You are on page 1of 76

‫‪www.proud2bemuslim.

com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫مصـطفى مـمود‬

‫لغز الوت‬
‫دار العارف‬

‫نسخ و ترتيب‬
‫أعضاء منتدى فخور كون مسلم‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬

‫‪1‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫بــسم الـلـه الرحـــن الرحـــيم‬

‫‪2‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫متوى الكتاب ‪:‬‬

‫اللغز‬
‫عملية تريب‬
‫أنا‬
‫الزمن‬
‫الب‬
‫اليط‬
‫مسيّر أم ميّر‬
‫النوم‬
‫كيميا الياة‬
‫التراب‬
‫رأس النملة‬
‫س‬
‫الواحد الصحيح‬
‫الروح‬
‫ال‬

‫اللغز‬
‫_______________________________‬

‫كل منا يحمل جثته على كتفيه ‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ليس هناك أغرب من الوت ‪..‬‬


‫إنه حادث غريب ‪..‬‬
‫أن يصبح الشيء ‪ ..‬ل شيء ‪..‬‬
‫ثياب الداد ‪ ..‬و السرادق ‪ ..‬و الوسيقى ‪ ..‬و الباخر ‪ ..‬و الفراشون بلبسهم السرحية ‪ :‬و نن‬
‫كأننا نتفرج على رواية ‪ ..‬و ل نصدق و ل أحد يبدو عليه أنه يصدق ‪..‬‬
‫حت الشيعي الذين يسيون خلف اليت ل يفكرون إل ف الشوار ‪.‬‬
‫و أولد اليت ل يفكرون إل ف الياث ‪.‬‬
‫و الانوتية ل يفكرون إل ف حسابم ‪.‬‬
‫و القرئون ل يفكرون إل ف أجورهم ‪..‬‬
‫و كل واحد يبدو أنه قلق على وقته أو صحته أو فلوسه ‪..‬‬
‫و كل واحد يتعجل شيئا يشى أن يفوته ‪ ..‬شيئا ليس الوت أبدا ‪.‬‬
‫إن عملية القلق على الوت بالرغم من كل هذا السرح التأثيي هي مرد قلق على الياة ‪..‬‬
‫ل أحد يبدو أنه يصدق أو يعبأ بالوت ‪ ..‬حت الذي يمل النعش على أكتافه ‪.‬‬
‫الشبة تغوص ف لم أكتافه ‪ ..‬و عقله سارح ف اللحظة القبلة و كيف يعيشها ‪..‬‬
‫الوت ل يعن أحدا ‪ ..‬و إنا الياة هي الت تعن الكل ‪.‬‬
‫نكتة ! ‪..‬‬
‫من الذي يوت إذا ؟‪..‬‬
‫اليت ؟‪..‬‬
‫و حت هذا ‪ ..‬ل يدري مصيه ‪..‬‬
‫إن النازة ل تساوي إل مقدار الدقائق القليلة الت تعطل فيها الرور و هي تعب الشارع ‪..‬‬
‫و هي عطلة نتراكم فيها العربات على الانبي ‪ ..‬كل عربة تنفخ ف غيها ف قلق ‪ .‬لتؤكد مرة‬
‫أخرى أنا تتعجل الوصول إل هدفها ‪ ..‬و أنا ل تفهم ‪ ..‬هذا الشيء الذي اسه الوت ‪.‬‬
‫ما الوت ‪ ..‬و ما حقيقته ‪..‬‬
‫و لاذا يسقط الوت من حسابنا دائما ‪ .‬حت حينما نواجهه ‪.‬‬

‫***‬
‫لن الوت ف حقيقته حياة ‪.‬‬
‫و لنه ل يتوي على مفاجأة ‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و لن الوت يدث ف داخلنا ف كل لظة حت و نن أحياء ‪..‬‬


‫كل نقطة لعاب ‪ ..‬و كل دمعة ‪ ..‬و كل قطرة عرق ‪ ..‬فيها خليا ميتة ‪ ..‬نشيعها إل الارج دون‬
‫احتفال ‪..‬‬
‫مليي الكرات المر تولد و تعيش و توت ‪ ..‬ف دمنا ‪ ..‬دون أن ندري عنها شيئا ‪ ..‬و مثلها‬
‫الكرات البيض ‪ ..‬و خليا اللحم و الدهن و الكبد و المعاء ‪ ..‬كلها خليا قصية العمر تولد و‬
‫توت و يولد غيها و يوت ‪ ..‬و تدفن جثثها ف الغدد أو تطرد ف الفرازات ف هدوء و صمت ‪..‬‬
‫دون أن نس أن شيئا ما قد يدث ‪.‬‬
‫مع كل شهيق و زفي ‪ ..‬يدخل الكسجي ‪ ..‬مثل البوتوجاز إل فرن الكبد فيحرق كمية من اللحم‬
‫و يولد حرارة تطهي لنا لما آخر جديدا نضيفه إل أكتافنا ‪.‬‬
‫هذه الرارة هي الياة ‪..‬‬
‫و لكنها أيضا احتراق ‪ ..‬الوت ف صميمها ‪ ..‬و اللك ف طبيعتها ‪.‬‬
‫أين الفاجأة إذن و كل منا يشبه نعشا يدب على الساقي ‪ ..‬كل منا يمل جثته على كتفيه ف كل‬
‫لظة ‪..‬‬
‫حت الفكار تولد و تورق و تزدهر ف رؤوسنا ث تذبل و تسقط ‪ ..‬حت العواطف ‪ ..‬تشتعل و‬
‫تتوهج ف قلوبنا ث تبد ‪ ..‬حت الشخصية كلها تطم شرنقتها مرة بعد أخرى ‪ ..‬و تتحول من شكل‬
‫‪ ..‬إل شكل ‪..‬‬
‫إننا معنويا نوت و أدبيا نوت و ماديا نوت ف كل لظة ‪.‬‬
‫و أصدق من هذا أن نقول أننا نعيش ‪ .‬ماديا نعيش و أدبيا نعيش و معنويا نعيش ‪ ..‬لنه ل فرق‬
‫يذكر بي الوت و الياة ‪ ..‬لن الياة هي عملية الوت ‪.‬‬
‫لن الوراق الت تنبت من فروع الشجرة ‪ ..‬ث تذبل و توت و تسقط ‪ ..‬و ينبت غيها ‪ ..‬و غيها‬
‫‪ ..‬هذه العملية الدائبة هي الشجرة ‪..‬‬
‫لن الاضر هو جثة الاضي ف نفس الوقت ‪.‬‬

‫لن الركة هي وجودي ف مكان ما و انعدامي من هذا الكان ف نفس اللحظة ‪ .‬فبهذا وحده أمشي‬
‫و أترك ‪ ..‬و تضي معي الشياء ‪..‬‬
‫لن الياة ليست تعادلية ‪ ,‬و لكنها شد و جذب و صراع بي نقيضي ‪ ,‬و ماولة عاجزة للتوفيق‬
‫بينها ف تراكيب واهية هي ف ذاتا ف حاجة للتوفيق بينها ‪ ..‬مرة ‪ ..‬و مرة و مرات ‪ ..‬بدون ناية و‬
‫بدون ناح أبدا ‪ ..‬و بدون الوصول إل أي تعادلية ‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الياة ليست تعادلية بي الوت و الوجود و لكنها اضطراب بي الثني و صراع يرفع أحدها مرة و‬
‫يفضه مرة أخرى ‪.‬‬
‫الياة أزمة ‪ ..‬و توتر ‪..‬‬
‫و نن نذوق الوت ف كل لظة ‪ ..‬و نعيشه ‪ ..‬فل نضطرب بل على العكس ‪ ..‬نس بكياننا من‬
‫خلل هذا الوت الذي داخلنا ‪ ..‬و نفوز بأنفسنا ‪ ,‬و ندركها ‪ ,‬و نستمتع با ‪..‬‬
‫و ل نكتفي بذا ‪.‬ز بل ندخل ف معركة مع متمعنا ‪ ..‬و ندخل ف موت و حياة من نوع آخر ‪.‬‬
‫موت و حياة على نطاق واسع تتصارع فيه متمعات و نظم و تراكيب إنسانية كبية ‪.‬‬
‫و من خلل هذا الصراع الكب ‪ .‬نس بأنفسنا أكثر ‪ ..‬و أكثر ‪ ..‬إنا ليست خليا تتولد و توت‬
‫ف جسد رجل واحد ‪ .‬و لكنها أيضا مموعات بشرية تولد و توت ف جسم الجتمع كله ‪.‬‬
‫إنا الوت يدث على مستويات أكب ‪.‬‬
‫الوت إذن حدث دائب مستمر ‪ ..‬يعتري النسان و هو على قدميه و يعتري الجتمعات و هي ف‬
‫عنفوانا ‪.‬‬
‫و هو ف نسيج النسان ‪ ..‬ف جسده ‪ ..‬و ف كل نبضة ينبضها قلبه مهما تدفقت بالصحة و العافية ‪.‬‬
‫و بالوت تكون الياة ‪ ..‬و تأخذ شكلها الذي نسه و نياه ‪ ..‬لن ما نسه و نياه هو الحصلة بي‬
‫القوتي معا ‪ ..‬الوجود و العدم و ها يتناوبان النسان شدا ‪ ..‬و جذبا ‪.‬‬
‫ما السر إذن ف هذه الدهشة الت تصبينا حينما يقع أحدنا ميتا ‪.‬‬
‫و لاذا يبدو لنا هذا الديث ‪ ..‬غي معقول ‪ ,‬غي قابل للتصديق ‪.‬‬
‫و لاذا نقف مشدوهي أمام الادث نكذّب عيوننا ‪ ..‬و نكذّب حواسنا و نكذّب عقولنا ‪ ..‬ث نضي‬
‫‪ ..‬و قد أسقطنا كل شيء من حسابنا ‪ ..‬وصرفنا النظر ‪ ..‬و اعتبنا ما كان ‪ ..‬واجبا ‪ ..‬و لباقة ‪ .‬و‬
‫ماملة ‪ ..‬أديناها و انتهينا منها ‪.‬‬
‫لاذا ل نمل هذا الادث على ممل الد ‪..‬‬
‫ولاذا نرتف من الرعب حينما نفكر فيه ‪ ..‬و تنخلع قلوبنا حينما نصدقه و تضطرب حياتنا حينما‬
‫ندخله ف حسابنا و نضعه موضع العتبار ‪.‬‬
‫السبب أنه الادث الوحيد الصحوب برؤية مباشرة ‪ ..‬فما يدث داخلنا من موت ل نراه ‪ ..‬ل نرى‬
‫كرات الدم و هي تولد و توت ‪ ..‬ل نرى الليا و هي تترق ‪ ..‬ل نرى صراع اليكروبات و هي‬
‫تقتلنا و نقتلها ‪..‬‬
‫و خليانا ل ترى نفسها و هي تفن ‪..‬‬
‫كل ما يدث ف داخلنا يدث ف الظلم ‪ ..‬و نن ننام ملء جفوننا و قلوبنا تدق بانتظام و تنفسنا‬
‫يتردد ف هدوء ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الوت يسترق الطى كاللص تت جنح الليل ‪ ..‬و يشي على رؤوسنا فتبيض له شعراتنا ‪ ..‬شعرة ‪..‬‬
‫شعرة ‪ ..‬دون أن نس ‪ ..‬لن دبيبه و هو يشي هو دبيب الياة نفسها ‪.‬‬
‫إن أوراق الشجر تتساقط و لكن الشجرة تظل مائلة للعيان دائمة الضرة دائمة الزدهار ‪ ..‬تظل‬
‫هكذا حت تب عاصفة تلعها من جذورها وتلقي با ف عرض الطريق ‪..‬‬
‫و حينئذ فقط يبدو منظرها قاتا يبعث على التشاؤم ‪ ..‬تبدو فروعها معروفة عارية ‪ ..‬و جذورها نرة‬
‫‪ ..‬و أوراقها مصفرة ‪..‬‬
‫لقد انتهت ‪ ..‬ل تعد شجرة ‪ ..‬أصبحت شيئا آخر ‪ ..‬أصبحت خشبا ‪.‬‬
‫و هذا ما يدث ‪ ..‬حينما نشاهد النسان و هو يسقط جثة هامدة ‪.‬‬
‫إنه يبدو شيئا آخر و يبدو الادث الذي حدث فجأة ‪ ..‬حادثا غريبا بل مقدمات ‪..‬‬
‫لقد انتهى النسان كله فجأة ‪..‬‬
‫و يبدأ العقل ف التساؤل ‪..‬‬
‫هل أنتهي أنا أيضا كلي فجأة كما انتهى ذلك النسان ‪ ..‬و كيف و ل شيء ف إحساسي يدل على‬
‫هذه النهاية أبدا ‪.‬‬
‫كيف يدث هذا ‪ ..‬و أنا جياش بالرغبة ‪ .‬متلئ بالرادة ‪ ..‬بل أنا المتلء نفسه ‪.‬‬
‫كيف يتحول المتلء إل فراغ ‪ ..‬و فجوة ‪.‬‬
‫أنا ‪ ..‬أنا ؟! ‪ ..‬الذي أحتوي على الدنيا ‪ ..‬كيف أنتهي هكذا و أصبح شيئا تتوي عليه الدنيا ‪.‬‬
‫أنـا ؟ ‪..‬‬
‫إن كلمة ‪ ..‬أنا ‪ ..‬كلمة كهربائية ‪ ..‬إنا كالضوء أرى با كل شيء ‪ ..‬و ل يستطيع شيء أن يراها‬
‫‪ ..‬إنا أكب من أي كلمة أخرى و أكب من أي حقيقة ‪ ..‬لن با تكون القائق حقائق ‪..‬‬
‫إنا فوق كل شيء و فوقي أنا أيضا لنا تران و تشعر ب ‪..‬‬
‫إنا مصدر الشعاع كله ‪ ..‬و حيث يتمثل ل هذا النظر الفجع الذي يلقى فيه النسان مصرعه ‪..‬‬
‫فهي فوق هذا النظر أيضا ‪ ..‬لنا تراه ‪ ..‬و فوق الطبيعة ‪ ..‬و فوق قوانينها ‪ ..‬و فوق ظواهرها ‪.‬‬

‫أنا الوت !‪..‬‬


‫من أنا‬
‫ومن هذا الذي مات ‪..‬‬
‫إنه بعض من ‪ ..‬منظر مليي الناظر الذي تعب خاطري ‪ .‬فكيف أموت أنا أيضا ‪..‬‬
‫إن التساؤل ما يلبث أن يتحول على تزق فظيع يطم فيه النطق نفسه بنفسه ‪ ..‬و يصطدم‬
‫باستحالت ل حل لا ‪..‬‬

‫‪7‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و هكذا تبدأ الشكلة الزلية ‪..‬‬


‫لغو الوت ‪..‬‬
‫إن مصدر اللغز هو هذا الوقف الذي ينتقل فيه العقل من رؤية مباشرة للموت إل استنتاج مباشر عن‬
‫موته هو أيضا ‪ ..‬و هو أبو الشياء ‪ ..‬و نظامها ‪ ..‬و تفسيها ‪ ..‬و نورها ‪.‬‬
‫و لكنه يعود فيقول ‪:‬‬
‫ل ‪..‬‬
‫إن الذين يوتون هم الخرون ‪.‬‬
‫إن التاريخ كله ل يروي قصة واحدة عن موت الـ ‪ ..‬أنا ‪..‬‬
‫إن الوضوعات تتغي و تتبدل و تولد و تذبل و توت و الخرون يوتون ‪.‬‬
‫أنا أنا ‪ ..‬هذه الـ أنا ‪ ..‬ل توجد سابقة واحدة عن موتا ‪.‬‬
‫أنا من مادة أخرى غي كل هذه الوضوعات ‪.‬ز و لذا أمسك با و أتناولا و أفهمها ‪ ..‬و ل أستطيع‬
‫أن أمسك بنفسي و أنا أتناولا و أفهمها ‪.‬‬
‫أنا فوق متناول الميع ‪ ..‬و فوق متناول أنا أيضا ‪ ..‬و فوق متناول القواني و الظواهر ‪..‬‬
‫هناك حلقة مفقودة ‪..‬‬
‫و هي تفتح بابا تدخل منه الفلسفة ‪ ..‬و يتسلل منه الفكر ‪ ..‬و لكنه باب ضيق ‪ ..‬ضيق جدا ‪..‬‬
‫يؤدي إل سراديب أغلبها مغلقة و رحلة الفكر ف هذه السراديب ميفة مزعجة و لكنها تثي‬
‫الهتمام‪.‬‬
‫و أي شيء يبعث الهتمام أكثر من الياة ‪ ..‬والصي ‪ ..‬و من أين ‪ ..‬و إل أين ‪ ..‬و كيف ‪.‬‬

‫عملية تريب‬
‫_______________________________‬
‫الحب قصة جميلة ‪ ..‬الموت مؤلفها ‪..‬‬

‫الياة حرارة ‪ ..‬و احتراق ‪ ..‬الوت نسيجها ‪ ..‬و اللك صميمها ‪.‬‬
‫أجسادنا تتساقط و هي تشي ‪ ..‬ف كل لظة هناك شيء يتساقط منها ‪..‬‬
‫و كلما حياتنا كلما تآكلت ف نفس الوقت ‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫العدم كامن ف الوجود ‪ ..‬كامن ف أجسادنا ‪ ..‬كامن ف إحساساتنا و مشاعرنا ‪..‬‬


‫الوف ‪ ..‬الشك ‪ ..‬التردد ‪ ..‬القلق ‪ ..‬الكسل ‪ ..‬التراخي ‪ ..‬اليأس ‪ ..‬القنوط ‪ ..‬كل هذه علمات‬
‫سكون ف الشعور ‪ ..‬كلها إحساسات عدمية تفسيها الوحيد أن هناك فجوة ف تكويننا ‪ ..‬فجوة‬
‫نراها بعي الشعور فنخاف و نزع و نقلق ‪..‬‬
‫فجوة نطل عليها من داخلنا و إن كنا ل نراها بعيننا الواعية ‪ ..‬و ل نتذكرها إل حينما يقال لنا ‪..‬‬
‫فلن مات ‪.‬‬
‫مات ‪ ..‬؟! مات أزاي ده كان لسه سهران معانا امبارح لنص الليل ‪ ..‬شيء عجيب ‪..‬‬
‫و نصمص شفاهنا ‪ ..‬ث ننسى كل شيء و نعود إل حياتنا اللية ‪ ..‬و لكن عيننا الداخلية تظل مطلة‬
‫على هذه الفجوة ‪ ..‬و باطننا يظل يرتف بذا القلق البهم ‪..‬‬
‫الوت بالنسبة لكل منا ‪ ..‬أزمة ‪ ..‬و سؤال ‪ ..‬يبعث على الدهشة و القلق ‪ ..‬والذعر ‪.‬‬
‫و لكنه بالنسبة للكون شيء آخر ‪.‬‬
‫إنه بالنسبة للكون ضرورة و فضيلة ‪ ..‬و خي ‪..‬‬
‫الوت و الياة حينما ننظر لما من بعيد ‪ ..‬و ها يعملن ف الكون يظهران و ها يلقان الواقع ‪.‬‬
‫الوت يبدو مكملً للحياة ‪ ..‬يبدو كالبستان الذي يقتلع النباتات الفاسدة و يسوي الرض و يرثها‬
‫ليفسح الجال للبذور الصغية الرقيقة لتطرح ثارها ‪.‬‬
‫يبدو كالرسام الذي يحو بفرشاته خطا ليثبت على اللوحة خطا جديد أفضل منه ‪.‬‬
‫يبدو خالقا ف ثوب هدام ‪ ..‬فهو يهدم حائط السد ‪ ..‬لن خلف الائط يوجد ماء الياة الاري ‪.‬‬
‫حاول أن تتخيل الدنيا بل موت ‪ ..‬الدنيا من أيام آدم ‪ ..‬و الخلوقات و هي تتراكم فيها ‪ ..‬و ل‬
‫توت ‪.‬‬
‫الناس ‪ ..‬و الذباب ‪ ..‬و الضفادع ‪ ..‬و الشائش ‪ ..‬و الديدان ‪ ..‬و هي تتراكم ‪ ..‬و يصعد بعضها‬
‫على أكتاف بعض ‪ ..‬حت تسد عي الشمس ‪..‬‬
‫إن الياة تبدو شيئا كالختناق ‪..‬‬
‫إن الكائن الي يب نفسه فقط ‪ ..‬و يب اللحظة الصغية الت يعيشها و لذا يكره الوت ‪ ..‬و لكن‬
‫الوت يب كل اللحظات و يب الزمن ‪ ..‬و يب الستقبل ‪ ..‬و لذا يتساقط الناس من غرباله‬
‫كالنشارة ليقوم على أشلئهم ناس آخرون أحسن منهم و هكذا دواليك ‪.‬‬
‫الوت هو عملية الونتاج الت تعمل ف الشريط الوجودي كله فتقصه إل عدة لقطات واقعية ‪ ..‬كل‬
‫منها له عمر مدود ‪..‬‬
‫و الوت يلق واقع الشياء الامدة أيضا كما يلق واقع الخلوقات الية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الشياء الامدة لا ناية ‪ ..‬و العي تدركها لن لا ناية ‪ ..‬ناية ف الطول و العرض و العمق ‪ ..‬و لو‬
‫كانت ل نائية ف طولا و عرضها و عمقها لختفت ‪ ..‬و لصبحت عالية ف الدراك ‪ ..‬غي‬
‫موجودة ‪..‬‬
‫إن التناهي هو الذي يوجدها ‪..‬‬
‫و التناهي هو الوت ‪.‬‬
‫كل ما ف الكون من إنسان و حيوان و نبات و جاد إذن متناهٍ له حدود ‪ ..‬الوت يأكل أطرافه ‪ ..‬و‬
‫يقص حواشيه ‪ ..‬و يبزه ‪ ..‬و يوجده و يلقه ف نفس الوقت ‪..‬‬
‫الوت فضيلة و خي بالنسبة للكون كله لن به تكون الشياء موجودة و تكون الخلوقات مضطربة‬
‫بالشعور و الياة ‪.‬‬
‫و لكنه شر الرذائل بالنسبة للنسان الفرد ‪ ..‬بالنسبة لك أنت ‪ ..‬و ل أنا ‪ ..‬لنه ينفقنا كضرائب‬
‫إنشاء و تعمي ‪ ..‬و يقدمنا قرابي على مذبح الوجود ‪.‬‬
‫و نن ل نفهم هذا النوع من القربان ‪ ..‬و ل نستطيع أن نفهمه لنه قربان فظيع ‪ ..‬و تضحية معناها‬
‫أن نوت و نلك ‪.‬‬
‫نن نعيش ف مأساتنا الشخصية ‪ ..‬و نرى الوت كفجوة تفغر فاها تت أقدامنا فنتشبث بأي شيء‬
‫نده حولنا ‪ ..‬و نتشبث با و نتمي من الرف الذي ينهار تتنا ‪.‬‬
‫و نبصر بالرأة تد لنا يديها و قلبها و جسدها ‪ ..‬و تتراقص مثل كوبري عائم على نر الفناء ‪..‬‬
‫فنهرع إليها ماولي النجاة ‪ ..‬و نشعر بنون اللذة و السرور و الفرح و نن بي ذراعيها ‪ ..‬نشعر‬
‫بأننا نولد من جديد ‪ ..‬و نبعث ‪ ..‬و نرب من الصر ‪..‬‬
‫و نوت ‪ ..‬و لكن بعد أن نكون قد زرعنا صورتنا ف جسدها و قمنا بتهريب جزء من وجودنا عب‬
‫هذا الكوبري الميل من اللحم و الدم ‪ ..‬الذي مدته لنا مع ابتسامتها ‪.‬‬
‫إن الب كله قصة جيلة ‪ ..‬مؤلفها الوت نفسه ‪ ..‬و ليس الب فقط ‪ ..‬بل كل العواطف و‬
‫النوات و الخاوف و المال و شطحات اليال و الفكر و الفن و الخلق ‪ ..‬كل هذه القيم‬
‫العظيمة تدين للموت بوجودها ‪.‬‬
‫أعطن أي مثال أخلقي ‪ ..‬و أنا أكشف لك عن الوت ف مضمونه ‪.‬‬
‫الشجاعة قيمتها ف أنا تتحدى الوت ‪.‬‬
‫و الصرار قيمته ف أنه يواجه الوت ‪ ..‬و هكذا كل مثل أخلقي ‪ ..‬قوته ف أنه يواجه مقاومة ‪ ..‬و‬
‫هو ينهار ‪ ..‬و ينهار مضمونه حينما ل تكون هناك مقاومة ف مواجهته ‪.‬‬
‫الفنان و الفيلسوف و رجل الدين ثلثة يقفون على بوابة الوت ‪..‬‬
‫الفيلسوف ياول أن يد تفسيا ‪..‬‬

‫‪10‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و رجل الدين ياول أن يد سبيلً للطمئنان ‪..‬‬


‫و الفنان ياول أن يد سبيلً إل اللود ‪ ..‬ياول أن يترك مولودا غي شرعي على الباب يلد اسه ‪..‬‬
‫قطعة موسيقية أو تثالً أو قصة أو قصيدة ‪.‬‬
‫كلنا يلقنا الوت ‪ ..‬الوت الدهش ‪.‬‬
‫لو ل نكن نوت لا شعرنا بالب ‪ ..‬فما الب إل هيستريا التشبث و التعلق بالياة ‪ ..‬و ماولة‬
‫تريبها كالخدرات ف بطون المهات ‪.‬‬
‫و ما الداعي إل أخلق ف متمع من الالدين ‪ ..‬إن الخلق هي الرسانة و السلح الذي ندعم به‬
‫بيوتنا النهارة ‪ ..‬و نسك به هياكلنا الفانية ‪ ..‬فإذا كنا من الالدين ل نرض و ل نوت و ل نضعف‬
‫و ل يصيبنا شر فما لزوم الخلق ‪.‬‬
‫إن كل ما هو جيل و خي و حسن ف متمعنا خارج من هذه الفجوة ‪ ..‬الوت ‪.‬‬
‫و كل ما هو جيل ف إنسانيتنا خارج من هذه الفجوة أيضا ‪.‬‬
‫إن حياتنا غي منفصلة عن موتنا ‪ ..‬فكل منهما مشروط بالخر ‪.‬‬
‫و الصدق أن نقول أنه ل توجد حالتان ‪ ..‬حياة و موت ‪ ..‬و لكن حالة واحدة هي الصيورة ‪..‬‬
‫حالة متناقضة ف داخلها و متوية على الثني معا ‪ :‬الياة و الوت ‪..‬‬
‫حالة متحركة نابضة صائرة من حياة إل موت و من موت إل حياة و ف كل لظة منها تمل‬
‫الرثومتي ‪ ,‬جرثومة نوها و جرثومة فنائها ف نفس الوقت ‪.‬‬
‫و ها جرثومتان ل هدنة بينهما ‪ ..‬و ل تعادل و إنا صراع و توتر و تزق و شرر متطاير مثل الشرر‬
‫الذي يتطاير من قطب الكهرباء السالب و الوجب حينما يلتقيان ‪ ..‬و ها مثلهما أيضا ‪ ..‬تبعثان‬
‫حرارة و نورا ‪ ..‬ها العاطفة و الوعي اللذان يندلعان ف عقل النسان الذي يعيش هذا الصراع‬
‫بسالبه و موجبه ‪..‬‬
‫و هو الصراع يبدو فيه العنصر الوجب أقوى من السالب ‪ ..‬و تبدو الياة غلبة صاعدة منتصرة ‪..‬‬

‫***‬

‫ل ف عيوننا ‪.‬‬
‫كلم جيل ‪ ..‬و لكنه مع هذا كله ل يعل الوت جي ً‬
‫إنه يفشل حت ف العتذار لنا عن عزرائيل و أفعاله ‪ ..‬حت و لو كانت ف صال الكون ‪ ..‬فمالنا و‬
‫الكون ‪ ..‬نن كون ف ذاتنا ‪ ..‬و عزرائيل ينتهك أطهر حرماتنا ‪ ,‬نفوسنا ‪ ..‬أنا ‪ ..‬و أنت ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن أجل اللحظات ف حيات هي الت أقول فيها ‪ ..‬أنا فعلت ‪ ..‬أنا قدمت ‪ ..‬أنا أنزت ‪ ..‬أنا‬
‫اخترعت ‪ ..‬أنا ‪ ..‬أنا ‪..‬‬
‫ل يوجد شيء ف وجودي ‪ ..‬أو وجودك ‪ ..‬أغلى من هذه الكلمة الصغية ‪ ..‬أنا ‪ ..‬فكيف يكن أن‬
‫أتصور أن أموت ‪..‬‬
‫إن أستطيع إحداث الوت ‪ ..‬أستطيع أن أقتل و أن أنتحر ‪..‬‬
‫كيف يكون الوت أحد اختراعات ؟؟ ز أكون أنا أحد ضحاياه ف نفس الوقت ‪.‬‬
‫أين اللغز القيقي ‪ ..‬أهو الوت ‪ ..‬أم هو هذه الكلمة الصغية ‪ ..‬أنا ؟ ‪..‬‬

‫أنا‬
‫_______________________________‬

‫أنا من الخارج لي حدود لي سقف‬


‫ينتهي عنده جسدي ‪ ..‬و لكني من‬
‫الداخل بل سقف ‪...‬‬
‫و ل قاع ‪...‬‬

‫أنا ‪ ..‬كلمة ظريفة ‪ ..‬ل يوجد أظرف منها ف الدنيا ‪ ..‬إنا أغنية ‪..‬‬

‫‪12‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إنا تدخل ف أي جلة فتجعلها جلة مفيدة مهمة ‪ ..‬و تدخل ف أي موضوع فتجعله موضوع الساعة‬
‫‪ ..‬لنه أصبح موضوعي أنا ‪ ..‬و فلوسي أنا ‪ ..‬و حبيب أنا ‪ ..‬و روحي أنا ‪ ..‬و روحي أنا ‪ ..‬و قلب‬
‫أنا ؟‬

‫و لكن أنا ‪ ..‬؟ ‪ ..‬من أنا ‪ ..‬؟‬

‫هل حاول أحدكم أن يسأل نفسه هذا السؤال ‪..‬‬

‫من أنا ؟ ‪..‬‬

‫أنا فلن ‪ ..‬فلن أيه ‪ ..‬فلن ابن فلن ‪ ..‬يعن أيه ‪ ..‬مرد ألفاظ ‪ ..‬مرد رموز أو إشارات تدل على‬
‫حقيقت ‪ ..‬طيب و أيه هي حقيقت ؟ ‪..‬‬

‫وهنا يبدأ اللغز ‪.‬‬

‫ما هي حقيقت ؟ ‪..‬‬

‫إن أحاول أن أمسك بوجودي وأكتشفه و أفحصه كما أفحص هذه الحبة فأجد أنه ل وجود بل‬
‫قاع ‪ ..‬وجود مفتوح من الداخل على إمكانيات ل ناية لا ‪ ..‬و ألقي بصاة ف هذا البئر الداخلي‬
‫فل أسع لا صوتا ‪ ..‬لنا توي و توي إل أعماق بل آخر ‪..‬‬

‫أنا من الارج ل حدود ‪ ..‬ينتهي طول عند ‪ 170‬سنتيمتر ‪..‬‬

‫ل سقف ينتهي جسدي عنده ‪ ..‬و لكن من الداخل بل سقف و بل قعر ‪ ..‬و إنا أعماق تؤدي إل‬
‫أعماق ‪ ..‬و أفكار و صور و أحاسيس و رغبات ل تنتهي أبدا إل لتبدأ من جديد كأنا متصلة‬
‫بينبوع ل نائي ‪ ..‬و هي أعماق ف تغي دائم و تبدل دائم ‪ ..‬بعضها يطفو على السطح فيكون‬
‫شخصيت و بعضها ينتظر دوره ف الظلم ‪..‬‬

‫و أنا ف الارج أتبدل أيضا ‪ ..‬الواقع يكشط هذه القشرة الت تطفو خارجي فتطفو قشرة أخرى من‬
‫عقلي الباطن ملها ‪..‬‬

‫‪13‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و كلما أمسكت بالة من حالت و قلت هذا هو أنا ‪ ..‬ما تلبث هذه الالة أن تفلت من أصابعي و‬
‫تل ملها حالة أخرى ‪ ..‬هي أنا ‪ ..‬أيضا ‪..‬‬

‫شيء مي !!‪..‬‬

‫و أنظر حول ف العال ‪ ..‬فأجد أن أعوم ف هذا العال كما تعوم البطة ف الاء ‪ ..‬تدف فيه بريشها‬
‫ول تبتل و إنا ينلق من عليها الاء كأنه من عنصر آخر غريب عنها ‪..‬‬

‫أنا متصل بالعال منفصل عنه ف نفس الوقت ‪..‬‬

‫إنه يدخل ف تكوين بكم السكن و الأكل و الشرب و التصال بالخرين ‪ ..‬و لكنه غي ملتصق ب‬
‫‪ ..‬إنه يذكي شعوري و يثي اهتمامي فقط ‪ ..‬و بقدار اهتمامي أظل على علقة به فإذا انتهى‬
‫اهتمامي نفضته تاما كما تنفض البطة الاء من ريشها حينما تصل إل الشاطئ ‪..‬‬

‫إن أحتضن العال باختياري و أخلع عليه اهتمامي و شخصيت و أتبناه و أظل مصاحبا له طالا هو ‪..‬‬
‫أنا ‪ ..‬فإذا انتهت هذه العلقة النانية ‪ ..‬عدت إل نفسي ‪..‬‬

‫و لكن ل أنو مع هذا من البتذال ‪ ..‬و التردي ف هوة الناس ‪..‬‬

‫العال يبتذلن أحيانا فأذوب فيه بعض الوقت ‪ ..‬أفعل ما يطلبه من رئيس ترير الجلة الت أعمل با و‬
‫أؤدي ما يطلبه من مدير الستشفى الذي أشتغل فيه طبيبا ‪..‬‬

‫و أخضع لروتي العادة و العرف و الجاملت و أضيع نفسي ف الثرثرة و أختبئ وراء الشاكل‬
‫اليومية ‪ ..‬و أتستر خلف الناس ‪ ..‬و أقول و أنا مال ‪ ..‬هم عاوزين من كده ‪ ..‬الدنيا كلها بتعمل‬
‫كده ‪..‬‬

‫و ف هذه الالت تضيع من نفسي ‪ ..‬تضيع من ‪ ..‬أنا ‪ ..‬و أصبح موضوعا من الوضوعات مثل‬
‫الكرسي و الشجرة و الكتاب ‪ ..‬و أفقد الشيء البكر الذي ييزن عن كل شيء ‪ ..‬و يعل من‬
‫نسيجا وحده ‪ ..‬يعل من ‪ ..‬أنا ‪ ..‬فلن الفلن ‪..‬‬

‫هذه أوقات ل أحس با ‪ ..‬و إنا تبدو مسوحة و مشطوبة من حيات ‪ ..‬تبدو فترات موت ‪..‬‬

‫‪14‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫حريت تعذبن ‪ ..‬لن حينما أختار ‪ ..‬أتقيد باختياري ‪ ..‬و تتحول حريت إل عبودية و مسؤولية ‪..‬‬
‫و هي مسؤولية ل ينفع فيها إعفاء لنا مسؤولية أمام نفسي ‪ ..‬أما الختيار الذي اخترته أنا ‪..‬‬

‫و ليس أمامي سبيل غي أن اختار ‪ ..‬ل بد أن أختار ف كل لظة ‪ ..‬فإذا أضربت عن الختيار ‪..‬‬
‫كان إضراب نوعا من الختيار ‪ ..‬على أن أدفع ثنا فورا ‪..‬‬

‫و حب يعذبن لن أريد أن أمتلك مبوبت و أذيبها ف داخلي و أشرب شخصيتها و روحها و‬


‫جسدها ‪ ..‬أريد أن أحولا إل ‪ ..‬أنا ‪ ..‬و هذا مستحيل لنا هي الخرى لا ‪ ..‬أنا ‪ ..‬وذات حرة‬
‫مثلي ‪..‬‬

‫إن كل ما نستطيعه هو أن نتعانق و تتلمس شفاهنا ‪ ..‬و تتلمس حقائقنا و أسرارنا ف لظات‬
‫مضيئة ‪ ..‬ث نضي إل حالنا ‪ ..‬كل واحد مغلق على سره ‪.‬‬

‫إن كل ما نلكه هو أن نفتح نوافذنا على الارج ‪ ,‬و لكننا ل نستطيع أن ننقل عفشنا ‪ ..‬و نسكن‬
‫بيتا جديدا ‪.‬‬

‫إن روحنا سر ‪ ..‬و ذواتنا قدس القداس ‪..‬‬

‫إن ال يضع كل جنده على باب ذاتنا كما يقول طاغور ‪ ..‬و ل يسمح لحد منهم بالدخول فيها ‪..‬‬
‫لنا حرم ‪ ..‬حرمها على الكل ‪ ..‬و خلقها حرة كالطائر الغرد ‪..‬‬

‫***‬
‫ماذا هناك ‪ ..‬ماذا وراء الباب ‪..‬‬

‫ماذا بداخلي ‪..‬‬

‫إرادة ‪ .‬إرادة ل نائية ل حد لا إل نفسها ‪ ..‬إرادة حرة خالقة مبدعة ‪ ..‬تنبثق ف بداءة و فطرة ‪..‬‬
‫أحسها و ل أعرفها أكابدها و ل أفهمها ‪ ..‬لنا تفر من كلما حاولت فهمها كما يفر النوم من‬

‫‪15‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫عين كلما حاولت أن أتعمقه و أحلله ‪ ..‬و ربا كان السبب أنا أصيلة ‪ ..‬أكثر أصالة من العقل و‬
‫التفكي و ل يكن أن تكون موضوعا للعقل و التفكي ‪ ..‬بل العكس هو القبول ‪ ..‬أن يكون العقل‬
‫موضوعها و خادمها ‪ ..‬و سبيلها إل بلوغ أهدافها ‪..‬‬

‫أنا أريد ‪ ..‬و العقل يبر ل ما أريد ‪ ..‬و ليس العكس أبدا‬

‫إن كل شيء خاضع للرادة ‪ ..‬ثانوي بالنسبة لا ‪..‬‬

‫ف لظات إبداعي و خلقي ‪ ..‬ف اللحظات الت أحس فيها أن أخلق نفسي و أخلق الفكار و القيم‬
‫و أكتشف العال و أصنع العقولت أحس أن أدفع العال كله أمامي ‪ ..‬أدفعه كالعربة ‪..‬‬

‫و ف اللحظات الت أموت فيها و أسقط ف هوة العادة و التكرار و التقليد و الجاملت و الروتي ‪..‬‬
‫و تضيع إرادت من يدي ‪ ..‬أحس بأن العال كله يدفعن أمامه كالعربة ‪..‬‬

‫أحس أن إرادة حصان ف الطريق يكنها أن تعدل ف طريقي و تغي سكّت ‪..‬‬

‫أحس بأن عي جاري تعلن أنكمش ف ثياب كأنا عي ال ‪..‬‬

‫ل شيء ف الدنيا أكب من الرادة ‪..‬‬

‫الظروف الالية ‪ ..‬و البيئة و الوراثة ‪ ..‬ل تلغي الرادة و ل تحو الرية أبدا ‪ ..‬و لكنها تؤثر فيها ‪..‬‬
‫تؤثر ف الكيفية الت تعلن با عن نفسها ‪..‬‬

‫أنا و الظروف نتصارع ف لظة الفعل فقط ‪ ..‬و لكن كلً منا له وجوده البكر ‪.‬‬

‫أنا حر و أرادت حقيقة ‪ ..‬تاما كما أن الظروف موجودة و حقيقية ‪.‬‬

‫و لكن ما الرادة ؟‪..‬‬

‫ل توجد كلمة تصفها أو تشرحها ‪ ..‬لنا أكب من كل الكلمات و لنا تتوي على كل الكلمات‬
‫و تتجاوزها ‪ ..‬فكل وصف يبدو حيالا ناقصا ‪ ..‬إنا كالشوق ل يوصف و إنا يكابد ‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إنا تنطبق عليها كلمة التصوف الصال أبو البكات البغدادي ‪ :‬أظهر من كل ظاهر و أخفى من كل‬
‫خفي ‪..‬‬

‫إن أحسن طريق لعرفتها هي أن تباشرها ‪ ..‬فهي الفتاح السحري الذي تفتح به الكون كله ‪..‬‬

‫و لكن هناك أسئلة تتوارد على خاطرنا ‪..‬‬

‫هل الرادة موجودة ف الزمان ‪..‬‬

‫هل هي تنبض مثل القلب ‪..‬‬

‫هل تنمو مثل السد ‪..‬‬

‫هل تتعاقب مثل اللحظات ‪ ..‬و تنقضي مثل الالت النفسية ‪.‬‬

‫هل تسري مثل الضوء و الكهرباء و تنتقل كما تنتقل الرارة ‪..‬‬

‫و هي أسئلة تفتح علينا الباب على مشكلة أخرى هي ‪ ..‬الزمان ‪..‬‬

‫ما هو الزمان ؟‪..‬‬

‫هل هو حركة عقرب الثوان و الدقائق و الساعات ؟‪..‬‬

‫هل هو دقات ساعة الامعة ؟‬

‫هل هو الرقام العامة الت تنشرها مصلحة الرصاد عن توقيت اليام و الليال و ساعات الظهر و‬
‫الغرب و العشاء ‪..‬‬

‫أم هو زمن آخر خاص يعيشه كل واحد منا ف نفسه و يضبط عليه وجوده ‪..‬‬

‫إننا بذه السئلة نبلغ النطقة الت يكثر فيها الضباب و تصعب الرؤية ‪..‬‬

‫‪17‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إنا تملنا إل تت ‪..‬‬

‫إنا تنل بنا من الوراق إل الساق إل الذر ‪ ..‬إل ما تت الشب و اللحاء ‪ ..‬إل العصارة الت‬
‫تصعد ف نباتنا فتنبعث فيه الياة ‪..‬‬

‫إننا ننفض يدنا من تشريح اليدي و الرجل و نبدأ ف بث الركة نفسها ‪ ..‬و نكف عن قياس قوة‬
‫العضلت لنبحث ف الرادة ذاتا ‪ ..‬لننا ف غرفة الوتور حيث أنبوبة الحتراق الت تبعث كل الطاقة‬
‫‪..‬‬

‫و هنا تتصادم الفكار و النظريات و الذاهب ف الظلم ‪..‬‬

‫الزمن‬
‫_______________________________‬
‫إن دقات ساعة الحائط تقدم لك زمناً‬
‫مزيفاً‪..‬ابحث عن زمنك الحقيقي في‬
‫دقات قلبك ‪ ..‬و نبض إحساسك ‪..‬‬
‫كل شيء ف الدنيا يري و يلهث ‪..‬‬
‫الشمس تشرق و تغرب ‪..‬‬
‫و النجوم تدور ف أفلكها ‪..‬‬
‫و الرض تدور حول نفسها ‪..‬‬
‫و الرياح تب ف الهات الربع ‪..‬‬
‫و السيول تنهمر من أعلى البال ‪..‬‬
‫و الينابيع تتفجر من باطن الرض ‪..‬‬
‫و النبات و اليوان و النسان تعيش كلها ف حركة دائبة ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و ذرات الماد ترول ف مداراتا ‪..‬‬


‫و ظاهرات الطبيعة كلها عبارة عن حركة ‪ ..‬الكهرباء حركة ‪ ..‬و الصوت حركة و الضوء حركة ‪..‬‬
‫و الرارة حركة ‪ ..‬و الكون كله يتمدد مثل فقاعة من الصابون و ينفجر ف كل قطر من الفضاء ‪..‬‬
‫الادة ف حالة انتشار وذبذبة وحركة ولذا يقول اينشتي أن لا بعدا رابعا غي البعاد الثلثة العروفة‬
‫‪ ..‬أو الزمن اللتصق بالكان ويسميه الزمكان ‪.‬‬
‫الادة مثل حيوان له طول و عرض و سك و عمر ‪ ..‬و العمر يدخل ف تركيبها ‪ ..‬كما يدخل ف‬
‫تركيب اليوان ‪ ..‬الزمن إحدى الفتلت الت يتألف منها نسيج الادة ‪..‬‬
‫و هو أيضا إحدى الفتلت الت يتألف منها نسيج الكائن الي ‪.‬‬
‫***‬
‫و لكن ما الزمن ‪.‬‬
‫هل هو دقات ساعة الامعة ‪ ..‬و النتيجة العلقة بالائط و التقوي الفلكي بالفصول و اليام ‪..‬‬
‫إننا ما زلنا نذكر كلمات الراقب و نن نؤدي المتحان ف آخر كل سنة ‪..‬‬
‫باقي على الزمن نصف ساعة ‪..‬‬
‫نذكر الرجفة الت كنا نس با و نن ننظر إل ورقة الجابة و إل ورقة السئلة ‪ ..‬و إل الساعة ف‬
‫يد الراقب ‪ ..‬و إل شفتيه و ها تنطقان ‪..‬‬
‫باقي على الزمن نصف ساعة ‪..‬‬
‫كأنه ينطق حكما بالعدام ‪ ..‬أو حكما بالفراج ‪..‬‬
‫كأن النصف ساعة عند بعضنا قصيا جدا ‪ ..‬أقصر من نصف دقيقة ‪ ..‬لن ورقة الجابة مازالت‬
‫بيضاء أمامه ‪ ..‬و لنه ما زال يبحث ‪ ..‬و يهرش ف رأسه ‪.‬‬
‫ل ‪ ..‬أطول من نصف اليوم ‪ ..‬لنه قد انتهى من الجابة ‪.‬‬ ‫لم ً‬‫و كان عند بعضنا الخر طوي ً‬
‫ل منا له زمن خاص به ‪..‬‬ ‫كانت الساعة ف يد الراقب تشي إل زمن واحد ‪ ..‬و لكن ك ً‬
‫كأن معيار الدقائق عند كل منا يتلف عن الخر ‪.‬‬
‫و هذا هو مفتاح اللغز ‪..‬‬

‫***‬
‫إن الزمن ليس شيئا منعزلً عنا مثل الشجرة و الحبة و الكتاب ‪ ..‬ليس زمبلكا تتويه ساعة اليد ‪..‬‬
‫و لكنه شيء يلبسنا ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫لكل منا زمن خاص به ‪.‬‬


‫عواطفنا و اهتماماتنا هي الساعة القيقية الت تضبط الزمن و تطيله أو تقصره ‪.‬‬
‫أفراحنا تعل ساعاتنا لظات ‪.‬‬
‫و آلمنا تعل لظاتنا طويلة مريرة ثقيلة مثل السني و أطول ‪.‬‬
‫إحساسنا بالسرعة و البطء ليس مصدره ساعة الائط و لكن مصدره القيقي الشعور ف داخلنا ‪..‬‬
‫إن ساعة الائط تقدم لنا زمنا مزيفا ‪ ..‬و مثلها التقوي الفلكي الذي يقسم حياتنا إل أيام و شهور و‬
‫فصول ‪.‬‬
‫و التاريخ الذي يقسم أعمارنا إل ماض و حاضر و مستقبل ‪ ..‬لن حياتنا غي قابلة للقسمة ‪ ..‬و لن‬
‫الزمن ف داخلنا غي قابل للقسمة أيضا ‪..‬‬
‫إن حياتنا لظة طويلة مستمرة يصاحبها إحساس مستمر بالضور و نن نتعرف على الاضي من‬
‫خلل الاضر ‪ ..‬فحينما نعيش ف إحساس بالتذكر نسميه ماضيا ‪ ..‬و حينما نعيش ف إحساس‬
‫بالتوقع نسميه مستقبلً ‪ ..‬و لكن كل هذه الحساسات هي حاضر ‪.‬‬
‫و الفواصل بي الاضي و الاضر و الستقبل فواصل وهية لن اللحظات الثلث تتداخل بعضها ف‬
‫بعض كما يتداخل الليل و النهار عن الفق ‪..‬‬
‫و الذي يقوم بتعيي اللحظة ف الشعور هو النتباه ‪.‬‬
‫النتباه هو الذي يضع خطا تت بعض مشاعرنا و إحساساتنا فيخيل لنا أننا وقفنا لظة و القيقة أنه‬
‫ل وقوف أبدا ‪ ..‬و إنا نن نعيش ف حالة تدفق داخلي مستمر أبدا و دائما ‪.‬‬
‫و الزمن الارجي ‪ ..‬زمن الساعات و النبهات زمن كاذب خداع لنه يساوي بي اللحظات و‬
‫يعلها مرد أرقام على مينا ‪..‬‬
‫الساعة واحدة ‪ ..‬الساعة اتني ‪ ..‬الساعة تلتة ‪ ..‬مرد حركة من العقرب ‪ ..‬و انتقال بضعة‬
‫سنتيميترات على الينا ‪ ..‬إنه ليس زمانا و لكنه أوضاع متلفة ف الكان ‪ ..‬أما الزمن القيقي فهو ف‬
‫داخلنا ‪ ..‬و هو اضطراب دائم ل تتساوى فيه لظة بأخرى ‪ ..‬لظة صغية ‪ ..‬و لظة كبية ‪ ..‬و‬
‫لظة تافهة ‪..‬‬
‫و هو غي قابل للتكرار ‪ ..‬لن كل لظة تتوي على الاضي كله و معه علوة من الاضر ‪ ..‬و ف‬
‫كل لظة تضاف علوة جديدة من التجربة و الياة فل تعود الياة قابلة لي تكرار ‪ ..‬و إنا هي‬
‫الرؤية ‪..‬‬
‫بينما يتاج الذي يشاهدنا من الارج أن يرى حركات ذراعنا بعينه و يتبعها و يللها بعقله ليقول‬
‫أننا نرك ذراعنا إل فوق ‪..‬‬
‫و معرفتنا نن أرقى من معرفته لننا نعاين القيقة مباشرة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و بذه العرفة اكتشفنا الزمن ‪ ..‬زمننا القيقي ‪.‬‬


‫و لكننا ل نعيش حياتنا كلها ف الزمن القيقي لننا ل نعيش ف نفوسنا كل الوقت ‪ ..‬و إنا نعيش‬
‫ف متمع ‪ ..‬نرج و نتلط بالناس و نتبادل النفعة و نتعامل و نتكلم و نأخذ و نعطي ‪..‬‬
‫و لذا ل ند مفرا من الضوع للزمن الخر ‪ ..‬زمن الساعات ‪ ..‬فنتقيد بالواعيد و نرتبط بالمكنة‬
‫‪.‬‬
‫و نبحث عن الشياء الشتركة بيننا لنتفاهم ‪ ..‬و ف أثناء بثنا عن الشياء الشتركة تضيع منا الشياء‬
‫الصلية ‪.‬‬
‫العرف و التقاليد و الفكار الاهزة تطمس الشياء البتكرة فينا و تطمس الذات العميقة الت تتوي‬
‫على سرنا و حقيقتنا ‪..‬‬
‫و نضي ف زحام الناس و قد لبسنا لم نفسا مستعارة من التقاليد و العادات لنعجبهم ‪..‬‬
‫و تتكون عندنا بضي الزمن ذات اجتماعية تعيش بأفكار جاهزة و عادات وراثية و رغبات عامة ل‬
‫شخصية ‪..‬‬
‫و هذه هي الذات سطحية ثرثارة تقضي وقتها ف التعازي و التهان و الجاملت و العايدات و‬
‫السخافات و تنفق حياتا ف علقات سطحية تشبه الواصلت الادية الت توصل من الباب إل الباب‬
‫و ل توصل من القلب إل القلب ‪.‬‬
‫و هذه الذات التافهة هي غي الذات العميقة الت نغوص إليها ف ساعات وحدتنا و نكتشف فيها‬
‫أنفسنا و نتعرف على وجوهنا القيقية ‪..‬‬
‫إنا ذات جامدة مثل السد تكمها الغرائز و الضرورات الجتماعية ‪..‬‬
‫و هي تشبه الرحاض النفسان نفرز فيه كسلنا و ضيقنا و مللنا و نقتل فيه وقتنا بانشغالت رخيصة‬
‫تافهو مثل قزقزة اللب و لعب الطاولة ‪ ..‬و نن نتأرجح ف حياتنا بي هذه الذات السطحية و بي‬
‫الذات العميقة ‪ ..‬نبط مرة و نعلو مرة ‪ ..‬نعيش ف زمن الساعات لفترة طويلة من يومنا ف وظائف‬
‫و أعمال آلية روتينية ‪ ..‬و نعيش ف لظات قليلة متألقة ف داخلنا ف زمننا القيقي الياش فنهتز‬
‫بالنشوة و نشرق بالسعادة و نرتف بالقلق و نتلئ بالفضول و اللذة و نعرف نفوسنا على حقيقتها و‬
‫بكارتا ‪..‬‬
‫و نن نكتشف هذه النفوس البكر ف مغامرات قليلة ‪..‬‬
‫نكتشفها لول مرة ف مغامرة الب حينما نعثر على الرأة الت تز وجودنا ‪ ..‬و تترقنا و تترق‬
‫عادتنا و تفكينا و حياتنا و تقلبها رأسا على عقب ‪ ..‬فتبدو كأنا حياة جديدة عجيبة ‪..‬‬
‫و نكتشفها لثان مرة ف مغامرة الفن ‪ ..‬ف لظة اللام الت ينفتح فيها شعورنا على إدراك جديد و‬
‫تصوير جديد للدنيا ‪ ..‬فنكتب أو نغن أو نرسم أو نقول شعرا ‪..‬‬

‫‪21‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و نكتشفها لثالث مرة ف مغامرة التأمل و ف الشعور العميق بالتدين ‪ ..‬ف لظة اللء الفكري و‬
‫الصوف الت نضع فيها على حقيقة جديدة فينا أو ف الناس حولنا أو ف الدنيا ‪..‬‬
‫و نكتشفها لرابع مرة ف العمل ‪ ..‬و ف لظة الختراع الت نعثر فيها على سر من أسرار الطبيعة‬
‫يبهرنا و يدهشنا ‪ .‬و يصدمنا ‪.‬‬
‫كل هذه الكتشافات ترجنا من الزمن البتذل و التكرر ‪ ..‬زمن الساعات ‪ .‬و تنل بنا إل أعماقنا‬
‫‪ ..‬إل زمننا القيقي حيث كل شيء جديد و مبتكر ‪ ..‬مدهش ‪ ..‬جيل ‪ ..‬باعث لقصى اللذة‬
‫الفضول ‪..‬‬

‫الب‬
‫_______________________________‬
‫الشهوة تكشف لك عن نوعك عن‬
‫ذكورتك ‪ ..‬و الحب يكشف لك عن‬
‫نفسك ‪ ..‬عن ذاتك ‪ ..‬و الملل من‬
‫الثنين هو الشعار الخفي الذي‬
‫يأخذ بيدك إلى محبوبك الحقيقي‬

‫أحبك ‪..‬‬
‫كلمة لذيذة تصيبنا بالدر و الدوار ‪..‬‬
‫كل شيء فينا يذوب و يتفتت حت اللغة نفسها تذوب و الزمن يذوب و الكان يذوب و العقل‬
‫يذوب و القلب يذوب ‪ ..‬و نن ننطقها ‪..‬‬

‫***‬

‫‪22‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫اللغة تتعطل ف لظة الب و يل ملها سكوت ناطق معب ‪ .‬و الزمان و الكان يتلشيان ف غيبوبة‬
‫صاحية تكف فيها اللحظات عن التداعي و تنصهر ف إحساس عميق بالنشوة و النصر و الفرح ‪..‬‬
‫قد تكون هذه النشوة لظة واحدة ‪ ..‬و لكن هذه اللحظة تصبح كالبد ‪..‬‬
‫الب يؤبدها فتستمر مائلة أمام الشعور ‪ ..‬تستمر ف الستقبل لسنوات طويلة تلحق صاحبها و قد‬
‫ألقت ظلً طويلً على حياته ‪ ..‬و امتزجت بصحوه و نومه و أحلمه و هذيانه ‪ ..‬و التصقت به من‬
‫داخله فأصبح من الستحيل عليه أن ينفضها مع ثرثرة كل يوم و مشاغله و تفاهاته ‪..‬‬
‫أصبحت بعض نفسه ‪ ..‬تيا بياته ‪ ..‬و توت بماته ‪.‬‬

‫***‬
‫ف لظة الب ينفتح شيء فينا ‪ ..‬ليس السد ؟؟ بل ما هو أكثر ‪ ..‬بوابة الواقع كلها تنفتح على‬
‫مصراعيها فتتلمس القائق و العان الميلة و الشاعر الت يتوي عليها البيبان ‪.‬‬
‫و يدث النسجام من هذا التماس بي الفكار و العان و الحاسيس الرقيقة ‪..‬‬
‫و ييل للثني ف لظة أنما واحد ‪ ..‬و يسقط آخر قناع من أقنعة الواقع ‪ ..‬فتذوب النانية الت‬
‫تفصلهما ‪ ..‬و يصبحان مصلحة واحدة و فكرة واحدة ‪.‬‬
‫و لكنها لظة خاطفة لن الواقع الصفيق ينسدل من جديد بي البيبي فيعود الم يعزلما الواحد عن‬
‫الخر ‪..‬هم الزمن والساعة الت أزفت واليعاد الذي انتهى والوقت الذي حتم على كل منهما أن‬
‫يعود إل عمله ‪..‬وهم الكان الذي يعزلما كل واحد ف بلد ‪..‬وهم السد الذي يوي كل منهما ف‬
‫كيان مستقل من اللحم والدم ‪..‬وهم الجتمع الذي يتوي على الثني ويطالبهما بالتزامات‬
‫وواجبات ‪ ..‬وهم من الاضي الذي يدخل كشريك ثقيل الظل ف كل لظة ‪..‬‬
‫إننا ل نعيش وحدنا‪ ..‬بل هناك الخرون ‪ ..‬وكلهم ينازعون حريتنا ولقمتنا وحياتنا ؟؟‬
‫وف هذا الزحام نضيع ويطمس الواقع على أحلمنا ويأخذنا معه ف دوامة من التكرار السخيف من‬
‫الكل والشرب والنوم‪..‬‬
‫ل نفيق منها إل لنغيب فيها من جديد ونضي حياتنا ف روتي مل ل نلتقي فيه بأنفسنا أبدا‪..‬ول‬
‫نذوق الب ول نعرفه‪.‬‬
‫وقد تزوج ونعيش حياة بليدة هادئة ‪..‬نلتقي فيها بزوجاتنا كما نلتقي بدفاتر الضور ف الديوان‬
‫‪..‬نوقع عليها كل ليلة لنثبت حضورنا ف اليعاد‪..‬ونعيش حياتنا النسية بدون وجدان‪ ..‬وتظل الزوجة‬
‫ف نظرنا مرد أنثى لقضاء الاجة‪..‬يكن أن تل ملها الادمة أو أية امرأة بدون أن نس أن شيئا ما‬
‫ناقص أو مفقود ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫***‬
‫إن الشهوة شيء غي الب‪..‬‬
‫إنا أقل من الب بكثي ‪ ..‬فهي رغبة النوع وليس رغبة الفرد‪..‬‬
‫إنا علقة بي طبيعتي و ليست علقة بي شخصي ‪..‬علقة بي الذكورة والنوثة ‪..‬‬
‫و الفرد ل يكتشف فيها نفسه و لكنه يكتشف نوعه و ذكورته ‪..‬‬
‫و الب يتوي على الشهوة و لكن الشهوة ل تتوي عليه ‪..‬‬
‫بالب ل تكتشف فقط أنك ذكر ‪ ..‬و لكنك تكتشف أيضا أنك فلن و أنك اخترت فلنة بالذات‬
‫و ل يكن أن تستبدلا بأخرى ‪..‬‬
‫إن كلمة (( أحبك )) هي أعمق و أجل كلمة ف حياة الرجل لنا ليست مرد كلمة و إنا هي‬
‫نافذة يطل منها على حقيقته و سره ‪..‬‬
‫و الياة الالية من الب حياة باردة موحشة سخيفة خالية من الماس و الطعم و البهجة ‪ ..‬تنساب‬
‫فيها الرغبات مضعضعة ميتة من اللل و الضجر و الفراغ ‪..‬‬
‫الياة بل حب ‪ ..‬غربة ‪..‬‬
‫و الشهوة ل تسعفنا ‪ ,‬و ل تطفي عطشنا و ل تعوضنا عن الب ‪..‬‬
‫إنا وسيلة للهروب فقط نبدد با نشاطنا و نتخلص منه ‪.‬‬
‫إنا مثل المر و القمار و الخدرات وسيلة للغماء و للعياء و البلدة ‪..‬‬

‫***‬
‫و الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يل مل الب هو الفن ‪ ..‬لنه ينفذ إل القلب مثله ‪ ..‬و يكشف‬
‫مثله عن ذاتنا العميقة ‪ ..‬و يوصلنا إل اللحظات البدية الليئة ‪ ..‬و يطلعنا على كنوزنا و أسرارنا ‪..‬‬
‫و ما يبدعه النسان من فنون خالدة يدل على أنه يتوي على بذرة اللود ف داخله ‪.‬‬
‫و ما يعيشه من لظات أبدية يدل على أنه يتوي على البدية ف قلبه ‪.‬‬

‫***‬
‫و الب الذي هو أعمق من كل حب ل يفجره ف القلب إل التصوف و الشعور الدين ‪ ..‬لن الدين‬
‫هو الذي يعيد النسان إل النبع الذي صدر منه و يأخذ بالنسان الساقط ف الزمان و الكان ليفعه‬
‫إل ساوات البدية و ل يرفعه إل هذه السماوات إل الب ‪ ..‬منتهى الب الذي يفن به العابد عن‬
‫نفسه و عن الدنيا شوقا إل خالقه ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و ما حب النسان للمرأة ‪ ..‬و ما حب النسان للفن ‪ ..‬و ما حب النسان للجمال ‪ ..‬إل خطوات‬
‫الدليل الفي الذي يقودنا إل ال ‪ ..‬إل الحبوب الوحيد الذي يستحق الب ‪ ..‬إنا مطات سفر إل‬
‫الحطة النهائية ‪ ..‬مطة الوصول ‪..‬‬
‫مرة بعد مرة يكتشف النسان أن موضوعات حبه ل تلك وجودا حقيقيا ‪ ..‬فالوردة تذبل و‬
‫الشمس تغرب و الرأة تشيخ و الديد ف الفن يبلى ‪.‬‬
‫و ما رآه ف الرأة جالً يكتشف أنا ل تلكه و أنه يزايلها بالشيخوخة ‪ ..‬إنه ل يكن جالا ‪ ..‬لقد‬
‫كان وديعة أودعت عندها ث استردها صاحبها ‪..‬‬
‫و ترد الشهوة ‪..‬‬
‫و تفتر العاطفة ‪..‬‬
‫و يتجه الرجل ببه إل امرأة أخرى لتتجدد اليبة و يتجدد اللل و يتجدد الضجر ‪..‬‬
‫ل ‪ ..‬إن حبه أكب من أن تستوعبه ذراعان ‪.‬‬
‫إن حبه يعب به الغايات الحدودة و يتجاوزها إل قيم الفن و المال و الي و العدالة و القيقة ‪.‬‬
‫و هو على عتبة هذه الجردات يكتشف أنه يريد ال بكل حبه فهو الواحد الذي تتجسد فيه كل هذه‬
‫القيم اللنائية ‪.‬‬
‫و هو اللمدود ف مقابل الحدود ‪.‬‬
‫ها هو أخيا يد الواب على السؤال اللغز الذي طالا حيه‬
‫لاذا خلقت ‪ ..‬لاذا وجدت ف هذه الدنيا ‪..‬‬
‫هو الن يعرف لاذا خلق ‪.‬‬
‫ليصل إل حقيقة نفسه ‪ ..‬و ليدرك إله ‪.‬‬
‫و ما أرض الواقع إل الزرعة الت يلقي فيها بإمكانياته لتورق و لتثمر و تتحقق ‪ ..‬تلك المكانيات‬
‫الباطنة فيه بطون جني القمح ف بذرة القمح ‪.‬‬
‫و هو يرى نفسه كإدارة هائلة تتخبط ف سروال ضيق من اللد و اللحم ل يسمح له إل بالسي‬
‫البطيء خطوة خطوة و الياة بالقسط لظة لظة ‪ ..‬و ف كل خطوة من خطواته و ف كل لظة من‬
‫لظاته يترك بأعماله أثرا يدل عليه ‪.‬‬
‫و هو كل يوم يل ورقة المتحان و ييب عن السئلة الزلية‬
‫من أنت‬
‫ماذا تريد أن تقول‬
‫ماذا تريد أن تفعل‬
‫ماذا تفي ف قلبك‬

‫‪25‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ليكشف عن مكنونه و يقق ذاته‬


‫و يقوده حبه لنفسه و حبه للمرأة و حبه للجاه و السلطان إل يأس بعد يأس و ملل بعد ملل و‬
‫إحباط بعد إحباط حت يشرق فيه حب الق ليدله على الطريق ‪ ..‬إل الواحد الحد الذي تتمع فيه‬
‫كل الكمالت ‪.‬‬
‫و يزداد حبه عمقا ليصبح عبادة و صلة ‪ ..‬و هو يصعد ف طريق العودة إل منبع النوار ‪..‬‬
‫و هو الن يشعر أنه وجد نفسه حقا و عرف إله و عرف هدفه و عرف طريقه ‪.‬‬
‫و هو يدرك أن كل ما عاناه من عذاب و أل و إحباط و يأس ل يذهب عبثا ‪ ..‬فقد كانت كل تلك‬
‫اللم هي الؤشرات الت كشفت له طريقه و دلته على حقيقته ‪ ..‬كانت بوصلته و دليله ف بر‬
‫الظلمات ‪.‬‬
‫و من أجل هذا خلق ال الياة ‪..‬‬
‫إن النسان معجزة التناقضات ‪.‬‬
‫إنه فان و يتوي على خالد ‪.‬‬
‫و ميت و يشتمل على حي ‪.‬‬
‫و عبد يتضن قلبا حرا ‪.‬‬
‫و زمن و يتوي على البدية ‪.‬‬
‫و حبه و فنه و تفكيه و صحته و مرضه و جسده و تشريه تدل كلها على هذا التركيب التناقض ‪.‬‬
‫الدنيا كلها تقيده و جسده يقيده مثل الاكتة البس ‪ ..‬و مع ذلك ‪ ..‬ل تنعه هذه القيود من أن‬
‫يضمر ف نفسه شيئا ‪ ..‬و أن يفرض هذا الشيء على ظروفه ‪.‬‬
‫فهو يصهر الديد و يسوي البال بالرض و يشق النفاق و يطلق قذيفة من عدة أطنان إل القمر ‪..‬‬
‫كل هذا و هو جسم صغي هلمي من اللحم و الدم ‪..‬‬
‫و هو يرقد مريضا مشلولً يائسا ‪ ..‬فإذا اجتمع بزوجته أنب طفلً يرقص من الصحة و العافية ‪..‬‬
‫أين كانت هذه الصحة متفية ف الرض ‪..‬‬
‫و هو يبدو ضعيفا قليل اليلة ‪ ..‬تقتله رصاصة بليم ‪ ..‬تاما مثل الرصاصة الت تقتل الكلب ‪ ..‬و‬
‫لكنه مع هذا ل يستطيع أن يطلق من فمه قبل أن يوت صيحة يهدم با نظاما بأسره ‪..‬‬
‫من أين يرج صوته ‪ ..‬و ينساب تفكيه ‪ ..‬و ينصب شعوره ‪ ..‬و تتدفق قواه غي الحدودة ‪..‬‬
‫إن أعضاءه تبدو ف التشريح من مادة تقبل الوزن و القياس ‪ ..‬و تضع للزمن ‪..‬‬
‫و لكن شعوره يكشف عن مادة أخرى و زمن آخر يعيش فيه غي زمن الساعات و الدقائق ‪ ..‬زمن‬
‫حر يقصر و يطول حسب إرادته ‪..‬‬
‫و تعمق هذا الشعور ف لظات الب و اللام و التصوف ‪ ..‬يكشف عن حقيقة أغرب ‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن هناك أفقا ثالثا ف داخله ‪..‬‬


‫أفقا غي زمن ‪ ..‬لظاته أبدية مليئة ‪ ..‬ل تنقضي مثل اللحظات و إنا تظل شاخصة ف الشعور مالئة‬
‫الوجدان ‪..‬‬
‫ماذا تكون تلك اللحظات ‪..‬‬
‫أتكون هي الثقوب الت تطل على سره ‪..‬‬
‫و ماذا يكون سره الاف تتها ‪..‬‬
‫أهو الروح ؟!! ‪..‬‬
‫و ما الروح ؟!! ‪..‬‬
‫إنا الرية ‪..‬‬
‫الرية جوهر النسان و روحه ‪ ..‬و من خلل ماولتنا لفهم الرية سوف نقترب من فهم الروح ‪..‬‬

‫اليط‬
‫_______________________________‬
‫القشة في البحر يحركها التيار‬
‫و الغصن على الشجرة تحركه الريح‬
‫و النسان وحده ‪ ..‬هو الذي‬
‫تحركه إرادته ‪..‬‬

‫أجل ما ف الدنيا أنا واضحة ‪ ..‬تغمرها الشمس ‪ ..‬كل شيء فيها يكنك أن تراه و تسمعه و تزنه و‬
‫تقيسه و تتذوقه و تلله و تستنتجه ‪..‬‬
‫كل ما يدث فيها له سبب ‪ ..‬و إذا عرفت سببه استطعت إحداثه ‪ ..‬كل شيء يري بنظام مكم‬
‫من السباب و النتائج ‪ ..‬و إذا كان لديك ورقة و قلم فإنك تستطيع أن تسب بالضبط مت تشرق‬
‫الشمس و مت تغرب‪ ..‬لنا تتحرك حسب قانون ‪..‬‬
‫و كل شيء ف الدنيا يتحرك حسب قانون ‪..‬‬
‫إل النسان‪ ..‬فإنه يشعر أنه يشي على كيفه‪.‬‬
‫النسان وحده هو الر التمرد الثائر على طبيعته وظروفه ولذا يصطدم بالعال ويصارعه ‪ ..‬ويستحيل‬
‫ف أية لظة أن تتنبأ بصيه‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن ما يدث داخل النسان وف قلبه ل يضع لقانون‪..‬ل توجد هذه اللقات الترابطة من السباب‬
‫والنتائج ف داخل نفوسنا‪.‬‬
‫إننا نرغب ‪ ..‬ونتحمس ‪ ..‬ونعمل ولكن هذه السلسلة من الرغبة والماس والعمل ل تتبع الوحدة‬
‫الخرى حتما‪ ..‬وإنا يظل النسان قادرا على التملص ف أية لظة ‪ ..‬فإذا تراءى له أن يصرف النظر‬
‫‪ ..‬فإن رغبته توت وحاسته تبد ول يتسلسل إل غايته ‪..‬‬
‫والسبب؟‪..‬‬
‫ل يوجد سبب ‪..‬‬
‫انه ل يعد يريد ‪.‬ز‬
‫ولاذا ل يعد يريد ‪..‬‬
‫كده ‪..‬‬
‫هو ببساطة ل يعد يريد ‪..‬‬
‫أن مرد إرادته سبب ‪ ..‬ف غي حاجة إل سبب ‪..‬والضروري ‪..‬ل يوجد ف أي مكان ف الدنيا إل‬
‫ف النسان ‪..‬إنه وحده الذي خلق نفسه بنفسه ‪ ..‬ويولد كل يوم ميلدا جديدا ‪ ..‬ويتطور ويتكون‬
‫‪..‬وتتغي شخصيته وتدخل عليها التعديلت والتبديلت ‪..‬‬
‫إن إرادته تدخل على كل لظة فتعدلا وتل بأي تعاقد طالا أنا أرادت هذا الخلل‪..‬‬
‫ولذا يستحيل التنبؤ ‪..‬لن لكل لظة تبدو جديدة غي متعاقدة بسابقتها ‪.‬‬
‫لشيء يول بي النسان وبي أن يضمر شيئا ف نفسه ‪..‬إنه الخلوق الوحيد الذي يلك ناصية‬
‫أحلمه ‪..‬‬

‫***‬
‫ولكن هذه الرية البكر الطليقة ف الداخل ما تلبث أن تصطدم بالعال حينما تتك به لول مرة ف‬
‫لظة الفعل ‪.‬‬
‫إن رغبتنا تظل حرة طالا هي ف الضمي و النية ‪..‬‬
‫نستطيع أن نرغب أي رغبة ‪..‬ونلم أي حلم ‪ ..‬ونتمن أي أمنية ‪ ..‬ولكن الأساة تبدأ ف لظة‬
‫التنفيذ حينما تاول رغباتنا أن تقق نفسها ف الواقع‪ ..‬فتصطدم بالقيود ‪..‬وأول قيد نصطدم به هو‬
‫السد‪..‬جسدنا نفسه الذي ييط بنا مثل الاكتة البس‪..‬وياصرنا بالضرورات والاجات ويطالبنا‬
‫بالطعام والشراب ليعيش و يستمر و ل ند مهربا من تلبية هذه الطالب‪ ..‬فنجري خلف اللقمة‬
‫ونلهث خلف الوظيفة ونضيع ف صراع التكسب ونفقد بعض حريتنا‪..‬‬
‫وليس أمامنا حلّ غي هذا فرغباتنا ل تستطيع أن تعلن عن نفسها بدون جسد‪..‬‬

‫‪28‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وجسدنا هو أداة حريتنا ‪..‬إن كان يقيد هذه الرية ف نفس الوقت‪..‬‬
‫وليس جسدنا وحده بل أجساد الخرين أيضا أدواتنا‪ ..‬فنحن ننتفع با يصنعه العامل وما يزرعه‬
‫الفلح وما يترعه الخترع وما يكتبه الكاتب وكل هذه ثار أجساد الخرين وحرياتم‪..‬‬
‫إن الجتمع أداة هائلة موضوعة ف خدمتنا با فيه من بريد ومواصلت ونور ومياه وصناعات وعلوم‬
‫ومعارف‪.‬‬
‫وحينما يركب أحدنا قطارا فإنه يركب ف نفس الوقت على حرية جاهزة أعدها له آلف العمال‬
‫والخترعي والهندسي ف سني تاريية طويلة‪..‬وهو يدفع ف مقابل هذا الكسب ضريبة من حريته ‪.‬‬
‫وليس الجتمع وحده هو الذي يتقاضاه ضرائب ‪ ..‬ولكن الكون كله ‪..‬جاذبية الرض ‪..‬وضغط‬
‫الواء ‪ ..‬ومياه الحيطات والغابات بيواناتا وطيورها والسماء بكواكبها ‪ ..‬كلها تاصره وتاصر‬
‫حريته وتطالبه بنوع من الوفاق معها ‪.‬وهو بالوفاق يربح حريته دائما ‪..‬‬
‫بالوفاق مع العال يتطيه كما يتطى الواد ‪..‬‬
‫فهو حينما يفطن إل اتاه الريح ‪..‬ويضع شراعه ف مواجهته يتطي الريح ويسخره لدمته ‪.‬‬
‫وحينما يفطن إل أن الشب أخف من الاء ‪ ..‬و يصنع مركبا من الشب ‪ ..‬يتطي الاء ‪ ..‬و بالثل‬
‫حينما يفطن إل نفع الناس و يسي ف اتاههم ‪ ..‬يكسب الناس و يكسب معونتهم ‪..‬‬
‫إن الجتمع يضغط على الفرد و على حريته ‪ ..‬و لكن العقل يستطيع دائما أن يقلب هذا الضغط إل‬
‫مصلحة و منفعة و حرية ‪ ..‬بأن يكتشف ببصيته القواني الت تربط الشياء بعضها ببعض ‪..‬‬

‫***‬
‫إن النسان يعيش مضطربا بي عاملي ‪ ..‬عال رغباته و نزواته و كلها حرة طائشة بل حدود ‪ ..‬و‬
‫عال الادة حوله و هي جامدة مدودة مغلولة ف القواني ‪..‬‬
‫و سبيله الوحيدة هي معرفة هذه القواني ‪.‬‬
‫حريته ل تستطيع أن تشق طريقها بدون العلم ‪ ..‬إنا بدون العلم ‪ ..‬تكون مرد رغبة منونة ف داخله‬
‫‪ ..‬مرد نية ‪ ..‬و حلم و أمل سجي ‪.‬‬
‫مرد حرية وجودية تصلح مادة لقصة أو قصيدة أو أغنية أو تثال ‪ ..‬أو مغامرة ‪ ..‬أو جرية قتل ‪ ..‬و‬
‫لكنها ل تصلح لكسب حقيقي واقعي ‪.‬‬
‫إن الفرق بي العبودية و الرية هو خيط رفيع ‪ .‬خيط رفيع يرقص عليه النسان ‪ ..‬و يتأرجح ‪.‬‬
‫إذا سقط ف داخل نفسه ضاع ف أحلم اليقظة و الرؤيا و المان ‪.‬‬
‫و إذا سقط ف العال ضاع ف دوامة الزمن الل ‪ ..‬و جرفه الروتي و العرف و التقاليد ‪ ..‬و ابتلعه‬
‫الجتمع ف جوفه ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و إذا فتح عينيه و نظر إل العال حوله فإنه يستطيع النجاة بريته ‪ ,‬و يستطيع أن يقفز على البل‬
‫خطوات واسعة إل المام ‪..‬‬
‫إن طريقه ضيقة مفوفة بالخاطر ‪ ..‬و الوت يترصده من كل جانب ‪.‬‬
‫إن عليه أن يدرس الواقع حوله با فيه من منخفضات و مرتفعات و مطبات ‪ ..‬و يكتشف ما فيه من‬
‫قوى ‪ ..‬و يتعرف الطريق إل قيادتا و الستفادة منها ‪..‬‬
‫إن اليط الذي يسي عليه هو خيط ضيق من الواقع ‪ ..‬يف به العال من ناحية ‪ ..‬و تف به رغباته‬
‫الطائشة من ناحية أخرى ‪..‬‬
‫و لو دخل ف نفسه و لذ برغباته و أحلمه و انطوى على ذاته فإنه يوت كما توت الوردة الت‬
‫تنفصل من شجرتا ‪ ..‬و تستعبده شهوته و تسجنه غرائزه ‪..‬‬
‫و إذا ذاب ف الجتمع و خضع للناس خضوع الشاة ‪ ..‬فإنه يوت و يفقد شخصيته ‪..‬‬
‫و حبل النجاة هو ذلك اليط الرفيع ‪ ..‬حيث يدث التصادم بي نفسه و العال ‪ ..‬بي داخله و‬
‫خارجه ‪ ..‬و حيث تلتحم رغباته بالدنيا ‪ ..‬مائة مرة كل يوم ‪..‬‬
‫حبل النجاة أن يكون ذاتيا موضوعيا ف نفس الوقت ‪ ,‬أن تكون عينه مفتوحة على داخله ‪ ..‬واعية لا‬
‫يري حوله ‪ ..‬و أن يتدفق نشاطه من هذه البطارية ذات القطبي على الدوام ‪.‬‬
‫بذا وحده يفوز بنفسه ((و يفوز العال)) و يصبح إنسانا حرا ‪.‬‬

‫***‬
‫و لكن هل يفوز بريته و بل حدود ‪ ..‬أل توجد سلطة على غي ظروفه ‪..‬‬
‫هل يستطيع أن يقول أنه مي و أنه ل توجد قوة أعلى منه ترسم له مصيه و قدره ‪.‬‬
‫أم أن حريته ف غايتها هي حرية بشرية مدودة نسبية ‪.‬‬
‫و أين يكون مكاننا ف الشكلة الزلية ‪ ..‬بي ‪ ..‬الخي ‪ ..‬و السي ‪..‬‬

‫‪30‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫مسيّر أم ميّر‬
‫_______________________________‬
‫النسان مخير فيما يعلم ‪..‬‬
‫و مسير فيما ل يعلم‬

‫سؤال مي ‪.‬‬
‫هل أنا مي أم مسي ؟‬
‫شعوري يقول ف كل لظة أن حر ‪.‬‬
‫وواقعي يكشف ل ف كل لظة ألف لون و لون من ألوان الب و القهر ‪.‬‬
‫أين أنا ف هذه الشكلة ‪.‬‬
‫هل أنا الذي أختار حيات ‪.‬‬
‫أم أن حيات هي الت تتار ل ‪.‬‬
‫تعودت دائما كلما تناولت هذه الشكلة ف مقال أن أختار جانب الرية ‪ ..‬و كانت خطابات القراء‬
‫تنهال علي ف كل مرة سيل من الحتجاجات ‪.‬‬
‫و لذا فكرت أن أدخل إل الوضوع هذه الرة بطريقة جدلية ‪ ..‬و أن أجعله ف صورة حوار سقراطي‬
‫فأبدأ بالشكال كما يتصوره القراء ف خطاباتم و تساؤلتم ث أتذ من تساؤلتم مدخلً إل‬
‫الوضوع لكون أقرب ما يكن إل عقل القارئ العام و تصوراته ‪.‬‬

‫***‬
‫يقول القارئ أحد ناجي شرف الدين تعليقا على كقال ف خطاب طويل ‪:‬‬
‫‪ ..‬ستة آلف يوما عشتها و ل أدري ل أعيش ‪ ..‬و إل أين أسي ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ثلثة و عشرون عاما عشتها و ل أدري و أنا أمثل رواية البدي ‪ ..‬صحو ‪ ..‬منام ‪ ..‬شرب ‪ ..‬طعام‬
‫‪ ..‬صمت ‪ ..‬كلم ‪ ..‬وداد و خصام و اليام تكر ‪ ..‬و السنون تر ‪ ..‬و العمر يضي دون أن أعرف‬
‫من أنا ‪ ..‬و لاذا أتيت ‪ ..‬و إل أين أسي ‪..‬‬
‫إن أجري وراء الستقبل ‪ ..‬و أمن النفس بالمال ‪ ..‬ففي الستقبل أبلغ آمال ‪ ..‬و فيه أصلح نفسي‬
‫‪ ..‬و فيه أنيب إل رب ‪ ..‬و فيه أكتب تلك العان الت طالا جاشت با نفسي ‪ ..‬و لكن الستقبل ل‬
‫يأت أبدا ‪ ..‬و حينما يأت يصي حاضرا و أبدأ ف التفتيش عن مستقبل آخر ‪.‬‬
‫حينما كنت ف البتدائية كنت أتن أن أصبح تلميذا ف الثانوية أرتدي البنطلون الطويل و أصفف‬
‫شعري و أحتفظ بقطع الطباشي اليي للقيها على أطفال مدرسة الروضة الت تاور مدرستنا كما‬
‫كان يفعل معي طلبة الدرسة الثانوية الجاورة ‪ ..‬و يوم وصلت إل هذا المل هان علي و ذهب‬
‫باؤه و انطفأت روعته و بدأت أنظر إل مستقبل آخر و أصبحت أتن أن أكون موظفا ف الكومة‬
‫مثل سيد أفندي الذي يسكن عند خال و أتأبط الريدة اليومية و أناقش ف السياسة الدولية و أجلس‬
‫واضعا رجلً على رجل و ألعب الطاولة ‪ ..‬و قد كان ‪ ..‬إذ ما كادت سنوات أربع تر حت كنت‬
‫موظفا بالكومة ‪ ..‬و ذقت تلك الرارة الت يشعر با الوظف و الت كان يفيها سيد أفندي تت‬
‫جاكتته و ابتسامته الفتعلة ‪ ..‬و هان عل ّي المر مرة أخرى و ذهب باؤه و تغي حال بانتقال من‬
‫عالي الساذج إل دنيا الوظيفة با فيها من تلق و نفاق و كذب ‪.‬‬
‫و جاء أول شهر لقبض أول مرتب ‪ ..‬سبعة جنيهات ‪ ..‬و كنت حينذاك ف أسيوط على بعد‬
‫الميال من بلدي ‪ ..‬و بدأت أشعر بضيق الياة ‪ ..‬و تبددت آمال ‪..‬‬
‫ل أتكن من اللوس على مقهى ‪ ..‬و ل أتكن من تيئة وقت للمذاكرة ‪ .‬و أصبح التحاقي بالامعة‬
‫استحالة ‪.‬‬
‫و ضاقت حريات حت كادت تنعدم و ل يبق منها إل حرية الصول على خبز اليوم أتبلغ به لعيش‬
‫يوما آخر ‪.‬‬
‫أين الرية الت تتشدق با و تل با مقالتك ‪.‬‬
‫هل أنا حر ‪ ..‬و كيف ‪ ..‬و أنا ل أكاد أملك إل الكفاف و ل أصلح إل لشوار من الديوان إل‬
‫البيت و من البيت إل الديوان ‪.‬‬
‫كيف أتزوج و كيف أعيش و كيف أستمر ف تعليمي و كيف أحفظ صحت ‪ ..‬و كيف أوفر كل‬
‫هذه الريات و ليس لدي إمكانيات ‪.‬‬
‫إن ل أملك إل حرية واحدة هي قتل نفسي إذا كنت تظن أن هذه حرية ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫***‬
‫ل‪:‬‬
‫ويكتب سي زكي سوريال بقوق القاهرة قائ ً‬
‫إذا كنا أحرارا فما معن القانون و الخلق و الديان و الدنية ‪.‬‬
‫إن كل هذه الشياء قيود على حريتنا ‪.‬‬
‫إن القانون ينعن من أشياء ‪.‬‬
‫و الخلق ترم عل ّي أشياء ‪.‬‬
‫و الديان تيفن من أشياء ثالثة و تقيدن بضوابط و أوامر و مناهي ‪.‬‬
‫و الدنية تربطن بعجلة السرة و البيت و الصنع و اللة ‪ ..‬و تضبطن كالساعة على مواعيد أنام فيها‬
‫و أصحو ‪.‬‬
‫إن الياة حولنا قيود ف قيود ‪.‬‬
‫أين الرية الت تتكلم عنها ‪.‬‬

‫***‬
‫و يتحدان ممد قائلً ‪:‬‬
‫أين هي حريتك ‪.‬‬
‫هل اخترت مولدك ‪.‬‬
‫هل اخترت أباك و أمك و دينك و وطنك ‪.‬‬
‫هل اخترت شكلك و طولك و عرضك ‪.‬‬
‫هل اخترت النظام القتصادي الذي تعيش فيه ‪.‬‬

‫***‬
‫ويكتب عبد الرؤوف ‪ ..‬ليسانس فلسفة بثا يقول فيه ‪:‬‬
‫إن أكون حرا عندما أكون أنا ال ‪ ..‬أو حينما أكون أنا العال ‪ .‬حيث ل شيء سواي أخضع له و‬
‫أتقيد به ‪.‬‬
‫إن الرية الكاملة تستلزم عدم وجود شيء غيي لن أي شيء يدن ‪ ..‬الناس ‪ ..‬و الطبيعة و‬
‫الظروف ‪ ..‬كلها حدود ‪ ..‬و مثل هذه الرية مستحيلة ‪.‬‬
‫و إذن فأنا لست حرا غل بقدر ما عندي من وسائل تقيق هذه الرية ‪.‬‬
‫إن حريت مشلولة ناقصة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫***‬
‫و ينتهي عبد الفتاح سليم إل أنه مسي مقهور مبور على حاله و أفعاله ‪ ,‬ث يسأل كيف يكون‬
‫مسيا و مقهورا و مبورا بذه الكيفية و ياسبه ال و يعاقبه أو يكافئه و يزيه ‪ ..‬أين وجه العدالة‬
‫اللية ف القضية ‪.‬‬

‫***‬
‫أما أحد اللفي فينتهي إل أنه حر و لكنه يتساءل كيف يكون حرا و يتدخل ال سبحانه لنجدته ‪..‬‬
‫أل يكون ف هذا التدخل إخلل بريته ‪..‬‬
‫كيف يكن التوفيق بي فكرة الرية و فكرة العناية و التدخل اللي ‪.‬‬
‫كيف نكون أحرارا و كل ما نفعله بأمر ال ‪ ..‬قدره علينا منذ الزل ‪ ..‬هو الذي خلقنا و خلق‬
‫أفعالنا و هو الوحيد الذي يفعل ل إله إل هو و ما نن إل أدوات إرادته ‪.‬‬

‫***‬
‫و بذه الطابات و التساؤلت ييط القراء بكل جوانب الشكلة الزلية‪ ..‬مشكلة الخي و السي‪.‬‬
‫و هم يشدون أسلحتهم ضدي و يشحذون أدمغتهم‪ ..‬و يصرخون ف وجهي ف صوت واحد ‪.‬‬
‫و هذا وحده أول دليل على حريتهم فقد صنع كل واحد منهم رأيا مستقلً و ل يتقيد بكتب و ل‬
‫مقالت و ل يضع لوجهة نظري‪.‬‬
‫و أنتقل إل اعتراضاتم فأقول إن أغلبها يدور حول نقطة واحدة‪ ..‬هي القيود الضروبة حولنا‪.‬‬
‫و بعض هذه القيود تصل إلينا بالوراثة مثل السم و النس و الدين و الوطن فنولد با كما نولد‬
‫بسمنا ‪.‬‬
‫وبعضها يصل إلينا من بيئتنا ‪ ..‬مثل الطبيعة الت نعيش فيها حرها و بردها و رعدها و ميكروباتا و‬
‫أمراضها و ناسها ‪.‬‬
‫و بعضها من صنعنا و ابتكارنا مثل القواني و الخلق و النظم السياسية‪.‬‬
‫وجيعها ف النهاية تقيدنا فل يبقى لنا إل القليل أو ما دون القليل‪.‬‬
‫و هذا ما يعل القارئ عبد الرؤوف يقول ‪:‬‬
‫أن الرية مستحيلة‪ ..‬وإنا إذا كانت مكنة فليس لا إل طريق واحد‪ ..‬أن يفن كل شيء حولنا ينعدم‬
‫‪ ..‬أن أصبح وحيدا منفردا مثل ال بل شريك وبل آخرين معي وبل أشياء‪..‬ذات حرة مردة بدون‬
‫مقاومات من أي نوع ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و القارئ ينسى أن الرية تفقد معناها بجرد سقوط القاومات حولا لن انعدام القاومات حول‬
‫وامتلكي لكل شيء ف وقت معناه انتفاء كل نقص عندي ومعناه كمال لن أصبح الكل ف‬
‫الكل‪..‬وبالتال تنعدم مطالب و رغبات لن الطالب والرغبات منبعها احتياجات ‪.‬‬
‫و بانعدام الرغبة والقاومة يسقط معن الرية لنا تكون استهدافا فارغا إل ل شيء وتكون هي ذاتا‬
‫ل شيء‪.‬‬
‫إن مشكلة الرية ترتبط دائما تتأجج ف الصدر و مقاومة تقف ف سبيلها‪..‬‬
‫وتتأكد الرية بانيار القومة وتراجعها أمام الرادة ‪..‬‬
‫بذه الصورة الدلية تكشف الرية عن مدلولا ف الواقع ‪.‬‬
‫أما النسان الوحد النفرد الذي تلشت من أمامه الظروف و القاومات و انعدم كل شيء حوله ‪..‬‬
‫و أصبح هو الكل ف الكل ‪ ..‬و اشتمل على العال ف ذاته ‪ ..‬و تول إل إله ‪ ..‬ماذا يطلب هذا‬
‫الكائن و أي شيء يعترض مطلبه لتصبح حريته أو عدم حريته مل سؤال ‪.‬‬
‫أين الصراع الذي تكشف الرية مدلولا من خلله ‪.‬‬
‫إن مثل هذا الكائن ل يتحرك و ل يرغب و ل يأكل و ل يشرب و ل ينمو و ل يكب و ل يوت و‬
‫ل يولد ‪.‬‬
‫إنه يعيش ف سكون و أبد و عال بل زمان و بل مكان و كلمة الرية بالنسبة له هي غي الرية الت‬
‫نعرفها و نتكلم عنها ف عاملنا ‪..‬‬
‫ماذا يطلب و هو الستغن الكتفي بذاته ‪..‬‬
‫إن الرية الت تتداولا كلمة بشرية صرفة ‪ ..‬كلمة ل معن لا إل بوجود القيود ‪ ..‬بوجود القاومات‬
‫‪ ..‬بوجود الظروف الت يصرخ منها القراء و يضجون و يشتكون ‪.‬‬
‫أن نطلق التمية الضروب حولم هو الذي يعل لريتهم معن و ليس هو الذي يهدمها كما يظنون‬
‫‪ ..‬لن الرية تعب عن نفسها باختراق الظروف و زحزحة القاومات و هدم العبقات ‪..‬‬
‫الرية عملية مرتبطة باحتكاك النسان ببيئته و بظروفه و يلغيها أن يصبح النسان إلة ‪..‬‬
‫إن السؤال الهم هو ‪:‬‬
‫هل تذوب القاومات مع الزمن ‪..‬‬
‫هل تتقهقر العقبات ‪ ..‬عقبة خلق أخرى تت ضغط إرادة و أسرار النسان أم أن كل حياتنا‬
‫كالارة السد ‪..‬‬
‫و الواب نعم ‪ ..‬تتقهقر العقبات ‪ ..‬و يتقدم العلم و يتحكم ف الر و البد و الريح و الاء و يطور‬
‫القواني و النظمة إل أحسن و أحسن ‪..‬‬
‫و ف هذا دليل واقعي أكيد على حرية النسان ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫***‬

‫اضغط على الزر الكهربائي ف غرفتك فينتشر الضوء و ينهزم الظلم‪.‬‬


‫أل تس أن هذا الكسب العلمي البسيط أضاف إل حريتك ومثل هذا الكسب ألوف غيه تنتفع با‬
‫كل لظة ‪ ..‬حينما تضع رجلك ف ترام أو تدخل سينما أو تقرأ كتابا أو تتحدث ف تليفون ‪.‬‬
‫ان كل شيء يصرخ ف أذنيك بأن الرية حقيقة والتاريخ يلهث جريا إل المام ليؤكد لك أنك حر‬
‫‪ ..‬والقمار الصناعية نتف ف الفضاء بأن من يتهد يصل وأن الطريق مفتوح أمام إرادة البشر‪.‬‬
‫وما القدر إل مرد واسطة تكشف با الرية عن ذاتا وتؤكد وجودها ‪..‬‬

‫***‬
‫ويصرخ القارئ قائلً‪ ..‬هل أنا حر وأنا ل أكاد أملك الكفاف فيثي بذلك قضية الرية بعناها‬
‫الجتماعي ‪ ..‬وكيف أنه ل حرية لن ل يلك القوت‪ ..‬وأن توفي القوت ف ذات الوقت توفي‬
‫الرية‪..‬‬
‫والسؤال هو ما هذا القوت الطلوب توفيه‪.‬‬
‫أهو مائدة علبها لم وخبز وأرز وفواكه وثلجة لفظ هذه الطعمة وعربة ليقضي كل منا مشاويره‬
‫سعيا لمع هذا القوت ‪.‬‬
‫إن كان هذا هو القوت الطلوب فإن توفيه لن يكون توفيا للحرية وإنا سيكون تبديدا لا‪ ..‬ومعناه‬
‫أن يكون النسان ف خدمة الطعام وليس الطعام ف خدمة النسان‪ ..‬معناه تبديد الوقت والهد‬
‫والفكر لتحقيق الوفرة الادية ومعناه أن يصبح النسان ف النهاية عبدا لذه الوفرة ويفقد حريته‪..‬‬
‫أما إذا كان القصود بالقوت هو الكفاف فإن القضية صادقة فحي ل توجد كسرة البز ل توجد‬
‫حرية ‪..‬‬
‫و لكن إذا توفرت هذه الكسرة وهذا ميسور فالبحث عن الزيد ليس كسبا لرية وإنا إضاعة لا‪..‬‬
‫ولقد كان غاندي أكثر الناس حرية وهو يسعى حافيا على قدميه ل يلك إل مغزل صوف يدوي‬
‫وكيس به بضع ثرات وعنة يشرب من لبنها ويصنع من صوفها ثيابه‪.‬‬
‫وكذلك كان ممد والسيح‪ ..‬والحرار العظام الذين صنعوا لنا حرياتنا وغيوا التاريخ‪..‬‬
‫وشرط الرية هنا هو الكفاف لن أكثر من هذا الضوع لعبودية البطن كما أن إضاعة العمر ف‬
‫الري وراء النساء هو خضوع لعبودية الشهوة‪..‬‬

‫‪36‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ول يق للقارئ أن يصرخ لنه ل يلك إل الكفاف قائلً لقد فقدت حريت‪..‬أين حريت‪..‬‬
‫بل لقد وجدت حريتك ما دمت قد وجدت الكفاف‪..‬فما يزيد على الكفاف ليس حرية بل‬
‫عبودية‪..‬‬

‫***‬
‫أما العتراض بأن الخلق قيود على الرية‪ ..‬والقانون قيد على الرية والضوابط الدينية قيود على‬
‫الرية فهو غي صحيح فكل هذه الضوابط مثل إشارات الرور الحر والخضر والصفر‪.‬‬
‫وبدون إشارات الرور تتصادم العربات ويقف الرور ويفقد كل سائق حريته‪.‬‬
‫إنا ضوابط هدفها إتاحة الفرصة لكب قدر من الرية وليس مصادرة للحرية‪ ..‬وإنا الرية تستحيل‬
‫بدونا لن الجتمع يتحول إل غابة ويأكل بعضه بعضا ويهلك‪..‬‬
‫وأنت حينما تقيم الضوابط على شهوتك تكسب حريتك لنك تصبح سيد نفسك ل عبد الغريزة‬
‫الت تطيح بعقلك ف لظات‪..‬وبالثل الشجاع أكثر حرية من البان وأكثر حرية من القهور‪.‬‬
‫والكري أكثر حرية من البخيل وأكثر حرية من السفيه‪.‬‬
‫والصبور أكثر حرية من الذوع اللوع‪.‬‬
‫أما حرية القمار والسكر وتدخي الخدرات والتبذل النسي فهي ليست حريات‪..‬إنا درجات من‬
‫النتحار وإهدار الياة وبالتال إهدار الرية‪..‬‬
‫وكل اختيار ضد القانون الطبيعي ليس اختيارا وإنا إهدار الختيار‪.‬‬
‫وكلنا نعلم أننا إذا أردنا أن نزداد حرية ونن نسبح نتار السباحة مع التيار وليس ضد التيار‪.‬‬
‫وحينما وضع النسان الول مروحة ف اتاه الريح دارت الروحة واستطاع بذلك أن يصنع طواحي‬
‫هوائية يسخر فيها الطبيعة لدمته وبذلك ازداد حرية‪.‬‬
‫وهو الن يضع التوربينات ف مساقط الياه ويولد الكهرباء‪.‬‬
‫الرية كانت دائما هي اكتشاف القانون الطبيعي والعمل ف اتاهه وليس العمل ضده‪.‬‬
‫وهي بالثل اكتشاف قواني السم والنفس والروح والعمل ف اتاهها بالخلق واحترام الخرين‬
‫والتدين وطاعة القواني‪.‬‬
‫أما القارئ الذي يتحدان قائلً‪:‬‬

‫***‬
‫هل اخترت شكلك وطولك وعرضك‪..‬‬

‫‪37‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫فأن أقول له ل أختر شكلي ول طول ول عرضي‪..‬ول أرى هذه الشياء قيودا على حريت‪..‬بل أراها‬
‫على العكس أدوات حريت‪.‬‬
‫فالسم هو أداة الرادة ف بلوغ أغراضها‪.‬‬
‫وهو ل يكون قيدا إل ف حالة الرض فإنه يتحول إل سجن ولكن ال أعطانا العقل لنتغلب على‬
‫أمراضنا بالتداوي والراحة‪.‬‬
‫ونن نتقدم ف هذه اليادين كل يوم‪.‬‬
‫ويبقى بعد ذلك اللغز الزل‪..‬ف علقة النسان بال‪..‬كيف يكون النسان حرا و هو من أمر ال و‬
‫كل ما يفعله بقضائه و قدره ‪ ,‬ث كيف ياسب بعد ذلك و أخطاؤه مقدورة عليه ‪.‬‬
‫و هو لغز القدر الذي حثت الديان على البعد عن الوض فيه لن الواب ل يكن أن يأت إل‬
‫مكاشفة ً و إلاما عن طريق القلب و ليس العقل ‪ ..‬و لن العول فيه على إيان الؤمن ل فلسفة‬
‫الفيلسوف ‪ ..‬لن العقل فيه ل يدي و الفلسفة ل تنجد ‪.‬‬
‫و إنا ل بد أن يشف القلب و ترق الواس لترتفع الجب و يستطيع النسان أن يرى بعي البصية‬
‫و ليس بعينه البشرية و يتجاوز سجن الواقع الحدود بالسباب و السببات ليطل على ما وراءه ‪.‬‬
‫لن الواب الكامل يتاج إل معرفة علقة الروح بالقها و هو أمر مجوب ‪.‬‬
‫و لكن هناك كلمات قليلة يكن أن تقال كدليل طريق ‪.‬‬
‫فالنسان حر هذا صحيح و لكن حريته ملوقة أي مقدورة عليه ‪..‬‬
‫و هذا أشبه بأن نقول أنه مكوم عليه بالرية مضطر للختيار و هذا يضعه ف منلة بي منلتي ‪.‬‬
‫فهو ليس حرا حرية ال الطلقة ‪.‬‬
‫و هو ليس مقهورا مسيا مبورا جب الادة العمياء ‪.‬‬
‫و حينما نقول أن النار تأكل الطب فهذه علقة جبية حتمية ‪.‬‬
‫أي أنا ل بد أن تأكل الطب حتما فل يكن أن تكون مسؤولة ‪.‬‬
‫و الادة كلها ترسف ف هذه التميات ‪.‬‬
‫و النسان ليس ميسرا بذه الدرجة ‪.‬‬
‫و ل هو حر حرية ال الطلقة ‪.‬‬
‫إنا هو ف منلة بي النلتي ‪.‬‬
‫فهو مي فيما يعلم ‪ ,‬مسي فيما ل يعلم ‪.‬‬
‫أو هو بكلمة أدق مي مسي ف ذات اللحظة و هذا هو ما نسميه بالرية البشرية و لذا أيضا فهو‬
‫مسؤول بدرجة و ليس مسؤو ًل بشكل مطلق ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫فكما أن القاضي يكم و يدخل ف اعتباره الظروف و الدواعي و الغريات و الضغوط النفسية‬
‫فيخفف و يشدد بناء على هذه العتبارات ‪ ..‬كذلك يكم القاضي الزل الذي الذي ل يفى عليه‬
‫شيء ‪.‬‬
‫و لكن لن يكون النسان غي مسؤول لن مقامه ليس مقام الادة العمياء ‪..‬‬
‫و ال ل يأمر الظال أن يظلم ‪..‬‬
‫و إنا هو يعلم أنه سوف يظلم بكم أنه ميط بكل شيء علما ‪.‬‬
‫و فارق بي سبق العلم و بي الكراه ‪.‬‬
‫ال أعطانا الرية و هو يعلم منذ الزل ماذا سنفعله بذه الرية ‪.‬‬
‫و هو الذي يقول لنا أنه ل يغي ما بقوم حت يغيوا ما بأنفسهم ‪.‬‬
‫و يقول لنبيه ‪ .‬ل إكراه ف الدين ‪..‬‬
‫لنه ل يتدخل و ل يب لحد أن يتدخل بإكراه النفوس على غي طبائعها لن ذلك يتناف مع قدسية‬
‫الرية الت أرادها لا ‪.‬‬
‫إذن الرية حقيقة ‪..‬‬
‫و لن هذه الرية هي إرادة ال فهي جب و اختيار ف ذات الوقت ‪.‬‬
‫و إنا تكون الرحة اللية بأن تد النفس تيسيات من جنس طبعها ((كل إنسان مسي لا خلق له)) ‪.‬‬
‫و لذا ل يتناف التدخل اللي مع الرية بل يؤكدها ‪.‬‬
‫إن كل نفس تد جيع الظروف ميسرة لتفصح عن مكوناتا و تقق ذاتا بالي و الشر ‪ ..‬لتكون‬
‫كما هي ‪..‬‬
‫أما كيف يلق ال واحدا ليظلم كما يلق آخر ليعدل فتفسيه أن إرادة ال مطلقة فهو يريد الحبوب‬
‫كما يريد الكروه ‪.‬‬
‫و لكن قضت عدالته بعد ذلك أن يتار من يب لا يب و أن يتار من يكره لا يكره ‪ ..‬فاختار‬
‫الشرير للظلم و الي للعدل ‪..‬‬
‫و لو أنه اختار الشرير ليعدل و الي ليظلم ‪ ..‬لنقلب اليزان و هذا مستحيل ف حقه فهو كامل ف‬
‫عدالته ‪.‬‬
‫هذه مرد إشارات ‪ ..‬أما كمال العلم فهو من أمور البصية ‪ ..‬و ما ل تنفع فيه الكلمات العادية‬
‫البتذلة التعبي ‪.‬‬
‫و كشف جيع جوانب اللغز و إدراك معقولية التناقض ‪ ..‬و كيف أن ((النسان مي مسي)) ف ذات‬
‫اللحظة ‪ ..‬ه رهن بالجاهدة و انفتاح القلب و شفافية الروح و ليس من علوم الكلم ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫النوم‬
‫_______________________________‬
‫أنت حينما تنام ‪ ..‬تتحول إلى شجرة ‪..‬‬

‫هناك زر كهربائي ف الخ ينطفئ ف لظة النوم ‪ ..‬فيسود الظلم و تسود الغيبوبة ‪ ..‬و تر السخصية‬
‫بالة غرق و يتحول النسان إل شجرة ‪ ..‬إل نبات بدائي ‪ ..‬إل شيء تستمر فيه الياة على شكل‬
‫وظائف ‪ ..‬دورة الدم تري ‪ ..‬النفس يتردد ‪ ..‬الليا تفرز ‪ ..‬المعاء تضم ‪ ..‬كل هذا يتم بطريقة‬
‫تلقائية و السد مدد بل حراك ‪ ..‬تاما مثل نبات مغروس ف الرض تري فيه العصارة و تنمو‬
‫الليا و تتنفس من أكسوجي الو ‪.‬‬
‫إنا لظة غريبة يسقط فيها السد ف هوة التعب و العجز ‪.‬‬
‫و يستحيل عليه التعبي عن روحه و معنوياته الراقية فيأخذ إجازة ‪ ..‬و يعود مليي السني إل الوراء‬
‫‪ ..‬ليعيش بطريقة بدائية كما كان يعيش النبات ‪ ..‬حياة مرية ل تكلف جهدا ‪..‬‬
‫إن سر الوت يكمن ف لغز النوم ‪ ..‬لن النوم هو نصف الطريق إل الوت ‪ ,‬نصف النسان الراقي‬
‫يوت أثناء النوم ‪ ..‬شخصيته توت ‪ ..‬عقله يوت ‪ ..‬و يتحول إل كائن منحط مثل السفنج و‬
‫الطحلب يتنفس و ينمو بل وعي ‪ ..‬و كأنه فقد الروح ‪.‬‬
‫إنه يقطع نصف الطريق إل التراب ‪ ..‬و يعود مليون سنة إل اللف ‪..‬‬
‫يعود عقله الواعي إل ينبوعه الباطن ‪ .‬و تعود شخصيته الواعية إل ينبوعها الطبيعي الذي يعمل ف‬
‫غيبوبة كما تعمل العصارة ف لاء الشجر ‪ ..‬و يلتقي النسان باماته الطبيعية ‪ ..‬بسده و ترابه و‬
‫مادته و الزء اللوعي من وجوده ‪..‬‬
‫إن الشعراء يقولون أن لظات النهار سطحية لن ألوان النهار الباقة تطف النتباه ‪ ..‬و لظات‬
‫الليل عميقة لن الليل يهتك هذا الستار الباق و يفك أغلل النتباه فيغوص ف أعماق الشياء ‪..‬‬
‫و أنا أقول أن لظة النعاس هي أعمق اللحظات لنا تتك ستارا آخر و هو ستار اللفة ‪.‬‬
‫النعاس يحو اللفة بين و بي الشياء فتبدو غريبة مدهشة ما يدعون أحيانا إل التساؤل ‪ ..‬و أنا‬
‫أنظر حول ف غرفة نومي بي النوم و اليقظة ‪ ..‬و أهس ‪ :‬أنا في ؟ ‪..‬‬

‫‪40‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن ل أتعرف على سريري ‪ ..‬و ل أتعرف على دولب ‪ ..‬و تسقط اللفة تاما بين و بي غرفت‬
‫فتبدو غريبة ‪..‬‬
‫و هذه اللحظة عميقة ‪ ..‬لن العقل يرج فيها من إطار ظروفه و يتحرر من اللفة تاما بين و بي‬
‫غرفت فتبدو غريبة ‪..‬‬
‫و هذه اللحظة لظة عميقة ‪ ..‬لن العقل يرج فيها من إطار ظروفه و يتحرر من اللفة و التعود و‬
‫الحكام العادية و ينظر حوله من جديد ‪ ..‬ليصدر أحكاما جديدة أكثر تررا ‪ ..‬و إلاما ‪.‬‬
‫و النبياء كانوا يتلقون إلامهم ف هذه اللحظة ‪ ..‬و كأن الوحي يأتيهم بي النعاس و الغيبوبة ‪..‬‬
‫و نيوتن اكتشف قانون الاذبية ف هذه اللحظة ‪ ..‬و هو ينظر بعي نعسانة إل تفاحة تسقط من‬
‫الشجرة ‪ ..‬لقد أحس أن سقوط التفاحة أمر غي مألوف ‪ ..‬و أن التفاحة ل يكن أن تسقط على‬
‫الرض ‪ ..‬و إنا الرض هب الت يب أن تذبا ‪..‬‬
‫و كل الخترعي و الؤلفي و الشعراء و الفكرين ‪ ..‬تفتقت أذهانم ف هذه اللحظة ‪ ..‬لنا اللحظة‬
‫الرجة الت سقط فيها الألوف ‪ ..‬و العتاد ‪ ..‬و لعت الياة بالدهشة ‪ ..‬و برق العقل بأسئلة جديدة‬
‫تاما ‪ ..‬ل يكن ليلقيها لو كان ف كامل يقظته ‪ ..‬و كامل ارتباطه بالشياء ‪..‬‬
‫و الفرق بي النب ‪ ..‬و العبقري ‪ ..‬ف تلك اللحظة هي مساحة الرؤيا الت تنكشف لكل واحد ‪.‬‬
‫النب يشبه جهاز تلفزيون به مليون صمام ‪ ..‬مساحة الرؤيا فيه شاسعة ‪ ..‬و قدرة استقباله كبية ‪..‬‬
‫فهو يستطيع أن يستقبل صورا من الريخ على شاشة بانورامية عريضة لنه مؤيد بوسائل إلية ‪.‬‬
‫و العبقري هو جهاز ترانزيستور صغي يكاد يستمع إل مطة القاهرة بالسعودية ‪ ..‬لنه يعتمد على‬
‫اجتهاد الاطر الذي قد يطئ و قد يصيب ‪..‬‬
‫و لكن الثني يسبحان جنبا إل جنب ف بر القائق ‪.‬‬

‫***‬
‫و النوم ف حقيقته يقظة عميقة ‪ .‬تتيقظ فيه الوظائف الصلية و ‪ ..‬فتنتظم دورة الدم ‪ ..‬و ينتظم‬
‫التنفس ‪ ..‬و ينتظم الضم ‪ ..‬و المتصاص و الفراز و يتوقف الدم ‪ ..‬و يبدأ النمو و البناء و يقل‬
‫الحتراق الذي يدث ف النهار ‪.‬‬
‫و تتيقظ رغبات أكثر أصالة من رغبات النهار ‪..‬‬
‫الغرائز كلها تتيقظ وتعمل‪..‬وتنشر نشاطها ف الحلم‪..‬وتفضح نزواتا على مسرح رمزي مبهم ل‬
‫يستطيع فك رموزه وطلسه إل صاحبه‪.‬‬
‫ويدخل النوم بعد هذا ف مرحلة أعمق‪ ..‬هي النوم الثقيل‪..‬وهي مرحلة تلو من الحساس تاما‪..‬‬
‫وتلو من الحلم أيضا‪ ..‬مرحلة من الظلم‪ ..‬والعدم‪ ..‬وهوةّ بعيدة الغور‪ ..‬ومساحة مشطوبة من‬

‫‪41‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الياة‪ ..‬ليس فيها وعي ول زمن‪..‬ول مكان‪..‬العشر ساعات تر فيها كلمح الطرف بي غمضة العي‬
‫وانتباهتها‪ ..‬بدون إحساس بالدة‪ ..‬وكأن خيط العمر انقطع فجأة‪ ..‬كما يدث حينما نقطع أشرطة‬
‫التسجيل ث نوصلها من جديد ليستمر سياق الكلم كما نريد‪.‬‬
‫السياق الزمن ف النوم غريب‪.‬‬
‫إنه زمن آخر غي زمن الساعة‪ ..‬فاللم قد يتوي على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إل‬
‫زواج إل طلق إل جرية ومع هذا ليستغرق بساب الساعة أكثر من ثانية‪..‬‬
‫والعكس يدث أحيانا فتمر على النائم عشر ساعات وف ظنه أن عقرب الساعة ل يتحرك إل دقائق‬
‫معدودة‪..‬‬
‫الزمن يتخلص من قيود الساعة أثناء النوم‪..‬ويضع لتقدير آخر هو تقدير الخيلة الت توسع وتضيق‬
‫فيه على حسب ازدحامها بالوادث والرغبات‪.‬‬
‫إنه من صناعة النائم وخلقه‪ ..‬فهو ذات صرف‪..‬‬
‫النائم كالفنان الذي يؤلف قصة‪ .‬يلق زمن القصة كما يريد‪ .‬ويعيش ف قمقم خراف من أوهامه‪..‬‬
‫يتمطى فيه ويصرخ بالرغبة الت يبها‪ .‬ف حرية مطلقة تصل إل حد العبث‪.‬‬
‫ومعظم أحلمنا عبث ف عبث‪ ..‬وأمنيات مستحيلة‪ ..‬ولكننا نعيشها كما نريدها ونن نائمون‪.‬‬

‫***‬
‫والنوم أرخص أنواع الياة من حيث الكلفة‪ ..‬فمقدار السكر والكسوجي الذي يتاجه النائم‬
‫ليستمر ف الياة أقل بكثي من القدار الذي يتاجه ف اليقظة‪.‬‬
‫والنسان الذي يعيش مائة سنة بي نوم ويقظة يستطيع أن يعيش ثلثائة سنة إذا عمل على حسابه أن‬
‫ينامها كلها‪.‬‬

‫***‬
‫ومادة النوم رخيصة‪ ..‬لن النسان يقترب فيه من التراب‪ ..‬ويعود إل اللية الكيميائية التأصلة ف‬
‫خلياه من بداية الياة‪..‬‬

‫‪42‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫كيميا الياة‬
‫_______________________________‬
‫بين الحياة و الموت ‪ ..‬خيط رفيع‬

‫حينما دبت الياة على مسرح الدنيا منذ مليي السني ‪ ..‬كان السرح متلف كثيا عن حاله الن‬
‫‪ ..‬كانت الرض ساخنة و الو مثقلً بالبخار ‪ ..‬و ل يكن الكسجي بذه الكثرة و إنا كان نادرا‬
‫‪ ..‬و كان الغاز النتشر بكثرة هو اليدروجي و النوشادر و اليثان و أول أكسيد الكربون ‪ ..‬و كان‬
‫ومض البق و قرقعة الرعد و الضوء فوق البنفسجي و الشعاع الذري و الشحنات الكهربائية العالية‬
‫ل تنقطع ‪ ..‬و كانت الياه تغمر مساحات واسعة ف برك ضحلة ‪ ..‬و ل تكن الياه صافية رائقة يطفو‬
‫عليها الطحلب الخضر كمياه الغدران الن ‪ ..‬و إنا كانت مياها عكرة كثيفة كالساء مليئة‬
‫بأملح الفوسفور و الكالسيوم و الصوديوم و البوتاسيوم و الديد و الكبيت ‪..‬‬
‫ف هذا السرح الكيميائي النشط ‪ ..‬بدأت الياة ‪ ..‬و لذا ل بد لنا أن نتكلم قليلً ف الكيمياء ‪ ..‬و‬
‫ل بد للقارئ أن يتحمل معنا عناء رحلة ف ماهل عال الكيمياء ‪ ..‬إذا أراد أن يعرف سر وجوده ‪.‬‬

‫***‬
‫استطاعت العامل أن تثبت أن مادة الياة واحدة تقريبا ف كل الكائنات الية ‪ ..‬و أن الفوارق بي‬
‫تركيب لم المار و لم البن آدم و لم الشرة ‪ ..‬فوارق طفيفة ل تذكر ‪ ..‬و أن كل الواد الت‬
‫تتألف منها البنية الية ل ترج عن كونا سكريات و نشويات و دهنيات و بروتينات ‪.‬‬
‫و أثبتت العامل أيضا أن هذه الواد جيعها هي تعقيدات متلفة لادة واحدة و هي اليدروكربون ‪..‬‬
‫كل الواد الية مشتقات من مادة هيدروكربونية ‪ ..‬من غاو اليثان ‪ ..‬و هو غاز يتألف من الكربون‬
‫و اليدروجي ‪ ..‬فما هو الشيء السحري الذي جعل مادة الكربون بالذات هي الادة الختارة لنشأة‬
‫الياة ‪.‬‬
‫السر أن هذه الادة قلقة غي مستقرة ‪ ..‬غي مشبعة ‪ ..‬فيها قابلية ل نائية للرتباط بعدد ل نائي من‬
‫الركبات و البادلة عليها بذراتا ف كل وقت ‪..‬‬
‫و قد ثبت أن الواد الستقرة الت يسمونا ف الكيمياء الواد النبيلة كالذهب و البلتي و غاز اليليوم‬
‫و الرجون و الكربتون ‪ ..‬كل هذه الواد ظلت موادا عاطلة خاملة مثل المراء الاملي ‪ ..‬بدأت و‬
‫انتهت على حالا دون أن تعطي إمكانيات جديدة ‪ ..‬و السبب أن ذراتا مشبعة متوازنة مستقرة‬

‫‪43‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫لدرجة الوت ‪ ..‬و لذا ل يدخل أي واحد من هذه العناصر ف تركيب السم الي ‪ .‬و إنا اختارت‬
‫الياة مادة واحدة بعينها شديدة القلق ناقصة غي مشبعة كثية النفكاك و الرتباط بالواد حولا‬
‫لتكون مستقرا لا ‪ ..‬هي مادة الكربون لنا مستودع لطاقة كيماوية ل نائية و مل لتفاعلت ل‬
‫آخر لا ‪..‬‬
‫إنا هي ذاتا فيها صفات الياة ‪ ..‬الفاعلية و التحول و التكاثر و التعقد ‪..‬‬
‫إن مفتاح الياة هو ‪ ..‬الكربون ‪ ..‬لنه مادة جائعة غي مشبعة تنقصها أربعة إلكترونات ف مدارها‬
‫الذري لتصل إل الراحة و التوازن ‪ ..‬و لذا فهي دائما تدخل ف علقات و تفاعلت ماولة الوصول‬
‫إل هذا التوازن ‪ ..‬و تكون نتيجة هذه التفاعلت متتاليات كيميائية ل حصر لا ‪ ..‬تبدأ من غاو‬
‫اليثان ‪ ..‬اليدروكربون ‪ ..‬إل الواد الكربوهيدراتية كالسكريات و النشويات ‪ ..‬إل اللسرين و‬
‫الدهون ‪ ..‬إل البوتينات ‪.‬‬
‫كل هذه التتالية الية هي تعقيد و اشتقاق من مادة واحدة هي الكربون أو الفحم ‪..‬‬
‫و قدا قام ميللر بتقليد ظروف الياة الول ف العمل فأحدث تفريغا كهربائيا ف جو خال من‬
‫الكسجي و به ميثان و نشادر و بار ماء ‪ ..‬فكانت النتيجة مموعة مدهشة من الركبات العضوية‬
‫تشتمل على الحاض المينية ‪ ..‬و هي نواة البوتينات ‪.‬‬
‫و اختيار الياة لعنصر الكربون بالذات لتتخذ منه الطوب الذي تبن به معمارها اختيار فيه حكمة ‪..‬‬
‫لن الكربون عنصر نشيط ‪ ..‬احتمالته الكيميائية ل حصر لا ‪ ..‬و قد ثبت بالساب أن الزيء‬
‫الذي يتوي على عشرين ذرة من الكربون يكنه أن يعطي مليون صورة لتركيبات جديدة ‪.‬‬
‫إنه عنصر مثل الياة مفتوح على آفاق لنائية ‪ ..‬ذرة تزيد و ذرة تنقص ف اليثان تؤدي إل تركيب‬
‫الكلوروفورم ‪ ..‬الكحول ‪ ..‬النفتالي ‪ ..‬البنول ‪ ..‬إل ‪ ..‬مليي الواد المكنة ‪.‬‬
‫و كل مادة عضوية لا تعقيدات ‪.‬‬
‫سكر القصب و سكر الفاكهة و سكر الشعي كلها تعقيدات لسكر العنب البسيط اللوكوز ‪.‬‬
‫و زيت الزيتون و زيت بذرة القطن و زيت الفول السودان و زيت السمك و شحم النير و شحم‬
‫البقر ‪ ..‬كلها تعقيدات للجليسرين و الحاض الدهنية ‪..‬‬
‫و مادة الظافر و مادة اللد و مادة الشعر و مادة العظم و الغضاريف و العضلت و العصاب و‬
‫الدم و الريش و الجنحة و قشر الشرات و زلل البيض و الرمونات ‪ ..‬كلها تعقيدات و اشتقاقات‬
‫متلفة من الادة البوتينية ‪..‬‬
‫و أنواع البوتينات الت تتألف من ‪ 24‬حامض آمين يكنها أن تعطي إمكانيات مثل الت تعطيها‬
‫حروف الجاء الـ ‪ .. 26‬يكنها أن تعطي ألوف الكلمات و مليي المل ‪ ..‬كل جلة تتلف عن‬
‫الخرى لن تت يدها ‪ 24‬حرفا كيميائيا تصنع منها تباديل و توافيق ‪..‬‬

‫‪44‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و أهم مادة حية هي البوتي لن جزيء البوتي ثقيل فيه أكثر من خسة آلف ذرة ف التوسط ‪..‬‬
‫متعدد الحتمالت بدرجة مذهلة ‪.‬‬
‫و ذرات الادة البوتينية ل تعطي فقط إمكانيات متعددة للتوليف الكيماوي ‪ ..‬و لكنها أيضا ف‬
‫التحامها تصنع أشكا ًل متعددة من اللتحام ‪ .‬فهي تكون ملضومة أحيانا على شك ممعات كروية و‬
‫أحيانا على شكل سلسل حلزونية ‪ ..‬و أحيانا على شكل حبال مبومة كأسلك التلغراف و ف كل‬
‫مرة تؤدي إل شكل تركيب جديد ف وظيفته و طعمه و ملمسه مع أن التركيب الواحد ف الكل ‪..‬‬

‫***‬
‫و السؤال الثان الذي خطر ببال الكيميائيي هو الاء ‪ ..‬سر الاء ‪..‬‬
‫لاذا تبدو الياة كأنا منقوعة كلها ف الاء ‪.‬‬
‫لاذا يؤلف الاء معظم النسيج الي ‪ ..‬و لاذا يدخل كشرط ف كل بنية حية ‪..‬‬
‫لقد تعودنا أن نتعلم ف الدارس أن الاء سائل ل طعم له و ل لون و ل رائحة ‪ ..‬و هذه أكذوبة‬
‫كبى ‪ ..‬لن الاء هو أكثر السوائل نشاطا لن تركيبه هو الخر تركيب قلق غي مستقر غي مشبع ‪.‬‬
‫أثبت الفحص الذري للماء أن ذرة اليدروجي ف جزيئه عارية بدون إلكترونات ‪ ..‬و لذا كانت‬
‫شديدة الشوق إل استعارة الكترونات من أي مادة تلمسها ‪ ..‬و هذا سر قدرة الاء على إذابة الواد‬
‫و التفاعل معها و تليها إل إيواناتا ‪.‬‬
‫ل ‪ ..‬و ليس عدي الطعم ‪ ..‬عدي النشاط ‪.‬‬ ‫الاء ليس خام ً‬
‫الاء توازنه الكهربائي ناقص ‪ ..‬و لذا فهو يروي من العطش أن له طعما حيويا ‪..‬‬
‫بدليل أن الاء الثقيل الشبع ل يروي ‪ ..‬و إذا شربت منه صفيحة فإنك ل بد هالك عطشا ‪.‬‬
‫و الاء له فعل آخر ‪ ..‬إنه يول مادة البوتي إل كتل غروية جيلتينية ف حالة تاسك كهربائي ل‬
‫هو بالتجب و ل هو بالتخشر ‪ ..‬و بذا يصنع خامة حية شديدة الساسية و عدم الثبات و القلق و‬
‫التغي و التحول ‪.‬‬
‫هذا البحث يثبت لنا ف النهاية أن مادة الياة فيها حياة ‪ ..‬فيها صفات الياة ‪ ..‬و أن نشأة الياة من‬
‫مركبات الكربون و الاء ل تكن مصادفة ‪ ..‬و أن الياة لو ل تنشأ من الكربون لنشأت من الكربون‬
‫‪ ..‬و أن الحتمال أكب من أن يكون مرد خبطة عشوائية ‪.‬‬
‫إنه ضرورة ‪..‬‬
‫و هذا يعلنا نسأل ‪ ..‬ما هي الادة ‪..‬‬
‫و ما حقيقتها ‪!! ..‬؟‬

‫‪45‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫التراب‬
‫_______________________________‬
‫إن ذرة التراب ليست شيئاً تافهاً ‪..‬‬
‫إن فيها حركة ‪ ..‬و فيها نبض ‪..‬‬
‫ل ؟!! ‪..‬‬
‫هل الادة شيء جامد فع ً‬
‫هل هي كتلة من السكون و المود و الوت ‪ ..‬عدية النشاط و الفاعلية ‪..‬‬
‫ل ‪..‬‬
‫إن هذه كذبة ‪..‬‬
‫و كلمة جاد نفسها أكب كذبة ‪..‬‬
‫إن الماد ف حقيقته غي جامد و ل حت سائل ‪ ..‬إنه ملخل من داخله و مؤلف من منظومات هائلة‬
‫من الذرات و الزيئات تسبح ف فراغ أثيي ‪..‬‬
‫و الزيء هو معمار من الذرات ‪..‬‬
‫و الذرات نفسها معمار جيل من جسيمات صغية نووية تدور حولا كهارب غاية ف الصغر منتظمة‬
‫ف أفلك ‪.‬‬
‫والذرات والزيئات مترابطة مع بعضها بقواني من الذب والتنافر تشدها إل بعضها دون أن تسمح‬
‫لا بأن تصطدم ببعضها وتذوب وتفقد شكلها وشخصيتها‪..‬‬
‫إنا كالشمس ومنظومتها الكبى من القمار والكواكب‪..‬تترابط بالاذبية‪ ..‬ولكنها جاذبية ل تزيد‬
‫إل القدر الذي يؤدي إل تلحها وفنائها ف بعضها‪..‬وإنا هي جاذبية يعادلا تنافر يؤدي إل احتفاظ‬
‫هذه الجرام السماوية بأشكالا وشخصياتا‪..‬‬
‫وهي تدور حول بعضها‪..‬كم تدور كهارب الذرات‪ ..‬وكما يدور كل شيء ف العال حيا وميتا‪..‬‬
‫ل وغازيا‪..‬‬‫جامدا وسائ ً‬
‫ول فرق بي جامد وسائل وغازي‪ ,‬إل ف سرعة الدوران‪ ..‬السائل ذراته أسرع‪ ..‬والغاز ذراته أسرع‬
‫جدا‪ ..‬ولذلك تتفكك جدا وتصبح هباءً منثورا‪ ..‬أو بالتعبي الساذج‪ ..‬هواء‪.‬‬
‫إن ما يبدو من شكل التراب على أنه شيء عشوائي فوضوي غي مرتب بل شكل ول نظام‪ ..‬هو‬
‫مظهر غي صحيح‪ ..‬فالتراب أدق دقائقه فيه نظام‪ ..‬وله شكل‪ ..‬وله ترتيب وتفصيل‪.‬وفيه حركة‬
‫مبثوثة ف ذراته‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وكل شيء ف الكون له صورة ونظام وتفصيل وفيه نبض‪ ..‬وهنا يبدو الفاصل بي الي واليت‬
‫ل رفيعا‪ ..‬وهو يزداد شفافية كلما نظرنا بتعمق ف طبيعة الادة‪..‬‬ ‫فاص ً‬
‫فالادة ليست ف حالة حركة فقط‪ ..‬وإنا هي ف حالة حركة هادفة أيضا‪..‬‬
‫إن ذرات الكربون غي الشبعة تتحرك هادفة نو التشبع والتوازن وتعقد علقات وتراكيب وتفاعلت‬
‫مع الواد الخرى بذا القصد ‪..‬‬
‫ومعن هذا أن تركيب الادة فيه نظام وحركة وهدف ‪..‬‬
‫وليس هذا فقط بل أن تكوينات الادة فيها طابع الشخصية والتفرد أحيانا ‪ ..‬وهي تلتزم طابعها‬
‫وتافظ عليه ‪ ..‬فمادة كبيتات النحاس تنظم نفسها ف بلورات مددة ذات شكل مدد وهي تدد‬
‫نفسها ف الحاليل بنفس الشكل دائما ‪ ..‬وهي تنمو ف الحاليل وإذا قطعت بلورة منها إل جزئي‬
‫فإن كل جزء ينمو متفظا بطابعه ‪.‬‬
‫وأغلب الواد العضوية وغي العضوية لا بلورات ميزة تعرف با كما يعرف الشخاص ببصمات‬
‫أصابعهم ‪..‬‬
‫الديد له بلورات ‪ ..‬والنيكل له بلورات ‪ ..‬والسليكا لا بلورات ‪ ..‬والصخور _ من كل نوع _لا‬
‫بلورات ‪..‬‬
‫ل ‪..‬‬
‫والذي شاهد هذه البلورات تت اليكروسكوب يشهد أن فيها جالً هندسيا قد استوقفه طوي ً‬
‫و معن هذا أن الادة الامدة اليتة ‪ ..‬فيها حركة ‪ ..‬و استهداف نو التوازن ‪ ..‬و النظام ‪ ..‬و المال‬
‫‪ ..‬و التفرد ‪ ..‬و التبلور ‪..‬‬
‫و هذه الصفات تكسر السد القائم بي الياة و الوت ‪ ..‬و تكشف صلحيات الياة ف الادة الامدة‬
‫اليتة ‪..‬‬
‫إنا ل تصبح مادة فارغة مهوشة ‪ ..‬و إنا تصبح منظومة لا صورة ‪.‬‬
‫و الفرق بي الياة و الوت يصبح فارقا ف درجة ‪ ..‬فارقا ف درجة التعقيد ‪ ..‬و ف درجة التركيب‬
‫‪ ..‬و ف درجة النتظام ف صورة منفردة ‪.‬‬
‫إن منظومة الياة هي منظومة غاية ف تعقد التركيب و غاية ف التخصص ‪.‬‬
‫و لكن إمكانيات هذه الياة الرفيعة التخصصة باطنة ف الادة ‪..‬‬
‫و ل يعن هذا أن الي ميت ‪ ..‬و اليت حي ‪ ..‬و إنا يعن أن الصلة غي مقطوعة بي الادة الية و‬
‫اليتة ‪ ..‬يعن أن العال متدامج ف وحدة و منبثق من أصل واحد و طبيعة واحدة يعن أن الروح مبثوثة‬
‫فيه كله ‪ ..‬و العقل باطن ف كل تضاعيفه ‪ ..‬بشكل جعله كله مصورا ف تراكيب و أناط و قوالب‬
‫و طرز فيها نظام و قانون و جال ‪ ..‬و مهما بلغت الفروق بي هذه القوالب و الطرز و الناط الية‬

‫‪47‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و اليتة ‪ ..‬فإن التعمق ف فهمها يردها جيعا إل أصلها الواحد و جذعها الشترك الذي انبثقت منه ‪..‬‬
‫إنه يكشف عن تشابها جيعا ‪ ..‬و وحدتا الوهرية ‪.‬‬
‫إن الكون يت لبعضه بصلة القرابة ‪.‬‬
‫نن و الشمس و القمر و الثعبان و اليكروب أولد عمومة واحدة ‪..‬‬
‫و حينما اكتشف داروين عن تأصل النواع جيعها ف نظريته عن التطور ‪ ..‬ضحك عليه الناس ‪..‬‬
‫كيف يكون القرد و النسان أولد عمومة واحدة ‪.‬‬
‫و لكن داروين برهن بالدراسة التشريية أن السألة ليست نكتة و أن التركيب التشريي و السلوك‬
‫الوظيفي للحيوانات و النباتات و الحياء جيعها يسلكها ف عقد عائلي واحد ‪.‬‬
‫و داروين ل يكن يلم أنه بعد أن يوت و يشبع موتا سوف يد براهي أكثر خطرا من براهينه عن‬
‫تأصل النواع ‪..‬‬
‫و لكن هذا ما هو حدث ‪ ..‬ففي الجال الكيميائي ثبت أن كل الحياء ذوات نسيج تركيب واحد ‪..‬‬
‫كلها منظومة كربونية ‪..‬‬
‫و ثبت أيضا أنا تمل شبها تفصيليا أكثر دقة ‪ ..‬فجميعها مؤلفة من جزيئات ذات ترتيب يساري‬
‫‪..‬‬
‫ث كشفت الدراسة التفصيلية للذر عن تشابات أعمق ف الكون كله ‪ ..‬أحيائه و أمواته ‪ ..‬فالكون‬
‫كله منظوم نابض هادف فيه جال و قانون و إيقاع بديع ‪..‬‬
‫و بذا امتدت صلة القرابة الت كشفها داروين بي الحياء فاشتملت على الموات أيضا و سلكت‬
‫الكون كله ف وحدة واحدة ‪ ..‬و جوهر واحد ‪ ..‬و أصبح الفارق بي شكسبي و هو يبدع أشعاره‬
‫و بي الحار و هو يبدع صدفته و بي الادة الامدة و هي تبدع بلورتا الندسية ‪ ..‬فارقا ف الدرجة‬
‫‪..‬‬

‫***‬
‫الكون هرم يتربع النسان على قمته ‪ ..‬و لكن كل حجر من حجارة الرم مرحلة من هذا النظام‬
‫البديع الذي كان تتويه النهائي النسان ‪.‬‬
‫و هو تتويج مؤقت ‪ ..‬لن الوجود دائب على البداع و سوف يعلو إل ما هو أكثر تفوقا و نظاما و‬
‫روحا من النسان ‪..‬‬
‫إن أدرت بصري ف الكون من أصغر ذراته إل أضخم شوسه و من أدن ميكروباته إل أسى ملوقاته‬
‫‪ ..‬و من ترابه إل ذهبه و ماساته و للئه ‪ ..‬وجدت النظام ‪ ..‬و المال ‪.‬‬
‫إن ال متجل ف الكون كله ‪..‬‬

‫‪48‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫رأس النملة‬
‫_______________________________‬
‫حتى الوردة فيها عقل ‪..‬‬

‫اسعوا ‪ ..‬هذه ليست نكتة ‪..‬‬


‫إن الوردة فيها عقل ‪..‬‬
‫وسنبلة القمح فيها عقل ‪..‬‬
‫وشجرة البلوط فيها عقل ‪ ..‬وإن كان عقلً ثخينا مثل جذعها الثخي ‪.‬‬
‫إن حركة زهرة عباد الشمس وهي تلوي عنقها لتتجه نو الشمس ل تتلف كثيا عن حركة النحلة‬
‫وهي تطي ملقةً إل القل لتجمع العسل ‪ ..‬ول عن معركة النسان الواعية وهو يطي ليقتحم‬
‫الخاطر مستهدفا رسالةً سامية ‪..‬‬
‫أن بي الثلثة ترابطا حيويا ‪.‬‬
‫أن الثلثة منظومة متصلة اللقات الفارق بينها فارق ف الدرجة فقط ‪..‬‬
‫إن حركة عباد الشمس ف بساطتها ‪ ..‬عقل ‪ ..‬فما هو العقل ‪..‬‬
‫إنه قدرة تصرف وتكيف البيئة ‪..‬‬
‫إنه ف كلمات قليلة بسيطة ‪ ..‬القدرة على اتاذ موقف انتقائي أكثر ملئمة للحياة ف كل لظة ‪..‬‬
‫والزهرة حينما تلوي أوراقها نو الضوء تتخذ موقفا انتقائيا أكثر ملئمة لياتا ‪ ..‬إنا تتحرك حركة‬
‫عاقلة ‪..‬‬
‫ومعن هذا أن العقل ليس شيئا جديدا ف النسان ‪ ..‬إنه ف الطبيعة الية كلها ‪..‬‬
‫كل الفرق أن النسان لديه وسائل أكثر يتصرف با ويتال با على بلوغ أهدافه ‪..‬‬
‫النسان بكم كونه ملوقا معقدا يلك أجهزة متعددة كل منها على درجة فائقة من التخصص ‪..‬‬
‫فهو يلك يدين فيهما عشرة أصابع ‪ ..‬ويلك لسانا ناطقا ‪ ..‬ويلك عيني مبصرتي وأذني حادتي‬
‫‪ ..‬وبشرة حساسة ‪ ..‬وأنفا شاما ‪ .‬وكل هذه الجهزة ف خدمة عقله ‪..‬‬
‫النسان حيوان إقطاعي عنده عشرة آلف فدان من الواهب وعمارات من العصاب والواس‬
‫الرفهة ‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وهو لذا ظلم نفسه وظلم غيه من الخلوقات حينما اعتب نفسه الوحيد العاقل بينها ‪ ..‬وهذه خرافة‬
‫إقطاعية غي صحيحة ‪.‬‬
‫العقل باطن كامن ف كل الطبيعة الية ‪..‬‬
‫ومنذ أن نبضت الياة ف الميبا القية ذات اللية الواحدة ً وحركة هذه الميبا فيها كل الذر‬
‫والتلصص والبث وسوء النية الت ف النسان ‪ ..‬ل جديد ف النسان ‪ ..‬وإنا هناك التكامل فقط ‪.‬‬

‫***‬
‫و النفس ‪..‬‬
‫ما النفس ‪..‬‬
‫ما الغرائز ‪..‬‬
‫إنا الوافز البدائية الت كانت تفز اليوان ليسعى ف حياته ومعاشه ‪..‬‬
‫إنا الوافز البدائية الت كانت تفز اليوان ليسعى ف حياته و معاشه ‪..‬‬
‫الوع الذي يفزه إل الطعام ‪ ..‬و العطش الذي يفزه إل الشراب ‪ ..‬و النس الذي يفزه إل‬
‫التلقح و التكاثر ‪..‬‬
‫و هي نفس الوافز الت نشأت منها الوافز العصبية التعددة ف النسان ‪ ..‬الطمع و الوف و الزع‬
‫و الغضب و الكراهية و الب ‪ ..‬و هي مثلها ‪ ..‬مموعة إشعارات و إنذارات عصبية عن حاجات‬
‫البدن اللحة الضرورية ‪.‬‬
‫و عيب فرويد أنه وقف عند هذه الشعارات و الغرائز و الوافز و اعتبها مفتاح شخصية النسان و‬
‫مفتاح سر الياة و لغزها ‪..‬‬
‫الياة ل يكن تفسيها بأنا رد فعل غريزي لطلب الطعام و النس و ل يكن تفسيها بأنا تصرف‬
‫منطقي للتكيف بالظروف ‪.‬‬
‫هذه صفات ف الطبيعة الية ‪ ..‬و لكنها ليست مفتاحا لسرها ‪..‬‬
‫الياة ليست مفوزة من اللف ‪ ..‬و ليست منخوسة من ورائها بنخس الغرائز ‪ ..‬و إنا هي واثبة‬
‫متطلعة إل المام بفطرة إرشادية عالية ة بعاطفة مبثوثة ف خلياها و أعصابا و قلبها ‪.‬‬
‫الياة ليست مدفوعة من الاضي ‪ ..‬و لكنها مرتية ف الستقبل بفطرة توجيهية باطنة فيها ‪..‬‬
‫الياة ليست مقهورة بقضاء متوم بدفعها من خلفها ‪ ..‬و إنا هي رشيدة متارة بصية تنتقي لنفسها‬
‫على الدوام ناشدة هدفها ف الغد ‪.‬‬
‫إن فيها مثيات باطنة ترتفع فوقها نفسها ‪ ..‬إنا تتحرك بكامل صحتها و شعبها طالبة مستوى فوق‬
‫مستوى حياتا الروتين التكرر التشابه ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن حب المال و الي و الق هو ف النهاية أحد الثيات و الغريات التأصلة ف الصميم الي ‪ ..‬و‬
‫ليس هناك فارق بي قدرة شكسبي على إفراز الشعار ‪ ..‬و قدرة الحار على إفراز الللئ ‪ ..‬و قدرة‬
‫خليا الفراش على رسم الزخارف البديعة الميلة على واجهة أجنحته ‪..‬‬
‫إن الفراش ل يكن باجة حيوية ملحة إل رسم هذه الزخارف ‪ ..‬فالجنحة كان باستطاعتها أن تقوم‬
‫بوظيفتها بكفاية و مهارة دون أن تكون منقوشة ‪ ..‬فما السر ف نقشها ‪..‬‬
‫إذا قلنا أنا مثيات جنسية و أن النثى تتجمل للذكر ‪ ..‬فإن السؤال يظل مطروحا ‪ ..‬ولاذا يتار‬
‫الذكر النثى الجل ‪ ..‬إن المال سيظل يفرض نفسه كهدف ‪.‬‬
‫و السر هو نفس السر الذي جعل شكسبي يتغن بالشعر ‪ ..‬إنه ليس أكل العيش و إنا هي مثيات‬
‫المال ‪ ..‬و مغريات البداع ف طبيعة شكسبي ‪ ..‬و ف طبيعة الفراش ‪ ..‬و ف الطبيعة الية كلها ‪..‬‬
‫ف جرثومة اللية الول بذرة كل هذه السرار المالية ‪ ..‬اللية الت بدأت حياتا بنشدان درجة‬
‫معينة من الرارة و الو و الغذاء ملئمة لنتعاشها و تكاثرها كانت تضمر ف جوفها غايات أبعد و‬
‫هي ما لبثت بعد أن ملكت ناصية حياتا ف عقل النسان أن أفصحت عن هذه الغايات البعيدة‬
‫فبدأت تنشد المال و الق و الي و العد و السلم ‪..‬‬
‫إن الثل العليا تت اللد ‪..‬‬
‫و القيم الرفيعة ف نسيج البوتوبلزم ‪..‬‬
‫و تفسي النسان على أنه جسم فقط ‪ ..‬أو نفس فقط ‪ ..‬أو عقل فقط خال من مثيات الروح و‬
‫الوجدان ‪ ..‬تفسي ناقص يهبط بالنسان إل مستوى عداد منطقي و آلة حاسبة رياضية و يسلب‬
‫الوجود النسان نكهته و طعمه و حرارته ‪.‬‬
‫إن زهرة عباد الشمس ‪ ..‬حت زهرة عاد الشمس ‪ ..‬تتطلع إل الشمس ‪..‬‬
‫و نبات الصبار ‪ ..‬حت نبات الصبار ‪ ..‬ترج تصانيف جيلة كأنا منحوتة بيد حات فنان عاكف‬
‫على ابتكار أفاني المال ‪..‬‬
‫و النحلة ‪ ..‬حت النحلة تبن بيتها ف معمار هندسي بديع ‪ ..‬الطبيعة الية ليست طبيعية جائعة جنسية‬
‫و لكنها أيضا طبيعية متفننة عاقلة متطلعة حالة ‪..‬‬
‫و الثل العليا و الهداف و الحلم و الأمولت الراقية الرفيعة ليست أشياء انفرد با النسان ‪ ..‬إنا‬
‫ف الصميم الي كله ‪..‬‬
‫إن غرورنا فقط كحيوانات إقطاعية امتلكت أوسع الثروات من الجهزة و الواس ‪ ..‬هو الذي صور‬
‫لنا هذه هذه الرافة ‪..‬‬
‫و نن من فيضان هذه الثروة علينا ‪ ..‬بدأنا نفيض بقدراتنا على البيئة حولا ‪ ..‬و نبث فيها نظاما و‬
‫قانوننا و نلق منظومات و أناطا جديدة ‪ ..‬فنبن البيوت و البراج و الدن و الصانع ‪ ..‬و نبتكر‬

‫‪51‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫عمارات من الشعر و النغم و اللوان ‪ ..‬و نترع شرائع و قواني و دساتي و نظما ‪ ..‬و نسينا ف‬
‫غمرة هذا الطوفان من الثراء ‪ ..‬إن كل هذه النعمة هي التركة الت اندرت إلينا من أجدادنا‬
‫اليوانات ‪ ..‬و أنا قبل أن تصل إل رأسنا ‪ ..‬كانت ف رأس النملة ‪ ..‬و كانت ف لاء الشجرة ‪ ..‬و‬
‫كانت ف لباب السفنج ‪ ..‬و ف عصي الصبار الر ‪..‬‬
‫و هذا يعن أن معجزة الياة ليست ف ملوق بعينه ‪ ..‬ولكنها ف النسيج الي نفسه ‪ ..‬أينما كان هذا‬
‫النسيج نباتا أو حيوانا أو إنسانا أو خلية تدب ف مستنقع ببطء و عماء دون أن ترى و دون أن‬
‫تسمع ‪ ..‬ف البوتوبلزمة ‪ ..‬ف هذه اليلتينة اللمية كأنا الاظية مرشوقة بالسمسم و الفستق ‪..‬‬
‫و الذين شاهدوا البوتوبلزمة تت اليكروسكوب يعرفون أنا تتحرك و أن حبات السمسم و‬
‫الفستق فيها تدور و تدور حول بندقة صلبة ف وسطها هي النواة ‪ ..‬و أنا أحيانا لا جدار يفظها ‪.‬‬
‫و أحيانا ل يكون لا جدار ‪ ..‬و إنا تكون بضعة هلمية سائبة رخوة تتلوى كبقعة زيت سيكة ف‬
‫الاء ‪..‬‬

‫س‬
‫_______________________________‬

‫‪52‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫أنا س ‪ 3‬وأنت لوغاريتم س ‪19‬‬

‫اكتشفنا أثناء هذه الرحلة من التفكي والتأمل‪ ..‬أن النسان كائن مركب‪ ..‬وأنه ليس شيئا بسيطا‬
‫مددا مثل الكرسي والائدة والحبة وإنا هو حقيقة نامية متطورة تتقرر كل لظة‪ ..‬تتقرر من‬
‫الداخل‪ ..‬بإرادة خاصة‪.‬‬
‫وإنه يكن أن يعيش على مستويات عديدة‪.‬‬
‫يكن أن يعيش حياة كثيفة غليظة منحطة كحياة النباتات‪ ..‬كما يدث أثناء النوم‪ ..‬فيتضاءل إل‬
‫مموعة وظائف تدث ف آلية وتلقائية بدون وعي‪..‬‬
‫ويكن أن يعيش حياة ثرثارة مألوفة مبتذلة ‪ ..‬تقوده أفكار جاهزة و عادات موروثة و تركه تقاليد‬
‫قدية متبعة ‪ ..‬و تصدر أفعاله مضبوطة بواعيد يددها له الناس بالساعة و الدقيقة ‪.‬‬
‫و يكن أن يعيش حياة عميقة يرتد فيها إل نفسه و ينقاد لفكاره و رغباته و ييا ف زمنه الاص و‬
‫توقيته النفسي الصادر عن إرادته و عاطفته ‪ ..‬و ف هذا الستوى تكون حياته أصلية ‪ ..‬و تكون‬
‫أفعاله مدلولت مباشرة لشخصيته ‪..‬‬
‫و يكن أن يبلغ أعمق أعماق وجوده ف لظة الب ‪ ..‬و لظة التأمل و لظة البداع ‪ ..‬و لظة‬
‫التصوف ‪ ..‬فينفتح شعوره على إحساس بالدوام و البدية ‪ ..‬و يتذوق لظة غريبة ل زمنية ‪ ..‬ل‬
‫شخصية ‪ ..‬لظة عميقة ‪ ..‬تذوي كل اللحظات و تنتهي كل اليام و تنصرم السني ‪ ..‬و تبقى تلك‬
‫اللحظة شاخصة ف ذاكرته عالقة بوجدانه ‪..‬‬
‫هذا الشعور يدل على أن النسان مفتوح من الداخل على وجود نوع آخر غي الوجود الارجي‬
‫الامد الحدود الزمن الل الذي يرسف ف التمية و القواني ‪ ..‬وجود حر يتدفق ف ل مكان و ل‬
‫زمان و يصدر عن ل أسباب ‪ ..‬وجود تقويه فيه ‪ ..‬و أسبابه فيه ‪ ..‬وجود تصدر عنه الرادة و‬
‫الشخصية و السلوك و الفعل ‪ ..‬و يبدو العال الواقعي جزءا منه و نتاجا من نتائجه ‪..‬‬
‫وجود عميق مثل النبع الفي تضرب فيه جذور النسان و أعصابه و تستقى منه وجودها و‬
‫إحساسها بالقيقة ‪ ..‬و إحساسها بالستمرار ف دوامة الواقع التقلب التغي ‪ ..‬و تستمد منه الشعور‬
‫بأرض ثابتة وسط هذه الظواهر الفككة الت تبق و تتفي ‪ ..‬و تستمد منه الثقة بأن هناك أمانا ‪ ..‬و‬
‫سكينة و طمأنينة ‪..‬‬
‫وجود أبدي تبدو فيه الياة الزمنية حقيقة لجرد أنا مستمدة منه منتمية إليه ‪.‬‬
‫و النفس لئذة على الدوام بذا الوجود الداخلي ‪ ..‬لجئة إليه ‪ ..‬من القلق و خراب العصاب الذي‬
‫يدثه الواقع الادي بتقلباته و تغياته ‪.‬‬
‫و هذا هو وجود الـ أنا الطلق ‪ ..‬أو البدية ‪ ..‬أو القيقة أو الروح ‪..‬‬

‫‪53‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫و ل أقصد الروح بعن الشخصة ‪ ..‬فهذا الوجود غي شخصي ‪ ..‬و هو أعمق من أن يكون شخصيا‬
‫‪ ..‬و أعمق من أن يكون متعينا مددا ‪.‬‬
‫إن الواقع التعي القسم إل حركات و انتقالت ف الزمان و الكان ‪ ..‬هو واقع الزمان و الكان ‪..‬‬
‫واقع الظواهر فقط ‪ ..‬أما الوجود الداخلي فهو وجود جوهري ل يقبل القسمة و ل يقبل التعدد ‪..‬‬
‫إنه حقيقة كل هذه الظواهر و ينبوعها ‪ ..‬و هو منبع الشخصية و لكنه أبدا ليس الشخصية ‪.‬‬
‫و القيقة بسيطة وواحدة و كل ما نشاهده حولنا من تعدد و تباين و اختلف غي حقيقي و ظاهري‬
‫و مؤقت ‪ ..‬بدليل أنه يت إل بعضه ‪ ..‬و ينتمي إل بعضه ‪ ..‬و يفي تت تعدده الظاهر وحدة‬
‫أصلية ينبع منها ‪..‬‬
‫و قد اكتشفنا أثناء هذه الرحلة الفكرية أن كل الخلوقات هي مرد تصانيف و تواليف متلفة من‬
‫مادة واحدة هي البوتوبلزم ووحدات دقيقة متراصة هي الليا ‪ ..‬كلها تصانيف و تواليف من‬
‫(س) ‪ ..‬و س هذه أشبه بالادة عند ماركس و اليول عند أرسطو ‪ ..‬إنا الامة الولية الت بنيت منها‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫و حت صنوف الادة اليتة هي الخرى تواليف متلفة من مفردات بسيطة هي اللكترونات و‬
‫البوتونات و هي شحنات سالبة و موجبة من الطاقة ‪ ..‬مرة تبدو هذه الطاقة ف شكل حرارة ‪ ..‬و‬
‫مرة ف شكل ضوء ‪ ..‬و مرة ف شكل كهرباء ‪ ..‬و مرة ف شكل مال مغناطيسي ‪ ..‬و مرة ف شكل‬
‫حركة ‪ ..‬و مرة ف شكل حياة ‪.‬‬
‫و العناصر الختلفة من رصاص وصوديوم وحديد وناس وكبيت ما هي إل تواليف متلفة من هذه‬
‫اللكترونات والبوتونات ‪ ..‬وف المكان تويل عنصر إل آخر بتغيي توليفته الذرية ‪.‬‬
‫إن كل التباين والفارقة والختلف بي الوجودات هو اختلف هو اختلف شكلي ظاهري قابل‬
‫للختزال ف النهاية إل أصل بسيط واحد مشترك ‪.‬‬
‫إن ف باطن هذا الكون حقيقة واحدة بسيطة ‪ ..‬جوهرا واحدا ‪ ..‬جذرا نبت منه كل فرع من فروع‬
‫هذه الشجرة ‪ ..‬وكل فرع حقيقي بقدر ما يفصح عن أصله ‪ ..‬وبقدر ما يمل طابع وراثته ف‬
‫خلياه وأزهاره ‪.‬‬
‫حت الكواكب والنجوم والشهب والذنبات ما هي إل تصانيف متلفة من الادة نشأت من سحب‬
‫من الذرات والغبار كانت سابة ف الفضاء ‪.‬‬
‫الوجود منتجات ل نائية ‪ ..‬وصور ل نائية من أصل واحد وحقيقة واحدة بسيطة أزلية متواها غن‬
‫ل نائي ‪ ..‬يتخلق ف قوالب ل حصر لا ‪ ..‬وتعدد الخلوقات والوجودات هو الدال على هذا الثراء‬
‫والغن اللنائي ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫والتعدد هو تعدد ف الواقع وف الظاهر وف العال الرئي ‪ ..‬لكن الامة الصلية واحدة ‪ ..‬بسيطة‪..‬‬
‫وإنا الشخاص هم الذين يتعددون‪ ..‬كل شخص هو بذاته توليفة فريدة من هذه الامة الواحدة ‪..‬‬
‫ولكنه فإن ف النهاية ‪..‬‬
‫وكل متعي فإن‪..‬‬
‫وكل موجود ف الزمان والكان فإن ‪..‬‬
‫كل شكل وكل ترتيب ينهدم كما تنهدم عمارة مبنية من الطوب والي والسنت ‪ ..‬لكن يبقى‬
‫الشروع ‪ ..‬يبقى الرسم الندسي والتصميم الصلي الذي أقيمت العمارة على وفاقه‪ ..‬وهو‬
‫((الصورة)) عند أرسطو ‪ ..‬والروح عندنا ‪ ..‬الـ أنا الطلق ف الفلسفة ‪.‬‬
‫وهذا الرسم الندسي والتصميم الصلي من إبداع الالق ومن روحه ونفحة منه ولذا ل يوت‪.‬‬
‫وهذه الروح‪ ..‬وهذا الـ أنا الطلق ‪ ..‬الذي ليس شخصا بالذات ‪ ..‬ول نفسا بعينها ‪ ..‬هو الذي‬
‫يهمس ف داخلنا بدهشة حينما يرى الوت ‪ ..‬ول يصدقه ‪ ..‬ول يعبأ به ‪ ..‬لنه غي ذي موضوع‬
‫بالنسبة له‪ ..‬ونن حينما نفزع من الوت‪ ..‬نفزع على هذا الـ أنا الطلق ‪ ..‬على هذا الحساس‬
‫العزيز الميم الذي يربطنا بالواقع وبنفسنا ‪ ..‬ول موجب للفزع‪ ..‬لن هذا الطلق ف منطقة أبدية ل‬
‫موت فيها‪ ..‬ول تغي ‪ ..‬ول تبدل ‪.‬‬
‫إن الذي يوت فينا‪ ..‬هو ما يوت كل يوم‪ ..‬ويتغي كل يوم ‪ ..‬أجسامنا‪ ..‬نفوسنا‪ ..‬شخصيتنا‪ ..‬كل‬
‫هذا يوت‪.‬‬
‫لنه يوت بالفعل ‪ ..‬يوت بالياة‪ ..‬ويتغي‪ ..‬ويتبدل‪.‬‬
‫أما الروح‪ ..‬أما الـ أنا الطلق‪ ..‬فهو حي أبدا‪.‬‬
‫نن مفتوحون من الداخل على هذا الواحد الطلق‪..‬اللشخصي‪..‬اللمكان‪..‬اللزمان‪..‬‬
‫وبالنسبة لذا الـ أنا الطلق‪..‬ل معن للموت أو الفناء أو التغي‪..‬أو التبدل‪..‬‬
‫إنه كن ل نائي‪.‬وثروة مطلقة‪..‬تصدر عنها أفعالنا وأشخاصنا وحياتنا‪..‬ث نوت‪..‬ونشبع موتا‪..‬ويبقى‬
‫هو ف عال الروح الذي انبعث منه‪.‬‬
‫ولننا مفتوحون من الداخل على هذا النطلق‪..‬يداخلنا الوهم بأننا نن أيضا لن نوت‪..‬‬

‫***‬
‫وهذا هو اللتباس القيقي الذي نقع فيه بسبب حياتنا الزدوجة‪..‬وطبيعتنا الزدوجة من جسد وروح‪.‬‬
‫إننا كنبضات منفعلة ييل لنا أن لنا كيانا حقيقيا مستقلً عن القلب الدائم‪.‬‬
‫إن صدورنا من الروح الالدة وانتماءنا لا بكم الوصل يوقعنا ف هذا الوهم‪..‬ولكننا فانون‪..‬ونن ف‬
‫حالة فناء متصل حت ونن على قيد الياة‪..‬وخيط الكينونة الذي يربط لظاتنا ويسك بتحركاتنا‬

‫‪55‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الفككة ف الكان‪..‬هذه الوحدة التجانسة الت تسري فينا وتسك بوجودنا غي التجانس ليست من‬
‫عال الزمان ول من عال الكان‪ ..‬وليست من العال الشخص التعي‪..‬وليست منا بقدر ما نن منها‪.‬‬
‫وهي وحدة ليست بذاتا معينة‪..‬وإنا هي سياق مطلق غي متعي‪..‬سياق يضم كل الواقف الت نقفها‬
‫ف حياتنا يضمها فيما يشبه الـ أنا الطلق الذي هو روح كل منا والذي هو شرارة من الروح اللية‬
‫العظمى الت هي ينبوع اللق والت صدر عنها الكل وإليها يعود‪.‬‬
‫ولذا نرى أن كل أشكال الوجود تت إل بعضها بصلة القرابة‪..‬هناك صلة رحم تمعها جيعا ف‬
‫خامة مبدئية واحدة‪.‬‬
‫وعملية التبادل الت تدث بي صنوف الوجودات ف كل لظة تكشف عن هذه الصلة العائلية‬
‫بينها‪..‬النباتات تأخذ من الرض أملح الفوسفات و النترات وتأخذ من الواء مركبات الكربون‬
‫وبار الاء‪..‬ث تول هذه الواد العدنية اليتة إل أنسجة حية خضراء مثل أنسجتها‪.‬‬
‫واليوان يأكل أنسجة النبات ويولا إل لم ودم وعظم وعضلت ث هو ف النهاية يوت ويتعفن‬
‫ويتحول إل تراب وأملح معدنية ترتد للرض الم‪.‬‬
‫هذه اللقة الدائرة تكشف عن الامة الشتركة الت تلقت منها كل هذه الشكال التعددة‪.‬‬
‫وبالرغم من اللف الائل ف الرتبة اليوانية بي النمر التوحش الفترس وبي النسان الرقيق الوديع‬
‫العاقل‪..‬فإن النظرة الت يتبادلا الثنان ف حلقة السيك‪..‬نظرة مروض الوحوش إل الوحوش وهي‬
‫راكعة عند قدميه‪..‬تكشف عن ذلك الشيء الشترك الذي يمع الثني ف رابطة خفية من الود‬
‫والتعاطف‪.‬‬
‫بالرغم من كل الوحشية الت ف النمر‪..‬وكل الوداعة الت ف النسان‪..‬يلتقي النسان ف لظة تعاطف‬
‫وحنان‪..‬وكأنما تعارفا منذ الزل‪..‬حيث الالق واحد ومادة اللق واحدة‪.‬‬
‫وهكذا من خلف كل العيون يطل علينا جلل الالق أقرب إلينا من حبل الوريد‪.‬‬

‫***‬
‫الواحد الصحيح متف وراء التعدد‪..‬والشبه الصيل متلف وراء الختلف‪..‬و الرتباط الميم متف‬
‫وراء التفكيك الظاهر‪.‬‬
‫والوجود كله أنشودة طويلة من مليي الكلمات تفصح عن روح إلية خالدة‪..‬وعن معناها‬
‫اللنائي‪..‬وثرائها المتلئ أبدا بالمكانيات‪.‬‬
‫والوت معناه أن الالق يقول لنا‪:‬‬
‫وعندي الزيد‪..‬وعندي إمكانيات أخرى ل تنفذ‪..‬انظروا‪..‬ها كم شيئا آخر تاما‪..‬ها كم مفاجأة‬
‫أخرى‪..‬ها كم مولد طفل جديد‪..‬‬

‫‪56‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الواحد الصحيح‬
‫_______________________________‬
‫كلنا من أب واحد‬

‫آخر واحد ف الدنيا هو الواحد الصحيح ‪.‬‬


‫فهو يكن أن ينقسم إل اثني ث إل أربعة وثانية وستة عشر واثني وثلثون ‪ ...‬وأربعة وستي ‪ ،‬ال‬
‫‪ ،‬ال‬

‫‪57‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إل ما ل ناية فيعطيك كل الرقام الت خطرت ف وتطر ف بذهن عمالقة الساب من أيام إقليدس‬
‫وفيثاغورس إل اينشتي ‪.‬‬
‫انه واحد صحيح وبسيط ولكنه يتوي ف باطنه على جيع الرقام وعلى اللناية ‪.‬‬
‫وقد بدأت الياة بواحد ‪ ...‬خلية واحدة انقسمت فأصبحت خليتي ث أربعة ث ثان ث ألوفا‬
‫ومليي وبليي تنوعت حسب البيئات و الظروف وخرج منها كل ما نرى حولنا من زواحف و‬
‫طيور وفراشات وديدان وقردة و آدميي ‪.‬‬
‫وقد بدأ الكون بغار بسيط واحد هو اليدروجي ‪ ..‬هو الذي يشتعل الن ف باطن النجوم ليعطينا‬
‫النور والدفء مع أشعة ‪ .‬الشمس كل صباح ‪..‬‬
‫ومن اليدروجي ف باطن الفران النجمية الائلة جاء الديد والنحاس والذهب والقصدير‬
‫والرصاص والكربون والسلكون والزئبق واليود وكافة العناصر الت نراها متحدة ومنفصلة حولنا على‬
‫شكل مركبات وموارد أولية وصخور ورمال ‪.‬‬
‫ومن عجب أن ذرة اليدروجي هي الخرى ل تتوي إل على بروتون واحد وإلكترون واحد يدور‬
‫حوله ‪.‬‬
‫وكل ما يدث ف باطن النجوم أن هذه الذرة تتفتت لتعطي الضوء والرارة والشعاع ويعاد تركيبها‬
‫ف أشكال جديدة ونسب جديدة ‪ ...‬مرة ‪ 2+1‬ومرة أخرى ‪ 3+1‬ومرة ثالثة ‪ ... 4+1‬وكل مرة‬
‫يرج عنصر جديد إل الوجود ‪.‬‬
‫وما نرى حولنا على الرض من تصانيف الغازات والسوائل والمادات ليست إل هذه التآليف الت‬
‫نشأت كلها من قسمة واحد صحيح اسه ذرة الدروجي ‪.‬‬

‫وأنت واحد صحيح تبدو ف نظر نفسك صغيا ومدودا ولكنك تستطيع أن تستوعب أنت الشاعر‬
‫والدركات والعارف ما ل حد له فأنت أصغر من العال بكثي ومع ذلك تتوي على العال ف‬
‫داخلك وتتصوره وتتخيله وتراه‪..‬‬
‫على شبكية عينيك ترتسم صورة واضحة ودقيقة للشمس والقمر والنجوم والجرات ‪.‬‬
‫وف عقلك تتصر هندسة الكون إل شفرة جبية ومعادلت ورمز وأرقام ‪ .‬وهي أرقام تثبت لنا‬
‫كل مناسبة أنا أرقام صحيحة ‪..‬‬
‫ما يتخيله الاسبون على الرض من معادلت تثبته سفن الفضاء والصواريخ والقمار وتبهن على‬
‫صحته الراصد وأجهزة الرادار ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن ذلك الواحد الذي هو أنت ‪ ..‬هو فعل مشتمل على هندسة الكون وسره ومفاتيحه ومغاليقه ف‬
‫داخله ‪..‬‬

‫أنت الواحد والحدود تتوي على نوذج مصغر للناية ف داخلك ‪..‬‬

‫وكل ما ف الوجود من ظواهر ونبات وجاد وحيوان وإنسان هي ف القيقة أجزاء الواحد الصحيح‬
‫‪ ..‬والشر والي ها كالظل والنور ف لوحة واحدة كل منهما مكمل للخر وضروري لوحدة اللوحة‬
‫‪.‬‬

‫كل منا لن و جلة موسيقية ف سيمفونية متكاملة ‪..‬‬


‫الل هو إحساس النفعال ‪.‬‬
‫العذاب هو إحساس النفعال ‪.‬‬

‫أنت تتأل حينما تنفصل ف أنانية عن الكل وتنسى انك حرف وسطر ف آية الوجود الكبى أما إذا‬
‫توجهت إل الوجود ف شعور حيم بالنسب والقرابة فانك ستشعر انك تستطيع تؤاخي السد‬
‫وتصاحب ضباع الغاب وتروض الثعابي والفاعي فتلهو معك وتلهو معها وكأنا عائلتك ‪..‬وذلك‬
‫أن الوجود كله ما هو إل الوجوه الختلفة للواحد الصحيح ‪...‬‬

‫كلنا أقربون ‪..‬‬


‫أنت القاتل والقتيل ‪..‬‬
‫أنت الذئب والفريسة ‪..‬‬
‫أنت الطاعن والطعي ‪..‬‬
‫وما فواصل الكان والزمان إل وهم الوهام‪.‬‬
‫وعليك بعي وجدانك إن تترق هذه الفواصل الوهية لتكشف الخوة و النسب والقرابة بينك وبي‬
‫كل شيء ‪ ..‬ولتكشف أن حياتك القيقية هي ف فنائك ف هذا الكل الذي تعيش فيه ‪ ..‬لنك بذا‬
‫تسترد وحدتك وحقيقتك ‪.‬‬
‫أنت أحد آحاد الحد الكب ‪,‬وما تعلن من حروب هي حروب تعلنها على نفسك ‪ ,‬وما تقتل حي‬
‫تقتل إل نفسك ‪.‬‬
‫وما الب الذي يؤلف السر والقبائل والجتمعات والدول إل ماولة للعودة با إل الوحدة ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وما الاذبية بي النجوم الت تؤلف الجرات والكوكبات إل عودة بالكل إل نظام الواحد ‪ ..‬وف‬
‫النهاية الوت الذي يعيدنا ترابا إل أمنا الرض ليتغذى علينا النبات كما كنا نتغذى عليه وليصبح‬
‫الكل منا مأكول ‪ ..‬تذكرة لنا بالقيقة ‪..‬‬
‫والنار الت تأكلنا جيعا وتيلنا إل فحم ‪ ,‬الشجار فحم ‪ ..‬والثعابي فحم ‪ ..‬والقردة فحم والدميون‬
‫فحم ‪ ..‬وكل الياة فحم ‪ ..‬إشارة إل أصلنا الواحد ‪ ..‬فما الياة سوى تصانيف مادة واحدة هي‬
‫الكربون ‪..‬‬

‫كل تغيي يعود بصورنا التعددة إل الواحد الصحيح ‪ ..‬هذه الظواهر التباينة الختلفة تعود ف النهاية‬
‫إل وحدة بسيطة ‪..‬‬
‫وكما قلنا قبل أن الكائن الي مئات النواع من النسجة جلد وأظافر وشعر وأسنان وعضلت‬
‫ومخ وكبد ودم وألياف وكلها تورات خلية واحدة بسيطة هي خلية جني ‪..‬‬
‫ومن الرض وف حقل واحد يعطي الطي الواحد ألف صنف وصنف من الفاكهة والضروات‬
‫والزهور والطحالب والباكتييا ‪..‬‬
‫من الواحد يرج الكل ‪..‬‬
‫وال الواحد يعود الكل ‪..‬‬

‫وكما تبدأ بعود الكبيت إل جوار عود كبيت إل جوار عود كبيت فتصنع مثلثا ومربعا‬
‫ومستطيل ومسدسا ث هرما ث مكعبا ث أشكال متلفة من العمار ‪ ..‬كذلك الوجود العقد حولك‬
‫يرتد إل وحدة بسيطة هي الذرة دخلت ف تواليف وتراكيب ل آخر لا وأنتجت ما ترى من‬
‫ظواهر متلفة متباينة تتناقض وتتحارب وتأكل بعضها وتقتل بعضها وهي ف النهاية من أب واحد ‪.‬‬

‫واحد صحيح ‪...‬‬

‫الياة والمات ‪ ..‬والسوائل والمادات والغازات ‪ ..‬والشعاعات ‪ ..‬مصنفات شيء واحد ‪ ..‬الفرق‬
‫بينها فرق نسب وعلقات وكيفيات ‪.‬‬
‫ذرتان من الكسجي تعطيانك ذلك الغاز اللطيف الذي تتنفسه ‪.‬‬
‫وثلث ذرات من الكسجي تعطيك سا زعافا قاتل اسه الوزون ؟‬
‫بل إن نفس الذرتي إذا بتشكيل وكيفية متلفة تعطيان مادة متلفة ؟‬

‫‪60‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الختلف ف الاهية يرتد ف النهاية إل خلف ف التشكيل والكيف والكم ‪ ..‬ف النسب والرقام‬
‫والعلقات ‪.‬‬
‫الفرق بي السكر والنشاء هو فرق ف ترتيب وعدد الذرات الداخلة ف تركيب الثني ولكن الثني‬
‫من مادة عضوية واحدة هي الكربوايدرات ‪.‬‬

‫والفرق بي سم الثعبان وبي طبق شهي من البيض القلي فرق شكلي ف معمار الذرات ‪ ..‬فالثنان‬
‫كلها مادة واحدة هي البوتي ‪..‬‬

‫والكون شيء واحد يعاد صبه وسكبه ف قوالب وأشكال وتراكيب ل حصر لا ‪..‬‬

‫والصل واحد صحيح ‪..‬‬


‫الفرق بي شكسبي والبواب الذي يقف على باب بيتك والكلب الذي يهز ذيله أمامك ‪ ..‬والقملة‬
‫الت ترح ف رأسه‪ ..‬هو الفرق ف النسق و الترتيب والكيفية الت تصتف فيه الحاض المينية ف‬
‫الينات الوراثية ‪.‬‬

‫انه فرق ف مادة واحدة اسها د ‪ .‬ن ‪ .‬ا (حامض ديزوكسي ريبونيوكلييك ) تتألف من واحد‬
‫وعشرين حضا حضا آمينيا يكن أن تصطف بطريقة أو بأخرى كما تصطف الروف فتؤدي إل‬
‫ملوقات متلفة كما تؤدي الروف إل كلمات متلفة وعبارات متباينة ‪..‬‬

‫انه فرق شكلي كيفي ‪ ..‬وفرق ف النسق ‪ ..‬وف الصياغة لادة واحدة ‪ ..‬إننا أمام خالق مبدع إبدع‬
‫تصميمات (أرواحا) صيغت على وفاتا مواد أولية واحدة إل ما ل ناية من الفرديات ‪.‬‬

‫وكما أن ‪ 26‬حرفا أبديا أمكن أن يؤلف منها ملء مكتبات الرض من اللغات والعلوم والعارف‬
‫والفنونو الضارات بجرد تباديل وتوافيق بي الروف ‪ ..‬كذلك صانع الياة أمكنه بالتباديل‬
‫والتوافيق بي الحاض والتوليف بينها ف تصميات مبتكرة أن يصنع من الادة الواحدة الت اسها د ‪.‬‬
‫ن ‪.‬ا كل ما يدب على الرض من فضائل وأنواع وأجناس وأفراد من شكسبي إل اليكروب بكافة‬
‫صنوف اليوان والنبات الت تأكل بعضها وهى ف إل صل واحد ‪..‬‬

‫وعلماء الطبيعة يقولون لنا أن الفرق بي ما نرى من ألوان حراء وخضراء وصفراء وزرقاء هو فرق‬
‫ف أطوال موجات الضوء ‪ ..‬مرد فرق رقمي ‪...‬‬

‫‪61‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫والفرق بي أشعة الضوء وأشعة إكس وأشعة جاما القاتلة وأمواج اللسلكي الت نسمع با الراديو هو‬
‫أيضا فرق ف الطوال الوجية ‪.‬‬

‫أشعة الضوء تقدر أطوالا باليكرون وأجزاء اليكرون ‪.‬‬

‫وأمواج الرادار باللليمتر ‪..‬‬

‫‪ ...‬أما الظاهرة نفسها فهي ظاهرة واحدة اسها المواج الكهرطيسية ‪.‬‬

‫والنتيجة مرية جدا وسارة ‪ ,‬ومثية للتفكي والدهشة بقدر ما هي سارة ‪ ..‬فالفرق بين وبينك وبي‬
‫المار وبي قالب الطوب هو ف النهاية فرق حساب ف الكم وفرق ف نوعية الترتيب ‪ ..‬فرق يكن‬
‫أن يعب عنه بالرقام ما دامت مادة الوجود (حيا ميتا ) يكن أن ترتد ببساطة شديدة إل أصل‬
‫واحد ولنسمه س ‪ ..‬فيكون المار هو الذر التربيعي ل ‪ 343‬س وتكون سيادتك لوغارت س ص‬
‫‪ 91‬وأكون أن س ص ع ‪ ..3‬حيث تكون ص‪ ,‬ع رموز للعوامل الكيفية الجهولة الت تقابل‬
‫عندنا الروح والعقل والضمي ‪.‬‬
‫العال كله تشكيل من مادة واحدة ‪.‬‬

‫وما نرى حولنا أناط فن تشكيلي ‪ ..‬وحاصل ضرب وطرح وجع وقسمة شيء واحد ‪..‬‬

‫وبقدر ما يكن أن ينقسم الواحد ‪ ..‬وبقدر ما يكن أن تنضاف الجزاء لتؤلف فيها فيما بينها ماميع‬
‫وكسور وجذور ولوغارتات ‪ ..‬وبقدر ما يكن إن يدلك علم حساب الثلثات وحساب التفاضل‬
‫والتكامل على الحتمالت اللناية الت يكن أن تنتج عن هذه العمليات الرياضية تكون صورة‬
‫الكون الذي تراه أمامك وتكون حقيقته ‪.‬‬

‫مرد كميات وكيفيات ومقادير وحدود رياضية وأطوال يقسمها الزمان والكان إل الصورة الت‬
‫تراها با ‪.‬‬
‫وأنت تضحك الن وتتساءل ‪ ..‬كيف يكن اختزال العال بكل مباهجه وألوانه النابضة إل مرد‬
‫شفرة رياضية ‪ ..‬ومع ذلك أنت تسمع كل يوم إل الوسيقى وتطرب وتتز وتنتشي ‪ ,‬مع أن هذه‬
‫الوسيقى ليست ف القيقة إل سباقا من الرقام ‪ ..‬مرد تتابع من الذبذبات يتفاوت ارتفاعا وانفاضا‬
‫وشدة وضعف وهي بساب الوجات الصوتية الت تطرق طبلة الذن مرد اهتزازات تتفاوت ف‬

‫‪62‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫القدار ‪ ..‬ف النهاية أرقام ‪ ..‬وكيفيات ‪ ..‬العمار الوسيقي هو معمار هندسي رياضي ف القام الول‬
‫‪.‬‬
‫انه رسم ف الفراغ ‪..‬‬
‫كل مقطوعة موسيقية معدلة رياضية لا قوانينها ‪.‬‬

‫ومع ذلك فأنت تنفعل بالغروب كصورة جالية مع انه معادلة رياضية من الطوال الوجية ‪ ..‬وبالثل‬
‫يكن أن يكون الار هو واقع المر ((الذر التربيعي ل ‪ 343‬س )) مع انك ترى شيئا متلفا ‪..‬‬
‫ملوقا له رأس وأذنان طويلتان وذيل ‪ ,‬فهكذا تترجم لك حواسك بلغتها الاصة ما ترى من‬
‫معادلت رياضية وأرقام مردة ‪..‬‬

‫وجهاز الرسال التلفزيون حينما يرسل صورتك عب الثي إنا يرسلها على هيئة أمواج يلتقطها‬
‫الريال لينقلها إل جهاز الستقبال على هيئة نبض كهربائي يتفاوت شدة وضعفا ‪ ..‬مقادير من‬
‫الطاقة هي ف ناية المر العادلة الرياضية لصورتك ‪ ..‬وما يفعله جهاز الستقبال (وهو نفس ما‬
‫تفعله الواس حينما ترى منظر‬
‫الغروب ) هو أن يترجم هذه القادير من النبضات الكهربائية ‪ .‬يترجم هذه العادلة الرياضية إل‬
‫مقابلها من الظل والنور على شاشة جهاز الستقبال فتعود صورتك إل الظهور بالشكل الذي‬
‫عرفتها به (ولكنها قطعا كان لا شكل آخر وهي على الثي ‪ ..‬كانت حينئذ أمواجا ‪ ..‬كانت معادلة‬
‫مردة من الدود الرياضية والقادير والكيفيات ‪) .‬‬

‫فالعال إذن له صورتان (وف القيقة صور عديدة بقدر ما تتفاوت وسائل الس )‪.‬‬

‫صورة هي الت نراه با‬


‫وصورة تقول با الكميا التحليلية والطبيعية والتشريح وهي أرقام ومقادير وكيفيات وعلقات ترشدنا‬
‫إليها أدواتنا ومقاييسنا ‪.‬‬

‫وصورة مردة هي النسق الصلي وهي أشبه برسم فراغي أو مثال هو الذي خلقه الالق ابتداء‬
‫وهي الروح ‪..‬‬
‫لكل ملوق روح ‪ ..‬هي الثال والنسق الصلي الذي صيغ عليه ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وهو تقريب وتبسيط فيه كل أخطاء التبسيط والتقريب ‪ ..‬لنه ياول أن يتلمس ويشخص ويسد‬
‫ما ل يكن تسيده بالكلم ‪ ..‬فحينما يصل الفكر إل منطقة الروح فانه يصاب دائما بالصم والرس‬
‫فل يد اللغة الت يستطيع أن يشرح با إحساسه ‪.‬‬

‫إن وحدة النسيج بي الوجودات حقيقة مطلقة ‪.‬‬


‫ولكنها وحدة ل تنفي تفرد هذه الخلوقات وانفراد كل منها بشخصيته و وخصائصه ‪.‬‬

‫بل إن هذا التفرد يبدو ف النسان تفردا مطلقا ليس فقط ف النمط السلوكي والشخصية والنفس‬
‫وإنا حت ف التشكيل البنائي الادي ‪ ..‬فنرى كل إنسان قد انفرد ببصمة أصبع خاصة به ل يتشبه‬
‫اثنان ف هذه البصمة حت ولو كانا توائم ‪.‬‬

‫ومنذ بدء الليقة وكل واحد من مليي الليي من الدميي له بصماته الاصة به ‪.‬‬

‫هذا النفراد الطلق ف السم والنفس لكل إنسان ولكل ملوق هو حقيقة أخرى تنضاف إل الوحدة‬
‫الطلقة الت صدر عنها الكل ‪ ..‬د‬

‫بل إن النسيج الي ليتفرد لدرجة انه يرفض أي رقعة من جسم آخر ‪ ..‬فيفض السم قلبا أو كبدا‬
‫أو كلبة تستعار له من جسم آخر لنقاذه ‪ ..‬ويوت مفضل أن يكون هو هو ‪ ..‬على أن يعيش برقعة‬
‫من جسد آخر ‪..‬‬

‫إن تفردنا حقيقة مطلقة ‪.‬‬

‫كما أن صدورنا من أصل مشترك حقيقة ثانية‬


‫إننا نرج من الواحد ‪..‬‬
‫ولكننا نعود فيتوحد كل منا ليصبح ((نسيج وحده )) ل يتكرر ول يشبهه شبيه ‪.‬‬
‫بل إن قصة الياة هي ف ملخصها خروج هذه الشخصية الفردانية التمايزة من عماء مادة متجانسة‬
‫كالطي و الاء ‪.‬‬
‫واكتشفنا للواحد الصحيح خلف تصانيف الياة يب إل يجب عنا هذه الفردانية والتفرد‬
‫ول أن يفي عنا أصالتنا كأفراد ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫وهي فردانية ذات معن ‪ ..‬فكل منا بعد إن خرج من الواحد الصحيح قد عاد بدوره ماولً أن يصبح‬
‫((واحدا صحيحا )) ف ذاته له أصالته الاصة التميزة ‪.‬‬
‫وهذه الصورة السدية التفردة هي التعبي الارجي لتفرد الروح الداخلية وأصالتها ‪.‬‬
‫إن تفرد القالب هو التعبي الارجي لتفرد الحتوى‬
‫تفرد الشكل يدل على تفرد الضمون ‪.‬‬

‫الروح‬
‫_______________________________‬
‫إذا كنت أنا الوع فكيف أتكم‬
‫بالوع ‪.‬‬

‫من أنت‪...‬‬
‫من أنتم‪...‬‬
‫من نن‪...‬‬

‫من باب التبسيط الشديد يقول الاديون ما نن ال أجسادنا نيا ‪ ..‬ونوت ‪..‬ث ل شيء بعد ‪ ..‬ول‬
‫شيء قبل‪..‬‬
‫الجساد الت كانت‪..‬والت تكون الن ‪ ..‬سوف تتحلل غداال تراب‪ ..‬ث تنتهي القضية فل شيء ف‬
‫الدنيا سوى ا‬
‫مادة‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ف البدء كانت الادة ث تطورت ث أصبحت إنسانا ‪ ..‬وغدا يوت النسان ويسدل الستار على‬
‫الفصل الخي من السرحية‪ ..‬هذه حقائق موضوعية ‪ ..‬فلنكن موضوعيي ‪ ..‬فل وجود ال لا هو‬
‫موضوعي ‪ ..‬والسد شيء موضوعي جدا قابل للدرس والفحص والتشريح‪.‬‬
‫هذا هو الل السهل‪ ..‬السهل جدا‪..‬‬
‫والقائل هنا ل يكلف نفسه حت ولو نظرة تت اللد‪ ..‬حت ولو نظرة إل داخل نفسه‬
‫فإذا قلت له أن السد ليس النسان وان داخل السد نفسا هي لصاحبها ليست شيء موضوعيا وإنا‬
‫هي حقيقة ذاتية وانه بالنسبة للنسان ند دائما ذاتا ف مقابل الوضوع قال لك وما الذات ‪ ..‬وما‬
‫النفس‪ ..‬أنا مرد حوافز الوع والنس والوف‪..‬هي مرد الشعارات الت يدرك با السد ما‬
‫يتاجه‪ ..‬وانال لسد مرد ملحقات‬
‫ثانوية على وجوده وخادمة ‪ ..‬وما النفس ف مموعها إل مموعة ردود الفعل الت تتراكم كل يوم‬
‫من صدام السم مع بيئته وظروفه‪..‬وهي ف النهاية يكن أن تكون موضوعا هي الخرى‪.‬‬
‫موضوع بالنسبة لن؟‬
‫موضوع بالنسبة للخرين!!؟؟‪ ..‬وكيف والخرون ل يرونا ول يدركون وجودها إل استنباطا من‬
‫ظواهر السلوك وهي ظواهر اغلبها كاذبة فكل منا يثل على الناس بل ويثل على نفسه وسلوكه‬
‫الظاهر قلما يدل عليه‪.‬‬
‫أم هي موضوع بالنسبة لصاحبها؟!‬
‫وكلمنا لو اتذ نفسه موضوعا فإنا تبد وتستحيل تت مشرط التحليل إل جثة وتستخفي عليه‬
‫وترب من يديه لنا ل يكنان تكون موضوعا ول أن توضع تت مهر مثل ورقة شجرة ‪ ..‬لن‬
‫جوهرها بالدرجة الول ف ذاتيتها‪ ،‬وحقيقتها أنا الوجه الخر من الصورة فهي الذات ف مقابل‬
‫السد الذي هو موضوع‪..‬وكل القطبي الذات و الوضوع ها وجها القيقة ‪ ..‬فإذا عرفنا الادة بأنا‬
‫كل ما هو موضوعي فل بد من العتراف بان هناك ف الوجود شيئا غي الادة هو الوجه الخر من‬
‫القيقة الذي هو الذات‪.‬‬

‫فإذا عدنا إل التعريف الساذج للذات والنفس بأنا مرد حوافز الوع والنس والوف والشغارات‬
‫الت يدرك با السد انه ظمآن أو جوعان أو مشتاق جنسيا فإننا أمام تفسي متهافت شديد القصور‬
‫فما هكذا حقيقة النفس ول حقيقة النسان ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن النسان ليضحي بلقمته وبيته وفراشه الدافئ ف سبيل أهداف ومثل وغايات شديدة التجريد‬
‫كالعدل والق والرية ‪ ،‬فأين حوافز الوع والنس هنا ‪ ..‬وحت العامل البوليتاري ف فيتنام الذي‬
‫يوت على مدفعه ف سبيل غد ل يأت بعد ‪ ..‬هو إثبات قاطع بان النفس والذات حقيقة متجاورة‬
‫وعالية على السد وليست مرد احتياجات السد السية معكوسة ف مرآة داخلية تلك الرادة‬
‫الائلة الت تدوس على السد وتضحي به هي حقيقة متجاورة وعالية بطبيعتها وآمرة ومهيمنة على‬
‫السد وليست للجسد تبعا وذيل ‪.‬‬

‫وإذا كنت أنا الوع فكيف أتكم ف الوع ‪ ..‬إن مرد اليمنة الداخلية على جيع عناصر السد‬
‫ومفردات الغرائز هي الكاشفة عن ذلك العنصر التعال والفارق الذي تتألف منه الذات النسانية ‪.‬‬

‫عن طريق النفس أتكم ف السد ‪.‬‬

‫عن طريق العقل أتكم ف النفس ‪.‬‬

‫وعن طريق البصية أضع للعقل حدود ‪.‬‬

‫هذا التفاضل بي وجود ووجود يعلو عليه ويكمه هو الثبات الواقعي الذي يقودنا إل الروح‬
‫كحقيقة عالية متجاوزة للجسد وحاكمة عليه و ليست ذيل وتابعا توت بوته‪.‬‬
‫والذي يقول بان النسان مموعة وظائف فسيولوجية مادية ل غي ‪ ..‬عليه أن يفسر لنا أين ذلك‬
‫النسان ف لظة النوم ‪.‬‬

‫إن جيع الوظائف الفسيولوجية قائمة ومستمرة أثناء النوم و جيع الفعال النعكسة تدث بانتظام فإذا‬
‫شككت اليد بدبوس انقبضت بعيدا عنك ‪ ..‬والقلب بالثل يدق والتنفس يتردد والغدد تفرز‬
‫والحشاء تتلوى والعضاء التناسلية تتاج‪ ..‬ومع ذلك فنحن أمام رجل نائم أشبه بشجرة‪ ..‬مرد‬
‫شجرة أو حيوان ‪ ..‬أو حياة بدائية ل تتلف عن الياة الشرية ‪ ..‬فأين النسان ‪.‬‬
‫إن النوم ث اليقظة وهو النموذج الصغر للموت ‪..‬ث البعث يكشف مرة أخرى عن ذلك العنصر‬
‫التعال الذي يلق بضوره ف تلك الثة النائمة فجأة وبل مقدمات هتلر ونيون وكاليجول فإذا‬
‫بذلك المدد كالثور الامد يصحو ليقتل ويغزو ويسحق ويحق ‪..‬وان الفرق لائل ‪ ..‬اكب من إن‬
‫يفسر بتغي مادي يتم ف لظات ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن التبسيط الخل والبحث عن السهل خلصا من مشكلة بل جواب هو الذي دفع الاديي إل هذا‬
‫التصوير الساذج للنسان بأنه جسد ومموعة ردود أفعال وانه من التراب يأت وال التراب ينتهي‬
‫ول افهم كيف طاوعتهم نفوسهم على تصديق هذه النكتة ف عال رائع مكم تشهد كل ذرة فيه‬
‫بالنظام والمال وتتسلسل فيه السباب إل غاياتا ويدم فيه الوت والياة ويفتدي النسان بدمه‬
‫كل لظة اشد الثل و الهداف تريدا ‪ ..‬ول يذهب أي شيء هباء ‪.‬‬

‫فكيف يذهب النسيان وهو اشرف الخلوقات هباء‪..‬ويتبدد سدى ‪.‬‬

‫ونقف مرة أخرى أمام ملحظة ثانية تستحق التأمل هي هذه الاصية الت تتميز با الركة‪.‬‬
‫فالركة ل يكن رصدها إل من خارجها ‪.‬‬

‫ل يكن أن تدرك الركة وأنت تتحرك معها ف نفس الفلك ‪ ..‬ول بد لك من عتبة خارجية تقف‬
‫عليها لترصدها‪..‬ولذا تأت عليك لظة وأنت ف أسانسي متحرك ل تستطيع أن تعرف هل هو واقف‬
‫أو متحرك ‪ ...‬لنك أصبحت قطعة واحدة معه ف حركته‪..‬ل تستطيع إدراك هذه الركة إل إذا‬
‫نظرت من باب السانسي إل الرصيف الثابت ف الارج ‪.‬‬

‫ونفس الال ف قطار يسي بنعومة على القضبان ‪..‬ل تدرك حركة مثل هذا القطار و أنت فيه إل‬
‫لظة شروعه ف الركة أو شروعه ف الوقوف أو لظة إطللك من النافذة على الرصيف الثابت ف‬
‫الارج ‪.‬‬

‫وبالثل ل يكنك رصد حركة الشمس وأنت فوقها ولكنك يكنك رصدها من القمر أو الرض‬
‫‪..‬كما ل يكنك رصد الرض وأنت تسكن عليها وإنا تستطيع رصدها من على القمر ‪.‬‬

‫ل تستطيع أن تيط بالة إل إذا خرجت خارجها ‪.‬‬


‫وعملية الدراك هي إثبات أكيد بأن هناك شيئي ف كل لظة‪..‬الشيء الدرك ‪ ..‬والنفس الدركة‬
‫خارجه‪.‬‬

‫ولذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لول أن الزء الدرك غينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة‬
‫عن الرور الزمن الستمر‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثوان كل لظة لا استطعنا أن ندرك هذه الثوان أبدا ‪ ..‬ول نصرم‬
‫إدراكنا كما تنصرم الثوان بدون أن يلحظ شيئا ‪...‬‬
‫وهي نتيجة مذهلة تستدعي وقفة تأمل طويلة ‪..‬‬

‫فها نن أمام حقيقة إنسانية جزء منها غارق ف الزمن ينصرم مع الزمن ويكب ويشيخ ويهرم (وهو‬
‫السد) وجزء منها خارج عن هذا الزمن يلحظه من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولذا‬
‫فهو ل يهرم ول يشيخ ول يكب ول ينصرم ‪ ..‬ويوم ل يسقط السد ترابا سوف يظل هو على حاله‬
‫حيا حياته الاصة الغي زمنية‪..‬ول ند لذا الزء اسا غي السم الذي نقلته لنا الديان ‪..‬وهو الروح‬
‫‪...‬‬

‫وكل منا يستطيع أن يلمس هذا الوجود الروحي بداخله‪ ..‬ويدرك انه وجود مغاير ف نوعيته‬
‫للوجود الارجي النابض التغي الذي يتدفق من حولنا ف شللت من التغيات‪.‬‬
‫كل منا يستطيع أن يس أن بداخله حالة حضور وديومة وامتثال وشخوص وكينونة حاضرة‬
‫مغايرة تاما للوجود الادي التغي الذي يتدفق حولنا ف شلل من التغيات ‪.‬‬

‫هذه الالة الداخلية الت ندركها ف لظات الصحو الداخلي والت سيتها حالة حضور‪..‬هي الفتاح‬
‫الذي يقودنا إل الوجود الروحي بداخلنا ويضع يدنا على هذا اللغز الذي اسه الروح ‪ ..‬أو الطلق‬
‫‪..‬أو الجرد ‪.‬‬

‫ونن حي ندرك المال ونيزه من القبح‪ ..‬وندرك الق ونيزه عن الباطل ‪ ..‬وندرك العدل ونيزه‬
‫عن الظلم ‪ ..‬فنحن بكل مرة نقيس بعيار ‪ ..‬بسطرة منفصلة عن الادث الذي نقيسه‪ ..‬فنحن إذا‬
‫نقيس من نفس العتبة‪..‬عتبة الروح‪..‬فالوجود الروحي يدل عليه أيضا الضمي‪ ..‬ويدل عليه أيضا‬
‫الحساس المال‪ ..‬وتدل عليه الاسة الفية الت تيز الق من الباطل والزائف من الصحيح‬

‫هل هذه العتبة خارج الزمن هي إل البد ؟‪ ..‬أو هي زمن آخر له تقوي متلف ‪..‬اليوم فيه بألف سنة‬
‫‪..‬كما ورد ف القران (إن يوما عند ربك كألف سنة ما تعدون )وكما جاء عن أيام ال ‪..‬وهي أيام‬
‫غي أيامنا ذهب ف تفسيها الفسرون كل مذهب كل هذه تفاصيل ل يكن إدراكها‪ ..‬وهي ف‬
‫الغالب مرد إشارات ورموز تشي ول تبي و ترمز ول تشرح‪ ..‬لن بيان حقيقة الروح وكهنها أمر‬
‫فوق مستوى إدراكنا ‪ ...‬أما الكم بوجودها فهو من المكن وهو الواجب والضروري‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ولعل الروح هي طابع السن الذي تركه الالق على كل منا كأثر من آثار يديه‪..‬ولعلها من روحه‬
‫هو إذ نفخ فينا من روحه ‪..‬فهي هبة منه ونفخة منه وشرارة مقدسة من نوره وشعاع من شسه‬
‫البدية ‪ ..‬وهي الصورة الت صورتا لنا الديان ‪..‬وهي الصورة القرب والجل ‪.‬‬

‫ونن ل نبتعد بعيدا إذا عرفنا هذه الروح داخلنا بأنا الرية حريتنا الداخلية العميقة الباطنة ف أعماق‬
‫السريرة والت شاء الالق أن تكون طليقة من كل قيد وحفظها من كل دخيل ووضع جنده خارجها‬
‫وجعلها قدس القداس‬
‫وحرما مرما على الميع إل صاحبها‪-‬‬

‫فنحن ف أعماق سرائرنا نشاء كما يشاء الالق ونتار كما يتار ولذا اخلفنا على الرض وجعل منا‬
‫آلة صغية تكم وجعلها لنا منة وامتحانا واختبارا وبروفة يكون بعدها سؤال وحساب وإعادة‬
‫ترتيب ف مقامات يوضع كل واحد ف مقامه الذي استحقه بدارته ‪....‬‬

‫إن منطقة السريرة هي منطقة الرية وهي منطقة الساءلة (أنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما‬
‫نوى) ‪ ..‬إن منطقة النية والضمار ‪ ..‬هي النطقة الت يلحظها ال بعلمه ويقيم عليها حسابه لنا‬
‫منطقة الرية ‪..‬وإنا يبدأ الب وتبدأ القيود حينما تنطلق من السريرة إل الفعل ث إل التحقيق ف‬
‫العال الادي ‪ ...‬هنا تتصادم الريات مع بعضها البعض ومع ظروف البيئة ومع الجتمع وتتداخل‬
‫الرادة اللية لتحد من شر الشرير ولتفسح الجال للخي ولتخفف من ضررنا على بعضنا البعض‬
‫بقتضى ما فيها من رحة ولتمد كل واحد بدد من المكانات من جنس ضميه واستحقاقه ‪.‬‬

‫ولذا يستوي عندي أن اقول أن ال خلق ل روحا‬


‫وأن أقول‪ ...‬أن ال خلقن حرية‪..‬أو خلقن فردا متفردا فكل عبارة منهما تشرح الخرى ‪..‬‬
‫وتصف من العماق ما ل استطيع أن أراه بالعي أو السه باليد ‪ ..‬أو أجد له ألفاظا ومصطلحات‪.‬‬

‫وف منطقة الروح ل نستطيع أكثر من إشارة ول ند أكثر من رمز‪ ..‬حيث نن على عتبة خارج‬
‫الزمن وخارج كل شيء مسوس ومنظور‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ال‬
‫_______________________________‬
‫وحدة نسيج الموجودات تدل على وحدة‬
‫الخالق‬

‫منذ عشرين سنة كنا نقف ف مشرحة كلية الطب ‪ ..‬كل أربعة أمام جزء من أجزاء الثة‪..‬‬
‫و كنا نظن حينئذ أن حقيقة النسان ليست لغزا‪ ..‬و أن ف إمكان الشرط أن يكشف عنها بضربة‬
‫واحدة ‪ ..‬و أن السم ما هو إل حقيبة إذا فتحتها عرفت كل شيء‪.‬‬
‫و لكن سنتي طويلتي مرتا ‪ ..‬و أنا أبث و أنقب خلف اللحم و العظم‪ ..‬و ف الحشاء و المعاء و‬
‫الشرايي و الغضاريف عن هذه القيقة دون جدوى ‪.‬‬
‫فتحت القلب ‪ ..‬و فتحت الرئتي ‪ ..‬و تتبعت العصاب حت ناياتا ‪ ..‬و صعدت مع البل الشوكي‬
‫إل الخ ‪ ..‬و قطعت الخ نصفي ‪ ..‬ث قطعت كل نصف إل نصفي ‪ ..‬و انتهيت إل كتلة رخوة‬
‫هلمية بيضاء ‪ ..‬قال عنها الستاذ ‪ ..‬إنا سر النسان ‪..‬‬

‫أحقا ‪ ..‬؟‬
‫أهنا يسكن الل‪ ..‬و ترقد اللذة ‪ ..‬و تنام الرادة ‪ ..‬ف هذه الكتلة الائعة الطرية ‪..‬‬

‫و رفعت رأسي ف قلق و تشكك ‪.‬‬


‫و لقد فتحت القيبة فوجدت داخلها حقيبة ‪ ..‬و ما زلت بعد سنتي من التعب و الكد واقفاَ حيث‬
‫كنت أمام مهول‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫إن القناع الذي يغلف النسان ليس ثيابه وحدها‪ ..‬فجلده ثوب آخر ‪ ..‬و لمه و شحمه و عظمه‬
‫كلها ثياب‪ ..‬أما هو نفسه فبعيد ‪ ..‬بعيد ‪ ..‬تت هذه القمشة السميكة ف قرطاس من اللد ‪.‬‬
‫كلم غي صحيح ‪ ..‬مع احترمي لهود السي كنجهام وجراي و جاميسون و بقية عمالقة الطب‬
‫الذين تصصوا ف وصف النسان ‪.‬‬
‫إنم ل يصفوا النسان على الطلق ‪ ..‬و إنا وصفوا ثيابه ‪.‬‬
‫إنم ف نظري ترزية من نوع عصري ‪ ..‬أبدعوا ف وصف موديلت الصارين و المعاء ‪.‬‬
‫إن القلوي الحفوظة ف برطمانات متحف كلية الطب ‪ ..‬هي فتارين لتفصيلت متلفة من القلب ‪..‬‬
‫القلب الديكولتيه ‪ ..‬و القلب الابونيز ‪..‬‬
‫أما قلب النسان القيقي ‪ ..‬عواطفه و دمه الساخن النابض بالرغبة فل يوجد إل ف داخلنا نن‬
‫الحياء ‪.‬‬
‫إن حقيقة الياة غي معروفة ‪..‬‬
‫إنا حركة دبت ف الادة‪..‬‬
‫حركة واعية هادفة حرة‪ ..‬و طبيعة هذه الركة ل يعرفها أحد‪ ..‬و لكنها أبدا ليست الثة على أي‬
‫حال‪.‬‬
‫إن أجهزة السد حينما تعمل تشبه الرج واز‪ ..‬فتبدو للناظر من بعيد كأعضاء حية ‪ ..‬تتكلم‬
‫باختيارها و حريتها ‪ ..‬و هي ف القيقة قطع خشبية ميتة تركها خيوط خفية من وراء خباء‪.‬‬
‫ف داخلنا أرجواز ‪.‬‬
‫ف داخلنا زامر ينفخ ف بوق أجسادنا ‪ ..‬و يلهو بيوط أطرافنا فتتحرك وتشي وتتكلم ‪.‬‬
‫و كذلك الكون كله ‪ ..‬اليوان و النبات و الماد‪ ..‬مموعة أبواق متعددة ف داخلها‪ ..‬ف قلبها‬
‫زامر ‪ ..‬ينفخ على الدواء ‪.‬‬
‫و الباهة النود ل يعتقدون أن لكل ملوق روحا تصه‪ ..‬ل يعتقدون أن لكل حار روحا ‪ ..‬و لكل‬
‫كلب روح ‪ ..‬و لكل نلة روح ‪ ..‬و إنا يعتقدون بوجود زامر واحد ينفخ ف أبواق الكون و روح‬
‫واحدة تسكنه ‪ ..‬و معن واحد تققه الخلوقات‪ ..‬كما تقق الكلمات التعددة‪ ..‬الفكرة الواحدة‬
‫البسيطة‪ ..‬كما يقق الرسام و الوسيقار و النحات و الديب و الشاعر‪ ..‬العن الواحد ف سيل من‬
‫الخلوقات الفنية ‪.‬‬
‫و ف سفر اليوبانيشاد ‪ ..‬صلة هندية قدية تشرح هذا العن ف أبيات رقيقة من الشعر ‪.‬‬
‫إن الله براها الذي يسكن قلب العال و يتحدث ف هس قائلً‪:‬‬
‫إذا ظن القاتل أنه قاتل‬
‫و القتول أنه قتيل‬

‫‪72‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫فليسا يدريان ما يفى من أساليب‪.‬‬


‫حيث أكون الصدر لن يوت‬
‫و السلح لن يقتل‬
‫و الناح لن يطي‬
‫و حيث أكون لن يشك ف وجودي‬
‫كل شيء حت الشك نفسه‬
‫و حيث أكون أنا الواحد‬
‫و أنا الشياء‬
‫إنه إله يشبه النور البيض‪ ..‬واحد وبسيط و لكنه يتوي ف داخله على ألوان الطيف السبعة‪.‬‬
‫إنه الني يتوي على بذور الصفات كلها ‪.‬‬
‫لقد سلك النود جيع الوجودات ف كل‪ ..‬و تصوروا لذا الكل روحا واحدة‪ ..‬سوها براها ‪.‬‬
‫و ما على الباها إل أن ينفخ ف البوق و يرك اليوط الت تلتقي ف يديه فتتحرك الرجوازات جيعا‬
‫على السرح ‪.‬‬
‫و ليس الباها عرش و ليس له ميزان و هو ل ياسب و ل يعاقب و هو ليس بشخص على الطلق‬
‫‪ ..‬إنا هو حقيقة الوجود فحسب‪.‬‬
‫و ل شك أن هذه الفلسفة الندية القدية قد عادت لتبعث مرة أخرى ف عشرات الذاهب الوربية‬
‫‪ ..‬دون تغيي أي شيء سوى السم ‪.‬‬
‫فما قال النود أنه براها‪ ..‬اعتقد به شوبنهور اللان و ساه الرادة و اعتقد به نيتشه و ساه القوة و‬
‫اعتقد به ماركس و ساه الادة و اعتقد به برجسون و ساه الطاقة الية و اعتقد به هيجل و ساه‬
‫الطلق ‪.‬‬
‫كلهم قالوا ما قاله بوذا منذ أكثر من خسة آلف سنة‪.‬‬
‫إن أقدم لكم لهوتا بغي إله ‪ ..‬و علم نفس بغي نفس ‪ ..‬و دنيا بل آخرة ‪ ..‬و إن إلي ليس شخصا‬
‫‪ ..‬و ليس ملكا ‪ ..‬و ليس خالقا للشياء و إنا هو الشياء ذاتا‪.‬‬
‫و قال بوذا ميبا على الفقي الذي سأله ‪ :‬ما هي الروح ‪:‬‬
‫‪ -‬هذه غاية التأمل النظري يا ولدي ‪ ..‬هذه صحراء ‪ ..‬و أنا لست بلوانا ‪.‬‬
‫و مور هذه الفلسفة الندية القدية هو هذا السطر الختصر‪.‬‬
‫إن ال هو الواحد و هو الشياء‪ ..‬و إنه ل يوجد خالق و ملوق و إنا يوجد كل‪ ..‬و هناك الكل و‬
‫ال روح الكل ‪..‬‬
‫و ف هذه العبارة خلط واضح و اعتساف نتائج ل تؤدي إليها القدمات ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫فكل ما تقول به الدراسة العلمية التشريية للحياة و الحياء ‪ ..‬أن هناك وحدة نسيج و أن هناك‬
‫وشائج قرابة و علقة رحم بي كل الوجودات حت بي ما هو حي و ما هو ميت ‪ ..‬بي تركيب‬
‫النجوم و الجرات ‪ ..‬و تركيب الشجار و اليوانات ‪.‬‬
‫تاما كما تلحظ مموعة رسوم يظهر فيها أسلوب واحد و خامات ألوان واحدة و أنواع ورق‬
‫متشابة فالنتيجة الطبيعية أن تقول ‪ ..‬أن مثل هذه اللوحات ل بد قد رسها رسام واحد ‪ ..‬هو الذي‬
‫انفرد بلقها ل يشاركه فيها شريك ‪..‬‬
‫أما أن تقفز من هذه اللحظة فتقول أن هذه اللوحات هي الرسوم و هي الرسام و أنه ليس لا خالق‬
‫فإن مثل هذه القفزة هي تعسف ل منطق له و ل مقدمات تبره و سببها هو اللط بي وحدة‬
‫الوجود و وحدة الوجود ‪ ..‬و أنك اعتبت أن الوجود التعي الحدود هو ف ذات الوقت الوجود‬
‫الطلق الغي مدد (ال) ‪.‬‬
‫و الطأ الثان هو أنك تصورت أن حواسك هي الكم النهائي فأنكرت أن يكون هناك عال غي‬
‫العال الرئي لجرد أنك ل ترى غيه ‪ ..‬إذن فل يوجد غيب و ل آخرة ‪ ..‬و ل يوجد إل هذا‬
‫الوجود الرئي و ال هو قلب هذا الوجود و حقيقته و انتهى الشكال ‪ ..‬و هو نوع من التبسيط‬
‫الخل ‪..‬‬
‫ل يوجد غي الرسوم و هي ف ذات الوقت الرسام ‪ ..‬و الرسام هو حقيقتها و قلبها و انتهى الشكال‬
‫‪..‬‬
‫ث العتقاد بالروح الواحدة الت هي روح الكل ‪ ..‬و إنكار أن تكون هناك أرواح متعددة بعدد‬
‫الخلوقات ‪ ..‬هو تعسف آخر ‪ ..‬هذه الرة قفزة ف الفراغ بدون استناد إل أدلة أو حيثيات ‪ ..‬إنا‬
‫هو حكم آخر بدافع الزيد من التبسيط ‪..‬‬
‫و لجرد التبسيط ينتهي بنا التفكي إل نتيجة غي مقبولة ‪ ..‬إن ال هو الواحد و هو الشياء ‪ ..‬وإننا‬
‫أمام طبيعة و قوانينها و جوهرها و ل شيء غي ذلك فإن سألت من خلق هذه الطبيعة قالوا لك إنا‬
‫قدية ل أول لا و ل آخر و إنا هي ال ‪ ..‬فهي أزلية أبدية واحدة و متعددة ‪ ..‬و هو تلعب‬
‫باللفاظ هروبا من الثنائية الت يفرضها وجود الالق و الخلوق ‪ ..‬و هروبا من التعدد الوهري‬
‫الذي يؤدي إليه العتقاد بأرواح متعددة ‪.‬‬
‫و الديان السماوية هي الت قدمت الل الوحيد الذي يقول به و يقبله التفكي العلمي ‪.‬‬
‫فإذا كانت الدراسة العلمية التشريية للحياة و الدراسة التحليلية الكيميائية لتراب الرض و الكواكب‬
‫و لكونات الاء و الواء قد كشفت لنا أن خامات هذه الدنيا واحدة ‪ ..‬و إذا كانت علوم التطور‬
‫قالت لنا أن تطور الحياء من اليكروبات إل الشجار و القرود دلت على وجود أساليب واحدة‬
‫متشابة و سنن و قواني متطابقة تعمل ‪ ..‬فإن النتيجة الطبيعية أن نقول أن خالق الدنيا و الكون و‬

‫‪74‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫الياة ل بد إذن أن يكون خالقا واحدا ل يشرك ف صناعته شريكا آخر ‪ ..‬و أنه انفرد تاما بلق‬
‫الدنيا ‪ ..‬و ل نقول أبدا أن هذا الالق هو الدنيا ‪ ..‬و أنه هو الطبيعة ‪ ..‬و أنه هو الخلوقات ‪.‬‬
‫و مرة أخرى تقول لنا العلوم القطعية ‪ ..‬أن ما يقع ف نطاق إدراكنا السي ليس هو كل شيء ‪ ..‬و‬
‫أن العال زاخر حولنا بوجودات غي مرئية و غي ملموسة و غي مسموعة ومع ذلك هي يقينية مثل‬
‫وجودنا اليقين نفسه‪ ..‬مثل ذلك الشعة تت المراء والشعة فوق البنفسجية‪ ..‬وأمواج اللسلكي‬
‫والرادار وأشعة اكس‪ ..‬ومثل هذه المواج كانت موجودة قبل أن نترع الراديو ومطة إذاعة‬
‫ماركون وجهاز أشعة وجهاز أشعة اكس‪ ..‬هذه المواج كانت وما زالت تنصب علينا من الشمس‬
‫منذ مليي السني وكانت تيط بنا دون أن نراها أو ندري با‪ .‬فالقول بالغيب واللئكة والخلوقات‬
‫الغي مرئية أمر طبيعي‪ ..‬والعكس هو غي طبيعي‪ ..‬أن ننكر ما ل نرى لجرد أننا ل نرى مع علمنا‬
‫بدود حواسنا أمر غي طبيعي‪..‬‬
‫والقول بأن الالق الذي خلق الخلوقات خلق لا أرواحها أمر طبيعي‪..‬‬
‫فإذا رأينا الدقة والحكام والنضباط ف نظام الكون من حركة الذرة إل دوران الفلك‪ ..‬وقلنا‪ ..‬أن‬
‫مثل هذا الكون الحكم ل يكن أن يفلت فيه ظال‪ ..‬وأنه لبد من حساب وعقاب لكل من يفلت‬
‫من العقاب ف الدنيا‪ ..‬لكان قولنا طبيعيا ومنطقيا مع جيع القدمات العلمية الشاهدة‪ ..‬فل يوجد‬
‫دليل علمي واحد على الفوضى ف قواني الطبيعة‪ ..‬ول بد لالق هذه الطبيعية الرائعة أن يكون خالقا‬
‫عادلً‪.‬‬
‫والذي يستبعد البعث‪ ..‬ويصدق أن الراح الدكتور برنار يبعث قلب رجل ميت بأن ينقله إل جسد‬
‫آخر حي فيعود حيا ويكذب‪ :‬أن الذي خلق برنار والكون الذي يعيش فيه برنار يستطيع أن يقق‬
‫بعث متشابة‪ ..‬هو إنسان مكابر مدود الفهم‪.‬‬
‫وأن تأت هذه القائق على يد بدوي أمّي ل يعرف القراءة والكتابة‪ ..‬فيأت لنا بقرآن يغي التاريخ‬
‫ويطابق كشوفات العلم قبل أن تدث هذه الكشوفات بقرابة ألف و ربعمائة سنة هو أمر ل يكن أن‬
‫يأت إل وحيا وتلقينا من الله الذي يعلم كل شيء‪.‬‬
‫والذي يقول لك ف سذاجة‪ ..‬أن ال رحيم وسوف يدخل كل الناس النة وهل من العقول أن يضع‬
‫ال رأسه برأسنا وياسبنا على كلم قلناه وأفعال فعلناها ونن بالنسبة ل ولعظمة ال كالنمل أو‬
‫ذرات التراب أو ذرات الباء‪ ..‬غي معقول‪ ..‬أن ال كبي جدا أكب من أن يعذبنا‪.‬‬
‫الذي يتصور ال بذه الصورة ويظن أنه يؤمن به إيانا رفيعا‪ ..‬ينسى أنه بذا الساذج يطالب ال‬
‫بالظلم و بأن يسوي بي السود و البيض ويعل الظال كالظلوم والقاتل كالقتيل ف حكمه وهذه‬
‫هي الفوضى بعينها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪www.proud2bemuslim.com‬‬ ‫مكتبة فخور كون مسلم‬

‫ولو أنه درس القليل من الكيمياء والطبيعة لعلم أن قواني ال ل تسوي بي الذرات‪ ..‬حت الذرات‪..‬‬
‫أن كل شيء يتحرك بإحكام من اللكترون الصغي إل أجرام السماوات العظيمة ف توافق مع منطق‬
‫علمي دقيق وأن الذرات تتحد وتتفاعل مع بعضها بسب أوزانا الذرية مع أن هذه الوزان مقادير‬
‫ضئيلة جدا جدا جدا ‪.‬‬
‫وأنه باستقراء عجائب الكون ودقة سيها وأحكام تطورها فأن العقل ليصرخ‪ ..‬بي يدي هذه الفترة‬
‫ل يكن أن يفلت ظال ول أن يهرب قاتل أخطأته قواني الرض‪.‬‬
‫أن العدالة تنتظر الميع‪.‬‬
‫يقول هذا اليكروسكوب والتلسكوب والترمومتر و البارومتر كم تقوله الكتب السماوية‪.‬‬
‫وهي الكتب الوحيدة الت تيب على لغز الوت إجابة ما زالت تتحدى جيع العلوم‪.‬‬

‫ت بعون ال تعال‬

‫‪76‬‬

You might also like