You are on page 1of 318

‫اللواء الركن ‪:‬‬

‫مد ضاهر وتر‬


‫الدكتور مح ّ‬

‫الّريــــــادة‬

‫أبـــي‬
‫صديـــق‬‫بكــر ال ّ‬
‫‪ -‬دراســــــــــة ‪-‬‬

‫من منشورات اتحاد الكتاب العرب‬


‫‪1999‬‬
‫الحقوق كافة‬
‫مـحــــفــــوظـة‬
‫‪E-mail :‬‬
‫البريد اللكتروني‪:‬لتـحــاد‬
‫‪unecriv@net.sy‬الـكـتـاب‬
‫‪:‬‬ ‫النتــرنيت‬
‫‪Internet : : aru@net.sy‬‬
‫موقع اتحاد الكتاب العرب على شبكة النترنت‬
‫‪www.awu-dam.com‬‬

‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫بسم اللّه الّرحمن الّرحيم‬
‫الحمـد لله رب العالميـن‪ .‬الرحمـن الرحيـم‪ .‬مالك يوم الديـن‪ .‬إيّاك نعبـد وإياك‬
‫نسـتعين‪ .‬اهدنـا الصـراط المسـتقيم‪ .‬صـراط الذيـن أنعمـت عليهـم غيـر المغضوب‬
‫(‪)1‬‬
‫عليهم ول الضالين‪.‬‬
‫ل على محمـد وعلى آل محمـد‪ ،‬كمـا صـليت على ابراهيـم وعلى آل‬ ‫اللهـم صـ ّ‬
‫إبراهيـم‪ ،‬فـي العالميـن‪ ،‬إنـك حميـد مجيـد‪ ،‬وبارك على محمـد وعلى آل محمـد كمـا‬
‫(‪)2‬‬
‫باركت على إبراهيم‪ ،‬وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫سر لي أمري‪،‬‬ ‫ب أتمـم نعمتــك علي‪ ،‬وارض عنــي‪ ،‬واشرح لي صــدري‪ ،‬وي ّـ‬ ‫ر ّـ‬
‫واحلل عقدة مـن لسـاني‪ ،‬واجعـل لي مخرجا ً مـن كـل ضيـق‪ ،‬وفرجا ً مـن كـل كرب‬
‫وشدة‪ ،‬وكفّر عني سيآتي‪ ،‬وأعظم لي أجراً‪ ،‬وارحمني‪ ،‬وعلمني‪ ،‬وزدني علماً‪.‬‬
‫ب اجعل هذا الكتاب سبيل ً إليك‪ ،‬ونفعا ً لعبادك‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫ر ّ‬

‫اللواء الركن‬
‫الدكتور محمد ضاهر‬
‫وتر‬
‫‪‬‬

‫() سورة الفاتحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البخاري ومسلم في (الدعوات)‪ ،‬وابن حنبل واللفظ له‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
4
‫تمهيد‬
‫راد أبــو بكــر مجاهــل العلم العســكري‪ ،‬فاســتنبط مبادئه‬
‫وأحكامــه‪ ،‬بعــد أن تتلمــذ على صــاحب الريادة الذي قال‪" :‬إن‬
‫الرائد ل يكذب أهله"‬
‫مر عـن سـاعديه بعـد‬ ‫لقـد وعـى هذه الطريـق فمهدهـا‪ ،‬وش ّـ‬
‫مبايعتــه ليكون رائد هذه المــة التــي تفرقــت واختلفــت بعــد‬
‫()‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫إن الكتشاف مـن مرامـي القيادة‪ ،‬فأبـو بكـر اكتشـف قبـل‬


‫غيره ضرورة قتال من سولت له نفسه ترك الزكاة‪ ) (.‬وإن الية‬
‫‪2‬‬

‫على الظاهـر تدل على الباطـن‪ ،‬فهـو قـد حمـل جسـما ً رقيقا ً فـي‬
‫فؤاد كــــــبير‪ ) (.‬وإن الغدو والرواح يدلن على حركــــــة الريادة‬‫‪3‬‬

‫ونشاطهــا‪ ،‬فهــو الذي قاد بنفســه المعارك الولى بكــل حركــة‬


‫وفعاليـة‪) (.‬وإن البصـيرة مـن طبعهـا‪ ،‬فهـو الذي أعلن عـن موت‬ ‫‪4‬‬
‫()‬
‫‪5‬‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن ذهل الناس والصحابة‪.‬‬
‫وعيّن عمر بن الخطاب ليكون من بعده أميراً‪) (،‬وإن الحكمة من‬
‫‪6‬‬

‫جوهرها‪ ،‬فهو الذي أبقى خالدا ً قائدا ً للجيوش العربية السلمية‪،‬‬


‫ً‬
‫سـيفا‬ ‫ولم يسـمع بـه لوشايـة أحـد قائلً‪" :‬ياعمـر مـا كنـت لشيـم‬
‫سله الله على الكافرين‪) (".‬وإن الجديد والبتكار من صفتها‪ ،‬فهو‬
‫‪7‬‬

‫الذي ســيّر الجيوش المتلقيــة‪ ،‬جيشا ً مــن أســفل العراق بقيادة‬


‫خالد ابن الوليد‪ ،‬وجيشا ً من أعالي العراق بقيادة عياض بن غنم‬

‫() البخاري‪ -‬باب النــبياء‪ ،48 :‬النســائي‪ -‬باب الجهاد‪ ،1 :‬ابــن واضــح‪ -‬تاريــخ‬ ‫‪1‬‬

‫اليعقوبي ‪.2/107‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،103 :‬ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ ،2/110 :‬البلخـي‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫البدء والتاريخ‪ ،5/153 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب تاريخ دمشق الكبير‪.1/119 :‬‬
‫() ابــن هشام‪ -‬الســيرة النبويــة‪ ،1/249 :‬ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/176 :‬ابــن‬ ‫‪3‬‬

‫الجوزي‪ -‬تاريـخ عمـر بـن الخطاب‪ ،30 :‬ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة‬
‫الصــحاب‪ ،3/973 :‬النووي‪ -‬تهذيــب الســماء واللغات‪ ،181 /1 /2 :‬الخضري‪-‬‬
‫تاريخ المم السلمية‪ 196 /1 :‬وما بعدها‪ ،‬العقاد‪ -‬عبقرية الصديق ‪.204 :‬‬
‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،479 ،478 /2 :‬الذهــبي‪ -‬تاريــخ الســلم‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1/350‬ابــن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخــبر‪ ،2/2/66:‬غلوب‪-‬الفتوحات العربيــة‬


‫الكبرى‪.183 :‬‬
‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ 2/104 :‬وما بعدها‪ ،‬ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن‬ ‫‪5‬‬

‫الخطاب‪ ،47 :‬أبـو الفداء‪ -‬المختصـر فـي أخبار البشـر‪ ،1/156 :‬الراوي‪ -‬تاريـخ‬
‫الدولة العربية‪.5 :‬‬
‫() الجاحــــظ‪ -‬العثمانيــــة‪ ،86 :‬الطــــبري‪ -‬تاريــــخ المــــم والملوك‪،2/365 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪،448‬الطـبراني‪ -‬المعجـم الكـبير‪ ،1/13 :‬ابـن الجوزي‪ -‬تاريـخ عمـر بـن الخطاب‪:‬‬
‫‪.56 ،51 ،50‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،136 :‬البلخـــي‪ -‬البدء والتاريـــخ‪ ،5/160 :‬الطـــبري‪-‬‬ ‫‪7‬‬

‫تاريخ المم والملوك‪2/503 :‬‬


‫‪5‬‬
‫ليلتقيا فيما بعد بالحيرة‪) (،‬وسيّر كذلك جيوشا ً متلقية في حروب‬
‫‪1‬‬

‫الردة‪) (،‬وكذلك فـــي فتوح الشام( )وإن الخطوة اللحقـــة فـــي‬


‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫الريادة أغنــى مــن الخطوة الســابقة وإن كانــت الخطوات كلهــا‬


‫اكتشافاً‪ ،‬فهــو الذي خطــا بحروب المرتديــن وأعقبهــا بالخطوة‬
‫التالية في قتال الفرس‪ ،‬وأتمها في محاربة الروم‪) (.‬وإن التوازن‬
‫‪4‬‬

‫بيــن النقيضيــن يوصــل إلى خيــر مســتقر‪ ،‬فهــو الذي وازن بيــن‬
‫السلم والحرب‪ ،‬وبين العدل والظلم‪ ،‬وبين الحق والباطل‪ ،‬وبين‬
‫الســتقامة والزيــغ‪) (.‬وبعــد‪ :‬أتتحقــق الريادة( )دون أن يرافقهــا‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫صـعوبات!؟ كل إنهـا الصـعوبات التـي لبـد منهـا منـذ عل أبـو بكـر‬


‫()‬
‫سدة القيادة وحتى رحيله من الدنيا‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫لم تكن قيادته سوى سنتين ونيف‪ ،‬ومع أنها فترة قليلة في‬
‫()‬ ‫‪8‬‬

‫عمـر الزمـن إل أنهـا كانـت مليئة بالنجازات على جميـع الصـعد‬


‫الســــياسية والقتصــــادية والجتماعيــــة والعســــكرية‪ ،‬وعلى‬
‫المستويين الداخلي والخارجي‪ .‬ولعل أبرز هذه النجازات والتي‬
‫تهمنا في هذا المقام هي الناحية العسكريّة‪.‬‬

‫لقـد كان لماضيـه العسـكري مـع الرسـول صـلى الله عليـه‬


‫وسـلم أثـر بارز فـي تنظيـم وعمـل وقيادة القوات المسـلحة على‬
‫المسـتويين التكتيكـي والسـتراتيجي( )فهـو الذي حرك أحـد عشـر‬
‫‪9‬‬
‫( )‬
‫‪10‬‬
‫تشكيل ً قتاليا ً إلى جبهات مختلفة من أراضي الجزيرة العربية‪،‬‬
‫وقاد هذا العدد من مركز القيادة من المدينة المنورة‪ ،‬وهو الذي‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،573 ،554 ،2/553 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ‪.358 ،384 /2 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تار يخ المـم والملوك‪ ،529 /2 :‬ابن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪/2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،143‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/330 :‬‬


‫() ابـــن خياط‪ -‬تاريـــخ ابـــن خياط‪ ،119 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬عبـــد‬ ‫‪3‬‬

‫الحميد‪ -‬معارك العرب الحاسمة‪.24،25 :‬‬


‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬الطــبري‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪،554 ،2/553 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الحموي‪ -‬معجــم البلدان‪ ،3/24 :‬ابــن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخــبر‪،2/2/66 :‬‬
‫وجدي‪ -‬دائرة معارف القرن العشرين‪2/303 :‬‬
‫() انظـر خطبـة أبـي بكـر بعـد اسـتلمه الخلفـة وفيهـا تحديـد لكـل هذه الشياء‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/4 :‬ابـن هشام‪ -‬السـيرية النبويـة‪ ،661 /2 :‬ابـن سـعد‪-‬‬
‫الطبقات‪ ،183 ،182 /3 :‬ابـن قتيبـة‪ -‬المامـة والسـياسة‪ ،14 /1 :‬ابـن واضـح‪-‬‬
‫تاريخ اليعقوبي‪.106 /2 :‬‬
‫() مخطوط (‪ 95‬صــفحة) مســتهل ً بالريادة ومعناهــا‪ .‬كتبــه لي الســتاذ الكــبير‬ ‫‪6‬‬

‫محمد عنبر تعقيبا ً على كتاب‪" :‬الدارة العسكرية في حروب الرسول محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم"‪.‬‬
‫() انظر إلى كلم عائشـة بنـت أبـي بكر تصف هذه الصعوبات التـي ل تحتملهـا‬ ‫‪7‬‬

‫الجبال‪ ،‬ومـع ذلك فقـد حملهـا أبوهـا‪ ،‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،132 :‬الفغانـي‪-‬‬
‫عائشة والسياسة‪.217-215 :‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،37 /1 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،98 :‬ابــن خياط‪ -‬تاريــخ‬ ‫‪8‬‬

‫ابن خياط‪122 :‬‬


‫() ابـن خياط‪ -‬تاريـخ ابـن خياط‪ ،103 ،101 :‬الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪/2 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ ،478‬المسعودي ‪ -‬مروج الذهب‪ ،415 /1 :‬ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪:‬‬


‫‪. 2/69 /2‬‬
‫‪6‬‬
‫جه تشكيلين كبيرين إلى العراق‪ ،‬وأعطاهما التعليمات القتالية‬ ‫و ّ‬
‫التــــي تدل على براعــــة فــــي القيادة‪ ،‬وعلى اتســــاع أفقــــه‬
‫جه أربعـة جيوش إلى الشام وأمرهـا‬ ‫السـتراتيجي‪) ()،‬وهـو الذي و ّـ‬
‫‪1‬‬

‫بقتال الروم‪ (،‬وحدد لهــا التجاهات والمهام التفصــيلية‪ ،‬كمــا لو‬ ‫‪2‬‬

‫سم تظهر عليه الهيئات الرضية‪،‬‬ ‫كانت هناك خريطة أمامه‪ ،‬ومج ّ‬
‫كمـا لو كان فـي الوقـت الحاضـر قائد يشرح لمرؤوسـيه الموقـف‬
‫القتالي على صندوق من الرمل‪.‬‬
‫إنه النظر الثاقب الذي أوتيه أبو بكر‪ ،‬والتخطيط والتنظيم‬
‫()‬ ‫‪3‬‬

‫والعمل العسكري على المستوى الستراتيجي‪) (،‬والهم من هذا‬


‫‪4‬‬

‫هــو التوافــق بيــن التخطيــط والتنفيــذ‪ .‬وهناك كثيــر مــن القادة‬


‫العسكريين قصروا عن إدراك هذه الناحية المهمة‪ ،‬كما أن هناك‬
‫عددا ً منهـم برز فـي التخطيـط وق ّـ‬
‫صر بالتنفيـذ وبالعكـس؛ أمـا أبـو‬
‫()‬
‫‪5‬‬
‫بكر فقد أجاد بهذا وذاك‪ ،‬مدركا ً ومتأكدا ً من تلزمهما‪.‬‬

‫اعتمد فـي قتاله مـع أعدائه على مبدأ الهجوم؛ إنه إن تحرك‬
‫()‬
‫‪6‬‬
‫فإنمــا كان يتحرك لكــي يهاجــم المرتديــن فــي عقــر دارهــم‪،‬‬
‫ويباغـت الفرس فـي أرضهـم وديارهـم‪) (،‬وينقـض على الروم فـي‬
‫‪7‬‬

‫معاقلهــم وحصــونهم‪) (،‬مركزا ً بذلك على التجاه الرئيســي الذي‬


‫‪8‬‬

‫() ابـن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخـبر‪ ،70 ،69 /2/2 :‬ابـن الطقطقـي‪ -‬الفخري‬ ‫‪10‬‬

‫فــي الداب الســلطانية والدول الســلمية‪ ،64 :‬وجدي‪ -‬دائرة معارف القرن‬
‫العشرين‪.303 /2 :‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/551 :‬ومابعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ‪.143 /2 :‬‬
‫() ابــن شهاب الزهري‪ -‬المغازي النبويــة‪ ،151 :‬ابــن خياط‪ -‬تاريــخ ابــن خياط‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،119‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.150 :‬‬


‫() انظـر حدة هذا النظـر عنـد وفاة الرسـول صـلى الله عليـه وسـلم‪ .‬الطـبري‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫تاريـــخ المـــم والملوك‪ ،443 /2 :‬وانظـــر عندمـــا نظـــر إلى الزكاة واختلف‬
‫الصحابة بشأنها‪ -‬ابن قتيبة‪-‬المامة والسياسة‪ ،14 /1 :‬البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪:‬‬
‫‪ ،5/152‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.8 /2 :‬‬
‫() الطــبري ‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،478 /2 :‬المســعودي‪ -‬مروج الذهــب‪/1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،415‬خطاب‪ -‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.86 :‬‬


‫() انظـر كيـف خطـط لمحاربــة المرتديـن ونفذهـا فـي حروبـة الولى معهـم‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪ ،350 /1 :‬ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪،66 /2 /2 :‬‬
‫وانظـر كيـف خطـط لحرب العراق ونفذهـا بقيادة خالد بـن الوليـد‪ ،‬الطـبري‪-‬‬
‫تاريخ المم والملوك‪ ،554 ،553 /2 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.330 /6 :‬‬
‫() انظــر معركــة بزاخــة عنــد البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،107 :‬الحموي‪ -‬معجــم‬ ‫‪6‬‬

‫البلدان‪ ،408 /1 :‬وانظـر معركـة عقربـا التـي انتهـت بالقضاء على المرتديـن‬
‫قضاءً مــبرما ً عنــد الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك ‪ ،513 /2‬الذهــبي ‪ -‬تاريــخ‬
‫السلم‪ ،385 /1 :‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪ ،196 :‬فارق‪ -‬تاريخ الردة‪:‬‬
‫‪ 5‬ومابعدها‪.‬‬
‫() انظـر معركـة كاظمـة عنـد الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،556 /2 :‬ومعارك‬ ‫‪7‬‬

‫المذار‪ ،‬الولجة‪ ،‬الحيرة‪ ،‬أمغيشيا عند الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪،2/557 :‬‬
‫‪.563 ،560 ،559‬‬
‫() انظـــر التحرك المظفـــر عنـــد البلذري‪ -‬فتوح البدان‪ ،155-151 :‬ومعركـــة‬ ‫‪8‬‬

‫أجنادين عند الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،37 /1 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب تاريخ دمشق‬
‫الكــبير‪ ،145 /1 :‬حداد‪ -‬فتــح العرب للشام‪ ،44 :‬ومعركــة مرج الصــفر عنــد‬
‫‪7‬‬
‫يتصــف بالهميــة‪ ،‬وعلى النقاط الضعيفــة منــه‪ ،‬موزعا ً قواتــه‬
‫بشكــل غيــر متســاو‪ ،‬بغيــة الوصــول إلى النقطــة الحاســمة‪ ،‬أو‬
‫الهدف الهام فـــي كـــل اتجاه‪ ،‬مؤمنا ً بذلك التفوق فـــي الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬ومحققا ً الغلبـة على القوات المعاديـة فـي أقصـر وقـت‬
‫ممكن‪.‬‬
‫إن عامـل الوقـت مهـم جدا ً فـي القتال التكتيكـي والعملياتـي‬
‫والســتراتيجي‪ ،‬لذا فقــد اختار أبــو بكــر الصــديق لتحقيــق هذا‬
‫العامل قادة من أبرز القادة وفي طليعتهم خالد بن الوليد( )الذي‬
‫‪1‬‬

‫تميــز بســرعة عملياتــه القتاليـة‪ ،‬ومناوراتــه البارعـة‪ .‬وإذا دققنـا‬


‫النظـر فـي هذه الحروب فإن القائد العسـكري ليعجـب مـن هذه‬
‫السـرعة التـي لو سـارتها الجيوش دون معارك لمـا قطعـت هذه‬
‫المســافة‪ ،‬أو احتلت تلك المســاحة فــي فترة خلفــة أبــي بكــر‬
‫الصديق‪ ،‬فقد خاضت الجيوش العربية أكثر من خمس وعشرين‬
‫معركــة‪) (،‬وقطعــت مســافة أكثــر مــن عشرة آلف كيلو متــر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫واســتولت على مســاحة مــن الرض كــبيرة‪ ،‬شملت أراضــي‬


‫الجزيرة العربية‪ ،‬وجزءا ً من أرض العراق وبلد الشام‪.‬‬
‫إن مـا يميـز القادة إنمـا هـي الصـفات النسـانية التـي يتحلون‬
‫بها‪ ،‬ورحمتهم لمرؤوسيهم‪ ،‬والعطف البوي الذي ينشرونه على‬
‫الخوة والبناء وبنـي البشـر‪ .‬فقـد كان أبـو بكـر رحيما ً بمـن يليهـم‬
‫مــن خدم وأســارى‪) (،‬رقيــق القلب بكّاءً‪) (،‬متســامحا ً يعفــو عــن‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫المســيء‪) (،‬فل يغضــب لنفســه‪) (،‬ول يحقــد على عدو‪ .‬ولعلى‬


‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫مبغضيــه‪ .‬ولقـد كانــت تعليماتــه إلى القادة الذيــن أرســلهم فــي‬


‫مهمات قتاليـــة تتضمـــن الرفـــق بالجنود‪ ،‬والمعاملة الحســـنة‪،‬‬
‫والبتعاد عــن قتــل الولد والشيــخ والمرأة‪ ،‬وعــن عقــر البهيمــة‪،‬‬
‫وعن هدم الصوامع وإيذاء الرهبان فيها‪ ،‬ومن أقواله‪" :‬إذا سرت‬
‫فل تضيــق على نفســك‪ ،‬ول على أصــحابك فــي مســيرك‪ ،‬ول‬
‫تغضب على قومك ول على أصحابك‪ ..‬وإذا نصرتم على عدوكم‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪21 -19 /1 :‬؛ وفتح الشام عند غلوب‪ -‬الفتوحات العربية‬
‫الكبرى‪.275 :‬‬
‫() انظـر ترجمتـه عنـد ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،394 /7 :‬الزبيري‪ ،‬نسـب قريـش‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،275‬البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ ،133 :‬ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،108 /2 :‬ابن‬
‫عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،963 /3 :‬ابن حزم‪ -‬جمهرة أنساب‬
‫العرب‪ ،135 /1 :‬ابـن الثيـر أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪ ،102 /2 :‬أكرم ‪-‬‬
‫سيف الله‪ 15 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫() انظـر حروب الردة عنـد الطـبري ‪ -‬تاريـخ المـم و الملوك‪ ،535-2/463 :‬ابـن‬ ‫‪2‬‬

‫الثيــر‪ -‬الكامـــل فــي التاريــخ‪ ،378-2/336 :‬وفتوح العراق عنـــد الدينوري ‪-‬‬
‫الخبار الطوال‪ ،112-111 :‬وفتوح الشام عنـــــد الواقدي‪ 2 :‬ومابعده‪ ،‬الزدي‪،‬‬
‫فتوح الشام‪ 1 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫() ابـن هشام‪ -‬السيرة النبويـة‪ ،1/319 :‬الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪،2/169 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫البلخي ‪ -‬البدء والتاريخ‪.192 /4 :‬‬


‫() ابـن شهاب الزهري‪ -‬المغازي النبويـة‪ ،97 :‬الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.253 /2‬‬
‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.69 ،68 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الشيبانــي‪ -‬شرح الســير الكــبير‪ ،46 /1 :‬الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪،7 ،4 ،2 /1 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫الزدي ‪ -‬فتوح الشام‪ 12 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫‪8‬‬
‫فل تقتلوا ولدا ً ول شيخا ً ول امرأة ول طفلً‪ ،‬ول تعقروا بهيمـة إل‬
‫للمأكول‪ ،‬ول تغدروا إذا عاهدتــــــم‪ ،‬ول تنقضوا إذا صــــــالحتم‪،‬‬
‫وسـتمرون على قوم فـي الصـوامع رهباناً‪ ..‬فدعوهـم ول تهدموا‬
‫()‬
‫صوامعهم‪"..‬‬‫‪1‬‬

‫أمــا الســبب فــي اختيار الباحــث هذا الموضوع‪ ،‬فلنــه مــن‬


‫ص بهــا‪ ،‬وهــي‪ :‬التاريــخ فــي صــدر‬
‫الحقبــة الزمنيــة التــي تخص ـ ّ‬
‫السـلم‪ ،‬ولنـه الحلقـة المكملة والمتصـلة بالحلقـة التـي سـبقتها‪،‬‬
‫صل العقيدة القتاليــة التــي أرســى قواعدهــا‬ ‫مق ويؤ ّــ‬ ‫ولنــه يع ّــ‬
‫ومبادئهـا الرسـول العربـي محمـد صـلى الله عليـه وسـلم‪ ،‬ولنـه‬
‫يظهـر شخصـية أبـي بكـر الصـديق العسـكرية‪ ،‬واسـتراتيجية حربـه‬
‫وفتوحاته‪.‬‬
‫أولً ‪ :‬التاريـخ فـي صـدر السـلم‪ .‬لقـد تغلب العرب‬
‫فـــي هذا الصـــدر على أعظـــم دولتيـــن همـــا الفرس‬
‫والروم؛ ومــن بعدهــا‪ ،‬تفرقوا قليل ً قليلً‪ ،‬وتباعدوا عــن‬
‫النتصـار والوحدة إل مـا خل بعـض فترات متقطعـة مـن‬
‫الحكم‪.‬‬
‫لقـــد حمـــل العرب فـــي هذه الفترة أصـــولً‬
‫ومبادئ جعلتهـم يتصـدرون منزلة عظيمـة بيـن المـم؛‬
‫ولعـل أهـم هذه الصـول وأجداهـا‪ :‬المعرفـة المباشرة‬
‫دون وساطة بين العربي وخالقه‪) (.‬وهذا مما جعله ينبذ‬
‫‪2‬‬

‫تلك الصــنام‪ ،‬وأولئك الكهنــة الذيــن يتدخلون حيــن ل‬


‫يجدي التدخـــــل‪ ،‬والذعان لله وحده دون الرؤســـــاء‬
‫والزعماء( )والســــيادة على أســــاس مــــن الحــــق‬ ‫‪3‬‬

‫والمســاواة‪) (.‬والمــر المشترك أي الحكــم الجماعــي‬ ‫‪4‬‬

‫والشورى‪) (.‬والحتكام إلى العقــــل‪) (.‬والتبحــــر فــــي‬


‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫العلم‪) (.‬والجمـع بيـن الديـن والدنيـا‪ ،‬فللديـن خصـائصه‬ ‫‪7‬‬


‫()‬
‫‪8‬‬
‫الذاتيــــة والروحيــــة‪ ،‬وللدنيــــا الملذات الجســــدية‪.‬‬
‫والسـتفادة مـن السـنن والقوانيـن الثابتـة‪) (.‬واسـتكناه‬
‫‪9‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،2 /1 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سـورة النعام‪ -‬اليتان‪ ،41 ،40 :‬سـورة الكهـف‪ -‬اليـة‪ ،110 :‬سـورة فاطـر‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫الية‪ ،14 :‬سورة الزمر‪ -‬الية‪.3 :‬‬


‫() سـورة الروم‪ -‬اليـة‪ ،13 :‬سـورة القصـص‪ -‬اليـة‪ ،64 :‬سـورة البقرة‪ -‬اليتان‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.167 ،166‬‬
‫() انظـر خطبـة أبـي بكـر لمـا ولي الخلفـة عنـد ابـن هشام‪ -‬السـيرة النبويـة‪/2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،661‬ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ، 182 /3 :‬ابــن قتيبــة‪ -‬المامــة والســياسة‪،14 /1 :‬‬


‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.450 /2 :‬‬
‫() سورة الشورى‪ -‬الية‪ ،38 :‬سورة آل عمران ‪ -‬الية‪.159 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سـورة يونـس ‪ -‬اليـة‪ ،101 :‬سـورة العنكبوت ‪ -‬اليــة‪ ،20 :‬سـورة الجاثيـة‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫الية‪.5 :‬‬
‫() سـورة الزمر‪ -‬اليـة‪ ،9 :‬انظر فضل العلم عنـد البخاري‪ -‬باب العلم‪، 32 ،1 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫ابن ماجه‪ -‬المقدمة‪.17 :‬‬


‫() سورة العراف‪ -‬الية‪ ،32 :‬سورة البقرة‪ -‬الية‪.201 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() سورة الحزاب‪ -‬الية‪ ،62 :‬سورة فاطر‪ -‬الية‪ ،43 :‬سورة الفتح‪ ،‬الية‪.23 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪9‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الطبيعــة وســبر أغوارهــا والكشــف عــن مجاهلهــا‪.‬‬
‫والعتقاد بأن الحرب طبيعــة فــي النســان اقتضتهــا‬
‫ضرورة الدفاع ومســــلمات الســــلم؛ ولهذا فل يجوز‬
‫إطلقا ً أن يفرض ديـــــن‪ ،‬أو تُرد ملّة‪ ،‬أو يســـــاء إلى‬
‫اعتقاد‪) (.‬والنظــر فــي التطويــر وبمــا يرفــع مــن شأن‬ ‫‪2‬‬

‫النسـان وبمـا يزيـد فـي علمـه وبحثـه‪ ،‬وهذا يتنافـى مـع‬


‫الجمود أو الرجوع إلى الوراء أو النحطاط‪ .‬وصـــــفوة‬
‫القول‪ :‬إن العقيدة الجديدة ومـــا تحمله مـــن أصـــول‬
‫رفيعــة‪ ،‬وأخلق عظيمــة‪ ،‬أثرت على عقليــة العربــي‬
‫ونظرتـه الموضوعيـة للشياء وسـلوكه وأعماله‪ ،‬فنفـت‬
‫منها ما كان مخالفاً‪ ،‬وثبتت ماكان موافقاً‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬الحلقــة المكملة‪ .‬كان الباحــث قــد أعد ّ دراســة‬
‫ســابقة فــي موضوع "الدارة العســكرية فــي حروب‬
‫الرســول محمــد صــلى الله عليــه وســلم"‪ ،‬ولمــا لهذه‬
‫صـلة وثيقـة بالدراسـة التـي تبعتهـا وهـي ‪" :‬الريادة فـي‬
‫حروب وفتوحات أبي بكر الصديق رضى الله عنه" آثر‬
‫أن يكون أبو بكر الذي أعقب الرسول صلى الله عليه‬
‫وسـلم فـي القيادة هـو المعنـي بهذه الحلقـة‪ .‬لقـد تابـع‬
‫أبو بكر الطريق التي رسمها الرسول صلى الله عليه‬
‫وســـلم‪ ،‬فمـــا حاد عنهـــا أبدا ً ممثل ً بقوله ‪" :‬والله لو‬
‫منعونــي عَنَاقا ً كانوا يؤدونــه إلى رســول الله لقاتلتهــم‬
‫عليــه‪) ( ،‬وممثل ً بقوله لعمــر بــن الخطاب فــي صــلح‬ ‫‪3‬‬

‫الحديبيـة‪" :‬فاسـتمسك بغرزه‪) (".‬وأكمـل فأرسـل بعـث‬


‫‪4‬‬

‫أسامة بن زيد‪ ،‬بناءً على ما أمر به الرسول صلى الله‬


‫عليــه وســلم قبــل موتــه‪ ،‬وضــم هذا البعــث كبار قادة‬
‫الجيش من الصحابة‪ ،‬وحاول بعضهم ثني أبي بكر عما‬
‫عزم عليه من إرسال هذا البعث فقال‪“ :‬والذي نفس‬
‫أبـي بكـر بيده لو ظننـت أن السـباع تخطفنـي لنفذت‬
‫بعـث أسـامة كمـا أمـر بـه رسـول الله ولو لم يبـق فـي‬
‫القرى غيري لنفذتـــه‪) (".‬وهذا يدل دللة قاطعـــة على‬
‫‪5‬‬

‫() سورة ق~ ‪ -‬الية‪ ،6 :‬سورة النعام‪ -‬الية ‪ ،99‬سورة العراف‪ -‬الية‪.101 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظـــر توجيهات أبـــي بكــر إلى قادتـــه الذيـــن وجههـــم لقتال الروم عنـــد‬ ‫‪2‬‬

‫الشيبانــي‪ -‬شرح الســير الكــبير‪ ،47 ،46 /1 :‬الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪،7-2 /1 :‬‬
‫المسعودي ‪ -‬مروج الذهب‪.415 /1 :‬‬
‫() البخاري ‪-‬باب الزكاة‪ ،40 ،1 :‬باب العتصـــــــام‪ ،2 :‬باب المرتديـــــــن‪،3 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫النســائي‪ -‬باب الجهاد‪ ،1 :‬باب التحريــم‪ ، 1 :‬أبــو يعلى‪ -‬مســند أبــي يعلى‪/1 :‬‬
‫‪ ،69‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.8 /2 :‬‬
‫() الغرز‪ :‬هــو ركاب الدابــة الذي يوضــع الراكــب فيــه رجله ليمســكها‪ ،‬وقوله‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫"فاسـتمسك بغْرزه" أي تمكـن بــه وأمسـكه واتبـع قول الرسـول صـلى الله‬
‫عليـه وسـلم وفعله ول تخالفـه أبداً‪ .‬انظـر ابـن منظور‪ -‬لسـان العرب‪،386 /5 :‬‬
‫الزبيدي‪ -‬تاج العروس‪ ،63 /4 :‬وانظـــر نـــص الحديـــث عنـــد البخاري‪ -‬باب‬
‫الشروط‪ ،15 :‬ابـن حنبـل‪ -‬المسـند‪ ،330 ،325 /4 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السـماع‪:‬‬
‫‪.293 ،1/292‬‬
‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،462 ،461 /2 :‬ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي‬ ‫‪5‬‬

‫التاريخ‪ ،334 /2 :‬الكاند هلوي‪ -‬حياة الصحابة‪.437 435 :‬‬


‫‪10‬‬
‫أن الحلقـة التاليـة هـي تتمـة للحلقـة السـابقة‪ .‬إن هذه‬
‫كانــت متكاملة الجوانــب والوصــاف كســابقتها قولً‬
‫وعمل ً في الخلق والشمائل والحكمة والعقل والرؤية‬
‫البعيدة والتخطيـــط والتنظيـــم والقرارات الحاســـمة‬
‫والقيادة المرنــة المســتمرة وفــي التجاه العام فــي‬
‫الجوانب السياسية والقتصادية والفكرية والعسكرية‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬العقيدة القتالي ّــة‪ .‬إنهــا العقيدة التــي جاء بهــا‬
‫الرسـول محمـد صـلى الله عليـه وسـلم وحيا ً مـن ربـه‬
‫إليه بلغة قومه قرآنا ً عربيا ً مبيناً‪ ،‬ومن السجايا العربية‬
‫الفطرية‪ .‬فلما جاء أبو بكر ساير هذه العقيدة‪ ،‬واستند‬
‫فـي تأصـيلها إلى قاعدتيـن أسـاسيتين أولهمـا‪ :‬التباع‬
‫الصــادق والميــن للرســول صــلى الله عليــه وســلم‪،‬‬
‫وثانيتهمــا‪ :‬التطويــر المســتند إلى العقــل والتجربــة‪،‬‬
‫والبعـــد عـــن الجمود‪ ،‬والمتلئم مـــع ظروف الزمان‬
‫والمكان‪ .‬فهـو الذي قاتلت قواتـه فـي أرض صـحراوية‬
‫وشبــه صــحراوية بحيــث تبقــى الرض التــي اعتادهــا‬
‫المقاتــل العربــي كأســاس للقتال عليهــا‪) (،‬وهــو الذي‬
‫‪1‬‬

‫اتخذت قواتـه التشكيـل القبلي فـي معاركهـا الحاسـمة‪،‬‬


‫وكانــت تتصــف بالمرونــة وخفّــة الحركــة والمناورة‬
‫السـريعة‪) (،‬كمـا شكلت "كراديـس"( )قتاليـة تتلءم مـع‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫‪4‬‬
‫ظروف المعركــــة كمــــا فــــي معركــــة اليرموك‪،‬‬
‫ومجموعات يتفاوت عددهــا حســب المهمــة الصــعبة‬
‫وطبيعة العدو والرض‪) (،‬واستخدمت الخيل في مكانها‬
‫‪5‬‬

‫الصـــحيح‪ ،‬وأغلب المرأنهـــا كانـــت تقاتـــل مســـتقلة‪،‬‬


‫ونفذت الهجمات المعاكسـة بأسـلوب حديـث ومبتكـر‪،‬‬
‫ونجــح الهجوم المعاكــس والهجوم العام‪ ،‬واشتركــت‬
‫النساء مع الرجال في المعارك التي دارت خارج شبه‬
‫الجزيرة ول سيما في معركة اليرموك‪) (،‬فكان لها دور‬
‫‪6‬‬

‫فــي القتال وفــي الحراســة‪ ،‬وفــي تحضيــر وتقديــم‬


‫الطعام‪ ،‬وفــي رفــع المعنويات‪ ) (،‬وقــد طبقــت القوات‬
‫‪7‬‬

‫العربية مبادئ الحرب في حروبها مع الفرس والروم‪.‬‬


‫() انظر قتال أبي بكر في الردة‪ ،‬وفي العراق الذي كان القتال على أطرافه‬ ‫‪1‬‬

‫الجنوبيــة‪ ،‬وفــي الشام‪ ،‬وفــي معركــة اليرموك بالذات عنــد الطــبري‪ -‬تاريــخ‬
‫المـم والملوك‪ ،591 -463 /2 :‬ابـن الثيـر الكامـل فـي التاريـخ‪،410 -336 /2 :‬‬
‫ابن كثير ‪ -‬البداية والنهاية‪.7/1602 ،352-305 /6 :‬‬
‫() انظر حركتي اليمامة واليرموك عند الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪508 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫وما بعدها‪ ،‬الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪ ،385 /1 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪ 204 :‬وما بعدها‪،‬‬
‫غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪ 297 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫() ج كردوس ويعادل كتيبــة‪ ،‬وتطلق عادة على كتيبــة الخيــل‪ .‬انظــر الفيروز‬ ‫‪3‬‬

‫آبادي‪ -‬القاموس المحيط‪ ،254 /2 :‬الزبيدي‪ -‬تاج العروس‪.231 /4 :‬‬


‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،191 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تاريـخ مدينـة دمشـق‪ 537 /1 :‬ومـا‬ ‫‪4‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫() ابن عساكر ‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪ 536 /1 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الواقدي ‪ -‬فتوح الشام‪ 118 /1 ،‬ومـا بعدهـا‪ 192 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬مخطوطـه ابـن‬ ‫‪6‬‬

‫حبيش‪ -‬الغزوات الضامنة الكاملة والفتوح الجامعة الحافلة‪ 162 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫كان يهدف أبــــو بكــــر ويحاول دائما ً رفــــع‬
‫معنويات جيوشــه‪ ،‬وإدخال النظــم والســاليب القتاليــة‬
‫الجديدة‪ ،‬ويثيـر فيهـم روح الحماسـة والشجاعـة التـي‬
‫كانـت فـي العرب فطريـة‪ ،‬ويقوي فيهـم روح الحتمال‪،‬‬
‫والصـــبر على المكاره؛( )و إنـــه ممـــا يثيـــر الهتمام‬
‫‪1‬‬

‫والدراســة هــو عبقريــة القيادة عنــد أبــي بكــر وقادتــه‬


‫الذيــــن ولهــــم قيادة الجيوش والتشكيلت‪) (.‬وكذلك‬
‫‪2‬‬

‫عبقريـة التوحيـد حيـث اسـتطاع الخليفـة توحيـد القبائل‬


‫العربيـة كمـا كانـت فـي زمـن الرسـول صـلى الله عليـه‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫وسلم‪ ،‬وسار بها ليفتح العالم في الشرق والغرب‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬شخصـية أبـي بكـر العسـكريّة‪ .‬مــا إن اســتلم‬
‫القيادة حتـى تـبين أنـه رجـل على قدر كـبير مـن اتخاذ‬
‫المواقـف الحازمـة؛ فقـد اتخـذ موقفا ً صـلبا ً ضـد أولئك‬
‫الذيـن تهاونوا أو ترددوا فـي بعـث أسـامة‪ ،‬وضـد أولئك‬
‫العرب المرتديــن الذيــن فرقوا بيــن أركان الســلم‪،‬‬
‫وكذلك فإنـه قرر فتـح جبهـة العراق ثـم الشام‪ ،‬وخرج‬
‫مــن حدود شبــه جزيرة العرب ليســجل العرب أمجاداً‬
‫وعزة وكرامــة‪ .‬وقــد شكــل قراره هذا منعطفا ً تاريخياً‬
‫فــي حياة العرب إلى يومنــا هذا‪ .‬أهذا الرجــل الوديــع‬
‫اللطيـــف الذي حمـــل جســـما ً نحيفاً‪ ،‬تخرج منـــه هذه‬
‫القرارات وهذه المواقـــــــــف الحازمة‍!؟ إن أحدا ً لن‬
‫يصدق بهذا سوى الذين عرفوه عن كثب‪ ،‬وخبروه عن‬
‫تجربـة‪) (.‬وممـا زاد فـي نجاح حزمـه شجاعتـه التـي كان‬ ‫‪4‬‬

‫يتصــــف بهــــا؛ فقــــد قاد وحده معارك ذي القصــــة‬


‫والربذة‪) (.‬وقــد شهــد بهذه الشجاعــة علي ابــن أبــي‬ ‫‪5‬‬

‫طالب‪) (.‬وإذ قلنـا بأنـه صـاحب العقـل والحكمـة؛ فإنمـا‬ ‫‪6‬‬

‫نعنـي مـن ذلك الرجـل الذي أعلن عـن موت الرسـول‬


‫() الواقدي ‪ -‬فتوح الشام‪ ،138 ،128 ،121 ،105 /1 :‬الزدي ‪ -‬فتوح الشام‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،173‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/597 :‬‬


‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،129 ،127 ،1/2 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،52-2 :‬الطبري‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ 590 /2 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬ابـن زيدان ‪ -‬التمدن السـلمي ‪/1‬‬
‫‪.68‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،139 ،118 /1 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،141 -131 :‬ابـــن‬ ‫‪2‬‬

‫صة الحضارة‪.72 /13 :‬‬‫واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،112 /2 :‬ديورانت‪ -‬ق ّ‬


‫() توحدت القبائل العربية في آخر معارك الردة‪ ،‬وبخاصة في معركة عقرباء‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫والقضاء على مســيلمة الكذاب‪ ،‬وتوجيــه هذه القوة بعــد ذلك لفتــح العراق‬
‫والشام‪ .‬انظـر الطـبري ‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،563 ،556 ،513 /2 :‬الذهـبي ‪-‬‬
‫تاريخ السلم‪ ،358 /1 :‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪.228 -193 :‬‬
‫() انظــر قول ابــن مســعود الذي يعترف فيــه بفضــل وحزم أبــي بكــر عنــد‬ ‫‪4‬‬

‫البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ ،131 :‬ابـن قتيبـة‪ -‬المامـة والسـياسة‪ ،15 /1 :‬وكذلك‬
‫فقـد أشارت عائشـة ابنتـه إلى مثـل هذا انظـر ابـن خياط‪ -‬تاريـخ ابـن خياط‪:‬‬
‫‪ ،102‬السيوطي ‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.49 :‬‬
‫() الحموي معجـم البلدان ‪ ،366 /4 ،24 /3 :‬الذهـبي ‪ -‬تاريـخ السـلم‪،350 /1 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابـــن خلدون ‪ -‬ديوان المبتدأ والخـــبر‪ ،66 /2 /2 :‬غلوب ‪ -‬الفتوحات العربيـــة‬


‫الكبرى‪.183 :‬‬
‫() السيوطي ‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،26 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.166 /2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪12‬‬
‫صلى الله عليه وسلم حين وجل عمر والناس‪ ،‬وغابوا‬
‫عن وعيهم( )‪ ،‬وذلك الرجل الذي أعلن عن خلفة عمر‬ ‫‪1‬‬
‫()‬
‫من بعده‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫مقومات الشخصـــية‬ ‫ّ‬ ‫مـــن أركان القيادة الســـاسية‪ ،‬ومـــن‬


‫العســكرية العلم؛ فقــد كان أبــو بكــر مثقفا ً عالما ً بذ ّ الصــحابة‪،‬‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫واعترفوا له بهذا الفضل‪ ،‬ورجعوا إليه في كل مسألة غامضة؛‬
‫كمـا كان على اطلع واسـع بالحروب‪ ،‬وبالخـبرة القتاليـة‪ ،‬ويظهـر‬
‫ذلك مــن تعليماتــه القتاليــة لقادة جيوشــه( )ومــن حســن تنفيذه‬
‫‪4‬‬

‫وتوجيهـــــه الجيوش وقيادتهـــــا على المســـــتويين التكتيكـــــي‬


‫والســــتراتيجي‪ ،‬والمناورة بهــــا على جبهات واســــعة وبعيدة‪،‬‬
‫()‬
‫وتخطيطه لها في قتال التلقي ول سيما في العراق‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫كـل ذلك‪ ،‬ولهذه السـباب جميعاً‪ ،‬تحملنـي على أن أفرد بحثاً‬


‫خاصـا ً بأبـي بكـر الصـديق‪ ،‬الذي أعاد وحدتهـم‪ ،‬وشـق لهـم طريـق‬
‫م فـي فتحـه الرحمـة والنسـانية‪ ،‬وأسـس‬ ‫النصـر والفتوحات‪ ،‬وع ّـ‬
‫فــي حربــه عقيدة قتاليــة متجددة ومتطورة‪ ،‬مصــدرها اليمان‪،‬‬
‫()‬
‫سلم‪.‬‬‫وعنوانها ال ّ‬
‫‪6‬‬

‫وإني وإن كنت مديناً‪ ،‬فإني مدين لرئيس قسم التاريخ في‬
‫جامعـة دمشـق الذي أخذت الكثيـر مـن وقتـه وكتبـه وتعليماتـه‪،‬‬
‫والذي كان حريصـا ً على أن يكون هذا العمـل رائدا ً ومكتمل ً مـن‬
‫كل الجوانب‪.‬‬
‫ول يفوتنــي إل أن أشكــر كــل الذيــن شاركوا‪ ،‬أو اطلعوا‪ ،‬أو‬
‫قرأوا بحثي هذا‪ ،‬فإليهم جميعا ً كل تحية وتقدير‪.‬‬

‫‪‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،442 /2 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪/2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.324 ،323‬‬
‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،200 /3 :‬الطــبراني ‪ -‬المعجــم الكــبير‪ ،13 /1 :‬ابــن‬ ‫‪2‬‬

‫الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪.51 ،50 :‬‬


‫() ابــن ســعد ‪ -‬الطبقات‪ ،178 ،177 /3 :‬ابــن حزم ‪ -‬المفاضلة بيــن الصــحابة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،239 ،234‬السـيوطي ‪ -‬تاريـخ الخلفاء‪ ،30 :‬ناصـف‪ -‬التاج الجامـع للصـول‪/3 :‬‬
‫‪.400‬‬
‫() الواقدي ‪ -‬فتـــــح الشام‪ ،8 ،7 ،4 /1 :‬البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ ،155 :‬غلوب‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫الفتوحات العربية الكبرى‪.234 :‬‬


‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،553 /2 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪/2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.147‬‬
‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،551 /2 :‬العقاد ‪ -‬عبقرية الصديق‪.150 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪13‬‬
‫خطّة البحث‬
‫حاولت في هذه الدراسة أن أبرز الجوانب العسكريّة عند أبي بكر الصديق‪،‬‬
‫مستندا إلى ذلك على أهم المصادر والشخصيات التي كانت معاصرة لهذا البطل‬
‫المتمكن من خطوته‪ ،‬وعلى بعض الكتّاب الخصائيين الذين بحثوا ونقبوا؛ فتبيّن‬
‫لي؛ أن أبا بكر لم يكن بالرجل العادي‪ ،‬وإنما كانت له خصائص عسكريّة‪ ،‬تفرد‬
‫بها‪ ،‬كما تفوق على غيره في المسائل التخطيطية الستراتيجية‪ ،‬وقيادة الجيوش‪.‬‬
‫لقهد تضمنهت هذه الخطهة سهبعة فصهول‪ ،‬و ُمدْخهل تعريهف تقويمهي بأههم‬
‫المصادر الذي أشير فيه إلى المصادر الرئيسية‪ ،‬وإلى أهم العلم الذين كان لهم‬
‫باع كبير في الكتابة عن حروب الردة‪ ،‬وفتوحات العراق والشام‪.‬‬
‫‪ :‬تضم ّن حروب أبهي بكهر الصهديق فهي الفترة النبويهة فهي‬ ‫الفصل الوّل‬
‫المدينة‪ ،‬والتي أهلت أبا بكر للقيادة‪ ،‬وممارسة العمال القيادية‬
‫بش كل ملموس وتجر يبي‪ ،‬ك ما ساعدته في ما ب عد على أن يكون‬
‫هم‪،‬‬
‫ل نموذجيا‪ ،‬أعاد إلى العرب وحدتهه‬ ‫هتراتيجيا‪ ،‬وبط ً‬
‫قائدا اسه‬
‫وإلى القبائل العربيهة عزتهها ومنعتهها؛ فقهد حمهل اللواء‪ ،‬وكان‬
‫نائبا للر سول صلى ال عل يه و سلم في المعارك‪ ،‬وأم ين سره‪،‬‬
‫والمدا فع ع نه‪ ،‬وقاد سراياه‪ ،‬وا ستلم ميم نة الج يش في معر كة‬
‫حنين وبذل النفس والمال‪.‬‬
‫‪ :‬مسهارح العمليات‪ .‬فهي شبهه جزيرة العرب‪ ،‬وفهي العراق ثهم‬ ‫الفصل الثّاني‬
‫في الشام‪ .‬ثل ثة م سارح‪ .‬الول صحراوي‪ ،‬ومت سع الجوا نب‬
‫ومكشوف الجنحهة‪ .‬الماء فيهه قليهل‪ ،‬والطرقات تحددهها المياه‪.‬‬
‫وف يه ب عض المدن والقرى المتباعدة عن بعض ها‪ ،‬وت قل كثا فة‬
‫السهكان فهي قلب الصهحراء‪ ،‬وتزداد على السهاحل‪ ،‬وفهي‬
‫الواحات؛ أ ما الثا ني ف قد كان على طول ن هر الفرات من أ سفله‬
‫إلى و سطه‪ ،‬وف يه بعض الم ستنقعات والروا فد‪ ،‬كما أن درجات‬
‫الحرارة قد تكون أقل من الول‪ ،‬وفي كل الحوال فإن أطراف‬
‫العراق هي امتداد للم سرح الول‪ ،‬وعل يه فإ نه لن يكون متغيرا‬

‫‪14‬‬
‫إلى در جة كبيرة ي صعب ف يه القتال‪ ،‬إذ حاول الج يش العر بي‬
‫السلمي أن يكون من طرف الصحراء ومن الجهة الجنوبية؛‬
‫أما المسرح الشامي وهو الثالث‪ ،‬فتكثر فيه النهار والشجار‪،‬‬
‫وتزداد فيه المواد التموينية‪ ،‬وتتوفر فيه المصادر المحلية‪.‬‬
‫وهناك بعض المواقع التي تؤمن الشروط القتالية الملئمة لقتال‬
‫هذا الجيش‪.‬‬
‫‪ :‬حروب الردة‪ .‬ومها رافقتهها مهن مصهاعب فهي التحضيهر‬ ‫الفصل الثالث‬
‫والعداد‪ ،‬ومن خروج ب عث أ سامة في الو قت الذي ارتدت ف يه‬
‫أغلب ية القبائل العرب ية‪ .‬ل قد خلت المدي نة من مقاتلي ها‪ ،‬ولم ي بق‬
‫سوى عناصر القيادة‪ ،‬وبعض الرجال‪ .‬ومع كل هذا‪ ،‬فقد أعلن‬
‫أبهو بكهر القتال‪ ،‬وقاد بنفسهه العمليات الحربي ّة‪ ،‬والدفاع عهن‬
‫المدينهة‪ ،‬ووصهل فهي معاركهه الولى إلى ذي القصهة والربذة‪،‬‬
‫وقاتل المرتدين ودحرهم‪ .‬ثم شكل أحد عشر لوا ًء حركهم إلى‬
‫جهات مختلفهة مهن شبهه جزيرة العرب‪ .‬وقاتهل كهل لواء إمها‬
‫لوحده‪ ،‬أو متعاونا مع آخر‪ .‬وكان السبق في هذه الولوية لخالد‬
‫بن الوليد الذي قاد لواءه‪ ،‬أو مجموعة اللوية التي كانت تُضم‬
‫إليه‪ ،‬وقاتل في أعنف المعارك ضد مسيلمة الكذاب في اليمامة‪.‬‬
‫وخلل سهنة مهن حروب الردة قُضهي على المناوئيهن‪ ،‬وعادت‬
‫وحدة شبه جزيرة العرب كما كانت في زمن الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ :‬فتوح العراق‪ .‬أعلن أبهو بكهر الحرب‪ ،‬وأرسهل فهي المدائن‪،‬‬ ‫الفصل الرّابع‬
‫و في القبائل يدعو هم إلى التطوع‪ .‬وهر عت وا ستجابت الي من‪،‬‬
‫وقبائل الزد‪ ،‬وغيرهها‪ ،‬وأعطيهت التوجيهات بالبدء مهن أسهفل‬
‫العراق بقيادة خالد بهن الوليهد‪ ،‬وعياض بهن غَنهم مهن أعالي‬
‫العراق‪ ،‬واسههتولى جيههش خالد على المدن النهريههة‪ :‬البلة‬
‫وكاظمهة والمذار والولجهة والحيرة ووصهل إلى النبار‪ ،‬وقاتهل‬
‫وسهاعد جيهش عياض الذي توقهف فهي دومهة الجندل لكثرة‬
‫المقاومات التي خرجت عليه والتي أوقفته وعوقته عن مهمته‪.‬‬
‫ثهم تضمهن هذا الفصهل تاريهخ فتهح العراق‪ ،‬وحجهم الجيهش‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫والستطلع‪ ،‬والتسليح‪ ،‬وفن الحرب عند العرب‪ ،‬وعند الفرس‪،‬‬
‫وسير المعارك‪.‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬فتوح الشام‪ ،‬تحركهت الجيوش تتبهع بعضهها بعضا وفهي‬
‫اتجاهات مختلفة‪ ،‬باتجاه الهدف الرئيسي وهو الشام‪ .‬ثم أعطيت‬
‫هن العراق إلى الشام‬‫هه مه‬ ‫هر إلى خالد أن يتحرك بجيشه‬ ‫الوامه‬
‫أيضا‪ .‬ووقعهت لهذه الجيوش جميعا بعهض المعارك الجانبيهة‬
‫وههي فهي طريقهها إلى أهدافهها؛ جيهش يزيهد بهن أبهي سهفيان‪،‬‬
‫وشرحبيل بن حسنة‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬وجيش أبي عبيدة بن‬
‫الجراح‪ ،‬اجتمعهت بقيادة خالد فهي عههد أبهي بكهر الصهديق‪،‬‬
‫وخاض بهها معارك النصهر والفخار‪ ،‬منهها‪ :‬أجناديهن‪ ،‬مرج‬
‫الصفر‪ ،‬حصار دمشق‪ ،‬ولما توفي أبو بكر قاد هذه الجيوش أبو‬
‫عبيدة؛ ولك نه ظلت لخالد تلك المكا نة الرفي عة ع ند أ بي عبيدة‪،‬‬
‫وتعاونا‪ ،‬وكانت ثمرة هذا التعاون النتصار الساحق في معركة‬
‫اليرموك‪.‬‬
‫الفصل السادس ‪ :‬الريادة والقيادة‪ .‬أبو بكر لما تميز به من صفات القيادة‪ ،‬فهو‬
‫الحازم والشجاع فههي المعارك‪ ،‬وهههو الذي جاد بماله كله‪،‬‬
‫و صحب الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬و هو الذي كان وا سع‬
‫الثقافهة والطلع‪ ،‬وصهاحب الماضهي المجيهد‪ ،‬والموازن بيهن‬
‫التخطيهط والتنفيهذ‪ ،‬و هو الذي حافهظ على وحدة الف كر والعقيدة‬
‫فهي الجيهش‪ ،‬وأرسهى دعائم الوحدة الوطنيهة والقوميهة‪ ،‬وتفرغ‬
‫للقيادة‪ ،‬وأم ّد المقاتليههن بأعداد متتاليههة‪ ،‬وأقههر مبدأ التعاون‪،‬‬
‫وأعطى التوجيهات العملياتية‪ ،‬واستخدم الحتياط الستراتيجي‪،‬‬
‫وهههو الذي طبّهق مبدأ الهجوم على المسههتويين التكتيكههي‬
‫والسهتراتيجي‪ ،‬وناور بالقوى والوسهائط باتجاهات مختلفهة‪،‬‬
‫هيا وماديا‪ ،‬وقاد‬
‫هت العدو نفسه‬ ‫هة‪ ،‬وفته‬‫وحرك الجيوش المتلقيه‬
‫مركزيا الجيوش المختلفة من المدينة‪.‬‬
‫‪ :‬قادة الجبهات والتشكيلت‪ .‬فهي مسهرح عمليات شبهه جزيرة‬ ‫الفصل السابع‬
‫العرب‪ ،‬كان مهن أبرزههم خالد بهن الوليهد‪ ،‬عمرو ابهن العاص‪،‬‬
‫وخالد بن سعيد بن العاص‪ ،‬وعكرمة بن أبي جهل‪ ،‬وشرحبيل‬

‫‪16‬‬
‫بهن حسهنة‪ .‬وفهي مسهرح عمليات العراق وبالضافهة إلى خالد‬
‫المثنهى بهن حارثهة الشيبانهي‪ ،‬وعياض بهن غنهم‪ ،‬ومذعور بهن‬
‫عدي‪ ،‬وعدي بهن حاتهم‪ .‬وفهي مسهرح عمليات الشام بالضافهة‬
‫إلى خالد ابهن الجراح‪ ،‬قادة الكراديهس‪ .‬ولقهد أجريهت دراسهة‬
‫تناولت شخصهية هؤلء القادة العسهكرية والقياديهة‪ ،‬ودور كهل‬
‫واحد منهم في المهمة الخاصة التي كلف بها‪ ،‬والمهمة العامة‬
‫وهي تحقيق الهدف العام الستراتيجي‪.‬‬
‫الخاتمة ‪ :‬برزت ملكات أبهي بكهر القياديهة والعسهكرية بعهد أن تولى الخلفهة‪،‬‬
‫وشرع فهي تسهيير وتحريهك الجيوش‪ ،‬وقيادتهها فهي مختلف‬
‫الجبهات‪ ،‬وت ّم له النتصار في جميع المعارك التي تصدى لها‪،‬‬
‫هلوكه الحازم والشجاع‪،‬‬
‫هن القادة بسه‬
‫هر على غيره مه‬ ‫هد أثه‬
‫وقه‬
‫وباليمان القوي بعقيدته‪ ،‬والجهاد في سبيل ال‪.‬‬
‫إن انتصهار الجيوش يعود إلى حسهن التدريهب‪ ،‬وتطهبيق مبادئ القتال‪،‬‬
‫وعبقرية القادة‪ ،‬والقوة المعنوية التي تحلى بها المقاتلون‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتنسيق بين‬
‫القيادات والجيوش المختلفة‪.‬‬
‫توالت الفتوحات ب عد وفاة أ بي ب كر ال صديق‪ ،‬وكان النت صار رائد ها‪ .‬و قد‬
‫أكمل عمر بن الخطاب تلك الفتوحات مستنيرا بهدي المعلم الول الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم وخليفته من بعده‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫خل‬
‫مد ْ َ‬
‫ُ‬
‫تعريف تقويمي بأهم‬
‫المصادر‬
‫ما أكثر ما كتب عن حروب الردة‪ ،‬وفتوح العراق‪ ،‬وفتوح الشام‪ ،‬وما أكثر‬
‫مها اقترن اسهم أبهي بكهر الصهديق بهذه الحروب والفتوح‪ .‬فههو فهي لسهان وقلم‬
‫القدماء‪ ،‬كمها ههو فهي لسهان وقلم الحديثيهن‪ ،‬فقهد أكثهر هؤلء وهؤلء‪ ،‬وامتلت‬
‫المكتبات والخزائن بالمؤلفات القديمهة والحديثهة عهن هذا القائد العظيهم والمكيهن‬
‫هتنبطون إلى أن تطوى‬ ‫هتزيدون وينقبون ويسه‬ ‫هن‪ .‬ومها زال الباحثون يسه‬ ‫المكه‬
‫الرض طي السجل للكتب‪ ،‬وينتهي هذ الكوكب ومن عليه‪.‬‬
‫ن جد مواد هذا الب حث مبثو ثة في ك تب ال سيرة والفتوح والمغازي والتار يخ‬
‫والحديهث والفقهه والسهنن والمعاجهم والشمائل والتراجهم والجغرافيهة التاريخيهة‬
‫والخرائط الطبيعية والقتصادية؛ كما نجد هذه المواد في الكتب الحديثة المختلفة‬
‫من عرب ية وأجنب ية ومعرّ بة‪ ،‬وكل ها تح كي سيرة أ بي ب كر وتتحدث عن حرو به‬
‫وفتوحاته‪.‬‬
‫ل عل أ هم الم صادر هي تلك الك تب القدي مة ال تي كا نت قري بة من الحداث‪،‬‬
‫والتهي أسهندت إلى أولئك الرجال الذيهن شاهدوا تلك المواقهع والغزوات‪ ،‬وإلى‬
‫أولئك الذيهن كانوا نقلة صهدق‪ ،‬ونقلوا الحديهث غضا طريّا‪ .‬ولقهد كانوا على‬
‫درجات مهن الثقهة‪ ،‬وأغلبههم كان مهن الثقاة‪ ،‬ومهن المشهود لههم بالمانهة وحسهن‬
‫التعهد‪.‬‬
‫إن القرآن الكريهم ذكهر أبها بكهر تلميحا فهي عدة مواضهع منهها‪ :‬المصهاحبة‬
‫للرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬إل تنصروه فقد نصره ال إذ أخرجه الذين كفروا‬
‫ثانهي اثنيهن إذ همها فهي الغار إذ يقول لصهاحبه ل تحزن إن ال معنها فأنزل ال‬
‫سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة ال هي‬

‫‪18‬‬
‫العليا وال عزيز حكيم"‪) (.‬ومنها النفاق والحث على الجود بالمال الذي هو جزء‬
‫‪1‬‬

‫مهن إرادة القتال‪" :‬ول يأتهل أولوا الفضهل منكهم والسهعة أن يؤتوا أولي القربهى‬
‫والم ساكين والمهاجر ين في سبيل ال وليعفوا ولي صفحوا أل تحبون أن يغ فر ال‬
‫لكم وال غفور رحيم"‪) (.‬كما ذكر الحديث أبا بكر تصريحا في عدة مواضع منها‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫القتداء بأ بي بكر( )‪ ،‬وال صلة‪) (،‬وردّ أمر الم سلمين إل يه في حال غياب الر سول‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫صلى ال عليه وسلم( )‪ ،‬وغيرها من المور الكثيرة التي تدل على منزلة ومكانة‬
‫‪5‬‬

‫أبي بكر وفضله وقيادته‪.‬‬


‫تحدثت كتب ال سّيَر النبوية عن حروب أبي بكر في أيام الرسول صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ ،‬وتناولت صفات أ بي ب كر الشخ صيّة والع سكرية والن سانية‪ ،‬وبي نت‬
‫مواقفهه مهن كثيهر مهن الحداث‪ ،‬وتصهرفه لقاء المهمات المكلف بهها‪ ،‬وأههم هذه‬
‫ال سّير‪ :‬المغازي النبوية لبن شهاب الزهري‪ ،‬السيرة النبوية لبن هشام‪ ،‬الكتفاء‬
‫للكلعهي‪ ،‬وعيون الثهر لبهن سهيد الناس‪ ،‬امتاع السهماع للمقريزي‪ ،‬والسهيرة‬
‫الحلبيهة للحلبهي‪ ،‬ويلحهظ على هذه السهير أن أغلبهها منقول عهن ابهن اسهحاق‬
‫والواقدي وغيرهمها؛ إل أن المتأخر ين أكملوا ما كان ناقصها فهي بعهض السهير‪،‬‬
‫وشذّبوا تلك المعلومات‪ ،‬ون سقوها بإطار جد يد كالذي نراه في عيون ال ثر ل بن‬
‫سيد الناس‪ ،‬وإمتاع السماع للمقريزي‪.‬‬
‫وبشكل أدق‪ ،‬وبصورة أكثر تفصيلً‪ ،‬تناولت كتب سيرة أبي بكر الصديق‬
‫من لدن حياته إلى وفاته‪ ،‬وتعرضت لكثير من صفاته الحربية‪ ،‬ومضائه وشدته‬
‫في حروب الردة‪ ،‬وا ستراتجيته في فتوح العراق والشام‪ ،‬وأهم ها‪ :‬تار يخ الخلفاء‬
‫لبهن ماجهه‪ ،‬والعثماينهة للجاحهظ‪ ،‬والوائل لبهي هلل العسهكري‪ ،‬ورسهالة فهي‬
‫المفاضلة بيهن الصهحابة لبهن حزم الندلسهي‪ ،‬وخصهائص العشرة الكرام البررة‬
‫للزمخشري‪ ،‬وتاريخ الخلفاء لل سيوطي‪ ،‬ويل حظ مما تقدم أن ا بن حزم كان أكثر‬
‫جرأة فهي التكلم عهن أبهي بكهر‪ ،‬وتفضيله على غيره مهن الخلفاء بأدلة مقنعهة‪،‬‬
‫وببراهين صادقة‪.‬‬

‫() سورة التوبة‪ -‬الية‪ ،40 :‬القرطبي ‪ -‬تفسير القرطبي‪ 2983 /4 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ســـورة النور ‪ -‬اليـــة‪ ،22 :‬وجدي ‪ -‬المصـــحف المفســـر‪ ،460 :‬الجاحـــظ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫العثمانية‪.55 :‬‬
‫() الترمذي ‪ -‬باب المناقــب‪ ،17 ،16 :‬ابــن ماجــه ‪-‬المقدمــة‪ ، 11 :‬الحميدي‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫السنن‪.214 /1 :‬‬
‫() البخاري‪ -‬باب الذان‪ ،106 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقب‪.16 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،178 /3 :‬ابــن عبــد البر ‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة‬ ‫‪5‬‬

‫الصحاب ‪.969 /3‬‬


‫‪19‬‬
‫فإذا ما انتقل نا إلى كتهب التار يخ نرى صهفحاتها قد ملئت بأخبار أ بي ب كر‬
‫ال صديق وفتوحا ته؛ وإذا كان بعض ها قد أط نب في الخبار‪ ،‬وبعض ها ال خر قد‬
‫أسهب فيها وأهمها‪ :‬تاريخ اليعقوبي لبن واضح‪ ،‬وتاريخ المم والملوك للطبري‪،‬‬
‫والبدء والتاريهخ للبلخهي‪ ،‬والكامهل فهي التاريهخ لبهن الثيهر‪ ،‬وتاريهخ السهلم‬
‫للذههبي‪،‬والفتوحات الٍسهلمية لدحلن‪ .‬وإذا دققنها النظهر فهي هذه الكتهب نرى‬
‫الطبري قد فصل في كتابه وأسهب‪ ،‬وأتى بروايات لم يأت بها أحد من قبل ومن‬
‫ب عد‪ ،‬ف هو الذي ذ كر قادة الكراد يس‪ ،‬واعت نى كثيرا بالتشكيلت القتال ية‪ ،‬والبن ية‬
‫التنظيم ية للجيوش العرب ية‪ .‬ولم ي نس أبدا قادة الميم نة والمي سرة والقلب والطلي عة‬
‫وال ساقة‪ .‬وإن أ هم ش يء ذكره هو التشك يل القبلي في كل من معرك تي اليما مة‬
‫واليرموك‪.‬‬
‫وإذا مها تركنها هذه الكتهب التاريخيهة العامهة‪ ،‬وانتقلنها منهها إلى الكتهب‬
‫الخت صاصية ال تي من ها ما يخ تص بحروب الردة‪ ،‬ومن ها ما هو بفتوح العراق‪،‬‬
‫ومنها ما هو بفتوح الشام‪ ،‬ومنها ما جمعت كل هذا ؛ ويبدو أن هذه الكتب جميعا‬
‫فيهها تفصهيلت كثيرة‪ ،‬وأخبار دقيقهة عهن مجريات المور‪ ،‬وتحريهك الجيوش‪،‬‬
‫وإرسهال الرسهائل والكتهب المتبادلة بيهن قادة المعارك وبيهن القائد العلى فهي‬
‫المدينة؛ كما أن هذه الكتب هي أقدم الكتب التاريخية وأصدقها وأوثقها‪ .‬وأهمها‪:‬‬
‫ههن‬ ‫فتوح الشام للواقدي‪ ،‬فتوح الشام للزدي‪ ،‬فتوح البلدان للبلذري‪ ،‬الفتوح لبه‬
‫أعثم الكوفي‪ ،‬تاريخ مدينة دمشق لبن عساكر‪ ،‬الغزوات الضامنة الكاملة والفتوح‬
‫الجامعة الحافلة لبن جبيش‪ .‬وسوف نتطرق إلى شيء من التفصيل عن هؤلء؛‬
‫كما نذكر أهمية مؤلفاتهم ودورها في موضوع هذا البحث فيما يأتي‪.‬‬
‫ومما يلفت النظر كثرة كتب الحديث والفقة وأصول التشريع التي تتعرض‬
‫لسهيرة أبهي بكهر الصهديق وحياتهه‪ .‬نجدهها متفرقهة فهي جنبات هذه المؤلفات‪،‬‬
‫وبخاصة في أبواب المناقب والفضائل والجهاد‪ .‬منها‪ :‬الموطأ لمالك‪ ،‬المسند لبي‬
‫حني فة‪ ،‬المسهند للحميدي‪ ،‬السهنن للدارمهي‪ ،‬الصهحيح للبخاري‪ ،‬الصهحيح لمسهلم‪،‬‬
‫السنن لبي داود‪ ،‬السنن لبن ماجه‪ ،‬السنن للترمذي وغيرها‪ .‬ولدى مطالعة هذه‬
‫الكتب نجد لصحيح البخاري تلك المنزلة الكبيرة للمنهجية التي اتبعها‪ ،‬والتحري‬
‫الذي سهلكه‪ ،‬والعههد الذي أخلص له‪ ،‬والصهدق الذي اتصهف بهه ‪ ،‬والمعلومات‬
‫التي جمعها‪.‬‬
‫إن لكتهب الجغرافيهة والبلدان والخرائط الطبيعيهة دورا كهبيرا فهي مسهارح‬

‫‪20‬‬
‫العمليات الثلثهة فهي شبهه جزيرة العرب والعراق وفهي الشام؛ كمها أن هذه‬
‫المؤلفات تعطهي الباحهث ملمهح إداريهة عهن الحتياجات الماديهة‪ ،‬والوسهائط‬
‫المحليهة‪ ،‬وعهن محاور الطرق‪ ،‬وميول الرض‪ ،‬والجداول‪ ،‬والنهار‪ ،‬والعيون‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ .‬من هذه الكتب‪ :‬المسالك والممالك لبن خرداذبه‪ ،‬أحسن التقاسيم في‬
‫معرفهة القاليهم للمقدسهي‪ ،‬معجهم مها اسهتعجم للبكري‪ ،‬آثار البلد وأخبار العباد‬
‫للقزوينهي‪ ،‬معجهم البلدان لياقوت الحموي‪ ،‬الشارة إلى معرفهة الزيارة للهروي‪،‬‬
‫ويبقى معجم البلدان هو أهم هذه المؤلفات‪ ،‬ذلك أنه تضمن كل مقومات المسرح‬
‫العملياتهي‪ ،‬وكان واضحا فهي كهل المعلومات التهي أدلى بهها‪ ،‬وبخاصهة المحاور‬
‫والمدن والماكن التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية‪.‬‬
‫ازدحمهت كتهب التراجهم بمعلومات مفصهله‪ ،‬وأخبار مطوله عهن حياة القائد‬
‫العلى وقادة الجبهات والتشكيلت الذين قاتلوا في الردة وفي الفتوحات في عهد‬
‫أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬وتناولت هذه الكتهب القادة مهن مختلف جوانبههم السهياسية‬
‫والعسكرية والشخصية‪ ،‬منوهة بالعمال البطولية التي قاموا بها‪ ،‬والمعارك التي‬
‫خاضو ها‪ ،‬والمحاور ال تي سلكوها‪ ،‬وأ هم الترا جم‪ :‬الطبقات ال كبرى ل بن سعد‪،‬‬
‫نسب قريش للزبيري‪ ،‬المحبر لبن حبيب‪ ،‬الستيعاب في معرفة الصحاب لبن‬
‫عبد البر‪ ،‬أسد الغابة في معرفة الصحابة لبن الثير‪ ،‬سير أعلم النبلء للذهبي‪،‬‬
‫الصهابة فهي تمييهز الصهحابة لبهن حجهر‪ .‬وتدل طبقات ابهن سهعد على غزارة‬
‫المعلومات‪ ،‬وتسهلسل الحداث‪ ،‬وصهدق الروايهة‪ ،‬وحسهن التصهنيف‪ ،‬كمها كان‬
‫لكتاب نسهب قريهش للزبيري دور هام فهي النتماء والتسهلسل النّسهبي‪ ،‬واختيار‬
‫القادة‪ ،‬ووضعهم في المرتبة التي يستحقونها‪.‬‬
‫وكذلك فإن المراجع الكثيرة‪ ،‬قد انتشرت في المكتبات‪ ،‬وفي القطار العربية‬
‫وغ ير العرب ية‪ .‬وكل ها تح كي سيرة أ بي ب كر ال صديق ومناق به وحرو به‪ ،‬و سيرة‬
‫قاد ته الذ ين قاتلوا ت حت إمر ته وأبرز هم خالد بن الول يد وأ بو عبيدة ا بن الجراح‬
‫والمث نى بن حار ثة الشيبا ني وغير هم‪ .‬و قد اخترت من هذه الك تب العديدة‪ :‬قادة‬
‫ف تح العراق والجزيرة‪ ،‬وقادة ف تح الشام لخطاب‪ ،‬ومعارك خالد بن الول يد ل سويد‪،‬‬
‫وتاريخ المم السلمية‪ ،‬وإتمام الوفاء في سيرة الخلفاء للخضري‪ ،‬وتاريخ الرده‬
‫لفارق‪ ،‬وعبقر ية ال صديق للعقاد‪ ،‬وال صديق أ با ب كر لهي كل‪ ،‬و "الشيخان" للدكتور‬
‫طهه حسهين‪ ،‬والطريهق إلى المدائن‪ ،‬والطريهق إلى دمشهق لكمال‪ ،‬وتاريهخ آداب‬
‫الل غة العرب ية لزيدان‪ .‬و في الحقي قة فإن الك تب الحدي ثة يقت صر التجد يد في ها على‬
‫الستنباط‪ ،‬والمنهجية‪ ،‬والداء‪ ،‬والتوضيح‪ ،‬والتعليق‪ .‬وكلها تستند إلى المصادر‬

‫‪21‬‬
‫القديمهة‪ ،‬والكتهب التهي ألفهها الولون؛ كمها أنهها تسهلط الضواء على بعهض‬
‫الحداث‪ ،‬أو ب عض الشخ صيات من القادة‪ .‬الذ ين كان ل هم دور كبير في معارك‬
‫الفتوح‪.‬‬
‫وإنْ أنس ل أنس تلك الكتب المعربة وأهميتها العسكرية‪ ،‬ودورها الكبير في‬
‫إكمال جوانهب هذا البحهث أل وههي‪ :‬سهيف ال خالد بهن الوليهد للجنرال أكرم‪،‬‬
‫والفتوحات العرب ية ال كبرى لغلوب‪ .‬و قد أ تى المر جع الول فف صل في معارك‬
‫خالد وشخصهيته العسهكرية والقياديهة‪ ،‬وحلل دروس المواقهع العسهكرية‪ ،‬وحجهم‬
‫الجيوش المتقاتلة‪ ،‬والقوى والو سائط‪ ،‬ك ما أ تى المر جع الثا ني على أ هم المعارك‬
‫التهي خاضت ها القوات العرب ية ال سلمية‪ ،‬وأضاف شيئا جديدا أل و هو التحق يق‬
‫والمناق شة في كل م سألة ع سكرية‪ ،‬وبخا صة في محاور القتال‪ ،‬و في التحرك ‪،‬‬
‫وأمكنة التمركز والسلحة والوسائط‪.‬‬
‫ب عد إلقاء نظرة سريعة على أ هم الم صادر والمرا جع‪ ،‬وب عد تقويم ها‪ ،‬يجدر‬
‫بنها أل نغمهط حهق أولئك الكتاب والمؤلفيهن الذيهن تصهدروا ذلك الجمهع‪ ،‬والذيهن‬
‫برزوا في الكتا بة‪ .‬ف هم الن بع الذي تف جر و سقى كل الرا ضي ال تي كا نت في‬
‫طريقه‪ .‬وهم أول من كتب في الردة‪ ،‬وفي الفتوح‪ .‬وهم الذين أعطوا وبذلوا من‬
‫أموالهم وأنفسهم لتمام تلك المؤلفات القيمة والكتب النادرة‪ .‬وأهم هؤلء العلم‪:‬‬

‫مد بن اسحاق بن يسار‬ ‫مح ّ‬


‫المطلبي‬
‫( ‪)768 /151‬‬
‫مؤرخ قديم‪ .‬كتب في السيرة النبويّة‪ ،‬وفي الخلفاء‪) (.‬روى عن عدد كبير من‬
‫‪1‬‬

‫العلماء وال صحابة الذ ين شاهد هم‪ ،‬أمثال سعيد بن ك عب بن مالك‪ ،‬ومحمّد بن‬
‫جعفر ابن الزبير‪ ،‬والزهري‪ ،‬وابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وغيرهم‪) (.‬وقد‬
‫‪2‬‬

‫شههد بثقتهه كثيهر مهن المعاصهرين والناقديهن‪) (.‬كان ابهن اسهحاق متخصهصا فهي‬
‫‪3‬‬

‫المغازي وفي سيرة الخلفاء‪ .‬ومما أعانه على ذلك حافظته‪ ،‬واستيعابه للحداث‪،‬‬

‫الزركلي‪ -‬العلم‪.6/28 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن حجر‪-‬تهذيب التهذيب‪.39 ،9/38 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حجر‪ -‬تهذيب التهذيب‪.40 ،9/39 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪22‬‬
‫واهتمامهه بهها حتهى قال عنهه ابهن شهاب الزهري‪" :‬هذا أعلم الناس بهها‪) (".‬أي‬
‫‪1‬‬

‫بالمغازي‪ .‬والترج يح في أقوال العلماء أ نه كان ث قة وعالما بهذا ال فن‪ ،‬وأ نه كان‬
‫يتحرى ال صدق وال صحة في ما يرو يه‪ ،‬فل يجار يه أ حد في سياق الخبار و في‬
‫جمع ها‪) (.‬ول بالتفا صيل الدقي قة‪ ،‬ف هو ب حق يع تبر رائدا‪ ،‬و كل من أ تى بعده ف هو‬
‫‪2‬‬

‫مدين إليه‪ ،‬آخذ عنه‪ .‬وإن أول من كتبوا عنه أو أخذوا من سيره ابن هشام الذي‬
‫اعترف بذلك‪ ،‬بيد أنه ترك أمورا كثيرة‪) (،‬ولذلك فقد جاءت سيرة ابن هشام تهذيبا‬
‫‪3‬‬

‫لما فصل فيه ابن اسحاق‪.‬‬


‫ل قد أدرك ا بن ا سحاق ب عض صحابة الر سول صلى ال عل يه و سلم فرأى‬
‫أ نس بن مالك وغيره‪ ،‬و سمع القا سم بن مح مد بن أ بي ب كر ال صديق‪ ،‬وأبان بن‬
‫عثمان بن عفان‪ ،‬ومحمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‪ ،‬وأبا سلمة‬
‫()‬
‫بن عبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وابن شهاب الزهري‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ويقول ا بن ا سحاق‪" :‬رأ يت أ نس بن مالك عل يه عما مة سوداء وال صبيان‬


‫يشتدون ويقولون هذا رجهل مهن أصهحاب ال نبي صهلى ال عل يه وسهلم ل يموت‬
‫ح تى يل قي الدجال" وقال‪" :‬أدر كت سعيد بن الم سيب وأ نا غلم‪) ( ".‬و من كان في‬
‫‪5‬‬

‫منزلة السهمع والبصهر مهن هؤلء‪ ،‬فقهد أخهذ منههم الكثيهر‪ ،‬وبخاصهة فيمها يتعلق‬
‫بالمغازي‪ .‬ولهذا فإنه قد جمع المعلومات كبيرة حول الرعيل الول وأخبارهم‪ ،‬ثم‬
‫أفرغها في مؤلفات عديدة‪ .‬ول نشك فيما كتب‪ ،‬إذ استطاع أن يستعين في كتابته‬
‫مهن مصهادر ممهن حضروا تلك المواقهع‪ ،‬أو سهمعوا بهها‪ ،‬أو نقلوهها عهن آبائههم‬
‫وأقربائهم‪ .‬وقد أجمع المحدثون الذين أتوا من بعده‪ ،‬ونقلوا عنه على أنه كان من‬
‫أصحاب السيرة‪ ،‬وقد اعترفوا بفضله وسعة اطلعه بهذا العلم( )تردد ابن اسحاق‬
‫‪6‬‬

‫على الزهري‪ ،‬و سمح له بمراجع ته في أي و قت يشاء‪ .‬و قد أث نى عل يه بقوله‪" :‬‬


‫ليزال في المدي نة علم جم ما كان في هم ا بن ا سحاق‪ ".‬وقال‪ " :‬ل يزال بالمدي نة‬
‫علم ما ب قي ا بن ا سحاق‪ ".‬و سئل ا بن شهاب عن المغازي فقال‪" :‬هذا أعلم الناس‬
‫بهها" ويقول الشافعهي‪" :‬مهن أراد أن يتبحهر فهي المغازي فههو عيال على ابهن‬

‫() ابن حجر‪ -‬تهذيب التهذيب ‪ 9/39‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬تهذييب التهذيب‪ 9/44 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن هشام‪ -‬السيرة النوية‪.1/7 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الخطيــب‪ -‬تاريــخ بغداد‪ ،218 ،217 ،1/214 :‬ابــن ســيد الناس ‪ -‬عيون الثــر‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1/8‬الذهبي‪ -‬تذكرة الحفاظ‪ ،163 /1 :‬الذهبي‪ -‬ميزان العتدال‪.21 /3 :‬‬


‫() الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،216 ،215 /1 :‬الذهبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪.164 /1 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،217 ،214 /1 :‬الذهبي‪ -‬ميزان العتدال‪.21 /3 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪23‬‬
‫اسحاق‪) (".‬ويستدل من هذه القوال أن ابن اسحاق كان عالما بالمغازي خبيرا بها‪،‬‬‫‪1‬‬

‫واسع الطلع على دقائقها‪ ،‬يتحراها من صدور الرجال الذين شاهدوها‪ ،‬أو نقلوا‬
‫عهن مشاهديهها‪ ،‬وإنهه فهي هذا يعتهبر رأس المؤلفيهن الذيهن كتبوا فهي السهيرة‬
‫والمغازي‪.‬‬
‫لبهن اسهحاق ذاكرة قويهة‪ ،‬سهاعدته على حفهظ الخبار والحاديهث‪ ،‬فكان‬
‫الرجل يستودع ابن اسحاق في أحاديث سمعها‪ .‬وكانوا يقولون‪" :‬كأن ابن اسحاق‬
‫أحفظ الناس‪ ".‬ولعل هذه الميزة جعلته يتفوق على كثير من أقرانه من الذين كتبوا‬
‫في هذا العلم‪.‬‬
‫إ نه صاحب اخت صاص‪ .‬فكأ نه تفرغ لهذا العلم وتخ صص به‪ ،‬ح تى كد ته‬
‫يدرك دقائق المور وشوارد ها‪ ،‬ويأ تي على التفا صيل والحوادث ال صغيرة ال تي‬
‫ضاعت على أمثاله‪ .‬وكان تلمذته يقولون‪" :‬كنا إذا جلسنا إلى محمد بن اسحاق‬
‫()‬
‫فأخذ في فن من العلم‪ ،‬قضى مجلسه في ذلك الفن‪".‬‬
‫‪2‬‬

‫صهنف ابهن اسهحاق كتاب السهيرة بناءً على طلب الخليفهة المنصهور‪ ،‬وقهد‬
‫أطال‪ ،‬فطلب إليهه اقتصهاره‪ ،‬ثهم أودع لسهلمة‪ ،‬وهكذا منهه إلينها وصهلت أخبار‬
‫الغزوات والسهير ممثلة فهي سهيرة ابهن هشام‪) (.‬وقهد روى سهلمة عنهه كمها روى‬
‫‪3‬‬

‫آخرون أمثال محمّد بن سليمان الحرا ني‪ ،‬ويو نس بن بك ير ويز يد بن هارون‬


‫()‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫يرى ابن سيد الناس في ابن اسحاق أنه رجل أوتي علما غزيرا‪ ،‬لسيما فيما‬
‫يتعلق بالمغازي والخبار‪ ،‬و هو وإن ط عن ف يه الطاعنون‪ ،‬ف هو ير قى بعل مه الذي‬
‫اختص به‪ ،‬وبالقوال التي قيلت بحقه من قبل الزهري ومالك والبخاري وغيرهم‬
‫الذين أثنوا عليه وباركوا عمله وكتابته‪ .‬وقد فنّد ابن سيد الناس مزاعم الذين قالوا‬
‫شرا في ا بن ا سحاق‪ ) (.‬وو جد له من العذار ما يش جع على ال خذ م نه‪ ،‬والث قة‬
‫‪5‬‬

‫بكتاباته‪ .‬ول ننسى فإن ابن سيد الناس قد أخذ من كتاب "عيون الثر" الكثير من‬

‫() الخطيــب ‪ -‬تاريــخ بغداد‪ ،219 /1 :‬ابــن ســيد الناس ‪ -‬عيون الثــر‪،9 ،8 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫الذهبي ‪ -‬ميزان العتدال‪.23 /3 :‬‬


‫() الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،220 /1 :‬ابن سيد الناس ‪ -‬عيون الثر‪ ،1/9 :‬الذهبي‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫ميزان العتدال‪.23 /3 :‬‬


‫() الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،221 /1 :‬زيدان‪ -‬تاريخ آداب اللغة العربية‪.175 /2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الذهبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪ ،163 /1 :‬الذهبي‪ -‬ميزان العتدال‪.21 /3 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن حجر ‪ -‬طبقات المدلسين‪ ،18 :‬ألفية العراقي‪ 26 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪24‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المعلومات عن ابن اسحاق‪.‬‬

‫إن الذي يل فت الن ظر أن جم يع المؤلف ين الذ ين أتوا ب عد ا بن ا سحاق كانوا‬


‫يأخذون منه بأغلب معلوماتهم التاريخية‪ .‬تلك التي تتعلق بالمغازي‪ ،‬أو الردة‪ ،‬أو‬
‫حروب العراق‪ ،‬أو فتوح الشام‪ .‬فإن ا بن خياط في تاري خه قد أ خذ م نه الكث ير‪،‬‬
‫وكذلك ال طبري في كتا به تار يخ ال مم والملوك‪ ،‬وكذلك ا بن ع ساكر في كتا به‬
‫تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬وابن كثير في كتابه البداية والنهاية‪ .‬وهكذا فما رأيت مؤلفا‬
‫قديما أو حديثا إل كان ا بن ا سحاق في تلك المؤلفات‪ ،‬ف هو الذي أع طى لهذا العلم‬
‫حقه ومستحقه‪ ،‬ول نزال حتى الن نرجع إليه في كل ما كتبنا عن الردة والفتوح‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫والمغازي‪ ،‬وتتميز كتابته بأنها كانت مفصلة وطويلة وكاملة‪.‬‬

‫أبو العبّاس الوليد بن مسلم‬


‫( ‪)810 /195‬‬
‫مولى لقريش‪ ،‬عالم الشام‪ ،‬ويطلق عليه "الحافظ الموي" كتب في المغازي‪،‬‬
‫وفي التاريخ‪ ،‬وفي السنن‪ ،‬وله كتب في ذلك أشهرها‪" :‬المغازي" ‪" ،‬السنن"( )وقد‬
‫‪3‬‬

‫اعتبر من الثقاة فيما يرويه عن جندب البجلي وحمران بن أبان وطلحه بن نافع‬
‫وغير هم‪ ) (.‬ل ي سبقه إلى المل جم أ حد‪ ،‬ول يدان يه في الكتا بة أولئك الذ ين كتبوا‬
‫‪4‬‬

‫عهن المغازي‪ ،‬فههو يحفهظ البواب‪ ،‬ويصهنف الحوادث‪ ،‬ويضعهها فهي مكانهها‪،‬‬
‫()‬
‫ويحدد لها ترتيبها‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫هو من القراء المعدود ين‪ ،‬و من أ هل دم شق المعروف ين‪ ،‬و قد ش هد بعل مه‬
‫وسهعة اطلعهه علماء كثيرون وقالوا عنهه بأنهه صهنف سهبعين كتابا( )أخهذ عنهه‬
‫‪6‬‬

‫كثيرون أمثال ثور بن يزيد‪ ،‬وهشام بن حسان‪ ،‬والوزاعي؛ كما تحدث عنه أحمد‬
‫بن حنبل‪ ،‬وأبو خيثمة‪ ،‬وموسى بن عامر وغيرهم‪ .‬وهؤلء جميعا كانوا يعتبرونه‬

‫() ابن سيد الناس‪ -‬عيون الثر‪.17 -8 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـن حجـر ‪ -‬تهذيـب التهذيـب‪ ،46 /9 :‬ابـن العماد الحنبلي ‪ -‬شذرات الذهـب‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.230 /1‬‬
‫() ابـن النديـم ‪ -‬الفهرسـت‪ ،332 ،165 /1 :‬البغدادي ‪ -‬هديـة العارفيـن‪،500 /2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫الزركلي ‪ -‬العلم‪.122 /8 :‬‬


‫() ابن حجر‪ -‬تهذيب التهذيب‪.151 /11 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الذهبي‪ -‬ميزان العتدال‪.275 /3 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الذهــبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪ ،279 /1 :‬ابــن الجزري‪ -‬غايــة النهايــة فــي طبقات‬ ‫‪6‬‬

‫القراء‪.360 /2 .‬‬
‫‪25‬‬
‫ث قة في ما يقول‪ ،‬وإ نه عند هم ل صادق( )‪ .‬وقال ا بن المدي ني الذي أ خذ ع نه‪" :‬كان‬
‫‪1‬‬

‫الول يد بارعا في ح فظ المغازي‪) (".‬وقال أح مد بن حن بل‪" :‬مارأ يت في الشامي ين‬


‫‪2‬‬

‫()‬
‫أعقل منه‪".‬‬
‫‪3‬‬

‫لقد اعتبر الوليد من الموصوفين بالتدليس( ) الشديد مع الصدق‪ ،‬ومن الطبقة‬


‫‪4‬‬

‫الراب عة‪) (،‬إذ أ خذ عن محدث ين كذاب ين كإ بن ال سفر‪ ،‬ونا فع وغيره ما؛ ولذلك ات هم‬‫‪5‬‬

‫بالتدليس‪ ) (.‬ومهما قيل في الوليد بن مسلم فإنه يبقى شيخ المحدثين في المغازي‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫وله باع طو يل في هذا العلم‪ .‬و قد أث بت ب عض العلماء في ع صره تلك البرا عة‬
‫ل له‪ ،‬وصهاحب‬ ‫والقدرة على التأليهف والتصهنيف فهي هذا العلم‪ ،‬واعتهبروه أه ً‬
‫()‬
‫المصنفات العديدة‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫روى عنهه البلذري فيقول‪" :‬حدثنها الوليهد بهن مسهلم" فهي كتابهه "فتوح‬
‫البلدان"( )؛ إل أ نه لم يعت مد عل يه كليا‪ ،‬بل اعت مد على غيره من المحدث ين أمثال‬ ‫‪8‬‬

‫أبي رباح اليمامي‪ ،‬والقاسم بن سلم‪ ،‬وبكر بن الهيثم وغيرهم‪ ،‬وكذلك روى عنه‬
‫ابن عساكر في كتابه "تاريخ مدينة دمشق"‪.‬‬

‫سيف بن عمر السدي التّميمي‬


‫( ‪)815 /200‬‬
‫كتب عن الفتوح والردة‪ .‬وله كتابان في هذا‪" :‬الفتوح الكبير"‪" ،‬الردة" وكتا ٌ‬
‫ب‬
‫آ خر "الج مل"( )روى عن عدد من المهتم ين بالفتوح والمغازي أمثال مو سى بن‬
‫‪9‬‬

‫عقبة‪ ،‬ومحمد بن اسحاق‪ ،‬ومحمد بن السائب الكلبي وغيرهم ممن سبقوه‪ ،‬وكان‬

‫() الذهبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪.278 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الذهبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪.279 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الذهبي ‪ -‬تذكرة الحفاظ‪ ،279 /1 :‬الذهبي ‪ -‬ميزان العتدال‪.275 /3 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() التدليـس يكون إمـا فـي السـناد‪ ،‬وإمـا فـي الشيوخ‪ ،‬وإمـا فـي المتـن‪ ،‬انظـر‬ ‫‪4‬‬

‫المعنى مفصل ً عند ابن حجر ‪ -‬طبقات المدلسين‪ ،2،3 :‬وانظر ألفية العراق‪:‬‬
‫‪ ،26‬وانظر دائرة المعارف السلمية‪ 10 /2 /5 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫() ابـن ججـر‪ -‬طبقات المدلسـين‪ ،18 :‬ألفيـة العراقـي‪ ،27 ،26 :‬الذهـبي ميزان‬ ‫‪5‬‬

‫العتدال‪.275 /3 :‬‬
‫() الذهــبي‪ -‬ميزان العتدال‪ ،275 /3 :‬ابــن العماد الحنبلي شذرات الذهــب‪/1 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.344‬‬
‫() ابن العماد الحنبلي‪ -‬شذرات الذهب‪.344 /1 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الذهبي ‪ -‬ميزان العتدال‪.275 /3 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابــن حجــر ‪ -‬تهذيــب التهذيــب‪ ،295 /4 :‬البغدادي‪ -‬هديــة العارفيــن‪،413 /1 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫الزركلي ‪ -‬العلم‪.150 /3 :‬‬


‫‪26‬‬
‫لههم باع طويهل فهي هذا العلم( )؛ إل أن بعهض الناقديهن شكوا فهي روايتهه‪ ،‬وقوة‬
‫‪1‬‬

‫()‬
‫‪2‬‬
‫حديثة كالواقدي في ترك الحديث وضعفه‪ ،‬وتحتاج إلى إثبات وصدق‪.‬‬
‫روى ع نه ال طبري في تاري خه فيقول‪" :‬أخبر نا سيف بن ع مر"( )‪ .‬و سيف‬
‫‪3‬‬

‫بهذا يروي حديهث الردة منهذ أن قام أسهامة بهن زيهد فقاد الجيهش الذي كلفهه بهه‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومما رواه سيف قائلً‪" :‬لما بويع أبو بكر رضي‬
‫ال ع نه وج مع الن صار في ال مر الذي افترقوا ف يه قال‪ :‬لي تم ب عث أ سامة و قد‬
‫ارتدت عنه العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة‪ .‬ونجم النفاق‪ ،‬واشرأ بت‬
‫اليهود والن صارى والم سلمون كالغ نم في الليلة المطيرة الشات ية لف قد نبيهم صلى‬
‫ال عليهه وسهلم وقلتههم وكثرة عدوههم‪ .‬فقال له الناس إن هؤلء جلّ المسهلمين‬
‫والعرب على ما ترى قد انتقضهت بك فل يس ينبغهي لك أن تفرق ع نك جما عة‬
‫المسلمين‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني‬
‫لنفذت ب عث أ سامة ك ما أ مر به الر سول صلى ال عل يه و سلم ولو لم ي بق في‬
‫القرى غيري لنفذ ته‪) (”.‬هذا القول إذا قارناه مع غيره من الرواة و من المحدث ين‬
‫‪4‬‬

‫الصادقين لرأينا سيف بن عمر يشابههم ويطابقهم في أقوالهم‪ .‬وإذا استعرضنا ما‬
‫كتبه عن الردة لوجدناه‪:‬‬

‫‪ -1‬أنه قد أتى بجميع ما قيل عن الردة بأحاديث مسندة صادقة يقصد بها‬
‫الحاطة بهذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ -2‬وقد سرد جميع الخبار بتسلسل تاريخي‪ ،‬غير متأثر بالهواء السياسية‬
‫أو العصبية‪.‬‬
‫‪ -3‬وقهد أتهى بتفاصهيل دقيقهة عهن تحرك الجيوش‪ ،‬وعهن منطقهة التحشهد‪،‬‬
‫والقبائل التهي ارتدت‪ ،‬وعهن الزعماء الذيهن ضلوا وأضلوا أمثال‬
‫السود العنسي وطليحة ومسيلمة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -4‬ثهم ل ينسهى أن يذكهر الماكهن والمدن والقرى التهي اتخذت مسهرحا‬

‫ابن حجر‪ -‬تهذيب التهذيب‪.295 /4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن حجر ‪ -‬تهذيب التهذيب‪ ،296 ،295 /4 :‬ألفية العراقي‪.29 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.430 ،429 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.461 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 471 /2 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪27‬‬
‫(‪)1‬‬
‫للعمليات كالربذة والبرق وغيرهما‪.‬‬

‫‪ -5‬وكذلك فإنهه يتطرق لذكهر التشكيلت وطرق تحركهها مهن المدينهة‪،‬‬


‫()‬
‫‪2‬‬
‫والتعليمات التي تلقتها من القائد العلى أبي بكر الصديق‪.‬‬
‫‪ -6‬ثهم يأتهي على ذكهر التحذيرات التهي أدلى بهها أبهو بكهر للمرتديهن‪،‬‬
‫()‬
‫والتوجيهات لقادته‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -7‬ل قد أبرز سيف دور خالد بن الول يد في حروب الردة‪ ،‬عند ما كلف من‬
‫ق بل القائد العلى ‪ .‬ف هو الذي ف صل ب ين ال حق والبا طل‪ ،‬و هو الذي‬
‫أذههب عبي ّة الجاهليهة‪ ،‬وأعاد المرتديهن‪ ،‬وشردههم‪ ،‬وقضهى على‬
‫زعمائهم‪ ) (.‬ثم يفصل سيف في العمال الوقائية التي نفذها خالد في‬
‫‪4‬‬

‫المرتد ين فأحرق‪ ،‬ور ضخ بالحجارة‪ ،‬ورما هم من الجبال‪ ،‬ونك سهم‬


‫()‬
‫في البار‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -8‬وفيما ينتهي سيف من الردة ينتقل إلى فتوح اليام في العراق فيفصلها‪،‬‬
‫ويسهب في وصف المعارك وسيرها‪ ،‬وفي الكتب المتبادلة بين خالد‬
‫‪6‬‬
‫()‬
‫وهرمز‪ ،‬والجيوش التي تحركت للقتال في العراق‪.‬‬
‫‪ -9‬نحا المنحي نفسه في فتوح الشام‪ .‬فذكر الجيوش التي أرسلها أبو بكر‪.‬‬
‫هذا وإني لم ألحظ عند أحد من المؤلفين الذين سبقوا سيف بن عمر‪،‬‬
‫ول من الذ ين أتوا بعده يعرج على ذ كر تلك الكراد يس وقادت ها تلك‬
‫التي اشتركت في معركة اليرموك‪ .‬إن سيف قد فصل فيها وقسمها‬
‫()‬
‫قبائل تتناسب مع التشكيلة الجديدة‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫وعلى هذا فإن سيف بن عمر ال سدي قد أغنى موضوع الب حث بمعلوماته‬
‫الواسعة‪ ،‬وزودنا بأخبار جديدة لم تكن عند الرواة السابقين واللحقين‪.‬‬

‫‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.279 /2 :‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬تاريخ المم والملوك ‪.480 /2‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 480 /2 :‬وما بعدها‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫تاريخ المم والملوك ‪.483 /2‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫تاريخ المم والملوك ‪.490 /2‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬تاريخ المم والموك ‪.551 /2‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬تاريخ المم والملوك ‪ 592 /2‬وما بعدها‪.‬‬ ‫الطبري‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫‪28‬‬
‫أبو عبد اللّه مح ّ‬
‫مد بن عمر‬
‫الواقدي‬
‫( ‪)823 /207‬‬
‫لجدال في أن الواقدي قد ب ّذ أقرانه في الكتابة عن المغازي والفتوح‪ ،‬وإنه‬
‫ت صدر جم يع الكتاب في ع صره( )‪ .‬وإن ب عض معا صريه يعيبون عل يه رواي ته‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وقد يصمونه بالكذب‪ ،‬ذلك أنه لم يكن مختصا بالحديث‪ ،‬أو ما أثر عن الرسول‬
‫()‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإن كان قاضيا إذ كان اهتمامه بالحديث اهتماما عاديا‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫"وقد خلف الواقدي ستمائة قمطر كتبا كل قمطر حمل رجلين‪) (".‬وكان يكتب‬
‫‪3‬‬

‫الليل والنهار‪ ،‬وله غلمان يكتبان له( )‪ .‬وبرز من كتابه محمد بن سعد الذي نقل‬
‫‪4‬‬

‫عنه "الطبقات" وله آثار كبيرة‪ ،‬ومؤلفات عديدة أغلبها يبحث في الفتوح والمغازي‬
‫منها‪" :‬فتوح الشام"‪ " ،‬فتوح العراق"‪" ،‬مقتل الحسين" و "السيرة" ‪" ،‬الردة"‪" ،‬حرب‬
‫الوس والخزرج"‪" ،‬صفين"‪ ،‬سيرة أبي بكر"( )‪....‬‬
‫‪5‬‬

‫لقد كان موسوعة عصره‪ ،‬إذ أنه استطاع أن يجمع الحداث كلها بتفاصيلها‬
‫()‬
‫من مبعث السلم حتى وفاته وكان يقول‪" :‬حفظي أكثر من كتبي‪".‬‬
‫‪6‬‬

‫سمع الواقدي عن علماء كثير ين من هم‪ :‬مع مر بن را شد‪ ،‬ومالك بن أ نس؛‬


‫ومح مد بن عجلن وغير هم؛ ك ما روى ع نه كات به مح مد بن سعد وأ بو ح سان‬
‫()‬
‫الزيادي والصاغاني والبرجلني وغيرهم‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫لقد طاف الواقدي وبحث ونقب وسأل وتأكد‪ ،‬وخرج إلى الرض يستطلعها‪،‬‬
‫ل مهن أبناء الصهحابة وأبناء‬
‫وإلى الطريهق يتبعهها‪ .‬وكان يقول‪" :‬مها أدركهت رج ً‬
‫الشهداء‪ ،‬ول مولى ل هم إل سألته‪ :‬هل سمعت أحدا من أهلك ي خبرك من مشهده‬

‫() ابن حجر ‪ -‬تهذيب التهذيب‪.365 /9 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن حجر ‪ -‬تهذيب التهذيب‪.366 ،364 /9 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن النديم ‪ -‬الفهرست‪ ،150 /1 :‬ابن سيد الناس ‪ -‬عيون الثر‪.18 /1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن النديم ‪ -‬الفهرست‪.150 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابـن النديـم ‪ -‬الفهرسـت‪ ،151 ،150 /1 :‬ياقوت‪ -‬معجـم الدباء‪ ،281 /8 :‬ابـن‬ ‫‪5‬‬

‫خلكان ‪ -‬وفيات العيان‪.348 /4 :‬‬


‫() ابن العماد الحنبلي‪ -‬شذرات الذهب‪.18 /2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الســمعاني ‪ -‬النســاب‪ ،577 :‬الخطيــب ‪ -‬تاريــخ بغداد‪ ،3 /3 :‬ابــن خلكان‪-‬‬ ‫‪7‬‬

‫وفيات العيان‪ ،506 /1 :‬ابن سيد الناس‪ :‬عيون الثر‪.17 /1 :‬‬


‫‪29‬‬
‫وأين قتل؟ فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع فأعاينه‪ ،‬ولقد مضيت إلى المريسيع‬
‫فنظرت إليها‪ .‬وما علمت غزاة إل مضيت إلى الموضع حتى أعاينه‪ ".‬وقال ابن‬
‫منيع‪ " :‬سمعت هراون الفروي يقول‪ :‬رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة فقلت‪ :‬أين‬
‫حنَيْ نٍ ح تى أرى المو ضع والوقي عة‪) (".‬وب عد أن‬
‫‪1‬‬
‫تر يد قال‪ :‬أر يد أن أم ضي إلى ُ‬
‫يتبين له كل ذلك يقوم بكتابة ما شاهده وما سمعه‪ .‬ولقد شوهد في المسجد جالسا‬
‫إلى أسطوانة المسجد يكتب ويدرس‪ ،‬وعندما سئل عما يعمل قال‪" :‬أدرس حزبي‬
‫()‬
‫من المغازي"‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫له آثار كثيرة؛ وتتميهز هذه الثار بأنهها مفصهلة تفصهيلً‪ ،‬وموسهعة بحيهث‬
‫تغ ني القارئ والبا حث‪ .‬فل قد ك تب عن غزوة واحدة عشر ين مجلدا وأك ثر( )وكان‬
‫‪3‬‬

‫حجة‪ ،‬وإليه يرجع الناس‪ ،‬وإليه تسير الركبان‪.‬‬


‫ولّي الواقدي القضاء في زمن المأمون في شرقي بغداد في معسكر المهدي‪.‬‬
‫و ما اضطره إلى الوظي فة إل حاج ته الماد ية ح يث كان يتقرب إلى الملوك ل كي‬
‫يعطوه مالً ي صرفه على نف سه وعياله‪ .‬وكان أقرب الملوك إل يه رعا ية المأمون‪.‬‬
‫()‬‫‪4‬‬
‫وكان الواقدي جوادا‪ ،‬ويبلغ به الجود أحيانا حد التبذير‬
‫إن الذي يهمنا في هذا المقام هو كتاب "فتوح الشام" فقد ف صّل فيه تفصيلً‪،‬‬
‫وأ تى على ذ كر دقائق العمال والقوال‪ ،‬وأنشأه على الحقي قة وال سترسال( )ف هو‬
‫‪5‬‬

‫الذي احتوى الثار الطبيع ية لرض المعارك مع هيئات ها المختل فة‪ ،‬ك ما و صف‬
‫الرض ك ما ي صف الجغرافيون فذ كر تلل ها ووديان ها ومدن ها وقرا ها‪ .‬و هو لم‬
‫يك تف بذلك بل تطرق إلى حالة الط قس و ما ف يه من رياح وغبار ورذاذ وم طر‪،‬‬
‫فكأنه راصد جوي‪ ،‬أو عالم فلكي‪ .‬فهو لم ينس أبدا مواقع القتال‪ ،‬وأمكنة تمركز‬
‫الجيشيهن المتقابل ين؛ ك ما ألمهح إلى فن الحرب ع ند العرب وعنهد الروم‪ ،‬وميزة‬
‫وخصائص كل جيش على حدة‪ ،‬وقارن بين حجم هؤلء وهؤلء؛ والقَوام القتالي؛‬
‫كا ن به إلى ضرورة ال ستطلع الذي أجري ق بل المعارك وأثناء ها‪ ،‬وأفاض في‬
‫أنواع السلحة المستخدمة من كل الطرفين مع ذكر أسمائها وأنواعها الهجومية‬

‫() ابن سيد الناس ‪ -‬عيون الثر‪.18 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الخطيب‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،7 /3 :‬ابن سيد الناس ‪ -‬عيون الثر‪.18 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سيد الناس‪ -‬عيون الثر‪.19 /1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الســمعاني‪ -‬النســاب‪ ،577 :‬الخطيــب ‪ -‬تاريــخ بغداد‪ ،4 ،/3 /3 :‬ابــن خلكان‬ ‫‪4‬‬

‫وفيات العيان‪ ،506 /1 :‬ابـن العماد الحنبلي وشذرات الذهـب‪ ،18 /2 :‬زيدان‪-‬‬
‫تاريخ آداب اللغة العربية‪.170 /2 :‬‬
‫() الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪.3/6 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪30‬‬
‫والدفاع ية‪) (.‬وأشار إلى شعار كل معركة بل إلى كل قبيلة مشتر كة في القتال( )‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫وإلى اللواء (الرايههة) الذي يحمله أشجههع المقاتليههن‪ ،‬ويكون ذا ألوان وأشكال‬
‫مختلفة( )‪ ،‬وإلى إشارة بدء القتال وشروط إعطائها واللتزام بها( )‪ ،‬وإلى المبارزة‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫والطعان فيها‪ ،‬والبطال الذين يركبونها‪ ،‬وتوقيت بدئها وانتهائها‪ ،‬وهزيمة أو قتل‬
‫أحهد المتبارزيهن( )‪ ،‬وإلى العمال التضليليهة والخدعهة التهي يقوم بهها الجانبان‬
‫‪5‬‬

‫المتقاتلن أو أحدهمها وكيفيهة إجرائهها والطرق التهي تؤمنهها والشخاص الذيهن‬


‫يقومون ب ها( )‪ ،‬وإلى الهجوم المعا كس وتخطي طة وز من القيام به‪ ،‬والقوات ال تي‬
‫‪6‬‬

‫تنفذه‪ ،‬والمكان الذي يبدأ بهه‪ ،‬والقوى والوسهائط المرافقهة( )‪ ،‬وإلى قتال الخيهل‬
‫‪7‬‬

‫وكيفية قتالها‪ ،‬مستقلة‪ ،‬أو مع المشاة‪ ،‬وتعاون الصنفين أثناء المعارك‪ ،‬والفرسان‬
‫الذيهن يتولون قيادتهها( )وإلى المطاردة التهي تكون بعهد هجوم ناجهح‪ ،‬والصهفات‬
‫‪8‬‬

‫والطرق التهي يسهلكها المطاردون( )‪ .‬وممها يسهتحق الذكهر والشارة إليهه ههو أن‬
‫‪9‬‬

‫الواقدي فصهل فهي الشؤون الداريهة التهي نسهيها الخرون مهن الذيهن سهبقوه أو‬
‫تبعوه‪ .‬ف هو ب حق الذي حدد معالم هذا الخت صاص‪ ،‬وو ضع لبن ته الولى إذ ذ كر‬
‫إعداد وتنظ يم الشؤون الدار ية دون أن يت صور أو يدرك أ نه يك تب عن ها؛ ل كن‬
‫التفا صيل الجزئ ية ال تي كان يب حث عن ها‪ ،‬ويبالغ في التنق يب عن محتويات ها هي‬
‫التهي أوصهلته إلى أن يكتهب فهي العلم الداري العسهكري‪ .‬فقهد سهاق الواقدي‬
‫معلومات وافرة عن الساقة‪ ،‬وعن محاور المداد والخلء‪ ،‬وعن التأمين المادي‬
‫بالطعام واللباس والسهلح والعتدة القتاليهة والداريهة‪ ،‬وعهن التأميهن الطهبي‬
‫هع المعنويات‬ ‫هي القتال برفه‬‫هن دور المرأة الداري فه‬ ‫هة والخلء‪ ،‬وعه‬ ‫بالمعالجه‬
‫( )‬
‫والتمريهض وإعداد الطعام والشراب وأخيرا فإن الواقدي لن ينسهى أبدا تقريهر‬
‫‪10‬‬

‫نهاية يوم المعركة‪ .‬فهو الذي يسجل الرسائل المتبادلة بين قيادة المعركة والقيادة‬
‫العليا في المدينة( )وصفوة القول أن الواقدي‪:‬‬
‫‪11‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.131 ،120 ،113 ،105 ،1/100 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي ‪ -‬فتوح الشام‪.133 ،131 ،1/129 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر نفسه‪.139 ،135 ،133 ،130 ،126 ،125 ،124 ،1/118 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر نفسه‪1/125 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫المصدر نفسه‪.140 ،134 ،131 ،129 ،127 ،120 ،115 ،105 ،1/101 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫المصدر نفسه‪.1/110،111 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫المصدر نفسه‪.139 ،131 ،128 ،125 ،1/118 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫المصدر نفسه‪.125 ،1/118 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫المصدر نفسه‪.141 ،1/139 :‬‬ ‫()‬ ‫‪9‬‬

‫المصدر نفسه‪.174 ،173 ،138 ،128 ،121 ،117 ،114 ،105 ،1/99 :‬‬ ‫()‬ ‫‪10‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.109 ،107 /1 :‬‬ ‫()‬ ‫‪11‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -1‬كان جهازا سينمائيا متحركا ناطقا‪ ،‬ي صور كل ش يء عن المعر كة‬
‫بتفاصهيلها ودقائقهها‪ ،‬فكأن المعركهة أمام الباحهث يسهمعها ويراهها‬
‫ويتحسسها ويتفاعل معها‪.‬‬
‫‪ -2‬ل يترك للباحث أوالسائل أو القارئ أية مسألة إل أجاب عنها من خلل‬
‫كتاباته‪ ،‬وسرده لفتوح بلد الشام؛ كما أنه يعطيه محطات يستريح بها‬
‫لكهي يسهتأنف نشاطهه بعهد السهتراحة‪ ،‬وبخاصهة عنهد انتهاء معركهة‬
‫وابتداء أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬حقا إ نه كان مدر سة‪ ،‬ا ستوعبت المنهج ية‪ ،‬وأ صول الكتا بة‪ ،‬والب حث‬
‫التاريخي‪..‬‬
‫‪ -4‬إنه اهتم بصورة خاصة بالزمنة والمكنة‪ ،‬وبذلك حدد للمعارك مكانها‬
‫وزمانهها‪ .‬وهذا مها يعول عليهه الباحهث العسهكري عنهد دراسهة‬
‫()‬
‫معركة ما‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫مد بن عبد الله‬ ‫علي بن مح ّ‬


‫المدائني‬
‫( ‪)839 /225‬‬
‫مولى شمس بن عبد مناف‪ .‬كان عالما متكلما‪ .‬له مؤلفات عديدة‪ ،‬يبحث في‬
‫أغلبها عن أمهات وصفة عهود الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعن المستهزئين‬
‫والذ ين يؤذون ر سول ال صلى ال عل يه و سلم؛ وكذلك فإ نه تناول في كتابا ته‬
‫رسهائل وكتهب النهبي صهلى ال عليهه وسهلم إلى الملوك‪ ،‬وآياتهه التهي جاء بهها‪،‬‬
‫وصلحه‪ ،‬وخطبه‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫حتى عُ ّد مختصا بما أثر عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬وللمدائني كتاب‬
‫"المغازي" الذي توسع في أخباره‪ ،‬وهو يقع في ثمانية أجزاء مخطوطة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫روى ع نه الزب ير بن بكار‪ ،‬وأح مد بن حيث مة‪ ،‬والحارث بن أ بي أ سامة‪،‬‬


‫وغيرهم‪ .‬وقد كان ثقة الناس والعلماء‪ ،‬إذ كان صادقا فيما يروي‪ ،‬أمينا فيما ينقل‬

‫() ابــن ســعد ‪ -‬الطبقات‪ ،315 /5 :‬المســتشرق مارغوليوت‪ -‬دراســات عــن‬ ‫‪1‬‬

‫المؤرخين العرب‪.18 :‬‬


‫() الفهرست ‪ -‬ابن النديم‪.154 ،153 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪32‬‬
‫أو يقول‪ ،‬دقيقا فيما يخطه( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫اختهص المدائنهي بأخبار العرب وأنسهابهم‪ ،‬وفصهّل فهي أخبار العرب‬


‫الم سلمين‪ .‬وكان عالما كبيرا بالفتوح والمغازي وروا ية الش عر‪ .‬ول قد أ ثر ع نه‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫مصنفات وكتب كثيرة في هذا العلم منها‪" :‬فتوح العراق"‬
‫ول سعة اطل عه‪ ،‬والث قة به فإن البا حث ير كن إل يه‪ .‬و هو من القلئل الذ ين‬
‫أجادوا الرواية‪ ،‬وكتبوا عن أبي بكر وغيره في مؤلفاته العديدة‪ ،‬كما أن المشتغلين‬
‫بهذه العلوم من بعده قد أخذوا منه‪ ،‬ورووا عنه( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫لم يصلنا من آثار المدائني إل ما نجده مبثوثا في أمهات كتب التاريخ قبل‪:‬‬
‫"فتوح البلدان‪ :‬للبلذري‪" ،‬تاريخ المم والملوك" للطبري‪" ،‬العقد الفريد" لبن عبد‬
‫ربه‪" ،‬الغاني" لبي الفرج الصفهاني‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫مد بن عبد الله‬


‫أبو اسماعيل مح ّ‬
‫الزدي البصري‬
‫( ‪)845 /231‬‬
‫كان الزدي ثقهة‪ ،‬صهادقا‪ ،‬عالما بأخبار الحروب والفتوح‪ ،‬مسهندا أقواله‪،‬‬
‫مستشهدا بالرواة الثقاة الذين شاهدوا‪ ،‬أو سمعوا‪ ،‬حتى لم يكن ليدون خبرا إل إذا‬
‫تأ كد م نه‪ ،‬ف قد روى عن الخزا عي ال صحابي الذي ش هد الحديب ية وتو في سنة‬
‫‪ 80/699‬وعن أنس بن مالك مولى الرسول صلى ال عليه وسلم الذي توفي سنة‬
‫‪ 711 /93‬و عن سهل ا بن سعد الخزر جي الن صاري الذي تو في سنة ‪709 /91‬‬
‫وعن سعيد بن العاص الموي القرشي الذي توفي سنة ‪ 678 /59‬وعن سفيان بن‬
‫ل من أبطال ها‪ ،‬والذي تو في سنة‬
‫عوف الزدي الذي را فق فتوح الشام‪ ،‬وكان بط ً‬
‫‪ 672 /52‬وعن هاشم بن عتبة ابن أبي وقاص الخط يب الفارس الذي اشترك في‬
‫ف تح الشام‪ ،‬وأ صيبت عي نه في اليرموك‪ ،‬وش هد القاد سية‪ ،‬والذي تو في سنة ‪/37‬‬
‫‪ 657‬وعن عمرو بن شعيب بن محمد السهمي القرشي من رواة الحديث‪ ،‬والذي‬
‫توفهي سهنة ‪ 736 /118‬وعهن ق يس بهن أبهي حازم البجلي التابعهي الذي رحهل إلى‬
‫ال نبي صلى ال عل يه و سلم ليباي عه فق بض و هو في الطر يق سنة ‪ 703 /84‬و عن‬
‫الخطيب‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،55 /12 :‬الحميدي‪ -‬جذوة المقتبس‪.290 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ ،55 /12 :‬الحميدي‪ -‬جذوة المقتبس‪.290 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الخطيب ‪ -‬تاريخ بغداد‪ 54 /12 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس النصاري الخزرجي‪ ،‬والذي نفر مع أبي عبيدة‬
‫في فتوح الشام‪ ،‬ومات في طاعون عمواس سنة ‪ 639 /18‬وغيرهم( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫يلحظ من الرواة جميعا مايلي‪:‬‬


‫‪ -1‬أن الغلب ية كانوا من ال صحابة‪ ،‬من الذ ين تمتعوا بمشاهدة الر سول‬
‫صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وصهاحبوه‪ ،‬وحضروا معهه المشاههد كلهها أو‬
‫بعضها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الغلبيهة كانوا مهن الذيهن شاركوا فهي فتوح الشام‪ ،‬وحضروا‬
‫معاركها‪ ،‬وأبلوا فيها بلءً حسنا‪.‬‬
‫‪ -3‬هم من رواة الحد يث‪ ،‬و من ال صادقين‪ ،‬والمشهود ل هم ب صدق الروا ية‬
‫والقول‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الجم يع كانوا من المعا صرين لحروب وفتوح أ بي ب كر ال صديق‪،‬‬
‫وأن هم توفوا جميعا ب عد أن تو في أ بي ب كر‪ ،‬ولهذا ف هم على يق ين م ما‬
‫كان يجري من الحداث التاريخية‪ ،‬والمواقع القتالية‪.‬‬
‫لقد وصلت إلى الزدي هذه المعلومات مسندة متواترة عن طريق الوليد بن‬
‫حماد والح سين بن زياد اللذ ين نقل إل يه فتوح الشام مباشرة( )‪ .‬وه ما من رجال‬
‫‪2‬‬

‫الحديث ومصنفيه ومن جلساء البخاري( )‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫إن التراث الوحيد الذي وصلنا من الزدي هو‪" :‬فتوح الشام" وهو يشبه إلى‬
‫حد بعيد "فتوح الشام" للواقدي‪ ،‬مع بعض الختلفات‪.‬‬
‫‪ -1‬الزدي أ تى بش يء مختصر عما للواقدي‪ ،‬وإن كان في بعض الحيان‬
‫يتلقى معه؛ ويفصل في المعارك‪ ،‬وبخاصة في التقرير الحربي في‬
‫الرسهائل والكتهب المتبادلة بيهن القادة فهي جبههة الشام‪ ،‬وبيهن القائد‬
‫‪4‬‬
‫العلى في المدينة( )‪.‬‬
‫‪ -2‬جاء الزدي بتفا صيل وبمعلومات عن القادة الذ ين اشتركوا في معارك‬
‫الشام م ثل مي سرة بن م سروق العب سي‪ ،‬والش تر النخ عي‪ ،‬و سالم بن‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 90 ،81 ،51 ،33 ،16 ،14 ،9 /1 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الزدي ‪ -‬فتوح الشام‪ 90 ،81 ،51 ،33 ،16 ،14 ،9 ،1 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ :‬مقدمة‪ :‬ك‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر نفسه‪ 67 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫نوفل العدوي( )‪ ،‬وعن التشكيلت القتالية كتشكيل سعيد بن عامر الذي‬
‫‪1‬‬

‫التحق بجيش اليرموك بعد بدء المعركة( )وكذلك فقد ف صّل في القبائل‬
‫‪2‬‬

‫المشتركهة وأولى لهها أهميهة خاصهة( )وقهد أشاد بقهبيلة أزد واعتبرهها‬
‫‪3‬‬

‫الغلبيهة التهي قاتلت فهي المعارك‪ ،‬ونسهب إليهها الشجاعهة والقدام( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ومع الزدي الحق في ذلك فقد شهد الرسول صلى ال عليه وسلم لهذه‬
‫‪5‬‬
‫()‬
‫القبيلة بالشجاعة والقدام فقال‪" :‬الزد أسد ال في الرض‪".‬‬
‫‪ -3‬اقتصهر فهي بعهض المعلومات الجغرافيهة‪ ،‬والتحركات‪ ،‬ومواقهع القتال‪،‬‬
‫وال ستطلع( )‪ ،‬ل كن هذا القت صار لم يغ ير من قي مة هذه المعلومات‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫وإنما كانت كافية لمثل هذه المعارك‪.‬‬


‫‪ -4‬لم يرد في فتوح الشام ع ند الزدي المعلومات الع سكرية ال تي يعت مد‬
‫عليها الباحث من مثل المبارزة والتعزيز أثناء القتال والمداد بالرجال‬
‫أثناء سير المعارك والهجوم المعاكس الذي قام به الجيش العربي أثناء‬
‫هجوم الجيهش الرومهي فهي اليام الولى فهي معركهة أجناديهن وفهي‬
‫المعارك التي تلتها كمعركة اليرموك الفاصلة‪.‬‬
‫يختلف عن الواقدي في أن روايا ته خال ية من الح شو والزيادة وال سهاب‪،‬‬
‫فالروا ية على قدر ما روا ها أولئك ال سند الذ ين ن قل عن هم‪ .‬وي حس البا حث أ نه‬
‫يطمئن إلى صدق ما يرويه الزدي؛ فهو قمة في الصدق والثقة‪.‬‬

‫المصدر نفسه‪.155 ،112 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر نفسه‪184 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر نفسه‪.218 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر نفسه‪.192 ،191 ،189 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫ناصف ‪ -‬التاج الجامع للصول‪.422 /3 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الزدي ‪ -‬فتوح الشام‪.217 ،211 ،210 ،198 ،192 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪35‬‬
‫أبو يزيد وثيمة بن موسى بن‬ ‫(‪)1‬‬

‫الفرات الفارسي الفسوي‬


‫( ‪)851 /237‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫نشهأ فهي بلد فارس كان تاجرا‪ ،‬وصهل الندلس ضاربا فهي الرض مهن‬
‫()‬
‫البصرة‪ ،‬ثم إلى مصر فمات فيها‪ ،‬وكانت أغلب تجارته بالوشي‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫يؤثهر عهن وثيمهة أنهه صهنف كتابا قيما فهي الردة سهماه "أخبار الردة" ولم‬
‫يعرف له سوى هذا الكتاب( )‪ ،‬الذي تضمن القبائل العربية التي ارتدت بعد موت‬
‫‪4‬‬

‫الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وأمك نة تمركز ها‪ ،‬والتشكيلت ال تي أر سلها أ بو‬
‫بكر لمحار بة المرتد ين‪ ،‬ثم يذكر المعارك ال تي خاضت ها تلك التشكيلت‪ ،‬وطرق‬
‫تحركها‪ ،‬وأسلوب التعاون والتنسيق فيما بينها‪ ،‬ويسهب في مانعي الزكاة‪ ،‬ومن‬
‫عاد منهم إلى السلم فاستقام‪ .‬ويبرز دور خالد بن الوليد في حروب الردة وقتاله‬
‫مع مالك بن نويره بشيء من التفصيل والحوار والشعر الذي قال متمم في أخيه‬
‫()‬
‫مالك‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ترك وثيمهة ولدا له يدعهى رفاعهة‪ ،‬ألف كتابا تاريخيا جعله على السهنين‬
‫()‬
‫تحدث عن أبيه وغيره من الرجال‪ ،‬وتوفي بمصر سنة ‪901 /289‬‬
‫‪6‬‬

‫حدث وثي مة عن سلمة بن الف ضل( )‪ ،‬و ما أك ثر ما تحدث سلمة عن ا بن‬


‫‪7‬‬

‫إ سحاق‪ ،‬وكأن ما ك تب وثي مة هو سلمة ذلك أ نه كان يروي ع نه ويأ خذ حدي ثه‪،‬‬
‫وليس وثيمة وحده هو الذي أخذ عن سلمة؛ بل إن أكثر المؤلفين الذين أتوا من‬
‫بعده قد أخذوا عنه‪ ،‬ول سيما الطبري في كتابه تاريخ المم والملوك‪.‬‬

‫() الوثيمـة‪ :‬الحجـر المكسـور‪ .‬وقيـل حجـر القداحـة‪ .‬وقيـل الصـخر‪ .‬والوثيمـة‬ ‫‪1‬‬

‫الجماعـة مـن الحشيـش أو الطعام‪ .‬وقيـل ‪ :‬والذي أخرج الثمـر مـن الجريمـة‬
‫والنار من الوثيمة‪ .‬انظر الزبيدي ‪ -‬تاج العروس‪.89 /9 :‬‬
‫() ابن الفرضي ‪-‬تاريخ العلماء والرواة للعلم بالندلس‪.165 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن الفرضــي ‪ -‬تاريــخ العلماء والرواة للعلم بالندلس‪ ،165 /2 :‬الحميدي ‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫جذوة المقتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس‪:‬‬
‫‪.341 ،340‬‬
‫() الحميدي ‪ -‬جذوة المقبس‪ ،341 :‬الزركلي‪ -‬العلم‪.110 /8 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن خلكان‪ -‬وفيات العيان ‪.172 ،171 /21‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن خلكان ‪ -‬وفيات العيان‪.171 /2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الزبيدي ‪ -‬تاج العروس‪.89 /9 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪36‬‬
‫أحمد بن يحيى البلذري‬
‫( ‪)892 /279‬‬
‫كان كاتبا وشاعرا‪ .‬ألف كتبا عديدة من ها‪ :‬البلدان ال صغير"‪" ،‬البلدان ال كبير"‪،‬‬
‫"الخبار والنساب" الذي لم يتمه‪ .‬وكان يجيد الفارسية ويترجم منها إلى العربية‪.‬‬
‫ن في آخر حياته‪ ،‬ومات وهو في مصح للمراض النفسية في بغداد( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫جّ‬
‫وقد ُ‬
‫إن الثر الذي وقع بين أيدينا "فتوح البلدان" وهو مختصر عن كتاب "البلدان‬
‫الكهبير"‪ .‬وقهد ضمنهه البلذري أخبار الفتوح السهلمية مهن أيام النهبي صهلى ال‬
‫عليهه وسهلم إلى أيام عمهر بهن الخطاب‪ ،‬ووشّاه بمعلومات قيمهة عهن الوضهع‬
‫الجتماعي والعمراني والقتصادي( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫عاش البلذري نديما للمتوكهل‪ ،‬ومات فهي أيام المعتضهد‪ .‬وقهد روى عنهه‬
‫يحيهى بهن النديهم‪ ،‬أبهو يوسهف وغيرهمها‪ ،‬وكان بالضافهة إلى ذلك متقنا للغهة‬
‫العرب ية( )ول عل تمك نه من الل غة هو الذي ساعده على تأل يف كت به‪ ،‬ومن ها‪" :‬فتوح‬
‫‪3‬‬

‫البلدان" الذي نحن بصدده والذي كانت لديه معلومات قيمة عن حروب وفتوحات‬
‫أ بي ب كر ال صديق؛ و مع هذه المنزلة ف قد كان البلذري سليط الل سان فاحشا في‬
‫كلمه‪ ،‬يت سقط زلت الناس‪ ،‬ويم سهم في أعراضهم ويهجوهم( )‪ .‬فقد ه جا شعرا‬
‫‪4‬‬

‫صاعدا وزير المعتمد وعبد ال بن يحيى الذي كان قاضيا‪.‬‬


‫لقهد أثنهى على هذا الكتاب عدة علماء ومحققيهن‪ ،‬واعترفوا بكثرة فوائده‪،‬‬
‫وصحة المعلومات التي تضمنها أمثال صاحب كشف الظنون‪ ،‬ابن العديم( )؛ وإن‬
‫‪5‬‬

‫احتواء هذا الكتاب على الخراج والعطاء والنقود والعمران‪ ،‬فإنهههه قهههد تفرد‬
‫بمعلومات قي مة من ح يث اخت صاص الشؤون الدار ية والع سكرية كالحتياجات‬
‫المادية والرواتب والمصادر الغللية المتوفرة آنذاك( )وبهذا يكون المصدر الوحيد‬
‫‪6‬‬

‫من بين المصادر كلها الذي تعرض وفصل في التأمين الداري‪ ،‬فكان بذلك متمما‬
‫عما جاء به الواقدي في كتابه فتوح الشام‪.‬‬
‫() زيدان ‪ -‬تاريخ آداب اللغة العربية‪.224 /2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـــن شاكـــر الكتـــبي فوات الوفيات‪ ،157 /1 :‬زيدان ‪ -‬تاريـــخ آداب اللغـــة‬ ‫‪2‬‬

‫العربية‪.224 /2 :‬‬
‫() ياقوت ‪ -‬معجــم الدباء‪ ،92 ، 5/91 :‬ســركيس معجــم المطبوعات العربيــة‬ ‫‪3‬‬

‫والمصرية‪.585 :‬‬
‫() ياقوت‪ -‬معجم الدباء‪92 /5 :‬؛ ابن شاكر الكتبي‪ -‬فوات الوفيات‪.155 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سركيس ‪ -‬معجم المطبوعات العربية والمصرية‪.585 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سركيس ‪ -‬معجم المطبوعات العربية والمصرية‪.585 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪37‬‬
‫اعت مد البلذري في روايا ته على الواقدي‪ ،‬فن قل ع نه الكث ير؛ ك ما ن قل عن‬
‫الوليد بن مسلم؛ كما كان في كثير من الحيان ل يسند قوله‪ ،‬ويبدأ بكلمة‪ :‬قالوا‪،‬‬
‫ثهم يتابهع سهرد معلوماتهه مباشرة‪ .‬وهذا ل يصهح إن لم نقهل بأنهه ثغرة فهي باب‬
‫التوث يق وال سناد‪ .‬سمع بدم شق هشام بن عمار‪ ،‬وبح مص مح مد بن م صفى‪،‬‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫وبالعراق عفان بن مسلم‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫ابن عساكر علي بن الحسين‬


‫بن وهبة اللّه‬
‫( ‪)1176 /571‬‬
‫كان محدثا‪ ،‬فقيها‪ ،‬عالما بالتاريخ وبخاصة بتاريخ مدينة دمشق الذي يقع في‬
‫ثمان ين مجلدا‪ ،‬و من كت به أيضا "الموافقات" في اثن ين و سبعين جزءا‪" ،‬الطراف‬
‫للسنن الربعة" في ثمانية وأربعين جزءا‪" ،‬معجم شيوخه" في اثني عشر جزءا"‬
‫"مناقب الشبان" في خمسة عشر جزءا‪" ،‬ف ضل أ صحاب الحد يث" في أحد عشر‬
‫جزءا‪" ،‬تبيين كذب المفتري على الشيخ أبي الحسن الشعري" في مجلده( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫لقد تطرق ابن عساكر( ) في كتابه "تاريخ مدينة دمشق" إلى الردة وإلى فتوح‬
‫‪3‬‬

‫الشام من ص ‪ 423‬إلى ص ‪ .620‬وقد تميزت كتابته بأنها مسندة‪ ،‬يقلب الخبر إلى‬
‫عدة وجوه مروية‪ ،‬حتى لتحس أنك أمام بحر من المعلومات التي تصطفي منها‬
‫وتختار؛ إل أن ا بن ع ساكر مع هذه الروايات الكثيرة والشاملة ل ي ضع رأ يه أو‬
‫يشيهر إلى ناحيهة الصهواب أو الخطهأ إذ يترك للقارئ أن يسهتمتع بمها يقرأ‪ ،‬وأن‬
‫يأخهذ مها يشاء؛ إل فهي بعهض مواضهع قليلة عندمها يقول‪" :‬ويدل عليهه أيضا أن‬
‫إجماع أ هل التوار يخ على أن ف تح دم شق كان سنة أر بع عشرة‪ ،‬وبل خلف أن‬
‫أ با بكر تو في في سنة ثلث عشرة في جمادى الخرة‪ ) (".‬ثم إ نه يورد الر سائل‬
‫‪4‬‬

‫والكتب المتبادلة بين القائد العلى في المدينة وبين قادة الجبهات والتشكيلت كما‬
‫جاءت‪ .‬وههو بهذا يتحهف الباحهث بمعلومات ضروريهة عهن فكرة (لمعركهة مهن‬

‫() ابن شاكر الكتبي ‪ -‬فوات الوفيات‪.155 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن العماد الحنبلي‪ -‬شذرات الذهب‪.239 /4 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() اشتهـر بابـن عسـاكر‪ ،‬وليـس مـن جدوده مـن سـمي أو لقـب بهذا اللقـب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫انظـــر الســـبكي‪ -‬طبقات الشافعيـــة‪ ،273 /4 :‬طاش كـــبرى زاده ‪ -‬مفتاح‬


‫السعادة‪.211 /2 :‬‬
‫() ابن عساكر ‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.521 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪38‬‬
‫خلل هذه الر سائل‪ ،‬كما يضعه في صورة المو قف الحقيقي( )‪ ،‬كما كان يتحرى‬
‫‪1‬‬

‫تواريخ المعارك ويأتي بالسانيد المختلفة( )‪ ،‬غير أنه ل يأتي بتفاصيل عن سير‬
‫‪2‬‬

‫المعركة؛ وإنما يورد أخبارا متقطعة من هنا وهناك يحس الباحث بصدقها وحسن‬
‫روايتها( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫طاف البلد في سبيل الحصهول على العلم‪ ،‬و قد ج مع ما يقدر بأك ثر من‬
‫عمره‪ ،‬وو ضع مال يت سع لمؤلف أن يض عه خلل حيا ته( )‪.‬ل قد زار بلدا كثيرة‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫فقصهد بغداد‪ ،‬وارتحهل إلى خرسهان ونيسهابور وأصهبهان ومرو وتهبريز وبيههق‬
‫وخ سرو‪ ،‬وو صل إلى النبار والراف عه والرح بة ومارد ين‪ ،‬وزار م كة والمدي نة‬
‫وغيرها واستقر في دمشق ودفن فيها بمقبرة باب الصغير( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ل قا صدا العلم والعلماء في سبيل الح صول على‬ ‫أم ضى أغلب أيا مه مرتح ً‬
‫العلم‪ ،‬متجهما مصاعب السفر‪ ،‬قاطعا هذه المسافات الشاسعة على مطية ل يظلله‬
‫غطاء‪ ،‬ول يصهحبه رجال‪ ،‬وليهس معهه مهن زاد إل مها يقوي بهه ويسهد صهلبه‪،‬‬
‫وغ ير إداوة ي ضع في ها الماء( )‪ .‬أ هو رحالة؟ بل زاد‪ ،‬أ هو مكت شف؟ بل زاد فل قد‬
‫‪6‬‬

‫كان واهبا نفسه للعلم فأدركه‪ ،‬وكان حجة وذا علم واسع‪ ،‬ساعده على ذلك تعرفه‬
‫الحقي قي على الجغراف ية الطبيع ية‪ ،‬وعلى أحوال البلدان والمدن والرا ضي ال تي‬
‫زارها‪ .‬فإذا كتب عن الردة أو عن فتوح الشام فإنما يكتب عن بلد وأراض سار‬
‫علي ها وا ستراح في ها وأم عن الن ظر في سهولها وجبال ها ووديان ها أي أ نه درس‬
‫مسارح العمليات على الواقع والطبيعة؛ كما ساعده على ذلك أيضا كثرة أساتذته‬
‫ومشايخهه الذيهن قرأ عليههم وأخهذ منههم حتهى بلغوا حوالي ألف وثلثمائة مهن‬
‫الرجال‪ ،‬ومهن النسهاء بضهع وثمانون امرأة( )‪ ،‬يضاف إلى ذلك أنهه لم يترك منهذ‬
‫‪7‬‬

‫حداثهة سهنه العلم والتعليهم إذا انتسهب إلى مدارس دمشهق والعراق كالمدرسهة‬
‫النظامية في بغداد‪ ،‬وأعجب به العراقيون ومن فهمه وكذلك في خراسان والبلد‬

‫() انظـر إلى نماذج مـن هذه الرسـائل عنـد ابـن عسـاكر‪ -‬تاريـخ مدينـة دمشـق‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 448 /1‬وما بعدها‪.‬‬


‫() ابن عساكر ‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.478 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن عســاكر‪ -‬تاريــخ مدينــة دمشــق‪ ،493 /1 :‬طاش كــبرى زاده ‪ -‬مفتاح‬ ‫‪3‬‬

‫السعادة‪.216 /1 :‬‬
‫() طاش كبرى زاده‪ -‬مفتاح السعادة‪.217 ،216 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابـــن خلكان‪ -‬وفيات العيان‪ ،1/335 :‬ابـــن الوردي‪ -‬تاريخـــه‪ ،2/87 :‬طاش‬ ‫‪5‬‬

‫كبرى زاده‪ -‬مفتاح السعادة‪1/216 :‬‬


‫() السبكي ‪ -‬طبقات الشافعية‪.273 /4 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() السبكي ‪ -‬طبقات الشافعية‪،273 /4 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪39‬‬
‫ال تي حل ب ها( )‪ .‬و قد ش هد بمقدر ته العلم ية العلماء والمشا يخ الذ ين عا صروه‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وأسهاتذته الذيهن درسهوه وعلموه( )‪ .‬وكان يسهمى ببغداد "شعلة نار" ويقول عنهه‬
‫‪2‬‬

‫مح يي الد ين النووي‪" :‬حا فظ الدن يا" وكانوا يع تبرون ا بن ع ساكر أ حد أرب عة من‬
‫الرض‪ :‬ابن عساكر بالشام والسلفي بالسكندرية وابن ناصر ببغداد وأبو العلء‬
‫بهمذان( )ومن هنا ومن خلل ثقافته وأثره الكبير "تاريخ مدينة دمشق نخلص إلى‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫القول‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -1‬إن ابهن عسهاكر كان ثقهة واسهع الطلع والمعارف‪ ،‬جاب البلد وبهذا‬
‫فإن كل ما ذكره في كتابه هذا يت جه إلى ال صحة‪ ،‬وإن المنهجية التي‬
‫سهلكها كانهت سهلمية وأمينهة‪ ،‬ذلك أنهه أعرض عهن الدنيها وزينتهها‪،‬‬
‫()‬
‫ورفض المامة والخطابة‬
‫‪5‬‬

‫‪ -2‬أغنى موضوع الردة وفتوح الشام بما فيه الكفاية‪ ،‬بل زاد على غيره‬
‫أنهه فصهّل فهي بعهض المواقهع والمعلومات العسهكرية كمحاور القتال‬
‫والستطلع وحجم وتشكيلة الجيوش المشتركة‪.‬‬
‫‪ -3‬إ نه كان اخت صاصيا في تار يخ دم شق لم ي سبقه إلى هذا العلم أ حد‬
‫بتفاصيله وسنده ودقته‪..‬‬

‫مد بن‬
‫حبيش عبد الّرحمن بن مح ّ‬
‫ابن ُ‬
‫عبد الله النصاري الندلسي‬
‫( ‪)1188 /584‬‬
‫أندلسهي‪ ،‬عالم‪ ،‬فقيهه‪ ،‬حافهظ‪ ،‬ولي القضاء( )‪ .‬حهبيش خاله نسهب إليهه( )مهن‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الســـبكي‪ -‬طبقات الشافعيـــة‪ ،273 /4 :‬ابـــن العماد الحنبلبـــي ‪ -‬شذرات‬ ‫‪1‬‬

‫الذهب‪.239 /4 :‬‬
‫() السبكي ‪ -‬طبقات الشافعية‪ .274 /4 :‬ابن العماد الحنبلي‪ -‬شذرات الذهب‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.239 /4‬‬
‫() السبكي ‪ -‬طبقات الشافعية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() السبكي‪ -‬طبقات الشافعية ‪.4/276‬‬ ‫‪4‬‬

‫() طاش كبرى زاده ‪ -‬مفتاح السعادة‪.211 /2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابــن الجزري‪ -‬غايــة النهايــة فــي طبقات القراء‪ ،378 /1 :‬الســيوطي‪ -‬بغيــة‬ ‫‪6‬‬

‫الوعاة‪ ،301:‬الزركلي العلم‪.328 /3 :‬‬


‫() ابـن البار‪ -‬التكملة‪ ،573 /2 :‬ابـن الجزري ‪ -‬غايـة النهايـة فـي طبقات القراء‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.378 /1‬‬
‫‪40‬‬
‫شار قة التاب عة بلنسهية‪ .‬أقام بقرط بة ثل ثة أعوام يتلقهى العلم ثم عاد إلى وط نه‪،‬‬
‫وخرج م نه سنة ‪ 1147 /542‬إلى مر سية فولي في ها الخط بة ثم القضاء( )‪ .‬ثم إلى‬
‫‪1‬‬

‫جزيرة شقرا فو لي فيها الصلة والخطبة وبقي فيها نحوا من اثنتي عشرة سنة‪،‬‬
‫ثم عاد إلى مرسية‪ ،‬وتوفي عن ثمانين عاما( )وشيعه أناس كثيرون‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ل قد برع في القراءات والحد يث والدب والل غة العرب ية‪ .‬وكان ث قة و صدقا‪.‬‬


‫وبالرغم من علو بابه في هذه العلوم‪ ،‬فهو لم يؤلف بها كتبا‪ .‬ويعتبر إمام الحديث‬
‫بالندلس‪ ،‬وهو الذي تفرغ لغريبه ولغته وما آل إليه من علوم( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫لبهن حهبيش كتاب فهي المغازي سهماه‪" :‬الغزوات الضامنهة الكاملة والفتوح‬
‫الجام عة الحافلة الكائ نة في أيام الخلفاء الول الثل ثة‪ "..‬عنوان مطول لمعلومات‬
‫مطولة ومفصلة؛ اطلعت عليه كمخوط يقع في عدة مجلدات‪.‬‬
‫وقهد اعتمهد المؤلف فهي كتابهه الغزوات على الروايات عهن أحمهد بهن عبهد‬
‫الرح من الق صبي وأ بي القا سم وا بن الي سع‪ ،‬وروى ع نه أيضا أ بو الخطاب بن‬
‫دحيه وعلي ابن أبي العافية( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫إن كتاب الغزوات قمهة فهي التأليهف‪ ،‬وروعهة فهي المنهجيهة‪ ،‬وكنهز فهي‬
‫المعلومات‪ .‬فهو الذي فصل في حروب الردة أيام أبي بكر الصديق‪ ،‬ثم الفتوحات‬
‫ومنها فتوح الشام‪ .‬وكان في أسلوبه الرصين القوي يورد السند‪ ،‬ويتتبع الحوادث‬
‫الزمنية‪ ،‬والشواهد الحيّة‪ ،‬فكأنك إذا قرأت كتابه هذا أغناك عن كل مصدر‪ ،‬فهو‬
‫قد جمع به كل ما قيل بشأنه إلى عصره الذي مات فيه‪ .‬ولئن شبهته بعيون الثر‬
‫لبن سيد الناس‪ ،‬الذي جمع فيه ونسقه؛ فكذلك قام ابن حبيش مرتبا منسقا مسندا‬
‫جامعا المعلومات التي قيلت من قبل وأفرغها بكتاب واحد‪.‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬

‫() ابن البار ‪ -‬التكملة‪ ،574 ،573 /2 :‬ابن العماد الحنبلي ‪ -‬شذرات الذهب‪/4 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.280‬‬
‫() ابن البار‪ -‬التكملة ‪ ،573 /2 -‬ابن الجزري ‪ -‬غابة النهاية في طبقات القراء‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.378 /1‬‬
‫() السيوطي‪ -‬بغية الوعاة‪.301 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن الجزري‪ -‬غاية النهاية في طبقات القراء‪.378 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪41‬‬
‫ههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههه‬

‫‪42‬‬
‫صديق رضي‬
‫حروب أبي بكر ال ّ‬
‫الله عنه‬

‫استجاب أبو بكر لنداء السلم فما تردد( )ومن هنا بدأت حروبه‪ ،‬وبدأ الناس‬
‫‪1‬‬

‫ي سددون سهامهم؛ وبخا صة أولئك الذين يع تبرون كل دا خل في ال سلم صائبا‪.‬‬


‫و قد تعرض أ بو ب كر لقاء هذا النت ساب إلى الذى وال ضر ف صبر( )ونزلت آ ية‬
‫‪2‬‬

‫القتال‪" :‬أذن للذيهن يقاتلون بأنههم ظلموا وإن ال على نصهرهم لقديهر‪ .‬الذيهن‬
‫أخرجوا من ديارهم بغير حق إل أن يقولوا ربنا ال ولول دفع ال الناس بعضهم‬
‫ببعهض لهدمهت صهوامع وبيهع وصهلوات ومسهاجد يذكهر فيهها اسهم ال كثيرا‬
‫ولين صرن ال من ين صره إن ال لقوي عز يز"( )وأعقب ها إذن من الر سول صلى‬
‫‪3‬‬

‫ال عليه وسلم بهجرة كل من أسلم من مكة إلى المدينة‪ ،‬وأبقى أبا بكر فلم يأذن‬
‫له‪ ،‬لعله يكون صاحبه في السفر( )‪ .‬وفهم هذه الشارة من الرسول صلى ال عليه‬
‫‪4‬‬

‫وسلم فأخذ يجهز نفسه ليوم الهجرة الموعود‪ ،‬فابتاع راحلتين وأعدهما‪ ،‬فلما كان‬
‫()‬
‫‪5‬‬
‫الموعد بكى أبو بكر فرحا‪ ،‬فخرجا معا‪ ،‬فدخل غار ثور‪ ،‬وبقيا ثلث ليال سويا‬
‫ثم تابعا سيرهما باتجاه المدينة‪ .‬ولما وصل الرسول صلى ال عليه وسلم إليها‪،‬‬
‫بدأت التحضيرات لحرب حقيقيهة؛ وبعهد ثمانيهة أشههر ندبهت أول سهرية لقتال‬
‫قريش‪) (.‬وقد حضر أبو بكر المعارك كلها مع الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولم‬
‫‪6‬‬

‫السهيلي‪ -‬الروض النف‪.1/288 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫السهيلي ‪ -‬الروض النف‪.2/127 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الحج‪ -‬اليتان‪.40 ،39 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫السهيلي‪ -‬الروض النف‪.2/221 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫السهيلي‪ -‬الروض النف‪.2/224 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.2/7 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪43‬‬
‫يتخلف عن معركة واحدة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أبو بكر نائب القائد العلى‬


‫إن أول معركة مسلحة هي وقعة بدر الكبرى‪ .‬خرج فيها أبو بكر مع القوم‪.‬‬
‫وكان بجا نب القائد العلى مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ .‬وعدد هم يومئذ ثلثمائة‬
‫وبضعة عشر رجلً‪ ،‬وعدد قريش ألف مقاتل‪.‬‬
‫في الطريق إلى أرض المعركة كان أبو بكر برفقة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم "هو ورجل من أ صحابه" وقد قال ابن هشام في السيرة النبوية أن الرجل‬
‫هو أبو بكر الصديق( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫تحرك جيهش المدينهة باتجاه بدر فنزل واديا يقال له "ذفران" وهنها اجتمهع‬
‫المجلس ال ستشاري الع سكري‪ ،‬فكان أول المتكلم ين أ بو ب كر ال صديق ف عبر عن‬
‫رأيه‪ ،‬ثم توالى أعضاء المجلس فأدلوا بآرائهم( )‪ .‬وعادة ما يتكلم في هذه المجالس‬
‫‪3‬‬

‫بعد القائد نائبه‪ ،‬ول تزال هذه الطريقة متبعة حتى الن‪ ،‬إذ يسمح لنائب القائد في‬
‫التكلم‪ ،‬ثم لرؤساء الفروع التي تليه‪ ،‬ولبقية أركان التشكيل‪.‬‬
‫بنهي مقهر القيادة فهي هذه المعركهة على مكان مرتفهع يشرف على أرض‬
‫المعركة‪ .‬ويقود منه الرسول صلى ال عليه وسلم وحدات جيشه‪ .‬وكان قوام هذا‬
‫المقر من القائد العلى ونائبه أبي بكر حيث دخل فيه معا( )وبعض الحرس من‬
‫‪4‬‬

‫()‬
‫النصار‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫القائد يناشهد ربهه‪ ،‬ويدعوه أن ينجهز له وعده‪ ،‬ويلح فهي الدعاء والتضرع‬
‫حتى سقط رداؤه‪ ،‬فأخذه النائب فوضعه وأصلحه والتزمه من ورائه وهو يقول‪:‬‬
‫()‬
‫‪6‬‬
‫"كفاك يا نبي ال بأبي أنت وأمي مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك‬

‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،4/180 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،3/213‬النووي‪ -‬تهذيــــب الســــماء واللغات‪ ،2/1/184 :‬وجدي‪ -‬دائرة معارف‬


‫القرن العشرين‪.301 /2 :‬‬
‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/141 :‬السهيلي‪ -‬الروض النف‪.3/43 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن شهاب‪ -‬المغازي النبوية‪ ،63 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/140 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابــن هشام ‪ -‬الســيرة النبويــة‪ ،1/627 :‬السـهيلي‪ -‬الروض النـف‪،38 ،3/36 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪ ،1/79 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.171 ،2/166 :‬‬


‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/151 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪/2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.125 ،122‬‬
‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.149 :2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪44‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك القائد الذي يبشر نائبه بالنصر فيقول‪" :‬يا أبا بكر أتاك نصر ال"‬
‫فيتهلل وجهه فرحا‪ ،‬ويتبدد الخوف‪ ،‬ذلك أنه يعلم أن هذه البشرى حق‪ ،‬وأن‬
‫القائد صادق في قوله‪ .‬ولهذا فإنه لما التحمت الفئتان وتبين نصر المسلمين فقتل‬
‫من ق تل من صناديد قر يش وعظمائ ها كان القائد ونائ به يرقبان هذه العمال من‬
‫العريش وسعد بن معاذ قائم يحرس مع ثلة من قومه( )هذا المقر‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ويأخهذ القائد برأي نائبهه بشأن السهارى الذي رأى أن تؤخهذ منههم الفديهة‬
‫لتكون للمسهلمين قوة‪ ،‬وليكون السهرى فهي حال دخولههم فهي السهلم عضدا‬
‫ومعينا‪ .‬ويترك الر سول صلى ال عل يه و سلم آراء الخر ين " وهوي ر سول ال‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر‪"...‬‬
‫اسهتطلع القائد ونائ به فهي هذه المعر كة طرق التحرك وموا قع القتال‪ ،‬وكان‬
‫يسأل الناس الستطلع ومعه أبو بكر‪ .‬ولقد عرجا على شيخ من العرب‪ ،‬فأخذا‬
‫منه المعلومات اللزمة عن العدو وأمكنته وعدده وتجميعه( ) وكان أبو بكر يلزم‬
‫‪4‬‬

‫الرسول صلى ال عليه وسلم في هذه المعركة ويؤازره عند الحرب‪ ،‬وأينما حل‬
‫وارتحل( )‪ ،‬يعاونه في المهام‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫انت صر الم سلمون في هذه المعر كة‪ ،‬وق تل من ق تل من قر يش‪ ،‬وفروا على‬
‫أعقابهم‪ ،‬وهنا انقسم جيش المدينة إلى ثلثة أقسام‪ ،‬قسم يطارد المنهزمين‪ ،‬وقسم‬
‫يج مع الغنائم‪ ،‬وثالث ب قي حول م قر القيادة وحول الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫ونائبه( )‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫فهي معركهة أحهد؛ وعندمها انتكهس المسهلمون‪ ،‬أقبهل أبهو سهفيان قائد جيهش‬
‫قر يش‪ ،‬ي سأل عن مح مد‪ ،‬ثم ي سأل عن أ بي بكر‪ ،‬ذلك أن قريشا تعلم منزلة أ بي‬
‫ب كر ال صديق ع ند الر سول صلى ال عل يه و سلم وتعلم أ نه يأ تي الر جل الثا ني‬
‫ولذلك قام أ بو سفيان فقال‪" :‬أ في القوم مح مد‪ ..‬ثم قال بعد ها أ في القوم ا بن أ بي‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،150 /2 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪/2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،125‬الكلعي‪ -‬الكتفاء‪.29 /2 :‬‬


‫() الطـبري ‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪2/151 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪/2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.126‬‬
‫() الواقدي ‪ -‬مغازي رسـول الله‪ ،80 :‬البلخـي‪ -‬البدء والتاريـخ‪ ،92 /41 :‬الحلبـي‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬السيرة الحلبية‪.201 /2 :‬‬


‫() ابن سيد الناس‪ -‬عيون الثر‪.248 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،15 /2 :‬ابن عبد البر ‪ -‬الدرر‪ ،114 :‬الكلعي ‪ -‬الكتفاء‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،29-2/28‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.177 /2 :‬‬


‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.92 /1 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪45‬‬
‫قحا فة‪) ("..‬ولم يترك النائب القائد في هذه المعر كة بل صاحبه في كل مراحل ها‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وث بت معه في أشدها‪ ،‬وعندما زلزل المقاتلون‪ ،‬وفر بعضهم عن القائد؛ أما أ بو‬
‫()‬
‫بكر فقد بقي ملزما مؤازرا مدافعا‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وفي غزوة بني النضير انطلق القائد ونائبه ومعهما بعض الصحابة إلى بني‬
‫النض ير ي ستعينهم في د ية القتيل ين من ب ني عا مر‪ ،‬وب عد أن أظ هر ب ني النض ير‬
‫العون‪ ،‬انقلبوا يكيدون له‪ ،‬وهمّوا بقتله وذلك بإلقاء صخرة عليه وهو جالس فيهم‪،‬‬
‫فانت به إلى هذه المكيدة( )فقام من مجل سه وات جه باتجاه المدي نة‪ ،‬وأو كل أ مر القيادة‬
‫‪3‬‬

‫إلى أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬الذي حاصهر يهود بنهي النضيهر حتهى عاد القائد مهن‬
‫مهمته( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫وفي غزوة بني المُصطَلق (ال ُم َريْسيع) في السنة السادسة من الهجرة‪ ،‬خرج‬
‫القائد مع نائ به لملقاة ب ني الم صطلق الذ ين يحضرون ويجتمعون لقتال الج يش‬
‫العربي السلمي في المدينة‪ ،‬وقد نال منهم‪ ،‬وانتصر عليهم( )‪ .‬ثم قفل راجعا إلى‬
‫‪5‬‬

‫المدينهة‪ ،‬وقبهل أن يتحرك الجيهش طلب المقاتلون مهن أبهي بكهر الصهديق على‬
‫اعتباره نائب القائد لبدء المسير من هذا المكان الذي طال مكوثهم فيه لفقدان عقد‬
‫()‬
‫لعائشة ابنته‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫وفي فتح مكة‪ ،‬جهز القائد‪ ،‬وأمر بالتحضيرات السرية في السنة الثامنة من‬
‫الهجرة‪ ،‬وعمّىه على قريهش حتهى ل تعرف الوجههة التهي يتجهه إليهها الجيهش‬
‫العر بي ال سلمي وع مى على غ ير قر يش من العداء‪ ،‬فمن هم من يقول ير يد‬
‫قريشا‪ ،‬ومنهم من يقول يريد غيرها( )‪ .‬ودخل القائد مكة بفرقة فيها أبو بكر من‬
‫‪7‬‬

‫()‬
‫‪8‬‬
‫أعالي المدينة‪ ،‬وقسم الفرق الخرى فدخلت مكة من جهاتها الثلث‪.‬‬

‫وفهي آخهر غزوة غزاهها القائد وههي تبوك وذلك فهي السهنة التاسهعة مهن‬
‫الهجرة‪ ،‬وكان الحهر شديدا‪ ،‬والفقهر مدقعا‪ ،‬والناس فهي ضيهق وعسهرة‪ .‬تحرك‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.205 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،42 /2 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.184 /1 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.224 ،2/223 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.449 ،180 ،1/179 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪2/260 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.2/65 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.330 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،2/135 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.334 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪46‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم بجيشه من المدينة حتى وصل تبوك‪ ،‬وعاد بعد أن‬
‫مكث هناك بضع عشرة ليلة‪ ،‬وحقق أهدافه الستراتيجية( )‪ .‬وفي هذه أشار القائد‬
‫‪1‬‬

‫()‬
‫‪2‬‬
‫العلى إلى نائبه أبي بكر الصديق أن يؤم العسكر في الصلة‪.‬‬
‫مما تقدم؛ فقد كان أبو بكر ملزما لقائده‪ ،‬مرافقا له‪ ،‬ومصاحبا‪ ،‬وقريبا منه‬
‫فهي جميهع مراحهل القيادة؛ له التقدم فهي التكلم فهي شؤون الحرب والقتال؛ وقهد‬
‫ساعد القائد العلى من م قر القيادة‪ ،‬ك ما هوّن عل يه وبشره بانجاز ما وعده ربّه‬
‫به‪ ،‬ونفس عن كربه‪ ،‬وتبادل معه الحديث والبشرى‪ ،‬ومال إلى رأيه بشأن أسارى‬
‫بدر‪ ،‬واسهتطلعا معا مها يجهب اسهتطلعه؛ وقاد أبهو بكرالجيهش وأمّه فهي غياب‬
‫ق منزلة أبي بكر بأنه النائب‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم؛ وعرف العد ّو والصدي ُ‬
‫للقائد العلى ل ينافسه في ذلك أحد من الصحابة‪.‬‬

‫حامل الّراية (اللواء)‬


‫بعد النتكاسة التي مني بها الجيش العربي السلمي في معركة أحد‪ ،‬وعاد‬
‫إلى المدينهة‪ ،‬اسهتنفر القائد العلى الجيهش فهي تلك الليلة التهي وصهل فيهها‪،‬‬
‫واسهتجاب المقاتلون على مها فيههم مهن جراح وتعهب‪ .‬فهي هذه الشدة وفهي هذه‬
‫المح نة أودع الر سول صلى ال عل يه و سلم الرا ية أ با ب كر ال صديق( )‪ .‬فأخذ ها‬
‫‪3‬‬

‫وانطلق أمام الجيهش مسهرعا للقاء العدو حتهى يظهن أن هذا الجيهش ليزال على‬
‫قوته‪ ،‬وأن ما أصابه لم يفت في عزمه‪ ،‬وتجمعت الكتائب تترى متتابعة بعضها‬
‫إثهر بعهض حتهى وصهلت حمراء السهد( )‪ ،‬ونال الجيهش مهن عدوه دون قتال‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫وأرعب العدو فانسحب إلى مكة وعاد القائد بجيشه إلى المدينة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وفي غزوة المريسيع حمل أبو بكر الراية عن المهاجرين‪ .) ( .‬وفي غزوة‬
‫‪6‬‬

‫()‬
‫تبوك حمل اللواء العظم وكان لونه أسود‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ 267 /2 :‬وما بعدها‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.165 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،94 /2 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.167 /1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() حمراء السـد مكان على ثمانيـة أميال مـن المدينـة‪:‬الطـبري ‪ -‬تاريـخ المـم‬ ‫‪4‬‬

‫والملوك‪ .212 /2 :‬الحموي ‪ -‬معجم البلدان‪.301 /2 :‬‬


‫() الحميدي ‪ -‬المســـند‪ ،128 /1 :‬الطـــبري ‪ -‬تاريـــخ المـــم والملوك‪،211 /2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ناصف ‪ -‬التاج الجامع للصول‪.88 /4 :‬‬


‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.64 /2 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪47‬‬
‫ل يحمل الراية (اللواء) إل أقوى القوم وأشجعهم‪ .‬وإن حمل اللواء يدل على‬
‫الث قة الكاملة بحامله من القائد العلى‪ ،‬ويشعره على أ نه أ هل للقيادة ور مز ل ها‪.‬‬
‫وهكذا فإن أ با ب كر ك ما يل حظ ندب لهذا الع مل في أ صعب المعارك وأق ساها‪،‬‬
‫فغزوة حمراء السهد كانهت بعهد انتكاسهة والمقاتلون فهي نصهب وجراح‪ ،‬وغزوة‬
‫تبوك كا نت في ضائ قة ماد ية صعبة‪ ،‬و في حر شد يد‪ ،‬وم سافة بعيدة‪ ،‬وخطوط‬
‫إمداد طويلة‪.‬‬

‫أبو بكر أمين سر القائد العلى‬


‫كان القائد يكتم السرار‪ ،‬أو بعضها عن مجلسه أو أصحابه؛ لكن أبا بكر كان‬
‫يعلم مها ل يعلمهه غيره‪ ،‬وكان الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم يخفهي التحضيرات‬
‫ليباغت القوم‪ ،‬وليأخذهم على ح ين غرة( )‪ .‬ففي غزوة الف تح أخ فى القائد العلى كل‬
‫‪1‬‬

‫تحضيراته حتى على أقرب الناس إليه حتى على زوجه عائشة؛ ولما سأله أبو بكر‪:‬‬
‫ف ذلك يا أ با ب كر‪ ..‬واط ِو ما ذكرت‬ ‫"فأ ين تر يد يا ر سول ال؟" قال‪" :‬قريشا وأخ ِ‬
‫لك‪ ) (".‬و في ح صار الطائف وب عد التجاء المنهزم ين من ثق يف وغير ها ب عد وق عة‬‫‪2‬‬

‫حن ين إلى الطائف‪ ،‬وب عد اتخاذ جم يع الجراءات الدفاع ية والتح صينية‪ ،‬حا صرهم‬
‫القائد العلى‪ ،‬ونصهب عليههم المنجنيهق‪ ،‬وقطهع عنههم المدادات والمياه‪ ،‬لكنههم لم‬
‫يستسلموا‪ ،‬وظلوا يقاومون ويدافعون عن مدينتهم فيقتلون ويقتلون‪ ،‬ولم يلبث الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم أن فك الحصار عن الطائف وأذن بالرحيل( )‪ .‬وأس ّر القائد إلى‬
‫‪3‬‬

‫نائ به أم ين سره وحده دون غيره أ نه لم يؤذن له في ف تح الطائف‪ ،‬فكتمها أ بو ب كر؛‬


‫ولما كثر الجدال في هذه المسألة بين عمر بن الخطاب وبين أبي محجن‪ ،‬نهى أبو‬
‫ب كر ع مر عن هذا الجدال وقال‪" :‬لم يؤذن للر سول صلى ال عل يه و سلم في ف تح‬
‫الطائف‪ .‬فسأل عمر الرسول صلى ال عليه وسلم فقال‪" :‬نعم لم يؤذن لي‪) (".‬وكذلك‬
‫‪4‬‬

‫في ق صة خط بة حف صة ب نت ع مر يوم عرض ها على أ بي ب كر فأ بى فقال ب عد أن‬


‫خطبها الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬فلم أكن لفشي س ّر رسول ال صلى ال عليه‬
‫()‬‫‪5‬‬
‫وسلم ولو تركها قبلتها "‬

‫() النووي ‪ -‬تهذيــب الســماء واللغات‪ ،184 /2 :‬المقريزي‪ -‬اتباع الســماع‪/1 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،195‬وجدي ‪ -‬دائرة معارف القرن العشرين‪.301 /2 :‬‬


‫() الواقدي‪ -‬المغازي‪ ،203 ،13 /1 :‬ابن هشام ‪ -‬السيرة النبوية‪.39 ،15 /4 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.362 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪ 266 /2 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.85 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البخاري ‪ -‬باب المناقـــــــب‪ ،25 :‬باب النكاح‪ ،33 :‬مســـــــلم ‪ -‬باب فضائل‬ ‫‪5‬‬

‫الصحابة‪ ،99 ،98 :‬النسائي‪ -‬باب النكاح‪ ،24 :‬ابن ماجه‪ -‬باب الجنائز‪ ،64 :‬أبو‬
‫‪48‬‬
‫ول‬
‫المستشار العسكري ال ّ‬
‫لقد كان المجلس العسكري الستشاري يضم نخبة من الصحابة‪ .‬وفي بعض‬
‫الحيان و في مناق شة ب عض المور الها مة كشؤون الحرب‪ ،‬واعلن التعبئة‪ ،‬فإن‬
‫هذا المجلس يكون وقتئذ موسعا بحيث يشمل المستشار الول والصحابة الخرين‬
‫وزعماء القبائل وقادة التشكيلت‪ ،‬والذين لهم علم وخبرة في العمال القتاليّة؛ كما‬
‫حدث عندما انعقد هذا المجلس قب يل معركة أ حد( )‪ .‬وسواء أكان المجلس مو سعا‬
‫‪1‬‬

‫أم مقت صرا على فئة خا صة لب حث موضوع قتالي أو حر بي‪ ،‬فإن أ با ب كر يكون‬
‫فيه أول المتكلمين‪ ،‬فهو أول من تكلم في معركة بدر بعد أن نجت عير قريش‪،‬‬
‫فقام فقال وأح سن ثم تب عه ع مر والمقداد‪ ،‬ثم الن صار ممثلون ب سعد بن معاذ( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وفي غزوة حمراء السد استشاره الرسول صلى ال عليه وسلم أيضا في طلب‬
‫ل فنادى‪" :‬إن رسول ال صلى‬ ‫العدو‪ ،‬فأشار عليه في ذلك‪ ،‬فأمر القائد العلى بل ً‬
‫ال عليه وسلم يأمركم بطلب عدوكم‪) (".‬وفي غزوة بدر الموعد (بدر الثانية) التي‬
‫‪3‬‬

‫سهميت أيضا (غزوة السهويق) التهي خرج فيهها الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‬
‫لملقاة أبي سفيان( )‪ .‬فأشار أبو بكر بالملقاة والتعرض فقال‪" :‬يارسول ال إن ال‬
‫‪4‬‬

‫مظهر دينه‪ ،‬ومعز نبيه‪ ،‬وقد وعدنا القوم موعدا‪ ،‬ول نحب أن نتخلف فيرون أن‬
‫()‬
‫‪5‬‬
‫هذا جبن فسر لموعدهم‪ ،‬فوال إن في ذلك لخيرة‪.‬‬

‫قائد ميمنة الجيش‬


‫يتهم تنظيهم الجيهش العربهي السهلمي مهن المقدمهة‪ ،‬والميمنهة‪ ،‬والميسهرة‪،‬‬
‫والقلب‪ ،‬والساقة‪.‬‬

‫يعلي ‪ -‬المسند‪.29 ،18 /1 :‬‬


‫() الواقدي‪ -‬المغازي‪ ،209 /1 :‬ابن هشام ‪ -‬السيرة النبوية‪ ،67 /3 :‬ابن سعد ‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطبقات‪ ،26 /2 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.503 /2 :‬‬


‫() ابـــن شهاب الزهري ‪ -‬المغازي النبويـــة‪ ،63 :‬الكلعـــي ‪ -‬الكتفاء‪،19 /2 :‬ا‬ ‫‪2‬‬

‫لمقريزي‪ -‬امتاع السماع‪ ،74 ،73 /1 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪،160 ،159 /2 :‬‬
‫الكاند هلوي ‪ -‬حياة الصحابة‪.422 /1 :‬‬
‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.167 /1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.167 ،175 /2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.184 /1 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪49‬‬
‫فهي أول معركهة فهي بدر عيهن أبهو بكهر قائد ميمنهة الجيهش( )‪ ،‬وقاد ميمنهة‬
‫‪6‬‬

‫الجيش أيضا في معركة حنين( )‪" .‬ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم‬
‫‪7‬‬

‫شيئا وضا قت علي كم الرض ب ما رح بت ثم ولي تم مدبر ين‪ .‬ثم أنزل ال سكينته‬
‫على رسهوله وعلى المؤمنيهن وأنزل جنودا لم تروهها وعذب الذيهن كفروا وذلك‬
‫جزاء الكافرين( )" خرجت هوازن وثقيف وعسكرتّا في حنين( )‪ .‬وقد ساقوا معهما‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬

‫الن ساء وال صبيان‪ ،‬وا ستعدوا لقتال وملقاة الج يش العر بي ال سلمي‪ ،‬وا صطفت‬
‫الفئتان‪ ،‬فهاجهم مقاتلو هوازن وثقيهف على طول جبههة القتال وضغطوا فهي‬
‫الهجوم‪ ،‬فتصهدع بنيان الصهفوف السهلمية وتفرق قسهم منههم‪ ،‬ل يلوون على‬
‫أحد( )فثبت أبو بكر الصديق قائد الميمنة‪) (.‬ودعا القائد العلى المنهزمين فعطفوا‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬

‫عل يه‪ ،‬فأعاد تنظيم هم‪ ،‬وقام بهجوم معا كس أدى إلى خرق صفوف العدو وبعثرة‬
‫قوا ته‪ ،‬وهزيمت ها‪) (.‬ورد أ بو ب كر المشرك ين من جان به‪ ،‬وعاد تما سك الجناح ين‬
‫‪12‬‬

‫والقلب‪ ،‬وأعيد تنظيم الجيش حين أمر الرسول صلى ال عليه وسلم العباس أن‬
‫ينادي وي صرخ بالمقاتل ين ل كي يرجعوا فيباشروا القتال من جد يد( )‪ .‬وكان ل بي‬
‫‪13‬‬

‫بكر دوره في إحراز النصر‪ ،‬وإعادة الجيش( )‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫ول شاهد على صلح الحديبية‬


‫أ ّ‬
‫أعلن الر سول صلى ال عل يه و سلم العمرة في ال سنة ال سادسة من الهجرة‪،‬‬
‫وخرج معهه أبهو بكهر الصهديق‪ ،‬واجتمهع إليهه العرب والعراب‪ ،‬وكان عددههم‬
‫أربعمائة وألف معتمر‪) (.‬وسار بهم حتى انتهى إلى ذي الحليفة فوقفت قريش في‬
‫‪10‬‬

‫طريقه فمنع ته من دخول م كة‪ ،‬فات جه إلى ِم نى‪ ،‬ثم ات بع طريقا مخفيا عن أنظار‬
‫أهل مكة فوصل الحديبية فنزل بها‪ ،‬وأرسل إلى قريش يخبرهم أنه جاء معتمرا‬
‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.80 /1 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الجاحظ ‪ -‬العثمانية‪.66 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() سورة التوبة ‪ -‬اليتان‪.26 ،25 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() حنيـن هـو واد قريـب مـن مكـة يبعـد عنهـا ثلث ليال‪ .‬انظـر الحموي ‪ -‬معجـم‬ ‫‪9‬‬

‫البلدان‪.313 /2 :‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.347 /2 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫() ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.263 /2 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫() ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/363 :‬‬ ‫‪12‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.348 ،347 /2 :‬‬ ‫‪13‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.151 /2 :‬‬ ‫‪14‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.271 /2 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪50‬‬
‫ل مقاتلً‪ ،‬واختلفت آراء زعماء قريش‪ ،‬وتعددت رسلهم إلى النبي صلى ال عليه‬
‫و سلم‪ ،‬فقام أحد هم عروة بن م سعود‪ ،‬فأراد أن ي ستفز ال صحابة فقال أ بو ب كر‪:‬‬
‫"اِم صص ب ظر اللت‪) (،‬أن حن ن فر وند عه" فعاد يح مل ما رأى و ما سمع وأخيرا‬
‫‪1‬‬

‫أر سلت قر يش سهيل بن عمرو مع اثن ين ليقوموا بأ مر ال صلح‪ ،‬وكت بت وثي قة‬
‫الصهلح التهي اعترض عليهها عمهر بهن الخطاب‪ ،‬ورأى أن فيهها إجحافا بحهق‬
‫المسلمين‪ ،‬لكن أبا بكر هدّأ من غضب عمر وأمره باللتزام والطاعة‪ ،‬كما أقنع‬
‫ن رسول ال صلى ال عليه وسلم هو المؤتمن علينا‪ ،‬وإنه لن يضيعه‬ ‫الخرين بأ ّ‬
‫ال أبدا‪ .‬ف سكن القوم وكأنما أنزلت عل يه ال سكينة والرا حة النف سية‪ .‬في هذا ال جو‬
‫كتبت وثيقة صلح الحديبية وكان أهم ما فيها‪ :‬وضع الحرب عشر سنين‪ ،‬وأنه من‬
‫أ تى ر سول ال من قر يش بغ ير إذن ول يه رده علي هم‪ ،‬و من جاء قريشا م من مع‬
‫رسول ال لم ترده عليه‪ ،‬وأنه من أحب أن يدخل في عقد رسول ال وعهده دخل‬
‫فيه‪ ،‬ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه‪) (..‬وبعد أن انتهى علي‬
‫‪2‬‬

‫بن أبي طالب من كتابة هذه الوثيقة التي كان يمليها عليه الرسول صلى ال عليه‬
‫ل ومؤتمرا وملتزما‬ ‫و سلم د عي أ بو ب كر ليكون أول شا هد علي ها‪) (.‬فوقع ها‪ ،‬ممتث ً‬
‫‪3‬‬

‫بإرادة الر سول صلى ال عل يه و سلم ورغب ته في ذلك‪ ،‬و هو مطمئن إلى سلمة‬
‫نتائجها‪ ،‬وأثرها في انتشار السلم وتعميمه فقال‪" :‬ماكان فتح أعظم في السلم‬
‫مهن فتهح الحديبيهة‪) (".‬لقهد قصهر نظهر المبصهرين فهي هذا الصهلح‪ ،‬وضجّه أكثهر‬
‫‪4‬‬

‫المقاتلين‪ ،‬وحتى الذين لهم حظ كبير في فهم وإدراك المور فاحتج أكثرهم على‬
‫صلح الحديبية واعتبروه إهانة وذلً‪ ،‬واعتبره أبو بكر عزا ورفعة وفتحا كبيرا( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫أبو بكر قائد سرية قتاليّة‬


‫بالضافة إلى تعدد المهام التي كلف بها أبو بكر من قبل الرسول صلى ال‬
‫عليهه وسهلم فإنهه كلف فهي السهنة السهابعة مهن الهجرة بقيادة سهرية ( )تنطلق مهن‬
‫‪6‬‬

‫() بظـر اللت‪ :‬اللت طاغيـة ثقيـف كانوا يعبدون مـن دون الله‪ ،‬والبظـر مابيـن‬ ‫‪1‬‬

‫سكُتَيْن مـن المرأة‪ .‬والعرب تطلق هذا اللفـظ على الذم فيقولون‪ :‬يـا ابـن‬
‫ال ْـ‬
‫مقطعة البظور‪ .‬انظر الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،275 /2 :‬ابن منظور ‪-‬‬
‫لسان العرب‪.70 /4 :‬‬
‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،97 /2 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.281 ،280 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.71 ،70 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.296 /1 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() المقريزي‪ :‬امتاع السماع‪ 297 /1 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،118 ،2/117 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.334 /1 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪51‬‬
‫المدينهة‪ .‬وتتحرك إلى بنهي كلب( )بنجهد( )‪ .‬اتبهع أبهو بكهر فهي قيادة هذه السهرية‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫جميهع العمال القتاليهة التهي تسههل عليهه الجاهزيهة القتاليهة وتحققهها وتحضيهر‬
‫وتدر يب الجنود وإعطاء التعليمات الول ية والتأم ين القتالي والمفاجأة في الزمان‬
‫والمكان ب عد ال صبح وعلى ورود الماء( )‪ ،‬والعمال ال سرية إذ و ضع كل مة ال سر‬
‫‪3‬‬

‫ال تي كا نت أ مت أ مت( )وتمر كز أ بو ب كر مع سريته في الرض المنا سبة ون فذ‬


‫‪4‬‬

‫الخفاء والتمويه‪ ..‬بهذا كله ا ستطاع أن ينتصر على بني الكلب وأن يوقع فيهم‬
‫القتل والسبي ويعود منتصرا( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وكذلك فإن الرسول صلى ال عليه وسلم ندب أبا بكر إلى كثير من المواقف‬
‫العسكرية‪ ،‬والمهمات القتالية‪ ،‬فنفذها بكل جدارة( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫صة‬
‫قائد سرية ذات مهام خا ّ‬
‫فهي السهنة السهادسة مهن الهجرة‪ ،‬تحرك القائد العلى بجيشهه مهن المدينهة‬
‫باتجاه بنهي لحيان( )الذيهن غدروا بأصهحاب الرجيهع‪ ،‬فأخفهى جميهع التحضيرات‪،‬‬
‫‪7‬‬

‫ل بالقرب من المدينة على طريق الشام‪ ،‬ثم‬ ‫وسلك محورا قل سالكوه( )فصعد جب ً‬
‫‪8‬‬

‫أتى إلى مخيض‪ ،‬فالبتراء‪ ،‬فصخيرات اليمام‪ ،‬فالمحجة من طريق مكة‪ ،‬ثم نزل‬
‫عُران( )قريبا مهن بنهي لحيان‪ .‬علموا بالتحرك فهربوا( )؛ ولمها انتههى الرسهول‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬

‫صلى ال عليه وسلم منهم شكل سرية من الجيش ذات مهام خاصة عددها عشرة‬

‫() بنــو كلب فخــذ مــن هوزان‪ .‬يســكنون بنجــد ووادي القرى‪ .‬انظــر كحالة‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫معجـــم قبائل العرب‪ ،990 ،3/918 :‬وتـــر ‪ -‬الدارة العســـكرية فـــي حروب‬
‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم‪.234 :‬‬
‫() نجـد‪ :‬كـل مـا ارتفـع مـن تهامـة فهـو نجـد‪ .‬وهذا المكان غيـر متفـق عليـه‪ ،‬وإذا‬ ‫‪2‬‬

‫كان بنو هوازن يسكنون نجد فإنهم يسكنون المنطقة التي تلي اليمن‪ .‬ومن‬
‫أوديتهــم وادي حنيــن الذي جرت فيــه معركــة حنيــن انظــر الحموي ‪ -‬معجــم‬
‫البلدان‪ ،261 /5 :‬كحالة ‪ -‬معجــــــم قبائل العرب‪ ،1231 /3 :‬وتــــــر ‪ -‬الدارة‬
‫العسكرية في حروب الرسول صلى الله عليه وسلم‪.234 :‬‬
‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪ ،118 /2 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.288 /2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.118 /2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،118 /2 :‬الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.288 /2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن حزم‪ -‬المفاضلة بين الصحابة‪.233 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() بنو لحيان من هذيل‪ .‬انظر كحالة‪ -‬معجم قبائل العرب‪.190 /3 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.254 /2 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() غران‪ :‬واد بيــن أمــج وعســفان‪ ،‬أو بيــن ســاية ومكــة‪ ،‬انظــر ابــن هشام ‪-‬‬ ‫‪9‬‬

‫السيرة النبوية‪.292 /3 :‬‬


‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.79 ،78 /2 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪52‬‬
‫فوارس بقيادة أبي بكر الصديق مهمتها‪ :‬ادخال الرعب والخوف في نفس قريش‬
‫وإرباكهها‪ ،‬وجعلهها فهي قلق وحيرة ولتعلم أن هذا الجيهش قادر على أن يجوس‬
‫خلل الديار‪ ،‬وأن يتعرض لها‪ ،‬وأن يصلها وهي في عقر دارها‪ .‬سار أبو بكر‬
‫بهذه ال سرية من ع سفان إلى الغم يم( )‪ ،‬دون أن يل قى عدوا‪ ،‬و قد ن فذ مهم ته على‬
‫‪1‬‬

‫أك مل و جه‪ .‬وهذا يدل على أن أ با ب كر كان فار سا يح سن ركوب الخ يل‪ ،‬ويج يد‬
‫الوقت نفسه قيادة الفرسان‪.‬‬

‫الفارس ذو الحركة العالية في‬


‫الميدان‬
‫( قائد الطليعة)‬
‫لما انتهت معركة أحد‪ ،‬ورجع المقاتلون إلى المدينة على ما بهم من جراح‬
‫ون صب وحزن وث قل‪ ،‬أعلن القائد العلى في اليوم الثا ني من أ حد ا ستنفار من‬
‫كان م عه بال مس وأذن مؤذن بالدعوة إلى القتال( )فانتدب أول ما انتدب أ با ب كر‬
‫‪2‬‬

‫والزبير بن العوام في سبعين‪ ،‬وأوكل إلى أبي بكر قيادة الطليعة‪ ،‬فنظمها وأعطى‬
‫التعليمات القتاليهة‪ ،‬وأسهند المهام‪ ،‬وحدد التجاه والهدف‪ ،‬وانطلق فهي أثهر العدو‪،‬‬
‫وا ستجاب للنداء قال ال تعالى‪ :‬الذ ين ا ستجابوا ل والر سول من ب عد ما أ صابهم‬
‫القرح للذ ين أح سنوا من هم واتقوا أ جر عظ يم‪ ،) (.‬فخرج على قرحهه وتع به فبلغ‬
‫‪3‬‬

‫حمراء السد( )وأرعب العدو من هذه الستجابة السريعة‪ ،‬فعاد من حيث أتى‪ ،‬ولم‬
‫‪4‬‬

‫يحصل قتال( )‪ .‬ومن هذه الغزوة يستدل على أن أبا بكر أول من استجاب لدعوة‬
‫‪5‬‬

‫القتال‪ ،‬وأول من ل حق بالعدو بكتي بة الطلي عة‪ ،‬وبالعدد الذي كان جاهزا آنذاك‪ ،‬ثم‬
‫تبعتهه بقيهة الكتائب إلى أن بلغ عدد المسهتنفرين حوالي مائتيهن مهن المقاتليهن( )‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫وي ستدل كذلك على أ نه كان سريع الحر كة‪ ،‬قادرا على إعادة وتحض ير وتنظ يم‬
‫هذه الكتيبهة التهي قادهها بعهد تبعثرهها وتعبهها وجراحهها‪ ،‬وعلى السهيطرة عليهها‬
‫وقيادتها في الظروف الحرجة‪.‬‬

‫ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.79 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.49 /4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫سورة آل عمران‪ -‬الية‪.172 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الحميدي‪ -‬المسند‪ ،128 /1 :‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.88 /4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،205 /4 :‬القرطبي‪ -‬تفسير القرطبي‪.1519 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫القرطبي ‪ -‬تفسير القرطبي ‪.519 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪53‬‬
‫أبو بكر القائد النضباطي‬
‫دلت تلك الفترة التي قضاها أبو بكر مع الرسول صلى ال عليه وسلم في‬
‫حروبهه على أنهه قائد انضباطهي‪ ،‬ومقاتهل طائع‪ ،‬وجندي ملتزم‪ .‬ينفهذ أمهر القائد‬
‫العلى بكهل طواعيهة واختيار‪ ،‬وبكهل إصهرار وتصهميم( )؛ فههو لثقتهه وإيمانهه‬
‫‪1‬‬

‫بالر سول صلى ال عل يه و سلم كان ي صدق ب كل ش يء ي صدر ع نه من قول أو‬


‫ف عل‪ .‬ف في غزوة الحديب ية أق ّر واعتراف بالمعاهدة مع ما في ها من غ بن( )‪ ،‬و في‬
‫‪2‬‬

‫بعث أسامة أكد جاهدا على إرساله ذلك البعث لن الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫أمر به( )‪ .‬فقد أطاعه إلى البد حيا وميتا‪ ،‬ل يناقشة في المر‪ ،‬ول يعترض عليه؛‬ ‫‪3‬‬

‫بل يقوم بتنفيذه‪ ،‬وكما تدل النظمة النضباطية في الجيوش الحديثة اليوم على أن‬
‫المهر أمهر القائد يجهب أن ينفهذ دون تذمهر أو تلكهؤ حتهى غدا القول شائعا فهي‬
‫ل وقبل كل شيء‪ .‬ولما صلّى أبو‬ ‫صفوف العسكريين نفذ ثم اعترض‪ ،‬فالتنفيذ أو ً‬
‫بكر بالناس في غياب الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولما حضر تأخر أبو بكر‬
‫فقال له الرسول صلى ال عليه وسلم "ما منعك أن تثبت حين أمرتك؟" فقال‪" :‬ما‬
‫كان لبهن أبهي قحافهة أن يتقدم بيهن يدي رسهول ال" ( )وكان جنديا ملتزما فهي‬
‫‪4‬‬

‫معركهة ذات السهلسل تحهت إمرة عمرو بهن العاص( )‪ .‬ولم يثبهت طوال الفترة‬
‫‪5‬‬

‫النبو ية أن اعترض‪ ،‬أو تل كأ‪ ،‬أو توا نى‪ ،‬فإ نه كان ي سارع في إطا عة الوا مر‪،‬‬
‫ويلتزم بها‪.‬‬

‫القائد العقائدي‬
‫آمهن أبهو بكهر بالمبدأ ودافهع عنهه‪ ،‬وظهل ملتزما بهه‪ ،‬وقاتهل دونهه وخاض‬
‫معارك كثيرة فهي سهبيل هذه العقيدة‪ .‬ذلك الرجهل العقائدي الذي قاتهل أقرب‬
‫المقربين إليه‪ ،‬فقد انبرى في معركة أحد إلى ابنه عبد الرحمن ليبارزه مرتجزا‬

‫وصنارم تقضني بنه يمينني‬ ‫لم يبنق إل حسنبي ودينني‬


‫() حسين‪ -‬الشيخان‪.6 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الجاحـــظ‪ -‬العثمانيـــة‪ ،62 :‬ابـــن الثيـــر ‪ -‬الكامـــل فـــي التاريـــخ ‪،156 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫المقريزي‪ ،‬امتاع السماع‪.144 /1 :‬‬


‫() الشيباني ‪ -‬شرح السير الكبير‪.54 /1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن حزم ‪ -‬المفاضلة بين الصحابة‪.242 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الكلعي ‪ -‬الكتفاء‪.422 /2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪54‬‬
‫ل كن الر سول صلى ال عل يه و سلم قال ل بي ب كر‪ " :‬شم سيفك وار جع إلى‬
‫مكا نك ومتع نا بنف سك"( )‪ .‬ول ما أ سلم ع بد الرح من قال لب يه‪" :‬ل قد أهد فت لي يوم‬
‫‪1‬‬

‫بدر فان صرفت ع نك ولم أقتلك‪ ".‬فقال أ بو ب كر‪" :‬لك نك لو أهد فت لي لم أن صرف‬
‫ع نك( )”؛ ك ما أ نه لم ي ستعمل أقار به‪ ،‬ول ح تى ولده ع بد الرح من الذي كا نت له‬
‫‪2‬‬

‫فضائل عظي مة وبخا صة في المعارك والحروب‪ ،‬و في معر كة اليرموك نف سها؛‬


‫ومهع ذلك كله فلم يخصهه بشيهء‪ ،‬وكان لذلك يخشهى أن يصهيبه بعهض الهوى‬
‫والميل إلى هؤلء القارب فتفسد العقيدة‪ ،‬ويضيع العدل والحكم( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫من مل مح العقائد ية ع ند أ بي ب كر أ نه كان متم سكا بخ طا من سبقه خطوة‬


‫بخطوة‪ ،‬و شبرا ب شبر‪ ،‬ومقتديا بكل الفعال والقوال‪ ،‬ومتبعا سنة الر سول صلى‬
‫ال عليه وسلم حتى ليشعر المرء أن الحب متأصل فيه إلى درجة الفتداء‪ ،‬وإلى‬
‫تقد يم كل ما عنده‪ ،‬ف هو الذي أر سل ج يش أ سامة لن الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسلم أمر به‪ ،‬برغم المعارضة الشديدة من قبل الصحابة‪ ،‬والخطورة الكبيرة من‬
‫ل لع مر بن الخطاب‪" :‬ثكل تك أ مك وعدم تك يا بن الخطاب ا ستعمله‬ ‫المرتد ين قائ ً‬
‫()‬
‫رسول ال وتأمرني أن أنزعه‪".‬‬
‫‪4‬‬

‫القائد ذو المعنويّات العالية‬


‫يح مل أ بو ب كر معنويات م صدرها الث قة بالن صر‪ ،‬وإن الن صر آت ل محالة‬
‫والث قة بالقائد العلى وإن ما يقوله صدق وعدل ل شك ف يه أبدا‪ .‬و من ه نا فإ نه‬
‫كان يحمل قومه على الثبات ويرفع معنوياتهم في وقت الشدة‪ ،‬ويحافظ عليها في‬
‫الموا قف الحر جة‪ .‬كان رمزا لمعنويات المقاتل ين‪ .‬فإذا قا تل في مجمو عة كا نت‬
‫القوة المعنويهة عاليهة‪ ،‬وممها يزيهد مهن هذه المعنويات أنهه كان يقول الشعهر فهي‬
‫المواقهف الحاسهمة وفهي الرد على العداء‪ ،‬وعلى قريهش الذيهن يعيبون مها حلله‬
‫ال سلم‪ .‬و من عيب هم أن هم ينكرون القتال في الش هر الحرام فنزلت آ ية التجل يل‪:‬‬

‫() المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.144 /1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،25 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.179 /2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن حزم المفاضلة بين الصحابة‪.245 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،462 /2 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪/2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.335‬‬
‫‪55‬‬
‫"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصدّ عن سبيل ال وكف ٌر‬
‫به والم سجد الحرام وإخراج أهله م نه أ كبر ع ند ال والفت نة أ كبر من الق تل ول‬
‫يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه‬
‫فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والخرة وأولئك أصحاب النار‬
‫هم فيها خالدون‪") (.‬‬
‫‪1‬‬

‫ك ما بدد أ بو ب كر ال شك والر يب من نفوس المقاتل ين في كث ير من الموا قف‬


‫ال صعبة ال تي كادت تع صف بمعنويات هم‪ ،‬كموق فه يوم صلح الحديب ية‪ ،‬حتهى إن‬
‫عمر بن الخطاب ساوره الشك يومئذ فالتجأ إلى أبي بكر فقال‪" :‬يا أبا بك ‍ر ! أليس‬
‫هذا نبي ال حقا؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قلت‪ :‬فلم نعطى الدنية في ديننا إذا؟ قال‪ :‬أيها الرجل‪،‬‬
‫إ نه ر سول ال‪ ،‬ول يس يع صي ر به و هو نا صره‪ ،‬فا ستمسك بغرزه ح تى تموت‪،‬‬
‫فواللّه إ نه لعلى ال حق‪ ،‬قلت‪ :‬أول يس كان يحدث نا أن نا سنأتي الب يت ونطوف به؟‬
‫قال‪ :‬فأخهبرك أنهه سهيأتيه العام ويطوف بهه‪ .‬قلت‪ :‬ل ‪ .‬قال‪ :‬فإنهك آيتهه ومطوف‬
‫به( )‪ .‬وموق فه يوم سئل عن إخبار الر سول صلى ال عل يه و سلم بقوله تعالى‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫"لتدخلن المسهجد الحرام إن شاء ال آمنيهن محلقيهن رؤوسهكم ومقصهرين‪") (..‬‬


‫‪3‬‬

‫وموق فه يوم ماج الناس بموت الر سول صلى ال عل يه و سلم واضطربوا فهدأ هم‬
‫وردهم إلى معنوياتهم( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫القائد باذل إرادة القتال‬


‫تتألف إرادة القتال مهن عنصهرين هاميهن أولهمها‪ ،‬بذل المال‪ ،‬وثانيهمها بذل‬
‫النفس‪ ،‬فمن بذل واحدة فقد أدى شطر الرادة‪ ،‬ومن قدمهما معا فقد أدى الرادة‬
‫القتالية كاملة‪.‬‬
‫لقد قدم أبو بكر ماله وكان ذا يسار‪ ،‬فابتاع راحلتين عند الهجرة فقدم واحدة‬
‫إلى الرسول صلى ال عليه وسلم فقدم كل عون ممكن وحمل معه بعض أمواله‬

‫() سورة البقرة‪ -‬الية‪.217 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـــن شهاب الزهري‪ -‬المغازي النبويـــة‪ ،56 ،55 :‬الطـــبري ‪-‬تاريـــخ المـــم‬ ‫‪2‬‬

‫والملوك‪،281 ،2/280 :‬المقريزي‪ -‬امتاع الســماع‪ ،292 /1 :‬الســيوطي‪ -‬تاريــخ‬


‫الخلفاء‪.28 :‬‬
‫() سورة الفتح‪ -‬الية‪.27 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن شهاب الزهري ‪ -‬المغازي النبوية ‪ ،135 ،134 :‬الجاحظ ‪ -‬العثمانية‪،80 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫السيوطي‪ ،‬تاريخ الخلفاء‪.19 :‬‬


‫‪56‬‬
‫المنقولة فصرفها في سبيل ال وفي غزوة تبوك قدم المقاتلون جزءا من أموالهم‪،‬‬
‫وقدم هو كل ماله فلم يبق منه شيئا‪ ،‬وعندما سأله الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"ما أبق يت لهلك؟" قال‪" :‬أبق يت لهم ال ورسوله‪) (".‬لقد كان سباقا في بذل المال‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ولم ي سبقه أ حد‪ ،‬ولم ي صل إلى هذا الم ستوى من العطاء من كان من ال صحابة‬
‫والمقربين( )‪ .‬لقد أنفق ماله كله‪ .‬فما ملك إل عباءة كانت لفرشه وغطائه في حين‬
‫‪2‬‬

‫أن غيره اقتنى من الحرث والموال والدور والضياع؛ ولما ولي الخلفة لم يتسع‬
‫()‬
‫في مال ولم يتخذ جارية ول خادما‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫هذا ول يخ فى أن أ با ب كر قدم نف سه رخي صه‪ ،‬فح ضر المشا هد( )كل ها مع‬


‫‪4‬‬

‫الرسول صلى ال عليه وسلم وذاق الذل والهوان‪ ،‬وكان يقحم نفسه على المهالك‬
‫ق بل الهجرة وبعد ها‪ ،،‬ولزم الر سول صلى ال عل يه و سلم فلم يتر كه لوحده يوم‬
‫الشدائد( )‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫حقا إ نه باذل المال والن فس‪ ،‬وإ نه أعطهى المال كله‪ ،‬وقدم الن فس فلم يب خل‬
‫بشيء‪ ،‬وكان في ذلك قدوة ومثلً‪ .‬ألم تر ك يف صمد مع ستة من المقاتلين أمام‬
‫العداء في معركة أحد يدافع عن القائد العلى ويذب عنه‪ ،‬فل ترهبه سهامهم‬
‫ول تثنيه شدتهم وبطشهم( )‪ .‬وكيف ثبت مع القلة الذين ثبتوا في حنين حين انهزم‬
‫‪6‬‬

‫الناس ل يلوون على أحد( )‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫أبو بكر القائد الداري‬


‫لقد أدرك أبو بكر أهمية و سائط النقل‪ ،‬وكا نت أهم الو سائط آنذاك الجمال‪،‬‬
‫ف هي ال تي يح مل علي ها المقا تل زاده ومتا عه‪ ،‬ويركب ها في طري قه إلى ساحات‬

‫() الدارمـــي‪ -‬ســـنن الدارمـــي‪ ،391 /1 :‬الترمذي ‪ -‬ســـنن الترمذي‪،277 /9 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫اليافعي‪ -‬الجنان‪.101 /1 :‬‬


‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن حزم ‪ -‬ا لمفاصلة بين الصحابة‪.244 ،243 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البلخي‪ :‬البدء والتاريخ‪ ،180 /4 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،3/213‬وجدي ‪ -‬دائرة معارف القرن العشريـــــن‪ ،301 /2 :‬الراوي ‪ -‬تاريـــــخ‬


‫الدولة العربية ‪.4 :‬‬
‫() ابنــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،42 /2 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الدرر‪ ،158 :‬النووي ‪ -‬تهذيــب‬ ‫‪5‬‬

‫السماء واللغات‪.2/1/184 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،46 /2 :‬الجاحظ‪-‬العثمانية‪.63 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،347 /2 :‬النووي ‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،184 /2/1‬المقريزي‪ -‬إمتاع السماع‪.407 /1 :‬‬


‫‪57‬‬
‫القتال‪ ،‬فإن وصلها ركب الخيل لكي يقاتل عليها‪.‬‬
‫فلقد هاجر من مكة إلى المدينة على جمل‪ ،‬كما حضر أول معركة‪ ،‬فانتقل‬
‫من المدي نة إلى بدر على بع ير في مجمو عة من ثلثة يتعاقبون بعيرا واحدا لقلة‬
‫وسائط النقل وكان هو وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وعلم ما للماء من أهم ية‪ ،‬فأو صى وأشار بالتحرك إلى محاور القتال ال تي‬
‫يتوفهر فيهها الماء‪ ،‬كمها أوصهى فهي معركهة تبوك بالنزول فهي مكان يتوفهر فيهه‬
‫المر عى والماء‪ ،‬ول كن ب عض أعضاء المجلس ال ستشاري أبوا هذا الرأي فنزلوا‬
‫بفلة ل ماء فيهها‪ ،‬وكادت تقطهع أعناق الرجال مهن العطهش‪ ،‬وكذلك فإن الخيهل‬
‫وال بل ضا قت ذرعا من شدة الع طش فقال الر سول صلى ال عل يه و سلم‪" :‬أ ما‬
‫إن هم لو أطاعوا أ با ب كر وع مر رشدوا‪ ،‬وذلك أنه ما أرادا أن ينزل بالج يش على‬
‫الماء فأبوا ذلك عليهما‪ ،‬فنزلوا على غير ماء بفلة من الرض‪.") (.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقدّم السعافات الولية للمقاتلين‪ ،‬وبخاصة في معركة أحد حيث نظر إلى‬
‫زملئه المقاتلين‪ ،‬فلقي الجرحى في ميدان المعركة من يمينه وشماله‪ ،‬فقدم لهم ما‬
‫يستطيع تقديمه من إسعافات أولية‪ ،‬وأسرع إلى ابن عمه طلحة ابن عبيد ال فقدم‬
‫له ال سعافات‪ ،‬ون ضح في وج هه الماء‪ ،‬فأفاق من غشي ته‪ ،‬فإذا هو ين ظر إل يه‬
‫شاكرا له هذه المسهاعدة‪ ،‬مسهتفسرا عهن صهحته وسهلمة القائد العلى‪ ،‬فيقال له‬
‫ل بين جريح وآخر‪.‬‬ ‫بخير‪ ،‬فيطمئن( )‪ .‬ويمضي متنق ً‬
‫‪3‬‬

‫القائد النساني‬
‫لقد كان أبو بكر رحيما بالسارى‪ ،‬إذ كان يترفق بهم‪ .‬ففي معركة بدر أُسر‬
‫ل( )من قريش‪ ،‬ومنهم الكثير من عشيرة الرسول صلى ال عليه وسلم‬ ‫سبعون رج ً‬
‫‪4‬‬

‫وقراب ته‪ .‬وال سير إ ما أن يق تل‪ ،‬أو ُي من عل يه؛ أو يُفتدى‪ ،‬ول ما كا نت الفكرة آنئذ‬
‫متج هة إلى قتل هم‪ ،‬فكان أ بو ب كر يقول‪" :‬أهلك وعشير تك وب نو أب يك أ بق علي هم‬

‫ابن سيد الناس ‪ -‬عيون الثر‪.246 /1 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫المقريزي‪ -‬إمتاع السماع‪.476 /1 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬مغازي رسول الله‪.199 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،169 /2 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.2/204 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪58‬‬
‫واسهتأن بههم‪ ") (".‬كان يحمهل قلبا رحيما وفؤادا مفتوحا‪ ،‬وحنانا إلى كهل الناس‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ل ومشفقا ومدافعا‪ .‬إنه يحمل الصفة‬ ‫فكيف بالهل والقارب‪ ،‬حيث كان بهم واص ً‬
‫الن سانية ال تي تميزه عن غيره ح تى في حرو به‪ ،‬و في و صاياه وتعليما ته لقادة‬
‫تشكيلتهه‪ .‬وفهي توجيهاتهه لخالد بهن الولد حيهن وجههه لقتال الردة‪" :‬وارفهق‬
‫بالمسلمين في سيرهم ومنازلهم وتفقدهم‪ ،‬ول تعجل ببعض الناس عن بعض في‬
‫المسير‪ ،‬ول في الرتحال من مكان‪ ،‬واستوص بمن معك من النصار خيرا من‬
‫حسن صحبتهم‪ ،‬ولين القول لهم‪ ") (..‬فلقد كان العفو من شيمته‪ ،‬هينا‪ ،‬لينا( )‪.‬ولما‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫قدم أبو سفيان إلى المدينة طالبا زيادة المدة في صلح الحديبية‪ ،‬لم يظهر الرحمة‬
‫والن سانية من ب ين ال صحابة الذ ين كلم هم أ بو سفيان سوى أ بي ب كر الذي قال‪:‬‬
‫"جواري في جواري ر سول ال( )‪ .‬ول ما مات سعد بن معاذ بكاه أ بو ب كر‪ ،‬وكان‬
‫‪4‬‬

‫يسمع بكاؤه إلى حجرة عائشة ابنته‪) (.‬وكان الرسول صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫‪5‬‬

‫"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر‪ ") ("..‬وهو الذي يصفه ابن الدّغنة( )قائلً‪" :‬إنك تكسب‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫المعدوم‪ ،‬وتصهل الرحهم‪ ،‬وتحمهل الكهل‪ ،‬وتقري الضيهف‪ ،‬وتعيهن على نوائب‬
‫()‬
‫الحق‪".‬‬
‫‪8‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههه‬

‫() الطــبري ‪ -‬تاريــخ المــم واملوك‪ ،170 /2 :‬البلخــي‪ ،‬البدء والتاريــخ‪،192 /4 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪ ،97 /1 :‬الحلبي ‪ -‬السيرة الحلبية‪.201 /2 :‬‬


‫() فارق‪ -‬تاريخ الردة‪.26 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪ ،69 ،68 :‬العقاد‪ -‬عبقرية الصديق‪ 43 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.72 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.253 /2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الترمذي‪ -‬باب المناقــب‪ ،32 :‬ابــن ماجــه‪ -‬مقدمــة‪ ،11 :‬الســيوطي ‪ -‬تاريــخ‬ ‫‪6‬‬

‫الخلفاء‪ ،32 :‬الحلبي‪ -‬السيرة الحلبية‪.201 /2 :‬‬


‫() ابـن شهاب الزهري ‪ -‬المغازي النبويـة‪( 97 :‬خرج أبـو بكـر مهاجرا ً إلى أرض‬ ‫‪7‬‬

‫الحبشـة‪ ،‬لقيـه ابـن الدغنـة‪ .‬وهـو عنـد ابـن اسـحاق رجـل مـن بنـي الحارث بـن‬
‫عبد مناة بن كنانة‪ .‬وكان سيد الحابيش)‬
‫() ابن شهاب الزهري ‪ -‬المغازي النبوية‪.97 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪59‬‬
‫هههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههه‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مسارح العمليَّات‬
‫لم يشههد التاريهخ مسهرحا أكهبر جبههة وعمقا ومسهاحة مهن المسهارح التهي‬
‫خاضها أبو بكر الصديق‪ ،‬وخاضتها جيوشه‪ .‬فقد وطئت سنابك الخيل أراضي‬
‫شبه جزيرة العرب‪ ،‬ثم انتقلت إلى العراق فبلد الشام‪ .‬ومن الطبيعي أن الرض‬
‫بهيئات ها الطبيع ية تختلف من مكان إلى آ خر‪ .‬فالعربهي قد تعود أرض الجزيرة‬
‫العربيهة ورمالهها وجفافهها وقلة المياه فيهها‪ ،‬وارتفاع درجهة الحرارة صهيفا‪،‬‬
‫واختلفهها فهي الليهل والنهار‪ ،‬وانبسهاط مسهرحها العملياتهي وانكشافهه‪ ،‬وتوفهر‬
‫ساحات القتال ال تي ت صلح لقتال الخ يل والمشاة‪ ،‬وعند ما انت قل المقا تل من هذه‬
‫الرض‪ ،‬و جد م سرحا يختلف عن الول‪ ،‬فالم ستنقعات‪ ،‬وزيادة البرودة‪ ،‬وكثا فة‬
‫المدن‪ ،‬وتمر كز الحاميات حول ها فرض على العرب أن يقاتلوا على م سرح ف يه‬
‫بعض التبد يل والتغي ير مما اضطر هم إلى أن يختاروا الرض المنا سبة ال تي قد‬
‫تو فر ل هم ب عض الشروط ال تي اعتادو ها من ق بل‪ .‬و من هذا الم سرح إلى أرض‬
‫الشام التهي كانهت مكسهوة بخضرة نضرة‪ ،‬وأشجار ذات ثمار مختلفهة‪ ،‬وأنهار‬
‫متدفقة‪ ،‬وجبال فيها من برد‪ ،‬وسهول فيها من عشب‪ ،‬وطرق فيها من سهولة مما‬
‫أتاح للجيوش العربية أن تمون قاعدتها المادية‪ ،‬وأن تجد المحاور التي يمكن أن‬
‫تتحرك عليهها‪ ،‬وتبقهى مشكلة المنطقهة التهي تؤمهن لههم شروط القتال‪ ،‬والمناورة‬
‫بالقوى والوسههائط وحلت هذه المشكلة بانتقاء المسههرح والرض والموقههع‬
‫المناسهب‪ ،‬أي أن العرب اختاروا الرض وفرضوا على عدوههم أن يقاتهل فيهها‪،‬‬
‫وهم ل يزالون متأثرين بمسرح شبه جزيرة العرب‪.‬‬

‫صفات مسارح العمليات‬


‫ات سع م سرح العمليات تدريجيا إذ بدأ بمعارك متفر قة حول المدي نة‪ ،‬ثم ام تد‬
‫خالد بن الوليد بعملياته نحو الشمال‪ ،‬ثم إلى الشرق من المدينة‪ .‬ثم شمل أراضي‬
‫‪61‬‬
‫ش به جزيرة العرب‪ ،‬وب ضم هذه الراضهي الجديدة تطلّب من الخلي فة أبهي ب كر‬
‫الصهديق أن يحرك أحهد عشهر تشكيلً‪ ،‬وأن يوسهع عملياتهه القتاليهة فهي كهل‬
‫التجاهات‪ ،‬ل كن هذا الت ساع أضاف إل يه أعباءً كبيرة من ح يث ال سيطرة إذ ل‬
‫يك في أبدا أن نح تل الرا ضي‪ ،‬بل ال هم من ذلك أن نحا فظ على هذا الحتلل‪،‬‬
‫وأن نتمكن من قيادة وإدارة هذا المسرح بكل كفاءة‪ .‬وإذا اتسع المسرح العملياتي‬
‫فإنه يؤدي إلى التخطيط المركزي والتنفيذ غير المركزي بمعنى أن القائد العلى‬
‫في المدي نة يقود ا ستراتيجيا ويخ طط على الم ستوى ال ستراتيجي‪ ،‬ويكون التنف يذ‬
‫عملياتيا وتكتيكيا عن طريق الجيوش‪ ،‬المنتشرة في كل الجهات‪ .‬كما أن التساع‬
‫يضعهف القيادة فيمها إذا حاولت أن تقود كهل الجيوش وأن تتدخهل فهي تحركاتهها‬
‫ومناوراتهها‪ ،‬ويُقويهها فيمها إذا خططهت مركزيا وتركهت بعهض الحريات لقادة‬
‫الجيوش في التنف يذ‪ .‬وهذا ما ح صل فعلً إذ أقدم أ بو ب كر على اعتماد ال سلوب‬
‫المركزي فههي التخطيههط‪ ،‬وقاد الجيوش معتمدا على رجال أكفاء‪ ،‬وقدرة على‬
‫المناورة والحركة ضمن هذه الراضي الواسعة‪.‬‬
‫امتدت خطوط المداد والخلء‪ ،‬وأ صبحت بعيدة عن مركز المدينة القاعدة‬
‫الماد ية ال كبيرة في المؤن والرجال‪ .‬وبهذا المتداد فإن على الخلي فة أن يف كر في‬
‫قواعهد متقدمهة تتوفهر فيهها العتدة والوسهائط الماديهة اللزمهة لضمان اسهتمرار‬
‫التقدم‪ ،‬وزيادة وتيرة الهجوم‪ .‬كمها أن عليهه أن يفكهر فهي صهيانة وحفهظ هذه‬
‫المحاور‪ .‬وبمها أن مسهرح عمليات شبهه جزيرة العرب كان صهحراويا‪ ،‬فإن‬
‫المحاور قد تتو فر ف يه‪ ،‬وبالتالي فإن الجمال والخ يل ت ستطيع أن ت سلكه ولو كان‬
‫صهعب المسهلك‪ ،‬أمها الخطورة فهي هذه فإنهها تكمهن فهي ضياع معالم الطرق‪،‬‬
‫والوصهول إلى أمكنهة ل ماء فيهها ول مرعهى‪ ،‬وحينئذ يكون المخرج مهن هذا‬
‫المأزق فهي العتماد على أدلء يخرجون بهذا الجيهش إلى النجاه والسهلمة كمها‬
‫حدث لخالد بن الوليد عندما انتقل من مسرح العراق إلى مسرح الشام‪ ،‬إذ اجتاز‬
‫طريقا صهعبة كادت تقضهي على الجيهش لول حكمهة القائد وخهبرته القتاليهة‬
‫وإجراءاته الدارية‪.‬‬

‫تطلّب التساع إلى توزيع بعض القوات لحماية الراضي والمدن والحاميات‬
‫التي تمت السيطرة عليها‪ ،‬كما تطلب تعيين القيادات والولة والحكام العسكريين‪،‬‬
‫وتنظ يم الدارة المدن ية ك ما حدث لخالد بن الول يد عند ما اجتاز أرا ضي العراق‪،‬‬
‫وتحرك ن حو الشمال‪ ،‬واح تل مدنا كثيرة أهم ها الكاظ مة والمذار وأل يس والجزء‬

‫‪62‬‬
‫الجنو بي من ن هر الفرات (أ سفل العراق) إذ اض طر أن يع ين ب عض الحرا سات‬
‫التي كان من مهمتها المحافظة على المن وترسيخ الحكم الجديد‪ ،‬ودرء المخاطر‬
‫ال تي قد تن جم عن مهاج مة الج يش العر بي من الخلف‪ ،‬واض طر إلى سحبها أو‬
‫جزء منها عندما توغل في الشمال ووصل الحيرة‪ .‬وهذا مما دعا بعض القيادات‬
‫الفاتحهة إلى السهتعانة بالسهكان المحلييهن للدفاع عهن هذه الراضهي‪ ،‬أو دفهع‬
‫الجز ية‪ .‬و في ب عض الحيان كان المقاتلون الذ ين احتلت بلد هم من أ هل فارس‬
‫يشاركون العرب المسهلمين فهي قتالههم كمها حدث لرئيهس وفهد فارس قبهل فتهح‬
‫(ت ستر) أن عرض على أ بي مو سى الشعري أن يشترك في القتال م عه‪ ،‬وق بل‬
‫عمر بن الخطاب بذلك( )‪ ،‬وكما حدث لسويد بن مقرن المزين عندما فتح بسطام‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫و صالح أهل ها بمو جب وثي قة تضم نت م ساعدة العرب الم سلمين في حروب هم‪،‬‬
‫()‬
‫وتسقط الجزية عنه عند ذلك‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫اختل فت طبي عة الرض ال تي يقا تل علي ها العر بي‪ ،‬إذ كان يقا تل على أرض‬
‫صحراوية اعتاد علي ها‪ ،‬وتواءم مع متغيرات ها المناخ ية‪ ،‬وجفاف ها‪ ،‬وقلة مياه ها‪،‬‬
‫وانكشافها‪ ،‬ورمالها المتموجة‪ ،‬ووجود بعض الواحات القليلة‪ ،‬مع انعدام النهار‪،‬‬
‫إل من بعض الينابيع والعيون التي كان يجري القتال حولها‪ ،‬وقلة الطرق وتبدلها‬
‫وط مس آثار ها‪ ،‬إل من ب عض الطرق الدول ية ال تي ت صل أرض الجزيرة بالدول‬
‫المجاورة‪ ،‬أما الن فأصبح المقاتل العربي على أرض سهلية وجبلية ترتفع فيها‬
‫درجهة الحرارة وتتسهاقط الثلوج عليهها فهي أيام الشتاء‪ ،‬فيهها النهار والعيون‬
‫هل‬‫هى والمروج‪ .‬ولهذا فإن المقاته‬ ‫ها الشجار والنباتات والمرعه‬ ‫والجداول‪ ،‬وفيهه‬
‫العربي عليه أن يستعد للمور التية‪:‬‬
‫‪-1‬التلؤم السريع بين المنطقة التي كان يعيش فيها‪ ،‬وبين المنطقة الجديدة‬
‫التي يقيم فيها ويقاتل على أراضيها‪.‬‬
‫‪-2‬أن يتدرب على قتال الجبال والمناطق الصعبة‪ ،‬وأن تكون وسائط القتال‬
‫و هي الخ يل متدربة على هذه الرا ضي وال سير فيها‪ .‬وأن تجهز هذه‬
‫الوسائط بحدوات تمنع تآكل الحافر‪ ،‬وبملبس تقيها البرد والسير في‬
‫الدغال والغابات‪.‬‬
‫‪-3‬التدريهب على اجتياز الموانهع المائيهة‪ ،‬والمسهتنقعات‪ ،‬والتزود بوسهائط‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪3/186‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪3/223‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪63‬‬
‫عبور خا صة ع ند الضرورة‪ .‬فالمذار في أرض العراق و في الجنوب‬
‫منهها توجهد مسهتنقعات كهبيرة اجتازهها خالد بهن الوليهد بصهعوبة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وأجنادين في بلد الشام التي جرت فيها المعركة التي سميت باسمها‪،‬‬
‫هناك فج ّر الروم سدود نهر الردن فطا فت ميا هه‪ ،‬وكان على القوات‬
‫العرب ية في هذا المو قف أن تجتاز الن هر‪ ،‬وأن تق طع هذه الم ستنقعات‬
‫لكي تحقق التلقي مع القوات الرومية( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-4‬كان الجيش العربي في كل الحوال مهاجما‪ ،‬وكانت القوات والجيوش‬


‫الفار سية والروم ية مداف عة‪ ،‬وطال ما أ نه و جد في الراضهي الجديدة‬
‫وديان عميقهة‪ ،‬وجبال ذات مغاور وكهوف‪ ،‬فإن المدافهع يمكهن أن‬
‫يفاجهئ المهاجهم وذلك باختبائه خلف سهترة أو فهي مخبهأ بيهن الجبال‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن القيادة العربية عليها أن تشكل لقاء ذلك مفارز متقدمة‪،‬‬
‫وحراسات على الجناب وفي المقدمة‪ ،‬أي عليها أن تغير من أسلوب‬
‫قتال ها فالرض المكشو فة في ال صحراء‪ ،‬هي غ ير الرض الم ستورة‬
‫في الجبال والتلل‪.‬‬
‫إن الرض المجهولة ال تي كان ل يعرف عن ها العر بي إل المعلومات القليلة‬
‫جدا‪ ،‬ول تكفي بأي حال من الحوال أن يتقدم في تلك الراضي بصورة يطمئن‬
‫فيها على جنوده‪ ،‬ولهذا فإن الستطلع في هذه الحالة له أهمية كبرى‪ ،‬وإن القادة‬
‫الفاتح ين كانوا ي ستخدمون ال ستخبارات وال ستطلع ب صورة دائ مة‪ ،‬ول يقدمون‬
‫على الحرب فهي أرض مها إل بعهد دراسهة الرض والسهكان وإرسهال الدوريات‬
‫المتتال ية‪ ،‬وم تى تأ كد ل هم سلمة المو قف كانوا يتقدمون ويقاتلون‪ ..‬كالنعمان بن‬
‫مقرن المزنهي الذي أرسهل دوريات اسهتطلع عنهد فتحهه وسهيره فهي أراضهي‬
‫"نهاوند"‪.‬‬
‫كا نت أرا ضي ش به جزيرة العرب مق سمة ما ب ين فارس والروم منتشر ين‬
‫فيها على أطرافها على شكل حاميات ونقاط حراسة ومخافر قتالية‪ ،‬يتراوح عدد‬
‫الحامية من جماعة إلى سرية أو أكثر‪ .‬وإن كل منطقة من الرض كانت تشكل‬
‫قطاعا كهبيرا محميا وموزعا على عدد مهن النقاط‪ .‬وفيهها مهن السهلحة والعتدة‬
‫القتالية ما يكفي للدفاع عن هذه الراضي‪ .‬وإن الجيوش العربية التي انطلقت من‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ 5/88 :‬أكرم‪ -‬سيف الله‪263-250 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـــبري‪ -‬تاريـــخ المـــم والملوك‪ 3/101 :‬ومـــا بعدهـــا‪ ،‬بروكلمان‪ -‬تاريـــخ‬ ‫‪2‬‬

‫الشعوب السلمية ‪94‬‬


‫‪64‬‬
‫ش به الجزيرة كا نت تق ضي على هذه الحاميات‪ ،‬وأك ثر ما ا صطدمت في أرض‬
‫العراق‪.‬‬
‫تعددت المصهادر المحليهة وكثرت فهي المسهرح العملياتهي العراقهي وفهي‬
‫الم سرح العمليا تي الشا مي‪ .‬ل قد كان الت مر المادة ال ساسية للمقا تل العر بي‪ ،‬ول‬
‫يحصهل عليهها إل بصهعوبة‪ ،‬فأصهبحت متوفرة وبكثرة فهي مسهرح العراق كمها‬
‫تعرف المقاتلون العرب على الرقاق‪ ،‬والمأكولت المختلفة والفواكه المتنوعة في‬
‫بلد الشام‪ ،‬وأصهبح الجندي ل يخشهى مهن قلة الطعام والمواد اللزمهة والعتاد‬
‫القتالي‪ .‬وبهذا التنوع والكثرة تكونهت نواة للقاعدة الماديهة الكهبيرة‪ ،‬إل أن هذا‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫الجيش ظل يعتمد على المادة التي تعود عليها من قبل وهي التمر‪.‬‬
‫كثرت المدن المفتوحة في المسارح الجديدة‪ ،‬واقتربت من بعضها‪ ،‬فمنها ما‬
‫يشكل حامية كبيرة كالحيرة في بلد العراق‪ ،‬وبصرى في بلد الشام‪ ،‬ومنها ما‬
‫ل على البحار كالبله في أ سفل العراق المطلة على الخل يج‬
‫تكون مينا ًء كبيرا مط ً‬
‫العربي والمتصلة ببحر العرب والبحر الحمر‪ ،‬وغزه وعكا وصيدا المطلة على‬
‫البحر الشامي‪ .‬إن هذه المدن الكثيرة التي تم فتحها وبخاصة في مسرح عمليات‬
‫العراق يتطلب قتالهها أسهاليب قتاليهة جديدة تتمشهى مهع نظام القتال فهي المدن‬
‫والشوارع‪ ،‬إذ إن هذا النوع يحتاج إلى مجالدة وصههبر وتحمههل وقطههع إمداد‬
‫وحصهار وتطويهق ومهاجمهة المدن مهن الثغرات والسهوار والنقاط الضعيفهة‬
‫واستدراج المدافعين لكي يخرجوا من حصونهم واستخدام الحيلة في إغرائهم لكي‬
‫يخرجوا مهن مخابئههم‪ ،‬كمها حدث للنعمان بهن مقرن المزنهي عندمها حاصهر‬
‫نهاوند( )‪ ،‬وإنها تحتاج إلى أسلحة ثقيلة تدك هذه الحصون والبراج‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫هب على هذا‬‫هن التدريه‬‫هن الفاتحيه‬ ‫وبهذا فإن قتال المدن فرض على المقاتليه‬
‫النظام‪ ،‬وتوف ير ال سلحة وتطوير ها لتتنا سب مع ف تح المدن كالمجان يق وال سلحة‬
‫الثقيلة‪.‬‬

‫مسرح عمليّات شبه جزيرة‬


‫العرب‬
‫إن حدود شبهه جزيرة العرب آنئذ تمتهد مهن مصهب ماء دجلة والفرات فهي‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪302 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،3/217 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪3/4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪65‬‬
‫الخليهج إلى البحريهن إلى عمان‪ ،‬ثهم تميهل نحهو الغرب مار ًة بمهرة وحضرموت‬
‫وعدن‪ .‬ح تى ت صل إلى ساحل الي من على الب حر الح مر (القلزم)‪ ،‬ثم إلى جدة‬
‫ومَ ْد ين ح تى تنت هي إلى العق بة ومن ها إلى مدائن قوم لوط فالب حر الم يت فالشراة‬
‫والبلقاء ثهم تميهل نحهو الشمال الشرقهي مارا بأذرعات وحوران وغوطهة دمشهق‬
‫ح تى ت صل إلى بعل بك‪ .‬هذه الدائرة بدأنا ها من الغرب ومرر نا ب ها من الجنوب‬
‫فالغرب فالشمال( )‪ ،‬إذا يحدهها مهن الشرق الخليهج العربهي وبحهر عمان‪ ،‬ومهن‬
‫‪1‬‬

‫الجنوب بحر العرب‪ ،‬ومن الغرب البحر الحمر‪ ،‬ومن الشمال بادية الشام‪.) (.‬‬
‫‪2‬‬

‫يغلب على أرض شبهه جزيرة العرب الرمال التهي ل تثبهت تحهت أقدام‬
‫الرجال وسهنابك الخيهل‪ .‬وهذا مها يفسهر انتقاء أرض المعركهة مهن كل الطرفيهن‬
‫المتقاتليهن‪ ،‬متضمنهة وجود الينابيهع أو البار بجانبهها‪ ،‬وأن يكون قاعهها ثابتا‬
‫متماسهكا‪ ،‬وتتوفهر فيهها بعهض المراعهي والمروج لطعام الخيهل ووسهائط النقهل‬
‫الخرى‪ .‬و في أرا ضي الجزيرة أيضا ب عض التلل‪ ،‬أو الجزاء المرتف عة في ها‪،‬‬
‫تمكهن القائد مهن الشراف على سهاحة المعركهة‪ ،‬يسهتطيع السهيطرة على جنوده‬
‫ومرؤوسيه‪ ،‬وليكون خلف المقاتلين جبل يستر تحركهم ويحمي ظهورهم‪ ،‬وفيها‬
‫التسهاع بحيهث تؤمهن انتشار المقاتليهن بالتشكيلت القتاليهة المختلفهة والمناورة‬
‫بالقوى والوسائط‪ .‬معركة بزاخة كانت تتوفر فيها بعض الشروط كوجود الجبلين‬
‫والمراعهي والثبات والتسهاع‪ ،‬أمها معركهة عقربها فكانهت تحتوي كهل الشروط‬
‫المناسهبة للقتال‪ .‬وتمهت جميهع العمليات القتاليهة فهي حروب الردة على مسهرح‬
‫عمليات يؤمن جزءا أو كلً من الشروط( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫يغلب على مناخ الجزيرة ال حر الشد يد والجفاف والرياح الشرق ية (ال صبا)‪،‬‬
‫والرياح الغرب ية (رياح ال سموم) والش مس ال ساطعة الملته بة‪ .‬إن هذا المناخ يؤ ثر‬
‫على المقاتهل مهن حيهث تحركهه مهن مكان إلى آخهر‪ ،‬وطمهس معالم الطرق‪،‬‬
‫والغشاوة ال تي تؤ ثر على الب صار‪ ،‬ودخول الرمال في العتاد القتالي‪ ،‬وضرب ها‬
‫وجه المقاتل فتد خل عينيه وأذنيه وأنفه‪ ،‬وجموح الح صان وحرنه‪ .‬هذا كله يحد‬
‫من المناورة والحر كة ال سريعة في الميدان‪ .‬فل قد كا نت معارك أك ثر القادة الذ ين‬
‫حاربوا المرتدين تعترضهم مثل هذه الصعوبات‪ ،‬ونرى هذه الصعوبات تزداد في‬
‫أماكن قضاعه ووديعة في الشمال عندما تحرك إليهما عمرو بن العاص‪ ،‬وكذلك‬

‫ابن حوقل ‪-‬صورة الرض‪ 1/18،19 :‬أبو خليل ‪-‬أطلس التاريخ العربي‪33 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫أمين ‪-‬فجر السلم ‪2‬وما بعدها‪ ،‬غلوب ‪-‬الفتوحات العربية الكبرى‪32-31 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫غلوب ‪-‬الفتوحات العربية الكبرى ‪67 -‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪66‬‬
‫في أما كن تمر كز ب ني سليم في جنو بي المدي نة عند ما تحرك إلي ها طري فة بن‬
‫حاجهز‪ ،‬كمها وأن صهحارى الجنوب يغلب عليهها التموج فهي الرمال وإثارة‬
‫الح صباء‪ ،‬وغياب أقدام الرجال والفر سان المقاتل ين‪ .‬ول قد قا تل في هذه المنط قة‬
‫العلء ابن الحضرمي وشرحبيل بن حسنة وحذيفة بن محصن الغلفاني‪.‬‬
‫أ هم منا طق الجزيرة م كة‪ .‬وب ها الم سجد الحرام‪ ،‬و في و سطه الكع بة‪ ،‬وب ها‬
‫ماء زمزم‪ ،‬وال صفا والمروة والح جر ال سود ومقام إبراه يم وغيره من الثار( )‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ليس فيها مياه جارية‪ ،‬إنما فيها بعض (العيون المجرورة في أقنية‪ ،‬وأكثر مائها‬
‫من ال سماء‪ ،‬ول يس فيها ش جر مثمر إل بعض نخيلت‪ ،‬وفيها ج بل ثبير يشرف‬
‫على منى ومزدلفة‪ .‬فتحها الرسول صلى ال عليه وسلم عام ‪ 8‬من الهجرة فكسر‬
‫الصنام‪ ،‬ومكّن فيها للصبغة السلمية( )‪ .‬فيها ولد رسول ال وأبو بكر وغيرهما‬
‫‪2‬‬

‫من الصحابة وفيها دور لهم‪ ،‬وفيها المساجد والمقابر( )‪ .‬وبين مكة والمدينة قبر‬
‫‪3‬‬

‫القا سم بن مح مد ابن أ بي بكر ال صديق وخيمة أم مع بد وغديرخم وبدر وحن ين‬


‫وجبل الملئكة وجبل ريحانة وبئر علي بن أبي طالب القريب من المدينة( )هاجر‬
‫‪4‬‬

‫من ها الر سول صلى ال عل يه و سلم مع أ بي ب كر ال صديق وال صحاب‪ .‬ومن ها‬
‫وإليها طرق عديدة من العراق وشبه الجزيرة والشام( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وأما المدينة فهي تقع في حرة‪ ،‬وبها مياه ونخيل وزروع وآبار‪ ،‬وبها جبل‬
‫أ حد في شمالي المدي نة‪ ،‬وب ها وادي العق يق إلى الجنوب من ها في طر يق م كة‪.‬‬
‫هواؤها ومناخها أثرا على صحة المهاجرين من مكة‪ .‬تدخل وتخرج منها طرق‬
‫عديدة تنتههي إلى مكهة والكوفهة والبصهرة والبحريهن والرقهة ودمشهق والعراق‬
‫وفلسهطين ومصهر( )‪ .‬بهها مشاههد كثيرة‪ ،‬وآثار قديمهة مثهل البقيهع ومسهجد قباء‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫وآثار معر كة أ حد وغير ها( )‪ .‬و قد اتخذ ها الر سول صلى ال عل يه و سلم مقرا‬
‫‪7‬‬

‫ومستقرا‪ ،‬وهي التي انطلقت منها جيوش الفتح‪ ،‬واستخلف بعد ذلك أبو بكر فاتخذ‬
‫منهها قاعدة حربيهة‪ ،‬وسهير منهها الجيوش العديدة إلى أنحاء مختلفهة مهن أرض‬

‫() ابن حوقل ‪-‬صورة الرمن ‪ ،1/29-‬ابن عبد الحق ‪-‬مراصد الطلع‪3/1303 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الهروي ‪-‬الشارات إلى معرفة الزيارات‪85 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الهروي‪ -‬الشارات إلى معرفة الزيارات ‪89-87‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الهروي ‪-‬الشارات إلى معرفة الزيارات ‪90-89‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ ،188-5/187 :‬القزويني‪ -‬آثار البلد وأخبار العباد ‪112‬‬ ‫‪5‬‬

‫وما بعدها‬
‫() الحموي ‪-‬معجــم البلدان‪ -2/87 :‬ومــا بعدهــا‪ ،‬القزوينــي ‪-‬آثار البلد وأخبار‬ ‫‪6‬‬

‫العباد ‪107‬‬
‫() الهروي‪ -‬الشارات إلى معرفة الزيارات‪ 92 :‬وما بعدها‬ ‫‪7‬‬

‫‪67‬‬
‫الجزيرة‪ ،‬فبدأ بالقريهب منهها ثهم بالبعهد فالبعهد حتهى جاس خلل الديار وقاتهل‬
‫المرتدين مبتدئا بذي القصة والبرق‪.‬‬
‫وأما الطائف فكان اسمها "وج" وهي لثقيف( )‪ .‬تقع إلى الجنوب الشرقي من‬
‫‪1‬‬

‫مكة‪ ،‬وهي على طرف واد‪ ،‬ومسيرة يوم للطالع من مكة‪ ،‬وتقع على ظهر جبل‬
‫غزوان‪ .‬فيهها مياه عذبهة جاريهة وعيون ونخهل وأعناب‪ ،‬ومشهورة بزبيبهها‪.‬‬
‫حاصرها الرسول صلى ال عليه وسلم سنة ‪ 8‬من الهجرة بعد أن فرغ من حنين‪،‬‬
‫ونصب عليها منجنيقا( ) تتميز بطيب هوائها ومناخها المعتدل( )‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫وأمها البحريهن فههي فهي ناحيهة نجهد‪ .‬وأشههر مدنهها هجهر‪ .‬وقهد اشتهرت‬
‫بالتمور( ) قاتل في أراضيها ومدنها العلء بن الحضرمي‪ ،‬فالطريق إليها صعب‬ ‫‪4‬‬

‫من المدينة‪ ،‬والتحرك إليها يتطلب جهدا كبيرا من المقاتلين‪ .‬والبحرين قريبة من‬
‫بلد فارس‪ ،‬و قد تتأ ثر ب ها بح كم الجوار‪ ،‬لذلك كان ل بد من القضاء على الفت نة‬
‫التي حدثت فيها‪ ،‬وعلى المرتدين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وأ ما الي من ففيها تها مة و هي جبال تشرف على الب حر الح مر من الغرب‪.‬‬
‫وي حد الي من من الغرب صعده ونجران‪ ،‬و من الشمال حدود م كة‪ ،‬و من الجنوب‬
‫صنعاء( ) وهذا هو المثلث الذي يم تد ضل عه الول ب خط وه مي من عمان وب حر‬ ‫‪6‬‬

‫عمان إلى جيزان على البحههر الحمههر وأهههم مدن اليمههن صههنعاء وعدن‬
‫وحضرموت والشحهر والمكل ومخها والحديدة وغيرهها‪ .‬وأههم أشجارهها النخيهل‬
‫هن‬‫ها "اليمه‬
‫هى أطلق عليهه‬ ‫ها زروع كثيرة‪ ،‬ومروج خضراء حته‬ ‫والعناب‪ ،‬وفيهه‬
‫الخضراء"( ) وفي ها الجبال الكثيرة ال تي من أهم ها ال شب وشبام وكوكبان‪ .‬وفي ها‬
‫‪7‬‬

‫صناعة السيوف اليمانية المشهورة( ) وفي اليمن مدينة صنعاء وهي طيبة الهواء‬
‫‪8‬‬

‫وفيها تل يعرف به "غمدان" وجبال أهمها المذيخرة صعب المرتقى‪ ،‬وفيه زروع‬
‫ومياه ونبات‪" .‬ونفوسهة" وههو جبهل تكثهر فيهه أيضا المياه والمزروعات‪ .‬و"شبام"‬
‫وهو جبل منيع من جبال اليمن عرف بعقيقه وبحجارته الملونة‪ .‬وأما عدن فهي‬

‫البكري ‪-‬معجم ما استجم‪3/886 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ 4/8 :‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد ‪98-97‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫ابن حوقل‪ -‬صورة الرض ‪1/37‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫ابن عبد البر ‪-‬الستيعاب في معرفة الصحاب ‪3/1086‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫ابن حوقل‪ -‬صورة الرض ‪1/36‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ ،5/447 :‬القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‪65 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‪69-68 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪68‬‬
‫مدي نة مطلة على الب حر‪ ،‬وتك ثر في ها المزارع والب ساتين( ) وأ ما عُمان ف هي بلد‬
‫‪1‬‬

‫غن ية بثمار ها من الموز والرمان‪ ،‬وعا صمتها صُحار المشهورة بتجارت ها وكثرة‬
‫أموال ها وغنهى أهل ها‪ ،‬ل كن جو ها حار‪ ،‬ومناخ ها‪ ،‬ر طب( ) وحرارت ها مرتف عة‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وجبالها الغربية مرتفعة تبلغ ‪3170‬م تسكن في بعض سفوحه من الجهة الشمالية‬
‫ب عض قبائل الزد‪ .‬و قد فت حت صحار في ع هد أ بي ب كر ال صديق( ) ل ها محاور‬
‫‪3‬‬

‫سهاحلية إلى الشمال وإلى الجنوب‪ .‬ففهي الشمال تتصهل بهه دبها‪ ،‬وفهي الجنوب‬
‫بمسقط( )‪ ،‬وتتصل أيضا عن طرق بحرية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫وأمها حضرموت فههي تقهع فهي شرقهي عدن‪ ،‬ذات رمال كثيرة تعرف‬
‫بالحقاف وهي على ساحل بحر العرب‪ .‬ومن أهم مدنها المكل والشحر‪ ،‬وفيها‬
‫إلى الشمال الغربي قبرهود‪ ،‬ومفازه‪ ،‬وثمود‪ .‬وبالقرب منها كنده التي ضمها إليه‬
‫زياد بن لبيد الذي أرسله الرسول صلى ال عليه وسلم ليكون على أهلها‪ .‬وفيها‬
‫واد يجتاز قهبر هود مهن الغرب‪ ،‬ثهم ينحدر نحهو البحهر لينتههي إليهه‪ .‬وارتدت‬
‫حضرموت مع من ار تد من العرب ب عد موت الر سول صلى ال عل يه و سلم‪،‬‬
‫فلقيهم أبو بكر وأرسل إليهم المهاجر بن أمية ليكون عونا لزياد بن لبيد البياضي‪.‬‬
‫وا ستطاع الم سلمون التغلب على المرتد ين‪ ،‬فعادت هذه المنط قة إلى ال سلم مرة‬
‫ثانية( )‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫وأما اليمامة فهي تقع في الجزء الشرقي من شبه جزيرة العرب‪ ،‬قريبة من‬
‫الخليج العربي‪ .‬تدخلها وتخرج منها عدة طرق‪ .‬فمن اليمامة إلى الطائف ومكة‪،‬‬
‫ومنهها إلى البحريهن إلى دبها‪ ،‬ومنهها باتجاه الشمال إلى كاظمهة فهي العراق إلى‬
‫البصهرة‪ ،‬ومنهها باتجاه الشمال الغربهي إلى نباج إلى المدينهة المنورة( )‪ .‬وكانهت‬
‫‪6‬‬

‫ذات خ ير كث ير‪ ،‬وذات ش جر مل تف‪ ،‬ويو جد في ب عض أجزائ ها وكأن ها غو طة‬


‫خضراء أهل ها من أ صحاب الوبر( ) و في اليما مة جرت أ كبر المعارك في ع هد‬
‫‪7‬‬

‫أبي بكر الصديق إذ جيّش إليها جيوشا بقيادة خالد بن الوليد ضد مسيلمة الكذاب‬
‫الذي أوى إلى تلك المنطقة‪ .‬التقى الجيشان شمالي اليمامة‪ ،‬وكان النصر لخالد( )‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫وبعهد هذا النتصهار السهاحق‪ ،‬وبعهد القضاء على حروب الردة فهي هذا المكان‪،‬‬
‫ابن حوقل ‪-‬صورة الرض ‪1/38 -‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن حوقل ‪-‬صورة الرض‪1/38 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان‪394 -3/393 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫أبو خليل ‪-‬أطلس التاريخ العربي‪ -28 :‬مادون الخريطة التاريخية‪1 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ 2/269 -‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫مادون ‪-‬الخريطة التاريخية ‪1‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ ،2/442-‬القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‪131 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫‪69‬‬
‫انتقلت الجيوش العربية السلمية من اليمامة إلى العراق( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وأما البطاح فهي منطقة وبلد صحراوية‪ ،‬وتقع في الجزء الغربي من نجد‪.‬‬
‫وفي ها وق عت معر كة ب ين خالد ومالك بن نويرة في حروب الردة في ز من أ بي‬
‫بكر( ) والبطاح ماء لبني أسد وبقربه حدثت معركة البطاح( )‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫وأما النباج مكان يقع شرقي المدينة في منتصف المسافة بين الخليج العربي‬
‫مهن الشرق والبحهر الحمهر مهن الغرب‪ .‬ومهن هذه المنطقهة تتفرع ثلث طرق‪.‬‬
‫طريق تتجه إلى الغرب نحو المدينة المنورة‪ ،‬وثانية تتجه نحو الشرق إلى دارين‬
‫وثالثة تمر من البصرة إلى فيد باتجاه مكة( )‪ .‬وهي لبني سليم ومزينة‪ ،‬وهي التي‬
‫‪4‬‬

‫كانت مسرحا لجيوش أبي بكر الصديق لمحاربة المرتدين‪.‬‬


‫وأما ذو القصة فهو مكان يقع شمال المدينة على بعد أربعة وعشرين ميلً‪،‬‬
‫وإلى هذا الموضع بعث الرسول صلى ال عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى بني‬
‫()‬
‫‪5‬‬
‫ثعلبهة‪ ،‬وإل يه أيضا خرج أبهو بكهر بنفسهه فحشهد الجيوش هناك لقتال المرتديهن‬
‫وات خذ اجراءات وفاعل ية ووقائ ية ضد المهاجم ين‪ ،‬أو الذ ين سولت ل هم أنف سهم‬
‫مهاجمة المدينة‪.‬‬
‫وأما الربذة فهي قرية من قرى المدينة‪ ،‬في غربها جبل رحرحان على بعد‬
‫مها يقرب مهن بريديهن‪ ،‬وبالقرب منهه ماء الكديهد والوج وغيرهمها مهن القلب‬
‫والبار( ) ن فر إلى هذا المكان أ بو ب كر لقتال المرتد ين( ) و هو المكان نف سه الذي‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫يدعى "أبرق الربذة"( )‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫وأما دارين فهي بلدة تقع على ساحل الخليج العربي (فرج الهند) من الجهة‬
‫الغربية باتجاه البادية‪ ،‬وتبعد عن الساحل مسيرة يوم بحري‪ ،‬وتتصل بمحور من‬

‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/513 :‬الذهــبي‪ -‬تاريــخ الســلم‪،1/358 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى ‪294‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪554-2/553 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي التاريـخ‪ -2/358 :‬ابـن خلدون ‪-‬ديوان المتبدأ والخـبر‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2/2/74‬‬
‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪1/445 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪5/256 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪ -2/479 :‬البكري ‪-‬معجــم مــا اســتعجم‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 1077-3/1076‬الحموي ‪ -‬معجم البلدان‪4/366 :‬‬


‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم‪634-2/633 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخبر ‪ ،2/2/66‬غلوب الفتوحات العربية الكبرى‬ ‫‪7‬‬

‫‪184‬‬
‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/68‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪70‬‬
‫الساحل إلى المدينة المنورة‪ ،‬وطرق تتجه نحو الشرق إلى دارين وهي لبني سليم‬
‫ومزي نة( )ومن ها إلى كاظ مة والبله عن طر يق ساحلي‪ ،‬ك ما تت صل بطر يق إلى‬‫‪1‬‬

‫الجنوب إلى اليمامة ونجران واليمن‪ .‬وتم فتح هذه البلد سنة ‪ 12‬من الهجرة في‬
‫ز من أ بي ب كر ال صديق على يد القائد العلء بن الحضر مي‪ .‬وهذه البلدة دار ين‬
‫مشهورة بتجارة المسك الذي يجلب من الهند( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وأما دبا فهي تقع في خليج بحر عُمان‪ ،‬وهي سوق يجتمع فيها العرب في‬
‫تجارتهم( )‪ .‬وفيها قبائل الزد التي أسلمت في عهد الرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ثم ارتدت بعد موته‪ .‬وكان معهم عامل الصدقات حذيفة بن محصن الذي أسمعوه‬
‫شتما‪ ،‬فأرسل أبو بكر مددا إلى حذيفة‪ ،‬وحوصروا مدة طويلة إلى أن نزلوا على‬
‫حكمه‪ ،‬وعاد مرة ثانية هذا البلد إلى الحكم السلمي( ) تتصل مع الساحل بمحور‬
‫‪4‬‬

‫شمالي ي مر بدار ين وكاظ مة‪ ،‬وبمحور جنو بي ي مر ب صحار ومهره وحضرموت‬


‫وعدن على ساحل بحر العرب جنوبي اليمن‪ ،‬وبمحور غربي يقطع الجزيرة مارا‬
‫باليمامة حتى يصل إلى الطائف فمكة فالقضيمة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وأ ما ح صن الين جر ف هو في حضرموت‪ ،‬الت جأ إل يه المرتدون‪ ،‬فحا صرهم‬


‫المهاجر بن أبي أمية( )‪ .‬الذي أرسل من قبل أبي بكر( )‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫وأما أجأ و سلمى فهما جبلن يقعان في الشمال الشرقي للمدينة‪ .‬فيهما مياه‬
‫وشجر‪ ،‬تسكن قريبا منهما قبائل طيء وبنو أسد وغطفان‪ .‬جبل أجأ في الشمال‬
‫الغربي وجبل سلمى في الجنوب الشرقي يقابلن بعضهما‪ ،‬وبالقرب منهما بزاخة‬
‫وف يد و قد جرت معر كة بزا خة ب ين الجبل ين و هي ب ين خالد بن الول يد ومالك بن‬
‫نويره‪ .‬الم سافة ب ين الجبل ين يوم وا حد‪ ،‬وب ين الجبل ين وفدك ليلة واحدة‪ ،‬وبينه ما‬
‫وبين خيبر خمس ليال( ) تخترقهما عدة محاور‪ ،‬واحد آت من المدينة يمر بينهما‪،‬‬
‫‪8‬‬

‫وب عد أن يقطعه ما ينحرف ن حو الغرب لي مر بتيماء‪ ،‬وثان يمر ت حت ج بل سلمى‬


‫آت مهن المدينهة مهن الجههة الغربيهة فيخترق فيهد ويمهر بأجفهر حتهى يصهل إلى‬

‫() مادون ‪-‬الخريطة التاريخية ‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ 2/132 :‬ما دون ‪-‬الخريطة التاريخية‪1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() البكري ‪ -‬معجم ما استعجم‪2/539 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪436-435 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() أبو خليل ‪-‬أطلس التاريخ العربي‪ ،28 :‬مادون ‪-‬الخريطة التاريخية ‪1‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن حجر ‪-‬الصابة في تمييز الصحابة ‪6/144‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪2/271‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ 1/94 :‬وما بعدها‪ ،‬القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‬ ‫‪8‬‬

‫‪74‬‬
‫‪71‬‬
‫القادسية شمالً‪ ،‬وثالث يأتي من دارين من الساحل متجها نحو الغرب فيمر به‬
‫ف يد ثم يتفرع إلى فرع ين أحدهما يت جه فيمر فوق ج بل أ حا‪ ،‬وال خر يت جه فيمر‬
‫تحت جبل سلمى‪.‬‬
‫كمها يلحهظ أن شبهه جزيرة العرب محاطهة بالبحار مهن جوانبهها الثلثهة‪،‬‬
‫وأكثهر السهكان يتمركزون وينتشرون على طول السهواحل البحريهة‪ ،‬أو بالقرب‬
‫منها‪ .‬وقد اشتهرت مدن منها ينبع ورابغ وجدة والحديدة ومخا على ساحل البحر‬
‫الحمهر‪ ،‬وعدن والمكل والشجهر على سهاحل بحهر العرب‪ ،‬وصهحار ودبها على‬
‫ساحل ب حر عمان‪ ،‬والق صير ودار ين على ساحل الخل يج العر بي (فرج اله ند)‪.‬‬
‫وأهم المدن القريبة من الساحل مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وصنعاء‬
‫وتعز‪ .‬وأهم الجبال فيها جبال عمان‪ ،‬وجبال اليمن‪ ،‬وجبل أجأ وسلمى‪ ،‬وأما في‬
‫و سط هذه الجزيرة فإن ها خال ية من ال سكان إل قليلً‪ ،‬تتوزع من ها القبائل العرب ية‬
‫للمرعى وطلب الماء‪ .‬وأهم المدن اليمامة ونباج وفيد‪ ،‬لكن الغالب في وسط هذه‬
‫الجزيرة الجفاف ووجود الرمال والمفازات وال صحارى ال تي من أهم ها صحراء‬
‫الحقاف والربهع الخالي والدهناء ونجهد والبطايهح والنفود‪ .‬يقطهع هذه الجزيرة‬
‫بعض الطرقات التي تتمركز وتكثر في منطقة نجد‪ ،‬ومع ذلك فإن القسم الجنوبي‬
‫منها يكاد يكون خاليا‪ ،‬وبخاصة في الربع الخالي وصحراء الحقاف‪ .‬فيها بعض‬
‫الينابيهع والبار التهي تتجمهع حولهمها القبائل‪ ،‬ويجري القتتال عليهمها وعلى‬
‫المرعهى‪ .‬وفيهها أيضا بعهض الوديان التهي تجري أثناء الشتاء‪ ،‬وتنقطهع أثناء‬
‫الصهيف‪ ،‬وأههم الوديان متمركزة حول المدينهة المنورة‪ ،‬وحول صهنعاء‪ ،‬وكلهها‬
‫تنتهي في البحر‪ .‬يسكن هذه الجزيرة الحضر الذين يتواجدون في المدن الكبيرة‪،‬‬
‫وبخاصهة السهاحلية منهها والقريبهة‪ ،‬والبدو الذيهن ينتشرون فهي كهل أرجاء هذه‬
‫المنطقة وأهمهم طيء في أجأ وسلمى‪ ،‬وعبس وغطفان في تيماء‪ ،‬وبنو قضاعة‬
‫في تبوك‪ ،‬وجهينة في غربي خيبر‪ ،‬والوس والخزرج في المدينة‪ ،‬وبنو أسد في‬
‫جنوبي بزاخة‪ ،‬وتميم في البطايح‪ ،‬والرباب وبنو سليم في شمالي النباج‪ ،‬ومزينة‬
‫وهوازن في الجنوب منها‪ ،‬وبنو عبد القيس وبنو ربيعة في البحرين‪ ،‬والزد في‬
‫عُمان‪ ،‬وكندة في حضر موت‪ ،‬وبجيلة وحمير وقسم من الزد في اليمن‪ .‬وهكذا‬
‫نرى أن هذه القبائل تنتشهر فهي كهل مكان مهن أرض الجزيرة العربيهة عدا‬
‫الراضي التي ل يوجد فيها مياه‪ ،‬ول يمكن للنسان أن يعيش فيها كالربع الخالي‬
‫والدهناء والحقاف‪.‬‬
‫يشتد القتال ويكثر في المناطق التي تتمركز فيها القبائل‪ ،‬وأغلب الراضي‬

‫‪72‬‬
‫مفتوحهة صهالحة للميدان‪ .‬وعادة مها تجري المعارك بالقرب مهن مصهدر مائي‪.‬‬
‫تتدرج ميول هذه الرض مههن الشمال إلى الجنوب‪ ،‬ومههن الغرب إلى الشرق‪.‬‬
‫ويبلغ أعلى ارتفاع لهها فهي جبال الطائف واليمهن القريبهة مهن السهاحل‪ ،‬وجبال‬
‫عمان‪.‬‬

‫مسرح عمليّات العراق‬


‫م سرح طول ني‪ ،‬يم تد من الغرب إلى الشرق على طول ن هر الفرات‪ .‬يحده‬
‫مهن الشرق الخليهج العربهي وبلد فارس‪ ،‬ومهن الغرب بلد الشام‪ ،‬ومهن الشمال‬
‫نهر دجلة وأراض بين النهرين وجزء من بلد فارس‪ ،‬ومن الجنوب شبه جزيرة‬
‫العرب‪ .‬هذا الم سرح ل يم ثل العراق بكامله‪ ،‬وإن ما يم ثل الجزء الذي عملت ف يه‬
‫الجيوش العربية السلمية في زمن أبي بكر الصديق حيث لم يتعمق في أراضي‬
‫العراق‪ ،‬وإن ما ابتدأ ب ها من الب صرة (البلة) وات جه باتجاه معا كس لن هر الفرات‬
‫ح تى و صل الكو فة وعا نة‪ ،‬والقراض‪ .‬وه نا توق فت عمليا ته‪ ،‬وأ صر بن قل القتال‬
‫والجيوش إلى أرض الشام‪ .‬وهناك يبدأ مسهرح عمليات جديهد‪ .‬ويمكهن إيجاز‬
‫الخصائص‪:‬‬
‫‪-1‬لم تختلف الهيئات الرضية‪ ،‬عن الهيئات التي تركها الجيش العربي في‬
‫شبهه جزيرة العرب‪ ،‬ذلك لن هذه الراضهي كانهت امتدادا للرض‬
‫التي قاتل عليها الجيش من قبل‪ ،‬فهي أرض صحراوية‪ ،‬فيها بعض‬
‫التلل والمرتفعات المسيطرة والحاكمة‪ ،‬وفيها بعض الوديان والينابيع‬
‫والمياه‪ .‬وقد تمكن الجيش العربي من جر الجيش الفارسي إلى مناطق‬
‫عمليات تش به تماما منا طق العمليات ال تي قا تل علي ها من ق بل‪ ،‬ولذلك‬
‫فهو ذو خبرة بمعالمها وخصائصها وطبيعتها الجغرافية‪.‬‬
‫‪-2‬فيها المستنقعات والمياه التي لم يعتد المقاتل العربي أن يقاتل فيها‪ ،‬فهي‬
‫تحتاج في بعض الحيان إلى وسائط عبور كما حدث للجيش العربي‬
‫أن استخدم السفن التي استولى عليها من أمغيشيا( )وكما عبر النهر إلى‬
‫‪1‬‬

‫النبار( ) وقاتهل على الضفهة المقابلة لنههر الفرات( )وكمها التهف حول‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ ‪21/389‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ 2/575 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ 2/575 :‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪73‬‬
‫المستنقعات في أسفل مجرى النهر بعد معركة المذار( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪-3‬توفر الم صادر المحلية في هذا الم سرح‪ ،‬فالعراق بلد التمور والحبوب‬
‫والبقول والفواكه والخضروات‪.‬‬
‫‪-4‬يمكن أن يكون هذا المسرح موبوءا‪ ،‬ويؤثر على قدرة الجندي وإمكانياته‬
‫القتالية‪ ،‬وبخاصة في الجزء السفل من نهر الفرات‪ ،‬ولكنه لم تحدث‬
‫مثهل هذه الوبئة على المسهتوى الجماعهي‪ ،‬كمها حدث فهي مسهرح‬
‫عمليات الشام‪ ،‬ومات العديد بالطاعون‪.‬‬
‫‪-5‬كثافهة المدن النهريهة‪ ،‬أو القريبهة مهن النههر‪ ،‬وهذا مها يفسهر حدوث‬
‫المعارك العديدة حول هذه المدن‪ ،‬واضطرار هذا الجيههش إلى فرض‬
‫الحصهار‪ ،‬والتعود على القتال ضمهن المدن‪ ،‬أو حصهارها‪ ،‬وقطهع‬
‫خطوط المداد والمواد التموينية عن أهلها لجبارهم على الستسلم‪.‬‬
‫‪-6‬وجود عدد من القبائل العربية التي تحالفت مع الفرس وتعايشت معهم‪،‬‬
‫وقبلت أن تقاتهل مهع الفرس ضهد الجيهش العربهي السهلمي‪ .‬وكانهت‬
‫()‬‫‪2‬‬
‫أغلبية هذه القبائل منتشرة على أطراف وحدود الجزيرة العربية‬
‫إذا دققنها هذا المسهرح‪ ،‬نجهد أن المعارك حدثهت فهي أغلبهها فهي أطراف‬
‫الجزيرة‪ ،‬وعلى طول الشريط النهري‪ .‬لهذا نرى لزاما علينا أن نبدأ بالبصرة كما‬
‫أمر أبو بكر خالد بن الوليد أن يبدأ بها‪.‬‬
‫الب صرة‪ :‬يدخل ها ن هر دجلة‪ ،‬وي عبر من جانب ها ن هر البله‪ ،‬و هي ت قع على‬
‫الضفهة الغربيهة للنههر‪ ،‬وههي إلى شمال مهن الخليهج العربهي‪ .‬فيهها مياه صهالحة‬
‫لجريان المرا كب( )‪ .‬و في الشمال من المدي نة تو جد م ستنقعات يشكل ها نهرا دجلة‬
‫‪3‬‬

‫والفرات‪ ،‬ويصعب القتال أو التحرك في تلك المنطقة إل على مراكب في بعض‬


‫أجزاء من ها‪ .‬و قد ات خذ المث نى مدي نة الب صرة هدفا لغارا ته المتكررة من الناح ية‬
‫الجنوبية منها ومن ناحية الحيرة( )وفيها ميناء له أهميته القتصادية والحربية لدى‬
‫‪4‬‬

‫القيادة الفارسهية‪ ،‬كمها أنهها ملتقهى الطرق القادمهة مهن الخليهج العربهي‪ ،‬أو مهن‬
‫الصهحراء‪ ،‬أو مهن شمالي العراق‪ ،‬وههي قاعدة بحريهة للمبراطوريهة الفارسهية‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ -2/559‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم الملوك‪ 2/551 :‬وما بعدها وأغلبها من قبائل تغلب‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حوقل ‪-‬صورة الرض‪1/238 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/430‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪74‬‬
‫المطلة على العرب( ) وفيها الموارد التي يحتاجها الجيش كالتمر والرز والخبز‬
‫‪1‬‬

‫والمرعى وأنواع الطعام والشراب( )يجتمع دجلة والفرات فيها‪ .‬فهي بلد الخيرات‬
‫‪2‬‬

‫والمياه الكثيرة‪ ،‬فل ينتاب ها م حل‪ ،‬ول يجتاح ها ن قص( )كا نت تت بع لول ية "وا ست‬
‫‪3‬‬

‫()‬
‫‪4‬‬
‫ميزان" الفار سية (ال تي علي ها هرمز‪ ،‬و هي مح صنة ومزودة بال سفن وال سلحة‬
‫وهي مفتاح العراق الذي أمر أبو بكر خالدا أن يبدأ منها في فتحه للعراق ( ) وقد‬
‫‪5‬‬

‫اعتبرهها بعهض المؤرخيهن مهن بلد الشام( )‪ .‬وفيهها مشاههد وآثار العرب الذيهن‬
‫‪6‬‬

‫فتحوها فيها قبر الزبير بن العوام‪ ،‬ودار أبي بكر الصديق‪ ،‬ومشهد علي بن أبي‬
‫طالب وغيرهم( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫ل إلى الجنوب مهن الحيرة‪ .‬كان‬ ‫الخفّان‪ :‬مكان يقهع على بعهد عشريهن مي ً‬
‫المث نى يرا بط ف يه عند ما صدرت الوا مر إلى خالد بتولي العمليات الحرب ية في‬
‫أرض العراق‪ .‬وكانت تسكن تلك الديار قبائل تغلب( )‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫المذار‪ :‬بلد يقع إلى الشمال من أبله (البصرة) بحوالي ‪ 100‬كم على الضفة‬
‫الغرب ية لنهر دجلة‪ ،‬تكثر في أرضها الم ستنقعات‪ ،‬وبخا صة في الق سم الذي يقع‬
‫بين دجلة والفرات( ) وهي غير صحيّة‪ ،‬لفساد تربتها ورائحتها( )‪ .‬ولهذا فإنها ل‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬

‫تصلح لتمركز الجيش والمكوث فيها طويلً‪.‬‬


‫كتسنفون‪ :‬تقهع هذه البلدة على الضفهة الشرقيهة لنههر دجلة جنوبهي بغداد‬
‫بحوالي ‪40‬كهم‪ ،‬وشمالي المذار بحوالي ‪ 400‬كهم وههي التهي انطلق منهها جيهش‬
‫"قارن" القائد الفار سي الذي أر سله ال مبراطور "أردش ير" تعزيزا لقوات "هر مز"‪،‬‬
‫ك ما كا نت قاعدة ع سكرية كبيرة تنطلق من ها الجيوش الفار سية ب عد تحضير ها‬
‫( )‬
‫وإعدادها‬
‫‪11‬‬

‫ولَجَة‪ :‬تقع قريبة من الضفة الغربية لنهر الفرات‪ ،‬وهي أول بلده للمتجه من‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ 1/430‬أكرم‪ -‬سيف الله ‪249‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان‪432-1/431 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/439‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/431‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/553‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/292‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الهروي‪ -‬الشارات إلى معرفة الزيارات ‪ 81‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫البكري ‪-‬معجم ما استعجم‪ ،2/505 :‬أكرم‪ -‬سيف الله ‪247‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ 5/88 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪263-250 :‬‬ ‫()‬ ‫‪9‬‬

‫البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪4/1203‬‬ ‫()‬ ‫‪10‬‬

‫أكرم‪ -‬سيف الله‪270-263-250 :‬‬ ‫()‬ ‫‪11‬‬

‫‪75‬‬
‫الجنوب إلى الشمال‪ ،‬وههي جنوبهي الحيرة بحوالي ‪ 80‬كهم‪ .‬وفهي الولجهة جرت‬
‫معركة كبيرة بين الفرس بقيادة "الندرزعز" وبين العرب بقيادة خالد بن الوليد( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أليس‪ :‬تقع بالقرب من مجرى نهر الفرات‪ ،‬وهي على الضفة الغربية له‪،‬‬
‫وهي بلدة بالجزيرة( ) ول تبعد عن الولجة سوى حوالي ‪40‬كم وفيها جرت معركة‬
‫‪2‬‬

‫بيهن الفرس بقيادة "جابان" وبيهن العرب بقيادة خالد‪ ،‬وقهد جرى الدم نهرا لكثرة‬
‫القتلى من الفرس( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫أمغيشيا‪ :‬مدينة كبيرة‪ ،‬استولى عليها خالد بن الوليد من غير قتال بعد أن‬
‫هجرها أهلها خوفا‪ ،‬فأصاب الجيش العربي منها الغنائم الكبيرة‪ ،‬ثم أمر بهدمها( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫الحيرة‪ :‬وههي بالعراق ( ) مدينهة لهها أهميتهها السهياسية والقتصهادية‬


‫‪5‬‬

‫والعسكرية‪ ،‬عاصمة العراق يحكمها مرزبان فارسي "آزاذ به" وفيها زعماء من‬
‫العرب يقتصر حكمهم على الشؤون القبلية والثانوية من العمال‪ .‬وكانت أهميتها‬
‫القتصادية آتية من أنها على الضفة الغربية لنهر الفرات‪ ،‬وملتقى القادمين من‬
‫الصحراء‪ ،‬أو من أواسط العراق‪ ،‬وهي غنية بمواردها المحلية‪ ،‬وأما من الناحية‬
‫الع سكرية فتع تبر حام ية متقد مة للفرس‪ ،‬وفي ها ج يش خل يط من الفرس والعرب‬
‫للدفاع عنها‪ .‬وقد جرت فيها مناوشة بين الفرس والعرب‪ ،‬وانتهت بتسليم المدينة‪،‬‬
‫وإلزام أهلهها على دفهع الجزيهة‪ .‬وفهي الحيرة الخورنهق على نحهو ميهل نحهو‬
‫الشرق( )‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫النبار‪ :‬تسهميها الفرس "فيروز سهابور"( ) وههي تقهع على الضفهة الشرقيهة‬
‫‪7‬‬

‫()‬
‫لن هر الفرات و هي حدود فارس و هي تب عد من الحيرة إلى الشمال بحوالي ‪200‬‬
‫‪8‬‬

‫كم‪ ،‬وتبعد عن كتسفون ما بين دجلة والفرات مسافة حوالي ‪ 100‬كم( )وهي غنية‬
‫‪9‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ 5/383‬أكرم ‪-‬سيف الله‪ 269 -‬وما بعدها‬ ‫‪1‬‬

‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪1/189‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن عبــد الحــق البغدادي‪ -‬مراصــد الطلع‪ ،1/113 :‬أكرم‪ -‬ســيف الله‪286 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫وما بعدها‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/563 :‬الحموي معجـم البلدان‪ 1/254 :‬ابـن‬ ‫‪4‬‬

‫عبد الحق البغدادي مراصد الطلع ‪1/119‬‬


‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪2/478‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابــن عبــد الحــق البغدادي ‪ -‬مراصــد الطلع‪ ،1/441 :‬القزوينــي‪ -‬آثار البلد‬ ‫‪6‬‬

‫وأخبار العباد‪186 :‬‬


‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪ ،1/257 -‬ابن عبد الحق البغدادي‪ -‬مراصد الطلع‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪1/120‬‬
‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪1/197‬‬ ‫‪8‬‬

‫() اكرم سيف الله‪242 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪76‬‬
‫ببسهاتينها وأعنابهها ومياههها ونشاطهها القتصهادي وتجارتهها مها بيهن بلد الشام‬
‫وفارس‪ ..‬و هي تع تبر قاعدة اقت صادية‪ ،‬ومخزنا كبيرا للحبوب والغلل كالحن طة‬
‫والشع ير( )‪ .‬يح كم هذه المدي نة حا كم فار سي‪ ،‬وفي ها‪ ،‬حام ية ع سكرية من الفرس‬
‫‪1‬‬

‫والعرب‪ ،‬و هي مح صنة‪ ،‬يح يط ب ها خندق يُغ مر بالماء أثناء تهديد ها‪ ،‬و من خل فه‬
‫سور يتحصن به المدافعون لتسديد سهامهم على المهاجمين‪ .‬وقد تم فتح المدينة‬
‫من قبل الجيش العربي السلمي في زمن أبي بكر الصديق وفي خلفته سنة‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫‪ 12/634‬فصالح أهلها على دفع الجزية‬
‫ع ين الت مر‪ :‬مدي نة كبيرة في و سط الم سافة ب ين الحيرة والنبار غر بي‬
‫الكوفهة‪ ،‬إل أنهها بعيدة عهن نههر الفرات إلى الغرب حوالي ‪ 50‬كهم‪ .‬وههي على‬
‫طرف البر ية ومشهورة بكثرة تمور ها وق سبها اللذ ين ي صدران إلى جم يع البلد‬
‫العراقية والشامية( ) فيها حامية عسكرية من الفرس والعرب‪ ،‬وقد تصدى العرب‬
‫‪3‬‬

‫الموالون للفرس للقوات العربية الزاحفة نحو هذه المدينة‪ ،‬وتم فتحها عنوة( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫دومة الجندل‪ :‬و هي تقع ما بين برك الغماد ومكة‪ ،‬أو بين الحجاز والشام‬
‫و هي على ع شر مرا حل من المدي نة‪ ،‬وع شر من الكو فة‪ ،‬وثمان من دم شق‪،‬‬
‫واثنتي عشرة من مصر( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫تعتبر هذه المدينة من المدن الشامية‪ ،‬تسكنها قبائل عربية أغلبها من غسان‬
‫وكلب‪ ،‬و هي ملت قى ونق طة ات صال ب ين العراق والشام والجزيرة العرب ية‪ ،‬ول ها‬
‫أهميت ها القت صادية والتجار ية يحكم ها زعماء من ال قبيلتين ه ما أكيدر بن ع بد‬
‫الملك والجودي بن ربيعة اللذان ا ستعدا لقتال قوات أ بي بكر ال صديق والت صدي‬
‫لها‪ .‬فتحت هذه المدينة سنة ‪ .9/630‬ثم نقض أكيدر العهد‪ .‬وها هو عياض بن غنم‬
‫يكلف بمهمة لعادتها سنة ‪ 12/634‬ثم تمتنع عنه‪ ،‬فيأتيه خالد فيفتحها( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫المصيخ‪ :‬تقع هذه المدينة في الشمال من عين التمر‪ ،‬وإلى الغرب من نهر‬
‫الفرات بحوالي ‪ 25‬كم في زمن أبي بكر كانت تتجمع فيها بعض القبائل العربية‬
‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪1/257‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ ،2/582‬الحموي معجم البلدان ‪1/258‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/576 :‬الحموي معجـم البلدان‪ 4/176 :‬ابـن‬ ‫‪3‬‬

‫عبد الحق البغدادي‪ ،‬مراصد الطلع ‪2/977 1‬‬


‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/577 :‬الحموي معجم البلدان‪ 4/176 :‬أكرم‬ ‫‪4‬‬

‫سيف الله‪ 306 :‬وما بعدها‬


‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪2/565‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجــم البلدان‪ ،488-2/487 :‬ابــن عبــد الحــق البغدادي‪ -‬مراصــد‬ ‫‪6‬‬

‫الطلع ‪2/542‬‬
‫‪77‬‬
‫المتن صرة‪ ،‬وب عض الجنود من الفرس‪ ،‬ك ما تحشدت في ها القوات الفار سية لقتال‬
‫خالد‪ ،‬وشكل الفرس والعرب اتحادا ضد قوات أ بي بكر ال صديق ال تي انت صرت‬
‫على الجميع( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الثنني‪ :‬تقهع جنوب شرق المصهيخ بحوالي ‪ 40‬كهم وههي بيهن المصهيخ‬
‫والزم يل‪ .‬وفي ها ب نو تغلب وب نو بج ير الذ ين وقفوا ضد خالد فأو قع ب هم‪ ،‬و ساهم‬
‫سوء العذاب وانتصر عليهم( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫(الزميل‪ :‬تقع جنوبي شرقي الثني بحوالي ‪ 35‬كم‪ ،‬وإلى الغرب من خنافس‬
‫بحوالي ‪ 25‬كم‪ .‬وفي ها ب نو تغلب و هم غ ير الذ ين غلبوا على يد قوات أ بي ب كر‬
‫الصديق وهزموا شر هزيمة ( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الخنافنس‪ :‬تقهع غربهي النبار بحوالي ‪ 50‬كهم‪ ،‬وتبعهد عهن الحصهيد نحهو‬
‫الشمال الغر بي بحوالي ‪ 20‬كم تقام في ها سوق للعرب‪ ،‬و هي في طرف العراق‪.‬‬
‫وقد جرت معارك بالقرب منها في أيام أبي بكر‪ ،‬وانتصرت القوات العربية على‬
‫الفارسية( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫الح صيد‪ ،‬ت قع إلى الطرف الشر قي من خنا فس بحوالي ‪ 25‬كم‪ .‬و هي قري بة‬
‫من النبار‪ ،‬ومن مجرى نهر الفرات‪ ،‬وهي من الجهة الجنوبية من العراق‪ .‬وقد‬
‫تجمع فيها من الفرس وقبائل تغلب وربيعة لمجابهة الجيش العربي السلمي في‬
‫ع هد أ بي ب كر‪ .‬و قد تم كن القعقاع بن عمرو قائد الحملة من إيقاع الهزي مة في‬
‫الحلفاء‪ ،‬وقتل القائد الفارسي "روزبه"( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫الفراض‪ :‬قرب "أبو كمال" تقع في تخوم العراق من الناحية الشمالية‪ ،‬قريبة‬
‫مهن بلد الشام‪ ،‬متصهلة بالجزيرة( ) وقهد تجمعهت فهي هذه البلدة بعهض القبائل‬
‫‪6‬‬

‫العربيهة مثهل تغلب وإياد والنمهر‪ ،‬وبعهض الحاميات الفارسهية والروميهة( )‪ ،‬كمها‬
‫‪7‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪5/144‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/582 :‬الحموي معجم البلدان‪ 2/86 :‬ـ أكرم‬ ‫‪2‬‬

‫سيف الله ‪318‬‬


‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ ،2/582‬أكرم ‪-‬سيف الله‪319 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك ‪ ،2/580‬الحموي معجـم البلدان ‪ ،2/391‬أكرم‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬سيف الله‪321 :‬‬


‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك ‪ ،2/580‬ابـن عبـد الحـق البغدادي‪ -‬مراصـد‬ ‫‪5‬‬

‫الطلع ‪1/408‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ /2/582‬الحموي معجم البلدان ‪4/244‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/582‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪78‬‬
‫ويجري ن هر الفرات من شمال ها‪ ،‬وت قع على الناح ية اليمين ية من مجراه‪ .‬حد ثت‬
‫فيهها معركهة بيهن الجيهش العربهي بقيادة خالد بهن الوليهد والقوات المتحالفهة مهن‬
‫الفرس والعرب والروم‪ .‬وهي آخر معارك العراق في زمن أبي بكر الصديق( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫نهرا دجلة والفرات‪.‬‬


‫همها نهران كهبيران يمران مهن قلب العراق‪ ،‬ليرويها أرضهه‪ ،‬ويجعله فهي‬
‫ظلل وعيون‪ ،‬وفوا كه م ما يشتهون‪ ،‬وب ساتين تجري من تحت ها النهار‪ .‬وكا نت‬
‫أغلب المدن تن شأ على ضفافه ما‪ ،‬أو قري بة منه ما وكا نت أ كبر مدنه ما "كت سفون"‬
‫على نههر دجلة‪ ،‬والحيرة على نههر الفرات‪ .‬وكان (الحاكهم الفارسهي يقيهم فهي‬
‫الولى‪ ،‬وزعماء القبائل العربيهة يقيمون فهي الثانيهة‪ .‬ومهن الواضهح أن جميهع‬
‫النهار الكبيرة تغير مجراها‪ .‬فإذا قمنا برصد حركة النهرين في زمن أبي بكر‬
‫الصهديق‪ ،‬وفهي زمهن الفرس‪ ،‬لرأينها اختلفا كهبيرا عهن اليوم‪ .‬يلتقيان بعهد طول‬
‫مسهير فهي البله (البصهرة) ويشكلن فهي هذه المنطقهة مسهتنقعات يصهعب على‬
‫الفارس أو الرا جل اجتياز ها‪ ،‬ك ما أن هناك ب عض النهار ال صغيرة ال تي تتفرع‬
‫عنها ثم ل تلبث أن تصب فيهما ثانية‪ ،‬كما أن هناك تحويلت نهرية فرعية تجف‬
‫في أيام ال صيف‪ ،‬ويت خذ من ها سدودا للزرا عة‪ ،‬أو للمور الدفاع ية إذا اقت ضى‬
‫ال مر ك ما في الحيرة و في أل يس‪ .‬ثم يتابعان سيرهما وي صبان في الخل يج‪ ،‬ك ما‬
‫يرفهد النهريهن جداول وأنهار صهغيرة وكهبيرة مهن جوانبهمها‪ ،‬يصهلحان لجري‬
‫السفن( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫نهر مكيل‪ .‬من روافد دجلة‪ ،‬وينبع من الجهة الشمالية الغربية‪ ،‬ويأتي من‬
‫تلك المستنقعات المتجمعة من الشمال تحت سرير نهر الفرات‪ .‬وفي غربي نهر‬
‫مكيهل جرت معركهة كهبيرة مهن القوات العربيهة والفارسهية التهي هزمهت وتفرق‬
‫شملها على يد خالد بن الوليد( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫يلحظ على مسرح عمليات العراق وجود النهرين الكبيرين دجلة والفرات‪،‬‬
‫ووجود أنهار ووديان كثيرة تر فد النهر ين تش كل م ستنقعات ي صعب القتال في ها‪،‬‬
‫وتفرض على المقاتليهن أو على الجيشيهن اللتفاف حولهها‪ ،‬أو الوقوع فيهها‪ ،‬كمها‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/583 :‬ابـن عبـد الحـق البغدادي ‪-‬مراصـد‬ ‫‪1‬‬

‫الطلع‪3/1022 :‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،568-2/560 :‬الحموي معجـم البلدان‪2/440 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫وما بعدها‪4/241 ،‬‬


‫() أكرم ‪-‬سيف الله‪263-250 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪79‬‬
‫نقطهع مسهرح العمليات بقطوع عرضانيهة مهن الغرب إلى الشرق‪ ،‬متصهلة بنههر‬
‫الفرات مثهل الوديان البيهض والعذف وحوران مهن الغرب‪ ،‬وبنههر دجلة مهن‬
‫الشرق مثل قاوون والمذار ومكيل‪.‬‬
‫ل قد تركزت عمليات الج يش العربهي على جزء من ن هر دجلة من المذار‪،‬‬
‫وبجزء أ كبر من ن هر الفرات من البله وح تى الفراض‪ .‬و قد خاض هذا الج يش‬
‫أغلب عملياته على طول نهر الفرات حتى حوضه السفل والوسط‪ ،‬وكان على‬
‫القوات العربيهة أن تناور مهن أجهل قطهع النههر إلى ضفتهه الشرقيهة‪ ،‬وإن كانهت‬
‫أغلب المعارك حد ثت في ضف ته الغرب ية و في الرا ضي القري بة من ها كالم صيخ‬
‫والزميل وعين التمر‪.‬‬
‫تتدرج ميول م سرح العمليات من الشمال إلى الجنوب‪ ،‬وباتجاه مجرى ن هر‬
‫الفرات‪ ،‬ومن الغرب إلى الشرق باتجاه سرير النهر‪ .‬وطالما أن الوديان والميول‬
‫تتجهان مهن الغرب إلى الشرق‪ ،‬فإن ميدان المعارك لكل الجيشيهن يسهاير هذا‬
‫التجاه‪ ،‬كل وا حد يقابل الخر‪ .‬ول يخفى أن العرب أقدر من غيرهم في القتال‬
‫في الراضي الصحراوية‪.‬‬
‫ل قد بدأت العمليات الحرب ية من أ سفل الم سرح وباتجاه الب صرة ل قد حد ثت‬
‫أول معركهة (الكاظمهة) وههي بلدة مطلة على (الخليهج العربهي‪ ،‬وتقهع جنوبهي‬
‫الب صرة‪ ،‬و هي من مدن البحر ين( )‪ .‬تخترق هذه المنطقة عدة محاور منها باتجاه‬
‫‪1‬‬

‫مكة‪ ،‬فالصمان‪ ،‬فالدهناء( )‪ ،‬ومن كاظمة إلى اليمامة ومنها إلى البصرة ومنها إلى‬
‫‪2‬‬

‫النباج‪ ،‬أبله‪ ،‬على الطر يق الغر بي لبلدة كاظ مة ا صطف الفرس لمواج هة العرب‬
‫القادم ين من ال صحراء بقيادة خالد( )‪ .‬أمام البلدة سهل من الناح ية الشرق ية وبعده‬
‫‪3‬‬

‫تمتد بعض التلل قليلة الرتفاع‪ .‬هذا الجزء من المسرح تتكرر صورته في كل‬
‫ما تبقى من المسرح‪ ،‬فالسهول التي تجري فيها المعارك‪ ،‬والمحاور التي تتحرك‬
‫علي ها الجيوش‪ ،‬والتلل التهي ت ستند إلي ها ظهور المقاتل ين من الج يش العربهي‪،‬‬
‫و ساحة المعارك ال تي ت صلح لتمر كز ومناورة الج يش ك ما حدث للقوات العرب ية‬
‫عند ما ناورت من الكاظ مة إلى الحف ير و هو مكان على مشارف أبله من الج هة‬
‫الجنوبيهة الغربيهة مهن الجههة الصهحراوية( ) ومناخ المسهرح الذي يتفاوت تفاوتا‬
‫‪4‬‬

‫الحموي ‪-‬نجم البلدان‪4/431 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫البكري ‪-‬معجم ما استعجم‪4/1109 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫أكرم ‪-‬سيف الله‪ 254 :‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫البكري ‪ -‬معجم ما استعجم‪ ،2/459 :‬الحموي ‪-‬معجم البلدان‪2/277 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪80‬‬
‫بسيطا من مكان لخر‪ ،‬فهو في الجنوب يشبه مناخ الساحل المتصل بالصحراء‪،‬‬
‫وهو في الجهة الغربية وإلى العلى مناخ حار رطب وهو في الجنوب يميل إلى‬
‫الجهو الصهحراوي‪ .‬وفهي كهل الحوال فإن هذا المناخ لم يتغيهر كثيرا عمها ألفهه‬
‫العرب في حياتهم وفي باديتهم‪.‬‬

‫مسرح عمليات الشام‬


‫الشام المعبر إلى آسية الصغرى‪ ،‬إلى مصر‪ ،‬إلى الجزيرة الفراتية فأرمينية‪.‬‬
‫هذا المسرح يختلف من مكان لخر‪ ،‬فهناك الجبال المرتفعة‪ ،‬والسهول المنبسطة‪،‬‬
‫والغابات الكثيفههههههة‪ ،‬والنهار الكثيرة والشجار المثمرة‪ ،‬والغلل الوفيرة‪،‬‬
‫والطرقات الممتدة إلى كل الجهات والمدن المرتب طة بشب كة موا صلت‪ ،‬غ ير أن‬
‫العرب ظلوا على أطراف جزيرت هم‪ ،‬وبقوا على التخوم القري بة من بلد هم‪ ،‬ولم‬
‫يتوغلوا عميقا فهي زمهن أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬وحدثهت أغلب المعارك فهي أجواء‬
‫تشبه الجواء التي اعتادها المقاتل العربي من قبل‪.‬‬
‫تقع بلد الشام في الشمال الغربي من بلد العرب‪ .‬يحدها من الغرب البحر‬
‫الب يض المتو سط (ب حر الروم) و من الشرق باد ية الشام‪ ،‬و من الشمال العوا صم‬
‫وجبال طوروس‪ ،‬ومن الجنوب شبه جزيرة العرب‪.‬‬
‫إن أههم السههول فهي بلد الشام سههل البقاع‪ ،‬الذي ينتهج أكثهر المزروعات‬
‫وبخاصهة القمهح( ) والغور الذي اشتههر آنذاك بزراعهة قصهب السهكر والرز‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وغوطهة دمشهق (الغربيهة والشرقيهة) التهي يرويهها نههر بردى ونههر العوج‪،‬‬
‫وتشتهر بزراعة العناب والمشمش وجميع الشجار المثمرة‪ ،‬والسهول الساحلية‬
‫ال تي تم تد على ال ساحل وال تي تشكل بساتين ذات م ساحات صغيرة طولن ية مع‬
‫الشريط الساحلي‪ ،‬وعرضانية ضيقة تصطدم بالجبال الشاهقة المرتفعة‪.‬‬
‫إن أهم الجبال هي سلسلة لبنان الغربية والشرقية‪ ،‬وهي تشكل حاجزا كبيرا‬
‫على البحر البيض المتوسط‪ ،‬وتبلغ ارتفاعات هذه الجبال فوق ‪ 2500‬م عن سطح‬
‫البحهر‪ ،‬فيهها الخشاب المتنوعهة الصهالحة لصهناعة السهفن‪ ،‬وتتفاوت درجات‬
‫الحرارة ما بين قمم الجبال وما بين السهول الساحلية‪.‬‬
‫هناك الخلجان والموانهئ الصهغيرة على السهاحل‪ ،‬يسهتخدمها الروم والفرس‬

‫لومبارد‪ -‬الجغرافية التاريخية‪44 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪81‬‬
‫على السهواء لنقهل المواد والخشاب‪ ،‬أو للتبادل التجاري‪ ،‬وأحيانا تسهتخدم هذه‬
‫الموانئ كقواعد حربية وحاميات رومية وفارسية( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫يب قى الت صال ممكنا ما ب ين ش به جزيرة العرب‪ ،‬وبلد الشام‪ ،‬أو ما ب ين‬
‫العراق وبلد الشام ال تي تع تبر عقدة طرق يمر ب ها المت جه ن حو ال ساحل‪ ،‬أو إلى‬
‫الجبال ال ساحلية أو إلى ال سهول الداخل ية‪ .‬وهناك عقدة طرق بحر ية أيضا تت صل‬
‫بالمدن الساحلية أو مع موانئ المحيط الهندي والخليج العربي‪.‬‬
‫إن المياه متوفرة في هذا الم سرح‪ ،‬ول يل قى الج يش أ ية صعوبة في التزود‬
‫بالماء أو نقله‪ ،‬وكلمها اقترب مهن حدود الجزيرة نحهو الجنوب كلمها قلت المياه‬
‫وضعُف المسطح المائي الذي يتميز به مسرح عمليات الشام‪.‬‬
‫ل شك أن سكان بلد الشام هم امتداد لسكان شبه جزيرة العرب‪ ،‬فالغساسنة‬
‫كانوا يشكلون القسهم الكهبر مهن السهكان‪ ،‬وجبلة بهن اليههم قاتهل مهع الروم فهي‬
‫معارك عديدة ضهد العرب وبخاصهة فهي معركهة اليرموك( )واسهتطاع العرب‬
‫‪2‬‬

‫المتدفقون نحهو بلد الشام أن يؤثروا فهي السهكان المحلييهن وذلك بفضهل اللغهة‬
‫العربيهة الواحدة‪ ،‬والمبادئ النسهانية التهي يحملونهها معههم‪ ،‬إذ اتصهلوا مهع بنهي‬
‫جنسهم ومع غيرهم‪.‬‬
‫بلد الشام وا سعة‪ ،‬كثيرة المدن والبلدان‪ .‬وإذا ذكر نا فل نذ كر من ها في هذا‬
‫المقام سهوى التهي كانهت مسهرحا للعمليات‪ ،‬أو ممرا للجيهش‪ ،‬أو علمهة مميزة‬
‫بجانب معركة من المعارك التي حدثت في عهد أبي بكر الصديق‪.‬‬
‫دمشنق‪ :‬ههي أم الشام وريحانتهها‪ ،‬وقهد وصهفها القدمون بمها تسهتحق‪،‬‬
‫فسطروا عنها الصفحات‪ ،‬وكتبوا عنها من الناحية التاريخية والثارية والجغرافية‬
‫والسكانية والسياسية والعسكرية والدينية( ) يسقيها نهر بردى والجداول الخرى‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫وتحيط بها الجبال إل من جهة البادية فتحت دمشق وحوصرت في أيام أبي بكر‪،‬‬
‫وتم الستيلء على ما فيها( ) وبعد فتحها اتجه الجيش العربي إلى الجهة الجنوبية‬
‫‪4‬‬

‫لملقاة الروم في منطقة الجابية واليرموك‪ .‬ودمشق بلد قديم‪ ،‬فيه الربوة والنيرب‬

‫() لومبارد ‪-‬الجغرافية التاريخية‪44 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم‪ ،2/459 :‬الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪2/277‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن عساكر ‪-‬تاريخ مدينة دمشق‪ 1/54 :‬وما بعدها‪ ،‬الحموي‪ -‬معجم البلدان‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2/463‬القزوينــي‪ -‬آثار البلد وأخبار العباد ‪ 189‬حداد ‪ -‬فتـح العرب الشام ‪-55‬‬
‫‪56‬‬
‫() غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪275 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪82‬‬
‫والمزة وداريها ومشههد القدام وميدان الحصهى‪ ،‬وفيهها جوامهع وزوايها ومشاههد‬
‫كثيرة وآثار عظيمة‪ ،‬وغوطة ومروح خضراء( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ح مص‪ :‬فيها مشا هد كثيرة‪ ،‬وآثار مزروعة ه نا وهناك‪ ،‬منها قبر خالد بن‬
‫الول يد ب طل الجزيرة العرب ية والعراق والشام واب نه ع بد الرح من وغيره( ) وإلى‬
‫‪2‬‬

‫هذه المدي نة ات جه أ بو عبيدة بن الجراح عند ما سيره الخلي فة أ بو ب كر إلى بلد‬


‫الشام( )صحية الهواء والتربة‪ ،‬وكثيرة المياه والشجار( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫تبوك‪ :‬تقع على طريق الشام من المدينة‪ ،‬وهي غرب دومة الجندل‪ .‬ويقال‬
‫للطريهق "الطريهق التبوكهي" والطريهق السهاحلي الذي يوازيهه على مجهر القلزم‬
‫(الحمر) "الطر يق المعر قة"‪ .‬و هي ب ين ج بل ح سمى في الغرب وج بل شروري‬
‫في الشرق‪ .‬وفيها عين ماء ونخل وأشجار‪ .‬وتتصل بالمدينة المنورة بطريق إلى‬
‫الجنوب‪ ،‬وتتصل بأرض الشام بطريق يمر من معان إلى بصرى‪ ،‬وتتصل بدومة‬
‫الجندل بطريق يصل إلى الفرات( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫أيله (العق بة)‪ :‬بلدة ت قع على ساحل ب حر القلزم (الب حر الح مر)( )‪ .‬و هي‬
‫‪6‬‬

‫على رأس لسانه اليميني‪ .‬وتعتبر أول بلد الشام من الجهة الجنوبية( ) يتفرع منها‬
‫‪7‬‬

‫عدة محاور واحهد يتجهه إلى الجنوب على السهاحل ويتصهل بالمدن السهاحلية أو‬
‫القريبة م ثل الحديدة‪ ،‬عدن‪ ،‬المكل‪ ،‬صحار ح يث يمر في سواحل البحار الثلثة‬
‫القلزم‪ ،‬العرب‪ ،‬بحهر عمان‪ ،‬وآخهر يتجهه إلى الشمال حيهث يمهر بالبلد الشاميهة‬
‫معان‪ ،‬ب صرى‪ ،‬دم شق‪ ،‬وثالث يت جه ن حو الشمال الغر بي ح يث ي مر بالف سطاط‬
‫فالراضي المصرية‪.‬‬
‫غزة‪ .‬ههي مهن بلد فلسهطين مهن الشام‪ ،‬والمطلة على سهاحل بحهر الروم‬
‫(الب يض المتو سط) و هي أقرب ما يكون إلى م صر‪ .‬وفي ها آثار قدي مة م ثل قبر‬

‫() الهروي ‪-‬الشارات إلى معرفـة الزيارات ‪ 10-‬ومـا بعدهـا‪ ،‬حداد فتـح العرب‬ ‫‪1‬‬

‫للشام‪61-56 :‬‬
‫() الهروي ‪-‬الشارات إلى معرفــة الزيارات‪ 928 :‬ابــن عبــد الحــق البغدادي ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫مراصد الطلع ‪1/425‬‬


‫() الواقدي ‪-‬فتوح الشام ‪1/8‬‬ ‫‪3‬‬

‫() القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد ‪184‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ ،2/14 :‬مادون‪ -‬الخريطة التاريخية‪1 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪1/216‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ ،1/292 :‬القزويني‪ -‬آثار البلد وأخبار العباد‪153 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪83‬‬
‫هاشهم بهن عبهد مناف وفيهها زروع وفاكههة ونخهل( )‪ .‬تتصهل بمحور إلى الشمال‬
‫‪1‬‬

‫بالمدن الساحلية عسقلن‪ ،‬وقيسارية‪ ،‬وحيفا‪ .‬وبمصر من الجنوب بمحور يمر من‬
‫العريش إلى السكندرية وغيرها يشرب أهلها من البار( ) وهي محطة للجيوش‬
‫‪2‬‬

‫السلمية( )‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫دائن‪ :‬ههي ناحيهة بالقرب مهن غزة‪ .‬بهها مرت جيوش الفتهح العربهي إلى‬
‫الشام‪ ،‬وقاتلت (الروم بعد النتهاء من حروب الردة)( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫عربنة‪ :‬موضهع مهن بلد فلسهطين‪ .‬أنزل أبهو أمامهة الباهلي الذي كان فهي‬
‫جيش يزيد ابن أبي سفيان بالروم هزيمة منكرة فيها( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫سوى‪ :‬ماء لبهراء في أرض السماوة‪ .‬م ّر به خالد بن الوليد بعد تلقيه أمرا‬
‫بالتحرك من العراق إلى الشام‪.) (.‬‬
‫‪6‬‬

‫أرك (أراك)‪ :‬وههي واقعهة على طريهق مسهير خالد مهن العراق إلى الشام‬
‫وهي قبل تدمر( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫القريتينن‪ :‬تقهع شرقهي دمشهق‪ ،‬بعهد جيرود والناصهرية إلى الشرق‪ .‬بينهها‬
‫()‬
‫وبين تدمر مرحلتان‬
‫‪8‬‬

‫حوران‪ :‬كورة شامية من أعمال دمشق( ) فيها قرى كثيرة‪ ،‬وحرار منتشرة‪،‬‬
‫‪9‬‬

‫ومزارع خضرة‪ ،‬وتر بة طي بة‪ .‬يزرع في ها الق مح والحبوب والبقول‪ .‬و قد فت حت‬
‫حوران قبل دمشق( )‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫() المقدسـي ‪-‬أحسـن التقاسـيم فـي معرفـة القاليـم‪ -174 :‬الحموي‪ -‬معجـم‬ ‫‪1‬‬

‫البلدان‪ -203-4/202 :‬القزويني‪ -‬آثار البلد وأخبار العباد‪227 :‬‬


‫() القلقشندي ‪-‬صبح العشى‪4/98 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫() شيخ الربوة‪ -‬نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ‪263‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪2/417-‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪151 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الشيبانـي ‪-‬شرح السـير الكـبير ‪ 1/48 -‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق‬ ‫‪6‬‬

‫الكبير‪1/138 :‬‬
‫() أبو خليل ‪-‬أطلس التاريخ العربي ‪34‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪4/335 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() البكري ‪-‬معجــم مــا اســتعجم ‪ ،2/474 -‬القزوينــي ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪185‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/603 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي‬ ‫‪10‬‬

‫التاريخ‪2/409 :‬‬
‫‪84‬‬
‫فحنل‪ :‬مهن قرى الشام( )‪ .‬تقهع شرقهي نههر الردن قريبهة منهه‪ ،‬وههي إلى‬
‫‪1‬‬

‫الجنوب الغر بي من الجزيرة‪ ،‬وغر بي ب صرى و هي من أرض فل سطين‪ .‬وفي ها‬


‫حدثت معركة كبيرة بين الجيش العربي بقيادة خالد‪ ،‬وبين الجيش الرومي‪ .‬وفي‬
‫()‬
‫هذه المعركة انتصر العرب على الروم‬
‫‪2‬‬

‫مرج را هط‪ :‬مو ضع في غو طة دم شق الشرق ية‪ ،‬ب عد مرج عذراء وأ نت‬


‫متجه إلى حمص إلى اليمين( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫مرج الصفر‪ :‬يقع في جنوبي دمشق بجانب الكسوة‪ .‬وقد تكلم الشعراء بهذا‬
‫المرج( ) وقهد اصهطدمت القوات العربيهة المتجههة إلى معركهة اليرموك بقوات‬ ‫‪4‬‬

‫الروم في هذا المكان واستطاع الجيش العربي في أيام أبي بكر الصديق انتزاع‬
‫()‬
‫النصر ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫بُصرى‪ :‬من أعمال دم شق‪ ،‬ومن ق صبة حوران‪ .‬و هي مشهورة بتجارتها‪،‬‬
‫واجتماع العرب التجار فيها‪ ،‬وعقدة طرقها‪ ،‬ومكانتها الدينية‪ ،‬وبآثارها التاريخية‬
‫تطرق إليها الشعراء( ) سار إليها خالد بن الوليد عند ما انتهى من مسرح عمليات‬
‫‪6‬‬

‫العراق‪ ،‬وأنزل أهلها على الصلح( )‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫أجنادين‪ :‬تقع جنوب غربي القدس‪ ،‬قريبة من ساحل البحر الشامي (بحر‬
‫الروم) وههي مهن أرض فلسهطين( ) وصهلت إليهها القوات العربيهة عهن طريهق‬
‫‪8‬‬

‫الجنوب‪ ،‬وكان تشكيهل عمرو بهن العاص متجها إليهها( )وقهد حدثهت فيهها معركهة‬
‫‪9‬‬

‫كبيرة بين الجيشين العربي والرومي( )‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫ظهرة العقاب (ثنية دمشق) إلى الشرق من دمشق‪ .‬وهي فرجة إلى الجبل‬
‫تطل على دمشق وعلى عذراء‪ ،‬وهي طريق القوافل التية من القريتين وتدمر‪،‬‬

‫() البكري ‪ -‬معجم ما استعجم ‪3/1014‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك ‪ 2/628‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق‬ ‫‪2‬‬

‫الكبير‪1/145 :‬‬
‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪3/21‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪5/101 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي ‪-‬فتوح الشام ‪ 1/19‬وما بعدها‬ ‫‪5‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪1/441 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان ‪155‬‬ ‫‪7‬‬

‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪1/114‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الواقدي ‪-‬فتوح الشام‪ 1/7 :‬وما بعدها‬ ‫‪9‬‬

‫() الواقدي ‪-‬فتوح الشام‪ 1/30 :‬وما بعدها‪ ،‬ابن عساكر‪ -‬التاريخ الكبير‪1/144 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪85‬‬
‫أو التية من حمص( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫القدس‪ :‬تقع على جبل مستدير‪ ،‬وعرة المسالك‪ ،‬بناؤها من الحجر السود‬
‫والكلس‪ .‬يشرب أهلها من عين تجري إليها‪ ،‬ومن عين سلوان‪ ،‬ومن البار فيها‬
‫فواكهه كثيرة وخيرات جمها( ) فيهها المسهجد القصهى‪ ،‬وقبهة المعراج‪ ،‬ومربهط‬
‫‪2‬‬

‫البراق‪ ،‬ومحراب زكريا‪ ،‬وفيها آثار كثيرة( )‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫بي سان‪ :‬هي على الجا نب الغر بي من الغور‪ .‬خ صبة‪ ،‬كثيرة الشجار في ها‬
‫مياه كثيرة‪ ،‬وفي ها النخ يل‪ .‬ويقال بأن طالوت ق تل جالوت في تلك البق عة( )وأهم ية‬
‫‪4‬‬

‫هذه المدي نة من الوج هة الحرب ية بأن ها ت قع على طر يق ي صل فل سطين بدم شق‬


‫وحوران والبلد الشامية‪ ،‬وتقع أيضا على طريق يصل بين المدن الساحلية مثل‬
‫عكا‪ ،‬حيفا‪ ،‬يافا ومن مساوئها أنها كثيرة الرطوبة‪ ،‬كثيرة المستنقعات‪ ،‬مما يسبب‬
‫ب عض المراض والحميات‪ .‬و قد تحصهن الروم ب ها بعهد معركهة اليرموك وبعهد‬
‫انهزام هم أمام العرب‪ ،‬و قد أرادوا و قف الهجوم ففتحوا المياه في الرا ضي أمام‬
‫الزحف العربي‪.) (.‬‬
‫‪5‬‬

‫الواقوصنة‪ :‬واد فهي أرض حوران‪ ،‬تهاوى فيهه الروم‪ ،‬وخسهروا معظهم‬
‫قوات هم في هذا الوادي( ) يحده من الجههة الشرق ية وادي اليرموك‪ ،‬ويت صل مهن‬
‫‪6‬‬

‫جهة الغرب بسهول فيق‪ ،‬ومن الشمال بسهول حوران‪ ،‬هذه الساحة وهذا الميدان‬
‫أمام الواقوصة يصلح لقتال جميع السلحة‪.‬‬
‫تل الجابية‪ :‬وهو موضع بالشام( ) وهو من التلل المحيطة بأرض معركة‬
‫‪7‬‬

‫اليرموك‪ ،‬والذي اجتم عت ف يه هيئة أركان الج يش العر بي ق بل بدء هذه المعر كة‪،‬‬
‫واتفقوا على المبادئ ال تي سيقاتلون ب ها الج يش الرو مي‪ .‬والجاب ية قر ية بالقرب‬
‫()‬‫‪8‬‬
‫من التل ومن مرج الصفر ونوى والصنمين‪.‬‬

‫() الحموي‪ -‬معجم البلدان‪4/133 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المقدسـي ‪-‬أحسـن التقاسـم فـي معرفـة القاليـم‪ ،165 :‬القلقشندي‪ -‬صـبح‬ ‫‪2‬‬

‫العشى ‪ ،4/100‬طوطح‪ -‬جغرافية فلسطين ‪106‬‬


‫() القزويني ‪-‬آثار البلد وأخبار العباد‪ 159 :‬وما بعدها‬ ‫‪3‬‬

‫() القلقشندي‪ -‬صبح العشى ‪4/104‬‬ ‫‪4‬‬

‫() المقدســي‪ :‬أحســن التقاســيم فــي معرفــة القاليــم‪ ،30 :‬الحموي معجــم‬ ‫‪5‬‬

‫البلدان ‪ ،1/527‬طوطح جغرافية فلسطين ‪155‬‬


‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/138 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البكري ‪-‬معجم ما استعجم ‪2/355‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪2/91 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪86‬‬
‫نهر الردن‪ :‬ويسمى الشريعة أيضا‪ .‬و هو من عدة يناب يع تنحدر من جبل‬
‫الش يخ (الثلج) من ها الحا صباني وبانياس والدان‪ ،‬وتتج مع تلك اليناب يع في شمالي‬
‫بحيرة الحولة‪ ،‬ثم يصب فيها‪ ،‬ويواصل جريانه فيصب في بحيرة طبرية‪ .‬ويلتقي‬
‫بنههر اليرموك بعهد أن يخرج مهن البحيرة‪ ،‬ويتابهع فهي وسهط الغور جنوبا حتهى‬
‫يجاوز بيسان‪ ،‬فيصل إلى بحيرة زغر (بحيرة لوط)( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫يلحهظ على المسهرح العملياتهي الشامهي كثرة المدن وقربهها مهن بعضهها‪،‬‬
‫وكثا فة ال سكان‪ ،‬وكثرة المحاور ال تي تختر قه من كل الجهات‪ ،‬م ما ي سهل عبور‬
‫الجيوش التيهة مهن الجنوب‪ ،‬أو مهن الشرق‪ ،‬وبوفرة مياههه وأنهاره وينابيعهه‪،‬‬
‫ووجود الجبال المرتفعهة‪ ،‬كمها أن هذا المسهرح تنتشهر فيهه المروج والسههول‬
‫ال صالحة لقتال الفر سان والمشاة على ال سواء كمرج را هط ومرج ال صفر و سهل‬
‫اليرموك التهي كثيرا مها تشابهه مسهرح عمليات الجزيرة مهع فارق الرض‬
‫هر لعلف الخيول‬ ‫هى متوفه‬ ‫هكة‪ .‬إن الخضرة تمل تلك البطاح وإن المرعه‬ ‫المتماسه‬
‫والبل‪ ،‬كما أن الوسائط المادية التي يحتاجها المقاتل كالطعام والشراب واللباس‬
‫وبعض العتدة القتالية متوفرة أيضا‪.‬‬
‫إن ميول هذا المسهرح تتجهه مهن الشمال إلى الجنوب‪ ،‬وههي ليسهت حادة‪،‬‬
‫ويرسم ذلك الميل اتجاه دجلة والفرات‪.‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههه‬
‫هههههه‬

‫() شيـخ الربوة ‪-‬نخبـة الدهـر فـي عجائب البر والبحـر‪ ،107 :‬القلقشندي ‪-‬صـبح‬ ‫‪1‬‬

‫العشى‪4/91 :‬‬
‫‪87‬‬
88
‫الفصل الثالث‬
‫حروب الّردّة‬
‫ُ‬
‫معالم الرتداد وطريقة مكافحته في أيام الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أولً‪ :‬معنهى الرتداد أو الرّدة‪ .‬أكهد معنهى هذه الكلمهة القرآن‪" :‬إن الذيهن ارتدوا‬
‫على أدبارههم"‪ ) ( ..‬والردة الرجوع فهي الطريهق الذي جاء منهه‪ ،‬والرجوع‬
‫‪1‬‬

‫إلى الكفر( ) ثم استعملت هذه الكلمة في زمن الرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وكا نت تع ني ترك الم سلم لدي نه وارتداده إلى الك فر أو الشرك أو اتباع د ين‬
‫آ خر غ ير ال سلم أي تبد يل الد ين وكان هذا الف عل يع تبر من أش نع الفعال‬
‫وأقبح ها‪ ،‬بل من العمال ال تي تو جب الق تل‪ .‬و قد أ مر الر سول صلى ال‬
‫عليه وسلم بقتل المرتد صراحة‪ ،‬كما دلت أحاديثه الكثيرة على ذلك( ) وقتل‬
‫‪3‬‬

‫يهوديا أسلم ثم ارتد( ) وأمر بقتل عبد ال بن سعد بن أبي سرح الذي ارتد‬
‫‪4‬‬

‫ول حق بقر شي في م كة‪ ،‬ل كن عثمان بن عفان ا ستجار له فأجاره الر سول‬
‫‪5‬‬
‫صلى ال عليه وسلم( )‪.‬‬
‫هناك ردة فردية قام بها أشخاص دخلوا السلم ثم خرجوا منه‬
‫كما دخلوه‪ ،‬ثم هم أشد عنادا وحربا على ال ورسوله‪ .‬وقد حذر ال هؤلء‬
‫وتوعدههم شرا بخسهارة الدنيها والخرة وبسهوء العاقبهة وبالعذاب الشديهد‪،‬‬
‫وبالبعد عن المغفرة وبالخسران المبين( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫() سورة محمد ‪-‬الية‪25 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الكفوي ‪-‬الكليات ‪2/387‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن ماجه ‪-‬الحدود‪ /1 :‬الترمذي‪ ،‬باب الفتن‪ ،21 :‬النسائي ‪-‬باب التحريم ‪14‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫النسائي ‪-‬سنن النسائي‪7/105 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫النسائي ‪-‬سنن النسائي‪7/107 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫سورة البقرة ‪-‬اليات‪ 161-109-108 :‬سورة آل عمران‪ -‬الية‪177 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫سورة التوبة‪ -‬الية‪ ،75 :‬سورة النساء‪ -‬الية ‪137‬‬


‫‪89‬‬
‫ثم قامت ردة قادها بعض أولئك الذين آمنوا بالرسول وصدقوه‪،‬‬
‫وذلك ل ما أ سري به‪ ،‬إذ لم ي صدقوا هذه الحاد ثة‪ ،‬أو يؤمنوا ب ها واعتبرو ها‬
‫كذبا ونسيج خيال( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهناك ردة جماعية سلمية ارتد أصحابها سنة ‪ ،2/623‬وبعد ستة‬


‫ع شر شهرا من الهجرة ب سبب تحو يل القبلة عن ب يت المقدس إلى الكع بة‪،‬‬
‫وأ بى المنافقون والذين في قلوبهم مرض إل أن ينقلبوا على أعقاب هم( ) و في‬
‫‪2‬‬

‫سنة ‪ 3/624‬وبعد معركة أحد ارتدنا ناس عندما أشيع مقتل الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم( ) وفي سنة ‪ 4/625‬وفي معركة الخندق( ) ارتد بعض المسلمين‪،‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫وشجهع ذلك الرتداد بعهض القادة المنافقيهن فهي الجيهش ل مقام لكهم‬
‫فارجعوا‪) (..‬وفي السنة التي قبض فيها الرسول محمد صلى ال عليه وسلم‬ ‫‪5‬‬

‫كانهت الردة مسهلحة والعصهيان معلنا‪ .‬وهنها تصهدى أبهو بكهر لهذه الفتنهة‬
‫الكبيرة‪ ،‬وأعلن عن الية التي تشير إلى موت الرسول محمد صلى ال عليه‬
‫و سلم وذكر فيها وأنذر الذين ينقلبون على أعقابهم( ) هذه الردة انتشرت في‬
‫‪6‬‬

‫ل إل ب عض القبائل القليلة ال تي من ها قر يش‬


‫العرب في كل قبيلة جزءا أو ك ً‬
‫وثقيف( )‪.‬‬‫‪7‬‬

‫ثانيا‪ :‬ال سود العن سي عبهلة بن ك عب‪ .‬تز عم ال سود الردة في الي من في ز من‬
‫الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وكانهت أول ردة ظههر أمرهها وانتشهر‬
‫خطرها( ) ادعى النبوة وعرض نفسه على بني مذحج فأجابوه‪ ،‬وزحف نحو‬ ‫‪8‬‬

‫نجران فطرد عامل الرسول صلى ال عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص‪،‬‬
‫ل في ها‬
‫ثم ج هز جيشا قوا مه سبعمائه فارس وتو جه ن حو صنعاء وكان عام ً‬
‫شههر بهن باذان فتصهدى له‪ ،‬ولم يثبهت أمامهه فهزمهه وقتله( ) ثهم ضهم إليهه‬
‫‪9‬‬

‫حضرموت والبحر ين‪ ،‬وتو سع مل كه‪ ،‬وطرد كل المناهض ين‪ ،‬وولى الناس‬
‫() ابن الثير ‪-‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪3/206 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ســورة البقرة ‪-‬اليــة‪ ،143 :‬القرطــبي‪ -‬تغيــر القرطــبي‪ ،1/540 :‬البيضاوي ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫تفسير القرآن الكريم‪1/38 :‬‬


‫() ســــورة آل عمران‪ -‬اليات‪ 171-152-128-121 :‬البيضاوي‪ -‬تفســــير القرآن‬ ‫‪3‬‬

‫الكريم‪.1/77 :‬‬
‫() سورة الحزاب ‪-‬اليات ‪27-9‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ســورة الحزاب ‪-‬اليــة ‪ 13‬البيضاوي ‪-‬تفســير القرآن الكريــم‪ ،2/128 :‬ابــن‬ ‫‪5‬‬

‫كثير‪ -‬تفسير القرآن العظيم‪ -3/473 :‬ابن جزي ‪ -‬تفسير ابن جزي‪558-554 :‬‬
‫() سـورة آل عمران ‪-‬اليـة‪ -144 :‬القرطـبي ‪ -‬تفسـير القرطـبي‪ 2/1464 :‬ومـا‬ ‫‪6‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫() ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ‪2/130 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/430 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪90‬‬
‫المقربين إليه( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولمها اسهتفحل خطهر هذا المتنهبيء الذي سهمى نفسهه "رحمهن‬


‫الي من"( ) أر سل الر سول صلى ال عل يه و سلم ب عض الفدائي ين لقتلة‪ ،‬ل كن‬ ‫‪2‬‬

‫السود كان محاطا بحراسة منيعة وبحصن ل ينفذ إليه إل الرجال الذين من‬
‫حوله‪ .‬وبمحاولة مهن فيروز وبمسهاعدة زوجهة السهود (آزاد) تمكهن هذا‬
‫البطل من ولوج غرفة العنسي وقتله‪ .‬وزف الخبر إلى المدينة‪ ،‬فلم يصل إل‬
‫()‬‫‪3‬‬
‫بعد موت الرسول صلى ال عليه وسلم وفي زمن أبي بكر الصديق‬
‫ار تد أ هل الي من ثان ية ب عد موت الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫بقيادة ق يس بن ع بد يغوث‪ ،‬وطردوا فيروز فهرب فتب عه عدد من الم سلمين‬
‫وانضموا إليه‪ .‬فأعاد تنظيمهم في تشكيل قتالي لكي‪ ،‬يحارب به قيسا ومن‬
‫معه‪ ،‬وتقابل في معركة‪ ،‬وانسحبت فلول المرتدين إلى "أَ ْبيَن" واختلفوا فيما‬
‫بينهم‪ ،‬ثم استسلموا وعادوا إلى الحظيرة العربية السلمية( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ثالثا‪ :‬مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي الوائلي‪ .‬ويطلق عليه "مسيلمة‬
‫الكذاب"( ) ويقال‪" :‬أكذب مهن مسهيلمة"( ) كان فقيرا‪ ،‬هزيهل الجسهم‪ ،‬أصهفر‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫اللون( ) ولد في القر ية الم سماة اليوم "ال جبيلة"( ) باليما مة في وادي حني فة‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬

‫و في ال سنة العاشرة من الهجرة و فد ب نو حني فة مع م سيلمة إلى ر سول ال‬


‫صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وتجرأ مسهيلمة فقال‪" :‬إن شئت خلينها لك المهر‬
‫وبايعناك"( ) فرد عليهه الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم بكلم لذع وبشره‬ ‫‪9‬‬

‫بالقتل‪ .‬ولما عاد الوفد ادعى م سيلمة النبوة‪ ،‬وشهد له الرجال بن عنقوة أن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم شاركه في المر فاتبعه بنو حنيفة وغيرهم في‬

‫() الطبري ‪-‬تار يخ المـم والملوك‪ ،2/430 :‬الذهـبي‪ -‬تارييخ ال سلم‪ 1/342 :‬ابن‬ ‫‪9‬‬

‫كثير‪ -‬البداية والنهاية‪ 6/307 :‬ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ أو الخبر ‪2/2/60‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/430 :‬ابـن كثيـر ‪-‬البدايـة والنهايـة ‪،6/307‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخبر‪2/2/60 :‬‬


‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪113 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/470 :‬ابـن كثيـر ‪-‬البدايـة والنهايـة‪،6/310 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫وجدي ‪-‬دائرة معارف القرن العشرين ‪2/308‬‬


‫() ‪...........‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ -98 :‬ابن كثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪2/299 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الزركلي ‪-‬العلم ‪7/226‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪100 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الزركلي ‪-‬العلم‪7/226 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪97 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪91‬‬
‫اليمامة‪ .‬وكتب إلى الرسول العربي محمد صلى ال عليه وسلم رسالة هذا‬
‫نصها‪" :‬من مسيلمة رسول ال إلى محمد رسول ال‪ ،‬أما بعد فإن لنا نصف‬
‫الرض ولقر يش ن صفها‪ ،‬ول كن قريشا ل ين صفون‪ ،‬وال سلم عل يك"( ) ورد‬
‫‪1‬‬

‫عل يه الر سول صلى ال عل يه و سلم بر سالة جواب ية هذا ن صها‪" :‬ب سم ال‬
‫الرحمن الرحيم‪ .‬من محمد النبي إلى مسيلمة الكذاب‪ ،‬أما بعد فإن الرض‬
‫ل يورثهها مهن يشاء مهن عباده والعاقبهة للمتقيهن‪ ،‬والسهلم على مهن اتبهع‬
‫الهدى"( ) ودفع ها إلى ر سولي‪ ،‬م سيلمة وقال له ما‪" :‬لول أن الر سل ل تق تل‬ ‫‪2‬‬

‫لقتلتكمها"( ) ولقهد أكثهر مهن السهجع مضاهاة للقرآن‪ ،‬واسهتخف قومهه بأقواله‬
‫‪3‬‬

‫المعسولة المزينة‪ ،‬وبأنه شريك النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتشابه واختلط‬
‫القول عليههم‪ .‬ومهن أقواله‪" :‬لقهد أنعهم ال على الحبلى‪ ،‬أخرج منهها نسهمة‬
‫تسعى‪ ،‬من بين صفاق وحشى"( ) وقد أحل لهم ما حرم ال‪ ،‬وحرم لهم ما‬
‫‪4‬‬

‫أحل ال‪ ،‬وسرى أمره في اليمامه‪ ،‬واجتمع حوله المؤمنون به‪ ،‬يقاتلون عنه‪،‬‬
‫ويذبون عنهه كهل سهوء‪ ،‬وازداد خطره بعهد موت الرسهول صهلى ال عليهه‬
‫وسلم إلى أن تولى أبو بكر الخلفة‪ ،‬فسيّر إليه الجيوش وقتله( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫رابعا‪ :‬طليحة بن خويلد السدي‪ .‬ظهر بسميراء( ) في منازل بني أسد‪ .‬قدم على‬
‫‪6‬‬

‫النبي صلى ال عليه وسلم عام ‪ 9‬من الهجرة مع بني قومه‪ ،‬ولما رجع إلى‬
‫دياره ارتد وادعى النبوة‪ ،‬واتبعه العوام من طيء وغسان وأسد‪ .‬وبعث إلى‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم بابن أخيه يخبره بنبوة طليحة‪ ،‬وأنه يأتيه ذو‬
‫النون‪ ،‬فأنكر الرسول صلى ال عليه وسلم أعماله وأباطيله وادعاءاته‪ ،‬وقال‬
‫لبن أخيه لما تطاول في كلمه‪" :‬قتلك ال وحرمك الشهادة"( ) ثم وجه إليه‬
‫‪7‬‬

‫ضرار بن الزور ليغتاله‪ ،‬وبمحاولة من ضرار سدد إل يه ضر بة بال سيف‬


‫فنبا عن طليحة‪ ،‬فشاع بين الناس‪ ،‬أن السلح ل يؤثر فيه‪ ،‬فازدادوا به يقينا‬
‫وإيمانا بنبوته( ) وكان من الشجعان‪ ،‬ويعد بألف فارس( )‪ .‬كما كان يتلو على‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ -97 :‬ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ‪2/300 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ -98 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪2/300 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الُثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪2/299 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/394‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابــن خياط ‪-‬تاريــخ ابــن خياط‪ ،107 :‬ابــن واضــح ‪-‬تاريــخ اليعقوبــي‪*109-1 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫التنجي‪ -‬البدو والتاريخ‪5/162 :‬‬


‫() وكان بين توز والحاجز بطريق مكة‪ .‬انظر الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪3/255‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/431 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/486 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابن الثير ‪-‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،3/65 :‬الزركلي العلم‪3/230 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪92‬‬
‫الناس أسجاعا‪ ،‬ويدعي أنه يأتيه جبريل بالوحي( ) ولما توفي الرسول صلى‬
‫‪1‬‬

‫ال عليهه وسهلم كثهر أتباعهه ونظمههم‪ ،‬وهاجهم المدينهة‪ ،‬ور ّد على أعقابهه‪،‬‬
‫فأرسل إليه أبو بكر بجيش جعله يفقد صوابه‪ ،‬ويتخلى عن المعركة ويركب‬
‫حصانه ويردف خلفه امرأته ويفر كما تفر النعام( ) والتجأ إلى بني حنيفة‬
‫‪2‬‬

‫ح تى تو في أ بو ب كر ال صديق‪ ،‬فقدم على ع مر بن الخطاب وأ سلم وح سن‬


‫سلمه‪ ،‬واشترك في القادسية( ) وفي فتوح العراق‪ ،‬واستشهد بنهاوند( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫خامسنا‪ :‬الطرق التهي كافهح بهها الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم الرتداد‪ :‬مال‬
‫الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم إلى الطريقهة السهلمية‪ ،‬فدعها إلى الحكمهة‬
‫والموع ظة الح سنة‪ ،‬ولم ي شأ أن يجا به أولئك المرتد ين بقوة ال سلح‪ ،‬فب عث‬
‫ل مبشر ين ومنذر ين‪ ،‬بالتوع ية والرشاد‪ ،‬ع سى لهؤلء المرتد ين‬ ‫إلي هم ر س ً‬
‫أن يتوبوا‪ ،‬وأعطهى صهلحية للرسهل أن يسهتنجدوا برجال مهن العرب‬
‫وخاصة من تميم وقيس إذا اقتضى المر ذلك( )‪ ،‬وأن يحاولوا جاهدين دون‬
‫‪5‬‬

‫اللجوء إلى القوة أن يسهتميلوا قلوب الناس المغرّر بههم‪ ،‬وأن يحبّبوا لههم‬
‫دينهم الذي ارتضى لهم‪.‬‬
‫ل آخرين إلى زعماء القبائل الذين ثبتوا على السلم من تلك‬ ‫كما أرسل رس ً‬
‫ّعيه النبوة‪ ،‬والذيهن‬
‫القبائل التهي ارتدت ليجاد التوازن بيهن أولئك الزعماء المد ّ‬
‫أثروا بصورة فعلية على العامة‪ .‬فأرسل وبر بن يُحنّس إلى فيروز وإلى حشيش‬
‫الديل مي وإلى داذو يه ال صطحزي‪ ،‬وجر ير بن ع بد ال إلى ذي الكلع وإلى ذي‬
‫ظل يم‪ ،‬والقرع بن ع بد الحميري إلى ذي زود وإلى ذي مرّان‪ ،‬وفرات بن حيان‬
‫العجلي إلى ثما مة بن أثال‪ ،‬وزياد بن حنظله التمي مي إلى ق يس بن عا صم وإلى‬
‫الزبرقان بن بدر‪ ،‬وصلصل بن شرحبيل إلى سيرة العنبري‪ ،‬ووكيع الدارمي إلى‬
‫عمرو بن المحجوب العامري وإلى عمرو ابن الخفاجي من بني عامر‪ ،‬وضرار‬
‫بهن الزور السهدي إلى عوف الزرقانهي وغيرههم( )‪ .‬وفهي اعتقادي أن هذا‬
‫‪6‬‬

‫السهلوب كان كافيا لتوبهة ورجوع البدو السهذج عهن طريهق زعمائههم المؤهليهن‬
‫والمكلفين من قبل الرسول صلى ال عليه وسلم إلى الدين وإلى الوحدة العربية‪،‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/485 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ لمم والملوك‪2/485 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن الثير ‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪3/66 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ -300 -‬الزركلي ‪-‬العلم‪3/230 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/431 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/432 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪93‬‬
‫بيد أن مرض القائد العلى ووفاته أخرت تلك الطريقة وأوقفتها برهة من الزمن‬
‫حتى جاء أبو بكر الصديق فاستمر على تحقيق هذا الهدف‪ ،‬إل أنه كان بأسلوب‬
‫حربهي وبقوة مسهلحة إذ لمها توفهي الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم ازداد ارتداد‬
‫العرب‪ ،‬وسهرى فهي كهل قهبيلة جزءا أو كلً‪ ،‬واسهتشرى النفاق‪ ،‬وابتعهد بعهض‬
‫العرب عن أبي بكر‪ ،‬معلنين الزعامة والحقية‪ ،‬فشعر عندئذ أن القوة هي السبيل‬
‫الوح يد لمحار بة هؤلء المرتد ين‪ ،‬وأق سم على المضهي ب ما ع هد عنده الرسهول‬
‫صلى ال عليه وسلم ولو كلفه ذلك ما كلفه( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫انتقهل الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم مهن الطريقهة السهلمية إلى الطريقهة‬
‫الحرب ية ذات الرق عة الضي قة‪ ،‬ف هو لم ي شأ أن يعلن ها تعبئة عا مة قتال ية‪ ،‬بل أعلن‬
‫الستنفار العام والتعبئة العامة وحشد كل الطاقات فيما يختص بالتوعية والتأثير‬
‫النفسي‪ ،‬ثم حصر المور القتالية وضيقها‪ ،‬معلنا فقط قتل واغتيال أولئك الزعماء‬
‫()‬‫‪2‬‬
‫الذين ادعوا النبوة‪ ،‬وفرقوا الجمع‪ ،‬وفتنوا الناس والعامة كالسود العنسي‬

‫حروب الّردة والتصدي‬


‫للمرتدين‬
‫استلم أبو بكر الصديق الخلفة‪ ،‬وانتشر مع هذا الستلم الرتداد في شبه‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬ولم يسهلم مهن هذه الفتنهة سهوى مكهة والمدينهة والطائف( ) وقهد‬
‫‪3‬‬

‫أصهاب الرتداد أكثهر مها أصهاب تلك البقاع التهي كانهت بعيدة عهن جهو المدينهة‬
‫والحضارة والعلم‪.‬‬

‫أسباب الرّدة‪ .‬السباب القريبة هي عدم دفع الزكاة‪ ،‬وبهذا انقسم المرتدون‬
‫إلى ثل ثة أق سام‪ ،‬ق سم امت نع عن د فع الزكاة مع ال صرار والعزم على القتال إن‬
‫أ جبر على دفع ها( ) والثا ني أعلن الردة الكاملة كالمتبنئ ين أمثال طلي حة بن خويلد‬
‫‪4‬‬

‫ال سدي في بزا خة‪ ،‬وال سود العن سي في صنعاء‪ ،‬وم سيلمة الكذاب في اليمامة‪،‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/461 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابـن كثيـر ‪-‬البدايـة والنهايـة ‪ ،6/310 :‬أبـو الفداء‪ -‬المختصـر فـي تاريـخ البشـر‪:‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1/155‬وجدي‪ -‬دائرة معارف القرن العشرين‪.2/308 :‬‬


‫() ‪HAMIDULLAH DOCUMENTS SUR LA DIPLONATIE:2‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن الوردي ‪-‬تاريخه‪1/137 :‬‬


‫() ابن حزم ‪ -‬المحلى‪11/193 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪94‬‬
‫وسهجاح التهي كانهت تقيهم فهي شمالي اليمامهة( )‪ .‬والقسهم الثالث أعلن النفصهال‬
‫‪1‬‬

‫الكامل عن جسم الدولة أمثال لقيط بن مالك بعُمان‪ ،‬والنعمان بن المنذر بن ساوى‬
‫التمي مي بالبحر ين( ) وهناك فئة انتظرت إلى ما ستؤدي إل يه الق سام الثل ثة‪ ،‬فإن‬
‫‪2‬‬

‫ظفروا كانت معهم‪ ،‬وإن ظفر أبو بكر كانت من عامة المسلمين( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫أما السباب البعيدة يمكن إجمالها بالتالي‪:‬‬


‫‪-1‬الع صبية والقبل ية اللتان ل تزالن متأ صلتين في نفوس القبائل‪ ،‬ويمثل ها‬
‫قول طلي حة النمري ح ين يقول لم سيلمة الكذاب‪" :‬أش هد أ نك كذاب‪ ،‬وأن‬
‫محمدا صادق‪ ،‬ولكن كذاب ربيعة أحب إلي من صادق مضر"( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪-2‬التنا فس على الزعا مة‪ .‬ما المتنبئون في ز من الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسهلم إل دل يل على وجود زعامات دين ية‪ ،‬تر يد أن تبنهي لنفسهها مجدا‬
‫كمها بناه الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وأن تتخهذ مهن التنبهؤ وسهيلة‬
‫للوصول إلى هذه الزعامة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪-3‬النتماء‪ .‬كا نت ترت بط ب عض القبائل بالر سول صلى ال عل يه و سلم‪،‬‬


‫ارتباطا قبليا‪ ،‬وتنتمي إليه انتما ًء شخصيا‪ ،‬فما أن توفي النبيّ حتى رجع‬
‫كهل واحهد إلى ارتباطاتهه القديمهة‪ ،‬وإلى انتمائه لشيهخ العشيرة ولزعيهم‬
‫القهبيلة‪ ،‬واسهتغل بعضههم هذه الناحيهة فأعلن زعامتهه وقيادتهه‪ ،‬واتبعهه‬
‫الكثيرون‪ ،‬وهكذا فقهد عادت الفوضهى‪ ،‬واضطربهت الرض العربيهة‪،‬‬
‫وتمزقت كما كانت في الماضي‪ ،‬ويمثل هذا النتماء قول أحدهم‪:‬‬

‫نر‬
‫ني بكن‬
‫نا لبن‬
‫فيا َل عبادِ ال من‬ ‫أطع نا ر سول ال ما كان بين نا‬

‫الظهنر(‪)6‬‬ ‫وتلك لعَمْ ُر ال قاصنم ُة‬ ‫أيورثننننا بكرا إذا مات بعده‬

‫س راعية البَكر‪.‬‬
‫وهل خشيتم حَ ّ‬ ‫نه‬
‫نا بزمانن‬
‫نم وفْدَنن‬
‫ل رددتن‬
‫فه ّ‬

‫ابن حجر ‪-‬فتح الباري بشرح البخاري‪ ،5/303 :‬ابن حزم ‪-‬المحلى‪11/193 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن واضح ‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪2/110 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حجر ‪-‬فتح الباري لشرح البخاري‪5/303 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/508 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪504-482-2/463 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/477 -‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪95‬‬
‫وقالوا‪ " :‬قد ك نا ند فع أموال نا إلى مح مد ف ما بال ا بن أ بي‬
‫قحافة يسألنا أموالنا"( )‬
‫‪1‬‬

‫‪-4‬إن التحرر مهن العادات الجاهليهة كان أمرا صهعبا على الذيهن لم يدخهل‬
‫اليمان فهي قلوبههم‪ ،‬فمنههم الذيهن تعودوا الربها والزنهى وشرب الخمهر‬
‫ولعهب الميسهر وعبادة الصهنام وضرب القداح والنظهر إلى الغزو‬
‫وال خذ بالثأر وغيره‪ .‬ف هم إن غادروا تلك العادات وتركو ها فذلك تأ سيا‬
‫بزعامتهم‪ ،‬وخوفا من البطش والقوة‪ .‬فهم قد دخلوا في السلم وهم في‬
‫شوق‪ ،‬وهم في نفسهم مما تركوه حاجة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-5‬القيود الثقيلة التهي حملهها العراب حيهن أتهى الرسهول صهلى ال عليهه‬
‫وسلم بدعوته حيث نهاهم عن الجاهلية والعصبية وما يقرب منهما من‬
‫قول أو عمهل( ) وقهد هاجهم الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم بعهض هذه‬‫‪3‬‬

‫الصفات في حجة الوداع فقال‪" :‬أل إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت‬


‫قد مي موضوع"( ) وح يث حمل هم ال صلة والزكاة وال صوم وغير ها من‬
‫‪4‬‬

‫التكال يف ال تي ناء بحمل ها أولئك الذ ين كانوا على ض عف في عقيدت هم‬


‫وعلى حداثة فيما حملوه( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪-6‬شيوع الرض وجعل ها عا مة ينت فع من ها كل الناس‪ ،‬فالرض ل يورث ها‬


‫من يشاء‪ .‬هذا هو القانون الذي ساد بعد أن توحدت الجزيرة العربية في‬
‫ظل الد ين الجد يد‪ ،‬فالبدوي من ق بل يقا تل من أ جل الرض‪ ،‬ول سيّما‬
‫أنها طيبة بمائها ومرعاها‪ ،‬فالغزو والسلب من أجل الستيلء على ما‬
‫في الرض والستئثار بها‪ .‬فالقبيلة القوية تدفع الضعيفة وتطردها عن‬
‫الرض‪ ،‬والحلف ال كبير يها جم الحلف ال صغير وي ستولي على أر ضه‪.‬‬
‫وهذا م ما يف سر حرص م سيلمة الكذاب على الرض في ر سالته ال تي‬
‫أرسهلها إلى الرسهول محمهد صهلى ال عليهه وسهلم "‪ ..‬إن لنها نصهف‬
‫الرض ولقريش نصف الرض‪.) ("..‬‬
‫‪6‬‬

‫() الدواداري ‪-‬الدر الثمين‪ -3/157 :‬الراوي‪ -‬تاريخ الدولة العربية‪10 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فارق ‪-‬تاريخ الردة‪ -13 :‬الرادي‪ :‬تاريخ الدولة العربية‪20-17 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أبـو داود ‪-‬باب الدب‪ -112 :‬ابـن ماجـة‪ -‬باب الفتـن‪ -7 :‬مسـلم ‪-‬باب المارة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،57‬النسائي‪ -‬باب التحريم‪28 :‬‬


‫() أبـو داود ‪-‬باب المناسـك‪-56 :‬ابـن ماجـه ‪-‬باب المناسـك‪ -76 :‬الدارمـي‪ -‬باب‬ ‫‪4‬‬

‫المناسك ‪34‬‬
‫() فارق ‪-‬تاريخ الردة‪ -13 :‬الراوي ‪-‬تاريخ الدولة العربية‪20 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪97 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪96‬‬
‫كهل هذه السهباب مردهها إلى اليمان المتردد‪ ،‬الذي ل يتجاوز اللسهان‪ ،‬ول‬
‫يدخل القلب‪ ،‬فالناس القريبون من الرسول صلى ال عليه وسلم قد اهتدوا وزادهم‬
‫بما تلقوه عن معلم اليمان والعقيدة‪ ،‬وأما البعيدون فقد ظلوا يفدون إلى المدينة في‬
‫المنا سبات‪ .‬وللر سول ر سل وعمّال ع ند بعض هم‪ ،‬يوجهون ويعلمون تلك القبائل‬
‫أشهرهم‪ :‬معاذ بن جبل‪ ،‬وأبو موسى الشعري‪ ،‬وزياد بن لبيد البياضي( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫المعارك الولى بقيادة أبني بكنر الصنديق شخصنيا‪ :‬اسهتغل المرتدون‬


‫فرصهة إرسهال جيهش أسهامة بهن زيهد إلى البلقاء‪ ،‬وطمعوا فهي السهتيلء على‬
‫المدينة‪ ،‬والقضاء على حكومة أبي بكر‪ ،‬وما حمله من معتقدات هي استمرار لما‬
‫كان عل يه الر سول صلى ال عل يه و سلم تجم عت القبائل وخا صة ع بس وذبيان‬
‫وغطفان وفزارة وأجمعوا على محاربهة ومهاجمهة المدينهة‪ ،‬فأرسهلوا وافدههم‬
‫يفاوض بشأن ترك الزكاة‪ ،‬ولمها رجهع خاسهئا ذليلً‪ ،‬عادوا فنظموا صهفوفهم‪،‬‬
‫وقسموا قبائلهم‪ ،‬وقرروا الهجوم المسلح على العاصمة وتقويض الحكم فيها( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أ بو ب كر وحده مع مجمو عة من المقاتلين بقوا في المدي نة‪ .‬وكخ طة دفاع ية‬


‫أمهر أن يُسهتنفر الناس‪ ،‬وتحرس الماكهن الهامهة‪ ،‬وتغطهى الشوارع بالدوريات‬
‫الثاب تة والمتحر كة‪ ،‬وتع ير النتباه إلى الم سجد‪ ،‬وإلى م قر القائد العلى أ بي ب كر‬
‫الذي كان يسكن بالسنح( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫تقرب المرتدون‪ ،‬ولكهن الحرس تنبهه لهذا التقرب‪ ،‬فأعلم أبهو بكهر‪ ،‬وكان‬
‫مستعدا ومستنفرا قواته‪ ،‬فرد فورا على القوات الغازية‪ ،‬وقاد جيشا في آخر الليل‬
‫جعل على ميمنته النعمان بن مقرن المزني‪ ،‬وأخاه عبد ال على الميسرة‪ ،‬وأخاه‬
‫سويد على الساقة( )وهو في القلب‪ ،‬فصبحهم عند شروق الشمس‪ ،‬ففاجأهم فهربوا‬
‫‪4‬‬

‫فتبع هم ح تى و صل إلى "ذي الق صة"( ) و في هذه المعر كة ا ستخدم القائد العلى‬
‫‪5‬‬

‫نوعا مهن القتال ههو القتال الليلي إذ يحتاج هذا النوع إلى المهارة فهي اسهتخدام‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/464 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫()‬
‫‪HAMIDULLAH DOCUMENTS SUR LA DIPLOMATIE MUSUL‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪MANE:2‬‬
‫() السنح على بعد ميل من المدينة‪ ،‬إذ لم يغير أبو بكر مكان إقامته منذ أن‬ ‫‪3‬‬

‫هاجـر إلى المدينـة مـع الرسـول صـلى الله عليـه وسـلم‪ .‬انظـر ابـن هشام‪-‬‬
‫الســيرة النبويــة‪ -1/493 -‬ابــن حزم ‪-‬جمهرة أنســاب العرب‪ -2/361 :‬الحموي‬
‫‪-‬معجم البلدان‪ -30/265 :‬ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخبر‪2/2/63 :‬‬
‫() الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪ -1/350 :‬ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ أو الخبر‪2/2/66 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫ابــن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخــبر‪ -2/2/66 :‬العجلنــي ‪-‬عبقريــة الســلم‪:‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -242‬غلوب الفتوحات العربية الكبرى‪.184 :‬‬


‫‪SHOUFANY -AL- RIDDAH: 15-112‬‬
‫‪97‬‬
‫القوى والوسائط‪ ،‬ومن التدريب لكيل يضل أو يضيع المقاتل‪ ،‬وعلى كل حال فإن‬
‫جميهع المقاتليهن الذيهن اشتركوا فهي هذه المعركهة كانوا على علم بهذه الرض‪،‬‬
‫ويعرفونها جيدا‪ ،‬وقد حقق هذا الجيش هدفه دون أن تمر به صعوبات التوجه أو‬
‫اسهتخدام العتدة والسهلحة‪ .‬ومهن المعلوم أن الليهل يحقهق المفاجأة التهي تمهت‬
‫بزمانها ومكانها‪ ،‬وتفرق المرتدون في كل مكان‪ .‬فوضع أبو بكر في ذي القصة‬
‫بعد أن احتلها حرس إنذار‪ ،‬مهمته كشف العدو‪ ،‬واتجاه تقدمه‪ ،‬وإنذار القوات في‬
‫المدينة‪ ،‬والدفاع عن هذا الخط حتى تصل القوات الرئيسة‪ .‬ثم عين لهذا الحرس‬
‫قائدا هو النعمان بن مقرن المزني‪ ،‬ثم عاد إلى المدنية( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫هدأت العاصهمة بعهد دحهر هؤلء المرتديهن‪ ،‬واتخذت الجراءات الدفاعيهة‪،‬‬


‫ول ما عاد أ سامة من مهم ته‪ ،‬وتهيأت الظروف الموات ية‪ ،‬شكل القائد العلى جيشا‬
‫وهاجم المرتدين ثانية قبائل عبس وذبيان ومن معهم في منطقة "الربذة" بالبرق‪.‬‬
‫خرج كما خرج في الول وبعدد قليل‪ ،‬ذلك لنه أمر جيش أسامة أن يريحوا مع‬
‫وسائط نقلهم‪ ،‬وحاول المحاولون من المسلمين أل يفعل ذلك‪ ،‬وخاصة وقد حضر‬
‫أسامة وجنده فقالوا‪" :‬ننشدك ال يا خليفة رسول ال‪ .‬إن تعرض نفسك‪ ،‬فإنك إن‬
‫ل فإن أصهيب‬ ‫تصهب لم يكهن للناس نظام‪ ،‬ومقامهك أشهد على العدو‪ ،‬فابعهث رج ً‬
‫أمرت آخر"( ) فأبى ونهض بجنده فشكل منهم جيشا على النظام الذي اتبعه عندما‬
‫‪2‬‬

‫قصد "ذا القصة" وتحرك من المدينة إلى ذي حسى‪ ،‬وم ّر بذي القصة حتى انتهى‬
‫ل وأعاد تنظ يم الج يش ب ما يتوا فق مع المجاب هة مع‬‫إلى الربذة وه نا تو قف قلي ً‬
‫المرتد ين اللذين كانوا بانتظاره‪ ،‬فق سم الج يش إلى مقدمة‪ ،‬وجناح يمي ني ويساري‬
‫و ساقة وقلب‪ ،‬وع ين القادة الذ ين عين هم في المعر كة الولى‪ ،‬وأ مر النعمان قائد‬
‫الميم نة أن يل تف خلف جموع المرتد ين الذي كان يقود هم الحارث وعوف زعيما‬
‫بنهي عبهس وذبيان‪ ،‬فهاجهم النعمان‪ ،‬وتحرك الجيهش صهفا واحدا بكهل أجنحتهه‬
‫وتشكيلتهه فتأخهر المرتدون‪ ،‬فتبعههم أبهو بكهر بجنوده‪ ،‬وضغهط عليههم فهربوا‬
‫فطاردهم‪ ،‬واستولى على ديارهم وأراضيهم‪ ،‬وجعلها فيما بعد حمى لخيل الجيش‬
‫العربهي ال سلمي‪ ،‬وم نع بنهي ذبيان و من شارك هم من ها‪ ،‬ولم يعد ها لههم ر غم‬
‫مطالبتهم بها( ) لقد استخدم أبو بكر في هذه المعركة التحرك المستور حيث سلك‬
‫‪3‬‬

‫محورا بعيدا عن أع ين الناس‪ ،‬ك ما اسهتخدم الحرب الوقائ ية حيهث قام بمجاب هة‬
‫() ابــن خياط ‪-‬تاريــخ ابــن خياط‪ 103-101 :‬الطــبري ‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2/478‬‬
‫ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ ‪2/345‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪479-2/478 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/479 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪98‬‬
‫المرتديهن قبهل أن يهاجموه فهي المدينهة‪ ،‬وكذلك فإنهه ناور بجيشهه ونظمهه طبقا‬
‫للقوا عد والمبادئ المتب عة في التعبئة والتنظ يم‪ ،‬وم ما يل فت الن ظر أ نه ط بق مبدأ‬
‫اللتفاف ومبدأ الز حف والمواج هة على طول الجب هة مع العدو‪ .‬وعلى الم ستوى‬
‫السياسي فقد حقق أبو بكر بهاتين المعركتين ادخال الرعب في نفوس المرتدين‪،‬‬
‫وأفهمهم أن الجيش العر بي ال سلمي ل يزال قويا يرد ال صاع صاعين‪ ،‬ويحقق‬
‫النتصار كما كان يحققه من قبل‪ ،‬كما رفع معنويات جيشه وشعبه وأن الدولة ل‬
‫تزال منيعة الجانب‪ ،‬قوية التأثير‪ .‬وعلى المستوى القيادي أشار إلى الذين تأخروا‬
‫فهي بيعتهه‪ ،‬أو شكوا فهي قيادتهه وإمكانياتهه أنهه قادر على القيادة فهي الظروف‬
‫ال صعبة‪ ،‬و في الحوال غ ير العاد ية‪ ،‬وبإمكا نه تحق يق الن صر على العداء بفئة‬
‫قليلة ضد جموع كبيرة‪ ،‬وخرج بنف سه في المعركت ين‪ ،‬وأراح الج يش الذي كان‬
‫الناس ينتظرون قيامه لزجه في معارك الردة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫المعارك التال ية بقيادة قادة الجبهات والتشكيلت‪ :‬ل قد ع هد أ بو ب كر إلي أح َد‬


‫ل لقتال المرتدين( ) وحدد لهم المكنة والعدو والتجاه‪ ،‬والمهام العاجلة‬
‫‪2‬‬
‫عشرَ تشكي ً‬
‫والجلة‪ ،‬والفضليات‪ ،‬وخههط البدء‪ ،‬ونظام التعاون مههع التشكيلت واللويههة‬
‫المشتركة‪ ،‬وخط النهاية‪ ،‬والهداف المراد تحقيقها على التتابع‪ ،‬ونظام الولويات‬
‫فيها‪ ،‬وأحقية القيادة فيها إذا اجتمع بقيادة واحدة أكثر من قائد‪ ،‬والمهل والزمنة‬
‫لللتحاق أو لتنفيهذ المهام أو التعاون إذ حدد لكهل قائد الزمهن مهن حيهن انطلقهه‬
‫حتهى تحقيهق هدفهه‪ ،‬والحتمالت وطرق التصهرف عنهد كهل احتمال‪ ،‬وأسهلوب‬
‫الدعوة إلى القتال والكشف عنها وتوضيحها حتى ل يدع قائد التشكيل أي لبس أو‬
‫غموض فيما يدعو إليه‪ ،‬والتشديد على من رفض الدعوة وأبى السلم والسلم أن‬
‫يحرق في النار‪ ،‬ويقتل شر قتلة‪ ،‬وتسبى النساء والذراري بالتحري والكشف عن‬
‫نية العدو فإن تبيّن بكل طرق البيان أنه مسلم غير مرتد فله الرحمة والكف عن‬
‫إيذائه أو مسه بضر( ) وقد استمع كل قائد تشكيل إلى هذه التوجيهات التي كانت‬
‫‪3‬‬

‫واحدة لجم يع القادة نقت طف من ها‪" :‬ب سم ال الرح من الرح يم‪ .‬من أ بي بكر خلي فة‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إلى من بلغه كتا بي هذا من عامة وخا صة أقام‬
‫على إسلمه أو رجع عنه‪ .‬سلم على من اتبع الهدى‪ ،‬ولم يرجع بعد الهدى إلى‬
‫الضللة والعمى‪ ،‬فإني أحمد إليكم ال الذي ل إله إل هو‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ 2/478 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/480 :‬الروحي‪ -‬بلغة الظرفاء‪9 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخــبر‪ ،2/2/70 :‬ابــن الطقطقــي ‪-‬الفخري فــي‬ ‫‪3‬‬

‫الداب السلطانية‪ 64 :‬وجدي ‪-‬دائرة معارف القرن العشرين‪2/38 :‬‬


‫‪99‬‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله‪ ..‬وقد بلغني رجوع من رجع منكم‬
‫عن دينه بعد أن أقر بالسلم وعمل به اغترارا بال وجهالة بأمره‪ ..‬وإني بعثت‬
‫إليكم فلنا في جيش من المهاجرين والنصار والتابعين بإحسان‪ ،‬وأمرته أن ل‬
‫يقاتهل أحدا‪ ،‬ول يقتله حتهى يدعوه إلى داعيهة ال‪ ،‬فمهن اسهتجاب له وأ قر وكهف‬
‫وعمل صالحا قبل منه وأعا نه عل يه‪ ،‬ومن أ بى أمرت أن يقاتله على ذلك‪ ،‬ثم ل‬
‫يبقي على أحد منهم قدر عليه‪ ،‬وأن يحرقهم بالنار‪ ،‬ويقتلهم كل قتلة‪ ،‬وأن يسبي‬
‫النساء والذراري‪.) ("..‬‬
‫‪1‬‬

‫انطلقهت التشكيلت وتحركهت مهن منطقهة التحشهد مهن ذي القصهة حاملة‬


‫التوجيهات والنذار الذي كان شديدا على المرتدين‪ ،‬رحيما بالمسلمين‪.‬‬
‫‪-1‬تشكيل خالد بن الوليد‪ .‬مهمته النطلق والتحرك باتجاه الشمال‪ ،‬والوصول‬
‫إلى بزا خة‪ ،‬وتدم ير قوات طلي حة بن خويلد ال سدي‪ ،‬ثم النعطاف ن حو‬
‫الجنوب والوصهول إلى البطاح وتدميهر قوات مالك بهن نويره هناك‪ ،‬ثهم‬
‫النعطاف نحو الغرب والوصول إلى مكان تمركز قوات سجاح والقضاء‬
‫عليهها‪ ،‬ثهم التوجهه نحهو الجنوب والوصهول إلى اليمامهة وتدميهر قوات‬
‫مسيلمة الكذاب‪ ،‬يسبقه ويعاونه إلى ذلك المكان عكرمة بن أبي جهل‪.‬‬
‫‪-2‬تشكيل عمرو بن العاص‪ .‬مهمته التحرك باتجاه الشمال الغربي‪ ،‬والوصول‬
‫إلى قبائل قضاعة ووديعة والحارث‪ ،‬وإخضاعها لحكم المدينة‪.‬‬
‫‪-3‬تشك يل خالد بن سعيد بن العاص‪ ..‬مهم ته التحرك باتجاه الشمال الغر بي‬
‫وبمحاذاة وموازاة تشك يل عمرو بن العاص من ج هة الغرب‪ ،‬والو صول‬
‫إلى الحمقتين وإلى بلد الشام‪ ،‬قاطعا تبوك‪.‬‬
‫‪-4‬تشكيل عكرمة بن أبي جهل‪ .‬مهمته التحرك باتجاه الشرق‪ ،‬والوصول إلى‬
‫اليمامهة‪ ،‬والقضاء على قوات مسهيلمة الكذاب‪ ،‬ومتابعهة التقدم نحهو خل يج‬
‫عُمان‪ ،‬ثههم اللتفاف بمجاورة سههاحل بحههر العرب‪ ،‬والوصههول إلى‬
‫حضرموت‪ ،‬وتنظيهف ومقاتلة القبائل المرتدة فهي هذه الطريهق الطويلة‪،‬‬
‫ل كن هذا التشك يل لم يسهتطع تنف يذ المه مة( ) وكلف بمهام جديدة من ق بل‬
‫‪2‬‬

‫القائد العلى على ضوء توقفه والمواقف المستجدة‪.‬‬

‫ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخبر‪-2/2/70 :‬فارق ‪-‬تاريخ الردة‪27 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪HAMIDULLAH -DOCU MENTS SUR LA DIPLOMATIE MUSULMANE:207-209‬‬


‫() ‪PERCEVAL ESSAE SURL , HISTOIRE DES ARABES 3/364‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪100‬‬
‫‪-5‬تشكيهل العلء بهن الحضرمهي‪ .‬التحرك باتجاه الشرق‪ ،‬والوصهول إلى‬
‫البحريهن‪ ،‬وإلى داريهن‪ ،‬والقضاء على المرتديهن هناك‪ ،‬ثهم التجاه نحهو‬
‫الشمال‪.‬‬
‫‪-6‬تشك يل شرحب يل بن ح سنة‪ .‬مهم ته التحرك باتجاه الشرق والو صول إلى‬
‫اليمامهة‪ ،‬ومسهاعدة ومعاونهة القبائل العربيهة الموجودة فهي تلك المنطقهة‪،‬‬
‫ومتابعة التقدم بصورة متوازية مع لواء عكرمة من الجهة الداخلية أي أن‬
‫عكرمة من الجهة الساحلية‪ ،‬وشرحبيل من الجهة الداخلية‪ ،‬الوصول إلى‬
‫كندة‪.‬‬
‫‪-7‬تشكيل حذيفة بن محصن الغلفاني‪ ،‬مهمته التحرك باتجاه الشرق والوصول‬
‫إلى هوازن وإخضاعها‪ ،‬ومتابعة المسير في عرض الصحراء‪ ،‬والوصول‬
‫إلى دبها‪ .‬وبعهد النجاح التوجهه إلى صهُحار على سهاحل خليهج عُمان‪ ،‬ثهم‬
‫التقدم بمحاذاة ال ساحل‪ ،‬حتهى يكون أقرب اللو ية إلى الب حر‪ ،‬والو صول‬
‫إلى مهرة‪.‬‬
‫‪-8‬تشكيل طريفة بن حاجز‪ .‬مهمته التحرك باتجاه الجنوب الشرقي‪ ،‬والوصول‬
‫إلى بني سليم وإخضاعهم‪.‬‬
‫‪-9‬تشكيل عرفجة بن هرثمة البارقي‪ .‬مهمته التحرك باتجاه الجنوب‪ ،‬مارا من‬
‫شرقهي الطائف‪ ،‬ثم النعطاف بر بع دائرة نحهو الشرق‪ ،‬والو صول قريبا‬
‫مهن عمان‪ ،‬ثهم النعطاف نحهو الغرب والوصهول إلى اليمهن‪ ،‬وعليهه أن‬
‫يجتمع مع حذيفة بغية التنسيق والتعاون‪.‬‬
‫‪ -10‬تشك يل المها جر بن أ بي أميّة مهم ته التحرك باتجاه الجنوب‪ ،‬والمرور‬
‫بالطائف وصنعاء ثم النعطاف مع ساحل اليمن باتجاه الشرق‪ ،‬والوصول‬
‫إلى مكان قريب من مهرة‪.‬‬
‫‪-11‬تشك يل سويد بن مقرن المز ني‪ .‬مهم ته التحرك باتجاه الجنوب وبمحاذاة‬
‫ساحل البحر مارا بمكة وتهامه وبعض مدن اليمن‪ ،‬والوصول إلى عدن‪،‬‬
‫يوازيه من جهة الشرق لواء المهاجر بن أبي أمية‪.‬‬
‫بإلقاء نظرة على ش به جزيرة العرب‪ ،‬نرى أن هذه اللو ية قد أطب قت على‬
‫هذه الرض‪ ،‬مها تركهت مهن أرضهها مكانا إل وصهلته‪ ،‬ومها تركهت مهن قبائلهها‬
‫مرتدة إل قاتلتهها‪ ،‬جبههة واسهعة‪ ،‬وميدان فسهيح‪ ،‬ودقهة فهي التوجهه والتحرك‪،‬‬
‫‪101‬‬
‫وإحاطة تامة بمعلومات عن التحرك والتمركز والمحاور والرض من قبل القائد‬
‫العلى‪ .‬ولو أن قائدا قاد عمليات الجزيرة في الو قت الحا ضر‪ ،‬ل ما و سعه إل أن‬
‫يسهتعين بكهل الخرائط والمخططات‪ ،‬ولو أن قائدا أسهند المهام لمرؤوسهيه فهي‬
‫الو قت الحا ضر على هذا الن حو من الد قة‪ ،‬ل ما و سعه إل أن ي ستعين بالركانات‬
‫ذات الختصهاصات المختلفهة‪ ،‬ولو أن قائدا دار وسهيطر على هذه التشكيلت‬
‫العديدة لما وسعه إل أن يستعين بالحواسب واللت اللكترونية المعقدة‪ .‬وحسب‬
‫هذه القيادة أن ألحت وأحاطت بكل ظروف المعارك تخطيطا وتنظيما وتنفيذا بكل‬
‫كفاءة وبكهل حزم ومرونهة واسهتمرار‪ .‬كان القتال بالتوازي والتلقهي والتعاون‬
‫بعهض هذه اللويهة اتجهه نحهو الشمال‪ ،‬وبعضهها نحهو الجنوب‪ ،‬وبعضهها نحهو‬
‫الشرق‪ ،‬حتى إن اللواء الواحد من هذه اللوية كان يناور وينعطف ويقاتل في كل‬
‫الجوانب‪ ،‬لكل لواء مهمة واضحة محددة‪ ،‬ولكل واحد منها مهمات قتالية متتالية‬
‫كمها فهي يومنها هذا‪ .‬وإنهي لقهف أمام هذه القيادة معجبا محييّا ومُكرما على مها‬
‫جددت مهن فنون الحرب‪ ،‬وعلى مها جمعهت مهن خهبرة قتاليهة على المسهتويات‬
‫التكتيكيهة والعملياتيهة والسهتراتيجية‪ ،‬وعلى مها حللت مهن الوقائع والظروف‬
‫ل علميا مبنيا على الفهم الصحيح والدراك السليم‪.‬‬
‫الراهنة آنذاك تحلي ً‬
‫معركة بزاخة‪ .‬تقع في الشمال من المدينة المنورة‪ ،‬وهي بين جبلي أجأ في‬
‫الشمال الغربي وسلمى في الجنوب الشرقي‪ ،‬وفي الشمال والغرب توجد بعض‪.‬‬
‫التلل قليلة الرتفاع على سهل بين هذه المعالم‪ .‬وبزاخة( ) ماء لبني أسد‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قائد الجيش العربي السلمي خالد بن الوليد‪ ،‬وقائد العرب المرتدين طليحة‬
‫بن خويلد ال سدي مع قبائل بنهي أ سد وغطفان وقوة صهغيرة من قبيلة ط يء‪،‬‬
‫يساعده في ذلك كتائب له عيينة بن حصن من بني فزارة‪.) (.‬‬
‫‪2‬‬

‫إن القوى والوسهائط لكل الطرفيهن‪ ،‬فالجيهش العربهي السهلمي فهي أربعهة‬
‫آلف مقا تل( )‪ ،‬أما الج يش العر بي المر تد فيقدر في سبعة آلف مقا تل‪ .‬سبعمائة‬
‫‪3‬‬

‫مع عيينة من قبيلة فزارة‪ ) ( ،‬وثلثة آلف وخمسمائة من قبيلة بني أسد‪ ،‬وثلثة‬
‫‪4‬‬

‫آلف من قبيلة غطفان والقبائل الخرى‪.‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪ ،1/408 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪174 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الذهبي ‪-‬تاريخ السلم ‪1/352‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انضم إلى الجيش العربي السلمي فيما بعد من قبيلة جديله ألف فارس‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫كمـا انضـم إليـه مـن القبائل الخرى فئات لم يذكـر المؤرخون عددهـا‪ .‬انظـر‬
‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ 2/483 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫() ابن خلدون ‪-‬ديوان المبتدأ والخبر‪2/2/71 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪102‬‬
‫تحرك خالد بجي شه من ذي الق صة باتجاه الشمال ح يث ت سكن قبائل ط يء‪،‬‬
‫وق بل القتراب من ها أر سل عدي بن حا تم الذي أ سلم وث بت على إ سلمه‪ ،‬وكان‬
‫زعيما في قو مه‪ ،‬فل ما د نا من هم خاطب هم بالرجوع إلى ال سلم‪ ،‬والنف صال عن‬
‫قوات طليحة‪ ،‬فأصاخوا إليه‪ ،‬وأرسلوا إلى مكان التجمع في بزاخة بحيلة لستقدام‬
‫المقاتل ين من أ هل ط يء‪ ،‬ونج حت الحيلة‪ ،‬وانف صلت ط يء عن الشتراك في‬
‫القتال إل قليلً منههم( )‪ .‬وتقدم خالد باتجاه بزاخهة‪ ،‬لكنهه قبهل وصهوله إلى منطقهة‬
‫‪1‬‬

‫تح شد قوات طلي حة‪ ،‬أراد أن يخرج قبيلة جديلة من المعر كة ال تي كا نت حلي فة‬
‫قبيلة طيء‪ .‬واستطاع عدي هذا الشيخ المؤمن بعقيدته وإسلمه أن يتدخل فيقنع‬
‫خالد بن الوليد أن يفصلها بسلم ل بحرب‪ ،‬وفعل فعلته‪ ،‬وتقدم فشرح لهم الموقف‬
‫العام والخاص فبايعوه على السهلم( ) وبقهي أمام خالد ذلك التحالف الكهبير مهن‬
‫‪2‬‬

‫القبائل‪ ،‬فأر سل دور ية ا ستطلع‪ ،‬ل كي تأ تي بالمعلومات‪ ،‬وتقد مت هذه الدور ية‬
‫باتجاه معسهكر طلي حة‪ ،‬لكن ها ا صطدمت بدور ية ا ستطلع معاد ية فقتلت واحدا‬
‫منها هو حبال أخو طلحة الذي ثارت ثائرته لمقتل أخيه‪ ،‬فأرسل على الفور قوة‬
‫مسلحة قضت على دورية خالد‪ ،‬واقتربت طلئع الجيش العربي من المهاجرين‬
‫والنصار( )ووصلت القوات ساحة المعركة في بزاخة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ا صطف هذا الج يش بترت يب القتال في هذا ال سهل في الجزء الجنو بي م نه‬
‫وظهره إلى المدينة المنورة‪ ،‬و سلم خالد اللواء إلى زيد بن الخطاب‪ ،‬وعقد لباقي‬
‫القبائل راياتههم( ) ووزع قادتهه‪ ،‬فكان على الميمنهة عدي بن حاتهم الطائي‪ ،‬وعلى‬
‫‪4‬‬

‫الميسهرة زيهد الخيهل‪ ،‬وعلى الجناح الزبرقان بهن بدر التميمهي( )‪ .‬كمها اصهطف‬
‫‪5‬‬

‫بالمقابهل قوات طليحهة فهي الجههة الشماليهة وأصهبح الجيشان مهن بعضهمها قاب‬
‫قوسين أو أدنى‪ ،‬وظهر عيينة بن حصن في بني فزاره‪ ،‬وكان هو قائد المعركة‬
‫المبا شر‪ ،‬وطلي حة كان مع شيطا نه يتن بأ عن م ستقبل المعر كة‪ .‬بدأت المعر كة‬
‫شديدة إذا قام الجيش العربي السلمي بهجوم عام صاعق شمل الجنحة والقلب‬
‫على طول خط المواج هة‪ ،‬م ما ج عل الج يش العر بي المر تد يترا جع إلى الوراء‪،‬‬
‫وث بت عيي نة في بادئ ال مر‪ ،‬وش جع على الثبات‪ ،‬ل كن ض غط قوات خالد ال تي‬

‫() فارق ‪-‬تاريـخ الردة‪ 31 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬وجدي ‪ -‬دائرة معارف القرن العشريـن‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪،2/305‬‬
‫‪SHOUFANY -AL- RIDDAH: 119‬‬
‫() ‪PERCEVAL -FSSAI SURL, HISTOIRE DES ARABES 3/360‬‬ ‫‪2‬‬

‫() كمال ‪ -‬الطريق إلى المدائن‪168 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() فارق ‪-‬تاريخ الردة‪ 33 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن أعتم ‪-‬الفتوح‪1/13 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪103‬‬
‫تقدمهت بسهرعة وفوتهت الفرصهة الكهبيرة والوحيدة على القوات المرتدة التهي لم‬
‫تسهتطيع اسهتعادة مواقعهها‪ ،‬فخسهرت جزءا كهبيرا مهن الرض‪ ،‬وارتدت على‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫أعقاب ها‪ ،‬فش عر طلي حة بالهزي مة فر كب فر سه وأردف خل فه امرأ ته وف ّر هاربا‬
‫وبهرو به تفك كت صفوف القوات المرتدة‪ ،‬وضع فت معنويات ها فا ستغل خالد هذه‬
‫الفر صة ود خل في القوات المعاد ية‪ ،‬فلذت بالفرار‪ ،‬فأ سر وغ نم الكث ير( ) وكان‬
‫‪2‬‬

‫من بين السرى عيينة الذي أرسله خالد إلى القائد العلى في المدينة( ) كما بث‬
‫‪3‬‬

‫جنوده فهي مجموعات مطاردة وتنظيهف‪ ،‬فاسهتولى على غمرة وأخضهع أهلهها‪،‬‬
‫وعلى النقرة من بقايا بني فزارة وبني سليم‪ .‬وانتشر خبر انتصار الجيش العربي‬
‫ال سلمي ب ين القبائل في الشمال والشمال الشر قي فجاءت مذع نة تعلن ولء ها‪،‬‬
‫وتعلن توبتها( ) وقالت‪" :‬ندخل فيما خرجنا منه‪ ،‬ونؤمن بال ورسوله ونسلم لحكمه‬
‫‪4‬‬

‫في أموالنا وأنفسنا"( )‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫قضى خالد على الجيوب المرتدة‪ ،‬وكان منها جيب كبير يقع في "ظفر" في‬
‫الجههة الغربيهة لجبال سهلمى إذ اجتمعهت القبائل المنهزمهة‪ ،‬وعدد مهن القبائل‬
‫الخرى مهن هوازن وسهليم‪ ،‬والتجأت إلى هذه المنطقهة‪ .‬كانهت تقود تلك القبائل‬
‫امرأة سميت سلمى اب نة مالك‪ ،‬جدّها حذيفة‪ ،‬وأمها أم قرفة المشهوران بعدائهما‬
‫للسهلم‪ .‬اسهتطاعت سهلمى أن تجمهع مهن حولهها أولئك الوباش‪ ،‬وتقودههم فهي‬
‫معركة الجيش العربي السلمي‪ .‬هاجم خالد تلك القوة التي تجمعت في ظفر من‬
‫الحر كة دون أن يت خذ موا قع هجوم ية‪ ،‬أو يتق يد بنظام ال صفوف‪ ،‬فخر قت قوا ته‬
‫ذلك الجمع من الجانبين‪ ،‬وتعمقت في خرقها‪ ،‬والتفت من الخلف‪ ،‬لكن القوة ظلت‬
‫صامدة‪ ،‬ومن عادة خالد في مثل هذه الحالت‪ ،‬وعندما يثبت عدوه يلجأ إلى قتل‬
‫القائد‪ .‬فشكهل مجموعهة قتاليهة انقضاضيّه‪ ،‬بقيادتهه هاجمهت مقهر قيادة سهلمى‪،‬‬
‫وبسرعة التف قائد المجموعة وانقض عليها فقضى عليها‪ .‬وبقتلها لذ المرتدون‬
‫بالفرار‪ ،‬فتعقبهم الجيش العربي السلمي‪ ،‬فانتصر وغنم وأسر العدد الكبير( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫يعود انتصار هذا الجيش في معركة بزاخة إلى التصميم على القتال‪ ،‬وإلى‬
‫حب الثأر لدور ية ال ستطلع ال تي قتل ها طلي حة‪ ،‬وإلى ال سلوب البتكاري الذي‬
‫فارق‪ -‬تاريخ الردة ‪ -36 :‬الروحي‪ -‬بلغة الظرفاء‪9 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪PERCEVAL- ESSAI SUR L,HISTOERE DES ARABES 3/360‬‬


‫ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪1/15 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪1/16 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫فارق ‪-‬تاريخ الردة‪SHOUFANY- AL- RIDDAH: 119 -42 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪107 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الذهبي ‪-‬تاريخ السلم‪ -1/352 :‬كمال ‪-‬الطريق إلى المدائن‪168 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪104‬‬
‫اتبعه قائد هذا الجيش بنشر قواته على طول مواجهة القوات المحتشدة في منطقة‬
‫القتال‪ ،‬والهجوم مهن الحركهة باتجاه منطقهة ظفهر‪ ،‬وخرق صهفوف العدو مهن‬
‫اتجاهيهن‪ ،‬واللتفاف والتطويهق‪ ،‬وإلى الشدة والحزم فهي القتال‪ ،‬وإلى الضغهط‬
‫الكهبير والمتتالي على الجيهش المعادي‪ ،‬دون أن يترك له فرصهة إعادة تنظيهم‬
‫قوا ته‪ ،‬أو إمداد ها‪ ،‬أو المناورة ب ها‪ ،‬وإلى مهاج مة مرا كز القيادة ال تي ب سقوطها‬
‫يمكهن أن يضعهف المعنويات‪ ،‬ويترك المقاتلون أمكنتههم طلبا للنجاة‪ ،‬وبتجزئ‬
‫القوات المعاديهة وخاصهة عندمها فصهل وجزأ قهبيلتي طيهء وجديلة عهن قوات‬
‫طلي حة‪ ،‬وكذلك جزأ القوات المجتم عة في بزا خة‪ ،‬وق ضى علي ها ق سما بعد ق سم‪،‬‬
‫وذلك لتحق يق التفوق‪ ،‬ولتدم ير العدو ب سهولة‪ ،‬وبا ستخدام الحيلة والخد عة عند ما‬
‫كلف عدي بهن حاتهم ليفرق بيهن الحلفاء‪ ،‬وليزرع بذور الخلف والشقاق بيهن‬
‫المتحالفين المرتدين‪.‬‬
‫معر كة البطاح‪ .‬و هي ت قع إلى الشرق من المدي نة‪ ،‬والجنوب الشر قي من‬
‫جبلي أجأ وسلمى‪ ،‬وهي منزل لبني يربوع من بني تميم‪ ،‬وفي هذه المنطقة ماء‪،‬‬
‫وهي قريبة من بلد فارس‪ .‬وقد تأثر بنو يربوع من جيرانهم في العادات‪ ،‬وفي‬
‫اعتناق الديانتين الزرداشية والنصرانية( ) إلى أن جاء السلم فاعتنقته تلك القبائل‬
‫‪1‬‬

‫إل القل يل من ها‪ .‬و قد أك ثر الشعراء من ذ كر تلك المعر كة من هم مت مم بن نويرة‪،‬‬


‫ووكيع بن مالك( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫قائد الج يش العر بي ال سلمي خالد بن الول يد‪ ،‬وقائد العرب المرتد ين مالك‬
‫بن نويرة في قبيلة ب ني يربوع‪ ،‬وب عض القبائل الخرى المجاورة كب ني حنظلة‬
‫وبني تغلب( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫تحرك خالد بجيشه من منطقة نقرة باتجاه البطاح‪ ،‬وعلى ما يظهر فإن مالك‬
‫بن نويرة لم يكن في نيته القتال‪ ،‬وإنما كان ير يد أن يعبر عن رأ يه أنه ل يريد‬
‫دفع الزكاة‪ ،‬لكن هذا المر وهذا الزعم مرفوض من قبل خالد‪ ،‬فهاج مه دون أن‬
‫يكون الطرف الثا ني م ستعدا لهذه المعر كة‪ ،‬وا ستطاع خالد أن يق ضي على مالك‬

‫() ابن حوقل ‪-‬صورة الرض‪19-1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الحموي‪ -‬معجــم البلدان‪ -1/445 :‬الذهــبي ‪-‬تاريــخ الســلم‪ -1/354 :‬أكرم ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫سيف الله‪ -185 :‬فارق ‪-‬تاريخ الردة‪ 51 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() ابـن أعثـم‪ -‬الفتوح‪ -1/21 :‬ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي التاريـخ‪ ،358-2/357 :‬ابـن‬ ‫‪3‬‬

‫خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪2/2/73 :‬‬


‫‪105‬‬
‫وعلى أتباعه ويقتلهم( )‪ .‬كانت هذه المعركة من أبسط المعارك وأسهلها‪ ،‬ويعتبر‬
‫‪1‬‬

‫دخول خالد إلى منطقة البطاح دخولً ل مقاومة فيه ول حرب تذكر سوى بعض‬
‫المناوشات التي سرعان ما قضي عليها‪.‬‬
‫معركة عقرباء‪ .‬تقع في شمالي اليمامة‪ ،‬وتقع اليمامة في الجهة الشرقية من‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬وهي قريبة من حدود فارس‪ ،‬وفي الطرف الشمالي من الجزيرة‬
‫العربيهة‪ ،‬وههي فهي طريهق النباج‪ ،‬وههي إلى الشمال الشرقهي مهن البطاح حيهث‬
‫يتمركز الجيش العربي السلمي هناك بعد أن استولى على البطاح‪.‬‬
‫شماليه وادي حنيفهة‪ ،‬وخلف قريهة جهبيلة إلى الشمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سههل عقرباء يقهع‬
‫ووادي حني فة يق طع هذا ال سهل من الشرق إلى الغرب‪ ،‬وعلى ضفت يه ارتفاعات‬
‫يرى النا ظر من ها أما مه إلى الشمال وإلى الجنوب‪ ،‬و في جنوب وادي حني فة ي قع‬
‫تل صغير يشرف على سهل عقرباء‪ .‬وفي هذا السهل أيضا في الطرف الشمالي‬
‫الشرقي منه تقع "حديقة الموت" وفيها الشجار المثمرة‪ ،‬محاطة بسور منيع( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫خالد الن في منط قة البطاح ينت ظر أوا مر القائد العلى‪ ،‬ب عد أن ن فذ مهم ته‬
‫(‪)3‬‬
‫بكل كفاءة‪ ،‬جاءته الوامر بالتحرك من هذه المنطقة باتجاه اليمامة لقتال مسيلمة‬
‫على ش كل توجيهات عمليات ية‪ ،‬متضم نة ككل التوجيهات المكان ووج هة الم سير‪،‬‬
‫والهداف‪ ،‬والقيادة‪ ،‬ومعاملة الجنهد‪ ،‬والتصهرف حيال العدو المرتقهب وغيهر‬
‫ذلك( )‪..‬‬ ‫‪4‬‬

‫شكهل خالد جيشا كهبيرا وكان يتألف مهن لواء (تشكيهل) خالد بهن الوليهد‪،‬‬
‫ل لظنهها أن خالدا تجاوز حدود‬‫وقوات النصهار والمهاجريهن التهي تخلفهت قلي ً‬
‫الوامهر المعطاة له مهن قبهل الخليفهة‪ ،‬وتشكيهل شرحبيهل بهن حسهنة‪ .‬ثهم أعطهى‬
‫التعليمات القتاليهة وأسهند المهام إلى الوحدات مسهتندا إلى توجيهات القائد العلى‬
‫وإلى الظروف الراهنة‪ ،‬وقوة العدو وإمكانياته‪.‬‬
‫تحرك هذا الجيهش مهن منطقهة البطاح( ) باتجاه وادي حنيفهة مهن الجههة‬
‫‪5‬‬

‫() ابــن أعثــم ‪-‬الفتوح‪ -1/22 :‬ابــن الثيــر ‪-‬الكامــل فــي التاريــخ‪ -2/358 :‬ابــن‬ ‫‪1‬‬

‫خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخـــبر‪ -2/2/74 :‬اليافعـــي ‪-‬مرآة الجنان‪ 1/95 :‬كمال‬
‫‪-‬الطريق إلى المدائن‪.171 :‬‬
‫() الطــبري تاريــخ المــم والملوك‪ -2/508 :‬الحموي ‪-‬معجــم البلدان‪-4/135 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫أكرم‪ -‬سيف الله‪206-204 :‬‬


‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ ،100-98 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ ‪300-2/299‬‬ ‫‪3‬‬

‫() انظر هذه التوجيهات عند ابن العثم ‪ -‬الفتوح‪27-1/26 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() فارق ‪-‬تاريخ الردة ‪71‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪106‬‬
‫الجنوب ية‪ ،‬ح تى إذا و صل إلى ض فة الوادي ف تح على صفوف من سقة في الع مق‬
‫مقابل القوات المعادية‪ .‬وكان على الميمنة زيد بن الخطاب‪ ،‬وعلى الميسرة أسامة‬
‫بن ز يد‪ ،‬وعلى الجناح البراء بن مالك‪ ،‬وعلى القلب قائد الج يش بالذات( ) وكان‬
‫‪1‬‬

‫شعار الج يش‪ :‬يا أ صحاب سورة البقرة( )‪ ،‬وعدده حوالي عشرة آلف مقا تل( )‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫وتحركت قوات المرتدين من اليمامة باتجاه الشمال الشرقي وعسكرت في سهل‬


‫عقرباء( ) على الضفهة الشماليهة لوادي حنيفهة‪ ،‬ومقابهل قوات خالد وكان على‬ ‫‪4‬‬

‫الميمنة المحكم‪ ،‬وعلى المسيرة الرجّال بن عنقوة وعلى القلب مسيلمة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وكان عدد هذا الجيش حوالي أربعين ألف مقاتل( )‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫أصبح الجيشان مستعدين للقتال صباح الول من شوال العشرين من كانون‬


‫الول سنة ‪ 11/632‬حرض قائدا هذ ين الجيش ين‪ ،‬مقاتليه ما‪ ،‬مذكر ين ب ما ي ستحث‬
‫الهمم‪ ،‬ويقوي العنويات( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫قام الجيش العربي السلمي بهجوم على طول الجبهة المعادية ضد الجيش‬
‫العربهي المرتهد‪ ،‬وحاول هذا الجيهش أن يخترق الصهفوف‪ ،‬لكهن صهمود الجبههة‬
‫أو قف كل تقدم‪ ،‬ا ستغل م سيلمة ف شل هذا الهجوم‪ ،‬فقام بهجوم معا كس ن جح ف يه‬
‫إلى حد بعيد‪ ،‬ح يث ا ستطاع أن يز يح عدوه‪ ،‬وأن يح تل جزءا من الرض‪ .‬وبدا‬
‫على الج يش العر بي ال سلمي التقه قر والفو ضى‪ ،‬ح تى و صل خلف مواض عه‬
‫القتال ية ال تي احتل ها من ق بل أثناء تمركزه‪ ،‬وتب عه الج يش العر بي المر تد ح تى‬
‫و صل إلى م قر القيادة( )‪ .‬في هذه المرحلة من القتال كان النجاح بجا نب الج يش‬
‫‪8‬‬

‫العربي المرتد‪ ،‬الذي مالبث أن غرته مظاهر هذا النجاح‪ ،‬فباشر بالنهب والسلب‪،‬‬
‫وترك مواقع القتال‪ .‬وهذه فرصة أتاحت لخالد بن الوليد أن يعيد تنظيم قواته من‬
‫جديد حسب التشكيل القبلي‪ ،‬الذي حركه في نفوس زعماء هذه القبائل‪ ،‬فأثار فيهم‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/508 :‬كما ‪-‬الطريق إلى المدائن‪172 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪99 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أربعـة آلف مـع تشكيـل خالد‪ ،‬وثلثـة آلف مـع تشكيـل شرجيـل وألف مـن‬ ‫‪3‬‬

‫جديلة‪ ،‬وألفان مـن بقيـة القبائل‪ .‬انظـر ابـن كثيـر ‪-‬ملحـق الجزء التاسـع‪،12 :‬‬
‫أمـا الجنرال أكرم فقـد قال‪ :‬ثلثـة عشـر ألف مقاتـل‪ .‬انظـر أكرم ‪-‬سـيف الله‪:‬‬
‫‪208‬‬
‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ -1/31 :‬فارق ‪-‬تاريخ الردة‪75 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/508 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطــــبري ‪-‬تاريــــخ المــــم والملوك‪ -2/505 :‬وجدي ‪-‬دائرة معارف القرن‬ ‫‪6‬‬

‫العشرين ‪2/307‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/509 :‬وما بعدها‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ -1/34 :‬الراوي‪ -‬تاريخ الدولة العربية‪ -15 :‬كمال‪ -‬الطريق‬ ‫‪8‬‬

‫إلى المدائن‪73 :‬‬


‫‪107‬‬
‫روح الحمية والثرة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وبعهد النتهاء قام فورا بهجوم التثهبيت والحركهة إذ ثبهت قائد القلب الكتلة‬
‫الرئيسهية مهن جيهش مسهيلمة‪ ،‬وقام قائد الجناح اليمهن زيهد بهن الخطاب فخرق‬
‫الجناح اليسر من ميسره الرجّال حتى وصل إلى مقر قيادته فقتله( ) وحاول قائد‬
‫‪2‬‬

‫هذا الجناح أن يتقدم ويخرق الصهفوف لكنهه لم يسهتطع‪ ،‬وكثرت عليهه الضربات‬
‫من كل صوب حتى سقطت الراية من يده‪ ،‬لقد ناضل من أجل الحفاظ عليها حتى‬
‫ق تل‪ ،‬فأ خذ الرا ية سالم مولى أ بي حذي فة وحما ها‪ ،‬وتقدم المقاتلون( ) وث بت هذا‬
‫‪3‬‬

‫الج يش أمام الضربات المتتال ية‪ ،‬وكثرت الخ سائر من القتلى والجر حى من كل‬
‫الطرفين( )‪ ،‬حتى جرى الدم في خندق سمي فيما بعد "خندق الدم" ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫هدأ القتال فترة‪ ،‬ثم ا ستؤنف بالمبارزة‪ ،‬فخرج خالد ينادي للمبارزة( ) فخرج‬
‫‪5‬‬

‫إليهه أبطال مهن الجانهب المعادي‪ ،‬فدفهف عليههم جميعا‪ ،‬وكان بوده أن يصهل إلى‬
‫م سيلمة الذي ظل حذرا دون أن يقترب من ا بن الول يد‪ ،‬وبحر كة سريعة أراد أن‬
‫يق ضي عل يه فهرب من أما مه‪ ،‬وبهذا الهرب صاح قائد الج يش ال أ كبر‪ ،‬فتب عه‬
‫المسهلمون وههم يرددون هذا الشعار‪ ،‬فتراجهع المرتدون أمام ضغهط وهجوم‬
‫المسلمين‪ ،‬ثم انقلب هذا التراجع إلى انسحاب‪ ،‬ثم إلى هرب‪ .‬وهنا استغل الجيش‬
‫العر بي ال سلمي هذه اللحظات‪ ،‬فب قي على تماس مبا شر مع الهارب ين‪ ،‬وتبع هم‬
‫حتى ألجأهم إلى حديقة كانت في سهل عقرباء إلى الشرق منها‪ ،‬فدخلوها وأغلقوا‬
‫بابها علها تحميهم من سيوف ورماح الم سلمين( )‪ .‬وق تل في هذه المطاردة العدد‬
‫‪6‬‬

‫ال كبير من المرتدين كما ق تل قائد الميم نة "المح كم" وبهذا فقد ب قي ج يش م سيلمة‬
‫دون قائدي جناحين‪ ،‬وتفككت عرى القيادة والنضباط( )‪ ،‬وسادت الفوضى‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫حا صر الج يش العر بي ال سلمي ج يش المرتد ين ض من الحدي قة‪ ) (،‬وم نع‬


‫‪8‬‬

‫عنهم كل مؤونة‪ ،‬أو عتاد‪ ،‬أو سلح‪ ،‬وحاول اقتحام الحديقة التي كانت مسوّرة‪،‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ -2/513‬هيكل ‪-‬الصديق‪ -171 :‬سويد ‪-‬معارك‬ ‫‪1‬‬

‫خالد بن الوليد ‪161-160‬‬


‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/511 :‬ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪1/35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() فارق‪ -‬تاريخ الردة‪ -76 :‬الكاندهلوي ‪ -‬حياة الصحابة‪1/551 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪44-1/40 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/513 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪37-1/36 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الذهبي ‪-‬تاريخ السلم ‪1/358‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪ -1/37 :‬فارق ‪-‬تاريخ الردة‪80 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪108‬‬
‫وبابها موصد يحرسه عدة مقاتلين( ) إن الحصار في هذه الحالة يتنافى مع سرعة‬
‫‪1‬‬

‫النتصار‪ ،‬ذلك أن الحصار يتطلب مدة طويلة‪ ،‬حتى يستسلم العدو‪ ،‬لكن السرعة‬
‫مطلو بة ق بل أن يأ تي التعز يز من ب عض القبائل‪ ،‬وق بل أن يع يد المرتدون تنظ يم‬
‫صهفوفهم‪ ،‬سهيما الذيهن لم يدخلوا الحديقهة‪ .‬ورأى قادة الج يش العربهي السهلمي‬
‫ضمهن هذه العتبارات اقتحام الحديقهة والهجوم جبهيا مهن الباب الموصهد( ) وقاد‬
‫‪2‬‬

‫البراء بن مالك( ) مجموعة القتحام‪ ،‬وعل السور‪ ،‬وقفز إلى داخل الحديقة‪ ،‬فقتل‬
‫‪3‬‬

‫بعهض الحراس‪ ،‬وفتهح الباب( )‪ .‬فتدفقهت جموع المقاتليهن المسهلمين‪ ،‬وخرقوا‬


‫‪4‬‬

‫صهفوف المرتديهن‪ ،‬فتجزأت قواتههم‪ ،‬وسههل فهي هذه الحالة القضاء على البقيهة‬
‫الباقية في هذه الحديقة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫أصهر مسهيلمة قائد جيهش المرتديهن على متاب عة القتال‪ ،‬وثبهت أمام جيشهه‪،‬‬
‫وحهث رجاله على التصهدي‪ ،‬والدفاع عهن الحسهاب( ) ل تزال المعركهة قائمهة‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫فالجثهث مرميهة هنها وهناك‪ ،‬والدماء تغيهر لون الرض‪ ،‬والجرحهى يتألمون‬
‫ويئنون‪ ،‬والبطال مهن كل الجيشيهن قهد أنهكههم التعهب‪ ،‬وسهرى بههم الوصهب‪،‬‬
‫ل ومتابعا‪ ،‬فهي هذه‬ ‫وأعلنهت الشمهس على الصهيل‪ ،‬والمقاتهل ل يزال مواصه ً‬
‫اللحظة تسلل وحشي من بين جنود المسلمين‪ .‬واقترب رويدا رويدا من مقر قيادة‬
‫م سيلمة‪ ،‬ح تى إذا أي قن أ نه أ صبح في المدى المجدي من رم ية حرب ته‪ ،‬ه ّز ها‪،‬‬
‫وصهوّبها باتجاه الكذاب‪ ،‬ورماهها فأصهابت صهدره‪ ،‬فوقهع على الرض ينازع‬
‫سكرات الموت( ) فأقبل أو دجانه فدفف عليه‪ ،‬وفصل رأسه عن جسده( )‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬

‫انت شر مق تل م سيلمة في جموع المقاتل ين المرتد ين انتشار النار في الهش يم‪،‬‬


‫وقوّى المسلمون هذا النبأ‪ ،‬وساعدوا على تعميمه‪ ،‬وما من لحظات حتى انهارت‬
‫قوى هذا الجيش‪ ،‬وتحطمت معنوياته بمقتل قائده ونبيّه‪ ،‬وانكفأ يقاتل عن ضعف‪.‬‬
‫وفي هذا الو قت انقض الم سلمون على من تب قى من المرتد ين فأبادو هم‪ ،‬وكا نت‬
‫() سويد ‪-‬معارك خالد بن الوليد ‪162‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح ‪1/38‬‬ ‫‪2‬‬

‫ً‬
‫() البراء بــن مالك أخــو أنــس بــن مالك‪ .‬وقــد كان جريئا‪ ،‬ل يهاب الموت‪ ،‬ول‬ ‫‪3‬‬

‫يحسب للشدة‪ ،‬ول للخوف حساباً‪ ،‬وهو الذي أبلى وقتل من العداء في هذه‬
‫المعركة عددا ً كبيراً‪ .‬انظر الشيباني ‪-‬شرح السير الكبير‪100-1/62 :‬‬
‫() ‪.PERCEVAL- ESSAI SUR L, HISTOIRE DES ARABES 3/373‬‬ ‫‪4‬‬

‫() غلوب ‪-‬الفتوحات العربية الكبرى‪192 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪1/38 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابـن أعثـم ‪-‬الفتوح‪ 1/38 :‬الروحـي ‪-‬بلغـة الظرفاء‪ -9 :‬اليافعـي ‪-‬مرآة الجنان‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -1/96‬هيكل ‪-‬الصديق ‪175‬‬


‫() الذهــبي ‪ -‬تاريــخ الســلم ‪ -1/358 -‬غلوب الفتوحات العربــي الكــبرى‪-194 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫فارق ‪-‬تاريخ الردة‪80 :‬‬


‫‪109‬‬
‫مذبحهة كهبيرة‪ .‬ومقتلة عظيمهة‪ ،‬ومعركهة قاصهمة‪ ،‬أعادت إلى الجزيرة العربيهة‬
‫وحدتها وقوتها( ) واستشهد كثير من الصحابة وحملة القرآن( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫لم يشعر الجيشان بنقص في التموين‪ ،‬ذلك أن الوسائط المحلية كانت كافية‬
‫لطعام المقاتلين‪ ،‬فقد كانت تلك المنطقة غنية بالطعام‪ ،‬وتتوفر فيها المياه الكافية‪،‬‬
‫ولقد استفاد الجيش العربي السلمي من الغنائم التي حصل عليها في المعارك‬
‫السابقة قبل دخوله معركة عقرباء‪ ،‬ثم لما استولى على تلك المنطقة وأباد جيش‬
‫المرتديهن حصهل أيضا بالضافهة إلى المواد التموينيهة على السهيوف والدروع‬
‫والخيل‪.‬‬
‫صالح خالد قائد الج يش العر بي ال سلمي مجا عة ال سير الذي خدع خالدا‬
‫بهذه المعاهدة التهي تبقهي السهبي فهي الحصهن ف قط‪ ،‬وتأخهذ مها عداه مهن العتدة‬
‫القتال ية‪ ،‬ور ضي قائد هذا الج يش‪ .‬ولو حق ب نو حني فة في الرض أين ما ذهبوا‪،‬‬
‫وتعرضوا للسبي والقتل‪ ،‬وضربت عليهم الذلة والمسكنة( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫اشتر كت المرأة العرب ية في هذا القتال من كل الجيش ين‪ ،‬وكا نت أم عمارة‬


‫المرأة البارزة فهي هذه المعركهة‪ ،‬التهي حاولت التقرب مهن مسهيلمة وقتله‪ ،‬لكهن‬
‫صاحب الحر بة سبقها إلى ذلك‪ ،‬ك ما اشترك من الجا نب ال خر الن سوة الل تي‬
‫اعتصمن في حصون الحديقة( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫يعود انت صار الج يش العر بي ال سلمي في هذه المعر كة إلى العقيدة ال تي‬
‫يحملهها‪ ،‬وإلى القيادة التهي اتصهفت بالمرونهة والحزم والسهتمرار‪ ،‬وإلى اتباع‬
‫أساليب جديدة مبتكرة في القتال‪ ،‬وإلى تغيير وتطوير وتبديل هذه الساليب كلما‬
‫دعهت ضرورة القتال إلى ذلك‪ ،‬فالنتقال مهن الهجوم المباغهت السهريع فهي أول‬
‫القتال إلى صد العدو إلى الهجوم المعاكس إلى المبارزة إلى استخدام الخدعة إلى‬
‫تبديل تشكيلت القتال‪ ...‬كلها أساليب أتت في زمنها المحدد من المعركة‪ ،‬وهي‬
‫تتبدل حسب ظروفها المستجدة‪ ،‬وإلى سرعة التحرك والمرونة والخفة في ميدان‬
‫المعركهة‪ ،‬سهيما عنهد النقضاض والمطاردة‪ ،‬وإلى التصهميم الكيهد على حسهم‬
‫المعركة‪ ،‬وخاصة عند اقتحام الحديقة‪ ،‬وإلى الشدة والعنف في القتال إذ يستميت‬

‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ 1/39 -‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪196 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() اليافعي‪ -‬مرآة الجنان‪1/96 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابـن أعثـم‪ERCEVAL -FSSAI SUR L, HISTOIRE DES ARABES -1/41 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪3/377‬‬
‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪1/40 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪110‬‬
‫المقاتهل فل يرحهم عدوه‪ ،‬ويفصهل الرأس عهن الجسهد‪ ،‬ويجعهل الدماء تسهيل‬
‫كالجداول في "خندق الدم"‪ ،‬وإلى تجزئ القوات المعادية بحيث يمكن التفوق على‬
‫هذا الجزء وبالتالي فإنه يبدأ بقضمة تتبعها قضمة حتى ينتهي من تدمير الجيش‬
‫وتمزيق قواته‪ ،‬ويولي جيش المرتدين منهزما تائها في الراضي‪ ،‬فما نجا منهم‬
‫إل القل يل‪ ،‬وإلى عدم إتا حة الفر صة لج يش مسهيلمة بإعادة تنظي مه‪ ،‬أو ا ستعادة‬
‫أنفا سه خا صة في اللح ظة ال تي انك فأ في ها مرتدا ق بل أن يد خل الحدي قة إذ تا بع‬
‫جيهش خالد الهجوم والضغهط دون أن يترك فاصهلً زمنيا للراحهة لجنوده‪ ،‬ودون‬
‫أن يترك لعدائه فرصة العودة والقتال من جديد‪.‬‬
‫معر كة قضا عة وودي عة‪ .‬ت سكن هاتان ال قبيلتان في الشمال من المدي نة في‬
‫منطق تي تبوك ودو مة الجندل‪ ،‬و قد ارتد تا‪ ،‬ك ما ار تد غيره ما من القبائل‪ ،‬تحرك‬
‫عمرو بن العاص بتشكيله من المدينة وتصدى لهؤلء المرتدين‪ ،‬وكان القتال غير‬
‫نظامي‪ ،‬إنما يشبه قتال العصابات‪ ،‬لذلك كان النتصار عليهم بسهولة سيما عندما‬
‫انضم إلى هذا التشكيل شرحبيل بن حسنة الذي انتهى من توه في معركة اليمامة‪،‬‬
‫وتحرك باتجاه الشمال الغربهي بأمهر مهن القائد العلى ليقاتل معا عدوا مشتركا‪،‬‬
‫وخلل أسابيع قضي على المناوئين‪ ،‬وعادت القبائل إلى دينها( ) معركة دبا‪ .‬تقع‬
‫‪1‬‬

‫د با في الج هة الشرق ية من المدي نة المنورة‪ ،‬على ساحل خل يج عمان ( ) وتع تبر‬


‫‪2‬‬

‫عاصمة لُعمان‪ ،‬تسكنها قبيلة أزد بقيادة لقيط بن مالك الزدي‪ ) (،‬الذي أعلن نفسه‬
‫‪3‬‬

‫ملكا متوجا عليها بعد وفاة الرسول صلى ال عليه وسلم فارتد هو وقبيلته‪ .‬تحرك‬
‫حذيفة ابن محصن الغلفاني من المدينة‪ ،‬والتقى مع لقيط في دبا‪ ،‬ودارت معركة‬
‫لم تكهن فاصهلة‪ ،‬فانسهحب إلى صهُحار‪ ،‬وههي إلى الجنوب مهن دبها على سهاحل‬
‫الخليج( ) ساعد حذيفة في مهمته عكرمة الذي تصدى لقتال المرتدين في المناطق‬ ‫‪4‬‬

‫المجاورة‪ ،‬واستطاعا أن يعيدا الستقرار والسلم إلى تلك الديار( )‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫معر كة مهرة‪ .‬ت سكن قبيلة مهرة في الج هة الجنوب ية من الجزيرة العرب ية‬
‫على ساحل العرب‪ ،‬إلى الشرق من حضرموت‪ ،‬قريبا من قبيلة كندة‪ ،‬مطلة على‬
‫خل يج الق مر‪ .‬ارتدت ك ما ار تد غير ها‪ .‬فتو جه إلي ها عرف جة بن هرث مة البار قي‪،‬‬

‫() فارق ‪-‬تاريخ الردة‪ -148 :‬وما بعدها‬ ‫‪1‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان‪.436-2/435 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الحموي ‪-‬معجم البلدان ‪2/436 -‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ -2/110 :‬البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ -104 :‬الحموي‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬معجم البلدان‪3/393 :‬‬


‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪ ،74-1/73 :‬ابن كثير ‪-‬البداية والنهاية‪ -6/330 :‬فارق ‪-‬تاريخ‬ ‫‪5‬‬

‫الردة‪ 147 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪111‬‬
‫فقاتلهها وأخضعهها بمسهاعدة عكرمهة الذي تحرك إليهها بتشكيله بعهد النتهاء مهن‬
‫دبا( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫معارك البحرين‪ .‬تقع البحرين في الجهة الشرقية من الجزيرة العربية على‬


‫ساحل الخل يج العر بي إلى الشرق من المدي نة( ) سار إلي ها العلء بن الحضر مي‬
‫‪2‬‬

‫قائد أ حد التشكيلت ليقا تل المرتد ين لوحده في أما كن مختل فة من البلد‪ ،‬وش عر‬
‫ال سكان المحليون بهذا التحرك‪ ،‬فتح صنوا بح صن "جوا ثا"( ) فحو صروا عدة أيام‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫لم يتم كن خلل ها هذا القائد من مهاج مة الح صن أو اضطراره للت سليم‪ ،‬ح تى إذا‬
‫سهكر أ هل الحصهن فاجأ هم وا ستولى على الحصهن‪ ،‬وق تل العد يد من هم‪ ،‬وتا بع‬
‫تحركه في البلد‪ ،‬وإلى الشمال حتى وصل إلى "دارين" فأخضع جميع المرتدين‪،‬‬
‫وعادوا إلى السلم‪.) (.‬‬
‫‪4‬‬

‫معركنة كندة‪ .‬كندة قهبيلة تسهكن فهي الجزء الجنوبهي مهن الجزيرة العربيهة‬
‫جنو بي الي من‪ ،‬وتنت شر في الي من وحضرموت ونجران( )‪ .‬وكان الحا كم على هذا‬
‫‪5‬‬

‫الجزء زياد بن لب يد البيا ضي الذي ات خذ مقره في "ظ فر" عا صمة حضرموت‪.‬‬


‫كانهت كندة تتحيهن الفرص للفلت مهن دفهع الزكاة‪ ،‬وتحاول أن تجهد طريقا أو‬
‫سهببا للخلص مهن هذا القيهد الذي لم يألفوه مهن ق بل‪ ،‬وشجهع ذلك زعماء القبائل‬
‫الذين كانوا يتشوقون للعودة إلى الحياة القبلية‪ ،‬والزعامة العشائرية‪ ،‬فخرجوا عن‬
‫سلطة المدينة وأعلنوا ارتدادهم‪ ،‬وتجمعوا في نقاط عسكرية متعددة بغية مهاجمة‬
‫الحا كم ال سلمي‪ ،‬ل كن زياد ها جم الرياض و هي أ كبر مع قل ل هم‪ ،‬فق تل وأ سر‬
‫العديد منهم‪ ،‬وتفرق الباقون( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫تأ ثر الشعهث بن ق يس الذي ل يزال على إ سلمه حتهى سهاعة هجوم قائد‬
‫التشك يل على معا قل المرتد ين‪ ،‬فعارض ال سلطة‪ ،‬ون صب نف سه محاميا ومدافعا‬
‫عن المرتد ين إذ أخذ ته حم ية الجاهل ية والقبل ية‪ ،‬فج مع جمو عه‪ ،‬و فك ال سرى‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/528 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬فارق ‪-‬تاريـخ الردة‪155 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫وما بعدها‪،‬‬
‫‪perceval- Essaisur L,histoire Des Arabes 3/387‬‬
‫() الحموي ‪ -‬معجم البلدان‪ 1/346 :‬وما بعدها‬ ‫‪2‬‬

‫ابن أعثم ‪ -‬الفتوح‪ -51-1/47 :‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪176 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫ابـن أعثـم ‪-‬الفتوح ‪ -1/48 -‬ومـا بعدهـا‪ ،‬فارق ‪-‬تاريـخ الردة‪ -136 :‬ومـا بعدهـا‪،‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫كمال ‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ -175 :‬الخضري ‪-‬اتمام الوفاء‪-36 :‬‬


‫‪perceval- Essai Sur L,histozre DES arabes 3/365-386‬‬
‫() فارق ‪-‬تاريخ الرده‪159 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابن أعثم ‪ -‬الفتوح‪ -55-1 :‬وما بعدها‪ ،‬فارق تاريخ الردة‪ -159 :‬وما بعدها‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪112‬‬
‫المعتقلين بالقوة‪ ،‬وبدأ يحضر لشن هجوم ضد ابن لبيد( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫شعرت القيادة العامة في المدينة أن هناك خطرا على تلك المنطقة وقائدها‪،‬‬
‫فيما لو أتم الشعث ا ستقطاب جميع المرتد ين في قبيلة كندة وال سكان المحليين‪،‬‬
‫وأن الكفهة سهتكون راجحهة لصهالح الشعهث‪ ،‬فأرسهل القائد العلى تعزيزات‪،‬‬
‫وأصهدر أوامره على الفور إلى المهاجهر بهن أبهي أميهة أن يتحرك وينضهم إلى‬
‫القوات العرب ية ال سلمية في ظ فر‪ ،‬وكذلك إلى عكر مة بن أ بي ج هل الذي ل‬
‫يزال في "أبين" قريبا من منطقة الصراع( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫التحقهت التعزيزات جميعهها فهي الوقهت المحدد‪ ،‬وتحشدت هذه القوات فهي‬
‫ظفر بقيادة المهاجر‪ ،‬وأخذت تستعد لقتال المرتدين بقيادة الشعث‪ ،‬وأدركت قيمة‬
‫السرعة في الهجوم قبل أن يكتمل استعداد وتحضير الشعث قائد القوات المرتدة‪،‬‬
‫فأمهر المهاجهر بالهجوم العام على طول الجبههة‪ ،‬وفهي النقاط التهي يتجمهع فيهها‬
‫المرتدون‪ ،‬فتأخهر الشعهث وانسهحب إلى حصهن "النيجهر"( ) فتبعتهه القوات‬
‫‪3‬‬

‫ال سلمية‪ ،‬وضر بت ح صارا على الح صن إذ سدت الطرق الثل ثة المؤد ية إلى‬
‫المدي نة‪ ،‬ومن عت عن ها كل المدادات‪ ،‬وحاول المحا صرون فك الح صار بإجراء‬
‫عدة هجمات محدودة غيهر مؤثرة‪ ،‬وبقهي الحصهار مطبقا بصهرامة حتهى نفذت‬
‫التموينات‪ ،‬ونفذ صبر الشعث ومن معه‪ ،‬فأرسل إلى قادة أحد التشكيلت عكرمة‬
‫يستشيره في وضع حد لهذا الحصار‪ ،‬فوافق المهاجر وعكرمة على أن يستسلم‬
‫الح صن‪ ،‬مقا بل أن ي صان دم الش عث وعشرة م من م عه من قبيلته( ) وف تح باب‬
‫‪4‬‬

‫الحصهن‪ ،‬وخان جيشهه‪ ،‬وتدفقهت جموع المسهلمين إلى داخهل الحصهن‪ ،‬وحدثهت‬
‫مقتلة كهبيرة‪ ،‬ذبهح فيهها الكثيهر مهن الرجال‪ ،‬وجمعهت الغنائم‪ ،‬وقيدت السهرى‪،‬‬
‫()‬‫‪5‬‬
‫وسبيت النساء‪ ،‬وأعلم القائد العلى بهذا النتصار‪.‬‬
‫من مجمل حروب الردة‪ ،‬ومن خلل القيادة الستراتيجية في المدينة‪ ،‬ومن‬
‫القيادة التكتيكية في الجهات والماكن التي ارتدت فيها معظم القبائل‪ ،‬يلحظ على‬
‫هذه الحروب ما يلي‪:‬‬

‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪60-59-1/55 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪71-1/70 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن أعثم ‪ -‬الفتوح‪1/75 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ لمــم والملوك‪ 2/547 :‬ابــن أعثــم ‪-‬الفتوح‪ 1/84 :‬غلوب ‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫الفتوحات العربية الكبرى ‪206 -‬‬


‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/548 :‬ابن أعثم ‪-‬الفتوح‪ -1/82 :‬وما بعدها‪/‬‬ ‫‪5‬‬

‫الخضري ‪-‬اتمام الوفاء ‪42-41 -‬‬


‫‪113‬‬
‫‪-1‬أن القبائل المرتدة كا نت تحارب مفك كة ومجزأة(‪ )1‬إل في معر كة عقرباء‪-‬‬
‫دون قائد‪ ،‬ممها سههل لقادة التشكيلت النتصهار عليهها‪ ،‬بفضهل التنظيهم‬
‫العسكري للمقاتلين بتشكيلت قتالية‪ .‬إن الذين ارتدوا كان أكثرهم من أهل‬
‫البادية وبعيدين عن المدينة‪ ،‬وعن المركز الثقافي والعقائدي‪ ،‬وكانوا أقل‬
‫من غيرهم شدة وبأسا في القتال‪ ،‬فإنهم إن تضايقوا تركوا المعركة‪ ،‬وإن‬
‫ثبتوا فإن ثبات هم يكون قليلً‪ ،‬فقتال هم غ ير متما سك‪ ،‬أ سلوبهم ال كر وال فر‪،‬‬
‫وغايتههم المال والغنيمهة‪ ،‬لم يدخهل اليمان فهي قلوبههم‪ ،‬وأعلنوا مهن قبهل‬
‫السلم بألسنتهم‪.‬‬
‫‪-2‬أن جميع المرتدين عادوا بعد القتال إلى السلم‪ ،‬ورأوا أن ل مناص من‬
‫الرجوع‪ ،‬فعادوا من ح يث قد خرجوا‪ ،‬و هم إ ما أن يكون رجوع هم خوفا‬
‫أو إيمانا‪ .‬والمهم أنهم لم يثبتوا على ما هم عليه‪.‬‬
‫‪-3‬أن زعماء المرتدين كانوا يقاتلون لمنصب‪ ،‬وأنهم استغلوا بساطة وسذاجة‬
‫البدوي الذي عاش مع الطبيعة القاسية‪ ،‬ومع القبيلة التي لم يكد يتركها في‬
‫ز من الر سول صلى ال عل يه و سلم ح تى عاد إلي ها في ز من الردة م ثل‬
‫السود العنسي في اليمن وصنعاء‪ ،‬ومسيلمة في اليمامة اللذين استطاعا‬
‫أن يستوليا على قلوب الكثير من القبائل التي ينتمون إليها أو إلى غيرها‪،‬‬
‫في حين أن قادة الجبهات والتشكيلت كانوا يقاتلون عن عقيدة ودفاع عن‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪-4‬أن أكبر معركة كانت في اليمامة ضد مسيلمة الكذاب الذي حشد فيها آلف‬
‫المقاتلين‪ .‬وبانهيار الردة في هذه المنطقة تداعت باقي الثورات واستسلمت‬
‫دون مقاومة تذكر(‪.)2‬‬
‫‪-5‬أن التعاون كان جليا بين قادة التشكيلت التي كانت تتحرك باتجاه الخطر‪،‬‬
‫ك ما ف عل عكر مة في عُمان ومهرة‪ ،‬وك ما حدث ب ين عرف جة وحذي فة في‬
‫معركتي دبا ومهرة‪.‬‬
‫‪-6‬أن القيادة العل يا كانهت قيادة حكي مة تد ير عمليات الجبهات المختل فة بآن‬
‫ل أو جزءا‪،‬‬‫واحد‪ ،‬وهي التي كانت تحرك التشكيلت إلى مواقع الخطر ك ً‬
‫ل أو جنوبا كمعركهة كندة‪ ،‬وتعزيهز زياد بتشكيليهن‬ ‫شرقا أو غربا‪ ،‬شما ً‬
‫العقاد ‪-‬عبقرية الصديق ‪140 -‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك ‪2/619 -‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪114‬‬
‫كبيرين‪ ،‬وبقائدين مجربين هما المهاجر وعكرمة‪.‬‬
‫‪-7‬كفاءة قادة التشكيلت على المسهتوى التكتيكهي‪ ،‬وفهي مسهرح عمليات‬
‫المعركههة‪ ،‬حيههث كانوا يظهرون الخفههة والمرونههة وقوة الحتمال‪،‬‬
‫هم إلى‬‫هن‪ ،‬وتوجيههه‬ ‫هيطرة على المقاتليه‬
‫هي القتال‪ ،‬والسه‬
‫هتمرار فه‬
‫والسه‬
‫التجاهات الها مة والرئي سة ك ما حدث في معر كة عقرباء‪ ،‬وإعادة تنظ يم‬
‫القوات بما يتلءم مع الواقع‪ ،‬ومع جو المعركة كما فعل خالد بن الوليد‬
‫حيهن نظهم جيشهه تنظيما قبليا ضمهن مجموعات قتاليهة فهي معركهة ضهد‬
‫مسيلمة‪.‬‬
‫‪-8‬ت طبيق الح صار بشرو طه وكيفي ته على الح صون إذ كان القادة يقطعون‬
‫الطرق المؤديهة إلى الجههة المحاصهرة‪ ،‬كمها حدث عنهد تطويهق حديقهة‬
‫الموت وحصن النيجر‪ .‬وكانت عمليات الحصار ناجحة حيث كانت تنتهي‬
‫باستسلم الحصن‪ ،‬أو فتحه ومهاجمته من الداخل‪ ،‬والقضاء على من فيه‬
‫من المدافعين‪.‬‬
‫‪-9‬من الناحية التموينية‪ ،‬فإن مواد التموين كانت متوفرة وخاصة من المصادر‬
‫المحل ية والغنائم ال تي ح صل علي ها القادة الع سكريون‪ ،‬وأول هم أ سامة بن‬
‫زيهد الذي عاد مهن حربهه‪ ،‬وههو يحمهل معهه الموال والغنائم‪ ،‬وخالد بهن‬
‫الوليهد الذي جمهع مهن الغنائم الكثيرة فهي حربهه مهع طليحهة بهن خويلد‬
‫السدي‪ ،‬ومع مسيلمة‪ ،‬فكانوا جميعا يطبقون آية التخميس‪ ،‬أربعة أخماس‬
‫الغني مة تذ هب إلى الج ند‪ ،‬وير سل بالخ مس إلى أ بي ب كر ال صديق‪ ،‬وكان‬
‫القائد العلى يقسهم مها وصهل إليهه بيهن المسهلمين ل يفرق بيهن الرجهل‬
‫والمرأة‪ ،‬والحر والعبد‪ ،‬فهم في القسمة سواء(‪ )1‬وكذلك فإن الموال كانت‬
‫تأتي عن طريق السرى الذين يفتدون بمبلغ يفرض عليهم‪ ،‬كما حدد أبو‬
‫بكر الفدية عن كل أسير من أسرى النيجر بأربعمائة درهم(‪ ،)2‬وكذلك من‬
‫الزكاة التهي جمعهت مهن أفراد القبائل بعهد أن عادت إلى السهلم‪ .‬ولقهد‬
‫شاركت المرأة في النواحي الدارية‪ ،‬وفي رفع المعنويات‪ ،‬ولكنها كانت‬
‫تشكل عارا وشنارا ع ند هزيمة جيش ها ح يث تؤ خذ سبية‪ ،‬كما حدث في‬
‫حصن النيجر(‪.)3‬‬

‫ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪ -2/373 :‬حسين ‪ -‬الشيخان‪100 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪1/145 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪2/619 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪115‬‬
‫‪-10‬أن حروب الردة ثّب تت دعائم الح كم ال سلمي‪ ،‬وقوّت مر كز أ بي ب كر‬
‫الصديق‪ ،‬وزادت ثقة الجيش والمواطن به‪ ،‬ودلّت على حسن رأيه‪ ،‬ونفاذ‬
‫ب صيرته‪ ،‬وأعادت للعرب وحدت هم وقوت هم‪ ،‬ك ما مهدت الطر يق أمام ف تح‬
‫العراق والشام‪.‬‬
‫نتائج حروب الرّدة‪ .‬يمكن إجمالها بما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إعادة وحدة القبائل العربية‪ ،‬ووحدة القوة المقاتلة‪.‬‬
‫‪-2‬امتداد الفتح إلى بلد فارس‪ ،‬وإلى بلد الروم‪.‬‬
‫‪-3‬كانت حربا أهلية ضمن الجزيرة‪ ،‬فلم يسلم بيت أو قبيلة إل قتل منها أو فقد‬
‫أو أسر‪ ،‬فما كان من أبي بكر إل أن وجه تلك القبائل في مجموعها إلى‬
‫حروب وفتوح لكي تلتئم تلك الجروح‪ ،‬وتنسى تلك الحقاد(‪.)1‬‬
‫ل يمكن أن نطلق عليه‪ :‬قتال التشكيلت‬
‫‪-4‬دخل المقاتل في حروب الردة قتا ً‬
‫الكبيرة والمعارك المنظمة‪ .‬ول سيما ما حدث في معارك بزاخة والبطاح‬
‫وعقرباء ممها أهله فيمها بعهد أن يدخهل فهي تنظيمات عسهكرية مهع أكهبر‬
‫دولتين آنذاك هما الفرس والروم‪.‬‬
‫‪-5‬ل شك في أن حروب الردة صقلت أبا بكر الصديق ليكون قائدا استراتيجيا‬
‫كهبيرا‪ ،‬يقود العمليات الحربيهة على جميهع الجبهات‪ ،‬وههي نفسهها التهي‬
‫جعلت خالد بهن الوليهد قائدا كهبيرا‪ ،‬يتولى قيادة الجيهش بصهورة مباشرة‪،‬‬
‫وينتقل من نصر إلى نصر‪ ،‬ومن معركة إلى معركة‪ ،‬وهي كذلك جعلت‬
‫قادة الكراديس في معركة اليرموك يقاتلون عن علم وخبرة وعن تصميم‬
‫ووثوق بالنصر‪.‬‬
‫‪-6‬إن أكبر ما قدمته حروب الردة هو ذلك الشعور عند المقاتلين بأن ال على‬
‫نصرهم لقدير‪ ،‬وأن الجيوش الجرارة لن ترهبهم‪ ،‬وأن تقنية سلح عدوهم‬
‫لن تثنيهم عن عزيمتهم‪ ،‬فكانوا فيما بعد يقاتلون جيوشا متفوقة عليهم في‬
‫العدة والعدد‪ ،‬وفي المور الفنية والتقنية التي كانت لدى الفرس والروم‪.‬‬
‫‪-7‬وهناك عامل السرعة الذي كان نتيجة لحروب الردة‪ ،‬إذ ل يعقل ول يصدق‬
‫أن ينتصهر جيهش قليهل بهذا الزمهن القصهير‪ ،‬وأن يسهتولي على أرضيهن‬

‫كمال ‪ -‬الطريق إلى المدائن ‪182 -‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪116‬‬
‫واسهعة ومدن كثيرة وأن يدك عروشا‪ ،‬وينزل تيجانا‪ ،‬وحتهى إذا مها قيهس‬
‫بالعمليات الحربية الحديثة فإن الستيلء على تلك الراضي يلزمها وقت‬
‫كهبير‪ ،‬ومهع ذلك فقهد اسهتطاعت القوات العربيهة أن تنتقهل مهن حدود‬
‫الجزيرة‪ ،‬وتجوس ديار العراق على طول امتداد نههر الفرات مهن أسهفله‬
‫إلى أو سطه‪ ،‬وتدق ديار الشام‪ ،‬وت صل إلى بلد الجنوب من سورية إلى‬
‫أرض حوران واليرموك‪.‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هه‬
‫ههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههه‬

‫‪117‬‬
‫فصل الّرابع‬
‫ال َ‬
‫فتوح العراق‬
‫كان يحكم العراق قبل أن تطأها سنابك خيل المسلمين الفرس‪ ،‬وكان بينهم‬
‫وبين الروم عداوة لختلفهم على زعامة العالم آنذاك‪ ،‬وتنازع الفرس فيما بينهم‪،‬‬
‫وضعفهت دولتههم بموت كسهرى أبرويهز‪ ،‬ثهم أعقبهه عدة ملوك سهاد فهي زمنههم‬
‫الفوضى والخلل في الحكم‪.‬‬
‫أدرك القادة العرب وفهي مقدمتههم أبهو بكهر الصهديق أنهه آن الوان لفتهح‬
‫العراق وبلد فارس‪ ،‬ول سيما أ نه يعلم ض عف هذه الدولة و ما و صلت إل يه من‬
‫الفوضى والضطراب والختلف الكبير بينها وبين دولة الروم اللتين كانتا على‬
‫القل‪ -‬فيما إذا حدث هجوم من قبل العرب المسلمين ‪ -‬لن تقوم الواحدة بمساعدة‬
‫الخرى‪ .‬وضمن هذا التفكير‪ ،‬وضمن هذا التصور الستراتيجي أصدر أبو بكر‬
‫أوامره ب عد انتهاء الردة إلى خالد بن الول يد أن ي طأ أرض فارس فقال‪ " :‬سر إلى‬
‫العراق ح تى تدخل ها وابدأ بفرج اله ند (و هي البلة) وتألف أ هل فارس و من كان‬
‫في ملكهم من المم"( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ل قد ر كز أبهو ب كر على هذه الجب هة لن ها تشكهل الجناح اليمينهي للجزيرة‪،‬‬


‫وبنفس الوقت فإنها مجاورة للعرب‪ ،‬وفيها الفرس الذين يمكن تألفهم وضمهم إلى‬
‫القوة العرب ية ال سلمية‪ .‬وق بل أن يكت مل ف تح العراق أ مر الجيوش بالز حف إلى‬
‫بلد الشام لهميتها وخطورتها‪ ،‬ولكنه ل يزال في نفسه إيثار جبهة العراق على‬
‫غيرها‪ ،‬أو على القل مساوية للجبهة الشامية لما لها من أهمية استراتيجية‪ ،‬وهذا‬
‫مها صهرح بهه قبيهل وفاتهه فقال "وددت أنهي وجههت خالد بهن الوليهد إلى الشام‪،‬‬
‫ووجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت يديّ يميني وشمالي في سبيل ال عز‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/551 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪HAMIDULLAH- DOCUMENTS SUR LADIPLOMATIE MUSULMANE 2/7‬‬


‫‪F- GOBRIELI - MUHAMMAD AND THE CANQUESTS OF ISLAM PP 91-94‬‬
‫‪THE ENCYCLOPEDIO OF MILITARY HISTORY PP: 230‬‬

‫‪118‬‬
‫وجهل"( ) أي أنهه كان بوده أن يحارب على جبهتيهن شرقيهة وغربيهة‪ ،‬عمهر بهن‬
‫‪1‬‬

‫الخطاب للولى‪ ،‬وخالد بن الوليد للثانية‪.‬‬

‫قرار الفتح‬
‫ما هو الذي حدا بأبي بكر الصديق بأن يفكر في فتح العراق‪ ،‬ويوجه جيشه‬
‫إلى هذا البلد؟ أ هو قرار صادر عن نزوة‪ ،‬أم عن تفك ير عم يق‪ ،‬ودرا سة دقي قة؟‬
‫أ بو ب كر الر جل ال ستراتيجي فكر ثم قدر ثم عبر بتنف يذ ما كان قدره وخط طه‪.‬‬
‫ويمكن إجمال أهم السباب التي جعلت القائد العلى يتخذ هذا القرار فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬ضعف المبراطورية الفارسية ‪ -‬وبخاصة من الوجهة السياسية‪.‬‬
‫‪-2‬وفيها من العرب الذين يمكن تألفهم وجمعهم تحت الراية العربية الواحدة‬
‫‪-3‬توسيع رقعة الرض العربية‪ ،‬وضم بلد إليها ليتسع الحكم السلمي‪،‬‬
‫ويدخل الناس فيه أفواجا‪.‬‬
‫‪-4‬نشر الدين السلمي في جميع البلد المفتوحة‪.‬‬
‫‪-5‬التفرغ لهذه الحرب بعد أن قضى نهائيا على القبائل المرتدة في الجزيرة‬
‫العربية‬
‫‪-6‬وجود قادة قادرين على الحرب في أرض العراق‪ ،‬وهم اهل لها كخالد‬
‫بن الول يد والمث نى بن حار ثة الشيبا ني والقعقاع بن عمرو ومذعور بن‬
‫عدي وغيرهم‪.‬‬
‫‪-7‬اشغال القبائل بالحروب العادلة‪ ،‬وتحق يق العمال ال تي اعتادت علي ها‬
‫وذلك بتصعيدها وتوجيهها نحو الجهاد‪.‬‬
‫حدد القائد العلى لخالد بن الول يد مهمهة الفتهح‪ ،‬وأمره أن يبدأ مهن الجنوب‬
‫مهن أسهفل العراق باتجاه الحيرة‪ ،‬متخذا محور التحرك اليمامهة‪ ،‬النباج‪ ،‬الحفيهر‪،‬‬
‫البلة ( ) ك ما أع طى ال صلحية من ق بل للمث نى أن يغ ير ب قبيلته ب ني ب كر على‬
‫‪2‬‬

‫() المسـعودي ‪-‬مروج الذهـب‪ -1/415 :‬الطـبري ‪ -‬المعجـم الكـبير ‪ -1/16‬البكري‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬معجم ما استعجم‪3/1077 :‬‬


‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك ‪554-2/553 -‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪119‬‬
‫الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية( )‪ .‬ثم حدد أبو بكر حجم الجيش‬
‫‪1‬‬

‫الذي سهيقاتل فهي أرض العراق‪ ،‬وأوصهى أن يكون كله مهن المتطوعيهن الذيهن‬
‫نذروا أنفسهم واستبعد الذين ارتدوا من قبل( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫هذا وقد أرسل القائد العلى أيضا جيشا آخر بقيادة عياض بن غنم‪ ،‬وأعطاه‬
‫نفهس المهمهة باختلف خهط البدء ومحور التحرك إذ عيهن لهذا القائد أن يدخهل‬
‫العراق من أعله‪ ،‬وأن يكون محور التحرك من المدي نة إلى دو مة الجندل باتجاه‬
‫الحيرة ال تي ستكون ملت قى الجيش ين( ) ح يث ستوحد القيادة وتكون جم يع القوات‬
‫‪3‬‬

‫آنئذ بإمرة الذي يحتل الحيرة‪ ،‬ويسبق في الوصول إليها‪.‬‬


‫وفي حال نجاح هذين الجيشين ووصولهما إلى الهدف المحدد فإن على أحد‬
‫الجيشين أن يمكث ويقيم في الحيرة‪ ،‬وأن يتقدم الخر لتمام الفتح‪ .‬وبهذا فقد حدد‬
‫أ بو بكر في قراره أيضا بعد انتهاء المرحلة الولى من القتال (المهمة المباشرة)‬
‫المرحلة الثان ية (المه مة التال ية) أل و هي التو غل في بلد فارس والو صول إلى‬
‫كتسهفون (المدائن) عاصهمة الفرس آنذاك فهي أرض العراق‪ ،‬وفهي هذه المرحلة‬
‫على أ حد الجيش ين أن يب قى في الحيرة كحما ية لظ هر الج يش الذي يتقدم باتجاه‬
‫أرض فارس بغيهة توطيهد الحكهم‪ ،‬وتطهيهر الجيوب الخلفيهة مهن بقايها الفرس‬
‫والعرب( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫تلقهى خالد قرار القائد العلى‪ ،‬فتفههم المهمهة‪ ،‬وأعطهى تعليماتهه الوليهة‪،‬‬
‫وح سب الز من‪ ،‬وخ طط للمعارك القاد مة‪ ،‬ووزع المهام على قاد ته المرؤو سين‪،‬‬
‫وأر سل إنذارا إلى حا كم العراق هر مز( ) ك ما تل قى عياض بن غ نم مه مة قتال ية‬
‫‪5‬‬

‫مشابهة‪.‬‬
‫خاض الج يش العربهي في جب هة العراق عدة معارك أهم ها‪ :‬كاظ مة (ذات‬
‫السلسل)‪ ،‬نهر مكيل‪ ،‬الولجة‪ ،‬أليس‪ ،‬الحيرة‪ ،‬النبار‪ ،‬عين التمر‪ ،‬دومة الجندل‪،‬‬
‫الحصيد‪ ،‬الخنافس‪ ،‬المصيخ‪ ،‬المثنى‪ ،‬الزميل‪ ،‬الفراض( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/552 -‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪554-2/553 -‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/554 -‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ -2/554 -‬الخضري ‪-‬اتمام الوفاد‪44-43 -‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/554 -‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪399-384 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪120‬‬
‫تاريخ فتح العراق‬
‫انت هت حروب الردة في سنة ‪ ،11/632‬وأقبلت ال سنة الجديدة‪ ،‬فقرر أ بو ب كر‬
‫ف تح العراق‪ ،‬وتحر كت القوات العرب ية لهذه المه مة في يوم الخم يس الول من‬
‫المحرم ‪ 18‬آذار سهنة ‪ ) (12/633‬وحدثهت أول معركهة مهع الفرس فهي نفهس هذا‬
‫‪1‬‬

‫الشهر‪ ،‬ثم المذار في السبوع الول من صفر( ) وفي يوم السبت في الول من‬
‫‪2‬‬

‫صفر ‪ 17‬نيسان حدثت معركة الولجة ثم أليس في نفس الشهر( ) وفي يوم الحد‬
‫‪3‬‬

‫من ربيع الول ‪16‬أيار تم فتح الحيرة فالنبار فعين التمر‪ .‬ثم تحرك خالد في آخر‬
‫الشههر إلى دومهة الجندل( ) وفهي يوم الجمعهة ‪ 15‬ذي القعدة الموافهق ‪ 21‬كانون‬
‫‪4‬‬

‫الثا ني ‪ 13/634‬حد ثت معر كة الفراض و هي آ خر سلسلة المعارك ال تي خاضت ها‬


‫القوات الم سلحة العرب ية في العراق( ) و قد تم ف تح هذه البلد العديدة‪ ،‬والرا ضي‬
‫‪5‬‬

‫ل من مكان إلى‬ ‫الواسعة‪ ،‬وخاض فيها الجيش أكثر من ثلث عشرة معركة متنق ً‬
‫آ خر في غضون عشرة أش هر وثل ثة أيام‪ .‬ولو كلف ج يش ميكاني كي‪ ،‬أو دبابات‬
‫فهي الوقهت الحاضهر مها كان ينبغهي له أن يتهم تلك الفتوحات خلل هذه المدة‬
‫القصيرة‪ ،‬وبهذه النتصارات الرائعة‪.‬‬

‫حجم الجيش‬
‫كان عدد الجيش بقيادة خالد ثمانية عشر ألف مقاتلٍ‪ .‬دخل العراق في عشرة‬
‫آلف‪ ،‬وان ضم إل يه ب عد الدخول قادة التشكيلت العراق ية وكانوا أرب عة‪ ،‬مع كل‬
‫واحد ألفا مقاتل‪ ،‬وهم المثني بن حارثة الشيباني‪ ،‬ومذعور بن عدي‪ ،‬وحرمله بن‬
‫()‬
‫مريطة التميمي وسلمى بن سلمى القين التميمي أما عدد الجيش بقيادة عياض‬
‫‪6‬‬

‫بن غنم‪ ،‬فلم تذكر المصادر حجم هذا الجيش‪ ،‬وإنما يفهم من التكليف الذي أمر به‬
‫أبو بكر الصديق إلى هذين الجيشين أن جيش عياض يقل عددا عن جيش خالد( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/551 :‬ابـن الثيـر ‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2/384‬مختار باشا التواريخ الهجرية‪1/44 :‬‬


‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك ‪ -2/557 -‬مختار باشــا ‪-‬التواريــخ الهجريــة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1/44‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/558 -‬مختار باشا ‪-‬التواريخ الهجرية‪1/44 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطــبري ‪ -‬تاريــخ المــم والملوك ‪ -2/563 -‬مختار باشــا التواريــخ الهجريــة‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪1/44‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك ‪ -2/583 -‬مختار باشـا ‪-‬التواريـخ الهجريـة ‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1/44‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/554 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ -2/553‬وما بعدها‬ ‫‪7‬‬

‫‪121‬‬
‫وكذلك فإن الج يش الفار سي‪ ،‬لم تتعرض الم صادر إلى حج مه أيضا‪ ،‬وإن ما‬
‫يمكن الستدلل على الحجم من الخسائر إذ خسر هذا الجيش في معركة المذار‬
‫ثلث ين ألفا‪ ،‬وفهي أل يس سهبعين ألفا( ) وكذلك فإن ل كل معر كة وقعهت فهي أرض‬
‫‪1‬‬

‫العراق عددا مهن الجنود يختلف عهن المعركهة الخرى‪ ،‬وبالضافهة إلى ذلك فإن‬
‫عدد الجيهش الذي يقوده أحهد قادة الفرس إنمها يبلغ عشرة آلف‪ .‬فإذا كانهت هذه‬
‫الدلئل كاف ية فإن الج يش الفار سي كان في كل معر كة يتفوق بعدده على الج يش‬
‫العربي‪ .‬وإذا جمع عدد الذين اشتركوا في القتال في أراضي العراق من الفرس‬
‫والعرب في الجيش الفارسي لشكلوا رقما بالتأكيد أعلى من رقم الجيش العربي‪.‬‬

‫الستطلع‬
‫الستطلع من المور الهامة التي استندت القيادة العربية عليه‪ ،‬فكانت تعلم‬
‫كل شيء عن تحرك الفرس‪ ،‬وما يدور داخل معسكرهم‪ ،‬وحتى ضمن قياداتهم‪،‬‬
‫وذلك بف ضل التنظ يم الدق يق لو سائط ال ستطلع‪ ،‬وبخا صة ال سكان المحلي ين إذ‬
‫كانت شبكة من العيون مبثوثة في كل الراضي والمعسكرات والمدن الفارسية‪.‬‬
‫و من م صادر ال ستطلع الطلي عة ال تي كا نت تتقدم الج يش بقيادة المث نى‪،‬‬
‫حيث كان عالما بالراضي وبالسكان‪ ،‬وله خبرة طويلة‪ ،‬وكان قد مارس الغارات‬
‫المتتاليهة عليههم‪ ،‬فقهد كان يمثهل دور رئيهس السهتخبارات بالضافهة إلى عمله‬
‫الرئيسهي فهي القوات العربيهة كقائد طليعهة‪ .‬وللدلء دور كهبير أيضا فهي جمهع‬
‫المعلومات عن الراضي وعن السكان وعن المصادر المحلية وعن العدو‪ ،‬فكان‬
‫دل يل المث نى ظ فر ودل يل عدي بن حا تم مالك بن عياد ودل يل عا صم بن عمرو‬
‫وسالم بن نصر‪ ،‬والفرقة الثالثة التي كانت بقيادة خالد‪ ،‬وكان دليله رافع( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وكما قدمنا فإن المثنى كان اختصاصيا‪ ،‬وبحكم موقعه فإنه كان على تماس‬
‫مباشر بالعدو‪ ،‬ينقل عنه الخبار تباعا بذلك التنصت وبث العيون والرصد‪ .‬ففي‬
‫معركهة المذار وصهلت المعلومات إلى قائد الجبههة بوقتهها وبصهورة صهحيحة‪،‬‬
‫ولذلك كان قراره صحيحا حيث تحرك نحو المذار( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن السهرى كانوا بأعداد كهبيرة مهن الجيهش الفارسهي حيهث كانوا يدلون‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك ‪562-2/558 -‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري ‪ -‬تاريخ المم والتاريخ‪2/554 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/557 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪122‬‬
‫بمعلومات عن قادتهم وتشكيلتهم‪ ،‬وقد أسر كثير من الرجال في معركتي المذار‬
‫وأليهس وأدلوا بمعلومات قيمهة‪ ،‬اسهتفادت منهها القيادة العربيهة فهي فتهح أليهس‬
‫والحيرة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫كذلك فإن الكمائن كا نت تقوم بدور ال ستطلع الق سري‪ ،‬ح يث كا نت تغ ير‬
‫على الفرس‪ ،‬أو تكمن لهم فتأخذ كل من يقع في يدها‪ ،‬وترسله إلى القيادة العامة‬
‫‪2‬‬
‫التي تقوم بدورها باستجوابهم‪ ،‬والحصول على المعلومات اللزمة( )‪.‬‬
‫وهناك ال سكان المحليون الذ ين أعجبوا بمعاملة الح كم العر بي بالمقار نة مع‬
‫ظلم الحكم الفارسي‪ .‬وفي الحقيقة فإن العرب من سكان البلد المحليين هم الذين‬
‫كانوا ينقلون الخبار عن تحرك الجيش الفارسي وقوّته وسلحه ونيته‪ .‬وقد ظهر‬
‫ذلك واضحا عندما تحرك "الندرزعز" القائد الفارسي من المدائن (كتسفون) فمر‬
‫بك سكر وو صل الول جة وق بل و صوله عل مت القيادة العرب ية ب كل هذه التحركات‬
‫وبجم يع المعلومات‪ ،‬فأعدت وحضرت كل قوات ها‪ ،‬وتمركزت في مو قع منا سب‬
‫يؤمن لها الشروط المناسبة لقتال الفرس( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫التسليح‬
‫كان الجيهش الفارسهي مسهلحا بأحدث السهلحة‪ .‬فمنهها للرأس كالبيضهة‬
‫والمغ فر‪ ،‬وللجسهم كالتجفاف( )‪ .‬والدرع والجو شن وال ساعدين وال ساقين والترس‬
‫‪4‬‬

‫()‬
‫‪5‬‬
‫التي تعتبر جميعها أسلحة دفاعية‪ ،‬وأما السلحة الهجومية فأهمها الرمح والطبر‬
‫والعمود( ) والقوس وال سيف‪ .‬وهناك جع بة في ها قو سان بوتره ما وثلثون نشا بة‬
‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪561-2/558‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/559 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/559‬‬ ‫‪3‬‬

‫() التجفاف ج تجافيف‪ .‬هي آلة الحرب من حديد‪ ،‬يلبـس للفرس‪ ،‬وقد يلبسه‬ ‫‪4‬‬

‫النسـان أيضاً‪ ،‬وهـو فـي الصـل مـا جلل بـه الفرس‪ .‬وقيـل‪ :‬هـو الدرع الذي‬
‫يصـنع للدابـة مـن اللباس أو القماس المبطـن‪ .‬انظـر الزبيدي‪ -‬تاج العروس‪:‬‬
‫‪ -6/59‬زكي‪ -‬السلح في السلم‪24 :‬‬
‫() الطـبر لغـة فارسـية ويعنـي الفاس‪ .‬يضعهـا الفارس فـي حلقـة فـي سـرج‬ ‫‪5‬‬

‫فرسـه‪ ،‬وكان يطلق على مـن يحمله "الطـبردار" والطـبر يصـنع مـن الحديـد‬
‫على شكـل هلل نصـف دائرة‪ ،‬وله مقبـض مـن خشـب أو حديـد على شكـل‬
‫عصـا‪ .‬انظـر القلقشندي ‪-‬صـبح العشـى‪ -2/135 :‬زكـي ‪ -‬السـلح فـي السـلم‪:‬‬
‫‪39‬‬
‫() العمود‪ .‬يصــنع مــن الحديــد‪ ،‬ويســتخدم لضرب الرأس والنــف‪ ،‬أو العضــد‬ ‫‪6‬‬

‫والركبـة‪ ،‬ويمكـن أن يكسـر بـه الرمـح أو السـيف‪ :‬له أنواع منهـا اللتوت التـي‬
‫لها رؤوس مستطيلة ومضرسة‪ ،‬ومنها الدبوس التي لها رؤوس مدورة‪ .‬يعلق‬
‫العمود فــي كلب مــن ســرج الفرس عنــد ركبــة الفارس اليســرى‪ .‬انظــر‬
‫مخطوطـة ابـن هذيـل‪ -‬فـي الخيـل والسـلح ومـا يتعلق بهمـا‪ -69-68 :‬ماجـد‪-‬‬
‫‪123‬‬
‫ووتران آخران كاحتياط يضعهما‪ ،‬الفارس ويعلقهما في مغفره وراء ظهره( ) وقد‬
‫‪1‬‬

‫ظهر سلح أثناء حصار القصر البيض من قبل ضرار بن الزور أطلق عليه‬
‫"الخزار يف" و هي المدا حي من الخزف‪ ،‬كانوا يرمون ب ها الم سلمين رجال من‬
‫متعلقهي المخالي( ) أمها الجيهش العربهي فكان تسهليحه عاديا‪ ،‬كذلك فإن بعهض‬
‫‪2‬‬

‫السلحة غير متوفرة كالدروع والخوذ( ) أما السيوف فكانت متوفرة‪ ،‬وعلى عادة‬
‫‪3‬‬

‫العربي فإنه يصطحب معه عدة أسياف إن توفر له ذلك‪ ،‬وقد عرف عن خالد بن‬
‫لدْلَق‬
‫هبْ وا َ‬
‫الوليهد أنهه كان يصهطحب معهه ثلثهة أسهياف أو أكثهر ال ِمرْس َ‬
‫والقُرطبى( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫فن الحرب عند العرب وعند‬


‫الفرس‬
‫إذا اسهتعرضنا فهن الحرب عنهد العرب‪ ،‬فإننها نسهتعرض مها تهم فهي فتهح‬
‫العراق‪ ،‬وبدءا من صدور قرار القائد العلى في المدي نة‪ ،‬وح تى صدور القرار‬
‫بالتوجه نحو الشام للنضمام إلى الجبهة الشامية لمحاربة الروم‪.‬‬
‫‪-1‬التحرك على محاور متلق ية‪ ،‬وعلى اتجاهات متلق ية‪ :‬أ صدر القائد العلى‬
‫أبو بكر الصديق أوامر إلى خالد ابن الوليد أن يتجه نحو العراق بادئا من‬
‫أ سفله من أبله‪ ،‬وإلى عياض بن غ نم أن يبدأ من أعله من الشمال من‬
‫المصيخ‪ ،‬وأن يلتقيا فيما بعد في الحيرة( ) وهذا النوع من التحرك يعطي‬
‫‪5‬‬

‫حريهة المناورة للقادة‪ ،‬كمها يحدد لههم التجاه‪ ،‬ويمنهح لههم السهتقللية‬
‫ل ف قد سار الجيشان طبقا للخ طة‬ ‫والت صرف حسهب مقتضهى الحال‪ .‬وفع ً‬
‫وللوا مر ال صادرة بهذا الشأن‪ .‬فتقدم خالد ب سرعة فأن هى مهم ته‪ ،‬وتأ خر‬
‫عياض في دو مة الجندل لوجود ب عض المقاومات‪ ،‬فعاو نه خالد‪ ،‬والتقهى‬
‫الجيشان فهي الحيرة وكمها فعهل القائد العلى كذلك فعهل خالد بهن الوليهد‪،‬‬
‫ففرق جي شه إلى ثل ثة تشكيلت تحر كت على محاور متلق ية لتلت قي في‬
‫الحضارة السلمية‪65 :‬‬
‫() الدينوري ‪-‬الخبار الطوال‪73-72 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/565 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابـن عبـد ربـه ‪-‬العقـد الفريـد‪ -1/179 :‬الطرسـوسي ‪-‬تبصـرة أرباب اللباب‪6 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫وما بعدها‪ ،‬خماش‪ -‬الشام في صدر السلم‪318 :‬‬


‫() ابن المحبر ‪ -‬المنمق‪524-523 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -573-554-2/553 :‬ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي‬ ‫‪5‬‬

‫التاريخ‪185-2/384 :‬‬
‫‪124‬‬
‫الحفيهر‪ ،‬ثهم لتبدأ جميعهها معركهة الكاظمهة ذات السهلسل ضهد الفرس‬
‫(‪)1‬‬

‫وكذلك فهي عيهن التمهر إذ قسهم خالد جيشهه إلى ثلثهة تشكيلت أحدهمها‬
‫بقيادة القعقاع وتوجهه إلى الحصهيد‪ ،‬والثانهي بقيادة أبهي ليلى وتوجهه إلى‬
‫الخنافس‪ ،‬والثالث بقيادة خالد بقي كاحتياط بيد قائد الجيش( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪-2‬خ فة الحر كة‪ .‬يتم يز الجندي العر بي بأ نه كان خفيفا في حرك ته‪ ،‬رشيقا في‬
‫جسهمه‪ ،‬ل تثقله العتدة والسهلحة الثقيلة‪ ،‬قهد عود نفسهه على أنواع‬
‫هي تجعله يتحرك على المحاور‪ ،‬وعلى الجناب‪،‬‬ ‫هة الته‬
‫التدريبات المختلفه‬
‫وعلى المؤخرات ب سرعة كبيرة‪ ،‬وخ فة تد عو للتقد ير والعجاب‪ ،‬وتجلى‬
‫ذلك بوضوح في المعارك ال تي خاض ها ضد الج يش الفار سي‪ ،‬وبخا صة‬
‫في المعارك كاظمة‪ ،‬عين التمر‪ ،‬المصيخ( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫هة العدو والرض وظروف‬ ‫هة ومتطورة تبعا لطبيعه‬ ‫هاليب مختلفه‬
‫‪-3‬القتال بأسه‬
‫المعركة المتبدلة من وقت لخر‪ .‬فقد حارب الجيش العربي السلمي في‬
‫العراق الجيش الفارسي في معركة الكاظمة بنظام التحرك على المجنبات‬
‫والمؤخرة‪ ،‬يرافهق هذا التحرك ضغهط كهبير‪ ،‬وهجوم مسهتمر بحيهث ل‬
‫يترك للعدو فر صة لعادة تنظي مه‪ ،‬أو ا ستعادة قو ته( ) وبالكتلة الواحدة ‪-‬‬
‫‪4‬‬

‫وهي استثنائية‪ -‬و هي تتلخص بقتال الجيش لعدوه بقوة مجتمعة ح يث ل‬


‫يسهتطيع فهي هذه الحالة التحرك على المجنبات‪ ،‬إنمها يقاتهل وجها لوجهه‪،‬‬
‫وكتلة لكتلة‪ ،‬وجيشا لج يش ك ما في معر كة المذار ال تي كان في ها اليم ين‬
‫والشمال مغلقيهن( ) وبحصهار الحصهون والقلع الذي اتصهف بالهجوم‬‫‪5‬‬

‫المباشهر والقضاء على سهدنة المنجنيهق‪ ،‬واقتحام الحصهن والدخول إليهه‬


‫وا ستسلم أهله والذعان إلى شروط الج يش العر بي( ) و في مدي نة النبار‬
‫‪6‬‬

‫فرض الح صار علي ها ك ما فرض على قلع وق صور الحيرة‪ ،‬إل أن هذه‬
‫المدينة قد أحيطت بخندق مملوء بالمياه‪ ،‬فابتعد الجيش العربي عن مرمى‬
‫أسلحة هذه المدينة‪ ،‬وتمركز بعيدا وأخذ يرمي بسهامه ذات الرمي البعيد‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪2/554‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري ‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/576 :‬ومـا بعدهـا‪ 580 ،‬أكرم ‪-‬سـيف الله‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪322-320‬‬
‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪ 580-576-2/557 :‬ابــن الثيــر ‪-‬الكامــل فــي‬ ‫‪3‬‬

‫التاريخ‪2/395 :‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪556-2/555 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/557 :‬أكرم ‪ -‬سيف الله‪265 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪ -2/569 :‬ابــن الثيــر ‪-‬الكامــل فــي التاريــخ‬ ‫‪6‬‬

‫‪2/390‬‬
‫‪125‬‬
‫تجاه مقاتلي الفرس الذيهن اعتصهموا بالسهور‪ ،‬وكان الرماة المسهلمون‬
‫شديدي الصابة حيث كانت السهام تصيب العيون( ) وبعدها هاجم المدينة‬
‫‪1‬‬

‫بعد أن وضع جسرا من البل المنحورة ليتجاوز الخندق‪ ،‬وفتحت المدينة‬


‫ودخلهها العرب( )‪ .‬وكذلك فإن الجيهش العربهي فهي هذه المعارك قاتهل‬
‫‪2‬‬

‫بأسلوب تجزئ القوات الفارسية‪ ،‬وقتاله جيشا بعد جيش إذ تعرض الجيش‬
‫العر بي لج يش "الندرز عز" ق بل أن ي صل ج يش "بهْ من"‪ ،‬وق ضي عل يه‬
‫نهائيا ودمره في معركة الولجة( )‪ ،‬وأوقع فيه خسائر كبيرة وهرب الباقون‬
‫‪3‬‬

‫بما فيهم قائد الجيش "الندرزعز" باتجاه الصحراء ومات جوعا وعطشا‪،‬‬
‫أما "بهْمن" فقد توقف في مكانه عند سماعه أنباء معركة الولجة‪ ،‬وحاق به‬
‫الخوف فأرسل نائبه "جابان" والتقى به الجيش العربي في أليس( )‪ ،‬وحلت‬
‫‪4‬‬

‫بالجيش الفارسي أيضا الهزيمة والقتل والتشريد‪ ،‬وحارب القوات الفارسية‬


‫فهي الحصهيد وخنافهس قبهل أن يلتقيها مهع بعضهمها‪ ،‬كمها حارب القبائل‬
‫المتحالفة في الثني والزميل‪ ،‬قبل أن يلتقيا مع القوات الفارسية( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪-4‬قتال الخيل‪ .‬قاتلت بصورة مستقلة‪ ،‬وخرج الفرسان في معركة الولجة من‬
‫هم‬
‫هز" وته‬‫هش "الندرزعه‬ ‫خلف التلل‪ ،‬وانقضوا على أجناب ومؤخرة جيه‬
‫تطوي قه كاملً( ) وكذلك فإن الخيالة انق سمت إلى مفارز قد تبلغ أك ثر من‬
‫‪6‬‬

‫مجموعتيهن وذلك حسهب واقهع وظروف المعركهة‪ ،‬وعنهد المطاردة فهي‬


‫معركهة أليهس انقسهمت الخيالة إلى عدة مفارز لتعقهب الهاربيهن والتمكهن‬
‫منهم وسوقهم إلى مذبحة النهر( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪-5‬القتال بشدة وغلظة دون هوادة‪ .‬فالمقاتل يقتل‪ ،‬والرض تدمر‪ ،‬والمدن تهدم‬
‫كمها حدث بأمغيشيها( ) والسهرى تضرب أعناقههم‪ ،‬والدم يجري كالنههر‪،‬‬
‫‪8‬‬

‫والرجال الفارون من جح يم القتال يتعقب هم الفر سان فيقضون علي هم أين ما‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/575 -‬ومـا بعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر الكامـل فـي‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ‪2/394 :‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/575 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/558 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي‬ ‫‪3‬‬

‫التاريخ‪ -2/387 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪273 :‬‬


‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المـم والملوك‪ 561-2/560 :‬ابن الثير‪ -‬الكامـل في التاريـخ‬ ‫‪4‬‬

‫‪2/388‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/580 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪320 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/560 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪276 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪2/516 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/563 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪126‬‬
‫حلوا وأينما ذهبوا‪ ،‬ل ين جي من القتل معذرة أو هرب أو وقوع في أيدي‬
‫المسلمين‪ .‬إن الشدة في قتال الجيش العربي ل تبقى ول تذر( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪-6‬الحرب النفسية‪ .‬وجه خالد إلى هرمز إنذارا يحذره فيه من مغبة القتال مع‬
‫هم يحبون‬ ‫هم وأنهه‬
‫هلمين وقوتهه‬
‫العرب‪ ،‬ويذكره بشدة الرجال العرب المسه‬
‫الموت( )‪ .‬فل يسهمع العدو تلك المقالة حتهى تنهار معنوياتهه‪ ،‬وترتعهد‬
‫‪2‬‬

‫فرائ صه‪ ،‬وتضم حل قواه‪ ،‬فقد فر "الزاذبه" قائد الجيش الفار سي‪ ،‬وق طع‬
‫الفرات هاربا دون قتال( )‪ .‬وطلب الصلح عمرو بن عبد المسيح بن قيس‬
‫‪3‬‬

‫خوفا ورعبا( )‪ .‬وكذلك طلب الصلح أهل الحيرة‪ ،‬ورضوا أن يكونوا تحت‬
‫‪4‬‬

‫حكهم العرب المسهلمين( ) وكتهب خالد إلى ملوك فارس كتبا عديدة فيهها‬
‫‪5‬‬

‫تهديد ووعيد وتخويف ورعب ومنها‪" :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬من خالد‬
‫بن الوليد إلى ملوك فارس‪ .‬أما بعد‪ .‬فالحمد ل الذي حل نظامكم‪ ،‬ووهن‬
‫كيدكهم‪ ،‬وفرق كلمتكهم‪ ،‬ولو لم يفعهل ذلك بكهم كان شرا لكهم‪ ،‬فادخلوا فهي‬
‫أمرنها ندعكهم وأرضكهم‪ ،‬ونجوزكهم إلى غيركهم‪ ،‬وإل كان ذلك وأنتهم‬
‫()‬
‫‪6‬‬
‫كارهون على غلب على أيدي قوم يحبون الموت كمههها تحبون الحياة"‬
‫وق تل ع قة بن أ بي ع قة وهزم جي شه دون قتال( ) بهذه الحرب ال تي كان‬
‫‪7‬‬

‫يشن ها الج يش العر بي‪ ،‬كان يض عف من معنويات الفرس‪ ،‬وي شل قوا هم‬
‫الجسهدية والفكريهة‪ ،‬ويجعلههم فهي خوف دائم يؤدي فهي النهايهة إلى‬
‫الستسلم‪.‬‬
‫‪-7‬القتال الصهحراوي‪ :‬إن العرب قهد اختصهوا بهذا النوع مهن القتال‪ ،‬فالمثنهى‬
‫كان يغير على أطراف المبراطورية الفارسية‪ ،‬ثم يعود إلى الصحراء‪،‬‬
‫(‪)8‬‬

‫وكذلك فإن الج يش العر بي الذي كلف بف تح العراق كان يقا تل وظهره إلى‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،562-2/561 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2/389‬‬
‫() الزدي ‪-‬فتوح الشام‪ -66 :‬الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪2/554 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/564 :‬ابـن الثيـر ‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪2/390‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/565 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري ‪-‬تار يخ المـم والملوك‪ 571-2/570 :‬ابن الثير ‪-‬الكامـل في التاريـخ‪:‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪2/392‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/572 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪hamidullah -Documents Sur La Diplomatie nusulname:222‬‬


‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ -2/577 :‬ابـن الثيـر ‪-‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪2/395‬‬
‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪2/552 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪127‬‬
‫دياره‪ ،‬ف هي م صدر المان‪ ،‬ومع قد الرجاء‪ ،‬وقوا عد المداد‪ ،‬ف في معر كة‬
‫كاظمة كان العرب يقاتلون وظهورهم إلى الصحراء( )‪ .‬وكذلك في معركة‬
‫‪1‬‬

‫المذار( )‪ ،‬وكذلك فإن جميهع المعارك التهي كان يخوضهها الجيهش العربهي‬ ‫‪2‬‬

‫مع الفرس كان ظهره دائما إلى ال صحراء ال تي تؤ من له حر ية المناورة‬


‫في كل التجاهات‪ ،‬وتؤمن له على القل ما كان قد اعتاد عليه من قبل‪.‬‬
‫‪ -8‬اعتماد مبدأ الهجوم فهي كهل المعارك‪ .‬مها إن يتقابهل الفريقان‪ ،‬ويتبارز‬
‫البطال‪ ،‬وتسهفر النتيجهة حتهى ترى الجيهش العربهي ينطلق مهاجما دون‬
‫إتاحهة الفرصهة للجيهش الفارسهي بأن يقوم بمثهل هذا الهجوم( ) وحتهى‬
‫‪3‬‬

‫المناطق المحصنة فإنه ل يجري حصارها مدة طويلة‪ ،‬بل تقتحم بمهاجمة‬
‫جبهيهة معتمديهن فهي ذلك على التسهلل وفتهح باب الحصهن وقتهل حراس‬
‫البواب‪ ،‬واعتلء السهور‪ ،‬والدخول مهن كهل مكان كمها حدث فهي فتهح‬
‫الحيرة و في ح صار دو مة الجندل( ) وانطلق الج يش العر بي من قواعده‬
‫‪4‬‬

‫في ش به جزيرة العرب واتجا هه ن حو بلد فارس ما هو إل هجوم يق صد‬


‫به محاربة الجيش الفارسي في عقر داره‪.‬‬
‫‪ -9‬تأميهن التماس المباشهر مهع العدو‪ :‬يحاول الجيهش العربهي بكهل الوسهائل‬
‫الممكنهة تحقيهق هذا المبدأ لنهه يؤمهن ويوفهر المعلومات الصهحيحة عهن‬
‫الجيهش الفارسهي‪ ،‬وعهن مواقعهه‪ ،‬والتعرف على نيتهه‪ ،‬ووجههة تحركهه‪،‬‬
‫وبالتالي فإنه يظل تحت المراقبة والترصد‪ ،‬ول يتيح المجال له لكي يعيد‬
‫تجمعهه أو أن يقوم بهجوم معاكهس‪ .‬قبهل المعركهة ترسهل مجموعات‬
‫ا ستطلعية‪ ،‬أو الطلي عة لت ظل على مقر بة من الج يش الفار سي ك ما ف عل‬
‫المثنى( )‪ .‬وكذلك فإنه أثناء التحرك إذ يرسل جيش (تشكيل) ليقوم بتلمس‬ ‫‪5‬‬

‫العدو والقتراب منهه كمها فعلت التشكيلت التهي حركهها خالد بهن الوليهد‬
‫تباعا‪ ،‬يت بع بعض ها بعضا‪ ،‬وأ مر أ حد قادت ها بتحق يق التماس المبا شر مع‬
‫العدو( )‪ .‬وأثناء المعركهههة كان يجري اللتحام‪ ،‬ويتعرف الجيشان على‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/556 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪257 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ -2/557 :‬أكرم ‪-‬سيف الله‪265 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري ‪ -‬تاريخ المم والملوك‪576-560-558-557-551-2/541 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،579-578-2/564 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪4‬‬

‫التاريخ‪396-2/390 :‬‬
‫() الطــبري ‪-‬تاريــخ المــم والملوك‪ -2/552‬ابــن الثيــر ‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪385-2/384‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/554 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪128‬‬
‫بعضهمها‪ ،‬وتجري المنازلة‪ .‬وهذا يعتهبر تحضيرا ماديا ونفسهيا للمعركهة‬
‫وتما سا‪ ،‬ح تى إذا انت هت المعر كة ل صالح الج يش العر بي‪ ،‬وتفرق وهرب‬
‫الجيش الفارسي‪ ،‬لوحق وظل التماس معه حاصلً‪ .‬وقد ظهر ذلك في كل‬
‫المعارك‪ ،‬وبخاصهة بعهد معركهة الكاظمهة إذ هرب الجيهش الفارسهي إلى‬
‫الشمال‪ ،‬والت جأ إلى البلة ثم المذار‪ ،‬ول يزال الج يش العر بي في أعقا به‬
‫حتهى حدثهت معركهة المذار( ) وكان التعقهب ل ينقطهع أبدا حتهى انتههت‬
‫‪1‬‬

‫معارك العراق التي كلفت بها تشكيلت الجيوش العربية أثناء خلفة أبي‬
‫بكر الصديق‪.‬‬
‫أما فن الحرب عند الجيش الفارسي‪ ،‬فإنه يتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬التحرك مهن كتسهفون (المدائن) باتجاه واحهد ههو التجاه الخطهر أو الكثهر‬
‫خطورة إذ تحرك جيهش هرمهز باتجاه الحفيهر وههو ل يدري ههل هذا‬
‫التجاه حقا هو الجدى‪ ،‬أم اتجاه كاظ مة!؟ وضاع عل يه تحد يد التجاه( )‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫ذلك لن الجيوش الفارسية كان ينقصها تحقق الستطلع‪ ،‬وتأكيد التماس‬


‫المباشهر‪ ،‬لعتقادهها أنهها تتحرك فهي أرض موالٍ سهكانها للفرس‪ ،‬وأنهها‬
‫ليست بحاجة إلى إجراءات أمن التحرك أو سواها من التأمينات‪.‬‬
‫‪-2‬بطء الحركة‪ .‬كان الجيش الفارسي إذا تحرك فإنه يتحرك بثقل‪ ،‬وإذا قاتل‬
‫فإ نه يقا تل وكأ نه مق يد من كثرة أحماله‪ ،‬وبالضا فة إلى ذلك فإ نه ير بط‬
‫بالسلسل ويقيد بها( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -3‬القتال بأسهاليب روتينيهة بعيدة عهن البداع والبتكار‪ .‬وقهد دلت معارك‬
‫العراق على أن جميعهها كانهت تجري بأسهلوب واحهد ههو القتال بكتلة‬
‫واحدة‪ .‬و قد درج قادة هذه المعارك على أن هم يتبعون بعض هم بعضا‪ ،‬ولم‬
‫يحدث أن قائدا واحدا استطاع أن يطور ذلك السلوب‪ ،‬وكما نلحظ فإنه‬
‫في أول معر كة الكاظ مة دخل ها الج يش الفار سي بنظام الكتلة الواحدة( )‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫() الطــبري ‪0-‬تاريــخ المــم والملوك‪ -557-2/556 :‬ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ‪2/386 :‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك ‪ -2/555‬ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ ‪2/385‬‬ ‫‪2‬‬

‫أكرم ‪-‬سيف الله ‪253‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،206 /3 ،556 ،555 /2 :‬إن الثير‪ -‬الكامل في‬ ‫‪3‬‬

‫التاريخ‪.2،385 :‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،555 /2 :‬أكرم‪ -‬سيف الله‪.255 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪129‬‬
‫وكذلك بقية المعارك منتهيا بالثني والرميل والفراض( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -4‬قتال الخيل‪ :‬تقاتل حسب الفن الحربي الفارسي مع المشاة‪ ،‬وهي ل تنفصل‬
‫عن هم‪ ،‬و قد ا ستغل الج يش العر بي هذه ال صفة‪ ،‬فكان يف صل الخ يل عن‬
‫المشاة‪ ،‬وبمجرد ف صلهما ي صبح المشاة غ ير قادر ين على متاب عة الحرب‬
‫لوحدهم‪ .‬وقد تجلى ذلك في أغلب المعارك في أسفل العراق وفي وسطه‪،‬‬
‫فهي بدء المعارك وفهي نهايتهها‪ ،‬وبخاصهة فهي معركتهي الولجهة وعيهن‬
‫التمر( )‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -5‬القتال البحري‪ :‬أو القتال وظهر الجيش إلى الغرب‪ .‬من ال طبيعي أن تكون‬
‫حريهة المناورة فهي هذه الحالة مقيدة‪ ،‬فالبحهر أو النههر بعيهد اللتفاف أو‬
‫التحرك على المجنبات‪ ،‬وهذا مها يفسهر دخول الجيهش الفارسهي واعتماده‬
‫على نظام الكتلة الواحدة‪ .‬وقهد حصهر نفسهه فهي معركهة الكاظمهة فهي‬
‫البحر‪ ،‬وفي معركة المذار بالنهر‪ ،‬وهو في كل معاركه كان يقاتل وظهره‬
‫إلى النهر‪ ،‬وما اجتاز الجيش النهر إل في لحظات‪ ،‬أو في مواقع قليلة( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -6‬اعتماد مبدأ الدفاع‪ .‬وذلك أن الفرس كانوا يخشون التو غل في ال صحراء‪،‬‬


‫فهي أمنع عليهم من الجبال‪ ،‬ولذلك فإنهم ينتظرون وصول الجيش العربي‬
‫إلي هم‪ ،‬ويأخذون ال ستعدادات اللز مة للقائه في أرض بعيدة عن الغرب‬
‫والجنوب‪ ،‬وقري بة من الشمال والشرق‪ .‬وإذا لحظ نا أن المعارك جميع ها‬
‫جرت على شهط الفرات أو قريبهة منهه‪ .‬فالبله والولجهة وأليهس والحيرة‬
‫والنبار كلها كانت على النهر الذي جرى من دمائهم عبيطا ‪ ،‬وإن القائد‬
‫بهّمهن الذي كلف بدعهم"الندرزعهز" دفهع نائبهه وتخلف بعهد أن أعطاه‬
‫هن قتال القوم إل أن‬‫هك وجندك مه‬ ‫هف نفسه‬ ‫ل له‪" :‬كفكه‬
‫تعليمات الدفاع قائ ً‬
‫يعجلوك‪.) (".‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -7‬القتال من وراء الح صون وال سوار‪ :‬فالمقا تل الفار سي ل يث بت مواج هة‪،‬‬
‫وإذا ثبت فإنما يثبت لمدة قليلة‪ ،‬حتى إذا تضايق التجأ إلى حصن يحميه‪،‬‬
‫أو سور يرد عنه السهام‪ ،‬كما أنه ل يستطيع أن يقاتل في أرض مكشوفة‪،‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/582 :‬إبـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪،2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.399 ،398‬‬
‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،576 ،558 /2 :‬أبــد الثيــر‪ -‬الكامــل فــي‬ ‫‪2‬‬

‫التاريخ‪.394 ،2/387 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.560 ،557 ،2/555 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.560 /2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪130‬‬
‫فهو يخاف إن قاتل في هذه الرض أن يضيع في مجاهل الصحراء‪ ،‬وأن‬
‫يموت جوعا وعطشا( )‪ ،‬لذلك فههو يتحاشهى ذلك القتال فهي تلك الرض‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ويف ضل أن يقا تل دائما في أرض محددة الجوا نب والعوالم؛ أ ما العر بي‬


‫فقد كان يفضل أن يقاتل في الرض المكشوفة‪ ،‬وعلى هذا فإنه يجر عدوه‬
‫إلى المواقع والماكن المفتوحة‪ ،‬كما ل يخشى بنفس الوقت‪ -‬بعد أن تبين‬
‫له الن صر على عدوه‪ -‬أن يقت حم المدن ويقا تل في ها‪ ،‬وأن يف تح الح صون‬
‫ويقاتل من داخلها( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫المبارزة‬
‫جرت العادة في الج يش العر بي والفار سي على المبارزة ق بل الدخول في‬
‫القتال‪ ،‬وقبل اللتحام‪ .‬وقد تكون شخصا لشخص‪ ،‬أو اثنين لثنين أو أكثر‪ ،‬ولكن‬
‫ل ضد مقا تل من الج يش ال خر‪ ،‬وعادة ما يكون هذا المقا تل‬ ‫الغلب تكون مقات ً‬
‫مهن البطال الشداء‪ ،‬وأصهحاب البأس والقوة‪ ،‬وفهي بعهض الحيان يهبرز قائد‬
‫الجيش لقائد الجيش الخر‪ ،‬أو يخرج أحد المقاتلين فيتحدى الخر باسمه‪ .‬ويخرج‬
‫المتبارزان مهن بيهن الصهفوف أمام مشههد جمهع غفيهر مهن العسهكريين مهن كل‬
‫الطرفيهن الذيهن يرقبون النتائج‪ .‬فهي معركهة الكاظمهة نزل هرمهز قائد الجيهش‬
‫الفار سي‪ ،‬وتحدى خالدا قائد الج يش العر بي‪ ،‬وتقا بل القائدان وجها لو جه‪ ،‬وبدأت‬
‫بينه ما مباراة حام ية‪ ،‬نزل هر مز عن فر سه‪ ،‬وطلب من خ صمه أن يف عل مثله‪،‬‬
‫واحتدم القتال‪ ،‬واختلفا بضربتين‪ ،‬وما نال واحد من الخر‪ ،‬وطلب القائد الفارسي‬
‫المصهارعة فالتحمها‪ ،‬وضهم خالد خصهمه بيهن يديهه حتهى كاد أن يخنقهه ويكسهر‬
‫أضلع صدره‪ .‬وه نا و في هذه اللح ظة كان رجال يختبئون خلف سائر كان قد‬
‫أعدهم هرمز الذي اشتهر بمكره وخداعه حتى قالوا‪" :‬أخبث من هرمز وأكفر من‬
‫هرمز‪ ) (".‬فأومأ إليهم فأسرعوا لينفذوا جريمتهم‪ ،‬ويوقعوا في خالد؛ لكن القعقاع‬
‫‪3‬‬

‫بن عمرو كان أ سرع من هم ح يث و قف في وجه هم فقاتل هم فقتل هم‪ ،‬وق ضى خالد‬
‫على خصهمه‪ .‬وبهَذا ق تل قائد الفرس وحامي ته الذ ين كادوا أن يقضوا على خالد؛‬
‫فارتفعت معنويات الجيش العربي‪ ،‬وانخفضت معنويات الجيش الفارسي‪ ،‬ثم أمر‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/560 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،578 ،546 /2 :‬خماش‪ -‬الشام فــي صــدر‬ ‫‪2‬‬

‫السلم‪ 323 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/555 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪131‬‬
‫خالد بالهجوم الصهاعق والسهريع( )‪ .‬وفهي معركهة المذار خرج أيضا"قارن" قائد‬
‫‪1‬‬

‫الجيش الفارسي وطلب المبارزة فخرج إليه خالد؛ لكن فارسا من فرسان الجيش‬
‫العربهي سبق خالدا و هو مع قل بن الع شى بن النباش واقت تل مع قارن فقتله‪.‬‬
‫فثارت حميهة"قباذ" و"أنوشجان" قائدي جناحهي الجيهش الفارسهي‪ ،‬وتقدمها للمبارزة‬
‫فبرز إليه ما قائدا جنا حي الج يش العر بي عا صم بن عمرو التمي مي وعدي بن‬
‫حا تم‪ ،‬فق تل عا صم أنوشجان‪ ،‬وق تل عدي قباذ( )‪ .‬و في معر كة الول جة بارز خالد‬
‫‪2‬‬

‫ل من الفرس ي عد بألف ر جل فقتله‪ .‬و في معر كة أل يس جرت مبارزة‬ ‫أيضا رج ً‬


‫()‬
‫أيضا بين خالد ومالك بن قيس الذي ما تحرك من ضربة أصيب بها ‪ .‬وربح‬
‫‪3‬‬

‫الج يش العر بي جم يع المباريات في فتوح العراق‪ ،‬ولم ي صب ولو بواحدة‪ ،‬و ظل‬
‫يزحف نحو الشمال حتى وصل إلى الفراض( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫هذا وإنه وإن وقعت بعض المعارك وسبقتها أو توسطتها بعض المبارزات‬
‫فإن بعضها الخر حدثت مباشرة وبدونها كمعارك النبار وعين التمر والحصيد‬
‫والخنافس والثني والزميل( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫المفاجأة‬
‫أجاد الج يش العر بي في تخط يط المفاجأة وتنفيذ ها‪ ،‬وطبق ها بأو جه مختل فة‪،‬‬
‫فلقد كانت باتباع الساليب المختلفة في القتال‪ .‬فالتحرك إلى أرض العراق لم يكن‬
‫على محور واحهد؛ وإنمها كان على عدة محاور( )‪ .‬ليفاجهئ العدو بظهوره مهن‬
‫‪6‬‬

‫محور لم يكن العدو يتوقعه‪ ،‬وليزرع فيه الشك‪ ،‬وليوزع قواه على جميع المحاور‬
‫ل من أن يجمعها‪ ،‬وبذلك تكون المفاجأة قد نجحت؛ وكذلك فإن هذا الجيش قاتل‬ ‫بد ً‬
‫()‬
‫فهي بادئ المهر وفهي أول معركهة على المجنبات والمؤخرة باللتفاف ‪ ،‬فظهن‬
‫‪7‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/556 :‬ابـد الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪،2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.386‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/557 :‬ابد الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪2،38 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.6‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،561 ،2/560 :‬ابد الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/389‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/582 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،582 ،580 ،576 ،2/574 :‬ابـد الثيـر‪ -‬الكامـل‬ ‫‪5‬‬

‫في التاريخ‪.397،368 ،2/394 :‬‬


‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/554 :‬ابــد الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.2/385‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/555 :‬ومابعدهـا‪ ،‬ابـد الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪7‬‬

‫التاريخ‪2/386 :‬‬
‫‪132‬‬
‫العدو أن هذا هو ال سلوب القتالي الذي سيقاتل ف يه الج يش العر بي في المعارك‬
‫القاد مة؛ ولك نه فو جئ في معر كة المذار أن هذا الج يش يقا تل بالكتلة الواحدة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وفي المكان فاجأ هذا الجيش في معركة عين التمر قوات عقه بن أبي عقة قبل‬
‫أن تقوم من مقامها وهي ل تزال في وضعية التحضير والستعداد‪ ،‬ول تزال في‬
‫أما كن تحشد ها‪ ،‬تق يم صفوفها‪ ،‬وتعبئ هم تعبئة توا جه ب ها الج يش العر بي( )‪ .‬و في‬
‫‪2‬‬

‫الزمان وفي معركة المصيخ تقدم هذا الجيش في خفية‪ ،‬وتحرك دون ضجيج أو‬
‫إعلم على طر يق‪ :‬الع ين‪ ،‬الجناب‪ ،‬البروان‪ ،‬الح نى‪ .‬و في الح نى ك من الج يش‪،‬‬
‫حتى إذا جن الليل قام فأغار على بني الهذيل في المصيخ وهم نائمون فقتلوهم‬
‫شر قتلة( ) وكذلك حدثت هذه المفاجأة في معركة الزميل( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫سير المعارك‬
‫تحرك الجيهش العربهي مهن اليمامهة باتجاه الشمال بقيادة خالد بهن الوليهد‪،‬‬
‫هه‪ ،‬وليلبهس على العدو الهدف‬ ‫هي نيته‬ ‫هل عدة مناورات أثناء التحرك ليخفه‬ ‫وعمه‬
‫المقصود‪ ،‬فوصل الحفير‪ ،‬ثم عاد إلى كاظمة‪ .‬وتحرك الجيش الفارسي من البله‬
‫باتجاه الجنوب بقيادة هر مز‪ ،‬وتو قع أن يلت قي بقائد الج يش العر بي في كاظ مة‪.‬‬
‫وتحرك فوصلها‪ ،‬فلم ير أثرا لخالد‪ ،‬ولما علم أنه تحرك باتجاه الحفير تبعه‪ ،‬فعاد‬
‫الجيش العربي إلى كاظمة‪ .‬وهذه هي المناورة التي نفذها هذا الجيش ليشل قدرة‬
‫العدو المادية والنفسية‪.‬‬
‫الت قى الجيشان في سهل كاظ مة‪ ،‬و هو ي قع أمام البلدة‪ .‬و هو سهل مر جي‬
‫مسهتطيل إلى الشمال والجنوب‪ ،‬وأمامهه إلى الشرق بعهض التلل قليلة الرتفاع‪،‬‬
‫وفهي الشمال الطريهق الموصهل إلى أبلة‪ ،‬وفهي الجنوب الطريهق الموصهل إلى‬
‫اليمامة‪ .‬فتح الجيش الفارسي بالتشكيلة الخماسية وظهره إلى البحر‪ ،‬وفتح الجيش‬
‫العربي بالتشكيلة ذاتها وظهره إلى الصحراء وخلفه التلل‪.‬‬
‫بدأت المعر كة بالمبارزة ب ين قائدي الجيش ين المتقاتل ين‪ ،‬و ما ل بث خالد أن‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/557 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/557 :‬ابــد الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/395‬‬
‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/581 :‬ابــد الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/397‬‬
‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/582 :‬ابــد الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/399‬‬
‫‪133‬‬
‫قضى على خصمه‪ ،‬فاتبعه مباشرة بهجوم صاعق وسريع أدى إلى ارتداد الفرس‬
‫إلى الخلف‪ ،‬واسهتمر الضغهط‪ ،‬وخرقهت جبهتههم‪ ،‬فلم يسهتطيعوا القيام بالهجوم‬
‫المعاكس‪ ،‬واحتل جناحا الفرس‪ ،‬وانسحبا وتراجعا‪ ،‬وجرت مذبحة كبيرة وخاصة‬
‫لولئك الذ ين ربطوا بال سلسل‪ .‬وانت هت المعر كة بانت صار الج يش العر بي على‬
‫الجيش الفارسي( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫انسحبت العناصر المهزومة نحو البلة‪ ،‬الذين التقوا بجيش"قارن" الذي كان‬
‫يتحرك من كت سفون(المدائن) مَدَدا لج يش هر مز‪ ،‬و ما إن و صلته أخبار الهزي مة‬
‫ح تى توق فت بالمذار‪ ،‬ون شر قوا ته م ستعدا للدفاع وال خذ بالثأر‪ ،‬وتحرك الج يش‬
‫العر بي ب عد أن أع يد تنظي مه‪ ،‬فالت قى بالج يش الفار سي بالمذار‪ ..‬وتقا بل الجيشان‬
‫مرة ثانية‪ ،‬وبدأت المعركة بالمبارزة‪ ،‬فقتل قارن وقائدا جناحيه‪ ،‬وسرعان ما أمر‬
‫خالد بالهجوم كعادته‪ ،‬وأصيب الفرس ثانية بهزيمة منكرة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وصهلت أخبار الهزيمهة"أردشيهر‪ ،‬فأمهر بتعبئة وتحضيهر جيشيهن أحدهمها‬


‫بقيادة"الندرزعههز" والثانههي بقيادة" َبهْمَههن جاذويههه"‪ .‬تحرك الول مههن‬
‫كت سفون(المدائن) إلى ك سكر إلى الول جة ال تي تمر كز في ها‪ ،‬و ضم ب عض العرب‬
‫الموالين‪ ،‬ومن بقي سالما من المعركة السابقة‪ .‬وتحرك الثاني يتبع الول بعد أن‬
‫استكمل وأصبح جاهزا؛ أما الجيش العربي فقد تحرك من المذار باتجاه الجنوب‬
‫ثم انعطف نحو الشمال ليلتقي مع الجيش الول بقيادة"الندرزعز" قبل أن يصل‬
‫ل ف قد و صل وتمر كز في سهل الول جة‪ ،‬وأع طى التعليمات‬ ‫الج يش الثا ني‪ ،‬وفع ً‬
‫القتاليهة‪ ،‬وفتهح للمعركهة المترقبهة‪ ،‬وأخفهى الفرسهان خلف أكمهة‪ .‬وبدأت كالعادة‬
‫المبارزة‪ ،‬فق تل خالد مناف سه‪ ،‬ثم أ مر بالهجوم‪ ،‬وكان في هذه المعر كة في بادئ‬
‫ال مر المشاة ف قط‪ .‬وث بت الجيشان ولم ي ستطع الج يش العر بي إل أن يها جم في‬
‫هذه الحالة على مبدأ الكتلة الواحدة‪ ،‬والتحرك السريع ضمن هذه الكتلة‪ ،‬واستطاع‬
‫أن يحدث بعض الخروق في صفوف الج يش الفار سي؛ إل أن هذا الج يش‪ -‬بعد‬
‫أن شعر بتقدم ونجاح الجيش العربي قام بهجوم معاكس أدى فيه وأحررز بعض‬
‫النجاحات‪ ،‬و في هذه اللح ظة أع طى خاالد إشارة‪ ...‬ثم يتا بع خالد إشارة هجوم‬
‫سلح الفر سان‪ ،‬فان قض على مجنب تي الج يش الفار سي وعلى مؤخر ته‪ ،‬وط ّو قه‬
‫تطويقا كاملً‪ ،‬وهنهها دب الذعههر‪ ،‬وانتشرت الفوضههى‪ ،‬وبدأ الفرس يهربون‪،‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/556 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،386 ،2/385‬كمال‪ ،‬االطريق إلى المداائن‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،557 /2 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2/386‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ 222 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪134‬‬
‫وحدثت مذبحة كبيرة‪ ،‬وانتصر كذلك العرب على الفرس( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫صدرت الوامر إلى"بهمن" من المبراطور الفارسي أن يتقدم باتجاه تحرك‬


‫الج يش العر بي‪ ،‬وأن يوق فه ق بل أن ي صل إلى الحيرة‪ ،‬ول مر ما‪ ،‬تأ خر"به من"‬
‫وأر سل رئ يس أركا نه"جابان" بج يش مختلط من الفرس والعرب المتحالف ين من‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫بنهي عجهل‪ ،‬وتيهم اللت‪ ،‬وضبيعهة‪ ،‬وعرب الضاحيهة مهن أههل الحيرة‬
‫فوصهل"أليهس"‪ .‬وتحرك الجيهش العربهي مهن الولجهة على أمهل أن يقضهي على‬
‫العرب المتحالفيهن‪ -‬الذيهن تجمعوا لقتال هذا الجيهش‪ -‬قبهل أن تصهل القوات‬
‫الفار سية‪ ،‬ولم يتم كن من ذلك‪ ،‬فأعاد خالد تنظ يم الج يش‪ ،‬وف تح للمعر كة‪ ،‬ورأى‬
‫الفرصهة سهانحة لمهاجمتههم مهن الحركهة‪ ،‬وههم يتناولون طعام الغداء‪ .‬وتقابهل‬
‫الجيشان في الجنوب الشرقهي من أل يس‪ ،‬وض غط الج يش العربهي على الج يش‬
‫ل حتهي تداعهت‬ ‫الفارسهي بهجوم سهريع وبالتفاف مهن المجنبتيهن‪ ،‬ولم يلبهث قلي ً‬
‫صهفوف الفرس‪ ،‬وتراجعوا إلى الخلف وباتجاه النههر‪ ،‬وحرص خالد فهي هذه‬
‫ل لئل‬‫المعركهة على تدميهر القوات الفارسهية ومهن معهها مهن العرب تدميرا كام ً‬
‫ل ف قد طوق‬ ‫يشكلون في الم ستقبل قوة تن ضم إلى غير ها أثناء متاب عة الف تح‪ .‬وفع ً‬
‫الجيش الفارسي تطويقا كاملً‪ ،‬ثم شكل مجموعات خيّالة‪ ،‬عليها أن تطارد الفلول‬
‫ل للهرب؛ بل تق تل كل من ت صادفه‪ .‬وجرى الن هر‪،‬‬ ‫المهزو مة‪ ،‬فل تدع ل ها مجا ً‬
‫()‬
‫وامتزج بدماء الكث ير من القتلى ‪ .‬وتقدم الج يش العر بي باتجاه أمغيش يا فوجد ها‬
‫‪3‬‬

‫خالية فاستولى عليها دون حرب( )‪ .‬وتابع تحركه باتجاه الحيرة‪ ،‬وكان حاكمها قد‬
‫‪4‬‬

‫ته يأ فأعلن التعبئة‪ ،‬وخرج من المدي نة لملقاة الج يش العر بي الزا حف‪" :‬آزاذ به"‬
‫قرر الدفاع عهن المدينهة بمسهاعدة ملك الحيرة إياس بهن قبيصهة الذي كان اسهما‬
‫فقط؛ إنما الحاكم الفعلي هو الفارسي"آزاذبه"‪ .‬وكان المراء العرب الذين في هذه‬
‫المدينهة كإياس فهي التصهرف‪ .‬حاول الحاكهم الفارسهي منهع القوات العربيهة مهن‬
‫التقدم‪ ،‬فأرسل طليعة بقيادة ابنه‪ ،‬وسد مجرى النهر خشية أن يفكر خالد باستخدام‬
‫السفن التي استولى عليها من أمغيشيا في النقل والعبور؛ لكن الجيش العربي لم‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 560 ،2/559 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/387‬أكرم‪ -‬ســيف الله‪ ،276-272 :‬كمال‪ ،‬الطلريــق إلى المدائن ‪ 228‬ومــا‬


‫بعدها‪.‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/560 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪..2/388‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،562 ،2/561 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2/389‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ 232 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/563 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/389‬‬
‫‪135‬‬
‫يتوقهف فقضهى على الطليعهة‪ ،‬وفجهر النههر‪ ،‬وجرت المياه‪ .‬ولمها علم بذلك هذا‬
‫الحاكم هرب وترك المدينة‪ ،‬ودخل الجيش ظافرا منتصرا‪ ،‬وبقيت بعض القصور‬
‫التهي يسهكنها المراء العرب الذيهن تحصهنوا بداخلهها‪ ،‬فحوصهروا وقوتلوا قتالً‬
‫شديدا( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ب عد أن ا ستتب ال من في الحيرة و ما حول ها‪ ،‬وب عد فرض الجز ية( )‪ ،‬ات جه‬
‫‪2‬‬

‫الجيش العربي نحو الشمال باتجاه النبار ليحقق الستيلء على العراق الشمالي‪،‬‬
‫تنفيذا لقرار القائد العلى أبي بكر الصديق الذي أمر عياض أن يبدأ من الشمال؛‬
‫لكن ظروف القتال وتأخيره في دومة الجندل حالت دون ذلك‪ .‬وصل خالد النبار‬
‫بعهد أن جاوز النههر إلى الضفهة المقابلة التهي تقهع فيهها المدينهة‪ ،‬فضرب عليهها‬
‫الحصهار‪ ،‬وتقدمهت النبالة فرشقوا مهن كان داخهل الحصهن‪ ،‬وأمروا أن يرموا‬
‫العيون‪ ،‬ول يتوخوا‪ ،‬غير ها‪ ،‬وأن يكون الت سديد دقيقا وال صابة محق قة( )‪ .‬وفقئت‬
‫‪3‬‬

‫عيون المدافعين عن النبار وسميت تلك المعركة‪" .‬وقعة ذات العيون"( )‪ ،‬وأصاب‬
‫‪4‬‬

‫المدينهة هلع كهبير‪ .‬فهي هذا الجهو مهن الرعهب أمهر خالد اقتحام المدينهة؛ إل أن‬
‫المدينهة يحيهط بهها خندق مملوء ماءا‪ ،‬وكذلك فإن السهوار الشاهقهة تحول دون‬
‫تسهلقها‪ .‬ومهن أجهل حهل صهعوبة الخندق نُحرت البهل الضعيفهة ووضعهت فهي‬
‫المكنة الضيقة من الخندق واجتاز الجيش العربي هذا المانع المائي‪ .‬ومن أجل‬
‫حل ال صعوبة المكان ية ف قد ت سلق الشجعان على أبواب الح صن وفتحو ها‪ .‬وبذلك‬
‫أت يح للج يش العر بي أن يف تح المدي نة ويشت بك مع أهل ها في قتال دام‪ ،‬أدى في‬
‫النهاية إلى ا ستسلم حاكمها الفار سي"شيرزاذ" الذي سُمح له بمغادرة المدينة إلى‬
‫كتسفون‪ ،‬ودانت مدينة النبار إلى الحكم العربي( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ما إن فرغ الج يش العر بي من النبار ح تى تو جه إلى ع ين الت مر مجتازا‬


‫الن هر‪ -‬الذي كان قد قط عه ق بل معر كة النبار‪ -‬ومنعطفا ن حو الجنوب العر بي‬
‫وكان يحكم المدينة"مهران بن بهرام جوبين" ومعه من العرب عقه بن أبي عقه‬
‫مع جمهع غفيهر من أهالي عيهن التمهر‪ ،‬وبنهي تغلب‪ ،‬وإياد وغيرههم‪ .‬أخهذ عقهه‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،564 ،2/563 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/39‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ ،238 :‬الخضري‪ -‬اتمام الوفاء‪.47 ،46 :‬‬
‫() ابن الوردي ‪ -‬تاريخه ‪.1/143‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/575 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2/394‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ 282 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/575 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/394‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/576 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪/2 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.394‬‬
‫‪136‬‬
‫التزاما أمام الحا كم الفار سي محار بة الج يش العر بي‪ ،‬وت صدى لقتال خالد وع بأ‬
‫جيشا ق سمه إلى جناح ين وقلب؛ وبين ما هو منه مك في تنظ يم جي شه‪ ،‬فاجأه خالد‬
‫بحملة قوية من القلب بانقضاض سريع حتى وصل إليه‪ ،‬فأخذه أسيرا( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و سبى كثيرا من الن ساء من هن لبا بة ب نت أ بي لبا بة الن صارية( )‪ .‬وانهزم‬


‫‪2‬‬

‫جيش عقه‪ ،‬وتفرق كالنعام السائبة‪ ،‬فقتلوا وأسروا‪ ،‬وضربت عنق عقه ومن معه‬
‫من زعماء العرب‪ ،‬واستولى على المدينة وما فيها( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ثم فتح عين التمر( )‪ ،‬وكان في نية الجيش العربي أن يتم فتوحاته ويستولي‬
‫‪4‬‬

‫على الشمال العرا قي لول أن جاءه خبر من عياض بن غَنْم قائد الج يش الثا ني‬
‫المكلف بدخول العراق من الشمال طالبا المدد والمساعدة من خالد بن الوليد قائد‬
‫الجيش الول وفاتح العراق‪ ،‬والمنجز لهمته( )‪ .‬فما كان من خالد حتى توجه فورا‬
‫‪5‬‬

‫مع جزء من جي شه إلى دو مة الجندل ال تي تو قف في ها الج يش الثا ني للمقاومات‬


‫ال كبيرة‪ ،‬ولن هذه المدي نة مح صنة وقو ية‪ ،‬يقود ها ويدا فع عن ها أكيدر بن ع بد‬
‫الملك والجودي بن ربي عة في ج مع غف ير من قبائل بهراء وكلب وغ سان وتنوخ‬
‫والضجاعهم( )‪ .‬تنبهه المدافعون عهن المدينهة لتحرك خالد‪ ،‬فأصهابهم الخوف‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫ون صحهم أكيدر بال صلح‪ ،‬لكن هم لم ي سمعوا لكل مه‪ .‬و ما إن و صل قائد الج يش‬
‫الول ح تى ضم الج يش الثا ني إل يه وأعاد تشكيله ب ما يتلءم مع الو ضع القتالي‬
‫الجديهد‪ ،‬فأمهر عياض أن يكون مهن الجزء الجنوبهي‪ ،‬وأن يقطهع طرق الجزيرة‬
‫العرب ية‪ ،‬وأن ي سد المنا فذ من كل التجاهات‪ ،‬وأن يكون الح صار كامل‪ .‬ونفذت‬
‫القوات العرب ية ال سلمية الح صار‪ ،‬وابتعدت عن مر مى أ سلحة المدافع ين عن‬
‫المدينهة‪ ،‬وطال الحصهار فنفذت التموينات‪ ،‬ورأى الجودي أن ل مناص مهن هذا‬
‫الحصهار إل بالخروج مهن الحصهون‪ ،‬ومهاجمهة القوات المحاصهرة مهن الشمال‬
‫والجنوب‪ ،‬وهذا مها كانهت تريده القيادة المهاجمهة‪ ،‬فمها أن خرج الجودي مهن‬
‫المدي نة وابت عد عن ها‪ ،‬ح تى أ مر خالد بالهجوم ال سريع والعن يف‪ ،‬و ما إن م ضت‬
‫لحظات معدودات ح تى كان الجودي والقبائل الموال ية ت فر كقط يع الغنام‪ .‬وأُ سر‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/577 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/395‬كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪ 287 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫مق‪.37 :‬‬
‫ابن حبيب‪ -‬المن ّ‬
‫()‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/577 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/395‬‬
‫() اليافعي ‪ -‬الجنان‪.1/98 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/578 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/395‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/578 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪137‬‬
‫الجودي و من م عه من الزعماء وضر بت أعناق هم أمام المقاتل ين الذ ين ل يزالون‬
‫دا خل الح صن يدافعون عن المدي نة‪ .‬وه نا خارت عزيمت هم‪ ،‬و ظل خالد ضاغطا‬
‫ومهاجما حتى فتح المدينة( )‪ .‬ثم عاد خالد بصحبة عياض إلى الحيرة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ا ستغلت القيادة الفار سية هذا الظرف العارض الذي ابتعد به خالد بن الول يد‬
‫لينقهذ عياضا فهي دومهة الجندل‪ ،‬وأخذت تعهد العدة‪ ،‬وتؤلب القبائل العربيهة التهي‬
‫فج عت بقتل ها وأ سراها‪ ،‬وتكوّن بذلك جي شٌ كبير بقيادة"به من" الذي ق سمه إلى‬
‫قسهمين أحدهمها بقيادة"روزبهه" الذي تحرك مهن كتسهفون إلى الحصهيد والثانهي‬
‫بقيادة"زرمههر" الذي تحرك أيضا مهن العاصهمة إلى خنافهس‪ ،‬وكان على هذه‬
‫القوات أن تجمهع القبائل بمجرد الوصهول إلى منطقهة القبائل؛ لكهن هذه القبائل‬
‫كانت متباعدة عن بعضها‪ ،‬فمنها ما هو بالمصيخ‪ ،‬ومنها ما هو بالثني والزميل‪.‬‬
‫ترك خالد الحيرة بعهد أن عيهن لهها عياضا‪ ،‬وتقدم نحهو عيهن التمهر التهي‬
‫غادرهها منهذ مدة إلى دومهة الجندل‪ ،‬فنظهم الجيهش‪ ،‬وقسهمه إلى ثلثهة تشكيلت‬
‫أحدهم بقيادة القعقاع بن عمرو‪ ،‬والثاني بقيادة أبي ليلى بن فدكي‪ ،‬والثالث بقيادة‬
‫خالد بن الول يد( )‪ .‬وحددت المهام‪ .‬فالول عل يه أن يتصهدى ل ه"روز به" ويح تل‬
‫‪3‬‬

‫الحصيد‪ ،‬والثاني أن يتصدى له"زرمهر" ويحتل الخنافس‪ .‬نجح الول في تدمير‬


‫عدوه‪ ،‬وأبطهأ الثانهي فهي تحركهه وملقاة عدوه‪ ،‬فانسهحب إلى مصهيخ‪ ،‬وكذلك‬
‫تجمعت كل القوات الفارسية والعربية المتحالفة في هذا المكان‪ .‬وهنا أيضا أعيد‬
‫تشكيل الجيش العربي السلمي على أساس جيش واحد مجمع تجميع عملياتي)‬
‫ليقا بل ذلك التج مع ال كبير‪ ،‬وليتم كن من التفوق‪ .‬و سارت التشكيلت من مكان ها‬
‫التي وصلت إليه في القتال‪ ،‬لتلتقي جميعها بالمصيخ( )‪ .‬وفي نقطة اللتقاء هاجم‬
‫‪4‬‬

‫الجيهش العربهي السهلمي المقاتليهن مهن الفرس والعرب‪ ،‬وأصهاب منههم مقتلً‪،‬‬
‫وركز خالد الفتك بالعرب المتحالفة فنال من هذيل‪ ،‬وقتل منهم مقتلة عظيمة( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫اتجهت القوات المهزومة من العرب والفرس‪ ،‬وتجمعت في الثني والزميل‪،‬‬


‫ل للراحهة‪ ،‬ول لعادة وتنظيهم قوتههم‬
‫وكان مهن خطهة خالد أل يترك لههم مجا ً‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/579 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/396‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/579 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/580 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/581 :‬ابــن الثيــر الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/397‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/581 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/397‬‬
‫‪138‬‬
‫فأتبعههم بجيهش قسهمه إلى ثلثهة تشكيلت‪ .‬تشكيهل فهي الوسهط‪ ،‬ومجنبتان على‬
‫اليمين والشمال‪ ،‬وسار بسرعة‪ ،‬وما إن وصل الثني حتى أمر بمهاجمة التجمع‬
‫المختلط‪ ،‬فق ضى عل يه‪ .‬ثم تا بع تحر كه وضغ طه من الزم يل إلى الث ني‪ ،‬فأ تم‬
‫تدميره للقوات الفارسية‪ ،‬والقبائل العربية المتحالفة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫تحركهت القوات العربيهة بعهد نجاحهها إلى الفراض‪ ،‬وتحشدت على الضفهة‬
‫الغرب ية لن هر الفرات؛ أ ما القوات المتحال فة من الفرس والروم والعرب‪ .‬فكا نت‬
‫على الضفهة الشرقيهة‪ .‬دعها كهل فريهق الخهر إلى عبور النههر‪ ،‬وأخيرا عهبرت‬
‫القوات المتحالفهة‪ ،‬وكان الجيهش العربهي ناشرا قواتهه‪ ،‬ومها إن عهبرت تلك القوة‬
‫ح تى هاجم ها ب سرعة وع نف‪ ،‬ثم جزأ هم‪ ،‬وف صل كل مجمو عة عن الخرى‪،‬‬
‫وابتلعها واحدة بعد أخرى‪ ،‬وقضى عليها نهائيا( )‪ .‬ثم انسحب وعاد إلى الحيرة‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫الشؤون الداريّة‬
‫لم يكن قادة الجيش العربي يهتمون بالمؤخرة كاهتمام قادة الجيش الفارسي‪.‬‬
‫إن الصهحراء ومحاورهها مؤمنهة‪ .‬وههو ل يحتاج أثناء القتال إلى نقهل‬
‫المدادات‪ ،‬وإنما يكتفي بما تزود به هذا الجيش من التمر‪ .‬وبالمقابل فإن محاور‬
‫كتسهفون بالنسهبة للجيهش الفارسهي مفتوحهة‪ ،‬ويجري عليهها المداد إلى مناطهق‬
‫القتال‪.‬‬
‫وفهي كهل الحوال فإن الفرس كانوا فهي أرض فيهها حامياتههم ومناطقههم‬
‫العسكرية‪ ،‬وقواعدهم المدادية‪.‬‬
‫إن تأم ين الطعام كان يأ تي من المقا تل الذي زود به نف سه ح ين خرج من‬
‫بلده من الجزيرة العربية‪ ،‬ومن المصادر المحلية التي كانت موفورة في أرض‬
‫العراق‪ ،‬فههي جنات مهن أعناب ونخيهل وحنطهة وزروع( )‪ .‬وقهد أشار خالد بهن‬
‫‪3‬‬

‫الوليد إلى هذه المصادر وأهميتها بعد معركة الولجة‪ ،‬فسمح للفلحين أن يشتغلوا‬
‫في الرض‪ ،‬ولم يتعرض ل هم ب سوء( )‪ .‬وكذلك فإن جم يع البلدان والمدن ال تي تم‬
‫‪4‬‬

‫فتحهها كانهت غنيهة بمواسهمها وطعامهها مثهل عيهن التمهر التهي كانهت تشتههر‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/582 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.399 ،2/398‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/583 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/399‬‬
‫() الحموي‪ -‬معجم البلدان‪ 4/93 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪139‬‬
‫بمنتوجاتها من التمر( )‪ ،‬والذي يعتبر وجبة رئيسية في طعام المقاتل العربي‪ .‬وقد‬
‫‪1‬‬

‫تعرف الجيش العربي على أطعمة لم يكن قد شاهدها و تذوقها من قبل كالرقاق‬
‫البيض الذي كانت العرب تسميه القرى( )‪ .‬وكالجوز الذي ظنوه حجارة‪ ،‬والسمك‬
‫‪2‬‬

‫الصهغير المقدد الذي تعجبوا مهن ادخاره‪ ،‬والخبهز الذي كانوا يأكلونهه فيحسهبون‬
‫أنهم قد سمنوا‪ ،‬والرز الذي ظنوه سما( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫في ح ين أن الطعام كان مؤمنا للمقا تل الفار سي‪ ،‬و هو ل ي جد صعوبة في‬
‫الح صول عل يه‪ ،‬ف في معر كة أل يس وقب يل بدئ ها‪ ،‬فرش الفرس الب سط‪ ،‬ووضعوا‬
‫عليها الطعمة المختلفة‪ ،‬وكانوا يأكلون وكأنهم في نزهة ل في قتال( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫إن نظام الطعام في الج يش العر بي وج بة في الم ساء‪ ،‬وب ضع تمرات ق بل‬
‫القتال؛ أمها فهي الجيهش الفارسهي فكان يتناول طعامهه كاملً قبهل الدخول فهي‬
‫المعركهة‪ ،‬وهذا مها حدث قبهل معركهة أليهس حيهث أقدم هذا الجيهش على تناول‬
‫طعامهه‪ ،‬وفوجهئ بالهجوم مهن قبهل الجيهش العربهي وههو منهمهك فهي الكهل‬
‫والشرب( ) واللهو‪.‬‬‫‪5‬‬

‫ل يتق يد الج يش العر بي باللباس‪ ،‬ول بالشارات؛ أ ما الج يش الفار سي فكان‬


‫يلبس لباسا موحدا‪ ،‬وللقادة شارات يُعرفون بها وبخاصة لباس القلنسوة الذي كان‬
‫يقدر بمائة ألف‪ .‬وقد كان هرمز من بين القادة الذين حصلوا على هذه القلنسوة( )‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫كما أن"الزاذبه" مرزبان الحيرة كانت قيمة القلنسوة بخمسين ألفا‪ ) (،‬وكذلك كانت‬
‫‪7‬‬

‫ال سراويل ال تي ألف ها‪ ،‬المقا تل العر بي فلم يلب سها ب عد أن آلت إل يه في حر به مع‬
‫الفرس( )‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫كان يجري القتال على الماء‪ ،‬ويحاول كل الطرفيههن المتخاصههمين أن‬


‫ي ستولي على المنط قة ال تي تتو فر في ها المياه‪ .‬و قد سبق الج يش الفار سي الج يش‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/559 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/378‬‬
‫() الحموي‪ -‬معجم البلدان‪.4/176 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/562 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أبو هلل العسكري‪ -‬الوائل‪.2/12 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/561 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/388‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/561 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/388‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/556 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/563 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() أبو هلل العسكري‪ -‬الوائل‪.2/12 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪140‬‬
‫العربي في التمركز وأخذ المواقع الملئمة والتي تؤمن المياه وتمنعه عن الطرف‬
‫ال خر في معر كة الكاظ مة(ذات ال سلسل)( )؛ ل كن خالدا قائد الج يش أ مر جنده‬
‫‪1‬‬

‫بالصبر والتصميم فقال‪" :‬ليصيرن الماء لصبر الفريقين وأكرم الجندين"( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫إن نقل الجند والعتدة والمواد التموينية كان يجري بواسطة العربات والفيلة‬
‫من قبل الجيش الفارسي؛ أما الجيش العربي فكانت وسائط نقله هي الجمال( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫شكلت الغنائم جزءا كبيرا من موارد الدولة‪ ،‬و قد غ نم الج يش العر بي في‬
‫هذه الفتوح ما مكنّه من سد جزء كبير من احتياجا ته الماد ية‪ ،‬بما في ها ال سلحة‬
‫والعتاد القتالي‪ ،‬ك ما ظ هر على أفراد القوات الم سلحة الغ نى من جراء حروب هم‬
‫في العراق‪ .‬و من الغنائم قلن سوة هر مز الثمي نة وب عض الفيلة والموال‪ ،‬وأ صاب‬
‫الفارس من وقعتهي الكاظ مة والثنهي ألف در هم والرا جل ثلث المبلغ( )‪ ،‬والطعام‬
‫‪4‬‬

‫الذي ل يمكن خزنه نفله قائد الجيش إلى جنوده بعد معركة أليس( )‪ ،‬وفي معركة‬
‫‪5‬‬

‫أمغيشيها كان نصهيب الفرد ألفا وخمسهمائة درههم‪ ،‬وكذلك فإن الجيهش العربهي‬
‫استولى على السفن النهرية‪ ،‬والسلحة والعتدة القتالية( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫بلغ عدد السرى رقما كبيرا‪ ،‬وفي نهاية كل معركة يجمع السرى ويقتلون‪،‬‬
‫ولسيّما الذين كانوا يقاتلون مع الجيش الفارسي‪ .‬ففي معركة أليس جرى النهر‬
‫ممتزجا بدماء هؤلء( )‪ .‬و في معر كة ع ين ا لت مر ضر بت أعناق ع قه و من م عه‬
‫‪7‬‬

‫من ب ني قو مه أيضا( )‪ ،‬ك ما ق تل ال ساري في دو مة الجندل من هم الجودي و من‬


‫‪8‬‬

‫معه( )‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫وكان ال سبي من الولدان والن ساء يقت سم ب ين المقاتل ين ك ما جرى ذلك ب عد‬
‫معرك تي المذار وع ين الت مر‪ ،‬وكان من ب ين ال سبي يومئذ أ بو الح سن الب صري‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/555 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/555 :‬ابـن الثيـر‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/385‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/556 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.562 ،557 ،2/556 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/562 :‬ابـن الثيـر‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/389‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/562 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/561 :‬ابـن الثيـر‪-‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.2/389‬‬
‫الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/577 :‬ابـن الثيـر‪-‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪.2/395‬‬
‫الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/579 :‬ابـن الثيـر‪-‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪.2/396‬‬
‫‪141‬‬
‫ونصير أبو موسى بن نصير( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههه‬
‫هههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههه‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،577 ،2/558 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/395‬‬
‫‪142‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫فتوح ال ّ‬
‫شام‬
‫جاء فتح الشام بعد فتح العراق في زمن أبي بكر الصديق‪ ،‬وقد كان أبو بكر‬
‫يتوق إلى ف تح الشام‪ ،‬ويحدث به نف سه( )‪ ،‬ول ما تولى الخل فة أراد أن يح قق تلك‬
‫‪1‬‬

‫الرغ بة‪ ،‬وذلك الحد يث النف سي؛ إل أ نه فو جئ بالمث نى قادما عل يه ي ستحثه على‬
‫الحرب في العراق‪ ،‬ويزين له احتلل الراضي العراقية والقضاء على فارس( )‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫ولهذا لما فرغ من العراق وجه جيوشه إلى بلد الشام مباشرة( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫خطّة فتح ال ّ‬
‫شام‬
‫يقصد بالخطة تلك الجراءات والعمال التي خطط لها أبو بكر من الناحية‬
‫ه محددة‪ ،‬وأطهر‬ ‫ى واضحةٍ‪ ،‬وأهداف ٍ‬
‫العسهكرية‪ ،‬وقهد تميزت هذه الخطهة برؤ ً‬
‫اسهتراتيجية‪ ،‬وتعبئة عامهة للقوى والوسهائط المتوفرة‪ ،‬وأسهس سهليمة مبنيهة على‬
‫القواعد العلمية الصحيحة‪.‬‬

‫أهداف خطّة الفتح‬


‫لو لم تكهن الشام مهمهة‪ ،‬لمها ترك أبهو بكهر العراق‪-‬دون أن يكمهل فتحهها‬
‫بالكامل‪ -‬وتوجه ِقبَل الشام؛ لكنه اكتفى بالبلد والراضي العراقية المجاورة لشبه‬
‫جزيرة العرب‪ .‬وأهم هذه الهداف‪:‬‬
‫‪ -1‬تحق يق رغبات ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬و حث العرب الم سلمين‬
‫على إعطاء أولويهة لفتهح الشام‪ ،‬والهتمام بهها أكثهر مهن غيرهها مهن‬

‫الدواداري‪ -‬الدر الثمين‪.3/161 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 53 :‬وما بعدها‪ ،‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.242 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬الخضري‪ ،‬إتمام الوفاء‪ 54 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪143‬‬
‫القطار‪ .‬ومن أقوال الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬إنكم ستجدون أجنادا‪.‬‬
‫جند بالشام‪ ،‬وجند بالعراق‪ ،‬وجند باليمن‪ .‬قلت يا رسول ال خِر لي‪ .‬قال‪:‬‬
‫عليكم بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه‪ ،‬وليستق من غُدره‪ ،‬فإن ال تكفل لي‬
‫بالشام وأهله‪ ) (".‬وفي ابن عساكر أكثر من أربعين حديثا بروايات مختلفة‬
‫‪1‬‬

‫كلها تحث على اللتزام بالشام‪.‬‬


‫‪ -2‬طرد الروم من الرض العربية التي عاثوا فيها فسادا‪ ،‬وسلبوا خيراتها‪،‬‬
‫وأذاقوا أهلها العذاب‪.‬‬
‫‪ -3‬إحلل السلم والسلم في بلد العرب المغتصبة‪.‬‬
‫‪ -4‬الستفادة من المصادر المحلية المختلفة‪ .‬وفي هذه الرض جنات وأعناب‬
‫وزرع ونخ يل وأخشاب وأعتدة قتال ية وإداريّة‪ .‬و من هذا يم كن أن يكون‬
‫للج يش العر بي قاعدة ماد ية كبيرة ي ستعين ب ها في فتوحا ته و في حرو به‬
‫المستقبلية‪.‬‬
‫‪ -5‬وضهع الماكهن المقدسهة تحهت الحكهم العربهي‪ ..‬وقيهل‪":‬الشام مباركهة‪،‬‬
‫وفلسطين مقدسة‪ ،‬وبيت المقدس قدس القدس‪.) (".‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -6‬تكث ير الج يش وزيادة قو ته‪ ،‬وذلك بانضمام أعداد كبيرة من عرب الرض‬
‫المحتلة‪ ،‬ومن غير العرب الذين دخلوا في دين ال أفواجا‪ ،‬وأعجبهم حكم‬
‫العرب وعدالتهم‪ ،‬فقالوا‪" :‬يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم وإن‬
‫كانوا على دين نا‪ ،‬أن تم أو فى ل نا وأرأف ب نا‪ ،‬وأ كف عن ظلم نا‪ ،‬وأح سن‬
‫ولية علينا‪ ،‬ولكنهم غلبونا على أمرنا وعلى منازلنا‪.) (".‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -7‬تدر يب أفراد الج يش العر بي على الحرب‪ ،‬وت طبيق مبدأ"التدر يب على‬
‫الحرب بالحرب" وتأهيل هم ليكونوا قادر ين في الم ستقبل على التو غل في‬
‫البلد غير العربية لينشروا السلم‪ ،‬وليعلموا الناس الدين الجديد‪.‬‬
‫هن أرض العرب‪،‬‬ ‫هبين مه‬‫‪ -8‬قتال العدو القرب فالقرب‪ .‬إن الروم كانوا قريه‬
‫وح سب خ طة الفتح فإن العرب سوف يقاتلون الروم في أول المم الذين‬
‫سيتصدون لهم‪ ،‬وبذلك يكونون قد حددوا هدف الفتح وحددوا العدو‪ .‬وهذا‬

‫ابن حنبل‪ -‬المسند‪ ،119 ،2/99 :‬ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/49 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/134 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.111 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪144‬‬
‫ل ل هم‪ " :‬ما بدأ نا بقتال كم إل‬
‫ما صرح به معاذ بن ج بل لقيادات الروم قائ ً‬
‫أنكم أقرب إلينا منهم‪ ،‬وإنكم عندنا لسواء‪ ،‬وما جاءنا كتابنا بالكف عنهم‪،‬‬
‫ول كن ال أنزل في كتا به على نبيه صلى ال عل يه و سلم فقال‪ " :‬يا أي ها‬
‫الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلطة واعلموا أن‬
‫‪2‬‬
‫ال مع المتقين( ) وكنتم أقرب إلينا منهم فبدأنا بكم لذلك‪.) (".‬‬
‫‪1‬‬

‫قيادة الفتح‬
‫عين أبو بكر قادة من كبار الصحابة الذين يشهد لهم بالكفاءة وحسن القيادة‬
‫والتصرف وهم‪:‬‬
‫‪-1‬أبو عبيدة بن الجراح باتجاه حمص‪.‬‬
‫‪-2‬يزيد بن أبي سفيان باتجاه دمشق سالكا محور تبوك‪.‬‬
‫‪-3‬شرحبيل بن حسنة باتجاه الردن سالكا محور تبوك‪.‬‬
‫‪-4‬عمرو بن العاص باتجاه فلسطين سالكا طريق أيلة(العقبة)‬
‫وهي في الوقت الحاضر في الراضي الردنية( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫أثناء التجميع القتالي‪ ،‬وتوحيد هذه الجيوش‪ ،‬يكون أبو عبيدة هو القائد العام‬
‫لهذه الجيوش‪ ،‬وإن اجت مع شرحب يل وعمرو بن العاص ويز يد ا بن أ بي سفيان‪،‬‬
‫فالقائد لهذه المجمو عة هو يز يد‪ .‬وإن اجت مع جيشان من هذه الجيوش في منط قة‬
‫ع مل‪ ،‬فإن القيادة تكون ل من كان في نطاق عمله القتال( )‪ .‬وإن اجت مع خالد في ما‬
‫‪4‬‬

‫بعد فالقيادة لخالد ابن الوليد( )‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫ُكه فهي تصهرفه‪ ،‬أو فهي ولئه إلى القائد‬


‫لقهد اسهتبعد مهن القيادة كهل مهن ش ّ‬
‫العلى إذ استبعد خالد بن سعيد بن العاصي‪ ،‬وعزل بعد أن ولي القيادة وعُقد له‬
‫لواؤ ها ق بل تحر كه إلى بلد الشام‪ ،‬وذلك عند ما ث بت أ نه تر بص ببيعته إلى أ بي‬

‫() سورة التوبة‪ -‬الية‪.123 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الززدي‪ -‬فتوح الشام‪.119 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أبـو يوسـف‪ -‬الخراج‪ ،22 :‬ابـن خياط‪ -‬تاريـخ ابـن خياط‪ ،119 :‬البلذري‪ -‬فتوح‬ ‫‪3‬‬

‫البلدان‪ ،150 :‬كمال‪ -‬الطريـق إلى دمشـق‪ ،159 :‬عبـد الحميـد‪ -‬معارك العرب‬
‫الحاسمة‪.25 ،24 :‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،117 -116:‬طبعة دار الكتب العلمية ببيروت ‪.1983‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/13 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،68 :‬كمال‪ -‬الطريـق إلى‬ ‫‪5‬‬

‫دمشق‪.239 :‬‬
‫‪145‬‬
‫بكر مدة شهرين‪ ،‬وتفوه بكلمات تمس شخص أبي بكر فقال‪" :‬يا بني عبد مناف‬
‫لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم‪.) (".‬‬
‫‪1‬‬

‫خطّة الفتح الستراتيجية والتعبـئة‬


‫ما إن ا ستقر رأي القائد العلى على ف تح الشام ح تى بادر إلى و ضع خ طة‬
‫ا ستراتيجية‪ ،‬يض من ب ها النجاح وال سيطرة على القوات‪ ،‬وضمان النت صار على‬
‫العدو‪ .‬وكان أهم ما تضمنته هذه الخطة‪:‬‬
‫‪ -1‬إعلن التعبئة العامنة فني كنل البلد‪ ،‬وفهي أرجاء شبهه الجزيرة العربيهة‪،‬‬
‫وبخاصة في المدن الهامة في مكة والمدينة والطائف واليمن‪ ،‬وفي مناطق‬
‫ن جد والحجاز‪ ،‬ف سارع المتطوعون متحشد ين في المدي نة المنورة( )‪ .‬و من‬
‫‪2‬‬

‫دعوة أبي بكر إلى الستنفار العام قوله إلى أهل اليمن‪" :‬فإن ال كتب على‬
‫المؤمنين الجهاد‪ ،‬وأمرهم أن ينفروا خفافا وثقالً‪ .‬وقد استنفزنا من قبلنا من‬
‫المسلمين إلى جهاد الروم بالشام وقد سارعوا إلى ذلك‪ ..‬فسارعوا عباد ال‬
‫إلى فريضة ربكم‪ ) (".‬فلبى العرب النداء‪ ،‬ولبى أهل اليمن هذه الدعوة فأتوا‬
‫‪3‬‬

‫مسرعين‪ ،‬وتقدمت الوفود تتبعها الوفود( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫‪ -2‬تنظينم الفراد المتطوعينن والذينن وصنلوا إلى المديننة بجيوش نظامينة‬


‫تعتمد على التنظيم العشري‪ ،‬وعلى القيادة القبلية( )‪ .‬فانظر إلى الوفود التي‬
‫‪5‬‬

‫جاءت متتالية‪ .‬كانت القبيلة مع زعيمها‪ ،‬فلقد أقبل حمزة بن مالك الهمذاني‬
‫في بني همذان في أكثر من ألفي مقاتل‪ ،‬فوله أبو بكر عليهم‪ ،‬وأرسله إلى‬
‫جبههة القتال( )؛ كمها أمهر قادة الجيوش أن يعقدوا لكهل قهبيلة لواءا يُعرفون‬
‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫به( )‪.‬‬
‫‪ -3‬التحرك باتجاهات مختلفة وعلى محاور متباعدة‪ ،‬فقد سار قائد كل جيش‬
‫على محور يختلف عن القائد ال خر‪ ،‬ول قد كان وج هة كل ج يش إلى مكان‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.586 /2 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.150 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪. 8 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 39-16-9:‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان ‪.115‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 39 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.117 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫‪146‬‬
‫يختلف عن وجهة الجيش الخر( )‪ ،‬وذلك لضمان سلمة التحرك‪ ،‬والسرعة‬
‫‪1‬‬

‫في المسير‪.‬‬
‫‪ -4‬الدعاية العلمية الكبيرة الداخلية‪ ،‬التي هيأت النفوس‪ ،‬وقوت المعنويات‪،‬‬
‫ووض عت كل مقا تل أمام م سؤولياته‪ .‬فل قد كا نت دعوة أ بي ب كر إلى الناس‬
‫كافة‪ ،‬ومن بلغ هذه الدعوة عليه أن يستجيب لنداء القتال‪ .‬وهكذا فقد اجتمع‬
‫اللف المؤل فة من المقاتل ين في المدي نة من كل أرجاء الجزيرة العرب ية‪.‬‬
‫وكلههم يتوق التوجهه إلى جبههة القتال‪ .‬وقهد قام بهذه الدعايهة القائد العلى‬
‫والقيادة المركزية في المدينة‪ .‬ومن خطب أبي بكر العلمية‪" :‬أيها الناس‬
‫إن ال قد أن عم علي كم بال سلم‪ ،‬وأعز كم بالجهاد‪ ،‬وفضل كم بهذا الد ين على‬
‫أ هل كل دين‪ ،‬فتجهزوا عباد ال إلى غزو الروم بالشام‪ ،‬فإ ني مؤمر علي كم‬
‫أمراء‪ ،‬وعا قد ل هم علي كم‪ ،‬فأطيعوا رب كم‪ ،‬ول تخالفوا أمراء كم‪ ،‬ولتح سن‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫نيت كم و سيرتكم وطعمت كم‪ ،‬فإن ال مع الذ ين اتقوا والذ ين هم مح سنون‪".‬‬
‫كمها كتهب إلى عمال الصهدقات يسهتحثهم ويدعوههم إلى القتال ويأمرههم‬
‫بالتحضير والعداد‪ ،‬ومنهم عمرو بن العاص فقال له‪" :‬إني كنت قد رددتك‬
‫على الع مل الذي كان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ول كه مرة‪ ،‬و سماه‬
‫لك أخرى مبعثك إلى عمان إنجازا لمواعيد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقد وليتَه ثم وليته‪ .‬وقد أحببت أبا عبد ال أن أفرغك لما هو خير لك في‬
‫حيا تك ومعادك م نه إل أن يكون الذي أ نت ف يه أ حب إل يك"( )‪ .‬وك تب إلى‬
‫‪3‬‬

‫الوليهد بهن عقبهة وغيره‪ ،‬وكلههم أحابوه بالطاعهة والسهتعداد وحهب الجهاد‬
‫وتفضيله على أعمال الصدقات( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -5‬توحيند الجيوش وتوحيند القيادة‪ .‬وكان مهن خطهة أبهي بكهر قتال الروم‬
‫بج يش مو حد‪ ،‬وذلك بأن تجت مع كل الجيوش(المتج هة ن حو الشام) بج يش‬
‫ي ضم أ با عبيدة وعمرو وشرحب يل ويز يد ت حت قيادة خالد بن الول يد‪ .‬وم ما‬
‫جاء في كتاب أبي بكر لبي عبيدة بن الجراح‪" :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪،‬‬
‫أما بعد فإني قد وليت خالدا قتال الروم بالشام‪ ،‬فل تخالفه‪ ،‬واسمع له‪ ،‬وأطع‬
‫أمره‪ ،‬فإني وليته عليك‪ ،‬وأنا أعلم أنك خير منه‪ ،‬ولكن ظننت أن له فطنة‬
‫في الحرب ليست لك‪ ،‬أراد ال بنا وبك سبل الرشاد‪ ،‬والسلم عليك ورحمة‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬الخضري‪ -‬إتمام الوفاء‪ 54 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.5 ،4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.588 ،2/587 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/588 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪147‬‬
‫ال وبركاته‪.) (".‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -6‬الحتفاظ باحتيا طي كبير في المدي نة‪ .‬كان أ بو ب كر يد فع هذا الحتيا طي‬


‫تباعا إلى جههة القتال‪ ،‬تبعا لهميهة هذه الجبههة‪ ،‬وإمكانيهة العدو القتاليهة‪،‬‬
‫وح جم القوى ال تي يقا تل ب ها( )‪ .‬و قد ق يل‪" :‬مازال أ بو ب كر ر ضي ال ع نه‬
‫‪2‬‬

‫يبعهث بالمراء إلى الشام‪ ،‬أميرا‪ ،‬أميرا‪ ،‬ويبعهث بالقبائل‪ ،‬قبيلة‪ ،‬حتهى ظهن‬
‫أنهم قد اكتفوا‪ ،‬وأنهم ل يبالون أل يزدادوا رجلً‪.) ("..‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -7‬ترك يز الجهود الرئي سة باتجاه دم شق‪ ،‬وذلك عند ما تجت مع جيوش الروم‪،‬‬
‫والقتال على جبهة عريضة‪ ،‬وبنقاط استناذ متصلة فيما بينها وبذلك عندما‬
‫ل يكون للروم ج مع‪ .‬وتنفيذا لهذا الب ند من الخ طة ف قد أ صدر أ بو ب كر إلى‬
‫جميهع الجيوش أمرا بتركيهز جهودهها نحهو دمشهق وباتجاه فلسهطين؛ وأمها‬
‫القتال على جب هة عري ضة ف قد تحرك كل ج يش وتمر كز بدءا من الشمال‪،‬‬
‫مهن حمهص وحتهى جنوبهي الردن بأربعهة جيوش متصهلة مهع بعضهها‬
‫بعضا( )‪ .‬ومهن الطهبيعي أن تبدأ القوات العربيهة مطبقهة النتشار ومتخذة‬‫‪4‬‬

‫مراكهز انطلق إلى الراضهي التهي يحتلهها الروم‪ .‬تجمهع هذا الجيهش فهي‬
‫معركة اليرموك الفاصلة واستطاع بهذا التمركز والتركيز أن يحقق نصرا‬
‫ساحقا( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -8‬المسير مع توقع المعركة التصادمية‪ .‬تلقى قادة الجيوش عند تحركهم من‬
‫المدينهة مهمهة القتال فهي طريقههم مهع توقهع حدوث مصهادمات مهع العدو‪.‬‬
‫فالطريق التي سيسلكونها ليست خالية من الروم‪ ،‬وعلى الجيوش المتحركة‬
‫أن تكون يق ظة حذرة‪ ،‬وأن تقا تل كل من يعترض طريق ها ح تى ت صل إلى‬
‫ل فقد سار كل جيش واصطدم مع قوات من‬ ‫المكان الذي أرسلت إليه‪ .‬وفع ً‬
‫الروم‪ .‬فهذا جيش يزيد بن أبي سفيان اشتبك مع الروم في قتال في عربة‬
‫وفي دائن( ) وهذا مسير جيش أبي عبيدة الذي اصطدم أيضا في طرقه مع‬ ‫‪6‬‬

‫الروم فهي مؤاب بعمان( )‪ .‬وهذا خالد بهن الوليهد الذي اقتحهم عدة بلدان‪،‬‬
‫‪7‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.86 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.41 ،39 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.52 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬كمال‪ -‬الطريق إلى دمشق‪.159 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.217 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،52 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪ ،2/405 :‬الحموي‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫معجم البلدان‪.4/96 ،2/417 :‬‬


‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.29 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪148‬‬
‫وخاض عدة معارك في طري قه إلى بلد الشام( )‪ .‬وهكذا ترى م عي أن هذه‬
‫‪1‬‬

‫المسيرات اصطدمت مع الروم في مناوشات لم تكن فاصلة‪ ،‬إل أنها كانت‬


‫تعيق سير تلك الجيوش حتى تصل إلى أمكنتها المحددة‪.‬‬

‫التحضير والعداد لفتح الشام‬


‫ل بد ل كل ج يش ق بل أن يدخهل المعارك‪ ،‬أو أن يبدأ في القتال من أن ي عد‬
‫إعدادا كاملً‪ ،‬يسهتطيع مهن خلله أن يكون قادرا‪ ،‬أو على القهل مطمئنا لحراز‬
‫النصر‪.‬‬
‫‪ -1‬العداد المعنوي‪ .‬جمهع أبهو بكهر المجلس العسهكري‪ ،‬وذكرههم بفضهل‬
‫الجهاد‪ ،‬وطرح موضوع ف تح الشام‪ ،‬فلم يتردد وا حد من هم‪ ،‬بل أ قر الجم يع‬
‫هذه الفكرة(‪ ،)2‬ثم طرح ها على م ستوى القاعدة من الش عب في المدي نة في‬
‫ش به ا ستفتاء فأوكلوا له المر‪ ،‬وفوضوا إل يه أن ي سيرّهم إلى ح يث أراد(‪.)3‬‬
‫وإن القائد العلى بهذا التصهرف جمهع القلوب ووحهد الصهفوف وقوى‬
‫المعنويات‪ ،‬وزاد فهي إيمانههم وثقتههم بالقتال والجهاد فهي سهبيل ال‪ .‬وممها‬
‫شجع المقاتلين‪ ،‬وجعلهم يتمتعون بمعنويات عالية هو الثقة المطلقة بالقائد‪،‬‬
‫وفرضية الجهاد‪ ،‬واليمان باللّه وبرسوله‪ ،‬وصدق الدعوة‪ ،‬واليقين بالنصر‬
‫من ع ند ال‪ ،‬والنت صار ال كبير الذي تح قق في قتال الردة‪ ،‬وف تح العراق‪،‬‬
‫لن الفتح يدفع بالناس إلى التطوع حبا في المشاركة‪ ،‬والجر والثواب‪ ،‬أو‬
‫طلبا للغنيمة والمال‪ .‬منهم من يريد الدنيا‪ ،‬ومنهم من يريد الخرة‪ ،‬لكنهم‬
‫يلتقون بهدف واحد مشترك وهو القتال‪ ،‬وإن كان الول أعف وأفضل‪ ،‬ول‬
‫أدل على ذلك من إقبّال الناس من م كة والمدي نة والحجاز والي من وغير ها‬
‫على التطوع وخاصة بعد نجاح القوات العربية بأجنادين‪ ،‬وانتصارها على‬
‫القوات الروميهة(‪)4‬وكذلك حيهن قدم قادة اليمهن بقبائلههم ومقاتليههم ونسهائهم‬
‫وأولد هم ملب ين بذلك نداء القتال ودعوة الدا عي‪ ،‬م ستعدين للبذل والعطاء‪،‬‬
‫معلنين الشهادة أو النصر(‪.)5‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 63 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الدواداري‪ -‬الدر الثمين‪.3/162 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/2:‬الدوادري‪ -‬الدر الثمين‪.3/165 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/37 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/3 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -2‬العداد المادي‪ .‬لقد جاء المقاتلون بأموالهم يحملونها وبأسلحتهم يتقلدونها‪،‬‬
‫وبخيولهم يمتطونها‪ ،‬وبزادهم وطعامهم يتزودون به‪ .‬فلم ينقصهم أي شيء‪،‬‬
‫جاؤوا جاهزيهن للقتال‪ ،‬على درجهة كاملة مهن السهتعداد‪ ،‬وقهد أعلنوا عهن‬
‫جاهزيتههم عندمها وصهلوا إلى المدينهة أمام القائد العلى‪ .‬وقهد تأكهد بنفسهه‬
‫عندما تفقدهم وبارك لهم وأعطاهم من حبه‪ ،‬وأثنى عليهم‪ .‬وما عليه الن‬
‫إل أن يأمر هم بالم سير والتو جه ن حو بلد الشام(‪ .)1‬لم يقت صر هذا العداد‬
‫على م ستوى أ هل الي من فح سب بل ش مل القطار العرب ية كل ها‪ ،‬وبخا صة‬
‫المدي نة التهي كانهت مقرا ومسهتقرا للقيادة العليها فهي البلد‪ .‬ل قد حهث القائد‬
‫العلى المواطنيهن والمقاتليهن على بذل المال والنفهس فقدموا كهل مها‬
‫عندههم(‪ .)2‬ولئن شمهل العداد المادي أول مهن شمهل جيهش يزيهد بهن أبهي‬
‫سفيان‪ ،‬إل أن الجيوش ال تي تلت قد شمل ها العداد المادي أيضا‪ ،‬فكان كل‬
‫ج يش بعد أن يح ضر ويستكمل احتياجاته المادية يتو جه الوج هة ال تي أُمر‬
‫بها(‪.)3‬‬
‫هت الوفود مهن كهل حدب‬ ‫‪ -3‬العداد البشري‪ .‬لبهى الناس نداء القتال‪ ،‬فأته‬
‫وصوب من اليمن ومن مكة وسائر بلد العرب والمسلمين(‪ .)4‬وأول عمل‬
‫قام بهه القائد العلى فهي هذا المجال ههو تنظيهم هؤلء الوفود‪ ،‬وقلبههم إلى‬
‫تنظيهم عسهكري يتمشهى مهع فكرة القتال‪ ،‬ومهع إمكانيات العدو‪ ،‬والوضاع‬
‫القبلية‪ ،‬والصفات القيادية التي كانت لكل قبيلة أميرها‪ ،‬قبيلة حمير يقودها‬
‫أميرها ذو الكلع الحميري‪ ،‬وقبائل طيء الحارث بن سعد الطائي‪ ،‬والزد‬
‫جندب بن عمرو الدوسي وغيرها(‪.)5‬‬
‫ت بع ن فس التنظ يم الذي كان متبعا من ق بل في ع هد الر سول‬
‫صهلى ال عليهه وسهلم(‪ .)6‬وكان أكهبر تنظيهم ههو اللف وأقله ههو العشرة‪،‬‬
‫وكان يزيد أول قائد يتوجه بألف إلى بلد الشام(‪.)7‬‬
‫‪ -4‬العداد التدر يبي‪ .‬ل شك أن هذا النوع من التدر يب يكت سب أهم ية كبرى‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح اللشام‪.1/3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.4-2 /1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ 1/7 :‬وما بعدها‪ ،‬البلذري‪ -‬فتوح البلن‪.150 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.6-1/3 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.4-1/3 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/8 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/4 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪150‬‬
‫في تقرير مصير المعارك المقبلة بدءا من أصغر وحدة وحتى أكبر تشكيل‪.‬‬
‫ل بكل هذه‬ ‫فلقد كان المقاتل العربي المرشح للشتراك في فتوح الشام مؤه ً‬
‫الصهفات حيهث كان خفيهف الحركهة‪ ،‬ذا لياقهة بدنيهة عاليهة‪ ،‬متمرسها على‬
‫الطعان والمبارزة والمطاردة‪ ،‬مجيدا لركوب الخيهل واسهتخدام السهيف(‪،)1‬‬
‫مدربا على الحرب بالحرب‪ ،‬فههو الذي خاض معارك الدعوة فهي زمهن‬
‫الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬واسهتمر فهي قتال أههل الردة‪ ،‬وكذلك فهي‬
‫الجبهة العراقية‪ ،‬فكان هذا التدريب جامعا لكل ما تقدم‪ .‬ولهذا فإنه ل يحتاج‬
‫إل إلى التعرف والتدريهب على ظروف المعركهة وطبيعتهها التهي سهيقاتل‬
‫علي ها في بلد الروم‪ ،‬وكذلك التعرف على طبي عة المقاتل ين الذ ين سيلقاهم‬
‫عنهد المواجههة‪ .‬وبهذا فإن أبها بكهر كان يرسهل الجيهش تلو الخهر بمجرد‬
‫اكتماله من الناح ية التنظيم ية لعتقاده في أن هذا الج يش مدرب على كل‬
‫أنواع القتال‪ ،‬وعنده القدرة على الصهمود والقتحام‪ ،‬وعنده اللياقهة القتاليهة‬
‫والمعر فة التا مة بفنون الحرب المختل فة‪ .‬إن القائد العلى مقت نع بالم ستوى‬
‫التدريبي الذي وصلت إليه القوات العربية‪ ،‬ولهذا فإنه كان ل يشير إلى هذه‬
‫الناحية في توجيهاته‪ .‬وتعليماته إلى المقاتلين؛ إنما كان يشير إلى النواحي‬
‫المعنوية والنسانية والحربية(‪.)2‬‬

‫معارك الفتح‬
‫لقهد خاضهت القوات العربيهة أثناء تقدمهها لبلد الشام معارك عديدة مهدت‬
‫للف تح‪ ،‬ك ما مهدت لمعر كة اليرموك‪ .‬ول عل أ هم هذه المعارك‪ :‬معر كة عر بة‪ .‬ل ما‬
‫صدرت الوا مر إلى يز يد بن أ بي سفيان أن يتحرك بجي شه من المدي نة لملقاة‬
‫الروم في أرض الشام‪ ،‬وكان هذا القائد قد أمر أبا أمامة الباهلي أن يكون طليعة‬
‫لهذا الج يش‪ .‬ف سار بطليع ته حتهى و صل موضعا يقال له"عر بة"( )‪ ،‬وف يه تح شد‬
‫‪3‬‬

‫الروم‪ ،‬وكان في نيتهم وقف تحرك هذا الجيش أو تأخيره‪ ،‬أو إعاقة وصوله إلى‬
‫بلد الشام‪ .‬وتقول بعهض الروايات‪ :‬إن الروم كانوا يتحشدون فهي تلك المنطقهة‬
‫ل تشك يل خم سمائة مقا تل أي بمجموع ثل ثة آلف( )‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ب ست تشكيلت يبلغ عدد ك ّ‬

‫() الجاحظ‪ -‬البيان والتبيين‪.12 ،10 ،3/7 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظـر إلى توجيهات القائد العلى إلى يزيــد بــن أبــي سـفيان عندمــا أمره‬ ‫‪2‬‬

‫بالتحرك لمحاربة الروم عند الواقدي‪ -‬فتوج الشام‪.1/4 :‬‬


‫() عربــة‪ ،‬موضــع بأرض فلســطين‪ .‬ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪،2/405 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحموي‪ -‬معجم البلدان‪ ،4/96 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.7/4 :‬‬


‫() ابن الثير ‪-‬الكاامل في التاريخ‪ ،2/406 :‬االواقدي ‪ -‬فتوح الشام‪1/36 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪151‬‬
‫اشتبك أبو أمامة مع هذا الجمع‪ ،‬وقُتل أحد قادة التشكيلت‪.‬‬
‫لمها رأى يزيهد قائد الجيهش العربهي أن طليعهة أبهي أمامهة الباهلي لم تكهن‬
‫متكافئة مهع قوة الروم المتحشدة بتشكيلتهها السهتة‪ ،‬أمهر بتعزيهز هذه الطليعهة‬
‫بخمسمائة مقاتل( )‪ ،‬وأصبح ميزان القوى ‪ 1‬إلى ‪ ،3‬وبهذا التعزيز تمكن أبو أمامة‬
‫‪1‬‬

‫أن يها جم القوات الروم ية بهذه الن سبة‪ ،‬و هي ن سبة المها جم إلى المدا فع ال تي ل‬
‫تزال ح تى الن تؤ خذ بع ين العتبار أثناء الهجوم‪ .‬ك ما أن ما تب قى من الج يش‬
‫العربهي مهع يزيهد خلف هذه الطليعهة جاهزة للتدخهل‪ ،‬ممها يطمئن قائد الطليعهة‬
‫ويشج عه وير فع من معنويا ته ومعنويات جنوده‪ .‬ترى لماذا لم يد خل يز يد بكا مل‬
‫جي شه ضد القوات الروم ية المتحشدة و هي تتفوق على الطلي عة؟ ذلك لن يز يد‬
‫وههو قائد مجرب لم يشهأ أن يزج جميهع قواتهه‪ ،‬بهل طبّق مبدًأ حربيا ههو مبدأ‬
‫القتصاد في القوى‪ ،‬وأدخل العدد الضروري والمناسب‪ ،‬ووقف يترقب الموقف‪،‬‬
‫وينتظر النتائج‪ ،‬وظهر نصر أبي أمامة‪ ،‬وهرب الروم‪ ،‬وبدأت المطاردة‪ ،‬والتجأ‬
‫الجيهش المهزوم إلى مكان يقال له"دائن"( )فتبعههم يزيهد بجيشهه ولم ينفصهل عهن‬
‫‪2‬‬

‫القوات الرومية وظل على تماس مباشر معهم‪ .‬وهنا في هذا المكان أعاد الجيش‬
‫الرو مي تنظي مه‪ ،‬وانض مت إل يه ب عض الحاميات الروم ية‪ ،‬إل أن ض يق الو قت‪،‬‬
‫والقوات العربيهة فهي ظهورههم لم تسهمح لههم بإعادة التنظيهم‪ ،‬أو حشهد القوى‪،‬‬
‫فهاجمهم يزيد بكتلة واحدة بكامل جيشه فقضى عليهم( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫تعتبر هذه المعركة أول المعارك التي حصلت بين العرب والروم‪ ،‬بل أول‬
‫ل فإن‬‫اصطدام‪ .‬وهنا حرص يزيد على كسر شوكة الروم من أول معركة‪ ،‬وفع ً‬
‫هذا ال صطدام أو قع الر عب في قلوب الروم‪ ،‬وجرّأ العرب على اقتحام الموا قع‬
‫الرومية‪ ،‬وظلوا بعدها ينتقلون من نصر إلى نصر‪.‬‬
‫معر كة أجناد ين‪ .‬ل قد ب شر بهذه المعر كة أ بو ب كر ال صديق قب يل وفا ته( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫هناك اختلف بين المؤرخين في تاريخ حدوث هذه المعركة‪ .‬فالطبري وابن كثير‬
‫يقولن إنمها حدثهت فهي سهنة ‪) (15/636‬؛ أمها البلذري واليعقوبهي وغيرهمها مثهل‬
‫‪5‬‬

‫()ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ‪ -406-404 :‬االواقدي ‪-‬فتوح الشام‪1/37:‬‬ ‫‪1‬‬

‫() دائن‪ .‬قريــة مــن قرى فلســطين قريبــة مــن غزة انظــر الحموي‪ -‬معجــم‬ ‫‪2‬‬

‫البلدان‪.2/417 :‬‬
‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.52:‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/483 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،3/101 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.7/51،54 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪152‬‬
‫بروكلمان والجنرال أكرم فيقولون إنها حدثت في تموز سنة ‪.) (13/634‬‬
‫‪1‬‬

‫إننا بتحديد التاريخ سوف نحدد حدوثها قبل أو بعد وفاة أبي بكر الصديق‪.‬‬
‫فإذا كا نت في سنة ‪ ،15/363‬ف هي معركة خار جة عن بحث نا‪ ،‬وإن كا نت في سنة‬
‫‪ 13/634‬فهي جديرة بالدراسة من الناحية العسكرية لنها حدثت في زمن أبي بكر‬
‫وفي السنة التي توفي بها( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫سار الج يش من ب صرى لي عبر الرا ضي الفل سطينية من الج هة الشرق ية‪،‬‬
‫وي عبر ن هر الردن الذي فجرت سدوده لتم نع اجتياز الج يش العر بي إلى الض فة‬
‫المقابلة‪ ،‬ولعاق ته عن التقدم‪ ،‬وتأخ ير و صوله إلى سهل أجناد ين؛ ل كن خالد بن‬
‫الوليد لم تعجزه تلك العملية من العبور( )‪ ،‬لكي يلتقي بجيش عمرو بن العاص في‬
‫‪3‬‬

‫هذا السهل إما قبل وصوله‪ ،‬أو أن يصل بوقت واحد‪ ،‬وذلك لكي ل يتاح للقوات‬
‫الروميهة أن تنفرد بجيهش عمرو وحده إذ ل يسهتطيع مجابهتهها؛ أمها إذا وصهلت‬
‫الكتلة الرئيسة بقيادة خالد المؤلفة من ثلثة جيوش يمكنها أن ت صمد أمام القوات‬
‫الرومية حتى يصل جيش عمرو في حال تأخره‪ .‬وعلى هذا فإن خالد كان يسرع‬
‫في تحر كه‪ ،‬واجتاز الن هر ب سرعة‪ ،‬وأعاق ته ب عض الو قت المياه المتفجرة ال تي‬
‫كانت تشكل صعوبة أثناء التقدم لوجود الطمي والمستنقعات‪ .‬كان على عمرو بن‬
‫العاص أل يتعرض إلى الجيوب والحاميات الروميهة التهي كانهت منتشرة فهي‬
‫الرملة والقدس وقي ساريه وأجناد ين( )‪ ،‬ل كي ي صل في الو قت المحدد‪ .‬وفع ً‬
‫ل ف قد‬ ‫‪4‬‬

‫استطاع عمرو أن يتجنب كل هذا‪ ،‬ويصل أرض المعركة من الجهة الجنوبية من‬
‫وادي عربة‪.‬‬
‫وصهلت قوات خالد قبهل وصهول عمرو واتخذت تراتيهب القتال فهي مقابهل‬
‫تراتيب العدو( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫بلغ عدد الجيش العربي اثنين وثلثين ألف مقاتل بقيادة خالد بن الوليد‪ ،‬فيما‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/37 :‬البلذري فتوح البلدان‪ ،157 :‬ابــــن واضــــح‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫تاريـخ اليعقوبـي‪ ،2/113 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق الكـبير‪،1/145 :‬‬
‫حداد‪ -‬فتــــح العرب للشام‪ :44‬أكرم‪ -‬ســــيف الله‪ .363 :‬بروكلمان ‪ -‬تاريــــخ‬
‫الشعوب السلمية‪ ،94 :‬غلوب ‪-‬الفتوحات العربية الكبرى‪261 :‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/37 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،157 :‬ابـــن عســـاكر‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫تاريخ مدينة دمشق‪.1/521 :‬‬


‫() بروكلمان‪ -‬تاريخ الشعوب السلمية‪.94 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،102 ،3/101 :‬العسـلي فـن الححرب‪،107 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫كمال ‪-‬الطريق إلى دمشق‪ 277 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/112 :‬الديار بكري‪ -‬تاريخ الخميس‪..2/234 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪153‬‬
‫بلغ الجيش الرومي تسعين ألف مقاتل بقيادة وردان( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫بعهد أن تقابهل الجيشان‪ ،‬جرى تفقدهمها واسهتعراضهما مهن قبهل قياداتهمها‪،‬‬


‫وجرى تحريض كبير للرجال‪ ،‬وحث على القتال‪ ،‬والمصابرة والمجالدة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫عين خالد القادة طبقا للبنية العملياتية‪ ،‬فقد جعل على الميمنة عبد الرحمن بن‬
‫أ بي ب كر ال صديق‪ ،‬وعلى المي سرة سعيد بن عا مر‪ ،‬وعلى القلب معاذ بن ج بل‪،‬‬
‫وعلى الجناح الي سر شرحب يل بن حسهنة‪ ،‬وعلى ال ساقة يز يد بن أبهي سهفيان‪،‬‬
‫وترك في يده الحتياط المتحرك المؤلف من أرب عة آلف فارس‪ ،‬وأو كل الجناح‬
‫اليميني إلى يزيد بالضافة إلى مهمته( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫دحلن‪ -‬الفتوحات السلمية‪.1/32 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،31 ،1/30 :‬ابن عساكر‪ -‬التاريخ الكبير‪.1/144 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/31 :‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪.1/145 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪154‬‬
‫قــــــوات الــــروم‬

‫‪145‬‬ ‫تصوير ص‬

‫القوات العربية‬

‫‪155‬‬
‫كا نت الن سوة في هذه المعر كة يشكلن ال ساقة‪ ،‬و قد تلق ين مه مة من القائد‬
‫العام( )‪ -‬بعهد أن بهث فيههن روح العقيدة واليمان‪ ،‬وأثار فهي نفوسههن الشجاعهة‬ ‫‪1‬‬

‫والقدام‪ -‬الدفاع عهن السهاقة‪ ،‬فل يدعهن للروم فرصهة فهي المهاجمهة‪ ،‬ولهذا فإن‬
‫على كهل واحدة أن تقوم بأخهذ السهتعدادات اللزمهة للقتال‪ ،‬ورد الهاربيهن مهن‬
‫الجيهش‪ ،‬فأخذن عهدا على تنفيهذ هاتيهن المهمتيهن‪ ،‬ومضيهن يقاتلن ويرددن‬
‫المتخاذلين( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫تعطى إشارة بدء القتال من القائد العام‪ ،‬ويحظر على كل قائد من القادة في‬
‫الميمنهة أو الميسهرة أو أي مقاتهل أن يحمهل على العدو إل بإيعاز مهن خالد بهن‬
‫الوليد( )‪ ،‬وكذلك فإنه أوعز بأخذ الستعدادات النهائية للقتال‪ ،‬وأن يتهيأ المقاتلون‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫ويجردوا السيوف‪ ،‬ويوتروا القسي‪ ،‬ويفوقوا السهام( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫كان القائد العام يعطي التعليمات من مقر قيادته التي كانت في القلب‪ ،‬وكان‬
‫الركان معه في هذا المقر منهم عمرو بن العاص وعبد ال بن عمر وقيس بن‬
‫ههبيرة ورافهع بهن عميرة وغيرههم( )‪ ،‬وكانهت مهمتههم مسهاعدة القائد فهي اتخاذ‬
‫‪5‬‬

‫القرار‪ ،‬وذلك بإعطاء المعلومات الصهحيحة عهن العدو‪ ،‬وإبداء المشورة‪ ،‬وقيادة‬
‫التشكيلت المقاتلة‪.‬‬
‫جرت مفاوضات مطولة قبهل بدء القتال؛ لكهن القائد العام أصهر على القتال‬
‫إن لم تحقهق أحهد المطالب الثلثهة السهلم‪ ،‬أو الجزيهة‪ ،‬أو القتال‪ ،‬فأبهى الروم‬
‫وآثروا القتال( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫تقدم نبالة العدو‪ ،‬وبدأوا يمطرون الم سلمين بوا بل من سهامهم‪ ،‬فق تل وجرح‬
‫عدد منههم‪ ،‬وسهارت المور لصهالح الجيهش الرومهي( )‪ ..‬لكهن المبارزة حولت‬
‫‪7‬‬

‫المور لصهالح الجيهش العربهي إذا انطلق ضرار بهن الزور فبارز بعهض القادة‬
‫من الروم‪ ،‬ثم شق صفوفهم فق تل من هم عددا كبيرا( )‪ .‬وكذلك فإن ضرار أر سل‬
‫‪8‬‬

‫ابن أععثم‪ -‬الفتوح‪.1/145 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/31 :‬الزدي‪ -‬فتوح‪.90 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/31 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/31 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/31 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.36 ،32 ،1/31 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،91 :‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪.1/147 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/32 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪156‬‬
‫بمهمهة اسهتطلعية قبهل أن يقوم بالمبارزة‪ ،‬فذههب عاري الصهدر فوصهل إلى‬
‫مع سكر يشرف على مع سكر الروم‪ ،‬فأح سوا به‪ ،‬فأر سلوا في طل به‪ ،‬فا ستدرج‬
‫الجنود بعيدا عن الثك نة‪ ،‬واشتبهك مع هم‪ ،‬فقتهل منههم‪ ،‬و فر الباقون‪ ،‬ورجهع مهن‬
‫مهمته وقدم تقريرا شفهيا بذلك( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫طالما أن العدو متفوق في العدد‪ ،‬فإن خالد بن الوليد وسع جبهة جيشه ليمنع‬
‫الجيش الرومي من اللتفاف‪ ،‬كما شكل مجموعات قتالية على الجناحين لتزيد من‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫طول الجبهة‪ ،‬وشكل القلب والمجنبتين والحتياط‪ ،‬وعين القيادات المختلفة‪.‬‬
‫بعهد منتصهف النهار أمهر القائد العام بالهجوم العام‪ ،‬وهنها دارت المعركهة‬
‫بالسهيف‪ ،‬وكان الموقهف حسهنا لصهالح المسهلمين‪ ،‬وانقضهى النهار‪ ،‬وانفصهل‬
‫الجيشان عن بعضهما( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ا ستؤنف القتال في اليوم التالي على أشلء القتلى والجر حى الكثير ين الذ ين‬
‫كانوا مهن الجانهب الرومهي‪ ،‬وذههل العدو مهن هذه الخسهائر‪ ،‬فأراد قائد الجيهش‬
‫الرومي أن يدبر خطة لقتل خالد بن الوليد وهي أن يطلب الصلح ويرسل شخصا‬
‫لهذه الغاية‪ ،‬وبنفس الوقت يكمن عدة جنود عندما يبدأ التفاوض على الصلح‪ ،‬ثم‬
‫ينقضوا خلل هذه الفترة‪ ،‬انقضاض ر جل وا حد على قائد الج يش العر بي؛ ل كن‬
‫الخ طة فشلت عند ما ن قل هذه المعلومات مقا تل من الج يش الرو مي إلى خالد بن‬
‫الول يد الذي أر سل مباشرة فور تلق يه هذا الن بأ ضرار بن الزور في عشرة من‬
‫المقاتل ين‪ ،‬وقضوا على الكم ين‪ .‬وح ين حان و قت المفاو ضة لل سلم الخادع تقدم‬
‫وردان قائد الجيش الرومي لينفذ المؤامرة‪ ،‬وهو ل يعلم مصير مجموعة الكمين‬
‫ال تي أبيدت‪ ،‬وفو جئ بضرار وعشرة مقاتل ين م عه فارتعدت فرائ صه وو قع في‬
‫الفخ‪ ،‬وأومأ خالد إلى ضرار بقتل وردان فقتله( )‪ .‬والتحم الجيشان ودارت معركة‬
‫‪4‬‬

‫حام ية بذل الفريقان أق صى ما ي ستطيعان من ج هد‪ ،‬ول ما رأى خالد هذا الو ضع‬
‫زج الحتياطهي المؤلف مهن أربعهة آلف فارس‪ ،‬واسهتطاع أن يخترق صهفوف‬
‫العدو في عدة أما كن( )‪ ،‬ك ما أ مر مجمو عة فدائ ية أن ت صل إلى القيادة الروم ية‬
‫‪5‬‬

‫وتقتل قائدها"القبقلر" الذي استلم القيادة بعد مقتل"وردان"‪ ،‬وتمكنت هذه المجموعة‬
‫من أن ت صل إلى القلب وتق تل القائد العام‪ ،‬فل ما ق تل قائد هم مالت الك فة ل صالح‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/35 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/234 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الديار بكري‪ -‬تاريخ الخميس‪.2/234 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الديار بكري‪ -‬تاريخ الخميس‪.2/234 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،36 ،1/35 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.91 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/37 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.91 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪157‬‬
‫الم سلمين‪ ،‬وانهزم الروم في ثل ثة اتجاهات إلى غزة‪ ،‬وإلى يا فا‪ ،‬والقوة الرئي سة‬
‫اتجهت إلى القدس‪ .‬وهنا بدأت مطاردة الجيش المنهزم وقتل منه العدد الكبير( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫كان بإمكان الجيهش الرومهي أن يقوم بحركهة التفاف على مجنبات الجيهش‬
‫العربي لنه كان متفوقا بالعدد وبكثرة الخيل؛ لكنه لم يستطع لن خالد بن الوليد‬
‫قوى المجنبتين وعززهما‪ ،‬ومنع كل التفاف قد يحدث‪ ،‬كما قابل العدد الكبير على‬
‫طول المواجههة بامتداد الجبههة كلهها‪ ،‬وكذلك كان بإمكان الجيهش الرومهي أن‬
‫يسهتخدم السهلح الطويهل(النبال) الذي كان يتفوق بهه على الجيهش العربهي؛ لكهن‬
‫خالدا قلب هذا التفوق ل صالحه إذ ا ستخدم المبارزة ليقطع وليب طل مفعول ال سلح‬
‫الطو يل‪ .‬وبمجرد التفوق بالمبارزة‪ ،‬انقل بت المعر كة ل صالحه وحول ها إلى تماس‬
‫مباشر مع العدو بالسلحة القريبة كالسيف والترس‪.‬‬
‫من عادة خالد بن الوليد أن يستخدم المجابهة عندما يتأكد من نجاحها؛ وأن‬
‫يسهتخدم التطويهق عندمها يكون ناجحا‪ .‬ففهي هذه المعركهة اسهتخدم المجابههة‬
‫بالعتماد على خفهة الحركهة فهي جنوده‪ ،‬وحسهن اسهتخدامهم للسهيف وللسهلحة‬
‫القريبة‪.‬‬
‫إن الحتياط ضروري للقائد يسهتخدمه عنهد الضرورة‪ .‬وهذا المبدأ ل يزال‬
‫ذا أهمية حتى في الوقت الحاضر‪ ،‬فقد حرص خالد أن يستخدمه لستثمار النصر‬
‫في الوقت المحدد وفي المكان المحدد‪.‬‬
‫لقد كان القائد العام للجيش العربي السلمي في هذه المعركة حريصا كل‬
‫الحرص على أن يو قت مرا حل المعر كة المتتال ية‪ ،‬ف هو لم يأذن بمهاج مة الروم‬
‫بالر غم من تفوق هم بادئ ال مر بالنبال‪ ،‬وإن ما أخّر الهجوم إلى ما ب عد منت صف‬
‫النهار‪ ،‬وأمهر قائد القلب معاذ‪-‬الذي ههم بالهجوم‪ -‬أل يهاجهم‪ ،‬كذلك فقهد أرجهأ‬
‫الهجوم العام إلى ما بعد نجاح الخطة التكتيكية التي قتل فيها وردان قائد الجيش‬
‫الرومي‪.‬‬
‫مهن المعروف فهي القتال القديهم والحديهث أن المطاردة تبدأ عندمها ينتصهر‬
‫جيهش على آخهر بعهد معركهة ناجحهة‪ .‬ومهن شروط المطاردة أن تكون القوات‬
‫المطاردة على تماس مهع القوات المنهزمهة‪ ،‬وأن تتعقبهها فل تترك لهها مجالً‬
‫لعادة تنظيمها‪ ،‬أو النضمام إلى قطعة أخرى‪ .‬فقد كان خالد بن الوليد من أمهر‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.37 ،1/36 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪158‬‬
‫القادة فهي تنفيهذ هذا النوع مهن القتال‪ ،‬وبالضافهة إلى ذلك فقهد اسهتطاع تجزئة‬
‫الفلول المنهزمة ليسهل عليه تدميرها وقتلها‪ ،‬حيث قسمها إلى ثلثة أجزاء فرت‬
‫إلى جهات مختلفة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫إن الع نف من صفات هذا القائد العر بي إذ اشتّ هر في حرو به بهذه الميزة‪.‬‬
‫فقد كان حازما في إعطاء الوامر‪ ،‬ساهرا على تنفيذها‪ ،‬عنيفا في مهاجمة العدو‬
‫إذ لم يترك له وقتا ليلم شعثهه‪ ،‬أو يجمهع قتله مهن أرض المعركهة‪ .‬وكان قاسهيا‬
‫عندمها أمهر أن تفتهح السههام بوقهت واحهد‪ .‬على طول جبههة القتال فقال‪" :‬لتكهن‬
‫السهام إذا خرجت من أكباد القسي كأنها قوس واحدة فإذا تلصقت السهام رشقا‬
‫كالجراد لم يخل أن يكون فيها سهم صائب"( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫كا نت الشؤون الدار ية في هذه المعر كة كالعادة مؤل فة من الن ساء والولد‬
‫والمؤن والحراسهات‪ ،‬والحتياجات التهي ل تتطلب قوافهل إمداديهة‪ ،‬أو تعيهق فهي‬
‫التقدم‪ ،‬أو تحد من حركة القوات المقاتلة‪ .‬وكان يرأس المؤخرة في هذه المعركة‬
‫يز يد بن أ بي سفيان الذي ن ظم الحرا سة والوقا ية والدفاع عن ال ساقة من الن ساء‬
‫اللواتي كلفن بهجمات قتالية وإدارية( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫كانهت الخسهائر البشريهة فهي الجانهب الرومهي خمسهين ألفا‪ ،‬فيمها كان مهن‬
‫ل( )‪.‬‬
‫الجانب العربي أربعمائة وخمسين قتي ً‬
‫‪4‬‬

‫لقهد مهدت هذه المعركهة الطريهق إلى الفتوحات البعيدة فهي بلد الشام‪،‬‬
‫وحدثت معارك بعدها أهمها معركة اليرموك التي كانت من المعارك الفاصلة في‬
‫التاريخ‪ ،‬وانحسر الروم عن الرض العربية‪ ،‬وحاولوا عبثا الصمود أمام الجيوش‬
‫الفاتحة‪ ،‬لكنهم لم يستطيعوا الوقوف أمام السيل المندفع( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫معر كة ف حل‪ .‬ب عد أجناد ين‪ ،‬تو جه الج يش العر بي إلى ف حل‪ .‬و قد حد ثت‬
‫معركهة فهي تلك المنطقهة بيهن العرب والروم سهنة ‪ .) (13/634‬وكان يوم فحهل‬
‫‪6‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.37 ،1/36 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/31 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/31 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/37 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ 1/37 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الذهـبي‪ -‬تاريـخ السـلم‪ ،1/337 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تأريـخ دمشـق الكـبير‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.145 ،1/144‬‬
‫‪159‬‬
‫يسمى"يوم الرد غة" أو"يوم بي سان"( )‪ .‬لن المقتلة ال كبيرة للروم كا نت في الرداع‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫قتل منهم يومئذ ثمانون ألف قتيل( )‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫سارت الجيوش إلى فحل( )‪ ،‬وفُجرت المياه‪ ،‬وامتل سهل بيسان‪ ،‬وحوصرت‬
‫‪3‬‬

‫المدي نة‪ ،‬وهوج مت من أطراف ها‪ ،‬فو قع أك ثر الروم في الو حل وق ضي علي هم( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫وب عد هذا النجاح تحر كت القوات إلى مرج ال صفر‪ ،‬ب عد أن تر كت القيادة العا مة‬
‫قوة ع سكرية لهذه المدي نة مهمت ها م نع القوات الروم ية من التحرك ن حو دم شق‪،‬‬
‫وضع التعزيزات من الوصول إلى المدينة‪.‬‬
‫معركة مرج الصفر‪ .‬حد ثت هذه المعركة في سنة ‪ .) (13/634‬واختلف في‬
‫‪5‬‬

‫هذا التاريخ‪ ،‬كما اختلف في تواريخ المعارك السابقة لها واللحقة‪ .‬سارت القوات‬
‫العربيهة مهن فحهل باتجاه دمشهق‪ ،‬واتبعهت فهي تحركهها الطريهق الموصهل إلى‬
‫الكسوة‪ ،‬دمشق‪ .‬وفي منطقة الكسوة يمتد مرج الصفر الذي يمر من أسفله نهر‬
‫العوج فيسهقي البسهاتين التهي مهن حوله‪ .‬اصهطدمت طلئع الجيهش العربهي‬
‫السهلمي بقوة كهبيرة مهن الروم فهي هذا المرج تبلغ اثنهي عشهر ألف جندي‬
‫بقيادة"كولوس" مهمت ها إنذار قيادة مدي نة دم شق بالخ طر‪ ،‬وتأخ ير القوات العرب ية‬
‫ريثما تستعد المدينة للدفاع عن نفسها‪ ،‬وحتى يمكن تحصينها‪ ،‬وإغلق البواب‪،‬‬
‫واتخاذ إجراءات الدفاع( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫انتشرت وفت حت القوات العرب ية ال سلمية من الج هة الجنوب ية والشرق ية‪،‬‬


‫وامتدت القوات الرومية من الجهة الشمالية والغربية وبدأت المبارزة التي نجحت‬
‫فيها القوات الجنوبية‪ ،‬وانبرى بعض القادة لخصومهم ونظرائهم‪ ،‬ونزل خالد بن‬
‫الوليههد لمبارزة"كولوس" القائد الرومههي فأسههر‪ ،‬وتقدم النائب الول لهذا القائد‬
‫المأسور وهو"أدادير" وجرت عدة محاولت أسر في نهايتها أيضا( )‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫() الحموي‪ -‬معجـم البلدان‪ ،4/237 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق الكـبير‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.1/145‬‬
‫() الحموي‪ -‬معجـم البلدان‪ ،4/237 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق الكـبير‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.1/145‬‬
‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ 1/189 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطــبري تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/628 :‬ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/165‬‬
‫() ابن خياط‪ -‬تاريخ ابن خياط‪ ،120 :‬ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪،1/481 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫كمال‪ -‬الطريق إلى دمشق‪.229 :‬‬


‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪.1/150 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،21 -1/19 :‬كمال‪ -‬الطريـــق إلى دمشـــق‪ 291 :‬ومـــا‬ ‫‪7‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫بعهد المبارزة انهارت معنويات المقاتليهن الروم‪ ،‬واسهتغل الجيهش العربهي‬
‫السهلمي هذه البادرة فهاجهم خصهمه مهن الجنحهة والقلب‪ ،‬واسهتطاع أن يتفوق‬
‫عليه‪ ،‬ويضطره إلى ترك أمكنته والنسحاب نحو دمشق‪ .‬وزحف الجيش العربي‬
‫نحو دمشق‪ ،‬وفرض عليها الحصار‪.‬‬
‫حصار وفتح دمشق‪ .‬اختلف المؤرخون كعادتهم في حصار وفتح دمشق‪.‬‬
‫فقد ذكر الواقدي والطبري أنها فتحت في سنة ‪) (13/634‬؛ أما الزدي فقد قال إنها‬
‫‪1‬‬

‫فتحت في سنة ‪ ،14/635‬وقد حدد يوم الحد لثلثة عشر شهرا من إمارة عمر بن‬
‫الخطاب‪ ،‬فإذا كان عمر تولى المارة في مساء يوم ‪ 21‬جمادى الثاني‪ ،‬فإن الفتح‬
‫يكون قد تم في جمادى الولى ال حد الموا فق في ‪ 25‬حزيران( )؛ أ ما البلذري‬
‫‪2‬‬

‫والوزا عي واليعقو بي وا بن الجوزي ودحلن وا بن ع ساكر وهرت من وهيار ول‬


‫منهس وبكهر فقهد اتفقوا على أن دمشهق فتحهت فهي سهنة ‪ ) (14/635‬فهي شههر‬
‫‪3‬‬

‫ر جب(آب‪ -‬أيلول)‪ .‬و في تار يخ الزدي وا بن خياط وهؤلء جميعا ش به إجماع‪.‬‬


‫وإذا عدنها إلى مدة الحصهار فإن بعهض المؤرخيهن كاليعقوبهي قهد ذكهر أن مدة‬
‫الحصهار كانهت سهنة كاملة( )؛ أمها ابهن خلدون فقهد ذكهر أن مدة الحصهار سهتة‬
‫‪4‬‬

‫أش هر( )؛ وأ ما البلذري ف قد اع تبر مدة الح صار أرب عة أشهر( )؛ وأ ما ابن الث ير‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫ف قد ذ كر مدة الح صار سبعين ليلة( )‪ .‬ول عل ب عض المؤرخ ين يرجحون أن تكون‬


‫‪7‬‬

‫مدة الحصهار سهتة أشههر منههم أبهو مع شر وا بن الكلبهي وهرتمهن ودي غوبهي‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن الحصار كان في شهر المحرم سنة ‪ 14‬وانتهى بسقوط دمشق في‬
‫شهر رجب في السنة نفسها( )‪ .‬وإذا اعتُمد قول الزدي أنها فتحت يوم الحد في‬
‫‪8‬‬

‫‪ 21‬جمادى الثاني‪ ،‬وقد سبق ذلك حصار دام ستة أشهر فمعنى ذلك أن الحصار‬
‫و قع في سنة ‪ ،13/634‬وأن الف تح و قع في سنة ‪ ،14/635‬أي أن الح صار أو جزءا‬
‫منه تم في عهد أبي بكر الصديق‪ ،‬وأن الفتح قد تم في عهد عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫وهذا ما تؤكده رسالة العزل التي بعث بها عمر المير إلى أبي عبيدة القائد العام‬
‫للجيهش‪ ،‬بعزل خالد عهن القيادة العامهة وتوليهة أبهي عهبيدة‪ ،‬فوصهلت والعرب‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،85 ،79 ،1/59 :‬الطـــبري‪ -‬تاريـــخ المـــم والملوك‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/589‬‬
‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،106 :‬مختار باشا‪ -‬التواريخ الهجرية‪.1/45 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.93 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ 2/140 :‬إصدار دار صادر بيروت بدون تاريخ‪..‬‬ ‫‪4‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.95 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.130 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/428 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.96 ،95 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪161‬‬
‫محاصهرون لدمشهق( )‪ .‬وكذلك قول اليعقوبهي فهي أن المدينهة قهد حوصهرت ق بل‬
‫‪1‬‬

‫موت أبي بكر( )‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫دمشنق قبنل الفتنح كاننت محددة مهن الشرق بباب شرقهي ومهن الغرب‬
‫بباب الجاب ية‪ ،‬و من الشمال بباب تو ما و من الجنوب بباب ال صغير‪ .‬ف هي َمدْحِيّة‬
‫كالبيضة ل يكاد بعدها من الرأس إلى العقب يتجاوز( ‪)1500‬م وبعدها من البطنين‬
‫ل يتجاوز( ‪)1000‬م‪ ،‬يحيط بالمدينة سور من الحجارة الكبيرة المربعة‪ ،‬يبلغ ارتفاع‬
‫هذا ال سور عشر ين قدما و سمكه خم سة ع شر‪ ،‬و كل خم سين خطوة تو جد أبراج‬
‫وشرفات وفتحات لر مي ال سهام والحجار ضد المهاجم ين أو المقتحم ين‪ .‬وأمام‬
‫السهور خندق مملوء بمياه نههر بردى يتراوح عرضهه مهن ‪ 15 -10‬قدم‪ .‬إذا أمام‬
‫الج يش العر بي عدة موا نع المياه وال سور القوي‪ ،‬والرجال المدافعون من دا خل‬
‫الحصن‪ ،‬والبواب الحديدية الضخمة المصفحة والتي إذا ما أغلقت صعب على‬
‫الفاتحيهن أن يفتحوهها أو يخرقوهها وهذه البواب محيطهة بالمدينهة مهن جميهع‬
‫جهاتها‪ :‬باب شرقي‪ ،‬باب توما‪ ،‬باب الفراديس‪ ،‬باب الجابية‪ ،‬باب الصغير‪ ،‬باب‬
‫كيسان( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫هذه النواع من الموانع تحتاج إلى تجهيزات خاصة‪ ،‬ترى هل كان الجيش‬
‫العربهي يملك مثهل هذه التجهيزات وأهمهها السهللم والمنجنيقات على اختلفهها‬
‫والدبابات على اختلفها؟ لقد ثبت أن هذا الجيش ل يملك وقتئذ مثل هذه العتدة‬
‫والسهلحة‪ ،‬وإإنمها كان يملك بعهض الحبال‪ ...‬والقرب التهي ل تؤدي بالغرض‬
‫المطلوب( )‪ ،‬صحيح أن العرب كانوا غير مجهزين بأعتدة وأسلحة ضد الحصون‬ ‫‪4‬‬

‫والقلع إل أنههم يجيدون فهن الحصهار‪ ،‬وأهمهها البتعاد عهن مرمهى السهلحة‬
‫المعاد ية‪ ،‬وق طع التمو ين والمياه عن المدي نة‪ ،‬وم سك الطرق المؤد بة إلى دم شق‬
‫فل قد كان أ بو الدرداء وم عه مجمو عة من الج ند يرابطون على طر يق برزة في‬
‫الجهة الشمالية من المدينة( )‪ ،‬وكان ذو الكلع الحميري مع مجموعه أيضا ترابط‬
‫‪5‬‬

‫على طر يق دم شق ح مص الج هة الشرق ية من المدي نة( )‪ ،‬وكان علق مة بن حك يم‬


‫‪6‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 102 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫()ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ 2/139 :‬إصدار دار صادر بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‬ ‫‪2‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪ ،61-57 :‬أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪.36 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.627 ،2/626 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.121 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/626 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪162‬‬
‫ومسهروق العبسهي مهع مجموعهة ترابهط على طريهق دمشهق فلسهطين( ) باتجاه‬
‫‪1‬‬

‫الجنوب‪ .‬إذا الجهات الثلث والطرق المؤد ية إلى دم شق أم سكها الج يش العر بي‬
‫ليم نع كل المدادات بالرجال أو بالعتاد من و صولها إلى دم شق‪ ،‬وليح مي ظهور‬
‫المقاتلين العرب‪ .‬هذا هو فن الحصار الذي أجاده العرب وجربوا به في حصار‬
‫بني قينقاع وبني النضير وقريظة وخيبر والطائف قبل أن يحاصروا هذه المدينة‪،‬‬
‫ثم إن خالد بن الول يد وعياض بن غ نم اللذ ين فت حا ح صون العراق وجنوده ما‬
‫كانوا على علم تام بهذا الفهن‪ ،‬ومهن الفهن أيضا الذي طبهق وجرب ذلك الهجوم‬
‫الجبههي فهي حال الظفهر بالعدو‪ ،‬أو إطالة مدة الحصهار‪ .‬ففهي هذه المدينهة طبهق‬
‫الجيش العربي هذا وذاك كما سنرى فيما بعد‪.‬‬
‫أمرت القيادة العا مة للج يش العر بي ال سلمي بح صار مدي نة دم شق بقوة‬
‫تقدر باثنيهن وعشريهن ألف مقاتهل‪ ،‬يقابله عدد مماثهل مهن المدافعيهن الروم عهن‬
‫المدينهة‪ .‬حوصهرت المدينهة مهن كهل اتجاهاتهها‪ ،‬واسهتولي على ضواحهي هذه‬
‫المدينهة‪ ،‬ورابطهت القوى على كهل مداخلهها مهن المحاور الخارجيهة‪ ،‬ووزعهت‬
‫قطاعات وأبواب المدي نة‪ :‬باب الجاب ية ل بي عبيدة بن الجراح‪ ،‬باب شر قي لخالد‬
‫ابن الوليد‪ ،‬باب الفراديس لعمرو بن العاص‪ ،‬الباب الصغير ليزيد بن أبي سفيان‪،‬‬
‫باب توما لشرحبيل بن حسنة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أعطهى القائد العام المهام لقادة القطاعات‪ ،‬ووزع القوى والوسهائط‪ ،‬وأمرههم‬
‫بتطبيق شروط الحصار وفنه الذي أسلفنا فيه التكلم‪ .‬ثم حدد لهم نقطة الزدلف‬
‫بعهد الفتهح‪ ،‬كمها وضعهت الحراسهات المتحركهة والثابتهة والمراقهبين والرصهاد‬
‫للعلم عن كل ظاهرة‪ ،‬أو تحرك مريب‪.‬‬
‫اشتهد الحصهار على المدينهة‪ ،‬وطال أمده‪ ،‬ونفهذ صهبر المدافعيهن‪ ،‬فأرسهلوا‬
‫يطلبون النجدة والستغاثة بهرقل ملك الروم‪ ،‬وعلى الفور شكل جيشا من الشمال‬
‫وأمره بمتابعة المسير باتجاه دمشق لنقاذها‪ .‬ووصلت معلومات عن هذا الزحف‬
‫الذي يبلغ اثني عشر ألفا مقبلين من الشمال‪ ،‬ومارين بحمص‪ .‬وعلى الفور أصدر‬
‫القائد العام أمرا إلى ضرار بهن الزور أن يتحرك فورا‪ ،‬ويرابهط على الطريهق‬
‫الشمالية في"بيت لهية" بالقرب من ثنية العقاب‪ ،‬وأن يتصدى لكل النجدات التي‬
‫تأتهي مهن هذا التجاه‪ ،‬وأن ينظهم الكمائن‪ ،‬ويهاجهم القوات المتقدمهة‪ ،‬ويوقهف‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/626 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،94 :‬ابــن واضــح تاريــخ اليعقوبــي‪ ،2/140 :‬ابــن أعثــم‬ ‫‪2‬‬

‫الفتوح‪.1/194 :‬‬
‫‪163‬‬
‫زحفهها‪ .‬واشتبهك ضرار مهع هذه القوة التهي تتفوق عليهه فهي العدة والعدد‪ ،‬ولم‬
‫يستطع أن يوقف تقدمها إل قليلً‪ ،‬وأسر ضرار‪ ،‬وكادت المعركة تنتهي بانتصار‬
‫الروم لول أن خالد بن الول يد القائد العام‪ -‬ل ما علم بنتائج ال صطدام‪ -‬ات خذ عدة‬
‫إجراءات منها التعديل في قوام القوة المحاصرة‪ ،‬ثم أسند قيادة القوات في المدينة‬
‫ل مع أربعة آلف خيال لنقاذ الموقف‪ .‬ومن الحركة‬ ‫إلى أبي عبيدة‪ ،‬واتجه شما ً‬
‫ل من ضرار الذي أ سر‪.‬‬ ‫د خل المعر كة بالتعاون مع را فع الذي ا ستلم القيادة بد ً‬
‫وفهي اليوم التالي أعاد تجميهع قواتهه وتنظيمهها التهي بلغهت حوالي عشرة آلف‬
‫هتطاع خالد أن يتغلب على أعدائه‪،‬‬ ‫هع قوة الروم‪ ،‬واسه‬ ‫هي تكافأت مه‬‫هل‪ ،‬الته‬
‫مقاته‬
‫فانسحبوا مذعورين وعادوا من حيث أتوا‪ ،‬وبقي عليه تخليص ضرار من السر‪،‬‬
‫فأرسهل رافهع فهي مجموعهة كمنوا أمام المنسهحبين فهي طريهق حمهص‪ ،‬فأتوا‬
‫بضرار‪ ،‬وعادت المجموعة وأخذت مهمتها ال تي كا نت من قبل‪ ،‬وعاد خالد لتوه‬
‫لمعاودة الحصار على دمشق‪.‬‬
‫ابتدأت مرحلة جديدة من الح صار‪ ،‬وخاب أ مل توماس الرو مي قائد مدي نة‬
‫دمشهق بوصهول النجدات‪ ،‬وبالمقابهل فإن معنويات الجيهش العربهي السهلمي‬
‫ارتفعت‪ ،‬بعد أن زفت لهم البشرى بالنتصار‪ ،‬وحاول توماس جاهدا للتخلص من‬
‫هذا الحصهار إمها بالهجوم‪ ،‬أو التأثيهر على قوات العرب المسهلمين؛ لكهن جميهع‬
‫محاول ته باءت بالف شل الذر يع بالر غم من حدوث خ سائر في قطاع باب تو ما‬
‫وبعض القطاعات الخرى( )‪ ..‬ولما وصل إلى هذا الحد مال إلى المصالحة‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الموقف بين الطرفين قبيل الهجوم على المدينة واقتحامها‪ :‬فالقوات العربية‬
‫تملك من و سائل عبور الخندق ال ِقرَ بَ( )ال تي ينفخ ها المقا تل ثم ي سبح ب ها لي صل‬
‫‪2‬‬

‫السهور كمها يملك الحبال( ) التهي تسهاعده على تسهلق السهور‪ .‬معنويات المقاتهل‬
‫‪3‬‬

‫العربي مرتفعة‪ ،‬وتصميمه على القتال كان ظاهرة مميزة( )‪ ،‬وإيمانه بالنصر كان‬
‫‪4‬‬

‫له حافزا على تخطهي جميهع العقبات والصهعاب‪ ،‬كمها أن القوات العربيهة كانهت‬
‫تجيد تطبيق فن الحصار على دمشق حيث قطعت المؤن‪ ،‬ورابطت في كل اتجاه‪،‬‬
‫ومنعهت النجدات‪ ،‬وقطعهت كهل أمهل للمدافعيهن إل أن يسهتسلموا؛ أمها القوات‬
‫الروم ية ف قد أ صابها النهيار من طول الح صار‪ ،‬وق طع المواد التموين ية‪ ،‬وش عر‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 96 :‬ومــا بعدهــا‪ ،‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربيــة الكــبرى‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.275‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 2/626 :‬وما بعدها‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.627 ،2/626 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.98 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪164‬‬
‫هن‬‫هم اليأس والملل مه‬ ‫هة‪ ،‬وبدا على قادتهه‬
‫هص بالحتياجات الماديه‬ ‫المدافعون بنقه‬
‫الح صار‪ ،‬وضع فت مقاومت هم عند ما شعروا بأن النجدة ال تي أر سل ب ها هر قل لم‬
‫ت ستطع الو صول إلى دم شق‪ .‬في هذا المو قف‪ ،‬و في هذا الو قت بالذات‪ ،‬شعرت‬
‫القيادة‪ ،‬العربيهة أنهه قهد حان الوان لمهاجمهة المدينهة‪ ،‬وشعهر خالد بالذات بهذا‬
‫الموقهف الملئم فأمهر بعبور الخندق المملوء بالمياه‪ ،‬فعهبرت هذه القوة مهن باب‬
‫شرقهي‪ ،‬ثهم أمهر باعتلء السهور بواسهطة الحبال والعتماد على الذات وعلى‬
‫الخوة المقاتلين‪ ،‬وتقدم البطال الشجعان مثل القعقاع ومذعور بن عدي وغيرهما‬
‫م من ا ستطاعوا أن يفتحوا باب شر قي‪ ،‬وأن يندفعوا ن حو و سط المدي نة( )‪ .‬ل كن‬
‫‪1‬‬

‫توماس أ سرع باتجاه باب الجاب ية ل كي ي ستقبل أ با عبيدة ويق بل شروط الت سليم‪،‬‬
‫ود خل أ بو عبيدة ب سلم‪ ،‬ود خل خالد بحرب‪ ،‬ودخلت القوات‪ ،‬وفت حت البواب‬
‫جميعها‪ ،‬وتم التفاق على بنود السلم‪ ،‬وعلى أن يُدفع عن كل رأس دينار واحد‪،‬‬
‫وعلى أن يخرج المقاتلون ومن معهم بكل ما يريدون من أمتعة( )‪ .‬لكن خالد بن‬
‫‪2‬‬

‫الوليد رأى أن تعاد هذه المواد فتبعهم بخيالته وأدركهم"بمرج الديباق"( ) واستطاع‬
‫‪3‬‬

‫النتصار عليهم‪ ،‬وإعادة الغنائم والسبايا ثم عاد إلى دمشق مقر قيادته( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.104 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪ 88 :‬وما بعدها‪.92 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مرج الديباق‪ .‬ويقال له أيضاً"مرج الديباج" وهــو واد يقــع بيــن الجبال‪ ،‬بينــه‬ ‫‪3‬‬

‫وبيـن المصـيصة عشرة أميال‪ .‬والمصـيصة قريـة مـن قرى دمشـق قريبـة مـن‬
‫بيت لهيه‪ .‬انظر الحموي‪ -‬معجم البلدان‪.144 ،5/101 :‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ 73 :‬وما بعدها‪ ،‬حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.90 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪165‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -1‬الحصار‬

‫‪155‬‬ ‫تصوير ص‬

‫‪166‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -2‬الفتح‬

‫‪156‬‬ ‫تصوير ص‬

‫‪167‬‬
‫مسير الجيوش والمعارك‬
‫التّصادميّة‬
‫بعههد أن أعلنههت التعبئة‪ ،‬وأعدت وأحضرت الجيوش‪ ،‬وجهزت بالعتدة‬
‫والسلحة‪ ،‬أمر القائد العام بإرسال الجيوش‪ ،‬وتحركها باتجاه الشام‪ ،‬بعد أن تلقى‬
‫كل جيش مهمته التي كلف بها‪.‬‬
‫ج يش يز يد بن أ بي سفيان‪ .‬تحرك أول ج يش من المدي نة بتار يخ الول‬
‫من صفر الموا فق الول من ني سان سنة ‪ 13/634‬باتجاه دم شق‪ .‬ف سلك المحور‪:‬‬
‫المدينة‪ ،‬وادي القرى‪ ،‬تبوك‪ ،‬الجابية‪ ،‬دمشق( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫إن هذا التحرك سهيكون محفوفا بالمخاطهر‪ ،‬وسهيلقي هذا الجيهش بعهض‬
‫الجيوب مهن الروم المبثوثهة هنها وهناك‪ ،‬والقوى المعاديهة التهي جمعهت نفسهها‬
‫وأسهرعت لتحول دون هذا التحرك أو التقدم‪ ،‬وسهينتبه الروم إلى خطورة العرب‬
‫الزاحفيهن مهن الجزيرة إلى بلد الشام‪ ،‬ولذا فإنههم سهيعدون العدة‪ ،‬ويجمعون‬
‫الجموع‪ ،‬ويحاولون جهدهم لمنع هذا الجيش من التوغل في أراضيهم‪ ،‬أو احتلل‬
‫جزء منها( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫كان على يزيهد إزاء هذه التوقعات والحتمالت أن يرسهل أمامهه دوريات‬
‫السهتطلع والطلئع‪ ،‬وأن يبهث العيون على طول الطريهق لكشهف قوة العدو‪،‬‬
‫وتحديد أماكن دفاعه الرئيسة والثانوية‪ ،‬ونوع أسلحته ومراكز إمداده( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ا ستنفرت القوات الروم ية ورف عت جاهزيت ها القتال ية عند ما عل مت بتحرك‬


‫العرب على هذا المحور‪ ،‬فاجتمع جيش مؤلف من ثمانية آلف فارس ومقسم إلى‬
‫خم سة ألو ية على رأس كل لواء أ حد البطار قة‪ ،‬وتوجهوا جميعا بقيادة البطار يق‬
‫شطر تبوك‪ ،‬جاعلين من أدلئهم وعيونهم العرب الذين كانوا يقيمون في المدينة‬
‫‪4‬‬
‫وعلى الطريق إلى دمشق( )‪.‬‬
‫تنبه قادة الجيش العربي إلى هذه التحركات المريبة‪ ،‬فأسرع جيش يزيد في‬
‫السهير لكهي يسهبق الجيهش الرومهي إلى تبوك‪ ،‬وليختار أمكنهة التمركهز‪ ،‬وبذلك‬

‫‪ ،1/4‬عبد الحميد‪ -‬معارك العرب الحاسمة‪.25 :‬‬ ‫الشام‪:‬‬ ‫فتوح‬ ‫الواقدي‪-‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪.1/4‬‬ ‫الشام‪:‬‬ ‫فتوح‬ ‫الواقدي‪-‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪.1/4‬‬ ‫الشام‪:‬‬ ‫فتوح‬ ‫الواقدي‪-‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1/4‬العسلي‪ -‬فن الحرب‪.97 ،96 :‬‬ ‫الشام‪:‬‬ ‫فتوح‬ ‫الواقدي‪-‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪168‬‬
‫يسهتطيع أن يحسهن أمكنهة القوات‪ ،‬وأن يسهتعد لملقاة العدو‪ ،‬فوصهل قبهل ثلثهة‬
‫أيام( )‪ ،‬وفتهح بتشكيلة القتال بقوة ألف مقاتهل أي بنسهبة ‪ 1‬إلى ‪ ،8‬وخطهب فهي‬ ‫‪1‬‬

‫المقاتل ين‪ ،‬وحرض هم على القتال‪ ،‬وقوى من معنويات هم‪ ،‬ك ما أر سل بالكمائن أمام‬
‫الجيش بقيادة ربيعة بن عامر( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫تلقهت الفئتان‪ ،‬واصهطف الجيشان‪ ،‬وبدأ القتال على أشده‪ ،‬لكهن يزيهد أمهر‬
‫الكميهن أن يجذب قسهما مهن القوات الروميهة‪ ،‬وأن يعميهه عهن التجاه الرئيسهي‪،‬‬
‫وبذلك أتاح لقوات القلب والمجنبتيهن أن تتحرك بسهرعة محدثهة خرقا كهبيرا فهي‬
‫صفوف الجيش الرومي‪ .‬حاول هذا الجيش أن يعيد تنظيمه لكنه لم يستطع بسبب‬
‫عدم تدر يب هذه القوات على القتال المشترك مع جم يع اللو ية الداخلة في قوام‬
‫هذا الجيش‪ ،‬واستطاع الجيش العربي استغلل هذه الناحية فانفرد بكل جزء على‬
‫حدة‪ ،‬وضاعت فرص التعاون بين ألوية الجيش الرومي؛ أما الجيش العربي فقد‬
‫كان يقاتل كتلة واحدة‪ ،‬وبشجاعة نادرة‪.‬‬
‫وانهارت قوى الجيش الرومي عندما قتل القائد العام لهذا الجيش‪ ،‬ولما علم‬
‫ل وأسرا‪.‬‬‫قادة اللوية بمقتله فروا هاربين طالبين النجاة‪ ،‬فتبعهم الجيش العربي قت ً‬
‫وقد بلغ مجموع القتلى ألفا ومائتين‪ ،‬ومن جيش زيد مائة وعشرين( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن اختلف الروايات فهي مسهير هذا الجيهش‪ ،‬واصهطدامه بعدد مهن جيوب‬
‫المقاومة الرومانية‪ ،‬تجعلنا نشعر بضرورة التحري عن الحقيقة‪ ،‬متبعين في ذلك‬
‫أسس وقواعد القتال التي كان يقاتل بها الجيش العربي‪ .‬إن الصحيح عندنا هو أن‬
‫هذا الجيش خرج من المدي نة‪ ،‬فاصطدم في طريقه بعدد من حاميات الروم ال تي‬
‫جمعت نفسها‪ ،‬فأرسل يزيد طليعة بقيادة أبي أمامة الباهلي‪ ،‬والتقت هذه الطليعة‬
‫به"عربة" و"دائن" بجيش من الروم يتفوق بالعدة والعدد‪ ،‬فقاتل أبو أمامة‪ ،‬وطلب‬
‫بنفس الوقت تعزيز قواته‪ ،‬فأمده يزيد بقوة تساوي القوة التي يقاتل بها أبو أمامة‬
‫وبقي يزيد في النساق الثانية يرقب الموقف‪ ،‬ويترصد سير القتال‪ ،‬حتى إذا تبين‬
‫فوز أبهي أمامهة على أعدائه‪ ،‬لم يشهأ يزيهد أن يُقحهم أو يزج القوات الباقيهة أو‬
‫النسق الثاني الذي كان محتفظا به‪ ،‬ولو رأى إن الروم كادوا ينتصرون لزج هذه‬
‫القوة التي كانت بيده‪ ،‬ولما تأخر لحظة واحدة‪.‬‬
‫وهكذا فإن يزيد استطاع أن يقضي على الجيوب المعادية في طريقه ويصل‬
‫إلى هدفه المحدد له من قبل القائد العلى‪.‬‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/5 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/5 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪169‬‬
‫ج يش شرحب يل بن ح سنة‪ .‬أراد الروم ب عد هذه المعر كة الت صادمية مع‬
‫يزيد أن يستدرجوا العرب حيلة ودها ًء وإغراءً؛ لكن العرب عرفوا واكتشفوا هذه‬
‫الطرق‪ ،‬وأعلنوها صريحة إما السيف‪ ،‬أو أداء الجزية أو السلم( )‪ .‬فلم يرضوا‬
‫‪1‬‬

‫بذلك واختاروا القتال‪ .‬تواصهلت المعركهة وشهد كهل جيهش ضهد الخهر‪ ،‬وأنقهذ‬
‫الموقف جيش شرحبيل الذي وصل لتوه إلى تبوك والذي أنفذه أبو بكر( )‪ .‬واحتدم‬
‫‪2‬‬

‫القتال‪ ،‬وهنها زج يزيهد النسهق الثانهي الحتياط الذي كان بيده‪ ،‬والتهف جيهش‬
‫شرحبيل حول مجنبة العدو‪ .‬فكان جيش يزيد يثبت العدو من المام‪ ،‬ويقوم جيش‬
‫شرحبيل باللتفاف حتى وصل مؤخرة الجيش الرومي وطوّقه حتى لم يفلت منهم‬
‫أحد‪ ،‬وتبعثرت قواته المتبقية والناجية من القتل‪ ،‬واستخدمت القوات العربية بعد‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫هذا النتصار المطاردة حتى قضي على أكثر القوات الرومية الثمانية آلف‪.‬‬
‫غ نم الج يش العر بي الموال الكثيرة‪ ،‬والعتدة وال سلحة‪ ،‬فأر سل بالموال‬
‫إلى المدينهة‪ ،‬وأبقهى العتدة والسهلحة( )‪ ،‬احتياطهي لسهتخدامها إذا لزم المهر‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫وأرسل مع الغنائم شداد بن أوس إلى القائد العلى أبي بكر( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وا صل ج يش شرحبيل تقدمه بعد هذه المعركة المشتركة مع ج يش يزيد‪،‬‬


‫وتوجه بأمر من أبي عبيدة إلى بصرى في أربعة آلف فارس( )‪ ,‬وبصرى بلد له‬
‫‪6‬‬

‫أهميتهه الدينيهة والتجاريهة عنهد الروم‪ ،‬ويحكمهه بطريهق له شهرتهه ومكانتهه‬


‫يدعهى"روماس"‪ .‬وجهه شرحبيهل إنذارا لهذا البطريهق‪ :‬السهلم أو الجزيهة‪ ،‬أو‬
‫السيف( )‪ .‬وبعد مشاورات ومفاوضات قرر هذا البطريق الدخول في الحرب في‬ ‫‪7‬‬

‫اثني عشر ألف فارس( )‪ .‬صف شرحبيل جيشه بتشكيلة القتال‪ ،‬وحرضه‪ ،‬وقوى‬
‫‪8‬‬

‫معنوياتهه‪ ،‬وذكره بالجهاد والجنهة( )‪ ،‬وكذلك فإن الجيهش الرومهي أخهذ مكانهه‬
‫‪9‬‬

‫بصفوف بعضها خلف بعض‪ ،‬وابتدأ القتال بين الجيشين في أول النهار‪ ،‬وأشرقت‬
‫الشمهس على الهاجرة‪ ،‬ول يزال القتال ضاريا ومسهتمرا‪ ،‬وكاد الجيهش الرومهي‬
‫يتغلب على الج يش العر بي‪ ،‬لول أن خالد ا بن الول يد الذي ن فذ بجي شه الذي خرج‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/5 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،115 :‬الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم ولملوك‪ ،2/589 :‬ابــن‬ ‫‪2‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/155 :‬‬


‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/6 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/6 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/6 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/14 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/15 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/15 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/15 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪170‬‬
‫به من العراق‪ ،‬ود خل المعر كة من الحر كة فثبّت جب هة القتال إلى آ خر اليوم‪،‬‬
‫وفي اليوم الثاني أعاد تنظيم الجيش وانتصر على الروم( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫جينش عمرو بنن العاص‪ .‬اسنتنفر المقاتلون مهن أههل مكهة والطائف‪،‬‬
‫وتدافعوا عهن حهب وطواعيهة‪ ،‬وأقبلوا للنضمام إلى الجيهش الذي سهيتجه إلى‬
‫الشام‪ .‬أ صدر القائد العلى أمرا بتعي ين عمرو بن العاص على هذا الج يش‪ ،‬ك ما‬
‫وجهه إليهه التوجيهات العملياتيهة التهي ركزت على التعاون مهع أبهي عهبيدة بهن‬
‫الجراح( )‪ ،‬وعلى كث ير من المور ال سياسية والع سكرية والدار ية والن سانية( )‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫تحرك قائد هذا الج يش‪ -‬ب عد أن تل قى المه مة وتفهم ها‪ -‬على محور‪ :‬إيل يا متجها‬
‫إلى أرض فل سطين‪ .‬و قد ن ظم قوا ته ح سب قوا عد الم سير‪ ،‬ح يث أر سل الطلئع‬
‫أما مه‪ ،‬والحرا سات الجانب ية والمام ية‪ ،‬و في الخلف ال ساقة والشؤون الدار ية‪،‬‬
‫وسار بحيطة وحذر في تسعة آلف مقاتل ( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫علم الروم بتحرك هذا الج يش‪ ،‬فحشدوا جيوش هم‪ ،‬وأ مر هر قل القائد العلى‬
‫أن تكون هذه الجيوش مسهتعدة لملقاة الجيهش العربهي الذي وصهل إلى أرض‬
‫فلسهطين‪ .‬وعيهن"روبيهس" قائدا عاما للجيوش الروميهة التهي بلغهت مائة ألف‬
‫فارس( )‪ .‬وأرسل الطلئع والعيون لستطلع الخبار‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫علم عمرو بهن العاص بواسهطة اسهتخباراته تحرك الروم نحوه‪ ،‬فعقهد على‬
‫الفور مجلس الحرب الذي خرج بمقررات منهها‪ :‬المجابههة والقتال ضهد الروم‬
‫على كثرتهم‪ ،‬وأن ل تهاون ول تخاذل ول تراجع أما مهم‪ ،‬ون ظم جي شه ا ستنادا‬
‫لمه مة القتال المقبلة‪ ،‬وأر سل طلي عة قوام ها ألف فارس بقيادة ع بد ال بن عمرو‬
‫بن الخطاب‪ .‬وب عد م سيرة يوم ا صطدمت بطلي عة الج يش الرومهي التهي كانهت‬
‫مؤل فة من عشرة آلف فارس( )‪ .‬ن شر ع بد ال ا بن ع مر فر سانه بتشكيلة القتال‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫وأمرههم بالهجوم مهن الحركهة‪ ،‬دون أن يترك لعدوه فرصهة السهتعداد‪ ،‬أو فتهح‬
‫القوات إلى وحدات قتالية‪ ،‬ثم هاجمها بمجموعات قتالية من المجنبات‪ ،‬واستخدم‬
‫الر مح وال سيف والقتال القر يب‪ ،‬وقاد بنف سه مجمو عة باتجاه قائد طلي عة الج يش‬
‫الرومي‪ ،‬فوصل إليه‪ ،‬وأهوى عليه السيف فقتله‪ ،‬وبقتله ضعفت معنويات الجيش‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.16-1/15 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/7 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.49 ،48 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/7،8 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق الكـبير‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.1/130‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/7،8 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/9 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/9 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪171‬‬
‫الرو مي‪ ،‬وانهارت قواه‪ ،‬وداخله الر عب‪ ،‬فهرب من هرب‪ ،‬وق تل العد يد‪ ،‬وأ سر‬
‫سهتمائة قتلوا بعهد ذلك حيهن رفضوا الدخول فهي السهلم‪ ،‬وجمعهت الغنائم مهن‬
‫الخيل والعتدة والسلحة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫إن هذا النجاح الذي أحرزه عبهد ال بطليعتهه أتاح للقوة الرئيسهة للجيهش‬
‫العربي بقيادة عمرو بن العاص أن يعد العدة‪ ،‬وأن يتهيأ للقتال‪ ،‬وأن ينشر قواته‪،‬‬
‫ويفتح وحداته القتالية‪ ،‬ويعين القادة والجنحة والكتائب والسرايا والمؤخرة‪ .‬فكان‬
‫على الميمنهة الضحاك‪ ،‬وعلى الميسهرة سهعيد بهن خالد‪ ،‬وعلى القلب عمرو بهن‬
‫العاص‪ ،‬وعلى ال ساقة أ بو الدرداء( )؛ أ ما الج يش الرو مي ف قد كان في مائة ألف‬
‫‪2‬‬

‫مقسهما إلى عشهر فرق‪ ،‬فهي كهل فرقهة عشرة آلف فارس( )‪ .‬ومهن الحركهة قام‬
‫‪3‬‬

‫الج يش العر بي بالهجوم ال سريع‪ ،‬وتقد مت المي سرة بقيادة سعيد بن خالد ب سرعة‬
‫كهبيرة نحهو مجنبهة الجيهش الرومهي حيهث اسهتطاعت أن تخرق تلك الصهفوف‬
‫المتعددة‪ ،‬ا ستطاع الج يش الرو مي أن ي سد على سعيد طر يق العودة‪ ،‬وأن يق تل‬
‫قائد الميسرة مع عدد من رجاله؛ إل أن القلب في هذه اللحظة ضغط وتقدم باتجاه‬
‫ال صفوف؛ ك ما أن الميم نة بقيادة الضحاك ا ستطاعت أن تخرق جزءا ب سيطا من‬
‫القوات الروميهة‪ ،‬وأبطهأ الجيهش العربهي فهي تقدمهه لوجود المقاومات العديدة‪،‬‬
‫ولصمود القوات الرومية‪ .‬وفي آخر النهار ضعفت مقاومة الجيش الرومي‪ ،‬وبقي‬
‫الجيهش العربهي ضاغطا‪ ،‬حتهى انهزم الجيهش الرومهي‪ ،‬وفهر هاربا مهن أرض‬
‫المعركة في التجاهات المختلفة‪ .‬وقد قتل في هذه المعركة التصادمية من الروم‬
‫أكثهر مهن خمسهة عشهر ألف فارس‪ ،‬وقتهل مهن العرب مائة وثلثون( )‪ .‬ويرجهع‬
‫‪4‬‬

‫انتصار العرب على الروم إلى المعنويات العالية‪ ،‬وإلى الخفة والسرعة في ميدان‬
‫المعركة‪ ،‬وإلى الوسائط القتالية التي كانت فيها خيل الجيش العربي أسرع وأقوى‬
‫على التحمل من خيل الجيش الرومي( )‪ ،‬وفي اليمان والعقيدة التي ظهرت حين‬
‫‪5‬‬

‫بدء القتال بصهيحات"ال أكهبر"‪ ،‬وفهي التصهميم على النصهر( )‪ .‬وبعهد النتصهار‬
‫‪6‬‬

‫اجتمع المقاتلون فأقاموا الصلة‪ ،‬وجمعوا الغنائم فخمسوها( )‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫أعاد عمرو بن العاص تنظيم جيشه بعد هذه المعركة‪ ،‬وأرسل يستطلع خبر‬
‫الروم‪ ،‬وفهي نيتهه أن يتحرك لكمال فتهح فلسهطين‪ ،‬فتطوع للسهتطلع خالد بهن‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/10 :‬العسلي‪ -‬فن الحرب‪.98 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/10 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/10 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/11 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/11 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫حداد‪ -‬فتح العرب للشام‪.68 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/11 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫‪172‬‬
‫سعيد والد سعيد الذي قتل في هذه المعركة ليثأر لبنه‪ ،‬فقاد مجموعة من ثلثمائة‬
‫فارس( )‪ ،‬وتحرك بعيدا عن تمركز الجيش‪ ،‬فاصطدم بقوم من النباط فقتل منهم‬ ‫‪1‬‬

‫ثلثيهن وأسهر أربعهة( )‪ ،‬فدلوه على أماكهن تمركهز الروم‪ ،‬وعلى المسهتودعات‬
‫‪2‬‬

‫المملوءة بالحتياجات الماديهة‪ ،‬فلمها وصهل تلك المنطقهة درس أرضهها وعدد‬
‫الحرس الذيهن كانوا يقومون بحراسهة الوسهائط الماديهة وههم سهتمائة‪ .‬فباغتههم‪،‬‬
‫وق صد رئي سهم فقتله وا ستولى على الغنائم‪ ،‬وعاد ب ها إلى م قر قيادة الج يش إلى‬
‫عمرو بن العاص‪ ،‬فقدم له تقريرا عن مهم ته‪ ،‬و سلمه الغنائم‪ ،‬وأعل مه أن الروم‬
‫تحشدوا بأجنادين( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ج يش أبني عبيدة الجراح‪ .‬بعهد يوم واحهد مهن مسهير جيهش عمرو ابهن‬
‫العاص‪ ،‬أمهر القائد العلى هذا القائد أن يتحرك على محور الجابيهة باتجاه الشام‬
‫إلى ح مص( )‪ ،‬وأعطاه ن فس التوجيهات ال تي أعطا ها لعمرو بن العاص( )‪ .‬وكان‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫عدد جيشه سبعة آلف وخمسمائة( )‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫سهار أبهو عهبيدة كمها سهار غيره مهن الجيوش التهي سهبقته‪ ،‬وبنفهس شروط‬
‫المسير‪ ،‬مع أخذ الحيطة والحذر‪ ،‬ولم يلق أثناء تحركه مقاومة تذكر؛ لكنه توقف‬
‫على مشارف للشام لوصهول معلومات مؤكدة أن العدو حشهد قوات كهبيرة فهي‬
‫أجنادين‪ ،‬وإن هرقل أرسل بجيوشه للتصدي للقوات العربية( )‪ .‬إن أبا عبيدة كان‬
‫‪7‬‬

‫يحرص كل الحرص على جنوده‪ ،‬فل يزجهم في مواقف صعبة‪،‬وإنه ليحزنه أن‬
‫يرى جنوده يقتلون دون مهبرر‪ ..‬ولقهد أشار خالد بهن الوليهد إلى بعهض هذه‬
‫ال صفات ح ين قال‪" :‬أ ما أ بو عبيدة فإ نه ر جل خالص الن ية‪ ،‬ول يس عنده غائلة‬
‫الحرب‪ ،‬ول يعلم بمواقعها( )"‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫ل ما علم أ بو ب كر تو قف أ بي عبيدة‪ ،‬أراد أن يد عم المو قف‪ ،‬ويض في عل يه‬


‫الحيوية والنشاط‪ ،‬فعين خالد بن الوليد ليكون القائد العام للجبهة الشامية( )‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/12 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/12 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/8 :‬ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪ ،2/155 :‬عبــد‬ ‫‪4‬‬

‫الحميد‪ -‬مارك العرب الحاسمة‪.26 :‬‬


‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/8 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،116 :‬البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪.5/166 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،3/590 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.2/155‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/15 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/13 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪173‬‬
‫ج يش خالد بن الول يد‪ .‬ب عد أن أر سل أ بو ب كر الجيوش الرب عة إلى بلد‬
‫الشام‪ ،‬عاد فأرسههههل خالدا إلى العراق‪ ،‬وإلى بلد فارس‪ .‬وكالعادة فإن القائد‬
‫العلى حدد لخالد المهمهة والهدف‪ ،‬وأصهدر إليهه التوجيهات‪ ،‬وحدد له القوى‬
‫والوسائط(جيش الزحف ومقاتلي لخم وجذام)( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫نج حت الجب هة العراق ية‪ ،‬وتوق فت جيوش الجب هة الشام ية لوجود عدو قوي‪.‬‬
‫وكان أبو بكر يهمه كاستراتيجي أن تنجح جبهة الشام كما نجحت جبهة العراق‪،‬‬
‫وعلى اعتبار أن خالد بن الول يد قد ن جح في قياد ته‪ ،‬فأراد القائد العلى أن يكل فه‬
‫بهذه المهمة‪ ،‬فأصدر إليه أمرا أن يتحرك من بلد فارس إلى بلد الروم"‪ ..‬وإني‬
‫قد وليتك على جيوش المسلمين‪ ،‬وأمرتك بقتال الروم‪.) ("..‬‬
‫‪2‬‬

‫تحرك خالد مهن أرض العراق متبعا الطريهق القصهيرة التهي تسههل له‬
‫الوصهول بسهرعة إلى بلد الشام‪ ،‬لتعزيهز هذه الجبههة‪ ،‬وقبهل أن يكتمهل تجمهع‬
‫العدو‪ ،‬ويتأ هب للقتال‪ .‬انطلق خالد بجي شه في رب يع الثا ني في حزيران ‪،13/634‬‬
‫فسهلك المحور الشمالي المحفوف بالمخاطهر( ) بجيهش بلغ تسهعة آلف مقاتهل أو‬
‫‪3‬‬

‫أكثر( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫لقهى خالد وههو فهي طريقهه إلى الشام كثيرا مهن المقاومات الروميهة أو‬
‫العرب ية غ ير الموال ية‪ ،‬وكا نت أول مقاو مة ا صطدم ب ها عند ما و صل إلى" سوى"‬
‫فقضى عليها( )‪ ،‬وواصل تقدمه فمر به"أرك" فصالح أهلها على دفع الجزية وسلم‬
‫‪5‬‬

‫قائد هذه الحامية الرومي كل ما يريده الجيش العربي( )‪ ،‬وكذلك في"تدمر" ح يث‬
‫‪6‬‬

‫صالح أهلها كما صالح أهل"أرك"‪ ،‬وفي"القريتين" قام أهلها ووقفوا في وجه هذا‬
‫الج يش المتقدم‪ ،‬لكن هم هُزموا‪ ،‬وخَضعوا( )‪ ،‬و في مرج"را هط" ا صطدمت قوات‬
‫‪7‬‬

‫الم سلمين بالغ ساسنة الذ ين أبدوا مقاو مة فق ضى علي هم‪ ،‬وأر سل خالد سرية إلى‬
‫الغو طة الشرق ية فأغارت على ب عض النقاط المعاد ية( )‪ ،‬وا ستولت علي ها‪ .‬وكان‬
‫‪8‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/8 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/13 :‬الزذي‪ -‬فتوح الشام‪ ،68 :‬ابــن أعثــم‪ -‬الفتوح‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،135 ،1/133‬كمال‪ -‬الطريق إلى دمشق‪.239 :‬‬


‫() الشيبانـي‪ -‬شرح السـبر الكـبير‪ ،1/48:‬ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/396 :‬الطـبري‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫تاريخ المم والملوك‪ ،2/603 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب تاريخ دمشق الكبير‪،1/138 :‬‬
‫أكرم‪ -‬سيف الله‪.337 ،336 :‬‬
‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/407 :‬ابن الطقطقي‪ -‬الفخري في الداب‬ ‫‪4‬‬

‫السلطانية والدول السلمية‪.65 :‬‬


‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/409 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/409 :‬كمال ‪ -‬الطريق إلى دمشق‪.244 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/409 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪ ،2/409 :‬ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب تاريـخ دمشـق‬ ‫‪8‬‬

‫الكبير‪.1/135 :‬‬
‫‪174‬‬
‫قائد الج يش في تحر كه ير سل الطلئع والدوريات وال سرايا والعيون( ) ك ما كان‬
‫‪1‬‬

‫ي ستفيد من الم صادر المحل ية المتوفرة كالماش ية والمياه والغنائم الم ستولى عليها‪،‬‬
‫وكان ل يذر أية مقاومة صغيرة كانت أم كبيرة إل قضى عليها‪ ،‬وذلك كله لتأمين‬
‫تحرك الجيش‪.‬‬
‫و صلت طلئع هذا الج يش إلى ب صرى‪ ،‬واشتر كت فورا بالقتال مع ج يش‬
‫شرحب يل بن ح سنة الذي كان مشتبكا مع الروم‪ ،‬وكذلك اشتر كت القوة الرئي سة‬
‫عنهد وصهولها وفتحهت تشكيلتهها بوحدات قتاليهة‪ ،‬ومضهى اليوم دون أن تظههر‬
‫النتائج( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫في اليوم التالي عاود القتال‪ ،‬ونظم خالد جيشه فجعل على الميمنة رافع بن‬
‫عمير الطائي‪ ،‬وعلى الميسرة ضرار بن الزور‪ ،‬وفي القلب خالد بن الوليد القائد‬
‫العام‪ ،‬و في ال ساقة ع بد الرح من بن أ بي ب كر‪ ،‬وق سم ج يش الز حف إلى ق سمين‪،‬‬
‫وجعل على كل قسم قائدا قادرا على الحركة بسرعة( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن ح جم القوى والو سائط في كل الجيش ين أ صبحت متقار بة‪ ،‬ف في الج يش‬
‫العربي تسعة آلف‪ ،‬مضافا إليها أربعة آلف أما الجيش الرومي فكان اثني عشر‬
‫ألف فارس( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫بدأت المعركهة بالمبارزة إذ خرج مهن الجيهش الرومهي"الديهر جان" قائد‬


‫الجيش‪ ،‬وخرج من الجيش العربي خالد ابن الوليد قائد الجيش‪ ،‬لكن عبد الرحمن‬
‫بهن أبهي بكهر اسهتأذن مهن خالد ليبارزه فخرج‪ ،‬وطالت المبارزة‪ ،‬حتهى إذا‬
‫تضايق"الديرجان" فر هاربا‪ .‬وهنا أمر خالد بالهجوم العام لستغلل هذه الفرصة‬
‫التهي انهزم فيهها قائد الجيهش الرومهي‪ ،‬وتراجهع الجيهش الرومهي‪ ،‬وأزيهح عهن‬
‫مواقعهه‪ ،‬وانسهحب ودخهل المدينهة وتحصهن ب ها‪ ،‬وحو صرت ب صرى مهن ق بل‬
‫الجيوش مجتمعة‪ ،‬وفرض عليها الحصار الكامل( )‪ .‬وبمساعدة العملء من جيش‬
‫‪5‬‬

‫الروم علم خالد مقر القيادة والتحشدات‪ ،‬فشكل مجموعة فدائية بقيادة عبد الرحمن‬
‫بهن أبهي بكهر قصهدت قائد الروم‪ ،‬واسهتطاعت أن تصهل إلى مقره وتقتله( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫وأ سلم"روماس" الروما ني‪ ،‬ود خل في د ين ال ب عد أن أ سهم بانت صار الم سلمين‪،‬‬

‫الشيباني‪ -‬شرح السير الكبير‪.1/49 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.155 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.81 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/15 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/16 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.82 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/17 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪175‬‬
‫وبخاصهة عندمها د ّل خالد بهن الوليهد على عورات الجيهش الرومهي‪ ،‬وعلى مقهر‬
‫قيادته‪ ،‬وأعطى الكثير من المعلومات التي ساعدت في فتح المدينة‪ ،‬والنتصار‬
‫على الجيش الرومي( )‪ .‬وفتحت بصرى‪ ،‬ودفع أهلها الجزية( )‪ .‬ثم أعلم خالد أبا‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫بكر وأبا عبيدة بهذا الفتح والنتصار( )‪ ،‬ثم انضم أبو عبيدة إلى خالد( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫كانهت حروب الشام حتهى الن تمهيدا لفتوحات أكهبر‪ ،‬ولم تقهع معركهة‬
‫حاسمة‪ ،‬وقد استفاد الجيش العربي الخبرة في القتال‪ ،‬والخصائص التي يتميز بها‬
‫الروم عن الفرس و عن غير هم‪ ،‬ك ما ا ستطاع أن يغ نم غنائم كثيرة ساعدته في ما‬
‫بعد على إكمال احتياجاته ووسائطه المادية‪ ،‬وأضيف لهذا الجيش أعداد كبيرة من‬
‫الذين تطوعوا من الراضي التي دخلت تحت الحكم العربي‪.‬‬
‫لم ي كن الروم يتوقعون نجاح الج يش العر بي بهذه المعارك‪ ،‬وإن ما كان في‬
‫ت صورهم أن هذا الج يش ل يملك العدة والعدد لمقاتلة الج يش الرو مي‪ ،‬ولذا كان‬
‫الهتمام بالتحضيهر لحرب العرب ل يأخهذ تلك الهميهة‪ ،‬ولمها أحهس قادة الروم‬
‫بالخ طر‪ ،‬كان الج يش العر بي‪ ،‬قد د خل معارك متعددة ون جح في ها‪ ،‬ول ما اجت مع‬
‫الجيش الرومي في اليرموك‪ ،‬ورأوا أن الفرصة سانحة للقضاء على هذا الجيش‪،‬‬
‫لم يستطيعوا وباؤوا بالفشل الذريع وخسروا المعركة وانهزموا شر هزيمة‪ ،‬وآن‬
‫للعرب آنئذ أن ينطلقوا نحو الفتوحات الكبرى في زمن عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههه‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/17 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـن خياط‪ -‬تاريـخ ابـن خياط‪ ،119 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،155 :‬البلخـي‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫البدء والتاريخ‪ ،5/166 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب تاريخ دمشق الكبير‪.1/139 :‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ 1/17 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪.5/166 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪176‬‬
‫الفصل السادس‬
‫الّريادة والقيادة‬
‫كان أ بو ب كر أول رائد دخهل السهلم‪ ،‬وأول مهن صهلى(‪ .)1‬ف هو فهي القتال‬
‫قدوة‪ ،‬وفي بذل النفس‪ ،‬وفي النفاق‪ ،‬وفي الطاعة والصدق‪ ،‬وفعل الخير(‪ .)2‬فقد‬
‫قال عمر بن الخطاب‪" :‬أمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن نتصدق‪ ،‬ووافق‬
‫ل عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته قال فجئت بنصف مالي‪ .‬فقال‪:‬‬ ‫ذلك ما ً‬
‫ما أبقيت لهلك قلت‪ :‬مثله‪ .‬وجاء أبو بكر بكل ما عنده فقال‪ :‬يا أبا بكر ما أبقيت‬
‫لهلك‪ .‬قال‪ :‬أبقيت لهم ال ورسوله‪ .‬قلت‪ :‬ل أسبقه إلى شيء أبدا‪ )3(".‬فإذا قام في‬
‫ل وفعلً(‪ ،)4‬فانفرد بكثير من المواقف منها قتال المرتدين‪،‬‬ ‫الناس قام في أولهم قو ً‬
‫(‪)5‬‬
‫وخرج من هذا الموقف رائدا معلنا الجهاد على مانعي الزكاة ‪ .‬واعترف له علي‬
‫بن أبي طالب بهذه الريادة‪ ،‬وهذا السبق(‪.)6‬‬

‫الماضي المشرق‬
‫ينسب أبو بكر إلى قريش من بني تيم(‪ .)7‬وقريش معروفة في ماضيها بين‬
‫() ابـــن ســـعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/171 :‬ابـــن عبـــد البر‪ ،‬الســـتيعاب فـــي معرفـــة‬ ‫‪1‬‬

‫الصحاب‪ .965 ،3/964 :‬السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.24 ،23 :‬‬


‫() ابن الثير أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.3/219 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.3/218 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصـائص العشرة الكرام البررة‪ ،26 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة‬ ‫‪4‬‬

‫فــــــــــــــــــــــــــي معرفــــــــــــــــــــــــــة الصــــــــــــــــــــــــــحابة‪:‬‬


‫‪.59 /4‬‬
‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.4/68 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/13 :‬ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ ،32 ،31‬ابن الثير‪ .‬أسد الغابة في مععرفة الصحابة‪.4/68 :‬‬


‫() الزبيري‪ -‬نسـب قريـش‪ ،275 :‬يلتقـي أبـو بكـر مـع الرسـول صـلى الله عليـه‬ ‫‪7‬‬

‫وسلم في مرة بن كعب‪ :‬انظر النووي تهذيب السماء واللغات‪.2/181 :‬‬


‫‪177‬‬
‫القبائل وههي مهن أشهرهها نسهبا‪ ،‬وأكرمهها فضلً‪ .‬فهي غمرة الوثنيهة‪ ،‬وازدحام‬
‫العقائد ال صّنَميّة‪ ،‬وقف أبو بكر رائدا يبحث عن الحقيقة‪ ،‬ويفتش عنها‪ ،‬ويصيخ‬
‫بأذن يه إلى صوت ال حق إلى صوت أولئك الذ ين نادوا إلى الوحدان ية ودعوا إلى‬
‫اتباع العقل‪ ،‬والبعد عن الهوى أمثال قس بن ساعدة‪ ،‬وورقة بن نوفل‪ .‬يريد أن‬
‫يطمئن إلى ملذ‪ ،‬وي سكن إلى ر كن‪ ،‬ويقتدي بر جل يدله على ال(‪ .)1‬لم يتردد في‬
‫الدخول إلى اليمان بال وبرسهوله حيهث كان مهيًأ مهن قبهل‪ ،‬مألوفا ومؤتلفا(‪.)2‬‬
‫وكان من حا مل الديانات(‪ .)3‬و من و سط قو مه‪ ،‬محبوبا عند هم‪ ،‬صادقا في هم(‪.)4‬‬
‫وكان ذا جاه في قومه ومن سادات قريش‪ ،‬ومن أهل الرأي والمشورة‪ ،‬فقد عف‬
‫عهن شرب الخمهر لنهه كان يعتهبره إسهاءة إلى العرض‪ ،‬وبعيدا عهن حفهظ‬
‫المروءة(‪ .)5‬يقدره قو مه‪ ،‬ويحترمو نه ويهابو نه‪ .‬يطلب إلي هم فل يترددون‪ ،‬ويتكلم‬
‫فيهم فيسمعون‪ ،‬ويقسم بينهم فيرضون‪ ،‬ويحل الخلف والشجار فيسلّمون‪ ،‬حقا إنه‬
‫صاحب الجاه الكبير والمنزلة الكبيرة في قومه(‪.)6‬‬
‫وكان من أ ثر هذا الما ضي أن أ با ب كر تب عه كث ير من الرجال‪ ،‬وكانوا من‬
‫وجهاء قر يش و صناديدهم(‪ ،)7‬هو الذي ل بى دعو ته الم سلمية أك ثر الناس‪ .‬وهذه‬
‫ابنته أسماء تقول‪ .." :‬لقد رجع إلينا يوم أسلم فدعانا إلى السلم فما رمنا حتى‬
‫أسلمنا وأسلم أكثر جلسائه‪.)8(".‬‬
‫إنهه الرجهل الذي يقدره الرجال‪ ،‬وههو المعطاء الذي أعطهى الناس‪ ،‬وههو‬
‫المحسن الذي كثرت أياديه(‪ .)9‬ففي المحنة يعرف صاحب الماضي العريق وفي‬
‫اللحظة الحرجة يرد الجميل في وقته؛ هكذا أقبل بديل بن ورقاء الخزاعي وعروة‬
‫ابن مسعود للتفاوض في غزوة الحديبية فأسمعهما أبو بكر وأغلظ لهما بالكلم‪.‬‬

‫() العقاد‪ -‬عبقريــة الصــديق‪ 109 :‬ومــا بعدهــا‪ ،‬خالد‪ -‬خلفاء الرســول‪،37 ،26 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .46‬وما بعدها‪.‬‬
‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،5/77 :‬خالد‪ -‬خلفاء الرسول‪ 64 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الجاحظ‪ 0‬العثمانية‪.25 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.3/206 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.22 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الجاحــظ‪ -‬العثمانيــة‪ ،25 :‬المسـعودي‪ -‬مروج الذهــب‪ ،1/413 :‬وجدي‪ -‬دائرة‬ ‫‪6‬‬

‫معارف القرن العشرين‪.2/300 :‬‬


‫() الجاححظ‪ -‬العثمانية‪ ،31 :‬ابن هشام‪ -‬السيرة النبوية‪ 1/250 :‬وما بعدها‪ ،‬ابن‬ ‫‪7‬‬

‫عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/966 :‬‬


‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.31 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابن هشام‪ -‬السيرة النبوية‪.1/250 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪178‬‬
‫(‪)10‬‬
‫فلم يردا عليه تقديرا لماضيه فقال‪" :‬أما وال لول يد لك عندي لجبتك‪"..‬‬

‫العلم والثقافة‬
‫كان أبهو بكهر عالما مثقفا‪ ،‬فههو النسهابة‪ ،‬والعالم بالصهلة وأركان السهلم‪،‬‬
‫والمتع مق بالفت يا‪ ،‬وبعلوم القرآن‪ .‬وكان الصهحابة يشهدون بعلم أبهي بكهر وسهعة‬
‫اطل عه‪ ،‬فل ين كر عل يه أ حد‪ ،‬وكانوا يقولون‪" :‬وكان أ بو ب كر أعلم نا"(‪ ،)2‬وكذلك‬
‫كان عليما وخبيرا بالعلوم العسكرية‪.‬‬
‫ل لكهل‬‫كان متبحرا فهي علم النسهب‪ ،‬فإنهه كان مرجعا لكهل سهائل‪ ،‬وموئ ً‬
‫م ستزيد‪ ،‬فإ نه إن ن سب لم يخ طئ‪ ،‬وإن عدّد بيّن وف صّل في ال صول والفروع‪،‬‬
‫وبخاصهة فهي نسهب قريهش(‪ ،)3‬حتهى إن رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم كان‬
‫يو صي بالرجوع إل يه في هذا العلم‪ ،‬ول ما أراد ح سان بن ثا بت أن يهج َو قريشا‪،‬‬
‫واستأذن الرسول في ذلك قال له‪" :‬ل تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها‪ ،‬وإن‬
‫لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي" فأتاه حسان ثم رجع فقال‪" :‬يا رسول ال قد‬
‫لخص لي نسبك والذي بعثك بالحق لسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين‪.‬‬
‫فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪" :‬إن روح القدس ل يزال يؤيدك ماناف حت‬
‫عن ال ورسوله‪ )4(".‬وهذا العلم ساعد أبا بكر فيما بعد أثناء حروب الردة والفتوح‬
‫أن يختار القادة الكفاء مهن قريهش‪ ،‬كمها أنهه اسهتطاع بهذا أن يفرز القوم فرزا‬
‫علميا صهحيحا‪ ،‬وأن يجعهل مهن الجيهش وحدة متوافقهة بالفكار والهداف‪ ،‬وأن‬
‫يشكل وير سل بالجيوش إلى كل ناح ية وإلى كل اتجاه‪ ،‬بعد تزويدها بالتوجيهات‬
‫التي تتطلبها المهمة استنادا إلى معرفته بعدوه وصديقه معرفة تامة‪ ،‬وخاصة في‬
‫نفسياتهم وعاداتهم وتقاليدهم‪.‬‬
‫أبو بكر العالم بأركان السلم‪ ،‬فهو الذي أسندت إليه مهمة المامة‪ ،‬وقد أ ّم‬
‫الم سلمين في حياة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم(‪ )5‬بال صلة عدة مرات‪ ،‬وهذا‬
‫دليهل ل شهك فيهه أن أبها بكهر ههو أعلم الصهحابة بالصهلة‪ ،‬وكذلك كان أعلمههم‬
‫() ابــن شهاب الزهري‪ ..‬المغازي البنويــة‪ ،53 :‬الجاحــظ‪ -‬العثمانيــة‪،65 ،64 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/275 :‬‬


‫() البخاري‪ -‬باب الصلة‪ ،8 :‬باب فضائل الصحابة‪ ،3 :‬باب مناقب النصار‪،45 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حنبل‪ -‬المسند‪.3/18 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/60 :‬العقاد‪ -‬عبقرية الصديق‪.188 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مســــــلم‪ -‬باب الفضائل‪ ،157 :‬أبــــــو داود‪ -‬باب الدب‪ ،87 :‬النجاري‪ -‬باب‬ ‫‪4‬‬

‫المغازي‪ ،34 :‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.401 ،3/400 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،215 :‬ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪.1/3 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪179‬‬
‫بالزكاة‪ ،‬فقد اختلفوا جميعا بشأنها‪ ،‬أما هو فقد استمسك بعروتها الصحيحة‪ ،‬وثبت‬
‫صحة رأ يه في الزكاة و ما نعي ها‪ ،‬وت صدى وحده ل كل الذ ين فرقوا ب ين ال صلة‬
‫والزكاة(‪ .)1‬وكذلك فإنه قد حج بالناس في حياة الرسول صلى ال عليه وسلم قبل‬
‫ح جة الوداع‪ ،‬فوعظ الم سلمين وعلمهم أمور حجهم(‪ .)2‬وفي هذا دليل أيضا على‬
‫أنه أعلم الناس بأمور الحج‪.‬‬
‫وكان يفتهي الناس فهي زمهن رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وكان أعلم‬
‫ال صحابة بالم سألة ال تي تحتاج إلى ع مق في التفك ير‪ ،‬وأ صالة في الرأي‪ ،‬وف هم‬
‫مح يط بالموضوع المطروح‪ ،‬ف قد أو كل إل يه الر سول صلى ال عل يه و سلم في‬
‫حياته أمور القضاء والفتيا بين الناس؛ فهذه المرأة التي جاءت إلى الرسول صلى‬
‫ال ثم أر جأ ل ها‪ ،‬ثم يتا بع‪ ،‬فت ساءلت‪ :‬إن لم أجدك فقال ل ها ر سول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪" :‬إن لم تجدي ني فأ تي أ با ب كر‪ )3(".‬وكذلك العرا بي الذي أجله أيضا‬
‫(‪)4‬‬
‫فقال‪ :‬إن جئت فلم أجدك قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يقضيك أبو بكر‬
‫ل أقرؤ هم‪ ،‬وبال سنة‪ .‬ف هو يحفظ ها ويعي ها‬
‫"‪ .‬وكان عليما بالقرآن فل يؤم ال مة إ ّ‬
‫وي ستحضرها‪ ،‬ويل فت النظر إليها‪ ،‬فيذكر النا سي‪ ،‬ويبلغ الذي ي سمع‪ ،‬ف قد اختلف‬
‫المهاجرون والنصار وبنو هاشم في مكان دفن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف من قائل يقول‪ :‬في البق يع‪ ،‬وآ خر يقول‪ :‬في م صله‪ ،‬وآخرون يقولون‪ :‬بجا نب‬
‫المنههبر؛ ولكههن أبهها بكههر قال لهههم جميعا‪ :‬سههمعت رسههول ال‬
‫ي قط إل د فن ح يث يق بض"(‪ )5‬ويكف يه‬ ‫صلى ال عل يه و سلم يقول‪ " :‬ما مات نب ّ‬
‫فخرا أنه أمر بجمع القرآن وحفظه(‪ ،)6‬وذلك عندما شعر أن حامليه سيتعرضون‬
‫لمهالك الحروب والسهفار‪ ،‬وكذلك فإن معركهة اليمامهة غيبهت كثيرا ممهن كانوا‬
‫يحفظون القرآن في صدورهم‪ ،‬وهكذا فقط حفظ هذا المصحف عند أبي بكر‪ ،‬ثم‬
‫من بعده ع ند ع مر إلى أن ن سخ في ز من عثمان(‪ .)7‬فكان التمح يص من طب عه‪،‬‬
‫() البخاري‪ -‬باب العتصام‪.3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/177 ،2/168 :‬أبو يعلى‪ -‬مسند أبي يعلى‪.1/77 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مســلم‪ -‬باب فضائل الصــحابة‪ ،10 :‬الترمذي‪ -‬ســنن الترمذي‪ ،6/277 :‬ابــن‬ ‫‪3‬‬

‫ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/178 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة الصــحاب‪:‬‬
‫‪.3/969‬‬
‫() ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.3/56 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابــن ماجــه‪ -‬باب الجنائز‪ ،65 :‬الترمذي‪ -‬باب الجنائز‪ ،33 :‬أبــو يعلى‪ -‬مســند‬ ‫‪5‬‬

‫أبــي يعلى‪ ،1/31/32/38 :‬الجاحــظ‪ -‬العثمانيــة‪ ،84 :‬ابــن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ‬
‫والخبر‪.2/2/63 :‬‬
‫() الدواداري‪ -‬ا لدر الثميـــن‪ ،3/157 :‬الســـيوطي‪ -‬الوســـائل إلى مســـامرة‬ ‫‪6‬‬

‫الوائل‪ ،911 :‬الروحــي‪ -‬بلغــة الظرفاء‪ ،10:‬ناصــف‪ -‬التاج الجامــع للصــول‪:‬‬


‫‪.4/32‬‬
‫() ابن الوردي‪ -‬تاريخه‪.1/143 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪180‬‬
‫والستشارة من طويته‪ ،‬فإن علم علم اليقين قضى به‪ ،‬وإل رجع إلى أهل المعرفة‬
‫وال خبرة‪ ،‬يُبعد عنه الظن باليقين‪ ،‬ويدفع الشبهات بالمحكم(‪ .)1‬وكان عالما بتأويل‬
‫الرؤيا‪ ،‬حيث كان يعبر في زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد قال محمد‬
‫بن سيرين‪" :‬إن أبا بكر كان أعبر هذه المة بعد النبي"(‪.)2‬‬
‫وإذا سألت عن أبي بكر في النثر‪ ،‬فهو الذي يأتي بغريبه‪ ،‬وإذا سألت عن‬
‫أبي بكر في الخطابة‪ ،‬فقل إنه العليم بالخطابة‪ ،‬وإليه يرجع الفصل فيها‪ ،‬والحكم‬
‫عليها(‪ .)3‬وهو الذي تكلم فجمع‪ ،‬وهو القائل في ذم الملوك‪ .." :‬وإنكم اليوم على‬
‫خلفهة النبوة‪ ،‬ومفرق المحجهة‪ ،‬وسهترون بعدي ملكا عضوضا‪ ،‬ومِلكا عنودا‪،‬‬
‫وأ مة شعاعا‪ ،‬ودما مفاحا‪ .)4("..‬وإذا سألت عن الش عر ف هو يح فظ الكث ير م نه‪،‬‬
‫ويبتعد عن نظمهن ويرويه‪ ،‬ويستشهد به وقد نسب إليه قصيدة مطلعها‪:‬‬

‫َأرِقْت وأمر في العشيرة حادث‬ ‫أ من ط يف سلمى بالبطاح الدّمائث‬

‫قالها في غزوة عبيدة بين الحارث؛ إل أن ابن هشام ينكرها(‪ )5‬وكان مناظرا‬
‫ج الصحابة في قتال أهل الردة‪ ،‬فانشرحت‬ ‫كبيرا بالحجة والدليل‪ ،‬وذلك عندما حا ّ‬
‫(‪)6‬‬
‫صدورهم بهذه المناظرة‪ ،‬ومالوا إلى جان به ورأ يه ‪ .‬وكان يع قد الندوات العلم ية‬
‫والثقاف ية‪ ،‬فيكون في هم علما‪ ،‬ويأ تي بح سن الكلم‪ ،‬وط يب القول‪ ،‬وتطول ساعات‬
‫المناق شة‪ ،‬وكل هم ير جع إل يه‪ ،‬ويأ نس بحدي ثه‪ ،‬ويودون طول الجتماع(‪ .)7‬وكان له‬
‫كتاب يكتبون عنه ما يقول‪ ،‬ويدونون‪ .‬له ما يشاء من أحاديث واجتماعات علمية‬
‫وثقاف ية(‪ .)8‬و من بلغ ته وحكم ته ح ين و جه خالد بن الول يد قوله‪" :‬احرص على‬
‫الموت تو هب لك الحياة"(‪ .)9‬و هو اعرف الناس وأعلم هم بمنا قب العرب ومثالب ها‬
‫() ابن حزم‪ -‬المفاضلة بين الصحابة‪ ،239 ،235 ،234 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء‬ ‫‪1‬‬

‫واللغات‪ ،2/1/190 :‬السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.29 ،28 :‬‬


‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.30 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.30 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬البيان والتبيين‪.2/21 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابـن هشام‪ -‬السـيرة النبويـة‪ ،1/592 :‬العقاد‪ -‬عبقريـة الصـديق‪ ،186 :‬وينسـب‬ ‫‪5‬‬

‫إليه قصيدة أيضا ً في سرية عبد الله بن جحش مطلعها‪.‬‬

‫انظر الكلعي‪ -‬الكتفاء‪.2/12 :‬‬


‫() النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/182 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()الجهشياري‪ -‬الوزراء والكتاب‪16 ،15 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الجهشياري‪ -‬الوزراء والكتاب‪.15 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬البيان والتبيين‪.3/15 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪181‬‬
‫وخيرهها وشرهها(‪ .)1‬فههو عالم تاريخهي‪ ،‬وباحهث اجتماعهي‪ ،‬وذاكهر إحصهائي‪،‬‬
‫ومث قف دا نت له الثقا فة‪ ،‬ومعلم دا نت له علوم العرب‪ ،‬فكان أ بو بكر على در جة‬
‫من الثقافة يأتي بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم مباشرة‪ ،‬إليه يسند المر إذا‬
‫غاب عن الناس‪ ،‬وإليه ترجع المسألة إن لم يعلمها الصحابة‪.‬‬
‫وفي العلم والثقافة العسكرية‪ ،‬فإنه حدد لسامة بن زيد منطقة التحشد وهي‬
‫الجرف‪ ،‬والج هة ال تي سيدخلها على الروم و هي باتجاه فل سطين(‪ ،)2‬قا صدا بذلك‬
‫تنفيذ أوامر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فمنع بذلك الكثير من الذين تحدثهم‬
‫أنفسههم بالرتداد أن يرتدوا فقالوا‪" :‬لول أن لهؤلء قوة مها خرج مثهل هؤلء مهن‬
‫عندهم‪ .)3(".‬وفي حروب الردة عقد أبو بكر لحد عشر لواءً‪ ،‬ووجهه كل واحد‬
‫(‪)4‬‬
‫منههم إلى هدف معيهن محددا لههم المهام‪ ،‬كمها لو كان القائد فهي هذا العصهر‬
‫مؤكدا على أل يأتوا بالعجلة والفساد‪ ،‬وأن يرسلوا الطلئع(‪ ،)5‬منبها خالد بن الوليد‬
‫أن يبدأ بطيء ثم البزاخة فالبطاح(‪ ،)6‬وأن يلتزم بتنفيذ القواعد العسكرية في القتال‬
‫كال ستعانة بالدلء‪ ،‬والقيام بال ستطلع‪ ،‬وإعادة تعبئة وتنظ يم الج يش ب ما يتلءم‬
‫مع الموا قف القتال ية‪ ،‬وا ستبعاد وإخلء الجر حى لن بع ضه ل يس م نه‪ ،‬وتشك يل‬
‫الحراسهات المختلفهة‪ ،‬وبخاصهة فهي الليهل وعنهد المهبيت‪ ،‬والحذر مهن العدو‪،‬‬
‫وبخا صة من أ هل اليما مة‪ ،‬والتأ كد من العدو الذي تقاتله فإن كان مرتدا فقاتله‪،‬‬
‫وإل فل آذن لك أن تغشاههم(‪ ،)7‬ولذلك فإن توجيهه أبهي بكهر إلى خالد بهن الوليهد‬
‫وعياض بهن غنهم يدل على أنهه ذو ثقافهة عسهكرية واسهعة فهي مياديهن العلوم‬
‫الستراتيجية(‪.)8‬‬
‫وفهي جيوش الشام ظههر على أبهي بكهر دقهة المعلومات العسهكرية التهي‬
‫أعطاهها لمرؤوسهيه مهن القادة الذيهن وجهههم إلى قتال الروم إذ أمهر عمرو بهن‬
‫العاص أن يسلك أيله إلى فلسطين‪ ،‬وأن يندب القبائل في طريقه‪ ،‬وأن يكون معهم‬
‫ل ومزودا‪ ،‬وأن يتعاههد مهع زملئه‪ ،‬ومهع خالد بهن الوليهد بصهورة خاصهة‪،‬‬ ‫حام ً‬

‫السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.30 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.438 ،1/433 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/440 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.481 ،2/480 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/483 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/483 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/503 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪182‬‬
‫الذي أمهر أن ينسهق ويتعاون مهع عمرو بهن العاص(‪ ،)1‬وأمهر البقيهة أن تتجهه‬
‫باتجاهات مختلفة(‪.)2‬‬
‫وصفوة القول‪ :‬إن وصايا أبي بكر لقادته تدل على سعة اطلع أبي بكر في‬
‫المعارف الع سكرية والمعلومات ال تي يحتاج إلي ها القائد ال كبير وال صغير‪ ،‬وإن ها‬
‫كانت على جميع المستويات القتالية التكتيكية والعملياتية والستراتيجية‪ ،‬وكانت‬
‫تهتم بالستطلع والحراسة وبالسلوب القتالي لكل فئة من الفئات‪ ،‬الثلث‪ ،‬ومما‬
‫يشار إليه في الهمية أن كل قائد كان يتلقى تعليمات تتناسب مع مهمته وطبيعة‬
‫الرض التي يقاتل عليها‪ ،‬ونوعية طبيعة العدو(‪.)3‬‬

‫الصحبة والملزمة لرسول الله‬


‫صلى الله عليه وسلم‬
‫تعرف أبو بكر على رسول ال صلى ال عليه وسلم من أول يوم‪ ،‬فهو الذي‬
‫آ من به وأ سلم؛ ولز مه‪ ،‬وح ضر وع ظه ودعو ته إلى ال‪ ،‬وج هر بهذا ال سلم‬
‫واليمان بالرغم من الخطورة والذى من قومه‪ ،‬وقد هم بالهجرة إلى بلد الحبشة‬
‫تجنبا لهذا الذى‪ ،‬لول ابهن الدغنهة الذي رده وأجاره(‪ .)4‬وقهد قدم أبهو بكهر لهذه‬
‫الصحبة النفس والمال والولد(‪ .)5‬وكان الصحابة يغارون من هذه الصحبة المتينة‬
‫فيرد عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ويقول‪" :‬دعوا لي صاحبي فإنكم قلتم‬
‫لي‪ :‬كذبت وقال لي صدقت"(‪ )6‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يشير دائما‬
‫إلى هذه الصحبة القوية(‪.)7‬‬
‫لقد ذاق أبو بكر في سبيل هذه الصحبة العذاب الليم من المشركين(‪ ،)8‬فلقد‬
‫قل عت غدائره من العذاب‪ ،‬فما ذل وما ا ستكان(‪ ،)9‬وذكر يوم جاء أ بو بكر يقول‪:‬‬

‫() ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.448 -447 -1/446 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/450 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪ 1/455 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الدرر‪.60 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/968 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البخاري‪ -‬تفسـير سـورة رقـم ‪ ،2 :7‬ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة‬ ‫‪6‬‬

‫الصحاب‪.3/166 :‬‬
‫() ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪.2/2/62 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.29 ،28 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() أبو يلعى‪ -‬مسند أبي يعلى‪.1/52 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪183‬‬
‫"ويل كم أتقتلون رجلً أن يقول‪ :‬ر بي ال و قد جاء كم بالبينات من رب كم"(‪ ،)1‬ود فع‬
‫عق بة بن أ بي مع يط عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ب عد أن لوى ثو به في‬
‫عنقه فخنقه وشدد‪ ،‬وقد جاهر أبو بكر بهذا االعمل وهو يعلم سوء عاقبته‪ ...‬وهو‬
‫يعلم سوء عاقبته‪ ،‬وأن قريشا سوف تنتقم منه‪ ،‬وسوف تحول بينه وبين صاحبه‪،‬‬
‫وستضع العقبات خشية إظهار هذا الدين أو البوح به في وقت كانت سلطة قريش‬
‫قوية في مكة‪.‬‬
‫ل قد صهحبه فهي هجر ته‪ ،‬وقدم له المال والراحلة‪ ،‬وتعر ضا للمخا طر"ثانهي‬
‫اثنيهن"(‪ ،)2‬وقهد اسهتنفرت قريهش‪ ،‬ووضعهت كهل العراقيهل‪ ،‬وحاولت قتلهمها فمها‬
‫استطاعت‪ ،‬وبذلت المال وأعطت لمن دلها مكافأة مجزية‪ ،‬وخاف أبو بكر‪ ،‬وقوى‬
‫له صاحبه من معنوياته(‪.)3‬‬
‫إن أ با ب كر و ثق بر سول ال صلى ال عل يه و سلم وثو قه بال‪ ،‬وآ من به‬
‫و صدقه في كل قول وف عل ح تى سمي"ال صديق"(‪ .)4‬وكا نت الشروط قا سية على‬
‫المسلمين في صلح الحديبية‪ ،‬فأبى اكثر الناس إل أن يعترضوا على هذا الصلح‬
‫ل يدل على غيرتهه‪ ،‬وعلى أن الحهق كهل‬ ‫ومنههم عمهر بهن الخطاب الذي قال قو ً‬
‫الحق مع الجا نب ال سلمي‪ ،‬فلما سمع أبو بكر ما قاله عمر نهض واقفا وقال‪:‬‬
‫"إلزم غرزه فإنهه رسهول ال حقا حقها"(‪ ،)5‬فلمها سهمع عمهر مقالة أبهي بكهر التزم‬
‫الصمت(‪ ،)6‬إنها الثقة المطلقة التي التزم بها أبو بكر‪ ،‬وآمن بصاحبه وصدقه‪ ،‬وما‬
‫أحوج المرؤوسين إلى هذه الثقة‪.‬‬
‫لقهد كانهت هذه الصهحبة نموذجا على مهر الدههر‪ ،‬وعنوانا للصهدق والوفاء‬
‫والبذل والعطاء‪ ،‬وقهد أكثهر حسهان بهن ثابهت فهي شعره مهن ذكهر هذه الصهحبة‬
‫وفضائلها ومزاياها واليثار والحب(‪ .)7‬وقد صحب الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫صغيرا‪ ،‬ولزمه في كهولته وفي الشدة‪ ،‬ودفن بجانبه‪ ،‬ليكون صاحبه في الحياة‬

‫() سورة غافر‪ -‬الية‪ ،28 :‬الحميدي‪ -‬المسند‪ ،1/155 :‬ابن عبد البر‪ -‬الدرر‪،45 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.4/225 :‬‬


‫() سورة التوبة‪ -‬الية‪ ،40 :‬ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسية‪.7 ،1/5 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابـن هشام‪ -‬السـيرة النبويـة‪ ،488 -1/484 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد البـة‪،3/209 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرطبي‪ -‬تفسير القرطبي‪.2985 -4/2983 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/170 :‬السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.21 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.419 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() مسلم‪ -‬صحيح مسلم‪.3/1412 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.38 ،37 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪184‬‬
‫وفي الممات(‪.)1‬‬

‫المنزلة الرفيعة لبي بكر‬


‫عند رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‬
‫كانهت لبهي بكهر حظوة كهبيرة عنهد الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم القائد‬
‫العلى‪ ،‬لم تكهن لغيره أبدا(‪ ،)2‬فههو يقول‪" :‬ولو كنهت متخذا مهن أمتهي خليلً‬
‫لتخذت أبا بكر خليلً‪.)3("..‬‬
‫ومن كانت لديه هذه الدرجة‪ ،‬فهو في درجة عالية عند المؤمنين‪ .‬وكان من‬
‫أحب الناس إليه ومن المقربين(‪ .)4‬وروي عن عمرو بن العاص أن الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلسل فأتبعته فقلت‪ :‬أي الناس أحب إليك‬
‫قال‪" :‬عائشة قلت من الرجال قال أبوها‪ )5("..‬وسئلت عائشة عن أحب الرجال إلى‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم فأشارت إلى أبيها(‪ .)6‬وهذه المنزلة أعا نت أبا بكر‬
‫فيمها بعهد أن يكون الخليفهة‪ ،‬كمها قوت فيهه الثقهة‪ ،‬وتبعهة العرب‪ ،‬وقادههم إلى‬
‫النتصار‪ ،‬ويتمثل هذا المعنى قول عمرو بن العاص عندما دعاه أبو بكر للتوجه‬
‫لفتوح الشام‪" :‬إني سهم من سهام السلم‪ ،‬وأنت بعد ال الرامي بها والجامع لها‬
‫(‪)7‬‬
‫فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئا إن جاءك من ناحية من النواحي‪".‬‬
‫وهذا ما سهل لبي بكر قيادة المة وقيادة الجيوش‪.‬‬

‫الخلفــــــــة‬
‫تعني الخلفة النيابة عن الغير لسباب منها‪ :‬لغيبة المنوب عنه‪ ،‬وإما لموته‪،‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪ ،41:‬اليافعي‪ -‬الجنان‪.1/99 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب فضائل الصـحابة‪ ،5-3 :‬ابـن ماجـه‪ -‬المقدمـة‪ ،11 :‬ابـن سـعد‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبقات‪ ،3/176 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،3/212 :‬ناصف‬
‫الجامع للصول‪.1/144 :‬‬
‫() الحميدي‪ -‬المسند‪.1/62 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة الصــحاب‪ ،3/967 :‬الذهــبي‪ -‬تاريــخ‬ ‫‪4‬‬

‫السلم‪.1/283 :‬‬
‫() مسلم‪ -‬باب فضائل الصحابة‪.8 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الترمذي‪ -‬ســـنن الترمذي‪ ،9/266 :‬الذهـــبي‪ -‬تاريـــخ الســـلم‪،384 ،1/383 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫اليافعي‪ -‬الجنان‪.1/100 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/588 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪185‬‬
‫وإما لعجزه‪ ،‬وإما لتشريف المستخلف(‪.)1‬‬
‫تمّت الخل فة ل بي ب كر ب عد موت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عن‬
‫طريهق البيعهة الشفهيهة والمصهافحة‪ ،‬فقهد قال عمهر لبهي بكهر‪" :‬ابسهط يدك‬
‫أبايعك‪.)2(".‬‬
‫والبيعة طاعة وعهد‪ ،‬وبعد عن النكوث‪ ،‬ووفاء والتزام بما عوهد عليه‪.‬‬
‫وعلى الخلي فة ب عد البي عة أن يكون مقويا من من عة للمقاتل ين‪ ،‬مجاهدا مقدرا‬
‫للعطاء‪ ،‬مباشرا عمله بنفسه(‪.)3‬‬
‫خلف من بعد الرسول صلى ال عليه وسلم أبو بكر في ربيع الول سنة‬
‫‪ ،)4(11/632‬الذي أطلق عليه"خليفة رسول ال‪ )5(".‬وقد دلت أقوال رسول ال صلى‬
‫ال عليهه وسهلم وأعماله أن الذي سهيخلفه مهن بعده أبهو بكهر الذي كان يفخهر‬
‫ويصرح بذلك(‪ .)6‬وقد كشف رسول ال صلى ال عليه وسلم معنى هذا‪.‬‬
‫الخلف فهي أحاديثهه المختلفهة التهي تشيهر إلى خلفهة أبهو بكهر(‪ )7‬وقهد كان‬
‫الصهحابة أيضا يعلمون بذلك‪ ،‬وبخاصهة المقربيهن منههم(‪ .)8‬وكان أول المبايعيهن‬
‫بالخلفة عمر بن الخطاب(‪ ،)9‬وإذا كان عدد قليل قد تخلف أو تأخر في البيعة في‬
‫بادئ ال مر‪ ،‬وكادت تحدث فت نة ولول أن ح صرها أولو الرأي والعزي مة(‪ ،)10‬فإن‬
‫الجميع قد بايعوه فيما بعد‪ .‬والخلفة وظيفة تولها أبو بكر عن جدارة‪ ،‬واستحقها‬
‫عن كفاءة‪ ،‬إذ كان مؤمنا حقا‪ ،‬ومسلما أولً‪ ،‬ومحبا ل ولرسوله ل يسبقه إلى ذلك‬
‫ل في‬‫أ حد‪ ،‬وم صدقا ب كل ما صدر عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وباذ ً‬
‫إرادة القتال المال والنفس‪ ،‬ومقتديا حق القتداء‪ ،‬ومتصفا بصفات الخلفة المثلى‬
‫() الكفوي‪ -‬الكليات‪ ،2/299 :‬العجلني‪ -‬عبقرية السلم‪.124 ،82 ،81 ،80 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/458 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/327‬‬
‫() العجلنـي‪ -‬عبقريـة السـلم‪ ،130 ،129 :‬خماش‪ -‬الشام فـي صـدر السـلم‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،174‬الخضري‪ ،‬إتمام الوفاء‪.15 ،10 :‬‬


‫() ابن يزيد‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.22 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/183 :‬ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ ،2/115 :‬ابـن عبـد‬ ‫‪5‬‬

‫البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/971 :‬‬


‫() البخاري‪ -‬باب مناقــب النصــار‪ ،37 :‬النســائي‪-‬باب الزكاة‪ ،3 :‬مســلم‪ -‬باب‬ ‫‪6‬‬

‫فضائل الصحابة‪.9 :‬‬


‫() الشيباني‪ -‬شرح السير الكبير‪.1/158 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.672-3/969 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪.47 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() ابــن واضــح‪ -‬تاريـخ‪ ،105 ،2/104 :‬أبــو الفداء‪ -‬المختصـر فـي تاريـخ البشـر‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ ،1/156‬العقاد عبقرية الصديق‪ 35 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪186‬‬
‫التي من أبرزها الرأفة والرحمة‪ ،‬والعطف والحنان(‪.)1‬‬
‫فقد قيل ‪" :‬ولينا أبو بكر فخير خليفة أرحمه بنا‪ ،‬وأحناه علينا‪ )2(".‬فلقد كانت‬
‫الصفات النسانية غالبة عليه‪ ،‬ظاهرة في أقواله وأفعاله‪ ،‬شاملة النسان والحيوان‬
‫والشياء‪ ،‬ولهذا فإنهه كان قريبا مهن قلوب الناس يحبههم ويحبونهه‪ ،‬قادرا على‬
‫معالجة المشكلت المختلفة والتصدي لها(‪.)3‬‬
‫وحتى تكون الخلفة ا ستمرارا لما كان عليه أبو بكر‪ ،‬ا ستخلف قبيل موته‬
‫ع مر ا بن الخطاب‪ ،‬ل ما رأى ف يه من ال صفات ال تي تؤهله لهذا المن صب‪" :‬إ ني‬
‫استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا‪ )4(".‬وكان بذلك أول‬
‫خليفهة يسهتخلف بعده بعهد اسهتشارة الصهحابة(‪ ،)5‬الذيهن اجتمعوا على هذا‬
‫الستخلف‪ ،‬ورضخوا بعد ذلك لما رأوا تصميم الخليفة الراحل(‪ ،)6‬وبتسليم عمر‬
‫إمرة الم سلمين انقل بت الخل فة إلى إمارة فأ صبح ع مر ينادي"أم ير المؤمن ين"(‪.)7‬‬
‫وكان من ق بل وز ير أ بي ب كر‪ ،‬ي سند إل يه المهام ال صعبة‪ ،‬وي ستشيره في المور‬
‫المعقدة‪ ،‬وحين أرسل بعث أسامة طلب أبو بكر منه أن يترك عمر عنده"إن رأيت‬
‫أن تعين ني بع مر فاف عل‪ )8(".‬ك ما أشار عل يه في عزل خالد بن سعيد بن العاص‬
‫ففعل(‪ ،)9‬ولما مرض أمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس(‪.)10‬‬
‫ولئن اختل فت الناس في خل فة أ بي ب كر‪ ،‬فإن هناك دللت كثيرة على أ نه‬
‫الخليفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم منها‪ :‬إعلن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسهلم أن أبها بكهر وزيره الول" ‪ ..‬وأمها وزيراي مهن أههل الرض أبهو بكهر‬

‫() الخضري‪ -‬تاريخ المم السلمية‪.1/172 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/972 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.975 ،3/974 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/200 :‬ابــن قتيبــة‪ -‬المامــة والســياسة‪ ،1/16 :‬ابــن‬ ‫‪4‬‬

‫الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪.51 ،50 :‬‬


‫() أبو هلل العسكري‪ -‬الوائل‪.219 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/448 :‬ابـن أعثـم‪ -‬الفتوح‪ ،1/152 :‬البلخـي‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫البدء والتاريخ‪.5/167 :‬‬


‫() البلخـي‪ -‬البدء والتاريـخ‪ ،5/168 :‬ابـن الجوزي‪ -‬تاريـخ عمـر بـن الخطاب‪،56 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫السيوطي‪ -‬الوسائل إلى مسامرة الوائل‪.77 :‬‬


‫() ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪ ،2/335 :‬أبــو الفداء‪ -‬المختصــر فــي أخبار‬ ‫‪8‬‬

‫البشر‪.1/157 :‬‬
‫() ابن الثير ‪-‬الكامل في التاريخ‪.2/402 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() ابــن الثيــر‪ -‬الكامــل فــي التاريــخ‪ ،2/419:‬أبــو الفداء‪ -‬المختصــر فــي أخبار‬ ‫‪10‬‬

‫البشر‪.1/156 :‬‬
‫‪187‬‬
‫وعمهر‪ )1("..‬ثهم أثنهى عليهمها‪ ،‬وأعلن للمل أنهمها أههل للخلفهة والقيادة‪ ،‬وأنهمها‬
‫المرشحان الوحيدان بعده(‪ ،)2‬وههو الول فهي ذاكرة رسهول ال صهلى ال عليهه‬
‫وسلم عند ذكر الصحابة(‪ ،)3‬وقد أمر بالقتداء بهما فقال‪" :‬اقتدوا بالذي من بعدي‬
‫أبي بكر وعمر"(‪ ،)4‬وسماه رسول ال صلى ال عليه وسلم خليفة من بين الخلفاء‬
‫الثني عشر فقال‪" :‬يكون بعدي اثنا عشر خليفة أبو بكر الصديق ل يلبث بعدي‬
‫إل قليلً‪ ،)5("..‬وأحال موضوع المرأة إلى أ بي ب كر ف هو الذي يف تي ويق ضي من‬
‫بعدي‪ ،‬وكذلك العرابي الذي أحاله أيضا إلى أبي بكر(‪ ،)6‬ولقد هم الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم أن يستخلف أبا بكر عند مرضه وجيء بعبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫أن يكتب هذه الوصية‪ ،‬ولكنه تركها بعد ذلك لعلمه أن المؤمنين لن يختلفوا على‬
‫أبي بكر(‪ .)7‬وفي معركة ذات السلسل وبعد النتهاء منها شكا أبو بكر وعمر إلى‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عمرو بن العاص فقال‪" :‬ل يتأ مر عليك ما أ حد‬
‫بعدي"(‪ )8‬و قد كان أ بو ب كر سمع الر سول وع مر ب صره(‪ ،)9‬وا ستخلف ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أبا بكر في الصلة في حياته قبل مماته‪ ،‬ولما مرض قال‪:‬‬
‫"مروا أ با ب كر فلي صل بالناس"(‪ )10‬ف صلى أ بو ب كر في الناس في صحة الر سول‬
‫صهلى ال عليهه وسهلم وفهي مرضهه ثلث مرات(‪ .)11‬وقال رسهول ال صهلى ال‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره"(‪ .)12‬وفي هذا دليل قاطع‬
‫على خل فة وقيادة أ بي ب كر ب عد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم (‪ ،)13‬فإذا اختاره‬
‫رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم للصهلة ولمهر الديهن‪ ،‬فمهن الولى أن تكون‬
‫() ابـن الجوزي‪ -‬تاريـخ عمـر بـن الخطاب‪ ،28-27 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي‬ ‫‪1‬‬

‫معرفة الصحابة‪.3/214 :‬‬


‫() ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪ 27 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪ ،71-70 :‬ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪.1/1 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الترمذي‪ -‬ســنن الترمذي‪ ،9/270 :‬الحميدي‪ -‬المســند‪ ،1/214 :‬ابــن الثيــر‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.3/220 :‬‬


‫() الطبراني‪ -‬المعجم الكبير‪.1/7 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() مسلم‪ -‬باب فضائل الصحابة‪ ،10 :‬الترمذي‪ -‬سنن الترمذي‪ ،9/277 :‬ناصف‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫التاج الجامع للصول‪.3/56 :‬‬


‫() مسلم‪ -‬باب فضائل الصحابة‪ ،11 :‬ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/180 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن حبيب‪ -‬المحبر‪.122 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الترمذي‪ -‬باب المناقب‪ ،16 :‬ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪.29 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب النــبياء‪ ،19 :‬الدارمــي‪ -‬المقدمــة‪ ،14 :‬ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ ،178 .3/177‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.271-1/270 :‬‬


‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،2/215 :‬ومــا بعدهــا‪ ،3/180 ،‬الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم‬ ‫‪11‬‬

‫والملوك‪.2/439 :‬‬
‫() النجاري‪ -‬باب الذان‪ ،106 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقـــب‪ ،16 :‬ابـــن عبـــد البر‪-‬‬ ‫‪12‬‬

‫الستيعاب في معرفة الصـحاب‪ ،3/970 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابـة في معرفة‬


‫الصحابة‪.3/220 :‬‬
‫() الحميدي‪ -‬المسند‪ ،501-414-2/413 :‬الخطابي‪ -‬معالم السنن‪.5/547 :‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪188‬‬
‫الموافقهة مهن المسهلمين على اختياره لمهر الدنيها خليفهة(‪ .)1‬وهكذا فإن الصهحابة‬
‫كانوا يشهدون ويقرون بهذه الحقائق(‪ ،)2‬فان ظر إلى شهادة ع مر بن الخطاب الذي‬
‫كان يقول‪" :‬أ بو ب كر سيدنا"(‪ .)3‬وان ظر إلى خط بة علي ا بن أ بي طالب في تأب ين‬
‫أبي بكر"إن أبا بكر سار سيرة رسول ال حتى قبض" وقوله‪" :‬فوالذي خلق الحبة‬
‫وبرأ النسمة ل يحبهما إل مؤمن تقي ول يبغضهما إل فاجر ردي"(‪.)4‬‬
‫و قد ذ كر أ بو ب كر ال مة ب صفاته ال تي تؤهله ل ستلم القيادة‪ -‬ب عد أن أب طأ‬
‫بعض الناس‪ -‬مشيرا إلى أعمال وأقوال رسول ال صلى ال عليه وسلم التي تدل‬
‫على صدق بيعته(‪ ،)5‬وانظر إلى صحبة رسول ال صلى ال عليه وسلم لبي بكر‬
‫وهجرته‪ ،‬ونزول الذن بالقتال(‪.)6‬‬

‫شديد بالوامر‬‫اللتزام ال ّ‬
‫النبويّة‬
‫أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم قبيل موته أن تطهر جزيرة العرب من‬
‫(‪)7‬‬
‫الدخلء‪ ،‬وأو صى عند موته بثلث‪ :‬إخراج يهود‪ ،‬وإجازة الوفد‪ ،‬وبعث أسامة‬
‫وكان قد بقي عدد قليل من يهود بعد أن هجّر الرسول صلى ال عليه وسلم بنفسه‬
‫بنهي قينقاع وقريظهة والنضيهر‪ .‬ومرة قال رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم‬
‫لصهحابه‪" :‬انطلقوا إلى يهود فخرجنها حتهى جئنها بيهت المدارس فقال‪ :‬أسهلموا‬
‫تسلموا واعلموا أن الرض ل ورسوله‪ ،‬وإني أريد أن أجليكم عن هذه الرض‪،‬‬
‫فمن يجد منكم بماله شيئا فليبعه‪ ،‬وإل فاعلموا أن الرض ل ورسوله‪.)8(".‬‬
‫لما تسلم أبو بكر الصديق الخلفة نفذ وصايا وأوامر رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فأجاز الوفد‪ ،‬وأرسل جيش أسامة؛ لكنه لم يستطع أو لم يتح له إجلء‬

‫() الشيباني‪ -‬شرح السير الكبير‪.1/61 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.31 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،31 :‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪3/364 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مجلة المجمع العلمي العربي‪.279 /16 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الترمذي‪ -‬سنن الترمذي‪ ،9/272 :‬ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/182 :‬ابن الجوزي‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫تاريخ عمر بن الخطاب‪ 27 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫() ‪.F, Gabrieli. Muhammad and the canquests of Islam pp: 92-95‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب الجزيـة‪ ،6 :‬مسـلم‪ -‬باب الوصـية‪ ،20 :‬الدرامـي‪ -‬باب السـير‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.54‬‬
‫() البخااري‪ -‬باب العتصــــام‪ ،18 :‬مســــلم‪ -‬باب الجهاد‪ ،61 :‬أبــــو داود‪ -‬باب‬ ‫‪8‬‬

‫المارة‪.22 :‬‬
‫‪189‬‬
‫يهود مهن جزيرة العرب‪ ،‬وذلك لنشغاله بحروب الردة‪ ،‬ولم يكهن الوقهت متسهعا‬
‫له‪ ،‬حتى قيض ال عمر بن الخطاب فأخرجهم جميعا‪.‬‬
‫وكان أبهو بكهر يعلم أن فهي هذا اللتزام محافظهة على النههج العام والخهط‬
‫المبدئي‪ ،‬كما كان يدرك تماما أن أي خرق في هذه الوامر ستؤدي فيما بعد إلى‬
‫إتباع كل ذي هوى هواه‪ ،‬ولذلك بادر فورا إلى سد جميع المنافذ على الذين تسول‬
‫لهم أنفسهم أن يخالفوا أوامر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإلى تطبيق قوله‬
‫تعالى‪[ :‬ومها كان لمؤمهن ول مؤمنهة إذا قضهى ال ورسهوله أمرا أن يكون لههم‬
‫ل مبينا‪.)1(].‬‬
‫الخيرة من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضل ً‬

‫صفات الجسديّة‬
‫ال ّ‬
‫ل نحيفا أب يض‪ ،‬خف يف العارض ين(‪ ،)2‬أج نأ(‪ ،)3‬ل ت ستمسك‬‫كان أبو بكر" رج ً‬
‫ُأزْر ته(‪ ،)4‬ت سترخي من حِقو يه ‪ ،‬معروق الو جه‪ ،‬غائر العين ين‪ ،‬نا تئ الجب هة‪،‬‬
‫(‪)5‬‬

‫عاري الشا جع(‪ ")6‬صحيح أن الزار الذي يلب سه كان ي سترخي لنحاف ته‪ ،‬و قد قال‬
‫ذلك عن نف سه‪ " :‬يا ر سول ال إن أ حد شَ قي إزاري ي سترخي إل أن أتعا هد ذلك‬
‫م نه‪ )7("..‬وكان أ بو ب كر و سيما‪ ،‬من ير الو جه جميله‪ ،‬لهذا د عي"عتيقا"(‪)8‬ويو صف‬
‫ل أسهيف دقيقا(‪ ،)9‬وكذلك بأنهه كان محموص الفخذيهن(‪،)10‬‬ ‫أيضا بأنهه كان رج ً‬
‫(‪)11‬‬
‫يخضهب بالحناء والكتهم ‪ .‬فههل تدل هذه الصهفات فهي علم الفراسهة على القوة‬
‫() سورة الحزاب‪ -‬الية‪.36 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() خفيــف العارضيــن‪ .‬أي خفيــف صــفحتي الخديــن مــن الوجــه‪ .‬انظــر فيروز‬ ‫‪2‬‬

‫آبادي‪ -‬المحيط‪.2/346 :‬‬


‫() أجنـأ‪ .‬له ميـل فـي الظهـر‪ ،‬وليـس بالحدب‪ ،‬إنمـا هـو فـي كاهله انحناء على‬ ‫‪3‬‬

‫صدره‪ :‬انظر ابن منظور‪ -‬لسان العرب‪.51 ،1/50 :‬‬


‫() الُزره‪ .‬اللباس الذي يلبســه النســان‪ ،‬ومنــه الحديــث‪ :‬أزرة المؤمــن إلى‬ ‫‪4‬‬

‫نصــف الســاق ول جناح عليــه فيمــا بينــه وبيــن الكعــبين‪ .‬انظــر الزبيدي‪ -‬تاج‬
‫العروس‪.3/11 :‬‬
‫حقـو‪ .‬هـو معقـد الزار عنـد الخصـر‪ ،‬ومـن شدة نحفـه يسـترخي الزار مـن‬ ‫() ِ‬ ‫‪5‬‬

‫حقويه‪ .‬انظر ابن منظور‪ -‬لسان العرب‪.14/189 :‬‬


‫() الشاجـع واحدهـا أشجـع‪ ،‬وهـي مفاصـل الصـابع‪ :‬أي كان اللحـم عليهـا قليلً‬ ‫‪6‬‬

‫حتــى بدت وظهرت العروق عليهــا‪ .‬انظــر ابــن منظور لســان العرب‪،8/174 :‬‬
‫ابن سعد الطبقات‪ ،3/188 :‬ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/116 :‬البلخي‪ -‬البدء‬
‫والتاريخ‪ ،77 ،5/76 :‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/973 :‬‬
‫() ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪3/163 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الطبراني‪ -‬المعجم الكبير‪ ،1/5 :‬ابن هشام‪ -‬السيرة النبوية‪ ،1/249 :‬النووي‪-‬‬ ‫‪8‬‬

‫تهذيب السماء واللغات‪.2/1/181 :‬‬


‫() ابن ماجه‪ -‬باب القامة‪.142 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() محموص الفخذين‪ .‬نحيفهما‪ .‬انظر فيروز آبادي‪ -‬المحيط‪.2/310 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.47 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪190‬‬
‫والشدة؟ ل بل إن هذه الصفات تدل على التواضع والناة والحكمة‪ ،‬وعلى الذكاء‬
‫والفطنة‪ ،‬وعلى العقل الراجح‪ ،‬والتفكير العميق‪ ،‬والتبصر بالمور ووضعها في‬
‫نصهابها‪ ،‬ووضوح الرؤيهة‪ ،‬واتباع الحهق‪ ،‬والعطهف والحنان‪ ،‬والرأفهة والتأوه‪،‬‬
‫والنا بة و سلمة القلب(‪ ،)1‬والدأب على ح فظ حقوق الضعفاء والم ساكين‪ ،‬والم يل‬
‫إلى مسهاعدتهم والخهذ بيدههم‪ ،‬والتقوى واليمان اللذيهن رسهخا فهي قلبهه‪ ،‬فازداد‬
‫منهمها قوة وشجاعهة وإرادة قويهة هزت إرادة القوياء‪ ،‬ونفذت إلى أفئدة البطال‬
‫والشجعان‪ .‬ف هو ضع يف بمظهره‪ ،‬قوي في باط نه‪ ،‬نح يف في ج سده‪ ،‬ر جل في‬
‫شدته وبأسه في الحروب‪ ،‬ثابت ثبوت الرواسي‪ ،‬ل تزعزعه الرياح‪ ،‬ول تؤثر به‬
‫الحداث‪ ،‬يتصدى للمعضلت والمشكلت الكبيرة‪ ،‬فيخرج منها منتصرا(‪ .)2‬ذلكم‬
‫أبو بكر الذي أظهر الشدة مع اللين‪ ،‬والحزم مع المرونة في قيادته وخاصة في‬
‫حروب الردة(‪ )3‬التي تصدى لها بكل قوة وثبات‪ ،‬وسدد الضربات الشديدة لكل من‬
‫تسول له نفسه بالخروج عن الدين‪ ،‬أو الرتداد عن العقيدة‪ ،‬وقد فوجئ الكثيرون‬
‫من هذه الشدة ومن هذه القوة‪ ،‬وتفرق الزعماء المُرتدون‪ ،‬وهرب بعض هم مناديا‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫"ويل للعرب من ابن أبي قحافة‪".‬‬

‫الصفات الخلقية‬
‫من خلقه الحلم والصبر على أذى الناس‪ ،‬لما غضب على الرجل الذي أغلظ‬
‫و سب‪ ،‬ا ستأذنه أ بو برزه في ضرب ع نق هذا الر جل‪ ،‬فأ بى أ بو ب كر وقال‪ " :‬ما‬
‫هي لحد بعد رسول ال‪ ،)5(".‬وكذلك فإنه عندما انتشر حديث الفك على ابنته‪،‬‬
‫ق طع النف قة ال تي كان ي صرفها على مِ سْطح لقرا بة به‪ ،‬ول ما نزل القرآن ببراءة‬
‫عائشة‪ ،‬ونزلت الية‪( :‬ول يأتل أولو الفضل منكم والسعة‪ )..‬إلى قوله(أل تحبون‬
‫أن يغ فر ال ل كم)(‪ .)6‬عاد أ بو ب كر فأعاد النف قة إلى م سطح ك ما كا نت‪ ،‬و ما انت قم‬
‫لبنته بعد ما أصابها من ضر(‪)7‬؛ ولكنه كان يثور أحيانا‪ ،‬وينتصر لنفسه‪ ،‬إن تلقى‬
‫كلمات مقذعة شديدة أو إهانة مست كرامته‪ .‬ولقد جاء رجل بحضرة رسول ال‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/171 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الرازي‪ -‬كتاب الفراسـة‪ 8 :‬ومـا بعدهـا‪ ،‬أبـو طالب النصـاري‪ -‬السـياسة فـي‬ ‫‪2‬‬

‫علم الفراســـة‪ 20/41 :‬الحكيـــم‪ -‬الفراســـة‪ ،16 :‬أبـــو بكـــر الرازي‪ -‬أحكام‬
‫الفراسة‪.2/32 :‬‬
‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/977 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.104 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() أبو يعلى‪ -‬مسند أبي يعلى‪.84 ،1/82 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() سورة النور‪ -‬الية‪.22 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() إن شهاب الزهري‪ -‬المغازي البنيوية‪ ،122 :‬شلبي‪ -‬اشتراكية أبي بكر‪.75 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪191‬‬
‫صلى ال عله وسلم وأصحابه فسب أبا بكر فسكت‪ ،‬ثم سب الثانية فسكت‪ ،‬ثم‬
‫سب الثالثة فرد عليه‪ .‬ولم يشأ رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يرد أبو بكر‬
‫على هذا الرجل بل كان عليه أن يصبر أكثر من ذلك‪ ،‬وأن يكل المر إلى ال(‪.)1‬‬
‫وكان يقول"‪ ..‬ول خير فيمن يغلب جهله حلمه"(‪.)2‬‬
‫كان أحسن الناس أخلقا‪ ،‬وأصدقهم حديثا‪ ،‬وأثبتهم حيا ًء(‪ .)3‬ولكثرة زهده في‬
‫ل لقحهة‬‫الدنيها‪ ،‬وحرصهه على أموال وأرواح رعيتهه لم يدخهر شيئا‪ ،‬ولم يترك إ ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫وجفنة إلى من ولي بعده‪ ،‬فقال عمر‪" :‬يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك‪. ".‬‬
‫وههو الصهادق الذي ل يكذب(‪ .)5‬وقهد عرف بالصهدق بيهن قومهه وبيهن‬
‫ال صحابة‪ ،‬ف قد روي عن علي بن أ بي طالب أ نه كان ي ستحلف من روى عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أبا بكر‪ ،‬فكان يقول‪" :‬فحدثني أبو بكر وصدق‬
‫أبو بكر"(‪ .)6‬وجاءت‬
‫امرأة أبي لهب وهي عدوة للرسول صلى ال عليه وسلم ولبي بكر فشهدت‬
‫بصدق أبي بكر(‪ .)7‬ولقد وصفت عائشة خلق أبيها فأحسنت الوصف‪ ،‬وعلت به‬
‫ح تى جعلت م نه سيد قر يش ب عد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وبطلً من‬
‫أبطالها‪ ،‬وسيدا فيه كل معاني الخلق‪ ،‬فهو يرأب الصدع‪ ،‬ويلم الشعث‪ ،‬ويجمع‬
‫الشمل‪ ،‬وين شر الدين‪ ،‬ويق يم العدل(‪ ،)8‬و هو الذي كان التوا ضع من طل به‪ ،‬والل ين‬
‫من سماته‪ ،‬اللفة من سلوكه‪ ،‬والتودد من شمائله(‪.)9‬‬

‫صفات النسانية‬
‫ال ّ‬
‫إن دل يل القيادة وقياسهها هو الصهفات النسهانية‪ ،‬وعلى رأس هذه الصهفات‬

‫() في حديث رواه أبو داود‪ .‬انظر ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.4/51 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبراني‪ -‬المعجـم الكـبير‪ ،1/14 :‬وجدي‪ -‬دائرة معارف القـر ن العشريـن‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.3/746‬‬
‫() الطبراني‪ -‬المعجم الكبير‪ ،1/8 :‬شلبي‪ -‬اشتراكية أبي بكر‪.14 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبراني‪ -‬المعجم الكبير‪ ،1/13 :‬الدواداري‪ -‬الدر الثمين‪.3/168 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصـائص العشرة الكرام البررة‪ .25 :‬النووي‪ -‬تهذيـب السـماء‬ ‫‪5‬‬

‫واللغات‪.2/1/181 :‬‬
‫() أبو يعلى‪ -‬مسند أبي يعلى‪.1/25 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() أبو يعلى‪ -‬مسند أبي يعلى‪.1/34 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الدواداري‪ -‬الدر الثمنــي‪ ،169 ،3/168 :‬الفغانــي ‪-‬عائشــة والســياسة‪-215 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪.217‬‬
‫() العقاد‪ -‬عبقرية الصديق‪ 43 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪192‬‬
‫الرحمة‪ .‬ويقول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أرحم أمتي بأمتي أبو بكر (‪.")1‬‬
‫وقهد شبههه رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم بميكائيهل الذي ينزل بالرحمهة‪،‬‬
‫وبإبراه يم عل يه ال سلم الذي أو تي قلبا سليما‪ ،‬وعفوا ومغفرة للناس(‪ ،)2‬ك ما كان‬
‫محافظا على حقوق الن سان‪ ،‬واعيا ل ها‪ ،‬يتف قد الرع ية ليلً‪ ،‬ويوا سي الم ساكين‪،‬‬
‫ل ونسها ًء(‪ ،)4‬ويفتديههم بماله وجاههه(‪،)5‬‬
‫ويغار على المهة(‪ ،)3‬ويعتهق العبيهد رجا ً‬
‫وعيّره أبوه بمساعدة هؤلء الضعفاء‪ ،‬وتمنى عليه أن يساعد القوياء ليمنعوه من‬
‫العداء‪ ،‬فرد عل يه وقال‪ " :‬يا أ بت‪ ،‬إ ني أر يد ماأر يد ل عز و جل (‪ ،")6‬ومن عه أ بو‬
‫جههل وأنّبهه على عمله النسهاني‪ ،‬وهاجمهه فهي القول‪ ،‬وتوعده بتكسهيد تجارتهه‪،‬‬
‫وكذلك عاب عليهه بعهض قومهه معاملة المسهتضعفين؛ ولكنهه ظهل مصهرا على‬
‫مساعدتهم وتقديم مايمكن تقديمه(‪.)7‬‬

‫صفات العسكريّة‬
‫ال ّ‬
‫ل عسهكريا‪ ،‬وقائدا‬
‫ههي مجموعهة الصهفات التهي جعلت مهن أبهي بكهر رج ً‬
‫استراتيجيا‪ ،‬ورائدا في فن الحرب‪ ،‬ومعلما في أساليب القتال‪.‬‬

‫‪ -1‬أهداف القتال‪ .‬ل قد كان الهدف من القتال ع ند أ بي ب كر هو المحاف ظة‬


‫على المكا سب ال سلمية ال تي أر سى قواعد ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪،‬‬
‫واللتزام بمها جاء بهه نصها وروحا‪ ،‬والمثابرة على تحقيهق الهداف المحددة‬
‫والمرسومة‪ ،‬والتقيد بأصول الدين وقيمه ومثله العليا‪ .‬وهو بهذا حدد أهدافه بما‬
‫يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬محاربة المرتدين واستتابتهم‪ ،‬أو قتلهم‪ ،‬لهوادة في هذا أبدا‪ ،‬وانبرى‬
‫أبو بكر بكل عزم وتصميم لتحقيق هذا الهدف بنفسه‪.‬‬
‫ب‪ -‬نشر العقيدة السلمية في كل الرض‪ ،‬بادئا من القرب فالبعد‪ ،‬ومن‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/176 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪.30 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/176 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الدرر‪ ،48 ،47 :‬الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،26‬شلبي‪ -‬اشتراكية أبي بكر‪ 26 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫() ابن هشام ‪-‬السيرة النبوية‪ ،1/319 :‬الراوي‪ -‬تاريخ الدولة العربية‪.4 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن هشام‪ -‬السيرة النبوية‪.1/319 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن هشام ‪-‬السيرة النبوية‪.320 .1/319 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪193‬‬
‫نة إلى بلد فارس والروم‪،‬‬ ‫نن الجزيرة العربين‬
‫نم‪ ،‬ومن‬
‫العرب إلى العجن‬
‫نة‪ ،‬فإن أبوا‬
‫نليمة‪ ،‬فإن أبوا الجزين‬
‫نل الطرق السن‬
‫نتخدما بذلك كن‬
‫مسن‬
‫فالحرب‪.‬‬
‫جن‪ -‬موا صلة اندفاع الثورة السلمية بن فس القوة والوتيرة التي كانت‬
‫عليها في زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫هذه هي الهداف الثلثة التي جعلت أبا بكر يجتهد في بلوغها‪ ،‬ويحارب في‬
‫ثلث جبهات‪ :‬الجنوبيهة فهي الجزيرة العربيهة‪ ،‬والشرقيهة فهي العراق‪ ،‬والشماليهة‬
‫والغربية في الشام‪.‬‬

‫‪-2‬ال ستقامة د ستور القائد الجد يد‪ .‬أعلن أ بو ب كر م نذ أن ت سلم القيادة‬


‫اللتزام بال ستقامة(‪ ،)1‬وال سير في الطر يق الذي سلكه الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسلم من قبل "فاستقم كما أمرت(هود‪ ".)112 ،‬والستقامة مبدأ بل دستور صعب‬
‫التطهبيق‪ ،‬يحتاج إلى جههد ومعاناة إل على الذيهن آمنوا بال ورسهوله‪ ،‬وأيقنوا‬
‫ب صدق هذا المبدأ أو صلحيته للقيادة‪ .‬وطلب أ بو ب كر من الش عب أن يعي نه إن‬
‫استقام‪ ،‬وأن يقوّمه إذا زاغ(‪ .)2‬ومن الطبيعي أن يتبع الستقامة في كل أموره لنه‬
‫ن شأ علي ها‪ ،‬وتر بى في مدر سة تم جد هذا الد ستور وتطب قه‪ .‬وكان يو صي قاد ته‬
‫الع سكريين بالعدل وال ستقامة والبتعاد عن الظلم‪ ،‬وكان يقول‪" :‬وا ستعمل العدل‪،‬‬
‫وباعد عنك الظلم والجور‪ ،‬فإنه ل أفلح قوم ظلموا‪ ،‬ول نصروا على عدوهم(‪")3‬‬

‫لول مرة في تار يخ العرب‪ ،‬ي ضع أ بو ب كر أ سس الديموقراط ية الشعب ية‪،‬‬


‫ويجعل للشعب سلطة الرقابة‪ ،‬فإذا زاغ قوّموه‪ ،‬وإذا استقام أعانوه؛ لكنه لم يشكل‬
‫المؤ سسات الشعب ية لتتولى مراق بة العمال‪ ،‬فح صرها ف قط في الش عب‪ ،‬وج عل‬
‫نفسه قواما وحيدا‪ ،‬ليس له مايقيده(‪.)4‬‬

‫‪-3‬وضوح الهدف‪ .‬مع تحديد الهدف كان أبو بكر واضح الهدف‪ .‬وكانت‬
‫الهداف السهتراتيجية ماثلة أمامهه واضحهة‪ ،‬ليميهل عنهها وليحيهد‪ ،‬ول يرده‬
‫الرجال ولو اجتمعوا‪ ،‬ول ت قف أما مه العوائق على شدت ها و صعوبتها‪ .‬ف هو الذي‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،183 ،3/182 :‬ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/14 :‬ابن‬ ‫‪1‬‬

‫واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/106 :‬‬


‫() ابن هشام‪ -‬السيرة الذاتية‪ ،2/661 :‬الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/450 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/4 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() وجدي‪-‬دائرة معارف القرن العشرين‪.2/323 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪194‬‬
‫و ضع هدفا ا ستراتيجيا و هو محار بة المرتد ين‪ ،‬لم يأ به بالقوال ال تي قيلت‪ ،‬ولم‬
‫يسمع للمقربين من أصحابه‪ ،‬ومضى يقاتل في سبيل هذا الهدف‪ ،‬فسير الجيوش‪،‬‬
‫وع ين القادة‪ ،‬ور مى ب كل ثقله‪ ،‬ل تهزه الحداث‪ ،‬ول يؤ ثر به مؤ ثر‪ ،‬باذلً ب كل‬
‫ل لجاهدتهم‬‫مايستطيع من جهد وعناء‪ ،‬مصمما على البلوغ‪" :‬وال لو منعوني عقا ً‬
‫ل بقوله لخالد بهن‬‫عليهه(‪ ")1‬وكذلك كان أبهو بكهر واضحا فهي فتوح العراق متمث ً‬
‫الوليهد‪" :‬سهر إلى العراق حتهى تدخلهها‪ ")2(..‬وفهي فتوح الشام متمث ً‬
‫ل بقوله‪..." :‬‬
‫فتجهزوا عباد ال إلى غزو الروم بالشام‪.")3(...‬‬

‫‪ -4‬الجود بالمال‪ .‬إن بذل المال جزء من إرادة القتال‪ ،‬فل قد أن فق أ بو ب كر‬
‫ماله قبل الهجرة وبعدها‪ ،‬وقبل الفتح وبعده(‪ .)4‬وقد قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬ما أحد أم نّ علينا بصحبته وماله من أبي بكر (‪ .")5‬وقال‪" :‬مانفعنا مال قط‬
‫مانفعنها مال أبهي بكهر(‪ ،)6‬وجاء بكهل ماله فهي حيهن جاء الخرون بجزء مهن‬
‫مالهم(‪ .)7‬وليس المهم بذل المال‪ ،‬إنما الهم بذله في وقته وفي طرقه المشروعة‪،‬‬
‫وهكذا كان ي ضع أ بو ب كر المال ب ين يدي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في‬
‫أوقات الشدّة والحاجة‪ ،‬وقد فتحت له أبواب المال بعد أن تسلم الخلفة عن طريق‬
‫الغنائم وفت حه للم صار الكثيرة‪ ،‬ل كن جميع ها كان ينفق ها في وجوه ها المختل فة‪،‬‬
‫(‪)8‬‬
‫ومات وهو ليملك من المال شيئا‬

‫‪-5‬الحزم في القيادة‪ .‬تل كم صفات القيادة‪ :‬الحزم والمرو نة وال ستمرار‪،‬‬


‫فلقد تحلى أبو بكر بهذه الصفات‪ ،‬وأظهر حزمه وقوته وشدته على قتال من يغير‬
‫أو يبدل(‪ )9‬بعد موت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأظهر مرونة في معاملته‬
‫ل بقوله‪ ،‬ومعلنا للصهحابة‪ ..." :‬ماكنهت‬
‫لقادتهه العسهكريين كخالد بهن الوليهد متمث ً‬

‫() البخاري‪ -‬باب العتصــــــام‪ ،3 :‬مســــــلم‪-‬باب اليمان‪ ،32 :‬البلذري‪ -‬فتوح‬ ‫‪1‬‬

‫البلدان‪ ،103 :‬ابن واضح ‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/110 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/551 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ 4 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.39 ،38 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البخاري ‪-‬باب مناقـب النصـار‪ ،45 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقـب‪ ،15 :‬الجاحـظ‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫العثمانية‪.51 :‬‬
‫() الجميدي‪ -‬المسند‪.1/121 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الترمذي‪ -‬سـنن الترمذي‪ ،9/277 :‬الدرامـي سـنن الدرامـي‪ ،1/391 :‬البلخـي‪-‬‬ ‫‪7‬‬

‫البدء والتاريخ‪.5/177 :‬‬


‫() البخاري‪ -‬باب فضائل أصــــحاب النــــبي‪ ،3 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقــــب‪،15 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫الجاحظ ‪-‬العثمانية‪.99 ،97 :‬‬


‫() ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/27 :‬ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/110 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪195‬‬
‫لشيم سيفا‪،)1( ...‬واستمر في قتاله منذ أن بدأها في حروب الردة وحتى مؤته بعد‬
‫معركة أجنادين(‪ ،)2‬وبعد إجراء سلسلة من المعارك في بلد الشام‪.‬‬

‫إني لرى في حزم وشدة أبي بكر مال أراه في غيره من القادة حتى الذين‬
‫وصفوا بحزم كخالد‪ .‬فلقد كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يستخدم الشدة في‬
‫قتاله وتدميره كهل مايقهع عليهه(‪ ،)3‬ومهن وصهاياه‪ .." :‬وإن لم يفعلوا فل شيهء إل‬
‫الغارة‪ :‬ثهم تقتلوا كهل قتلة الحرق فمها سهواه‪ ")4(..‬وطلب مهن خالد أن ليسهتبقي‬
‫رجلً أنبت‪.‬‬

‫‪ -6‬الشجاعنة والجرأة‪ .‬كان أبهو بكهر شجاعا وجريئا فهي قول الحهق‬
‫والج هر به‪ ،‬إذ ل ما أ سلم د عا إلى ال ور سوله‪ ،‬وقال ها معلنا و صريحا‪ ،‬وماخاف‬
‫مهن بطهش قومهه الذيهن تخلفوا عهن الدخول فهي السهلم‪ ،‬وثار عليهه المشركون‬
‫فتحداهم ومكث في مكة يعبد ال حتى ضج الناس منه‪ ،‬وقد دافع عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم(‪ ،)5‬ودفع عقبة بن معيط عنه(‪.)6‬‬

‫وكان شجاعا فهي ضرب السهيف‪ ،‬وفهي المواقهف الصهعبة التهي تحتاج إلى‬
‫إقدام وتضحية‪ ،‬فقد وقف بباب العريش مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في‬
‫معر كة بدر يدا فع ع نه‪ ،‬ف من كان يقترب من م قر القيادة‪ ،‬ف هو يقترب من ب طش‬
‫وجرأة أبي بكر‪ ،‬وهو الذي صمد في معركة أحد بعد أن فر من المعركة أكثر‬
‫المقاتلين(‪ ،)7‬وهو الذي حزم أمره وتصدى للعداء يوم حنين(‪.)8‬‬

‫ل مقداما عند ما أ سندت إل يه مه مة الخل فة‪ ،‬وقام المرتدون فقاتل هم‬


‫وكان بط ً‬
‫بشجا عة‪ ،‬و حث مجلس الدفاع‪ ،‬وقادة الجيوش على محاربت هم‪ ،‬وكان م ستعدا أن‬
‫يدخلهها حربا لهوادة فيهها وحده‪ ،‬غيهر مبال ولمكترث بعواقبهها(‪ ،)9‬وتصهدى‬

‫() البلذري‪ -‬فتوج البلدان‪ ،136 :‬ابن خلكان‪ -‬وفيات العيان‪.2/172 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوج البلدان‪ ،157 :‬ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/521 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ الم والملوك‪ 2/489 :‬ومابعدها‪.518 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/502 :‬ابن خياط‪ -‬تاريخ ابن خياط‪.100 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.26 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابــن الثيــر‪ -‬أســد الغابــة فــي معرفــة الصــحابة‪ ،3/212 :‬الســيوطي ‪-‬تاريــخ‬ ‫‪6‬‬

‫الخلفاء‪ ،26 :‬شلبي‪ -‬اشتراكية أبي بكر‪.54 :‬‬


‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،2/42 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الدرر‪ ،158 :‬النووي‪ -‬تهذيــب‬ ‫‪7‬‬

‫السماء واللغات‪.2/1/184 :‬‬


‫() ابن سعد الطبقات‪.2/151 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،2/153 :‬القرطبي‪ -‬تفسير القرطبي‪.2/464 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪196‬‬
‫للفرس والروم بآن واحد‪ ،‬وجرّأ العرب على قتال هاتين الفئتين الكبيرتين‪ ،‬وسئل‬
‫علي بن أبي طالب عن أشجع الناس فقال‪" :‬أبو بكر"(‪ )1‬وقال ابن مسعود‪" :‬لقد قمنا‬
‫ن ال علينا بأبي‬‫بعد رسول صلى ال عليه وسلم مقاما كدنا نهلك فيه‪ ،‬لول أن م ّ‬
‫ب كر‪ ،‬اجت مع رأي نا جميعا على أن لنقا تل‪ )2("..‬و قد أشارت عائ شة ب نت أ بي ب كر‬
‫إلى هذا المعنى أيضا(‪.)3‬‬

‫‪ -7‬الفراسة‪ .‬لبي بكر أقوال تدل على الفراسة‪ ،‬وأمثال تدل على الحكمة‬
‫والتروي والرؤية الحقة‪ .‬ومن أقواله‪" :‬فمن أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها‬
‫أو أخي ها فإن ها تأت يه بأحده ما‪)4(".‬و هو الذي كلف سههيل بن عمرو حيهن ارتدت‬
‫العرب‪ -‬حيهن هاج أههل مكهة وكادوا يفتنون‪ -‬أن يخطهب فيههم لعلمهه ببلغتهه‬
‫وفصاحته‪ ،‬فقام فيهم خطيبا وأقنعهم(‪ .)5‬وتعتبر تولية خالد بن الوليد للقيادة فراسة‬
‫هاجم به المرتدين والفرس والروم‪ ،‬ويعتبر اختيار عمر بن الخطاب لتولي قيادة‬
‫المؤمن ين من بعده فرا سة أكملت الف تح‪ ،‬وامتدت إلى أقا صي الدن يا(‪ .)6‬و في هذا‬
‫يقول ابهن مسهعود‪" :‬أفرس الناس ثلثهة‪ :‬المرأة التهي جاءت على اسهتحياء حيهن‬
‫قالت لبي ها في مو سى يا أ بت ا ستأجره إن خ ير من ا ستأجرت القوي الم ين‪،‬‬
‫وامرأة العز يز‪ ،‬وأ بو ب كر في ع مر‪)7(".‬وقال آخرون بهذا المع نى(‪ ،)8‬وكذلك ل ما‬
‫وفدت ثق يف على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أمّر علي هم عثمان بن أبهي‬
‫العاص وكان من أحدث هم سنا‪ ،‬فقال أ بو ب كر لر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫متفرسها فهي هذا الغلم‪")9( :‬إنهي قهد رأيهت هذا الغلم فيههم مهن أحرصههم توليهه‬
‫ل من قريش‪ ،‬لنه كان يعلم يقينا أنه‬ ‫الخلفة وإصراره على أن يكون الخليفة رج ً‬
‫لو استلمت النصار هذه المهمة فسوف يختلف الوس مع الخزرج وتعود العداوة‬
‫والشحناء بين هاتين الفئتين‪ ،‬لذلك بادر إلى ترشيح نفسه بعد أن كان محجما عن‬
‫تولي هذه المهمة(‪.)10‬‬

‫() الســيوطي‪ -‬تاريــخ الخلفاء‪ ،26 :‬الحلبــي‪ -‬الســيرة الحلبيــة‪ 2/166 ،‬الكانــد‬ ‫‪1‬‬

‫هلوي‪ -‬حياة الصحابة‪.1/557 :‬‬


‫() ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/15 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.131 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن خياط ‪-‬تاريخ ابن خياط‪ ،102 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/305 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.239 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الزبيري‪-‬نسب قريش‪.418 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪ ،94 ،86 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/182 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.86 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن الجوزي‪ -‬تاريخ عمر بن الخطاب‪ ،52 :‬الدواداري‪ -‬الدّر الثمين‪.3/170 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/365 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() الخضري‪ -‬تاريخ المم السلمية‪.1/159 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪197‬‬
‫ل قد را فق فرا سة أ بي ب كر حدة ذكائه‪ ،‬وتو قد فه مه‪ ،‬وبر يق فطن ته‪ ،‬فأ صبح‬
‫يل مح المور‪ ،‬وي ستشف خفايا ها‪ ،‬ويحلل مواد ها‪ ،‬وي سبر أ سرارها‪ ،‬فهو إن اطلع‬
‫على شيء فهمه‪ ،‬وإن عرضت عليه مسألة أفتى بها وأوضحها‪ ،‬كما رافق هذه‬
‫الفرا سة نشاط فطر ته الدين ية ال تي كش فت له الحقي قة عن ال والنبوة‪ ،‬فوعاه ما‪،‬‬
‫واستم ّد منهما كل مايوصله إلى الفراسة‪ ،‬وأخيرا فقد رافق فراسة أبي بكر قلب‬
‫كبير مفت حة له أبواب ال سماء‪ ،‬مضاءة له أع ين المب صرين‪ ،‬نظ يف من شوائب‬
‫الجاهلية ونزعاتها الخرافية‪.‬‬

‫‪-8‬النظر الثاقب‪ .‬بصيرة متفتحة‪ ،‬وبصر حديد أوتيه أبو بكر الصديق‪ ،‬فما‬
‫كان يعرض عليه من أمر إل تكلم به بصدق قول‪ ،‬وعمل به بيقين فعل‪ .‬فها هو‬
‫يعلن موت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم دون تردد(‪ ،)1‬ويعلن القتال دون تردد‬
‫على الذ ين فرّقوا ب ين ال صلة والزكاة‪ ،‬ويرد على أ صحابه الذ ين اعترضوا على‬
‫القتال بشدة لنه رأى ماليرون‪ ،‬وب صر بما لم يب صروا‪ .‬إن النظر الثا قب راف قه‬
‫تأك يد وت صميم وا ستعداد ووضوح بح يث أ ثر على مرؤو سيه فجر هم إلى مايراه‬
‫ومايقرره‪ ،‬ف هو يحلف بال ليقا تل كل من كان متنكبا عن الطر يق الم ستقيم بم نع‬
‫الزكاة‪ ،‬أو عدم القيام بواج به(‪ .)2‬إ نه ن ظر فرأى أن يحارب الفرس والروم‪ ،‬فل قن‬
‫هؤلء در سا قا سيا‪ ،‬وكا نت نظر ته في محل ها‪ ،‬ك ما أدب القبائل العرب ية اللخم ية‬
‫المتحالفة مع العدو(‪.)3‬‬

‫وبذلك أثبتهت الوقائع كلهها‪ ،‬والمور جميعهها‪ ،‬صهدق نظره‪ ،‬وصهحة عمله‪،‬‬
‫وصواب قراره‪ ،‬وحدة بصيرته‪.‬‬

‫‪ -9‬القرار السريع الصحيح‪ .‬مع سرعة القرار‪ ،‬كان القرار صحيحا‪ ،‬ذلك‬
‫أن أبها بكهر اسهتند على المعلومات الصهحيحة‪ ،‬وعلى الرؤيهة الواضحهة‪ ،‬وعلى‬
‫الرادة القويهة‪ .‬وعندمها هوجمهت المدينهة خرج بسهرعة إلى القبائل وردهها على‬
‫(‪)4‬‬
‫أعقابها‪ ،‬بعد أن أمر بقية الصحابة أن يبقوا في مكانهم بقوله‪" :‬الزموا أماكنكم‪".‬‬

‫() الطري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/443 :‬اليافعي‪ -‬الجنان‪.1/97 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أبــو يعلى‪ -‬مســند أبــي يعلى‪ ،1/69 :‬ابــن قتيبــة‪ -‬المامــة والســياسة‪،1/14 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫البلخي ‪-‬البدء والتاريخ‪.5/152 :‬‬


‫() هاري وهازارد‪ -‬أطلس التاريخ السلمي‪.6 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/477 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/131‬‬
‫‪198‬‬
‫و هل للقرار ال ستراتيجي في ف تح العراق دور كبير في النت صار؟ نقول‪:‬‬
‫ن عم ل نه كان في وق ته و في ظرو فه المحي طة به‪ ،‬وكذلك قرار ف تح الشام‪ ،‬ف هو‬
‫قرار سريع صحيح أدى إلى تجميع الجيوش‪ ،‬وإلى توحيدها تحت قيادة واحدة‪.‬‬

‫‪ -10‬المبادأة‪ .‬كان أبهو بكهر يبادئ قبهل أن يبدأ العدو‪ ،‬ويباغهت قبهل أن‬
‫يباغته‪ ،‬ويفاجئ قبل أن يُفاجأ‪ ،‬ويدرك العدو قبل أن يدركه‪ ،‬ومافاته خصمه في‬
‫ش يء‪ ،‬بل كان يفوت عل يه‪ ،‬ويح بط عمله وهجو مه‪ .‬ول قد دلت حرو به على أ نه‬
‫رجهل قادر على المبادأة‪ ،‬وهاههم المرتدون الذيهن هموا بالهجوم على المدينهة‪،‬‬
‫واجتم عت قبائل من ب ني ع بس وب ني ب كر وذبيان من الج هة الشمال ية الشرق ية‬
‫للمدينة‪ ،‬لكن أبا بكر استنفر قوات المدينة بشكل سري‪ ،‬ونظم جيشا‪ ،‬وجعل ميمنة‬
‫ومي سرة و ساقة وفا جأ المرتد ين الذ ين لم يكونوا يتوقعون هذا الهجوم المبا غت‪،‬‬
‫فشتت هم وفرق جمع هم‪ ،‬وعاد إلى المدي نة(‪ .)1‬هذه المبادأة مهدت الطر يق للجيوش‬
‫وللقيادة العسكرية التي أرسلها أبو بكر فيما بعد‪ ،‬ثم وضعت في فكر القياديين أن‬
‫لمناص من التصدي لهذه الفئة ومحاربتها حتى ترجع إلى دينها أو تقتل‪ .‬وكذلك‬
‫المبادأة ال تي قام ب ها ح ين أعلن الحرب على فارس‪ ،‬ولم ت كن قيادة فارس تتو قع‬
‫مثهل هذا الهجوم‪ ،‬وكذلك الروم فقهد غرتههم كثرتههم وتقنيهة عتادههم وأسهلحتهم‪،‬‬
‫وظنوا أن العرب ولن يفكروا لن ويجرأوا على مهاجمهة الروم‪ ،‬أو التحرش ب هم‪،‬‬
‫وفاجأ هم أ بو ب كر بتوج يه الجيوش العرب ية إلى ديار هم‪ ،‬واشت بك مع هم في عدة‬
‫معارك‪.‬‬

‫‪ -11‬العقنل‪ .‬إذا اختلف الصهحابة فهي أمهر رجعوا إليهه‪ ،‬وإن أبدى رأيهه‬
‫غا بت الراء كل ها‪ ،‬وإن ا ستشير فأشار لم يظ هر فوق ا ستشارته عا قل أو مف كر‪،‬‬
‫وإن بدت له فكرة محّصها ثم صمم على التمسك بها ‪ .‬لقد دلت سيرته على أنه‬
‫صاحب ع قل ورو ية‪ ،‬ورأي سديد‪ ،‬وقول صادق ل ر يب ف يه ول شكوك‪ .‬وكان‬
‫في هذا من الثقات الذ ين اتّبِعوا في قول هم وأعمالهم‪ ،‬فإذا تكلم بش يء تب عه الناس‬
‫(‪)2‬‬
‫مطمئنين‪ ،‬وإذا سلك سلوكا اقتفوا أثره فهو‪" :‬أسد الصحابة رأيا وأكملهم عقلً‪".‬‬
‫وهو " صاحب الرأي والمشورة‪ )3(".‬وقد رافق هذا العقل تلك الحكمة التي ردت‬
‫المور إلى نصابها‪ ،‬ومكّنت أبا بكر من أن يضع المر في موضعه‪ ،‬وقد وصف‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/479 :‬ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/107 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.30 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حزم‪ -‬المفاضلة بين الصحابة‪.231 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪199‬‬
‫بأنه حكيم(‪ ،)1‬وكان "أرجح الناس إيمانا‪ ،‬وأثقلهم ميزانا‪.)2(".‬‬

‫‪ -12‬التفرغ للقيادة‪ .‬إن مبدأ التفرغ سارت عل يه ال مم القدي مة والحدي ثة‪،‬‬


‫فل يسهتطيع قائد مهمها أوتهي مهن النشاط والحيويهة أن يسهتلم أمهر الرعيهة‪ ،‬وأن‬
‫ل تجاريا أو زراعيا أو صناعيا‪ .‬فمن أجل نجاح القيادة لبد من‬ ‫يمارس معه عم ً‬
‫التفرغ لها‪ ،‬والنشغال بها وحدها دون غيرها‪ ،‬وقد ث بت فشل القيادة ح ين يكون‬
‫ل بغير ها من أعمال‪ .‬إن أ با ب كر ل ما ولي أ مر الم سلمين‪ ،‬ودا نت له‬ ‫القائد مشغو ً‬
‫(‪)3‬‬
‫القيادة‪ ،‬كان تاجرا يبيع الثواب والملبس للناس‪ ،‬وكانت له قطعة غنم يرعاها‬
‫ويحلب ها‪ ،‬كذلك يحلب للناس أغنام هم‪ ،‬وكان تاجرا مو سرا(‪ ،)4‬فأشار عل يه مجلس‬
‫(‪)5‬‬
‫القيادة بترك هذا العمهل والتفرغ لعمال القيادة فقال‪" :‬مهن أيهن أطعهم عيالي؟"‬
‫حدّد له را تب من الخزينة يكفيه ويك في عياله‪ ،‬وهكذا انقطع القائد عن التجارة‪،‬‬ ‫فُ‬
‫وتفرغ للقيادة‪ ،‬فيصهرف كهل أوقاتهه‪ ،‬ويجعهل كهل تفكيره فهي أمهر الناس‬
‫والمرؤو سين‪ ،‬فكان ليأ خذ إلّ كفاي ته‪ ،‬واحترف للناس‪ ،‬وترك حرف ته وقال‪" :‬ل قد‬
‫علم قو مي أن حرف تي لم ت كن تع جز عن مؤو نة أهلي‪ ،‬وشغلت بأ مر الم سلمين‪،‬‬
‫ف سيأكل آل أ بي ب كر من هذا المال وأحترف للم سلمين ف يه‪ )6(".‬فكان أول خلي فة‬
‫يتفرغ لشؤون الدولة(‪ .)7‬وظل طوال السنتين ونيف على أحسن مايكون القائد‪ ،‬فقد‬
‫قا تل أ هل الردة‪ ،‬وحارب الفرس والروم وانت صر في كل معر كة‪ ،‬ذلك ل نه ك ما‬
‫قال‪" :‬ل وال ما يصلح أمر الناس التجارة‪ ،‬وما يصلح لهم إل التفرغ والنظر في‬
‫شأنهم‪ )8(".‬فقد كان يقف بعدها على كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬يجلس في الناس فينظر‬
‫فهي ظلمتههم‪ ،‬ويحضهر الجيوش‪ ،‬ويجههز التشكيلت القتاليهة‪ ،‬ويطوف بالمهة‪،‬‬
‫ينظر مايحسن شأنها‪ ،‬ويرفع عزتها وكرامتها‪ .‬فلقد كان يشعر بعظم المسؤولية‪،‬‬
‫طوّقت عظيما من المر"(‪ .)9‬ولما حضرته‬ ‫وبكبر المر الملقى على عاتقه قائلً‪ُ " :‬‬
‫الوفاة لم يوجد عنده شيء من المال غير لقحة ومحلب وغلم دفعهم إلى عمر بن‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.39 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.40 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.25 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،21 :‬حسين ‪-‬الشيخان‪.99 ،98 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/184 :‬الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪.1/386 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب البيوع‪ ،15 :‬ناصــف‪ -‬التاج الجامــع للصــول‪ ،2/94 :‬شلبــي‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫اشتراكية أبي بكر‪13 :‬ـ هيكل‪ -‬الصديق‪.32 :‬‬


‫() أبـــو هلل العســـكري‪ -‬الوائل‪ ،215 ،1/211 :‬الســـيوطي ‪-‬الوســـائل إلى‬ ‫‪7‬‬

‫مسامرة الوائل‪.97 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/186 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/187 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪200‬‬
‫الخطاب(‪ ،)1‬بدليهل أن المال الذي فرض له يكاد ليكفيهه إل كفافا‪ ،‬وفوق كهل ذلك‬
‫فقد أوصى أن يرد ماتبقى من هذا المال إلى القائد الذي تسلم بعده والذي أعجب‬
‫بهذا اللتزام فأثنى عليه وقال خيرا(‪ ،)2‬وبهذا اللتزام فقد ألزم من بعده‪ ،‬التقيد بما‬
‫كان عليه‪ ،‬والتفرغ للقيادة كما تفرغ‪.‬‬

‫وبهذا فل ينب غي لمقا تل أن يشت غل بع مل يشغله عن القتال‪ ،‬إذ يح ظر على‬


‫المجاههد أن يشتغهل فهي التجارة أو الزراعهة أو فهي غيهر ذلك‪ .‬وقهد حذر القائد‬
‫العلى ومجلس القيادة مهن مغبهة هذا المهر حتهى عدّوه مهن الرتداد(‪ .)3‬وبذلك‬
‫أصبح هذا الجيش محترفا مفرّغا لمهمة القتال‪ ،‬وهذا هو سر قوته‪ ،‬وانتصاراته‪.‬‬

‫‪ -13‬القيادة المركزيّنة‪ .‬شكلت القيادة المركزيهة للجيوش العربيّهة فهي‬


‫المدي نة المنورة من أ بي ب كر القائد العلى رئي سا وعضو ية كل من ع مر بن‬
‫الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن‬
‫بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد ال(‪ )4‬وغيرهم‪ .‬مهمة القيادة هذه‬
‫وضهع الخطهط الحربيهة وإعلن الحرب وانتقاء القادة‪ ،‬وقيادة الجيوش‪ .‬وكانهت‬
‫آراء واقتراحات العضاء غيهر ملزمهة للقائد العلى إذ كانهت تعتهبر مهن قبهل‬
‫السهتشارة واسهتنارة المور أمام أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬الذي كان يسهتمد مهن هذه‬
‫القيادة كهل فكرة أو اقتراح مبتكهر‪ .‬بهذا اسهتطاع أن يديهر الجيوش بعقول نيرة‬
‫وبقيادة قادرة للتصهدي ليهة معضلة صهغرت أم كهبرت‪ ،‬ولصهدار قرارات‬
‫صحيحة م ستنيرة بهدي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم وب ما جاء به‪ ،‬ولتقد يم‬
‫الخهبرة التهي اكتسهبتها فهي المعارك مهن قبهل والتجارب التهي مرت عليهها فهي‬
‫الفترتين الجاهلية والسلم‪ .‬كان كل عضو يدلي برأيه بكل صراحة ووضوح‪ ،‬ثم‬
‫ينا قش رأ يه‪ ،‬ويعرض على القيادة مجتم عه‪ ،‬ك ما عرض الزب ير بن العوام فكرة‬
‫غزو الشام‪ .‬وقهد تضطهر هذه القيادة تعييهن أحهد أعضائهها ليكون قائدا لحهد‬
‫التشكيلت أو الجبهات كتعي ين الزب ير للقتال في أرض الشام(‪)5‬ومعاو ية بن أ بي‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/192 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ 3/192 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الكاند هلوي‪ -‬حياة الصحابة‪.1/483 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابــن واضــح‪ -‬تاريــخ اليعقوبــي‪ ،2/107 :‬ابــن دحلن‪ -‬الفتوحات الســلمية‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.1/35‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/594 :‬ابـن عسـاكر تهذيـب تاريـخ دمشـق‬ ‫‪5‬‬

‫الكبير‪.5/355 :‬‬
‫‪201‬‬
‫سفيان(‪.)1‬‬

‫اتخذ أبو بكر جميع التدابير لجعل القيادة مركزية في المدينة‪ ،‬فهو الذي سيّر‬
‫ألوية الردة‪ ،‬وأمر قادتها أن يرجعوا إليه في كل أمر يتطلب قرارا‪ ،‬وأن يستأذنوه‬
‫إذا فرغوا مهن مهمتههم التهي يمكهن أن نطلق عليهها فهي الوقهت الحاضهر مهمهة‬
‫مباشرة ومهمهة تاليهة‪ .‬وعنهد النتقال مهن مرحلة إلى مرحلة‪ ،‬أو مهن مهمهة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬أو اسهتئناف القتال فيمها إذا فرغوا مهن مهماتههم (المباشرة‪ ،‬اللحقهة‪،‬‬
‫التال ية‪ )..‬علي هم أن يعودوا إل يه لتلقهي مهمات جديدة‪ ،‬وهذا ما يحدث فهي وقتنها‬
‫الحاضر‪ ،‬بهذا يستطيع القائد العلى أن يكون بصورة الموقف تماما ويسند المهام‬
‫في وقتها‪ ،‬ويوجه القادة طبقا للمعطيات الجديدة كأن يجمع جيشين أو أكثر بجيش‬
‫وا حد‪ ،‬أو يطلب من الول تغي ير جهده الرئي سي أو اتجا هه‪ ،‬أو تبد يل أو تعد يل‬
‫مهامه‪.‬‬

‫‪ -14‬التجميع والتفوق الستراتيجيين‪ .‬التجميع هو حشد جميع الجيوش‬


‫أو جزء منها و جعلها تحت قيادة واحدة‪ .‬والتجميع ليس تشكيلً نظاميا؛ إنما هو‬
‫مجمو عة جيوش (تشك يل) تش كل بمجوع ها قوة كبيرة ضار بة‪ ،‬ول يس ل ها ح جم‬
‫معين؛ إنما هي تهدف إلى التفوق على العدو في اتجاه معين‪.‬‬

‫ف في حروب الردة أ مر أ بو ب كر بج مع جيش ين فأك ثر إذ أ صدر أوامره أن‬


‫يل حق شرحبيهل بعكرمهة ويقاتل بنهي حنيفهة(‪ ،)2‬كمها أ مر شرحب يل أن يكون مع‬
‫عمرو بن العاص لقتال قضا عة(‪ ،)3‬ك ما أ مر المث نى بن حار ثة الشيبا ني وحرملة‬
‫بن مري طه ومذعور بن عدي و سُلمى بن الق ين التمي مي أن ينضموا إلى خالد(‪.)4‬‬
‫وفي حروب الجبهة الشمالية أمر أن تجمع الجيوش المرسلة إلى الشام تحت قيادة‬
‫واحدة‪ ،‬وبقوة مطر قة كبيرة ح يث عزز الجيوش بقوى وو سائط‪ ،‬ك ما ع ين ل ها‬
‫القيادات المختلفهة‪ ،‬وعيهن بنفهس الوقهت قائدا عاما(‪ )5‬فدفهع يزيهد بهن أبهي سهفيان‬
‫وشرحب يل بن ح سنة وعمرو بن العاص وأ با عبدة بن الجراح(‪ ،)6‬وأخيرا ج يش‬
‫خالد الذي أمره أن يسير من العراق ويلتحق بسرعة وقال لهم‪" :‬اجتمعوا فتكونوا‬

‫() البلذري‪ -‬فتوج البلدان‪ ،116 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/155 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/480 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/137‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.505 ،2/504 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.3/93 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،140-1/133 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/156 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.150 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪202‬‬
‫ع سكرا واحدا"(‪ )1‬وأمّر علي هم قائدا واحدا هو خالد بن الول يد(‪ .)2‬و ما كادت هذه‬
‫الجيوش تتج مع في منط قة اليرموك ح تى حشدت القوات الروم ية حشود ها‪ ،‬وبدا‬
‫عليهها التفوق بالقوى والوسهائط‪ ،‬ولكهن الجيهش العربهي السهلمي كان متفوقا‬
‫بالروح المعنوية العالية‪ ،‬وبالقيادة المبدعة‪ ،‬وبالتنسيق والتعاون‪ ،‬والخفة والحركة‬
‫هي القتال (نظام‬
‫هاليب جديدة فه‬ ‫هي الميدان‪ ،‬والمطاردة‪ ،‬وابتكار أسه‬ ‫هريعة فه‬‫السه‬
‫الكراد يس) في معر كة اليرموك‪ ،‬وتجزئة القوات المعاد ية إلى أجزاء أ قل بح يث‬
‫يحصل التفوق عليها كما في معركة أجنادين‪.‬‬

‫قد يكون التج مع على اتجاه وا حد‪ ،‬أو على عدة اتجاهات‪ ،‬وذلك ح سب قوة‬
‫العدو وإمكانات ال صديق‪ ،‬ف قد أر سل أ بو ب كر إلى جب هة العراق خالد بن الول يد‬
‫وعياض بن غنم‪ ،‬كما أرسل إلى جبهة الشام أبا عبيدة بن الجراح‪ ،‬ولمّا علم أن‬
‫الروم يشكلون خطرا كهبيرا على الجبههة الشماليهة اسهتدعى فورا جيوش الجبههة‬
‫الشرقية لتجتمع كلها في اليرموك‪.‬‬

‫‪-15‬المحافظة على وحدة الف كر والعقيدة في الج يش‪ .‬م نذ ا ستلم أ بي‬
‫بكر القيادة العليا في الجيش‪ ،‬أمر أن يكون أفراد الجيش جميعا من عقيدة واحدة‬
‫وفكر موحد‪ ،‬فل يوجد في الجيش عابد وثن‪ ،‬أو منافق أو مرتد‪ .‬وقد شدد على‬
‫المرتديهن فل يدخلوا الجيهش أو يشاركوا فهي القتال(‪ ،)3‬حتهى ولو كان ذلك بعهد‬
‫عودتهم وبعد إيمانهم لنهم قوم مشكوك في عقيدتهم‪ ،‬وحتى يرد إليهم اعتبارهم‬
‫فلبهد مهن اختبارههم ولو لفترة مهن الزمهن‪ ،‬يُقررّ فهي نهايتهها‪ -‬على ضوء هذا‬
‫الختبار تكليفههم بمهام قتاليهة‪ ،‬وقبولههم فهي صهفوف الجيهش‪ ،‬أو رفضههم جملة‬
‫وتفصيلً؛ ولسيّما أن أبا بكر كان يعلم أن العراب وقبائل البادية ستتظاهر في‬
‫الرجوع إن رأت قوة‪ ،‬وسهتتفلت إن رأت ضعفا‪ ،‬وسهيظهر السهلم على لسهانها‬
‫فقط دون أن يدخل في قلبها اليمان كقبيلة بني أسد التي فضحها القرآن وأظهر‬
‫بواطنها‪" :‬قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان‬
‫في قلوب كم‪ )4("..‬و من توجيهات القائد العلى إلى قائدي الجب هة العراق ية خالد بن‬
‫الوليد وعياض بن غنم‪" :‬أن استنفروا من قاتل أهل الردة ومن ثبت على السلم‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.2/590 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/602 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/407‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/554 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/147‬‬
‫() سورة الحجرات‪ -‬اليات‪ ،17-14 :‬وجدي‪ -‬المصحف المفسر‪.687 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪203‬‬
‫يغزونه معكهم أحهد ارتهد حتهى أرى‬
‫ّ‬ ‫بعهد رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم ول‬
‫رأيي‪ )1(".‬وبقي المرتدون بعيدين عن الدخول في القوات المسلحة والمشاركة في‬
‫القتال طوال خل فة أ بي ب كر ال صديق وب عد مو ته‪ ،‬وب عد إلحاح من المث نى الذي‬
‫كان يتعاطف مع الذين تابوا واتبعوا سبيل الحق واختبروا سمح عمر بن الخطاب‬
‫لهذا القائد أن يسهتعين بههم فهي قتال فارس(‪ .)2‬هذا على مسهتوى الجنود وقادة‬
‫الوحدات ال صغرى؛ أ ما على م ستوى قادة الجبهات والتشكيلت‪ ،‬فإن أ با ب كر لم‬
‫يعين سوى الذين ثبتت هجرتهم وقدمهم في السلم فقد أرسل أحد عشر تشكيلً‬
‫إلى جهات مختلفهة‪ ،‬كلههم مهن الذيهن تميزوا بوحدة الفكهر والعقيدة وكلههم مهن‬
‫أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وكذلك المر في قادة جبه تي العراق‬
‫والشام‪.‬‬

‫‪ -16‬الصطفاء‪ .‬أو الختيار مبدأ اتبعه أ بو بكر في قيادته‪ ،‬فهو ي صطفي‬


‫من القادة خيارهم‪ ،‬ومن الجند والمقاتلين أكثرهم إيمانا وعقيدة‪ ،‬فهو بذلك يشرك‬
‫في القتال أولئك الذين ليس عليهم شائبة من دين‪ ،‬أو مس في كرامة‪ ،‬أوهفوة في‬
‫مسيرتهم‪.‬‬

‫اشترط فهي القادة أن يكونوا مهن الذيهن لههم سهابقة فهي السهلم‪ ،‬ومهن‬
‫المهاجر ين الول ين‪ ،‬و من أ صحاب ال خبرة في الحروب والشدة في القتال‪ ،‬و من‬
‫الذين ولهم الرسول صلى ال عليه وسلم من قبل وظائف قيادية أو إدارية‪ ،‬كما‬
‫اشترط في المرؤو سين أل يكونوا من المرتد ين‪ ،‬أو المنافقين‪ ،‬أو من الفرس‪ ،‬أو‬
‫من الروم الذ ين احتلت أراضي هم ودخلوا ت حت الح كم ال سلمي وحماي ته‪ ،‬وأن‬
‫يكونوا من الذين يحملون إرادة القتال‪ ،‬ويبذلون المال والنفس‪ ،‬ويجاهدون في ال‬
‫حق جهاده‪ ،‬وأن يكونوا من الثابتين على السلم وإن تعرضوا للمحن والبتلء‪.‬‬

‫إذا استعرضنا قادة الردة والفتوح الذين قاتلوا المرتدين في الجزيرة العربية‪،‬‬
‫وفتحوا بلد فارس والشام نرى أنهم قد اتصفوا بالصفات التي تؤهلهم للقيادة التي‬
‫اشترطها أبو بكر‪ ،‬فعكرمة بن أبي جهل من المهاجرين وإن كانت هجرته جاءت‬
‫متأخرة‪ ،‬وههو الذي وله رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم على جمهع صهدقات‬
‫هوازن(‪ ،)3‬وعمرو بهن العاص مهن المهاجريهن الوليهن ومهن قريهش‪ ،‬وله ماض‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/605 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/166‬‬
‫‪204‬‬
‫مجيهد‪ ،‬وعراقهة كهبيرة فهي الجهاد والقيادة(‪ ،)1‬وخالد بهن سهعيد بهن العاص أموي‬
‫قرشهي(‪ ،)2‬وخالد بهن الوليهد المخزومهي القرشهي الذي حاز على جميهع الصهفات‬
‫وغير هم من القادة‪ .‬وكان أ بو ب كر يف ضل القر شي من القيادي ين إذا و جد على‬
‫غيره من القبائل أو النصار في المدينة(‪.)3‬‬

‫ي ستبعد من ال صطفاء كل المرتد ين‪ ،‬و كل من لم ي كن م سلما وثابتا على‬


‫دينه‪ ،‬وجميع الذميين الذي يدفعون الجزية لقاء الدفاع عنهم وحمايتهم‪ ،‬وإذا انتفت‬
‫صفة الدفاع هذه فلجز ية علي هم‪ ،‬ورد الم سلمون ل هل ح مص ماكانوا قد أخذوه‬
‫من الخراج عندما توجهوا لقتال الروم في اليرموك(‪.)4‬‬

‫‪-17‬التوازن فني التخطينط والتنفينذ‪ .‬كان لدى أبهي بكهر على مسهتوى‬
‫القيادة العامهة قادة عرفوا بالعقهل والتدبر‪ ،‬والتخطيهط والتنظيهم أمثال عمهر بهن‬
‫الخطاب وعثمان وعلي وسهعد بهن أبهي وقاص وطلحهة وغيرههم(‪ ،)5‬وقادة عرفوا‬
‫بالتنفيهذ المبدع والهجوم السهريع وت طبيق مبادئ الحزب ببدي هة وحسهن تصهرف‬
‫أمثال أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد‪ ،‬ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن‬
‫ح سنة وعمرو بن العاص(‪ .)6‬ل قد تو حد مفهوم القتال ع ند الطرف ين‪ ،‬وبدا بينه ما‬
‫التعاون والتن سيق ل صالح تحق يق الهدف العام‪ ،‬كله ما يع مل في سبيل ال طبقا‬
‫للمبادئ والتعليمات والتوجيهات التهي يصهدرها القائد العلى الذي تخرج ههو‬
‫وأعضاء قياد ته المخطط ين والمنفذ ين من مدر سة واحدة‪ .‬وبهذا قل الخلف بل‬
‫انعدم‪ .‬بيهن القائد مهن جههة والقيادة مهن جههة أخرى‪ ،‬وكذلك بيهن المخططيهن‬
‫والمنفذ ين‪ ،‬و سارت المور وكأن ها بميزان وتوازن‪ ،‬م ما ساعد في إر ساء دعائم‬
‫هذه الدولة وعزز مكانت ها‪ .‬وحا فظ على م سيرتها وتطور ها في خل فة أ بي ب كر‬
‫الصديق‪.‬‬

‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/404 :‬البلذري‪ -‬فتوج البلدان‪ ،105 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪3‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪.4/4 :‬‬


‫() ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة الصــحاب‪ ،30/1188 :‬ابــن حجــر‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصابة في تمييز الصحابة‪ 5/2 :‬ومابعدها‪ ،‬ابن الثير ‪-‬أسد الغابة في معرفة‬
‫الصحابة‪ 2/420 :‬ومابعدها‪.‬‬
‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/94 :‬ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ ،2/111 :‬ابـن عبـد‬ ‫‪2‬‬

‫البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.2/420 :‬‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪4/84:‬؛ ابـن عسـاكر‪ -‬تهذيـب دمشـق الكـبير‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.1/132‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.187 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،3/113 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2/214‬ابن دحلن‪ -‬الفتوحات السلمية‪.1/35 :‬‬


‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.150 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ -18‬التخطينط والتنظينم السنتراتيجيين‪ .‬عندمها تسهلم أبهو بكهر القيادة‪،‬‬
‫وظهرت الردة و ضع خ طة كبيرة لقتال المرتد ين على م سرح الجزيرة العرب ية‬
‫كل ها‪ .‬ثم ا ستند إلى هذه الخ طة‪ ،‬ون ظم القوات الم سلحة‪ ،‬والقيادة العا مة‪ ،‬وقيادة‬
‫التشكيلت‪ ،‬وأمر بتنظ يم أ حد ع شر تشكيلً‪ ،‬وعين لكل تشك يل قائدا(‪ ،)1‬ثم أوكل‬
‫المهمات لكهل قائد‪ ،‬وحدد لههم الهداف والرض والمحور وفكرة مبسهطة عهن‬
‫العدو وإمكانا ته‪ ،‬ثم أمر هم ببدء العمال القتال ية في أزم نة مختل فة‪ ،‬و سيّر هذه‬
‫التشكيلت بعهد أن مههد لهها بدعايهة قويهة وحرب نفسهية أثرت على المرتديهن‬
‫وعزيمتههم‪ ،‬وعاد منههم إلى السهلم دون قتال مثهل طيهئ(‪ .)2‬إن التخطيهط‬
‫ال ستراتيجي قاد إلى التخطيط التكتيكي وذلك عندما طلب القائد العلى من خالد‬
‫أن يتوقف عند كل مرحلة‪ ،‬فل يبدأ بالثانية إل بعد إذن مسبق منه(‪ ،)3‬ليتمكن من‬
‫تحل يل المو قف ومراج عة ومقاط عة المعلومات الجديدة‪ ،‬وعلى أ ساسها يم كن أن‬
‫تبدأ المرحلة الثانية بعد إقرارها كما هي‪ ،‬أو تعديلها‪ ،‬أو تبديلها‪.‬‬

‫‪ -19‬التضليل الستراتيجي‪ .‬أرسل أبو بكر خالدا لقتال المرتدين‪ ،‬وبنفس‬


‫ل بذلك طيء ال تي تو جه إليها‬‫الو قت تظاهر بأنه خرج بجيش تجاه خ يبر‪ ،‬مضل ً‬
‫خالد لقتال ها‪ ،‬فاحتارت في أمر ها أ هي تنت ظر لتقا بل ج يش أ بي ب كر‪ ،‬أو تتحرك‬
‫لتقابل جيش خالد ممّا دعاها لن تتخلى عن فكرتها العدوانية‪ ،‬وأن تستجيب لنداء‬
‫خالد الذي دعاها إلى السلم‪ ،‬وأن تتخلى عن حليفها طليحة بن خويلد السدي(‪،)4‬‬
‫وكذلك التضليهل السهتراتيجي الكهبير الذي قام بهه عندمها أوههم الفرس أن القتال‬
‫سهيكون على جبههة الشام‪ ،‬وأوههم الروم أن القتال سهيكون على جبههة الفرس‪،‬‬
‫بالضافهة إلى إظهاره لهاتيهن القوتيهن على أنهه غيهر قادر على القهل أن يقوم‬
‫بهجوم وذلك لقلة عدد جنوده إذا ماقيهس بعدد الفرس أو بعدد الروم‪ ،‬ولذلك ظلوا‬
‫قابعين في ديارهم‪ ،‬مهملين لواجباتهم‪ ،‬متقاعسين عن تحضير جيوشهم‪ ،‬مما سمح‬
‫ل بي ب كر من خلل هذا التضل يل أن ي عد العدة‪ ،‬ويج هز الجيوش ويغزو فارس‬
‫والروم‪.‬‬

‫‪ -20‬تحد يد الفضليات في القتال‪ .‬ا ستلم أ بو ب كر وقام مع هذا ال ستلم‬

‫() خطاب‪ :‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.86 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/483 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/132‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/480 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابـن حجـر‪ -‬الصـابة فـي تمييـز الصـحابة‪ ،3/296 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي‬ ‫‪4‬‬

‫معرفة الصحابة‪.3/65 :‬‬


‫‪206‬‬
‫كثيهر مهن المعارضيهن‪ ،‬منههم بعهض الصهحابة المقربيهن(‪ ،)1‬وكذلك قام المتنبئون‬
‫وأصهحاب التيجان‪ ،‬والمرتدون‪ .‬كلههم يريدون أن ينالوا مهن الحكهم الجديهد‪ ،‬وأن‬
‫يسهتقلوا‪ ،‬وأن يكون لههم دولة وسهلطان(‪ .)2‬ماذا فعهل أبهو بكهر لقاء هذه الحداث‬
‫الكههبيرة التههي تهدد الوحدة‪ ،‬وتقوض دعائم الديههن؟ حدد الفضليات فبدأ أولً‬
‫بإ صلح ذات الب ين فقرب وجهات الن ظر ب ين المعارض ين‪ ،‬وطلب من ع مر بن‬
‫الخطاب وغيره أن يكونوا خير المصلحين(‪ .)3‬وبعد أن أنهى هذا الخصام‪ ،‬وقوى‬
‫الج هة الداخل ية‪ ،‬وقارب وجهات الن ظر ب ين المعارض ين‪ ،‬ت صدى كأفضل ية ثان ية‬
‫إلى المتنبئين الذين ادعوا النبوة فقاتلهم وأرسل الجيوش في طلبهم(‪ ،)4‬ثم كأفضلية‬
‫ثال ثة ج مع جم عه ود فع بقوات كبيرة إلى فارس فقاتلت وانت صرت(‪ ،)5‬وكأفضل ية‬
‫رابعة أمر الجيوش أن تلت قي لحرب الروم في الجبهة الشامية‪ ،‬وو صلت القوات‬
‫واجتمعت في معركة اليرموك(‪ .)6‬وكذلك فإن أبا بكر حدد لخالد بعد النتصار في‬
‫أجناديهن أفضليات الفتوح فقال‪" :‬وأخهبرك أن تنزل إلى دمشهق إلى أن يأذن ال‬
‫بفتح ها على يدك‪ ،‬فإذا تم ذلك ف سر إلى ح مص وأنطاك ية(‪ ،)7‬وعند ما و جه قوا ته‬
‫إلى الشام حدد أفضليهة القتال فهي هذه الحرب على سهائر الجهات فقال‪" :‬فوال‬
‫ي من رستاق عظيم في العراق(‪ .")8‬وكذلك فإنه حدد‬ ‫لقرية من قرى الشام أحب إل ّ‬
‫(‪)9‬‬
‫فهي جبههة العراق نفسهها أفضليات فقال لخالد وأمره أن يبدأ مهن أسهفل العراق‬
‫ويجعلهها كأفضليهة أولى‪ ،‬أي أن أبها بكهر كان يحدد أفضليات على المسهتوى‬
‫الستراتيجي‪ ،‬ويحدد الفضليات على المستوى التكتيكي والعملياتي ضمن الجبهة‬
‫الواحدة‪ ،‬أو ضمن المهمة الكبيرة الستراتيجية‪.‬‬

‫‪ -21‬المداد القتالي المتتالي‪ .‬يأتهي عادة هذا المداد مهن احتياج القوات‬
‫المسهلحة إلى الرجال والعتاد سهدا للسهتهلك‪ ،‬ولكمال الملكات‪ ،‬أو لتعزيهز‬
‫القوات المقاتلة‪ .‬كانهت خطهة المداد عنهد أبهي بكهر تهدف إلى إرسهال الجيوش‬
‫خلف بعض ها‪ ،‬يتخلل ها ز من ق صير أو طو يل تبعا للمكان ية في تحض ير الرجال‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.105-2/102 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/107 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.105-2/103 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.110-2/108 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/557 :‬ومابعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪5‬‬

‫التاريخ‪.2/148 :‬‬
‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/111،112 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/38 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الشيباني‪ -‬شرح السيد الكبير‪.1/47 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.554 ،553 ،2/551 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪207‬‬
‫والعتاد‪ .‬ففي حروب الردة أمد أبو بكر خالد بن الوليد‪ .‬وأمد المثنى‪ ،‬وأمد زياد‬
‫بن لبيد القاضي بالمهاجر بن أبي أميّة(‪ ،)1‬ولما طلب أبو عبيدة من الجراح المدد‬
‫في الجبهة الشامية أرسل إليه جيشا بعد جيش‪ ،‬فكلما اكتمل تشكيل وانتظم أرسله‬
‫خلف تشكيهل وعلى محاور مختلفهة(‪ ،)2‬وكانهت الجيوش التهي أرسهلها إلى جبههة‬
‫الشام ل يتجاوز عدد كل وا حد من ها على ثل ثة آلف مقا تل‪ ،‬فلم يزل أ بو ب كر‬
‫يمد ها ح تى بلغ عدد كل ج يش سبعة آلف وخم سمائة مقا تل(‪ ،)3‬ف قد أر سل أولً‬
‫جيش يزيد مع مقاتلي اليمن‪ ،‬ثم أتبعه بجيش شرحبيل بن حسنة‪ ،‬ثم استنفر أهل‬
‫مكة والطائف وأمر عليهم عمرو بن العاص(‪.)4‬‬

‫‪ -22‬التعاون‪ .‬التعاون عنهد أبهي بكهر ههو قانون القتال إذ كان يحرص أن‬
‫تتعاون الجيوش مهع بعضهها‪ ،‬ومها إرسهاله الجيوش لفتهح الشام بصهورة متعاقبهة‬
‫وقتاليهة إل لتتعاون‪ ،‬وكان هناك تعاون وثيهق ومثالي بيهن جيهش يزيهد وجيهش‬
‫شرحب يل للقضاء على قوات الروم في تبوك(‪ ،)5‬وكذلك ب ين الجيوش الرب عة في‬
‫معركهة اليرموك‪ .‬ومفهوم التعاون عنهد القائد العلى أن يعرف كهل قائد حدود‬
‫التعاون‪ ،‬والعمال التهي سهيقوم بهها أثناء إسهناد المهام‪ ،‬والتكامهل بيهن الجيوش‬
‫ل غير صائب أو مُجدٍ‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫المتعاونة فل يعمل أحدهما عمل الخر‪ ،‬أو عم ً‬
‫فإن المقاتل بجانب زميله المقاتل يعاونه‪ ،‬والجماعة بجانب الجماعة تقاتل معها‪،‬‬
‫والف صيلة مع الف صيلة‪ ،‬وال سرية مع ال سرية‪ ،‬والكتي بة مع الكتي بة‪ ،‬واللواء مع‬
‫اللواء‪ ،‬والفر قة مع الفر قة‪ ،‬والجح فل مع الجح فل‪ ،‬والجار مع الجار‪ ،‬والقائد مع‬
‫المرؤو سين‪ ،‬وا سمع و صية القائد العلى لعمرو بن العاص‪" :‬وكا تب أ با عبيدة‬
‫وأنجده إذا أرادك‪ ،‬ول تقطع أمرا إل بمشورته‪ )6("..‬ولقي هذا التعاون كل إيجابية‬
‫وذلك عند ما ا صطدم عمرو بن العاص بجي شه في فل سطين مع الروم وانت صر‬
‫ل له‪" :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬من عمرو بن‬ ‫عليهم‪ ،‬ثم كتب إلى أبي عبيدة قائ ً‬
‫العاص إلى أميهن المهة‪ .‬قهد وصهلت أرض فلسهطين ولقينها عسهاكر الروم مهع‬
‫ن ال علينا بالن صر‪ ،‬وقتل من‬ ‫بطريق يقال له "روب يس" في مائة ألف فارس‪ ،‬فم ّ‬
‫الروم خمسهة عشهر ألف فارس‪ ،‬وفتهح ال على يدي فلسهطين بعهد أن قتهل مهن‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪ ،316 :‬ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/111 :‬ابن الثير‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫الكامل في التاريخ‪ ،2/361 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.2/361 :‬‬


‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/112 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.150 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.7 ،1/4 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/6 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/7 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪208‬‬
‫ل فإن احتجت لي سرت إليك والسلم عليك ورحمة‬ ‫المسلمين مائة وثلثون رج ً‬
‫ال وبركاته‪)1(".‬ذلك هو مدى التعاون بين القائدين وبين الجيشين اللذين سارا كل‬
‫واحهد منهمها باتجاه‪ .‬وعلى اعتبار أن جيهش أبهي عهبيدة لم يلق صهعوبات‪ ،‬فقهد‬
‫كتب إلى عمرو بن العاص بالستمرار في مهمته التي أولها إياه القائد العلى‪،‬‬
‫ل من خالد‬‫وطلب إليه أن ينفذ أوامر أبي بكر وتوجيهاته(‪ ،)2‬وأوصى أبو بكر ك ً‬
‫بهن الوليهد وعياض بهن غنهم على التعاون فهي فتهح فارس والحيرة فقال‪" :‬ليكهن‬
‫أحدكما ردءا للمسلمين ولصاحبه بالحيرة‪ ،‬وليقت حم الخر على عدو ال وعدوكم‬
‫من أهل فارس‪)3("..‬وهذا هو تعاون الجار من الخلف الذي من مهمته منع وصول‬
‫العدو من الخلف‪ ،‬وإنذار الج يش الذي يقا تل في المام‪ ،‬والم ساعدة في اللتفاف‪،‬‬
‫أو التطويهق‪ ،‬أو ضربهه مهن المجنبات والخلف‪ ،‬وجعله بيهن فكهي الكماشهة بيهن‬
‫الج يش الذي يقا تل في المام وب ين الج يش الذي يقا تل في الخلف "فلي قم أحد كم‬
‫وليقتحم الخر على القوم‪.)4("..‬‬

‫‪ -23‬نظام القتال‪ .‬كان أبو بكر موسوعة في نظم القتال‪ ،‬يعطي لكل حالة‬
‫قتاليهة جوابهها وحلهها‪ ،‬فههو يهبين كيفيهة الهجوم والدفاع والمطاردة‪ ،‬كمها يوضهح‬
‫شروط السهتطلع‪ ،‬وتسهيير الدوريات وقتال الجيوش ومهامهها ونظام التعاون‬
‫فيهها‪ ،‬والمعنويات ومعاملة الجنود‪ ،‬والقتال الليلي وشروطهه ومهن قوله فهي نظام‬
‫قتال الجيوش في التعاون وأحقية القيادة‪" :‬إذا كان بكم قتال فأميركم الذي تكونون‬
‫في عمله‪ )5(".‬ثم لما اجتمعت الجيوش في بصرى كانت القيادة ليزيد لن بصرى‬
‫من دم شق ت طبيقا لهذا النظام وتنف يذ أحكا مه(‪ .)6‬و من قوله في الثبات وال صمود‪:‬‬
‫"وإذا لقيتهم القوم فل تولوههم الدبار‪)7("..‬وفهي السهتطلع كان يقول لعمهر بهن‬
‫العاص عندمها وجههه لقتال الروم فهي الشام‪" :‬وابعهث عيونهك يأتوك بأخبار أبهي‬
‫عبيدة‪ )8("..‬و في خبرته في القيادة وأ سس نظام ها‪ ،‬فإ نه كان يولي الجيوش لقادة‬
‫عرفوا بالشجاعهة والجرأة والخهبرة‪ ،‬ويولي أمهر الطليعهة لقادة اختصهوا بهها‬
‫وعرفوها فقال لعمرو‪ .." :‬وقدّم سهل بن عمرو وعكرمة بن أ بي جهل والحدث‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/11 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/11 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريح المم والملوك‪.574 ،2/573 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.2/573 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫البلذري ‪-‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬غلوب ‪-‬الفتوحات العربية الكبرى‪.234 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.155 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/4 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫الواقدي ‪-‬فتوح الشام‪.1/7 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪209‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بن هشام و سعيد بن خالد‪ )1("..‬ثم قال‪ .." :‬وقدم قبلك طلئ عك فيكونوا أما مك‪"..‬‬
‫وخل صة القول‪ :‬إن أ با ب كر يعلم نظام قتال الج يش العر بي‪ ،‬فإذا ما قم نا بج مع‬
‫ماقيل في القتال وفي مجال الحروب والعمليات لتكون لدينا كتاب كبير يحوي بين‬
‫دفتيه نظاما كاملً في القتال‪.‬‬

‫‪-24‬التوّجهات العملياتيّة‪ .‬هي التوجهات ال تي كان أ بو ب كر يملي ها على‬


‫قادته شفهية أو كتابية‪ ،‬حضورا أو غيابا‪ .‬وأهم هذه التوجيهات تلك التي أعطاها‬
‫ل بي عبيدة ا بن الجراح‪ ،‬وخالد بن الول يد‪ ،‬ويز يد بن أ بي سفيان‪ ،‬وعمرو بن‬
‫العاص وغيرههم‪ ،‬وأههم مها تتضمنهه هذه التوجيهات‪ :‬الهدف والعمال الواجهب‬
‫تنفيذهها أثناء القتال والمكان المقصهود والطرق أو المحاور المؤديهة إلى الهدف‬
‫والتجاهات‪ ،‬وتحديهد أمكنهة الجيهش وتمركزه والحراسهة والطلئع والشخاص‬
‫الذيهن يقومون بهذه المهمهة‪ ،‬وتعييهن القادة للقلب والجنحهة والسهاقة‪ ،‬والحالت‬
‫الخاصهة التهي تتعلق بالقائد أو بالمقاتليهن‪ ،‬والتأمينات السهتطلعية والداريهة‪،‬‬
‫ورفع المعنويات‪ ،‬والحث على الصبر والثبات‪ ،‬وبذل المال والنفس‪ ،‬والستنصار‬
‫بال‪ ،‬والصهلة‪ ،‬ورفهع شعار المشورة والتعاون‪ ،‬أي أن هذه التوجيهات تحتوي‬
‫كل المعلومات القتال ية والفن ية والدار ية والن سانية(‪ .)3‬و من أش مل توجيها ته تلك‬
‫التي وجهها إلى عمرو بن العاص التي قال فيها‪" :‬اتق ال في سرك وعلنيتك‪،‬‬
‫واستحيه في خلواتك فإنه يراك في عملك‪ ...‬وكن والدا لمن معك‪ ،‬وارفق بهم في‬
‫ال سير‪ ...‬واعلم يا عمرو أن م عك المهاجر ين والن صار من أ هل بدر فأكرم هم‬
‫واعرف حقهم‪ ،‬ول تتطاول عليهم بسلطانك‪ ..‬وأصلح نفسك تصلح لك رعيتك‪...‬‬
‫وإ ني قد ولي تك على من قد مررت من العرب‪ ،‬فاج عل كل قبيلة على حميت ها‪..‬‬
‫وإذ رأ يت عدوك فا صبر‪ )4("..‬ك ما أن توجيها ته إلى يز يد بن أ بي سفيان كا نت‬
‫عميقهة‪ ،‬فيهها مهن المبادئ القتاليهة والمور التنظيميهة والمفاجأة وكتمان السهر‬
‫ومجابهة العدو(‪.)5‬‬

‫‪ -25‬الحتياط السنتراتيجي‪ .‬كان أبهو بكهر يهتهم كثيرا بهذا الحتياط‪،‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/7 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/8 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الشيباني‪ -‬شرح السيد الكبير‪ ،47 ،1/46 :‬الواقدي ‪-‬فتوح الشام‪،7 ،4 ،1/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫وتـر‪ -‬الرادة العسـكرية حروب الرسـول محمـد صـلى الله عليـه وسـلم‪-159 :‬‬
‫‪.162‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/7/8 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() المسعودي‪ -‬مروج الذهب‪.1/415 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪210‬‬
‫ويوليه أهمية كبرى‪ ،‬لنه يساعد على مجابهة المواقف المفاجئة وغير المتوقعة‪،‬‬
‫وعلى إمداد القوات التي يتطلب موقفهما القتالي مزيدا من الرجال والعتاد‪ ،‬وعلى‬
‫سد الخ سائر ال تي تح صل في الجيوش المقاتلة‪ ،‬وعلى تشك يل قيادات أو جيوش‬
‫جديدة لحههد جبهات القتال‪ .‬مايكون هذا الحتياطههي بيههد القائد العلى الذي‬
‫يت صرف به طبقا ل ما يمل يه المو قف والظروف المتبدلة في الحرب‪ .‬و قد يكون‬
‫حجهم الحتياطهي كهبيرا أو صهغيرا بحسهب ظروف البلد القتصهادية والماديهة‬
‫البشرية والخبرة القتالية ومعنويات المقاتلين وإمكانياتهم التدريبية‪ .‬فعندما أرسلت‬
‫القوات العربية مع أسامة بن زيد طمع الطامعون من المرتدين في الهجوم على‬
‫المدي نة وعلى القيادة العا مة فشكلوا قوة مؤل فة من عدد من القبائل‪ ،‬وأرادوا ب ها‬
‫الن يل من الح كم الجد يد‪ ،‬ل كن أ با ب كر ج مع القوة الحتياط ية ال تي ا ستبقاها بيده‬
‫وهاجهم بهها هؤلء الخلط مهن المرتديهن(‪ ،)1‬وكذلك فإنهه أمدّ خالد بهن الوليهد‬
‫بالحتياط عندمها حارب المرتديهن(‪ ،)2‬وبخاصهة قبهل معركهة اليمامهة‪ ،‬وأمده فهي‬
‫جب هة الشام‪ ،‬ك ما أم ّد به الجيوش ال تي توج هت لقتال الروم‪ ،‬ك ما عزز أ با عبيدة‬
‫بن الجراح(‪ ،)3‬وكان يكمل النقص أثناء المعارك كما جرى بعد معركة اليمامة(‪،)4‬‬
‫وشكل القيادات التي أرسلها لفتوح الشام وأكملها(‪.)5‬‬

‫‪ -26‬الخ نق ال ستراتيجي‪ .‬هو عزل منط قة القتال عن كل إمداد‪ ،‬وق طع‬


‫طرق المواصهلت جميعهها عهن العدو بغيهة اسهتنزاف قوتهه القتاليهة‪ ،‬ووسهائطه‬
‫الماديهة‪ ،‬وإضعاف معنوياتهه ليسههل التغلب والنتصهار عليهه(‪ )6‬بأقهل الخسهائر‬
‫البشرية والمادية‪.‬‬

‫عندما أرسل أبو بكر العلء بن الحضرمي ليقاتل المرتدين في البحرين(‪،)7‬‬


‫وكان ق بل أن يلت حق هذا القائد في تلك المنط قة المث نى بن حار ثة الشيبا ني الذي‬

‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ 2/478 :‬ومابعدهــا‪ ،‬ابــن واضــح‪ -‬تاريــخ‬ ‫‪1‬‬

‫اليعقوبي‪.2/107 :‬‬
‫() ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ ،2/111 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪،361 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.385‬‬
‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/112 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/112 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريح‪.2/366 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬ابـــن الثيـــر‪ -‬الكامـــل فـــي التاريـــخ‪2/402 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ومابعدها‪.‬‬
‫() جمهرة مــن المؤلفيــن العســكريين المختصــين‪ -‬الموســوعة العســكرية‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.2/185‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ 4/361 :‬ومابعدها‪ ،‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة‬ ‫‪7‬‬

‫الصحاب‪ ،3/1086 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/259 :‬‬


‫‪211‬‬
‫تجرأ على الفرس وهاجمههم فهي عقهر دارههم(‪ .)1‬كانهت تعليمات القائد العلى أن‬
‫يكون القائد العام في م سرح العمليات العلء‪ ،‬وأن ي ساعده في ذلك المث نى الذي‬
‫عهد إليه أن يحتل النقاط الستراتيجية من أراضي البحرين أهمها القطيف‪ ،‬وأن‬
‫يم نع الفرس من التحرك أو الت صال مع المرتد ين‪ ،‬وبهذا الع مل ف قد أتاح للعلء‬
‫بن الحضر مي أن ي ستنزف قوة المرتد ين ويض عف معنويات هم‪ ،‬ويش تت شمل هم‪،‬‬
‫فهربوا فاقتفى أثرهم‪ ،‬وقضى على أكثرهم(‪ ،)2‬كما أرسل أبو بكر إلى خالدٍ بسليط‬
‫الذي كان من مهم ته ق طع خطوط الموا صلت المؤد ية إلى اليما مة‪ ،‬وأن يكون‬
‫ردءا لظههر قوات خالد‪ ،‬وأن يمنهع القبائل التهي يمكهن أن تهاجهم الجيهش مهن‬
‫الخلف(‪ ،)3‬وبهذا العمل استطاع خالد أن يتفرد بمسيلمة‪ ،‬وأن يستنزف قوته‪ ،‬وكما‬
‫تم ذلك عند محاصرة دمشق‪ ،‬فقد قطعت الطرق المؤدية إلى دمشق طريق برزة‬
‫وطريق حمص‪ -‬دمشق‪ ،‬وطريق دمشق ‪-‬الكسوة‪ ،‬من جهات ثلث(‪ ،)4‬ولما طال‬
‫الحصهار ورأى الروم أن لأمهل مهن النجدات بعهد أن قطعهت محاور الطرق‬
‫فضعفت معنوياتهم وانهارت قواهم‪ ،‬مما عجل باستسلم المدينة وفتحها(‪.)5‬‬

‫‪-27‬الهجوم على المسنتويين التكتيكني والسنتراتيجي‪ .‬بدأ أبهو بكهر‬


‫حرو به بهجوم تكتي كي‪ ،‬وتله بهجوم ا ستراتيجي و هي القاعدة ال صحيحة المتب عة‬
‫في الحروب‪ .‬وما من نصر استراتيجي إل ويسبقه نجاح تكتيكي‪ ،‬ففي حروبه مع‬
‫المرتدين هاجمهم قبل أن يهاجموا المدينة‪ ،‬فقد شكل قوة من بقية المقاتلين‪ -‬بعد‬
‫خروج أغلب المقاتليهن مهع أسهامة بهن زيهد إلى شمالي البلد على حدود الروم‪،‬‬
‫وخرج بها إلى ذي القصة فقاتل المرتدين وانتصر عليهم‪ ،‬وعاد إلى المدينة بعد‬
‫أن ترك قوة عسهكرية فهي تلك المنطقهة‪ .‬وفهي نظري أن هذا النتصهار‪ -‬الذي‬
‫يعتبر على المستوى التكتيكي أهم انتصار في حروب أبي بكر الصديق لنه مهّد‬
‫لهجوم اسهتراتيجي ش مل ثل ثة م سارح عمليات كبيرة في ش به جزيرة العرب‪،‬‬
‫و في العراق‪ ،‬و في بلد الشام‪ ،‬وأض عف من معنويات أعدائه فأ صبحوا يخشون‬
‫بطش أ بي بكر وانتقامه‪ ،‬ويقولون‪ :‬لول أنه يملك من القوة ماتجرأ على الخروج‬
‫من المدي نة‪ ،‬ول ما أر سل أ سامة‪ ،‬وأيقنوا أن القوة لتزال في زخم ها‪ ،‬ح تى ولو‬
‫مات مح مد‪ ،‬وخرج أ سامة‪ ،‬م ما حدا بب عض القبائل أن تعود إلى حظيرة الوحدة‪،‬‬

‫ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.4/299 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/110 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/505 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،121 :‬الطري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/626 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫راجع الفصل الخامس‪ -‬حصار وفتح دمشق ‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪212‬‬
‫وحدا ببعضها الخر أن تكف وتمتنع عن المجابهة أو الخروج من الدين‪ .‬وكرر‬
‫أبو بكر هجومه التكتيكي ثانية‪ -‬وذلك عندما وصل جيش أسامة من مهمته الذي‬
‫نفذهها بنجاح‪ -‬فخرج مهن المدينهة باتجاه البرق التهي تبعهد حوالي ‪100‬كهم شمال‬
‫شرقي المدينة‪ ،‬ففتح قواته وهاجمهم‪ ،‬واستطاع أن يهزمهم ويطاردهم ‪ .‬ومن هنا‬
‫ل رسهم لههم خطتهه‬
‫وبعهد أن حقهق نجاحا تكتيكيا أمهر بتشكيهل أحهد عشهر تشكي ً‬
‫الستراتيجية في اكتساح شبه جزيرة العرب‪ ،‬والقضاء على المرتدين‪.‬‬

‫بدأ الهجوم ال ستراتيجي منذ هذه اللحظة‪ ،‬فخرج خالد بن الوليد إلى بزا خة‬
‫ثم إلى البطاح‪ ،‬وعكرمة بن أبي جهل إلى اليمامة‪ ،‬وعمرو بن العاص إلى تبوك‬
‫ودومة الجندل‪ ،‬وشرحبيل بن حسنة يتحرك خلف جيش عكرمة‪ ،‬وخالد بن سعيد‬
‫بهن العاص إلى مشارف الشام‪ ،‬وطريفهة بهن حاجهز إلى شرقهي المدينهة ومكهة‪،‬‬
‫والعلء بن الحضرمهي إلى البحر ين‪ ،‬وحذي فة بن محصهن الغلفانهي إلى عُمان‪،‬‬
‫وعرفجة بن هرثمة البارقي إلى مهرة‪ ،‬والمهاجر بن أبي أمية إلى حضرموت‪،‬‬
‫وسويد بن مقرن المزني إلى تهامة وعدن‪.‬‬

‫من الملحظ أن هذا الهجوم قد ات صف ب صفات جعلت الباحثين الع سكريين‬


‫يؤمنون بريادة وعبقرية أبي بكر الستراتيجية في الهجوم‪ ،‬فهو قد غطى أرض‬
‫الجزيرة العربيهة كلهها جنوبهها وشمالهها‪ ،‬شرقهها وغربهها‪ ،‬وعيهن لهها القادة‬
‫السهتراتيجيين الذيهن لههم خهبرة وماض مجيهد فهي الحروب والمعارك‪ ،‬وحدد‬
‫التجاهات الرئي سية والثانو ية‪ ،‬فالرئي سية أر سل إلي ها خالد بن الول يد‪ ،‬والثانو ية‬
‫أر سل إلي ها القادة الذ ين تنا سب أوضاع هم وإمكانيات هم القتال في هذه التجاهات‪،‬‬
‫كمها عزز التجاهات الرئيسهية‪ .‬بتشكيلت مهن نفهس هذه التشكيلت المشكلة‬
‫بالوا مر والتعليمات ع ند بدء الهجوم وق يد العدو وحدّ من حرك ته ال ستراتيجية‪،‬‬
‫ف هو الذي أر سل عكر مة بن أ بي ج هل وشرحب يل ليقيدا حر كة م سيلمة الكذاب‬
‫وليمنعاه من التحرك نحو المدينة‪ ،‬وليظل متربصا بقواته في منطقة اليمامة‪ .‬ومن‬
‫هذا التثهبيت والتقيهد يمكهن لبهي بكهر أن يتفرغ لغيره مهن المرتديهن فهي أنحاء‬
‫الجزيرة‪ ،‬وبالتالي يمكهن للتشكيلت التهي انتههت مهن مهمتهها أن تتحرك لقتال‬
‫م سيلمة‪ ،‬وبذلك يح صل التفوق‪ ،‬وتتح قق الن سبة للقيام بالهجوم ال ستراتيجي الذي‬
‫سوف يحقق نصرا لمحالة طالما أن شروط هذا الهجوم قد تحققت‪.‬‬

‫لقد نجح هجوم هذا القائد على المستوى الستراتيجي أيضا في جبهة العراق‬
‫عندما تفرغ لها بعد أن انتهى من حروب الردة‪ ،‬ووجه إليها قائدين من أكفأ قواته‬

‫‪213‬‬
‫هما خالد بن الوليد وعياض بن غنم‪ ،‬وأمرهما أن يدخل أحدهما من أسفل العراق‬
‫وال خر من أعله‪ ،‬ليلتق يا ب عد نجاحه ما بالحيرة‪ ،‬وخ طط ل كل وا حد منه ما نق طة‬
‫البدء وخط الهجوم‪ ،‬وعين لهما المحاور والمناطق الستراتيجية والفضليات كما‬
‫نجح أيضا في هجومه الستراتيجي على الجبهة الشامية‪ ،‬إذ أرسل الجيوش التي‬
‫أحاطهت بقوات الروم مهن جميهع جوانب ها الثل ثة‪ ،‬وأمرهها بالنتشار على جبههة‬
‫وا سعة ع ند الدفاع‪ ،‬وجب هة ضي قة ع ند الهجوم‪ ،‬وتجم يع القوات ع ند اقتحام قوة‬
‫الروم الكهبيرة‪ ،‬والتقهت بعهد ذلك الجيوش جميعهها فهي هذه الجبههة لتقاتهل عدوا‬
‫مشتركا هو الج يش الرو مي الذي كان يتفوق عدة وعددا‪ .‬فان ظر إلى فعال ية هذا‬
‫الهجوم وأهميتهه وكيهف بدأ بتشكيلت متعددة فهي القتال مهع المرتديهن‪ ،‬وانتههى‬
‫بتوحيد جيش قوى ضارب استراتيجي خاض غمار الحروب السابقة‪ ،‬والتقى في‬
‫أرض بقيادة قائد واحهد انت صر على الروم وخاض مع هم معر كة فاصهلة انتههت‬
‫برحيلهم من غير رجعة عن هذه الرض‪.‬‬

‫على الرغم من نجاح قادة أبي بكر في جميع الجبهات‪ ،‬فإنه لم يعهد للقيادة‬
‫ال ستراتيجية ل حد من هؤلء ح تى على م ستوى الجبهة الواحدة‪ ،‬وبق يت الدارة‬
‫ال ستراتيجية بيده‪ ،‬يحرك الجيوش المختل فة من المدي نة‪ ،‬و هو على عل مه بقيادة‬
‫خالد الذي برز في كل الجبهات‪ ،‬و مع ذلك فلم ي سلمه قيادة ا ستراتيجية‪ ،‬بل ب قي‬
‫قائد ج يش شأ نه في ذلك شأن عياض بن غ نم في العراق‪ ،‬وقادة التشكيلت في‬
‫حروب الردة‪ .‬وعلى مايبدو فإن أبا بكر ترك لمرؤوسيه من القياديين التخصص‬
‫بالمور التكتيك ية‪ ،‬واحت فظ لنف سه بالمور ال ستراتيجية؛ هذا ل يس معناه انتقا صا‬
‫لقادته‪ ،‬وإنما ليفهم أن كل مرؤوس عليه أن يجتهد لكي ينجح في المهام والمعارك‬
‫التي كلف بخوضها‪.‬‬

‫‪ -28‬المناورة الوا سعة بالقوى والو سائط‪ .‬ل قد تم يز أ بو ب كر بمناور ته‬


‫ل دفعة واحدة‪ ،‬وبثها في‬ ‫الستراتيجية‪ ،‬فقد شكل في حروب الردة أحد عشر تشكي ً‬
‫طول شبه الجزيرة وعرضها على مساحات واسعة‪ ،‬بحيث غطى الماكن جميعها‬
‫التهي ذ ّر فيهها قرن العداء والردة‪ .‬وبفضهل نشاطهه فهي المناورة‪ ،‬فقهط تمكهن أن‬
‫يحرك تشكيلت من اتجاه إلى آ خر بغ ية تعز يز التجاه الك ثر خطورة إذ أو عز‬
‫إلى عكرمة وشرحبيل أن يلتحقا بتشكيل خالد الذي كلف فيما بعد بقتال مسيلمة‪،‬‬
‫وحشهد كهل المكانيات والوسهائط لتعزيهز هذا التجاه لنهه يعلم أنهه أخطرهها‬
‫وأهم ها‪ ،‬وإذا ما ن جح هذا التجاه فإ نه سيكون سببا لنجاح التجاهات الخرى‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫وكذلك فإنهه عزز وأمهر بتحريهك تشكيهل المهاجهر بهن أبهي أميهة وعكرمهة إلى‬
‫حضرموت لد عم وم ساندة تشك يل زياد بن لب يد‪ ،‬وبهذا ف قد تم كن من النت صار‬
‫على خ صمه الش عث بن ق يس‪ ،‬وا ستطاع أن يدحره ويش تت ش مل المرتد ين في‬
‫ذلك التجاه‪ .‬هذا كله مهع السهرعة فهي المناورة‪ ،‬والتحرك ضمهن المسهاحة‬
‫الواسهعة‪ ،‬وضمهن الزمهن المقدر تكتيكيا ضمهن المعركهة والسهتراتيجي الذي‬
‫استغرق زمنا قياسيا أقل من سنة‪.‬‬

‫أ ما حروب العراق ف قد كا نت المناورة ال ستراتيجية على أرا ضي هذا البلد‬


‫ل للمناورة‪-‬‬‫مهن الشمال والجنوب مهن أعلى العراق ومهن أسهفله‪ ،‬ثهم قام‪ .‬إكما ً‬
‫بتعزيز الجيشين الداخلين بتشكيلت بقيادة أربعة قادة(‪)1‬أمرهم أبو بكر بالنضمام‬
‫إلى ج يش خالد بن الول يد وبهذا التعز يز أ صبح الج يش الذي سيدخل من أ سفل‬
‫العراق قادرا على خوض المعارك بكهل حريهة واطمئنان‪ ،‬ونفهذ مهمتهه‪ ،‬وأنقهذ‬
‫جيش عياض الذي توقف في دومة الجندل‪ ،‬وبفضل مناورة جيش خالد التكتيكية‪،‬‬
‫استطاع أبو بكر توجيه هذا الجيش باتجاه الهداف ذات الهمية الستراتيجية‪.‬‬

‫أما حروب الشام فقد أرسل أبو بكر الجيوش المتتابعة من اتجاهات مختلفة‬
‫وأسند لكل جيش مهمة في المناورة ضمن اتجاهه‪ ،‬وهل كانت مناورة أوسع من‬
‫المناورة التهي امتدت مهن حمهص حتهى جنوبهي دمشهق باتجاه الردن حتهى‬
‫الواقوصهة؟ ومهع هذه المناورة الواسهعة‪ ،‬فقهد اسهتطاعت هذه الجيوش أن تجتمهع‬
‫عنهد الشعور بالخطهر إذ نقلت قواهها ووسهائطها بسهرعة إلى التجاه الخطهر بهل‬
‫الخطهر مهن كهل التجاهات‪ .‬وبمناورة القادة التكتيكيهة السهريعة‪ ،‬اجتمعهت‬
‫التشكيلت والتعزيزات في منط قة ح ساسة اختارت ها القيادة العرب ية‪ ،‬وتو في أ بو‬
‫بكر وأتم هذه المناورة المخططة عمر بن الخطاب الذي أرسل بتعزيزات كبيرة‬
‫إلى منطقهة القتال بقيادة سهعيد بهن عامهر(‪ ،)2‬وأمهر فيمها بعهد اليرموك أن توجهه‬
‫الجيوش لكمال الفتح‪.‬‬

‫لقهد تميزت مناورة أبهي بكهر الواسهعة بالسهرعة‪ ،‬وبتحرك الجيوش على‬
‫محاور مختلفهة‪ ،‬وبتحديهد نقطهة الوصهول‪ ،‬وبحريهة العمهل للقادة المرؤوسهين‪،‬‬
‫وبالتعاون أثناء التحرك‪ ،‬وكيفية التعامل مع العدو‪ ،‬ويعتبر تحرك خالد بن الوليد‬
‫من العراق إلى الشام نموذجا للمناورة الوا سعة ال تي أمره ب ها أ بو ب كر ال صديق‪،‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪-‬فتوح الشام‪.1/110 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪215‬‬
‫كما يعتبر تحرك جيش يزيد من المدينة‪ ،‬وبقية الجيوش لتلتقي بوقت واحد تجاه‬
‫الجيش الرومي الذي حشد كل إمكاناته القتالية‪ .‬وظهرت براعة القائد العلى في‬
‫المناورة عندمها حدد لهذه الجيوش جميعهها منطقهة العمال القتاليهة المقبلة التهي‬
‫غطت مع بعضها جبهة عريضة من الشمال من حمص وحتى الجنوب من غزة‪،‬‬
‫بح يث تمك نت هذه الجيوش أن تش كل سدا منيعا أمام القوات الروم ية؛ و من ميزة‬
‫هذه المناورة أيضا أنهها بهذا المتداد تسهتطيع ‪-‬فهي حال الهجوم‪ -‬أن تلتهف مهن‬
‫الشمال والجنوب‪ ،‬فأبو عبيدة بن الجراح من الجناح اليميني في حمص‪ ،‬وعمرو‬
‫بن العاص من الجناح اليساري في فلسطين‪ ،‬يعاونهما الجار اليساري لبي عبيدة‬
‫وههو يزيهد والجار اليمينهي لعمرو وههو شرحبيهل‪ ،‬وكان خالد بهن الوليهد الذي‬
‫سيصل ويح تل القلب في الجنوب من ن هر اليرموك ح يث وق عت هناك المعر كة‬
‫الفاصهلة‪ ،‬وكذلك فإن هذه المناورة أعطهت للقائد العام لجبههة الشام إمكانيهة جمهع‬
‫الجيوش في نقطة واحدة بعد انتشارها العريض‪ ،‬وهكذا دل أبو بكر بهذه المناورة‬
‫على أنه قائد استراتيجي استطاع أن يحرك الجيوش‪ ،‬وينقل القوى إلى التجاهات‬
‫الخطرة‪ ،‬ويسهيطر سهيطرة تامهة على التجميهع والنتشار‪ ،‬وأن يوجهه الجيوش‬
‫الكبيرة والمتعددة إلى حيث يريد‪.‬‬

‫ههم قتال‬ ‫‪-29‬قتال التجاهات‪ .‬أو الجبهات أو النطاقات أو القطاعات‪ .‬اتسه‬


‫أبي بكر الستراتيجي على أنه كان يقاتل عدوه بالتجاهات‪ ،‬وذلك بأن يوجه كل‬
‫ج يش إلى نطاق (قطاع) مع ين من الرض‪ ،‬وي سند إل يه مه مة محددة‪ ،‬ك ما يأ مر‬
‫تلك الجيوش أن تتعاون لتحقيههق الهدف العام‪ ،‬آخذا بعيههن العتبار قوة العدو‪،‬‬
‫وطبيعة الرض‪ ،‬ولهذا فإنه يمكن أن يوجه جيشا كبيرا أو صغيرا إلى اتجاه ما‪،‬‬
‫ل أقهل إلى اتجاه آخهر‪ ،‬وقهد يعيهن لهذه التجاهات مهن لههم علم‬
‫ثهم يوجهه تشكي ً‬
‫بالرض أو العدو الذي يقاتله‪ ،‬ومن لهم خبرة وتجارب سابقة‪ ،‬وحازوا على ثقة‬
‫القيادة العليها‪ .‬ففهي حروب الردة أرسهل أحهد عشهر تشكيلً إلى جهات مختلفهة‪،‬‬
‫وقطاعات متباي نة‪ ،‬وقبائل مختل فة‪ .‬و في فتوح العراق أر سل جيش ين أحده ما من‬
‫اتجاه الجنوب والخهر مهن اتجاه الشمال‪ .‬وفهي فتوح الشام أرسهل أربعهة جيوش‬
‫أحدهها باتجاه حمهص‪ ،‬والثانهي باتجاه دمشهق‪ ،‬والثالث باتجاه الردن‪ ،‬والرابهع‬
‫باتجاه فل سطين‪ .‬إن هذه التجاهات كا نت تقاد من ق بل القائد العلى مباشرة في‬
‫كل ما يتعلق بأمور الحرب‪ ،‬ومنه تصدر الوامر إلى كل قائد اتجاه بما يتناسب‬
‫مع المه مة الملقاة على عات قه؛ أ ما قادة التجاهات فل هم أن يت صرفوا في حدود‬
‫الوامر الصادرة إليهم‪ ،‬ولهم الحرية على المستوى التكتيكي‪ .‬ومن حقهم إعطاء‬

‫‪216‬‬
‫الوامهر التهي يرونهها ضروريهة إلى قادة التشكيلت (القطاعات) لديههم متقيديهن‬
‫بفكرة القائد العلى‪ ،‬والوضهع الراههن المتشكهل‪ .‬وإذا اجتمهع عدة جيوش فإنههم‬
‫يشكلون جب هة‪ .‬في هذه الحالة يكون قائد الجب هة تابعا تبع ية مباشرة للقائد العلى‬
‫كما كان خالد بن الوليد قائد جبهة الجزيرة في حروب المرتدين‪ ،‬وكما كان قائد‬
‫جب هة العراق في حروب الفرس‪ ،‬وأ بو عبيدة بن الجراح قائد جب هة الشام‪ .‬وإذا‬
‫كان العدو قويا فإن أبها بكهر كان يجمهع جميهع الجبهات بقيادة أحهد القادة منههم‪،‬‬
‫وتكون هذه الجب هة مرتب طة ارتباطا مباشرا بالقائد العلى ك ما حدث أن اجتم عت‬
‫جبهتا العراق والشام لقتال الروم في معركة اليرموك‪ .‬وهنا في هذه الحالة‪ ،‬تركّز‬
‫الجهود الرئي سية للدولة على هذا التجاه‪ ،‬وتدار العمليات على الم ستوى التكتيكي‬
‫هتراتيجي بإمرة القائد العلى‪.‬‬ ‫هتوى السه‬ ‫بإمرة القائد العام للجبهات‪ ،‬وعلى المسه‬
‫وإذا د عت الحا جة لتعز يز تلك التجاهات‪ ،‬فإن القائد العلى كان يج مع المقاتل ين‬
‫الحتياطيين المتوفرين في المدينة وماحولها‪ ،‬ثم يرسل هذا التشكيل مددا‪ ،‬كما أمدّ‬
‫أبو بكر سليط بن قيس النصاري لخالد بن الوليد في حروبه باليمامة (‪ ،)1‬أو أن‬
‫يأمهر القائد العلى أحهد التجاهات بالنضمام إلى اتجاه آخهر لمعاونتهه‪ ،‬كمها قام‬
‫ج يش خالد في العراق فأن قذ ج يش عياض‪ ،‬وك ما قا مت كل التجاهات لمعاو نة‬
‫اتجاه جيش شرحبيل في الردن‪.‬‬

‫إن قتال التجاهات كان يقصهد منهه أبهو بكهر تضليهل العدو عهن الجههد‬
‫الرئي سي‪ ،‬وتوج يه القوات المعاد ية إلى اتجاه مم يت‪ ،‬أو قل يل الهم ية‪ ،‬والتعاون‬
‫الوثيق بين الجيوش (التشكيلت)‪ ،‬وإمداد الجيش الذي تباطأ‪ ،‬أوتوقف بسبب قوة‬
‫العدو وشدة المقاو مة‪ ،‬والتطو يق الذي يقوم به التشك يل الذي ن جح في مهم ته‪ ،‬إذ‬
‫ل آخر‪ ،‬كما‬ ‫يعمل على اللتفاف على مجنبة ومؤخرة العدو الذي كان يقاتل تشكي ً‬
‫لي سمح بن فس الو قت بإجراء عمل ية التطو يق لقوا ته وقوات التجاه ال خر يم نع‬
‫العدو من أن يل تف أو ي صل إلى مجنبات ال صديق‪ ،‬ك ما أن قتال التجاهات كان‬
‫يعطي استقللً في القيادة‪ ،‬والحرية في المناورة‪ ،‬والسرعة في التقدم‪ ،‬وفي خرق‬
‫القوات المعادية كما في قتال خالد بن الوليد على الجبهة العراقية عندما ابتدأ من‬
‫الجنوب متجها نحو الشمال‪ ،‬ليلتقي بقوات عياض بن غنم‪ ،‬وأخيرا فإن هذا النوع‬
‫من القتال ينظف مسرح العمليات من العدو إذ يقضي حتى على البؤر الصغيرة‪،‬‬
‫فل يترك وراءه سوى الموال ين وب عض القوات ال صديقة لتث بت الحتلل‪ ،‬ون شر‬

‫() الطــبري‪ -‬تاريــخ المــم والملوك‪ ،2/505 :‬ابــن الثيــر‪-‬الكامــل فــي التاريــخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/138‬‬
‫‪217‬‬
‫العقيدة الجديدة‪.‬‬

‫‪-30‬قتال الجيوش المتلقينة‪ ،‬أو قتال التلقهي‪ .‬ههي الجيوش التهي تسهير‬
‫على محاور مختل فة‪ ،‬وتنطلق من مكان وا حد أو عدة أمك نة‪ ،‬لتلت قي ب عد ذلك في‬
‫نقطة واحدة وهدف واحد‪ .‬ويحدد لكل جيش في هذه الحالة مهمة قتالية عليه أن‬
‫ينفذ ها ق بل أن يتل قى مع غيره‪ .‬وهذه الطري قة تع طي ميزات قتال ية من أهم ها‬
‫سرعة الم سير على المحور المحدد‪ ،‬و سرية التن قل‪ ،‬والتقل يل من الضوضاء م ما‬
‫يت يح الخفاء والتمو يه‪ ،‬وزيادة التك تم‪ ،‬وتضل يل العدو ح يث ي ظن أن هذا الج يش‬
‫المتقدم ههو وحده‪ ،‬كمها أنهه يمكهن جذب العدو وجعله يقدر تقديرا خاطئا القوة‬
‫الحقيقية‪ ،‬والكتلة الرئيسة‪.‬‬

‫يم كن اتباع هذه الطري قة في حال وجود الخ صم منتشرا في أمك نة متفر قة‪،‬‬
‫وفهي حال ضعهف الخصهم‪ ،‬وعدم قدرتهه على الوقوف أمام الرتهل المتقدم‪ ،‬كمها‬
‫يعطهي هذا النوع مهن القتال حريهة الختيار للقائد العلى الذي يمكنهه أن يعيهن‬
‫القائد الذي ير يد‪ ،‬والتجاه ح سب ح جم التشك يل‪ ،‬والهدف التام الذي سيحققه هذا‬
‫التشكيل‪ ،‬والمراحل القتالية أي المهام القتالية كما يسمونها (مهمة مباشرة‪ ،‬وتالية‪،‬‬
‫واتجاه هجوم)‪.‬‬

‫ل في القيادة‪ ،‬وحر صا‬‫كما يعطي هذا النوع من القتال لقائد التشك يل ا ستقل ً‬
‫شديدا على تنفيهذ المهمهة المعطاة له مهمها اعترضهه مهن صهعوبات وعقبات‪،‬‬
‫وتنافسها شريفا بيهن الجيوش المتلقيهة باذليهن فهي ذلك أغلى ماعندههم‪ ،‬ومقدميهن‬
‫التضحيات عهن رغبهة واندفاع‪ ،‬ومعنويات قويهة إذ أن العرب تقاتهل فهي القبائل‬
‫التي تحافظ على شرفها وعزتها‪ ،‬وتحاول ما أمكنها أل يؤتى الخذلن من قبلها‪،‬‬
‫وعار الهزيمهة مهن جانبهها‪ ،‬فههي بذلك تكون أشهد مراسها‪ ،‬وأثبهت قتالً‪ ،‬وأقوى‬
‫شكي مة‪ ،‬وأم ضى عزي مة وعنادا ك قبيلة جديلة ال تي قاتلت كتلة واحدة مع قائد ها‬
‫جر ير ت حت قيادة المث نى في معركة البو يب وغير ها من المعارك(‪ ،)1‬كما يحقق‬
‫ويعطي هذا النوع من القتال تعاونا وثيقا بين هذه الجيوش‪ ،‬حتى إذا تأخر الواحد‬
‫لوجود بعض الصعوبات ساعده الجيش الخر‪ ،‬كما حدث لعياض ومساعدة خالد‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/652 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/179‬‬
‫‪218‬‬
‫له(‪.)1‬‬

‫لقهد أدرك أبهو بكهر الصهديق أهميهة هذا السهلوب القتالي‪ ،‬وطبقهه أحسهن‬
‫تطهبيق‪ ،‬فقهد أرسهل فهي حروب الردة جيهش عمرو بهن العاص ليلتقهي بجيهش‬
‫شرحبيل بن حسنة في معركة قضاعة ووديعة‪ ،‬وكذلك في معركة دبا إذا التقى‬
‫حذي فة مع عكر مة(‪ ،)2‬و في معر كة مهرة الت قى عرف جة بن هرث مة مع عكر مة‪،‬‬
‫والتقهت الجيوش كلهها فهي معر كة اليما مة(‪ ،)3‬وفهي فتوح العراق التقهى خالد مع‬
‫عياض(‪ ،)4‬وكذلك فإن خالدا عند ما ا ستلم مهم ته في العراق حرك جي شه وق سمه‬
‫إلى ثلثة أرتال لتلتقي فيما بعد في الكاظمة(‪ )5‬وفي فتوح الشام تحركت الجيوش‬
‫الربعهة مهن المدينهة‪ ،‬وجيهش العراق مهن الفراض لكهي تلتقهي جميعهها فهي‬
‫اليرموك(‪.)6‬‬

‫إن قتال التلقهي يشبهه قتال التجاهات‪ ،‬إل أن الول يكون على مسهتوى‬
‫ضيق تكتيكي وعملياتي وأحيانا استراتيجي‪ ،‬أما قتال التجاهات فهو ذو مستوى‬
‫استراتيجي‪ ،‬وكذلك فإن في الول جيوشا أقل عددا من الثاني أي يمكن أن نعتبر‬
‫قتال التلقههي على مسههتوى فيالق‪ ،‬وقتال التجاهات على مسههتوى جيوش أو‬
‫جبهات‪ ،‬والول يقوده قائد عام من بين الجيوش المتلقية‪ ،‬أما الثاني فيقوده القائد‬
‫العلى في المدينة‪ ،‬وتكون القيادة إليه مباشرة كما حدث في حروب الردة‪ ،‬وكما‬
‫حدث في معركة اليرموك‪.‬‬

‫‪ -31‬التفتيت‪ .‬هو التأثير على العدو نفسيا وماديا‪ ،‬بحيث يجعله غير قادر‬
‫على المقاومة‪ ،‬مصابا بالشلل في أجهزة القيادة‪ ،‬فاقدا إرادة القتال‪ ،‬مستسلما بدون‬
‫معركة(‪.)7‬‬

‫ل قد اختار أ بو ب كر لهذا التفت يت خالد بن الول يد‪ ،‬ك ما كان على معر فة تا مة‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/578 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/152‬‬
‫() ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/330 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 2/504 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪1/128 :‬ومابعدها‪ ،‬أكرم‪ -‬سيف الله‪.476 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() مجموعـة مـن المؤلفيـن العسـكريين المختصـين ‪ -‬الموسـوعة العسـكرية‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.1/287‬‬
‫‪219‬‬
‫بإمكانيات العدو‪ ،‬ونقاط ضعف‪ ،‬وخاصة عندما اتخذ قرارا هاما وهو فتح العراق‬
‫ب عد النتهاء مباشرة من حروب الردة(‪ ،)1‬وقدّر العدو ال صديق في جم يع حرو به‬
‫بحيث خرج من هذا التقدير أنه يتفوق بقواه المعنوية والمادية على خصمه‪ ،‬كما‬
‫فعهل تماما فهي حروب الردة‪ ،‬ثهم درس ردود الفعهل المتوقعهة مهن قبهل الفرس‪،‬‬
‫وكذلك من قبل الروم فيما لو قام بحرب ضد هاتين الفئتين‪ ،‬أيقوم الروم بمساعدة‬
‫الفرس؟ كل؟ لن بينه ما عداوة‪ ،‬ويحبون أن يروا النتقام من بعضه ما الب عض‪،‬‬
‫وكذلك فإن الفرس دولة ضعيفهة‪ ،‬جيشهها قوي‪ ،‬لكهن قيادتهه ضعيفهة‪ ،‬والجهو‬
‫السياسي‪ .‬ملئم لشن مثل هذه الحروب‪ ،‬وأما على مستوى التأثير المادي فإن أبا‬
‫بكر و كز المبراطور ية الفار سية بخ صرها بوا سطة المث نى بن حار ثة الشيبا ني‬
‫الذي تجرأ أن يقوم بعدة غارات على أطراف المبراطور ية في صيب من ها‪ ،‬دون‬
‫أن تحرك ساكنا‪ ،‬أو تد فع عن ها مهاجما‪ ،‬لهذا ف قد قام القائد العلى بالمبادأة فورا‪،‬‬
‫وأعلن الحرب على فارس‪ ،‬وأرسل إليها أكفأ قادته يكيل لها الضربات المتتالية‪،‬‬
‫موجها الضربات الحا سمة‪ ،‬بادئا من أ سفل العراق‪ ،‬وقام بعدة مناورات أدت إلى‬
‫تحطيهم قوة العدو نفسهيا وماديا‪ ،‬وبذلك اسهتطاع أن يقوم أبهو بكهر بتفتيهت مادي‬
‫ومعنوي لهذه المبراطورية ولجيوشها(‪ ،)2‬وحين أدرك أنه قد حقق مهمته في هذا‬
‫التجاه ركهز على اتجاه الشام‪ ،‬وفتهت أيضا بنفهس السهلوب قوى العدو الرومهي‬
‫ماديا ومعنويا‪ ،‬بل ا ستطاع أن يخرج من المعارك جميع ها منت صرا‪ ،‬متوجا تلك‬
‫النتصارات بمعركة اليرموك التي قضت نهائيا على المبراطورية الرومية(‪.)3‬‬

‫‪-32‬النذار القتالي‪ :‬قبهل أن يوجهه أبهو بكهر الجيوش لحروب المرتديهن‪،‬‬


‫هد ال‪ ،‬والوفاء‬‫هن تذكيرا بعهه‬‫هة المرتدة إنذارا‪ ،‬يتضمه‬‫هب إلى القبائل العربيه‬‫كته‬
‫لرسهوله‪ ،‬والذعان لمها جاء بهه‪ ،‬ثهم دخهل وانتقهل بعهد ذلك إلى التهديهد إن لم‬
‫ينصاعوا إلى الوامر‪ ،‬وإن هم أبدوا تمردهم وارتدادهم‪ ،‬فمصيرهم القتل والحرق‬
‫والسبي(‪.)4‬‬

‫ل قد ح مل هذا النذار قائد التشك يل المر سل إلى العرب المرتدة ليقرأه علي هم‬
‫ولينذرهم‪ ،‬فإن استجابوا نجوا‪ ،‬وإن امتنعوا ُقتّلوا تقتيلً(‪" ،)5‬فمن استجاب له وأقر‬

‫() الطري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 2/553 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ 2/384 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪ 1/443 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.518 ،502 ،2/489 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـــبري‪ -‬تاريـــخ المـــم والملوك‪ ،482-2/480 :‬الخضري‪ -‬تاريـــخ المـــم‬ ‫‪5‬‬

‫السلمية‪.1/475 :‬‬
‫‪220‬‬
‫ت أن يقاتله على ذلك‪،‬‬‫وكف وعمل صالحا قبل منه وأعانه عليه‪ ،‬ومن أبى أمر ُ‬
‫ثم ليب قى على أ حد من هم قدر عل يه‪ ،‬وأن يحرق هم بالنار‪ ،‬ويقتل هم كل قتلة‪ ،‬وأن‬
‫يسبي النساء والذراري‪)1(...‬ولما توجه خالد بن الوليد تلقاء فارس ‪-‬بعد أن تلقى‬
‫أمرا من القائد العلى‪ -‬سار بجيشه حتى وصل تخوم الراضي‪ .‬وهنا وجه خالد‬
‫إنذارا ‪-‬عند ما و صل إلى الحيرة وقبل ها إلى الكاظ مة‪ -‬إلى ك سرى وإلى قبي صة‬
‫بن أياس الطائي وك يل ك سرى في تلك الديار‪ ،‬و قد تض من هذا النذار معلومات‬
‫تش به معلومات النذار الذي وج هه أ بو ب كر إلى المرتد ين(‪ ،)2‬ك ما كان ينذر كل‬
‫قائد حامية قبل الهجوم عليها‪.‬‬

‫‪ -33‬الدارة‪ .‬عنهي أبهو بكهر بإدارة البلد‪ ،‬فقسهم الجزيرة إلى وليات‪،‬‬
‫وج عل على كل ول ية أميرا‪ ،‬يتولى شؤون ها‪ ،‬ويت صرف ب ها في حدود الشرع‪،‬‬
‫وكذلك فإن خالد بن الول يد كان يولي ب عض القادة على المدن ال تي ي تم فتح ها في‬
‫العراق‪ .‬فالوالي مهن الوجههة العسهكرية مسهؤول عهن تأميهن الدفاع عهن وليتهه‪،‬‬
‫وحراسة الثغور والمنافذ‪ ،‬وقطع الطرق على العدو إن أراد كيدا بالجيش العربي‪،‬‬
‫و في حال الضرورة د عم هذا الج يش الذي تقدم لحتلل أرض جديدة‪ ،‬ك ما كان‬
‫القعقاع بن عمرو في الحيرة عند ما تحر كت الجيوش العرب ية باتجاه الشمال‪ ،‬أو‬
‫باتجاه دو مة الجندل(‪ ،)3‬وكذلك فإن خالد ب عد معر كة الول جة ترك ق سما من قوا ته‬
‫في الجنوب و في الرا ضي والمدن ال تي احتل ها لتكون له ردءا‪ ،‬وحما ية لظهره‪،‬‬
‫وبعهد أن احتاج إلى هذه القوات قبهل معركهة أليهس سهحبها وضمهها إلى وحداتهه‬
‫المقاتلة(‪.)4‬‬

‫الوليات والمراء على البلد في زمن أبي بكر كما يلي‪:‬‬


‫عتاب بن أسيد‪.‬‬ ‫‪ -1‬مكة‬
‫عثمان بن أبي العاص‪.‬‬ ‫‪-2‬الطائف‬
‫المهاجر بن أبي أمية‪.‬‬ ‫‪ -3‬صنعاء‬
‫أبو موسى الشعري‪.‬‬ ‫‪ -4‬زبيد ورمع‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.484 ،2/481 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.552 ،2/551 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/574 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫أكرم‪ -‬سيف الله‪.382 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪221‬‬
‫معاذ بن جبل‪.‬‬ ‫‪-5‬الجند‬
‫العلء بن الحضرمي‪.‬‬ ‫‪-6‬البحرين‬
‫جرير بن عبد ال‪.‬‬ ‫‪-7‬نجران‬
‫عبد ال بن ثور‪.‬‬ ‫‪-8‬جرش‬
‫(‪)1‬‬
‫عياض بن غنم‬ ‫‪-9‬دومة الجندل‬
‫كمها وعيهن خالد بهن الوليهد فهي أرض العراق عنهد حربهه للفرس فهي تلك‬
‫المنطقة‪:‬‬

‫القعقاع بن عمرو‬ ‫‪-1‬الحيرة‬


‫الزبرقان بن بدر‬ ‫‪-2‬النبار‬
‫عوَيم بن الكاهل السلمي(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫‪-3‬عين التمر‬

‫‪-34‬الشورى‪ .‬اعت مد أ بو ب كر الشورى في شؤون القتال‪ ،‬ف هو الذي ش كل‬


‫مجلسها مهن كبار القادة ومهن أصهحاب الرأي يسهتشيره فهي شؤون الحرب‬
‫ومشكلت ها(‪ .)3‬هذا على م ستوى مجموع القوات الم سلحة؛ وأ ما على م ستوى كل‬
‫جيهش أو مجموعهة جيوش‪ ،‬فإنهه كان يوصهي أيضا بالشورى(‪ ،)4‬وفهي معركهة‬
‫اليرموك اجتمع مجلس حرب جيش الشام فأدلى كل واحد برأيه(‪.)5‬‬

‫ول قد كا نت دعوة أ بي ب كر إلى هذا المبدأ صريحة واض حة‪ ،‬إذ أعلن ها من‬
‫أول يوم اسهتلم ف يه القيادة‪ ،‬فل قد اسهتشار مجل سه في أ مر المرتد ين وحرب هم(‪،)6‬‬
‫وكذلك استشاره في فتح العراق‪ ،‬وفي فتح الشام(‪.)7‬‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/617 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/420‬الخضري ‪-‬تاريخ الم السلمية‪.1/195 :‬‬


‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/574،576،578 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن واضــح‪ -‬تاريــخ العيقوبــي‪ ،2/107 :‬ابــن دحلن‪ -‬الفتوحات الســلمية‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1/135‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪,1/4،8 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الشيباني ‪-‬شرح السير الكبير‪.50 ،1/49 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/14 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪103 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الكاند هلوي‪ -‬حياة الصحابة‪ 448 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪222‬‬
‫لكهل عضهو فهي المجلس ملء الحريهة بالدلء برأيهه‪ ،‬ويطرح للمناقشهة‪،‬‬
‫ويخرج الجميهع بتصهور عام‪ ،‬واسهتقراء لكهل المسهائل المطروحهة‪ ،‬والنظرة‬
‫المستقبلية‪.‬‬

‫لي ست آراء المجلس ملزمة لرئيس المجلس‪ ،‬وإنما يستطيع القائد العلى أن‬
‫يقرر بعد أن يستمع إلى آراء الجميع‪ ،‬ثم يمضي قدما لما يقرره ويراه صوابا(‪.)1‬‬

‫‪-35‬الرواتنب‪ .‬حُدد للخليفهة القائد العلى للجيهش سهتة آلف درههم سهنويا‬
‫يتقاضاها من الخزينة(‪ ،)2‬كما حدد للمقاتل‪ -‬أن يأخذ‪ -‬أربعة أخماس الغنيمة كلما‬
‫حصل عليها‪ ،‬وينفّلها له قائد الجيش‪ ،‬ثم يرسل بالخمس إلى الخليفة في المدينة‪.‬‬
‫وهذه الغنائم مرتبطهة بالنتصهار على العدو‪ ،‬واحتلل مدنهه وأراضيهه وأمتعتهه‪،‬‬
‫وعلى هذا فإن الغني مة لي ست درا هم‪ ،‬أو أعتدة‪ ،‬أو مل بس‪ ،‬وإن ما تكون من كل‬
‫ماحصل عليه الجيش واستولى عليه‪ .‬وكان يصيب الفرد في معركة واحدة أكثر‬
‫مهن ألف وخمسهمائة درههم(‪ ،)3‬بالضافهة إلى السهلحة والعتدة‪ ،‬أي أن راتهب‬
‫الجندي كان يعادل أضعاف راتهب الخليفهة السهنوي‪ .‬وكانهت موارد الخزينهة مهن‬
‫خمس الغنائم‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والجز ية‪ .‬كل ها موضو عة ت حت ت صرف أ بي ب كر ينفق ها‬
‫ويعطي منها رواتب للموظفين‪ ،‬وعمال الزكاة‪ ،‬ووجوه النفاق الخرى(‪.)4‬‬

‫‪-36‬قواعند المداد‪ .‬هناك قاعدة رئيسهية ههي المدينهة المنورة‪ ،‬وقاعدتان‬


‫تحتل الدرجة الثانية هما مكة والطائف‪ ،‬وقواعد متقدمة كالبحرين وعُمان‪ .‬مهمة‬
‫هذه القواعهد جميعا المداد بالرجال والعتاد والوسهائط الماديهة المختلفهة التهي‬
‫يحتاج ها الج يش في حرو به وفتوحا ته‪ ،‬في كل قاعدة رئ يس ل ها مهم ته تحض ير‬
‫وإعداد هذه العتدة والمواد‪ ،‬وتأميهن وسهائط النقهل الكافيهة التهي كانهت تقهع فهي‬
‫الغلب على عاتق المقاتل نفسه‪ .‬وقد لعبت القواعد المتقدمة دورا كبيرا في إمداد‬
‫الجبهات‪ ،‬وبخاصة بالوسائط المادية‪ ،‬أما القاعدة الرئيسية فكانت تهتم أكثر بإمداد‬
‫الرجال والقادة‪ ،‬وكثيرا ماكانهت القواعهد المسهتولى عليهها مهن العدو يتوفهر فيهها‬
‫جميع ما يحتاجه الجيش‪ ،‬وبخاصة من مواد الطعام‪.‬‬
‫() انظـر النقاش بيـن أعضاء المجلس عنـد الكانـد هلوي‪ -‬حياة الصـحابة‪-448 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.451‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،186 ،3/184 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/424 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ، 562 ،557 ،2/556 :‬خماش‪ -‬الشام في صدر‬ ‫‪3‬‬

‫السلم ‪ 334‬ومابعدها‪.‬‬
‫() الخضري‪ -‬تاريخ المم السلمية‪.1/196 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪223‬‬
‫‪-37‬المهمة الصعبة‪ .‬لقد استلم أبو بكر المهمة بعد موت رسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم‪ ،‬وكا نت الردة قد انتشرت ولم يؤ من ب عض ال صحابة في قتال‬
‫المرتدين كما تخلف قسم منهم عن المبايعة‪ ،‬واستشرى النفاق‪ ،‬وتطاول المتنبئون‪،‬‬
‫وأعلنوا نبوتههم‪ ،‬وادعهى أصهحاب التيجان الملك‪ ،‬واضطربهت المدينهة‪ ،‬وأصهبح‬
‫الناس سكارى وماهم بسكارى‪ ،‬يحتاجون إلى من يقودهم وينظمهم ويعيد تعبئتهم‬
‫على أسس جديدة‪ ،‬والفتن في أرجاء الجزيرة كقطع الليل المظلم‪ ،‬أفاق أهلها على‬
‫النور وهم حديثو عهد بالكفر‪ ،‬فافتتنوا عند موت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫كان على أبي بكر أن يتصدى لهذه المهمة بكل عزيمة وقوة‪ ،‬فيكون له قلب كبير‬
‫يتحمل ويحتوي هؤلء الصحاب‪ ،‬وأن تكون له عزيمة وشدة يتلقى بها كيد الذين‬
‫ارتدوا‪ ،‬وأن يُسهكت الذيهن أعلنوا النبوة والملك‪ ،‬وأن يداري فهي حكمهه تلك الفئة‬
‫التي ضلت وأضلت‪ ،‬وأن يعيد تنظيم الجيش‪ ،‬ويعده العداد القتالي السريع‪ ،‬لكي‬
‫يأخهذ على عاتقهه مهمهة قتال المرتديهن‪ ،‬وقتال الفرس والروم‪ .‬وقالت عائشهة‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫"توفي رسول ال فنزل بأبي مالو نزل بالجبال لهاضها‪".‬‬

‫لقهد كان أبهو بكهر لهها‪ ،‬فبدأ أول مابدأ بإعلن الحرب التهي لتبقهي ول تذر‬
‫على كل من تسول له نفسه النيل من الحكم الجديد‪ ،‬فوجه الجيوش إلى كل حدب‬
‫و صوب‪ ،‬واعت مد على القوة الع سكرية‪ ،‬وات خذ مقر قيادة ميدان ية بالق صبة‪ ،‬وأ خذ‬
‫ي صدر الوا مر تباعا‪ ،‬ويع ين القادة‪ ،‬وين ظم التعبئة‪ ،‬ح تى آن له أن ين هض بهذه‬
‫المهمة الصعبة(‪.)2‬‬

‫هل كان ر جل غ ير أ بي ب كر قادرا على تل قي هذه المه مة؟ كل إ نه الوح يد‬


‫الذي عجم عودها‪ ،‬واستعد لها‪ ،‬حتى إن عمر بن الخطاب لم يكن مستعدا إذ فاته‬
‫أن رسول ال صلى ال عل يه و سلم قد مات‪ ،‬وذ هل من هول هذه الم صيبة ال تي‬
‫ألمهت بالمسهلمين(‪ ،)3‬وكذلك فإنهه لم يقنهع بادئ ال مر بقتال المرتد ين‪ .‬وهكذا فإن‬
‫الصحابة لم يكونوا مهيئين لستلم هذه المهمة‪ ،‬وكان أبو بكر هو المهيأ الوحيد‬
‫لستلمها‪.‬‬

‫هذه مج مل ريادة وقيادة أ بي ب كر على مدى ز من ق صير‪ ،‬فل قد كان ماض يه‬
‫مشرفا‪ ،‬وثقافتهه متللئة‪ ،‬ومنزلة عاليهة عنهد رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم‪،‬‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.132 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.132 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪ 1/336 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫‪224‬‬
‫واستقامته دستورا‪ ،‬وجوده نافعا‪ ،‬ولحزمه شديدا‪ ،‬وشجاعته منقذة‪ ،‬وفراسته حكمة‬
‫ورؤ ية ونورا‪ ،‬ونظره ثاقبا ب صيرا‪ ،‬وقراره سريعا و صحيحا‪ ،‬ومبادأ ته ناج حة‪،‬‬
‫وعقله راجحا‪ ،‬وقيادتهه مركزيهة مبتكرة‪ ،‬واسهتراتيجيته متفوقهة بعيدة المرمهى‪،‬‬
‫متواز نة التخط يط والتنف يذ‪ ،‬وتعاو نه مثمرا‪ ،‬ا ستخدم الحتياط ال ستراتيجي في‬
‫زمانهه ومكانهه‪ ،‬وكذلك الخنهق السهتراتيجي‪ ،‬والهجوم‪ ،‬وناور باتسهاع بالقوى‬
‫والوسائط‪ ،‬وأدرك أهمية السرعة‪ ،‬وخفة الحركة في ميادين القتال‪ ،‬وابتكر وطور‬
‫قتال الجيوش المتلقيهة‪ ،‬ونظام التفتيهت القتالي‪ ،‬وفوق كهل هذا فقهد كان إداريا‬
‫منظما لدارة البلد ولدارة الحرب بآن واحهد‪ .‬حقا إنهه صهاحب الريادة الذي‬
‫اكتشف بها ماكنا نجهله‪ ،‬وعلّمنا العلم العسكري الرائد‪.‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههه‬

‫‪225‬‬
‫سابع‬
‫فصل ال ّ‬‫ال َ‬
‫قادة الجبَهات‬

‫تشكهل الجبههة عادة ‪-‬فهي المفهوم العسهكري الحديهث‪ -‬مهن عدة جيوش‪،‬‬
‫ويشكهل الجيهش مهن عدة تشكيلت مهن عدة جحافهل (فيالق) أو فرق‪ ،‬أو ألويهة‪،‬‬
‫ويش كل التشك يل ‪-‬ح سب الم ستوى‪ -‬من عدة فرق‪ ،‬أو ألو ية أو كتائب‪ ،‬فإن كان‬
‫ل (فيلق) تشكل من عدة فرق‪ ،‬وإن كان المستوى فرقة تشكلت من‬ ‫المستوى جحف ً‬
‫عدة ألوية‪ ،‬وإن كان (لواء) تشكل من عدة كتائب أو أفواج‪.‬‬
‫ل قد كان في ز من أ بي ب كر ثلث جبهات هي ش به جزيرة العرب‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫الشام‪ .‬فلم يعين القائد العلى قادة جبهات؛ إنما كان يدير الجيوش والتشكيلت في‬
‫هذه الجبهة بصورة مباشرة أي أن قائد الجيش أو التشكيل يتبع القائد العلى؛ إل‬
‫أ نه في جب هة الشام تجم عت الجيوش كل ها في ج يش وا حد كبير‪ ،‬وأ صبح هذا‬
‫الجيهش يتبهع مباشرة إلى أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬وقاد هذا الجيهش الكهبير خالد بهن‬
‫الول يد؛ أ ما قادة الجيوش ف قد كانوا يشكلون في كل جب هة عددا كبيرا؛ أ ما قادة‬
‫التشكيلت ف قد ظهروا ب صورة واض حة في معر كة اليرموك عند ما تش كل هذه‬
‫الج يش من عدة (كراد يس) و كل عدة كراد يس يشكلون فر قة (فيلق) ول كل فر قة‬
‫قائد‪ ،‬ولكل كردوس قائد‪.‬‬

‫أولً‪ :‬القادة في جبهة شبه‬


‫جزيرة العرب‬
‫ظ هر أول ماظ هر في هذه الجب هة القائد العلى أ بو ب كر ال صديق الذي قاد‬
‫المعارك الولى ضد المرتدين ومعه الخوة الثلثة النعمان بن مقرن المزني قائد‬

‫‪226‬‬
‫الميمنة‪ ،‬وأخوه أبو عبد ال قائد الميسرة‪ ،‬وأخوه سويد قائد الساقة(‪ ،)1‬وظهر كذلك‬
‫أسامة بن زيد الذي نفر بالجيش الكبير(‪ )2‬تنفيذا لوصية رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ومعه كبار قادة الجيش‪.‬‬
‫لمها رجهع أسهامة مهن مهمتهه أعيهد تنظيهم الجيهش‪ ،‬وعيهن القادة طبقا لهذا‬
‫ل وعهد بقيادتهم إلى خالد بن الوليد‪،‬‬
‫التنظيم‪ ،‬فقد شكل أبو بكر أحد عشر تشكي ً‬
‫عمرو بن العاص‪ ،‬خالد بن سعيد بن العاص‪ ،‬شرحبيل بن حسنة‪ ،‬عكرمة بن أبي‬
‫جهل‪ ،‬سويد بن مقرن المزني‪ ،‬العلء بن الحضرمي‪ ،‬طريفة بن حاجز‪ ،‬المهاجر‬
‫بن أبي أمية‪ ،‬حذيفة بن محصن الغلفاني‪ ،‬عرفجة بن هرثمة البارقي‪.‬‬

‫‪ -1‬أسـامة بـن زيـد بـن حارثـة الكلبـي ت‬


‫‪54/674‬‬

‫ورث عن أب يه ال صفات الع سكرية ال تي تؤهله لمر كز قيادي مرموق ف قد‬


‫كان جديرا بالقيادة لما تحلى به من جرأة وشجاعة وإقدام وحسن تصرف وقرار‬
‫صحيح‪ ،‬ولما يتميز به من حزم ومرونة(‪.)3‬‬
‫تأ ثر بالقائد العظ يم والر سول الكر يم مح مد صلى ال عل يه و سلم ح يث ن شأ‬
‫في رعاي ته‪ ،‬وحاز على ثق ته ومحب ته و صحبته‪ ،‬وكان يرد فه خل فه‪ ،‬ويأخذه مع‬
‫الحسن بن علي(‪.)4‬‬
‫عرض نف سه كجندي فهي معر كة أ حد‪ ،‬و ُر ّد لصهغره‪ ،‬ثم أج يز فهي ال سنة‬
‫التال ية و في معر كة الخندق‪ ،‬وش هد المعارك ال تي تلت‪ ..‬و في غزوة حن ين صمد‬
‫حين هرب المقاتلون‪ ،‬وقاتل حين تراجع البطال من بني قومه‪ .‬وقد شهد غزوة‬
‫مؤ تة‪ .‬فقا تل ت حت قيادة أب يه في هذه الغزوة‪ ،‬وق تل أبوه في هذه المعر كة‪ ،‬و هو‬
‫يحمل حب الثأر والنتقام من قاتلي أبيه(‪ ،)5‬ثم رُقي إلى مرتبة القيادة فقاد السرايا‬
‫التي تندب لقتال العداء‪ ،‬وأظهر حنكة في قيادته‪ ،‬وطبق مبادئ القتال المعروفة‪،‬‬
‫وأكثهر مها كان يطبهق المفاجأة والسهرعة فهي العمال القتاليهة‪ ،‬ووضوح الهدف‬
‫والرؤ ية‪ ،‬و قد قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في قياد ته‪" :‬إن تطعنوا في‬

‫() الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪ ،1/30 :‬ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪.2/2/66 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصـحاب‪ ،1/75 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب‬ ‫‪2‬‬

‫تاريخ دمشق الكبير‪.1/117 :‬‬


‫() خطاب ‪-‬قادة فتح الشام ومصر‪.38-35 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.1/65 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.129 ،2/128 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪227‬‬
‫ه ال إن كان لخليقا‬
‫إمارتهه فقهد كنتهم تطعنون فهي إمارة أبيهه مهن قبهل وأيم ْ‬
‫لللمارة‪.)1("...‬‬
‫في ما يروى أ نه كان أ سود اللون‪ ،‬في وج هه آثار الجدري‪ ،‬ممتلئ الج سم‪،‬‬
‫أفطس(‪ .)2‬وكان يرى فيه النشاط والحيوية والقوة(‪.)3‬‬
‫معرفتهه بأبهي بكهر معرفهة العقيدة‪ ،‬والحترام‪ ،‬ومجاورة بيهت النبوة‪ ،‬وفهي‬
‫المعارك حيهث كان يقاتهل جنبا إلى جنهب مهع أبهي بكهر فهي حروب وغزوات‬
‫الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬وثبهت فهي المعارك كمها ثبهت أبهو بكهر تماما‪،‬‬
‫وبخاصة في غزوة حنين(‪ ،)4‬ولطالما أن أبا بكر قد عرفه من قبل‪ ،‬وعلم من بأسه‬
‫وقوته في الحروب‪ ،‬وشهادة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأبو بكر لن يتوانى‬
‫أبدا أن يسلمه الجيش الذي سيصل إلى حدود بلد الروم‪.‬‬
‫كلف أ سامة بقيادة الج يش وف يه كبار القادة(‪ ،)5‬و هو صغير ال سن ل يتجاوز‬
‫الثامنهة عشرة مهن عمره(‪ ،)6‬وأسهندت إليهه مهمهة الوصهول إلى حدود البلقاء‬
‫هلحة والذخائر والمؤن‬ ‫هلحة‪ ،‬وجهزت بالسه‬ ‫هتنفرت القوات المسه‬ ‫والداروم‪ ،‬واسه‬
‫(‪) 7‬‬
‫وحشدت بالجرف ‪ ،‬وماعلي ها إل أن تتل قى الوا مر للتو جه إلى مهمت ها وهدف ها‪،‬‬
‫في هذه الثناء انتقل رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى الرفيق العلى‪ ،‬وتوقف‬
‫الجيش هنيهة لتلقي أوامر جديدة من الذي سيخلف الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وبويع أبو بكر الصديق‪ ،‬وأوكل إليه أمر هذا الجيش إما ببعثه أوباستبقائه‪ ،‬وهو‬
‫ليزال على أهبة الستعداد(‪ .)8‬أسامة يتحرج في قيادة هذا الجيش‪ ،‬وذلك لذر قرن‬
‫الردة فهي القبائل‪ ،‬ولوجود مهن ههو أكهبر منهه سهنا‪ ،‬وأعلى منهه منزلة‪ ،‬ولوفاة‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم الذي كان يرى فيه الود واللفة والرحمة والعطف‬
‫البوي؛ لكنهه عاد فتجاوز كهل هذا عندمها أكهد القائد العلى الجديهد على تأكيهد‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/65،66 :‬البخاري‪ -‬باب المغازي‪ ،87 ،42 :‬مسلم ‪-‬باب‬ ‫‪1‬‬

‫الفضائل‪ ،64 ،63 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقب‪.39 :‬‬


‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،1/75 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪2‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪ ،1/66 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.305 ،6/304 :‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ 4/65 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.2/151 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪ ،1/29 :‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في‬ ‫‪5‬‬

‫معرفـة الصـحاب ‪ ،1/75‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪،1/64 :‬‬
‫‪.66‬‬
‫() الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.2/355 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابــن عســاكر‪ -‬تهذيــب تاريــخ دمشــق الكــبير‪ ،1/117 :‬ابــن كثيــر‪ -‬البدايــة‬ ‫‪7‬‬

‫والنهاية‪.6/35 :‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،2/191 :‬ابن واضح ‪-‬تاريخ اليعقوبي‪.2/106 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪228‬‬
‫قياد ته وتثبيت ها‪ ،‬وأمره بتنف يذ أوا مر الر سول صلى ال عل يه و سلم(‪ ،)1‬وعلى هذا‬
‫فإن أ سامة قد تقلد هذه الدر جة‪ ،‬و هو ليزال في ريعان شبا به‪ ،‬م ما لم يح صل‬
‫علي ها غيره من الذ ين بلغوا من الع مر الكهولة‪ ،‬ولهذا ف هو مؤ هل لن ي ستلم هذه‬
‫القيادة التي أسندها إليه القائد العلى السابق واللحق‪ )2(،‬وقد اعترف له الجميع‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وها هو عمر بن الخطاب يقول‪" :‬ما كنت لحيي أحدا بالمارة غير أسامة‪"..‬‬
‫ل ما عاد من مهم ته منت صرا‪ ،‬اشترك في حروب الردة مع خالد بن الول يد‪،‬‬
‫ل شديدا في اليمامة(‪ ،)4‬وكان كعادته ثابتا‪ ،‬شجاعا‪ ،‬مرنا مندفعا‪ ،‬حازما‪،‬‬
‫وقاتل قتا ً‬
‫يتصرف في مناورته كأنه سهم حارق‪ ،‬وفي حركته كأنه سيل جارف‪.‬‬
‫كان لسامة دور كبير في محاربة المرتدين‪ ،‬فهو منذ خروجه من المدينة‬
‫نحو الشمال اصطدم بقبائل قضاعة التي ارتدت عن السلم‪ ،‬وأظهرت عداوتها‬
‫للخليفة وقادته‪ ،‬ولم تستطع هذه القبائل الصمود أمام جيش أسامة الذي كان يتميز‬
‫بالندفاع والحركية العالية و حب الثأر والنتقام من هؤلء ومن أعداء أبيه‪ ،‬فعاد‬
‫قسم كبير منهم إلى السلم ودفعوا الزكاة‪ ،‬وبقي قسم منهم غير قليل من الذين‬
‫بقوا على إ سلمهم‪ ،‬حتهى كادت ب عض القبائل تقت تل في ما بين ها‪ ،‬وحد ثت مذا بح‬
‫كثيرة فردية وجماعية‪.‬‬
‫ل عاديا تدرب على فنون القتال‪ ،‬ثهم‬
‫لقهد تدرج أسهامة فهي القيادة‪ ،‬فكان مقات ً‬
‫ارت قى فكان قائد سرية (كتي بة)‪ ،‬ثم ارت قى فكان قائد ج يش ضم كبار ال صحابة‬
‫والقادة‪ ،‬ولذا فإنه يعتبر من قادة الجيوش الكبار‪ ،‬وهو ليزال صغير السن‪.‬‬
‫لقد أسندت إليه مهمة سياسية وإدارية بعد حروب الردة حيث تولى البصرة‬
‫عند ما اشتدت الفت نة في ع هد عثمان(‪ ،)5‬و قد أظ هر من حن كة ال سياسة‪ ،‬وح سن‬
‫التصههرف مايليههق بههه أن يكون زعيما سههياسيا وواليا يتولى شؤون الناس‪،‬‬
‫ويتصرف في أمورهم‪.‬‬
‫حقا إنهه جندي وقائد عقائدي‪ ،‬حمهل لواء العقيدة وآمهن بهها إيمانا راسهخا ل‬

‫() ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ اليعقوبـي‪ ، /2/106 :‬البلخـي‪ -‬البدء والتاريـخ‪ ،5/152 :‬ابـن‬ ‫‪1‬‬

‫حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.1/29 :‬‬


‫() ابــن ســعد‪ -‬االطبقات‪ ،2/190 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة‬ ‫‪2‬‬

‫الصحاب‪ ،1/76 :‬ابن عساكر‪ -‬تهذيب تاريخ دمشق الكبير‪.1/117 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.4/67 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪.5/152 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن كثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.3/59 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪229‬‬
‫يتزعزع(‪ ،)1‬وج عل عنوان هذه العقيدة‪" :‬ل إله إل ال‪ )2("...‬في كل حرو به‪ ،‬وكان‬
‫يأ بى أن يقا تل من يقول ها‪ .‬وهذا مايف سر اعتزاله القيادة وال سياسة في أيام الف تن‬
‫والضراب‪ ،‬وبخاصهة فهي أيام عثمان بهن عفان‪ .‬وكان يتميهز بحهس قتالي‪،‬‬
‫وبإمكانيهة كهبيرة على وضهع الحتمالت والتنبؤات العسهكرية‪ ،‬وههو يتأتهى مهن‬
‫عقلية راجحة متزنة على تمييز المور ووضعها في نصابها‪.‬‬
‫إن جيش أسامة بعث في المسلمين قوة معنوية كبيرة‪ ،‬وثبط بالمقابل عزيمة‬
‫أعدائههم مهن الفرس والروم‪ ،‬وأسهكت القبائل المرتدة‪ ،‬وأوقهف سهيل الردة لباقهي‬
‫العرب الذ ين حدثوا أنف سهم بقولهم‪" :‬لو لم يكن الم سلمون على قوة لما خرج من‬
‫عندهم هؤلء" وجرأت العرب على أن يقتحموا حدود فارس والروم‪.‬‬

‫‪21/641‬‬ ‫‪-2‬خالد بن الوليد‬


‫خالد في كل قلم ول سان‪ ،‬و في كل ف كر وبيان‪ ،‬في العرب والع جم‪ ،‬و في‬
‫ه عنههه الباحثون‪ ،‬وتناوله المؤرخون‪ ،‬وتحدث عنههه‬ ‫الشرق والغرب‪ .‬كتبه َ‬
‫العسهكريون‪ ،‬وإنهه لفهي زبر الوليهن والخريهن؛ وإنهه لقائد عظيهم‪ ،‬وعسهكري‬
‫عبقري‪ ،‬وملهمة في التاريخ‪ ،‬وعنوان للقادة المبدعين‪ .‬ماذا أك تب عنه وقد ك تب‬
‫من المؤلفات الكثيرة ال تي تناولت كل جوا نب حيا ته الع سكرية وغ ير الع سكرية‪،‬‬
‫فإني أكتب عن فترته الذهبية في خلفة أبي بكر الصديق‪ ،‬وحروبه‪ ،‬وفتوحاته‬
‫ل على موهب ته الفذة‪ ،‬وعبقري ته‬
‫ال تي خاض ها في تلك الفترة الزمن ية الق صيرة‪ ،‬دا ً‬
‫اللمعهة‪ ،‬وقيادتهه المتميزة‪ ،‬وعنفوانهه المتوثهب‪ ،‬وألمعيتهه القادرة على تحسهّس‬
‫العمال القتالية‪ ،‬فكأنها رادار تلتقط الصور الصادقة والحقيقية عن جو المعارك‪،‬‬
‫وشاشة ترتسم فيها نقاط العدو وتحركاته بكل جلء ووضوح‪.‬‬
‫أبو بكر وخالد من قريش يجمعهما نسب بني مرة‪ ،‬وهما من عشرة أبطن‪،‬‬
‫أبو بكر من بطن من بني تميم(‪ ،)3‬خالد من بطن مخزوم(‪ .)4‬بنو مخزوم كانت لهم‬

‫() خطاب‪ -‬قادة فتح الشام ومصر‪.48 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/69 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.1/65‬‬
‫() الزبيري‪ -‬نسـب قريـش‪ ،275 :‬ابـن حـبيب‪ -‬المحـبر‪ ،12 :‬ابـن حزم ‪-‬جمهرة‬ ‫‪3‬‬

‫أنساب العرب‪.1/135 :‬‬


‫() ابـــن حزم‪ -‬جمهرة أنســـاب العرب‪ ،1/141 :‬ومابعدهـــا‪ ،‬ابـــن عبـــد البر‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،3/963 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة‬
‫الصحابة‪.3/307 ،2/102 :‬‬
‫‪230‬‬
‫الق بة والع نة(‪ ،)1‬وخالد ف تح عين يه على المور الع سكرية والتدر يب والقيادة‪ ،‬ولم‬
‫يكن بحاجة إلى الكسب لن أباه الوليد كان من أغنى أغنياء قريش‪ ،‬مما أتاح له‬
‫التفرغ لهذه المه مة تفرغا كاملً‪ ،‬ف هو يق ضي نهاره في التدر يب بجم يع أنوا عه‪،‬‬
‫وفي الفروسية‪ ،‬وركوب الخيل‪ ،‬وضروب القتال في أثناء السلم(‪ ،)2‬حتى إذا أزفت‬
‫الحرب ا ستقبلها في جاهز ية قتال ية كاملة‪ ،‬وا ستعداد تام من جم يع وجو هه‪ .‬ف قد‬
‫جم عت له كل الفرص الموات ية ليكون قائدا يشار إليه‪ ،‬وفار سا كبيرا من فر سان‬
‫قريش(‪.)3‬‬
‫اجتمع أبو بكر وخالد في مكة‪ ،‬ويعرف كل منهما الخر حق المعرفة وبما‬
‫يتم يز به ويو صف‪ ،‬ثم ا فتر قا فترة ق صيرة عند ما ها جر أ بو ب كر ال صديق إلى‬
‫المدينة‪ ،‬وترك خالدا في مكة إذ لحقه بعد ثماني سنوات‪ ،‬اجتمعا بعد ذلك معا في‬
‫الغزوات ت حت قيادة ر سول ال صلى ال عليه و سلم‪ ،‬واطلع أ بو بكر من خلل‬
‫هذه الغزوات على كفاءة خالدٍ العسكرية وإمكانياته القتالية‪ ،‬حتى إذا تسلم أبو بكر‬
‫القيادة العليها‪ ،‬قرب خالدا واصهطفاه للقتال فهي المور العسهكرية‪ ،‬فكان نائبهه‬
‫وعصهاه الطويلة والغليظهة التهي أدب بهها المرتديهن والفرس والروم‪ ،‬وكان ظله‬
‫الذي رافقه ولزمه في كل مهمة صعبة وفي كل بأساء اشتد وانتشر خطرها‪.‬‬
‫لقد كان خالد قائدا في الجاهلية والسلم‪ .‬ففي معركة أُحد كان قائد الميمنة‬
‫فهي جيهش قريهش‪ ،‬وفهي غزوة الخندق كان قائد كتيبهة هاجمهت دفاعات الجيهش‬
‫السلمي في الخنادق‪ ،‬كما حاول في كوكبة من الفرسان اقتحام الثغر ومواضع‬
‫الفصل من الخندق في الليل‪ .‬وفي غزوة الحديبية كان قائد الخيل وقائد الطليعة‪.‬‬
‫وفهي الوجهه المقابهل وبعهد إسهلمه وفهي غزوة مؤتهه اسهتلم القيادة قيادة الجيهش‬
‫العربهي السهلمي بعهد موت قائد الغزوة ونائبيهه‪ ،‬وقاد الجيهش إلى التملص‬
‫والن سحاب اللذ ين يدلن على كفاءة عال ية‪ .‬و في ف تح م كة كان قائد الفر قة ال تي‬
‫دخلت من أسفل مكة‪ .‬وفي حنين كان قائد الخيل في الطليعة‪ .‬وفي غزوة الطائف‬
‫كان قائد المقد مة‪ .‬و في غزوة تبوك أر سله ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في‬
‫كتي بة من الفر سان إلى أكيدر ال سكوني‪ ،‬ك ما أر سله إلى ب ني الحارث في كتي بة‬
‫أيضا‪ ،‬وكان في قيادته قائدا مظفرا منتصرا‪ ،‬سلمه الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة ال ًـصحاب‪ ،2/427 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪1‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪.2/101 :‬‬


‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/394 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/102‬‬
‫() ابن حبيب‪ -‬المنمق‪ ،528 :‬كمال ‪-‬الطريق إلى المدائن‪ 188 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪231‬‬
‫أعنة الخيل وسماه "سيف ال"(‪.)1‬‬
‫جاء أبو بكر الصديق إلى الحكم وتزامنت مع مجيئه حروب الردة‪ ،‬فانبرى‬
‫ل ها خالد بن الول يد(‪ ،)2‬وكان له الدور ال كبير في قتال المرتد ين إذ أُر سل أول ما‬
‫أرسل إلى "بزاخة" لقتال طليحة بن خويلد السدي ومن حالفه من زعماء القبائل‬
‫فقضى عليهم جميعا وشتتهم في مجاهل الصحراء‪ ،‬فمنهم من قاتل فهُزم‪ ،‬ومنهم‬
‫من أحجم عن القتال لما رأوا ماحل بغيرهم(‪ .)3‬وبعد انتهائه من حرب هذه الفئة‬
‫وإخضاعها توجه إلى "البطاح" لقتال مالك ابن نويرة ومن معه الذين خادعوا في‬
‫تصرفاتهم‪ ،‬فإن رأوا تهاونا خرجوا عن الدين‪ ،‬وإن رأوا شدة بقوا محافظين على‬
‫مكانت هم ال تي كانوا علي ها من ق بل الرتداد؛ ل كن خالدا لم يدع للذ ين في قلوب هم‬
‫مرض أن يخادعوا‪ ،‬ول للمرتاب ين أن يداهنوا‪ ،‬ول للمنافق ين أن يتظاهروا بع كس‬
‫ما يبطنون‪ .‬وتم القضاء على مالك بن نويرة بين جدال المدافعين عن خالد وبين‬
‫الملقين باللئمة عليه(‪ .)4‬ومهما يكن من أمر فإن أبا بكر سكت عن أعمال خالد‬
‫ال تي ظُن أن ها خار جة عن الحكام وال صول‪ ،‬وعاد يمارس أعماله القتال ية ال تي‬
‫ع هد إل يه ب ها(‪)5‬إن المر ليحت مل التر يث‪ ،‬ول سيّما أن المور ت سير ب سرعة في‬
‫سهاحات القتال‪ ،‬ولبهد للمور الثانويهة التهي تعترض مسهيرة القتال أن تقطهع‬
‫وبسرعة‪ ،‬وهكذا أقبل خالد على بترها كما يقتضي الحال في مثل هذه الظروف‪،‬‬
‫وقتل ابن نويرة‪ ،‬ودفف على غيره من المناهضين للمد السلمي(‪ .)6‬بعد أن نفذ‬
‫خالد مهمته في تلك المنطقة انتقل منها إلى اليمامة التي فيها بنو حنيفة وزعيمهم‬
‫م سيلمة بن حبيب الكذاب(‪ .)7‬وه نا خاض خالد معارك كبيرة حام ية منها معركة‬
‫"عقربها" وحصهار "حديقهة الموت" اللتان قتهل فيهمها عدد كهبير مهن الطرفيهن‬
‫المتحاربين‪ ،‬واندحرت قوات مسيلمة وحوصرت وطوردت‪ ،‬وفرت على أعقابها‬
‫تريد الخلص(‪.)8‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪ ،320 :‬الذهبي ‪-‬سير أعلم النبلء‪.268 ،267 ،1/264 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.2/429 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،133 :‬ابــن واضــح‪ -‬تاريــخ اليعقوبــي‪ ،2/108 :‬ابــن‬ ‫‪3‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/123 :‬فارق‪ -‬تاريخ الردة‪ 24 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.321 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/502 :‬ومابعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪5‬‬

‫التاريخ‪.2/35 :‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،136 :‬الطـبري‪ -‬تاريـخ المــم والملوك‪ ،2/502 :‬ابـن‬ ‫‪6‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/136 :‬‬


‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.321 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،121 :‬ابـن الثيـر ‪-‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪.2/103‬‬
‫‪232‬‬
‫كان خالد يحرص فهي حروب الردة السهتمرار فهي القتال دون أن يترك‬
‫لعدائه فرصة النتظار والتحضير‪ ،‬وكان يسعى دائما إلى الضغط المستمر على‬
‫خصهمه وعدم إتاحهة أي وقهت حتهى مجرد التفك ير فهي الرد أو التصهدي‪ ،‬والرد‬
‫على العدو بحزم وشدة بحيث يذيقه أشد الضر‪ ،‬ويسيمه سوء العذاب(‪ ،)1‬والحماية‬
‫لمؤخرة الجيهش لن القبائل التهي كان يقاتلهها خالد بهن الوليهد اعتادت حرب‬
‫الع صابات ولتزال تمارس هذا النوع من القتال‪ ،‬فكا نت مجموعات الحما ية من‬
‫مهمتهها‪ :‬درء العراب المرتدّة‪ ،‬ووقايهة مؤخرة الجيهش السهلمي والنسهاق‬
‫الخيرة‪ ،‬وبالضافة إلى ذلك فقد عززت قوات خالد بتشكيل أر سله القائد العلى‬
‫مهن المدينهة لتقوم بهذه المهمهة عندمها فشلت القبائل الحليفهة بمهمات مجموعات‬
‫الحما ية(‪ ،)2‬والنقضاض العن يف ن حو مر كز القيادة وق تل القائد‪ ،‬وبقتله يضطرب‬
‫الجيهش‪ ،‬وينهزم العدو كمها حصهل تماما عندمها حمهل خالد على مسهيلمة بهجوم‬
‫عاصهف فأدبر هاربا فتبعهه حتهى قتله(‪ ،)3‬والحذر الشديهد أثناء التقريهب وعنهد‬
‫الوصول إلى أمكنة تمركز وتجمع القبائل المعادية‪ ،‬فكان ل يتقدم إل بالستطلع‬
‫و بث العيون وإر سال الدوريات والطلئع‪ .‬كل ذلك ح تى يأ من من المفاجأة و من‬
‫الكمائن المنصوبة ومن الغارات المفاجئة‪ ،‬والمطاردة العنيفة المتوازية والمتلقية‬
‫حتى لم يفلت شريد‪ ،‬ولم ينج طريد‪ ،‬كما حدث مع قوات مالك بن نويرة(‪ ،)4‬وكما‬
‫حدث لقوات م سيلمة ح ين التجأت إلى حدي قة الموت‪ ،‬فلم ي غن عن ها هذا اللتجاء‬
‫شيئا‪ ،‬ولم يشفع لها هربها من ساحة القتال(‪.)5‬‬
‫هر الذي اتخذه قائدا عاما‬‫هي بكه‬ ‫هي حروب الردة إلى أبه‬ ‫يعود نجاح خالد فه‬
‫لمحار بة المرتدين‪ ،‬والذي عرف ف يه تلك الكفاءة القتالية‪ ،‬والضراوة في الحرب‪،‬‬
‫وعرف فيهه قائدا ألمعيا‪ ،‬وجنديا باسهلً‪ .‬أبهو بكهر كان المخطهط والعقهل المبدع‬
‫لعمليات خالد‪ .‬فهو الذي حدد له المراحل القتالية‪ ،‬ونقاط البدء والنهاية‪ ،‬والمراكز‬
‫والقبائل‪ ،‬كمها شرح له بتوجيهاتهه العملياتيهة أن يبدأ بطيهء ويثنهي ببنهي أسهد‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/501 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/123‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/505 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/138‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/505 :‬ابن حزم‪ -‬جوامع السيرة‪ ،341 :‬ابن‬ ‫‪3‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/139 :‬‬


‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.107 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،121 :‬الطـبري‪ -‬تاريـخ المــم والملوك‪ ،2/514 :‬ابـن‬ ‫‪5‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/139 :‬‬


‫‪233‬‬
‫وحلفائها‪ ،‬ويثلث ببني تميم وحلفائها‪ ،‬ويرابع في بني حنيفة وحلفائها(‪ ،)1‬كما حدد‬
‫له قادة هذه القبائل موضحا له نفسهيات هؤلء القادة وإمكانياتههم‪ ،‬وحتّم عليهه أن‬
‫يع يد تنظ يم الج يش وإعادة تعبئ ته‪ ،‬وإ سناد المهام إل يه من جد يد في كل مرحلة‪،‬‬
‫وأن ليبدأ بالمرحلة أو المه مة ال تي تلي إل ب عد الرجوع إلى القائد العلى ل خذ‬
‫المزيهد مهن التوجهات التهي قهد تعدل أو تغيهر مهن التوجيهات الولى بناءً على‬
‫المعلومات والمعطيات الجديدة(‪ ،)2‬ممها أتاح لخالد أن يتصهرف فهي حدود هذه‬
‫التوجيهات‪ ،‬وأن يسهترشدها‪ ،‬ويجعلهها نظاما لقتاله فهي حروب الردة‪ .‬وعندمها‬
‫انت هى خالد من قتال طلي حة تا بع قتاله دون أن يتو قف أو يرا جع مهما ته القتال ية‬
‫ك ما أمره أ بو ب كر في ذلك‪ ،‬وتو جه تلقاء البطاح ومالك بن نويرة(‪)3‬مباشرة بدل يل‬
‫اعتراض الن صار الذ ين كانوا م عه على هذا الت صرف لفت ين انتبا هه إلى التق يد‬
‫بتوجيهات القائد العلى بهذا الشأن(‪ ،)4‬ولكنهه أصهر على المضهي والمتابعهة دون‬
‫توقهف مشيرا إلى أن القائد العلى ههو الذي أمره بذلك‪ ،‬ومعنهى هذا أن أبها بكهر‬
‫أعطاه حرية التصرف‪ ،‬فإن استطاع أن يتوقف بعد المرحلة فعل‪ ،‬وإن لم يستطع‬
‫تابع مهمته القتال ية(‪ )5‬وهنا رضخ الن صار لطل به وا ستجابوا لندائه وانضموا إلى‬
‫جيشه(‪.)6‬‬
‫إن الثقة التي أعطاها أبو بكر لخالد كانت دافعا له لن يدخل معاركه وهو‬
‫على يقين بالنصر‪ ،‬وكانت تقوية لمعنوياته‪ ،‬وأملً لحلمه في القضاء على الفتنة‬
‫و في تنف يذ المه مة ال تي أ سندت إل يه‪ .‬اعترض المعترضون على قتال وق تل مالك‬
‫بن نويرة‪ ،‬ومنهم عمر بن الخطاب؛ لكن أ با بكر أ سكت كل الل سن ال تي تمس‬
‫ذلك القائد الموثوق‪ ،‬وقال لعمر‪" :‬ارفع ل سانك عن خالد"(‪ .)7‬كان أ بو بكر يعلم أن‬
‫خالدا له هذه الموه بة‪ ،‬و قد قارن ب ين أن يق يل خالدا من من صبه وب ين أن يبق يه‬
‫على رأس الجيش‪ ،‬فإن أقاله‪ ،‬فل أحد يمكن أن يحل محله في تلك الحرب الهلية‬
‫التهي خاض غمارهها‪ ،‬وعجهم عودهها‪ ،‬وبذلك يمكهن أن تلحهق النكسهة بجيهش‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/480 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/132‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/480 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/502 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/135‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/501 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.2/136‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.122 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪122 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/502 :‬البلخـي‪ -‬البدء والتاريـخ‪ ،5/160 :‬ابـن‬ ‫‪7‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/137 :‬‬


‫‪234‬‬
‫المسهلمين‪ ،‬ويتأخهر عهن تنفيهذ مهماتهه‪ ،‬لهذا فضّل القائد العلى أن يتجاوز عهن‬
‫سيئات خالد ‪-‬ال تي ظهرت في حرو به وال تي من ها ق تل ا بن نويرة‪ ،‬و صلح أ هل‬
‫اليمامهة‪ -‬ونكاح ابنهة مجاعهة بهن مرارة(‪ ،)1‬والتهي شابهها بعهض التشويهه‪ -‬وأن‬
‫يسهرحه فهي مهمتهه لقتال المرتديهن‪" :‬ياعمهر ماكنهت لشيهم سهيفا سهله ال على‬
‫الكافريهن(‪ ،)2‬وبالدفاع عهن خالد والتجاوز عهن سهيئاته أكسهبه رغبهة فهي القتال‪،‬‬
‫ل على رقاب أعدائه‪ ،‬ومها بة في قلوب‬ ‫وتم سكا بخط طه الحرب ية‪ ،‬و سيفا م سلو ً‬
‫خ صومه‪ ،‬ح تى إن الذي كان يتكلم ب حق خالد أم سك إكراما ل بي ب كر ال صديق‪،‬‬
‫وامتثالً لوامره‪ ،‬وإفسهاحا لحريتهه فهي أن يتصهرف مايشاء تجاه خالد وحروب‬
‫الردة‪.‬‬
‫القائد العلى كان يعطهي الخطوط العريضهة‪ ،‬والتوجيهات العملياتيهة على‬
‫الم ستوى ال ستراتيجي‪ ،‬والمور الها مة‪ ،‬والنقاط البارزة في القتال‪ ،‬والقائد العام‬
‫كان يتصهرف فهي حدود هذا كله‪ ،‬ول يخرج خالد عهن الطار العام‪ .‬وروح هذه‬
‫التعليمات‪ ،‬ويتصهرف حسهبما تمليهه عليهه الظروف التكتيكيهة‪ ،‬والواقهع الراههن‬
‫المتشكل‪ .‬وهذا برأيي هو التصرف السليم والصحيح‪ ،‬لن هذا المبدأ يعطي للقائد‬
‫العام حريهة فهي أن يدرس الموقهف دراسهة دقيقهة بنا ًء على المعلومات الجديدة‬
‫والرض والعدو والمكانيات‪ ،‬ثم يقوم بتنف يذ مها مه‪ ،‬وهذا ماكان يفعله خالد ا بن‬
‫الوليد الذي تلقى المهمة القتالية والكبرى‪ ،‬والفكرة من أبي بكر‪ ،‬ثم يمضي قدما‬
‫مراعيا في ذلك كل أسباب النصر‪ ،‬والمبادئ الساسية‪ ،‬والتعاليم الواسعة‪ ،‬كما أن‬
‫هذا الت صرف من جا نب القائد العلى يع طي للقائد العام لن ي سرع في عمليا ته‬
‫القتال ية وأن ي ستمر ب ها‪ ،‬فلو ر جع خالد في كل مرة أو كل مرحلة إلى أ بي ب كر‬
‫لتو قف القتال مدة قد تؤخره لتنف يذ مها مه القتال ية المكلف ب ها وكذلك فإن خطوط‬
‫الموا صلت والت صال الشخ صي مع القائد العلى في كل مرة يقت ضي سفرا‬
‫ل مهن أرض نجهد أو اليمامهة‪ ،‬وانقطاعا عهن ممارسهة القيادة قهد يؤثهر على‬ ‫طوي ً‬
‫مجرى القتال ووتيرته العالية التي كان فيها‪ ،‬ولهذا فإن القائد العام لم يحضر إلى‬
‫المدينهة إل أثناء اسهتدعائه بشأن مالك بهن نويرة‪ ،‬وأثناء إسهناد المهمهة القتاليهة‬
‫الجديدة بعد انتهاء الردة وتكليفه بحرب الفرس في العراق(‪.)3‬‬
‫إن أ با ب كر كان يعلم أن خالدا شد يد في قتاله‪ ،‬غل يظ في معامل ته لعدائه‪،‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.321 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،136 :‬الطــــبري‪ -‬تاريــــخ المــــم والملوك‪،2/503 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫البلخي‪ :‬البدء والتاريخ‪ ،5/160 :‬ابن خلكان‪ -‬وفيات لعيان‪.2/172 :‬‬


‫() أبو يوسف‪ -‬الخراج‪ ،169 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.243 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪235‬‬
‫وأن سيفه يقطر دما‪ ،‬وأن رمحه يسدد دائما إلى صدور خصومه‪ ،‬تراه دائما في‬
‫لباس القتال‪ ،‬وفهي جاهزيهة قتاليهة دائمهة‪ .‬إنهه المناسهب أكثهر مهن غيره لقتال‬
‫المرتدين‪ .‬وبشدته هذه منع بعض القبائل من الدخول في الحرب‪ ،‬وجعلهم يعلنون‬
‫دخولههم فيمها خرجوا بهه مسهلمين طائعيهن‪ ،‬وبذلك تفرد بالقبائل التهي نشزت‪،‬‬
‫وبالعدو الذي أعلن العصهيان المسهلح على الدولة فأذاقههم أشهد العذاب‪ ،‬فحرقههم‪،‬‬
‫ومثهل بههم‪ ،‬وزاد فهي القتصهاص منههم(‪ .)1‬ولول أسهلوب خالد هذا فهي القتال‬
‫لنتشرت الردة أكثهر ممها انتشرت‪ ،‬ولطال أمهد القتال‪ ،‬ولصهعب القضاء عليهها‪،‬‬
‫ولكل فت من الخ سائر الش يء الكث ير‪ ،‬ولعادت التفر قة والتجزئة ال تي كا نت علي ها‬
‫الجزيرة العربية قبل السلم‪ ،‬ولما استطاع العرب المسلمون فيما بعد أن يفتحوا‬
‫بلد فارس والروم‪.‬‬
‫رافق شدة أ بي بكر مضاء خالد في مهم ته‪ .‬ل قد ا ستخدم القائد العلى الشدة‬
‫في قتال المرتد ين‪ ،‬ح يث وا فق خالدا في ت صرفاته الشديدة‪ ،‬و في ب عض الحيان‬
‫فإنه كان يظهر العنف والقوة أكثر من خالد‪ ،‬وذلك عندما أرسل إليه كتابا يطلب‬
‫منهه "أن يقتهل كهل محتلم" مهن جماعهة مسهيلمة الكذاب الذيهن نجوا بعهد المعارك‬
‫المتتاليهة‪ ،‬والذيهن عقهد خالد معههم الصهلح ووفهى لههم(‪ ،)2‬وطلب أيضا أن يقتهل‬
‫وينهب ويهدم ويحرق‪ ،‬فل تأخذه بهم شفقة ول رحمة‪.‬‬
‫استخدم خالد المحاور القتالية التي تؤدي إلى المناطق المتجه إليها‪ .‬فقد سار‬
‫مهن المدينهة على طيهء مسهتخدما الطريهق المتجههة نحهو الشمال الشرقهي حتهى‬
‫و صل إلى "بزا خة" عبر الطر يق‪ ،‬ومن ها إلى البطاح عبر الطر يق المم تد جنوب‬
‫شرق بزاخة ومنها إلى اليمامة‪ ،‬ومنها إلى المدينة‪ ،‬ثم العراق‪ .‬هل حدد أبو بكر‬
‫لخالد محاور القتال والتحرك؟ إ نه لم يحدد‪ ،‬بل ترك له الحر ية‪ ،‬معتمدا في ذلك‬
‫على حسن تصرفه واجتيازه المحور المناسب‪ ،‬بحيث يؤمن له الوصول السريع‪.‬‬
‫وكان خالد في هذا يختار أق صر الطرق وأ سهلها‪ ،‬والخفاء والتمو يه عن أنظار‬
‫العدو‪ ،‬والظهور فجأة أمام القبائل المرتدة فهي زمهن ومكان لتتوقعهها‪ ،‬وكان فهي‬
‫سهلوكه تلك المحاور يتبهع الصهول فهي المسهير‪ ،‬وفهي ترتيهب التحرك‪ ،‬وأمان‬
‫المسير بالدوريات والستطلع والقتراب والحذر‪ ،‬والبتعاد عن الضوضاء‪.‬‬
‫أعطيت الوامر لخالد بن الوليد أن يتوجه إلى العراق‪ .‬فانسحب من عقرباء‬
‫باتجاه الشمال الغربي حتى وصل بالقرب من فيد‪ ...‬وهنا عسكر الجيش بانتظار‬
‫ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/123 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/516 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪236‬‬
‫تلقي مهمات جديدة‪ ،‬أو أن الجيش بقي بالنتظار في منطقة اليمامة‪ ،‬وسافر خالد‬
‫إلى المدينهة مهن عقرباء عبر الطر يق الصهحراوية التهي ت مر بنجهد فقا بل القائد‬
‫العلى ثهم عاد فتحرك مهن شمال فيهد باتجاه الشمال الشرقهي‪ ،‬ثهم انعطهف نحهو‬
‫الشمال الغربهي مارا بالحفيهر قاطعا وادي البطهن ثهم عاد إلى الكاظمهة‪ ،‬ومنهها‬
‫هل إلى‬ ‫هى وصه‬ ‫هط النهري للفرات حته‬ ‫هه على طول الشريه‬ ‫هي فتوحاته‬ ‫انطلق فه‬
‫(‪)1‬‬
‫الفراض‪.‬‬
‫ل قد كان خالد في ف تح العراق مبارزا كبيرا ماهرا‪ ،‬سرعان مايق ضي على‬
‫خصهمه‪ ،‬وبالقضاء على خصهمه‪ ،‬تنهار معنويات عدوه‪ ،‬ويفهر طالبا النجاة‪ ،‬كان‬
‫حدث أن تبارز مهع "هرمهز" فقتله(‪ ،)2‬ومهع "قارن" الذي خرج إليهه معقهل بهن‬
‫العشى البنّاش فقتله(‪ .)3‬وكذلك فإن خالدا استخدم التطويق من المجنبات والخلف‬
‫والمام فلم يترك للجيهش الفارسهي أن يتملص‪ ،‬أو أن ينسهحب كمها حدث فهي‬
‫معر كة "الول جة"(‪ ،)4‬وح صار الح صون فلم يزل على الح صار ح تى ي ستسلم قائد‬
‫الحصن ومن معه كما فعل بحصون الحيرة(‪ ،)5‬وكان هادفا في إعادة تنظيم جيشه‬
‫كلما دعت الحاجة إلى ذلك بشكل يتناسب مع المهمة القتالية وقوة العدو‪ ،‬وطبيعة‬
‫الرض كمها فعهل عندمها تقدم إلى "النبار"(‪ )6‬وقهد أجاد خالد قتال التلقهي فهاجهم‬
‫المصهيخ(‪ )7‬مهن ثلثهة اتجاهات‪ ،‬وكذلك عنهد أول دخوله العراق قسهم جيشهه إلى‬
‫ثلثهة تشكيلت(‪ ،)8‬وهذا النوع مهن القتال كان يعطهي خالدا حريهة فهي القيادة‪،‬‬
‫وسرعة في المناورة‪ ،‬والتعاون إذ يستطيع التشكيل الذي تقدم ونجح في مهمته أن‬
‫يساعد التشكيل الخر الذي اصطدم بمقاومات عنيفة حالت دون تقدمه‪ ،‬وتضليل‬
‫العدو عن التجاه الرئيسي‪ ،‬وتحقيق المفاجأة‪ ،‬والتطويق‪ .‬وطبق خالد في قتاله مع‬
‫الفرس أيضا تجزيهء القوات المعاديهة‪ ،‬فكان يحارب كهل جزء لوحده ويتغلب‬
‫عل يه‪ .‬و من إيجابيات هذا المبدأ أ نه ح قق لخالد مبدأ التفوق على هذا الجزء سيما‬
‫() أبويوسف‪ -‬الخراج‪ ،169 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪242 :‬ن ‪.243‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/557 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/148‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/558 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/148‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/559 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.149 ،2/148‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/568 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/151‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 2/574 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/580 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.2/152‬‬
‫() خطاب‪ -‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.105 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪237‬‬
‫وأن القوات الفار سية مجتم عة كا نت أضعاف القوات ال سلمية‪ ،‬وح قق للمراء‬
‫الهدف العام وهو تدمير هذه القوة وإبادتها والوصول إلى النصر وقد استخدم هذا‬
‫المبدأ فهي معركهة "ألّي ْس" عندمها فصهل القائد العام نصهارى العرب عهن فارس‬
‫وقاتلهم لوحدهم‪ ،‬وفي معركة الحيرة عندما قتل ابن صاحب الحيرة مع مجموعة‬
‫القتال وأ مر قاد ته بمحا صرة كل ح صن لوحده(‪ ،)1‬و في معر كة ع ين الت مر ح ين‬
‫فصل تشكيل عقبة بن أبي عقة من العرب وأسره‪ ،‬ولما رأى الفرس ماحل بعقه‬
‫انهزموا فطاردههم‪ ،‬وقتهل منههم الكثيهر(‪ .)2‬وبالمطاردة كان خالد يهدف إلى إبادة‬
‫الفرس‪ ،‬إذ كان بعهد نجاح اقتحام الحصهون‪ ،‬أو بعهد المعارك كان قادة الفرس‬
‫ومقاتلوهم يفرون من المعركة لكن فرارهم لينجيهم من مطاردة خالد لهم وقتلهم‪.‬‬
‫ففهي معركهة "أليهس" طارد الفرس‪ ،‬وأقسهم على نفسهه أل يسهتبقي منههم أحدا‪،‬‬
‫ومضى في مطاردتهم حتى كانت الدماء كالنهار(‪.)3‬‬
‫ليغريه مال من غنيمة‪ ،‬وليرده عن هدفه مكسب من عرض‪ ،‬ول يسف إن‬
‫جمع السلح والعتدة والنعام‪ ،‬ول يزهو بنفسه إن انتصر‪ ،‬ويصبر إن أصابته‬
‫البأ ساء والضراء في الحرب‪ .‬فغ نم ماغ نم من ح صن العذ يب و في معر كة ع ين‬
‫الت مر وب عد أن ا ستولى على ح صون الفرس‪ ،‬وغ نم مغا نم كثيرة‪ ،‬ظن العدو أ نه‬
‫م تى ظ فر بهذه الغنائم فإ نه سوف يتل هى أو يتو قف عن القتال؛ ل كن خالدا ظل‬
‫محافظا على هد فه‪ ،‬وأك مل ف تح الح صون(‪ ،)4‬و في منط قة الب صرة بالكاظ مة نزل‬
‫وتمركهز اضطراريا بعيدا عهن الماء فأوصهى جنده بالصهبر والحتمال(‪ ،)5‬وفهي‬
‫معر كة الول جة‪ -‬ال تي تبعت ها انت صارات كثيرة في المذار و في منط قة الب صرة‪-‬‬
‫أمر المقاتلين أن يدعو الغرور جانبا‪ ،‬وأل تأخذهم لذة النجاح والغلبة‪ ،‬وأن يكونوا‬
‫على يقظة وحذر‪ ،‬وجاهزية قتالية كاملة‪ ،‬وفي معركة أليس ا ستنصر بال وجاء‬
‫ربه بقلب ملؤه الثقة والتواضع‪.‬‬
‫إن السمعة الحربية لخالد بن الوليد أتاحت له أن ينتصر على عدوه بسهولة‪،‬‬
‫وأن يدب الر عب في خ صومه‪ ،‬وأن ينهاروا ع ند سماعهم بمقد مه‪ .‬ف هو قائد لم‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/565 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/576 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/151‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/560 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.2/149‬‬
‫() الدينوري‪ -‬الخبار الطوال‪ ،112 :‬الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/576 :‬ابن‬ ‫‪4‬‬

‫الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/151 :‬‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/555 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.2/148‬‬
‫‪238‬‬
‫يهزم‪ ،‬حتهى فهي معركهة واحدة بالرغهم مهن تفوق عدوه عدة وعددا‪ ،‬ولهذا فإن‬
‫بعض المدن التي فتحها كانت صلحا كالحيرة التي عقد مع أهلها معاهدة صلح (‪،)1‬‬
‫وكذلك صالح القرى التي حول النبار(‪ ،)2‬وكذلك فإن بعض القوام كانت تفر منه‬
‫بمجرد التجاه إليهم كما حدث عندما هاجم الرضاب‪.‬‬
‫كان خالد يعلم أن القوة في الر مي‪ ،‬ولهذا فإ نه كان يشدد على د قة الر مي‪،‬‬
‫ويقوم بتدر يب الرماة بش كل ج يد‪ ،‬ف في معر كة النبار ظ هر دور هؤلء الرماة‪،‬‬
‫فكانوا يسهددون على العيون فيصهيبونها(‪ ،)3‬وتدل هذه المعركهة على دقهة الرمهي‬
‫والتدريب‪ ،‬وعلى المستوى الرفيع الذي وصل إليه هؤلء المقاتلون في التصويب‬
‫والتسديد‪.‬‬
‫لقد كانت مهنة الجهاد عند خالد محببة إليه‪ ،‬فهو يؤثرها على كل العمال‬
‫ويجعلها في مقدمة اهتماماته‪ .‬وكان يقول‪" :‬لقد شغلني الجهاد عن تعليم كثير من‬
‫القرآن"(‪ )4‬وقد عبّر عن حبه لهذه المهنة بقوله‪" :‬ما من ليلة يهدى إلي فيها عروس‬
‫أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد‪ ،‬كثيرة الجليد‪ ،‬في سرية أُصبّح فيها‬
‫(‪) 5‬‬
‫العدو‪".‬‬
‫كان ي حب أن يُترك له حر ية الت صرف على الم ستوى التكتي كي‪ ،‬وأل يقيّده‬
‫القائد العلى بأمور هو ألصق بها‪ ،‬وأقرب إليها‪ ،‬ولما أراد أبو بكر أن يتدخل في‬
‫الشؤون التكتيكيهة‪ ،‬وأن يفسهد عليهه خططهه وتحركاتهه قال لبهي بكهر‪" :‬إمها أن‬
‫تدعنهي وعملي‪ ،‬وإل فشأنهك بعملك‪ )6(".‬حقا إنهه القائد الذي تصهرف بحكمهة‬
‫وشجاعة ومرونة وحركة عالية على مستوى المعارك التكتيكي‪.‬‬
‫أثنى رسول ال صلى ال عليه وسلم على خالد بن الوليد فقال‪" :‬نعم عبد ال‬
‫سيف من سيوف ال‪ ،)7(".‬وها قد أتاه ثناء القائد العلى أ بي ب كر ال صديق على‬
‫النت صارات العديدة التهي حقق ها في بلد فارس‪ ،‬فق تل من هم الكث ير‪ ،‬وشرد هم‪،‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/563 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/149‬‬
‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/574 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/151‬‬
‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.99 ،2/98 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.2/99 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪1/269،270 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.2/99 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب فضائل أصــحاب النــبي‪ ،25 :‬باب المغازي‪ ،44 :‬مســلم ‪-‬باب‬ ‫‪7‬‬

‫الزكاة‪ ،145 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقـب‪ ،49 :‬ابن الثيـر‪ -‬أسد الغابـة في معرفة‬
‫الصحابة‪.2/102 :‬‬
‫‪239‬‬
‫وأعمهى أبصهارهم‪ ،‬وتركههم يتجهون فهي الرض‪ ،‬ليدرون ماذا يفعلون‪ ،‬وفتهح‬
‫البلد الكثيرة‪ ،‬ود خل المعارك البر ية والنهر ية‪ ،‬وا ستخدم الهجوم‪ ،‬وكذلك الدفاع‬
‫المتحرك والنشيط‪ ،‬وطارد فلول المنهزمين‪ ،‬وأبادهم‪ ،‬مستخدما الشدة والعنف في‬
‫قتال هم‪ ،‬واسهتولى على الشر يط النهري من الخل يج و من مصهب الفرات وحتهى‬
‫"عنه" و "الفراض" قاطعا في ذلك مئات الميال‪ .‬كان يقاتل في كل ميل‪ ،‬وفي كل‬
‫أرض ومدينة يمر عليها‪ .‬هذا هو القتال الزاحف الذي ليبقى ول يذر أمامه من‬
‫(‪)1‬‬
‫آثار العدو شيئا‪ .‬لهذه العمال صدر الثناء‪" :‬عجزت النساء أن يلدن مثل خالد"‬
‫يعود انتصار خالد في فتوحه العراق‪ ،‬وقتاله الفرس إلى الدعم الذي لقيه من‬
‫أ بي ب كر ال صديق‪ ،‬وإلى التخط يط الج يد من ق بل القيادة العل يا في المدي نة‪ ،‬وإلى‬
‫ل بأول‪ ،‬وإلى المداد المتواصههل بالرجال‬ ‫متابعههة القتال‪ ،‬وإعطاء التعليمات أو ً‬
‫والعتاد وال سلحة‪ ،‬وإلى التعاون الوث يق في ما ب ين ج يش خالد وبق ية الجيوش ال تي‬
‫كانهت تقاتهل فهي تلك الجبههة كجيهش عياض بهن غنهم‪ ،‬وإلى انضمام بعهض‬
‫التشكيلت الكهبيرة كتشكيهل المثنهى بهن حارثهة الشيبانهي‪ ،‬وإلى تقسهيم وتوزيهع‬
‫قطاعات القتال على القادة‪ ،‬بمها يتناسهب مهع حجهم الوحدات التهي تهاجهم تلك‬
‫القطاعات "النطاقات" ومع المهمة ومع قوة العدو‪ ،‬وإلى السرعة العجيبة التي كان‬
‫يتنقهل بهها القائد العام مهن اتجاه إلى آخهر‪ ،‬أو مهن منطقهة إلى أخرى‪ ،‬أفل تُعهد‬
‫سرعة كبيرة عندما تحرك خالد من حدود العراق إلى دومة الجندل‪ ،‬لنقاذ جيش‬
‫عياض بن غنم‪ ،‬وإلى المناورة السريعة التي كان يجريها على جبهة القتال بالقوة‬
‫والوسهائط المتوفرة لديهه‪ ،‬وإلى ابتكار السهاليب القتاليهة الجديدة كالتسهديد على‬
‫العيون في معر كة النبار‪ ،‬وقتال التل قي في منط قة الب صرة و في الم صبخ (‪،)2‬‬
‫وإلى المفاجأة ال تي ا ستخدمها في معر كة أل يس وغير ها‪ ،‬وإلى ال سمعة الحرب ية‪،‬‬
‫وإلى امتهان الجهاد ورغبتهه الكيدة فهي القتال‪ ،‬وإلى السهباب الخرى البدنيهة‬
‫والعقلية والمعنوية‪.‬‬
‫مهن حرب الفرس إلى حرب الروم‪ ،‬ومهن أرض العراق إلى أرض الشام‪.‬‬
‫معركهة كهبيرة خاضهها خالد قبهل أن يتوجهه إلى الشام حيهث قاتهل فهي الفراض‬
‫التحاد المختلط من الجنسيات العربية والفارسية والرومية فقضى عليهم جميعا‪،‬‬
‫ومكهث فهي الفراض عشرة أيام ثهم عاد إلى الحيرة بانتظار الوامهر الجديدة مهن‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/563 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/149‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/580 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪240‬‬
‫القائد العلى ومن مركز القيادة العامة في المدينة‪.‬‬
‫صهدرت إليهه الوامهر أن ينضهم إلى جبههة الشام‪ ،‬بغيهة تركيهز الجهود‬
‫الرئيسهية لقتال الروم‪ ،‬بعهد أن كادت هذه الجبههة تتوقهف عهن التقدم‪ ،‬وبعهد أن‬
‫وجدت صعوبات كبيرة في القضاء على الروم‪ .‬تحرك خالد من الحيرة إلى عين‬
‫التمر باتجاه الشمال الغربي مارا بوادي السرحان إلى قراقر‪ ،‬ثم إلى سوى حتى‬
‫وصل القريتين‪ ،‬ومنها إلى نحو الجنوب الغربي مارا بشرقي دمشق حتى وصل‬
‫إلى اليرموك(‪ ،)1‬و من المؤرخ ين من يعتقدون أن خالدا سار من الحيرة إلى ع ين‬
‫التمر‪ ،‬والفراض‪ ،‬ثم انعطف نحو الغرب مارا به سوى‪ ،‬أراك‪ ،‬تدمر‪ ،‬القريتين‪،‬‬
‫أذرعات‪ ،‬بصهرى‪ ،‬اليرموك(‪ .)2‬ومهن المرجهح أن يكون هذا القائد قهد سهلك هذه‬
‫الطريهق وذلك لقصهرها‪ ،‬بغيهة التصهال بقوات أبهي عهبيدة بسهرعة‪ ،‬ولن خالدا‬
‫يهوى م ثل هذه المغامرات ال تي تح قق له الفوز بمهم ته‪ ،‬ول نه قائد اعتاد ركوب‬
‫المشقة والصعاب‪ ،‬ويندر على قائد غيره أن يسير بجيشه كما سار خالد‪.‬‬
‫هب وسهغب‪ ،‬وعقدت القيادة اجتماعا‬ ‫وصهل خالد إلى اليرموك بعهد نصه‬
‫خرجت على أثره بإقرار تولية خالد القيادة العامة‪ -‬كما أمر القائد العلى بذلك‪-‬‬
‫للجيوش المشتركة في القتال‪ ،‬فق سم جي شه إلى ميمنة وميسرة وقلب واحتياط بيد‬
‫القائد‪ ،‬وعين القادة وأسند المهام‪ ،‬وجدد الموجهين والقضاة والقارئين‪ ،‬ثم بدأ يعد‬
‫التحضيرات للدخول مع الروم في معركة فاصلة‪ ،‬ودخل عدة معارك قبل معركة‬
‫اليرموك‪ ،‬ولم يل بث أن جاءه خبر موت أ بي ب كر وتول ية ع مر بن الخطاب الذي‬
‫قام بعزل خالد كقائد عام‪ ،‬وإسناد هذه المهمة إلى أبي عبيدة بن الجراح الذي كتم‬
‫هذا المر مدة‪ .‬تابع خالد معاركه ت حت قيادة أ بي عبيدة في ف تح الشام وبخا صة‬
‫في ف تح دم شق‪ ،‬و في ف حل‪ ،‬ومرج الروم‪ ،‬و في ح مص و في قن سرين ومر عش‪.‬‬
‫ل للجندي‪ ،‬وقدوة للقادة على مر الجيال‪.‬‬ ‫وكان مثا ً‬
‫رأى أبو بكر وهو القائد العلى أنه ليتم النصر على الروم إل بخالد الذي‬
‫خاض معارك الردة والعراق فلم يهزم‪ ،‬والذي كان للمهام الصهعبة‪ ،‬فأرسهل إليهه‬
‫ي ستحثه ال سير ب سرعة إلى جب هة الروم‪ ،‬ون فذ هذه المه مة الشا قة في الم سير‪،‬‬
‫وابتكر نظام الكراديس في معركة اليرموك‪ ،‬وأعاد تنظيم الجيش بشكل ابتكاري‬
‫وإبدا عي‪ ،‬وكان هد فه من ذلك إظهار أن الج يش العر بي كث ير في عدده‪ ،‬وتأمينا‬
‫للمرونة في القيادة‪ ،‬والسرعة في القتال والمناورة‪ ،‬وتوفيرا للحتياط لدى القائد‪.‬‬
‫خطاب‪ -‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.125 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪ ،235 :‬مادون‪ -‬الخريطة التاريخية‪1 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫‪241‬‬
‫إن عامل الزمن عامل مهم في القتال‪ ،‬فإذا رماك خصمك بأقل مما رميته به‬
‫بأ قل من الثان ية ب سلح وا حد ذي ميزات متشاب هة ف قد انت صر عل يك‪ ،‬فك يف إذا‬
‫كانت بالساعات واليام؟ فإنها ستكون حتما للذي سبق وحضّر وأعد العدة‪ .‬ولهذا‬
‫فإن خالدا كان يدرك قيمهة العامهل الزمنهي إذ لمها قطهع الطريهق مهن الحيرة إلى‬
‫اليرموك كان ير مي إلى ذلك العا مل إلى اقت صار الز من‪ ،‬ح تى ولو كان محفوفا‬
‫بالمخا طر كالع طش أو الت يه في الرض‪ .‬وهذه ال سرعة اتبع ها أيضا في حرب‬
‫العراق وذلك عند ما تحرك من الحيرة إلى دو مة الجندل لم ساعدة عياض‪ ،‬ح يث‬
‫قطع المسافة بسرعة كبيرة وزمن قصير‪.‬‬
‫لم ي تم خالد مابدأه مع الروم إذ جاء ته الوا مر أن يتن حى عن قيادة الج يش‬
‫ويتولها أبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬وظل يقاتل كنائب‪ ،‬وله مكانته وتقديره‪ ،‬واشترك‬
‫في الفتوحات وكان له دور كبير في ها‪ ،‬إلى أن تو في بح مص‪ .‬وله ضر يح ح تى‬
‫الن يحج إليه الزوار‪ ،‬ويتبركون به‪.‬‬
‫إن خالد بن الوليد اقترن بأبي بكر الصديق الذي كان معجبا بقيادته وبخبرته‬
‫القتالية‪ ،‬وبانضباطه العالي‪ ،‬وخاصة عندما أتاه نبأ العزل فاستقبله بكل طواعية‪،‬‬
‫وبعقله الراجح الذي قال فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إني أرى لك عقلً‬
‫رجوت أل يسلمك إل إلى خير(‪ .")1‬وبجوده وكرمه(‪ ،)2‬وبحبه للعسكرية التي كان‬
‫يعتبر ها أولى العمال وأجدر ها بالعنا ية وال حب(‪ ،)3‬وبشجاع ته ال تي تعت مد على‬
‫القدام دون التهور(‪ ،)4‬وبتدريبهه المتواصهل الطويهل الذي بدأه منهذ أن كان يافعا‬
‫وا ستمر به ح تى آ خر حيا ته(‪ ،)5‬وبمعنويا ته العال ية ال تي كان يتم تع بها ح تى في‬
‫أعقهد الظروف وأصهعب المهام(‪ ،)6‬وبشدتهه فهي القتال(‪ ،)7‬وبحسهه الحربهي الذي‬
‫ليخ طئ وبأناته ووثوبه(‪ ،)8‬وبحمله للن صب والسغب‪ ،‬وتصرفه في حدود الفكرة‬

‫() ابن سعد ‪-‬الطبقات‪.7/394 ،4/252 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/207 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابــن حزم‪ -‬المفاضلة بيــن الصــحابة‪ ،297 :‬الذهــبي ‪-‬ســير أعلم النبلء‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،270 ،1/269‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.2/98 :‬‬


‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/560 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة‬ ‫‪4‬‬

‫الصحابة‪.2/95 :‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،561/ 2 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة‬ ‫‪5‬‬

‫الصحابة‪.2/101 :‬‬
‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.594 ،2/578 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪2/560 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()ابن وضاح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/108 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪242‬‬
‫العامة للقائد(‪ ،)1‬وبقراره الصحيح النابع من معطيات صحيحة وتقدير صحيح(‪،)2‬‬
‫وبعقيدته النابعة من إيمان بالنصر من عند ال(‪ ،)3‬وبجاهزيته القتالية الكاملة في‬
‫كل زمان ومكان أينما حل بجيشه‪ ،‬وفي أي وقت ارتحل(‪ .)4‬وبعد فإنه "لم ينبغ في‬
‫العرب ول غيرهم أبرع منه في قيادة الجيوش ول أشجع ول أحذق‪.)5(".‬‬

‫‪ -3‬عمرو بن العاص‬
‫بن وائل السهمي‪43/664 :‬‬

‫له ماض عريهق فهي الزعامهة والقيادة‪ ،‬وورث عهن آبائه وأجداده القيادة‬
‫وف صل الخ صومات والجود والشجا عة والضرب في الرض والفرو سية‪ .‬وكان‬
‫يع تبر من دهاة العرب(‪ ،)6‬وأ صحاب الرأي‪ ،‬والع قل الرا جح‪ ،‬والف صاحة والبيان‪.‬‬
‫وههو وجيهه قومهه بنهي سههم‪ ،‬وأحهد زعماء قريهش(‪ .)7‬وقال عمرو‪" :‬ماعدل بهي‬
‫(‪)8‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وبخالد منذ أسلمنا أحدا من أصحابه في حربه‪".‬‬
‫تولى قيادة التشكيلت بعد إسلمه بقليل‪ ،‬بدليل أنه أهل لها‪ ،‬وأن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ندبه في سرية فيها أبو بكر إلى بني قضاعة في غزوة ذات‬
‫السلسل‪ ،‬ثم أمدّه بجند بقيادة أبي عبيدة بن الجراح‪ ،‬وتولى هو القيادة العامة(‪،)9‬‬
‫وانتصر على أعدائه‪ ،‬وبارك له رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما فعل‪ ،‬وفيما‬
‫تصرف في حروبه(‪.)10‬‬
‫أ بو ب كر وعمرو على تعارف تام في ما بينه ما‪ ،‬و قد قاد عمرو أ بو ب كر في‬

‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/501 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2/136‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/626 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/164‬‬
‫() الطـبري ‪-‬تاريـخ المـم والملوك‪ 603 ،579 ،2/567 :‬ابـن الثيـر‪-‬الكامـل فـي‬ ‫‪3‬‬

‫التاريخ‪.156 ،2/155 :‬‬


‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.2/626 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن حزم‪ -‬الفاضلة بن الصحابة‪.298 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،3/1188 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪6‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/117 :‬الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.39 ،2/37 :‬‬
‫() الذهــبي‪ -‬ســير أعلم النبلء‪ ،2/40 :‬خطاب‪ -‬قادة فتــح الشام ومصــر‪-123 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪.126‬‬
‫() الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.3/44 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() ابــن حزم‪ -‬المفاضلة بيــن الصــحابة‪ ،328 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي‬ ‫‪9‬‬

‫معرفة الصحاب‪ ،3/1186 :‬الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.44 ،2/40 :‬‬


‫() السيوطي‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،72 :‬الحلبي‪ -‬السيرة الحلبية‪.3/213 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪243‬‬
‫غزوة ذات ال سلسل(‪ ،)1‬ثم أر سله ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إلى عُمان(‪،)2‬‬
‫فبقي هناك حتى إذا انتشرت الردة استدعاه أبو بكر‪ ،‬وعهد إليه بقيادة تشكيل من‬
‫بين التشكيلت‪ ،‬وأسند إليه مهمة محاربة بني قضاعة الذين ارتدوا عن السلم‪،‬‬
‫وهم القوم الذين حاربهم في معركة ذات السلسل‪ ،‬فسلك المحور الذي سلكه من‬
‫قبل وقاتل المرتدين وانتصر عليهم‪.‬‬
‫عمْرا إلى سابق وظيف ته في عُمان ب عد النت صار على ب ني‬‫أعاد أ بو ب كر َ‬
‫(‪)3‬‬
‫قضاعة‪ ،‬ولكنه عاد فاستدعاه ليشترك في فتوح الشام ‪ ،‬وهي مهمة قد أحبها منذ‬
‫صغره‪ ،‬فلبى النداء بكليته‪ ،‬وسار من المدينة على طريق أيلة باتجاه فلسطين‪.‬‬
‫ما من أحد طلب القيادة إل عمرو بن العاص‪ .‬فهو إن اجتمع مع القادة طلب‬
‫إليهم أن يقودهم‪ ،‬ليس الحب للقيادة‪ ،‬وليس للظهور على غيره‪ ،‬لكنه يعلم أنه قادر‬
‫على مقار عة العداء‪ ،‬وإنزال البلء في هم‪ ،‬وإ نه بف ضل دهائه وحنك ته في القيادة‬
‫يستطيع أن ينتزع النصر انتزاعا‪ ،‬كما انتزعه من أرطبون قائد الجيش الرومي‪.‬‬
‫فههو لمها كلف بقيادة تشكيهل إلى فلسهطين واجتمعهت الجيوش فهي اليرموك‪ ،‬كان‬
‫ي حب في قرارة نف سه أن يكون قائدا عاما فوق أ بي عبيدة وخالد وغيره ما من‬
‫القادة المشهوريهن‪ ،‬وههو قهد صهرح بهذا عندمها تولى عمهر بهن الخطاب القيادة‬
‫العليا‪ ،‬فطلب من أمير المؤمنين أن يكون قائدا عاما‪ ،‬لكن عمرا أبى(‪ ،)4‬وبقي قائد‬
‫جيش (تشكيل)‪.‬‬
‫عمرو بهن العاص صهاحب رأي وعقهل‪ .‬فههو الذي أشار باجتماع الجيوش‬
‫لتقا تل كل ها كتلة واحدة في اليرموك‪ ،‬وواف قه بالرأي القائد العلى أ بو ب كر الذي‬
‫أمر بالجتماع وتوحيد الجيوش(‪.)5‬‬
‫ماكان عمرو القائد العادي؛ إنمها كان عبقريا فهي قيادتهه‪ ،‬حازما فهي أمره‪،‬‬
‫شديدا على عدوه‪ ،‬ثابتا ليتزحزح ق يد أنملة عن هد فه‪ ،‬عنيدا في ت سربه وخر قه‬

‫() ابــن ســعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/493 :‬الذهــبي ‪-‬تاريــخ الســلم‪ ،1/236 :‬ابــن حجــر‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬الصابة في تمييز الصحابة‪.5/2 :‬‬


‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/117 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪2‬‬

‫تمييز الصحابة‪.5/2 :‬‬


‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/463 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.4/117‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/7 :‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪.1/122 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطبري ‪-‬تاريخ المم والملوك‪.2/590 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪244‬‬
‫ل صفوف أعدائه(‪ .)1‬ف قد تولى قيادة فر قة اليرموك وا ستطاع اللتفاف على الجناح‬
‫اليسر للعدو‪ ،‬والوصول إلى مؤخرته‪ ،‬فما كان العدو يحس بهذا اللتفاف البعيد‪،‬‬
‫بالشتراك مهع خيالة خالد بهن الوليهد‪ ،‬حتهى دب الرعهب‪ ،‬وسهيطر الخوف على‬
‫الروم‪ ،‬وتفرقوا‪ ،‬واختلفت صفوفهم‪.‬‬
‫تلك هي الفترة القصيرة التي قاتل فيها عمرو بن العاص في زمن أبي بكر‬
‫الصديق‪ ،‬ثم اشترك فيما بعد بفتوح دمشق وفحل وبيسان وطبرية وإيليا وأجنادين‬
‫وغزة ونابلس واللد وعمواس ويافا ورفح وقيسارية‪ ،‬ثم نفذ إلى مصر(‪ ،)2‬وتولى‬
‫قيادة هذه الجب هة‪ ،‬وف تح مدن ال سكندرية وليب يا والنو بة‪ .‬ودلت معار كه على أ نه‬
‫رجهل قيادة وحرب‪ ،‬مجيدا لفنونهه‪ ،‬متمرسها فهي القتال‪ ،‬شههد له القادة بذلك(‪.)3‬‬
‫وشهد له رسول ال صلى ال عليه وسلم بإيمانه فقال‪" :‬أسلم الناس وآمن عمرو‬
‫بن العاص"(‪:)4‬‬

‫‪14/635‬‬ ‫‪-4‬خالد بن سعيد بن العاص‬


‫أموي قرشي‪ ،‬من السابقين الولين في السلم(‪ ،)5‬تربطه مع أبي بكر قدم‬
‫ل على الي من في ز من ر سول‬ ‫الهجرة‪ ،‬والدخول المب كر في العقيدة(‪ ،)6‬وكان عام ً‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم وعلى صدقات مذ حج(‪ ،)7‬وجاء أ بو بكر فا ستبقاه على‬
‫ماكان عليه من قبل(‪،)8‬وهو من قادة الردة‪.‬‬
‫انتد به أ بو ب كر لقتال المرتد ين(‪ ،)9‬تو جه من المدي نة في تشك يل تلقاء بلد‬
‫الشام‪ ،‬فتحرك بمحاذاة الب حر الحمر متجها ن حو الشمال مارا بتبوك ح تى و صل‬

‫() الطبري‪ -‬المعجم الكبير‪ ،1/17 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.4/117‬‬
‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/117 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪2‬‬

‫تمييز الصحابة‪.5/3 :‬‬


‫() الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.3/44 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن حنبل‪ -‬المسند‪ ،4/155 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقب‪.48 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،96 ،95 ،4/94 :‬الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.174 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،423-2/420 :‬ابن الثير‪ -‬أسد‬ ‫‪6‬‬

‫الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪ ،2/90 :‬ابـن حجـر‪ -‬الصـابة فـي تمييـز الصـحابة‪:‬‬
‫‪.2/91‬‬
‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/96 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،93 :‬ابـن واضـح‪ -‬تاريـخ‬ ‫‪7‬‬

‫اليعقوبي‪.2/111 :‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/96 :‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪.2/421‬‬
‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.2/91 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪245‬‬
‫حدود البلقاء(‪ ،)1‬اشترك في فتوح الشام‪ ،‬وفي معركة اليرموك(‪ ،)2‬واختار أن يكون‬
‫مع شرحبيل بن حسنة عندما عزله أبو بكر وولى مكانه يزيد بن أبي سفيان(‪.)3‬‬
‫وقد دلت قيادته في حروب الردة‪ ،‬وفي فتوح الشام‪ ،‬على أنه قائد مرن‪ ،‬عنيد في‬
‫طبعه‪ ،‬مصمم على بلوغ هدفه‪ ،‬انضباطي إذ تم عزله من قيادة الجيش فلم يتأثر‬
‫بهها‪ ،‬وانضهم إلى القوات المتجههة إلى الشام كجندي عادي‪ ،‬لكنهه أثبهت كفاءتهه‬
‫وقدرته في فتوح الشام‪ ،‬حتى إذا وقعت معركة مرج الصفر قُتل فيها(‪.)4‬‬

‫سنة بن‬ ‫ح َ‬
‫‪ -5‬شرحبيل بن َ‬
‫عبد الله الكندي‪18/639 :‬‬

‫ش هد مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عدة غزوات(‪ ،)5‬وكل فه أ بو ب كر‬


‫لقتال الردة(‪ ،)6‬كمها ندبهه للجبههة الشاميهة كقائد جيهش‪ ،‬كمها عينهه واليا على‬
‫الردن(‪ ،)7‬واشترك مع خالد بن الوليد في فتوح العراق(‪.)8‬‬
‫اسهتعجل شرحبيهل فهي قتال قضاعهة‪ ،‬كمها اسهتعجل عكرمهة فهي قتال بنهي‬
‫حنيفة‪ ،‬فلم يدرس الموقف‪ ،‬كما لم يتقيد بتعليمات القتال التي أرسلها القائد العلى‬
‫بأل يقاتل عدوه‪ ،‬حتى يلتقي مع عمرو بن العاص(‪ ،)9‬وفشل في مهمته كما فشل‬
‫عكرمة‪ ،‬وكان له في ذلك درس قاس‪ ،‬استطاع فيما بعد أن يتجنب هذه الخطاء‪،‬‬
‫وينتصر على عدوه‪.‬‬
‫استفاد شرحبيل من خالد بن الوليد في ملزمته إياه في حروب الردة وفي‬
‫فتوح العراق‪ .‬فقد أخذ عنه الحنكة‪ ،‬وفنون الحرب‪ ،‬وأسلوب القتال‪ ،‬والسرعة في‬
‫العمال القتال ية‪ ،‬والخد عة‪ ،‬والمناورة‪ ،‬م ما مك نه فيما ب عد أن يكون قائد ف تح من‬
‫الطراز الول‪ .‬فلقد تولى قيادة تشك يل في ج يش خالد في قتال ب ني حنيفة‪ ،‬وكان‬
‫له دور كبير في معر كة عقرباء ال تي ط بق في ها شرحب يل كل دروس الما ضي‪،‬‬
‫() أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪.34 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.2/92 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.4/98 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.174 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.7/393 ،4/128 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،2/391 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪6‬‬

‫تمييز الصحابة‪.3/199 :‬‬


‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.116 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،115 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪2/155‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.508 ،2/505 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪246‬‬
‫ومما تعلمه من قائده‪ ،‬كما كان له دور كبير في فتوح العراق‪.‬‬
‫لم ينقهص شرحبيهل الشجاعهة والقوة والحتمال؛ لكهن كان ينقصهه التروي‪،‬‬
‫ودراسة الوضاع السياسية‪ ،‬وتقدير العدو الصديق والرض تقديرا صحيحا‪.‬‬
‫عندما قضى على بني حنيفة‪ ،‬وشارك خالدا في فتوحه للعراق‪ ،‬أصبح قائدا‬
‫كبيرا‪ ،‬يو ثق به‪ ،‬وبالمكان إ سناد أ ية مه مة قتال ية إل يه؛ عند ها ا ستدعاه أبو بكر‬
‫وعههد إليهه بقيادة جيهش يتحرك بهه مهن المدينهة إلى أرض الشام‪ ،‬فسهلك طريهق‬
‫تبوك‪ ،‬والتحق بالجيوش التي كانت مجتمعة للدخول في معركة اليرموك(‪.)1‬‬
‫دخل هذه المعركة‪ ،‬وكان على الجناح اليميني لمجموعة الجيوش بقيادة خالد‬
‫بن الوليد وقد آن لشرحبيل في اليرموك أن يقاتل بكل كفاءة وجدارة‪ ،‬وأن يحمي‬
‫الجار القلب الي ساري أ با عبيدة بن الجراح‪ ،‬وأن يه يئ الظروف المنا سبة للجار‬
‫اليمينهي عمرو بهن العاص بأن يتحرك ويلتهف على أقصهى اليسهار لجيهش العدو‬
‫ل في ذلك أق صى درجات التعاون والتن سيق مع‬ ‫الذي كان يقوده‪" ،‬غريغوري" باذ ً‬
‫القادة الخر ين‪ .‬وكان سر نجا حه في هذه المعر كة أ نه اعتاد القتال مع خالد بن‬
‫الول يد‪ ،‬وف هم فكر ته القتال ية‪ ،‬وأ سلوبه م ما مك نه من تنف يذ مهما ته الم سندة إل يه‬
‫بنجاح‪ ،‬إذا كانت احتمالت القتال والمراحل ماثلة أمامه‪ ،‬كما لو كان يقود بأجهزة‬
‫قتالية تلفازية حديثة‪.‬‬
‫أك مل شرحب يل فتوحا ته ب عد موت أ بي ب كر ال صديق‪ -‬مع أ بي عبيدة بن‬
‫الجراح‪ ،‬فد خل معارك ف حل وب سان وطبر ية‪ ،‬وأك مل فتوح الض فة الغرب ية لن هر‬
‫الردن(‪.)2‬‬
‫لقد دلت حرو به فيما ب عد أ نه كان في جاهز ية قتال ية كاملة‪ ،‬لد يه ال ستعداد‬
‫التام في كل و قت للدخول في المعر كة‪ .‬و من ال طبيعي أن الجاهز ية تحتاج إلى‬
‫حذر واسهتطلع وتدريهب ويقظهة واسهتعداد لمواجههة العدو‪ .‬هكذا كان جيهش‬
‫شرحبيل فيما بعد من أحسن الجيوش السلمية انضباطا وتطبيقا للفن العسكري‪.‬‬
‫ومات بالطاعون كما مات غيره من القادة(‪.)3‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/393 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/199 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.123 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابـــن ســـعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/394 :‬ابـــن عبـــد البر‪ -‬الســـتيعاب فـــي معرفـــة‬ ‫‪3‬‬

‫الصحاب‪.2/699 :‬‬
‫‪247‬‬
‫‪ -6‬عكرمة بن أبي جهل‬
‫‪ 13/634‬أو ‪ 15/636‬وهو الرجح‬
‫فارس صحابي قرشي مخزومي(‪ .)1‬دخل في السلم متأخرا(‪ ،)2‬ولكن دخوله‬
‫كان صادقا ثابتا‪ .‬أراد أن يكفر عما مضى‪ ،‬وكان يحس دائما بشيء يدفعه إلى أن‬
‫يقدم المال والنفهس‪ ،‬وأن يجاههد جهادا كهبيرا‪ .‬واسهتغفر عكرمهة واسهتغفر له‬
‫الر سول صلى ال عل يه و سلم فتاب تو بة ن صوحا‪ .‬ووله ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وظيفة مالية وهي جمع صدقات هوازن‪ ،‬فكان أمينا مخلصا(‪.)3‬‬
‫اشترك في حروب الردة(‪ .)4‬وكان قائد تشك يل‪ ،‬ع هد إل يه أ بو ب كر قتال قوم‬
‫م سيلمة الكذاب من ب ني حني فة(‪ .)5‬ف سار إلي هم‪ ،‬لك نه لم ين جح في مهم ته‪ ،‬م ما‬
‫أغضب الخليفة‪ ،‬فأرسل إليه كلمة تأنيب(‪ ،)6‬وأمره بمتابعة القتال باتجاه أهل عُمان‬
‫ومهرة بالتعاون مع حذيفة بن محصن‪ ،‬وعرفجة البارقي اللذين عهد إليهما بمقاتلة‬
‫المرتد ين في تلك المنط قة(‪ .)7‬وا ستطاع أن يق ضي على المرتد ين‪ ،‬ثم تا بع إلى‬
‫اليمن‪ ،‬ثم حضرموت‪ ،‬ثم كندة‪ ،‬ونجح في جميع معاركه (‪ .)8‬وكانت له هذه النكسة‬
‫‪-‬في أول المر‪ -‬درسا قاسيا تعلمه واستفاد من خبرته وتجاربه‪.‬‬
‫لم يل بث عكر مة ب عد أن انت هى من قتال المرتد ين‪ ،‬ح تى أ سند إل يه مه مة‬
‫الفتوح فهي جبههة الشام‪ ،‬فتوجهه واشترك مهع خالد بهن سهعيد فهي معركهة مرج‬
‫الصهفر‪ ،‬وثبهت فهي هذه المعركهة‪ ،‬واسهتطاع أن يوقهف هجوم العدو‪ ،‬وأن يقطهع‬
‫عليهه اندفاعهه(‪ )9‬وفهي معركهة اليرموك ثبهت مهع مهن ثبتوا‪ ،‬وكان قائد كردوس‪،‬‬

‫مق‪.528 :‬‬ ‫البخاري‪ -‬التاريخ الكبير‪ ،4/8 :‬ابن حبيب‪ -‬المن ّ‬


‫()‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،5 ،4/4 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪2‬‬

‫تمييز الصحابة‪.4/258 :‬‬


‫() ابـن سـعد‪ -‬الطبقات‪ ،1/404 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،4/4‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/258 :‬‬


‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/258 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،3/1083 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪5‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪.4/6 :‬‬


‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/504 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪.2/137‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/504 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،105 ،104 :‬ابــن عبــد البر‪ -‬الســتيعاب فــي معرفــة‬ ‫‪8‬‬

‫الصحاب‪.3/1082 :‬‬
‫() ابن حجر‪-‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/158 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪248‬‬
‫هاجم به الروم فخرق صفوفهم‪ ،‬وقاتل قتالً شديدا حتى قتل(‪.)1‬‬
‫وثق به أبو بكر‪ ،‬ولم يعزله أو ينحيه عن القيادة بالرغم من النتكاسة التي‬
‫لحقت به في حروبه مع بني حنيفة‪ ،‬وطلب إليه المتابعة‪ ،‬وثبتت كفاءته فيما بعد‪،‬‬
‫ونجح في قتال المرتدين‪ ،‬كما نجح في فتوحات الشام‪ ،‬مما يدل على أنه قائد لديه‬
‫ال خبرة في القتال والقيادة‪ ،‬وأ نه ات صف بالت صميم على بلوغ الهدف مه ما كا نت‬
‫التضحيات‪ .‬و هل أع ظم من التضح ية بالن فس إذ قدمها ‪-‬غ ير مبال‪ -‬في معر كة‬
‫اليرموك(‪ ،)2‬و صدق ح ين أ خذ عهدا على نف سه أمام ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم حين أسلم أن يبذل إرادة القتال المال والنفس(‪ ،)3‬ولذلك فإنه اتصف باليثار‬
‫ح ين د فع الماء و هو في سكرات الموت إلى غيره في المعر كة(‪ ،)4‬و هو بحا جة‬
‫إليه‪.‬‬

‫‪21/642‬‬ ‫‪ -7‬النعمان بن مقرن المزني‬


‫قرشي‪ ،‬صحابي‪ ،‬مهاجر(‪ ،)5‬ليس من قادة التشكيلت الحد عشر‪ ،‬إنما هو‬
‫من الجيش الذي خرج به أبو بكر من المدينة لقتال المرتدين‪ ،‬وبهذا فإن له شرف‬
‫الشتراك مع القائد العلى‪ ،‬ويعتبر أول القادة الذين لبوا الدعوة ونداء القتال ضد‬
‫المتمرد ين‪ ،‬والخارج ين عن الحدود‪ .‬أ سند إل يه مه مة قائد الميم نة في ج يش أ بي‬
‫ب كر ال صديق‪ ،‬وأ سند إلى أخ يه ع بد ال قائد المي سرة‪ ،‬ك ما أ سند إلى أخ يه سويد‬
‫قائد السهاقة‪ ،‬واجتمعهت عائلة ابهن مقرن المزنهي لتحارب مهع أبهي بكهر ضهد‬
‫المرتدين‪ .‬ول يستلم الميمنة في الجيش إل من كان أفضل من غيره من القادة في‬
‫القتال‪ ،‬فكهل القادة كانوا مهع أسهامة‪ ،‬ولم يبهق فهي المدينهة سهوى بعضههم‪ ،‬فكان‬
‫النعمان أبرز القادة آنذاك الذي التهف بميمنتهه على جناح المرتديهن‪ ،‬وأثبهت كفاءة‬
‫قتالية‪ ،‬وبعد النتصار ووصول الجيش إلى "ذي القصة" أمره أبو بكر أن يبقى‬
‫بق سم الج يش في هذه المنطقة لحما ية وإنذار المدي نة من خ طر المرتد ين‪ ،‬إن هم‬
‫أرادوا مهاجمة المدينة‪.‬‬

‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،31/1083 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪1‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/26 :‬الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪.1/381 :‬‬


‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،3/1083 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪2‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪.4/6 :‬‬


‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.3/1083 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.،3/1083 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() البخاري‪ -‬التاريـخ الكـبير‪ ،4/2/75 :‬ابـن حزم‪ -‬جمهرة أنسـاب العرب‪،1/202 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.2/256 :‬‬


‫‪249‬‬
‫لقهد دلت حروب النعمان‪ ،‬واشتراكهه كقائد ميمنهة الجيهش البكري أنهه قائد‬
‫أبدى من ضروب الشجا عة‪ ،‬وفنون الحرب‪ ،‬وال سيطرة الكاملة على مرؤو سيه‪،‬‬
‫لقد حمى الجناح اليميني‪ ،‬وقاده إلى النصر‪ ،‬مظهرا حسن التعاون مع التشكيلت‬
‫الخرى‪ ،‬مبديا حرصهه الشديهد على توجيهه ضربهة قويهة إلى أعدائه‪ .‬وكان‬
‫ل غير منقطع‪ ،‬ومتابعا غير منفصل‪ .‬وقد أجاد النعمان الدفاع عن‬ ‫بالمطاردة متص ً‬
‫المدينة‪ ،‬مطبقا في ذلك شروط الدفاع والهجوم‪ ،‬وكاسرا طوق العدو الذي ضربه‬
‫على المدينة‪ .‬ولذلك فإن النعمان اشترك ثانية في قتال عبس وبني بكر وذبيان في‬
‫منطقة "الربذة" وكان على الميمنة أيضا فقاتل وانتصر(‪ .)1‬ثم اشترك فيما بعد في‬
‫زمهن عمهر بهن الخطاب فهي فتهح الهواز ونهاونهد‪ ،‬وقاد جيشا كهبيرا‪ ،‬وأثبهت‬
‫جدارته ومكانته القيادية(‪.)2‬‬
‫لم يكهن أخوه عبهد ال الذي اشترك أيضا‪ ،‬كمها اشترك أخوه فهي حروب‬
‫الردة‪ ،‬ولم يكن عبد ال أيضا من التشكيلت التي بثها أبو بكر لمحاربة المرتدين‬
‫بعد مقدم جيش أسامة‪ .‬وما يمكن أن نقوله عن النعمان‪ ،‬نقوله عن أخيه عبد ال‬
‫الذي اشترك فهي المرة الولى فهي ذي القصهة‪ ،‬وفهي المرة الثانيهة فهي "الربذة"‪،‬‬
‫وكان كأخيه النعمان في الشجاعة والقدام والقيادة الفعالة والنشيطة‪.‬‬

‫‪ -8‬سويد بن مقرن المزني‪:‬‬


‫عاشر عشرة إخوة‪ ،‬وهو أخو النعمان‪ ،‬وأخو عبد ال‪ ،‬قاتل كما قاتل أخوته‪،‬‬
‫وتبوأ مكانة عالية في القتال‪ ،‬فقاتل في الساقة عندما نفر أبو بكر من المدينة لقتال‬
‫المرتد ين(‪ )3‬من ع بس وذبيان و من حالف هم‪ .‬وكان في ال ساقة أيضا عند ما خرج‬
‫أبو بكر ثانية للقتال‪.‬‬
‫ب عد اشتراك سويد مع أ بي ب كر في المعارك الولى حول المدي نة‪ ،‬انتد به‬
‫القائد العلى ليكون قائد تشك يل مع القادة الذ ين أر سلوا لقتال المرتد ين في ش به‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬فخرج مهن المدينهة إلى الجنوب بمحاذاة البحهر الحمهر على‬
‫ال ساحل ح تى و صل إلى القرب من عدن‪ ،‬فأخ ضع القبائل المرتدة‪ ،‬واشترك فيما‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/479 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابـة في معرفة الصحابة‪ ،5/31 :‬ابن حجر‪ -‬الصـابة في‬ ‫‪2‬‬

‫تمييز الصحابة‪.6/246 :‬‬


‫() خطاب‪ -‬قادة فتح بلد فارس‪.196 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪250‬‬
‫ب عد مع خالد بن الول يد في فتوح العراق(‪)1‬والشام‪ .‬و في إمارة ع مر بن الخطاب‬
‫فتح بلدا عديدة منها بسطام وطبرستان‪.‬‬
‫ل قد حاز على ث قة أ بي ب كر وع مر‪ ،‬وكان في حرو به وفتوحا ته مثال القائد‬
‫النشيط الذي يندفع بكليته إلى ساحات القتال‪ ،‬ويؤثر دائما ويجنح إلى السلم‪ ،‬ول‬
‫يميل إلى البطش والقوة‪ ،‬فهو في هذه الحالة يشبه أبا عبيدة بن الجراح‪ ،‬ومعاهدة‬
‫ملك جرجان(‪ ،)2‬تدل على حكمتهه الداريهة‪ ،‬وتفهمهه للمسهائل الحيويهة فهي إدارة‬
‫البلد المفتوحة‪ ،‬وقتاله في العراق يدل على أنه فارس يجيد ركوب الخيل والقتال‬
‫به‪ ،‬فقد كان في معركة الثني قائد الخيل(‪ ،)3‬وقد كان في غيرها من المعارك مثل‬
‫الولجة وأليس وأمغيشيا بطلً مقداما له دوره وأهميته وخصائصه القتالية‪.‬‬

‫‪21/641‬‬ ‫‪ -9‬العلء بن الحضرمي‬


‫عي نه الر سول صلى ال عل يه و سلم واليا على البحر ين(‪ .)4‬ثم جاء أ بو ب كر‬
‫الصديق فأقر تلك الولية(‪ .)5‬ارتد أهل البحرين فيمن ارتد من العرب‪ ،‬وكان على‬
‫العلء أن يسهتعد لقتال المرتديهن(‪ .)6‬اسهتدعاه أبهو بكهر وأسهند إليهه هذه المهمهة‬
‫الخطيرة ‪-‬وكان هذا القائد قد أرسل في سنة ‪8‬هه إلى البحرين(‪ -)7‬فاتجه بجيش‬
‫عهبر صهحراء الدهناء التهي ليوجهد فيهها كل ولماء(‪ ،)8‬وتحرك بقطهع هذه‬
‫الرا ضي بمش قة و صعوبة‪ ،‬وكاد يهلك لول أن قوة الحتمال وال صبر والتدر يب‬
‫هن أرض‬ ‫هل إلى "زراره"(‪ )9‬مه‬‫هى وصه‬ ‫هم حته‬‫هن ومعنوياتهه‬ ‫أعادت إلى المقاتليه‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ 2/558 :‬ومابعدهـا‪ ،‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ‪.2/387 :‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ 3/223 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/387 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الجهشياري‪ -‬الوزراء والكتاب‪ ،25 :‬النووي‪ -‬تهذيـــــب الســـــماء واللغات‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.1/1/341‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،111 :‬الطـــــــبري‪ -‬تاريـــــــخ المـــــــم والملوك‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪،2/519‬الجهشياري‪ -‬الوزراء والكتاب‪ ،25 :‬ابـــن عبـــد البر‪ -‬الســـتيعاب فـــي‬


‫معرفة الصحاب‪ ،3/1086 :‬الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.1/191 :‬‬
‫() ابـن عبـد البر‪ -‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب‪ ،3/1086 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد‬ ‫‪6‬‬

‫الغابة في معرفة الصحابة‪.4/7 :‬‬


‫() البحريـن‪ .‬كانـت جزءا ً مــن بلد فارس‪ ،‬وفيهـا مــن العرب والفرس‪ .‬انظـر‬ ‫‪7‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.106 :‬‬


‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/363 :‬الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/519 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() مكان قريـب مـن الكوفـة‪ ،‬وقـد سـمي بزرارة بـن يزيـد بـن عمرو بـن عُدَس‬ ‫‪9‬‬

‫مـن بنـي البكار‪ .‬وقـد اشتهـر أهـل ذلك المكان بشرب الخمـر وأكـل اللحوم‪،‬‬
‫وقد أحرقه علي بن أبي طالب‪ .‬انظر الحموي معجم البلدان‪.3/135 :‬‬
‫‪251‬‬
‫ل أمام التشك يل المتحرك‪ ،‬ون فر من المدي نة في ست َة‬ ‫البحر ين(‪ .)1‬د فع العلء دلي ً‬
‫عش َر فارسها‪ ،‬ثهم ازداد هذا العدد بانضمام الرجال الذيهن كان يمهر عليههم فهي‬
‫طري قه‪ ،‬وات جه ن حو الشرق ف مر بح صن "جوا ثا"(‪ )2‬فقاتله‪ ،‬و ظل متابعا تحر كه‪،‬‬
‫ف مر با"لقطيهف" فقاتل هم‪ ،‬واسهتمر فو صل "ال خط"(‪ )3‬على سهاحل الب حر الح مر‬
‫فقاتلهم أيضا‪ ،‬ثم اتجه إلى الشمال فوصل "دارين"(‪ .)4‬فتحصن المرتدون في هذه‬
‫البلدة ال تي ت قع قريبا من ساحل الخل يج العر بي؛ ل كن العلء حا صرهم‪ ،‬وانت هز‬
‫من ق بل ز من سكرهم فق تل من هم عددا كبيرا و فر الباقون هربا إلى هذه البلدة‪،‬‬
‫فقضى عليهم(‪.)5‬‬
‫حقا إ نه القائد الذي ل قي المرتد ين‪ ،‬وت صدى لهم بكل شجاعة وجرأة‪ ،‬مطبقا‬
‫فهي ذلك مبادئ الحرب وأسهاليب القتال المتبعهة فهي المواجههة‪ ،‬والهجوم ‪،‬‬
‫هههههر الخنادق‪ ،‬والحرب الطويلة‪ ،‬والمطاردة‪ ،‬وقتال المدن‪،‬‬ ‫واللتفاف‪ ،‬وحفه‬
‫والحصهار‪ ،‬وقطهع خطوط المداد عهن "داريهن"‪ ،‬والتماس المباشهر معههم أثناء‬
‫انسحابهم‪ ،‬والضغط والستمرار في ملحقتهم‪ ،‬وكذلك استخدام الدلء والطلئع‬
‫وال ستطلع(‪ .)6‬ل قد ثب تت قياد ته للج يش‪ ،‬ك ما ثب تت إدار ته للبحر ين‪ ،‬ف هو القائد‬
‫الداري الذي جمع بين القيادة والسياسة(‪.)7‬‬
‫إن نجاحه في قتال المرتدين شجعه أن يأتي بشيء عظيم‪ ،‬فركب البحر في‬
‫أهل البحرين لقتال فارس‪ ،‬دون الرجوع إلى أوامر من القائد العلى آنذاك عمر‬
‫بن الخطاب‪ ،‬وكاد يهلك هو جي شه لول أن الخلي فة أنقذه من هذه المح نة‪ ،‬وذلك‬
‫بإرسال قوة كبيرة منعت عنه السوء والخذلن‪.‬‬

‫‪ -10‬طريفة بن حاجز السلمي‬


‫من قادة التشكيلت ال حد ع شر‪ ،‬و من قادة الردة الذ ين اختار هم أ بو ب كر‬

‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/113 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() حصن لعبد القيس بالبحرين‪ ،‬كانوا يلتجئون إليه عند الفزع‪ ،‬انظر الحموي‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬معجم البلدان‪.2/174 :‬‬


‫() الخـط مكان قريـب مـن القطيـف وقَط َـر‪ .‬وإلى هذا المكان تنسـب الرماح‬ ‫‪3‬‬

‫الخطيــة التــي كانــت تجلب مــن الهنــد وتباع للعرب‪ .‬انظــر الحموي‪ -‬معجــم‬
‫البلدان‪.2/378 :‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،362 ،4/361 :‬البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،5/165 :‬الذهبي ‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫سير أعلم النبلء‪.1/192 :‬‬


‫() ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/110 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.4/361 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪.5/102 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪252‬‬
‫الصديق لمحاربة المرتدين(‪ .)1‬وقد توجه من المدينة نحو الجنوب الشرقي قاصدا‬
‫بني سليم(‪ ،)2‬فقاتلهم‪ ،‬وقبض على الفجاءة السلمي وأرسله إلى أبي بكر(‪ .)3‬وقاتل‬
‫مع خالد بن الوليد(‪.)4‬‬
‫لقهد كان طريفهة مؤمنا صهادقا‪ ،‬يحمهل عقيدة حارب بهها قومهه‪ ،‬وأخضعههم‬
‫ورد هم إلى ال سلم‪ ،‬و في القتال كان يتم يز بالغارة فين جح ب ها‪ ،‬وبالنقضاض‬
‫فيفرق صفوف العدو‪ .‬وقد نجح كغيره من القادة الذين قاتلوا المرتدين‪.‬‬

‫‪ -11‬المهاجر بن أبي أميّة‬


‫قر شي مخزو مي‪ ،‬ينت سب إلى أ بي حذي فة‪ ،‬و قد سماه ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم مهاجرا وكان اسمه الوليد(‪ ،)5‬صحابي كبير‪ ،‬شهد المعارك‪ ،‬وقاتل مع‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم(‪ .)6‬ق تل أخوه في معر كة بدر(‪ .)7‬قائد من القادة‬
‫الذ ين أر سلهم أ بو ب كر لقتال المرتد ين(‪ .)8‬تو جه من المدي نة بتشك يل كبير ن حو‬
‫الجنوب‪ ،‬فمر بالطائف‪ ،‬مستخدما الطريق الساحلية‪ ،‬ثم صنعاء‪ ،‬ثم كهف جنان‪،‬‬
‫ومنهه انحرف إلى الشرق حتهى وصهل قهبيلة كندة‪ ،‬فقاتلهها‪ ،‬فالتجأت إلى حصهن‬
‫"النيجهر" بحضرموت‪ ،‬فحاصهره جبهيا بالتعاون مهع زياد بهن لبيهد البياضهي(‪،)9‬‬
‫وقطع عنه المدادات‪ ،‬واقتحمه‪ ،‬وفتحه(‪ ،)10‬وقبض على الشعث بن قيس أسيرا‬
‫فأرسله إلى أبي بكر(‪.)11‬‬
‫كان حريصهها على معنويات جنوده‪ ،‬وكان شعره(‪)12‬يسههاعده فههي حماس‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/285 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابـن حجـر‪ -‬الصـابة فـي تمييـز الصـحابة‪ ،3/285 :‬أبـو خليـل‪ -‬أطلس التاريـخ‬ ‫‪2‬‬

‫العربي‪.34 :‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،136 :‬ابـن الثيـر‪ -‬أسـد الغابـة فـي معرفـة الصـحابة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،3/51‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/285 :‬‬


‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/285 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن حزم‪ -‬جمهرة أنساب العرب‪.1/146 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.423 ،4/422 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪6/144 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6/144 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.316 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/423 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪10‬‬

‫تمييز الصحابة‪ ،6/144 :‬أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪.34 :‬‬


‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في تمييز الصحابة‪.4/423 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6/144 :‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪253‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المقاتل ين‪ ،‬ويدفع هم إلى البذل والعطاء‪ ،‬ك ما أن خدم ته في صنعاء واليا علي ها‬
‫جعلتهه خهبيرا بمسهرح العمليات‪ ،‬وبالرض التهي يقاتهل عليهها‪ ،‬وبنفسهية وميول‬
‫السكان المحليين‪.‬‬

‫‪ -12‬حذيفة بن محصن الغَلْفاني‬


‫أزدي‪ ،‬من قادة الردة(‪ .)2‬تحرك من المدينة متوجها تلقاء عُمان(‪)3‬إلى الشرق‪،‬‬
‫مارا بشمال الر بع الخالي‪ ،‬و من جنوب اليما مة‪ ،‬فو صل "د با" على خل يج عمان‪.‬‬
‫وهنا هاجم الزد بالتعاون مع عكرمة بن أبي جهل‪ ،‬وقضى عليهم‪ ،‬وقتل رئيس‬
‫المرتدين لقيط(‪ .)4‬ثم مال نحو الجنوب باتجاه الطريق الساحلي فمر به " صُحار"‪،‬‬
‫ثم وصل عمان فالتقى بعرفجة بن هرثمة العارقي الذي كان على لقاء معه بأمر‬
‫من القائد العلى‪ ،‬وقاد المعركة كقائد عام لكل الجيشين‪ ،‬وانتصر على المرتدين‪،‬‬
‫كما انتصر عليهم في مهرة أيضا(‪ ،)5‬وبعد انتهاء حروب الردة وبخاصة فيها وله‬
‫أبو بكر على عُمان(‪ ،)6‬وبقي فيها‪ ،‬ثم وله عمر اليمامة(‪.)7‬‬
‫ل قد كان حذي فة قائدا تعرضيا‪ ،‬يت قن فن القيادة‪ ،‬ويعرف ك يف يقا تل عدوه‪،‬‬
‫ويجيهد ركوب الخيهل‪ ،‬ويعرف الثهر ومعالم مسهرح العمليات الذي يقاتهل عليهه‪،‬‬
‫و هو إن الت قى بقائد أو أك ثر ف هو القائد العام‪ .‬وبالضا فة إلى ذلك ف قد كان بطلً‬
‫عقائديا حارب قومه من بني أزد وانتصر عليهم‪ ،‬وساق رئيسهم وقتله‪.‬‬

‫‪ -13‬ع َرفجة بن هَرثمة البارقي‬


‫قر شي‪ ،‬ينت سب إلى ب ني ع بد العزى بن زه ير(‪ .)8‬صحابي جل يل‪ .‬لم يش هد‬
‫المواقهف والمعارك مهع رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم؛ إنمها كان له شرف‬
‫الشتراك في حروب الردة إذ عقد له أبو بكر لواءا‪ ،‬وكلفه بمقاتلة المرتدين قبيلة‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.93 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪1/332:‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ع ُمان‪ .‬يسكنها كثير من القبائل العربية وبخاصة الزد‪ .‬انظر البلذري‪-‬فتوح‬ ‫‪3‬‬

‫البلدان‪.103 :‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.104 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/529 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2/143‬أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪34 :‬‬


‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.1/336 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،1/391 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في‬ ‫‪7‬‬

‫تمييز الصحابة‪.1/332 :‬‬


‫() ابن جزم‪ -‬جمهرة أنساب العرب‪.2/367 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪254‬‬
‫"مهرة" في اليمن‪.‬‬
‫تحرك بجنوده من المدينة متجها نحو الجنوب الشرقي مارا بمحاذاة الطائف‬
‫من الناح ية الشرق ية‪ ،‬ح تى إذا و صل نجران ات جه ن حو الشمال الشر قي باتجاه‬
‫ل بذلك نصهف دائرة مفتوحهة نحهو الشمال باتجاه الربهع الخالي‪ ،‬ثهم‬
‫عمان مشك ً‬
‫مال بث أن ولى وج هه ش طر الي من باتجاه الجنوب الغر بي مارا من شمالي مهرة‬
‫وشمالي حضرموت(‪.)1‬‬
‫الت قى عرف جة مع حذي فة بن مح صن الغلفا ني في عمان‪ .‬وانض مت إليه ما‬
‫هناك ب عض القوات ال تي ثب تت على دين ها من تلك المنط قة‪ ،‬ك ما انض مت قوات‬
‫عكرمة بن أبي جهل الذي فشل في مهمته في اليمامة‪ .‬أصبح هذا الجيش يضم‬
‫عددا كبيرا من المقاتلين من السهل التغلب بهذه الكثرة على جموع المرتدين‪ .‬قاد‬
‫معركهة القتال فهي هذه المنطقهة كقائد عام حذيفهة بهن محصهن الغلفانهي‪ ،‬ولكهن‬
‫عرفجة عاد فاستلم قيادة هذا الجيش في مهرة‪ ،‬وانتصر على المرتدين(‪ ،)2‬ثم عاد‬
‫إلى المدي نة‪ .‬و من ه نا أيضا أر سل لم ساعدة العلء بن الحضر مي في البحر ين‪،‬‬
‫وان ضم إل يه‪ ،‬ثم أر سل بمه مة إلى شوا طئ فارس‪ ،‬وكان القائد الول الذي جاس‬
‫مياه بحر فارس‪ ،‬واستولى على جزيرة بحرية‪ ،‬وأعلن الشعائر الدينية فيها‪ ،‬وأقام‬
‫مسجدا(‪ .)3‬ثم حارب فيما بعد في جبهة العراق بخاصة في معركة البويب(‪.)4‬‬
‫قاتل فيما بعد في زمن عمر بن الخطاب في العراق مع المثنى‪ ،‬ومع سعد‬
‫بن أ بي وقاص في القاد سة‪ ،‬واشترك في ف تح تكر يت‪ ،‬و في ف تح ب عض المدن‬
‫الفار سية م ثل "رامهر مز" و "ت ستر" وقا تل في ز من عثمان في بلد فارس‪ ،‬ثم‬
‫استقر واليا في الموصل‪.‬‬
‫كما يلحظ‪ ،‬فإن هذا القائد قاتل في أراض مختلفة لجنسيات متعددة‪ ،‬لجيوش‬
‫متنوعهة‪ .‬فقهد كان فهي أراضهي الجزيرة العربيهة عالما بمسهالكها‪ ،‬وبطبيعتهها‬
‫الجغرافيهة‪ ،‬فههو إن تحرك‪ ،‬تحرك بأمان واطمئنان‪ ،‬وإن تمركهز بتشكيله فإنهه‬
‫يع سكر في أراض تتو فر في ها جم يع شروط التمر كز‪ .‬وكان في أرض العراق‬
‫حذرا‪ ،‬يعتمهد على السهتطلع والدوريات والطلئع‪ ،‬وكان أول قائد اسهتطاع أن‬

‫() أبو خليل‪ -‬أطلس التاريخ العربي‪.34 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطـبري‪ -‬تاريـخ المـم والملوك‪ ،2/529 :‬ابـن الثيـر‪ -‬الكامـل فـي التاريـخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2/143‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،4/362 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.387 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الطبري‪ -‬في المم والملوك‪ 2/651 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪255‬‬
‫يخوض غمار البحر ويستولي على جزيرة فارسية‪.‬‬
‫إن الصفة البارزة لعرفجة هو قتاله في خلفة أبي بكر الصديق للمرتدين‪.‬‬
‫وقد أظهر في قيادته الحزم والمرونة والسيطرة على القوات أثناء التحرك والتقدم‬
‫والقتال‪ ،‬وتصهدى للمرتديهن بكهل شجاعهة دون أن تأخذه الشفقهة على بنهي قومهه‬
‫ل مهن أن يكون‬ ‫الفاسهقين‪ ،‬إنمها كان عقائديا مؤمنا‪ ،‬آثهر على أن يكون مقاتلً بد ً‬
‫ل للم سؤولية‪ ،‬ذا قرار صحيح‪ ،‬واثقا بجنوده‪،‬‬ ‫واليا‪ .‬وأثر ته هذه جعل ته قائدا متحم ً‬
‫مطبقا لمبادئ القتال‪ ،‬وبخاصة في الحشد والمفاجأة‪.‬‬

‫‪ -14‬القادة الحتياطيون‪:‬‬
‫الذين ساعدوا قادة حروب الردة‪ .‬هؤلء لم يكونوا من جند التشكيلت الذين‬
‫أرسلهم أبو بكر من المدينة‪ ،‬أي لم يكونوا من الحد عشر تشكيلً‪ ،‬إنما أسندت‬
‫إلي هم ب عض المهام‪ ،‬وكان ل هم دور بارز في م ساعدة التشكيلت المكل فة بحروب‬
‫المرتدين وأهمهم‪:‬‬

‫زياد بن لبيد البياضي‪.‬‬


‫أن صاري‪ ،‬ش هد الموا قع مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وله قدم في‬
‫السهلم(‪ .)1‬وكان واليا على حضرموت حيهن توفهي رسهول ال صهلى ال عليهه‬
‫وسلم(‪ .)2‬أرسله أبو بكر في تشكيل لقتال المرتدين في اليمن‪ ،‬فوافى كندة‪ ،‬فأغار‬
‫علي هم و هم في غفلة‪ ،‬ففاجأ هم فأ صاب من هم‪ ،‬وكا نت المفاجأة بالزمان إذ أغار‬
‫عليههم ليلً‪ ،‬وظهل ضاغطا عليههم‪ ،‬وشدد فهي حصهارهم‪ ،‬لول أن الشعهث قام‬
‫بمسهاعدتهم ففهك الحصهار عنههم‪ .‬ثهم عاد ثانيهة بعهد أن وجهه أبهو بكهر عكرمهة‬
‫لمواجهت هم‪ ،‬وتعز يز قوات زياد‪ .‬وتعاون زياد أيضا مع المها جر بن أبهي أم ية‬
‫لقتال ملوك كندة(‪ ،)3‬واسهتطاعا أن يتغلبها على خصهومهم‪ ،‬وأن يغنموا غنائم َ‬
‫ه‬
‫كثيرة‪ ...‬ولمها رأى الشعهث أن القتال لغيهر صهالحه مال إلى الصهلح‪ ،‬وطلب‬
‫ض عليه‪ ،‬وأرسل إلى أبي بكر في المدينة(‪ .)4‬لكن أبا بكر خلى عنه‪،‬‬ ‫المان‪ ،‬فقُب َ‬
‫وددته أنهي‬
‫ُ‬ ‫وتأسهف حيهن موتهه لو ضرب عنقهه‪ ،‬فقال‪ ..." :‬ثلث تركتههن و‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪3/598 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪3/598 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.316 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،6/22 ،3/598 :‬ابن واضح ‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪.2/111 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪256‬‬
‫ت عنق ُه فإنه‬
‫ت ضرب ُ‬
‫ت أني يوم أتيت بالشعث بن قيس أسيرا كن ُ‬ ‫فعلتهن‪ ...‬فودد ُ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ن عليه‪. "...‬‬
‫ل أعا َ‬
‫ي أنّه ل يرى شرا إ ّ‬
‫تخيل إل ّ‬
‫ل قد كان هذا القائدُ سريعا في تحرك هُ‪ ،‬مطبقا المفاجأة‪ ،‬متعاونا مع جيرا نه‬
‫و مع قوات التعز يز ال تي جاءت مع عكر مة‪ ،‬شديدا في قتال هِ‪ ،‬انضباطيا‪ ،‬قا سيا‬
‫على المرتدين(‪ ،)2‬مجيدا للحصار‪ ،‬مطبقا للنقضاض‪.‬‬

‫منْية المضري‪:‬‬
‫يعلى بن ُ‬
‫صحابي من ب ني تم يم(‪ .)3‬ش هد مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم حنينا‬
‫والطائف وتبوك‪ ،‬وروى عن الر سول صلى ال ثمان ية وعشر ين حديثا(‪ .)4‬وج هه‬
‫أ بو ب كر إلى خولن بالي من‪ ،‬وكان واليا علي ها(‪ ،)5‬وكانوا قد ارتدوا عن ال سلم‪،‬‬
‫فتحرك إلي هم‪ ،‬فتابوا دون أن يل قى من هم مقاو مة(‪ .)6‬فكا نت الي من ب يد ثل ثة من‬
‫القادة يعلى على خولن وزياد بن لب يد على كندة‪ ،‬والمها جر بن أبهي أم ية على‬
‫صنعاء(‪.)7‬‬
‫لقد دلت معاركه على شجاعته‪ ،‬وخفة حركته‪ ،‬وقد حاز على ثقة أبي بكر‬
‫وعمر وعثمان(‪.)8‬‬

‫ضرار بن الخطّاب‬
‫بن مرداس بن فهر القرشي‬
‫‪13/634‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/619 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.139 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫ابن حبيب‪ -‬المحبر‪ -67 :‬ابن حزم ‪ -‬جمهرة أنساب العرب‪.1/213 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/165 -‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫ابن حزم‪ -‬جمهرة أنساب العرب‪.1/213 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.139 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.143 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()‬
‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/165 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪257‬‬
‫أخذ عن أبي ِه الفروسية والشجاعة(‪ .)1‬قاتل مع المشركين حين أسلم يوم فتح‬
‫مكة‪ .‬وكان قائد وحدة صغرى‪ ،‬في جيش خالد باليمامة‪ ،‬فقاتل المرتدين‪ ،‬وتعقب‬
‫فلول هم(‪ ،)2‬ثم حارب مع خالد أيضا في ف تح العراق‪ ،‬ثم في ف تح الشام‪ ،‬ثم في‬
‫معركة اليرموك‪ .‬ثم اشترك فيما بعد‪ ،‬وبعد موت أبي بكر في الفتوحات‪ ،‬وشهد‬
‫القادسية والمعارك الخرى(‪.)3‬‬
‫ممها تقدم‪ ،‬فإن ضرار بطهل مجرب‪ ،‬له خهبرة سهابقة فهي الحروب‪ ،‬ولديهه‬
‫الشجاعهة والقدام(‪ ،)4‬والقدرة على رفهع معنويات جنوده بشعره الحماسهي‪ ،‬وكان‬
‫يتميز بسرعة وخفة وبمناورته الخاطفة في الميدان‪.‬‬

‫أبوموسى الشعري‬
‫(عبد الله بن قيس بن سليم‬
‫العامري) ‪.52/672‬‬
‫بشهادة أشجع الشجعان محمد صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬سيد الفوارس أبو‬
‫مو سى"(‪)5‬ل قد اكت سب هذا الل قب عن جدارة إذ ق تل في معر كة واحدة ح ين ل حق‬
‫بهوازن ب عد حن ين ت سعة من مقاتلي هوازن(‪ .)6‬ف قد تولى القيادة والدارة‪ ،‬وج مع‬
‫بين الشؤون السياسية والعسكرية(‪.)7‬‬
‫حارب المرتدين مرت ين إحداهما في زمن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫حين ادعى النبوة السود العنسي‪ ،‬فقضى عليه وعلى الفتنة(‪ )8‬في اليمن‪ ،‬وأعاد‬
‫هذا البلد إلى السلم‪ ،‬والثانية في خلفة أبي بكر الصديق عندما ارتد أهل هذا‬
‫البلد ثانية‪.‬‬
‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،5/454 :‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.2/748 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪،5/454 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ا بن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معر فة ال صحاب‪،4/1056:‬خطاب‪-‬قادة ف تح بلد فارس‪-91 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.92‬‬
‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/407 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/270 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.4/107 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬جوامع السيرة‪.241 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.120 ،4/119 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()‬
‫خطاب‪ -‬قادة فتح بلد فارس‪.180 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪258‬‬
‫هو الب طل الذي ي حب أن يقا تل في سبيل ال‪ ،‬و هو الفارس الذي ل يزال‬
‫مقاتلً أبدا‪ .‬التحق بجبهة الشام فقاتل فيها‪ ،‬وكان له نصيب كبير في فتح الهواز‬
‫وأصهبهان والدينور وغيرهها(‪ .)1‬حاز على ثقهة أبهي بكهر وعمهر وعثمان‪ ،‬وتولى‬
‫اليمن والبصرة والكوفة(‪.)2‬‬
‫وممها سهاعده على قيادتهه خهبرته الطويلة بالفروسهية‪ ،‬وتدريبهه المتواصهل‪،‬‬
‫وثقافته الواسعة‪ ،‬وفطنته وتدبره للمور‪ ،‬والنظر في عواقبها‪ ،‬وكان يحمل إرادة‬
‫قويهة‪ ،‬ويتحلى بانضباط‪ ،‬وحاز على ثقهة ومحبهة رؤسهائه ومرؤوسهيه‪ ،‬وطبهق‬
‫مبادئ الحرب في كل معاركه‪ ،‬واشتهر بالضغط والستمرارية‪.‬‬
‫هؤلء هم القادة جميعا‪ ،‬تلك النماذج من البطال والشجعان‪ ،‬آثروا الشهادة‪،‬‬
‫وأحبوا الموت‪ ،‬كما أحب أعداؤهم الحياة‪ ،‬كانوا في المقدمة‪ ،‬وضُرب المثل بهم‪،‬‬
‫ل عزم وت صميم‪ ،‬فكان‬ ‫فكانوا قدوة ح سنة‪ ،‬ونبرا سا يهتدى ب هم‪ .‬ت صدوا للردة بك ّ‬
‫لهم ما أرادوا‪ ،‬وحسموا الحرب في مدة قصيرة‪ ،‬وأعادوا للعرب وحدتهم وقوتهم‪،‬‬
‫ومهدوا للفتوحات فهي الشرق والغرب‪ ،‬وحاربوا أكهبر دولتيهن آنذاك‪ ،‬وانتصهروا‬
‫على أعدائهم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬القادّة في جبهة العراق‬


‫برز فهي هذه الجبههة قادة‪ ،‬عرفوا بالشجاعهة والقدام‪ ،‬واجتاحوا الراضهي‬
‫العراقية وقاتلوا الفرس‪ ،‬في كل جبهة يتصدر القادة خالد بن الوليد‪ ،‬وكالعادة فإن‬
‫القيادة كا نت مركز ية في المدي نة‪ ،‬وقادة الجيوش كانوا تابع ين مباشرة إلى القائد‬
‫العلى أبهي بكهر (الصهديق)‪ ،‬ولم يكهن هناك قائد جبههة تتبهع له هذه الجيوش‪،‬‬
‫يت ساوى الجميعُه في القيادة لجيوش هم‪ ،‬ول ي حق لحهد أن يكون تبعا لقائد ج يش‬
‫آخر في تلك الجبهة؛ إنّما كانوا إذا اجتمعوا في قتال فالقيادة لمن سبق وا ستولى‬
‫على الحيرة في أرض العراق‪ ،‬ك ما أن من وا جب كل قائد ج يش أن يعاون قائد‬
‫الجيش الخر الذي يقاتل في جبهته قريبا منه‪ ،‬وعليه إنقاذه من المحنة التي يمكن‬
‫أن يقع فيها‪.‬‬
‫جبههة العراق كمها قدمنها‪ ،‬ليسهت أراضهي العراق كمها نراهها اليوم‪ ،‬ول‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/120 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/119 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪259‬‬
‫أراضي فارس كما كانت في عهد أبي بكر الصديق؛ إنّما كانت الشريط النهري‬
‫الذي يمت ّد من شط العرب وحتى المجرى الوسط لنهر الفرات‪.‬‬
‫بالضافهة إلى خالد فإن هناك عددا مهن القادة‪ ،‬كان لههم دور بارز فهي‬
‫المعارك‪ ،‬و سبب في النت صار وأهم هم‪ :‬المث نى بن حار ثة الشيبا ني‪ ،‬عياض بن‬
‫غَنْم‪ ،‬عدي بن حاتم‪ ،‬مذعور بن عدي العجلي‪ ،‬حرملة بن مريطة التميمي‪ ،‬سُلْمى‬
‫بهن سهلمى بهن القَي ْن التيميمهي‪ ،‬القعقاع بهن عمرو التميمهي‪ ،‬عاصهم بهن عمرو‬
‫التميمي‪.‬‬

‫‪ -1‬المثنى بن حارثة الشيباني‬


‫ت ‪:14/635‬‬
‫قائد الجب هة العراق ية عند ما كان قائدا دون تكل يف من القيادة العا مة‪ ،‬وهازم‬
‫الفرس‪ ،‬ومؤدب المرتديهن‪ ،‬وقدوة الشجعان المياميهن‪ ،‬ومثهل الصهادقين أولي‬
‫اللباب والمفكرين‪ ،‬وصاحب الن سب الكريم‪ ،‬وحامل الذكر الريج(‪ .)1‬عل قومه‬
‫في الجاهل ية وال سلم‪ ،‬وعل غير ُه ب ما حمله من ح سن ال صفات‪ ،‬وأ سلم و هو‬
‫صاحب العقل‪ ،‬وقاتل وهو مشرع الراية‪ ،‬ودلت مواهبه القيادية على أنّه قائد ل‬
‫يقل مستواه عن مستوى خالد بن الوليد‪ ،‬قاتل مع خالد كنائب له في خلفة أبي‬
‫بكر(‪ ،)2‬وقاتل مع أبي عبيد الثقفي كنائب له أيضا‪ ،‬وساعد العلء بن الحضرمي‬
‫فهي قتال المرتديهن‪ ،‬وتزعهم جبههة النضال ضهد الفرس‪ .‬مسهرح عملياتهه أرض‬
‫العراق وفارس‪ ،‬ف هو ال خبير ب ها وبمعالم ها‪ ،‬و هو الذي جاور الفرس فعرف من‬
‫طباع هم وطري قة قتال هم‪ ،‬وكان ي ساعده في ذلك سويد بن قط به العجلي‪ ،‬فيغيران‬
‫على الفرس من ناحيتي الحيرة والبله(‪.)3‬‬
‫إذا أرد نا أن نتكلم عن المث نى‪ ،‬ف هو القائد الذي اخ تص بقتال الفرس(‪ ،)4‬و ما‬
‫مساعدته للعلء في القضاء على المرتدين‪ ،‬إلّ لنّه يريد قطع الصلة التي كانت‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/299 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.6/41‬‬
‫()‬
‫الدينوري ‪ -‬الخبار الطوال‪.111 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫الدينوري ‪ -‬الخبار الطوال‪.111 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الدينوري ‪ -‬الخبار الطوال‪ .111 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابه في معرفة الصحابة‪ ،4/299 :‬ابن‬ ‫‪4‬‬

‫حجر الصابة في تمييز الصحابة‪.6/41 :‬‬

‫‪260‬‬
‫قائ مة ب ين القبائل المرتدة وب ين الفرس‪ ،‬إذ م نع هؤلء من قيامهم بالدس وتشج يع‬
‫الردة‪ ،‬م ما أتاح للعلء أن يتفرغ لعدو وا حد‪ ،‬م ما سهل عل يه تنف يذ مهم ته ال تي‬
‫كل فه ب ها أ بو ب كر ال صديق‪ .‬فكان ع مل المث نى ودوره في حروب الردة أن ج مع‬
‫قومه على السلم‪ ،‬وقاتل بهم من ارتد من القبائل الخرى‪ ،‬وقدم المعونة المادية‬
‫والمعونهة للعلء الذي كلف بقتال المرتديهن‪ ،‬وقضهى على الفرس الذيهن حاولوا‬
‫وشجعوا تلك الفئة الضعيفهة بإيمانهها‪ ،‬المترددة فهي إسهلمها‪ ،‬وبذلك حال بينههم‬
‫وبين ما يشتهون‪ .‬ولم تكن للمثنى جولت حربية ومعارك قتالية مع المرتدين إنما‬
‫ل في البحر ين‪ ،‬وبهذا جذب أ كبر قوة إل يه‪،‬‬‫كا نت هذه مع الفرس الذ ين قاتل هم أو ً‬
‫ل كي يمكّن العلء من ترك يز جهده القتالي في محار بة المرتد ين‪ ،‬وبل غت قوا ته‬
‫القطيف وهجر ومجمع دجلة والفرات ومعظم أراضي البحرين‪.‬‬
‫لفهت هذا العمهل أنظار الخليفهة والناس‪ ،‬متسهائلين عهن هذا القائد الذي تجرأ‬
‫على الفرس ودخهل بلدههم‪ ،‬وجاس خلل الديار(‪ .)1‬ول يُسهتبعد أبدا أن يكون‬
‫المثنهى ههو الذي زيّن لفتهح العراق فهي نفهس القائد العلى‪ ،‬وجعله يتخهذ قرارا‬
‫بتوجيهه الجيهش العربهي السهلمي باتجاه العراق(‪ ،)2‬وأراد أبهو بكهر أن يسهتثمر‬
‫جهود واندفاع هذا القائد فاستدعاه وأسند إليه مهمة قتال الفرس(‪ ،)3‬وقاتل علىهذه‬
‫الجبههة لوحده إلى أن طلب مددا‪ ،‬فأمدّه أبهو بكهر بخالد بهن الوليهد‪ ،‬ووله القيادة‬
‫العا مة‪ ،‬فأذ عن المث نى‪ ،‬وقا تل مع خالد في معار كه الكثيرة والمتتال ية‪ :‬الحف ير‪،‬‬
‫المذار‪ ،‬الحيرة‪ ،‬النبار‪ ...‬ثههم غادر خالد بنا ًء على أمههر القائد العلى أرض‬
‫العراق متجها إلى الشام بنصهف القوات‪ ،‬وتسهلم المثنهى ثان ية قائدا عاما للجب هة‬
‫العراقية‪ .‬لقد برزت إمكانياته القتالية‪ ،‬ودخل معارك عديدة مع الفرس منها "بابل"‬
‫الذي انتصهر فيهها‪ ،‬وبلغهت أخبار هذا النتصهار أبها بكهر‪ ،‬وأراد أن يتابهع فتهح‬
‫العراق‪ ،‬فذههب إلى مقهر القيادة ليسهتأذن القائد العلى بإكمال مهمتهه‪ ،‬وليعزز له‬
‫قواتهه المكلفهة بذلك إمها مهن المرتديهن الذيهن تابوا وأصهلحوا‪ ،‬أو مهن القوات‬
‫الخرى؛ لكهن القوات المسهلحة كلهها مشغولة بالفتوح‪ ،‬فهناك قوات فهي الجبههة‬
‫الشامية‪ ،‬وهناك قوات في الجبهة العراقية‪ ،‬كلتاهما ‪ -‬من الناحية الستراتيجية‪-‬‬
‫لها أهمية كبرى‪ .‬أراد أبو بكر أن يعزز الجبهة العراقية‪ ،‬لكن المنية وافته قبل أن‬

‫() الدينوري ‪ -‬الخبار الطوال‪ .111 :‬ا بن الث ير‪ -‬أ سد الغا به في معر فة ال صحابة‪،4/299 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫كال الطريق إلى المدائن‪ ،202 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫()‬
‫الطبري‪-‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/255 :‬أكرم‪ -‬سيف ال‪.244 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،53 :‬ومابعدها‪ ،‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪.1/89 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪261‬‬
‫يحقق هذه المنية‪ ،‬فأوصى عمر بن الخطاب من بعده بذلك‪ .‬استُنفر المقاتلون من‬
‫المدينة فما وجد فيها غير ألف عُيّن عليهم أبو عبيدة الثقفي بن مسعود‪ ،‬وعهد إليه‬
‫أيضا بالقيادة العامهة‪ ،‬وعاد المثنهى نائبا لبهي عهبيدة‪ ،‬تجمهع المرتدون التائبون‪،‬‬
‫ون ظم هذا الج يش‪ ،‬وقا تل المث نى مع القائد العام الجد يد في معارك عديدة من ها‬
‫"ال سقاطة"‪" ،‬الجالينوس" الذي ا ستشهد في ها قائد هذه الجب هة‪ ،‬وتولى المث نى ثال ثة‬
‫القيادة العا مة‪ ،‬وا ستطاع الن سحاب من هذه المعر كة دون وقوع خ سائر كبيرة‪،‬‬
‫و عبر الج يش الج سر‪ ،‬وأ صيب المث نى بجرح‪" ،‬البو يب" وو صل بغداد وتكر يت‬
‫وعسكر "بذي قار"‪ .‬وهنا توفي متأثرا بجراحه‪.‬‬
‫شارك هذا القائد في حروب الردة‪ ،‬دون اصطدام مسلح‪ .‬ترى ألنه ل يريد‬
‫أن يحارب العرب كعرب‪ ،‬أم أنّه غ ير مقت نع بالت صدي الدموي ل هم؟ لعله كان ل‬
‫ير غب في حرب هم ب صورة مباشرة‪ ،‬لذلك ات جه بكلي ته إلى حرب الفرس‪ ،‬وأق نع‬
‫غيره بمحاربة هذا العدو(‪ .)1‬ويبقى ت ساؤل آ خر ِل َم لَ مْ ي ستلم المث نى القيادة العامة‬
‫لجبهة العراق الذي كان يستلمها لفترات قصيرة وفي غياب قائد الجبهة الصيل؟‬
‫ل لقرشي‪ .‬تركزت‬ ‫السبب في ذلك أن أبا بكر لم يكن ليولي قيادة جيش أو جبهة إ ّ‬
‫حروب المثنهى غيهر المباشرة ضهد المرتدّيهن‪ ،‬وذلك بمنهع الفرس مهن اللتقاء‬
‫بهؤلء‪ ،‬واحتلل النقاط الستراتيجية من أراضي البحرين مثل "القطيف"‪ ،‬وبهذا‬
‫الحتلل فإنّه ي كف ب ها و صول النجدات الفار سية إلى المرتد ين‪ ،‬وبالتالي فإ نه‬
‫يعزلههم‪ ،‬ويتيهح للقادة مثهل العلء أن يتفرد بالمرتديهن‪ .‬ومها إن انتههت حروب‬
‫الردة‪ ،‬حتهى بادر المثنهى إلى السهتئذان بمشاركتههم القتال ضهد العدو الفارسهي‪.‬‬
‫ل عهن رغبهة وحهب لنهه لم يقاتلههم‪ ،‬ولم‬ ‫فأذن له‪ ،‬فاسهتنفرهم(‪ ،)2‬فقاتلوا معهه قتا ً‬
‫يحمهل عليههم سهلحا مهن قبهل‪ ،‬ودخلوا معهه معارك "السهقاطية" و"الجسهر"‬
‫و"البويهب"(‪ )3‬وكان يقول‪" :‬إنهي لرجهو أل يؤتهى العرب مهن قبلكهم‪"...‬لم يؤمهر‬
‫المث نى من ق بل القيادة العل يا بمقاتلة المرتدين‪ ،‬وإنمّا طلب م نه العلء‪-‬الذي كلف‬
‫بهذه المهمهة‪ -‬المسهاعدة‪ ،‬فلبهى النداء(‪ .)4‬وكان له دور كهبير فهي نجاح العلء‬
‫بمهمته‪.‬‬

‫() البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ ،242 :‬ا بن الث ير‪ -‬أ سد الغا بة في معر فة ال صحابة‪ ،4/299 :‬كمال‬ ‫‪1‬‬

‫الطريق إلى المدائن‪ 25 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫()‬
‫ابن الثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪.2/166 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/648 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ ‪...2/442-1‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،242 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.4/299 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪262‬‬
‫قاتل المثنى كقائد عام للجبهة العراقية‪ ،‬وكنائب لقائد الجبهة‪ ،‬وإن كان يغلب‬
‫عل يه ا ستلم القيادة العا مة لهذه المنط قة‪ ،‬ف هو بل منازع ن جح في هذه و في تلك‪.‬‬
‫ففي الولى أثنى عليه أبو بكر‪ ،‬وفي الثانية أثنى عليه خالد بن الوليد حين تركه‬
‫متجها إلى جب هة الشام(‪ ،)1‬واعت مد عل يه ع مر بن الخطاب ‪-‬ح ين ق تل أ بو عب يد‬
‫قائد الجبهة الصيل‪ -‬كقائد عام لجبهة العراق بعد معركة الجسر(‪.)2‬‬
‫إن م سرح العمليات كان يتم يز بوجود النهار والوديان والمرتفعات والجبال‬
‫وطول خطوط المداد والخلء‪ ،‬بما لم يألفه المثنى من قبل‪ ،‬المر الذي سبب له‬
‫بعض المصاعب القتالية‪ ،‬وزاد في عدد الخسائر‪ ،‬وأبطأ في وتيرة الهجوم‪ .‬ففي‬
‫معركة الجسر تعرض الجيش العربي إلى الخسائر الكبيرة‪ ،‬وإلى الفوضى‪ ،‬وإلى‬
‫تعرض القائد العام للجب هة إلى جرح كان سببا في مو ته في ما ب عد(‪ .)3‬وإذ تأ خر‬
‫المداد بسهبب طول الخطوط‪ -‬على كثرة المدادات المتتاليهة التهي كان يدفعهها‬
‫عمهر بهن الخطاب‪ -‬كان الجيهش يتوقهف عهن متابعهة أعماله القتاليهة‪ ،‬كمها حدث‬
‫عندما وصل أبواب المدائن وتوقف هناك بانتظار المداد من المدينة(‪ ،)4‬ولما لم‬
‫يصل في الوقت المحدد ذهب المثنى بنفسه إلى القائد العلى يستعجله في إرسال‬
‫قوة كبيرة(‪ ،)5‬وكذلك بعد معركة البويب وانتصار العرب فيها‪ ،‬باشر الفرس بحشد‬
‫قوات كبيرة‪ ،‬فترا جع الج يش العر بي وتمر كز ب ه "ذي قار" بالقرب من ال سياخ‬
‫بين القادسية وخفّان‪ ،‬وتوقف هناك بانتظار وصول القوات من المدينة(‪.)6‬‬
‫اصطدم المثنى مع الفرس في عدة معارك نهرية أو جبلية أو سهلية‪ ،‬انتصر‬
‫في أغلب ها‪ ،‬ف في المعارك النهر ية كان ي عبر في مقد مة الج يش ن حو العدو‪ ،‬و في‬
‫النسهحاب وقطهع الجسهر كان يعهبر آخهر جندي لكهي يحمهي ظهورههم ويقاتهل‬
‫دون هم(‪ .)7‬و في المعارك الجبل ية م ثل "با بل" تم كن هذا القائد من أن ي صيب الف يل‬
‫الكبير‪ -‬الذي كان الفرس يجعلونه في مقدمة الصفوف‪ ...‬في مقتل‪ ،‬واستطاع أن‬
‫يثبت جبهة القتال‪ ،‬وأن يلتف من المجنبتين‪ ،‬مما أدخل الرعب في صفوف أعدائه‬
‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،250 :‬خطاب‪ -‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.29 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،639 /2 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/642 :‬خطاب‪ -‬قادة فتح العراق والجزيرة‪.38-36 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/605 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/432 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/607 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/432 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/644 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/441 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/642 :‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫‪263‬‬
‫فتركوا أمكنتهم وهربوا(‪ .)1‬وفي المعارك السهلية مثل "الحميز"‪" ،‬المذار" فقد برع‬
‫المث نى في قتاله لن ها أرض تش به ال صحراء ال تي تعود القتال في ها‪ ،‬فكان يها جم‬
‫عدوه من الجبهة (جبهيا) ويفاجئهم في الزمان والمكان حتى تمكن من فتح كثير‬
‫من المدن الفارسية الهامة مثل بغداد والحيرة وخفان والسقاطية‪...‬‬
‫ل قد أجاد هذا القائد في جم يع أنواع المعارك الهجوم ية والدفاع ية والمطاردة‬
‫والن سحاب‪ .‬ف في معر كة "الحف ير" الهجوم ية كا نت بقيادة خالد بن الول يد‪ ،‬أ ما‬
‫المطاردة بعد نجاح هذه المعركة كانت بقيادة المثنى الذي تعقب الفلول المنهزمة‪،‬‬
‫وقتل منهم العدد الكبير‪ ،‬وفي معركة "بابل" الدفاعية كانت قوات المثنى متمركزة‬
‫فهي المرتفعات‪ ،‬وفهي النقاط السهتراتيجية‪ ،‬حتهى إذا هاجمهت القوات الفارسهية‬
‫صمدت ل ها القوات العرب ية‪ ،‬وكبدت ها خ سائر كبيرة‪ ،‬وب عد تثبيت ها‪ ،‬قام الجناحان‬
‫اليمينهي والشمالي باللتفاف‪ ،‬فولت القوات الفارسهية الدبار‪ ،‬ثهم أمهر القائد العام‬
‫بالمطاردة‪ ،‬حتى وصلت القوات العربية قريبا من المدائن‪ ...‬وفي معركة الجسر‬
‫طبق النسحاب بشروطه ومبادئه‪ ،‬فكانت كل مجموعة تحمي انسحاب الخرى‪،‬‬
‫حتى انسحب الجيش بأقل الخسائر(‪.)2‬‬
‫من هذا ي تبين ل نا شخ صية هذا القائد الع سكرية‪ ،‬ورو حه الوثا بة‪ ،‬وإيما نه‬
‫القوي‪ .‬ب طل علم ته التجارب وال خبرات ق بل أن يد خل معارك المرتد ين ومعارك‬
‫الفتوح‪ .‬له مهن نسهبه مايعلو بهه فهي أههل القتال‪ ،‬فأهله بنهو شيبان‪ ،‬كانوا مهن‬
‫البطال‪ ،‬وا ستمر بهم الحال إلى أن دخلوا في السلم‪ ،‬فبرز منهم المث نى‪ ،‬وقدم‬
‫ل بالمجاد‬ ‫ل حاف ً‬
‫ل طوي ً‬‫للجيال العربيههة والسههلمية‪ ،‬تراثا كههبيرا‪ ،‬وسههج ً‬
‫والبطولت‪ .‬فلقد اختص بقتال الفرس‪ ،‬فدرس طبيعة قتالهم‪ ،‬وتعرف على مواطن‬
‫هز‬‫هم‪ ،‬ويهه‬ ‫هر على معنوياتهه‬ ‫هلوب الذي يؤثه‬ ‫هم بالسه‬‫هف والقوة‪ ،‬وقاتلهه‬‫الضعه‬
‫عروشههم‪،‬ويدك حصهونهم‪ .‬فإذا ذكرنها المثنهى فإنمها نذكهر معاركهه المظفرة مهع‬
‫الفرس‪ ،‬ونذكر اندفاعه الشديد في أراضيهم وفتح مدائنهم‪.‬‬
‫شجا عة نادرة‪ ،‬أل يس من الشجا عة أن يقت حم هذا القائد صفوف الفرس في‬
‫معركة "با بل" في مجمو عة انتحار ية‪ ،‬ويق تل الف يل‪ ،‬ويتقدم مندفعا مطاردا أعداءه‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/556 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/385 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫() ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،642-640 /2 :‬ا بن الث ير‪ -‬الكا مل في التار يخ‪،2/438 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪.259-258 :‬‬

‫‪264‬‬
‫حتى أوصلهم إلى الراضي المطلة على المدائن(‪!)1‬؟ أو ليس من الشجاعة أيضا‬
‫أن يتيح لجنده عبور الجسر في معركة الجسر‪ ،‬ويحمي عبورهم حتى آخر فرد‬
‫من هم‪ ،‬و ظل ثابتا ر غم إ صابته بجرح بل يغ(‪!)2‬؟ أول يس من الشجا عة أن يتخوف‬
‫القادة وال صحابة من دخول الحرب في الجب هة العراق ية‪ ،‬فيدخل ها دون خوف أو‬
‫وجهل(‪!)3‬؟ ثهم قام فشجهع الحاضريهن على قتال الفرس‪ ،‬وقال‪" :‬يها أيهها الناس ل‬
‫يَ ْعظُمَن علي كم هذا الو جه فإ نا قد تبجح نا ر يف فارس وغلبنا هم على خ ير ش قي‬
‫ال سواد‪ ،‬وشاطرنا هم‪ ،‬ونل نا من هم‪ ،‬واجترأ من قبل نا علي هم‪ )4(".‬وقال‪ " :‬قد قاتل تُ‬
‫العرب والع جم في الجاهل ية وال سلم‪ ،‬وال لمائة من الع جم في الجاهل ية كانوا‬
‫أشهد علي مهن ألف مهن العرب‪ ،‬ولمائة اليوم مهن العرب أش ّد علي مهن ألف مهن‬
‫الع جم‪ .‬إن ال أذ هب م صدوقتهم‪ ،‬وو هن كيد هم‪ ،‬فل يرد عن كم زُهاء ترو نه ول‬
‫سَواد‪ ،‬ول قِ سِي فُجّ‪ ،‬ول نبال طوال‪ ،‬فإن هم إذا أعجلوا عن ها أو فقدو ها كالبهائم‬
‫أينما وجهتموها اتجهت(‪ .")5‬وقد بلغت جرأته منتهاها عندما اخترق صفوف العدو‬
‫في معر كة "البو يب" قا صدا قائد الفرس(‪ .)6‬وبهذا الختراق تزعز عت ال صفوف‪،‬‬
‫وبهذه الجرأة ذعر الفرس بعد وصول الخطر إلى قائدهم‪.‬‬
‫إنّه النفسية التي ل تتبدل في النتصار‪ ،‬فقد ربح معارك عديدة(‪)7‬؛ لكنه ظل‬
‫طبيعيا‪ ،‬فلم تأخذه نشوة الظ فر‪ ،‬أو الز هو في الفتوحات ال كبيرة ال تي ن جح في ها‪،‬‬
‫وكذلك فإن نفسهيته لم تتبدل إزاء الحداث الكهبيرة‪ ،‬أو النتكاسهات الكهبيرة‪ ،‬إذ‬
‫تعرض جي شه أثناء ق طع الج سر إلى الخ سائر ال كبيرة‪ ،‬و مع ذلك فإنّه لم يجزع‪،‬‬
‫ل أخوه مسعود فلم يخف‪ ،‬بل حث الناس على متابعة القتال(‪.)8‬‬ ‫وقد ُقتِ َ‬
‫إنه صاحب العقل المخطط‪ ،‬والفكر المنظم؛ فهو الذي تصور طبيعة الحرب‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/644 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/440 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/640 :‬ومابعدها‪ ،‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪2/439 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.،440‬‬
‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/631 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/630 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/651 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/644 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/441 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الطهبري‪ -‬تاريهخ المهم والملوك‪ ،2/630 :‬ومها بعدهها‪ ،‬ابهن الثيهر ‪ -‬الكامهل فهي التاريهخ‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ .2/432‬ومابعدها‪.‬‬
‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/639 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/438 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪265‬‬
‫ل مباشرا بالقائد العلى‬‫مع الفرس‪ ،‬وأعد لهذا التصور عدته‪ .‬وكان يتصل اتصا ً‬
‫وبقاد ته المباشر ين ليتف هم فكرة قائده عن ت صوره‪ -‬الذي لم يخ طئ في حرو به‪-‬‬
‫عن جم يع المرا حل الم ستقبلية‪ .‬ا ستأذن أ با بكر ع ند إ سناد المهمّة له لول مرة‪،‬‬
‫وقابله ب عد ذلك ق بل مو ته بقل يل(‪ ،)1‬وكان دائم الحتكاك مع خالد بن الول يد‪ ،‬و مع‬
‫ن المث نى كان كالمهندس‬ ‫العلء بن الحضر مي‪ ،‬و مع أ بي عب يد الثق في(‪ .)2‬لذلك فإ ّ‬
‫يصمم خططه‪ ،‬ويقوم بجمع مواده الولية‪ ،‬ثم يقوم بالتنفيذ‪.‬‬
‫يتحمل المسؤولية ويحس بها؛ فهو الذي أمّر نفسه متحملً بذلك تبعة ماقد‬
‫يترتهب على هذا المهر مهن لقاء الفرس والتصهدي لههم‪" :‬يها خليفهة رسهول ال‪:‬‬
‫استعملني عن قومي‪ )3("...‬وهو الذي قال عنه عمر بن الخطاب‪" :‬مؤمر نفسه"(‪.)4‬‬
‫و هو الذي ث بت أنّه قاد الجب هة العراق ية في أول ال مر‪ ،‬دون أن ت سند إل يه هذه‬
‫المهمهة‪ ،‬حتهى إذا شعهر القائد العلى‪ ،‬تسهاءل عهن هذا الذي تأتهي أخباره قبهل‬
‫معرفته(‪ ،)5‬وهو الذي تحمل مسؤولية قطع الجسر وما جر هذا القطع من خسارة‬
‫كهبيرة فهي الفراد منوها بأن ّه ارتكهب خطأً‪ ،‬معترفا بالحهق فقال‪" :‬لقهد عجزت‬
‫عجزة و قى ال شر ها بم سابقتي إيا هم إلى الج سر وقط عه ح تى أحرجت هم فإ ني‬
‫غير عائد فل تعودوا‪ ،‬ول تقتدوا بي أيها الناس‪ ،‬فإنّها كا نت مني زلة‪ ،‬ل ينبغي‬
‫إحراج أحهد إل مهن يقوى على امتناع‪ .")6(.‬وهذا فهي رأيهي منتههى تحمهل‬
‫المسؤولية‪ ،‬فالحق أحق أن يتبع‪.‬‬
‫له من ثقافته العسكرية‪ ،‬وثقافته العامة ما مكناه من تثبيت قيادته‪ ،‬ومن ثقته‬
‫بنفسه‪ ،‬ومن إقدامه على تنفيذ أعماله القتالية بكل كفاءة وجدارة‪.‬‬
‫فقهد كان خهبيرا بأمور الحرب منهذ نعومهة أظفاره‪ ،‬وههو الذي تدرب على‬
‫المور العسهكرية‪ ،‬فل قد م ّر بمراحلهها النظر ية والعمليهة؛ كمها كان شاعرا مطلعا‬
‫يصف المعارك التي خاضها‪ ،‬والمال التي يعقدها‪ ،‬والصور التي يتمناها‪.‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/552،630 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/630 :‬وما بعدها‪،‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫() ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،2/552 :‬ا بن ح جر‪ -‬ال صابة في تمي يز ال صحابة‪،6/41 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.4/299‬‬
‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.4/99 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6/41 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/651 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪266‬‬
‫الثقهة والحهب المتبادلن؛ فقهد كان قدوة لجنوده‪ ،‬يتقدمههم إلى المخاطهر‬
‫والموت‪ ،‬ويد فع عن هم غائلة الق تل‪ ،‬ويؤثر هم على نف سه‪ ،‬ول ير غب بنف سه عن‬
‫ل لليثار(‪ .)1‬وقد أعطى للعرب المرتدين‬ ‫أنفسهم‪ .‬فقد كان في معركة الجسر مثا ً‬
‫التائب ين كل الث قة فبادلوه الث قة والحترام‪ ،‬وحاربوا م عه‪ ،‬باذل ين إرادة القتال ب كل‬
‫طواعية واختيار‪.‬‬
‫لقد أظهر المثنى من النضباط مايعجز عنه قائد؛ فهو القائد في عرينه وفي‬
‫جبهته يقاتل في قومه ويقودهم من نصر إلى نصر‪ .‬هاهو العلء بن الحضرمي‬
‫يطلب إليه المساعدة في قتال المرتدين فيستجيب(‪ .)2‬وهاهو خالد بن الوليد يتولى‬
‫القيادة العا مة في تلك الجب هة فيأت يه مذعنا طائعا(‪ .)3‬وها هو أ بو عب يد الثق في في‬
‫خل فة ع مر بن الخطاب يتولى القيادة العا مة والمث نى تح ته فيتلقا ها ب كل رضاء‬
‫و حب‪ ،‬ويتعاون مع أ بي عب يد خيرتعاون‪ ،‬ويبذل ق صارى جهده لنجاح المعارك‬
‫التي يخوضها(‪ .)4‬في هذه التغييرات المتعاقبة‪ ،‬مرة يكون فيها قائدا‪ ،‬ومرة أخرى‬
‫يكون فيهها نائبا؛ كهل ذلك لم يغيهر مهن انضباطهه شيئا‪ ،‬ولم يغيهر مهن اندفاعهه‬
‫ونشاطهه القتالي‪ ،‬ويلحهظ عليهه أنّه عندمها يكون نائبا يبذل كهل مافهي وسهعه‪،‬‬
‫وينصاع للوامر التي تصدر عن القائد الذي حل محله‪.‬‬
‫ط بق مبادئ الحرب في أعماله القتال ية‪ ،‬وأبرز ماكان يط بق من ها ال سرعة‬
‫والح سمية؛ ف في معر كة الحف ير أظ هر المث نى سرعة في القتال‪ ،‬وكأنّه ير يد أن‬
‫يحتوي الرض ال تي يقا تل علي ها العدو‪ ،‬و ظل على ا ستمرار بهذه ال سرعة ح تى‬
‫انهزموا فتابع مطاردتهم‪ .‬إن السرعة مع الضغط تجعل العدو مرتبكا مشلولً‪ ،‬ل‬
‫يستطيع أن يقوم بهجمات معاكسة إذا أراد القيام بها؛ ومن المبادئ اقتصاد القوى؛‬
‫فقد كان المثنى يقاتل عدوه بالقوى والوسائط الكافية لدحره والنتصار عليه‪ ،‬فل‬
‫يز يد هذه القوى والو سائط أو ين قص‪ ...‬و في كث ير من المعارك كان ي عف عن‬
‫القتال بانتظار القوى والو سائط ال تي ستأتيه من المدي نة؛ وفي كث ير من الحيان‪،‬‬
‫كان يذهب بمهمة إلى القائد العلى في المدينة لكي يوفر له العدد المناسب للقتال‬
‫ك ما في معرك تي با بل والبو يب‪ ،‬ومن ها الح شد والتفوق على التجاهات الها مة‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/642 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/526 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/552 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫البلذري ‪ -‬فتوح البلدان‪ ،251 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/299 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪267‬‬
‫والرئيسة‪ ،‬كما في معركة المذار التي كانت فيها جموع الفرس كبيرة‪ ،‬إذ استطاع‬
‫أن يحشهد مهع خالد قواتهمها فهي الجزء المههم ليحصهل التفوق‪ ،‬وبذلك تهم لهمها‬
‫النت صار في هذه المعر كة؛ ومن ها ب عث المعنويات في جنوده‪ ،‬فكان ق بل القتال‬
‫يحرضهم ويطوف بين الصفوف يشجعهم‪ ،‬ويهون عليهم أمر عدوهم(‪.)1‬وفي أثناء‬
‫ل لهم‪" :‬أنا دونكم‬‫المعركة يتقدمهم ويحمي انسحابهم معرضا نفسه للمخاطر‪ ،‬قائ ً‬
‫فاعبروا على هينتكم‪ )2("...‬وفي نهاية المعركة كان يؤبن الشهداء‪ ،‬ويطيب خاطر‬
‫مهن ثكهل أو مات له قريهب‪ ،‬ومات أخوه وههو يقول‪" :‬ل يرعكهم مصهرع‬
‫أخي‪.)3("....‬‬
‫حقا إنّه القائد الذي درس الحرب‪ ،‬وعجّم عود ها‪ ،‬وعرف نف سه ك ما عرف‬
‫العدو‪ ،‬وقاتل تحت إمرة غيره‪ ،‬كما قاتل لوحده باذلً في الحالتين كل مايستطيع؛‬
‫فكان بحق قائد الجبهة العراقية الذي هزم فارس‪ ،‬وأرسى قواعد الحكم السلمي‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪ -‬عياض بن غَنْم ‪.20/640‬‬ ‫‪2‬‬

‫فهري قر شي‪ ،‬صحابي جل يل(‪ ،)4‬قائد كبير من قادة ف تح العراق‪ .‬وله أ بو‬
‫بكهر قيادة جيهش‪ ،‬وأمره بالمسهير باتجاه دومهة الجندل‪ ،‬وأن يأتهي العراق مهن‬
‫أعله‪ ،‬وأن يتعاون مع خالد بن الوليد الذي أمر أن يأتي العراق من أسفله‪ ،‬وأن‬
‫يتلقيا في الحيرة(‪.)5‬‬
‫تحرك عياض من المدينة‪ ،‬باتجاه الشمال الشرقي مارا بالقرب من خيبر ث ّم‬
‫العل‪ ،‬إلى الشرق مهن تيماء‪ ،‬فدومهة الجندل‪ ،‬وبعهد أن توقهف هنها لوجود بعهض‬
‫المقاومات‪ ،‬حاول القضاء على هذه القوة التي أوقفته وأعاقته عن متابعة تحركه‪،‬‬
‫لك نه لم ي ستطع‪ ،‬ح تى طلب الم ساعدة من خالد الذي ح قق هد فه وو صل أ سفل‬
‫العراق كما أمره القائد العلى‪ ،‬فتوجّه فورا لنقاذه‪ ،‬متخذا أقصر الطرق من عين‬
‫التمر إلى وادي البيض إلى دومة الجندل‪ ،‬فهاجمها من الناحية الشمالية الشرقية؛‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/648 :‬ابن الثير ‪ -‬الكامل في التاريخ‪.170 ،2/166 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/642 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/651 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫النجاري‪ -‬التاريخ الكبير‪ ،4/18 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللهات‪.2/1/43 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.554 ،2/553 :‬‬ ‫()‬ ‫‪5‬‬

‫‪268‬‬
‫ك ما حا صرها عياض من الناح ية الجنوب ية الشرق ية‪ ،‬فكا نت دو مة الجندل ب ين‬
‫تشكيلين كبيرين حاصراها واقتحماها وفتحا الحصن‪ ،‬وقتل وأسرا من فيه‪ .‬تابع‬
‫عياض ‪-‬بعد هذا النجاح‪ -‬تحركه برفقة خالد متجها نحو الشرق حتى وصل إلى‬
‫الحيرة‪ ،‬فتمر كز عياض هناك(‪ ،)1‬وأك مل خالد فتوحا ته‪ ،‬وعاد عياض فتحرك مع‬
‫خالد وقاتل معه إلى أن صدرت الوامر لخالد بالتحرك إلى الشام(‪.)2‬‬
‫كان عياض نائب القائد العام فهي العراق‪ ،‬وقهد اشترك مهع خالد فهي عدة‬
‫معارك في دومة الجندل‪ ،‬سوى‪ ،‬ديار بني تغلب‪ ،‬قرقيسيا‪ ،‬بني غسان في مرج‬
‫را هط‪ ،‬وف تح مدي نة الر ها و صالح أهل ها ب عد ح صار طو يل‪ ،‬وكذلك ف عل في‬
‫حران(‪ .)3‬ذلك كله قد أكسب هذا القائد خبرة في القتال‪ ،‬وتمرسا في القيادة‪ ،‬وتعلما‬
‫وكسهبا مهن خالد ابهن الوليهد‪ .‬وفهي معركهة اليرموك تولىعياض قيادة أحهد‬
‫الكراد يس(‪ .)4‬ثم اشترك ب عد موت أبهي ب كر فهي ف تح الشام والجزيرة(‪ ،)5‬وف تح‬
‫أ ْرزَن التي كانت على تل مرتفع‪ ،‬في أعلهل قمة مدورة تحيط بها أبراج‪ ،‬وفتح‬
‫ماردين المسورة والمحاطة بخندق(‪.)6‬‬
‫إنّه قائد وفارس أجاد ركوب الخيل وقيادتها‪ ،‬وكان مقدمة للجيش المتحرك‪،‬‬
‫وإداريا أل مّ بالدارة وال سياسة‪ .‬له ط بع الهدوء والع مق‪ ،‬ل ي سارع إلى ش يء إل‬
‫بعد أن يمحصه‪ ،‬ول يعطي قرارا إل بعد تمهل وروية‪ ،‬علمته تجارب الحروب‪،‬‬
‫ومراف قة البطال‪ ،‬وكان مو ضع ث قة أ بي ب كر ال صديق وأ بي عبيدة بن الجراح‬
‫وخالد بن الوليد‪ ،‬وكذلك المير عمر بن الخطاب الذي وله ووثق به(‪ .)7‬وصف‬
‫بال سخاء والكرم(‪،)8‬ون سب إل يه الثقا فة والشعر(‪ .)9‬نجح كنائب قائد‪ ،‬أو قائد تشك يل‬
‫ضمهن جيهش‪ ،‬ولم ينجهح كقائد مسهتقل؛ لكنهه بعهد فتوحات العراق والشام‪ ،‬وبعهد‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/580 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ ،‬فتوح الشام‪ ،1/13 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.68 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫() أ بو يو سف‪ -‬الخراج‪ ،23 :‬ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،2/604 ،‬ومابعد ها‪ ،‬ا بن الث ير‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكامل في التاريخ‪.2/65 :‬‬


‫() ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،2/593 :‬ا بن ع بد البر‪ -‬الت سعاب في معر فة ال صحاب‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.3/235‬‬
‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،179 :‬ا بن ع بد البر‪ -‬ال ستيعاب في معر فة ال صحاب‪.3/1243 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابن شداد‪ -‬العلق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة‪.3/1/281 :‬‬


‫()‬
‫ابن شداد‪ -‬العلق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة‪.3/2/536:‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ابن سعد ‪ -‬الطبقات‪.7/398 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪269‬‬
‫الخبرة والتجربة اللتين مر بهما نجح في المهام التي كلف بها‪ ،‬وانقلب من بطل‬
‫دفاعي إلى مقاتل هجومي‪.‬‬

‫‪ - 3‬عدي بن حاتم‬
‫بن عبد الله الطائي ‪.68/687‬‬
‫هو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بجوده المثل‪ ،‬كان عدي وجيها في قومه‬
‫ب ني ط يء في الجاهل ية وال سلم(‪ ،)1‬وكان ن صرانيا فأ سلم(‪،)2‬و فد على الر سول‬
‫صلى ال عليه وسلم سنة ‪ 7‬هه‪ ،‬وهو كأبيه رجل كرم وشجاعة‪ ،‬نشأ مترفعا عن‬
‫الرذائل‪ ،‬متقربا من الفضائل‪ ،‬شاعرا ومما قاله‪:‬‬

‫وق ّل اللحنم منن بعند النقاء(‪.)3‬‬ ‫فإني قد كبرت ودق عظمي‬

‫وهو من الصحابة‪ ،‬ومن رواة الحديث‪ :‬روى عنه المحدثون في ستة وستين‬
‫حديثا (‪ )4‬و هو من الذ ين كان يو سع ل هم ال نبي صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬ويكر مه‪،‬‬
‫ويجل سه بجان به إذا د خل عل يه(‪ ،)5‬و قد أ خبر من ق بل ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم بهذا الفتح الكبير‪ ،‬وأنه سيكون له شأن في فتح الحيرة‪ ،‬وفي الستيلء على‬
‫غنائم وكنوز كسرى(‪ )6‬فكانت له بشرى سبقته‪ ،‬ورفعت من معنوياته‪ ،‬وزادت في‬
‫يقينه بالنصر‪.‬‬
‫قدم عدي على أبي بكر‪ ،‬وكان يجمع الصدقات في عهده‪ ،‬وقدم على عمر‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/165 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪.5/51‬‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.3/157 :‬‬ ‫()‬ ‫‪9‬‬

‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.1/1/327 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫جابي زاده‪ -‬حسن الصحابة‪.40-1/38 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫جابي زاده‪ -‬حسن الصحابة‪.1/41 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪ .1/1/327 :‬الزركلي‪ -‬العلم‪.4/220 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،3/1058 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،1/1/328‬البغدادي‪ ،‬خزانة الدب‪ ،1/261 :‬جابي زاده‪ -‬حسن الصحابة‪.1/40 :‬‬


‫() قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪" :‬ياعدي هل رأ يت الحيرة؟ قلت‪ :‬لم أر ها‪ ...‬قال‪ :‬ولئن‬ ‫‪6‬‬

‫طالت بك حياة لتفت حن كنوز ك سرى‪ .‬قلت‪ :‬ك سرى بن هر مز‪ .‬قال‪ :‬ن عم"‪ .‬ان ظر الحد يث مطولً‬
‫في صحيح البخاري‪ -‬باب المناقب‪ ،25 :‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.3/419 :‬‬

‫‪270‬‬
‫بن الخطاب‪ ،‬فقال له‪" :‬إن أول صدقة بي ضت و جه ر سول ال ووجوه أ صحابه‬
‫صدقة ط يء ال تي جئت ب ها إلى ر سول ال‪.)1("...‬وقال ع مر أيضا‪" :‬أ سلم َ‬
‫ت إذ‬
‫ت إذ أنكروا"(‪.)2‬‬
‫ت إذ أدبروا ووفيتَ إذ غدروا وعرف َ‬
‫كفروا وأقبل َ‬
‫هو ر جل طو يل القا مة‪ ،‬كبير الج ثة‪ ،‬إذا ر كب الفرس كادت رجله ت صل‬
‫إلى الرض(‪.)3‬‬
‫كان قائد أحد الجناحين في معركة المذار‪ ،‬وقد تصدى للمبارزة لقائد الجناح‬
‫الفارسهي "قباذ" فقتله(‪ .)4‬وكان له دور كهبير فهي فتوح العراق(‪ ،)5‬إذ انطلق مهن‬
‫اليمامة و هو قائد تشك يل من ج يش خالد في العراق‪ ،‬متحركا ق بل يوم من زميله‬
‫عاصم بن عمرو‪ ،‬وبعد المثنى بيومين‪ ،‬وتواعدوا جميعا على اللتقاء ببلدة الحفير‬
‫لملقاة الجيش الفارسي(‪.)6‬‬
‫لقد اشترك عدي من قبل فتوح العراق في حروب الردة‪ ،‬وكان له دور كبير‬
‫في م نع قو مه من النتكاس والوقوع في الردة‪ ،‬ك ما و قع غير هم‪ ،‬وث بت على‬
‫السلم فثبتوا جميعا(‪ ،)7‬وقاتل مع بني قومه‪ ،‬وشهد معركة اليمامة‪.‬‬
‫شهد معركة القادسية‪ ،‬وأبلى فيها بلءً حسنا‪ ،‬وكلف مع مجموعة من القادة‬
‫للتفاوض مع رستم(‪ ،)8‬وقد نجح بهذه المهمة‪ ،‬فكان دفاعه بالسيف والقلم‪.‬‬
‫لقد دلت حروبه في الردة‪ ،‬وفي العراق مع خالد‪ ،‬وفي معاركه اللحقة فيما‬
‫بعد كالجمل وصفين والنهروان أنّه يمتاز بالروية والمكوث‪ ،‬فهو قبل أن يصدر‬
‫قرار يم حص ويج مع المعلومات‪ ،‬ويتروى‪ ،‬ح تى إذا ن ضج كل ش يء في ذه نه‬

‫() مسهلم‪ -‬باب فضائل الصهحابة‪ ،196 :‬ابهن حنبهل‪ -‬المسهند‪ ،1/45 :‬ناصهف‪ -‬التاج الجامهع‬ ‫‪1‬‬

‫للصول‪.3/419 :‬‬
‫البخاري‪ -‬باب المغازي‪ ،76 :‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.3/419 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫()‪ .‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.1/1/327 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ‪ .‬ال طبري‪ -‬تار يخ المهم والملوك‪ ،2/557 :‬ا بن الث ير‪ -‬الكا مل في التار يخ‪ ،2/386 :‬ا بن‬ ‫‪4‬‬

‫كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/345 :‬‬


‫() ‪ .‬المرصفي‪ -‬رغبة المل من كتاب الكامل‪.6/135 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ‪ .‬الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.555 ،2/554 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() ‪ .‬ابهن عبهد البر‪ -‬السهتيعاب فهي معرفهة الصهحاب‪ ،3/1057 :‬النووي‪ -‬تهذيهب السهماء‬ ‫‪7‬‬

‫واللغات‪.1/1/327 :‬‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/33 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪271‬‬
‫أصدر قراره‪ ،‬فكان على المستوى الفردي مدربا يحسن المبارزة والقتال الفردي‪،‬‬
‫سرعان ما قتل خصمه في معركة المذار أثناء المبارزة(‪ .)1‬هوفارس يجيد ركوب‬
‫الخيل‪ ،‬يتقن لعب الخيل والتدريب عليها‪ ،‬ففي قيادته لحد الجناحين في معركة‬
‫المذار كان خف يف الحركة‪ ،‬يتنقل في ساحة الميدان من مكان إلى آ خر بسرعة‪،‬‬
‫عالما بفنون القتال والضرب والسهيف والطعهن بالرمهح وفهي قيادتهه كان حازما‬
‫مرنا ضاغطا على العداء ب صورة م ستمرة‪ ،‬ليترا جع ول يتخاذل‪ ،‬و قد و صل‬
‫آنئذٍ بجنا حه إلى مؤخرة العدو الفار سي‪ ،‬ول حق العدو مع زميله وانت صر(‪.)2‬وكان‬
‫يتصف بمقومات القيادة التي منها الشخصية العسكرية‪ ،‬وقوة الخطابة والفصاحة‪،‬‬
‫والسهيطرة على مرؤوسهيه‪ ،‬وفرض النضباط الطوعهي‪ ،‬والمحبهة الصهادقة بيهن‬
‫الرئ يس والمرؤوس‪ ،‬وكان من العقائدي ين المخل صين‪ ،‬و من المؤمن ين ال صادقين‪،‬‬
‫ومن الوفياء الذين عاهدوا ال ورسوله‪ ،‬ووفوا إلى أبي بكر‪ ،‬وكان كما شهد به‬
‫عمهر بهن الخطاب وفيا معترفا(‪.)3‬وقهد ثبهت مهن أمانتهه أنهه صهحب الغنائم بعهد‬
‫النجاحات فهي العراق‪ ،‬إذ أرسهله خالد بهن الوليهد ليوصهل الموال والعتاد إلى‬
‫المدينة ليسلمه للقائد العلى أبي بكر الصديق(‪.)4‬‬

‫‪ -‬مذعور بن عدي العجلي‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫من بني عجل‪ ،‬وكان منهم النصارى‪ ،‬ومنهم المسلمون‪ ،‬وكان مذعور شديدا‬
‫على ب ني قو مه من الن صارى في ف تح العراق(‪.)5‬ك تب أ بو ب كر أثناء ف تح العراق‬
‫إلى مذعور أن يلتحق بجيش خالد‪ ،‬وأن يلتقي به بالحفير‪ ،‬وكان تحت إمرته ألفان‬
‫من المقاتلين(‪.)6‬وكان فارسا يجيد ركوب الخيل‪ ،‬وقد درب تدريبا متواصلً‪ ،‬وهو‬
‫مشهور بالغارة على عدوه في ال صباح‪ ...‬وكان الرجل من بني قومه من بني‬
‫ع جل ي عد بمائة فارس‪ ،‬وكان مذعور عليما بالرض ومداخل ها ومخارج ها‪ ،‬وله‬
‫خهبرة بالسهتطلع ومعرفهة الطرق والمحاور والبلدان ومناطهق العراق ومياههه‬
‫ووديانهه أي أنّه كان على علم تام بمسهرح العمليات وبمها يحتويهه هذا المسهرح‪.‬‬

‫ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/386 :‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/345 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/557 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪ ،1/1/329 :‬البغدادي‪ -‬خزانة الدب‪.1/262 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.1/1/328 :‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/388 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،63 :‬الطبري‪ -‬تاريخ المم والملّوك‪.2/554 :‬‬ ‫()‬ ‫‪6‬‬

‫‪272‬‬
‫ولقد و صف نفسه وقومه بالكتاب الذي أرسله إلى أبي بكر الصديق‪ ،‬فقال‪" :‬أما‬
‫ب عد؛ فإ ني امرؤ من ب ني ع جل‪ ،‬أحلس الخ يل (أي يلزمون ظهور ها) وفر سان‬
‫الصباح (أي يغيرون صباحا)‪ ،‬ومعي رجال من عشيرتي‪ ،‬الرجل منهم خير من‬
‫مائة رجهل‪ ،‬ولي علم بالبلد‪ ،‬وجرأة على الحرب‪ ،‬وبصهر بالرض‪ ،‬فولنهي أمهر‬
‫السواد أكفكه إن شاء ال‪ ،‬والسلم عليك‪.)1(".‬‬

‫‪ -‬حرملة بن مريطة التميمي‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫من بني العدوية من بني حنظلة من بني تميم(‪ .)2‬كان له هجرة وصحبة مع‬
‫الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬و هو من قادة العراق الذين انضموا إلى خالد بن‬
‫الول يد أثناء تحر كه من اليمامة إلى العراق‪ ،‬ب عد تلق يه ال مر‪ ،‬و قد ك تب أبو بكر‬
‫إلى حرملة أن يلت حق بقوات الج يش العر بي بقيادة خالد‪ ،‬فان ضم إل يه وم عه ألفان‬
‫من المقاتلين من ب ني تم يم(‪ .)3‬ثم أ تم فتوح العراق‪ ،‬وش هد تلك المعارك جميع ها‪.‬‬
‫و في سنة ‪ ،17/638‬كلف بف تح مي سان‪ ،‬فأتا ها فت صالح مع ب ني ع مه الذ ين كانوا‬
‫ينزلون في حدود أرض ميسان(‪.)4‬‬
‫يظ هر من معار كه ال تي خاض ها أ نه على علم بالرض ومحاور ها‪ ،‬وعلى‬
‫حنكة إدارية إذ استطاع أن يضم إليه العرب من بني قومه دون حرب‪ ،‬كما كان‬
‫على علقة طيبة بزميله سُلمى بن سلمى القين اللذين استطاعا التأثير على كثير‬
‫من رجالت العرب في العراق‪ ،‬وقد شكل تعزيزا للقوات العربية المتحركة من‬
‫اليمامة ومن المدينة‪.‬‬

‫سلمى بن سلمى‬ ‫‪ُ -6‬‬


‫قيْن التميمي‪:‬‬
‫بن ال َ‬
‫مهن بنهي العدويهة مهن بنهي حنظلة مهن بنهي تميهم‪ ،‬له صهحبة‪ ،‬وههو مهن‬
‫المهاجر ين الذ ين هاجروا إلى الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬و هو عرا قي قا تل‬
‫أهل فارس من قبل‪ ،‬واشترك مع ج يش خالد بن الوليد في ف تح العراق‪ ،‬وان ضم‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.62:‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.3/171 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554:‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.3/171:‬‬ ‫()‬ ‫‪4‬‬

‫‪273‬‬
‫إليه في ألفين من المقاتلين من بني تميم ومن الرّباب(‪ .)1‬وقد كلف مع حرملة من‬
‫قبل عتبة بن غزوان أن يأتي ميسان‪ ،‬فتقدما إليها‪ ،‬وتصالحا مع بني عمهما(‪.)2‬‬
‫ومها ينطبهق على حرملة ينطبهق على سهلمى‪ ،‬فهوصهاحب له‪ ،‬وظروفهمها‬
‫متشابهة وأسلوبهما يكاد يكون واحدا في القتال‪.‬‬

‫‪ -‬القعقاع بن عمرو ‪.40/660‬‬ ‫‪7‬‬

‫من بني تميم‪ .‬لم يعرف إل في خلفة أبي بكر الصديق الذي عهد إليه بقيادة‬
‫تشكيل وكلفه بمحاربة بني كلب وعلى رأسهم علقمة بن علثة‪ ،‬فسار إليه فقاتله‪،‬‬
‫وفر علقمة تاركا وراءه أهله وماله‪ ،‬ثم رجع القعقاع إلى المدينة‪.‬‬
‫أر سله القائد العلى مددا إلى خالد بن الول يد في الجب هة العراق ية(‪ ،)3‬فد خل‬
‫معركهة "كاظمهة" وأنقهذ خالدا عندمها نزل إلى المبارزة مهع هرمهز قائد الفرس‪،‬‬
‫وغدر هرمز خالدا ومكر به‪ ،‬وفي الوقت الذي كان سينفذ به هرمز مكره‪ ،‬ويكاد‬
‫ينقهض على خالد‪ ،‬وإذا بالقعقاع يصهل لتوه‪ ،‬فدخهل المعركهة لفوره‪ ،‬ومنهع قائد‬
‫الفرس من تنفيذ مؤامرته‪ ،‬وأنقذ خالدا في اللحظة الحرجة‪ ،‬وفي الوقت المناسب‬
‫حيث هاجم المجموعة التي كانت تكمن لقتل خالد فهاجمها وفرق جمعها (‪ .)4‬وقد‬
‫كلف هذا القائد من ق بل القائد العام خالد بن الول يد بمهمات قتال ية عديدة‪ ،‬فنفذ ها‬
‫جميعا بنجاح‪ ،‬واستُخلف على الحيرة‪ ،‬وعندما ت ّم فتحها‪ ،‬فدافع عنها وصمد أمام‬
‫هجمات الفرس‪ ،‬وقتل الكثير منهم‪ ،‬كما قتل قائدهم(‪ ،)5‬كما اشترك فيما بعد وفي‬
‫زمن عمر بن الخطاب في فتح الشام‪ ،‬والقادسية‪ ،‬والمدائن وفي معركتي "جلولء"‬
‫و"نهاونهد"(‪ )6‬توجهه مهع خالد إلى الجبههة الشاميهة‪ ،‬فكان الفدائي‪ ،‬وكان قائد‬
‫كردوس(‪ ،)7‬ف قد تقدم قوا ته‪ ،‬وقا تل الروم عن ث قة وت صميم‪ ،‬وش هد على المعاهدة‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/554:‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/171 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.5/245 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ :‬تاريخ المم والملوك‪ ،556 ،2/551 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/148 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.580 ،2/574 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،3/1284 :‬ابن الثير‪ :‬أسد الغابة في معرفة‬ ‫‪6‬‬

‫الصحابة‪ ،4/702 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.5/245 :‬‬


‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ -2/592 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/158 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪274‬‬
‫التهي عقدهها خالد مهع زعماء الفرس(‪ ،)1‬وتولى قيادة أحهد الجنحهة فهي حروب‬
‫العراق‪ ،‬وقاد تشكيلً فتح به الحصيد(‪.)2‬‬
‫من هذه المعارك تبين أن القعقاع ب طل لم يهزم في معر كة‪ ،‬ولم يق صر في‬
‫مهمة‪ ،‬ولم يتوان في واجب‪ ،‬فهو القائد الشجاع(‪ )3‬الذي قال فيه أبو بكر "ل يهزم‬
‫جيهش فيههم مثهل هذا"(‪ .)4‬وقال‪" :‬لصهوت القعقاع خيهر مهن ألف رجهل"(‪ )5‬وههو‬
‫صهاحب المبادأة فهي شده على الكميهن ‪-‬الذي تربهص بخالد‪ -‬فطارده ونال منهه‪،‬‬
‫ودفع الذى عن القائد العام(‪ ،)6‬وهو المتصرف في المور الدارية وإدارة البلد‬
‫المحتلة بشكل يدعو إلى العجاب‪ ،‬وذلك عند قيادته للحيرة(‪ ،)7‬وهو قائد مستقل‪،‬‬
‫يتحسس الم سؤولية ويشعر بها دون مراقبة‪ ،‬بل هي مراقبة الضمير والوجدان‪،‬‬
‫وهو الذي اقترن اسمه باسم خالد إذ كان يثق به ويعتمد عليه في جميع المعارك‪،‬‬
‫هي نفوس جنوده‪،‬‬ ‫هث الحماس ويقوي المعنويات فه‬ ‫هر الذي كان يبه‬‫هو الشاعه‬
‫وهه‬
‫ومرؤوسيه‪ ،‬وقد قال في الحيرة أبياتا منها‪:‬‬

‫وأخرى بأتباج النجاف الكوانننننننننننننف‬ ‫سنننقى ال قتلى بالفرات مقيمنننة‬

‫وبالثنننننننني َق ْرنَينننننننْ قارن بالجوارف‬ ‫فنحننن وطئنننا بالكواظننم هرمزا‬

‫على الحيرة الروحاء إحدى المصنننننننارف‪..‬‬


‫(‪)8‬‬
‫ويوم أحطنننا بالقصننور تتابعننت‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.572 ،2/571 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.580 ،2/579:‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.5/244 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.554 ،2/553 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،4/702 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.5/44‬‬
‫() ابن الثير‪.2/148 -‬‬ ‫‪6‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/574:‬‬ ‫()‬ ‫‪7‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/568 :‬‬ ‫()‬ ‫‪8‬‬

‫‪275‬‬
‫‪ -‬عاصم بن عمرو التميمي ‪.19/640‬‬ ‫‪8‬‬
‫(‪)1‬‬
‫من قادة التشكيلت (الجيوش) والطلئع‪ .‬قاتل مع خالد بن الوليد في الردة‬
‫وكان له دور بارز‪ ،‬وا سم كبير من ب ين القادة الذ ين أ سهموا م ساهمة فعالة في‬
‫حروب الردة‪ ،‬أ ما في الفتوح ف قد اشترك أيضا مع خالد في ف تح العراق‪ ،‬وع هد‬
‫إل يه بقيادة الطلي عة‪ ،‬ون جح ب ها‪ ،‬وبرز كب طل في معر كة "المذار" ال تي كا نت ب ين‬
‫المسلمين والفرس‪ ،‬والتي َقتَل فيها عاصم أحد قادة الفرس‪ ،‬وكان ثالث ثلثة من‬
‫قادة الجيوش الذين انطلقوا من اليمامة بإمرة خالد بن الوليد‪ ،‬واشترك فيما بعد في‬
‫المعارك‪" .‬النبار"‪ ،‬و"ع ين الت مر" و"دو مة الجندل"؛ و في ف تح الشام ساهم عا صم‬
‫أيضا وكا نت رغبته في أن يكون من القادة المرؤوسين لخالد؛ لكن القائد العلى‬
‫أبها بكهر الصهديق رأى أن يترك هذا القائد مهع المثنهى بهن حارثهة الشيبانهي فهي‬
‫العراق‪ ،‬تو جه خالد وترك عا صم ليقوم بدور كبير في حرو به مع المث نى‪ ،‬فد خل‬
‫معركهة "كسهكر" و"نههر جرجور" ومعركهة "الجسهر" التهي اسهتشهد فيهها رجال‬
‫كثيرون‪ ،‬والتهي نفهذ فيهها عاصهم النسهحاب المنظهم‪ ،‬فأنقهذ كثيرا مهن المقاتليهن‪،‬‬
‫ومعر كة "البو يب" ال تي كان في ها قائدا لخ يل الطلي عة‪ ،‬وقام بمطاردة الفرس ح ين‬
‫ولوا الدبار‪.‬‬
‫لقد دلت معاركه المختلفة في حروب الردة وفتح العراق وقتال الفرس على‬
‫أنّه ر جل فارس‪ ،‬خف يف الحر كة‪ ،‬سريع المناورة‪ ،‬يفا جئ عدوه‪ ،‬يقود الطلي عة‪،‬‬
‫يهتم بالستطلع‪ ،‬يجلب المعلومات الدقيقة عن العدو‪ ،‬يفصل في قتاله بين خيالة‬
‫العدو ومشاتهه أي أنّه يعمهل على تجزيهء عدوه‪ ،‬ويحاول أن ينفهذ إلى مؤخرتهه‬
‫بخرق صفوفه الولى‪ ،‬وبهذا ولهذا استطاع أن يصل إلى أحد قادة الفرس ويقتله‪،‬‬
‫لقهد اسهتفاد وتعلم مهن خالد بهن الوليهد مبادئ الحرب بدقهة‪ ،‬ونفهذ التعاون‬
‫وال ستطلع‪ ،‬بش كل يد عو للعجاب والتقد ير‪ .‬حا صر ح صن دو مة الجندل طبقا‬
‫لشروط الح صار مع ق طع المداد‪ ،‬وا ستدراج المدافع ين عن الح صين؛ والبتعاد‬
‫عن مر مى أ سلحتهم‪ ،‬وان سحب من معر كة الج سر ب صورة منظ مة‪ ،‬فكا نت كل‬
‫مجموعة تحمي انسحاب مجموعة أخرى‪ ،‬حتى تسنى له نصب الجسر والعبور‬
‫م نه بعدد من المقاتل ين‪ ،‬وقاد الخ يل في معر كة البو يب‪ ،‬ودلت قياد ته هذه على‬
‫معر فة في ركوب الخ يل وقيادت ها في الميدان‪ ،‬ك ما قام بالمطاردة بعد ذلك مطبقا‬
‫في ذلك شروط المطاردة ال تي من ها التماس المبا شر مع المهزوم ين‪ ،‬ك ما اه تم‬

‫خطاب‪ -‬قادة فتح بلد فارس‪.79 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫‪276‬‬
‫عاصم بالشؤون الدارية في معركة القادسية‪ :‬إذ أرسل بمهمة تموينية‪ ،‬كما ثبتت‬
‫جدار ته في المفاو ضة‪ ،‬و في لبا قة الحد يث‪ ،‬و في الت صرف بالكلم والمقاتلة مع‬
‫قائد الفرس‪ ،‬حتى تيقن الخير أن العرب أعقل الناس وأحسنهم جوابا(‪ ،)1‬كما كان‬
‫يحرص أ شد الحرص على ر فع معنويات جنوده في كل المعارك وبخا صة في‬
‫معركة القادسية(‪.)2‬‬
‫لقهد خاض عاصهم معارك مختلفهة منهها المعارك النهريهة‪ ،‬والحصهون‪،‬‬
‫والمدن‪ ،‬والمعارك البر ية‪ ،‬ومن ها في المقد مة وال ساقة‪ ،‬و في الخ يل‪ ،‬فشهدت له‬
‫كلها بخبرته وحنكته وعزمه وقيادته الحكيمة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬القادة في جبهة ال ّ‬


‫شام‬
‫ركهز القائد العلى على جبههة الشام‪ ،‬وحشهد لهها كهل الطاقات والمكانات‬
‫وعيهن لهها قادة أكفاء‪ ،‬عرفوا بخهبرتهم الحربيهة وقيادتههم للتشكيلت الكهبيرة‪،‬‬
‫وللجيوش المتحر كة‪ ،‬وحرك الجيوش من المدي نة‪ ،‬وقاد بنف سه تلك الجب هة ل يس‬
‫على المستوى التكتيكي بل على المستوى الستراتيجي‪ ،‬وكان من أبرز القادة في‬
‫هذه الجبهة خالد بن الوليد‪ ،‬أبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬يزيد بن أبي سفيان‪ ،‬عكرمة‬
‫بن أبي جهل‪ ،‬شرحبيل بن حسنة‪ ،‬أبو أمامة الباهلي‪ ،‬قادة الجنحة والكراديس في‬
‫معركة اليرموك‪.‬‬

‫‪ -‬عامر بن عبد اللّه بن الجّراح‬ ‫‪1‬‬


‫(أبو عبيدة) ‪.18/639‬‬
‫اشترك أ بو عبيدة مع أ بي ب كر ال صديق في جم يع المعارك والغزوات في‬
‫ع هد الر سول صلى ال عل يه و سلم(‪ .)3‬وكان كل منه ما يعرف ال خر‪ ،‬وكان أ بو‬
‫بكر يثق بأبي عبيدة‪ ،‬ومن شدة وثوقه به أن رشحه للخلفة يوم السقيفة(‪ .)4‬ولما‬
‫تولي أ بو ب كر الخل فة أ سند إل يه من صب قائد جب هة الشام‪ ،‬وكان لهذا المن صب‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.3/19 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/44:‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/6 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/410 :‬ابن حزم ‪ -‬المفاضلة بين الصحابة‪ ،323 :‬الذهبي ‪ -‬سير أعلم‬ ‫‪3‬‬

‫النبلء‪.1/13 :‬‬
‫()‬
‫الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪.1/3،5 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪277‬‬
‫القوي المين(‪ ،)1‬كما سماه رسول ال صلى ال عليه وسلم وسماه الصحابة‪ .‬ولقد‬
‫كان أبو عبيدة ثالث ثلثة في المحبّة والقرب إلى الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫يسبقه في ذلك أبو بكر وعمر(‪.)2‬‬
‫لما أراد أبو بكر أن يضرب الروم‪ ،‬وينسيهم وساوس الشيطان‪ ،‬أرسل إليهم‬
‫خالد بن الوليد‪ ،‬ليكون قائدا للقوات العربية على تلك الجبهة(‪ ،)3‬وتسلم خالد القيادة‬
‫وأبو عبيدة نائبا أو رئيس أركان‪ ،‬ثم عاد وتسلم أبو عبيدة قائدا عاما لهذه الجبهة‬
‫عندما تولى عمر بن الخطاب المارة‪.‬‬
‫فتح بلدا كثيرة في هذه الجبهة‪ ،‬وشهد معارك عديدة منها‪ :‬الصفر‪ ،‬وفحل‪،‬‬
‫ودم شق‪ ،‬والمرج‪ ،‬و صيدا‪ ،‬وبيروت‪ ،‬وح مص‪ ،‬وبعل بك‪ ،‬وحماه‪ ،‬ومعرة النعمان‪،‬‬
‫واللذقيهة‪ ،‬وقنسهرين‪ ،‬وحلب‪ ،‬وأنطاكيهة‪ ،‬ومنبهج‪ ،‬ومرعهش‪ ،‬وبيهت المقدس‪،‬‬
‫وغيرها(‪.)4‬‬
‫ز هد في الدن يا‪ ،‬ور غب عن ها‪ ،‬وأن فق المال‪ ،‬ولم يحت فظ لنف سه غ ير قوت‬
‫يومه ولّ يَ أمر المال في خلفة أبي بكر‪ ،‬فكان حريصا عليه‪ ،‬ينفقه في وجوهه‪،‬‬
‫ويخ شى ال سراف والتبذ ير‪ ،‬حياه ال صحابة والخلفاء على هذه المز ية(‪ .)5‬كر يم‪،‬‬
‫مضياف‪ ،‬مطعم للطعام(‪ ،)6‬أحبه رؤساؤه ومرؤوسوه‪ ،‬وأعطاهم من قلبه وصدق‬
‫محب ته‪ ،‬فبايعوه على حب وب حق يم كن القول‪ :‬إن النضباط الطو عي كان يتم ثل‬
‫في القوات التي يقودها‪ ،‬والجيش الذي يسير أمامه‪ ،‬وكان من أمنيته أن يكون بين‬
‫جنوده غيهر بعيهد عنههم(‪ .)7‬فل يؤثهر نفسهه على أنفسههم‪ ،‬ول يترفهع عنههم‪ ،‬ول‬
‫يستهتر بشؤونهم‪ ،‬فهو يأكل دون أكلهم ويلبس دون لباسهم؛ لكنه يقودهم‪ ،‬ويبذل‬
‫الجههد فوق جهدههم‪ ،‬ويزج نفسهه فهي الخطورة دون أن يعرض أحدا للخطورة‪،‬‬
‫ويحرص على أل يقتل جندي في جيشه‪ ،‬ويرى في النصر المحافظة على أفراد‬

‫() ابهن عبهد البر‪ ،‬السهتيعاب فهي معرفهة الصهحاب‪ ،2/793 :‬الزمخشري‪ -‬خصهائص العشرة‬ ‫‪1‬‬

‫الكرام البررة‪.158 :‬‬


‫()‬
‫الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪ ،1/80 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/12 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.86 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() خطاب‪ -‬قادة فتح الشام ومصر‪.68-60 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫الذهبي ‪ -‬سير أعلم النبلء‪ ،10 ،1/9 :‬ابن حجر‪ ،‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/12 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫الزبيري‪ -‬نسب قريش‪.223 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()‬
‫ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/216 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/12 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪278‬‬
‫الج يش دون دفع هم إلى غمرات الموت وأتون المعر كة‪ ،‬هو الرح يم ب هم‪ ،‬يق بل‬
‫منهم عذرهم‪ ،‬ويعفو عن مسيئهم‪ ،‬ولذلك فهو إذا قاتل فيهم قاتلوا بكل ما عندهم‬
‫وبذلوا كل طاقات هم‪ ،‬و هو المحبوب والذي يتبادل ال حب مع مرؤو سيه(‪ ،)1‬ح مل‬
‫ثقا فة عال ية على الم ستويين الع سكري والمد ني‪ ،‬و قد كل فه ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من قبل بمهمات علمية‪ ،‬منها إلى اليمن(‪ .)2‬سل عمر بن الخطاب حين‬
‫يؤدي شهادته في أبي عبيدة‪ ،‬فيقول‪" :‬لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لستخلفته‬
‫و ما شاورت‪ .‬فإن سئلت ع نه قلت‪ :‬ا ستخلفت أم ين ال وأم ين ر سوله‪ .")3(.‬وكان‬
‫رجلً عقائديا قتل أباه يوم بدر(‪.)4‬‬
‫بجانب رحمته كان شجاعا ل يخشى الموت‪ ،‬ول يقيم له وزنا‪ ،‬ثبت حين ف ّر‬
‫الشجعان من أُحد(‪ ،)5‬واقتحم المصاعب في المعارك التي خاضها قبل خلفة أبي‬
‫بكر وبعدها(‪ .)6‬وهو على جانب كبير من النضباط‪ ،‬وقد ثبت ذلك حين ولي خالد‬
‫قيادة جيوش اليرموك‪ ،‬بعهد أن كان قائدهها‪ ،‬وقهد تلقهى المهر بكهل سهعة ويسهر‪،‬‬
‫وحارب وبذل جهدا‪ ،‬كمها لو كان قائدا عاما(‪ .)7‬ههو صهاحب القرار المدروس إذ‬
‫كان يقلبهه ويحمله الحتمالت المتعددة‪ ،‬حتهى إذا فرغ مهن ذلك أصهدر قراره‪،‬‬
‫وعلى الغلب فإنّهه يكون صهحيحا وصهائبا‪ ،‬ولكهن الحرب ل يصهلحها إلى‬
‫المكيث‪.)8(".‬‬
‫وإذا أردنا أن نقيّم تلك الفترة القصيرة التي قضاها أبو عبيدة بن الجراح في‬
‫خلفهة أبهي بكهر الصهديق‪ ،‬فإنّه قهد تسهلم إدارة المال وكان عضوا فهي المجلس‬
‫العسكري‪ ،‬وقائدا لجبهة الشام فإنه يتبين مايلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬إن أ با عبيدة ر جل مؤت من قد أم نه الناس على أموال هم وأرواح هم‪ ،‬و هو‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/411 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابهن سهعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/413 :‬ابهن قتيبهة‪ -‬المامهة والسهياسة‪ ،1/123 :‬الذههبي‪ -‬سهير أعلم‬ ‫‪3‬‬

‫النبلء‪.1/6 :‬‬
‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.159 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/410 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/11 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/411 :‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/632 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪279‬‬
‫"أمين هذه المة"(‪ )1‬كما سماه الرسول صلى ال عليه وسلم والصحابة‪ ،‬فل‬
‫عجب إذا أن يستلم الشؤون المالية ليكون عليها أمينا صادقا وفيا‪ .‬فهو الذي‬
‫نظمهها وأخرجهها بحقهها‪ ،‬وحدد وجوه صهرفها دون إفراط أو تفريهط‪ ،‬فبدأ‬
‫بالخليفة فحدد له راتبا يكفيه‪.‬‬
‫‪ - 2‬أقر مبدأ "التفرغ" في جميع العمال المدنية والعسكرية‪ .‬وكان من رأيه أن‬
‫يتفرغ العسكريون من مختلف الرتب للقتال‪ ،‬فل تشغلهم مهنة‪ ،‬أو تحيد بهم‬
‫وظيفهة‪ .‬فالعسهكري مقاتهل ينبغهي أن يتعلم فنون وضروب التدريهب على‬
‫ال سلحة المختل فة‪ :‬ول أدل على ذلك من طل به من القائد العلى أن يتفرغ‬
‫لعمله الداري والعسكري‪ ،‬وأن يترك التجارة وسوا ها من العمال(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬تحلى أبو عبيدة بصفات جسدية أهلته لن يكون قويا‪ .‬يتحمل مشقة السفر‪،‬‬
‫وضغوط الحرب وأهوال ها‪ ،‬ف هو طو يل القا مة‪ ،‬صبيح الو جه‪ ،‬قوي البن ية‪،‬‬
‫خفيف اللحية(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬بجانهب القوة الجسهدية‪ ،‬هناك قوة العقيدة والمعنويات‪ .‬فقهد قتهل أباه فهي‬
‫معركة بدر غير مبال(‪ ،)4‬وقاتل في كل المعارك بكل إيمان وتسليم(‪ ،)5‬وهو‬
‫من العشرة المبشر ين بالج نة(‪ ،)6‬و من العشرة ال سابقين في ال سلم(‪ ،)7‬و هو‬
‫الذي لم يفر من الطاعون(‪ )8‬لقوة عقيدته وإيمانه ورسوخ مبادئه‪.‬‬
‫‪ - 5‬كان أ بو عبيدة هو القائد العام للج يش أين ما و جد ومه ما تعددت القيادات‬
‫والقادة‪ ،‬وقهد أوله أبهو بكهر وأمّره القيادة فقال‪" :‬إذا اجتمعتهم على قتال‬

‫() ا بن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/412 :‬ا بن الث ير‪ -‬أ سد الغا بة في معر فة ال صحابة‪ ،3/85 :‬الذ هبي‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫سير أعلم النبلء‪ ،1/3 :‬ابن حجر‪ ،‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬
‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/184 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابهن سهعد‪ -‬الطبقات‪ ،3/414 :‬الذههبي‪ -‬سهير أعلم النبلء‪ ،1/4 :‬الزمخشري‪ -‬خصهائص‬ ‫‪3‬‬

‫العشرة الكرام البررة‪ ،157 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/12 :‬‬
‫() ا بن الث ير‪ -‬أ سد الغا بة في معر فة ال صحابة‪ ،3/85 :‬الذ هبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪ ،1/4 :‬ا بن‬ ‫‪4‬‬

‫حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬


‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/410 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫()‬
‫الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.157 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫()‬
‫الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪ ،1/3 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/11 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.7/385 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪280‬‬
‫فأميركهم أبهو عهبيدة"(‪.)1‬وهذه إشارة صهريحة على قيادتهه العامهة للجيوش‬
‫العربية‪ .‬حتى إذا أزفت معركة اليرموك اجتمع أبو عبيدة وخالد بن الوليد‬
‫على صهعيد واحهد‪ ،‬إذ ل يزال أبهو عهبيدة ههو القائد العام؛ لكهن أبها عهبيدة‬
‫تنازل عن هذا الحق لخالد بن الوليد لثقته فيه‪ ،‬ولتحقيق رغباته في القيادة؛‬
‫فأ بو عبيدة تطاوع مع خالد ك ما تطاوع من ق بل مع عمرو بن العاص في‬
‫غزوة ذات السلسل فقال له‪" :‬وإن عصيتني أطعتك‪ .)2(".‬فخاف أبو عبيدة‪-‬‬
‫إن تمسك بالقيادة‪ -‬أن تختل من جانب آخر‪ ،‬فآثر أن يكون خالد بن الوليد‬
‫هو القائد العام في هذه المعركة تفويضا شخصيا منه(‪)3‬؛ إنما هو القائد العام‬
‫بأ مر من القائد العلى ع مر بن الخطاب وارت ضى لنف سه أن يكون بمرت بة‬
‫نائب القائد العام‪ ،‬وأن يتولى الناح ية الح ساسة في الج يش والكتلة الرئي سية‬
‫وهو القلب(‪.)4‬‬
‫‪ - 6‬إن ما أظهره أبو عبيدة من النضباط في جميع المعارك وبخاصة في‬
‫معركهة اليرموك يدل على صهدق التزامهه بالهدف‪ ،‬وحبهه للتعاون‪ ،‬ونقاء‬
‫سريرته‪ ،‬وحرصه الكبير على نجاح هذه المعركة وكل المعارك‪.‬‬
‫‪ - 7‬إن الشجاعهة التهي أبداهها‪ ،‬والثبات الذي كان كالرواسهي‪ ،‬وبخاصهة فهي‬
‫معركة اليرموك فاقا كل وصف‪ ،‬إذ ثبت أمام هجمات الروم المتتالية‪ ،‬ولما‬
‫استطاع الروم خرق المجنبة‪ ،‬قام أبو عبيدة بدور كبير في سد هذا الخرق‬
‫ب سرعة‪ ،‬بف ضل تحر كه ومناور ته ال سريعة مع الجن حة ال تي كا نت تقوم‬
‫بعمليات الهجمات المعاك سة‪ ،‬ك ما ا ستطاع أ بو عبيدة في اليوم ال سادس أن‬
‫يت صدى للتحدي الذي فر ضه قائد الج يش الرو مي على أ بي عبيدة بالنزول‬
‫للمبارزة‪ ،‬فخرج إليه‪ ،‬ومالبث أن قضى علىخصمه بضربة قاضية(‪ )5‬قوت‬
‫من معنويات الج يش العر بي الذي قام بهجوم عام ب عد مق تل جر جس أ حد‬
‫قادة الجيش الرومي‪ ،‬وبهذا الهجوم طوقت قوات الروم‪ ،‬وأصبحت بين فكي‬
‫كماشهة‪ ،‬ودبهت الفوضهى بيهن الصهفوف‪ ،‬وفصهلت السهلحة عهن بعضهها‪،‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬ابهن واضهح‪ -‬تاريهخ اليعقوبهي‪ ،2/112 :‬الدواداري‪ -‬الدرّ‬ ‫‪1‬‬

‫الثمين ‪3/166 :‬‬


‫()‬
‫الذهبي‪ -‬سير أعلم النبلء‪ ،1/5 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.4/12 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.151 :‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/384 :‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪.252 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/139 :‬أكرم ‪ -‬سيف ال‪.491 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪281‬‬
‫وفسح المجال للجنحة أن تتحرك وتنقذ الموقف‪ ،‬وتقرب النصر(‪.)1‬‬
‫‪ - 8‬ما رأي تُ قائدا مثل أبي عبيدة في تطبيقه لمبدأ التعاون الذي يعتبر قانونا‬
‫حربيا مهما‪ ،‬ولشد ماكان إعجابي عندما تعاون مع شرحبيل بن حسنة من‬
‫اليمين‪ ،‬ومع يزيد بن أبي سفيان من اليسار‪ ،‬ومع عمرو بن العاص الذي‬
‫كان يقود الخيالة من الجهة اليمينية‪ ،‬ومع قائد المشاة هاشم بن عتبة‪ ،‬ومع‬
‫خالد بن الول يد قائد الخيالة‪ ...‬فكأ ني بأ بي عبيدة القائد الذي ن ظم التعاون‪،‬‬
‫وأف سح المجال ل كل ال صنوف بأن تتحرك في الو قت المنا سب‪ ،‬وأن يو حي‬
‫إلي ها‪ ،‬بالع مل الذي يراه ضروريا‪ ،‬إنّه صمد وترك الجن حة تتحرك وإ نه‬
‫ثبت وترك الخيالة تتحرك وتلتف من اليمين‪ ،‬إنّه تعاون رائع ضرب به أبو‬
‫عبيدة المثل العلى والقدوة الحسنة‪.‬‬
‫‪ - 9‬إن أبا عبيدة من ظم من الطراز الول‪ ،‬وقادر على تعبئة الجيوش الكبيرة‬
‫وقيادتها ففي معركة اليرموك‪ ،‬استطاع في برهة وجيزة أن ينظم صفوف‬
‫القوات المقاتلة‪ ،‬وأن يعلن ال ستعداد الكا مل والجاهز ية الكاملة عندما أ حس‬
‫أن الروم أوشكوا على القتراب لمهاجمهة الجيهش العربهي‪ ،‬إذ انطلق خالد‬
‫بمجموعة من الخيالة يترصد ويستطلع‪ ،‬وبقي هو في الجيش ينظمه ويهيئه‬
‫للقتال المرتقب(‪.)2‬‬
‫‪ - 10‬ل قد دلت فتوحا ته ب عد اليرموك على أنّه قائد ا ستراتيجي ا ستخدم مبدأ‬
‫تجزيهء القوات المعاديهة‪ ،‬كمها طبهق مبدأ الحشهد على التجاهات الهامهة‬
‫ليحقق التفوق‪ ،‬وكان له طريقة في القتال خاصة حيث كان يستطلع القوات‬
‫المعاد ية‪ ،‬ثم يقوم بقوى الكتلة الرئي سة من الج يش بمهاج مة العدو‪ .‬حقا إ نه‬
‫القائد القوي الذي استحق بجدارة لقب أمين المة‪.‬‬

‫‪ -‬يزيد بن أبي سفيان ‪.18/639‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرشي‪ ،‬أموي‪ .‬كان له شرف الشتراك في الفتوحات‪ ،‬إذ أسند إليه أبو بكر‬
‫قيادة تشكيل كبير (جيش) وأمره بالتوجه إلى الشام(‪ ،)3‬كما سماه نائب القائد العام‬
‫بعد أبي عبيدة في حال تشكيل جبهة قتالية مؤلفة من مجموعة جيوش فقال أبو‬
‫()‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/139،141 :‬ابن عساكر‪ -‬تاريخ مدينة دمشق‪.1/544 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/133 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،7/406 :‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪.4/1575 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪282‬‬
‫بكر‪":‬إن اجتمعتم في كيد فيزيد على الناس‪ ،‬وإن تفرقتم فمن كانت الوقعة مما يلي‬
‫عسكره فهو على أصحابه"(‪.)1‬‬
‫تحرّك يزيد بجيشه طبقا لقواعد التحرك(‪ ،)2‬فسلك الطريق(‪ ،)3‬وأجاد التحرك‬
‫مطبقا تأمين التحرك‪ ،‬إذ الحراسات الجانبية والمامية والخلفية متوفرة‪،‬وأرسل أبا‬
‫أما مة الباهلي في طلي عة(‪ ،)4‬وكان حذرا في كل خطوة يخطو ها‪ ،‬و في كل تقدم‬
‫يتقدمه‪.‬‬
‫كان يز يد على الجناح الي ساري في معر كة اليرموك الذي ث بت أمام ض غط‬
‫ل مستميتا‪ ،‬وقد تميز بخفة الحركة‪ ،‬والمناورة السريعة في أرض‬ ‫الروم‪ ،‬وقاتل قتا ً‬
‫الميدان‪ .‬وكان مستعدا لتنفيذ اللتفاف بكتيبة الخيالة التي كانت تحت تصرفه فيما‬
‫ل فقد استطاع أن ينفذ هذه المهمة بجدارة‪ ،‬كما‬
‫لو نجحت الهجمات المعاكسة‪ ،‬وفع ً‬
‫استطاع تثبيت القلب عند خرقه‪ ،‬وكان له دور كبير بسد هذا الخرق بالتعاون مع‬
‫أبي عبيدة بن الجراح‪.‬‬
‫ل قد شارك في الفتوحات ب عد موت أ بي ب كر و في ز من ع مر بن الخطاب‪.‬‬
‫ومات بالطاعون كما مات أبو عبيدة وبنفس السنة(‪ .)5‬لم يلحظ عليه أنه اشترك‬
‫ل أنّهه كان له الدور البارز فهي فتوح الشام‬
‫اشتراكا قياديا فهي حروب الردة‪ ،‬إ ّ‬
‫(‪)6‬‬
‫وبصرى وصيدا وبيروت وعرقه وغيرها ‪.‬‬
‫ثبهت نجاح هذا القائد فهي التحرك على طريهق تبوك‪ ،‬وفهي السهتطلع‬
‫والتعرض عندما أرسل طليعة لقتال الروم في عربة(‪ ،)7‬وفي الثبات عندما صمد‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.7/406 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الواقدي‪ -‬المغازي‪ ،2/642 ،1/220 :‬ابن هشام‪ -‬السيرة النبوية‪ ،3/323 ،2/357 :‬الحموي‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫معجم البلدان‪.380 ،3/214 :‬‬


‫()‬
‫البلذري‪ :‬فتوح البلدان‪ ،116 :‬الطبري‪ :‬تاريخ المم والملوك‪.2/589 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.151 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ 7/406 ::‬ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،4/1576 :‬ابن‬ ‫‪5‬‬

‫حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6/341 :‬‬


‫() خطاب‪ -‬قادة فتح الشام ومصر‪.106 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،151 :‬ا بن الث ير‪ -‬الكا مل في التار يخ‪ ،2/405 :‬ا بن كث ير‪ -‬البدا ية‬ ‫‪7‬‬

‫والنهاية‪.7/4 :‬‬

‫‪283‬‬
‫أمام العدو المتفوق(‪ ،)1‬و في التعاون مع القادة الخر ين أثناء المعر كة‪ ،‬و في القيام‬
‫بالهجمات المعاكسة‪ ،‬وفي اللتفاف والتطويق‪ ،‬وأخيرا بالمطاردة‪ ،‬كما نجح أيضا‬
‫في ما ب عد في الدفاع عن المدن م ثل مدي نة دم شق‪ ،‬إذ صد ج يش الروم الذي كان‬
‫ينوي استعادتها(‪ )2‬بالتعاون مع خالد بن الوليد‪.‬‬

‫‪ - 3‬صدي بن عجلن‬
‫(أبو أمامة الباهلي)‪.86/705 :‬‬
‫لم يكن أبو أمامة على مستوى القادة الكبار‪ ،‬وإنما كان أنموذجا للقادة الذين‬
‫كلفوا بمهمات خاصة في فتوح الشام‪.‬‬
‫كان قائد تشكيل (قطعة) في جيش يزيد بن أبي سفيان الذي أمره أبو بكر أن‬
‫يتوجهه إلى الشام‪ .‬وفهي الطريهق‪ -‬ندب يزيهد أبها أمامهة لقتال الروم الذيهن كانوا‬
‫يتحشدون في "عر بة"(‪.)3‬فتقرب هذا القائد من هذه المنط قة مطبقا شروط التقرب‪،‬‬
‫وأر سل الدوريات‪ ،‬وقام بال ستطلع‪ ،‬ح تى و صل إلي هم فاجأ هم بهجوم مبا غت‪،‬‬
‫فقتل منهم من قتل‪ ،‬وفر الباقون‪ ،‬فتبعهم وطاردهم وتغلب عليهم‪ ،‬ثم عاد فالتحق‬
‫بالجيش اليزيدي‪ ،‬وتابعوا المسير إلى حيث أمرهم القائد العلى‪.‬‬
‫يعتهبر الباهلي مهن قادة الوحدات الصهغرى التهي طبقهت شروط القتال‬
‫والتقرب‪ ،‬والمفاجأة‪ ،‬والمطاردة‪.‬‬
‫لقد كان انضباطيا‪ ،‬إذ استجاب بسرعة إلى أوامر قائده يزيد‪ ،‬وكان محافظا‬
‫على الهدف‪ ،‬صهادقا فهي أقواله وأفعاله‪ ،‬يقود بعقله‪ ،‬ويقاتهل بسهيفه‪ ،‬ويؤمهن‬
‫بعقيدته(‪.)4‬‬

‫‪ -‬قادة الجنحة والكراديس‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫تشكهل أثناء المعركهة تشكيلة حماسهية‪ ،‬وكان قادة الجنحهة على اليميهن‬
‫والشمال؛ فإ ما أن يُش كل للميم نة جناحان أو جناح ل كل من هم قائد‪ .‬وأك ثر ماكا نت‬
‫()‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/128 :‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.223 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪.2/190 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،151 :‬الحموي‪ -‬معجم البلدان‪.4/96 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/241 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪284‬‬
‫هذه الجنحهة واضحهة فهي معركهة اليرموك(‪ ،)1‬وأههم هؤلء القادةعمرو ابهن‬
‫العاص‪ ،‬يزيد بن أبي سفيان‪ ،‬قباث بن أشيم وغيرهم‪ ،‬وأما قادة الكراديس فكانوا‬
‫ستة وثلثين(‪ ،)2‬منهم مذعور بن عدي‪ ،‬عياض بن غنم‪ ،‬هاشم بن عتبة‪ ،‬الزبير‬
‫بن العوام‪ ،‬وغيرهم‪ ...‬ولطالما أن معركة اليرموك حدثت بعد وفاة أبي بكر‪ ،‬فإننا‬
‫فقط نجتزئ منها نماذج من القادة‪ ،‬ونترك التفاصيل إلى الباحثين في ريادة عمر‬
‫ابن الخطاب‪ ،‬لن موضوع بحثنا يقتصر فقط على فترة أبي بكر الصديق‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الزبير بن العوام بن خويلد القرشي‬


‫السدي ‪.36/656‬‬
‫له مكانة عالية‪ ،‬بينه وبين الرسول صلى ال عليه وسلم قرابة(‪ ،)3‬وهو من‬
‫عائلة في ها الشجا عة والقدام(‪ ،)4‬و من ال سابقين في ال سلم(‪ ،)5‬و من الذ ين شهروا‬
‫سيوفهم أمام الباطل(‪ ،)6‬وقد اختص بالستطلع والستخبارات‪ ،‬وقاتل في جميع‬
‫الغزوات‪ ،‬وكان سهندا للرسهول صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬قويا‪ ،‬مهاجما فهي جميهع‬
‫حروبه(‪.)7‬‬
‫أسلم بعد أبي بكر الصديق‪ ،‬وقاتل كما قاتل‪ ،‬وحضر جميع المعارك السابقة‬
‫برفقة أبي كبر‪ ،‬ولما استلم الخلفة كلف الزبير بقيادة أحد التشكيلت‪ ،‬وكان قائدا‬
‫لحد الكراديس في معركة اليرموك‪.‬‬
‫لقهد تهبين مهن خلل المعارك السهابقة واللحقهة لخلفهة أبهي بكهر شجاعتهه‬
‫وجرأتهه‪ )8(،‬فكان ل يخاف مهن العدو أبدا‪ ،‬فيهاجمهه بأشهد ماعنده‪ ،‬وكان له قوة‬

‫الزدي‪ -‬فتوح الشام‪.218-217-189 :‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/593 :‬‬ ‫()‬ ‫‪2‬‬

‫الزبيري‪ -‬نسب قريش‪ ..236 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫()‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫خطاب‪ -‬قادة فتح الشام ومصر‪.227-226 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪.3/102 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن عبد البر‪ -‬الستيعاب في معرفة الصحاب‪ ،2/510 :‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة‬ ‫‪6‬‬

‫الصحابة‪ ،2/197 :‬ابن حجر‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6-5-3 :‬‬


‫() ا بن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،105-104-3/102 :‬ا بن ع بد البر‪ -‬ال ستيعاب في معر فة ال صحاب‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،2/510‬ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.198 ،2/197 :‬‬


‫()‬
‫ابن واضح‪ -‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/107 :‬ابن عساكر‪ ،‬تهذيب ابن عساكر‪.5/362 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪285‬‬
‫بدنية تساعده على اقتحام المصاعب‪ ،‬وتحمل مشاق الحرب(‪ ،)1‬وكان في معركة‬
‫اليرموك فهي مقدمهة المهاجميهن‪ ،‬إذ اسهتطاع خرق صهفوف العدو بجنوده‪،‬‬
‫واللتفاف على مؤخرتهه‪ .‬فههو القائد صهاحب الرادة القويهة‪ ،‬والتفكيهر السهليم‪،‬‬
‫واليمان الذي ل يتزحزح‪ ،‬و هو الجندي الم سلول سيفه دائما في و جه العداء‪،‬‬
‫ل وآخرا‪ ،‬و قد اشترك في ما ب عد بالفتوحات مع عمرو بن العاص‬ ‫فالقتال عنده أو ً‬
‫في مصر‪.‬‬

‫ب‪ -‬هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ‪.37/657‬‬


‫هو من بني زهرة‪ ،‬وابن أخ سعد بن أبي وقاص‪ .‬هو قائد المشاة‪ ،‬وقائد أحد‬
‫التشكيلت في معركة اليرموك‪ ،‬وقائد أحد الكراديس في هذه المعركة(‪ ،)2‬اشترك‬
‫من ق بل في حروب الردة كمقا تل برزت مواه بة الحرب ية وشجاع ته الفائ قة‪ ،‬م ما‬
‫دعا القائد العام خالد بن الوليد أن يصحبه معه في حروبه في جبهة العراق‪ ،‬كما‬
‫اختاره أيضا ليكون من القادة في ف تح الشام‪ .‬و في اليرموك ظ هر ا سمه كفدائي‬
‫هن أمثاله أن يخترقوا دفاعات الروم(‪ ،)3‬وأن يصه‬
‫هلوا إلى‬ ‫هع مائة مه‬
‫هتطاع مه‬‫اسه‬
‫مؤخرته‪ ،‬مما أثر بصورة مباشرة على معنويات العدو وعلى تقدمه‪.‬‬
‫ولما انتهت معارك الروم‪ ،‬رجع إلى العراق‪ ،‬وشارك كقائد فرقة أي بتشكيل‬
‫أ كبر من التشك يل الذي اشترك ف يه من ق بل‪ ،‬وقا تل مع ع مه سعد في معر كة‬
‫القادسية‪ ،‬وأبلى فيها بلءً حسنا(‪.)4‬‬
‫ل قد دلت معار كه على أنّه كان انضباطيا‪ ،‬متقيدا بالوا مر‪ ،‬شجاعا مقداما ل‬
‫يهاب الموت‪ ،‬حكيما فهي قيادتهه‪ ،‬مرنا‪ ،‬سهريعا فهي حركتهه‪ ،‬وكان يلقهب‬
‫"بالمرقال"(‪)5‬دللة على سهرعته وصهفاته الحركيهة فهي ميدان الحرب‪ ،‬دقيقا فهي‬
‫رميهه‪ ،‬وقهد كان دائما فهي مقدمهة جنوده‪ ،‬يغشهى الخطار‪ ،‬ويقتحهم الصهفوف(‪،)6‬‬
‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ -3/107 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪.3/6 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪.2/593 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪.1/120 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،2/593 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪.6/275 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابن الثير‪ -‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ،5/49 :‬ابن حجر‪ :‬الصابة في تمييز الصحابة‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.6/275‬‬
‫() الطبري‪ -‬تاريخ المم والملوك‪ ،3/59 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في التاريخ‪ ،2/185 :‬ابن حجر‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫الصابة في تمييز الصحابة‪.6/275 :‬‬

‫‪286‬‬
‫رافعا لمعنويات جنوده قبل وأثناء وبعد المعركة‪.‬‬
‫هذه ههي النماذج المختلفهة مهن قادة الجهات والجيوش والتشكيلت وقادة‬
‫الجنحة والكراديس‪ ،‬إنها مثال الشجاعة والقدام‪ ،‬والقدوة الحسنة لمن كان يأمل‬
‫أن يتعلم سير هؤلء البطال‪ ،‬ويتبّع أثرهم في كل ما عملوه‪ ،‬وفي كل ما ابتكروه‬
‫من فنون الحرب وضروب القتال‪.‬‬

‫الخاتمــــة‬
‫توفي أبو بكر الصديق في جمادى الخرة سنة ‪ )1(،13/634‬ولم يبق في الحكم‬
‫سوى سنتين وثل ثة أش هر واث ني ع شر يوما(‪ .)2‬كا نت هذه الفترة مليئة بالمآ ثر‬
‫والنجازات الكبيرة‪.‬‬
‫ل لر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪،‬‬ ‫ل قد كان أ بو ب كر في الفترة النبويّة ظ ً‬
‫وصهاحبا له فهي حله وترحاله(‪،)3‬ملزما له فهي كهل الحروب والمشاههد ‪ ،‬نائبا‬
‫(‪)4‬‬

‫للقائد العلى ع سكريا وسياسيا؛ ففي الوظيفة الع سكرية كان يمارس الصلحيات‬
‫الممنو حة له ك ما في معر كة بدر(‪ ،)5‬وك ما في ح صار ب ني النض ير عند ما ا ستلم‬
‫قيادة الج يش في غياب الر سول صلى ال عل يه و سلم(‪ ،)6‬و في الوظي فة ال سياسية‬
‫كان ينوب عن الر سول صلى ال عل يه و سلم في إما مة ال مة بال صلة(‪ ،)7‬و في‬
‫ل اللواء الع ظم في كث ير من الغزوات(‪ ،)9‬قائدا‬ ‫القضاء والفت يا ب ين الناس(‪ ،)8‬حام ً‬
‫لسهرايا القتال ومجموعات السهتطلع وطلئع الجيهش إلى بنهي كلب والغميهم‬
‫() ابن ماجه‪ -‬تاريخ الخلفاء‪ ،22 :‬الروحي‪ -‬بلغة الظرفاء‪.8 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ابن خياط‪ -‬تاريخ خليفة بن الخياط‪ ،22 :‬ابن ماجه‪ -‬تاريخ الخلفاء‪.22 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة التوبة‪ -‬الية‪ ،40 :‬الجاحظ ‪ -‬العثمانية‪ ،44 :‬ابن قتيبة‪ :‬المامة والسياسة‪.1/5/7 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫البلخي‪ -‬البدء والتاريخ‪ ،4/180 :‬ابن الثير‪ :‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪.3/213 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ابهن هشام‪ -‬السهيرة النبويهة‪ ،1/627 :‬الطهبري‪ -‬تاريهخ المهم والملوك‪ ،2/149 :‬المقريزي‪-‬‬ ‫‪5‬‬

‫امتاع السماع‪.1/79 :‬‬


‫()‬
‫المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.449 ،1/179 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫() البخاري‪ -‬باب الذان‪ ،106 :‬الترمذي‪ -‬باب المناقه‬


‫هب ‪ ،16‬ابهن سهعد‪ -‬الطبقات‪،2/215 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،3/180‬ابن قتيبة ‪ -‬المامة والسياسة‪.1/3 :‬‬


‫() م سلم ‪ -‬باب فضائل ال صحابة‪ ،10 :‬سنن الترمذي‪ ،9/277 :‬ال سيوطي‪ -‬تار يخ الخلفاء‪-28 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ ،29‬ناصف‪ -‬التاج الجامع للصول‪.3/56 :‬‬

‫‪287‬‬
‫وحمراء السهد(‪ ،)1‬ثابتا فهي المعارك وفهي احتدام القتال‪ ،‬لم يتزحزح مهن مكانهه‬
‫ح ين زُلزل المقاتلون وأزيحوا عن مواقع هم في معرك تي بدر وحن ين(‪ ،)2‬م ستلما‬
‫ميمنهة الجيهش بكهل كفاءة وتصهويب فهي معركهة حنيهن(‪،)3‬شاهدا على المعاهدات‬
‫هة(‪ ،)4‬أمينا لس هرّ القائد العلى وكاتما للمعلومات(‪،)5‬‬
‫هلح الحديبيه‬
‫موقعا على صه‬
‫(‪)6‬‬
‫عقائديا يقاتل أقاربه وابنه من أجل العقيدة ‪ ،‬مستشارا أمينا وصادقا لرسول ال‬
‫صهلى ال عليهه وسهلم‪ ،‬فههو أول المسهتشارين كلما وأحسهنهم رأيا(‪ ،)7‬رحيما‬
‫بالمساكين والضعفاء من السرى والولدان والنساء والشيوخ(‪.)8‬‬
‫ظهرت وبرزت وتكاملت شخصهية أبهي بكهر العسهكرية فهي تلك الفترة‪،‬‬
‫وأ صبح م ستعدا لتخط يط وتنظ يم وقيادة الجيوش العرب ية ال سلمية‪ ،‬وبناء الدولة‬
‫الحدي ثة؛ ولذلك عند ما ا ستلم الخل فة كان يتم يز ب سعة الطلع والتجر بة العمي قة‬
‫والخهبرة الميدانيهة‪ ،‬يظههر ذلك من توجيها ته التهي كان يعطي ها لقادة جيوشهه(‪)9‬؛‬
‫و من الحزم الذي تجلى ب عد وفاة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬عند ما ق طع‬
‫على المنافقيهن سهبل تراجعههم وخذلن هم‪ ،‬وأرسهل ج يش أسهامة ر غم معارضهة‬
‫المعارضيهن‪ ،‬وتصهدى للمرتديهن(‪ ،)10‬وبوضوح الهدف الذي ارتسهم بنشهر الديهن‬

‫() الواقدي‪ -‬المغازي‪ ،1/12 :‬ا بن هشام‪ -‬ال سيرة النبو ية‪ ،2/151 :‬ا بن سعد‪ -‬الطبقات‪،2/64 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/184 :‬‬


‫() الحميدي‪ -‬المسهند ‪ ،11/128‬ابهن سهعد‪ -‬الطبقات‪ ،117 ،2/79 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السهماع‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1/334‬القرطبي‪ -‬تفسير القرطبي‪.2/1519 :‬‬


‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،151 ،2/42 :‬النووي‪ -‬تهذيب السماء واللغات‪.2/1/184 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫الجاحظ‪ -‬العثمانية ‪.66‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،2/97 :‬الجاحظ‪ -‬العثمانية‪.71-70 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫()‬
‫ابن سعد‪ -‬الطبقات‪ ،2/56 :‬الجاحظ‪ -‬العثمانية‪ ،85 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.1/362 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫() ابن شهاب الزهري‪ -‬المغازي النبوية‪ ،150 :‬الجاحظ‪ -‬العثمانية‪ ،62 :‬ابن الثير‪ -‬الكامل في‬ ‫‪6‬‬

‫التاريخ‪.2/156 :‬‬
‫()ابن شهاب الزهري‪ -‬المغازي النبوية‪ ،63 :‬المقريزي‪ -‬امتاع السماع‪.184 ،167 ،73 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الطهبري‪ -‬تاريهخ المهم والملوك‪ ،463 ،2/170 :‬السهيوطي‪ -‬تاريهخ الخلفاء‪ ،32 :‬العقاد‪،‬‬ ‫‪8‬‬

‫عبقرية الصديق‪.43 :‬‬


‫()الطهبري‪ :‬تاريهخ المهم والملوك‪ ،554 ،503 ،2/480 :‬ابهن عسهاكر‪ -‬تاريهخ مدينهة دمشهق‪-‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪.455-450-440-438-1/433‬‬
‫() ابن خياط‪ -‬تاريخه‪ ،110 ،102 :‬ابن قتيبة‪ -‬المامة والسياسة‪ ،1/15 ،‬الزدي‪ -‬فتوح البلدان‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ ،131‬ابن كثير‪ -‬البداية والنهاية‪.6/403 :‬‬

‫‪288‬‬
‫السهلمي‪ ،‬وبإعلن الحرب وبمواصهلة الفتوحات والوصهول إلى بلد العراق‬
‫والشام(‪)1‬؛ وبالتخطيط والتنفيذ والتوازن فيما بينها حيث حمل عبء التخطيط أبو‬
‫بكهر ومجلسهه العسهكري‪ .‬وحمهل عبهء التنفيهذ خالد بهن الوليهد وقادة الجبهات‬
‫والجيوش والتشكيلت القتال ية‪ ،‬فكان التخط يط متكافئا مع التنف يذ‪ ،‬والتنف يذ مطابقا‬
‫للتخطيط‪ ،‬فانتظمت الحملت والفتوحات وسارت بشكلها المرسوم‪ ،‬وكأنّها بيانات‬
‫أعدت للمشاهدين‪ ،‬ومشاريع حُضّرت للمقاتلين من أبناء هذه المة‪.‬‬
‫حارب أبهو بكهر المتنبئيهن‪ ،‬وقاد المعارك الولى بنفسهه‪ ،‬وعرّض نفسهه‬
‫لمخاطهر القتال‪ ،‬ونفهر بجنده يقدمههم‪ ،‬فانتصهر على المرتديهن‪ ،‬وردههم على‬
‫أعقابهم(‪ .)2‬وبعد ذلك سيّر اللو ية وبثها في أرا ضي ش به جزيرة العرب للقضاء‬
‫ولتدمير القوى التي ارتدت وحملت السلح في وجه الخليفة(‪ .)3‬وقد خاضت تلك‬
‫اللو ية عدة معارك أهم ها‪ :‬بزا خه ال تي بره نت على ح سن التدر يب‪ ،‬والت صميم‬
‫على القتال وعبقرية القيادة (‪ ،)4‬والبطاح التي قتل فيها مالك بن نويرة وأتباعه(‪،)5‬‬
‫وعقرباء التي قتل فيها مسيلمة الكذاب‪ ،‬وهي المعركة الفاصلة في حروب الردة‪،‬‬
‫والتي أسفرت عن انتصار قوات خالد بن الوليد انتصارا ساحقا‪ ،‬فلم تقم للقوات‬
‫المرتدة بعهد لك قائمهة(‪ ،)6‬وهناك معارك فرعيهة فهي جهات مختلفهة فهي أماكهن‬
‫تمركز قبيلتي قضاعة ووديعة‪ ،‬ومعارك في دبا ومهرة والبحرين وكندة‪ ،‬انتهت‬
‫جميعها بانتصار قادة اللوية(‪ ،)7‬وهكذا فإن حروب الردة مهدت للفتوح فيما بعد‪،‬‬
‫ورفعهت مهن معنويات المقاتليهن‪ ،‬وأعطهت لههم زخما لكهي ينطلقوا خارج شبهه‬

‫() الطهبري‪ -‬تاريهخ المهم والملوك‪ ،2/551 :‬المسهعودي‪ -‬مروج الذههب‪ ،1/415 :‬الطهبراني‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫المعجم الكبير‪.1/15 :‬‬


‫() ابهن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخهبر‪ ،2/2/66 :‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربيهة الكهبرى‪،183 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫العجلني‪ -‬عبقرية السلم‪.242 :‬‬


‫() ابن خلدون‪ -‬ديوان المبتدأ والخبر‪ .2/2/69 :‬وجدي‪ -‬دائرة معارف القرن العشرين‪،2/203 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫فارق ‪ -‬تاريخ الردة‪.27 :‬‬


‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،107 :‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ ،1/15/16 :‬فارق‪ -‬تاريخ الردة‪.42 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ا بن أع ثم‪ -‬الفتوح‪ ،1/21 :‬ومابعد ها‪ ،‬ا بن الث ير‪ -‬الكا مل في التار يخ‪ ،2/357 :‬ومابعد ها‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫كمال‪ -‬الطريق إلى المدائن‪.171 :‬‬


‫() ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،513 ،511 ،2/508 ،‬ا بن أع ثم‪ -‬الفتوح‪،40 ،38 ،1/34 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫الذهبي‪ -‬تاريخ السلم‪.1/358 ،‬‬


‫() ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ ،1/47 :‬ومابعدها‪ ،‬غلوب‪ -‬الفتوحات العربية الكبرى‪ ،206 :‬فارق‪ -‬تاريخ‬ ‫‪7‬‬

‫الردة‪.136 :‬‬

‫‪289‬‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬كما وضعت في نفوسهم بأنه ل نصر بدون وحدة كاملة‪.‬‬
‫و جه أ بو ب كر جيو شه ب عد حروب الردة إلى العراق‪ ،‬وأتاه من أ سفله و من‬
‫أعله ل كي يقوم بتطو يق بع يد للقوات الفار سية‪ ،‬وتقد مت تشكيلت أ سفل العراق‪،‬‬
‫وسبقت تشكيلت أعله‪ ،‬واصطدمت بقوات فارسية تفوقها في العدة والعدد؛ لكنها‬
‫اسهتطاعت بفضهل الخفهة والحركهة والمناورة السهريعة والمعنويات المرتفعهة أن‬
‫تنتصر عليها‪ ،‬وأن تدخل معها في معارك عديدة انتصرت في جميعها(‪.)1‬‬
‫بعدالنتهاء من العراق وتحقيق المهمة في تلك الراضي‪ ،‬وظهور أفضليات‬
‫فهي جبهات القتال‪ ،‬أمهر أبهو بكهر الصهديق خالد بهن الوليهد أن يتوجهه إلى بلد‬
‫الشام‪ ،‬فسار إليها على سرعة(‪)2‬؛ كما أمر بقية الجيوش أن تتحرك من المدينة(‪.)3‬‬
‫وقد خاضت هذه الجيوش معارك كثيرة فكان كل جيش يقضي ‪ -‬وهو سائر إلى‬
‫بلدالشام‪ -‬على القوات الروميهة التهي كانهت تعترض تقدمهه وتحركهه؛ وتوحدت‬
‫الجيوش بعد وصولها إلى بلد الشام ودخلت معارك مشتركة بقيادة موحدة أهمها‬
‫معركهة أجناديهن(‪ ،)4‬وفحهل‪ ،‬ومرج الصهفر(‪ ،)5‬وحصهار وفتهح دمشهق(‪ .)6‬أثناء‬
‫الحصار وبعد معركة أجنادين توفي أبو بكر‪ ،‬وانتقلت القيادة العليا إلى عمر بن‬
‫الخطاب(‪ .)7‬وفي حصار دمشق عزل خالد بن الوليد وتولى القيادة العامة للقوات‬
‫العربية أبو عبيدة‪.)8(.‬‬
‫وإذا كان أبو بكر قد توفي قبل أن يرى نتائج معركة اليرموك الفاصلة؛ فإنّه‬
‫قد خ طط ل ها‪ ،‬وج مع الجيوش في قيادة واحدة‪ ،‬وقاد المعارك التمهيد ية و هو في‬

‫() ال طبري‪ -‬تار يخ ال مم والملوك‪ ،583 -2/557 :‬ا بن الث ير ‪ -‬الكا مل في التار يخ‪،2/386 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،400‬شلبي‪ ،‬اشتراكية أبي بكر‪ 199 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫()الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/13 :‬ابن أعثم‪ -‬الفتوح‪ ،1/133 :‬كمال‪ -‬الطريق إلى دمشق‪.239 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،150 :‬الدواداري‪ -‬الدار الثمين‪.3/161 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫()‬
‫البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪ ،116 :‬البلخهي‪ -‬البدء والتاريهخ‪ ،5/166 :‬ابهن الثيهر‪ -‬الكامهل فهي‬ ‫‪4‬‬

‫التاريخ‪.3/155 :‬‬
‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،21-1/19 :‬ا بن أع ثم‪ -‬الفتوح‪ ،1/189 :‬ا بن ع ساكر‪ -‬تهذ يب تار يخ‬ ‫‪5‬‬

‫دمشق الكبير‪ ،1/144 :‬ومابعدها‪.‬‬


‫() الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/19 :‬ومابعدها‪ ،‬الزدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،106 ،104 :‬ومابعدها‪ ،‬حداد‪-‬‬ ‫‪6‬‬

‫فتح العرب للشام‪.93-88 :‬‬


‫()‬
‫الواقدي‪ -‬فتوح الشام‪ ،1/17 :‬البلذري‪ -‬فتوح البلدان‪.157 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫()‬
‫اليافعي‪ :‬الجنان‪.1/102 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪290‬‬
‫المدينة يرقب كل تحركات جيوشه‪ ،‬ويوجهها الوجهة الصحيحة‪.‬‬
‫لقد خلف من بعد أبي بكر عمر الذي أكمل الفتوحات في الشرق والغرب(‪،)1‬‬
‫ودا نت له بلد الشام والعراق‪ ،‬وبذلك أ تم وأك مل ما بدأه أ بو ب كر‪ ،‬فكا نت سلسلة‬
‫متتاب عة‪ ،‬وكان أ بو ب كر وع مر ي سقيان‪ ،‬من ماء وا حد هو ماء الر سالة‪ ،‬ويغذيان‬
‫ن النبوة ال صافية‪.‬و قد أو ضح ع مر بن الخطاب هذا الكلم‬ ‫ع ْي ُ‬
‫من م صدر وا حد‪َ ،‬‬
‫في خطب ته ع ند ولي ته فقال‪" :‬أي ها الناس إ ني قد عل مت أنكم تؤان سون م ني شدة‬
‫ت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فكنت عبده وخادمه‬ ‫وغلظة‪ ،‬وذلك أني كن ُ‬
‫وجلوازه (شرطيه)‪ ...‬وكنت بين يديه كالسيف المسلول‪ ،‬ثم قمت ذلك المقام مع‬
‫أبي بكر الصديق خليفة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬بعد رسول ال‪ ،‬فكنت‬
‫خادمهه وجلوازه‪ ،‬وكنهت كالسهيف المسهلول بيهن يديهه‪ ...‬ثهم صهار أمركهم اليوم‬
‫إلي‪.)2(."...‬‬

‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههههههههههههههههه‬
‫ههههههههههه‬

‫() الزمخشري‪ -‬خصائص العشرة الكرام البررة‪.52 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() وجدي‪ -‬دائرة معارف القرن العشرين‪.6/732 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪291‬‬
‫المخطوطات‪ ،‬المصادر‪،‬‬
‫المراجع‪،‬‬

‫‪‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ -‬المخطوطات‬ ‫‪1‬‬

‫ا بن حبيش ( ‪ ، )1188 -584‬ع بد الرح من بن مح مد بن ع بد ال بن يو سف بن حبيش‪ ،‬الغزوات‬


‫الضامنهة الكاملة والفتوح الجامعهة الحافلة الكائنهة فهي أيام الخلفاء‬
‫الول الثلثة‪ ،...‬مخطوط بخط الدكتور سهيل زكّار‪.‬‬

‫‪ -‬المصادر‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -‬ابن البّار ‪ :‬محمــد بــن عبــد الله بــن أبــي بكــر القضاعــي البلنســي‬ ‫‪1‬‬
‫المعروف بابـــن البّار؛ التكملة لكتّاب الصـــلة؛‬
‫مطبعة روجس‪ ،‬بمدينة نجريط‪.1887 ،‬‬
‫‪ -‬ابن الثير (‪ : )630/1232‬علي بــن محمــد بــن عبــد الكريــم الجزري‬ ‫‪2‬‬
‫المعروف بابــن الثيــر؛ ‪ - 1‬أســد الغابــة فــي‬
‫معرفـــة الصـــحابة؛ دار الكتـــب الظاهري ّـــة؛ و‪-‬‬
‫‪.10017‬‬
‫‪ -‬الكامل في التاريخ ‪ :‬دار صادر‪ -‬بيروت‪.1399/1979 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -‬ابن أعثم (‪ : )314/926‬أبو محمد محمد بن أعتم الكوفي؛ كتاب الفتوح؛‬ ‫‪3‬‬
‫مطبعـة مجلس دائرة المعارف العثمانيـة مجيـد‬
‫آباد الدكن‪ -‬الهند؛ الطبعة الولى ‪1388/1968‬؟‬
‫‪ :‬محمـد بـن محمـد بـن علي بـن يوسـف‬ ‫‪ -‬ابن الجزري (‪)833/1429‬‬ ‫‪4‬‬
‫الشهيـر بابـن الجزري؛ غايـة النهايـة فـي طبقات‬
‫القراء؛ مطبعة السعادة بمصر؛ ‪.1933‬‬
‫جَزي (‪ : )721/1356‬محمـد بـن أحمـد بـن جزي الكلبـي؛ تفسـير ابـن‬ ‫‪ -‬ابن ُ‬ ‫‪5‬‬
‫جَزي؛ دار الكاتب العربي‪ -‬بيروت؛ ‪.1403/1983‬‬ ‫ُ‬
‫‪ :‬عبــد الرحمـــن بـــن علي بـــن محمـــد‬ ‫‪ -‬ابن الجوزي (‪)597/1201‬‬ ‫‪6‬‬
‫الجوزي؛ تاريــخ عمــر بــن الخطاب أول حاكــم‬
‫ديموقراطــي فــي الســلم؛ مطبعــة التوفيــق‬
‫الدبية بمصر؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن حبّان (‪ : )354/965‬محمـد بـن حبّان بـن أحمـد بـن حبان التميمـي؛‬ ‫‪7‬‬
‫صـحيح ابـن حبّان؛ تحقيـق أحمـد محمـد شاكـر؛‬
‫دار المعارف بمصر؛ ‪.1371/1952‬‬
‫‪ -‬ابن حبيب (‪ : )245/859‬محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي؛‬ ‫‪8‬‬
‫محبّر؛ مطبعـة دائرة المعارف العثمانيـة‪،‬‬ ‫‪ - 1‬ال ُ‬
‫بحيدر آباد الدكن؛ ‪.1361/1942‬‬
‫مق فـي أخبار قريـش؛ تصـحيح وتعليـق‬ ‫من َـ ّ‬‫‪ - 2‬ال ُ‬
‫خورشيــــد أحمــــد فارق؛ مطبعــــة دائرة‬
‫المعارف العثمانيــــة بحيدر آباد الدكــــن‪-‬‬

‫‪293‬‬
‫الهند؛ الطبعة الولى ‪.1384/1964‬‬
‫‪ - 9‬ابن حجر (‪ : )852/1448‬أحمـد بـن علي بـن محمـد العسـقلني المعروف‬
‫بابن حجر؛‬
‫‪ - 1‬الصـابة فـي تمييـز الصـحابة؛ هذه النسـخة‬
‫مطبوعـة سـنة ‪ ،1853‬فـي كلكتـا وقـد أخـذ‬
‫عنهـا طبـق الصـل فـي شركـة طبـع الكتـب‬
‫العلمية بمصر؛ ‪.1323/1904‬‬
‫‪ - 2‬طبقات المدلسـين المسـمى تعريـف أهـل‬
‫التقديـس بمراتـب الموصـوفين بالتدليـس؛‬
‫المطبعـة الحسـينية بمصـر؛ الطبعـة الولى‬
‫‪.1322‬‬
‫‪ -3‬تهذيــب التهذيــب؛ مطبعــة مجلس دائرة‬
‫المعارف النظاميـــــة بالهنـــــد بحيدر آباد‪-‬‬
‫الدكن؛ الطبعة الولى ‪.1325‬‬
‫‪ - 4‬فتـح الباري بشرح البخاري؛ شركـة مكتبـة‬
‫ومطبعـة مصـطفى البابـي الحلبـي وأولده‬
‫بمصر؛ ‪.1378/1959‬‬
‫‪ :‬علي بــن أحمــد بــن ســعيد بــن حزم‬ ‫‪ -10‬ابن حزم (‪)456/1063‬‬
‫الندلسي؛‬
‫‪ - 1‬رسـالة فـي المفاضلة بيـن الصـحابة؛ تقديـم‬
‫ســـعيد الفغانـــي‪ -‬المطبعـــة الهاشميـــة‬
‫بدمشق؛ ‪.1359/1940‬‬
‫‪ - 2‬المحلي؛ المطبعـة المنيريـة بمصـر؛ الطبعـة‬
‫الولى‪.1952-‬‬
‫‪ - 3‬جوامــع الســيرة؛ تحقيــق إحســان عباس‬
‫وزميله؛ دار المعارف بمصر؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 4‬جمهرة أنســاب العرب؛ دار المعارف‬
‫بمصر‪.1382/1962 :‬‬
‫‪ :‬محمــد بــن حوقـــل النصــيبي؛ صـــورة‬ ‫‪ - 11‬ابن حوقل (‪)380/990‬‬
‫الرض؛ مطبعة بريل بليدن؛ ‪.1938‬‬
‫‪ :‬أبــو القاســم عبيــد الله بــن عبــد الله؛‬ ‫‪ -12‬ابن خرداذبه (‪)300/912‬‬
‫المسالك والممالك؛ مطبعة بريل بليدن؛ ‪.1306‬‬
‫‪ :‬عبــد الرحمــن بــن محمــد بــن خلدون؛‬ ‫‪ -13‬ابن خلدون (‪)808/1405‬‬
‫ديوان المبتدأ والخــبر فــي أيام العرب والعجــم‬
‫والبربر ومــن عاصــرهم مــن ذوي الســلطان‬
‫الكبر؛ المطبعة الكبرى بمصر؛ ‪.1284‬‬
‫‪ :‬أحمـد بـن محمـد بـن أبـي بكـر الشهيـر‬ ‫‪ -14‬ابن خلكان(‪)681/1282‬‬
‫بابن خلكان؛ وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان؛‬
‫المكتبـة الظاهريـة بدمشـق رقـم ك ‪1305‬؛ بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫‪ -15‬ابن خياط (‪ : )240/854‬خليفة بن خياط؛ تاريخ خليفة بن خياط؛ تحقيق‬
‫الدكتور ضياء العمري؛ مطبعــــــــــة دار القلم‬
‫ومؤســسة الرســالة بــبيروت‪ ،‬الطبعــة الثانيــة‬
‫‪.1397/1977‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ :‬أبـو طالب علي بـن أنجـب تاج الديـن‬ ‫‪ -16‬ابن الساعي (‪)674/1275‬‬
‫المعروف بابــــن الســــاعي الخازن؛ الجامــــع‬
‫المختصــر فــي عنوان التواريــخ وعيون الســير؛‬
‫المطبعـــــة الســـــريانية الكاثوليكيـــــة ببغداد؛‬
‫‪.1353/1934‬‬
‫‪ -17‬ابن سعد (‪ : )230/844‬محمــد بــن ســعد بــن منيــع البصــري الزهري؛‬
‫الطبقات الكــــــبرى؛ دار بيروت ودار صــــــادر‬
‫للطباعة والنشر ببيروت؛ ‪.1376/1957‬‬
‫‪ :‬أبــو الحســن بــن اســماعيل الندلســي؛‬ ‫‪ - 18‬ابن سيده (‪)458/1065‬‬
‫المخصــص‪ ،‬المطبعــة المويــة الكــبرى بمصــر؛‬
‫‪.1381‬‬
‫‪ -19‬ابـن سـيد الناس( ‪ :)734/1333‬أبـو فتـح الديـن محمـد بـن محمـد بـن سـيد‬
‫الناس اليعمري الندلسي الشبيلي؛ عيون الثر‬
‫فــــي فنون المغازي والشمائل والســــير؛ دار‬
‫المعرفة للطباعة والنشر ببيروت؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 20‬ابن شاكر الكتبي ( ‪ :)764/1362‬محمد بن شاكر؛ فوات الوفيات والذيل‬
‫عليها؛ تحقيق إحسان عباس‪ ،‬مطابع دار صادر‪،‬‬
‫ببيروت؛ ‪.1974‬‬
‫‪ :‬عــز الديــن بــن محمــد بــن علي بــن‬ ‫‪ -21‬ابن شداد (‪)684/1285‬‬
‫إبراهيــــم؛ العلق الخطيرة فـــي ذكـــر أمراء‬
‫الشام والجزيرة؛ تحقيـــــــق يحيـــــــى عباره؛‬
‫منشورات ومطبعــــة وزارة الثقافــــة والرشاد‬
‫القومي بدمشق؛ ‪.1987‬‬
‫‪ -22‬ابن شهاب الزهري ( ‪ :)124/741‬محمد بن مسلم بن عبدالله بن شهاب‬
‫الزهري؛ المغازي النبويـــــة؛ تحقيـــــق الدكتور‬
‫سهيل زكار؛ دار الفكر بدمشق؛ الطبعة الولى‬
‫‪.1400/1980‬‬
‫‪ -23‬ابـن الطقطقـي ( ‪ :)709/1309‬محمـد بـن علي طباطبـا المعروف بابـن‬
‫الطقطقـــي؛ الفخري فـــي الداب الســـلطانية‬
‫والدول الســــلميّة؛ راجعــــه ونقحــــه ‪..‬عوض‬
‫إبراهيــــــم وعلي الجارم؛ مطبعــــــة المعارف‬
‫ومكتبتها بمصر؛ الطبعة الثانية ‪.1938‬‬
‫‪ - 24‬ابن عبد البر ( ‪ :)463/1070‬يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر‬
‫النمري؛‬
‫‪ - 1‬الدرر في اختصار المغازي والسير؛ تحقيق‬
‫شوقي ضيف؛ مؤسسة دار التحرير للطبع‬
‫والنشــــر‪ ،‬تابــــع دار العلنات الشرقيــــة‬
‫بالقاهرة؛ ‪.1386/1966‬‬
‫‪ - 2‬السـتيعاب فـي معرفـة الصـحاب؛ مطبعـة‬
‫نهضـة مصـر بمصـر؛ دار الكتـب الظاهريـة؛‬
‫و ‪.10533‬‬
‫‪ - 25‬ابـن عبـد الحـق البغدادي ( ‪ :)739/1338‬عبـد المؤمـن بـن عبـد الحـق‬
‫البغدادي؛ مراصـد الطلع على أسـماء المكنـة‬
‫والبقاع؛ تحقيـق محمـد علي البجاوي؛ دار إحياء‬
‫الكتــــب العربيــــة بمصــــر؛ الطبعــــة الولى‬
‫‪.)1373/1954‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ :‬أبـو عمـر أحمـد بـن محمـد بـن عبـد ربـه‬ ‫‪ -26‬ابن عبد ربه (‪)328/939‬‬
‫الندلسـي؛ العقـد الفريـد؛ مطبعـة لجنـة التأليـف‬
‫والنشر بمصر؛ الطبعة الثالثة ‪.)1384/1965‬‬
‫‪ - 27‬ابن عساكر ( ‪ :)571/1175‬ثقة الدين أبو القاسـم علي بن الحسن بن‬
‫هبة الله بن الحسين بن عساكر؛‬
‫‪ - 1‬التاريخ الكبير؛ مطبعة روضة الشام؛ بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تهذيـب تاريـخ دمشـق الكـبير؛ دار المسـيرة‬
‫ببيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1399/1979‬‬
‫‪ - 28‬ابن العماد الحنبلي (‪ :)1089/1678‬أبو الفلح عبد الحي؛ شذرات الذهب‬
‫في أخبار مـن ذهب؛ تحقيق لجنـة إحياء التراث‬
‫العربـي؛ منشورات دار الفاق الجديدة بـبيروت‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 29‬ابـن الفرضـي ( ‪ :)403/1012‬أبـو الوليـد عبـد الله بـن محمـد بـن يوسـف‬
‫الزدي المعروف بابـن الفرضـي؛ تاريـخ العلماء‬
‫والرواة للعلم بالندلس؛ تحقيـــق عزت العطار‬
‫الحســــيني؛ مكتبــــة المثنــــى ببغداد ومكتبــــة‬
‫الخانجي بالقاهرة؛ ‪.)1373/1954‬‬
‫‪ :‬عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري؛‬ ‫‪ - 30‬ابن قتيبة (‪)276/889‬‬
‫‪ - 1‬عيون الخبار؛ مطبعـة دار الكتـب المصـرية‬
‫بالقاهرة؛ ‪.1343/1925‬‬
‫‪ - 2‬المامـة والسـياسة؛ مطبعـة القاهرة؛ بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫‪ -31‬ابن كثير (‪ : )774/1372‬اسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي؛‬
‫‪ - 1‬تفسـير القرآن العظيـم‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي ببيروت؛ ‪.1388/1984‬‬
‫‪ - 2‬البدايـة والنهايـة؛ مكتبـة المعارف بـبيروت؛‬
‫الطبعة الخامسة‪.1404/1984 ،‬‬
‫مد يزيد بن ماجه القزويني؛‬ ‫‪ - 32‬ابن ماجه (‪ : 275/888‬مح ّ‬
‫‪ - 1‬سـنّن ابـن ماجـه؛ المطبعـة العلميـة؛ الطبعـة‬
‫الولى ‪.1313/1895‬‬
‫‪ - 2‬تاريـخ الخلفاء؛ روايـة أبـي بكـر السـدوسي؛‬
‫تحقيــق محمــد مطيــع الحافــظ؛ مؤســسة‬
‫الرســـــالة بدمشـــــق؛ الطبعـــــة الولى‬
‫‪.1399/1979‬‬
‫‪ - 33‬ابــن منظور ( ‪ :)711/1311‬محمــد بــن مكرم بــن منظور الفريقــي‬
‫المصــري؛ لســان العرب؛ دار صــادر بــبيروت؛‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -34‬ابن النديم (‪ : )385/995‬محمـد بـن اسـحاق النديـم؛ الفهرسـت؛ مطبعـة‬
‫الستقامة بالقاهرة؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -35‬ابن هشام (‪ : )218/833‬عبــد الملك بــن هشام بــن أيوب الحميري؛‬
‫الســـيرة النبويـــة؛ تحقيـــق مصـــطفى الســـقا‬
‫وزميليه؛ مكتبة ومطبعة مصطفى الباي الحلبي‬
‫بمصر؛ الطبعة الثانية‪.1375/1955 ،‬‬

‫‪296‬‬
‫‪ -36‬ابن واضح (‪ : )292/904‬أحمــد بــن أبــي يعقوب بــن جعفــر بــن وهــب‬
‫المعروف بابـن واضـح‪ ،‬تاريـخ اليعقوبـي؛ مطبعـة‬
‫الغرى بالنجف؛ ‪......../1358‬‬
‫‪ -37‬أبو داود(‪ : )275/888‬سـليمان بـن الشعـث السـجستاني الزدي؛ سـنن‬
‫أبي داود‪ ،‬مطبعة دار الحديث للطباعة والنشر‬
‫والتوزيـــع بحمـــص بســـوريا؛ الطبعـــة الولى‪-‬‬
‫‪.1394/1974‬‬
‫‪ :‬اسـماعيل بـن أبـي الفداء نور الديـن بـن‬ ‫‪ -38‬أبو الفداء (‪)732/1331‬‬
‫محمود شاهان شاه اليوبــــي صــــاحب حماه؛‬
‫المختصـر فـي أخبار البشـر؛ المطبعـة الحسـينية‬
‫المصرية بمصر؛ الطبعة الولى ‪.1325/1907‬‬
‫‪ -39‬أبو هلل العسكري ( ‪ :)395/1004‬الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعد‬
‫بـــن يحيـــى بـــن مهران أبـــو هلل العســـكري‬
‫الوائل؛ تحقيـق محمـد المصـري؛ وليـد قصـاب؛‬
‫منشورات وزارة الثقاقــــة والرشاد القومــــي‬
‫بدمشق؛ ‪.1975‬‬
‫‪ -40‬أبو يعلى (‪ : )307/919‬أحمـد بـن علي بـن المثنـى التميمـي؛ مسـند أبـي‬
‫يعلى الموصلي؛ تحقيق حسين سليم أسد؛ دار‬
‫المأمون للتراث بدمشــــق وبيروت؛ الطبعــــة‬
‫الولى ‪.1404/1984‬‬
‫‪ :‬يعقوب بـن إبراهيـم؛ الخراج؛ المطبعـة‬ ‫‪ -41‬أبو يوسف (‪)182/798‬‬
‫الميريـــــة ببولق بمصـــــر؛ الطبعـــــة الولى‬
‫‪.1302/1884‬‬
‫‪ :‬محمـد بـن عبـد الله‪ ،‬تاريـخ فتوح الشام؛ تحقيـق‬ ‫‪ -42‬الزدي (‪)231/845‬‬
‫عبــد المنعــم عبــد الله عامــر؛ الناشــر ســجل‬
‫العرب بمصر؛ ‪.1970‬‬
‫‪ :‬حمزة بـن الحسـن؛ تاريـخ سـني ملوك‬ ‫‪ -43‬الصفهاني (‪)360/970‬‬
‫الرض والنــــبياء؛ مطابــــع دار مكتبــــة الحياة‬
‫ببيروت؛ الطبعة الثالثة ‪.1961‬‬
‫‪ -44‬البخاري (‪ : )256/869‬محمــد بــن اســماعيل بــن إبراهيــم البخاري‬
‫الجعفي؛‬
‫‪ - 1‬صـحيح البخاري؛ المطبعـة الخيريـة بمصـر؛‬
‫الطبعة الولى ‪..../1330‬‬
‫‪ - 2‬التاريـــخ الكـــبير؛ مطبعةجمعيـــة دائرة‬
‫المعارف العثمانيــــة؛ حيدر آباد الدكــــن؛‬
‫الطبعة الولى ‪.1361/1942‬‬
‫‪-45‬البغدادي (‪ : )1339/1920‬اســـماعيل باشـــا؛ هديـــة العارفيـــن (أســـماء‬
‫المؤلفيـــن وآثار المصـــنفين)‪ :‬وكالة المعارف‬
‫الجليلة باستانبول ‪.1951‬‬
‫‪-46‬البغدادي (‪ : )1093/1682‬عبد القادر بن عمر البغدادي؛ خزانة الدب ولب‬
‫لباب لســـــان العرب؛ المطبعـــــة الســـــلفية‬
‫بالقاهرة؛ ‪.1347/1928‬‬
‫‪ -47‬البكري (‪ : )187/1094‬أبــو عبيــد عبــد الله بــن عبــد العزيــز البكري‬
‫الندلسـي؛ معجـم مـن أسـماء البلد والمواضـع؛‬
‫تحقيـق مصـطفى السـقا؛ مطبعـة لجنـة التأليـف‬
‫والنشر بالقاهرة؛ الطبعة الولى ‪.1364/1945‬‬
‫‪297‬‬
‫‪ -48‬البلذري (‪ : )279/892‬أحمـد بـن يحيـى بـن جابر؛ فتوح البلدان؛ دار‬
‫النشر للجامعيين‪ .‬ببيروت‪.1377/1957 ،‬‬
‫‪ -49‬البلخي (‪ : )322/933‬أحمــد بــن ســهل؛ البدء والتاريــخ؛ أرنســت لرو‬
‫بمدينة باريس ‪.1903‬‬
‫‪ -50‬البيضاوي ( ‪ :)791/1388‬عبـد الله بـن عمـر بـن محمـد الشيرازي؛ تفسـير‬
‫القرآن الكريم؛ مكتبة ومطبعة مصطفى البابي‬
‫الحلبــــي وأولده بمصــــر؛ الطبعــــة الثانيــــة‬
‫‪.1375/1955‬‬
‫سنن الكــبرى؛‬ ‫ّـ‬ ‫ال‬ ‫علي؛‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـين‬
‫ـ‬ ‫الحس‬ ‫‪ -51‬البيهقي (‪ : )458/1065‬أحمــد بــن‬
‫مطبعـة مجلس دائرة المعارف النظامي ّـة بالهنـد‬
‫حيدر آباد الدكن؛ الطبعة الولى ‪.1344/1925‬‬
‫‪ -52‬الترمذي(‪ : )279/892‬محمــد بــن عيســى بــن ســوَْرة الترمذي؛ ســنن‬
‫الترمذي؛ المطبعــة الوطنيــة بحمــص ســوريا؛‬
‫الطبعة الولى ‪.1387/1967‬‬
‫‪ -53‬الجاحظ (‪ : )255/868‬عمرو بن بحر الجاحظ؛‬
‫‪ - 1‬البيان والتــبيين؛ مطبعــة الفتوح الدبيــة‬
‫بمصر؛ ‪.1332/1913‬‬
‫‪ - 2‬العثمانية؛ مطابع دار الكتاب العربي بمصر؛‬
‫‪.1374/1955‬‬
‫‪ :‬محمذد بن عبدوس الجهشياري؛ الوزراء‬ ‫‪-54‬الجهشياري (‪)331/942‬‬
‫والكتاب؛ مطبعـــة مصـــطفى البابـــي الحلبـــي‬
‫وأولده بالقاهرة؛ ‪.1357/1938‬‬
‫‪-55‬الحموي (‪ : )626/1228‬ياقوت بـن عبـد الله الحموي الرومـي البغدادي؛‬
‫معجـم البلدان؛ دار صـادر ودار بيروت للطباعـة‬
‫والنشر ببيروت؛ ‪.1404/1984‬‬
‫‪-56‬الحلبي (‪ : )1044/1634‬أبو الفرج علي بن برهان بن إبراهيم بن أحمد؛‬
‫إنســان العيون فــي ســيرة الميــن والمأمون‬
‫المعروفـة بالسـيرة الحلبيـة؛ مطبعـة السـتقامة‬
‫بالقاهرة ‪.1382/1962‬‬
‫ميدي (‪ : )219/834‬عببيد الله بن الزبير؛ المسند؛ تحقيق حبيب عبد‬ ‫‪ -57‬الح َ‬
‫الرحمـــــن العظمـــــي؛ المجلس العلمـــــي‬
‫بالباكستان؛ الطبعة الولى ‪.1382/1963‬‬
‫حميدي؛ جذوة‬ ‫حميدي (‪ : )488/1091‬محمـد بـن فتوح بـن عبـد الله ال ُ‬ ‫‪ -58‬ال ُ‬
‫المقتبـس فـي ذكـر ولة الندلس وأسـماء رواة‬
‫الحديـــث وأهـــل الفقـــه والدب وذوي النباهـــة‬
‫والشعــر؛ تحقيــق محمــد بــن تاويــت الطنجــي؛‬
‫مكتـــب نشـــر الثقافـــة الســـلمية بالقاهرة؛‬
‫‪.1372/1953‬‬
‫‪ -59‬الخازن (‪ : )678/1341‬علي بـن محمـد بـن إبراهيـم البغدادي المعروف‬
‫بالخازن؛ لباب التأويـل فـي معانـي التنزيـل؛ دار‬
‫المعرفة للطباعة والنشر ببيروت؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -60‬الخطَابي (‪ : )388/998‬حمـد بـن محمـد بـن إبراهيـم بـن الخطاب؛ معالم‬
‫السـنن؛ مطبعـة دار الحديـث للطباعـة والنشـر‬
‫والتوزيـــع بحمـــص ســـوريا؛ الطبعـــة الولى‬
‫‪.1394/1974‬‬

‫‪298‬‬
‫‪ -61‬الخطيب (‪ : )463/1070‬أحمد بن علي الخطيب البغدادي؛ تاريخ بغداد أو‬
‫مدينـــة الســـلم؛ مطبعـــة الســـعادة بمصـــر؛‬
‫‪.1349/1931‬‬
‫‪ -62‬الدارمي (‪ : )255/868‬عبـد الله بـن عبـد الرحمـن بـن الفضـل الدارمـي؛‬
‫سنن الدارمي؛ دار الكتب العلمية؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -63‬دحلن (‪ : )1304/1886‬أحمـــد بـــن الســـيد زينـــي دحلن؛ الفتوحات‬
‫الســلمية المطبعــة الحســينية بمصــر؛ بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫‪ :‬أبـو بكـر عبـد الله بـن أيبـك؛ كنـز الدرر‬ ‫‪-64‬الداواداري (‪)736/1335‬‬
‫وجامــع الغرر؛ الكنــز الثميــن فــي أخبار ســيد‬
‫المرسـلين والخلفاء الراشديـن؛ تحقيـق محمـد‬
‫الســعيد جمال الديــن؛ مطبعــة عيســى البابــي‬
‫الحلبي وشركاه بالقاهرة؛ ‪.1402/181‬‬
‫‪ -65‬الديار بكري ( ‪ :)966/1558‬الشيـخ حسـين بـن محمـد بـن الحسـن الديار‬
‫بكري؛ تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس؛‬
‫المطبعة الوهبية بمصر؛ ‪.1283/1830‬‬
‫‪-66‬الدينوري (‪ : )281/894‬أحمد بن داود؛ الخبار الطوال؛ مطبعة السعادة‬
‫بمصرِ؛ الطبعة الولى ‪.1330/1911‬‬
‫‪ -67‬الذ ّهبي (‪ : )748/1347‬محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي؛‬
‫‪ - 1‬تاريخ السلم وطبقات المشاهير والعلم؛‬
‫مكتبة القدس بالقاهرة؛ ‪.1367/1947‬‬
‫‪ - 2‬سـير أعلم النبلء؛ تحقيـق الدكتور أسـعد‬
‫طلس والدكتور صــــلح الديــــن المنجــــد‬
‫وإبراهيـــم البياري؛ دار المعارف بمصـــر؛‬
‫‪.1962‬‬
‫‪ - 3‬تذكرة الحفاظ؛ مطبعــة مجلس دائرة‬
‫المعارف النظامية بالهند حيدر آباد الدكن؛‬
‫الطبعة الثانية ‪.1333/1914‬‬
‫‪ - 4‬ميزان العتدال فـي نقـد الرجال؛ مطبعـة‬
‫السعادة بمصر؛ الطبعة الولى ‪.1325/1907‬‬
‫‪ -68‬الرازي (‪ : )311/923‬أبو بكر؛ جمل أحكام الفراسة؛ المطبعة العلمية‬
‫بحلب؛ ‪.1347/1929‬‬
‫‪ -69‬الزبيدي (‪ : )1205/1790‬محمـــد مرتضـــى الحســـيني الواســـطي؛ تاج‬
‫العروس؛ المطبعة الخيرية بمصر؛ ‪.1306/1888‬‬
‫‪ -70‬الزبيري (‪ : )236/850‬المصــعب بــن عبــد الله بــن المصــعب؛ نســب‬
‫قريـش؛ نشره لول مرة إ‪ ...‬ليفـي بروفينسـال‬
‫باريـــــس؛ دار المعارف للطباعـــــة والنشـــــر‬
‫بالقاهرة؛ ‪.1951‬‬
‫‪ :‬جاد الله أبـو القاسـم محمود بـن عمـر‬ ‫‪ -71‬الزمخشري (‪)538/1144‬‬
‫بــن محمــد بــن عمــر الخوارزمــي الزمخشري‬
‫خصـائص العشرة الكرام البررة؛ تحقيـق بهيجـة‬
‫باقــر الحســيني؛ المؤســسة العامــة للصــحافة‬
‫والطباعة‪ -‬دار الجمهورية ببغداد ‪.138/168‬‬
‫‪ -72‬السبكي (‪ : )727/1370‬تاج الدين أبو النصر عبد الوهاب بن تقي الدين‬
‫السـبكي؛ طبقات الشافعيـة الكـبرى؛ المطبعـة‬

‫‪299‬‬
‫الحسينية؛ الطبعة الولى؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -73‬السهيلي (‪ : )581/1185‬عبـد الرحمـن بـن عبـد الله بـن أحمـد؛ الروض‬
‫النـف فـي تفسـير السـيرة النبويـة لبـن هشام‪،‬‬
‫تحقيـــق طــــه عبـــد الرؤوف ســــعد؛ بيروت؛‬
‫‪.1389/1978‬‬
‫‪ :‬جلل الدين عبد الرحمن؛‬ ‫‪ -74‬السيوطي (‪)911/1505‬‬
‫‪ - 1‬بغيـة الوعاة فـي طبقات اللغوييـن والنحاة؛‬
‫مطبعــة الســعادة بمصــر؛ الطبعــة الولى‬
‫‪.1326/1908‬‬
‫‪ - 2‬تاريــخ الخلفاء أمراء المؤمنيــن القائميــن‬
‫بأمر المة؛ إدارة الطباعة المنيرية بمصر؛‬
‫‪.1351/1932‬‬
‫‪ -3‬الوســائل إلى مســامرة الوائل؛ تحقيــق‬
‫الدكتور أســـــعد طلس؛ مطبعـــــة النجاح‬
‫ببغداد؛ ‪.1369/1950‬‬
‫‪ -75‬الشيباني (‪ : )179/795‬محمـد بـن الحسـن؛ شرح كتاب السـير الكـبير؛‬
‫إملء محمد بن أحمد السرخسي؛ تحقيق صلح‬
‫الديــن المنجــد؛ معهــد المخطوطات بجامعــة‬
‫الدول العربية؛ مطبعة مصر؛ ‪.1957‬‬
‫‪ -76‬شيـخ الربوة ( ‪ :)727/1326‬شمـس الديـن أبـو عبـد الله محمـد بـن أبـي‬
‫طالب النصـاري؛ نخبـة الدهـر فـي عجائب البر‬
‫والبحر؛ مطبعة الكاديمية المبراطورية بمدينة‬
‫بطربورغ؛ ‪.1281/1865‬‬
‫‪ -77‬طاش كـبرى زاده ( ‪ :)962/1554‬أحمـد بـن مصـطفى المعروف بطاش‬
‫كـبرى زاده؛ مفتاح السـعادة‪ ،‬آباد الدكـن الهنـد؛‬
‫الطبعة الولى ‪.1329/1911‬‬
‫‪ -78‬الطبراني (‪ : )360/970‬ســليمان بــن أحمــد؛ المعجــم الكــبير؛ تحقيــق‬
‫حمدي بـن عبـد الحميـد السـلفي؛ الدار العربيـة‬
‫للطباعة ببغداد؛ الطبعة الولى ‪.1397/1880‬‬
‫‪ -79‬الطبري (‪ : )310/923‬محمـد بـن جريـر؛ تاريـخ المـم والملوك؛ راجعـه‬
‫وصـــححه وضبطـــه نخبـــة مـــن العلماء على‬
‫النسـخة المطبوعـة بمطبعـة بريـل بمدينـة ليدن‬
‫ســــنة ‪1879‬؛ منشورات مؤســــسة العلمــــي‬
‫بـبيروت ومؤسـسة جوهـر للطباعـة والتصـوير؛‬
‫الطبعة الرابعة؛ ‪.1403/1983‬‬
‫‪ :‬مرضـي بـن علي مرضـي؛ تبصـرة أرباب‬ ‫‪ -80‬الطرسوسي (‪)589/1193‬‬
‫اللباب فـي كيفيـة النجاة فـي الحروب؛ تحقيـق‬
‫كلود كاهين؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 81‬الفيروز آبادي ( ‪ :)817/1414‬محمـد بـن يعقوب بـن محمـد بـن إبراهيـم؛‬
‫القاموس المحيـط؛ دار مكتبـة التربيـة للطباعـة‬
‫والنشر ببيروت؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -82‬العراقي (‪ : )805/1402‬أبو الفضل عبد الرحمن زين الدين بن الحسين‬
‫بــن عبــد الرحمــن بــن أبــي بكــر بــن إبراهيــم‬
‫العراقــــي؛ ألفيــــة علم الحديــــث المســــماة‬
‫ألفيةالعراقـي‪ ،‬مطبعـة الفاروق بدهلي؛ المكتبـة‬
‫الظاهرية ع ‪368‬؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪300‬‬
‫‪ -83‬القرطبي (‪ : )671/1272‬محمــد بــن أحمــد النصــاري؛ تفســير القرطــبي‬
‫(الجامع لحكام القرآن)‪ ،‬دار الشعب بالقاهرة‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -84‬القزويني (‪ : )682/1283‬زكريـا بـن محمـد بـن محمود؛ آثار البلد وأخبار‬
‫العباد؛ دار صـادر ودار بيروت للطباعـة والنشـر‬
‫ببيروت ‪.1380/1960‬‬

‫‪ :‬أبـــو العباس أحمــد؛ صـــبح العشــى؛‬ ‫‪ -85‬القلقشندي (‪)821/1418‬‬


‫المطبعة الميرية؛ بالقاهرة؛ ‪.1331/1913‬‬
‫‪ -86‬الكفوي (‪ : )1094/1683‬أيوب بـن موسـى الحسـيني الكفوي؛ الكليات؛‬
‫تحقيـــق عدنان درويـــش ومحمـــد المصـــري؛‬
‫منشورات مطبعــــة وزارة الثقافــــة والرشاد‬
‫القومي بدمشق ‪.1987‬‬
‫‪ - 87‬الكلعي (‪ : )634/1236‬سليمان بن موسى بن سالم الحميدي الكلعي‬
‫البلنســـي؛ الكتفاء فـــي مغازي رســـول الله‬
‫والثلثـة الخلفاء؛ تحقيـق مصـطفى عبـد الواحـد؛‬
‫مطبعة السنة المحمدية؛ ‪.1387/1968‬‬
‫‪ :‬مالك بــن أنــس بــن مالك الصــنجي؛ الموطــأ؛‬ ‫‪ -88‬مالك (‪)179/795‬‬
‫مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولده بمصر؛‬
‫‪.1339/1920‬‬
‫‪ -89‬المرزباني (‪ : )384/994‬محمـد بـن عمران بـن موسـى؛ معجـم الشعراء؛‬
‫تحقيـــق عبـــد الســـتار أحمـــد فراج؛ دار إحياء‬
‫الكتـب العربيـة عيسـى البابـي الحلبـي وشركاه؛‬
‫‪.1379/1960‬‬
‫‪ :‬علي بـن الحسـين بـن علي المسـعودي؛‬ ‫‪ -90‬المسعودي (‪)346/957‬‬
‫مروج الذهـب ومعادن الجوهـر؛ المطبعـة البهيـة‬
‫المصرية بمصر؛ ‪.)1346/1927‬‬
‫‪ -91‬مسلم (‪ : )261/874‬مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري‪ ،‬صحيح‬
‫مســــلم؛ دار إحياء التراث العربــــي بمصــــر؛‬
‫‪.1374/1954‬‬
‫‪- 92‬المقدسي (‪ : )380/990‬شمـس الديـن أبـو عبـد الله محمـد بـن أحمـد بـن‬
‫أبـي بكـر البناء البشاري؛ أحسـن التقاسـيم فـي‬
‫ن" الطبعة‬ ‫معرفة القاليم؛ مطبعة بريل بـ "لَيْد َ ْ‬
‫الثانية ‪.1906‬‬
‫‪ :‬أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد؛‬ ‫‪ -93‬المقريزي (‪)845/1441‬‬
‫إمتاع السماع بما للرسول من النْباء والموال‬
‫والحفدة والمتاع؛ تحقيــق محمود محمــد ‪......‬‬
‫مطبعـــة لجنـــة التأليـــف والترجمـــة والنشـــر‬
‫بالقاهرة؛ ‪.1941‬‬
‫‪ -94‬النسائي (‪ : )303/915‬أحمــد بــن شعيــب بــن علي النســائي؛ ســنن‬
‫النســــائي؛ شرح جلل الديــــن الســــيوطي؛‬
‫المطبعـــة المصـــرية بالزهـــر؛ الطبعـــة الولى‬
‫‪.1348/1930‬‬
‫‪ -95‬النسفي (‪ : )701/1301‬عبـد الله بـن أحمـد بـن محمود؛ مدارك التنزيـل‬
‫وحقائق التأويـل؛ دارالمعرفـة للطباعـة والنشـر‬
‫ببيروت؛ بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫محيي الدين بن شرف؛تهذيب السماء واللغات؛‬ ‫‪ -96‬النووي (‪: )767/1277‬‬
‫إدارة الطباعة المنيرية بمصر؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب؛ نهاية الرب‬ ‫‪ -97‬النويري (‪: )732/1331‬‬
‫فـي فنون الدب؛ مطبعـة دار الكتـب المصـرية‬
‫بمصر؛ ‪.1342/1923‬‬
‫علي بــن أبــي بكــر؛ الشارات إلى معرفــة‬ ‫‪ -98‬الهروي (‪: )611/1214‬‬
‫الزيارات؛ تحقيــق جانيــن ســورديل‪ -‬طوميــن؛‬
‫المعهـد الفرنسـي بدمشـق للدراسـات العربيـة؛‬
‫‪.1953‬‬
‫محمد بن عمر؛‬ ‫‪ -99‬الواقدي (‪: )207/822‬‬
‫‪ - 1‬فتوح الشام؛ المطبعــة الميمنيــة بمصــر؛‬
‫‪.1309/1891‬‬
‫‪ - 2‬مغازي رســول الله؛ مطبعــة الســعادة‬
‫بمحافظة مصر؛ ‪.1367/1948‬‬
‫عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني؛‬ ‫‪ -100‬اليافعي (‪: )768/1366‬‬
‫مرآة الجنان وعــــبرة اليقظان فــــي معرفــــة‬
‫حوادث الزمان؛ تحقيــــق عبــــد الله الجبوري؛‬
‫مؤســـسة الرســـالة بـــبيروت؛ الطبعـــة الولى‬
‫‪.1405/1984‬‬
‫ياقوت بـن عبدالله الرومـي أبـو الدر غلب عليـه‬ ‫‪ - 101‬ياقوت (‪: )622/1225‬‬
‫ياقوت؛ معجــم الدباء؛ راجعتــه وزارةالمعارف‬
‫العموميـة بمصـر؛ مكتبـة عيسـى البابـي الحلبـي‬
‫وشركاه بمصر؛ بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪302‬‬
‫المراجــــــع‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ :‬شوقــي‪ ،‬أطلس التاريــخ العربــي؛ دار الفكــر بدمشــق؛‬ ‫‪ -1‬أبو خليل‬


‫الطبعة الولى ‪......./.......‬‬
‫‪ :‬سعيد؛ عائشة والسياسة؛ مطبعة لجنة التأليف والترجمة‬ ‫‪ -2‬الفغاني‬
‫والنشر؛ ‪.1947‬‬
‫‪ :‬محمود شكري؛ بلوغ الرب فـي معرفـة أحوال العرب؛‬ ‫‪ -3‬اللوسي‬
‫المطبعة الرحمانية بمصر؛ الطبعة الثانية ‪.1343/1924‬‬
‫‪ -4‬أمين ‪ :‬أحمـد؛ فجـر السـلم؛ مكتبـة النهضـة المصـرية بالقاهرة؛ الطبعـة‬
‫التاسعة ‪.1964‬‬
‫مد بــن أبــي طالب؛ الســياسة فــي علم الفراســة؛‬ ‫‪ -5‬النصاري ‪ :‬مح ّ ـ‬
‫مطبعة الوطن؛ الطبعة الولى ‪.1882‬‬
‫‪ :‬محمد فارس؛ المرشد إلى آيات القرآن الكريم وكلماته؛‬ ‫‪ -6‬بركات‬
‫المطبعة الهاشمية بدمشق؛ ‪.1377/1957‬‬
‫‪ -7‬جابي زاده ؛ علي بن شاكر الموستاري المعروف بجابي زاده؛ حسن‬
‫الصـحابة فـي شرح أشعار الصـحابة؛ دار سـعادة روشـن‬
‫سي؛ ‪.1324‬‬
‫مـــن المؤلفيـــن العســـكريين المختصـــين‪ :‬الموســـوعة‬ ‫‪ -8‬جمهرة‬
‫العســكرية؛ المؤســسة العربيــة للدراســات والنشــر‬
‫ببيروت؛ الطبعة الولى ‪.1979‬‬
‫‪ -9‬حتي ‪ :‬فيليــب‪ :‬تاريــخ العرب؛ دار غندور للطباعــة والنشــر والتوزيــع؛‬
‫الطبعة الخامسة ‪.1974‬‬
‫‪ :‬جورج مرعي؛ فتح العرب للشام (بحث تاريخي انتقادي‬ ‫‪ -10‬حدّاد‬
‫تحليلي)؛ المنشورات الجامعة بطرابلس لبنان؛ ‪.1984‬‬
‫‪ :‬طه؛ الشيخان؛ مطابع دار المعارف بمصر؛ ‪.1969‬‬ ‫‪ -11‬حسين‬
‫‪ :‬فيلمون؛ الفراسة؛ المطبعة العلمية بحلب؛ ‪.1347/1929‬‬ ‫‪ -12‬الحكيم‬
‫‪ :‬خالد محمد؛ خلفاء الرسول؛ دار الكتاب العربي ببيروت؛‬ ‫‪ -13‬خالد‬
‫الطبعة الثانية ‪.1394/1974‬‬
‫‪ -14‬الخضري ‪ :‬محمد؛‬
‫‪ - 1‬تاريـخ المـم السـلمية؛ المكتبـة التجاريـة الكـبرى‬
‫بمصر؛ الطبعة الثانية ‪.382‬‬
‫‪ - 2‬إتمام الوفاء فـي سـيرة الخلفاء؛ المطبعـة العربيـة‬
‫بمصر؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ :‬محمود شيت؛‬ ‫‪ -15‬خطّاب‬
‫‪ - 1‬قادة فتح الشام ومصر؛ دار الفتح ببيروّت‪ ،‬الطبعة‬

‫‪303‬‬
‫الولى ‪.1385/1965‬‬
‫‪ - 2‬قادة فتـح بلد فارس (إيران)؛ دار الفتـح بـبيروت؛‬
‫الطبعة الولى ‪..385/196‬‬
‫‪ - 3‬قادة فتـح العراق والجزيرة؛ دار القلم بالقاهرة؛‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫نجدة؛ الشام فـي صـدر السـلم مـن الفتـح حتـى سـقوط‬ ‫‪:‬‬ ‫ماش‬
‫‪ -16‬خ ّ‬
‫خلفـة بنـي أميـة؛ دراسـة للوضاع الجتماعيـة والداريـة؛‬
‫رسالة قدمت لنيل درجة الدكتوراة من جامعة دمشق؛‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫ثابـت اسـماعيل؛ تاريـخ الدولة العربيـة (خلفـة الراشديـن‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -17‬الّراوي‬
‫والمويين)؛ مطبعة الرشاد ببغداد ‪.1970‬‬
‫علي بـن عبـد الله بـن أبـي السـرور بـن عبـد الرحمـن‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -18‬الروحي‬
‫الروحـــي؛ بلغـــة الظرفاء فـــي ذكرى تواريـــخ الخلفاء؛‬
‫مطبعة النجاح بمصر؛ الطبعة الولى ‪.1327/1909‬‬
‫خيــر الديــن؛ العلم قاموس تراجــم لشهــر الرجال‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -19‬الزركلي‬
‫والنسـاء مـن العرب والمسـتعربين والمسـتشرقين؛ دار‬
‫العلم للمليين ببيروت؛ الطبعة السادسة تشرين الثاني‬
‫‪.1984‬‬
‫عبـد الرحمـن زكـي؛ السـلح فـي السـلم؛ دار المعارف‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -20‬زكي‬
‫بمصر؛ ‪.1951‬‬
‫جرجي؛‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -21‬زيدان‬
‫‪ - 1‬التمدن الســلمي؛ دار مكتبــة الحياة للطباعــة‬
‫والنشر ببيروت؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تاريخ آداب اللغةالعربية؛ راجعه وعلق عليه شوقي‬
‫ضيف؛ دار الهلل؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫يوســف اليان؛ معجــم المطبوعات العربيــة والمعربــة؛‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -22‬سركيس‬
‫مطبعة سركيس بمصر؛ ‪.1346/1928‬‬
‫أميــن؛ حروب الســلم والمبراطوريــة الروميــة فتــح‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -23‬سعيد‬
‫الشام‪ ،‬مصر؛ أفريقية الشمالية؛ مطبعة عيسى البابي‬
‫الحلبي وشركاه بمصر؛ ‪.1935‬‬

‫ياســين؛ معارك خالد بــن الوليــد؛ المؤســسة العربيــة‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -24‬سويد‬


‫للدراسات والنشر؛ الطبعة الثالثة ‪.1981‬‬
‫محمود؛ اشتراكيـة أبـي بكـر؛ دار الجيـل بـبيروت؛ الطبعـة‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -25‬شلبي‬
‫الثانية ‪.1974‬‬
‫خليـــل‪ ،‬جغرافيـــة فلســـطين؛ مطبعـــة بيـــت المقدس‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -26‬طوطح‬
‫بالقدس؛ ‪.1923‬‬
‫صــبحي؛ معارك العرب الحاســمة؛ مؤســسة البحاث‬ ‫‪ -27‬عبد الحميد ‪:‬‬
‫العربية ببيروت؛ الطبعة الثانية ‪.1980‬‬
‫سام؛ فــن الحرب فــي عهود الخلفاء الراشديــن‬ ‫ب ّــ‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -28‬العسلي‬
‫والموييــــن؛ دار الفكــــر بــــبيروت‪ ،‬الطبعــــة الولى‬
‫‪.1394/1974‬‬
‫عباس محمود‪ :‬عبقريـة الصـديق‪ ،‬كتاب الهلل؛ سـلسلة‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -29‬العقّاد‬

‫‪304‬‬
‫شهريــــة تصــــدر عــــن دار الهلل بالقاهرة؛ العدد ‪،54‬‬
‫‪.1375/1955‬‬
‫‪ :‬يوســف؛ معركـة اليرموك؛ دار هشام للنشـر والتوزيـع‬ ‫غوانمة‬ ‫‪-30‬‬
‫بأربد الردن؛ ‪.1985‬‬
‫‪ :‬خورشيــد أحمــد؛ تاريــخ الردة؛ مقتبــس مــن الكتفاء‬ ‫فارق‬ ‫‪-31‬‬
‫للكلعـي البلنسـي؛ معهـد الدراسـات السـلمية؛ دهلي‬
‫الجديدة؛ ‪.1961‬‬
‫مد يوسف؛حياة الصحابة؛ دار النصر للطباعة بمصر؛‬ ‫الكاندهلوي ‪ :‬مح ّ‬ ‫‪-32‬‬
‫‪.1389/1969‬‬
‫‪ :‬عمــر رضــا؛ معجــم قبائل العرب القديمــة والحديثــة؛‬ ‫كحالة‬ ‫‪-33‬‬
‫مؤسسة الرسالة ببيروت؛ الطبعة الخامسة ‪.1405/1985‬‬
‫‪ :‬أحمد عادل؛‬ ‫كمال‬ ‫‪-34‬‬
‫‪ - 1‬الطريق إلى دمشق (فتح بلد الشام)؛ دار النفائس‬
‫ببيروت؛ الطبعة الولى ‪.1400/1980‬‬
‫‪ - 2‬الطريق إلى المدائن؛ دار النفائس ببيروت؛ الطبعة‬
‫الولى ‪.1392/1972‬‬
‫‪ :‬عبــد المنعــم؛ تاريــخ الحضارة الســلمية فــي العصــور‬ ‫ماجد‬ ‫‪-35‬‬
‫الوسطى؛ مكتبة النجلو المصرية بالقاهرة؛ ‪.1963‬‬
‫‪ :‬محمــد علي؛ الخريطــة التاريخيــة للعراق والمشرق‬ ‫مادون‬ ‫‪-36‬‬
‫والجزيرة العربيـة وبلد الشام ومصـر؛ مطبعـة السـاحة‬
‫العسكرية السورية بدمشق؛ ‪.1400/1979‬‬
‫‪ :‬مجلة المجمع العلمي العربي؛ المجلد السادس‬ ‫المجمع العربي‬ ‫‪-37‬‬
‫عشــر؛ مطبعــة الترقــي بدمشــق؛ كانون ثانــي وشباط‬
‫‪.1360/1941‬‬
‫المرصفي ‪ :‬سيد بن علي المرصفي؛ رغبة المل من كتاب الكامل؛‬ ‫‪-38‬‬
‫مكتبة السدي بطهران؛ ‪.1970‬‬

‫؛ منصور علي؛ التاج الجامع للصول في أحاديث الرسول؛‬ ‫ناصف‬ ‫‪-39‬‬


‫دار إحياء الكتب العربية؛ الطبعة الثالثة ‪.1981/1961‬‬
‫‪ :‬محمـد حسـين؛ الصـديق أبـو بكـر؛ مطبعـة مصـر؛ الطبعـة‬ ‫هيكل‬ ‫‪-40‬‬
‫الثانية ‪.1362‬‬
‫‪ :‬محمد فريد؛‬ ‫وجدي‬ ‫‪-41‬‬
‫‪ - 1‬دائرة معارف القرن العشريــن؛ دار المعرفــة‬
‫ببيروت؛ الطبعة الثالثة ‪.1971‬‬
‫‪ - 2‬المصـحف المفسـر؛ مطابـع الشعـب بمصـر؛ بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫وتر ‪ :‬محمد بن ضاهر؛‬ ‫‪-42‬‬
‫‪ - 1‬الدارة العسكرية في حروب الرسول محمد صلى‬
‫الله عليــه وســلم؛ مطبعــة الرشيــد بحلب؛ الطبعــة‬
‫الولى ‪.1406/1986‬‬
‫‪ - 2‬مكانــة المرأة فــي الشؤون الداريــة والبطولت‬
‫القتالية؛ مؤسسة الرسالة ببيروت؛ ‪.1399/1979‬‬

‫‪305‬‬
‫‪ -‬المراجع المعّربة‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫أ‪.‬أكرم؛ سـيف الله خالد بـن الوليـد؛ ترجمـة العميـد‬ ‫‪-42‬أكرم‪ :‬الجنرال‪.‬‬
‫الركــن صــبحي الجابــي؛ مؤســسة الرســالة بــبيروت؛‬
‫الطبعة الّرابعة ‪.1402/1982‬‬
‫قصـــة الحضاّرة؛ ترجمـــة محمــد بدران؛ الدارة الثقافيــة‬ ‫‪ -43‬وِل؛‬
‫بجامعة الدول العربية؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ :‬جون باجوت؛ الفتوحات العربيـة الكبرى؛ تعريب وتعليـق‬ ‫‪ -44‬غلوب‬
‫خيري حماد؛ منشورات مكتبة المثنى ببغداد؛ ‪.1963‬‬
‫‪ :‬موريــس؛ الجغرافيــا التاريخيــة للعالم الســلمي خلل‬ ‫‪ -45‬لومبارد‬
‫القرون الربعةالولى؛ ترجمـــة الدكتور عبـــد الرحمـــن‬
‫حميده؛ دار الفكر بدمشق؛ بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -46‬هاري‪.‬و‪ .‬هازارد‪ :‬أطلس التاريــخ الســلمي؛ تحقيــق إبراهيــم زكــي‬
‫خورشيد؛ مكتبة النهضة المصرية بالقاهرة؛ عن جامعة‬
‫برنستون؛ ‪.1954‬‬

‫‪306‬‬
:‫ المراجع الجنبية‬- 5

1 - Saufany (E)- Al Riddah And The Muslim Conquest of Arabia- University of


toronto Press, the arab institute for research and Publiching. )1972).
2 - Gabrieli (Francesco) - Muhammad and conquest of Islam. London (1968).
3- The Encyclopedio of Military History . R. Erest. Dupuy and Trevor - N.
Dupuy- Jane’s Publishing Company London -Sydney (1977).
4 - Hamidullah (M) - Documents Sw La Diplomatie Musulmane, a` I’ E` poque
du prophe`te et des Khatifes orthodones, lesaire, Assotiation, De
composition , de trduction et de publication, sha`ria al - Kirda`ssi- Addin
(1941).
5 - Pereceval (A. P) - Essai surl Histoire des arabes , Limprime Autrich,
premiere Eclition (1847).



307
‫المحــــتوى‬
‫تمهيد‪5.....................................................................................................................‬‬
‫خطّة البحث‪14...........................................................................................................‬‬
‫مُدْخَل‪18.......................................................................................................................‬‬
‫تعريف تقويمي بأهم المصادر ‪18........................................................................................‬‬
‫محمّد بن اسحاق بن يسار المطلبي‬
‫)‪22.....................................................................................................(768 /151‬‬
‫أبو العبّاس الوليد بن مسلم‬
‫)‪25.................................................................................................... (810 /195‬‬
‫سيف بن عمر السدي التّميمي‬
‫)‪26.....................................................................................................(815 /200‬‬
‫أبو عبد الّ محمّد بن عمر الواقدي‬
‫) ‪29................................................................................................... (823 /207‬‬
‫علي بن محمّد بن عبد ال المدائني‬
‫)‪32.................................................................................................... (839 /225‬‬
‫أبو اسماعيل محمّد بن عبد ال الزدي البصري‬
‫) ‪33................................................................................................... (845 /231‬‬
‫أبو يزيد وثيمة)(بن موسى بن الفرات الفارسي الفسوي‬
‫) ‪36.................................................................................................()(851 /237‬‬
‫أحمد بن يحيى البلذري‬
‫) ‪37....................................................................................................(892 /279‬‬
‫ابن عساكر علي بن الحسين بن وهبة الّ‬
‫)‪38...................................................................................................(1176 /571‬‬
‫ابن حُبيش عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد ال النصاري الندلسي‬
‫) ‪40..................................................................................................(1188 /584‬‬
‫الفصـــــل الوّل ‪43........................................................................................................‬‬
‫حروب أبي بكر الصّديق رضي ال عنه في الفترة النبويّة‪43.......................................................‬‬
‫أبو بكر نائب القائد العلى‪44.....................................................................................‬‬
‫حامل الرّاية )اللواء(‪47............................................................................................‬‬
‫أبو بكر أمين سر القائد العلى ‪48...............................................................................‬‬
‫المستشار العسكري الوّل ‪49.....................................................................................‬‬
‫قائد ميمنة الجيش ‪49...............................................................................................‬‬
‫أوّل شاهد على صلح الحديبية‪50.................................................................................‬‬
‫أبو بكر قائد سرية قتاليّة ‪51.......................................................................................‬‬
‫قائد سرية ذات مهام خاصّة ‪52...................................................................................‬‬
‫الفارس ذو الحركة العالية في الميدان‬
‫) قائد الطليعة( ‪53...................................................................................................‬‬
‫أبو بكر القائد النضباطي‪54......................................................................................‬‬
‫القائد العقائدي ‪54...................................................................................................‬‬
‫القائد ذو المعنويّات العالية ‪55....................................................................................‬‬
‫القائد باذل إرادة القتال‪56..........................................................................................‬‬
‫أبو بكر القائد الداري ‪57..........................................................................................‬‬
‫القائد النساني ‪58...................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪61............................................................................................................‬‬
‫مسارح العمليّات ‪61........................................................................................................‬‬

‫‪54‬‬
‫صفات مسارح العمليات ‪61.......................................................................................‬‬
‫مسرح عمليّات شبه جزيرة العرب ‪65..........................................................................‬‬
‫مسرح عمليّات العراق ‪73.........................................................................................‬‬
‫مسرح عمليات الشام ‪81...........................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪89............................................................................................................‬‬
‫حُروب الرّدّة ‪89.............................................................................................................‬‬
‫حروب الرّدة والتصدي للمرتدين ‪94............................................................................‬‬
‫الفَصل الرّابع ‪118..........................................................................................................‬‬
‫فتوح العراق ‪118...........................................................................................................‬‬
‫قرار الفتح ‪119......................................................................................................‬‬
‫تاريخ فتح العراق ‪121.............................................................................................‬‬
‫حجم الجيش ‪121....................................................................................................‬‬
‫الستطلع ‪122......................................................................................................‬‬
‫التسليح ‪123..........................................................................................................‬‬
‫فن الحرب عند العرب وعند الفرس ‪124.......................................................................‬‬
‫المبارزة‪131.........................................................................................................‬‬
‫المفاجأة‪132..........................................................................................................‬‬
‫سير المعارك‪133...................................................................................................‬‬
‫الشؤون الداريّة‪139................................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس ‪143........................................................................................................‬‬
‫فتوح الشّام‪143...............................................................................................................‬‬
‫خطّة فتح الشّام‪143..................................................................................................‬‬
‫أهداف خطّة الفتح‪143..................................................................................................‬‬
‫قيادة الفتح‪145...........................................................................................................‬‬
‫خطّة الفتح الستراتيجية والتعبـئة‪146...............................................................................‬‬
‫التحضير والعداد لفتح الشام‪149................................................................................‬‬
‫معارك الفتح‪151........................................................................................................‬‬
‫قــــــوات الــــروم ‪155............................................................................................‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -1‬الحصار‪166.....................................................................................................‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -2‬الفتح‪167..........................................................................................................‬‬
‫مسير الجيوش والمعارك التّصادميّة‪168.......................................................................‬‬
‫الفصل السادس‪177.........................................................................................................‬‬
‫الرّيادة والقيادة‪177..........................................................................................................‬‬
‫الماضي المشرق‪177...................................................................................................‬‬
‫العلم والثقافة‪179....................................................................................................‬‬
‫الصحبة والملزمة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪183....................................................‬‬
‫المنزلة الرفيعة لبي بكر‬
‫عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪185........................................................................‬‬
‫الخلفــــــــة‪185....................................................................................................‬‬
‫اللتزام الشّديد بالوامر النبويّة‪189..............................................................................‬‬
‫الصّفات الجسديّة‪190...............................................................................................‬‬
‫الصفات الخلقية‪191................................................................................................‬‬
‫الصّفات النسانية‪192..............................................................................................‬‬
‫الصّفات العسكريّة‪193.............................................................................................‬‬
‫الفَصل السّابع‪226...........................................................................................................‬‬

‫‪55‬‬
‫قادة الجبَهات‬
‫والجيوش والتشكيلت‪226.................................................................................................‬‬
‫أولً‪ :‬القادة في جبهة شبه جزيرة العرب‪226...................................................................‬‬
‫‪ -1‬أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي ت‪227..............................................................54/674‬‬
‫‪-2‬خالد بن الوليد ‪230.......................................................................................21/641‬‬
‫‪ -3‬عمرو بن العاص‬
‫بن وائل السهمي‪243......................................................................................43/664 :‬‬
‫‪-4‬خالد بن سعيد بن العاص ‪245..........................................................................14/635‬‬
‫‪ -5‬شرحبيل بن حَسَنة بن‬
‫عبد ال الكندي‪246........................................................................................18/639 :‬‬
‫‪ -6‬عكرمة بن أبي جهل‬
‫‪ 13/634‬أو ‪ 15/636‬وهو الرجح‪248............................................................................‬‬
‫‪ -7‬النعمان بن مقرن المزني ‪249........................................................................21/642‬‬
‫‪ -8‬سويد بن مقرن المزني‪250......................................................................................:‬‬
‫‪ -9‬العلء بن الحضرمي ‪251.............................................................................21/641‬‬
‫‪ -10‬طريفة بن حاجز السلمي‪252...................................................................................‬‬
‫‪ -11‬المهاجر بن أبي أميّة‪253........................................................................................‬‬
‫‪ -12‬حذيفة بن محصن الغَلْفاني‪254.................................................................................‬‬
‫‪ -13‬عَرفجة بن هَرثمة البارقي‪254.................................................................................‬‬
‫‪ -14‬القادة الحتياطيون‪256......................................................................................... :‬‬
‫زياد بن لبيد البياضي‪256..........................................................................................‬‬
‫يعلى بن ُمنْية المضري‪257..................................................................................... :‬‬
‫أبوموسى الشعري‬
‫)عبد ال بن قيس بن سليم العامري( ‪258...........................................................52/672‬‬
‫ثانياً‪ :‬القادّة في جبهة العراق ‪259................................................................................‬‬
‫‪ -1‬المثنى بن حارثة الشيباني‬
‫ت ‪260...................................................................................................... :14/635‬‬
‫غنْم ‪268.................................................................................. .20/640‬‬ ‫‪ - 2‬عياض بن َ‬
‫‪ - 3‬عدي بن حاتم‬
‫بن عبد ال الطائي ‪270................................................................................... .68/687‬‬
‫‪ - 4‬مذعور بن عدي العجلي‪272.................................................................................. :‬‬
‫‪ - 5‬حرملة بن مريطة التميمي‪273................................................................................ :‬‬
‫‪ - 6‬سُلمى بن سلمى‬
‫بن ال َقيْن التميمي‪273................................................................................................. :‬‬
‫‪ - 7‬القعقاع بن عمرو ‪274.................................................................................40/660‬‬
‫‪ - 8‬عاصم بن عمرو التميمي ‪276.......................................................................19/640‬‬
‫ثالثاً‪ :‬القادة في جبهة الشّام ‪277...................................................................................‬‬
‫‪ - 1‬عامر بن عبد الّ بن الجرّاح‬
‫)أبو عبيدة( ‪277..............................................................................................18/639‬‬
‫‪ - 2‬يزيد بن أبي سفيان ‪282...............................................................................18/639‬‬
‫‪ - 3‬صدي بن عجلن‬
‫)أبو أمامة الباهلي(‪284...................................................................................86/705 :‬‬
‫‪ - 4‬قادة الجنحة والكراديس‪284...............................................................................:‬‬
‫أ ‪ -‬الزبير بن العوام بن خويلد القرشي السدي ‪285.................................................36/656‬‬
‫ب‪ -‬هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ‪286...................................................................37/657‬‬
‫الخاتمــــة ‪287..............................................................................................................‬‬
‫المخطوطات‪ ،‬المصادر‪ ،‬المراجع‪292................................................................................ ،‬‬
‫المراجع المعرّبة‪ ،‬المراجع الجنبيّة ‪292...............................................................................‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ - 1‬المخطوطات ‪293..............................................................................................‬‬
‫‪ - 2‬المصادر‪293..................................................................................................:‬‬
‫‪ ‬المراجــــــع‪303.............................................................................................. :‬‬
‫‪ - 4‬المراجع المعرّبة‪306........................................................................................... :‬‬
‫‪ - 5‬المراجع الجنبية‪307........................................................................................... :‬‬
‫المحــــتوى ‪54...............................................................................................................‬‬
‫صدر للمؤلف ‪61............................................................................................................‬‬

‫تمهيد‪5.....................................................................................................................‬‬
‫خطّة البحث‪14...........................................................................................................‬‬
‫مُدْخَل‪18.......................................................................................................................‬‬
‫تعريف تقويمي بأهم المصادر ‪18........................................................................................‬‬
‫محمّد بن اسحاق بن يسار المطلبي‬
‫)‪22.....................................................................................................(768 /151‬‬
‫أبو العبّاس الوليد بن مسلم‬
‫)‪25.................................................................................................... (810 /195‬‬
‫سيف بن عمر السدي التّميمي‬
‫)‪26.....................................................................................................(815 /200‬‬
‫أبو عبد الّ محمّد بن عمر الواقدي‬
‫) ‪29................................................................................................... (823 /207‬‬
‫علي بن محمّد بن عبد ال المدائني‬
‫)‪32.................................................................................................... (839 /225‬‬
‫أبو اسماعيل محمّد بن عبد ال الزدي البصري‬
‫) ‪33................................................................................................... (845 /231‬‬
‫أبو يزيد وثيمة)(بن موسى بن الفرات الفارسي الفسوي‬
‫) ‪36.................................................................................................()(851 /237‬‬
‫أحمد بن يحيى البلذري‬
‫) ‪37....................................................................................................(892 /279‬‬
‫ابن عساكر علي بن الحسين بن وهبة الّ‬
‫)‪38...................................................................................................(1176 /571‬‬
‫ابن حُبيش عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد ال النصاري الندلسي‬
‫) ‪40..................................................................................................(1188 /584‬‬
‫الفصـــــل الوّل ‪43........................................................................................................‬‬
‫حروب أبي بكر الصّديق رضي ال عنه في الفترة النبويّة‪43.......................................................‬‬
‫أبو بكر نائب القائد العلى‪44.....................................................................................‬‬
‫حامل الرّاية )اللواء(‪47............................................................................................‬‬
‫أبو بكر أمين سر القائد العلى ‪48...............................................................................‬‬
‫المستشار العسكري الوّل ‪49.....................................................................................‬‬
‫قائد ميمنة الجيش ‪49...............................................................................................‬‬
‫أوّل شاهد على صلح الحديبية‪50.................................................................................‬‬
‫أبو بكر قائد سرية قتاليّة ‪51.......................................................................................‬‬
‫قائد سرية ذات مهام خاصّة ‪52...................................................................................‬‬
‫الفارس ذو الحركة العالية في الميدان‬
‫) قائد الطليعة( ‪53...................................................................................................‬‬
‫أبو بكر القائد النضباطي‪54......................................................................................‬‬
‫القائد العقائدي ‪54...................................................................................................‬‬
‫القائد ذو المعنويّات العالية ‪55....................................................................................‬‬
‫القائد باذل إرادة القتال‪56..........................................................................................‬‬

‫‪57‬‬
‫أبو بكر القائد الداري ‪57..........................................................................................‬‬
‫القائد النساني ‪58...................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪61............................................................................................................‬‬
‫مسارح العمليّات ‪61........................................................................................................‬‬
‫صفات مسارح العمليات ‪61.......................................................................................‬‬
‫مسرح عمليّات شبه جزيرة العرب ‪65..........................................................................‬‬
‫مسرح عمليّات العراق ‪73.........................................................................................‬‬
‫مسرح عمليات الشام ‪81...........................................................................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪89............................................................................................................‬‬
‫حُروب الرّدّة ‪89.............................................................................................................‬‬
‫حروب الرّدة والتصدي للمرتدين ‪94............................................................................‬‬
‫الفَصل الرّابع ‪118..........................................................................................................‬‬
‫فتوح العراق ‪118...........................................................................................................‬‬
‫قرار الفتح ‪119......................................................................................................‬‬
‫تاريخ فتح العراق ‪121.............................................................................................‬‬
‫حجم الجيش ‪121....................................................................................................‬‬
‫الستطلع ‪122......................................................................................................‬‬
‫التسليح ‪123..........................................................................................................‬‬
‫فن الحرب عند العرب وعند الفرس ‪124.......................................................................‬‬
‫المبارزة‪131.........................................................................................................‬‬
‫المفاجأة‪132..........................................................................................................‬‬
‫سير المعارك‪133...................................................................................................‬‬
‫الشؤون الداريّة‪139................................................................................................‬‬
‫الفصل الخامس ‪143........................................................................................................‬‬
‫فتوح الشّام‪143...............................................................................................................‬‬
‫خطّة فتح الشّام‪143..................................................................................................‬‬
‫أهداف خطّة الفتح‪143..................................................................................................‬‬
‫قيادة الفتح‪145...........................................................................................................‬‬
‫خطّة الفتح الستراتيجية والتعبـئة‪146...............................................................................‬‬
‫التحضير والعداد لفتح الشام‪149................................................................................‬‬
‫معارك الفتح‪151........................................................................................................‬‬
‫قــــــوات الــــروم ‪155............................................................................................‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -1‬الحصار‪166.....................................................................................................‬‬
‫مخطط حصار دمشق وفتحها‬
‫‪ -2‬الفتح‪167..........................................................................................................‬‬
‫مسير الجيوش والمعارك التّصادميّة‪168.......................................................................‬‬
‫الفصل السادس‪177.........................................................................................................‬‬
‫الرّيادة والقيادة‪177..........................................................................................................‬‬
‫الماضي المشرق‪177...................................................................................................‬‬
‫العلم والثقافة‪179....................................................................................................‬‬
‫الصحبة والملزمة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪183....................................................‬‬
‫المنزلة الرفيعة لبي بكر‬
‫عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪185........................................................................‬‬
‫الخلفــــــــة‪185....................................................................................................‬‬
‫اللتزام الشّديد بالوامر النبويّة‪189..............................................................................‬‬
‫الصّفات الجسديّة‪190...............................................................................................‬‬
‫الصفات الخلقية‪191................................................................................................‬‬

‫‪58‬‬
‫الصّفات النسانية‪192..............................................................................................‬‬
‫الصّفات العسكريّة‪193.............................................................................................‬‬
‫الفَصل السّابع‪226...........................................................................................................‬‬
‫قادة الجبَهات‬
‫والجيوش والتشكيلت‪226.................................................................................................‬‬
‫أولً‪ :‬القادة في جبهة شبه جزيرة العرب‪226...................................................................‬‬
‫‪ -1‬أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي ت‪227..............................................................54/674‬‬
‫‪-2‬خالد بن الوليد ‪230.......................................................................................21/641‬‬
‫‪ -3‬عمرو بن العاص‬
‫بن وائل السهمي‪243......................................................................................43/664 :‬‬
‫‪-4‬خالد بن سعيد بن العاص ‪245..........................................................................14/635‬‬
‫‪ -5‬شرحبيل بن حَسَنة بن‬
‫عبد ال الكندي‪246........................................................................................18/639 :‬‬
‫‪ -6‬عكرمة بن أبي جهل‬
‫‪ 13/634‬أو ‪ 15/636‬وهو الرجح‪248............................................................................‬‬
‫‪ -7‬النعمان بن مقرن المزني ‪249........................................................................21/642‬‬
‫‪ -8‬سويد بن مقرن المزني‪250......................................................................................:‬‬
‫‪ -9‬العلء بن الحضرمي ‪251.............................................................................21/641‬‬
‫‪ -10‬طريفة بن حاجز السلمي‪252...................................................................................‬‬
‫‪ -11‬المهاجر بن أبي أميّة‪253........................................................................................‬‬
‫‪ -12‬حذيفة بن محصن الغَلْفاني‪254.................................................................................‬‬
‫‪ -13‬عَرفجة بن هَرثمة البارقي‪254.................................................................................‬‬
‫‪ -14‬القادة الحتياطيون‪256......................................................................................... :‬‬
‫زياد بن لبيد البياضي‪256..........................................................................................‬‬
‫يعلى بن ُمنْية المضري‪257..................................................................................... :‬‬
‫أبوموسى الشعري‬
‫)عبد ال بن قيس بن سليم العامري( ‪258...........................................................52/672‬‬
‫ثانياً‪ :‬القادّة في جبهة العراق ‪259................................................................................‬‬
‫‪ -1‬المثنى بن حارثة الشيباني‬
‫ت ‪260...................................................................................................... :14/635‬‬
‫غنْم ‪268.................................................................................. .20/640‬‬ ‫‪ - 2‬عياض بن َ‬
‫‪ - 3‬عدي بن حاتم‬
‫بن عبد ال الطائي ‪270................................................................................... .68/687‬‬
‫‪ - 4‬مذعور بن عدي العجلي‪272.................................................................................. :‬‬
‫‪ - 5‬حرملة بن مريطة التميمي‪273................................................................................ :‬‬
‫‪ - 6‬سُلمى بن سلمى‬
‫بن ال َقيْن التميمي‪273................................................................................................. :‬‬
‫‪ - 7‬القعقاع بن عمرو ‪274.................................................................................40/660‬‬
‫‪ - 8‬عاصم بن عمرو التميمي ‪276.......................................................................19/640‬‬
‫ثالثاً‪ :‬القادة في جبهة الشّام ‪277...................................................................................‬‬
‫‪ - 1‬عامر بن عبد الّ بن الجرّاح‬
‫)أبو عبيدة( ‪277..............................................................................................18/639‬‬
‫‪ - 2‬يزيد بن أبي سفيان ‪282...............................................................................18/639‬‬
‫‪ - 3‬صدي بن عجلن‬
‫)أبو أمامة الباهلي(‪284...................................................................................86/705 :‬‬
‫‪ - 4‬قادة الجنحة والكراديس‪284...............................................................................:‬‬
‫أ ‪ -‬الزبير بن العوام بن خويلد القرشي السدي ‪285.................................................36/656‬‬
‫ب‪ -‬هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ‪286...................................................................37/657‬‬

‫‪59‬‬
‫الخاتمــــة ‪287..............................................................................................................‬‬
‫المخطوطات‪ ،‬المصادر‪ ،‬المراجع‪292................................................................................ ،‬‬
‫المراجع المعرّبة‪ ،‬المراجع الجنبيّة ‪292...............................................................................‬‬
‫‪ - 1‬المخطوطات ‪293..............................................................................................‬‬
‫‪ - 2‬المصادر‪293..................................................................................................:‬‬
‫‪ ‬المراجــــــع‪303.............................................................................................. :‬‬
‫‪ - 4‬المراجع المعرّبة‪306........................................................................................... :‬‬
‫‪ - 5‬المراجع الجنبية‪307........................................................................................... :‬‬
‫المحــــتوى ‪54...............................................................................................................‬‬
‫صدر للمؤلف ‪61............................................................................................................‬‬

‫‪‬‬

‫‪60‬‬
‫صدر للمؤلف‬
‫‪ -‬الستراتيجية الدارية‬
‫‪ -‬مكانة المرأة في الشؤون الدارية والبطولت القتالية‬
‫‪ -‬دور الزمن في الدارة‬
‫‪ -‬الدارة العسـكرية فـي حروب الرسـول محمـد (صـلى الله عليـه‬
‫وسلم)‬
‫‪-‬الحداثة في مؤخرة الفيلق‬
‫‪-‬معركة عين جالوت (دراسة في الجيشين المملوكي والمغولي)‬
‫‪ -‬الريادة في حروب وفتوحات أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)‪.‬‬
‫سيصدر قريبا ً‬
‫السبيل في المعارك النبوية والخصائص القتالية‬ ‫‪-‬‬
‫استراتيجية الحرب والفتوحات من الردة حتى اليرموك‬ ‫‪-‬‬
‫اسـتراتيجية الحرب والفتوحات فـي عهـد عمـر بـن الخطاب (رضـي‬ ‫‪-‬‬
‫الله عنه)‪.‬‬
‫المؤتلف والمختلف‬ ‫‪-‬‬
‫الصحة والمعافاة في المنزلت والمرسلت‬ ‫‪-‬‬

‫‪‬‬
‫رقم اليداع في مكتبة السد ‪ -‬الوطنية‬

‫الريادة في حروب وفتوحات أبني ب كر الصنديق ‪.:‬درا سة‪ /‬مح مد ضا هر‬


‫‪25‬‬ ‫وتر‪ -‬دمشق‪ :‬اتحاد الكتاب العرب‪313 -1999 ،‬ص؛‬
‫سم ‪.‬‬

‫وتر ر‬ ‫‪956.03-2‬‬ ‫‪ :923.1 -1‬أبو بكر الصديق‬

‫‪ -4‬وتر‬ ‫‪ -‬العنوان‬ ‫‪3‬‬

‫مكتبة السد‬ ‫‪1817/10/1999-‬‬ ‫ع‬

‫‪‬‬

‫‪62‬‬
‫رقم اليداع في مكتبة السد ‪ -‬الوطنية‬

‫أوراق فني القتصناد السنياسي للزمنة القتصنادية الراهننة‪.:‬دراسهة‪/‬‬


‫منيهر الحمهش ‪ -‬دمشهق‪ :‬اتحاد الكتاب العرب‪-1999 ،‬‬
‫سم ‪.‬‬ ‫‪349‬؛ ‪25‬‬

‫حمش أ‬ ‫‪337-2‬‬ ‫حمش أ‬ ‫‪330.9‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -4‬الحمش‬ ‫‪ -‬العنوان‬ ‫‪3‬‬

‫مكتبة السد‬ ‫‪1920/10/1999-‬‬ ‫ع‬

‫‪‬‬

‫‪63‬‬
‫هذا الكتاب‬

‫دراســة هامــة عــن أهــم مرحلة مــن مراحــل الدعوة‬


‫السـلمية مـن خلل الحروب والفتوح فـي عهـد خلفـة أبـي‬
‫بكر الصديق والدراسة تسلط الضوء على الحياة العسكرية‬
‫والحربية للخليفة أبي بكر الصديق‪.‬‬
‫حيــث تكشــف عــن عبقريــة الســلم فــي إدارة الحرب‬
‫وعن عظمة الفكر العربي السلمي في التخطيط للمعارك‬
‫وعن أهم القادة المسلمين في القتال‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪64‬‬

You might also like