Professional Documents
Culture Documents
تأليف
المام عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
ت 1285هـ.
مقدمة الشارح
بسم ال الرحمن الرحيم
وبه نستعين وعليه التكلن .
***********
قال المصنف رحمه ال :وصلى ال على محمد وعلى آله وسلم .
ش :أصح ما قيل فى معنى صلة ال على عبده :ما ذكره البخارى رحمه ال تعالى عن
أبعى العاليعة قال " :صعلة ال على عبده ثناؤه عليعه عنعد الملئكعة" وقرره ابعن القيعم رحمعه ال
ونصره فى كتابيه جلء الفهام وبدائع الفوائد .
قلت :وقد يراد بها الدعاء ،كما فى المسند عن على مرفوعا " الملئكة تصلى على أحدكم
ما دام فى مصله :اللهم اغفر له اللهم ارحمه " .
قوله (وعلى آله) أى أتباعه على دينه ،نص عليه المام أحمد هنا .وعليه أكثر الصحاب
.وعلى هذا فيشمل الصحابة وغيرهم من المؤمنين .
قال المصنف رحمه ال تعالى :وقول ال تعالى " ' 56 :51 ' :وما خلقت الجن والنس إل
ليعبدون"
ش :بالجر عطف على التوحيد .ويجوز الرفع على البتداء .
قال شيخ السلم :العبادة هى طاعة ال بامتثال ما أمر ال به على ألسنة الرسل .
وقال أيضا :العبادة اسعم جامعع لكعل معا يحبعه ال ويرضاه معن القوال والعمال الظاهرة
والباطنة .
قال ابن القيم :ومدارها على خمس عشرة قاعدة .من كملها كمل مراتب العبودية .
وبيان ذلك :أن العبادة منقسعمة على القلب واللسعان والجوارح .والحكام التعى للعبوديعة
خمسة :واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح .وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح
.
وقال القرطعبى :أصعل العبادة التذلل والخضوع .وسعميت وظائف الشرع على المكلفيعن
عبادات .لنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين ل تعالى .
ومعنى الية :أن ال تعالى أخبر أنه ما خلق الجن والنس إل لعبادته .فهذا هو الحكمة في
خلقهم .
قلت :وهي الحكمة الشرعية الدينية .
قال العماد ابن كثير :وعبادته هى طاعته بفعل المأمور وترك المحظور .وذلك هو حقيقة
ديعن السعلم .لن معنعى السعلم :السعتسلم ل تعالى ،المتضمعن غايعة النقياد والذل
والخضوع .انتهى .
وقال أيضا فى تفسير هذه الية :ومعنى الية أن ال خلق الخلق ليعبدوه وحده ل شريك له
.فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء .ومن عصاه عذبه أشد العذاب .وأخبر أنه غير محتاج إليهم .
بل هم الفقراء فى جميع أحوالهم وهو خالقهم ورازقهم .وقال علي بن
أبعى طالب رضعى ال عنعه فعى اليعة إل لمرهعم أن يعبدونعى وأدعوهعم إلى عبادتعى وقال
مجاهد :إل لمرهم وأنهاهم اختاره الزجاج وشيخ السلم .قال :ويدل على هذا قوله ' : 75
" ' 36أيحسب النسان أن يترك سدى" قال الشافعى :ل يؤمر ول ينهى وقال فى القرآن فى
غ ير مو ضع "اعبدوا رب كم" "اتقوا رب كم" ف قد أمر هم ب ما خلقوا له .وأر سل الر سل بذلك .وهذا
المعنى هو الذى قصد بالية قطعا ،وهو الذى يفهمه جماهير المسلمين ويحتجون بالية عليه .
قال وهذه الية تشبه قوله تعالى " ' 64 : 4 ' :وما أرسلنا من رسول إل ليطاع بإذن ال" ثم
قد يطاع وقد يعصى .وكذلك ما خلقهم إل لعبادته .ثم قد يعبدون وقد ل يعبدون .وهو سبحانه
لم يقل :إنه فعل الول .وهو خلقهم ليفعل بهم كلهم .الثانى :وهو عبادته ولكن ذكر أنه فعل
الول ليفعلوا هم الثانى .فيكونوا هم الفاعلين له .فيحصل لهم بفعله سعادتهم ويحصل ما يحبه
ويرضاه منه ولهم .انتهى .
ويشهد لهذا المعنى :ما تواترت به الحاديث .
فمنها ما أخرجه مسلم فى صحيحه عن أنس بن مالك رضي ال عنه عن النبي صلى ال
عل يه و سلم قال " :يقول ال تعالى لهون أ هل النار عذابا :لو كا نت لك الدن يا و ما في ها ومثل ها
معها أكنت مفتديا بها ؟ فيقول :نعم .فيقول :قد أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم
.أن ل تشرك -أحسبه قال :ول أدخلك النار -فأبيت إل الشرك" فهذا المشرك قد خالف ما
أراده ال تعالى م نه :من توحيده وأن ل يشرك به شيئا .فخالف ما أراده ال م نه فأشرك به
غيره .وهذه هى الرادة الشرعية الدينية كما تقدم .
فبين الرادة الشرعية الدينية والرادة الكونية القدرية عموم وخصوص مطلق .
يجتمعان فى حق المخلص المطيع .وتنفرد الرادة الكونية القدرية فى حق العاصى .فافهم
ذلك تنج من جهالت أرباب الكلم وتابعيهم .
قال الم صنف رح مه ال تعالى :وقوله ' " ' 36 : 16ول قد بعث نا في كل أ مة ر سول أن
اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت " .
ش :الطاغوت :مشتق من الطغيان ،وهو مجاوزة الحد .قال عمر بن الخطاب رضى ال
عنعه :الطاغوت الشيطان .وقال جابر رضعى ال عنعه الطاغوت كهان كانعت تنزل عليهعم
الشياطين رواهما ابن أبى حاتم .وقال مالك :الطاغوت كل ما عبد من دون ال .
قلت :وذلك المذكور بععض أفراده ،وقعد حده العلمعة ابعن القيعم حدا جامعا فقال الطاغوت
كل ما تجاوز به العبد حده :من معبود أو متبوع أو مطاع .فطاغوت كل قوم :من يتحاكمون
إليه غير ال ورسوله ،أو يعبدونه من دون ال أو يتبعونه على غير بصيرة من ال أو يطيعونه
في ما ل يعلمون أ نه طا عة ل .فهذه طواغ يت العالم .إذا تأملت ها وتأملت أحوال الناس مع ها .
رأ يت أكثره هم أعرض عن عبادة ال تعالى إلى عبادة الطاغوت و عن طا عة ر سول ال صلى
ال عليه وسلم إلى طاعة الطاغوت ومتابعته .
وأ ما مع نى ال ية :فأ خبر تعالى أ نه ب عث فى كل طائ فة من الناس ر سولً بهذه الكل مة "أن
اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت" أي اعبدوا ال وحده واتركوا عبادة ما سواه ،ك ما قال تعالى ' :
" '256 : 2فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها" وهذا
معنى ل إله إل ال فإنها هي العروة الوثقى .
قال العماد ابن كثير فى هذه الية :كلهم -أى الرسل -يدعو إلى عبادة ال ،وينهى عن
عبادة ما سواه ،فلم يزل سبحانه يرسل إلى الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك فى بنى آدم فى
قوم نوح الذ ين أر سل إلي هم ،وكان أول ر سول بع ثه ال تعالى إلى أ هل الرض إلى أن ختم هم
بمحمد صلى ال عليه وسلم ،الذى طبق دعوته النس والجن فى المشارق والمغارب ،وكلهم
كما قال ال تعالى " '25 : 21' :وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل إله إل أنا
فاعبدون" وقال تعالى فى هذه ال ية الكري مة " :ول قد بعث نا في كل أ مة ر سول أن اعبدوا ال
واجتنبوا الطاغوت " فكيف يسوغ لحد من المشركين بعد هذا أن يقول " :لو شاء ال ما عبدنا
من دونه من شيء " ،فمشيئة ال تعالى الشرعية عنهم منفية ،لنه نهاههم عن ذلك على ألسن
ر سله ،وأ ما مشيئ ته الكون ية -و هى تمكين هم من ذلك قدرا -فل ح جة ل هم في ها ،ل نه تعالى
خلق النار وأهلهعا من الشياطيعن والكفرة ،وهعو ل ير ضى لعبادة الك فر ،وله فعى ذلك الح جة
البال غة والحك مة القاط عة ،ثم إ نه تعالى قد أ خبر أ نه أن كر علي هم بالعقو بة فى الدن يا ب عد إنذار
الرسل ،فلهذا قال " '36 : 16' :فمنهم من هدى ال ومنهم من حقت عليه الضللة" انتهى .
قلت :وهذه الية تفسير الية التي قبلها .وذلك قوله " :فمنهم من هدى ال ومنهم من حقت
عليه الضللة" فتدبر .
ودلت هذه ال ية على أن الحك مة في ار سال الر سل ،دعوت هم أمم هم إلى عبادة ال وحده ،
والنهي عن عبادة ما سواه ،وأن هذا هو دين ال نبياء والمر سلين ،وإن اختل فت شريعتهم كما
قال تعالى "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" وأنه ل بد في اليمان من عمل القلب والجوارح .
قال المصنف رحمه ال تعالى :قوله تعالى " '23 : 17' :وقضى ربك أن ل تعبدوا إل إياه
وبالوالدين إحسانا " .
ش :قال مجاهد قضى يعني وصى ،وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهم ولبن
جرير عن ابن عباس وقضى ربك يعني أمر .
وقوله تعالى " :أن ل تعبدوا إل إياه " المعنى ،أن تعبدوه وحده دون ما سواه ،وهذا معنى
ل إله إل ال .
قال ابن القيم رحمه ال تعالى ،والنفي المحض ليس توحيدا ،وكذلك الثبات بدون النفي ،
فل يكون التوحيد إل متضمنا للنفي والثبات ،وهذا هو حقيقة التوحيد .
وقوله ":وبالوالد ين إح سانا "أي وق ضى أن تح سنوا بالوالد ين إح سانا ،ك ما ق ضى بعباد ته
وحده ل شر يك له .ك ما قال تعالى في ال ية الخرى '"'14 : 13أن اش كر لي ولوالد يك إلي
المصير"
وقوله " :إ ما يبلغعن عندك الكعبر أحده ما أو كلهمعا فل ت قل لهمعا أف ول تنهره ما" أى أل
تسمعهما قولً سيئا ،حتى ول التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء "ول تنهرهما" أي :
ل يصدر منك إليهما فعل قبيح ،كما قال عطاء بن أبي رباح ل تنفض يديك عليهما .
ولما نهاه عن الفعل القبيح والقول القبيح أمره بالفعل الحسن والقول الحسن فقال " :وقل لهما
قولً كريما" أي لينا طيبا بأدب وتوقير وقوله "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" أى تواضع
لهما "وقل رب ارحمهما" أي في كبرهما وعند وفاتهما " كما ربياني صغيرا " وقد ورد في بر
الوالديعن أحاديعث كثيرة ،منهعا :الحديعث المروي معن طرق ععن أنعس وغيره "أن رسعول ال
صلى ال عليه وسلم لما صعد المنبر قال :آمين ،آمين ،آمين ،فقالوا يا رسول ال ،على ما
أم نت ؟ قال أتا ني جبر يل فقال :يا مح مد ر غم أ نف امرىء ذكرت عنده فلم ي صل عل يك قل :
آمين ،فقلت :آمين ثم قال :رغم أنف امرىء دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له ،
قل آمين :فقلت آمين ،ثم قال :رغم أنف امرىء أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخله الجنة قل :
آمين ،فقلت آمين" وروى المام أحمد من حديث أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال
عليه وسلم "رغم أنف ،ثم رغم أنف ،ثم رغم أنف رجل أدرك والديه ،أحدهما أو كلهما لم
يدخل الجنة " قال العماد ابن كثير :صحيح من هذا الوجه عن أبى بكرة رضى ال عنه قال :
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أل أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا :بلى يا رسول ال ،قال :
الشراك بال ،وعقوق الوالديععععن .وكان متكئا فجلس ،فقال أل وقول الزور ،أل وشهادة
الزور ،فما زال يكررها حتى قلنا :ليته سكت" رواه البخارى ومسلم .وعن عبد ال بن عمرو
رضعي ال عنهمعا قال :قال رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم " :رضعى الرب فعى رضعى
الوالد ين ،و سخطه فى سخط الوالد ين " ،عن أ سيد ال ساعدى ر ضى ال ع نه قال " :بي نا ن حن
جلوس عند النبى صلى ال عليه وسلم إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال :يا رسول ال ،هل
بقى من بر أبوي شئ أبرهما به بعد موتهما ؟ فقال :نعم ،الصلة عليهما والستغفار لهما ،
وإنفاذ عهدهما من بعدهما ،وصلة الرحم التى ل توصل إل بهما ،وإكرام صديقهما " رواه أبو
داود وابن ماجة .والحاديث فى هذا المعنى كثيرة جدا .
قال المصنف رحمه ال تعالى :وقوله " '36 : 4' :واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا" .
ش :قال العماد ا بن كث ير رح مه ال فى هذه ال ية :يأ مر ال تعالى عباده بعباد ته وحده ل
شريك له ،فإنه الخالق الرازق المتفضل على خلقه فى جميع الحالت ،وهو المستحق منهم أن
يوحدوه ول يشركوا به شيئا من مخلوقاته .انتهى .
وهذه ال ية هى ال تى ت سمى آ ية الحقوق العشرة ،و فى ب عض الن سخ المعتمدة من ن سخ هذا
الكتاب تقديعم هذه اليعة على آيعة النعام ،ولهذا قدمتهعا لمناسعبة كلم ابعن مسععود التعي ليعة
النعام ،ليكون ذكره بعدها أنسب .
قال الم صنف رح مه ال تعالى :وقوله تعالى " '153-151 : 6':قل تعالوا أ تل ما حرم
ربكم عليكم أن ل تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " اليات .
ش :قال العماد ابن كثير رحمه ال :يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى ال عليه وسلم
(قل) لهؤلء المشركين الذين عبدوا غير ال ،وحرموا ما رزقهم ال (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا
(أتل) أقص علي كم (ماحرم ربكم علي كم) حقا ،ل تخرصا ول ظنا ،بل وحيا منه وأمرا من
عنده (أل تشركوا به شيئا) وكأن في الكلم محذوفا دل عليه السياق تقديره :وصاكم أل تشركوا
به شيئا ،ولهذا قال في آخر الية (ذلكم وصاكم به) ا هع .
قلت :فيكون المع نى :حرم علي كم ما و صاكم بتر كه من الشراك به ،و في المغ ني ل بن
هشام فعى قوله تعالى " أن ل تشركوا بعه شيئا " سعبعة أقوال ،أحسعنها :هذا الذى ذكره ابعن
كثير ،ويليه :بين لكم ذلك لئل تشركوا ،فحذفت الجملة من أحدهما ،وهى (وصاكم) وحرف
الجر وما قبله من الخرى .ولهذا إذا سئلوا عما يقول لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا
:يقول اعبدوا ال ول تشركوا به شيئا ،واتركوا ما يقول آباؤكم كما قال أبو سفيان ،لهرقل
وهذا هو الذى فهمه أبو سفيان وغيره من قول رسول ال صلى ال عليه وسلم لهم قولوا ل اله
إل ال تفلحوا .
وقوله تعالى " :وبالوالد ين إح سانا" قال القر طبى :الح سان إلى الوالد ين بره ما وحفظه ما
و صيانتهما وامتثال أمره ما ،وإزالة الرق عنه ما ،وترك ال سلطنة عليه ما ،و(إح سانا) ن صب
على المصدرية ،وناصبه فعل من لفظه تقديره :وأحسنوا بالوالدين إحسانا .
وقوله "ول تقتلوا أولدكعم معن إملق نحعن نرزقكعم وإياهعم" إلملق :الفقعر ،أى ل تئدوا
بناتكم خشية العيلة والفقر ،فإنى رازقكم وإياهم ،وكان منهم من يفعل ذلك بالذكور خشية الفقر
،ذكره القرطبى .وفى الصحيحين "عن ابن مسعود رضى ال عنه (قلت :يا رسول ال ،أى
الذنب أعظم عند ال ؟ قال :أن تجعل ل ندا وهو خلقك .قلت :ثم أى ؟ قال :أن تقتل ولدك
خشية أن يط عم معك .قلت :ثم أي ؟ قال :أن تزا ني بحليلة جارك .ثم تل ر سول ال صلى
ال عليه وسلم ' " '70 - 68 : 25والذين ل يدعون مع ال إلها آخر ول يقتلون النفس التي
حرم ال إل بالحق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد
ف يه مها نا * إل من تاب وآ من وع مل عمل صالحا فأولئك يبدل ال سيئاتهم ح سنات وكان ال
غفورا رحيما " " .
وقوله " :ول تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن" قال ابن عطية :نهي عام عن جميع
أنواع الفواحش ،وهى المعاصى .
و(ظهر) و (بطن) حالتان تستوفيان أقسام ما جلتا له من الشياء .انتهى .
وقوله " :ول تقتلوا النفعس التعي حرم ال إل بالحعق " فعى الصعحيحين " :ععن ابعن عباس
رضى ال عنه مرفوعا :ل يحل دم امرىء مسلم يشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال
إل بإحدى ثلث :الثيب الزانى ،والنفس بالنفس ،والتارك لدينه المفارق للجماعة" .
وقوله " :ذل كم و صاكم به لعل كم تعقلون" قال ا بن عط ية ( :ذل كم) إشارة إلى هذه المحرمات
والو صية ال مر المؤ كد المقرر .وقوله (لعل كم تعقلون) (ل عل) للتعل يل أى إن ال تعالى و صانا
بهذه الو صايا لنعقل ها ع نه ونع مل ب ها ،و فى تف سير ال طبرى الحن فى :ذ كر أو ل (تعقلون) في
(تذكرون) ثم (تتقون) لنهم إذا عقلوا تذكروا وخافوا واتقوا .
وقوله " :ول تقربوا مال اليت يم إل بال تي هي أح سن ح تى يبلغ أشده " قال ا بن عط ية :هذا
ن هى عام عن القرب الذى ي عم وجوه الت صرف وف يه سد الذري عة ،ثم ا ستثنى ما يح سن و هو
السعى فى نمائه ،قال مجاهد :التي هي أحسن ،إشارة فيه ،وفي قوله ( :حتى يبلغ أشده) قال
مالك وغيره :هو الر شد وزوال ال سفه مع البلوغ ،روى ن حو هذا عن ز يد بن أ سلم والش عبى
وربيعة وغيرهم .
وقوله " :وأوفوا الكيل والميزان بالقسط " قال ابن كثير :يأمر تعالى بإقامة العدل فى الخذ
والعطاء " ل نكلف نفسا إل وسعها " أي من اجتهاد بأداء الحق وأخذه ،فإن أخطأ بعد استفراغ
الوسع وبذل جهده فل حرج عليه .
وقوله " :وإذا قل تم فاعدلوا ولو كان ذا قر بى" هذا أ مر بالعدل فى القول والفعل على القريب
والبعيد .قال الحنفي :العدل فى القول فى حق الولى والعدو ل يتغير فى الرضى والغضب بل
يكون على ال حق وإن كان ذا قر بى فل يم يل إلى ال حبيب والقر يب ' " '8 :5ول يجرمن كم شنآن
قوم على أن ل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " .
وقوله "وبعهد ال أوفوا" قال ابن جرير :وبوصية ال تعالى التي وصاكم بها فأوفوا .وإيفاء
ذلك بأن يطيعوه ب ما أمر هم به ونها هم ع نه .وأن يعملوا بكتا به و سنة ر سوله صلى ال عل يه
وسعلم ذلك هعو الوفاء بعهعد ال .وكذا قال غيره ،وقوله "ذلكعم وصعاكم بعه لعلكعم تذكرون"
تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه .
وقوله " :وأن هذا صعراطي مسعتقيما فاتبعوه ول تتبعوا السعبل فتفرق بكعم ععن سعبيله" قال
القر طبي :هذه آ ية عظي مة عطف ها على ما تقدم .فإ نه ن هي وأ مر وحذر عن اتباع غ ير سبيله
على ما بينته الحاديث الصحيحة وأقاويل السلف .و (أن) فى موضع نصب .أي أتلو أن هذا
صراطي ،عن الفراء و الكسائي .ويجوز أن يكون خفضا .أي وصاكم به وبأن هذا صراطي
.قال :والصراط الطريق الذي هو دين السلم ( .مستقيما) نصب على الحال ومعناه مستويا
قيما ل اعوجاج ف يه .فأ مر باتباع طري قه الذي طر قه على ل سان مح مد صلى ال عل يه و سلم
وشرعه ونهايته الجنة وتشعبت منه طرق ،فمن سلك الجادة نجا ،ومن خرج إلى تلك الطرق
أف ضت به إلى النار .قال ال تعالى " :ول تتبعوا ال سبل فتفرق ب كم عن سبيله ذل كم و صاكم به
لعلكم تتقون" أي يميل .انتهى .
وروى المام أحمد والنسائي و الدارمي و ابن أبي حاتم و الحاكم -وصححه " -عن ابن
مسعود رضي ال عنه قال :خط رسول ال صلى ال عليه وسلم خطا بيده ،ثم قال هذا سبيل
ال م ستقيما ،ثم خط خطوطا عن يم ين ذلك ال خط و عن شماله ثم قال :وهذه سبل ل يس من ها
سبيل إل وعليه شيطان يدعو إليه ،ثم قرأ "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل
" الية " .وعن مجاهد :ول تتبعوا السبل ،قال :البدع والشهوات .
قال ا بن الق يم رح مه ال :ولنذ كر في ال صراط الم ستقيم قولً وجيزا فإن الناس قد تنو عت
عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته ،وحقيقته شئ واحد ،وهو طريق ال الذي نصبه لعباده
مو صلً ل هم إل يه ول طر يق إل يه سواه ،بل الطرق كل ها م سدودة على الخلق إل طري قه الذي
نصبه على ألسن رسله ،وجعله موصلً لعبادة ال وهو إفراده بالعبادات ،وإفراد رسله بالطاعة
،فل يشرك بعه أحدا فعي عبادتعه ول يشرك برسعوله صعلى ال عليعه وسعلم أحدا فعي طاعتعه .
فيجرد التوح يد ،ويجرد متاب عة الر سول صلى ال عل يه و سلم ،وهذا كله مضمون شهادة أن ل
إله إل ال ،وأن محمدا ر سول ال فأي شئ ف سر به ال صراط الم ستقيم ف هو دا خل في هذ ين
ال صلين .ونك تة ذلك ،أن تح به بقل بك وترض يه بجهدك كله ،فل يكون في قل بك مو ضع إل
معمورا بح به ،ول يكون لك إرادة متعل قة بمرضا ته .فالول يح صل بتحق يق شهادة أن ل إله
إل ال ،والثانعي يحصعل بتحقيعق شهادة أن محمدا رسعول ال .وهذا هعو الهدى وديعن الحعق ،
وهو معرفة الحق والعمل به ،وهو معرفة ما بعث ال به رسوله والقيام به ،وقل ما شئت من
العبارات التى هذا آخيتها وقطب رحاها .قال :وقال سهل بن عبد ال :عليكم بالثر والسنة ،
فإنى أخاف ،إنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبى صلى ال عليه وسلم والقتداء به
فى جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرأوا منه ،وأذلوه وأهانوه .ا هع .
قال المصنف رحمه ال تعالى :قال ابن مسعود :من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى
ال عل يه و سلم ال تى علي ها خات مه فليقرأ " :قل تعالوا أ تل ما حرم رب كم علي كم " -إلى قوله " -
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه " الية .
ش :قوله :ا بن م سعود هو ع بد ال بن م سعود بن غا فل -بمعج مة وفاء -ا بن حبيب
الهذلى أبو عبد الرحمن ،صحابى جليل من السابقين الولين ،وأهل بدر وأحد والخندق وبيعة
الرضوان من كبار علماء الصحابة ،أمر عمر على الكوفة ،ومات سنة اثنتين وثلثين رضى
ال عنه .
وهذا ال ثر رواه الترمذي وح سنه ،وا بن المنذر وا بن أ بى حا تم وال طبرانى بنحوه .وقال
بعض هم :معناه من أراد أن ين ظر إلى الو صية ال تى كأن ها ك تب وخ تم علي ها فلم تغ ير ولم تبدل
فليقرأ ( :قل تعالوا -إلى آخر اليات) شبهها بالكتاب الذى كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص .
فإن النبى صلى ال عليه وسلم لم يوص إل بكتاب ال ،كما قال فيما رواه مسلم " :وإنى تارك
فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا :كتاب ال" وقد روى عبادة بن الصامت قال " :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم :أيكم يبايعنى على هؤلء اليات الثلث ؟ ثم تل قوله تعالى " :قل تعالوا
أتل ما حرم ربكم عليكم" حتى فرغ من الثلث اليات .ثم قال من وفى بهن فأجره على ال ،
ومن انتقص منهن شيئا فأدركه ال به فى الدنيا كانت عقوبته ،ومن أخره إلى الخرة كان أمره
إلى ال إن شاء آخذه وإن شاء ع فا ع نه " رواه ا بن أ بي حا تم و الحا كم و صححه و مح مد بن
نصر فى العتصام .
قلت :ولن النعبى صعلى ال عليعه وسعلم لم يوص أمتعه إل بمعا وصعاهم ال تعالى بعه على
لسانه .وفى كتابه الذى أنزله ' " '89 : 16تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين "
وهذه اليات وصية ال تعالى ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم .
قال المصنف رحمه ال تعالى :وعن معاذ بن جبل قال :كنت رديف النبى صلى ال عليه
وسلم على حمار فقال لى :يا معاذ أتدري ما حق ال على العباد ،وما حق العباد على ال ؟ .
قلت :ال ورسوله أعلم .قال :حق ال على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا وحق العباد
على ال أن ل يعذب من ل يشرك به شيئا ،قلت :يا ر سول ال أفل أب شر الناس ؟ قال :ل
تبشرهم فيتكلوا " .أخرجاه فى الصحيحين .
ش :هذا الحديث فى الصحيحين من طرق .وفى بعض رواياته نحو مما ذكره المصنف .
و معاذ بن ج بل ر ضى ال ع نه هو ا بن عمرو بن أوس الن صارى الخزر جى أ بو ع بد
الرح من صحابى مشهور من أعيان ال صحابة ،ش هد بدرا و ما بعد ها .وكان إل يه المنت هى فى
العلم والحكام والقرآن رضي ال عنه .وقال النبى صلى ال عليه وسلم معاذ يحشر يوم القيامة
أمام العلماء برتوة أي بخطوة ،قال فى القاموس والرتوة الخطوة وشرف من الرض ،وسويعة
من الزمان ،والدعوة ،والفطرة ،ورم ية ب سهم أو ن حو م يل أو مدى الب صر .والرا تي العالم
الربانى .انتهى
وقال فى النهاية أنه يتقدم العلماء برتوة أي برمية سهم .وقيل :بميل ،وقيل :مد البصر .
وهذه الثلثة أشبه بمعنى الحديث .مات معاذ سنة ثمانى عشرة بالشام فى طاعون عمواس .وقد
استخلفه صلى ال عليه وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم.
قوله ( :ك نت رد يف ال نبى صلى ال عل يه و سلم) ف يه جواز الرداف على الدا بة ،وفضيلة
معاذ رضى ال عنه .
قوله ( :على حمار) فى رواية اسمه عفير ،قلت :أهداه إليه المقوقس صاحب مصر .
وفيه :تواضعه صلى ال عليه وسلم لركوب الحمار والرادف عليه ،خلفا لما عليه أهل
الكبر .
قوله ( :أتدرى ما حق ال على العباد) أخرج السؤال بصيغة الستفهام ليكون أوقع في النفس
وأبلغ في فهم المتعلم وحق ال على العباد وهو ما يستحقه عليهم وحق العباد على ال معناه أنه
متح قق ل محالة ،ل نه وعد هم ذلك جزاء ل هم على توحيده '" '6 : 30و عد ال ل يخلف ال
وعده" .
قال شيعخ السعلم :كون المطيعع يسعتحق الجزاء هعو اسعتحقاق إنعام وفضعل ،ليعس هعو
اسعتحقاق مقابلة ،كمعا يسعتحق المخلوق على المخلوق ،فمعن الناس معن يقول :ل معنعى
للستحقاق ،إل أنه أخبر بذلك ووعده صدق ،ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقا زائدا على هذا
،كما دل عليه الكتاب والسنة قال تعالى '" '47 : 30وكان حقا علينا نصر المؤمنين" لكن أهل
ال سنة يقولون :هو الذي ك تب على نف سه الرح مة وأو جب على نف سه ال حق ،ولم يوج به عل يه
مخلوق ،والمعتزلة يدعون أ نه وا جب عل يه بالقياس على المخلوق وأن العباد هم الذ ين أطاعوه
بدون أن يجعلهم مطيعين له ،وأنهم يستحقون الجزاء بدون أن يكون هو الموجب ،وغلطوا في
ذلك ،وهذا الباب غلطت فيه الجبرية والقدرية أتباع جهم والقدرية النافية .
قوله (قلت ال ورسوله أعلم) فيه حسن الدب من المتعلم ،وأنه ينبغي لمن سئل عما ل يعلم
أن يقول ذلك ،بخلف أكثر المتكلفين .
قوله ( :أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا) أي يوحدوه بالعبادة .ول قد أح سن العل مة ا بن الق يم
رحمه ال حيث عرف العبادة بتعريف جامع فقال :
مع ذل عابده هما قطبان وعبادة الرحمن غاية حبه
ل بالهوى والنفس والشيطان ومداره بالمر -أمر رسوله-
قوله ( :ول يشركوا به شيئا) أى يوحدوه بالعبادة ،فلبد من التجرد من الشرك فى العبادة ،
و من لم يتجرد من الشرك لم ي كن آتيا بعبادة ال وحده ،بل هو مشرك قد ج عل ل ندا .وهذا
معنى قول المصنف رحمه ال :
(وفيه أن العبادة هى التوحيد ،لن الخصومة فيه ،وفى بعض الثار اللهية :إنى والجن
والنس فى نبأ عظيم ،أخلق ويعبد غيرى ،وأرزق ويشكر سواى ،خيري إ نى العباد نازل ،
وشرهم إلى صاعد ،أتحبب إليهم بالنعم ،ويتبغضون إلى بالمعاصى) .
قوله ( :وحق العباد على ال أل يعذب من ل يشرك به شيئا) قال الحافظ :اقتصر على نفي
الشراك لنعه يسعتدعي التوحيعد بالقتضاء ،ويسعتدعى إثبات الرسعالة باللزوم ،إذ معن كذب
رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد كذب ال ،ومن كذب ال فهو مشرك وهو مثل قول القائل :
ومن توضأ صحت صلته ،أى مع سائر الشروط .ا هع .
قوله ( :أفل أبشر الناس) فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره ،وفيه ما كان عليه الصحابة
من الستبشار بمثل هذا .قال المصنف رحمه ال .
قوله (ل تبشرهم فيتكلوا) أى يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس فى العمال .وفى رواية :
فأخبر بها معاذ عند مو ته تأثما أى تحرجا من الثم .قال الوزير أبو المظفر :لم يكن يكتمها
إل عن جا هل يحمله جهله على سوء الدب بترك الخد مة فى الطا عة ،فأ ما الكياس الذ ين إذا
سمعوا بم ثل هذا زادوا فى الطا عة ،ورأوا أن زيادة الن عم ت ستدعى زيادة الطا عة ،فل و جه
لكتمانها عنهم.
وفعى الباب معن الفوائد غيعر معا تقدم ،الحعث على إخلص العبادة ل وأنهعا ل تنفعع معع
الشرك ،بل ل ت سمى عبادة .والت نبيه على عظ مة حق الوالد ين .وتحر يم عقوقه ما .والت نبيه
على عظمة اليات المحكمات فى سورة النعام .وجواز كتمان العلم للمصلحة .
قوله ( :أخرجاه) أى البخارى وم سلم .و البخارى رح مه ال هو المام مح مد ا بن إ سماعيل
بن إبراهيم بن بردزبه الجعفي مولهم ،الحافظ الكبير صاحب الصحيح والتاريخ والدب المفرد
وغ ير ذلك من م صنفاته .روى عن المام أح مد بن حن بل والحميدى وا بن المدي نى وطبقت هم .
وروى عنه مسلم والنسائي والترمذي والفربرى رواى الصحيح .ولد سنة أربع وتسعين ومائة
ومات سنة ست وخمسين ومائتين .
و مسعلم رحمعه ال هعو ابعن حجاج بعن مسعلم أبعو الحسعين القشيرى النيسعابورى صعاحب
ال صحيح والعلل والوجدان وغ ير ذلك روى عن أح مد بن حن بل ويح يى بن مع ين وأ بى خيث مة
وا بن أ بى شي بة وطبقت هم .وروى عن البخاري .وروى عنهالترمذي وإبراه يم بن مح مد بن
سفيان راوى ال صحيح وغيره ما .ولد سنة أر بع ومائت ين .ومات سنة إحدى و ستين ومائت ين
بنيسابور رحمهما ال .
فضل التوحيد
قوله ( :باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب)
باب خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا (قلت) ويجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف تقديره هذا .
و ما يجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف ،أي وبيان الذي يكفره من الذنوب ،ويجوز أن
تكون مصدرية ،أي وتكفيره الذنوب ،وهذا الثانى أظهر .
قوله :وقول ال تعالى " '82 : 6' :الذ ين آمنوا ولم يلب سوا إيمان هم بظلم أولئك ل هم ال من
و هم مهتدون" قال ا بن جر ير :حدث نى المث نى -و ساق ب سنده -عن الرب يع ا بن أ نس قال :
اليمان الخلص ل وحده ) .
وقال ابن كثير فى الية :أى هؤلء الذين أخلصوا العبادة ل وحده ولم يشركوا به شيئا هم
المنون يوم القيا مة ،المهتدون فى الدن يا والخرة .وقال ز يد بن أ سلم وا بن إ سحاق :هذا من
ال على فصل القضاء بين إبراهيم وقومه .
وعن ابن مسعود ( :لما نزلت هذه ال ية قالوا :فأينا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول ال صلى
ال عليه وسلم :ليس بذلكم ،ألم تسمعوا إلى قول لقمان " :إن الشرك لظلم عظيم" ) .
وساقه البخارى بسنده فقال "حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا العمش حدثنى
إبراهيعم ععن علقمعة ععن عبعد ال رضعي ال عنعه قال :لمعا نزلت " :الذيعن آمنوا ولم يلبسعوا
إيمانهعم بظلم" قلنعا :يعا رسعول ال ،أينعا ل يظلم نفسعه ؟ قال :ليعس كمعا تقولون ،لم يلبسعوا
إيمان هم بظلم ،بشرك .أو لم ت سمعوا إلى قول لقمان لب نه " :يا ب ني ل تشرك بال إن الشرك
لظلم عظيم " " .
ولحمد بنحوه عن "عبد ال قال ( :لما نزلت "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" شق ذلك
على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا يا رسول ال :فأينا ل يظلم نفسه ؟ قال :
إنه ليس الذى تعنون .ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح " :يا بني ل تشرك بال إن الشرك لظلم
عظيم " إنما هو الشرك) " .وعن عمر أنه فسره بالذنب .فيكون المعنى :المن من كل عذاب
.وقال الحسن والكلبي :أولئك لهم المن ،فى الخرة ،وهم مهتدون فى الدنيا .
قال ش يخ ال سلم :والذى شق علي هم أن هم ظنوا أن الظالم المشروط عد مه هو ظلم الع بد
نفسه ،وأنه ل أمن ول اهتداء إل لمن لم يظلم نفسه ،فبين لهم النبى صلى ال عليه وسلم ما
دل هم على أن الشرك ظلم فى كتاب ال ،فل يح صل ال من وإلهتداء إل ل من يل بس إيما نه بهذا
الظلم ،فإن من لم يل بس إيما نه بهذا الظلم كان من أ هل ال من والهتداء ،ك ما كان من أ هل
الصطفاء فى قوله " '32 : 35' :ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه
ومن هم مقت صد ومن هم سابق بالخيرات بإذن ال ذلك هو الف ضل ال كبير" وهذا ل ين فى أن يؤا خذ
أحد هم بظل مه لنف سه بذ نب إذا لم ي تب ك ما قال تعالى " '8 ، 7 : 99' :ف من يع مل مثقال ذرة
خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد " سأل أبو بكر الصديق رضى ال عنه النبى
صعلى ال عليعه وسعلم فقال :يعا رسعول ال ،أينعا لم يعمعل سعوءا ؟ فقال :يعا أبعا بكعر ألسعت
تن صب ؟ أل ست تحزن ؟ أل يس ي صيبك اللواء ؟ فذلك ما تجزون به" فبين أن المؤ من إذا مات
دخل الجنة قد يجزى بسيئاته فى الدنيا بالمصائب .فمن سلم من أجناس الظلم الثلثة :الشرك ،
وظلم العباد .وظلمه لنفسه ب ما دون الشرك .كان له المن التام والهتداء التام .ومن لم يسلم
من ظلمه لنفسه كان له المن والهتداء المطلق .بمعنى أنه لبد أن يدخل الجنة كما وعد بذلك
فعى اليعة الخرى :وقعد هداه ال إلى الصعراط المسعتقيم الذى تكون عاقبتعه فيعه إلى الجنعة .
ويحصل له من نقص المن والهتداء بحسب ما نقص من إيمانه بظلمه لنفسه وليس مراد النبى
صلى ال عليه و سلم بقوله إن ما هو الشرك أن من لم يشرك الشرك ال كبر يكون له ال من التام
والهتداء التام .فإن أحاديثه الكثيرة مع نصوص القرآن تبين أن أهل الكبائر معرضون للخوف
،لم يحصل لهم ال من التام والهتداء التام اللذين يكونون بهما مهتدين إلى الصراط الم ستقيم ،
صراط الذ ين أن عم ال علي هم ،من غ ير عذاب يح صل ل هم .بل مع هم أ صل الهتداء إلى هذا
الصراط ،ومعهم أصل نعمة ال عليهم ولبد لهم من دخول الجنة .وقوله إنما هو الشرك إن
أراد الكبر ،فمقصوده أن من لم يكن من أهله فهو آمن مما وعد به المشركون من عذاب الدنيا
والخرة .وإن كان مراده جنعس الشرك .يقال ظلم العبعد نفسعه ،كبخله لحعب المال ببععض
الواجب -هو شرك أصغر .وحبه ما يبغضه ال تعالى حتى يقدم هواه على محبة ال الشرك
أصغر ونحو ذلك .فهذا فاته من المن والهتداء بحسبه .ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب فى
هذا الشرك بهذا العتبار ملخصا .
وقال ابن القيم رحمه ال :قوله " :الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم المن وهم
مهتدون" قال الصعحابة :وأينعا يعا رسعول ال لم يلبعس إيمانعه بظلم ؟ قال :ذلك الشرك .ألم
تسمعوا قول العبد الصالح "إن الشرك لظلم عظيم" لما أشكل عليهم المراد بالظلم فظنوا أن ظلم
النفس داخل فيه .
وأن من ظلم نف سه أى ظلم كان لم ي كن آمنا ول مهتديا .أجاب هم صلوات ال و سلمه عل يه
بأن الظلم الرافع للمن والهداية على الطلق هو الشرك .وهذا وال هو الجواب ،الذى يشفي
العليعل ويروي الغليعل .فإن الظلم المطلق التام هعو الشرك .الذى هعو وضعع العبادة فعى غيعر
موضعها .والمن والهدى المطلق :هما المن فى الدنيا والخرة.
والهدى إلى الصراط المستقيم .فالظلم المطلق التام رافع للمن والهتداء المطلق التام .ول
يمنع أن يكون الظلم مانعا من مطلق المن ومطلق الهدى .فتأمله .فالمطلق للمطلق ،والحصة
للحصة ا هع ملخصا .
حديث عبادة من شهد أن ل إله إل ال إلخ
وقوله ("عن عبادة بن الصامت رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
من ش هد أن ل إله إل ال وحده ل شر يك له ،وأن محمدا عبده ور سوله ،وأن عي سى ع بد ال
ور سوله وكلم ته ألقا ها إلى مر يم وروح م نه .والج نة حق ،أدخله ال الج نة على ما كان من
العمل " .أخرجاه) .
عبادة بن ال صامت بن ق يس الن صارى الخزر جى ،أ بو الول يد ،أ حد النقباء بدرى مشهور
مات بالرملة سعنة أربعع وثلثيعن وله اثنتان وسعبعون سعنة ،وقيعل :عاش إلى خلفعة معاويعة
رضى ال عنه .
قوله ( من ش هد أن ل إله إل ال) أى من تكلم ب ها عارفا لمعنا ها ،عاملً بمقتضا ها ،باطنا
وظاهرا ،فلبد فى الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها ،كما قال ال تعالى : 4 7' :
"'19فاعلم أنه ل إله إل ال" وقوله ' " '86 : 43إل من شهد بالحق وهم يعلمون" أما النطق بها
من غ ير معر فة لمعنا ها ول يق ين ول ع مل ب ما تقتض يه :من البراءة من الشرك ،وإخلص
القول والعمل :قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح -فغير نافع بالجماع .
قال القرطبى فى المفهم على صحيح مسلم :باب ل يكفى مجرد التلفظ بالشهادتين بل لبد
من ا ستيقان القلب -هذه الترج مة ت نبيه على ف ساد مذ هب غلة المرجئة ،القائل ين بأن التل فظ
بالشهادتين كاف فى اليمان .وأحاديث هذا الباب تدل على فساده .بل هو مذهب معلوم الفساد
من الشريعة لمن وقف عليها .ولنه يلزم منه تسويغ النفاق ،والحكم للمنافق باليمان الصحيح
.وهو باطل قطعا ا هع .
وفى هذا الحديث ما يدل على هذا .وهو قوله :من شهد فإن الشهادة ل تصح إل إذا كانت
عن علم ويقين وإخلص وصدق .
قال النووي :هذا حديعث عظيعم جليعل الموقعع ،وهعو أجمعع -أو معن أجمعع -الحاديعث
المشتملة على العقائد .فإنه صلى ال عليه وسلم جمع فيه ما يخرج من ملل الكفر على اختلف
عقائدههم وتباعدها .فاقتصر صلى ال عليه وسلم فى هذه الحرف على ما يباين جميعهم ا هع
.
باب الدعاء إلى شهادة أن ل إله إل ال بعث معاذ إلى اليمين يدعوهم إلى
قوله ( :باب الدعاء إلى شهادة أن ل إله إل ال)
لمعا ذكعر المصعنف رحمعه ال التوحيعد وفضله ،ومعا يوجعب الخوف معن ضده ،نبعه بهذه
الترجمة على أنه ل ينبغى لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه ،بل يجب عليه أن يدعو إلى
ال تعالى بالحكمعة والموعظعة الحسعنة .كمعا هعو سعبيل المرسعلين وأتباعهعم كمعا قال الحسعن
البصري ل ما تل قوله تعالى " '33 : 41' :و من أح سن قول م من د عا إلى ال وعمل صالحا
وقال إننعي معن المسعلمين " فقال :هذا حعبيب ال ،هذا ولي ال ،هذا صعفوة ال ،هذا خيرة
ال ،هذا أ حب أ هل الرض إلى ال ،أجاب ال فى دعوته .ود عا الناس إلى ما أجاب ال فيه
من دعوته ،وعمل صالحا فى إجابته :إنني من المسلمين .هذا خليفة ال .
قال رح مه ال ( :وقوله ' " '108 : 12قل هذه سبيلي أد عو إلى ال على ب صيرة أ نا و من
اتبعني وسبحان ال وما أنا من المشركين".
قال أبو جعفر ابن جرير :يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم (قل) يا محمد
(هذه) الدعوة التى أدعو إليها ،والطريقة التي أنا عليها ،من الدعاء إلى توحيد ال ،وإخلص
العبادة له دون اللهعة والوثان .والنتهاء إلى طاعتعه وترك معصعيته (سعبيلي) طريقتعي ،
ودعوتي (أدعو إلى ال) تعالى وحده ل شريك له (على بصيرة) بذلك ،ويقين علم مني به (أنا)
ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني وصدقني وآمن بي (وسبحان ال) يقول له تعالى ذكره
:وقل .تنزيها ل تعالى وتعظيما له من أن يكون له شريك فى ملكه أو معبود سواه فى سلطانه
(وما أنا من المشركين) يقول :وأنا برىء من أهل الشرك به .لست منهم ولهم منى انتهى .
قال فى شرح المنازل :يريد أن تصل باستدللك إلى أعلى درجات العلم وهى البصيرة التى
تكون نسبة المعلوم فيها إلى القلب كنسبة المائي إلى البصر ،وهذه هي الخصيصة التى اختص
بها الصحابة عن سائر المة وهي أعلى درجات العلماء .قال تعالى " :قل هذه سبيلي أدعو إلى
ال على بصيرة أنا ومن اتبعني" أي أنا وأتباعي على بصيرة .وقيل (من اتبعنى) عطف على
المرفوع فى (أدعو) أى أنا أدعو إلى ال على بصيرة ،ومن اتبعنى كذلك يدعو إلى ال تعالى
على بصعيرة ،وعلى القوليعن :فاليعة تدل على أن أتباععه هعم أهعل البصعائر الداعون إلى ال
تعالى ،و من ل يس من هم فل يس من أتبا عه على الحقي قة والمواف قة ،وإن كان من أتبا عه على
النتساب والدعوى .
قال الم صنف رح مه ال :ف يه م سائل (من ها الت نبيه على الخلص لن كثيرا ولو د عا إلى
ال حق ف هو يد عو إلى نف سه ،ومن ها :أن الب صيرة من الفرائض .ومن ها :أن من دلئل ح سن
التوحيد أنه تنزيه ل تعالى عن المسبة .ومنها أن من قبح الشرك كونه مسبة ل تعالى .ومنها
إبعاد المسلم عن المشركين ل يصير منهم ولو لم يشرك) ا هع .
وقال العلمة ابن القيم رحمه ال تعالى فى معنى قوله تعالى " '125 : 16' :ادع إلى سبيل
ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " الية .ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلثة أقسام بحسب
حال المدععو ،فإنعه إمعا أن يكون طالبا للحعق محبا له .مؤثرا له على غيره إذا عرفعه .فهذا
يد عى بالحك مة .ول يحتاج إلى موع ظة وجدال .وإ ما أن يكون مشتغلً ب ضد ال حق .ل كن لو
عرفعه آثره واتبععه .فهذا يحتاج إلى الموعظعة بالترغيعب والترهيعب .وإمعا أن يكون معاندا
معارضا ،فهذا يجادل بالتي هى أحسن .فإن رجع وإل انتقل معه إلى الجلد إن أمكن .انتهى
.
1حديث سهل هذا واحد من الدلة التي فيها بيان منهج الدعوة إلى ال تبارك وتعالى ،وكيف ندعوا الناس وكيف يجب أن نحرص على هداية الناس قبل كل
شيء وأن نعرف أن النبياء كلهم أرسلوا لخراج الناس من الظلمات إلى النور ولهداية الناس من الظلل إلى الحق هذا مقصد دعوة النبياء بالدرجة الولى ،
الرحمة بالناس والحرص على إخراجهم مما هم فيه من الظلل الذي سماه ال ظلمات إلى نور اليمان والتوجيد ..
والجهاد إنما يشرع بعد أن نبذل الجهد الطويل في إصلحهم وهدايتهم وبيان السلم لهم فإنهم أصروا على كفرهم وأصروا على عدم الخضوع للسلم بأداء
الجزية فحينئ ٍذ نقااتلهم لنهم تمردوا على ال سبحانه وتعالى الذي خلقهم لعبادته وسخر لهم ما في تالسموات وما في الرض ليقوموا بهذه العبادة كما يريجده
ال عز وجل فهذا مقصد هذا الحديث ،المقصود منه الموافق للباب والترجمة قوله ( ثم ادعهم إلى السلم ) .
قوله ( :يفتح ال على يديه) صريح فى البشارة بحصول الفتح ،فهو علم من أعلم النبوة .
قوله ( :فبات الناس يدوكون ليلت هم) بن صب (ليلت هم) و يدوكون قال الم صنف :يخوضون .
أي فيمن يدفعها إليه .وفيه حرص الصحابة على الخير واهتمامهم به ،وعلو مرتبتهم فى العلم
واليمان .
قوله ( :أيهم) هو برفع أي على البناء لضافتها وحذف صدر صلتها .
قوله ( :فل ما أ صبحوا غدوا على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم كل هم ير جو أن يعطا ها)
وفى رواية أبي هريرة عند مسلم أن عمر قال " :ما أحببت المارة إل يومئذ" .
قال شيخ إلسلم :إن فى ذلك شهادة النبى صلى ال عليه وسلم لعلي بإيمانه باطنا وظاهرا
وإثباتا لموالته ل تعالى ورسوله ووجوب موالة المؤمنين له ،وإذا شهد النبى صلى ال عليه
و سلم لمع ين بشهادة ،أو د عا له أ حب كث ير من الناس أن يكون له م ثل تلك الشهادة وم ثل ذلك
الدعاء ،وإن كان النبى يشهد بذلك لخلق كثير ويدعو لخلق كثير ،وهذا كالشهادة بالجنة لثابت
بن قيس .
وعبد ال بن سلم وإن كان شهد بالجنة لخرين ،والشهادة بمحبة ال ورسوله للذي ضرب
فى الخمر .
قوله ( :فقال أين علي بن أبى طالب) فيه سؤال المام عن رعيته ،وتفقد أحوالهم .
قوله ( :فق يل هو يشت كي عين يه) أي من الر مد ،ك ما فى صحيح م سلم عن سعد بن أ بي
وقاص فقال :ادعوا لي عليا فأتي به أرمد الحديث ،وفى نسخة صحيحة بخط المصنف :فقيل
هو يشتكي عينيه ،فأر سل إل يه مب ني للفاعل ، 1وهو ضمير م ستتر في الفعل را جع إلى النبى
صلى ال عل يه و سلم ويحت مل أن يكون مبنيا ل ما لم ي سم فاعله .ولم سلم من طر يق إياس بن
سلمة بن الكوع عن أبيه قال :فأرسلنى 2إلى علي فجئت به أقوده أرمد .
قوله ( :فبصق) بفتح الصاد ،أي تفل .
وقوله (ود عا له فبرأ) هو بفتح الراء والهمزة ، 3أي عو في في الحال ،عاف ية كاملة كأن لم
يكن به وجع من رمد ول ضعف بصر .
1فأرسل أو أُرسلَ ؛ ( أرسل ) وفيه الفاعل المرسل هو النبي صلى ال عليه وسلم ( ،أُرسلَ إليه ) المرسل هو النبي عليه الصلة والسلم أو واحد من طرفه ؛
أرسلَ إلى علي .
( 2فأرسل إلي ) هذا واضح يبين ؛ فأرسل إليه أو أرسل إليه ؛ يعني المرسل هو النبي ؛ أرسل فلنًا وهو :سلمة بن الكوع ،وفي رواية أنه أرسل سعد بن
أبي وقاص ؛ ولمانع أن يكون أرسل هذا وهذا كليهما ليحضرا علياً رضي ال عنه .
3يعني ( فبَ َرأَ ) أو ( فبَرَِأ ) يقول ( فبَرََأ ) .
وعند الطبراني من حديث علي فما رمدت 1ول صدعت منذ دفع النبي صلى ال عليه وسلم
إلي الراية 2وفيه دليل على الشهادتين. 3
قوله (فأعطاه الراية) قال المصنف :فيه اليمان بالقدر لحصولها لمن لم يسع ومنعها عمن
سعى. 4
وفيه إن فعل السباب المباحة أو الواجبة أو المستحبة ل ينافي التوكل. 5
قوله (وقال انفذ على رسلك) بضم الفاء ،اي امض ورسلك بكسر الراء وسكون السين ،أي
على رفقك من غير عجلة .وساحتهم فناء أرضهم وهو ما حولها. 6
وفيه :الدب عند القتال وترك العجلة والطيش ، 7والصوات التى ل حاجة إليها .
وفيه :أمر المام عماله بالرفق 8من غير ضعف ول انتقاض عزيمة ، 9كما يشير إليه قوله
ثم ادعهم إلى السلم 10أي الذي هو معنى شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال ،وإن
شئت قلت السلم :شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدا عبده ورسوله ، 11وما اقتضته الشهادتان
1وإخلص الطاعة لرسوله :يعني ل يقدم قول أحد كائناً من كان على قول الرسول الكريم عليه الصلة والسلم ؛ ل أقوال الصحابة ول التابعين ،ول الئمة
،ول أحد .
ليقدم قول أحد على قول الرسول ،ول فعل أحد على فعل الرسول ،ول هدي أحد على هدي رسول ال صلى ال ليه وسلم ؛ هذا هو الخلص في شهادة أن
محمداً رسول ال ،وهذا أن تقدم هديه على هدي الناس جميعاً ،وأقواله على أقوال الناس جميعاً ولو تجمع الناس كلهم في صعيد واحد ومحمد صلى ال عليه
وسلم في جانب لوجب أن تقف مع محمد عليه الصلة والسلم وحاشى المسلمين من هذا ؛ لكن هذا فرض .
يعني هذا يشير إلى من يتعصب لمذهب .
يتعصب لطريقة من الطرق الصوفية .
يتعصب للروافض ..للخوارج ..للمرجئة ..لي إمام لي فرقة ..ول يكون مخلصاً في الشهادة ل باللهية ،ولمحمد بالرسالة إل إذا أخلص الشهادة ل
باللهية وعبده لم يشرك معه أحداً في العبادة ول يعبده إل بما شرع هذا الرسول عليه الصلة والسلم ،ول يقدم قول أحدٍ على شيء مما شرع رسول ال
ل يقول مثل قوله (( :أجمعت المة أن من استبانت له سنة رسول ال صلى ال صلى ال عليه وسلم ؛ لهذا قال المام الشافعي – رحمه ال – وقال غيره ك ٌ
عليه وسلم لم يكن له أن يتركها لقول أحد )) أبدًا كائناً من كان .
ل صحابة ول تابعين .
ول أئمة ول أحد ..ل يليق بمسلم أن يقول :مذهبي طريقتي ..وال طريقتي كذا ..وال مذهبي كذا .
تقول له قال ال يقول لك مذهبي ..قال رسول ال يقول لك مذهبي ..وال هذا حاصل والدنيا متخمة من هذه الصناف فيجب أن نحذر وأن نعرف لرسول ال
صلى ال عليه وسلم قدره ،ومنزلته ،وأنه رسول .
ما معنى شهادة أن محمداً رسول ال ؟ بس كلم !!
بعدين تتبع الطريقة التي تريدها ،والجماعة التي تريدها ،والحزب الذي تريده وتمشي بهواك ..ل .
يجب أن تنقاد لهذا الرسول .
تنقاد ل ثم تنقاد لرسوله صلى ال عليه وسلم { من يطع الرسول فقد أطاع ال } { ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً } عصيان كفر أو
عصيان كبيرة من الكبائر مهدد بالنار ،ذاك خالد وهذا قد ل يخلد ،وقد يخلد إذا استهان بسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم .
2طابق الحديث الترجمة ( ادعهم إلى السلم ) والترجمة ( باب الدعوة إلى شهادة أن ل إله إل ال ) ادعهم إلى السلم هة الدعوة إلى شهادة أن ل إله إل ال
.فهذا ادعهم إلى السلم وطابق الترجمة .
3لماذا ساق هذه الية ؟
لن الظرف هذا الذي دعا فيه علي رضي ال عنه اليهود هم أهل الكتاب ودعاهم إلى السلم ،وهذه الية هي دعوة أهل الكتاب إلى السلم { قل يا أهل
الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل نعبد إل ال ول نشرك به شيئًا ول يتخذ بعضنا بعضًا أرباباً من دون ال } { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من
دون ال } فعل هذا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ،ولما كتب إلى قيصر قال (( :بسم ال الرحمن الرحيم إلى قيصر عظيم الروم أما بعد فإني أدعوك
بدعاء السلم فأسلم تسلم يؤتك ال أجرك مرتين ؛ فإن أبيت فعليك أثم الريسيين و { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل نعبد إل ال ول
نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون ال فإن تولوا فقل اشهدوا بأنا مسلمون } فالشاهد أن علياً رضي ال عنه أرسله الرسول صلى ال عليه
وسلم لدعوة اليهود وهو يشرح هذا الحديث فجاء بهذه الية لن ذاك فيه دعوة لهل الكتاب والية فيها دعوة لهل الكتاب ،ويشبه هذا كتابة الرسول صلى ال
عليه وسلم إلى قيصر يدعو فيه أهل الكتاب إلى السلم .
4والسلم هو الستسلم ..يا ال تلقي بيديك وتنقاد مافيش ل ول لف ول دوران هذا هو السلم الصحيح .
يجب أن نستسلم ل رب العالمين { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت } فالسلم إنقياد وإخلص .
5فاليوم يا إخوان يجب أن ندرس السلم بقلوبنا ومشاعرنا ما ندرسه كلم بس .
وال يجب أن تتغلغل معاني السلم والتوحيد في أعماق نفوسنا ،وتجري بها دمؤنا ونخلص ل رب العالمين .
6يعني السلم هو الظاهر مع الجوارح ،السلم أن تشهد أن ل إل ال وأن محمداً رسول ال لكن أصله في القلب .وهو من باب العمل ،السلم باب العمل ؛
لكن اليمان من باب القول وهو العتقاد قول القلب واعتقاده وعمله .
7يعني استكبر عن عبادته يعرف أن ال هو الله الحق المبين وأنه هو المعبود بحق لكن ما يعمل استكبر ..هذا مسلم ؟
ليس مسلم كافر ..هل أبوجهل كان يشك في صدق محمداً عليه الصلة والسلم ؛ بل أبو لهب نفسه كان يشك في صدق محمداً عليه الصلة والسلم كم قال ال
تعالى { فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيات ال يجحدون } { ،وجحدوا بها } في فرعون وقومه { واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً } قال موسى عليه
السلم لفرعون { لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب السماوات والرض وإني لظنك يا فرعون مثبوراً } هالك ؛ فهو يعرف أن موسى رسول ال وأن هذه
الية تنزلت من ال ،ال الذي أنزلها ،وأنها حق لكن استكبر فكان من أكبر أعداء ال فكل من يستكبر يعرف أن ال حق ،ويشهد أن الرسول حق وأن الكتاب
باب الع مل ،ع مل القلب والجوارح .وأ ما اليمان فأ صله ت صديق القلب ،وإقراره ومعرف ته ،
فهو من باب قول القلب المتضمن عمل القلب . 1انتهى .
ف تبين أن أ صل ال سلم هو التوحيد 2ون في الشرك فى العبادة و هو دعوة جم يع المر سلين ،
وهو الستسلم ل تعالى بالتوحيد ،والنقياد له بالطاعة فيما أمرهم به على ألسن رسله ، 3كما
قال تعالى عن نوح أول رسول أرسله " '3 : 71' :أن اعبدوا ال واتقوه وأطيعون". 4
حق لكن يستكبر عن النقياتد لهذا الرسول الكريم فهو كافر ليس بمسلم .
1فهو ما أقتصر على التصديق لن المرجئة يقولن اليمان هو التصديق بس ..ويافيه التكذيب فقط ؛ فل يكفر النسان إل بالجحود بس ..هذا غلط .
الجحود والستكبار والستهزاء كلها كفر وتخرج النسان من دائرة السلم ولو صدق هذا الرسول .
لو صدق الرسول وسخر به واستهزأ به ؟! آمن بال واستهزأ به ؟! آمن بالكتاب واستهزأ به .
كافر { ،قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } وقال لهم { قد كفرتم بعد إيمانكم } كانوا مؤمنين فكفروا بهذا الستهزاء ،كفروا وخرجوا من السلم ،
وصاروا منافقين باستهزائهم .
فالشاهد أن اليمان ليس هو التصديق فقط ؛ شيخ السلم قال :تصديق ،إقرار ،معرفة ؛ هذا هو اليمان .ماهو تصديق بس .
تصديق ،إقرار ،طمأنينة ،إستسلم بارك ال فيك وعلم وعمل ؛ هذا هو اليمان ،مو تصديق بس .
ويا أخوة بعض الناس يرمون اللباني بالرجاء وتلميذه هؤلء يظلمونهم ،يظلمونهم ،ليسوا مرجئة هم يؤمنون بأن الستكبار كفر ،وأن الستهزاء كفر ،
وأن وأن .
لكن يغلط بعضهم حينما يقرر هذه الشياء ثم يجمعها ويقول مرجعها إلى الجحود ؛ يأتي الغلط هنا في جمعها و
وإل فلو قلت له :مارأيك في اللي يستهزيء بال ،يقول لك :كافر .
ما رأيك فيمن يستكبر عن اليمان ،يؤمن بأن محمداً رسول ال لكن يستكبر عن النقياد له ،يقول لك كافر مثل أبي طالب ،ل يكابرون في هذا ،وفرق بينه
وبين الرجاء ،يجب أن نفرق بينهم ،ويقولون اليمان هو قول وعمل واعتقاد ما يقولون مثل المرجئة ،ويقولون اليمان يزيد وينقص حتى إن اللباني –
رحمه ال – في شرحه للطحاوية لما قال ابن أبي العز والختلف بيننا وبين مرجئة الفقهاء لفظي ،قال :ل ليس بلفظي ؛ بل هو حقيقي وجوهري ؛ لن ال
صرح بأن اليمان يزيد وينقص ،وهم يقولون ل ،وصرح الرسول صلى ال عليه وسلم بأن اليمان ينقص وهم يقولون ل .
فهو يشد على المرجئة ،كيف تقول يا أخي مرجئة ،إذا أخطأ في لفظه وهو يشاركك في العقيدة في كل شيء ثم يخطيء في لفظه تخرجه عن السنة ،وتدخله
في أهل البدع .
بل كثير ممن يخاصمون اللباني أنا أرى أنهم واقعون في الرجاء الغالي ومنغمسون فيه إلى أعناقهم ؛ كيف ؟
قل لهم فلن يقول بوحدة الوجود ..يقول بالشتراكية ..يعطل صفات ال ..يسب الصحابة ..يقول لك :مجدد . .مجدد .
يعني ل يضر مع اليمان ذنب .كما يفعل المرجئة نفس الشيء ؛ بل أشد بل غلة المرجئة ل يطيقون من يطعن في أصحاب رسول ال عليه الصلة والسلم ،
ول من يقول بوحدة الوجود ،ليطيقون هذا الصنف ول يتولونه ،عرفتم .
فكيف يا أخي ترمي الناس بالرجاء وأنت في حمئة الرجاء .إيش التناقض هذا ،واللعب بعقول الناس .
فيجب يا أخوان أن نتبصر ،وأن ينصف النسان من نفسه ،وأن يفتش نفسه ماذا فيه من العيوب فيتخلص منها لن المة تحتاج إلى دعاة صادقين ماعندهم
تناقضات ول كلم فارغ ،ول عندهم أهواء يريدون ناس يدعون إلى عبادة ال وحده ،وإلى إخلص الدين له وحده ،وإلى هداية الناس إلى صراط مستقيم .
مو إلى تبع حزب ول جماعة ول فريق ول مذهب ول ول أبداً .
الناس عندهم وما أنا إل من غزية إن غوت غويت ،خلص مع الجماعة الفلنية مع الجماعة الفلنية ،يحارب ..يوالي من أجلها ..مو من أجل ال ،ياأخي
يجب التجرد ل سبحانه وتعالى .
وال لو كان أقرب قريب مني إبني ول أخي يقول ويطعن في الصحابة وال لتبرأ منه وأحاربنه .
وال لو أجد سبيلً إلى قتله لقتلته وهو لو كان إبني { لتجد قومًا يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم
أو عشيرتهم } تقول إنك سلفي .
السلف قالوا من انتقص صحابياً واحدًا فهو زنديق ..وهذا يسب الصحابة كلهم ويهينهم إل القليل ؛ وتقول إمامي وسيدي .
فين الرجاء إن لم يكن هذا هو الرجاء .
الرجاء الغالي بارك ال فيكم .
يجب أن ل يتناقض أما الناس ويكون ضحكه للناس ..يجب أن يكون ديننا خالص ل مبرأ من الشهوات والهواء والشبهات .
دين خالص كما أنزله ال على محمد صلى ال عليه وسلم هذا هو الدين الحق .
2فتبين ..استنتج مما تقدم من كلمه وكلم شيخ السلم تبين منها أن أصل السلم هو التوحيد شهادة أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال .هذا هو أصل
السلم .
3ال أكبر ..الستسلم ل بالتوحيد والنقياد له بالطاعة وكذلك طاعة هذا الرسول لن طاعته طاعة ال هذا هو السلم .
هذه قواعد تشمل كل قول وكل عمل وكل تطبيق ،ل تترك شيئاً هذا هو السلم .
4كل رسول يقول هذا ..إخلص العبادة ل والنقياد له بالطاعة هذا هو التوحيد { اعبدوا ال مالكم من إله غيره } عبادة ال الخضوع له والنقياد له
والستسلم له هذه عبادة ال سبحانه وتعالى .فالذي يخضع ل وينقاد له هل يقع في معصية هل يقع في مخالفة ..ل .حقق السلم .
وفيه :مشروعية الدعوة قبل القتال ،لكن إن كانوا قد بلغتهم الدعوة جاز قتالهم ابتداء 1لن
ال نبى صلى ال عل يه و سلم أغار على ب نى الم صطلق 2و هم غارون وإن كانوا لم تبلغ هم الدعوة
وجبت دعوتهم. 3
قوله وأخعبرهم بمعا يجعب عليهعم معن حعق ال تعالى فيعه أي فعي السعلم إذا أجابوك إليعه
فأخبرهم بما يجب من حقوقه التى لبد لهم من فعلها :كالصلة والزكاة ،كما فى حديث أبى
هريرة " :فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها " ولما قال عمر لبي بكر فى
قتاله مان عي الزكاة ":ك يف تقا تل الن ساء و قد قال ر سول ال صلى اله عل يه و سلم :أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا :ل إله إل ال .فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها .
قال أبو بكر :فإن الزكاة حق المال ،وال لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،لقاتلتهم على منعها " .
وفيعه :بععث إلمام الدعاة إلى ال تعالى ،كمعا كان النعبي صعلى ال عليعه وسعلم وخلفائه
الراشدون يفعلون ،كما فى المسند عن عمر بن الخطاب رضى ال عنه أنه قال فى خطبته " :
أل إ ني وال ما أر سل عمالي إلي كم ليضربوا أبشار كم ول ليأخذوا أموال كم .ول كن أر سلهم إلي كم
ليعلموكم دينكم وسننكم " .
قوله ( :وتل قوله " :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون" استدل حذيفة رضي ال عنه
بالية على أن هذا شرك .ففيه صحة الستدلل على الشرك الصغر بما أنزله ال فى الشرك
الكبر ،لشمول الية ودخوله فى مسمى الشرك ،وتقدم معنى هذه الية عن ابن عباس وغيره
فى كلم شيخ السلم وغيره .وال أعلم .وفى هذه الثار عن الصحابة :ما يبين كمال علمهم
بالتوحيد وما ينافيه أو ينافى كماله .
باب الشفاعة
قوله ( :باب الشفاعة )
أي بيان ما أثبته القرآن منها وما نفاه .وحقيقة ما دل القرآن على إثباته .
قوله :وقول ال عز و جل " ' 51 : 6 ' :وأنذر به الذ ين يخافون أن يحشروا " المخا فة
والتحذير منها .
قوله :بعه قال ابعن عباس بالقرآن " الذيعن يخافون أن يحشروا إلى ربهعم " وهعم المؤمنون
وعن الفضيل بن عياض ليس كل خلقه عاتب ،إنما عاتب الذين يعقلون ،فقال " :وأنذر به
الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم " وهم المؤمنون أصحاب العقول الواعية .
قوله " :ليس لهم من دونه ولي ول شفيع " قال الزجاج :موضع ليس نصب على الحال ،
كأنه قال :متخلين من كل ولي وشفيع .والعامل فيه يخافون .
قوله :لعلهم يتقون أي فيعملون في هذه الدار عملً ينجيهم ال به من عذاب يوم القيامة .
وقوله " ' 44 : 39 ' :قل ل الشفاعة جميعا " وقبلها " أم اتخذوا من دون ال شفعاء قل أو
لو كانوا ل يملكون شيئا ول يعقلون " وهذه كقوله تعالى " ' 18 : 10 ' :ويعبدون من دون ال
معا ل يضرهعم ول ينفعهعم ويقولون هؤلء شفعاؤنعا عنعد ال قعل أتنبئون ال بمعا ل يعلم فعي
السموات ول في الرض سبحانه وتعالى عما يشركون " فبين تعالى في هذه اليات وأمثالها أن
وقوع الشفاععة على هذا الوجعه منتعف وممتنعع ،وأن اتخاذهعم شفعاء شرك ،يتنزه الرب تعالى
عنه .وقد قال تعالى " ' 28 : 46 ' :فلول نصرهم الذين اتخذوا من دون ال قربانا آلهة بل
ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون " فبين تعالى أن دعواهم أنهم يشفعون لهم بتأليههم .
إن ذلك منهم إفك وافتراء .
وقوله تعالى " :قل ل الشفا عة جميعا " أي هو مالك ها ،فل يس ل من تطلب م نه شئ من ها ،
وإنما تطلب ممن يملكها دون كل من سواه ،لن ذلك عبادة وتأليه ل يصلح إلى ل .
قال البيضاوي :لعله رد لما عسى أن يجيبوا به ،وهو أن الشفعاء أشخاص مقربون .
وقوله تعالى " :له ملك ال سموات والرض " تقر ير لبطلن اتخاذ الشفعاء من دو نه ،ل نه
مالك الملك ،فاندرج في ذلك ملك الشفا عة ،فإذا كان هو مالك ها ب طل أن تطلب ممن ل يملك ها '
" ' 255 : 2من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه " ' " ' 28 : 21ول يشفعون إل لمن ارتضى " .
قال 'ابن جرير ' :نزلت لما قال الكفار :ما نعبد أوثاننا هذه إلى ليقربونا إلى ال زلفى قال
ال تعالى " :له ملك السموات والرض ثم إليه ترجعون " .
قال :وقوله ' " ' 255 : 2من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه " قد تبين مما تقدم من اليات
أن الشفاعة التي نفاها القرآن هي التي تطلب من غير ال .وفي هذه الية بيان أن الشفاعة إنما
تقع في الدار الخرة بإذنه ،كما قال تعالى " ' 109 : 20 ' :يومئذ ل تنفع الشفاعة إل من أذن
له الرح من ور ضي له قول " فبين أ نه ل ت قع ل حد إل بشرط ين :إذن الرب تعالى للشا فع أن
يشفع ،ورضاه عن المأذون بالشفاعة فيه ،وهو تعالى ل يرضى من القوال والعمال الظاهرة
والباطنة إل ما أر يد به وج هه ،ولقى الع بد به ر به مخل صا غ ير شاك في ذلك ،ك ما دل على
ذلك الحديث الصحيح .وسيأتي ذلك مقررا أيضا في كلم شيخ السلم رحمه ال .
وقوله " ' 26 : 53 ' :وكم من ملك في السموات ل تغني شفاعت هم شيئا إل من بعد أن
يأذن ال ل من يشاء وير ضى " قال ا بن كث ير رح مه ال " و كم من ملك في ال سموات ل تغ ني
شفاعت هم شيئا إل من ب عد أن يأذن ال ل من يشاء وير ضى " كقوله " من ذا الذي يش فع عنده إل
بإذنه " " ول تنفع الشفاعة عنده إل لمن أذن له " فإذا كان هذا في حق الملئكة المقربين ،فكيف
ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه النداد عند ال ،وهو لم يشرع عبادتها ول أذن فيها ،بل قد
نهى عنها على ألسنة جميع رسله ،وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه ؟
قال ( :وقوله تعالى " ' 23 ، 22 : 34' :قل ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يملكون
مثقال ذرة في السماوات ول في الرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ول
تنفع الشفاعة عنده إل لمن أذن له " .
حديث ابن مسعود :إن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد
قوله :ولحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعا " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة
وهم أحياء ،والذين يتخذون القبور مساجد " ورواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه .
قوله :إن من شرار الناس بكسر الشين جمع شرير .
قوله :من تدرك هم ال ساعة و هم أحياء أي مقدمت ها ،كخروج الدا بة ،وطلوع الش مس في
مغربها .وبعد ذلك ينفخ في الصور نفخة الفزع .
قوله :والذيعن يتخذون القبور مسعاجد معطوف على خعبر إن فعي محعل نصعب على نيعة
تكرار العامعل ،أي وإن معن شرار الناس الذيعن يتخذون القبور مسعاجد أي بالصعلة عندهعا
وإليهعا ،وبناء المسعاجد عليهعا ،وتقدم فعي الحاديعث الصعحيحة أن هذا معن عمعل اليهود
والن صارى وأن ال نبي صلى ال عل يه و سلم لعن هم على ذلك ،تحذيرا لل مة أن يفعلوا مع نبيهم
وصالحيهم مثل اليهود والنصارى .فما رفع أكثرهم بذلك رأسا ،بل اعتقدوا أن هذا المر قربة
ل تعالى ،و هو م ما يبعد هم عن ال ويطرد هم عن رحم ته ومغفر ته .والع جب أن أك ثر من
يدعى العلم ممن هو من هذه المة ل ينكرون ذلك ،بل ربما استحسنوه ورغبوا في فعله ،فلقد
اشتدت غربة السلم وعاد المعروف منكرا والمنكر معروفا ،والسنة بدعة والبدعة سنة ،تنشأ
على هذا الصغير وهرم عليه الكبير .
قال شيعخ السعلم :أمعا بناء المسعاجد على القبور فقعد صعرح عام الطوائف بالنهعي عنعه ،
متابعة للحاديث الصحيحة .وصرح أصحابنا وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه ،
ثم ذ كر الحاد يث في ذلك إلى أن قال وهذه الم ساجد المبن ية على قبور ال نبياء وال صالحين ،
أو الملوك وغيرهعم تتعيعن إزالتهعا بهدم أو غيره .هذا ممعا ل أعلم فيعه خلفا بيعن العلماء
المعرفين .
وقال ابعن القيعم رحمعه ال :يجعب هدم القباب التعي بنيعت على القبور ،لنهعا أسعست على
معصية الرسول صلى ال عليه وسلم ،وقد أفتى جماعة من الشافعية بهدم ما في القرافة من
البنية ،منهم ابن الجميزي والظهير التزميني وغيرهما .
وقال القاضي ابن كج :ول يجوز أن تجصص القبور ،ول أن يبنى عليها قباب ،ول غير
قباب ،والوصية بها باطلة .
وقال الذرعي :وأما بطلن الوصية ببناء القباب وغيرها من البنية وانفاق الموال الكثيرة
،فل ريب في تحريمه .
وقال القرطعبي فعي حديعث جابر رضعي ال عنعه نهعى أن يجصعص القعبر أو يينعى عليعه
وبظاهعر هذا الحديعث قال مالك ،وكره البناء والجعص على القبور .وقعد أجازه غيره ،وهذا
الحديث حجة عليه .
وقال ا بن ر شد :كره مالك البناء على ال قبر وج عل البل طة المكتو بة ،و هو من بدع أ هل
الطول ،أحدثوه إرادة الفخر والمباهاة والسمعة ،وهو مما ل اختلف عليه .
وقال الزيل غي في شرح الك نز :ويكره أن يب ني على ال قبر .وذ كر قا ضي خان :أ نه ل
يجصعص القعبر ول يبنعي عليعه .لمعا روى ععن النعبي صعلى ال عليعه وسعلم أنعه نهعى ععن
التجصيص وللبناء فوق القبر .والمراد بالكراهة ع عند الحنفية رحمهم ال ع كراهة التحريم .
وقد ذكر ذلك ابن نجيم في شرح الكنز .
وقال الشاف عي رح مه ال :أكره أن يع ظم مخلوق ،ح تى يج عل قبره م سجدا مخا فة الفت نة
عليعه وعلى معن بعده معن الناس .وكلم الشافععي رحمعه ال يعبين أن مرده بالكراهعة كراهعة
التحريم .
قال الشارح رحمعه ال تعالى :وجزم النووي رحمعه ال فعي شرح المهذب بتحريعم البناء
مطلقا ،وذكر في شرح مسلم نحوه أيضا.
وقال أبعو محمعد عبعد ال بعن أحمعد بعن قدامعة إمام الحنابلة صعاحب المصعنفات الكبار
كالمغنعى ،والكافعى وغيرهمعا رحمعه ال تعالى :ول يجوز اتخاذ المسعاجد على القبور .لن
النبي صلى ال عليه وسلم قال " :لعن ال اليهود والنصارى " ...الحديث وقد روينا أن ابتداء
عبادة الصنام :تعظيم الموات واتخاذ صورهم ،والتمسح بها والصلة عندها ،انتهى .
قال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح مه ال :وأ ما الم قبرة فل فرق في ها ب ين الجديدة والعتق ية ،
انقلبت تربتها أو لم تنقلب .ول فرق بين أن يكون بينه وبين الرض حائل أو ل ،لعموم السم
وعموم العلة ،ولن النبي صلى ال عليه وسلم لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ،ومعلوم
أن قبور النبياء ل تنجس .
وبالجملة فمن علل النهي عن الصلة في المقبرة بنجاسة التربة خاصة فهو بعيد عن مقصود
النبي صلى ال عليه وسلم ،ثم ل يخلو أن يكون القبر قد بنى عليه مسجد ،فل يصلي في هذا
المكان سواء صلى خلف ال قبر أو أما مه بغ ير خلف في المذ هب :لن ال نبي صلى ال عل يه
وسعلم قال " إن معن كان قبلكعم كانوا يتخذون قبور أنعبيائهم وصعالحيهم مسعاجد ،أل فل تتخذوا
القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " وخص قبور النبياء لن عكوف الناس على قبورهم أعظم
،واتخاذها مساجد أشد ،وكذلك إن لم يكن عليه بنى مسجد ،فهذا قد ارتكب حقيقة المفسدة التي
كان النهي عن الصلة عند القبور من أجلها ،فإن كل مكان صلى فيه يسمى مسجدا ،كما قال
صلى ال عليه وسلم " جعلت لي الرض مسجدا وطهورا " وإن كان موضع قبر أو قبرين .
وقال ب عض أ صحابنا :ل يم نع ال صلة في ها ل نه ل يتناول ها ا سم الم قبرة ،ول يس في كلم
أحمد ول بعض أصحابه هذا الفرق ،بل عموم كلمهم يقتضى منع الصلة عند كل قبر .
وقد تقدم عن علي رضي ال عنه أنه قال :ل أصلي في حمام ول عند قبر .
فعلى هذا ينب غي أن يكون الن هي متناولً لحر يم ال قبر وفنائه ،ول تجوز ال صلة في م سجد
بني في مقبرة ،سواء كان له حيطان تحجز بينه وبين القبور أو كان مكشوفا .
قال في روا ية الثرم :إذا كان الم سجد ب ين القبور ل ي صلى ف يه الفري ضة ،وإن كان بين ها
وب ين الم سجد حا جز فر خص أن ي صلي ف يه على الجنائز ول ي صلى ف يه على غ ير الجنائز .
وذ كر حد يث أ بي مر ثد عن ال نبي صلى ال عل يه و سلم :ل ت صلوا على القبور وقال :إ سناده
جيد ،انتهى .
ولو تتبعنا كلم العلماء في ذلك ل حتمل عدة أوراق .فتبين بهذا أن العلماء رحمهم ال بينوا
أن علة الن هي ما يؤدي إل يه ذلك :من الغلو في ها وعبادت ها من دون ال ك ما هو الوا قع وال
المستعان .
و قد حدث ب عد الئ مة الذ ين يع تد بقول هم أناس ك ثر في أبواب العلم بال اضطراب هم ،وغلظ
عن معرفة ما بعث ال به رسوله من الهدى والعلم حجابهم فقيدوا نصوص الكتاب والسنة بقيود
أوهنت النقياد وغيروا بها ما قصده الرسول صلى ال عليه وسلم بالنهي وأراد .فقال لتنجسها
بصديد الموتى ،وهذا كله باطل من وجوه :منها :أنه من القول على ال بل علم .وهو حرام
بنص الكتاب .
ومنها :أن ما قالوه ل يقتضى لعن فاعله والتغليظ عليه ،وما المانع له أن يقول :صلى في
بق عة نج سة فعل يه لع نة ال .ويلزم على ما قاله هؤلء أن ال نبي صلى ال عل يه و سلم لم يبين
العلة ،وأحال المة في بيانها على من يجيء بعده صلى ال عليه وسلم وبعد القرون المفضلة
والئ مة ،وهذا با طل قطعا وعقلً وشرعا ،ل يلزم عل يه من أن الر سول صلى ال عل يه و سلم
عجز عن البيان أو قصر في البلغ ،وهذا من أبطل الباطل .فإن النبي صلى ال عليه وسلم
بلغ البلغ المبين ،وقدرته في البيان فوق قدرة كل أحد ،فإذا بطل اللزم بطل الملزوم .
ويقال أيضا :هذا اللعن والتغليظ الشديد إنما هو فيمن اتخذ قبور النبياء مساجد ،وجاء في
ب عض الن صوص ما ي عم ال نبياء وغير هم ،فلو كا نت هذه هي العلة لكا نت منتف ية في قبور
ال نبياء ،لكون أج سادهم طر ية ل يكون ل ها صديد يم نع من ال صلة ع ند قبور هم ،فإذا كان
النهي عن اتخاذ المساجد عند القبور يتناول قبور النبياء بالنص ،علم أن العلة ما ذكره هؤلء
العلماء الذ ين قد نقلت أقوال هم ،والح مد ل على ظهور الح جة وبيان المح جة .والح مد ل الذي
هدانا لهذا ،وما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال .
اللت والعزى
قوله :ول بن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد " أفرأيتم اللت والعزى "
قال :كان يلت لهم السويق ،فمات فعكفوا على قبره ،كذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس قال
:كان يلت السويق للحاج .
قوله :ولبن جرير هو المام الحافظ محمد بن جرير بن يزيد الطبري ،صاحب التفسير
والتار يخ والحكام وغير ها .قال ا بن خزي مة :ل أعلم على الرض أعلم من مح مد بن جر ير
وكان من المجتهدين ل يقلد أحدا .وله أصحاب يتفقهون على مذهبه ويأخذون بأقواله .ولد سنة
أربع وعشرين ومائتين ،ومات ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلثمائة .
قوله :عن سفيان الظاهر :أنه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد ال الكوفي
ثقة حافظ فقيه إمام عابد كان مجتهدا ،وله أتباع يتفقهون على مذهبه .مات سنة إحدى وستين
ومائة ،وله أربع وستون سنة .
قوله :عن منصور هو ابن المعتمر بن عبد ال السلمي ثقة ثبت فقيه .مات سنة اثنتين
وثلثين ومائة .
قوله :عن مجاهد هو ابن جبر ع بالجيم الواحدة ع أبو الحجاج المخزومي مولهم المكي
،ث قة إمام في التف سير ،أ خذ عن ابن عباس وغيره رضي ال عنهم .مات سنة أر بع ومائة ،
قاله يحيعى القطان ،وقال ابعن حبان :مات سعنة اثنتيعن أو ثلث ومائة وهعو سعاجد ،ولد سعنة
إحدى وعشرين في خلفة عمر رضي ال عنه .
قوله :كان يلت السويق لهم فمات فعكفوا على قبره في رواية :فيطعم من يمر من الناس
.فلما مات عبدوه ،وقالوا :هو اللت رواه سعيد بن منصور .
ومناسعبته للترجمعة :أنهعم غلوا فيعه لصعلحه حتعى عبدوه وصعار قعبره وثنا معن أوثان
المشركين .
قوله :وكذا قال أبو الجوزاء هو أوس بن عبد ال الربعي ،فتح الراء والباء ،مات سنة
ثلث وثمانين .
قال البخاري :حدثنا مسلم وهو ابن إبراهيم .حدثنا أبو الشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن
عباس قال :كان اللت رجلً يلت سويق الحجاج .
قال ابعن خزيمعة :وكذا العزى ،وكانعت شجرة عليهعا بناء وأسعتار بنخلة ،بيعن مكعة
والطائف ،كانت قريش يعظمونها ،كما قال أبو سفيان يوم أحد :لنا العزى ول عزى لكم .
السبع الموبقات
قوله :وععن أبعي هريرة رضعي ال عنعه قال :قال رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم " :
اجتنبوا ال سبع الموبقات ،قالوا :يا ر سول ال و ما هن ؟ قال :الشرك بال ،وال سحر ،وق تل
الن فس ال تي حرم ال إل بال حق ،وأ كل الر با ،وأ كل مال اليت يم ،والتولي يوم الز حف ،وقذف
المحصنات الغافلت المؤمنات " .
كذا أورده المصنف غير معزو .وقد رواه البخاري ومسلم .
قوله :اجتنبوا أي ابعدوا ،وهعو أبلغ معن قوله :دعوا واتركوا ،لن النهعي ععن القربان
أبلغ ،كقوله " ' 141 : 6 ' :ول تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن " .
قوله :الموبقات بموحدة وقاف .أي المهلكات .وسميت هذه موبقات لنها تهلك فاعلها في
الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات ،وفي الخرة من العذاب .
وفي حديث ابن عمر عند البخاري في الدب المفرد والطبري في التفسير ،وعبد الرزاق
مرفوعا وموقوفا قال :الكبائر ت سع ع وذ كر ال سبع المذكورة ع وزاد :واللحاد في الحرم ،
وعوق الوالدين ولبن أبي حاتم عن علي قال :الكبائر ع فذكر السبع ع إل مال اليتيم ،وزاد
ع العقوق ،والتعرب بعد الهجرة ،وفراق :الجماعة ونكث الصفقة .
قال الحافظ :ويحتاج عندي هذا الجواب عن الحكمة في القتصار على سبع .
ويجاب :بأن مفهوم العدد ليعس بحجعة وهعو ضعيعف ،أو بأنعه أعلم أو ل بالمذكورات .ثعم
أعلم بما زاد ،فيجب الخذ بالزائد ،أو أن القتصار وقع بحسب المقام بالنسبة إلى السائل .
و قد أخرج ال طبراني وإ سماعيل القا ضي عن ا بن عباس أ نه ق يل له :الكبائر سبع قال :
هن أكثر من سبع وسبع وفي رواية هي إلى سبعين أقرب وفي رواية :إلى السبعمائة .
قوله :قال الشرك بال هو أن يج عل ل ندا يدعوه ويرجوه ،ويخا فه ك ما يخاف ال ،بدأ
به لنه أعظم ذنب عصى ال به ،كما في الصحيحين عن ابن مسعود " سألت النبي صلى ال
عليه وسلم أي الذنب أعظم عند ال ؟ قال :أن تجعل ل ندا وهو خلقك "... ،الحديث ،وأخرج
الترمذي ب سنده عن صفوان بن ع سال قال :قال يهودي ل صاحبه :اذ هب ب نا إلى هذا ال نبي ،
فقال له صاحبه :ل ت قل نبي ،إ نه لو سمعك لكان له أر بع أع ين ،فأت يا ر سول ال صلى ال
عل يه و سلم ف سأله عن ت سع آيات بينات ،فقال ال نبي صلى ال عل يه و سلم " :ل تشركوا بال
شيئا ،ول ت سرقوا ،ول تزنوا ،ول تقتلوا الن فس ال تي حرم ال إل بال حق ،ول تمشوا ببريء
إلى ذي سلطان ليقتله ،ول ت سحروا ،ول تأكلوا الر با ،ول تقذفوا مح صنة ،ول تولوا للفرار
يوم الزحف ،وعليكم خاصة اليهود أن ل تعدوا في السبت .فقبل يديه ورجليه .وقال :نشهد
أنك نبي "...الحديث .وقال :حسن صحيح .
قوله :السحر تقدم معناه .وهذا وجه مناسبة الحديث للترجمة .
وقوله :وقتل النفس التي حرم ال أي حرم قتلها .وهي نفس المسلم المعصوم .
قوله :إل بال حق أي بأن تف عل ما يو جب قتل ها .كالشرك والن فس بالن فس ،والزا ني ب عد
الحصان ،وكذا قتل المعاهد ،كما في الحديث "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة " .
واختلف العلماء فيمن قتل مؤمنا متعمدا ،وهل له توبة أم ل ؟ فذهب ابن عباس وأبو هريرة
وغيره ما إلى أ نه ل تو بة له ،ا ستدللً بقوله تعالى " ' 93 : 4 ' :و من يق تل مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم خالدا فيها " وقال ابن عباس نزلت هذه الية وهي آخر ما نزل وما نسخها شئ
وفي رواية :لقد نزلت في آخر ما نزل وما نسخها شئ حتى قبض رسول ال صلى ال عليه
وسعلم ومعا نزل وحعي وروى فعي ذلك آثار تدل لمعا ذهعب إليعه هؤلء ،كمعا عنعد المام أحمعد
والنسائي وابن المنذر عن معاوية :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :كل ذنب
عسى ال أن يغفره إل الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا " .
وذ هب جمهور المة سلفا وخلفا إلى أن القا تل له توبة في ما بي نه وبين ال ،فإن تاب وأناب
عمل صالحا بدل ال سيئاته حسنات ،كما قال تعالى 68 : 25 ' :ع " ' 71والذين ل يدعون
مع ال إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما
* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إل من تاب وآمن وعمل عمل صالحا "
اليات .
قوله :ومن يقتل مؤمنا متعمدا قال أبو هريرة وغيره هذا جزاؤه إن جازاه .
وقد روى عن ابن عباس ما يوافق قول الجمهور ،فروى عبد بن حميد والنحاس عن سعيد
بن عبادة أن ا بن عباس ر ضي ال ع نه كان يقول :ل من ق تل مؤمنا تو بة وكذلك ا بن ع مر
رضي ال عنهما .وروى مرفوعا " أن جزاءه جهنم إن جازاه " .
قوله :وآ كل الر با أي تناوله بأي و جه كان ،ك ما قال تعالى 275 : 2 ' :ع " ' 280
الذ ين يأكلون الر با ل يقومون إل ك ما يقوم الذي يتخب طه الشيطان من ال مس " اليات .قال ا بن
دقيق العيد :وهو مجرب لسوء الخاتمة .نعوذ بال من ذلك .
قوله :وآكل مال اليتيم يعني التعدي فيه .وعبر بالكل لنه أعم وجوه النتفاع ،كما قال
تعالى "7 10 : 4 ' :إن الذيعن يأكلون أموال اليتامعى ظلما إنمعا يأكلون فعي بطونهعم نارا
وسيصلون سعيرا " .
قوله :والتولي يوم الز حف أي الدبار عن الكفار و قت التحام القتال ،وإن ما يكون كبيرة
إذا فر إلى غير فئة أو غير متحرف لقتال .كما قيد به في الية .
قوله :وقذف المح صنات الغافلت المؤمنات و هو بف تح ال صاد :المحفوظات من الز نا ،
وبكسرها الحافظات فروجهن منه ،والمراد بالحرائر العفيفات ،والمراد رميهن بزنا أو لواط .
والغافلت ،أي عن الفواحش وما رمين به .فهو كناية عن البريئات .لن الغافل بريء عما
بهت به .والمؤمنات ،أي بال تعالى احترازا من قذف الكافرات .
من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد
قال :عن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :من أتى كاهنا
فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى ال عليه وسلم " رواه أبو داود .
و في روا ية أ بي داود أو أ تى امرأة ع قال م سدد :امرأ ته حائضا ع أو أ تى امرأة .قال
م سدد :امرأ ته في دبر ها ع ف قد بر يء م ما أنزل على مح مد صلى ال عل يه و سلم فنا قل هذا
الحديث من السنن حذف منه هذه الجملة واقتصر على ما يناسب الترجمة .
قال :وللربعة والحاكم ع وقال صحيح على شرطهما عن النبي صلى ال عليه وسلم من
أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى ال عليه وسلم .
هكذا بيعض المصعنف لسعم الراوي .وقعد رواه أحمعد والبيهقعي والحاكعم ععن أبعي هريرة
مرفوعا .
قوله :من أ تى كاهنا قال بعض هم ل تعارض ب ين هذا وب ين حد يث من أ تى عرافا ف سأله
عن شئ لم تقبل له صلة أربعين ليلة هذا على قول من يقول هو كفر دون كفر ،أما على قول
من يقول بظاهر الحديث فيسأل عن وجه الجمع بين الحديثين .وظاهر الحديث أن يكفر متى
اعتقد صدقه بأي وجه كان .وكان غالب الكهان قبل النبوة إنما كانوا يأخذون عن الشياطين .
قوله :فقعد كفعر بمعا أنزل على محمعد صعلى ال عليعه وسعلم قال القرطعبي :المراد بالمنزل
الكتاب وال سنة .ا ه ع .و هل الك فر في هذا المو ضع ك فر دون ك فر ،فل ين قل عن الملة ،أم
يتو قف ف يه ،فل يقال يخرج عن الملة ول يخرج ؟ وهذا أش هر الروايت ين عن أح مد رح مه ال
تعالى .
قال :ولبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله مرفوعا .
أبو يعلى اسمه أحمد بن علي بن المثنى الموصلى المام صاحب التصانيف كالمسند وغيره
.روى عن يحيى بن معين وأبى بكر بن أبي شيبة وخلق .وكان من الئمة الحفاظ ،مات سنة
سبع وثلثمائة ،وهذا الثر رواه البزار أيضا ولفظه :من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول
فقد كفر بما أنزل على محمد صلى ال عليه وسلم وفيه دليل على كفر الكاهن والساحر لنهما
يدعيان علم الغيب وذلك كفر ،والمصدق لهما يعتقد ذلك ويرضى به وذلك كفر أيضا .
ما هي النشرة
ل نوء ول غول
قوله :ول نواء النوء واحد النواء ،وسيأتي الكلم عليه في بابه إن شاء ال تعالى .
قوله :ول غول هو بالضم اسم ،وجمعه أغوال وغيلن ،وهو المراد هنا .
قال أ بو ال سعادات :الغول وا حد الغيلن ،و هو ج نس من ال جن والشياط ين كا نت العرب
تزعم أن الغول في الفلة تتراءى للناس ،تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم ،أي تضلهم عن
الطريق وتهلكهم ،فنفاه النبي صلى ال عليه وأبطله .
فإن قيل :ما معنى النفي وقد قال النبي صلى ال عليه وسلم " :إذا تغولت الغيلن فبادروا
بالذان " .
أج يب ع نه :بأن ذلك كان في البتداء ،ثم دفع ها ال عن عباده .أو يقال :المنفعى ل يس
وجود الغول ،بل ما يزع مه العرب من تصعرفه في نف سه ،أو يكون المع نى بقوله ل غول
أن ها ل ت ستطيع أن ت ضل أحدا مع ذ كر ال والتو كل عل يه .ويش هد له الحد يث ال خر " ل غول
ولكن السعالى سحرة الجن " أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل .ومنه الحديث " إذا
تغولت الغيلن فبادروا بالذان " أي ادفعوا شرها بذلك بذكر ال .
وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها أو عدمه .ومنه حديث أبي أيوب " كان لي تمر في سهوة
فكانت الغول تجي فتأخذ " .
أحسنها الفأل
قوله " :وله ما عن أ نس قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل عدوى ول طيرة ،
ويعجبني الفأل ،قالوا :وما الفأل ؟ قال :الكلمة الطيبة " .
قوله :ويعجب ني الفأل قال أ بو ال سعادات :الفأل ،مهموز في ما ي سر وي سوء ،والطيرة ل
تكون إل في ما ي سوء ،ورب ما ا ستعملت في ما ي سر .يقال :تفاءلت بكذا وتفاولت ،على التحق يق
والقلب ،وقعد أولع الناس بترك الهمزة تخفيفا ،وإنمعا أحعب الفأل لن الناس إذا أملوا فائدة ال
ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوى فهم على خير ،وإذا قطعوا آمالهم ورجاءهم من
ال تعالى كان ذلك من ال شر .وأ ما الطيرة فإن في ها سوء ال ظن بال وتو قع البلء ،والتفاؤل :
أن يكون رجل مريض فيسمع آ خر يقول :يا سالم ،أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول :
يا واجد ،فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته .ومنه الحديث " :قيل يا رسول ال ما
الفأل ؟ قال :الكلمة الطيبة " .
قوله :قالوا :و ما الفأل ؟ قال :الكل مة الطي بة ب ين صلى ال عل يه و سلم أن الفأل يعج به
فدل على أنه ليس من الطيرة المنهى عنها .
قال ابن القيم رحمه ال تعالى :ليس في العجاب بالفأل ومحبته شئ من الشرك ،بل ذلك
إبا نة عن مقت ضى الطبي عة ومو جب الفطرة الن سانية ال تي تم يل إلى ما يوافق ها ويلئم ها ،ك ما
أ خبرهم صلى ال عل يه و سلم أ نه ح بب إل يه من الدن يا الن ساء والط يب ،وكان ي حب الحلواء
والعسعل ،ويحعب حسعن الصعوت بالقرآن والذان ويسعتمع إليعه ويحعب معالي الخلق ومكارم
الشيم .بالجملة يحب كل كمال وخير ما يفضي إليهما ،وال سبحانه قد جعل في غرائز الناس
العجاب بسعماع السعم الحسعن ومحبتعه ،وميعل نفوسعهم إليعه ،وكذلك جععل فيهعا الرتياح
والسعتبشار والسعرور باسعم الفلح والسعلم والنجاح والتهنئة والبشرى والفوز والظفعر ونحعو
ذلك ،فإذا قر عت هذه ال سماء ال سماع ا ستشبرت ب ها النفوس وانشرح ل ها ال صدر وقوى ب ها
القلب ،وإذا سمعت أضدادها أوجب لها ضد هذه الحال .فأحزنها ذلك ،وأثار لها خوفا وطيرة
وانكماشا وانقباضا عمعا قصعدت له وعزمعت عليعه ،فأورث لهعا ضررا فعي الدنيعا ونقصعا فعي
اليمان ومقارفة الشرك .
وقال الحليمي :وإنما كان صلى ال عليه وسلم يعجبه الفأل لن التشاؤم سوء ظن بال تعالى
بغ ير سبب مح قق ،والتفاؤل ح سن ظن به ،والمؤ من مأمور بح سن ال ظن بال تعالى على كل
حال .
قوله :ولبي داود ب سند صحيح عن عق بة بن عامر قال :ذكرت الطيرة ع ند ر سول ال
صلى ال عليه وسلم فقال " :أحسنها الفأل ،ول ترد مسلما ،فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل :
اللهم ل يأتي بالحسنات إل أنت ،ول يدفع السيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بك " .
قوله :عن عقبة بن عامر هكذا وقع في نسخ التوحيد ،وصوابه :عن عروة ابن عامر
كذا أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما .وهو مكي اختلف في نسبه ،فقال أحمد :عن عروة بن
عامعر القرشعي ،وقال غيره :الجهنعي .واختلف فعي صعحبته ،فقال الماوردي :له صعحبة ،
وذكره ابن حبان في ثقات التابعين ،وقال المزي :ل صحبة له تصح .
قوله :فقال أحسنها الفأل قد تقدم أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يعجبه الفأل .وروى
الترمذي وصعححه ععن أنعس رضعي ال عنعه " أن النعبي صعلى ال عليعه وسعلم كان إذا خرج
لحاج ته ي حب أن ي سمع :يا نج يح ،يا را شد " وروى أ بو داود عن بريدة أن ال نبي صلى ال
عليه وسلم كان ل يتطير من شئ ،وكان إذا بعث عاملً سأله عن اسمه فإذا أعجبه فرح به ،
وإن كره اسمه رؤي كراهية ذلك في وجهه وإسناده حسن .وهذا فيه استعمال الفأل .
قال ابن القيم :أخبر صلى ال عليه وسلم أن الفأل من الطيرة وهو خيرها ،فأبطل الطيرة
وأخبر أن الفأل منها ولكنه خير منها ،ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهما من المتياز والتضاد
،ون فع أحده ما ومضرة ال خر ،ونظ ير هذا :من عه من الر قي بالشرك وإذ نه في الرق ية إذا لم
يكن فيها شرك ،لما فيها من المنفعة الخالية من المفسدة .
قوله :ول ترد مسلما قال الطيبي :تعريض بأن الكافر بخلفه .
قوله :اللهعم ل يأتعي بالحسعنات إل أنعت ول يدفعع السعيئات إل أنعت أي ل تأتعي الطيرة
الحسعنة ول تدفعع المكروهات ،بعل أنعت وحدك ل شريعك لك الذي تأتعي بالحسعنات ،وتدفعع
ال سيئات ،و الح سنات ه نا الن عم ،و ال سيئات الم صائب ،كقوله ' " ' 79 ، 78 : 4وإن
تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند ال وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند ال
فمال هؤلء القوم ل يكادون يفقهون حديثا * ما أصابك من حسنة فمن ال وما أصابك من سيئة
فمن نفسك " ففيه نفي تعليق القلب بغير ال في جلب نفع أو دفع ضر ،وهذا هو التوحيد ،وهو
دعاء منا سب ل من و قع في قل به شئ من الطيرة وت صريح بأن ها ل تجلب نفعا ول تد فع ضرا ،
ويعد من اعتقدها سفيها مشركا .
قوله :ول حول ول قوة إل بعك اسعتعانة بال تعالى على فععل التوكعل وعدم اللتفات إلى
الطيرة التي قد تكون سببا لوقوع المكروه عقوبة لفاعل ها .وذلك الدعاء إنما ي صدر عن حقي قة
التوكل الذي هو أقوى السباب في جلب الخيرات ودفع المكروهات .
و الحول التحول والنتقال من حال إلى حال ،و القوة على ذلك بال وحده ل شر يك له
.ففيه التبري من الحول والقوة والمشيئة بدون حول ال وقوته ومشيئته .وهذا هو التوحيد في
الربوب ية ،و هو الدل يل على توح يد الله ية الذي هو إفراد ال تعالى بجم يع أنواع العبادة ،و هو
توحيد القصد والرادة ،وقد تقدم بيان ذلك بحمد ال .
قوله :و عن ا بن م سعود ر ضي ال ع نه مرفوعا " :الطيرة شرك ،والطيرة شرك .و ما
منا إل ،ولكن ال يذهبه بالتوكل " رواه أبو داود والترمذي وصححه .وجعل آخر من قول ابن
مسعود .
ورواه ا بن ما جه وا بن حبان .ول فظ أ بي داود الطيرة شرك ،الطيرة شرك ،الطيرة شرك
.ثلثا وهذا صريح في تحريم الطيرة ،وأنها من الشرك لما فيها من تعلق القلب على غير ال
تعالى .
قال ابن حمدان :تكره الطيرة ،وكذا قال غيره من أصحاب أحمد .
قال ابن مفلح :والولى القطع بتحريمها لنها شرك ،وكيف يكون الشرك مكروها الكراهية
الصطلحية ؟
قال في شرح ال سنن :وإن ما ج عل الطيرة من الشرك لن هم كانوا يعتقدون أن الطيرة تجلب
لهم نفعا أو تدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبها ،فكأنهم أشركوا مع ال تعالى .
قوله :وما منا إل قال أبو القاسم الصبهاني ،والمنذري :في الحديث إضمار .التقدير :
وما منا إل وقد وقع في قلبه شئ من ذلك .ا هع .
وقال الخلخاني :حذف المستثنى لما يتضمنه من الحالة المكروهة .وهذا من أدب الكلم .
قوله :ول كن ال يذه به بالتو كل أي ل كن ل ما توكل نا على ال في جلب الن فع ود فع ال ضر
أذهبه ال عنا بتوكلنا عليه وحده .
قوله :وج عل آخره من قول ا بن م سعود قال ا بن القيم :و هو من الصواب ،فإن الطيرة
نوع من الشرك .
الستسقاء بالنجوم
قوله ( :ما جاء في الستسقاء بالنواء )
أي من الوعيد ،والمراد :نسبة السقيا ومجيء المطر إلى النواء .جمع نوء وهي منازل
القمر .قال أبو السعادات :وهي ثمان وعشرون منزلة .ينزل القمر كل ليلة منها .ومنه قوله
تعالى " ' 39 : 36 ' :والق مر قدرناه منازل " ي سقط في الغرب كل ثلث عشرة ليلة منزلة
طلوع الفجعر ،وتظلع أخرى مقابلتهعا ذلك الوقعت معن المشرق ،فتقضعي جميعهعا معع انقضاء
السنة .وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر ،وينسبونه إليها ،
ويقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وإنما سمى نوءا لنه إذا سقط الساقط منها ناء الطالع بالمشرق
،أي نهض وطلع .
قال :وقوله تعالى ' " ' 82 : 56وتجعلون رزق كم أن كم تكذبون " روى المام أح مد
والترمذي ع وحسنه ع وابن جرير وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن علي رضي ال
عنه ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " " :وتجعلون رزقكم " يقول :شكركم " أنكم
تكذبون " تقولون :مطرنعا بنوء كذا وكذا :بنجعم كذا وكذا " وهعذ أولى معا فسعرت بعه اليعة .
وروى ذلك ععن علي وابعن عباس وقتادة والضحاك وعطاء الخراسعاني وغيرهعم وهعو قول
جمهور المفسرين وبه يظهر وجه استدلل المصنف رحمه ال بالية .
قال ابن القيم رحمه ال :أي تجعلون حظكم من هذا الرزق الذي به حياتكم :التكذيب به ،
يعني القرآن .قال الحسن :تجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون قال :وخسر عبد
ل يكون حظه من القرآن إل التكذيب .
قوله :عن أبي مالك الشعري رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
أر بع في أم تي من أ مر الجاهل ية ل يتركون هن :الف خر بالح ساب ،والط عن في الن ساب ،
والستسقاء بالنجوم ،والنياحة " .وقال " :النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها
سربال من قطران ودرع من جرب " رواه مسلم .أبو مالك اسمه الحرث بن الحرث الشامي .
صحابي تفرد عنه بالرواية أبو سلم .وفي الصحابة أبو مالك الشعري اثنان غير هذا .
قوله :أر بع في أم تي من أ مر بالجاهل ية ل يتركون هن ستفعلها هذه ال مة إ ما مع العلم
بتحريم ها أو مع الج هل بذلك ،مع كون ها من أعمال الجاهل ية المذمو مة المكرو هة المحر مة .
والمراد بالجاهل ية ه نا :ما ق بل المب عث ،سموا ذلك لفرط جهل هم .و كل ما يخالف ما جاء به
الرسول صلى ال عليه وسلم فهو جاهلية ،فقد خالفهم رسول ال صلى ال عليه وسلم في كثير
من أمور هم أو أكثر ها .وذلك يدرك بتدبر القرآن ومعر فة ال سنة .ولشخ نا رح مه ال م صنف
لطيف ذكر فيه ما خالف رسول ال صلى ال عليه وسلم فيه أهل الجاهلية ،بلغ مائة وعشرين
مسألة .
قال ش يخ ال سلم رح مه ال تعالى :أ خبر أن ب عض أمر الجاهل ية ل يتر كه الناس كل هم ذما
لمعن لم يتر كه ،وهذا يقت ضي أن كل ما كان من أمعر الجاهل ية وفعلهعم ف هو مذموم فعي د ين
ال سلم ،وإل لم ي كن في إضا فة هذه المنكرات إلى الجاهل ية ذم ل ها ،ومعلوم أن إضافت ها إلى
الجاهليعة خرج مخرج الذم ،وهذا كقوله تعالى " ' 33 : 33 ' :ول تعبرجن تعبرج الجاهليعة
الولى " فإن في ذلك ذما للتبرج وذما لحال الجاهلية الولى ،وذلك يقتضي المنع من مشابهتهم
في الجملة .
قوله :الف خر بالح ساب أي التعا ظم على الناس بالباء ومآثر هم ،وذلك ج هل عظ يم ،إذ
ل كرم إل بالتقوى ،كما قال تعالى " ' 13 : 49 ' :إن أكرمكم عند ال أتقاكم " وقال تعالى ' :
" ' 37 : 34و ما أموال كم ول أولد كم بال تي تقرب كم عند نا زل فى إل من آ من وع مل صالحا
فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون " .
ولبي داود عن أبي هريرة مرفوعا " :إن ال قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالباء
،إن ما هو مؤ من ت قي ،أو فا جر ش قي ،الناس ب نو آدم وآدم من تراب ،ليد عن رجال فخر هم
بأقوام إنما فحم من فحم جهنم ،أو ليكونن أهون على ال من الجعلن " .
قوله :والط عن في النساب أي الوقوع في ها بالعيب والتن قص .ول ما عير أ بو ذر رضي
ال عنه رجلً بأمه قال له النبي صلى ال عليه وسلم ":أعيرته بأمه ؟ إنك امرؤ فيك جاهلية "
متفق عليه .فدل على أن الطعن في النساب من عمل الجاهلية ،وأن المسلم قد يكون فيه شئ
معن هذه الخصعال بجاهليعة ويهوديعة ونصعرانية ،ول يوجعب ذلك كفره ول فسعقه .قاله شيعخ
السلم رحمه ال.
قوله :وال ستسقاء بالنجوم أي ن سبة الم طر إلى النوء و هو سقوط الن جم .ك ما أخرج المام
أحمد وابن جرير السوائي قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ":أخاف على أمتي
ثلثا :استسقاء بالنجوم .وحيف السلطان .وتكذيبا بالقدر " .
فإذا قال قائلهم :مطرنا بنجم كذا أو بنوء كذا .فل يخلوا إما أن يعتقد أن له تأثيرا في إنزال
الم طر .فهذا شرك وك فر .و هو الذي يعتقده أ هل الجاهل ية كاعتقاد هم أن دعاء الم يت والغائب
يجلب لهم نفعا ،أو يدفع عنهم ضرا .أو أنه يشفع بدعائهم إياه ،فهذا هو الشرك الذي بعث ال
رسوله صلى ال عليه وسلم بالنهي عنه وقتال من فعله .كما قال تعالى " ' 39 : 8 ' :وقاتلوهم
حتعى ل تكون فتنعة ويكون الديعن كله ل " والفتنعة الشرك ،وإمعا أن يقول :مطرنعا بنوء كذا
مثل ،ل كن مع اعتقاده أن المؤ ثر هو ال وحده .لك نه أجرى العادة بوجود الم طر ع ند سقوط
ذلك النجم ،والصحيح :أنه يحرم نسبة ذلك إلى النجم ولو على طريق المجاز ،فقد صرح ابن
مفلح فعي الفروع :بأنعه يحرم قول مطرنعا بنوء كذا وجزم فعي النصعاف بتحريمعه ولو على
طريق المجاز ،ولم يذكر خلفا .وذلك أن القائل لذلك نسب ما هو من فعل ال تعالى الذي ل
يقدر عليعه غيره إلى خلق مسعخر ل ينفعع ول يضعر ول قدرة له على شعئ ،فيكون ذلك شركا
أصغر .وال أعلم .
محبة ال
قال أبو بكر :جرت مسألة في المحبة بمكة ع أعزها ال في أيام الموسم ع فتكلم الشيوخ
في ها ،وكان الجن يد أ صغرهم سنا ،فقالوا :هات ما عندك يا عرا قي ،فأطرق رأ سه ودم عت
عيناه ،ثم قال :عبد ذاهب عن نفسه ،متصل بذكر ربه ،قائم بأداء حقوقه ،ناظر إليه بقلبه ،
أحرق قلبه أنوار هيبته ،وصفا شرابه من كأس مودته ،وانكشف له الحياء من أستار غيبه ،
فإن تكلم فبال ،وإن ن طق ف عن ال ،وإن تحرك فبأ مر ال ،وإن سكن ف مع ال ،ف هو ل وبال
ومع ال .فبكى الشيوخ وقالوا :ما على هذا مزيد ،جبرك ال يا تاج العارفين .
وذكر رحمه ال تعالى :أن السباب الجالبة للمحبة عشرة :
أحدهما :قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به .
الثاني :التقرب إلى ال تعالى بالنوافل بعد الفرائض .
الثالث :دوام ذكره على كل حال بالل سان والقلب والع مل والحال فن صيبه من المح بة على
قدر هذا .
الرابع :إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى .
الخامس :مطالعة القلب لسمائه ومشاهدتها وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها .
السادس :مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة .
السابع :وهو أعجبها ع إنكسار القلب بين يديه .
الثامن :الخلوة وقت النزول اللهي وتلوة كتابه ثم ختم ذلك بالستغفار والتوبة .
التاسعع :مجالسعة المحعبين الصعادقين ،والتقاط أطايعب ثمرات كلمهعم ،ول تتكلم إل إذا
ترجحت مصلحة الكلم وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك .
العاشرة :مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين ال عز وجل .
فمن هذه السباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة ودخلوا على الحبيب .
قوله :وقول ال تعالى " ' 24 : 9 ' :قل إن كان آباؤ كم وأبناؤ كم وإخوان كم وأزواج كم
وعشيرت كم وأموال اقترفتمو ها وتجارة تخشون ك سادها وم ساكن ترضون ها أ حب إلي كم من ال
ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقين " .
أمر ال نبيه صلى ال عليه وسلم أن يتوعد من أحب أهله وماله وعشيرته وتجارته ومسكنه
فآثارها ،أو بعضها على فعل ما أوجبه ال عليه من العمال التي يحبها ال تعالى ويرضاها ،
كالهجرة والجهاد ونحو ذلك .
قال العماد ابعن كثيعر رحمعه ال تعالى :أي إن كانعت هذه الشياء " أحعب إليكعم معن ال
ور سوله وجهاد في سبيله فترب صوا " أي انتظروا ما ي حل ب كم من عقا به .روى المام أح مد
وأبو داود ع واللفظ له ع من حديث أبي عبد الرحمن السلمي عن عطاء الخراساني عن نافع
عن ابن عمر رضي ال عنهما قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ":إذا تبايعتم
بالعينة ،وأخذتم أذناب البقر ،ورضيتهم بالزرع ،وتركتم الجهاد ،سلط ال عليكم ذلً ل ينزعه
عنكم حتى تراجعوا دينكم " .
فل بد من إيثار ما أحبه ال من عبده وأراده على ما يحبه العبد ويريده ،فيحب ما يحبه ال
ويبغض ما يبغضه ،ويوالي فيه ويعادي فيه ويتابع رسوله صلى ال عليه وسلم ك ما تقدم في
آية المحنة ونظائرها .
محبة النبي
قوله :و عن أ نس ر ضي ال ع نه :أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال " :ل يؤ من
أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " أخرجاه أي البخاري ومسلم .
قوله :ل يؤمن أحدكم أي اليمان الواجب ،والمراد كماله ،حتى يكون الرسول أحب إلى
الع بد من ولده ووالده والناس أجمع ين ،بل ول يح صل هذا الكمال إل بأن يكون الر سول أ حب
إل يه من نف سه ،ك ما في الحد يث " :أن ع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه قال :يا ر سول ال
لنت أحب إلي من كل شئ إل من نفسي .فقال :والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من
نفسك ،فقال له عمر :فإنك الن أحب إلي من نفسي ،فقال :الن يا عمر " رواه البخاري .
فمن قال :إن المنفي هو الكمال ،فإن أراد الكمال الواجب الذي يذم تاركه ويعرض للعقوبة
فقد صدق ،وإن أراد أن المنفي الكمال المستحب ،فهذا لم يقع قط في كلم ال ورسوله صلى
ال عليه وسلم .قاله شيخ السلم رحمه ال .
ف من اد عى مح بة ال نبي صلى ال عل يه و سلم بدون متاب عة وتقد يم قوله على قول غيره ف قد
كذب كما قال تعالى " ' 47 : 24 ' :ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم
من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين " فنفى اليمان عمن تولى عن طاعة الرسول صلى ال عليه
وسلم ،لكن كل مسلم يكون محبا بقدر ما معه من السلم وكل مسلم ل بد أن يكون مؤمنا وإن
لم يكن مؤمنا اليمان المطلق .لن ذلك ليحصل إل لخواص المؤمنين .
قال شيعخ السعلم رحمعه ال :وعامعة الناس إذا أسعلموا بععد كفعر ،أو ولدوا على السعلم
والتزموا شرائعه وكانوا من أهل الطاعة ل ورسوله .فهم مسلمون ومعهم إيمان مجمل ،لكن
دخول حقي قة اليمان إلى قلوب هم يح صل شيئا فشيئا إن أعطا هم ال ذلك ،وإل فكث ير من الناس
ل يصعلون إلى اليقيعن ول إلى الجهاد ،ولو شككوا لشكوا ،ولو أمروا بالجهاد لمعا جاهدوا .إذ
ل يس عند هم من علم اليق ين ما يدرأ الر يب ،ول عند هم من قوة ال حب ل ور سوله ما يقدمو نه
على ال هل والمال ،فهؤلء إن عرفوا من المح نة ماتوا ودخلوا الج نة ،وإن ابتلوا ب من يد خل
عليهعم شبهات توجعب ريبهعم فإن لم ينععم ال عليهعم بمعا يزيعل الريعب وإل صعاروا مرتابيعن ،
وانتقلوا إلى نوع من النفاق .انتهى .
وفي هذا الحديث :أن العمال من اليمان .لن المحبة عمل القلب .
وفيه :أن محبة الرسول صلى ال عليه وسلم واجبة تابعة لمحبة ال لزمة لها ،فإنها ل
ولجله ،تز يد بزيادة مح بة ال في قلب المؤ من وتن قص بنق صها ،و كل من كان محبا ل فإن ما
يحب في ال ولجله كما يحب اليمان والعمل الصالح .وهذه المحبة ليس فيها شئ من شوائب
الشرك كالعتماد عل يه ورجائه في ح صول مرغوب م نه أو د فع مرهوب م نه .و ما كان في ها
ذلك فمحب ته مع ال ل ما في ها من التعلق على غيره والرغ بة إل يه من دون ال ،فبهذا يح صل
التمييز بين المحبة في ال ولجله ،التي هي من كمال التوحيد ،وبين المحبة مع ال التي هي
محبة النداد من دون ال لما يتعلق في قلوب المشركين من اللهية التي ل تجوز إل ل وحده .
قوله :وله ما ع نه ع أي البخاري وم سلم ،عن أ نس ر ضي ال ع نه ع قال :قال ر سول
ال صلى ال عليه وسلم " :ثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان :أن يكون ال ورسوله أحب
إليه مما سواهما ،وأن يحب المرء ل يحبه إل ل ،وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه ال
م نه ك ما يكره أن يقذف بالنار " و في روا ية :ل ي جد أ حد حلوة اليمان ح تى ي حب المرء ل
يحبه إل ل ...إلخ .
قوله :ثلث أي ثلث خصال .
قوله :من كن فيه أي وجدت فيه تامة .
قوله :وجد بهن حلوة اليمان الحلوة هنا هي التي يعبر عنها بالذوق لما يحصل به من
لذة القلب ونعيمه وسروره وغذائه ،وهي شئ محسوس يجده أهل اليمان في قلوبهم .
قال السيوطي رحمه ال في التوشيح :وجد حلوة اليمان فيه استعارة تخييلية .شبه رغبة
المؤمن في اليمان بشئ حلو ،وأثبت له لزم ذلك الشئ ،وأضافه إليه .
وقال النووي :معنععى حلوة اليمان اسععتلذاذ الطاعات وتحمععل المشاق وإيثار ذلك على
أغراض الدن يا ،ومح بة الع بد ل بف عل طاع ته وترك مخالف ته .وكذلك الر سول صلى ال عل يه
وسلم .
قال يحيى بن معاذ :حقيقة الحب في ال :أن ل يزيد بالبر ول ينقص بالجفاء .
قوله :أن يكون ال ورسوله أحب إليه مما سواهما يعني بالسوى :ما يحبه النسان بطبعه
،كمحبة الولد والمال والزواج ونحوها .فتكون أحب هنا على بابها .
وقال الخطابي :المراد بالمحبة هنا حب الختيار ل حب الطبع كذا قال .
وأما المحبة الشركية التي قد تقدم بيانها فقليلها وكثيرها ينافي محبة ال ورسوله وفي بعض
الحاديث ":أحبوا ال بكل قلوبكم" فمن علمات محبة ال ورسوله :أن يحب ما يحبه ال ويكره
ما يكرهه ال ،ويؤثر مرضاته على ما سواه ،ويسعى في مرضاته ما استطاع ،ويبعد عما
حرمه ال ويكرهه أشد الكراهة ،ويتابع رسوله ويمتثل أمره ويترك نهيه ،كما قال تعالى 4 ' :
" ' 80 :من يطع الرسول فقد أطاع ال " فمن آثر أمر غيره على أمره وخالف ما نهى عنه ،
فذلك أحب ال وأطاعه أحب الرسول وأطاعه .ومن ل فل ،كما في آية المحنة ،ونظائرها .
وال المستعان .
قال شيخ السلم رحمه ال تعالى :أخبر النبي صلى ال عليه وسلم أن هذه الثلث من كن
فيه وجد حلوة اليمان .لن وجود الحلوة للشئ يتبع المحبة له فمن أحب شيئا واشتهاه ،إذا
حصل له مراده فإنه يجد الحلوة واللذة والسرور بذلك ،واللذة أمر يحصل عقيب إدراك الملئم
الذي هو المحبوب أو المشت هى .قال :فحلوة اليمان المتضم نة للذة والفرح تت بع كمال مح بة
الع بد ل .وذلك بثل ثة أمور :تكم يل هذه المح بة وتفريغ ها ،ود فع ضد ها .فتكميل ها أن يكون
ال ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما ،فإن محبة ال ورسوله ل يكتفى فيها بأصل الحب ،
بل أن يكون ال ورسوله أحب إليه مما سواهما .
قلت :ومح بة ال تعالى ت ستلزم مح بة طاع ته ،فإ نه ي حب من عبده أن يطي عه .والم حب
يحب ما يحبه محبوبه ول بد .
ومن لوازم محبة ال أيضا :محبة أهل طاعته ،كمحبة أنبيائه ورسله والصالحين من عباده
.فمحبة ما يحبه ال ومن يحبه ال من كمال اليمان ،كما في حديث ابن عباس التي .
قال :وتفريغ ها .أن ي حب المرء ل يح به إل ل ،قال :ود فع ضد ها أن يكره ضد اليمان
كما يكره أن يقذف في النار .انتهى .
قوله :أ حب إل يه م ما سواهما ف يه ج مع ضم ير ال تعالى وضم ير ر سوله صلى ال عل يه
وسلم وفيه قولن :
أحدهما :أنه ثنى الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين ،ل
كل واحدة فإن ها وحد ها لغ ية .وأ مر بالفراد في حد يث الخط يب إشعارا بأن كل وا حد من
الع صيانين م ستقل با ستلزام الغوا ية إذ الع طف في تقد ير التكر ير ،وال صل ا ستقلل كل من
المعطوفين في الحكم .
الثاني :حمل حديث الخطيب على الدب والولى ،وهذا هو الجواز .
وجواب ثالث :وهو أن هذا وارد على الصل ،وحديث الخطيب ناقل فيكون أرجح .
قوله :ك ما يكره أن يقذف في النار أي ي ستوى عنده المران .وف يه رد على الغلة الذ ين
يتوهمون أن صدور الذنب من العبد نقص في حقه مطلقا وإن تاب منه .
والصعواب :أنعه إن لم يتعب كان نقصعا وإن تاب فل ،ولهذا كان المهاجرون والنصعار
رضي ال عنهم أفضل هذه المة مع كونهم في الصل كفارا فهداهم ال إلى السلم ،والسلم
يمحو ما قبله ،وكذلك الهجرة .كما صح الحديث بذلك .
قوله :و في روا ية :ل ي جد أ حد هذه الرواية أخرج ها البخاري في الدب من صحيحه .
ولفظ ها :ل ي جد أ حد حلوة اليمان ح تى ي حب المرء ل يح به إلى ل ،وح تى أن يقذف في
النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه ال منه ،وحتى يكون ال ورسوله أحب إليه
مما سواهما .
وقعد تقدم أن المحبعة هنعا عبارة عمعا يجده المؤمعن معن اللذة والبهجعة والسعرور والجلل
والهيبة ولوازم ذلك ،قال الشاعر :
على ،ولكن ملء عين حبيبها أهابك إجللً .وما بك قدرة
أقسام الخوف
والخوف من حيث هو على ثلثة أقسام :
أحدهعا :خوف السعر ،وهعو أن يخاف معن غيعر ال معن وثعن أو طاغوت أن يصعيبه بمعا
يكره ،ك ما قال تعالى عن قوم هود عل يه ال سلم إن هم قالوا له " ' 54 : 11 ' :إن نقول إل
اعتراك ب عض آلهت نا ب سوء قال إ ني أش هد ال واشهدوا أ ني بر يء م ما تشركون * من دو نه
فكيدوني جميعا ثم ل تنظرون " وقال تعالى " ' 36 : 39 ' :ويخوفونك بالذين من دونه " وهذا
هو الواقع من عباد القبور ونحوها من الوثان يخافونها ،ويخوفون بها أهل التوحيد إذا أنكروا
عبادتها وأمروا بإخلص العبادة ل ،وهذا ينافي التوحيد .
الثاني :أن يترك النسان ما يجب عليه ،خوفا من بعض الناس ،فهذا محرم وهو نوع من
الشرك بال المنا فى لكمال التوح يد .وهذا هو سبب نزول هذه ال ية .ك ما قال تعالى : 3 ' :
173ع " ' 175الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
ح سبنا ال ون عم الوك يل * فانقلبوا بنع مة من ال وف ضل لم يم سسهم سوء واتبعوا رضوان ال
وال ذو فضل عظيم* إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه " الية .وفي الحديث " :إن ال تعالى
يقول للع بد يوم القيا مة :ما من عك إذ رأ يت المن كر أن ل تغيره ؟ فيقول :رب خش ية الناس .
فيقول :إباي كنت أحق أن تخشى " .
الثالث :الخوف ال طبيعي ،و هو الخوف من عدو أو سبع أو غ ير ذلك .فهذا ل يذم .ك ما
قال تعالى في قصة موسى عليه السلم " ' 21 : 28' :فخرج منها خائفا يترقب " الية .
ومعنعى قوله " :إنمعا ذلكعم الشيطان يخوف أولياءه " أي يخوفكعم أولياءه " فل تخافوهعم
وخافون " وهذا نهعى معن ال تعالى للمؤمنيعن أن يخافوا غيره ،وأمعر لهعم أن يقصعروا خوفهعم
على ال ،فل يخافون إل إياه .وهذا هعو الخلص الذي أمعر بعه عباده ورضيعه منهعم .فإذا
أخلصوا له الخوف وجميع العبادة أعطاهم ما يرجون وأمنهم من مخاوف الدن يا والخرة ،كما
قال تعالى " ' 36 : 39 ' :أليس ال بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه " الية .
قال العل مة ا بن الق يم رح مه ال تعالى :و من ك يد عدو ال :أ نه يخوف المؤمن ين من جنده
وأوليائه ،لئل يجاهدو هم ،ل يأمرو هم بمعروف ،ول ينهوم عن من كر .وأ خبر تعالى أن هذا
من ك يد الشيطان وتخوي فه .ونها نا أن نخاف هم .قال :والمعنى ع ند جميع المف سرين :يخوفهم
بأوليائه .قال قتادة :يعظمهم في صدوركم .فكلما قوى إيمان العبد زال خوف أولياء الشيطان
من قلبه ،وكلما ضعف إيمانه قوى خوفه منهم .فدلت هذه الية على أن إخلص الخوف من
كمال شروط اليمان .
" ومن الناس من يقول آمنا بال " فإذا أوذي إلخ
قوله " ' 10 : 29 ' :و من الناس من يقول آم نا بال فإذا أوذي في ال ج عل فت نة الناس
كعذاب ال " .
قال ا بن كث ير رح مه ال تعالى :يقول تعالى م خبرا عن صفات قوم من المكذب ين يدعون
اليمان بألسنتهم ،ولم يثبت في قلوبهم :أنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا اعتقدوا أنها من
نقمة ال بهم ،فارتدوا عن السلم .قال ابن عباس رضي ال عنهما :يعني فتنة أن يرتد عن
دينه إذا أوذي في ال .
وقال ا بن الق يم رح مه ال تعالى :الناس إذا أر سل إلي هم الر سل ب ين أمر ين :إ ما أن يقول
أحدهم :آمنا ،وإما أن ل يقول ذلك .بل يستمر على السيئات والكفر ،فمن قال :آمنا امتحنه
ر به وابتله وفت نه .والفت نة :البتلء والختبار ،لي تبين ال صادق من الكاذب ،و من لم ي قل :
آم نا .فل يح سب أ نه يع جر ال ويفو ته وي سبقه .ف من آ من بالر سل وأطاع هم عاداه أعداؤ هم
وآذوه وابتلى بما يؤلمه ،ومن لم يؤمن بهم ولم يطعهم عوقب في الدنيا والخرة وحصل له ما
يؤلمه ،وكان هذا اللم أعظم وأدوم من ألم أتباعهم .فل بد من حصول اللم لكل نفس ،آمنت
أو رغ بت عن اليمان ،ل كن المؤ من يح صل له اللم في الدن يا ابتداء ثم تكون له العاق بة في
الدنيعا والخرة ،والمعرض ععن اليمان تحصعل له اللذة ابتداء ثعم يصعير فعي اللم الدائم ،
والنسان ل بد أن يعيش مع الناس ،والناس لهم إرادات وتصورات ،فيطلبون منه أن يوافقهم
عليها ،وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه ،وإن وافقهم حصل له العذاب تارة منهم وتارة من غيرهم
،ك من عنده د ين وت قي حل ب ين قوم فجار ظل مة ل يتمكنون من فجور هم وظلم هم إل بموافق ته
لهم أو سكوته عنهم ،فإن وافقهم أو سكت عنهم سلم من شرهم في البتداء ،ثم يتسلطون عليه
بالهانة والذى أضعاف ما كان يخافه ابتداء لو أنكر عليهم وخالفهم ،وإن سلم منهم فل بد أن
يهان ويعاقب على يد غيرهم .
فالحزم كل الحزم بما قالت أم المؤمن ين عائشة رضي ال عنها لمعاوية ر ضي ال عنه " :
من أرضى ال بسخط الناس كفاه ال مؤونة الناس .ومن أرضى الناس بسخط ال لم يغنوا من
ال شيئا ".
فمن هداه ال وألهمه رشده ووقاه شر نفسه امتنع من الموافقة على فعل المحرم وصبر على
عداوتهم ،ثم تكون له العاقبة في الدنيا والخرة ،كما كانت للرسل وأتباعهم .
ثم أ خبر تعالى عن حال الدا خل في اليمان بل ب صيرة وأ نه إذا أوذي في ال ج عل فت نة
الناس له ،وهي أذاهم ونيلهم إياه بالمكروه ،وهو اللم الذي ل بد أن ينال الرسل وأتباعهم ممن
خالفهعم ،جععل ذلك فعي فراره منعه وتركعه السعبب الذي يناله بعه :كعذاب ال الذي فعر منعه
المؤمنون باليمان .
فالمؤمنون لكمال بصعيرتهم فروا معن ألم عذاب ال إلى اليمان ،وتحملوا معا فيعه معن اللم
الزائل المفارق ععن قرب .وهذا لضععف بصعيرته فعر معن ألم أعداء الرسعل إلى موافقتهعم
ومتابعت هم ،ففر من ألم عذابهم إلى ألم عذاب ال .فج عل ألم فت نة الناس في الفرار منه بمنزلة
عذاب ال .وغبن كل الغبن إذ استجار من الرمضاء بالنار .وفر من ألم ساعة إلى ألم البد ،
وإذا نصعر ال جنده وأولياءه قال :إنعي كنعت معكعم ،وال أعلم بمعا انطوى عليعه صعدره معن
النفاق .انتهى .
وفي الية رد على المرجئة والكرامية ،ووجهه :أنه لم ينفع هؤلء قولهم :آمنا بال .مع
عدم صبرهم على أذى من عاداهم في ال ،فل ينفع القول والتصديق بدون العمل .فل يصدق
اليمان الشر عي على الن سان إل باجتماع الثل ثة :الت صديق بالقلب وعمله ،والقول بالل سان ،
والعمل بالركان .وهذا قول أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا ،وال سبحانه وتعالى أعلم .
وفيه الخوف من مداهنة الخلق في الحق .والمعصوم من عصمه ال .
قول المام أحمد :عجبت لقوم عرفوا السناد ويذهبون إلى رأي سفيان إلخ
قوله :وقال المام أحمد :عجبت لقوم عرفوا السناد وصحته ،ويذهبون إلى رأي سفيان .
وال تعالى يقول " ' 63 : 24 ' :فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم
عذاب أليم " أتدرون ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك ،لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شئ من
الزيغ فيهلك .
هذا الكلم من المام أح مد رح مه ال رواه ع نه الف ضل بن زياد وأ بو طالب .قال الف ضل
ععن أحمعد :نظرت فعي المصعحف فوجدت طاععة الرسعول صعلى ال عليعه وسعلم فعي ثلث
وثلث ين موضعا ،ثم ج عل يتلو " :فليحذر الذ ين يخالفون عن أمره أن ت صيبهم فت نة " ال ية ،
فذكر من قوله :الفتنة الشرك ع إلى قوله ع فيهلك .ثم جعل يتلو هذه الية " ' 65 : 4 ' :
فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت
ويسلموا تسليما " .
وقال أبعو طالب ععن أحمعد وقيعل له :إن قوما يدعون الحديعث ويذهبون إلى رأي سعفيان
وغيره ،فقال :أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا السناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي
سفيان وغيره ،قال ال تعالى " :فليحذر الذ ين يخالفون عن أمره أن ت صيبهم فت نة أو ي صيبهم
عذاب أليم " أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة :الكفر .قال ال تعالى " ' 217 : 2 ' :والفتنة أكبر من
القتل " فيدعون الحديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي ذكر
ذلك عنه شيخ السلم رحمه ال تعالى .
قوله :عرفوا السناد أي إسناد الحديث وصحته ،فإن صح إسناد الحديث فهو صحيح عند
أهل الحديث وغيرهم من العلماء .
و سفيان :هو الثوري المام الزا هد العا بد الث قة الفق يه ،وكان له أ صحاب يأخذون ع نه ،
ومذه به مشهور يذكره العلماء رحم هم ال في الك تب ال تي يذ كر في ها مذا هب الئ مة ،كالتمه يد
لبن عبد البر ،والستذكار له ،وكتاب الشراف على مذاهب الشراف لبن المنذر ،والمحلى
لبن حزم ،والمغنى لبي محمد عبد ال بن أحمد بن قدامة الحنبلي .وغير هؤلء .
فقول المام أحمد رحمه ال :عجبت لقوم عرفوا السناد وصحته ...إلخ إنكار منه لذلك
.وأ نه يؤول إلى ز يع القلوب الذي يكون به المرء كافرا .و قد ع مت البلوى بهذا المن كر
خصوصا ممن ينتسب إلى العلم ،نصبوا الحبائل في الصد عن الخذ بالكتاب والسنة ،وصدوا
عن متاب عة الر سول صلى ال عل يه و سلم وتعظ يم أمره ونه يه ،ف من ذلك قول هم :ل ي ستدل
بالكتاب وال سنة إل المجت هد .والجتهاد قد انق طع ويقول :هذا الذي قلد ته أعلم م نك بالحد يث
وبنا سخه ومن سوخه ،ون حو ذلك من القوال ال تي غايت ها ترك متاب عة الر سول صلى ال عل يه
وسلم الذي ل ينطق عن الهوى ،والعتماد على قول من يجوز عليه الخطأ ،وغيره من الئمة
يخالفه ،ويمنع قوله بدليل ،فما من إمام إل والذي معه بعض العلم ل كله .فالواجب على كل
مكلف إذا بلغه الدل يل من كتاب ال وسنة ر سوله وفهم مع نى ذلك :أن ينتهي إليه ويع مل به ،
وإن خالفه من خالفه ،كما قال تعالى " ' 3 : 7 ' :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من
دونه أولياء قليلً ما تذكرون " وقال تعالى ' " ' 51 : 29أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى
علي هم إن في ذلك لرح مة وذكرى لقوم يؤمنون " و قد تقدم حكا ية الجماع على ذلك ،وبيان أن
المقلد ليس من أهل العلم ،وقد حكى أيضا أبو عمر ابن عبد البر وغيره الجماع على ذلك .
قلت :ول يخالف فعي ذلك إل جهال المقلدة ،لجهلهعم بالكتاب والسعنة ،ورغبتهعم عنهعا ،
وهؤلء وإن ظنوا أنهم قد اتبعوا الئمة فإنهم في الحقيقة قد خالفوهم ،واتبعوا غير سبيلهم .كما
قدمنا من قول مالك والشافعي وأحمد ،ولكن في كلم أحمد رحمه ال إشارة إلى أن التقليد قبل
بلوغ الحجة ل يذم وإنما ينكر على من بلغته الحجة وخالفهم لقول إمام من الئمة ،وذلك إنما
ينشأ عن العراض عن تدبر كتاب ال وسنة رسوله والقبال على كتب من تأخروا والستغناء
بها عن الوحيين ،وهذا يشبه ما وقع من أهل الكتاب الذي قال ال فيهم " ' 3 : 9 ' :اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال " كما سيأتي بيان ذلك في حديث عدي بن حاتم ،فيجب
على من ن صح نف سه إذا قرأ ك تب العلماء ون ظر في ها وعرف أقوال هم أن يعرض ها على ما في
الكتاب والسنة ،فإن كل مجتهد من العلماء ومن تبعه وانتسب إلى مذهبه ل بد أن يذكر دليله ،
وال حق في الم سألة وا حد ،والئ مة مثابون على اجتهاد هم ،فالم صنف يج عل الن ظر في كلم هم
وتأمله طريقا إلى معر فة الم سائل وا ستحضارها ذهنا وتمييزا لل صواب من الخ طأ بالدلة ال تي
يذكر ها الم ستدلون ،ويعرف بذلك من هو أ سعد بالدل يل من العلماء فيتب عه ،والدلة على هذا
الصل في كتاب ال أكثر وفي السنة كذلك ،كما أخرج أبو داود بسنده عن أناس من أصحاب
معاذ " :أن رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم لمعا أراد أن يبععث معاذا إلى اليمعن قال :كيعف
تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال :أقضي بكتاب ال تعالى ،قال :فإن لم تجد في كتاب ال ؟
قال :فبسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم قال فإن لم تجد في سنة رسول ال صلى ال عليه
و سلم ول في كتاب ال ؟ قال :أجت هد رأيي ول آلو ،قال :فضرب ر سول ال صلى ال عليه
وسلم صدره وقال :الحمد ل الذي وفق رسول رسول ال لما يرضي رسول ال" وساق بسنده
عن الحارث بن ع مر عن أناس من أ صحاب معاذ بن ج بل ر ضي ال ع نه :أن ر سول ال
صلى ال عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن ع بمعناه .
والئمة رحمهم ال لم يقصروا في البيان ،بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة ،لعلمهم
أن معن العلم شيئا لم يعلموه ،وقعد يبلغ غيرهعم ،وذلك كثيعر كمعا ل يخفعى على معن نظعر فعي
أقوال العلماء .
قال أبو حنيفة رحمه ال :إذا جاء الحديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فعلى الرأس
والع ين ،وإذا جاء عن ال صحابة ر ضي ال عن هم فعلى الرأس والع ين ،وإذا جاء عن التابع ين
فنحن رجال وهم رجال .
وقال :إذا قلت قولً وكتاب ال يخال فه فاتركوا قولي لكتاب ال .ق يل :إذا كان قول ر سول
ال صلى ال عليه وسلم يخالفه ؟ قال :اتركوا قولي لخبر الرسول صلى ال عليه وسلم .وقيل
إذا كان قول الصحابة يخالفه ؟ قال :اتركوا قولي لصحابة .
وقال الربيع :سمعت الشافعي رحمه ال يقول :إذا وجدتم في كتابي خلف سنة رسول ال
صلى ال عليه وسلم فخذوا سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ودعوا ما قلت .
وقال :إذا صح الحديث بما يخالف قولي فاضربوا بقولي الحائط .
وقال مالك :كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم .
وتقدم له مثل ذلك ،فل عذر لمقلد بعد هذا .ولو استقضينا كلم العلماء في هذا لخرج عما
قصدناه من الختصار ،وفيما ذكرناه كفاية لطالب الهدى .
قوله :لعله إذا رد بعض قوله أي قول الرسول صلى ال عليه وسلم أي يقع في قلبه شئ
من الز يغ فيهلك ن به رح مه ال أن رد قول الر سول صلى ال عل يه و سلم سبب لز يغ القلب ،
وذلك هو الهلك في الدنيا والخرة كما قال تعالى " ' 5 : 61 ' :فلما زاغوا أزاغ ال قلوبهم
وال ل يهدي القوم الفاسقين " .
قال شيخ السلم رحمه ال في معنى قول ال تعالى " ' 63 : 24 ' :فليحذر الذين يخالفون
عن أمره " فإن كان المخالف لمره قد حذر من الكفر والشرك ،أو من العذاب الليم ،دل على
أ نه قد يكون مفضيا إلى الك فر والعذاب الل يم ،ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب الل يم هو مجرد
فعل المعصية ،فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لما يقترن به من الستخفاف في حق المر ،كما
فعل إبليس لعنه ال تعالى ا هع .
وقال أبو جعفر ابن جرير رحمه ال تعالى عن الضحاك " :فليحذر الذين يخالفون عن أمره
أن تصيبهم فتنة " قال :يطبع على قلبه فل يؤمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه .
قال أبعو جعفعر بعن جريعر :أدخلت ععن لن معنعى الكلم فليحذر الذيعن يلوذون ععن أمره
ويدبرون عنه معرضين .
قوله :أو ي صيبهم في الدن يا عذاب من ال مو جع على خلف هم أ مر ر سول ال صلى ال
عليه وسلم .
باب " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا " إلخ
قوله :باب
قول ال تعالى " ' 60 : 4 ' :ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل
من قبلك " اليات .
قال العماد ابن كثير رحمه ال تعالى :والية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى
ما سواهما من الباطل ،وهو المراد بالطاغوت ههنا .
وتقدم ما ذكره ابن القيم رحمه ال في حده للطاغوت ،وأنه كل ما تجاوز به العبد حده من
معبود أو متبوع أو مطاع ،فكل من حاكم إلى غير كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم
فقد حاكم إلى الطاغوت الذي أمر ال تعالى عباده المؤمنين أن يكفروا به ،فإن التحاكم ليس إل
إلى كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ومن كان يحكم بهما ،فمن تحاكم إلى غيرهما
فقعد تجاوز بعه حده ،وخرج عمعا شرععه ال ورسعوله صعلى ال عليعه وسعلم وأنزله منزلة ل
يستحقها .وكذلك من عبد شيئا دون ال فإنما عبد الطاغوت ،فإن كان المعبود صالحا صارت
عبادة العابد له راجعة إلى الشيطان الذي أمره بها ،كما قال تعالى 28 : 10 ' :ع " ' 30يوم
نحشر هم جمي عا ثم نقول للذ ين أشركوا مكان كم أن تم وشركاؤ كم فزيل نا بين هم وقال شركاؤ هم ما
كنتم إيانا تعبدون * فكفى بال شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين * هنالك تبلو كل
نفس ما أسلفت وردوا إلى ال مولهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون " وكقوله 40 : 34 ' :
ع " ' 41ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك
أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " وإن كان ممن يدعو إلى عبادة
نفسعه أو كان شجرا أو حجرا أو قعبرا وغيعر ذلك ممعا يتخذه المشركون أصعناما على صعور
الصعالحين والملئكعة وغيعر ذلك ،فهعي معن الطاغوت الذي أمعر ال تعالى عباده أن يكفروا
بعباد ته ،وي تبرأوا م نه ،و من عبادة كل معبود سوى ال كائنا من كان ،وهذا كله من ع مل
الشيطان وتسويله ،فهو الذي دعا إلى كل باطل وزينة لمن فعل ،وهذا ينافي التوحيد الذي هو
مع نى شهادة أن ل إله إل ال .فالتوح يد :هو الك فر ب كل طاغوت عبده العابدون من دون ال ،
كما قال تعالى " ' 4 : 60 ' :قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم
إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى
تؤمنوا بال وحده " وكل من عبد غير ال فقد جاوز به حده وأعطاه من العبادة ما ل يستحقه .
قال المام مالك رحمه ال الطاغوت ما عبد من دون ال .
وكذلك من د عا إلى تحك يم غ ير ال ور سوله ف قد ترك ما جاء به الر سول صلى ال عل يه
وسلم ور غب عنه ،وجعل ل شريكا في الطاعة وخالف ما جاء به رسول ال صلى ال عليه
وسعلم فيمعا أمره ال تعالى بعه فعي قوله " :وأن احكعم بينهعم بمعا أنزل ال ول تتبعع أهواءهعم
واحذر هم أن يفتنوك عن ب عض ما أنزل ال إل يك " وقوله تعالى " ' 65 : 4 ' :فل ور بك ل
يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
" فمن خالف ما أمر ال به ورسوله صلى ال عليه وسلم بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل ال ،
أو طلب ذلك أتباعا ل ما يهواه ويريده ف قد خلع رب قة ال سلم واليمان في عن قه .وإن ز عم أ نه
مؤمن ،فإن ال تعالى أنكر على من أراد ذلك ،وأكذبهم في زعمهم اليمان لما في ضمن قوله
" :يزعمون " من نفى إيمانهم ،فإن " يزعمون " إنما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها
كاذب لمخالفتعه لموجبهعا وعمله بمعا ينافيهعا ،يحقعق هذا قوله " :وقعد أمروا أن يكفروا بعه " لن
الك فر بالطاغوت ر كن التوح يد ،ك ما في آ ية البقرة فإن لم يح صل هذا الر كن لم ي كن موحدا
والتوحيد هو أ ساس اليمان الذي تصلح به جم يع العمال وتفسد بعد مه .ك ما أن ذلك بين في
قوله تعالى " ' 256 : 2 ' :ف من يك فر بالطاغوت ويؤ من بال ف قد ا ستمسك بالعروة الوث قى "
الية .وذلك أن التحاكم إلى الطاغوت إيمان به .
وقوله " :ويريد الشيطان أن يضلهم ضللً بعيدا " يبين تعالى في هذه الية أن التحاكم إلى
الطاغوت مما يأمر به الشيطان ويزينه لمن أطاعه :ويبين أن ذلك مما أضل به الشيطان من
أضله ،وأكده بالمصعدر ،ووصعفه بالبععد .فدل على أن ذلك معن أعظعم الضلل وأبعده ععن
الهدى .
ففعي هذه اليعة أربععة أمور .الول :أنعه إرادة الشيطان :الثانعي :إنعه ضلل .الثالث :
تأكيده بالمصدر .الرابع :وصفه بالبعد عن سبيل الحق والهدى .
ف سبحان ال ما أع ظم هذا القرآن و ما أبل غه ،و ما أدله على أ نه كلم رب العالم ين ،أوحاه
إلى رسوله الكريم ،وبلغه عبده الصادق المين .صلوات ال وسلمه عليه .
قوله " :وإذا ق يل ل هم تعالوا إلى ما أنزل ال وإلى الر سول رأ يت المنافق ين ي صدون ع نك
صدودا " بين تعالى أن هذه صفة المنافقين ،وأن من فعل ذلك أو طل به ،وإن زعم أنه مؤمن
فإنه في غاية البعد عن اليمان .
قال العلمة ابن القيم رحمه ال تعالى :هذا دليل على أن من دعى إلى تحكيم الكتاب والسنة
فأبى أنه من المنافقين .
قوله " :ويصدون " لزم وهو بمعنى يعرضون ،لن مصدره صدودا فما أكثر من اتصف
بهذا الوصف ،خصوصا ممن يدعى العلم ،فإنهم صدوا عما توجبه الدلة من كتاب ال وسنة
ر سوله صلى ال عل يه و سلم إلى أقوال من يخطىء كثيرا م من ينت سب إلى الئ مة الرب عة في
تقليدهعم معن ل يجوز تقليده ،واعتمادهعم على قول معن ل يجوز العتماد على قوله ،ويجعلون
قوله المخالف لنص الكتاب والسنة وقواعد الشريعة هو المعتمد عندهم الذي ل تصح الفتوى إل
به .فصار المتبع للرسول صلى ال عليه وسلم بين أولئك غريبا ،كما تقدم التنبيه على هذا في
الباب الذي قبل هذا .
فتدبر هذه اليات ومعا بعدهعا يتعبين لك معا وقعع فيعه غالب الناس معن العراض ععن الحعق
وترك العمل به في أكثر الوقائع .وال المستعان .
باب قول ال " ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته " الية
قوله :باب
قول ال تعالى " ' 50 : 41 ' :ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته " الية .
ذكر المصنف رحمه ال تعالى عن ابن عباس وغيره من المفسرين في معنى هذه الية وما
بعدها ما يكفي في المعنى ويشفي .
قوله :قال مجاهد :هذا بعملي وأنا محقوق به .وقال ابن عباس :يريد من عندي .وقوله
" :قال إنما أوتيته على علم عندي " قال قتادة :على علم مني بوجوه المكاسب :وقال آخرون
:على علم من ال أني له أهل وهذا معنى قول مجاهد :أوتيته على شرف .
وليس فيما ذكروه اختلف وإنما هي افراد المعنى .
قال العماد ابن كثير رحمه ال في مع نى قوله تعالى " ' 49 : 39 ' :إذا خولناه نعمة منا
قال إن ما أوتي ته على علم بل هي فت نة " ي خبر أن الن سان في حالة ال ضر يضرع إلى ال تعالى
وينيب إل يه ويدعوه ،ثم إذا خوله نع مة منه ط غى وبغى و " قال إن ما أوتيته على علم " أي ل ما
يعلم ال من استحقاق له ،ولول أني عند ال حظيظ لما خولني هذا .قال تعالى " :بل هي فتنة"
أي ل يس ال مر ك ما ز عم بل إن ما أنعم نا عل يه بهذه النع مة لنخ تبره في ما أنعم نا عل يه أيط يع أم
يع صى ؟ مع علم نا المتقدم بذلك " بل هي فت نة " أي إختبار " ول كن أكثر هم ل يعلمون " فلهذا
يقولون معا يقولون ،ويدعون معا يدعون " :قعد قالهعا الذيعن معن قبلهعم " أي قعد قال هذه المقالة
وز عم هذا الز عم واد عى هذه الدعوى كث ير م من سلف من الم مم " ف ما أغ نى عن هم ما كانوا
يكسبون " أي فما صح قولهم ول نفعهم جمعهم ،وما كانوا يكسبون .كما قال تعالى مخبرا عن
قارون 76 : 28 ' :ع " ' 78إذ قال له قومه ل تفرح إن ال ل يحب الفرحين * وابتغ فيما
آتاك ال الدار الخرة ول تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن ال إليك ول تبغ الفساد في
الرض إن ال ل يحب المفسدين * قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن ال قد أهلك من
قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ول يسأل عن ذنوبهم المجرمون " وقال تعالى
" ' 138 : 26 ' :وقالوا نحن أكثر أموالً وأولدا وما نحن بمعذبين " ا هع .
حديث أبرص وأقرع وأعمى
قوله : :وعن أبي هريرة رضي ال عنه أنه سمع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :
إن ثلثة ..الحديث .
قوله :أخرجاه أي البخاري ومسلم .والناقة العشراء ع بضم العين وفتح الشين وبالمد ع
هي الحامل .
قوله :أنتج وفي رواية فنتج معناه تولي نتاجها ،والناتج للناقة كالقابلة للمرأة .
قوله :ولد هذا هعو بتشديعد اللم ،أي تولى ولدتهعا ،وهعو بمعنعى أنتعج فعي الناقعة ،
فالمولد والناتج والقابلة بمعنى واحد ،لكن هذا للحيوان ،وذلك لغيره .
وقوله :انقطعت بي الحبال هو بالحاء المهملة والباء الموحدة :هي السباب .
قوله :ل أجهدك معناه :ل أشعق عليعك فعي رد شعئ تأخعذ ،أو تطلب معن مالي ذكره
النووي .
وهذا حديث عظيم ،وفيه معتبر :فإن الولين جحدا نعمة ال ،فما أقرا ل بنعمة ،ول نسبا
النع مة إلى المن عم ب ها ،ول أد يا حق ال في ها ،ف حل عليه ما ال سخط .وأ ما الع مى فاعترف
بنعمة ال ،ونسبها إلى من أنعم عليه بها ،وأدى حق ال فيها ،فاستحق الرضا من ال بقيامه
بش كر النع مة ل ما أ تى بأركان الش كر الثل ثة ال تي ل يقوم الش كر إل ب ها .و هي القرار بالنع مة
ونسبتها إلى المنعم ،وبذلها فيما يجب .
قال العلمعة ابعن القيعم رحمعه ال :أصعل الشكعر هعو العتراف بإنعام المنععم على وجعه
الخضوع له ،والذل والمحبعة ،فمعن لم يعرف النعمعة بعل كان جاهلً بهعا لم يشكرهعا ،ومعن
عرف ها ولم يعرف ب ها لم يشكر ها أيضا ،و من عرف النع مة والمن عم ل كن جحد ها ك ما يح جد
المنكر لنعمة المنعم عليه بها فقد كفرها ،ومن عرف النعمة والمنعم بها ،وأقر بها ولم يجحدها
،ولكن لم يخضع له ولم يحبه ويرض به وعنه ،لم يشكره أيضا ،ومن عرفها وعرف المنعم
بها وأقر بها ،وخضع للمنعم بها ،وأحبه ورضى به وعنه ،واستعملها في محابه وطاعته ،
فهذا هو الشاكر لها ،فل بد في الشكر من علم القلب ،وعمل يتبع العلم ،وهو الميل إلى المنعم
ومحبته والخضوع له .
قوله :قذرني الناس بكراهة رؤيته وقربه منهم .
قوله :فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له أرشدهم صلى ال عليه وسلم إلى أن الدعاء في
حق من لم يجد المكافأة مكافأة للمعروف :فيدعو له على حسب معروفه .
قوله :تروا ع بضم التاء تظنوا ع أنكم قد كافأتموه ويحتمل أنها مفتوحة بمعنى تعلموا .
ويؤيده ما في سنن أبي داود من حديث ابن عمر :حتى تعلموا فتعين الثاني للتصريح به .
وفيه :من سألكم بال فأجيبوه أي إلى ما سأل .فيكون بمعنى :أعطوه ،وعند أبي داود في
رواية أبي نهيك عن ابن عباس :من سألكم بوجه ال فأعطوه وفي رواية عبيد ال القواريري
لهذا الحديث ومن سألكم بال كما في حديث ابن عمر .
لنها ع أي الريح ع إنما تهب عن إيجاد ال تعالى وخلقه لها وأمره .لنه هو الذي أوجدها
وأمر ها ،فم سبتها م سبة للفا عل ،و هو ال سبحانه .ك ما تقدم في الن هي عن سب الد هر وهذا
يشبهه ،ول يفعله إل أهل الجهل بال ودينه وبما شرعه لعباده ،فنهى صلى ال عليه وسلم أهل
اليمان عما يقوله أهل الجهل والجفاء وأرشدهم إلى ما يجب أن يقال عند هبوب الرياح فقال :
إذا رأيتم ما تكرهون فقولوا :اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت
به يعني إذا رأيتم ما تكرهون من الريح إذا هبت فارجعوا إلى ربكم بالتوحيد وقولوا " اللهم إنا
نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها ،وخير ما أمرت به .ونعوذ بك من شر هذه الريح
وشر ما فيها وشر ما أمرت به " ففي هذا عبودية ل وطاعة له ولرسوله ،واستدفاع للشرور به
،وتعرض لفضله ونعمته وهذه حال أهل التوحيد واليمان ،خلفا لحال أهل الفسوق والعصيان
الذين حرموا ذوق طعم التوحيد الذي هو حقيقة اليمان .
قول ابن القيم فيما ابتدعه الضالون من بدع القبور محادة ال ولرسوله
قال العل مة ا بن القيم رح مه ال :ومن ج مع ب ين سنة ر سول ال صلى ال عليه و سلم في
القبور وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه ،وبين ما عليه أكثر الناس اليوم .رأى
أحدهمعا مضادا للخعر ،مناقضا له بحيعث ل يجتمعان أبدا .فنهعى رسعول ال صعلى ال عليعه
وسلم عن الصلة إلى القبور ،وهؤلء يصلون عندها وإليها .
ونهى عن اتخاذها مساجد ،وهؤلء يبنون عليها المساجد ،ويسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت
ال .ونهى عن إيقاد السرج عليها وهؤلء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها .ونهى عن
أن تت خذ عيدا ،وهؤلء يتخذون ها أعيادا ومنا سك ،ويجتمعون ل ها كاجتماعات هم للعيد أو أك ثر .
وامر بتسويتها ،كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج السدي ع فذكر حديث الباب ع
وحديعث تمامعة بعن شفعي وهعو عنعد مسعلم أيضا قال :كنعا معع فضالة بعن عبيعد بأرض الروم
بدردس ،فتوفى صاحب لنا ،فأمر فضالة بقبره فسوى ،ثم قال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه وسلم يأمر بتسويتها وهؤلء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين ،ويرفعونها عن الرض
كالبيت ،ويعقدون عليها القباب .ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه .كما روى مسلم في
صحيحه عن جابر رضي ال ع نه قال :ن هى ر سول ال صلى ال عليه و سلم عن تجصيص
القبر وأن يعقد عليه ،وأن يبني عليه ونهى عن الكتابة عليها ،كما روى أبو داود في سننه .
عن جابر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم " :نهى عن تجصيص القبور ،وأن يكتب عليها "
قال الترمذي :حديعث حسعن صعحيح .وهؤلء يتخذون عليهعا اللواح ،ويكتبون عليهعا القرآن
وغيره ،ون هى أن يزاد علي ها غ ير تراب ها .ك ما روى أ بو داود عن جابر أيضا أن ر سول ال
صلى ال عليه وسلم نهى أن يجصص القبر ،أو يكتب عليه ،أو يزاد عليه وهؤلء يزيدون
عليه الجر والجص والحجار .قال إبراهيم النخعي :كانوا يكرهون الجر على قبورهم .
والمق صود :أن هؤلء المعظم ين للقبور المتخذين ها أعيادا ،الموقد ين علي ها ال سرج ،الذ ين
يبنون عليها المساجد والقباب مناقضون لما أمر به رسول ال صلى ال عليه وسلم محادون لما
جاء به ،وأع ظم ذلك اتخاذ ها م ساجد ،وإيقاد ال سرج علي ها .و هو من الكبائر .و قد صرح
الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم بتحريمه .
قال أبو محمد المقدسي :ولو أتيح اتخاذ السرج عليها لم يلعن من فعله .ولن فيه تضييعا
للمال في غ ير فائدة وإفراطا في تعظ يم القبور أش به تعظ يم بال صنام .قال :ول يجوز اتخاذ
المسعاجد على القبور لهذا الخعبر ،ولن النعبي صعلى ال عليعه وسعلم قال " :لععن ال اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .يحذر ما صنعوا " متفق عليه .ولن تخصيص القبور
بال صلة عند ها يش به تعظ يم ال صنام بال سجود ل ها والتقرب إلي ها ،و قد روي نا أن ابتداء عبادة
الصنام تعظيم الموات باتخاذ صورهم ،والتمسح بها والصلة عندها .انتهى .
و قد آل ال مر بهؤلء الضلل المشرك ين إلى أن شرعوا للقبور حجا .ووضعوا ل ها منا سك
حتى صنف بعض غلتهم في ذلك كتابا وسماه مناسك حج المشاهد مضاهاة منه القبور بالبيت
الحرام ،ول يخ فى أن هذا مفار قة لد ين ال سلم ،ودخول في د ين عباد ال صنام ،فان ظر إلى
هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول ال صلى ال عليه وسلم وقصده ،من النهي عما تقدم
ذكره في القبور ،وب ين ما شر عه وق صدوه ،ول ر يب أن في ذلك من المفا سد ما يع جز عن
حصره .
فمن ها :تعظيم ها المو قع في الفتتان ب ها .ومن ها :اتخاذ ها أعيادا .ومن ها ال سفر إلي ها .
ومن ها :مشاب هة عباد ال صنام ب ما يف عل عند ها من العكوف علي ها والمجاورة عند ها وتعل يق
السعتور عليهعا وسعدانتها ،وعبادهعا يرجحون المجاورة عندهعا على المجاورة عنعد المسعجد
الحرام ،ويرون سدانتها أف ضل من خد مة الم ساجد ،والو يل عند هم لقيم ها ليلة يطفىء القند يل
المعلق عليها .ومنها :النذر لها ولسدنتها .ومنها :اعتقاد المشركين فيها أن بها يكشف البلء
وين صر على العداء ،وي ستنزل غ يث ال سماء ،وتفرج الكروب ،وتق ضي الحوائج ،وين صر
المظلوم ،ويجار الخائف إلى غ ير ذلك .ومن ها :الدخول في لع نة ال ور سوله باتخاذ الم ساجد
عليها وإيقاد السرج عليها .ومنها :الشرك الكبر الذي يفعل عندها .
ومنها :إيذاء أصحابها بما يفعله المشركون بقبورهم .فإنهم يؤذيهم ما يفعل عند قبورهم ،
ويكرهو نه غا ية الكراه ية ،ك ما أن الم سيح عل يه ال سلم يكره ما يفعله الن صارى ع ند قبره ،
وكذلك غيره من النبياء والولياء والمشايخ يؤذيهم ما يفعله أشباه النصارى عند قبورهم .ويوم
القيامة يتبرأون منهم ،كما قال تعالى " ' 18 ، 17 : 25 ' :ويوم يحشرهم وما يعبدون من
دون ال فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا
أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا " قال ال
تعالى للمشركين " :فقد كذبوكم بما تقولون " وقال تعالى " ' 116 : 5 ' :وإذ قال ال يا عيسى
ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون ال قال سبحانك ما يكون لي أن أقول
ما ل يس لي ب حق " ال ية وقال تعالى " ' 41 ، 40 : 34 ' :ويوم يحشر هم جمي عا ثم يقول
للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن
أكثرهم بهم مؤمنون " .
ومنها :إماتة السنن وإحياء البدع .
ومنهعا تفصعيلها على خيعر البقاع وأحبهعا إلى ال ،فإن عباد القبور يقصعدونها معع التعظيعم
والحترام والخشوع ورقة القلب ،والعكوف بالهمة على الموتى بما ل يفعلونه في المساجد ول
يحصل لهم فيها نظيره ول قريبا منه .
ومنهعا :أن الذي شرععه الرسعول صعلى ال عليعه وسعلم عنعد زيارة القبور إنمعا هعو تذكعر
الخرة ،والحسعان إلى المزور بالدعاء له ،والترحعم عليعه ،والسعتغفار له .وسعؤال العافيعة
له ،فيكون الزائر محسنا إلى نفسه وإلى الميت .فقلب هؤلء المشركون المر وعكسوا الدين ،
وجعلوا المقصود بالزيارة الشرك بالميت ،ودعاءه والدعاء به ،وسؤالهم حوائجهم ،واستنزال
البركة منه ،ونصره لهم على العداء .ونحو ذلك .فصاروا مسيئين إلى أنفسهم وإلى الميت .
وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم قد نهى الرجال عن زيادة القبور سدا للذريعة فلما تمكن
التوح يد في قلوب هم أذن ل هم في زيارت ها على الو جه الذي شر عه ،ونها هم أن يقولوا هجرا ،
ومن أعظم الهجر :الشرك عندها قولً وفعلً .
و في صحيح م سلم عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم " زوروا القبور ،فإنها تذكر الموت " وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال :مر رسول
ال صلى ال عليه وسلم بقبور المدينة ،فأقبل عليهم بوجهه فقال ":السلم عليكم يأهل القبور ،
يغفر ال لنا ولكم ،أنتم سلفنا ونحن بالثر " رواه أحمد والترمذي وحسنه .
فهذه الزيارة التي شرعها رسول ال صلى ال عليه وسلم لمته ،وعلمهم إياها ،هل تجد
في ها شيئا م ما يعتمده أ هل الشرك والبدع ؟ أم تجد ها مضادة ل ما هم عل يه من كل و جه ؟ و ما
أح سن ما قال مالك بن أ نس رح مه ال :لن ي صلح آ خر هذه ال مة إل ما أ صلح أول ها ول كن
كل ما ض عف تم سك ال مم بعهود أ نبيائهم ون قص إيمان هم عوضوا عن ذلك ب ما أحدثوه من البدع
والشرك .
ولقد جرد السلف الصالح التوحيد وحموا جانبه ،حتى كان أحدهم إذا سلم على النبي صلى
ال عل يه و سلم ثم أراد الدعاء ا ستقبل القبلة ،وج عل ظهره إلى جدار ال قبر ثم د عا و نص على
ذلك الئمة الربعة :أنه يستقبل القبلة وقت الدعاء حتى ل يدعو عند القبر ،فإن الدعاء عبادة .
و في الترمذي وغيره :الدعاء هو العبادة فجرد ال سلف العبادة ل ولم يفعلوا ع ند القبور من ها
إل ما أذن فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،من الدعاء لصحابها والستغفار لهم والترحم
عليهعم .وأخرج أبعو داود ععن أبعي هريرة قال :قال رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم " :ل
تجعلوا بيوت كم قبورا ،ول تجعلوا قبري عيدا ،و صلوا علي فإن صلتكم تبلغ ني ح يث كن تم "
وإسناده جيد ورواته ثقات مشير .قوله :ل تجعلوا بيوتكم قبورا أي ل تعطلوها عن الصلة
فيهعا والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور فأمعر بتحري النافلة فعي البيوت ونهعى ععن تحريعر
النافلة عند القبور ،وهذا ضد ما عليه المشركون من النصارى وأشباههم .
ثم إن في تعظيم القبور واتخاذها أعيادا من المفاسد العظيمة التي ل يعلمها إل ال ما يغضب
ال لجله كل من في قلبه وقار ال وغيرة على التوحيد وتهجين وتقبيح للشرك ،ولكن ما لجرح
بميت إيلم .
فمن المفاسد :اتخاذها أعيادا والصلة إليها والطواف بها وتقبيلها واستلمها وتعفير الخدود
على ترابهعا وعبادة أصعحابها ،والسعتغاثة بهعم ،وسعؤالهم النصعر والرزق والعافيعة ،وقضاء
الد ين ،وتفر يج الكربات ،وإغاثة اللهفات وغير ذلك من أنواع الطلبات التي كان عباد الوثان
يسعألونها أوثانهعم .فلو رأيعت غلة المتخذيعن لهعا عيدا ،وقعد نزلوا ععن الكوار والدواب إذا
رأوهعا معن مكان بعيعد ،فوضعوا لهعا الجباه ،وقبلوا الرض ،وكشفوا الرؤوس ،وارتفععت
أ صواتهم ،بالضج يج ،وتباكوا ح تى ت سمع ل هم النش يج ،ورأو أن هم قد أربوا في الر بح على
الحجيج ،فاستغاثوا بمن ل يبديء ول يعيد ،ونادوا ولكن من مكان بعيد ،حتى إذا دنوا منها
صلوا عند القبر ركعتين ،ورأوا أنهم قد أحرزوا من الجر ول أجر من صلى إلى القبلتين !!
فتراهعم حول القعبر ركعا سعجدا يبتغون فضلً معن الميعت ورضوانا ،وقعد ملوا أكفهعم خيبعة
وخسرانا .
فلغ ير ال ع بل الشيطان ع ما يراق هناك من العبرات ،ويرت فع من الصوات ،ويطلب
من الميت من الحاجات ،ويسأل من تفريج الكربات ،وإغاثة اللهفات ،وإغناء ذوي الفاقات ،
ومعافاة ذوي العاهات والبليات ،ثم انثنوا بعد ذلك حول القبر طائفين ،تشبيها له بالبيت الحرام
الذي جعله ال مباركا وهدى للعالم ين .ثم أخذوا في التقب يل وال ستلم .أرأ يت الح جر ال سود
وما يفعل به وفد البيت الحرام .ثم عفروا لديه تلك الجباه والخدود ،التي يعلم ال أنه لم تعفر
كذلك ب ين يد يه في ال سجود ،ثم كملوا منا سك حج ال قبر بالتق صير هناك والحلق وا ستمتعوا
بخلقهم من ذلك الوثن إذ لم يكن لهم عند ال من خلق ،وقد قربوا لذلك الوثن القرابين وكانت
صلتهم ون سكهم وقربان هم لغ ير ال رب العالم ين ،فلو رأيت هم يهنىء بعض هم بعضا ويقول :
أجزل ال ل نا ول كم أجرا وافرا وحظا ،فإن رجعوا سألهم غلة المتخلف ين أن يبيع أحد هم ثواب
حجة القبر بحجة المتخلف إلى البيت الحرام ،فيقول :ل ول بحجك كل عام .
هذا ع ولم نتجاوز في ما حكيناه عن هم ،ول ا ستقصينا جم يع بدع هم وضلل هم ،إذ هي فوق
ما يخطر بالبال ،ويدور في الخيار ،وهذا مبدأ الصنام في قوم نوح كما تقدم .وكل من شم
أدنعى رائحعة معن العلم والفقعه يعلم أن معن أهعم المور ،سعد الذريععة إلى هذا المحظور .وأن
صاحب الشرع أعلم بعاق بة ما ن هى ع نه و ما يؤول إل يه ،وأح كم في نه يه ع نه وتوعده عل يه ،
وأن الخير والهدى في اتباعه وطاعته ،والشر والضلل في معصيته ومخالفته .ا هع كلمه
رحمه ال تعالى .
وصايا النبي صلى ال عليه وسلم لقواد جيوشه بأن ل يغلوا ول يغدروا ول يقتلوا وليدا إلخ
قوله " :قال :كان رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم إذا أمعر أميرا على جيعش أو سعرية
أوصاه في خاصته بتقوى ال تعالى " فيه من الفقه تأمير المراء ووصيتهم .
قال الحربعي :السعرية :الخيعل تبلغ أربعمائة ونحوهعا .والجيعش معا كان أكثعر معن ذلك .
وتقوى ال :التحرز بطاعته من عقوبته .
قلت :وذلك بالعمل بما أمر ال به والنتهاء عما نهى عنه .
قوله :ومن معه من المسلمين خيرا أي ووصاه بمن معه أن يفعل معهم خيرا :من الرفق
بهم ،والحسان إليهم ،وخفض الجناح لهم ،وترك التعاظم عليهم .
قوله :اغزوا باسم ال هذا أي اشرعوا في فعل الغزو مستعينين بال مخلصين له .قلت :
فتكون الباء في بسم ال هنا للستعانة والتوكل على ال .
قوله :قاتلوا من ك فر بال هذا العموم يش مل جم يع أ هل الك فر المحارب ين وغير هم .و قد
خصص منهم من له عهد والرهبان والنسوان ،ومن لم يبلغ الحلم ،وقد قال متصلً به :ول
تقتلوا وليدا وإنما نهى عن قتل الرهبان والنسوان لنه ل يكون منهم قتال غالبا .وإن كان منهم
قتال أو تدبير قتلوا .
قلت :وكذلك الذراري والولد .
قوله :ول تغلوا ول تغدروا ول تمثلوا الغلو :الخذ من الغنيمة من غير قسمتها .الغدر
نقض العهد .والتمثيل هنا التشويه بالقتيل ،كقطع أنفه وأذنه والعبث به .ول خلف في تحريم
الغلو والغدر .وفي كراهية المثلة .
قوله :وإذا لق يت عدوك من المشرك ين فادع هم إلى ثلث خلل أو خ صال الروا ية بال شك
وهو من بعض الرواة .ومعنى الخلل والخصال واحد .
قوله :فأيت هن ما أجابوك فاق بل من هم و كف عن هم قيدناه ع من يو ثق بعل مه وتقييده بن صب
أيتهنعلى أن يعمل فيها أجابوك ل على إسقاط حرف الجر .وما زائدة .ويكون تقدير الكلم :
فإلى أيتهن أجابوك فاقبل منهم .كما تقول :جئتك إلى كذا وفي كذا .فيعدى إلى الثاني بحرف
جر .
قلت :فيكون فعي ناصعب أيتهعن وجهان :ذكرهمعا الشارح .الول :منصعوب على
الشتغال .والثاني :على نزع الخافض .
قوله :ثم ادع هم إلى ال سلم كذا وق عت الروا ية في جم يع ن سخ كتاب م سلم ثم ادع هم
بزيادة ثم والصواب إسقاطها .كما روى في غير كتاب مسلم .كمصنف أبي داود ،وكتاب
الموال لبي عبيد .لن ذلك هو إبتداء تفسير الثلث خصال .
وقوله :ثعم ادعهعم إلى التحول إلى دار المهاجريعن يعنعي المدينعة .وكان فعي أول المعر
وجوب الهجرة إلى المدي نة على كل من د خل في ال سلم .وهذا يدل على أن الهجرة واج بة
على كل من آمن من أهل مكة وغيرهم .
قوله :فإن أبوا أن يتحولوا يع ني أن من أ سلم ولم يها جر ولم يجا هد ل يع طي من الخ مس
ول من الفيء شيئا .وقد أخذ الشافعي رحمه ال بالحديث في العراب ،فلم ير لهم من الفيء
شيئا .إن ما ل هم ال صدقة المأخوذة من أغنيائ هم فترد على فقرائ هم .ك ما أن أ هل الجهاد وأجناد
الم سلمين ل حق ل هم في ال صدقة عنده ،وم صرف كل مال في أهله .و سوى مالك رح مه ال
وأبو حنيفة رحمه ال بين المالين ،وجوزا صرفهما للضعيف .
قوله :فإن هم أبوا فاسألهم الجزية فيه حجة لمالك وأصحابه والوزاعي في أخذ الجزية
من كل كافر :عربيا كان أو غيره ،كتابيا كان أو غيره .وذهب أبو حنيفة رحمه ال إلى أنها
تؤخذ من الجميع إل من مشركي العرب ومجوسهم .وقال الشافعي ل تؤخذ إل من أهل الكتاب
عربا كانوا أو عجما .وهو قول المام أحمد في ظاهر مذهبه ،وتؤخذ من المجوس .
قلت :لن النبي صلى ال عليه وسلم أخذها منهم .وقال " :سنوا بهم سنة أهل الكتاب " .
وقد اختلفوا في القدر المفروض من الجزية :فقال مالك :أربعة دنانير على أهل الذهب ،
وأربعون درهما على أ هل الورق .و هل ين قص من ها الضع يف أو ل ؟ قولن .قال الشاف عي :
فيعه دينار على الغنعي والفقيعر .وقال أبعو حنيفعة رحمعه ال ،والكوفيون :على الغنعي ثمانيعة
وأربعون درهما والوسط أربعة وعشرون درهما .والفقير اثنا عشر درهما .
وهو قول أحمد بن حنبل رحمه ال .
قال يحيى بن يوسف الصرصري الحنبلي رحمه ال :
عوس ،فإن هم سلموا الجزية أصدد وقاتل يهودا والنصارى وعصبة المجع
وأربعة من بعد عشرين زد على الدون اثني عشر درهما افرضن
ثمانية مع أربعين لتنقد لوسطهم حالً ومن كان موسرا
وشيخ لهم فان وأعمى ومقعد وتسقط عن صبيانهم ونسائهم
ومن وجبت منهم عليه فيهتدي وذي الفقر والمجنون أو عبد مسلم
وع ند مالك وكا فة العلماء على الرجال الحرار البالغ ين العقلء دون غير هم ،وإن ما تؤ خذ
ممن كان تحت قهر المسلمين ل ممن نأى بداره ،ويجب تحويلهم إلى بلد المسلمين أو حربهم
.
قوله :وإذا حاصعرت أهعل حصعن الكلم إلى آخره فيعه حجعة لمعن يقول معن الفقهاء وأهعل
الصعول :إن المصعيب فعي مسعائل الجتهاد واحعد .وهعو المعروف معن مذهعب مالك وغيره
ووجه الستدلل به أنه صلى ال عليه وسلم قد نص على أن ال تعالى قد حكم حكما معينا في
المجتهدات .فمن وافقه فهو المصيب ومن لم يوافقه فهو المخطىء .
قوله :وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة ال وذمة نبيه :الحديث الذمة
الع هد ،وتخ فر تن قض يقال :أخفرت الر جل إذا نق ضت عهده ،وخفر ته :أجر ته ،ومعناه أ نه
خاف من نقض من لم يعرف حق الوفاء بالعهد ،كجملة العراب :فكأنه يقول :إن وقع نقض
من متعد معتد كان نقض عهد الخلق أهون من نقض عهد ال تعالى .وال أعلم .
قوله :وقول نا فع و قد سئل عن الدعوة ق بل القتال ،ذ كر ف يه أن مذ هب مالك يج مع ب ين
الحاديعث فعي الدعوة قبعل القتال ،قال وهعو أن مالكا قال :ل يقاتعل الكفار قبعل أن يدعوا ول
تلت مس غرت هم إل أن يكونوا قد بلغت هم الدعوة .فيجوز أن تلت مس غرت هم وهذا الذي صار إل يه
مالك هو ال صحيح لن فائدة الدعوة أن يعرف العدو أن الم سلمين ل يقاتلون للدن يا ول للع صبية
وإنما يقاتلون للد ين فإذا علموا بذلك أم كن أن يكون ذلك سببا مميلً لهم إلى النقياد إلى ال حق ،
بخلف ما إذا جهلوا مق صود الم سلمين .ف قد يظنون أن هم يقاتلون للملك وللدن يا فيزدادون عتوا
وبغضا .وال أعلم .
وبال التوفيق ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،وحسبنا ال ونعم الوكيل .
وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .تم كتاب ( فتح المجيد ) بعون ال
الحميد .