You are on page 1of 11

‫الضوابط الشرعية‬

‫للمعاملت المالية‬
‫لرجال العمال‬
‫إعداد‬
‫‪/‬‬

‫تختص هذه الدراسة ببيان أهم الضوابط الشرعية التي تحكم المعاملت المالية ‪ ,‬و في ضوئها يكون‬
‫الحكم على شرعية وعدم شرعية المستحدث و المعاصر منها ‪ ,‬و على أساسها تحدد الهداف والسياسات‬
‫والستراتيجيات ‪ ,‬وتوضع الخطط والبرامج و تراقب وتقوم المعاملت والحداث المالية ‪ ,‬و تتخذ القرارات‬
‫اللزمة لتطوير الداء إلى الحسن و هذا كله وفقا لحكام و مبادئ الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫و من أهم هذه الضوابط ما يلي ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫قبل البدء في أي معاملة ‪ ,‬يجب استحضار النية أن الغاية من العمل هو الحصول على المال الحلل‬
‫الطيب ليعين النسان على تحقيق المقاصد الشرعية التية ‪:‬‬

‫‪-‬النفاق على الحاجات الصلية للنسان للتقوية على عبادة ال سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫‪-‬أداء الفرائض الشرعية و الواجبات الدينية ‪.‬‬
‫‪-‬إصلح الرض واستغللها وعمارتها ‪.‬‬
‫‪-‬المساهمة في أعمال الخير والبر‪.‬‬

‫سكِي‬ ‫ون ُ ُ‬
‫صلتِي َ‬
‫ن َ‬‫ل إ ِ َّ‬ ‫و دليل هذا الضابط من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪ُ " :‬‬
‫ق ْ‬
‫َ‬
‫ن " ( النعام‪ , )162:‬وقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ماتِي لِل ّ ِ‬
‫ه َر ِّ‬ ‫م َ‬
‫و َ‬
‫ي َ‬
‫حيَا َ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫" إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ‪.....‬الحديث " ( رواه مسلم )‪.‬‬
‫ولقد استنبط الفقهاء هذا الضابط من القاعدة الفقهية‪ " :‬العمال بالنيات والمور بمقاصدها " وتأسيسا‬
‫على ما سبق يجب على كل مسلم قبل أن يهم بأي معاملة أن يجدد النية بأن هذا العمل ابتغاء مرضات ال‬
‫عز وجل وأن يكون العمل صالحا ولوجهه خالصا ليس فيه شيء لهوى النفس‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يقصد بذلك أن تكون المعاملت مشروعة أي مطابقة لحكام و مبادئ الشريعة السلمية و الفتاوى‬
‫الصادرة عن مجامع الفقه السلمي في المسائل المعاصرة ‪ ,‬و كذلك أن تكون في مجال الطيبات ‪ ,‬و تجنب‬
‫الخبائث مهما كان قدرها ‪.‬‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫س كُلُوا ِ‬
‫م َّ‬ ‫ها النَّا ُ‬ ‫و دليل هذا الضابط من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬يَا أي ُّ َ‬
‫ت ال َّ‬ ‫َ‬
‫ن"‬ ‫و ُّ‬
‫مبِي ٌ‬ ‫عدُ ٌّ‬
‫م َ‬ ‫ه لَك ُ ْ‬‫ن إِن َّ ُ‬
‫شيْطَا ِ‬ ‫خطُ َ‬
‫وا ِ‬ ‫عوا ُ‬‫ول َ تَتَّب ِ ُ‬
‫حلل ً طَيِّبا ً َ‬
‫ض َ‬
‫في الْر ِ‬
‫ِ‬
‫( البقرة‪ , ) 168 :‬وقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ال طيب ل يقبل إل طيبا " ( رواه مسلم ) ‪.‬‬
‫و هذا الضابط مستنبط من القواعد الشرعية التية ‪-:‬‬
‫‪ -‬الصل في المعاملت الباحة ( الحل ) ‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل الحرام حرام ‪.‬‬
‫‪ -‬من اختلط بماله الحلل حرام أخرج قدر الحرام و الباقي حلل ‪.‬‬
‫‪ -‬أكل المال بالباطل حرام ‪.‬‬
‫و تأسيسا على ما سبق يجب على المسلم إذا هم بمعاملة ما أن يعرف هل هي من الحلل الطيب فيقبل‬
‫عليها‪ ,‬أم من الحرام الخبيث فيمتنع عنها ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫اللتزام بإبرام العقود والعهود و الوعود المطابقة لشرع ال عز وجل ‪ ,‬و القائمة على السلمة والرضا‬
‫الواجبة‪ ,‬و لقد أكد ال سبحانه وتعالى على هذا الضابط‬ ‫والحق والوضوح و العدل ‪ ,‬و مستوفية كافة الشروط‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مى‬ ‫س ًّ‬ ‫ل ُّ‬
‫م َ‬ ‫ج ٍ‬‫ن إِلَى أ َ‬
‫دي ْ ٍ‬
‫تَدَايَنتُم ب ِ َ‬‫منُوا إِذَا‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫بقوله عز وجل ‪ " :‬يَا أي ُّ َ‬
‫َ‬
‫"( البقرة‪ ,)282 :‬و قوله سبحانه وتعالى ‪ ":‬يَا أي ُّ َ‬
‫ها‬ ‫ل‬‫عدْ ِ‬‫ب بِال ْ َ‬‫م كَات ِ ٌ‬ ‫ولْيَكْتُب بَّيْنَك ُ ْ‬‫ه َ‬‫فاكْتُبُو ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوِد "‪( 0‬المائدة‪.)1:‬‬ ‫ع ُ‬ ‫فوا بِال ْ ُ‬ ‫و ُ‬
‫منُوا أ ْ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫و من مرجعية هذا الضابط من القواعد الفقهية التية ‪:‬‬
‫‪ -‬الصل في العقود اللزوم ‪.‬‬
‫‪ -‬المسلمون عند شروطهم إل شرط أحل حراما أو حرم حلل ‪.‬‬
‫‪ -‬العبرة في العقود بالمقاصد ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يقصد بذلك أن تكون العقود وما في حكمها من العهود و الوعود خالية مما يبطلها أو يفسدها حسب‬
‫الحوال ‪ ,‬و من أمثلة ما يفسدها على سبيل المثال ‪ :‬الغرر والجهالة والذعان وكافة صور أكل أموال الناس‬
‫َّ‬
‫منُوا ل َ تَأْكُلُوا‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ِ‬ ‫ها‬ ‫َ‬
‫بالباطل ‪ ,‬و لقد أكد القرآن على ذلك بقول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬يَا أ ُّي َ‬
‫م‪( " ...‬النساء‪,)29:‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫منك ُ ْ‬
‫ض ِّ‬ ‫عن تََرا ٍ‬ ‫ة َ‬
‫جاَر ً‬ ‫ل إِل ّ أن تَكُو َ‬
‫ن ِت َ‬ ‫والَكُم بَيْنَكُم بِالْبَا ِ‬
‫ط ِ‬ ‫م َ‬
‫أ ْ‬
‫‪2‬‬
‫وسلم ‪ " :‬كل‬ ‫ونهانا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن العتداء على أموال الغير ‪ ,‬فقال صلى ال عليه‬
‫المسلم على المسلم حرام ‪ ,‬دمه وماله وعرضه " ( رواه مسلم ) ‪.‬‬
‫كما يجب أن تكون مستوفاة لكافة الشروط التي تضبط العمال ليجنب الغرر والجهالة التي تفضي إلى‬
‫النزاع المشكل ‪.‬‬
‫و يستند هذا الضابط إلى مجموعة من القواعد الفقهية منها ‪:‬‬
‫‪ -‬الغرر الكثير يفسد العقود ‪.‬‬
‫‪ -‬الجهالة المفضية إلى نزاع مشكل تبطل العقود ‪.‬‬
‫‪ -‬حرمة أكل أموال الناس بالباطل ‪.‬‬
‫‪ -‬الصل في العقود اللزوم ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫يعني ذلك أن تكون الغاية من المعاملت مشروعة ‪ ,‬و الوسائل التي تستخدم لتحقيقها مشروعة ‪ ,‬وأن‬
‫الوسائل التي تؤدي إلى معاملت محرمة حرام ‪ ,‬و هذا يتلخص في المقولة‪ " :‬مشروعية الغاية و مشروعية‬
‫الوسيلة " ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫ركُو َ‬
‫ن نَ َ‬
‫ج ٌ‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫ما ال ُ‬‫منُوا إِن َّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫و من أدلة ذلك قول ال عز و جل ‪ " :‬يَا أي ُّ َ‬
‫ف‬‫و َ‬‫س ْ‬
‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫عيْل َ ً‬
‫م َ‬‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫هذَا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ِ‬
‫عا ِ‬ ‫عدَ َ‬ ‫م بَ ْ‬
‫حَرا َ‬
‫جدَ ال َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬
‫قَربُوا ال َ‬ ‫فل َ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫م " (التوبة ‪.)28 :‬‬ ‫حكِي ٌ‬ ‫م َ‬ ‫علِي ٌ‬ ‫ه َ‬‫ن الل َ‬ ‫شاءَ إ ِ َّ‬ ‫ه إِن َ‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫غنِيك ُ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫و يرتكن هذا الضابط إلى القواعد الفقهية التية ‪-:‬‬
‫‪ -‬وسائل الحرام حرام ‪.‬‬
‫‪ -‬مشروعية الوسيلة ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يعتبر هذا الضابط من صور اللتزام بالخلق الحسنة والسلوكيات السوية مع الناس ‪ ,‬فالدين‬
‫المعاملة ‪ ,‬و الخلق الحسنة تقود إلى معاملت حسنة ‪ ,‬و الخلق السيئة تقود إلى معاملت سيئة ‪.‬‬
‫سناً‪ ( "...‬البقرة‪ ,)83 :‬وقول‬
‫ح ْ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫و ُ ُ‬
‫قولوا لِلن ّا ِ‬ ‫و دليل هذا قول ال تبارك وتعالى‪َ ..." :‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنما الدين المعاملة " ( متفق عليه) ‪ ,‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من‬
‫كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيرا أو ليصمت " ( البخاري ومسلم) ‪.‬‬
‫و من القواعد الفقهية التي توجب حسن المعاملة مع الناس جميعا ‪:‬‬
‫‪ -‬البيع بالتراضي‪.‬‬
‫‪ -‬الدين المعاملة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يعني ذلك تسهيل المعاملت و الختيار من بين البدائل المشروعة اليسر منها‪ ,‬وذلك لرفع الحرج‬
‫َ‬
‫سَر‬
‫م الي ُ ْ‬‫ه بِك ُ ُ‬‫ريدُ الل ّ ُ‬‫عن الناس‪ ,‬والدليل على ذلك من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬ي ُ ِ‬
‫في‬ ‫م ِ‬‫علَيْك ُ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬
‫ما َ‬ ‫سَر " ( البقرة‪ ) 182 :‬و قوله عز وجل ‪َ " :‬‬
‫و َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ريدُ بِك ُ ُ‬
‫م ال ُ‬ ‫ول َ ي ُ ِ‬
‫َ‬
‫ج " ( الحج‪ , )78:‬و من وصايا رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يسر ول تعسر ‪ ,‬و‬ ‫حَر ٍ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫دّي ِ‬
‫ال ِ‬
‫بشر ول تنفر ‪ ,‬وتطاوعا ول تختلفا " ( رواه مسلم )‪.‬‬
‫و يستند هذا الضابط إلى القواعد الشرعية التية ‪-:‬‬
‫‪ -‬الضرورات تبيح المحظورات ‪.‬‬
‫‪ -‬للكثر حكم الكل ‪ ,‬أو يأخذ اليسير حكم الكثير ‪.‬‬
‫‪ -‬اليسير الحرام معفو عنه في كثير من الحوال ‪.‬‬
‫‪ -‬الغرر اليسير ل يفسد العقود ‪.‬‬
‫‪ -‬المعروف عرفا كالمشروط شرطا ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ضاق المر اتسع ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يقصد بذلك أنه في حالة الضرورة يحول الحرام شرعا إلى حلل ‪ ,‬و لهذه الضرورة ضوابط‬
‫شرعية ول يجب أن تترك لهوى النفس ‪ ,‬و أحيانا تنزل الحاجة منزلة الضرورة لن المشقة توجب التيسير‪,‬‬
‫فلَ‬
‫عاٍد َ‬‫ول َ َ‬
‫غ َ‬ ‫ضطَُّر َ‬
‫غيَْر بَا ٍ‬ ‫نا ْ‬
‫م ِ‬ ‫و دليل ذلك من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪َ " :‬‬
‫ف َ‬
‫َ‬
‫م " ( البقرة‪. )173 :‬‬‫حي ٌ‬ ‫غ ُ‬
‫فوٌر َّر ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه إ ِ َّ‬ ‫إِث ْ َ‬
‫م َ‬
‫و مرجعية هذا الضابط من القواعد الفقهية ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا ضاق المر اتسع ‪.‬‬
‫‪ -‬المشقة توجب التيسير ‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة تنزل منزلة الضرورة ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫لقد حرمت الشريعة السلمية المال المكتسب من مصدر محظور منهي عنه شرعا‪ ,‬ويجب تحريزه‬
‫وتجنيبه والتخلص منه في وجوه الخير العامة وليس بنية التصدق ‪ ,‬مع التوبة والستغفار والعزم الكيد على‬
‫تجنبه ‪ ,‬و الكثار من العمال الصالحات لتكفير الذنوب‪ ,‬ودليل ذلك من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى‬
‫َ‬ ‫عمل ً صالِحا ً َ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫سيِّئَات ِ ِ‬
‫ه ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫دّ ُ‬ ‫ولَئ ِ َ‬
‫ك يُب َ ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫وآ َ‬ ‫ب َ‬‫من تَا َ‬‫‪ " :‬إِل ّ َ‬
‫َ‬
‫حيما ً " ( الفرقان‪ , )70 :‬و من السنة قول الرسول صلى ال عليه‬ ‫فورا ً َّر ِ‬ ‫ه َ‬
‫غ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬‫وكَا َ‬
‫ت َ‬‫سنَا ٍ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫وسلم ‪ " :‬إن العبد إذا أذنب ذنبا ‪ ,‬نكت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب و رجع واستغفر صقل قلبه منها ‪.....‬‬
‫الحديث " ( رواه الترمذي وآخرون ) ‪.‬‬
‫و مرجعية هذا الضابط القاعدة الفقهية ‪ ":‬من اختلط بماله الحلل بالحرام يجب عليه إخراج قدر الحرام‬
‫و الباقي حلل " ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يعني ذلك أنه يجب على المتعامل أن يلتزم بالولويات السلمية وهي الضرورات فالحاجيات‬
‫فالتحسينات ‪ ,‬و تجنب السراف والتبذير و النفاق الترفي والمظهري و ما في حكم ذلك‪,‬و دليل هذا الضابط‬
‫وكُلُوا‬
‫د َ‬‫ج ٍ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫عندَ ك ُ ِّ‬
‫ل َ‬ ‫زينَتَك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫خذُوا ِ‬ ‫من القرآن قول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬يَا بَنِي آدَ َ‬
‫م ُ‬
‫ن " ( العراف‪ , )31 :‬و يوصينا الرسول‬
‫في َ‬
‫ر ِ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫فوا إِن َّ ُ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫وا ْ‬
‫شَربُوا َ‬ ‫َ‬
‫صلى ال عليه وسلم في ترتيب النفاق بقوله ‪ " :‬ابدأ بنفسك فتصدق عليها ‪ ,‬فإن فضل شيء فلهلك ‪ ,‬فإن‬
‫فضل عن أهلك شيء فلذي قربتك ‪ ,‬فإن فضل عن ذوي قربتك شيء فهكذا وهكذا ‪ ( " ....‬رواه أحمد‬
‫والنسائي ) ‪.‬‬

‫و لقد اهتم الفقهاء بهذا الضابط مثل المام الشاطبي قي كتابه الموافقات ‪ ,‬و هذا يستند إلى القواعد‬
‫الفقهية التية ‪:‬‬
‫‪ -‬الضرورات تبيح المحظورات ‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة تنزل منزلة الضرورة ‪.‬‬
‫‪ -‬ل اقتراض إل لضرورة ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬
‫تقوم المعاملت بصفة عامة على ربط العائد بالتضحية و الكسب بالخسارة و الخذ بالعطاء ‪ ,‬وهذا ما‬
‫يطلق عليه في كتب الفقه اسم ‪ " :‬الغنم بالغرم والخراج بالضمان " و يعني هذا العائد يقابل تضحية ‪ ,‬ول‬
‫كسب بل جهد ‪ ,‬ول جهد بل كسب‪ ,‬ومن نماذج ذلك من القرآن الكريم صفقة التجارة مع ال في الجهاد‬
‫هم بِأ َ َّ‬ ‫فسهم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حيث قال سبحانه وتعالى ‪ " :‬إ ِ َّ‬
‫ن‬ ‫وال َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ن أن ُ َ ُ ْ َ‬
‫وأ ْ‬ ‫منِي َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ُ‬
‫م َ‬
‫شتََرى ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ها ْ‬
‫ة " ( التوبة‪ , )111 :‬و ربط الرسول صلى ال عليه وسلم بين الجهاد وتوزيع الغنائم ‪.‬‬ ‫جن َّ َ‬
‫م ال َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ُ‬

‫ومن مرجعية هذا الضابط من القواعد الفقهية ما يلي ‪:‬‬


‫‪-‬الخراج بالضمان ‪.‬‬
‫‪-‬الربح فيما اتفقا عليه و الوضيعة على صاحب المال ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫و يقصد بهذا الضابط أن تكون أولوية التعامل مع المؤمنين وهذا ما يطلق عليه اسم أولوية التعامل مع‬
‫المؤمنين ‪,‬‬

‫فالمسلم جزء من المة السلمية و يجب أن يحمل ولئه للمسلمين ‪ ,‬ومن الصور التطبيقية للولء‬
‫القتصادي أن تكون أولوية المعاملت التجارية والقتصادية والمالية بين المسلمين و دعم السوق السلمية‬
‫ت‬‫منَا ُ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫منُو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬‫المشتركة‪ ,‬ودليل ذلك من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪َ " :‬‬
‫ن‬ ‫منك َ‬ ‫ن بِال ْ‬ ‫ضهم أ َولِياءُ بعض يأ ْ‬
‫مو َ‬ ‫ُ‬ ‫قي‬ ‫وي ُ ِ‬‫َ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن ال‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ْ‬ ‫ه‬‫ويَن ْ َ‬
‫َ‬ ‫ف‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫مُرو َ‬‫ُ‬ ‫َ ْ ٍ َ‬ ‫ع ُ ُ ْ ْ َ‬ ‫بَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِ َّ‬
‫ن‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ُ‬‫سيَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ولَئ ِ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن الَّزكَاةَ َ‬
‫ويُطِي ُ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ؤتُو َ‬ ‫ال َّ‬
‫صلةَ َ‬

‫‪5‬‬
‫َ‬
‫ذ‬
‫خ ِ‬‫م " ( التوبة‪ , )71 :‬و حذرنا ال من موالة الكافرين فقال ‪ " :‬ل َ يَت َّ ِ‬ ‫حكِي ٌ‬‫زيٌز َ‬‫ع ِ‬
‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫فرين أ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫س ِ‬ ‫فلَي ْ َ َ‬‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬
‫ع ْ‬‫ف َ‬‫من ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫منِي َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ُ‬ ‫ن ال‬‫ِ‬ ‫من دُو‬ ‫ولِيَاءَ ِ‬‫ْ‬ ‫ن الكَا ِ ِ َ‬ ‫منُو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال َ ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫وإِلى الل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬
‫ف َ‬‫ه نَ ْ‬‫م الل ُ‬ ‫ُ‬
‫ذُّرك ُ‬‫ح ِ‬
‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫م ت ُقاةً َ‬‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫قوا ِ‬ ‫ء إِل أن تَت ّ ُ‬‫ّ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫صيُر " ( آل عمران‪. )28 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫ال َ‬

‫ولقد أكد رسول ال صلى ال عليه وسلم على موالة المسلمين فقال ‪ " :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد‬
‫بعضه بعضا " ( البخاري) ‪ ,‬وقال ‪ " :‬ل تصاحب إل مسلما ول يأكل طعامك إل تقي " (رواه أبو داوود‬
‫والترمذي) ‪ ,‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬المسلم أخو المسلم ‪.......‬الحديث " ( رواه مسلم ) ‪.‬‬
‫و لقد أكد الفقهاء على أولوية التعامل مع المسلمين و ل يكون هناك تعامل مع غيرهم من المسالمين إل‬
‫في حالة الضرورة أو حاجة ملجئة إلى ذلك ‪.‬‬
‫و من مبررات ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬يجب دعم و عون المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب المحافظة على عزة و قوة المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب تجنب المعاملت غير المشروعة التي يقوم بها غير المسلمين أحيانا ‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب استغلل و احتكار و مكر غير المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم السوق السلمية المشتركة ‪.‬‬

‫‪◆-‬‬
‫‪.‬‬
‫و يقصد بذلك جواز التعامل مع غير المسلمين غير المحاربين عند الضرورة والحاجة من باب التيسير‬
‫و رفع الحرج والمشقة ‪ ,‬و كذلك من جانب المواطنة وتجنب الفتن ‪ ,‬ول يجوز التعامل مع غير المسلمين‬
‫التي تؤدي إلى مهلكة ‪.‬‬ ‫المحاربين ( دار الحرب) إل عند الضرورة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫م‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫هاك ُ ُ‬ ‫ومن أدلة ذلك من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬ل َ يَن ْ َ‬
‫سطُوا‬ ‫خرجوكُم من ديارك ُ َ‬
‫ق ِ‬ ‫وت ُ ْ‬
‫مَ َ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫م أن َتَبَُّر َ‬ ‫ِ َ ِ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫م يُ ْ ِ ُ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن َ‬‫دي ِ‬ ‫في ال ِ‬
‫َ‬
‫م ِ‬‫قاتِلُوك ُ ْ‬ ‫يُ َ‬
‫ُ‬
‫قات َ َلوك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن ال ِ‬ ‫ع‬
‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫هاك ُ ُ‬
‫ما يَن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )8‬إِن ّ َ‬ ‫سطِي َ‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ُ‬‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬ ‫إِلَي ْ‬
‫خراجك ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫م أن ت َ َ‬ ‫علَى إ ِ ْ َ ِ ْ‬ ‫هُروا َ‬ ‫وظَا َ‬ ‫م َ‬‫رك ُ ْ‬‫من ِديَا ِ‬ ‫جوكُم ِّ‬ ‫خَر ُ‬‫وأ َ ْ‬ ‫ن َ‬‫دي ِ‬ ‫في ال ِّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ومن يت َول ّهم َ ُ‬‫َ‬
‫ن (‪ ( " )9‬الممتحنة)‬ ‫مو َ‬ ‫م الظال ِ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ولَئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪.‬‬

‫ولقد أكد رسول ال صلى ال عليه وسلم على ذلك ‪ ,‬فقد ثبت أنه اشترى من يهودي طعاما نسيئة ( بالجل ) ‪ ,‬كما‬
‫رهن درعه عند يهودي ‪ ,‬فقد روى أنس رضي ال عنه ‪ ,‬قال ‪ :‬رهن رسول ال صلى ال عليه وسلم درعا عند يهودي‬
‫بالمدينة ‪ ,‬وأخذ منه شعيرا لهله " ‪.‬‬
‫و لقد وضع الفقهاء مجموعة من الضوابط الفقهية للتعامل مع غير المسلمين ( غير المحاربين) منها ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون التعامل في حدود ما أباحته الشريعة السلمية ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬اللتزام بالقسط والعدل والمانة ‪.‬‬
‫‪ -‬حرمة العتداء على أموالهم وأعراضهم و دماءهم ‪.‬‬
‫‪ -‬وجود الضرورة أو الحاجة للتعامل معهم ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪◆-‬‬
‫يقضي هذا الضابط بأن تحقق المعاملت النفع الذي يعود على الفرد نفسه وكذلك على الجماعة والمة السلمية ‪,‬‬
‫و يكون هذا النفع مرتبطا بتحقيق مقاصد الشريعة السلمية‪ ,‬و كذلك تجنب أي معاملة فيها ضرر‪.‬‬
‫علَى الب ِ ّ ِ‬
‫ر‬ ‫ونُوا َ‬ ‫عا َ‬ ‫و أصل هذا الضابط من القرآن الكريم هو قول ال تبارك وتعالى ‪َ " :‬‬
‫وت َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وات َّ ُ‬ ‫والت َّ ْ‬
‫د‬
‫دي ُ‬ ‫ش ِ‬‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬
‫ه إ ِ َّ‬‫قوا الل ّ َ‬ ‫ن َ‬
‫وا ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫عدْ َ‬ ‫علَى الِثْم ِ َ‬
‫ونُوا َ‬ ‫ول َ ت َ َ‬
‫عا َ‬ ‫وى َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫ب " ( المائدة ‪. )2 :‬‬
‫قا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ال ِ‬
‫و لقد نهى رسول ال صلى ال عليه و سلم عن مجموعة من المعاملت لنها تسبب أضرارا مثل التعامل في‬
‫الخمر‪ ,‬و لحم الخنزير‪ ,‬و الميتة‪ ,‬والدم‪ ,‬و الصنام‪ ,‬والصلبان‪ ,‬والتماثيل‪ ,‬والكلب‪ ,‬و كسب الماء ( الزنا)‪ ,‬وبيع السلح‬
‫وقت الفتنة‪ ,‬والتسعير في السواق بدون ضرورة معتبرة شرعا‪ ,‬و قال صلى ال عليه و سلم ‪ " :‬من ضار ضار ال عليه‬
‫‪ ,‬و من شق شق ال عليه " (رواه الترمذي) ‪.‬‬
‫و يستند هذا الضابط إلى مجموعة من القواعد الفقهية منها ‪:‬‬
‫‪ -‬ل ضرر ول ضرار ‪.‬‬
‫‪ -‬الضرر يزال ‪.‬‬
‫‪ -‬يتحمل الضرر الخاص ‪.‬‬

‫‪◆-‬‬
‫‪.‬‬
‫و يعني ذلك أن أي معاملة تصد عن سبيل ال ول تمكن المسلم من أداء الفرائض والقيام بالواجبات‬
‫الدينية تعتبر حراما‪ ,‬و لقد أشار القرآن إلى ذلك في العديد من اليات مثل قوله سبحانه و تعالى ‪ " :‬يَا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وا إِلَى ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬
‫س َ‬ ‫ة َ‬
‫فا ْ‬ ‫ع ِ‬
‫م َ‬
‫ج ُ‬
‫وم ِ ال ُ‬‫من ي َ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫صل ِ‬‫ي لِل َّ‬
‫منُوا إِذَا نُوِد َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬
‫أي ُّ َ‬
‫َ‬
‫ن " ( الجمعة‪ ,)9:‬و من وصايا رسول ال‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫م تَ ْ‬‫م إِن كُنت ُ ْ‬ ‫خيٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫ع ذَلِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫وذَُروا البَي ْ َ‬ ‫َ‬
‫صلى ال عليه وسلم الواردة في الثر‪ " :‬ل يبارك ال في عمل يلهي عن الصلة " ‪.‬‬
‫و من مرجعية هذا الضابط من القواعد الفقهية ‪-:‬‬
‫‪ -‬إنما العمال بالنيات ‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل الحرام حرام ‪.‬‬
‫‪ -‬المحافظة على مقاصد الشريعة ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬

‫‪7‬‬
‫و معنى ذلك أن يتورع المسلم في معاملته عن مواطن الشبهات و تجنب أي معاملة فيها أدنى شبهة ‪,‬‬
‫محافظة على الدين وصونا للعرض واستغناءً بالحلل البين المقطوع بحله‪ ,‬ولقد ورد عن الرسول صلى ال‬
‫قوله ‪ ... " :‬والمعاصي حمى ال ‪ ,‬من يرتع حول‬ ‫عليه وسلم العديد من الحاديث ما يؤكد ذلك ‪ ,‬منها‬
‫الحمى يوشك أن يواقعه "(الشيخان)‪ ,‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬دع ما يريبك إلى ما ل يريبك‬
‫" (الترمذي) ‪.‬‬
‫و من مرجعية هذا الضابط من القواعد الفقهية ‪-:‬‬
‫‪ -‬دع ما يريبك إلى ما ل يريبك ‪.‬‬
‫‪ -‬العمال بالنيات ‪.‬‬

‫◆‪-‬‬
‫‪.‬‬
‫و معنى ذلك تجنب أي معاملة تفتح الباب إلى مفسدة خاصة أو عامة لن الصل في المعاملت تحقيق‬
‫المنافع‪ ,‬و دليل ذلك ما قاله جابر رضي ال عنه أنه سمع رسول ال صلى ال عليه مسلم عام الفتح يقول ‪" :‬‬
‫إن ال و رسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والصنام"‪ ,‬فقيل يا رسول ال ‪ :‬أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها‬
‫السفن و يدهن بها الجلود و يستصبح الناس بها قال ‪ " :‬ل هو حرام " ‪ " ,‬ثم قال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬قاتل ال‬
‫اليهود‪ ,‬إن ال حرم عليهم الشحوم فأجملوها ‪ ,‬ثم باعوه فأكلوا ثمنه " ( البخاري) ‪ ,‬و قال كذلك ‪ " :‬من حبس العنب‬
‫أيام القطاف حتى يبيعه ليهودي أو نصراني أو من يتخذه خمرا فقد تقحم الناس على بصيرة " ( الطبراني في الوسط)‬
‫و يقوم هذا الضابط على القاعدة الفقهية التي تقول ‪ " :‬درء المفاسد مقدم على جلب المنافع" ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬
‫و يعني ذلك أن المسلم يأخذ بالسباب في المعاملت المالية التي تحمي المال من الهلك و عدم تعرضه للمخاطر‬
‫المالية التي تقود إلى الضياع ‪ ,‬كما يتخذ التدابير اللزمة للمحافظة على المال من السرقة والبتزاز والرشوة ‪ ,‬ولقد أشار‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِ ِ‬
‫ل‬ ‫منُوا ل َ تَأكُلُوا أْم َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫القرآن إلى ذلك في قول ال عز وجل ‪ " :‬يَا أي ُّ َ‬
‫ول َ تَأْكُلُوا‬
‫م‪ ( " ..‬النساء‪ )29 :‬و قوله سبحانه وتعالى ‪َ " :‬‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ض ِّ‬
‫عن تََرا ٍ‬ ‫جاَرةً َ‬ ‫ن تِ َ‬
‫َ َ‬
‫إِل ّ أن تَكُو َ‬
‫س‬ ‫وا ِ َ‬
‫ل الن ّا ِ‬
‫َ‬
‫ريقا ً ِّم ْ‬
‫ن أْم َ‬ ‫حكَّام ِ لِتَأْكُلُوا َ‬
‫ف ِ‬ ‫ها إِلَى ال ُ‬ ‫وتُدْلُوا ب ِ َ‬ ‫والَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِ ِ‬
‫ل َ‬
‫َ‬
‫أْم َ‬
‫ن "‪ ( ,‬البقرة‪ , )188:‬ولقد أوصانا رسول ال صلى ال عليه وسلم بالمحافظة على الموال‬ ‫بالثْم َ‬
‫مو َ‬ ‫م تَْعل َ ُ‬‫وأنْت ُ ْ‬
‫ِ ِ ِ َ‬
‫‪ ,‬فقال ‪ .. " :‬و من قتل دون ماله فهو شهيد "(متفق عليه)‪ ,‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أن ال كره إليكم ثلث ‪ :‬قيل‬
‫وقال ‪ ,‬وإضاعة المال ‪ ,‬و كثرة السؤال " (البخاري ومسلم)‪.‬‬
‫و دليل هذا الضابط من القواعد الفقهية ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬أكل المال بالباطل حرام ‪.‬‬
‫‪ -‬ل ضرر ول ضرار ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬

‫‪8‬‬
‫و يعني ذلك عدم اكتناز المال و حبسه عن وظيفته التي خلقها ال له ‪ ,‬لن ذلك يؤدي إلى انخفاض قيمته بسبب‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫أداء الزكاة والتضخم ‪ ,‬و في هذا المقام ينهانا ال عز وجل عن الكتناز و يحثنا على الستثمار فيقول ‪َ " :‬‬
‫وال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ب أَلِيم ٍ " ( التوبة‬
‫هم بَِعذَا ٍ‬
‫شْر ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫فب َ ّ ِ‬ ‫سبِي ِ‬
‫في َ‬
‫ها ِ‬
‫قون َ َ‬ ‫ول َ يُن ِ‬
‫ف ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ف َّ‬
‫ض َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ب َ‬ ‫ن الذَّ َ‬
‫ه َ‬ ‫يَكْنُِزو َ‬
‫‪ ,)34 :‬و يحذر الرسول صلى ال عليه وسلم من عدم الستثمار‪ ,‬فيقول ‪ " :‬استثمروا أموالكم حتى ل تأكلها الصدقة‬
‫" (رواه أحمد) ‪.‬‬
‫و يدخل هذا الضابط في نطاق تحقيق مقاصد الشريعة السلمية و منها حفظ المال ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬
‫و نعنى هذه القاعدة ذلك أنه على المسلم التقي الورع أن يكثر من الستغفار لتطهير الموال والمعاملت من‬
‫فُروا‬ ‫ستَْغ ِ‬
‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫الحرام ولتحقيق البركة ‪ ,‬و دليل هذا الضابط من القرآن الكريم قول ال تبارك وتعالى ‪َ " :‬‬
‫ف ُ‬
‫َ‬ ‫غ َّ‬
‫جَعل‬‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫وبَنِي َ‬
‫ل َ‬‫وا ٍ‬‫ددْكُم بِأْم َ‬
‫م ِ‬ ‫دَراراً‪َ ,‬‬
‫وي ُ ْ‬ ‫علَيْكُم ِّم ْ‬
‫ماءَ َ‬ ‫ل ال َّ‬
‫س َ‬ ‫س ِ‬‫فاراً‪ ,‬يُْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِن َّ ُ‬
‫ه كَا َ‬ ‫َربَّك ُ ْ‬
‫هارا ً " ( نوح‪ ,)12-10:‬والدليل من السنة قول رسول ال صلى ال عليه و سلم ‪:‬‬ ‫لَّك ُم جنَّات ويجعل لَّك ُ َ‬
‫م أن ْ َ‬
‫ْ‬ ‫ٍ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫" من لزم الستغفار جعل ال له من كل ضيق مخرجا‪ ,‬ومن كل هم فرجا‪ ,‬و رزقه من حيث ل يحتسب " (رواه أبو‬
‫داوود)‪.‬‬
‫و يدخل هذا الضابط في نطاق القاعدة الفقهية العامة ‪ " :‬إنما العمال بالنيات " والقاعدة " حفظ مقاصد الشريعة‬
‫السلمية " ‪.‬‬
‫تعقيب على الضوابط الشرعية للمعاملت المالية ‪.‬‬
‫تعتبر الضوابط الشرعية السابقة الدستور السلمي للمعاملت المالية و الذي يُنظر إليه على أنه الساس لوضع‬
‫اللوائح والنظم والجراءات التنفيذية في الواقع العملي ‪ ,‬و كذلك المرجع الساسي لختيار السبل والوسائل والدوات‬
‫المعاصرة التي تستخدم في تنفيذ المعاملت المالية ‪ ,‬كما تصلح أن تكون مرجعا لي برنامج اقتصادي إسلمي وبديل‬
‫للبرامج الوضعية الغير إسلمية ‪.‬‬
‫◆‪-‬‬
‫‪.‬‬
‫من المنافع المرجوة من اللتزام بالضوابط الشرعية في المعاملت المالية ما يلي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬الرتياح القلبي والطمئنان النفسي من أن المسلم يلتزم بشرع ال سبحانه وتعالى وتجنب محارمه ‪,‬‬
‫ول يستشعر بذلك إل أصحاب القلوب الخائفة من ال ‪ ,‬والراجية رضاه ‪ ,‬والطامعة في جنته ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تحقيق الخير والبركة والزيادة في الموال وفي الرباح وتجنب المحق والحياة الضنك وهذا في حد‬
‫ذاته يزيد من الطمئنان من أن ال هو الرازق وأن بيده كل شيء ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الوقاية من ارتكاب الذنوب والمعاصي والرذائل القتصادية التي تقود إلى فساد العقيدة والخلق‬
‫أحيانا‪ ,‬حيث يقول العلماء أن للفساد القتصادي أثرا على الفساد الخلقي كما يقود الفساد الخلقي إلى‬
‫فساد اقتصادي ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫رابعا ‪ :‬تجنب الشك والريبة والخصام والشجار بين المسلمين والمحافظة على رابطة الخوة الصادقة والحب‬
‫في ال ‪ ,‬فاللتزام بالضوابط الشرعية من موجبات المحافظة على العلقات الطيبة بين الناس ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬سلمة واستقرار المعاملت بين الناس الخالية من الغش والغرر والجهالة والتدليس والربا ‪....‬‬
‫وغير ذلك من صور أكل أموال الناس بالباطل ‪ ,‬و هذا من موجبات وجود السوق الحرة الطاهرة ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬تقديم السلم للناس على أنه دين شامل ومنهج حياة وليس دين عبادات وشعائر وعواطف فقط بل‬
‫يمزج بين الروحانيات والماديات ‪ ,‬وبين العبادات والمعاملت وصالح للتطبيق في كل زمان ومكان ‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬تفيد هذه الضوابط رجال الدعوة السلمية من وعاظ وعلماء ونحوهم في الدعوة إلى ال على‬
‫بصيرة وعلم وكيفية ربط المفاهيم والقواعد والضوابط بالتطبيق العملي ‪ ,‬كما تساعدهم في الجابة على‬
‫الستفسارات المالية المعاصرة وبيان الجائز والمنهي عنه شرعا ‪.‬‬

‫ثامنا ‪ :‬تقديم نماذج عملية من المعاملت المالية التي تقوم على مرجعية فقهية مرنة وقابلة للتطبيق و‬
‫تستوعب مستجدات العصر‪ ,‬وفي هذا بيان لعظمة السلم و عراقة الحضارة السلمية ‪ ,‬والتأكيد على‬
‫أن سبب تخلف الدول السلمية يرجع إلى عدم اللتزام بالسلم عقيدة وشريعة ‪.‬‬

‫تاسعا ‪ :‬تساعد هذه الضوابط الفراد والشركات والمؤسسات ورجال العمال و من في حكمهم على أن‬
‫يضعوا اللوائح المالية في ضوء الضوابط الشرعية و ليس وفقا لما يخالف شريعة السلم ‪.‬‬

‫عاشرا ‪ :‬تساعد هذه الضوابط كذلك في إعادة النظر في القوانين القتصادية والمالية والستثمارية و ما في‬
‫حكمها في البلد العربية والسلمية لتتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة السلمية و أن يكون نظامها‬
‫القتصادي والمالي والساليب والسبل التنفيذية مطابقة للشريعة كذلك ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫◆‪-‬‬
‫لقد تناولنا في الصفحات السابقة الطار العام للقواعد الفقهية ذات الصلة بالمعاملت المالية‪ ,‬واستنبطنا‬
‫منها أهم الضوابط الشرعية التي يمكن اعتبارها الدستور السلمي للمعاملت المالية المعاصرة ‪.‬‬

‫والغاية الكبرى من ذلك هو بيان المعاملت الحلل لللتزام بها ‪ ,‬والمنهي عنها شرعا لنتجنبها‪ ,‬و‬
‫مواطن الشبهات فنبتعد عنها‪ ,‬و عندما تتحقق هذه الغاية في معاملت الناس يكون قد تحقق رضا ال سبحانه‬
‫وتعالى ‪ ,‬وزيادة البركة في المال والرباح والمكاسب ‪ ,‬واستقرار المعاملت و تقوية الروابط النسانية بين‬
‫الناس و تطبيق شرع ال عز و جل ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫و من موجبات تطبيق هذه الضوابط في الواقع العملي ما يلي ‪:‬‬

‫الفهم الصحيح للسلم عقيدة وشريعة ‪ ,‬وفهم قواعده وضوابطه الشرعية ‪ ,‬واليمان بأن اللتزام بها‬
‫ضرورة شرعية و حاجة اقتصادية يثاب عليها المسلم ‪.‬‬

‫و بخصوص كيفية اللتزام بهذه الضوابط نوصي بالتي ‪:‬‬


‫‪ -‬الفهم الصحيح لفقه المعاملت بصفة عامة و فقه المعاملة التي يقوم المسلم بصفة خاصة ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون للمسلم مرجعية فقهية موثقة و معتمدة للرجوع إليها عند وجود معاملة مستحدثة تحتاج إلى‬
‫بيان الحكم الشرعي ‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء أرشيف أو مكتبة يحفظ فيها بعض كتب الفقه ذات الصلة بالمعاملت المالية ليرجع إليها عند‬
‫الحاجة ‪.‬‬
‫‪ -‬التزود الدائم بالتقوى والورع والخشية من ال والتوبة والستغفار و تذكر الوقوف بين يدي ال‬
‫م ت ُو َّ‬ ‫َ‬
‫فى‬ ‫ه إِلَى الل ّ ِ‬
‫ه ث ُ َّ َ‬ ‫في ِ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬ ‫وما ً تُْر َ‬
‫ج ُ‬ ‫قوا ي َ ْ‬ ‫القائل في أخر آيات القرآن ‪َ " :‬‬
‫وات َّ ُ‬
‫ن " ( البقرة ‪.)281:‬‬ ‫ك ُ ُّ‬
‫مو َ‬ ‫م ل َ يُظْل َ ُ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬
‫ت َ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫س َّ‬ ‫ل نَ ْ‬
‫ف ٍ‬

‫‪11‬‬

You might also like