Professional Documents
Culture Documents
والعلج
العنـــف .......ذلك السلوك المقترن باستخدام القوة الفيزيائية وهو ذلك الفيروس الحامل
للقسوة والمانع للمودة .لم يكن العنف في يوم من اليام ولن يكون فطريا بل كان دوما قدرا
أحمقا مكتسبا في النفس البشرية .فلم يكن النسان عنيفا يوم ولدته أمه بل أن عنف الطبيعة
وعسر الحياة والتربية وعنف الباء هو الذي يغرز العنف في خليا الدماغ حتى حملته
صبغاته الوراثية فكاد أن يكون موروثا.
وليس لنا في الحقيقة إل التمييز والتفريق بين عنف الطبيعة في زلزلها وبراكينها
وزمهريرها ،والعنف إل لهي في سلسله وسعيره وصقره ،والعنف الحكومي بإرهابه
وهراواته ورصاصه ...وعنف النسان للحيوان بتعذيبه وسلخ جلده وقتله وعنف النسان
لخيه النسان الذي يشمل ضمنا عنف الب ضد أبناءه وعنف الرجل ضد المرأة وعنف
الرجل ضد الرجل وعنف النسان لنفسه وما يهمنا في هذه الدراسة هو عنف النسان لخيه
النسان وعنف النسان لنفسه وهو الموضوع الذي قل ما يستعرض في التحليلت النفسية
نظرا لبعده الواقعي وليس النظري عن مفهوم الجريمة والمفهوم القانوني وسنحاول في هذه
المقالة دراسة مساراته وسبر أغواره .ونظرا لتساع جوانب العنف وأسبابه وأبعاده أخذ علماء
الجتماع في تقسيم الموضوع وتصنيفه إلى العنف المدرسي والعنف العائلي والعنف العلمي
والعنف الحكومي ...الخ .وكلها تدخل في مضمار العنف الجتماعي وعلى أساس نوعي آخر
يتم تصنيف العنف إلى ثلثة أنواع هي العنف النفسي والعنف اللفظي والعنف الجسمي .عنف
النسان لخيه النسان ما يزال قيد التحقيق والدراسة وسيبقى ويظل موجودا ما دام التعقل
والجنون موجودين وسيظل مرهونا بالصراع المتواجد بين العقل والجنون .ولن يكتب لهذا
العنف أن يهدأ في النفس النسانية إل إذا أمكن التلعب هندسيا بجينات النسان وصبغاتها
الوراثية .....ولكن يمكن انحساره كما وكيفا إلى درجاته الدنيا.
عنف النسان لنفسه هو الخر لم ينته بعد من تجارب العلماء والمحققين وهو في حقيقته
بعيد عن الصفة العدوانية ضد الغير أو لنقل ضمور الغريزة العدوانية ضد الغير في هذا النوع
من العنف .وعلى أية حال فإننا نجد أن العنف في وجه من وجوهه معصية ل ولرسوله وعدم
اللتزام بأوامره ونواهيه وسننه وهو وسيلة لرضاء الشيطان وسخط الرحمن وفي أسلوبه
1
جريمة يعاقب عليها المجتمع والقانون .وللعنف مناظير أخرى فالعنف برأي الدكتور مصطفى
حجازي هو لغة التخاطب الخيرة الممكنة مع الواقع ومع الخرين حين يحس المرء بالعجز
عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم
بالعتراف بكيانه وقيمته .كما يشير الدكتور حسنين توفيق إبراهيم في كتابه ظاهرة العنف
السياسي في النظم العربية إن العنف هو ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية والقتصادية
والجتماعية والنفسية وهو ظاهرة عامة تعرفها كل المجتمعات البشرية بدرجات متفاوتة .أما
ساندا بول روكنغ فيقول :بأن العنف هو الستخدام غير الشرعي للقوة أو التهديد باستخدامها
للحاق الذى والضرر بالخرين ...وقد يقترن العنف بالقوة أو الكراه أو القسر أو التكليف
والتقييد وهو سلوك نقيض للرفق وقد يقال عنه بأنه صورة من صور القوة المبذولة على نحو
غير قانوني بهدف إخضاع طرف لرادة طرف آخر أو هو الستعمال غير القانوني لوسائل
وأساليب القسر المادي أو البدني ابتغاء تحقيق أهداف شخصية أو جماعية.
والذي يبدو في هذه التعريفات أنها توازي بين العنف ومخالفة القانون فقط في الوقت
الذي قد ل نعطي القانون اغلب جوانب العنف في نفس الوقت الذي نجد أنها ل تعبر بصورة
حقيقية عن مفهوم العنف أساسا إذ أننا نستطيع التساؤل عندئذ بأن تطبيق القانون بالكراه
والقوة والمصلحة الدولية يعتبر مخالفا للقانون أم ل؟ ولربما يربط البعض بين العنف
والعدوانية التي يعتبرها البعض أحد الجزاء المكونة للغريزة الجنسية ....والعنف هو أحد
أوجه الروح السادية الكابتة في الفرد وانعكاس من انعكاسات النا والنانية لديه حتى وإن كان
في حالة الدفاع كما أشار (دينستن) إلى أن العنف السياسي هو استخدام وسائل القوة والقهر أو
التهديد باستخدامها للحاق الذى والضرر بالشخاص والممتلكات وذلك من اجل تحقيق
أهداف غير قانونية أو مرفوضة اجتماعيا.
أما تعريف العنف برأي (ايسنارد) فهو كغيره من أشكال السلوك وهو نتاج مأزق
علئقي بحيث يصيب التدمير ذات الشخص في نفس الوقت الذي ينصب فيه على الخر
لبادته فتشكل العدوانية طريقة معينة للدخول في علقة مع الخر ،ويعرفه عدد من علماء
السلوك بأنه نمط من أنماط السلوك الذي ينبع عن حالة إحباط مصحوب بعلمات التوتر
ويحتوي على نية سيئة للحاق ضرر مادي ومعنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي .ومن
التعاريف السابقة للعنف والتي اتصفت ببعض الجوانب الخاصة كالقانون والسياسية
والقتصاد .....نستطيع التعميم بالقول بأن العنف قد يوجه من الشخص لنفسه وليس
بالضرورة من الشخص لطرف آخر كما أن العنف قد يكون مصاحبا بقوة خفية غير ظاهرة
المعالم كالكهرباء والسم وبهذا نذهب إلى أكثر وأعمق مما ذهبت إليه بعض تلك المصاديق
2
التعريفية كما يحلو للبعض تسميتها بعنف المصلحة الذي يخدم مصلحة الشخص العنيف
بخلف العنف الشخصي الناتج عن عقوبة الذات وتأنيب الضمير.
سيكولوجية العنف ....
العنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف ،والعنف وجه آخر من أوجه
النقص التقني في السلوب والبداع في حل ومواجهة معضلة وقد يصل العنف لمراحل
النهيار العقلي والجنون كما قد يكون وسيلة من وسائل العقوبة والتأديب أو صورة من صور
تأنيب الضمير على جرم أو خطيئة مرتكبة ولن يتعدى في كل أحواله القصور الذهني
والفكري لدى النسان وهو في حالة من حالته اضطراب في إفرازات الغدد الهرمونية في
جسم الفرد وعدم تناسب أو انتظام في التوزيع الهرموني داخل الجسم الذي قد ينتج أحيانا عن
سوء في التغذية أو سوء اختيار نوعيتها .وأيا ما تكون العلة الفيزيولوجية أو البيئية فالعنف
مرفوض حضاريا وأخلقيا وسلوكيا واجتماعيا ولكن ما اقتنع مجتمع أو فرد بالعنف إل وكانت
له جذور .العنف دليل من دلئل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الخر مهما
تعددت أشكال ذلك الخوف ،وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن ،ووجه من وجوه ضيق
الصدر وقلة الحيلة وقد يلم العنف بصاحبه فتراه يضرب نفسه أو ينطح رأسه بالجدار أو يقطّع
شعر رأسه ألما وانتقاما من فكرة أو وسوسة في الدماغ قد ل يكون لها أساس من الصحة
والمنطق .وهو أي العنف في مثل هذه المراحل يكون مؤشرا لضعف الشخصية ونقصان في
رباطة الجأش وتوازن السلوك .والعنف في وجه من وجوهه حلوى مسمومة للصغار والطفال
ومدرسة سلبية للشباب في سنين المراهقة وخداع لعقولهم في خط الحياة والمستقبل وتضليل
لمسار الفكر النساني في عقولهم وتطبيع نفوسهم على القسوة الكامنة في العنف والتي قد
تتحول في النفس إلى عنف من نوع آخر ل تحده حدود غير الحقد والكراهية مثل حالت القتل
الجماعي والتمثيل الجسماني ...الخ.
القسوة والفظاظة الكامنة في العنف قد تتحول من صفة الكتساب إلى صفة الوراثة
ل لن يخلفا إل كمدا ولن يزرعا إل اضطرابا وحسرة في
فالغتصاب والقسوة الجنسية مث ً
النفس المتلقية والجنين المولود ....وبذلك تخلق معادلة الكآبة وتستمر ل تنتهي بانتهاء الحياة
بل تتوالد من جديد في أصلب قادمة.
وهكذا خلف الجداد العنف في أرحام نسائهم وأورثناه نحن في أولدنا وهلم جر...
وإن كان كامنا في صبغة من أصباغ مليين الحيوانات المنوية.
إن لتربية السرة وسلوكية البوين أثرا بالغا على تحديد الشخصية العنيفة العدوانية إذ
يتوخى الطفال الذكور تقليد الب والنجرار خلف سلوكياته والتطبع بها من دون مراعاة للقيم
3
التي قد ل يعرفونها بعكس الناث اللواتي يتوخين تقليد سلوكيات أمهاتهن من دون مراعاة
للقيم التي قد ل يعرفنها أيضا .وبديهي أن هذا النجرار يصاحبه مباركة من البوين أو لنقل
التغاضي عنهما ...أما المهاترات والضرب العائلي فينتقل بصورة ل إرادية وبالمحاكاة إلى
الطفال ليصبح سلوكية البناء بالروح العدوانية والتهجمية المصاحبة للعنف وعليه ينصح
علماء الجتماع بعدم استعراض أي من تلك الحالت أمام الطفال ولتكن بمعزل عنهم.
وعلى الرغم من اختلف تأثير الحرمان المومي وحتى البوي من طفل لخر ومن
مجتمع لخر علوة على التمييز والتفريق بين الطفال يبعضهم البعض ،وعلى الرغم من أن
الكثير من الطفال المحرومين ينشئون بصورة سلوكية سوية بعدئذ إل أن الحرمان المومي
والبوي بكافة جوانبه المادية والمعنوية يعتبر من أهم حوافز ومولدات العنف والسلوك غير
الهادئ وذلك نظرا لما يتركه هذا الحرمان من آثار عميقة في المجالت الذهنية والجتماعية
والعضوية أحيانا وحتى على كيمياويات الفرازات الهرمونية في جسم الفرد ـ وتتجلى آثار
الحرمان المومي والبوي كظاهرة منتشرة في دراسة بيرز واوبرز ( )1950على عينة من
38مراهقا سبق وأن دخلوا مؤسسات الرعاية الجتماعية بين السبوع الثالث والسنة الثالثة
من عمرهم حيث لوحظت تلك النتائج بصورة جلية في أعمارهم بين السنة السادسة عشرة
والثامنة عشرة حيث تعرض 21شخصا منهم إلى اضطرابات وطبيعة عدوانية وشراسة حادة
بينما عانى أربعة فتيان من العينة ذاتها من التخلف العقلي وعاقد اثنان منهم العصاب ولم ينج
إل سبعة مراهقين حيث كان سلوكهم مقبولً.
وتتجلى انعكاسات الحرمان المومي بصورة واضحة على التوأم وكذلك الطفال
المولودين بصورة متعاقبة وبفاصل زمني متقارب .وليس هذا فقط بل إن الصدمات النفسية
المبكرة والعداد غير السليم لوضع المراهقين والنشاط الجسمي وعدم القدرة على تحقيق
الرغبات كل ذلك يزيد النفعالية الناتجة عن عدم النتظام في الفرازات الهرمونية في خليا
الجسم والذي يؤدي بدوره إلى السلوكية العدوانية والعنف.
القهر الجتماعي هو الخر من أحد أهم مكونات العنف ليس للفرد فحسب بل في
المجتمع أيضا إذ أن مسألة الزدراء والسخرية والستهزاء بالشخصية خصوصا بين الطفال
والشباب أو حتى في السرة الواحدة كفيلة بأن تزيد الفرازات الهرمونية العصبية والعدوانية
في الجسم لتثير في الفرد روح العنف والحقد والكراهية واستخدام القوة للرد ورفع القهر الناتج
عن الستهزاء إذ تشير العديد من التقارير المدرسية بأن أكثر المشاكل العنيفة بين الطلب
كانت بسبب السخرية والستهزاء وتسلط الكبار على الصغار كما تذكر تقارير من اليابان بأن
هذا القهر الناتج عن الستهزاء أدى إلى انتحار تسعة طلب دون الرابعة عشرة من العمر في
العام 1985م كان احدهم فتى هادئا وديعا .إن القهر الجتماعي ل يتوقف عند السخرية
4
ل أخرى متعددة فمن عدم المساواة الشخصية والنبذ
والستهزاء بل يتعدى ذلك ليأخذ أشكا ً
الجتماعي واغتصاب الحقوق واختلف اللغة أو القهر اللغوي وعدم العدالة في بعض المواقف
الدارية والتربوية والقانونية كلها عناصر مولدة للعنف والعدوان الفردي والجتماعي ،فكثيرا
ما نلحظ أن القهر الداري يدفع الموظف لركل الطاولة أو إغلق الباب بعنف وقوة أو
النفجار بالسباب أحيانا كثيرة.
ول ننسى أن نشير هنا إلى أن العنف هو صورة النا والنانية في الفرد وأن العلقة
بينهما مضطردة فكلما زادت ألنا كان العنف هناك فالتهمة الشخصية كالتكفير والزندقة
والتهجم وإهانة الشخصية كلها عوامل تذكي النا العدوانية عند الفرد وتزيد من حساسيتها.
وعلى الرغم من كثرة البحوث التي تشير إلى سلبية تأثير وسائل العلم كافة واعتبارها أحد
أهم وسائل انتشار العنف المكتسب لدى الطفال والمراهقين شأنها بذلك شأن الفلم الجنسية
المثيرة للمراهقين إل أن تلك الوسائل العلمية ومن يقف ورائها من الناشرين والمخططين ما
زالت تتخذ من مادة العنف والجريمة ،والقتل وحوادث العتداء والتفجيرات والغتيالت وقتل
الطفال ...الخ مادة دسمة لخبارها وإعلمها حتى بلغت نسبة هذه الحداث %75من المادة
الخبارية في الوقت الذي تبلغ فيه المادة العلمية %25في مجمل المادة الخبارية .....وحبذا
لو تتغير النسبة ويتغير أسلوب العرض الخباري؟؟! حرصا على الجيال القادمة ولنسجل
بذلك سبقا صحفيا وإعلميا وسيكولوجيا على الغرب .
إن الشيء الملفت للنظر والجدير بالشارة هو أن التنشئة الجتماعية وحتى السرية
للفرد مبنية على تركيز رفع درجات الحقد والكراهية والنتقام ضد السرة المعارضة أو
المجتمع المعارض في الطرف الخر متناسين العوارض الجانبية لهذا التركيز حيث أن الحقد
والكراهية والنتقام قد تتأصل في النفس أو المجتمع وتعود على بعضه بالوبال وبذلك ينطبق
المثل القائل (على نفسها جنت براقش) ومتناسين بذلك أيضا أن الكذب وعدم العدالة من أسرع
الصفات السلبية التي تتأصل في النفس البشرية ومن أهم مقومات العنف.
يعتبر الستفزاز في الكثير من الدراسات العالمية من أهم محفزات ومكونات العنف
سواء كان ذلك للطفال والشيوخ والحوامل وحتى الحيوانات إذ أن تأثيره غير العادي على
تغيير إفرازات الغدد الجسمية للطرف الخر كفيل بخلق الضطراب النفسي والفكري
المصاحب للعنف والعدوانية حيث تجد الكثير من أولئك الذين يدفعهم الستفزاز للعتداء
وتحطيم الثاث والسيارات وكل شيء أمامهم أو ركل الكرسي وتحطيم النوافذ وإغلق الباب
بقوة وغضب كرد فعل عنيف للحباط وعدم الرضا والقهر أحيانا أخرى .وهاتان الخصلتان
الستفزاز والتنشئة الجتماعية المنزلية (ال َقدْح) كانتا السبب لدى الكثير في رفع الروح
العدوانية والعنف المدرسي فالتنشئة الجتماعية المنزلية المبنية على الردع والذم والسباب..
5
الخ تخلق الروح العدوانية المكبوتة لدى الطفل بينما يساعد الستفزاز على تأجيج تلك الروح
العدوانية لدى الطفل وهو ما يؤدي إلى أكثر تلك الصراعات المدرسية قبل بداية الدوام وعند
انتهاء الدوام وخروجهم إلى المنازل.
إذ تشير الدراسات التربوية المدرسية إلى أن نسبة %85من تلك الصراعات الطلبية
العدوانية ترجع إلى كل من الستفزاز والسخرية والتربية أو التنشئة المنزلية إذ أن %75من
هؤلء هم من ذوي العائلت ذات المشاكل السرية الغير سليمة.
عنف التربية لنستعرض هنا قليلً من موارد العنف الناتج عن سوء التربية تاركين
العنف الموروث مكبوتا في حيامنه والذي كان في زمن ولى ومضى عنفا مكتسبا بالتربية.
وتكثر البدائل ولكن الختيار لم يكن إل اختيارا للعنف السيئ المصاحب للقصور الذهني
والتقنية التربوية .كتلك المرأة التي كانت تضرب رأسها بالجدار لتعديل درجة النسيان
والوسوسة في داخل نفسها عند كل خطأ ترتكبه في صلتها وكأنها تعاقب نفسها أو ذلك
الرأس على ذلك الخطأ تاركة كل البدائل الممكنة من التسبيح والبوصلة واستخدام جهاز
التسجيل للصلة بأكملها أو الئتمام بالخرين لعلج هذه المشكلة ......أيضا تلك المرأة التي
كانت تشقق ثوبها وتلك التي كانت تقطع شعرها جزعا وخوفا ورعبا لدى كل مشكلة غير
محتملة لديها ومهما كانت بسيطة وكأن ذلك السلوك يهدئ من روعها ويحل معضلتها وكم كان
الرعب يصيب الطفال عند مشاهدة تلك المناظر وكم يقيسون عندئذ بأن ضرب الرأس
وتقطيع الشعر وتمزيق الثياب قد يكون حلً للمعضلة .كما لن أنسى ،ذلك الطفل الذي يسقط
على الرض ونظره متعلق بأمه ثم بدأ بالصراخ والعويل ل لسقوطه على الرض بل لفزع
أمه عليه وجزعها في نظرتها إليه وصراخها من هلعها عليه وكم كان موقف الب جريئا
وتربويا عندما طلب من الطفل أن ينهض وينظف ملبسه الجديدة من التراب الذي علق عليها
ل من البكاء والعويل .ونتذكر ذلك البن المرعوب جراء تأنيب وتعزيز والديه
جرّاء السقوط بد ً
له على كل خطأ قد يرتكبه وإن كان عفويا.
وتلك الحكومة التي كانت تعاقب أبناءها ومواطنيها لمجرد التفكير بأسلوب مغاير أو
حتى موازٍ لمسارها والكل يعلم أن التفكير من العمليات اللإرادية في دماغ النسان وتلك
الحكومة التي اتبعت سياسة العنف وسيلة للحكم واستقرت على رعب المواطن وخوفه أدى إلى
نشوء المراض والعقد النفسية لدى أجيال متعددة يتوارثونها جيلً بعد جيل .وأتذكر ذلك الب
الذي يحتقر ويزدري زوجته أمام أولده وكم يزرع في نفس الذكور منهم نفس الزدراء وذات
السلوك ضد أمهم وأخواتهم الناث اللواتي ينتابهن الخوف والحباط والجزع والتسليم للمر
الواقع.
6
وكم نتذكر لنكتب عن عنف التربية في العالم العربي والسلمي وكم ندرس لنبحث
فالكل يعرف ويشكو التربية والعنف المصاحب لها وتأثيرها السلبي والكل ل يبالي ويبرر!!!
7
تساعد الهوايات الجسمية والنفسية على امتصاص عدم التوازن الهرموني في الجسم والمؤثر
في السلوك النساني وتوجيهه باتجاه معاكس للعنف والعدوانية فهواية القراءة ،وجمع
الطوابع ،والنقود ،والموسيقى ،والركض ولعب الكرة بأنواعها ...إلى غيرها من الهوايات
التي تركن لها النفوس من دون حصر وكذلك إطلق الحرية في اختيار الهواية المناسبة
للطفال والشباب حسب أعمارهم كالسباحة وركوب الخيل والدراجات والسيارات ...الخ
تساعد على تحويل العنف إلى علقات جسمية أو نفسية هادئة وديعة كما تصرف الذهن
ج الفرد
وخلياه عن التفكير بالعنف لنشغالها وانغماسها بتلك الهوايات وتطويرها وإن دم ّ
إحدى هذا الهوايات أو أكثرها كان من واجب علماء النفس والتربية ومتصدي الصلح في
المجتمع خلق هوايات أخرى تتماشى وتوجهات ذلك المجتمع وعلقته بالعنف .ولربما نستطيع
التأكيد على أن من أهم الهوايات التي تقلل العنف أو تمنعه هي السباحة ومع السف نجد أن
الكثير من البلدان السلمية ولزمنة قريبة مثل ليبيا وإيران والسعودية واليمن ل تهتم
بالسباحة بل تتركها للفرد والقدر وللستثمار من دون إعطائها تلك الميزة التربوية على الرغم
من توجيه وتوصية السلم بها فمع السف نجد أن اغلب المسابح أو كلها مسابح صيفية في
الوقت الذي نلحظ ندرتها في الشتاء وكأن العنف لديهم مرهون بفصل الصيف دون فصل
الشتاء .كما تشير الحصائيات الكثيرة إلى انعدام العنف أو تضاؤله عند أولئك الذين
يمارسون هواية السباحة بشكل متواصل دون انقطاع حيث تقضي السباحة على التوتر
الفكري والعصبي عند النسان وبصورة مباشرة .وحبذا لو يتم توسيع هذه الهوايات وإعطائها
الطابع السلمي وتبينها من قبل المراجع والمسئولين عن تربية المجتمع وتوجيههم الصحيح
بدلً من العنف المصاحب لتأجيج العواطف واستفزازها.
إن هواية تربية الحيوانات والطيور المنزلية خصوصا للطفال والشباب تولّد فيهم روح
العناية والرعاية وحب الطرف الخر وتغيير السلوك العدائي إلى سلوك التعايش السلمي كما
تنمي موهبة التعامل لدى الفرد والطفل مع من هم أقل واقصر منه تحمّل وتحليل بعض
السلوك القاصر الصادر من مثل هذه الحيوانات وتعلم كيفية تربيتها وتدجينها ودراسة
سلوكياتها وأخلقياتها مما يصرف الفرد أو الطفل عن روح العداء والتذمر والكثير من
السلبيات الناتجة عن ضيق الصدر ..ولعلنا نستطيع القول وبحزم بأن من واجب الباء دفع
أبنائهم لممارسة واعتناق إحدى الهوايات أو عددا منها ولربما نذهب بعيدا ونطالب الباء
والمسئولين والمتصدين للتربية وعلم الجتماع إلى وضع دراسات اجتماعية وخلق هوايات
جديدة تتناسب مع ذات المجتمع وعواطفه وميوله من دون تقليد للخرين ونختم هذه الفقرة
ت وإن كلّت عَميتْ).
بما روي عن المام علي… قوله (روّح النفس ساعة فإنها إن ملّتْ كلّ ْ
8
•السترخاء :تفيد علميات السترخاء كثيرا في التقليل من حالت العنف المصاحب
للغضب وعملية السترخاء تعني ترك العضو الجسمي كاليد أو الرجل من دون حركة
لفترة زمنية وبصورة ل يتدفق فيها الدم إلى العضو الجسمي بكميات كبيرة وهو أشبه
إلى التخدير منه إلى النوم.
•تقوى ال:
إن تقوى ال وهو الملذ الكبر في نهاية المطاف يمنع القسوة والغلظة وهو بالتالي
يردع العنف رغم حق القصاص الفردي الذي قد يتضاءل أمام مفهوم العفو والصلح
ومصداقية الفرد المؤمن.
•الصلوات والتوجه إلى ال:
تمثل الصلوات وسيلة من وسائل ردع العنف عند الشخص بينما يساعد التوجه إلى ال
على توازن وانتظام الفرازات الهرمونية الجسمية عند الفرد بإبعاده عن مكونات الثارة
والستفزاز.
•الجواء البيئية:
للبيئة تأثير كبير على تصعيد درجة العنف عند الفرد فالصحراء والطبيعة القاسية والنحيب
والضجيج وعدم الستقرار والهدوء وحتى التلوث البيئي لي سبب من السباب يعتبر من
إحدى المقومات الستفزازية الباعثة والمسببة للعنف أو حتى تقبّله بصورة طبيعية إذ أن
النتظام الهرموني والسلوكي مرهون بالتأثرات والتغيرات البيئية المحيطة بالفرد وعليه
ينصح العلماء باختبار البيئة الجوية والجتماعية المناسبة لتقليل العنف المصاحب للتوتر في
مثل هذه الحالت.
•رفع القهر الجتماعي:
لحظنا أن القهر الجتماعي في الفقرة السابقة هو أحد مكونات العنف عند الفرد وبالتالي لبد
من إتباع الوسائل التي تقلل من تأثيرات هذا القهر وينصح العلماء بأن المشاركات الجتماعية
والنضمام للجمعيات الصلحية ومساندتها مثل جمعيات حقوق النسان وجمعيات الرفق
بالحيوان وجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة وجمعيات الرعاية الصحية وجمعيات الحسان
الخيرية ونقابات العمال والفلحين ...الخ تعتبر من الوسائل المهمة في تقليل العنف
المصاحب للقهر الجتماعي.
•النضج السلوكي:
9
تكليف الشباب والصغار بمسؤوليات ومهام منزلية ،أو إدارية يساعد كثيرا في النضج
السلوكي لديهم عن غيرهم ممن لم يحضوا بهذه الخصوصية .إن معاملة الصغير بأسلوب
كبير يساعد على نضجه السلوكي المر الذي يقلل من انفعاليته وعنفه.
•الحركات الكشفية:
إن مشاركة الشباب والطفال بالحركات الكشفية أصبحت في الوقت الحالي ضرورة من
ضروريات المعاملة الكفوءة مع الحداث اليومية للحياة ،ويلحظ أن مردودها النفسي يفيد
كثيرا في التقليل من العنف لدى الفراد حتى بعد تركهم تلك الحركات الكشفية.
•نظرية امتصاص العنف بالعنف:
يؤمن البعض بأن العنف ذاته قد يشكل رادعا للعنف إذا تم استخدامه بصورة علمية ومدروسة
مثل مباريات الملكمة والمصارعة وكرة اليد هي من اللعاب والهوايات العنيفة التي وضعت
وفق أسس أخلقية واجتماعية تجارية وتربوية قادرة على تحويل العنف السلبي إلى عنف
رياضي إيجابي يكتسب الحترام .كما أن أفلم العنف أيضا تشكل مثلً آخرا على نظرية
امتصاص العنف بالعنف والتخلص من المحاربين بالحرب ...وهكذا تطغى التجارة حتى على
عقول الطفال والمراهقين الذين ليست لهم القدرة على استيعاب فكرة امتصاص العنف
بالعنف المضاد .والحقيقة أن المثلة السابقة ل تقدم دليلً على امتصاص أو تقليل العنف
بالعنف بل يمكن تكليف الشخص بأعمال عضلية عنيفة مثل الركض ورفع الثقال وتقطيع
الشجر وتكسير الحجر.
•الحب والزواج:
الحب نقيض الكراهية وهي إحدى مقومات ومولدات العنف في النفس البشرية وفي مجتمعاتنا
حيث ينظر للحب بمنظار سلبي ترتفع نزعات الحقد والكراهية والتطرف الناتج عن الكبت
العاطفي المثير للعنف الجنسي والعدوانية وبإطالة فترة الخطوبة بين الجنسين يتعلم الطرفان
خلها تغليب سلوك الحب ومراعاة الطرف الخر علوة على ايجابيات أخرى نحصد في
محصلتها انتفاء الكراهية والعنف بين الطرفين وفي كل المجتمع.
10