Professional Documents
Culture Documents
تمثل قضية البطالة في الوقت الراهن إحدى المشكلت الساسية التي تواجه معظم دول
العالم باختلف مستويات في تقدمها وأنظمتها القتصادية والجتماعية والسياسية فلم تعد
البطالة مشكلة العالم الثالث فحسب بل أصبحت واحدة من أخطر مشاكل الدول المتقدمة.
ولعل أسوأ وأبرز سمات الزمة القتصادية العالمية التي توجد في الدول الغنية المتقدمة
والنامية على حد سواء هي تفاقم مشكلة البطالة أي التزايد المستمر المطرد في عدد الفراد
القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه دون أن يعثروا عليه.
في الصفحات التالية تطرقنا إلى ماهية البطالة وأسبابها ومعدلتها وتاريخها عالميا ثم
مفهومها في السلم ونظرة السلم إليها ونسبها في المملكة العربية السلمية وحلولها.
تعريف البطالة
1
تعريف البطالة من خلل تعريف من هو العاطل عن العمل .تعرف منظمة العمل الدولية
العاطل كما يلي " :كل من هو قادر على العمل و راغب فيه ،و يبحث عنه ،و يقبله عند
مسنوى الجر السائد ،ولكن دونى جدوى " .من خلل هذا التعريف يتضح أن ليس كل من
ل يعمل عاطل ،فالتلمذ ،الطلبة ،المعاقين ،المسنين ،المتقاعدين ،من فقد المل في العثور
على عملن ،أصحاب العمل المؤقت ،من يعاي من نقص الستخدام ،من هم في غنى عن
العمل ل يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل .هذا التعريف يروم تقليص الرقم الحقيقي للعاطلين.
و يحتسب معدل البطالة كما يلي :معدل البطالة = عدد الفراد العاطلين /عدد الفراد
القادرين على العمل و هو معدل ل يمكن تحديده بدقة (حساب معدل البطالة على أساس
الساعات التي تم اشتغالها ،فترة الركود يتخلى العديد من العمال عن البحث عن العمل).
تختلف نسبة العاطلين حسب الوسط ،حضري أو قروي ،حسب الجنس ،السن ،نوع التعليم و
المستوى الدراسي.
تاريخها
بدأ تاريخ البطالة مع تاريخ الصناعة .إذ لم يكن للبطالة معنى في المناطق الريفية البعيدة،
على الرغم من البطالة المقنعة ،حيث يمكن أن يتواجد عمال ريفيون ليس لهم الكثير ليعملوه
في بعض المناطق التي يوجد بها فائض سكاني .و يستعمل مصطلح البطالة أو العاطلة
للشارة إلى المساهمات الخرى الداخلة في خط النتاج و التي ل تكون مستغلة بالكامل —
على سبيل المثال ،سلع إنتاجية عاطلة .تمثل البطالة أحد التحديات الكبرى التي تواجه
البلدان العربية لثارها الجتماعية والقتصادية الخطيرة ،ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج
من هنا وهناك ،تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على المن القومي
العربي ،ومع ذلك فإن معدلت البطالة تتزايد يومًا بعد يوم.
وكان أحدث الفعاليات لدراسة المشكلة وطرح الحلول لها الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر
العمل العربي الذي عقد بعمان خلل الفترة من 9-2إبريل ،2001وخللها تم مناقشة
ظروف البطالة في البلدان العربية من خلل عدة محاور أهمها :أوضاع العمالة في الراضي
الفلسطينية ،وسبل دعم انتفاضة القصى ،والستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة
والتشغيل ،وأثر التكنولوجيا الحديثة على العمالة.
2
ويأتي عقد المؤتمر في توقيت حاسم في أعقاب قرار القمة العربية التي عقدت بعمان
أخيرًا ،بعقد أول مؤتمر قمة اقتصادي عربي بالقاهرة في نوفمبر المقبل ،وانعكاسات ذلك
اليجابية على أوضاع العمالة في العالم العربي .كما يعقد المؤتمر في ظروف سياسية
واقتصادية واجتماعية معقدة؛ نظرًا لما يتعرض له العالم العربي من تحديات العولمة ،وما
تفرضه من واقع جديد على مختلف أوجه الحياة النسانية ،ومنها مجال العمل والعمالة.
وتظهر من خلل تعيين بعض الشخاص في وظائف ل تعود بفائدة إنتاجية من ورائها ،
فالعمل الذي يمكن أن ينجزه خمسة يوكل إلى عشرة ،أو خلق فرص عمل روتينية هامشية
ل يجد فيها النسان قدراته وخبراته .
والتي كانت تظهر من حين لخر في الدول الصناعية خلل القرن الخير وكان أحدث
بطالة جماعية تلك التي وقعت في ثلثينات هذا القرن وشملت العالم كله .وفي الواقع أن
النخفاض في الطلب الجمالي على النتاج هو السبب المباشر للبطالة الجماعية وثمة حالة
خاصة للبطالة الجماعية يمكن حدوثها في الدول التي تتوقف رفاهيتها إلى حد كبير على
التجارة الجنبية وفقدان أسواق التصدير قد يكون من الشدة بحيث يتأثر القتصاد كله.
3
وهذا النوع من البطالة يحدث عادة نتيجة للتحسينات التكنولوجية في وسائل النتاج أو
التغيرات في الطلب على الطراز الحديث وهذا يدعو أحيانا إلى تغيير وظيفة العامل أو إعادة
تدريبه .ولكن طالما كان الطلب الجمالي لم يتأثر فإنه من المحتمل ظهور فرص عمل جديدة
في الزمن القصير.
وهي التي تلزم بعض فروع النشاط القتصادي ل في الزراعة وحدها بل في بعض
الصناعات الموسمية .ونجد أن الشخاص الذين يشتغلون في هذه العمال يدركون مسبقا أن
عملهم لن يجاوز الموسم
هناك قواسم مشتركة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في الدول العربية أهمها :المية،
وتدني المستوى التعليمي ،وتخلف برامج التدريب ،وعدم مواكبة السياسة التعليمية
والتدريبية لمتطلبات سوق العمل المتجددة والمتغيرة ..وإلى جانب هذه القواسم المشتركة
يرجع الخبراء تفشي ظاهرة البطالة في العالم العربي إلى السباب التالية:
أولً :فشل برامج التنمية في العناية بالجانب الجتماعي بالقدر المناسب ،وتراجع الداء
القتصادي ،وتراجع قدرة القوانين المحفزة على الستثمار في توليد فرص عمل بالقدر
الكافي ،إضافة إلى تراجع دور الدولة في إيجاد فرص عمل بالحكومة ،والمرافق العامة
وانسحابها تدريجيًا من ميدان النتاج ،والستغناء عن خدمات بعض العاملين في ظل برامج
الخصخصة والصلح القتصادي التي تستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي في هذا
الخصوص.
ثانيًا :ارتفاع معدل نمو العمالة العربية ،مقابل انخفاض نمو الناتج القومي؛ ففي الوقت
الذي يبلغ فيه نمو العمالة 2.5في المائة سنويًا ،فإن نمو الناتج القومي الجمالي ل يسير
بالوتيرة نفسها ،بل يصل في بعض الدول العربية إلى الركود ،وأحيانًا يكون سالبًا؛ فالدول
العربية التي يتوافر فيها فائض العمالة تعاني من الركود القتصادي وعدم توافر أموال
4
الستثمار ،وازدياد البطالة والديون؛ حيث يصل معدل النمو السنوي لدخل الفرد العامل في
مصر إلى ،% 2.1وفي المغرب ،% 3.5وفي الردن ،% 3.6وفي سورية ..%5
وهذا التراجع في مستوى معيشة العامل العربي له آثاره السلبية على إنتاجيته ودوره في
القتصاد الوطني.
ثالثًا :استمرار تدفق العمالة الجنبية الوافدة ،خاصة في دول الخليج العربية النفطية؛ ففي
أعقاب الزمة العراقية الكويتية ،1991-1990هيمنت العمالة السيوية على سوق
العمالة في الخليج ،وحلت محل العمالة العربية إثر عودة 800ألف عامل يمني من
السعودية وآلف الفلسطينيين من الكويت.
وكان من بين الثار السلبية لهذه العمالة :تفشي البطالة بين الشباب الخليجي في ظل
تشبع القطاع الحكومي والتباين في الجور وشروط العمل بين العامل الوافد والوطني؛ مما
أدى إلى عدم النجاح الكامل لسياسات توطين الوظائف.
ويعود تدفق العمالة الجنبية إلى دول الخليج العربية إلى أسباب عديدة ،بعضها تنظيمي،
والخر يتعلق بالعامل السيوي؛ مقارنة بالعامل العربي ،لكن أبرز هذه السباب حرص
القطاع الخاص على استقدام العمالة الجنبية؛ بسبب انخفاض أجورها وتحملها ظروف العمل
القاسية ،كما أنها أكثر طاعة وانضباطًا وذات إنتاجية مرتفعة.
يتركز هذا الجانب في بحث العلقة بين البطالة والجريمة ،إذ استقطب هذا الجانب اهتمام
كثير من الباحثين في مجال علم الجريمة وعلم الجتماع .
5
ولقد عثرت على دراسة نشرتها الرئاسة العليا لمدينة الرياض في موقعهم بشبكة النترنت
تحدد علقة البطالة بالجريمة ،حيث أشارت هذه الدراسة إلى وجود درجة مقبولة من
الرتباط بين هذين المتغيرين فكلما زادتا نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ،حيث تبلغ نسبة العاطلين
المحكومين بسبب السرقة ( ) %27.1من باقي السجناء المحكومين لنفس السبب ،وهذه
النسبة بازدياد كل سنة .
وأكدت هذه الدراسة أيضا أنه كلما ازدادت نسبة البطالة ازدادت الجرائم التي تندرج تحت
العتداء على النفس ( القتل ،الغتصاب ،السطو ،واليذاء الجسدي ) حيث أوردت في
هذه المقام نتائج دراسة أمريكية سابقة تؤكد أن ارتفاع نسبة البطالة في الوليات المتحدة
المريكية بمعدل ( )%1يؤدي إلى الزيادة في جرائم القتل بنسبة ( ، ) %6.7وجرائم
العنف بنسبة ( ، )%3.4وجرائم العتداء على الممتلكات بنسبة ( )%2.4ول يمكن القول
أو الحكم هنا بأن البطالة هي السبب المباشر للجريمة وإل صار كل عاطل وكل فقير مجرما ،
وهذا أمر مرفوض ول يحتاج إلى أي تدليل عليه ،وإنما نقول وكما تشير الدراسات إلى
أن البطالة تحتوي على بذور الجريمة إذا صاحبتها عوامل معينة بظروف معينة .
النسان هو المورد القتصادي الول ،وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد
على النسان بإعداده علميا حتى يتحقق دوره في السهام في نهضة المجتمع .وتضعف
البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي ،ويتحول كم من المتعطلين إلى طاقات مهدرة
وبالتالي يخسر القتصاد هذه الطاقات ،كما أنهم يعدون عبئا إضافيا على القتصاد القومي
يسبب خسارة تتمثل في توفير الجور لهؤلء مع عدم وجود عمل فعلي يستحقون عليه هذا
الجر .
6
نستطيع القول أنه في عالم اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم
على ديمقراطية النظام السياسي بل ينضم إلى ذلك معايير اقتصادية واجتماعية كثيرة في هذا
المجال ،ووجود البطالة وآثارها من شأنه أن يخل بهذه المعايير .
تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي
والجتماعي ،إضافة إلى أن كثيرا من العاطلين عن العمل يتصفون بحالت من الضطرابات
ل ،يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور
النفسية والشخصية فمث ً
بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلل في الصحة النفسية كما ثبت أن العاطلين عن
العمل تركوا مقاعد الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم
التصاف بحالة من البؤس والعجز .المراض وحالة العياء البدني كارتفاع ضغط الدم ،
وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب .
الحصاءات العالمية للتشغيل والبطالة تنشر بإنتظام من قبل مكتب العمل الدولي التابع
لمنظمة العمل الدولية ( الجهاز التنفيذي الدائم للمنظمة ) وتعمل بعض الدول على بقاء
ل نسبة بطالة تقل عن %2في
معدلت البطالة منخفضة .وقد وجد أنه كان لدى السويد ،مث ً
أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر ,في حين كانت النسبة في اليابان عن تلك الفترة
أقل من %3والواقع أن النقص في اليدي العاملة في اليابان وفي سنغافورة التي تقل فيها
نسبة البطالة عن , %5ساعد هذه القطار على الحد من البطالة .أما في الوليات المتحدة
7
المريكية فقد تسبب الكساد القتصادي في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين في ارتفاع
حاد في معدل البطالة وصل إلى % 10,8وهو أعلى معدل من نوعه منذ عام 1941م ,
وظل معدل البطالة في الوليات المتحدة نحو %5في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع
عشر الميلدي .
أستراليا وكندا والفلبين وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة .أما ماليزيا فلديها معدل بطالة
%8لكنها تتمتع بقدر كبير من الرخاء.
ومن الدول التي كانت لديها معدلت بطالة أعلى من %10في أواخر الثمانينيات من
القرن التاسع عشر ,الهند وأيرلندا .وقد كان في أيرلندا معدل بطالة يزيد على %17ولهذا
قررت أعداد كبيرة من الناس أن تترك البلد وتبحث عن العمل في مكان آخر
وفي أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلدي ,كان معدل البطالة في 24دولة
من دول منظمة التعاون القتصادي والتنمية في غربي أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة
المحيط الهادئ حوالي %7وهذا هو نفس المستوى الذي عرفته هذه البلدان في مطلع
الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلدي .
البطالة والسلم
فطنت الشريعة السلمية الغراء إلى مشكلة البطالة ،وبينت مفهومها وطرق الوقاية منها
ومنهج الحد منها في إطار دقيق عز أن نجد له فلقد حث السلم أهله على العمل والكسب
ونهى عن البطالة بقوله صلى ال عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة ( لن يغدو أحدكم
ل أعطاه
فيحتطب على ظهره ،فيتصدق منه ،فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل رج ً
أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول )
8
وبناءً على هذا فغن الفقير الذي يستحق سهما في باب الزكاة قد ضبط الفقه السلمي
تعريفه على النحو الذي يخرج منه القوي الجلد القادر على الكسب والذي يجد عملً .
.
قد ذكرنا من قبل أن البطالة من أخطر المشكلت الجتماعية وإهمال علجها يؤدي إلى
العواقب فهي الباب الموصل إلى كل الشرور لنه يهيئ للفراد فرصة التفكير في مزاولة
الجرام على اختلف صوره ويرى المام أحمد بن حنبل مثل هذا الرأي فيقول( :إذا جلس
الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس) .وللسلم موقف حازم من
البطالة فحث على العمل واحتراف المهن وفضلها على التفرغ للعبادة وشجع عليها وكره
الكسل ورفض التواكل والتسول.
والمراد بالعمل المجهود الواعي الذي يقوم به النسان وحده أو مع غيره لنتاج سلعة أو
خدمة.
واتضحت سنة ال في الخلق حيث أن الرزاق التي ضمنها والقوات التي قدرها
والمعايش التي يسرها ل تنال إل بجهد يبذل وعمل يؤدى ولهذا رتب ال سبحانه وتعالى أن
من كان قادرا على السعي في مناكب الرض له رزقه فمن سعى أكل ومن كان قادرا على
السعي ولم يسع للعمل كان جديرا أل يأكل.
وبالتالي نجد أن السلم رفع من شأن العمل والتعظيم حتى جعله عبادة يتعبد بها المسلم
ابتغاء مرضاة ال .والسلم ل يقر البطالة من أجل النقطاع للعبادة ويرى في هذا تعطيلً
للدنيا التي أمر ال عباده بالسعي فيها .فيقول سبحانه وتعالى{ :فإذا قضيت الصلة فانتشروا
في الرض وابتغوا من فضل ال} (سورة الجمعة آية .)10
فمن سعى وانتشر في الرض مبتغيا فضل ال ورزقه كان أهلً لن ينال منه ومن قعد
وتكاسل كان جديرا بأن يحرم.
9
أنواع البطالة في السلم:
البطالة تعتبر حقا من أخطر المشاكل الجتماعية ونجد في السلم نوعين من البطالة هما:
بطالة المضطر:
بطالة الكسول:
وهو الذي عنده مال يقعده عن العمل كالذي يحصل على المال بطريقة غير مشروعة.
والسلم يرفض النوعين ويطالب ولي المر (أي الحكومة) أن تدبر عملً للعاطل القادر
على العمل وأن تعين العاجز بالمال الذي يعفه ويحفظ كرامته .أما النوع الثاني من الكسالى
فيجب أن تتصدى لهم بتصويب مفاهيمهم الدينية وإرشادهم إلى ما يجب عليهم نحو وطنهم
ومواطنيهم ،فأما العاطل الذي ورث من المال ما يكفيه قد غاب عنه أن ال تعالى خلقه
ليعبده وليعمر الرض ،وتعمير الرض ل يكون إل بالعمل الصالح الذي يستفيد منه وطنه
فعلى الحكومة أو المجتمع أن يجعل هذه الحقيقة ممثلة دائما أمام جميع أفراد المجتمع عن
طريق وسائل العلم والمساجد ودور العبادة.
وقد جاء في كتب السيرة أن النبي صلى ال عليه وسلم م ّر على شخص قالوا له عنه أنه
يقوم الليل ويصوم النهار وهو منقطع للعبادة انقطاعا كليا فسأل الرسول عليه الصلة
والسلم عمن يعوله فقالوا كلنا ،فقال الرسول عليه السلم كلكم أعبد منه .ونجد أيضا من
أحاديث الرسول صلى ال عليه وسلم والتي تحث على العمل وأهميته بالنسبة للفرد فقال:
«ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده وأن نبي ال داود كان يأكل من عمل
يده» ،فهو يوضح لنا من خلل هذا الحديث أن العمل يعتبر عبادة وأنه لم يأت رسول على
الرض إل وكان يعمل سواء في الرعي أو الزراعة أو التجارة فليست العبادة فقط هي التي
تقرب من ال سبحانه وتعالى ولكن العمل أيضا.
كما يجد أن السلم أيضا حرص على أن يجيد المرء ما يعمل «ن ال يحب إذا عمل أحدكم
ل أن يتقنه».
عم ً
ونجد أن السلم قد حرم موارد الكسب التي ل تأتي عن طريق السعي والعمل والتي
يصاحبها العتداء على الغير وهضم حقوقه بشتى الصور فنجده حرم السرقة وحرم السلب
10
والنهب وحرم الربا وحرم النصب والحتيال والميسر وبالتالي نجد أن السلم قد حث
المجتمع على توفير فرص العمل المناسب لطالب العمل أو توفير تدريب مهني وإعداد خاص
يستطيع به أن يجد العمل المناسب فمن واجب المجتمع والحكومة أن يجتهدا على ذلك حتى
ينهضا بعبء العمل وحدهم دون طلب لمعونة أو صدقة.
وإذا كان طالب العمل في حاجة إلى رأس المال أو التدريب أو إلى أدوات الصنعة وآلت
الحرفة فيجب على المجتمع والحكومة أولً أن يوفرا له المال والدوات والتدريب والمكان
المناسب مما يجعله مواطنا صالحا يسعى بعدها لتطوير ذاته وكفايتها ومساعدة غيره وهذه
هي الفكرة من الزكاة أن نعمل على كفاية من ل يجد الفرصة ليسعى هو بعدها على تطوير
ذاته ومساعدة غيره
البطالة في السعودية
رغم التطور الهائل الذي تشهده المملكة العربية السعودية في كافة مناحي الحياة ال ان
البطالة ل تزال هاجسا تؤرق الحكومة السعودية.
واتخذت الحكومة السعودية العديد من الجراءات للحد من زيادة البطالة وسط الشباب
السعودي ولكن هذه الجراءات لم تأت اكلها بعد اذا اثبتت التقارير الرسمية ارتفاع نسبة
البطالة في السعودية الى 12في المائة ووجود اكثر من نصف مليون مواطن ومواطنة
يبحثون عن فرص العمل.
ويعد تطبيق نظام /السعودة /الذي يعني احلل العمالة الوطنية محل العمالة الجنبية ابرز
الخطوات التي اتخذتها السعودية لتوطين الوظائف حيث حصرت الحكومة السعودية عدة
انشطة تجارية في كون التوظيف فيها للسعوديين فقط مثل اسواق الخضار والذهب.
وتسعى السعودية الى /سعودة /جميع محلت البيع ليتم حصرها على المواطنين السعوديين
بدلً من العمالة الجنبية من خلل ثلث مراحل تبدأ بإدخال نسبة بائع واحد لكل نشاط ثم
11
نسبة 50في المائة من اجمالي عدد العاملين في المحلت التجارية لتتم في المرحلة الثالثة
نسبة 75في المائة وابقاء الخبرات الجنبية المتخصصة فقط.
وفي الوقت الذي تزداد فيه نسبة الطالبين عن العمل من السعوديين ،اعلن وزير العمل
السعودي الدكتور غازي القصيبي ارتفاع نسبة العمالة المستقدمة من الخارج خلل العام
الماضي الى 99في المائة عن العام الذي سبقه ،موضحا ان هذه الزيادة ل تشمل العمالة
المنزلية والستقدام الخاص بالجهات الحكومية.
ويأتي هذا الطلب المتزايد على العمالة الجنبية في السعودية لعدة اعتبارات ،ابرزها رخص
هذه العمالة المستقدمة وتأهيلها تأهيلً جيدا للقيام بالعمال المطلوبة منها ،مما ادى الى
اعتماد مؤسسات القطاع الخاص عليها في جميع العمال حيث تمثل نسبة العمالة الجنبية
في القطاع الخاص السعودي اكثر من 80في المائة.
وفي ظل تزايد نسبة البطالة في السعودية حذرت دراسة علمية سعودية حديثة من خطورة
البطالة على المجتمع السعودي وانحرافه للوقوع في مشاكل اجتماعية وانحرافات سلوكية
خطيرة.
واكدت الدراسة التي اعدتها جامعة نايف العربية للعلوم المنية ان 69في المائة من
السجناء في السعودية ترجع اسباب سجنهم الى عدم توفر وظيفة او مصدر رزق لهم ،وان
85في المائة تعرضت اسرهم لنحرافات سلوكية بسبب غياب ولي المر.
واوضحت الدراسة ان العمالة السعودية في السوق السعودية تمثل نسبة 12في المائة فقط
فيما تمثل العمالة الجنبية الوافدة 88في المائة ويبلغ عددها نحو خمسة مليين عامل وان
هذه العمالة تحول الى الخارج سنويا مبلغ 55مليار ر اي ما يعادل 66ر 14مليار
دولر.
من جهة اخرى ،اصدر وزير العمل السعودي توجيهاته بإقامة البرنامج الوطني للتدريب
و/السعودة /لتأهيل طالبي العمل غير المؤهلين وتقديم الدعم الكامل للبرنامج الذي سينطلق
نهاية مايو المقبل في جميع مناطق السعودية لتأهيل من لم يحالفهم الحظ للحصول على
فرص وظيفية وللمساهمة في الحد من نسبة البطالة في السعودية.
وقال ان البرنامج يستهدف في مرحلته الولى 18الفا من خريجي الكفاءة المتوسطة
والتعليم العام الذين يمثلون السواد الكبر لطالبي العمل غير المؤهلين الذين يحتاجون الى
تدريب مهني واداري و فني مبني على برامج محددة ومعرفة معايير المهنة عن طريق
تدريب اساسي وعلى رأس العمل بعد توفر المنشأة التي تقبل بتدريبهم.
واضاف القصيبي انه تم تحديد 69برنامجا لسوق العمل التي قامت المؤسسة العامة للتعليم
12
الفني والتدريب المهني بالسعودية بتصنيف مهارتها ومناهجها التدريبية من خلل المعايير
المهنية وفق احتياجات سوق العمل.
واعرب الوزير السعودي عن امله في ان يساهم البرنامج في تخريج الشباب في 69مهنة
للعمل في القطاع الخاص ،اضافة الى عدد من البرامج ذات الطبيعة الخاصة التي يتم العداد
لها بالتفاق مع بعض الشركات وتخريج دفعات جديدة لسوق العمل بناء على عدد المتقدمين
للبرنامج.
يذكر ان السعودية يبلغ عدد سكانها وفقا لخر احصائية في نوفمبر عام 2005حوالي
6ر 22مليون نسمة من بينهم 53ر 16مليون نسمة من المواطنين السعوديين و 14ر
6مليون نسمة من المقيمين الجانب /العمال واسرهم./
وتعد السعودية اكبر منتج ومصدر للبترول في العالم حيث تصل حصتها في منظمة البلدان
المصدرة للبترول /اوبك /الى اكثر من تسعة مليين برميل يوميا ،اضافة الى مليوني برميل
يوميا للستهلك المحلي ما أدى الى اعلنها في ديسمبر الماضي لكبر ميزانية في تاريخها
الحديث قدرت ايراداتها بمبلغ 106/مليار دولر /ونفقاتها بمبلغ 101/مليار دولر/
لتحقق بذلك فائضا قدره 6/مليار دولر./
وتقول الدكتورة هند آل الشيخ استاذ القتصاد المساعد بمعهد الدارة العامة ورئيسة اللجنة
النسائية بجمعية القتصاد عندما تحدثت عن البطالة واسبابها في المملكة وطرق التغلب
عليها قائلة :ما زلنا نتعامل مع البطالة كظاهرة وذلك لتعدد وتناقض الحصائيات .ال انها
ظاهرة ملموسة تنم عن واقع فعلي لعداد كبيرة من الشباب من الجنسين يبحثون عن عمل
ولم يستطيعوا الحصول على عمل يحقق الجر المقبول لديهم..
والبطالة اصبحت ظاهرة نتيجة لخلل هيكلي في سوق العمل متمثل بارتفاع عدد العمالة
الجنبية في ظل توافر قوى عمل محلية من الجنسين ،كما انها ناجمة عن المنافسة الشديدة
لقوى عمل اجنبية رخيصة ذات مهارات متدنية تزاحم اليد العاملة الوطنية..
13
وتمضي الدكتورة هند قائلة :ان ما يطرح من قبل الكثيرين حول عزوف اليد العاملة
السعودية عن عدد كبير من المهن غير صحيح وليس ادل على ذلك من عدد المتقدمين
والمتقدمات لي وظيفة معلنة مهما كانت درجتها .كما ان مايطرحه القطاع الخاص من عدم
التزام العمالة الوطنية بقيم العمل هو نتيجة لعدد من السباب اهمها تدني مستوى الرواتب
وغياب الحوافز ،لذلك نلحظ التزام الموظفين السعوديين في قطاع البنوك والشركات الكبيرة
التي لديها نظام حوافز جيد.
اما مايطرح كثيرا حول عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل فقد يكون احد
اسباب البطالة ولكن يمكن معالجته بتفعيل برامج التدريب على رأس العمل وهي مسئولية
مشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
و تختتم الدكتورة هند حديثها قائلة :ان استمرار الظاهرة ناجم عن غياب الحصاءات الدقيقة
ومن الصعب معالجة المرض قبل تشخيصه بناء على احصائيات شاملة ومحدثة تساعد
صانع القرار على توجيه الدفة بشكل سليم .لذا نحن بحاجة الى نظام التقييد الذي سيبدأ في
مطلع الشهر القادم للراغبين والراغبات في العمل مصنفين حسب مستوياتهم التعليمية,
ومناطق السكن وما الى ذلك .
اما الستاذ عمر العنزي مسئول السعودة بمجموعة المهيدب الصناعية الذي تحدث من واقع
تجربته عن قيمة العمل لدى الشباب السعودي قائل :في الحقيقة أن قيمة العمل لدى الشباب
تختلف نسبيا بين شاب وآخر ونستطيع القول بأن قيمة العمل قد تختلف بين أخ وأخيه رغم
ان كلهما يسكن في ذات المنزل فنجد من هو مجتهد بعمله حريصا على النضباط في وقت
الدوام طموحا في تطوير نفسه وكسب ثقة رؤسائه جديرا بالثقة التي يوليها له أصحاب
العمل وعلى قدر عال من تحمل المسئولية تجاه العمل الذي يوكل إليه ،وعلى النقيض نجد
العكس ،وعليه فان قيمة العمل بين الشباب تختلف بين شخص وآخر ويصعب رصدها
وتحديد تغيرها لدى الشباب ،فمازلنا نقابل الصنفين دائما وفي اعتقادي تحديد الى أي حد
تغيرت نظرة الشباب للعمل هو امر منوط بتغير المجتمع ككل وتطور افكاره ازاء العمل بدء
من السرة مرورا بالمؤسسات التعليمية وانتهاء بالمنشآت التي سيمارس فيها الشاب ما
تعلمه .
ويمضي الستاذ عمر قائل :شبابنا يحتاج إلى تلقي المزيد من التوعية عبر أسرهم
والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص واعتبار ان زرع قيمة العمل والحرص عليه
14
والخلص فيه هي قبل كل شىء من تعاليم ديننا الحنيف ومن هذا المنطلق يأتي دور السرة
ومؤسسات التعليم ومنشآت القطاع الخاص في غرس قيمة العمل في نفوس شبابنا .
الخلصة والتوصيات:
أشارت نتائج تحليلية للبطالة في السعودية قام بها الستاذ محمد عبد ال البكر أستاذ علم
النفس المساعد إلى أن نسب البطالة تزداد بشكل ملحوظ في مناطق الطراف أكثر من
مناطق المركز ،وكذلك أكدت نتائج النحدار أن الحالة التعليمية للقوى العاملة تعد المتغير
الساسي الذي يسهم بشكل كبير في تفسير حالة البطالة في مناطق المملكة؛ إذ يشير نموذج
النحدار إلى أنه كلما انخفض مستوى التعليم للقوى العاملة زادت حالة البطالة بينها ،مما
يؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة في المنطقة.
وتجدر الشارة إلى أن النتائج الحصائية المتعلقة بالمستوى التعليمي للقوى العاملة
(مشتغلون +متعطلون) تشير إلى ضعف مستوى التأهيل العلمي وتدنيه ،مما يزيد من
احتمالية ارتفاع مستوى البطالة في المملكة مستقبلً بنسب عالية جدا ،أكثر مما هي عليه
الن.
15
كما أشارت نتائج التحليل إلى وجود علقة اطرادية بين ارتفاع نسبة البطالة وحدوث
الجريمة في بعض المناطق الدارية .ويبرز هذا الطراد بشكل واضح في المناطق التالية:
(جازان ،حائل ،المدينة المنورة ،الحدود الشمالية والجوف).
واتساقا مع النتائج السابقة تشير نتائج تحليل النحدار إلى أن حالة البطالة تؤثر طرديا
في قضايا المخدرات ،ويتبلور هذا التأثير من خلل الحالة التعليمية للمتعطلين عن العمل،
بحيث كلما انخفض المستوى التعليمية للعاطلين عن العمل ارتفع عدد قضايا المخدرات في
المنطقة.
ووفقا لمراجعة الطار النظري ونتائج تحليل الدراسة فإن أهم التوصيات تتلخص فيما
يلي:
- 2العمل على وضع قاعدة معلومات حديثة للقوى العاملة تشتمل على التصنيفات
والتفريعات الساسية ،وذلك نظرا لهميتها في تسهيل عملية البحث العلمي ،ولدعم دقة
نتائجه في تمثيل الواقع ووصفه وتقييمه.
- 3تنظيم عملية استقدام العمالة الجنبية وتقنينها ،بحيث تقتصر صلحيتها حصرا
على الجهزة المختصة فقط ،وعدم تعدد الجهات والمصادر التي تقوم بذلك.
- 4ترشيد عملية استقدام العمالة الجنبية وذلك من خلل حصرها في مهن محددة.
– 6دعم عملية التعليم المستمر للقوى العاملة ،وبخاصة لمن هم دون الشهادة الثانوية.
- 7نظرا لرتفاع نسبة تمثيل المرأة في التركيبة السكانية ،ومحدودية خيارات العمل
المتاحة لها في الوقت الراهن ،يتعين إتاحة الفرصة أمامها بشكل أكبر للسهام في قوة
16
العمل ،وذلك من خلل توسيع مجالت نطاق عمل المرأة وتنويعها وعدم حصرها في مهن
محددة.
- 8العمل على تطبيق نظام الحد الدنى للجور ،وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص
لتوظيف القوى العاملة السعودية.
المراجع
-5دراسة عن البطالة وأثرها في المملكة العربية السعودية -مجلة العلوم الجتماعية /
جامعة الكويت /المجلد – 32العدد 2004 – 2م
17
الستاذ /محمد عبد ال البكر(أستاذ علم النفس الجتماعي المساعد ،معهد الدارة العامة،
الرياض ،المملكة العربية السعودية ،وأستاذ زائر بقسم الجتماع ،جامعة ولية متشجن،
الوليات المتحدة المريكية).
-7البطالة ودور الوقف والزكاة في مواجهتها دراسة مقارنة – د .محمد عبد ال مغازي
دار الجامعة الجديدة للنشر – السكندرية – 2005م .
الفهرس
1 المقدمة
2 تاريخها
3 أنواعها
18
10 أنواع البطالة في السلم
18ا المراجع
19 الفهرس
Asmaa
/http://asmaaworld.tadwen.net
19