You are on page 1of 8

‫تقرير سياسى‬

‫موقفنا من التطورات الخيرة‬


‫الوضع الدولى‬
‫مازالت آثار الزمة القتصادية والمالية الرأسمالية التى بدأت فى أمريكا منذ خريف ‪ 2008‬وامتدت إلى أوربا وكل بقاع العالم‬
‫تخيم على الوضع العالمى ‪ ،‬وقد كشفت هذه الزمة الكثير من الوهام التى ملت الساحة الدولية طوال الربع قرن الخير حول‬
‫الرأسمالية باعتبارها الحل الوحيد ونهاية العالم ‪ 00‬حيث أعادت إلى الذهان أزمة الكساد الكبير فى ثلثينيات القرن الماضى‬
‫‪ 0‬وفوجئ الجميع بسلسلة من النهيارات القتصادية والمالية والهيكلية التى لحقت بكبريات المؤسسات الرأسمالية كالبنوك‬
‫وشركات التأمين والشركات النتاجية الحتكارية الكبرى كصناعة السيارات وغيرها ‪ 0‬وتم إفلس اكثر من ‪ 70‬بنكا فى أمريكا‬
‫هذا العام من بينها بنوك عملقة وامتدت آثار الزمة اجتماعيا نتيجة زيادة معدلت البطالة وتفشى الفساد وتدهور مستويات‬
‫المعيشة وفقدان المان والستقرار حتى بين العديد من الفئات الوسطى ‪ 0‬وعلى المستوى الفكرى والسياسى تداعت السس‬
‫اليديولوجية المدافعة عن الرأسمالية وعن النيوليبرالية التى سادت وتسيدت منذ انهيار وتفكك التحاد السوفيتى ‪ 0‬وقد اعتبر‬
‫كثير من المنظرين القتصاديين أن هذه الزمة تمثل ضربة قاصمة ليدلوجيا النيوليبرالية‪ ،‬تلك السياسة التى جاءت فى‬
‫أعقاب الزمة القتصادية الكبرى فى بداية السبعينات من القرن الماضى وبدأت تعلن عن نفسها فى التطبيق منذ بداية‬
‫" توافق واشنطن "‬ ‫الثمانينات مع مارجريت تاتشر فى بريطانيا وريجان فى أمريكا وتم اعتبارها دستورا للرأسمالية بعد‬
‫عام ‪ 1983‬والتى تقوم على السوق الحرة الطليقة والخصخصة وعدم تدخل الدولة والتخلى عن برامج الخدمات الجتماعية‬
‫والضمان الجتماعى وتغول القطاع المالى على حساب القتصاد الحقيقى ‪ ،‬وقدمت الليبرالية الجديدة كوصفة جاهزة لحل‬
‫المشاكل والزمات القتصادية فى كل مكان فى العالم وتم فرضها من خلل المؤسسات الرأسمالية العالمية ( الصندوق والبنك‬
‫الدوليين ومنظمة التجارة الحرة ) على بلدان وشعوب العالم الثالث مما أدى إلى تعميق تبعية هذه البلدان وتدمير اقتصادها‬
‫الحقيقى وزيادة غرقها فى الديون بينما لم يستفيد من ذلك سوى طغم ومجموعات احتكارية مالية قليلة العدد فائقة الثراء ‪0‬‬
‫كما أن هذه الزمة الرأسمالية الكبرى جاءت فى أعقاب سلسلة من الزمات المتتالية فى أطراف النظام الرأسمالى العالمى‬
‫( أزمة النمور السيوية وأزمة الرجنتين وأزمة المكسيك ) مما يؤكد على أن الرأسمالية كنظام اقتصادى اجتماعى عاجزة‬
‫عن حل تناقضاتها الساسية وفاشلة فى مواجهة التحديات والمشكلت الكبرى التى تواجه البشرية ‪0‬‬
‫وفرضت هذه الزمة على النظم الحاكمة فى الدول الرأسمالية ضرورة الدارة الحكومية للزمة وإعادة العتبار لتدخل الدولة‬
‫وتسارعت خطط النقاذ وتم ضخ ترليونات من الدولرات على حساب دافعى الضرائب لنقاذ المؤسسات الرأسمالية المهددة‬
‫بالفلس مما أثار غضب دوائر واسعة من الشعب المريكى والوربى ‪ 0‬وينبغى توضيح إن هذه العمليات من التأميم أو‬
‫شراء المؤسسات المهددة بالفلس والنهيار من قبل الحكومة ل تعد تأميما اشتراكيا بأى حال من الحوال لن الهدف منها‬
‫هو إنقاذ الرأسمالية وهى ل تعود بفائدة مباشرة على العمال والفقراء ولكنها فى جانب آخر تعبر عن عجز وفشل صريح‬
‫لسياسات النيوليبرالية وتراجع واضح عن أهم ركائزها ‪00‬‬
‫وقد تصاعد تطبيق سياسات النيوليبرالية مع صعود اليمين المحافظ إلى سدة الحكم فى أمريكا بقيادة بوش وعصابته مما أدى‬
‫إلى سلسلة من الكوارث والزمات نتيجة لتبنيه استراتيجية الحروب الستباقية فى العراق وأفغانستان ورفعه شعار الحرب‬
‫على الرهاب وانسحابه من معاهدات الحفاظ على البيئة وتصعيده لسباق التسلح النووى ‪ 00‬وهبطت سمعة أمريكا السياسية‬
‫والخلقية إلى الحضيض ‪ 00‬وكان من الطبيعى أن يأتى اوباما إلى الرئاسة رافعا شعار " التغيير " ليمثل مخرجا لمريكا‬
‫والعالم الرأسمالى من هذا المأزق ‪ 00‬وهذه التوجهات الجديدة فى سياسات اوباما التى اختلفت عن توجهات اليمين المحافظ‬
‫وعبر عنها فى خطاباته العلمية فى القاهرة وغانا وتمثلت فى رفضه نظرية صراع الحضارات وتراجعه عن شعار الحرب‬
‫على الرهاب وانتهاجه سياسة اكثر عقلنية فى السياسة الخارجية المريكية ومما ل شك فيه أنها تتيح ظروفا افضل لنضال‬
‫شعوب العالم والقوى الديمقراطية والتقدمية ولقوى السلم والدفاع عن البيئة ‪0‬إن هذه التوجهات الجديدة لدارة اوباما رغم‬
‫ما بها من اختلف مع سياسات اليمين المحافظ ل تعنى أن هناك انقلبا على النظام والمؤسسات الحاكمة فى أمريكا ‪00‬‬
‫فالذى يحكم أمريكا هى مؤسسات تمثل مصالح الرأسمالية الحتكارية والشركات متعدية الجنسية سواء كان يحكم أمريكا‬
‫الحزب الديمقراطى أو الجمهورى وهى سياسات فى جوهرها معادية لشعوب العالم والعمال والكادحين ولقوى السلم والتقدم‬
‫ول شك أن هزيمة قوى اليمين المحافظ وتفجر الزمة الرأسمالية العالمية على نطاق العالم وتدهور نفوذ الوليات المتحدة‬
‫وفقدان الدولر لمكانته باعتباره عملة الحتياطى العالمى وبروز دول بازغة وقوية مثل الصين والهند والبرازيل وغيرها فى‬
‫إطار مجموعة العشرين سوف يؤدى إلى التجاه نحو توازن جديد وقلق بين أقطاب متعددة ‪ ،‬والى تراجع تدريجى لدور‬
‫الوليات المتحدة كقطب واحد مهيمن على العالم ‪ 0‬كما إن التطور القتصادى الهائل فى الصين وتوقع تفوق اقتصادها على‬
‫القتصاد المريكى عام ‪ ، 2027‬كما أن التطورات الجتماعية والسياسية الجارية فيها واتباعها نظام اشتراكية السوق بقيادة‬
‫الحزب الشيوعى ‪ ،‬كل هذا يجعل من الصعب إصدار حكم مسبق على مسار التجربة الصينية أو توقع حسم هذه التطورات‬
‫باتجاه الرأسمالية أو الشتراكية فى السنوات المقبلة مما يقتضى مزيد من الدراسة والهتمام بالتطورات الجارية هناك لما لها‬
‫من تأثير على مستقبل التطور العالمى ‪0‬‬
‫ولشك أن الثار السلبية والمدمرة للزمة الرأسمالية العالمية سوف تظل مستمرة لفترة ليست قصيرة إل انه ل يمكن الزعم‬
‫بأنها أزمة نهائية ‪ 00‬فسوف تتمكن الرأسمالية من تجاوز الزمة إل أنها ستنفجر بعد فترة بشكل اكثر عنفا ‪ 00‬غير أن‬
‫الفرص التاريخية يمكن أن تضيع ما لم يكن هناك النقيض القادر على تقديم البديل الجذرى وهى الشتراكية بشرط تطويرها‬
‫وتصحيحها بشكل يتلءم مع الظروف الموضوعية والشروط المادية لعصر العولمة الرأسمالية وثورة التصالت والمعلومات‬
‫ولبد من القول أن الزمة الخيرة للمنظومة الرأسمالية العالمية تفتح آفاقا اكبر لبلدان الجنوب كى تتعاون فيما بينها ومع‬
‫التكتلت البازغة مثل مجموعة شنغهاى ومجموعة دول أمريكا الجنوبية لكى تكسر طوق تبعيتها للمبريالية العالمية ولكى‬
‫تعد نفسها لحتمال تعدد القطاب والكتل فى قمة النظام الدولى مما يتيح لها هامشا للمناورة مثلما كان متاحا لبلدان عدم‬
‫النحياز وحركة التحرر الوطنى فى حقبة النظام الثنائى والحرب الباردة‬
‫ولشك أن العالم يشهد فى السنوات الخيرة بداية مرحلة مد لموجة تحررية وثورية جديدة فى مواجهة العولمة الرأسمالية‬
‫والهيمنة المريكية ظهرت بوادرها فى الحركة الجتماعية المناهضة للعولمة ‪ ،‬وتحول العديد من دول أمريكا اللتينية فى‬
‫اتجاه اليسار بدرجات مختلفة ‪ ،‬وتصاعد حركة الطبقة العاملة العالمية فى مواجهة تداعيات الزمة الرأسمالية العالمية ‪،‬‬
‫وانتشار المحاولت الجادة لتطوير الفكر الماركسى والشتراكى وتجديده مما يؤذن ببداية مرحلة تاريخية جديدة وطويلة فى‬
‫النضال من اجل عولمة بديلة إنسانية وديمقراطية لن تتحقق إل فى إطار اشتراكى بديل للنظام الرأسمالى الذى لم ينتج سوى‬
‫الفقار الوحشى للغالبية الساحقة من الفقراء والكادحين والمتعطلين عن العمل فى مقابل الثراء الفاحش لقلة قليلة من النخب‬
‫الثرية التى تعيش على الريع والمضاربة والربح السريع فى مناخ يتعيش على الفساد المتفشى فى كل اوجه الحياة ‪ ،‬كما لم‬
‫تتوقف الرأسمالية عن إنتاج الفوضى والحروب والستعلء الثقافى وإثارة الكراهية والتهديد بفناء البشرية وإعلء شأن‬
‫الربح عن أى شأن آخر ‪0‬‬
‫الوضع العربى ‪:‬‬
‫لشك أن الوضع فى منطقتنا العربية هو وضع سلبى ومتردى وإلقاء نظرة سريعة على الوضع فى العراق وفلسطين ولبنان‬
‫واليمن والسودان تؤكد خطورة ما وصل إليه هذا الوضع الذى اصبح مهددا بالتهميش والتقسيم والتجزئة والصراع والقتتال‬
‫حيث تعانى معظم البلدان العربية إن لم يكن جميعها من أنظمة حكم استبدادية تعبر عن مصالح رأسمالية كبيرة وطفيلية‬
‫وشبه إقطاعية تكرس التخلف وتقمع شعوبها وتقف عقبة أمام أى محاولت للصلح وتدور فى فلك العولمة الرأسمالية‬
‫وتخضع للهيمنة المريكية التى تريد السيطرة على منابع النفط وتكريس إسرائيل دولة عظمى إقليمية فى المنطقة وتقسيمها‬
‫عرقيا ومذهبيا ‪ 00‬ومازالت السمة المميزة للقتصاد العربى على العموم تتجلى فى طابعه الريعى وتباطؤ وتأثر النمو‬
‫القتصادى حيث لم يتجاوز معدل النمو خلل العشرين عاما الخيرة ‪ %2‬بينما ارتفع معدل التضخم بنسبة اعلى ‪0‬‬
‫كما أن تأكيد اوباما على انسحاب أمريكا من العراق قبل نهاية عام ‪ 2012‬ل يغير من أن الهدف الساسى لمريكا كان‬
‫وسيظل هو السيطرة على منابع النفط فى العراق والخليج والرغبة فى الخروج من مستنقع العراق مع استمرار الهيمنة‬
‫القتصادية والسياسية عليه بأقل الخسائر مع الحرص على استمرار الوجود العسكرى بأشكال مختلفة ‪ 00‬لذلك ينبغى‬
‫التصدى للمحاولت المبريالية الرامية إلى تحويل النظار إلى إيران لن مصدر الخطر الحقيقى هو الحتلل المريكى‬
‫ومؤامرات تقسيم العراق على أساس طائفى وعرقى‬
‫كما أن النتخابات النيابية الخيرة فى لبنان لم تخرجه من أزمته ‪ ،‬بل كرست الطائفية وأظهرت مدى تدخل الطراف الخارجية‬
‫وتأثيرها الكبير على نتائج النتخابات ‪ 0‬كما كشفت عجز القوى الجتماعية والسياسية عن بلورة مشروع الكيان – الدولة فى‬
‫وطن يحظى بإجماع اللبنانيين ‪ 0‬وقد أدى الصطفاف الطائفى إلى فقدان الحزب الشيوعى اللبنانى لقسم كبير من أصوات‬
‫ناخبيه وعدم تمكنه من نسج تحالفات تحت سقف برنامجه إل انه أصر على خوض المعركة على موقفه المستقل المعارض‬
‫لطرفى النظام المنغمسين طائفيا ‪0‬‬
‫ول شك أن انفراد حزب المؤتمر الوطنى السلمى بالسلطة فى السودان وهيمنته على أهم مواقع اتخاذ القرار فيه حتى بعد‬
‫اتفاقية السلم بين الشمال والجنوب هو السبب الساسى لما يعانيه السودان من أزمة شاملة تهدد بانقسامه بل وهو السبب‬
‫لتفجر العديد من الزمات فى المناطق المختلفة ( إقليم دارفور ) ‪ 00‬ول سبيل بالطبع لدولة المواطنة المدنية فى واقع التعدد‬
‫والتنوع القائم فى السودان دون فصل الدين عن السياسة ول سبيل لوحدة الوطن الطوعية دون تكافؤ الفرص أمام مختلف‬
‫التوجهات الحضارية فى السودان وتعبيد الطريق للوحدة فى إطار التنوع ‪ 00‬ويرى الحزب الشيوعى السودانى إن بناء‬
‫التحالف الوطنى الديمقراطى وقيام سلطته السياسية وجهاز دولته الديمقراطي القريب من الشعب والذى يفتح الباب واسعا‬
‫بدستوره وتشريعاته وهياكله القوية للديمقراطية وللتنمية القتصادية والجتماعية والثقافية الشاملة لتجديد بنية المجتمع‬
‫السودانى ‪0‬‬
‫وحديث اوباما فيما يخص الصراع العربى الصهيونى ل يتعدى مجرد كلم دون فعل حقيقى ول ينبغى أن ننسى أن التحالف‬
‫الستراتيجى بين أمريكا وإسرائيل هو الذى يشجعها على استمرار سياستها العنصرية والعدوانية المعادية للفلسطينيين‬
‫والعرب ‪ ،‬كما أن حصر اوباما لسبل مقاومة الحتلل السرائيلى فى الوسائل السلمية فقط وإدانته للمقاومة المسلحة‬
‫باعتبارها عنف مرفوض هو تعامى عن اعتبار أن الحتلل السرائيلى هو السبب الرئيسى لستمرار الصراع ‪ ،‬وهو تجاهل‬
‫لمواثيق المم المتحدة التى تؤكد على حق الشعوب الصيل فى مقاومة الحتلل بكل الوسائل‬
‫ومن جانب آخر فان النظم العربية المتخاذلة والمتواطئة تتحمل مسئولية اكبر فى استمرار هذه الوضاع وخاصة فى ظل حالة‬
‫النقسام الفلسطينى ‪ ،‬وبدل من استغلل التوجهات الجديدة لوباما للضغط على أمريكا بلغة المصالح التى ل تعرف سواها‬
‫تحاول هذه النظم كسب المزيد من الوقت لخداع شعوبها واستمرار سياستها المتخاذلة ‪ ،‬وعلينا التذكير بأن اوباما ل يمكنه‬
‫أن يكون عربيا اكثر من العرب أو فلسطينيا اكثر من الفلسطينيين‬
‫ونحن نتطلع إلى القوى الوطنية الفلسطينية كلها دون استبعاد وفى مقدمتها القوى التقدمية والديمقراطية للقيام بدور طليعى‬
‫قائد لنهاء أوضاع النقسام الفلسطينى والوقوف بقوة فى وجه مخطط تصفية القضية الفلسطينية وفى وجه عمليات الخلط‬
‫التى تجرى على الساحتين الفلسطينية والعربية بين المقاومة التى ترفع السلح من اجل تحرير التراب الوطنى الفلسطينى‬
‫والمتقاتلين من اجل اقتسام السلطة الذين يرفعون السلح من اجل تكريس النقسام الفلسطينى ‪ 0‬إن القضية الفلسطينية فى‬
‫هذا الظرف تحتاج إلى ضرورة الحوار من اجل صياغة إستراتيجية وطنية جديدة للكفاح الوطنى الفلسطينى فى ظل الظروف‬
‫الجديدة ‪ ،‬على أن يكون الحوار شامل وليس مجرد حوار ثنائى بين فتح وحماس أو بين السلطة الوطنية الفلسطينية فى‬
‫الضفة وحماس المسيطرة على غزة ‪ ،‬فمثل هذا الحوار تكريس لمنطق النقسام واستبعاد القوى الفلسطينية غير المتورطة‬
‫فى الصراع على السلطة ‪ ،‬ويتطلب نجاح مثل هذا الحوار العودة بالقضية الفلسطينية إلى ثوابتها الوطنية كحركة تحرر وطنى‬
‫ضد الستعمار ومن اجل تحرير الرض المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود ‪ 4‬يونيو ‪ 67‬وعاصمتها‬
‫القدس وإزالة المستوطنات وحق العودة والتخلص مما علق بهذه القضية من تصورات واتجاهات حولت القضية الفلسطينية‬
‫إلى قضية صراع بين المسلمين واليهود ‪ ،‬أى حولتها من قضية تحرر وطنى إلى قضية صراع دينى والى حرب دينية‪ ،‬فل‬
‫يجب أن نردد دون أن ندرى تلك المزاعم الصهيونية فنخدم مصالح العدو ونضر بقضيتنا الوطنية ‪ ،‬فإذا كانت إسرائيل تسعى‬
‫إلى تكريس دولة إسرائيل كدولة يهودية ونحن نرفض ذلك ونقاومه ‪ ،‬فهل نقوم نحن بإقامة دولة إسلمية فى غزة ونتصور‬
‫إننا ننصر قضيتنا أو ننصر السلم ؟ إن العودة إلى المبادئ والمنطلقات الساسية لحركة التحرر الوطنى الفلسطينية هى‬
‫أساس الخروج بالقضية الفلسطينية من مأزقها الراهن ‪ ،‬وهى أساس أى حوار جديد لنهاء حالة النقسام والقتتال‬
‫الفلسطينى واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هى المرجعية الساسية مع ضرورة إصلحها ومقرطتها وتخليصها من الفساد‬
‫والبيروقراطية وضم جميع الفصائل إليها لتكون الداة السياسية الموحدة التى تعبر عن إرادة الشعب الفلسطينى فى مواجهة‬
‫الحتلل ‪ ،‬مع ضرورة التفاق على استراتيجية وقيادة موحدة للمقاومة تحدد أساليب الكفاح وتوقيتات استخدامه بما يعود‬
‫بالمصلحة على الشعب الفلسطينى مما يدعم الوحدة الوطنية الفلسطينية كأساس للكفاح الموجه ناحية العدو بكافة الطرق‬
‫والوسائل ‪0‬‬
‫كما انه لبد من تنسيق العمل بين القوى اليسارية والتقدمية العربية لمواجهة المخططات المبريالية والسرائيلية والنضال‬
‫من اجل تصفية القواعد العسكرية المريكية من كل المنطقة العربية وإنهاء الحتلل المريكى للعراق وتقديم الدعم للشعب‬
‫الفلسطينى فى نضاله لتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة‬
‫ورغم بداية صعود موجه جديدة من المد الشتراكى والتقدمى ظهرت بوادره فى بلدان أمريكا اللتينية وبعض المناطق‬
‫الخرى فى العالم ‪ ،‬إل انه يجب العتراف انه ما زالت القوى الديمقراطية واليسارية والتقدمية العربية ضعيفة وتحتاج إلى‬
‫الكثير من العمل والجهد والتنسيق المشترك لكسر الثنائية المفروضة على الشعوب العربية بين استبداد أنظمتها الحاكمة‬
‫وحركات السلم السياسى التى ل تختلف عنها من حيث الجوهر ‪ 0‬وتحتاج أيضا إلى تجديد الفكر والدماء وأساليب العمل‬
‫حتى تتواكب مع العصر وتستعيد دورها الفاعل والمبادر فى مجتمعاتها ‪0‬‬
‫الوضع الداخلى‬
‫مع استمرار سياسات التحالف الطبقى الحاكم الذى احتكر السلطة والثروة طوال ما يزيد عن ‪ 30‬عاما ‪ ،‬والقائمة على‬
‫الستبداد والتراجع المستمر على الهامش الديمقراطى المحدود الذى انتزعه النضال الشعبى فى فترات سابقة وتأكيد حكم‬
‫الفرد والحزب الواحد وهيمنة رأس المال على السلطة السياسية ‪ ،‬وتخلى الدولة عن مسئولياتها فى تحقيق التنمية وتوفير‬
‫الخدمات الساسية وترك السوق نهبا لرأسمالية جشعة ومتوحشة وفاسدة ‪ ،‬وبالتالى تدهور مستوى معيشة الطبقات الشعبية‬
‫والوسطى وازدياد نسب الفقر والبطالة ومعاناة فئات متزايدة من الجوع وتوالى الزمات القتصادية والجتماعية ‪ 00‬فقد‬
‫شهد هذا العام بروز وتأكد ظاهرة جديدة خطره وهى "غياب الدولة وتفككها" إل كسلطة قمع أمنيه ‪0‬‬
‫لم تعد الدولة المصرية " المركزية " بتاريخها الطويل والعريق موجودة وفاعلة فى حياة الناس والمجتمع ‪ ،‬بعد تفكك كل‬
‫مؤسساتها نتيجة للصراعات بين " العصابات " والشلل التى تحركها مصالحها الخاصة فى كل أجهزة الدولة والحكم والسلطة‬
‫وغابت الدولة عن حل مشاكل وقضايا الوطن وبدت عاجزة وغير عابئة بما يجرى فى مصر ولناسها ‪ ،‬أصبحت الدولة‬
‫متفرجة على مشاكل الوطن وقضاياه ول علقة لها بهما ‪ 00‬سواء كانت انتشار الجرائم وظهور نوعيات جديدة منها وانتشار‬
‫الفساد والفقر والبطالة والغلء وارتفاع السعار وفوضى المرور وحوادث الطرق وتجارة العضاء البشرية وانتشار الوبئة‬
‫والمراض الجديدة وتدنى مستوى التعليم و ‪ 000‬الخ‬
‫وفى نفس الوقت تبدوا الدولة حاضرة كقوة قمع واستبداد بهدف ضمان استمرار التحالف الطبقى الحاكم فى السلطة وتضييق‬
‫الهامش الديمقراطى المحدود ومنع أى تطور ديمقراطى حقيقى يفتح الباب فى المستقبل أمام إمكانية تداول السلطة عبر‬
‫صناديق النتخاب وإنهاء حكم الفرد والحزب الواحد ‪0‬‬
‫فبعد التعديلت الدستورية التى اقترحها رئيس الجمهورية ووافق عليها مجلس الشعب كما هى ‪ ،‬خاصة تعديل المادة ‪88‬‬
‫وإلغاء إشراف القضاء على انتخابات مجلس الشعب وإضافة فصل سادس تحت عنوان " مكافحة الرهاب " من مادة واحدة‬
‫( المادة ‪ ) 179‬تدعو إلى إصدار قانون جديد لمكافحة الرهاب يعطل الحريات الخاصة والعامة المنصوص عليها فى الدستور‬
‫فى المواد ‪ 41‬و ‪ 44‬و ‪ 45‬فى إجراءات الستدلل والتحقيق ‪ ،‬ويعطى رئيس الجمهورية مطلق الحرية فى إحالة أى جريمة‬
‫يعتبرها من جرائم الرهاب إلى أى جهة قضائية منصوص عليها فى الدستور والقانون ‪ 00‬وتوالت خلل هذا العام الجراءات‬
‫والمواقف المعادية للديمقراطية والتى تصب فى تأكيد الدولة الستبدادية‬
‫فحالة الطوارئ المعلنة منذ ‪ 6‬أكتوبر عام ‪ 81‬مازالت مستمرة وحتى ‪ 31‬مايو ‪ – 2010‬على القل – أى أننا سنعيش فى ظل‬
‫حالة استثنائية يحكمنا قانون استثنائى منذ ما يقرب من ‪ 28‬عاما ويدافع النظام على استمرار حالة الطوارئ بحجة مواجهة‬
‫الرهاب ‪0‬‬
‫ومنذ أشهر قليلة ثارت مخاوف حقيقية حول قضية انتقال السلطة فى مصر واحتمال السقوط فى هاوية الفوضى نتيجة‬
‫للوضاع الدستورية غير الديمقراطية والوضاع السياسية التى تصادر إمكانية التغيير السلمى وتداول السلطة ‪ 0‬فغياب‬
‫الرئيس حسنى مبارك الذى يحكم مصر منذ ‪ 28‬عاما عن تشييع جنازة حفيده الذى توفى فى مايو الماضى وإلغاء زيارته‬
‫للوليات المتحدة التى كان محددا لها ‪ 25‬مايو ‪ ،‬طرح تساؤلت عدة حول مستقبل السلطة فى مصر وطبيعة انتخاب مجلس‬
‫الشعب القادمة فى ‪ 2010‬وانتخابات رئاسة الجمهورية ‪ ، 2011‬وعاد الحديث من جديد عن صراع السلطة داخل مؤسسة‬
‫الرئاسة وداخل أسرة الرئيس واحتمال تنحى الرئيس لسباب صحية – أو أسباب أخرى – قبل انتهاء الفترة الرئاسية الحالية‬
‫والشروع فى التوريث ‪ ،‬والتفكير فى حل مجلس الشعب الحالى وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة هذا العام وانتخابات رئاسية‬
‫مبكرة العام القادم يرشح الحزب الوطنى لها جمال مبارك نجل رئيس الجمهورية ‪0‬‬
‫وتثور نقاشات بين الحزاب السياسية الرئيسية حول انتخابات مجلس الشعب القادمة وجدوى المشاركة فيها على الساس‬
‫الفردى وفى ضوء التزوير الواسع الذى جرى فى النتخابات البرلمانية الخيرة فى ‪ 2005‬والنتخابات المحلية بعدها ‪،‬‬
‫وإلغاء الشراف القضائى تماما بالتعديلت الدستورية عام ‪ ، 2007‬المر الذى يجعل وجود ممثلين لحزاب المعارضة‬
‫الديمقراطية الرئيسية مثل التجمع والناصرى والوفد والغد أو فوز مرشحى الخوان المسلمين أو اليسار الذين يخوضون‬
‫النتخابات كمستقلين رهنا بسماح النظام واجهزته ‪ 00‬ويجب أن يكون واضحا أننا ل نتهم القيادات البرلمانية الحزبية‬
‫والمستقلة القادرة على الفوز فى النتخابات العامة والوصول إلى مجلس الشعب بوجود علقة لها بأجهزة النظام أو أن المن‬
‫سيعمل على فوزها ‪ ،‬فهذا غير صحيح على الطلق ولكن المتوقع أن المن لن يتدخل لسقاط بعض مرشحى الحزاب أو‬
‫المستقلين القادرين على الفوز ‪ ،‬لن الحكم فى حاجة لوجود معارضه فى الصورة بشرط أن ل يتجاوز وجودها حدا معينا‬
‫وان يضمن الحكم أغلبية تفوق الثلثين فى البرلمان القادم‬
‫وفى ضوء تمسك النظام بإجراء النتخابات على الساس الفردى وعدم توفير ضمانات لنزاهة النتخابات يرى حزبنا ضرورة‬
‫اتخاذ موقف واضح ومشترك لحزاب المعارضة حتى ل تفقد مصداقيتها أمام الجماهير التى تنظر إلى النتخابات القادمة‬
‫باعتبارها مسرحية يتم تجهيزها تمهيدا للتوريث ومن سيشارك فيها على الرضية التى يعدها الحزب الوطنى فسيكون جزء‬
‫من الكورس الضرورى لكمال الصورة وإتمام الصفقة ‪ 0‬وتواجه قيادات الحزاب الديمقراطية – خاصة التجمع والناصرى –‬
‫امتحانا صعبا لتحديد موقفها من المعركة النتخابية ‪ ،‬وهل الوفق أن تقاطع كافة الحزاب الديمقراطية هذه المعركة المزيفة‬
‫وتترك الحزب الوطنى ينافس نفسه مع أحزاب اللفتات ‪ ،‬أم من الصوب خوض المعركة على أساس التنسيق فيما بينها‬
‫ليكون هناك مرشح واحد فى كل مقعد من كم ‪ ،‬فإما أن ينجح فى هزيمته أو يكون إسقاطه بالتزوير كاشفا عن فساد العملية‬
‫النتخابية وانسداد أفق التطور الديمقراطى‬
‫ولم تسلم السلطة القضائية من موجة العداء للحريات العامة والديمقراطية التى تشنها السلطة ‪ 0‬فلجأ وزير العدل إلى التقدم‬
‫بمشروع قانون لزيادة عدد أعضاء مجلس القضاء العلى مما يمس استقلل القضاء وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من‬
‫القضاة ‪ ،‬وأوقف إصدار هذا التعديل بقرار جمهورى كما كان يخطط وزير العدل ‪ ،‬وان كان خطر التعديل ل يزال قائما‬
‫وكل الشواهد على الساحة السياسية والثقافية تؤكد صحة موقفنا من أن قضية الديمقراطية الذى ينطلق من أن النضال‬
‫البرلمانى هو أحد أشكال النضال الديمقراطى الذى يتسع ليشمل كل أعمال الحتجاج والتظاهر والضراب العام والعصيان‬
‫المدنى ‪ ،‬وهذه العمال يزداد اللجوء إليها عندما تنغلق سبل التغيير عن طريق النتخابات وان قضية الديمقراطية ل تتوقف‬
‫ففقط عند حدود النتخابات وتداول السلطة ولكنها فى الساس هى قضية الدولة العلمانية المدنية التى تقوم على أساس مبدأ‬
‫المواطنة وحرية الفكر والتعبير والعتقاد والبداع والبحث العلمى ‪ ،‬ونحن نرفض كل أعمال القمع الفكرى التى تمارسها‬
‫المؤسسات الدينية التابعة للدولة وكذلك أنصار الفكر المتطرف وبعض المثقفين الفوضويين وقوى السلم السياسى التى‬
‫تعمل على ترويع المفكرين والدباء والمثقفين وتسعى إلى تكفيرهم وجرهم إلى المحاكم بدعاوى الحسبة وفتاوى العصور‬
‫الوسطى ‪ 0‬كما نؤكد أن استمرار هذا المناخ المتعصب سيؤدى إلى تكرار اشتعال أحداث الفتنة الطائفية بشكل يهدد بإحراق‬
‫كل شئ وتهديد كل السس والمنجزات التاريخية للشعب المصرى‬
‫وعلى المستوى القتصادى والجتماعى فالزمة تزداد خطورة كل يوم والبيانات والرقام التى تذيعها الجهزة الحكومية‬
‫نفسها والمؤسسات والمراكز الدولية الجادة تقول أن المر يكاد يتجاوز الزمة ليصبح كارثة بكل معنى الكلمة ‪ 0‬وإذا بدأنا‬
‫بمعدل النمو فسنجد أن القتصاد المصرى بعد أن حقق خلل ثلث سنوات متتالية من ‪ 2005‬إلى ‪ 2008‬نسب معقولة للنمو‬
‫هى ‪ %6.8‬ثم ‪ %7‬ثم ‪ % 7.2‬بدأ فى التراجع فانخفض معدل النمو إلى ‪ %4.3‬فى الربع الثالث من العام المالى ‪– 2008‬‬
‫‪ 2009‬وتتوقع مراكز البحوث والدراسات أن يكون النمو فى نهاية العام المالى الحال بنسبة ‪ %4‬وحتى هذا العائد المنخفض‬
‫للنمو يذهب إلى رجال العمال والطبقة الغنية بينما يتحمل الفقراء ومحدودى الدخل تكاليف هذا النمو كما سنرى فى هذا‬
‫التقرير‬
‫كما شهد العام المنقضى انخفاضا شديدا فى معدلت المدخرات القومية إلى الناتج المحلى الجمالى ‪ ،‬إذ انخفض من ‪%18‬‬
‫إلى ‪ %14‬والمفترض طبقا للمعدلت العالمية أن ل يقل معدل الدخار عن ‪ %30‬وانخفاض معدل الدخار يعنى تراجع‬
‫الستثمارات المحلية ويزيد المر خطورة تراجع الستثمار الجنبى المباشر فى مصر بنسبة ‪ %53‬فى الفترة من يوليو ‪2008‬‬
‫إلى مارس ‪ 2009‬ليصل إلى ‪ 5.2‬مليار دولر مقابل ‪ 11.2‬مليار دولر فى الفترة المناظرة‬
‫وكان تأثير الزمة المالية والقتصادية العالمية واضحا ‪ ،‬إضافة إلى فساد السياسة القتصادية للحكم القائم ‪ ،‬وظهر ذلك‬
‫واضحا فى انخفاض تحويلت المصريين العاملين بالخارج وعوائد السياحة وعوائد قناة السويس التى حققت تراجعا خلل‬
‫النصف الول من عام ‪ 2009‬بما قيمته ‪ 638.9‬مليون دولر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى‬
‫ويتواصل العجز فى الموازنة العامة والميزان التجارى ‪ 0‬وواصلت أسعار المواد الغذائية الرتفاع بنسب كبيرة فعلى سبيل‬
‫المثال زادت أسعار الخضر والفاكهة بنسبة ‪ %38‬واللبان والجبن والبيض بنسبة ‪ %29‬والسماك والحيوانات البحرية‬
‫بنسبة ‪ %17.4‬واللحوم الحمراء والدواجن بنسبة ‪%13.6‬‬
‫وحقق الجنيه المصرى مزيدا من النخفاض أمام الدولر خلل ‪ ،2009‬ووصل إجمالى الدين المحلى ‪ 745‬مليار جنيه والدين‬
‫الخارجى وصل إلى ‪ 30.9‬مليار دولر تعادل ‪ 173‬مليار جنيه مصرى ‪ ،‬أى أن إجمالى الديون ‪ 918‬مليار جنيه ويذهب ‪%60‬‬
‫من الموازنة العامة لسداد أعباء الديون ‪0‬‬
‫وتقول وحدة أبحاث اليكونوميست ( ‪ ) EIU‬فى تقريرها فى شهر يونيه ‪ 2009‬حول القتصاد المصرى أن " تراجع معدلت‬
‫النمو سيؤثر سلبا على الفقراء وسيؤدى إلى حالة من عدم الرضا التى قد تقود إلى عدم الستقرار الجتماعى خلل العام‬
‫القادم " وهو توقع صحيح ‪ 0‬وقضية الفقر فى مصر والتفاوت الطبقى الرهيب الناتج عن انحياز السياسات القتصادية‬
‫والجتماعية للرأسمالية الطفيلية والتابعة قضية حاكمة وبالغة الخطورة ‪0‬‬
‫"‬ ‫ويقول تقرير الصندوق الدولى للتنمية الزراعية التابع للمم المتحدة أن هناك ‪ 48‬مليون مصرى فقير ووصفهم بأنهم‬
‫جوعى ومرضى يعانون من كل أنواع الحرمان من الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية "‬
‫ويقول تقرير مجلس أمناء هيئة الستثمار أن ‪ %20‬من سكان مصر أى ‪15.2‬مليون نسمة يصل متوسط دخل الفرد فيها‬
‫شهريا نحو ‪ 101‬جنيه فى اليوم ( أقل من دولر يوميا ) ونحو ‪ %20‬آخرين يصل متوسط الدخل الشهرى للفرد ‪ 122‬جنيها‬
‫أى نحو ‪ 4.4‬جنيه يوميا ( اقل من دولر يوميا ) أى أن ‪ %40‬على القل من سكان مصر ‪ 30.4‬مليون نسمة يعيشون تحت‬
‫خط الفقر بالمقاييس العالمية ‪0‬وحدث تغيير فى الهيكل الديموجرافى للسكان ‪ ،‬فمعدل الغنياء ‪ %8‬والطبقة الوسطى ‪%15‬‬
‫والفقراء ‪ %40‬ومن هم يعانون من فقر مدقع ‪ 0 %15‬وهذا يعكس تفاوت طبقى صارخ وتركز حاد للثروات فى أيدى أقلية‬
‫ضئيلة ‪0‬‬
‫وارتفع عدد ونسب المتعطلين عن العمل ‪ 00‬وبينما تقدرهم الجهزة الرسمية فى بداية عام ‪ 2009‬بنحو ‪ 2.4‬مليون عاطل‬
‫عن العمل ‪ ،‬تقدرهم دراسات بعض المراكز المستقلة ب ‪ 6‬مليون عاطل عن العمل ‪0‬‬
‫وفى مواجهة هذه الوضاع القتصادية والجتماعية المتردية تصاعدت حركة الحتجاجات الجتماعية فى السنوات الخيرة‬
‫تلك الحركات التى بدأت منذ نهاية عام ‪ 2006‬مع الضراب الكبير لعمال شركة غزل المحلة تأخذ اتجاها اجتماعيا وطبقيا‬
‫واضحا حيث رصدت بعض التقارير الصادرة بشأن الحركة العمالية إحصائيات حول حجم التحركات المطلبية العمالية التى‬
‫بلغت ‪ 226‬تحركا فى ‪ 2006‬تصاعدت إلى ‪ 756‬تحركا فى ‪ 2007‬وزاد هذا الرقم فى ‪ 2008‬وامتدت لتشمل قطاعات جديدة‬
‫وأبرزها عمال النقل العام والسكك الحديدية والمحاجر والصناعات الكيماوية وسائقى الشاحنات وغيرها ‪ 0‬وقد امتدت هذه‬
‫الحركة لتشمل قطاعات واسعة من المهنيين ( المحامين والصيادلة والطباء والمعلمين وخبراء وزارة العدل ) والموظفين‬
‫( موظفى الضرائب العقارية والبريد والتربية والتعليم وغيرها ) كما امتدت لتشمل تحركات للسكان فى أحزمة الفقر والحياء‬
‫العشوائية والعمالة الغير منظمة وكذلك وسط الطلب وان كانت فى نطاق محدود‬
‫وتميزت تلك التحركات بتنوع أشكال الحتجاج ( الضراب – العتصام – التظاهر – الشكاوى الجماعية – رفع الدعاوى‬
‫القضائية – الضراب عن الطعام ) كما أظهرت تطورا فى قدرة هذه الفئات على الحركة المطلبية وتحقيق مكاسب فئوية‬
‫ونقابية ‪ ،‬كما تجلى دور النساء فى معظم هذه التحركات ‪00‬‬
‫كما برزت تحركات احتجاجية ضد تصاعد ظاهرة الحتجاز والتعذيب داخل أقسام الشرطة تميزت بردود أفعال غاضبة تتسم‬
‫بالسخط والعنف فى كثير من الحيان ‪ 0‬ومن اللفت أيضا اتساع دائرة الحتجاج فى قضايا تلوث البيئة ( المياه والهواء‬
‫والرض ) أبرزها قضية أجريوم التى اتخذت طابعا شعبيا ساهمت فيه القوى الجتماعية والسياسية والشعبية فى محافظة‬
‫دمياط ‪ 00‬كما استمرت الحركة الحتجاجية فى أوساط الفلحين احتجاجا على قرارات الستيلء ومصادرة الراضى وقرارات‬
‫الدارة المحلية ‪ 00‬كما شملت أيضا الصيادين وأصحاب المزارع السمكية فى كفر الشيخ ‪ 00‬كما تظاهر أهالى العديد من‬
‫القرى احتجاجا على حوادث الطرق مما كان يؤدى إلى قطع الطرق الرئيسية فى كثير من الحيان ‪0‬‬
‫ومن ابرز نتائج هذه التحركات فى الفترة الخيرة تأسيس نقابة مستقلة لعمال وموظفى الضرائب العقارية وكسر احتكار‬
‫التحاد العام الحكومى وتشجيع العمال فى المواقع الخرى على النضال من اجل حرية تشكيل نقاباتهم ‪ ،‬كما تأسس اتحاد‬
‫أصحاب المعاشات كمنظمة نقابية مستقلة تدافع عن حقوق أصحاب المعاشات وتشكلت حملة " معا من اجل الحقوق والحريات‬
‫النقابية " شارك فيها عدد كبير من الحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ونجحت فى التفاق على مشروع قانون حول حرية‬
‫تشكيل النقابات وضرورة النضال المشترك من اجل إقراره‬
‫واتسمت ردود أفعال الدولة ما بين الحتواء وتلبية المطالب وما بين التصعيد واستخدام العنف والحصار المنى واعتقال‬
‫العديد من المشاركين فى تلك التحركات ‪ 0‬وتهديد القائمين عليها باستخدام سيف القانون والعتقال مما يقتضى ضرورة‬
‫توحيد الجهود فى هذه المعركة الطويلة التى تعتبر بالنسبة لليسار هى جوهر قضية الديمقراطية‬
‫وقد أكدت الحداث فى الفترة الخيرة صحة موقفنا الذى رفض التهليل أو الستجابة إلى بعض الدعوات المتسرعة وغير‬
‫الناضجة للضراب العام والعصيان المدنى وحذر حزبنا من اللعب بهذه العمال الثورية والشعارات الكبرى لن ذلك يمكن أن‬
‫يضر بالحركة العمالية والجماهير ويؤدى إلى حالة من الحباط عندما ل تجد أى استجابة حقيقية فالضراب العام والعصيان‬
‫المدنى هى اعلى مستوى من النضال الجماهيرى والثورى ولبد من توافر عوامل موضوعية وشروط ذاتية لنجاحها ‪ 00‬كما‬
‫أنها ليست أعمال ارادوية تتم بناء على إعلن أو دعوة عامة على النترنت ‪ ،‬ولكنها تتحقق من خلل تصاعد نضال حقيقى‬
‫وارتفاع فى مستوى وعى وتنظيم العمال المضربين ووجود قيادة موحدة نابعة من قلب الحركة‬
‫إن الحركة الحتجاجية الجتماعية التى تصاعدت فى السنوات الخيرة ورغم أنها مازالت تتحرك فى اتجاه مطلبى وفئوى‬
‫جزئى إل أنها تملك فى قلبها عوامل تطورها نحو بناء حركة منظمة تفرز أشكال نضالية متدرجة ومتصاعدة ‪ 00‬لكى تنتزع‬
‫حقها فى التنظيم المستقل وخلق شبكاتها وروابطها إن النتقال إلى مستوى المطالب السياسية بالتغيير للواقع القتصادى‬
‫والجتماعى والسياسى القائم لن يتم إل من خلل دور واعى وفاعل للحزاب والقوى اليسارية والتقدمية فى ربط هذه‬
‫التحركات الحتجاجية لكى تصب فى نهر التغيير الشامل واخرج البلد من أزمتها الخانقة ‪ 0‬إن الظروف الحالية تستدعى‬
‫القوى اليسارية والشتراكية بقوة ولديها الفرصة التاريخية لكى تستعيد دورها وتناقش بصراحة كيفية تطوير عملها وتحديد‬
‫أساليبها فى ضوء برنامج واضح يحدد معالم الوضع الحالى والهداف التكتيكية والستراتيجية لنضالها من اجل التغيير ‪0‬‬
‫ولقد بدأنا هذه الخطوات فى التحالف الشتراكى ونأمل أن تستمر وتحقق النجاح فى الفترة المقبلة ‪0‬‬

‫القاهرة فى ‪ 1‬سبتمبر ‪2009‬‬

You might also like