Are you sure?
This action might not be possible to undo. Are you sure you want to continue?
في الدنمارك
كلية القانون والسياسة
)التدخل الدولي النساني (
مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير
في القانون الدولي
اعداد الباحث:
باشراف الدكتور:
موسى موسى
محمد سعيد الشكرجي
لجنة المناقشة
الستاذ الدكتور :نوري جعفر لطيف
الدكتور :سمير جميل حسن
الدكتور :سويم العزي
رئيساً
عضوًا
عضوًا
)التدخل الدولي النساني (
مشروعية التدخل السوري في لبنان وتداعياته
) تاريخ مناقشة الطروحة 10:آب ( 2007
الفهرس
المقدمة
الباب الول
الصفحة
فصل تمهيدي :
القانون الدولي العام والقانون الدولي النساني
9
المبحث الول :
تعريف القانون الدولي العام
10
المبحث الثاني :
غاية القانون الدولي العام
12
المبحث الثالث :مصادر القانون الدولي العام
14
المبحث الرابع :
أشخاص القانون الدولي العام
16
الفصل الول :
القانون الدولي النساني
21
المبحث الول :
النشأة والتطور
22
المبحث الثاني :
مصادره
26
المبحث الثالث :ماهيته
27
المبحث الرابع :نطاق تطبيق القانون الدولي النساني
27
الفصل الثاني :
عدم جواز التدخل في شؤون الدول
31
المبحث الول :
مبدأ عدم جواز التدخل
32
المطلب الول :ظهور مبدأ عدم جواز التدخل
المطلب الثاني :مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية
ل :ميثاق المم المتحدة
أو ً
ملحظات وتوضيح بشأن المادة 2/ف 3من الميثاق
في الفقه الدولي
-1
في القضاء الدولي
-2
ج -ما استقر عليه العمل في المنظمة الدولية
قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة
ثانيًا :
ثالثًا :مبدأ عدم التدخل في ميثاق جامعة الدول العربية
رابعًا :منظمة الدول المريكية ومبدأ عدم التدخل
مفهوم عدم التدخل وصوره ومدى مشروعيتة
المطلب الثالث :
ل :مفهوم التدخل الدولي
أو ً
ثانيًا :أشكال التدخل الدولي
ثالثًا :مشروعية التدخل الدولي
التدخل دفاعًا عن حقوق الدولة
-1
التدخل لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة
-2
التدخل الجماعي طبقًا لميثاق المم المتحدة
-3
التدخل بناء على طلب
-4
التدخل ضد التدخل
-5
التدخل من أجل حماية حقوق النسان وتحقيق النسانية
-6
المبحث الثاني :التدخل الدولي لحماية حقوق النسان
لمحة عن التطورالتاريخي للقانون الدولي النساني
42
المطلب الول :مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان
ل :تدويل قواعد حقوق النسان
أو ً
ثانيًا :القانون الدولي ومشروعية التدخل الدولي النساني
ميثاق المم المتحدة
-1
العلن العالمي لحقوق النسان
-2
اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقية عليها
-3
ثالثًا :المم المتحدة والتدخل الدولي النساني
فترة ما قبل عام 1990
-1
فترة ما بعد عام 1990
-2
العراق
الصومال
يوغسلفيا
رابعًا :ضمانات حماية حقوق النسان
شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان
المطلب الثاني :
-1وجوب الستناد الى قواعد القانون الدولي
-2التدخل عبر المنظمات الدولية
-3حدود التدخل الدولي المشروع لحماية حقوق النسان
الباب الثاني
التدخل الدولي في لبنان
الفصل الول :التدخل السوري في لبنان
لمحة موجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان
57
المبحث الول :اهداف التدخل السوري في لبنان
المطلب الول :الهداف المعلنة للتدخل السوري
ل :ايقاف الحرب واحلل السلم
أو ً
ثانيًا :تكوين نواة دفاع مشترك في وجه اسرائيل
المطلب الثاني :الهداف غير المعلنة
ضبط المنظمات الفلسطينية وتسييرها وفق مصالحها
-1ضبط الوضع اللبناني وتحويله الى ورقة ضغط سورية
61
المبحث الثاني :مشروعية التدخل السوري في لبنان
المطلب الول :مشروعية التدخل السوري
-1التدخل عبر جيش التحرير الفلسطيني
67
التد
-2
خل بطلب من السلطة الدستورية – ممثلة برئيس الجمهورية -
التد
-3
خل باقرار عربي شامل
- 4التدخل بموافقة امريكية مبطنة
المطلب الثاني :تحول الوجود السوري الى نظام وصاية
خلفية وثيقة الوفاق الوطني -اتفاقية الطائف . - مؤتمر القمة العربي الغير عادي في الدار البيضاء . 26/5/1989 وثيقة الوفاق الوطني اللبناني –اتفاقية الطائف 1989وتحول الوجود السوريالى نظام وصاية لفترة محدودة .
خرق وثيقة الوفاق الوطني والتحول الى نظام وصاية غير شرعي .
ل :آلية التحول الى نظام وصاية .
أو ً
-1التدخل في الحياة السياسية والدستورية -التطبيق الختيار لوثيقة الوفاق
الوطني .
حل الميليشيات .
-1
تسليم أسلحة الميليشيات للدولة .
-2
بشأن الدوائر النتخابية .
-5
ء -بشأن قانون النتخابات .
ه -ربط لبنان بمعاهدة دفاعية وأمنية .
و -ترتيب الوزارة ومجلس النواب كتمهيد للتطبيق الختياري لوثيقة الوفال
الوطني .
-2التجاوزات القتصادية .
-3انتهاكات حقوق النسان .
ثانيًا :نتائج تحول الوجود السوري في لبنان الى نظام وصاية .
صدور القرار . 1559
-1
تمديد ولية الرئيس إميل لحود .
-2
كيفية مجيئ العماد إميل لحود الى الرئاسة .
-1
في التمديد .
-2
السباب الموجبة للتمديد .
أ -فترة الرئيس الياس الهراوي .
ب -فترة الرئيس إميل لحود .
-3اغتيال الرئيس رفيق الحريري .
-4انسحاب القوات السورية من لبنان .
الفصل الثاني :التدخل الدولي النساني في لبنان .
84
المبحث الول :التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان .
المطلب الول :قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في لبنان .
المطلب الثاني :مهمات قوات المم المتحدة في لبنان .
المطلب الثالث :منافع تواجد قوات المم المتحدة في لبنان .
84
المبحث الثاني :التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان .
المطلب الول :لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري .
-1قرار الجمعية العامة بشأن التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب .
-2تقرير بعثة تقصي الحقائق في ملبسات وأسباب وعواقب تفجير 4شباط 2005
المطلب الثاني :لجنة التحقيق الدولية -في قضية اغتيال الحريري -المنشأة بموجب قرار مجلس
المن رقم . 1595
المطلب الثالث :القضاء المختص بالنظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري .
ل :الوصف القانوني ) الجنائي ( لجريمة اغتيال الرئيس الحريري .
او ً
ثانيًا :المحكمة المختصة بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري .
87
خاتمة .
94
ملحق .
المصادر .
95
116
كلمة شكر:
أشكر كل من ساعدني في اتمام بحثي هذا وأخص بالشكر :
الدكتور محمد سعيد الشكرجي الذي كان له الفضل الكبر في مساعدتي وتوجيهي في اختيار الموضوع
وتسهيل عملية البحث .
كما أبدي الشكر للقائمين على مكتبات جامعة المنار والمكتبة الوطنية بتونس في تسهيل الحصول على
المراجع.
وجزيل الشكر أقدمه للمعهد العربي لحقوق النسان في تونس لما قدموه لي من مواد أفادني في إغناء
بحثي هذا .
كما اقدم شكري الى الذين سهلوا لي عملية الحصول على المراجع في كل من مصر ودولة المارات
العربية .
المقدمة
لقد بات موضوع التدخل الدولي في شؤون الدول بعد انتهاء الحرب الباردة ،يأخذ منحىً جديدًا يختلف
بمبرراته عن تلك التدخلت السابقة التي كانت في أغلبها تدخلت عسكرية بقصد الحتلل والحاق
أجزاء من أقاليم الدول لصالحها ،مستندة على ما تمتلكها من قوة في غياب القانون الدولي .حيث لم
تكن باستطاعة المبادئ الفلسفية ،أو الدينية لجم تلك التدخلت .لكن التوجه الدولي نحو ضرورة
التعاون على القضاء على المشاكل التي تهدد البشرية أو مجموعة من الناس تجمعهم صفة معينة أو
حتى فردًا واحدًا ،أدى الى التعاون الدولي والتعاقد فيما بينها لمواجهة ما يهدد الستقرار والمن ،
ويسهل عملية التواصل الفكري ،والثقافي ،والتجاري ،والصناعي لما فيه مصلحة الدول جميعًا
والنسانية ،وبما يكفل قدرًا من الكرامة وسيادة الجميع على ثرواته وتوجيهها نحو رفاهية
النسان،جعل من التدخل الدولي يخضع لنظام قانوني نشأ مجمله في التفاقيات الدولية في ظل
المنظمات الدولية والقليمية التي كانت لها التأثير في توجه الدول الى ادراجها ،ولو بعضها ،في
دساتيرها الوطنية بعد أن عانت البشرية من ويلت حريين عالميتين في العصر الحديث ،ومع ذلك
ظلت النتهاكات التي يتعرض لها النسان في دوله المستقلة مستمرة من قبل الحكومات دون رادع
يردعها في ظل القطبية الثنائية ،متحصنين بمبدأ السيادة وعدم جواز التدخل .لكن تطور القانون الدولي
وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وتوسيع نطاق تطبيقه الذي شمل الكثير من المجالت التي كانت
محفوظة للدول ،والدور النضالي لحركات الشعوب في تقرير مصيرها ،ودور النسان في النضال ضد
طغيان واستبداد الحكام ،أثره في وضع التشريعات التي تحميه من تلك النتهاكات ،حتى أصبح لزامًا
على الدول في إطار منظومة المم المتحدة بدءًا من العلن العالمي لحقوق النسان وكافة التفاقيات
الدولية أن تدرج في دساتيرها ما يحمي النسان من مختلف أشكال القمع والستبداد ،ومع ذلك بقي
النسان ومازال يتعرض لها لعدم تمسك الدول بتلك التفاقيات سواًء بالنضمام والتصديق أم بالتنفيذ
مستغلة عدم جدية منظمومة المم المتحدة ،في عدم قدرتها على اجبار الدول العضاء في تنفيذها لما
جاء في تلك التفاقيات بشأن ممارسة النسان لحقوقه الثقافية والسياسية والجتماعية أو حمايته من
ضروب المعاملت القاسية التي يتعرض لها ،كما كان بامكان الدول من ممارسة قمعها في الخفاء وعدم
اعلنها في ظروف النعزال الدولي ضمن قطبين يحافظ كل منهما على بقاء النظمة التي ترعى
مصالحها القتصادية وتوجهاتها السياسية واليديولوجية ،الى أن زال ذلك الجدار الفاصل بين القطبين،
ولم تبقى فكرة السيادة قوقعة يحتمى بها الحكام لمنع التدخل الدولي ،بل أصبح الكثير من القضايا
خارجة عن نطاق فكرة سيادة الدولة ،وأصبح من اهتمامات القانون الدولي ،وأصبح بامكان المم
المتحدة نفسها أو بتكليفها لدولة أو لمجموعة من الدول بالتدخل في شؤون الدول إذا ما تبين لها بان
الوضاع الجارية في تلك الدولة من شأنها ان تهدد المن والسلم الدوليين ،أو بان انتهاكات مريعة
وجرائم بشعة تحدث بحق النسانية ،وقد أثارموضوع التدخل الدولي بشكليه الشرعي والغير شرعي ،
اهتمامي للبحث فيه وخاصة التدخل السوري في لبنان وما صاحبه من أحداث منذ دخوله الى التفجير
الرهابي في 14شباط 2005في بيروت الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري الذي كان من
نتيجته تدخل المم المتحدة القضائي لملحقة ومعاقية منفذي ومخططي ذلك النفجار .
ول أخفي بان الموضوع الذي وقع اختياري عليه ،فيه من الصعوبة الشيئ الكثير في غياب الوثائق
والدلة المتعلقة بموضوع البحث فيما يخص بالنتهاكات المرتكبة أو الملءات التي فرضتها سلطة
التدخل على السلطات اللبنانية ،فليس هناك في العالم دولة تترك خلفها وثيقة تثبت فيه أوامرها في
الفرض على سلطات الدولة المتدخل في امرها ،لتتخذ منهجًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو ايديولوجيًا معينًا .
ان التدخل الدولي في لبنان لم يقتصر على دولة واحدة ،فالتدخل السرائيلي بأشكاله المختلفة وصل في
اكثر من مرة الى احتلل جزء من الراضي اللبنانية ،حتى بيروت العاصمة لم تنجو من الحتلل
-6السرئيلي ،لكنني اقتصرت على موضوع ،التدخل الدولي في لبنان من اجل انهاء الزمة اللبنانية ،
وكان التدخل السوري بطلب من السلطات الدستورية اللبنانية بهدف انهاء الزمة هو موضوع البحث ،
وكذلك لدخول المم المتحدة بشكليه العسكري والقضائي لنهاء الحتلء السرائيلي والحفاظ على
المن والسلم الدوليين .
وباعتبار ان موضوع التدخل الدولي هو من أهم مواضيع القانوني الدولي والقانون الدولي النساني ،
ل تمهيديًا من الباب الول للقانون الدولي من حيث الماهية
لذلك رأيت من الضروري أن أخصص فص ً
ل للقانون الدولي النساني من حيث كيفية نشؤه ومصادره
ل أو ً
والغاية والمصادر والشخاص ،وفص ً
ل ثانيًا لمبدأ عدم جواز التدخل ،
والحالت والفئات التي يشملها القانون الدولي النساني ،وفص ً
أوضحت فيه كيفية ظهور المبدأ ،ومن ثم النص على المبدأ في مواثيق وقرارات المم المتحدة ،كما
عرجت على مبدأ عدم جواز التدخل في تلك المنظمات الدولية والقليمية .وكان لمفهوم التدخل وأشكاله
ومشروعيته الهمية الكبرى في موضوع البحث ،حيث يعتبر الساس في الرجوع اليه والحكم على
التدخلت الدولية بموجبه من حيث شرعيتها من عدمها .
أما الباب الثاني فقد خصصته للتدخل الدولي في لبنان مقتصرًا على التدخل السوري ،موضحًا تاريخ
الصراعات في لبنان وتغييرخارطته الجغرافية الذي أحدث في فترة من الفترات صراعًا بين
القوىالسياسية اللبنانية والسورية والجنبية ،الى ان حصلت لبنان على استقللها ،ومازالت بعض
الفكار والدعاوي التي تعود الى ذلك التاريخ سائدة في أذهان بعض الناس بان لبنان هو جزء من
سوريا ،ولست هنا بصدد الدفاع ،أو الضد من تلك الدعاوي والمعتقدات ،فلكل مرحلة من مراحل
التاريخ في اقليم معين أفكار تسود أذهان الناس في ذلك القليم.
لكن السؤال الذي كان يطرح نفسه ويلح في طلب الجابة منذ دخول القوات السورية الى لبنان في الول
من حزيران 1976الى أن خرجت القوات السورية من لبنان بقرار مجلس المن رقم 1559تاريخ 2.
أيلول . 2004
ل شرعيًا أم ل ؟
هو هل كان دخول القوات السورية الى لبنان دخو ً
وهل أصبحت القوات السورية قوات وصاية واحتلل في لبنان ؟
وكان للجواب على هذين السؤالين ،أو بالحرى البحث في شرعية دخول القوات السورية الى لبنان
وبقاء تلك القوات ضمن الشرعية أو الخروج منها ،الموضوع الساسي في بحثي هذا ،وحاولت جاهدًا
أل أخرج عن اسلوب البحث العلمي ،دون أن أنزلق في دعوات السياسة لتمكن من البحث بحياد
ونزاهة رغم ان الموضوع اللبناني خلل ازمته -فترة الحرب الهلية -كان وضعًا سياسيًا بحتًا تجاذبت
القوى السياسية والدول المختلفة بالتدخل كل لمصالحه الخاصة غير آبهين بدولة لبنان وشعبها وما رأتها
من مآسي اكثر من ثلثين عامًا ،فأزمة لبنان ل تعود الى 13نيسان 1975بل الى ما قبل ذلك بكثير،
وقد أوضحت ذلك في اللمحة الموجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان ،ورغم الدور السوري اليجابي
منذ دخوله الى لبنان وباعتراف أطراف النزاع جميعهم إل انني لم أقف في بحثي هذا على ذلك الدور،
حيث انطلقت دائمًا من موقع الباحث الذي ينطلق من طرح عشرات السئلة والفرضيات ليتمكن من
اختزالها في جواب واحد بعد أن حام حول الموضوع ووضع شباكه عليها ،ولهذا شكل التدخل السوري
بشكله العسكري ،وتدخل المم المتحدة عسكريًا وقضائيًا في لبنان ،عصب هذا البحث ول أدعي باني
قدمت بحثًا فيه الحقيقة كلها بل آمل ان اكون قدمت على القل بعض العناوين التي تساعد غيري في
البحث عنها لحقًا .
-7-
الباب الول
القانون الدولي العام والقانون الدولي النساني
إن دراسة مبدأ عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول -باعتباره أحد
مبادئ القانون الدولي -تتطلب التعرف على القانون الدولي العام ،كونه الناظم لعلقات
الدول فيما بينها .
كما ان النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي ،والنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي
،وممارسة السلطات الحاكمة في اضطهاد القليات في بعض الدول وانتهاكات حقوق النسان ،أدت
الى ظهور مجموعة من القواعد القانونية ،وعقدت التفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية النسانية
وعدم التمييز ،ما استدعاني الى تقسيم الباب الول الى فصول ثلثة كالتالي :
فصل تمهيدي :القانون الدولي العام .
الفصل الول :القانون الدولي النساني .
الفصل الثاني :عدم جواز التدخل في شؤون الدول .
-8-
فصل تمهيدي
القانون الدولي العـــام
سأتناول في هذا الفصل القانون الدولي العام وفق التقسيم التالي :
المبحث الول – تعريف القانون الدولي العام .
المبحث الثاني – غاية القانون الدولي العام .
المبحث الثالث – مصادر القانون الدولي العام .
المبحث الرابع – أشخاص القانون الدولي العام .
-9-
المبحث الول _التعريف بالقانون الدولي العام .
لقد حاول النسان منذ بداية الخليقة أن يقترب من أخيه النسان ومن ثم يوسع من دائرة القتراب
تلك ،حتى تشابكت العلقات ،وتنوعت لتشمل كافة مجالت الحياة ،وقد اتسمت في بعض الوقات
بالسلمية ،وفي بعضها الخر بالتوتر الذي أدى في الكثير من الحيان إلى نشوب الحروب التي من
جرائها خسرت البشرية المليين من أبنائها .لكن النسان سعى كفرد وكجماعات ـ ومنها الدول-
لقامة أفضل العلقات مع الغير.
إن التقدم الذي حصل تدريجيًا منذ البدايات ،وتسارعه في القرنين الماضيين خاصًة ،جعل علقة
النسان بالنسان ،وعلقات المجتمعات ،والدول فيما بينها من أقصى مشارق الرض إلى مغاربها
يزداد تعقيدًا ،ويأخذ طابعًا يوميًا مع أنهم جميعًا يعيشون في بقعة صغيرة من الرض -بتلشي
البعاد والمسافات بين البلدان -أدت الى تشابك المصالح والشتراك العالمي في الحضارة والثقافة
وامتزاجها .كما أن التقدم الصناعي والتقني ،والكتشافات العلمية ،والتقنية الحديثة في التصالت،
والقدرة السريعة على البيع والشراء ـ أسهمًا كانت أم أرصدة أم موادًا -جعل التوجه نحوالستقرارفي
العلقات ،والتعاون ،والهدوء في النظمة السياسية أكثرإهتمامًا ،ولم يعد الهدوء الداخلي وحده في
دولة بعينه كافيًا لتحسين العلقات فيما بين الدول ،فما يحدث في دولة ما من منازعات داخلية قد يهدد
السلم ،والمن في دول أخرى .لذلك كان ل بد للقانون الذي ينظم العلقات فيما بين الدول من أن
يتطور ،وينظم تلك العلقات طردًا مع ما يتناسب من التطوروالتقدم الحاصل في المجتمع البشري.
إن التطورالذي حصل في المجتمع البشري الذي كان من نتيجته نشوء الدول كارقى شكل من أشكال
التنظيم في المجتمعات .والدولة -بين جماعة الدول -كالفرد بين باقي أبناء جنسه ،حيث لم تقتصر
الحاجة إلى التعاون بين الفراد ضمن الدولة ،بل الدول أيضًا فيما بينها هي أحوج إلى التعاون
المتبادل ،حيث يصعب عليها البقاء في عزلة عن بقية الدول ،فقد يتوفرلديها من الحاجيات أكثرمما
يلزمها ،في حين قد تنقصها بعض الحاجيات الخرى مما هو متوفر لدى غيرها من الدول ،وهذا
الحتياج يدفعها أن تدخل مع غيرها من الدول في علقات التبادل والتعاون ،ولبد أن يكون لعلقة
التبادل والتعاون هذه من منظومة ينظمها ،وتتمثل تلك المنظومة في القانون الدولي العام ،شأنه في
ذلك شأن القانون الداخلي في تنظيم العلقات بين هيئات الدولة الواحدة وبين أفرادها .وعلى ذلك يمكن
تعريف القانون الدولي العام بأنه " :مجموعة القواعد التي تنظم العلقات بين الدول ،وتحدد حقوق كل
منها وواجباتها" ). (1
ويمكننا ذكر بعض التعاريف التي أوردها كل من :
-1الدكتور مفيد محمود شهاب ":بأنه مجموعة القواعد التي تحكم علقات الدول ،وتحدد حقوق كل
منها والتزاماتها" ). (2
ومن الفقه الغربي نورد تعاريف كل من :
-2الستاذ روسوحيث يعرفه بأنه ":ذلك الفرع من القانون الذي يحكم الدولة في علقاتها
المتبادلة"). (3
_3جورج سل ويعرفه بأنه ":النظام القانوني الذي يتضمن المبادئ المنشئة والمنظمة للمجتمع
الدولي " ). (4
_4أوبنهايم ويعرفه بأنه ":مجموعة القواعد العرفية ،والتفاقية التي تعتبرها الدول المتمدنة ملزمة
لها في تصرفاتها المتبادلة" ). (5
-10 _5شتروب ويعرفه بأنه ":مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن حقوق الدول ،وواجباتها،
وحقوق ،وواجبات غيرها من أشخاص القانون الدولي" ).(6
أما الفقهاء السوفييت وعلمائهم ،فلهم نظرة خاصة للقانون الدولي لذا يقول :
_1فيتشنسكي السياسي السوفييتي المعروف " :نحن نعرف القانون الدولي بأنه مجموعة القواعد
التي تعبر عن إرادة الطبقات الحاكمة ،والتي تهدف إلى تنظيم العلقات بين الدول خلل صراعها
وتعاونها" ).(7
_2أما كروفين أحد أقطاب رجال القانون السوفييت يعرف القانون الدولي بما يلي " :نحن نعرف
القانون الدولي بانه مجموعة القواعد التي تعبر عن ارادة الطبقات الحاكمة والتي تهدف الى تنظيم
العلقات بين الدول ،تلك العلقات التي تنشأ نتيجة صراعها وتعاونها داخل الحظيرة الدولية " ). (8
من خلل التعاريف المذكورة وما سنورده لحقًا يتبين لنا بان القانون الدولي ينظم العلقات فيما بين
الدول ،أي ان الدول هي موضوع القانون الدولي العام ،وهذا ما يستدعينا بالضرورة أن نفرق بين
العام منه والخاص .فالقاعدة القانونية التي تمس الدولة ،أو تلك التي تكون الدولة طرفًا فيها بصفة
الدولة ،تكون من قواعد القانون العام .أما اذا اقتصرت القاعدة القانونية على تنظيم الروابط بين
الفراد فتكون من قواعد القانون الخاص ،لذلك يكون ضابط التمييزبين القانون العام والقانون
الخاص هو وجود الدولة في الرابطة القانونيةالتي تنظمها القاعدة القانونية ،ول يجب أن ننسى بأن
الدولة موضوع القانون العام يقصد بها باعتبارها تلك الوحدة السياسية المستقلة ذات السيادة ،ل
باعتبارها فقط شخصًا قانونيًا عاديًا ،وعندها تكون موضوعًا للقانون العام الداخلي وليس الدولي .
فالقانون العام هو ":مجموعة القواعد المنظمة لسلطات الدولة ،والعلقات بالفراد وبغيرها من
الدول بعكس القانون الخاص الذي ينظم روابط الفراد ببعضهم مثل قواعد القانون المدني ،و
التجاري".
والقانون العام يتفرع الى فرعين رئيسين هما :
_1القانون العام الداخلي :
وهو مجموعة القواعد التي تنظم الدولة في ذاتها ،وتحكم علقاتها بالفراد مثل القانون الدستوري،
والداري.
_2القانون الدولي العام :
ل تصرفات جماعة الدول المتمدنة فيما يقوم بينها من علقات). (9
هو مجموعة القواعد التي تحكم فع ً
كما ل يمكننا العزل ،أوالفصل بين القانون الدولي العام وبين المجتمع الدولي ،فالخير يعتبرموضوعًا
للول لذلك يرى الفقه بوجود رابطة بينهماعندما يعرف المجتمع الدولي بأنه :
"مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة ،أو صاحبة السيادة التي تدخل في علقات متبادلة استنادًا
الى قواعد سلوك تعترف بها كقواعد ملزمة تطبق في وقت السلم والحرب".
وقد قرر القضاء الدولي أيضًا هذا الربط بينهما عندما قررت المحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية)
(Lotusفي 7سبتمبر 1927من أنها " :تعتقد أن معنى اصطلح قواعد القانون الدولي ل يمكن أن
يعنى وفقًا لستعماله الجاري إل القانون الدولي المطبق بين مختلف المم التي يتكون منها المجتمع
الدولي) .(10لكن القانون الدولي نفسه له تسميات عديدة ،فالفقهاء ل يجتمعون على تسمية واحدة،
فمنهم من يطلق عليه اسم القانون الدولي أوقانون المم ،ومنهم من يسميه بقانون الشعوب،
أوقانون البشروهناك من يسميه بقانون الحرب ،أو قانون الجنس البشري ،أو القانون السياسي.
والستاذ الدكتورمحمد المجذوب يرى بأن الختلف في التسمية ليس هو الختلف الوحيد بين الفقهاء،
-11-
ويرى بأن هناك اختلفات كثيرة حتى في التعريف ،ولذلك يورد تعريفًا يعتبره من أفضل التعاريف
للقانون الدولي أل وهو" :مجموعة القواعد القانونية التي تحدد حقوق الدول ،وتعين واجباتها وتنظم
علقاتها المتبادلة في السلم والحرب " ). (11
المبحث الثاني _غاية القانون الدولي العام
لقد كان قصدنا من إيراد التعريف بالقانون الدولي العام هو الوصول إلى معرفة الغاية منه .فالرتباط
بينهما وثيق جدًا ل يمكن فصل أحدهما عن الخر ،ولم يكن باستطاعة الجماعات البشرية منذ القديم أن
تعيش في حالة النعزال عن بعضها ،فقد تداخلت فيما بينها ولوبالحد الدنى في البدايات ،وقد تطور
ذلك التعامل مع تطور وتقدم الفكرالبشري حتى أصبح المجتمع منتظمًا في دول ،أخذت العلقات أيضًا
فيما بينها طابعًا تنظيميًا تتعلق بمسألة السيادة الوطنية ،أوالقليمية .كذلك مسائل الحدود فيما بين الدول
أصبحت تشكل حاجزًا لبد من عبوره للدخول أوالخروج بموجب قوانين ،ومعاهدات تنظم ذلك العبور.
كما أن الجرائم التي أصبحت تحدث في إقليم دولة ما بتوافرعنصرخارجي استلزمت بالضرورة إيجاد
قوانين تنظم تلك الحالت من حيث القانون الواجب التطبيق على سبيل المثال ،حيث أن :
التطور الهائل في مجال الصناعة ،ووسائل النقل ،والتصال في عصرنا هذا جعل
-1
ل ببعضه بصلت وثيقة .فارتباط الثقافة ،والقتصاد ،
من المجتمع الدولي مرتبطًا ومتص ً
والسياسة ،والحاجيات ببعضها بحيث من الصعوبة على إحدى الدول إمكانية العيش في عزلة
عن البقية ،وبتوسع العلقات المرتبطة هذه ازدادت الحاجة إلى تنظيم تلك العلقات بشكل
دقيق وإيجاد ،وتطويرمنظومة قانونية تنظمها بغية التفاهم واستتباب المن ،
واستمرارالستقرار.
فالختراعات الحديثة التي تمت ل يمكن استغللها على وجهها الكمل إل إذا تم ذلك في المحيط
الدولي بشكل واسع كالطيران ،واللسلكي ،والنقل البحري وغيرهما .إن ضرورة التعاون هذه
لبد أن يتم ضمن أنظمة دولية ،وفي ظل علقات مستقرة فيما بين الدول ،ومهمة القانون الدولي
هي تنظيم هذه العلقات ،وغايته في ذلك تيسير سبل الحياة للفراد ،وضمان رفاهيتهم بالتعاون
للحصول على جميع حاجاتهم على اعتبارهم أعضاء في المجتمع النساني دون النظرإلى جنسياتهم
،أو لغاتهم ،أو معتقداتهم .
و من جهة أخرى ،إن نمو الوعي ،والتفكير ،والتقدم الحاصل في المجالت الطبية ،ولد الشعور
بضرورة التعاون الدولي في القضاء على ما يصيب النسان من أمراض يكون من الصعوبة بمكان
لدولة بعينها القضاء على أسبابها ،كما هو حاصل اليوم مع مرض انفلونزا الطيور ،الذي ليكون
بوسع دولة ما اغلق حدودها أوأجوائها ،أوعزل هوائهاعن البقية ،هذه الحالة استوجبت التعاون
الدولي في مكافحته لئل يفتك الوباء بالبشرية جمعاء.
كما إن تحسين عوامل النتاج ،وتأثيره الطردي على نمو وازدياد السكان ،وبالمقابل احتياجات السكان
في دول أخرى للغذاء ،والكساء ،والمأوى نتيجة النقص الحاصل لديها سواء أكان بسبب سياساتها
القتصادية ،أوإهدارها للثروات ،وما تسببها من حالت الفقر ،والشغب ،والحروب الداخلية المتزايدة
التأثير في الكثير من الحيان إلى زيادة معدلت الهجرة ،هربًا من القمع الحاصل ،أو بحثًا عن ملذ
آمن ،من الجوع وانعدام الرعاية الصحية.
كل ذلك دفع الكثيرين إلى العتقاد بضرورة التعاون ،وتبادل الثروات المادية والفكرية مما ولد حركة
اتصال دائمة بين الدول ،وأنشأ علقات كان لبد من تنظيمها لكي ل تؤدي الى الفساد ،وسوء التفاهم ،
ونشوء الحروب التي تؤثر سلبًا على العلقات القائمة .إن القانون الدولي العام تبنى في بعض تجلياته
مهمة تنظيم تلك الجهود لتحقيق التوازن في العلقات بين الدول سواء تلك القوية ،أوالكبيرة في
مساحتها أوسكانها أوالغنية بمواردها ،أو تلك الضعيفة ،أوالصغيرة ،أو الفقيرة من حيث مواردها.
-12 -2خلل فترة طويلة امتدت الى بدايات القرن العشرين ،كان القانون الدولي التقليدي يعتبر الحرب
ل مشروعًا ينطلق دائمًا من حق الدولة ان تأتيه كلما اقتضت مصلحتها ذلك ) .(12ومن جهة أخرى
عم ً
اعتمد القانون الدولي مبدأ المساواة بين الدول )الوربية في حينها( ولكن الحروب وما سببته من مآسي
عالمية بالضافة إلى دخول الدول الجديدة في آسيا ،وأفريقيا ،وأمريكا اللتينية الى الساحة الدوليةكل
ل( وأنتج
ذلك دفع الدول إلى الهتمام بموضوعة السلم والمن الدوليين ) كميثاق المم المتحدة مث ً
كذلك تطورًا مهمًا ،وهو القبول بمبدأ عدم التفريق بين الدول بمواصفاتها المختلفة وانتماءاتها الثنية
،أوالدينية وهوما أكد صفة السموالنساني التي يتسم بها القانون الدولي العام ،ل سيماإذا تذكرناإهتمامه،
بالتأكيد على نبذ العنف ،والتشجيع على العلقات الطيبة بين الدول بدفعها إلى اللجوء في حل مشاكلها
إلى أساليب التفاوض السلمية ،والمساعي الحميدة .كما أن المهمة النسانية التي يقوم بها القانون الدولي
العام بتنظيمه لقواعد الحرب في حالت النزلق إلى القتتال على القل ،لتخفيف ويلت الحروب
وتنظيم وتقديم المساعدات وإجراء التصالت بالطراف المتقاتلة لحل أزماتها ،إضافة إلى المحاولة
الجادة لعادة السلم والمن إلى ربوع تلك الدول ونشرالسلم كغايته السامية.
-3وهكذا لم يبق القانون الدولي العام على حاله ،فقد تطور كثيراً ،واكتسب مفاهيم ،ومبادئ جديدة ،
تعبرعن ميزان القوى العالمي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ،وانقسام العالم إلى معسكرين ،وقيام
نظام جديد للعلقات الدولية أساسه القطبية الثنائية ،وإستقلل الكثير من البلدان في العالم الثالث كما
ل وطنية انضم الكثير منها إلى مجموعة دول عدم النحياز في ظل الحرب الباردة
ذكرنا ،وتأسيسها دو ً
.كل ذلك وسع دائرة إهتمام القانون الدولي وأعطى للبلدان النامية مكانة فيه ،وقد عبرت فترة
الستقلل السياسي للكثير من الدول بعد الحرب العالمية الثانية – في ظل القطبية الثنائية ،وتوازنات
الحرب الباردة -عن التقاء مصالح الدول ,وعكس إرادة شعوبها التعايش في المجتمع الدولي .حيث
مثل ،ويمثل مرحلة النتقال من القواعد القديمة للقانون الدولي ،إلى القواعد الجديدة التي تشكلت إحدى
أهم أعمدتها قاعدة )صيانة السلم العالمي( .
-4وبتلشي أحد القطبين أصبحت البشرية تعيش في ظل نظام عالمي جديد أساسه أحادية القطب منذ
بداية التسعينات من القرن الماضي ،وظهرت معه مفاهيم ،وظواهرجديدة كالعولمة ،والتأكيد على
حقوق النسان مع التوجه نحو التدخل باسم التدخل النساني في شؤون الدول الخرى تحت ذريعة
حماية حقوق النسان من العتداءات الصارخة ،وكان لذلك أثره في ظهور بعض المنازعات.
من جهة أخرى لم يقتصرالتعاون بين الدول على ناحية واحدة بل امتد ليشمل كافة النواحي القتصادية
منها ،والعلمية ،والفكرية ،والفنية وحتى الروحانية فالبعض ينتفع من اكتشافات ،واختراعات البعض
الخر .كما إن للتقدم الدبي والفكري في بلد ما تأثيره على الحياة الفكرية في البلد الخرى .
-5إن استمرارالعلقات الودية ،وحسن التفاهم بين الدول يسهل غاية القانون الدولي لكن كثيرًا ما
تعجزالوسائل الودية من فض النزاعات ،ويصبح اللجوء إلى إستعمال القوة أمرًا محتومًا ،وعندها
أيضًا يتدخل القانون الدولي ليخفف من الويلت الناجمة عن إستعمال القوة.
إن القانون الدولي لم يكن بمقدوره حتى الن إبعاد شبح الحروب التي مازالت هي الوسيلة الوحيدة في
كثير من الحيان لتسوية المنازعات الدولية والداخلية ،كما حدث في بداية التسعينيات إلى أواخره ،في
العراق أثناء غزوه للكويت ،وفي يوغسلفيا السابقة لوقف إنتهاكات السلطة في صربيا بقيادة سلوبودان
ميلوسوفيتش ضد مسلمي البوسنة والبان كوسوفو ،ومرة أخرى في العراق للطاحة بنظام صدام
حسين رغم عدم اتفاق الدول الكبرى فيما بينها على هذه الخطوة ،فهي تدخل في إطارهذا النهج ،أي
التدخل بذريعة الحفظ على السلم ،أومنع النتهاكات الصارخة لحقوق النسان.
إن تمسك الدول بسيادتها المطلقة ،وإغلق أبوابها في وجه مبادئ القانون الدولي يزيد من آلم الشعوب
تحت قمع السلطات الدكتاتورية ،وكأنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم ،تطبق فيها القانون
المعبرعن إرادة الحكام في القتل ،والنهب والتسلط،وكم الفواه .لكن الجهود المبذولة من قبل المنظمات
الدولية ،والجهات الفنية بتوفيرحرية ،وضمان حقوق النسان ،وعقد التفاقات الدولية في هذا الشأن
-13يؤدي إلى تقليل حالت تعنت الدول باسم السيادة ،وإلى زيادة التزامها بقواعد القانون الدولي ،وتطبيقها
للمعاهدات المبرمة إذ تشعرالدول يومًا بعد يوم بأن الدول القوية سواء بتكليف من المنظمة الدولية
)المم المتحدة( أم بالحصول على غطا ء شرعي لحقًا ،تجعل من حماية حقوق النسان ،والديمقراطية
،ومكافحة الرهاب ذريعة للتدخل والطاحة بالنظم الدكتاتورية )أفغانستان ،والعراق بعد أيلول)
.(2001ويأمل العديد من أساتذة القانون الدولي أنه سوف يأتي اليوم الذي تقتنع فيه الدول بأن التعسف
في إستخدام السلطة ،والحروب مهما كانت مغانمها ستجرالوبال عليها ،وعلى الكل ،وإن التفاهم ،
والتعاون ،واحترام الحقوق أجدى وأنفع من اللتجاء إلى العنف ،والقوة ). (13
المبحث الثالث _مصادر القانون الدولي:
ان نشوء العلقات الدولية فيما بين الدول لم تقم إل بالتقاء إرادات الدول الثنائية أو أكثر فيما بينها تحت
أوصاف مختلفة :
أ_كالمعاهدات.
ب_ التفاقات الدولية التي تنظم تلك العلقات فيما بينها ،والتي اعتبرت مصدرًا من مصادر القانون
الدولي ،يجعل من القضاء الدولي الرجوع إليها للبت في المنازعات المعروضة عليه ،كون القاضي
الدولي يعتمد في الحكم على القضية المعروضة عليه على ضوء القوانين الوضعية التي أقرتها إرادات
الدول من الطراف المتنازعة ،بخلف القاضي الوطني الذي يحكم سواء وجدت قاعدة قانونية ،أو لم
توجد.
إن اختلف النظام القانوني الدولي ،عن النظام القانوني الوطني أي الداخلي ،على القل في مصدره
الساسي الذي يمثله التشريع في النظام القانوني الوطني والذي تم وصفه بوجود سلطة عليا في الدولة
بخلف النظام القانوني الدولي الذي يعتمد في مصدره الساسي على إرادات الدول التي تلقت في
معاهدة ،أو اتفاقية توضح بان مصادر القانون الدولي العام تتجسد أول ما تتجسد في التفاقيات
والمعاهدات الدولية التي تأخذ :
_1المظهر الصريح للقاعدة القانونية .
_2المظهر الضمني للقرارالذي يكون بسير الدول في تصرفاتها على مقتضى القاعدة الدولية المنشأة
نتيجة الحاجة ذاتها ،وشعورالدول بضرورتها.
ويقسم الفقهاء مصادر القانون الدولي إلى :
-1المصادر المادية:وهي تلك التي تتمثل في السس ،والعناصرالجتماعية الدولية .أي كافة القيم ،
والمثل ،والمفاهيم السائدة في المجتمع الدولي ،والتي تزود القاعدة المعنية بمادتها سواء أكانت
سياسية ،أم إقتصادية أم أخلقية.
-2المصادر الشكلية :وهي تلك التي يقصد بها القوالب التي تفرغ فيها القاعدة الدولية لتتخذ من
خللها شكلها الخارجي ،وتلك هي المصادرالتي يعتد بها عند القول بوجود ،أوعدم وجود القاعدة
القانونية الوضعية ).(14
كما أن القضاء الدولي في قيامه بتطبيق القانون الدولي على المنازعات المعروضة أمامه ،لم يقتصر
على العتداد بالقواعد التي صاغتها المصادر الشكلية للقانون الدولي ،وإنما استبق التكوين النهائي
لبعض القواعد وصياغتها في معاهدة ،أوعرف ،وعبرعن ذلك بما جاء في التفاق بين ليبيا وتونس
على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ،في مصدر الفريز القاري بينهما الصادر عام 1982والذي
دعت فيه الدولتان المتنازعتان المحكمة أن تعتد في حكمها ،بالتجاهات الجديدة في القانون الدولي
الجديد للبحار) ، (15كل ذلك قبل أن يتم التوقيع على معاهدة المم المتحدة لقانون البحار في إكتوبر
1982وقبل أن تدخل حيز التنفيذ.
ويوجد في القانون الدولي العام المعاصر نصان يتناولن تحديد القواعد التي يلجأ إليها القاضي الدولي
للفصل في المنازعات المعروضة عليه :
_1النص الول :المادة -7-من معاهدة لهاي الثالثة عشرة المبرمة في 18اكتوبر 1907الخاصة
بإنشاء محكمة دولية للغنائم ،فقد نصت المادة المذكورة على ما يلي" :إذا نص في إتفاقية نافذة بين
الدولتين المتنازعتين على القضية القانونية المثارة ،فإن المحكمة تتقيد بأحكام هذه التفاقية ،وإذا كانت
-14هذه التفاقية خالية من النص المناسب ،فإن المحكمة تطبق قواعد القانون الدولي ،وعند عدم وجود
قواعد معترف بها ،فإن المحكمة تقضي وفق المبادئ العامة للحق والنصاف" ) (16فهذا النص يصنف
مصادر القانون الدولي في ثلثة:
أ_ التفاقية ،أو المعاهدة الدولية.
ب_ قواعد القانون الدولي.
ج_ المبادئ العامة للحق والنصاف.
لكن هذا النص لم يدخل حيز التطبيق بسبب عدم إنشاء المحكمة الدولية للغنائم.
_2أما النص الثاني :فهو نص المادة -38-من النظام الساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي الصادر
في ، 16/2/1920كانت هذه المحكمة تابعة لعصبة المم المتمدنة ،وعندما أنشأت هيئة المم المتحدة ،
وضم نظام محكمة العدل الدولية إلى الميثاق الممي تبنت المادة -38-من النظام الساسي لمحكمة
العدل الدولية على مايلي :
1ـ "إن وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع وفقًالحكام القانون الدولي ،وهي تطبق في
هذا الشأن:
آـ التفاقيات الدولية العامة ،والخاصة التي تضع قواعد معترفًا بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
ب ـ العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواترالستعمال .
ج ـ مبادئ القانون العامة التي أقرتها المم المتحدة.
د ـ أحكام المحاكم ،ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف المم ،ويعتبرهذاأوذاك
مصدرًااحتياطيًا لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام المادة . -59-
2ـ ل يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلل بما للمحكمة من سلطةالفصل في القضية ،وفقًا لمبادئ
العدل ،والنصاف متى وافق أطراف الدعوى على ذلك ). (17
وهكذا حدد النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية مصادر القانون الدولي :آ ـ بالمعاهدات .
ب ـ العادات )العرف( الدولية المرعية .
ج ـ مبادئ القانون العامة التي أقرتها المم المتمدنة .
د ـ أحكام المحاكم .
ه ـ مذاهب كبار المؤلفين في القانون العام.
و ـ مبادئ العدل ،والنصاف متى وافقت أطراف الدعاوي على ذلك.
وبشأن الترتيب الوارد في نص المادة -38-من النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية في تعداده
لمصادرالقانون الدولي ،يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى أن ذلك الترتيب ل يعنى أي نوع من أنواع
التدرج ،ويبقى القاضي متمتعًا بكامل الحرية في حكم النزاع المطروح أمامه دون التقيد بذلك الترتيب.
وقد جاء بنفس المعنى قرار محكمة العدل في حكم لها صادر في النزاع بين الوليات المتحدة المريكية
ونيكاراغوا عام 1986جاء فيه :
"إنه إذا تضمنت معاهدة ما تقنينًا لقاعدة عرفيه ،فإن ذلك ل يعني حلول المعاهدة محل القاعدة العرفيه ،
أواستيعابها لها .ومن ثم ل يجوز القول بإمكانية الستغناء بالمعاهدة عن القاعدة العرفيه حتى ولوإتحد
موضوع كل منهما" ). (18
-15 -
المبحث الرابع _أشخاص القانون الدولي:
أوًل _ الدول :
من خلل التعريف بالقانون الدولي العام الذي ينظم العلقة فيما بين الدول يكون واضحًا بأن الشخاص
المخاطبين به هم الدول ،وهم الذين يتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات التي نظمتها لهم قواعد
القانون الدولي ،لذلك تعتبر الدول من أشخاص القانون الدولي العام ،وخاصة أن قواعد القانون الدولي
أقر لهم بتلك الصفة لنهم قادرون على إنشاء قواعد دولية بالتراضي مع غيرهم من الدول.
وقد نشأ القانون الدولي من أجل الدول حيث لولها لما كان هناك حاجة لوجود ذلك القانون .وكون
الدول من أكثر أشخاص القانون الدولي اختصاصًا ،يزيدها أهمية على بقية أشخاص القانون الدولي،
ولكن التطورات والتغيرات التي تطرأ على الدولة ،واختلف أشكالها يجعل من الوضع القانوني لتلك
الشكال المختلفة مثار خلف بين فقهاء القانون الدولي العام .
إن أشخاص القانون الدولي باعتبارها ل تشكل الموضوع الرئيسي لمجال البحث هذا ،لكن لبد من
التطرق إلى الدولة ،وأشكالها ،وأوضاعها القانونية ولو بشيء من الختصار نظرًا لهميتها في
موضوع البحث الرئيسي ألوهوالتدخل الدولي .
_1والدولة في نظر هوريو هي " :مجموعة بشرية على أرض معينة ،و تتبع نظاما إجتماعيا وسياسيا
،وقانونيا يهدف إلى الصالح العام ،و تستند الى سلطة مزودة بصلحيات الكراه" ). (19
_2ويراها الدكتور فؤاد العطاربأنها ":ظاهرة سياسية ،و قانونية تعني جماعة من الناس يقطنون رقعة
جغرافية معينة بصفة دائمة ،ومستقرة ،و يخضعون لنظام سياسي" ) (20و يبدوالختلف ظاهرًا بين
الفقهاء فيعرفها :
Carrede Malberg _3من الفقه الفرنسي بأنها" مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم معين ،ولها
من التنظيم ما يجعل للجماعة في مواجهة الفراد سلطة عليا آمرة و قاهرة".
_4ومن الفقه النجلوسكسوني يعرفها Salmonبأنها" :مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم محدد
لقامة السلم ،و العدل عن طريق القوة".
_5أما bluntshliمن الفقه اللماني يعرفها بأنها " :خليط أو مجموعة من الفراد مستقرة على إقليم
معين في شكل حكومة ،و محكومين ،ومتحدين في شخص منظم ). (21
_6ويعرفهاالستاذ الدكتور عبد الحميد متولي بأنها ذلك الشخص المعنوي الذي يمثل أمة تقطن أرضا
معينة ،والذي بيده السلطة العامة ،أوكما يسمونها السيادة . (Souverainete (22
_7أما جارنر Garnerفيعرفها بقوله " :إن الدولة كمفهوم في علم السياسة و القانون العام هي
مجموعة من الناس يزيدون ،أويقلون عددا ،ويشغلون بصفة دائمة قطعة محددة من الرض،
ويكونوامستقلين تماما ،أو تقريبا من السيطرة الخارجية ،ويملكون حكومة منظمة تدين لها هيئة
المواطنين بالطاعة المعتادة" ). (23
أما الدكتورإبراهيم عبد العزيز شيحا فيرى أن إختلف زاوية البحث ،وتباين المعاييرالتي اعتمد عليها
ـ ومن خلل التعاريف السابقة ـ يتبين بأن هناك أركان أساسية ثلثة لقيام الدولة تتمثل في ): (24
أـ مجموعة من الناس والتي تعرف باسم الشعب.
ب ـ رقعة من الرض ،و تسمى بالقليم.
ج ـ سلطة سياسية تبسط سلطتهاعلى ذلك القليم ،وعلى ذلك الشعب الذي يعيش عليه.
لكن الركان الثلثة السابقة الذكرل يرتب نشأة الشخصية القانونية للدولة ،إلإذا توافرعنصرالعتراف
بها من جانب الدول الخرى ،وبالعتراف يتم القبول بالتعامل معها كعضو في الجماعة الدولية ،
وهكذا يكون توافرعناصرالدولة شرطآ لزمًا ،وإن كان غيركاف لكتسابها الشخصية القانونية ،
ل تامآ ،كما إذا اقتسمت بعض الدول إقليم دولة
وتنقضي تلك الشخصية إذامازال أحد عناصرالدولة زوا ً
معينة ،أو إذا دخلت دولة في وحدة حقيقية مع دولة أخرى .أما مجرد التغيير في تعداد شعب الدولة ،
أو في مساحة القليم زيادة أو نقصانًا ،كما إن التغيير في شكل نظام الحكم ل يؤثرعلى الشخصية
القانونية الدولية.
- 16وقد حدد مجمع القانون الدولي معنى العتراف بأنه ":التصرف الحر الذي تقر دولة ،أومجموعة من
الدول بمقتضاه وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين ،وتتمتع بالستقلل عن باقي الدول،
وتقدرعلى الوفاء باللتزامات القانونية الدولية" ). (25
كما عرف ميثاق بوجوتاالعتراف بأنه " :قبول الدول التي تمنحه شخصية الدولة الجديدة ،والتسليم
بحقوقها وواجباتها" ). (26
وتملك الدول حرية اختياركبيرة ،وسلطة تقديرية واسعة في العتراف من عدمه لدرجة إنه يمكن القول
بأن العتراف هوعملية سياسية أكثرمنها قانونية ،أي أنه مرتبط بالقرارالسياسي في الدولة الراغبة
بالعتراف ،ومع أن العتراف ليس بالزام أو واجب ،لكن الواجب يقتضي في عدم العتراف
ل ،وبهذاالمعنى صدرمن
بالوضاع الغير مشروعة والباطلة ،وإذاتم العتراف بها فيكون ذلك باط ً
مجلس المن الدولي القرار رقم / 662 /في . (27) 1990- 08-02-
__________________________
) (27القرار رقم /662/تاريخ 1990في /9/اغسطس الخاص بالحالة بين العراق والكويت .
إن مجلس المن إذ يشير إلى قراريه 660المؤرخ في /3 /أب ،1990والقرار رقم /661 /المؤرخ في /6 /أب ،1990وإذ يثيربالغ جزعه
إعلن العراق إندماجه التام والبدي ،وإذ يطالب مرًة أخرى بأن يسحب العراق فورًا ،وبدون أي قيد ،أو شرط جميع قواته إلى المواقع التي
كانت تتواجد فيها في 1/ /أب ، 1990وقد صمم على إنهاء احتلل العراق للكويت ،واستعادة سيادة الكويت ،واستقللها وسلمتها القليمية ،وقد
صمم أيضًا على استعادة سلطة الحكومة الشرعية للكويت ،
ل.
1ـ يقررأن ضم العراق للكويت بأي شكل من الشكال ،وبأية ذريعة كانت ليست له أية صلحية قانونية ويعتبرلغياً ،وباط ً
2ـ يطلب إلى جميع الدول ،والمنظمات الدولية ،والوكالت المتخصصةعدم العتراف بذلك الضم والمتناع عن إتخاذ أي إجراء ،أوالقدام على
أية معاملت قد تفسرعلى أنها إعتراف غير مباشر بالضم .
3ـ يطالب بأن يلغي العراق إجراءاته التي إدعى بها ضم الكويت إليه.
4ـ يقررأن يبقى هذا البند في جدول أعماله وأن يواصل جهوده لوضع حد مبكر للحتلل .
اتخذ بالجماع في الجلسة . /3934/
-17-
ثانيًا -المنظمات الدولية:
إن القدرة على إنشاء قواعد قانونية دولية لم تعد تقتصرعلى الدول ،فمنذ أوائل القرن العشرين تكونت
وحدات دولية استطاعت أن تنشئ مع الوحدات المماثلة لها قواعد قانونية دولية ،وأصبحت مخاطبة
بأحكام القانون الدولي وأصبحت كذلك متمتعة بالحقوق التالية :
أـ حق إبرام المعاهدات.
ب ـ حق إرسال ،واستقبال المبعوثين الدبلوماسيين.
ج ـ حق المطالبة بأعمال قواعد المسؤولية الدولية ،أواللتزام بالخضوع لها.
د ـ حق إعلن الحرب.
وتلك الوحدات هي المنظمات الدولية .لكن الشخصية القانونية للدول ل تتطابق مع الشخصية القانونية
للمنظمات الدولية ،فهي مختلفة عنها وذلك أن المنظمات الدولية ل تكون إل بالقدر ،والحدود التي
ذكرها التفاق المنشئ للمنظمة الدولية ،في حين أن الشخصية القانونية للدول تكون مطلقة من كل قيد )
.(28والمنظمات الدولية هي :
أ_منظمات دولية حكومية حسبما جاء في إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ) ،(29ويقصد بالمنظمات
الدولية الحكومية تلك التي تنشئها الحكومات بموجب إتفاق دولي حكومي .
وتقابلها المنظمات الدولية الغير حكومية التي لم تؤسسها الحكومات ،ولم تنشئ بموجب اتفاق دولي
حكومي ،ومن هذه المنظمات الغير حكومية ما تكون عملها محصورًا في بلد معين ،وعندها تعتبر
منظمة وطنية غيرحكومية ،ومنها ما يتجاوزعملها حدود دولة معينة فتصبح منظمة دولية
غيرحكومية ،وقد عرف المجلس القتصادي ،والجتماعي لهيئة المم المتحدة في قراره رقم 288
الصادرعام 1992المنظمات الغير حكومية بأنها ،كل منظمة ل يتم تأليفها نتيجة إتفاق بين الحكومات
بما فيها المنظمات التي تقبل أعضاء يتم إختيارهم من قبل سلطات حكومية ،شرط أن ل يؤدي ذلك
للساءة إلى حرية التعبيرعن رأي هذه المنظمات). (30
ثالثًا _ الفراد :
يرى الدكتورمحمد طلعت الغنيمي بأن هناك فريقان مختلفان من الفقهاء حيال مركز الفرد في القانون
الدولي .
أ ـ فريق وضعي :يرفض العتراف للفرد بالشخصية الدولية على أساس أن القانون الدولي ينظم
العلقات بين الدول .
ب ـ وفريق واقعي :يرى في الفرد شخصًا من أشخاص القانون الدولي ،ويعتمد هذا الفريق على أن
لغيرمشروعة في حكم القانون الدولي ،وعندئذ لتثورمسؤولية الدولة
الفراد يمكن أن يرتكبوا أفعا ً
فحسب ،بل تثورمسؤوليتهم الشخصية كذلك ) .(31وقد خاطب القانون الدولي الفرد في الكثيرمن
ل لكتساب الحقوق ،وتحمل اللتزامات دون أن يرتقي
المعاهدات ،والتفاقيات الدولية مما جعل أه ً
الفرد إلى مستوى الدولة ،فهو أدنى منها ،ولذلك ل يمكن مساواته بها ،وإطلق نفس الصفة عليه ،فل
يمكن إعتباره من أشخاص القانون الدولي إل على وجه الستثناء بعكس الدولة التي تعتبرالشخص
الساسي المخاطب بها من قبل القانون الدولي .
كما ل يمكن إنكارالصفة الدولية على تلك الحقوق التي يكتسبها الفرد على الصعيد الدولي ،وقد ازداد
الهتمام بالفرد على المستوى الدولي من خلل العمل الدولي المشترك بصفته المستقلة عن الدولة ،
وجاء ذلك على سبيل المثال في :
آـ العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية ،والجتماعية ،والثقافية ). (32
ب ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ،والسياسية ). (33
-18ج ـ نظام الوصاية التي تمنح سكان القاليم الخاضعة حق التقدم بعرائض لكل من الجمعية العامة للمم
المتحدة ،ومجلس الوصاية ). (34
د ـ التفاق الخاص بتجريم ،ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري .
ه ـ التفاق الخاص بإزالة كافة صورالتمييز العنصري .
و ـ التفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين ،وأفراد أسرهم ) . (35وقد بدأ نفاذ التفاقية
الدولية هذه في تموز 2003وتنص على مجموعة من المعايير الدولية الملزمة ،لتناول معاملة
المهاجرين الحائزين للوثائق اللزمة والمهاجرين الغيرحائزين لهاعلى السواء ،ورعايتهم ،وضمان
ل عن التزامات ،ومسؤوليات الدول المرسلة ،والدول المستقبله .وقد
حقوق النسان الخاصة بهم فض ً
تطرقت التفاقية الى المهاجرين بأنه " :يوجد أكثر من 175مليون شخص من بينهم عمال مهاجرون ،
ولجؤون ،وملتمسواللجوء ،ومهاجرون دائمون وغيرهم ،يعيشون ،ويعملون في بلد غير بلد مولدهم
،أوجنسيتهم" .وقدعرفت التفاقية العامل المهاجرفي الفقرة -1-من المادة -2-من التفاقية المذكورة
على أنه :
"الشخص الذي سيزاول ،أويزاول ،أومابرح يزاول نشاطًا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها".
فالشخص القانوني :هو الشخص الذي يخاطبه القانون ،ويتمتع في ظله بمجموعة من الحقوق ،ويتحمل
اللتزامات .لذلك يعتبرالفرد في النظام القانوني الداخلي شخصًا قانونيًا ،والنظمة القانونية :هي
الكفيلة بتحديد أشخاصه المخاطبين به .فل توجد في النظمة القانونية هذه الصفة ،فالفرد يعتبر في
النظام القانوني الداخلي شخصًا قانونيًا بخلف العبيد الذين لم يكونوا يتمتعون في بعض النظمة
القانونية القديمة بهذه الصفة .فالفرد ل يعد حتى في أيامنا هذه شخصًا في القانون الدولي لنه غير
مخاطب بأحكام هذا القانون إل من خلل الدولة التي يتبعها).(36
ويرى الدكتور مفيد محمود شهاب ،بأنه إذا كان التمتع بوصف القدرة على إنشاء القواعد القانونية
الدولية يؤدي بالضرورة إلى توافر أهلية اكتساب الحقوق واللتزام بالواجبات ،إل ان العكس غير
صحيح .فقد تتفق الدول على ترتيب حقوق الفراد دون أن يصبحوا نتيجة ذلك أشخاصًا دوليين ،ذلك
أنهم ل يستطيعون أن ينشؤوا مع غيرهم من الفراد قواعد قانونية دولية .وبالرغم من إهتمام القانون
الدولي العام بالفراد لحمايتهم من المؤسسات السياسية التي ينتمون إليها ،أو لحماية هذه المؤسسات من
بعض تصرفاتهم الضارة ) ،(37لذلك تضمن القانون الدولي بعض النصوص التي تلزم الدول باحترام
بعض الحقوق الفردية ،أوإلزام الفراد بمراعاة بعض الواجبات تجاه الدول .ويخرج حقوق الفراد
السياسية والمدنية من نطاق إهتمام القانون الدولي ،وإنما ينحصرفي الحقوق الطبيعية والساسية
باعتباره كائنًا إنسانيًا ،ومع ذلك ينكر القانون الدولي الوضعي على الفرد الشخصية الدولية ،ويحرمه
من حق السهام في العلقات الدولية ،ومن حق النضمام إلى المنظمات الدولية ،لكن التطورالحاصل
في القانون الدولي بإحاطته بالفرد ،وتوسيع دائرة الهتمام به أخذ يتضاعف ،ويضعه في دائرة
الرتباط بالقانون الدولي ،ويلحظ ذلك ما جاء في ميثاق المم المتحدة الذي منح سكان القاليم
الخاضعة للوصاية حق تقديم العرائض الشفوية ،والمكتوبة إلى مجلس الوصاية ،وكذلك أجازاخضاع
الفرد لختصاص قضاء جنائي دولي وأجازمعاقبته بواسطة محاكم دولية .
-19-
خلصة الفصل التمهيدي :
لقد تبين من خلل عرضنا لتعريف القانون الدولي بان هناك جانبًا تطرق اليه الفقهاء والعلماء السوفييت بشأن تعريف
القانون الدولي :
-1فالقانون الدولي عن الفقهاء الغربيين ينصب على حقوق الدول والتزاماتها أما عند الفقهاء السوفييت فينصب جل
اهتمامهم في الجهة التي تعبر عنها القانون الدولي ،وهي عندهم ارادة الطبقة الحاكمة بالضافة الى تنظيمها للعلقات
بين الدول خلل صراعها وتعاونها ،حيث نظرتهم تلك نابعة من النهج الماركسي الذي يعتمد على تحليل البنية التحتية
للمجتمع -القتصاد -لمعرفة الطبقات الجتماعية والصراع بينها .
-2رغم الختلف لدى فقهاء القانون حيال مركز الفرد في القانون الدولي إل ان واقع القانون الدولي الحالي هو الهتمام
بالفرد اهتمامًا اكبر مما كان عليه في السابق ،وقد خاطب الكثير من المعاهدات والتفاقيات الدولية الفرد ،في ضرورة
تمتعه بحقوقه وتحمله لللتزامات ،رغم عدم بلوغه الى مستوى الدولة .أي انه أصبح شخصًا من أشخاص القانون
الدولي دون أن يرتقي الى مستوى الدولة .
-20الفصل الول
القانون الدولي النساني
لقد مر القانون الدولي النساني بمراحل متعددة ،حيث أنبثق من الديان المختلفة ،كما وجد في فكر
الفلسفة والصلحيين الى أن بدأ يتقنن من خلل المعاهدات ،والتفاقات الدولية لتشمل حالت معينة ،
وفئات محددة من الناس .لذلك وجدت من الضروري تقسيم هذا الفصل كالتالي :
المبحث الول :نشأة وتطورالقانون الدولي النساني .
المبحث الثاني :مصادرالقانون الدولي النساني .
المبحث الثالث :ماهية القانون الدولي النساني .
المبحث الرابع :نطاق تطبيق القانون الدولي النساني .
-21-
المبحث الول -نشأة وتطور القانون الدولي النساني :
ظلت فكرة حماية النسان من ويلت الحروب عالقة لدى جميع الشعوب منذ العصورالقديمة ،إل أن
ل في القرن التاسع عشر ،وكان الحدث
إضفاء طابع النسانية على النزاعات المسلحة ،شهد تطوًرا هائ ً
الحاسم في ذلك هوتأسيس اللجنة الدولية للصليب الحمرعام 1863وتوقيع إتفاقية تحسين
مصيرالعسكريين الجرحى في القوات المسلحة في الميدان ،في اغسطس عام ،(1) 1864حيث لم
تفتقرالحروب المندلعة منذ القديم من ممارسات همجية ،ووحشية من ظلم ،و عدوان وسفك للدماء ،
امتدت لتشمل المدنيين من غيرالمقاتلين ،بالضافة إلى عدم التفريق بين الوضاع الخاصة لبعض
الفراد من الكهلة ،والشيوخ ،والصغار والنساء الحوامل ،كما لم يميز القائمون على تلك الحروب بين
دورالثقافة ،و المباني ،وينابيع المياه .لكن التصرفات القاسية هذه في ساحات القتال بدأت تخفف من
حدتها تحت تأثيرالديان ،فوجدت فكرة القانون النساني في الشرائع السماوية ،وعلى الخصوص
الشريعة السلمية ) ،(2ولم يفتقرالدين على السلم فقط ،فالشعائرالتي يؤديها النسان في كافة بقاع
الرض آتية من أديان مختلفة تعود أغلبها الى ما قبل اليهودية التي أصبحت اليوم الفاصل بين الكتب
السماوية ،و غيرها .فتلك الكتب مختصرة على القرآن الكريم ،والعهدين القديم ،والجديد .أما البقية
التي يعتمد النسان في إقامة شعائره ،ويعتبرها مرجعًا لعقائده ليست سماوية بل وضعية من صنع
الفلسفة ،والصلحيين ،ورغم ذلك تحتوي على مبادئ انسانية ،واخلقية أصبحت مصدرًا غنيًا
لقواعد القانون الدولي النساني .
فالثقافة التي يكتسبها النسان الفرد عبرعملية التنشئة الجتماعية نتيجة التراكم الثقافي في المجتمع،يتأثر بها قواعد القانون الدولي النساني ،فالجنود المتعلمين ،والمثقفين أكثرتفهماًللعدو ،ومعاملة
جنوده ،ومواطنيه بروح إنسانية ،من الجنود الميين .كما أن الطلع على القواعد الساسية للقانون
الدولي النساني هي أكثر يسرًا للجنود المتعلمين ،والمثقفين من غيرهم ،وقد أدركت اللجنة الدولية
للصليب الحمر في جنيف أهمية إدخال القانون الدولي النساني في الثقافة العامة الوطنية على مستوى
المناهج التدريسية في مراحله المتوسطة و العالية ). (3
____________________________
بشأن نشر قواعد القانون الدولي أنظر في :إتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12آب /أغسطس . 1949
المــادة )(127تتعهد الطراف السامية المتعاقدة ،بأن تنشرنص هذه التفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها ،في وقت السلم كما في وقت
الحرب ،وتتعهد بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري ،والمدني إذا أمكن ،بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها معروفة
لمجموع قواتها المسلحة والسكان،ويتعين على السلطات العسكرية،أوغيرها والتي تضطلع في وقت الحرب بمسؤوليات إزاء أسرى الحرب أن
تكون حائزة لنص التفاقية،وأن تلقن بصفة خاصة أحكامها.
إتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949
المــادة )(144
تتعهد الطراف السامية المتعاقدة بأن تنشر نص هذه اللتفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها ،في وقت السلم كما في وقت الحرب ،وتتعهد
بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري ،والمدني إذا أمكن ،بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها معروفة لمجموع السكان.
يتعين على السلطات المدنية ،والعسكرية ،والشرطة،أوالسلطات الخرى التي تضطلع في وقت الحرب بمسؤوليات إزاء الشخاص المحميين ،أن
تكون حائزة لنص التفاقية ،وأن تلقن بصفة خاصة أحكامها.
الملحق "البروتوكول" الول الضافي إلى إتفاقيات جنيف المعقودة في 12آب /أغسطس 1949المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية
المسلحة
المــادة : 83النشــر
-1تتعهد الطراف السامية المتعاقدة بالقيام في زمن السلم،وكذا أثناء النزاع المسلح بنشرنصوص التفاقيات ،ونص هذا الملحق "البروتوكول"
على أوسع نطاق ممكن في بلدها ،وبإدراج دراستها بصفة خاصة ضمن برامج التعليم
العسكري ،وتشجيع السكان المدنيين على دراستها ،حتى تصبح هذه المواثيق معروفة للقوات المسلحة ،وللسكان
المدنيين.
-2يجب على أية سلطات عسكرية،أو مدنية تضطلع أثناء النزاع المسلح بمسؤوليات تتعلق بتطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" أن
تكون على إلمام تام بنصوص هذه المواثيق.
-22وقد عقد المؤتمرالدبلوماسي لتأكيد وتطويرالقانون الدولي المطبق في المنازعات المسلحة -الذي
دعاإليه المجلس التحادي السويسري -أربع دورات في جنيف لدراسة مشروعي الملحقين "
البروتوكولين" الضافيين اللذين أعدتهما اللجنة الدولية للصليب الحمر(4).
_________________________
) (4قرار رقم }{21
قراربشأن نشر القانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة:
إن المؤتمرالدبلوماسي لتأكيد ،وتطوير القانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة في جنيف 1977 – 1974
ل جوهريًا في تطبيقه الفعال،
اقتناعًا منه بأن اللمام الجيد بالقانون الدولي النساني يشكل عام ً
وثقة منه بأن نشرهذا القانون يسهم في الترويج للمثل النسانية العليا ،وإشاعة روح السلم بين الشعوب.
-1يذكر بأنه طبقًا لتفاقيات جنيف الربع لعام ،1949التزمت الطراف السامية المتعاقدة بنشر أحكام هذه التفاقيات على أوسع نطاق ممكن،
وبأن الملحقين "البروتوكولين" الضافيين اللذين أقرهما هذا المؤتمر يؤكدان من جديد هذا اللتزام ،ويتوسعان فيه.
-2يدعو الدول الموقعة إلى إتخاذ جميع التدابيرالمجدية لضمان نشرفعال للقانون الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحة ،وللمبادئ
الساسية التي تشكل أساس هذا القانون ،وبوجه خاص إتخاذ التدابير التالية :
أ ( تشجيع السلطات المختصة على وضع وتنفيذ طرق لتدريس القانون الدولي النساني تتلءم والظروف الوطنية ،وبالخص في صفوف القوات
المسلحة والسلطات الدارية المختصة ،مع اللجوء إذا دعت الحاجة إلى مساعدة اللجنة الدولية للصليب الحمر،وإلى ما تسديه من مشورة.
ب( القيام في زمن السلم بتدريب موظفين مؤهلين قادرين على تعليم القانون الدولي النساني ،وتيسير تطبيقه ،ول سيما بالمفهوم الوارد في
المادتين 6و 82من الملحق "البروتوكول" الول.
ج ( توصية السلطات المعنية بتعزيز تعليم القانون الدولي النساني في الجامعات )في كليات الحقوق ،والعلوم السياسية ،والطب...الخ (.
د ( توصية السلطات المختصة بإدخال منهج لتعليم مبادئ القانون الدولي النساني في المدارس الثانوية أو ما يماثلها.
-3يدعو الجمعيات الوطنية للصليب الحمر )الهلل الحمر ،السد والشمس الحمرين( إلى تقديم مؤازرتها للسلطات الحكومية المختصة بغية
السهام في تفهم،ونشرالقانون الدولي النساني على نحو فعال.
-4يدعو اللجنة الدولية للصليب الحمر إلى أن تساند على نحو إيجابي المجهود الذي يبذل لنشر القانون الدولي النساني ،وعلى الخص :
أ ( بنشر المواد التي من شأنها تيسير تعليم القانون الدولي النساني ،والعمل على تداول جميع المعلومات المجدية لنشر اتفاقيات جنيف واللحقين
"البروتوكولين" الضافيين
بتنظيم حلقات دراسية ومحاضرات عن القانون الدولي النساني سواء كان ذلك من تلقاء نفسها ،أم بناًء على طلب الحكومات أم الجمعيات
الوطنية ،والتعاون في سبيل تحقيق هذا الغرض مع الدول
والمؤسسات المناسبة.
الجلسة العامة الخامسة والخمسون
7حزيران/يونيو 1977
الملحق "البروتوكول" الول الضافي إلى اتفاقيات جنيف المعقودة في 12آب /أغسطس 1949المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية
المسلحة
المــادة :6العاملون المؤهلون:
-1تسعى الطراف السامية المتعاقدة في زمن السلم أيضًا بمساعدة الجمعيات الوطنية للصليب الحمر )الهلل الحمر ,السد والشمس
الحمرين( لعداد عاملين مؤهلين بغية تسهيل تطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" وخاصة فيما يتعلق بنشاط الدول الحامية.
-2يعتبر تشكيل وإعداد مثل هؤلء من صميم الولية الوطنية.
-3تضع اللجنة الدولية للصليب الحمر رهن تصرف الطراف السامية المتعاقدة قوائم بالشخاص الذين أعدوا على النحو السابق ,التي تكون قد
وضعتها الطراف السامية المتعاقدة وأبلغتها إلى اللجنة لهذا الغرض.
-4تكون حالت إستخدام هؤلء العاملين خارج القليم الوطني ,في كل حالة على حدة محل إتفاقات خاصة بين الطراف المعنية.
المــادة : 82المستشارون القانونيون في القوات المسلحة
تعمل الطراف السامية المتعاقدة دومًا ،وتعمل أطراف النزاع أثناء النزاع المسلح على تأمين توفر المستشارين القانونيين ،عند القتضاء لتقديم
المشورة للقادة العسكريين على المستوى
المناسب ،بشأن تطبيق التفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" وبشأن التعليمات المناسبة التي تعطى للقوات المسلحة فيما يتعلق بهذا الموضوع .
-23وفي مجال الثقافة المجتمعية :قد فطنت اللجنة الدولية للصليب الحمرإلى الحضارة والثقافة السلمية
كمصدرثري من مصادرالقانون الدولي النساني ،فأصدرت منشورًا مصورًا بعنوان " من ذاكرة
ل عربيه مشهورة في مجال تطبيق التعاليم النسانية في السلم ،
التاريخ العربي السلمي" .ضمنته أقوا ً
والحرب ،كما كرست تقويم العام 1994لثنتي عشرةمنظمة عربية تشكل بعض أهم معطيات القانون
الدولي النساني وهي :
-1اغث من استغاث بك )لمحي الدين بن عربي( .
-2ل عذر في عذر )لبي حيان التوحيدي( .
-3هم أساري مناياهم فما لهم إذا أتاهم أسير ليفكونه )لبي علء المصري( .
-4الصلح من ذي قدرة أصلح )للشيخ الشيرازي( .
-5إذا دان العدى وجب المان )لولي الدين يكن( .
-6فهل تركنا النبت ماكان أخضرا )لحنظلة بن عرادة( .
-7ل تقتلوا مدبرًا ،ول تصيبوامعورًا ،ولتجهزواعلى جريح ،ولتهيجواالنساء بأذى ) .لعلي بن أبي
طالب( .
-8من يكن له كرم تكرم بساحته للسرى )لبي علء المصري( .
-9عالج عدوك كما تعالج حبيبك )للطبيب علي بن رضوان( .
-10إني أمنتكم على أنفسكم ،وأموالكم ،وكنائسكم ،وبيعكم ،وسورمدينتكم ) .لحبيب بن مسلمة
الفهري( ). (5
كماأن التاريخ على مرالعصورلم يعرف أبلغ من وصية الخليفة أبي بكر(ض) التي يمكن اعتبارها من
أهم مبادئ القانون الدولي النساني المعاصر ،وذلك في وصيته الموجهة إلى قائد جيشه أسامة بن زيد
حين قال مخاطبًا إياه جنده :
"أيها الناس قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني :لتخونوا وتكفروا ،ول تغدروا ،ول تمثلوا،ولتقتلوا
ل ،ول تحرقوه ،ولتقطعواشجرة مثمرة ،
ل صغيرا ،ولشيخًا كبيرا ،ولامرأة ،ولتعقروانخ ً
طف ً
ولتذبحواشاة ،ولبقرة ،ولبعيرًا إل لمأكل ،وسوف تمرون بأقوام قد فرغواأنفسهم في الصوامع ،
فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ،وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآية فيها ألوان من الطعام ،فإذا أكلتم
منها فاذكروا اسم ال عليه".
-2وفي مجال الخلق ،فالتشريعات الشرقية من :سومر وبابل والهند والصين قد ثبتت الكثيرمن
مبادئ الخلق التي كانت سائدة في تلك المجتمعات.
-1ففي الهند كان قانون مانوا سائدًا في حوالي /1000 /ق.م قد أوجب على المحارب أن ل يقتل
عدوًا استسلم ،ول أسير حرب ،ولعدوًا نائمًاأوأعزل ،ول شخصًا مسالمًا غير محارب ،ول عدوًا
مشتبكًا مع خصم آخر ).(6
ب -وفي الحضارة العربية السلمية كانت الخلق الحميدة نبراسًا يتقيد به الخلفاء والقادة العرب ،
والمسلمون في حروبهم ضد الخرين ،أوفي علقتهم مع الشعوب الخرى في السلم ،أوالحرب.
وقد أشارالكثيرمن الكتاب ،والمفكرين الوربيين المعاصرين بذلك حيث يقول البارون دوتوب ،في
محاضرته التي القاها في أكاديمية القانون الدولي في لهاي عام ":1926بأن أهمية السلم عمومًا في
تطويرالحضارة ضمن حوض البحر البيض المتوسط تجعلنا نقبل العتراف بأن العالم السلمي قد
ساهم بتشكيل بعض نظم قانون الحرب ،وعاداته بين شعوب أوربا حيث أن هذه الشعوب وجدت لدى
أعدائها الذين ناصبتهم العداء أثناء الحروب الصليبية قواعد جاهزة تتعلق بإعلن الحرب ،والتمييز بين
المقاتلين ،وغيرالمقاتلين ،ومعاملة المرضى والجرحى وأسرى الحرب وتقسيم الغنائم الحربية ،ومنع
بعض وسائل الضرار بالعدو. (7) " ...
ويقول ابن شداد مؤرخ سيرة صلح الدين اليوبي ":إنه كان يحسن معاملة السرى ،ويخص
البارزين منهم بحسن المعيشة ،وخلع الثياب عليهم ،وعندما أحضر الناس قتلهم ،وكنت حاضرًا ذلك
-24المجلس ،أكرم رحمه ال المتقدمين منهم ،وأخلع على مقدمي العسكرالفرنسي فردة خاصة ،وأمر
لكل واحد من الباقين بفردة خرجية ،لن البرد كان شديدًا ،وحين كانت المعركة ،أوالحصار تنتهي
باستلم الطرف الخر) ،(8كان ينفذ شروط الستسلم بدقة ،بل ينفذها لمصلحة المستسلمين أكثر مما
تتطلبه الشروط أحياناً ،وحين يدفع السرى فداءهم يرسل من يحرصهم حتى يصلوا الى مأ منهم ".
ج -أما الحضارة الوربية فإن روح الفروسية التي سادت البلدان الوربية خلل مرحلة القرون
الوسطى ،قد أمربمثل هذه المبادئ مثل حماية النساء ،وإغاثة الملهوف ،وعدم مهاجمة الفارس الذي
يسقط عن فرسه ،والكف عن مقاتلة الخصم الذي ينكسرسيفه في يده ...الخ.
لذلك اعتبربعض فقهاء القانون الدولي إن مبادئ الفروسيةهيمن على مصادر القانون الدولي النساني
كما إن الراء الفلسفية التي نادى بها كل من روسو ومونتسكيو ،وايمريك فاتيل ،وبنيامين فرانكلين ،
أثرت في تدعيم الساس الخلقي للقانون الدولي النساني .
-3أما الدين :
أ_ ففي المسيحية :ان أول من نادى بالتمييز بين الحرب العادلة ،والحرب الغيرعادلة ،كان الراهب ،
والقديس التونسي أوغستينوس ،كما طالب بإحترام المعاهدات ،وأعراف الحرب .وبعده بقرون أتى
القديس توما الكويني ،ووجد بأن القانون الطبيعي ،والنساني ليتعارضان مع القانون اللهي .كما
أن المبادئ الساسية التي دعت إليها المسيحية شكلت ثورة متقدمة في مجتمع كانت تسوده القسوة ،
والشدة ،فقد جاء في العهد الجديد ":احبواأعداءك ،أحسنوا إلى مبغضيكم ،من ضربك على خدك
اليمن ،فاعرض له خدك اليسر" .
ب_ السلم :لقد دخل السلم الحرب مع الشعوب التي وقفت بالضد من إنتشار شريعة ال على يد
النبي الكريم محمد )ص( ،ومعاملة المجاهدين المسلمين مع الطرف الخرمن المقاتلين لم تكن مجردة
من كل قيد ،كون السلم لم يكن دينًا فقط ،بل شريعة ،وقانونًا ،وأخلقًا نظم علقة النسان بالنسان
أيضًا في معاملته المختلفة حتى في الحرب ،وساحات القتال .لذلك جاء القرآن الكريم ،والسنة النبوية
الشريفة ،ووصاياالخلفاء ،والقادة للجنود بالكثيرمن القواعد الشرعية التي تعتبرمراعاتها ،والتقيد
بهاواجبًا ،وليس فقط مبادئ أخلقية يجوزالتيان بها ،أو الكف عنها ،ومن هذه القواعد الشرعية :
-1عدم جواز القتل إلبسب شرعي كما في نص الية الكريمة:
ن ِإْمل ٍ
ق
ساًنا َول َتْقُتُلوا َأْولَدُكْم ِم ْ
حَ
ن ِإ ْ
شْيًئا َوِباْلَواِلَدْي ِ
شِرُكوا ِبِه َ
ل ُت ْ
عَلْيُكْم َأ ّ
حّرَم َرّبُكْم َ
ل َما َ
ل َتَعاَلْوا َأْت ُ
ُق ْ
ل ِإ ّ
ل
حّرَم ا ُّ
س اّلِتي َ
ن َول َتْقُتُلوا الّنْف َ
ظَهَر ِمْنَها َوَما َبطَ َ
ش َما َ
ح َ
ن َنْرُزُقُكْم َوِإّياُهْم َول َتْقَرُبوا اْلَفَوا ِ
حُ
َن ْ
). (9
صاُكْم ِبِه َلَعّلُكْم َتْعِقُلو َ
ن
ق َذِلُكْم َو ّ
حّ
ِباْل َ
وقد حرم التمثيل بالجثت لقدسية الميت،وإنسانيتة .حيث يروى عن الرسول )ص(" :إياكم والمثلة ولوب
القلب العقور" .
-2قصرالسلم القتال على رجال العدوالمحاربين فقط.حيث أوصى الرسول )ص( زيدًا بن حارثة لما
ل بصومعة"). (10
أنفذه الى مؤتة" :لتقتلوا ،وليداً،ولامرأة ،ول كبيرًا ول فانياً،ولمنعز ً
ح ّ
ب
ل ل ُي ِ
ن ا َّ
سَواٍء ِإ ّ
عَلى َ
خَياَنًة َفاْنِبْذ ِإَلْيِهْم َ
ن َقْوٍم ِ
ن ِم ْ
خاَف ّ
وفي الخيانة جاء في القرآن الكريم َوِإّما َت َ
). (11
خاِئِني َ
ن
اْل َ
وفي المان لمن يطلبه من مقاتلي العدو نصت الية الكريمة:
ك ِبَأّنُهْم َقوٌْم ل َيْعَلُمو َ
ن
ل ُثّم َأْبِلْغُه َمْأَمَنُه َذِل َ
سَمَع َكلَم ا ِّ
حّتى َي ْ
جْرُه َ
ك َفَأ ِ
جاَر َ
سَت َ
ناْ
شِرِكي َ
ن اْلُم ْ
حٌد ِم ْ
ن َأ َ
َوِإ ْ
). (12
وهكذا يتبين من اليات الكريمة ،والسنة النبوية الشريفة ،ووصايا الخلفاء ،والقادة المسلمين شروطًا ،
وأحكامًا واجبة على المقاتلين التقيد بها .
-25-
المبحث الثاني ـ مصادر القانون الدولي النساني :
كانت مصادرالقانون الدولي النساني حتى منتصف القرن التاسع عشر تعتمد على العرف الدولي ،
لكنها بدأت تتقنن من خلل المعاهدات ،والتفاقات الدولية .كمابدأت القواعد العرفية تدخل الى تلك
المعاهدات شيئًا فشيئاً ،وقد شهد القرن التاسع عشر وما بعده مجموعة من التفاقيات التي تعتبرأهم
مصادرالقانون الدولي النساني وهي :
-1إتفاقية باريس لعام 1856كأول معاهدة جماعية تتضمن تنظيمًا دوليًا بشأن سلوك المحاربين ،حيث
الغيت بموجبها القرصنة ،ومهاجمة الفراد لسفن العدو والستيلء عليها بتفويض من الحكومة .
-2وتلتها إتفاقية جنيف 1864المعدلة في سنة 1906الخاصة بالمعاملة التي يتعين أن يلقاها الجرحى
العسكريون في ميدان القتال من الجهزة الصحية ووسائل النقل الصحي ،والخدمات الصحية ،
واحترام المتطوعين بذلك الشأن .
-3مؤتمر باريس للصليب الحمرعام 1867ليشمل الجرحى في الحرب البحرية بعد أن كانت إتفاقية
جنيف لعام 1864مقتصرة علىجرحى الحرب البرية .
-4مؤتمرلهاي للسلم لعام ،1899وعام 1907انبثق عنه إتفاقية لملئمة الحرب البحرية لمبادئ
إتفاقية جنيف .
-5إتفاقية جنيف 1906والتي جاءت متممة ومطورة لتفاقية جنيف الولى لعام . 1864
-6إتفاقية جنيف لسنة 1929جاءت تطويرًالتفاقية 1906وكانت مبادرة اللجنة الدولية للصليب
الحمرمنذ نهاية الحرب العالمية الولى مسعًا لتحقيق المزيد من التقدم في الحقل القانوني النساني ،فتم
إنعقاد مؤتمر جنيف الدبلوماسي بدعوة من الحكومة السويسرية عام 1929وتم إبرام إتفاقيتين :
ا -الولى هي :إتفاقية جنيف المتعلقة بتحسين حال الجرحى ،والمرضى العسكريين في الميدان
والمؤرخة في . 27/7/1929
ب -الثانية :إتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب المؤرخة في . 27/7/1929
-7إتفاقيات جنيف الربعة المؤرخة في عام 12/8/1949والتي عقدت بعد دعوة الحكومة السويسرية
لتلفي المخاطرالناجمة عن الحرب العالمية الثانية فتم إبرام أربعةإتفاقيات هي المطبقة حاليًا في
النزاعات المسلحة .
-8البروتوكولن الضافيان لتفاقيات جنيف لعام 1977كما سابقتها بدعوة من الحكومة السويسرية
بعد أن تبين أوجه النقص والقصور في إتفاقيات جنيف الربعة ،والتي لم تعد تتناسب مع
الخطارالناجمة عن إستخدام السلحة المتطورة ،وقد جاء هذان البروتوكولن مكسبًا للثوار،
ولحركات التحررالوطني في بلدان العالم الثالث من أجل الستقلل الوطني ،وضد النظمة
العنصرية ،وذلك لممارسة حق الشعوب في تقريرمصيرها.
- 26المبحث الثالث _ تعريف القانون الدولي النساني .
لقد ورد مجموعة من التعاريف في منشورات اللجنة الدولية للصليب الحمر منها :
القانو
-1
ن الدولي النساني المطبق في المنازعات المسلحةهو ":مجموعة القواعد الدولية الموضوعة
بمقتضى معاهدات ،أوأعراف ،والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة النسانية
الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية ،أو غير الدولية ،والتي تحد لعتبارات
إنسانية من حق أطراف النزاع في اللجوء الى ما يختارونه من أساليب ،أووسائل للقتال ،
وتحمي الشخاص والممتلكات التي تصاب بسسب النزاع"). (13
-2هو مجموعة القواعد التي تسعى لسباب إنسانية للحد من تأثيرات النزاع المسلح ،ويحمي
الشخاص غيرالمشاركين ،أوالمتوقفين عن المشاركة في العمال العدائية ،ويقيد وسائل وأساليب
الحرب ويعرف القانون الدولي النساني كذلك باسم قانون النزاع المسلح ). (14
-3ويعرف جان بيكتيه نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الحمر سابقًا والستاذ المحاضربجامعة
جنيف بأن القانون الدولي النساني يتكون بمعناه الواسع من كافة الحكام القانونية الدولية سواء في
التشريعات،أوالقوانين العامة والتي تكفل احترام الفرد ،وتعزيزإزدهاره .
ويتكون القانون الدولي النساني الن عند بيكتيه من فرعين :
ا -قانون الحرب .ب -حقوق النسان .
وقانون الحرب بالمفهوم العريض حسبما يراه بيكتيه ،هو قانون النزاعات المسلحة ،يهدف إلى وضع
قواعد منظمة للعمليات الحربية ،وتخفيض الضرار الناجمة عنها الى أقصى حد نتيجة الضرورة
العسكرية.
وهو ينقسم إلى فرعين:
ا -قانون لهاي أو قانون الحرب :حيث يحدد حقوق المتحاربين ،وواجباتهم في إدارة العمليات ،ويقيد
اختياروسائل اليذاء.
ب -قانون جنيف أو القانون النساني :يستهدف على وجه التحديد حماية العسكريين العاجزين عن
القتال ،والشخاص الذين ل يشتركون في العمليات الحربية ). (15
-4القانون الدولي النساني هو مجموعة من القواعد التي تعاهدت عليها الدول ،أو العرفية التي ترمي
إلى حل المشكلت الناشئة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية ،وغير الدولية .والهدف من تلك
القواعد هي حماية الشخاص ،والممتلكات التي تتأثرأوقد تتأثر بالنزاع المسلح .كما يقيد حقوق
الطراف المتنازعة في اختيار أساليب ووسائل قتالية معنية ). (16
المبحث الرابع -نطاق تطبيق القانون الدولي النساني:
من خلل مراجعة نصوص المعاهدات،والتفاقيات الدولية يلحظ بأن هناك:
ا -حالت يشملها القانون الدولي النساني .
ب -فئات يشملها القانون الدولي النساني .
أوًل_الحالت التي يشملها القانون الدولي النساني:
ا -تنص المادة الثانية من إتفاقية لهاي لعام 1899بأن أحكامها تطبق في حالة الحرب.
ب -إتفاقيات جنيف لعام 1949تنص في مادتها الثانية المشتركة على أنها:
"تطبق في حالة الحرب المعلنة ،أوأي نزاع مسلح آخر ينشب بين طرفين ،أوأكثر من الطراف
السامية المتعاهدة حتى وإن لم يعترف بحالة الحرب".
وتطبق أيضًا في "جميع حالت الحتلل الجزئي ،أوالكلي لقليم أحد الطراف وإن لم يلق مقاومة
مسلحة".
ج -البروتوكول الضافي الول العام 1977ينص في :
م 1ـ ف 3ـ ينطبق هذا الملحق ـ البروتوكول ـ الذي يكمل إتفاقيات جنيف لحماية ضحايا الحرب
الموقعة بتاريخ 12آب 1949على الوضاع التي نصت عليها المادة الثانية المشتركة فيما بين هذه
التفاقيات :
ف 4ـ تتضمن الوضاع المشارإليها في الفقرة السابقة ،المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب
- 27ضد التسلط الستعماري ،والحتلل الجنبي ،وضد النظمة العنصرية ،وذلك في ممارساتها لحق
الشعوب في تقريرالمصير ،كما كرسه ميثاق المم المتحدة والعلن المتعلق بمبادئ القانون الدولي
الخاصة بالعلقات الودية ،والتعاون بين الدول طبقًا لميثاق المم المتحدة .
هذا بالنسبة لحالت النزاع المسلح الدولي .
أما بالنسبة للنزاعات المسلحة غيرذات الطابع الدولي :
أوًل ـ تنص المادة الثالثة من إتفاقيات جنيف المشتركة لعام 1949على أنه :
المــادة )(3
في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الطراف السامية المتعاقدة يلتزم كل
طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الحكام التالية :
-1الشخاص الذين ل يشتركون مباشرة في العمال العدائية
بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقواعنهم أسلحتهم ،
والشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض،أوالجرح
،أوالحتجاز،أولي سبب آخر ،يعاملون في جميع الحوال معاملة
إنسانية ،دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر ،أو اللون ،أو
الدين ،أوالمعتقد ،أوالجنس ،أوالمولد ،أوالثروة ،أوأي
معيارمماثل آخر.
ولهذا الغرض ،تحظر الفعال التالية فيما يتعلق بالشخاص المذكورين أعله ،وتبقى محظورة في
جميع الوقات والماكن :
) أ( العتداء على الحياة ،والسلمة البدنية ،وبخاصة القتل بجميع أشكاله ،والتشويه ،والمعاملة
القاسية ،والتعذيب.
)ب( أخذ الرهائن،
) ج( العتداء على الكرامة الشخصية ،وعلى الخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة،
ل قانونيًا،
) د( إصدار الحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكي ً
وتتكفل جميع الضمانات القضائية اللزمة في نظر الشعوب المتمدنة.
(2يجمع الجرحى ،والمرضى ،ويعتني بهم.
ويجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة كاللجنة الدولية للصليب الحمرأن تعرض خدماتها على أطراف
النزاع.
وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك عن طريق إتفاقات خاصة على تنفيذ كل الحكام الخرى من
هذه التفاقية ،أوبعضها.
وليس في تطبيق الحكام المتقدمة ما يؤثر على الوضع القانوني لطراف النزاع.
ثانيًا :المادة الولى من البروتوكول الثاني لعام ،1977تنص على :
المــادة الولى :المجال المادي للتطبيق:
-1يسري هذا الملحق "البروتوكول" الذي يطور ويكمل المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف
المبرمة في 12آب /أغسطس 1949دون أن يعدل من الشروط الراهنة لتطبيقها على جميع
المنازعات المسلحة التي ل تشملها المادة الولى من الملحق "البروتوكول" الضافي إلى إتفاقيات
جنيف المعقودة في 12آب /أغسطس ،1949المتعلقة بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة
الملحق "البروتوكول" الول والتي تدورعلى إقليم أحد الطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة ،
وقوات مسلحة منشقة ،أوجماعات نظامية مسلحة أخرى ،وتمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من
إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة ،وتستطيع تنفيذ هذا
الملحق "البروتوكول".
-2ل يسري هذا الملحق "البروتوكول" على حالت الضطرابات ،والتوتر الداخلية مثل الشغب ،
وأعمال العنف العرضية الندرى ،وغيرها من العمال ذات الطبيعة المماثلة التي ل تعد منازعات
مسلحة.
- 28وهكذا حددت إتفاقية لهاي لعام 1899واتفاقيات جنيف لعام 1949والبروتوكول الضافي
الول،والثاني لعام 1977الحالت المشمولة بتطبيق قانون النزاعات المسلحة هي :
1ـ حالة الحرب ،أوأي نزاع مسلح آخر بين الطراف المتعاقدة .
2ـ جميع حالت الحتلل الجزئي ،أوالكلي لقليم أحد الطراف .
3ـ النزاعات المسلحة التي تقوم بها الشعوب ضد الستعمار ،والحتلل والنظمة العنصرية .
اما الحالت التي ل يشملها فهي :
حالت الضطرابات ،والتوترات الداخلية مثل الشغب ،وأعمال العنف العرضية وغيرها من
العمال ذات الطبيعة المماثلة التي ل تعد منازعات مسلحة .
ثانياًـ الفئات التي يشملها القانون الدولي النساني :
نصت مواد إتفاقيات جنيف على الشخاص المشمولين بالحماية ،وحددتهم بالجرحى ،والمرضى ،
والغرقى من أفراد القوات المسلحة ،وكذلك المدنيين وقت الحرب .وقد جاء في الملحق الضافي ـ
لعام 1977ـ لتفاقيات جنيف لعام 1949وأعطت بعض التعاريف منها :
_1الجرحى والمرضى :بأنهم الشخاص العسكريون ،أوالمدنيون،الذين يحتاجون إلى مساعدة ،
أورعاية طبية بسبب الصدمة ،أوالمرض ،أوأي إخلل ،أوعجزبدنياًكان ،أم عقليًا الذين يحجمون
عن أي عمل عدائي ،ويشمل هذان التعبيران أيضًا حالت الوضع ،والطفال حديثي الولدة ،
والشخاص الخرين الذين قد يحتاجون إلى مساعدة ،أورعاية طبية عاجلة ،مثل ذوي العاهات ،
وأولت الحمال الذين يحجمون عن أي عمل عدائي .
_2المنكوبون في البحار :هم الشخاص العسكريون ،أوالمدنيون الذين يتعرضون للخطر في
البحار،أوأية مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم ،أويصيب السفينة ،أوالطائرة التي تقلهم من نكبات ،
والذين يحجمون عن أي عمل عدائي ،ويستمرإعتبارهؤلء الشخاص منكوبين في البحارأثناء إنقاذهم
،إلى أن يحصلواعلى وضع آخربمقتضى التفاقيات ،أوهذاالملحق ـ البروتوكول ـ وذلك بشرط أن
يستمروا في الحجام عن أي عمل عدائي .
-29خلصة الفصل الول :
لوحظ من خلل الفصل الول :
-1ان القانون الدولي النساني وجد أساسه في الشرائع السماوية وخاصة الشريعة السلمية بما حملته من مبادئ انسانية
.
-2ان المعاناة التي لزمت وجود النسان في حياته أثناء الحروب و قساوتها رغم المبادئ النسانية التي أتت بها الديان
ل ولم يكن بمقدور القانون الدولي العام حماية النسانية في ظل تلك الحروب ،الى أن لحقه
،إل انها امتدت زمنًا طوي ً
التطور في ابراز جانبه النساني والهتمام بالنسان والتميز بين المقاتليين وغيرهم وكذلك بين البنية المستخدمة في
الشؤون العسكرية وغيرها في فترات القتال ،فكان نشوء القانون الدولي النساني وظهوره كقانون يسعى لنقاذ البشرية
وحمايتها من تأثير النزاعات المسلحة ،وحماية الغير مشاركين أو المتوقفين عن المشاركة في العمال القتالية وكذلك
تحريم بعض وسائل القتال الفتاكة .
-3لم يقتصر القانون الدولي النساني على حماية الفرد الغير مقاتل أثناء النزاعات المسلحة ،بل كان نطاق الحماية في
الساس هو حقوق المقاتلين من الجرحى والمرضى والغرقى من القوات المسلحة وكذلك السرى في الحفاظ على حياتهم
ومداواة المرضى منهم ،وعدم قتل السرى أو تعذيبهم ،وعدم التمثيل بالقتلى إكرامًا لدميتهم.
-4انتقال القانون الدولي النساني من العرف الدولي الى التقنين في المعاهدات والتفاقات الدولية .
-5الدور المتميز للمنظمات النسانية الدولية في تطوير وتطبيق قواعد القانون الدولي النساني وخاصةً اللجنة الدولية
للصليب الحمر الدولي ودورها المتميز في إضفاء الطابع النساني على النزاعات المسلحة .
- 30الفصل الثاني
عدم جواز التدخل في شؤون الدول .
ان مبدأ عدم التدخل ،في المواثيق الوطنية والدولية حديث العهد .وقد بدأ بالنتشار منذ الثورة الفرنسية
وأخذت به الدول كافة من خلل العهود والمواثيق الدولية والقليمية ،وقد أصبح التدخل في شؤون
الدول محرمًا دوليًا بكافة أشكاله باستثناء بعض حالت المشروعية.
لذلك تقتضى دراسة مبدأ عدم جوازالتدخل في شؤون الدول الى تقسيمه الى مبحثين رئيسيين كالتالي :
المبحث الول :مبدأعدم جواز التدخل في شؤون الدول .
المبحث الثاني :مشروعية التدخل الدولي .
- 31المبحث الول
مبدأ عدم جواز التدخل في شؤون الدول .
سأتناول في هذا المبحث ،مبدأ عدم جواز التدخل من خلل ظهوره تاريخيًا ومن ثم اقراره في المواثيق
الدولية ،وكذلك ماهيته وأشكاله ومدى مشروعيته ،وذلك حسب التقسيم التالي :
المطلب الول :ظهور مبدأ عدم جواز التدخل .
المطلب الثاني :مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية .
المطلب الثالث :مفهوم التدخل وصوره ومدى مشروعيته .
المطلب الول :ظهور مبدأ عدم جواز التدخل .
إن أغلب النظم السياسية التي كانت سائدة في أوربا ،حتى منتصف القرن السادس عشر ،كانت نظماً
ملكية ،لكن نجاح الثورة الفرنسية عام 1789وإتيانها بنظام سياسي جديد إلى أوربا ،أدى إلى إنتشار
الخوف من اهتزاز عروش الملوك ،مما أدى إلى تهديدات بالتدخل في الشؤون الفرنسية الداخلية
والخارجية من طرف الدول الوربية ) ، (1ردًا على إعلن الثورة في استعدادها لتلبية نداء الشعوب في
الطاحة بنظمها الملكية .وقد نص الدستور الفرنسي لعام ، 1793على أنه يمتنع الشعب الفرنسي عن
التدخل في شؤون حكومة دولة أخرى ،ول يقبل أن تتدخل الحكومات الخرى في شؤونها الداخلية .
وهكذا كان مبدأ عدم التدخل في ـ أصله ـ يرجع إلى الثورة الفرنسية .وقد أخذت أمريكا بمبدأ عدم
التدخل بدءًا من رسالة الوداع التي وجهها رئيس جمهورية الوليات المتحدة المريكية جورج واشنطن
إلى شعوب أمريكا ،بمناسبة إنتهاء رئاسته ،والتي جاء فيها :
"لتتدخلوا في الشؤون الوربية ،وحاذروا من أن تنساقوا إلى الشتراك في المنازعات بين دول أوربا.
إبقوا بعيدين ،ول يكن لكم مع دول أوربا غير علئق تجارية دون إرتباطات سياسية .وإذا اشتبكت هذه
الدول في حرب بينها فأتركوها وشأنها ،وحاولوا الستفادة من حرب الغير ،لتوسعوا نطاق تجارتكم ")
. (2
لكن الحداث المتسارعة في أمريكا الجنوبية التي كانت خاضعة للستعمار السباني ،جعلت من
الرئيس المريكي حينذاك جيمس مونرو ،أن يقف بحزم في وجه التدخل الوربي ،في شؤون القارة
المريكية ،وقد حاولت الدول الوربية ـ التي كانت منظمة في الحلف المقدس ـ لسترداد المستعمرات
______________________
يقول الدكتورعلي صادق أبوهيف في مرجعه السابق ص : 48
"إن التحالف المقدس تم باجتماع قيصرروسيا ،وملك النمسا ،وملك بروسيا بموافقة انكلترا في سبتمبر عام ،1815وعقدوا فيما بينهم ما يسمى
بالتحالف المقدس ،غرضه الظاهر تطبيق مبادئ الخلق المسيحية في إدارة شؤون الدول الداخلية ،والخارجية ،وغرضه الحقيقي ضمان بقاء
الحالة التي أقرها مؤتمر فيينا ،والعمل على قمع الثورات التي تهدد عروش البيوت المالكة" .
-32السبانية إلى اسبانيا ،بعد أن قامت الثورات في تلك المستعمرات ابتداًء من عام ،1823وأعلنت
استقللها من اسبانيا ،فوجه جيمس مونرو رسالته الشهيرة إلى الكونغرس المريكي في واشنطن في 2
ديسمبر سنة 1823ملخصًا فيها السياسة المريكية تجاه الدول الوربية جاء فيها " :إن القارة
المريكية قد وصلت إلى درجة من الحرية والستقلل ،ل يصح معها إحتلل أي جرء من أراضيها،
من قبل إحدى الدول الوربية" ). (3
وعلى الرغم من الترحيب الذي لقاه تصريح مونرو في البداية ،من دول القارة المريكية ،أبدى
الكثير من تلك الدول مخاوفها نتيجة التدخل المريكي في شؤونها ،رغم إقرارها لمبدأ عدم التدخل ،
وقد طلبت الرجنتين ،في مؤتمرهافانا عام 1928صراحة ،عن وقف التدخل المريكي في شؤون
دول القارة ). (4
وقد تضمن تصريح مونرو:
آـ مبدأ عدم شرعية الستعمار.
ب ـ ومبدأ عدم التدخل.
ج ـ ومبدأ النعزال .
وقد تباينت مواقف الدول المختلفة إزاء المبادئ التي جاءت في تصريح مونرو ،فقد أعلنت بعض الدول
من القارة المريكية ،إعتراضها كالرجنتين .لكن بعض الدول الوربية ،لم تبدي تعارضها لعدم
إعتبارها تصريح مونرو ،قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي ،فقد سبق أن نادت به فرنسا بعد
ثورتها .
أما الدول المعارضة من القارة الوربية ،فكانت كل من روسيا وبروسيا وإسبانيا والنمسا ،كونهم
يعتمدون سياسة التوسع من ناحية ،ومواجهة الفكار الليبرالية من ناحية ثانية ) ، (5لكن أمريكا نفسها
لم تستطع مواجهة التدخلت بالقوة ،عندما قامت بريطانيا بالستيلء على جزر فوكلند ،وصراع
فرنسا مع الرجنتين ،حول منطقة لبلتا ،وقيام فرنسا بحملة على المكسيك من عام ،1867-1861
وقد ميزت أمريكا بين التدخلت المشروعة نتيجة إنتهاك المبادئ العامة للقانون الدولي ،والتدخلت
غير المشروعة ) . (6لذلك اعتبرت أمريكا إن التدخل في المكسيك عام 1860بسبب رفضها تقديم
تعويضات لفرنسا ،وبريطانيا ،وإسبانيا ،وفي هاييتي عام 1872من أجل إجبارها على إصلح
الضرارالتي لحقت بألمانيا ،و بفنزويل عام 1902بسبب رفضها تعويض الجانب المقيمين فيهاعن
الضرارالتي لحقت بهم خلل الثورة الداخلية في فنزويل ،في نهاية القرن التاسع عشرأمرًا مشروعًا )
. (7
وقد نزلت أمريكاعند رغبة كل من بريطانيا ،وفرنسا خلل الحرب العالمية الولى ،عند شكواهما
على كل من كولومبيا والكوادور بسبب خروجهما على قواعد الحياد ،والسماح للمانيا بإقامة منشآت
عسكرية على أراضيهما ،فكان رد أمريكا على الشكوى هو ":إنها ل ترى مانعًا من أن تقوم الدول
الشاكية بإنزال بعض قواتهما على أرض الدولتين المشكو منهما ،لتلف منشآت العدو بشرط أن ل
يؤدي هذا إلى إحتلل دائم" ) . (8ويعد هذا الموقف ترجمة للسياسة المريكية التي أعلن عنها رئيسها
روزفلت ،في خطابه في 3ديسمبر 1901الذي جاء فيه " :لنضمن حماية أية دولة ،إذا تصرفت
بسوء ،ولكن ل يجب أن يأخذ العقاب شكل إحتلل للقليم من طرف قوة غيرأمريكية في أمريكا" ). (9
أما بالنسبة للتدخلت التي تعتبرها أمريكا غير شرعية فهي التدخلت التي تحدث لتغييرالنظمة
السياسية ،كما حدث في المكسيك ،عندما دخلتها الجيوش الفرنسية لسقاط النظام الجمهوري المؤسس
من قبل الشعب ). (10
-33المطلب الثاني -مبدأ عدم جواز التدخل في المواثيق الدولية.
أوًل :ميثاق المم المتحدة:
لقد نصت المادة /م 2ف /7من ميثاق المم المتحدة ":ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للمم المتحدة أن
تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ،وليس فيه ما يقتضى العضاءأن
يعرضوا مثل هذه المسائل،لن تحل بحكم هذا الميثاق ،على أن هذا المبدأ ل يخل بتطبيق تدابير القمع
الواردة في الفصل السابع" .
ويعتبر مبدأ عدم التدخل ،من المبادئ الساسية التي تعمل الهيئة وفقها ،وتلك المبادئ كما جاءت في
نص المادة الثانية هي :
ا -المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.
ب -إلتزام الدول بالوفاء بالتزاماتها الدولية وفق مقتضيات حسن النية.
ج -إلتزام الدول بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية.
ء -إمتناع الدول العضاء في علقاتهم الدولية ،عن التهديد بإستعمال القوة ،وإستخدامها ضد سلمة
الراضي ،أوالستقلل السيادي ،أوعلى أي وجه ليتفق ومقاصد المم المتحدة .
ه -تقديم الدول العضاء العون للمم المتحدة في أعمالها المتخذة وفق هذا الميثاق .
و -عدم التدخل في شؤون الدول بما ليخل بتطبيق تدابيرالقمع الواردة في الفصل السابع .
وعدم التدخل الذي ورد ذكره هنا ،ل يكون على إطلقه ،حيث استثنى من ذلك ،بموجب الفصل
ل من أعمال العدوان )، (11
السابع ،ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم ،أو إخلل به ،أوماكان قد وقع ،عم ً
أن يدعو المتنازعين للخذ بما يراه ضروريًا ،أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة ). (12
أما إذا رأى مجلس المن إن التدابيرالمؤقتة ،والمنصوص عليها في المادة /14/لتفي بالغرض،أو
ثبت إنها لم تف به ،جازله بطريق القوات الجوية ،والبحرية من العمال ،ما يلزم لحفظ السلم ،
والمن الدولي ،أولعادته إلى نصابه ). (13
وبالرجوع إلى نص المادة م 2/ف / 7يرى بأنها لم تحدد الشؤون التي تكون من صميم السلطان
الداخلي ،كما لم يشرميثاق المم المتحدة كله إلى ذلك التحديد .وربما كان القصد من عدم التحديدهو
تركه للتطورات التي تحدث في مجال العلقات الدولية وغيرها .لكن عدم التحديد نفسه من شأنه أن
يضع مجلس المن ،بل المنظمة الدولية في وضع حرج ،في تغيير دائم يتوقف على درجة تطور
المجتمع الدولي .
ملحظات وتوضيح بشأن المادة 2/ف / 7من الميثاق .
لم تقصد المادة المذكورة الدول في عدم التدخل ،بل قصدت عدم تدخل المنظمة .
-1
استثنت المادة المذكورة تدابير القمع الواردة ذكرها في الفصل السابع من الميثاق .
-2
لم توضح المادة المذكورة ماهية العمال التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول
-3
أو ما يسمى بالمجال المحفوظ للدول ،أو الشؤون التي تكون من صميم الختصاص الوطني
للدولة ،كما ولم تحدد الجهة المختصة بتحديد هذا المجال .
وقد تعرض الفقه الدولي الى العمال التي تكون من صميم الشؤون الداخلية للدول ،كما ان للقضاء
الدولي باعًا في ذلك ،بالضافة الى ما تقوم به المنظمة الدولية من تطبيقات في ذلك الشأن .
ففي الفقه الدولي :
أ -جاء في قرارلمجمع القانون الدولي عام /1954/إن" :المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي
هي تلك النشطة التي تمارسها الدولة ،والتي يعد فيها إختصاص الدولة غير مقيد بالقانون الدولي .
ويتوقف مدى ،أو نطاق هذه المسائل على القانون الدولي ،ويختلف تبعًا لتطوره" ). (14
وعليه يمكن للدول ان تمارس اختصاصها على كافة المشاكل الغير محددة بقواعد القانون الدولي ،وان
ل غير مشروع .
أي تدخل فيها يعتبر تدخ ً
ب -كما ان الرئيس السابق للمحكمة الوربية لحقوق النسان -السيد هنري رولن -أشار في تقرير له
أن " الختصاص الوطني ،الذي يحميه الميثاق من كل تدخل من جانب المم المتحدة يشمل جميع
-34ل أخرى (15)".
المسائل التي لم ينظمها قانون الشعوب ،والتي ل يمكن أن تهم دو ً
ال ان القانون الدولي كمعيارلتحديد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول قد تعرض
للنقد من جانب البعض أمثال فرستردالس ،باعتبار ان القانون الدولي يغضع لتغيرات وتقلبات مستمرة
).(16
في القضاء الدولي :
لقد عرضت الكثير من الدعاوي على محكمة العدل الدولية وتعرضت هي بدورها في الفصل في تلك
الدعاوي إل انها عدلت وغيرت في بعض أحكامها على بعض القضايا -موضوع النزاع -المعروضة
عليها،فقد كانت قضية شركة الزيت النكلو ايرانية من القضايا المهمة المعروضة عليها فقد أعلنت عن
عدم اختصاصها في النظر فيها وأعتبرت ان قضايا التأميم تدخل في صميم الشؤون الداخلية للدول ،
المر الذي أحدث تعارضًا بين قرارها تلك والمر الذي كانت قد أصدرته سابقًا بالحفاظ على الترتيبات
التي كانت موجودة قبل صدور قرارات التأميم ،وبالمتناع عن اتخاذ التدابير التي من شأنها المساس
بحقوق الفرقاء ،وبعد العتراض اليراني على اختصاص المحكمة في النظرفي تلك القضية أصدرت
المحكمة حكمها بعدم النظر في الدعوى لنها تتعلق بمسألة داخلية لدولة ذات سيادة ).(17
لذلك من الصعوبة تحديد مضمون اللتزام بعدم التدخل ،أوالمجال المحجوز للدول ،نتيجة عدم وجود
معيار دقيق ،يمكن الستناد عليه للفصل بين المسائل التي تدخل في النطاق المحجوز للدول ،وتلك
التي يجوز للهيئات الدولية التدخل فيها ) ، (18لن ما يدخل اليوم ضمن النطاق المحجوز للدول ،قد
تتحول غدًا الى دائرة إهتمام القانون الدولي بسبب تطورالعلقات الدولية ،فمسائل حقوق النسان
وإجراء الصلحات الديمقراطية ،باعتبارها السبيل المثل لمكافحة الرهاب الدولي ،كانت تعتبر من
صميم السلطان الداخلي والمجال المحجوزللدول ،لكنها أصبحت اليوم في دائرة الهتمام الدولي ،وقد
إتسع نطاق المسائل التي أصبحت خارجة عن المجال المحفوظ للدول ،فالمناهج الدراسية ،وضرورة
تغييرها أصبحت تأخذ حيزًا ،في خطب ،وأحاديث رؤساء الدول الكبرى،وخاصة أمريكا ،مهددين به
الكثير من دول الشرق الوسط ،وخاصة العربي والسلمي منها بالتدخل ،رغم أن تلك المسائل
كانت من صميم المسائل الداخلية للدول ،بالضافة إلى التطورات الحديثة في مجال التصالت ،
وماأفرزته التوجه ،نحو النظام العالمي الجديد ،وإتفاقيات الجات التي تستهدف إلى عولمة العالم ،
وتأثيراتها على العلقات الدولية وتشابكها ،مماأدى إلى تقليص مفهوم السيادة ،وتضييق نطاق المجال
المحفوظ للدول.
ما أستقر عليه العمل في المنظمة الدولية :
يتبين بوضوح بان المم المتحدة تجيز تدخلها في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول
إذ ما أصبح ذلك الشان موضوع :
أ -اتفاق أو معاهدة دولية ،باعتبارها تأخذ طابعًا دوليًا ،حيث أقرت المم المتحدة اختصاصها في
قضية معاملة حكومة جنوب افريقيا لبعض المواطنين من أصل هندي ،لوجود اتفاق بين حكومة الهند
وحكومة جنوب افريقيا .
ب -أو تحقق مصلحة دولية ،أو إهتمام دولي .فالقضايا التي تثير الهتمام الدولي تبرر اختصاص
المنظمة الدولية بالتدخل .
ج -أوإذا ما تعلق المر بغرض من أغراض المنظمة الدولية .فالمور المتعلقة بعمل المنظمة في
قيامها بأعمالها تخرج من نطاق الختصاص الداخلي للدول ). (19
ثانيًا :قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة .
-1-1القرار ) A/RES 31)/2131/كانون الول . 1965
)إعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،وحماية إستقللها وسيادتها( .
نصت الفقرة الولى من هذا القرار بأنه ،ليس لية دولة حق التدخل بصورة مباشرة،أوغيرمباشرة،
ولي سبب كان في الشؤون الداخلية ،أوالخارجية لية دولة.
كما شجبت كل تدخل مسلح ،أوغيرمسلح ،أوتهديد ،يستهدف شخصية الدول ،أوعناصرها السياسية ،
والثقافية ،والقتصادية ،كما أشارت الفقرة أيضًا :إلى عدم جوازإستخدام أي تدبيرلكراه دولة أخرى
-35على النزول عن ممارسة حقوقها السيادية ). (20
أصدرت الجمعية العامة للمم المتحدة جملة من القرارات -من وقت إنشائها إلى اليوم -التي حثت على
ل ليستند على أية مشروعية،
عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الخرى ،وتعتبرالتدخل عم ً
لذلك شجبته ،وحثت الدول على عدم التدخل ،أوممارسة أي نوع من أنواع الضغط والكراه على
الدول الخرى ، .............
ومن تلك القرارات :
-1-2القرار ) A/RES 24)/2625تشرين الول . 1970
)إعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية ،والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة(
والذي يعتبرالحرص على ضمان تطبيق تلك المبادء على أفضل وجه في المجتمع الدولي ،وتدوينها
وإنمائها التدريجي ،من شأنه تعزيز تحقيق مقاصد المم المتحدة.
وتلك المبادئ كما جاء في القرار المذكور هي :
مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية ،عن التهديد بإستعمال القوة ،أو إستعمالها ضد السلمةالقليمية ،أولستقلل السياسي لية دولة ،أوعلى نحو يتنافى مع مقاصد المم المتحدة ،وكذلك مبدأ
فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية ،ووجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم
الولية القومية لدولة ما ،وفقًا للميثاق وما إلى ذلك ). (21
-1-3القرار ) A/RES 16)/2734كانون الول ) 1970العلن الخاص بتعزيز المن الدولي( ،
حيث تؤكد الجمعية العامة في قرارها تلك وبشكل رسمي ،بإن لمقاصد المم المتحدة ،ومبادئة صحة
كلية مطلقة ،من حيث هي أساس العلقات بين الدول ،بصرف النظر عن حجمها
،أوموقعهاالجغرافي ،أو مستوى نمائها ،أونظامهاالسياسي ،والقتصادي ،والجتماعي ،وتعلن كذلك
إن خرق تلك المبادئ ل يمكن تبريره أيًا كانت الظروف ،كما طلبت الجمعية /الدول جمعيًا /بأن تلتزم
بدقة في علقاتها الدولية ،مقاصد الميثاق وأهدافه ،بما فيها مبدأ إمتناع الدول في علقاتها الدولية ،
عن التهديد بإستعمال القوة ،أو إستعمالها ضد السلمة القليمية ،أوالستقلل السياسي لية دول ،أوعلى
أي نحوآخريتنافى ،ومقاصد المم المتحدة ،وكذلك وجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من
صميم الولية القومية لدولة ما ،وفقًا للميثاق .بالضافة إلى الستفادة الكاملة من الوسائل،والطرق التي
ينص عليها الميثاق ،لتسوية أي نزاع ،أوأية محاولة يكون من شأنها إستمرارها تعريض السلم والمن
الدوليين للخطر ). (22
-1-4القرار ) ، A/RES 1974)/3314بشأن تعريف العدوان .
حيث بينت المادة الولى ،بما يعني إن كل استعمال للقوة المسلحة ،من قبل دولة ما ،ضد سيادة دولة
أخرى ،أو سلمتها القليمية ،أوإستقللها ،يعتبر عدوانًا ). (23
-1-5القرار ) A/RES 19)/155/32كانون الول ). 1977إعلن تعميم،وتدعيم النفراج الدولي( .
حيث جاءت الفقرة الخامسة من هذا العلن بما يلي " :أن تمتنع من التهديد بالقوة ،أو استعمالها ،
وأن تلتزم في علقاتها مع الدول الخرى بمبادئ التساوي في السيادة ،والسلمة القليمية ،وعدم جواز
انتهاك حرمة الحدود الدولية ،وعدم جواز حيازة وإحتلل أراضي الدول الخرى بالقوة وتسوية
المنازعات -بما في ذلك منازعات الحدود -بالوسائل السلمية دون غيرها ،وعدم التدخل في الشؤون
الداخلية للدول الخرى ،واحترام حقوق النسان ،وإحترام حق جميع الدول ،في أن تختار بحرية،
نظمها الجتماعية والسياسية،والقتصادية ،وفي أن تنمي علقاتها الخارجية ،بالطريقة التي ترى أنها
تخدم مصلحة شعوبهاعلى أفضل وجه وفقا للميثاق.
-361ــ - 6القرار ) RES (A 9//103/39كانون الول .1981
)إعلن بشأن عدم جوازالتدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية للدول( .
جاء في مادته الولى :ل يحق لية دولة ،أو مجموعة من الدول ،أن تتدخل بصورة
مباشرة،أوغيرمباشرة لي سبب كان ،في الشؤون الداخلية والخارجية للدول اللخرى .وقد حدد في
فقرته الثانية نطاق مبدأ عدم التدخل ،وعددته بحيث شمل :
ا ـ السيادة.
ب ـ الستقلل السياسي .
ج ـ السلمة القليمية .
د ـ الوحدة الوطنية ،والمن ،والهوية الوطنية .
ه ـ التراث الثقافي للسكان .
وـ حق الدولة في تقرير نظامها السياسي ،والقتصادي ،والثقافي والجتماعي بحرية.
ز ـ تنمية علقاتها الدولية ،والسيادة الدائمة على مواردها الطبيعية ،دون أي تدخل أو تهديد بأي شكل
من الشكال.
ح ـ الحق في الوصول الحرإلى المعلومات ).(24
ثالثًا :مبدأ عدم التدخل في ميثاق جامعة الدول العربية .
يعتبر بروتوكول السكندرية ،أول وثيقة تخص الجامعة العربية ،حيث يمثل الوثيقة الرئيسية التي على
أساسها وضع ميثاق الجامعة .وقد جاء ذلك البروتوكول نتيجة المشاورات،واللقاءات الثنائية ،ومتعددة
الجوانب بين ممثلي بعض الدول العربية ،بمبادرة مصرية آنذاك ،أسفرت عن إجتماع لجنة تحضيرية
في الفترة من 25/9إلى 1944 /7/10من ممثلين عن كل من ،سوريا ،ولبنان ،والردن ،والعراق،
ومصر ،واليمن )بصفة مراقب( استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لوحدة الدول العربية ،بجامعة
الدول العربية ،وتم التوصل إلى بروتوكول السكندرية ،الذي نص على بعض المبادئ منها :
-1صيانة إستقلل ،وسيادة الدول العربية من كل اعتداء ،بالوسائل السياسية الممكنة.
-2عدم جوازاللتجاء إلى القوة ،لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة.
ل.
– 3العتراف بسيادة،وإستقلل الدول المنضمة إلى الجماعة بحدودها القائمة فع ً
كما اشتمل البروتوكول على قرار خاص بضرورة إحترام إستقلل لبنان وسيادته .
وبعد مرور أقل من ثلثين عامًا من صدور ذلك القرار،بدأ إحترام إستقلل وسيادة لبنان ،يخف بين
أدراج الرياح السياسية ،وعانت ما عانته عقدًا من الزمن .وفي آذار 1945رأى ميثاق الجامعة النور،
بعد أن كلف بروتوكول السكندرية لجنة سياسية فرعية ،لعداد الميثاق مع مندوبي الدول العربية
الموقعين على البروتوكول ،مضافًا اليهم مندوب كل من السعودية واليمن -اللتين وقعتا على الميثاق
لحقًا -وحضور مندوب الحزاب الفلسطينية كمراقب.
لقد كان الهدف من إنشاء جامعة الدول العربية ،هو التعاون ،وتدعيم الروابط بين الدول العربية ،في
كافة الشؤون السياسية ،والقتصادية ،والجتماعية والثقافية ،التي تهم الدول العربية ،وشعوبها.
وقد جاء الميثاق متضمنًا نفس المبادئ التي أقرتها بروتوكول السكندرية ،حيث نصت المادة الثانية من
الميثاق على أن":الغرض من الجامعة ،توثيق الصلت بين الدول المشتركة فيها ،وتنسيق خططها
السياسية ،تحقيقًا للتعاون بينها ،وصيانة لستقللها،وسيادتها ،والنظر بصفة عامة في شؤون البلد
العربية ومصالحها."...
إن مبدأ صيانة الستقلل،والسيادة الذي جاء في نص المادة المذكورة ،تربطه علقة وثيقة الصلة بمبدأ
عدم التدخل ،حيث شكل هذا النص بدون شك دافعًا قويًا لنضمام الدول العربية المستقلة إليها،وعدم
النظرإليها نظرة شك ،حيث ل يمكن لدولة مستقلة النضمام إلى منظمة دولية دون أن ينص ميثاقها
على احترام السيادة والستقلل .وجاءت المادة / 5 /تأكيدًا على صيانة الستقلل،والسيادة حيث نصت
على أنه" :ل يجوزاللتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أوأكثر من دول الجامعة .فإذا نشب
بينهما خلف ل يتعلق بإستقلل الدولة،أوسيادتها،أوسلمة أرضها ،ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض
-37هذا الخلف ،كان قراره عندئذ نافذًا وملزما ".
وبتحليل المادة / 5 /يتبين أن الخلفات بين الدول العضاء ،بشأن السيادة والستقلل ،لتخضع
للزامية قرارات الجامعة ،بمعنى أن اللزام هو فرض القرارعلى الغير ،ولفرض القرارأشكال عدة
يكون إحداها بالقوة .وقد جاءت المادة 2/ف /3من ميثاق المم المتحدة مطابقًا لنص /المادة /5من
ميثاق الجامعة العربية في عدم جواز اللجوء للقوة في فض المنازعات.
إن إحترام النظم القائمة قد يحظى بإهتمام الدول العضاء في الجامعة ،على اعتبارأي محاولة لتغيير
ل في شؤون الدولة .وقد أصدرت الجمعية العامة للمم المتحدة ،الكثير من القرارات
تلك النظم يعد تدخ ً
التي أتت متطابقة مع نصوص ميثاق الجامعة العربية ،مما يعطي دللة واضحة على أن هناك مبادئ
أساسية ،وحقوق دولية تحظى بإهتمام المجتمع الدولي من خلل منظماته الدولية،والقليمية .
فقد جاء البند الول ف ا -من معاهدة الدفاع العربي المشترك ،والتعاون القتصادي ما يلي :
(جاء في ديباجة ميثاق الجامعة العربية بأن وثيقتين رسميتين تكملن الميثاق وهما :معاهد الدفاع
العربي المشترك في إبريل ،1950وميثاق العمل القتصادي القومي نوفمبر . (1980
حيث أبدت معاهدة الدفاع هذه رغبتها في تقوية وتوثيق التعاون بين دول الجامعة العربية ،حرصًا على
إستقللها،ومحافظة على تراثها المشترك ،واستجابة لرغبة شعوبها في ضم الصفوف لتحقيق الدفاع
المشترك عن كيانها ،وصيانة المن والسلم ،ووفقًا لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق المم
المتحدة قداتفقت على عقد معاهدة لهذه الغاية.
ونصت المادة الولى من المعاهدة ":تؤكد الدول المتعاقدة ،حرصًا على دوام المن والسلم
واستقرارها،وعزمها على فض جميع منازعاتها الدولية بالطرق السلمية :سواء في علقاتها المتبادلة
فيما بينهما،أو في علقاتها مع الدول الخرى".
وهناك ترابطًا بين هذه المادة ،والمادة الثالثة التي تنص على أن " :تتشاور الدول المتعاقدة فيما بينها،
بناء على طلب إحداها كلما هددت سلمة أراضي أية واحدة منها ،أوإستقللها،أوأمنها ،وفي حالة خطر
حرب داهم ،أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها ،تبادر الدول المتعاقدة على الفورإلى توحيد
خططها،ومساعيها في إتخاذ التدابيرالوقائية ،والدفاعية التي يقتضيها الموقف ".
ل سافرًا
ول يمكن فصل نص المادتين سالفتي الذكرعن مبدأ عدم التدخل ،أو العداون ،الذي يشكل تدخ ً
في شؤون الدول ،رغم عدم النص بصراحة اللفظ على التدخل ،ولكن ما تعنيه تلك النصوص ،هو
الوقوف على مبدأ عدم التدخل وتحريمه.
ويعتبر عدم التدخل والحفاظ على الستقلل،والسيادة -بالنسبة للدول العربية -مسألة سياسية،
وتعتبرمن أهم المسائل التي كانت تعيشها البلد ان العربية ،كون المنازعات بين الدول العربية في
أغلبها كانت سياسية ،لن عدم التطور في كافة المجالت ،و بقاء التبادل القتصادي والتجاري بشكله
المتخلف فيما بينها جعلت الخلفات والمنازعات السياسية هي الكثر ظهورًا على السطح ،لذلك
إحتلت المناقشات،والمباحثات السياسية أكثر مساحة في مناقشات الجامعة العربية ،وتعذر على الغلب
في الوصول بشأنها إلى التفاق،والحلول الدائمة .
رابعًا :منظمة الدول المريكية ،ومبدأ عدم التدخل .
تأثرت الدول المريكية بالتدخلت الوربية في شؤونها ،وخاصة دول أمريكا اللتينيةالتي كانت
خاضعة للستعمارالوربي ،فرفعت شعار مبدأ عدم التدخل وتمسكت به،وكانت رسالة الوداع التي
وجهها الرئيس المريكي آنذاك جورج واشنطن إلى شعوب أمريكا بمثابة نداء إلى الشعوب المريكية
في عدم التدخل في شؤون القارة الوربية .
أما رسالة الرئيس جيمس مونروإلى الكونغرس المريكي في ديسمبر 1823جاءت واضحة في عدم
جواز التدخل الوربي في شؤون القارة المريكية.
وقد نصت المادة /15/من ميثاق منظمة الدول المريكية ) (25مؤكدة على مبدأ عدم التدخل على أنه
"ل يحق لية دولة ،أومجموعة من الدول أن تتدخل بصورة مباشرة ،أوغيرمباشرة ،سواء في
الشؤون الداخلية،أو الخارجية لدول أخرى .إن هذا المبدأ يحرم اللجوء للقوة المسلحة ،وكذلك كافة
أشكال التدخل ،والتجاهات الرامية إلى إنتهاك شخصية الدول،أو عناصرها السياسية ،والقتصادية ،
-38والثقافية" .
كما نصت المادة /16/من الميثاق على أنه "ل يحق لية دولة أن تستعمل أو تشجع على إستعمال
إجراءات الكراه ذات الطابع القتصادي ،والسياسي لفرض إرادة الدول على سيادة دول أخرى
،أوللحصول منها على بعض المزايا".
إن معاناة الدول المريكية من التدخلت كانت الدافع وراء النص على تحريم كافة أشكال التدخل من
قبل الدول ،منفردة أو مجموعة ،مباشرة أو غير مباشرة ،ولم يقتصرالنص على عدم جوازالتدخل
ليس فقط في الشؤون الداخلية ،بل شمل الشؤون الخارجية أيضاً ،ولم يقتصركذلك على تحريم التدخل
بالقوة ،بل اعتبرالشكال الخرى أيضًا غير جائزة.
المطلب الثالث – مفهوم عدم التدخل وصوره ومدى مشروعيته
أوًل :مفهوم التدخل الدولي :
ان ما نقصده بالتدخل هو التدخل الدولي ،أي ذلك الذي يتم من قبل دولة في شؤون دولة أخرى ،وقد
عرف شتروب بان التدخل هو ،تعرض دولة للشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى دون أن يكون
لهذا التعرض سند قانوني ،بغرض الزام الدولة المتدخل في أمرها علىاتباع ماتمليها عليها -في شأن
من شؤنها الخاصة -الدولة أو الدول المتدخلة ). (26
ويعرفه الغنيمي بانه تعرض دولة لشؤون دولة أخرى بطريقة استبدادية وذلك بقصد البقاء على
المور الراهنة للشياء أو تغييرها ) ،(27ومثل هذا التدخل قد يحصل بحق أو بدون حق ،ولكنه -في
كافة الحالت -يمس الستقلل الخارجي أو السيادة القليمية للدولة المعنية ولذلك فانه يمثل أهمية كبيرة
بالنسبة للوضع الدولي للدولة.
ويرى شارل روسو ،ان التدخل هو عبارة عن قيام دولة بتصرف ،بمقتضاه تتدخل الدولة في الشؤون
الداخلية والخارجية لدولة أخرى ،بغرض اجبارها على تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما ،ويضيف بان الدولة
المتدخلة تتصرف في هذه الحالة كسلطة وتحاول فرض ارادتها بممارسة الضغط بمختلف الشكال ،
كالضغط السياسي والقتصادي والنفسي والعسكري ). (28
من خلل التعاريف المذكورة ،يبدو ان أغلب الفقهاء يجمعون على ان التدخل يكون من طرف دولة في
شؤن دولة أخرى ،أي بين أشخاص القانون الدولي ،بغرض التأثير على الدولة المتدخل في امرها
بإتيان أو المتناع عن عمل من شأنه البقاء أو التغيير في أحد الوضاع الراهنة في الدولة .وهناك
إشارات عند الفقهاء من خلل تصديهم لمفهوم التدخل بانه استبداد ل يستند على أساس قانوني ،بل
تعتمد على قوة الدولة في ممارسة الضغط بأشكاله المختلفة ،وقد جاء تحريم تلك الشكال كافة في
مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها كونها كانت تمارس من قبل الدولة ضد دولة أخرى ،ولو ل
ممارسة تلك الشكال من الضغوط من قبل الدولة لما جاء تحريمها بعبارات صريحة في قرارات
المنظمات الدولية .
ثانيًا :اشكال التدخل :
يقسم الفقهاء التدخل الى اشكال متعدده حيث يرى الدكتور الغننيمي ان للتدخل شكل خارجي وداخلي و
عقابي :
_1ويكون الشكل الخارجي بتدخل دولة في علقات دولة اخرى مثل تدخل ايطاليا في الحرب العالمية
الثانية الى جانب المانيا ضد بريطانيا .
ب -أما الشكل الداخلي للتدخل فيكون منصبًا على ما يجري داخل الدولة ويمثل في تدخل دولة لصالح
أحد الطراف المتنازعة داخل الدولة -كما في حالة الثورة -الحكومة أو الثورة.
ج -والشكل العقابي يمثله حالة القمع التي تفرضه الدولة بسبب ضرر ألحقتها الدولة المتدخل في شأنها
بالدولة المتدخلة ،كالحصر السلمي على شواطئ الدولة ،ولم يقتصر الغنيمي على تقسيماته هذه فيشير
الى ان بعض الفقهاء يضيفون التدخل القتصادي والتدخل الهدام أيضًا.
-39د -والتدخل القتصادي هو أحد أشكال التدخل الذي تمارسه الدولةعلى اقتصاد دولة أخرى ). (29
أما الدكتور على صادق ابو هيف فيقسم التدخل الى السياسي والعسكري والفردي والجماعي والصريح
والمباشر:
ا -التدخل السياسي هو ذلك التدخل الذي يحصل بطريق رسمي وبصفة علنية ،أو بطريق غير رسمي
ودون علنية ،ويكون التدخل بطلب كتابي أو شفوي من الدولة المتدخلة الذي قد يتحول الى تدخل
عسكري أو التهديد به إذا لم تجيب الدولة المتدخل في أمرها لطلبات الدولة المتدخلة .
ب -التدخل الفردي أو الجماعي :قد يكون التدخل من طرف دولة واحدة وقد يكون جماعيًا ،ويكون
للتدخل الجماعي آثارًا أقل خفًة وحدًة من التدخل الفردي كونه ل يأتي ضمانًا لمصلحة دولة بذاتها .
وجاء في المادة 14والمادة 36من ميثاق المم المتحدة بانه يكون للجمعية العامة أو لمجلس المن ان
يوصي كل منهما باتخاذ ما يراه ملئمًا من تدابير لتسوية أي موقف يضر بالرفاهية العامة أو يعكر
صفو العلقات الودية بين المم ). (30
ج -التدخل الصريح أو الضمني :كثيرًا ما تتدخل دولة ما في شؤون دولة أخرى ،وكي تنفرد هي
بالمغنم -الذي تراه -تجعل من تدخلها خفيًا ،وكثيرًا ما ينتج عن التدخل الخفي آثارًا سيئة وضارة
كونها تحصل دون سلطات الدولة المتدخل في أمرها ،بعكس التدخل العلني والصريح ). (31
ثالثًا :مشروعية التدخل:
الصل في التدخل غير جائز ،وهذا ما أكدته مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها حفاظًا على حقوق
الدول التي تقضي بالتزام الدول بتلك الحقوق ،كما ان غالبية الفقه أيضًا يشجبون التدخل ويحرمونه،
ل منهم أباح التدخل إذا ماكانت للدولة مصلحة
ورغم توجه غالبية الفقه في ذلك التجاه إل ان نفرًا قلي ً
فيه ) (32منهم كامبتز اللماني وباتور الفرنسي .
ال ان الفيلسوف النكليزي كانت ،والعلمة الفرنسي لويس ربنو ،يران عدم جواز التدخل على
الطلق ،إل إذا كانت الدولة في حالة دفاع شرعي ). (33
ورغم أصالة عدم جواز التدخل إل ان هناك استثناءات على ذلك الصل تبيح بعض حالت التدخل منها
:
-1التدخل دفاعًا عن حقوق الدولة:
ان ممارسة الدولة لحقوقها ليس مستثنيًا من كل قيد فكل حق يقابله التزام ،وممارسة الدولة لحقوقها
يقابلها التزامات ،عليها أن تحترمها ،ومن التزاماتها عدم الضرار بالغير ،كما ان اساءة استعالها
لحقوقها قد يكون فيه ضرر بدولة أخرى ،وعندئذ يحق لتلك الدولة التدخل ،إذا لم تكن الوسائل السلمية
بأشكالها المختلفة مجدية في ذلك ،وقد حدد فوشي بعض الحالت التي يجوز فيها التدخل وهي :
أ -زيادة التسليح من قبل دولة معروفة بميلها للعدوان .
ب -قيام الدولة بمؤامرة بغرض اشعال ثورة أو قلب نظام الحكم في دولة أخرى .
ج -قيام ثورة في دولة ما يخشى من انتشارها على سلمة الدول المجاورة .
ه -حالة تصريح دولة علنًا على عزمها في بسط نفوذها على دولة أخرى ). (34
-2التدخل لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة:
للدول الحق في حماية رعاياها في الدول الخرى و انها مكفلة بذلك إذا ما كان قانونها الداخلي يلزمها
بذلك -وهو حالة أغلب الدول -ولكن تدخل الدولة لحماية مصالح وحقوق رعاياها غير مطلقة من كل
قيد ،وباعتباران الدول تمتلك نظمًا قانونية ،فل يجوز التدخل ال اذا كانت تلك النظم القانونية غير
كافية لحماية رعايا الدول الخرى وأمنهم ومصالحهم ،في حالة خرق حقوق الجانب وعدم الحفاظ
على أمنهم كبقية المواطنين ،أو تعرضهم لعتداءات غير مشروعة ،عندئذ يحق للدول أن تتدخل
لحماية حقوق ومصالح وأمن رعاياها ). (35
-40 -3التدخل الجماعي طبقًا لميثاق المم المتحدة .
يرى الدكتور الغنيمي مشروعية التدخل الجماعي استنادًا الى الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة
التي تبيح التدخل إذا ما أقدمت الدولة المعنية –المتدخل في أمرها -على بعض العمال التي تكون من
شأنها تهديد المن والسلم الدوليين ،أو في حالة قيام الدولة المعنية بالعدوان على دولة أخرى ). (36
وحالت التدخل الجماعي كثيرة آخرها كانت التدخل الدولي – قوات التحالف – في العراق بقواتها
العسكرية .ويشكل التدخل الجماعي الذي يتم بقرار من المنظمة الدولية – المم المتحدة – جائزًا
لستناده على شرعية دولية ،لكن بعض حالت التدخل الجماعي يفتقد الى تلك الشرعية من المنظمة
الدولية الى ما بعد حين ،ثم تحصل الدول المتدخلة على غطاء شرعي لتدخلها من تلك المنظمة مما
يشير بان المم المتحدة نفسها تخضع في كثير من الحيان الى المر الواقع الذي يتخذه الدول القوية .
التدخل بناء على طلب .
-7
يجيز كونيديك >> <<F.GONIDICالتدخل إذا كان بناء على طلب ،أي دون أي ضغط ،ويجب
أن يأتي الطلب حسب رأيه من طرف الحكومة الفعلية .
ويرى الفقيه الفرنسي شارل شومان ،ان العتراف للحكومات القائمة بحق الحصول على مساعدات
عسكرية خارجية أمر ليتفق ومبدأ عدم التدخل ،لن الشرعية الدولية لتبقى دائمًا الى جانب
الحكومات القائمة ،ففي حالة حق الشعوب في تقرير مصيرها تحل الشرعية للشعوب ،لذلك ليجب
مراقبة الشرعية القائمة من قبل الدول الجنبية ). (37
التدخل ضد التدخل .
-8
إذا ما تدخلت دولة في شؤون دولة أخرى يجب التفرقة بين حالة ما إذا كان التدخل مشروعًا أم غير
ل مشروعًا ،ويجوز
مشروع ،فل يجوز التدخل من قبل دولة ثالثة إذا ما كان التدخل الول تدخ ً
التدخل إذا كان هناك أضرار بمصالح الدولة المتدخلة ،أو اضرار للصالح العام لجماعة الدول .
ومن المثلة على ذلك هو تدخل بريطانيا سنة 1826في شؤون البرتغال لتمنع تدخل اسبانيا .وكذلك
تدخل بريطانيا وفرنسا سنة 1854لتمنع تدخل روسيا في شؤون تركيا ). (38
التدخل من أجل حماية حقوق النسان وتحقيق الحماية النسانية
-9
يرى البعض من الفقهاء والشراح جواز التدخل دفاعًا عن النسانية في حالت الضطهاد التي تمس
حقوق القليات في دولة ما ،وان العتداء على حياتهم وحرياتهم وحقوقهم هو اخلل بقواعد القانون
الدولي ومبادئ النسانية ،وبالمقابل هناك من يرى بان هذا الشكل من التدخل ل يستند على أساس
قانوني ،ومع ذلك من الجائز التدخل للحماية النسانية .واكتفي بهذا القدر فيما يخص هذا الشكل من
التدخل كوني خصصت المبحث الثاني للتدخل من اجل حماية حقوق النسان .
- 41المبحث الثاني
التدخل الدولي لحماية حقوق النسان
بعد لمحة تاريخية موجزة عن نشوء القانون الدولي النساني بقسميه وقت السلم ،وأثناء النزاعات
المسلحة ،سأتناول في هذا المبحث كما سيأتي بيانه وفق التقسيم التالي :
المطلب الول – مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان .
المطلب الثاني – شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان .
لمحة عن التطور التاريخي للقانون الدولي النساني
ان المعاملة النسانية التي اكدت عليها الشرائع السماوية وخاصة السلمية في نطاقها الواسع في
القرآن الكريم والسنة النبوية ووصايا وخطب الخلفاء لقادة الجنود ،والتي شملت السرى والجرحى من
العدو ،وكذلك موارد الرزق ،وأمكنة العبادة ،والشخاص الغير قادرين على المشاركة في القتال من
الشيوخ ،والطفال ،وذوات الحمال ،وتوفير الحماية لهم ،شكلت اسسًا لميلد القواعد القانونية
النسانية ،رغم ان البعض من الفقه يرى ان ميلد تلك القواعد يعود الى الغرب بنتيجة الحروب التي
نشبت في اوربا وأدت الى الكفاح من اجل انشاء مؤسسات دولية للعمل على تخفيف المعانات النسانية
من جراء النزاعات المسلحة .لكن ذلك كله كان يتوقف على الطراف التي تنطلق من تلك المبادئ
بموجب معتقداتها ،فتلتزم بها معتبرة تلك المبادئ ،قواعد ملزمة لها دون أن يكون هناك آلية تفرض
على الطراف المتصارعة الخرى ،لعدم امكان عقد معاهدات تلتزم بها الطراف المتصارعة
المختلفة ،الى ان جاء ميثاق المم المتحدة الموقعة من الدولة المنشأة لها ،وانضمام الدول المستقلة تباعاً
اليها ،حيث حظرت استخدام القوة أو القدام على العدوان ،أو التدخل في شؤون الدول الخرى .وكان
مبدأ السيادة الذي حظي بموجب المادة م / 2ف /4من ميثاق المم المتحدة على منع الدول العضاء
في علقاتهم الدولية من التهديد باستعمال القوة ،أو استخدامها ضد سلمة الرضي ،أو الستقلل
السياسي لية دولة ،أو على أي وجه آخر ليتفق ومصالح المم المتحدة ،وكذلك قرار الجمعية العامة
رقم 2131لعام 1965الخاص باعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية استقللها
وسيادتها.
وكذلك القرار 2625لعام 1970الخاص باعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية
والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة .والقرار رقم 2734لعام 1970الخاص بتعزيز المن
الدولي .والقرار 155لعام 1977الخاص بتعميق وتدعيم الفراج الدولي و غيرها من القرارات التي
جاءت كلها تطبيقًا لنص المادة الثانية من الميثاق على أساس احترام سيادة الدول.
لكن انحسار الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي وانهيار التحاد والسوفياتي ،ظهر تطور
جديد في السياسة الدولية ،حيث لم يعد يشكل مفهوم السيادة أمرًا مسلمًا به أو مانعًا من التدخل في
شؤون الدول.
وقد قدم السيد بطرس غالي ،المين السابق للمم المتحدة ،تقريرًا بناًء على دعوة من مجلس المن في
بيانه المؤرخ في 31كانون الثاني 1992جاء فيه :
ل -السياق المتغير.
" أو ً
...........................
-8خلل السنوات القليلة الماضية ،انهار الحاجز اليديولوجي الهائل الذي أثار على مدى عقود من
الزمن ،حالة من عدم الثقة والعداء ،وتداعت أدوات الدمار الرهيبة التي لزمتها....
-42 -9لقد حلت قوى اكثر ديمقراطية وحكومات اكثر استجابة محل النظمة التسلطية .
-11لقد دخلنا مرحلة انتقالية على الصعيد العالمي تتسم بانماط فريدة من التقارب ،وثمة ترابطات
اقليمية وقارية بين الدول ،تتمخض عن سبل لتعميق التعاون والتخفيف من بعض السمات محل الخلف
في توجهات التنافس السيادية والقومية .ويتضاءل وضوح الحدود الوطنية بتقدم التصالت ،والتجارة
العالمية ،وبالقرارات التي تتخذها الدول للتخلي عن بعض امتيازاتها السيادية لصالح الترابطات
السيادية المشتركة والوسع...
..................................
-17حجر الزاوية في هذا العمل هو الدولة ،ويجب أن يظل كذلك ،فاحترام صميم سيادة الدولة
وسلمتها هو أمر حاسم لتحقيق أي تقدم دولي مشترك .بيد ان زمن السيادة المطلقة الخالصة قد مضى،
فنظريتها لم تتماشى أبدًا مع الواقع. (39) "....
وقد اوضح التقرير المقدم من المين العام ،الفارق بين فترة الحرب الباردة والفترة التي تلتها ،حيث
بين بانه في ظل الحرب الباردة ورغم النتهاكات الجسمية لحقوق النسان ،إل إن سيادة الدولة كانت
مانعًا من التدخل ،لكن الفترة اللحقة على الحرب الباردة كسرت ذلك الحاجز وألغت السيادة المطلقة
للدول ،بمعنى امكانية جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
ان فكرة حماية النسان أو مواطني دولة ما ،من النتهاكات التي تمارسها السلطات الحاكمة تخضع
للقانون الدولي لحقوق النسان )حقوق النسان وقت السلم ( ،بخلف القانون الدولي النساني ،الذي
يهتم بالنسان في النزاعات المسلحة ،رغم ان كل القانونين يهتمان بالشخص النساني ،كما ينبعان من
الصل المشترك أل وهو القانون الدولي العام ،رغم تطورهما بشكل منفصل عن بعضهما .وقد تأكد
النفصال جليًا بين كل القانونيين في التفاقيات الدولية لحقوق النسان ،فالعلن العالمي لحقوق
النسان الصادر عام 1948لم يتطرق الى احترام حقوق النسان في النزاعات المسلحة .كما ان
اتفاقيات جنيف لعام 1949لم تتطرق الى احترام حقوق النسان في وقت السلم بل لحقوقه اثناء
النزاعات المسلحة.
كما ان ميثاق المم المتحدة لم يتعرض للقانون الدولي النساني )حماية حقوق النسان في النزاعات
المسلحة( .
وباعتبار ان موضوع الحماية والتدخل مرتبطان ،لذلك ذهب اتجاه من الفقه الى ان التدخل النساني
ل بأحكام المادة م 2ف 4من ميثاق
بالقوة من قبل المم المتحدة لم يكن واردًا قبل الحرب الباردة اعما ً
المم المتحدة ،كما ان الميثاق نفسه لم يتضمن امكانية التدخل واستخدام القوة لحماية حقوق النسان .
وقد كان التدخل في السابق أمرًا مشروعًا لتوفير الحماية لمواطني الدولة أو الدول المختلفة .أما فكرة
التدخل الدولي النساني لحماية مواطني الدولة التي تنتهك فيها حقوق النسان فحديث العهد ،ومع ذلك
وجدت اتجاهات ثلثة فيما يتعلق بالتدخل النساني لحماية حقوق النسان :
-1اتجاه ينطلق من ضرورة التدخل في حالت معينة ،فيرى أصحابه ان التدخل النساني هو
"المساعدة باستخدام القوة ،بهدف توفير الحماية لمواطني دولة ما إزاء المعاملة التعسفية والمتجاوزة
للحد ،والتي لم تراع تلك الدولة ان سياستها تفترض ان تقوم على أسس من العدالة والحكمة" ). (40
-2اتجاه يرفض فكرة التدخل النساني ،ويشدد على وجوب اللتزام بعدم جواز استخدام القوة لي
سبب كان فيما عدا حالة الدفاع الشرعي عن النفس .لكن البعض من أصحاب هذا الرأي يميز بين
التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما ولو لعتبارات انسانية ،وبين المهام النتقادية لمواطنيها ،أو
للفراج عن الرهائن ). (41
-3أما التجاه الثالث فيرى ان التدخل النساني هو" رد فعل ملزم للنتهاك الصارخ لحقوق النسان "
). (42
ويرى انصاره جواز شن الحرب دفاعًا عن حقوق النسان والحريات العامة التي تتعرض لنتهاكات
جسيمة .كما في حالت التطهير العرقي وابادة الجنس البشري أو القتل الجماعي .
-43المطلب الول -مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق النسان .
ان التدخل الدولي لسباب انسانية له انصاره الذين يدافعون عنه ليس لغايته ،بل يرونها وسيلة لحماية
النسان ،وبرأيهم لم تعد علقة الدولة مع مواطنيها أمرًا داخليًا يمنع على الدول الخرى من التدخل في
أمرها بشأن القضايا المتعلقة بالوضاع النسانية .وتختلف الوضاع النسانية المزرية من دولة الى
أخرى -رغم عدم جوازها -ففي بعضها تصل تلك الوضاع الى حد الكوارث تمتد بآثارها الى دول
أخرى ،لذلك لم يعد المر في هذه الوضاع يخص الدولة المعنية ،المر الذي يكون من الواجب التدخل
لوضع حد لتلك النتهاكات الكارثية كالجرائم ضد النسانية وإبادة الجنس البشري ). (43
وقد عبر الدكتور بطرس غالي المين السابق للمم المتحدة في كلمته الفتتاحية أمام المؤتمر العالمي
حول حقوق النسان المنعقد في فيينا عام 1993بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة مهمة تأكيد
حماية الفراد ،ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الساسية التي وضعها الميثاق ،فان ذلك يوجب
على المجتمع الدولي أن يعمل محل الدولة حال فشل الخيرة في التزاماتها" ). (44
يتبين مما سبق ان علقة الدولة مع مواطنيها لم تعد أمرًا داخليًا ،خاصة إذا ما أدى سلوك الدولة نحو
مواطنيها الى كوارث انسانية تمتد بآثارها الى دول اخرى ،ولهذا يبرر انصار التدخل الدولي لسباب
انسانية مشروعية التدخل ،ويرون ان قدسية المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية الذي كان يشكل عائقًا أمام
التدخل الدولي لحماية النسان قد بدأ يتراجع أمام اهتمام المجتمع الدولي بتلك القضايا ،وبضرورة
احترام السلطات في الدولة لحقوق الفراد وكذلك الهتمام بقضاياه النسانية والسياسية والقتصادية
والجتماعية ،وإل فان المجتمع الدولي سيكون مضطرًا للتدخل تنفيذًا للمبادئ الواردة في ميثاق المم
المتحدة والعلن العالمي لحقوق النسان والتفاقيات الدولية المتعلقة بالوضاع النسانية ،وخاصة
بعد أن أنتقل القانون الدولي النساني من العرف الى التقنين والتدويل .
أوًل :تدويل قواعد حقوق النسان .
كانت القواعد المتعلقة بحقوق النسان تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول التي يحرم التدخل من
اجلها في شؤون الدول الخرى ،حيث نصت المادة 2/ف /7من ميثاق المم المتحدة ،على عدم جواز
التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما .ورغم اعتبار مبدأ عدم التدخل من
المبادئ الساسية التي تعمل هيئة المم المتحدة وفقها ،إل ان استثناًء ورد في ميثاق المم المتحدة
بموجب الفصل السابع بشأن تهديد المن والسلم الدوليين أو الخلل به أو حالة وقوع عمل من أعمال
العدوان ،أن يدعو مجلس المن المتنازعين ،للخذ بما يراه ضروريًا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة،أما
إذا رأى مجلس المن إن التدابير المؤقتة والمنصوص عليها في المادة /14/لتفي بالغرض جاز له
بطريقة القوات الجوية والبحرية من العمال ،ما يلزم لحفظ السلم والمن الدولي،أو إعادته الى
نصابه .
ورغم ان المقصود به هو حالت تهديد السلم والمن الدولي للخطر إل ان هذا ل يستبعد أن يكون
التدخل مشروعًا لجل الحماية النسانية ،وخاصة إذا ما أدى سلوك الدول الى انتهاكات خطيرة قد تمتد
تأثيراتها الى دول أخرى مما يهدد المن والسلم الدوليين للخطر .كما ان عدم التدخل الذي ورد في مواد
ميثاق المم المتحدة لم يتم تحديده ،بل ترك ذلك للتطورات التي تحدث في مجال العلقات الدولية.
وبمرور اكثر من خمسون عامًا على نشأة المم المتحدة الى يومنا هذا انتقل الكثير من المور التي
كانت تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول ،الى مجال الهتمام الدولي،وأصبح التدخل لجلها في
شؤون الدول مشروعًا ،وهذا ما نلحظه في مسائل الصلحات الديمقراطية والرهاب وحقوق
النسان.
ورغم النص على ضرورة احترام حقوق النسان في ميثاق المم المتحدة ال انه لم ينشأ التزامات على
عاتق الدول ،ما يستوجب احترامها ،كما لم يقرر عقوبات عليها في حالة انتهاكها ) . (45لكن
التفاقيات الدولية المبرمة واللحقه على ميثاق المم المتحدة بدءًا من العلن العالمي لحقوق النسان
عام 1948الصادر عن الجمعية العامة للمم المتحدة استطاعت أن تخفف من وطأة النظمة التي
أنتهكت وتنتهك حقوق النسان ،كما استطاعت بموجب تلك التفاقيات أن تساعد الكثير من الشعوب
- 44التي عانت من سلوك الحكومات في انقاذهم من جرائم ابادة الجنس البشري وغيرها ،كما في جنوب
العراق وشماله عندما تعرض الشيعة ،والكراد لجرائم البادة والجرائم ضد النسانية ،بغض النظر
إذا ما كانت المنظمة الدولية أو المنظمات القليمية قد نجحت في كل مساعيها في مختلف الزمنة
والمكنة أم ل.
ثانيًا -القانون الدولي و مشروعية التدخل الدولي النساني .
-1ميثاق المم المتحدة :
وقع ميثاق المم المتحدة في 26حزيران عام 1945في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر المم المتحدة
الخاص بنظام الهيئة الدولية .
وحسب ما جاء في الديباجة ،آل شعوب المم المتحدة على انفسهم أن ينقذوا الجيال المقبلة من ويلت
الحرب ،كما أكدوا من جديد ايمانهم بالحقوق الساسية للنسان وبكرامة الفرد وقدره ،وبما يكون
للرجال والنساء حقوقًا متساوية ،كما وللمم الصغيرة نفس الحقوق التي للكبيرة .
كما وقد ركزت الديباجة أيضًا على الحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام اللتزامات
الناشئة عن المعاهدات ،وغيرها من مصادر القانون الدولي ،وان يدفعوا بالرقي الجتماعي قدمًا ،
وأن يرفعوا مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح .
ان ديباجة ميثاق المم المتحدة ،ل يمكن فصلها عن مواده ،بل كلها جزء ل يتجزء ،بمعنى ان حقوق
النسان الساسية ،والمكرسة في الديباجة ،هي صحته ومعيشته وأمنه وأمانه ،وهي كلها حقوقًا
شخصية يلمس النسان والمجتمع ،وبهذا قد منع الميثاق على الدول القدام على ما يخالف ذلك ،
فتلك الحقوق أصبحت معنية بها بموجب القانون الدولي .
وقد نصت المادة 1/ف /3من الميثاق على تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة
القتصادية والجتماعية والثقافية والنسانية ،وعلى تعزيز احترام حقوق النسان وحرياته الساسية
دون أي تمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين ،وكما لم يفرق بين النساء والرجال .
وقد حسمت المادة 4/ف /1بان العضوية في المم المتحدة تكون للدول المحبة للسلم ،وتلتزم بما
يتضمنه الميثاق ،وبهذا حمل الميثاق التزامًا على عاتق الدول العضاء ،عليهم تنفيذها ،دون أي مجال
للتنحي عن التزاماتهم تلك ،وقد جاءت صياغة المادة المذكورة بعبارتها الصريحة دون اي لبس أو
غموض .
وقد أوكلت المادة /10/من الميثاق ،للجمعية العامة ،مناقشة كافة المسائل التي تدخل في نطاق الميثاق
،وباعتبار ان المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات هي من صلب الميثاق ،لذلك تدخل في نطاق
المناقشة وتوصي بها اعضاء الهيئة أو مجلس المن أو كليهما بما تراه مناسبًا .
ولمجلس المن ،بموجب الفصل السابع ،أن يتخذ ما يراه ضروريًا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة ،
ويجوز لمجلس المن أن يقرر التدابير التي ل تتطلب استخدام القوة ،مثل وقف العلقات القتصادية
والمواصلت بأشكاله المختلفة وقفًا جزئيًا أو كليًا ،وقطع العلقات الدبلوماسية ،أما إذا رأت ان تلك
التدابير ل تفي بالغرض ،فلها أن تستعمل القوة لحفظ السلم والمن ،وكثيرًا ما أصبحت ارتكاب
الجرائم بحق النسانية في دولة ما تهديدًا للمن والسلم الدوليين ،خاصة في حالت امتداد تأثير تلك
الجرائم الى الدول الخرى ،مما استوجب تدخل المم المتحدة لوقف تلك النتهاكات باستعمال القوة .
وقد نصت المادة /55/تأكيدًا على إشاعة احترام ومراعاة حقوق النسان وحرياته الساسية بل تمييز،
كما أكدت على عملها في تحقيق مستوى أعلى للمعيشة ،وتوفير أسباب الستخدام المتصل لكل فرد
والنهوض بعوامل التطور والتقدم القتصادي والجتماعي .
وعاد الميثاق ليذكر المم في المادة /56/بتعهد جميع العضاء ،منفردين أو مشتركين ،بما يجب
عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لما جاء في المادة . /55/وقد جاءت العلنات -العلن العالمي
لحقوق النسان -والتفاقيات الدولية تكريسًا لما جاء في الميثاق وتقريرًا للحقوق والحريات .
- 45 -2العلن العالمي لحقوق النسان .
صدر العلن العالمي لحقوق النسان عن الجمعية العامة للمم المتحدة في 10كانون الول
1948على شكل مناداة ،كما ورد في الديباجة " فان الجمعية العامة تنادي بهذا العلن العالمي لحقوق
النسان "...كما واعتبرت الديباجة ،العلن ،يشكل مستوى ينبغي ان تستهدفه كافة الشعوب والمم ،
بمعنى ان يكون بما ورد في العلن ،من مبادئ ،أهدافًا على الشعوب والمم السعي لبلوغها .ولجل
ذلك البلوغ ،لبد من وجود آليات ،للسير عليه حتى يتم ذلك البلوغ بهدف اسعاد البشرية من خلل
العيش الحر والكريم للنسان ،وتلك الليات ،من وجهة نظري ،تكمن في التفاقيات الدولية اللحقة
على العلن ،أما العلن نفسه رغم نشره للحقوق التي يجب ان يتمتع بها النسان ،فلم تصبح هي
المسعى ،بل توطيد واحترام ما ينص عليه من خلل التعليم والتربية ،واتخاذ اجراءات مطردة قومية ،
وعالمية لضمان العتراف بها ،ومراعاتها بصورة عالمية فعالة .وأرى من جانبي ان الجراءات
القومية والعالمية تكمن في وجوب ادراج نصوص العلن في الدساتير ،والنص عليها في القوانين ،
وادراجها في المناهج الدراسية .
وقيمة العلن تكمن في كونها مبادئ ،ل يجوز للدول تركها دون ان تنص دساتيرها وقوانينها عليها .
وقد انقسم الفقه حول القيمة القانونية للعلن من حيث الزام الدول أو عدم الزامهم في تبنيه ،رغم عدم
وجود مايشير في العلن من عقوبات على الخلل به الى :
ا -اتجاه يرى التشكيك في القيمة القانونية للعلن العالمي لحقوق النسان ،كون صياغته يحتوي على
عبارات تنطوي على الدعوات ،والمتيازات ،كما ان صدوره عن الجمعية العامة للمم المتحدة في
شكل توصيات ،والتي تختلف عن القرارات ،لذلك ل يتمتع بأية قيمة إلزامية ). (46
ب -اتجاه يرى بان العلن يتمتع بقيمة معنوية وأدبية ،كونه أول وثيقة عالمية صادرة عن منظمة
دولية بالجماع دون اعتراض من اي دولة ،بالضافة الى تبني الكثير من الدول لنصوصه في دساتيرها
وتشريعاتها ).(47
-3اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها .
اعتمدت هذه التفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق ،أو للنضمام بقرار الجمعية العامة رقم 260ألف )
د ( 3-المؤرخ في 9كانون الول 1948ليبدأ نفاذه في 12كانون الول 1951وفقًا لحكام المادة /13/
حيث رأت الجمعية العامة وأعلنت ان البادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي ،وجاءت المادة /
/1من التفاقية لتعلن مصادقة الطراف المتعاقدة على اعتبار البادة الجماعية ،سواء في أيام السلم أو
أثناء الحرب ،هي جريمة بمقتضى القانون الدولي وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها .
وقد بينت المادة / 3/منها ،بان العقاب يشمل الفاعلين ،والمتآمرين ،والمحرضين ،والذين يحاولون
ارتكاب البادة الجماعية ،وكذلك المشاركون في جرائم البادة الجماعية .
ولم تستثنى التفاقية أحدًا ،من الذين حددتهم المادة الثالثة ،من العقاب سواًء أكانوا حكامًا دستوريين ،
أم موظفين عاديين ،أم أفرادًا ،اي ان انزال العقوبة يشمل حتى رئيس الدولة اذا ما اتهم بتلك الفعال .
وقد جاء عدم الستثناء من العقوبة كي ل يفلت الحكام من العقوبة بدعوى الحصانة التي يتمتعون بها ،
إضافة الى امكانية المحاكمة خارج الدولة المعنية لعتبارات حسن سير عملية المحاكمة ،فكثيرًا ما
تخضع المحاكمات الوطنية في سيرها تحت تأثير أصحاب النفوذ ،مما يفقد القضاء استقلليته فيفلت
الجاني من العقاب .
ويلحظ من نص المادة /8/عدم سريان التفاقية على الطراف الموقعة فقط ،بل يشمل جميع الدول ،
بدللة قبول اجهزة المم المتحدة لطلب أحد الطراف المتعاقدة ،من اتخاذ ما تراه مناسبًا من التدابير
لمنع وقمع أفعال البادة الجماعية ،أو أي من الفعال الخرى ،المذكورة في المادة الثالثة .
وفي هذه الحالة ل تقوم اجهزة المم المتحدة باتخاذ التدابير بناًء على ان تلك الفعال تشكل تهديدًا للسلم
والمن الدوليين ،بل تتخذ التدابير باعتبار ان جريمة البادة الجماعية قد وقعت وخاصًة اذا ما شكلت
تلك الجريمة تهديدًا للسلم والمن الدوليين ،أواذا كان هناك تآمرًا على ارتكابه ،أو تحريضًا ،أو
- 46محاولة ،بمعنى انه يجوز لجهزة المم المتحدة المختصة اتخاذ التدابير حتى قبل وقوع جريمة البادة
الجماعية ،أي انه من الجائز التدخل واتخاذ ما تراه المم المتحدة مناسبًا ،وقاية للجماعة البشرية من
جريمة البادة الجماعية التي تنتظره ،كون جريمة البادة الجماعية تعتبر من أشد الجرائم خطورة
موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره كما جاء في المادة /5/من نظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
الدولية المعتمد من قبل مؤتمر المم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة
جنائيةدوليةبتاريخ 17تموز 1998تاريخ النفاذ 1حزيران ، 2001ولخطورتها تلك أصبحت واحدة
من الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية بجانب الجرائم ضد النسانية –
وجرائم الحرب – وجريمة العدوان.
وتطابقت المادة /6/من نظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع المادة /2/من اتفاقية منع
جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها ،في توصيف البادة الجماعية بانها تعني أيًا من الفعال التالية
المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية ،أو اثنية ،أو عنصرية ،أو دينية بصفتها هذه :
-1قتل اعضاء من الجماعة .
ب -الحاق اذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة .
ج -إخضاع الجماعة ،عمدًا ،لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا .
ء -فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الطفال داخل الجماعة .
ه -نقل اطفال من الجماعة ،عنوة الى جماعة أخرى .
ول يجب أن ينسى بان الختصاص الزمني لمحكمة الجنايات الدولية بموجب المادة /11/اختصاص
النظر فقط فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام ،أي اعتبارًا من 1حزيران 2001
بموجب المادة . /126/
أما بشأن جرائم البادة وجرائم ضد النسانية المرتكبة قبل ذلك التاريخ فهي ل تخضع للتقادم الزمني
بموجب :
اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد النسانية ،المؤرخ في 26تشرين الثاني 1968
تاريخ النفاذ 11تشرين الثاني . 1970
فقد نصت المادة /1/منها ،بانه ل يسري أي تقادم على الجرائم التالية بصرف النظر عن وقت
ارتكابها :
-1جرائم الحرب .
ب -الجرائم المرتكبة ضد النسانية ،سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم ،والطرد بالعتداء
المسلح أو الحتلل ،والفعال المنافية للنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري ،وجريمة
البادة الجماعية ،كما واعتبرت التفاقية في ديباجتها ان انتهاك حقوق سكان البلد الصليين
القتصادية والسياسية من ناحية ،وسياسة الفصل العنصري ،جريمتان ضد النسانية .
وبالضافة الى ميثاق المم المتحدة والعلن العالمي لحقوق النسان والتفاقيات الدولية المذكورة
سابقًا ،هناك الكثير من التفاقيات الدولية الخرى التي تناولت المسائل المتعلقة بحماية حقوق النسان
وحرياته الساسية مثل :
-1اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام . 1948
-2التفاقية الخاصة بوضع اللجئين لعام . 1951
-3اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لعام . 1952
-4التفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري لعام .1965
-5العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية لعام . 1966
-6العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام . 1966
-7التفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لعام . 1976
-8اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام . 1979
-9اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة
لعام . 1984
-10اتفاقية حقوق الطفل لعام . 1989
كما وهناك الكثيرمن التفاقيات الدولية المعنية بالحقوق والحريات الساسية للنسان .
- 47 -
لذلك لم تبقى مسائل حقوق النسان حبيسة الدولة ،ضمن حدودها الدولية ،بل أصبحت تنتقل رويداً
رويدًا من الختصاص الداخلي للدولة الى مجال الهتمام الدولي ،بدءًا من تاريخ انشاء منظمة المم
المتحدة ،وسريان ميثاقها وابرام الكثير من المعاهدات والتفاقيات الدولية ،والعلنات الصادرة من
المنظمات الدولية ،والقليمية واجهزتها المتخصصة ،فأصبحت تلك المسائل تنظم وتحمى بموجب
القانون الدولي ،وتشرف على تطبيقها واحترامها المنظمات والمحاكم الدولية ،مما أدى الى عدم
امكانية الفراد سواًء أكانوا حكامًا دستوريين ،أم افرادًا عاديين ،من القدام على انتهاك واهدار حقوق
النسان ،وحرياته الساسية ،دون أن يفلتوا من الملحقة القضائية ،وطنية كانت ام دولية .
ثالثًا – المم المتحدة والتدخل الدولي النساني .
أ -فترة ما قبل : 1990
لقد كانت جهود المم المتحدة حثيثة منذ نشأتها في العمل على تحقيق المقاصد التي أنشأت من أجلها،
وكانت نظرتها الى مسألة التدخل الدولي النساني ليست على وتيرة واحدة ،حيث أتخذت السياسة
ى جديدًا،بدأت بها الوليات المتحدة
الدولية بانتهاء الحرب الباردة وانهيار التحاد السوفياتي منح ً
المريكية في ظل القطبية الحادية وأصبحت المسائل المتعلقة بحقوق النسان والديمقراطية ومحاربة
الرهاب -التي بلغت أوجها بعد أحداث سبتمبر -على رأس مهام الدول القوية ،وخاصة أمريكا،
وجعلتها ذريعة للتدخل في شؤون الدول حتى ولو لم تحظى على موافقة المنظمة الدولية -المم
المتحدة -إل فيما بعد .كما ان المم المتحدة نفسها اتخذت لها مسارًا جديدًا بدءًا من نهاية الحرب الباردة
في بداية التسعينات من القرن الماضي حيث أعطت أهمية أكثر لمسائل حقوق النسان وحرياته ،وقد
جاء ذلك على لسان المين السابق للمم المتحدة السيد بطرس غالي في كلمته الفتتاحية أمام المؤتمر
العالمي حول حقوق النسان المنعقد في فيينا عام 1993بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة
مهمة تأكيد حماية الفراد ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الساسية التي وضعتها الميثاق ،فإن ذلك
يوجب على المجتمع الدولي أن يحل محل الدولة حال فشل الخيرة في التزاماتها " .
كما ان تقرير السيد بطرس غالي المين السابق للمم المتحدة الذي قدمه بناء على دعوة مجلس المن
المؤرخ في 31كانون الثاني 1992جاء فيه:
ل – السياق المتغير ..........
" أو ً
-8خلل السنوات القليلة الماضية ،انهار الحاجز اليديولوجي الهائل ....وتداعت أدوات الدمار
الرهيبة التي لزمتها ...
-9لقد حلت قوى اكثر ديمقراطية وحكومات اكثر استجابة محل النظمة التسلطية . "...
حيث يبين المين العام تسلطية نظام التحاد السوفياتي وايديولوجيته التي أثارت على مدى عقود من
الزمن،حالة من عدم الثقة والعداء .وقد تداعت الن وانهارت أدوات الدمار الرهيبة التي لزمتها كما
يبين في تقريره بان على الدول ان تتخلى عن بعض امتيازاتها السيادية لصالح الترابطات السياسية
المشتركة الوسع .
ففي هذه الفترة أي ما قبل 1990كان تدخل المم المتحدة بشكل فعلي يقتصر على اصدار القرارات
والتوصيات دون أن تتدخل في شؤون الدول على أساس أعمال قواعد حقوق النسان،وكانت تتمسك
بضرورة موافقة الدول المعنية حتى تمكنها المشاركة في التدخل النساني) ،(48كما في تدخلها في
نيجيريا حول اقليم بيافر سنة 1967لتقديم المساعدات النسانية لضحايا الصراع المسلح بناًء على
موافقة الحكومة الفيدرالية هناك ). (49
وقد جاء في قرار الجمعية العامة رقم 103بشأن عدم جواز التدخل بجميع انواعه في الشؤون الداخلية
الصادر في 9كانون الول عام 1981على ان " واجب في المتناع عن استغلل وشؤون قضايا
حقوق النسان كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو لممارسة الضغط على دول أخرى أو خلق
عدم الثقة والفوضى خارج الدول " ،مما يشير بان التوجه نحو التدخل الدولي النساني في شؤون
الدول لحماية حقوق النسان أصبح ملحًا وضروريًا في فترة ما بعد .1990
ب -فترة ما بعد : 1990في معرض حديث للسيد بطرس غالي المين العام السابق للمم المتحدة في
مقابلته مع العربية بتاريخ الحد 26/9/2004
قال " :قبل نهاية الحرب الباردة كان من الصعب للمم المتحدة أن تتدخل في الشئون الداخلية للدول .
-49ل أختارت النظام الشيوعي .وعندما انتهت الحرب
ل أختارت النظام الديمقراطي الغربي،ودو ً
لن دو ً
الباردة وأصبح النظام السائد في مختلف انحاء العالم هو الديمقراطي ،حينئذ استطعنا أن نربط بين
حقوق النسان والديمقراطية ،على أساس ان حكومة غير ديمقراطية ل تستطيع أن تدافع عن حقوق
النسان ،وبالتالي انفتحت الى حد ما امكانية تدخل المنظمات القليمية الى جانب المم المتحدة لكي
تطلب الى جانب الدفاع عن حقوق النسان،الدفاع عن النظام الديمقراطي ،على أساس ان النظام
الديمقراطي هو الوحيد الذي يستطيع أن يحمي حقوق النسان" .
وسأعرض هنا أمثلًة ثلثة في سياق حديث السيد بطرس غالي :
-1العراق
ان النتهاكات التي تعرض لها الشعب العراقي ،من اهدار الحقوق والقصاء عن الحياة السياسية
والجتماعية والقتصادية ،وصل الى الحد الذي امتدت نتائجها الى الدول المجاورة ،و الى المجتمع
الدولي ،وخاصة النتهاكات بحق الشيعة والكراد والتي ازدادت اكثر اثناء الحرب العراقية اليرانية ،
وما تبعها من استعمال السلح الكيميائي في الشمال ضد الكراد والجنوب والوسط ضد الشيعة ،كما
امتد الى الثروة المائية ،والبيئة الطبيعية من تسميم وتجفيف الهوار ،وجرف مزارع النخيل بهدف
القضاء على شيعة العراق وعلى ثروة مناطقه ،الى أن أصدر مجلس المن قراره رقم 688المؤرخ
في 5نيسان 1991والذي جاء فيه :
" -1يدين القمع الذي تتعرض له السكان المدنيون،العراقيون في اجزاء كثيرة من العراق ،والذي شمل
مؤخرًا المناطق السكانية الكردية ،وتهدد نتائجه السلم والمن الدوليين في المنطقة .
-2يطالب بأن يقوم العراق على الفور كاسهام منه في ازالة الخطر الذي يتهدد السلم والمن الدوليين
في المنطقة ،بوقف هذا القمع ،ويعرب عن المل في السياق نفسه في إقامة حوار مفتوح لكفالة احترام
حقوق النسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين العراقيين .
-3يصر على أن يسمح العراق ،بوصول المنظمات النسانية الدولية على الفور الى جميع من
يحتاجون الى المساعدة في جميع أنحاء العراق ،ويوفر جميع التسهيلت اللزمة لعملياتها" .
-2الصومال
كان من نتائج الحرب الهلية التي اندلعت في الصومال بعد سقوط نظام سياد بري في 1991مقتل ما
يقارب /300/الف شخص ،وهجرة مليوني صومالي كلجئين الى الدول المجاورة لها .فأصدر مجلس
المن القرار 733في 23كانون الثاني لعام 1992معتبرًا ان استمرار تلك الوضاع يشكل تهديدًا
للمن والسلم الدوليين ،وطالب الى المين العام للمم المتحدة ،باقناع الطراف المتحاربة بوقف
اطلق النار والسماح بوصول الغاثات النسانية ،وتضمن القرار بندًا بموجب الفصل السابع ،يفرض
ل على توريد السلحة والمعدات العسكرية للفصائل المتحاربة ،بهدف تحقيق السلم
فيه حظرًا شام ً
والستقرار .
كما واصدر قرارًا آخر برقم (1992) 775هدد فيه باستعمال سلطاته بموجب الفصل السابع من
الميثاق ،كما اثنى فيه بجهود المين العام على المبادرة التي اتخذها في الميدان النساني ،وشعر بالقلق
من ان استمرار الحال هذه يشكل -كما جاء في تقرير المين العام -تهديدًا للسلم والمن الدوليين
،ويطلب من المين العام ،أن يتطلع فورًا بالجراءات اللزمة لزيادة المساعدة النسانية التي تقدمها
المم المتحدة ،ووكالتها المتخصصة الى السكان المتضررين في جميع انحاء الصومال ،كما ويطلب
من المين العام ،أن يقوم بالتعاون مع المين العام لمنظمة الوحدة الفريقية ،والمين العام لجامعة
الدول العربية ،بالتصال فورًا بجميع الطراف المشتركة في ذلك الصراع ،والتماس التزامها بوقف
العمال العدائية لتاحة توزيع المساعدة النسانية والتشجيع على اللتزام بوقف اطلق النار،
والمتثال
له والمساعدة في عملية ايجاد تسوية سياسية للصراع في الصومال ،ويحث بشدة جميع أطراف
الصراع على أن توقف العمال العدائية فورًا ،وتتفق على وقف لطلق النار وتعزيز عملية المصالحة
والتسوية السياسية في الصومال .وجاء في البند الخامس من القرار ،استعماله لسلطته بموجب الفصل
السابع من الميثاق ،على أن تقدم جميع الدول فورًا من أجل تحقيق مقاصد اقرار السلم والستقرار في
الصومال ،بتنفيذ حظر عام كامل على تسليم أي نوع من انواع السلحة ،والمعدات العسكرية
للصومال ،الى أن يقرر المجلس خلف ذلك .كما واصدرالمجلس القرار رقم 794في 3كانون الول
1992جاء في البند /7/منه ،ان مجلس المن يؤيد توصية المين العام الواردة في رسالته المؤرخة
-50في 29تشرين الثاني 1992باتخاذ تدابير ،بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ،من اجل
تهيئة بيئة آمنة لعمليات الغاثة النسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن .
أما البند /10/نص على اذن المجلس ،بموجب الفصل السابع من الميثاق ،للمين العام وللدول
العضاء والمتعاونة في تنفيذ العرض المشار اليه في الفقرة /8/أعله باستخدام كل الوسائل اللزمة
لتهيئة بيئة آمنة لعمليات الغاثة النسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن .
كما أصدر مجلس المن القرار رقم 814في 26آذار لعام 1993يسلم فيه بضرورة التحول الفوري
والسلس والتدريجي لقوة العمل الموحدة الى عملية المم المتحدة الموسعة في الصومال .
-3يوغسلفيا
أصدر مجلس المن قراره رقم 713في 25ايلول لعام . 1991مبديًا فيه شعوره ببالغ القلق ازاء
القتال في يوغسلفيا ،الذي يسبب خسارة فادحة في الرواح وأضرارًا مادية ،ويساوره القلق،لن
استمرار هذه الحالة يشكل تهديدًا للسلم والمن الدوليين ،وإذ يشير الى مسؤوليته الرئيسية بموجب
ميثاق المم المتحدة عن صون السلم والمن الدوليين ،ويشير كذلك الى المبادئ ذات الصلة المجسدة
في الميثاق ،وإذ يحيط علمًا في هذا السياق بالعلن الذي أصدرته في 2أيلول 1992،الدول
المشاركة في مؤتمر المن والتعاون في اوربا بعدم قبول أي مكاسب أو تغيرات إقليمية داخل يوغسلفيا
تأتي عن طريق العنف .
وقد قرر المجلس،في البند السادس،أن تنفذ جميع الدول على الفور،لغراض اقرار السلم والستقرار
ل على تسليم اية اسلحة ،او معدات عسكرية ليوغسلفيا ،حتى يقرر
في يوغسلفيا ،حظرًا عامًا وكام ً
المجلس غير ذلك ،بعد التشاور بين المين العام وحكومة يوغسلفيا.
كما واصدر قرارًا برقم 752في 10أيار 1992جاء في البند /3/منه ،مطالبة المجلس بالوقف
الفوري لجميع أشكال التدخل من خارج البوسنة والهرسك،بما في ذلك من جانب وحدات الجيش الشعبي
ل عن عناصر الجيش الكرواتي،وان تتخذ جارات البوسنة والهرسك تدابيرعاجلة
اليوغسلفي فض ً
لنهاء مثل هذا التدخل،وان تحترم السلمة القليمية للبوسنة والهرسك .
كما طالب في النبد /4/بوجوب سحب وحدات الجيش الشعبي اليوغسلفي وعناصر الجيش الكرواتي
الموجودة الن في البوسنة والهرسك أو خضوعها لسلطة حكومة البوسنة والهرسك أو تسريحها .
واكد في البند السابع من القرار،على الحاجة الملحة الى تقديم مساعدات انسانية ومادية ومالية،مع
مراعاة العدد الكبير للجئين والمشردين .وجاء قرار مجلس المن رقم 757في 30أيار لعام 1992
ل على جمهورية يوغسلفيا )صربيا والجبل السود ( .حيث تصرف المجلس
ليطبق حظرًا شام ً
بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة وقرر أن تمنع جميع الدول ما يلي :
-1ان تستورد من اقاليمها أية سلعة اساسية ومنتجات يكون منشؤها جمهورية يوغسلفيا التحادية
)صربيا والجبل السود ( وتكون مصدره منها بعد تاريخ هذا القرار .وكذلك قرر أن تمتنع جميع الدول
عن توفير أية أموال أو أية موارد مالية أو اقتصادية أخرى للسلطات في جمهورية يوغسلفيا التحادية
)صربيا والجبل السود ( أو لية مشاريع تجارية أو صناعية أو المرافق العامة .
كما قرر أن تقوم جميع الدول بعدم السماح لية طائرة باقلع من اقليمها ،أو الهبوط فيه ،أو التحليق
فوقه إذا كانت متجهة الى الهبوط في اقليم جمهورية يوغسلفيا )صربيا والجبل السود ( أو كانت قد
أقلعت منه ما لم تكن تلك الرحلة بالذات كانت لغراض انسانية .
كما قرر بتخفيف عددالموظفين في البعثات الدبلوماسية ليوغسلفيا و منع المشاركة في النشطة
الرياضية ،وتعليق التعاون التقني .
وبهذه القرارات قد تم العتراف بانفصال البوسنة والهرسك من التحاد اليوغسلفي السابق وطبقت
جميع انواع الحظر على الخيرة باستثناء تقديم المعونات النسانية للجميع.
رابعًا – ضمانات حماية حقوق النسان .
بعد انتقال المسائل المتعلقة بحقوق النسان من سلطان الختصاص الداخلي للدول الى الختصاص
الدولي،من خلل التفاقيات الدولية،وبارادات الدول ذاتها نتيجة اشتراكها وانضمامها الى تلك التفاقيات
والتزامها بنصوصها بدءًا من ميثاق المم المتحدة،أصبحت تلك القواعد ملزمة للدول،تولدت عنها
-51التزامات دولية بضمان احترام الحقوق والحريات الساسية للنسان،كما ان قبول الجهات المختصة في
المم المتحدة،كمجلس حقوق النسان،التقارير من الدول حول مدى احترامها للحقوق والحريات الواردة
في العهود والمواثيق الدولية،وقبولها واستقبالها للجان الدولية العاملة في مجال حقوق النسان،لزيارة
الدول ورصدها لوضاع حقوق النسان،ومنها زيارة السجون والتعرف على واقع المساجين،مما يدل
على ان الدول قبلت بالتزاماتها حيال تلك المسائل،كونها أصبحت قواعد قانونية آمرة،تتعلق بالنظام
القانوني الدولي،ومخالفتها تستوجب الملحقة القضائية وانزال العقاب على مرتكبيها من خلل المحاكم
الوطنية أو أمام محكمة الجنايات الدولية أو محاكم جنائية خاصة ،تنشأ خصيصًا لمحاكمة مرتبكي
الجرائم التي نصت التفاقيات الدولية عليها،كالجرائم ضد النسانية،وجرائم البادة الجماعية،وجرائم
الحرب وغيرها .والسوابق الدولية تشير الى العديد من تلك المحاكمات كما في المانيا واليابان وراوندا
ويوغسلفيا والعراق،وقد شكلت بشأنها محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم،جزاًء على ما اقترفوه
بحق النسانية .
وقد تكرست الضمانات لحماية حقوق النسان في :
-1اعتماد القوانين الوطنية لقواعد القانون الدولي لحقوق النسان ،حيث تبنت أغلب دساتير دول العالم
القواعد المتعلقة بالحقوق والحريات الساسية التي وردت في المواثيق الدولية .وباعتبار الدستور في
كل دولة هو القانون الساسي،لذلك ل يجوز ان تسن القوانين التي تأتي في المرتبة الدنى منه بما
يخالفه،وقد كفل نظام الرقابة على دستورية القوانين،عدم مخالفة القوانين للدستور،أو الغاء القوانين التي
تصدر مخالفًا للدستور ،مما يجعل -ولو نظريًا -الحقوق والحريات الساسية مصانة من كل مخالفة .
-2نظام قبول التبليغات والشكاوي والطعون الفردية ضد النتهاكات المرتكبة بالحقوق والحريات
الساسية للنسان ،والذي يقوم مجلس حقوق النسان – لجنة حقوق النسان سابقًا – بدراستها وفحصها
وتقديم التوصيات بشأنها وتحويلها الى الجمعية العامة للمم المتحدة .
-3دور المين العام للمم المتحدة على تنفيذ المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق النسان .
-4الحماية الجنائية الدولية والمتمثلة في المحكمة الجنائية الدولية ،ومحاكم الجنايات الخاصة والمنشأة
لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم ،وانزال العقاب عليهم .
المطلب الثاني -شروط التدخل الدولي لحماية حقوق النسان .
-1وجوب الستناد الى قواعد القانون الدولي :
لكي يكون التدخل الدولي لحماية حقوق النسان مشروعًا ل بد وأن يستند الى قواعد القانون الدولي ،
في شقه المتعلق بحقوق النسان ،ويتمثل تلك القواعد في التفاقيات الدولية،التي أقدمت الدول بارادتها
الحرة في التوقيع والمصادقة عليها ،أو النضمام اليها لحقًا ،بما يولد من التزامات على الطراف
المتعاقدة التي يكون من الواجب تنفيذ تلك اللتزامات،حتى وإذا كان اللتزام يخرج بعض المسائل من
الختصاص الداخلي للدولة ،فالعقد الدولي الذي نشأ بين الدول ،لم ينشأ إل ليحافظ على أمن المجتمع
الدولي واستقراره ،وليحمي النسان والجيال القادمة من النتهاكات التي ترتكب أو قد ترتكب ،ول
يتم ذلك إل إذا قررت الدول المنضمة الى ذلك العقد بالتنازل -ضمنيًا -عن بعض اختصاصاتها
ل عن سيادة الدولة على اقليمها من أرض وشعب وثراوات .
الداخلية والتي لم تعد تناز ً
ومن أمثلة ذلك ،تدخل الجمعية العامة للمم المتحدة من أجل تنفيذ المواثيق والتفاقيات الدولية المتعلقة
بحقوق النسان،واصدار قرارها في /22 /تشرين الول 1949المتعلق بانتهاكات حقوق النسان في
المجر وبلغاريا ورومانيا ) ، (50وقد انكرت الدول الثلث،التهامات الموجهة اليها وعادت الجمعية
العامة اكثر من مرة لتشيرالى انتهاكات الدول الثلث،مما أدى بالدول الثلث تلك الى الدفع أمام محكمة
العدل الدولية بدعوى تجاوز الجمعية العامة سلطتها بالتدخل في الشؤون الداخلية لإثنائها عن تبني
المذهب الشتراكي ،وقد رفضت محكمة العدل الدولية دفع الدول الثلث مؤكدة انه تم تدويل مسائل
حقوق النسان ،وانها لم تعد تدخل في صميم الختصاص الداخلي للدول ،وذلك بعد تناول هذه المسائل
في اتفاقيات ومواثيق حقوق النسان الدولية ). (51
-52 -2التدخل عبر المنظمات الدولية :
ومؤدى ذلك أن يصدر قرار التدخل من منظمة المم المتحدة،والهيئات الدولية المخولة،بموجب
التفاقيات الدولية،كون المنظمة الدولية مكلفًة بموجب المواثيق والتفاقيات الدولية بحماية حقوق
النسان وحرياته الساسية .
وان قبول مجلس حقوق النسان ،للشكاوي ،والتبليغات ،التي ترد اليها من الفراد ،والدول ضحايا تلك
ل لتحرك تلك الوكالت المتخصصة أو مجالس ولجان حقوق النسان ،لرصد
النتهاكات ،قد يكون سبي ً
واستطلع أحوال حقوق النسان في دولة ما ،ودراسة مجلس حقوق النسان التابع للمم المتحدة
للتقارير الواردة اليها وفحصها ومن ثم ابداء النصائح والستشارات ،لتخفيف عملية النتهاكات أو
انهائها ،وتحويل تلك التقاريرالى الجمعية العامة ،لتخاذ ما تراه مناسبًا ،ل يعني بان هناك عملية التفاف
ل من خلل شكاويها وتبليغاتها بهدف
على الجمعية العامة من قبل أجهزة متخصصة،أو أفرادًا ،أو دو ً
تشجيع المنظمة الدولية ،باصدار قرار التدخل في دولة ما للحماية النسانية .
ان عملية رصد احوال حقوق النسان في دولة ما من قبل المم المتحدة أصبحت اكثر سهولة بتوافر
الليات العديدة التي تسهل من عملية الرصد ،من نظام الشكاوي والتبليغات وضرورة تقديم الدول
تقاريرعن أحوال حقوق النسان فيها والنتشار الواسع لمنظمات حقوق النسان الغير حكومية ،مما
يشير بان حماية حقوق النسان من النتهاكات سيكون أفضل من السابق،بالضافة الى الهتمام المتزايد
من قبل المنظمات الدولية والقليمية بمسائل حقوق النسان .مما يستدعي عدم استفراد الدول منفردة
بدعوى حقوق النسان بالتدخل في شؤون دولة أخرى بارادتها المنفردة أو المشتركة مع دول أخرى
لتسييس الحالة في دعمها لحد الطراف دون غيرها ). (52
-3حدود التدخل الدولي المشروع لحماية حقوق النسان .
ان قواعد القانون الدولي هي التي يجب على المنظمات الدولية الخضوع لها والتقيد بما ينص عليها
التفاقيات الدولية من أهداف التدخل ،والغرض منه ضمن الحدود المشروعة،بعيدًا عن التحيز ،والتمييز
بين الفراد والطراف .فالعملية النسانية من مساعدة وحماية ل تجب أن يتمتع بها فردًا أو طرفًا دون
آخر ،لذلك يكون التقيد بالحيدة والنزاهة والعدالة والموضوعية حدودًا مشروعة ،يعد تجاوزها بهدف
تسييس قضايا حقوق النسان خارجًاعن المشروعية ) ،(53وكثيرًا ما تخضع الدولة أو مجموعة الدول
التي تتدخل في شؤون دولة ما بتقديم أحد الطراف على الخر في المناصرة ،فتصبح تصرفاتها تلك
مدانة من قبل الشعوب أو الدول أو حتى من منظمة المم المتحدة نفسها،لن تدخل تلك الدول على تلك
الشاكلة لتتم وفقًا لعتبارات الحاجة النسانية،بل تخضع لعتباراتها السياسية ،وقد عل نجم منظمة
الصليب الحمر الدولية،في تقديمها للمساعدة والحماية النسانية دون اية اعتبارات سوى الحاجة ودون
أي تمييز .وكي تسير عملية الحماية النسانية من قبل دولة أو مجموعة من الدول مفوضًة من المم
المتحدة بحياد وموضوعية ،يجب أن تكون تلك العمليات تحت رقابة المنظمة الدولية بشكل دائم ،حفاظًا
على العدل،وتحقيقًا للنسانية .
-53الخلصة :
لقد كان عدم جواز التدخل في أول ظهوره مبدًأ أعلنته فرنسا إبان نجاح ثورتها ،وتم ادراجه في الدستور الفرنسي لعام
1793ومن ثم انتشر في القارة الوربية والمريكية الى أن تقنن بعد إدراجه في المواثيق الدولية .فقد كان عدم جواز
التدخل في بداية ظهوره :
-1مبدًأ تحول الى قاعدة قانونية في المواثيق الدولية وبذلك أكتسب قوته اللزامية .
-2تعميم قاعدة عدم جواز التدخل من خلل منظمة المم المتحدة وذلك بالنص عليها في ميثاقها وتحريمها في الكثير من
قرارات الجمعية العامة .
-3رغم تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إل ان الكثير من الدول استطاعت التملص من تلك القاعدة بحجج
الحماية النسانية .
-4ان الغموض وعدم تحديد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول بدقة يجعل النزاع قائمًا بين الدول
والمنظمة الدولية -المم المتحدة -بشأن الجهة صاحبة تعيين الشأن ،إذا ما كان الشأن داخليًا أم ل .
ل من
-5تخلف المم المتحدة عن مواكبة التطورالسريع في الكثير من المجالت ،وخاصة تلك التي تعتبر ممارستها شك ً
أشكال التدخل ،كالعلم الذي يلعب دورًا سيكولوجيًا في إثارة الفتن أوتوجيه الهمم أو تثبيطها لصالح طرف في مواجهة
الطرف الخر .
-54مصادر الفصل التمهيدي :
-1ابو هيف)د .على صادق( – القانون الدولي العام -الطبعة التاسعة منشأة المعارف السكندرية 1971ص
. 17
-2شهاب )د .مفيد محمود( – القانون الدولي العام -الطبعة الثانية 1985-دار النهضة العربية ص . 20
-3شهاب )د .مفيد محمود( – نفس المرجع ص . 21
4+5+6+7+8ابو هيف )د .علي صادق( _ المرجع السابق ص 17هامش .
-9حافظ )د .محمود( – القانون الدولي العام -الطبعة الثانية )منقحة ومزودة-مكتبة النهضة المصرية 1958
ص.(2
-10شهاب )د .مفيد محمود( – المرجع السابق ص . 20
-11المجذوب )د .محمد( – القانون الدولي العام -الدار الجامعية 1994بيروت ص . 9
-12شعبان )د.عبد الحسين( – النسان هو لصل _مدخل الى القانون النساني وحقوق النسان .مركز القاهرة
لدراسات حقوق النسان 2002ص . 34
-13ابو هيف )د .علي صادق( – المرجع السابق ص . 21
-14الدقاق )د.محمد سعيد( – القانون الدولي العام -الجزء الول 1989دار المطبوعات الجامعية –السكندرية
ص . 59+58كذلك د .شعبان – المرجع السابق ص . 62و كذلك د .ابو هيف –المرجع السابق ص . 23
-15الدقاق )د .محمد سعيد( – المرجع السابق ص . 60+59
-16المجذوب )د .محمد( – المرجع السابق ص . 45وكذلك د .شهاب –المرجع السابق ص . 63
-17النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية .
-18الدقاق )د .محمد سعيد( – المرجع السابق ص . 63
-19ابو عامر )د .علء( – العلقات الدولية_ الظاهرة والعلم _ الدبلوماسية والستراتيجية -الطبعة الول 2004
دار الشروق _عمان _ ص . 30
-20ابو عامر )د .علء( – نفس المرجع ص . 30
-21عصفور )د .سعد( – المبادئ الساسية في القانون الدستور والنظمة السياسية _ منشأة المعارف
السكندرية _ ص 107وما بعدها .
-22متولي )د .عبد الحميد( – القانون الدستوري والنظمة السياسية _مع المقارنة بالمبادئ الدستورية في
الشريعة السلمية _ طبعة سادسة منقحة _ منشأة المعارف ،السكندرية _ 1989ص . 30
-23شطناوي )د .فيصل( – النظم السياسية والقانون الدستوري _ الطبعة الولى 2003دار مكتبة الحامد _
عمان ص . 26إشارة الى د .محمد عبد العزيز نصر ،في النظريات والنظم السياسية -دار النهضة العربية
بيروت 1981ص . 25
-24شيحا )د .ابراهيم عبد العزيز( – القانون الدستوري والنظم السياسية – الدار الجامعية بيروت _ 1994ص
. 223
25+26شهاب )د .مفيد محمود( – المرجع السابق ص 159هامش .
-27قرار مجلس المن رقم 662تاريخ . 1990-8-2
-28شهاب )د .مفيد محمود( – المرجع السابق ص . 98
-29ابو عامر )د .علء(– المرجع السابق ص . 33
-30ابو عامر )د .علء(– نفس المرجع ص . 42
-31الغنيمي )د .محمد طلعت(– الغنيمي الوجيز في قانون السلم -منشأة العارف بالسكندرية بل تاريخ ،ص
336وما بعدها .
-32
-33
-34
-35
-36
-37
العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية لعام . 1966
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام . 1966
ميثاق المم المتحدة _ المادة / 76 /في نظام الوصاية الدولي .
التفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد اسرهم .
شهاب )د .مفيد محمود( – المرجع السابق ص 95وما بعدها .
المجذوب )د .محمد( – المرجع السابق ص . 185
مصادر الفصل الول :
www.icrc.org/ara -1
الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر الدولي -الخلفية التاريخية للقانون الدولي النساني .
تمت زيارة الموقع في . 10/02/2006
-2الشللدة )د .محمد فهاد( – دور منظمة المم المتحدة في تطوير القانون الدولي النساني المطبق في النزاعات المسلحة – المجلة الدولية
للصليب الحمر – السنة الحادية عشرة العدد 62ديسمبر . 1998
-3هندي )د .احسان( – اثر الثقافة والخلق والدين في القانون الدولي النساني -المجلة الدولية للصليب الحمر – السنة السابعة -العدد 40
نوفمبر+ديسمبر 1994وما قبلها .
.www.icrc.org/ara -4
الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر الدولي .اتفاقيات جنيف والبروتوكولين و القرار رقم 21بشأن نشر القانون الدولي النساني
المطبق في المنازعات المسلحة .
تمت زيارة الموقع في . 11/02/2006
5+6هندي )د .احسان( المرجع السابق .
-7هندي )د .احسان( المرجع السابق مشيرًا الى د .امون رباط .
-8ابن شداد – النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ،كما ورد في كراس )من ذاكرة التاريخ العربي السلمي( اصداراللجنة الدولية للصليب
الحمر – القاهرة– اشار اليه د .احسان هندي.
-9سورة النعام – الية ). (151
-10الزمالي )د .عامر( – مدخل الى القانون الدولي النساني – منشورات العهد العربي لحقوق النسان واللجنة الدولية للصليب الحمر تونس
1997ص . 10
-11سورة النفال – الية ). (58
-12سورة التوبة – الية ). (6
- 55 -13شطناوي )د .فيصل( – حقوق النسان والقانون الدولي – الطبعة الثانية 2001دار الحامد للنشر عمان ص . 190
-14الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر – لمحة سريعة عن القانون الدولي النساني .
-15بيكتيه )د .جان( -القانون النساني وحماية ضحايا الحرب -معهد هنري دوفان – جنيف 1986ص . 14 -10
www.icrc.org/ara -16
الموقع اللكتروني للجنة الدولية للصليب الحمر – القانون الدولي النساني والقانون الدولي لحقوق النسان – اوجه الشبه والختلف .
تمت زيارة الموقع في . 12/02/2006
مصادر الفصل الثاني :
-1بوكرا ) ادريس ( – مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر 1990ص . 22
-2ابو هيف )د .علي صادق( – القانون الدولي العام – الطبعة – 9منشأة المعارف السكندرية 1971ص . 226
-3بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 34
-4ابو هيف )د .علي صادق( – المرجع السابق ص . 228
-5بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 28+27
-6بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 38
-7بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 39
-8ابو هيف )د .على صادق( المرجع السابق ص . 229
-9بوكرا )ادريس( – المرجع السابق ص . 39
-10بوكرا )ادريس( – المرجع السابق ص . 39
-11ميثاق المم المتحدة – م . 39
-12ميثاق المم المتحدة م . 40
– 13ميثاق المم المتحدة م . 42
-14أبوالوفا )د .احمد( – الوسيط في القانون الدولي العام – الطبعة الرابعة 2004 -دار النهضة العربية القاهرة ص 362هامش .
-15بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 94
-16بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 95
-17بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 97
-18عمر )د .حسين حنفي( – التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق النسان ط 2004/2005 . 1دار النهضة العربية القاهرة ص . 18
-19بوكرا)ادريس( المرجع السابق ص 98وما بعدها .
-20قرار الجمعية العامة رقم 2131تاريخ 31كانون الول . 1965انظر نصه في الملحق .
-21القرار رقم 2625تاريخ 24تشرين الثاني . 1970انظر نصه في الملحق .
-22قرار الجمعية العامة A/RES/2734تاريخ 16كانون الول . 1970
-23قرار الجمعية العامة رقم 3314لعام . 1974انظر نص الرار في الملحق .
-24القرار رقم 155تاريخ . 1977انظر نصه في الملحق .
-25بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 137
-26ابو هيف )د .على صادق( – المرجع السابق ص . 217-216
-27الغنيمي )د .محمد طلعت( – الغينمي الوجيز في قانون السلم – منشأة المعارف بالسكندرية ،بل تاريخ ص . 311
-28بوكرا ) ادريس ( المرجع السابق ص . 27
-29الغنيمي )د.محمد طلعت( المرجع السابق . 214
-30ابو هيف )د .علي صادق( المرجع السابق ص . 218
31ابو هيف )د .على صادق( المرجع السابق ص . 219
-32فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص . 219
-33فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص . 220
-34فوشي – مشار اليه من قبل ابو هيف المرجع السابق ص . 221
-35الغنيمي )د .محمد طلعت( – المرجع السابق ص . 314
-36الغنيمي )د.محمد طلعت( – المرجع السابق ص . 313
-37بوكرا )ادريس( المرجع السابق ص . 229
-38ابو هيف )د.على صادق( المرجع السابق ص . 225
-39تقرير المين العام للمم المتحدة عن اعمال المنظمة – الدورة – 47عام . 1992
-40مركز زايد للتنسيق والمتابعة – التدخل الدولي النساني وإشكالياته – دولة المارات العربية المتحدة بل تاريخ ص . 18
-41مركز زايد – المرجع السابق ص . 18
-42مركز زايد – المرجع السابق ص 18مشيرًا الى د .عزالدين فودة – الضمانات الدولية لحقوق النسان – المجلة المصرية للقانون الدولي
1964مجلد /20/القاهرة .
-43عبدال الشيخ )د .فتح الرحمن( – مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي – الدوحة 1998ص . 108
-44عبدال الشيخ )د .فتح الرحمن( – المرجع السابق ص . 109
-45عمر )د .حسين حنفي( – المرجع السابق ص . 313
-46عمر)د .حسين حنفي( -المرجع السابق ص . 314
-47عمر)د .حسين حنفي( -المرجع السابق ص . 314
-48قاسم )د .مسعد عبد الرحمن زيدان( – تدخل المم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي – الدار الجامعة الجديدة
بالسكندرية 2003ص . 429
-49المرجع السابق ص . 229
-50د .حسين حنفي عمر – المرجع السابق ص . 325
-51المرجع السابق ص . 329
-52المرجع السابق ص . 335
-53عبدال الشيخ )د .فتح الرحمن( – المرجع السابق ص . 118
-56الباب الثاني
التدخل الدولي في لبنان
الفصل الول
التدخل السوري في لبنان
خخخخخ خخخ خخخخخ خخخ خخخخخخ خخخخخخخ خخ خخخخخ
خخخخخخخ خ خخ خخخخخ خخخخخخ :
المبحث الول -أهداف التدخل السوري .
المبحث الثاني – مشروعية التدخل السوري .
لمحة موجزة عن تاريخ الصراعات في لبنان .
مع اعلن دولة لبنان الكبير ،اعتبر البعض ان الدولة اللبنانية الجديدة اعتدت على سوريا بسلخها مدن ،
بيروت وطرابلس وصيدا ،والقضية الربعة -البقاع -راشيا -حاصبيا -بعلبك ،عن ولية الشام ،
وضمها الى دولة لبنان ،بينما اعتبرها اللبنانيون ان القضية الربعة ومدن الساحل أعيدت الى لبنان
لنها سلخت من المارة سنة ، 1860وهي مدن وأقضية لبنانية تم الحاقها بولية الشام بموجب تسوية
بين السلطنة العثمانية والوربيين سنة 1864حيث وضع نظام جديد لجبل لبنان وهو نظام المتصرفية )
، (1الذي أسس حكم المشاركة الطائفية في لبنان بعد وضع حد للمجازر التي ارتكبت بحق المسيحيين ،
فتدخلت الدول الوربية وأرسل جيشًا فرنسيًا الى لبنان لوضع حد لتلك المجازر ،وتم تعيين متصرف
مسيحي ،لتولي الحكم في جبل لبنان ،يعاونه مجلس ادارة مؤلف على أساس التمثيل الطائفي تنفيذًا
للتفاقية الوربية العثمانية بشأن صيغة الحكم في جبل لبنان.
استمر العمل بنظام المتصرفية في جبل لبنان حتى الحرب العالمية الولى ،فأخضع الجبل الى الحكم
العسكري المباشر مع البقاء على صيغة النظام المتصرفي .وخلل الحرب العالمية الولى تكونت
ثلث تيارات بشأن لبنان وسوريا :
-1التيار العربي بقيادة الشريف حسين وابنه فيصل ،الذي أراد انشاء دولة عربية يكون هو ملكًا
عليها ،وقد تم ذلك من عام 1920 -1918الى ان دخل الفرنسيون سوريا بعد انتصارهم في معركة
ميسلون .
-2التيار السوري الذي دعا الى قيام سوريا الكبرى .
-3تيار لبناني دعا الى استقلل لبنان مع الراضي التي كانت قد انتزعت منها في سنة ، 1861
وتشكيل حكومة لبنانية ديمقراطية مؤسسة على المساواة والخوة وقد تم ذلك لحقًا اثناء استقلل لبنان )
. (2
في خضم تلك الصراعات استطاعت لبنان وبدعم بريطاني ،على استقللها عام ، 1943وظهر فيها
اتجاهان سياسيان بالرغم من الجذور الطائفية لتلك التجاهات :
-1اتجاه اغلبه مسيحي من الداخل اللبناني ،ومن بلدان الغتراب يميلون الى استقلل لبنان دون
التغاضي عن العلقات مع سوريا .
-2اتجاه اغلبه اسلمي يدعوا الى الستقلل ضمن اطار الوحدة السورية كخطوة على طريق الوحدة
العربية الشاملة .
لكن التحول الكبير الذي تم في السياسة اللبنانية ،كان انتخاب المجلس النيابي للسيد بشارة
الخوري رئيسًا للجمهورية ،الذي كلف بدوره السيد رياض الصلح لتأليف الحكومة ،وفور تشكيل
الحكومة تم تعديل الدستور الذي اعتبر اعلنًا لستقلل لبنان من طرف واحد في 2تشرين الثاني
.1943وكذلك بيان حكومة الصلح أمام المجلس النيابي في 7تشرين الول 1942الذي جاء فيه :
" ...وستقبل الحكومة على إقامة هذه العلقات على أسس متينة تكفل احترام الدول العربية لستقلل
-57لبنان ،وسيادته التامة ،وسلمة حدوده الحاضره ،فلبنان وطن ذو وجه عربي يستسيغ الخير النافع من
حضارة الغرب .ان إخواننا في القطار العربية ل يريدون للبنان ال ما يريده الباة الوطنيون ،فنحن
ل نريده للستعمار مقرًا ،ول لخواننا في البلد العربية ممرًا ،بل نحن وهم نريده وطنًا سيدًا حرًا
ل " ). (3
مستق ً
وقد اعتبر خطابه هذا ميثاقًا للبنان .وقد اعترفت الدول العربية ومنها سوريا ،باستقلل لبنان وسيادته
على ارضه ضمن الحدود الحالية في القرار الذي اتخذته الدول العربية في اجتماع السكندرية بين 25
ايلول 1944و 7تشرين الول 1944والذي اتخذ جملة من القرارات كانت إحداها خاصًا بلبنان جاء
فيه :
" تؤيد الدول العربية ،الممثلة في اللجنة التحضيرية ،مجتمعة احترامها لستقلل لبنان ،وسيادته
بحدوده الحاضرة ،وهو ما سبق لحكومات هذه الدول ان اعترفت به بعد أن انتهج سياسة استقللية
اعلنتها حكومته في بيانها الوزاري ،الذي نالت عليه موافقة المجلس النيابي في 7تشرين الول
. "1943
وبهذا جاء العتراف العربي بدولة لبنان مع القضية الربعة ،ومدن الساحل حسمًا للدعوات التي
كانت تطلق بين الحين والخر بان مناطق مقتطعة من سوريا قد ألحقت بلبنان .
ل عن سوريا .وبهذا
كما وجاء القرار كذلك حسمًا ،للموقع الطبيعي الذي يجب أن يكون فيه لبنان مستق ً
انتقل الصراع الطائفي والدعوات السياسية المختلفة من العلنية والظهور الى الخفاء .وفي هذا الشأن
قال الشيخ بشارة الخوري أحد صانعي دولة لبنان ،ردًا على الرؤية التي ترى بان المسيحيين تخلوا عن
الحماية الغربية ،لقاء تخلي المسلمين عن الوحدة مع سوريا ،أي لبننة المسلمين وتعريب المسحيين .
فقال بانه :
" ليس مجرد مصالحة بين جماعتين ،بل هو ايضًا تحقيق لنصهار بين نظريتين :النظرية التي ترى
مستقبل لبنان في اندماجه بدولة أخرى .والنظرية التي ترى بقاءه رهنًا بالحماية الجنبية .جاء الميثاق
الوطني ليلغي بالتفهم والوفاق هاتين النظريتين المتناقضتين ،ويحل محلهما ايمانًا واحدًا ،وايمانًا وطنيًا
لبنانيًا ،كما انه بما أثمر من تعايش بين مختلف طوائف الوطن ،شكل أساس بناء الدولة وتكوين الوطن
" ).(4
وقد تبين لحقًا من خلل الحروب الهلية بين الطوائف اللبنانية في الخمسينيات والسبعينيات من القرن
الماضي ،ان الميثاق الوطني لم يستطع صهر الطوائف اللبنانية في بوتقة لبنان الوطن ،فقد سبق من
خلل نظام حكم المتصرفية في جبل لبنان ،بتأثير الدول الجنبية من ارساء الطائفية في لبنان ،وكذلك
ترسيخها في عهد النتداب الفرنسي من خلل الدستور المؤقت لعام 1926وكذلك قرار المفوض
السامي رقم 60تاريخ 13آذار 1936ليثبت الطائفية في لبنان ،بتحديد الطوائف الى سبعة عشرة
طائفة ،والنص عليها في بطاقة الهوية ،مما فرض على اللبنانيين النتماء الى احدى تلك الطوائف ،
وقد أثبت عدم فاعلية الميثاق الوطني لعام 1943وخاصة بعد اغتيال رياض الصلح سنة 1951وسقوط
بشارة الخوري من الحكم على أثر احداث . (5) 1952
ان ترسيخ الطائفية الدينية في لبنان ،والتي نصت عليها المواثيق والقوانين اللبنانية منذ عهد النتداب ،
كقانون الحوال الشخصية للطائفة الدرزية ،بالضافة الى القانون الخاص بتحديد صلحيات المراجع
المذهبية المسيحية ،ومرجع الطائفة السرائيلية والقرار رقم /5/في آذار 1967الخاص باستقلل السنة
في ادارة شؤونهم الدينية وأوقافهم الخيرية ،والدستور اللبناني الذي كان له أثره في ذلك ،فرغم عدم
النص على تحديد طائفة كل من رئيس الجمهورية ،ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ،إل ان
العرف المتعامل عليه في لبنان هو ان يكون الول مارونيًا والثاني شيعيًا والثالث سنيًا.
هذا الترسيخ الطائفي داخل لبنان ،أدى الى وجود سلطة مركزية ضعيفة ،بالضافة الى دور المنظمات
الفلسطينية وتناميها وامتلكها للسلحة ودعمها داخليًا من المسلمين في لبنان ،وخارجيًا من الدول
العربية ،على مستوى الحكومات ،أظهر ضعف السلطة اللبنانية وقواها المسلحة في الحفاظ على ضبط
المن لحقًا .فقد بدأ توافد الفلسطينيين الى لبنان بعد نزوحهم من فلسطين منذ عام 1948فكانت
العلقات بينهم وبين السلطات اللبنانية علقة دولة مع نازحين ،لكن سرعان ما تحولت العلقة في
أواخر الستينات الى علقة دولة بثوار فلسطين ،بعد أن تصاعد العمل الفدائي منذ ما بعد هزيمة
-58حزيران ، 1967حيث استطاع الفلسطينيون ان ينشأوا منظمة التحرير الفلسطينية ،بقرار من جامعة
الدول العربية ،حيث جاء في البند الخامس من قرار مؤتمر القمة العربية الول المنعقد في القاهرة من
17- 13كانون الثاني عام 1964بما يلي :
" أن يستمر السيد أحمد الشقيري ،ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية ،في اتصالته بالدول
العضاء والشعب الفلسطيني ،بغية الوصول الى إقامة القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني ،
وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه " ). (6
لكن العدوان السرائيلي عام 1967أدى الى التدفق الكبير للنازحين الفلسطينيين الى الدول المجاورة ،
فتضاعف عددهم في لبنان بعد نزوح عام . 1948وباستلم ياسر عرفات ،مؤسس حركة فتح ،رئاسة
منظمة التحرير الفلسطينية في 13/2/1969استطاع ان ينقل العمل الفلسطيني الى العمل العسكري ،
رغم تنفيذ القوى الفلسطينية لبعض العمليات العسكرية في العمق السرائيلي قبل ذلك التاريخ ،وأصبح
لبنان والردن من الدول التي انطلقت منهما العمليات الفلسطينية ضد اسرائيل ،المر الذي دفع الخير
بالهجوم على قواعد الفدائيين في بلدة الكرامة الردنية عام 1968وتلتها بروز التناقضات والخلفات
بين الفدائيين الفلسطينيين والسلطات الردنية ،فشنت القوات الردنية هجومًا على القوى الفلسطينية
أدى الى مقتل الكثيرين منهم فيما سمي باليلول السود ،كان من نتيجته نزوح الكثير من الفلسطينيين
وقادتهم بشكل خاص الى لبنان ومنهم ياسر عرفات ،وسبق ذلك هجومًا جويًا اسرائيليًاعلى مطار
بيروت ودمرت /13/طائرة لبنانية جانحة على المطار ،بحجة قيام الفلسطينيين بخطف طائرة من
شركة العال من مطار أثينا ) . ( 7وقد أدت هذه العملية الى زيادة حدة التوتر القائم بين الجيش اللبناني
وقوات المقاومة الفلسطينية ،ادى الى وقوع صدام عسكري بينهما في ربيع ، 1969اعقبتها مجموعة
من الصدامات المسلحة في المدن اللبنانية الكبرى ،بيروت وطرابلس وصيدا ،أدى الى حدوث أزمة
حكومية مما أضطر الرئيس شارل الحلو بتوجيه خطاب متلفز جاء فيه بانه " ل يمكن أن يسمح بتنقل
الفدائيين بحرية في لبنان ،وانه يرفض ان يرى بلده يتحول الى نقطة مواجهة مع اسرائيل ،حيث تلقت
ثلث دول عربية في عام 1967هزيمة موجعة خلل حرب اليام الستة .فلبنان والحال هذه ل يمكنه
مواجهة اسرائيل وحده "). (8
ووجدت هذه الزمة مخرجًا لها في اتفاقية القاهرة عام 1969بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة
اللبنانية وصدق عليه البرلمان اللبناني حيث سمح فيه للمقاومة الفلسطينية :
-1ان تتواجد مسلحًا في المخيمات وبعض مناطق الجنوب – منطقة العرقوب -للقيام بعمليات ضد
اسرائيل .
-2سمح للمقاومة بنقل السلح والمقاتلين الى الجنوب عبر طريق عسكري جبلي .
-3السماح للفلسطينيين بادارة المخميات ). (9
وقد شعر المسيحيون ان اتفاق القاهرة جاء ليطلق العنان للمنظمات الفلسطينية في لبنان ،ويعتبر
استسلمًا بحق الدولة اللبنانية ،حيث أدى الى التصعيد المكثف في العمليا العسكرية ضد
اسرائيل،وبالتالي تنامي الغارات السرائيلية انتقامًا للبنان ،وعجز الدولة اللبنانية عن تأمين المن
والستقرار دفع بالحزاب اللبنانية المسيحية الى تدريب ميليشياتها وخاصًة -حزب الكتائب -وحزب
الوطنيين الحرار -وآل فرنجية في زغرتا -ومعروف سعد الزعيم السني في صيدا -فحصلت أول
اشتباك مسلح بين الفلسطينيين ومجموعات مسلحة من الحزاب المسيحية في آذارعام 1970في منطقة
الكحالة المارونية ،عند مرور قافلة فلسطينية تحمل شهيدًا فلسطينيًا لدفنه في دمشق ،أدى الى سقوط
عشرات القتلى من الفلسطينيين ،وبعدها بدأت المعارك شبه اليومية بين الطرفين ،وقد أحدث عملية
شارع فردان في بيروت اثناء الهجوم السرائيلي على ثلثة من القادة الفلسطينيين في نيسان 1973
وهم كما ناصر -محمد يوسف نجار -كمال عدوان -ازمة بين السلطات اللبنانية والفلسطينيين ،حيث
أتت العملية ردًا على عملية قام بها الفدائيون الفلسطينيون في السودان في 2آذار 1973واغتالت سفير
الوليات المتحدة المريكية في الخرطوم ،ومستشاره الول ،وكذلك مستشار السفارة البلجيكية
،واحتجزت سفير السعودية والردن رهائن لديها .وتوالت بعدها الصدامات المسلحة بين الجيش
اللبناني والقوات الفلسطينية ،ففي 2أيار 1973استمرت المعركة بين الطرفين ودامت عشرة أيام ،
ل و 9جرحى من الفلسطينيين
ل و 4جريحًا من الجيش اللبناني و 19قتي ً
أسفرت رسميًا عن 13قتي ً
-59دخلت خللها أي في 3أيار لواءً سوريًا مولفًا من اكثر من 4000جندي مجهز بالمدرعات والمدافع
،تحت اسم وحدات من قوات الصاعقة ومن جيش التحرير الفلسطيني ). (10
ثم اندلعت حرب تشرين عام 1973بهجوم شنتها القوات السورية والمصرية بالتوافق معًا في وقت
واحد ،لكن دخول مصر في اتفاقية فصل القوات في 18/1/1974بمعزل عن سوريا أضعف الموقف
العربي وفقد صلبته ،فاتخذت سوريا قرارها بخوض حرب الستنزاف في الجولن وجبل الشيخ في
8/8/1974استمرت 82يومًا ) . (11ورغم عدم الهدوء في الساحة اللبنانية إل ان شرارة الحرب
الهلية في لبنان انطلقت في 13نيسان 1975عندما فتحت مجموعة مسلحة النار على حافلة ركاب ،
نقل عددًا من الفلسطينيين ،اثناء مرورها في منطقة عين الرمانه في بيروت وقتل معظمهم ،وقد حمل
رئيس وزراء لبنان رشيد الصلح آنذاك ،حزب الكتائب مسؤلية هذا العمل ،على الرغم من استنكار
بيير الجميل له .وقد ابرق ياسر عرفات الى الملوك والرؤساء العرب يطلب منهم التدخل ،ودعوة
فرنجية لمعاقبة الكتائب ،وقد استجاب عدد من الرؤساء العرب .وتصاعدت الحداث المنية من قتل
وخطف وعدم استقرار). (12
-60-
المبحث الول
اهداف التدخل السوري في لبنان
سأتطرق في هذا المبحث الى المطالب التالية :
المطلب الول :الهداف المعلنة للتدخل السوري .
المطلب الثاني :الهداف غير المعلنة .
المطلب الول :الهداف المعلنة للتدخل السوري .
أوًل -ايقاف الحرب واحلل السلم في لبنان .
في خضم المعارك بين القوى الفلسطينية واللبنانية ،والتدخل السياسي السوري عن طريق الوفود ظل
أعمال القتل والخطف والغتيالت سائدًا في الساحة اللبنانية ،كما اهتمت الدول العربية والوربية
بالوضع لكن دون ان تستطيع على وضع حد لعمال العنف تلك .ورغم مناداة الجميع بضرورة وقف
اعمال القتل ،والتفاق على سلم يسود لبنان وطوائفه ،إل ان ذلك لم يحدث .ورأت القيادة السورية
بان المور تتطور نحو السوء ،مما يستدعي التحرك اعلميًا ،وعمليًا لحل الزمة ،فقد صرح السيد
عبد الحليم خدام -وزير الخارجية السوري آنذاك -أثناء وجوده في الكويت في 8/1/1976بما يلي :
" يقوم عملنا في لبنان على أساس مساعدة الطراف اللبنانية ،على أن تتلقى لحل الزمة ،لن نسمح
بتقسيم لبنان .فلبنان كان جزءًا من سوريا ولسوف نعيده لدى أي محاولة فعلية للتقسيم .ان محاولت
التعريب تعني كثرة الطباخين وتعني تشتيت المساعي لقامة الحل المنشود والذي يستهدف المصلحة
اللبنانية معًا" ). (13
يتبين من خلل تصريح وزير الخارجية السورية بان العمل السوري في لبنان يستهدف :
-1مساعدة الطراف اللبنانية لتلفي الزمة .
-2الحفاظ على وحدة لبنان ضمن حدوده الدولية .
-3إيجاد حل للزمة اللبنانية بما فيه المصلحة اللبنانية .
وقد قصد السيد وزير الخارجية بمحاولت التعريب تلك محاولت الرئيس المصري انور السادات في
ايجاد حل للزمة اللبنانية في اطار الدول العربية ،وهذا ما كانت ترفضه سوريا كون الزمة اللبنانية –
حسب الرأي السوري -ازمة داخلية بين الطوائف اللبنانية كما كانت سوريا ترفض ومنذ البداية تدويل
الزمة اللبنانية محاولة بذلك -على ما يفهم سياسيًا منه -التفرد بالتحكم على مسار الزمة سواًء
نحوالتفعيل أو الحل .
كما وصدر بيان من الحكومة السورية في الول من نيسان 1976موضحًا فيه بان مخطط الحداث
ترمي الى ما يلي :
-1تمرير اتفاق سيناء وتغطيته .
-2خلق حدث جديد في المنطقة يستقطب اهتمامات العرب ويحولها عن الصراع الساسي بين المة
العربية والعدو الصهيوني .
-3زج المقاومة الفلسطينية في معركة لبنانية داخلية ذات طابع بغيض ،واغراقها في احداث القطر
اللبناني لمنعها من أداء واجبها في مواجهة العدو سعيًا وراء تصفيتها في نهاية المر .
-4الهاء القطر العربي السوري بالمشكلة اللبنانية ،وإشغاله بها ،وبالتالي إعاقة تحركه في خطه
القومي ،لمواجهة مؤامرات التصفية التي تحاك ضد المة العربية .
-61 -5خلق حالة من النقسام في بيئة الشعب العربي في لبنان ،تتجسد في تقسيم داخلي لوحدة القطر
اللبناني ،وإقامة دويلت فيه على أساس طائفي بغيض ،في اطار السياسة العامة للعدو العنصري
الصهيوني في تمزيق المة العربية ،ونسف مقومات القومية العربية تبريرًا لكيانه العنصري). (14
مع ان التطابق بين البند الخامس من بيان الحكومة السورية ،مع تصريحات وزير الخارجية السوري -
السيد خدام آنذاك -إل ان بقية البنود تكشف الدور السوري الوحيد ،بين دول الجوار السرائيلي ،في
الخط القومي العربي وصموده في وجه مخططات اسرائيل ،الرامية الى تصفية القضية العربية ككل ،
والقضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب المركزية .مع ان الطرف الخر ل يرى ذلك ،بل يرى
بان سورية هي صاحبة الدور الساسي في تصعيد تلك العمال ،لتنقل حربها ضد اسرائيل الى لبنان
بعد اتفاقية فصل القوات بينها وبين اسرائيل على جبهة الجولن السوري .
وقد جاء البيان السوري ليوضح بان مخططي أحداث لبنان هم :
-1اسرائيل .
-2النظام المصري -آنذاك في عهد انور السادات . -
-3حلفاء اسرائيل سواًء من الداخل اللبناني أومن خارجه .
ثانيًا -تكوين نواة دفاع مشترك في وجه اسرائيل .
اتخذ مؤتمر حزب البعث العربي الشتراكي المنعقد عام 1966قرارًا بانشاء منظمة فدائية خاصة
تعرف باسم الصاعقة بقيادة زهير محسن أحد الضباط الفلسطينيين في الجيش السوري ،ردًا على قرار
حركة فتح ،في استقللية قراها في المراقبة والتوجيه للعمليات العسكرية الفلسطينية رغم الدعم
السوري لها ،حيث كانت النتكاسة والهزيمة التي مني بها العرب ،تعود بسببها الى الضعف العربي ،
مما خلق شعورًا بمسؤلية العرب ،في عدم القدرة على فشل المخطط السرائيلي والجنبي في إقامة
كيان اسرائيلي في فلسطين عام ، 1948بالضافة الى نتائج العدوان الثلثي على مصر وفشل
محاولت الوحدة العربية ،أدى الى اعتماد حركة التحرير القومية الفلسطينية )فتح( -التي انشأت عام
1956كل من ياسر عرفات وصلح خلف وخليل الوزير -المادي على الدول العربية مع استقللية
القرار .كما اتجهت الحركة القومية العربية بزعامة جورج حبش آنذاك والتي تأسست عام ، 1948الى
التحول من العتماد على العرب الى العتماد على الفكر الماركسي نهجًا وممارسة ،نتيجة خزلن
العرب في إقامة الوحدة بين الدول العربية ،مما أدى بالفلسطينيين الى الشعور بانهم فقط هم الملزمين
بالقيام بما يريدون تحقيقه ،وخاصة في استقللهم بقرارهم ،مع الرتباط بالدول العربية ومطالبتهم
باستخدامهم لراضي تلك الدول ،للنضال والنطلق منها في سبيل تحرير فلسطين دون أي عائق .
وبنتيجة العمليات الفدائية المنطلقة من البلدان العربية المجاورة بدءًا من عام ، 1968أصبحت تلك
البلدان مستهدفة من قبل الغارات السرائيلية انتقامًا على العمليات الفدائية ،فساور الخوف تلك البلدان
وبدأت الحملت للسيطرة على العمل الفدائي توقيًا من الغارات السرائيلية النتقامية ،فأصبحت
القضية الفلسطينية مركز استقطاب الحكومات العربية وبدأت تلك الدول تتسابق في استمالة المنظمات
الفلسطينية واخضاعها لها ،أو انشاء منظمات بديلة عن تلك التي لم تخضع لتلك الحكومات وذلك
لضبطها ). (15
بعد أحداث ايلول في الردن عام 1970والتي سميت بايلول السود ،فقدت المنظمات الفلسطينية اكبر
وأقرب معقل لها ،فتوجهت نحو لبنان ،لكن حرب اكتوبر عام 1973والذي شعر فيه
العرب جميعًا بانهم استطاعوا أن يوحدوا الكلمة والبندقية نحو اسرائيل ،سرعان ما تبدد بعد اتفاق فك
الرتباط بين القوات المصرية والسرائيلية ومن بعدها القوات السورية ومن ثم مباحثات السلم
واتفاقية كامب ديفيد مما أدى الى :
-1استحالة شن الحرب أو أي هجوم من الراضي المصرية والسورية على اسرائيل .
-2خروج مصر كأكبر قوة عربية من المواجهة بعد اتفاقياته مع اسرائيل .
-3البحث عن ساحة ممكنة لشن العمليات العسكرية ضد اسرائيل .
-4محاولة سورية لفشل التفاقيات العربية المنفردة مع اسرائيل .
وكانت الساحة البديلة هي الرض اللبنانية ،للسباب التالية :
-1عدم وجود أرض لبنانية محتلة من قبل اسرائيل .
-62 -2عدم وجود اتفاق لبناني اسرائيلي يحجم الهجوم من ارضها .
-3الوجود الفلسطيني المكثف والمسلح في لبنان .
-4حرية حركة المنظمات الفلسطينية المسلحة في لبنان ،مع العتراف بحقهم في عمليات ضد اسرائيل
من الرض اللبنانية بموجب اتفاق القاهرة لعام (16) 1969
____________________________
) (2اتفاق القاهرة :
قرار الجمعية العربية رقم/ 2550 :د /52-تاريخ . 13/9/1969
اتفاق سري للغاية .
في يوم الثنين 3تشرين الثاني 1969اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني برئاسة عماد الجيش إميل البستاني ،ووفد منظمة التحرير برئاسة السيد
ياسر عرفات رئيس المنظمة ،وحضر من الجمهورية العربية المتحدة السيد محمود رياض وزير الخارجية ،والسيد الفريق أول محمد فوزي
وزير الحربية .
انطلقًا من روابط الخوة والمصير المشترك فان علقات لبنان والثورة الفلسطينية ل بد وأن تتسم دومًا بالثقة والصراحة والتعاون اليجابي لما
فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية وذلك ضمن سيادة لبنان وسلمته ،واتفق الوفدان على المبادئ والجراءات التالية:
ا -الوجود الفلسطيني:
تم التفاق على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس:
-1حق العمل والقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين حاليًا في لبنان.
-2إنشاء لجان محلية من الفلسطينين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية وضمن السيادة
اللبنانية.
-3وجود نقاط للكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات ،تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلقات مع السلطة ،وتتولى هذه النقاط
موضوع تنظيم وجود السلحة وتحديدها في المخيمات ،وذلك ضمن نقاط المن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية.
-4السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلل الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلمته.
ب -العمل الفدائي :
تم التفاق على تسهيل العمل الفدائي عن طريق:
-1تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط المرور والستطلع في مناطق الحدود.
-2تأمين الطريق الى منطقة العرقوب.
-3تقوم قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية.
-4ايجاد ارتباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني .
-5إيقاف الحملت العلمية من الجانبين.
-6القيام بإحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجود في لبنان بواسطة قيادتها.
-7تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الركان اللبنانية يشتركون بحل جميع المور الطارئة.
-8دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود التي يتم التفاق عليها مع الركان اللبنانية.
-9تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح.
-10إلغاء قاعدة جيرون.
-11يسهل الجيش للبناني أعمال مراكز الطبابة والخلء والتموين للعمل الفدائي.
-12الفراج عن المعتقلين والسلحة المصادرة .
-13ومن المسلم به ان السلطات اللبنانية من مدنيه وعسكرية تستمر في ممارسة صلحياتها ومسؤلياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي
جميع الظروف.
-14يؤكد الوفدان ان الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب جميعهم.
-15يبقى هذا التفاق سريا للغاية ول يجوز الطلع عليه إل من من قبل القيادات فقط .
رئيس الوفد الفلسطيني
رئيس الوفد اللبناني
المضاء /عرفات
المضاء /بستاني
في 3نوفمبر )تشرين ثاني( 1969
-63وبذلك التقت مصالح المنظمات الفلسطينية والحكومة السورية رغم تناقضاتهما في الدفاع ضد التقارب
المصري السرائيلي ،وبدأوا بالعمل ضد ذلك التفاق لسقاطه ،وبدأت بذلك تكوين نواة دفاع فلسطيني
سوري ضد إسرائيل من ارض لبنان ،منبهين بذلك اسرائيل ومصر ،بإن التوجه والسير في عمليات
صلح و سلم منفردة ل يمكنه ان تتم دون مشاركتهم ،وإن أي صلح منفرد لصالح إحدى الدول
العربية دون أن يشمل القضية الفلسطينية ل يمكن تحقيقه ،لن محور الصراع هو قضية فلسطين ،
ويجب أن يشملهم الصلح قبل غيرهم .
المطلب الثاني :الهداف غير المعلنة
-1ضبط المنظمات الفلسطينية وتسييرها وفق مصالحها .
لقد كان قدر المنظمات الفلسطينية أن تنشأ في أرضها التي لتحكمها بنفسها ،بل يحكمها التي من
الخارج ،بعد أن اسس كيان له ،لذلك من الطبيعي أن تتخذ المنظمات الفلسطينية من التحرير هدفها
الساسي ،بخلف المنظمات التي تنشأ في دولها المستقلة والتي تناضل من أجل مبادئ أخرى كالتحرر
من التخلف القتصادي والسياسي والجتماعي أو الفساد الداري ...الخ ،وقد شهد قواد المنظمات
الفلسطينية ومؤسسيها بأنفسهم ما جرى لهم ولشعبهم من اغتصاب الرض فلم يكن لهم إل النضال من
أجل إما :
-1طرد المغتصب .
-2العيش المشترك معهم في دولتين مستقلتين .
-3العتراف باسرائيل وإقامة سلطة فلسطينية ) ليست دولة ( .
-4الخضوع للمر الواقع والعيش في دولة اسرائيلية كمواطنين من الدرجة الثانية .
في بداية الهجرة اليهودية الى فلسطين بعد وعد بلفور -في إقامة كيان لهم في فلسطين -كان ظاهراً
للعيان بان العرب هم القوى في فلسطين ،حيث كان اليهود عبارة عن موجات مهاجرة من مختلف
البلدان ،ل يملكون الرض ول الرادة في التشبث ،موجات قليلة نحو بحر من العرب ،ل يستطيعوا
أن يشكلوا جزيرة صغيرة فيها ،فكان الخيار الفلسطيني هو الغاء الوجود السرائيلي،وطردهم ليس الى
بلدانهم التي هاجروا منها بل الى البحر ،دون أن يستشعروا بان قرار الوعد لهم أتخذته قوى اجنبية
مستعدة للمزيد من الدعم المادي والمعنوي والعسكري وبتخطيط قد أمنوا أسباب نجاحه ،وقد دل على
ذلك قرار التقسيم بعد وعد بلفور ومن ثم تحالف الدول الكبرى ومدهم بالمساعدة ،إلى ان
شعرالفلسطينيون والعرب جميعًا بان القرار الفلسطيني والعربي في طرد المغتصب كان وهمًا فبدأوا
يتنازلون عنه شيئًا فشيئًا .
بدأت الدول العربية والعرب جميعًا في كل مكان بدعم المنظمات الفلسطينية والشعب الفلسطيني على
أمل تحقيق ما تصبوا اليه ،الى أن تحولت سياسة الدول العربية المجاورة لفلسطين بشأن القضية
الفلسطينية وبشأن الصراع العربي ،فبدأت الدول العربية تحرك القوى السياسية الفلسطينية والعربية
الموالية لها في الدول الخرى ،وبذلك بدأت الدول العربية كل على حدة بالبحث عن قوى موالية لها
لتقوية نفوذها لتمرير مصالحها تجاه الخرى فأصبحت لبنان الساحة الكبر ملئمة لتحقيق مصالح
الدول فيها للسباب التالية :
-1نظام الحكم البرلماني المطبق في لبنان وانعدام سلطة الجيش .
-2الديمقراطية السياسية التي استقطبت كافة المعارضات العربية .
-3الساحة الكثر ملئمة للتحرك الفلسطيني ضد اسرائيل .
-4دعوات التوجه الى لبنان حر مستقل غير مؤمن بالدخول في عملية الوحدة العربية المحتملة .
-5شعور الطائفة المسيحية بالغبن ،وفقدانها لمركز نفوذها مقابل النفوذ الفلسطيني والسلمي
السني بقواه الوطنية والتقدمية .
-6ظهور الشيعة كحركة دينية سياسية على المسرح السياسي اللبناني .
هذا الفسيفساء السياسي والطائفي جعل من الوضع في لبنان معقدًا وبؤرة للتوتر .حيث انظار الدول
العربية والجنبية لتحقيق مصالحها والنطلق منها بالعتماد على القوى الموالية لها أدى بالسلطة
-64السورية وحزب البعث إلى ضرورة الستعجال في ضبط الوضاع لتأمين مصالحها السياسية
والمنية ،ولتجعل من نفسها قوة اقليمية مؤثرة ل يمكن تحقيقها إل بذلك الضبط ومحاولة السيطرة
على الوضع في لبنان باضعاف كافة القوى العاملة على تلك الساحة وضبطها لتحريكها وفقًا للسياسة
التي ترسمها لهدافها في الداخل السوري وشعاراتها في القومية العربية التي رفعها حزب البعث
كشعار لها ،يعلو على كافة المصالح ،مع الستعداد بالتضحية بنمائها القتصادي والجتماعي خدمًة
للهداف القومية – كما تدعي – .
إضافة إلى إعتبار السلطة في سوريا ،إ ن منظمة التحرير ل تمتلك شيئًا إل الرمزية ولسنا بحاجة الى
ابتلعها ،كما تعتبر إن القضية الفلسطينية هي ليست قضية شعب مظلوم بل قضية وطنية ،وإن
الصراع بين سوريا والحركة الصهيونية منذ وعد بلفور واحتلل الجولن يعود بسببه إلى تلك القضية
).(17
-2ضبط الوضع اللبناني وتحويله الى ورقة ضغط سورية .
ل زال الفكر السائد لدى الوساط الحاكمة في سوريا هو وحدة الشعبين ،السوري واللبناني ،رغم
الحدود الدارية التي رسمتها فرنسا وبريطانيا في العشرينات من القرن الماضي دون أن تستطع إلغاء
الروابط القومية والوطنية والعائلية والسرية والثقافية والقتصادية بين البلدين ،وتستند السلطات
الحاكمة في سورياوحدة الشعبين تلك على التقسيمات الدارية التي كانت موجودة أيام الحكم العثماني ،
حيث كانت هناك في ما يتعلق بلبنان وسورية :
-1ولية دمشق التي كانت تضم القسم الجنوبي من سوريا بما في ذلك الردن حاليًا وقسمًا من اراضي
لبنان الحالية .
-2ولية بيروت وكانت تضم المناطق الساحلية من لبنان الحالي ومنطقة اللذقية والقسم الشمالي من
فلسطين .
أما خارج نطاق الجغرافيا والتاريخ ،فهناك الفكر القومي الذي ينادي به حزب البعث الحاكم في سوريا
.في الوحدة بين القطار العربية والسعي من اجله مضحيًا من اجل ذلك – في زعمه – الشأن الوطني
الداخلي واعتبار الفرد و الوطن والمواطن مراتب ثانوية بعد المرتبة القومية .
ويلحظ من حديث السيد الرئيس حافظ السد لمجلة النهار العربي والدولي ،إن الدفاع عن الرض
اللبنانية التي احتلها العدو ،مهما كلف ذلك من تضحيات ،واجبًا ليتوقف القيام به على طلب من أحد )
. (18
ان العلقة المتبادلة بين المن القطري والقومي يكون من الساسيات التي ينطلق منها الفكر القومي
العربي الذي يعتمد عليه حزب البعث _ الذي يقود المجتمع والدولة بموجب الدستور – وعليه يرفض
كل الحلول الجزئية التي تقوم بها دولة عربية منفردة في سعيها للصلح مع اسرائيل.
وقد اعتبرت السلطات السورية على لسان السيد عبد الحليم خدام وزير خارجيتها آنذاك ،ان ما يجري
في لبنان هو جزء من مخطط كبير يستهدف لبنان وسوريا والثورة الفلسطينية كما من شأنه خدمة
اسرائيل والوليات المتحدة وتحقيق الهداف الخفية لتفاقية سيناء ). (19
وقد اختزل الرئيس الراحل حافظ السد ذلك كله في أقواله التالية " :تختلف سوريا عن كل الدول
العربية الخرى ...نحن نجسد دعوة القومية العربية وكل ما هو عربي هو نحن ...نحن نتميز
بقومية عربية تدخلية ،ل يمكن تصور أية وحدة عربية دون سوريا ،ول أي حرب دونها كذلك ،فلو
كانت لنا حدود مشتركة مع مصر ،لدخل اليها حتمًا جيشنا بعد زيارة السادات الى القدس ...سوريا هي
عقدة المشكلة ومفتاح الحل في الشرق الوسط " ). (20
لقد أدركت سورية خطورة الوضع اللبناني على سوريا والعرب جميعًا ،انطلقًا من مفهوم المن
القطري ،حيث تعتبر لبنان خاصرة سورية الغربية الضعيفة ،والمفهوم القومي الذي أدرك بوجود
-65عناصر وقوى التقسيم الطائفي في لبنان التي تسعى الى خروج لبنان بدعم من القوى الغربية
واسرائيل من عروبته والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية ،وعلى هذا الساس يمكن تحديد
أطراف النزاع الساسية وهي :
-1المنظمات الفلسطينية .
-2القوى اللبنانية ذو الميول التقسيميه .
-3القوى اللبنانية المؤمنة باللبنان العربي .
بالضافة الى هذه القوى تواجدت على الساحة قوى متدخلة وداعمة للقوى الساسية و هي :
-1اسرائيل .
-2بعض الدول العربية بدرجات متفاوتة ولمصالح متعارضة .
ويبدو من خلل مجريات الحداث من بداياته ان سوريا كانت اكثر تضررًا من تفاقم الزمة للمصلحة
الوطنية والقومية ،لذلك أصبحت من اكثر القوى التي ارادت التدخل بكافة أشكاله لضبط الوضع
اللبناني والمساك به للضغط على اسرائيل وجره الى مفاوضات عربية اسرائيلية شاملة ،يضمن به
استرجاع اراضيها المحتلة وحل القضية الفلسطينية والبقاء على لبنان العربي بالضافة الى عدم ترك
الساحة اللبنانية أرضًا مفتوحة للقوى المناوئة لسوريا الذين توافدوا الى لبنان للنضال منه ضد سوريا .
وقد أشار جورج حاوي المين العام السبق للحزب الشيوعي اللبناني الى ذلك بقوله :
" لن سوريا كانت تريد أن تقبض على الورقة اللبنانية والورقة الفلسطينية لتذهب تحت ما كان يحضر
له من مؤتمر دولي لحل أزمة الشرق الوسط في جنيف " ). (21
-66المبحث الثاني :مشروعية التدخل السوري في لبنان
المطلب الول :مشروعية التدخل السوري
-1التدخل عبر جيش التحرير الفلسطيني
كانت العلقات السورية اللبنانية علقات شائكة ،وكانت لسورية تأثيرعلى السياسة اللبنانية منذ
الستقلل -إستقلل البلدين -كان هذا التأثيريزداد أحيانًا ،ويتراجع أحيانًا أخرى ،حيث أخذت العلقات
في مرحلة ما بعد /1970/منحى جديدًا بسبب رغبة البلدين بالتعاون نتيجة وجود الرئيس سليمان
فرنجية في رئاسة الجمهورية ،ومع ذلك ورغم العلقة الوطيدة التي نشأت بين الرئيس فرنجية ،
وسورية حدثت خلفات في عام 1971بسبب إصرارالقيادة السورية على إبعاد الرئيس صائب سلم
عن رئاسة الحكومة ،وتمسك الرئيس فرنجية بمقاليد الحكم .ثم زال التوتر وعادت العلقات تجري في
مسارها الجيد بين الرئيسين ،والحكومتين .
في عام 1973أنفجرت مشكلة بين الفلسطينين ،والحكومة اللبنانية حيث نشب قتال بين الجيش
اللبناني ،والفصائل الفلسطينية .وجرى تدخل سياسي لسوريا لوقف هذا القتال حيث تمكن الوفد
السوري برئاسة وزيرالخارجية آنذاك عبد الحليم خدام من وضع ترتيبات لوقف إطلق النار .وبالفعل
نجحت الجهود السورية في وقف القتتال الذي كان من الممكن أن يتطور إلى حرب أهلية في لبنان ،
وتؤثر سلبًا على الترتيبات التي كانت تعدها سوريا مع مصر لخوض حرب ضد إسرائيل .لكن الوضع
العسكري عاد بالنفجار مرة ثانية في 13نيسان عام 1975بعد حادثة عين الرمانة .إذ انفجر القتال
بين الفلسطينين من جهة تؤازرهم الحزاب اللبنانية التي شكلت جبهة بقيادة المرحوم كمال جنبلط ،
وبين الجيش اللبناني ،وأحزاب الكتائب ،والحرا ر ،وتنظيمات أخرى في المنطقة الشرقية من جهة
ثانية ،وجرت أحداث دامية أخذت طابع طائفي ،وقتال على الهوية ،فأزداد الضغط على بيروت بعد
أن قامت القوات اللبنانية التابعة لحزب الكتائب باجتياح تجمعات إسلمية في بيروت الشرقية منها برج
حمود ،والكرنتينا ،والمسلخ .وقتل مئات الناس وهجرجميع المسلمين من تلك المناطق .في تلك
الساعات جرى قصف كبير في بيروت فاتصل المرحوم الرئيس رشيد كرامي بوزيرالخارجية السوري
السيد عبد الحليم خدام ،وطلب المساعدة كما طلب لقاءً لكل من الرئيس كرامي ،والستاذ كمال جنبلط
،والسيد موسى الصدر ،وعدد آخر من القادة ،فجاؤوا إلى دمشق في نفس اليوم ،واجتمعوا بالرئيس
السد في كانون الول . 1975وبعد النقاش طلب مساعدتهم في حماية بيروت من الجتياح .فقد
ل وصلت
قررت القيادة السورية إرسال كتيبتين من جيش التحريرالفلسطيني للدفاع عن بيروت ،وفع ً
الكتيبتان إلى بيروت واتصل الرئيس فرنجية بالرئيس السد محتجًا على ذلك ،فجاوب السد بان الناس
ذبحوا في بيروت الشرقية ،ول نريد أن تقع مذبحة جديدة في بيروت الغربية ،وجاء الناس يستنجدون
والجيش اللبناني لم يفعل شيئًا لحمايتهم .وبعد ذلك جرى إتصال آخرعبرموفد أرسله الرئيس فرنجية ،
وتم التفاق على قيام سورية بمبادرة في وقف الحرب .وبالفعل بعد إتصالت مكثفة مع الطراف
اللبنانية من كل التجاهات ،ومع الفصائل الفلسطينية تم التفاق على ما أطلق عليه الوثيقة الدستورية ،
والتي أذيعت في شباط .(22) /1976/
-2التدخل بطلب من السلطة الدستورية -ممثلًة برئيس الجمهورية -
لم تطبق الوثيقة الدستورية بسبب خلفات نشأت بين الرئيس فرنجية ،والرئيس كرامي حول قيادة
الجيش .إذ أراد الرئيس فرنجية إقالته ورفض الرئيس كرامي ذلك .كما حدث انقلب مسرحي قام به
اللواء عزيز الحدب بدعم من حركة فتح وتعقدت المور ،واستأنفت العمليات القتالية في لبنان ،وازداد
الضغط على المناطق المسيحية في جبل لبنان ،وفي الشمال ،وفي الجنوب ،وفي بيروت أيضاً .وبدأ
القتال يأخذ منحى الهزيمة لقوات الجبهة اللبنانية وبصورة خاصة بعد أن بدأ الجيش يتفكك ،وخرجت
مجموعات منه تحت عناوين مختلفة .وبعد ذلك جرت محاولت لتسوية الموضوع ،وإيقاف القتال عبر
إنتخاب رئيس جديد للبنان عوضًا عن الرئيس فرنجية الذي تركزت عليه حملة كبيرة من الجانبين
الفلسطيني ،والسلمي .وبالفعل تم التفاق بين كل الطراف على تعديل الدستور ،وانتخاب رئيس
-67جديد قبل إنتهاء ولية الرئيس فرنجية .وبالفعل تم التفاق على إجراء إنتخابات في /5/أيار وتنافس
السيدان المرحومان الياس سركيس ،وريمون إده ،ونجح الرئيس سركيس لكن الرئيس فرنجية
أصرعلى عدم ترك موقع الرئاسة حتى آخر يوم من وليته .جرت محاولت لوقف إطلق
النارولقاءات عديدة شارك فيها الرئيس سركيس كما جرت إتصالت عربية لكن مع ذلك لم تنجح تلك
الجهود ليقاف إطلق النار .في أواخرأيارأرسل الرئيس فرنجية يطلب التدخل العسكري السوري
لمساعدة الدولة اللبنانية لوقف الحرب الهلية ،وإعادة السلم .ناقشت القيادة السورية هذا المر واتخذت
قرارًا بإدخال القوات لسيما كانت مدينة زحلة محا صرة من قبل قوات التحالف الوطني الفلسطيني ،
وكذلك بلدتي القبيات ،وعندقت بعكار ،وكان وضع هذه المدن سيئًا جدًا إذ إنقطعت جميع موارد الغذاء
والدواء .وبالفعل دخلت القوات السورية في الول من حزيران 1976وأنهت الحصارعن زحلة ،
وحول القبيات ،وعندقت ثم تقدمت القوات في الجبل ،ورفعت الحصارعن بعض المناطق ،وتل ذلك
تقدمها بإتجاه بيروت دون أن تواجه أية مشكلة بسبب إتفاق الحركة الوطنية اللبنانية ،والفصائل
الفلسطينية على عدم التصادم مع القوات السورية ). (23
موقف القانون الدولي من التدخل السوري في لبنان بناء على طلب الحكومة .
لقد اقتصرت بحثي هذا على التدخل السوري وتدخل المم المتحدة في لبنان دون التدخلت الدولية
الخرى .والتدخل السوري في لبنان لم يأتي نتيجة لرد عدوان دولة على لبنان ،بل جاء ذلك التدخل
لوقف النزاع الداخلي الذي تم بين مجموعات مسلحة مقيمة في لبنان شرعًا ،وبين القوى اللبنانية
المسلحة من ناحية ،وبين قوات الجيش اللبنانية من جهة ثانية ،فالوجود الفلسطيني الشعبي نتيجة لجوئهم
الى لبنان هربًا من الحروب السرائيلية وأساليبها في طرد الشعب الفلسطيني،أصبحت لبنان ساحة
استقطاب للفلسطينيين بطريقتين :
الول :اللجوء النساني للفلسطينيين الى لبنان وإقامتهم الطبيعية فيها .
الثاني :لجوء قوات المنظمات الفلسطينية الى لبنان ومتابعة نشاطهم السياسي والمسلح فيها .
ونتيجة للزخم الفلسطيني الهائل في لبنان تابعت المنظمات الفلسطينية تنظيم الفلسطينيين وتسليحهم
للنطلق منها في عملياتهم العسكرية ضد اسرائيل ،دون أن تقتصر عملياتهم وتسليحهم على
المخيمات ،بل امتد في الكثير من الحيان الى خارجها مما أدى الى تخوف الكثير من اللبنانيين من تلك
المظاهر المسلحة ،وخاصة بعض المظاهر التي اعتبرتها القوى السياسية اللبنانية والسلطات اللبنانية
بانها تعتبر تعديًا على سلطة الدولة ،وتناميًا مسلحًا يعيق بسط سلطة الدولة اللبنانية قانونيًا على الكافة ،
مواطنين وغير مواطنين ،هذا التنامي الفلسطيني المسلح الذي دفع ببعض القوى المسيحية أيضًا بالتسلح
حماية لنفسهم وطائفتهم -كما أدعوا ، -وهذا الوضع المسلح الثنائي -منظمات فلسطينية ،وقوى
مسيحية ضمن الدولة اللبنانية -أحدث الكثير من الشتباكات أدى الى احتفاظ المجموعات الفلسطينية
والمسيحية المسلحةعلى بعض مناطقهم بقوة السلح ،مما اضعف سلطة الدولة اللبنانية و تقلصها ،
وأثار خوفها من ضياع الدولة ،وتحويل الجميع الى ميليشيات ،فكان ل بد من قيام السلطات اللبنانية
الدستورية بصلحياتها لوقف الوضع الذي بدأ بالتدهوربالطريقة التي تحافظ على وحدة الراضي
اللبنانية .
ان قيام السلطات اللبنانية الدستورية في الدفاع عن نفسها هو حق طبيعي لها كدولة ،بموجب المادة/
/51من ميثاق المم المتحدة ،التي تؤكد على حق الدول في الدفاع عن انفسهم إذا ما اعتدت قوة مسلحة
عليها .
وتعتبر العمال القتالية المتبادلة بين القوى الفلسطينية المسلحة ،والقوى المسيحية المسلحة في لبنان،
اعتداء على الدولة اللبنانية لنها أدت الى تقلص سلطة الدولة ،بعدم خضوعهم للقانون اللبناني ،وتعديًا
على سيادة الدولة التي تؤكد عليه كافة المواثيق الدولية .
رغم اتفاقية القاهرة لعام 1969الذي تم بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية ،الذي اعاد
تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان وفسح امام منظمة التحرير الكثير من السبل ،لتسهيل الحصول على
السلحة والتدريب والتجوال ضمن الراضي اللبنانية و تأمين الطرقات الى الجنوب اللبناني لتسهيل
-68قيامهم بالعمليات الفدائية ضد اسرائيل،ال انه لم يمنع من وقوع الشتباكات بينهم ،وبين القوى
المسيحية ،والسلطات اللبنانية مما حدا بالرئيس اللبناني سليمان فرنجية بدعوة سوريا بالتدخل ليقاف
النزاع واحلل السلم في لبنان .
إذًا التدخل السوري كان نتيجة :
لصراع لبناني داخلي ،لم تستطع السلطات اللبنانية من منع وقوعه أو ايقافه ،ودفاع الدولة اللبنانية عن
نفسها بالطريقة المناسبة التي تراها هو دفاع شرعي ،استعمل فيه الرئيس اللبناني صلحياته
الدستورية ،فهو-الرئيس -بموجب الدستوري اللبناني ،رمز وحدة الوطن ،ويحافظ على استقلل لبنان
ووحدته وسلمة أرضه .
وقد أشاد ميثاق المم المتحدة في المادة /52 /بدور المنظمات القليمية في معالجة المور المتعلقة بحفظ
السلم والمن الدولييين ،وقد تدخلت جامعة الدول العربية كمنظمة اقليمية عربية مرارًا لنهاء الزمة
اللبنانية ،وأضفى الشرعيةعلى التدخل السوري بقواته العسكرية في لبنان تحت اسم قوات الردع
العربية ،بمشاركة قوات عسكرية من بعض الدول العربية،على أن يكون تحت تصرف الرئيس
اللبناني .وبهذا يكون الطلب من السلطات الدستورية اللبنانية من سوريا بالتدخل لمساعدة سلطاتها في
الحفاظ على وحدة أراضي دولة لبنان ،وانهاء الزمة لتمكينها من بسط سيادة القانون على الفراد وعلى
القليم ،هو تدخل مشروع بموجب القانون الدولي وخاصة ان الوضع اللبناني كان من شأنه أن يهدد
السلم والمن الدوليين ،علمًا بأنه اثناء فترة النزاع المسلح بين الطراف اللبنانية ،وكذلك بين الطراف
الفلسطينية والسلطة اللبنانية ،وقيام المنظمات الفلسطينية بالعمليات الفدائية ضد اسرائيل منطلقًا من
الراضي اللبنانية سبب في الهجوم السرائيلي واحتلل اجزاء من الراضي اللبنانية اكثر من مرة مما
هدد السلم والمن الدوليين في المنطقة .
-3اقرار عربي شامل
بعد هذه التطورات قام جللة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية
بمبادرة مع صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت ،لعقد قمة عربية في دورة
غير عادية تكون سداسية في الرياض يحضره كل من الرؤساء انور السادات -حافظ السد -الياس
سركيس -ياسر عرفات -الشيخ صباح السالم الصباح -جللة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود
لبحث الزمة في لبنان ،ودراسة وسائل حلها والتفاق على الخطواط اللزمة لوقف نزيف الدم في
ل من القتال ،واتخذت جملة من القرارات منها :
لبنان واللجوء الى الحوار بد ً
-1وقف اطلق النار وانهاء القتتال في كافة الراضي اللبنانية من قبل جميع الطراف بصورة
نهائية اعتبارًا من الساعة السادسة صباح يوم .21/10/1976
-2تعزيز قوات المن العربية الحالية لتصبح قوة ردع تعمل داخل لبنان بامرة رئيس الجمهورية
اللبنانية شخصيًا على أن تكون في حدود الثلثين ألف جندي ). (24
كما و اجتمع ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية بمقر الجامعة في القاهرة في دورته العادية الثامنة
وقرروا ما يلي :
-1المصادقة على البيان والقرارات وملحقها الصادر عن مؤتمر القمة العربية السداسي بالرياض في
يوم . (25) 18/10/1976
وبعد ذلك حسب قرار القمة العربية وضعت هذه القوات بإمرة الياس سركيس ،وتم تشكيل لجنة ممثلة
ب ":مصر ،و سوريا ،والسعودية ،والكويت" .لمساعدته في تنفيذ قرارات القمة ،وإعادة المن إلى
لبنان .هذه اللجنة واجهت صعوبات كبيرة منها غياب القرارالحاصل لدى إلياس سركيس من جهة ،
ومناورات قيادة منظمة التحرير من جهة ثانية ،فتعطلت أعمال اللجنة ثم جاءت زيارة الرئيس
أنورالسادات إلى القدس مما كان له تأثيركبيرعلى تطورالحداث في لبنان .ومع ذلك استمر العمل
العربي فتشكلت مجموعة عربية أخرى وجرت لقاءات في بيت الدين بلبنان للوصول الى نتائج إيجابية )
.(26
- 4موافقة أمريكية مبطنة .
ل:
في لقاء لكيسنجر مع السيد غسان تويني مندوب لبنان لدى المم المتحدة صرح قائ ً
-69"المهم كان إنقاذ المسيحيين الذين كان الفلسطينيون سيهزمونهم ويهددون مصيرهم ...وكان ثمة خطر
تدخل اسرائيلي باجتياح كاسح ،تصل معه جيوشهم بيروت ،وإن واشنطن لم تشجع سوريا على التدخل
،انما كانت سوريا هي أقل الشرور والعنصر الوحيد المحتمل تدخله بشكل مقبول عربيًا ،وأجرت
دمشق وواشنطن الحسابات ذاتها ووصلتا إلى نفس النتائج العملية ولو بدون تشاور ،باستثناء المشاورة
حول " الخط الحمر " . (27) "...
إن موازنة الحسابات السياسية من خلل التقارير واللقاءات هي من المور التي يعتمد عليها صناع
القرارات في الدول وبها يتمكنون معرفة مدى توافق رؤاهم مع رؤية الطراف الخرى في الصراع ،
وقد تمكنت سوريا من الستنتاج بالموافقة المريكية لتدخلها العسكري في لبنان.
المطلب الثاني :تحول الوجود السوري الى نظام وصاية .
بالضافة الى بعض الخصوصيات التي تتميز بها كل من سوريا ولبنان فهما محكومتان بالتصال معًا
وتطويرها الى درجات أرقى في شكل المعاهدات والتفاقيات ،بحكم وجودهما ضمن السرة الدولية ،
فلم تبقى المنتجات المادية والفكرية حبيسة منطقة بعينها بل تتجاوز الحدود الدولية ،تؤثر
وتتأثربالمتغيرات ،هذا التبادل نتيجة التصال والتعاقد تسوء وتتحسن بحسب الظروف المختلفة سواء
تلك العائدة للفراد أم للشخاص المعنوية من افكار ومصالح وغيرها .أما الخصوصيات التي تتميز
بها كل من سورية ولبنان كأغلب البلدان المجاورة لبعضها ،من تداخل عائلي وطائفي ومذهبي
وتبادل مصلحي بنتيجة عوامل جغرافية وتاريخية معينة وكلها تنصب في مجرى الحسن في العلقات،
ل مختلفة يساهم البعض في تقاربها
مقابل توترها وتسييرها نحو مصلحة أحد الطراف ،فتأخذ أشكا ً
والبعض الخر في تباعدها ،وقد احتوى لبنان ذلك النموذجيين من الطراف بنتيجة الوضع الطائفي
وتمايزه عن غيره من البلدان المجاورة لفلسطين التي أصبحت قضيتها مركزية بالنسبة لقضايا العرب ،
بعد انشاء كيان اسرائيلي فيه ،وأصبحت لبنان مركز استقطاب الكثيرمن الدول العربية والجنبية لتقوية
نفوذها مع القوى اللبنانية والفلسطينية المتواجدة فيها لتمرير طروحاتها السياسية واليديولوجية
المختلفة ،عانت لبنان جرائهاخمسةعشر عامًا من القتل والدمار الى أن تم التفاق على وثيقة الوفاق
الوطني في الطائف والتي تسمى ب اتفاقية الطائف . 1989
خلفية وثيقة الوفاق الوطني :
ان التدخل الذي تم بين مجموعة من العناصر المتجاذبة والمتعارضة بنفس الوقت أوصلت لبنان الى
نزاع مسلح -حرب أهلية – شمل كافة الراضي اللبنانية ولو بدرجات متفاوقة .فكانت العناصر
الداخلية لسباب النزاع متوافرة دائمًا في لبنان وهي تتوافر في أغلب -ان لم نقل كل -دول منطقة
الشرق الوسط ،لكن العناصر الداخلية لم تكن كافية ليصال لبنان الى الحالة التي وصلت اليها من
النزاع المسلح الذي دام بشكل رسمي من عام 1975حتى 1989وبشكل غير رسمي قبل وبعد ذلك
التاريخ ،وقد حدث ذلك أيضًا في عام 1958لكنها سرعان ما توقفت ،أما ميزة النزاع المسلح في
السبعينيات -من القرن الماضي -عما قبلها ،فتكمن في ازدياد التدخل الخارجي بأشكال مختلفة أثارت
العناصر الداخلية وأخرجتها من كبوتها ،ومع ذلك لم تتوقف الجهود العربية من السعي ليجاد مخرج
للزمة ،إل إن الظروف الدولية كانت تساعد مختلف اطراف النزاع في إدامة الصراع حتى شعرت
الطراف جميعها ضمنيًا بان الخاسر الوحيد من هذا الصراع هو لبنان والشعب اللبناني ،مع شعورهم
بانه لم يخرج من النزاع أي من الطراف منتصرًا ،فأراد الجميع إنهاء الزمة دون أن يعرفوا كيف ،
حتى قام جللة الملك خالد بن عبد العزيز مع سمو الشيخ صباح السالم أمير دولة الكويت لعقد قمة
ل في الوصول الى حل نهائي للزمة اللبنانية .
عربية أم ً
مؤتمر القمة العربي الغير عادي في الدار البيضاء . 26/5/1989
بمبادرة من جللة الملك الحسن الثاني ملك المملكة المغربية وبدعوة من جللته انعقد المؤتمر واتخذت
جملة من القرارات التالية بشأن الزمة اللبنانية :
أول -التأكيد على عروبة لبنان ووحدة اراضيه واستقلله وان اى حل ل يتم فى اطار الحفاظ على هذه
العناصر الرئيسية ل يمكن ان يمثل حل حقيقيا للمشكلة اللبنانية ،وان الطار العربى هو الطار
-70الطبيعي لحل الزمة اللبنانية .
ثانيًا :التأكيد على المسئوليات العربية العامة عن الوضع فى لبنان والتزام الدول العربية جميعا
بالمشاركة اليجابية فى مناقشة ودراسة وتقديم المقترحات اللزمة للحل وكذلك العون المادى والسياسى
المطلوب.
ثالثا -المطالبة باحترام وقف إطلق النار :مطالبة كافة الطراف اللبنانية باحترام وقف اطلق النار وفق
قرار مجلس الجامعة العربية الصادر فى 27ابريل .1989
رابعًا :تشكيل لجنة مكونة من جللة الملك الحسن الثانى ملك المملكة المغربية ومن خادم الحرمين
الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وفخامة الرئيس الشاذلى بن جديد
رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،وتخويلها الصلحيات الشاملة والكاملة لتحقيق
الهداف التى اقرها المؤتمر لحل الزمة اللبنانية.
وتكون مهمتها على النحو التالى:
أ(القيام بالتصالت والجراءات التى تراها مناسبة بهدف توفير المناخ الملئم لدعوة اعضاء
مجلس النواب اللبنانى -حتى خارج لبنان عند الضرورة -لعداد ومناقشة وثيقة الصلحات السياسية
التى يمكن ان تعتبر اساسا للحوار والوفاق الوطنى حتى يقرها مجلس النواب اللبنانى فى اول اجتماع
له.
ب( دعوة مجلس النواب اللبنانى للنعقاد فى العاصمة اللبنانية بيروت للتصديق على وثيقة الصلحات
السياسية.
ج( بعد التصديق على وثيقة الصلحات السياسية ينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية الذى يشكل
حكومة وفاق وطنى تلتزم بوثيقة الصلحات السياسية وتبدأ على الفور فى اتخاذ الجراءات الدستورية
لوضع هذه الوثيقة موضع التنفيذ ،ويعدل على أساسها ،باعتبارها وثيقة دستورية ،النظام السياسى
اللبنانى بما يحقق سيادته الوطنية ويؤكد وحدته وهويته العربية ويرسى مبادىء الحرية والعدل
والمساواة.
د( دعم الحكومة اللبنانية المنبثقة عن الوفاق الوطنى فى اتخاذ الجراءات التى تراها ضرورية
لممارسة سيادتها الكاملة على الراضى اللبنانية.
خامسا -تنفيذ الجراءات فى 6اشهر واستعداد المؤتمر للنعقاد اذا تطلب المر ذلك .
وثيقة الوفاق الوطني اللبناني -اتفاقية الطائف -1989
) تحول الوجود السوري شرعيًا الى نظام وصاية لفترة محددة (.
بقرار من مؤتمر القمة العربي في الدار البيضاء تم تشكيل لجنة ثلثية مع تخويلها بصلحيات شاملة
لتحقيق الهداف التي اقرها المؤتمر لحل الزمة اللبنانية ،وقد باشرت اللجنة عملها بالتصال مع
النواب اللبنانيين للحضور الى الطائف والتفاق على وثيقة وفاق وطني ،إل إن اقتصار اللجنة على
المغرب والسعودية والجزائر -دون سوريا كونها أحد اطراف النزاع – أثار حفيظة سوريا ،إل ان
توصل الرئيس السوري حافظ السد الى تسوية مع الرئيس الجزائري في اعقاب مؤتمر دول عدم
النحياز في يوغسلفيا 1989قضت بتعديل ما جاء في مشروع الوثيقة عبارة " انسحاب الجيش
السوري " بعبارة " اعادة تجميع القوات السورية " ،ومع ذلك تابعت اللجنة عملها بدعوة النواب
اللبنانيين لعقد مؤتمر في الطائف بالمملكة العربية السعودية لمناقشة مشروع الوثيقة واصدارها بعد
التفاق عليها ،واستطاع مندوب اللجنة الثلثية الخضر البراهيمي ان يقنع العماد ميشيل عون على
مشاركة النواب القاطنين في المنطقة الشرقية من بيروت التي تخضع لسيطرته ،وقد تم افتتاح المؤتمر
في صباح 30ايلول 1989وقد حضر 62نائبًا من اصل 73للخروج بوثيقة وفاق وطني ).(28
وقد جاءت في الوثيقة فيما يخص السيادة اللبنانية والعلقات مع سوريا مايلي :
ل................................":
او ً
-71ثانيا ً :بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الراضي اللبنانية
بما انه تم التفاق بين الطراف اللبنانية على قيام الدولة القوية القادرة
المبنية على أساس الوفاق الوطني .تقوم حكومة الوفاق الوطني بوضع
خطة أمنية مفصلة مدتها سنة ،هدفها بسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجيا ً
على كامل الراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية ،وتتسم خطوطها
العريضة بالتي:
-1العلن عن حل جميع الميليشيات اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة
اللبنانية خلل ستة اشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني
وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وإقرار الصلحات
السياسية بصورة دستورية .
وحيث أن هدف الدولة اللبنانية هو بسط سلطتها على كامل الراضي اللبنانية
بواسطة قواتها الذاتية المتمثلة بالدرجة الولى بقوى المن الداخلي .ومن
واقع العلقات الخوية التي تربط سوريا بلبنان ،تقوم القوات السورية
مشكورة بمساعدة قوات الشرعية اللبنانية لبسط سلطة الدولة اللبنانية في
فترة زمنية محددة أقصاها سنتان تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني
وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ،وإقرار الصلحات
السياسية بصورة دستورية وفي نهاية هذه الفترة تقرر الحكومتان ،الحكومة
السورية وحكومة الوفاق الوطني اللبنانية ،إعادة تمركز القوات السورية في
منطقة البقاع ومدخل البقاع الغربي في ضهر البيدر حتى خط حمانا المديرج
عين داره ،وإذا دعت الضرورة في نقاط أخرى يتم تحديدها بواسطة لجنة
عسكرية لبنانية سورية مشتركة .كما يتم اتفاق بين الحكومتين يجري بموجبه
تحديد حجم ومدة تواجد القوات السورية في المناطق المذكورة أعله وتحديد
علقة هذه القوات مع سلطات الدولة اللبنانية في أماكن تواجدها .واللجنة
الثلثية العربية العليا مستعدة لمساعدة الدولتين في الوصول إلى هذا التفاق
إذا رغبتا في ذلك .
ثالثًا.............
رابعا ً :العلقات اللبنانيةـ السورية
إن لبنان ،الذي هو عربي النتماء والهوية ،تربطه علقات أخوية صادقة
بجميع الدول العربية ،وتقوم بينه وبين سوريا علقات مميزة تستمد قوتها من
جذور القربى والتاريخ والمصالح الخوية المشتركة ،وهو مفهوم يرتكز عليه
التنسيق والتعاون بين البلدين وسوف تجسده اتفاقات بينهما ،في شتى
المجالت ،بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين في إطار سيادة واستقلل
كل منهما .استنادا ً إلى ذلك ،ولن تثبيت قواعد المن يوفر المناخ المطلوب
لتنمية هذه الروابط المتميزة ،فإنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لمن
سوريا وسوريا لمن لبنان في حال من الحوال .وعليه فإن لبنان ل يسمح
بأن يكون ممرا ً أو مستقرا ً لي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه
أو أمن سوريا .وإن سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقلله ووحدته ووفاق
أبنائه ل تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلله وسيادته " .
ان دعوة الملك الحسن الثاني الى انعقاد مؤتمر قمة عربي غير عادي في الدار البيضاء وحضور
مصر بعد القطيعة نتيجة اتفاقياته مع اسرائيل ،بدأ المر جليًا بان الزمة اللبنانية ستجد لها طريقًا للحل
،وكإن المر بات قطعيًا ،وقد استنتجت سوريًا أيضًا ذلك وهي المتنبهة للمتغيرات والتطورات على
الساحة العربية والدولية ،فحاولت جاهدة لكي تثبت نفوذها في لبنان وخاصة ان ميثاق الوفاق الوطني
ينص على حل الميليشيات المسلحة كافة ،ويبسط السيادة اللبنانية على كافة أراضيها مع بقاء القوات
السورية في لبنان ،الى مدة اقصاها سنتين بعد بعض الترتيبات وخاصة إزالة سيطرة العماد ميشيل
عون على المنطقة الشرقية ،فعارضت سوريا عبارة انسحاب الجيش السوري الواردة في الميثاق الى
-72ل لترتيب الوضاع ،فاستخدمتها سورية
عبارة إعادة تمركز قواتها ،مما فسح الميثاق لها مجا ً
بالشكل الذي يضمن لها نفوذًا في لبنان ،وخلل تواجد قواتها العسكرية والمنية منذ دخولها الى لبنان
في حزيران 1976الى ما بعد اتفاق الطائف ،استطاعت أن تفرض على الجميع إملءاتها في
التعيينات في مراكز السلطة السيادية ،مستفيدة في ذلك من وضعين أساسيين :
الول :عن طريق قواتها العسكرية والمنية والمنظمات الموالية لها في فرض سيطرتها قبل
الطائف .
الثاني :وثيقة الوفاق الوطني التي اعطتها الشرعية في ترتيب الوضاع في لبنان ومنها حل
الميليشات المسلحة ،فاستخدمتها كرافعة لبسط سيطرتها من خلل حل الميليشات وإعادة القسم
الشرقي من بيروت من سيطرة العماد ميشيل عون من خلل الهجوم وانهاء حالة التمرد ،وباتت
السيادة اللبنانية تتكامل على الرض اللبنانية بمساعدة القوات السورية ،لكنها سرعان ما ربطت
لبنان بمعاهدة الخوة والتعاون والتنسيق بين ،وكذلك اتفاقية الدفاع والمن ،ملغيًا بتلك التفاقيتين ما
اتفق عليه اللبنانيون في الطائف في استمرار تواجد قواتها العسكرية والمنية إلى ان خرجت بقرار
مجلس المن رقم 1559الصادرفي 2أيلول . 2004
وفي ذلك يقول الرئيس سليم الحص في كتابه المفتوح الى قادة الرأي في لبنان وسوريا :
" لدور سوريا في الوقت الحالي وجهان :وجه قومي مشهود له ووجه ملتبس .والوجهان في حال
صراع .حذار أن يغلب الوجه الثاني على الول ،فذلك سيكون في حجم الكارثة ليس لسوريا فحسب
بل ايضًا للبنان العربي .الوجه القومي المشهود له يتجلى في استمرار سوريا في موقع القلعة القومية
التي لم تتهاوى أمام عصف الضغوط الهالكة التي تهب عليها من جانب الصهيونية والقوى الدولية التي
تناصرها من اجل حملها على الستلم .وهي تجد في تماهيها في هذا الموقف مع لبنان قوة ومنعة ل
حدود لها .أما الوجه الملتبس فقد بات هدفًا للعتراض والرشق والتنديد من جانب فريق من اللبنانيين ،
وهذا الفريق يتنامى مده مع الزمن ول يتضاءل وهو يلقى مددًا متعاظمًا من قوى خارجية كان آخر
تجلياته القرار الدولي . 1559الدرع التي يحتمي بها لبنان في مواجهة هذه التحديات العاتية هي وثيقة
الوفاق الوطني ومعاهدة الخوة والتسنيق والتعاون مع سوريا ...وحدتنا الوطنية مهددة ،اذن وجودنا
في الميزان .
مصدر التهديد هو في ما تتعرض له الدرع من ضغوط عبر التنكر لتفاق الطائف ومعاهدة الخوة .
اتفاق الطائف يكاد يكون في حكم المغيب :
إذا لم تكتمل عملية اعادة انتشار القوات العربية السورية الى منطقة البقاع . وإذا لم يوضع اتفاق بين البلدين يحدد حجم القوة السورية المتبقية وماهية العلقة بينها وبين السلطاتاللبنانية في منطقة انتشارها ،ومدة بقائها التي يمكن أن تجدد ما دامت حال الحرب مع العدو الصهيوني
قائمة .
وإذا أطلقت الطبقة الحاكمة في لبنان ،ومن ورائها الطبقة السياسية ،العنان للفساد على غاربه فدبفي أوصال المجتمع والدولة دبيب السرطان في الجسم " ).(29
أما النائب بطرس حرب فيقول :
" ان لبنان يدار وكانه محافظة سورية تحكمها المخابرات السورية عبر بعض الجهزة التي -ركبتها-
هذه المخابرات في لبنان لتكون في خدمتها "
وأضاف " ان ل أحد في السلطة اللبنانية يجرؤ على دعوة دمشق الى فتح ملف الوجود العسكري
السوري في لبنان وتطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف في هذا المجال والذي يفترض ان ينفذ منذ العام
.(30) " 1992
-73خرق وثيقة الوفاق الوطني والتحول الى نظام وصاية غير شرعي .
أوًل -الية التحول الى نظام وصاية :
– 1التدخل في الحياة السياسية والدستورية -التطبيق الختياري لوثيقة الوفاق الوطني . -
أ -حل الميليشيات :نصت وثيقة الوفاق الوطني على " العلن عن حل جميع الميليشيات اللبنانية
وتسليم اسلحتها الى الدولة اللبنانية خلل ستة أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني
وإقرار الصلحات السياسية بصورة دستورية ...وفتح باب التطوع لجميع اللبنانيين دون استثناء".
ى اخر بخلف ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني ،حيث قدم وزيرالدفاع
لكن حل الميليشيات أخذ منح ً
ميشيل المر اقتراحًا باستيعاب عشرون ألفًا من عناصر الميليشيات ،دفعًا لخطر تشريد الشباب
اللبناني المنضوي تحت لواء الميليشيات وإلقائهم في الشارع ،ذلك الخطر الذي تذرع به الوزراء من
الميليشيات والمتعاطفين معهم من المحسوبين على سوريا ،مما سهل عملية التسلل الميليشيوي الى
داخل المؤسسات العسكرية مخالفًا بذلك الحل ،الوثيقة الوطنية التي تعتبر دستورًا للبنان ما بعد
الطائف ).(31
ب – تسليم اسلحة الميليشيات للدولة :
لقد تم القفز على ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني ،حيث لم يتم تسليم السلح الى الدولة اللبنانية ،بل
ردها البعض الى سوريا وردها البعض الخر الى اسرائيل أما البعض الخرفقد باع ما لديهم من أسلحة
). (32
أما حزب ال فقد حافظ على سلحه وبقيت ميليشياته بكل تشكيلته مدعومًا من سوريا ومن السلطات
اللبنانية ،الى أن صدر مجلس المن الدولي القرار رقم 1559في ايلول 2004والذي يدعو في بنده
الثاني الى حل جميع الميليشيات اللبنانية ونزع سلحها ،ورغم صدور القرار ال ان تنفيذه يلقي
صعوبات ،لرتباط سلح حزب ال بالحتلل السرائيلي لراضي لبنانية ومنها مزارع شبعا المتنازع
عليها كل من سوريا ولبنان .
ج – بشأن الدوائر النتخابية :
جاءت في الفقرة الرابعة من بند الصلحات السياسية في وثيقة الوفاق الوطني بان الدائرة النتخابية
هي المحافظة ،لكن قانون النتخابات اللبناني لعام 1992لم يأخذ بما جاء في الوثيقة بل أخذ بالنظام
المختلط ،ففي بعض المناطق اعتبرت المحافظة دائرة انتخابية ،وفي بعض المناطق الخرى اعتبر
القضاء دائرة انتخابية ).(33
د – بشأن قانون النتخابات :
تم زيادة عدد المقاعد النيابة الى 128مقعدًا بخلف ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني التي حددت
المقاعد النيابية ب 108مقاعد .
ه -ربط لبنان بمعاهدة دفاعية وأمنية :
ان اتفاقية الدفاع والمن التي ابرمت استنادًا الى معاهدة الخوة والتعاون والتنسيق كان من المفروض
أن تستند الى وثيقة الوفاق الوطني التي نصت على انه يتم اتفاق بين الحكومتين يجري بموجبه تحديد
حجم هذه القوات وعلقتها مع الدولة اللبنانية وتحديد أماكن تواجدها .ولكن اتفاقية الدفاع والمن رغم
ل من أن تقرر ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني لم تتطرق الى تحديد حجمها
طابعها العسكري بد ً
وعلقتها ،بل ربطت لبنان بسورية ). (34
ويقول البير منصور الذي كان وزيرًا للعلم آنذاك ،ان المعاهدات بين سوريا ولبنان اقرت خارج
مجلس الوزراء وفرضت عليه فرضًا .وان التفاق المني بين لبنان وسوريا لم يسمح لمجلس الوزراء
-74بتعديل ولوحرف فيه ،وإن قرار حل الميشيات وإيجاد الحل لها واستيعاب عناصرها وقرار تعيين
النواب وتسميتهم ،وقرار التعيينات المنية والعسكرية ...وقرار تعيين السفراء ...وقرار مشروع
قانون النتخابات اتخذت خارج مجلس الوزراء ،ومناقشتها داخله كانت شكلية ومن قبل القلة الوزارية
التي لم تكن في صلب تواطؤ المقررين ).(35
و -ترتيب الوزارة ومجلس النواب كتمهيد للتطبيق الختياري لوثيقة الوفاق الوطني .
اراد الرئيس الياس الهراوي التخلص من حكومة الرئيس سليم الحص بما تحويها من المتمسكين بتطبيق
وثيقة الوفاق الوطني ومنهم وزير الدفاع البير منصور ورئيس الحكومة سليم الحص الذي كان يتململ
من رحلت رئيس الجمهورية الياس الهراوي المنفردة الى دمشق خلفًا لنظام الحكم البرلماني ،ونتيجًة
للضغوطات التي أراد بها الرئيس الهراوي في إعادة ترتيب الوزارة بتوزير المقربين والموالين لسوريا
،قدم الرئيس الحص استقالة الحكومة في جلسة مجلس الوزراء في كانون الول ، 1990وعلى أثرها
تشكلت وزارة جديدة مّثل ثلثها أحزابًا ميليشياوية حليفة لسوريا ،وثلثها الخرتم نسقه مباشرًة مع دمشق
) ، (36تمهيدًا لتغيير الحياة السياسية والدستورية بما يوافق والرغبة السورية في إعادة ترتيب الوضاع
بخلف ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني ،وقد تم اختيار /55/نائبًا في ايار 1991تنفيذًا لتفاق
الطائف إضافًة للنواب السابقين حيث أصبح عدد النواب / 108/نائبًا مثلما نص التفاق عليه ،لكن
طريقة اختيار النواب كما يقول البير منصور -الذي كان وزيرًا للعلم انذاك – بالتفاق بين
المسؤولين السوريين ورئيس الجمهور ورئيس الوزراء ،وصادق المجلس النيابي المشكل بتلك
الطريقة على معاهدة الخوة والتعاون والتنسيق في /27/ايار . 1991
- 2التجاوزات القتصادية
ل عدة يدخل ضمنها الرشاوي على شكل هدايا
ان التجاوزات التي تم على القتصاد اللبناني أتخذ أشكا ً
وفرض التاوات من قبل حواجز القوات السورية وعلى المنتجين من أصحاب الشركات والمعامل ،
ومن الصعب الحصول على دلئل ووثائق تثبت على ذلك ،وقد قام الخبير لقتصادي كمال ديب
بدراسة على التاوات التي فرضتها حواجز القوات السورية على السيارات العابرة للحواجز الذي
وصل عدده في لبنان الى نحو 300حاجز ،فوصل الى نتيجة ما دفعه اللبنانيون للحواجز السورية من
عام 1976حتى عام 1990مليارًا و 600مليون دولر .
أما عمليات البتزاز والسلب والعمولت عام 2005على اكثر من 100ألف مؤسسة تجارية بمبالغ
شهرية راوحت بين 100دولر الى 10000دولر وأحيانًا اكثر ،بالضافة إلى التاوات المفروضة
على كازينو لبنان .وقد شمل النهب آلف السيارات المرتفعة الثمان من اصحابها ،أما قضية بنك
المدينة فهي معروفة من قبل المسؤليين اللبنانيين ،وكذلك صفقات الفيول المستعمل في الكهرباء .
ويتابع كمال ديب من خلل بحثه ،استيلء القوات السورية على مواد البناء والمفروشات والجهزة
اللكترونية دون سداد أثمانها ،وقد قدر البتزاز للمؤسسات القتصادية واللبنانية والشركات ،
والختلسات خلل 20عامًا بنحو 4،5مليار دولر بمعدل 180مليون دولر في السنة ). (37
وقد صرح العماد ميشيل عون في محاضرته في " مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية " يقول :
في ظل النظام السوري ازدهرت زراعة المخدرات وصناعتها ،ووضع النظام السوري يده على
كل لبنان بعد الجتياح في 13تشرين الول ، 1990وعمد الى تهديم منظم لبنى المجتمع اللبناني .
حيث فرضت على لبنان سياسة مالية اعتباطية تتأقلم مع المصالح الخاصة للعائلت الحاكمة وبعيدة عن
القواعد والمعايير العلمية الحديثة ...وإذا كانت بعض المجتمعات تشكو من وجود المافيا بينها ،ومن
بعض الفساد فيها ،فانه وبفضل الحتلل السوري ،أصبحت المافيا هي التي تملك في مجتمعنا وتنشر
كل الفساد" ). (38
وفي بث مباشر لفضائية الجزيرة في برنامجه الحوار المفتوح بتاريخ 22/3/2005مع الدكتور عصام
خليفة استاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية قال " :هناك نظام مخابراتي نخر جسم المجتمع اللبناني ،وأنا
كأستاذ جامعة ،ومنذ اربعة اشهر ونصف بل عمادة ،لن المخابرات تتقاتل على من يضعوا في
الجامعة ،ثم في النوادي وفي النقابات وفي الحزاب وفي الهيئات الدينية وفي كل مظاهر المجتمع ...
-75في القتصاد ثلث مليارات ونصف هذه المافيا المشتركة تنهب الشعب اللبناني ".
ويتابع قوله " :هناك سلطتان ،سلطة حقيقية هي المخابرات السورية ،تدخل في كل تفاصيل المجتمع
اللبناني ،في غرف المخابرات ينجح هذا أو ذاك في هذه الحملة أوتلك ،يتعين هذا الموظف ،يتعين هذا
المدير ،يتعين هذا العميد في الجامعة ،الى اخره ،تصدر البيانات عن القادة الدينيين دون أن يعرفوا ،
إذًا هذه هي السلطة الفعلية والخرى هي سلطة ظاهرية " ).(39
ويمكننا تقسيم المتحدثين عن الواقع اللبناني السياسي والقتصادي والجتماعي من خلل الطلع الى
قسمين :
-1قسم يحمل السلطة السورية ،من خلل قواتها العسكرية والمنية الموجودة في لبنان ،كل
المسؤولية .
-2قسم يحمل المسؤولية على السلطات اللبنانية والسورية معًا .
وقد صرح الرئيس السوري الدكتور بشار السد في خطابه المتلفز مباشرًة من مجلس الشعب :
" ...ل يعنى أن ممارساتنا فى لبنان كانت صوابا كلها ،بل لبد من العتراف
بكل وضوح وشفافية ،أن ثمة أخطاء ارتكبت على الساحة اللبنانية ،حيث
غرقنا فى بعض التفاصيل والجراءات ،واندفعنا بعض الحيان فى علقاتنا مع
بعض اللبنانيين على حساب البعض الخر ،لعتقادنا بأن التعامل مع الوضع
الراهن يعزز الدور السوري فى مساعدة لبنان على تحقيق الستقرار ،ولكن
الواقع لم يكن كذلك ،كما أن استغلل البعض لوجود القوات السورية
لعتبارات مصلحية ضيقة مادية أو سياسية أو انتخابية أو غيرها ،أدى الى الكثير
من التراكمات السلبية " ). (40
- 3انتهاكات حقوق النسان
سلطت منظمة العفو الدولية الضوء على بعض انتهاكات حقوق النسان في لبنان خلل الحرب الهلية
في لبنان محملًة سوريا والمنظمات الموالية لها مسؤولية تلك النتهاكات خلل وثيقة أصدرتها بتاريخ
18ايار 2005جاء فيها :
" خلل الحرب الهلية اللبنانية ارُتكبت انتهاكات هائلة لحقوق النسان ،مثل عمليات قتل غير المقاتلين
وخطف المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين والجانب والعتقال التعسفي من جانب مختلف الميليشيات
المسلحة والقوات العسكرية الجنبية.
ومن جملة المئات من السجناء السياسيين اللبنانيين والفلسطينيين الذين احُتجزوا أو "اختفوا" كما يبدو
طوال سنوات في سوريا ،هناك العشرات من الذين اعتقلتهم أو خطفتهم القوات المسلحة السورية خلل
خطفوا من جانب
عملها في لبنان ونقلتهم إلى سوريا خارج أي إطار قانوني .وُقبض على آخرين أو ُ
سلموا إلى السلطات
الميليشيات اللبنانية أو الفلسطينية خلل الحرب التي دارت رحاها في لبنان و ُ
السورية .واحُتجزت مجموعة أخرى في سوريا بدون مذكرات اعتقال قضائية واعُتقلت من دون اتباع
الجراءات القانونية الواجبة .واحُتجزوا جميعهم طوال سنوات رهن العتقال التعسفي أو ُقدموا إلى
محاكمات سرية وبإجراءات مقتضبة في المحاكم العسكرية غالبًا بتهم تعميمية .واحُتجز معظمهم بمعزل
عن العالم الخارجي وبدون أية اتصالت معه؛ ولم ُيسمح إل لقلة بتلقي زيارات عرضية من عائلتهم
".
شّكلت لجنة تحقيق أخرى بأمر من رئيس الجمهورية اللبنانية للنظر في
وفي يناير/كانون الثاني ُ ،2001
شكاوى أقرباء الذين "اختفوا" إما في سوريا أو في إسرائيل .ورغم أن اللجنة المعنية بشكاوى أقرباء
المختفين أنهت عملها في يونيو/حزيران ،2002ورغم قضائها 18شهرًا في جمع الدلة وتلقي
الشكاوى من العائلت وعقد جلسات شملت حوالي 700حالة ،إل أنها لم تصدر تقريرًا أو حتى بيانًا
علنيًا حول النتائج التي توصلت إليها .ولم تقدم السلطات أي توضيح حول ما إذا كان قد تم حل اللجنة
من عدمه ).(41
وفي محاضرة للعماد ميشيل عون في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" في واشنطن يقول :
-76" ما بين العامين 1976و ،1982كانت "قوات الردع العربية" بقيادة رئيس الجمهورية اللبنانية ،ولكن
القسم السوري منها ،وهو الكبر ،تصّرف باستقللية تامة عن باقي القوى ،وعن رئيس الجمهورية،
فقصف الحياء السكنية وارتكب المجازر ،فرض الرقابة على الصحف وأقفل بعضها ،اغتال سياسيين
جر معظم مواقع الدبلوماسية الدولية من
ورجال دين وصحافيين ودبلوماسيين ونسف سفارات ،وه ّ
جع على ارتكاب المجازر في
ت وأفرادًا من المواطنين ،وقام بتصفيتهم ،وش ّ
بيروت ،كما خطف جماعا ٍ
بعض المناطق ،كما اغتال السرى العسكريين ،ول يزال يحتفظ في سجونه بكثير من المخطوفين ).(42
إن ما يمكن العتماد عليه -بشأن انتهاكات حقوق النسان -هو تقارير المنظمات الدولية كمنظمة العفو
الدولية ولجنة مراقبة حقوق النسان التابعة للمم المتحدة ،أما أقوال وتصريحات الشخاص
والمسؤولين مهما كانت درجة صحتها فهي تنبع من واقعهم السياسي وصراعهم مع الطرف الخر فل
يمكن الخذ بها كوقائع حقيقية بل كقرائن ،إل إذا ثبت ذلك بالدليل القطعي .
ثانيًا -نتائج تحول الوجود السوري في لبنان الى نظام وصاية .
ل شك إن دخول القوات السورية والهتمام السوري السياسي قبل دخول قواتها الى لبنان كان لمساعدة
لبنان في وقف النزيف الداخلي جراء القتتال الداخلي بين الطراف اللبنانية المتصارعة للمحافظة على
لبنان دولة مستقرة ل ينفذ منها ما يهدد أمن سوريا ،لكن عدم إقدام سوريا على تطبيق بنود وثيقة الوفاق
الوطني – اتفاقية الطائف – 1989واللتفاف عليها منذ عام ، 1992اثار غضب جميع الطراف
اللبنانية ،كما ان المتغيرات القليمية التي لم تشعر بها سوريا ،و تصرفها مع تلك المتغيرات كما في
الثمانينات أثار غضب الدول الوربية وأمريكا فكان :
– 1صدور القرار . 1559
مهما يكن خلفيات القرار 1559لكنه صدر وكان في صدوره أثر الصاعقة على السلطتين في سوريا
ولبنان بما له من مخاطر -حسب رأيهم -
والقرار 1559يؤكد دعوته لحترام سيادة لبنان ،وسلمة أراضيه ،واستقلله السياسي ،كما يطالب
بانسحاب جميع القوات الجنبية ،وحل ونزع سلح الميليشيات اللبنانية وغيرها ،ليدعم سلطة الدولة
على كافة أراضيه ،ويدعو الى عميلة انتخابات رئاسية عادلة وحرة ونزيهة ،وفقًا للسس الدستورية
اللبنانية .
ل شك إن للقرارخلفياته السياسية ،أما القرار نفسه ومن خلل مقارنة بنوده مع بنوداتفاق الطائف ،فل
خلف بينهما ولو تم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني -اتفاق الطائف -في حينه لما جاء القرار 1559في
شكله الحالي .فانسحاب القوات الجنبية لم تنفذه سورية بموجب اتفاق الطائف ،وكذلك حل الميلشيات
وسيطرة سلطة الدولة على الراضي اللبنانية أيضًا ،ومحاولة سوريا لفرض املءاتها على النتخابات
النيابية والرئاسية .
ان الخلل في تنفيذ الطائف أو في تطبيقه الختياري حسب المصلحة ،جعل كل البنود التي أتت في
القرار 1559هي نفسها المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني ،لذلك كان وقعه على على
السلطات السورية واللبنانية كوقع الصاعقة ،وهناك تأكيدات من قبل الكثيرين بانه لول تمديد فترة
الرئاسة للرئيس ،المنتهي وليته الدستورية اميل لحود ،لما صدر القرار 1559وبعد صدور القرار
بأقل من /24/ساعة عقد المجلس النيابي اللبناني جلسة لتعديل الدستور ،وتمديد فترة رئاسة إميل لحود
ثلثة سنوات رغم معرفتهم -حسب رأيهم -بخطورة القرار 1559ورغم الشارة الواضحة في القرار
بانتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفقًا للجراءات الدستورية ،ومع ذلك لم يبالوا بالقرار 1559واضعين
بعدم مبالتهم تلك ،لبنان في المواجهة مع الشرعية الدولية ،وعملوا بالضد من القرار في التمديد
للرئيس إميل لحود ردًا على القرار ،وكان بالمكان تجنبه كما يقول السيد عبد الحليم خدام النائب
السابق لرئيس الجمهورية ،والذي انشق على الحكم وشكل تيارًا معارضًا فيما بعد ،في حوار مع
صحيفة الشرق الوسط حيث قال :
" ...اتخذ الرئيس بشار قرار التمديد للحود رغم انني قد نبهته من أن سورية ل تستطيع تحمل تبعات
هذا القرار .وهنا أكشف أنه جاءته فرصة قبل صدور القرار 1559لتفادي ذلك ولكنها ضيعت .فقد
-77طلب بشار السد من الشرع أن يتصل بوزير خارجية اسبانيا ،موراتينوس ،لمساعدة سورية على تفادي
صدور القرار المذكور مقابل التخلي عن التمديد للحود .وطلب موراتينوس أن يتصل بشار برئيس
الوزراء السباني .هذا ما تم .ومن جهته قام موراتينوس بمشاورة شيراك وبلير وشرويدر وبوش وتم
التوصل الى اتفاق على أن يصرف النظر عن القرار شرط أن يلغي رئيس البرلمان اللبناني الدعوة
لجتماع البرلمان .وأبلغ موراتينوس هذا الموقف للشرع الذي أصر على أن يقوم موراتينوس شخصيا
بالتصال ببري .وعندما فعل أجابه هذا الخير :لبنان بلد مستقل وسورية ل تستطيع أن »تمون« علينا.
ولم يلغى الجتماع .وبعد ساعتين اجتمع مجلس المن وصدر القرار المذكور .وهنا أنا أسأل :لماذا غير
السد موقفه؟ " ).(43
وقد أعتبر البعض ان القرار جاء تحقيقًا لمصالح اسرائيلية ،واعتبر البعض الخر ومنهم دولة الرئيس
نبيه بري بان القرار ليس في محله لنه يتعلق :
أ -بمسألة سيادية داخلية تتصل بالستحقاق الرئاسي .
ب -العلقات اللبنانية السورية ). (44
-2تمديد ولية الرئيس إميل لحود .
أ -كيفية مجئء العماد إميل لحود الى الرئاسة .
تنص المادة /49/من الدستور اللبناني والمعدل بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990بشأن
رئيس الجمهورية :
" ...كما وانه ل يجوز إنتخاب القضاة وموظفي الفئة الولى ،وما يعادلها في جميع الدارات العامة
والمؤسسات العامة وسائر الشخاص المعنويين في القانون العام ،مدة قيامهم بوظيفتهم وخلل السنتين
اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليًا من وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد " .
وفي عام 1998عند انتهاء فترة ولية الرئيس الياس الهراوي الممدة ،اجتمع مجلس النواب وعدل
الدستور لجهة السماح لقائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود ،لكي يصار الى ترشيحه رئيسًا للجمهوية ،
كون القائم على رئاسة الجيش معتبرًا من موظفي الفئة الولى حيث لم يسمح لهم دستوريًا بالترشيح
لرئاسة الجمهورية إل بعد مرور فترة السنتين على الستقالة او التقاعد ،فقد تم التعديل و أجاز للعماد
إميل لحود الترشيح لرئاسة الجمهورية ،وقد انتخب من مجلس النواب رئيسًا للجمهورية في عام 1989
،وهكذا عدل الدستور لتيانه الى رئاسة الجمهورية .
ب -في التمديد :تنص المادة /49/من الدستور اللبناني بشأن رئيس الجمهورية والمعدلة بالقانون
الدستوري الصادر في 21/9/1990بما يلي :
" ...وتدوم رئاسته ست سنوات ،ول يجوز إعادة انتخابه إل بعد ست سنوات لنتهاء وليته "...
وبعد أن أتى العماد إميل لحود الى رئاسة الجمهورية لفترة ستة سنوات من 1998الى 1994فترة
نهاية وليته الدستورية ،اجتمع مجلس النواب اللبناني ليعدل الدستور مرة ثانية لصالح العماد إميل
لحود في تمديد وليتة لمدة ثلثة سنوات ،بعد أن كان التعديل الول في عام 1998لصالحه في إيتانه
الى رئاسة الجمهورية .
وقد عدلت المادة /49/بتاريخ 4/9/2004بموجب قانون صادر عن مجلس النواب اللبناني رقم 585
تاريخ ، 4/9/2004حيث أضيفت الى المادة 49من الدستور الفقرة التالية :
" لمرة واحدة وبصورة استثنائية ،تستمر ولية رئيس الجمهورية الحالي ثلثة سنوات تنتهي في الثالث
والعشرون من تشرين الثاني . " ...
وهكذا عدل الدستور اللبناني لتمديد ولية الرئيس إميل لحود ثلث سنوات .
إن الجراءات الدستورية التي حصلت لغاية تعديل الدستورفي عامي 1998و 2004هي إجراءات
صحيحة في الشكل ،ولكن سر التعديل الول لصالح العماد إميل لحود وإتيانه دون غيره الى الرئاسة ،
وكذلك التعديل الثاني في التمديد له ،يبقى صفقة سياسية طرفاها السلطتين اللبنانية والسورية ،وبدأ
الشعبين اللبناني والسوري يدفع ضريبة تلك الصفقة .
-78السباب الموجبة للتمديد :
أ -فترة الرئيس الياس الهراوي .
انتهت ولية الرئيس الياس الهراوي في تشرين الثاني ، 1995ولم يمكن خللها من ممارسة سلطاته
في الوجه المطلوب إل خلل الفترة الخيرة من وليته بسبب الوضع المتأزم ،فتدخلت سورية في
التمديد له ،وكان السبب الساسي لطرح فكرة التمديد من قبل المسؤولين عن الملف اللبناني آنذاك هو
قطع الطريق أمام إنتخاب العماد لحود لرئاسة الجمهورية لقناعة هؤلء المسؤولين ،إن لبنان ليتحمل
رئيس عسكري ،حيث كان هناك إصرار من الرئيس السد في إنتخاب العماد لحود رئيسًا للجمهورية ،
وبالتالي تم اللتفاف على هذا الصرار والطرح ،فكرة التمديد تحت ذريعة إن الرئيس الهراوي خلل
السنوات الثلثة الولى من رئاسته ،لم يمارس الحكم بسبب الصراعات التي نشأت فيما بين الطراف
اللبنانية المختلفة ).(45
ب – فترة الرئيس إميل لحود .
خلل فترة وليته شهدت لبنان داخليًا وضعًا متأزمًا من الوجود السوري في لبنان ومن تسلط الموالين
للنظام السوري ،لذلك تشكلت معارضة قوية في مطالبتها بأمرين :
انهاء الوجود السوري في لبنان .
عدم التمديد للرئيس إميل لحود .
ويبدو إن قرار التمديد قد أتخذ لمواجهة الوضاع السياسية الخارجية دون مبالة الوضع الداخلي ،حيث
يقول دولة الرئيس نبيه بري في مذكرته المقدمة الى التحاد البرلماني العربي :
" ...وصادف موعد انتهاء ولية الرئيس لحود ،وضعًا استثنائيًا حرجًا تمر به منطقة الشرق الوسط
سواء في فلسطين أم في العراق ،مع ما يرافق ذلك من تعنت إسرائيلي في قمع الفلسطينيين في داخل
فلسطين ،وإصرار على سياسة توطينهم حيث هم ،ونتيجة الوضع الدولي العاجز عن معالجة قضايا
المنطقة ،واستباقًا لمخاطر قد تنجم عن تمادي النظام الحادي الذي يفرض إرادته على العالم شعرت
الكثرية النيابية بضرورة تعديل الدستور وتمديد ولية الرئيس الحالي لمدة ثلث سنوات تنتهي في
تشرين الثاني )نوفمبر( سنة .(46) "... 2007
– 3اغتيال الرئيس رفيق الحريري .
تولى رفيق الحريري منصب رئاسة الوزراء طوال الفترة التي تلت الحرب الهلية في لبنان ،وذلك
خلل الفترة بين عامي 1998 – 1992وأيضًا من ، 2004 – 2000وعلى أثر تصاعد الخلف بينه
وبين الرئيس إميل لحود قدم استقالته من الحكومة ،بعد أن أيد التمديد للرئيس لحود بضغط من سوريا
ومن رئيسها بشار السد -حسبما ورد في تقرير لجنة التحقيق الدولية برئاسة المحقق اللماني ديتليف
ميليس. -
حصل الرئيس الحريري على ثقة ومصداقية مختلف شرائح المجتمع اللبناني ،بما فيها القوى السياسية
والثقافية .
ساهم مساهمة فعالة في انقاذ لبنان من ازمتها القتصادية عقب الجتياح السرائيلي للبنان عام . 1992
واستطاع أن يعمل استقرارًا اقتصاديًا في لبنان ،فقد ارتفع سعر الليرة اللبنانية مباشرة بعد توليه رئاسة
الحكومة ،وتدفقت على لبنان شركات الستثمار والرساميل العربية والجنبية نتيجًة للستقرار الذي
حققته حكومة الحريري .
استطاع الحريري أن ينشأ علقات شخصية ودولية ،تحولت الى صداقات بينه وبين الخرين امثال
الرئيس الفرنسي جاك شيراك .
وفي المجال الجتماعي ،انشأ الحريري مؤسسة سميت باسمه لتقدم خدمات صحية واجتماعية وثقافية
للبنانيين المحتاجين ،وكذلك قامت مؤسسته بالنشطة الثقافية والعمال الخيرية للطفال ،وقدمت منحًا
دراسية لكثر من 30ألف طالب لبناني للدراسة في لبنان وخارجه .
استطاع الحريري أن يبني جسرًا للحوار في الداخل بين مختلف القوى حتى أصبح رمزًا للحوار
-79الوطني .
بدأ الحريري حياته القتصادية في السعودية وانطلق من التدريس ثم العمل في إحدى شركات المقاولت
،ومن ثم أسس لنفسه شركة خاصة للمقاولت .و استطاع بذكائه ودقته في العمل ،والنزاهة ،بتنفيذ
عقوده في مواعيده المحددة ،أن يكسب ثقة السعوديين .
اشترى الحريري في اواخر السبعينيات شركة النشاءات الفرنسية الضخمة " اوجيرا" واصبح
وشركته على قمة امبراطورية المقاولت في العالم العربي .
استطاعت شركته أن ينجز فندق /مسره /في ستة أشهر لستضافة مؤتمر القمة السلمية ،وبحلول
مطلع الثمانينات أصبح واحدًا من 100أغنى رجل في العالم .
ل في لبنان والعالم .
لهذا كله احدث اغتيال الرئيس الحريري زلزا ً
لم يكن الرئيس الحريري الشخص الوحيد الذي تم اغتياله في لبنان ،فقد اغتيل الكثيرون من قبله من
قادة التيارات السياسية والدينية والقادة الوطنيين ،كما استمر الغتيال بعد الحريري أيضًا وبشكل
مكثف مستهدفًا الوزراء والنواب والعلميين ،إل ان تدخل المم المتحدة قضائيًا في قضية التحقيق في
اغتيال الرئيس الحريري ،ل يعتبر انتقاصًا من السيادة الوطنية ،وهو تدخل شرعي لسباب عديدة
منها :
-1المكانة التي كان يتميز بها الرئيس الحريري وطنيًا واقليمًا ودوليًا .
-2الشعبية التي كان يتميز بها لدى كافة الطوائف والمذاهب والتجاهات السياسية .
-3العمار والبناء والحفاظ على القتصاد اللبناني من التدهور في فترة وليتة كرئيس
للحكومة .
-4مساعدته لشريحة واسعة من الشعب اللبناني ،واعماله الخيرية المختلفة التي شملت لبنان
كله .
-5عدم استطاعة السلطة اللبنانية في حماية المواطنين عامة والوزراء والنواب بشكل خاص .
-6التهديدات التي تلقاها الحريري من السلطات السورية ،والرئيس السوري مباشرة إذا لم يخضع
لملءاتها – حسب المصادر التي وردت في تقرير لجنة التحقيق الدولية .-
-7تدخل سوري مباشر في الشأن اللبناني وفرض اشخاص من الموالة لستلم المراكز السيادية
ليفرض على لبنان إنتهاج سياسة معينة .
-8استهداف المعارضة اللبنانية بشكل مخطط ومنهجي .
– 9طبيعة الجريمة – جريمة ارهابية – التي تستدعي التعاون الدولي والتدخل لمكافحة الرهاب .
حيث ان علقة الدولة مع مواطنيها بعد انتهاء ظروف الحرب الباردة لم تعد أمرًا داخليًا ،خاصًة إذا ما
أدى سلوك الدولة نحو مواطنيها الى كوارث ،وهذا ما حدث للرئيس الحريري ،حيث لم تعد الدولة
ل الى الغتيال ،في
بقادرة على حماية مواطنيها ونواب الشعب ووزرائه ،مرورًا بالنتهاكات وصو ً
دولة قائمة بجميع مؤسساتها ،وبوجود ل يقل عن خمسة عشر ألفًا من القوات السورية ،بالرغم من ان
الميليشيات المسلحة قد تم حلها وتجريدها من سلحها باستثناء حزب ال .كما ان حالة الشلل الذي
اصاب جميع مؤسسات الدولة ،والشك في عدم قدرة القضاء على ملحقة النتهاكات التي ترتكبها
الجناة ،والسير في بعضها الى مرحلة ما ومن ثم التوقف عن المتابعة ،يؤكد عدم نزاهتها وتبعيتها ،
المر الذي أعطى الشرعية للمنظمة الدولية للتدخل قضائيًا في لبنان .
– 4انسحاب القوات السورية من لبنان
رغم إن وثيقة الوفاق الوطني – اتفاقية الطائف -1989نصت علىإعادة انتشار القوات السورية العاملة
في لبنان الى منطقة البقاع اللبناني تمهيدًا لنسحابها الكامل من الراضي اللبنانية ،إل إنها لم تدخل
حيز التنفيذ ،إل إن تغيير السياسة الدولية عما كانت عليه حتى في بداية التسعينيات ،فكان له اثره على
التحرك الدولي وخاصًة فرنسا وأمريكا لقناع مجلس المن في إصدار قراٍر يعجل خروج القوات
السورية من لبنان ،وكان للتعنت السوري وعدم التعامل بدبلوماسيٍة مرنة مع القوى الكبرى التي تستأثر
بالقرار السياسي الدولي الثر الكبر في الستعجال بصدور القرار 1559تاريخ 2أيلول 2004أشار
فيه الى انسحاب جميع القوات غير اللبنانية من لبنان وطالب
-80أ -في البند الثاني منه ،بالتالي " يطالب جميع القوات الجنبية المتبقية بالنسحاب من لبنان "
ب -كما طالب في البند السادس منه جميع الطراف المعنيين بالتعاون تعاونًا تامًا وعلى وجه الستعجال
مع مجلس المن من اجل التنفيذ الكامل لهذا القرار .
ج -وفي البند السابع منه ،طالب مجلس المن ،المين العام للمم المتحدة ان يوافي مجلس المن في
غضون ثلثين يومًا بتقرير عن تنفيذ الطراف لهذا القرار .
وفي 26نيسان 2005بعث وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع ،عن طريق الممثل الدائم
لسوريا لدى المم المتحدة ،رسالًة يبلغ فيها رسميًا إن القوات السورية العاملة في لبنان بطلب لبناني
وتفويض عربي ،قد عادت بكامل قواتها العسكرية والمنية ومعداتها الى مواقعها في سوريا هذا اليوم
الموافق 2005 /26/04بعد ان استكملت انسحاباتها المتتالية التي بدأت منذ أعوام ).(47
في الفترة الممتدة بين اتفاق الطائف - 1989الذي حدد خروج القوات السورية من لبنان بعد سنتين من
تنفيذ التفاق – وصدور القرار 1559لعام 2004خمسة عشر سنة ،غضت سوريا خللها الطرف
ي لبناني تضمن لها بقاءًا ونفوذًا معنويًا
ل من ان تخرج بقواتها بتفاهٍم سور ٍ
عن تلك التفاقية ،وبد ً
وصداقات مشرفة ،إل إنها أبت ذلك إلى أن انصاعت للضغوط الجنبية ولقرار مجلس المن رقم
. 1559
-81خلصة الفصل الول :
لقد كان تدخل القوات السورية في لبنان حصيلة الكثير من الحداث في المنطقة العربية عامة ولبنان
خاصة نتيجة قضية فلسطين التي تعتبر القضية المركزية بالنسبة للعرب ،حيث الوجود الفلسطيني
المكثف في لبنان مع حرية النشاط السياسي والعسكري بموجب اتفاق القاهرة 1969بين الفلسطينيين
والسلطات اللبنانية ،وكذلك بعض التجاهات السياسية في لبنان والتي ل تلتقي مع وجهة النظر
السورية وحزب البعث العربي الشتراكي الذي يقود الدولة والمجتمع السوري بموجب المادة /8/من
الدستور السوري النافذ حاليًا ،وكذلك الصراع العربي السرائيلي والتأثير المتبادل والمباشر لدول
الجوار الفلسطيني ،مثل مصر والردن وسوريا ودولة -كيان -اسرائيل بشأن القضية الفلسطينية الذي
أصبحت مركز استقطاب الكثير من القوى القليمية والعالمية ،وقد كان لحرب تشرين 1973الذي شنته
القوات المصرية بالتوافق مع القوات السورية ومن ثم خروج مصر من معركة الصراع العربي
السرائيلي بتوقيعه اتفاقية فصل القوات في 18/1/1974بمعزل عن سوريا ،ومن ثم توقيع اتفاقيات
سيناء كل ذلك كان له الثر الكبر في اندلع شرارة الحرب الهلية في لبنان لجعله ساحة تتصارع فيها
جميع الطراف كل لمصلحته .وقد كان لذلك القتتال الداخلي أثره البالغ في حياة اللبنانيين من قتل
وتهجير ،إل ان دخول القوات السورية الى لبنان كان بقرار سياسي وبهدف سياسي نتيجة الوضاع
السياسية التي كانت سائدة آنذاك في المنطقة ،ويمكن القول بان ذلك التدخل كان له من الفوائد على
اللبنانيين في حمايتهم من القتل على الهوية ،بماكان له من الثر في تقليص نفوذ بعض الطراف
المسلحة وتطويقهم وعدم السماح لهم بالعتداء الكيفي ضبطًا للوضع اللبناني لصالح سورية .
ورغم شرعية التدخل السوري في لبنان إل انها لم تبقىعليها ،بل خرجت عنها وذلك لعدم تطبيقها
لوثيقة الوفاق الوطني -اتفاقية الطائف -أو التطبيق الختياري لتلك الوثيقة ،والتجاوزات السياسية
والدستورية والقتصادية بحق دولة لبنان والتدخل في حياة الفراد مما أدى الى انهيار الدولة اللبنانية
تحت سيطرة وسيادة القوات السورية الذي كان من نتائجه صدور القرار الدولي رقم 1559الذي طالب
بانسحاب جميع القوات الجنبية وحل ونزع سلح الميليشيات ،وكذلك النفجار الرهابي الذي أدى
بحياة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه .
تلك التداعيات التي جعلت لبنان في أزمةٍ رغم انسحاب القوات السورية بموجب القرار الدولي/
/1559وما زال لبنان -دولةً وشعبًا -دفع ضريبة المصالح القليمية والدولية .
-82-
الفصل الثاني
التدخل الدولي النساني في لبنان
مثل التدخل الدولي النساني في لبنان بتدخل المم المتحدة ،بشكله العسكري بدءًا من عام ، 1978
وشكله القضائي عام 2005عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري ،لذلك قسمت هذا الفصل الى
المبحثين التاليين :
المبحث الول :التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان
المبحث الثاني :التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان
المحبث الول
التدخل العسكري للمم المتحدة في لبنان
ل عسكريًا كما جاء في نص
إن الشكل الذي دخلت به المم المتحدة في لبنان -جنوب لبنان -كان تدخ ً
قرارمجلس المن رقم /425/المنشئ لتلك القوة ،لذلك أستدعى تقسيم هذا المبحث الى المطالب التالية:
المطلب الول :قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في جنوب لبنان .
المطلب الثاني :مهمات قوات المم المتحدة في جنوب لبنان .
المطلب الثالث :منافع تواجد قوات المم المتحدة في جنوب لبنان .
المطلب الول :قرار إنشاء قوة للمم المتحدة في لبنان .
صدر عن مجلس المن الدولي في 19آذار 1978قرارًا برقم /425/جاء فيه :
"ان مجلس المن ... ،
-1يدعو الى الحترام الصارم لوحدة أراضي لبنان ولسيادته ولستقلله السياسي داخل حدوده
المعترف بها دوليًا .
-2يطلب من اسرائيل أن توقف فورًا عملها العسكري ضد سلمة الراضي اللبنانية ،وان تسحب فورًا
قواتها من الراضي اللبنانية كافة .
-3يقرر ،في ضوء طلب حكومة لبنان ،انشاء قوة دولية مؤقتة في جنوب لبنان ،تكون تحت امرته ،
وذلك للتأكد من انسحاب القوات السرائيلية ،وإعادة السلم والمن الدوليين الى سابق عهدهما ،
ومساعدة حكومة لبنان في توفير عودة سلطتها الفعالة في المنطقة ،على ان تؤلف القوات من عناصر
تابعة لدول اعضاء في المم المتحدة " .
وقدم المين العام للمم المتحدة تقريره الى مجلس المن ،فوافق المجلس على مقترحاته وأصدر القرار
رقم /426 /الذي ينص على ان " مجلس المن ...،
-1يوافق على تقرير المين العام عن تطبيق قرارمجلس المن رقم . (1978) 425
-2يقرر ان القوة ستشكل ،بموجب التقريرالمذكور أعله لمدة ستة أشهر أولية ،وستتابع عملها بعد
ذلك إذا اقتضت الضرورة ،شرط أن يقرر مجلس المن ذلك " .
وقد حدد قرار مجلس المن رقم /426/مدة قوات المم المتحدة في لبنان بستة أشهر قابلة للتجديد ،
ولزالت تتجد تلك المدة من ذلك التاريخ الى الن .
وقد أصدر مجلس المن الدولي قراره هذا عقب الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان في 14آذار . 1978
وقد سبق صدور قرار مجلس المن الدولي ،بيانًا من وزارة الخارجية المصرية حول العتداء
السرائيلي على لبنان نشرتها )صحيفة الهرام – القاهرة 16/3/1978جاءت فيها :
-84" ...ان مصر ترى ان العالم أجمع ،والدول الخمس الكبرى بصفة خاصة ،تتحمل مسؤولياتها لوقف
العدوان فورًا ،والتحرك السريع لتحويل مسار الحداث في اتجاه السلم العادل والدائم في المنطقة
والذي يقوم على احترام حقوق الشعب الفلسطيني ،وانسحاب اسرائيل التام من الراضي المحتلة
وتخليها عن أهدافها العدوانية والتوسعية .
كما أبرق الملك خالد ملك المملكة العربية السعودية ،الى الرئيس جيمي كارتر رئيس جمهورية
الوليات المتحدة المريكية ،حول الهجوم السرائيلي على جنوب لبنان نشرتها )صحيفة الرياض
( 16/3/1978
جاءت فيها :
" أننا نناشدكم بوقف العدوان الغاشم ،الذي شنته اسرائيل على جنوب لبنان ،متحديًة بذلك نصائح
فخامتكم ،وغير مكترثة للجهود التي تبذلونها في سبيل التوصل الى سلم عادل ودائم في هذه المنطقة
الحساسة من العالم ،وخشية من تصاعد الحداث واتساع نطاق الفتنة ،فاننا نهيب بفخامتكم ان تولوا
هذا الموضوع اهتمامكم البالغ ،وتوقفوا المعتدي عند حدوده ،وتواصلوا سعيكم في احلل السلم لن
الفرصة التي هيأها فخامتكم لن تعود ".
ان تدخل القوات الدولية في لبنان جاء بقرار من الشرعية الدولية التي تمثلها المم المتحدة
ل لعادة السلم
مجلس المن -لوقف العمليات العسكرية السرائيلية دون أن تكون طرفًا رادعًا بل تدخ ًوالمن الدوليين في المنطقة ،ول يخلوا من جانبه النساني في المساعدة التي قدمتها لهالي منطقة
الجنوب اللبناني من الخدمات الساسية وكذلك مرافقة الفلحين ليتمكنوا من زراعة الراضي وجني
المحاصيل بالرغم من ان المهمة الساسية للقوات المتدخلة كان إزالة نتائج الحرب ،والتي تمثلت في
النسحاب السرائيلي ،ومساعدة السلطات اللبنانية في بسط سيطرتها على المنطقة .
المطلب الثاني :مهمات قوات المم المتحدة في لبنان
لقد حدد القرار /425/الصادر من مجلس المن الدولي بشأن تشكيل قوة دولية مؤقتة في جنوب لبنان
المهمات الموكولة لتلك القوة والتي تتحدد في ما يلي :
-1التأكد من انسحاب القوات السرائيلية من جنوب لبنان .
-2إعادة السلم والمن الدوليين في تلك المنطقة الى ما كانت عليهما .
-3مساعدة حكومة لبنان في عودة سلطتها الفعالة في المنطقة -جنوب لبنان .-
ول شك ان مهمة القوة الدولية ،هي مراقبة الوضع المني والعسكري في المنطقة ،ورفع التقارير الى
المم المتحدة بناء على مراقبتها واتصالتها ،دون أن تكون قوة محاربة ضد اسرائيل .ومن طبيعة
قرارات مجلس المن انها تصدر دون أن توضح بشكل تفصيلي طبيعة العمل واللية التي تسير عليها ،
ل لكي يستطاع العمل به بمرونه ،واستخدام كافة الوسائل الشرعية دون ان تقتصر على
بل تأتي شام ً
واحدة منها ،لذلك يبقى مجال العمل بالقرار واسعًا ،ومثالها :
أ -في البند الثالث ،حيث إعادة السلم والمن الدوليين الى ما كانت عليهما تكون بوسائل عدة .ب -أما
مساعدة الحكومة اللبنانية في إعادة سلطتها على المنطقة ،أيضًا لم يقتصر القرار تلك المساعدة على
وسيلة واحدة ،بل فتح المجال واسعًا أمام كافة وسائل المساعدة .
المطلب الثالث :منافع تواجد قوات المم المتحدة في لبنان .
لقد كان انشاء قوة المم المتحدة في لبنان مؤقتة لمدة ستة أشهر ،وقد تم تجديد تلك المدة منذ نشأتها -
كل ستة أشهر -وفي نهاية كل مدة كان المين العام للمم المتحدة يرفع تقريره الى مجلس المن يتضمن
تفاصيل الوضع المني الراهن ،كما كان يتضمن كافة العمال التي كانت تقوم بها القوة من اتصالت
ومراقبة وتقديم الخدمات .ومن خلل مراجعة تلك التقارير يمكن التمييز بين :
أ -مرحلة ما قبل النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان في عام . 2000
ب -مرحلة ما بعد النسحاب .
ويلحظ من خلل التقارير ما يلي :
- 85أ – منافع وجود قوة المم المتحدة قبل النسحاب السرائيلي عام . 2000
ان خيرما نعتمد عليه لمعرفة منافع قوة المم المتحدة المؤقتة في لبنان ،هو تقارير المين العام
للمم المتحدة المرفوعة الى مجلس المن كل ستة أشهر ،من خلل عملية الرصد اليومي وتثبيت ما تم
من العمال ،وقد كانت التقارير كلها حتى عام 2000متشابهة ،حيث المنافع كانت هي نفسها
ونستطيع أن نجملها بالتالي :
-1التصال المباشر مع الطراف المتنازعة والحث على احترام الوضع غير القتالي للمدنيين .
-2بذل ومواصلة الجهد لمنع العناصر المسلحة من استخدام منطقة تواجد قوات المم المتحدة لغراض
القتال .
-3تفجير وازالة اللغام والقنابل المزروعة على جانبي الطريق ومخلفات الحرب التي لم تنفجر .
-4تقديم المساعدة النسانية الى السكان المدنيين في شكل رعاية طبية ولوازم أساسية وأعمال هندسية
وإصلحات للمباني التي أصيبت بالضرار نتيجة أعمال القتال .
-5مرافقة المزارعين لتمكينهم من العمل في الحقول التي تقع في نطاق مواقع قوات الدفاع
السرائيلية /قوات المر الواقع. /
-6تقديم الخدمات الطبية لعدد يبلغ متوسطه الشهري 2500شخص .
ب -منافع وجود قوة المم المتحدة بعد عام 2000
ل عن
بالضافة الى الخدمات الجتماعية والمنية التي قدمتها قوة المم المتحدة منذ نشأتها ،وفض ً
مهماتها الساسية في التأكد من النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان ومساعدة الجيش اللبناني من
تمكين سيطرته عليها وإعادة السلم والمن الى المنطقة ،إل ان منافعها تضاعفت على ما كان عليه في
الماضي ،ويمكن اجمالها بالضافة الى المنافع السابقة ذكرها بالتالي :
ل للقرار / 425
-1استكمال التحقيق ،من التأكيد من ان القوات السرائيلية قد انسحبت من لبنان امتثا ً
. /1978
-2الحصول من جيش الدفاع السرائيلي على خرائط للمناطق المزروعة باللغام المعروفة لديها.
-3العمل على ازالة اللغام الغير متفجرة حفاظًا على أمن المواطنين .
-4مساعدة الجيش اللبناني على بسط سيطرته على المناطق التي انسحبت منها اسرائيل
باستثناء الخط الزرق التي رفضت السلطات اللبنانية النتشار فيها بحجة عدم حصول سلم شامل مع
اسرائيل . -
خلصة القول يمكننا القول بان قوة المم المتحدة استطاعت الى حد كبير الحد من التوتر وتقديم
الخدمات للمواطنين ومساعدة الجيش اللبناني في النتشار في تلك المنطقة ،ولول وجود القوات المؤقتة
للمم المتحدة في جنوب لبنان لما استطاع سكان المنطقة ،و السلطات اللبنانية من توفير المعالجة
الطبية ،والتعليم ،والماء ،والكهرباء للمنطقة .
كما ان الهدوء المني ساد المنطقة بفضل تواجد وبجهود القوة المؤقتة ،و لولها وعن طريق مجلس
المن والمم المتحدة ،لما تم النسحاب السرائيلي من جنوب لبنان .
- 86المبحث الثاني
التدخل القضائي للمم المتحدة في لبنان
المطلب الول :لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري .
المطلب الثاني :لجنة التحقيق الدولية في عملية اغتيال الرئيس الحريري .
المطلب الثالث :القضاء المختص بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري .
المطلب الول -لجنة تقصي الحقائق في عملية اغتيال الرئيس الحريري
في الجلسة 5122لمجلس المن المعقودة في 15شباط 2005أدلى رئيس مجلس المن بيانًا أدان فيه
التفجير الرهابي الذي وقع في 14شباط 2005في بيروت ،وأسفر عن مصرع رئيس وزراء لبنان
السابق رفيق الحريري وآخرين .
ودعا رئيس مجلس المن في بيانه حكومة لبنان الى ان تقدم الى العدالة مرتكبي ،ومنظمي ،وراعيي
ذلك العمل الرهابي الشنيع ،كما وحث جميع الدول على ابداء التعاون التام في مكافحة الرهاب ،
وطلب من المين العام أن يتابع عن كثب الحالة في لبنان ،وأن يقدم على وجه السرعة تقريرًا عن
الملبسات التي أحاطت بهذا العمل الرهابي ،وما يترتب عليه من عواقب .
ويلحظ من بيان رئيس مجلس المن ما يلي :
ل ارهابيًا .
-1اعتبار التفجير الذي وقع في 14شباط 2005بيروت عم ً
-2دعا حكومة لبنان الى تقديم كل من له صلة بذلك العمل الرهابي الى العدالة .
-3حث جميع الدول على ابداء التعاون لمكافحة الرهاب .
-4الطلب من المين العام لمتابعة الحالة في لبنان ،وتقديمه تقريرًا عن ظروف وملبسات ذلك العمل
الرهاربي .
كما ويلحظ من بيان رئيس مجلس المن بانه وصف عملية اغتيال الرئيس الحريري بوصف
الرهاب ،وبذلك قد وضع رئيس مجلس المن يد المنظمة الدولية -المم المتحدة -على ذلك العمل
الرهابي في مساعدة السلطات اللبنانية وبالتفاق معها بموجب القانون الدولي بالستناد الى قرارات
الجمعية العامة وتقرير بعثة تقصي الحقائق كما يلي :
-1قرار الجمعية العامة A/RES/60/49تاريخ 9كانون الول 1994وقد اتخذت الجمعية العامة
للمم المتحدة هذا القرار بناء على تقرير ] اللجنة السادسة ) اللجنة القانونية للمم المتحدة )
[ (A/49/743بشأن :
التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب الدولي ،حيث اعلن مجلس المن رسميًا ما يلي :
او ً
ل
-1ان الدول العضاء في المم المتحدة تعيد رسميًا تأكيد إدانتها القاطعة لجميع أعمال
الرهاب واساليبه ،وممارساته تشكل انتهاكًا خطيرًا لمقاصد ومبادئ المم المتحدة ،وقد تشكل تهديدًا
للسلم والمن الدوليين ،وتعرض للخطر العلقات الودية بين الدول ..
-2إن العمال الجرامية التي يقصد منها ،أو يراد بها إشاعة حالة من الرعب ،لغراض سياسية،
بين عامة الجمهور أو جماعة من الشخاص ،أوأشخاص معينين هي أعمال ل يمكن تبريرها بأي حال
من الحوال أيًا كان الطابع السياسي أو الفلسفي أو العقائدي أو العنصري أو الثني أو الديني ،أو أي
طابع آخر للعتبارات التي قد يحتج بها لتبرير تلك العمال .
-5أ -المتناع عن تنظيم النشطة الرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو تمويلها أو تشجيعها أو
التغاضي عنها .
ب -ضمان القبض على مرتكبي العمال الرهابية ومحاكمتهم أو تسليمهم وفقًا للحكام ذات الصلة من
قانونها الوطني .
-87ثانياً
..........................................................................................
ثالثًا
-10ينبغي أن يساعد المين العام في تنفيذ هذا العلن ،وذلك بأن يتخذ في حدود الموارد الموجودة،
التدابير التالية لتعزيز التعاون الدولي :
أ -جمع البيانات عن حالة التفاقات المتعددة الطراف ،والقليمية والثنائية المتصلة بالرهاب الدولي ،
وعن تنفيذها ،بما في ذلك المعلومات عن الحوادث التي يسببها الرهاب الدولي وعن المحاكمات
والحكام الجنائية اسنادًا الى المعلومات المتلقاة من ودعاء تلك التفاقات ،ومن الدول العضاء .
وعليه قام المين العام للمم المتحدة تنفيذًا للقرارين A/RES/49/60و S/PRST/2005/4لجمع
المعلومات عن هذا العمل الرهابي من الملبسات التي أحاطت به ،وما يترتب عليه من عواقب بايفاد
بعثة بقيادة نائب مفوض الشرطة اليرلندية -بيترفيتز جيرالد -الى لبنان للتحقيق في أسباب اغتيال
رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وملبساته وتبعاته .
-2تقرير بعثة تقصي الحقائق في ملبسات وأسباب وعواقب تفجير 14شباط . 2005
تنفيذًا لبيان رئيس مجلس المن في 15شباط 2005الذي طلب فيه من المين العام للمم المتحدة ،أن
يتابع عن كثب الحالة في لبنان ،وأن يقدم تقريرًا عن الملبسات التي أحاطت بالعمل الرهابي في 14
سباط 2005في بيروت وأدى الى مقتل الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ،شكل المين العام بعثًة
لتقصي الحقائق ،لمعرفة ملبسات وعواقب ذلك العمل الرهابي ،وأسند رئاسة البعثة لنائب مفوض
الشرطة اليرلندية بيتر فيتزجيرالد ،حيث وصلت البعثة في 25شباط 2005الى بيروت والتقى عددًا
من المسؤولين اللبنانيين من مختلف المجموعات السياسية ،وعاينوا مسرح الجريمة والدلة التي
جمعتها الشرطة اللبنانية ،كما قاموا بتحليل العينات اللزمة واستجوبوا بعض الشهود ،واختتمت البعثة
تحريها في 16اذار ،رافعًا تقريرها الى المين العام للمم المتحدة .وأهم ما جاء في التقرير :
-1ل يمكن التأكد بشكل موثوق من السباب المحددة لغتيال الرئيس الحريري إل بعد إحضار مقترفي
هذه الجريمة أمام العدالة .
-2من الواضح ان الغتيال جرى في سياق سياسي وأمني .
-3اجهزة المن اللبنانية والمخابرات العسكرية السورية تتحمل المسئولية الرئيسية عن انعدام المن
والحماية والقانون والنظام في لبنان ،مع الهمال الجسيم والمضطرد لجهزة المن اللبناني في القيام
بواجباتها ،واجهزة المخابرات السورية مشتركة عن ذلك الهمال بقدر تسيير لجهزة المن اللبنانية .
-4الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن التوتر السياسي الذي سبق عملية الغتيال بتدخلها
في تفاصيل الحكم في لبنان باسلوب جائر وعنيد .
-5عملية التحقيق التي أجرتها الجهزة المنية اللبنانية يعتورها خلل خطير ،ول يمكنها التوصل الى
نتائج مرضية وموثوق بها ،لذلك ومن اجل كشف الحقيقة ل بد من أن يعهد بالتحقيق الى لجنة دولية .
-6من الممكن ان تكون للغتيال عواقب بعيدة المدى ،فقد أدى الى فتح الباب امام الضطرابات
السياسية.
-7القصور في الحفاظ على مكان الجريمة ،بما يضمن الحفاظ على جميع الدلة المتاحة ،مما نجم
عنه رفع أو تدمير أدلة مهمة دون تسجيل .
-8ثمة أدلة قوية توحي بان قضاة التحقيق لم يكن لديهم سيطرة على مجريات التحقيق .
- 9ان طريقة التحقيق في الجانب المتعلق بالشاحنة المشبوهة تنم عن درجة خطيرة من الهمال على
اقل تقدير ،ويمكن ان يكون ذلك الهمال مصحوبًا بأعمال اجرامية ينبغي ان يحاسب عليها الضالعون
فيها .
ولهذا كله رأت اللجنة ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل من اجل كشف الحقيقة .
-88المطلب الثاني -لجنة التحقيق الدولية المنشأة بموجب قرار مجلس المن رقم . 1595
في جلسته /5160/المعقودة في 7نيسان 2005اتخذ مجلس المن القرار رقم /1595/بعد دراسة
تقرير لجنة تقصي الحقائق الموفدة الى لبنان للتحقيق في ملبسات العمل الرهابي ،الذي أودى بحياة
الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ،وأسبابه وعواقبه وقررإنشاء لجنة مستقلة دولية للتحقيق لمساعدة
السلطات اللبنانية في التحقيق الذي تجريه في جميع جوانب ذلك العمل الرهابي ،استنادًا الى ما
استخلصته بعثة تقصي الحقائق ،من ان :
أ -عملية التحقيق اللبنانية تشوبها عيوب جسيمة .
ب -وانها تفتقر الى القدرة واللتزام الضروريين للتوصل الى نتيجة مرضية ذات مصداقية -مثلما جاء
في تقريربعثة تقصي الحقائق . -
ج -اجماع الشعب اللبناني على المطالبة بالكشف عن هوية المسؤولين عن الجريمة ومحاسبتهم .د -
موافقة الحكومة اللبنانية على القرار الذي سيتخذه مجلس المن .
أما بشأن الضمانات المقررة لفعالية اللجنة في القيام بواجباتها جاء في القرار ما يلي :
أ -التعاون التام من جانب السلطات اللبنانية للحصول والوصول الى ما لديها من معلومات الواردة في
شهادة الشهود .
ب -للجنة سلطة جمع المعلومات والدلة الضافية المتصلة بذلك العمل الرهابي .ويمكننا ربط هذه
الفقرة مع الفقرة التي يطلب فيها مجلس المن من جميع الدول وجميع الطراف ،أن تتعاون تعاونًا تامًا
مع اللجنة ،وعلى وجه الخصوص أن تزودها بأي معلومات ذات صلة قد تكون في حوزتها ،تتعلق
بالعمل الرهابي المذكور .ما يمكن استنتاجهه بان القرار أعطى للجنة صلحية جمع المعلومات
والدلة خارج الحدود اللبنانية أيضًا ،وعلى هذا الساس وبناًء على المعلومات التي حصلت عليها
اللجنة من لبنان ،اتصلت مع السلطات السورية للفادة أو الشهادة أو الحصول على أية معلومات تفيد
التحقيق ،دون أن يكون ذلك انتقاصًا من السيادة الوطنية السورية على أراضيها .
المطلب الثالث -القضاء المختص بالنظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري .
ان الوصف القانوني ) الجنائي ( للجريمة يحدد القضاء المختص بالنظر اليها ،لذلك ولمعرفة القضاء
المختص ل بد من توصيف جريمة الغتيال تلك وصفَا جنائيًا .
اوًل :الوصف القانوني )الجنائي( لجريمة اغتيال الرئيس الحريري .
لقد اعتبر رئيس مجلس المن في بيانه في 15شباط 2005عملية اغتيال الرئيس الحريري بالجريمة
الرهابية .كما ان قرار مجلس المن رقم /1595/الصادر بعد دراسة تقرير بعثة المم المتحدة لتقصي
الحقائق ،قرر انشاء لجنة تحقيق دولية لعدة اعتبارات منها :
أ -توصيف الجريمة بالرهابية .
ب -الجريمة وقعت في سياق سياسي وأمني .
د -الخلل الخطير في عملية التحقيق الوطني )اللبنانية( مما يستبعد التوصل الى نتائج مرضية وموثوق
بها .
الرهاب في القانون الوطني والدولي .
-1الرهاب في القانون اللبناني :عرف قانون العقوبات اللبنانية في المادة /314 /العمال الرهابية
بالتالي " :يعنى بالعمال الرهابية جميع الفعال التي ترمي الى ايجاد حالة ذعر ،وترتكب بوسائل
كالدوات المتفجرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو المكروبية ،
التي من شأنها أن تحدث خطرًا عامًا" .
-2الرهاب في قانون العقوبات السوري :نصت المادة/ 304 /من قانون العقوبات السوري بانه
"يقصد بالعمال الرهابية ،جميع الفعال التي ترمى الى ايجاد حالة ذعر ،وترتكب بوسائل كالدوات
المتفجرة والسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو
الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطرًا عامًا "
-89 -3الرهاب في القانون الجزائي الفرنسي :تنص المادة / 421 /منه على " :تعتبر أعمالً
ارهابية،العمال التالية عندما ترتكب بشكل متعمد من قبل فرد أو جماعة بقصد احداث اضطراب
خطير في النظام العام باللجوء الى التخويف والتهديد :
أ -الجرائم المرتكبة ضد حياة وسلمة الفراد ...
-4الرهاب في قرار الجمعية العامة للمم المتحدة .
بناء على تقرير اللجنة السادسة ( (A/49/743أصدرت الجمعية العامة قرارًا برقم 49/60تاريخ
كانون الول 1994بشأن التدابير الرامية الى القضاء على الرهاب الدولي ،بين فيه ان العمال
الرهابية واساليبه وممارساته تشكل انتهاكًا خطيرًا لمقاصد المم المتحدة ،وتشكل تهديدًا للسلم والمن
الدوليين ،وتعرض للخطر العلقات الودية بين الدول .
ويقصد بالعمال الرهابية من خلل العرض السابق ،تلك التي يراد بها إشاعة حالة من
الرعب،لغراض سياسية بين عامة الجمهور أو جماعة من الشخاص أو أشخاص معينين ،هي أعمال
ل يمكن تبريرها بأي حال من الحوال أيًا كان الطابع السياسي أو الفلسفي أو العقائدي أو العنصري أو
الثني .ولذلك يمكن اطلق وصف الرهاب على جريمة اغتيال الحريري بموجب القانون اللبناني
ف اخرى ،فوصف
وكذلك القانون الدولي .وبغض النظر إذا ما كانت الجريمة نفسها تدخل تحت أوصا ٍ
الجريمة بالرهابية كافية لن تخضع للقانون الدولي .
والجريمة الرهابية قد تكون جريمة ارهابية وطنية أي تتخطى بنتائجها الجرمية ،نطاق اقليم الدولة
التي ارتكبت فيها الجريمة من حيث الضحايا أو حالة الرعب والذعر التي تخلقها الجريمة.
اما جريمة الرهاب الدولية فهي التي تتخطى اقليم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة من حيث حالة
الرعب والذعر أم من حيث الضحايا والخراب بواسطة المواد المتفجرة أو الوسائل الخرى إضافة الى
تهديدها للمن والسلم الدوليين .
وعليه يمكن توصيف جريمة اغتيال الرئيس الحريري بجريمة ارهاب دولي ،وتخضع لحكام القانون
الدولي نظرًا للتالي :
-1انها ارتكبت في سياق سياسي وامني .
-2انها جريمة ارهاب دولية .
-3انها تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي النساني ولحقوق النسان .
-4انها تؤدي الى تهديد المن والسلم الدوليين .
-5عجزالقضاء اللبناني والسلطات اللبنانية عن ملحقة ومعاقبة مرتكبيها .
ثانيًا -المحكمة المختصة بالنظر في عملية اغتيال الرئيس الحريري :
إن اطلق وصف الرهاب الدولي على جريمة ما ،تكون كافية لخضوعها للقانون الدولي ،وبغض
النظر عن اوصافها الجرمية الخرى ،يكون صلحية النظر في جريمة الرهاب التي أودت بحياة
الرئيس الحريري ورفاقه للقضاء الوطني اللبناني في ملحقة ومعاقبة مرتكبيها ،استنادًا الى القانون
الوطني ،وخاصًة ان قانون العقوبات اللبناني قد اعطى مفهومًا لجرائم الرهاب في المادة/ 314 /
وحدد العقوبات على مرتكبي جرائم الرهاب في المادة/ 315 /من قانون العقوبات ،حيث استوجبت
الشغال الشاقة لخمس سنوات على القل والشغال الشاقة المؤبدة إذا نتج عنه التخريب ولو جزئيًا في
بناية عامة أومؤسسة صناعية أوسفينة أومنشات اخرى أو التعطيل في سبل المخابرات والمواصلت
والنقل ،ويقضي بالعدام إذا أدى الفعل الرهابي الى موت انسان أو هدم البنيان بعضه أو كله وفيه
شخص أو عدة اشخاص .كما أناط قانون العقوبات اللبناني للمحاكم العسكرية صلحية النظر في جرائم
الهاب .
أما جريمة الرهاب الدولي ،فان الملحقة القضائية تتم أساسًا بواسطة المحاكم الوطنية اللبنانية استنادًا
الى القانون الوطني و الدولي كما جاء في نصوص التفاقيات الدولية المتعلقة بالرهاب على اساس
مبدأ "التسليم أو المحاكمة" ومن تلك التفاقيات :
أ – اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة
-90)المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم 39/46تاريخ 10كانون الول . (1984
ب – اتفاقية منع جريمة البادة الجماعية والمعاقبة عليها )قرار الجمعية العامة 260تاريخ 9كانون
الول .( 1948
ج – مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب
وجرائم ضد النسانية )قرار الجمعية العامة رقم/ 4047 /تاريخ 3كانون الول . (1973
د – التفاقية الدولية لقمع الهجمات الرهابية بالقنابل عام . 1979
هذه التفاقيات وغيرها التي اجمعت على مبدأ "التسليم أو المحاكمة " والتعاون الدولي في مجال
القضاء وتسليم واسترداد المجرمين .وعلى الرغم من عدم وجود قضاء دولي مختص بملحقة ومعاقبة
مرتكبي جرائم الرهاب ،ال ان بعضها تدخل في صلحية محكمة الجنايات الدولية إذا ما وصفت جنائيًا
تحت وصف اخر ،كالجرائم ضد النسانية وجرائم البادة التي هي في نفس الوقت جرائم ارهابية .
وللقضاء اللبناني في الساس صلحية النظر في جرائم الرهاب المرتكبة على القليم اللبناني،لكن عدم
استقلليته وعجزه عن ملحقة ومعاقبة مرتكبيها جعل من مجلس المن أن يصدر قراره رقم/1664 /
تاريخ 29اذار 2006يطلب فيه مجلس المن من المين العام أن يتفاوض مع حكومة لبنان على اتفاق
يرمي الى انشاء محكمة ذات طابع دولي لملحقة ومعاقبة كل من تثبت مسؤوليتهم عن التفجيرالرهابي
الذي وقع في 14شباط وأدى الى مقتل الرئيس الحريري ورفاقه .
-91خلصة الفصل الثاني
لقد أتخذ التدخل الدولي النساني في لبنان ،نوعين من انواع تدخل المم المتحدة ،تخللت بينهما فترة
زمنية طويلة ،وقد تم التدخل بموجب قرارات مجلس المن .إل ان الشكال الذي أردت أن أبينه بشأن
ذلك النوعين من التدخل هو :
ل انسانيًا صرفًا ،حيث كان أصل التدخل لجل الفصل بين
-1لم يكن تدخل قوات المم المتحدة تدخ ً
القوات السرائيلية واللبنانية والعمل على انسحاب اسرائيل ومساعدة السلطات اللبنانية في سيطرتها
على الجنوب اللبناني.
-2طغيان الجانب النساني على عمل قوات المم المتحدة في الجنوب اللبناني وبأشكال مختلفة ،من
تقديم الرعاية الصحية ،والخدمات الجتماعية الخرى ،ومساعدة الفلحين في استغلل اراضيهم ،
وإزالة اللغام الغير متفجرة لحماية المواطنين .
-3إزالة التوترفي المنطقة حفظًا على السلم والمن الدوليين ،لذلك يمكن إعتبار تدخل قوات المم
ل انسانيًا بما قدمته من خدمات .
المتحدة في الجنوب اللبناني تدخ ً
ل انسانيًا بشكله القضائي الذي جاء بعد
أما الشكل الخر من تدخل المم المتحدة في لبنان فقد كان تدخ ً
التدخل العسكري بأكثر من خمسة وعشرون عامًا ،ضمن خطة محاربة الرهاب ،وذلك لتقديم
مرتكبي النفجار الرهابي الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في بيروت في 14شباط
2005الى العدالة ،حيث يشكل الرهاب وممارسته أعمالً ضد النسانية أينما كانت ،ورغم محاولة
بعض المؤسسات الدستورية والسياسية اللبنانية وكذلك عرقلة السلطات السورية لعمل لجنة التحقيق
الدولية لعتبارات مصلحية معنية تدخل في الطار السياسي ،إل ان مجلس المن الدولي عازم على
متابعة عمل لجنة التحقيق وتشكيل محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة كل من تثبت مسؤليته عن ذلك
التفجير الرهابي ،وبعض العمال التي سبقته أو لحقته وذلك حسب التحديد الزمني الذي ينص عليه
قانون المحكمة المزمع تشكيلها .
-92مصادر الباب الثاني
-1منصور ) البير ( -موت جمهورية -دار الجديد بيروت ط 1994 /ص . 299
-2منصور ) البير ( المرجع السابق ص . 30-18
-3منصور ) البير ( المرجع السابق ص . 36
-4منصور )البير ( المرجع السابق ص . 36
. http://www.ssnp.info/thenews/daily/Makalat/Mounir%20Isam3il/Mounir-12-10-05.htm-5
اسماعيل )د .منير ( .الطائفية ومقومات الدولة الحديثة .
تمت الزيارة في . 19/05/2006
-6قرار مؤتمر القمة العربية الول في القاهرة .
-7هانف ) تيودور( -لبنان تعايش في زمن الحرب -مركز الدراسات العربي الوربي -باريس 1993ترجمة موريس صليبا .
-8عزام )روجيه ( -دهاليز المأساة اللبنانية -منشورات المركز اللبناني للعلم ايار 2001ص . 51
-9منصور) البير( -موت جمهورية -دار الجديد -بيروت ط 1994/ص . 165
-10عزام )روجيه ( المرجع السابق ص . 218
www.syria-neus.com -11
طلس ) العماد مصطفى( -مرآة حياتي -الحلقة . 27
تمت زيارة الموقع في . 04/03/2006
-12المرجع السابق الحلقة . 29
-13المرجع السابق الحلقة . 30
-14المرجع السابق الحلقة . 30
-15هانف ) تيودور( المرجع السابق ص . 215-183
-16اتفاق القاهرة عام . 1969
-17مقابلة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام مع مراسل موقع الصنارة اللكتروني في . 16/3/2006
-18طلس ) العماد مصطفى ( المرجع السابق الحلقة . 12
-19طلس )العماد مصطفى( المرجع السابق الحلقة . 29
-20بقردوني ) كريم ( -السلم المفقود -عهد الياس سركيس 1982-1976ط 2/بيروت ،1984ص . 78
-21لقاء المين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي مع قناة العربية في ابريل . 2005
-22عبد الحليم خدام -لقاء خاص في اواخر آذار .2006
ملحظة :ان روجيه عزام يقول بان لواًء سوريًا مؤلفًا من اكثر من 4000جدي مجهز بالمدرعات دخل لبنان في 3أيار تحت اسم الصاعقة
وجيش التحرير الفلسطيني ،وقد سبق وان أوضحنا ذلك .
-23عبد الحليم خدام -لقاء خاص .
-24قرار القمة العربي السداسي ،دورة غير عادية في الرياض بتاريخ . 18/10/1976-16
-25قرار مؤتمر القمة العربي في دورته الثامنة بالقاهرة بتاريخ . 26/10/1976
-26عبد الحليم خدام ،لقاء خاص .
-27تويني ) غسان ( -رسائل الى الريئس الياس سركيس - 1982-1978دار النهار -بيروت ،ايلول 1995ص . 72
-28منصور) البير ( -انقلب على الطائف -دار الجديد بيروت ط 1993/ص . 68-27
-29صحيفة النهار اللبنانية . 31/12/2004
-30صحيفة الرأي العام . 31/12/2004
-31+32منصور) البير ( المرجع السابق ص . 150
-33نص وثيقة الوفاق الوطني -اتفاقية الطائف . 1989
-34وثيقة الوفاق الوطني -كذلك معاهدة المن والدفاع بين سوريا ولبنان .
-35منصور ) البير ( المرجع السابق ص . 189
-36منصور ) البير ( المرجع السابق ص . 150-128
37صحيفة النهار . 4/4/2005
http://www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm -38
الموقع اللكتروني للتيار الوطني الحر نص المحاضرة الملقاة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في واشنطن و المنشورة بتاريخ 7آذار
. 2003
تمت الزيارة في . 20/05/2006
-39فضائية الجزيرة برنامج الحوار المفتوح تاريخ . 22/3/2005
-40خطاب الرئيس بشار السد في مجلس الشعب تاريخ . 5/3/2005
-41منظمة العفوالدولية ،الوثيقة رقم MDE 18-005-2005تاريخ . 2005 /18/5
http://www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm -42
الموقع اللكتروني للتيار الوطني الحر ،في لبنان ،محاضرة العماد ميشيل عون في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ،واشنطن في 7اذار .
- 43صحيفة الشرق الوسط تاريخ 6كانون الثاني . 2006
- 44مذكرة الرئيس نبيه بري الى التحاد البرلماني العربي -مجلة البرلمان العربي -السنة ، 25العددان ، 92 – 91تموز -كانون الول
. 2004
– 45عبد الحليم خدام -لقاء خاص .
– 46مذكرة الرئيس نبيه بري المرجع السابق .
– 47رسالة وزيرالخارجية السوري الى المم المتحدة بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان ،وهي مرفقة مع تقرير المين العام للمم
المتحدة رقم S/2005/272تاريخ . 26/4/2005
-93الخاتمة :
لقد رأيت من الضرورة في بحثي هذا أن أتطرق الى القانون الدولي العام من حيث ماهيته ومصادره
واشخاصه وكذلك للقانون الدولي النساني ليتوضح الفارق بينهما رغم ان موضوع بحثي هذا هو عدم
جواز التدخل وبصفة خاصة التدخل السوري في لبنان وتداعياته ،وباعتبار ان القانون الدولي النساني
هو فرع من فروع القانون الدولي العام والذي تطور بشكل منفصل عنه لذلك آثرت الوقوف على كليهما
.
أما بشأن عدم جواز التدخل فقد بينت بان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول قد تحول من مبدأ
عام الى قاعدة قانون تم ادراجها في المواثيق والمعاهدات الدولية وبذلك اكتسبت تلك القاعدة صفتها
اللزامية .إل ان الغموض وعدم التوضيح الدقيق لمفهوم التدخل الدولي في ميثاق المم المتحدة قد
أعتراه بعض اللبس ،فقد جاء في الميثاق في أغلب الحيان مقولة "استعمال القوة أو التهديد باستعمالها
" .لذلك ل بد من الملحظات التالية :
-1وجود الكثير من الثغرات القانونية بشأن قاعدة عدم جواز التدخل بحيث تستطيع الكثير من الدول
استغللها واللتفاف حولها لتبرر تدخلها في شؤون الدول ،ومنها التدخل القتصادي والعلمي
ومساعدة القوى المناهضة أو أحد الطراف بطرق خفية .
-2ان التدخل الدولي كان مقتصرًا في السابق على الدول القوية ،إل ان الدول الصغيرة في العصر
الراهن بدأت تتدخل في شؤون الدول الخرى ،كالتدخل السوري في لبنان وتدخل الدول الفريقية في
شؤون بعضها .
-3ان التدخل الدولي في السابق كان مقتصرًا على التدخل العسكري ورغم بقاء هذا الشكل من أشكال
ل أخرى مورست في الوقت الراهن والتي تفوق تأثيراته على تأثير التدخلت
التدخل إل ان أشكا ً
العسكرية .
-4ان عدم تبيان وعدم الوضوح الدقيق للشؤون التي تكون من صميمم السلطان الداخلي للدول جعل
مجال التدخل الدولي مفتوحًا على مصراعية لصالح الدول الراغبة في التدخل في شؤون دولة ما .
-5ان المسائل المتعلقة بالديمقراطية وحقوق النسان والقليات أصبحت حججًا للدول الراغبة في
التدخل في شؤون بعض الدول التي ل تروق لها نظمها السياسية أو القتصادية .
-6ان أغلب التدخلت الدولية تحدث خارج إطار منظمة المم المتحدة وفي الخفاء .
-7اغلب التدخلت الدولية تحدث في إطار سياسي توافقي مما يشير بان التحالفات الدولية الثنائية أو
الجماعية هي أقوى من العهود والمواثيق الدولية التي تنشأ في أروقة المم المتحدة والتي تخص الدول
كافة .
-8ان تدخل المم المتحدة يأتي متأخرًا عن تدخل الدول في شؤون الدول الخرى ،ولم تستطع لجم تلك
التدخلت نتيجة تشتت رأيها بين الراء المختلفة للدول في شأن من الشؤون ،ومن ثم خضوعها تحت
تأثير الدول المتقدمة والقوية .
-94-
ملحق رقم )(1
قرار الجمعية العامة رقم RES / A / 2625 /في 24تشرين الول 1970
اعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا
لميثاق المم المتحدة.
ديباجة :ان الجمعية العامة إذ تؤكد من جديد ما نص عليه ميثاق المم المتحدة من
ان صيانة السلم والمن الدوليين ونماء العلقات الودية والتعاون بين الدول من
مقاصد المم المتحدة الساسية ،وإذ تنوه بان شعوب المم المتحدة قد عقدت العزم
على أخذ نفسها بالتسامح والعيش معًا في سلم وحسن جوار.
وإذ تذكر أهمية صيانة وتعزيز السلم الدولي القائم على الحرية والمساواة والعدالة
واحترام حقوق النسان الساسية واهمية انماء العلقات الودية بين الدول بغض
النظر عن نظمها السياسية والقتصادية والجتماعية ومستويات نمائها.
وإذ تذكر كذلك الهمية الكبرى لميثاق المم المتحدة في تعزيز حكم القانون بين
المم وإذ ترى ان المراعاة الصادقة لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات
الودية والتعاون بين الدول وتنفيذ اللتزامات التي اضطلعت بها الدول تنفيذًا
يحدده حسن النية ،طبقًا للميثاق أمر ذو أهمية قصوى لصيانة السلم والمن
الدولين ولتحقيق مقاصد المم المتحدة الخرى.
وإذ تلحظ ان التغيرات السياسية والقتصادية والجتماعية الكبيرة التي طرأت
على العالم منذ اقرار الميثاق والتقدم العلمي الذي شهده في تلك الفترة قد زادت
من أهمية هذه المبادئ ومن ضرورة تطبيقها بصورة أفعل في سلوك الدول حيثما
مارسته،
وإذ تشير الى المبدأ المستقر القاضي بأن الفضاء الخارجي ،بما في ذلك القمر
والجرام السماوية الخرى ،غير قابل للتملك القومي بدعوى السيادة أو بطريق
الستخدام او وضع اليد أو الحتلل أو بأية وسيلة اخرى وإذ تأخذ بعين العتبار
ان النظر جار في المم المتحدة في امر اقرار نصوص أخرى مناسبة مستوحاة
من الروح ذاته ،واقتناعًا منها بأن مراعاة الدول الدقيقة لللتزام القاضي بعدم
التدخل في شؤون أية دولة اخرى هو شرط أساسي لضمان عيش المم مهًا في
سلم ،لن ممارسة أي شكل من أشكال التدخل أمر ل يقتصر على خرق الميثاق
روحًا ونصًا ،بل يؤدي كذلك الى خلق حالت تهدد السلم والمن الدولين وإذ
تشير الى واجب الدول في المتناع في علقاتها الدولية عن ممارسة الكراه
العسكري أو السياسي او القتصادي أو غير ذلك من اشكال الكراه الموجه ضد
الستقلل السياسي أو السلمة القليمية لية دولة.
وإذ ترى من الضروري ايضًا ان تفض جميع الدول منازعاتها الدولية بالوسائل
السلمية وفقًا للميثاق ،وإذ تؤكد من جديد الهمية الساسية لمبدأ المساواة في
-95-
السيادة ،وفقًا للميثاق ،وإذ تشدد على ان مقاصد المم المتحدة ل يمكن ان تتحقق
إل إذا تمتعت الدول بالمساواة في السيادة ،وإذا لبت في علقاتها الدولية مقتضيات
هذا المبدأ تلبية تامة ،واقتناعًا منها بان اخضاع الشعوب لستعباد الجنبي
وسيطرته واستغلله يشكل عقبة رئيسية في سبيل تحقيق السلم والمن الدوليين.
واقتناعًا منها بان مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها
بنفسها يشكل مساهمة هامة في بناء القانون الدولي المعاصر ،وان تطبيق هذا
المبدأ بصورة فعالة امر ذو أهمية كبرى لتعزيز العلقات الودية بين الدول على
أساس احترام مبدأ المساواة بينها في السيادة ،واقتناعًا منها بالتالي بان كل محاولة
تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلمة القليمية لية دولة
أو بلد أو النيل من الستقلل السياسي لية دولة أو بلد تتنافى مع مقاصد الميثاق
ومبادئه
وإذ تنظر بعين العتبار احكام الميثاق في مجموعها وتأخذ في حسبانها دور
مختلف القرارات المتصلة بمحتوى المبادئ والتي أتخذتها هيئات المم المتحدة
المختصة.
وإذ ترى ان النماء التدريجي للمبادئ الواردة أدناه وتدوينها حرصًا على ضمان
تطبيقها على وجه افضل في المجتمع الدولي ،امر من شأنه تعزيز تحقيق مقاصد
المم المتحدة:
ا -مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها
ضد السللة القليمية أو الستقلل السياسي لية دولة أو على اي نحو اخر يتنافي
مع مقاصد المم المتحدة.
ب -مبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه ل يعرض
السلم والمن الدوليين ول العدل للخطر.
ج -واجب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولية القومية لدولة ما
وفقًا للميثاق،
ء -واجب الدول في التعاون بعضها مع بعضها وفقًا للميثاق.
ه -مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
و -مبدأ المساواة في السيادة بين الدول.
ز -مبدأ تنفيذ الدول لللتزامات التي تضطلع بها طبقًا للميثاق تنفيذًا يحدده حسن
النية.
وقد نظرت في مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلقات الودية والتعاون بين
الدول،
تعلن رسميًا المبادئ التية:
ا -مبدأ امتناع الدول في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها
ضد السلمة القليمية او الستقلل السياسي لية دولة أو على اي نحو آخر
يتنافي مع مقاصد المم المتحدة .
على كل دولة واجب المتناع في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو
استعمالها ضد السلمة القليمية او الستقلل السياسي لية دولة أو على أي نحو
-96-
آخر يتنافي مع مقاصد المم المتحدة ويشكل مثل هذا التهديد باستعمال القوة أو
هذا الستعمال لها انتهاكًا للقانون الدولي ولميثاق المم المتحدة ،ول يجوز أبدا ان
يتخذ وسيلة لتسوية المشاكل الدولية.
وتشكل الحرب العدوانية جريمة ضد السلم تترتب عليها مسؤلية بمقتضى القانون
الدولي.
وطبقًا لمقاصد المم المتحدة ومبادئها ،على الدول واجب المتناع عن الدعوة
للحرب العدوانية .وعلى كل دولة واجب المتناع عن التهديد باستعمال القوة
واستعمالها لخرق الحدود الدولية القائمة لدولة أخرى أو أتخاذ ذلك وسيلة لحل
المنازعات الدولية بما فيها المنازعات المتعلقة بأقاليم الدول وحدودها.
وعلى كل دولة كذلك واجب المتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها
لخرق الخطوط الدولية الفاصلة ،مثال ذلك خطوط الهدنة ،التي تكون مقررة في
اتفاق دولي أو بناء على اتفاق دولي وهي أحد اطرافه أو يقع عليها لسباب اخرى
واجب احترامه ول يجوز أن يؤول شيئ مما تقدم على انه يمثل اضرارًا بمواقف
الطراف المعنيين فيما يتعلق بمركز وآثار مثل هذه الخطوط حسب مجموعة
القواعد والحكام الخاصة المطبقة عليها او على انه يؤثر على طبيعتها المؤقتة.
وعلى الدول واجب المتناع عن العمال النتقامية التي تنطوي على استعمال
القوة.
وعلى كل دولة واجب المتناع عن كل عمل قسرى يكون فيه حرمان للشعوب
المشار اليها في صياغة مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها في تقرير مصيرها
بنفسها ،من حقها في تقرير مصيرها بنفسها وفي الحرية والستقلل.
وعلى كل دولة واجب المتناع عن تنظيم أو تشجيع تنظيم القوات غير النظامية
أو العصابات المسلحة ،بما في ذلك المرتزقة ،للغارة على اقليم دولة أخرى.
وعلى كل دولة واجب المتناع عن تنظيم اعمال الحرب الهلية او العمال
الرهابية في دولة اخرى ،او التحريض عليها ،أو المساعدة أو المشاركة فيها ،أو
قبول تنظيم نشاطات في داخل اقليمها تكون موجهة الى ارتكاب مثل هذه العمال
عندما تكون العمال المشار اليها في هذه الفقرة منطوية على تهديد باستعمال
القوة أو على استعمالها لها.
ل يجوز اخضاع اقليم اية دولة لحتلل عسكري ناجم عن استعمال القوة خلفًا
لحكام الميثاق .ول يجوز اكتساب اقليم اية دولة من قبل دولة اخرى بنتيجة
للتهديد باستعمال القوة او لستعمالها .ول يجوز العتراف بشرعية اي اكتساب
اقليمي ناتج عن التهديد باستعمال القوة او استعمالها .ول يجوز أن يؤول شيئ مما
تقدم على انه يمس:
ا -احكام الميثاق أو اي اتفاق دولي سابق على النظام الذي جاء به الميثاق ونافذ
بمقتضى القانون الدولي،
ب -او سلطات مجلس المن المقررة بموجب الميثاق.
وعلى جميع الدول ان تواصل التفاوض بحسن نية لعقد معاهدة عالمية في وقت
مبكر بشأن نزع السلح العام الكامل في ظل مراقبة دولية فعالة ،وان تعمل
جاهدة على اتخاذ التدابير المناسبة لتخفيف التوترات الدولية وتوحيد الثقة بين
الدول.
-97-
وعلى جميع الدول ان تفي بحسن نية بالتزاماتها الناشئة عن مبادئ القانون الدولي
وقواعده المعترف بها عامة والمتعلقة بصيانة السلم والمن الدوليين ،وان تعمل
على زيادة فعالية نظام المم المتحدة للمن ،القائم على الميثاق،ول يجوز تأويل
شئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يتضمن بأية صورة من الصور توسيعًا
أو تضييقًا لنطاق أحكان الميثاق المتعلقة بالحالت التي يكون استعمال القوة فيها
مشروعًا.
ب -مبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه ل يعرض
السلم والمن الدوليين ول العدل للخطر.
على كل دولة ان تفض منازعاتها الدولية مع الدول الخرى بالوسائل السلمية
على وجه ل يعرض السلم والمن الدوليين للخطر .وعلى الدول بالتالي ان
تلتمس تسوية منازعاتها الدولية تسوية مبكرة عادلة بطريق المفاوضة والتحقيق
والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية واللجوء الى الوكالت والتفاقات
القليمية او غير ذلك من الوسائل السلمية التي تختارها .وعلى الطراف في
التماسهم مثل هذه التسوية ان يتفقوا على الوسائل السلمية التي تتلئم وظروف
النزاع وطبيعته.وعلى اطراف النزاع ،عند الخفاق في التوصل الى حل بأية
وسيلة من الوسائل السلمية المشار اليها اعله واجب الستمرار في تلمس تسوية
للنزاع بوسائل سلمية أخرى يتفق عليها فيما بينهم وعلى الدول الطراف في اي
نزاع دولي وسائر الدول كذلك ان تمتنع عن اتيان اي عمل قد يؤدي الى تفاقم
الحالة بصورة تعرض السلم والمن الدوليين للخطر ،وعليها ان تتصرف
وفقًالمقاصد المم المتحدة ومبادئها .ويجب ان تفض المنازعات الدولية على
اساس المساواة في السيادة بين الدول ووفقاًلمبدأ حرية اختيار الوسائل .ول يعتبر
اللتجاء الى اجراء للتسوية تتفق عليه الدول بحرية فيما يتعلق بالمنازعات،
الحالية أو المستقبلية التي تكون طرفًا فيها أو قبول مثل هذا الجراء متنافيًا مع
مبدأ المساواة في السيادة.
وليس في مضمون الفقرات السابقة ما يخل بأحكام الميثاق المنطبقة ول سيما تلك
المتعلقة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية أو أي تقييد لها.
ج -المبدأ الخاص بواجب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولية
القومية لدولة ما وفقًا للميثاق.
وليس لية دولة أو مجموعة من الدول ان تتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة
ولي سبب كان،في الشؤون الداخلية والخارجية لية دولة أخرى .وبالتالي فان
التدخل المسلح وكافة اشكال التدخل أو محاولت التهديد الخرى التي تستهدف
شخصية الدولة أو عناصرها السياسية والقتصادية والثقافية تمثل انتهاكًا للقانون
الدولي .
ول يجوز لية دولة استخدام التدابير القتصادية أو السياسية أو أي نوع اخر من
التدابير أو تشجيع استخدامها ،لكراه دولة اخرى على النزول عن ممارسة
حقوقها السيادية وللحصول منها على أية مزايا .كما انه ل يجوز لية دولة تنظيم
النشاطات الهدامة أو الرهابية أو المسلحة الرامية الى قلب نظام الحكم في دولة
اخرى بالعنف ،أو مساعدة هذه النشاطات أو التحريض عليها أو تمويلها أو
تشجيعها أو التغاضي عنها .أو التدخل في حرب أهلية ناشبة في أية دولة أخرى ،
-98-
ويشكل استعمال القوة لحرمان الشعوب من هويتها القومية خرقاًلحقوقها غير
القابلة للتصرف وخرقًالمبدأعدم التدخل ولكل دولة حق غير قابل للتصرف في
اختيار نظمها السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية دون اي تدخل من
جانب أية دولة اخرى.
ول يجوز ان يؤول شئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يتضمن مساسًا
باحكام الميثاق المتصلة بصيانة السلم والمن الدوليين.
د -واجب الدول في التعاون بعضها مع بعض وفقًا للميثاق.
على الدول بغض النظر عن الختلفات في نظمها السياسية والقتصادية
والجتماعية ،واجب التعاون بعضها مع بعض في شتى مجالت العلقات
الدولية وذلك من اجل صيانة السلم والمن الدوليين وتعزيز الستقرار والتقدم
القتصاديين على الصعيد الدولي والرفاه العام للمم والتعاون الدولي المجرد من
التمييز على اساس هذه الختلفات.
وتحقيقًا لهذا الغرض:
ا – على الدول ان تتعاون مع الدول الخرى لصيانة السلم والمن الدوليين.
ب -على الدول ان تتعاون في تعزيز الحترام العالمي لحقوق النسان والحريات
الساسية للجميع ومراعاتها ،وفي القضاء على جميع أشكال التعصب الديني،
ج -على الدول ان تسير في علقاتها الدولية في الميادين القتصادية والجتماعية
والثقافية والتقنية والتجارية وفقًا لمبادئ المساواة في السيادة وعدم التدخل .
د -على الدول العضاء في المم المتحدة ان تتعاون ،مجتمعة أو منفردة ،في
العمل مع المم المتحدة وفقًا لحكام الميثاق المتصلة بالموضوع.
وعلى الدول ان تتعاون في الميادين القتصادية والجتماعية والثقافية وفي ميدان
العلم والتكنولوجيا ،وان تتعاون كذلك في تشجيع التقدم الثقافي والتعليمي على
الصعيد الدولي .وعلى الدول ان تتعاون في تعزيز النمو القتصادي في جميع
انحاء العالم ،وخاصة في البلدان المتنامية.
ه -مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
لجميع الشعوب ،بمقتضى مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير
مصيرها بنفسها المكرس في ميثاق المم المتحدة ،الحق في ان تحدد ،بحرية
ودون تدخل خارجي ،مركزها السياسي ،وفي ان تسعى بحرية الى تحقيق انمائها
القتصادي والجتماعي والثقافي وعلى كل دولة واجب احترام هذا الحق وفقًا
لحكام الميثاق وعلى كل دولة واجب العمل ،مشتركة مع غيرها أو منفردة ،على
تحقيق مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها ،وفقًا
لحكام الميثاق ،وتقديم المساعدة الى المم المتحدة في الضطلع بالمسؤليات
التي القاها الميثاق على عاتقها فيما يتعلق بتطبيق هذا المبدأ وذلك في سبيل:
ا -تعزيز العلقات الودية والتعاون بين الدول،
ب -انهاء الستعمار على وجه السرعة وفقًا لرغبة الشعوب المعنية بالمر
المعرب عنها بحرية ،علمًا بان اخضاع الشعوب لستعباد الجنبي وسيطرته
واستغلله يمثل انتهاكًا لهذا المبدأ كما يشكل انكارا لحقوق النسان الساسية وهو
يناقض الميثاق.
وعلى كل دولة واجب العمل ،مشتركة مع غيرها او منفردة ،على تعزيز
-99-
الحترام العالمي الفعال لحقوق النسان والحريات الساسية طبقًا للميثاق.
ويكون انشاء شعب من الشعوب لدولة مستقلة ذات سيادة ،او ارتباطه ارتباطا
حرًا بدولة مستقلة ،او اندماجه الحر في هذه الدولة ،او اكتسابه اي مركز سياسي
آخر يحدده بنفسه بحرية إعمال من جانبه لحقه في تقرير مصيره بنفسه.
وعلى كل دولة واجب المتناع عن اتيان اي عمل قسري يحرم الشعوب المشار
اليها اعله في صياغة هذا المبدأ من حقها في تقرير مصيرها بنفسها ومن حريتها
واستقللها .ويحق لهذه الشعوب ،في مناهضتها لمثل هذه العمال القسرية وفي
مقاومتها لها ،سعيًا الى ممارسة حقها في تقرير مصيرها بنفسها ،ان تلتمس وان
تتلقى المساندة وفقًا لمقاصد الميثاق ومبادئه ،ولقليم المستعمرة او القليم غير
المتمتع بالحكم الذاتي بمقتضى الميثاق ،مركز منفصل ومتميز عن اقليم الدولة
القائمة بادارته ،ويظل هذا المركز المنفصل والمتميز بمقتضى الميثاق قائمًا حتى
تتم ممارسة شعب المستعمرة او القليم غير المتمتع بالحكم الذاتي لحقه في تقرير
مصيره بنفسه وفقًا للميثاق ،ول سيما لمقاصد الميثاق ومبادئة .ول يجوز أن يؤول
شيئ مما ورد في الفقرات السابقة على انه يرخص أي عمل أو يشجع على اي
عمل من شأنه ان يمزق أو يخل جزئيًا أو كليًا بالسلمة القليمية او الوحدة
السياسية للدول المستقلة ذات السيادة التي تلتزم في تصرفاتها مبدأ تساوي
الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها الموضع أعله والتي لها
بالتالي حكومة تمثل شعب القليم كله دون تمييز بسبب العنصر أو العقيدة أو
اللون.
وعلى كل دولة ان تمتنع عن اتيان اي عمل يستهدف التقويض الجزئي او الكلي
للوحدة القومية والسلمة القليمية لية دولة اخرى أو بلد آخر.
مبدأ المساواة في السيادة بين الدول.تتمتع جميع الدول بالمساواة في السيادة .ولها حقوق وواجبات متساوية ،وهي
اعضاء متساوية في المجتمع الدولي بغض النظر عن الختلفات ذات الطبيعة
القتصادية أو الجتماعية أو السياسية أو غيرها.
وتتضمن المساواة في السيادة العناصر التية بوجه خاص:
ا -الدول متساوية من الناحية القانونية،
ب -تتمتع كل دولة من الدول بالحقوق الملزمة للسيادة الكاملة،
ج -عل كل دولة واجب احترام شخصية الدول الخرى،
د -حرمة السلمة القليمية والستقلل السياسي للدولة،
ه -لكل دولة الحق في ان تختار وان تنمي بحرية نظمها السياسية والجتماعية
والقتصادية والثقافية ،
ل يحدد حسن النية
و -على كل دولة واجب تنفيذ التزاماتها الدولية تنفيذًا كام ً
والعيش في سلم مع الدول الخرى.
مبدأ تنفيذ الدول لللتزامات التي تضطلع بها طبقًا للميثاق تنفيذا يحدده حسنالنية .على كل دولة واجب تنفيذ اللتزامات التي تضطلع بها طبقًا لميثاق المم
المتحدة تنفيذًا يحدده حسن النية .وعلى كل دولة واجب تنفيذ اللتزامات التي
تضطلع بها طبقًا لمبادئ القانون الدولي وقواعده المعترف بها عامة تنفيذًا يحدده
حسن النية.
-100-
وإذا تعارضت اللتزامات الناشئة عن اتفاقات دولية مع التزامات اعضاء المم
المتحدة بمقتضي ميثاق المم المتحدة ،تكون الرجحية للتزاماتهم طبقًا للميثاق.
جزء عام
...............................
-2وتعلن ان:
............................................................................................
المبادئ المبينة اعله مترابطة في تفسيرها وتطبيقها ويؤول كل مبدأ منها في
ضوء المبادئ الخرى.
ل يجوز أن يؤول شيئ مما ورد في هذا العلن على انه يخل على أي وجه من
الوجوه بأحكام الميثاق أو بالحقوق والواجبات المترتبة على الدول العضاء
بمقتضى الحقوق الواردة في هذا العلن.
-3وتعلن كذلك ان:
مبادئ الميثاق التي يتضمنها هذا العلن تمثل المبادئ الساسية للقانون الدولي،
وهي تناشد بالتالي جميع الدول ان تسترشد بهذه المبادئ في سلوكها الدولي وان
تنمي علقاتها المتبادلة على أساس المراعاة الدقيقة لهذه المبادئ.
-101-
ملحق رقم ) ( 2
قرار الجمعية العامة رقم ) 103الدورة 36عام (1981
اعلن عدم جواز التدخل بجميع انواعه في شؤون الداخلية للدول .
ان الجمعية العامة ،إذ تؤكد من جديد ،ووفقًا لميثاق المم المتحدة ،انه ليحق لية
دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر ،ولي سبب كان ،في الشؤون
الداخلية ،وإذ تؤكد من جديد كذلك المبدأ الساسي للميثاق القائل بأن من واجب
جميع الدول أل تهدد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سيادة الدول الخرى أو
استقللها السياسي أو سلمتها القليمية .وإذ تضع في اعتبارها ان عملية احلل
السلم والمن الدوليين والمحافظة عليهما وتعزيزهما تقوم على أساس الحرية،
ل عن
والمساواة ،وتقرير المصير ،والستقلل ،واحترام سيادة الدول ،فض ً
السيادة الدائمة للدول على مواردها الطبيعية بصرف النظر عن نظمها السياسية
أو القتصادية أو الجتماعية أو مستويات نموها .وإذ ترى ان التقيد التام بمبدأ
عدم التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو
أهمية عظمى للمحافظة على السلم والمن الدوليين ولتحقيق مقاصد ومبادئ
الميثاق.
وإذ تؤكد من جديد ،وفقًا للميثاق .حق الشعوب الواقعة تحت السيطرة الستعارية،
أو الحتلل الجنبي ،أو النظم العنصرية ،في تقرير المصير والستقلل .وإذ
تؤكد انه ل يمكن بلوغ أهداف المم المتحدة إل في ظروف تتمتع فيها الشعوب
بالحرية وتتمتع فيها الدول بالتساوي في السيادة وتفي تمامًا بمتطلبات هذين
المبدأين في علقاتها الدولية .وإذ ترى ان اي انتهاك لمبدأ عدم التدخل بجميع
أنواعه في الشؤون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديدًا لحرية الشعوب
ولسيادة الدول واستقللها السياسي ولسلمتها القليمية ،وتهديدًا لتنميتها السياسية
والقتصادية والثقافية ،ويعرض أيضًا السلم والمن الدوليين للخطر .وإذ ترى ان
صدور اعلن بشأن عدم جواز التدخل بجميع انوعه في الشؤون الداخلية للدول
يسهم في تحقيق مقاصد ومبادئ ميثاق المم المتحدة .وإذ تضع في اعتبارها
أحكام الميثاق ككل ،وإذ تأخذ في العتبار القرارات المتصلة بالموضوع التي
أتخذتها المم المتحدة فيما يتعلق بمضون هذا المبدأ ،ل سيما القرارات المتضمنة
العلن المتعلق بتعزيز المن الدولي ،واعلن عدم جواز التدخل في الشؤون
الداخلية للدول وحماية استقللها وسيادتها ،واعلن مبادئ القانون الدولي المتعلقة
بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق المم المتحدة ،وتعريف العدوان
،تعلن رسميًا ما يلي:
-1ل يحق لية دولة أو مجموعة من الدول ان تتدخل بصورة مباشرة أو غير
مباشرة لي سبب كان في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الخرى.
-102-
-2يشمل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الحقوق
والواجبات التالية:
ل :ا -سيادة جميع الدول ،واستقللها السياسي ،وسلمتها القليمية ،ووحدتها
أو ً
ل عن الهوية الوطنية والتراث الثقافي لسكانها،
الوطنية ،وأمنها ،فض ً
ب -حق الدولة السيادي غير القابل للتصرف في تقرير نظامها السياسي و
القتصادي و الثقافي و الجتماعي بحرية ,و في تنمية علقاتهاالدولية وفي
ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية وفقا لرادة شعبها دون تدخل أو
تداخل أو تخريب أو قسر أو تهديد من الخارج بأي شكل من الشكال.
ج ـ حق الدول و الشعوب في الوصول الحر الى المعلومات و في تطوير نظامها
العلمي و وسائط اعلمها الجماهيري تطويرًا تاماًدون تدخل ،وفي استخدام
وسائط اعلمها الجماهيري في تعزيز مصالحها و أمانيها السياسية و الجتماعية
و القتصادية و الثقافية .استنادا الى أمور ,منها المواد ذات الصلة بالموضوع
من العلن العالمي لحقوق النسان و مبادئ النظام العلمي الدولي الجديد .
ثانيًا :ا -واجب الدول في المتناع في علقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة
أو استعمالها بأي شكل من الشكال ،أو عن انتهاك الحدود القائمة المعترف بها
دوليًا لدولة أخرى أو زعزعة النظام السياسي أو الجتماعي أو القتصادي لدول
أخرى ،أو الطاحة بالنظام السياسي لدولة أخرى أو حكومتها أو تغييرهما ،أو
احداث توتر بين الدول بصورة ثنائية أو جماعية ،أو حرمان الشعوب من هويتها
الوطنية وتراثها الثقافي،
ب -واجب الدولة في ضمان عدم استخدام اقليمها على أي نحو فيه انتهاك لسيادة
دولة أخرى ولستقللها السياسي وسلمتها القليمية ووحدتها الوطنية أو زعزعة
لستقرارها السياسي والقتصادي والجتماعي ،ويسري هذا اللتزام ايضًا على
الدول الموكل اليها مسؤلية أقاليم لم تحقق تقرير المصير والستقلل الوطني بعد،
ج -واجب الدولة في المتناع عن التدخل المسلح أو التخريب أو الحتلل
العسكري أو اي شكل آخر من أشكال التدخل ،سافرًا كان أو مستترًا ،يوجه الى
دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو اي عمل من اعمال التدخل العسكري أو
السياسي أو القتصادي في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ،بما في ذلك العمال
النتقامية التي تنطوي على استعمال القوة،
د -واجب الدولة في المتناع عن اتخاذ اي اجراء قسري يحرم الشعوب الواقعة
تحت السيطرة الستعمارية او الحتلل الجنبي من حقها في تقرير المصير
والحرية والستقلل،
ه -واجب الدولة في المتناع عن اي اجراء أو اية محاولة بأي شكل من الشكال
أو بأي حجة كانت يهدف زعزعة أو تقويض استقرار دولة اخرى أو اي من
مؤسسساتها،
و -واجب الدولة في المتناع عن القيام ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتعزيز
أو تشجيع أو دعم أنشطة التمرد أو النفصال داخل دول أخرى ،بأي حجة كانت،
أو اتخاذ أي تدابير تستهدف تمزيق وحدة دول أخرى أو تقويض أو تخريب
نظامها السياسي .
-103ز -واجب الدولة في منع تدريب المرتزقة وتمويلهم وتجنيدهم في اقليمها ،او
ارسالهم الى اقليم دولة أخرى ،وعدم تقديم مايلزم من تسهيلت ،بما في ذلك
التمويل ،لتجهيزهم وعبورهم،
ح -واجب الدولة في المتناع عن عقد اتفاقات مع دول اخرى تستهدف التدخل
بأي شكل في الشؤون الداخلية والخارجية لدول ثالثة .
ط -واجب الدولة في المتناع عن اتخاذ اية تدابير تؤدي الى تدعيم التكتلت
العسكرية القائمة ،أو خلق أوتدعيم تحالفات عسكرية جديدة ،أو ترتيبات متشابكة،
أو توزيع قوات للتدخل ،أو قواعد عسكرية وما يتصل بها من منشأت عسكرية
أخرى مما يمكن أن يدخل في اطار المواجهة بين الدول الكبرى،
ى -واجب الدولة في المتناع عن القيام بأي حملة تشهيرية أو قذف أو دعاية
بغرض التدخل بأي شكل في الشؤون الداخلية لدول أخرى،
ك -واجب الدولة في المتناع ،في تصريف علقاتها الدولية في المجالت
القتصادية والجتماعية والتقنية والتجارية ،عن اتخاذ تدابير من شأنها أن تتشكل
ل من أي نوع في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى ،فتمنعها بذلك
تدخ ً
من تقرير نموها السياسي والقتصادي والجتماعي ويشمل هذا في جملة امور،
واجب الدولة في ألتستخدام ضد دولة أخرى برامجها للمساعدة القتصادية
الخارجية ،أو في أن تمارس ضدها أي انتقام أو حصار اقتصادي منفرد أو متعدد
الطراف ،وان تمنع استخدام الشركات عبر الوطنية والمتعددة الجنسية الخاضعة
لوليتها وسيطرتها أدورات للضغط أو الكراه السياسي ضد تلك الدولة ،منتهكة
بذلك ميثاق المم المتحدة.
ل -واجب الدولة في المتناع عن استخدام الممارسات الرهابية سياسة للدولة
ضد دولة أخرى أو ضد شعوب خاضعة للسيطرة الستعمارية أو الحتلل
الجنبي أو النظمة العنصرية .وفي منع تقديم أي مساعدة الى الجماعات
الرهابية أو المخربين أو العملء الذين يمارسون نشاطًا هدامًا ضد دول ثالثة ،أو
استخدامهم أو التسامح معهم.
ن -واجب الدولة في المتناع عن مزاولة أي نشاط اقتصادي أو سياسي أو
عسكري في اقليم دولة أخرى دون موافقتها،
ثالثًا :ا -حق الدول وواجبها في الشتراك بنشاط وعلى قدم المساواة في حل
القضايا الدولية المعلقة ،مسهمة بذلك اسهامًا ايجابيًا في ازلة أسباب المنازعات
والتدخل،
-2حق الدول وواجبها في أن تدعم دعمًا تامًا حق تقرير المصير والحرية
والستقلل للشعوب الواقعة تحت السيطرة الستعمارية أو الحتلل الجنبي أو
ل عن حق هذه الشعوب في أن تخوض كفاحًا سياسيًا
النظم العنصرية ،فض ً
ومسلحًا معًا تحقيقًا لهذه الغاية ،وفقًا لمقاصد ومبادئ الميثاق،
ج -حق الدول وواجبها في مراعاة جميع حقوق النسان والحريات الساسية
وتعزيزها والدفاع عنها داخل اقاليمها الوطنية والعمل على القضاء على
النتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الدول والشعوب ،وبوجه خاص ،العمل
على القضاء على الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية والتمييز
العنصري،
-104د -حق الدول وواجبها ،داخل اطار حقوقها الدستورية ،في مكافحة نشر الخبار
الكاذبة أو المشوهة التي يمكن تفسيرها على أنها تدخل في الشؤون الداخلية للدول
الخرى أو على انها تضر بتعزيز السلم والتعاون وبالعلقات الودية بين الدول
والمم،
ه -حق الدول وواجبها في عدم العتراف بالوضاع التي تنشأ نتيجة التهديد
باستعمال القوة أو استعمالها أو بالفعال التي تحدث انتهاكًا لمبدأ عدم التدخل
بجميع أنواعه،
-3الحقوق والواجبات الواردة في هذا العلن مترابطة وتتفق والميثاق.
-4ليس في هذا العلن ما يخل على أي نحو بحق الشعوب ،الواقعة تحت
السيطرة الستعمارية او الحتلل الجنبي أو النظم العنصرية ،في تقرير
مصيرها وفي الحرية والستقلل .وحقها كذلك في ان تلتمس الدعم وتتلقاه وفقًا
لمقاصد ومبادئ الميثاق .
-5ليس في هذا العلن ما يخل على أي نحو بأحكام الميثاق
-6ليس في هذا العلن مايخل بأي تدابير تتخذها المم المتحدة بموجب الفصلين
السادس والسابع من الميثاق.
-105-
ملحق رقم ) ( 3
قرار الجمعية العامة رقم ) A/RES / 3314الدورة (1974 /29/
تعريف العدوان
ان الجمعية العامة وقد نظرت في تقرير اللجنة الخاصة المعنية بمسألة تعريف
ل بقرارها ) 2330د (22-المؤرخ في 18كانون الول
العدوان ،المنشأة عم ً
1967الذي يتناول اعمال دورتها السابقة المعقودة من 11آذار الى 12نيسان
1974ويتضمن مشروع تعريف العدوان الذي اعتمدته اللجنة الخاصة باتفاق
الراء وأوصت الجمعية العامة باقراره.
تعريف العدوان
المادة الولى :العدوان هو استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة
دولة أخرى او سلمتها القليمية او استقللها السياسي ،او بأية صورة أخرى
تتنافى مع ميثاق المم المتحدة ،وفقًا لنص هذا التعريف
ملحظة ايضاحية :ان مصطلح )دولة( في هذا التعريف:
ا -مستخدم دون مساس بمسألة العتراف ول بمسألة كون الدولة أو عدم كونها
عضوًا في المم المتحدة،
ب -ويراد به ايضًا عند اقتضاء الحال مجموعة دول.
المادة الثانية :المبادأة باستعمال القوة من قبل دولة ما خرقًا للميثاق تشكل بينًة
ل عدوانيًا ،وان كان لمجلس المن ،طبقًا للميثاق،
كافية مبدئيا على ارتكابها عم ً
ل عدوانيًا قد ارتكب وذلك
ان يخلص الى انه ليس هناك ما يبرر الحكم بان عم ً
في ضوء ملبسات اخرى وثيقة الصلة بالحالة ،بما في ذلك أن تكون
التصرفات محل البحث او نتائجها ليست ذات خطورة كافية .
المادة الثالثة :تنطبق صفة العمل العدواني على اي من العمال التالية ،سواء
باعلن حرب أو بدونه ،وذلك دون اخلل بأحكام المادة /2/وطبقًا لها:
ا -قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو اقليم دولة أخرى او الهجوم عليه ،أو أي
احتلل عسكري،ولوكان مؤقتًا ،ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم ،أو اي ضم
لقليم دولة أخرى او لجزء منه باستعمال القوة،
ب -قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف اقليم دولة أخرى بالقنابل ،أو استعمال
-106-
دولة ما أية أسلحة ضد اقليم دولة أخرى،
ج -ضرب حصار على موانئ دولة ما أوعلى سواحلها من قبل القوات المسلحة
لدولة أخرى،
د -قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو
الجوية أو السطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى
ه -قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل اقليم دولة أخرى بموافقة
الدولة المضيفة ،على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها التفاق ،او اي
تمديد لوجودها في القليم المذكور الى ما بعد نهاية التفاق،
و -سماح دولة ما وضعت اقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه
الدولة الخرى لرتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة،
ز -ارسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل
دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى باعمال من اعمال القوة المسلحة تكون
من الخطورة بحيث تعادل العمال المعددة أعله او اشتراك الدولة بدور مملوس
في ذلك .
المادة الرابعة :العمال المعدة اعله ليست جامة مانعة ،ولمجلس المن ان يحكم
ل أخرى تشكل عدوانًا بمقتضى الميثاق .
بأن اعما ً
المادة الخامسة :ا -ما من اعتبار أيا كانت طبيعته ،سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا
أو عسكريًا أو غير ذلك ،يصح أن يتخذ مبررًا لرتكاب عدوان.
-2والحرب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي ،والعدوان يرتب مسؤولية دولية.
-3وليس قانونيًا ،ول يجوز أن يعتبر كذلك ،أي كسب أقليمي أو أي مغنم خاص
ناجم عن ارتكاب عدوان
المادة السادسة :ليس في هذا التعريف ما يجوز تأويله على انه توسيع أو تضييق
بأنة صورة لنطاق الميثاق بما في ذلك احكامه المتعلقة بالحالت التي يكون
استعمال القوة فيها قانونًا.
المادة السابعة :ليس في هذا التعريف عامة ،ول في المادة /3/خاصة ،مايمكن
ان يمس على أي نحو بما هو مستقى من الميثاق من حق تقرير المصير والحرية
والستقلل للشعوب المحرومة من هذا الحق بالقوة والمشار اليها في اعلن
مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق
المم المتحدة ،ول سيما الشعوب الخاضعة لنظم استعمارية أو عنصرية أو
لشكال أخرى من السيطرة الجنبية ،أو بحق هذه الشعوب في الكفاح من أجل
ذلك الهدف وفي التماس الدعم وتلقيه ،وفقًا لمبادئ الميثاق وطبقًا للعلن السابق
الذكر.
المادة الثامنة :الحكام الواردة أعله مترابطة في تفسيرها وتطبيقها ويجب أن
يفهم كل منها في سياق الحكام الخرى.
-107-
ملحق رقم ) ( 4
القرار ) 2131د 31 (20 -كانون الول 1965
اعلن عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،وحماية استقللها وسيادتها.
ان الجمعية العامة،
إذ يساورها شديد القلق لخطورة الحالة الدولية وللتهديد المتزايد للسلم العالمي،
الناجمان عن التدخل المسلح وغيره من الشكال المباشرة أو غير المباشرة
للتدخل المنطوي على تهديد للشخصية السيادية والستقلل السياسي للدول،
وإذ تأخذ بعين العتبار ان المم المتحدة قد قامت ،وفقًا لهدفها الرامي الى القضاء
وعلى الحرب وازالة أسباب تهديد السلم وقمع اعمال العدوان ،بانشاء منظومة
تقوم على المساواة في السيادة بين الدول التي ينبغي ان تقوم العلقات الودية بينها
على أساس احترام مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها،
والتزام اعضائها بالمتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلمة
القليمية لية دولة أو ضد استقللها السياسي،
وإذ تذكر ان الجمعية العامة ،إعمال منها لمبدأ تقرير المصير ،قد اعربت ،في
اعلن منح الستقلل للبلدان والشعوب المستعمرة في قرارها ) /1514/الدورة
(15المستخذ في 14كانون الول ،1960عن اقتناع بان لجميع الشعوب حقًا
غير قابل للتصرف في الحرية التامة وفي ممارسة سيادتها وفي سلمة اقليمها
القومي ،وبان لها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى
بحرية الى تحقيق انمائها القتصادي والجتماعي والثقافي،
وإذ تذكر ان الجمعية العامة قد اعلنت،في العلن العالمي لحقوق النسان ،بأن
العتراف لفراد السرة البشرية جميعًا بالكرامة النسانية الصيلة والحقوق
المتساوية غير قابلة للتصرف هو أساس الحرية والعدل والسلم في العالم ،دون
اي تمييز من أي نوع،
وإذ تؤكد من جديد مبدأ عدم التدخل الذي اعلن في مواثيق منظمة الدول المريكية
وجامعة الدول العربية ،ومنظمة الوحدة الفريقية ،وأكد في المؤتمرات المعقودة
في مونتفيديو وبوينس آيرس وتشابولتابك وبوغوتا ،وكذلك في قرارات المؤتمر
السيوي-الفريقي في باندونغ ،والمؤتمر الول لرؤساء دول أو حكومات البلدان
غير المنحازة في بلغراد ،وفي برنامج السلم والتعاون الدولي الذي أقر في ختام
المؤتمر الثاني لرؤساء دول أو حكومات البلدان غير المنحازة في القاهرة ،وفي
العلن الخاص بمشكلة العمال الهدامة الذي أقره في اكرا ،رؤساء الدول أو
الحكومات الفريقية،
وإذ تدرك ان المراعاة التامة لمبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية
-108-
والخارجية للدول الخرى هي ضرورية لتحقيق مقاصد المم المتحدة ومبادئها،
وإذ ترى ان التدخل المسلح يرادف العدوان ،ويتنافي بذلك المبادئ الساسية التي
يجب أن ينبني عليها التعاون الدولي السلمي بين الدول،
وإذ ترى كذلك ان التدخل المباشر ،واعمال الهدم ،وجميع اشكال التدخل غير
المباشر ،امور تتنافى مع هذه المبادئ وتشكل بالتالي خرقًا لميثاق المم المتحدة،
وإذ تدرك ان خرق مبدأ عدم التدخل يشكل تهديدًا لستقلل البلدان وحريتها
ونمائها السياسي والقتصادي والجتماعي والثقافي الطبيعي ،لسيما البلدان التي
تحررت من الستعمار ،كما يمكن أن يشكل تهديدًا خطيرًا لصيانة السلم،
وإذ تدرك حق الدراك الضرورة المطلقة لتهيئة الحوال الملئمة التي تمكن
جميع الدول ،ولسيما البلدان المتنامية ،من أن تختار ،دون اي ارغام او اكراه،
مؤسساتها السياسية والقتصادية والجتماعية الذاتية.،
تعلن رسميًا ،في ضوء العتبارات السالفة ،مايلي:
-1ليس لية دولة حق التدخل ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولي سبب كان،
في الشؤون الداخلية أو الخارجية لية دولة أخرى ،ويشجب بالتالي كل تدخل
مسلح أو غير مسلح أو كل تهديد يستهدف شخصية الدول أو عناصرها السياسية
والقتصادية والثقافية،
-2ل يجوز لية دولة استخدام التدابير القتصادية أو السياسية أو اي نوع آخر
من التدابير ،او تشجيع استخدامها ،لكراه دولة اخرى على النزول عن ممارسة
حقوقها السيادية او للحصول منها على اية مزايا .كما انه ل يجوز لية دولة
تنظم النشاطات الهدامة او الرهابية او المسلحة الرامية الى تغيير نظام الحكم في
دولة اخرى بالعنف ،أومساعدة هذه النشاطات ،او التحريض عليها ،أو تمويلها،
أو تشجيعها أو التغاضي عنها ،أو التدخل في الصراع الداخلي الحاصل في أية
دولة أخرى.
-3ان استعمال القوة لحرمان الشعوب من هويتها القومية يشكل خرقًا لحقوقها
غير القابلة للتصرف وخرقًا لمبدأ عدم التدخل.
-4ان المراعاة الدقيقة لهذه اللتزامات هي شرط أساسي لضمان عيش المم معًا
في سلم ،لن ممارسة اي شكل من أشكال التدخل ليقتصر أمرها على خرق
ميثاق المم المتحدة روحًا ونصًا ،بل وتؤدي كذلك الى خلق حالت تهدد السلم
والمن الدوليين بالخطر.
-5لكل دولة حق غير قابل للتصرف في اختيار نظمها السياسية والقتصادية
والجتماعية والثقافية ،دون اي تدخل من جانب اية دولة أخرى.
-6على جميع الدول احترام حق الشعوب والمم في تقرير المصير وفي
الستقلل ،وتجرى ممارسة هذا الحق بحرية ودون أي ضغط أجنبي ومع
الحترام المطلق لحقوق النسان والحريات الساسية ،وعلى جميع الدول،
بالتالي ،السهام في القضاء التام على التميز العنصري والستعماري بكافة
أشكاله ومظاهرة
-7يقصد بتعبير /الدول /حسب مدلول هذا العلن ،فئتي الدول المنفردة أو
-109-
مجموعات الدول.
-8يحظر تفسير اي حكم من أحكام هذا العلن على انه يتضمن اي اخلل
بأحكام ميثاق المم المتحدة المتعلقة بصيانة السلم والمن الد وليين ،ولسيما
الحكام الواردة في الفصول السادس والسابع والثامن.
-110-
ملحق رقم ) ( 5
-111-
-112-
-113-
- 115 -
مصادرالبحث :
-1د .ابراهيم عبد العزيز شيحا -القانون الدستوري والنظم السياسية -الدار الجامعية ،
بيروت . 1994عدد الصفحات . 493
-2د .احمد أبو الوفا -الوسيط في القانون الدولي العام -ط ، 4دار النهضة العربية القاهرة . 2004
عدد الصفحات . 937
-3ادريس بوكرا -مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر -المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر
. 1990عدد الصفحات . 503
-4البير منصور -موت جمهورية -دار الجديد بيروت .1994عدد الصفحات . 428
-5البير منصور -انقلب على الطائف -دار الجديد بيروت . 1993عدد الصفحات . 287
-6تيودور هانف -لبنان ،تعايش في زمن الحرب من انهيار دولة الى انبعاث امة -مركز الدراسات
العربي الوربي ،باريس ، 1993ترجمة موريس صليبا ،عدد الصفحات . 831
-7د .جان بيكيته -القانون النساني وحماية ضحايا الحرب -معهد هنري دوفان ،جنيف
. 1986
-8روجيه عزام -دهاليز المأسات اللبنانية -منشورات المركز اللبناني للعلم ،ايار . 2001عدد
الصفحات . 319
-9د .سعد عصفور -المبادئ الساسية في القانون الدستوري والنظمة السياسية -منشأة المعارف
السكندرية -بل تاريخ .عدد الصحفات . 280
-10د .عامر الزمالي -مدخل الى القانون الدولي النساني -منشورات المعهد العربي لحقوق النسان
واللجنة الدولية للصليب الحمر -تونس . 1997عدد الصفحات -11 .106د .عبد الحسين شعبان
النسان هو الصل -مدخل الى القانون الدولي النساني وحقوق النسان ،مركز القاهرةلدراسات حقوق النسان . 2002 ،
-12د .عبد الحميد متولي -القانون الدستوري والنظمة السياسية مقارنة مع المبادئ الدستورية في
الشريعة السلمية -ط ، 6منشأة المعارف -السكندرية . 1989عدد الصفحات . 486
-13د .علء ابو عامر -العلقات الدولية -الظاهرة والعلم -الدبلوماسية والستراتيجية ،ط ،1دار
الشروق 2004عمان .عدد الصفحات . 260
-14د .علي صادق ابو هيف -القانون الدولي العام -ط ، 9منشأة المعارف -السكندرية . 1971
-15عمر حسين حنفي -التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق النسان -ط ، 1دار النهضة
القاهرة . 2004/2005عدد الصفحات . 425
-16غسان تويني -رسائل الى الرئيس الياس سركيس - 1982 -1978دار النهار بيروت . 1995
عدد الصفحات . 205
-17د .فتح الرحمن عبدال الشيخ -مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي -الدوحة . 1998عدد
الصفحات . 219
-18د .فيصل شطناوي -النظم السياسية والقانون الدستوري -ط ، 2003 ، 1دار مكتبة
الحامد -عمان .عدد الصفحات . 364
-19فيصل شطناوي – حقوق النسان والقانون الدولي ،ط 2دار الحامد عمان ، 2001عدد الصفحات
. 273
-20كريم بقردوني -السلم المفقود -عهد الياس سركيس ،1982 -1976ط 2بيروت . 1984
-21د .محمد المجذوب -القانون الدولي العام -الدار الجامعية بيروت . 1994عدد الصفحات . 480
-22د .محمد سعيد الدقاق -القانون الدولي العام -الجزء الول ،دار المطبوعات الجامعية . 1989
عدد الصحفات . 560
-23د .محمد طلعت الغنيمي -الغنيمي الوجيز في قانون السلم -منشأة المعارف بالسكندرية ،بل
تاريخ .
-24د .محمود حافظ -القانون الدولي العام -ط ، 2مكتبة النهضة المصرية . 1985
-116-
-25مركز زايد للتنسيق والمتابعة -التدخل الدولي النساني وإشكالياته -دولة المارات العربية
المتحدة ،بل تاريخ .عدد الصفحات . 98
-26د .مسعد عبد الرحمن زيدان قاسم -تدخل المم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع
الدولي -الدار الجامعية الجديدة بالسكندرية . 2003 ،عدد الصفحات . 735
-27د .مفيد محمود شهاب -القانون الدولي العام -ط ، 2دار النهضة العربية . 1985عدد الصفحات
. 279
المواقع اللكترونية :
www.icrc.org/ara
www.ssnp.info/thenews/daily/Makalat/Mounir%20Isam3il/Mounir-12-1005.htm
www.syria-neus.com
www.tayyar.org/files/gma1/tayyar030307_aoundefensedemocratyaabic.htm
http://www.assennara.net/article.asp?id=489
المجلت والدوريات :
المجلة الدورية للصليب الحمر :
د .محمد فهاد الشللدة -دور منظمة المم المتحدة في تطوير القانون الدولي النساني
-1
المطبق في النزاعات المسلحة -السنة الحادية عشرة العدد 62ديسمبر .1998
د .احسان هندي -اثر الثقافة والخلق والدين في القانون الدولي النساني -السنة
-2
السابعة ،العدد 40نوفمبر +ديسمبر . 1994
مجلة البرلمان العربي :
-1مذكرة الرئيس نبيه بري -رئيس البرلمان اللبناني -الى التحاد البرلمان العربي ،السنة ، 25العدد
،92-91تموز -كانون الول . 2004
المواثيق والعهود الدولية :
-1ميثاق المم المتحدة .
-2قرارات الجمعية العامة للمم المتحدة .
-3تقارير المين العام للمم المتحدة عن أعمال المنظمة .
-4تقرير المين العام للمم المتحدةرقم /272/2005س ،تاريخ . 26/4/2005
-5رسالة وزير الخارجية السوري الى المم المتحدة بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان ،مرفقة
مع تقرير المين العام السابق ذكره .
-6النظام الساسي لمحكمة العدل الدولية .
-7العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام . 1966
-8التفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد اسرهم .
-117-
-9قرارات القمم العربية .
-10اتفاق القاهرة . 1969
-11وثيقة الوفاق الوطني اللبناني )اتفاقية الطائف . (1989
-12معاهدة المن والدفاع اللبنانية السورية .
-13وثائق منظمة العفو الدولية .
الصحف :
في . 31/12/2004
-1صحيفة النهار اللبنانية
في . 04/04/2005
-2كذلك ....................
في . 31/12/2004
-3صحيفة الرأي العام
-4صحيفة الشرق الوسط اللندنية في . 06/01/2006
مقابلت وحوارات :
-1خطاب الرئيس بشار السد في مجلس الشعب السوري بتاريخ . 05/03/2005
-2مقابلة عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق ،مع مراسل موقع الصنارة اللكتروني .في . 06/01/2006
-3لقاء السيد جورج حاوي ،المين العام للحزب الشيوعي اللبناني ،مع قناة العربية الفضائية في ابريل . 2005
-4عبد الحليم خدام ،لقاء خاص في آذار . 2006
-5فضائية الجزيرة ،برنامج الحوار المفتوح في . 22/03/2005
القوانين والدساتير :
-1
-2
-3
-4
الدستور اللبناني .
قانون العقوبات اللبناني .
قانون العقوبات السوري .
قانون العقوبات الفرنسي .
-118-
This action might not be possible to undo. Are you sure you want to continue?