض هؤلء أنفسهم هم الذين نادوا بالتجاه الخر في
الترجمة ،وهو أنها ليست سوى نشاط إبداعي في مجال اللغة مع التأكيد على أن
الترجمة بما أنها تتعامل دائما مع اللغة وتستهدف معالجة اللغة دائما ،وبما أنها تحتاج
إلى المزيد من الدراسة في إطار المنظور اللغوي؛ نظرا لرتباطها بقضية العلقات
المتبادلة بين اللغات وبين وسائلها التعبيرية ،فإن نظرية الترجمة كفرع قائم بذاته من
فروع الفيلولوجيا تعتبر علما لغويا أولً وقبل كل شيء.
وقد تطورت النظرة العلمية للترجمة بعد ذلك بتطور الدراسات اللغوية والدبية
في قرننا العشرين .ولقد وضعت الترجمة في إطارها التاريخي العلمي ضمن مباحث
علم اللغة ،فبُحثت قضاياها في سياق الدللة ،والبراجماتية واستغلل لسانيات النص في
الترجمة ومن ثم صار النص هو الوحدة في الترجمة .وضمن سياق التقدم العلمي
والتكنولوجي فأصبحت الترجمة تقع بين قطبي الكم والسرعة استجابة لمتطلبات العصر
الحديث؛ ومن ثم انصرف الهتمام إلى تحقيق الترجمة بواسطة اللة توفيرا لمطلبي الكم
والسرعة.
ورغم ذلك فما زال المر سجال بين أنصار الفن وأنصار العلم في الترجمة؛
نظرا لما تشتمله عملية الترجمة من جوانب موضوعية ،وأخرى ذاتية .ومن ثم بات
منطقيا القول بأن الترجمة هي علم وفن ضروريان لتطوير الفكر .وهو ما يؤكده واقع
الممارسة الترجمية فالمترجم ل يمكنه اتباع القواعد العلمية دائما وكذلك الحال بالنسبة
للجوانب الفنية ،فنظرية الترجمة هي دليل للمترجم؛ ليحد بها من النزعة الفنية لديه ،كما
أنها أساس لتقييم الترجمات دون تغليب للراء الشخصية .وهي بذلك تشبه علوم الهندسة
فرغم أنها علوم إل أن لها جوانبها الجمالية والفنية بالضافة إلى قواعدها العلمية.
ومع تطور المنهج العلمي الذي يتعامل مع الترجمة ،صار علم الترجمة يشتمل
على عدد ل بأس به من النظريات والمناهج نتيجة تعقد عملية الترجمة وتعدد جوانبها،
وصار يستمد مادته النظرية من عدد كبير من مبادئ علوم اللغة والدب ومناهجهما.
فنظرية الترجمة تخضع لطار علم الدللة بصورة مباشرة ورئيسية ،وكذلك لها
صلتها الوثيقة بعلم اللغة الجتماعي الذي يعالج اللهجات الجتماعية ،كما تستند إلى
9
نظرية التصال والمعلومات ،ونظرية العلم ،ومناهج علم النفس اللغوي ،والمناهج
التحويلية والتوليدية ،فضلً عن الحصاء اللغوي ،والدراسات اللغوية التطبيقية.
كما أنها لم تعد وقفا على المترجمين بل امتد الهتمام بها إلى علماء اللغة،
وعلماء النفس ،والرياضيات ،والمهندسين ،ومؤرخي الحضارات وغيرهم.
وبدأت نظرية الترجمة تهدف إلى الكشف عن ضوابط العلقات بين النص
المصدر والترجمة ،وتعميم الستنتاجات المستخلصة من دراسة بعض حالت الترجمة؛
للستفادة منها في كافة أنواع النصوص ومختلف مناهج الترجمة .بالضافة إلى
اهتمامها الرئيسي بطرائق الترجمة الملئمة لكبر عدد من النصوص ،وسعيها الدائم
لوضع السس والقواعد التي تسهم في حل مشكلت التطابقات الترجمية ،والختيارات
التي تعرض للمترجم أثناء عمله ،كما تساعد في تقنين نقد الترجمة والحكم على
النصوص.
وسنعرض فيما يلي لهم تعريفات الترجمة ،ولنواع الترجمات ،والدور البارز
الذي يلعبه المترجم ،بالضافة إلى أهم مناهج الترجمة وصولً إلى أهم مراحل عملية
الترجمة وهي :مرحلة التحليل والتركيب للنص المترجم؛ بهدف إخراج النص النهائي
الذي يمكن الحكم عليه في ضوء مقارنته بالصل.
10
الترجمة لغة:
تشتق لفظة الترجمة في اللغة العربية من الفعل الرباعي ترجم .وقد ورد في
(لسان العرب) :أن التّرجُمان والتّرجَمان هو المفسر للسان .والترجمان بالضم والفتح،
هو الذي يترجم الكلم أي ينقله من لغة إلى لغة أخرى ،والجمع :تراجم .وقد ترجم،
وترجم عنه .ويقال ترجم كلمه إذا فسره بلسان آخر.
وورد في (المعجم الوسيط) أن :ترجم الكلم بينه ووضحه ،وترجم كلم غيره،
وعنه نقله من لغة إلى أخرى .والترجمان هو المترجم.
وفي اللغة العبرية تشتق لفظة תרגום من الفعل الرباعي תרגם وهو ذو وزن
مشنوي ،ولم يرد في المقرا من هذا الجذر سوى اسم المفعول من وزن פעל بمعنى
مُترجَم ،أو مُفسّر كما في سفر عزرا ( .)4/7وقد ورد عند (ابن شوشان) أن ترجم
يعني( :نقل مضمون ما قيل ،أو كتب من لغة ما إلى لغة أخرى ،سواء أكان نقلً دقيقا،
أو على نحو تقريبي ) .كما استخدم الفعل תרגם بمعنى مجازي ليعني :شرح وفسر.
واله תרגמן هو المترجم أي الناقل من لغة إلى أخرى ،وأما الترجمة فهي ما تم نقله
من لغة إلى أخرى.
وقد تطورت دللة لفظة תרגום من المعنى العام السابق ،وصارت قاصرة في
الدب التلمودي والدب المتأخر على الشارة إلى الترجمة الرامية للعهد القديم.
ولعل هذا هو ما جعل (بن يهودا) يعرف معنى الترجمة بأنها( :ما تم نقله من
لغة إلى أخرى ،وخاصة ترجمة المقرا إلى اللغة الرامية ).
وأما في اللغة النجليزية ،فقد أشار (معجم أكسفورد) إلى أن لفظة Translation
تعني النقل من لغة إلى أخرى ،وهي من الفعل Translateوالذي يعني :نقل من لغة إلى
أخرى ،مع الحفاظ على المعنى ،كما يعني :فسر وشرح بكلمات أخرى في نفس اللغة.
يتضح مما سبق ،أن اللغات الثلثة العربية والعبرية والنجليزية قد اشتركت في
دللة واحدة للمصطلح؛ إل وهي :النقل من لغة إلى أخرى ،كما أنها قد أشارت مجتمعة
إلى الدللة المجازية للفعل وهي الشرح والتفسير .بما يعني :أن الترجمة تعني التفسير
في إطار اللغة الواحدة ،بالضافة إلى معنى النقل من لغة إلى أخرى.
11
وفي محاولة لزالة ما يحيط هذا المصطلح من غموض يميز (معجم أكسفورد)
بين دللتين للفظ الترجمة :الدللة الولى – والتي تعني الترجمة كإجراء ،ويشار إليه
بلفظ Translation؛ أي كنشاط فعلي يدخل في إطار نوع من أنواع التصال ،يتم من
خلله تحويل رسالة ما بلغة أولى ذات شفرة أولى ،على رسالة ثانية بلغة ثانية لها شفرة
أخرى.
أما الدللة الخرى للفظ ،فهي تعني الترجمة كإنتاج أو كموضوع ،ويشار إليه
بلفظ ،Translationأي كنتيجة أخيرة للجراء السابق فهي ذلك النص المترجم بالفعل
بين أيدينا.
اصطلحا: الترجمة
وما يعنينا هنا بالدرجة الولى هو المدلول الول للمصطلح ،والذي اختلفت
الراء في تعريفه والتعامل معه كل من منطلق منهجهه وفكره.
لقد أصاب من وصف الترجمة بأنها عملية فذة ،وذلك لتعدد وجوه الترجمة،
وكثرة تعقيدات هذه الوجوه وتنوعها ،وهو ما حال دون إمكانية حصر الترجمة في
تعريف علمي خاضع لعلم اللغة؛ ذلك لن كل نوع من أنواع الترجمة هو نوع قائم بذاته
له مقوماته وشروطه وأسسه التي يعمل وفقا لها.
فالترجمة من وجهة النظر التحليلية تقوم على ثلثة أو أربعة أقسام أل وهي:
الثقافتين الصلية والمتلقية ،واللغتين المصدر والهدف ،ثم الكاتب والمترجم ،بالضافة
إلى ظل قراء الترجمة الذي يخيم على العملية بأكملها.
وبالتالي تتعدد المستويات التي يعمل وفقا لها المترجم .فالترجمة -وكما سبق
القول -علم يستلزم معرفة الحقائق والتأكيد منها ،وكذلك معرفة اللغة التي يتعامل معها.
ومهارة تتطلب لغة مناسبة ،واستعمالً مقبولً .وهي أخيرا فن يميز بين الكتابة الجيدة
والكتابة الرديئة ،أو التي ل هوية لها ،وهذا هو مستوى الترجمة البداعي والبديهي.
وهي أخيرا مسألة ذوق.
ومن ثم فإن وضع تعريف جامع مانع للترجمة يخضع للمحددات السابق ذكرها
من الصعب بمكان ،إل أننا سنطرح فيما يلي بعضا من تعريفات الترجمة التي بات من
خللها التعامل مع الترجمة أمرا ممكنا على المستوى النظري والعملي.
12
ومن وجهة النظر اللغوية:
)1يرى ب عض الباحث ين أن الترج مة ما هي إل سلوك لغوي يمار سه
كهل إنسهان فهي مرحلة معينهة مهن مراحهل حياتهه ،كمها ههو الحال
بالنسبة للشخاص ثنائي اللغة ،والذين يمارسون الترجمة بتلقائية
وطبيعهة تامهة دون أدنهى تكلف .وههو مها يطلق عليهه (الترجمهة
الطبيعيهة) .وهذا المفهوم يتفهق مهع المعنهى الول للترجمهة ،والذي
يعني ،النقل من لغة إلى أخرى ،إل مفهوم الترجمة بهذا الشكل عند
هؤلء يعد أوسع مما هو مألوف وسائد لدى غالبية الباحثين.
13
ويم كن اكتشاف ظاهرة التدا خل اللغوي Interferenceالنات جة عن المتزاج ب ين
اللغتين التين يتم التعامل بهما من خلل الخطاء في الترجمة ،أو عدم دقة الراء ،والتي
يت ضح من ها الم يل ن حو ا ستخدام اللفاظ الجنب ية المحد ثة أو القتباس أو إغفال ب عض
اللفاظ أو التعبيرات والبقاء على بعض الشواهد الجنبية والتراكيب غير مترجمة.
14
الفنهي ،أي معرفهة مها يجري فهي ذههن المترجهم مهن عمليات ذهنيهة أثناء ممارسهته
للترجمة.
مما سبق يتضح لنا أن المعنى المعجمي والصطلحي للفظ الترجمة قد أجمعا
على أن ها تع ني :ن قل نص ما من ل غة أولى إلى نص ثان بل غة أخرى ،بشرط وجود
تطابهق بيهن النصهين .ومهن خلل هذه النظرة للترجمهة تثار لدينها قضيتان فهي غايهة
الهميهة ،بهل إن مدار العمهل الترجمهي يتوقهف عليهمها ،أل وهمها :وقضيهة اللتزام
والمانهة للصهل ،وقضيهة التطابهق بيهن النصهوص .وهمها السهاس الول لنظريهة
الترجمهة .ومهن خللهمها يمكننها تعريهف الترجمهة على أنهها( :عمليهة معقدة متعددة
الجوانب جوهرها النقل من لغة إلى أخرى ،وأساسها التطابق على مستويات مختلفة
وفقا لمكونات النص الشكلية ،و المضمونية والسلوبية ،والتأثيرية النفعالية).
15
لقد تباينت الراء حول إجابة هذا السؤال؛ ذلك أن عملية الترجمة الموضوعية لم
تؤكد حتى الن التزام المانة الشديدة في الترجمة ،إزاء العمل الصلي ،حيث إن مفهوم
اللتزام يخ ضع لضغوط من الطرف ين :ضغوط من ق بل ال نص الم صدر (و هي الطموح
ن حو تحق يق تكا فؤ ترج مي ،بأن ي صير ال نص المتر جم كال صل تماما) .وأ ما الطرف
الخر فيتمثل في ضغوط من قبل اللغة والثقافة ومن ثم فالترجمة دائما ما تتوسط هذين
القطبين ،بل إنها بمثابة المصالحة أو الحل الوسط بينهما.
فهي حيهن يرى آخرون الترجمهة بمنظور أكثهر تشددا؛ فاللتزام لديههم يعنهي
ضرورة التعبير عن الكلمة بكلمة مثلها ،مع مراعاة موقعها في النص .وبالتالي ينبغي
صياغة العبارات بحيث تتضمن نفس الكم من اللفاظ الواردة في الصل ،ولكن بشرط
أن يكون ترتيب اللفاظ في العبارة مستهدفا الفادة المعنوية ،بل وأن يعكس هذا الترتيب
الخ صائص الجمال ية والفن ية الموجودة في الع مل ال صلي .وبهذه الضمانات وحد ها ل
يز يد ال نص المتر جم شيئا عن ال نص الج نبي الذي تر جم ع نه .وت صبح الترج مة عملً
متكاملً ،تقدم الديب الجنبي للقارئ كما هو بكل ما له من مميزات ترفع من منزلته،
وعيوب تحط من شأنه.
إن مفهوم اللتزام بهذه الصورة يعد مفهوما مثاليا ل يمكن تحقيقه؛ ذلك أنه ما
من لغة يمكن أن تتطابق مع لغة أخرى على كافة المستويات ،وبالتالي فل يمكننا أن
نلتزم بنفهس عدد المفردات الواردة فهي الصهل مهع محاولة تحقيهق الفادة المعنويهة،
ليهس هذا فحسهب بل ونقهل الخصهائص الجماليهة أيضا؛ إذ إن هناك عوامهل أخرى قهد
تجعهل المترجهم يبدي تنازلً عهن هذا اللتزام .ذلك أنهه لم توجهد بعهد الترجمهة الكاملة
المطابقة تماما للصل .ومن ثم فمحاولت إعادة بناء نص الصل في لغة الترجمة هي
16
في أف ضل الظروف محاولت ن سبية النجاح ،لن عمل ية الترج مة في حقي قة أمر ها ت عد
منتجة لنصين معا ل لنص واحد ،فالنص الول :هو نص بديل معادل للنص الصلي،
فهي حيهن أن النهص الخهر :ههو نهص مواز للنهص البديهل ،وبالتالي فإن هدف البحهث
الترجمي هو تحديد موقع الترجمة بين قطبين مهمين هما :الملءمة والقبول.
نود في البداية أن نشير إلى أن هناك خلطا دائما لدى بعض الباحثين بين مفهوم
التكافؤ ،Equivalenceومفهوم التطابق .Adequatenceإن مهمة المترجم الرئيسية هي
تحقيق أقصى قدر من التطابق بين النص المصدر والنص الهدف؛ أي نقل كل مكونات
النهص الصهلي وعناصهره إلى نهص الترجمهة نقلً كامهل البعاد أمينا .غيهر أن مهمهة
المتر جم ل ت قف ع ند هذا ال حد ،بل تتعداه إلى ح يز التكا فؤ ،ح يث يع مل المتر جم على
إخراج المقا صد والق يم الفن ية البداع ية الواردة في ال صل ب ما يقابل ها في ل غة الترج مة
17
مما يكسب نص الترجمة تأثيرات مساوية لتلك التي يحدثها النص الصلي في متلقيه.
ومن هنا كان القول بأن التكافؤ اشمل من التطابق.
وبالتالي فإن كل ترج مة متكافئة متطاب قة ،ول كن ل يمكن الجزم بأن كل ترجمة
متطابقة تعد متكافئة .ومن ثم بات كل تعريف للترجمة على أنها استبدال صيغة نص
فهي اللغهة الولى بصهيغة نهص مكافهئ له فهي اللغهة الثانيهة أمرا شاملً ضمنيا لمفهوم
التطابهق .ذلك أن التطابهق ينطلق نحهو اللغهة والنهص المصهدر ،أي إيجاد متطابقات
ترجم ية ل ما يتضم نه الم صدر من عنا صر ومكونات ،في ح ين أن التكا فؤ ينطلق ن حو
اللغة الهدف؛ أي إعادة خلق نص ملئم في اللغة الهدف لتلك النماذج السائدة فيها ،وفي
إطار المحتوى المضموني الذي يشكله المصدر.
فالتكافؤ – بتعبير آخر مطلق -هو تقديم نفس النموذج من خلل تعبيرين ينسبان
إلى موقف ين متشابه ين ،أو متطابق ين ،إذ إن ل كل ل غة ما يت فق عل يه داخل ها ويختلف عن
غيرها من اللغات.
وفي ضوء ذلك الفرق بين التطابق والتكافؤ ،تعددت وجهات النظر إلى الترجمة
وتعريفها يناءً على مفهوم التطابق الذي يعني نقل عناصر النص الصلي ومكوناته ،بما
تشمله من مكونات دلل ية ،ونحو ية ،وأ سلوبية ،وشكل ية ،ومدى تح قق هذا المفهوم ع ند
البدء الفعلي في الترجمة.
نجد أن البعض يرى الترجمة في ضوء تطابق المعنى ،أو المضمون بين نص
الصل ونص الترجمة؛ حيث يرى هؤلء أن التطابق المعنوي هو الساس في الترجمة،
فهى ل تؤدي إلى قارئ عادي بل تؤدي إلى من يستطيع فهمها ومقارنتها بالصل ،أي
نقل المستوى المعنوي الدللي من لغة أولى إلى لغة ثانية.
بينما نجد مفهوم التطابق يمتد لدى آخرين ليشمل مطابقة السلوب والمضمون
فالترجمة بمعناها الصحيح كما يرى هؤلء ينبغي أن تنطوي على نقل المعنى والسلوب
مهن لغهة إلى أخرى ،ذلك أن الترجمهة تعمهل على إيجاد المعادل الطهبيعي القرب إلى
الصل في اللغة الهدف من ناحية الدللة أولً ،ثم من ناحية السلوب ،والسلوب إنما
يعني أي شكل النص.
18
فهي حيهن انطلق آخرون لتعريهف الترجمهة فهي ضوء ضرورة المحافظهة على
المعنى وروح المؤلف الصلي.
ويرى آخرون الترجمهة فهي إطار التطابهق على مسهتوى الروح والسهلوب،
فبالضافة إلى ما تنقله التراجم من معنى فإنها يجب أن تنقل أيضا روح النص الصلي
وأسلوبه.
وفي ضوء ذلك بات تعريف الترجمة لدى البعض بأنها ( :هي التي تجعل من
يقرؤ ها يض حك مع الطر فة ،ويب كي مع التراجيد يا ،ويل هث مع التشو يق ويف هم الب عد
الثقافي للعمل المترجم).
ويرتبط مبدأ الستجابة المماثلة -أي خلق نفس الثر للعمل الصلي على قارئ
الترج مة -ب صلة وثي قة بقض ية مازالت محور جدال ونقاش من ق بل باح ثي الترج مة؛ إذ
إنها تتحكم في منهجين من مناهج الترجمة؛ أل وهي :قضية الشكل والمضمون .والتي
تتحكم في منهج الترجمة الحرفية ،إزاء الترجمة الحرة .وليس ثمة شك في أننا ل يمكننا
فصل الشكل عن المضمون فصل تاما ،واعتبارهما عنصرين متضادين ،إذ يجب النظر
إليهما بمراعاة وحدة الشكل والمضمون.
فالتمسك بالمحتوى دون اعتبار الشكل يفضي عادة إلى إنتاج عمل مستو معتدل،
ولكنهه ل يملك أي شيهء مهن تألق النهص الصهلي وسهحره .ومهن ناحيهة أخرى ،فإن
التضحية بالمعنى من أجل استخراج السلوب يمكن أن يولد صورة مطبوعة فقط تفشل
في إيصال الرسالة ،ولكن الشكل – مع ذلك – يمكن أن يتم تغييره بصورة أكثر جذرية
من تغيير المحتوى ،ويظل في نفس الوقت مكافئا في تأثيره على المتلقي إلى حد كبير.
ممها سهبق يتأكهد لدينها أن الفصهل بيهن التكافهؤ بمفهومهه الشامهل ،والتطابهق
بمفهومه الخاص الدقيق ،هو فصل بين بين عنصرين من عناصر التقييم الترجمي.
ذلك أن وجههة النظهر إلى التكافهؤ صهارت ترتبهط بالنهص المصهدر مهن ناحيهة
وبال نص الهدف من ناح ية أخرى .فالتكا فؤ – من وج هة ن ظر ال نص الم صدر – إن ما
يعنهي :إعادة خلق جميهع الخصهائص الموضوعيهة ،أو على القهل معظهم الخصهائص
19
المهمة حسب التسلسل الموضوعي لنص المصدر في نص الترجمة ،مما ترتب عليه أن
صار التبادل بين نص المصدر ونص الترجمة هو شرط لقيام الترجمة.
*****************************
الترجمة والخيانة
ونظرا لصهعوبة تحقيهق التطابهق بيهن اللغات وبالتالي صهعوبة تحقيهق التكافهؤ
المطلق بنسهبة ،%100فقهد ارتبطهت الترجمهة بمفهوم ظهل سهائدا منهذ عصهر النهضهة
وحتى العصر الحالي بل سيظل مستمرا – طالما كانت هناك ترجمة – أل وهو مفهوم
(الخيانة) .ففي كل مرة تتم فيها الترجمة يحدث ضياع شيء من المعنى نتيجة عوامل
عدة ،ذلك أن المترجم ين حين ما يقومون بعمل هم يجدون أن هم لم ي صلوا إل إلى جزء من
مراد ال صل ،وبالتالي ف هم من وج هة ن ظر النقاد قد خانوا أغراض المؤلف ،و من ثم
يصدق عليهم القول اليطالي الشهير(:أيها المترجم أيها الخائن) .والتأكيد على هذه الخيانة
إن ما يتأ تى من أن فا قد الت صال موجود ب ين أبناء الل غة الواحدة ،ف ما بال نا ب من يحاول
إحداث هذا التصال بين لغتين تختلفان على مستوى اللغة ،وما وراء اللغة؟! ومن هنا
فالترجمة دائما عمل غير مشكور كما يقول النجليز .
وبالتالي فإن القول بأن الترجمة يجب أن تحل محل الصل ل مبرر له ،فل يمكن
أن ترقى الترجمة لدرجة الصل ،ول يمكن أن توفي حقوقة كاملة ذلك أن الجميع دائما
ما يخ فق في ن قل الروائع الدب ية من ل غة إلى أخرى؛ نظرا لتد خل العوا مل الذات ية في
الترجمة .وإذا كان المر على هذه الصورة فمن المنطقي أل نتحدث عن ترجمة واحدة،
بل عن عدة ترجمات لنفس الصل .ذلك أن الترجمة في ضوء ما سبق من تعريفات ما
هي إلى قراءات وشروح متعددة لنفس العلم ،كل منها رهينة بسياقها الخاص.فل وجود
لترج مة واحدة هكذا بإطلق العبارة ،وأ صبح بالتالي على من يق يم الترج مة ،أو يتر جم
أن يضع ذلك في حسبانه ،وأل ينطلق في أحكامه وعمله من مفاهيم مطلقة؛ ذلك أن كل
ما يتعلق بالترجمة هو أمر نسبي يخضع لظروفه الخاصة بالدرجة الولى.
*************************
20
أنواع الترجمة:
ل شك أن ا ستعرضنا لنواع الترج مة له من الهم ية ما يؤكد ها كون كل نوع
مهن أنواع النصهوص له دوره المؤثهر فهي منههج الترجمهة الذي يعتمده المترجهم ،وكمها
تعددت تعاريف الترجمة فكذلك تعددت تقسيمات أنواع الترجمة.
فنجهد على سهبيل المثال مها ذكره (رومان ياكوبسهن) مهن تقسهيم ميدان الترجمهة
بعامهة إلى ثلثهة أقسهام ،وذلك فهي ضوء أنواع التفسهير للعلمهة اللغويهة ،وفهي ضوء
رؤي ته لتعر يف الترج مة .في ح ين ن جد (شيلرما خر) من المدر سة اللمان ية يت فق مع
النوعين الول والثاني لدى (ياكوبسن) ،ثم يضيف إليهما نوعين آخرين ،وذلك في إطار
استخدام اللغة في نطاق الزمان والمكان؛ وهما:
)1ترجمة تتم في إطار محور الزمان المعاصر ،وفي إطار لغة واحدة،
مثهل الترجمهة مهن اللغهة الفصهحى إلى اللغات العاميهة أو اللهجات،
وكذلك الترجمة بين مختلف أساليب اللغة.
وهناك تقسيم يرى أنواع الترجمة في ضوء أنواع النصوص ،ومن ثم تتميز في
الترجمة ثلثة ميادين رئيسية ،وهي:
)1ميدان العلوم والتكنولوجيا.
ههادية
ههة والقتصه
ههسات الجتماعيه
)2ميدان الموضوعات والمؤسه
والسياسية.
ونظرا لشمول ية هذه المياد ين فإن ها ذات تق سيمات داخل ية مه مة في تحد يد من هج
الترج مة وو سائله المحددة سلفا .ذلك أن تحد يد نو عي ال نص– ك ما تقرر ذلك (كاتري نا
رايس) – بمثابة صمام المان الذي يحكم الداء أثناء الترجمة.
21
ول عل أك ثر صعوبات الترج مة تتر كز في الميدان الخ ير؛ ف هو يتض من داخله
النصوص الشعرية ،وما لها من تعقيدات خاصة بها ،كما يتفرع منه النص الديني ،وهو
من أع سر أنواع الترا جم على الطلق؛ ذلك لن ك تب الد ين – ك ما يش ير "الجا حظ"–
"هي إخبار عن ال عز وجل بما يجوز عليه مما ل يجوز عليه ،فالخطأ في الدين أضر
من الخطأ في الرياضة والصناعة" .لن هذه النصوص لها من القداسة ما ل يقف أثره
عند عاط فة عابرة أو انفعال مؤقت ،بل إنها ت سيطر على العقول والقلوب ،وت سمو فوق
م ستوى الن صوص البشر ية عا مة .و من ثم يتحرج أم هر المترجم ين عن نقل ها؛ لن هم
رأوها قد تسامت فخشوا أن يزيفوها ،أو يخلطوا في تراكيبها وصلت أجزائها .كما أن
مهن بيهن هذا النوع النهص الفلسهفي ،والذي أفرده البعهض بتصهنيف خاص بهه؛ نظرا
لصعوبة إدراك الفكار الفلسفية ودقائقها التي قد تخفي على أمهر المترجمين.
ويعتمهد التقسهيم السهابق على إدراك الوظيفهة التهي تؤديهها اللغهة فهي المجتمهع،
فالوظي فة الرئي سية لل غة هي التو صيل -Communicationأي ن قل المعلومات ،و ما من
نص من الن صوص يخلو من الوظي فة .إل أن هناك وظائف أخرى لل غة في المجت مع،
رغههم عدم التفاق التام على صههوغ كلسههيكي لهذه الوظائف ،إل أن هناك خطوطا
عريضة لهذه الصوغ تم التفاق عليها.
في ح ين ن جد ت صنيفا آ خر ،يرى أنواع الترج مة في ضوء الداء الترج مي من
حيث الحجم ،والمستوى ،وهو تقسيم "كاتفورد".
22
)2الترجمة الجزئية؛ وفيها يترك جزء ،أو عدة أجزاء من الصل غير
مترج مة؛ وذلك إ ما لن ها غ ير قابلة للترج مة؛ وإ ما لغرض مق صود
يهدف إلى تقديم لون محلي في نص الترجمة.
وهناك من يقسم أنواع الترجمة بناء على منهج الترجمة المتبع إلى:
23
الترج مة .وهذا النوع يحاول أن يكون وافيا تماما لمقا صد الكا تب
ولتحقيهق النهص ،ونظرا لصهعوبة هذا النوع ،فههو ليهس بمطمهح
للمترجمين.
24
وأخيرا نجد تقسيم الترجمة في ضوء الداة المستخدمة ،أو الوسيلة Medium؛
وهو ما يعرفه البعض بقناة التصال .حيث تنقسم الترجمة في ضوء هذا إلى :
ويستخدم النوع الول عادة في المور السياحية ،والتجارية ،والخبارية ويتم على
نوعين :
ولبد أن نؤكد على وجود ضغوط معينة تقع دائما على عاتق النص الصلي بما
ينعكس على نص الترجمة ،مثل الضغط الزمني ،وصيغ الكلمات ،وطولها ..الخ ،
وهناك الضغط العصبي والنفسي على المترجم.
وفي ضوء هذه التحديدات السابقة لنواع الترجمة نجدها تجمع على التمييز بين
الترجمة النسانية (المترجم) ،وبين الترجمة اللية (الكمبيوتر).
25
دور المترجم:
سبق أن ذكرنا أن الترج مة في جوهر ها تقوم على أربعة أسس رئي سية ،و هي:
اللغتين المصدر والهدف ،والثقافتين المصدر والهدف ،والمؤلف ثم المترجم ،وأخيرا ظل
قراء الع مل الذي يخ يم على الممار سة الترجم ية طوال الو قت .وبالتالي ف من الجد ير ب نا
أن نولي وجهنا شطر الدور البارز الذي يلعبه المترجم في عملية الترجمة ،سواء على
م ستوى التنظ ير أم الت طبيق؛ ذلك أن مدار الع مل كله ي قع على عات قه وحده ،وأ نه هو
الم سؤول الول عن نجاح الترج مة وإقبال المتل قي علي ها ،أو فشل ها وإعراض المتل قي
عنها.
ولذا ف قد صدق أولئك الذ ين شبهوا المتر جم بالله "هر مس" ،الذي كان عل يه أن
ينقل رسائل اللهة إلى النسان في الساطير اليونانية.
بل شبهه البعض "بالساحر" ناعتين الترجمة "بالسحر الحلل" فهي تنقلنا من عالم
إلى آخر ،ومن حضارة إلى أخرى في غمضة عين.
وههو أثناء ذلك يتأثهر بعناصهر الواقهع ،والموقهف ،وخهبرته الذاتيهة ،سهواء مهن
الناحية اللغوية ومستوى الداء الفني ،أو من ناحية المحصلة المعرفية.
وبالتالي فقهد بات منطقيا القول بأن الترجمهة تقوم فهي أسهاسها على عنصهرين
بارزين هما :غرض المترجم ،والوسائل السلوبية التي يستخدمها ،ليحقق ذلك الغرض.
بهل تجاوز البعهض هذه المرحلة إلى حهد أن يضهع تعريفا للترجمهة فهي ضوء
المتطلبات ال تي ي جب أن يؤدي ها المتر جم .فيعرف "بروجاز كا" الترج مة الجيدة في هذا
السياق على أنها:
26
)2لبد له أن يتغلب على الختلفات بين التركيبين اللغويين.
)1مادة الموضوع.
وقد حاول كل من "بروجازكا" ،و"نيدا" أن يضعا السس التي يلزم أن تتوفر في
المترجم ،ولقد اتجه "بروجازكا" من النص المصدر نحو النص الهدف ،أما "نيدا" فقد
أضاف إلى النصهين والهتمام بهمها ،العمهل التصهالي ذاتهه ومراعاة المشتركيهن فيهه،
محاولً بذلك و ضع المتر جم في إطار الع مل الت صالي مثله م ثل من يتعا مل مع ل غة
واحدة ويتصل بواستطها مع أبناء جلدته.
ويعود الفضل له "إتين دوليه" بوضعه أول نظرية للمترجم عام 1540موجزا
المبادئ الساسية للمترجم في خمس نقاط هي:
)2لبد أن يكون المترجم على معرفة تامة باللغة التي يترجم منها،
وأن يمتلك نفهس الشكهل ،أي معرفهة متقنهة باللغهة التهي يترجهم
إليها.
)3على المترجم أن يتجنب الميل إلى الترجمة كلمة بكلمة ،إذ بفعله
هذا سوف يهدم معنى الصل ،ويشوه جمال التعبير.
27
)4يجب أن يستخدم المترجم صيغ الكلم التي تدخل في الستعمال
الشائع.
ومهن الطريهف الشارة إلى أن "دول يه" ي حس بضرورة كون المتر جم على وئام
كامل بالدرجة الولى مع روح وفحوى ما يريده المؤلف الصلي ،وهو رأي وجداني.
فمن هؤلء الذين تعرضوا لمناقشة دور المترجم من العرب نجد (الجاحظ) .في
كتابهه (الحيوان) ،ومهن بعده تعرض (يهودا بهن تيبون)( )1فهي ترجمتهه لكتاب (فرائض
القلوب) لن فس ال مر ،ثم جاء (مو سى بن ميمون)()2؛ ليش ير إلى ال مر في تلك الر سالة
مترجم كتابه (دللة الحائرين) إلى العبرية. ()3
التي وجهها إلى (شموئيل بن تيبون)
(
)1يهودا ين تيبون :هو يهودا بن شاؤول ولد عام 1120بغرناطة وتوفى 1190بإقليم بروفانس .من كبار المترجمين من العربية إلى العبرانية ،مارس العمل
الترجمي على مدار 25عاما ،ترجم خللها أفضل ما كتبه اليهود بالعربية؛ ولذا دعى بأبي المترجمين ،ليس له كتاب واحد من تأليفه .أهم ترجماته
(الكوزاري ،المانات والعتقادات ،كتاب التنقيح ،إصلح خصائص النفس) وغير ذلك من العديد من المؤلفات اليهودية في العصر الوسيط ،انظر دائرة
المعارف العبرية ج ،32ص .493
1
(
)2موسى بن ميمون :هو أبو عبد ال موسى بن ميمون يعرف اختصارا باسم (رمبم) ولد بقرطبة عام 1138وتوفى بها في نهاية عام ،1204أشهر شخصية
يهودية في العصر الوسيط ،وهو أعظم الشراح والفلسفة اليهود .تولى رئاسة طائفة يهود مصر بعد قدومه غليها ،وتقرب من بلط السلطان (صلح الدين
اليوبي) ،حتى قبل إنه اسلم وإنه كان طبيبا للسلطان .وإن كانت دائرة المعارف تنفي هذا المر كلية .له العديد من المؤلفات من بينها( :يد العزم – مثاني
التوراة – دللة الحائرين) .انظر دائرة المعارف العبرية ،ج ،24ص ،536وما بعدها.
2
(
)3شموئيل بن تيبون )1230 -1160( :من أكبر المترجمين العبريين في العصر الوسيط قام بترجمة العديد من المؤلفات اليهودية المكتوبة باللغة العربية إلى
اللغة العبرية ،ومن ضمنها كتاب (دللة الحائرين) له (رمبم) .وقد تبادل بعض الرسائل مع (رمبم) ،ومن بينها رسالة ينصحه فيها (رمبم) بأفضل طرق
إخراج كتابه السابق الذكر مترجما .ويعد شموئيل مثل أبيه يهودا إذا إنه يلتزم بالصل في محاولة للحفاظ على المعنى حتى وإن ضحى ببعض الشكل في
سبيل ذلك .وله العديد من الترجمات الخرى .انظر دائرة المعارف العبرية ،ج ،32ص .494
3
28
و قد ات فق هؤلء جميعا على الشروط ال تي ينب غي أن تتوا فر في المتر جم بادئ ين
بالشرط ال ساسي والول و هو :ضرورة إتقان اللغت ين الم صدر والهدف إتقانا تاما ،بل
ويرون أن المترجههم يقوم بدور الوكيههل للمؤلف .حيههث أن الجهههل باللغتيههن أو
إحداهما -حتى ولو في بعض جوانبهما – سببا من أسباب سوء الترجمات بما يؤدي
إلى فقدان المعنى والمذاق الخاصين بالنص الصلي.
إل أنه ل يكفي المترجم أن يفهم (المغزى العام) للمعنى ،أو أن يكون ماهرا في
اسهتشارة القواميهس التهي تعينهه على عمله ،وإنمها عليهه أن يفههم المحتوى الواضهح
للرسالة ،بالضافة إلى فهمه للجوانب الدقيقة الحساسة للمعنى ،والقيم النفعالية السلوكية
المهمهة للكلمات ،والخصهائص السهلوبية التهي تحدد نكههة الرسهالة وإحسهاسها ،أي أن
يكون على معرفة وثيقة ومؤكدة بموارد لغة المصدر.
أما بالنسبة للغة الهدف ،فعلى المترجم أن يعي تماما لغة المتلقي ،فكما يقال:
"على المترجهم الممتاز أن يعرف تمام المعرفهة لغهة المؤلف الذي ينقهل عنهه وأن يعرف
أكثر أيضا لغته الخاصة به ،أي ليس فقط أن يكون قادرا على الكتابة في لغته بطريقة
صهحيحة ،ولكهن أن يدرك دقائقهها وطواعياتهها وكنوزهها المحجوبهة" .أي إن السهيطرة
التا مة على ل غة المتل قي والتم كن الكا مل من ها ل يس له بد يل .ذلك أن أغلب الخطاء
المتعددة والخطيرة – التي يقع فيها المترجمون – تنشأ في المقام الول من افتقارهم إلى
المعر فة الشاملة بل غة التل قي .فعلى المتر جم أل يت قن الل غة ف قط كرموز لغو ية ،بل وأن
ينظم الرموز اللغوية أثناء الترجمة بالصيغة التي تتطلبها اللغة المتلقية.
ومن خلل الحرص على إتقان المترجم للغة المتلقي ،نشأت قضية انتقاء اللفظ
المعبر في الترجمة .حيث تبدأ مرحلة انتقاء اللفظ الملئم بعد تمام فهم النص ،وما انفك
النقاد والمترجمون يؤكدون ويدعون إلى حسهن انتقاء اللفاظ فهي الترجمهة .فاعتبرهها
الب عض من هم أن ها الع بء الذي يث قل كا هل المتر جم؛ لن هذا الختيار يعت مد على ف هم
ال نص الم صدر وف هم رو حه ،ك ما أ نه يعت مد على مدى إح ساس المتر جم وتذو قه لجمال
اللفظ ،وعدم مجافاتها للذوق أو للعرف ،وسهولتها في الستخدام.
و قد حدث انق سام في الراء حول شيوع الل فظ و سهولة ا ستخدامه .ف قد نادى
البعض باستخدام اللفاظ النادرة الشاذة منكرا على المترجم استخدامه للسلوب التقليدي
والكلمات المعتادة الشائعة ،ممتدحا الميل نحو ما هو شاذ وغريب ونادر.
29
في حين يرى آخرون أن اليغال في استخدام اللفاظ المعجمية المبهمة – والذي
قد يصل إلى حد المباهاة بمعرفة الغريب من اللفظ – يفسد الترجمة بل شك.
وبالتالي فعلى المتر جم أن يرا عي ا ستخداماته اللغو ية ،واضعا أمام عين يه قارئ
الترجمة ،فيميل نحو اللفظ السهل والواضح والشائع في الستخدام ،مبتعدا عن الغريب
والشاذ في لغة المتل قي .واعيا تمام الوعي بمدى التداخل اللغوي لد يه ب ين لغة المصدر
ولغة المتلقي ،مع مراعاة نوعية النص دائما .فالنص الذي دون في فترة تاريخية قديمة
حينما يتم نقله إلى لغة أخرى -يجب على المترجم أن يراعي تاريخية اللفظ المستخدم،
وكذلك ال سلوب محاولً القتراب بترجم ته قدر المكان من ال صل .واضعا الهوا مش
الموض حة ل ما هو غر يب من ها على المتل قي؛ لخلق تأث ير مقا بل ومشا به دون الخلل
بانتقاء اللفظ أو بالسلوب القديم.
أما بالنسبة للتداخل اللغوي لديه واستخدامه لللفاظ الجنبية ،فعليه أن يقتفي أثر
المؤلف .فإذا كان المؤلف مغرما بذلك في لغته الصلية ،فعلى المترجم أن يسعى سعيه.
وأ ما إذا كان المؤلف يلتزم بذخير ته وثرو ته اللغو ية ال صلية ،فعلى المتر جم أل ي سعى
إل لما سعى إل يه المؤلف ،وأن يلتزم بالثروة اللفظية للمتلقي طال ما أنها تفي باحتياجات
اللغة المصدر.
وإزاء المنادة با ستخدام الغر يب من اللفاظ أو إدخال اللفاظ الجنب ية إلى الل غة
الهدف بات مهن المنطقهي الدعوة إلى أن مهن يقوم بالترجمهة يجهب أن يكون مهن أبناء
اللغة المنقول إليها ،وخاصة في مجال الدب ،لنه في هذه الحالة سيكون أعرف بلغة
قومهه ،وأكثهر فهما لدقائقهها وأسهرارها ،ومدخلهها ،ومزالقهها .وأبرز مثال على ذلك مها
قا مت به (كون ستانس جار نت) حين ما ترج مت روائع (تول ستوى) و (دي ستوفسكي) إلى
الل غة النجليز ية .و هو ما ف شل ف يه المترجمون الروس حين ما حاولوا ن قل هذه العمال
إلى اللغة النجليزية .ولكن مثل هذا الرأي يلقي ظلً من الشك لدى (نيدا) الذي يعتقد أن
المترجم الذي يجيد لغة المصدر واللغة الهدف إجادة تامة ،وأن يترجم إلى لغته الم ،كل
ذلك مهن المور المثاليهة؛ إذ أن هذه الحلول نادرا مها تتحقهق .ذلك أن علقهة المترجهم
باللغة المصدر ،واللغة الهدف علقة متغيرة حسب إمكانية ودرجة تمكنه منهما .فيمكن
أن يقوم المتر جم بالن قل من لغ ته الم إلى اللغة ال تي تعلم ها ،أو أن ين قل من الل غة ال تي
تعلم ها إلى لغ ته الم – وهذه هي مثال ية (نيدا) – أو أن ين قل من لغ ته الم الولى إلى
30
لغ ته الم الثان ية إذا كان مزدوج الل غة بالتأك يد ،وهذا الو ضع الك ثر مثال ية من و ضع
(نيدا).
كما أن بإمكان المترجم النقل من لغتين قد تعلمها وهو وضع صعب يخلق الكثير
من المشاكل بالنسبة للمترجم بصفة عامة.
وبالتالي فهناك مسهتويات متنوعهة مهن الحلول الوسهط التهي يكيهف فيهها دور
المترجهم بمختلف الطرق إلى اللغات المعينهة ،ولعهل أحهد هذه الحلول الوسهط ههو أن
يضطلع بالعمل الترجمي اثنان من المترجمين أحدهما ينتمي إلى اللغة المصدر ،والخر
إلى متحدثي اللغة الهدف ،وأن يكون كلهما على معرفة جيدة بلغة الخر ،حيث يتسنى
لهما نقل العمل المترجم نقلً محكما دون شطط أو انحراف عن القواعد العامة.
وب صورة عا مة ،ي جب على المتر جم أن يحرص على ل غة الترج مة ح ية دائما،
وأن يراعي فيها عنصر التطور ،فل يترجم ما هو مكتوب – كما سبقت الشارة – في
القرن العشر ين بلغة القرن الحادي عشر أو العكس .وأن يلتزم العصر الذي يترجم في
إطاره ح تى تكون الترج مة مفهو مة لدى المتل قي ،وح تى ل ي عد المتر جم خائنا بمقياس
العصهر الذي تمهت فيهه صهياغة النهص المصهدر .فعلى سهبيل المثال :إذا وقعهت لفظهة
(الب) في نص يونا ني قد يم فك يف يم كن ترجم ته بهذا المفهوم؟ فالب اليونا ني كان
بإمكا نه الت صرف في أبنائه كيف ما شاء ،بل وح تى ب يع أحد هم إن أراد ذلك ،ف هل هذا
المفهوم يمكن أن يحمله لفظ الب في العصر الحديث؟
وعليه فإننا نؤكد على احترام المترجم لتاريخية لغة الصل إن وجدت ،ولوضح
اللغة وسهولتها ،وسلسة ألفاظها.
إذا كا نت اللغة وال نص اللغوي لم يخل قا ولم يتواجدا في فراغ ،بل في إطار من
الثقافة والتقاليد ،فالمطلوب من المترجم المثالي إذن ليس وضع مزدوج اللغة وحسب،
بل وضع مزدوج الثقافة أيضا؛ لنه مضطر لوضع العلمات اللغوية التي يتعامل معها
في سياقها الك ثر ات ساعا في كل من ثقا فة الم صدر ،وثقا فة الهدف على ال سواء .فلن
يتمكن المترجم من فهم النص الذي يترجمه دون فهمه لسياقه الحضاري ،وكل ما يتصل
به من عادات ،وتقاليد ودين ،وإيديولوجية ،فالمترجم الذي لم يتمكن من الدخول بعد عن
31
طر يق أي سبيل تجر يبي إلى عالم اثنوغراف يا الجما عة ال تي يتر جم لغت ها ،هو متر جم
ناقص.
ونتيجة للجهل بهذا الشرط من شروط المترجم والشرط السابق ينعكس المر
فهي إطلفنها عبارة أخطاء ترجمهة ،دون تمييهز بيهن الخطاء الناجمهة عهن المعرفهة
الناق صة بالل غة الم صدر وتلك الناج مة من الج هل بالحضارة الم عبر عن ها بهذه الل غة.
فيشار إلى جميع هذه الخطاء على أنها عدم تمكن من اللغة.
ويرتبهط بالضرورة الملحهة لمعرفهة الثقافهة المصهدر معرفهة تامهة لدى المترجهم
شرط آ خر يجب أن يتو فر في المتر جم الج يد؛ أل و هو :اتساع الثقا فة واللمام بفروع
المعرفة المختلفة ليتمكن من خللها المترجم من التعامل مع النصوص ،وفهم ما بها
من أفكار جديدة أثناء الترج مة .فل غ نى عن هذه المعر فة المو سوعية ،وال تي تتض من
إلى جانب ذلك معرفة المترجم بنقد النصوص سواء أدبية أم غير أدبية؛ لن عليه تقدير
قيمهة النهص النوعيهة قبهل اتخاذ القرار باختيار أسهلوب التفسهير الملئم لهذا النوع مهن
النصوص .وعليه أن يلم بما يعنيه علم الساليب ،والذي يقع في مرحلة وسط بين علم
اللغة والنقد الدبي.
و مع تحق يق المتر جم لهذه الدر جة من المعر فة ،والتقان لل غة الم صدر ،ولل غة
الهدف إتقانا تاما ف هو في أ شد الحا جة إلى التخ صص في مجال ترجم ته ،أي أن يكون
على وعي تام بموضوع ما يترجمه ،ملما بكل ما فيه من آراء ،ومفاهيم ومصطلحات؛
حتى يتمكن من إخراج نص وافٍ مفهوم يحقق الهدف المنشود من وراء ترجمته ،سواء
أكان مجال التخ صص هو العلم أو الدب .و هو ما ات فق عل يه غالب ية باح ثي الترج مة،
سهواء مهن القدامهى أو مهن المحدثيهن .ذلك أن الترجمهة تتنوع بتنوع مناحهي المعرفهة
والعلوم المر الذي ينعكس على منهج وأسلوب الترجمة ،فالنص العلمي يختلف بطبيعة
الحال في ترجمته عن الثار الدبية.
32
أو المعارف جديد في لغة الترجمة ،وذلك بما يملكه هذا المترجم المتخصص من خلفية
عامة عن نوعية هذا العلم وكيفية تطوره ،وأهم رواده ،ومناهجه ،و ستكون لديه القدرة
على استخدام المصطلحات الخاصة بهذا العلم بشكل ل يتأتى لمن لديه معرفة موسوعية
شاملة لهذا العلم ضمن غيره من العلوم.
وتتصل بقضية إبداع المترجم قضية أخرى ،أل وهي :قضية تدخل المترجم في
النص ومدى هذا التدخل سواء بالزيادة أو بالنقصان.
ينبغهي على المترجهم فهي البدايهة أن يسهتوعب مضمون النهص الصهلي بعمهق،
ووضوح رؤية ،وموضوعية منطقية ،وهو ما يتفوق به عن القارئ العادي الذي يتوقف
عند حد إدراك المعنى إدراك المعنى واستيعابه ،ذلك أن المترجم مطالب بعبء التوصل
إلى قرار سهواء خاطهئ أم سهليم بتحديهد المضمون الذي يترجمهه .وههو مهن الصهعوبة
بمكان ،ذلك أنهه على أسهاس هذا القرار سهيتحتم على المترجهم اللتزام بمنههج مها فهي
الترج مة ،يتحدد بناءً عل يه إمكان ية تد خل المتر جم في ال نص بالحذف ،أو بالضا فة أو
عدم تدخله والتزامه التام بما ورد في النص الصلي.
33
فهناك من يري أن المترجم يمكنه إضافة زيادات وشرح للنص الصلي خاصة
إذا كان أحد أجزاء النص مهما ،لكنه ليس واضحا على المستوى الدللي بدرجة كافية.
وذلك انطلقا من أن الترجمة ما هي إل تفسير لمضمون ما داخل إطار نفس اللغة .إل
أن شرط ذلك أن يكون هذا التدخهل تدخلً واعيا على المسهتوى اللغوي بالخصهائص
السلوبية للنص المصدر ،وبما تتطلبه ترجمة هذه الخصائص من تصرف؛ يهدف في
النهاية إلي الحصول على ترجمة ناجحة تفي قدر المكان بنوايا الكاتب الصلي ،وتنقل
مواقفه المعلنة والمستترة على حد سواء.
:
ل :الضافة التفسيرية الممنوعة :وهي تلك الضافات التي تؤدي
أو ً
إلي البتعاد عن مراد النص ،بل وتؤدي إلى تغيير في شكل الشخصية كما
رسمها العمل الصلي ،إذا كان النص أدبيا .وإذا كان النص يحمل بعض
الشحنات التي تهدف إلى إثارة ذهن القارئ وتحفيزه فإن إضافة تفاسير
وشروح لمثل هذه الشحنات الثقافية من شأنه أن يقلل من قدرة خيال القارئ
على المناورة للوصول إليها ،ومن ثم بات من الضروري عدم إضافتها.
وأثناء ذلك على المترجهم أن يدرك نوعيهة الغموض ودرجتهه الموجودة فهي
الصل ،وهل هي عن قصد؟ أم أنها نتيجة سوء الصياغة والتعبير عن الفكرة الصلية؟
فإذا كانت عن عمد فعليه أن ينقلها كما هي ،أما في الحالة الثانية ،فعليه إضافة
الشروح والتفاسير للتغلب على الغموض في الصل ،متخذا من السياق اللغوي وسيلة
تمكنه من الوصول إلى المعنى الدقيق للفكرة.
34
وأما القول بأن المترجم يمكنه الضافة إلى المعنى الصلي من عنده ما يقويه،
وهو ما اصطلح عليه بالمعنى المضاف إضافة تركيبية ،Super - added ideaمتقمصا
دور المؤلف الصلي ،الذي يحاول تنقيح كتاباته؛ لخراجها بحلة جديدة ،فهو قول مبالغ
فيه إلى حد كبير ،فليس للمترجم الحق في إضافة أي شيء بما يزيد عما قد كتبه
المؤلف الصلي.
وفيما يتعلق بما يُقال من أن المترجم هو حكم على جودة ودقة الكتابة في
الصل ،وأن عليه أن يحسنها إن كانت سيئة .فل شيء فيه ،شرط أل يكون هذا في
النص كله ،بل في جزء من النص فقط .أما أن يكون التعديل والتحسين للنص بالكامل
فهذا خروج عن هدف الترجمة.
أما بالنسبة للشق الخر وهو الحذف من النص الصلي .فيرى (محمود محمود)
أن المترجم ل يعد خائنا إذا ما حذف من الصل تلك العبارات التي يرى أنها ل تتفق
وثقافة أو ذوق المتلقي .فكثيرا ما يجد المترجم نفسه أمام نصوص ل يمكن ترجمتها
دون التخفيف من حدتها ،أو تلخيص مرماها دون التفوه به ،أو أن يذكر محتواها مع
إضافة مؤشرات تنم عن موقفه منها – ويصح هذا خاصة إذا تعارض النص مع قناعات
المترجم الدينية ،أو اليديولوجية بشكل جذري– ومن ذلك أيضا النصوص التي تحتوي
على فحش ،أو تبذؤ شديد ،أو كفر صريح يصعب على المترجم ذي القناعات السلمية
القوية مثلً قبوله .وعلى هذا النحو يتم التعامل مع أدوات التأفف وعبارات التذمر
والغضب وما شابهها ،مما يعبر عن ارتفاع درجة التدخل العاطفي للمتكلم في الحديث.
إن ترجمة مثل هذه النوعيات من النصوص بتحييدها أو بإغفالها ونقلها في صورة
مكون ثانوي ،يتحدد بالدرجة الولى في ضوء ما تسمح به اللغة المترجم إليها ،وكذا في
ضوء قناعات المترجم الشخصية وموقفه مما يترجم.
وفي مقابل ما سبق من آراء ترى إمكانية الضافة أو الحذف من النص ،هناك
آراء ترفض ذلك تماما .فيرى (حاييم إيزاك)( :أن المترجم غير ملزم بأن يكون مفسرا
أو مجملً فالفكرة أو الموضوع صعب الفهم ،وعسير التركيب في الصل يجب أن يظل
كما هو .فليس من مهمة المترجم أن يشرح أو يبسط ،أو أن يجمل ذلك الصل في
ترجمته).
35
في حين يرى الباحث أن المترجم عليه تفسير ما غمض في الصل نتيجة
الخصوصية الثقافية للعمل الصلي ،أو نتيجة تداخل الصياغة واحتمالها لكثر من
معنى؛ وبالتالي فقد أصاب (سلمان مصالحه) بتقسيمه الضافات إلى محظور ومباح،
ذلك أن كل ما من شأنه تغيير الشحنة الثقافية ،أو ظلل المعنى ،أو الثر المفترض على
المتلقي وتغير إمكاناته الذهنية على المحاورة ،يجب عدم إضافته إلى النص ،وكذا عدم
تعديل صياغة الصل أو التغيير من طول الجملة الصلية .ذلك أن المترجم ما هو إل
قصاص أو مقتف للثر الذي سار عليه المؤلف .فمهمته تتلخص في النقل إلى لغة
الترجمة دون إحداث أدنى تغيير في الصل ،طالما أن لغة المتلقي لم تتطلب ذلك.
كما أنه ل يجوز الحذف من الصل حتى وإن تعارض ذلك مع العتقادات
الدينية ،أو اليديولوجية للمتلقي أو للمترجم .وذلك حتى يتمكن المتلقي من تقييم العمل
الذي بين يديه ،ووضع صاحبه في مكانه الحق .سواء أهاجم معتقداته أو لم يهاجمها،
وهو ما فعلته لجنة الترجمة حينما قامت بترجمة (دائرة المعارف السلمية) إلى اللغة
العربية ،فإنها لم تحذف ما تعارض من أقوال المستشرقين مع العقيدة السلمية ،أو مع
عادات الشرق وتقاليده ،مما أمكن من خلله معرفة آراء هؤلء في السلم وفي الشرق
عامة ،وبالتالي إمكان تصنيفهم كل حسب أفكاره ومذاهبه دون محاباة ،أو تجن على أحد
منهم.
وأما بالنسبة للبذاءات في الترجمة فيمكن أن ينقلها المترجم كما هي ،أو أن ينقل
المعنى المراد منها مع الشارة إليها في الهامش بنصها ،خاصة إذا كان النص يمس
الحساس القومي لدى التلقي .وعلى المترجم أن يضع علمة ما في الصل عندما
يعترض عليه من مضامين يحتويها الصل ،شارحا إياها في الهامش موضحا موقفه
منها .أي أن إضافات المترجم أو اعتراضاته يجب أن تكون في هامش الترجمة وليس
في المتن؛ ليتمكن المتلقي من التفرق بين آراء المؤلف وآراء المترجم.
36
هل يمكن أن يتمتع مترجم النص بالموضوعية التامة؟ وهل يمكنة التخلص من
كافة قيود واقعة وبيئته التي يعيش فيها؟ وما هو المدى المسموح للمترجم بالظهور
فيه من خلل النص؟
ولكن مع كل هذه المثالية المفترضة ،يجب أن نعترف بأن المترجم ليس مجرد
آله ،بل إنه يترك حتما بصمات شخصيته على الترجمة؛ لن تنازله عن شخصيته،
وأسلوبه ،وإدراكاته اللغوية بصورة تامة لمهمة مستحيلة تقريبا .فكل مترجم هو أسير
اعتقاداته وآرائه الشخصية ،تلك العتقادات والراء التي تعكس بصورة مباشرة الواقع
وما هو سائد في البيئة ،وبين أفراد الجماعة البشرية المحيطة بالمترجم .وبالتالي فعلى
المترجم أن يبذل قصارى جهده لتقليل أي تدخل منه في النص إلى أدني حد ممكن؛ لنه
ل وجود لما يعرف بالموضوعية التامة المجردة ،ولكنها موضوعية نسبية دائما.
وقد تطرق (نيدا) إلى العوامل المؤثرة في هذه الموضوعية ،مشيرا إلى أن
بعضا منها عوامل ذاتية ،وبعضها عوامل منطقية .وكثيرا ما تظهر هذه العوامل بشكل
واضح في النصوص الدينية بصفة خاصة ،لما تحمله من اعتقادات ومفاهيم دقيقة ،فنجد
أن إحساس المترجم الخاص بعدم الثقة هو الذي يجعل من الصعب عليه أن يترك العمل
يتحدث عن نفسه .وفي حالت أخرى قد يحثه عدم التواضع ،على إنتاج الترجمة دون
استشارة آراء الباحثين في مثل هذه النصوص ،والذين درسوها بشكل أفضل منه .وقد
يُضلل المترجم نتيجة موقفه المتسمم (بالبوية) ،بظنه أن المتلقين المحتملين للترجمة
محدودون في فهمهم ،مما يلزمهم الطلع على شروحه .كما يلعب عامل الصدق دورا
37
بارزا في موضوعية المترجم ،فعدم تصديق المترجم بدرجة كافية لما في الوثيقة –
خاصة النص الديني – يجعله يتدخل في النص بشكل مستمر.
أما الشروط الموضوعية المنطقية فهي تتمثل في واقع المترجم وبيئته وثقافته،
وديانته ،وعصره بصفة عامة .كل هذه العوامل السالفة سمات ل يستطيع المترجم
الفلت منها ،مما يجعل تدخل المترجم في النص ينقسم إلى نوعين؛ أحدهما :هو
الحالت الشعورية الواعية ،وآخرهما :الحالت اللشعورية غير الواعية .وفي الحالت
الولى يحور المترجم ويغير في الرسالة ،من أجل جعلها متناسبة مع ميوله السياسية،
والجتماعية ،والدينية ،وليس هناك علج حقيقي لهذا النوع من التحريف المتعمد .وقد
يكون الدافع غير شعوري ول واع ،بل إنه نتيجة شخصيته المؤثرة في سير العمل
بطرق بارعة وماكرة ،رغم أنها تبدو بريئة ،وهي تكون واضحة حينما يشعر المترجم
بالميل نحو تحسين النص الصلي ،أو تصحيح الأخطاء الجلية ،أو الدفاع عن تفضيل
شخص ما وذلك بتحريف اختياره للكلمات.
ولعل منطلق تدخل المترجم في النص نابع بصفة جوهرية من مدى تطابق
أفكاره مع أفكار المؤلف .وقد اختلفت الراء حول مدى التطابق المفترض وجوده.
فهناك رأي يقول بضرورة تطابق أفكار المترجم مع أفكار المؤلف ،بل وتعاطف
المترجم مع فكر الكاتب ،وهو ما يُطلق عليه (العتناق النفسي الحقيقي) .وبالتالي فعلى
المترجم أن يملك موهبة المحاكاة ،والقدرة على تأدية دور المؤلف ،وتقمص سلوكه
وكلمه ووسائله بأقصى درجة من الحتمال .ولكن عليه أن يقتنع بأن مهمته ليست هي
التفوق على المؤلف ،بل إنها فقط أن يكون في مستواه .فعلى المترجم أن يكون قردا
على حد تعبير (م .كوانترو) أي أن يتقمص شخصية المؤلف ويحاكيه.
38
وفي حين أن هناك رأيا آخر ينظر إلى المر بصورة أكثر واقعية بعيدا عن
المثالية السابقة .والذي يعتقد أصحابه أن كل استخدام للغة لبد وأن يعكس تدخل الذات
المتكلمة على نحو ما .والمترجم من هذا الجانب عامل أساسي يتدخل في الترجمة،
فيصيغ النص المترجم بملمح من ذاته ،كما أنه قد يعطي معاني شخصية لعدد من
الكلمات .ومن ثم فمن الوهم أن ندعي إلى ترجمة مثالية تذوب فيها ذات المترجم في
ذات صاحب العمل الصلي.
ولكننا نتفق ورغم الختلف البيّن بين الرايين السابقين ،مع مقالة (سيلين زنس-
)Zinsوالتي ترى( :أن المترجم يقف بين ضفتين ،وتتمثل مهمته في نقل النص كاملً
من ضفة إلى أخرى ،فهو يمسك بكائن حي على إحدى الضفتين ،وعليه أن يقوده حيا ل
عاجزا أو مبتورا إلى الضفة الخرى) .فعلى المترجم أل يحاول إبراز عدم تطابق
أفكاره مع أفكار المؤلف من خلل النص؛ لنه ليس باستطاعته ،بل عليه أن يسعى
لمقابلة المؤلف الصلي إن كان على قيد الحياة ،وأن يعمل معا بطريقة ما وهو ما أطلق
عليه البعض اسم (التعاون العاطفي) ،أي عليه نقل ذلك الكائن الحي بين يديه كما هو
حيا بكامل مقوماته وأسسه إلى لغة الترجمة.
في البداية نؤكد على أن علقة المترجم بملتقى الترجمة تتحدد في ضوء علقة
المؤلف بمتلقى الصل ،وذلك أن هدف المترجم الذي يسعى نحوه كما يقول (الجرجاني)
هو أن يترجم الغرض المنشود من وراء استعمال قوالب لغوية معينة ،سعيا وراء تحقيق
التكافؤ بين النص المترجم والصل ،وذلك من خلل إخراج المقاصد والقيم الفنية،
والبداعية الواردة في الصل بما يقابلها في لغة الترجمة ،مما يكسب النص التأثيرات
المساوية لتأثيرات الصل .ولتحقيق ذلك فعلى المترجم أن يقرر بنفسه ما إذا كان
سيقترب مع نظام اللغة والواقع الجديدين وظروفهما وخصائهما ،أو أن ينقل الديب إلى
عالم القارئ أو المتلقي بحيث يبدو كأحد أبناء عالم المتلقي.
39
بالكاتب الصلي ،وبالنص المترجم ،وأخيرا بجمهور القراء .أي على المترجم أن يعي
جيدا أن النص المراد ترجمته ،هو بمثابة جسم في مجال كهربائي تتجاذبه قوتان
متضادتان – دائما – من ثقافتين ،ومعيارين للغتين ،كما تتجاذبه السمات الشخصية
للكاتب ،الذي قد يخالف معايير لغته ،واحتياجات القارئ المختلفة ،وميول المترجم بل
وربما ميول الناشر كذلك.
*****************************
فما من اثنين من المترجمين يقدمان على التصدي لترجمة عمل معين؛ نص
واحد ،إل ويحدث بينهما اختلف كبير .وقد يرجع هذا الختلف إلى اختلف العصر
الذي تمت فيه كل ترجمة ،أو إلى اختلف مفهوم العبارة في ذهن كليهما ،أو إلى
اختلف جمهور المتلقين بين كل نص .إل أن نظرة أكثر عمقا للمر ،تؤكد لنا أن
العنصر الرئيسي وراء هذا الختلف يرجع إلى المنهج الذي اتبعه كل منهما في
ترجمته .فكلهما يسعى ليجاد أفضل الطرق لتحقيق تكافؤ ناجح ،أكثر قربا من
الصل .وعلى كليهما أن يختار بين النهجين الرئيسيين للترجمة ،وهما منهج الترجمة
الحرفية ،أو الحرص على نقل أسلوب الصل وجماله ،مقابل منهج الترجمة الحرة ،أو
الحرص على نقل المضمون.
إن هذا التقابل بين المنهج الحرفي إزاء المنهج الحر قد تم إقراره منذ زمن بعيد
فهذان النهجان هما من التقاليد القديمة في الترجمة ،بل إنهما أساس مختلف المذاهب
والتجاهات التي واكبت تطور الفكر الترجمي على امتداد حقبة طويلة من التاريخ.
حيث كان لكل منهما أنصاره المدافعون عنه .وهما اللذان أشار إليهما (بهاء الدين
العاملي) في (كشكوله) نقلً عن (صلح الدين الصفدي).
40
وثمة اتفاق بين المترجمين ،وغالبية باحثي الترجمة ومنظريها على أن الترجمة
الحرفية ترجمة مرزولة؛ لتمسكها الشديد وولئها الدائم للغة الصل .وذلك لنها ستؤدي
بشكل جامد ،مما يتيح الفرصة لساءة الفهم ،بل وخطئه مما يصبح عائقا في سبيل
التواصل .بالضافة إلى أنها لن تساعد النص الدبي على القيام بوظيفته .والحرفية هنا
إنما تعني عدم القدرة على صياغة المعنى في لغة الترجمة ،بما يتلءم مع قواعد هذه
اللغة ،وأدوات التعبير فيها .وقد تنجم هذه الحرفية عن التمسك بالمعنى الساسي للكلمة،
دون اعتبار معانيها الخرى ،وقد ل يفطن المترجم إلى دللت المعنى الخرى في لغة
الترجمة .فتأتي العبارة إما غامضة ،أو مجافية للذوق .مما يحمل التلقي الجديد بأكثر مما
يطيق حيث ل يتمكن من حل رموز الرسالة اللغوية بسهولة ،خاصة وأن الترجمة
الحرفية تلتزم بنفس المقدار من المعلومات وبنفس القدر من طول أو قصر الرسالة
الصلية ،مما يضيع من شحنة التصال.
إل أنه ،رغم كل العتراضات السابقة على الحرفية في الترجمة نجد أن (نيلي
ميرسكي) تعتقد أن المترجم الفنان ،المتمتع بحس عالي بخصائص اللغتين المصدر
والهدف وبمميزات كل منهما ،يمكنه أن يستخدم الترجمة الحرفية عن عمد كوسيلة
محكمة؛ لخلق نفس الجو للوقائع اللغوية الجديدة .والتي حلم بها (جوته).
وإزاء كل ما للترجمة الحرفية من عيوب ،فقد قابلتها الترجمة الحرة بالعديد من
المزايا .وعلى الرغم من قطبية هذا التقسيم ،بين حرفية وحرة ،إل أن هناك العديد من
درجات الترجمة بينهما .فهناك مثلً التراجم المغرقة في الحرفية كالمكتوبة بلغات
مختلفة في سطور متناوبة ،وهناك ترجمة الكلمة بكلمة مثلها ،وهي التي تتضمن بعضا
من العلقات المنسجمة انسجاما عاليا ،بينما تخلو بعض التراجم الخرى من القيود
المصطنعة في الشكل ،ولكنها مع ذلك تكون مسرفة في التقليدية ،بل وذات أسلوب
مهجور .في حين تهدف بعض التراجم الخرى إلى إقامة تطابق شكلي ودللي لفظي
وثيق جدا ،ولكنها مزودو بالملحظات والشروح الكثيرة ،وهناك تراجم تسعى لخلق
نفس المزاج أو الثر الذي للصل على المتلقي الجديد .وهذه النواع من درجات
الترجمة هي التي أشار إليها (درايدن )Deydanو (جوته) كل بأسلوبه الخاص.
ورغم التحولت الكبرى في وجهة النظر إلى الترجمة ودرجاتها خلل مختلف
الحق وفي مختلف البلدان ،إل أنه ظل هناك تضاربان أساسيان يعبران عن نفسيهما
41
بدرجات متفاوته من الشدة .ويمكن إيراد هذه الختلفات الساسية في نظرية الترجمة
في شكل مجموعتين تنتميان إلى قطبين متضادين هما:
ورغم ارتباط هاتين المجموعتين مع بعضهما ،إل أنهما غير متماثلتين ،إذ إن
شدة التوتر بين الحرفية والحرة يمكن أن ينطبق بدرجة متساوية في الواقع على كل من
الشكل والمضمون .ويصبح التضارب بين الشكل والمضمون ذا أهمية قصوى ،حينما
يكون شكل الرسالة متخصصا بدرجة عالية كما هو الحال في الشعر .ويجب أن نؤكد
على إجراء بعض التعديلت في الشكل والمحتوى ،حتى وإن كانت تعديلت جذرية ،إذ،
إنه بدونها لن تستطيع أية ترجمة أدبية أن تحقق غرضها الحقيقي على الوجه الكمل.
وفي ضوء هذه الثنائية للشكل والمضمون ،يقر (نيدا) ومن بعده عدد من باحثي
الترجمة بوجود منهجين للترجمة يطلق على الول منهما اسم الترجمة ذات التكافؤ
الشكلي ،وعلى الخر الترجمة ذات التكافؤ الدينامي.
وحيث إن التكافؤ الشكلي يسعى نحو الهتمام بالشكل بدرجة عالية ،بالضافة
إلى المحتوى ،فإنه يناسب ترجمة أنواع معينة من النصوص؛ منها النصوص الشعرية،
والنصوص الدينية ،والنقوش التاريخية والتي للشكل فيها دور هام.
وهذا النوع من الترجمة مصمم ليفسح للقارئ المجال ليطابق نفسه ،مع شخص
موجود في سياق لغة المصدر ،وبالتالي يفهم وإلى حد بعيد العادات ،وأسلوب التفكير،
42
ووسائل التعبير عند الخر .ولتحقيق ذلك تحاول الترجمة ذات التكافؤ الشكلي توليد عدة
عناصر شكلية تتضمن:
)1الوحدات النحوية.
أما بالنسبة لستعمال الكلمات والتمسك بها فهذا يعني نقل مصطلح معين في
الصل بمصطلح مماثل له في الترجمة دائما ،مما يؤدي أحيانا إلى ظهور كلمات خالية
من المعنى نسبيا .كما تستخدم هذه الترجمة القواس الهللية والمعقوفة ،بل والحروف
اليطالية لتميز الكلمات التي تضاف لتؤدي معنى لها في الترجمة وهي غير موجودة في
الصل .ولمحاولة استخراج المعاني في ضوء سياق المصدر فإن الترجمة ذات التكافؤ
الشكلي تحاول أل تجري تكييفات في المصطلحات اللغوية ،وإنما تستخرج مثل هذه
التعابير حرفيا تقريبا ،حتى يكون بمستطاع قارئ الترجمة أن يفهم ويلحظ شيئا من
طريقة استخدام الصل للعناصر الثقافية المحلية لنقل المعنى .وفي حالة عدم إمكانية
ترجمة بعض الجزاء كالسجع ،أو خصائص استهللية لصوات أوائل البيات الشعرية،
تستخدم بعض أشكال الهوامش.
43
أما النوع الخر من مناهج الترجمة عند (نيدا) ،فهو منهج التكافؤ الدينامي
.Dynamic Equivalenceويستند هذا النوع من التراجم على مبدأ التأثير المكافئ
أو الستجابة المباشر .ولكن من المهم أن ندرك أن هذا النوع من الترجمة ل يعتبر
مجرد رسالة أخرى مشابهة من بعيد أو قريب للرسالة الصلية ،بل إنه ترجمة يجب أن
تعكس معنى وفحوى المصدر .وهذا ما يفرقه عن مفهوم الحرية السابق.
وفي مثل هذه الترجمة ل نهتم كثيرا بمكافأة الرسالة في لغة المتلقي بالرسالة في
لغة المصدر ،بل مكافأتها بالعلقة الدينامية للصل ،بحيث تكون علقة متلقي الترجمة
بالرسالة هي ذاتها نفس علقة متلقي الصل بالرسالة المصدر ،وهي أثناء ذلك تهدف
إلى بلوغ طبيعية التعبير الكاملة ،وتحاول ربط المتلقي بصيغ السلوك الملئمة ضمن
بيئته الثقافية .وهي ل تصر على فهم المتلقي للساليب الثقافية في بيئة المصدر؛ كي
يستوعب الرسالة.
ذلك أن التعريف الدقيق لهذا النوع من مناهج الترجمة ،هو أنه أقرب مرادف
طبيعي للرسالة الصلية؛ أي أل تحمل لغة الترجمة في ضوء هذا المنهج أي أثر للنص
الصلي.
ولتحقيق ذلك يتطلب هذا النوع من الترجمة إجراء عدد من التكييفات الشكلية
حتما.
ويشتمققققققل هذا التحديققققققد على ثلث
مساحات رئيسية؛ هي:
)1الصيغ الدبية الخاصة.
ومن المؤكد أن ترجمة الشعر تستلزم إجراء تكييفات في الشكل الدبي أكثر مما
يستلزمه النثر؛ لن الصيغ التصالية تختلف اختلفا جذريا وإلى حد بعيد في الشكل
ومن ثم في الجاذبية الجمالية.
وعندما تؤدي ترجمة العبارات ذات المعاني المصاحبة ،أو المجازية إلى
مدلولت ل معنى لها ،أو تضليلية عند ترجمتها ترجمة حرفية إلى لغة التلقي ،يكون
44
على المترجم أن يلتزم بإجراء بعض التكييفات الترجمية ،وكذا الحال بالنسبة للمعاني
الواقعة ضمن أعضاء الكائن الحي ،Introrganismicحيث تخضع لجملة من
الجراءات لترجمتها ،لنها تعتمد على مجمل السياق الثقافي للغة بشكل كبير ،ومن هنا
كانت الصعوبة في نقلها.
والمترجم في مثل هذا المنهج ينعم بقدر أكبر من الحرية؛ لنه يسعى لحداث
نفس الثر على متلقي الترجمة ،دون التقيد باللفاظ.
ويرى (نيدا) أن التراجم ذات التكافؤ الشكلي تميل في التطبيق إلى تحريف
الرسالة ،أكثر مما تفعله الترجمة ذات التكافؤ الدينامي مع تأكيده على وجود درجات من
الترجمة بين التكافؤ الشكلي ،والتكافؤ الدينامي يمكن تحقيقها .حيث يعتبر المترجم مطلعا
تماما على درجة التحريق في الترجمة ذات التكافؤ الشكلي؛ وذلك بسبب سيطرته الكثر
وعيا على عمله .ومن هنا فهو قادر إلى حد مرض على تقييم ما إذا كانت النتائج تبدو
مشروعة أم ل.
وتنشأ هذه الخطاء الترجمية هنا بالدرجة الولى من الجهل ،أو السهو ،أو
الخفاق في استيعاب الطبيعة الحقيقية للترجمة .أما إذا لم يدرك المترجم مدى ما يحتويه
عمله من تحريفات رغم (أمانته الظاهرية) ،فإن هذا يعد أخطر بمراحل مما يظهر في
الترجمات الدينامية التكافؤ من تحريفات.
أما الترجمة ذات التكافؤ الدينامي ،فإن مدى حدوث الخطأ يعد أقل مما هو في
النوع الول .إل أن خطورة الخطأ في هذا النوع تنشأ من أنه قد يحتوي على تحريفات،
وأخطاء ترجمية شديدة يمكن للمرتجم البارع أن يخفيها تماما ،ول يمكن لحد أن يدركها
إل بمراجعة النص الصلي.
ورغم خطورة هذا النوع إل أن (نيدا) يشير إلى أنه في خلل النصف الول من
القرن العشرين قد حدث تحول بارز إلى التأكيد على البعد الدينامي في الترجمة،
والبتعاد عن التكافؤات الشكلية.
وفي محاولة للتغلب على مشكلت الترجمة الشكلية على هذا النحو ،ومع وجود
النظرة الثنائية إلى مناهج الرئيسية ،أشار (نيومارك) على وجود منهجين في الترجمة
يناسبان أي نص من النصوص؛ وهما:
45
ب) الترجمة الدللية. أ) الترجمة التصالية.
في النوع الول يحاول المترجم أن يعطي لقراء الترجمة نفس التأثير الذي
للصل على متلقيه الصلي .أي أن القارئ ل يتوقع من خلل هذا النوع أية مشكلت،
أو غموض في فهم الرسالة .حيث ينقل المترجم بشكل سخي العناصر الجنبية إلى ثقافة
المتلقي ولغته ،مع مراعاة شكل النص الصلي بوصفه الساس المادي الوحيد لعمله.
وهذا النوع يتمتع بأسلوب سلس بسيط واضح مباشر ،أقر ما يكون للسلوب التقليدي في
الترجمة ،كما أنها تتمشى مع اللهجة الجتماعية للغة ،وتميل إلى النقاص في الترجمة
من خلل استخدام عبارات عامة وشمولية ،وذلك في النصوص الصعبة .ولكنها تعرض
هذا النقص في النقل ،وما تفقده من المعاني أثناء الترجمة من خلل حرصها على نقل
تأثير الصل على قرائه إلى قارئ الترجمة.
)2كيفية تحديد أعلى عامل للذكاء والمعرفة ،والحساس يشترك فيه جميع
القراء.
أما النوع الخر ،أي الترجمة الدللية ،ففيها يحاول المترجم في حدود القيود
النحوية والدللية للغة الهدف أن يعيد تقديم المعنى السياقي الدقيق لمؤلف .أي أن
الترجمة الدللية تبقى في إطار الثقافة الصلية ،ول تعين القارئ إل في إدراك إيحاءات
تلك الثقافة ،حينما تشكل تلك اليحاءات الرسالة النسانية للنص.
46
إل أن الترجمة الدللية تميل إلى التعقيد وثقل السلوب ،وأنها أكثر تفصيلً
وتركيزا متتبعة العمليات الفكرية بدل من الهتمام بنوايا المؤلف .ولذلك فهي تنقل قدرا
كبيرا من المعاني في سبيل الوصول إلى فروق دقيقة في المعنى ،وهي تسعى إلى إعادة
خلق النكهة والنغمة المضبوطتين للصل.
ومن خلل ما سبق يتضح لنا أن منهج الترجمة الشكلية التكافؤ لدى (نيدا)
يختلف عن الترجمة الدللية عند (نيومارك) فالولى تتجه من وإلى لغة المصدر ،أي
تسير في اتجاه واحد للخلف أي نحو الصل ،أما الترجمة الدللية فهي تتجه إلى لغة
المتلقي ،فل تصاغ إل في إطار حدودها النحوية والمعجمية مع حرصها على أسلوب
وصياغة الصل.
إل أنهما يتفقان فيما يتعلق بالترجمة الدينامية التكافؤ أو التصالية حسب تعبير
(نيومارك) ،فالهدف الول منها طبيعة اللغة ،مع الحرص على إحداث نفس التأثير في
متلقى الترجمة ،بما يوازي ويساوي نفس تأثير الصل على متلقيه.
47
ويمكننا القول أن (نيومارك) قد تفادي الفجوة الموجودة في نوعي الترجمة لدى
(نيدا) فإذا كانت نوعية النص ذات أثر بارز في اختيار منهج الترجمة المحتمل ،فإن
للنص الديني من الهمية ما يجعل تحديد منهج معين للتعامل معه أمرا صعبا للغاية.
وعلى الرغم من أن (نيدا) قد أدرج ترجمة النص الديني ضمن منهج الترجمة ذات
التكافؤ الشكلي ،إل أن (نيومارك)قد خالفه في ذلك مشيرا إلى أن ترجمة النص الديني
تستلزم استخدام منهجي الترجمة سواء الدللية أو التصالية.
ولقد أصاب (نيومارك) في ذلك؛ لنه ل يمكن اتباع منهج واحد فقط عند التعامل
مع هذه النوعية من النصوص.
فالنص الديني ينبغي عند ترجمته نقل أسلوبه ،وروحه ،ومضمونه ،وشكله دون
الخلل بأحد هذه الوجه ،خاصة إذا كان الشكل يلعب دورا بارزا في تحديد المضمون،
كما هو الحال في القرآن الكريم .وبالتالي فترجمة النص الديني تتطلب التطابق التام
الذي يؤدي بدوره إلى التكافؤ التام .ولما كان هذا التكافؤ التام ل وجود له؛ نظرا
لصعوبة تحقيق التطابق التام على كافة مستويات الترجمة ،فإن ترجمة النص الديني في
هذه الحالة لن تكون سوى تفسير ،أرو قراءة بوجهة نظر ما لذلك النص .وبالتالي
ينبغي عدم وصفها بكلمة ترجمة ،بل يطلق عليها فقط كلمة تفسير.
وبناء على ذلك فإن أنسب المناهج لتفسير القرآن الكريم بلغة أخرى ،هو ذلك
المنهج الذي يتضمن منهجي الترجمة ذات التكافؤ الشكلي والترجمة ذات التكافؤ
الدينامي؛ لن الهدف هنا هو محاولة نقل شكل النص الصلي ومحتواه إلى المتلقي
الجديد ،مع إحداث نفس الثر عليه.حيث ل يمكن فصل الشكل عن المضمون في النص
القرآني ،ول يمكننا العتماد على منهجي الترجمة لدى (نيومارك)؛ لنهما يتجهان نحو
اللغة الهدف وليس نحو لغة المصدر ،وبالتالي فلن يتمكن المترجم من نقل بعض من
أسلوب وبلغة القرآن الكريم خلل عمله ،مما يفقدنا جزءا مهما من المعنى ومن جمال
الصل .وخاصة وأن نص القرآن ،أو النص الديني بعامة يختلف في بعض جوانبه عن
النص الفلسفي أو الفني ،ومن هنا كان اللتزام بمنهجي الترجمة لدى (نيدا) – بعد
ضمهما معا – يتفوق على اللتزام بما أقره (نيومارك).
48
تحليل النص وتركيبه:
تتطلب عملية النتقال من نظام لغة الصل إلى نظام لغة الترجمة قيام المترجم
بعمليتين متلزمتين أثناء الداء .ورغم تسلسل هاتين العمليتين وتواليهما ،إل أن الواقع
الترجمي يؤكد إمكانية الفصل بينهما؛ نظرا لما تتمتع به كل منهما من مميزات
وخصائص تجعلها مختلفة عن الخرى ،وهما:
)2مرحلة التركيب .Synthesis )1مرحلة التحليل .Analysis
ج) كيف قال ذلك؟ ب) ماذا يعني؟ أ) ماذا قال المؤلف؟
في حين تستهدف المرحلة الثانية اختيار المقابلت الترجمية المتطابقة مع ما
ورد في الصل ،وصياغة نص الترجمة في لغته الجديدة صياغة مكافئة للصل.
وتتمثل أولى خطوات المرحلة الولى ،في عملية استيعاب النص وفهمه
،Comprehensionأي فك الشفرة اللغوية للصل .Decodingوهذا يعني إدراك معنى
كل كلمة ،أو عبارة ،أو تعبير اصطلحي ثم جمع عناصر المعنى معا كما وضعها
المؤلف .ويتم هذا الستيعاب بما يطلق عليه إضاءة النص؛ أي تحديد موضوعه
وأطرافه ،وتاريخ نشره ،ومكانه ،وطبيعة الدورية أو الكتاب ،وأسلوب كتابته .وذلك في
ضوء قراءة أولى للعمل تهدف إلى وضع الخطاب في إطاره التواصلي السليم ،وتجنب
النغماس المباشر في النص.
ثم يعقب ذلك قراءة النص قراءة تحليلية فاحصة؛ تهدف إلى تفكيك الصل إلى
مكوناته وعناصره الساسية على المستويات الصوتية ،والصرفية ،والمعجمية،
والنحوية ،والسلوبية .مع توظيف السياقين الصغر والكبر ،وشبكة العلقات الدللية
المكونة لبنية النص؛ لتحقيق فهم تام لمدلوله ومقاصده؛ نظرا للرتباط الوثيق بين اختيار
المرسل لمادته اللغوية ،وبين القصد من التصال.
49
وبالتوازي مع ذلك يتم تحليل بنية النص المنطقية ،والكشف عن أبعاده الباطنة.
أي أن المترجم خلل ذلك ،مطالب بدراسة النص ل لذاته ،بل كشيء قد يعاد تركيبه
لجمهور قراء مختلف ،ذي ثقافة مختلفة .وسنعرض فيما يلي لكل مستوى من مستويات
التحليل السابقة بشيء من التفصيل:
لشك أن الفونيم ،بوصفه أصغر وحدة صوتية ،يلعب دورا هاما في إضفاء مزيد
من ظلل المعنى إلى المضمون الرئيسي للفظ ،مما يجعل اللفاظ تتفاضل بأصواتها ،من
حيث رنين الصوت ووقعه على الذن ،وانسجام الصوت مع باقي أصوات الكلمة،
بالضافة إلى شكل الصوت.
ويشير (إبراهيم أنيس) إلى أن هذه الصفة كثيرا ما تفقد في كل ترجمة ،ل سيما
في ترجمة اللفاظ العربية ،حيث عنيت اللغة العربية بموسيقى اللفاظ أشد عناية على
مر تاريخها الطويل .من ذلك على سبيل المثال :صوت التاء في اللغة العربية ،والذي
يدل على التزان والوقار ،وعزة النفس ،وقد نلمح فيه أحيانا ازدراء للخرين واحتقارا
لهم .وهو بجرسه يدل على النتهاء مما جعل من المستحسن إنهاء الحديث .فقد ورد هذا
الصوت في نهايات آيات سور الحاقة والبينة والهمزة – على سبيل المثال ل الحصر–
ولم يتمكن المترجم مع ذلك من نقله إلى اللغة العبرية ،رغم ماله من وقع في النفس.
ففي ورد هذا الصوت في ثماني عشرة آية متتابعة ،ولم يتمكن المترجم من نقله إلى
العبرية إل في تسع حالت فقط ،مع استخدامه لصوت آخر مقارب له وهو صوت
الهاء.
وفي سورة (البينة) ،لم يتمكن من نقل تكرار هذا الصوت إل في أربعة مواضع
فقط من إجمالي ثمانية مواضع ،مع استخدامه لصوت الهاء كذلك .وفي سورة (الهمزة)،
لم يحافظ على تكرار الصوت إل في أربعة مواضع فقط من إجمالي تسعة مواضع.
مثال آخر :وهو صوت الراء ،والذي تكرر في سورة (القمر) في 55آية هي
إجمالي عدد آيات السورة .لم يتمكن المترجم من نقل هذا الصوت إل في أربعة عشر
موضعا في مقابل خمس وخمسين موضعا في الصل.
50
مما سبق يتأكد قول (نيدا) ،من أن استخراج مختلف أشكال المؤثرات الصوتية
يعتبر ضئيلً؛ نظرا لختلف اللغات في أشكال الصوات المستخدمة ،وما يتعلق بها من
قيم ،وحتى فيما بين اللغات التي تنمي إلى اصل واحد .فإن نقل هذه المؤثرات الصوتية
يعتبر أمرا مستحيلً .ومن هنا فقد أفقدت الترجمة العبرية هذه اليات خاصية من
خصائص اللغة ل سبيل لتحقيقها ،مما يؤثر على شكل النص ،وبالتالي أثره في النفس.
*****************************
وأما وحدات هذا المستوى فتشمل السم ،والصفة ،والضمائر ،والعدد ،والفعل،
والظروف ،وحروف الجر ،والعطف ،وأدوات التعجب ،والستفهام .ولكل من هذه
الوحدات سمات وخصائص تميز كل منها عند التعامل معها مما يوجب مراعاة ذلك عند
الترجمة .فعلى سبيل المثال :نجد أن السم بين العربية والعبرية يحتمل العديد من
الصعوبات فبعض هذه السماء المذكرة في العربية نجد مقابلتها في العبرية مؤنثة،
والعكس صحيح .إل أن المترجم عليه أن ينطلق في ترجمته من اللغة الهدف ،موليا
ظهره للغة المصدر .مثال ذلك قوله تعالى في سورة (العنكبوت)( :كمثل العنكبوت
اتخذت بيتا) فالسم هنا مؤنث وهو (العنكبوت) ،وقد ترجم إلى العبري עכביש والذي
يشير إلى المذكر .مما أخل بجزء من العجاز القرآني ،وهو الشارة إلى أن أنثى
العنكبوت هي التي تنسج البيت ،وليس الذكر وهذه حقيقة علمية ،إل أن المترجم أخفق
في نقلها ،بما أضاع جزءا من المعنى الصلي.
كذلك هناك مشكلة صيغ الفراد ،والتثنية ،والجمع بين اللغات .فمثلً :تعد صيغة
المثنى من أشكل صيغ القواعد عند نقلها إلى العبرية من العربية ،ذلك لن هذه الصيغة
51
شائعة في العربية ،بينما هي مقيدة وقليلة في العبرية؛ مما يؤدي أحيانا لتوترات في
الترجمة ،كما في قوله تعالي في سورة (فبأي آلء ربكما تكذبان) حيث نقل معناها
باستخدام صيغ الجمع ،مما قد يضلل القارئ ،ويفقد جزءا من المعنى؛ لن الشارة هنا
للثقلين ،وهما مثنى وليس جمعا.
وعلى مستوى الضمائر نجد أن هذا المر يتضح بشكل جلى عند الترجمة من
العربية إلى النجليزية ،فعلى سبيل المثال ،فإن اللغة النجليزية ل تستخدم ضمائر
المثنى ،التي تكثر كصيغ مستقلة في العربية؛ بما يحدث فاقدا من المعنى عند الترجمة.
كما يظهر قصور الترجمة على هذا المستوى ،حينما يتعلق المر بحروف
العطف في اللغة العربية ،عند نقلها إلى اللغة العبري .فنجد على سبيل المثال ،أن
العبرية ل تفرق بين الواو والفاء في العطف ،وتستخدم لهما المقابل ،وهو واو العطف
في العبرية ،رغم ما بينهما من فوق دقيقة في المعنى في الصل .وهو ما سنفصله في
الباب الثاني من هذه الدراسة.
*****************************
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .135 ،134
1
52
)1مستوى المعني الساسي.
فمن الصعب إيجاد مقابلت ترجمية في كل اللغات للفظ معين في العربية مثلً،
كلفظ المدرار أو الغمام ،وغيرها من اللفاظ التي تخص لغة دون أخرى.
(
)3عبد الباقي الصافي ،مرجع سابق ،ج ،1ع ،2ص .50
2
(
)1ب .نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص ،128 ،127وكذا ي .نيدا ،ص .229
3
53
)1المصطلحات اللغوية التي لها مفردات لغوية مطابقة متوفرة بيسر ،نحو:
النهر الشجرة ،البئر ،الحجر ،السكين.
)2المصطلحات اللغوية التي تعين هوية الشياء ،والمختلفة فيما بينها ثقافيا,
ولكنها تشترك في الوظيفة إلى حد ما ،مثل :الكتاب ،والتي كانت تعني
قديما ما دون على الرق أو البردي ،ثم تطورت الن لتدل على شيء
مطبوع يجمع عددا من المعلومات بين دفتيه.
وفي هذا الطار ،نجد أن كلمات المجموعة الولى ل تثير أية مشكلت أثناء
الداء الترجمي .في حين أن المجموعة الثانية قد تؤدي إلى بعض الرتباكات النابعة من
طبيعتها؛ ذلك أن هناك دائما مساحات بين اللغات يمكن أن نسميها بالمساحات الميتة؛
وعندئذ على المترجم أن يختار بين ()1
وهي التي ل يتوفر فيها مقابل ترجمي مناسب.
أربعة إجراءات؛ للتغلب على هذه الفجوة اللغوية؛ وهي:
)2أن يستخدم مرادفا وظيفيا في المتن ،مع وصف المدلول الشكلي في
الهامش.
وأما الصنف الثالث من المصطلحات اللغوية ،فيندر تجنب التداعيات الجنبية في
المعاني من خلله؛ لن أية ترجمة تحول التغلب على الثغرة الثقافية الواسعة بين
()3
اللغات ،ل يمكن أن ننتظر منها إزالة جميع بصمات الصل الجنبي.
(
)2ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص ،332وكذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)3ي .نيدا ،ص .332
2
(
)1المرجع السابق ،ص .323 ،322
3
54
وعلى المترجم – أثناء عمله – أن يدرك أن الكلمة قد يكون لها مرادف مقابل
فقط في لغة الترجمة ،وهنا ل توجد أية مشكلة ،أو قد يكون لها أكثر من مقابل ،وهنا
على المترجم أن يلجأ إلى السياق؛ ليحدد اختياره المناسب .كما أن اللفظ الحادي المعنى
()1
قد يقابله في لغة الترجمة لفظ أحادي مثله ،أو لفظ متعدد المعاني ،والعكس صحيح،
وهنا على المترجم أن يكون حذرا في اختياره لمقابلته الترجمية.
ول ريب في أن اليحاءات العاطفية لللفاظ تختلف بين اللغات اختلفا شديدا،
كما تختلف من حقبة تاريخية لحقبة أخرى ،داخل نفس الثقافة )4(،بل تختلف من مكان
لخر داخل نفس الثقافة ونفس الطار الزمني .كما تختلف بالنسبة للنسان الواحد من
وقت لخر؛ حسب حالته المزاجية .مما يجعل مسألة قياس معنى لفظ ما في أية لغة –
مقارنة بمثليه في لغة
أخرى – يعد أمرا عسيرا؛ مما أدى إلى القول باستحالة إيجاد ترجمة وافية ،وشاملة
للكلمات والتعابير الترجمة تفقد هذا المحتوى العاطفي ،كما يحدث للجسد حينما تفارقه
(
)2المرجع السابق ،ص ،236 ،235وكذا فوزي عطية محمد ،ص .138
1
(
)3؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
(
)4يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .59
3
(
)5محمد لطفي الزليطي ،منير التريكي ،مرجع سابق ،ص .14
4
55
()2
وهو ما حدث لرواية (إميل حبيبي) (روبابكيا) عند ترجمتها للغة العبرية. ()1
الروح.
وكذلك حدث بالنسبة للقرآن الكريم ،والذي تحمل ألفاظه العديد من الظلل النفعالية،
()3
مما جعل ترجمته مستحيلة ،وباتت مجرد قراءة من ضمن قراءات النص ل غير.
وقد بات علينا الن ننظر إلى اللفاظ أخيرا في إطار المستوى الثالث؛ وهو
مستوى التحليل السياقي لللفاظ .فمما ل شك أن للسياق أهمية عظمى في تحديد معنى
اللفظ؛ ذلك أن للكثير من اللفاظ أكثر من معنى ،إل أن المألوف هو استخدام معنى
واحد فقط للفظ ،وعلى السياق تحديد هذا المعنى ،وهو ما أطلق عليه (نيدا) (المعنى
()4
الختامي).
وعلى هذا الساس؛ ذهب البعض إلى القول :بأن الكلمات ل معنى لها على
ول شك أن في هذا الرأي الكثير من الغلو؛ نظرا ()5
الطلق خارج مكانها في النظم.
لنه قد خلط بين الكلم واللغة.
ومع أهمية السياق على هذا النحو ،فإن هناك عوامل تؤثر فيه ،وهي تنقسم إلى:
عوامل لغوية وأخرى غير لغوية :فاللغوية ،مثلً ،كأن يتحدد معنى الكلمة في ضوء
علقتها بغيرها من كلمات اللغة ،وخاصة القريبة منها في المجال الدللي ،مع تمييز ما
بينها من فروق دقيقه ،نحو كأس – كوب – قدح – فنجان – زجاجة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كما يتحدد معنى الكلمة في ضوء علقتها بغيرها من ألفاظ النص. ()6
الخ.
أما العناصر غير اللغوية ،فهي عناصر ظريفة براجماتية كالموضوع مكان
الحديث ،المشاركون في الحديث ،منزلتهم الجتماعية ،مستوى السلوب المستخدم،
درجة طبيعية اللغة .أي أن السياق بمفهومه الشامل يعني :النظم بمعناه التقليدي ،كما
()7
يعني كل ما يتصل باللفظ من ظروف وملبسات.
(
)1؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)2؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
(
)3جمال الرفاعي ،مرجع سابق ،ص ،163 ،126وما بعدها.
3
(
)5ستيفين أولمان ،مرجع سابق ،ص .62
5
(
)6؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
6
(
)1ستيفين أولمان ،مرجع سابق ،ص .62
7
56
وبما أن للموضوع أثره في تحديد نوعية السياق ،فإنه ل جدوى من القدام على
لنه باختلف أنواع النص ()1
تحليل سياقي إل في إطار نوعية معينة من النصوص؛
()2
تنتج مختلف أنواع السياقات ،وبالتالي تنتج معان متنوعة.
فالنمط الول يعين هوية شيء في بيئة المتكلم مباشرة .أما الثاني فهو يشير إلى
ش يء أو ش خص غ ير حا ضر ،و هو أك ثر النواع شيوعا .أ ما الثالث في تم ف يه تحو يل
الرموز واستخدامها في نطاق المعاني المجازية لها.
ولبد عند تعامل المترجم مع النوع الول أن يعي تماما أهميته وصعوباته؛ لنه
في الترجمة لبد وأن يتحول إلى النوع الثاني من السياقات ،بما يعني تحويل الضمائر،
()3
وأدوات الشارة ،والرموز الشارية المكانية والزمانية.
وعلى المترجققققققققققققم أن يدرك أن اختياره
للمقابلت السياقية المناسبة يعتمد على:
)1دقة التحليل والفهم.
ومما ل شك فيه ،أن ما سبق ل يرتبط فقط باللفاظ مفردة ،بل يرتبط كذلك
بالمشتركات اللفظية ،وبالمترادفات .ذلك أن المترجم إذا صادفه مشترك لفضي معين،
(
)2باسل حاتم ،ترجمان،مرجع سابق ،ج ،1ع ، 1ص .41
1
(
)3ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص ،87وكذا ستيفن أولمان ،ص .105
2
(
)4يوئيل يوسف ،ص ،47وكذا نيدا ،ص .75 ،74
3
(
)5يوسف إلياس ،ترجمان ،مرجع سابق ،ج ،1ع ،1ص .84
4
57
فعليه أن يخضعه لما سبق من أنواع التحليل المعجمي ،مع سعيه ليجاد مرادف مقابل
يحمل سمة المشترك اللفظي في لغة الترجمة .أما إذا لم يجد ،فعليه أن يستخدم مرادفا له
معنيان متشابهان ،Comparableأو الختيار بين توزيع الكلمة على كلمتين ،أو أكثر
()1
في لغة الترجمة ،وبين التضحية بأحد المعنيين ،والكتفاء بأحدهما.
أما بالنسبة لمسألة المترادفات ،فإن اللغات تنقسم أمامها إلى صنفين ،لغات تقبل
الترادف ،وأخرى ل تقبله .إل أننا ينبغي أن نؤكد أن الترادف الحقيقي الدائم شبه
مستحيل لندرته ،حتى وإن حدث فهو عرضي مؤقت .وأنه ما من كلمتين تستخدمان في
نفس السياق ،إل وبينهما فرق ضئيل في المعنى ،ول يمكن التبادل بينهما في جميع
وإذا ما وجد المترجم أن لغة الترجمة ل تسعفه بعدد من المترادفات يوازي ()2
السياقات.
العدد الموجود في الصل ،فعليه أن يستبدل بها عددا أصغر من المفردات في لغة
المتلقي ،كأن يستخدم مصطلحا عاما يغطي معنى اثنين ،أو ثلثة من العناصر المفقودة.
()3
وتعد ظاهرة المترادفات من خصائص ومميزات اللغة العربية؛ نظرا لما يتمتع
به العرب من القدرة على التفريق بين المعاني )4(،ولما لها من جمال وحسن في
السلوب .واللغة العبرية تقبل الترادف في كثير من الحيان ،مما يسهل عملية الترجمة
بينها وبين اللغة العربية من ذلك مثلً قوله تعالي في سورة (المائدة ( :)48 /لكل منكم
جعلنا شرعة ومنهجا) .فنقلت بالمقابل (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وكذا في (طه /
( : )77ول تخافا دركا ول تخشى) .فنقلت بالمقابل:
()5
(؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟).
ذلك مع الخذ بعين العتبار إشارة (ليئة سريج) ،إلى أن العبرية الحديثة تميل
عند ترجمة النثر العربي الحديث إلى حذف أحد المترادفين ،سواء أكان في صورة
كلمة ،أم في صورة تركيب .كما في رواية (محفوظ) (بين القصرين)( :وجدت فيه أنيسا
(
)1ب .نيومارك ،اتجاهات في الترجمة ،ص .29
1
(
)2ستيفن أولمان ،مرجع سابق ،ص ،110 ،109وكذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
2
(
)3ب .نيومارك ،اتجاهات في الترجمة ،ص ،200 ،199وكذا نيدا ،ص .457 ،456
3
(
)4أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي ،بيان إعجاز القرآن ضمن ثلث رسائل في إعجاز القرآن ،تحقيق :محمد خلف ال ود .محمد زغلول سلم .دار
المعارف ط ،4ص .29
4
(
)5؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
5
58
لوحشتها ،وأليفا لوحدتها عهدا طويلً) .حيث حذف التركيب الول المرادف على النحو
()1
التالي( :؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)
يرى (نيومارك) أن أسماء العائلت – ذات اليحاءات – يجب على المترجم أن
يبقي عليها ،مع شرح إيحاءاتها في مسرد خاص .أما أسماء العلم المفردة ،التي لها
معنى في لغة المصدر ،فعلى المترجم أن يترجم الكلمة التي اشتق منها السم إلى اللغة
الهدف ،ثم يعيد تجنيسها في صورة اسم جديد في لغة الترجمة؛ ليوافق بذلك لغة
()3
المصدر.
أما اللقاب ،والمهن فإن أسمائها تترجم إذا وجد مقابل لها ،وإل فإنها تكتب
()4
صوتيا ،أو تحذف ،مع إضافة معلومة خاصة بها في الهامش.
أما السماء الجغرافية التي لها دللة ما ،فعلى المترجم إبراز ذلك السم في
ترجمته إذا توقع عدم معرفة القراء به ،كنهر السند مثلً .أما إذا كان المسمى غامضا
(
)1؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)2؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
(
)3ب .نيومارك ،اتجاهات في الترجمة ،ص .137 ،136
3
(
)4المرجع السابق ،ص .141 ،140
4
59
فعلى المترجم أن يضيف اسما عاما يوضحه ،مثل :طبري /؟؟؟؟ .التي تترجم ببحيرة
طبرية.
أما أسماء الدوريات ،والصحف ،والمجلت فإنها تكتب صوتيا دائما ،وعلى
المترجم – أثناء الكتابة الصوتية – أن يأخذ في الحسبان العزة الوطنية القومية ،والثقافة
وأن يختار بين الخيارات التالية: ()1
المحلية،
)3إيجاد حل وسط ،ويستلزم ذلك التمييز بين السماء المعروفة بشكل جيد،
وتلك غير المألوفة؛ فالولى تكتب كما تلفظ في لغة المتلقي ،أو تكتب
دون الكتراث كثيرا بالتقليد الملئي للغة المصدر .بينما تكيف الثانية
غير المألوفة عادة في لغة المتلقي ،وفق أساليب علم الصوت لتلك اللغة.
()2
(
)1المرجع السابق ،ص .151
1
(
)2ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص . 370
2
60
رابعاً :المستوى النحوي:
ل يمكن لية فكرة مهما كانت أن تكون واضحة إل في مستوى يعلو مستوى
اللفاظ ،أي لبد لها من النتظام في شكل معين ،وهذا الشكل هو النحو()1؛ وهو ما أكد
عليه
(عبد القاهرة الجرجاني) بقوله( :إننا ل نوجب الفصاحة للفظة مقطوعة مرفوعة من
الكلم الذي هي فيه ،ولكننا نوجبها لها موصولة بغيرها ومعلقا معناها بمعنى ما يليها).
ومن هنا كان رأي العض ،أنه من أجل الوصول إلى نظرية وافية للمعنى ،يكون من ()2
المفيد البدء بالمعاني ذات التراكيب النحوية ،والنتقال منها إلى المعاني المعجمية()3؛ لن
النحو مصمم ليفسر تلك العلقات المعنوية داخل اللغة ،وبالتالي فالترجمة تقوم في
ومن هنا كان على المترجم أن يعي الوحدات النحوية ()4
أساسها على المستوي النحوي.
بشكل جيد سواء كانت في شكل تراكيب لفظية ،يكتمل معناها في إطار الجمل ،أم كانت
في شكل الجملة ،والتي تعد الوحدة الرئيسية للمستوى النحوي؛ لن بها يتم الفهم وتتجسد
إل أن المترجم يجب أن يميز بين معاني المفردات منفصلة ،ومعناها في ()5
الفكار.
الجملة؛ ذلك أن معنى الجملة ل يساوي مجموع معاني مفرداتها فقط ،بل إنه يتألف من
هذا المجموع بالضافة إلى المعنى الناتج عن التركيب النحوي ،الذي انتظمت فيه
ول ريب من أن جمال الجمل يعكس جودة النص ،وبالتالي شخصية ()6
المفردات.
وفي هذا الطار ينبغي على المترجم أن يدرك أن كل لغة يجب أن تعامل ()7
الديب.
كنظام قائم بذاته ،يختلف عن غيره من النظمة ،مما يتطلب إجراء تعديلت ،وتغييرات
في الجمل ،والبنية النحوية والصرفية بما يوافق اللغة المنقول إليها .ويتم ذلك في نطاق
وعي كامل بالتركيب الشكلي والدللي للرسالة؛ لن تركيب الجملة يمكن أن يكون عائقا
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .119
1
(
)2عبد القاهر الجرجاني ،دلئل العجاز ،تحقيق محمود محمد شاكر ،مكتبة الخانجي ،1984 ،ص 402وكذا نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .96 ،95
2
(
)3ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .121
3
(
)4المرجع السابق ،ص .206
4
(
)5فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص ،120 ،119وكذا نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .84
5
(
)6يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .39
6
(
)7صفاء خلوصي ،مرجع سابق ،ص ،171وكذا نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .17
7
61
في سبيل فهم الرسالة عند المتلقي الجديد ،خاصة إذا وقع المترجم أسيرا لنظام لغة
()1
الصل.
)2المبني للمعلوم والمبني للمجهول ،حيث تلعب هذه الصيغ دورا هاما في
الترجمة؛ نظرا لختلف اللغات في قبول إحداهما على الخرى – كما
في المباشر وغير المباشر – ولكن التحويل من المعلوم للمجهول ل
يحمل مشكلة سوى في التعديلت والتغييرات التي يجريها المترجم .أما
التحويل من المجهول للمعلوم فإنه يعد أصعب خاصة إذا لم يكن الفاعل
واضحا في الجملة.
(
)1ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص ،394 ،374 ،288 ،وكذا وكذا فوزي عطية محمد ،ص .179
1
(
)2ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .405
2
(
. )3؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3
62
وعلى المترجم خلل عمله ،أن يدرك درجة تقبل لغة الترجمة لصيغة معينة
بدرجة أكبر من الخرى؛ فمثلً إذا كانت لغة الترجمة تقبل الصيغتين ،ولكنها تميل إلى
تفضيل المبني للمجهول ،فعلى المترجم أل يترجم صيغة معلومة في لغة المصدر إلى
صيغة معلومة في لغة المتلقي ،رغم ميولها لها؛ حتى ل يحمل قناة التصال بأكثر من
طاقتها )1(،بل عليه أن يترجمها إلى صيغة المبني للمجهول والتي تميل إليها اللغة بشكل
أكبر.
(
)1ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .384 ،383 ،377 ،376
1
(
)2يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .150
2
63
خامساً :المستوى السلوبي:
من البديهي أنه ما من نص من النصوص يخلو من صياغة أسلوبية ،تصفى
عليه شكلً يميزه عن غيره من النصوص ،وتضعه هو وأمثاله في دائرة واحدة من
العلقات المتشابهة والسمات المشتركة ،بحيث نجد أمامنا نوعية مميز الخصائص من
النصوص .مما يسهل تمييز هذه النصوص دون إغفال للمضمون .كما أن النص مهما
كانت نوعيته ل يخلو من عوامل الحتياجات الجتماعية ،أو الذاتية ،كما ل يخلو من
()1
الهداف والمقاصد كذلك.
السلوبي للصل؛ حتى ومن هنا كان ل بد للترجمة أن تقوم على التحليل
يتسنى للمترجم تحديد الغراض ،أو المقاصد التي يسعى ذلك النص إلى تحقيقها .وأن
يميز بين الوسائل والدوات اللغوية المستخدمة ،وبين الوقع المرجو من استعمالها ،وهو
شرط أساسي في نجاح الترجمة؛( )2لن المترجم من خلل ذلك سيتمكن من إيجاد
أسلوب يوازي أسلوب النص الصلي في لغة الترجمة .واضعا نصب عينيه أحد
()3
تعريفات الترجمة ،بأنها نقل المعنى والسلوب من لغة إلى أخرى.
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .150
1
(
)2محمد لطفي الزليطي ،منير التريكي ،ترجمان ،مرجع سابق ،ص .29
2
(
)3يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .278 ،267
3
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
4
64
وبالتالي فعلينا أن نعرض لمحددات السلوب ،التي تعين المترجم على تحديد
خصائص أسلوب العمل .حيث حاول بعض الباحثين الشارة إلى أنواع السلوب ،فنجد
(نيدا) يشير إلى أن كل فرد عادة ما يميز بين عدة أساليب في الكلم منها:
في حين أشار آخرون مثل (كارل تيم )Karl Thiemeإلى السلوب في ضوء
نوعية النص ،محددا أربعة أساليب ،هي الشكل الكهنوتي ،والشكل المرسمي ،والشكل
()2
الدبي ،والشكل التجاري.
ونظرا لختلف الرؤية تجاه السلوب وأنواعه فقد وضع البعض أساسا عامة
لتحديد نوعية السلوب؛ وهي:
(
)1ي .نيدا مرجع سابق ،ص .425
1
(
)2المرجع السابق ،ص .426
2
65
)6الساس الزمني :فالنص الذي كتب في العصور الوسطى يختلف
عن أسلو النصوص التي تكتب الن.
وق ركز (نيومارك) على العلقة بين مرسل النص وبين التلقي؛ لتمييز مختلف
النواع السهلوبية وذلك فهي ضوء الرسهمية ،ودرجهة التعميهم ،والنغمهة العاطفيهة مميزا
عددا من الدرجات بين هذه العناصر وعكسها .فهو يرى أن السلوب من حيث رسميته
إلى:
()2
)6السلوب المبتذل.
(
)3يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .268
1
(
)1ب .نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .15
2
66
)4السلوب التعليمي. )3السلوب الحيادي.
ويشير (نيومارك) إلى الصلة الوثيقة المتبادلة بين الفصاحة في السلوب ،وبين
النغمة العاطفية؛ إذ يميل السلوب الرسمي إلى الواقعية في الغالب ،بينما نجد العاميات
وال سوقيات ت عد ذات نغ مة حارة؛وذلك نا بع من در جة الل فة ،والقرب ب ين مت ستخدميها؛
()1
بما يمنحهم حق استخدامها على النحو.
وبناء على ذلك في جب على المتر جم أن يحدد نوع ية ال سلوب ودرج ته؛ ليتم كن
من إيجاد المقا بل الملئم له في ل غة الترج مة ،مع الترك يز ب صفة خا صة على ال سلوب
ال نص الدي ني؛ ل نه ي عد في أغلب اللغات أعلى أشكال الحد يث تركيبا ،وأكثر ها تف صيلً
وعلى المترجم أن يتيقظ إلى ضرورة أن تنعكس جميع ()2
وتوسيعا من الناحية الشكلية.
العناصهر ال سلوبية في الترجمهة كالسهخرية ،والمفار قة ،والهتمامات الغربيهة الطوار
انعكاسا دقيقا .وأن يميز الفراد تمييزا صائبا من خلل أساليبهم التي تكشف عن الطبقة
الجتماعية ،والجغرافية .وبأن يفسح لكل شخصية المجال لتمتلك نفس شكل الفردية التي
()3
أعطاه لههههههها المؤلف فههههههي الرسههههههالة الصههههههلية.
(
)2المرجع السابق ،ص.16 ،15،
1
(
)3ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .404
2
(
)4المرجع السابق ،ص 327
3
67
بيد أن ذلك قد يتطلب من المترجم إحداث تغيير في أسلوب الصل في الترجمة للوصول
إلى درجهة التطابهق السهلوبي .وهذا التغييهر قهد يرجهع إمها إلى :الفروق الطبيعيهة بيهن
اللغتين ،أو إلى الفارق الثقافي بين المجتمع ين معا .فالول ل خيار للمترجم أمامه ،فهو
()1
مفروض عليهههههههههههههههههههههههههههههههههههه.
أما الخر فيمكن أن يمثل له ،أو أن يكيف السلوب المستخدم.
وأحيانا ما يلتزم المترجم بأسلوب الصل دون أي تغيير ،بهدف إضفاء الواقعية
على شخ صية من الشخ صيات ،بأن يجعل ها تتكلم ك ما في ال صل؛ وذلك لحداث ال ثر
()2
المطلوب منها.
وعلينا أن نؤكد أن المترجم إذا انتهج أسلوبا معينا في الترجمة فينبغي الستمرار
عليه حتى ينهي الترجمة ،وأل يحاول الخروج عليه في ذات النص ،إذا كان الصل لم
يغ ير من أ سلوبه؛ لن ذلك ي عد خروجا على مبدأ التطا بق .لن نجاح الترج مة مرهون
بقدرة المترجم على الرتباط واللتزام بالتغييرات السلوبية للصل )3(،والصل فقط.
وأما عناصر هذا السلوب التي ينبغي التقيد بها عند النقل فيوجزها (الجرجاني)
فهي :وضوح الدللة ،وصهواب الشارة ،تصهحيح القسهام ،وحسهن الترتيهب والنظام،
والبداع في طريقة التشبيه ،والتمثيل ،والجمال بعد التفصيل ،ووضع الفصل والوصل
أي أن يبدأ المترجم ()4
موضعهما ،وتوفية الحذف والتأكيد ،والتقديم والتأخير شروطهم.
النظر إلى المكونات السلوبية بدءا من النحو وانتهاءً بالبلغة ،كما أشار كل من (نيدا)
و (عبهد القاههر الجرجانهي) .أي أن ينطلق مهن الكلمهة باعتبارهها نواة السهلوب ،فعليهه
مراعاة سرعة الكلمات ،وموافقتها للحالة النفسية؛ فالكلمات ذات المقاطع المتعددة تقلص
سهرعة الجمهل ،بينمها الكلمات ذات المقطهع الواحهد والمقطعيهن تزيهد مهن سهرعة وقهع
()5
الكلمات والجمل ،نحو (سل تنل).
كمها على الترجهم مراعاة درجهة تكرار الكلمهة فهي النهص ،وأن يترجمهها بكلمهة
واحدة فقهط حتهى وأن تكررت عشرات المرات؛ كهي ل يحدث ارتباكا فهي النهص؛ لن
(
)1يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .278
1
(
)2المرجع السابق ،ص .281
2
(
)3؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3
(
)4عبد القاهر الجرجاني ،مرجع سابق ،ص .59
4
(
)5صفاء خلوصي ،مرجع سابق ،ص .155 ،154
5
68
ترجمة كلمة ما في الصل بأكثر من كلمة في الترجمة يؤدي إلى اللتباس والغموض.
()1
وعليه اللتزام بعدد الصفات الواردة في الصل فل يترجم صفة بصفتين إل في
()2
حالت الضطرار؛ ليتجنب بذلك الساليب البراقة ،ويحافظ على الدقة والمانة.
ك ما ي جب على المتر جم أن يرا عي المتلزمات اللفظ ية من تعاب ير كنائ ية ،ومجاز ية
فعل يه إدراك مع نى الت عبير ،ثم ترج مة المع نى في حالة عدم وجود مقا بل ()3
وا صطلحية.
ملئم مع الشارة في الها مش إلى دور الت عبير في خد مة أ سلوب الكا تب أو فكر ته ،وذلك
مثل ما حدث في ترج مة روا ية (زقاق المدق) (لنج يب محفوظ) إلى العبر ية ،ح يث ترج مت
بعض التعابير على نحو حرفي مما أخل بالمعنى – مع البعد قدر المكان عن الحرفية التي
()4
تفسد المعنى وتحطمه.
ك ما أن عل يه المي يز ب ين الم ثل ،والقول الش عبي ،والحك مة ،والقول المأثور ل ما
()5
لهذه الحالت من قدرة وأهمية في تجسيد الفكرة ،وإظهار تمكن الكاتب من لغته.
و قد أ صاب (نيومارك) حين ما أشار إلى أن الترج مة الم ثل في الن صوص غ ير
الدبية يكون بالمقابل المتوفر في لغة الترجمة إذا وجد له مقابل ،وإل فللمترجم الخيار
بين ترجمة المثل الجنبي مع بيان علقته بالنص ،أو تضمين المقصود منه في النص.
()6
كما أن على المترجم النتباه إلى نوع الجملة ومعرفة صنفها ،فيما إ ذا كانههت
مفككة ،أي يمكن التوقف على أي جزء منها ،أم أنها دورية ل يمكن فهمها ،ول التوقف
على أجزائهها إل فهي نهايتهها؛ ممها يجعلهها عرضهة لللتباس والغموض إذا لم يتمكهن
()7
المترجهههههههههههم مهههههههههههن فهمهههههههههههها بدقة
فعلى سبيل المثال ،فيما يتعلق بالجمل وأجزائها ،نجد أن اللغة العبرية تميل إلى التجسيد،
(
)6ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .407
1
(
)1صفاء خلوصي ،مرجع سابق ،ص .176
2
(
)2فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص ،121وما بعدها.
3
(
)3؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
4
(
)4فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص ،130وما بعدها.
5
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
6
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
7
69
والب عد عن ال ستعارات ،والتجر يد .م ما يجعل ها تحول الم سند إل يه النحوي المجرد إلى
م سند إل يه مج سد بشري ،و قد يحول الم سند إل يه الجماد إلى م سند إل يه حي .وذلك في
إطار التفرقة بين المسند إليه النحوي ،والمسند إليه الخطابي ،كما ورد في قصة (الجبل)
(لفت حي غا نم) إذ يقول( :وتقل بت في فار شي ،والنوم يكاد يط غي على لول بر يق صور
تتا بع كأن ها حلم ) .ح يث ترج مت( :؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)( – )1ف تم تحو يل
المسند إليه النحوي (النوم) ،إلى ضمير في ؟؟؟؟؟؟ والذي يشير إلى المسند إليه الخطابي
في القطعة ،بما يخل بجزء من المعنى الصلي.
أ ما من ح يث التقد يم والتأخ ير ،فإن له أهم ية شديدة في جذب النتباه إلى المقدم
دون المؤخهر ،مهن ذلك مثلً :مها ورد فهي سهورة (البقرة )124 /فهي قوله تعالي( :وإذا
ابتلى إبراهيههم ربههه بكلمات فأتمهههن .....اليههة) – .يحههث نقلت بالمقابههل:
(؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) )2(.محاولً هنا أن يحافظ على التقديم والتأخير ،بما يعني أن
المر متعلق بالمترجم وليس باللغة.
أما من حيث الحذف والتأكيد في النص الصلي ،فإن العبرية الحديثة تميل إلى
وضع أدوات تأكيدية ل توجد في الصل ؛ لتأكيد الحداث .وقد قسمتها "ليئة سريج" إلى
:
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3
70
العطهف والشفقهة ،نجهد أن المترجهم قهد أضاف كلمهة ؟؟؟؟؟؟
كأداة لتقوية الفعل .فعلى المترجم أن يدرك مواطن التأكيد في
النص ليصل إلى مواطن القوة والضعف في المصدر ؛ ليبرز
ما كان يريد المؤلف إبرازه وتأكيده.
أما أهم ما يفقد جماله وحسنه عند الترجمة – رغم أنه سمة لسلوب العديد من
الكتّاب فهي جميهع اللغات – فههو التشهبيه ،والسهتعارة ،والتمثيهل ،واللتفات فهي
الخطاب .وذلك لختلف اللغات في التعبير عن المجازات ،والستعارات ،والتشبهات.
نظرا لن الصهورة البلغيهة ترتبهط بالبيئة ،والمحيهط الحضاري للفرد )4(،بالضافهة ()3
ولعهل أول مها شغهل قدامهي اللغوييهن مهن هذه المجازات عنهد الترجمهة كانهت
الستعارة ،وهي التي تناولها "عبدالقاهر الجرجاني" مفصلً إياها إلى نوعين" الول ل
في ح ين يق سمها ب عض المحدث ين ومن هم فائدة من نقله ،وال خر أن يكون لنقله فائدة.
()5
()6
"نيومارك" إلى ستة أنواع من الستعارة.
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
4
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
5
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
6
71
وأخيرا ،على المتر جم مراعاة درجات النفعال ،وال ثر العاط في للكلمات ع ند
الترجمة على المستوى السلوبي ،والتي تشير إليها مؤشرات النبر ،واليقاع والتنغيم ،
وعلى ()1
خا صة إذا كا نت الترج مة شفو ية ،وأن يحاول خلق ن فس ال ثر في الترج مة.
المتر جم إذا لم ي جد ما ي ساعده لن قل أ حد عنا صر ال سلوب من ال نص ال صلي إلى ل غة
الترج مة – عل يه أن ين شئ في ل غة الترج مة ما هو معدوم في ها ؛ با ستعارته من ل غة
()2
المصدر ،وهكذا تؤدي الترجمة دورها التكويني.
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
(
)4؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2
72
سادسا :المستوى البراجماتي:
كما سبقت الشارة ،فإن كل نص مهما كانت نوعيته – كما يرى " نيوبرت" –
يتضمهن عناصهر تأثيريهة ،Pragmaticمتمثلة فهي التعهبير عهن الحتياجات ،
والهداف ،والمقاصهد الجتماعيهة والذاتيهة ،تسهتهدف إثارة رد فعهل مها لدي المتلقهي.
وتتنوع العاقات التأثيريهة للنهص بتنوع النصهوص ،حيهث تكمهن هذه العلقات فهي قدرة
المرسل على اختيار أدواته واستخدامها في الغرض الصحيح للنص)1( .
ممها يجعهل المترجهم ملزما بنقهل نفهس هذه العلقهة القائمهة بيهن المرسهل الول،
والمتلقي الول .حيث تتحكم في هذه العلقة مجموعة من العوامل ،منها :
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .150
2
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .150
3
73
العكس من ذلك فهما تسيران معا في شكل واحد عام مترابط متسلسل؛ نظرا لما للعملية
الولى من أهمية ؛ لتحكمها في اختيار المقابل الترجمي .كما أن الخطأ في المرحلة
الولى يؤدي بل ريب إلى خطأ مماثل في المرحلة الخرى؛( )1بما يجعلنا نقر بأن
العمليتين تتمان في ذات الوقت.
وتبدأ علمية التركيب للنص في لغة الترجمة بإيجاد المقابلت الترجمية لوحدات
الصل .والمقصود بالمقابل الترجمي هنا ،هو وحدة أو عدة وحدات مضمونية في لغة
الترجمهة تسهتخدم لنقهل وحدة ،أو أكثهر مهن وحدات النهص الصهلي .ولكهن تؤدي هذه
المقابلت دورها يجب أن يكون بينها عوامل مشتركة ،هي:
إل أنهه مهن المؤكهد أن جميهع الوحدات المتقابلة ل تشترك فهي هذه العناصهر
جميعا ،وبالتالي ن جد مقابلت ترجم ية كاملة التطا بق ،وأخرى جزئ ية التطا بق .وتتم ثل
المقابلت الترجميهة كاملة التطابهق ،المبنيهة على علقهة التوافهق التام بيهن خصهائص
الوحدة في اللغت ين في الم صطلحات العلم ية التخ صيصية ،وكذلك في ب عض الت عبيرات
والمثال ،والقوال التي اكتسبت سمة العالمية نتيجة التفاعل بين اللغات؛ مما يسهل من
عملية التبادل فيما بينها.
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .150
1
74
اكت سبت سمة العالم ية نتي جة التفا عل ب ين اللغات؛ م ما ي سهل من عمل ية التبادل
فيما بينها.
أما المقابرلت الترجمية جزئية التطابق فل تخضع للقاعدة السابقة ،وتتمثل في:
أغلب وحدات اللغة على المستويات اللفظية ،والقواعدية ،والسلوبية ،والمعنوية وتنقسم
هذه النوعي إلى ثلثة أنماط:
إل أن المقابلة بيهن هذه اللفاظ تعتمهد على الوظيفهة العامهة،دون التطابهق بيهن
()1
مكونات الواقع المرتبط بهذه المفاهيم.
ويتطلب اختيار مقابهل مها – ليؤدي دوره فهي الترجمهة – القيام بمجموعهة مهن
العمليات أو الجراءات ،والتي صاغها كل من (فيناي) و (دربلينيه) في كتابهما الصادر
حيث أشارا إلى سبعة إجراءات للترجمة وهي: ()2
عام .1976
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص ،172وما بعدها.
1
نقلً عن رضا حامد الجمل ،مرجع سابق ،ص ،150وكذا نيومارك، )2كتاب Stylisique Comparee Du Francais Et De L’anglais, paris
(
75
)4التجديد : Modulationالتجديد لتركيب بحسب وجهة نظر اللغة
المتلقية.
(
)3نيومارك ،الجامع في الترجمة ،مرجع سابق ،ص 108 ،107وما بعدها.
1
(
)4المرجع السابق ،ص .110 ،109
2
(
)5ب .نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .110
3
76
الجماعات ،أو الفرق اليهودي كانهت تسهعى للحكهم وههي على
خلف دائم مع غيرها من الفرق.
(
)1المرجع السابق ،ص .112 ،111
1
(
)2المرجع السابق ،ص ،112وما بعدها.
2
(
)3المرجع السابق ،ص .118 ،117
3
(
)4المرجع السابق ،ص .119
4
77
)14التضيهق والتوسهيع : Expmsion and Contractionيخصهان
الجوانهب النحويهة غالبا ،كترجمهة صهفة +اسهم إلى اسهم فهي
()1
الترجمة.
والذي يقوم على أساس التطابق التام بين التعبيرين من حيث المضمون،
()4
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ والصورة الفنية البلغية ،مثل :للحيطان آذان ------
(
)5المرجع السابق ،ص .120
1
(
)1ب .نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص ،120وكذا اتجاهات في الترجمة ،ص ،65وما بعدها.
2
(
)2ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .333
3
(
)3فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص .186 ،185
4
78
بخصهائص لغهة الشعهب أسهاسا ،فضلً عهن ارتباط مكوناتهها اللفظيهة بالبيئة
؟؟؟؟؟؟؟؟
()1
الحضارية للشعب ،نحو :مطر كأفواه القرب ----
يلجهأ إليهه فهي حالة عدم وجود مقابلت مكافئة أو مطابقهة ،ويتميهز هذا
الختيار بالختلف بيهن التعهبيرين ،سهواء فهي المفهوم ،أو المضرب ،أو بخلو
المقابل من الصورة الفنية البلغية ،أي عدم وجود تطابق تام بينهما ،نحو :قدح
؟؟؟؟؟؟؟؟ زناد فكره ---
أي النقهل المعنوي الحرفهي للتعهبير ،مهع الحفاظ على ال صورة الفنيهة البلغيهة
الجنبية المكونة للتعبير ،نحو :فرق تسد ---؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أمها ترجمهة السهتعارات فقهد تناولهها كهل مهن (نيدا) ( ،نيومارك) ( ،يوئيهل
يوسهف) غل أن محهل الختلف بينههم ههو ههل يترجهم الجاز بمجاز مثله ،أم يمكهن
ترجمته حرفيا ،أو معنويا فقط؟
(
)4المرجع السابق ،ص .186
1
(
)1فوزي عطية ،مرجع سابق ،ص ،187وما بعدها.
2
(
)2ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص ،423وكذا يوئيل يوسف ،مرجع سابق ،ص .49
3
79
إل أن ما يتأكد لدينا هو أن ترجمة الستعارة ترجمة حرفية هو منهج مذموم،
ل يؤ خذ به إل في حالة الضرورة الق صوى ،مع عدم وجود مقا بل ملئم ل ها في ل غة
الترجمة .ذلك أن ترجمة الستعارة في حقيقة المر ما هي إل صورة مصغرة لعملية
الترج مة كل ها؛ إذ إن ها تقدم خيارات إ ما في اتجاه الحفاظ على المع نى وال صورة ،أو
وذلك في ضوء العوامل المؤثرة في ترجمة ()1
الحفاظ على أحدهما والتضحية بالخر.
قبوليهة ()2
السهتعارة ،مثهل أهميتهها ،مدى التزام القارئ بهها ،فههم القارئ ومعلوماتهه،
الل غة لوجود ها ،إلى غ ير ذلك من عوا مل تتح كم في ن قل ال ستعارة تش به تلك ال تي
تتحكم في نقل النصوص بين اللغات.
وقهي ضوء كافهة هذه الجراءات فهي النقهل بيهن لغتيهن ،سهواء على مسهتوى
اللفاظ والجمل ،أو مستوى التراكيب المجازية ،أو حتى مستوى الستعارة ،يتأكد لدينا
وجود فاقد ما قي الترجمة ،ويقترن هذا الفاقد أساسا بضياع جزء من أثر الرسالة على
التل قي الجد يد ،إل أن نا ينب غي أن نم يز هذا الفا قد الترج مي بعيدا عن أخطاء المتر جم،
فالفاقهد الترجمهي أمهر حتمهي فل يمكهن لمترجهم مها أن ينقهل نهص يتطابهق على كافهة
المستويات مع الصل ،وبالتالي يصل إلى درجة التكافؤ مما يمنحه الفرصة لكي يحل
محل الصل؛ ذلك لختلف اللغات واختلف ثقافات وحضارات الشعوب التكلمة بهذه
اللغات .وهو فاقد ل يعيب المترجم إذا بذل قصارى جهده لتفاديه ولم يتمكن من ذلك،
أما الخطأ الترجمي من قبل المترجم فهذا أمر آخر قد يرجع إلى إخفاق المترجم في
تحليهل النهص الصهلي واسهتيعابه ،أو جزء منهه .ممها يؤدي إلى سهوء اختيار المقابهل
الترجمي الملئم .أو أنه يرجع إلى انتقاء المترجم للتفسير القل ملءمة عند النقل ،أو
إلى ولع المتر جم با ستخدام صيغ وخ صائص شكل ية تؤدي – أحيانا – غلى غموض
وهي الخطاء التي ينبغي محاسبة المترجم عليها عند تقييم عمله، ()3
النص وإبهامه.
حتى ل يقع خلط بين ما هو حتمي وما هو ممكن ،أو بين ما هو لزم وما هو عرضي
اختياري.
وسوف نستعرض في باقي فصول البحث جوانب تطبيقية لهذا الفصل؛ بمعنى
أننا سنقوم بتطبيق شروط المترجم ،وأجواته ،وتعاريف الترجمة ،وكيفية تحليل النص
(
)3ب .نيومارك ،الجامع في الترجمة ،ص .154
1
(
)4ب .نيومارك ،اتجاهات في الترجمة ،ص ،177وكذا محمد عبد اللطيف هريدي ،مرجع سابق ،ص .125
2
(
)1ي .نيدا ،مرجع سابق ،ص .366
3
80
وتركيبه على ما بين ايدينا من ترجمات لمعاني القرآن الكريم .وهي في الفصل الثاني
ترجمات جزئية ،تليها بعد ذلك الترجمات الكلية في البابين الثاني والثالث؛ لتقييم أداء
مترجمي النص الديني في ضوء هذه المعايير السابقة.
81