You are on page 1of 48

‫‪62‬‬

‫ولغة السريان‬ ‫ا لقرآن‬

‫د ‪ .‬أحمد محمد علي الجمل‬

‫قسم اللغة العبرية‬

‫بث منشور ف ملة كلية اللغات والترجة ـ جامعة الزهر‬


‫عدد ‪ 42‬لسنة ‪2007‬م‬
‫* أرقام صفحات البحث مطابقة للمجلة ‪.‬‬

‫ملحوظـة ‪:‬‬
‫* لكي تظهر حروف اللغة السريانية على جهازك ‪،‬‬
‫ارجع للصفحة الرئيسية لتنـزيل الط السريان‪،‬‬
‫وخط الرموز الصوتية ‪.‬‬

‫الق ـرآ ن ولغـ ة ال سـريان‬


‫‪63‬‬

‫القرآن الكريم هو كلم ال المعجز‪ ،‬المنزّل من لّدنه تعالى على قلب رسوله‬
‫محمد ـ صلى ال عليه وسلم ـ بلسان عربى مبين‪ ،‬كما أنه معجزة السلم‬
‫الباقية على مر العصور‪ ،‬والنبى ـ صلى ال عليه وسلم ـ هو مُبلّغ هذا‬
‫الكتاب الكريم‪ ،‬المنقول عنه بالتواتر والمحفوظ فى صدور المسلمين ‪.‬‬

‫ولغة السريان هى اللغة السريانية‪ ،‬وهى تعتبر واحدة من اللغات‬


‫المعروفة باللغات السامية‪ ،‬كما أنها تعد امتدادا للغة الرامية فى العصر‬
‫المسيحى‪ ،‬حيث كانت فــى بادئ أمرها تسمى الرامية‪ ،‬ويُعرف المتكلمون‬
‫بها بالراميين ‪ .‬والرميون هم بنو آرام بن سام بن نوح عليه السلم ‪ .‬وكانوا‬
‫‪ ،‬وهي المعروفة ببلد‬ ‫(‪)1‬‬
‫يعيشون فى البلد التي تسمي فى التوراة ‪" :‬آرام"‬
‫الشام والعراق ‪.‬‬

‫وقد لقت هذه اللغة انتشارا واسعا في البلد الرامية‪ ،‬وتجاوزتها إلى‬
‫البلدان المجاورة‪ ،‬مثل أسيا الصغرى وأرمينيا‪ ،‬وصولً إلى بلد الصين والهند‪،‬‬
‫وقد تبناها اليهود أنفسهم وفضلوها على اللغة العبرية‪ ،‬وكتبوا بها بعض أسفار‬
‫الكتاب المقدس‪ ،‬واستمروا يتكلمون بها حتى زمن المسيح (‪ . )2‬وكان المسيح‬
‫نفسه يتحدث بها إلى تلميذه‪ ،‬ومن ثم فإن إنجيله كان كتوبا بها‪ ،‬ذلك الذى‬
‫لنجد له إل نصا مترجما إلى اليونانية القديمة ‪.‬‬

‫وبعد انتشار المسيحية فى بلد الراميين‪ ،‬جعل هؤلء الذين اعتنقوها‬


‫ينفرون من تلك التسمية القديمة‪ ،‬ويعدونها مرادفة للوثنية واللحاد‪ ،‬لذلك‬

‫‪ - 1‬السريانية نوها وصرفها ‪ ،‬د‪ .‬زاكية رشدي ‪ ،‬دار الثقافة للطباعة والنشر ‪ ،‬الطبعـة الثانية ‪،‬‬
‫القاهرة ‪1978‬م ‪ ،‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ - 2‬السريان قديا وحديثا ‪ ،‬سي عبده ‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان – الردن ‪1977‬م ‪ ،‬ص ‪. 25‬‬
‫‪64‬‬

‫سارعوا إلى الخذ بكلمة سريان‪ ،‬تلك التسمية التى أطلقها عليهم اليونانيون‬
‫الذين كانوا يحتلون بلدهم ( ‪ 312‬ق‪.‬م ) وقد سموا لغتهم السريانية ‪ ،‬على‬
‫حين ظل اسم الراميين لصيقا بسكان القرى الوثنية‪ ،‬وصـارت كلمة آرامى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫تطلق على الوثنى ‪ ،‬وكلمة سريانى تطلق على النصرانى‬

‫وقد يتساءل البعض ماعلقة القرآن بلغة السريان؟ ونجيب فنقول ‪ :‬إن‬
‫المستشرقين قد توهموا أن كلمة القرآن لفظة سريانية الصل‪ ،‬وقبلوا النظرية‬
‫التى قالها المستشرق اللمانى ‪" Schwally‬شڤالى" ‪ ،‬وهى تعنى أن لفظة‬
‫قريُنُا ‪.)2( qeryānā‬‬
‫القرآن مأخوذة من الكلمة السريانية ِ‬
‫ولشك أن الكاتب يهدف من ـ وراء ـ نظريته إلى اقناع القارىء أن‬
‫هناك صلة وثيقة بين القرآن واللغة السريانية‪ ،‬وبمعنى آخر بين القرآن ولغة‬
‫النجيل‪ ،‬وقد بدأ الكاتب بكلمة القرآن‪ ،‬لكى يوصل القارىء إلى التشكيك فى‬
‫أصالة اللفاظ الرئيسية فى القرآن الكريم‪ ،‬وردها إلى أصول سريانية‪ ،‬وهو‬
‫تمهيد لقناع القارىء بأن القرآن الكريم لم ينزل على رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم – ولم يوح إليه ‪ ،‬بل أخذه لغة ومضمونا من المصادر السريانية‬
‫المسيحية ‪.‬‬

‫‪ -‬السريانية وعلقتها بالعربية ‪ ،‬د‪ .‬زاكية رشدي ‪ ،‬ملة الدراسات الشرقية ‪ ،‬العدد الثالث ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫القاهرة ‪1985‬م ‪ ،‬ص ‪. 10‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Schwally, Friedrich : Geschichte des Qorans, Leipzig 1909 , 1, 32 .‬‬
‫‪65‬‬

‫وقد اعتمد المستشرقون على الراء التى أكدت على وجود ألفاظ‬
‫أعجمية فى القرآن(‪ ، )1‬وأخذوا كتاب " التقان " للسيوطى (‪ )2‬مصدرا أساسيا‬
‫لتأكيد وجود كلمات أعجمية بصفة عامة‪ ،‬وكلمات سريانية بصفة خاصة فى‬
‫القرآن‪.‬‬

‫ومن البحاث التى تناولت دراسة هذه اللفاظ‪ ،‬بحث بعنوان ‪:‬‬
‫" الستدراك على السيوطى فيما نسبه من المعرب فى القرآن الكريم إلى‬
‫العبرية والسريانية " للدكتور ‪ /‬محمد جلء إدريس (‪ ، )3‬حيث رد أكثر اللفاظ‬
‫التى وردت فى كتاب التقان إلى أصول عربية‪ ،‬وقد جاءت نتائج دراسته فى‬
‫خمس نقاط‪ ،‬هى ‪:‬‬

‫‪.1‬عدم إلمام بعض علماء السلف باللغات السامية‪ ،‬ومن ثم‬


‫كان حكمهم على كثير من اللفاظ التى لم تكن مستخدمة‬
‫فى عصرهم أو بيئتهم بأعجميتها‪ ،‬وردها إلى العبرية‬
‫والسريانية ‪.‬‬

‫‪ -‬انظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ الهذب فيما وقع ف القرآن من العرب‪ ،‬جلل الدين عبد الرحن السيوطى‪ ،‬تقيق ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم ممد أبو‬
‫سكي ‪ ،‬مطبعة المانة ‪ ،‬القاهرة ‪1980‬م ‪.‬‬
‫ـ هل ف القرآن أعجمى ‪ ،‬نظرة جديدة إل موضوع قدي ‪ ،‬د‪ .‬على فهمى خشيم ‪ ،‬دار الشرق الوسط ‪،‬‬
‫بيوت ‪1997 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬التقان ف علوم القرآن‪ ،‬جلل الدين عبد الرحن السيوطى‪ ،‬تقيق ‪ :‬ممد أبو الفضل إبراهيم ‪ ،‬اليئة‬ ‫‪2‬‬

‫الصرية العامة للكتاب ‪1975‬م ‪.‬‬


‫‪ -‬الستدراك على السيوطى فيما نسبه من العرب ف القرآن الكري إل العبية والسريانية ‪ ،‬د‪ /‬ممد جلء‬ ‫‪3‬‬

‫إدريس ‪ ،‬ملة الدراسات الشرقية‪ ،‬العدد ‪ 37‬لسنة ‪2006‬م ‪.‬‬


‫‪66‬‬

‫‪.2‬وجود تناقض بين آراء هؤلء العلماء بدا واضحا فى نسبة‬


‫بعض الكلمات إلى أسرتين متباينتين تماما‪ ،‬كردهم بعض‬
‫اللفاظ إلى أصل عبرى أو سريانى‪ ،‬وإلى أصل رومى فى‬
‫نفس الوقت ‪.‬‬

‫‪.3‬عدم التفرقة بين اليونانية واللتينية عند استخدام مصطلح‬


‫" رومى " مع وجود تباين بين اللغتين ‪.‬‬

‫‪.4‬خلو منهج السيوطى من أى رؤية نقدية تجاه اللفاظ التى‬


‫نقلها من السلف‪ ،‬على الرغم من وجود تناقضات فى كثير‬
‫منها‪ ،‬كما يتضح عدم إلمام السيوطى باللغات ‪.‬‬

‫‪.5‬اتضحت خطورة آراء السيوطى ونقله لللفاظ التى قيل‬


‫بأعجميتها وإقراره لذلك فيما وجدناه عند المستشرقين‬
‫وغيرهم من الباحثين‪ ،‬إذ اعتمدوا على هذه الراء التى‬
‫مهدت الطريق للطعن فى عروبة القرآن من جانب‪ ،‬وتأكيد‬
‫الزعم القائل بأخذ النبى صلى ال عليه وسلم للقرآن لفظا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ومعنى من اليهود والنصارى‬

‫وهناك دراسات أخرى تناولت هذه اللفاظ فى إطار اللغة العربية فقط ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ومن ثم كانت نتائج دراساتهم تخص العربية دون غيرها‬

‫‪ -‬الصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 64 – 31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬انظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ دفاع عن القرآن ضد منتقديه ‪ ،‬عبد الرحن بدوى‪ ،‬الدار العالية للكتب والنشر‪ ،‬القاهرة ‪1999‬م‪.‬‬
‫ـ القرآن الكري من النظور الستشراقى‪،‬دراسة نقدية تليلية‪ ،‬د‪.‬ممد ممود أبو ليلة‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات‪2002 ،‬م ‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫وعلى ذلك سنعرض اختلف الئمة فى وقوع المعرّب فى القرآن الكريم‬


‫كمقدمة للبحث‪ ،‬ثم نتناول بالدراسة الصرفية كلمة ‪ " :‬القرآن " لعدم تناول‬
‫البحاث السابقة دراستها فى ضوء علم اللغة المقارن بين العربية والسريانية ‪.‬‬

‫كما ستتناول دراستنا أيضا لفظين وردا فى القرآن الكريم على لسان‬
‫عيسى عليه السلم‪ ،‬اختلفت فيهما المصادر ‪ ،‬وهما ( سريا ـ أحمد ) ‪.‬‬

‫أما لفظة { سريا } فقد وردت فى قوله تعالى ‪:‬‬

‫ك سَرِيّا }(‪. )1‬‬


‫ج َعلَ رَبّكِ َتحْتَ ِ‬
‫ن َتحْ ِتهَا أَلّا َتحْزَنِي قَدْ َ‬
‫{ فَنَادَاهَا مِ ْ‬

‫وأما لفظة { أحمد } فقد وردت فى قوله تعالى ‪:‬‬

‫{ َوإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ َمرْ َيمَ يَا بَنِي ِإسْرائيلَ إِنّي َرسُولُ الّل ِه إِلَ ْيكُمْ‬
‫س ُمهُ‬
‫ي مِنَ ال ّت ْورَاةِ َومُ َبشّرا بِ َرسُو ٍل يَأْتِي ِمنْ َبعْدِي ا ْ‬
‫مُصَدّقا ِلمَا بَيْنَ يَ َد ّ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سحْ ٌر مُبِينٌ }‬
‫حمَدُ فَ َلمّا جَا َء ُهمْ بِالْبَيّنَاتِ قَالُوا هَذَا ِ‬
‫َأ ْ‬

‫وبذلك تكون دراستنا الحالية مختلفة عن الدراسات السابقة‪ ،‬التى خلت منها‬
‫هذه اللفاظ الثلثة ‪:‬‬

‫( القرآن ـ سريا ـ أحمد )‬


‫ت بكتابة‬
‫فى ضوء علم اللغة المقارن بين العربية والسريانية ‪ ،‬وقد التزم ُ‬
‫الكلمات السريانية بالرموز الصوتية‪ ،‬ليفيد منها غير المتخصص فى اللغات‬
‫السامية ‪.‬‬

‫‪ -‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سورة الصف ‪ ،‬الية ‪. 6‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪68‬‬

‫ا ختلف ال ئمة فى وق وع ال معرّب فى ال قر آن ال كريم‬


‫اختلف الئمة فى وقوع المعرّب فى القرآن الكريم إلى ثلث فرق‪ ،‬نعرضها‬
‫بإيجاز على الوجه التالى ‪:‬‬

‫‪.1‬استند الفريق الول فى رأيه على ماورد فى القرآن الكريم من‬


‫آيات صريحة بأنه ليوجد ألفاظ غير عربية فى القرآن الكريم‪،‬‬
‫وبنى هؤلء العلماء رفضهم وجود ألفاظ أعجمية فيه على قوله‬
‫تعالى ‪:‬‬

‫جمِيّ وَعَرَ ِبيّ} (‪.)1‬‬


‫عَ‬‫جمِيّا َلقَالُوا َلوْل فُصّلَتْ آيَا ُت ُه َأأَ ْ‬
‫عَ‬‫{وَ َل ْو جَعَلْنَاهُ ُقرْآنا أَ ْ‬

‫عرَبِيّا َلعَّلكُمْ َت ْعقِلُونَ }(‪. )2‬‬


‫وقوله تعالى ‪ { :‬إِنّا أَنْ َزلْنَاهُ قُرْآنا َ‬

‫ومن هؤلء العلماء ‪:‬‬


‫ـ الفقية الصولى المام محمد بن إدريس الشافعى (ت ‪204‬هـ ـ ‪820‬م)‬
‫الذى شدد النكير على القائلين بوجود ألفاظ أعجمية فى القرآن الكريم ‪.‬‬

‫ـ إمام فقه اللغة أبو عبيدة (ت ‪210‬هـ ـ ‪835‬م) الذى استنكر بشدة أن‬
‫يكون فى القرآن ألفاظا غير عربية‪ ،‬لقول أبى عبيدة ‪ :‬إنما أُنزِل القرآن‬
‫بلسان عربى مبين ‪ ،‬فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ‪.‬‬

‫ـ المفسر والمؤرخ ابن جرير الطبرى (ت ‪310‬هـ ـ ‪923‬م) الذى قال ‪ :‬إن‬
‫ماورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن أنها بالفارسية أو‬

‫‪ - 1‬سورة فصلت ‪ ،‬الية ‪. 44‬‬


‫‪ - 2‬سورة يوسف ‪ ،‬الية ‪. 2‬‬
‫‪69‬‬

‫الحبشية أو السريانية أو نحو ذلك‪ ،‬إنما اتفق فيها توارد اللغات‪ ،‬فتكلمت بها‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد‬

‫‪.2‬الفريق الثانى ‪ :‬ذهب أصحابه إلى وجود بعض اللفاظ العجمية‬


‫فى القرآن‪ ،‬وهذا ل يخرجه عن كونه { قُرْآنا عَرَبِيّا } لن‬
‫القصيدة الفارسية تظل فارسية وإن وردت بها ألفاظا غير فارسية‬
‫عرَبِيّ } بأن المعنى من السياق‬
‫جمِيّ وَ َ‬
‫عَ‬‫‪ ،‬وعن قوله تعالى { َأأَ ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫"أكلم أعجمى ومخاطب عربى ! "‬

‫ومن هؤلء القائلين باللفاظ العجمية ‪:‬‬

‫ـ ابن عباس (ت ‪68‬هـ ـ ‪688‬م ) وتلميذه عكرمة (ت ‪ 105‬هـ ـ‬


‫‪ 723‬م ) وأبو موسى الشعرى (ت ‪ 42‬هـ ـ ‪ 662‬م ) ‪.‬‬

‫ـ وقد أقر جلل الدين السيوطى ( ت ‪ 911‬هـ ـ ‪1505‬م ) بوقوع‬


‫اللفاظ العجمية‪ ،‬إذ نراه يقول ‪ :‬وأقوى مارأيته للوقوع ـ وهو‬
‫اختيارى ـ ماأخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبى ميسرة التابعى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الجليل‪ ،‬قال ‪ :‬فى القرآن من كل لسان "‬

‫‪.3‬الفريق الثالث ‪ :‬حاول أصحابه التوسط بين الفريقين السابقين‪،‬‬


‫ومن هؤلء أبو عبيدة القاسم بن سلم (ت ‪224‬هـ ـ ‪ 838‬م )‬
‫الذى قال ‪ :‬والصواب عندى ـ وال أعلم ـ مذهب فيه تصديق‬
‫القولين جميعا‪ ،‬وذلك أن هذه الحرف أصولها أعجمية كما قال‬

‫‪ - 1‬التقان ف علوم القرآن‪ ،‬السيوطى‪ ،‬جـ ‪ ، 2‬ص ‪. . 126 -125‬‬


‫‪ - 2‬الصدر السابق ‪ ،‬جـ ‪. 126 / 2‬‬
‫‪ - 3‬الصدر السابق جـ ‪ / 2‬ص ‪. 126‬‬
‫‪70‬‬

‫الفقهاء‪ ،‬لكنها وقعت للعرب‪ ،‬فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ‬


‫العجم إلى ألفاظها فصارت عربية‪ ،‬ثم نزل القرآن وقد اختلطت‬
‫هذه الحروف بكلم العرب‪ ،‬فمن قال إنها عربية فهو صادق‪ ،‬ومن‬
‫قال إنها أعجمية فهو صادق‪ ،‬وقد مال إلى هذا القول الجواليقى‬
‫وابن الجوزى وآخرون (‪.)1‬‬

‫وقال ابن عطية ( ت ‪ 546‬هـ ـ ‪1152‬م ) بل كان للعرب العاربة‬


‫التى نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر اللسن بتجارات‪ ،‬وبرحلتى‬
‫قريش‪ ،‬وبسفر مسافرين‪ ،‬كسفر أبى عمرو إلى الشام‪ ،‬وسفر عمر بن‬
‫الخطاب‪ ،‬وكسفر عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة‪،‬‬
‫وكسفر العشى إلى الحيرة‪ ،‬فعلّقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية‪ ،‬غيّرت‬
‫بعضها بالنقص من حروفها‪ ،‬وجرت فى تخفيف ثقل العجمة‪ ،‬واستعملتها‬
‫فى أشعارها ومحاوراتها‪ ،‬حتى جرت مجرى العربى الفصيح‪ ،‬ووقع بها‬
‫البيان‪ ،‬وعلى هذا الحد نزل بها القرآن‪ ،‬فإن جهلها عربى فكجهله الصريح‬
‫بما فى لغة غيره‪ ،‬وكما لم يعرف ابن عباس معنى " فاطر " إلى غير ذلك‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فحقيقة العبارة عن هذه اللفاظ أنها فى الصل أعجمية‪ ،‬ولكن‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫استعملتها العرب وعربتها فى عربية بهذا الوجه‬

‫‪ - 1‬انظر ‪:‬‬
‫ـ الصاحب ف فقه اللغة وسنن العربية ف كلمها‪ ،‬أحد بن زكريا بن فارس‪ ،‬تقيق‪ :‬السيد أحد‬
‫صقر‪،‬مكتبة عيسى اللب‪ ،‬القاهرة ‪1997‬م ‪ ،‬ص ‪. 45‬‬
‫ـ التقان ف علوم القرآن‪ ،‬السيوطى‪ ،‬جـ ‪. 129 / 2‬‬
‫‪ -‬البهان ف علوم القرآن‪ ،‬بدر الدين ممد بن عبد ال الزركشى‪ ،‬تقيق ‪ :‬ممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫العرفة‪ ،‬بيوت ‪1972‬م ‪ ،‬جـ ‪ ، 1‬ص ‪. 289‬‬


‫‪71‬‬

‫أول ً ‪ :‬لفظ ا لقرآن‬


‫إذا نظرنا إلى مادة "القرآن" التى كتبها بالنجليزية ‪ A.T.Welch‬أ‪.‬ت‪.‬ويلش‬
‫فى دائرة المعارف السلمية‪ ،‬نجد أنه يقول ‪ :‬إن المستشرقين قد قبلوا النظرية‬
‫التى قال بها المستشرق اللمانى ‪ F.Schwally‬ف‪.‬شڤالى فى كتابه ‪:‬‬
‫‪ :‬إن لفظة "القرآن" مأخوذة‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪" Geschichte des Qorans‬تاريخ القرآن"‬
‫قريُنُا ‪ ، qeryānā‬ومعناها ‪ :‬القراءة المقدسة‪ ،‬ثم‬
‫من الكلمة السريانية ِ‬
‫تناول الكاتب أراء علماء السلم فى لفظة "قرآن" ‪ ،‬مقررا أن النظرة الغالبة‬
‫لدى الدوائر السلمية ترى أن كلمة "قرآن" اسم من "قرأ" ‪ ،‬وكل الرأيين يجد‬
‫لنفسه سندا من القرآن ‪.‬‬

‫ويرى الكاتب أن لفظة "القرآن" قد وردت فى الخط الكوفى القديم بدون همزة‪،‬‬
‫هكذا "القران" ويرى أنها ـ بهذا الشكل ـ مشتقة من الفعل ‪" :‬قرن" ‪ ،‬وليس‬
‫من "قرأ"‪ .‬ومن ثم يرى الكاتب أن أفضل النتائج وأقربها قبولً‪ ،‬أن مصطلح‬
‫"القرآن" قد ظهر لول مرة بظهور القرآن لكى يمثل كلمة ِ‬
‫قريُنُا ‪qeryān‬‬
‫‪ ā‬السريانية ودللتها‪ .‬وقد بُنى على وزن عربى وهو فُعلن المشتق من "قرأ"‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ليكون مناسبا ومنسجما مع التراكيب القرآنية العربية‬

‫ويستشهد الباحث اللمانى (لوكسنبرج) بدائرة المعارف السلمية باللغة‬


‫النجليزية فى كتابه " القراءة السريانية للقرآن ـ مساهمة فى تفسير لغة‬
‫القرآن" فيقول ‪ :‬إن هذه الدراسة تنطلق من حقيقة أساسية وهى أن مصطلح‬

‫‪1‬‬
‫‪- Noldeke, Theodor und Friedrich Schwally, Geschichte des Qorans,‬‬
‫‪Leipzig 1909 , 1, 32 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- The Encyclopedia of Islam , Liede 1986, 5,400 .‬‬
‫‪72‬‬

‫"قرآن" يمثل المفتاح لفهم اللغة القرآنية‪ ،‬وأن الغرب توصل إلى أن المفاهيم‬
‫الحضارية مثل "قرأ" وكذلك "كتب" ليمكن أن تكون من أصل عربى‪ .‬ولذلك‬
‫يمكننا أن نفترض أنها قد انتقلت إلى المناطق العربية من الناحية الشمالية‪،‬‬
‫را "قرأ" ـ السم‬
‫ومادامت اللغة السريانية تمتلك ـ إلى جانب الفعل ق ُ‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬بمعنيه ‪ :‬القراءة أو التلوة ‪ ،‬فإن ذلك يقوى الظن‬ ‫ِ‬
‫بعدم كون مصطلح "القرآن" قد تطور فى العربية‪ ،‬وإنما هو لفظ مستعار من‬
‫الكلمة السريانية على وزن فعلن ‪.‬‬

‫ثم يقرر أن الصل السريانى لكلمة "قرآن" الذى افترضه نولدكه فى كتابه‬
‫قد انتشر منذ ذلك الحين فى‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪" Geschichte des Qorans‬تاريخ القرآن"‬
‫الكتابات الغربية ‪ ،‬حتى إن الشارة إلى الصل المسيحى السريانى للقرآن فى‬
‫الموسوعات الغربية صار أمرا بديهيا ‪.‬‬

‫ويفترض (لوكسنبرج) أن الكتابة الصوتية العربية للفظة الرامية السريانية‬


‫قريُنُا ‪ qeryānā‬لبد وأنها كانت تُنطق فى الصل "قريان" ‪ ،‬وإن كانت‬
‫ِ‬
‫النسخ الموجودة من القرآن حتى الن لتثبت الكتابة المفترضة‪ ،‬إل أن‬
‫المصطلح الرامى السريانى يزيد من احتمالية الكتابة بهذا الشكل‪ ،‬وقد مر هذا‬
‫المصطلح بمراحل أربع‪ ،‬كما يرى (لوكسنبرج) هى ‪:‬‬

‫‪.1‬المرحلة الولى ‪ :‬كانت الكلمة السريانية ِ‬


‫قريُنُا‬
‫‪ qeryānā‬تكتب "قرين"‪ ،‬وتنطق "قريان"‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب تاريخ القرآن تأليف مشترك بي نولدكه وشفال‪ ،‬انظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Noldeke, Theodor und Friedrich Schwally, Geschichte des Qorans,‬‬


‫‪Leipzig 1909 .‬‬
‫‪73‬‬

‫‪.2‬المرحلة الثانية ‪ :‬حُذِف حرف الياء من قرين بل‬


‫عوض‪ ،‬فنشأت عنه الصيغة المختصرة ‪":‬قرن"‬
‫المنطوقة بالمد بعد الراء "قران"‪.‬‬

‫‪.3‬المرحلة الثالثة ‪ :‬أُدخلت اللف بعد ذلك إلى الصيغة‬


‫الكاملة بنفس النطق السابق‪ ،‬فصارت‪ :‬قران ‪.‬‬

‫‪.4‬المرحلة الرابعة ‪ :‬أُلحقت الهمزة بالصيغة السائدة‬


‫اليوم فى الصدارات النموذجية للقرآن‪ ،‬فصارت‪:‬‬
‫"قرءان" ‪.‬‬

‫وقد أدى ذلك التطور إلى التخلى عن النطق الرامى السريانى الصلى‬
‫(‪)1‬‬
‫قريُن ‪ qeryān‬أمام النطق المعرب "قُرءان" على غرار "فُرقان"‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬

‫أما ‪" A.Mingana‬أ‪ .‬مِنجانا" فقد قال علينا أن نلحظ أن المعرفة‬


‫الناقصة باللغات السامية إلى جانب العربية‪ ،‬غالبا ماتجعل استنتاجات العلماء‬
‫ل عن كونها مضللة‪ .‬وعلى الناقد أن يشدد‬
‫المسلمين غير جديرة بالعتماد‪ ،‬فض ً‬
‫من حرصه فى التعامل مع كتبهم‪ ،‬التى تعد ـ على أحسن الحوال ـ ممهدات‬
‫تاريخية للموضوع فقط ‪.‬‬

‫ويستطرد " مِنجانا" قائلً إن معالجة النص القرآنى بعيدا عن الشراح‬


‫المسلمين‪ ،‬سيعطينا قدرا وفيرا من المعلومات الجديدة‪ ،‬وإن الكفايات‬
‫الضرورية التى يجـب على الباحث أن يتسلح بها هى معرفة جيدة بالسريانية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Luxenberg , Christoph : Die Syro Aramaische lesart des Koran . Ein‬‬
‫‪Beitrag zur Entschlusslung der Koransprache , 2 . uber Auf . Köthen 2004 ,‬‬
‫‪81-86 .‬‬
‫‪74‬‬

‫والعبرية‪ ،‬والحبشية‪ ،‬إذ يبدو أن للغة الولى تأثيرا واضحا على نص القرآن‪.‬‬
‫ويستدل على ذلك بقوله‪ :‬إذا أخذنا العدد (‪ )100‬كوحدة للتأثيرات الجنبية على‬
‫أسلوب القرآن ومصطلحاته ‪ ،‬فإننا نستطيع أن نورد بثقة ـ لحدٍ ما ـ النسب‬
‫التالية ‪ :‬الحبشية تمثل ‪ 5‬بالمئة من الكل‪ ،‬والفارسية حوالى ‪ 5‬بالمئة‪،‬‬
‫والعبرية ‪ 10‬بالمئة‪ ،‬واليونانية واللتينية ‪ 10‬بالمئة‪ ،‬والسريانية حوالى ‪70‬‬
‫بالمئة (‪.)1‬‬

‫لقد أنكر المستشرقون على القرآن أن يكون من عند ال‪ ،‬كما استعظموا‬
‫أن يكون من تأليف محمد ـ صلى ال عليه وسلم ـ بدون الرجوع إلى‬
‫المصادر النصرانية‪ ،‬فخاضوا بغير علم فى إثبات نقل كلمة "القرآن" من‬
‫السريانية‪ ،‬وهم بذلك يستدلون بعجمة اللفظ على عجمة الفكر‪ ،‬وهذا يتضح من‬
‫عنوان مقالة "منجانا" الذى استعمل كلمة "أسلوب القرآن" بد ًل من "ألفاظ‬
‫القرآن" ‪.‬‬

‫وإذا كان "منجانا" قد ذكر أن علماء المسلمين كانت نتائجهم غير صحيحة‬
‫لعدم إلمامهم باللغات السامية‪ ،‬فإننا نرى أنهم قدموا الكثير من الدراسات‬
‫اللغوية فى القرآن الكريم‪ ،‬ول نقلل من جهودهم العظيمة فى هذا المجال‪ ،‬وكما‬
‫ل لكلمة القرآن فى‬
‫أن العلم البشرى يكمل بعضه البعض‪ ،‬فإننا سنقدم تحلي ً‬
‫ضوء علم اللغة المقارن بين العربية والسريانية للوصول إلى أصلها ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- A.Mingana , Syriac influence on the style the Kur’ān ,Cambridge 1927 .‬‬
‫ـ وانظر ترجة مقالة منجانا ‪:‬‬
‫التأثي السريان على أسلوب القرآن ‪ ،‬ألفونس مينجانا ‪ ،‬ترجة ‪ :‬مالك مسلمان ‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫ـ والترجة منشورة على شبكة العلومات الدولية ( النترنت )‬
‫‪http://www.muhammadanism.org/Quran/syriac_influence_quran_arabic.pd‬‬
‫‪75‬‬

‫والقرآن‬ ‫‪qeryānā‬‬ ‫قريُنُا‬


‫ِ‬
‫‪ rāəq‬الذى يقابل فى العربية َق َرأَ ’‪qara‬‬ ‫تستعمل السريانية الفعل قُرا‬
‫‪ a‬وفى العبرية קָרָא ‪. qārā‬‬

‫ونلحظ ـ هنا ـ أن العربية قد احتفظت بحركة الحرف الخير (الحركة‬


‫العرابية) بينما حُذفت تلك الحركة فى العبرية والسريانية‪ ،‬فأدى حذفها فى‬
‫اللغتين الخيرتين إلى إطالة الحركة السابقة عليها‪ ،‬مع تخفيف الهمزة‪،‬‬
‫وتفصيل ذلك فيما يلى ‪:‬‬

‫‪qara’a‬‬ ‫قَ َرَأ‬ ‫فى العربيـة‬

‫‪rāəq‬‬ ‫→‬ ‫’‪qəra‬‬ ‫→‬ ‫‪qara’a‬‬ ‫قُرا‬ ‫فى السريانية‬

‫‪qārā‬‬ ‫→‬ ‫’‪qāra‬‬ ‫→‬ ‫קָרָא ‪qara’a‬‬ ‫فى العبريـة‬

‫وقد أدى تخفيف الهمزة فى الفعال المهموزة اللم فى السريانية إلى‬


‫اختلطها بالفعال الناقصة‪ ،‬فبعد سقوط حركة الهمزة وتخفيفها بإطالة الحركة‬
‫السابقة عليها‪ ،‬صارت الفعال المهموزة اللم فى السريانية كالفعال الناقصة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫فيها‪ ،‬وقد صيغت معظم الفعال المهموزة قياسا على الفعال الناقصـة‬
‫"مل "‪ ،‬والفعـل قُرا‬ ‫فصارت الفعال المهموزة‪ ،‬مثل ‪:‬الفعل ملُ ‪məlā‬‬
‫‪" sənā‬شَنَأَ ـ أبغض" ‪ ،‬كالفعال الناقصة‪،‬‬ ‫‪" rāəq‬قرأ" ‪ ،‬والفعل سنُا‬
‫ما ‪ " rəmā‬رمى " ‪.‬‬
‫شا ‪ " nəšā‬نسى" ‪ ،‬ر ُ‬ ‫مثل‪ :‬ن ُ‬

‫‪ - 1‬الفعل الناقص ف اللغة العربية‪ ،‬دراسة صرفية مقارنة‪ ،‬د‪ .‬عمر صابر‪ ،‬القاهرة ‪1999‬م‪ ،‬ص ‪. 127 – 125‬‬
‫‪76‬‬

‫وأدى ذلك إلى ظهور الياء لفظا وخطا فى المصدر السمى ‪ ،‬فنقول‬
‫‪" rāəq‬قرأ" المهموز الصل‪،‬‬‫قُريُا ‪" qərāyā‬القراءة" من الفعـل قُرا‬
‫ما ‪" rəmā‬رمى" الناقص‬
‫ميُا ‪" rəmāyā‬الرمى" من الفعل ر ُ‬‫مثل ‪ :‬ر ُ‬
‫بالياء ‪.‬‬

‫‪ rāəq‬الذى يقابل فى العربية َق َرأَ ‪ qara’a‬وفى‬ ‫فوجود الفعل ـ قُرا‬


‫العبرية קָרָא ‪ qārā‬ـ فى اللغات السامية الثلثة‪ ،‬يدل عل أن هذا الجذر‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬منقلبة عن همزة‪،‬‬
‫سامى الصل‪ ،‬والياء بعد الراء فى ِ‬
‫والنون للنسب فى اللغتين وبيانها كالتالى ‪:‬‬

‫من المعروف الن أن مورفيم (‪)1‬النسب فى اللغة العربية والسريانية له‬


‫ثلث ألومورفات‪ ،‬كلها مقيدة فى نهاية السم‪ ،‬وتختلف دللة السم المنسوب‬
‫باختلف اللومورف(‪ ،)2‬نعرض اختلف هذه الدللت‪ ،‬فيما يلى ‪:‬‬

‫‪.1‬ألومورف الياء ‪ :‬يدل على النسب الحقيقى إذا كان‬


‫المنسوب إليه علما لشخص أو مكان‪ .‬الغرض منه ـ فى‬
‫هذه الحالة ـ هو جعل المنسوب من آل المنسوب إليه‪،‬‬
‫ميُا ‪" ’abrāhāmāyā‬إبراهيمى" نسبة‬ ‫مثل‪ :‬اَبُر ُ‬
‫ؤ ُ‬
‫ؤم ‪" ’abrāhām‬إبراهيم"‪ ،‬وكلمة‬ ‫إلى اَبُر ُ‬
‫ميُا ’‪" ūršəlemāyā‬أورشليمى" نسبة إلى‬‫اٌورشل ِ ُ‬
‫اٌورشلِم ’‪" ūršəlem‬أورشليم"‪ .‬كما يدل ألومورف‬
‫الياء أيضا على النسب التقليدى إذا كان المنسوب إليه اسم‬

‫‪ - 1‬الورفيم هو أصغر وحدة صرفية تدل على معن‪.‬‬


‫‪ - 2‬اللورف هو الصور التعـددة للمورفيم الواحد‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫جنس‪ ،‬وهنا يكون الغرض منه هو اكتساب المنسوب صفة‬


‫المنسوب إليه‪ ،‬مثل‪ :‬كيُنُيُا ‪" kəyānāyā‬طبيعى"‬
‫نسبة إلى كيُنُا ‪" kəyānā‬الطبيعة"‪.‬‬

‫‪.2‬ألمورف النون ‪ :‬يدل على النسب الذاتى إذا كان المنسوب‬


‫إليه اسم جنس‪ ،‬حينئذ يكون الغرض منه‪ ،‬هو إظهار صفة‬
‫‪ " sahrānā‬هلل‬ ‫سؤُرنُُا‬
‫ذاتية للمنسوب‪ ،‬مثل ‪َ :‬‬
‫سؤُرا ‪ " sahrā‬القمر" إذ هو‬ ‫ـ قمري " نسبة إلى َ‬
‫الهلل على سبيل الحقيقة‪ .‬غير أنه قد يُطلق على الشخص‬
‫سؤُرنُُا‬
‫على سبيل المبالغة‪ .‬لننا نلحظ أن لفظ َ‬
‫‪ sahrānā‬فى السريانية‪ ،‬يتوافق فى دللته مع العربية‪،‬‬
‫لن السهر مرتبط بالقمر‪.‬‬

‫‪.3‬ألمورف النون والياء ‪ :‬يدل على النسب الشبيه بالذاتى إذا‬


‫كان المنسوب إليه ذاتيا‪ ،‬ويكون الغرض منه هو إظهار‬
‫حنُيُا‬ ‫صفة شبه ذاتية للمنسوب‪ ،‬مثل ‪ :‬ر ٌ‬
‫و ُ‬
‫شنُيُا ‪nafšānāyā‬‬ ‫‪ " rūhānāyā‬روحانى " نَف ُ‬
‫" نفسانى " وإن كنا نرى أن النسب الشبيه بالذاتى قد مر‬
‫بمرحلتين‪ ،‬الولى‪ :‬النسب بالنون المسبوقة بالفتحة‬
‫الطويلة‪ ،‬والثانية‪ :‬النسب بالياء (‪.)1‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪:‬‬
‫ـ التحليل الصرف للنص السريان‪ ،‬د‪.‬أحد المل‪ ،‬القاهرة ‪2007‬م‪ ،‬ص ‪. 41‬‬
‫ـ الورفيم ف اللغة السريانية‪ ،‬د‪.‬أحد المل‪ ،‬ملة كلية اللغات والترجة‪ ،‬جامعة الزهر‪،‬‬
‫عدد ‪ 33‬لسنة ‪2002‬م ‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫أما علماء اللغة العربية فلم يذكروا النسب بالنون‪ ،‬على الرغم من وجود‬
‫كلمات كثيرة من هذا النوع فيها‪ ،‬ونرى أن النســب الذاتــي (بالنون) الذى‬
‫يأتى على سبيل الحقيقة‪ ،‬يتجلى بوضوح في كلمة‪ " :‬الرحمن " فهي صفة ذاتية‬
‫لرب العزة تدل على أن المنسوب هو ذات المنسوب إليه حقيقة‪ .‬لذلك نرى‬
‫{ بسم ال الرحمن الرحيم }‬ ‫افتتاحية سور القرآن الكريم بقوله تعالى‪:‬‬

‫فكلمة (الرحمن) تدل على الرحمة ‪ ،‬وكلمة (الرحيم) تدل على الرحمة‬
‫أيضا‪ ،‬إل أن كلمة (الرحمن) تدل على صفة ذاتية ل يجوز اتصاف غيره بها‪.‬‬
‫أما كلمــة (الرحــيم) فهــي تدل على صفة عامة يجوز اتصاف غير ال‬
‫بها‪ .‬وقد وصف رب العزة رسوله بأنه رحيم فى قوله تعالى‪َ {:‬لقَدْ جَا َء ُكمْ َرسُولٌ‬
‫(‪،)1‬‬
‫ص عَلَ ْي ُكمْ بِا ْل ُم ْؤمِنِينَ َرؤُوفٌ َرحِيمٌ}‬
‫سكُمْ عَزِي ٌز عَلَ ْي ِه مَا عَنِ ّتمْ حَرِي ٌ‬
‫مِنْ أَ ْن ُف ِ‬
‫المر الذى يعطينا دللة للنون المسبوقة بالفتحة الطويلة‪ ،‬تكمن فى أن الرحمة‬
‫فى الرحيم‪ ،‬هى صورة من صور الرحمة‪ ،‬حتى ولو كانت رحمة الرسول ـ‬
‫صلى ال عليه وسلم ـ أما الرحمة فى الرحمن فهى حقيقة الرحمة‪ ،‬فالنسب‬
‫بالنون يعطى حقيقة الرحمة وذات الرحمة‪ ،‬أما ماعداها فهو صورة من صور‬
‫الرحمة‪.‬‬

‫ونرى أن النسب الذاتي الذى يأتى على سبيل الحقيقة‪ ،‬يتضح لنا فى كلمة‬
‫{الحيوان}* التى وردت فى قوله تعالى ‪َ { :‬وإِنّ الدّارَ الْآخِرَةَ َلهِيَ ا ْلحَ َيوَانُ َلوْ‬

‫‪ - 1‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪. 128‬‬


‫‪79‬‬

‫فكلمة { الحيوان } هى صفة ذاتية للدار الخرة تدل على‬ ‫(‪)2‬‬


‫كَانُوا َيعْ َلمُونَ }‬
‫أن المنسوب " الدار الخرة " هو ذات وأصل المنسوب إليه " الحياة "‪.‬‬

‫وهذا أمر له دللة عظيمة‪ ،‬هى أن الحياة الدنيا صورة من صور الحياة‪،‬‬
‫أما الحياة فى الدار الخرة فهى الحيوان أي حقيقة الحياة‪ ،‬وقس على ذلك‬
‫الفرق بين القراءة والقرءان ‪ ،‬فالقراءة فى أى كتاب هى صورة للقراءة ‪ ،‬أما‬
‫القرءان فهو حقيقة القراءة‪ ،‬وكذلك الفرق بين الرضى والرضوان والفرق‬
‫والفرقان (‪.)1‬‬

‫وهناك شواهد كثيرة على وجود مورفيم النون المسبوقة بالفتحة الطويلة‬
‫للدللة على النسب الذاتى فى كلم الشعراء العرب قبل نزول القرءان‪ ،‬نذكر‬
‫منها على سبيل ‪:‬‬

‫قول عنترة بن شداد‬

‫ح وَه َو ُموَّلهٌ حَـيرانُ‬


‫وَيَنـو ُ‬ ‫ت يَندُبُ إِلفَــ ُه‬
‫يا طائِرا قَد با َ‬

‫وقول المُتَ َنخّل‬

‫مِن ُبؤّسِ الناسِ عَن ُه الخَي ُر مَحجوزُ‬ ‫ك‬


‫لَو أَ ّنهُ جاءَني جَوعانُ مُهتَلِ ٌ‬

‫وقول شمر الحنفى‬

‫‪* 2‬عند النسب إل كلمة "حياة " تذف تاء التأنيث وترد اللف إل أصلها فنقول ف النسب بالياء "حيوي"‬
‫ونقول ف النسب بالنون "حيوان" ‪.‬‬
‫‪ -‬سورة العنكبوت ‪ ،‬الية ‪. 64‬‬
‫‪ - 1‬صيغ النسب ف اللغتي العربية والسريانية‪ ،‬د‪.‬أحد المل‪ ،‬ملة كلية اللغات والترجة‪ ،‬جامعة الزهر‪،‬‬
‫عدد ‪ 32‬لسنة ‪2001‬م‪ ،‬ص ‪ 242‬ـ ‪. 244‬‬
‫‪80‬‬

‫خطُــهُ يرْضينــي(‪.)3‬‬
‫سْ‬‫ك ُ‬
‫إنّي وربّ َ‬ ‫غَضْبانَ ممتلئا عليّ إهابـ ُه‬

‫ولنا أن نسأل ‪ :‬ماالفرق بين حائر وحيران‪ ،‬وجائع وجوعان‪ ،‬وغاضب‬


‫وغضبان ؟‬

‫فالكلمة بدون النون المسبوقة بالفتحة الطويلة تدل على صفة فى الفاعل‪.‬‬
‫أما السم المنسوب بالنون المسبوقة بالفتحة الطويلة‪ ،‬فإنه يدل على أن‬
‫المنسوب من جنس المنسوب إليه وذاته وحقيقته‪ ،‬وكأنه يقول فى ظمآن أنا‬
‫الظمأ الذى يشعر به الناس على سبيل المبالغة ‪.‬‬

‫قريُن ُُا ‪ qeryānā‬القاف والراء فيهـا مـن أصـل‬


‫وممـا سـبق نعلم أن ِ‬
‫‪ qərā‬والياء منقلبـة عـن الهمزة‪ ،‬والنون المسـبوقة بالفتحـة‬ ‫الفعـل قُرا‬
‫الطويلة من النسب الذاتى‪ ،‬واللف المسبوقة بالفتحة الطويلة ـ التى تنطق كما‬
‫لو كا نت فت حة طويلة لن اللف مد للفت حة الطويلة قبل ها ـ فى نها ية ال سم‬
‫للتعريف ‪.‬‬
‫قريُنُا على النحو التالى ‪:‬‬
‫وعلى ذلك يمكننا تحليل كلمة ِ‬
‫قريُن ُُا ‪ qeryānā‬ا سم مفرد مذ كر معر فة‪ ،‬النكرة م نه ِ‬
‫قري ُُن‬ ‫ِ‬
‫‪ qeryān‬وهـو اسـم منسـوب بالنون للدللة على النسـب الذاتـى‪ ،‬أمـا‬
‫المنسوب إليه قُري ُا ‪ " qərāyā‬القراءة " فالنكرة منه ق ُ‬
‫ري ‪qərāy‬‬
‫‪ ،‬وبإضافـة نون النسـب المسـبوقة بالفتحـة الطويلة ُن ‪ ān‬أعنـى‬
‫ري ُُن ‪ qərāyān‬وب عد حذف حر كة الراء (وفقا‬
‫قُري ‪ُ +‬ن = ق ُ‬
‫لقاعدة ‪ :‬إذا تحرك الخـر سـكن ماقبله) فتصـير قري ُُن ‪ qəryān‬ثـم‬
‫نحرك حرف القاف (وفقا لقاعدة ‪ :‬إذا اجتمع ساكنان فى أول الكلمة نحرك‬
‫‪ -‬الوسوعة الشعرية‪ ،‬الجمع الثقاف‪ ،‬أبو ظب‪2003 ،‬م ‪. CD ،‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪81‬‬

‫قري ُُن ‪ "qeryān‬قراءة " (وإذا أريـد‬


‫الول بالكسـرة الممالة) فتصـير ِ‬
‫تعريف ها فى الل غة ال سريانية باللف الم سبوقة بالفت حة الطويلة فى نها ية‬
‫قريُنُا ‪. qeryānā‬‬
‫السم) تصير ِ‬
‫ريُا ‪ qərāyā‬نجد أنه قد وافق‬
‫وإذا نظرنا إلى السم المنسوب إليه ق ُ‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬وهذا يجعلنا نسأل سؤالً‪ :‬ما‬
‫المعنى الذى ورد مع السم ِ‬
‫ريُا ‪ qərāyā‬تعنى صورة‬ ‫الفرق بين دللة اللفظين ؟ ونجيب فنقول ‪ :‬إن ق ُ‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬فتعنى حقيقة القراءة‪ ،‬وهو تعبير شائع فى‬ ‫القراءة‪ ،‬أما ِ‬
‫العربية والسريانية‪ ،‬وهو استعمال النون للدللة على ذات الشىء وحقيقته‪،‬‬
‫وهذا النوع لم يكن مقتصرا على هذه الكلمة‪ ،‬فاللغة السريانية بها كلمات من‬
‫وعلى الوزن نفسه نجد كلمة نِشيُنُا ‪ " nešyānā‬نسيان "‬ ‫(‪)1‬‬
‫هذا النوع‬
‫شا ‪" nəšā‬نسى" ‪ ،‬بالمقارنة مع كلمة ِ‬
‫قريُنُا‬ ‫وهى من الفعل الناقص ن ُ‬
‫را ‪. qərā‬‬‫‪ qeryānā‬من الفعل ق ُ‬
‫وعلى ذلك فإن الفتراض الذى طرحه المستشرقون‪ ،‬ومفاده أن كلمة‬
‫قريُنُا ‪ ، qeryānā‬أمر ليقبله‬
‫"القرآن" مأخوذة من الكلمة السريانية ِ‬
‫البحث العلمى‪ ،‬ناهيك عن أنه محض وهم وافتراء‪ ،‬وذلك وفقا لرؤيتنا التالية ‪:‬‬

‫وجود جذر القاف والراء والهمزة فى اللغات الثلث ـ ففى العربية َق َرأَ‬
‫‪ rāəq‬ـ‬ ‫قُرا‬ ‫‪ qara’a‬وفى العبرية קָרָא ‪ qārā‬وفى السريانية‬
‫إنما يدل بوضوح على أنه جذر سامى الصل ‪ ،‬هذه واحدة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر ‪ :‬ـ اللمعة الشهية ف نو اللغة السريانية‪ ،‬اقليمس يوسف داود‪ ،‬الوصل ‪1896‬م‪ ،‬ص ‪. 224-223‬‬
‫ـ غرامطيق اللغة السريانية‪ ،‬بولس الورى‪ ،‬مطبعة الرهبانية اللبنانية الارونية‪ ،‬بيوت‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1962‬م ‪ ،‬ص ‪. 73‬‬
‫‪82‬‬

‫الثانية ‪ :‬افترض (لوكسنبرج) أن كلمة " القرآن " قد مرت بمراحل أربع لكى‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬إلى‬
‫تصل إلى هذه الصيغة‪ ،‬بداية من اللفظ السريانى ِ‬
‫كلمة "قرآن"‪ ،‬ونحن نقول ‪ :‬العكس هو الصحيح ‪ ،‬لن معظم الفعال المهموزة‬
‫فى اللغة السريانية قد صيغت قياسا على الفعال الناقصة بالياء‪ ،‬وصار الفعل‬
‫شا ‪ " nəšā‬نسى " كما قُلبت الهمزة ياءً‬
‫قُرا ‪ " qərā‬قرأ " مثل الفعل ن ُ‬
‫ـ لفظا وخطا ـ فى المصدر السمى والسم المنسوب‪ ،‬حيث نقول فى المصدر‬
‫ريُا ‪ " qərāyā‬القراءة "‪ ،‬ونقول فى السم المنسوب بالنون‬‫السمى ق ُ‬
‫قريُنُا ‪ qeryānā‬على وزن الفعال المعتلة الخر بالياء‪ ،‬تماما مثل‬
‫ِ‬
‫نِشيُنُا ‪" nešyānā‬نسيان" ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فالسريانية هى التى مرت بمراحل صوتية وصرفية ‪ ،‬كانت‬


‫بدايتها تسهيل الهمزة‪ ،‬وانتهت بقلب الهمزة ياء لفظا وخطا ‪ ،‬على حين‬
‫احتفظت العربية بالهمزة لفظا وخطا فى الفعل " قرأ " والمصدر " قراءة "‬
‫والسم المنسوب بالنون " قرءان " ‪.‬‬

‫وإذا كان المستشرقون قد افترضوا أن كلمة " القرآن " مشتقة من الفعل‬
‫"قرن" وأن النون أصلية فى الكلمة‪ ،‬فهذا افتراض ل أساس له من الصحة‪ ،‬لن‬
‫النون ـ كما أوضحنا ـ هى مورفيم مشترك‪ ،‬مستخدم فى اللغتين العربية‬
‫والسريانية‪ ،‬للدللة على النسب الذاتى سواء‪ ،‬أكان على سبيل الحقيقة‪ ،‬أم‬
‫المجاز‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫( سَ ــرٍِيّـا )‬ ‫ث انيــا ‪ :‬ل فظ‬

‫ن أَهْ ِلهَا َمكَانا شَرْقِيّا (‪)16‬‬


‫قال تعالى ‪ { :‬وَا ْذكُرْ فِي ا ْلكِتَابِ مَرْ َيمَ إِ ِذ انْتَبَذَتْ مِ ْ‬
‫سوِيّا (‪ )17‬قَالَتْ‬
‫حجَابا فَ َأ ْرسَلْنَا إِلَ ْيهَا رُوحَنَا فَ َتمَ ّثلَ َلهَا َبشَرا َ‬
‫ت مِنْ دُو ِن ِهمْ ِ‬
‫فَا ّتخَذَ ْ‬
‫ك لِ َأهَبَ لَكِ‬
‫ن كُنْتَ َتقِيّا (‪ )18‬قَا َل إِ ّنمَا أَنَا َرسُولُ رَبّ ِ‬
‫ن مِنْكَ إِ ْ‬
‫حمَ ِ‬
‫إِنّي أَعُوذُ بِال ّر ْ‬
‫ك َبغِيّا (‪)20‬‬
‫شرٌ وَ َلمْ أَ ُ‬
‫سسْنِي َب َ‬
‫ت أَنّى َيكُونُ لِي غُلمٌ وَ َلمْ َي ْم َ‬
‫غُلما َزكِيّا (‪ )19‬قَالَ ْ‬
‫ن َأمْرا‬
‫ح َمةً مِنّا وَكَا َ‬
‫جعَ َلهُ آ َيةً لِلنّاسِ َو َر ْ‬
‫علَيّ هَيّنٌ وَلِ َن ْ‬
‫قَا َل كَذَلِكِ قَالَ رَبّكِ ُهوَ َ‬
‫ت ِبهِ َمكَانا قَصِيّا (‪َ )22‬فَأجَاءَهَا ا ْل َمخَاضُ إِلَى جِذْعِ‬
‫حمَلَ ْتهُ فَانْتَبَذَ ْ‬
‫َمقْضِيّا (‪َ )21‬ف َ‬
‫ال ّنخْ َلةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتّ قَ ْبلَ هَذَا َوكُنْتُ َنسْيا مَ ْنسِيّا (‪ )23‬فَنَادَاهَا ِمنْ َتحْ ِتهَا أَلّا‬
‫ك َتحْتَكِ سَرِيّا } (‪.)1( )24‬‬
‫َتحْزَنِي قَ ْد جَ َعلَ رَبّ ِ‬

‫ذكر الطبرى( ‪310‬هـ ) فى تفسيره ‪ { :‬فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } بـمعنى‪:‬‬


‫فناداها جبرائيـل من بـين يديها علـى اختلف منهم فـي تأويـله فمن‬
‫متأوّل منهم إذا قرأه { ِمنْ تـحْتِها } كذلك ومن متأوّل منهم أنه عيسى‪ ،‬وأنه‬
‫ناداها من تـحتها بعد ما ولدته‪ .‬وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل الكوفة والبصرة‪:‬‬
‫ن تَـحْتِها» بفتـح التاءين من تـحت‪ ،‬بـمعنى‪ :‬فناداها الذي‬
‫«فَنادَاها مِ ْ‬
‫تـحتها‪ ،‬علـى أن الذي تـحتها عيسى‪ ،‬وأنه الذي نادى أمه‪ ،‬أما تسمع ال‬
‫يقول‪ {:‬فأشارَتْ إلَـ ْيهِ } ولـم تشر إلـيه إل وقد علـمت أنه ناطق فـي‬
‫حالته تلك‪ ،‬وللذي كانت قد عرفت ووثقت به منه بـمخاطبته إياها بقوله لها‪:‬‬
‫سرِيّا } ‪ .‬وعن مجاهد {سريا} قال نهر‬
‫ك تَـحْتَكِ َ‬
‫ن ل تَـحْزَنِـي قَ ْد جَ َعلَ رَبّ ِ‬
‫{أْ‬

‫‪ - 1‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 24-16‬‬


‫‪84‬‬

‫بالسريانية ‪ ،‬و حدثنا القاسم‪ ،‬قال‪ :‬ثنا الـحسين‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو بكر بن عياش‪،‬‬
‫ك سَرِيّا } قال‪:‬‬
‫ك تَـحْتَ ِ‬
‫جعَلَ رَبّ ِ‬
‫عن أبـي حصين‪ ،‬عن سعيد بن جبـير { قَ ْد َ‬
‫هو الـجدول‪ ،‬النهر الصغير‪ ،‬وهو بـالنبطية (‪ : )1‬السريّ‪ .‬وحدثنا بشر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ك سَرِيّا }‬
‫ج َعلَ رَبّكِ تَـحْتَ ِ‬
‫ثنا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن الـحسن{ قَدْ َ‬
‫والسريّ‪ :‬عيسى نفسه‪.‬وحدثنـي يونس‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ،‬قال‪ :‬قال ابن‬
‫ك سَرِيّا } يعنـي نفسه‪ ،‬قال‪ :‬وأيّ شيء‬
‫ك تَـحْتَ ِ‬
‫جعَلَ رَبّ ِ‬
‫زيد‪ ،‬فـي قوله { قَ ْد َ‬
‫أسرى منه‪ ،‬قال‪ :‬والذين يقولون‪ :‬السريّ‪ :‬هو النهر لـيس كذلك النهر‪ ،‬لو‬
‫كان النهر لكان إنـما يكون إلـى جنبها‪ ،‬ول يكون النهر تحتها (‪.)2‬‬
‫وقال القرطبى ( ت ‪ 671‬هـ ) فى تفسيره ‪ { :‬فَنَادَاهَا مِن َتحْ ِتهَآ }‬
‫قرىء بفتح الميم وكسرها‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬المراد بـ«ـمن» جبريل‪ ،‬ولم‬
‫يتكلم عيسى حتى أتت به قومها؛ وقاله علقمة والضحاك وقتادة؛ ففي هذا لها‬
‫آية وأمارة أن هذا من المور الخارقة للعادة التي ل تعالى فيها مراد عظيـم‬
‫{َألّ َتحْزَنِي} تفسير النداء‪« ،‬وأَنْ» مفسرّة بمعنى أي؛ المعنى‪ :‬فل تحزني‬
‫ي من الرجال العظيم‬
‫ك سَرِيّا } يعني عيسى‪ .‬والسر ّ‬
‫ج َعلَ رَبّكِ َتحْتَ ِ‬
‫بولدتك‪ { .‬قَدْ َ‬

‫‪ - 1‬النبطية لجة آرامية كتب با النباط نقوشهم‪ ,‬والنباط هم قبائل من العرب عاشوا ف أقصى شال الزيرة‬
‫العربية وجنوب بلد الشام‪ ,‬بعد أن هاجروا من جنوب الزيرة الهد الصلي لم‪ ,‬وكانت أعظم فترات‬
‫ازدهارهم هي الفترة المتدة من القرن الول قبل اليلد حت ناية القرن الول اليلدي‪ ,‬هذا على الرغم من أن‬
‫تاريهم يرجع إل أبعد من ذلك‪ ,‬كما اتذوا البتراء (الردن) عاصمة لم ف القرن الرابع قبل اليلد المر الذي‬
‫يؤكد نفوذ النباط السياسي شال حت شل دمشق‪ ,‬وجنوبا حت شل مدائن صال (شال السعودية) الت كانت‬
‫عاصمة ثانية لم‪ ,‬إل أن الرومان قضوا على استقلل النباط عام ‪106‬م‪ ,‬وظلوا تابعي لروما عدة قرون‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬تاريخ دولة النباط ‪ ،‬إحسان عباس ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬الردن ‪ 1987‬م ‪.‬‬

‫‪ - 2‬تفسي جامع البيان ف تفسي القرآن للطبى ‪ ،‬موقع التفسي على شبكة العلومات الدولية ( النترنت )‬
‫‪http://www.altafsir.com/indexArabic.asp‬‬
‫‪85‬‬

‫الخصال السيّد‪ .‬قال الحسن‪ :‬كان وال سريّا من الرجال‪ .‬ويقال‪ :‬سَرِي فلن‬
‫سرَاة‪ .‬وقال الجمهور‪ :‬أشار لها إلى‬
‫على فلن أي تكرم‪ .‬وفلن سريّ من قوم َ‬
‫الجدول الذي كان قريبا من جذع النخلة (‪.)1‬‬

‫وقال ابن كثير ( ت ‪774‬هـ ) فى تفسيره ‪ :‬قرأ بعضهم‪َ { :‬منْ تحتَها }‬


‫بمعنى الذي تحتها‪ ،‬وقرأ الخرون‪ { :‬مِن َتحْ ِتهَا } على أنه حرف جر ‪،‬‬
‫واختلف المفسرون في المراد بذلك من هو؟ فقال العوفي وغيره عن ابن‬
‫عباس‪ { :‬فَنَادَاهَا مِن َتحْ ِتهَآ } جبريل‪ ،‬ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها‪،‬‬
‫وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وعمرو بن ميمون والسدي وقتادة‪ :‬إنه‬
‫الملك جبرائيل عليه الصلة والسلم‪ ،‬أي‪ :‬ناداها من أسفل الوادي‪ .‬وقال‬
‫مجاهد‪ { :‬فَنَادَاهَا مِن َتحْ ِتهَآ } قال‪ :‬عيسى بن مريم‪ ،‬وكذا قال عبد الرزاق عن‬
‫معمر عن قتادة قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬هو ابنها‪ ،‬وهو إحدى الروايتين عن سعيد بن‬
‫جبير أنه ابنها‪ ،‬قال‪ :‬أولم تسمع ال يقول‪ { :‬فَ َأشَا َرتْ إِلَ ْيهِ } وقوله‪َ { :‬ألّ‬
‫ك سَرِيّا } قال سفيان‬
‫ك َتحْتَ ِ‬
‫ج َعلَ رَبّ ِ‬
‫َتحْزَنِي } أي‪ :‬ناداها قائلً‪ :‬ل تحزني { قَ ْد َ‬
‫ك َتحْتَكِ‬
‫جعَلَ رَبّ ِ‬
‫الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب‪ { :‬قَ ْد َ‬
‫سَرِيّا } قال‪ :‬الجدول‪ ،‬وكذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ :‬السري‪:‬‬
‫النهر‪ ،‬وبه قال عمرو بن ميمون‪ :‬نهر تشرب منه‪ .‬وقال مجاهد‪ :‬هو النهر‬
‫بالسريانية‪ .‬وقال سعيد بن جبير‪ :‬السري‪ :‬النهر الصغير بالنبطية‪ .‬وقال‬
‫الضحاك‪ :‬هو النهر الصغير بالسريانية‪ .‬وقال آخرون‪ :‬المراد بالسري عيسى‬
‫عليه السلم‪ ،‬وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عباد بن جعفر(‪. )2‬‬

‫‪ - 1‬تفسي الامع لحكام القرآن للقرطب ‪ ،‬موقع التفسي على شبكة العلومات الدولية ( النترنت )‬
‫‪http://www.altafsir.com/indexArabic.asp‬‬
‫‪ - 2‬الصدر السابق ‪.‬‬
‫‪86‬‬

‫كلم ـة { ت ـحـت }‬
‫روى السيوطى عن أبى القاسم صاحب كتاب " لغات القرآن " أن كلمـة‬
‫{ تحت } نبطية تعنى البطن(‪ ، )1‬واتخذ لوكسنبرج رأى السيوطى ـ نقلً عن‬
‫أبى القاسم ـ منطلقا اعتمد عليه فى إثبات عجمة الكلمة ‪ ،‬وأشار إلى أن كلمة‬
‫{ تحت } ل أصل لها فى العربية‪ ،‬وأنها مشتقة من الفعل السريانى ن ِ‬
‫حة ‪nə‬‬
‫‪" ½he‬نزل – انحدر" المشتق منه الفعل العربى "نحت" المفهوم منه نحت‬
‫الحجر وغيره لتسويته أو صقله‪ ،‬وأنه علينا أن نفهم حرف "من" ليس بمعنى‬
‫ظرف المكان {من تحتها} بل يجب أن نفهمها على أنها ظرف زمان أى ‪ :‬حال‬
‫حة ‪" ½nəhe‬نزل –‬
‫وضعها‪ ،‬ثم يوضح أن معنى الوضع والولدة فى الفعل ن ِ‬
‫انحدر" لم يرد فى المراجع السريانية‪ ،‬وإنما ورد فى فعل مرادف له وهو‬
‫فل ‪" nəfal‬هبط" ولن القرآن الكريم لم يرد منه سوى الفعل "ولد" و‬
‫ن َ‬
‫"وضع" للتعبير عن الولدة الطبيعية‪ ،‬فقد جاء بهذا التعبير الذى لم يرد إل فى‬
‫هذه الية تعبيرا عن ولدة عيسى – عليه السلم – غير الطبيعية‪ ،‬ويكون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫معنى الية { فناداها حال وضعها أل تحزنى قد جعل ربك وضعك سريا }‬

‫ادعى لوكسنبرج أن كلمة { تحت } ل أصل لها فى العربية‪ ،‬وبالبحث فى‬


‫الشعر الجاهلى وجدنا مائة وعشرين بيتا لستة وأربعين شاعرا يستعملون كلمة‬
‫"تحت" بمعنى الظرف‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال ‪:‬‬

‫‪ -‬التقـان ف علوم القرآن‪ ،‬جلل الدين عبد الرحن السيوطى‪ ،‬تقيق ‪ :‬ممد أبو الفضل إبراهيم ‪ ،‬جـ ‪، 2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 131‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Luxenberg , Christoph : Die Syro Aramaische lesart des Koran . Ein‬‬
‫‪Beitrag zur Entschlusslung der Koransprache , 135-143 .‬‬
‫‪87‬‬

‫قول عنترة ‪:‬‬


‫وَل تَحتَ المَذَّل ِة أَلفَ عامِ‬ ‫ظلّ العِزّ يَوما‬
‫َفعَيشُكَ تَحتَ ِ‬
‫صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ‬ ‫ن‬
‫لَها مِن تَحتِ بُر ُقعِها عُيو ٌ‬
‫وقول سعية بن غريض ‪:‬‬
‫والميتونَ شرا ُر مَن تحتَ الثرَى‬ ‫أحياؤهُم خزيٌ على أمواتهم‬

‫وجاءت كلمة تحت مضافة إلى الضمائر‪ ،‬بمعنى الظرف أيضا‪ ،‬نذكر منها على‬
‫سبيل المثال ‪:‬‬

‫قول المهلهل بن ربيعة ‪:‬‬

‫ت الَرضُ فَاِنجابَت ِبمَن فيها(‪.)1‬‬


‫وَحالَ ِ‬ ‫ت السَما َء عَلى مَن تَحتَها وَ َقعَت‬
‫لَي َ‬

‫وذلك كله يؤكد استعمال العربية لكلمة " تحت " بمعنى الظرف قبل نزول القرآن‬
‫الكريم ‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إلى هذه الكلمة فى اللغات السامية الثلثة‪ ،‬وجدناها كمايلى ‪:‬‬

‫‪ta…t‬‬ ‫تحت‬ ‫فى العربيـة‬

‫‪ta…t‬‬ ‫ةَحة‬ ‫فى السريانية‬

‫‪ta…at‬‬ ‫תַחַת‬ ‫فى العبريـة‬

‫‪ -‬الوسوعة الشعرية‪ ،‬الجمع الثقاف‪ ،‬أبو ظب‪2003 ،‬م ‪. CD ،‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪88‬‬

‫وبمقارنة اللفظ ومعناه فى اللغات الثلث السابقة‪ ،‬نجد أنها تشير إلى‬
‫اتفاق فى اللفظ والمعنى‪ ،‬المر الذى يؤكد لنا أن هذه الكلمة من المشترك‬
‫السامى‪ ،‬دون أن تختص بها السريانية أو النبطية ‪.‬‬

‫سرِيّا‬
‫شريُا ‪ šaryā‬و َ‬
‫َ‬
‫نقل السيوطى عن ابن حاتم عن مجاهد أن كلمة " سريا " هى النهر‬
‫بالسريانية (‪ ،)1‬ويرى الدكتور جلء إدريس أن مقارنة كلمة " سريا " فى‬
‫القرآن الكريم بنظائرها فى السريانية وغيرها من اللغات السامية‪ ،‬تشير إلى‬
‫عدم وجود مقابل اسمى لفظا ومعنى‪ ،‬وأنه ربما كانت لفظة "السرى" بمعنى‬
‫النهر الصغير فى العربية مأخوذة من الفعل "سرى" بمعنى ‪ :‬مضى‪ ،‬ومنه كذلك‬
‫السارية وهى السحابة‪ ،‬ويرى بذلك أنها ليست مستعارة من السريانية أو‬
‫‪.‬‬ ‫سامى(‪)2‬‬ ‫غيرها‪ ،‬وأنها عربية ذات أصل‬

‫وأشار لوكسنبرج إلى ماجاء عند الطبرى الذى نقل عن مجاهد‬


‫والضحاك وسعيد بن جُبير أن كلمة {سريا} تعنى نهر بالسريانية أو النبطية‪،‬‬
‫‪ .‬ويرى لوكسنبرج‬ ‫(‪)3‬‬
‫وهو مايتناسب عندهم مع قوله تعالى { فكلى واشربى }‬
‫أن هذا المعنى ل يتناسب مع قول السيدة مريم { يَا لَيْتَنِي مِتّ قَ ْبلَ هَذَا َوكُنْتُ‬
‫الذى لم يأت عن خوف من الموت عطشا‪ ،‬ولكن جاء من‬ ‫(‪)4‬‬
‫َنسْيا مَ ْنسِيّا }‬

‫‪ -‬التقـان ف علوم القرآن‪ ،‬جلل الدين عبد الرحن السيوطى‪ ،‬تقيق ‪ :‬ممد أبو الفضل إبراهيم ‪/2 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 134‬‬
‫‪ -‬الستدراك على السيوطى فيما نسبه من العرب ف القرآن الكري إل العبية والسريانية ‪ ،‬د‪ /‬ممد جلء‬ ‫‪2‬‬

‫إدريس ‪ ،‬ملة الدراسات الشرقية‪ ،‬العدد ‪ 37‬لسنة ‪2006‬م ‪ ،‬ص ‪. 64 – 31‬‬


‫‪ -‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 26‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 23‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪89‬‬

‫ن مَا‬
‫خوفها لتهام قومها لها بالحمل الحرام‪ ،‬كما ورد فى قوله { يَا ُأخْتَ هَارُو َ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ك َبغِيّا }‬
‫سوْءٍ َومَا كَانَتْ ُأمّ ِ‬
‫ك امْ َرأَ َ‬
‫كَانَ أَبُو ِ‬

‫ثم يتناول لوكسنبرج الفعل "انتبذت" فى قوله تعالى { وَا ْذكُرْ فِي ا ْلكِتَابِ‬
‫الذى يرى أنه جاء على صيغة‬ ‫(‪)2‬‬
‫ن أَهْ ِلهَا َمكَانا شَرْقِيّا }‬
‫ت مِ ْ‬
‫مَرْ َيمَ إِذِ انْتَبَذَ ْ‬
‫المجهول‪ ،‬مستشهدا بجواز ذلك فى النحو السريانى الذى يجيز استخدام‬
‫المجهول مع ذكر الفاعل‪ ،‬فمعنى الفعل " انتبذت " عنده ‪ :‬طُردت من أهلها ‪.‬‬
‫وإن كان يرى أنه ليعقل أن يكون أول كلم ينطق به عيسى – عليه السلم –‬
‫لمه لكى يخفف عنها حزنها‪ ،‬لفظة تشير إلى ماء جعله ربُها تحتها‪ ،‬إنما‬
‫المنطقى أن يكون فى كلمه مايخفف عنها ويزيل هذا العار الذى لُصق بها‪.‬‬

‫ولما كان عكـس "ابن الحرام" عند العامــة "ابن الحلل" يرى أن‬
‫را ‪šərā‬‬ ‫كلمة َ‬
‫شريُا ‪ šaryā‬صفة فعلية مشتقة من الفعل السريانى ش ُ‬
‫"حل" وبذلك تكون كلمة "سريا" بمعنى "الحلل"‪ ،‬وهو يرى بذلك أنه يجب قراءة‬
‫الية كمايلى‪ :‬فناداها من نُحاتها أل تحزنى قد جعل ربك نُحاتك شريا ‪ ،‬ويكون‬
‫المعنى الجمالى للية ‪ :‬فناداها حال وضعها أل تحزنى قد جعل ربك وضعك‬
‫حللً (‪.)3‬‬

‫وأتفق هنا مع لوكسنبرج فى أن كلمة { سريا } سريانية الصل‪ ،‬وليست‬


‫بمعنى النهر‪ .‬لنه بالبحث فى نصوص اللغة السريانية ومعاجمها المتعددة‪،‬‬
‫وجدنا أنها تستخدم لفظة واحدة للنهر‪ ،‬وهى نَؤُرا ‪ ānahr‬وهى التى‬

‫‪ -‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سورة مري ‪ ،‬الية ‪. 16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- Luxenberg , Christoph : Die Syro Aramaische lesart des Koran . Ein‬‬
‫‪Beitrag zur Entschlusslung der Koransprache , 144-153 .‬‬
‫‪90‬‬

‫تقابل كلمة "نَهر" فى العربية لفظا ومعنى‪ ،‬وهو مايدل على أن هذه الكلمة من‬
‫المشترك السامى‪ ،‬كما أننا لم نجد فى العربية كلمة السرى بمعنى النهر ‪.‬‬

‫على أننى اختلف مع لوكسنبرج فى معنى كلمة { سريا } الذى ذكر أنها‬
‫بمعنى "الحلل" وذلك لن كلمه ل يستند إلى قاعدة لغوية ينطلق منها لثبات‬
‫شريُا ‪ šaryā‬صفة فعلية بمعنى‬
‫هذا المعنى البعيد الذى يرى فيه أن كلمة َ‬
‫حلّ " وذلك لن‬
‫را ‪ šərā‬بمعنى " َ‬
‫"الحلل" عكس "الحرام" من الفعل ش ُ‬
‫حلّ الشىء حل ًل أى صار مباحا ‪ ،‬ولكن‬
‫ل يأتى بمعنى َ‬ ‫الفعل شُرا‬
‫حلّ هنا التحرر من القيد ‪ ،‬ويظهر‬
‫يأتى بمعنى "حرّر" و "أطلق" ‪ ،‬ويكون معنى َ‬
‫ذلك بوضوح من استخدام الفعل فى الناجيل السريانية ‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫ܟܘܢ ܘܶܡܚ݂ܳܕܐ ܶܡܫ݁ܟܺܚܝܢ‬ ‫ܶܘܐܰܡܪ ܠܽܗܘܢ ܶܙܠܘ ܰܠܩܺܪܝ݂ܳܬܐ ܳܗ݂ܶܕܐ ݁ܰܕܠܽܩܘ݂ܰܒܠ ݂ ܽ‬
‫ܰ ܰ ܰ‬ ‫ܐܢ݁ܽܬܘܢ ܚܳܡܳܪܐ ݁ܰܕܐܺܣܝܳܪܐ ܘ ܺ‬
‫ܥܝܳܠܐ ܰܥܳܡܗ ܫܪܘ ܐܝ ݁ܬܘ ܺܠܝ‬ ‫݈‬
‫( وقال لهما اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتانا مربوطة‬
‫وجحشا معها فحلهما و اتياني بهما ) (‪)1‬܂‬
‫ܰ‬ ‫ܶ ܽ‬ ‫ܳ‬
‫ܰܘܐܺܡܝܢ ܐܰܡܪ ݈ܐܳܢܐ ܶܠ݂ܽܟܘܢ ݁ܕ݂ܽܟܠ ܳܡܐ ݁ܕ ݂ܬܐܣܪܘܢ ݁ܰܒܐܪܳܥܐ ܶܢܗܶܘܐ ܐܺܣܝܪ‬
‫ܶ‬ ‫ܽ‬
‫݁ܰܒܫܰܡܳܝܐ ܘܶܡ݁ܶܕܡ ݁ܕ ݂ܬܫܪܘܢ ݁ܰܒܐܪܳܥܐ ܶܢܗܶܘܐ ܫܪܐ ݁ܰܒܫܰܡܳܝܐ‬
‫( الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الرض يكون مربوطا في السماء و كل‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ما تحلونه على الرض يكون محلولً في السماء )‬

‫را ‪ šəre‬بمعنى‬
‫ويُلحظ أن الكاتب قد استعمل اسم المفعول النكرة ش ِ‬
‫شريُا ‪" šaryā‬المحلول" ‪ ،‬أى‬
‫"محلول" ‪ ،‬واسم المفعول المعرفة منه َ‬
‫المحرر من القيد ‪ ،‬ولم يأت بمعنى الحلل ‪.‬‬
‫‪ -‬إنيل مت ‪ ، 2 – 21‬وانظر أيضا ‪ :‬مرقس ‪ ، 4-11 ، 7-1‬لوقا ‪ ، 33-19‬يوحنا ‪. 27-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬إنيل مت ‪ ، 18 – 18‬وانظر أيضا مرقس ‪ ، 9-15‬لوقا ‪ ، 16-23 ، 4-14‬يوحنا ‪. 39-18‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪91‬‬

‫شريُا ‪ šaryā‬يتضح مايلى ‪:‬‬


‫وبتحليل كلمة َ‬

‫شريُا ‪ : šaryā‬اسم مفعول مفرد مذكر معرفة‪ ،‬أو مفرد مؤنث نكرة‪،‬‬
‫َ‬
‫وذلك لن السريانية تستخدم اللف المسبوقة بالفتحة الطويلة فى نهاية السم‬
‫للدللة على التعريف‪ ،‬أو التأنيث فى حالة الطلق‪ ،‬ويدل السياق على أنه مفرد‬
‫را ‪ šəre‬من الفعل المعتل الخر‬
‫مذكر معرف‪ .‬أما السم المنكر فهو ش ِ‬
‫را ‪" šərā‬حرر – أطلق – حلّ " ‪.‬‬
‫ش ُ‬
‫را ‪ ãəre‬ههى‬‫ونرى أن الكسرة الممالة فى اسم المفعول النكرة ش ِ‬
‫عبارة عن اجتماع ياء لم الفعل مع فتحة لمناسبة اللف ‪ ،‬وهى تشبه علمة‬
‫ملكُا ‪ " malkæ‬الملك " للمفرد‪،‬‬
‫جمع المذكر المعرفة ‪ ،‬كما نقول َ‬
‫ملكًِا ‪" malke‬الملوك"‪ ،‬فالكسرة الممالة هنا عبارة عن‬
‫والجمع منها َ‬
‫اجتماع ياء الجمع مع فتحة التعريف ‪ ،‬وتظهر الياء بعد حذف فتحة التعريف‬
‫ملكًَي ‪. malkay‬‬
‫للضافة ‪ ،‬فنقول َ‬
‫را ‪ ãəre‬ترد فيه الياء ‪ ،‬فتصير‬
‫ولذلك نجد أن التعريف من ش ِ‬
‫شريُا ‪ šryā‬نحرك حرف الشين بالفتحة القصيرة لجتماع حرفين ساكنين‬
‫شريُا ‪ ، šaryā‬وتعد حركة الشين هى الفارق‬
‫فى أول الكلمة ‪ ،‬فتصير َ‬
‫المميز بين اسم الفاعل واسم المفعول فى حالة التعريف ‪ ،‬فهى فتحة طويلة مع‬
‫شريُا ‪ ، šæryā‬وفتحة قصيرة مع اسم المفعول ‪،‬‬
‫اسم الفاعل ‪ ،‬نقول ُ‬
‫شريُا ‪. šaryā‬‬
‫نقول َ‬
‫شريُا ‪ šaryā‬التى تُلفظ " سَريا " ـ على‬
‫وعلى ذلك يكون معنى َ‬
‫اعتبار أن الشين فى السريانية تقابل السين فى العربية ـ بمعنى اسم المفعول‬
‫‪92‬‬

‫من الفعل " حرّر " أى " المُحرّر " ‪ .‬وقد فسر القرآن الكريم هذه الكلمة فى‬
‫ت لَكَ‬
‫ع ْمرَانَ َربّ إِنّي نَذَرْ ُ‬
‫ت امْ َرأَتُ ِ‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬فى قوله تعالى { إِذْ قَالَ ِ‬
‫فامرأة عمران هذه‪ ،‬هى أم مريم عليهما السلم‪ ،‬التى‬ ‫(‪)1‬‬
‫مَا فِي َبطْنِي ُمحَرّرا }‬
‫نذرت أن يكون مافى بطنها ال ُمحَرّر‪ ،‬أى ‪ :‬الخالص ل عز وجل‪ ،‬الذى ليشوبه‬
‫شىء من أمر الدنيا ‪ ،‬ولن النذر ليكون إل فى الغلمان ‪ ،‬فقد وفّى ال النذر‬
‫فى بنتها مريم‪ ،‬وجاء ال ُمحَرّر عيسى عليه السلم ليتحقق النذر ‪.‬‬

‫وقد اختلف المفسرون فى قوله تعالى { فناداها من تحتها } فيرى‬


‫البعض أنه جبريل عليه السلم‪ ،‬ويرى البعض الخر أنه عيسى عليه السلم‪،‬‬
‫وسواء أكان المتحدث جبريل أم عيسى عليهما السلم‪ ،‬فلبد وأن يتحدث بلغة‬
‫سرِيّا }‬
‫ك َتحْتَكِ َ‬
‫ج َعلَ رَبّ ِ‬
‫السيدة مريم ليطمئن قلبها بقوله { أَل َتحْزَنِي قَ ْد َ‬
‫والمقصود بالسرى هنا هو المسيح عليه السلم‪ ،‬وهى تقابل كلمة َ‬
‫شريُا‬
‫‪ šaryā‬فى اللغة السريانية‪.‬‬

‫ولذلك نرى أن كلمة { سريا } سريانية الصل‪ ،‬وهى من لغة المسيح‬


‫وأمه عليهما السلم‪ ،‬وهى بمعنى " المحرّر " ‪ ،‬وهذا ليس عيبا فى القرآن‬
‫ولينتقص من عربيته فى شىء‪ ،‬بل نجده لونا من ألوان العجاز اللغوى الذى‬
‫جاء مفسرا فى القرآن نفسه ‪ ،‬حيث ذكر معنى كلمة { سريا } فى سورة آل‬
‫ك مَا فِي‬
‫ت لَ َ‬
‫ع ْمرَانَ رَبّ إِنّي نَذَرْ ُ‬
‫ت امْ َرأَتُ ِ‬
‫عمران فى قوله تعالى ‪ { :‬إِذْ قَالَ ِ‬
‫وجاء ال ُمحَرّر عيسى عليه السلم من مريم ابنة عمران‬ ‫(‪)2‬‬
‫َبطْنِي ُمحَرّرا }‬
‫عليهما السلم ليتحقق النذر ‪.‬‬

‫‪ -‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سورة آل عمران ‪ ،‬الية ‪.35‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪93‬‬

‫شريُا ‪" šaryā‬ال ُمحَرّر" وقد‬


‫وقد يسأل البعض إذا كان معنى كلمة َ‬
‫ذكرها القرآن فى سورة آل عمران فلماذا لجأ القرآن فى هذا الموضع إلى‬
‫شريُا ‪ šaryā‬التى تقابل { سريا } ولم يستعمل اللفظة‬
‫اللفظة السريانية َ‬
‫ل ‪ :‬أل تحزنى قد جعل ربك تحتك محررا ؟‬
‫العربية‪ ،‬قائ ً‬

‫نقول ‪ :‬إن معنى الفعل "حرّر" فى العربية أشمل وأعم ‪ ،‬أى أنه يفيد‬
‫معنى التحرر من القيد‪ ،‬والتحرر من العبودية والرق‪ ،‬فى حين تفرق السريانية‬
‫بين المعنيين ‪ ،‬فتستعمل الفعل شُرا ‪ šərā‬واسم المفعول منه َ‬
‫شريُا‬
‫‪ šaryā‬التى تقابل { سريا } ـ فى العربية ـ بمعنى التحرر من القيد ‪،‬‬
‫رر …‪mə‬‬ ‫حَرر …‪ arrar‬واسم المفعول منه م َ‬
‫ح َ‬ ‫وتستخدم الفعل َ‬
‫‪ arrar‬ـ وهو موافق للعربية لفظا ومعنى ـ بمعنى التحرر من الرق ‪ ،‬وعلى‬
‫ذلك فاستخدام القرآن الكريم للكلمة السريانية وهى من لغة عيسى وأمه‬
‫عليهما السلم تعد إعجازا لغويا لنها تفيد التأكيد على أن التحرر هنا تحرر من‬
‫كل أمور الدنيا إل عبادة ال ‪ ،‬وليس التحرر من الرق ‪.‬‬

‫شريُا ‪ šaryā‬صفة فعلية فهو‬


‫أما ماذكره لوكسنبرج من أن كلمة َ‬
‫كلم غير محدد ‪ ،‬ول أعلم ماذا يقصد بالصفة الفعلية‪ ،‬وليمكن أن تكون بمعنى‬
‫"الحلل" مطلقا‪ ،‬ولكن يتضح من خلل التحليل اللغوى الذى قدمناه أن‬
‫لوكسنبرج ليس عالما باللغة السريانية‪ ،‬ويمكن القول بأن له معرفة بالسريانية‬
‫بالقدر الذى يمكنه من استخدام القواميس‪ ،‬مع فهم سطحى لطبيعة اللغة‬
‫ومناهج البحث اللغوى المقارن ‪.‬‬
‫‪94‬‬

‫كما نرى أن لوكسنبرج يبتعد عن المنهج العلمى الصحيح ليخدم أهدافه‬


‫(‪)1‬‬
‫التى تتضح فى عبارة " حور عين " والتى يرى أنها بمعنى الزبيب البيض‬
‫علما بأن مادة " ح و ر " موجودة فى العربية والسريانية والعبرية‪ ،‬والمعنى‬
‫المحورى فيها هو البياض والصفاء‪ ،‬والحوراء فى العربية تطلق على المرأة‬
‫الشديدة بياض العين وسوادها‪ ،‬وقد جاءت فى الشعر الجاهلى بصيغة المفرد‬
‫فى خمسة أبيات لخمسة شعراء‪ ،‬وجاءت بصيغة الجمع فى اثنى عشر بيتا‬
‫لثنى عشر شاعرا ‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال ‪:‬‬

‫قول عورو بن قُميئة‬

‫ت أَرطىً طِـوال‬
‫وَتَقرو مَـعَ النَب ِ‬ ‫ض ٍة‬
‫لَها عَينُ حَوراءَ في رَو َ‬

‫وقول خليفة بن بشير‬

‫حُورُ العيونِ مِلحٌ طرفُها ساجي(‪.)2‬‬ ‫حجَ ٌل‬


‫حتى أضا َء سِراجٌ دونه َ‬

‫ثالثـ ـا ‪ :‬ل فـظ ( أحم ـد )‬


‫‪1‬‬
‫‪- Luxenberg , Christoph : Die Syro Aramaische lesart des Koran . Ein‬‬
‫‪Beitrag zur Entschlusslung der Koransprache , 144-153 .‬‬
‫‪ -‬الوسوعة الشعرية‪ ،‬الجمع الثقاف‪ ،‬أبو ظب‪2003 ،‬م ‪. CD ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪95‬‬

‫القرآن الكريم له مع أسماء العلم ثلث حالت ‪:‬‬

‫ال ولى ‪ :‬أن يُذكر السم العلم بلفظه معربا‪ ،‬مثل كلمة َ‬
‫مريَم ‪maryam‬‬
‫" مَرْيَـم " ‪ ،‬وإذا كان الستاذ رؤوف أبو سعدة يرى أن اسم مريم أم عيسى‬
‫عليهما السلم‪ ،‬اسم آرامى َمزْجى مُرخّم‪ ،‬أصله ‪ :‬مَارى ‪ +‬أما ‪ ،‬المقطع الول‬
‫يعنى بالرامية " الرب " والمقطع الثانى " أما " يعنى بالرامية أيضا نفس‬
‫" المَة " عربيا‪ ،‬فاسمها عليها السلم يعنى " أمة الرب " قُدّم فيه‬ ‫ماتعنيه‬
‫المضاف إليه على المضاف تعظيما لسم الرب تبارك وتعالى‪ ،‬وكان حقه أن‬
‫ينطق ‪ :‬مَاري أمَا ‪ ،‬كاملً ‪ ،‬ولكن المزجية سهلت الهمزة‪ ،‬فأصبح ‪ :‬مَاريما‪،‬‬
‫ثم ُرخِم بحذف ألف المد الخاتمة‪ ،‬فأصبح " مَريَم " طبق الصل من نطقه‬
‫اليونانى ‪ mariam‬فى الناجيل اليونانية‪ ،‬وهو نفس نُطقه فى القرآن (‪.)1‬‬

‫مريَم ‪ " maryam‬مَريَم " اسم آرامى‬


‫أما الباحث فيرى أن اسم َ‬
‫الصل ‪ ،‬وهو اسم مفعول من الفعل المزيد بالهمزة اَريٍم ’‪ arīm‬بمعنى "‬
‫" رفع " ‪ ،‬والقياس‬ ‫عظّم – مجّد – شرّف " من المجرد الجوف ُرم ‪rām‬‬
‫فى تصريف الفعل المزيد بالهمزة‪ ،‬كما يلى ‪:‬‬

‫عل‬
‫نَف ِ‬ ‫المستقبل‪:‬‬ ‫’‪af ’el‬‬ ‫اَف ِ‬
‫عل‬ ‫الماضى‪:‬‬
‫‪naf ’el‬‬
‫‪maf‬‬ ‫عل‬ ‫اسم المفعول‪َ :‬‬
‫مف َ‬ ‫عل ‪maf ’el‬‬ ‫اسم الفاعل‪َ :‬‬
‫مف ِ‬
‫‪’al‬‬
‫ويلحظ أن اسم الفاعل فى اللغة السريانية يأتى من المستقبل بقلب حرف‬
‫الستقبال ميما بنفس الحركة‪ ،‬أعنى الفتحة القصيرة‪ ،‬ويأتى اسم المفعول على‬
‫‪ -‬من إعجاز القرآن ف أعجمى القرآن ‪ ،‬رؤوف أبو سعدة ‪ ،‬دار اللل ‪ ،‬القاهرة ‪1994‬م ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جـ ‪ 2‬ص ‪. 251‬‬


‫‪96‬‬

‫وزن اسم الفاعل مع فتح ماقبل الخر‪ ،‬ويكون كسر ما قبل الخر مميزا لسم‬
‫الفاعل‪ ،‬وفتح ما قبل الخر مميزا لسم المفعول‪ ،‬كما فى العربية ‪.‬‬

‫بيد أن هذا الفعل قد جاء مخالفا للقياس‪ ،‬على الوجه التالى ‪:‬‬

‫‪nərī‬‬ ‫نريٍم‬ ‫المستقبل‪:‬‬ ‫’‪arīm‬‬ ‫اَريٍم‬ ‫الماضى‪:‬‬


‫‪m‬‬
‫‪mərām‬‬ ‫اسم المفعول‪ :‬مُرم‬ ‫اسم الفاعل‪ :‬مريٍم ‪mərīm‬‬

‫وكان القياس فيه ‪:‬‬

‫‪narī‬‬ ‫نَريٍم‬ ‫المستقبل‪:‬‬ ‫’‪arīm‬‬ ‫اَريٍم‬ ‫الماضى‪:‬‬


‫‪m‬‬

‫اسم المفعول‪َ :‬‬


‫مريَم ‪maryam‬‬ ‫اسم الفاعل‪َ :‬‬
‫مريٍم ‪marīm‬‬

‫فحرف الستقبال ـ فى المخالف للقياس قد جاء ساكنا ـ مع أن القياس‬


‫فيه أن يشكل بفتحة قصيرة‪ ،‬وقدترتب على ذلك سكون ميم اسم الفاعل ‪ ،‬أما‬
‫اسم المفعول فقد جاء على وزن مصدر الفعل المجرد‪ ،‬كما فى م ُ‬
‫قم ‪məqā‬‬
‫قم ‪ " qām‬قام " أو بمعنى‬
‫‪ m‬بمعنى " قيام " على اعتبار أنها مصدر الفعل ُ‬
‫"مُقام" على اعتبار أنها اسم مفعول من الوزن المزيد بالهمزة اَقيٍم ’‪aqī‬‬
‫‪" m‬أقام" ‪.‬‬

‫ويرى الباحث أن السريان قد خالفوا الوزن‪ ،‬وجاءوا بمصدر المجرد ليحل‬


‫محل اسم المفعول من المزيد لكى يحافظوا على قدسية السيدة مريم التى هى‬
‫فى نظرهم أم الله‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬
‫‪97‬‬

‫ي إِ َلهَيْنِ‬
‫ن مَرْ َيمَ َأأَنْتَ ُقلْتَ لِلنّاسِ ا ّتخِذُونِي َوُأمّ َ‬
‫{ َوإِذْ قَالَ الّل ُه يَا عِيسَى ابْ َ‬
‫ق إِنْ كُنْتُ قُلْ ُتهُ‬
‫مِنْ دُونِ الّلهِ قَا َل سُ ْبحَانَكَ مَا َيكُونُ لِي أَنْ أَقُو َل مَا لَيْسَ لِي ِبحَ ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ك أَنْتَ عَلّامُ ا ْلغُيُوبِ}‬
‫عِلمْ َتهُ َتعْ َلمُ مَا فِي َن ْفسِي وَل أَعْ َلمُ مَا فِي َن ْفسِكَ إِنّ َ‬
‫َفقَدْ َ‬

‫مريَم ‪ maryam‬بهذا التصريف يكون معناه بصيغة‬


‫وعلى ذلك فاسم َ‬
‫المفعول " المُعظّمة – المُمجّدة – ال ُمشَرّفة " من ال سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫ال ثا نية ‪ :‬أن يذكر السم العلم معرّبا ولكن مع قلب أو إبدال بعض‬
‫الحروف‪ ،‬من ذلك مثلً‪ :‬اسم عيسى‪ ،‬فالمسيح عليه السلم اسمه فى القرآن‬
‫وع ‪ ‛yešū‬التى تلفظ " يشوع "‬
‫الكريم عيسى‪ ،‬بينما هو فى الناجيل يِش ٌ‬
‫والثابت أن العرب لم يسمعوا من نصرانييهم اسم "عيسى" الذى ورد فى القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وإنما سمعوها منهم " يسوع " بالسين‪ ،‬على اعتبار أن الشين فى‬
‫السريانية تقابل السين فى العربية ‪.‬‬

‫أما لماذا قال القرآن "عيسى" ولم يقل " يسوع " التى عرفها العرب‬
‫اسما للمسيح‪ ،‬فهذا من فرائد إعجاز القرآن الكريم فى أعلمه العجمية‪ ،‬لنه‬
‫لو قالها "يسوع" لفهمها العرب من العربية على معنى " الذى ساع " من ساع‬
‫يَسوع سوعا يعنى ضاع وهلك‪ ،‬ولذلك جاء القرآن الكريم بالسم "عيسى"‬
‫مقلوبا لسم يسوع لفادة عكس معناه ‪ :‬ليس هو الضائع الهالك وإنما هو‬
‫(‪)2‬‬
‫المُخلّص الناجى‬

‫‪ -‬سورة الائدة ‪ ،‬الية ‪. 116‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬من إعجاز القرآن ف أعجمى القرآن ‪ ،‬رؤوف أبو سعدة ‪ ،‬جـ ‪ 2‬ص ‪. 271‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪98‬‬

‫ال ثـ الث ـة ‪ :‬وهى حالة فريدة فى القرآن الكريم تتمثل فى كلمة { أحمد }‬
‫التى وردت فى قوله تعالى ‪َ { :‬وإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ َمرْ َيمَ يَا بَنِي ِإسْرائيلَ إِنّي‬
‫ن ال ّتوْرَاةِ َومُ َبشّرا بِ َرسُولٍ يَأْتِي مِنْ‬
‫ن يَ َديّ مِ َ‬
‫َرسُولُ الّل ِه إِلَ ْيكُمْ مُصَدّقا ِلمَا بَيْ َ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ن}‬
‫سحْرٌ مُبِي ٌ‬
‫حمَدُ فَ َلمّا جَاءَ ُهمْ بِالْبَيّنَاتِ قَالُوا هَذَا ِ‬
‫سمُهُ َأ ْ‬
‫َبعْدِي ا ْ‬

‫قال الرازى ( ت ‪606‬هـ ) فى تفسيره لهذه الية ‪:‬‬

‫وقوله تعالى‪َ { :‬أحْمَ ُد } يحتمل معنيين أحدهما‪ :‬المبالغة في الفاعل‪ ،‬يعني أنه‬
‫أكثر حمدا ل من غيره وثانيهما‪ :‬المبالغة من المفعول‪ ،‬يعني أنه يحمد بما فيه‬
‫من الخلص والخلق الحسنة أكثر ما يحمد غيره (‪. .)2‬‬

‫وقال الشوكاني (ت ‪ 1250‬هـ) فى تفسيره ‪:‬‬


‫وأحمد اسم نبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو علم منقول من الصفة‪ ،‬وهي‬
‫تحتمل أن تكون مبالغة من الفاعل‪ ،‬فيكون معناها أنه أكثر حمدا ل من غيره‪،‬‬
‫أو من المفعول‪ ،‬فيكون معناها أنه يحمد بما فيه من خصال الخير أكثر مما‬
‫يحمد غيره(‪. )3‬‬

‫لقد عُرف خاتم الرسل بين الناس قبل النبوة باسم " محمد " ‪ ،‬وعرف‬
‫بينهم بعد النبوة باسم " محمد " ‪ ،‬وذكره القرآن بهذا السم أربع مرات‪ ،‬وردت‬
‫فى قوله تعالى ‪:‬‬
‫سلُ } (‪.)4‬‬
‫حمّ ٌد إِلّا َرسُولٌ قَ ْد خَلَتْ مِنْ قَبْ ِلهِ ال ّر ُ‬
‫{ َومَا ُم َ‬
‫‪ - 1‬سورة الصف‪ ،‬الية ‪. 6‬‬
‫‪ - 2‬تفسي مفاتيح الغيب‪ ،‬التفسي الكبي للرازى ‪ ،‬موقع التفسي على شبكة العلومات الدولية ( النترنت )‬
‫‪http://www.altafsir.com/indexArabic.asp‬‬
‫‪ - 3‬تفسي فتح القدير للشوكان ‪ ،‬الصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪.144‬‬
‫‪99‬‬

‫حمّدٌ أَبَا َأحَدٍ مِنْ ِرجَا ِل ُكمْ وَ َلكِنْ َرسُولَ الّلهِ َوخَا َتمَ النّبِيّينَ} (‪.)1‬‬
‫{ مَا كَانَ ُم َ‬
‫ق مِنْ رَ ّب ِهمْ } (‪.)2‬‬
‫حمّ ٍد وَ ُهوَ ا ْلحَ ّ‬
‫{ وَآمَنُوا ِبمَا نُ ّز َل عَلَى ُم َ‬
‫حمَا ُء بَيْ َن ُهمْ } (‪.)3‬‬
‫ن َمعَ ُه َأشِدّا ُء عَلَى ا ْل ُكفّارِ ُر َ‬
‫حمّدٌ َرسُو ُل الّلهِ وَالّذِي َ‬
‫{ ُم َ‬

‫وذكره القرآن مرة واحدة باسم { أحمد } ‪ ،‬ولو كان القرآن من عند محمد‬
‫ـ كما يدعون ـ لكان أولى به أن يذكر اسم " محمد " فى بشارة " عيسى "‬
‫ن َبعْدِي‬
‫عليه السلم التى وردت فى سورة الصف { َومُ َبشّرا ِب َرسُولٍ يَأْتِي مِ ْ‬
‫حمَدُ } ‪.‬‬
‫س ُمهُ َأ ْ‬
‫ا ْ‬

‫وتبين لنا الية أن عيسى عليه السلم قد ذَكر اسم خاتم الرسل أمام‬
‫قومه‪ ،‬ولو افترضنا أن المسيح عليه السلم ذكر اسم "محمد" صلى ال عليه‬
‫وسلم دون ترجمة إلى السريانية لما فهم اتباع المسيح كلمة "محمد" ‪ ،‬ويبدو‬
‫أنه ترجمها إلى لغته حتى يصل إليهم معنى السم بما فيه من معانى الحمد‬
‫والثناء‪ ،‬يتضح من هذا أنهم قد سمعوا هذا السم وعرفوا معناه فى لغتهم ‪.‬‬

‫ولنا أن نتساءل ماهى الكلمة الصلية التى استعملها المسيح عليه السلم‬
‫بلغته الرامية السريانية‪ ،‬هل يجوز أن يبشر المسيح عليه السلم برسول يأتى‬
‫حمّد " ‪،‬‬
‫من بعده اسمه أحمد‪ ،‬ثم يأتى خاتم الرسل ويُنادى طول حياته باسم " ُم َ‬
‫ربما أن هذا السم قيل بلغة المسيح‪ ،‬ونقل لنا القرآن المعنى الذى وصل إليهم‪.‬‬

‫حمَدُ‬
‫ُمحَمّد و َأ ْ‬

‫‪ -‬سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪.40‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سورة ممد ‪ ،‬الية ‪. 2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سورة الفتح ‪ ،‬الية ‪. 29‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪100‬‬

‫حمّد ‪ ،‬يقال فى الماضى ‪:‬‬


‫حمّد " فى العربية ‪ :‬اسم مفعول من الفعل َ‬
‫ـ " ُم َ‬
‫حمّد‪ ،‬بقلب حرف المضارعة ميما‬
‫حمّد‪ ،‬واسم الفاعل‪ُ :‬م َ‬
‫حمّد‪ ،‬وفى المضارع‪ُ :‬ي َ‬
‫َ‬
‫حمّد بقلب كسرة اسم الفاعل فتحة ‪.‬‬
‫بنفس الحركة‪ ،‬واسم المفعول‪ُ :‬م َ‬

‫حمِدَه‪،‬‬
‫حمِد‪ ،‬ويقال َ‬
‫حمَدُ " فعل مضارع مسند إلى ضمير المتكلم من الفعل َ‬
‫ـ " َأ ْ‬
‫حمَدُ‪ ،‬والمضارع مع المتكلم‪:‬‬
‫أى‪:‬أثنى عليه‪ ،‬والمضارع مع ضمير الغائب‪َ :‬ي ْ‬
‫حمَدُ‪.‬‬
‫َأ ْ‬

‫وبالبحث فى قواميس اللغة السريانية‪ ،‬وجدنا أن الفعل الذى يدل على‬


‫ولفظه‬ ‫الحمد والثناء فى السريانية دون غيره ‪ ،‬هو ‪َ :‬‬
‫شبَح ‪…šabba‬‬
‫السريانى " شَبّح " والذى يقابل الفعل " سَ ّبحَ " فى العربية لفظا ومعنى‪ ،‬لن‬
‫الشين فى السريانية تقابل السين فى العربية‪ ،‬ومن معانيه أيضا ‪َ :‬مجّدَ ‪ ،‬أى ‪:‬‬
‫حمّدَ ‪ ،‬وكلهما بمعنى الثناء ‪.‬‬
‫حمِد ‪ ،‬والمضعف َ‬
‫ظمَ وأثنى ‪ ،‬وكذلك ‪َ :‬‬
‫عّ‬‫ّ‬

‫ولو ترجم المسيح ـ عليه السلم ـ لهم اسم خاتم الرسل إلى لغتهم لكى‬
‫يصل إليهم اسم محمد بما فيه من معانى الحمد والثناء لقال م َ‬
‫شبَح ‪məša‬‬
‫‪ . …bba‬وورد فى قاموس " زهريرا " أن السريانية تستخدم اسم المفعول‬
‫شبَح ‪ …šabba‬للدللة على الحُرّ‬
‫شبَح ‪ …məšabba‬من المضعف َ‬
‫م َ‬
‫من الناس وهو خيرهم وأفضلهم (‪.)1‬‬

‫شبَح ‪ …məšabba‬اسم مفعول مفرد مذكر نكرة من الفعل‬


‫فكلمة م َ‬
‫شبَح ‪ …šabba‬وفى المستقبل‬
‫شبَح ‪ …šabba‬لنه يقال فى الماضى َ‬
‫َ‬
‫شبَح ‪ …məšabba‬بقلب حرف‬
‫شبَح ‪ …nəšabba‬واسم الفاعل م َ‬
‫ن َ‬

‫‪ -‬زهريرا ‪ ،‬قاموس عرب – سريان ‪ ،‬الب شليمون أيشو خوشابا والب عمانوئيل بيتو يوحنا ‪ ،‬دهوك‬ ‫‪1‬‬

‫‪2000‬م ‪ ،‬ص ‪. 366‬‬


‫‪101‬‬

‫شبَح ‪ …məšabba‬أيضا‬
‫الستقبال ميما بنفس الحركة ‪ ،‬واسم المفعول م َ‬
‫‪.‬‬

‫ويُلحظ أن صيغة اسم الفاعل نفسها هى صيغة اسم المفعول‪ ،‬وذلك لن‬
‫السريانية تميل إلى فتح ما قبل حروف الحلق إذا وقعت فى نهاية الكلمة‪،‬‬
‫والصل أن يُكسر ما قبل الخر مع اسم الفاعل ‪ ،‬وتقلب كسرة اسم الفاعل‬
‫فتحة مع اسم المفعول كما فى العربية‪ ،‬ولن آخر الفعل حرف الحاء وهو من‬
‫الحروف الحلقية‪ ،‬جاء اسم الفاعل مشابها لسم المفعول‪.‬‬

‫واللغة السريانية لها خصائصها المميزة لها ‪ ،‬ومن ذلك أنها تستعمل اسم‬
‫الفاعل إذا كان نكرة للدللة على الزمن الحالى‪ ،‬وينتقل إلى السمية بالتعريف‪،‬‬
‫ولن السم العلم ل يجوز تعريفه‪ ،‬فقد جاء منكرا ً‪ .‬ولذلك فهم السريان لفظ‬
‫شبَح ‪ - …məšabba‬وهى عندهم اسم فاعل أو مفعول نكرة ‪ -‬على‬
‫م َ‬
‫أنها فعل مضارع مسند إلى المتكلم وهو المسيح عليه السلم ‪ ،‬فيكون‬
‫حمَدُ " وقد نقل لنا القرآن‬
‫شبَح ‪ …məšabba‬فى لغة السريان بمعنى " َأ ْ‬
‫م َ‬
‫فهم أتباع المسيح للفظ السريانى ‪.‬‬
‫ܰ‬
‫"برقليط " التى وردت فى إنجيل‬ ‫وتذكر أكثر المصادر أن كلمة ݁ܰܦܪܩܺܠܳܛܐ‬
‫يوحنا(‪ )1‬كلمة يونانية الصل‪ ،‬وهى بشارة للنبى محمد صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬

‫إذ إنها ترجمة مباشرة لسم " أحمد " (‪.)2‬‬

‫ܥܡ݂ܽܟܘܢ ܠ ܳ‬
‫ܥܰܠܡ܂ َوَأنَا أَ ْطلُ ُ‬
‫ب‬ ‫ܥܐ ܶܡܢ ܳܐ݂ܒܝ ܰܘܐܚܺܪܳܢܐ ݁ܰܦܰܪܩܺܠܳܛܐ ܶܢ݁ܶܬܠ ܠ݂ܽܟܘܢ ݁ܕܶܢܗܶܘܐ ܰ‬ ‫‪ܶ - 1‬ܘܐܳܢܐ ܶܐ݂ܒ ܶ‬
‫݈‬
‫ِم َن البِ َفيُ ْعطِي ُكمْ ُمعَ ّزيًا آخَ َر ِلَيمْ ُكثَ مَ َع ُكمْ إِلَى ا َلبَ ِد (يوحنا ‪ ، )16-14‬وانظر يوحنا ‪ ، 26 -15‬ويوحنا‬
‫‪. 7 -16‬‬
‫‪ - 2‬انظر على سبيل الثال ‪ - :‬إظهار الق ‪ ،‬رحة ال الكيانوى‪ ،‬الكتبة التوفيقية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ -‬هداية اليارى ف أجوبة اليهود والنصارى‪ ،‬ابن القيم الوزية‪ ،‬مكتبة الصفا‪ ،‬القاهرة ‪2005‬م ‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫إن من أصعب المور التى تحير الباحث عن الحقيقة هو الوقوف أمام‬


‫ܰ‬
‫مصطلح لغوى ل أصل له فى اللغة المنسوب إليها ‪ ،‬فمصطلح ݁ܰܦܪܩܺܠܳܛܐ‬
‫الذى ينطق فى اليونانية باركليت ل وجود له فى الحقيقة بين مفردات اللغة‬
‫اليونانية‪ ،‬وقد حاول الكثيرون أن يوجدوا له نسبا شرعيا فيها‪ ،‬فأتوا له بعدة‬
‫كلمات يونانية‪ ،‬قريبة منه فى الشكل والمنطوق‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنه منها‪ ،‬غير أنهم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫لم يؤيدوا رأيهم بأى دليل‪ .‬فهل يمكن أن نصدقهم فى زعمهم ؟‬

‫وعلى ذلك فإننا نرى أن كلمة برقليط كلمة آرامية الصل ‪ ،‬نقلها كاتب‬
‫النجيل بلفظها إلى اليونانية ‪ ،‬وبتحليل الكلمة نجد أنها كلمة مركبة من‬
‫رق ‪ +‬ليٍطُا ‪.‬‬ ‫مقطعين‪ ،‬هما ‪ُ :‬‬
‫ف ِ‬
‫رق ‪ pāreq‬فهىاسم فاعل مفرد مذكر نكرة‪ ،‬من الفعل‬ ‫فأما كلمة ُ‬
‫ف ِ‬
‫رق ‪p‬‬ ‫فَرق ‪ pəraq‬بمعنى " خَلّص – أنقذ " وحينئذ يكون معنى كلمة ُ‬
‫ف ِ‬
‫‪" āreq‬مُخلّص – مُنقِذ "‪ ،‬وأما كلمة ليٍطُا ‪ līƒā‬فهى اسم مفعول مفرد‬
‫مذكر معرفة من الفعل لُط ‪ " lāƒ‬لعن " ومن ثم يكون معنى كلمة ليٍطُا ‪l‬‬
‫‪" īƒā‬الملعون"‪.‬‬

‫رقليٍطُا ‪ pāreqlīƒā‬ولفظها‬ ‫وعلى ذلك يكون أصلها فى لغتها ُ‬


‫ف ِ‬
‫با ِرقْليط ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬مُخلّص أو مُنقِذ الملعون – الهادى ‪ ،‬وهى بذلك صفة لخاتم‬
‫الرسل محمد ـ صلى ال عليه وسلم ـ وليست اسمه‪ ،‬كما تذكر أكثر‬
‫المصادر‪.‬‬

‫ال خاتمة‬

‫‪ - 1‬بشارة أحد ف النيل ‪ ،‬السين مصطفى الريس ‪ ،‬مكتبة النافذة ‪ ،‬القاهرة ‪ 2007‬م ‪ ،‬ص ‪. 153‬‬
‫‪103‬‬

‫وختاما فهذه بعض النتائج التى تم رصدها فى البحث‪ ،‬نوردها على النحو‬
‫التالى ‪:‬‬

‫‪.1‬اختلف علماء السلف فى وقوع ال ُمعَرّب فى القرآن الكريم إلى ثلثة‬


‫آراء ‪ :‬الول ‪ :‬وقد ذهب أصحابه إلى أن القرآن عربى‪ ،‬ليست فيه‬
‫ألفاظ أعجمية‪ ،‬والثانى ‪ :‬قال أصحابه بوجود ألفاظ أعجمية قليلة ل‬
‫تخرجه عن كونه "قرآنا عربيا" ‪ ،‬والرأى الثالث ‪ :‬حاول التوسط‬
‫بين الرأيين السابقين ‪.‬‬

‫‪.2‬أقر جلل الدين السيوطى صاحب كتاب التقان بوقوع اللفاظ‬


‫العجمية فى القرآن الكريم‪ ،‬ونقل الكثير من اللفاظ التى يمكن‬
‫ردها إلى أصول عربية‪ ،‬أو جذور سامية مشتركة‪ ،‬ثم اتخذ‬
‫المستشرقون آراء السيوطى منطلقا اعتمدوا عليه فى إثبات عجمة‬
‫هذه اللفاظ وألفاظ أخرى بمعان تخدم أهدافهم‪ ،‬ومن ذلك قولهم ‪:‬‬
‫إن أصل كلمة "قرءان" هى "قريان" السريانية ‪ ،‬أو بمعنى آخر أنها‬
‫مأخوذة من لغة النجيل‪ ،‬وهم بذلك يستدلون بعجمة اللفظ على‬
‫عجمة الفكر ‪.‬‬

‫‪.3‬وبتحليل كلمتى " القرآن " و " قريان " فى ضوء علم اللغة المقارن‪،‬‬
‫وجدنا جذر القاف والراء والهمزة فى كل من العربية والعبرية‬
‫والسريانية‪ ،‬المر الذى يؤكد أنه جذر سامى الصل‪ ،‬كما أثبتنا أن‬
‫العربية قد احتفظت بالهمزة لفظا وخطا فى الفعل " قرأ " والمصدر "‬
‫قراءة " والسم المنسوب بالنون " قرءان " ‪ ،‬ومالت السريانية إلى‬
‫قلب الهمزة ياء لفظا وخطا‪ ،‬مما يدل على أن الصل احتفظت به‬
‫‪104‬‬

‫العربية‪ ،‬وقد اثبتنا كذلك أن النون مورفيم مشترك مستخدم فى‬


‫العربية والسريانية للدللة على النسب الذاتى ‪.‬‬

‫‪.4‬ونقل السيوطى عن ابن حاتم عن مجاهد أن كلمة " سريا " هى‬
‫النهر بالسريانية‪ ،‬على حين يرى لوكسنبرج أنها سريانية الصل‬
‫ولكن بمعنى " الحلل " وبتحليل الكلمة وجدنا أنها من الكلمات‬
‫العجمية التى تعد لونا من ألوان العجاز اللغوى الذى جاء مفسرا‬
‫فى القرآن نفسه‪ ،‬حيث جاءت بمعنى اسم المفعول من الفعل " حرّر‬
‫" أى " ال ُمحَرّر " وقد فسر القرآن الكريم هذه الكلمة فى سورة آل‬
‫ب إِنّي نَ َذرْتُ َلكَ‬
‫عمْرَانَ رَ ّ‬
‫ت ِ‬
‫عمران‪ ،‬فى قوله تعالى { إِذْ قَالَتِ امْ َرأَ ُ‬
‫مَا فِي َبطْنِي ُمحَرّرا } فامرأة عمران هذه هى أم مريم عليهما‬
‫السلم التى نذرت أن يكون مافى بطنها المحرر‪ ،‬أى ‪ :‬الخالص ل‬
‫عز وجل‪ ،‬الذى ليشوبه شىء من أمر الدنيا ‪ ،‬ولن النذر ليكون‬
‫إل فى الغلمان ‪ ،‬فقد وفّى ال النذر فى بنتها مريم وجاء المحرر‬
‫عيسى عليه السلم ليتحقق النذر ‪.‬‬

‫‪.5‬وبدراسة كلمة " أحمد " التى وردت فى قوله تعالى ‪َ { :‬ومُ َبشّرا‬
‫حمَدُ } وجدنا أنها تفسير كلمة "‬
‫س ُمهُ َأ ْ‬
‫ن َبعْدِي ا ْ‬
‫بِ َرسُولٍ يَأْتِي مِ ْ‬
‫محمد " إذا دخلت السريانية ‪ ،‬وأنها ل علقة لها بكلمة " فارقليط "‬
‫إذ أن كلمة " فارقليط " ماهى إل صفة لخاتم الرسل‪ ،‬بمعنى مخلص‬
‫أو منقذ الملعون ‪.‬‬
‫وختاما ل أدعى أن هذه الدراسة قد بحثت كل اللفاظ القرآنية التى قيل إنها‬
‫سريانية الصل‪ ،‬بل أعتبرها بداية لعمال قادمة إن شاء ال‪ ،‬لذا أوجه الدعوة‬
‫لساتذتى وزملئى فى التخصص إلى عمل جماعى‪ ،‬يعيد النظر فى آراء‬
‫‪105‬‬

‫السلف فى ضوء علم اللغة المقارن‪ ،‬والرد على مزاعم المستشرقين لتصحيح‬
‫هذه الراء وجمعها فى مجلد واحد ‪.‬‬
‫و ال و لى الت وفيق‪ ،‬وه و نعم ا لمو لى ون عم الن صير ‪.‬‬

‫الرموز الصوتية للحروف والحركات‬


‫الرمز‬ ‫عربى‬ ‫سريانى‬ ‫الرمز‬ ‫عربى‬ ‫سريانى‬

‫‪L‬‬ ‫ل‬ ‫لُ‬ ‫’‬ ‫أ‬ ‫ا‬


‫م‬ ‫بُُُُُُُ‬
‫‪m‬‬ ‫م‬ ‫‪b‬‬ ‫ب‬
‫نن‬ ‫بُ‪ُُُُُ.‬‬
‫‪n‬‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫‪±‬‬ ‫(ﭪ)‬ ‫ج‬
‫س‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ج‪.‬‬
‫‪s‬‬ ‫ف‪.‬‬ ‫‪ğ‬‬ ‫د‬
‫ع‬ ‫غ‬
‫<‬ ‫ف‬ ‫‪ġ‬‬ ‫د‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ؤ‬
‫‪f‬‬ ‫ق‬ ‫‪d‬‬ ‫و‬
‫(پ)‬ ‫ذ‬
‫‪p‬‬ ‫ر‬ ‫‪ḏ‬‬ ‫ز‬
‫ص‬ ‫ش‬ ‫هـ‬ ‫ح‬
‫‡‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫‪h‬‬ ‫و‬ ‫ط‬
‫‪q‬‬ ‫ر‬
‫ة‪.‬‬ ‫‪w‬‬ ‫ز‬
‫ي‬
‫ُُُُُُُ‬ ‫كُُُُُك‬
‫‪r‬‬ ‫ش‬ ‫ُُُُُُُُ‬
‫‪z‬‬ ‫ح‬ ‫كُُ‪ُ.‬ك‬
‫‪ã‬‬ ‫ت‬ ‫…‬ ‫ط‬
‫‪t‬‬ ‫ث‬ ‫‪ƒ‬‬ ‫ى‬

‫½‬ ‫ض‬ ‫‪y‬‬ ‫ك‬


‫ظ‬ ‫‪k‬‬ ‫خ‬
‫‪š‬‬
‫‪106‬‬

‫‪ø‬‬ ‫¾‬
‫سكون‬ ‫ضمة‬ ‫ضمة‬ ‫كسـرة‬ ‫كسـرة‬ ‫كسرة‬ ‫كسرة‬ ‫فتحة‬ ‫فتحة‬
‫فى أول‬ ‫صريحة‬ ‫صريحة‬ ‫ممالة‬ ‫ممالة‬
‫طويلة‬ ‫قصيرة‬ ‫طويلة‬ ‫قصيرة‬
‫المقطع*‬ ‫طويلة‬ ‫قصيرة‬ ‫طويلة‬ ‫قصيرة‬

‫‪ə‬‬ ‫‪ý‬‬ ‫‪u‬‬ ‫‪ñ‬‬ ‫‪i‬‬ ‫‪ð‬‬ ‫‪e‬‬ ‫‪æ‬‬ ‫‪a‬‬


‫* السكون فى أول المقطع يميل إلى الكسر الممال لتعذر البدء بساكن ‪.‬‬

‫مصـادر ومراج ـع البحـث‬

‫أولً ‪ :‬المصا در والمر اجع ال عربية ‪:‬‬


‫‪)1‬التقان فى علوم القرآن‪ ،‬جلل الدين عبد الرحمن السيوطى‪،‬‬
‫تحقيق ‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‬
‫‪1975‬م ‪.‬‬

‫‪)2‬الستدراك على السيوطى فيما نسبه من المعرب فى القرآن الكريم‬


‫إلى العبرية والسريانية ‪ ،‬د‪ /‬محمد جلء إدريس ‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫الشرقية‪ ،‬العدد ‪ 37‬لسنة ‪2006‬م ‪.‬‬

‫‪)3‬إظهار الحق ‪ ،‬رحمة ال الكيرانوى‪ ،‬المكتبة التوفيقية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬


‫بدون تاريخ ‪.‬‬

‫‪)4‬البرهان فى علوم القرآن‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد ال الزركشى‪،‬‬


‫تحقيق ‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت ‪1972‬م‬
‫‪.‬‬

‫‪)5‬بشارة أحمد فى النجيل ‪ ،‬الحسينى مصطفى الريس ‪ ،‬مكتبة النافذة‬


‫‪ ،‬القاهرة ‪ 2007‬م ‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫‪)6‬التأثير السريانى على أسلوب القرآن ‪ ،‬ألفونس مينجانا ‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬


‫مالك مسلمانى ‪2005 ،‬م‪.‬‬

‫‪)7‬تاريخ دولة النباط‪ ،‬إحسان عباس‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الردن ‪ 1987‬م‬


‫‪.‬‬

‫‪)8‬التحليل الصرفى للنص السريانى‪ ،‬د‪.‬أحمد الجمل‪ ،‬القاهرة ‪2007‬م‬


‫‪.‬‬

‫‪)9‬دفاع عن القرآن ضد منتقديه ‪ ،‬عبد الرحمن بدوى‪ ،‬الدار العالمية‬


‫للكتب والنشر‪ ،‬القاهرة ‪1999‬م‪.‬‬
‫السريان قديما وحديثا ‪ ،‬سمير عبده‪ ،‬دار الشروق للنشر‬ ‫‪)10‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬عمان – الردن ‪1977‬م ‪.‬‬

‫‪)11‬السريانية نحوها وصرفها ‪ ،‬د‪ .‬زاكية رشدي ‪ ،‬دار الثقافة للطباعة‬


‫والنشر ‪ ،‬الطبعـة الثانية ‪ ،‬القاهرة ‪1978‬م ‪.‬‬

‫‪)12‬الصاحبى فى فقه اللغة وسنن العربية فى كلمها‪ ،‬أحمد بن زكريا‬


‫بن فارس‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد أحمد صقر‪،‬مكتبة عيسى الحلبى‪ ،‬القاهرة‬
‫‪1997‬م ‪.‬‬

‫‪)13‬صيغ النسب فى اللغتين العربية والسريانية‪ ،‬د‪.‬أحمد الجمل‪ ،‬مجلة‬


‫كلية اللغات والترجمة‪ ،‬جامعة الزهر‪ ،‬عدد ‪ 32‬لسنة ‪2001‬م ‪.‬‬

‫‪)14‬غرامطيق اللغة السريانية‪ ،‬بولس الخورى‪ ،‬مطبعة الرهبانية‬


‫اللبنانية المارونية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1962‬م ‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫‪)15‬الفعل الناقص فى اللغة العربية‪ ،‬دراسة صرفية مقارنة‪ ،‬د‪ .‬عمر‬


‫صابر‪ ،‬القاهرة ‪1999‬م ‪.‬‬

‫‪)16‬القرآن الكريم من المنظور الستشراقى‪،‬دراسة نقدية تحليلية‪،‬‬


‫د‪.‬محمد محمود أبو ليلة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪2002 ،‬م ‪.‬‬

‫‪)17‬اللمعة الشهية فى نحو اللغة السريانية‪ ،‬اقليمس يوسف داود‪،‬‬


‫الموصل ‪1896‬م ‪.‬‬

‫‪)18‬المورفيم فى اللغة السريانية‪ ،‬د‪.‬أحمد الجمل‪ ،‬مجلة كلية اللغات‬


‫والترجمة‪ ،‬جامعة الزهر‪ ،‬عدد ‪ 33‬لسنة ‪2002‬م ‪.‬‬

‫‪)19‬من إعجاز القرآن فى أعجمى القرآن ‪ ،‬رؤوف أبو سعدة ‪ ،‬دار‬


‫الهلل ‪ ،‬القاهرة ‪1994‬م ‪.‬‬

‫‪)20‬المهذب فيما وقع فى القرآن من المعرب‪ ،‬جلل الدين عبد الرحمن‬


‫السيوطى‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم محمد أبو سكين ‪ ،‬مطبعة المانة ‪،‬‬
‫القاهرة ‪1980‬م ‪.‬‬

‫‪)21‬هداية الحيارى فى أجوبة اليهود والنصارى‪ ،‬ابن القيم الجوزية‪،‬‬


‫مكتبة الصفا‪ ،‬القاهرة ‪2005‬م ‪.‬‬

‫‪)22‬هل فى القرآن أعجمى ‪ ،‬نظرة جديدة إلى موضوع قديم ‪ ،‬د‪ .‬على‬
‫فهمى خشيم ‪ ،‬دار الشرق الوسط ‪ ،‬بيروت ‪1997 ،‬م ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬المر اجع الج نبية ‪:‬‬

‫)‪23‬‬ ‫‪A.Mingana, Syriac influence on the style the Kur’ān,‬‬


‫‪Cambridge, 1927.‬‬
109

24) The Encyclopedia of Islam, Liede, 1986.

25) Luxenberg , Christoph : Die Syro Aramaische lesart


des Koran. Ein Beitrag zur Entschlusslung der
Koransprache, 2. Uber Auf. Köthen, 2004.

26) Noldeke, Theodor und Friedrich Schwally,


Geschichte des Qorans, Leipzig , 1909.

You might also like