You are on page 1of 36

‫أولويات العمل السلمي‬

‫في الغرب‬

‫مقدمة‬

‫الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على عبده ورسوله المين سيدنا ونبينا محمد المبعوث‬
‫رحمة للعالمين‪ ،‬ونذيرا وبشيرا للناس أجمعين‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه إلى يوم‬
‫الدين‪.‬‬

‫وبعد‪،،،،‬‬

‫فهذا بحث متواضع كتبته على عجلة من أمري‪ ،‬حول أولويات العمل السلمي في الغرب‪،‬‬
‫وقد ضمنته القضايا الساسية التي يجب أن تولى العناية‪ ،‬ويبذل لها الهتمام من القليات‬
‫السلمية التي تعيش في بلد الغرب خاصة‪ ،‬وفي بلدان العالم عامة‪ ،‬وكذلك الواجب على‬
‫المسلمين في كل مكان الذين يعيشون أكثرية عددية في أقطارهم نحو إخوانهم الذين ابتلوا‬
‫بحياة الستضعاف ويتعرضون إلى الفتنة في الدين‪ ،‬وخطر التذويب والنسلخ من السلم‪ ،‬أو‬
‫أخطار البادة والطرد والتشريد‪..‬‬

‫وال أسأل أن يجعل هذا خالصا لوجهه وأن يوفقنا جميعا إلى مرضاته‪ ،‬وأن يرد إلى أمة‬
‫السلم عزها ومكانتها في الرض كلها لتكون كلمة ال هي العليا‪ ،‬وكلمة الذين كفروا السفلى‬
‫إنه هو العزيز الحكيم‪.‬‬

‫وكتبه‬

‫عبدالرحمن عبدالخالق‬

‫الكويت في ‪29‬من محرم الحرام ‪1414‬هـ‬

‫الموافــق ‪18‬من يونيــــو ‪1993‬م‬

‫* تعريف وتحديد‪:‬‬
‫المقصود بالغرب في هذه الدراسة هو‪ :‬أوروبا‪ ،‬وأمريكا‪ ،‬ويمتد هذا المفهوم كذلك للمستعمرات‬
‫التي تقع في الشرق‪ ،‬ونزح الوروبيون إليها وجعلوها وطنا لهم‪ ،‬وأصبحوا الغلبية السكانية‬
‫فيها كأستراليا‪.‬‬

‫والمقصود بالولويات في هذه الدراسة هو‪ :‬بيان القضايا الساسية التي يجب أن يتوجه إليها‬
‫اهتمام الجاليات السلمية التي تعيش في هذه البلد‪.‬‬

‫وكذلك الواجبات الملقاة على المسلمين في بلد السلم نحو إخوانهم الذين يعيشون في بلد‬
‫الغرب‪.‬‬

‫وهذه العداد الكبيرة من أبناء السلم التي تعيش في الغرب تتعرض بحكم حياتها في بلد‬
‫الكفار‪ ،‬وفي ظل القوانين اللدينية‪ ،‬والمجتمعات البعيدة عن السلم إلى خطر التذويب والمحو‬
‫والنسلخ عن الدين السلمي عقيدة وشريعة‪ ،‬ولما كان الواجب على أهل السلم جميعا أن‬
‫يتنادوا لنصرة السلم في كل مكان‪ ،‬ويعملوا لتكون كلمة ال هي العليا في الرض كلها‪ ،‬وأن‬
‫يتواصوا بالحق‪ ،‬والصبر بعد اليمان والعمل الصالح‪ ،‬فإن هذه الدراسة هي من هذا الباب‪،‬‬
‫نصرة لقطاع كبير من المة السلمية يعيش حياة الستضعاف‪.‬‬

‫الباب الول‪ :‬مقدمات‬

‫‪ -1‬أهداف الرسالة السلمية الخالدة الخاتمة‪:‬‬

‫أرسل ال رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم بالهدى‪ ،‬ودين الحق‪ ،‬من أجل أهداف‪ ،‬وغايات‬
‫عظيمة‪ ،‬ونستطيع أن نجمل هذه الهداف‪ ،‬والغايات فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬دعوة الناس إلى توحيد ال وعبادته‪:‬‬

‫وهذا هو الهدف والغاية التي من أجلها خلق ال الخلق‪ ،‬من ملئكة‪ ،‬وجن‪ ،‬وإنس‪ ،‬وسماوات‪،‬‬
‫وأرض‪ ،‬وما بث فيهما من دابة‪ ،‬فلم يخلق ال شيئا إل ليعبده ويوحده جل وعل‪ ،‬كما قال‬
‫سبحانه وتعالى‪{ :‬ألم تر أن ال يسجد له من في السموات ومن في الرض والشمس والقمر‬
‫والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليهم العذاب ومن يهن ال فما‬
‫له من مكرم إن ال يفعل ما يشاء}‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى أيضا عن الملئكة‪{ :‬والذين عند ربك‬
‫ل يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون}‪ ،‬وقال سبحانه‪{ :‬وإن من شيء إل يسبح‬
‫بحمده ولكن ل تفقهون تسبيحهم}‪ ،‬واليات في هذا المعنى كثيرة جدا‪..‬‬
‫ومن أجل ذلك أرسل ال الرسل‪ ،‬وأنزل الكتاب كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬ولقد بعثنا في كل‬
‫أمة رسولً أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت}‪ ،‬ورسولنا صلى ال عليه وسلم هو خاتم الرسل‬
‫الذي أرسل ال سبحانه وتعالى لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬وهي دعوة الناس جميعا للدخول فيما خلقهم‬
‫ال من أجله‪ ،‬وهو عبادة ال وحده ل شريك له‪.‬‬

‫ب‪ -‬إقامة الحجة ل على عباده بالبلغ المبين‪:‬‬

‫ولما كان من سنة ال في عباده أل يهتدي كل البشر‪ ،‬بل بعض منهم فقط‪ ،‬بل قليل‪ ..‬فإن مهمة‬
‫الرسول الولى هي البلغ فقط للكافرين‪ ،‬والمعاندين‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬إنا أوحينا إليك‬
‫كم ا أوحين ا إل ى نو ح والنبيي ن م ن بعد ه وأوحين ا إل ى إبراهي م وإسماعي ل وإسح ق ويعقوب‬
‫والسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا رسلً مبشرين ومنذرين‬
‫لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل وكان ال عزيزا حكيما‪.}..‬‬

‫فقوله سبحانه وتعالى‪{ :‬لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل}‪ ،‬أي لئل يحتجوا يوم القيامة‬
‫لبقائهم على الكفر أنهم لم يأتهم نذير‪ ..‬فإرسال الرسل قطع العذر‪ ،‬والحجة التي يمكن أن يحتج‬
‫بها الكافر والمعاند يوم القيامة‪.‬‬

‫وقد قال ال لرسوله محمد صلى ال عليه وسلم‪{ :‬إن عليك إل البلغ}‪ ،‬وقال‪{ :‬ما على الرسول‬
‫إل البلغ}‪ ،‬وهذا في شأنه مع الكفار فليس عليه إل أن يبلغهم فقط‪ ،‬ويخبرهم بالذي أرسله ال‬
‫به‪ ،‬وماذا يجب عليهم نحو ال سبحانه وتعالى‪ ،‬وماذا ينتظرهم إن هم أصروا على الكفر‬
‫والعناد؟؟؟‪.‬‬

‫{قل أطيعوا ال والرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا‬
‫وما على الرسول إل البلغ المبين}‪ ،‬فهذه الية جمعت غاية الرسالة‪ ،‬وموضوعها‪ ،‬وما يترتب‬
‫على طرفيها الرسول‪ ،‬والمرسل إليه‪ ..،‬ومهمة الداعي هي البلغ المبين‪ ،‬ومهمة المدعو هي‬
‫المسارعة إلى طاعة ال‪ ،‬وطاعة رسوله‪ ،‬فإن تولوا عن ذلك فقد ثبت في حقهم ما رتبه ال‬
‫عل ى المعاندين ‪ ،‬وه و قوله ‪{ :‬ق ل م ا يعب أ بك م رب ي لول ـدعاؤك م فق د كذبت م فسو ف يكون‬
‫لزامــا}‪- ،‬أي العذاب‪ -‬فالعذاب لزم لكل من بلغته دعوة الرسول‪ ،‬ثم كذب بها‪.‬‬
‫ج‪ -‬إخراج وتربية أمة مسلمة قائمة بأمر ال‪:‬‬

‫الهدف الثالث الذي من أجله أرسل ال رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم هو إخراج‪ ،‬وتربية‬
‫أمة مسلمة قائمة بأمر ال تعالى‪ ،‬مقيمة لحدوده‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬هو الذي بعث في‬
‫الميين رسولً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي‬
‫ضلل مبين}‪.‬‬

‫وقد كان هذا تحقيقا لدعوة إبراهيم‪ ،‬وإسماعيل عليهما السلم‪ ،‬حيث قال وهما يرفعان أركان‬
‫البيت في مكة‪{ :‬ربنا وابعث فيهم رسولً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة‬
‫ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}‪.‬‬

‫وقد استجاب ال دعاءهم ببعثة هذا النبي الكريم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأخرج على يده خير‬
‫أمة أخرجت للناس‪ ،‬كما شهد ال لهم بذلك‪ ،‬حيث يقول‪{ :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون‬
‫بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بال}‪ ،‬ومدحهم في آيات كثيرة من القرآن‪ ،‬كقوله‬
‫تعالي‪{ :‬محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون‬
‫فضلً من ال ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في‬
‫النجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار‬
‫وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات منه مغفرة وأجرا عظيما}‪.‬‬

‫د‪ -‬جعل دين السلم فوق كل الديان‪:‬‬

‫والهدف الرابع الذي أرسل ال من أجله الرسول محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هو جعل دين‬
‫السلم الذي بعث به فوق كل دين إلى يوم القيامة‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬هو الذي أرسل‬
‫رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بال شهيدا}‪ ،‬وقال أيضا‪{ :‬هو الذي‬
‫أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}‪ ،‬ومعنى يظهره‪:‬‬
‫أي يجعله ظاهرا على كل الديان‪ ،‬أي‪ :‬غالبا‪.‬‬

‫وقد حقق ال سبحانه وتعالى ذلك على أتم الوجوه يوم كان المسلمون آخذين بأسباب النصر‪،‬‬
‫والتمكين‪ ،‬فسقطت كل العروش‪ ،‬وتهاوت كل الديانات الباطلة‪ ،‬وعل السلم فوقها جميعا علوا‬
‫بالحجة‪ ،‬والبيان أولً‪ ،‬ثم بالسيف‪ ،‬والسنان ثانيا‪.‬‬

‫هذه باختصار هي الهداف التي من أجلها أرسل ال رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -2‬وجوب تميز المة السلمية عن أمم الكفر‪:‬‬


‫وقد أوجب ال على أمة السلم أن يتميزوا بعقيدتهم‪ ،‬وصراطهم المستقيم عن أمم الكفر جميعا‬
‫كما علمنا ال سبحانه وتعالى أن نقول في كل ركعة من ركعات الصلة ‪{ :‬اهدنا الصراط‬
‫المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ول الضالين}‪.‬‬

‫وقد ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪[ :‬اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون] ولما‬
‫كانت عقيدة السلم التي بعث ال بها محمدا صلى ال عليه وسلم هي العقيدة الحقة‪ ،‬وهي ذات‬
‫العقيدة التي بعث بها جميع الرسل والنبياء‪ ،‬وهي عبادة ال وحده ل شريك له‪ ،‬وترك كل ما‬
‫يبعد عن دين ال‪ ..‬وكان اليهود والنصارى قد غيروا وبدلوا الدين الذي بعث به موسى‬
‫وعيسى عليهما السلم‪ ،‬فإن ال أوجب على أهل السلم أل يتبعوا إل ما جاءهم عن ال‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وأمر ال رسوله أن يدعو أهل الكتاب للدخول في الدين الحق‪ ،‬دين السلم‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل نعبد إل ول نشرك به‬
‫شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}‪ ،‬وقال‬
‫تعالى أيضا‪{ :‬فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق}‪ ،‬وقال‬
‫تعالى‪{ :‬إن الدين عند ال السلم}‪ ،‬وقال تعالى‪{ :‬ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه‬
‫وهو في الخرة من الخاسرين}‪.‬‬

‫وقد شرع ال سبحانه وتعالى لهل السلم أتباع محمد صلى ال عليه وسلم شريعة خاصة بهم‬
‫في كل شأن من الشؤون‪ ،‬عبادة أو معاملة أو حدا‪.‬‬

‫ونهى ال سبحانه وتعالى أمة السلم أن يأخذوا دينهم إل مما أوحاه إلى رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم كما قال تعالى‪{ :‬وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه‬
‫فاحكم بينهم بما أنزل ال ول تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة‬
‫ومنهاجا ولو شاء ال لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى ال‬
‫مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون}‪.‬‬

‫وعلى هذا فل يجوز لهل السلم أن يأخذوا دينهم إل مما أوحاه ال على رسوله وعبده محمد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬إذ هو الحق الذي لم تشبه شائبة ولم يتعرض لتحريف‪ ،‬أو تغيير‪ ،‬أو‬
‫تبديل‪ ،‬كما قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬لقد جئتكم بها بيضاء نقية]‪.‬‬

‫وقد حفظ ال سبحانه وتعالى هذا الدين القويم من أن تناله يد التحريف والتبديل‪ ،‬فالقرآن الكريم‬
‫محفوظ بحفظ ال إلى اليوم كيوم نزل‪ ،‬والسنة النبوية المطهرة محفوظة كذلك بحفظ ال الذي‬
‫هيأ لها الحفظة المناء الذين نقلوها كما رأوها‪ ،‬وسمعوها من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫والخلصة أنه ل يجوز للمسلمين طلب الهداية مما بأيدي اليهود والنصارى ولو نسبوه إلى‬
‫كتبهم المنزلة لنه ل يؤمن تحريفهم وكذبهم على ال‪ ،‬ومن أجل ذلك نهى رسول ال عمر بن‬
‫الخطاب –رضي ال عنه‪ -‬عن القراءة من التوراة لما رآه يقرأ منها شيئا أعجبه‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬أبهذا وأنا بين أظهركم لقد جئتكم بها بيضاء نقية‪ ،‬وال لو أن موسى‬
‫حيا لما وسعه إل أن يتبعني]‪.‬‬

‫وعنه صلى ال عليه وسلم أنه قد جاء بالدين الكامل الذي لم تدركه شائبة من تزيد أو تنقص‪،‬‬
‫والذي نسخ ال به شرائع النبياء السابقين عليه‪ ،‬ولو أن رسولً منهم وجد بحضرة النبي محمد‬
‫صلى ال عليه وسلم فإن الواجب عليه حينئذ أن يتبع ما جاء به محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ول يحكم بالشريعة التي أنزلت عليه‪ ،‬ومن أجل ذلك فإن عيسى عليه السلم متى نزل من‬
‫السماء حكم بشريعة القرآن‪ ،‬ولم يحكم بشريعة التوراة‪ ،‬والنجيل‪ ،‬وهذا في مجال الهداية‬
‫بالديان السابقة المنزلة من ال سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫وأما في مجال الهتداء‪ ،‬أو التأسي‪ ،‬أو التعليم‪ ،‬أو المشاركة‪ ،‬للمشركين‪ ،‬والكفار في شيء من‬
‫دينهم الباطل‪ ،‬أو عقائدهم الضالة التي جاء السلم بإبطالها فإن هذا كفر يخرج من الدين‪ ،‬فمن‬
‫عظم دينا غير دين السلم فقد كفر‪ ،‬ومن عبد غير ال فقد كفر‪ ،‬ومن اعتقد عقيدة تخالف‬
‫عقائد السلم فقد كفر‪ ،‬وهذا لن الحق ل يتعدد‪..‬‬

‫فتعظيم الصليب كفر‪ ،‬وتعظيم شعائر الكفر‪ ،‬كفر‪ ،‬أيا ما كانت هذه الشعائر أعيادا‪ ،‬أو مظاهر‪،‬‬
‫أو طقوسا‪ ،‬أو احتفالت‪.‬‬

‫وقد أمرت هذه المة أن تتميز عن أمم الكفر في كل مناهجها وشرائعها‪ ،‬ومظاهرها وعاداتها‪،‬‬
‫كما قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬بعثت بالسيف بين يدي الساعة‪ ،‬وجعل رزقي تحت ظل‬
‫رمحي‪ ،‬ومن تشبه بقوم فهو منهم]‪ .‬ول شك في أن هذا التمايز والتغاير بين أمة السلم وأمم‬
‫الكفر‪ ،‬سيمكنها من أن تحافظ على دينها‪ ،‬وعقيدتها ول تذوب في الكفار‪ ،‬ويدخل إلى دينها‬
‫وتشريعها ما ليس منه‪.‬‬

‫‪ -3‬أسباب وجود الجاليات السلمية في الغرب‪:‬‬

‫لقد كانت هناك أسباب كثيرة لنشأة الجاليات السلمية في الغرب‪( :‬أوروبا‪ ،‬وأمريكا)‪ ،‬فالفتح‬
‫السلمي في عهد المويين للندلس كان أول انتقال للسلم إلى أوروبا من جنوبها الغربي‪،‬‬
‫وقد وصل المسلمون آنذاك إلى جنوب فرنسا ثم كان الفتح العثماني لشرق أوروبا حيث وصل‬
‫العثمانيون إلى مدينة فينا عاصمة النمسا‪ ،‬وكان هذا هو الدخول العزيز للسلم هناك‪ ،‬وقد‬
‫أدى دخول العثمانيين إلى شرق أوروبا إلى انضمام عدد كبير من أهل دول البلقان (شرق‬
‫أوروبا) إلى السلم بعدما فتح التراك العثمانيون هذه البلد ومكثوا فيها زمنا طويلً‪ ،‬ثم‬
‫أجبروا أن يخلوا عنها بعد الحر ب العالمية الولى‪ ،‬ومأساة شعب البوسنة والهرسك التي‬
‫نعيشها اليوم هي نتيجة لنحسار المد السلمي عن هذه الرقعة من أرض أوروبا‪ ،‬وبقاء تلك‬
‫القليات السلمية في هذا المحيط الوروبي الصليبي المعارض للسلم‪.‬‬

‫ثم قد كان المسلمون هم أول من اكتشف أمريكا قبل أن يكتشفها كولمبس (بكل فخر واعتزاز‪،‬‬
‫يذك ر ـ المسلمو ن أ ن أجداده م الوائ ل كانو ا ق د اكتشفو ا أمريك ا قب ل أ ن يكتشفه ا كولمبس‬
‫‪ Columbus‬بفتر ة طويلة ‪ ،‬وذلك عندما قطعو ا المحي ط الطلسي م ن الندل س سن ة ‪1150‬م‪،‬‬
‫ووصلوا إلى ما يعرف حاليا بالبرازيل‪ ،‬بل إن المؤرخ المسلم الشريف الدريسي يذكر أن‬
‫اكتشا ف المسلمي ن لهذ ه القار ة كا ن ق د ت م قب ل هذ ا التاريخ ‪ ،‬وذل ك عندم ا أبح ر ثماني ة من‬
‫المسلمين من لشبونة في القرن العاشر الميلدي‪ ،‬محاولين اكتشاف ما وراء بحر الظلمات‪،‬‬
‫وه و الس م الذ ي كا ن يطلق ه المسلمو ن عل ى المحي ط الطلسي ‪ ،‬إل ى أ ن نزلو ا ف ي أمريكا‬
‫الجنوبية‪ ،‬ويؤكد هذا الواقع مستشرقون كبار‪ ،‬وفي كتابه (العـرب في أمريــــــكا)‬
‫‪ The Arabs In America‬يذكر مهد ي ‪ Mehdi‬أنه سن ة ‪ 1539‬م اكتشف فراماركوس دي نايز‬
‫‪ Fra Marcos Nize‬ـالمناط ق المعروف ة اليو م باس م ني و مكسيكوـ ‪ New Mexico‬ـوأريزونا‬
‫‪ ، Arizona‬وكان مرشده في ذلك مسلم مغربي اسمه أسطفان‪ ،‬ولقد راح أسطفان ضحية سهم‬
‫من أحد الهنود الحمر‪ ،‬سكان أمريكا الصليين‪ ،‬الذين لم يكونوا قد رأوا الرجل البيض بعد‪.‬‬
‫د‪.‬كمال نمر‪/‬أصول التربية السلمية في أمريكا مجلة البحوث السلمية ‪ -‬صفحة ‪ )243‬ولكن‬
‫الوروبيو ن ه م الذي ن سبقوه م بالهجر ة إليها ‪ ،‬وإقام ة مستوطناته م فيها ‪ ،‬والمسلمو ن الذين‬
‫هاجروا إلى أوروبا وأمريكا‪ ،‬كانوا في عامتهم مهاجرون من أجل الدنيا‪ ،‬أو فرارا بالدين‪،‬‬
‫فالهجرة من بلد السلم إلى أوروبا وأمريكا منذ مطلع القرن العشرين‪ ،‬كانت أهدافها دنيوية‪،‬‬
‫وقليل منها كان بسبب الضطهاد من الحكومات الثورية والحكام الستبدادية‪.‬‬

‫وعلى كل حال‪ ،‬فالهجرة إما أن تكون واجبة كالفرار بالدين من البلد الذي يضطهد فيه المسلم‪،‬‬
‫فيفر إلى بلد آخر يأمن فيه على نفسه‪ ،‬ودينه‪ ،‬وإما أن تكون مستحبة كالهجرة لطلب العلم‬
‫الشرعي‪ ،‬ونصرة الدين‪ ،‬وإما أن تكون مباحة وهي الهجرة لطلب الدنيا‪ ،‬والسفر من أجل‬
‫الرزق‪ ،‬وإما أن تكون حراما إذا كانت إلى بلد ل يستطيع فيها المسلم أن يقيم شرع ال‪ ،‬وإما‬
‫أن تكون ردة وكفرا إذا التحق المسلم بالكفار وترك دينه وعقيدته‪ ،‬وباع دينه بالدنيا‪ .‬ول شك‬
‫أنه يوجد من المسلمين في بلد الغرب من هجرته واجبة‪ ،‬ومن هجرته مباحة‪ ،‬ومن هجرته إثم‬
‫وحرام‪ ،‬ومن هجرته ردة وكفر‪.‬‬

‫وعن جواز الهجرة إلى بلد الغرب يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز‪:‬‬
‫"ومتى عجز المسلم عن إظهار دينه في بلد إقامته‪ ،‬بحيث ل يأمن على دينه وعرضه وماله‪،‬‬
‫فإنه يجب عليه الهجرة إلى بلد آمنة يستطيع أن يؤدي شعائر دينه بأمن وراحة بال عملً‬
‫باليات‪ ،‬والحاديث الواردة في ذلك" (في كلمة بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي السادس للندوة‬
‫العالمية للشباب السلمي‪ ،‬مجلة البحوث السلمية –العدد السادس ‪ -‬صفحة ‪.)346‬‬

‫‪ -4‬مستقبل السلم في الغرب‪:‬‬

‫يتناقض موقف الباحثين والدعاة السلميين‪ ،‬حول مستقبل السلم في الغرب‪ ،‬فبينما يرى‬
‫جمهور منهم أن السلم سيشرق على العالم كله من جديد‪ ،‬من أوروبا وأن الغرب سيعود إلى‬
‫الدين السلمي حتما‪ ،‬وسيمكنه رقيه المادي‪ ،‬والحضاري من نشر رسالة السلم في العالم‪،‬‬
‫وإخضاعه تحت سلطان السلم‪ . .‬فبينما يرى بعض الدعاة والباحثين المسلمين ذلك‪ ،‬يرى‬
‫آخرون أن الغرب عاش وثنيا صليبيا‪ ،‬وأنه سيظل كذلك‪ ،‬وأن رسالة السلم ل يمكن أن‬
‫تنطلق من هذا المستنقع السن‪.‬‬

‫فهذا ‪-‬مثلً‪ -‬الستاذ‪ /‬إسماعيل راجي الفاروقي ‪ -‬أستاذ السلميات‪ ،‬وتاريخ الديان‪ -‬بجامعة‬
‫ثمبل فيلدلفيا ‪-‬في الوليات المتحدة‪ -‬يرى أن أمريكا ستتحول يوما إلى السلم حيث يقول‪:‬‬
‫"حقا إن أعظم فتح في التاريخ لهو الفتح الذي يدخل أمريكا في السلم‪ ،‬ولكن هل فتح هذا‬
‫ممكن؟ هل يجوز لنا أن نأمل أن أمريكا‪ ،‬بكل ما لها من سلطة وديناميكية‪ ،‬بكل ما فيها من‬
‫خيرات كانت بالفعل أم بالقوة‪ ،‬ستدخل يوما ما في السلم‪ ،‬وتصبح ركنا من أركان دار‬
‫السلم؟ هل يجوز لنا أن نتطلع إلى اليوم الذي يدخل فيه الشعب المريكي بمئات مليينه في‬
‫السلم فتصبح أمريكا دولة إسلمية وأرضا تعلو فيها كلمة ال وشعبا يجاهد في سبيل ال‪،‬‬
‫ويسير في خطى رسوله الكريم صلى ال عليه وسلم؟ نعم‪ ،‬بالتأكيد هذه الرؤيا ليست فقط‬
‫مرغوبة بل هي ممكنة بل ضرورية" (مجلة البحوث السلمية ‪-‬العدد الثاني‪ -‬صفحة ‪.)591‬‬

‫ولكن رجلً آخر من العاملين في الحقل السلمي في أمريكا‪ ،‬والذي نال شهادة الدكتوراه في‬
‫التربية من جامعاتها لعا م ‪1983‬م‪ ،‬ويعمل في الكاديمية السعودية في واشنطن وهو د‪.‬كمال‬
‫كامل عبدالحميد نمر يقول‪" :‬أما أولئك الذين يطمحون أن تقام دولة الخلفة السلمية في‬
‫أمريكا‪ ،‬وأن تنطلق راية الجهاد من هناك‪ ،‬فقد ضلوا الطريق‪ ،‬ذلك أن بالرغم من الحرية التي‬
‫يعتقد المسلمون أنهم يتمتعون بها في أمريكا‪ ،‬لنهم حرموا منها في كافة ديار السلم‪ ،‬فإن‬
‫انطلق دولة السلم من ذلك المستنقع ل يعدو أن يكون مجرد حلم لذيذ" (مجلة البحوث‬
‫السلمية ‪-‬عدد ‪ -22‬صفحة ‪.)250‬‬
‫وبينما يعتمد الستاذ الفاروقي في رؤياه أن أمريكا ستكون بالضرورة بلدا إسلميا على إفلس‬
‫المسيحية ‪ ،‬ث م إفل س المادي ة أ ن تقد م للمريك ي تفسيرا ـصحيحا ـللحيا ة منهجا ـنظيفا ـعلى‬
‫الرض‪ ،‬وبالتالي فإنه ل بد أن يحل السلم‪ ،‬فإن الدكتور كمال نمر يعتمد في رؤياه إلى‬
‫استحالة قيام حكم‪ ،‬ونظام إسلمي في أمريكا لن هذا المستنقع السن وهذه الشعوب الغارقة‬
‫في الثم‪ ،‬والفاحشة‪ ،‬والمادية من العسير أن تعرف طريقها إلى السماء‪.‬‬

‫ويقول د‪.‬كمال عبدالحميد نمر الحاصل على الدكتوراه في التربية من الوليات المتحدة‪" :‬إن‬
‫انطلق دولة السلم من ذلك المستنقع ل يعدو أن يكون مجرد حلم لذيذ" (أصول التربية‬
‫السلمية في أمريكا ‪ -‬د‪.‬كمال عبدالحميد)‪.‬‬

‫ويقول الداعية محمد وجدي الخالد‪ ،‬رئيس مركز النصار في ألمانيا‪" :‬إنطلق السلم من‬
‫الغرب هو مجرد سراب أو حلم يحلم به بعض الدعاة الذين ليس لديهم معرفة واسعة بالغرب‪،‬‬
‫حيث يرددون باستمرار عبارة كنت أسمعها في ألمانيا‪ ،‬ثم أصبحت أسمعها في الدول العربية‪،‬‬
‫وه ي قوله م بأ ن السل م سينطل ق م ن الغرب‪ . .‬وم ن جهت ي أقو ل إ ن الغر ب كا ن معقلً‬
‫للنصرانية‪ ،‬وعاد كذلك‪ ..‬وعقلؤهم يؤيدون مبدأ التعايش السلمي مع الديان الخرى" (من‬
‫تقرير عن وضع المسلمين في أوروبا‪ ،‬مرفوع إلى جمعية إحياء التراث السلمي بالكويت)‪.‬‬

‫إن المور التي تحدو بكثير من الدعاة السلميين أن يعتقدوا أن الغرب قد أصبح قريبا جدا‬
‫من السلم‪ ،‬هي رؤيتهم أن الغرب قد أصبح على شفا الكارثة الخلقية والجتماعية‪ ،‬وأنه قد‬
‫وصل القاع‪ ،‬ول بد أن يبحث عن مخرج ول مخرج له إل بالسلم‪ ،‬وكذلك رؤيتهم تحول‬
‫كثير من مفكري الغرب إلى السلم‪ ،‬ومحاولتهم تقديم السلم ليكون بديلً لنظام الحياة السائد‬
‫في الغرب‪ ،‬ومن هؤلء المفكرين العظام الذين قاموا بتقديم السلم للغرب‪ ،‬د‪.‬مراد هوفمـان‬
‫–سفير ألمانيا في الرباط‪ -‬والذي كتب كتابه الفذ (السلم هو الحل البديل)‪ ،‬وقد أثار هذا‬
‫الكتاب زوبعة كبيرة في ألمانيا والغرب‪ ،‬ويقول د‪.‬مراد‪" :‬إنني أعتقد أن حركة تجديد السلم‬
‫ستأتي في القرن الحادي والعشرين من أوروبا" (د‪.‬مراد هوفمان ‪-‬السلم هو الحل البديل‪-‬‬
‫صفحة ‪ ،)247‬ومن قبله كان إسلم روجيه جارودي حدثا عالميا هز أوروبا إذ رأوا تحول علم‬
‫كبير من أعلم الماركسية والعلم المادي إلى السلم إنقلبا هائلً‪..‬‬

‫وأما الذين يرون أن الغرب سيبقى على كفره وعناده وحربه للسلم وصليبيته‪ ،‬فهو رؤيتهم‬
‫للواقع السحيق‪ ،‬والباحية‪ ،‬والكفر‪ ،‬والعناد الذي يعيش فيه الغرب‪ ،‬وأن نداءهم للسلم إنما‬
‫هو نداء من مكان بعيد‪{ :‬أولئك ينادون من مكان بعيد}‪.‬‬
‫وأن صيحة السلم مهما علت فإن آذان الغرب صماء عن سماعها‪ ،‬وأن التراكمات الهائلة في‬
‫فكر الغربي‪ ،‬والشبهات الكثيرة التي تمل ذهنه عن السلم تجعله بعيدا كل البعد عن أن يسمع‬
‫لنداء الحق‪.‬‬

‫وأقول أيا كان المر‪ ،‬فإن المسلمين مأمورون بحمل الدعوة إلى كل مكان‪ ،‬ودعوة الناس جميعا‬
‫إلى الدخول في الدين الحق والرسالة الخاتمة إلى أهل الرض‪ ،‬ونصر ال للسلم ل يعرف‬
‫من أين يأتي؟ وقد أنزل ال رسالة على العرب وهم أهل أمة لم يكن أحد يأبه بوجودها أو‬
‫فقدها‪ ،‬ثم كان من شأنهم أن جعلهم ال سادة الدنيا وحديث العالم‪ ،‬ولما تخلوا عنها يوما فإن‬
‫عبيدهم ومماليكهم قاموا يوما بنصر السلم‪ ،‬ثم قام التراك‪ ،‬وكانوا مجموعة من القبائل‬
‫الرحل الذي لم يكن لهم شأن ول ذكر‪ ،‬ثم أصبحوا سادة الدنيا بالسلم قرونا متطاولة وال‬
‫سبحانه وتعالى أعلم حيث يجعل رسالته‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي‬
‫عزيز}‪ ،‬وهو القائل سبحانه وتعالى للعرب‪{ :‬وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ل يكونوا‬
‫أمثالكم}‪.‬‬

‫وعلى كل حال‪ ،‬فإن في الغرب اليوم مليين المسلمين الذين وجدوا فيه لما أسلفنا من ظروف‬
‫وأحوال وأسباب وواجب المة السلمية‪ ،‬نحوهم كبير‪ ،‬وواجبهم نحو أنفسهم كذلك عظيم‪،‬‬
‫كيف يحافظون على دينهم وعقيدتهم وأمنهم وإسلمهم‪ ،‬بل كيف ينطلقون دعاة بهذا الدين‪..‬‬

‫وهذا هو الذي يجب أن توجه له الهموم‪ ،‬ونترك النتائج بعد ذلك ل سبحانه وتعالى يهدي من‬
‫يشاء إلى صراط مستقيم‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬الولويات‬

‫‪ .1‬اليمان بال‪ ،‬وتوحيده‪ ،‬وعبادته وحده ل شريك له‪:‬‬

‫أولى الولويات التي يجب على المسلمين بالغرب ‪-‬بل في كل مكان‪ -‬التمسك بها هو اليمان‬
‫بال وتوحيده‪ ،‬وذلك أن اليمان بال‪ ،‬وعبادته وحده ل شريك له هو الذي من أجله خلقنا ال‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو ما يميز المؤمن عن الكافر وما كان هؤلء المغتربون مسلمين إل‬
‫بإيمانهم وتميزهم عن المم الكافرة والمشركة التي يعيشون فيها‪ ،‬واليمان هو طريق الفلح‪،‬‬
‫وصراط ال المستقيم‪ ،‬وهو اختيار ال اصطفاه لمن أنعم عليهم من البشر‪ . .،‬ولذلك فإن من‬
‫فرط في دينه من أجل دنياه‪ ،‬فإنه يكون قد فرط في حياته الحقيقية‪ ،‬وخسر الدنيا والخرة‪.‬‬
‫إن قضية اليمان بال‪ ،‬يجب أن تكون الشغل الشاغل لكل مسلم‪ ،‬وأن يجعلها هي مدار حياته‪،‬‬
‫وثمرة جهاده‪ ،‬ومنتهى أمله‪ ،‬وكل تطلعه‪ ،‬وهذا يعني أن يبيع كل شيء من أجلها‪ ،‬وأن يضحي‬
‫بك ل عزي ز لينالها ‪ ،‬ويحاف ظ عليها ‪ ،‬وأ ن يتر ك ك ل شي ء يتعار ض معه ا ول و كا ن الهل‪،‬‬
‫والوطن‪ ،‬والمال‪ ،‬وكل عزيز‪.‬‬

‫ويكون الحفاظ على اليمان بال وتوحيده بما يأتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬بتعلمه‪:‬‬

‫اليمان بال علم وتصديق وعمل بمقتضى هذا العلم‪ ..‬وأركان اليمان ست هي‪( :‬اليمان بال‪،‬‬
‫وملئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم الخر‪ ،‬واليمان بالقدر خيره وشره من ال تعالى)‪ ،‬وكليات‬
‫هذا العلم‪ ،‬يجب على كل أحد تعلمها‪ ،‬والتفقه فيها وتعليمها ناشئة المسلمين ذكورا وإناثا‪.‬‬

‫ويجب أن يكون ذلك كما جاء في كتاب ال وسنة رسوله‪ ،‬وكما كان اعتقاد الصحابة رضوان‬
‫ال عليهم‪ ،‬لنهم المشهود لهم بالخير‪ ،‬والذين رضي ال عنهم وأرضاهم‪ ،‬وأعز بجهادهم‬
‫السلم‪.‬‬

‫وهذه أهم القضايا الساسية لمسائل اليمان‪:‬‬

‫وجود ال تعالى‪:‬‬

‫أن نؤمن أن ال هو الله الحق الذي شهد بوجوده وربوبيته ووحدانية كل موجود‪.‬‬

‫توحيد الذات‪:‬‬

‫ونؤمن أنه سبحانه وتعالى بذاته فوق عرشه مستو على النحو الذي يليق بجلله‪ ،‬كما مدح بذلك‬
‫نفسه في سبع آيات من كتابه‪ ،‬وأن عرشه فوق سبع سماواته‪.‬‬

‫وأنه سبحانه الول الذي ليس قبله شيء‪ ،‬والخر الذي ليس بعده شيء‪ ،‬والظاهر الذي ليس‬
‫فوقه شيء‪ ،‬والباطن الذي ليس دونه شيء‪ ،‬وأن صفاته كلها ‪-‬كما هي أبدية‪ -‬فهي كذلك أزلية‬
‫ليس لوليته ابتداء ول لخريته انتهاء‪.‬‬

‫وأن ذاته سبحانه وتعالى ل تشبه شيئا من مخلوقاته‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬ليس كمثله شيء وهو السميع‬
‫البصير}‪ ،‬وأنه الواحد الحد الفرد الصمد‪ ،‬الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‪.‬‬

‫وأنه سبحانه وتعالى ل يحل في شيء من مخلوقاته‪ ،‬ول يحل فيه شيء من مخلوقاته‪ ،‬وأن كل‬
‫ما سواه فمخلوق بأمره خاضع لمشيئته‪.‬‬
‫توحيد الصفات‪:‬‬

‫وأنه سبحانه الحي القيوم بذاته‪ ،‬المقيم لكل ما سواه‪ ،‬فالعرش والكرسي والسماوات والرض‪،‬‬
‫وكل ما فيها ل قيام لشيء من ذلك إل به‪ ،‬ول بقاء لعرش ول كرسي ول سماء ول أرض ول‬
‫ملئكة ول جن ول إنس إل بإقامة ال لهم ورعايته وحفظه‪ ..،‬فكل شيء مفتقر إليه‪..‬‬

‫وأنه سبحانه وتعالى العليم الخبير‪ ،‬الذي يحيط علمه بالولين والخرين‪ ،‬ول يعزب عنه مثقال‬
‫ذرة في السماوات ول في الرض‪ ،‬وأنه ما من حركة ول سكون‪ ،‬إل وقد علمه قبل وقوعه‬
‫ويعلمه حال وقوعه‪ ،‬وأنه سبحانه ل يضل ول ينسى‪.‬‬

‫ونؤمن أن ال سبحانه وتعالى هو رب كل شيء ومليكه والمتصرف فيه‪ ،‬وأنه ل شريك له في‬
‫ملكه‪ ،‬ول ظهير له ول معين له من خلقه‪.‬‬

‫وأنه سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء وتنزه عن الظلم والجور‪.‬‬

‫وأنه سبحانه وتعالى العليم الحكيم‪ ،‬الذي يضع كل أمر في نصابه والذي ل يفعل شيئا سدى‬
‫وعبثا‪.‬‬

‫ونؤمن أن ربنا سبحانه وتعالى يحب ويرضى‪ ،‬ويفرح ويضحك‪ ،‬وكذلك يسخط ويمقت ويكره‬
‫ويغضب وفي كل ذلك ل يشبه شيئا من خلقه‪.‬‬

‫وأنه سبحانه وتعالى يلطف ويرحم‪ ،‬وينجي عباده المؤمنين‪ ،‬كما أنه يخذل ويعذب وينتقم‬
‫ويستدرج‪ ،‬ويمكر بعبيده الظالمين‪.‬‬

‫ونؤمن أنه سبحانه وتعالى يتكلم كما يشاء‪ ،‬كما قال‪{ :‬وكلم موسى تكليما}‪ ،‬وينزل ويقترب من‬
‫عباده كما يشاء قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا عند‬
‫ثلث الليل الخر]‪ ،‬وأنه له وجها قال تعالى‪{ :‬ويبقى وجه ربك ذو الجلل والكرام}‪ ،‬ويدا‪{ :‬ما‬
‫منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وقدما‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬فيضع رب العزة قدمه‬
‫فيها]‪ ،‬وساقا قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬يكشف ربنا عن ساقه]‪ ،‬وأن صفاته سبحانه‬
‫وتعالى ل تشبه صفات المخلوقين‪.‬‬

‫ونؤمن أنه سبحانه وتعالى القوي العزيز وأنه على كل شيء قدير‪ ،‬وأنه ل يعجزه شيء‪ ،‬ول‬
‫يؤوده حفظ السموات والرض‪ ،‬ول حول ول قوة لحد ول لشيء إل به سبحانه‪ ،‬وأنه الفعال‬
‫لما يريد‪.‬‬
‫ونؤمن أن ال سبحانه وتعالى هو البر الكريم ذو الفضل والحسان‪ ،‬الذي ما نعمة إل هي منه‪،‬‬
‫وما من عطاء إل وهو من عنده‪ ،‬وأنه ل راد لحسانه ول ممسك لفضله‪.‬‬

‫ونؤمن أن ال سبحانه أعظم وأجل من أن يحيط أحد من خلقه علما به قال تعالى‪{ :‬ول‬
‫يحيطون به علما} وأنه ليس بعد سلطانه سلطان‪ ،‬ول بعد ملكه ملك‪ ،‬وأنه ل يستطيع أحد أن‬
‫يثني عليه كما أثنى هو على نفسه‪ ،‬ونؤمن أنه ل يعلم ال على حقيقته إل ال سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫حكمة الخلق‪:‬‬

‫ونؤمن ونشهد أن ال سبحانه وتعالى ما خلق من ملئكة وجن وإنس وسماوات وأرض‪ ،‬إل‬
‫ليعبدوه ويسبحوه‪ ،‬وأنه ما من شيء إل وهو يسبح بحمده ويقدس له بلسان مقاله أو بلسان‬
‫حاله‪.‬‬

‫ونشهد أن كل من تأبى عن تقديس ال وعبادته من ملئكة أو جن أو إنس يطرده ال ويلعنه‬


‫كائنا من كان‪ ،‬وأن من نازع ال في ألوهيته ودعا إلى عبادة نفسه أو عبادة غير ال يلعنه‬
‫ويعذبه قال تعالى‪{ :‬ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}‪.‬‬

‫ونؤمن أن العبادة التي ل يقبل ال من أحد غيرها هي الطاعة المطلقة ل سبحانه فيما عقل‬
‫معناه‪ ،‬وما لم يعقل معناه‪ ،‬مع كمال الذل والخضوع والحب ل سبحانه‪.‬‬

‫ونؤمن أن الدين الذي ل يقبل ال سواه من ملك أو جن أو إنس هو السلم قال تعالى‪{ :‬ومن‬
‫يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه وهو في الخرة من الخاسرين}‪ ،‬والسلم هو الستسلم ل‬
‫بالطاعة والخضوع‪.‬‬

‫ونشهد أنه سبحانه لما خلق الخلق جعل لكل شيء قدرا ومقدارا ومنزلة‪ ،‬فللملئكة أقدارهم‬
‫ومنازلهم‪ ،‬وللجن كذلك وللنس كذلك‪ ،‬وأوجب على كل أحد أن يلزم قدره ومقداره ومنزلته‪.‬‬

‫ونشهد أنه سبحانه وتعالى أمر الجن والنس بعبادته‪ ،‬ولم يخلقهم إل من أجل هذه العبادة‪ ،‬وأنه‬
‫ابتلهم بالخير والشر‪ ،‬واختبر طاعتهم‪ ،‬وأن الجن والنس كذلك‪ ،‬وأوجب على كل أحد أن‬
‫يلزم قدره ومقداره ومنزلته‪.‬‬

‫ونشهد أنه سبحانه وتعالى أمر الجن والنس بعبادته‪ ،‬ولم يخلقهم إل من أجل هذه العبادة‪ ،‬وأنه‬
‫ابتلهم بالخير والشر‪ ،‬واختبر طاعتهم‪ ،‬وأن الجن والن س ك ل منهم يكس ب الخير والشر‬
‫باختيار نفسه ولكن أحدا منهم ل يوقع الخير إل بتوفيق من ال وإعانة‪ ،‬ول يوقع الشر جبرا‬
‫على ال ولكن في إطار إذنه ومشيئته‪.‬‬
‫ونشهد أن ال سبحانه وتعالى خلق آدم من طين هذه الرض بيديه سبحانه‪ ،‬خلقا مستقلً‪ ،‬وأمر‬
‫هذه جبريل الذي هو روح ال أن ينفخ فيه فصار بشرا بنفخة جبريل‪ ،‬وأن ذلك كان في‬
‫السماء‪ ،‬وأنه سبحانه أمر الملئكة بالسجود له فسجدوا إل إبليس الذي أبى استكبارا وكفرا‬
‫وعنادا لذلك طرده ال من رحمته‪ ،‬وحذر آدم منه‪.‬‬

‫ونشهد أن ال خلق حواء من ضلع آدم‪ ،‬وجعلها زوجة له‪ ،‬واختبرهما ال بأن يأكل من كل‬
‫ثمار الجنة إل شجرة واحدة‪ ،‬فأكل منها فأهبطهما إلى الرض ليعمراها بنسلهما جيلً بعد جيل‬
‫وليختبره م فيه ا بالطاع ة والناب ة والسل م له ‪ ،‬فم ن أطا ع أرجع ه إل ى الجن ة وم ن عصى‬
‫فمصيره إلى النار‪.‬‬

‫توحيد اللوهية "القصد والطلب"‪:‬‬

‫ونشهد أنه ل يبلغ عبد التوحيد الخالص إل إذا كانت محبته ورغبته وخوفه وخشيته وتعظيمه‬
‫ل عز وجل أعظم من كل مخلوق‪ ،‬وإل إذا كان توكله على ال وحده‪ ،‬وحسبه ل وحده‬
‫(الحسب‪ :‬الكفاية‪ ،‬وحسبي ال ونعم الوكيل‪ ،‬بمعنى ال يكفيني كل ما أهمني)‪.‬‬

‫ونشهد أن الركوع والسجود والذبح والصوم والنذر والحلف كل ذلك ل يجوز إل ل ومن‬
‫صرف شيئا من ذلك لغيره فقد أشرك‪.‬‬

‫ونشهد أنه ل طواف إل ببيت ال‪ ،‬وتقبيل ‪-‬عبادة‪ -‬إل للحجر السود‪ ،‬ول شد رحال ‪-‬عبادة‪-‬‬
‫إل للمسجد الحرام ومسجد النبي صلى ال عليه وسلم والمسجد القصى‪.‬‬

‫ونشهد أنه من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول‪ ،‬فقد كفر بما أنزل على محمد‪ ،‬وأن الغيب‬
‫ل يعلمه إل ال‪ ،‬ومن ادعى اطلعا على الغيب أو اللوح المحفوظ فهو كافر مشرك‪.‬‬

‫ونشهد أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حمى جانب التوحيد‪ ،‬وسد كل الذرائع الموصلة إلى‬
‫الشرك‪ ،‬فحرم بناء المساجد على القبور‪ ،‬ونهانا أن نطريه كما أطرت النصارى المسيح ابن‬
‫مريم ونهى عن الصور والتماثيل‪.‬‬

‫ونشهد أن الكرامة حق لعبد صالح مؤمن‪ ،‬وأن خرق العادة قد يكون للفسقة والمجرمين‪ ،‬كما‬
‫ه و للدجالي ن والكذابين ‪ ،‬وم ن علم حقيق ة الدي ن استطا ع أ ن يفر ق (بي ن أوليا ء ال ـوأولياء‬
‫الشياطين)‪.‬‬

‫ونؤمن أن ل سبحانه وتعالى الكبرياء العظمة والمجد‪ ،‬وأن سبحانه ل يشفع أحد عنده إل‬
‫بإذنه‪ ،‬ول يتألى عليه‪ ،‬ول يتنازع في كبريائه وعظمته ول يعقب على أمره وحكمه‪.‬‬
‫توحيد الحكم والملك‪:‬‬

‫ونؤمن أن أخبار ال كلها صدق‪ ،‬وأحكامه كلها عدل قال تعالى ‪{ :‬وتمت كلمة ربك صدقا‬
‫وعدلً}‪.‬‬

‫ونشهد ونؤمن أن ل الخلق والمر‪ ،‬وأن الحكم له وحده‪ ،‬وأنه هو الذي يشرع لعبادته ويأمر‬
‫وينهى‪ ،‬أن من نازع ال في شيء من ذلك فقد أشرك‪.‬‬

‫ونشهد أن كل من أطاع سيدا أو أميرا أو حاكما في غير طاعة ال‪ ،‬مريدا لذلك راغبا عن‬
‫طاعة ال‪ ،‬فهو كافر مشرك‪ ،‬وأنه ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪.‬‬

‫اليمان بالملئكة‪:‬‬

‫ويشهد أهل السنة والجماعة‪ ،‬ونشهد معهم ونؤمن بحول ال وقوته‪:‬‬

‫أن الملئكة خلقهم ال من نور وأقامهم في طاعته وعبادته قال تعالى‪{ :‬ل يسبقونه بالقول وهم‬
‫بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ول يشفعون إل لمن ارتضى وهم من خشيته‬
‫مشفقون}‪.‬‬

‫وأن ال سبحانه وتعالى يبعثهم ويقيمهم في أعمال كثيرة عدا التسبيح والتحميد له‪ ،‬كإرسال‬
‫رسالت ه إل ى رسل ه م ن البشر ‪ ،‬وتثبي ت المؤمني ن ف ي القتا ل وإحصا ء أعما ل النا س خيرها‬
‫وشرها‪ ،‬وحفظ البشر من الحوادث التي لم يرد ال أن يصابوا بها‪ ،‬وقبض الرواح وسوق‬
‫السحاب ونفخ الروح‪ ،‬وغير ذلك مما بينه ال في كتابه وعلى لسان رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫ونحب الملئكة ونؤمن بهم لمحبتهم للمؤمنين ودعائهم لهم‪ ،‬ولشراكنا معهم في اليمان بال‬
‫وتعظيم ه وتقديسه ‪ ،‬ول نفر ق بي ن ملك وملك كما فعل ت اليهو د ب ل نحبهم لطاعته م لربهم‬
‫وسيرهم في مرضاته‪.‬‬

‫اليمان بكتب ال‪:‬‬

‫ونشهد ونؤمن أن ال سبحانه أنزل كتبا وصحفا على رسله‪ ،‬وأنها جميعا عند تنزيلها منزهة‬
‫من العيب والنقص والغلط لنها كلم ال‪ ،‬ونشهد أن كل الكتب السابقة على القرآن حرفها‬
‫أهلها وغيروها‪ ،‬عدا القرآن الذي حفظه ال من التغيير والتبديل وسيبقى كذلك إلى قرب قيام‬
‫الساعة فضلً من ال ورحمة حيث يرفعه ال من الرض‪.‬‬
‫ونشهد أن القرآن المنزل على محمد صلى ال عليه وسلم كلم ال حقا وصدقا ليس بمخلوق‪،‬‬
‫ول يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‪ ،‬وأنه معجزة حية باقية تحدى ال به الولين‬
‫والخرين أن يأتوا بسورة مثله بيانا وبلغة ومعنى وأحكاما وأن أحدا مهما أوتي من العلم‬
‫والفصاحة والبيان ل يأتي بذلك‪..‬‬

‫ونشهد أن ال قد أنزل القرآن تبيانا لكل شيء مما يصلح الناس في دنياهم وأخراهم‪ ،‬وأنه ل‬
‫خلف بين آياته‪ ،‬أن ال تعبدنا بتلوته وتدبره‪ ،‬وجعل خيرنا من تعلمه وعلمه‪.‬‬

‫اليمان برسل ال‪:‬‬

‫ونشهد أن ال سبحانه وتعالى اختار من البشر أنبياء ورسلً لهداية الناس ودعوتهم إلى طريق‬
‫ال‪ ،‬وأن أولهم آدم وآخرهم وخاتمهم محم د صلى ال عليه وسلم وأنهم جميعا إخوانه في‬
‫الدين‪ ،‬دعاة إلى رب العالمين‪ ،‬وإن اختلفت شرائعهم فعقيدتهم واحدة‪.‬‬

‫ونشهد أن جميع الرسل معصومون عن الكذب على ال أو الحكم بالهوى‪ ،‬أو الوقوع في‬
‫الفواحش أو الزيادة والنقص في الدين وأنهم مسددون دائما من ال في اجتهادهم وأن ال ل‬
‫يقرهم على خطأ أخطأوه باجتهادهم‪.‬‬

‫ونشهد أن هؤلء الرسل بشر مثلنا‪ ،‬خلقوا من طين الرض وليس منهم من خلق من نور ال‬
‫أو نور عرشه‪ ،‬كما يقول كفار المسلمين في شأن نبينا محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو من كلمة‬
‫ال كما يقول كفار النصارى في شأ ن عيسى ‪ ،‬وأنهم يموتو ن كما يمو ت البشر‪ ،‬وينسون‬
‫ويمرضون ويتألمون ويكابدون كما يكابد البشر‪.‬‬

‫ونؤمن أن الرسل ما شرفه ال إل لتحقيقهم العبودية ل في أنفسهم فهم أكمل المؤمنين إيمانا‬
‫وأعظمهم ل خشية‪ ،‬وأعلمهم به وأنه ليس منم من أحد دعا الناس إلى تعظيمه وعبادته‪ ،‬بل‬
‫دعوا جميعا إلى عبادة ال وحده‪.‬‬

‫ونشهد أن الرسل ل يعلمون الغيب إل ما أطلعهم ال عليه ونشروه في الناس وأنهم لم يكتموا‬
‫شيئا مما أوحاه ال إليهم‪.‬‬

‫ونشهد ونؤمن أن محمدا صلى ال عليه وسلم هو خاتم الرسل وسيدهم وأفضلهم عند ال‪،‬‬
‫وأعلهم منزلة بلغ البلغ المبين‪ ،‬ولم يكتم شيئا مما أوحاه إليه رب العالمين‪.‬‬

‫ونشهد ونؤمن أن أحدا من الناس ل يؤمن إيمانا كاملً إل إذا أحب رسول ال أكثر من حبه‬
‫لبويه وأولده ونفسه التي بين جنبيه‪ ،‬وعزر (تعزير الرسول نصره‪ ،‬والجهاد معه والدفاع‬
‫عن حوزة الدين الذي جاء به) الرسول ووقره واتبع ما جاء به وقدم طاعته على طاعة كل‬
‫مخلوق‪.‬‬

‫ونؤمن بشفاعة الرسول العظمى يوم القيامة‪ ،‬حيث يشفع للناس في فصل القضاء‪ ،‬وخروج‬
‫الناس من المحشر‪ ،‬وحيث يأذن ال له فيمن يشفع فيهم من المؤمنين فيدخلون الجنة‪.‬‬

‫ونشهد أن شفاعة الرسول حق لعصاة المؤمنين‪ ،‬ونقر ونشهد أن الرسول ل يشفع إل لمن أذن‬
‫ال له‪.‬‬

‫ونؤمن أن محمدا صلى ال عليه وسلم قد أرسله ال إلى الناس كافة عربهم وعجمهم منذ بعثته‬
‫وإلى قيام الساعة‪ ،‬وأنه رسول ال إلى النس والجن جميعا‪.‬‬

‫ونؤمن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد ثبتت له المعجزات الباهرة والبراهين الناصعة‬
‫على صدقه وأمانته‪ ،‬فقد أنزل عليه القرآن المعجز‪ ،‬وأسرى به إلى القدس من مكة في ليلة‬
‫واحدة‪ ،‬ويشهد المؤمنون أنه عرج به إلى السماء في ليلة السراء‪ ،‬وشاهد الملئكة والمرسلين‬
‫وكلمهم وكلمه ال سبحانه وتعالى وأكرمه وفرض عليه وعلى أمته خمس صلوات في اليوم‬
‫والليلة‪.‬‬

‫ونشهد أن الرسول صلى ال عليه وسلم قد نبع الماء من بين أصابعه وأطعم المئات من الناس‬
‫بطعام ل يكفي العشرات‪ ،‬وحن الجذع إليه‪ ،‬وسبح الحصى والطعام في يديه‪ ،‬واشتكى إليه‬
‫البعير‪.‬‬

‫ونؤمن بما فضل به محمدا صلى ال عليه وسلم على النبياء‪ ،‬وما خصه به من النصر‬
‫بالرعب‪ ،‬وإحلل الغنائم وجوامع الكلم (أي أن الكلم اختصر له اختصارا فيستطيع أن يعبر‬
‫عن المعاني الكبيرة بجمل قصيرة)‪ ،‬وجعل الرض مسجدا وطهورا‪ ،‬وبعثه إلى الناس كافة‪،‬‬
‫وختم النبيين به‪ ،‬ونشهد أن حوض الرسول حق‪ ،‬ونسأل ال أن يسقينا منه‪.‬‬

‫اليمان باليوم الخر‪:‬‬

‫ونؤمن أن ال قد جعل لكل نفس أجلً وللحياة على الرض أجلً تنتهي فيه بالنفخة الولى في‬
‫الصور‪ ،‬ثم ينفخ فيه نفخة أخرى فيقوم الناس لرب العباد لفصل القضاء بينهم‪.‬‬

‫ونشهد أن الجنة والنار مخلوقتان الن‪ ،‬وباقيتان أبدا وسرمدا‪ ،‬وأن أهل الجنة داخلوها ول شك‬
‫يوم القيامة وأهل النار مواقعوها ولن يجدوا عنها مصرفا‪.‬‬
‫ونشهد أن ال يخرج عصاة المؤمنين من النار الذي يدخلونها بسبب معاصيهم التي لم يغفرها‬
‫ال لهم‪ ،‬ولم يكفرها عملهم الصالح‪.‬‬

‫ونؤمن بأن نعيم الجنة حق فإنه نعيم حسي ومعنوي‪ ،‬وأنهما كما وصف ال في كتابه وعلى‬
‫لسان رسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫ونشهد أن أهل الجنة واجدون فيها ما ل عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر‬
‫ونسأل ال أن يجعلنا منهم‪ ،‬وأهل النار واجدون فيها من العذاب واللم ما لم يخطر ببالهم‪،‬‬
‫وأكبر مما توهمه عقولهم قال تعالى‪{ :‬فيومئذ ل يعذب عذابه أحد ول يوثق وثاقه أحد}‪ ،‬ونسأل‬
‫ال أل يجعلنا معهم‪.‬‬

‫ونؤمن بأن من مات من أهل الجنة فإنه ينعم في قبره‪ ،‬ومن مات من أهل النار فإنه يعذب فيه‬
‫فنعيم القبر وعذابه حق‪ ،‬وسؤال الملكين في القبر بعد الدفن حق‪.‬‬

‫ونؤمن ونشهد أن بيننا وبين الساعة علمات كبرى وصغرى‪ ،‬ذكر ال بعضها في كتابه‬
‫وفصلها الرسول صلى ال عليه وسلم في خطابه‪ ،‬وأن من العلمات الكبرى الدابة‪ ،‬والدجال‪،‬‬
‫ويأجوج ومأجوج‪ ،‬ونار تخرج من قعر عدن تحشر الناس إلى أرض المحشر‪ ،‬ونزول المسيح‬
‫عيسى ابن مريم من السماء في دمشق حيث يحكم بالقرآن ويكسر الصليب ويقتل الخنزير‬
‫ويضع الجزية‪.‬‬

‫ومن العلمات الصغرى‪ :‬تقارب الزمان‪ ،‬وظهور الفتن والقتل‪ ،‬وكثرة النساء وقلة الرجال‪،‬‬
‫وقتال المسلمين لليهود حتى يقول الحجر والشجر‪ ،‬كما ورد في الحديث‪[ :‬يا مسلم هذا يهودي‬
‫ورائي فاقتله]‪ ،‬واتفاق المسلمين والنصارى على قتال قوم كفار من دونهم‪ ،‬ثم قتال المسلمين‬
‫للنصارى وانتصار المسلمين عليهم‪.‬‬

‫ونؤمن أنه لن تقوم الساعة حتى تفتح روما كما فتحت القسطنطينية‪ ،‬وحتى يخرج المهدي من‬
‫أمة محمد صلى ال عليه وسلم في آخر الزمان يواطئ اسمه اسم الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫واسم أبيه عبدال‪ ،‬وأنه ليس المهدي الذي زعمته الشيعة في محمد بن الحسن العسكري‪.‬‬

‫ونؤمن بأن يوم القيامة طوله كخمسين ألف سنة من سني الرض‪ ،‬وأن الناس يقومون فيه‬
‫لربهم لفصل القضاء بينهم‪ ،‬وأنهم يتفاوتون في المحشر حسب إيمانهم ودرجاتهم وأن الميزان‬
‫حق والصراط حق والحوض حق‪ ،‬وشفاعة سيد المرسلين حق‪ ،‬وشفاعة الشافعين حق‪.‬‬
‫اليمان بالقضاء والقدر‪:‬‬

‫ونؤمن ونشهد أن ال سبحانه وتعالى خلق كل شيء بقدر وأنه كتب مقادير كل شيء قبل أن‬
‫يخلق السموات والرض بخمسين ألف سنة‪ ،‬وأنه ما من شيء يقع في السموات والرض إل‬
‫وعلمه ال وقدره قبل أن يقع ول يعزب عن علم ال شيء‪.‬‬

‫ونشهد أن أهل السعادة قد سجلت لهم السعادة وأهل الشقاوة قد سجلت لهم الشقاوة وأن كل ذلك‬
‫ل يتغير ول يتبدل وأنه قد جفت القلم وطويت الصحف ول تبديل لكلمات ال‪.‬‬

‫ونشهد أن الخير والشر بتقدير ال ومشيئته‪ ،‬وأن كل إنسان يكسب الخير والشر باختياره‪،‬‬
‫ومشيئته‪ ،‬ولكن ل يوقع الخير إل بتوفيق من ال وإعانة‪ ،‬ول يوقع الشر جبرا على ال ولكنه‬
‫في إطار إذن ال ومشيئته‪.‬‬

‫ول نقول كما قالت الجبرية ليس للنسان فعل وإن النسان مجبور على عمله ول خيار له‪،‬‬
‫ول نقول كما قالت القدرية أن كل إنسان يخلق فعله يختار عمله وأن اختيار ال له تابع‬
‫لختيار النسان‪.‬‬

‫ب‪ -‬معرفة الفروق بين عقيدة التوحيد‪ ،‬وما يضادها من عقائد الشرك والوثنية واللحاد‪:‬‬

‫ومما يقوي عقيدة التوحيد واليمان بال‪ ،‬معرفة الفروق بينهما وبين عقائد الشرك والوثنية‬
‫واللحاد ‪ ،‬وخاص ة العقائ د المعاصر ة منها ‪ ،‬والت ي يقو م أربابه ا بترويجه ا ونشره ا وحرب‬
‫السلم بها‪.‬‬

‫فل بد للمسلم وخاصة من يعيش بين ظهراني الكفار أن يعرف عقائدهم‪ ،‬ليعرف الفرق بين‬
‫عقيدة التوحيد التي يؤمن بها‪ ،‬وما عليه هؤلء المشركون والملحدون وذلك وقاية له أن يقع في‬
‫ضللهم‪ ،‬ودفعا لشبهاتهم وردا لباطلهم لنه ل بد وأن يتعرض لمن يدعو منهم إلى أديانهم‬
‫الباطلة (ومن أجل ذلك ألحقت هذه المذكرة بمذكرة أخرى توضح العقيدة النصرانية توضيحا‬
‫كاملً‪ ،‬وتقيم الدليل الذي ل يمكن دفعه أنه عيسى عليه السلم لم يكن إل رسول ال وكلمته‬
‫ألقاها إلى مريم وروح منه‪ ،‬كما جاء في القرآن‪ ،‬وكما هو موجود في الناجيل الذي يعتمدها‬
‫النصارى اليوم‪ ،‬وأرجو أل يقرأ هذه المذكرة مسيحي يريد الحق إل واهتدى إلى السلم)‪.‬‬

‫وقد يفتن بما هم عليه من مناهج وطرائق في الحياة‪ ،‬فيستحسن ما عندهم‪ ،‬وقد يظن أن نجاحهم‬
‫في الدنيا دليل على صحة معتقدهم‪ ،‬وسلمة أديانهم‪ ،‬ومن أجل ذلك وجب معرفة الشر لتوقيه‪،‬‬
‫بل الكفر بالطاغوت مطلوب لذاته‪ ،‬ثم لما يميز به الحق كما قال تعالى‪{ :‬فمن يكفر بالطاغوت‬
‫ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها وال سميع عليم}‪.‬‬
‫لذلك وجب على كل مسلم يعيش مع الكفار أن يتعلم بحسب طاقته‪ ،‬كيف يرد على باطلهم‪،‬‬
‫وكيف يتقي شر عقائدهم الباطلة‪ ،‬ودينهم المخالف لدين السلم‪.‬‬

‫ج‪ -‬إحياء اليمان في القلب بالعمل الصالح‪:‬‬

‫واليمان يقوى بتضافر الدلة‪ ،‬وزيادة العلم‪ ،‬ويحيا بالعمل الصالح‪ ،‬فمثل اليمان في القلب‬
‫كالنبتة يسقيها العمل الصالح وينميها‪ ،‬فإذا لم تجد عملً ذبلت وماتت‪ ،‬فالصلة‪ ،‬والصوم‪،‬‬
‫والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والبر‪ ،‬والصلة‪ ،‬والتزام آداب السلم وأخلقه وشرائعه‪ ،‬هي ترجمة اليمان‬
‫الموجود في القلب إلى أعمال الجوارح ويزداد اليمان في القلب بازديادها‪ ،‬ويقل نوره ويذهب‬
‫بذهابه‪ ،‬ولذلك فل بد لكل مسلم أن يحيي إيمانه بالعمل الصالح‪ ،‬وإل ذهب إيمانه ومحيي من‬
‫القلب‪.‬‬

‫ومعلوم أن اليمان قول باللسان‪ ،‬وتصديق بالجنان‪ ،‬وعمل بالجوارح‪ ،‬والعمل ل شك من‬
‫مسمى اليمان كما قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬اليمان بضع وستون شعبة‪ ،‬أعلها قول ل إله‬
‫إل ال‪ ،‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق والحياء شعبة من اليمان]‪.‬‬

‫‪ -2‬تعزيز النتماء والموالة لمة السلم‪ ،‬والبغض والمعاداة لمم الكفر‪:‬‬

‫من لوازم اليمان بال سبحانه وتعالى‪ ،‬موالة كل مؤمن‪ ،‬ومعاداة كل كافر فأمة اليمان أمة‬
‫واحدة منذ آدم ‪-‬عليه السلم‪ -‬وإلى آخر مؤمن على الرض‪ ،‬فالرسل جميعا جاءوا بدين واحد‬
‫من ال يدعون الناس إلى عبادة ربهم وحده ل شريك له‪ ،‬وكل من آمن بهم فقد دخل في هذه‬
‫المة الواحدة كما قال سبحانه وتعالى ‪{ :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}‪ ،‬وكل‬
‫كافر بال مشرك به‪ ،‬فهو عدو ل لنه أطاع أعداءه إبليس وجنوده‪ ،‬وكل من أطاع عدو ال‬
‫فهو عدو ل‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس‬
‫للظالمين بدلً}‪ ،‬فكل من اتخذ الشيطان وليا فقد جعله ال عدوا‪ ،‬وكل من دخل في عداوة ال‬
‫فل يجوز لمؤمن موالته ول محبته‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا‬
‫عدوي وعدوكم أولياء}‪ ،‬وقال أيضا‪{ :‬ل تجد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد‬
‫ال ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم‪.}..‬‬

‫وقد جعل ال سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلم وهو أبو النبياء نموذجا ومثلً لكل مؤمن‬
‫بعده‪ ،‬وذلك في تبرئه من قومه وأهله الكفار‪ ،‬واعتصامه بولية المؤمنين معه فقط‪ ،‬علما أنه لم‬
‫يكن معه مؤمن غير زوجته وابن أخيه‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪{ :‬قد كان لكم أسوة حسنة في‬
‫إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إننا برؤاء منكم ومما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا‬
‫بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بال وحده‪ ،}..‬فل يجوز لمؤمن أن يوالي‪،‬‬
‫ويحب وينصر إل إخوانه المؤمنين‪ ،‬ول يجوز له موالة أعداء ال من الكافرين والمنافقين‪ ،‬بل‬
‫من اتخذ أعداء ال أولياء له فقد خرج من السلم كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض‪ ،‬ومن يتولهم منكم فإنه منهم‪ ،‬إن ال ل‬
‫يهدي القوم الظالمين}‪ ،‬واليات في هذا المعنى كثيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -3‬وجوب اتباع شرائع السلم‪:‬‬

‫من الولويات التي يجب أن توجه النظار إليها وأن يكون الهتمام بالغا بها هو استقلل‬
‫المسلمين بشريعتهم التي أكرمهم ال بها عن اتباع شرائع الشيطان التي شرعها لوليائه‪ ،‬ومن‬
‫هذه الشرائع التي شرعها ال لعباده‪:‬‬

‫أ‪ -‬إقامة الصلة‪:‬‬

‫وأولى الولويات في اتباع ما أنزله ال لهل السلم‪ ،‬هو الصلة التي يجب أن يحرص عليها‬
‫كل الحرص‪ ،‬لنها هي الفارق بين المسلم والكافر‪ ،‬كما قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬بين الرجل‬
‫وبين الكفر ترك الصلة]‪ ،‬ولما كانت الصلة تجب لها الجماعة‪ ،‬وجب الحرص على بناء‬
‫المساجد‪ ،‬وإظهار شعائر السلم بالذان‪ ،‬وحضور الجماعات‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬في بيوت أذن‬
‫ال أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والصال رجال ل تلهيهم تجارة ول بيع عن‬
‫ذكر ال وإقام الصلة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والبصار}‪ ،‬فيجب على‬
‫المسلمين في الغرب المسارعة إلى بناء المساجد في كل مكان يتواجد فيه المسلمون‪ ،‬وإعلء‬
‫الذا ن م ا أمك ن ذلك ‪ ،‬وحضو ر الجم ع والجماعات ‪ ،‬وجع ل هذ ه المساج د ه ي المنتديات‬
‫والمدارس وأماكن التعارف‪ ،‬ونشأة الروابط والمحبة بين أهل السلم‪ ،‬وعلى المسلمين في‬
‫العالم أجمع‪ ،‬مساعدة إخوانهم المسلمين في الغرب بزرع المساجد في كل مكان‪ ،‬وإحيائها‬
‫بالئمة الصالحين‪ ،‬والدعاة المتفرغين‪ ،‬والمعلمين العاملين وإضافة الملحق والمرافق المساعدة‬
‫لذلك بالمسجد كالمكتبة‪ ،‬وبيت الضيافة الذي يقابل الصفة في مسجد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ورياض الطفال‪ ،‬والفصول الدراسية‪ ،‬وبعض الخدمات الخرى التي يحتاجها أهل‬
‫السلم في هذه الديار‪.‬‬

‫ب‪ -‬اللباس الشرعي للرجال والنساء‪:‬‬

‫وم ن الشرائ ع الهام ة الت ي يج ب أ ن يلتز م به ا المسلمو ن بالغر ب اللبا س الشرع ي للرجال‬
‫والنساء‪ ،‬لن المظهر دليل المخبر‪ ،‬ولن التمايز بين أمة السلم وأمم الكفر واجب ولزم‪ ،‬فقد‬
‫نهينا أن نتشبه بالكفار في دينهم وعاداتهم وتقاليدهم التي تخالف دين السلم‪ ،‬فيجب أن يكون‬
‫للرجال المسلمين ما يميزهم عن الكفار ول يجعلهم مثلهم في مظهرهم‪.‬‬
‫وأما النساء‪ ،‬فإن الحجاب الشرعي لزم في حقهن‪ ،‬لنه دليل العفة والطهارة وشعار الدين كما‬
‫قال تعالى‪{ :‬يا أيها النبي قل لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن ذلك‬
‫أدنى أن يعرفن فل يؤذين وكان ال غفورا رحيما}‪ ،‬ولقوله سبحانه وتعالى‪{ :‬وقل للمؤمنات‬
‫يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها وليضربن‬
‫بخمرهن على جيوبهن ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن أو آبائهن‪ }..‬الية‪.‬‬

‫والمواصفات التي يجب أن يكون عليها لباس المرأة المسلمة كما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون ساترا لجميع البدن ما عدا الوجه والكفين‪ ،‬فإنه يجوز للمرأة كشفهما‪ ،‬وإن سترتهما‬
‫فهو أولى وأفضل‪.‬‬

‫‪ -‬أن يغطي خمار المرأة على رأسها جميع شعرها وعنقها ول يظهر إل صفحة الوجه فقط‪،‬‬
‫لقوله تعالى‪{ :‬وليضربن بخمرهن على جيوبهن}‪ ،‬والخمار هو غطاء الرأس والجيب شق‬
‫الثوب الذي يدخل منه الرأس‪ ،‬والمعنى أن تلف المرأة الخمار على الرأس والعنق حتى يغطي‬
‫فتحة الصدر والعنق‪.‬‬

‫‪ -‬ل يجوز أن يكون ثوب المرأة وخمارها زينة في نفسه‪ ،‬كأن يكون ملونا بألوان تجذب‬
‫النظر أو موشى برسوم أو نقوش أو غير ذلك مما هو زينة‪.‬‬

‫‪ -‬ل يجوز أن يكون لباس المرأة المسلمة مشابها للباس الكافرات‪ ،‬نحو لباس الراهبات مثلً بل‬
‫يجب أن تمتاز المرأة المسلمة بلباسها عن لباس الكافرات‪.‬‬

‫‪ -‬ل يجوز أن يكون اللباس كذلك مطيبا مبخرا‪ ،‬لن إظهار الزينة الخفية محرم‪ ،‬كما نهيت‬
‫المرأة أن تظهر صوت الحلي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ول يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من‬
‫زينتهن}‪.‬‬

‫ج‪ -‬ل زواج من الكتابيات إل وفق الشريعة السلمية‪:‬‬

‫وقد أباح ال سبحانه وتعالى الزواج من الكتابية "اليهودية‪ ،‬والنصرانية"‪ ،‬كما قال جل وعل‪:‬‬
‫{اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من‬
‫المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير‬
‫مسافحين ول متخذي أخدان ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله‪.}..‬‬

‫وهذه الية مخصصة لقوله تعالى‪{ :‬ول تنكحوا المشركات حتى يؤمن}‪ ،‬فالكتابية في العموم‬
‫مشركة لقول اليهود عزير ابن ال‪ ،‬ولقول النصارى المسيح ابن ال‪ ..،‬وعلى هذا مضى‬
‫إجماع المة‪ ..،‬ولكن الزواج من كتابية قد شرط ال له شرط الحصان‪ ،‬وهو العفاف‪..‬‬
‫فالكتابية غير العفيفة‪ ،‬والتي ترضى على نفسها الزنا‪ ،‬ول ترى به بأسا‪ ،‬فل يجوز الزواج‬
‫بها‪ ..‬والظاهر أن من رضيت بزنا دون زنا الفجر‪ ،‬كحل المراقصة‪ ،‬والخلوة‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫الجنبي‪ ،‬فهي غير عفيفة‪ ،‬ول يجوز القتران بها‪.‬‬

‫وكذلك يجب أن ينظر كذلك إلى المصالح والمفاسد الشرعية‪ ،‬فإن المباح إذا غلبت مفسدته‬
‫لظرف من الظروف‪ ،‬قد يتحول إلى الحرام‪ ،‬ومن أجل ذلك منع عمر بن الخطاب من الزواج‬
‫باليهوديات‪ ،‬كما هي رواية حذيفة بن اليمان في ذلك‪ ،‬خشية أن تترك المسلمات‪ ،‬وخشية أن‬
‫يقع المسلمون في زواج المومسات منهن (المحلى ‪ 11‬صفحة ‪ ،)12‬وهذا الذي خشيه عمر بن‬
‫الخطاب رضي ال تعالى عنه هو أشد في زماننا‪ ،‬فإنه في وقت عمر رضي ال عنه‪ ،‬كان‬
‫بالمسلمين عزة وهم الفاتحون‪ ،‬والمسلمون معتزون بدينهم‪ ،‬والنصارى واليهود أذلة صاغرون‬
‫مهزومون أو دافعون للجزية عن يد وهم صاغرون‪ ،‬وكذلك فيهم عفاف كثير‪ ،‬أما اليوم‬
‫فالمسلمون أذلة مغلوبون والنصارى واليهود أعزة غالبون‪ ،‬والعفيفات من أهل الكتاب اليوم‬
‫قليلت‪ ،‬ثم إن كثيرا ممن يسمون بأهل الكتاب اليوم ل دينيون ل يؤمنون بتوراة ول بإنجيل‬
‫ول ببعث بعد الموت‪ ،‬ومثل هذه يحرم قطعا الرتباط والزواج بها‪.‬‬

‫وللسباب السابقة فإننا نوصي كل مسلم في الغرب‪ ،‬أل يقدم على الزواج من كتابية إل‬
‫بالشروط الشرعية في ذلك‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن تكون كتابية بالفعل‪ ،‬أي مؤمنة بكتاب ديانتها‪ :‬التوراة والنجيل‪ ،‬متمسكة بما تأمر به‬
‫الشريعة التي تؤمن بها‪.‬‬

‫‪ -2‬أن تكون عفيفة تحرم الزنا على نفسها‪ ،‬ول تراه مشروعا لغيرها‪ ،‬لن تحريم الزنا قد جاء‬
‫في كل شرائع النبياء‪ ،‬وهو من المعلوم في كل دين بالضرورة‪ ،‬فإن كانت ل ترى بأسا فهي‬
‫فاسقة غير محصنة ل يجوز القتران بها ولو كانت كتابية بل لو كانت مسلمة ول ترى بالزنا‬
‫بأسا فل يجوز الزواج بها لقوله تعالى‪{ :‬الزاني ل ينكح إل زانية أو مشركة والزانية ل ينكحها‬
‫إل زان أو مشرك‪.}..‬‬

‫‪ - 3‬أن تكون ممن تريد الزواج لهدافه في العفة والستمتاع‪ ،‬والحصان‪ ..‬والولد‪ ،‬وليست‬
‫من اللتي يردن الزواج مخاللة وصحبة فقط كما قال تعالى‪{ :‬محصنين غير مسافحين}‪.‬‬

‫فل يجوز الزواج من كتابية إل بنية الحصان‪ ،‬وهو حفظ الفرج بالزواج‪ ،‬وليس لمجرد‬
‫المخاللة والستمتاع الذي هو بمعنى السفاح (السفاح‪ :‬الزنا)‪.‬‬
‫‪ .4‬جعل اللغة العربية هي اللغة الولى‪:‬‬

‫من الولويات لكل مسلم في الرض‪ ،‬وللقليات المسلمة التي تعيش في الغرب‪ ،‬أن تكون اللغة‬
‫العربية هي لغتهم الولى‪ ،‬مهما كانت اللغة التي نشئوا عليها‪ ،‬وذلك أن اللسان العربي يرتبط‬
‫بالسلم ارتباطا عضويا‪ ،‬ول ينفك عنه‪ ،‬فل فهم حقيقيا للسلم إل بفهم وتعلم اللغة العربية‪،‬‬
‫إذ هي لغة القرآن والسنة‪ ،‬ولغة أمهات الكتب في الدين السلمي‪ ،‬ومهما حاولنا ترجمة معاني‬
‫القرآن‪ ،‬ومعاني السنة إلى لغة أخرى‪ ،‬فإنها ل يمكن أن تقوم مقام العربية في معرفة إعجاز‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬ومرامي وفحوى الحديث النبوي‪ ،‬وحقائق العلوم السلمية‪ ،‬ثم إن تعلم اللغة‬
‫العربية قد أصبح يعني النتماء إلى أمة السلم بعد أن أصبحت العربية شعار السلم‪ ،‬ولغة‬
‫القرآن‪.‬‬

‫وتعليم ناشئة السلم اللغة العربية ستعطيهم المفاتيح لفهم القرآن والسنة‪ ،‬وأحكام الشريعة‬
‫السلمية‪ ،‬وسيجعلهم بالضرورة أعضاء وأجزاء من الجسم السلمي‪ ،‬والجهل بهذه اللغة‬
‫سيجعل دائما بين جاهلها والدين السلمي حاجزا وحجابا‪ ،‬ثم إن الناشئة الذي سيكتفون بلغة‬
‫غير لغة القرآن ستكون قراءتهم وثقافتهم واطلعهم في إطار هذه اللغة فقط‪ ،‬وبذلك سينشئون‬
‫على الثقافة والداب التي تسود فيها‪ ..‬ومعلوم أن الثقافات والداب لجميع اللغات الخرى‬
‫ثقافات وآداب غير إسلمية‪ ،‬مما يجعل الفرد يشرب بالضرورة النموذج الخر‪ ،‬فمن ل يعرف‬
‫إل النجليزية مثلً وتصبح هي لغة حديثة‪ ،‬ولغة تعليمية ولغة ثقافته وإطلعه‪ ،‬فإنه لو كان‬
‫مسلما وملتزما فإن جانبا عظيما من حياته سيشكله ما يقرأه من هذه اللغة التي كتب آدابها‪،‬‬
‫ومراجعها أناس على غير السلم‪.‬‬

‫والخلصة أن اللغة العربية هي الخطوة الولى الساسية نحو السلم فهما وعملً‪ ،‬وهي ركن‬
‫أساسي في الولء للدين‪ ،‬والنتماء إلى أمة السلم‪ ،‬وهي عند من يقدرها جانب كبير من‬
‫العتزاز بالسلم وصدق النتماء إليه‪.‬‬

‫ولذلك يجب على القليات السلمية من أي جنس ولغة أن يتحولوا إلى اللغة العربية لتكون‬
‫لغتهم الولى قبل لغتهم القومية وقبل لغة القطر والبلد الذي هاجروا إليه أو وجدوا فيه لسبب‬
‫أو لخر‪.‬‬

‫هذا فيمن نشئوا وترعرعوا من جنس غير عربي‪ ،‬أما العرب المسلمون‪ ،‬الذين هاجروا إلى‬
‫الغرب‪ ،‬فهجروا لغتهم العربية وقطعوا صلتهم بها فإنني أرى أن هذا يكافئ الردة ويماثلها‪..‬‬
‫فمن تركها ازدراء لها‪ ،‬وإعجابا بغيرها‪ ،‬فقد يكون مثل هذا ردة وكفر‪ ،‬ومن تركها لتركه‬
‫للسلم‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬وللسف إن كثيرا من أبناء العرب المسلمين الذين هاجروا إلى الغرب‬
‫تركوا لغتهم ازدراءً واحتقارا لها‪.‬‬

‫يقول صاحب (الناطقون بالضاد في أمريكا الجنوبية)‪" :‬نتيجة احتكاك أبناء المغتربين المسلمين‬
‫بأبناء البلد التي نزلوا إليها‪ ،‬وانتسابهم لمدارسهم‪ ،‬سادت البرتغالية والسبانية البيت العربي‪،‬‬
‫وغدا البناء يجهلون لغة السللة التي انحدروا منها‪ ،‬وتاريخ المة التي ينتمي إليها آباؤهم‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة نجد فارقا شاسعا بين المهاجر العربي‪ ،‬وغيره من المهاجرين الذين يفرضون‬
‫على أبنائهم في سن معينة تكلم لغة السللة التي ينتمون إليها‪ ،‬وبعد أن يلموا بلغتهم كتابة‬
‫وقراءة وتكلما‪ ،‬في مدارس خاصة بتلك الجاليات‪ ،‬يأذن الباء للبناء بأن يتعلموا لغة البلد‬
‫التي نزلوها‪ ،‬على عكس حالة الطفل العربي الذي ل يفقه من لغة والديه سوى بضع كلمات‬
‫عربية مشوبة برطانة أعجمية" أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫ويورد البدوي الملثم حادثة تدل على تمسك أخس شعوب الرض بلغتهم وتخلينا عن لغتنا بما‬
‫فيها من جمال وروعة‪ ،‬فيقول‪" :‬روى لي مغترب أنه عاش مع أسرة يهودية‪ ،‬وذات يوم عاد‬
‫إلى المنزل ليجد رب البيت ينهال بالضرب على ابنه ويفرض عليه الوقوف في زاوية البيت‬
‫رافع اليدين منتصبا على ساق واحد‪.‬‬

‫فسأله‪ :‬ما باله يبكي؟‬

‫فأجاب اليهودي‪ :‬كلب يستحق القصاص‪ ،‬إنه ولد عنيد متمرد‪ ،‬فكم نصحته أل يكلم إخوانه إل‬
‫بالعبرية‪ ،‬ولكنه يحدثهم بالبرتغالية‪ ،‬وخشية أن تفقد العبرية مكانتها الولى في البيت‪ ،‬نال هذا‬
‫الجزاء" (مجلة البحوث السلمية ‪ 22/257‬نقلً عن كتاب الناطقون بالضاد في أمريكا الجنوبية‬
‫صفحة ‪.)246‬‬

‫‪ -5‬وجوب إنشاء تعليم خاص للناشئة إلى سن البلوغ‪:‬‬

‫ومن أولى الولويات للقليات السلمية في الغرب‪ ،‬أن يكون لبناء المسلمين ذكورا وإناثا‬
‫تعليمهم الخاص إلى ما بعد البلوغ‪.‬‬

‫فهذه السن منذ الولدة إلى البلوغ هي السنوات الساسية من العمر التي تغرس فيها الخلق‪،‬‬
‫والمبادئ والعقائد‪ ،‬والتي تتشكل فيها نفس النسان وروحه ويوضع النسان فيها على بداية‬
‫درب الحياة‪ ،‬فإما إلى الكفر وإما إلى السلم كما قال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬كل مولود يولد‬
‫على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه]‪.‬‬
‫ول شك أن كل المحاولت للصلح والتغيير والتبديل التي يحاولها المربون بعد هذه السنين‪،‬‬
‫يذهب كثير منها أدراج الرياح كما يقولون‪ ،‬ويستعصي كثير منها على العلج‪.‬‬

‫إنسان المدرسة الغربية‪:‬‬

‫والمدرسة الغربية اليوم ل تنشيء إل إنسانا ماديا نفعيا ل يؤمن بال ول باليوم الخر‪ ،‬ول‬
‫يؤمن إل بالحياة الدنيا فقط‪ ،‬ويتعلم كيف يستمتع بحياته إلى النهاية‪ ،‬وكيف يشرب كأسه إلى‬
‫الثمالة‪ ،‬وكيف يكسب ما يقدر عليه باذلً غاية الجهد والكدح‪ ،‬وينفق ما كسبه في هذه الحياة‬
‫استمتاعا ـورفاهي ة ورضا ـبالحيا ة الدنيا ‪ ،‬هذ ا إل ى استباحت ه ك ل حرا م يستبيح ه المجتمع‪،‬‬
‫ويتعارف عليه الناس‪ ،‬واستعظامه أن تتدخل شريعة ال في شئونه الخاصة‪ ،‬أو يكون للرسل‬
‫والمعلمين والمربين توجيههم العلوي‪ ،‬ورسالتهم التربوية‪ ،..‬فالفلسفة المادية الغربية اليوم تقوم‬
‫عل ى أ ن النسا ن سي د نفسه ‪ ،‬ومصد ر قراره ‪ ،‬ومنب ع أخلقه ‪ ،‬والحك م عل ى تصرفاته ‪ ،‬وما‬
‫ارتضاه الناس فهو الشرعة وما رفضه الغلبية فممنوع‪ ،‬ول حد للتشريع ينتهي إليه‪ ،‬ول غاية‬
‫يقف عندها‪ ،‬وليس هناك ثوابت في الخلق والقيم‪ ،‬إنما الثابت الوحيد هو الحياة‪ ،‬والمتعة‬
‫والنفع‪.‬‬

‫وهذه الفلسفة الغربية المادية هي التي على أساسها ينشأ الجيل‪ ،‬ويربي المربون‪ ،‬وتوضع‬
‫المناهج لخراج جيل يعرف الحياة‪ ،‬ويقهر الطبيعة ‪-‬حسب تعبيرهم‪ -‬ويستمتع بوجوده‪ ،‬ويعتقد‬
‫ما يشاء‪ ،‬ويخضع لرأي الغلبية فقط‪ ..‬وهذا النسان الوجودي المادي تصنع بدايته في رياض‬
‫الطفال‪ ،‬وفي محضن السرة‪ ،‬ثم في جميع محاضن التربية بعد ذلك‪.‬‬

‫ول شك أن إلقاء أبناء المسلمين في هذه المدارس والمعاهد والرياض التي تشكل عقولهم‬
‫الولى‪ ،‬وموازينهم‪ ،‬وأخلقهم‪ ،‬بل وعقائدهم‪ ،..‬كمن يسلم قطعة من الطين إلى صانع يصنع‬
‫منها تمثال خنزير أو حمار‪ ،‬ثم يلقيه في النار فيتحول إلى حجر صلب‪ ،‬ثم يأخذه بعد ذلك فإذا‬
‫اكتشف الب أن ابنه الذي كان خامة غضة طرية كقطعة الطين اللين تتشكل كما يشاء‪ ،‬قد‬
‫أصبح حجرا صلبا على الصورة التي ل يريدها ول يشتهيها‪ ،‬حاول بعد ذلك تغييرها وتبديلها‬
‫إلى صورة أخرى‪ ،‬وهيهات‪ ،‬فإما أن تتحطم في يديه‪ ،‬وإما أن يغير فيها بعض الرتوش‬
‫واللوان‪ ،‬والمظاهر الخارجية ويبقى التمثال هو التمثال!!!‬

‫إن هذا مثال يقرب إلى الذهن ما يفعله أولياء المور عندما يسلمون أبناءهم إلى مدراس الغرب‬
‫الملحد المادي‪ ،‬ثم بعد استعادة هؤلء الولد بعد البلوغ‪ ،‬يطلع منهم على نموذج آخر تماما‬
‫غير الذي تمناه وأراده من ابنه أو ابنته‪..‬‬
‫وكثير من المعلمين والمربين الذين مارسوا التربية والتعليم في بلد الغرب‪ ،‬قد أدركوا خطورة‬
‫تعلي م أبنا ء المسلمي ن ف ي هذ ه المدارس ‪ ،‬وكتبو ا المطول ت ع ن هذ ه ـ المخاطر ‪ ،‬وناشدوا‬
‫المسلمين أن يقوموا بإنشاء المدارس الخاصة لولدهم‪ ،‬وخاصة في مراحل التعليم الولى‪.‬‬

‫يقول أحد القائمين على التعليم والدعوة في ألمانيا‪" :‬إن التعليم إلزامي هنا حتى سن السادسة‬
‫عشر‪ ،‬وهو كذلك مختلط‪ ،‬وكذلك دروس الرياضة والسباحة مختلطة‪ ،‬وتكون بملبس ساترة‬
‫للفرج والثديين فقط‪ ،‬والطامة عند تدريس مادة (البيولوجي) التي يتم تدريسها من بداية الصف‬
‫الرابع ابتدائي‪ ..‬حيث يعرض المدرسون فلم فيديو لرجل يجامع امرأة بشكل مثير جدا ويتم‬
‫تصوير الرجل والمرأة من بداية تعريفهما على بعضهما حتى تحمل وتلد‪ ،..‬وأن مثل هذه‬
‫المور تقلق أهالي الولد وتجعلهم يفكرون في إقامة المدارس الهلية الخاصة‪ ،‬ولكن سرعان‬
‫ما تزول هذه الفكرة عندما يعرفون ما يترتب عليها من نفقات مادية ‪ -‬وال المستعان" (من‬
‫تقرير عن أحوال الجاليات السلمية في ألمانيا‪ ،‬مرسل إلى جمعية إحياء التراث السلمي)‪،‬‬
‫ول شك أن كثيرا من المسلمين غير مدركين للمخاطر العظيمة من إلحاق أولدهم بمدارس‬
‫الغرب‪.‬‬

‫ويقول صاحب كتاب السوريون في أمريكا‪" :‬أما المسلمون الذي هاجروا إلى أمريكا فتجدهم‬
‫أق ل إدراكا ـلخطور ة المدار س المريكية ‪ ،‬هنا ك عد د قلي ل م ن الطفا ل السوريو ن يؤمون‬
‫المدارس الخاصة‪ ،‬وغالبيتهم تفضل المدارس العامة‪ ،‬وقد صرح أحد أولياء أمور الطالبات أنه‬
‫يريد إرسال ابنته إلى المدارس الخاصة لن المدارس العامة تدرس الرقص"‪.‬‬

‫ول يستويان‪ ،‬ل يستوي من يريد أن يرسل ابنته إلى المدرسة الخاصة تهربا من حصة‬
‫الرقص‪ ،‬بمن يريد أن يفر إلى المدرسة السلمية لنه خبر ما في المدرسة المريكية من فسق‬
‫وفجور‪ ،‬ومن زنا‪ ،‬ولواط‪ ،‬ومن شرط للخمور وتدخين للحشيش والماريجوانا بين الطلب‬
‫أنفسه م م ن جهة ‪ ،‬وبي ن الطل ب ومعلميهم م ن جه ة أخرى ‪ ،‬ولع ل م ن ل يعرف المدرسة‬
‫المريكية‪ ،‬وهي صورة صادقة لذلك المجتمع‪ ،‬بحاجة إلى أن يعلم بعضا من الفات الخطيرة‬
‫التي تفوح رائحتها من المدرسة المريكية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬حوكم معلم في ديترويت لنه‬
‫وجد يلوط بأحد الطلب في مكتبه في المدرسة‪ ،‬ولدى استجوابه اعترف بأنه الطالب رقم ( ‪)36‬‬
‫الذي يفعل معه فعلته النكراء تلك في ذلك العام‪ ،‬واكتفى مدير المدرسة في (آن آربر) بتنبيه‬
‫مجموعة من الطلب تتعاطى الحشيش في مكان غير مسموح به في المدرسة‪ ،‬وطلب إليهم‬
‫عدم تكرار ذلك‪ ،‬واغتصب مجموعة من الطلب معلمتهم داخل حجرة الصف وعلى مرأى‬
‫من سائر الطل ب والطالبات‪ ،‬فما كا ن من تلك المعلم ة إل أن رفع ت قضي ة تطال ب فيها‬
‫الحكومة بمليون دولر (مجلة البحوث السلمية ‪-‬عدد ‪- 22‬صفحة ‪.)265‬‬
‫‪ -6‬حماية القليات السلمية‪:‬‬

‫القليات السلمية في الغرب كانت على الدوام معرضة لحد الخطرين‪ :‬التذويب أو البادة‪ ،‬أم‬
‫التذوي ب فه ي عملي ة سل خ م ن الدي ن والمعتق د والنتما ء للم ة السلمي ة وف ي ظ ل العقيدة‬
‫الشيوعية مثلً‪ ،‬كان المسلمون يجبرون على ترك دينهم‪ ،‬ولغتهم‪ ،‬وأسمائهم السلمية ‪ ،‬بل‬
‫ويمنعو ن م ن نص ب شاه د عل ى قبوره م يشي ر إل ى أ ن هذ ا قب ر مسلم‪ . .‬وق د كا ن تداول‬
‫المصحف ‪ ،‬والكتا ب السلم ي عملً يجرم ه القانو ن بالقت ل أحيانا‪ . .‬وف ي ظ ل الديمقراطية‬
‫الغربية‪ ،‬كا ن ضغط المجتمع ومحاصرة الفساد للسر ة المسلمة عوام ل ضاغط ة م ن أجل‬
‫تذويب القليات المسلمة في المجتمع الغربي‪ ،‬وأحيانا كان القانون كذلك يقف أمام استعلء‬
‫وظهور أي تميز إسلمي عن المجتمع الكافر كما حصل في فرنسا في قضية حجاب الطالبتين‬
‫المسلمتين‪ ،‬وموقف إدارة المدرسة‪ ،‬ووزارة التربية من هذه القضية‪.‬‬

‫وبعد سقوط الشيوعية‪ ،‬وتفكك الدولة الشيوعية‪ ،‬وخروج دول المنظومة الشتراكية‪ ،‬ورؤية‬
‫العالم الغربي أن من أهم أسباب هذا السقوط المزري للعقيدة الشيوعية والدولة السوفيتية هو‬
‫السلم‪ ،‬بدأ العالم الغربي يتحفز خوفا من هذا الدين الذي يملك هذه القدرة السحرية على إزالة‬
‫الدول الظالمة‪ ،‬وهدم العقائد الزائفة وظن أن الدور التي عليه‪ ،‬وأن السلم قادم من الشرق‪،‬‬
‫يدمر الديمقراطية الغربية كما دمر العقيدة الشيوعية‪ ،‬وأن خيل السلم أضحت على البواب‪.‬‬

‫من أجل ذلك تعالت الصيحات في مكان أن هبوا لن خيل السلم أسرجت‪ ،‬وهذا الدين‬
‫الزاحف سيعاود الزحف من جديد إلى الغرب‪.‬‬

‫كانت القليات السلمية في الغرب هي التي عليها أن تستقبل الصدمة الولى‪ ،‬وأن يكون‬
‫تفريغ الخوف والحقد الصليبي الدفين فيها أولً قبل غيرها‪ ،‬فالتهديد بالبادة والخراج كما‬
‫حدث للتراك وغيرهم في ألمانيا‪ ،‬وتعقيد سبل الحياة والقامة والجنسية والهجرة كما حدث‬
‫للجاليات السلمية في فرنسا‪ ،‬وبداية المضايقات والتهديد بالفشل كما يحدث الن للمغتربين‬
‫والقليا ت السلمي ة في أمريكا ‪ ،‬وحر ب الباد ة كما ه و قائ م الن في البوسن ة والهرسك‪،‬‬
‫ومحاولة امتداد ما يسمونه بالتطهير العرقي ليشمل جميع دول البلقان‪ ،‬كل هذا وغيره بدايات‬
‫فقط للصيحة التي أطلقها اليهود ورددها العالم أجمع بعد سقوط الشيوعية أن السلم هو‬
‫الخطر القادم‪ ،‬وأنه بعد سقوط الشيوعية ل عدو للبشرية إل السلم‪.‬‬

‫لقد كان هذا التطور الجديد بداية جديدة للم طويلة وليل طويل ينتظر القليات السلمية في‬
‫الغرب‪ ،‬وهذا يفرض على من يملكون الرؤية أن ينظروا بنظر صائب في كيفية حماية وجود‬
‫القليات السلمية في الغرب‪ ،‬ومن أجل ذلك قلنا هذا في هذا البحث المتواضع‪ ،‬إن حماية‬
‫القليات السلمية أصبحت أولوية من الولويات‪ ،‬فمن المقترحات التي تطرح الن تمكين‬
‫القليات السلمية من حمل جنسية البلد التي هاجروا إليه ليكون لهم بذلك الوضع القانوني‬
‫الكامل والحماية الكافية من الحكومات ضد الفئات العنصرية‪ ،‬والصليبية التي تطالب بطردهم‪،‬‬
‫وتسعى في قتلهم وتشريدهم‪ ،‬وقد طالب عدد من المسئولين في دول الغرب بهذا الحل (ترجمة‬
‫لمقال في كريستين ساينس مونيتور ‪ -‬جريدة الوطن الكويتية الصادرة في ‪24‬محرم ‪1414‬هـ‬
‫المواف ق ‪14‬يوليو ‪1993‬م)‪ ،‬وبالرغم من أن هذا القتراح لقي معارضة شديدة من الحزاب‬
‫العنصرية في أوروبا‪ ،‬فهو كذلك يصطدم بفتاوي تشدد النكير على الهجرة إلى بلد الغرب‬
‫وحمل جنسية بلد يدين بغير السلم‪ ،‬فقد أجابت اللجنة الدائمة للفتوى برئاسة سماحة الشيخ‬
‫عبدالعزيز بن باز على سؤال يقول‪" :‬ما حكم السلم في إمام للمسلمين في مسجد فرنسا يريد‬
‫أن يبدل الجنسية من جزائرية إلى فرنسية؟"‪.‬‬

‫فأجابته اللجنة قائلة‪" :‬ل يجوز أن يتجنس باختياره بجنسية دولة كافرة لما في ذلك من التزامه‬
‫بنظمهم والتحاكم إلى قوانينهم‪ ،‬وتبعيته لهم‪ ،‬وموالته إياهم‪ ،‬ومن المعلوم أن فرنسا دولة كافرة‬
‫حكومة وشعبا‪ ،‬وأنت مسلم‪ ،‬فل يجوز لك التجنس واصبر واحتسب وال المستعان" (فتوى رقم‬
‫‪ ، 4801‬وتاريخهاـ ‪13/8/1402‬ه ـ صادر ة ع ن اللجن ة الدائم ة للفتو ى ف ي المملك ة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز)‪.‬‬

‫وقد صدرت فتوى أخرى من اللجنة أيضا تؤيد هذه الفتوى‪.‬‬

‫وقد اشتط بعض علماء المسلمين في هذا المر فقد أفتى رئيس المجلس السلمي العلى‬
‫بالجزائر الشيخ حماني بأن من تجنس بجنسية دولة كافرة‪ ،‬فقد ارتد‪ ،‬ويحرم تزويجه بالمرأة‬
‫المسلمة‪ ،‬وتجري عليه أحكام الردة كاملة من حرمانه من الرث وعدم غسله ودفنه في مقابر‬
‫المسلمين (نقلً عن إعلم النام حكم الهجرة في السلم للشيخ أبي بكر جابر الجزائري)‪.‬‬

‫وقد رد فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري حفظه ال على تلك الفتوى برد طويل‪ ،‬لم يكتف‬
‫فيه بإثبات وجهة نظره في حكم حمل الجنسية دولة من دول الغرب‪ ،‬بل تطرق كذلك إلى‬
‫عل ج مشكل ة القليا ت السلمي ة ف ي دو ل الغر ب م ن وجو ه كثيرة ‪ ،‬ول ن جوا ب الشيخ‬
‫ومقترحاته عملية ومفيدة‪ ،‬وهو رجل خبير بأكبر جالية ‪-‬ربما‪ -‬تعيش في بلد الغرب‪ ،‬وهي‬
‫الجالية المغربية في فرنسا‪ ،‬وكان دائم التردد عليهم‪.‬‬

‫وقد خبر مشكلتهم‪ ،‬فإنني أحببت أن أثبت هنا كامل رده على هذه الفتوى والحلول التي يراها‬
‫لوضع المسلمين في بلد الغرب‪.‬‬

‫"السؤال‪ :‬ما هو التجنس؟‬


‫الجواب‪ :‬التجنس أن يطلب المرء تبعية دولة من الدول المعاصرة‪ ،‬فيعطاها فيصبح تابعا لتلك‬
‫الدولة‪ ،‬يجري عليه ما يجري على أفرادها من أحكام وقوانين سياسية ومالية واجتماعية في‬
‫الجملة ودون تفصيل‪ ،‬وبما أن العلمانية ساد ت أكثر دول العالم‪ ،‬فإن التدين أصب ح حرا‪،‬‬
‫فللمواطن بالصالة أو التبعية أن يتدين بما شاء‪ ،‬فالمسلم إذا حصل على جنسية بريطانية ل‬
‫يصبح نصرانيا‪ ،‬والبريطاني إذا حصل على جنسية باكستانية ل يصبح مسلما‪ ،‬وكذا الفرنسي‬
‫إذا حصل على جنسية مغربية أو جزائرية أو تونسية‪ ،‬ل يصبح مسلما بل يبقى على دينه الذي‬
‫اعتنقه أو ورثه عن آبائه وأجداده‪.‬‬

‫وإذا عرف هذا فهل يصح أن يحكم على المسلم إذا أخذ جنسية دولة كافرة كأمريكا أو بلجيكا‬
‫أو فرنسا أو بريطانيا‪ ،‬وبقي على دينه السلمي عقيدة وعبادة‪ ،‬يحل ما أحل ال ورسوله‪،‬‬
‫ويحرم ما حرم ال ورسوله‪ ،‬هل يصح أن يحكم عليه بالكفر والردة كما حكم الشيخ حماني‬
‫مفتي الديار الجزائرية؟‬

‫والجواب متروك لهل العلم والنظر‪ ،‬أما أنا شخصيا فل أقول بكفره‪ ،‬ول بردته وأبرأ إلى ال‬
‫تعالى من أن أكفر مسلما وأحكم عليه بالردة كما أبرأ إلى ال تعالى ممن يكفر مسلما أو يحكم‬
‫بردته لمجرد أنه تابع لدولة كافرة قانونيا‪ ،‬وهو يشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدا رسول ال‪،‬‬
‫ويقيم الصلة‪ ،‬ويؤتي الزكاة‪ ،‬ويصوم رمضان‪ ،‬ويحج بيت ال الحرام‪ ،‬ويحل ما أحل ال‬
‫ورسوله‪ ،‬ويحرم ما حرم ال ورسوله من المطاعم والمشارب والمناكح وغيرها‪.‬‬

‫وإن كان مفتي الديار الجزائرية يرى أن علج مشكلة مليين المسلمين يعيشون في ديار الكفر‬
‫هي الحكم بالردة على من تجنس منهم بجنسية دولة كافرة‪ ،‬فأنا ل أرى هذا علجا أبدا‪ ،‬بل‬
‫أراه زيادة في تعقيد المشكلة واستعصاء حلها إن أريد لها ذلك‪.‬‬

‫إن حل هذه المشكلة يكون باتخاذ ما يلي وهو‪:‬‬

‫إرجاع كل مسلم في بلد الكفر إلى بلده السلمية‪ ،‬وبتهجير من أسلم في بلد الكفر إلى‬
‫البلد السلمية‪ ،‬وبتهجير من أسلم في بلد الكفر إلى البلد السلمية‪ ،‬وهنا يطرح هذا‬
‫السؤال‪ :‬هل في المكان إرجاع المهاجرين وتهجير من أسلم من الكافرين إلى بلد المسلمين؟‪.‬‬

‫وإذا كان الجواب‪ :‬إن هذا من غير الممكن اليوم وغير متأت أبدا‪ ،‬فما هو الحل إذا يا ترى؟‬

‫الجواب‪ :‬إن الحل لهذا المشكل العويص ليس في الحكم بردة المتجنس كما يرى مفتي الجزائر‬
‫الشيخ الحماني‪ ،‬وإنما هو اتباع ما يلي‪ :‬وهو تكوين لجنة عليا يتكون أعضاؤها من كافة البلد‬
‫السلمية تحت عنوان اللجنة العليا لرعاية المهاجرين‪ ،‬وتكون لها ميزانية يسهم فيها كل بلد‬
‫إسلمي بقدر معين من المال بحسب حال البلد قوة وضعفا‪ ،‬وتتلخص مهام تلك اللجنة فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بناء مساجد لهم يصلون فيها ويتعلمون الضروري من دينهم السلمي‪.‬‬

‫‪ -2‬تعمير تلك المساجد بالئمة الكفاء القادرين على تربية إخوانهم روحيا وسلوكيا وتزويدهم‬
‫بالكتاب الصالح النافع الذي يجمع ول يفرق ويهدي ول يضل كمنهاج المسلم للجزائري‪.‬‬

‫‪ -3‬العمل على توحيد المهاجرين في البلد الذي هم فيه بحيث تنعدم الفوارق بينهم ويصبحون‬
‫جماعة واحدة ليس لها انتماء إل إلى اللجنة العليا لرعاية المهاجرين‪.‬‬

‫‪ -4‬إيجاد تعليم لبناء المهاجرين يتناسب مع ما لديهم من وقت يتعلمون فيه ما ل بد منه من‬
‫العقيدة والعبادة والخلق والدب‪ ،‬مع اللغة العربية لغة الكتاب والسنة‪.‬‬

‫‪ -5‬العمل على إيجاد تعاون بينهم يثمر ما يلي‪:‬‬

‫أ) وجود مجزرة ومقبرة ليأكلوا الحلل من اللحوم‪ ،‬وليقبروا موتاهم في مقابر خاصة بهم‪.‬‬

‫ب) تكوين لجنة من ثلثة علماء في كل بلد فيه مهاجرين مهمتها‪:‬‬

‫‪ -‬إصل ح ذا ت البي ن بي ن أفرا د المهاجري ن المسلمين ‪ ،‬ليتحاشو ا التحاك م إل ى محاك م غير‬


‫إسلمية‪.‬‬

‫‪ -‬عقد النكاح بين الزوجين وتقرير فرقة الطلق بينهما إذا خيف الضرر عليهما أو على‬
‫أحدهما‪ ،‬وتعذر الصلح برفع الضرر‪.‬‬

‫‪ -‬قسمة كل مسلم تركته وهو حي على ورثته وكتابة صك بذلك حتى إذا مات نفذ ما في‬
‫الصك كأنه وصية وحتى ل تتدخل السلطة الحاكمة في تقسيم التركة حسب قوانينها‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد قانون مالي بينهم وذلك بإنشاء مصرف لليداع والنماء وفق الشريعة السلمية التي‬
‫تحرم الربا وتبيح الربح بالتعاون المشروع‪.‬‬

‫هذا هو الطريق لحل مشكلة المهاجرين في بلد الكافرين‪ ،‬فهل في المكان سلوكه إنقاذا‬
‫لمليين المسلمين من الذوبان في مجتمعات الكفر واللحاد وأداء لواجب الدعوة إلى السلم‬
‫وفي وقت الدعوة فيه ل تكلف عرقا ول دما إذ لم تزد على الدينار والصدق في جمعه وصرفه‬
‫ل غير‪.‬‬
‫فهل الشيخ حماني مفتي الديار الجزائرية عفا ال عني وعنه‪ ،‬أن ينهض بهذا الواجب‪ ،‬ويطوف‬
‫بالبلد السلمية مطالبا بتكوين هذه اللجنة العليا لرعاية المهاجرين لنقاذ المسلمين المهاجرين‬
‫م ن الذوبا ن ف ي ديا ر الكفر ‪ ،‬لدا ء واج ب الدعو ة إل ى السل م الت ي تخل ى عنه ا المسلمون‬
‫متناسين قول ال تعالى‪{ :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى ال على بصيرة أنا ومن اتبعني}‪ ،‬فهل‬
‫اتباعه صلى ال عليه وسلم غير أفراد أمته؟ آه ثم آه وإن كان التأوه غير نافع يا عباد ال!!‪.‬‬

‫وقبل أن ينهض المسلمون بهذا الواجب‪ ،‬وهو حل مشكلة مليين المهاجرين في ديار الكفر أقدم‬
‫فتواي التي أراها حلً جزئيا للمشكلة وهي أن على المسلمين المهاجرين العودة إلى بلدهم‬
‫فورا إذ هجرتهم ما كانت فرارا بدينهم‪ ،‬ول كانت إلى دار إسلم‪ ،‬بل كانت إلى دار كفر‪ ،‬وقد‬
‫تسببت هجرتهم في ضياع دينهم أيضا فل يسعهم البقاء على هذه الحال إل باللتزام بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ينووا الرباط في سبيل ال‪ ،‬وذلك بتكثير سواد المسلمين في ديار الكافرين‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يقوموا بالدعوة إلى السلم بالحكمة والموعظة الحسنة‪.‬‬

‫‪ - 3‬أن يصححوا عقائدهم‪ ،‬ويعبدوا ربهم بما شرع لهم‪ ،‬ويهذبوا أخلقهم ويكملوا في آدابهم‬
‫لتكون دعوتهم بالحال‪ ،‬وهي أنفع من دعوة القال باللسان وليعلموا أن هذا ل يتم إل بوجود‬
‫علماء صالحين يربونهم عقائد وعبادات وأخلقا وآدابا فليطلبوا هؤلء العلماء وليطيعوهم‬
‫طاع ة كامل ة م ا أمروه م بالمعرو ف ونهوه م ع ن المنكر ‪ ،‬فإذ ا فعلو ا هذ ا وتحق ق له م فهم‬
‫مرابطون في سبيل ال ولهم أن يأخذوا جنسية الدولة التي هم فيها‪ ،‬سواء كانوا مهاجرين أو‬
‫مواطنين على شرط أن يكون التجنس ‪-‬وهي غير التدين قطعيا‪ -‬مساعدا لهم على دعوة‬
‫السلم التي هم مرابطون من أجلها‪.‬‬

‫هذه فتواي وال أسأل أن تكون مرضية له عز وجل‪ ،‬نافعة لعباده المؤمنين‪ ،‬وأن ل يحرمني‬
‫أجر اجتهادي فيها آمين‪.‬‬

‫وسلم على المرسلين والحمد ل رب العالمين" (إعلم الناة بحكم الهجرة في السلم للشيخ‬
‫أبو بكر الجزائري صفحة ‪.)47-40‬‬

‫ول شك أن ما ذهب إليه فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه ال‪ ،‬حق في أن هذه المعضلة‬
‫ليست معضلة فرد واحد أو مجموعة من الفراد يفتي لهم‪ ،‬وإنما هي معضلة ل تعالج مطلقا‬
‫مشكلة هؤلء المليين الذين ارتحلوا إلى الغرب بنوايا مختلفة‪ ،‬وأصبح لهم واقع غاشم‪ ،‬وكثير‬
‫منهم مسلمون ملتزمون بالسلم عقيدة وشريعة حسب استطاعتهم‪ ،‬ثم إن هناك أيضا القليات‬
‫السلمية من أهل البلد الوروبية والمريكية الذين تحولوا إلى السلم كالشعوب السلمية‬
‫ف ي أر ض البلقا ن والمسلمي ن السو د ف ي أمريكا ‪ ،‬وعشرا ت اللو ف ب ل مئا ت اللو ف من‬
‫الوروبيين والمريكيين أصلً الذين دخلوا في السلم‪ ..‬وهؤلء جميعا إطلق القول فيهم بأن‬
‫التجنس بجنسية دولة كافرة حرام أو ردة وكفر‪ ..‬فيه تعميم خاطئ‪ ،‬وهو حكم ل شك يخالف‬
‫الحق‪..‬‬

‫ومن أجل ذلك يجب النظر بعمق ودراسة كل شريحة من شرائح المسلمين الذين يعيشون في‬
‫الغرب‪ ،‬والنظر في أوضاعهم وفق الموازين الشرعية من أعمال النصوص‪ ،‬وتطبيق قاعدة‬
‫المصالح والمفاسد‪ ،‬ويحسن في هذا الصدد إيراد فتوى الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي‬
‫‪-‬رحمه ال‪ -‬في وجوب سعي المسلمين الذين يعيشون في كنف الدول الكافرة إلى روابط‬
‫يستطيعون بها إقامة شرائع دينهم‪ ،‬حيث يقول رحمه ال في تفسير قوله تعالى‪{ :‬قالوا يا شعيب‬
‫ما نفقه كثيرا مما تقول ولول رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز} الية‪.‬‬

‫قال رحمه ال في الفوائد المتحصلة من هذه الية‪:‬‬

‫"ومنها‪ :‬أن ال يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة‪ ،‬وقد يعلمون بعضها‪ ،‬وقد ل يعلمون شيئا‬
‫منها‪ ،‬وربما دفع عنهم‪ ،‬بسبب قبيلتهم وأهل وطنهم الكفار‪ ،‬كما دفع ال عن شعيب‪ ،‬رجم قومه‪،‬‬
‫بسبب رهطه‪ ،‬وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن السلم والمسلمين‪ ،‬ل بالسعي فيها‪،‬‬
‫بل ربما تعين ذلك‪ ،‬لن الصلح مطلوب ‪ ،‬حس ب القدر ة والمكان‪ ،‬فعلى هذا‪ ،‬لو سعى‬
‫المسلمون الذين تحت ولية الكفار‪ ،‬وعملوا علي جعل الولية جمهورية‪ ،‬يتمكن فيها الفراد‬
‫والشعوب‪ ،‬من حقوقهم الدينية والدنيوية‪ ،‬لكان أولى من استسلمهم لدولة تقضي على حقوقهم‬
‫الدينية والدنيوية‪ ،‬وتحرص على إبادتها‪ ،‬وجعلهم عملة وخدما لهم‪.‬‬

‫نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين‪ ،‬وهم الحكام‪ ،‬فهو المتعين‪ ،‬ولكن لعدم إمكان هذه‬
‫المرتبة‪ ،‬فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة‪ ،‬وال أعلم" (تفسير عبدالرحمن‬
‫ناصر السعدي (‪.))2/289‬‬

‫قلت‪" :‬وأنت ترى هنا أن مدار هذه الفتوى وهذا الستنباط من الية الكريمة على القاعدة‬
‫الفقهية (ارتكاب أخف الضررين)‪ ،‬فلن يسعى المسلمون ليكون لهم شركة في الحكم مع الكفار‬
‫يصونون بذلك أعراضهم وأموالهم ويحمون دينهم‪ ،‬خيرا ول شك مما أن يعيشوا تحت وطأة‬
‫الكفار بل حقوق تصون شيئا من دينهم وأموالهم" (مشروعية الدخول إلى المجالس التشريعية‪،‬‬
‫وقبول الوليات العامة في ظل النظمة المعاصرة لعبدالرحمن عبدالخالق (صفحة ‪.))65-64‬‬
‫خلصة البحث‬

‫يتلخص لدينا مما قدمناه في هذا البحث النقاط التية‪:‬‬

‫أولً‪ :‬مقدمات ومعلومات عامة‪:‬‬

‫‪ -1‬يعيش المسلمون في العالم اليوم إما أغلبية عددية مع أقليات غير إسلمية‪ ،‬وإما أقلية عددية‬
‫في دول غير إسلمية‪ ،‬وهؤلء عدة مئات من المليين‪.‬‬

‫ويعيش في الغرب وحده أوروبا وأمريكا أكثر من عشرين مليونا من المسلمين على أقل‬
‫التقديرات‪.‬‬

‫‪ -2‬أسباب وجود القليات السلمية في الغرب كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬دخول من دخل السلم حال قوة‬
‫المسلمين الولى‪ ،‬كما هو واقع أرض البلقان (البوسنة والهرسك ‪ -‬المجر ‪ -‬بلغاريا) والهجرة‬
‫إلى الدول المستعمرة من المستعمرات‪ ،‬كهجرة الجزائريين والمغاربة إلى فرنسا‪ ،‬والهنود‬
‫والباكستانيي ن إلى بريطانيا ‪ ،‬واستعانة ألمانيا بالتراك بعد الحر ب العالمية الثانية من أجل‬
‫العمار‪ ..‬وكذلك دخول بعض الوربيين إلى السلم‪ ،‬وهجرة بعض المسلمين من أجل الدنيا‪،‬‬
‫والعجاب بحياة الغرب والهجرة فرارا بالدين‪ ،‬والتماس المن‪..‬‬

‫‪ - 3‬تتعرض القليات السلمية في الغرب‪ ،‬إلى خطرين أساسيين وهما التغريب والتذويب‪،‬‬
‫وكذلك البادة والطرد والتشريد‪ ،‬والخطر الثاني هو الخطر المرشح للمرحلة القادمة‪.‬‬

‫‪ -4‬هناك أسباب كثيرة أدت إلى تدهور أحوال القليات السلمية في الغرب‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫أ) عدم وجود خلفة إسلمية تحمي المسلمين وتدافع عنهم‪ ،‬وتطالب بحقوقهم‪ ،‬وتستعد للنفير‬
‫للدفاع عنهم إذا تعرضوا للضطهاد أو البادة أو الذلل‪.‬‬

‫ب) شعور المسلمين بالدونية والصغار أمام قوة الغرب وجبروته وتقدمه‪.‬‬

‫ج) اعتزاز الغرب بصليبيته وقومياته‪ ،‬وتخوفه الدائم من السلم‪ ،‬وتوجسه من وجود السلم‬
‫على أرض أوروبا‪.‬‬

‫‪ ) 5‬أعداد المسلمين في الغرب في نمو مطرد‪ ،‬وذلك بفعل الهجرة المستمرة والزيادة في عدد‬
‫المواليد‪ ،‬واستمرار دخول أعداد كثيرة من الشعوب الغربية إلى السلم‪ ،‬وتنامي الصحوة‬
‫السلمية في أواخر القرن الرابع عشر الهجري‪ ،‬وأوائل القرن الخامس عشر‪ ،‬وكل هذه‬
‫المور زادت من مخاوف الغرب نحو السلم‪.‬‬
‫‪ - 6‬تنامي الصحوة السلمية في مكان‪ ،‬وبروز السلم كقوة عالمية ‪ ،‬وإطلقه الرصاصة‬
‫الولى التي كان من آثارها إزالة الدولة والعقيدة الشيوعية‪ ،‬كل ذلك جعل الغرب يخشى عودة‬
‫الروح السلمية‪ ،‬وبداية انطلق السلم من جديد لفتح أوروبا‪ ،‬ومن أجل ذلك بدأت صيحة‬
‫الغرب نحو السلم‪ ،‬وبعثه للروح الصليبية‪ ،‬والمبادئ العنصرية والقومية‪ ،‬وبدأت تبعا لذلك‬
‫المواجهة مع القليات السلمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أولويات العمل السلمي في الغرب‪:‬‬

‫القليات السلمية في الغرب تحتاج إلى عمل وإنقاذ سريع من أجل الحفاظ على بقائها‪ ،‬ودينها‬
‫وعقيدتها‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬بعث روح المة الواحدة‪ ،‬والجسد الواحد في جميع المسلمين على ظهر الرض‪ ،‬وتثبيت‬
‫عقيدة الولء لكل مسلم في موقع‪ ،‬والبراء من كل كافر في أي موقع‪ ،‬والعمل لتكون هذه‬
‫العقيدة عاملة فعالة‪ ،‬وليست مجرد صيحة قوالة‪.‬‬

‫‪ - 2‬تعزيز النتماء إلى المة السلمية العظيمة خير أمة أخرجت للناس‪ ،‬وتثبيت المعتقد‬
‫السلمي الذي يشعر المؤمن بعزة السلم‪ ،‬وشرف النتماء وحلوة اليمان‪ ،‬ول يكون ذلك‬
‫إل بتعلم العقيدة الصحيحة‪ ،‬ومعرفة ما يضادها من العقائد الباطلة‪ ،‬وتقدير نعمة الهداية‪ ،‬وأخذ‬
‫الدي ن ع ن عقيد ة وبرها ن واقتناع ‪ ،‬وإيمان ‪ ،‬وفر ض دراس ة العقيد ة النصراني ة عل ى وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬إذ هي العقيدة التي سيثمر الصراع بينها وبين السلم إلى آخر الدنيا‪ ،‬والتمسك‬
‫بشرائع السلمية جميعها وخاصة الصلة واللباس الشرعي‪ ،‬واللحم المذكى‪ ،‬وقصر الزواج‬
‫من المسلمات أو الكتابيات على العفيفات المحصنات‪.‬‬

‫‪ - 3‬جعل اللغة العربية هي اللغة الساسية لكل مسلم مهما كانت جنسيته ومنشؤه‪ ،‬والحرص‬
‫على تعلمها منذ الصغر‪ ،‬وإعطاء هذه اللغة منزلتها الحقيقية من الدين‪ ،‬وكونها من ضروريات‬
‫السلم‪ ،‬وما ل يتم الواجب الديني إل به‪..‬‬

‫‪ -4‬تثبيت عقيدة أن كل مسلم يجب أن يكون داعية إلى ال في أي موقع فيه‪{ :‬ولتكن منكم أمة‬
‫يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}‪ ،‬وجعل الدين‬
‫هو غاية الحياة والوجود‪{ :‬وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون}‪.‬‬

‫‪ - 5‬ربط الدعوة إلى السلم بمنهج أهل السنة والجماعة‪ ،‬وعمل الصحابة وفقههم‪ ،‬والتحذير‬
‫من كل انحراف عن منهج الطائفة الناجية‪ ،‬وهذا يعني حرب الفرق والطوائف الضالة التي هي‬
‫من فرق الزنادقة والمنافقين وكذلك محاربة البدع العقائدية الخمس المعروفة‪ ،‬وهي‪ :‬الخروج‪،‬‬
‫والرفض‪ ،‬التجهم‪ ،‬القدر‪ ،‬والرجاء‪.‬‬

‫‪ -6‬محاولة دمج القليات السلمية في كل بلد غربي في نسيج واحد عن طريق ما أسلفناه من‬
‫الدعوة إلى المة الواحدة‪ ،‬وعقيدة الولء والبراء والحرص على أن تكون اللغة العربية هي‬
‫لغ ة الخطا ب الولى ‪ ،‬ث م ع ن طري ق التعار ف والزوا ج والمساج د الجامعة ‪ ،‬والندوات‬
‫والمحاضرات ‪ ،‬والرحل ت وكس ر طو ق العزلة ‪ ،‬والنطوا ء الت ي تمارس ه بع ض الجاليات‬
‫والقليات السلمية‪.‬‬

‫‪ -7‬الهتمام بالتعليم السلمي منذ رياض الطفال وحتى البلوغ‪ ،‬والحرص أن يكون للمسلمين‬
‫مدارسهم الخاصة في هذه السن الحرجة التي نغرس فيها المبادئ والقيم والعقائد التي تشكل‬
‫بعد حياة النسان‪.‬‬

‫‪ - 8‬السع ي للحفا ظ على الوجو د السلم ي ف ي أوروبا ‪ ،‬وتثبي ت هذ ا الوجود ‪ ،‬وامداده بكل‬
‫مقومات الصمود والبقاء والدفاع عن المسلمين هناك بكل قوة‪ ،‬فدول الغلبية العددية كألبانيا‪،‬‬
‫والبوسنة والهرسك يجب تقويتها وتسليحها للدفاع عن نفسها‪ ،‬ويجب أن يهب المسلمون في كل‬
‫مكان للدفاع عنهم‪..‬‬

‫وأم ا الدو ل الت ي فيه ا أقليا ت إسلمية ‪ ،‬فيج ب أ ن ينظ ر ليكو ن للمسلمي ن حقوقه م السياسية‬
‫وحياتهم الدينية والتعليمية والجتماعية الخاصة‪ ،‬ويتمكنوا من إظهار دينهم‪ ،‬واتباع شريعتهم‬
‫بل والدعوة إلى معتقدهم الحق‪.‬‬

‫‪ -9‬إيجاد هيئة عليا تعني بشئون المسلمين في الغرب‪ ،‬ويكون من أهدافها‪:‬‬

‫التنسيق بين عمل اللجان الخيرية والدعوية العاملة في مجال الغاثة والدعوة ‪ ،‬ليكون عملها‬
‫مثمرا موجها‪ ،‬وتزويدها بأوضاع الجاليات السلمية ومشكلتها أولً بأول‪.‬‬

‫‪ - 10‬إيجا د هيئا ت علمي ة شرعي ة متخصص ة تعن ي بفق ه الجاليات ‪ ،‬وح ل المشكل ت التي‬
‫يواجهونها على ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬ومعرفة الواقع القائم الن‪ ،‬ورسم السياسات الشرعية‬
‫التي يكون بها الحفاظ على إسلم هذه الجاليات‪ ،‬وحمايتها من الردة والذوبان‪ ،‬أو الهلك‬
‫والبادة‪.‬‬

‫‪ -11‬السعي ليكون للجاليات والقليات السلمية في الغرب اقتصادها السلمي الذي يكفل لها‬
‫الحياة الشرعية الكريمة‪ ،‬والستقلل المادي بدلً من أن يعيش كثير من المسلمين على إعانة‬
‫الدول الكافرة‪ ،‬أو ممارسة الربا والبغاء والمقامرة أو العمال الحقيرة‪.‬‬

You might also like