Professional Documents
Culture Documents
أثار مشروع الحكم الذاتي الذي يعتزم المغرب تقديمه إلى المم المتحدة لوضع حد لنزاع الصحراء "اهتماما كبيرا" داخل الجمعية العامة للمم المتحدة ،حيث أعربت عدد من الدول أنه -
.يشكل خيارا واقعيا لتسوية سياسية نهائية لقضية الصحراء
أكدت ممثلة المملكة المتحدة بأن هذه الخيرة تنتظر باهتمام ،مبادرات جديدةمن شأنها أن تساعد في إحراز تقدم وتجاوز المأزق الحالي ،ومنها تقديم المغرب لخرمقترحاته" بخصوص حكم -
.ذاتي موسع بالصحراء
".وفي السياق نفسه ،أبرز المندوب اليطالي أن بلده"تتابع باهتمام عزم المغرب تقديم مقترح بمخطط للحكم الذاتي -
".أكد ممثل ألمانيا بأن بلده "تسجل باهتمام أن المغرب بصدد وضع مقترحاتجديدة لحكم ذاتي موسع بالصحراء ،مشيرا إلى أن بلده "ستستقبل بإيجاب تقديم هذا المخطط -
وقد سار في نفس التجاه مندوبي عدد كبير من الدول التي أعربت كلها أن حق تقرير المصير ل يمكناختزاله فقط في الحق في الستقلل ،بل إن هناك أشكال مختلفة للحكم الذاتي والتسيير -
.الذاتي يمكن تطبيقها حسب الحالت
كما حظي مشروع الحكم الذاتي أيضا بنفس الجماع في الوساط السياسية والفكرية ،حيث أكد رئيس الحكومة السبانية السبق "فليبي غونزاليث" ،أن مبدأ الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب
".للخروج من الوضع المتأزم الذي تتردى فيه المنطقة ،يعد "أفضل الحلول لجميعالطراف المعنية بهذا النزاع
وفي هذا الصدد قال جللة الملك في الخطاب الذي وجهه إلى المة بمناسبة الذكرى السابعة لعتلء جللته العرش "إنه لمن دواعي اعتزازنا ،أن نسجل التفهم والتجاوب الذي لقيته المبادرة
المغربية ،لدى البلدان والهيئات الفاعلة في المنتظم الدولي ،التي باتت مقتنعة بمصداقية مطلبنا ،وتوازن موقفنا ،في نهج حل سياسي تفاوضي ونهائي لهذه القضية" ،مؤكدا جللته "أننا سنظل
معبئين لبلورة هذه المبادرة ،في إطار تشاركي وموسع وذي مصداقية .كما لن نتوانى لحظة ،في مد اليد إلى ذوي النيات الحسنة ،وفي الدعوة الصادقة إلى تحرير المستقبل المشترك مع
".جيراننا
:مشكلت الحكم الذاتي في التطبيق
:مشكلة الشخصية الدولية 1-
إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية ،مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات ،فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها ،وتشارك في النشطة التي تهم الجماعة الدولية
.ككل ،ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية
غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا ،لم تتمتع القاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية ،فمثل تونس في الطار الستعماري و بورتوريكو وغرينلند ،لم تحظ،
طبقا للحكم الذاتي ،الممنوح لها ،بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالوليات المتحدة المريكية باتحاد حر ،وتقوم هذه الخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية .وفي
غرينلند تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية ،مع استشارة غرينلند عندما يتعلق المر بقضايا تخصها كالعلقة مع دول التحاد الوربي ،أما تونس ،فكانت فرنسا هي التي
تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي ،أما اسبانيا ،فل يختلف المر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتيا بصلحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق القليم ،بينما
احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية ،،وشؤون الدفاع والمن والخارجية ،وتقرير السياسات المالية العامة والنظمة المصرفية المعمول بها في البلد ،وكذلك عقد
.المعاهدات ،سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية
والنتيجة المترتبة على ذلك ،أن وحدات الحكم الذاتي ،سواء كانت في الطار الداخلي أو الدولي ،وسواء تعلق المر بالقاليم أو الجماعات القومية ،ل تحظى بالشخصية الدولية ،ومن ثم
.فليست موضوعا للقانون الدولي وإنما موضوعا للقانون الداخلي وشخصا له
:مشكلة توزيع الصلحيات 2-
تتوسط هذه المشكلة كافة نظم الحكم الذاتي ،وتتلخص في كيفية توزيع الصلحيات التنفيذية ،والتشريعية ،بين القاليم المحكومة ذاتيا ،وبين السلطة المركزية ،وهناك ثلثة طرق لتوزيع هذه
الصلحيات ،هي :أول ،تعيين الصلحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية ،وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة ،نظرا إلى تداخل العديد من
الصلحيات والمجالت في التطبيق ،فضل عن أنه نظري أكثر منه عملي ،ثانيا،القتصار على توزيع وتعيين صلحيات الوحدات الذاتية في مجالت محددة ،كما في إسبانيا وإيطاليا
.وكندا،ثالثا ،الكتفاء بتعيين الصلحيات والمجالت التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة
:المسائل المنية 3-
تقتصر المسائل المنية في تطبيقات الحكم الذاتي على المن الداخلي المحدود بنطاق القليم المتمتع بالحكم الذاتي ،ذلك أن قضايا المن القومي تدخل في عداد صلحيات الجهزة المركزية
للدولة ،وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلحية تشكيل قوة شرطة محلية .وحتى في المجالت التي ل ينص فيها على ذلك فإن القليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه
.تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة ،وحماية البيئة ،كما هو الحال في جزيرة غرينلند وفي إقليم الباسك
:السياسة القتصادية والمالية العامة 4-
تمثل وحدات الحكم الذاتي ،بدرجات متفاوتة ،جزءا من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي ،إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلحيات ل تقبل المنازعة في
تقرير السياسة المالية ،وسك النقود ،وتحديد معدلت الصرف ،والشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية القتصادية ،وعقد التفاقيات المالية ،والقروض
.مع الدول الجنبية ومع ذلك ،فقد تسمح الدولة في بعض الحالت للحكومات الذاتية ،بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية ،أو تفويضها في ذلك
وخلصة القول ،أن الحكم الذاتي -سواء كان دوليا أو داخليا -له طبيعة خاصة من المرونة وعدم الستقرار ،فهو ل يأخذ شكل صالحا للتطبيق في أي من الدول على اختلف ظروفها
.وأوضاعها
كما يكون للقواعد القانونية التي تنظم الحكم الذاتي دور هام في تحديد مساره ،ومما يؤكد ذلك ،أن مفهوم الحكم الذاتي في نطاق العلقات الدولية والسياسة انقلب من علقة داخلية بحثة بين
الدول الستعمارية ومستعمراتها إلى علقة دولية ،فهو تحول من وسيلة استعمارية غير مرغوب فيها إلى فكرة قانونية مشروعة وجد النص عليها في العديد من الوثائق والتفاقيات الدولية.
.وفي نطاق القانون العام الداخلي ،لم يأخذ وضعا ثابتا رغم تطبيقات عديدة له
:الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء
إن هذا الحل السياسي التوافقي يتجاوز مفهوم الغالب والمغلوب ،وصيغة هذا الحل هو بقاء الصحراء تحت السيادة المغربية لكن في نطاق نوع من الستقلل الذاتي وقائم على الوحدة الوطنية
.والمشروعية الدولية واحترام خصوصيات المنطقة وفي إطار جهوية موسعة
لكن في حالة تذليل كافة الصعاب ودخول هذا التفاق إلى حيز التطبيق هل يعني ذلك أن مقتضياته المتعلقة بالستقلل الذاتي ستبقى مقتصرة على هذه الجهة التي ستشكل نظاما خاصا
بالمقارنة مع باقي الجهات ،أم أن المر يستدعي تعميق الجهوية وتعميمها بنفس الكيفية ،المر الذي يتطلب مراجعة دستورية خاصة فيما يتعلق باختصاصات الجهات؟
:إن الديبلوماسية المغربية أمام خيارين
:تمتيع منطقة النزاع بنظام خاص 1-
.إن الحل السياسي لقضية الصحراء ل يمكن أن يكون إل نهائيا ولهذا السبب ل تستطيع المملكة المغربية أن توافق على فترة انتقالية يطبعها عدم اليقين بشأن الوضع النهائي للقليم
إن هذا الحكم الذاتي النهائي يتمثل في إقامة جهوية خاصة بالمنطقة المتنازع حولها ،كاستثناء على المجال الترابي الوطني ،كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا ،حيث نجد هناك ما يسمى بـ"
.المجموعات المستقلة" التي تتمتع باختصاصات تشريعية وتنفيذية في الميادين المحددة دستوريا
ومن هذا المنطلق يستدعي تطبيق هذا الخيار إجراء تعديل دستوري يمنح الجهة موضوع الخلف حكما ذاتيا خاصا بها ،بمعنى أن المناطق الصحراوية ستتمتع باستقلل ذاتي ،يفوق نظام
.اللمركزية المعمول بها حاليا والتي تتوفر فيها الجهة على مواردها التي تمكنها من ممارسة اختصاصاتها المحددة من قبل السلطة المركزية
وتبعا لذلك فإن تطبيق الحكم الذاتي على جهة الصحراء يقتضي منح سكان القاليم الصحراوية صلحيات واختصاصات واسعة في الميادين التشريعية والتنفيذية والقضائية لتدبير شؤونهم
.المحلية آخذا بعين العتبار خصوصيات المنطقة طبعا في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة واحترام مبادئ الديموقراطية واللمركزية
إن هذا الحل ل يمكن أن يكون إل في إطار بناء الديموقراطية بالمغرب وبناء الجهة وفتح المجال لبناء القاليم الصحراوية للمبادرة الحرة والمشاركة في استغلل خيرات جهتهم اقتصاديا
.واجتماعيا و خدماتيا ،وكذلك على مستوى المؤسسات المنتخبة ،وكذا تضامن المجمع المدني بهدف إدماج المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وبوثيرة موازنة
إن الستقلل الذاتي يجب أن يشكل وضعا نهائيا وليس حلقة تؤدي إلى انفصال هذا القليم ،داخل هذا الطار يبقى المغرب منفتحا على كافة المقترحات التي تستلهم التجارب المتنوعة
.الممارسة في العالم ،وتأخذ بعين العتبار الخصوصيات الجيوسياسية للمنطقة
نخلص إلى القول بأن تمتيع منطقة الصحراء بنظام خاص ،إذا كان سيؤدي إلى إنهاء النزاع لكنه قد سيشكل قاعدة دستورية بمكن أن توظف لتأسيس خطاب احتجاجي على الدولة والمطالبة
بوضع قانوني من ذات القبيل خصوصا في المناطق المازيغية التي تشكو تاريخيا من اللتنمية القتصادية والجتماعية ووجود سوابق تاريخية تصعب من التقارب بين المركز والمحيط ،كما
أن هذا السيناريو يفترض نظاما أساسيا ووضعا مستقل داخل الوثيقة الدستورية وفلسفة جديدة للصك الدستوري المغربي ،فل يمكن والحالة هذه أن يتعايش داخل النص الدستوري منطقين
متباينين يتأسسان على التعددية والجتماعية ،فالنص الدستوري المغربي قد اشتغل وفق ثابت الجماعية ،وانغلق النسق الدستوري بالرغم من الترميمات المتتالية وظيفتي الضبط والتنظيم
.مما يجعل من الفكرة السياسية لدستور ،1996تظهر كعائق أمام انفتاح الدولة على البنيات تحت دولية
):النتقال إلى دولة الجهات )الدولة الجهوية 2-
على إثر التطورات التي عرفتها كل من قضية الصحراء والمسألة الديموقراطية ،هل يمكن تأسيس رابط بين هذين المعطيين؟ وهل يمكن القول بأن الديموقراطية المحلية في معناها الواسع
أي في إطار الحكم الذاتي سيهب ريحها من الجنوب؟
أن دافع عنها ،لنقول إن أمكن أن قضية الصحراء مثلث أو حلت محل Javier Ruperzإن مسألة الستقلل الذاتي والجهوية هي فكرة سبق لحد برلمانيي الحزب الشعبي السباني السيد
المشروع المجتمعي الذي كان الدولة المغربية في حاجة ماسة إليه لتعبئة الشعب المغربي من أجل تجديد الشرعية والحماسة الوطنية وربطها بنوع من النفراج السياسي لضمان حد أدنى من
السلم والستقرار السياسي والجتماعي ل سيما إذا تم مزج تطور المسألة الديموقراطية الراهنة بتطور قضية الصحراء ،وتلقحهما ،وانفتاح النظام السياسي عن طريق تحديث بنياته
القتصادية والجتماعية والسياسية والثقافية ،ومن م المرور إلى الدولة الجهوية ،ومن المؤكد أن السمو بالديموقراطية المحلية وباللمركزية نحو الرقي ،سيساعد المغرب على مواجهة
.الطوفان العولمة والمحافظة على هويتنا وعلى وحدتنا الترابية
وإذا كان المل هو أن تطبع جهات المغرب كلها بطابع خصوصيتها دون أن يمس ذلك باللتحام والوحدة ،والبداية بالقاليم الصحراوية ،وجعل منها جهة وإعطائها الولوية على أخواتها
بالمغرب وستتلوها جهات أخرى ،فأن ذلك يدل على أن ربط الصحراء بالجهوية مسألة أخذ حيزا هاما في الفكر الحسني ،وذلك لترابطها بمسألة السيادة ،والوحدة الوطنية ،وأضحى لذلك أحد
.أبعاد النظام الجهوي هو حل القضية الوطنية في إطار توسيع اللمركزية ،بتمكين السكان المحليين من بناء جهتهم والمشاركة في القرارات السياسية على الصعيد المحلي والوطني
إن الحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة والوحدة الترابية للمغرب وفي إطار جهوي موسع جعل مسألة الجهوية مطلبا وطنيا استعجاليا ،بهدف إعطاء الجهات هامشا أوسع في التسيير الذاتي
.والتخلص من المركزية الضيقة
إن النتقال إلى دولة الجهات يعني إقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقللية عن المركز في بعض المجالت المحددة ،أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية ،وفي هذه الحالة
يستدعي المر إجراء تعديل دستوري للرتقاء بنظام الجهة في مستوى متقدم من اللمركزية في إطار الدولة الموحدة ،بمعنى النتقال من الجهوية الدارية المعمول بها في المغرب إلى
.الجهوية السياسية المحددة دستوريا
إن تطبيق الدولة الجهوية يستدعي إعادة النظر في وظيفة المؤسسات المحلية وأساس تشكيل المؤسسات الوطنية التي ستصبح ذات أساس ترابي جهوي إضافة إلى ضرورة رسم حدود
للختصاص بين المستويين وطبيعة نازلت المركز والجانب الموكول له مهام الدفاع والخارجية ،إنه منطق ينظر إلى الصحراء باعتبارها وحدة رابية منزوع عنها طابع الخصوصية قياسا
.إلى الوحدات الجهوية الخرى
إن خيار الجهوية ليس خيارا تقنيا ول تعديل بإمكانه أن يمس مستوى محدودا داخل البنية الدستورية ،بل يمتد ليشمل رأس التنظيم السياسي ،سؤال فصل السلط ،أساس التمثيل السياسي وشكل
الدولة ،وهي أبعاد ل يمكن لتعديل دستوري محدود أن يجيب عنها .إن القدرة الحتوائية لسياسة التعديل الدستوري لسنوات 96-95-92ل يمكن أن يعاد إنتاجها ،فالمر هنا ل يتعلق بالبحث
.عن التوافق مع أحزاب المعارضة ،ول إلى امتصاص الحركات الحتجاجية الحقوقية
وإذا كان هناك تخوف من إقرار جهوية سياسية يمكن أن تتسبب في ظهور نزعات انفصالية داخل البلد ،فإن هذا التخوف ل مبررله ،مادامت الجهات مرتبطة بملك البلد ،وكما قال الملك
الراحل الحسن الثاني":يمكن أن نسير في اللمركزية إلى أبعد الحدود ما دمنا ممسكين برابطة البيعة ".وكان رحمه ال يمنى أن يترك لخلفه مغربا مبنيا على شاكلة المقاطعات اللمانية
".المسماة " اللندر