Professional Documents
Culture Documents
القـدمـة
إن المد ل ،نمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهد ال فل
مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن ممدا عبده ورسوله
صلى ال عليه وسلم.
((يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّلهَ َحقّ ُتقَاِت ِه وَل تَمُوتُنّ ِإلّا وَأَْنتُ ْم مُسْلِمُونَ)) [آل عمران.]102:
ث مِْنهُمَا رِجَالًا كَثِيًا َونِسَاءً
س وَا ِح َدةٍ وَ َخلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ
((يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا رَبّكُمُ الّذِي َخَلقَكُ ْم مِنْ َنفْ ٍ
وَاّتقُوا الّلهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ ِب ِه وَا َلرْحَامَ إِ ّن الّلهَ كَا َن عََليْكُ ْم رَقِيبًا)) [النساء.]1:
((يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّلهَ وَقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا * ُيصْلِحْ َلكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ذُنُوبَ ُكمْ َومَنْ ُيطِعِ الّلهَ
َورَسُوَلهُ َفقَدْ فَازَ َف ْوزًا عَظِيمًا)) [الحزاب.]71-70:
أمابعد..
لننتبه إل اليات التالية ،ولنتمثلها جيدا ،قبل البدء بقراءة الفصول ،يقول سبحانهُ(( :لعِنَ الّذِينَ َك َفرُوا مِنْ َبنِي
صوْا وَكَانُوا َيعْتَدُو َن * كَانُوا ل يََتنَا َهوْنَ عَ ْن مُن َكرٍ َفعَلُوهُ لَبِْئسَ إِ ْسرَائِي َل َعلَى لِسَانِ دَا ُودَ َوعِيسَى ابْ ِن َمرْيَ َم ذَِلكَ بِمَا َع َ
مَا كَانُوا َي ْفعَلُونَ)) [الائدة(( .])79-78( :كُنْتُمْ َخْيرَ ُأمّةٍ أُ ْخرِ َجتْ لِلنّاسِ تَ ْأ ُمرُونَ بِالْ َم ْعرُوفِ َوتَْن َهوْ َن عَنِ اْلمُن َكرِ
وَُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ)) [آل عمران(( .]110:يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا ا ْستَجِيبُوا ِلّلهِ وَلِلرّسُولِ ِإذَا َدعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُ ْم وَا ْعلَمُوا أَنّ
شرُونَ)) [النفال.]24: حَ الّلهَ يَحُولُ َبيْنَ الْ َم ْرءِ وََقلِْب ِه وَأَّنهُ إِلَْيهِ تُ ْ
ث :يقسم التصوفة الصوفية إل طريقة وحقيقة.
www.alsoufia.com 1 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
والطريقة هي الت تؤدي إل الوصول إل الال الذي يعرفون به تلك القيقة.
فما هي الطريقة؟ وما هو الوصول؟ وما هي القيقة؟
وسنبدأ بدراسة القيقة أولً ،ث الطريقة ،ث الوصول ،وبعد ذلك تأت الناقشات.
وستكون الناقشات بعرض حقائق الصوفية على القرآن والسنة ،ث تفسيها فيزيولوجيّا ،ث الكشف عن آثارها
التاريية والجتماعية.
وعلى هذا فسيكون الكتاب قسمي:
-القسم الول للدراسات.
-والقسم الثان للمناقشات.
الباب الول
القيقة الصوفية
الفصل الول
مذهب واحد
وكلّ إل ذاك المال يشي عباراتنا شت وحسنك واحد
ل يوجد إل صوفية واحدة ،غايتها واحدة ،وحقيقتها واحدة (وسنرى أن طريقتها واحدة) منذ أن وجدت
الصوفية حت النهاية ،وإن اختلفت الساء ،وهذه براهي من أقوال عارفيهم (وصاحب البيت أدرى با فيه):
قال النيد(( )1سيد الطائفة):
(الصوفية أهل بيت واحد ل يدخل فيهم غيهم)(.)2
وقال أبو نصر السراج الطوشي(( )3صاحب اللمع ،الكتاب الم ف التصوف):
...لن علم القائق ثرة العلوم كلها ،وناية جيع العلوم ،وغاية جيع العلوم إل علم القائق ،إذا انتهى إليها
)(1النيد بن ممد ،إمام الطائفة ،مات ف بغداد سنة (297هـ) ويعرف أيضا بالقواريري.
)(2الرسالة القشيية (ص.)127:
)(3عبد ال بن علي بن ممد ،طاوس الفقراء ،مات سنة (378هـ).
www.alsoufia.com 2 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وقع ف بر ل غاية له ،وهو علم القلوب ،وعلم العارف ،وعلم السرار ،وعلم الباطن ،وعلم التصوف ،وعلم
الحوال ،وعلم العاملت ،أي ذلك شئت فمعناه واحد(.)1
ويقول أبو طالب الكي(:)2
...فأما العرفة الصلية الت هي أصل القامات ومكان الشاهدات ،فهي عندهم واحدة؛ لن العروف با
واحد ،والتعرف عنها ،إل أن لا أعلى وأول ،فخصوص الؤمني أعلها ،وهي مقامات القربي ،وعمومهم أولا،
وهي مقامات البرار ،وهم أصحاب اليمي(.)3
ويقول أبو حامد الغزال(:)4
...فأما العلم القيقي الذي هو الكشف والشاهدة بنور البصية ،فكيف يكون حجابا وهو منتهى الطلب(..)5
[وعبارة (منتهى الطلب) تعن بوضوح أن ل غاية غيه].
ويقول ابن عرب(( )6الشيخ الكب):
...وينكرون الذوق؛ لنم ما عرفوه من نفوسهم ،مع كونم يعتقدون ف نفوسهم أنم على طريق واحدة،
وكذلك هو المر ،أصحاب الذواق على طريق واحدة بل شك ،غي أن فيهم البصي والعمى والعمش ،فل يقول
واحد منهم إل ما أعطاه حاله ،ل ما أعطاه الطريق ،ول ما هو الطريق عليه ف نفسه(..)7
ويقول ابن البنا السرقسطي( :)8مذاهب الناس على اختلف ومذهب القوم على ائتلف(.)9
يشرح ابن عجيبة( )10هذا البيت فيقول:
...يقول (أي :ابن البنا) :ث تقوم الجة الدالة على أنم على الحجة والطريق الستقيم ،بشيئي..:بلف
مذهب الصوفية ،فهي متفقة ف القصد والعمل وإن اختلفت السالك ..فمرجع كلم القوم ف كل باب لحوالم،
وإل فل تناف بي أقوالم لن تأملها ،وذلك بلف مذهب غيهم ،والوجه فيه أن الق واحد وطريقه واحدة وإن
اختلفت مسالكها ،فالنهاية واحدة ،والذوق واحد ،وف معن ذلك قال قائلهم:
)(1اللمع (ص.)457:
)(2ممد بن علي الكي مات ف بغداد سنة (386هـ).
)(3قوت القلوب.)2/79( :
)(4ممد بن ممد الغزال مات سنة (505هـ).
)(5إحياء علوم الدين.)1/255( :
)(6ممد بن علي بن عرب الاتي ،أندلسي مات ف دمشق سنة (638هـ).
)(7الفتوحات الكية.)3/213( :
)(8أبو العباس أحد بن ممد بن يوسف التجيب ،من سرقسطة ف جنوب الندلس ،مات قي فاس ف حوال الربع الول من القرن التاسع.
)(9الفتوحات اللية( ،ص.)101:
)(10أحد بن ممد بن عجيبة الدوريس الفاسي مات سنة (1224هـ).
www.alsoufia.com 3 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
والسالكون طريق الق أفراد الطرق شت وطريق( )1الق واحدة
ومذهب الصوفية هو التفاق ف الصول والفروع ،أما الصول فنهايتهم الشهود والعيان ،وهم متفقون فيه
لنه أمر ذوقي ل يتلف(.)2
ويقول عبد الرزاق القاشان( )3ف شرحه على فصوص الكم:
...يعن أن الطريق والغاية كلها واحدة ف القيقة ،وهو الق ،فالعارف يدعو على بصية من اسم إل
اسم(.)4
ويقول أحد الصاوي الالكي اللوت(:)5
...وإنا العارفون تنافسوا ف مبة ال ورسوله؛ فمنهم من طلب الوصال بالتغزل ف الوسيلة ،كالبعي
والبوصيي ،ومنهم من طلبه بالتغزل ف القصد كابن الفارض وأمثاله ،ومنهم من تغزل ف القامي كسيدي علي وفا،
ومقصد الميع واحد([...)6يعن بقوله (الوسيلة) :ممدا صلى ال عليه وسلم].
ويقول سيدي ممد كنسوس(( )7تيجان):
...فاعلموا أيدكم ال أَن طرق الشايخ -رضوان ال عليهم -كلها أَبواب مفتوحة إِل حضرة مولنا الكري،
وهى بنلة الطرق الحسوسة الؤدية إِل مل واحد ،وهي مع ذلك متلفة ف القرب والبعد والسهولة والصعوبة والمن
والوف(...)8
وقال شاعرهم:
()9
وكل إل ذاك المال يشي عباراتنا شت وحسنك واحد
ويقول ممود أَبو الفيض النوف(:)10
...وِاذا فن العبد عن الغيار ،كملت معرفته لبقائه مع الق...وإذا وصل من العرفة إِل هذا الد من التمكن
)(1ليستقيم البيت يب أن يكون (الطرق شت ودرب الق.)...
)(2الفتوحات اللية( ،ص )101:وما بعدها.
)(3الفاضل الكامل مات بعد سنة730( :هـ).
( )(4ص.)155:
)(5مصري مات سنة (1241هـ).
)(6السرار الربانية والفيوضات الرحانية (ص.)45:
)(7أبو عبد ال ممد بن أحد مات ف مراكش سنة1294( :هـ).
)(8كشف الجاب (ص.)329:
)(9غاية القرب( ،ص.)86:
)(10ممود أبو الفيض بن على بن عمر من منوف ف مصر ولد عام (1312هـ) ،أسس الكلية الصوفية ف القاهرة ولعله ل يزال حيّا حت كتابة هذه
الكلمات.
www.alsoufia.com 4 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
شارف عي المع -أي :القيقة -وصار المع له حالًا...وهذا العن هو مرمى نظر الصوفية ،وكل ما صنفوه
ودونوه وامروا به ونوا عنه ف أقوال وأفعال وأحوال ،إِنا هي وسائل إِل هذا القصد الشريف ،والقام النيف(...)1
ويقول عبد القادر عيسى(:)2
...وإن الطريق واحدة ف حقيقتها ،وإن تعددت الناهج العملية ،وتنوعت أساليب السي والسلوك ،تبعا
للجتهاد وتبدل الكان والزمان ،ولذا تعددت الطرق الصوفية ،وهي ف ذاتا وحقيقتها وجوهرها واحدة(...)3
ويقول عبد الليم ممود (الشيخ الكب) شيخ الامع الزهر:
...وف الناس من يرى أن التصوف مذاهب وفرق وطوائف ،ولكن هذا التفكي النحرف تأتى إِل القائلي به
من نظرتم إل علم الكلم وإل الفلسفة؛ ففي علم الكلم :أشاعرة ومعتزلة ومشبهة ،وف الفلسفة :أرسطيون
وإِفلطونيون وديكارتيون...
والنفوس مهيأة لقبول فكرة الطوئف ف جيع العلوم النظرية؛ ولقد خلط الكاتبون بي هذه الدراسات
والتصوف ،فزعموا أن ف التصوف مذاهب وفرقا وطوائف ولو أمعنوا النظر ،لعرفوا أن التصوف تربة روحية ،وليس
نظرا عقليا ،وإذا كان النظر العقلي يفرق الناظرين إل طوائف وفرق ،فإن التجربة ل يتلف فيها اثنان؛ وإذا كانت
الفلسفة ،لنا نظر عقلي ،مذاهب متعددة ،فإن التصوف ،وهو تربة ،مذهب واحد ل تعدد فيه ول خلف.
وكما أنه ل يستساغ اللط بي الوسائل والغايات ف أي ميدان من اليادين ،فإنه ل يوز أن يستساغ اللط
بي طرق التصوف ،وهي وسائل ،وبي الغاية ،وهي التصوف نفسه ،فطرق التصوف متعددة متلفة ،وبعضها أوفق
من بعض ،وبعضها أسرع من بعض ،ولكنها على اختلفها وتعددها ،تؤدي إل هدف واحد وغاية واحدة.
التصوف إذن مذهب «بصيغة الفرد» ل مذهب «بصيغة المع»(.)4
هذه أقوال لبعض كبار القوم ،نلص منها إل أن للصوفية عقيدة واحدة يدين با كل التصوفة قديهم
وحديثهم ،وأن الطرق الصوفية (كالشاذلية والرفاعية والقادرية واللوتية والنقشبندية واليشرطية والولوية والبكطاشية
والتجانية وغيها وغيها ،وإن اختلفت أساؤها ،فهي كلها تؤدي إل هدف واحد هو العقيدة الصوفية الواحدة.
فما هي هذه العقيدة؟
سيظن الكثيون -بناء على ما تقدم -أنه يكفي لدراسة الصوفية أن ندرس عقيدة صوف واحد ،كالغزال مثلً،
أَو ابن عرب ،أو ابن عجيبة ،أو غيه ،ث نطلق حكما بكل ثقة واطمئنان على جيع التصوفة ،وإن حكمنا سيكون
)(1النوار القدسية ف بيان الداب للشعران ،هامش الطبقات ،)1/134( :والناظر اللية( ،ص ،)44:والفتوحات اللية( ،ص )44:وغيها.
)(2التعرف لذهب أهل التصوف[ ،باب( ،65 :ص.])145:
)(3الشبلي من أصحاب النيد وأقرانه مات ف بغداد عام (334هـ).
)(4اللمع( ،ص.)306:
)(5الناظر اللية( ،ص ،)44:وكشف الجاب( ،ص )373:وغيها.
www.alsoufia.com 9 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
..أهل النس يقولون ف كلمهم ومناجاتم ف خلواتم أشياء هي كفر عند العامة(.)1
وقال مرة :لو سعها العموم لكفروهم ،وهم يدون الزيد ف أحوالم بذلك ،وذلك يتمل منهم ويليق بم(.)2
وقد كان النيد ينشد أبياتا يشي با إل أسرار أحوال العارفي ،وإن كان ذلك ل يوز إِظهاره ،وهي هذه
البيات(:)3
()4
فحلّو بقرب الاجد التفضل سرت بأُناس ف الغيوب قلوبم
تول با أرواحهم وتنهل عراصا بقرب ال ف ظل قدسه
ومصدرهم فيها لا هو أكمل مواردهم فيها على العز والنهي
وما كتمه أول لدين وأعدل تروح بعز مفرد من صفاته
وأبذل منه ما أرى الق يبذل سأكتم من علمي به ما يصونه
وأمنع منه ما أرى النع يفصل) وأعطي عباد ال منه حقوقهم
إل أهله ف السر والصون أجل على أن للرحن سرا يصونه
وقال سهل التستري(( :)5للعال ثلثة علوم ،علم ظاهر يبذله لهل الظاهر ،وعلم باطن ل يسعه إظهاره إل
لهله ،وعلم هو بينه وبي ال تعال ل يظهره أحد)(.)6
-أما العلم الظاهر ،فقد عرفناه ،إنه علم الشريعة .فما هو علم الباطن؟! ول هو باطن؟!
وبقول اللّج(« :)7النكر ف دائرة البان ،وأنكر حال حي ل يران...( ،وبالزندقة) ..حلن...وبالسوء
رمان»(.)8
-يعن بدائرة البان :ما هو خارج دائرة الصوفية.
-فلم يسميه النكر زنديقا؟ ويرميه بالسوء؟! ما هو السر؟!
وقال( :ياطب الناس ف السجد) ويروي القصة عبد الودود بن سعيد الزاهد... :اسعوا ،إن ال أباح لكم
)(1إحياء علوم الدين ،)4/292( :ولعل الفقرة (وهم يدون الزيد ..إل) هي من تعليق الغزال.
)(2إحياء علوم الدين ،)4/292( :ولعل الفقرة (وهم يدون الزيد ..إل) هي من تعليق الغزال.
)(3إحياء علوم الدين.)4/288( :
)(4ف البيت إقواء.
)(5سهل التستري ،من تستر ،بلد من الهواز ،من أئمة القوم ،توف عام283( :هـ) أو (273هـ).
)(6إحياء علوم الدين.)1/89( :
)(7قتل صلبا عام309( :هـ).
)(8الطواسي ،طايسي النقطة.
www.alsoufia.com 10 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
دمي فاقتلون ،فبكى بعض القوم ،فتقدمت من بي الماعة ،وقلت :يا شيخ ،كيف نقتل رجلً يصلي ويصوم ويقرأ
القرآن؟ فقال :يا شيخ ،العن الذي به تقن الدماء خارج عن الصلة والصوم وقراءة القرآن ،فاقتلون تؤجروا
وأستريح ،فبكى القوم ،وذهب ،وتبعته إل داره ،وقلت :يا شيخ ،ما معن هذا؟ قال :ليس ف الدنيا للمسلمي شغل
أهمّ من قتلي .فقلت له :كيف الطريق إِل ال تعال؟ قال :الطريق بي اثني ،وليس مع ال أحد .فقلت :بي .قال:
من ل يقف على إشارتنا ل ترشده عبارتنا( .)1إنه يقرر أن الشريعة تبيح قتله! فِلمَ؟
ويقرر أن العن الذي يباح قتله من أجله خارج عن الصلة والصوم وقراءة القرآن! فما هو هذا العن؟
لننتبه إل قوله( :ليس مع ال أحد) ،وقوله( :من ل يقف على إِشارتنا ل ترشده عبارتنا).
ويقول:
()2
عليّ وعند السلمي قبيح كفرت بدين ال والكفر واجب
-يعن بقوله( :كفرت) أي :سترت ،والكفر هو الستر ،فهو يقول :سترت بالسلم ،والستر واجب عليّ- .
فما هو هذا المر الذي يستره بدين ال؟! ما هو؟!
-فما هو هذا المر الذي يستره بدين ال؟! ما هو؟!
-من المكن أن نعرف هذا السر من بعض أقواله وفلتات شعره ،يقول:
()3
فقلت :من أنت؟ قال :أنت رأيت رب بعي قلب
فالقيقة ،والقيقة خليقة ،دع الليقة ،لتكون أنت هو ،أو هو أنت من حيث القيقة(.)4
-ول أعلق على هذا القول بشيء ،فهو واضح ،وهو هو السر الذي يكتمونه.
وقال أبو السي النوري( )5ماطبا النيد:
يا أبا القاسم ،غششتَهم فأجلسوك على النابر ،ونصحتُهم فرمون على الزابل(.)6
-وسنرى فيما يأت من النصوص كيف غشهم النيد؟ إِنه كان يتكلم عليهم بالفقه.
وما يورده الغزال:
)(1حاشية العروسي ،)2/43( :ويعرف ابن عرب ف (كتاب اصطلح الصوفية) الوجد بأنه :ما يصادف القلب من الحوال الغيّبة له عن شهوده.
)(2اللمع( ،ص.)51:
)(3اللمع( ،ص.)303:
)(4ممد بن علي بن عطية الارثي الكي ،نشأ ف مكة ومات ف بغداد سنة386( :هـ).
)(5قوت القلوب.)2/81( :
)(6أي :مشاهدة الق (ال).
)(7رسائل ابن عرب (اصطلح الصوفية).
)(8رسائل ابن عرب.
)(9رسائل ابن عرب.
www.alsoufia.com 14 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الثان ،ولا عندهم تعابي كثية ،ولننتبه إل عبارة (خلق بل حق)].
-الفناء على ثلث درجات :فناء الظاهر ،وهو مسلوبية العبد عن إرادته واختياره بتجلي الق عليه بصفة
الفعالية ،وتسمى (فناء الفعال).
وفناء الباطن :وهو مغلوبية صفاته ف سلطنة أنوار الصفات القدية الزلية ،وتسمى (فناء الصفات).
وفناء سر الباطن ،الذي هو ذات العبد ،فإِن الفعال هي حجاب الصفات ،فالصفات باطنها؛ والصفات هي
حجاب الذات ،فالذات باطنها وسرها ،ولذا يسمى (فناء الذات) ،وهو كناية عن مغلوبية ذات العبد ف إِشراق أنوار
عظمة الذات وأحديتها(.)1
-البقاء :ل بد لصحة العبودية من التنل عن عال المع إِل عال التفرقة ،ويقال لذا( :البقاء)(.)2
* ملحوظة :يلحظ القارىء هنا أن اللغاز تفسر باللغاز ،ويُشرح الغموض بالغموض؟! وذلك لننا الن
وجها لوجه أمام السر الذي يكتمونه.
ويقول أيضا (أبو طالب الكي):
...وقال النيد( :وهؤلء -أي :الصوفية -هم الدلون على ال تبارك وتعال ،والستأنسون بال تعال ،هم
جلساء ال تعال ،قد رفع الشمة بينه وبينهم ،وزالت الوحشة بينهم وبينه ،فهم يتكلمون أشياء هي عند العامة كفر
بال تعال ،لا قد علموا أن ال تعال يبهم ،وأن لم عند ال جاها ومنلة ،ث قال عن بعض العلماء :أما أهل النس
بال تعال فليس إل معرفتهم سبيل) ..هذا من كلم النيد ونو معناه ،حدثن به الاقان القري ،ولول أنا روينا عنه
ما ذكرناه ،ما كنا نشرح حال هؤلء إِشفاقا على اللباب(...)3
-يوهم أبو طالب الكي القارئ أنه ل يشرح حال هؤلء القوم الذين يتكلمون بأشياء هي الكفر عند العامة-
أي :عند أهل الشريعة -إشفاقا على اللباب ،وهذا غي صحيح ،فهو ل يشرح خوفا من السيف ،وليس شيئا آخر.
نعود إِل ما مر من مصطلحاتم وألغازهم ،ول بأس من وضع بعض الصور الصغية الت قد تساعد على فهم
هذه اللغاز ،على أن توضيحها الكامل سيأت ف ما يأت إِن شاء ال.
فالفناء :ويسمى أيضا :الحو ،والسكر ،والغيبة ،والطي ،والضور بالق ،واللوة ،والحسان ،والمع..
وكلها أساء لسمى واحد ،وهو مقام المع (وهناك بعض الختلف بي مدلول الكلمات) ،فالمع هو الفناء ،وضم
تعريفيهما إِل بعضهما يساعد -بعض الشيء -على فهم السر واللغاز.
أما البقاء :ويسمى أَيضا :الفرق الثان ،أو المع ف التفرقة ،أو الفرق ف المع ،أو صحو المع ،أو الِإطلق..
)(1علي بن ممد بن العباس ،نزيل فارس ،بقي إل سنة400( :هـ) ويكن أن تكون وفاته سنة407( :هـ).
)(2الشارات اللية( ،ص.)48:
)(3الشارات اللية( ،ص.)195:
www.alsoufia.com 16 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وهو مل الشاهدة(( )1أَي :مشاهدة اللوهية).
-لحظنا أنه عب هنا عن (الفرق الول) أو حالة الحجوبية الت هي عدم رؤية الق ف اللق ،عب عنها
بـ(الموم والدنس) ،وقد يعبون عنها أيضا بـ(الصفات الذميمة ،أو الردية) ،و(الفعال الذميمة ،أو الردية) ،وما
شابه هذه التعابي.
كما يعبون عن (المع) بـ (الصفات الميدة) أو (الفعال الميدة) أو الِإحسان) وما شابه ذلك.
ويقول أبو بكر الكلباذي(:)2
إن للقوم عبارات تفردوا با ،واصطلحات فيما بينهم ،ل يكاد يستعملها غيهم ،نعب ببعض ما يضر،
ونكشف معانيها بقول وجيز.
وإنا نقصد ف ذلك إل معن العبارة دون ما تتضمنه العبارة ،فإن مضمونا ل يدخل تت الشارة فضلً عن
الكشف ،وأما كنه أحوالم ،فإن العبارة عنها مقصورة ،وهي لربابا مشهورة(.)3
-يعن بكلمة (الكشف) هنا :العن اللغوي العروف ،ل معناهم الصطلحي ،أما عبارة (العبارة عنها
مقصورة) فسنرى بعد التمرس بأسلوب القوم أنا مغالطة لليهام ،وأن الانع عن كشفها هو الرف من عقوبة الردّة.
ويقول القشيي(( )4صاحب الرسالة):
...وهذه الطائفة يستعملون ألفاظا فيما بينهم ،قصدوا با الكشف عن معانيهم لنفسهم ،والجال والستر
علي من باينهم ف طريقتهم ،لتكون معان ألفاظهم مستبهمة على الجانب غية منهم على أسرارهم أن يشيع
استعمالا ف غي أهلها ،إِذ ليست حقائقهم مموعة بنوع تكلف ،أو ملوبة بضرب تصرف ،بل هي معانٍ أودعها ال
تعال قلوب قوم ،واستخلص لقائقها أسرار قوم(.)5
-عبارة غيه منهم على أسرارهم) هي أَيضا مغالطة ،وسنرى أَمثالا كثيا ،إِنا ليست الغية ،وإنا هو الوف
من السيف (سيف الردة).
ويقول أبو حامد الغزال (الذي يسمونه حجة الِإسلم)(:)6
...ليس كل سر يكشف ويفشى ،ول كل حقيقة تعرض وتلى ،بل صدور الحرار قبور السرار ،ولقد قال
بعض العارفي( :إِفشاء سر الربوبية كفر) ،بل قال سيد الولي والخرين( :إِن من العلم كهيئة الكنون ،ل يعلمه إِل
)(1معجم مصطلحات الصوفية باختصار.
)(2ممد بن إبراهيم ،فارسي ،مات سنة380( :هـ) أو (390هـ).
)(3التعرف( ،ص.)111:
)(4أبو القاسم ،عبد الكري بن هوازن ،مات سنة465( :هـ) ف نيسابور.
)(5الرسالة القشييه( ،ص.)31:
)(6ممد بن ممد بن ممد بن أحد الطوسي الغزال مات ف طوس سنة505( :هـ).
www.alsoufia.com 17 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
العلماء بال ،فإِذا نطقوا به ل ينكره إِل أهل الغرّة بال .ومهما كثر أهل الغترار ،وجب حفظ السرار على وجه
الِإسرار ،لكن أراك( )1مشروح الصدر بال بالنور ،منه السر عن ظلمات الغرور ،فل أشح عليك ف هذا الفن
بالِإشارة إِل لوامع ولوائح ،والرمز إِل حقائق ودقائق ،فليس الوف ف كف العلم عن أهله بأقل منه ف بثه إِل غي
أهله.
ومن منع الستوجبي فقد ظلم فمن منح الهال علما أضاعه
فاقنع بإِشارات متصرة ،وتلويات موجزة(.)2
* اللحوظات:
أ -يبي (حجة الِإسلم) مت يكتم هذا العلم الكنون؟ ومت ينشر؟ ولن؟
ب -يذكر (أهل الغرة بال) ،وأهل (الغترار الذين يب حفظ السرار عنهم) ،و(الهال )...فمن هم هؤلء؟
من هم؟
ج -يقول لسائله( :أراك مشروح الصدر بال بالنور) فما هو هذا النور؟
د -بالعودة إِل ما سبق من نصوص ،نعرف أن الهال هم أهل الظاهر (أهل الشريعة) وهم هم أهل الغرة
بال؟!
هـ -يشي (حجة الِإسلم) إِل أن ما سيذكره هو إِشارات إِل لوامع ولوائح ،هو رمز إِل حقائق يفيها ،هو
إشارات متصرة وتلويات موجزة؟! فما هي؟
ويقول:
...نعم ،قد تتلف العصار ف كثرة الاجة وقلتها ،فل يبعد أن يتلف الكم لذلك ،فهذا حكم العقيدة الت
تعبد اللق با ،وحكم طريق النضال عنها وحفظها (يعن بذلك علم الكلم) ،فأما إزالة الشبهة وكشف القائق،
ومعرفة الشياء على ما هي عليه ،وإدراك السرار الت يترجها ظاهر ألفاظ هذه العقيدة ،فل مفتاح له إل الجاهدة
وقمع الشهوات ،والقبال بالكلية على ال تعال ،وملزمة الفكر الصاف عن شوائب الحاولت ،وهي رحة من ال
عز وجل تفيض على من يتعرض لنفحاتا بقدر الرزق ،وبسب التعرض ،وبسب قبول الحل ،وطهارة القلب،
وذلك البحر الذي ل يدرك غوره ول يبلغ ساحله ،فإن قلت :هذا الكلم يشي إل أن هذه العلوم لا ظواهر وأسرار،
وبعضها جلي يبدو أولً وبعضها خفي يتضح بالجاهدة والرياضة والطلب والثيث والفكر الصاف والسر الال عن
كل شيء من أشغال الدنيا سوى الطلوب ،وهذا يكاد يكون مالفا للشرع ،إذ ليس للشرع ظاهر وباطن وسر
وعلن ،بل الظاهر والباطن والسر والعلن واحد فيه ،فاعلم أن انقسام هذه العلوم إل خفية وجلية ل ينكرها ذو
)(1هذا الكلم ،بل الكتاب (مشكاة النوار) كله هو جواب لسائل سأله.
)(2مقدمة كتاب مشكاة النوار.
www.alsoufia.com 18 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
بصية ،وإنا ينكرها القاصرون الذين تلقفوا ف أوائل الصبا شيئا وجدوا عليه ،فلم يكن لم ترقّ إل شأو العلء،
ومقامات العلماء والولياء(.)1
* اللحوظات:
أ -يقول :إن معرفة حقائق المور وكشفها ،ومعرفة الشياء على ما هي عليه (ل كما يعرفها الناس) وإدراك
السرار ،كل هذا ل يعرف إل بالجاهدة وقمع الشهوات و!..
فهل ييز لنا (حجة السلم) هنا أن نتساءل :ما هو دور الرسل؟ وما هو دور الشريعة؟
وما هو دور العلم؟! بل ما هي الفائدة من إرسال الرسل؟!
ب -ما الذي كان ينع ممدا صلى ال عليه وسلم من أن يعلمنا أن القيقة ل تعرف إِل بالجاهدة وقمع
الشهوات و ،..وما هو الطر الذي كان يشاهُ صلى ال عليه وسلم من ذلك حت جاء هؤلء العارفون
ليعرفونا بذا السر؟!
ج -تقريره وتأكيده على وجود الظاهر والباطن ،والسر والعلن ،وان هذا ل ينكره إل من عميت بصيته! فهل
كان رسول ال صلى ال عليه وسلم أعمى البصية عندما قال لنا{ :قد تركتكم على البيضاء ،ليلها كنهارها ،ل يزيغ
عنها بعدي إل هالك.)2(}...
د -ما هي غاية (حجة السلم) من تعريضه بـ(الذين تلقفوا ف أوائل الصبا شيئا وجدوا عليه ،)..وماذا يعن
بكلمة (شيئا) الت تفيد التعميم بكونا اسا نكرة؟! طبعا إن من هذا الشيء الذي تلقفوه هو علوم القرآن والسنة
(الشريعة).
ويقول أبضا:
..فإن فلت ..:فإن الباطن إن كان مناقصا للظاهر ففيه إِبطال الشرع ،وهو قول من قال( :إِن القيقة خلف
الشريعة ،وهو كفر؛ لن الشريعة عبارة عن الظاهر ،والقيقة عبارة عن الباطن ،وإِن كان ل يناقضه ول يالفه فهو
هو ،فيزول به النقسام ،ول يكون للشرع سر ل يفشى ،بل يكون الفي واللي واحدا؟ فاعلم أن هذا السؤال يرك
خطبا عظيما ،وينجر إِل علوم الكاشفة ،ويرج عن مقصود علم العاملة ،وهو غرض هذه الكتب ،فإن العقائد الت
ذكرناها من أعمال القلب ،وقد تعبدنا بتلقينها( )3بالقبول والتصديق بعقد القلب عليها ،ل بأَن يُتوصل إِل أن
ينكشف لنا حقائقها ،فإِن ذلك ل يكلف به كافة اللق...وإِنا الكشف القيقي هو صفة سر القلب وباطنه ،ولكن
إِذا أبر الكلم إِل تريك خيال ف مناقضة الظاهر الباطن ،فل بد من كلم وجيز ف حله ،فمن قال :إِن القيقة
)(1الحياء.)1/18( :
)(2الحياء.)4/85( :
www.alsoufia.com 23 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-وطبعا ابن عباس بريء من هذه الضللت والذيانات.
ويقول أَيضا:
...فاعلم أَن هذا قرع باب من العارف ،وهي أعلى من علوم العاملة ،ولكنا نشي منها إِل ملمح ،ونقول:
هاهنا نظران :نظر بعي التوحيد الحض ،وهذا النظر يعرفك قطعا أنه الشاكر وأَنه الشكور ،وأنه الحب وأَنه
الحبوب ،وهذا نظر من عرف أنه ليس ف الوجود غيه ،وأن كل شيء هالك إِل وجهه ،وأن ذلك صدق ف كل
حال أز ًل وأبدا؛ لن الغي هو الذي يتصور أن يكون له بنفسه قوام ،ومثل هذا الغي ل وجود له ،بل هو مال أن
يوجد ،إِذ الوجود الحقق هو القائم بنفسه ،وما ليس له بنفسه قوام ،فليس له بنفسه وجود ،بل هو قائم بغيه ،فهو
موجود بغيه ،فإِن اعتب ذاته ول يلتفت إِل غيه ل يكن له وجود ألبتة ،وإنا الوجود هو القائم بنفسه ،والقائم بنفسه
هو الذي لو قدر عدم غيه بقي موجودا ،فإِن كان مع قيامه بنفسه يقوم بوجوده وجود غيه ،فهو قيوم ،ول قيوم إِل
واحد ،ول يتصور أن يكون غي ذلك ..فإِذا ليس ف الوجود غي الي القيوم ،وهو الواحد الصمد ،فإِذا نظرت من
هذا القام ،عرفت أن الكل منه مصدره ،وإليه مرجعه ،فهو الشاكر وهو الشكور ،وهو الحب وهو الحبوب(...)1
* ما يب أَن نلحظه:
أ -ف هذا النص كشف الغزال حجابا آخر عن السر الصون ،ومع ذلك فهو يشي إِل ملمح منه ،وقد سى
السر هنا (التوحيد الحض) (وهذا النظر بعي التوحيد الحض يعرفك أنه الشاكر وأنه الشكور ،وأنه الحب وأنه
الحبوب بل وأنه ليس ف الوجود غيه)( ،وأخيا صرح بالسر الصون ،فغدا السر غي مصون) ،ومع هذا التصريح
فقد ل يكون القارىء قد عرف هذا السر بعد.
ب -بعد التصريح بالسر (ليس ف الوجود غيه) ،هذا التصريح الذي قد يرد عليه السيوف ،بدأ الغزال يلوك
بأُسلوب علم الكلم ،ليبعد به شبح ما بعد التكفي ،ث يعي ليقرر من جديد( :فإِذا ليس ف الوجود غي الي
القيوم...الكل منه مصدره ،وإِليه مرجعه.)..
-وهكذا نكون الن قاب قوسي أَو أَدن من معرفة نور اليقي.
ويقول... :الفريق الثان ليس بم عمى ،ولكن بم عور؛ لنم يبصرون بإِحدى العيني وجود الوجود الق،
فل ينكرونه ،والعي الخرى إِن ت عماها ل يبصر با فناء غي الوجود الق ،فأثبت موجودا آخر مع ال تعال ،وهذا
مشرك تقيقا...فإِن جاوز حد العمى إِل العمش أدرك تفاوتا بي الوجودين ،فأَثبت عبدا وربّا ،فبهذا القدر من
إِثبات التفاوت والنقص من الوجود الخر دخل ف حد التوحيد ،ث إِن كحل بصره با يزيد ف أنواره ،فيقل عمشه،
وبقدر ما يزيد ف بصره يظهر له نقصان ما أَثبته سوى ال تعال ،فإِن بقي ف سلوكه كذلك ،فل يزال يفضي به
النقصان إِل الحو ،فينمحي عن رؤية ما سوى ال ،فل يرى إِل اللّه ،فيكون قد بلغ كمال التوحيد ،وحيث ادرك
)(1الحياء.)4/74( :
www.alsoufia.com 24 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
نقصا ف وجود ما سوى اللّه تعال دخل ف أوائل التوحيد...وترجته قول( :ل إِله إِل ال) ،ومعناه أن ل يرى إل
الواحد الق ،والواصلون إِل كمال التوحيد هم القلون...إذ عبدة الوثان ((مَا َنعْبُ ُدهُمْ إِلّا ِلُي َقرّبُونَا إِلَى الّلهِ زُْلفَى))
[الزمر ،]3:فكانوا داخلي ف أوائل أَبواب التوحيد دخو ًل ضعيفا(.)1
* اللحوظات:
ل بأس الن من إِضافة فقرة متممة للنص ،أفردتا عنه لن لا قيمة خاصة ،يقول ..( :وفيهم من تنفتح بصيته
ف بعض الحوال ،فتلوح له حقائق التوحيد ،ولكن كالبق الاطف ل يثبت ،وفيهم من يلوح له ذلك ويثبت زمانا
ولكن ل يدوم ،والدوام فيه عزيز).
-هذه صورة ما يدث عندما يبلغ السالك إِل ما يسمونه( :الفناء ف ال أَو المع ،)..ستفيدنا فيما بعد.
ويقول... :فإِن قلت :كيف يتصور أن ل يشاهد إل واحدا ،وهو يشاهد السماء والرض وسائر الجسام
الحسوسة ،وهي كثية ،فكيف يكون الكثي واحدا؟ فاعلم أن هذه غاية علوم الكاشفات ،وأسرار هذا العلم ل يوز
أن تسطر ف كتاب ،فقد قال العارفون :إِفشاء سر الربوبية كفر ،ث هو غي متعلق بعلم العاملة ،نعم ذكر ما يكسر
سورة استعبادك مكن ،وهو أن الشيء قد يكون كثيا بنوع مشاهدة واعتبار ،ويكون واحدا بنوع آخر من الشاهد
والعتبار ،وهذا كما أن النسان كثي إن التفت إل روحه وجسده وأطرافه وعروقه وعظامه وأحشائه ،وهو باعتبار
آخر ومشاهدة أخرى واحد ،إذ نقول :إنه إنسان واحد ،فهو بالضافة إل النسانية واحد ،وكم من شخص يشاهد
إنسانا ول يطر بباله كثرة أمعائه وعروقه وأطرافه ،وتفصيل روحه وجسده وأعضائه .والفرق بينهما أنه ف حالة
الستغراق والستهتار به مستغرق بواحد ليس فيه تفريق ،وكأنه ف عي المع ،واللتفت إل الكثرة ف تفرقه،
فكذلك كل ما ف الوجود من الالق والخلوق له اعتبارات ومشاهدات كثية متلفة ،فهو باعتبار واحد من
العتبارات واحدٌ ،وباعتبارات أخر سواه كثيٌ ،وبعضها أشد كثرة من بعض ،ومثاله النسان ،وإن كان ل يطابق
الغرض ،ولكنه ينبه ف الملة على كيفية مصي الكثرة ف حكم الشاهدة واحدا.
ويستبي بذا الكلم ترك النكار والحود لقام ل تبلغه ،وتؤمن به إيان تصديق ،فيكون لك من حيث إِنك
مؤمن بذا التوحيد نصيب ،وإِن ل يكن ما آمنت به صفتك ،كما أَنك إذا آمنت بالنبوة وإن ل تكن نبيّا كان لك
نصيب منه بقدر قوة إيانك ،وهذه الشاهدة الت ل يظهر فيها إِل الواحد الق تارةً تدوم وتارةً تطرأ كالبق الاطف
وهو الكثر ،والدوام نادر عزيز ،وإِل هذا أَشار السي بن منصور اللج حيث رأى الواص يدور ف السفار،
فقال :ف ماذا أَنت؟ فقال :أَدور ف السفار لصحح حالت ف التوكل ،وقد كان من التوكلي ،فقال السي :قد
أَفنيت عمرك ف عمران باطنك ،فأين الفناء ف التوحيد؟ فكأن الوّاص كان ف تصحيح القام الثالث ف التوحيد،
فطالبه بالقام الرابع ،فهذه مقامات الوحدين ف التوحيد على سبيل الِإجال...أَما الرابع فل يوز الوض ف بيانه،
)(1الحياء.)4/75( :
www.alsoufia.com 25 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وليس التوكل أيضا مبنيّا عليه(...)2
* اللحوظات على النصي الخيين:
أ -ف النص الول ،قوله( :فأَثبت موجودا مع ال تعال وهذا مشرك تقيقا) ،يقرر فيه بأسلوب فيه رونق ،أَن
من يرى أَن هذه الخلوقات هي شيء غي ال تعال فهو مشرك تقيقا.
-أي إنه -آخر المر -شرح لنا ما هو السر ،ولكن بأسلوب فيه شيء من الزحلقة للقارىء.
-وف النص الثان يرد على شبهة من يقول :كيف ل يشاهد إل واحدا مع وجود السماوات والرض؟..
ويقرر أَن هذا هو علم الكشف ،وبالتال هو السر الذي ل يوز أَن يسطر ف كتاب.
-ومع ذلك فقد سطر ما يفشي هذا السر إل غي أَهله! ث يقدم مثلً يعي على فهم هذا المر (أي :رؤية
الواحد ف الكثرة).
ب -قوله( :فل يرى إل ال ،أَي :ل يرى ف هذا الكون ف كل ما يراه من الرئيات إِل ال ،فيكون قد بلغ
كمال التوحيد.
-وف النص الثان ،يوضح أَكثر فأَكثر ،فيقول( :وكذلك كل ما ف الوجود من الالق والخلوق له
اعتبارات...فهو باعتبار واحد من العتبارات واحد.)..
-إِذا :فالالق والخلوق ها واحد ،أو ها وحدة ...وهكذا ،وضح لنا السر أخيا ،إِنه (وحدة الوجود) ،وما
أدراك ما وحدة الوجود؟!
ج -ف النص الول يقرر أن عبدة الوثان داخلون ف أوائل التوحيد دخو ًل ضعيفا.
-فأسال :إِن ل يكن هذا هو الكفر والزندفة ،فما هو الكفر والزندقة؟
-وأُنبه إِل أن القارىء الكري عندما يتلك ناصية العبارة الصوفية سيعرف أن معن جلة الغزال هو أن عبدة
الوثان دخلوا ف التوحيد عندما عبدوا الوثن (لنه جزء من ال) وكان دخولم ضعيفا عندما قالوا...(( :لُِي َقرّبُونَا ِإلَى
الّلهِ ُزْلفَى)) ؛ لن هذا القول هو تفريق بي الالق والخلوق ،وهو عكس التوحيد ،ولو كانوا داخلي ف التوحيد
دخولً كاملً لقالوا -عن إِيان وعقيدة :-إِنم يعبدون ال بعبادتم للصنم؛ لنه جزء من ال.
د -أطلب من القارىء الكري أن يقرأ النصي الخيين بتعمق ويكرر قراءتما حت يستوعبهما جيّدا ،ففي هذا
تسهيل كبي لفهم كل نصوصهم ،وفهم سرهم.
وهذه نصوص إضافية لـ(حجة السلم) أوردها دون تعليق:
يقول... :والرابعة أن ل يرى ف الوجود إِل واحدا ،وهي مشاهدة الصديقي ،وتسميه الصوفية الفناء ف
)(2الِحياء.)4/213( :
www.alsoufia.com 26 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
التوحيد؛ لنه من حيث ل يرى إِل واحدا ،فل يرى نفسه أيضا ،وإذا ل ير نفسه لكونه مستغرقا ف التوحيد ،كان
فانيا عن نفسه ف توحيده ،بعن أنه فن عن رؤية نفسه واللق(.)1
ويقول :من هنا ترقى العارفون من حضيض الجاز إِل يفاع القيقة ،واستكملوا معراجهم ،فرأوا بالشاهدة
العيانية أن ليس ف الوجود إِل ال تعال ،وأن ((كُلّ شَ ْي ٍء هَاِلكٌ إِلّا وَ ْج َههُ)) [القصص ]88:ل أنه يصي هالكا ف
وقت من الوقات ،بل هو هالك أزلً وأبدا ،ول يتصور إل كذلك...فإذن ل موجود إِل ال تعال ووجهه ،فإذن
كل شيء هالك إِل وجهه أز ًل وأبدا...ول يفهموا من معن قوله( :ال أَكب) أَنه أَكب من غيه ،حاشا ل ،إِذ ليس ف
الوجود معه غيه حت يكون أكب منه(...)2
ويقول :العارفون بعد العروج إِل ساء القيقة اتفقوا على أَنم ل يروا ف الوجود إِل الواحد الق(...)3
-وأختم هذه الرعة الضئيلة من بر أقوال الغزال ف هذا الوضوع بنتف من تائيته؛ يقول:
()4
على كل ذي عقل لزوم التقية إِذا كان قد صح اللف فواجب
وهل أَنت إِل نفسي عي هويت وهل أنا إِل أنت ذاتا ووحدة
احتجبت ب فازدهى الناس عشقت كأن ل أحجب با وكأنا هي
()5
ت حكما قد أَماتته سنت
وأَحيي ُ ت بأمر حرمته شريعت
فدِْن ُ
فلما مُنِ ْعتُ الصب أَبديت صفحت تسترتُ جهدي ف هواك وطاقت
بقولٍ ول فعلٍ سواك فضيحت فأعلنتُ ما أسررتَ فّ فلم يكن
()6
بتكك ستر الصب أَبديت عورت وقد كان ل ف الصب ستر على الوى
()7
يُعب عن أَنن ذاتُ وحدة يكِلّ لسان عن صفات وإِنا
-ل بأس من التنبيه إِل فكرة (لزوم التقية) ف البيت الول ،حيث نعرف أَننا أَمام (فرقة باطنية) ترى لزوم
التقية ،وقد مر هذا ،وهي ملحوظة هامة جدّا جدّا.
ويب أَن أَعود فأنبه ف أقوال الغزال إل ما يلي:
)(1الحياء.)4/212( :
)(2مشكاة النوار (حقيقة القائق)( ،ص.)55:
)(3مشكاة النوار (إشارة) (ص.)57:
)(4النفحات الغزالية( ،ص.)149:
)(5النفحات الغزالية( ،ص ،)173:والبيات ليست متتابعة ف القصيدة.
)(6النفحات الغزالية( ،ص.)169:
)(7النفحات الغزالية( ،ص.)170:
www.alsoufia.com 27 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-1اعتبار الغزال أَن كشفهم ومشاهدتم هو الق والقيقة والصدق ،وإليه يب أَن يرجع ف كل المور،
حت القرآن الكري والسنة يب أن يعرضا عليه ليحكم ف صحتهما ،فهذا إِن ل يكن كفرا وزندقة ،فما هو الكفر
والزندقة؟!
-2نفهم من هذا أَنه -وأَنم -ل يرون القرآن حقّا؛ لنم يؤولون منه ما خالف الكشف.
مع العلم أَن الِإيان بالقرآن يقتضي نبذ كل ما يالفه؛ لنه كفر وزندقة ،وهذا واضح.
-3علم الكاشفة عنده هو علم الصديقي والقربي!! فأين ذهب القرآن وصحيح السنة؟!
-4ليس ف الوجود غي ال ،وكما يعلم كل من ف بصيته ذرة من عقل أو إيان أن الكون موجود أوجده
ال ،ولكن عند الغزال -وعندهم -الكون هو ال( ،ما الكون إِل القيوم الي) وهي وحدة الوجود.
-5يقرر (حجة السلم) أن من يثبت موجودا آخر مع ال ،أي( :من يقول :إِن الخلوقات هي غي ال) هو
مشرك تقيقا!!
-سبحان ال! ما هو هذا الكشف القريب العجيب!!! إِننا نقرأ ف كتاب ال مثلً(( :إِنّمَا َح ّرمَ َعلَيْكُ ُم الْمَْيتَةَ
وَال ّد َم وَلَحْ َم الْخِنِيرِ َومَا ُأهِ ّل ِبهِ ِلغَْي ِر الّلهِ)) [البقرة ،]173:وواضح حت للغبياء أن عبارة (غي ال) تعن :الوثان
والقبور والولياء وغيهم ،وكل هؤلء ملوقات .إِذا :فالقرآن يقرر بوضوح كامل أن الخلوق غي الالق ،فنسأل
(الجة) ،وأتباع الجة ،والخدوعي بالجة :هل القرآن شرك؟ أم الذين يالفون القرآن هم الشركون؟ والضالون
الضلون؟ والزنادقة الكفرة الارقون؟
-6كلمة (التوحيد) يعن -ويعنون -با (وحدة الوجود) وحيثما وردت ف كلمهم فهذا هو معناها.
-7يقرر أن عابد الصنام داخل ف أوائل التوحيد.
-8تقريره أن وحدة الوجود هي مشاهدة الصديقي (والرابعة أن ل يرى ف الوجود إل واحدا وهي مشاهدة
الصديقي)!!
-9تقريره لزوم التقية! فِلمَ؟؟ وعلمَ؟؟ وفيم؟؟
-10حكم وحدة الوجود ف القرآن الكري سنراه فيما يأت.
-11هذه القوال للغزال ،وهي جزء صغي جدّا من فيضه ،هي من كتابه الشهور ،بل القدس ،والسمى
(إِحياء علوم الدين) ،كلها عنه إل نصي ،ومع ذلك فيسمى صاحبه (حجة السلم) ويتخذ الكتاب مرجعا رئيسيا
عند غالبية السلمي؟! فإنا ل وإنا إِليه راجعون.
-12للغزال كتب كثية يذكر فيها العلم (الضنون به على غي أهله) ل أتطرق إليها؟ لن كتاب الِإحياء فيه
الكفاية والشهرة ،وهو ثقة عند القوم ،وعند غي القوم.
)(1أحد ميي الدين أبو العباس الرفاعي ولد وعاش ف أم عبيدة (كسفينة) من أعمال واسط بالعراق ،وتوف فيها عام (578هـ).
)(2قلدة الواهر (ص ،)83:وعلي هذا هو علي بن عثمان ابن أخت الشيخ أحد ،وهو صاحب كتاب (السر اللل والقامات والعال).
)(3أعلم التصوف السلمي لحد أبو كف (ص.)27 ،26:
)(4قلدة الواهر( ،ص.)226:
)(5قلدة الواهر( ،ص.)227:
www.alsoufia.com 31 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول:
عن الندي ول يلهيو عن الكاسِ يسقي ويشربُ ل تلهيه سكرتُه
()1
حال الصّحاة وهذا أعظمُ الناس أطاعهُ سكرُه حت تكّ َن من
ونعرف طبعا أن السكر هو مقام الفناء ،أو هو لذة الشعور باللوهية.
ويقول... :فإِذا أتقن السالك معرفة هذه الداب اللزمة الطلوبة منه ف حق مرشده علما وعملً ،فحينئذ يلزم
عليه أن يدخل باب القوم -رضي ال عنهم -بفناء النفس والِإعراض عن الدنيا بالكلية ،والِإعراض عن اللق..-
وعدم التفاخر وترك الدعوى وستر الحوال وكتمان السرار(...)2
وطبعا ،نعرف الن ماذا يعن بقوله( :بفناء النفس والعراض عن الدنيا.)...
ويقول... :أعلم أن الدّاح الذي يدح بجلس الفقراء بغي طمع...يكون له من الفقر سبعة قراريط ،بشرط أن
يكون مداحا بالقيقة...ولذا الشرط ف العن شروطا :الول :أن يكون فقي ا...السادس :أن يكون أمي الزائن
السرية ،أي :أمينا على السرار فل يكون مبيحا بالسر(.)3
-ول أظننا -من ُذ الن -باجة للتعليق على النصوص ،فقد أصبحت واضحة العان لن درس النصوص السابقة
بإِمعان.
-ويقول أبو مدين الغرب(( )4الغوث):
()5
ق دِمانا َجهْرة لو با بُحنا
تُرا ُ وف السر أسرار دِقاق لطيف ٌة
ويورد عبد الليم ممود (الدكتور ،شيخ الامع الزهر)(:)6
قيل له( :أي :لب مدين) مرة ف النام :حقيقة سرك ف توحيدك؟
فقال :سري مسرور بأسرار تستمد من البحار اللية الت ل ينبغي بثها لغي أهلها ،إِذ الِإشارة تعجز عن
وصفها ،وأبت الغية الِإلية إِل أن تسترها ،وهي أسرار ميطة بالوجود ل يدركها إِل من كان وطنه مفقودا ،وكان
)(1قلدة الواهر( ،ص .)227:ف كتاب (بجة السرار ومعدن النوار)( ،ص )117:يعزى البيتان للشيخ سيف الدين قاضي القضاة أب صال؟؟.
)(2قلدة الواهر( ،ص.)279:
)(3قلدة الواهر( ،ص.)279:
)(4أبو مدين شعيب بن حسي النصاري ،أصله من (حصن قطنيانة) قرية تابعة لِإشبيلية ف الندلس ،هاجر إل
باية صغيا ،وعاش فيها ،وتوف ف (العباد) خارج تلمسان عام594( :هـ) وقيل قبل ذلك.
)(5الفتوحات الِإلية( ،ص ،)45:وهي من قصيدة أولا:
وتزهق بالشواق أرواحنا منا تضيق بنا الدنيا إذا غبتمو عنا
أوردها عبد الليم ممود ف كتابه (أبو مدين الغوث) حاذفا منها هذا البيت؟؟!!.
)(6من أكب مشايخ الصوفية ف مصر ،توف منذ سنوات قليلة.
www.alsoufia.com 32 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ف عال القيقة بسره موجودا ،يتقلب ف الياة البدية ،وهو بسره طائر ف فضاء اللكوت ،وشرح ف سرادقات
البوت ،وقد تلق بالساء والصفات ،وفن عنها بشاهدة الذات...وكشف ل عن مكنون التحقيق ،فحيات قائمة
بالوحدانية ،وإشارات إِل الفردانية(...)1
-يلحظ هنا أن الكلم منامي! رؤيا رآها أحدهم!! ولكن نن ماذا علينا؟ فقد رواه ف كتابه الشيخ الكب
شيخ الامع الزهر!! كما يب أن ننتبه إل عبارة( :وإشارات إل الفردانية).
ويورد أيضا أن ابن عرب يقول:
شيخنا أَبو مدين ،من الثمانية عشرنفسا الظاهرين بأمر ال عن أمر ال ،ل يرون سوى ال ف الكوان(.)2
ويورد أيضا ما يلي (على لسان ابن عرب أيضا):
ذهبت (التكلم هو ابن عرب) أنا وبعض البدال إِل جبل قاف ،فمررنا بالية الحدقة به ،فقال ل البدل :سلم
عليها فإِنا سترد عليك السلم ،فسلمنا عليها فردت ،ث قالت :من أي البلد؟
فقلنا :من باية(.)3
فقالت :ما حال أب مدين مع أهلها؟
فقلنا لا :يرمونه بالزندقة.
فقالت :عجبا وال لبن آدم(!)4
-ويقول عمر بن الفارض(:)5
ضللًا وذا ب ظل يَهذي لِغر ِة فلحٍ وواشٍ ذاك يُهدي لعز ٍة
()6
كما أخالف ذا ف لؤمه عن تقية أخالف ذا ف لومه عن تق ًى
-يب أن ننتبه ف البيت الثان إِل فكرة (التقية) ومع من يستعملها؟
ويقول:
ومن ل يفقَهْ الوى فهو ف جهل ول ف الوى علم تل صفاته
)(6قطب الدين أبو ممد عبد الق بن إبراهيم بن ممد...ابن سبعي من بلدة رقوطة تابعة لرسية ف الندلس ،ويعرف أيضا بابن دارة ،مؤسس الطريقة
السبعينية ،تنقل ف الغرب ومصر وأقام ف مكة وفيها مات سنة669( :هـ).
)(2رسائل ابن سبعي (الرسالة الفقيية).
)(3رسائل ابن سبعي (ملحظات على بد العارفي)..
)(4ابن سبعي وفلسفته الصوفية( ،ص.)100:
)(5ابن سبعي وفلسفته الصوفية.)79( ،
)(6ابن سبعي وفلسفته الصوفية( ،ص.)85:
www.alsoufia.com 40 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول أَبو العباس الرسي(:)1
قد يكون الول مشحونا بالعلوم والعارف ،والقائق لديه مشهورة ،حت إِذا أُعطي العبارة ،كان كالِإذن من
ال تعال ف الكلم ،ويب أن نفهم أَن من أُذن له ف التعبي ،جلت ف مسامع اللق إِشاراته(.)2
وكان يقول أيضا:
كلم الأذون له يرج وعليه كسوة وطلوة ،وكلم الذي ل يؤذن له يرج مكسوف النوار(.)3
-ف كلمه هذا يبي -شأنه شأن غيه -أَن هناك أسلوبا معينا يسميه (العبارة) -وقد رأينا هذا سابقا -ل
يوز للول أَن يتكلم إِن ل يتقن هذا السلوب.
وقد مر معنا صورٌ كثية منه ،ف قمتها أُسلوب اليلن ث تلميذه السهروردي البغدادي (شهاب الدين) الذي
سبق أستاذه.
وقال ابن عطاء ال السكندري( )4من قصيدة:
فال أَعنيه اسم الذات منفردا فاعرفْ حقيقَته يا خي مؤتَمَنِ ،وارفع به حُجبا واشفِ به عللً ،واكشِفْ به
كرَبا عن كل متحنِ ،وابذل له نفسا ف كل موهنةٍ ،واحفظ سرائرَه من كل مفتَتِنِ(.)5
ويقول عبد ال اليافعي (الغوث)(:)6
وروي أنه لا سعي بالصوفية إِل بعض اللفاء ،أمر بضرب رقابم ،فأما النيد فتستر بالفقه ،وكان يفت على
مذهب أب ثور(...)7
-يفهمنا اليافعي ف هذا النص أن الصوفية كان يكم عليهم بالقتل على الزندقة ،وأن النيد كان يتستر
بالفقه.
ويقول..:وكشف لم (أي :للواصلي) الغطاء ،فانكشف لم من العال العلوي والسفلي ما أطلعهم عليه من
علم الال والاضي والآل ،فأخبوا با جاز لم كشفه من علم الغيوب ،ونطقوا با جاز النطق به ما ف ضمائر
القلوب...وعرفوا العلم العظم القصود الهم ،وهو العلم بال تعال وأسائه وصفاته علم مشاهدة وعيان ،ل علم
)(1أحد أبو العباس الرسي ،من أكابر العارفي ،ومن السلسلة الشاذلية ،صحب أبا السن الشاذل ،مات عام (768هـ).
)(2طبقات الشعران.)2/12( :
)(3طبقات الشعران.)2/12( :
)(4تاج الدين بن عطاء ال السكندري ،صحب ياقوت العرشي وأبا العباس الرسي ،مات ف القاهرة سنة (707هـ).
)(5القصد الجرد( ،ص ،)67 ،66:والبيات ليست متتابعة.
)(6أبو ممد عبد ال بن أسعد اليافعي ،من عدن ،انتقل منها حت استقر ف مكة ومات فيها عام768( :هـ).
)(7نشر الحاسن الغالية( ،ص.)422:
www.alsoufia.com 41 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
نظر واستدلل...وأودع قلوبم أسرارا من كل مصونٍ لديهم مستور(...)1ويقول:
به وله ظنوا جنونا فقيّدا با هام بعض ف الباري وبعضهم
به جاوز الِإسكارُ حدّا فعربدا وبعض عن الكوان بان وبعضهم
ض مددا
ج ما ٍ
حدودا فرى الل َ فسلّ عليه الشرع سيفا حى به
()2
وَلمْ عندهم يرج عن القوم ملحدا فمات شهيدا عندكَم مِن مُحقق
ويقول لسان الدين بن الطيب(:)3
...وثالثها خاصة الاصة ،ويتص به من علوم الشريعة علم الد...وهو علم الِإلام ،والعلم اللدن ،والوهب،
والِإلي .ويتوي على معانٍ ل يقدر أن يعب عنها من أطلع عليها ،إِنا هو استشراف واطلع على ما ل عي رأت،
ول أذن سعت ،ول خطر على قلب بشر ،وهو بر ل يوصف بطول ول عمق ول عرض ول نقطة ول خط ،إِنا هو
ذوق تتلون لذاته ف الطعمة الواحدة إِل ما ل ينحصر عدده ول ينتهي أمده ،وهو علم النبوة...وهذا العلم هو الذي
ل يوز كشفه ول إِذاعته ول ادعاؤه ،ومن كشفه وأذاعه وجب قتله واستحل دمه...وهو الراد بقوله تعال(( :ثُمّ
ارْجِ ِع اْلَبصَرَ َكرّتَْينِ يَن َقِلبْ إَِلْيكَ اْلَبصَرُ خَاسِئًا َو ُهوَ حَسِيٌ))([)4اللك..]4:
-كلم ابن الطيب واضح ،ونرى كيف يفسرون الية الكرية حسب التفسي الشاري.
ويقول عبد الكري اليلي(( ،)5وهو غوث أيضا):
والنفي والباقي أنا الوجود والعدوم
ول تنفيه يا باقي ول تثبت وجودا ل
ول عينا لماقي ول تعلك غيا ل
()6
بأوصاف وأخلقي وقل أنا ذا ولست بذا
إِنه يقول :ل تثبث وجودا ل (ف نفسك باعتباري ملوقا) ،ول تنفيه (بلسانك).
وقوله( :يا باقي) أي( :يا من وصل إِل مقام البقاء) ومثل هذا ما يريده ف البيتي الخرين.
)(1النسان الكامل ،من قصيدة مطلعها (ل ف الغرام عجائب وأنا وربك ذو العجائب)( ،ص.)16:
)(2النسان الكامل( ،ص.)45:
www.alsoufia.com 43 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
()3
ويوضع حكم الاء والمر واقع ولكن يذوب الثلج يرفع حكمه
ف هذه البيات تصريح ومغالطة:
فهو يصرح أن اللق من الالق كالثلجة من الاء ،فكما أن الثلجة هي جزء من ماء تغي مظهرهُ فقط ،كذلك
اللق هو جزء من الق ،تغي مظهره فقط.
والغالطة هي تقريره أن الثلج هو الاء ف تقيقهم ،بينما هو ف حكم الشرائع غي الاء ،ونتيجةً هذه الغالطة
هي انطباع لدى القارىء أن الشرائع مطئة ،وتقيقهم هو الصحيح.
-ول أدري! هل ل يد من يقول له :إِن حكمه خطأ وقياسه فاسد؟
ويقول من نفس القصيدة:
رموز الوى ما السر عندي ذائع وها أنا ذا أخفي وأظهر تار ًة
يصرح إِل جاهل أو مادع وإياك أعن واسعي جارت وما
()2
وأخفيه أخرى كي تصان الودائع ولكنن آتيك بالبدر أبلجا
فلننظر إِليه كيف يأتينا بالبدر أبلجا ،يقول:
أجل عوضا بل عي ما أنا واقع خبتن فكانت فّ عن نيابة
لا ف وجوِد مفردٍ مَن ينازع فكنت أنا هي وهي كانت أنا وما
وحال با ماض كذا ومضارع ت با فيها ول تاء بيننا
بقي ُ
ت من نومي فما أَنا ضاجع
ونُبه ُ ولكن رفعت النفس فارتفع الجا
فلي ف جبي السن تلك الطلئع وشاهدتُن حقّا بعي حقيقت
ليطبع فيها للكمال مطابع جلوتُ جال فاجتليتُ مرائيا
وأخلقها ل ف المال مطالع فأوصافها وصفي وذات ذاتا
()3
ل اسم ول تلك النعوت توابع واسي حقًا اسها واسم ذاتا
قوله( :ول تاء بيننا) يعن با تاء الخاطب ،أَي :إِنما صارا ذاتا واحدة.
ولننتبه إل أَنه يشي إِل الذات اللية بضمي الؤنث ،حيث يظهر للغافل وكأَنه يتغزل بحبوبته ،ويقول ف
)(3النسان الكامل( ،ص .)46:والبيات من قصيدته السماة (البوادر الغيبية ف النوادر العينية) ،وهي طويلة ومشهورة.
)(2فتوح الغيب( ،ص.)202:
)(3الِنسان الكامل( ،ص.)61:
www.alsoufia.com 44 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
مكان آخر:
...لن الكلم عن القائق بالِإشارة ،ول يفهم إِشارتنا ويعرف آفة ما فيها من عباراتنا إِل من هو نن ونن
هو ،فافهم .وإليه الِإشارة ،نقول شعرا:
فغنيت كما غن وغن ل من قلب
وكانوا حيث ما كنا وكنا حيث ما كانوا
وقد أَردف سيدنا الشيخ العال الربان ،شهاب الدين أَحد بن أَب بكر الرداد هذه البيات ثالثا ،فقال:
ول بانوا ول بنّا فحاسبنا وما بانوا
ولعمري أَشار إل معن غريب ،لول القام -مقام الشارة -لنعمنا عنه العبارة(.)1
* ملحوظة :من قلب :يعن به اللّه سبحانه ،والضمي ف (كانوا) عائد على ال سبحانه وتعال ،وعلى القارئ
التحليل.
ويقول ابن البنا السرقسطي(:)2
ل يد الب لا خلصة وهذه مسأَلة معتاصة
حقيقة الواب عنها ريبة لنا مسأَلة غريبة
()3
بل منكرا أَو ناقدا أو جاحدا وقلّ ما تلقى لا مساعدا
ويقول:
حيث لا أنوذج ربان وهذه حقيقة النسان
أَدركت ف نفسك معن النفس مت ارتقيت عن قبيل الس
حت عن اللب مت تصوم يا من على القشر غدا يوم
()4
بل هو كن ف النهى مكنوز ووضعه ف الكتب ل يوز
ويقول منها:
)(1العارف بال أحد بن ممد بن عجيبة السن مغرب من كبار صوفية القرن الثالث عشر الجري ،مات سنة1224( :هـ).
)(2إيقاظ المم( ،ص ،)39:وجلة (الكون كله )...من الكم العطائية.
)(3إيقاظ المم( ،ص.)112:
www.alsoufia.com 48 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
صونا لذلك السر أن يظهر لغي أهله ،ومن أفشاه لغي أهله قُتل كما فُعل باللح.)1(...
* ملحوظة :هم يكتمون السر خوفا من السيف ،وترءوا على ال سبحانه فجعلوه مثلهم! فهل ياف سبحانه
من السيف؟؟!
ويقول... :قد يرخص للمعارف الاهر إِلقاء القائق مع من ل يعرفها ،بعبارة رقيقة وشارةً لطيفة ،وغزل رقيق،
بيث ل يأخذ السامع منها شيئا .فقد كان النيد رضي ال عنه يلقي القائق على رءوس الشهاد ،فقيل له ف ذلك،
فقال :جانب العلم (أي :علم القائق الصوفية) حى من أن يأخذه غي أَهله(.)2
ويقول ابن عجيبة أيضا ف شرح قول ابن البنا السرقسطي:
فأَطلق القول أَنا معبودي ث امتحى ف غيبة الشهود
أَثبت فرقا حيث ل يكنه حت إِذا رد عليه منه
يقول :العبد ف حال غفلته يكون مبتلى برؤية نفسه ،واقفا مع شهود حسّه ،مسجونا بحيطاته ،مصورا ف
هيكل ذاته .فإِذا أراد ال تعال أن يرفع عنه الجاب ويدخله ف حضرة الحباب ،ألقاه إِل ول كل أوليائه ،وعرفه
سر خصوصيته واصطفائه ،فل يزال يسي به وياذيه ويرق عليه عوائد نفسه ويغيبه عنها ،ويزهدهُ ف فلسه وجنسه،
فإذا رآه الشيخ قد رق ف حقه الجاب ،واستحق النراط ف سلك الحباب ،فتح له الباب وقال له :ها أنت
وربك ،فإِذا زج ف حضرة النور ،ورفعت عنه الستور ،أنكر الوجود بأسره ،وأنكر وجود نفسه ،فامتحق وجودُه ف
مبوبه ،وانطوى شهوده ف شهود معبوده ،فأنشأ يقول( :أنا من أهوى ومن أهوى أنا ،أنا الحب والبيب ،ليس ث
ثان) ،فإِذا تكن ف الشهود ،وتقق برؤية نور اللك العبودُ ،ردّ عليه صحوه ورجع إِليه سلوكه ،فأثبت فرقا ف عي
المع ،قياما بوظائف الكمة ف عي شهود القدرة ،فيكون المع ف باطنه مشهودا ،والفرق على ظاهره موجودا،
فرقا لفظيّا ل حقيقيّا؛ أدبا مع الربوبية وقياما بوظائف العبودية(...إِل أن يقول)... :وقوله( :فأطلق القول :أنا
معبودي) .إِطلق هذا القول ل يسلم له إِل ف حالة القوة والذبة ،وإل فقد علمت ما وقع للحلج وهو ول ال
حقّا ،وف معن ذلك قيل:
وإل سوف يقتل بالسنان ومن شهد القيقة فليصنها
له شس القيقة بالتدان كحلج الحبة إذ تبدت
وقال آخر:
وكذا دماء البائحي تباح بالسر إِن باحوا تباح دماؤهم
وقال ابن خلدون( :قتل اللج بفتوى أهل الظاهر والباطن ،أهل الشريعة وأهل القيقة؛ لنه باح بالسر،
)(1إيقاظ المم( ،ص.)156:
)(2إيقاظ المم( ،ص.)113:
www.alsoufia.com 49 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
فوجبت عقوبته) .ومن أفت بقتله النيد والشلب ،غية على السر أن يفشى لغي أهله ،فالواجب كتم السرار ،وإظهار
شريعة النب الختار(.)1
* ملحوظة:
قوله ..( :كتم السرار وإظهار شريعة النب )...واضح الدللة على أن السرار تناقض شريعة الختار.
ويقول أيضا... :ث هؤلء الهال (أي :أهل الشريعة) ل يقنعوا بالنكار ،حت كفروا من قال بشيء من ذلك
(أي :من ذلك السر) كما قال( :أي :ابن البنا السرقسطي):
إذا دعاهم اللبيب الروع وكفّروا وزندقوا وبدّعوا
قلت :هذا من الرمان ،وعلمة الذلن ،إذا دعاهم أحد إل التحقيق ،قالوا :إنه زنديق .وإذا خرق عوائد
نفسه ف دواء قلبه ،قالوا :إنه صاحب بدعة .وهذا كله حجاب وستر لوليائه ،فإذا سع الريد شيئا من ذلك فليطب
نفسا ،فتلك عناية به ،نعم ،ينبغي أن يزم نفسه ف ستر السر الذي عنده ،فإن أفشى شيئا من ذلك فسيف اللج
فوق رأسه(.)2
ويقول :إذا قال الفقي( :أنا من أهوى ومن أهوى أنا) قبل تقق فنائه ،فما أبعده عن الصواب ،وإذا تقق
فناؤه ،فل يقول ذلك إل مع من يصدّقه ف حاله ،وإل تعرض لقتله(...)3
-نرى أن ابن عجيبة واضح ،ونصوصه واضحة ،إنه -ف الواقع -يفشي السر رغم دعوته إل كتمانه ،ث
يشرح لنا بوضوح سبب الدعوة إل الكتمان.
وف النص الخي يبي لنا معن كلمة (الفناء) بيث ل نتاج معه إل الرجوع إل غيه ،ومن الواضح جدّا أنه
يعن بقوله( :أنا من أهوى) أي :أنا ال! وقد مر ف نص قبله ،قوله( :أنا معبودي) ومت تسلم لقائلها؟
ويقول أيضا:
()4
واحذر أن تكون سواه إياك أن تقول أناه
واضح أن عبارة (أناه) تعن( :أنا هو) أو (أنا ال) ،وهذه الملة لبن عجيبة هي الوضوع الذي دارت حوله
كل ما مر معنا من نصوص حول هذا الوضوِع ،فهو يقول :إياك أن تقول (بلسانك للناس) :أنا ال ،ولكن احذر أن
تكون (عقيدةً) سواه ،أي :أن تعتقد أنك سواه (أي :سوى ال!) -وهو نفس قول الشاذل( :ليكن الفرق ف
لسانك.)..
)(1القطب الغوث الفرد التمكن...السيد باء الدين ممد مهدي الشيوخي الشهي بالرواس ،ابن علي الرفاعي الصيادي السين السن ،من بلدة سوق
الشيوخ من أعمال البصرة ،تول كثيا ومات ف بغداد عام (1287هـ).
)(2بوارق القائق( ،ص.)292:
)(3بوارق القائق( ،ص.)273:
)(4بوارق القائق( ،ص.)274:
)(5الجموعة النادرة( ،ص.)287:
)(6الجموعة النادرة( ،ص.)288:
)(7ممود أبو الفيض بن علي بن عمر بن إبراهيم أبو ماضي...ولد ف مدينة منوف من مديريات مصر عام (1312هـ) ،وهو مؤسس الطريقة الفيضية،
وصاحب ملة العال الِإسلمي ،ورئيس تريرها ،ولعله يكون متمتعا بالصحة أثناء كتابة هذه الكلمات.
www.alsoufia.com 51 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
()1
حظيت بقرب عند أهل مودت ولست على سر أمينا إذن ول
***
()2
ول تفشه إِل لهل البصية وكن كاتا للسر عن غي أهله
ويقول أيضا:
ومن أعظم مواهب ال لوليائه وجود العبارة ،وهي (الفتوح بالتعبي عن القاصد).
قال( :)3وسعت شيخنا أبا العباس يقول :يكون الول مشحونا بالعلوم والعارف ،والقائق لديه مشهودة ،حت
إذا أعطي العبارة ،كانت كالِإذن من ال له ف الكلم.
وقال :من أذن له ف التعبي حسنت ف مسامع اللق عباراته ،وحليت لديهم إشاراته.
وقال :سعت شيخنا أبا العباس يقول :كلم الأذون له يرج وعليه كسوة وطلوة من نور قلبه ،وكلم الذي
ل يؤذن له يكون مكسوف النوار ،حت إن الرجلي ليتكلمان بالقيقة الواحدة ،فيقبل من أحدها ويرد على الخر،
واعلم أن من أراد ال أن يكون داعيا إليه من أوليائه فل بد من إظهاره إل العباد ولو لاصتهم ،إذ ل تكون الدعوة
إل ال إل كذلك(.)4
-لقد مرت أقوال أب العباس الرسي ف صفحات سابقة ،وأكررها هنا ،لن السيد النوف يتبناها.
-وعن الشيخ ممد أمي الكردي( )5يقول الشيخ سلمة العزامي(:)6
...وكان يرى أن القول بوحدة الوجود من سكر الوقت وغلبة الال ،يعذر صاحبه إذا كان مغلوبا ،ول يصح
تقليد غيه له ،وكان يرى الوض فيه حراما إل لن ثبتت قدمه ف عقيدة أهل السنة والماعة ،وعرف ذلك من بقايا
السكر ول يتأثر با يسمعه من الشطحات(...)7
-الوقت :ما هو غالب على العبد( ،)8أو ما كان هو الغالب على الِإنسان( ،)9فيقال( :وقتك الزن ،أو وقتك
السرور ،أو وقتك الذبة ،أو وقتك الغيبة )...وهذا النص أكثر وضوحا من أن يتاج إل تعليق ،ولكنه مع ذلك
)(1بداية الطريق إل مناهج التحقيق( ،ص.)66:
)(2معال الطريق إل ال( ،ص.)444:
)(3معال الطريق إل ال( ،ص.)257:
)(4معال الطريق إل ال( ،ص.)257:
)(5شيخ شيوخ العصر...القطب الكبي ممد أمي الكردي الِإربلي ابن الشيخ فتح ال زاده ،أخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ عمر النقشبندي ،رحل إل
الجاز ث إل القاهرة ومات فيها عام1332( :هـ).
)(6الشيخ سلمة العزامي ،أحد أكابر علماء الزهر وتلميذ الشيخ الكردي.
)(7ترجة الشيخ الكردي ف مقدمة كتاب تنوير القلوب( ،ص.)42:
)(8معجم الصطلحات الصوفية.
)(9شرح حاشية العروسي.)2/22( :
www.alsoufia.com 52 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
باجة إل تأمل.
ويقول الشيخ عبد القادر المصي(:)1
واكتم سر ال ضمن النان احذر نفس ال ف كل آن
()2
واجع خلق ال ف الوحدة واعلم أن ال عي العيان
ومن قوله:
()3
واهدم السوار واهجر بيعك اكتم السرار عن ذوي الغيار
-ذوو الغيار أو أصحاب الغيار :أي الذين يتوهون أن ف الوجود غي ال ،أو الذين يتوهون أن الخلوق
غي الالق.
ويقول ابن أنبوجة(... :)4والغي عبارة عن التلبس بالرسوم ،والكتم عن السر ،والِإشارة دون تصريح صيانةً
للسرار ،واتساعا لحل المانة ،فيقى عن ضيق المل ،ومطاوعة البوح(.)5
-الرسوم :جع رسم ،وهو اللق وصفاته؛ لن الرسوم هي الثار ،وكل ما سوى ال هي آثاره الناشئة من
أفعاله( .)6ومعن هذا الكلم هو أن الرسوم هي الخلوقات إذا توهناها غي الالق ،ويكون معن قوله( :التلبيس
بالرسوم) هو :التظاهر بأن اللق غي الالق!
-يبي ابن أنبوجةَ َل يستعملون الشارة ف العبارة دون التصريح ،إنا من أجل أن ترقى بم عن ضيق المل
(أي :حل السر) وعن مطاوعة البوح به ،فيفرّجون عن صدورهم بعبارات موهة على أهل الرسوم.
ولعل ف هذا القدر من أقوال الكبار من أئمة الصوفية ف كتمان السر عن غي أهله ،والتلبيس على أهل الشريعة
بالشريعة ،وتنبيه السالكي أن التصريح بالسر يقودهم إل السيف؛ لن السر كفر وزندقة!! لعل ف هذا القدركفاية.
بل فيه أكثر من الكفاية ،بل وأكثر بكثي! فقد كانت الكفاية ف نص أو نصي من (إحياء علوم الدين) الكتاب
العظيم الشأن! عظيم الوقع! كثي النفع! جليل القدار! ليس له نظي ف بابه! ول ينسج على منواله! ول سحت قرية
بثاله! كاشفا عن الغوامض الفية...إل ،لؤلفه (حجة الِإسلم ومجة الدين الت يتوصل با إل دار السلم! الِإمام! بل
أكثر من عشرين ألف إمام! جامع أشتات العلوم! الضرغام! والبدر التمام! كاشف غياهب الشبهات...إل) أب حامد
الغزال.
)(1الشيخ عبد القادر المصي ،أخذ الطريقة عن الشيخ علي اليشرطي وهو قريب العهد.
)(2اللطائف الروحية( ،ص.)42:
)(3اللطائفة الروحية( ،ص.)82:
)(4الشيخ العلمة العارف بال سيدي عبيدة بن ممد الصغي بن أنبوجة الشنقيطي التيشيت ،من أفراد أعلم الطريقة التجانية ..توف عام1284( :هـ).
)(5ميزاب الرحة الربانية( ،ص.)113:
)(6معجم مصطلحات الصوفية.
www.alsoufia.com 53 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
لقد كان ف نص أو نصي منه كفاية؛ إذ ل كلم ف هذا الكلم مع كلم حجة الِإسلم؛ لن حجة الكلم
كلم حجة الِإسلم! وليس بعد كلمه كلم! وإل فما معن كونه (حجة الِإسلم)؟!!
-هذه الفقرة هي من عدوى الكشف والعلوم اللدنية فالعذرهّ!!
قد يقول قائل :ما دام نص أو نصان يكفيان! فلِمَ كل هذا الركام؟!
الواب :هو ماولة -قد تكون فاشلة وقد تكون ناجحة -للوقوف أمام الثعلبيات الزئبقية الت نسمعها دائما
وأبدا من الصوفية وأنصارهم ،ومن السذج الذين خدعوا بالعبارات النمقة الت تسمي الليل ظهرا والهل علما!
ل بثل من (الِإحياء) لسمعنا أقوالًا متلفة ،فقد يقول قائل منهم( :هذا كلم مدسوس علىفلو أتيناهم مث ً
الكتاب) ،وهى الملة الظالة الت كررت وتكرر دون حياء ،وقد يقول آخر( :هذا قول انُْتهِ َي منه ،ول يبق له رصيد
الن .هذا كان عند بعضهم فقط) .وقد يقول آخر( :التعميم ل يوز) ،وقد يقولون :هذا له تأْويل (وما أدراك ما
التأْويل ،له ذنب طويل ،وخرطوم طويل ،وناب طويل ،وظفر طويل ،وشعر طويل.)...
من أجل هذا أوردت هذا الركام ،ولول الوف من الِإطالة ،وأن يبلغ الكتاب حجما أكب من حجمه؛
لوردت من أقوال من أوردت أساءهم ،ومن أقوال غيهم ف هذا الوضوع ما قد يتاج إل مئات الصفحات ،إن ل
يكن ألوفها!!
واستكمالً للفائدة ،أعيد عرض بعض النصوص السابقة ذات الهية الاصة الواضحة مع بعض الِإضافات.
يقول النيد:
ل يكون الصدّيق صدّيقا حت يشهد له ف حقه سبعون صديقا أنه زنديق!! وف رواية( :ألف صديق أنه
زنديق).
ويقول ابن عجيبة:
...وإل فقد علمت ما وقع للحلج ،وهو ول ال حقّا...ومن أفت بقتله النيد والشبلي(...طبعا لنه باح
بالسر).
ويقول ابن عرب:
عليه لطلب الشاهد للبقا ومن كاتٍ للسر يظهر ضده
ويقول اليافعي:
...لا سعي بالصوفية إل بعض اللفاء ،أمر بضرب رقابم ،فأما النيد فتستر بالفقه ،وكان يفت على مذهب
أب ثور.
)(1اليواقيت والواهر( ،ص ،)19 -14:وقد حذفت منه كثيا ما ل فائدة منه للبحث.
www.alsoufia.com 60 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
* تعليق :هذا الشعر مفترى على زين العابدين ،من قبل العارفي الصادقي الصديقي الولياء.
ويقول ممد العرب السائح التجان(:)1
..قال الشيخ علي الروذباري( :علمنا هذا إشارة فإذا صار عبارة خفي) .ومن هنا احتاج أهل ال تعال إل
وضع الِإشارات الصطلح عليها فيما بينهم ،فيتكلمون با عند حضور الغي وف تآليفهم ومصنفاتم ل غي ،ول
يضعوها لنفسهم؛ لنم يعرفون الق الصريح ف ذلك ،والامل لم على وضعها الشفقة على الدخيل بينهم ،خشية
أن يسمع منهم أو يرى ف تأليفهم شيئا ل يصل إليه فهمه ،فينكره ،فيعاقب برمان علمه ،فل يعلمه بعد ،والعياذ بال
تعال...وكان بعض العارفي يقول( :نن قومٌ يرم النظر ف كتبنا على من ل يكن من أهل طريقتنا ،وكذلك ل يوز
أن يُنقل كلمنا إل لن يؤمن به ،فمن نقله لن ل يؤمن به دخل هو والنقول إليه إل جهنم ،وقد صرح بذلك أهل ال
تعال على رءوس الشهاد ،وقالوا :من باح بالسر استحق القتل) .فإن قيل :هلّا طوى العلماء من أهل الطريق بساط
التأليف والتصنيف ف مثل هذه العلوم وأمسكوا عن الوض ف رقائق الِإشارات ودقائق السر الكتوم؟ لن الكلم ف
ذلك ربا ضر بالقاصرين من الفقهاء ،فضلًا عمن عداهم ،وربا خفيت وجوه الخرج فيه عن بعض النبلء فضلً عمن
سواهم! أما كان عندهم من الكمة والنظر للخلق بعي الشفقة والرحة ما ينعهم من الوض ف ذلك والتقحم
لضايق هاتيك السالك؟! قلنا :قد ذُكر ف (اليواقيت والواهر) عن العارف بال تعال سيدي علي بن وفا رضي ال
عنه ،أنه قيل له مثل هذا فأجاب بقوله -رضي ال عنه :-يقال لذا القائل :أليس الذي أطلع شس الظهية ونشر
ناصع شعاعها مع إضراره بأبصار الفافيش ونوها من أصحاب المزجة الضعيفة عليما حكيما؟ فإن قال :صحيح
ذلك ،ولكن عارض ذلك مصال تربو على هذه الفاسد .قلنا له :وكذلك الواب عن مسألتك! فكما أن الق
سبحانه وتعال ل يترك إظهار أنوار شس الظهر مراعاة لبصار من ضعف بصره ،فكذلك العارفون ،ل ينبغي لم أن
يراعوا أفهام هؤلء الحجوبي عن طريقهم؛ بل الزاهدين فيها ،بل النكرين عليها ..وكان تدوين معارفهم وأسرارهم
من أحق القوق عليهم ،لكون غيهم ل يقوم مقامهم ف تدوين أدوية أمراض القلوب وآداب حضرات الق تعال ف
جيع المور الشروعة؛ فإن لكل مقام حضورا وآدابا تصه.)2()...
-ولتخليص ما مضى وتثبيته؛ يب أن نتذكر دائما وأل ننسى أبدا أن غاية الصوفية واحدة وهدفها الذي
يسعون إليه واحد ،رغم اختلف عباراتم وأساء طرقهم ،وكل ما مضى براهي ،ونزيده قولً آخر لعبد الليم
ممود ،يقول:
إن لكل صوف طابعا معينا ،ولكلمه مذاقا خاصّا ،والصوفية وإن كانوا جيعا يسيون إل هدف واحد ،وغاية
ل مذاهب فيها ،هي التوحيد -فإنم يتلفون ف الشكل ،ويتفاوتون ف الطريق ،ومن هنا كانت الكلمة الأثورة:
(التوحيد واحد -والتوحيد هو الغاية -والطريق إل ال كنفوس بن آدم ..إنا تتعدد وتتفاوت)(.)3
)(1ممد العرب بن السائح الشرقي العمري نسبة ،التجان مشربا ،مغرب توف سنة1309( :هـ) ،وهو تلميذ أحد التجان وأحد خلفائه.
)(2بغية الستفيد( ،ص.)20 ،19 ،18:
)(3أبو بكر الشبلي حياته وآراؤه( ،ص.)5:
www.alsoufia.com 61 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-وهكذا عرفنا أن الغاية هي (وحدة الوجود) ،وأنا غاية الصوفية وهدف جيع طرقها؛ ول هدف ول غايهّ
لم غيها ،والوصول إل ذوقها هو ما يسمونه( :الِإحسان) .وإن التقية واجبة ،وهي التظاهر بالسلم وشرعه،
وإخفاء العقيدة الصوفية إل لهلها.
كما عرفنا مت يصرحون بعقيدتم ولن ..لكننا ،وكما قلنا سابقا ،أمام مراوغات زئبقية ل تعرف معن
للخجل؛ فأحدهم يكذب عليك أمامك دون أي شعور بالياء ،كما حدث ويدث دائما.
ووقوفا أمام مراوغاتم ومكرهم نورد أيضا أقوالً لعدد كبي من أئمتهم ،تثبت كلها أنم كلهم يؤمنون بوحدة
الوجود ،لكن بعد أخذ فكرة عن معاجهم ،وما يسمونه شروحا لصطلحاتم.
* العاجم الصوفية:
أَلف بعض علماء التصوف معاجم للمصطلحات الصوفية ،واكتفى بعضهم بإدراج بعض الصطلحات ،أو جلة
منها ف ثنايا تواليفهم مع ما يسمونه (شروحها).
وف الواقع ،ليست معاجهم معاجم شروح وتفاسي ،فالقارىء العادي ل يرى فيها إل تفسي اللغاز باللغاز،
ول يرج منها بأي طائل؛ وذلك لنا ف حقيقة المر معاجم عبارات ،فهي مصنوعة من أجل هدف واحد ،هو أَن
تقدم للسالك عبارات إشارية مرموزة جاهزة ليستعملها ف كتاباته وف حواره مع أهل الشريعة ،وكذلك ما يقدمونه
ف ثنايا تواليفهم ما يسمونه (شروحا) لصطلحاتم.
وفيما يلي مموعة من مصطلحاتم ،مع شيء من العبارات الت تشي إل معانيها القيقية بأسلوب رمزي،
مأخوذة من معاجهم ومن كتبهم ،ولن أذكر اسم الرجع الذي آخذ منه العبارة ،لئل أزيد ف حجم الكتاب من
جهة؛ ولن ذلك ل ضرورة له من جهة ثانية ،إل ف حالت خاصة.
وأترك للقارىء الكري أن يتسلى باستخراج معانيها القيقية ليتمرس باللغة الصوفية ،وقد أوضّح بعض العان
عندما أظن ذلك ضروريّا ،وأضع التوضيح بي قوسي ،إن كان ف درج كلمهم ،أو أجعله بعد كلمهم بشكل تعليق
أو ملحوظة..
* المع والفرق:
المع شهود الغيار بال ،والفرق شهود الغيار ل ،المع إشارة إل حق بل خلق ،والفرق إِشارة إِل خلق
بل حق ،وقيل :مشاهدة العبودية ،المع شهود الق بل خلق ،والفرق (الول) هو الحتجاب باللق عن الق،
وبقاء الرسوم اللقية بالا ،المع إزالة الشعث والتفرقة بي القدم والدث( ،أي :بي الالق والخلوق) ؛ لنه لا
انذبت بصية الروح إل مشاهدة جال الذات ،استتر نور العقل الفارق بي الشياء ف غلبة نور الذات القدية،
وارتفع التمييز بي القدم والدث لزهوق الباطل عند ميء الق...والمع الصرف يورث الزندقة والِإلاد ،ويكم
برفع الحكام الظاهرية (أي :الشريعة) ..ولصاحب المع أن يضيف إل نفسه كل أثر ظهر ف الوجود (أي :يقول:
)(1اللمع( ،ص.)411:
www.alsoufia.com 64 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
كل شيء موجودا به معدوما بنفسه ،ل من حيث أن له وجودا خاصا اتد به ،فإنه مال[ .أي :أنم يعنون بالتاد
(وحدة الوجود) .ولننتبه إل الملة (ل من حيث إن له وجودا خاصا اتد به ،فإنه مال)].
* الحد :هو اسم الذات ،باعتبار انتفاء تعدد الصفات والساء والنسب والتعينات عنها.
* انصداع المع :هو الفرق بعد المع ،بظهور الكثرة ف الوحدة ،واعتبارها فيها( .ويسمى أيضا :الفرق
الثان ،وصحو المع.)..،
* البارقة :هي لئحة ترد من الناب القدس (هكذا يتوهون) وتنطفىء سريعا ،وهي من أوائل الكشف
ومبادئه.
* الباطل :ما سوى الق ،وهو العدم ،إذ ل وجود ف القيقة إل للحق؛ لقوله عليه السلم{ :أصدق بيت قاله
العرب قول لبيد:
وكل نعيم ل مالة زائل } أل كل شيء ما خل ال باطل
* البزخ :هو الائل بي الشيئي ،ويعب به عندنا (عال الثال) أعن الاجز بي الجساد الكثيفة وعال الرواح
الجرد( ،أعن :الدنيا والخرة) ومنه الكشف الصوري( .العن الصريح :البزخ هو عال الذبة ،ويسمونا (البزخ
الول) والبزخ الثان هو البزخ بالعن الشرعي العروف).
* البواده :جع بادهة ،وهي ما يفجأ القلب من الغيب ،فيوجب بسطا أو قبضا.
* اللء :هو ظهور الذات القدسة لذاتا ف ذاتا ،والستجلء :ظهورها لذاته ف تعيناته.
-لننتبه جيدا إل الملة الخية( :ظهورها لذاته ف تعيناته).
* الواجم :ما يرد على العبد بقوة الوقت من غي تعمق من العبد ،وهي البواده الذكورة.
* الواحدية :اعتبار الذات (أي :اللية) من حيث انتشاء الساء منها ،وأحديتها با ،مع تكثرها بالصفات.
* الوارد :كل ما يرد على القلب من العان من فحص مواهبه ،من غي تعمل من العبد.
* واسطة الفيض وواسطة الد :وهوالِإنسان الكامل الذي هو الرابطة بي الق واللق بناسبة للطرفي ،كما
قال تعال :لولك لا خلقت الفلك!
* ملحوظة:
هذا كذب على ال سبحانه ،إذ ل أصل لذا القول إل ف اختراعاتم.
* الوجود :وجدان الق ذاته بذاته ،ولذا تسمى حضرة المع حضرة الوجود ،وجهان لعناية ،ها :الذبة
والسكون ،اللذان ها جهتا الداية ،وجهان للِإطلق والتقييد ،وها جهتا اعتبار الذات بسب سقوط جيع
)(1من يريد التفصيل يكنه الرجوع إل كتبهم ،مثل( :إيقاظ المم) لبن عجيبة( ،ص ،)119 ،118:وغيه من كتبهم.
)(2الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)22:
www.alsoufia.com 70 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
معن واحد( ،وقد عرفناه ،إنه وحدة الوجود).
يقول سيد حسي نصر مؤكدا:
..وكل ما نستطيعه هو التشديد على أن التعاليم الصوفية تدور حول عقيدتي أساسيتي ها( :وحدة الوجود)،
و(النسان الكامل) .إن جيع الشياء تليات للساء السن والصفات الِإلية ،فبالِإنسان الكامل يتصور ال بذاته،
ويتأمل جيع الشياء الت جاء با إل -حيز الوجود(.)1
لننتبه إل تعريفه للِإنسان الكامل ،وقد عرفنا ما سبق أن الِإنسان الكامل عندهم هو الذي وصل إل مقام الفرق
الثان ،وقد يضيفون القدرة على كسب ثقة الخرين ،ويعلونَ ممدا صلى ال عليه وسلم هو الثل العلى للِإنسان
الكامل ،ولذلك ،كثيا ما يطلقون هذه العبارة (الِإنسان الكامل) وهم يعنونه با.
ف ختام هذا الفصل أعود فأذكر أن كتّاب الصوفية وشعراءها ومتكلميها يتفاوتون فيما بينهم بالقدرة الفنية
على سبك العبارة الصوفية بإشاراتا ورموزها وألغازها الت تطوي دائما ف ثناياها معن وحدة الوجود ،ويأت ف
مقدمتهم :النيد ،وعبد القادر اليلن ،وأحد الرفاعي ،وشهاب الدين السهروردي البغدادي ..وآخرون.
وكان من المكن أن يكون ميي الدين بن عرب منهم ،لول كثرة تواليفه مع كثرة ما يورد فيها من عبارات
شعرية ونثرية ،جعلت قسما منها يونه بوضوحه؛ لن من كثر لغطه كثر غلطه ،وللزيادة ف التبيي والساعدة على
ل من عبارات النيد:
التمرس باللغة الصوفية ،أُورد مث ً
جاء ف كتاب (دقائق التفسي الامع لتفسي الِإمام ابن تيمية) قول ابن تيمية رحهُ ال:
(...وبي لم النيد الفرق الثان ،وهو أنم مع مشاهدة الشيئة العامة ،ل بد لم من مشاهدة الفرق بي ما يأمر
ال به وما ينهى عنه ،وهو الفرق بي ما يبهُ وما يبغضه ،وبي ذلك لم النيد ،كما قال ف التوحيد :هو إفراد
الدوث عن القدم)( ..)2إل.
أقول :رحم ال ابن تيمية ،ل يكلف نفسه دراسة اللغة الصوفية وعباراتا ،فانزلق مثل هذا النزلق.
وأظن أن عبارة النيد (مشاهدة الشيئة العامة) هي الن واضحة الدلول ،أما العبارتان( :ما يأمر ال به ،وما
ينهى عنه) فقد تغيب الشارة فيهما عن القارئ الذي ل يتمرس بعد باللغة الصوفية ،فإل ماذا تشيان؟
مر معنا ف صفحات سابقة ،وسيمر فيما يأت من فصول أنم يقولون بالِإسلم والِإيان والِإحسان الذي جاء ف
الديث الشريف ،وأنم يفسرون (الِإحسان) أنه الفناء ف الذات ،أو استشعار اللوهية وتذوقها ،وبالتال معرفة وحدة
الوجود استشعارا وذوقا وتققا.
ومر معنا -وسيمر -أنم يعلون معن كلمة (الفاحشة ،أو الفواحش) الواردة ف القرآن الكري هو البوح
)(1الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)42:
)(2دقائق التفسي الامع لتفسي المام ابن تيمية ،جع وتقيق د .ممد السيد الليد.)1/426( :
www.alsoufia.com 71 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ض الَقَاوِيلِ)) [الاقة ،]44:وغيها.
بالسر ،ولنتذكر أيضا تفسيهم للية الكرية(( :وََلوْ َت َقوّلَ َعلَْينَا َبعْ َ
من هنا تتوضح الِإشارة ف قول النيد (ما يأمر ال به) الت تشي إل الية الكرية(( :إِنّ الّلهَ يَ ْأ ُمرُ بِاْلعَدْ ِل
وَالِ ْحسَانِ[ ))...النحل ،]90:وكذلك الِإشارة ف قوله( :وما ينهى عنه) الت تشي إل الية الكرية(( :وَيَْنهَى عَنِ
حشَاءِ وَالْمُن َكرِ[ ))...النحل.]90:
اْلفَ ْ
أي إن عبارة النيد( :ما أمر ال به) تشي إل (الِإحسان) الذي يأْمر ال به ،والذي هو عندهم معرفة وحدة
الوجود؛ وعبارته( :وما ينهى عنه) تشي إل (الفحشاء) الت ينهى ال سبحانه عنها ،والت هي عندهم البوح بالسر.
وبذلك تكون العبارة( :ل بد لم من مشاهدة الفرق بي ما يأمر ال به وما ينهى عنه) لا نفس معن عبارة
الشاذل( :اجعل الفرق ف لسانك موجودا ،والمع ف جنانك مشهودا) ونفس معن عبارة اليلن (فبظاهره ينظر
إل ما ف السوق ،وبقلبه ينظر إل ربه عز وجل ،إل جلله تارة وإل جاله تارةً أخرى) ،ونفس معن عبارة ابن
عجيبة( :إياك أن تقول أناه ،واحذر أن تكون سواه)..
وكذلك العبارة( :الفرق بي ما يبه وما يبغضه) تشي إل نفس العن.
أما عبارة( :إفراد الدوث عن القدم) فتحمل نفس معن (اجعل الفرق ف لسانك موجودا).
-ومثل آخر من عبارات أحد الفاروقي السرهندي( ،)1يقول:
...مثلً ،قالت طائفة ،من السكر ،بالِإحاطة الذاتية ،ورأوا أن الق ميط بالعال بالذات تعال وتقدس ،وهذا
الكم مالف لراء علماء أهل الق ،فإنم قائلون بإحاطة علمية ،وآراء العلماء أقرب إل الصواب ف القيقة(...)2ا
هـ .إنه يقول :إن القائلي :إن ال سبحانه ميط بالعال إحاطة علمية (أي :بعلمه سبحانه) ،هم أقرب إل الصواب
من القائلي بأنه ميط بالعال بذاته ،ولعل القارىء انتبه إل أن القول بالحاطة الذاتية يقتضي الثنينية :ميط وماط به،
بينما القول بالحاطة العلمية ل يقتفي ل الوحدة ول الثنينية ،أَي :إن القول بأن ال سبحانه ميط بالعال بعلمه ل
يتناف مع وحدة الوجود ،كما أنه ل يتناف مع التفريق بي الالق والخلوق ،ولذلك كان هذا القول أقرب إل
الصواب( .ولننتبه إل عبارة (أقرب إل الصواب) الت تعن أنه ليس الصواب بعينه ،وإنا هو أقرب إليه من ذلك
القول) .وبعبارة أوضح :إن مقولة (الحاطة الذاتية) يكن أن تمل معن الثنينية أكثر من مقولة (الحاطة العلمية)
ولذلك كانت مقوله (الحاطة العلمية) أقرب إل الصواب الذي هو وحدة الوجود.
)(1أحد بن عبد الحد ،يلقبونه بـ (مدد اللف الثان) ،وهو مؤسس الطريقة الجددية ،مات سنة (1034هـ )1625/ف الند.
)(2النتخبات من الكتوبات( ،ص.)10:
www.alsoufia.com 72 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الفصل الثالث
وحدة الوجود عقيدة كل الصوفية
ف قصر (إل ال) لستَ بواصل إن كنت ل تقطع بـ(ل) عنق السّوى
عن أحد الفاروقي السرهندي.
قبل البدء بقراءة هذا الفصل يب استيعاب الفصلي السابقي ،وهضمهما وتثلهما ،ليصبح القارىء متلكا
ناصية العبارة الصوفية ،يفهمها كما يفهمها أصحابا وواضعوها ،ل كما يلو له أن يتوهم ،أو كما يوهونه.
إن الصوفيي كلهم ،من أولم إل آخرهم( ،إل البتدئي) ،يؤمنون بوحدة الوجود ،وما مضى ،ومئات
النصوص التالية هي أدلة وبراهي.
يقول أبو بكر الكلباذي ف التعرف:
قال النيد :العرفة وُجودُ جهلك عند قيام علمه .قيل له :زدنا .قال :هو العارف وهو العروف.
يفسر أبو بكر الكلباذي هذا الكلم فيقول( :معناه :أنك جاهل به من حيث أنت ،وإنا عرفته من حيث
هو)(.)1
-قوله( :العارف هو العروف) ،واضح تاما ،فالعاوف (وهو ملوق) هو نفس العروف (الذي هو ال).
-وقول الكلباذي( :أنك جاهل به من حيث أنت ،)..فضمي الخاطب (أنت) يرمز به إل (الفرق) ،فهو
يريد أن يقول( :إنك جاهل به) (أي :بالق) من حيث تعتقد أنك (أنت) ولست (هو) ،وإنا عرفته من حيث أنك
(هو).
وبيت لبن الفارض قد يساعد على توضيح العن ،يقول:
وف رفعها عن فرقة الفرق رِفعت فقد ُرفِعت تاء الخاطب بيننا
-هذا هو نفس العن الذي أراده النيد بقوله( :العرفة وجود جهلك.)..
وقال أيضا (أي :النيد):
حقيقة التوكل :أن يكون ل تعال كما ل يكن ،فيكون ال له كما ل يزل(.)2
)(1اللمع( ،ص.)492:
)(2اللمع( ،ص.)478:
)(3من كتاب (اللج) لـ (طه عبد الباقي سرور) ،وهو شيخ الصوفية ف مصر ،معاصر( ،ص.)104:
)(4الفكر الصوف( ،ص.)62:
)(5أبو بكر النصراباذي من نيسابور ،صحب الشبلي ،وخرج ف آخر حياته إل مكة ،ومات فيها عام367( :هـ).
)(6تلبيس إبليس( ،ص.)172:
)(7أحد بن عيسى الزاز (لسان التصوف) من أهل بغداد ،صحب ذا النون الصري وغيه ،مات سنة277( :هـ).
)(8التعرف( ،ص.)121:
www.alsoufia.com 75 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
دعمه بالديث الشريف ،الذي أورده مشوها ،مع العلم أن هذا العن الذي يعتمده الصوفية لذا الديث هو معن
فاسد ،وسيأت تفصيله ،وقوله( :أوجدهم نفسه ف أنفسهم) واضح جدّا.
* وقال فارس(:)1
سألت أبا عبد ال العروف بشكثل(( :)2ما الذي منعك عن الكلم؟) ،فقال :يا هذا ،الكون توه ٌم ف القيقة،
صرُ عنه القوا ُل دونه! فما وجه الكلم؟ وتركن ومر(.)3
ول تصح العبارة عما ل حقيقة له ،والق تق ُ
-إنه يصرح بكل وضوح أن الكون توهم ل حقيقة له باعتباره كونا (أو خلقا) وليس إل الق الذي تقصر
عنه القوال دونه.
* ملحوظة:
كان يكفيه أن يقول :تقصر عنه القوال .أو :تقصر القوال دونه ،ولكنه استعمل الكلمتي (عنه) و(دونه)
للتعمية بالتعقيد.
ويقول أبو يزيد البسطامي:
جبَ اللهوت ،حت وصلتُ إل العرش ،فإذا هو خالٍ ،فألقيت غبتُ ف البوت ،وخضت بار اللكوت ،و ُح ُ
نفسي عليه ،وقلت :سيدي أين أطلبك؟ فكشف ،فرأيت أن أنا ،فأنا أنا ،أوّل فيما أطلب ،وأنا ل غيي فيما
أسي(.)4
وقال عندما تلى له هذا النور (أي :نور وحدة الوجود):
(سبحان ما أعظم شأن)(!!)5
ويقول اللج:
حت تعالوْا يطلبونك ف السماء وأي الرض تلو منك
()6
وهم ل يبصرون من العماء تراهم ينظرون إِليك جهرا
-يريد بقوله( :ينظرون إليك جهرا) ،أي :أن كل ما يرونه هو أنت.
ويقول:
)(1ل أقف على ترجتهما ،ويفهم من أقوال الكلباذي أنما معاصران له.
)(2ل أقف على ترجتهما ،ويفهم من أقوال الكلباذي أنما معاصران له.
)(3التعرف( ،ص.)148:
)(4شطحات الصوفية( ،ص.)164:
)(5إيقاظ المم( ،ص.)156:
)(6أخبار اللج( ،ص ،)125:وف ديوانه.
www.alsoufia.com 76 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
يا منطقي وعبارات وإيائي ي عيِ وجودي يا مدى همي
يا ع َ
()1
يا جلت وتباعيضي وأجزائي يا كلّ كلي ويا سعي ويا بصري
ويقول:
سرّ سنا لهوته الثاقب سبحان من أظهر ناسوته
ف صورة الكل والشارب ث بدا ف خلقه ظاهرا
()2
كلحظة الاجب بالاجب حت لقد عاينه خلقُه
ويقول:
ت من أنت قال أنت
فقل ُ ت رب بعي قلب
رأي ُ
وليس أينٌ بيث أنت فليس للين منك أي ٌن
سألتُ عن فقلتُ :أنت ف مواسي ورسم جسمي
()3
فنيت عن ودمتَ أنت أشار سري إليك حت
ويقول:
()4
وأنا اعتقدت جيع ما عقدوه عقد اللئقُ ف الِإله عقائدا
ويقول:
يل عن وصف كل حي يا سر سر يدق حت
من كل شيء لكل شيء وظاهرا باطنا تبدّى
وعظم شك وفرط عيْ إن اعتذاري إليك جه ٌل
()5
فما اعتذاري إذا إلْ يا جلة الكل لست غيي
ويقول :فالقيقة ،والقيقهّ خليقة ،دع الليقة لتكون أنت هو ،أو هو أنت من حيث القيقة(.)6
)(1الِحياء.)4/276( :
)(2الحياء.)277 ،4/276( :
)(3مشكاة النوار( ،ص.)55:
)(4مشكاة النوار( ،ص.)57:
)(5إلام العوام عن علم الكلم( ،ص.)32:
www.alsoufia.com 86 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول ف تائيته الت مطلعها:
وفيك على أن لخفىً بك حيت بنور تلي وجه قدسك دهشت
منها:
()1
وهل أنت إل نفس عي هويت وهل أنا إل أنت ذاتا ووحد ًة
ومنها:
جعلت لنفعي عند تأليف بنيت فكيف بشكري كل عضو وقوة
()2
لظهرُ ل من نور شس تبدت وشكر الت قد حُجبت ب وإنا
ومنها:
ميط وأيضا أنت مركز نقطت ملت جهات الست منك فأنت ل
فرايض أوقات فنفسي كعبت فصرتُ إذا وجهت وجهي مصليا
ونري وتعريفي وحجي وعمرت فصار صيامي ل ونسكي وطاعت
استلمي لركن من مناسك حجت وحول طواف واجبٌ وخلله
لنفسي وتقديسي وصفو سريرت وذكري وتسبيحي وحدي وقربت
ل تلفّت
لا كان ل إل إ ّ ولو همّ من خاطر بالتفاتة
()3
ب ذمت
يصح بوجه ل ول تَ َ لل
ولو ل أُؤدّ الفرض من إ ّ
ويقول... :فإن الفاعل بالقيقة واحد ،فهو الخوف والرجو وعليه التوكل والعتماد ،ول نقدر أن نذكر من
ماز التوحيد إل قطرة من بر القام الثالث من مقامات التوحيد...وكل ذلك ينطوي تت قول( :ل إله إل ال) ،وما
أخف مؤنته على اللسان ،وما أسهل اعتقاد مفهوم لفظه على القلب ،وما أعز حقيقته ولبّه عند العلماء الراسخي ف
العلم ،فكيف عند غيهم ..فإن قلت :فكيف المع بي التوحيد والشرع؟ ومعن التوحيد أن ل فاعل إل ال تعال،
ومعن الشرع إثبات الفعال للعباد ،فإن كان العبد فاعلً فكيف يكون ال تعال فاعلًا؟ وإن كان ال تعال فاعلًا
فكيف يكون العبد فاعلًا؟...ولجل توافق ذلك وتطابقه نسب ال تعال الفعال ف القرآن مرة إل اللئكة ومرة إل
ك الْ َم ْوتِ)) [السجدة ،]11:ث العباد ،ونسبها بعينها مرة أخرى إل نفسه! فقال تعال ف الوت(( :قُلْ َيَتوَفّاكُ ْم مََل ُ
حرُثُونَ)) [الواقعة،]63:
ي َموِْتهَا)) [الزمر ،]42:وقال تعال(( :أََفرَأَيْتُ ْم مَا َت ْ
قال عز وجل(( :الّلهُ َيَتوَفّى ا َلْن ُفسَ ِح َ
)(1النفحات الغزالية( ،ص ،)173:معارج القدس( ،ص.)195:
)(2النفحات الغزاليه( ،ص ،)183:ومعارج القدس( ،ص.)199:
)(3معارج القدس( ،ص.)203 ،202:
www.alsoufia.com 87 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أضاف إلينا ،ث قال تعال(( :أَنّا صَبَْبنَا الْمَاءَ صَبّا * ُثمّ َش َققْنَا ا َل ْرضَ َشقّا * فَأَْنبَْتنَا فِيهَا حَبّا * َوعَِنبًا[ ))..عبس-25:
شرًا َسوِيّا)) [مري ]17:وكان الناف ُخ جبيل عليه السلم، ،]28وقال عز وجل(( :فََأرْسَ ْلنَا إِلَْيهَا رُو َحنَا َفتَمَثّلَ َلهَا بَ َ
وكما قال تعال(( :قَاتِلُوهُمْ ُيعَذّْبهُ ُم الّلهُ بَِأيْدِيكُمْ)) [التوبة ]14:فأضاف القتل إليهم والتعذيب إل نفسه! والتعذيبُ
هو عي القتل! بل صرح وقال تعال(( :فَلَمْ َتقُْتلُوهُ ْم وَلَكِ ّن الّلهَ َقتََلهُمْ)) [النفال ،]17:وقال تعالَ (( :ومَا َرمَْيتَ ِإذْ
َرمَْيتَ وَلَ ِكنّ الّلهَ َرمَى)) [النفال ]17:وهو جع بي النفي والِإثبات ظاهرا ،ولكن معناه :وما رميت ،بالعن الذي
يكون الرب به راميا ،إذ رميت ،بالعن الذي يكون العبد به راميا؛ إذ ها معنيان متلفان .وقال ال تعال(( :الّذِي
عَلّ َم بِاْلقَلَ ِم * عَلّ َم الِنسَا َن مَا لَمْ َيعْلَمْ)) [العلق ،]5-4:ث قال(( :الرّحْمَ ُن * عَلّمَ اْل ُقرْآنَ)) [الرحن ]2:وقال:
خُلقُوَنهُ َأمْ
((عَلّ َمهُ الْبَيَانَ)) [الرحن ]4-1:وقال(( :إِنّ َعلَيْنَا بَيَاَنهُ)) [القيامة ]19:وقال(( :أََفرَأَيْتُ ْم مَا ُتمْنُو َن * أَأَنُْتمْ تَ ْ
حنُ الْخَاِلقُونَ)) [الواقعة...)1(]59-58:اهـ.
نَ ْ
-أمثال هذا النص تتكرر كثيا ف كتب الغزال ،وخاصة ف كتاب (إحياء علوم الدين).
ولقد رأينا ف النصوص السابقة تصريح الغزال بوحدة الوجود الت يسميها (التوحيد) ،وهذا النص واضح،
لكن بالنسبة لن قرأ نصوص الغزال السابقة واستوعبها معن وألفاظا وجلًا.
أما من يقرأ هذا النص لول مرة ،وهو خال الفكر ،فقد ل يستطيع ملحوظة فكرة (وحدة الوجود) الاثلة ف
كل جلة من جله؛ لذلك كان من اللزم لن يريد فهمه أن يرجع إل نصوص الغزال السابقة ،خاصة ،وإل نصوص
الصوفية عامة ،ث يعود إل هذا النص ليى (وحدة الوجود) واضحة كل الوضوح ف ثنايا الكلم.
ولذا النص فائدة كبية ،لعرفة كيفية فهمهم للنصوص القرآنية ولنصوص الديث ،وكيف يضعونا ف سياق
موهم ،بيث تظهر لهل الذواق وكأنا تمل العان الت يريدونا! وكيف يلوون أعناقها بباعة وانسياب تظهر
وكأنا تتفق مع كشفهم وعقيدتم؟!
إنه يقدم ما أورد من آيات ف سياق الكلم عن (التوحيد) الذي يعن به توحيد الالق والخلوق ف وحدة
ل على نظريته!
واحدة! يقدم هذه اليات ليجعلها دلي ً
وهربا من الِإطالة ،نقدم توضيحا لثلث آيات ،منها فقط:
شرًا َس ِويّا)) [مري ]17:يريد الغزال أن يقول( :إن ال سبحانه
-1الية ((فََأرْ َسلْنَا ِإلَْيهَا رُوحَنَا فَتَ َمثّلَ َلهَا بَ َ
أرسل (روحه) ؛ وروحه كما يتبادر إل أذهاننا ،هو جزء منه ،وهذا الروح هو ملك كما تبنا آية ثانية ،إذن فاللك
هو روح ال ،وهو بالتال جزء منه! أو هو هو حسب تعابيهم).
-2الية(( :فَِإذَا َقرَأْنَاهُ فَاتّبِعْ ُقرْآَنهُ)) [القيامة ]18:الت يتبعها بتفسيه حيث يقول« :معناه :إذا قرأه عليك
جبيل .»..فال سبحانه يقولَ(( :قرَأْنَاهُ)) بصيغة التكلمي ،بينما القارىء هو جبيل ،إذن فجبيل هو ال ،أو هو
)(1الحياء.)4/221( :
www.alsoufia.com 88 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
جزء منه!! .سبحانه وتعال علوًا كبيا عما يصفون.
ت وَلَكِ ّن الّل َه َرمَى)) الت يفسرها بقوله...( :وما رميت ،بالعن الذي يكون
-3الية(( :وَمَا َرمَْيتَ ِإذْ َرمَْي َ
الرب به راميا ،إذ رميت ،بالعن الذي يكون العبد به راميا ،)...وهو كلم واضح جدّا! إنه يقول[ :معناه :وما
رميت (يا ممد الرب) إذ رميت (يا ممد العبد) ولكن ال رمى] ،إذن ممد هو ال( ،تعال ال علوّا كبيا).
ولونظرنا إل بقية اليات الت أوردها ف هذا النص -وف غيه ف كتبه -لرأيناه يريد با نفس العن الذي بيّنّاه
ف هذه اليات الثلث.
يورد الغزال بعد كلمه الذي سجلناه حديثي ،يوجههما لداء نفس العن الذي ياول تقريره.
يقول العراقي عن أولما...( :ف سنده جهالة ،وقال ابن عدي :إنه منكر .)...ويقول عن ثانيهما( :ل أجد له
أصلً)( .ول أوردها تنبا للِإطالة) .ويورد أيضا بعدها آيات أخرى ،وأقوا ًل لبعضهم وشعرا ،نوردها دون تعليق
الغزال ،ودون أي تعليق غيه؛ ليستطيع القارىء أن يفهم مرادهم من الية حيثما مرت معه .يقول... :وكذلك ذكر
ال تعال ف القرآن من الدلة واليات ف الرض والسماوات ،ث قالَ(( :أوَلَمْ يَكْفِ ِبرَّبكَ َأّنهُ عَلَى كُلّ شَ ْيءٍ َشهِيدٌ))
[فصلت ]53:وقالَ (( :شهِدَ الّلهُ َأّنهُ ل إَِلهَ إِلّا ُهوَ)) [آل عمران ،]18:فبي أنه الدليل على نفسه...قال بعضهم:
(عرفت رب برب ولول رب لا عرفت رب) ،وهو معن قوله تعال(( :أَوَلَ ْم يَكْفِ ِبرَّبكَ أَّن ُه عَلَى ُكلّ شَ ْيءٍ َشهِيدٌ))،
وقد وصف ال تعال نفسه بأنه الحيي والميت ،ث فوّض الوت والياة إل ملكي ،ففي الب (أن ملكي الوت
والياة تناظرا )1()...لذلك قال صلى ال عليه وسلم للذي ناوله التمرة( :خذها :لول تأتا لتتك) ،أضاف التيان إليه
وإل التمرة...وأصدق بيت قاله الشاعر قول لبيد( :أل كل شيء ما خل ال باطل)...فإذا ل حق بالقيقة إل الي
القيوم...فهو الق وما سواه باطل ،فإنه قائم بذاته وكل ما سواه قائم بقدرته.)2()..
هذه عبارات -أو بعض العبارات -الت يستعملونا يشيون با إل وحدة الوجود ،أوردها الغزال متتابعة ،وقد
أورد غيها الكثي ف أماكن أخرى من (الِإحياء) وغي (الِحياء) ،مع التكرار لا ف مواضع كثية.
وهذه صورة أخرى من صور العبارة الشارية:
يقول ابن عطاء ال ف حِكَمه:
مت جعلك ف الظاهر متثلً لمره ،ورزقك ف الباطن الستسلم لقهره ،فقد أعظم عليك النة(.)3
وقد أوردها ممود أبو الفيض النوف (القطب) على أنا تمل نفس معن قول أب السن الشاذل ،الذي رأيناه:
(ليكن الفرق بلسانك موجودا )...وهي إشارة إل مقام (الفرق الثان).
)(1الديث مكذوب.
)(2الحياء.)4/222( :
)(3جهرة الولياء( ،ص.)78:
www.alsoufia.com 89 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول ابن عطاء ال أيضا ف حكمه( :كن بأوصاف ربوبيت متعلقا ،وبأوصاف عبوديتك متخلقا ،فإن تققت
بأوصافك أيدك بأوصافه)( ،)1وهي كما يقرر النوف تمل نفس معن سابقتها ،أي( :الفرق الثان).
ويقول عبد القادر اليلن (قطب الولياء الكرام):
المد ل الذي كيّف الكيف وتنه عن الكيفية ،وأيّن الين وتعزز عن الينية ،ووُجد ف كل شيء وتقدس عن
الظرفية ،وحضر عند كل شيء وتعال عن العندية(...)2
ويقول:
...ث قال ل :يا غوث العظم! ما أكل الِإنسان شيئا وما شرب وما قام ول قعد وما نطق وما صمت وما
فعل فعلًا وما توجه لشيء وما غاب عن شيء إل وأنا فيه ،ساكنه ومتحركه .ث قال ل :يا غوث العظم ،جسم
الِإنسان ونفسه وقلبه وروحه وسعه وبصره ويده ورجله ولسانه وكل ذلك طهرت له نفس بنفس ل هو إل أنا ول أنا
غيه(.)3
جعَلُ التكوين ف أيدي قلوبكم وأسراركم ،إذا ل
ويقول... :فإذا تقق عندكم العمل ،رأيتم القدرة ،فحينئذ َي ْ
يبق بينك وبي ال حجاب من حيث قلبك ،قدّرك على التكوين وأطلعك على خزائن سره ،وأطعمك طعام فضله،
وسقاك شراب النس ،وأقعدك على مائدة القرب منه ،وكل هذا ثرة العلم بالكتاب والسنة أعمل بما ول ترج
عنهما ،حت يأتيك صاحب العلم ،ال عز وجل .فيأخذك إليه ،إذا شهد لك معلم الكم بالذق ف كتابه ،نقلك إل
كتاب العلم ،فإذا تققت فيه أقيم قلبك ومعناك ،والنب ف صحبتهما آخذ بأيديهما ،ويدخلهما إل اللك ،ويقول
لما :ها أنتما ربكما( .)4اهـ [أرجو النتباه إل حدود العمل بالكتاب والسنة (حت يأتيك صاحب العلم)].
ويقول... :إذا قال لك القلب (ل) فهو حرام ،وإن قال( :نعم) فهو حلل ،وإن سكت فلم يقل( :نعم) ول
(ل) فهو شبهة ،إن عدمت الألوفات وصبت نفسك فهو القناعة ،تدري كم عنده من الطاعات ،والصوم والصلة ل
يعبأ با ،إنا مراده منك قلب صاف من القدار والغيار(.)5
ويقول... :بقي أبو يزيد البسطامي سبع مرات ،لا سُمع منه من الكلم العجيب ،يفتح إل قلويهم أبواب
القرب ،ل يمعهم مع اللق سوى الصلوات المس ولقب الدمية البشرية؛ وصورتم صورة الِإنس ،وقلوبم مع
القدر ،وأسرارهم مع اللك(.)6
)(1العوارف.)1/213( :
)(2العوارف.)4/19( :
)(3العوارف.)4/182( :
)(4العوارف.)1/324( :
)(5أبو ممد عبد السلم بن مشيش ،أو بشيش ،أحد الئمة العارفي ،كان يسكن مغارة ف رأس جبل ف الغرب ،مات عام622( :هـ) ،ومن تلمذته أبو
السن الشاذل.
www.alsoufia.com 99 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الوحدة ،حت ل أرى ول أسع ول أحس إل با(...)1
* ملحوظة:
يلحظ هنا أنه يستعمل كلمة (التوحيد) بعناها الِإسلمي (أي :توحيد ال) ويعلها أوحالًا ،وهو يصرح
بالوحدة.
وقال ماطبا تلميذه أبا السن الشاذل:
يا أبا السن! ح ّددْ بصر الِإيان ،تد ال ف كل شيء ،وعند كل شيء ،ومع كل شيء ،وقبل كل شيء ،وبعد
كل شيء ،وفوق كل شيء ،وتت كل شيء ،وقريبا من كل شيء ،وميطا بكل شيء ،بقربِ هو وصفه ،وبيطةٍ
هي نعته ،وعَدّ عن الظرفية والدود ،وعن الماكن والهات ،وَعن الصحبة والقرب ف السافات ،وعن الدور
الخلوقات ،وامق الكل بوصفه الول والخر والظاهر والباطن ،وهو هو هو ،كان ال ول شيء معه ،وهو الن على
ما عليه كان(.)2
ويقول تاج العارفي أبو الوفاء(:)3
...الذكر ما َغيّبك عنك بوجوده ،وأخذك منك بشهوده ،فإن الذكر شهود القيقة وخود الليقة(...)4اهـ.
-يعن أبو الوفاء بكلمه أن الذكر ل يكون ذكرا إل إذا أنتج ما بَيّنه لك (...ما غيبك ..وأخذك.)...
ويقول الشيخ عقيل النبجي(:)5
...فإذا جاء الفضل ،قل إلي َفضْلُك لصنعك بل أنا ،فإذا شئتَ فقد حصل لك عند الشوع عبودية ،وعند
الدلل توحيد ،فعبوديتك بفقرك إليه ،ودلله أنه ما ث غيه ،فإذا جاءت الِإلية (قل ال ث ذرهم ف خوضهم يلعبون)،
فبمجاهدة الوى تعرفه ،وبروجك عن اللق توحده(...)6اهـ [لحظ عبارة (فإذا جاءت الِإلية)].
ويقول الشيخ علي بن اليت(:)7
كل من كوشف بالقيقهّ ..أو شاهد الق ،أو اختُطِف عن مَشاهِ ِدهِ بوجود الق ،أو استُهلك ف عي المع،
أو ل يشهد سوى الق تعال ،أو ل يس سوى الق ،إل آخر ما يعبَر عنه معبّر ،أو يشي إليه مشي ،أو ينتهي إليه
)(1الفصوص( ،ص.)195:
)(2الفصوص( ،ص.)196:
)(3الفصوص (فص حكمة فردية ف كلمة ممدية)( ،ص.)226:
)(4الفصوص (فص حكمة أحدية ف كلمة هودية)( ،ص.)108:
)(5الفصوص( ،ص.)109:
www.alsoufia.com 102 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وبه نن نتذي فوجودي غذاؤه
()1
بوجه تعوّذي فبه منه إن نظرت
-ف النصي الخيين يستعمل كلمة (الوجود) بعناها اللغوي ،وليس بعناها الصطلحي ،كما ف النص
الذي قبلهما.
ويقول... :وإذا كان الق وقايةً للحق بوجه ،والعبدُ وقايةً بوجه ،فقل ف الكون ما شئت :إن شئت قلت هو
اللق ،وإن شئت قلت هو الق ،وإن شئت قلت هو الق اللق ،وإن شئت قلت ل حقّ من كل وجه ،ول خلق من
كل وجه ،وإن شئت قلت بالية ف ذلك(...)2
-هذا النص يساعدنا كثيا على فهم عبارات مرت معنا ،وستمر ،مثل( :أف ِن اللق ،أو أفن من ل يكن يبق
من ل يزل ،أو الفناء عن الصفات ،أو الفناء عن الفعال الرديئة ،أو الفناء عن الكون )...إذ با أن الكون هو الق ف
القيقة ،وهو خلق ،أو كون بالتوهم ،فإذا أفنينا اللق ،أو الكون ،أو الصفات (الت تعن اللق) بقيت الصفة الت تعن
(الق) وهذا هو معن (الفناء ف الق).
ويقول:
يقعُ الكم إل عليه فل تنظر العيُ إل إليه ول
وف كل حا ٍل فإنا لديه فنحن له وبه ف يديه
لذا يُنكَر ويُعرف وُينّه ويوصف ،فمن رأى الق منه فيه بعينه فذلك العارف ،ومن رأى الق منه فيه بعي
نفسه فذلك غي العارف ،ومن ل ير الق منه ول فيه وانتظر أن يراه بعي نفسه فذلك الاهل(...)3
-هذا النص يعيننا على فهم العبارات الت تر معنا مثل( :له وبه وف يديه ولديه) ،و(منه فيه بعينه) ،وما
شابها ،كما يدلنا على معن العرفة [منه فيه بعينه (أي :بعي ال)].
ويقول... :إن ل تلّييْ :تلّي غيبِ ،وتلي شهادة ،فمن تلي الغيب يُعطي الستعداد الذي يكون عليه
القلب ،وهوَ التجلي الذات الذي الغيبُ حقيقتُه ،وهو (الوية) الت يستحقها بقوله عن نفسه (هو) فل يزال (هو) له
دائما أبدا(...)4
-ف هذا النص يشرح لنا بصراحة معن مصطلح (الوية) ،ومصطلح (هو) ،حيث نستطيع أن نفهم بوضوح
تام ماذا يعنون بكلمة (هو) حيثما وردت ،مثل قولم( :ل هو إل هو).
)(1الفصوص( ،ص.)111:
)(2الفصوص( ،ص.)112:
)(3الفصوص( ،ص.)113:
)(4الفصوص( ،فص حكمة قلبية ف كلمة شعيبية)( ،ص.)120:
www.alsoufia.com 103 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول... :التجلي الشهودي ف الشهادة...ث رفع الجابَ بينه وبي عبده ،فرآه ف صورة معتقدِه ،فهو عي
اعتقاده ،فل يشه ُد القلب ول العيُ أبدا إل صور َة معتقده ف الق.
فالق الذي ف العتقد هو الذي وسع القلب صورتَه ،وهو الذي يتجلى له فيعرفه ،فل ترى العي إل الق
العتقادي ،ول خفاء بتنوع العتقادات ،فمن قيّدَه (أي :ف عقيدة واحدة) أنكره ف غر ما قَيّدَه به ،وأقرّ به فيما
قيّده به إذا تلى .ومن أطلقه عن التقييد ل ينكره وأقرّ به ف كل صورة يتحول فيها ،ويعطيه من نفسه قدر صورة ما
تلّى له ،إل ما ل يتناهى ،فإن صور التجلي ما لا ناية نقف عندها(.)1
-يقول (الشيخ الكب والكبيت الحر) ف هذا النص :إن كل العتقادات صحيحة ،وكل العبودات
حق...كما يفهمنا أن الكشف تابع للقناعات الفكرية السبقة.
ويقول... :فإذا نظرتَ ف قوله( :كنتُ رجله الت يسعى با ،ويده الت يبطش با ،ولسانه الذي يتكلم به)(،)2
إل غي ذلك من القوى وملّها الذي هو العضاء ،ل تفرق ،فقلتَ :المر ح ّق كله ،أو خلق كله ،فهو خلق بنسبةٍ،
ي صورة ما تلّى عيُ صورة من قبِل ذلك التجلّي .فهو التجلي والتجلّى له.
وهو حق بنسبة ،والعيُ واحدة .فع ُ
فانظر ما أعجب أمر ال من حيث هويته ،ومن حيث نِسبتُه إل العالَم ف حقائق أسائه السن(.)3
ويقول:
لا كان الذي كانا فلوله ولولنا
وإن ال مولنا فإنا أعب ٌد حقّا
إذا ما قلت إنسانا وإنا عينُه فاعلم
فقد أعطاك برهانا فل تُحجب بإنسان
تكن بال رحانا فكن حقّا وكن خلقا
تكن َروْحا وريانا وغذّ خلقَه منه
به فينا وأعطانا فأعطيناه ما يبدو
بإياه وإيانا فصار المر مقسوما
()4
وأعيانا وأزمانا فكنا فيه أكوانا
)(1الفصوص( ،ص.)121:
)(2جزء من حديث مشهور يستغله الصوفية ف غي معناه القيقي.
)(3الفصوص( ،فص حكمة قلبية ف كلمة شعيبية)( ،ص.)121:
)(4الفصوص( ،فص حكمة نبوية قي كلمة عيسوية)( ،ص.)143:
www.alsoufia.com 104 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقولَ((... :لوْ كَانَ فِيهِمَا آِلهَةٌ إِلّا الّلهُ َلفَسَ َدتَا)) [النبياء ،]22:وإن اتفقا ،فنحن نعلم أنما لو اختلفا تقديرا
لنفذ حكم أحدها ،فالنافذُ الُكْ ِم هو الِإله على القيقة ،والذي ل ينفذ حكمه ليس بإِله ،ومن هنا نعلم أن كل حكم
َيْنفُذ اليوم ف العال أنه حكم ال عز وجل ،وإن خالف الكْ َم القرر ف الظاهر السمى شرعا ،إذ ل ينفذ حكم إل ل
ف نفس المر ،لن المر والواقع ف العالَم إنا هو على حكم الشيئة الِإلية ،ل على حكم الشرع القرّر ،وإن كان
تقريره من الشيئة ،ولذلك نفذ تقريره خاصة ،فإن الشيئة ليست لا فيه إل التقرير ،ل العمل باجاء به ،فالشيئة
سلطانا عظيم...فل يقع ف الوجود شيء ول يرتفع خارجا عن الشيئة ،فإن المر الِإلي إذا خولف هنا بالسمى
(معصية) فليس إل ال ْمرَ بالواسطة ،ل المر التكوين ،فما خالف ال أحدٌ قط ف جيع ما يفعله من حيث أمر الشيئة،
َفوَقعت الخالفة من حيث أمر الواسطة ،فافهم ،وعلى القيقة ،فأمر الشيئة إنا يتوجه على إياد عي الفعل ،ل على
من ظهر على يديه ،فيستحيل أل يكون(...)1
-أرجو من القارئ أن يتسلى بتحليل النص بدوء.
ويقول... :فإن العقل إذا ترد لنفسه...وإذا أعطاه ال العرفة بالتجلي ،كملت معرفته بال ،فنّه ف موضع
وشبّه ف موضع ،ورأى سريان الق ف الصور الطبيعية والعنصرية ،وما بقيت له صورة إل ويرى عيَ الق عينَها.
وهذه العرفة التامة الت جاءت با الشرائع النلة من عند ال ،وحكمت بذه العرفة الوهام كلها ،ولذلك كانت
الوهام أقوى سلطانا ف هذه النشأة من العقول(...)2وبه جاءت الشرائع الِإلية فشبهت ونزهت ،شبهت ف التنيه
بالوهم ،ونزهت ف التشبيه بالعقل ،فارتبط الكل بالكل(...)3
-ف هذا النص نتبي ماذا يعن الصوفية عندما يقولون :إن طريقهتم أو طرقهم مقيدة بالشريعة ،فهم يفهمون
الشريعة على هذا النوال ،كذلك يتبي لنا بوضوح ما معن عبارتم (الكل بالكل) عندما نسمعها ف مثل قولم( :فناء
الكل بالكل ،أو بقاء الكل بالكل ،أو وجود الكل بالكل ،أو ارتباط الكل بالكل.)...
ي بعضه ف هذا النص ،وأرجو وبتوضيح :يقولون :إن طرقهم مقيدة بالشريعة على أساس النهج التأويلي الب ّ
ل صحيحا يفيد ف التمكن من العبارة الصوفية أكثر من القارىء أن يلله بنفسه بدوء؛ لن تليل بضعة نصوص تلي ً
من قراءة بضعة كتب.
ويقول... :ولا كان الستواء الِإلي على القلب من باب (وسعن)( ،)4صارت اللوهية غيبا ف الِإنسان،
فشهادتُه إنسان ،وغيبه إله ،ولسريان اللوهية الغيبية ف هذا الشخص الِإنسان ،أدّعى اللوهية بالسم الله ،فقال
فرعون(( :مَا عَِل ْمتُ َلكُ ْم مِنْ ِإَلهٍ غَْيرِي)) [القصص ..]38:وصرح بالربوبية لكونا ل تقوى قوة اللوهية ،فقال:
((أَنَا َربّكُمُ ا َل ْعلَى)) [النازعات ،]24:بلف من قالا عن الال ،من طريق المر بساعدة الشيئة ،فكان جعا ،مثل
)(1الفصوص( ،فص حكمة وحودية ف كلمة داودية)( ،ص.)165:
)(2الفصوص( ،فص حكمه إيناسية ف كلمة إلياسية)( ،ص.)181:
)(3الفصوص( ،فص حكمه إيناسية ف كلمة إلياسية)( ،ص.)181:
)(4إشارة إل الديث القدسي الذي يقول فيه (...ووسعن قلب عبدي الؤمن).
www.alsoufia.com 105 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أب يزيد حي قال( :إنن أنا ال ل إله ال أنا فاعبدون) ،وقال مرة( :أنا ال) ،فلم يكن لللوهية فيه موضع فراغ ترمي
سهمها فيه لكمال السريان(...)1
-ف هذا النص ردّ ملجم للذين حاولوا -وياولون -خداعا ،تأويل أقوال أب يزيد البسطامي! وتصريحُ
بعقيدة سريان الِإلية ف الخلوقات.
ك مِنْ قَْب ُل وَلَمْ َتكُ شَْيئًا)) [مري ،]9:و((لَ ْم يَكُنْ
ويقول... :ونن من جانب القيقة ف عي ((وَقَ ْد خََلقُْت َ
شَْيئًا مَذْكُورًا)) [النسان ،]1:فكأنا ل تكن ،فل أولية إذن ول آخرية ،إذ ل نن فبقي هو خاصة وهو الطلوب(.)2
-هذه الفقرة تساعدنا وتوضح لنا معن عبارتم( :إذا كان كما كان قبل أن يكون) ،و(كان ول تكن وهو
اليوم كما كان) و(أفن من ل يكن يبق من ل يزل) وما شابها.
ويقول :لا كان مرِتبة المكان با تويه المكنات غيبا ،ولا الظلمة ،وكانت المكنات هي الت تتعي ف النور
الوجودي ،ويظهر أحكام بعضها للبعض بالق وفيه ،وهو سبحانه ل قيدَ له ول تيز ،كان الثال بالواقع ف الوجود
مطابقا للصل ،فالداد مع الدواة نظي مرتبة الِإمكان وما حوته من المكنات ،من حيث إحاطة الق با وجودا
وعلما ،وحقائقُ المكنات كالروف الكامنة ف الدواة ،وإليه الِإشارة بقوله( :كان ال ول شيء معه)( ،)3ونوه
قول.
وليس ف الغيب الذات الِإلي تعدد ول تعي وجودي ،والورق وما يُكتَب فيه كانبساط النور الوجودي العام
الذي يَتعي فيه صور الوجودات ،والكتابة سر الِإياد والِإظهار ،والواسطة واللة القل ُم الِإلي ،والكاتب القّ ،من
حيث كونه موجدا وخالقا وبارئا ومصورا(...)4
-ف هذا النص يتبي لنا مرادهم باستعمال الساء السن (موجد ،خالق ،بارىء ،مصور...وغيها).
ويقول:
وانبذْ عن القلب أطوا َر الكرامات ض الركابَ إل رب السماوات
أن ِ
واخلعْ نعاليك تظى بالناجاة واعكف بشاطىء وادي القدس مرتقبا
()5
حت تغيبَ عن الوصاف بالذات وغب عن الكون بالساء متصفا
-بعد أن وضح لنا ابن عرب كل السر ،وأكَثرَ الساليب الت يستعملونا ،نستطيع أن نعرف ،بوضوح أيضا،
)(1الفتوحات.)3/376( :
)(2الفتوحات.)3/535( :
)(3الفتوحات.)3/193( :
)(4ديوان ترجان الشواق ،وماضرة البرار( ،ص.)402:
)(5مؤسس الطريقة الولوية ،بلخي انتقل إل سيواس ،ث إل تركيا ،ومات ف قونية سنة672( :هـ).
www.alsoufia.com 108 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
حب ،أيها الشهد التألّق ،لتَ ْنءَ عن لَت ْنءَ عن
انظرْ إل العمامة أحكمتُها فوق رأسي
بل انظر إل زنار زرادشت حول خصري
()1
أحلُ الزنار ،وأحل الخلة
ل بل أحل النور ،فل تَ ْنءَ عن ،ل َت ْنءَ عن
مسلمٌ أنا ،ولكن نصران وبرهي وزرادشت
توكلتُ عليك أيها الق العلى ،فل تَ ْنءَ عن ل تَنءَ عن
ليس ل سوى معبدٍ واحد ،مسجدا كان أو كنيسة أو بيت أصنام
()2
ووجهك الكري فيه غاية نعمت ،فل تَ ْنءَ عن لَتنْء عن
* ملحوظات:
-التشابه واضح بي هذا الكلم وكلم ابن عرب السابق ،وعقيدة وحدة الوجود ،هي الت ترى كل الديان
صحيحة؛ لن كل العبودات هي ال وكل شيء هو ال.
-ولنا أن ننتبه إل قوله( :نفسي أيها النور الشرق ل تنء عن) ،ث سيه بطابه لنفسه حت يقول( :أيها الق
العلى ل تنء عن) ،حيث نلحظ أسلوبا جديدا ف العبارة وتدرجها ،ولننتبه إل العبارة (ل تنء عن).
ويقول جلل الدين الرومي أيضا:
مهول أنا عند نفسي ،بربك خبّرن ما العمل
ول بذا الكون ول ذاك ،ول ف النة ول النار موطن
ول طردت من عدن ول يزدان ،ول من آدم أخذت نسبت
بل من مقام ما أبعده من مقام ،وطريق خفي العال
تردت عن بدن وروحي ،فمن جديد أحيا ف روح مبوب(.)3
-ما يب ملحظته قوله( :من مقام ما أبعده من مقام ،وطريق خفي العال) ،وقوله( :فمن جديد أحيا ف
روح مبوب).
)(1جلة (وأحل الخلة) يشي با إل الندوسية ،لن الباهة منهم يملون الخلة للستجداء.
)(2ف التصوف السلمي وتاريه( ،ص.)94:
)(3ف التصوف الِإسلمي وتاريه( ،ص.)95:
www.alsoufia.com 109 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول أيضا:
حمِلُ القلبَ ويتفي ،ف كل نفسٍ يظهر ذلك الصديق ف ثوبيظهر المال الاطف كل لظة ف صورة ،فيَ ْ
جديد ،فشيخا تراه تارة وشابا تارة أخرى ...انظر إليه وقد خرج من طينة الفخار ،وانتشر ف الوجود ،ظهر بصورة
نوح وأغرق الدنيا بدعاء منه...وف ناية الطاف ظهر بصورة عرب ،ودان له ملك العال...ذلك الميل فتان القلوب
قد ظهر بصورة سيفٍ ف كف علي ،وأصبح البتّار ف زمانه ،ل ل! بل هو الذي ظهر ف صورة إنسان ،وصاح أنا
صِلبَ على الدار ،ولو ظن الاهلون خلف ذلك(...)1اهـ( .منصور هو اللج).
الق ،ليس (منصور) هو الذي ُ
ويقول :أنا َسرِقَة اللصوص ،أنا أل العصا ،أنا السحاب وأنت الغيث ،أنا الذي أمطرتُ ف الروج(...)2
ويقول على لسان قطبٍ ياطب البسطامي:
ف بعي قلبك؛ لنه اختارن بيتا له ،فإذا رأيتَن فقد رأيته ،وطفْتَ حول الكعبة النفية ،وإذا
إن ال هو ما تراه ّ
عبدتَن فقد عبدتَه وسبّحت له ،فل تظنّ أنن شيء غيه(.)3
* ملحوظة :الكلم -وخاصة النص الخي -واضح جدّا.
ويقول الشيخ أرسلن الدمشقي(:)4
كلّك شرك خفي ،ول يبي توحيدك إل إذا خرجتَ عنك ،فكلما أخلصتَ يُ ْكشَفُ لك أنه هو ،ل أنت،
فتستغفر منك ،وكلما وحّ ْدتَ بان لك الشرك ،فتجدّد ف كل ساعة ووقتٍ توحيدا وإيانا ،وكلما خرجتَ عنهم زاد
ت عنك قوي يقينك...اليقي القوم ف غيبتك عنك ووجودك به ،فكم بي ما يكون بأمره وبي إيانك ،وكلما خرج َ
ما يكون به ،إن كنت قائما بأمره َخضَعت لك السباب ،وإن كنتَ قائما به تضعضعت لك الكوان...ما صلُحت
لنا وفيك بقية لسوانا ،فإذا حوّلتَ السّوى عنك ،أفنيناك عنك ،فصلُحْت لنا وأودعناك سرّنا .إذا ل يبق عليكَ حركة
لنفسك كمل يقينك ،وإذا ل يبق لك وجودٌ عندك كمل توحيدُك...إذا أفناك عن هواك بالكمة وعن إرادتك بالعلم
صرتَ عبدا صرفا ل هوى لك ول إرادة ،فحينئذ يكشف لك ،فتضمحلّ العبودية ف الوحدانية ،فيفن العبد ويبقى
الرب تعال ،الشريعة كلها قبض ،والعلم كله بسط ،والعرفة كلها دلل...إذا زال هواك يكشف لك عن باب
القيقة ،فتفن إرادتك ،فيكشف لك عن الوحدانية ،فتحققتَ به أنه هو ،بل (أنت معه)...إن جئت بل (أنت)
َقبِلَك ،وإن جئت بك حجبك...اللق حجاب ،وأنت حجاب ،والق ليس بحجوب ،وهو متجب عنك بك،
وأنت مجوب عنك بم ،فان َفصِلْ عنك تشهده ،والسلم(.)5
)(1عبد الرحن بن مصطفى العيدروس ،ولد ف مدية (تري) ف حضرموت ،تنقل ث استقر ف مصر ،ومات فيها سنة (1192هـ).
)(2كتاب من ( 14صفحة) فقط ،والكتابة ف أكثر صفحاته ل تتجاوز الصفحة.
www.alsoufia.com 134 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
...وإذا كان السالك ف مباشرة (وحدة الفعال) قَ ِدرَ على طي الرض واختراق الواء والشي على الاء
والشباع بالقليل مكان الكثي والرتواء بالقليل ،ونو ذلك.
وإذا كان ف مباشرة (وحدة الصفات) سع ف تلي صفة السمع له جيع الشياء ناطقة ،من جاد ونبات
وحيوان ،لنه بالق يسمع ل بنفسه ،وكذلك يبصر ف (تلي صفة البصر له) جيع الُْبصَرات ،ول يجبه شيء عن
شيء ،لنه بالق يبصر ،وكذا جيع بواقيه (أي :بواقي الديث) كما ورد :فب يبصر وب يسمع وب يبطش إل
آخره.
وإن كان ف مباشرة (وحدة الذات) كان بسبها ،لنا تعود الساء الذاتية عنده كاللونة لون إنائه ،فيتصف به
(أي :بال) بقبول اللوان كلها؟ فل يدري العبد من هو لشهود الق بالق بل نسبة شهود له ،بل كـ (( َشهِدَ الّلهُ
أَّنهُ ل إَِلهَ إِلّا ُهوَ)) [آل عمران ]18:و((وَ َكفَى بِالّلهِ َشهِيدًا)) [النساء ]79:و((وَالّلهُ َعلَى كُلّ َش ْيءٍ َشهِيدٌ))
[الجادلة ،]6:فتتصل الشاهد بالشاهد ف جيع الشاهد والشواهد .اهـ.
-وحدة الفعال :أي ليس ف الوجود إل فاعل واحد ،وكل فعل ،كائنا ما كان ،فهو فعل الواحد الذي ل
فاعل غيه ،وقد مر معنا معن مصطلح (فعل ال) عندهم ،يعن حركته.
-وحدة الصفات :ل يوجد إل حي واحد وسيع واحد وبصي واحد ومتكلم واحد...فجميع الذين يتصفون
بالياة والسمع والبصر والكلم و...و...هم واحد ،وهو ال.
-وحدة الذات :وهي أن يرى كل المكنات هي من ذات الق ،ويشرحها عبد الرحن العيدروس شرحا
أوضح عندما يقول :كـ(( َشهِدَ الّلهُ َأّنهُ ل إَِلهَ إِلّا ُهوَ)) [آل عمران ..]18:أي إن الواصل يشهد أنه هو نفسه ال
الذي ل إله إل هو .ويشهد وحدة ذاته وذات كل شيء مع الذات اللية مثل :و((وَ َكفَى بِالّلهِ َشهِيدًا)) [النساء:
،]79أي ل شهيد غيه.
ويقول ممد بن عبد ال بن شيخ العيدروس(:)1
...فانتبه لنفسك أيها الخ ،وتقرب إل مولك بالصدق ،تر العجائب فيما بينك وبي الوقوف على كنه
الشياء والطلع على أسرارها ،إل أن تنطلق من أسر هواك ،وتتجرد عن علئق نفسك ،فهناك تشرق عليك أنوار
القبول ،وتلوح عليك آثار الوصول ،فإذا كنت كذلك:
ولح صباح كنت أنت ظلمه بدا لك سر كان منك اكتتامه
ولولك ل يطلع عليك ختامه وكنت حجاب القلب عن سر غيبه
على موكب الكشف الصون خيامه فمذ غبت عنه حل فيك وطنبت
)(1ممد بن عبد ال بن شيخ بن عبد ال العيدروس ،ولد بدينة (تري) بضرموت ،وترج بوالده ف طريق القوم ،ورحل إل الند شابا حيث مات
ببندرسوت عام (1031هـ) حسب اليضاح ،أو سنة (1005هـ) حسب أعلم الزركلي.
www.alsoufia.com 135 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
()1
شهي إلينا نثره ونظامه وجاء حديث ل يل ساعه
ويقول عبد القادر ابن شيخ العيدروس(:)2
السائر إل ال تعال تتجلى له ف أثناء سلوكه أنوار وتبدو له أسرار ،فإن أرادت هته أن تقف عندما كشف لا
من ذلك ،لعتقاده أنه وصل إل الغاية القصوى ،والنهاية من العرفة ،نادته هواتف القيقة :الطلوب أمامك فجد ف
السي ،وإن تبجت له ظواهر الكونات بزينتها ،فمال إل حسنها وجالا ،نادته حقائقها الباطنة :إنا نن فتنة فل
تكفر؟ وغض عينيك عن ذلك .وأن إل ربك النتهى.
ي فاتذ ذكره حصنا
سوى ال غ ٌ فل تلتفت ف السي غيا وكل ما
حجاب فجد السي واستنجد العونا وكل مقام ل تقم فيه ،إنه
عليك ،فح ْل عنها فعن مثلها حلنا ومهما ترى كل الراتب تتلى
()3
ول صورة تلى ول طرفة تن وقل ليس ل ف غي ذاتك مطلب
قال النيد :أدركتُ سبعي عارفا كلهم يعبدون ال على ظن ووهم ،حت أخي أبا يزيد منهم لو أدرك صبيا
من صبياننا لسلم على يديه .قال سيدي أبو العباس الرسي رضي ال عنه ف قوله :يعبدون ال على ظن ووهم .وإنا
ذلك أنم ظنوا أنه من القامات ما ل يصلح أن يكون فوقه مقام ،وليس كذلك ،فلو أنم تققوا لعلموا أن فوق ذلك
القام مقاما ،إل ما ل ناية.
قوله لسلم على يديه أي :لنقاد له؟ والسلم النقياد ،فليكن الريد عال المة والنية حت ل يكون له التفات
إل غي ال ،وتكون النية إل هذا القام بإرشاد الشيخ العارف الرداد:
وكانت ل الكوان بالمر ساجدة ولو كان ل ما كان ف الكون كله
إذا ل تكن ذات لذاتك واحدة لا نظرت عين إليها وما رأت
ولسيدي البيب الوالد شيخ بن عبد ال العيدروس ف العن:
إن كنت يا ندمان صبا عاشقا ل ترتضِ بالسم دون مسمه
ف جع جع المع ل تتفرقا واعكف على حب البيب وذكره
ل ترضها وارحل ول تتعوقا وإذا نأى لك قرنه من دونه
)(1إيضاج أسرار علوم القربي( ،ص ،)31:والشعر لبن العريف صاحب الطريقة العريفية.
)(2قطب العارفي ،غوث الواصلي ،ميي الدين ،عم ممد بن عبد ال السابق ،ل أقف على تاريخ وفاته.
)(3البيات من قصيدة للششتري.
www.alsoufia.com 136 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
()4
فأمامك الطلوب دُم متشوقا فهناك نادتك القائق ل تقف
وقال عبد ال بن أب بكر العيدروس(:)2
...فمن فن عن أفعال نفسه فهو باقٍ بأفعال ال ،ومن فن عن صفاته فهو باقٍ بصفات ال تعال ،ومن فن عن
ذاته فهو باقٍ بذات ال تعال ،كما قال بعضهم:
وقوم تاهوا ف ميدان حبه وقوم تاهوا ف أرض بقفر
وأبقوا بالبقاء بقرب ربه فأفنوا ث افنوا ث أفنوا
فالول كما قالوا :فناء صفاته لبقاء صفات الق ،ث فناؤه عن صفات الق بشهود الق ،ث فناؤه عن شهود
فنائه باستهلكه ف وجود الق ،وهو فناء الذات ف الذات ،وهذه حقيقة ((قُلِ الّلهُ ثُ ّم َذ ْرهُمْ[ ))...النعام]91:
الية(.)3
وقال :فصل ف حقيقة عال التوحيد البن على التفريد بعد أداء حق التجريد:
وهو أن يفردك الق بفردانيته ،عند استيلء سلطان الذكر ،حت ترج من قشور الروف والصوت ،فتفن
بسطوة بقية وجودك الذاكر ،وبقية سلطنة إثباته ،فثبوت الذكور عن الذكر بدوام الذكر على مقتضى قوله:
((فَاذْ ُكرُونِي َأذْ ُكرْكُمْ)) [البقرة ،]152:فيصي حينئذ الذاكر مذكورا والذكور ذاكرا ،ويستبدل الين بالعي،
والباينة بالعاينة ،والنية بالوحدانية ،وفن عن نفسه وعن غيه بالكلية ف عي جع المعية ،فشاهد الذات القيقة
الصمدية النهة عن السمية الكثيفة واللطيفة وتوابعها ولوازمها بالكلية ،ول يرى إل الواحد الق أو ًل وآخرا
وظاهرا وباطنا(( ،لَْيسَ كَمِْثِلهِ شَ ْيءٌ َو ُهوَ السّمِي ُع الَبصِيُ)) [الشورى ]11:هذا توحيد خواص الواص.
...فالذبة تبعده عن أنانيته وتقربه لويته ،إل أن تورث الذبة الشاهدة ،فالشاهدة أحضرته معه وغيبته عنه،
إل أن ظهر بالعيان ،فالعيان يسحقه والعي تحقه ،ث يققه الق ويزهق باطله ،فيكاشف بأنوار غيب الغيب ،فيطالع
أسرار اللك واللكوت ،ويتيه ف تيه العظموت والبوت ،حت تتجلى له شس الربوبية عن ساء العبودية ،فأشرقت
ت وَا َل ْرضِ))
أرض البشرية بنور ربا ،ويرقى ف القام إل تللؤ نور اللوهية الستفاد من ال تعال(( :الّلهُ نُورُ السّ َموَا ِ
[النور ،]35:ث نفحة اللطاف الربوبية ،وانفتح ف عي الشمس باب الوية ،وانغمس فيه النغمس ،ث ل تسأل:
فظن خيا ول تسأل عن الب قد كان ما كان ما ل أفوه به
فاستضاءت الفاق السدانية بضوء الشريعة ،وظهرت الشكاة النفسانية بلوامع الطريقة ،وتنورت الزجاجة
القلبية بأنوارحقيقة الروحانية ،وأشرق الصباح الروحية بنار نور اللوهية ،وبدت شجرة الوحدانية ،ونودي موسى
)(1الشيخ علي نور الدين اليشرطي ،مغرب هاجر إل عكا ،وأسس الطريقة الشاذلية اليشرطية ،مات عام (1316هـ).
)(2نفحات الق( ،ص .)69
)(3نفحات الق( ،ص .)70
)(4نفحات الق( ،ص.)98 ،97:
)(5نفحات الق( ،ص.)98:
)(6نفحات الق( ،ص.)98:
)(7نفحات الق( ،ص.)99 ،98:
)(8نفحات الق( ،ص.)99:
www.alsoufia.com 160 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أن تكون سواه ..وقد مرت معنا ومر غيها أيضا بنفس العن.
وقال :يصل الفقي إل مقام يقول فيه للشيء :كن فيكون .ث تابع حديثه فقال :والبعض عند الاطر(.)1
-ويعن بقوله :عند الاطر ،أي يصل الشيء عندما ير باطره فقط ،دون أن يقول له :كن.
وقال :ما زال العبد يذكر ال ،حت يستول عليه السم ،ومت استول عليه السم ،انطوت العبدية بالربية،
وظهرت عليه صفات الرب ،ولذة الرب تغيّب العبد عن وجوده حسا ومعن(.)2
وقال... :ومَن يرحم الفقي رب يسن إليه ،وهذه وحدة الوجود ل يصل عليها أي إنسان ،فهي للصفياء
والنبياء(.)3
وقال :مر سائح كان يبحث عما يقربه إل ال تعال ،ث إذا هو بامرأة تمل ولدها على منكبها فقالت له :أل
تر ولدي فقد فقدته؟! فنظر إليها وقال :هو ذا الولد على منكبيك وتسألي عنه! فقالت :يا عجبا هو معنا وندور
نبحث عنه! فانتبه الرجل لاله وقال لا :جزاك ال عن خيا(.)4
وقال :ما ف فراق (أي :الفرق غي موجود)(( ،فَأَْينَمَا ُتوَلّوا فَثَ ّم وَ ْجهُ الّلهِ)) [البقرة ،]115:الفراف من هذا
القفص ،ومت خرجت منه تنظر جيع العوال متصلة بك(.)5
-يعن بالفراق :الفرق ،وبالقفص :السد.
وقال :العبد قابل لظهور تليات الق(.)6
-هذا القول ظاهر العن ،ومع ذلك فالنصوص التالية تزيده ظهورا.
يقول ممد باء الدين البيطار(:)7
...فاعلم أيدك ال وإيانا بروح القدس ،وأراك آياته ف الفاق وف النفس ،أن ل أساء ،وأساء الساء ،فأما
أساء الساء فهي الت يعلمها عموم الناس من الساء الرقمية أو اللفظية أو الذهنية ،فهي ف القيقة أساء للساء
وليست عي الساء ،والساء القيقية هي أعيان العال وصور حقائق العان ،إذ من العلوم أن اسم ال الميت مثلً
ليس الؤثر منه بالوت هذه الروف الت هي اللف واللم واليمان والياء والتاء ،وإنا الؤثر بالوت معن هذه الروف
)(1السم :عزرائيل ل يرد ف قرآن ول ف سنة صحيحة ،وقد عب إل كتب السلمي من اليهودية بواسطة التصوفة.
)(2النفحات القدسيه( ،ص.)6 ،5:
)(3النفحات القدسية( ،ص.)3:
www.alsoufia.com 162 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول... :ورد ف الديث القدسي{ :العظمة إزاري والكبياء ردائي} فإزاره عينه ،ورداؤه عينه ،فالظهر
عي الظاهر ،والسم عي السمى ،فهو الحيط بذاته بإحاطة هي عي ذاته ،فكل ما تيط به ذاته هو عي ذاته ،فكل
شيء له الكمال الذات الشار له بقوله تعال حكاية عن هود عليه السلم(( :مَا مِ ْن دَابّةٍ إِلّا ُهوَ آخِذٌ ِبنَاصِيَِتهَا إِ ّن َربّي
سَتقِيمٍ)) [هود ،]56:فصراطه ذاته ،فهو الخذ بناصية كل شيء بذاته لذاته ،والأخوذ عي ذاته ،فهو ط مُ ْ
صرَا ٍ
عَلَى ِ
عي الصراط الستقيم الحدي ،وهو الذي عليه ،فما على هذا الصراط إل هو ،وكل شيء عليه ،فهو ذات كل
شيء ،وحقيقة النور والظل والفيء(( ،وَأَنّ إِلَى رَّبكَ الْمُْنَتهَى)) [النجم ،]42:فالول عي الخر ،والظاهر عي
الباطن ،فالوجود واحد ،كان ال ول شيء معه ،فهو تعال كائن ل يزول ،وأساؤه ل تزول ،كل يوم هو ف شأن،
فالشمس تري لستقر لا ،ول مستقر لا سواها ،وهاهنا كن مطلسم(...)1
ويقول... :فما المر إل هو ،فكل أمرٍ عي الو ،وواق ٌع على الو ،وأوله هو ،وآخره هو ،وظاهره هو ،وباطنه
هو ،وحقيقته هو ،وذاته هو ،قال ال تعال(( :قُ ْل ُهوَ الّلهُ أَحَدٌ)) [الخلص ،]1:غي أن هذه الوية لا وجهان ،كل
منهما مرآة الخر ف عي واحدة(...)2
-ف هذا النص يتوضح لنا معن كلمة (الوية) الت مرت معنا ف نصوص سابقة ،ولننتبه إل تفسيهم لـ((قُلْ
ُهوَ الّلهُ َأحَدٌ)) [الخلص.]1:
ويقول( :جَمَع المع ،وَفرّق الفرق ،من حيث ل جع ول فرق)( ،)3أي إن المع والفرق حُكمان اعتباريان
معقولن ،وما ثَم إل عي واحدة ،هي الخبّر عنها بالي القيوم ،فل حي سواها ،ول قيوم سواها ،كان ال ول يكن
شيء غيه ،أي( :ل غي) ،وهذا الكم مستمرّ أزلً وأبدا ،كل شيء هالك إل وجهه له الكم وإليه ترجعون ،فمن
رأى الشياء معه فقد جهل ،فإن ال تعال دفع هذا الوهم بقوله(( :فََأيْنَمَا ُتوَلّوا َفثَ ّم وَ ْجهُ الّلهِ)) [البقرة ،]115:فأين
الشياء؟ إل أن الكاملي يَسْتُرون هذا الوجه بأساء الشياء(.)4
ويقول ممود أبو الفيض النوف(:)5
وكذلك كل ما يبزغ أو يبدو ف الكون من حياة أو وعي أو إرادة تنجلي كلها لكفاياتنا العليا ،كأنا نعوت
وخصائص أصلية لذلك الكائن السى ،الذي يبدو أنه مطلق يشمل اقتداره وإبداعه وجودنا ووجود غينا من
الكائنات ،وما وراءها من كائنات معجبة بأفعالا الفية ،ودليل ذلك أن الوجود ف شوله -مع ما يبدو فيه من كثرة
وتعدد -يثل لدراكنا الذات وحيتنا النفسية الوجدانية وحدة شاملة مؤتلفة الروابط والعلئق ،وإن تفاوتت فيها
النسب والوضاع والكيفيات والوظائف ،لدى الس والواس والعقل والعقولت ،ما يدلك دللة صرية موجبة
)(1اللمع( ،ص.)541:
)(2معال الطريق إل ال( ،ص.)410:
)(3إيقاظ المم( ،ص.)46 ،45:
)(4مرت ف صفحة سابقة.
www.alsoufia.com 191 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-1ينفون وجود من يؤمن باللول أو بالتاد ،لن ذلك يقتضي أن ف الوجود موجودين ،خالقا وملوقا ،أو
حسب تعبيهم ،الق والسوى ،وبا أنم كلهم يؤمنون أن السوى ل وجود له ،إذن فل يوجد فيهم من يؤمن
باللول أو التاد.
-2اللج يتبأ من الثنينية وينه الالق عن إثبات اثني ،إذن فهو ل يقول باللول.
-3ينفي ابن الفارض الثنينية( ،)1وينفي وجود العية مع الق ،إذن فهو ل يقول بالتاد ،وف شعره يردد
كلمة (التاد) وهو يعن با وحدة الوجود ،ول شيء غي ذلك.
* اللصة:
الصوفية مذهب واحد ،ل يوجد فيهم من يؤمن باللول ول التاد ول الزج ول الوصل ول الفصل ،بل
كلهم كلهم يؤمنون بوحدة الوجود ،وقد غلط العلماء الذين قالوا :إن ف الصوفية حلوليي واتاديي ،وكانوا واهي.
جلة يتسلى القارئ بتحليلها:
يقول أحدهم... :وف القيقة ،ل فصل ول وصل ،ولذلك قيل:
كنه دهرٌ يُشتّ ويَجْمع ول عن قلىً كان القطيعة بيننا
)(1التعرف( ،ص.)66:
)(2التعرف( ،ص.)138:
)(3التعرف( ،ص.)136:
)(4من شرح الكلباذي ف التعرف( ،ص.)136:
)(5التعرف( ،ص.)137:
www.alsoufia.com 216 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وسئل الشبلي :مت يكون العارف بشهد من الق؟
قال :إذا بدا الشاهد ،وفنيت الشواهد ،وذهبت الواس ،واضمحل الحساس بالسوى ،ول يبق إل شعور
الذات بالذات(.)1
ويقول الشبلي كذلك :العرفة أولا ال وآخرها ما ل ناية له(.)2
وسئل أبو يزيد البسطامي عن صفة العارف؟ فقال :إن لون الاء من لون إنائه(.)3
-يلحظ أن قول ابن يزدانيار هو نفس قول الشبلي إل قليلً ،وقول الشبلي أكمل منه وأوضح .كما أن قول
البسطامي هو نفس قول النيد؛ ول غرو! فمن البدهي أن يأخذوا عن بعضهم القوال والفعال .وأظن أن معان
أقوالم صارت الن مفهومة تاما للقارئ.
ويقول الغزال:
...فمن عرف الق رآه ف كل شيء ،إذ كل شيء فهو منه وإليه وبه وله ،فهو الكل على التحقيق .)4(..ث
يلوك الغزال بعد هذا الكلم كلما يقصد به التمويه على غي أهل القيقة.
ويقول... :العارفون بعد العروج إل ساء القيقة ،اتفقوا على أنم ل يروا ف الوجود إل الواحد الق ،ولكن
منهم من كان له هذه الالة عرفانا علميا ،ومنهم من صار له ذوقا وحالً ،وانتفتْ منهم الكثرةْ بالكلية ،واستغرقوا
بالفردانية الحضة ،فلم يبق عندهم إل ال ،فسكروا سكرا وقع دونه سلطان عقولم! فقال بعضهم :أنا الق ،وقال
الخر :سبحان ما أعظم شان ،وقال الخر :ما ف البة إل ال( .)5ويقول... :من هنا ترقى العارفون من حضيض
الجاز إل يفاع القيقة ،واستكملوا معراجهم ،فرأوا بالشاهدة العيانية أن ليس ف الوجود إل ال تعال(...)6ويقول:
...قال العارفون :ليس خوفنا من نار جهنم ،ول رجاؤنا للحور العي ،وإنا مطالبنا اللقاء ،ومهربنا من الجاب
فقط(...)7
-بتأمل النص الخي ،نلحظ أن الغزال يريد أن يقول... :ول رجاؤنا للجنة؛ لكنها كانت ستكون شديدة
الوقع على سع السلم وعلى عقيدته( ،فشلبنها) لتكون أخف وقعا وقال :ول رجاؤنا للحور العي ،والعن واحد
طبعا.
)(1الغنية.)2/164( :
)(2الفتح الربان( ،ص.)371:
)(3إيران أظنه ل زال حيا.
)(4سوري أو لبنان ،وأظنه ل زال حيا أيضا.
www.alsoufia.com 237 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
لكنه مقترن داخليا بالنور الذي يشرق على الب والبحر ويضيء كل شيء للمريد الرتبط به(.)1
ويقول شهاب الدين السهروردي البغدادي:
..ومِن الدب مع الشيخ أن الريد إذا كان له كلم مع الشيخ ف شيء من أمر دينه أو أمر دنياه ،ل يستعجل
القدام على مكالة الشيخ والجوم عليه ،حت يتبي له من حال الشيخ أنه مستعد له ،ولسماع كلمه وقوله متفرغ،
فكما أن للدعاء أوقاتا وآدابا وشروطا ،لنه ماطبة ال تعال فللقول مع الشيخ أيضا آداب وشروط لنه من معاملة
ال تعال(.)2
-لننتبه إل مقارنته ماطبة الشيخ مع ماطبة ال ،وجعله الكلم مع الشيخ من معاملة ال تعال!!
ويقول أحد الفاروقي السرهندي (مدد اللف الثان):
...وهذه الحافظة إنا هي إل زمان الوصول إل الشيخ الكامل الكمل ،ث بعد الوصول إليه ،ل شيء عليه
سوى تفويض جيع مراداته إليه ،وكونه كاليت بي يدي الغسال لديه ،والفناء الول هو الفناء ف الشيخ ،ويكون هذا
الفناء وسيلة الفناء ف ال(...)3
* مشاهد شيخية مرسلة:
* النظر الول:
انتهت الضرة ،ووقف الشيخ تكرما منه وعطفا ليسهل على الريدين التبك بتقبيل يده اللية.
وقف الريدون وملء قلوبم الشكر والمتنان لذا الشيخ الكري العظيم ،الذي يكنهم دائما من تقبيل يده
القدسة ،وأحيانا من تقبيل رجله ،ينعمون با تفيضه عليهم من روحانيته الت تققت بأساء ال وصفاته ،يعبون منها
ذخرا روحيا يعيشون ف نشوته القدوسية أياما ،حت يتكرم عليهم الشيخ من جديد بتجل جديد لطلعته الصمدانية،
الت تلؤهم بالسرار الربانية.
أخذوا يتقدمون الواحد تلو الخر ،يللهم صمت الؤمني أمام وثنهم العبود ،وبشوع تعبدي ينحن صاحب
الدور راكعا أمام الشيخ ،آخذا يده الكرية المدودة بيده القية يقبلها ،وياول أن يرتشف منها أكثر ما يستطيع من
السرار اللية الختزنة ف شيخه .ث يترك الدور لغيه وينصرف حامدا شاكرا.
وصل الدور إل شاب مل اليان الراف قلبه ،وغمره بشوق جنون إل تنسم رائحة العارف الكامل الذي
وصل إل مقام (الفرق الثان) .وجاءت الفرحة ،فأمسك بيده الرتعشة يد الشيخ القدوسية ،وركع أمامه ،ث أهوى
عليها يقبلها ويقبلها ،وهو ل يشبع من تقبيلها ومن تريغ وجهه وجبهته عليها .عيل صب الريد الذي كان خلفه ينتظر
)(1هذا الشيخ أخبه الكشف أنه الهدي النتظر ،وهو منذ سني كثية ينتظر أن يأذن له الكشف بالتحرك.
www.alsoufia.com 239 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أن الطريقة الشاذلية تتبن أفعاله وأقواله وتؤمن با ،وإن كتموا ذلك.
* اللصة:
الشيخ عند الصوفية إله ،يسبغون عليه كل صفات اللوهية ،والريد الذي ل يعتقد بشيخه القدسية اللية ل
يفلح ف سعيه إل الوصول إل وحدة الوجود ،وهذا هو معن الفلح عندهم ،الذبة ،ث مشاهدة اللوهية ف نفس
الُشاهَد وف كل شيء .ولنستمع إل قول الدكتور سيد حسي نصر ،وهو من أعلم الصوفية ف إيران ،يقول:
إن دور الشيخ الرشد الذي يقتضي التسليم التام له ،وأهيته ،ف ترير الريد من الرتباك ف عال الكثرة ،ث
توجيهه له بالتأمل ف عال الوحدة(...)1
)(1عرفت القهوة والقاهي ف استانبول عام (962هـ) ،الوافق لـ (1555م) ،حيث جاء سوريان ،أحدها من حلب ،والثان من دمشق ،وفتحا مقهيي
ف حي (تت القلعة) ،وهذا يعن أن القهوة كانت معروفة ف سورية قبل ذلك.
www.alsoufia.com 245 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الذكر مفتاح الولية ،وجاذبُ الي ،وأنيس الستوحش ،ومنشور الولية...وما ثَم أسرع من فتح الذكر(...)1
ويقول ابن البنا السرقسطي:
أدخل ف خلوة العتزال فعندما مال إل الزوال
واحذر كطرف العي أن تنساه وقيل قل على الدوام (ال)
يشرح ابن عجيبة هاذين البيتي:
...ومَيْل النفس إل الزوال هو إعطاؤها الطوع من نفسها ،بيث يتصرف فيها صاحبها بل نزاع منها...فعند
ذلك يدخل اللوة...ويضه على ذكر السم الفرد حت ل يفتر عنه ساعة ،وهذا التدريج الذي ذكره الناظم (ف
أبيات سابقة) ليس بلزم لكل الشيوخ ول لكل الريدين أن يسلكوه ،بل من الشيوخ من يلقن السم من أول مرة إذا
ل له...ومن الريدين من ل يتاج إل خلوة ،بل يأمره باللطة من أول مرة ،والناس معادن وطبائع،
رأى الفقي أه ً
والعلل متفاوتة...قال الشيخ أبو حامد الغزال رضي ال عنه :ولقد أردت ف بداية أمري سلوك هذا الطريق بكثرة
الوراد والصوم والصلة ،فلما علم ال صدق نيت قيض ل وليا من أوليائه قال ل :يا بن! اقطع من قلبك كل علقة
إل ال وحده ،واخلُ بنفسك ،واجع هتك ،وقل :ال ال ال ول تزد على ما فرض ال عليك شيئا إل الرواتب ،وقل
هذا السم بلسانك وقلبك وسرك ،وأحضر قلبك ،واجع خاطرك ،ومهما قالت نفسك :ما معن هذا؟ فقل لا:
لست مطلوبا بعناه(...)2
ويقول علي نور الدين اليشرطي :وال ما أخذناها بالسماع ،ما أخذناها إل بالذكر.)3(...
ويقول ابن عطاء ال السكندري:
الذكر الرابع( :ال) ؛ ويسمى :الذكر الفرد ،لن ذاكره مشاهد للل ال وعظمته ،فانٍ عن نفسه ،قال ال
ضهِمْ يَ ْلعَبُونَ)) [النعام.)4(]91:
تعال(( :قُ ِل الّلهُ ثُ ّم َذ ْرهُمْ فِي َخ ْو ِ
* ملحوظة:
-يستعمل ابن عطاء ال الية ف غي معناها الذي أنزلت له ،أي يستعمل التأويل.
فماذا يدث للذاكر؟...لنستمع إل أقوالم:
يقول علي نور الدين اليشرطي:
ما زال العبد يذكر ال حت يستول عليه السم ،ومت استول عليه السم انطوت العبدية بالربية ،وظهرت عليه
)(1النوار القدسية ف معرفة قواعد الصوفية.)1/35( :
)(2الفتوحات اللية( :ص.)338:
)(3نفحات الق( ،ص.)113:
)(4مفتاح الفلح( ،ص.)42:
www.alsoufia.com 246 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
صفات الرب(...)1
-أقول :إن سأل سائل :ما هي صفات الرب الت تظهر عليه؟ فالواب :هي اللوسات الت يشاهدها أثناء
الذبة! ويشاهد فيها أنه ال (جل ال) بأسائه وصفاته.
ويقول عبد الجيد الان النقشبندي:
واعلم أن الريد الصادق إذا اشتغل بالذكر على وجه الخلص ،يظهر عليه أحوال عجيبة وخوارق غريبة،
وهي ثرات أعماله من فضل ال تعال عليه ،إما تطمينا لقلبه وتأنيسا ،وإما ابتلءً من ال تعال وامتحانا له .فالواجب
عليه أن ل يلتفت إليها ول يغتر با ،لئل ينقطع با عن مقصوده (مشاهدة الوحدة) .ولذا قال العارفون بال تعال:
أكثر من انقطع من الريدين بسبب وقوعهم ف الكرامات(...)2
* خلصة ما تقدم:
ل ونارا أياما كثية ،قد تقصر وقد
إذا اشتغل الريد بالذكر ،وهو عادة السم الفرد (ال) ،واستمر عليه لي ً
تطول ،وقد تتد إل ما يزيد عن عشرين سنة ،كما حصل لعبد القادر اليلن ،تظهر أمامه خوارق؛ كأنْ يرى
أشخاصا يظهرون فجأة ويتفون فجأة ،أو يسمع أصواتا ،أو تدث أمامه حوادث غي عادية وغي معروفة السبب؟
أو قد يدث مع بعضهم أن يسي فوق الاء أو يطي ف الواء.
هذه الوارق ليست لزمة بالضرورة ،فقد ل يصل شيء منها ،وإذا حصلت فإنم يتواصون بإهالا وعدم
اللتفات إليها والغترار با؛ لن غايتهم هي الوصول إل الذبة الت يستشعرون فيها وبا اللوهية ويذوقونا.
يستمر السالك بالذكر .وقد يلجأ إل الرياضة (الجاهدة) كعامل مساعد ،وقد يبدل اللوة ف غرفة بالسياحة
ف القفار ،مع الوع والسهر والشاق ،ويبقى يذكر ويذكر حت يصل إل الذبة الت هي الدف الول ،وتكون عادة
سريعة الزوال ف أول المر ،عندئذ يسمونه :الجذوب أو الول أو الواصل ،...ويعنون بكلمة (مذوب) أن ال
سبحانه جذبه إليه ،وينصحونه أل يغتر بالذبات القليلة السريعة الزوال ،بل عليه أن يستمر ف الذكر ،حت يزداد عدد
جذباته ويزداد طولا ،ث حت يشاهد فيها وبا الشاهد.
يبقى الريد (أو السالك) هكذا مستمرا حت تصبح الذبة طوع يديه ،ففي أي وقت يريدها يبدأ بالذكر ،وما
هي إل دقائق حت يقع فيها ،بل قد يقع فيها بجرد التفكي با.
وقد يصل إل مقام تتكرر عليه تلقائيا دون ذكر ،وهذا عندهم هو المل النشود ،ومن وصل إليه فهو البدل أو
الوتد أو القطب أو الغوث (حسبما يوحي إليه شيطانه) .على أن عند النقشبندية أسلوبا أسرع (كما يقولون) ف
الوصول إل الذبة ،وهو ترديد ل إله إل ال ،مع هز الرأس بالصورة التالية:
الصوفية
* كيفية الضرة:
نذكر كيفية الضرة بإياز وإجال ،دون تفصيل ،إذ ل فائدة من ذلك ول ضرورة.
مع العلم أنه ل يتم شيء ف الضرة إل حسب توجيه الشيخ فقط ،دون أي كلمة أو إشارة من الريدين ،إذ
هم أمامه كاليت بي يدي الغاسل.
قد تبدأ الضرة بدرس يلقيه الشيخ ،أو بقراءة بعض أحاديث نبوية دون تييز ،أو بنشيد من أناشيدهم ،ث يبدأ
الورد.
ول يكون الورد إل مع اللتزام التام با يسمونه :الرابطة الشريفة ،وهي أن يربط كل مريد ف الضرة بصره
بشيخه إن كان حاضرا ،وأن يتصوره ف خياله إن كان غائبا ،ويكن له ف أول أمره أن يضع صورته أمامه وينظر
إليها ،حت يتدرب شيئا فشيئا على تصوره جيدا ف وهه.
وقد يقرأ أحدهم ،بأمر من الشيخ طبعا ،السلسلة الزعومة للمشيخة (الطريقة) ،والت يصلونا زورا وبتانا
بالرسول صلى ال عليه وسلم.
ث تأت الذكار والصلوات على النب ،ولكل مشيخة أذكارها وصلواتا الت قد تطول وقد تقصر ،والختلف
طبعا هو باللفاظ ل بالعان ،فالعان واحدة أو متقاربة ،وقد رأينا ناذج منها فيما مر من الفصول.
وبالنسبة للصوفية الالسة ،تنتهي هذه اللسة بالفاتة وإهدائها إل النب صلى ال عليه وسلم ،ومن فضله إل
الشيخ ث إل الولياء...إل .وقد يزيدون عليها شيئا من القرآن الكري.
ث يد الشيخ يده ،ويبدأ الاضرون بتقبيلها واحدا بعد واحد ،ث ينصرف من يريد منهم النصراف ،وأحيانا
يقف الشيخ عندما يد يده للتقبيل كرما منه ،ليسهل على الريدين تقبيل يده دون إلائهم إل اللوس والسجود ث
النهوض.
أما بالنسبة للصوفية الراقصة ،فهم ،بعد النتهاء من جلسة الذكر والصلوات يقفون بشكل حلقة غي تامة ،أو
أكثر من حلقة ،حسب العدد ،ويأخذون بالقفز وهم ف مكانم ،يتوسطهم الشيخ أو نائبه ،يركهم بإشارات يده،
وهم يرددون :ال حي ،ال حي ،ال حي ،لكن ل بلفظها ،بل بأنات تتفق مقاطعها مع مقاطعها ،ويد كل واحد
مسكة بقوة بيد جاره ،متشابكة أصابعهم ،وهم ف قفزهم يرتفعون معا ويهبطون معا ،ويقف السنون منهم ف
الطراف ،وقد ل يشبكون أيديهم بأيدي جيانم ،وعادة يكون قفز هؤلء بتحريك الرأس والذع إل المام
والوراء ،دون أن يرفعوا أرجلهم عن الرض ،وقد يرفعون أعقابم فقط.
يرافق ذلك إنشاد من منشد حسن الصوت ،ول يوجد نشيد خاص لكل مشيخة ،إن الناشيد بشكل عام،
* السماع:
)(1البيشر ،اصطلح أورده شهاب الدين السهروردي ف عوارف العارف ،ويعن به الشخص الذي يدير الضرة ،سواء كان الشيخ أو نائبه ،ويستعملون
الن كلمة (البيشروش).
www.alsoufia.com 251 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ماذا يقولون ف السماع؟ نكتفي ببعض الكلمات لبعض كبائهم ،و(كلهم ف الوى سوا).
يقول الغزال:
...فإذا تأثي السماع ف القلب مسوس ،ومَن ل يركه السماع فهو ناقص مائل عن العتدال ،بعيد عن
الروحانية ،زائد ف غلظ الطبع وكثافته على المال والطيور ،بل على جيع البهائم ،فإن جيعها تتأثر بالنغمات
الوزونة ،ولذلك كانت الطيور تقف على رأس داوُد عليه السلم لستماع صوته؟ ومهما كان النظر ف السماع
باعتبار تأثيه ف القلب ،ل يز أن يُحكم فيه مطلقا بإباحة ول تري ،بل يتلف ذلك بالحوال والشخاص
واختلف طرق النغمات ،فحكمه حكم ما ف القلب ،قال أبو سليمان :السماع ل يعل ف القلب ما ليس فيه،
ولكن يرك ما هو فيه .فالترن بالكلمات السجعة الوزونة معتاد ف مواضع لغراض مصوصة ،ترتبط با آثار ف
القلب(....)1
وما يورده الطوسي..:سعت الطيالسي الرازي يقول :دخلت على إسرافي َل أستا ِذ ذِي النون رحهما ال وهو
جالس ينكت بإصبعه على الرض ويترن مع نفسه بشيء ،فلما رآن قال :أتسن تقول شيئا؟ قلت :ل .قال :أنت بل
قلب .سعتُ أبا السن علي بن ممد الصيف قال :سعت رويا ،وقد سئل عن الشايخ الذين لقيهم :كيف كان
يدهم ف وقت السماع؟ فقال :مثل قطيع الغنم إذا وقع ف وسطه الذئاب(.)2
ويقول :سعت أبا عمر وإساعيل بن نُجيد ،قال :سعتُ أبا عثمان سعيد بن عثمان الرازي الواعظ ،يقول:
السماع على ثلثة أوجه :فوَجه منه للمريدين والبتدئي ،يستدعون بذلك الحوال الشريفة ،ويُخشى عليهم ف ذلك
الفتنة والراءاة.
والوجه الثان :للصديقي يطلبون الزيادة ف أحوالم ،ويسمعون من ذلك ما يوافق أحوالم وأوقاتم.
والوجه الثالث :لهل الستقامة من العارفي فهم ل يعترضون ،ول يتأبون على ال فيما ير ُد على قلويهم ف
حي السماع ،من الركة والسكون .أو كما قال(.)3
ويقول :وقال بعضهم :أهل السماع ف السماع على ثلثة ضروب :فضرب منهم أبناء القائق ،وهم الذي
يرجعون ف ساعهم إل ماطبة الق لم فيما يسمعون .وضرب منهم يرجعون فيما يسمعون إل ماطبة أحوالم
وأوقاتم ومقاماتم ،وهم مرتبطون بالعلم ومطالبون بالصدق فيما يشيون إليه من ذلك .والضرب الثالث هم الفقراء
الجردون الذين قطعوا العلئق ول تتلوث قلوبم بحبة الدنيا والشتغال بالمع والنع ،فهم يسمعون بطيبة قلوبم،
ويليق بم السماع ،وهم أقرب الناس إل السلمة ،وأسلمهم من الفتنة .وال أعلم(.)4
)(1الحياء.)2/243( :
)(2اللمع( ،ص.)361:
)(3اللمع( ،ص.)349:
)(4اللمع( ،ص.)351:
www.alsoufia.com 252 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
* السماع والتواجد أو الرقص:
رأينا وصف واصفهم عند السماع أنم (مثل قطيع الغنم وقع ف وسطه الذئاب) ،وهذه أبيات لب مدين
الغرب:
إذا ل تذق معن شراب الوى دَعْنا فقل للذي ينهى عن الوجد أهلَه
فبال يا خال الشا ل تعنفنا إذا ل تذق ما ذاقت الناس ف الوى
إذا غلبت أشواقنا ربا صحنا وسلم لنا فيما ادعينا فإننا
وإن ل نُطق حل التوجد نوّحنا وتتز عند الستماع حواسنا
إذا ذكر الوطان حن إل الغن أما تنظر الطي القفص يا فت
فيفلق أرباب القلوب إذا غن وفرج بالتغريد ما ف فؤاده
ب العضاءُ ف الس والعن
فمضطر ٌ ويهتز ف القفاص من فرط وجده
تزهزها الشواق للعال السن كذلك أرواح الحبي يا فت
وكيف يطيق الصب من شاهد العن أنلزمها بالصب وهي مشوقة
َنعَم ترقص الشباح يا جاهل العن إذا اهتزت الرواح شوقا إل اللقا
وزمزم لنا باسم البيب وروّحنا فيا حادي العشاق قم واحد قائما
وإن نظرت عيناك شيئا فسامنا وصن سرنا ف سكرنا عن حسودنا
وخامرنا خر الغرام تتكنا فإنا إذا طبنا وطابت نفوسنا
فقد رفع التكليف ف سكرنا عنا فل تلم السكران ف حال سكره
فأعيننا منهم وأعينهم منا ويا عاذل كرّر عليّ حديثهم
أرجو من القارئ الكري أن يتسلى بلحوظة العبارات الصوفية الواردة ف كل بيت من أبيات القصيدة ،وقد
مرت كلها (أو أكثرها) ف النصوص السابقة.
والسماع ف أكثر الحيان يكون مصحوبا بآلت تبدأ بالدف ،ث تأت الصنوج والزاهر والطبول الرجاجة
والنايات والبواق.
وقد يكون السماع بدون آلت.
وكلتا الالتي قد توجدان ف الطريقة الواحدة ،حسب الشيخ والظرف.
www.alsoufia.com 253 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وأقوالم ف السماع حسب هذا العن الذي رأيناه ،تل مئات الصفحات وأكثر.
* قراءة الكتب الصوفية:
من النشطات على الجتهاد ف الرياضة والذكر والصرار على الوصول إل الذبة ،قراءة الكتب الصوفية،
وهي كلها مشحونة بتقديس التصوف وشيوخه ،وبسرد مثي لوارق العادة الت تدث أمامهم ،وبتلك العبارات
والرموز والشارات الت تتكلم عن أسرار غريبة وعجيبة ،وغيها من الثيات الغريات.
كل هذا يبعث ف القارئ شوقا جاما لتلك السرار ،واندفاعا ملحا للوصول إل تلك الالت ،ويعل خياله
وآماله وأحلمه توم ف تلك الجواء الغنوصية الت يصورونا له إلي ًة وتققا باللوهية ،ويعبون عنها بثل قولم( :ل
أريد إل وجه ال الكري) ،فيقبل على الرياضة الصوفية بإصرار ،وعلى الغلو ف الضوع الشركي للشيخ ،ما يساعده
على الوصول إل الذبة والتحقق باللوهية بسرعة أكثر.
وكل الراجع الت اعتمدناها لذا الكتاب ،هي كتبهم الت إليها يرجعون وعليها يعتمدون ،وهي كتبهم الت
يقدسون مؤلفوها هم عارفوهم وأشياخهم وأقطابم وعلماؤهم.
وناسخوها هم من عارفيهم وأشياخهم وأقطابم وعلمائهم ومريديهم.
والشرفون على طباعتها لان منتقاة من عارفيهم وأشياخهم وأقطابم وعلمائهم.
والذين يقتنونا ويقرءونا هم من النتسبي إل طرقهم ومشيخاتم ،الذين ل يعصون الشيخ ما أمرهم ،ويفعلون
ما يأمرهم به.
والذين يقتنونا ويقرءونا أيضا من عارفيهم وأشياخهم وأقطابم وعلمائهم ومريديهم.
والذين يشترونا ليضعوها ف مكتباتم ،أو ف مكتبات الساجد أو الدارس ،مراجع إليها يرجعون ،هم من
عارفيهم وأشياخهم وأقطابم وعلمائهم وأسيادهم ومريديهم والسالكي على أيديهم.
لذلك أرجو من القارئ الكري ،أن يكون مطمئنا كل الطمئنان ،واثقا كل الثقة ،مؤمنا كل اليان ،أن كل
ما ف كتبهم هو صحيح النسبة إليهم ،يؤمنون به كلهم إيانا كليا كاملً ،ول يوجد فيه أي دس صغي أو كبي .وإذا
قال لك أحد منهم عن أمر من أمورهم أو قصة من قصصهم أو نص من نصوصهم :إنه مدسوس .فاعلم أنه يكذب
عليك ويادعك ويكر بك ويكيد للسلم ،عن وعي أو عن غي وعي ،ولكن عن إخلص وإيان.
وإذا قال أحد من غيهم :إنه مدسوس .فاعلم أنه جاهل بالصوفية غافل عن واقع السلمي.
إن البحر اليت ل يتاج لن يدس فيه اللح ليصبح ملحا ،وجهنم ل تتاج أن يدس فيها المر لتغدو حامية.
)(1الحدث الافظ الفقيه وهب بن مسرة بن مفرج التميمي الجاري ،من وادي الجارة بالندلس ،توف سنة (346هـ) ،وقد وهم فيه الافظ الذهب
وتبعه ابن حجر بسبب تشابه نسبته مع ابن مسرة الصوف( ،هذا التعريف مقتبس عن ملة (دار الديث السنية) (العدد :الثالث) ،سنة (1402هـ-
1982م)( ،ص.)145:
www.alsoufia.com 257 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
القََلنْدرية :نسبة إل قلندر يوسف ،أندلسي هاجر إل الشرق ،وقد ظهرت هذه الطريقة لول مرة ف دمشق
سنة (610هـ) ،وأتباعها يلقون لاهم ،ول يأخذون أنفسهم بشعائر الدين السلمي ول بقومات الخلق ،مات
قلندر يوسف ف دمياط بصر ،والطريقة منتشرة ف الند ،نشرها الشيخ قطب الدين العمري الونبوري (أجهل
عصره).
الكبوية :للشيخ نم الدين أب الناب أحد بن عمر بن ممد الوارزمي الكبى ،أشهر صوفية الفرس ،ولد
وعاش ف مدينة (خيوة) من أعمال خوارزم ،مات فيها سنة 618هـ أو قبلها بقليل ،ويقال :إنه أخذ التصوف عن
روز بان( )1ف مصر ،لكن أظنه ترج ف القادرية بأحد تلميذ عبد القادر.
الِشْتية :نسبة إل قرية (جشت) ف هراة( ،ف الشمال الغرب من أفغانستان) ،مؤسسها أبو إسحاق الدمشقي
الشت ،وهو من أحياء العقود الخية من القرن السادس الجري ،ولعله أدرك بعض الول من القرن السابع ،وهي
منتشرة ف الند ،نشرها هناك خواجة معي الدين حسن السنجري الجيي ،مات ف أجي سنة 620هـ أو
627هـ أو 634هـ ،وقبه مجة للمسلمي والندوس على السواء ،وقد كان لبعض أتباعها دور ف نشر السلم
بي الندوس ،ويقول مؤلف (الثقافة السلمية) ف الند :إنا أول طريقة أخذها أهل الند.
اليونسية :نسبة إل يونس بن يوسف بن مساعد الشيبان البخاري ،ل شيخ له ،مات سنة 619هـ ف قرية
(القنية) من أعمال (داريا) قرب دمشق ،وهي غي اليونسية الفرقة الشيعية الت ذابت فيما بعد ف التاولة ،وغي
اليونسية ،الفرقة الرجئية.
السهروردية :نسبة إل شهاب الدين عمر بن ممد السهروردي البغدادي ،مات ف بغداد سنة 632هـ.
البابائية أو (البابية) :نسبة إل بابا إسحاق الكفرسوذي (من كفرسوت بنواحي حلب) التركمان ،وقيل :نسبة
إل بابا إلياس ،أو إليهما معا باعتبارها شريكي ،وقد بدأت شهرة (بابا) ف بلد الروم (تركيا) سنة 628هـ .قُتل
بابا إسحاق سنة 638هـ ،قتله السلطان غياث الدين كيخسرو الثان السلجوقي ،وعفا عن بابا إلياس ،وهي غي
البابية الت أنبت البهائية.
الكبية أو (العربية) أو (الاتية) :نسبة إل الشيخ الكب...ابن عرب الاتي ،أندلسي من مرسية ،طاف
البلد ،واستقر ف دمشق ،ومات فيها سنة (638هـ) ،ترج بالعريفية ،ويعتبه الساعيلية من أعلمهم.
الشوذية :مؤسسها أبو عبد ال الشوذي الشبيلي العروف بـ(اللوي) توف على الرجح مع مطلع القرن
السابع الجري ف تلمسان ،وف الشوذية ترج ابن سبعي.
الريرية :نسبة إل علي بن أب السن بن منصور الريري ،مات ف (بُسر) من حوران سنة (645هـ) ،وقد
اضمحلت الن.
)(1يتلف اسه من مرجع إل آخر ،فقد ورد( :روز بار)( ،،روز بان)( ،،روز نار)( ،،زون بار) ،ول يساعد الكشف على معرفة الصحيح منها.
www.alsoufia.com 258 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
البكتاشية :نسبة إل حاجي بكتاش ،ممد بن إبراهيم بن موسى الراسان ،من أعوان بابا إلياس ،نزح من
خراسان إل تركيا ومات ف نوشهر حوال منتصف القرن السابع الجري ،منتشرة ف تركيا وشرقي أوروبا ومصر،
وغلو التشيع الثن عشري واضح فيها.
الشاذلية :مؤسسها أبو السن علي بن عبد ال بن عبد البار الشاذل ،مغرب ،رحل إل تونس وسكن فيها ف
قرية (شاذلة) ،ث انتقل إل مصر ،ومات فيها سنة 656هـ ف صحراء عيذاب وهو ف طريقه إل الج ،وكان كُف
بصره ،وف بعض كتب الرفاعية أن الشاذلية فرع من الرفاعية( .والشاذل مثل غيه من الصوفية من سللة فاطمة
الزهراء).
الحدية أو (السطوحية) :نسبة إل أحد البدوي ،من الغرب ،هاجر أبوه إل مكة ،وهاجر هو منها إل مصر
بعد أن مر على العراق ،وزار أضرحتها ،أقام ف مدينة طندتا (طنطا) ومات فيها سنة (675هـ) ،وسيت السطوحية
لنه كان يقيم على السطح بصورة دائمة ،ويقولون :إنه كان ل يصلي ،وهو (مثل غيه من الصوفية) من سللة
فاطمة الزهراء رضي ال عنها.
العلوية :مؤسسها الستاذ العظم ،ممد بن علي بن ممد...باعلوي ،ولد ف مدينة تري بضرموت ،ومات
فيها سنة (653هـ).
العلية السعدية :نسبة إل سعد الدين الباوي (من قرية جبا ف الولن) ،ابن يونس الشيبان ،مات حسب
أعلم الزركلي سنة (621هـ) ،والظن أنه أدرك النصف الثان من القرن السابع.
الدهية :نسبة إل الشيخ أدهم؟ مدفون ف القدس ،ولعله من أحياء العقود الخية من القرن السابع أو الول
من الثامن الجري.
البهامية أو (الدسوقية) مؤسسها إبراهيم الدسوقي ،من الغرب ،مات ف مصر سنة (676هـ).
السبعينية :نسبة إل ابن سبعي ،أندلسي ،انتقل إل مكة ومات فيها (يقال :منتحرا) سنة (667هـ) أو (
668هـ) أو (669هـ) .وأتباعها يسمون (الليسية) لن ذكرهم كان( :ليس إل ال).
الششترية :نسبة إل أب السن علي النميي الششتري ،تلميذ ابن سبعي ،أندلسي ،مات ف مصر (دمياط)،
سنة (668هـ).
السنية السعدية :أسسها سعد الدين ممد بن الؤيد...بن حويه ،شيعي( ،)1سكن سفح قاسيون ف دمشق ،ث
رجع إل بلده الصلي خراسان ،انتشرت طريقته ف الشام وخراسان بي السنة الذين تشيعوا اتباعا لشيخهم ،وسوه:
سعَى)) [القصص ،]20:مات ف خراسان (يسعى العجم) إشارة إل الية الكرية(( :وَجَاءَ رَ ُجلٌ مِنْ َأ ْقصَى الْمَدِيَنةِ يَ ْ
سنة (650هـ) ،ويسمونه أيضا :سعد الدين الموي ،ترج ف الطريقة الكبية بالشيخ الكب نفسه.
الفصل الول
الحوال والقامات وتوابعها
تردد ف أقوالم وكتبهم كلمات( :الوصول والواصل والواصلون) ،فما هو الوصول؟
يبدأ الوصول عادة برق العادة ،ث الذبة ،ث الناظر الذبية الت يسمونا :الكشف ،وقد يصل بعضهم إل
الذبة بدون الرور برق العادة.
ولكنهم ،ف افتراءاتم ،يدعون أمام أهل الظاهر (أهل الشريعة) ،أن غاية التصوف هو الوصول إل ما يسمونه:
(القامات) ،وكثيا ما يؤكدون هذا ف كتبهم ،حت خدع بذلك الخدوعون ،بل وخدع به بعضهم ،فأخذوا
يارسون وسائل شت ،ليتحققوا با يتوهونه من مقامات ،فما هي هذه القامات ،وما هي الحوال؟
التعريف نأخذه من كتاب( :تربيتنا الروحية) لسعيد حوى ،وهو التعريف الذي استقر عليه أكثر الصوفية منذ
مئات السني ،يقول:
يتحدث الصوفية عن شيء اسه( :حال) ،وعن شيء اسه( :مقام) ،ويعتبون الال هو مقدمة القام ،فمثلً أول
ما يبدأ النسان يشتغل بالذكر ،يصل إل طمأنينة مؤقتة للقلب ل تلبث أن تزول ،فهذا حال فإذا تابع النسان الذكر
وصل إل طمأنينة دائمة للقلب ،فهذا مقام.)1(...
إذن..
الال :هو ما يرد على القلب فجأة ودون تعمد ،ث يزول بسرعة ،وهو أوائل القام.
القام :هو استمرار الال واستقراره ودوامه بيث يصبح صفة دائمة لصاحبه.
وهم يتلفون ف القامات -نوعها وعددها -اختلفا كبيا!
فهي عند الطوسي ف (لعه) سبعة :التوبة ،والورع ،والزهد ،والفقر ،والصب ،والتوكل ،والرضا الذي هو آخر
)(3الحياء.)4/368( :
www.alsoufia.com 281 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ثرات أعماله من فضل ال تعال عليه ،إما تطمينا لقلبه وتأنيسا ،وإما ابتل ًء من ال تعال وامتحانا له ،فالواجب عليه
أل يلتفت إليها ول يغتر با ،لئل ينقطع با عن مقصوده ،ولذا قال العارفون بال تعال :أكثر من انقطع من الريدين
بسبب وقوعهم ف الكرامات(....)1بل الكرامة العظمى الوقوف على حدود الشريعة الغراء ،واتباع السنة الواضحة
البيضاء.
-أقول :هذه الملة الخية هي مغالطة يرددونا بسن نية ،وذلك أن الشراق (الذي هو الصوفية) يبقى
ضللً وزندقة ولو مزج بالوقوف على حدود الشريعة الغراء واتباع السنة الواضحة البيضاء.
وخوارق العادة -ف الواقع -متنوعة ،لكن ل تدث كلها لي واحد منهم ،بل قد يدث بعضها لبعضهم،
ويلحظ أنا -كلها -ما يقوم به شياطي الن استدراج ًا وجرا لم إل وهدة الضلل والضلل.
والوارق الت يقوم با متصوفة الندوس وغيهم أكثر تنوعا وأعجب ما يقوم به متصوفة السلمي ،فقد
يطيون ف الواء ،ويشون على الاء ،ويدخلون ف النار ،ويرفع أحدهم يده ف الظلم فيخرج منها نور يضيء الغابة
وغيها ،وضرب الشيش هو أشهر خوارق متصوفة السلمي ،وهو موجود ف الطريقة الرفاعية والزولية...
وأكرر القول إنا كلها ما يستطيع شياطي الن تثيلها أمام أوليائهم.
أما الشاهد الضخمة ذات البعاد الواسعة الت تتجاوز حجوم الن وقدراتم الطبيعية ،كقطع الرض بطوة أو
خطوات ،والصعود فوق جبل قاف ،ورؤية النفس أطول من السماوات ،أو العروج إليها ،ورؤية ال (جل ال وعل)،
والفناء فيه ،واستشعار اللوهية (سبحان ال عما يصفون) ،وذوق معانيها ،فهذا باجة إل الذبة وأوهامها،
وتشويهها لوظائف الدماغ الطبيعية الت طبعها ال عليها .والذبة هي الوصول ،أو هي أول الوصول.
وهي الفتوح ،وعندما نسمع من يدعو لخر بقوله( :ال يفتح عليك) فعلينا من الن فصاعدا أن نعرف أن
معناها :أوصلك ال إل الذبة.
فما هي الذبة؟
* الذبة:
وأخيا ،وبعد أن اجتزنا الطريق ،فإل أين نصل؟ وإل أين تقود الطريقة؟
إن الطريقة كلها ،بشركها ووثنيتها وَنصَبها وخلوتا وسهرها وجوعها هي من أجل الوصول إل الذبة
ورؤاها.
والذبة أو الصعقة أو الغيبة أو الحو أو السكر :هي حالة نفسية َي ْفقِد با الجذوب إحساسه با حوله
وبالواقع ،ويرى فيها ويسمع ويس رؤى وأصواتا وإحساسات غريبة ومتنوعة ،وهي تشبه حالة الغيبة الت تصيب
)(1عبد القادر بن ممد بن أب الفيض السيد الفضل أبو ممد ،يتصل نسبه بقضيب البان الوصلي ،ولد بماة سنة (971هـ) ،وتوف ف حلب سنة (
1040هـ).
www.alsoufia.com 297 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
موقف السراء:
...ث زجن الروح بالشوق إل جهة الفوق ،حت حللنا الطبقة الثانية ،فتلقانا با أمم سانية ،ورأيت ف ذلك
السوح نب ال نوحا يلي على أهل كل صنعة صنعته ،ويبكي حت تري على خديه دمعته ،ورأيت دموعه أصل
وجود الشهب لتنوير تلك الجب ،ورأيت هناك أرواح العلماء به حافة ،وأقدام الشهداء بي اللئكة صافة.
ورأيت فيها عي ماء جارية إل فوق ،وأرواح أهل الشوق والعشق واقفة ف تلك السماء ،ورأيت فيها فارسا
على فرسه طاردا ل يل ول يكل ساعة واحدة ،فسألت عنه ،فقيل :هو اللك عطارد ،كاتب الخبار ،وكل من ف
تلك السماء كتبة...
-للعلم :عطارد أو (الكاتب) ،هو كوكب سيار من الجموعة الشمسية ،مثل الرض ،يظهر صباحا قبيل
الشمس ف الشرق ،أو مساء ف الغرب ،حيث يغيب بعد الشمس بقليل ،والكشف الاهل ،ل يساعد القطب
الاهل ،على معرفة عطارد كما ل يساعده على معرفة الشهب.
ويكمل ابن قضيب البان قصة عروجه فيقول:
ث ارتقينا إل السماء الثالثة ،وهي أعظم دائرة...ورأيت عليها حاجبي موكلي ،اسم الواحد (القوة) ،والخر
(الول) ،فأخذا بيدي ودارا ب ف تلك الماكن كلها...وفيها رأيت يوسف الصديق جالسا على كرسي من
السن...ورأيت ف ذلك السماء صورة مبتسمة والياء ظاهر منها ،فقال ل الروح :هذا السيح بن مري روح ال،
ورأيت فيها ملئكة لكل ملك ألف رأس ،ف كل رأس ألف وجه ،ف كل وجه ألف فم ،ف كل فم ألف لسان،
وقال ل الروح :هذه اللئكة الذين وكلهم ال بأرزاق أولد آدم ف الرض ،وعليهم ملك أعظمهم اسه (القاسم).
ث انتهينا إل السماء الرابعة ،وهي من معدن الفضة ،وجنس خلقها منها ،لم أنوار تتلل ،ورأيت هناك ملكا
على كرسي جالسا ،أعظم أهلها هيب ًة وهيئةً ،واللئكة صافة به ،فسألت عنه ،فقيل :هو مغناطيس الرواح وجامعها
بعد انبثاثها ف الصور...ث قال ل الروح :اسم هذه السماء( :القدرة الباهرة) ،وفيها رأيت إدريس وأكثر أولياء أمة
ممد العارفي بال ،وف هذه السماء انتشت فّ الواس حت بقيت أدرك بكل حاسة كل ما تدركه الواس المس،
وفيها خرق بصري الكون وشاهدت أعلى عليي وأسفل سافلي.
ث انتهينا إل السماء الامسة ،وإذا هي من معدن الذهب ،ولونا حراء ،وخلق أهلها من جنسها...وهناك
رأيت يي وزكريا وهارون...
ث انتهينا إل السماء السادسة ،وهي من لؤلؤة ،ونورها أبيض يعطي إل الصفرة ،وخلق أهلها منها ،وفيها
رأيت موسى بن عمران عليه السلم ،وفيها رأيت ملكا اسه بلسائيل...وسألته عن أهل الرض البيضاء وأصل نشئها،
فأجاب عنها بأنا خلقت قبل أن يلق ال تعال السماوات والرض بكذا ألف سنة ،وذكر أن هذا الليل والنهار
والشمس والقمركانوا موجودين ف عال منها ،وكذلك الواري الكنس ،فلما خلق ال السماوات نقل كل كوكب
)(1صورة هذا اللك الذي يقدمها هذا القطب ،تذكرنا بصورآلة الندوس ف الند.
)(2النسان الكامل ف السلم( ،ص.).172 -166:
www.alsoufia.com 299 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-جاء ف حاشية (الصفحة )172 :أن الؤلف (ابن قضيب البان) كان علق ف هامش الصفحة الت فيها هذا
النص ما يلي :وإذا أنا بالسجد الرام من مكة عند القام ،جالس ف الجر ،قريب الفجر ،فجددت الوضوء،
وحضرت الصلة سنة اللف وكنت ماورا بكة حينئذ ،فتمت الواقعة بعد الصبح.
ونترك مناقشة هذا الكلم الرهيب والتعليق عليه للقارئ.
ويقول ابن قضيب البان أيضا ف نفس الكتاب:
موقف سر قيام الياة بالذات الوجودية:
أوقفن الق على سر قيام الياة بالذات الوجودية ،فنظرت إل سريان وحدة الوجود ،والتئام شل كل موجود،
ث حققت بعي العتبار ،فإذا أنا براتب الوصال...ث أطلعن على أسوار البدء والعود لدوائر الثار وتنافر الساء ،ث
كشف ل عن دائرة الكون السفلي...ث كشف ل عن سر التنيل والرسال ،وحكمة الوعد والوعيد ،وحال الجتباء
والصطفاء ،ومقام الختبار ،ث أشهدن العمدة ف ذلك بعد كشف السّبحات ،فرأيت هناك صورة شاب ،وجهه
الشمس نورا ،وحوله صُور كالبدور والنجوم حُسنا ،وأشعة أنوارهم جاذبة لكل موجود ،وبي أيديهم موائد وأوانٍ
بفواكه ملوءة ،وأثار معددة ،وأشخاص يأخذون من ذلك الفضل ،ويفعلون ما يؤمرون؟ وقد أشغلن نظري إليه،
وأدهشن حضوري لديه ،فنظر إل نظر داع وشفيق راع ،فسمعت صوتا يقول :أرسل له المانة -بعدما همت
بالقبال عليه ،وكان بين وبينه نو عشرة صفوف -واذا بشيء حله ومد به يده إلّ ،فتناولته بكلتا يدي ،وهي آنية
ملوءة من كل شيء ،فابتلعتها لوقت ،وتيقظت لسي ،فإذا أنا بالبيت الرام طائف ،وقد حييت بق القام ،وف يدي
كأس من زمزم ،ما رشفته منه متمم ،وحدت ال على ما شهدته من الي القدم(.)1
-ويقول :موقف النانية:
أوقفن الق على بساط النانية ،ث كشف ل عن سر قيام النفس الرحان ،والسر الباعث لروح الكشف
والنتباه...وهناك أران سر القائق ف السعة والضايق...ث كشف ل عن أسرار الؤالفة والتابعة وحال العاينة،
وأسرار الديان الختلفة باللقاب ،ث كشف ل عن بيت العزة ،وأران كيفية تنّل الصحف والكتب السطّرة،
وكشف ل عن أمم الروف العالية ،وتنّلا ف قوالب الكلِ ِم الرموقة ،فرأيت لكل حرف سبعة أبطن...وكشف ل
عن إبطان العية الذاتية وسريانا ف سبق السوابق ولق اللواحق .وكشف ل عن قيام أسرار حروف اللف ،فرأيت
قيام امتداد (المزة) بكل حقيقة خفية ،و(اللم) بكل عال كون جلي ،و(الفاء) بعرفة كل معروف عند تعريفه ،وقال
ل :هذا السر ل يظهر إل عند أفول قمر البشرية ،وتلي شس الروحانية (أي :ف حالة الذبة) ،ث قال ل :وف
ظهورها قوة (شي) الشيئة ،و(ميم) الكلم ،و(سي) السلطان ف حجب السبحاتية((...)2إل آخرهذه الذيانات
التحشيشية الفيونية اللوسية (التحشيش الروحان).
)(1الحياء.)4/305( :
)(2القوت ،)2/73( :والحياء.)4/306( :
)(3الحياء.)4/306( :
www.alsoufia.com 306 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
فالعرض عنها هالك بسطوة ملك اللوك ف الخرة ،كما أن العرض عن العمال الظاهرة هالك بسيف سلطي
الدنيا ،بكم فتوى فقهاء الدنيا(...)1
* اللحوظات:
نيب على الضلل السافر اللحظ ف هذا النص با يلي:
-1قوله عن العلم بالقامات الصوفية :هو فرض عي ف فتوى علماء الخرة ،هو تشريع ،فنطالبه بالدليل من
القرآن والسنة ،ونرد عليه بقول ال سبحانه(( :أَمْ َلهُمْ ُشرَكَاءُ َش َرعُوا َلهُ ْم مِنَ الدّي ِن مَا لَ ْم يَ ْأذَنْ ِبهِ الّلهُ)) [الشورى:
،]21ونقول له :هذا تشريع جريء جدا ،ل يأذن به ال ،وهو شرك عظيم.
-2واضح كل الوضوح أن عبارة (العمال الظاهرة) يعن با :الصلة والصيام والج والهاد...وكل ما ظهر
من العمال التكليفية ،ويقرر (هذا الجة) أن العرض عنها هالك بسيف سلطي الدنيا! أي إنه غي مؤاخذ عند ال!
وهذا تكذيب للقرآن والسنة ،كما يقرر أنه هالك بفتوى فقهاء الدنيا ،أي إن علماء الخرة (الصوفية) ل يرون فيها
شيئا! وهذا اعتراف بأن الصوفية ل يدينون بأوامر القرآن والسنة.
يكرر (حجة السلم) هذا العن ف عدة مواضع ف (إحيائه) ،هذا واحد منها ،وقد مر بعضها فيما سبق من
نصوص ،ويُترك الكم للقارئ اللبيب.
* أذل من الكلب (ضعها ف القام الناسب)-:
يورد الجتان (إياها):
...روي أن ابن ال ُكرَين ،وهو أستاذ النيد ،دعاه رجل إل طعام ثلث مرات ،ث كان يرده ث يستدعيه،
فيجع إليه بعد ذلك ،حت أدخله ف الرة الرابعة ،فسأله عن ذلك؟ فقال :قد ُرضْتُ نفسي على الذل عشرين سنة
حت صارت بنلة الكلب يُطرد فينطرد ،ث يُدعى فيُرمى له عظم فيعود ،ولو رددتن خسي مرة ث دعوتن بعد ذلك
لجبت!
وعنه أيضا أنه قال :نزلت ف ملة ،فعُرفت فيها بالصلح ،فشُّتتَ علي قلب ،فدخلت المام ،وعدلت إل
ثياب فاخرة ،فسرقتها ولبستها ،ث لبست مرقعت فوقها ،وخرجت أمشي قليلً قليلً ،فلحقون ،فنعوا مرقعت
وأخذوا الثياب ،وصفعون ،وأوجعون ضربا ،فصرت بعد ذلك أعرف بلص المام ،فسكنت نفسي(...)2
يعلق الغزال على هذا العمل الذي ل يت إل السلم بأي صلة ،فيقول :فهكذا كانوا يروضون أنفسهم حت
يلصهم ال من النظر إل اللق ،ث من النظر إل النفس ،فإن اللتفت إل نفسه مجوب عن ال تعال (أي :ل
)(1الحياء.)306/ 4( :
)(2القوت ،)75 ،2/74( :والحياء.)4/306( :
)(3الحياء.)4/307( :
www.alsoufia.com 308 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أما اللحوظات الخرى فنتركها للقارئ اللبيب.
* جعلوا الدعاء منسوخا (من مقام التسليم والرضا)-:
يورد الغزال والكي قبله:
...وضاع لبعض الصوفية ولد صغي ثلثة أيام ل يُعرف له خب ،فقيل له :لو سألت ال تعال أن يرده عليك؟
فقال :اعتراضي فيما قضى أشد عليّ من ذهاب ولدي(.)1
جبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ
-سؤال موجه إل صاحب( :القوت) و(الحياء) :ما معن قوله سبحانه(( :ا ْدعُونِي أَسَْت ِ
ستَكِْبرُو َن عَ ْن عِبَا َدتِي سََيدْخُلُونَ َج َهنّ َم دَا ِخرِينَ)) [غافر]60:؟ وهل نسخهاكشفهم؟!!
يَ ْ
* من مقام الفقر:
يورد شهاب الدين السهروردي البغدادي:
...وقال الدراج :فتشت كنف أستاذي أريد مكحلة ،فوجدت فيها قطعة ،فتحيت ،فلما جاء قلت له :إن
وجدت ف كنفك هذه القطعة! قال :قد رأيتها؟ ردها ،ث قال :خذها واشتر با شيئا .فقلت :ما كان أمر هذه القطعة
بق معبودك؟ فقال :ما رزقن ال تعال من الدنيا صفراء ول بيضاء غيها ،فأردت أن أوصي أن تشد ف كفن فأردها
إل ال(...)2
* اللحوظة:
ل أظن أن مسلما عنده شيء من الفهم السلمي ،يهل ما ف هذا القول من غباء وضلل وتفكي وثن ل
يت إل السلم بصلة؟! يعل القطعة ف كفنه ليدها إل ال!!
* صدق أو ل تصدق-:
ما يورده أبو نصر الطوسي وابن اللقن:
أن ممد بن علي الكتان( )3ختم ف الطواف (اثنت عشر ألف ختمة)(!)4
-كيف ت هذا؟ ل ندري.
* ومن كراماتم-:
ما يورده عبد الوهاب الشعران:
)(1طبقات الشعران ،)2/3( :وجامع النبهان ،)1/210( :والنبهان (يوسف بن إساعيل) من إجز ْم شال فلسطي ،درس ف الزهر وعمل ف القضاء
وتوف ف بيوت سنة (1350هـ).
)(2طبقات الشعران ،)2/3( :وجامع النبهان.)1/211( :
)(3الفتح الربان( :ص.)370:
www.alsoufia.com 312 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
اهـ.
-وأنا أيضا أقف هنا مكتوف اليدي إل وراء ،ل أعرف ماذا أعلق على هذا الستوى من الضلل؟ ول حول
ول قوة إل بال العلي العظيم ،وهذا طبعا من العلم اللدن.
ويقول اليلن نفسه:
يا غلم ،اقرن بي الدنيا والخرة ،واجعلهما ف موضع واحد ،وانفرد بولك عز وجل عريانا من حيث قلبك،
بل دنيا ول آخرة...يا غلم ،ل تكن مع النفس ول مع الوى ،ول مع الدنيا ،ول مع الخرة ،ول تتابع سوى الق
عز وجل(...)1
* التعليق:
يأمرنا (سلطان الولياء) أن نتعرى عن الدنيا والخرة ،ويأمرنا أن نقرن الخرة بالدنيا ،بعن أن ننبذ الخرة
كنبذنا للدنيا؟ ويقرن الخرة مع النفس والوى والدنيا ،فنسأله ،ونسأل الذي خدعوا به :ماذا بقي لنا إن تعرينا عن
الخرة وتركناها؟ ول يعمل العاملون الؤمنون؟ أليس كل عمل الؤمن هو من أجل الخرة؟
سنَ ًة وَِقنَا عَذَابَ النّارِ)) [البقرة:
ال سبحانه يعلمنا أن ندعوه(( :رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا حَسََن ًة وَفِي ال ِخ َرةِ حَ َ
،]201فهل نطيع ال أم نطيع اليلن؟
عشرات اليات ف القرآن الكري تأمرنا أن تكون غايتنا هي الخرة ،وأن تكون هي رجاءنا من ال سبحانه،
منها مثلً(( :اعْبُدُوا الّلهَ وَارْجُوا الَْي ْومَ ال ِخرَ وَل َتعَْثوْا فِي ا َل ْرضِ)) [العنكبوت ،]36:فهل وصل (القام) باليلن
إل مستوى نسخ القرآن؟!
ث يتساءل التسائلون :ما دام السلم دين الفطرة ،فِلمَ انرف عنه السلمون وابتعدوا منه بسلوكهم وأخلقهم
وعقائدهم؟ والواب ماثل أمام العي ،لكنها ل تعمى البصار...
ويقول..:يا جاهل ،اترك الدفتر من يدك ،وتعال اقعد ههنا بي يدي على رأسك ،العلم يؤخذ من أفواه الرجال
ل من الدفاتر ،يؤخذ من الال ل من القال ،يؤخذ من الفاني عنهم (أي :عن أنفسهم) وعن اللق ،الباقي بالق عز
وجل( -...)2إنه ينهى عن علم الدفاتر ويأمر بعلم الال ل بعلم القال :وطبعا علم الدفاتر ،هو نفسه علم القال،
(الذي يتعلم بالقول واللسان) ،وهو كل العلوم النسانية با فيها علم الشريعة السلمية من قرآن وحديث
وشروحهما وفقههما...إل ،ث يتساءلون عن سبب الهل التفشي ف السلمي؟
* كرامة فوق العجاز والعجزات-:
...ومنهم الشيخ علي نور الدين الرصفي رحه ال تعال ورضي عنه آمي :كان من الئمة الراسخي ف العلم،
)(1الفتح الربان( ،ص.)15 ،14:
)(2الفتح الربان( ،ص.)214:
www.alsoufia.com 313 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وله الؤلفات النافعة ف الطريق...وذكر ل سيدي أبو العباس رحه ال أنه قرأ بي الغرب والعشاء خس ختمات؟!
فقال الشيخ :الفقي وقع له أنه قرأ ف يوم وليلة ثلثائة وستي ألف ختمة؟؟!! كل درجة ألف ختمة(...)1اهـ.
-واإسلماه! واعقله! واإنسانيتاه! واحياءاه؟! ولكنها الولية؟
إن هذه الرؤى الشيطانية وأمثالا ،الت سيطرت على عقول السلمي ،هي الت أفسدت فيهم ما أفسدت من
تفكي أصبح غي سليم ،ل يفكر إل بأسلوب خراف سحري بعيد عن الواقع الصحيح ،ومن عقيدة انرفت عن عقيدة
السلم الت جاء با ممد صلى ال عليه وسلم ،ومن سلوك أصبح موجها باليالت الصوفية الضبابية ،والرؤى
الكشفية الت تتلط عند الكمّل مع الواقع فل ييزون بينهما غالبا.
* كرامات وولية تقت الذان وتارب الصيام-:
...ومنهم سيدي إبراهيم بن عصيفي رضي ال تعال عنه آمي...وكان كثي الكشف ،وله وقائع
مشهورة...وكان بوله كالليب أبيض ،وكان يغلب عليه الال فيخاصم ذباب وجهه ،وكان يتشوش من قول الؤذن
(ال أكب) فيجه ويقول :عليك يا كلب نن كفرنا يا مسلمي حت تكبوا علينا! وما ضبطت عليه قط كشفا أخرم
فيه...وكان رضي ال عنه يقول :أنا ما عندي من يصوم حقيقة إل من ل يأكل اللحم الضان أيام الصوم كالنصارى،
وأما السلمون الذين يأكلون اللحم الضان والدجاج أيام الصوم فصومهم عندي باطل...وكان يفرش تته ف مزنه
ل ونارا ،وقبل ذلك كان يفرش زبل اليل ،وكان إذا مرت عليه جنازة وأهلها يبكون ،يشي أمامها معهم
التب لي ً
ويقول :زلبية هريسة زلبية هريسة ،وأحواله غريبة(...)2اهـ .ول تعليق.
* ول ينع خادمه من الصلة ويضربه إذا صلى-:
...ومنهم سيدي الشيخ شهاب الدين الطويل النشيلي رضي ال تعال عنه...وكان ينادي خادمه وهو ف
الصلة ،فإن ل يبه مشى إليه وصكه ومشى به وقال :كم أقول لك ل تعد تصلي هذه الصلة الشئومة ،فل يستطيع
أحد يلصه منه(...)3
-وبالطبع فإن الصوفية يرون أن منعه من الصلة له تأويل!
* جب نفسه تقربا إل ال (لعل هذا من مقام الورع!-:
...ومنهم سيدي عبد الرحن الجذوب رضي ال تعال عنه (وهو من السلسلة الشاذلية) كان رضي ال عنه
من الولياء الكابر...وكان مقطوع الذكر ،قطعه بنفسه أوائل جذبه ،وكان جالسا على الرمل صيفا وشتاءً ،وإذا
جاع أو عطش يقول :أطعموه ،أسقوه( )4اهـ.
)(1طبقات الشعران ،)2/128( :وجامع النبهان ،)2/367( :وذكرها الشيخ عبد الغن النابلسي ف (شرح الطريقة الحمدية).
)(2طبقات الشعران.)2/140( :
)(3طبقات الشعران.)2/141( :
)(4طبقات الشعران.)2/141( :
www.alsoufia.com 314 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ول تعليق.
* تواضع مرحاضي ويدخل الامع بالكلب! رضي ال عنه-:
...ومنهم الشيخ أبو الي الكليبات رضي ال عنه ،كان رضي ال عنه من الولياء العتقدين ،وله الكاشفات
العظيمة مع أهل مصر وأهل عصره...وكان أغلب وقته واضعا وجهه ف حلق اللء ف ميضأة جامع الاكم!
ويدخل الامع بالكلب(!!)1
-لعل هذا من مقام التواضع الرحاضي المزوج بالكلب.
* مأمونية حوية-:
وحكى ل خادم سيدي أب الي الكليبات أن شخصا أتاه وأخبه أنه قال للشيخ:
إن زوجت حامل ،وقد اشتهت مأمونية حوية ،ول أجدها ،فقال له الشيخ :ائتن بوعاء ،فأتاه به ،فتغوط له
فيها مأمونية سخنة! فقال الادم :وأكلت منها لعدم اعتقادي أنا غائط(!!)2
(ول تعليق).
* يطب عريانا ويرج الريح أمام الناس ويلف كاذبا رضي ال عنه-:
...ومنهم الشيخ إبراهيم العريان رضي ال تعال عنه ورحه...وكان رضي ال تعال عنه يطلع النب ويطب
عريانا ،فيقول :السلطان ودمياط باب اللوق بي القصرين وجامع طيلون المد ل رب العالي ،فيحصل للناس بسط
عظيم...وكان يرج الريح بضرة الكابر ،ث يقول :هذه ضرطة فلن ،ويلف على ذلك ،فيخجل ذلك الكبي منه،
مات سنة نيف وثلثي وتسعمائة(.)3
* ملحوظة هامة:
يظهر أن العري أمام الناس ،الحرم ف السلم ،هو من مستلزمات الولية الصوفية ،ولكنه هي أمام الأمونية
الموية.
على كل حال ،يب أن تؤول لؤلء القوم ضللتم للتستر عليها ،كما يب أن ل ننسى أنه يلف كاذبا
رضي ال عنه!.
* طبل وزمر-:
ومنهم سيدي إبراهيم الجذوب رضي ال تعال عنه :كان رضي ال عنه كل فلوس حصلها يعطيها للمطبلي
)(1طبقات الشعران ،)2/154( :وجامع النبهان ،)2/77( :وقد ورد السم فيها (روز بار) بدلً من (زون بار).
)(2طبقات الشعران ،)2/106( :وجامع النبهان.)2/294( :
www.alsoufia.com 317 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أرى ما ف بواطنهم ،توف رضي ال عنه سنة سبع وتسعي وثانائة رضي ال عنه(.)1
* تعليق على ما مضى:
هذه الكشوف والكرامات والعلوم اللدنية ،تكشف لنا عن سبب النكسة الت أصيبت با المة السلمية ،بعد
أن بعثها ال تلك البعثة الرائعة ،لتكون سيدة التاريخ ،ولتقيم شريعة ال ف الرض ،حت إذا ظهرت الصوفية
وانتشرت ،ضربت على المة غشاءً كثيفا من الهل والضلل والنراف عن السلم...وسيقول لك التصوفة :هذه
القصص والكرامات والعلوم اللدنية لا تأويل .فنجيبهم :هذه خدعة باطلة ماكرة ،تدل على أن القوم يكيدون
للسلم ويضمرون له الشرور.
* ما هو معن (ل إله إل ال)؟ يقول حجه السلم:
...والنبياء هم الكحالون ،وقد جاءوا داعي إل التوحيد الحض ،وترجته قول (ل إله إل ال) ،ومعناه :أن ل
يرى إل الواحد الق( !!)2لنتذكر بيت شعر مدد اللف الثان.
( -ل إله إل ال) هي الدخل إل السلم ،وهاهم قد حرفوا معناها! فماذا بقي لم من السلم؟
* العصا إنسان ،والبحر ف إبريق( ،والعقل واليان ف سبات عميق)-:
ومنهم الشيخ ممد الشربين رحه ال تعال ،شيخ طائفة الفقراء بالشرقية ،كان من أرباب الحوال
والكاشفات...ولا ضعف ولده أحد ،وأشرف على الوت ،وحضر عزرائيل لقبض روحه ،قال له الشيخ :ارجع إل
ربك فراجعه فإن المر نُسخ؟ فرجع عزرائيل وشفي أحد...وكان رضي ال عنه يقول للعصا الت كانت معه :كون
إنسانا ،فتكون إنسانا ،ويرسلها تقضي الوائج ث تعود كما كانت...وكان من عادته أنه يأمر مريديه بالشحاتة على
البواب دائما ف بلده...وكان الشيخ ممد بن عنان وغيه ينكرون عليه لعدم صلته مع الماعة ،ويقول :نن ما
نعرف طريقة تقرب إل ال تعال إل ما درج عليه الصحابة والتابعون...له ذرية بأرض الغرب ،وذرية ف بلد العجم،
وذرية ف بلد الند ،وذرية ف بلد التكرور ،فكان ف ساعة واحدة يطوف على عياله ف هذه البلد ويقضي
حوائجهم ،وكل أهل بلد يقولون :إنه مقيم عندهم ،ولتبدله ف هذه الصور ،وتصرفه ف هذه الشكال ،كان ربا
أنكر عليه بعض الفقهاء ترك المعة...وكان إذا أراد أن يعدّي ف البحر يقول له العدّي :هات كراء...فقال الشيخ:
(ها ال) ،وطأطأ البريق ،فأخذ ماء البحركله فيه!! ووقف الركب على الرض ،فاستغفر العدّي وتاب ،فصب
البريق ف البحر ،ورجع الاء كما كان(...)3
-لنلحظ ف هذه القصة تلعبات الشياطي ف الناظر الوهية الوهة.
)(1طبقات الشعران ،2/88( :وما بعدها) ،وجامع النبهان ،1/261( :وما بعدها).
)(2طبقات الشعران ،2/89( :وما بعدها) ،وجامع النبهان ،1/261( :وما بعدها).
www.alsoufia.com 322 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الكلب!! ويعلون هذا تأسيا بالنبياء!! ث يتساءل التسائلون عن سبب انطاط السلمي؟!
كما يب أن نلحظ الدوار البيثة الت تثلها شياطي الن ،وتضحك با على ذقونم ،فتخدعهم وتدع بم.
* يبيع النة بثلثي دينارا ويأخذ من الرأة كل ما تلك-:
ومنهم الشيخ مدين بن أحد الشون رضي ال تعال عنه...كان من أكابر العارفي ،وانتهت إليه تربية الريدين
ف مصر وقراها ،وتفرعت عنه السلسلة التعلقة بطريقة أب القاسم النيد رضي ال عنه...وجاءته رضي ال عنه امرأة
فقالت :هذه ثلثون دينارا وتضمن ل على ال النة! فقال لا الشيخ رضي ال عنه مباسطا لا :ما يكفي ،فقالت :ل
أملك غيها ،فضمن لا على ال دخول النة! فماتت ،فبلغ ورثتها ذلك ،فجاءوا يطلبون الثلثي دينارا من الشيخ،
وقالوا :هذا الضمان ل يصح ،فجاءتم ف النام وقالت لم :اشكروا ل فضل الشيخ ،فإن دخلت النة! فرجعوا عن
الشيخ( .)1اهـ.
-ونن بدورنا ننقل هذا الب للمسلمي ،لعلهم يسرعون ويفتشون عن هؤلء الولياء ويشترون منهم ما
يبتغون من َعرَصات النة ،كما نرجو من كرم هؤلء الولياء أن يراعوا خواطر الفقراء( .ونذكر أيضا بأن أحد
الرفاعي باع قصرا ف النة).
* يدفع عنه الوت...وينع زوجته من الزواج بعده-:
ومنهم سيدي ممد الشويي...كان من أرباب الحوال العظيمة...ومرض سيدي مدين (الشون) رضي ال
عنه مرة ،وأشرف فيها على الوت ،فوهبه من عمره عشر سني!! ث مات ف غيبة الشويي رضي ال عنه ،فجاء وهو
على الغتسل ،فقال :كيف مت؟ وعزة رب لو كنت حاضرا ما خليتك توت!!
...وقد بلغنا أن زوجة سيدي ممد الشويي مات عنها وهي بكر ،وقال لا :ل تتزوجي بعدي أحدا فأقتله!!
فاستفتت العلماء ف ذلك ،فقالوا لا :هذه خصّيصي برسول ال صلى ال عليه وسلم ،فتزوجي وتوكلي على ال،
فعقدوا لا على شخص ،فجاءه تلك الليلة وطعنه بربة فمات من ليلته ،وبقيت بكرا إل أن ماتت وهي عجوز(...)2
ويترك التعليق للقارئ اللبيب.
* القيء إكسي الولية-:
ممد السمى بقمر الدولة؛ أحد أكابر أصحاب سيدي أحد البدوي ،ول يصحب سيدي أحد زمانا طويلً،
إنا جاء من سفرٍ ف وقت حر شديد ،فطلع يستريح ف طندتا (طنطا) ،فسمع بأن سيدي أحد رضي ال عنه ضعيف،
فدخل عليه يزوره...فوجد سيدي أحد قد شرب ماء بطيخة وتقيأه ثانيا فيها ،فأخذه سيدي ممد الذكور وشربه!!
)(1البريز( ،ص.)148:
)(2البريز( ،ص.)2:
)(3من أبيات مكتوبة على الغلف الداخلي للكتاب.
)(4البريز (ص.)149:
www.alsoufia.com 344 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
كامل على أن رؤاهم ومشاهداتم ما هي إل أوهام ،كانوا يظنونا حقائق ،وقد شغلت -كعلوم -حيزا من قناعاتم،
فظهرت ف رؤاهم الكشفية ،ولنلحظ قوله :إن الرض ممولة على الاء...وإن هذا الاء بعيد إل النهاية ،الذي يُظهر
ج مِْنهَا مَا َءهَا َو َم ْرعَاهَا))
ك دَحَاهَا .أَ ْخرَ َ
مدى جهل الكشف وغبائه أيضا! لن الية الكرية تقول(( :وَا َل ْرضَ َبعْدَ ذَِل َ
[النازعات ،]31 ،30:أي :إن ماء الرض خرج من الرض ،فيكون ممولً عليها وليس العكس ،وكذلك قوله :لو
قدرنا رجلً يشي...فإنه يبلغ لنقطع الرض ،الذي يدل على أن كشفهم (وعرفانم) ل يستطع أن يفهم معن قوله
ض مَ َددْنَاهَا)) [الجر ،]19:أي :إن الرجل الاشي ،سيبقى يسي ،وستبقى الرض ،ومعها البحر سبحانه(( :وَا َل ْر َ
مدودة أمامه ل تنقطع ،لنا كروية ،ولكن الكشف جهول؟ ولننتبه أيضا إل قوله :وكم مرة أنظرُ إل طرف الاء
الوال للجو ،...الذي يبي بوضوح كامل أن هذه المور شاهدها بنفسه (بالكشف طبعا) ،وهذا دليل واضح على
أن الكشف هو انبثاقات للمعلومات الختزنة ف عقل الكاشف ،وبالتال ،يدل هذا أيضا على أن الصوفية ليست
ولية (ول يزنون) ،وإنا هي حالة نفسية تشبه ما يدث لتعاطي الخدرات شبها تاما .كما يب أن ننتبه إل
اعتقادهم بواقعية الكشف.
* كشف فلكي فيزيائي كيميائي-:
(ياقوتة) :سألت شيخنا رضي ال عنه عن مل التغيي والستحالة من العال .فقال رضي ال عنه :مل ذلك ما
دون فلك القمر!...فقلت له :فهل الستحالة عامة ف كل كثيف ولطيف فيما تت فلك القمر؟ فقال رضي ال عنه:
نعم .أل ترى النار تستحيل هواء ،والواء يستحيل ماء ،والاء يستحيل هواء ،والواء يستحيل نارا ،والنار تتصل
بالواء وآخرها يتصل بالنور ،فأول طرف الواء متصل بالاء وآخره متصل بالنار ،وأول الاء متصل بالتراب وآخره
متصل بالواء ،فمن جهة طرفه العلى يتصل با فوقه ،ومن طرفه الدن يتصل با دونه ويستحيل؛ فقلت له :فما العلة
ف الستحالة والتغيي؟
فقال :لتُجزى كل نفس با كسبت وتعاقب با جنت(.)1
* التعليق:
يقول :إن الستحالة (أي :الوادث الكيميائية والفيزيائية) ل تري فوق فلك القمر! أي :لو كنا ف الريخ
مثلً ،فأي عملية كيميائية أو فيزيائية ل يكن أن تري هناك!! كما يقرر (بل يقرران) أن ما فوق فلك القمر ل
يوجد فيه تراب ،إن التراب هو الذي نراه تتنا فقط!!
-هذا الكلم يعن أن العارف (بل العارفي) الكامل الحقق ل يستطع أن يعرف أن الستحالة والتغيي تري
فوق فلك القمر وف النجوم البعيدة ،كما تري على الرض ،كما أنه ل يعرف (أو ل يعرفا) أن الرض ومعها قمرها
تدور مع بقية الكواكب السيارة حول الشمس ،ول يعرف كذلك أن النجوم شبيهة بالشمس لا توابع أو رفاق،
تدور حولا أو معها ،وتسري عليها سنن ال الت تسري على الرض ،ول يعرف أيضا أن العلة ف الستحالة والتغيي
)(1كتاب الواهر والدرر على هامش البريز( ،ص.)151:
www.alsoufia.com 345 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
جزَى كُلّ َن ْفسٍ بِمَا َكسََبتْ)) [الاثية ،]22:وأنه ل علقة بينهما ألبتة ،وإنا هي سنن ال ف
ليست كما قال(( :وَلُِت ْ
خلقه ،كانت كما أرادها أن تكون.
وكل هذا يعن أن الكشف ل يعطه أكثر من العارف الختزنة ف مازن دماغه والت استقاها من العلومات الت
كانوا يتوهونا ،والت جاءت بدورها من مكاشفات أولياء سابقي تراكمت بعضها فوق بعض ،وكان القطاب
الدركون والكباريت المر ،يضيف كل واحد منهم إل الركام ما يتجسد له ف كشفه ،ما يتوهه من نظريات
خرافية .والدير بالذكر أن مثل هذا تاما يدث مع الذين يتعاطون الخدرات التحشيشية ،فهم يرون ف كشوفهم
العلومات الختزنة ف عقولم ،يضاف إليها أمانيهم وطموحاتم .وهكذا كل كشوف العارفي ،ما عدا الطلسميات
والعميات والغيبيات الت ل يكن أن يوجد عليها أي دليل ،والت ليس لا أي قيمة ف ميزان العلم والعرفة القة.
ولتام الفائدة ،نفيد القارئ علما أن السائل هو القطب الربان والغوث الصمدان سيدي عبد الوهاب الشعران ،وأن
السئول هو الشيخ الكامل الحقق صاحب الكشوفات الربانية والعارف اللدنية ،سيدي علي الواص...وكان مل
كشفه اللوح الحفوظ عن الحو والثبات(!!)1
-أقول :لو كان كلمهم هذا صحيحا ،ولو كانت كشوفاتم ربانية ملها اللوح الحفوظ ،لتنهت عن
الغلط -مرد الغلط -فكيف با وهي كلها -كما نرى -هذيان ف هذيان ،وجهل ف جهل؛ وبالتال ،تكون فناءاتم
وإشراقات وحدة الوجود فيها هذيانات من هذه الذيانات.
* كشف من الغيبيات (للتسلية)-:
يقول أحد بن البارك:
سعت الشيخ (عبد العزيز الدباغ) رضي ال عنه يقول :ف ذات كل ملك خسة رءوس ،لكل رأس ييٌ وشالٌ
وفوقٌ سبعة ،فله فوق تسعةُ أفواه ،مموع ذلك ثلثة وستون فما ف كل رأس ،فإذا ضربت عدد الرءوس المسة ف
عدد الفواه السابقة ،كان الارج ثلثائة فم وخسة عشر فما ،والفم يكون فيه ثلثة ألسن ،وقد يكون فيه خسة
ألسن ،وقد يكون فيه سبعة ألسن؟ فإذا كان فيه ثلثة ،فالارج من ضربا ف عدد الفواه تسعمائة وخسة وأربعون
لسانا ،وإن كان فيه خسة كان الارج ألف لسان وخسمائة لسان وخسة وسبعون لسانا ،وإن كانت سبعة كان
الارج ألفي لسان ومائت لسان وخسة ألسن؛ وإذا تكلم اللَك بكلمة خرج صوته با من هذه اللسن كلها،
فسبحان اللِك .اللق العظيم(...)2اهـ.
ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،وهكذا نرى أن كشوفهم ما هي إل هذيانات وهلوسات وصور لا
كانوا يعتقدونه عن الكون ،وكلها خرافية ،بالضافة إل اللعيب الشيطانية.
* ث قاف أيضا-:
)(1الملة الخية من طبقات الشعران.)2/150( :
)(2البريز( ،ص.)153:
www.alsoufia.com 346 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
...سعنا الشيخ أبا أحد البطايي رضي ال عنه غي مرة يقول :دخلت على شيخنا الشيخ عبد القادر رضي ال
عنه ببيته يوما ،فوجدت عنده أربعة ما رأيتهم قبل! فوقفت مكان ،فلما قاموا من عنده قال ل الشيخ :القهم
واسألم أن يدعوا لك ،فلحقتهم ف صحن الدرسة قبل أن يرجوا ،وسألتهم الدعاء ،فقال ل أحدهم :لك البشرى،
أنت خادم رجل يرس ال تعال الرض ببكته ،سهلها وجبلها ،برها وبرها ،وبدعوته تُرحم الليقةُ برها وفاجرها،
ونن وسائر الولياء ف حضرة أنفاسه وتت قدميه وف دائرة أمره؟ ث خرجوا من الدرسة فلم أرهم؛ فرجعت إل
الشيخ متعجبا ،فقال ل قبل أن أخبه بشيء :يا عبد ال! ل تُعلِمْ أحدا با قالوا لك يا أخي .قلت :يا سيدي مَن
هؤلء؟ قال :رؤساء رجال جبل قاف ،وهم الن ف مواضعهم ببل قاف(...)1
-السؤال :أين هذا القاف؟! أفيدونا يا رجال الغيب ،ويا رجال الشهادة ،ولكنهم كانوا يرون هذا فعلً
بالكشف! فما هو هذا الكشف؟!
* ماذا بقي لللوهية-:
يقول عبد القادر اليلن:
أنا من وراء أمور اللق ،أنا من وراء عقولم ،كل رجال الق إذا وصلوا إل القَدَر أمسكوا إل أنا ،وصلت إليه
وفتح ل منه روزنة ،فأولت فيها ،ونازعت أقدار الق بالق للحق ،فالرجل هو النازع للقدر ل الوافق له(.)2
ويقول :طوب لن رآن ،أو رأى من رآن ،أو رأى من رأى من رآن ،وأنا حسرة على من ل يرن(.)3
الواب هو قوله سبحانه(( :فَل ُتزَكّوا أَنفُسَكُ ْم ُهوَ َأعْلَمُ بِ َمنِ اّتقَى)) [النجم .]32:وقوله(( :أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِي َن
ب وَ َكفَى ِبهِ إِثْمًا مُبِينًا))
سهُمْ َبلِ الّلهُ ُيزَكّي مَنْ يَشَا ُء وَل يُ ْظلَمُونَ فَتِيلًا .ان ُظرْ كَيْفَ َي ْفَترُونَ عَلَى الّلهِ الْكَ ِذ َ
ُيزَكّونَ أَنفُ َ
[النساء ،]50 ،49:وقوله ماطبا رسولهَ (( :ومَا َأ ْدرِي مَا ُي ْفعَلُ بِي وَل بِكُمْ)) [الحقاف ،]9:وقوله(( :قُلْ إِنّي ل
ضرّا وَل رَشَدًا .قُلْ ِإنّي لَ ْن يُجِيَنِي مِنَ الّلهِ أَ َحدٌ َولَنْ أَجِ َد مِ ْن دُوِنهِ مُ ْلتَحَدًا)) [الن ،]22 ،21 :وغيها َأمِْلكُ لَكُ ْم َ
الكثي ،فهل نؤمن بالقرآن أم باليلن؟؟
* ل يلبس القميص تقربا إل ال تعال (لعله من مقام الحاسبة)-:
...وكان لب سعيد الراز ابنٌ مات قبله ،فرآه ف النام ،فقال له :بُن أوصن.
فقال :ل تعامل ال على الب...فقال :زدن .فقال :ل تعل بينك وبي ال قميصا! قال :فما لبس القميص
ثلثي سنة(...)4
)(1التعرف (ص.)147:
)(2التعرف( ،ص.)148:
)(3التعرف( ،ص.)148:
)(4التعرف( ،ص.)148:
www.alsoufia.com 352 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
* ودستور آخر (لعله من مقام التقوى)-:
...سعت السي الغازل يقول :رأيت عبد ال القشاع ليلةً قائما على شط دجلة وهو يقول :يا سيدي أنا
عطشان ،يا سيدي أنا عطشان ،حت أصبح ،فلما أصبح قال :يا ويلت ،تبيح ل شيئا وتول بين وبينه ،وتظر علي
شيئا وتلي بين وبينه ،فإيش أصنع؟ ورجع ول يشرب منه(.)1
جوابنا :أل يعلم هذا الاهل أنه ف عمله هذا إن ل يكن آثا فهو على القل غي مأجور؟ أوَل يعلم أيضا ،هو
وطائفته ،أن مثل هذا موجود ف دين الندوسية ل ف دين السلم؟ ث ماذا لو شرب؟ وما هي السنة ف عدم شربه؟
لكن بثل هذه التفاهات وصلت حالة السلمي إل ما نراه الن.
* الصراخ والتعري من مستلزمات الصوفية-:
...ث صرخ (عبد القادر اليلن) وقام إليه خلق كثي يتوبون صارخي باكي ،إذ جاء عصفور فقعد على
رأسه ،فحن رأسه له ،ومكث كذلك وهو على رأسه والناس على درج الكرسي ،والصراخ حوله وهو ل يبح حت
مد يده بعض أصحابه نوه ،فطار ،ث دعا ،وضج الناس بالبكاء والدعاء والتوبة ،فنل وخرج على حاله إل جامع
الرصافة ،وتبعه خلق كثي بالبكاء والصراخ والوجد والتعري عن الثياب ،ث قال رضي ال عنه :هذا آخر الزمان(...)2
* اللحوظة :هكذا هي التربية الصوفية الت دمرت الجتمع السلمي :عري وصراخ وغوغائية...
* مشورة الكتاب والسنة غي ملزمة (لعلها للتسلية فقط)-:
شرْ ،استفتِ
...فانظر إل وزيريك ،الكتاب والسنة ،خذ مشورتما ،فإن أفتياك توقف ،ل تستعجل ،ل تُ ِ
نفسك وإن أفتاك الفتون ،النفس إذا جاهدتا وخالفتها انسكبت مع القلب ،صارا شيئا واحدا(...)3
-للعلم :قائل هذا الكلم هو عبد القادر اليلن (وما أدراك )...وهو يقرر أن عليك أل تلتزم بالقرآن
والسنة ،وإنا تستشيها فقط ،ث تعود إل مشورة قلبك؟ وأرجو من القارئ أن يبحث عن حكم السلم ف هذا.
وكان (عبد القادر اليلن) رضي ال عنه يقول :أيا امرئ مسلم عب على باب مدرست يفف ال عنه
العذاب يوم القيامة(( ..!)4يا سلم ويا بلش).
* دعاء غي ال واستعانة بغيه-:
بسم ال الرحن الرحيم
يا سلطان العارفي ،يا تاج الحققي ،يا ساقي الميا ،يا جيل الحيا ،يا بركة النام ،يا مصباح الظلم ،يا
)(1التعرف( ،ص.)148:
)(2الفتح الربان( ،ص.)369:
)(3الفتح الربان( ،ص.)370:
)(4الغنية (ترجة الؤلف)( ،ص.)4:
www.alsoufia.com 353 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
شس بل أفل ،يا در بل مثل ،يا بدر بل كلف ،يا بر بل طرف ،يا باز الشهب ،يا فارج الكرب ،يا غوث العظم،
يا واسع اللطف والكرم ،يا كن القائق ،يا معدن الدقائق ،يا واسط السلك والسلوك ،يا صابح اللك واللوك ،يا
شس الشموس ،يا زهرة النفوس ،يا هادي النسيم ،يا ميي الرميم ،يا عال المم ،يا ناموس المم ،يا حاجة
العاشقي...يا خزانة السرار ،يا سيدي جال ال ،يا نائب رسول ال...يا راحم الناس ،يا مذهب الباس ،يا مفتح
الكنوز ،يا معدن الرموز ،يا كعبة الواصلي ،يا وسيلة الطالبي...يا قوي الركان ،يا حبيب الرحن...يا فاتح
الغلقات ..يا حائط الشياء ..يا منتهى المل حي يتقطع العمل....يا ضياء السماوات والرضي...يا فرجا ف
الشدائد...يا غافر الوزار...يا ذا الحوال العظيمة...يا كاشف الغمة...يا مقبول رب النات ،يا جليس الرحن...يا
شاه يا سر إلي...يا سيدي يا سندي يا مولي يا قوت يا غوثي يا غياثي يا عون يا راحت يا قاضي حاجت يا فارج
كربت يا ضيائي يا رجائي يا شقائي...يا نور السرائر يا صاحب القدرة يا وهاب العظمة...يا شاهد الكوان بنظرة،
يا مبصر العرش بعلمه ،يا بالغ الغرب والشرق بطوة ،يا قطب اللئكة والنس والن ،يا قطب الب والبحر ،يا قطب
الشرق والغرب ،يا قطب السماوات والرضي ،يا قطب العرش والكرسي واللوح والقلم...يا من يبلغ لريده عند
الستعانة ولو كان ف الشرق...يا صاحب التصرف ف الدنيا وف قبه بإذن ال...يا غوث العظم ،أغثن ف كل
أحوال ،وانصرن ف كل آمال(...)1
-للعلم :هذا الدعاء ليس موجها ل تعال ،وإنا هو موجه لعبد القادر اليلن!!
وهو ورد أساسي من أوراد الطريقة القادرية الت يتعبدون با ويتقربون إل ال؟!
ستَجِيبُ َلهُ إِلَى َي ْومِ اْلقِيَامَ ِة َوهُ ْم عَ ْن ُدعَاِئهِمْ
-وجوابنا(( :وَمَنْ َأضَ ّل مِمّنْ يَ ْدعُو مِ ْن دُونِ الّل ِه مَنْ ل يَ ْ
غَاِفلُونَ)) [الحقاف.]5:
* رجال الغيب كما ذكرها ف (الغنية)-:
اعلم أن رجال الغيب والرواح القدسة قدّست أرواحهم ،ف اليوم السابع والرابع عشر والثان والعشرين
والتاسع والعشرين متوجهون إل الشرق ،واليوم السادس واليوم الادي والعشرين والثامن والعشرين بي الشرق
والشمال ،واليوم الثالث والامس عشر والثالث والعشرين والثلثي منه متوجهون إل طرف الشمال ،واليوم الامس
والثالث عشر والتاسع والسابع والعشرين منه متوجهون إل الغرب ،واليوم الثان والعاشر والسابع عشر والامس
والعشرين منه متوجهون بي الغرب والقبلة ،واليوم الثامن والادي عشر والثامن عشر ،والسادس والعشرين والرابع
والعشرين منه متوجهون بي الشرق والقبلة ،فيا أخي إذا علمت جهات سيهم وطريقتهم ينبغي أن تلتجئ إل ال
وإليهم بعد قراءة الوراد ،تقول :حصلوا مرادي ومقصدي .ويسمي لم الطالب مقصودَه ومرادَه(...)2
-هذا العلم اللدن معرفته شرط من شروط النتسب إل الطريقة القادرية ،بل وجيع الطرق دون استثناء.
)(1فصوص الكم( ،ص ،)117 ،116:وشرح القاشان على الفصوص (ص.)170 ،169:
)(2شرح القاشان( ،ص.)171:
)(3فصوص الكم للعفيفي( ،ص ،)47:وشرح القاشان( ،ص.)9:
www.alsoufia.com 356 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
السلمون بقيادة صلح الدين اليوب .وبقوا فيها أربعة عشر سنة ،وكان السلمون يتنادون من كل حدب وصوب
داعي للجهاد لتحرير القدس ،بينما يقف ابن عرب ليقول... :ودير لرهبان...وألواح توراة...أدين بدين الب!!...
أما قصة تناوله كتاب فصوص الكم من الرسول صلى ال عليه وسلم فنترك التعليق عليها ،من حيث العقيدة
ومن حيث الواقع ،للقارئ اللبيب .بعد تذكيه بالية الكرية(( :الَْي ْومَ أَكْ َم ْلتُ َلكُ ْم دِينَكُ ْم وََأتْمَ ْمتُ َعلَيْ ُكمْ
ِنعْمَتِي[ ))...الائدة]3:
* علوم لدنية؟!
يقول الشيخ الكب والكبيت الحر المام العال الحقق التبحر...ابن عرب:
...فأقول على مفهوم من اللسان العرب بالساب القمري من تقدي الليل على النهار ،أن ليلة الحد سلخ ال
منها نار الربعاء ،فالشأن الذي هو فيه ف ليلة الحد هو ف نار الربعاء! وسلخ من ليلة الثني نار الميس،
والشأن كالشأن ،وسلخ من ليلة الثلثاء نار المعة...فالليال منها للتحت والشمال واللف ،والنهار منها للفوق
واليمي والمام....والكم لول ساعة من الليل ولول ساعة من النهار(...)1
ويقول أيضا:
...ونبتدئ بيوم الحد تبكا بالسم ،فإنه من صفات الق وله الولية وله القلب...
...فاعلم أن ليلة الحد اليلجي( )2مركبة من الساعة الول من ليلة الميس والثامنة منها والثالثة من يوم
الميس والعاشرة منها والامسة من ليلة المعة والثانية عشرة منها والسابعة من يوم المعة والثانية من ليلة السبت
والتاسعة منها والرابعة من يوم السبت والادية عشرة منها والسادسة من ليلة الحد؟ فهذه ساعات ليله.
وأما ساعات ناره من أيام التكوير كما قلنا ،فالساعة الول من يوم الحد من أيام التكوير والثامنة منه والثالثة
من ليلة الثني والعاشرة منه والامسة من يوم الثني والثانية عشرة منه والسابعة من ليلة الثلثاء ،والثانية من يوم
الربعاء ،والتاسعة منه ،والرابعة من ليلة الربعاء والادية عشرة منها والسادسة من يوم الربعاء ،فهذا يوم الحد
اليلجي الشأن ،قد كمل بأربع وعشرين ساعة كلها كنفس واحدة؛ لنا من معدن واحد(( )3ويتمم أيام السبوع
حسب هذا الذيان).
ويقول... :والسماوات والرض ل تزال ،واليام دائمة ل تزال ،فمِن مُقعّر تلك الكواكب الثابتة إل الركز
نازلً ،ل تزال اليام دائرة فيها أبدا بالتكوين ،كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيها ،فالكون والفساد فيها
دائم مستمر ،والتسعة عشر عليها طالعة وغاربة ،ومُقعّر هذا الفلك هو سقف النار ،نعوذ بال منه ،وسطح هذا الفلك
)(1البريز( ،ص.)233:
)(2البريز( ،ص.)232:
)(3قوت القلوب.)2/9( :
www.alsoufia.com 385 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ويقول أبوطالب الكي أيضا (ومعه الغزال أيضا):
قد يفضل التارك للتكسب شغلً بالعبادة ،عن التكسب ،من حيث فضل التقدمون الزاهدون ف الدنيا على
كاسب الال حل ًل ومنفقه ف سبيل ال .وسئل السن عن رجلي ،أحدها مترف والخر مشغول بالتعبد ،أيهما
أفضل؟ فقال :سبحان ال! ما اعتدل الرجلن ،التفرغ للعبادة أفضلهما(!!)1
-السؤال :ما نفعل بقوله سبحانه(( :فَامْشُوا فِي مَنَاكِِبهَا وَ ُكلُوا مِ ْن ِرزِْقهِ)) [اللك]15:؟ وما نفعل بأحاديث
رسوله الت يعل بعضُها العم َل للتكسب برتبة الهاد؟
الواب :دعوتم هذه -وكل عارفيهم يدعون لا -تفسر سبب انطاط السلمي.
* ويقدمون الكايات لتشجيع التواكل والكسل والتسول-:
يقول أبو طالب الكي أيضا والغزال معه:
وحكي أن بعض العلماء صلى خلف رجل ،فلما انفتل المام ،نظر إليه ف زي غي مكتسب ،فقال :يا شيخ،
مِنْ أين تأكل؟ فقال :اصب حت أعيد الصلة الت صليتها خلفك ث أجيبك(!)2
-عجيب وال! أصبح المر بالعروف مبطلً للصلة؟! ث يتساءل التسائلون عن سبب فساد السلمي!
ويقولن أيضا (هو وهو):
وحدثونا ف معناه عن آخر ،أنه لزم العكوف ف السجد ،ول يكن ذا معلوم من عيش ،فقال له المام الذي
يصلي بالناس :لو تكسبت وتعيشت كان أفضل لك ،فلم يبه ،فأعاد عليه وقتا آخر نو ذلك ،فقال :يهودي ف
جوار السجد قد ضمن ل كل يوم رغيفي ،فقنعت بذلك ،وتركتُ التكسب ،فقال المام :إن كان صادقا ف ضمانه
فإن عكوفك ف السجد خي لك ،فقال له الرجل :يا هذا أنت لو ل تكن إماما للمسلمي تقوم بينهم لنقص
توجهك(....)3
* تعليق هام جدا-:
من هذه النصوص وما سبقها نستطيع أن نعرف سبب تأخر السلمي وابتعادهم عن السلم ومصيهم الال،
حيث هم الن (أذل أمة ف الرض).
* ويعلون التشريع مستمرا ،ولتنسخ الية الكرية-:
يقول ممد بن عبد ال بن حسني الطصفاوي (التجان):
)(1اللمع( ،ص.)492:
)(2اللمع( ،ص.)478:
)(3الفكر الشيعي والنعة الصوفية( ،فصل البكتاشية).
www.alsoufia.com 389 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
نعمة ال( ،)1الول العلوي اللب...استقر ف ماهان من كرمان .كان مريدوه يسجدون له ،ويرون أنه العن
باليةَ(( :ي ْعرِفُونَ ِنعْ َمةَ الّلهِ ثُمّ يُن ِكرُوَنهَا وَأَكَْث ُرهُمُ اْلكَاِفرُونَ)) [النحل( .)2(]83:انتهى)( .هس س س س س ،ل
تعترض).
* عبادة من نوع عجيب-:
يقول عبد الكري القشيي:
قال بعضهمُ :وصِف ل ذاكرٌ ف أجة ،فأتيته ،فبينما هو جالس ،إذا سبع عظيم ضربه واستلب منه قطعة (أي:
قطعة من لمه) ،فغشي عليه وعليّ ،فلما أفاق قلت :ما هذا؟ فقال :قيض ال هذا السبع َعلَيّ ،فكلما دخلتن فترة
عضن عضة كما رأيت(.)3
-1هذا الذاكر هو أحد رجلي:
أ -إما أنه أهدى من ممد صلى ال عليه وسلم؛ لن ممدا ل يأت بثل هذا الذكر ول مثل هذه العبادة ،ول
عرفها أصحابه.
ب -أو أنه سائر ف إحدى متاهات الضلل البعيد..
-2ما هي نتائج العضات وقطع اللحم الت كان السبع ينهشها من جسمه؟
-3ما أكثر الزنادقة والغفلي الذين يقولون :إن هذا مدسوس ،فنجيبهم :أل لعنة ال على الكاذبي.
* الصوفية ياربون الشريعة والعلم-:
يقول ابن عجيبة:
...وقال شيخ شيوخنا سيدي علي رضي ال عنه :اللوس مع العارفي أفضل من العزلة ،والعزلة أفضل من
اللوس مع العوام ،واللوس مع العوام أفضل من اللوس مع التفقرة الاهلي ،قلت (القائل هو ابن عجيبة):
واللوس مع علماء الظاهر أقبح ف حق الفقي من جيع ما تقدم ،وال ما رأيت فقيا صحبهم فأفلح ف طريق القوم
أبدا ،فل قاطع أعظم منهم(...)4
-من أمثال هذه النصوص ندرك سبب بعد السلمي عن إسلمهم ،وسبب جهلهم به ،وبالتال سبب
اندارهم إل مستوى الهل والذل الذي يتخبطون فيه.
-لكن ..هل تفرد ابن عجيبة ف هذا التوجيه؟
)(1من أتباع ابن عرب ،مؤسس الطريقة النعمتللهية ،أوسع الطرق انتشارا ف إيران.
)(2الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)119:
)(3الرسالة القشيية( ،ص.)103:
)(4الفتوحات اللية( ،ص.)330:
www.alsoufia.com 390 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-الواب :ل ،فهو يسي ف طريق القوم ،وقد مرت أمثلة ،وهذه أخرى :يقول شهاب الدين السهروردي
البغدادي (إمام الوجود).
...قال أبو سليمان الداران :ثلث من طلبهن فقد ركن إل الدنيا ،من طلب معاشا أو تزوج امرأة أو كتب
الديث(!!)1
ويقول الغزال (حجة السلم) (داعيا للجهل والتنبلة):
...وقال النيد رحه ال :أحب للمريد البتدئ أل يشغل قلبه بثلث ،وإل تغي حاله ،التكسب وطلب الديث
والتزوج .وقال (أي :النيد) :أحب للصوف أل يكتب ول يقرأ؛ لنه أجع لمه(...)2
ويقول الطوسي ف اللمع (داعيا للجهل):
...وقال بعضهم :إذا رأيت الفقي قد انط من القيقة إل العلم ،فاعلم أنه قد فسخ عزمه وحل عقده(...)3
وقال أيضا (داعيا للجهل):
قال النيد :إذا لقيت الفقي فالقه بالرفق ول تلقه بالعلم ،فإن الرفق يؤنسه والعلم يوحشه(.)4
وقال أيضا (من مقام التوكل):
سعت أحد بن علي الوجيهي يقول :سعت بعض الشايخ يقول :حج حسن القزاز الدينوري رحه ال اثنت
عشرة حجة حافيا ،مكشوف الرأس ،فكان إذا دخل ف رجله الشوك يسح رجله بالرض ويشي ول يطأطئ رأسه
إل الرض من صحة توكله(.)5
-سؤال :صحة توكله هذه من أين جاء با؟ وما هو دليله عليها من قرآن أو سنة أو عمل صحابة؟؟ نعم،
يكن وجود الدليل ف الندوسية والبوذية.
* دعوة إل الكسل-:
يقول أبو نصر الطوسي ف اللمع (الكتاب الم ف تاريخ التصوف السلمي):
وسعت الذّقّي يقول :أقمت بكة تسع سني ،وكنتُ اعتقدت أل أصلي صلتي ف موضع واحد ،فكان ير ب
من الوع ما إذا رأيت جنازة أقول :ليتن كنت مكان هذا اليت ،قال :وكان يقع ف قلب ف الوقت :يا هذا أليست
)(1الرب( ،ص.)417:
)(2رسائل ابن عرب ،كتاب العلم( ،ص.)7:
www.alsoufia.com 401 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
يقول ابن عرب ،الشيخ الكب والكبيت الحر ،من تفسيه لسورة الروم(( :ال .غُِلَبتِ الرّومُ)) [الروم1،:
:]2الذات الحدية مع صفت العلم والبدئية ،كما ذكر أن روم القوى الروحانية تكون مغلوبة ف أقرب موضع من
أرض النفس ،الذي هو الصدر؛ لن فيض البدأ يوجب إظهار اللق واحتجاب الق به ،فكل ما كان أقرب إل
الق ،كان مغلوبا بالذي هو هو أقرب إل اللق...
سهِ ْم مَا َخلَقَ الّلهُ)) [الروم :]8:ساوات الغيوب السبعة وأرض البدن وما بينهما من ((َأوَلَمْ يََتفَ ّكرُوا فِي أَنفُ ِ
القوى الطبيعية واللكوت الرضية والروحانية ،واللكوت السماوية والصفات ،والخلق وغيها ،إل بالكمة
س بِِلقَاءِ َرّبهِمْ
والعدل وظهور الق ف مظاهرهم بالصفات على حسب استعداد قبولا لتجليه((...وَإِنّ َكثِيًا مِ َن النّا ِ
لَكَاِفرُونَ)) [الروم :]8 :لحتجابم عنه ،فيتوهون أنه ل يكون إل بالقابلة الصورية ف عال آخر ،باندراج الوية ف
الوية...
((الّلهُ َيبْدَأُ الْخَ ْلقَ)) [الروم :]11:بإظهار الفرس على الروم(( ،ثُ ّم ُيعِي ُدهُ)) [الروم :]11:بإظهار الروم على
الفرس(( ،ثُمّ إَِلْيهِ ُت ْر َجعُونَ)) [الروم :]11:بالفناء فيه(( ،وََي ْومَ َتقُومُ السّاعَةُ)) [الروم :]12:بوقوع القيامة الصغرى،
ج ِرمُونَ)) [الروم :]12:عن رحة ال...أو القيامة الكبى بظهور الهدي عم ،وقهرهم تت سطوته ((ُيبِْلسُ الْ ُم ْ
سبْحَانَ الّلهِ)) [الروم :]17:أن يكون غيه ف الوجود والصفة والفعل والتأثيِ (( ،حيَ وحرمانم من رحته((...فَ ُ
تُ ْمسُونَ)) [الروم :]17:بغلبة ظلمة الفرس على نور الروم(( ،وَ ِحيَ ُتصْبِحُونَ)) [الروم :]17:عند ظهور نورهم
حمْدُ)) [الروم :]18:بظهور صفات كماله وتليات جاله ف ساوات الغيوب السبعة على ظلمة الفرس(( ،وََلهُ الْ َ
وقت إصباح غلبة نور الروحانيات على ظلمات النفسانيات...
-يعل ابن عرب كلمة (الروم) تشي إل نور الروحانيات (ويعن با :استشعار المع) ،كما يعل كلمة
(الفرس) تشي إل ظلمة النفسانيات (ويعن با استشعار الفرق).
وللقارئ أن يناقش هذا التفسي حسب مقتضيات اللغة وأصول التفسي وكليات العقيدة السلمية وجزئياتا.
كما عليه أن يعرف أن تفسي ابن عرب هو كتاب مقدس عند الصوفية ،وكله يري على هذا النمط.
* كشفهم ل يساعدهم-:
قال الشريف حسن (أخو أحد البدوي ،وكانوا يقيمون ف مكة):
فأقمت أنا وإخوت ،وكان أحد أصغرنا سنا وأشجعنا قلبا ،وكان من كثرة ما يتلثم لقبناه بالبدوي...ث إنه ف
شوال سنة ثلث وثلثي وستمائة رأى ف منامه ثلث مرات قائلً يقول له :قم واطلب مطلع الشمس ،فإذا وصلت
إل مطلع الشمس فاطلب مغرب الشمس وسر إل طندتا (طنطا) فإن با مقامك أيها الفت! فقام من منامه ،وشاور
أهله وسافر إل العراق ،فتلقاه أشياخها ،منهم سيدي عبد القادر وسيدي أحد بن الرفاعي ،فقال :يا أحد ،مفاتيح
العراق والند واليمن والروم والشرق والغرب بأيدينا فاختر أي مفتاح شئت منها ،فقال لما سيدي أحد رضي ال
)(1الحياء.)1/255( :
)(2اللمع( ،ص.)242:
)(3اللمع( ،ص.)290:
)(4اللمع( ،ص.)293:
)(5اللمع( ،ص.)295:
)(6اللمع( ،ص.)290:
)(7اللمع( ،ص.)295:
)(8اللمع( ،ص.)303:
www.alsoufia.com 409 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-لتيسي التحليل :كل العبارات السابقة تشي إل وحدة الوجود ،وكذلك اللحقة.
* من رسالة من النيد إل أحدهم (يأمره بالتقية وكتم السر والتظاهر با عليه الناس)-:
...فعليك رحك ال بضبط لسانك ،ومعرفة أهل زمانك ،وخاطب الناس با يعرفون ،ودعهم ما ل يعرفون،
فق ّل مَن جهل شيئا إل عاداه...واخرجْ إل اللق من حالك بأحوالم ،وخاطبهم من قلبك على حسب
مواضعهم(...)1
كتب أبو سعيد الراز إل أب العباس أحد بن عطاء :يا أبا العباس ،تعرف ل رجلً قد كملت طهارته ،وبرئ
من آثار نفسه عنه به له ،موقوت مع الق بالق للحق ،من حيث أوقفه الق ،حيث ل له ول عليه ،فالق يعلله
امتحان( )2له ،وامتحان للخلق به؟ فإن عرفت ل هذا فدلن عليه(.)3
وكتب النيد إل أحدهم :آثرك ال يا أخي بالصطفاء ،وجعك بالحتواء ،وخصك بعلم أهل النهى...وتم
لك ما تريد منك له ،ث أخلك منك له ومنه له به ،لُي ْف ِردَك ف تقلبه لك ،با يُشهدك ،من حيث ل َيلْحقك شاهد من
الشواهد يرجك ،فذلك :أول الول الذي ما به رسوم ما ترادف ما غيّبه به عنك بعلوّ ما استأثر به منه له ،ث أفردك
منك لك ،ف أول تفريد التجريد ،وحقيقة كائن التفريد ،فكذلك إذا انفرد بذلك أباد ،وأفن البادة ما سلف من
الق من الشاهد ،بعد إفناء ماضر اللق ،فعند ذلك يقع حقيقة القيقة من الق للحق ،ومن ذلك :ما جرى بقيقة
علم النتهاء إل علم التوحيد على علم تفريد التجريد ،فقد عززه ال وحجبه عن كثي من ينتحله ويدعيه ،ويتحققه
ويصطفيه(.)4
وكتب النيد أيضا :أكرمك بطاعته ،وخصك بوليته ،وجلّلك بستره...وألزمك بابه ،وكلفك خدمته ،حت
تكون له موافقا ،ولكأس مبته ذائقا ،فيتصل العيش بالعيش ،والياة بالياة ،والروح بالروح ،فتتم النعمة(.)5
يقول أبو نصر الطوسي واصفا أقوال النيد هذه... :فيها إشارات لطيفة ،ورموز خفية ،تعب عن القائق
الشكلة ،وتنبئ عن السرائر والصوصية الت تفرد با هذه العصابة ف تريد التوحيد ،وحقيقة التفريد(.)6
-انتبه إل العبارة( :الصوصية الت تفرد با هذه العصابة ف تريد التوحيد وحقيقة التفريد.
ومن رسالة بعثها أبو سعيد بن العراب لخر :أماتك ال عنك ،وأحياك به ،وأيدك بالفهم ،وفرغ قلبك من
كل وهم ،وأفناك بالقرب عن السافة ،وبالنس عن الوحشة(.)7
)(1اللمع( ،ص.)312:
)(2يب أن تكون( :امتحانا له).
)(3اللمع( ،ص.)305:
)(4اللمع( ،ص.)313:
)(5اللمع( ،ص.)313:
)(6اللمع( ،ص.)314:
)(7اللمع( ،ص.)315:
www.alsoufia.com 410 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ومن رسالة لب سعيد الراز بعثها إل آخر :عصمك ال بذكره عن نفسك ،وكاشفك بشكره عن
وصفك...وأنا أسأل ال تعال أن يمع لك من نفسك ما فرق ،ويبي عنك منها ما جع ،إنه الول لذلك والقادر
عليه(.)1
* التنبيه:
من نظر ف هذه النصوص فليتأمل ،وليحاول فهمها بدوء ،وليجع إل النصوص السابقة ف الكتاب وخاصة
فصل (الدخل إل فهم النصوص الصوفية).
* تعريف الكشف-:
يقول مصطفى بن ميي الدين نا(:)2
...والكشف لغ ًة رفع الجاب ،وف اصطلح أهل القيقة ،هو الطلع على ما وراء الجاب من العان
الغيبية والمور الفية وجودا وشهودا ،وليس هو كما يُكْشف الغطاءُ عن النية والستر عن الباب ،بل هو أمر إذا
ظهر يرى العبد أن ذلك ل يكن مستترا بشيء ،وإنا الدراك كان قاصرا عن الوصول ،فقواه الق تعال ،فأدرك ما
كان ظاهرا(.)3
* كل العبودات حق-:
يقول ابن عرب (الشيخ الكب والكبيت الحر):
...فمن عناية ال بنا ،لا كان الطلوب من خلقنا عبادته ،أن قرّب علينا الطريق بأن خلقنا من الرض الت َأ َمرَنا
أن نعبده فيها ،ولا عبد منا من عبد غي ال ،غار ال أن يُعبد ف أرضه غيه ،فقال(( :وََقضَى رَّبكَ أَلّا َتعْبُدُوا ِإلّا إِيّاهُ))
[السراء ،]23:أي حكم ،فما عبد من َعبَد غي ال ،إل لذا الكم ،فلم يُعبد غي ال وإن أخطئوا ف النسبة ،إذ كان
ل ف كل شيء وجه خاص ،به ثبت ذلك الشيء ،فما خرج أحد عن عبادة ال(.)4
-إذن فالوثان والصنام وكل ما عبد من إنسان وشجر وقب ،كله هو ال .وقد مرّ معنا ف النصوص السابقة
أمثلة كثية من نفس العن.
يقول الغزال ف الحياء:
..قال سهل :من طعن على التكسب فقد طعن على السنة ،ومن طعن على ترك التكسب فقد طعن على
)(1اللمع( ،ص.)315:
)(2من تلميذ نور الدين اليشرطي.
)(3كشف السرار لتنوير الفكار( ،ص.)125:
)(4الفتوحات الكية.)3/248( :
www.alsoufia.com 411 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
التوحيد(.)1
-نقول :هذا اعتراف من القطب سهل (ابن عبد ال التستري) ومن الجة الغزال أن الصوفية ليست من
السلم .إذ يعل (بل يعلن) التوحيد مالفا للسنة ف التكسب .وبقول الرسول صلى ال عليه وسلم{ :من رغب
عن سنت فليس من} ،إذن فهم ليسوا من رسول ال.
ويقول الغزال أيضا:
...قال أبو سعيد الراز :دخلت البادية بغي زاد ،فأصابتن فاقة ،فرأيت الرحلة من بعيد ،فسُررت بأن وصلت،
ث فكرت ف نفسي أن سكنت واتكلت على غيه (أي :على غي ال) ،وآليت أن ل أدخل الرحلة إل أن أُحل إليها!
فحفرت لنفسي ف الرمل حفرة وواريت جسدي فيها إل صدري ،فسمعت صوتا ف نصف الليل عاليا :يا أهل
الرحلة ،إن ل تعال وليا حبس نفسه ف هذا الرمل فالقوه(..)2
-التعليق :هذا شيطان يضحك على ذقنه وذقونم ليدفعهم إل التوغل ف الضلل والزندقة؛ لن خروجه هكذا
ليس من السلم ف شيء ،بل هو من الندوسية ،وادعاؤه الولية هو افتراء على ال الكذب ((أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِينَ
ب وَ َكفَى ِبهِ إِثْمًا مُبِينًا)) سهُمْ َبلِ الّلهُ ُيزَكّي مَنْ يَشَا ُء وَل يُ ْظلَمُونَ فَتِيلًا .ان ُظرْ كَيْفَ َي ْفَترُونَ عَلَى الّلهِ الْكَ ِذ َ
ُيزَكّونَ أَنفُ َ
[النساء.]50 ،49:
* الكذب على أنبياء ال ووصفهم با ل يوصف به إل الجاني-:
يقول الغزال نفسه:
...قال يي بن أب كثي :بلغنا أن داوُد عليه السلم كان إذا أراد أن ينوح ،مكث قبل ذلك سبعا ل يأكل
الطعام ول يشرب الشراب ول يقرب النساء ،فإذا كان قبل ذلك بيوم ،أُخرج له النب إل البية ،فأمر سليمانَ أن
ينادي بصوت يستقري البلد وما حولا من الغياض والكام والبال والباري والصوامع والبيع ،فينادي فيها :أل من
أراد أن يسمع نوح داوُد على نفسه فليأت ،قال :فتأت الوحوش من الباري والكام ،وتأت السباع من الغياض،
وتأت الوام من البال ،وتأت الطي من الوكار ،وتأت العذارى من خدورهن ،وتتمع الناس لذلك اليوم ،ويأت داوُد
حت يرقى النب ،وييط به بنو إسرائيل ،وكل صنف على حدته ،ميطون به ،وسليمان عليه السلم قائم على رأسه،
فيأخذ ف الثناء على ربه ،فيضجون بالبكاء والصراخ ،ث يأخذ ف ذكر النة والنار ،فتموت الوام وطائفة من
الوحوش والسباع والناس ،ث يأخذ ف أهوال القيامة ،وف النياحة على نفسه ،فيموت من كل نوع طائفة ،فإذا رأى
سليمان كثرة الوتى قال :يا أبتاه ،مزقت الستمعي كل مزق...ث إذا أفاق داوُد ،قام ووضع يده على رأسه ،ودخل
بيت عبادته ،وأغلق بابه ،ويقول :يا إله داوُد ،أغضبان أنت على داوُد؟ ول يزال يناجي ربه ،فيأت سليمان ويقعد
على الباب ،ويستأذن ث يدخل ومعه قرص من شعي ،فيقول :يا أبتاه ،تقو بذا على ما تريد...
)(1الحياء.)4/232( :
)(2الحياء.)4/233( :
www.alsoufia.com 412 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وقال يزيد الرقاشي :خرج داوُد ذات يوم بالناس يعظهم ويوفهم ،فخرج ف أربعي ألفا ،فمات منهم ثلثون
ألفا ،وما رجع إل ف عشرة آلف .قال :وكان له جاريتان اتذها ،حت إذا جاءه الوف وسقط فاضطرب ،قعدتا
على صدره وعلى رجليه مافة أن تتفرق أعضاؤه ومفاصله فيموت(...)1اهـ.
-أرجو من القارئ الكري ،رجاءً حارا ،أن يصدقن ،وإن ل يصدقن فإن مستعد لتأدية اليمي ،أن هذه
القصص ليست من هذيانات صب ف أحلم اليقظة! وليست من ثرثرات حشاش تناول نصف رطل من الفيون،
وليست من خبالت منون ف ثورة جنونه...وإنا هي دعوة غزالية إل الخلق الغزالية ،وإل القامات الصوفية،
يقذف با حجة الكهانة (وأقطابه السابقون واللحقون) ،يقذفون با حما وسوما ومدرات ،دمرت عقل السلم
وقتلت منطق السلم وخدرت نفسية السلم ،وأوصلت الجتمعات السلمية إل ما تتخبط فيه الن من رؤى ضبابية
لكل المور ،ف دينها ودنياها ،حت أصبح السلمون ألعوبة بيد كهان الشيوعية يقذفونم يينا وشالً كما يتقاذفون
الكرة بينهم ،يقيمونم ببعض الشعارات ويقعدونم ببعض آخر.
وهذه القصص هي قبل كل شيء كذب على رسل ال .كما أنا تذكرنا بالتمثيليات الوثنية الت كان يثلها
الكهنة الوثنيون ف أعيادهم الوثنية ليبعثوا با ف الذهان الوثنية ،صورا وثنية ،يتصورون أنا حدثت للتهم الوثنية ،ف
أزمنتها الوثنية الول .وهي أنوذج لا يسميه الغزال (النجيات)!!
* من مقامات الصب ،أو الوع-:
...سعت الشيخ أبا عبد الرحن السلمي رحه ال يذكر بإسناده أن أبا عقال الغرب أقام بكة أربع سني ل
يأكل ول يشرب إل أن مات(.)2
-الواب على هذا وأمثاله هو قول الرسول صلى ال عليه وسلم ف (صحيح مسلم):
قال{ :إن أحب الصيام إل ال صيام داوُد...كان يصوم يوما ويفطر يوما} .وف حديث آخر...{ :ول يفر
إذا لقى}.
وقال صلى ال عليه وسلم{ :ل صام من صام إل البد ،ل صام من صام إل البد ،ل صام من صام إل
البد}.
وقال...{ :ولكن أصلي وأنام وأصوم وأفطر...فمن رغب عن سنت فليس من}.
هذه الحاديث ترج هذا (الول) من رسول ال صلى ال عليه وسلم ،أي ترجه (وزمرته معه أيضا) من
السلم ،ومع ذلك تدرّس الرسالة القشيية ف مساجد السلمي على أنا كتاب إسلمي ،والشتكى إل ال.
* صورة من حالت الذبة-:
الفصل الول
مناقشة مفهوم الصوفية للشيخ
عرفنا أن الطرق الصوفية كالقادرية والرفاعية والشاذلية والنقشبندية وغيها ،ما هي إل مشيخات ،ما هي إل
اتباع للشيوخ ،فمناقشتها هي مناقشة عقيدة (الشيخ) عندهم.
كما عرفنا أن الطريقة الوحيدة المية التاريية والالية والستقبلية هي طريقة (الشراق).
وأهم ما ف الطريقة الشيخ وصحبة شيخ وهي أصل طريقهم فما نبتت أرض بغي فلحة ،كما عرفنا من
النصوص السابقة ،وهي جرعة من سيل ،أنم يتخذون الشيوخ آلة يعتقدون أنم ينفعون ويضرون ،وأن بيدهم
النجاة.
ومن أقوالم ف ذلك :الدين إطاعة رجل.
كما رأينا من أقوال عارفيهم وأقطابم وعلمائهم الباهي الكافية الوافية على أنم يتخذون الشيخ إلا من دون
ال ،أو شريكا معه يسبغون عليه كل صفات اللوهية .ومن أقوالم الت مرت قول قائلهم (الغوث) :لو كشف عن
نور الول لعبد من دون ال.
ول بأس على القارئ الكري من الرجوع إل تلك الفصول مرة أخرى ،ليبعث أقوالم حية ف ذاكرته ،ث يعود
لتابعة الناقشة.
وطبعا ،ستكون الناقشة بعرض أقوالم وأفعالم وعقائدهم على القرآن والسنة قبل كل شيء.
-1يقول سبحانه ف كتابه العزيز(( :فَإِنْ تَنَا َزعْتُمْ فِي شَ ْيءٍ َف ُردّوهُ إِلَى الّل ِه وَالرّسُولِ إِنْ كُنتُ ْم ُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ
وَاْلَي ْومِ ال ِخرِ)) [النساء.]59:
واضح من الية الكرية كل الوضوح ،وبدون لبس أو إشكال أو غموض ،أن من يرد ما يُتنازع فيه إل غي ال
ورسوله ،فهو ل يؤمن بال ول باليوم الخر.
)(1ممد بن الوليد بن ممد...القرشي الفهري الندلسي ،ويقال له أيضا :ابن أب رندقة ،توف ف السكندرية سنة (520هـ) ،وله كتاب ف الرد على
إحياء علوم الدين ،ل أقف عليه.
www.alsoufia.com 455 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وهي بالتال كذب على ال ،وكذب على ملئكته ،وكذب على رسله ،وكذب على اليوم الخر ،وكذب
على القضاء والقدر (خيه وشره) ،وكذب على الصحابة ،وكذب على التاريخ ،وكذب ،وكذب ،وكذب.
-8يضاف إليها دعوة إل أخلق غريبة؟ فالتواضع هو الذل والهانة ،والورع هو التفاهة والبلهة ،والتوكل
هو الستسلم تطوعا للجوع والعطش والعري والرض ،والزهد هو التسول وأكل القمامات وروث اليوانات ،وقد
رأينا ناذج منها.
-9يضاف إليها تعطيل أحكام السلم بجج فيها الكثي من الكر؟ فهذا ل يغي منكرا أو ل ينه عنه ،أو ل
يقم بعمل خي خوفا من أن يكون عمله رياء ،وذاك ل يأمر بعروف خوفا من أن يكون داخلً ف حكم الية:
سوْنَ أَنفُسَكُمْ)) [البقرة ،]44:وذلك ل يتضرع إل ال ول يسأله خوفا من أن يكون دعاؤه
((أَتَ ْأ ُمرُونَ النّاسَ بِاْلِب ّر وَتَن َ
اعتراضا على قضاء ال ،ورابع ل يتزوج خوفا من أن يكون الزواج ركونا إل الدنيا ،وآخر ينهى عن طلب الديث
والعلم لنه طلب للرئاسة ،وآخرون ينهون عن تعلم القراءة والكتابة لنه أجع لمة الريد...إل آخر ما مر وما ل ير
ما أفسد السلم ف دينه ودنياه.
-10يضاف إليها علم الكلم الذي أنكره نظريا واستخدمه عمليا ف كل كتبه ،وخاصة ف (الحياء)،
استعمله بهارة ولباقة ،وأدخله ف أصول العقائد والعبادات ،حيث جاء إل العتقادات الغيبية الت ل يكن معرفتها إل
عن طريق الوحي ،فأخذ يستنبطها بأساليب علم الكلم ،ليبر تلقيها عن الكشف ،بعد أن كانت ل تؤخذ إل من
نصوص القرآن وصحيح السنة.
واستعمله بهارة ولباقة ،فأقحم به الصوفية على السلم ،حت جعل التصوفة هم (الصوص) ،وجعل أقطابم
(خصوص الصوص) ،وجعل أهل الشريعة هم العامة.
واستعمله بهارة ولباقة ،فجعل العبادات غي منجيات ،وجعل النجيات هي مقاماتم الصوفية الت تدمر
الخلق واليان والسلم.
-11يضاف إليها مموعة وافرة من العلومات الرافية البثوثة ف الكتاب ،والت شكلت جزءا هاما من
العارف والثقافة عند السلمي طيلة القرون ،وكانت سببا لا وصلت إليه الجتمعات السلمية من ضياع وتفتت،
وقد مرت صور منها ف الفصول السابقة.
-وهناك ملحوظة جديرة بالهتمام ،وهي أن قسما من إحيائه هو نصوص منقولة حرفيا من قوت القلوب
للمكي ،وبعضا من اللمع للطوسي...
كما أنه يأخذ أفكاره وفلسفاته وأقواله ف التربية والنفس والجتمع ،من أفكار وفلسفات إخوان الصفا ،وقد
الفصل الول
مناقشة خرق العادة
لناقشة خوارق العادة عند الصوفية ،يب أخذ فكرة -ولو موجزة -عن تلك الخلوقات الت ترانا ول نراها،
والت يري خبثاؤها من ابن آدم مرى الدم ،هذه الخلوقات هي الن ،وخبثاؤها هم شياطي الن.
لكن قبل الضي ف ذلك ،أحب أن أنبه إل أمر:
يوجد ف متمعاتنا ،كما ف كل الجتمعات ،متعالون يدعون العلمية ،والفكر العلمي ،والسلوب العلمي ف
التفكي ،وقد يكونون علماء -ف اختصاصهم -فعلً .وإل جانب هذه اليزة ،توجد عند بعضهم ميزة أخرى ،هي
مقدرتم على الكتابة بأسلوب قد يكون رائعا وقد يكون مقبولً ،كما قد يمل بعضهم ألقابا علمية عالية .قد يطر
على بال أحد هؤلء العلميي أن يتكلم عن (الرافة) ،فيكتب مقالةً ف جريدة أو ملة ،أو بثا ف كتاب ،يوزع فيه
لقب (الرافة) على كل ما يالف قناعاته الفكرية الت ل يكلف نفسه بدراستها دراسة علمية عميقة.
ومن جلة ما يقذفونه ف زنبيل (الرافة) الن وخرق العادة.
هنا ،أرجو من القارئ الكري أن يغلق أذنيه؟ لنن أريد أن أهس ف أذن هؤلء (العلميي) هسة صغية ،فأقول
لم:
-1مرحبا يا علميون (لن السلم قبل الكلم).
-2من منسياتكم :أساليب البحث العلمي ووسائله تتلف حسب الوضوع العروض للبحث!
فمثلً :وسائل البحث العلمي وأساليبه ف مسألة فلكية ،تتلف كليا عنها ف مسألة كيميائية ،وهذه تتلف
كليا عنها ف مسألة تاريية ...وهكذا.
وكلها تتلف كليا عن جلسة الصفا أمام الكأس الفعمة ف جو الوسيقى الراقصة ف ماخور عام أو خاص.
كذلك البحث العلمي ف مسألة الن وخرق العادة له أساليبه ووسائله الاصة ،الت تتلف كليا عنها ف
غيها ،ويكن لكل من يريد متابعتها أن يتابعها ،ليتأكد بنفسه من وجود الن ،ومن حدوث خرق العادة ،وبذلك
www.alsoufia.com 459 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
سيعرف أنه كان يغرف من زنبيل الرافة ،عندما كان يظن أن الن وخرق العادة من الرافة.
لكنه سيجد -ف خوضه هذا البحث -أناسا يوضون فيه ،وقد مسخت الرافة عقولم! فهم يعزون كل شيء
إل الن! ويؤمنون بوارق ل وجود لا إل ف ميلته الريضة ،فهم بفهمهم السقيم للجن وخرق العادة ،يغرفون
أيضا من زنبيل الرافة ،ولكن من الانب القابل وبنهم ل يشبع.
فكل الخوين خرّاف ،ولكن ذوي الفهم السقيم ف الن وخرق العادة ،هم أخرف من أولئك؛ لن أكثر ما
ل يفهمونه خاضع لسنن ال ف خلقه ،عدا عما يضخمونه من المور العادية.
وعلى كل حال ،الن موجودون ،وخرق العادة موجود ،وكاتب هذه الكلمات ،خرقت أمامه العادة مرات
ومرات.
-نعود لخذ فكرة موجزة عن الن:
للجن قدرات وخواص مادية وتشريية وفيزيولوجية ونفسية ،تتلف كثيا عما يقابلها لدى النسان ،يهمنا
منها ما يلي:
-1يستطيعون الترائي للنسان بأشكال متلفة ،وحجوم تتراوح أطوالا بي ميلليمترات (أو أقل) ،وبضعة
أمتار ل يستطيعون تاوزها ،وإن استطاعوا فغي كثي ،وذلك تبعا لجومهم الطبيعية ،ولعل الترائي بالجوم الصغية
جدا يكون بزء من أجسامهم.
-2يستطيعون عندما يتراءون أل يتركوا أحدا من الناس يراهم ،إل من يريدونه أن يراهم.
{ -3إن الشيطان ليجري من ابن آدم مرى الدم} ،وبذلك يستطيع أن يدغدغ مراكز الس الت يريد ،فيثي
البسط والقبض ،واللذة والنزعاج ،والتجلي المال والتجلي اللل ،مع العلم أن هذه الحساسات وأمثالا ،لا ف
الساس أسباب فيزيولوجية.
-4يستطيعون قطع السافات بسرعات كبية ،فقد يقطعون ف الثانية الواحدة مسافة تقاس بالكيلو مترات ،إن
ل يكن أكثر من ذلك.
-5يستطيع الواحد منهم (أو بعضهم) حل ثقل يعجز عنه عدد من أفراد النس.
-6يظهر أن للجن متعة خاصة بالتلهي ببن النسان والتلعب بعقولم وعواطفهم ،وملزمتهم.
بذه اليزات ،وبغيها ،يستطيع شياطي الن أن يصنعوا لوليهم (العارف) بعض العمال الارقة للعادة.
فقد يأتونه بب جديد من بلد بعيد بعض البعد ،بعد وقوعه بدقائق ،فيخب به الناس ،الذين عندما يتأكدون من
وقوعه ،يعتبونه كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يوسوسون لنسان ما ،بفكرة ما ،ث يلقونا إل الشيخ ،فيخبه با ،فيعتبونا كرامة من كرامات الشيخ.
www.alsoufia.com 460 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وقد يلقي الشيطان إل الشيخ أساء أشخاص ل يعرفهم ،فينبئهم با ،فيعتبونا كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يكون الشيخ ف بلد ما ،ف وقت ما ،ويتمثل به شيطان ف بلد آخر ف نفس الوقت ،وقد يتمثل به شيطان
ثالث ف بلد ثالث ف نفس الوقت أيضا ،فيى أهل كل بلد أن الشيخ كان عندهم ف ذلك الوقت! دون أن يعرفوا
-لهلهم -أنا خدعة شياطي! ويعتبونا كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يتراءى شيطان ،أو شياطي ،أمام الشيخ ،بشكل شخص ،أو أشخاص غائبي أو أموات ،فيعدها الشيخ
كرامة له.
وقد يتراءى شيطان الشيخ أمام الشيخ بشكل ما ويوهه أنه ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،أو أحد غيه
من النبياء.
وقد يتراءى شيطان أو أكثر ،أمام الشيخ بشكل أشباح تتطاير ،فيظنهم من اللئكة أو من أرواح الولياء.
وقد يمل الشيطان وليه العارف ف الواء وينقله من مكان إل مكان وقد يشي به على سطح الاء.
...وقد ..وقد ..إل آخر ما يسمونه -جهلً أو افتراءً -الكرامات! والت ل تزيد عن كونا ألعيب شياطي
يدعون با وليهم العارف ،ث يدعون به وبا الخرين.
وهنا نصطدم مع هؤلء القوم ،بفهمهم السقيم للغة العربية ،وبالتال ،لنصوص الديث الشريف ،ومن قبله
القرآن الكري.
إنم ،ف رؤيتهم لا يتوهونه أنه ممد صلى ال عليه وآله وسلم ،يظنون أنم يرونه حقا ،ويتجون لذلك
بالديث الشريف{ :من رآن ف النام فقد رآن حقا ،فإن الشيطان ل يتمثل ب}.
والديث واضح البيان ،ل لبس فيه ول غموض! فهو يقول{ :من رآن ،}...والفرق كبي جدا بي هذا
القول وبي( :من رأى شخصا يدعي أنه أنا ،)..أو( :من رأى شخصا وظن أنه أنا ،)..أو( :من رأى شخصا وقيل
له :إنه أنا !)..الفرق كبي جدا بي هذه العبارات وبي عبارة الديث{ :من رآن ،}...الت تعن رؤيته صلى ال عليه
وسلم ،بشكله وصورته الت كان عليهما ،بل وزيه أيضا.
ويقول ف الديث أيضا..{ :فإن الشيطان ل يتمثل ب} ،وف رواية{ :ل يتمثل بصورت} ،والعن واحد.
وهنا أيضا الفرق كبي جدا بي هذا القول ،وبي قوله لو قال..( :فإن الشيطان ل يدعي أنه أنا) ،أو( :ل يستطيع
شيطان أن يقول عن شيطان آخر :إنه أنا) ،أو( :ل يستطيع أحد أن يُخدع فيتوهم شيطانا يراه أنه أنا)!
إن عبارة {فإن الشيطان ل يتمثل ب}تعن أن الشيطان ل يستطيع أن يتراءى بصورة الرسول وشكله وزيه الت
كان عليها صلى ال عليه وسلم ف حياته ،بيث لو رآه أي إنسان من أصحابه لعرفه أنه هو.
وقد يتساءل متسائل :كيف نعرف إن كان من نراه ف النام هو الرسول أم ل؟ الواب :تورد كتب الديث
لحة عن الخدرات:
من الفيد ،قبل الدخول ف مناقشة الذبة ،أن نلقي نظرة سريعة على مفعول الخدرات :الشيش والفيون
والكوكائي وعقار اللوسة (إل ،إس ،دي )25 ،وغيها.
* من تأثي الشيش-:
يقول الدكتور ممد رفعت (نقلً عن أحد الباحثي يصف تربته مع الشيش):
...أحسست كأن جسدي يتحلل أو يذوب ..بدوت وكأنن شفاف تاما.
جفون عين تطول إل ما ل ناية ،هذه الفون ما لا تسقط وحدها هكذا ككرات من ذهب ،سرعتها تثين،
ألوان جيلة تيط ب ،هل أنا أنظر ف منظار سحري صغي يقدم تلك الشكال الزخرفية اللونة...
...إن سعي أصبح فجأة حادا تاما ..إنن أستمع إل صوت اللوان ،كنت ل أستطيع أن أسع لللوان صوتا
من قبل ..اللوان المراء والزرقاء والضراء لا موجات صوتية تصلن وأميزها بوضوح( ..)1اهـ.
-هنا نسأل الولياء الذين ذاقوا الفناءات وتققوا بالساء ،أليست هذه الرؤى ،وما بعدها ،هي صور من
مكاشفاتم؟
ويقول نفسه:
والشاش قد يقنع نفسه بقدرته على إياد حل لكل مشكلة ،وهذا طبعا نتيجة ما يعتريه من هبوط ف الراكز
العصبية العليا ،ومنها حاسة التقييم والتقدير ،فيظل يهوم ف آفاق وتصورات كلها سراب خادع وضلل مبي(...)2
اهـ.
-لنتذكر هنا قول الصوفية عن كشوفهم :إنا حق اليقي وعينه ونوره ،وعن أنفسهم :إنم العارفون الذين
عرفوا المور على ما هي عليه...
ويقول :عندما يتعاطى الشخص الشيش لول مرة فإنه يشعر بذه العراض :ارتعاشات عضلية ف
)(1إدمان الخدرات( ،ص.)115 ،114:
)(2إدمان الخدرات( ،ص.)52 ،51:
www.alsoufia.com 465 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
جسمه...إحساسات جسمية خاطئة أو وهية...مثل الشعور بطول ف الطراف...اضطراب ف الواس ،خصوصا
السمع والبصر( .)1اهـ.
-لنتذكر وصف عبد العزيز الدباغ لبدأ حاله بالذبة.
ويقول :الثار النفسية لدمان تعاطي الشيش :اضطراب الواس ،خصوصا السمع والبصر ،فتصبح الواس
حادة للغاية ،إل أن الدركات كلها تبدو ف صورة مغايرة ومرفة ،سواء من ناحية الشكل أو اللون ،كما يعان الدمن
من اللوس...فيى أشكا ًل ويسمع أصواتا ليس لا وجود مادي ،كما يعان من خداع الواس...فإذا رأى حبلً
ظنه أفعى ،وإذا رأى كلبا خيل إليه أنه أسد...وهكذا...
واختلل إدراك النسان للزمان والكان ،فيبطئ إحساس النسان بالزمن...
فإذا قضى دقائق ف عمل ما ،ييل إليه أنه قضى فيه ساعات طوال...أما بالنسبة للمسافات فإنا تطول جدا..
فإذا سار عشرة أمتار خيل إليه أنه قطع عدة كيلو مترات..
اضطرابات ف التفكي تؤدي إل اختلل ف حكم الشخص على المور:
بطء شديد ف عمليات التفكي بسبب التخدير الذي يشمل قشرة الخ ،ويدفع النسان إل عدم الكتراث با
حوله ،ويفقد البادأة ..كما يعطل مراكز الضبط والتحكم وتحيص المور...ما يعل التعاطي قابلً للياء...
اضطرابات وجدانية ،فيشعر التعاطي بشعور زائف بالسعادة الوهية...وإحساس بالرضا والراحة ..يصل أحيانا
إل درجة النشوة .إل أن هذه السعادة الزائفة تمل ف طياتا وسائل التدمي لشخصية النسان( .)2اهـ.
وسئل حشاش :باذا تس وأنت تشش؟ فأجاب:
أحس بفرح ،وربا بزن ،وقد أضحك كثيا ،أو أبكي كثيا ،حسب الالة الت تلبها الشيشة ،فليست كل
الالت سواء ،ولكنن أشعر باجة إل الدوء...مرة شعرت بأنن أسابق السيارة النطلقة ف الشارع ،بينما كنت
جالسا ف مكان! والالت متلفة على كل حال( .)3اهـ.
-نعيد نفس السؤال موجها للولياء الكاشفي :أليس مثل هذا ما يشاهدونه ف مكاشفاتم؟ وخاصة الفرح
والزن ،اللذين يسمونما (البسط والقبض) ،وكذلك طول السافات ،وطول الزمن ،والشعور بالسعادة ،والوصول
أحيانا إل درجة النشوة؟...
* من تأثي الكوكائي-:
* من تأثي اليتي-:
يقول أحد الذين جربوه (الكاتب الفرنسي غي دوموباسان) :كان أول ما شعرت به هسا خفيفا ناعما
ومهدهدا ،ث ما لبثت أن لحظت بأن جسمي أخذ يف...أخذ يف ويف ،حت بدا ل فيها كما لو أنه كان
يتبخر ،أحسست بأنه ل يبق ل من جسمي سوى اللد ..ل يبق سوى ما يكفي لشعر بلذة العيش ،بأن أشعر بأنن
أتأرجح ف هذه السعادة الت تغمرن...ما كنت أرى أحلما كالت يسببها الشيش ،وما كان ذهن يتلئ بالرؤى الت
يسببها الفيون ،لقد كان إحساسا بدة ذهنية كبية ،إحساسا بشكل جديد من الكينونة والتفكي والحساس
والكم على الياة ،إحساسا بالقتناع بأنن كنت أدرك عندئذ الواقع القيقي للعال ..كان يبدو ل بأنن تذوقت ثرة
شجرة الياة ،وأن كل السرار تنكشف أمامي(...)3
-وهنا أيضا نتوجه إل أي صوف وصل إل مقام المع ،وذاق الفناءات ،ونسأله :أليست هذه الالة وهذا
الشعور والمسات الهدهدة الناعمة تشبه ما ذاقه أثناء فناءاته وما سعه من خطابات توهها إلية ،وذلك الحساس
الزائف بأنه صار يدرك واقع العال؟
)(1الخدرات( ،ص.)152:
)(2الخدرات( ،ص.)106:
)(3الخدرات( ،ص.)9:
)(4الخدرات( ،ص.)23:
)(5الخدرات( ،ص.)23:
www.alsoufia.com 470 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
با اللان (مانوكو كاباك) وزوجته (ماما أوكيو).
لقد خصت هذه الصفة اللية ،والت ل زال بعض هنود أمريكا النوبية يؤمنون با ،خصت حكام الينكا
وحدهم بق امتلك مزارع هذه الشجية ،ويقاسم الكهان الكام هذا المتياز(.)1
وما يذكره صلح يياوي أيضا:
كانت جيع شعوب العال القدي تعرف هذا الخدر (الشيش) ...وقد أحاطت الالت خواصه ،فنسب إليه
الندوس أصلً إليا ،فقالوا بأن الله (فيشنو)( )2قد نصح جيع اللة الصغار وجيع الشياطي بأن يتمعوا ف يوم
حدده لم للحصول على إكسي اللود...وكانت النتيجة أن إكسي اللود هو القنب الندي الذي استخلص منه
الشيش(..)3
* وملحظتان هامتان من الفيد إيرادها:
يقول الدكتور ممد رفعت:
من الطريف أن نعرف ماذا يفعل الخدر بالنسان...مع ملحوظة أن هذه العراض ل تظهر جيعا ف نفس
الوقت ول بنفس الشدة ف جيع الالت...كما ل تظهر عند كل الناس(.)4
ويقول الدكتور صلح يياوي:
...إن أفعالا (أي :الخدرات) مطابقة لا يسببه النون ف أطواره البدائية(.)5
-أقول :إن هذه اللحوظةالخية الت يذكرها الدكتور صلح يياوي تدلنا على أن باستطاعة السم أن تتولد
فيه مادة تفرزها غدة ما ،لا نفس مفعول الخدرات ،وهذه الادة هي الت تسبب النون.
-وقبل النتقال إل الفصل التال ،نسأل أي صوف فتح عليه فوصل إل الذبة ورأى الكشوف وذاق
الفناءات ،أليست هذه الرؤى والشاهدات اللوسية التحشيشية هي صورا مشابة لرؤاه ومشاهداته ف جذباته
ومعارفه التوهة؟
إن كان الصوف الذي سيُسأل هذا السؤال صادقا مع ال تعال ومع الناس ومع نفسه فسيقول الق ويعترف
أنا شيء واحد ،وإن كان يؤمن بال واليوم الخر ،ويرجو رحة ال وياف عذابه فسيتوب ويرجع وياول إصلح
ما أفسد ،وإل فل حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،إنك ل تدي من أحببت ولكن ال يهدي من يشاء ،وليعلم
)(1الخدرات( ،ص.)51:
)(2فيشنو هو الله الافظ عند الندوس.
)(3الخدرات( ،ص.)67 ،66:
)(4إدمان الخدرات( ،ص.)123:
)(5إدمان الخدرات( ،ص.)155:
www.alsoufia.com 471 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
جرّين بن استجرهم إل يوم القيامة.
أن عليه آثام من استجرهم والست َ
ويب أن ل ننسى أن الشاشي لو كان لم شيخ يوجههم لكانت مشاهداتم مطابقة كل الطابقة لشاهدات
الصوفية ف فتوحهم وكشوفهم وفناءاتم؛ وذلك لن من ل شيخ له فشيخه الشيطان (لكن من هو الشيطان؟).
* مناقشة الذبة:
لنناقشها أو ًل على ضوء القرآن والسنة:
يدعي الصوفية ،دون خوف من ال ،أن رياضتهم الت ما أنزل ال با من سلطان ،هي الطريق إل ال سبحانه
ومعراجهم إليه؛ لنا توصلهم إل الذبة! ويعتقدون أن ال سبحانه يذب با العبد إليه ،ولذلك سوها الذبة،
ومفهوم لفظ الللة (ال) عندهم يعن -كما أصبح واضحا الن -كل الوجودات با ف ذلك ذواتم ،ومعن (يذبم
إليه) ،أي :يزيل عنهم الجاب ،الذي هو الوهم بأنم غي ال ،ويبعدهم عنه ،ويذبم إل استشعار اللوهية ف
أنفسهم ،أي :يشعرون أنم ال (سبحان ال) ،ويشاهدون أن كل شيء هو ال ،وهذا هو ما يسمونه الوصول إل
ال ،والذبة هي الولية والصديقية...إل ،وهي عندهم حال يتدرج وير بأطوار من الرؤى والشاهدات الختلفة
والستشعارات حت تصبح مقاما.
ففي بادئ المر ،قد يصل السالك إل الذبة بعد رياضة ،طويلة أو قصية ،لكن الذبة تزول بسرعة ث ل
تعود إل برياضة مثل الول ،أو أكثر أو أقل ،فالولية هكذا هي حال.
ومع الثابرة يصل إل درجة يقع فيها ف الذبة بشيء من الذكر ،وتطول مدتا ،فتكون وليته هنا مقاما،
ويصي وليا صديقا مقربا ...مقيما إذا صارت الذبة دائمة.
فهل ف هذا التصور شيء من الصحة؟
الواب :ل! للسباب التالية:
-1إن كون الذبة ولية وصديقية وقربا و ..هو ،ف أحسن الالت ،أمر غيـب ل يعرف إل بنص من
الوحي الذي أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم ،أي :بنص من القرآن والسنة الصحيحة ،ول وجود لثل هذا
النص ،إل ما كان من تأويلتم الباطلة وافتراءاتم الظالة(( .فَ َمنْ أَظْلَ ُم مِمّنِ افَْترَى َعلَى الّلهِ كَذِبًا لُِيضِلّ النّاسَ ِبغَْيرِ
عِلْمٍ)) [النعام.]144:
-2إن ادعاء الولية والصديقية هو هو تزكية النفس على ال ،وهو من كبائر الث(( :أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِينَ ُيزَكّو َن
ب وَ َكفَى ِبهِ إِثْمًا مُبِينًا)) [النساء:سهُمْ َبلِ الّلهُ ُيزَكّي مَنْ يَشَا ُء وَل يُ ْظلَمُونَ فَتِيلًا .ان ُظرْ كَيْفَ َي ْفَترُونَ عَلَى الّلهِ الْكَ ِذ َ
أَنفُ َ
]50و((فَل ُتزَكّوا أَنفُسَكُ ْم ُهوَ َأعْلَ ُم بِمَنِ اّتقَى)) [النجم.]32:
وكذلك اتام الخرين بالولية والصديقية هو من كبائر الث .لقوله سبحانه ماطبا رسوله(( :قُ ْل مَا كُْنتُ بِ ْدعًا
* جبل قاف-:
كان كثي من القطاب العارفي البدال يرونه (أثناء الذبة طبعا) ،ويصعدون عليه ،ويذهبون إل ما وراءه،
ويرونه ميطا بالرض ،يبلغ ارتفاعه ثلثائة سنة (أي :ما يزيد عن بعد القمر بأكثر من تسع مرات) ويرى بعضهم
الية الحيطة به (وبالتال بالرض) وذيلها عند رأسها...
كانوا يرون هذه المور بالكشف! بينما الن ،صار من البدهيات عند الميع ،حت الصوفية ،أن الرض
كروية ،وقد دُرس سطحها كله إل أعماق مترمة دراسة دقيقة! فقد دُرس سطح اليابسة بدقة بالغة ،جبالً ووديانا
وسهو ًل وصحاري وبيات وأنارا ،ودرست تربتها إل أعماق تقاس بالكيلو مترات بدقة أيضا .ودرست طبقات
الرض دراسة إجالية ،لكنها صحيحة ،إل أعماق تقاس بألوف الكيلو مترات ،كما درست البحار كلها سطحا
وأمواجا ومدا وجزرا ،وعرفت أعماقها بدقة ،ووضع لقيعانا الرائط الصحيحة ،ووضعت الساء لا فيها من جبال
ووديان ومنبسطات ،أي :إن سطح الرض كله درس دراسة دقيقة إن ل يكن بالتر الربع فبالكيلو متر الربع.
ويعرف الميع أن جبل قاف مض خرافة ل وجود له ،وأن البعاد الت قدروها له وللرض ،ل تدل إل على
جهل كامل بغرافية الرض ،وجهل مز بساب السافات ،فكشوفهم ل تفدهم شيئا ،بل هي الت دفعتهم إل وهدة
الهل الذي يتخبطون فيه.
وما دام جبل قاف ل وجود له! فماذا كانوا يرون إذن؟
الواقع ،إنم كانوا يرون بالكشف جبل قاف ،والذين كانوا يرونه هم من القطاب البدال الولياء العارفي!
ورؤيتهم له بالكشف هي برهان ساطع قاطع جديد على صحة كل ما ورد ف الفصول السابقة من أن الذبة ليست
إلية وإنا تشيشية ،وأن كشوفهم ما هي إل هلوسات الشاشي وتثيليات الشياطي!
رأينا أن اللوة عنصر أساسي ف الجاهدة ،وقد كانوا كلهم -أو أكثرهم -يعتزلون الناس ف الباري أحيانا
وف الرائب أحيانا ،خوفا من سيف اللج.
والرائب ،كما هو معروف ،هي بيوت خربة هدمت جدرانا ،لكن بعضها ،كما هو معروف أيضا ،يبقى
حولا شيء من جدرانا الهدومة ،بارتفاعات متلفة (قامة أو نصف قامة أو أكثر أو أقل).
من البدهي ،أن الرتاض الذي كان يرتاد الرابات ،كان ينتقي إحدى تلك الغرف الربة الحاطة ببقايا
جدرانا ،لن هذه البقايا تعزله عن رؤية الناس.
ومن البدهي أنه كان يسوي أرضها ،أو جزءا من أرضها ،إل حد يستطيع معه القامة عليه أثناء خلوته فيها.
* فيزيولوجية الذبة:
ما هي الذبة؟ وكيف تدث؟
-من العروف أن العمل العضلي الجهد يسبب إفراز مادة (حامض اللب) ف الدم الذي يوصله إل أناء
السم ،وبلمسته للنسجة العصبية يؤثر فيها تأثيا تترجه الملة العصبية إل شعور بالتعب.
وشبيه بذا ما يدث نتيجة الجاهدة الصوفية.
لنسأل أي عال صادق من علماء التشريح والفيزيولوجيا ،وسيخبنا أن العزلة والسهر والوع والذكر الرهاقي
وتوابعها واستمرارها مدة طويلة تدث ف السم النسان تريضا يعله يفرز مادة تؤثر على الملة العصبية تأثيات
هدفها الول التلطيف من شدة الل الناتج عن تلك المارسات.
فما هي هذه الادة؟ وما هو تأثيها؟
يكن معرفة هذه الادة بالتحاليل الخبية الدقيقة( ،وقد تفيد معها الفحوص الشعاعية والسريرية على أن تري
على عدة سالكي ف أكثر من حالة صحو وأكثر من حالة جذبة لكل واحد منهم .وقد يكون من الفيد بدء
الفحوص مع بدء سيهم ف التصوف).
ومع ذلك نستطيع ،بصورة أولية ،معرفة الوظيفة الكيميائية لذه الادة من تأثيها؟
إذ إن تأثيها يشبه تاما تأثي الواد الخدرة ،إذن فهي من نوعها ،وهي بالتال من أشباه القلويات.
لكن يظهر من تارب القوم وتوصيات الشيوخ أن هذه الادة الفرزة ،ل تؤثر على العصاب التأثي الطلوب
إل عندما تكون الملة العصبية ف حالة (الستخدار) ،ورأينا أن الوصول إل هذه الالة يكون بلع النعلي ،الدنيا
والخرة ،أي :بإفراغ مراكز الوعي ف الملة العصبية من جيع مشاغلها الدنيوية والخروية! إفراغا كاملً ،حت
تصاب هذه الراكز( ،بسبب تعطيلها عن العمل) ،بالكسل والضمور والسترخاء ،أي( :الستخدار) ،حيث تغدو
قابلة للتأثر بكمية من الخدر أقل من الكمية الت يكن أن تتأثر با ف الالة العادية.
وهكذا يلتقي البوط الكاف ف نشاط القشرة الدماغية ومقاومتها مع الزيادة الكافية ف دفقة الخدر ،فتكون
www.alsoufia.com 480 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الذبة الورفينية الت يسمونا بغرورهم :الفتوح ،أو كشف الجب ،أو الشراق ،أو الولية ،وغيها ...وما هي ف
حقيقتها إل (أَ ْفيََنةٌ ذاتية)( )1تشبه الفينة الت يسببها الفيون والورفي والشيش وعقار اللوسة وفطر الكسيك وغيها
شبها كاملً ،مظهرا ومبا ومشاهدات وهلوسة وحالة نفسية.
ولو أُخضع الذين يتعاطون هذه الهلسات إل إياءات الشيخ والو الصوف مدة كافية من الزمن ،لصارت
هلوساتم مثل هلوسات الصوفية تاما :عروجا إل السماء ،واجتماعا باللئكة والنبياء ،ووصولً إل العرش،
وحضورا مع ال (جل وعل) ،وفناءً فيه حلولً أو اتادا أو وحدةً ،حسب الياءات الت يُحقنون با.
وف هلوسات الصوفية الت يسمونا الكشف والفتح والعلم اللدن ،والت يرونا أثناء الذبة ،براهي تُضاف إل
ما سبق ،على أن جذبة الشراق هي نفس جذبة التحشيش والفينة؛ لن مشاهداتم ف هذه نفس مشاهداتم ف
تلك ،والفرق بينهما ناتج عن الفرق بي المان والعلومات الختزنة؛ ولن الالة النفسية ف كلتيهما واحدة.
وتبز ملحوظة مفيدة؟ فقد رأينا ف فصل سابق أن هز الرأس على الطريقة النقشبندية قد يوصل إل الذبة بعد
إحدى وعشرين هزة ،أو بعد تكرارها ،ما يدل على أن الادة الهلسة الفرزة إنا تفرزها بعض أنسجة الدماغ أو بعض
الغدد القابعة ف ثناياه.
فهل المر كذلك؟
نعم إنه لكذلك! ففي الدماغ منطقة تُفرز مادة شبه قلوية لا مفعول الرفي ،هذه النطقة (تت الهادية) واقعة
ف الزء السفل من الخ ،تفرز مادة (النْدُورفي) أي( :الورفي الداخلي) وهي أقوى من الورفي العروف ،وظيفة
هذه الادة هي تفيف اللم الشديدة الت يكن أن تكون قاتلة ،تلطفها وتعلها -بآلية معقدة -ف الدود غي الميتة.
كما أن هناك مادة ثانية يفرزها الدماغ اسها (أنكيفالي)( )2لا نفس التأثي الخفف لللم ونفس الفعول
الورفين ،لكنها أضعف من الورفي.
نقرأ ف العجم الفرنسي ( )Larousseتعريفا لاتي الادتي ،ترجته:
-أندورفي( :)Endorphine( )3هرمون تفرزه الغدة تت الهادية ( )Hypothalamusله خصائص
الورفي السكّنة.
-أنكيفالي( :)Enképhaline( )4مادة يفرزها الدماغ تؤثر ف نقل السيالة العصبية ولا مفاعيل الورفي
السكّنة.
* فقرات معترضة:
* إكسي الولية-:
ل على الريدين وتيسيا لم للوصول إل الولية والصديقية والغوثية واللوهية بيوم أو يومي ،وبدون
تسهي ً
* أحلم النوم-:
فيزيولوجية أحلم النوم تشبه فيزيولوجية أحلم الذبة ،مع فارق هو:
ف الذبة :يبقى خدر الدماغ سطحيا وثابتا ف موضعه طيلة الذبة ،بينما تكون بقية أجزاء الدماغ متمتعة
بنشاطها العتاد إل ف حالة (الفناء عن الفناء) أو جع المع.
وف النوم :يبدأ النوم سطحيا (ف القشرة الدماغية) حيث تدث الحلم ،وتكون أجزاء الدماغ الخرى ف
حالة هبوط تدريي نو النوم ،فحالة البوط تعل اللم غامض الوضوع ،والتدرج نو النوم الكامل ،أو بالعكس،
يسبب القفزات ف تسلسل حوادثه.
وعندما يصل النوم إل مراكز التفسي السي تنقطع الحلم.
* هل سيبصر العمى-:
ل أظنه بعيدا ،ذلك اليوم الذي يذهب فيه العمى إل الصيدلية ليشتري (جهاز إبصار) يضعه على رأسه،
www.alsoufia.com 494 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ترتبط به نظارات يضعها على عينيه ،ث يرج وهو يرى الياة كما يراها البصي العادي .وتدث عملية الرؤية
كالتال:
تقع الشعة النعكسة عن الشياء على نظارات الهاز (مثل وقوعها على العي العادية) وترتسم صورها عليها.
تتحول هذه الصور إل موجات كهرطيسية تسري عب شريط ناقل إل الهاز الوضوع ف مكان معي فوق
الرأس.
يول هذا الهاز الوجات الكهرطيسية إل موجات عصبية مناسبة تترق المجمة والقشرة الدماغية حت
تصل إل مركز التفسي البصري الذي يفسرها كما لو كانت آتية إليه عن طريق العي ،إذ كل ما يريده مركز التفسي
البصري هو أن تصله موجات عصبية مناسبة ،ليفسرها ويس با ذلك الحساس الذي يعرفه كل كائن حي بصي.
أما من أين أتت تلك الوجات؟ وكيف؟ وف أي طريق؟ فهذا ل شأن له به.
ل جذريا أو شبه جذري ،كما يستطيع أي إنسان أن يستعمل هذا الهاز
وهكذا تل مشكلة العميان ح ً
للتسلية ،أو لضرورة ما.
الفصل الول
مناقشة وحدة الوجود
-1يقول سبحانه(( :وَ َجعَلُوا َلهُ مِ ْن عِبَا ِدهِ ُجزْءا إِ ّن الِنسَانَ لَ َكفُورٌ مُِبيٌ)) [الزخرف.]15:
الية واضحة كل الوضوح ،ل لبس فيها ول غموض.
فوحدة الوجود تعل من كل ملوق جزءا من ال جل وعل.
وتقرر الية الكرية الكم على الذين يؤمنون بذه العقيدة الذين يعلون من عباد ال (سبحانه عما يصفون)
جزءا منه ،تقرر الكم عليهم بالعبارة(( :إِنّ الِنسَانَ لَ َكفُورٌ ُمِبيٌ)) [الزخرف ،]15:الت نفهم منها ما يلي:
أ -قوله(( :إِنّ الِنسَانَ)) [الزخرف ،]15:يدل على أن الؤمني بوحدة الوجود هم من بن النسان فقط ،فل
يوجد بي الن مثلً ،بل اللئكة ،من يؤمن بذه العقيدة الكافرة.
ب -قوله(( :لَ َكفُورٌ)) [الزخرف ،]15:على وزن (فعول) ،وهي صيغة تدل على البالغة والستمرار ،تعن:
إن الؤمن بوحدة الوجود هو شديد الكفر مستمر عليه ،يتنع رجوعه عنه أو يصعب.
وتعن :إن شدة الكفر واستمراريته الوجودة ف نوع النسان تعله يؤمن بثل هذه العقيدة.
ج -قوله(( :مُِبيٌ)) [الزخرف ،]15:أي :مظهر للكفر ،مفصح عنه ،موضح له ،وهذا يعن أن الفكرة واضحة
الكفر ،والذي يؤمن با مبي للكفر ،الكفر ظاهر له وعليه؛ وذلك لن الفطرة السليمة (وبعض غي السليمة) ،تقشعر
رعبا من ساع هذا التطاول على القدسية اللية ،وترتف هلعا من هذا الغرور الغب الريء الظال ،لجرد ساعها
ذلك.
ضرُونَ .سُبْحَانَ الّلهِ عَمّا
حَت الْجِنّةُ إِّنهُمْ َلمُ ْ
جنّةِ َنسَبًا وََلقَ ْد عَلِ َم ِ
-2يقول سبحانه(( :وَ َجعَلُوا بَْيَنهُ َوبَيْ َن الْ ِ
صفُونَ)) [الصافات.]159:
َي ِ
طبعا ،وحدة الوجود تعل الن جزءا من ال تعال ،وليس بعد هذا النسب ما هو أقوى منه؛ لنه نسب بعض
الذات إل الذات.
www.alsoufia.com 497 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
لكن الية الكرية تستهجن هذه الفكرة ،نفيا لا ودحضا ،وتنه ال سبحانه وتعال عما يصفه هؤلء
الواصفون.
ضرُونَ)) [الصافات ،]158:واضحة الدللة على أن الن -لو كانوا
حَجنّةُ إِّنهُ ْم لَمُ ْ
والعبارة(( :وََلقَدْ عَِل َمتِ الْ ِ
يتصلون بنسب إل ال سبحانه -لا جعلهم من الحضرين .وعدم وجود النسب بينه سبحانه وبي النة ينفي وحدة
الوجود نفيا كاملً.
ك مِنْ قَْبلُ َولَمْ َتكُ شَيْئا)) [مري ،]9:ويقولَ(( :أوَل يَذْ ُكرُ الِنسَانُ َأنّا َخَلقْنَاهُ
-3يقول سبحانه(( :وَقَ ْد خََلقُْت َ
مِنْ قَبْ ُل وََلمْ َيكُ شَْيئًا)) [مري.]67:
اليتان واضحتان كل الوضوح :إن ال سبحانه خلق النسان من ل شيء ،من العدم ،ولو كانت وحدة
الوجود واقعة لكان النسان شيئا قبل أن يوجد ،كما هو الن شيء بعد وجوده.
فكون النسان خلق من ل شيء ،من العدم ،ينفي وحدة الوجود جلةً وتفصيلً ،لن ال تعال ليس عدما ،إنه
الي القيوم الالق البارئ الصور.
-4عشرات اليات ف الكتاب الكيم تقرر أن الخلوق غي الالق .منها(( :وََيعْبُدُونَ مِ ْن دُونِ الّلهِ مَا ل
يَ ْمِلكُ َلهُمْ ِرزْقًا مِنَ السّ َموَاتِ وَا َل ْرضِ)) [النحل ،]73:إذن فالصنام والوثان (وهي خلق) هي من دون ال تعال،
وليست جزءا منه ،ول هي هو(( .وَقَا َل الّذِينَ أَ ْشرَكُوا َلوْ شَاءَ الّل ُه مَا عَبَدْنَا مِ ْن دُوِن ِه مِنْ شَ ْيءٍ)) [النحل.]35:
((قُلْ إِنّي ُنهِيتُ أَنْ َأعْبُ َد الّذِي َن تَ ْدعُو َن مِنْ دُونِ الّلهِ)) [غافر.]66:
ك مِنْ دِينِي فَل َأعْبُدُ الّذِي َن َتعْبُدُو َن مِنْ دُونِ الّلهِ)) [يونس.]104:
((إِنْ ُكنْتُ ْم فِي َش ّ
((ِإذْ قَالُوا ِل َق ْو ِمهِمْ ِإنّا ُبرَآءُ مِنْ ُكمْ َومِمّا َتعْبُدُونَ مِ ْن دُونِ الّلهِ َكفَرْنَا بِكُ ْم وَبَدَا َبيْنَنَا وَبَْينَكُمُ اْلعَدَا َوةُ وَالَْب ْغضَاءُ
أَبَدًا حَتّى ُت ْؤمِنُوا بِالّل ِه وَحْ َدهُ)) [المتحنة.]4:
ومنها(( :قُلْ َأَفغَْيرَ الّلهِ تَ ْأ ُمرُونِي َأعْبُدُ أَّيهَا الْجَا ِهلُونَ)) [الزمر ،]64:طبعا ،كانوا يأمرونه أن يعبد أصنامهم
وأوثانم .والية الكرية تقرر أنا غي ال ،وبا أنا جزء من اللق ،إذن فاللق غي ال ،والخلوق غي الالق.
((إِنّمَا َح ّر َم عََليْكُمُ اْلمَيَْت َة وَال ّد َم وَلَحْ َم الْخِنِي ِر َومَا ُأهِ ّل ِبهِ ِلغَْي ِر الّلهِ)) [البقرة ،]173:والذي ُأهِلّ به لغي ال
إنا ُأهِلّ به للوثان والصنام ولن يسمونم (الولياء) ،وهؤلء كلهم خلق ،والية الكرية تقرر أنم غي ال .ومن
هذه اليات(( :وََلوْ كَا َن مِ ْن عِنْ ِد غَْيرِ الّلهِ َلوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلفًا كَثِيًا)) [النساء.]82:
((قُلْ َأغَْيرَ الّلهِ أَتّخِ ُذ وَِليّا فَا ِطرِ السّ َموَاتِ وَا َل ْرضِ)) [النعام.]14:
ب ُمفَصّلً)) [النعام...]114:
((أََفغَْيرَ الّلهِ َأبَْتغِي حَ َكمًا َو ُهوَ الّذِي أَنزَلَ إِلَْيكُمُ اْلكِتَا َ
هذه اليات هي بعض من آيات كثية غيها تقرر أن الخلوق هو من دون ال ،وغيه ،وهي كافية للرد على
* النتيجة:
وحدة الوجود كفر مبي ،ومعتقدها كافر مبي ،كافر حسب الشريعة ،وكافر حسب القيقة القة الت هي
الشريعة السلمية ،له ف الدنيا عقوبة الرتد عن السلم ،وله ف الخرة عذاب أليم ،إل أن يتداركه ال سبحانه
بلطفه وعفوه.
والصوف الق هو الذي يبطن وحدة الوجود ،ويظهر التمسك بالشريعة ،وهو منافق حقا ،بل هو شر أنواع
النافقي ،وليكن مطمئنا (من مقام الطمأنينة) أن مقامه القيقي هو ف الدرك السفل من النار إن ل يتداركه ال
برحته.
* الكذب-:
مر معنا ف الفصول السابقة عشرات النماذج من كذبم ،وهي جرع من بر ،وبتأمل هذه النماذج ،وغيها ما
ف كتبهم ،نرى أنا:
كذب على ال سبحانه ،وكذب على ملئكته ،وكذب على كتبه ،وكذب على رسله ،وكذب على اليوم
الخر ،وكذب على القضاء والقدر (خيه وشره) ،وكذب على الصحابة ،وكذب على أهل الكتاب ،وكذب على
* التأويل-:
للتأويل معنيان:
-1العن العروف ف اللغة العربية والواردة به الكلمة ف القرآن الكري ،وهو كما ف (تفسي ابن كثي):
التفسي والبيان والتعبي عن الشيء .وهو أيضا :حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه.
وبشيء من إمعان النظر ف العنيي ،نرى الثان امتدادا للول وتكملة له.
ولتوضيح ذلك:
نقرأ ف الكتاب الكيم(( :لَْيسَ كَ ِمثِْلهِ شَ ْي ٌء َو ُهوَ السّمِيعُ الَبصِيُ)) [الشورى ،]11:و((إِنّا َخَلقْنَا الِنسَانَ مِنْ
جعَ ْلنَاهُ سَمِيعًا َبصِيًا)) [النسان.]2: نُ ْطفَةٍ َأمْشَاجٍ َنبَْتلِيهِ فَ َ
فال سبحانه سيع بصي ،والنسان كذلك سيع بصي!
لكننا نعرف -بدهيا -وبدون أي تلكؤ ،أن ال سبحانه وتعال سيع بصي ،بالعن الكلي الكامل الحيط
للكلمتي ،فهو سبحانه سيع بصي بل حدود.
وأن النسان سيع بصي ،بالعن الزئي الناقص الحدود للكلمتي ،فسمعُ النسان وبصرُه تدها عوامل كثية.
ومثلها :الي ،اللك ،الؤمن ،العزيز ،البار...إل.
ومثلها الفعال الت يكن أن تعزى إليه سبحانه ،وإل ملوقاته ،مثل :شاء ،أراد ،وغيها.
ومثلها :الساء الت يكن أن تضاف إل الالق والخلوق ،مثل :أمر ،إرادة ،مشيئة ...ومنها كلمة (تأويل).
فعندما تضاف كلمة (تأويل) إل النسان ،يفهم منها التأويل الزئي الناقص الحدود.
أما التأويل الذي يعلمه ال سبحانه ،فهو تأويل كلي كامل ميط ،يشمل التفسي والبيان والتعبي عن الشيء
وحقيقته ،وما يؤول إليه أمره ،وتفصيله الدقيق الحيط...
ل على ذلك ،قوله سبحانه(( :اقَْترََبتِ السّاعَةُ)) [القمر.]1:
ومث ً
* اللصة:
للكفر مدخلن:
-1رفض ما جاء به ممد صلى ال عليه وسلم بصراحة .وهذا كفر فيه صدق ووضوح.
-2تأويل ما جاء به ممد ،أو بعض ما جاء به .وهذا رفض متستر ،وهو كفر فيه خبث ومكر وكيد
وخداع ،فهو شر من الكفر الول.
* الوحدة الطلقة:
الوحدة الطلقة هي التصريح بوحدة الوجود بالعبارة الطلقة ،أي غي القيدة بالشارة والرمز واللغز ،وهذا هو
الكفر والزندقة عندهم؛ وهم ل يعنون بالكفر والزندقة الروج من الولية والصديقية ،ل ،وإنا يعنون با أنا كفر
وزندقة بالنسبة للشريعة (الت هي الظاهر) ل بالنسبة للحقيقة ،إذ هي عندهم ،بالنسبة لقيقتهم ،ولية وصديقية
وقرب ومعرفة ،لكن يب أن تبقى مكتومة وأل يعب عنها إل بالعبارة الصوفية ،وهم ف واقع المر يستعملون عبارة
(الوحدة الطلقة للخداع والتضليل والتهرب من سيف اللج).
وقد مر معنا قول قائلهم :إن النيد والشبلي أفتيا بزندقة اللج وبقتله ،وها يعلمان أنه ول ال حقا ،كما
رأينا قول عارفهم الغوث :وبويعت ف الضرة على التباعد عن أناس ابتُلوا بالنتقاد والعتراض على أولياء ال تعال،
وذلك فيما يقبل التأويل! وهو يعن بذا أن العبارة الصوفية يب أن تكون قابلة للتأويل ليمكن بذلك خداع
السلمي! أما إن ل تكن قابلة للتأويل فالذنب ذنب الصوف عندئذ؛ لنه سيكون من أهل الوحدة الطلقة ،الذين ل
يقيدون عبارتم بالشارة والرمز واللغز الت تعل التأويل مكنا ،والت هي من الطريقة البهانية الغزالية الت تترست
به ،فاستطاعت أن تدع السلمي وعلماء السلمي طيلة تسعة قرون أو تزيد ،واستطاعت بذلك أن تصل إل غاية
إبليس من ورائها بتحريف العقيدة السلمية ف النفوس ،ودفعها إل التخبط ف ظلمات بعضها فوق بعض ،وإيصال
الجتمعات السلمية إل ما هي عليه من فساد وضياع.
ومثال من يقولون عنهم إنم من أهل الوحدة الطلقة (ابن سبعي) لثل قوله:
والمر أوضح من نار على علم كم ذا توه بالشعبي والعلم
الفصل الول
مناقشة التعاريف واشتقاق (الصوفية)
* التعاريف:
كثيا ما تورد كتب التصوف تعاريف للصوفية.
وكل تعاريفهم ليس فيها شيء من التعريف ،إل لفتات دعائية ،هي عبارات مرموزة منمقة ل يفهمها إل
التمرس بأساليبهم ،ومع ذلك فهي بعيدة عن أن تكون تعاريف ،وهذه أمثلة منها:
-التصوف :علم تعرف به أحوال تزكية النفوس ،وتصفية الخلق ،وتعمي الظاهر والباطن لنيل السعادة
البدية.
-التصوف :استعمال كل خلق سن ،وترك كل خلق دن.
-التصوف كله أخلق ،فمن زاد عليك بالخلق ،زاد عليك بالتصوف.
-التصوف :علم يعرف به كيفية ترقي أهل الكمال من النوع النسان ف مدارج سعاداتم.
هذه ناذج من تعاريفهم ،لو قرأها القارئ ألف مرة وألف مرة وألف مرة لا استطاع أن يتوصل إل معرفة أي
شيء عن الصوفية.
على أن التمرس بأساليبهم يعرف أن عبارت (تزكية النفوس ،وتصفية الخلق) تعن التخلص من الشعور
بالخلوقية أو (العبودية) وتوابعها .وأن (السعادة البدية) تعن ذوق اللوهية أو (استشعار اللوهية ،أو الفناء ف
ال)...وكذلك معن بقية العبارات.
وبدون إطالة ،التعريف الصحيح هو:
الصوفية هي رياضات يقوم با السالك حت يصل إل الذبة ،حيث يرى -بتأثي إياءات شيخه الؤله -رؤىً
يتوهم ف بعضها أنا تقق باللوهية ،وبالتال استشعار لوحدة الوجود.
)(1كان اسه القسيس دافيد بنجامي الكلدان وهو من كبار علماء اللهوت السيحي ،أسلم سنة 1904م ،أو بعدها بقليل ،وتسمى عبد الحد داوُد ،وقد
كان حيا حت بعد الرب العالية الول ،ول أقف على تاريخ وفاته ،وهو من أورميا بفارس.
)(2ممد ف الكتاب القدس( ،ص.)72:
)(3ممد ف الكتاب القدس( ،ص ،)73 ،72:وهؤلء النبياء هم النبياء الكذبة.
لجَري أو الجّار ،ثلجَر) ،فيكون العن الساسي لكلمة (مسفا) هو الحجرة ،والعن الساسي لكلمة (صوف) هو ا َ )(4الصفاة كلمة سامية معناها (ا َ
تطورت لتأخذ معناها الصطلحي.
لجَري أو الجّار ،ثلجَر) ،فيكون العن الساسي لكلمة (مسفا) هو الحجرة ،والعن الساسي لكلمة (صوف) هو ا َ )(5الصفاة كلمة سامية معناها (ا َ
تطورت لتأخذ معناها الصطلحي.
www.alsoufia.com 524 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
هؤلء الدّعي -إن ل يكن كلهم -كانوا من خريي تلك السفايات الت كانت معاهد لعداد النبياء ،وكانت تري
على أيديهم الوارق ،ولعل أشهرهم الارث الدمشقي ،وكان نصيبهم القتل أو التوبة.
-إن سلوكَ هؤلء والوارقَ الت تدث على أيديهم تدل على أنم سلكوا طريق الشراق ومارسوا رياضته
حت وصلوا .وتسميتُهم أنفسَهم أنبياء تدل على أنم أخذوا الطريقة ف مسفاة من السفايات اليهودية وتسلكوا على
يد شيخها (صوف) ،وذلك لن اليهود هم وحدهم الذين كانوا يسمون الشراقي (نبيا) ،بينما كان غي اليهود
يسمونه الكاهن أو العراف أو القديس .وهذا يعن أن من السلمي من كان ينضم إل حلقات الشراق اليهودية
جرّا با كان يري على يده من خوارق. ويتسلك على يد صوفيها مسَت َ
-إن أول من عرف باسم (صوف) ف الجتمع السلمي هو (أبو هاشم الصوف) التوف قبيل منتصف القرن
الثان الجري.
-ومن غي الستبعد ،بل من القبول ،أن يكون أبو هاشم هذا قد تسلك ف (مسفا) (سرية طبعا) ف بغداد،
ووصل إل الشراق (الذبة) على يد صوفيها ،وبتوجيهه تطور ف الشاهد والكشوف والعلوم اللدنية (نب ث رائي ث
بصي) وأخيا وصل إل مقام الرشاد ،وأسس مسفا إسلمية (سرية طبعا) ،فاستحق بذلك لقب (صوف) ،وصارت
له حلقته الت يلقن فيها الدين السري (الشراق) .وبا أنه مسلم فمن البدهي أن تضم حلقته مريدين مسلمي ،هذا إن
ل يكونوا كلهم مسلمي ،ومن البدهي أن يتخرج ف حلقته واحد على القل يستحق لقب (صوف) ،أي :مرشد
ورقيب.
وهكذا كان انطلق النبات الول للسم (صوف).
وجاءت الترجات عن اليونانية ،وانتشرت معها ،فيما انتشر ،كلمة (صوفيا) بعن الكمة ،وانتبه بعض مثقفي
الشراقيي إل التشابه اللفظي بي (صوف) و(صوفيا) ،كما انتبهوا إل التوافق العنوي ،ث انتبهوا إل أن هذا السم
سيصرف عنهم الاجة إل التسمي بأحد الساء السابقة (نب أو كاهن أو عراف أو قديس) الت تقطر سيوفها دما،
ولعله عرض هذه الفكرة (وهذا هو العقول) على شيخه وإخوانه فأعجبتهم ،وبدءوا يستعملون السم (الصوفية) حت
انتشر.
-هذا بالنسبة لشتقاق السم ،أما الصوفية ذاتا ،عقيدتا وطريقتها ،فقد كان لا طرق إضافية.
)(1الذبة الشراقية أو التحشيشية هي صورة مففة من النون ،وعندما تزداد كمية الندورفي زيادة كافية يصبح الجذوب منونا ويقولون عنه :إنه ف
مقام جع المع ،أو الستغراق ،أو الطلق.
www.alsoufia.com 528 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
أقول :لعل هذا الديث هو الذي جعلهم يستبدلون كلمة العراف ،بالعارف.
وف البزار عن عمران بن الصي مرفوعا ،والطبان ف (الوسط) عن ابن عباس{ :ليس منا من تَطَّيرَ أو تُ ُطّيرَ
حرَ له}.
حرَ أو ُس ِ
له ،أو تَ َكهّنَ أو تُ ُكهّنَ له ،أو سَ َ
وترك الكهنة ليدافعوا عن وجودهم ،ومن أشهرهم مسيلمة وسجاح والعنسي ،فخذلم ال له النة ،ولزم
الكهنة الباقون الصمت واعتصموا بالكتمان.
وتدر الشارة هنا إل أن توبة العارف متعذرة ،أو صعبة جدا على القل ،لسبب بسيط؛ لنه يعتقد أن
هلوساته الشيطانية هي إشراقات إلية! وللحق ،هي َخدّاعَ ٌة خَدّاعَة.
ولذا بقيت الكهانة تسري ف غيابات الغرف الظلمة ،ووراء البواب الوصدة ،والكهنة يتحاشون إظهار
رءوسهم خوفا من أن تتطفها سيوف الردة ،حت فطن بعضهم إل أن تغيي السم (الكهانة) يكن أن يساعدهم على
التحرك برية ،وكانت الترجات من اليونانية ،وانتشرت كلمة (سوفيا) بعن الكمة ،مزوجة بالكلمة (فيلو سوفيا)
بعن حب الكمة (أي :الفلسفة) ،أو غي مزوجة ،وحدث أن وصل واحد من تسلك ف (السفا) ،إل مقام
(سوف) ،أي :الرشد ،ورأى أحد مثقفيهم أن هذه الكلمة العبية تتوافق مع الكلمة اليونانية (سوفيا) ،بعن الكمة،
ورآها مناسبة لقتضى الال ،ولعله عرضها على شيخه أو مريديه ،فحازت القبول ،فتبنّوها ونشروها بي طائفتهم الت
كانت مدودة العدد ف ذلك الوقت ،وسرعان ما خضعت للذوق العرب ف لفظ الكلمة ،فأصبحت (صوفية)،
والنتسب إليها (صوف).
ورفعت الكهانة رأسها بعد أن وضعت عنوانا جديدا لا ،ولفتات دعائية ذكية ،فصارت الصوفية والقرب
والحسان والصديقية...وتركت لتكون معول الدم الذي دمر العقيدة السلمية ف نفوس السلمي ،الذين صاروا
يأخذون عقائدهم من اللوسات ومن شياطي الن ،بعد أن كان مصدرها القرآن والسنة لول النهى ولقوم يعقلون
ويعلمون ويبصرون ويسمعون ويتفكرون .وكانت معول الدم الذي دمر الجتمعات السلمية ،لنا كانت ،وما
زالت ،تنشر الهل والرافة والنراف عن الصراط الستقيم .وكانت معول الدم الذي أفسد المة السلمية؛ لنا
مسخت الفرد السلم الذي تأثر با ،فجعلته جاهلً خرافيا ذليلً خانعا تواكليا ،يعبد الشيخ بدلً من عبادة ال ،ول
يشغل تفكيه إل الوصول إل ساعة الصفا والتعة الت يسمونا( :روحانية وولية ،)...حيث يقضي ساعة أو ساعات
متمتعا بالذهول (مسطولً) سادرا ف هلوساته وأوهامه الذبية ،الشراقية أو التحشيشية ل فرق.
* وخلصة الكلم...
عندما جاء السلم ،كانت الصوفية منتشرة ف كل البلد الت دخلها ،بل ف كل العال .كانت منتشرة ف
جزيرة العرب باسم الكهانة ،وكانت منتشرة ف الند وفارس؛ لن دياناتم كانت تقوم على أساس الرياضة حت
الذبة ،وما فيها من رؤى ومكاشفات ،وكانت منتشرة ف النصرانية الت كانت تسيطر على مصر والشام والعراق
وجزء من فارس واليمن ،وكذلك اليهودية ،وكان الشيخ فيها يطلق عليه باللغة العربية اسم (الكاهن والعارف
www.alsoufia.com 529 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
والعراف) أو ما يرادفها ف اللغات الخرى.
ولا جاء السلم ،اختبأت وراء السوار ،حت قُدر لكهانا أن يدوا صيغة ملئمة استطاعوا أن يظهروا با أمام
الناس ويدعوهم إليها.
وقد عرف هذه القيقة بعض علمائهم القدامى( ،إن ل يكن أكثرهم) ،فهذا شهاب الدين يي بن حبش
السهروردي يقول:
...وأما أنوار السلوك ف هذه الزمنة القريبة ،فخمية الفيثاغوريي وقعت إل أخي أحيم (أي :ذي النون
الصري) ،ومنه نزلت إل سيار تستر وشيعته...وأما خية السروانيي ف السلوك ،فهي نازلة إل سيار بسطام (أب
يزيد) ،ومن بعده إل فت بيضاء (اللج) ،ومن بعدهم إل سيار آمل وخراقان (أب السن الراقان)(.)1
ونسي السهروردي كهان الجاز وند! وله الق ،فقد كان أكثرهم أدعياء مقلدين ،كما يظهر من قراءة
أخبارهم ،كما نسي اليهود؛ لنم كانوا يعملون بصمت وتكتم.
ولعل من الفيد إيراد فقرة للسهروردي نفسه وردت قبل كلمه هذا مباشرة ،فقد روى أنه رأى أستاذه أرسطو
ف النوم ،فسأله عن رأيه عن أقطاب التصوف الذين يستشهد بم وبآرائهم كل من كتب ف التصوف أو تكلم فيه،
من مثل أب يزيد البسطامي وسهل التستري وذي النون الصري والسي بن منصور اللج .فقال فيهم :أولئك هم
الفلسفة والكماء حقا ،ما وقفوا عند العلم الرسي ،بل جاوزوا إل العام الشهودي ،وما اشتغلوا بعلئق اليول،
فلهم الزلفى وحسن مآب.
-وهذا ابن سبعي يثبت مشيخة فلسفة اليونان ف التصوف ،فيقول ف إحدى رسائله:
...والقدمون منهم (أي :من الفلسفة) ف الليات أنبه ،غي أنم يغلطون ،وهم أقرب إل النبياء وإل اليان
بم من غيهم ،وأرسطو ذكر أمرهم ف (نيقوماخيا) ،وهذا الرجل كان جليل القوم ف الهنة؛ لنه ف القوى
والحوال اللية مثل غيه ،وملك بعض السرار الطبيعية واللية وكتمها ،وأفلطون ف التجرد والتوجه وفهم
الحوال اللية أثبت ،وإن كان أرسطو أجل منه على الطلق ،فإنه توجه ،وكان حاله ف سره(( ...)2ث يذكر بعد
ذلك جلة من العبارات الت يقول :إنم كانوا يرددونا).
ويورد ابن سبعي أيضا ف الرسالة النورية:
...وكان سقراط يقول ف كل صباح :أنا الدليل بالذات ،وأنت العزيز بالذات ،فل تعلن بعزتك من السعداء
بالغرض ،يا من هو صورة كل شيء ،وقياس هذا العال ،ووجوده القريب...وكان يكثر قول :أنت أنت أنت...
وكان أفلطون يقول :يا نور العال ،يا سبب الكل...كم ذا نتجرد ونعود إل هذا السم ،ونرجع ف عال
* الندوسية-:
نظرة سريعة:
ل يكن العثور على تعريف جامع للهندوسية؛ لن فيها مئات كثية من الذاهب التباينة ،لكن عندهم عقيدة
رئيسية (يؤمن) با أكثرهم ،إن ل يكن كلهم.
-فكلهم يؤمنون بالفيدا ،كتابم القدس ،لكن يوجد غيه مئات الكتب القدسة.
)(1رجل دين إسبان من أهل النصف الول من القرن السادس عشر اليلدي.
)(2تييزا الفيلية من قرية آفيل السبانية ،ماتت سنة (1582م).
)(3ابن عرب ،لسي بلثيوس( ،ص )186:ف الاشية.
www.alsoufia.com 541 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
...واتاد النفس بال ف القران الروحي شبيه بشمعتي تذوبان معا حت يصبح نوراها نورا واحدا(...)1
ومن قصيدة أخرى:
...هاأنذا يا عريسي الكب ،دعن أقترب منك ...وليدخل هذا الدول الصغي ف خضمك ،أغثن يا أعذب
حليل ...ولتسترح نفسي بي ذراعي عريسها(...)2
حيث يظهر من أقوال القديسة هذه أن تلياتا كانت جالية ل جللية ،واتادية ل وحدوية.
بينما نرى القديس خوان دي ل كروث( )3يؤمن بوحدة الوجود ،فمن أقواله:
...حبيـب هو البال ،والوديان النعزلة الليئة بالشجار ،والزر الغريبة ،والنار الرنانة ،وصفي الرياح
البيبة ،والليل الساكن(...)4
من النصوص الارة آنفا ،وكذلك من الفصول السابقة ،ومن أية دراسة واعية لية وثنية ف التاريخ ،يظهر
واضحا دور الشراق فيها ،بل إن الكاهن ف كل الوثنيات ل يسمى كاهنا حت يصل إل الذبة عن طريق الرياضة
الصوفية ،ويصل على يده بعض الوارق ،وقد يكتفون بالهلسات ،أو يستعملونا كعامل مساعد ،مع العلم أن بعض
الوثنيات ،كديانة الينكا مثلً ،كانت كما يظهر تكتفي بالهلسات ،وبعضها كالديانة الندوسية ،كانت وما زالت
تستعمل الطريقتي ،الهلسات والرياضة الصوفية ،وبعضها كان ولا يزل يكتفي بالرياضة الصوفية.
للتسلية:
يقول د .سيد حسي نصر:
...بل إن مقام (الدمة) نفسه الذي يأت متأخرا بعد مقام البقاء ،ل يوز أن يمل على معن العمل أو الفرض
الدين بالعن الألوف؟ بل بثابة خدمة أداها كائن تذوق (الوصال) ،وهي ف منلتها تقابل العهد الذي قطعه
أفالوكتسفارا على نفسه ف الدين البوذي ،بإنقاذ اللئق ،بعد أن ت له أن يطو خطوة واحدة ف (النيفانا)( .)5اهـ.
-النيفانا هي الصطلح البوذي الذي يقابل مصطلح (الفناء ف ال) ،وقد عربا بعض التصوفة ف إيران أو
(أسلمها) ،فصارت (نيوان)( ،)6واستعملوها بنفس العن .وبقراءة النصوص الترجة إل العربية ،ند أن كلمة
(النيفانا) ترد أحيانا بعن (الطلق) ،وأحيانا بعن( :الفناء ف الطلق) ،وهو الكثر تواترا.
-ويب أل ننسى ملحوظة هامة ،وهي أن القيقة الصوفية( ،أي :الذبة ورؤاها) ،والطريق إليها (أي:
)(1يسوع السيح شخصيته وتعاليمه (ص.)212:
)(2عمر بن الفارض من خلل شعره( ،ص.)77:
)(3إسبان متصوف من أهل القرن السادس عشر اليلدي.
)(4ملة العرب( ،عدد( ،)305 :ص.)40:
)(5الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)67:
)(6من الفكر الصوف اليران العاصر ،الفصل الخي.
www.alsoufia.com 542 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
الرياضة الصوفية) ،هي واحدة ف كل زمان ومكان ،ويكون الختلف ف أشكال الالت الت تاط با ،والتفاسي
الت تشرح با رؤاها وأساليب الدعاية الت يقدمونا لا ،كما أن للخلفية الجتماعية الحيطة بالواصل دور شامل ف
الطروحات الت تقدمها كشوفه.
)(1أربع رسائل إساعيلية ،ف آخر مقدمته على قصيدة عامر بن عامر.
)(2الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)134:
www.alsoufia.com 551 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
السادس الجري ،وما يذكر عنه من خوارق تدل على قيامه بالرياضة الشراقية ،وتقديسهم لبن عرب وأفعاله،
وتبنيهم تفاسيه الشارية ،كل هذا دليل على دور الصوفية ف الساعيلية.
وهذه كلمة لعال من علمائهم شهاب الدين بن نصر ذي الوشن الديلمي الينفي (نسبة إل الينفة ف شال
غرب سورية) ،تظهر فيها وحدة الوجود إل جانب العقيدة الرئيسية عندهم ،يقول:
اعلم أيها الخ البار الرحيم الرشيد ،بأن التوحيد هو صفة الوحّد الجيد ،وهو درجة العقل الفعال ،وأحد
القيقة ،والبدَع الول ،وينبوع الوجود ،ومصدر العدد ،فمنه إشراق أنوار الكلمة العلية ،ومبتدأ الوجود ،وابتداع
النه العبود ،والواحد الفرد الصمد ،الذي من جوهره وجدت الوجودات ،فلزمتها صفة العداد والزواج والفراد،
وإليه عودتا حي العاد(...)1اهـ.
تبدو العقيدة الساعيلية ف هذا النص ف (العقل الفعال) وأوصافه ،وتبدو وحدة الوجود ف قوله( :الذي من
جوهره وجدت الوجودات...وإليه عودتا حي العاد .وشطحاتم ف القوال والفعال ،الت هي ،بطبيعة الال ،تشبه
أحوال متعاطي الشيش ،دعت أعداءهم إل تسميتهم بـ (الشاشي) ،وانتشر السم.
والساعيلية تنقسم إل فرقتي رئيسيتي :النارية أو (الغاخانية) ،والستعلية أو (البوهرة) ،وكانت الشعائر
السلمية قد ألغيت عند النارية منذ العقود الخية ف الوت ،قبل أن يهدمها التتر؛ لكنهم الن عادوا إل تطبيقها
على الذهب الشافعي ،وعسى أن يرتق ال سبحانه بم بعض الفتق.
* النصيية-:
مؤسسها أبو شعيب ممد بن نصي النميي (بالولء) ،مات حوال سنة (270هـ) ،وخلفه تلميذه ممد بن
جندب ،وكانت مدته قصية ،وكانت الطائفة ف زمنهما قليلة ،تتألف من بعض الشيعة الذين قبلوا أقوال ابن نصي.
وبعد موت ممد بن جندب بعد عام (270هـ) بقليل ،خلفه أبو ممد عبد ال بن ممد النان النبلن (مات سنة
287هـ) ،وكان يقيم ف فارس ف بلدة (جنبل) ،ولذلك اشتهر أيضا بـ (الفارسي) ،وقد أحدث طريقة صوفية
عرفت بـ(النبلنية) ،وكانت مثل غيها من الطرق ،تتذب الريدين الخدوعي من سنة وشيعة ،وأكثرهم من
السنة؛ لن أهل السنة كانوا يشكلون الكثرية الساحقة ،وكان كل من دخل الطريقة يتحول مباشرة إل النصيية
اتباعا لشيخه ،وبذلك ازداد أتباع الذهب النصيي ازديادا كبيا.
سافر النبلن إل مصر ،حيث انتسب إل طريقته السي بن حدان الصيـب الذي صحب النبلن ف
عودته إل فارس ،ث خلفه ف مشيخة الطريقة وف الرئاسة الدينية للطائفة ،وقد انتقل إل حلب ،وجعلها موطنا له،
وانتشرت الطريقة ف عهده بسرعة ،وخاصة ف سنجار ،وانتشارها يعن انتشار الذهب النصيي ،وقد ساعد على
انتشار الطريقة والذهب طول عمر الصيـب ،الذي عاش حت سنة (358هـ).
)(1أربع رسائل إساعيلية ،رسالة مطالع الشموس ف معرفة النفوس ،مطلع الرتبة الثانية ف التوحيد والتنيه والتجريد.
www.alsoufia.com 552 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ونورد قولً ف هذا الوضوع لؤرخ نصيي هو ممد أمي غالب الطويل( ،)1يقول :كان السيد أبو سعيد سرور
(مات سنة 426هـ) ،أكب مؤلف بي العلويي ،وهو آخر شيخ منفرد بالطريقة النبلنية الت استحالت بعد ذلك،
وتشكل منها شعب العلويي((...)2العلويون) اسمٌ ثا ٍن للنصيية استحدث زمن الستعمار الفرنسي ،ويسمون أيضا
(العلي إليون).
)(1من أحياء العقد الثالث من القرن العشرين اليلدي ،ل أقف على تاريخ وفاته.
)(2تاريخ العلويي( ،ص.)264:
www.alsoufia.com 553 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
* الدرزية-:
تؤمن الدرزية أن الزمن يقسم إل أكوار ،وكل كور إل أدوار ،وأن ال سبحانه يتأنس (يظهر بصورة إنسان)
ف أول كل دور ،وأنه (سبحانه وتعال) ف الدور الخي من الكور الال تأنس بصورة الليفة الفاطمي (الاكم).
مؤسس الدرزية هو المزة بن علي الزوزن (اختفى سنة 411هـ بعد اختفاء الاكم) ،وما ينعت به :علة
العلل ،العقل الول ،النور الكلي ،الوهر الزل ،فيه بدأت النوار ،ومنه برزت الواهر ،وعنه ظهرت العناصر ،ومنه
تفرعت الصول ،وبه تنوعت الجناس ،أصل الوجود ،قائم الزمان ،هادي الستجيبي ...ذو معة .وكانت دعوته
بدعم مباشر من الاكم.
ويأت بعده ف الرتبة الدينية إساعيل بن ممد التميمي (النفس الكلية ،الشيئة...ذو مصّة) ،ث ممد بن وهب
القرشي (الكلمة ،)...ث سلمة بن عبد الوهاب السامري (السابق ،الناح الين ،)..ث علي بن أحد السموقي
الطائي (التال ،الناح اليسر ،)..العروف بلقب باء الدين الضيف (اختفى سنة 434هـ1042 /م) ،ومدته ف
الدعوة أطول من مدة الربعة متمعي .وهؤلء يدعون (الدود المسة).
تظهر وحدة الوجود واضحة ف أوصاف المزة بن علي :فيه بدأت النوار ،ومنه برزت الواهر ،عنه ظهرت
العناصر...إل ،كما تشم منها زاخة رائحة الكشف والرؤى الكشفية.
وتصف الدكتورة نلء عز الدين مؤلفة كتاب( :الدروز ف التاريخ) الاكم بقولا:
...فالاكم كغيه من الصوفية ،خب العراج الروحي فغاب بشهوده عن وجوده ...يتكلم وكأن ال هو
التكلم ،فيقول :وكما سا أناس ببنا إل الفناء ف ذاتنا ،فلول الحبة لا فنوا ولا وصلوا إل طريق الرتقاء إل العال
القدس( )1لو رجعنا إل فصل ل طريقة بدون شيخ ،لرأينا التشابه التام بي هذا القول وأقوال مشايخ الصوفية).
وجاء ف الرسالة الثالثة عشر من رسائل الكمة (كتاب الدروز) :إن الول سبحانه ل يدخل تت الساء
والصفات واللغات...هو الوجود ف القيقة ول غيه موجود(( .)2هذا نفس قول الصوفية).
وتقول الؤلفة أيضا (وهي درزية) :إن مذهب الدروز مسلك صوف عرفان...فالسالك بعد أن يكون قد
ارتاض بالعمل بوجب ظاهر الشريعة وباطنها يصل إل مرحلة يصبح عندها مهيًأ لتقبل القيقة دون حاجة إل شعائر
ووسائط...إن ما هو أهم من ظاهر العبادات معناها القيقي ،وهو الرياضة الروحية...فتصبح النفس مهيأة للمثول
أمام خالقها ،فتبلغ بنعمة الول ولطفه مرتبة الشاهدة(...)3
وف ترجتها للمي السيد جال الدين عبد ال التنوخي ،وهو يلي الدود المسة ف القام (ت 884:هـ/
* النتيجة:
الصوفية وراء الدرزية ،وف القيقة ،الدرزية الن هي الشراق ذاته غي مزوج بشيء (اللوة والرياضة حت
الوصول إل الشراق) ،والنصوص القليلة السابقة واضحة ف هذا الدلول ،وهم يسمون أنفسهم (الوحدين)،
ويسمون مذهبهم (مسلك التوحيد) ،ويعنون بذلك نفس العن الصوف ،أي :وحدة الوجود .والواصلون منهم
يسمون (أعرافا) ،مفردها (عَرْف) ،وهو اشتقاق من (العارف) ،مع العلم أن هذا (أعراف) ،قلما يستعملونه الن،
ويستعملون بدله كلمة (أجاويد) ،مفردها (جويّد).
وهناك دلئل تشي إل أن الدروز كانوا يقيمون الشعائر السلمية حت زمان متأخر.
* البكطاشية-:
طريقة صوفية ف الصل ،وحت الن يعتبها أتباعها طريقة صوفية ،رغم أنا صارت مذهبا -بل دينا -شاذا
عن السلم ،وقد ل يضي وقت طويل حت ينسى أتباعها أنم أتباع طريقة صوفية ،ويرون أنفسهم أهل مذهب
خاص.
وهذه بعض معالها كما يذكرها أحد حامد الصراف (بغدادي) ف كتابه (الشبك).
-1البكطاشية طريقة صوفية ل يتيسر النراط ف سلكها إل بعد مضي مدة التجربة ،وهي ألف يوم ويوم.
-2البكطاشية تتهاون بأداء الفرائض كالصوم والصلة والج والزكاة والهاد.
-3البكطاشي ل يتحرج ف شرب المرة ،فالمرة شربا مباح.
* التاولة:
شيعة الند وإيران والعراق النوب وجبل عامل (الشرخ الكب ف جسم المة السلمية)-:
ما كان التتار ف غزواتم حلة عقيدة يسعون إل نشرها ،وما كان غزوهم إل من أجل العلو أو النتقام أو
النهب) ولجرد الغزو والفتح ،وكانت عقائدهم الت يدينون با متشعبة وثنية ساذجة تنفر منها الفطرة السليمة.
عندما تصطدم أمة ،هذه حالا ،بعقيدة واضحة ،متلئمة مع الفطرة ،مستقيمة مع النطق ،صادقة النهج،
فسرعان ما تستسلم هذه المة لذه العقيدة.
وهذا ما حدث للتتار ،فبعد جيل (ف مكان) ،أو جيلي (ف مكان آخر) ،أو أكثر بقليل (ف مكان ثالث)،
أخذ التتار يدخلون ف السلم زرافات ووحدانا.
وبا أن الصوفية كانت واسعة النتشار جدا ،لذلك كان دعاة السلم بي التتار خليطا من مسلمي صحيحي
العقيدة ومن متصوفة ،ما جعل دخول قسم ل بأس به من التتار إل السلم على أيدي متصوفة ،وخاصة من مشايخ
الطريقة الرفاعية الذين كانوا يذهلونم بالوارق الت يرونا أمامهم.
وهنا يب أل ننسى أن التصوفة يظهرون الشريعة ويبطنون القيقة (حقيقتهم) ،فهم عندما كانوا بوارقهم
يتذبون التتار إل السلم ،كانوا يتذبونم إل الشريعة السلمية حسب الظاهر ،ث بعد ذلك يرونم وراءهم ف
طريق التصوف.
كما يب أل ننسى أبدا أن إبليس ماهر ف الساب ،يتقن المع والطرح ،ويعرف أن العشرة أكثر من
الواحد.
ويب كذلك أل ننسى أبدا أن إبليس كان يعرف أن التتار ليسوا حلة عقيدة ،وأنم باختلطهم مع السلمي
سوف يسلمون ،إن ل يكن ف هذا اليل ،ففي الذي بعده.
)(1الشبك( ،ص.)47:
www.alsoufia.com 556 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وبذلك كان يعرف أن إدخال أعداد من التتار ف السلم بواسطة التصوفة لضلل أضعاف أضعاف
أضعافهم ،هو عملية مربة جدا له.
ولذلك كان وجنده يقدمون خدماتم للمتصوفة بإجراء تلك الوارق ،وبكل تأكيد ،كانوا يقدمونا بماس،
ما سبب دخول أعداد من التتار ف السلم.
زاد بذلك افتتان الناس بالصوفية ،وغدا الشيخ الصوف إلا يعبد ويسجد له ،وصارت تقدم له الدعية والنذور
والقرابي ،ويتبك حت ببوله وخرئه ،وصارت الطلسم والوراد والحزاب والقبور هي هم السلم ،وكان الهل هو
الساعد الكب.
ف ذلك الوقت ،أي :ف النصف الثان من القرن السابع (بعد الغزو التتاري) ،وما بعده ،كان للتشيع فرق
كثية (قليلة التباع) ،يكن توزيعها على ثلث مموعات هي:
أ -الغلة :وأبرزهم النصيية ،وكانوا منتشرين ف شال سورية وف جيوب صغية ف العراق وفارس ،وكانوا
يسمون أيضا (العلي إليون).
ب -القل غلوا :وأبرزهم الساعيلية والزيدية الارودية ،وكانوا منتشرين ف البحرين واليمن والشام وف
جيوب ف فارس ،وكانت الزيدية ف فارس أكثر من الساعيلية ،ول يعرف لا وجود متميز ف الشام.
ج -العتدلة :وأبرزهم الزيدية الصالية والسليمانية ف فارس والعراق واليمن ،وكذلك شيعة جبل عامل ف
جنوب لبنان ،واللة وما حولا ف العراق ،وف جيوب صغية ف فارس والشام.
والشيعة العتدلة هؤلء كانوا يترمون صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم كلهم ،لكنهم يفضلون علي بن
أب طالب ،ويرونه أحق باللفة من أب بكر وعمر وعثمان ،ويشتمون المويي ،وخاصة يزيد بن معاوية ،ويرون أن
اللفة يب أن تكون ف العلويي ،وأن العباسيي مغتصبون لا ،وكانوا يتبعون الذاهب السنية ف الفقه.
جاء القرن الثامن والتاسع ،والسلمون (ويهمنا هنا البلد الت اجتاحها الغول) على هذه الال ،ومن البدهي أن
يظهر ف الشيعة متصوفة ،حيث عمل مثقفوهم على المع بي التصوف والتشيع ،ساعدتم طبيعة الصوفية با فيها من
باطنية وادعاء النسب لل البيت ،وزعم التسلسل الذي يوصلونه إل علي بن أب طالب عن طريق الئمة الثن عشر،
لكنهم كانوا يبثون عقائدهم هذه بصورة مدودة بي خواصهم وبعض غيهم ،كما ألف بعضهم كتبا ف هذا الشأن،
أي إنم ل يؤسسوا طرقا صوفية وياولوا تشييعها ،بل اكتفوا با كانوا يلقونه من دروس ومواعظ ومناقشات ،أو با
كانوا يؤلفون من الكتب ،منهم:
آل طاوُس :الذين بقيت نقابة الشراف فيهم عشرات السني ،وكانوا يعدون أولياء ذوي كرامات أحياءً
وأمواتا ،حت لقد صار قب السيد أحد بن طاوُس مزارا مشهورا ،وحت ترج العامة والاصة عن اللف به كذبا
الصفوية:
الت لعبت ف هذا الضمار دورين :دورا تأسيسيا ف مراحلها الول ،ث الدور الاسم ف مراحلها الخية.
مؤسسها هو صفي الدين إسحاق بن أمي الدين جبائيل الردبيلي ،والظاهر أنه تركي الصل؛ لكنه مع ذلك
من سللة السن أو السي (الشك من ابنه) ،ولد صفي الدين سنة (650هـ) ،ومات سنة (735هـ) على
الرجح ،أخذ الطريقة (لعلها القادرية) عن الشيخ إبراهيم الزاهد الكيلن التوف سنة (700هـ) ف كيلن ،ث أسس
طريقته الت انتشرت ف أردبيل وقزوين وما حولما ،وتسربت إل غيها من البلدان القريبة.
كان أتباعها يتحولون إل شيعة (معتدلة) بسبب تشيع شيوخهم ونسبهم العلوي (الدعى) ،ودعوتم إياهم إل
التشيع؛ لن الريد يب أن يكون بي يدي شيخه كاليت بي يدي الغاسل ،وكان أتباعه قبل الشروع بالضرة
يسجدون له ،ث يتابعون حضرتم ،وهي من الالسة الصائتة ،وقد أخذت الطريقة النعمتللهية هذا التقليد عن
الصفوية(.)1
السنية السعدية :مؤسسها سعد الدين ممد بن الؤيد...بن حويه ،مات ف خراسان سنة (650هـ-
1252م) ،لقبوه بـ (يسعى العجم) ،شيعي من تلميذ ابن عرب (الشيخ الكب) ،أسس طريقته ف دمشق ،ث انتقل
المدانية:
مؤسسها علي بن الشهاب المدان ،شيعي فارسي ترج بالكبوية ،وكاد أكثر مريديه من السنة الذين تشيعوا
اتباعا لشيخهم ،وكان الهل أكب مساعد ،مات علي المدان سنة (786هـ) ،وسار خلفاؤه على نجه بتشييع
أتباعهم على النفس الطويل ،وف المدانية ترج نور بش.
ف هذه العقود -أي :النصف الثان من القرن الثامن -ظهر أيضا كتاب من الشيعة التصوفة دعوا إل المع
بي التصوف والتشيع ،لعل أشهرهم :باء الدين ،حيدر بن علي العبيدي الملي ،مات بعد سنة (794هـ) ،له
كتاب كان مشهورا ،اسه (جامع السرار ومنبع النوار ف أن عقائد الصوفية موافقة لذهب المامية الثن عشرية)،
وله كتاب ف التصوف اسه( :نص النصوص ف شرح الفصوص) ،أي :شرح (فصوص الكم لبن عرب .وباء الدين
هذا من أتباع الطريقة الكبية العربية الاتية(.)1
-ومن الظواهر البارزة ف هذه العقود ،تيمورلنك والركة التيمورلنكية ،ننقل جلة موجزة عنه من (الفكر
الشيعي والنعات الصوفية):
...فقد بدأ تيمور علقاته الشخصية بالصوفية...اتصل ف مطلع شبابه ف (كش) بالشيخ شس الدين
الفاخوري ،وف خراسان بالشيخ أب بكر الواف (ت 838 :هـ) ،ولا ارتفع نم تيمور غلب عليه السيد ممد
بركة (ت ،)804 :ولذا روي عنه أنه كان يقول :جيع ما نلته بدعوة الشيخ شس الدين الفاخوري ،وهة الشيخ
زين الدين الواف والسيد ممد بركة .يضاف إل هذا أن تيمور كان يزور الصوفية ويكرمهم أينما حل ،ويزور قبور
شيوخهم ،حت إنه لا فتح العراق ،قصد إل واسط ،ليزور قب السيد أحد الرفاعي .وف مقابل هذا كان الصوفية
يدعون لتيمور ويؤيدونه ،وباصة أنه لبس الرقة منهم ،فصار بذلك واحدا منهم ،واعتبت أعماله كرامات صوفية،
وصار مظهر تليات الق المالية والللية ،ووصفت أعماله كلها بصدورها عن اللام اللي والاتف السماوي
وأنباء الغيب( ....)2اهـ.
كان تيمورلنك سن الذهب ،نشأ ف متمع سن على مذهب أب حنيفة ،وقد قاده تصوفه إل التفاعل الكامل
مع الطريقة الصفوية الشيعية ،فعندما اتصل بشيخها صدر الدين موسى (ت 794 :هـ) ابن صفي الدين وخليفته،
أقطعه مدينة أردبيل وما حولا ،فصار صدر الدين الاكم الفعلي لردبيل ،بالضافة إل سلطته الصوفية الؤلة ،كما
)(1الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)135:
)(2الفكر الشيعي والنعات الصوفية( ،ص.)169 ،168:
www.alsoufia.com 562 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
وهب ابنه وخليفته (علء الدين علي) السرى الذين وقعوا ف قبضته ف حروبه ف بلد الروم( )1سنة (804هـ-
1402-1401م) ،فسموا (الصوفية الرومللو) .بينما نرى تيمورلنك هذا يتهد ف ماربة أهل السنة ،وعندما ينتصر
عليهم يعاملهم بقسوة بالغة ،وخاصة دمشق الت أبادها إبادة كاملة ،بجة أن أهلها شاركوا ف مقتل علي والسي
رضي ال عنهما ،وأنم من أتباع المويي.
يقول كامل مصطفى الشيب:
جع تيمورلنك بي العاطفة الشيعية والفقه السن.
ويقول :كان من الطبيعي أن تظهر ف عهد تيمور حركات شيعية غالية ،وذلك لغلبة التصوف وارتفاع شأن
العلويي(.)2
ويسن أن نذكر هنا أن (خدابندة) خليفة قازان ،تشيع وأعلن التشيع ف جيع ملكته ،لكن ذلك ل يد شيئا
لندرة دعاة الشيعة ف بلده آنذاك؛ ولن العقيدة ل يكن أن تفرض برسوم يصدر عن الاكم؛ ولن هذا العلن
دفع دعاة السنة إل النشاط ف الدفاع عن السلم ،مات خدابندة (716هـ1316-م).
وف القرن التاسع الجري ظهرت الطرق الت كان لا الدور الاسم والنهائي ف تويل الفرس إل شيعة ،هذه
الطرق هي :النوربشية ،الشعشعية ،النعمتللهية ،ث الصفوية ف دورها الثان.
قبل إلقاء نظرة سريعة على هذه الطرق ،ل بأس من قراءة تضاف إل ما سبق لبعض ما يقوله الباحثون ف
وصف الظروف الت كانت تعيشها الجتمعات السلمة ف فارس وغيها ،يقول (الشيب):
...لقد كانت روح اليأس والشعور بالضعف تل الجتمع السلمي ف هذه الفترة إل حد أن السلطي الذين
كان بيدهم زمام المور ،جعلوا وسيلتهم إل تقيق مطامعهم اللجوء إل الطلسم والدعية على طريقة البون(.)3
وكان من انتشار هذا اليل بي الناس أن انتصار (شاهرخ) على قرا يوسف ف سنة (828هـ1420-م) نسب إل
تلوة القراء لسورة الفتح اثن عشر ألف مرة ،ومن هنا جعل الصنفون يتجهون إل هذا النوع من العرفة ،ويسجلون
ما مر بم من حوادث ماثلة ،ليجعلوا من هذا التصرف علما قائما بذاته ،ومن أمثال ذلك ما فعله (الغياثي) العاصر
لبن فلح من تعليل قتل (بي بودان) سنة (870هـ1466-م) بكونه من تأثي القران الثان بالسرطان ،وقتل
(جهانشاه) هازم (بي بودان) سنة 872هـ تقيقا لنبوءة القرآن ف قوله(( :غُلَِبتِ الرّومُ)) [الروم ،]2:باعتبار هذه
السنة تقابل قيمة ((ِبضْعِ ِسِنيَ)) [الروم)4(]4:القرآنية الواردة ف هذه السورة ،وهزية جهانشاه على يد حسن بك
بقول عبد الرحن البسطامي (من الروفيي) :إذا زاد اليم ف الطغيان فمعه ميم ابن عثمان .وقد قرنت الحداث الت
)(1كانوا يطلقون على تركيا اسم (بلد الروم) ،والسرى الذكورون كلهم مسلمون سنيون أتراك.
)(2الصوفية بي المس واليوم( ،ص.)173:
)(3أحد بن علي البون ف كتابه (شس العارف الكبى).
)(4كلمة (بضع) فقط هي الت تطابق ( )872بساب (المّل الكبي).
www.alsoufia.com 563 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
تت على يد الشعشعي بقرانات مثل هذه أيضا...ومن هنا كان ف إمكان النسان أن يستكنه الستقبل عن طريق
التعمق ف دراسة أسرار القرآن والجتهاد ف تنمية قوة الكشف النفسية ،مع معي من العلم بالعداد والروف
وتمعات النجوم ودللتا .وكان من الطبيعي ف ظروف مثل هذه أن ترتفع مكانة الكرامات الصوفية الت تطورت
إل مسائل عملية تذهل الناس وتستأثر باهتمامهم ،وبذلك ست مكانة الصوف الجتماعية...اهـ.
-إذن ،ففي مثل هذه الرضية الجتماعية ،كان باستطاعة الشيخ الصوف أن يرك أتباعه كما يريد ،وأن
يعلهم يعتقدون ما يريد ،وأن يقدموا له أموالم وأرواحهم وأبناءهم ونساءهم رخيصة ل يبتغون ف ذلك شيئا إل
رضا الشيخ على أنه رضا ال.
لكن ،رغم كل هذه التطورات ،بقيت نسبة السنة أكثر من نسبة الشيعة ف فارس ،حت جاءت الطرق الت
كانت الاسة ف الوضوع .وهي:
النوربشية:
مؤسسها واهب النوار (نور بش) ،مات سنة (869هـ* ،شيعي كان يعلن أن هه هو المع بي التصوف
والتشيع( ،)1أخبه كشفه أنه الهدي النتظر (ل تكن خرافة ممد بن السن العسكري قد انتشرت بعد)( ،)2وساعده
ف ذلك اسه (ممد بن عبد ال) ،وسى ابنه (القاسم) ،فصار( :أبا القاسم ممد بن عبد ال) ،كما عرف عن طريق
الكشف أنه من سللة فاطمة الزهراء ،انتشرت طريقته انتشارا واسعا بسبب الوارق الت كانت تري على يديه،
وبسبب مهديته وعلويته ،وبسبب الظروف الجتماعية الؤاتية ،وكان أكثر أتباعه من السنة الذين تشيعوا انقيادا وراء
شيخهم ،إذ الريد يب أن يكون بي يدي شيخه كاليت بي يدي الغاسل ،وكان الهل أكب مساعد ،وقد انتشرت
النوربشية ف أواسط إيران وجنوبا وبعض شالا .ولقد حاول نور بش النقضاض على اللك ،حيث بدأ حركته (
826هـ1423-م) ف كوه تيي من قلع ختلن ،وكان أنصاره يلقبونه ألقابا كثية ،منها :المام والليفه على
كافة السلمي( ،)3لكنه فشل ،بسبب انشقاق قسم من أتباعه ،وانضمامهم إل الطريقة المدانية ،وشيخها آنذاك (عبد
ال الشهدي) ،خصم نور بش ،وهنا يظهر دور المدانية بالتشييع على النفس الطويل.
وبعد أن استول الصفويون على ملك إيران بدة ،هرب شيخ النوربشية آنذاك (طاهر بن رضا الساعيلي
القزوين) ومعه جع من أتباعه إل الند ،حيث نشر هناك ف ولية (أحد نكر) الطريقة والتشيع ،وكذلك ف كشمي،
بهود مي شس العراقي ،الذي يقال :إنه أدخل ( )34ألفا من النادكة ف النوربشية (الشيعية طبعا)(.)4
* القزلباشية-:
يصفها أحد حامد الصراف كما يلي :القزلباشية فرقة دينية منتشرة ف بر الناضول ،وهي تعتب شيعية الذهب
ف نظر السلمي ،وهي تقارب كل القاربة نصيية سورية ،وهم يسمون أنفسهم (العلوية) ...وهم يالفون السلمي
بأمور منها :أنم ل يلقون رءوسهم ...ول يصلون الصلوات المس ،ول يتوضئون ،ويكرعون المر ،ول يافظون
على صوم شهر رمضان ،ويصومون اثن عشر يوما من اليام الول من الحرم ،ويندبون السن والسي ...وعندهم
أن عليا تسد فيه الله(...)1
ويقول عنهم أيضا :القزلباشية ف بدء نشأتا كانت تسمى (الصفوية) نسبة إل قطب القطاب صفي الدين
إسحاق الردبيلي ...وهو الد السادس للشاه إساعيل الصفوي(...)2اهـ.
وقد رأينا قبل قليل كيف ت التحول من الصفوية إل القزلباشية ،ولا وجود ف أفغانستان أيضا.
* الروشنائية-:
نسبة إل (بي روش) ،أي :الشيخ النوّر ،بايزيد بن عبد ال ،ولد عام (931هـ) ،يقول الترجون له :صحب
اليوغيي ،وبدأ يرى رؤى ويسمع أصواتا تناديه من وراء الغيب ،فاشتغل بالذكر الفي ،ث استغرق ف ورد السم
العظم ،فلما بلغ الادية والربعي من عمره هتف به هاتف من السماء ،أنه ل يعد ف حاجة إل الطهارة الشرعية،
وينبغي له أن يصلي صلة النبياء بدل صلة السلمي ...وانصرف إل الرياضة الربعينية ...وتعاليمه الت وردت ف
كتابه (صراط التوحيد) يظهر عليها أثر التعاليم الصوفية الغالية.
مات بي روش سنة (980هـ) بعد أن انتشرت طريقته أو (فرقته) انتشارا واسعا ف الند ،ث أخذت تتقلص
بعده حت انقرضت( )3لننتبه أن كلمة (روش) تمل نفس معن كلمة (بوذا) أي :الستني .وكان وأتباعه يصرحون
بوحدة الوجود (أي :من أهل الوحدة الطلقة).
* الهدوية-:
مؤسسها ممد بن يوسف الونبوري الذي نشأ ف أواخر الائة التاسعة ببلدة جونبور ف الند ،وادعى أنه
الهدي ،وكان أزهد الناس وأورعهم.
)(1الشبك( ،ص.)243:
)(2الشبك( ،ص.)48:
)(3المام السرهندي( ،ص ،42:وما بعدها).
www.alsoufia.com 569 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
من معتقدات الهدوية أن السيد ممد بن يوسف الونبوري ،مهدي موعود ،وأنه أفضل من أب بكر وعمر
وعثمان وعلي رضي ال عنهم ،بل إنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى على نبينا وعليهم السلم ،وأنه
مساوٍ لسيدنا ممد صلى ال عليه وسلم ف النلة ،وإن كان تابعا له ف الذهب ،وأنه وممد صلى ال عليه وسلم
كلها مسلم كامل وسائر النبياء ناقصو السلم ،وأنه شريك ف بعض الصفات اللية ،بعد فوزه بنصب الرسالة
والنبوة...
انتشر هذا الذهب ف غجرات والدكن من بلد الند ،وما وصف به هذا الهدي :إنه كان صاحب القامات
العالية ،ذا كشوف وكرامات.
ومن أقوال النتقدين له :إنه كان كذلك ،ولكنه أخطأ ف دعواه لوقوع الطأ ف الكشف.
ومن أقوال أحد علمائهم وهو الشيخ غلب بن عبد ال الهدوي :إن للمهدوية أصولً وفروعا ،الول منها
التوبة...والعمل الصال و ..ودوام الذكر على طريقة حفظ النفاس...)1(...اهـ.
وهكذا يتضح دور الصوفية ،فقد كان ممد بن يوسف الونبوري صاحب مقامات وكشوف ،وشاهد
بالكشف ما ألقاه إل مريديه...ومن أصولم دوام الذكر على طريقة حفظ النفاس...وللعلم :حفظ النفاس حسب
إيقاع معي هو أحد أساليب الرياضة الشراقية الت توصل إل الذبة.
* القاديانية-:
مؤسسها اليزا غلم أحد القاديان (نسبة إل بلدة قاديان) ،مات سنة (1908م) ،صوف أخبه الكشف أنه
مكلف من ال تعال بإصلح اللق على نج السيح عيسى بن مري عليه السلم ،وقد صرح أن له إلام ومكاشفات.
ومن مكاشفاته:
-روح السيح حلت فيه.
-ما يلهمه هو كلم ال كالقرآن الكري والتوراة والنيل.
-السيح (الذي هو هو) سينل ف قاديان.
-قاديان هي البلدة القدسة الثالثة الكن عنها ف القرآن بالسجد القصى.
-الج إليها فريضة.
-أوحي إليه بآيات تربو على عشرة آلف آية.
-من يكفر به فهو كافر.
* البيلوية:
طريقة صوفية منتشرة ف شبه الزيرة الندية ،نشأت شديدة النراف عن السلم ،ولعله لن يضي وقت طويل
حت ينسى أتباعها أنم أتباع طريقة صوفية ،وتغدو ديانة جديدة مستقلة ،والتشيع فيها واضح ،وهم يكفرون بشكل
خاص الماعة السلمية ف الند ،والديوبنديي ،وجاعة الدعوة والتبليغ ،وإذا شعروا أن أحدا من هذه الماعات
دخل مساجدهم ،فالويل له والثبور.
* الشبكية:
يدين با أهل قرى ف شرق الوصل ،معروفون باسم (الشبك) ،ولعله اسم للقبيلة ،أو للشيخ الذي استقل با،
يقول عنها أحد حامد الصراف:
...وأما مذهبهم فقد كانوا إل ما قبل ثلثي أو أربعي سنة (أي :قبل الرب العالية الول) ،بكتاشية
يراجعون فيه جلب قونية ويتلقون منه الشارة ،وكان أحدهم إذا ذهب إل زيارة كربلء ،يراجع وكيلً للب قونية
هناك(.)3
ويقول ف مكان آخر :الشبك؛ طريقة صوفية ،وللنراط ف سلكها مراسيم خاصة ،وبقية العقائد تشبه ما ف
البكطاشية( .)4اهـ.
أقول :ل يقول الشبك الن عن أنفسهم إنم أتباع طريقة صوفية ،ولعل أكثرهم ل يعرفون ذلك؛ وإنا
)(1القاديانية ،حسن عبد الظاهر( ،ص.)77:
)(2القاديانية ،حسن عبد الظاهر( ،ص.)77:
)(3الشبك( ،ص.)8:
)(4الشبك( ،ص.)47:
www.alsoufia.com 571 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
يعتقدون جيعهم أنم على دين خاص سرّي ل يوز البوح به.
* الكشفية أو الشيخية:
نسبة للكشف ،تفرعت عن التشيع اليران ،إذن فجذورها الساسية هي الصوفية؛ لن الصوفية هي الت
حولت إيران إل شيعة ،ومع ذلك فقد تشكلت الكشفية أيضا عن طريق الصوفية ،بدللة اسها (الكشفية) من
الكشف الذي كان مؤسسها يقول :إنه حصل له( ،مع إنكاره على التصوفة).
أسسها الشيخ أحد زين الدين الحسائي (1166هـ1753 /م1241 -هـ1826/م)( ،)1ومن عقائدها:
القيقة الحمدية تلت ف النبياء تليا ضعيفا ،ث تلت تليا أقوى ف ممد والئمة الثن عشر ،ث اختفت
زهاء ألف سنة ،وتلت ف الشيخ أحد الحسائي ،ث ف تلميذه كاظم الرشت ،ث تلت ف كري خان الكرمان
وأولده إل أب قاسم خان ،وهذا التجلي هو أعظم التجليات ل .والنبياء والئمة والركن الرابع (الشيخ أحد
وخلفاؤه) هم شيء واحد يتلفون ف الصورة ،ويتحدون ف القيقة الت هي (ال ظهر فيهم) .والشيخ أحد وخلفاؤه
هم أفضل من جيع النبياء والرسلي ،وهم يعبدون عليا على أنه ال .ودور الصوفية واضح فيها من (الكشف،
القيقة الحمدية ،تلي القيقة الحمدية ،تليات ال) .وأما السم (الشيخية) ،فهو نسبة إل الشيخ أحد الحسائي،
وهم يسيون على نج الطريقة الروفية(.)2
* البابية:
مؤسسها( :الباب) علي ممد رضا الشيازي ،تسلك ف الطريقة الشيخية على يد الشيخ عايد ،أحد تلمذة
كاظم الرشت ،واشتغل بعلم الروف حسب الطريقة الروفية ،ث انتقل إل النجف وكربلء ،وتتلمذ على كاظم
الرشت نفسه ،كما اتصل بالتصوفة حيث انقطع نفر من أصحابه إل الرياضة الصوفية أربعي يوما (الربعينية) ،ث
خرج وهو يتكلم بالعلوم اللدنية ،وبالكشف أوحي إليه كتاب البابية القدس (البيان) ،وهذه نبذ منه:
(ل تتعلمن إل با نزل ف البيان أو ما ينشأ فيه من علم الروف وما يتفرع على البيان ،قل يا عبادي تتأدبون
ول تترعون .ث تضعون على أنفسكم ث تنصتون .ث الواحد من بعد العشر أن ل تتجاوزون عن حدود البيان
فتحزنون).
ل للجاللي .وإنا قد جعلناك عظيمانا عظيما للعاظمي .وإنا قد جعلناك نورا نورانا نويرا
(إنا قد جعلناك جلي ً
للناورين .وإنا قد جعلناك رحانا رحيما للراحي .وإنا قد جعلناك تاما تيما للتامي .قل إنا جعلناك كمالً كميلً
للكاملي .قل إنا قد جعلناك كبانا كبيا للكابرين .قل إنا قد جعلناك حبانا حبيبا للحابي .قل إنا قد جعلناك شرفانا
شريفا للشارفي .قل إنا قد جعلناك سلطانا سليطا للسالطي .قل إنا قد جعلناك ملكانا مليكا للمالكي .قل إنا قد
)(1يوجد خلفات ف تاريخ ولدته وموته ،وقد اعتمدت هنا أعلم الزركلي.
)(2حقيقة البابية والبهائية( ،ص ،45:وما بعدها).
www.alsoufia.com 572 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ل للعالي .قل إنا قد جعلناك بشرانا بشيا للباشرين.)...
جعلناك عليانا علي ً
(تبارك ال من شخ مشمخ شيخ .تبارك ال من بذخ مبذخ بذيخ .تبارك ال من بدء مبتدئ بديء .تبارك ال
من فخر مفتخر فخي .تبارك ال من ظهرمظهرظهي .وتبارك ال من قهر مقهر قهي .وتبارك ال من غلب مغتلب
غليب )...إل.
هذه ناذج من علوم الباب اللدنية الكشفية ،والكتاب مشو بالعبارات الصوفية والشية إل وحدة الوجود.
مع ملحوظة هامة ،هي أن من أصحاب الباب السابقي يقرب من أربعمائة يهودي ،اثنان منها حاخامان.
كان إعلن الباب عن دعوته سنة (1260هـ1844-م) ،وهو ابن خس وعشرين سنة ،وقد أصدر العلماء
فتوى بقتله على الردة ،ونفذ فيه حكم العدام بأمر من الشاه ناصر الدين سنة (1265هـ1849-م)(.)1
والهم أن نعرف أن الصوفية كانت وراء البابية مع عوامل أخرى طبعا.
* البهائية:
تفرعت مباشرة عن البابية ،إذن فجذورها صوفية ،بالضافة إل الدور الرئيسي الذي لعبته الصوفية ف نشأتا.
مؤسسها (باء ال) اليزا حسي علي بن اليزا عباس بزرك الازندران النوري ،ولد سنة (1233هـ) ،وكان
يعاشر الصوفية ويتعب نفسه ف قراءة كتبهم ،انضم إل البابية مع أوائل من انضم إليها ،تنقل ورجع إل طهران ،ث
نفي إل بغداد ،واشتد اللف بينه وبي البابية ،فهرب خفية إل غار قريب من قرية (سركلو) التابعة لناحية
(سورداش) ف لواء السليمانية شال العراق ،وأظهر هناك النسك والتصوف ،وكان يضر مالس الصوفية كثيا.
يقول صاحب كتاب (حقيقة البابية والبهائية):
...وهناك رافد آخر أثر ف عقله وثقافته وأسلوبه ،وهو الذاهب الصوفية ،وبالخص ما يتصل بوحدة الوجود
واللول والفناء ،ول غرابة ف ذلك ،فلقد خالط الصوفية منذ صغره ،وتتلمذ على أيديهم...وتأثي الكتابات الصوفية
قد بلغ ف أسلوب اليزا حسي مبلغا عظيما ،حت إنك ل تكاد تقرأ صفحات من كتاباته إل وتسب نفسك أمام
كتاب من كتب متطرف الصوفية ف معانيه ومبانيه ...اهـ.
وله كتب مقدسة ،منها :اليقان ،والقدس ،والشراقات ،وغيها.
وهذه نبذ من (إشراقات باء ال) ،يقول ماطبا البابيي( :يا مل البيان ،ضعوا أوهامكم وظنونكم ث انظروا
بطرف النصاف إل أفق الظهور ،وما ظهر من عنده ونزل من لدنه ،وما ورد عليه من أعدائه ..قد حبس مرة ف
الطاء ،وأخرى ف اليم ،ث الكاف مرة أخرى.)...
من قوله ف إشراقاته ماطبا السلمي( :قل يا مل القرآن قد أتى الوعد الذي وعدت به ف الكتاب ،اتقوا ال
)(1حقيقة البابية والبهائية( ،ص ،57:وما بعدها).
www.alsoufia.com 573 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
ول تتبعوا كل مشرك أثيم ،إنه ظهر عل ّي شأن ل ينكره إل من غشته أصحاب الوهام وكان من الدحضي.)...
ادعى اليزا حسي أنه السيح عيسى عليه السلم ،ث ادعى الربوبية ،وقال :إن ال يتجلى عليه ،فيفن منه
العرض ،ول يبقى إل الوهر الربان الالص ،ومن هنا جاء لقبه( :باء ال) ،ومن أقواله ف ذلك( :يا حسي ،اسع
النداء من شطر السجن ،إنه ل إله إل هو الفرد البي ،إذا رأيت أنم ساء بيان ،وشربت رحيق العرفان من كأس
عطائي ،قل :إلي إلي! لك المد با أيقظتن وذكرتن ف سجنك ،وأيدتن على القبال إليك ،إذا أعرض عنك أكثر
عبادك).
وأساس عقيدة البهائية أن ال (جل وعل) ليس له وجود الن إل بظهوره ف مظهر البهاء ،وكان يظهر قبلً
بظاهر تافهة ف الديانات السالفة؛ لكنه بظهوره ف البهاء البى ،بلغ الكمال العلى...
ويصرح البهائيون ف كتبهم بأن اليزا حسي البهاء هو ربم(.)1
الهم هو أن الصوفية وراء البهائية ومنشئتها.
* وف التام-:
(كفرداعل) و(خان العسل) قريتان من قرى حلب ،أهلها مسلمون حت سبعينات القرن الرابع عشر الجري،
حيث وفد إليهما بعض النصيية ،وفيهم شيخان صوفيان :الشيخ حسي وأخوه الشيخ نصّوح ،ولعلهما من الطريقة
النبلنية ،سلكا الريدين ،وكانت تدث على أيديهما بعض الوارق ،وف سني قد ل تتجاوز العشرين ،كان أهل
القريتي قد تولوا إل النصيية مع مموعات ف القرى الجاورة.
مات الشيخ حسن (لعله ف العقد الخي من القرن الرابع عشر الجري) ،وبنوا له مقاما يناسب القام ،ولعل
أخاه الشيخ نصّوح ل يزال حيا حت كتابة هذه الكلمات.
ومن قصصه الت يرويها شاهد عيان :ذهب الشيخ نصّوح إل قرية (عَنَدان) القريبة من القريتي السابقتي
لزيارة جاعة من مريديه الذين تولوا إل نصيية على يده ويد أخيه ،وبعد هدأة من الليل طلب من الجتمعي عنده
الروج معه إل خارج القرية ،وهناك أخبهم أنم سيقومون بغارة على إسرائيل؟ وأمرهم أن يفعلوا مثله.
وعادة ،ف القول والبيادر الحيطة بالقرى ،يعينون الدود بي العقارات بسلسل من الجارة الصغية
(الدبش) يبنونا عليها.
أخذ الشيخ نصوح يتناول من هذه الجارة الواحد بعد الخر ،ويقذفها باتاه فلسطي مع ترديد صوت
(رْ ْر ْر ْر ْر ْررْ ْررْ )...بصوت عال عندما ينطلق الجر من يده ،وصوت (بو ْم مْ) عندما يسقط على الرض.
وأخذ مريدوه يفعلون نفس الشيء ،يأخذون الجارة من سلسلها ،ويقذفونا باتاه فلسطي ،وكانت أصوات
* خلصة ما سبق-:
الصوفية سبب أساسي ف تزيق السلمي ،ووراء الذاهب النتشرة الت جعلتهم فرقا وأشياعا.
* الفساد العام:
السلمون بمد ال كثيون ،يعدون بئات كثية من الليي ،لكنهم ف حالتهم الاضرة ،كما وصفهم رسول
ال صلى ال عليه وسلم{ :غثاءكغثاء السيل} ،وسبب هذه الغثائية هي الصوفية الت وصل فسادها ف المة حت
العماق ،وبيان ذلك:
إفساد العبادات:
أقحمت الصوفية على السلم عبادات غريبة عنه ،منها:
(أ) مزجت الرياضة الشراقية (اللوة ،والوع ،والسهر ،والذكر الرهاقي البدعي ،والضرة؛ (الراقصة
والالسة) ،والرقص؛ (بنقص أو بدون نقص) ،بالسلم ،وجعلتها طريق السي إل ال (أي :إل اللوهية).
(ب) ف الوثنيات طقوس جاء السلم ليحاربا فيما يارب ،كعبادة الشيوخ والولياء الذين كانوا ف الاهلية
يسمون (الكهان) ،يعبدونم عمليا وينكرون ذلك نظريا) ،والستغاثة بالقبور والموات ،وتقديس الضرحة
والجارة والقبب والشجار...وغيها.
وجاءت الصوفية...
فأقحمت هذه الطقوس على السلم ،وجعلتها عبادات يتقربون با إل ال ،إل جانب العبادات الصلية،
وكثيا ما كنا نرى أناسا أضاعوا الصلة وارتكبوا النكرات ،دون أي شعور برج ،ومع ذلك كانوا ملتزمي بذه
الطقوس.
وجعلت الصوفية أتباعها يعتقدون أن اللتزام بذه الطقوس هو من النجيات ،وأن إهالا من الهلكات ،بل
وكثي من التصوفة يعتقدون ويصرحون أنا كافية.
(جـ) ابتدعوا أقوالً وأعمالً أقحموها على العبادات السلمية الصيلة ،ف أوائلها وثناياها وأواخرها ،حت
صار أكثر السلمي يتمسكون با على أنا جزء من العبادة ،ل يوز تركه ،وقد يقيمون القيامة على من يتركه ،مثل:
التلفظ بالنية للدخول ف العبادة (تكبية الحرام هي الدخل للصلة ،فبطل ذلك ،أو نسخ ،أو عدل ..ل ندري؟
وصار الدخل هو قولم :نويت أصلي...إل) ،وف كثي من الساجد ،شاهدناهم ف رمضان بعد صلة العشاء،
* تقديس الجاني-:
الجاني هم مرضى يستحقون العطف والعناية والدواء ،لكن شيوخ الصوفية كانوا ،وما يزالون يعدون الجاني
أولياء أرادهم ال سبحانه لوليته ،دون سعي منهم (الراد) ،ويصفونم أنم سائحون ف حب ال ،ويتبكون بم بل
وببولم وروثهم ،وإذا ماتوا بنوا لم القامات والزيارات.
ولسعة انتشار الصوفية طغت هذه النظرة على الجتمعات السلمية ،وقد رأينا ف فصول سابقة من أمثلة ذلك،
س مَجانينَها.
وكبار السن الن يعرفون هذه المور ف صغرهم ف متمعاتم .وماذا يكن أن يُنَْت َظرَ مِن مُجْتَمَعاتٍ ُتقَ ّد ُ
* إفساد النطلقات:
* القرآن-:
ل يستطع التصوفة تريف القرآن؛ لن ال ،له المد ،حفظه باعتناء السلمي بفظه ودرسه وتدريسه والتعبد
بقراءته ف الصلة وف التلوة آناء الليل وأطراف النهار ،فعمدوا إل تريف معانيه ،وهذا مثل من تفسيهم ،منقول
عن (تفسي القرآن الكري للشيخ الكب العارف بال العلمة ميي الدين بن عرب):
((الّذِينَ اسْتَجَابُوا ِلّلهِ وَالرّسُو ِل مِنْ َبعْ ِد مَا َأصَاَبهُمُ اْل َقرْحُ ِللّذِينَ َأحْسَنُوا مِْنهُ ْم وَاّت َقوْا َأ ْجرٌ عَظِيمٌ)) [آل عمران:
:]172يقول الشيخ الكب مفسرا هذه الية(( :الّذِينَ ا ْستَجَابُوا ِلّلهِ)) [آل عمران ،]172:بالفناء ف الوحدة الذاتية.
((وَالرّسُولِ)) [آل عمران ،]172:بالقام بق الستقامة(( .مِنْ َبعْ ِد مَا َأصَاَبهُمُ اْل َقرْحُ)) [آل عمران ،]172:أي:
كسر النفسِ(( .للّذِينَ َأحْسَنُوا مِْنهُمْ)) [آل عمران ،]172:أي :ثبتوا ف مقام الشاهدة(( .وَاّت َقوْا)) [آل عمران:
* الفساد ف الديث-:
كان اعتناء السلمي بالديث الشريف ،وما زال ،أقل من اعتنائهم بالقرآن الكري ،لسباب معروفة ،ما ترك
مالً للدس والتقول على الرسول صلى ال عليه وسلم ،فأخذ التصوفة حريتهم بوضع ما يلي عليهم الكشف من
أحاديث ،وتضعيف ما يضعفه الكشف ،وتصحيح ما يصححه ،حت كانوا هم وراء قسم كبي من ركام الحاديث
الوضوعة العروفة ،وتلك الت ل تزل مدرجة ف قسم الحاديث الضعيفة ،والت تشكل نسبة عالية فيها.
وأوضح دليل على هذا هو كتاب (إحياء علوم الدين) لجة السلم ،المام ،فقيه مئات من الحاديث
الوضوعة الت يقول عنها الافظ العراقي :ل أجده ،أو ل أجد له أصلً ،وهذا يعن ،بدهيا ،أن الواضع لا هو الغزال
أو كشفه ،ونقول للذين يقولون خلف هذا :هاتوا برهانكم إن كنتم صادقي ،وأرونا الصدر الذي أخذ منه الغزال
هذه الحاديث.
ومظاهر التقوى والورع الت يتحلى با كثي من الصوفية جعلت ،وتعل ،الناس يثقون بم ويأخذون عنهم ،مع
العلم أن التقوى والورع والزهد ولواحقها ل تدل على صحة العقيدة! فكل الؤمني الخلصي لدينهم ،ف كل
الديان ،يكونون أتقياء ورعي زاهدين...
ونعرف أن متصوفة السلمي يدينون بالطريقة البهانية الت مزجت الشراق بالسلم ،فهم يؤمنون با،
والخلص منهم ينتهج السلم والشراق معا.
ول بأس هنا من عرضٍ يعرض على علماء الديث ،ل أظنهم ناجي من السؤال عنه أمام التاريخ على القل،
* حادثة-:
كانت فئة من الجاهدين تعان ف قطاعها فقرا شديدا بالال والسلح والطعام ،حت عرف أفرادها الوع،
ورأى أحد الثرياء الخلصي التصلي بذه الفئة ف النام من يقول له :إنه إذا وزع أربعي ألفا على العميان والفقراء
الجاورين عند القام الفلن فسينتصرون.
ووزع البلغ على العميان والفقراء الجاورين ،وأخذ ينتظر النصر.
* حادثة ثانية-:
أربعة شباب باعوا أنفسهم ل ،وانضموا إل فئة من الجاهدين ،لكنهم رأوا أفراد هذه الفئة يعكفون على قب
يطلبون عنده الثواب ،ويستنلون النصر! فنصحوهم وجاءوهم بالبينات من نصوص القرآن والسنة الت تثبت أن هذا
العمل من الشرك العظيم.
عقد أفراد الفئة الجاهدة مؤترا فيما بينهم وشكلوا مكمة برئاسة عالهم ،حاكمت الشبان الربعة ماكمة
(عادلة)! فقد استمعت إل أقوالم وأدلتهم من القرآن والسنة برحابة صدر ،ث أصدرت حكمها عليهم بالعدام،
ونفذ العدام.
* واعظ-:
رجل يقول بلسان حاله :إنه عال ،يناقش حالة السلمي ،ويلقي مواعظه ،ومن هذه الواعظ ما معناه:
إن السبب ف انيار السلمي هو عدم الخلص ،فلو كنا ملصي لكفانا أن نمل البندقية ،ونوجهها باتاه
العدو كيفما كان ،وستخرج الرصاصة لتصيب منه مقتلً...
* وواعظ آخر-:
يقول ما معناه:
إن العلة ف السلمي هي عدم الشوع ف الصلة ،وعلينا أن ندعو للخشوع ،ونث عليه ،وعندما يتحقق ذلك
يتحقق النصر.
وتعليقا على هذه الواعظ نقول:
الخلص مطلب أساسي ،لكن نسأل :الخلص لاذا؟ هل نلص لا نتوهه أنه الق؟ إن هذا النوع من
الخلص ليس إسلمنا؛ لن السلم يأمرنا أن نعرف الق أولً بالسلوب العلمي الصحيح ،ث نلص ف أقوالنا
وأعمالنا وكل سلوكنا لذا الق .والشوع أيضا مطلوب ،لكن كيف يكون؟ وفيم؟ إن كانت العقيدة فاسدة
فالشوع ضغث على إبالة ،وإن كانت العبادة غي صحيحة ،فالشوع فيها رزء فوق رزء ،وإن كان العمل الدنيوي
ف اتاه معكوس أو منحرف فالشوع يزيد الطي بلة ،إن الوثن التقي يشع أمام وثنه وف عبادته ،فهل ينفعه
خشوعه؟ والاركسية الزاحفة يعجبها كثيا أن نعمل على إيقافها بالشوع ،وبقراءة البخاري جاعة ف الساجد.
وزيادة ف التوكيد ،نضيف كلمة أخرى لب السن الندوي عن حالة السلمي الت كانوا عليها ف القرون
* الهل-:
* العقم الفكري-:
رأينا ف الفصول السابقة ،ونرى ف متمعاتنا الالية ،المثلة الكثية الكثية على فرض الصوفية على الريدين أن
يكونوا بي يدي الشيخ كالموات بي أيدي الغاسلي ،ورأينا ،ونرى ،كيف أن الفرد من الريدين ل يفكر لنفسه ول
لغيه ،وإنا يذهب إل الشيخ ليفكر له ،ول يطلب معرفة ،بل يذهب إل الشيخ ليفيض عليه من معارفه اللدنية ،ول
يقضي أمرا حت يرى الشيخ فيه رأيه...إل.
كانت هذه حالة كل المة ،إل من رحم ال ،بل إن هذا (الال) صار (مقاما) عاليا ،حت كانوا ل ياولون،
بل يتواصون بعدم ماولة فهم نصوص القرآن والسنة إل من الشيخ ،فإذا أخطأ الشيخ ،فخطؤه خي من صوابك! وإذا
كان جاهلً ،فجهله خي من علمك! وإذا ناقضت أقواله النصوص ،فاتباع فهمه هو اليان ،واتباع فهمك هو
الضلل! وإذا تناقضت أقوال الشيوخ فيما بينهم ،فكلهم من رسول ال مقتبس (بالكشف طبعا)...إل آخر
القائمة...ومثل هذا موجود حت الن.
وبذلك سيطر العقم الفكري ،بل الشلل الفكري على المة ،حت وصلت إل ما هي عليه.
إن ال سبحانه وتعال ل يظلم السلمي عندما سلط عليهم الستعمار .حاشاه سبحانه وتعال من الظلم؛ وإذ
كان الزاء من جنس العمل ،فقد كان الستعمار هو الدواء النجس لتلك العلة البيثة.
وقد يسأل سائل :أل يوجد ف الصوفية إيابيات؟ والواب :نعم ،لا إيابيتان:
-1الدب الرمزي ،إذ أن متصوفة السلمي هم الذين ابتكروه لستر حقيقتهم ،ول ينتشر ف العال إل بعدهم
بقرون طويلة ،ويظهر أن مبتكريه كانوا سابقي للجنيد ف الزمان ،لكن النيد هو الذي بلوره ووضع له القواعد
والصطلحات وكثيا من عباراته الت يستعملونا.
-2بعض التفاصيل التاريية ،حيث تقدم كتب التصوفة صورا من حياة الجتمعات السلمية وعاداتا ل
نراها ف غيها ،كما نستطيع من خللا تفسي بعض إشارات الستفهام التاريية عند السلمي وعند غيهم أيضا.
)(1الدينة هي الري ،وليست الراز ،والنسبة إل الري هي (الرازي) ،ولعله عرف أن اسم الدينة هو الراز عن طريق الكشف والعلم اللدن .أما قوله:
وصوفيتها ،فيدل على أن الصوفية قد يشتركون أيضا ف تكفي الصوف ،لكن ماراة للناس وتسترا على حقيقتهم.
www.alsoufia.com 594 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-وقتلوا ابن برّجان (شيخ ابن عرب أو شيخ شيخه) ،والول ،والرجان...فشهدوا عليهم بالكفر...
-وأما الشيخ ميي الدين بن عرب وسيدي عمر بن الفارض فلم يزل النكرون ينكرون عليهما إل وقتنا
هذا...
-وأنكروا على الشيخ عبد الق بن سبعي وأخرجوه من بلد الغرب وأرسلوا نابا بدرج مكتوب أمامه
يذرون أهل مصر منه.
-وما أورده الشعران أيضا ف نفس طبقاته متفرقا ف ترجاته للمذكورين.
-أبو نعيم الصفهان ،أخرجه أهل أصفهان ومنعوه من اللوس ف الامع.
-عبد السلم بن مشيش ،شيخ أب السن الشاذل ،قتل ف بلد الغرب.
-ممد الرويل العريان قتله العثمانيون حي دخول مصر.
-أبو العباس أحد اللثم كفروه.
-أبو الفتح الواسطي كان مبتلى بالنكار عليه ،مات ف السكندرية حوال سنة (580هـ).
-عبد ال بن ممد العرشي الرجان ،امتحن وأفت العلماء بتكفيه ،قتل ف تونس سنة (669هـ).
-ممد القونوي (صدر الدين) صاحب ابن عرب وابن زوجته كان مبتلى بالنكار عليه مات ف قونية سنة (
672هـ).
وما أورده الشعران أيضا ف اليواقيت والواهر:
-وشهدوا على الشبلي بالكفر مرارا(.)1
-وأنكروا على سيدي إبراهيم العبي ،وسيدي حسي الاكي(.)2
* ملحوظة :شهادات التكفي هذه هي ما أورده الشعران ف طبقاته ويواقيته.
وقد أخذها من كتب التراجم الختلفة.
وما ل يذكره الشعران وذكره صاحب اللمع:
-أبو عبد ال السي بن مكي الصبيحي :كفره أبو عبد ال الزبيي وهيج عليه العامة.
-أبو العباس أحد بن عطاء :رفع إل السلطان ونسب إل الكفر والزندقة ،فقتل ضربا بفه.
-أبو حزة الصوف :كفروه ،ويقول ابن الوزي ف (تلبيسه) :إنم قتلوه ونادوا على فرسه :هذا فرس الزنديق.
)(1اليواقيت والواهر.)1/13( :
)(2اليواقيت والواهر.)1/14( :
www.alsoufia.com 595 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-ممد بن موسى الفرغان :لهل التعنت فيه مقال.
-أبو السي النوري :شهدوا عليه بالكفر.
هذا ما أورده أبو نصر الطوسي ف كتابه اللمع (ف ترجته للمذكورين).
وأورد اليافعي ف نشر الحاسن:
...لا سعي بالصوفية إل بعض اللفاء ،أمر بضرب رقابم ،فأما النيد فتستر بالفقه ،وكان يفت على مذهب
أب ثور ،وهو إمام القوم وسيدهم...وأما أبو السي النوري فقبض عليه ،وكان أحد أركان الذهب وسادات
القوم...وقبض معه أيضا على أب حزة البغدادي ،وكان أحد علماء القوم وساداتم والذكورين بالفتوة
والتوكل...وقبض أيضا على أب بكر الزقاق ،وكان أيضا أحد سادات القوم والتكلمي ف العاملت بأحسن
الكلم...وقبض أيضا على الشحام والرقام ،وبسط النطع لضرب رقابم.)1(...
-أقول :يظهر أن الوزير كان من القوم ،وكان يتستر بالفقه ،فأنقذهم من القتل بأسلوب ذكي.
-وعدي بن مسافر ،شيخ الطريقة العدوية الت هي الن اليزيدية ،نبش قبه وأحرق ما فيه مرتي ،مرة سنة (
652هـ) على يد أمي الوصل ،ومرة سنة (817هـ) على يد جاعات كبية من الكراد(.)2
-وأبو حيان التوحيدي ،نفي لسوء عقيدته ،وكان من شياز وهو شيخ الصوفية(.)3
-وشهاب الدين السهروردي القتول (يي بن حبش) قتل ف حلب على الزندقة سنة (587هـ).
-وعبد القادر اليلن ،يقول الؤرخون :إن الوزير عبيد ال بن يونس أخرب بيته وشتت أولده ،ويقال :إنه
بعث ف الليل من نبش عليه (ف قبه) ،ورمى بعظامه ف اللجة(.)4
-لسان الدين بن الطيب (وزير غرناطة) قتل على الزندقة بسبب كتابه ف التصوف روضة التعريف سنة (
776هـ)(.)5
-إن كهان التصوف الذين ذكروا ف كتبهم حوادث التكفي والتقتيل والتشريد إنا ذكروها ليخدعوا با
القارئ الغافل ،وليقولوا له :إن الولياء مبتلون دائما بالعداء .وهي خدعة فيها كثي من الذكاء والبث؛ لنم بذا
السلوب يؤولون حقائق التاريخ الت ل يستطيعون طمسها تأويلً يدم أغراضهم ويفي سوءاتم ويكسبهم عطف
الخرين.
ل عن طبقات السبكي.
)(1غاية المان )2/366( :نق ً
)(2غاية المان.)2/368( :
)(3ل أستطع معرفة هويته.
)(4غاية المان.)2/369( :
)(5القاضي عياض (أشهر من أن يعرف) بن موسى بن عياض ،عال الغرب ،وإمام أهل الديث ف وقته ،توف ف مراكش سنة (544هـ1149-م).
)(6غاية المان.)2/370( :
)(7الذهب ،أشهر من أن يعرف ،هو ممد بن أحد بن عثمان ..الافظ الؤرخ العلمة ،توف ف دمشق سنة (748هـ1348-م).
)(8غاية المان.)2/370( :
www.alsoufia.com 598 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
-وأبو عبد ال القرطب(( )1صاحب التفسي) يقول :إن بعض من يعظ ،من كان ينتحل رسم الفقه ث تبأ منه
شغفا بالشرعة الغزالية والنحلة الصوفية ،قد أنشأ كراسة على معن التعصب لكتاب أب حامد ،إمام بدعتهم ،فأين هو
من تشنيع مناكيه ،وتضليل أساطيه الباينة للدين وشريعة سيد الرسلي(...)2
-وأبو بكر الطرطوشي( :)3يقول :شحن أبو حامد كتاب الحياء بالكذب على رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وما على بسيط الرض أكثر كذبا منه ،شبكه بذاهب الفلسفة ومعان رسائل إخوان الصفا ،وهم قوم يرون
النبوة مكتسبة( .)4وللطرطوشي كتاب كبي ف الرد على إحياء علوم الدين.
-ابن رشد (الفيد) ،أبو الوليد ممد بن أحد بن ممد بن أحد بن رشد ،أشهر من أن يعرف( ،)5من أهل
قرطبة له كتاب تافت التهافت ف الرد على الغزال.
-وغيهم كثي.
* وقفة مع آية قرآنية:
أليس من الائز أن تكون الشجرة الت نُه َي آدم وحواء عن أكلها هي من نوع القنب الندي (الشيش) أو
الشخاش (الفيون) أو فطر الكسيك أو ما شابها؟ ما يسبب اللوسة؟
الدافع إل قبول هذه الفكرة ما يلي:
ج َرةِ اْلخُلْ ِد َومُ ْلكٍ ل َيبْلَى)) [طه...(( ،]120:مَا َنهَاكُمَا رَبّكُمَا عَنْ
..(( -1قَا َل يَا آ َد ُم هَلْ َأدُّلكَ َعلَى شَ َ
ج َرةِ إِلّا أَنْ تَكُونَا َملَكَيْنِ َأ ْو تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)) [العراف.]20: هَ ِذهِ الشّ َ
رأينا أن من آثار تناول الهلسات ،شعور الجذوب بسببها أنه ملك من اللئكة ،وشعوره باللحظات القصية
وكأنا آلف السني ،وشعوره بأنه أدرك الواقع القيقي للعال ،وأن كل السرار تتكشف أمامه ،وشعوره بأن نظره
ييط بفراغات ل متناهية ،ورؤيته قصورا وباحات وأقواسا وحدائق ،ورؤيته أنه يعيش ف رؤى جنة.
خلْ ِد َومُ ْلكٍ ل
ج َرةِ الْ ُ
هذه الشاهدات والحساسات ،أليست نفس ما وصف به إبليس الشجرة الحرمة(( :شَ َ
َيبْلَى)) [طه(( ،]120:أَنْ تَكُونَا مَلَ َكيْنِ َأوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)) [العراف.]20:
-2كذلك تقديس المم الوثنية لا ،وتسميتهم الفيون (حجر اللود) و(شراب اللة) ،وتسمية الشيش
(إكسي اللود)...إل آخر ما مر قبل صفحات.
)(1ممد بن أحد بن أب بكر الزرجي الندلسي ،صاحب التفسي الشهور ،رحل وتوف ف مصر سنة (671هـ)1273/م.
)(2غاية المان.)2/372( :
)(3ممد بن الوليد الفهري الندلسي الطرطوشي ،رحل وتوف ف السكندرية سنة (520هـ1126-م).
)(4غاية المان.)2/372( :
)(5توف ف مراكش سنة (595هـ1198-م) ،ونقلت جثته إل قرطبة.
www.alsoufia.com 599 ت تميل هذه الادة من موقع الصوفية
خلْدِ)) [طه ،]120:و((َتكُونَا مِنَ اْلخَالِدِينَ)) [العراف ،]20:مع العلم أن
ج َرةِ الْ ُ
أليس هو نفس معن ((شَ َ
الصدر ف الالتي هو إبليس.
ع عَْنهُمَا ِلبَا َسهُمَا ِلُيرَِيهُمَا َسوْآِتهِمَا))
جنّةِ َينِ ُ
(( -3يَا َبنِي آدَمَ ل َيفِْتنَنّكُ ُم الشّيْطَانُ كَمَا َأ ْخرَجَ أََبوَيْ ُكمْ مِ َن الْ َ
ي عَْنهُمَا مِنْ َسوْآِتهِمَا[ ))...العراف،]20: [العرافَ(( ،]27:فوَ ْس َوسَ َلهُمَا الشّيْطَا ُن لِيُبْ ِديَ َلهُمَا مَا وُورِ َ
((....فَأَكَل مِْنهَا َفبَ َدتْ َلهُمَا َسوْآُتهُمَا)) [طه.]121:
أكل منها ،فنع عنهما لباسهما ،فبدت لما سوآتما :أليس هذا ما يدث لتعاطي الهلسات؟
إن الصحف والجلت تدثت كثيا عن شباب وفتيات يتعرون ف الطرقات أثناء جذبة الخدرات ،كما رأينا
أن التعري يكاد يكون من لزمات جذبة التصوف!
والصدر هو إبليس ف جيع الالت.
أفل يساعد هذا على قبول أن الشجرة الحرمة هي من أشجار اللوسة؟
-4رأينا أن من هلوس جذبة الخدرات (وجذبة التصوف) ،رؤية الطراف طويلة جدا ،فعندما يتعرى
الجذوب ،يرى ما كان ذا امتداد من السوأة وقد غدا طويلً ،حت قد يثي طوله الرعب! كما يرى ما كان ذا انفاض
منها خندقا عميقا ،قد يثي الرعب أيضا! كما يظهر الفرق بي سوأت الرجل والرأة مثيا للدهشة! خاصة إن كانت
الرؤية تدث لول مرة! المر الذي يثي النتباه مهما كانت الغفلة! أفل تسيطر علينا فكرة أن هذا ما حدث لدم
وحواء؟ أكل من الشجرة ،فنع عنهما لباسهما ،فبدت سوآتما متلفة الشكل مضخمة البعاد ،ما أثار انتباههما؟
ع عَْنهُمَا ِلبَا َسهُمَا ِلُيرَِيهُمَا َسوْآِتهِمَا))
جنّةِ َينِ ُ
(( -5يَا َبنِي آدَمَ ل َيفِْتنَنّكُ ُم الشّيْطَانُ كَمَا َأ ْخرَجَ أََبوَيْ ُكمْ مِ َن الْ َ
[العراف ]27:أفل تبي هذه الية بوضوح أن إبليس يفت بن آدم بنفس الدعة الت أخرج با أبويهم من النة؛ لن
ال سبحانه ل ينهنا أبدا عن شيء ل وجود له ف الواقع ،وهذه الية لن تكون شاذة عن سائر الوحي.
وبدراسة الديان الوثنية نرى الشيش والفيون وما شابهما ،تلعب دورا هاما ف عقائدها ،وقد مر بعض هذا
ف فصل سابق.
خلْ ِد َومُ ْلكٍ ل يَْبلَى)) [طه:
ج َرةِ الْ ُ
كما أن كهانم كانوا يقدمونا لريديهم بنفس الجة الت قدمها إبليس ((شَ َ
،]120وكانوا يستعملونا كذلك للحصول على الكمة وللوصول إل القيقة وبنفس الجة.
أي :إن إبليس فت بن آدم بشجر اللوسة (الشيش ورفاقه).
أفل يق لنا أن نعتقد أن هذه الفتنة هي نفس الفتنة الت أخرح با أبويهم من النة من قبل؟ انطلقا من منطوق
الية(( :ل َيفِْتنَنّكُ ُم الشّيْطَانُ كَمَا َأ ْخرَجَ أََبوَْيكُمْ[ ))...العراف.]27:
-6عند عدم وجود هذه الشجرة ،بسبب عدم زرعها ،أو بسبب تريها دينيا ،نرى أن إبليس ل يتنازل عنها،