Professional Documents
Culture Documents
يعلمون
ماضرة ألقاها فضيلة الشيخ /ممد حسي يعقوب
جهَا
ق ِم ْنهَا َزوْ َ
" يَا َأ ّيهَا النّاسُ اتّقُواْ َربّكُمُ الّذِي خَلَ َقكُم مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَ َ
َوبَثّ ِم ْن ُهمَا رِجَالً َكثِيرًا وَ ِنسَاء وَاتّقُواْ الّلهَ الّذِي َتسَاءلُونَ بِهِ وَا َلرْحَامَ إِنّ الّلهَ كَانَ
"[ النساء ] 1/ عَليْكُمْ رَقِيبًا
َ
عمَالَ ُكمْ َويَغْ ِفرْ
" يَا َأ ّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا الّلهَ وَقُولُوا َق ْولًا سَدِيدًا يُصْ ِلحْ لَكُمْ أَ ْ
[ الحزاب] 71-70/ َلكُمْ ُذنُوبَكُمْ َومَن يُطِعْ الّلهَ َو َرسُو َلهُ َفقَدْ فَازَ َف ْوزًا عَظِيمًا "
ـ أما بعد ـ
فإنّ أصدق الحديث كلم ال تعالى ،وإن خير الهدي هدي محمد صلى ال عليه
وعلى آله وسلم ،وشر المور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضللة ،وكل
ضللة في النار .
إخوتي في ال ..
هل تعلمون ـ يقينًا ـ لماذا خلق كم ال ؟ هل تعلمون ـ حقًا ـ حقي قة هذه
ن بعد الموت بعثًا ؟ وأنّ بعد البعث حسابًا فإما جنة وإما نار ؟
الدنيا ؟ هل تعلمون أ ّ
هل تعلمون ..؟ هل تعلمون …؟ آهٍ ..يا ليت قومي يعلمون .
إخوتي في ال ..
إن أول ما ينب غي عل يك تعل مه ف قه ال سير إلى ال ،فتعرف ال سبيل المو صلة إل يه
جل وعل كي تمضي فيها ،ومن المعلوم أنّ كل سبيل ل يخلو من عوائق ،وكل طريق
لبد له من نهاية ،ودائمًا تكون الهداف هي الباعث المحفز للجدية في السير ،ف ُعلِم من
هذا أنّ مبادئ هذا العلم ثلثة :
)2معرفة العوائق التي فيه . )1معرفة السبيل .
)3تعلق القلب بالمقصود .
إخوتاه ..
لقد انشغل الناس عن هذه السبيل ،وشغفوا بالجدل ،وراحوا يخبطون خبط عشواء
في ما لم يخلقوا لجله ،وإذا بالقوم يمتحنون في هذا العلم فير سبون ،لن هم اهتموا
2
بالمفضول وتركوا الفاضـل ،اهتموا بالتناظـر حول المسـألة والمسـألتين ،ودب
الخلف الذي قطع أواصر الخوة ،وأتى على بنيان الدعوة من القواعد .
إخوتاه ..
تعالوا لنداوي القلوب السـقيمة ،تعالوا نسـتذكر مسـائل هذا العلم الشريـف ،تعالوا
لنتعلم كيف السبيل إلى رب العالمين .
وأول ذلك أن تعرف حقيقة الدنيا .
حقيقة الدنيا
الدنيا عدوة ل عز وجل ،بغرورها ضل من ضل ،وبمكرها زل من زل ،فحبها
رأس الخطايـا والسـيئات ،وبغضهـا والزهـد فيهـا أم الطاعات ،وأس القربات ،
ورأس المنجيات "
)1الدنيا حقيرة ل تساوي عند ال شيئًا .
قال ال تعالى " :اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم
وتكاثر في الموال والولد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم
يكون حطاما وفي الخرة عذاب شديد ومغفرة من ال ورضوان وما الحياة الدنيا إل
[ الحديد]20/ متاع الغرور "
أخرج الترمذي في جامعه والضياء في المختارة وصححه اللباني عن سهل بن
سعد أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :لو كانت الدنيا تعدل عند ال جناح بعوضة
ما سقى كافرا منها شربة ماء " .
ولحقارتها زهدنا رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها فشبهها بما تنفر منه
السجايا السليمة .
أخرج المام أحمد والطبراني والبيهقي وحسنه الشيخ اللباني عن الضحاك بن
سفيان أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال تعالى جعل ما يخرج من بني آدم
مثل للدنيا " .
ن النبي صلى
وأخرج ابن حبان والطبراني وحسنه اللباني عن أبي بن كعب أ ّ
ال عليه وسلم قال " إن مطعم ابن آدم قد ضرب مثل للدنيا و إن قزحه و ملحه فانظر
إلى ما يصير " .
3
قال ابن الثير في النهاية :
قزحه :أي توبله ،من القزح وهو التابل الذي يطرح في القدر .
والمعنى أن المطعم وإن تكلف النسان التنوق في صنعته وتطييبه فإنه عائد إلى
حال يكره ويستقذر ،فكذلك الدنيا المحروص على عمارتها ،ونظم أسبابها راجعة إلى
خراب وإدبار .
سلّمَ َمرّ
عَليْهِ وَ َ
صلّى اللّهُ َ
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد ال أَنّ رَسُولَ اللّهِ َ
سكّ َميّ تٍ َف َتنَا َولَ هُ فََأخَذَ بِأُ ُذنِ هِ ثُمّ
خلًا مِ نْ َبعْ ضِ ا ْلعَاِليَةِ وَالنّا سُ َكنَ َفتَ هُ َف َمرّ بِجَدْ يٍ أَ َ
بِال سّوقِ دَا ِ
صنَعُ بِ هِ .
شيْءٍ وَمَا نَ ْ
قَالَ َ :أ ّيكُ مْ يُحِبّ أَنّ هَذَا لَ هُ بِ ِدرْهَ مٍ ؟ فَقَالُوا :مَا نُحِبّ َأنّ هُ لَنَا بِ َ
سكّ َف َكيْفَ وَ ُهوَ َميّتٌ
ع ْيبًا فِيهِ لَِأنّهُ أَ َ
حيّا كَانَ َ
حبّونَ َأنّهُ َلكُمْ .قَالُوا :وَاللّهِ َلوْ كَانَ َ
قَالَ َ :أتُ ِ
عَل ْيكُمْ .
علَى اللّهِ مِنْ هَذَا َ
فَقَالَ َ :فوَاللّهِ لَل ّد ْنيَا أَ ْهوَنُ َ
)2الدنيا دار فناء .
إن ها إلى زوال ،و كل ما في ها ل يب قى على حال ،نعيم ها من غص لنّ ه نا قص ،
وما هي إل أيام معدودات .
[ النحل] 96/ قال ال تعالى " :ما عندكم ينفد وما عند ال باق "
حمِدَ
غ ْزوَا نَ فَ َ
عتْ َبةُ بْ نُ َ
طبَنَا ُ
خَع َم ْيرٍ ا ْلعَدَ ِويّ قَالَ َ :
في صحيح مسلم عَ نْ خَالِدِ بْ نِ ُ
ّتـ حَذّاءَ
ِصـرْمٍ َ ،ووَل ْ
َتـ ب َ
ْهـ ثُمّ قَالَ َ :أمّاـ بَعْدُ َفإِنّ ال ّدنْيَا قَدْ آ َذن ْ
عَلي ِ
ّهـ َوَأثْنَى َ
الل َ
ح ُبهَا ،
َصـبَا َبةِ ا ْلِإنَا ِء َيتَصـَا ّبهَا صـَا ِ
صـبَا َبةٌ ك ُ
ْقـ ِمنْهَا إِلّا ُ
َمـ َيب َ
( أي مسـرعة ) ،وَل ْ
ض َرتِكُ مْ ،فَ ِإنّ هُ قَدْ
ح ْ
خيْ ِر مَا بِ َ
ن ِمنْهَا ِإلَى دَارٍ لَا َزوَالَ لَهَا ،فَا ْنتَقِلُوا بِ َ
وَِإنّكُ ْم ُم ْنتَقِلُو َ
سبْعِينَ عَامًا لَا يُ ْدرِ كُ لَهَا
ج َهنّ مَ َف َيهْوِي فِيهَا َ
ج َر يُلْقَى مِ نْ شَفَةِ َ
ذُ ِكرَ لَنَا أَنّ الْحَ َ
ن مِ نْ
عيْ ِ
ج ْبتُ مْ َولَقَدْ ُذ ِكرَ لَنَا أَنّ مَا َبيْ نَ مِ صْرَا َ
قَ ْعرًا ،وَ ـ وَاللّ هِ ـ َل ُتمْ َلأَنّ .أَ َفعَ ِ
عَل ْيهَا َيوْ مٌ وَ ُهوَ كَظِي ظٌ مِ نْ الزّحَا مِ َولَقَدْ
سنَةً َوَليَ ْأ ِتيَنّ َ
جنّ ِة مَ سِيرَةُ َأ ْر َبعِي نَ َ
مَ صَارِيعِ ا ْل َ
طعَا مٌ ِإلّا َورَ قُ
سلّمَ مَا لَنَا َ
عَليْ هِ وَ َ
صلّى اللّ هُ َ
ل اللّ هِ َ
س ْبعَةٍ مَ عَ رَ سُو ِ
َرَأ ْيتُنِي سَابِعَ َ
سعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَا ّت َزرْتُ
حتّى َقرِحَتْ أَشْدَا ُقنَا فَا ْلتَقَطْتُ ُبرْ َدةً فَشَقَ ْق ُتهَا َب ْينِي َو َبيْنَ َ
جرِ َ
الشّ َ
صرٍ
علَى مِ ْ
صبَحَ َأمِيرًا َ
صبَحَ ا ْل َيوْ مَ ِمنّ ا أَحَدٌ ِإلّا أَ ْ
سعْدٌ ِبنِ صْ ِفهَا فَمَا أَ ْ
ِبنِ صْ ِفهَا وَا ّت َزرَ َ
صغِيرًا َوِإ ّنهَا لَمْ
عنْ َد اللّهِ َ
مِنْ الَْأمْصَارِ َوِإنّي أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ َأكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وَ ِ
4
ُونـ
ج ّرب َ
خ ُبرُونَ َوتُ َ
َسـتَ ْ
خرُ عَا ِق َبتِهَا ُملْكًا ف َ
ُونـ آ ِ
حتّىـ َيك َ
ختْ َ
َاسـ َ
ُنـ ُن ُب ّوةٌ قَطّ ِإلّا َتن َ
َتك ْ
الُْأ َمرَاءَ َبعْ َدنَا .
وهكذا كانوا رحمهم ال تعالى يعرفون حقيقة الدنيا وأنها دار خراب ل دار عمران
وأن الخرة هي دار القرار فعمروها وتركوا عمارة الدنيا لهل الخسران .
قال ثا بت البناني :ب نى أ بو الدرداء م سكنًا ،فمرّ عليه أ بو ذر ،فقال :ما هذا ؟!
تع مر دارًا أذن ال بخراب ها ؟! لن تكون رأي تك تتمرغ في عذرة ،أ حب إليّ من
أن تكون رأيتك فيما رأيتك فيه .
قال ا بن م سعود :من أراد الخرة أضرّ بالدن يا ،و من أراد الدن يا أضرّ بالخرة ،
يا قوم ،فأضروا بالفاني للباقي .
)3الدنيا سبب الزيغ والضلل
أخرج ابن ماجه وحسنه الشيخ اللباني عن أبي الدرداء رضي ال عنه قال :قال
صلى ال عليه وسلم " :آلفقر تخافون ؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا،
ح تى ل يز يغ قلب أحد كم إن أزا غه إل هي ،و أ يم ال ل قد تركت كم على م ثل البيضاء
ليلها و نهارها سواء .
فالدنيا كلها فتن لذلك حذرنا ال منها ،لنها تغوي البشر فيضيعون في التكالب
على زخرفها
أخرج المام أحمد في مسنده وصححه الشيخ اللباني عن مصعب بن سعد قوله
صلى ال عليه وسلم " :احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة " .
وفي الصحيحين عن عمرو بن عوف النصاري قال صلى ال عليه وسلم :
" فوال ما الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت
على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " .
والناس عادة ما يقعون فريسة النظر إلى من هم أعلى منهم في الدنيا ،وقد يرى
أهـل اليمان الكفار يتطاولون فـي البنيان ،ومـن ل يفقـه سـنن ال الربانيـة قـد يصـاب
بهزيمة نفسية ،وقد يتطلع بعضنا إلى حضارة الغرب الن فيحسدهم على ما هم فيه من
ترف وثراء ،ويمضي ليحاكيهم في هذه ويترك الهم .
5
وقد أعلنها رسول ال صلى ال عليه وسلم عالية ،شعار حزب ال المفلحين "
. [ متفق عليه ] أما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الخرة ؟ "
ولل سف ن حن في عصر يقول القائل ف يه :من معه دولر أو جن يه فإ نه ي ساوي
دولرًا أو جنيهًا ،وهذه من علمات ا ستحواذ الدن يا على الناس ،ف صارت هي المعيار
والمقياس الذي يقاس به كل واحد .
وصدق رسول ال إذ يقول كما في حديث بريدة الذي أخرجه المام أحمد
والنسائي وابن حبان والحاكم في مستدركه وحسنه الشيخ اللباني " إن أحساب أهل
الدنيا :الذين يذهبون إليه هذا المال " .
)4الدنيا سبب الهلك والذل .
حذرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم من الوقوع في شراك التنافس على
المال ،وبين أن هذا كان سبب هلك المم السابقة ،وأنه سبب هلك أمة السلم .
أخرج الطبراني والبيهقي وصححه الشيخ اللباني عن ابن مسعود و أبي موسى
الشعري أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :إن هذا الدينار و الدرهم أهلكا من قبلكم
و هما مهلكاكم .
وقال بشر الحافي :قل لمن طلب الدنيا تهيأ للذل .
)5الدنيا دار ابتلء
فالمؤمن يعرف أنها قنطرة إلى الخرة وأنه لبد من امتحان ليعرف ماذا قدم
وليصحح النهج إن أخطأ ،أما الكافر ل يرى سواها فيتكالب عليها ،بل يعبدها .
أخرج المام مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :الدنيا
سجن المؤمن و جنة الكافر "
وفي مسند المام أحمد ومعجم الطبراني ومستدرك الحاكم وصححه اللباني عن
أبـي مالك الشعري أن النـبي صـلى ال عليـه وسـلم قال " :حلوة الدنيـا مرة الخرة ،
و مرة الدنيا حلوة الخرة " .
خبَاث ! كل عيدانك مضضنا ،فوجدنا عاقبته مرًا.
كان الحسن يقول عن الدنيا َ :
تفريغ القلب منها
6
فإذا كان هذا سمتها حقيرة فان ية زائلة مضلة مهل كة مُبل ية ف ما بال قل بك مشغولً
بها ،إنّ مكانها الحقيقي تحت الحذاء .
لماذا أنـت مهموم بهـا ؟ لماذا تسـتحوذ على قلبـك فل يعود فيـه شيـء مـن طلب
الخرة .
ان ظر ك يف كا نت قلوب هم معل قة بالخرة ،إن هم فطنوا لحقي قة ال مر ،ف صارت
الدنيا ل تساوي عندهم قيد أنملة .
قيل لبعض السلف :متى يذوق العبد حلوة النس بال ؟
قال :إذا صفا الود وخلصت المعاملة .
قال :إذا اجتمع الهم في الطاعة . قيل :فمتى يصفو الود ؟
قال :إذا كان الهم همًا واحدًا . قيل :فمتى تخلص المعاملة .
قال :بالتحري في المكسب . قيل :بم يتعان على ذلك ؟
قال :كل حللً وارقد حيث شئت . قيل :زدني خلل .
قال :خلف الهوى . قيل :أين طريق الراحة
قالت امرأة أبـي حازم لبـي حازم :هذا الشتاء قـد هجـم علينـا ،ول بـد لنـا مـن
الطعام والثياب والحطب .
فقال لها أبو حازم :من هذا كله بد ،ولكن ل بد لنا من الموت ،ثمّ البعث ،ثمّ
الوقوف بين يدي ال تعالى ،ثمّ الجنة ،أو النار " .
وكان المام أحمـد يقول :إنمـا هـو طعام دون طعام ،ولباس دون لباس ،وإنّمـا
هي أيام معدودات .
قال سليمان بن الشعث :ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط .
فكانوا ل يبالون بالدنيا ول بأهلها ،بل كانوا يحقرونها ويسفل عندهم من رضي
بها .
قال أبو بكر بن عياش :من عظم صاحب دنيا فقد أحدث حدثًا في السلم .
)6ما الدنيا من الخرة ؟
ولذلك لم ي صح أن تع قد المقار نة ب ين الدن يا والخرة ،ف كل ما في هذه الدن يا ل
يساوي أقل القليل من الخرة .
7
أخرج الطبراني وصححه اللباني أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :ما أخذت
الدنيا من الخرة إل كما أخذ المخيط غمس في البحر من مائه " .
وفي رواية لمستدرك الحاكم وصححها اللباني " ما الدنيا في الخرة إل كما
يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا " .
وأيم ال ما الدنيا من الخرة ،فهل تعلمون ماذا أعد ال لعباده المؤمنين ،هل
تعلمون أنّ فيها ما ل عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر ،فكل ما
يخطر ببالك فالمر بخلف ذلك .
أخرج الطبراني وصححه اللباني عن سهل بن سعد مرفوعًا " إنّ في الجنة ما
ل عين رأت ،ول أذن سمعت ،ول خطر على قلب أحد " .
8
ل هم أهلو هم :و ال ل قد ازدد تم بعد نا ح سنا و جمال فيقولون :وأن تم و ال
لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمال .
أخرج المام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وابن خزيمه وابن حبان
في صحيحيهما عن صهيب رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم قال :
" إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار نادى مناد :يا أهل الجنة إن لكم
عند ال موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون :و ما هو ؟ ألم يثقل ال موازيننا
و يبيض وجوهنا و يدخلنا الجنة و ينجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فينظرون
إليه فوال ما أعطاهم ال شيئا أحب إليهم من النظر إليه و ل أقر لعينهم " .
فإنْ سألت عن وصفها .
فلها ثمانية أبواب
أخرج ابن سعد وصححه اللباني عن عتبة بن عبد " الجنة لها ثمانية أبواب
والنار لها سبعة أبواب " .
فإن شئت أن تعلم ما وصف تلك البواب فانظر شأن مصراعيه .
ففي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا " والذي نفسي بيده إن ما بين
مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة و بصرى "
وأما أرضها فخبزة بيضاء
أخرج أبو الشيخ في العظمة وصححه اللباني عن جابر أن النبي صلى ال عليه وسلم
قال " :أرض الجنة خبزة بيضاء " .
وفي الجنة أنهار
أخرج المام أحمـد والترمذي وصـححه اللبانـي عـن معاويـة بـن حيدة مرفوعًا
" إن في الجنة بحر الماء ،و بحر العسل ،و بحر اللبن ،و بحر الخمر ،ثم تشقق
النهار بعد "
وفي الجنة نهر الكوثر الذي أعطاه ال لنبيه
في البخاري عن أنس أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " بينا أنا أسير في الجنة
إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف قلت :يا جبريل ما هذا ؟ قال :
9
هذا الكوثر الذي أعطاكه ال ثم ضرب بيده إلى طينه فاستخرج مسكا ثم رفعت لي
سدرة المنتهى فرأيت عندها نورا عظيما
وأخرج الشيرازي في اللقاب وصححه اللباني عن أبي هريرة أن النبي صلى
ال عليه وسلم قال " :أربعة أنهار من أنهار الجنة سيحان و جيحان والنيل و الفرات "
وفي الجنة غرفٌ
أخرج المام أحمد وابن حبان في صحيحه وحسنه اللباني عن أبي مالك الشعري أن
النبي صلى ال عليه وسلم قال " :إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها
من ظاهرها أعدها ال تعالى لمن أطعم الطعام و ألن الكلم و تابع الصيام و صلى
بالليل و الناس نيام .
وفي الجنة شجر عظيم الشان
في الصحيحين عن أنس مرفوعًا " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد
المضمر السريع في ظلها مائة عام ما يقطعها " .
ن النبي
في المسند وصحيح ابن حبان وحسنه اللباني عن أبي سعيد الخدري أ ّ
صلى ال عليه وسلم قال " :طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة
تخرج من أكمامها "
أما بيوت الجنة فبناؤها الذهب والفضة
أخرج المام أحمد والترمذي وصححه اللباني عن أبي هريرة مرفوعا
" الجنة بناؤها لبنة من فضة ،ولبنة من ذهب وملطها المسك الذفر وحصباؤها
اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم ل يبأس و يخلد ل يموت ل تبلى
ثيابهم ول يفنى شبابهم " .
وفي الجنة خيام من لؤلؤ .
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال :
في صحيح مسلم عن أبي موسى الشعري أ ّ
" إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميل للمؤمن فيها
أهلون يطوف عليهم المؤمن فل يرى بعضهم بعضا .
10
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :الخيمة
وفي الصحيحين عن أبي موسى أ ّ
درة مجوفة طولها في السماء ستون ميل في كل زاوية منها للمؤمن أهل ل يراهم
الخرون " .
وأزواجك في الجنة ل تسل عن وصفهن
أخرج الطبراني في الوسط وصححه اللباني عن ابن عمر أن النبي صلى ال
عل يه و سلم قال " :إن أزواج أ هل الج نة ليغن ين أزواج هن بأح سن أ صوات ما سمعها
أحـد قـط إن ممـا يغنيـن " :نحـن الخيرات الحسـان أزواج قوم كرام " ،ينظرن بقرة
أعيان ،وإن مما يغنين به " :نحن الخالدات فل يمتنه نحن المنات فل يخفنه " نحن
المقيمات فل يظعنه .
إخوتاه ..
ولكن الجنة درجات ،وكلٌ بحسب عمله وكسبه
في البخاري عن أبي هريرة مرفوعا " إن في الجنة مائة درجة أعدها ال
للمجاهدين في سبيل ال ما بين الدرجتين كما بين السماء والرض فإذا سألتم ال
فسلوه الفردوس فإنّه أوسط الجنة و أعلى الجنة و فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر
أنهار الجنة.
أخرج المام أحمد في مسنده و الترمذي في جامعه وصححه اللباني عن معاذ
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :ذر الناس يعملون فإن الجنة مائة درجة
بن جبل أ ّ
ما بين كل درجتين كما بين السماء و الرض و الفردوس أعلها درجة و أوسطها
و فوقها عرش الرحمن و منها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم ال فاسألوه الفردوس " .
وبعد
فهل لما علمتم شأنها شمرتم عن ساعد الجد لتظفروا بها ،أم مازلتم تؤثرون الحياة
الدنيا الفانية ،أم مازلتم في الغفلت المهلكة .
هذه الجنة فأين من يعمل لها ؟
هذه الجنة فأين من يهواها ويشتاق لها ؟
فإن ظللتم فيما أنتم فيه من البلء ،وآثرتم العاجلة على الباقية ،فهل تعلمون إلى أين
المصير ؟
11
هل تعلمون عن جهنم شيئًا ؟
)1أشد ما شعرت به من حر الصيف أو زمهرير الشتاء هذا فقط مجرد نفس من
أنفاسها .
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :اشتكت النار
في الصحيحين عن أبي هريرة أ ّ
إلى ربها فقالت :يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء
و نفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر و أشد ما تجدون من
الزمهرير .
وفي رواية للترمذي وصححها اللباني " فأما نفسها في الشتاء فهو زمهرير وأما
نفسها في الصيف فسموم " .
12
وفي الصحيحين أيضًا عن عبد ال بن عمر أنّ رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال " :إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلة فإن شدة الحر من فيح جهنم "
)2نار الدنيا جزء من سبعين جزءًا منها
في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :ناركم هذه
التي توقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل :يا رسول ال ! إن
كانت لكافية ؟ قال :فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها "
)3أشد ما تجد من شقاء وبلء ل يقدر بغمسة فيها
ن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :يؤتى
في صحيح مسلم عن أنس بن مالك أ ّ
بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له :
يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول :ل و ال يا
رب و يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة
فيقال له :يا ابن آدم ! هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟
فيقول :ل و ال يا رب ! ما مر بى بؤس قط و ل رأيت شدة قط .
)4أدنى عذابها
عن أبي سعيد الخدري أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إنّ أدنى أهل
النار عذابا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه " .
)5وفيها من يدخل بغير حساب
أخرج المام أحمد والترمذي وصححه اللباني عن أبي هريرة أنّ النبي صلى
ال عليه وسلم قال:
" يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصران وأذنان يسمعان و لسان
ينطق يقول :إني وكلت بثلثة :بكل جبار عنيد ،وبكل من دعا مع ال إلها آخر
و بالمصورين " .
)6وهي بالغة العمق
13
أخرج الترمذي عن عتبة بن غزوان وصححه اللباني " :إنّ الصخرة العظيمة
لتلقى من شفير جهنم فتهوي بها سبعين عاما ما تفضي إلى قرارها "
وأخرج هناد وصححه اللباني عن أنس مرفوعًا " لو أن حجرا مثل سبع خلفات
ألقي عن شفير جهنم هوى فيها سبعين خريفا ل يبلغ قعرها " .
سلم يا رب سلم .
)7وهي ل تشبع
قال تعالى " :يوم نقول لجهنم هل امتلت وتقول هل من مزيد "
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :ل تزال
جهنم يلقى فيها و تقول { :هل من مزيد } حتى يضع فيها رب العزة قدمه
فينزوي بعضها إلى بعض و تقول :قط قط ،وعزتك وكرمك ،ول يزال في
الجنة فضل حتى ينشئ ال لها خلقا آخر فيسكنهم في فضول الجنة .
)8لها سبعة أبواب .
قال ال تعالى " :لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " .
)9طعام أهلها الزقوم وما أدراك ما الزقوم .
أخرج المام أحمد والترمذي في جامعه وغيرهما وصححه اللباني عن ابن
عباس أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :لو أن قطرة من الزقوم قطرت في
دار الدنيا لفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه ؟ " .
أخرج الترمذي عن أبي الدرداء قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :يلقى
على أ هل النار الجوع فيعدل ما هم ف يه من العذاب في ستغيثون فيغاثون بطعام من
ضريـع ،ل يسـمن ول يغنـي مـن جوع ،فيسـتغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي
غصـة ،فيذكرون أنهـم كانوا يجيزون الغصـص فـي الدنيـا بالشراب ،فيسـتغيثون
بالشراب ،فيرفـع إليهـم الحميـم بكلليـب الحديـد ،فإذا دنـت مـن وجوههـم شوت
وجوههم ،فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم ،فيقولون ادعوا خزنة جهنم
فيقولون :ألم تـك تأتيكـم رسـلكم بالبينات .قالوا :بلى .قالوا :فادعوا ومـا دعاء
الكافر ين إل في ضلل .قال :فيقولون :ادعوا مال كا .فيقولون :يا مالك لي قض
علينا ربك قال فيجيبهم إنكم ماكثون قال العمش نبئت أن بين دعائهم وبين إجابة
14
مالك إياهم ألف عام قال فيقولون ادعوا ربكم فل أحد خير من ربكم فيقولون ربنا
غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال
فيجيبهـم اخسـئوا فيهـا ول تكلمون قال فعنـد ذلك يئسـوا مـن كـل خيـر وعنـد ذلك
يأخذون في الزفير والحسرة والويل .
إخوتاه ..
ثمّ ماذا ؟
هل من توبة قبل الموت حتى تأمن شرها ،أخي ابكِ على خطيئتك الن قبل أن
تبكي غدًا دما .
ن النَبي صلى ال
في مستدرك الحاكم وحسنه اللباني عن أبي موسى الشعري أ ّ
عليه وسلم قال " :إنّ أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم جرت
و إنّهم ليبكون الدم " .
إخوتاه ..
اتقوا النار فإنكم ل تدرون ما هي ؟ اتقوا النار فاجعلوا بينكم وبينها سترًا ،قدموا
الن القرابين قبل فوات الوان .
أخرج الطبراني عن فضالة بن عبيد مرفوعًا " اجعلوا بينكم وبين النار حجابا
و لو بشق تمرة " .
15