You are on page 1of 7

‫رفع الشكال وإبطال الغالة‬

‫ف حكم الوليمة من أهل اليت بعد الوفاة‬

‫تأليف‬
‫فضيلة الشيخ العلمة الدرس ببلد ال الرام‬
‫الشيخ إساعيل عثمان زين اليمن الكي‬
‫حفظه ال وعافاه آمي‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫المد ل الذي وفق من شاء من عباده للتفقه ف الدين وهداهم بنور البصية إل استنباط الحكام‬
‫الشرع ية من كتا به و سنة نبيه سيد الر سلي‪ .‬وحفظ هم من إجحاف الق صرين وغلوّ الغال ي‪ ،‬ف صاروا‬
‫بذلك هم المة الوسط الذين ل يقولوا عن جهل ول شطط‪ .‬والصلة والسلم على سيدنا ممد البعوث‬
‫بالنيفية السمحة السهلة الت ليس فيها حرج‪ .‬وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا النهج الصحيح من غي‬
‫عوج‪ .‬وعلى التابعي لم إل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فقد طلب من من يعز على أن أكتب عن الديث الوارد ف مشكاة الصابيح وف سنن‬
‫أب داود وف السنن الكبى للبيهقي وف دلئل النبوة له‪ .‬وهو حديث كما ستراه اشتمل على فوائد جة‬
‫وأحكام مهمة‪ .‬فأقول مستعينا بال تعال‪ .‬قال ف مشكاة الصابيح ف باب العجزات ص ‪ :544‬وعن‬
‫عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من النصار قال خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫جنازة فرأ يت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و هو على ال قب يو صي الا فر أو سع من ق بل رجل يه‬
‫أو سع من ق بل رأ سه‪ .‬فل ما ر جع ا ستقبله دا عي امرأ ته فأجاب ون ن م عه فج يء بالطعام فو ضع يده ث‬
‫و ضع القوم فأكلوا فنظر نا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يلوك لق مة ف ف يه ث قال أ جد ل م شاة‬
‫أخذت بغي إذن أهلها‪ .‬فأرسلت الرأة تقول يا رسول ال إن أرسلت إل النقيع وهو موضع يباع فيه‬
‫الغ نم ليشتري ل شاة فلم تو جد فأر سلت إل جارٍ ل قد اشترى شاة أن ير سل إلّ بثمن ها فلم يو جد‬
‫فأرسملت إل امرأتمه فأرسملت إل بام‪ .‬فقال رسمول ال صملى ال عليمه وسملم أطعممي هذا الطعام‬
‫السرى‪ .‬رواه أبو داود والبيهقي ف دلئل النبوة إهم‪ .‬هذا لفظ الديث ف الشكاة‪ .‬وكتب العلق عند‬
‫قوله "داعى امرأته" أي امرأة اليت‪ .‬وف سنن أب داود ف كتاب البيوع ما نصه‪" :‬حدثنا ابن العلء أنا‬
‫ابن إدريس أنا عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من النصار قال خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف جنازة فرأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم" إل آخر الديث الذكور ف الشكاة‪ ،‬إل أنه‬
‫قال "فلمما رجمع اسمتقبله داعمي امرأة" أي بتنكيم امرأة‪ .‬قال صماحب عون العبود‪" :‬كذا فم النسمخ‬
‫الاضرة"‪ .‬و ف الشكاة‪" :‬دا عى امرأ ته" بالضا فة إل الضم ي‪ .‬قال القاري‪" :‬أي زو جة التو ف"‪ ،‬ث قال‬
‫صاحب عون العبود ف آخر شرح الديث‪" :‬والديث سكت عنه النذري" إهم‪ .‬وف السنن الكبى‬
‫للبيهقي ج ‪ 5‬ص ‪ 335‬ما نصه‪" :‬أخبنا أبو عبد ال الافظ أنا أبو عمرو بن مطر ثنا يي بن ممد‬
‫قال وجدت ف كتاب عن عبيد ال بن معاذ ثنا أب ثنا شعبة عن مزاحم بن زفر عن ربيع بن عبد ال سع‬
‫رجل سأل بن عمر إن ل جارا يأكل الربا أو قال خبيث الكسب وربا دعان لطعامه أفأجيبه قال نعم‪.‬‬
‫وأخبنا أبو ممد السن بن علي بن الؤمل أنا أبو عثمان البصري ثنا ممد بن عبد الوهاب أنا يعلى بن‬
‫عبيد ثنا مسعر عن جواب التميمي عن الارث بن سريد قال جاء رجل إل عبد ال يعن ابن مسعود‬
‫فقال إن ل جارا ول أعلم له شيئا إل خبي ثا أو حرا ما وأ نه يدعو ن فأحرج أن آت يه وأترّج أن ل آت يه‬
‫فقال ائ ته أو أج به فإن ا وزره عل يه‪ .‬قال الش يخ جواب التي مي غ ي قوي‪ .‬وهذا إذا ل يعلم أن الذي قدم‬
‫إليه حرام‪ .‬فإذا علم حراما ل يأكله كمال يأكل رسول ال صلى ال عليه وسلم من الشاة الت قدمت‬
‫إليه‪ .‬فيما أخبنا أبو علي الروذباري أنا ممد بن بكر ثنا أبو داود ثنا ممد بن العلء ثنا ابن إدريس أنا‬
‫عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من النصار قال خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫جنازة فرأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو على القب يوصي الافر أوسع من قبل رجليه أوسع‬
‫من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ث وضع القوم فأكلوا فنظر‬
‫آباؤنا رسول ال صلى ال عليه وسلم يلوك لقمة ف فمه ث قال أجد لم شاة أخذت بغي إذن أهلها‬
‫فأر سلت الرأة إ ن أر سلت إل النق يع يشتري ل شاة فلم تو جد فأر سلت إل جاري قد اشترى شاة أن‬
‫أرسل با إل بثمنها فلم يوجد فأرسلت إل امرأته فأرسلت إل با فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أطعميه الساري" إهم‪ .‬فالكلم على الديث الذكور من حيث الرواية باختصار وإياز فهو أنه حديث‬
‫ثابت ف بعض أمهات السنة العتبة‪ .‬ورواه الئمة والفاظ منهم سكتوا عن أي مطعن ف متنه أو سنده‬
‫فدل على أ نه ل يق صر عن رت بة الج ية ف الحكام‪ .‬ف هو إ ما صحيح أو ح سن و كل منه ما بق سميه‬
‫العروف ي ع ند أ هل العلم بالد يث وأ صوله ح جة ي تج به ف اللل والرام وغيه ا من أول‪ .‬فروا ية‬
‫المام أ ب داود له و سكوته ع نه دل يل على صلحيته لذلك‪ .‬وذلك جار على ا صطلحه ف سننه أن ما‬
‫سكت عل يه من الحاد يث ف هو صال‪ .‬ومع ن كو نه صالا أ نه صال للحتجاج به‪ .‬و سكون الا فظ‬
‫البيهقي ف سننه مستدل به على ثبوت ما يدل عليه من الكم ف باب البيع يدل على ذلك أيضا بالول‬
‫ورجال إسناده كلهم ثقات‪.‬‬
‫فأما شيخ أب داود الذي هو ممد بن العلء فهو أبو كريب ممد ابن العلء المدان‪ .‬قال ف فتح‬
‫الباري‪" :‬مشهور بكنيته أكثر من اسه" إهم‪ .‬وهو شيخ البخاري ومسلم وغيها من أصحاب المهات‬
‫الست‪ .‬وف هامش فتح الباري ما نصه‪" :‬ممد بن العلء بن كريب المدان‪ ،‬وكنيته أبو كريب‪ ،‬روى‬
‫عنه الماعة وآخرون‪ ،‬وهو صدوق ل بأس به‪ ،‬وهو مكثر وقد مات سنة ثان وأربعي ومائتي" إهم‪.‬‬
‫وكذلك ذكر ترجته الافظ ابن حجر ف تذيب التهذيب ج ‪ 9‬ص ‪ ،385‬ونصه‪" :‬ممد بن العلء‬
‫بن كريب المدان‪ ،‬أبو كريب الكوف الافظ‪ ،‬روى عن عبد ال بن إدريس وحفص بن غياث وأب‬
‫ب كر بن عياش" إل‪ .‬فيك في ف معر فة جللة هذا المام وقدره ب ي الئ مة من أ هل الد يث أ نه ش يخ‬
‫البخاري وغيه وأنه يلقب بالافظ‪ .‬وأما ابن إدريس الذي هو شيخ ممد بن العلء فهو كما ذكره ف‬
‫تذيب التهذيب ج ‪ 5‬ص ‪" :144‬عبد ال بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحن ابن السود الودي‬
‫الزعافري‪ ،‬أبو ممد الكوف‪ .‬روى عن أبيه وعمه داود والعمش ومنصور وعبيد ال بن عمرو إساعيل‬
‫بن أب خالد وأب مالك الشجعي وداود بن أب هند وعاصم بن كليب وابن جريج وابن عجلن وابن‬
‫إسحاق والختار بن فلفل وهشام بن عروة ويي بن سعيد النصاري وممد بن إسحاق ومالك ويزيد‬
‫بن أب بردة والسن بن عبيد ال النخعي والسن بن فرات وحصي بن عبد الرحن وربيعة بن عثمان‬
‫وشعبة وليث بن بن أب سليم وأب حيان التيمي ويزيد بن أب زياد وغيهم‪ .‬وعنه مالك بن أنس وهو‬
‫من شيو خه وا بن البارك ومات قبله وي ي بن آدم‪ ،‬وأح د بن حن بل‪ ،‬وي ي بن مع ي‪ ،‬وإ سحاق بن‬
‫راهو يه‪ ،‬واب نا أ ب شي بة‪ ،‬وال سن بن الرب يع البجلي‪ ،‬وأ بو خيث مة‪ ،‬وأ بو سعيد ال شج‪ ،‬وعمرو النا قد‪،‬‬
‫وم مد بن ع بد اللّه بن ن ي‪ ،‬وأ بو كر يب‪ ،‬وأ بو مو سى م مد بن الث ن‪ ،‬ويو سف بن بلول التمي مي‪،‬‬
‫والسن بن عرفة‪ ،‬وأحد بن عبد البار العطاردي‪ ،‬وجاعة‪ .‬وقال أحد‪ :‬كان نسيج وحده‪ .‬قال عثمان‬
‫الدارمي‪ :‬قلت لبن معي‪ :‬ابن إدريس أح بّ إليك أو ابن ني؟ فقال‪ :‬ثقتان‪ ،‬إل أن ابن إدريس أرفع‬
‫منه‪ ،‬وهو ثقة ف كل شيء‪ .‬إل آخرما ذكره ف التهذيب فراجعه‪.‬‬
‫وأما عاصم تالذي هو شيخ ابن إدريس فذكر ف التهذيب أيضا ص ‪ 55‬أنه‪ :‬عَاصِ ُم ب نُ ُكَليْب بن‬
‫جنُون الَ ْرمِي الكُوفِي‪ .‬روى عن‪ :‬أبيه‪ ،‬وأب بردة بن أب موسى‪ ،‬وعبد الرحن بن السود‪،‬‬
‫ِشهَاب بن الَ ْ‬
‫ومارب بن دثار‪ ،‬وعلق مة بن وائل بن ح جر‪ ،‬وم مد بن ك عب القر ظي‪ ،‬وغي هم‪ .‬وع نه‪ :‬ابن عون‪،‬‬
‫وشعبة‪ ،‬والقاسم بن مالك الزن‪ ،‬وزائدة‪ ،‬وأبو الحوص‪ ،‬وشريك‪ ،‬والسفيانان‪ ،‬وأبو عوانة‪ ،‬وعلي بن‬
‫عاصم الواسطي‪ ،‬وغيهم‪ .‬قال الثرم عن أحد‪ :‬ل بأس بديثه‪ .‬وقال ابن معي‪ ،‬والنسائي‪ :‬ثقة‪ .‬وقال‬
‫أبو حات‪ :‬صال‪ .‬وقال الجري‪ :‬قلت لب داود‪ :‬عاصم بن كليب ابن من؟ قال‪ :‬ابن شهاب‪،‬كان من‬
‫العباد‪ ،‬وذ كر من فضله‪ ،‬قلت‪ :‬كان مرجئا ؟ قال‪ :‬ل أدري‪ ،‬وقال ف مو ضع آ خر‪ :‬كان أف ضل أ هل‬
‫الكوفة‪ .‬وقال شريك بن عبد اللّه النخعي‪ :‬كان مرجئا‪ .‬وذكره ابن حبان ف "الثقات"‪ .‬قال أحد بن‬
‫صال الصري‪ :‬يعدّ من وجوه الكوفيي الثقات‪ ،‬وف موضع آخر‪ :‬هو ثقة مأمون‪ .‬وقال ابن الدين‪ :‬ل‬
‫ي تج به إذا انفرد‪ .‬وقال ا بن سعد‪ :‬كان ث قة ي تج به‪ ،‬ول يس بكث ي الد يث‪ ،‬تو ف ف أول خل فة أ ب‬
‫جعفر إهم‪.‬‬
‫ب ب ُن ِشهَاب بن‬ ‫وأ ما أبوه وشي خه كل يب فذ كر ف التهذ يب أي ضا ج ‪ 8‬ص ‪ 445‬أ نه‪ :‬كَُليْ ُ‬
‫جنُون الَ ْرمِي‪ ،‬وف نسبه اختلف‪ .‬روى عن‪ :‬أبيه‪ ،‬وخاله الفلتان بن عاصم‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعلي‪ ،‬وسعد‪،‬‬ ‫الَ ْ‬
‫وأ ب ذر‪ ،‬وما شع بن م سعود‪ ،‬وأ ب مو سى‪ ،‬وأ ب هريرة‪ ،‬ووائل بن ح جر‪ ،‬وغي هم‪ .‬روى ع نه‪ :‬اب نه‬
‫عا صم‪ ،‬وإبراه يم بن مها جر‪ .‬قال أ بو زر عة‪ :‬ث قة‪ .‬وقال ا بن سعد‪ :‬كان ث قة‪ ،‬ورأيت هم ي ستحسنون‬
‫حديثه و يتجون به‪ .‬وقال النسائي‪ :‬كليب هذا ل نعلم أحدا روى عنه غي ابنه عاصم وغي إبراهيم‬
‫بن مهاجر‪ ،‬وإبراهيم ليس بقوي ف الديث‪ .‬وقال الجري عن أب داود‪ :‬عاصم بن كليب عن أبيه عن‬
‫جده ليس بشيء‪ ،‬الناس يغلطون يقولون‪ :‬كليب عن أبيه ليس هو ذاك‪ .‬وقال ف موضع آخر‪ :‬وعاصم‬
‫بن كليب كان من أفضل أهل الكوفة‪ .‬وذكره ابن حبان ف "الثقات"‪ .‬قلت‪ :‬وقال‪ :‬يقال إن له صحبة‪.‬‬
‫وقال ابن أب خيثمة‪ ،‬والبغوي‪ :‬قد لق النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬وذكره ابن مندة‪ ،‬وأبو نعيم‪ ،‬وابن‬
‫عبد الب ف الصحابة‪ ،‬وقد بينت ف "الصابة" سبب وههم ف ذلك انتهى ما ذكره الافظ ابن حجر‬
‫رحه ال تعال‪.‬‬
‫وأما قوله "عن رجل من النصار" فل شك أن ذلك الرجل من الصحابة فل يضر الهل ف تعيي‬
‫ا سه ون سبه وحاله‪ ،‬لن ال صحابة كل هم كل هم عدول و هم الوا سطة ف ن قل الشري عة الغراء من حضرة‬
‫سيدنا الرسول صلى ال عليه وسلم إل من بعدهم حت وصلت إلينا‪ .‬فجزاهم ال عنا خيا ورضي عنهم‬
‫وأرضاهم آمي‪.‬‬
‫وأما من حيث الدراية‪ ،‬ففي الديث فوائد وأحكام‪ .‬منها أن فيه علما من أعلم نبوة سيد الرسلي‬
‫ومعجزة من معجزات خ ي اللق أجع ي‪ .‬و هي الخبار عن حال الشاة وأن ا أخذت ببيع فا سد غ ي‬
‫صحيح لغي رضا مالكها‪ .‬ولجل ذلك ذكره صاحب الشكاة ف العجزات والافظ البيهقي ف دلئل‬
‫النبوة‪ .‬ومنها أن بيع الفضول باطل غيصحيح‪ ،‬ولجل ذلك ذكره أبو داود ف كتاب البيع‪ .‬ومنها أن‬
‫ما كان من العقود فيه شبهة ينبغي اجتنابه استباء للدين وبعدا عن الوقوع ف الرام ولجل ذلك ذكره‬
‫أ بو داود ف باب اجتناب الشبهات‪ .‬ومن ها م سألة مه مة ولجل ها كا نت كتا بة هذه الر سالة‪ ،‬و هي ما‬
‫يصنعه أهل اليت من الوليمة ودعاء الناس إليها للكل فإن ذلك جائز كم يدل عليه الديث الذكور بل‬
‫هو قربة من القرب لنه إما أن يكون بقصد حصول الجر والثواب للميت‪ ،‬وذلك من أفضل القربات‬
‫ال ت تل حق ال يت باتفاق‪ .‬وإ ما أن يكون بق صد إكرام الض يف والت سلي عن ال صاب وبعدا عن إظهار‬
‫الزن‪ ،‬وذلك أيضا من القربات والطاعات الت يرضاها رب العالي ويثيب فاعلها ثوابا عظيما‪ .‬وسواء‬
‫كان ذلك يوم الوفاة عقب الدفن كما فعلته زوجة اليت الذكورة ف الديث أو بعد ذلك‪ .‬فالديث‬
‫نص صريح ف مشروع ية ذلك‪ ،‬وأ ما ا ستحسانه والترغ يب ف يه وأ نه قر بة وطا عة فم ستفاد من مع ن‬
‫الشروعية وحكمتها جريا على قواعد أهل الشرع وأصولم‪ .‬ول يناف ذلك الديث الشهور‪ ،‬وهو قوله‬
‫صلى ال عليه وسلم {اصنعوا لل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم}‪ .‬لن هذا الديث يتمل أن‬
‫يكون خا صا بآل جع فر ر ضي ال ع نه وعن هم أجع ي‪ ،‬وأن ال نب صلى ال عل يه و سلم رأى من شدة‬
‫حزنم أنم ل يستطيعون أن يصنعوا لنفسهم طعاما فأمر أهل بيته أن يصنعوا لم ذلك‪ ،‬لن الطاب ف‬
‫الديث لبعض أزواج رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬قال ذلك حينما بلغه حال آل جعفر رضي ال‬
‫عنهم‪ .‬فحينئذ يكون هذا الديث إن ا خصوصية لل جع فر وواقعة ع ي فل ينهض به ال ستدلل على‬
‫منع الوليمة من أهل اليت ول يقل النب صلى ال عليه وسلم من مات له ميت فل يول ول يطعم الناس‬
‫ول يئ ف الديث ني رسول ال صلى ال عليه وسلم أهل اليت عن الوليمة وأن بطعموا غيهم‪ .‬بل‬
‫الذي جاء ف الد يث أن أ هل ال يت أولوا وأطعموا ودعوا الر سول صلى ال عل يه و سلم و من م عه‬
‫فأجاب دعوتم وأقرهم على ذلك ول ينكر عليهم إل أخذ الشاة بغي بيع صحيح وبغي رضا مالكها‪.‬‬
‫وقد جاء أن السيدة عائشة رضي ال عنها كانت إذا مات اليت من أهلها فاجتمع النساء ث تفرقن إل‬
‫أهلها وخاصتها أمرت ببمة من تلبينة فطبخت ث صنع ثريد فصبت التلبينة عليه ث قالت كلوه الديث‬
‫كما ف البخاري‪ .‬ومن ينظر ف قواعد الشرع بالنظر الصحيح يرى أن ل مذور ف وليمة أهل اليت إذا‬
‫صنعوها وأطعموا غي هم تقر با إل ال عز و جل وت سليا عن ال صاب وإكرا ما للض يف النازل ي علي هم‬
‫للتعزية‪ ،‬ولكن قيده الفقهاء رحهم ال تعال بأن ل يكون من مال الورثة القاصرين‪ ،‬وذلك لعدم صحة‬
‫تبعهم‪ ،‬ل لن الوليمة مذمومة من حيث هي بل هي ممودة‪ .‬وهي إحدى الولئم الشروعة وتسمى‬
‫بالوضيمة بالضاد العجمة‪ .‬وما جاء عن جرير رضي ال عنه من قوله كنا نعد الجتماع إل أهل اليت‬
‫وصنعهم الطعام من النياحة فمحمول على ما إذا كان مع إظهار الزن ووجود الزع‪ .‬ويؤيد ذلك قوله‬
‫من النياحة‪ ،‬لن ذكر النياحة يدل على أن الجتماع الذكور إنا صار مذموما من حيث أن فيه شائبة‬
‫حزن فصار بذلك كأنه نوع من أنواع النياحة‪ .‬أما إذا خل عن ذلك فل مرية ف استحسانه جعا بي‬
‫الحاديث‪ .‬ويكون بذلك قد انتظمت الدلة وت الستدلل وزال با ذكرناه وجه الشكال‪ .‬وما يذكره‬
‫الفقهاء رح هم ال تعال ف كتب هم ف مب حث النائز من قول م‪ :‬وي سن ليان أ هل ال يت تيئة طعام‬
‫يشبع هم يوم هم وليلت هم إه م ممول على ما ذكرناه من أن ذلك ف حق من غلب عل يه الزن كآل‬
‫جعفر رضي ال عنهم‪ ،‬وليس لم دليل على كراهة الوليمة من أهل اليت مطلقا إل ما ورد من حديث‬
‫آل جعفر وحديث جرير‪ .‬وكأنم ل يطلعوا على حديث عاصم بن كليب عن أبيه الذي هو نص ف‬
‫الواز‪.‬‬
‫وكون ب عض روايات الد يث الذكور ف سنن أ ب داود وغي ها بتنو ين امرأة من غ ي إضا فة إل‬
‫الضمي يكفي فيه رواية الشكاة الت فيها لفظ امرأته بالضافة إل ضمي زوجة اليت كما قاله ف الرقاة‬
‫مبنية للجال ورافعة للشكال كما هو العروف بي أهل العلم من حل الطلق على القيد والجمل على‬
‫البي والعام على الاص لسيما والدليلن قائمان سندا ومتنا‪ ،‬والنظر ف قواعد الشرع يقضى با قلناه‬
‫فل حاجة إل التنفي ما ظاهره القربة والطاعة‪ ،‬وإنا العمال بالنيات وإنا لكل امرء ما نوى‪.‬‬
‫قال العل مة القاري ف الرقاة ب عد ذ كر حد يث عا صم بن كل يب الذكور ما ن صه‪" :‬هذا الد يث‬
‫بظاهره يرد على ما قرره أ صحاب مذهب نا من أ نه يكره اتاذ الطعام ف اليوم الول أو الثالث أو ب عد‬
‫السبوع كما ف البزازية‪ .‬وذكر ف اللصة أنه ل يباح اتاذ الضيافة عند ثلثة أيام‪ .‬وقال الزيلعي ول‬
‫بأس باللوس للم صيبة إل ثلث من غ ي ارتكاب مظور من فرش الب سط والطع مة من أ هل ال يت‪.‬‬
‫وقال ابن المام يكره اتاذ الضيافة من أهل اليت‪ .‬والكل عللوا بأنه شرع ف السرور ل ف الشرور‪ .‬قال‬
‫وهي بدعة مستقبحة‪ .‬روى المام أحد وابن حبان بإسناد صحيح عن جرير ابن عبد ال قال كنا نعدّ‬
‫الجتماع إل أ هل ال يت و صنيعهم الطعام من النيا حة إه م‪ .‬فينب غي أن يق يد كلم هم بنوع خاص من‬
‫اجتماع يو جب استحياء أهل بيت ال يت فيطعمون م كرها أو يمل على كون بعض الورثة صغيا أو‬
‫غائبا أو ل يعرف رضاه أول يكن الطعام من عند أحد معي من مال نفسه ل من مال اليت قبل قسمته‬
‫ونو ذلك‪ .‬وعليه يمل قول قاضي خان يكره اتاذ الضيافة ف أيام الصيبة‪ ،‬لنا أيام تأسف فل يليق با‬
‫ما يكون لل سرور‪ ،‬وإن ات ذ طعا ما للفقراء كان ح سنا انت هى كلم القاري رح ه ال تعال‪ .‬وهذا كله‬
‫كما هو ظاهر فيما إذا ل يوص اليت باتاذ الطعام وإطعامه للمعزين الاضرين‪ ،‬وإل فيجب ذلك عمل‬
‫بوصيته وتكون الوصية معتبة من الثلث أي ثلث تركة اليت‪.‬‬
‫قال ف التحفة ج ‪ 3‬ص‪ 207 :‬أثناء كلم ساقه ومن ث خالف ذلك بعضهم فأفت بصحة الوصية‬
‫بإطعام العزين وأنه ينفذ من الثلث وبالغ فنقله عن الئمة إهم‪ .‬واعتمد ذلك العلمة الباجوري‪ .‬ففي‬
‫الزء الول من حواشيه على ابن قاسم ص ‪ 369‬ما نصه‪ :‬مسألة كثية الوقوع‪ .‬وهي أنه مت كان ف‬
‫الورثة مجور عليه بأن كان فيهم قاصر أوسفيه حرم التصرف ف شيء من التركة كنحو السبح والمع‬
‫وغي ذلك إل إن أوصى به (وخرجت من الثلث) وعند الالكية تعتب العادة‪ ،‬فما جرت به العادة كان‬
‫بنلة الوصى به إهم‪ .‬وكذلك العلمة القارى النفي استظهر ف الرقاة صحة الوصية بذلك من الثلث‪.‬‬
‫أقول فقول صاحب الرقاة فينبغي أن يقيد كلمهم إل هو جار على ما عليه أهل السنة والماعة من أن‬
‫التحسي والتقبيح شرعيان وليسا بالعقل‪ ،‬وحينئذ إذا ل يوجد ما هو مستقبح شرعا ف الوليمة الذكورة‬
‫م ثل كون ا من مال القا صرين أو بغ ي ر ضا ب عض الور ثة أو مع إظهار الزن والتأ سف ف هي حينئذ‬
‫م ستحسنة شر عا‪ ،‬لن ا إ ما إكرام للض يف من العز ين وغي هم وإكرام الض يف فضيلة‪ .‬وإذا ا ستصحب‬
‫معه قصد التسلى من الصاب كان ذلك أفضل‪ .‬وإما لقصد التصدق عن اليت وإيصال الثواب إليه‪ ،‬فهي‬
‫حينئذ مستحبة شرعا وفضيلة بالتفاق‪ .‬روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي ال عنها أن رجل أتى‬
‫ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فقال يا ر سول ال إن أ مي افتل تت روح ها وأظن ها لو تكل مت ت صدقت‬
‫أفأتصدق عنها ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬تصدق عنها فلها أجر إهم‪ .‬ففي هذا دليل واضح ونص صريح فيما قاناه‪.‬‬
‫رزقنا ال تعال سلوك سبيل الداية‪ ،‬وجنبنا أسباب الهل والغواية‪ ،‬وجعلنا بأنوار شرعه مهتدين وبدي‬
‫نبيه متمسكي ومقتدين‪ .‬وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

You might also like