You are on page 1of 7

‫تمثققل تلققك الدلققة إل مجققرد احتمققالت أو‬ ‫افتراض براءة المتهم‬

‫ادعاءات ما زالققت تعتريهققا الشققبهة‪ .3‬هققذا‬ ‫في الفقه الوضعي والشريعة‬


‫فضل ً عن أن قيمة هققذا المبققدأ ل تظهققر –‬
‫السلمية‬
‫في رأي أنصار تلك المدرسققة – إل حينمققا‬
‫تكون الدلة ضد المتهم ضعيفة وافتراضية‬
‫‪ ،‬أما حين تكون الجريمة متلبققس بهققا ‪ ،‬أو‬ ‫د‪ .‬أحمد لطفي السيد مرعي*‬
‫حينمققا يققدلي المتهققم بققاعتراف تفصققيلي ‪،‬‬
‫أول ً ‪ :‬مبقققدأ افقققتراض القققبراءة فقققي الفققققه‬ ‫‪-1‬‬
‫فإن قيمة هقذا المبقدأ تبقدأ فقي التلشقي‪.‬‬ ‫الوضعي‪:‬‬
‫فإذا أضيف إلى كل ذلك مققا يكشققف عنققه‬ ‫رغم مقا يبقدو لمبقدأ افقتراض القبراءة‬
‫الواققققع العملقققي مقققن أن الكقققثير مقققن‬ ‫في النسان ‪ -‬وإن صار متهما ً ‪ -‬من بداهة‬
‫المتهمين تتقرر إدانتهققم ‪ ،‬لثبتققت المبالغققة‬ ‫تتسققق والفطققرة الطبيعيققة ‪ ،‬إل أنققه قققد‬
‫التي يقيمها الفقه لمثل هذا المبدأ‪.4‬‬ ‫تعرض لنققد شقديد مقن قبققل العديققد مققن‬
‫والواقع أن النتقادات التي قال بها أنصققار‬ ‫الفقهاء ‪ ،‬ويققأتي علققى رأس هققؤلء أنصققار‬
‫المدرسققة الوضققعية تبققدو مغققالى فيهققا‪.‬‬ ‫المدرسققة الوضققعية ‪ ،‬ويشققاركهم البعققض‬
‫فقولهم أن هققذا المبققدأ يعيبققه أنققه يسققري‬ ‫من الفقهاء المعاصرين توجهم الرافض‪.‬‬
‫علققى كافققة المجرميققن دون تمييققز بيققن‬ ‫‪ -2‬أ ‪ :‬أصل البراءة في فكر المدرسة الوضعية ‪:‬‬
‫طوائفهم ‪ ،‬قول مردود عليه بأن التصنيف‬ ‫لقققى مبققدأ افققتراض الققبراءة نقققدا ً‬
‫الققذي اعتمققدته تلققك المدرسققة إنمققا هققو‬ ‫شقققديدا ً مقققن قبقققل أنصقققار المدرسقققة‬
‫تقسققم فقهققي أكققثر منققه تقسققيم علمققي‬ ‫الوضعية ‪ ،‬لما رأوه من تعققارض بيققن هققذا‬
‫يسققتند إلققى أسققس علميققة سققليمة‪ .‬وإذا‬ ‫المبققدأ وبيققن فلسققفتهم المعتمققدة فققي‬
‫فرض وقيل أن لهققذا التصققنيف سققند مققن‬ ‫تصققنيف المجرميققن ‪ ،‬والققتي تبنققى علققى‬
‫العلوم التجريبية ‪ ،‬فإنه لن يكون له قيمققة‬ ‫الهتمام بشخص المجرم أكققثر ممققا تهتققم‬
‫إل فققي مرحلققة التفريققد القضققائي للجققزاء‬ ‫بالواقعة الجرامية ذاتها‪.‬‬
‫وفي أعقاب ثبققوت الدانققة ‪ ،‬أمققا بالنسققبة‬
‫للثبققات الدانققة ذاتهققا فققإن مقتضققى مبققدأ‬ ‫فنفر مقن أنصققار تلققك المدرسققة قققد ققال‬
‫أصل البراءة يفرض وجوب تطققبيقه علققى‬ ‫بفكقققرة المجقققرم بقققالميلد ‪ ،‬وهقققم أولئك‬
‫كافققة المتهميققن دون تمييققز‪ .‬وفققي ذلققك‬ ‫الشققخاص الققذين يعققود إجرامهققم إلققى‬
‫مراعاة لمبدأ المساواة النابع مما تقتضققيه‬ ‫تكققوينهم الطققبيعي أو الققبيولوجي ‪ ،‬كمققا‬
‫قاعققدة القققانون مققن اتصققافها بالعموميققة‬ ‫ميزوا بين المجرمين بالعادة ‪ ،‬والمجرمين‬
‫والتجريد‪.‬‬ ‫المجانين ‪ ،‬وآخرين بالصدفة ‪ ،‬والمجرمين‬
‫بالعاطفة‪ ، 1‬وأمام هذا التنوع قققالوا بعققدم‬
‫حقا ً قد يستفيد بعققض المققذنبين مققن هققذا‬ ‫إمكانيققة الخققذ بمبققدأ افققتراض الققبراءة إل‬
‫الفتراض للبراءة ‪ ،‬ولكن العدالة تققأبى أن‬ ‫بالنسبة للمجرمين بالصققدفة أو بالعاطفققة‬
‫يكون هناك أنموذجين في تطبيق القاعدة‬ ‫دون بقية الطوائف ‪ ،‬المر الققذي يتعققارض‬
‫القانونية ‪ ،‬أحدهما يفققترض بققراءة طائفققة‬ ‫مققع عموميققة انطبققاق المبققدأ علققى كافققة‬
‫مققن المجرميققن ‪ ،‬وأخققرى تفققترض إدانققة‬ ‫مرتكبي الجرائم كما يرى أنصار المدرسة‬
‫طائفة أخرى ‪ ،‬ذلك أن مجال تطققبيق كققل‬ ‫التقليديققة‪ .‬وكمققا يققرى أنريكققو فيققري )‬
‫من النمققوذجين ل يمكققن تحديققده إل بعققد‬ ‫‪ ، (1928-1856‬أحققد أقطققاب المدرسققة‬
‫صدور حكم قضائي نهائي يحدد مققن كققان‬ ‫الوضققعية ‪ ،‬أن تعميقم مبققدأ أصقل القبراءة‬
‫مذنبا ً ومن كان بريئًا‪ .‬أما قبل صدور حكم‬ ‫على كافة المجرمين من شققأنه أن يققؤدي‬
‫قضائي يحدد مراكز المتهميققن فيتعيققن أن‬ ‫إلى نتائج مبالغ فيها ‪ ،‬وعلى الخققص فيمققا‬
‫تتوحققد المراكققز القانونيققة للجميققع دون‬ ‫يتعلققق بمنحققه حصقانة غيققر مرغققوب فيهققا‬
‫تمييز‪ .‬وبهذا الفهققم ل يصققدق القققول بققأن‬ ‫لمرتكبي الجرائم وفيمققا يتعلققق بالمغققالة‬
‫مبدأ افتراض البراءة يمنح المجرمين نوعا ً‬
‫في حمايققة المصققلحة الشخصققية للمجققرم‬
‫من الحصانة غير المرغوب فيهققا ‪ ،‬فققالحق‬ ‫على حساب مصلحة المجتمع‪ .2‬كمققا قيققل‬
‫أنققه يمنققح الجميققع حصققانة ضققد التعسققف‬ ‫أنققه لققو فققرض وسققلمنا بققافتراض الققبراءة‬
‫والحيف والتهامات التي تنال من الحريققة‬ ‫فإن هذا ل يتصور إل في مرحلة التحقيققق‬
‫الفردية‪.5‬‬ ‫البتدائي ‪ ،‬حيث لم تثبقت الدلقة بعقد فقي‬
‫حق المتهم على وجققه اليقيققن ‪ ،‬وحيققث ل‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صققار كغيققره مققن الدلققة يخضققع لتقققدير‬ ‫كما ل يصح الدعاء بأن هذا المبققدأ ل يجققد‬
‫محكمة الموضوع التي لها مطلق الحريققة‬ ‫له قيمققة حيققن تكققون الجريمققة فققي حالققة‬
‫في تقدير صحته وقيمته القانونية ‪ ،‬بحيققث‬ ‫تلبس ‪ ،‬أو عنققدما يققدلي المتهققم بققاعتراف‬
‫يكون لها أن تطرحه كدليل مقققدرة بققراءة‬ ‫تفصقيلي ‪ ،‬ذلقك أن مبقدأ أصقل القبراءة ل‬
‫المتهم‪.7‬‬ ‫يقتصر أثره على إلزام هيئة التهام بإثبات‬
‫وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها فقط ‪،‬‬
‫ويكفينققا ردا ً علققى قققول أنصققار المدرسققة‬ ‫وإنمققا يفققرض عليهققا ‪ ،‬إلققى جققانب ذلققك ‪،‬‬
‫الوضعية أن الواقع العملي يكشف عن أن‬ ‫معاملته على أساس أنه برئ طوال فققترة‬
‫معظم من يتقرر اتهامهم تتأكققد إدانتهققم ‪،‬‬ ‫التهام حققتى تثبققت إدانتققه ثبوت قا ً قطعي قا ً ل‬
‫أن هذا القول بذاته حجققة عليهققم ‪ ،‬إذ هققم‬ ‫شك فيه‪ .‬وبدللة أخرى ‪ ،‬فإن هققذا المبققدأ‬
‫يقرون هكذا أن بعض من يتقققرر اتهققامهم‬ ‫ل يهيمن فقط علققى مشققكلة توزيققع عققبئ‬
‫يقضى ببراءتهم ‪ ،‬المر الذي يؤكد ضرورة‬ ‫الثبات ‪ ،‬وإنما يهيمن أيض قا ً علققى مشققكلة‬
‫تمتع كافققة المتهميققن بأصققل الققبراءة منققذ‬ ‫أخققرى ‪ ،‬لهققا النصققيب الكققبر فققي مقققام‬
‫توجيه التهام‪ .‬فما دام أن العمل قد أثبت‬ ‫الجققراءات الجنائيققة ‪ ،‬أل وهققى مشققكلة‬
‫أن كققثيرين قققد ثبتققت براءتهققم بعققض أن‬ ‫ضمان الحرية الفردية لمن تعرض لتهام‪.‬‬
‫تعرضوا للتهام وللحبس الحتياطي ‪ ،‬فإنه‬
‫من الحوط ‪ ،‬إن لم يكن مققن الضققرورة ‪،‬‬ ‫حق قا ُ إن ضققبط المتهققم فققي حالققة تلبققس‬
‫معاملة جميع المتهمين على أساس أنهققم‬ ‫يشققكك فققي بققراءة المتهققم ‪ ،‬المققر الققذي‬
‫أبريقققاء إلقققى أن يقضقققى نحقققوهم بإدانقققة‬ ‫يبرر الخروج علققى بعققض الصققول الكليققة‬
‫قاطعة‪ .8‬ول يخشققى حققال ذلققك أن يفلققت‬ ‫للجققراءات الجنائيققة فيمققا يتعلققق بعمققل‬
‫بعض المذنبين من قبضة العدالققة ‪ ،‬فتلققك‬ ‫مأموري الضبط القضائي كي يتمكنوا مققن‬
‫الخيققرة ل يؤذيهققا هققذا الفلت بقققدر مققا‬ ‫الحفاظ على أدلة الجريمة وهى سققاخنة ‪،‬‬
‫يؤذيها إدانة ظالمة لققبرئ واحققد‪ .9‬والقققول‬ ‫غير أن ذلك ل يمكن لقه أن يقدحض أصقل‬
‫بغير ذلققك يققدفع بققالمجتمع نحققو التضققحية‬ ‫البراءة المفققترض ‪ ،‬الققذي يظققل محتفظقا ً‬
‫بالبرياء في سبيل إدانة المققذنبين ‪ ،‬المققر‬ ‫بقيمته كاملة ‪ ،‬سواء من حيققث دوره فققي‬
‫الذي يمثل انتهاك للحرية وامتهان لكرامة‬ ‫صققيانة الحريققة الشخصققية ‪ ،‬أو مققن حيققث‬
‫النسققان ‪ ،‬وفققرض طققابع تسققلطي علققى‬ ‫إلقققاء عبققء الثبققات علققى عققاتق سققلطة‬
‫مجمل الجراءات الجنائية بحجة ‪ ،‬هى في‬ ‫التهققام‪ .‬فل يعققدو التلبققس إل أن يكققون‬
‫مبدأها ومبناها واهية ‪ ،‬تسمى الدفاع عققن‬ ‫قرينة بسيطة على صققحة المققر المققدعى‬
‫المجتمع ضد الجرام‪.‬‬ ‫بققه مققن قبققل تلققك الخيققرة ‪ ،‬الققذي قققد‬
‫يدحضها وجود سبب مققن أسققباب الباحققة‬
‫‪ -3‬ب ‪ :‬أصل البراءة في الفقه المعاصر ‪:‬‬ ‫في حق من زعم نحوه بحالة التلبس ‪ ،‬أو‬
‫وجه بعض الفقهاء المعاصققرين سققهام‬ ‫تأكيققد الخيققر أن سققبب ضققبطه فققي تلققك‬
‫النقققد لمبققدأ أصققل الققبراءة ‪ ،‬حققتى أنهققم‬ ‫الحالققة إنمققا محققاولته إنقققاذ الجنققي عليققه‬
‫وصققفوه بالمبققدأ ذو الطبيعققة الخياليققة أو‬ ‫الققذي اسققتغاث بققه ‪ ،‬أو مجققرد تصققادف‬
‫المثالية ‪ Caractère fictif utopique ou‬فلدى هؤلء‬ ‫وجوده في مكان الحادث‪.6‬‬
‫أنه إذا كان هناك ما يدعم هذا المبققدأ فققي‬
‫الماضي ‪ ،‬إل أنه ليس هناك ما يدعمه في‬ ‫وإذا كنا ل نجادل في أن اعققتراف المتهققم‬
‫الققوقت الحاضققر ‪ ،‬فميققزان العدالققة كققان‬ ‫يمثقققل رأس الدلقققة فقققي مققققام الثبقققات‬
‫يميققل فققي الماضققي إلققى جققانب سققلطة‬ ‫الجنائي متى صدر عن إرادة حققرة ‪ ،‬ومققن‬
‫التهام على حساب مصلحة المتهم ‪ ،‬إلققى‬ ‫شخص كامل الهلية ‪ ،‬وكان واضح الدللة‬
‫أن تحسن مركز الخيققر ونققال الكققثير مققن‬ ‫على ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها ‪،‬‬
‫حقوقه ‪ ،‬حقتى غقدت مقدونات الجقراءات‬ ‫إل أن ذلك ل ينال من قيمة أصل الققبراءة‬
‫الجنائية تنهض على أساس محاباة المتهم‬ ‫المفققترض فققي المتهققم ‪ ،‬إذ تظققل سققلطة‬
‫علقققى حسقققاب حققققوق المجنقققي عليقققه‬ ‫التهام مكلفة بعبققء إثبققات أن العققتراف‬
‫والمضرور من الجريمة ‪ ،‬المر الذي أخققل‬ ‫قققد صققدر مسققتكمل ً عناصققر مشققروعيته‬
‫في النهاية بققالتوازن الققواجب بيققن حقققوق‬ ‫كققدليل للدانققة ‪ ،‬فضقل ً عققن تمتققع المتهققم‬
‫المتهققم ومققا يتققوجب للمجنققي عليققه مققن‬ ‫بكامل الحماية التي يضفيها عليه افقتراض‬
‫حقوق‪ .10‬وينتهي هؤلء للقول بضرورة أن‬ ‫براءتقققه‪ .‬وهققققذا كلققققه ل يقققدعمه إل لن‬
‫يفسققر الشققك لصققالح المجنققي عليققه أو‬ ‫العتراف – مع سيادة مذهب الثبات الحر‬

‫‪2‬‬
‫الجنائية بالمحاكمة العادلة ‪ ،‬وعققى رأسققها‬ ‫المضرور من الجريمة ل لصققالح المتهققم ‪،‬‬
‫مبدأ حيققاد القاضققي الجنققائي‪ .‬فلققو فققرض‬ ‫فمن الخيال ‪ ،‬بل مققن السققخرية ‪ ،‬القققول‬
‫وققققام شقققاهد بقققالتعبير عقققن رأي يضقققير‬ ‫ببراءة هذا الخيققر ثققم إحققالته للمحاكمققة ‪،‬‬
‫بالمتهم ‪ ،‬أو أطلقق العنققان للسققانه لسقب‬ ‫فأي برئ هذا الذي تجققري محققاكمته!؟ ول‬
‫المتهم ولم تنه المحكمة عقن ذلققك ‪ ،‬فققإن‬ ‫يخشى – في رأي هققؤلء – التعسققف نحققو‬
‫الخيققرة تكققون قققد فقققدت حيادهققا بققأن‬ ‫المتهم ‪ ،‬طالما أن التهققام ل يسققعى إلققى‬
‫شاركت الشاهد عداوته للمتهم ‪ ،‬وافتأتت‬ ‫الدانققة بققل يسققعى إلققى الحقيقيققة سققواء‬
‫من ثققم علققى مبققدأ أصققل الققبراءة ‪ ،‬الققذي‬ ‫جاءت في صالح المتهم أم ضده ‪ ،‬وطالما‬
‫يظهر كمكمل لمبدأ حياد القاضي‪.13‬‬ ‫تقققرر حققق الطعققن فققي أحكققام المحققاكم‬
‫الققدنيا لقدى رجقات قضقائية أعلقى تسقمح‬
‫بل إننا ل نشطت في الحديث إذا قلنققا أن‬ ‫بتجنب الدانة الظالمة‪.‬‬
‫النص على هذا المبدأ فقي صقلب الوثققائق‬
‫الدستورية يعني تققوجهه بالخطققاب كققذلك‬ ‫والواقققع أننققا نجققد لهققذا النقققد صققدى فققي‬
‫للسقققلطة القائمقققة علقققى أمقققر التشقققريع‬ ‫الفقه المصري‪ ، 11‬وذلك حين قال البعض‬
‫الجنائي ‪ ،‬بما يضع على عاتقها قيدا ً يوجب‬ ‫بعدم دقة افققتراض الققبراءة لتعارضققه مققع‬
‫مراعققاة قيققم هققذا المبققدأ ونتققائجه حققال‬ ‫واقعة التهام ذاتها ومع الجراءات الماسة‬
‫تنظيققم الجققراءات الجنائيققة الققتي يمكققن‬ ‫بالحريقققة كقققالقبض والتفقققتيش والمقققر‬
‫اتخاذها إذا تم توجيه التهام للحد الفراد‪.‬‬ ‫بققالحبس الحتيققاطي ‪ ،‬وهققى إجققراءات ل‬
‫ولعل كل ذلك يؤكد ضققرورة البقققاء علققى‬ ‫يتسنى اتخاذها إل قبل من تققوافرت دلئل‬
‫قيم هذا المبققدأ فققي وقتنققا الحاضققر ‪ ،‬هققذا‬ ‫قويققة فققي حقققه علققى التهققام بارتكققاب‬
‫الوقت الذي تتوجه فيه النظار نحو تعزيققز‬ ‫الجريمققة ‪ ،‬فققإذا قيققل بققافتراض الققبراءة‬
‫واحترام حقوق النسان‪.‬‬ ‫لصققبحت تلققك الجققراءات بغيققر أسققاس‬
‫ققققانوني سقققليم‪ .‬هقققذا فضقققل ً عقققن أن‬
‫كما أن هذا الرأي يتغافل عن الخصوصققية‬ ‫الضمانات التي تقررت للمتهم فققي كافققة‬
‫التي تتمتع بها الدعوى العمومية ‪ ،‬وكونهققا‬ ‫مراحل الدعوى الجنائية لققم تتقققرر لكققونه‬
‫دعوى تهم المجتمع بأسره ‪ ،‬ومن ثم فإن‬ ‫بققرئ وإنمققا لمجققرد كققونه متهققم‪ .‬كمققا أن‬
‫تحديد مواقققف الخصققوم تمليققه المصققلحة‬ ‫تفسققير الشققك لمصققلحة المتهققم ل يعققود‬
‫العامة ل مصلحة الجنقي عليقه‪ .‬والمجتمقع‬ ‫لكونه بققريئا ً ‪ ،‬بققل لن القاعققدة أن الدانققة‬
‫كما تهمه معاقبة المتهم حال ثبوت الجرم‬ ‫الجنائية تبنققى علققى الجققزم واليقيققن‪ .‬وأن‬
‫في حقه ‪ ،‬تهمه أيضا ً براءة من وجققه إليققه‬ ‫قاعدة أن عبء الثبققات يقققع علققى عققاتق‬
‫اتهام ظالم‪ .‬وهكذا فققإن المجنققي عليققه ل‬ ‫التهام فهى الخرى ليست تطبيقا ً لقاعدة‬
‫يظهقققر بحسقققبانه خصقققما ً فقققي القققدعوى‬ ‫افتراض البراءة ‪ ،‬وإنما نابعققة مققن طبيعققة‬
‫العمومية ‪ ،‬ول تبدو الخيرة – علققى خلف‬ ‫الخصومة الجنائية ذاتها‪ .‬وينهى هذا الققرأي‬
‫الدعوى المدنية – أنها تسققتهدف الوصققول‬ ‫بضرورة استبدال عبارة افققتراض الققبراءة‬
‫إلى تسققوية عادلققة بيققن المتهققم والمجنققي‬ ‫بالعبققارة الققتي تبناهققا الدسققتور اليطققالي‬
‫عليه ‪ ،‬ول يمكن والحال كذلك القول بققأن‬ ‫القائلققة بققأن "المتهققم ل يعققد مققذنبا ً حققتى‬
‫المجتمع يرى خيره في أن يسققارع بإدانققة‬ ‫صدور الحكم النهائي بإدانته" )م‪، (27/2.‬‬
‫شخص قد تظهر براءته فيما بعد‪ .‬فالحرية‬ ‫أو بالنص على اعتبار المتهم مجرد مشتبه‬
‫ليست منحة من المجتمع ‪ ،‬بققل هققى حققق‬ ‫فيققه ‪ Simplement suspect‬بققدل ً مققن اعتبققاره‬
‫طبيعي يتقرر لكل فققرد ‪ ،‬ومصققلحة الفققرد‬ ‫بريئا ً‪.Innocent 12‬‬
‫في الدفاع عن حريته تعلققو علققى مصققلحة‬
‫الجماعة في مواجهة الجريمة ‪ ،‬وذلك لمققا‬ ‫والحق أن تلققك الحجققج ليققس مققن شققأنها‬
‫يترتب على الجققزاء الجنققائي مقن مخقاطر‬ ‫القناع بعدم مقبولية مبققدأ أصققل الققبراءة‪.‬‬
‫يتعذر في كثير من الحيان تجاوزها‪.‬‬ ‫فليس صحيحا ً أنه ل يوجد في الحاضر مققا‬
‫يبرر هذا المبدأ ‪ ،‬إذ أن افتراض الققبراءة ل‬
‫يضاف إلى ذلك أن مبققدأ أصققل الققبراءة ل‬ ‫يتققوجه بالخطققاب فقققط لرجققال السققلطة‬
‫يتعققارض بحققال مققع الجققراءات الماسققة‬ ‫العامققة ‪ ،‬بققل يتققوجه للقضققاء كققذلك فققي‬
‫بالحرية التي يمكققن اتخاذهققا قبققل المتهققم‬ ‫مرحلة المحاكمة‪ .‬فالواقع أن هققذا المبققدأ‬
‫فققي مرحلققة التحقيققق البتققدائي أو فققي‬ ‫يبدو في كثير مققن الحيققان كمكمققل لعققدد‬
‫مرحلة المحاكمة ‪ ،‬فكما سققبق القققول أن‬ ‫من المبادئ التي تلزم لوصققف المحاكمققة‬

‫‪3‬‬
‫عبققء الثبققات دائم قا ً علققى عققاتق التهققام‬ ‫عنصر الدفاع عن حرية الفرد يتصادم منذ‬
‫وسلطة الدعاء ‪ ،‬ول يرتفع عن كاهلهققا إل‬ ‫البداية مع مصققلحة المجتمققع فققي الققدفاع‬
‫إذا نص القانون على ذلك صققراحة ‪ ،‬فققإذا‬ ‫عن نفسه ضد خطر الجريمة ‪ ،‬وللتنسققيق‬
‫فشققلت تلققك الخيققرة فققي هققدم قرينققة‬ ‫بين المصلحتين يتوجب السماح – بموجب‬
‫البراءة بإقامة الدليل القاطع علققى ذلققك ‪،‬‬ ‫غطاء شرعي من نص دستوري أو قانوني‬
‫ظقل المتهقم علقى براءتقه ‪ ،‬ول يكفقي أن‬ ‫– بالمساس بالحريققة الفرديققة بمققا يمكققن‬
‫يبنققى التهققام علققى قققول دون دليققل ‪ ،‬ول‬ ‫من الوصول للحقيقة حول جريمة ما ‪ ،‬مع‬
‫يكلققف المتهققم بإثبققات براءتققه‪ .‬أمققا فققي‬ ‫وجققوب افققتراض بققراءة مققن خضققع لتلققك‬
‫الخصققومة المدنيققة ‪ ،‬فققإن عبققء الثبققات‬ ‫الجققراءات ‪ ،‬بحيققث ل تتقققرر إدانتققه فققي‬
‫يمكن أن ينتقل إلى عققاتق المققدعي عليققه‬ ‫النهاية إل بأدلة قاطعة تبرر في النهاية مققا‬
‫الذي يصبح مدعيا ً يقع عليققه عبققء إثبققات‬ ‫عسققاه يكققون اتخققذ قبلققه مققن إجققراءات‬
‫ما يدعيه إذا مققا أثققار دفع قا ً ‪ ،‬ولققم يقتصققر‬ ‫ماسة بشخصه‪ .‬ولم يكققن يمكققن التوصققل‬
‫مققوقفه علققى مجققر النكققار‪ .‬هققذا كلققه ل‬ ‫إلى قدر من التوازن بين مصققلحة المتهققم‬
‫يسقققري بحقققال فقققي المجقققال الجنقققائي ‪،‬‬ ‫ومصققلحة المجتمققع إل بتقريققر ضققمانات‬
‫فالمققدعى عليققه ل ينقلققب بمرافعتققه أو‬ ‫وحقوق للمتهم ‪ ،‬ل بحسبانه متهما ً ‪ ،‬ولكن‬
‫بدفعه مدعيا ً ‪ ،‬وذلك استبقاًء للبراءة التي‬ ‫بحسبان أن مققا يتخققذ قبلققه مققن إجققراءات‬
‫تهيمققن علققى كافققة إجققراءات الققدعوى‬ ‫ماسقققة بالحريقققة إنمقققا يزيقققل القققبراءة‬
‫الجنائيققة ‪ ،‬بمققا فيهققا توزيققع عبققء الثبققات‬ ‫المفترضقققة فيقققه‪ .‬ولقققو قيقققل أن تلقققك‬
‫الجنائي‪.15‬‬ ‫الضمانات تعود فقط لكققونه متهم قا ً ‪ ،‬فلنققا‬
‫أن نتساءل ‪ ،‬لماذا لم تتضمن التشققريعات‬
‫ثانيققا ً ‪ :‬التكريققس الشققرعي لمبققدأ افققتراض‬ ‫‪-4‬‬ ‫القديمقققة مثقققل تلقققك الضقققمانات حمايقققة‬
‫البراءة‪:‬‬
‫لحقوق المتهققم الققذي كققانت تفققترض فيققه‬
‫آيا ما بدا من نشأة وضققعية غربيققة‬
‫الدانققة وقققتئذ ؟ ول شققك أن المققبرر فققي‬
‫لصل البراءة ‪ ،‬إل أنه من الثققابت أن هققذا‬
‫ذلك يعود إلى أن النسانية لققم تكققن إلققى‬
‫الخيققر مبققدأ إسققلمي النسققب‪ .‬فالقاعققدة‬
‫ذاك الققوقت لقم تكقن ققد تلمسقت فكقرة‬
‫الشرعية توجب أن الصل بققراءة الذمققة ‪،‬‬
‫افتراض الققبراءة بعققد ‪ ،‬فالمبققدأ آنققذاك أن‬
‫تلك القاعققدة الققتي يتسققع مجققال تطبيقهققا‬ ‫يسققمح بالمسققاس بحريققة الفققرد ‪ ،‬قبض قا ً‬
‫ليشمل ليس فقط المجال الجنققائي ‪ ،‬بققل‬
‫وتفتيش قا ً وحبس قا ً احتياطي قا ً دون أن يكققون‬
‫كافققة فققروع القققانون المختلفققة‪ .16‬وفققي‬
‫لذلك أي مبرر مققن ضققرورات تحقيقققي أو‬
‫مقام التهام تفقترض بققراءة مققن تققوافرت‬
‫أمن مجتمع‪ .14‬أما حين عرف مبققدأ أصققل‬
‫في حقه دلئل على ارتكاب جريمة ‪ ،‬ذلك‬
‫الققبراءة مققع تعققاظم صققيحات الفلسققفة‬
‫أنه إن لم تفترض تلققك الققبراءة ‪ ،‬فسققوف‬
‫والمفكرين منتصف القرن الثامن عشققر ‪،‬‬
‫يكون المتهم مطالبا ً بإثبات موقف سققلبي‬
‫وحيققن تققم تسققجيل هققذا المبققدأ كأصققل‬
‫يتمثل فققي عققدم ارتكققابه للجريمققة ‪ ،‬وهققو‬
‫دسققققتوري وإنسققققاني ‪ ،‬فقققققد جققققاءت‬
‫أمر يتعذر في كثير من الحققول تحقيقققه ‪،‬‬
‫التشريعات مقررة لضمانات حال خضققوع‬
‫ويوصل إلققى انعقققاد المسققئولية فققي حققق‬
‫شخص لتهام بارتكاب جريمة‪.‬‬
‫شخص على أساس الظن‪ ، 17‬بما يعققارض‬
‫م إ ِل ّ‬‫هق ْ‬ ‫مقا ي َت ِّبقعُ أ َك ْث َُر ُ‬ ‫قول ربنا عز وجققل "وَ َ‬ ‫وإلى جانب ضمانة تفسير الشك لمصلحة‬
‫ن‬ ‫شققي ًْئا إ ِ ّ‬ ‫حقققّ َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َ ي ُغِْني ِ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫ظ َّنا إ َ ّ‬ ‫المتهم استصحابا ً للبراءة فيه ‪ ،‬فإن إلقققاء‬
‫ن " ‪ ،‬وقوله عز مققن‬ ‫‪18‬‬
‫فعَُلو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫م بِ َ‬ ‫ه ع ََلي ٌ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫عبء الثبات علققى عققاتق سققلطة التهققام‬
‫ن إ ِلّ‬ ‫عل قم ٍ ِإن ي َت ّب ُِعققو َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ما لُهم ب ِهِ ِ‬ ‫َ‬ ‫قائل "وَ َ‬ ‫تظل أهم نتائج مبدأ أصققل الققبراءة‪ .‬فهققذه‬
‫ق‬
‫َ ّ‬ ‫قق‬
‫ق‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫قق‬
‫ق‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ققي‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫غ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫قق‬
‫ق‬‫ّ‬ ‫ظ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ن وَ ِ ّ‬
‫إ‬ ‫الظ ّققق ّ‬ ‫القاعقققدة ل يبررهقققا – علقققى حقققد ققققول‬
‫شققي ًْئا" ‪ .‬ويتفققرع عققن ذلققك أن الققبراءة‬ ‫‪19‬‬
‫َ‬ ‫المعارضين ‪ -‬طبيعة الخصققومة الجنائيققة ‪،‬‬
‫شققرعا ً ل تققزول بالشققك ول عقققاب عنققد‬ ‫إذ لققو صققح قققول هققؤلء أن مققن طبيعققة‬
‫الظن‪ ، 20‬مصداقا ً لقول الرسققول الكريققم‬ ‫الخصومة الجنائيققة أن يقققع عبققء الثبققات‬
‫"ادرءوا الحقققدود عقققن المسقققلمين مقققا‬ ‫على عاتق التهقام ‪ ،‬فكقذلك يصقح الققول‬
‫اسققتطعتم فققإن وجققدتم للمسققلم مخرج قا ً‬ ‫بأن من طبيعة الخصومة المدنية أن عبء‬
‫فخلوا سبيله فإن المام يخطئ في العفو‬ ‫الثبات يقع علققى عققاتق المققدعي‪ .‬بيققد أن‬
‫خير من أن يخطئ في العقوبة"‪.21‬‬ ‫عبققء الثبققات يختلققف كققثيرا ً فققي كلتققا‬
‫الخصومتين‪ .‬ففي الخصومة الجنائية يظل‬

‫‪4‬‬
‫يأتيها ‪ ،‬فل ينفصل عنها باتهققام جنققائي أي قا ً‬ ‫ولقد أسس الفقه السلمي أصل الققبراءة‬
‫كان أو الدلققة الققتي يؤسققس عليهققا‪...‬هققذا‬ ‫على قاعدة استصققحاب الحققال ‪ ،‬أي بقققاء‬
‫الصققل كامن قا ً فققي كققل فققرد سققواء كققان‬ ‫كل شققيء علققى مققا كققان حققتى يوجققد مققا‬
‫مشتبها ً فيه أم متهمًا"‪.‬‬ ‫يغيققققره أو يثبققققت خلفه‪ .22‬فالصققققل إذا ً‬
‫استدامة إثبات ما كققان منفي قا ً أو نفققي مققا‬
‫اللهم اجعل هذا العمل خالصا ً‬ ‫كان منفي قا ً ‪ ،‬أي بقققاء الحكققم إثباتققا ونفي قا ً‬
‫لوجهك الكريم ‪،‬‬ ‫حتى ينهققض الققدليل المغيققر‪ .23‬وفققي ذلققك‬
‫والله من وراء القصد وهو يهدي‬ ‫يقققول العلمققة الشققيخ محمققد أبققو زهققرة‬
‫السبيل‬ ‫رحمه الله‪" 24‬الستصققحاب يؤخققذ بققه فققي‬
‫قققانون العقوبققات ‪ ،‬وهققو أصققل فيققه ‪ ،‬لن‬
‫المور على الباحة ما لم يقققم نققص يثبققت‬
‫التجريم والعقوبة ‪ ،‬وأن قضية المتهم برئ‬
‫حتى يقوم دليل على ثبققوت التهمقة‪...‬هقى‬
‫مبنية على الستصحاب ‪ ،‬وهو استصققحاب‬
‫الققبراءة الصققلية"‪ .‬واعتمققادا ً علققى هققذا‬
‫التأسيس استنبط الفقه السلمي قاعققدة‬
‫أن ما يثبت باليقين ل يزول إل بيقين مثله‬
‫‪ ،‬ول يزول بالشك‪.25‬‬

‫ويتسققنى لنققا هنققا القققول أن تحليققل مبققدأ‬


‫افققتراض الققبراءة مققن الوجهققة السققلمية‬
‫يبرز ما لهذا المبدأ من قيمة كحق طبيعي‬
‫‪ ،‬نققابع مققن الفطققرة السققليمة الققذي جبققل‬
‫عليهققا النسققان قبققل هبققوط الرسققالت‬
‫والعمل بالشرائع‪ .‬فهذه الفطرة هى التي‬
‫نسققجت وشققكلت قاعققد أن الصققل فققي‬
‫الشياء الباحة ‪ ،‬وأن الستثناء هو التجريم‬
‫والعقاب ‪ ،‬واستنتاجا ً من هذا يتعين النظر‬
‫إلى النسان بوصفه بريئا ً ‪ ،‬إلى أن يخققرج‬
‫من دائرة الباحة إلى دائرة التجريم بحكم‬
‫القضقققاء‪ .‬فالنسقققان بفطرتقققه يقققدرك أن‬
‫فاعليقققة إدارة العدالقققة الجنائيقققة وصقققون‬
‫الحريققة الشخصققية للفققراد ل يتأتيققان إل‬
‫باستصحاب الققبراءة الققتي تقققررت للفققرد‬
‫منقققذ ميلده خلل كافقققة مراحقققل عمقققره‬
‫وحتى ولو خضع خللها إلى اتهققام جنققائي‪.‬‬
‫ولعلنققا نلمققح صققدق هققذا التحليققل فققي‬
‫عبققارات المحكمققة الدسققتورية العليققا فققي‬
‫مصققر‪ 26‬حيققن قققالت أن ‪" :‬أصققل الققبراءة‬
‫قاعقدة أوليقة توجبهقا الفطقرة القتي جبقل‬
‫النسقققان عليهقققا ‪ ،‬وتقتضقققيها الشقققرعية‬
‫الجرائيقققة ‪ ،‬ويتطلبهقققا الدسقققتور لصقققون‬
‫الحرية الشخصية فققي مجالتهققا الحيويققة ‪،‬‬
‫وبوصققفها مفترضققا ً أوليققا ً لدارة العدالققة‬
‫الجنائية إدارة فعالة ‪ ،‬ليوفر بها لكققل فققرد‬
‫المققن فققي مواجهققة التحكققم والتسققلط‬
‫والتحامقققل ‪ ،‬وكقققان افقققتراض القققبراءة ل‬
‫يقتصر على الحالققة الققتي يوجققد الشققخص‬
‫فيها عنققد ميلده ‪ ،‬بققل يمتققد إلققى مراحققل‬
‫حياته حتى نهايتها ‪ ،‬ليقققارن الفعققال الققتي‬

‫‪5‬‬
‫‪ *1‬كلية النظمة والعلوم السياسية – جامعة الملك سعود – قسم القانون الجنائي‪.‬‬
‫لمزيد من التفصيل حول هققذا التققوجه ‪ ،‬راجققع مؤلفنققا ‪ ،‬الظققاهرة الجراميققة ‪ ،‬الشققكاليات البحثيققة – النظريققات التفسققيرية –‬
‫العوامل الجرامية ‪ ، 2004-2003 ،‬ص ‪ 102‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪E. Ferri, La sociologie criminelle, 2ème éd. Paris, 1914, p. 492 et s ; M. J. Essaid, M. J. Essaid, La présomption d’innocence, th. Paris,‬‬
‫‪1969, p. 51 et s.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪G. Tarde, Philosophie pénale, Paris, 1905, p. 451 et s.‬‬
‫‪ 4‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ ،‬الشرعية الدستورية وحقققوق النسققان فققي الجققراءات الجنائيققة ‪ ،‬دار النهضققة العربيققة ‪ ، 1993 ،‬ص‬
‫‪ .185‬ولذات المؤلف ‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات ‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ، 2000 ،‬ص ‪.559‬‬
‫‪5‬‬
‫‪M. J. Essaid, op. cit., p. 53 et s.‬‬
‫قريب من ذات المعنققى ‪ ،‬د‪ .‬محمققود مصققطفى ‪ ،‬الثبققات فققي المققواد الجنائيققة فققي القققانون المقققارن ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬مطبعققة جامعققة‬
‫القاهرة ‪ ، 1977 ،‬ص ‪ 60‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬سامي صادق المل ‪ ،‬اعتراف المتهم ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬المطبعة العالمية ‪ ، 1986 ،‬ص ‪ 77‬وما‬
‫بعدها ‪ ،‬د‪ .‬أحمد إدريس أحمد ‪ ،‬افتراض براءة المتهم ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1984 ،‬ص ‪.252-251‬‬
‫‪ 6‬د‪ .‬أحمد إدريس أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 253‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 7‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق والحريات ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ، 559‬د‪ .‬سامي صققادق المل ‪ ،‬المرجققع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ 8‬د‪ .‬محمود مصطفى ‪ ،‬الثبات في المواد الجنائية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪G. Stéfani, Quelques aspects de l’autonomie du droit pénal, Etudes de droit criminel, Dalloz, 1956, p. 19 et s.‬‬
‫‪ 9‬وهنا يردد قضاء النقض قوله "ل يضير العدالة إفلت مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الفتئات على حريات الناس والقبض‬
‫عليهم بدون حققق" ‪ ،‬نقققض ‪ 21‬أكتققوبر ‪ ، 1958‬مجموعققة أحكققام النقققض ‪ ،‬س ‪ ، 9‬رقققم ‪ ، 206‬ص ‪ ، 839‬نقققض ‪ 15 ،‬فققبراير‬
‫‪ ، 1984‬مجموعة أحكام النقض ‪ ،‬س ‪ ، 35‬رقم ‪ ، 31‬ص ‪.153‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Cl. Lombois, Droit pénal et sociologie criminelle, T. II, Paris, 1978-1979, p. 48 ; S. Plawaski, Les droits de l’homme dans le procès‬‬
‫‪pénal, RIDP. 1979, p. 473 et s ; L. Rajapakse, Is a presumption of gulit or of innocence of an accused in a criminal case necessary ? The‬‬
‫‪Ceylon Law Society Journal, Vol. 10, n°2, 1972, p. 13.‬‬
‫مشار إليه لدى د‪ .‬أحمد إدريس أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪ 11‬د‪ .‬آمال عثمان ‪ ،‬الثبات الجنائي ووسائل التحقيق العلمية ‪ ،‬مطبعة دار الهنا ‪ ، 1975 ،‬ص ‪ 76‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 12‬د‪ .‬علء الصاوي ‪ ،‬حق المتهم في محاكمقة عادلقة ‪ ،‬دراسقة مقارنقة بيقن الققانون المصققري والفرنسققي ‪ ،‬رسققالة دكتقوراه ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ، 2001 ،‬ص ‪ .505‬قريب من ذات المعنى ‪:‬‬
‫‪Vu Shutong, La preuve en procédure pénal comparée, RIDP. 1992, p. 323.‬‬
‫‪ 13‬د‪ .‬علء الصاوي ‪ ،‬حق المتهم في محاكمة عادلة ‪ ،‬المرجققع السققابق ‪ ،‬ص ‪ .506‬فققي ذات المعنققى د‪ .‬أحمققد حامققد البققدري ‪،‬‬
‫الضمانات الدستورية للمتهم في مرحلة المحاكمة الجنائية ‪ ،‬دراسة مقارنة بين الشريعة السلمية والقوانين الوضعية ‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه ‪ ،‬طنطا ‪ ، 2002 ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ 14‬د‪ .‬محمود مصطفى ‪ ،‬الثبات في المواد الجنائية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪15‬‬
‫‪G. Stéfani, Quelques aspects de l’autonomie du droit pénal, op. cit., p. 17 et s.‬‬
‫د‪ .‬أحمد إدريس أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.305-304‬‬
‫‪ 16‬الشيخ محمد أبو زهرة ‪ ،‬أصول الفقه ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ، 1957 ،‬ص ‪ 291‬وما بعدها ‪ ،‬أ‪ .‬محمد الحسيني حنفي ‪ ،‬أسققاس‬
‫حق العقاب في الفكر السلمي والفقه الغربي ‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والقتصادية ‪ ،‬يوليققو ‪ ، 1971‬ص ‪ 404‬ومققا بعققدها ‪ ،‬د‪.‬‬
‫زكريا البري ‪ ،‬أصول الفقه السلمي ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1977 ،‬ص ‪ 169‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 17‬د‪ .‬عبد القادر عودة ‪ ،‬التشريع الجنائي السلمي مقارنا ً بالفقه الوضعي ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬دار الطباعة الحديثة ‪ ، 1984 ،‬ص ‪ 515‬وما‬
‫بعدها ‪ ،‬د‪ .‬عبد المجيد مطلوب ‪ ،‬الصل براءة المتهم ‪ ،‬بحققث مقققدم إلققى نققدوة "المتهققم وحققوقه فققي الشققريعة السققلمية" ‪،‬‬
‫المركز لعربي للدراسات المنية بالرياض ‪ ،‬السعودية ‪ ،‬يونيو ‪ ، 1982 ،‬ص ‪ 229‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 18‬سورة يونس ‪ ،‬الية ‪.36‬‬
‫‪ 19‬سورة النجم ‪ ،‬الية ‪.28‬‬
‫‪ 20‬د‪ .‬محمد محي الدين عوض ‪ ،‬درء الحدود بالشقبهات ‪ ،‬مجلقة قضقايا الحكومقة ‪ ،‬س ‪ ، 27‬ع ‪ ، 33‬يوليقو‪-‬ديسقمبر ‪ ، 1978‬د‪.‬‬
‫مأمون سلمة ‪ ،‬المبادئ العامة للثبات الجنائي في الفقه السلمي ‪ ،‬مقال فققي دراسققات فققي حققوق النسقان فققي الشقريعة‬
‫السلمية ‪ ،‬مجلة القانون والقتصاد ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬س ‪ ، 1980 ، 50‬ص ‪ 152‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 21‬رواه الترمذي ‪ ،‬راجقع الجققامع الصقحيح المشققتهر بسققنن الترمقذي ‪ ،‬دار الفكققر للطباعقة ‪ ،‬بيقروت ‪ ،‬ص ‪ .133‬نيققل الوطقار‬
‫للشوكاني ‪ ،‬ج ‪ ، 7‬ص ‪.271‬‬
‫‪ 22‬الحكام في أصول الحكام ‪ ،‬المام الحافظ أبو محمد على بن حزم الندلسي الظاهري ‪ ،‬ج ‪ ، 5‬ط ‪1347 ، 1‬هق ‪1927 -‬م ‪،‬‬
‫مطبعة ومكتبة الخانجي ‪ ،‬ص ‪ 3‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬زكريا البري ‪ ،‬المرجع السققابق ‪ ،‬ص ‪ ، 164‬الشققيخ محمققد أبققو زهققرة ‪ ،‬المرجققع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ 23‬أعلم الموقعين عن رب العالمين ‪ ،‬ابن قيم الجوزية ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬مطبعة ومكتبة عبد السلم بن محمد بن شعرون ‪ ، 1968 ،‬ص‬
‫‪ 339‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 24‬الشيخ محمد أبو زهرة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪ 25‬في ذات المعنى ‪ ،‬د‪ .‬زكريا البري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪ 26‬المحكمة الدستورية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 15‬يونيو ‪ ، 1996‬القضية رقققم ‪ 49‬لسققنة ‪17‬ق دسققتورية ‪ ،‬مجموعققة أحكققام المحكمققة‬
‫الدستورية العليا ‪ ،‬ج ‪ ، 7‬رقم ‪ ، 48‬ص ‪ .739‬تؤمن على ذلك المحكمة الدستورية العليا في حكم أخر بقولها أن "أصل البراءة‬
‫مفترض في كل متهم ‪ ،‬فقد ولد النسان حرا ً ‪ ،‬مطهرا ً من الخطيئة ودنس المعصية ‪ ،‬لم تنزلق قدماه إلققى شققر ‪ ،‬ولققم تتصققل‬
‫يده بجور أو بهتان ‪ ،‬ويفترض وقد كان سويا ً حين ولد حيا ً أنه ظل كقذلك متجنبقا ً الثقام علقى تبيانهقا ‪ ،‬نائيقا ً عقن القرذائل علقى‬
‫اختلفها ‪ ،‬ملتزما ً طريقا ً مستقيما ً ل يتبدل اعوجاجا ً ‪ ،‬وهو افتراض ل يجوز أن يهدم توهما ً ‪ ،‬بل يتعين أن ينقض بدليل مسققتنبط‬
‫من عيون الوراق وبموازين الحق ‪ ،‬وعن بصر وبصيرة ‪ ،‬ول يكون ذلك إل إذا أدين بحكققم انقطققع الطريققق إلققى الطعققن فيققه ‪،‬‬
‫فصار باتًا"‪ .‬المحكمة الدستورية العليا ‪ ،‬جلسة ‪ 5‬أكتوبر ‪ ، 1996‬القضية رقم ‪ 26‬لسنة ‪12‬ق دسققتورية ‪ ،‬الجريققدة الرسققمية ‪،‬‬
‫‪ 17‬أكتوبر ‪ ، 1996‬ع ‪41‬ق دستورية‪.‬‬

You might also like