You are on page 1of 9

‫النتحار‬

‫الحمد ل شافي الصدور ‪ ،‬وقاضي المور ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل‬


‫ال الرحيم الشكور ‪ ،‬وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله‬
‫وصفيه من خلقه أنزل عليه الكتاب شفاءً لما في الصدور ‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه أهل الدثور والجور ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان‬
‫واقتفى أثرهم إلى يوم البعث والنشور ‪ ،‬وعنا معهم برحمتك‬
‫ومنك وكرمك يا عزيز يا غفور ‪ . . .‬أما بعد ‪:‬‬
‫فلقد ضاقت صدور كثير من العباد اليوم بسبب كثرة الماديات ‪،‬‬
‫ومشاهدة الفضائيات ‪ ،‬والسراف في المحرمات والسيئات ‪،‬‬
‫والقتصاد في الطاعات والحسنات ‪ ،‬فحصلت تلك الهات ‪،‬‬
‫وكثرت تلك الصرخات ‪ ،‬بل وحصل أدهى من ذلك وأمر ‪،‬‬
‫فصارت الوسوسة حتى أن البعض يفكر كيف يتخلص من نفسه‬
‫جراء الضيق والحسرة والوحشة التي يعيشها ‪ ،‬فل طعم للحياة‬
‫عنده ‪ ،‬ول هدف ول غاية يرى أنه من أجلها خلق ‪ ،‬وكل ذلك‬
‫بسبب البتعاد عن المنهج القويم والصراط المستقيم ‪ ،‬وحصلت‬
‫الوسوسة حتى في العبادة ‪ ،‬فلم يدر كم صلى أثلثاً أم أربعاً ؟‬
‫وفي الوضوء أغسل ذلك العضو أم لم يغسله ؟ بل وأصبح‬
‫البعض يوسوس حتى في أهل بيته ‪ ،‬أهذه الزوجة عفيفة نقية ؟‬
‫أم غير ذلك ؟ فالحاصل أن الوسوسة سيطرت على بعض الناس‬
‫سيطرة تامة حتى أنه ل يجد للراحة طعماً ‪ ،‬ول يغمض له‬
‫جفناً ‪ ،‬ول يرى للوجود سبباً ‪ ،‬وكل ذلك بسبب الستسلم‬
‫للشيطان وما يسببه من أوهام ‪ ،‬وسفيه الحلم ‪ ،‬فعلى المسلم أن‬
‫يتوسل إلى ال تعالى لذهاب وسوسة الشيطان ونزغاته ‪ ،‬وكل‬
‫ذلك موجود وثابت في ديننا الحنيف ‪ ،‬فمن أراد طرد تلك‬
‫الوساوس فعليه بالقرآن والذكار قبل أن ينام ‪ ،‬ففيها الشفاء‬
‫التام ‪ ،‬بإذن ال العلم ‪.‬‬

‫الشيطان عدو النسان ‪:‬‬


‫لقد أخذ الشيطان ـ أعاذنا ال منه ـ العهد والميثاق ‪ ،‬لغواية بني‬
‫آدم ‪ ،‬وجاء ذلك صريحاً في كتاب ال عز وجل حيث قال تعالى‬
‫‪ { :‬قال فبعزتك لغوينهم أجمعين * إل عبادك منهم المخلصين‬
‫* قال فالحق والحق أقول * لملن جهنم منك وممن تبعك منهم‬
‫أجمعين } ( ص ‪ ، ) 85-82‬ولهذا حذر ال تبارك وتعالى من‬
‫الشيطان وكيده وجنده وبين ذلك واضحاً جلياً في القرآن الكريم ‪،‬‬
‫فقال تعالى ‪ { :‬إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو‬
‫حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } ( فاطر ‪ ، ) 6‬فالواجب‬
‫على من ميزه ال بالعقل ووهبه هذه النعمة العظيمة أن يستعملها‬
‫فيما خلق من أجله أل وهي عبادة ال وحده ل شريك له ‪ ،‬ويجعل‬
‫كل وقته أو أكثره مسخراً لطاعة موله الذي خلقه فسواه ‪،‬‬
‫ووهب له النعم الكثيرة التي ل تعد ول تحصى ‪ ،‬ومن استبدل‬
‫الذي هو أدنى بالذي هو خير فقد خسر وخاب وندم ‪ ،‬فطاعة ال‬
‫عز وجل ‪ ،‬وطاعة الشيطان الرجيم ل تجتمعان في قلب إنسان‬
‫أبداً ‪ ،‬فال يدعو إلى الجنة والمغفرة ‪ ،‬يدعو عباده للرحمة‬
‫والرأفة ‪ ،‬أما الشيطان عدو النسان فل يدعو إل إلى كل فاحشة‬
‫ورذيلة ‪ ،‬وكل ما يبعد عن الفضيلة ‪ ،‬فهو يدعو العباد إلى السخط‬
‫والنار والعياذ بال ‪ ،‬قال تعالى ‪ { :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم‬
‫فسجدوا إل إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه‬
‫وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلً }‬
‫( الكهف ‪ ، ) 50‬فكان اتباع الشيطان من أسباب النتكاسة‬
‫والخسارة في الدنيا والخرة ‪ ،‬الشيطان يدعو حزبه ليكونوا من‬
‫أصحاب السعير ‪ ،‬فإن هم أطاعوه واتبعوا الهوى والشهوات ‪،‬‬
‫وارتكبوا المحرمات والمنهيات ‪ ،‬وإن هم تركوا الطاعات ‪،‬‬
‫وهجروا القربات ‪ ،‬فإن هم فعلوا ذلك فقد أحلوا بأنفسهم دار‬
‫البوار ‪ ،‬وستحل بهم النقمات ‪ ،‬ثم سيتخلى عنهم شيطانهم الذي‬
‫اتبعوه واتخذوه ولياً لهم من دون ال ‪ ،‬نعم سيعترف لهم بعد أن‬
‫يكونوا حطباً لجهنم ‪ ،‬وحصباً لها ‪ ،‬أنه لم يأمرهم إل بالباطل‬
‫فاتبعوه ‪ ،‬فهو ليس مسؤولً عنهم ‪ ،‬ولم يجبرهم على اتباعه ‪،‬‬
‫ول سينقذهم من النار ‪ ،‬إذ كيف سينقذهم منها وهو خالد فيها ؟‬
‫والقرآن يصور هذه الحداث لمن كان له قلب أو ألقى السمع‬
‫وهو شهيد ‪ ،‬فيقول ال تعالى ‪ { :‬وقال الشيطان لما قضي المر‬
‫إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم‬
‫من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي فل تلوموني ولوموا‬
‫أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما‬
‫أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } ( إبراهيم ‪) 22‬‬
‫‪ ،‬فالشيطان ل يفتأ يوسوس للنسان حتى تزل قدمه عن طريق‬
‫النجاة ‪ ،‬وتتفرق به السبل ‪ ،‬ويغرق في لجج المعاصي والثام ‪،‬‬
‫وتتلطم به بحور الذنوب العظام ‪ ،‬فتضيق به نفسه ‪ ،‬وتتفاقم‬
‫الدنيا عنده ‪ ،‬فيلهث من أجلها ‪ ،‬فيصبح ل يعرف معروفاً ول‬
‫ينكر منكراً ‪ ،‬فهذا هو الشيطان عدو النسان ‪.‬‬

‫عمليات انتحارية ‪:‬‬


‫النتحار ‪ :‬هو تعدي النسان على نفسه ‪ ،‬أي أن يقتل النسان‬
‫نفسه متعمداً ‪ ،‬وهذا العمل كبيرة من كبائر الذنوب ‪ ،‬وقتل النفس‬
‫ليس حلً للخروج من المشاكل التي يبثها الشيطان ‪ ،‬والوساوس‬
‫التي يلقيها في النفوس ‪ ،‬ولو لم يكن بعد الموت بعث ول حساب‬
‫لهانت كثير من النفوس على أصحابها ‪ ،‬ولكن بعد الموت حساب‬
‫وعتاب ‪ ،‬وقبر وظلمة ‪ ،‬وصراط وزلة ‪ ،‬ثم إما نار وإما جنة ‪،‬‬
‫ولهذا جاء تحريم النتحار بكل وسائله من قتل النسان نفسه ‪ ،‬أو‬
‫إتلف عضو من أعضائه أو إفساده أو إضعافه بأي شكل من‬
‫الشكال ‪ ،‬أو قتل النسان نفسه بمأكول أو مشروب ‪ .‬ولهذا جاء‬
‫التحذير عن النتحار بقول ربنا جلت قدرته وتقدست أسماؤه‬
‫حيث قال ‪ { :‬ول تقتلوا أنفسكم إن ال كان بكم رحيما * ومن‬
‫يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على ال‬
‫يسيراً } ‪ ،‬وقال تعالى ‪ { :‬ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ‪ .‬وقال‬
‫تعالى ‪ " :‬ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ‪ . . .‬إلى‬
‫قوله تعالى ‪ " :‬ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب‬
‫يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً " ‪ ،‬وكذلك جاء التحذير في سنة نبينا‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم حيث روى أبو هريرة قال ‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من قتل نفسه بحديدة فحديدته‬
‫في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ‪،‬‬
‫ومن شرب سماً ‪ ،‬فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا‬
‫مخلدا فيها أبدا ‪ ،‬ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في‬
‫نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " [ رواه مسلم ] ‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة قال شهدنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حنيناً فقال لرجل ممن يدعى بالسلم هذا من أهل النار فلما‬
‫حضرنا القتال قاتل الرجل قتال شديدا فأصابته جراحة فقيل يا‬
‫رسول ال الرجل الذي قلت له آنفا إنه من أهل النار فإنه قاتل‬
‫اليوم قتال شديدا وقد مات فقال النبي صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫النار فكاد بعض المسلمين أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل‬
‫إنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا فلما كان من الليل لم يصبر‬
‫على الجراح فقتل نفسه فأخبر النبي صلى ال عليه وسلم بذلك‬
‫فقال ال أكبر أشهد أني عبد ال ورسوله ثم أمر بللً فنادى في‬
‫الناس إنه ل يدخل الجنة إل نفس مسلمة وإن ال يؤيد هذا الدين‬
‫بالرجل الفاجر " [ رواه مسلم ] ‪.‬‬
‫وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إلى عسكره ومال الخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم رجل ل يدع لهم شاذة إل اتبعها‬
‫يضربها بسيفه فقالوا ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلن فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أما إنه من أهل النار فقال رجل‬
‫من القوم أنا صاحبه أبدا قال فخرج معه كلما وقف وقف معه‬
‫وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل‬
‫الموت فوضع نصل سيفه وضوء وذبابه بين ثدييه ثم تحامل‬
‫على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال أشهد أنك رسول ال قال وما ذاك قال الرجل الذي‬
‫ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به‬
‫فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت‬
‫فوضع نصل سيفه وضوء وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل‬
‫نفسه فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ثم ذلك إن الرجل‬
‫ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن‬
‫الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة‬
‫" [ رواه مسلم ] ‪.‬‬
‫وعن جندب رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" كان برجل جراح فقتل نفسه فقال ال بدرني عبدي بنفسه‬
‫حرمت عليه الجنة " ‪ ،‬وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال قال‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم الذي يخنق نفسه يخنقها في النار‬
‫والذي يطعنها يطعنها في النار " [ رواه البخاري ] ‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال شهدنا مع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم خيبر فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لرجل‬
‫ممن معه يدعي السلم هذا من أهل النار فلما حضر القتال قاتل‬
‫الرجل من أشد القتال وكثرت به الجراح فأثبتته فجاء رجل من‬
‫أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم فقال يا رسول ال أرأيت‬
‫الذي تحدثت أنه من أهل النار قد قاتل في سبيل ال من أشد‬
‫القتال فكثرت به الجراح فقال النبي صلى ال عليه وسلم أما إنه‬
‫من أهل النار فكاد بعض المسلمين يرتاب فبينما هو على ذلك إذ‬
‫وجد الرجل ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهما‬
‫فانتحر بها فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فقالوا يا رسول ال صدق ال حديثك قد انتحر فلن‬
‫فقتل نفسه فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم يا بلل قم فأذن‬
‫ل يدخل الجنة إل مؤمن وإن ال ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر‬
‫" [ رواه البخاري ] ‪.‬‬
‫وعن أبى هريرة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم من خنق‬
‫نفسه في الدنيا فقتلها خنق نفسه في النار ومن طعن نفسه طعنها‬
‫في النار ومن اقتحم فقتل نفسه اقتحم في النار " [ رواه ابن حبان‬
‫]‪.‬‬
‫وعن جابر بن سمرة أن رجل من أصحاب النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أصابته جراح فآلمت به فدب إلى قرن له في سيفه فأخذ‬
‫مشقصاً فقتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫" [ رواه الطبراني في الكبير ] ‪.‬‬
‫هذه عاقبة النتحار والعياذ بال ‪ ،‬ويجب على المسلم أن يعلم أن‬
‫النتحار فيه تسخط على قضاء ال وقدره ‪ ،‬وعدم الرضا بذلك ‪،‬‬
‫وعدم الصبر على تحمل الذى ‪ ،‬وأشد من ذلك وأخطر وهو‬
‫التعدي على حق ال تعالى ‪ ،‬فالنفس ليست ملكاً لصاحبها وإنما‬
‫ملك ل الذي خلقها وهيأها لعبادته سبحانه ‪ ،‬وحرم إزهاقها بغير‬
‫حق ‪ ،‬فليس لك أدنى تصرف فيها ‪ ،‬وكذلك في النتحار ضعف‬
‫إيمان المنتحر لعدم تسليم المنتحر أمره ل وشكواه إلى ال ‪.‬‬
‫ما كان النتحار علجًا ولن يكون ‪ ،‬النتحار حرام بكل صوره‬
‫وأشكاله ‪ ،‬وليس دواءً يوصف للمعضلت والمشكلت ‪ ،‬بل داء‬
‫يسبب النتكاسة والحرمان من الجنة ‪ ،‬ويجلب سخط الرب‬
‫تبارك وتعالى ‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬تداووا ول تداووا‬
‫بحرام " ‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم ‪ " :‬ما جعل ال شفاءكم‬
‫فيما حرم عليكم " ‪ ،‬فالنتحار منهي عنه نهي تحريم لما فيه من‬
‫إزهاق النفس البشرية بغير وجه حق ‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬ما أنزل ال داءً إل وأنزل له دواء علمه من علمه ‪ ،‬وجهله‬
‫من جهله " ‪ ،‬فل توجد مشكلة إل ولها من الحلول ما يناسبها ‪،‬‬
‫إن النتحار لهو دليل على ضعف الدين ‪ ،‬وقلة التوكل على ال‬
‫تعالى ‪ ،‬النتحار سمة أهل النار ‪ ،‬وهذا أخطر أمراض الوسوسة‬
‫على الطلق ‪ ،‬فالواجب على المسلم أن يحسن الظن بال‬
‫تعالى ‪ ،‬أما سوء الظن بال فهو من أسباب سوء الخاتمة أعاذنا‬
‫ال منها ‪ ،‬فتجد النسان يعترض على قضاء ال وقدره ‪ ،‬لما‬
‫يحصل له من مرض ووسوسة ‪ ،‬وهم وغم ‪ ،‬ولم يعلم أن ذلك‬
‫بقدر ال تعالى تخفيفاً من الذنوب وزيادة في الجر ‪ ،‬فكل ما‬
‫يصيب النسان من مرض حتى الشوكة يشاكها فإنه يكفر عنه‬
‫بها من خطاياه ‪ ،‬حتى يلقى ال تعالى وليس عليه خطيئة ‪.‬‬
‫وليعلم المسلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ‪ ،‬وما أخطأه لم يكن‬
‫ليصيبه ‪ ،‬فليصبر وليحتسب ذلك عند ربه ‪ ،‬حتى ل يقع في‬
‫محذور من أخطر المحاذير أل وهو التسخط من قدر ال تعالى ‪،‬‬
‫بل يجب على المسلم أن يحسن الظن بال ول يموت إل وهو‬
‫كذلك ‪.‬‬

‫فمن أحب لقاء ال أحب ال لقاءه وبلغه أمانيه ‪ ،‬ومن كره لقاء ال‬
‫تعالى كره ال لقاءه وتركه وأهواءه ‪ ،‬وسوء الظن بال سببه‬
‫العراض عنه ال تعالى في الدنيا بفعل المعاصي وارتكاب‬
‫الذنوب ‪ ،‬وعدم الخوف منه سبحانه ‪ ،‬وعدم محبته وإن زعم من‬
‫زعم من أهل الثام أنه يحب ال ورسوله ‪ ،‬فكلمه مردود‬
‫بعمله ‪ ،‬فيجب أن يوافق قوله فعله ‪ ،‬يقول ال تعالى ‪ { :‬ومن‬
‫أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً * ونحشره يوم القيامة‬
‫أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا * قال‬
‫كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزي من‬
‫أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الخرة أشد وأبقى } ( طه‬
‫‪. ) 127-124‬‬

You might also like