You are on page 1of 3

‫‪ -‬قضية الصحراء المغربية ومخطط التسوية الممي ‪-‬‬

‫دراسة قانونية وسياسية في مسارات التسوية في نطاق المنظمات الدولية‬


‫إصدار جديد للستاذ عبد الحق دهبي‬

‫صدر مؤخرا للباحث عبد الحق دهبي كتابا قيما تحت عنوان " قضية الصحراء المغربية ومخطط التسوية الممي ‪ ،‬دراسة قانونية وسياسية في مسارات‬
‫التسوية في نطاق المنظمات الدولية " ‪ ،‬وهو وثيقة علمية وأكاديمية سوف تكون مرجعا هاما ونفيسا لكل باحث متخصص ودارس متقص ‪ ،‬وأنه سوف‬
‫يعين العديد من الباحثين في موضوعه ويحظى‪ ،‬بصفة خاصة ‪ ،‬بعناية من لدن رجال السياسة والدبلوماسية في المغرب وهو بصدد إعداد أية وثيقة تهم‬
‫القضية الوطنية الولى ‪ ،‬وهو بذلك وثيقة ل غنى عنها لكل باحث ودبلوماسي وسياسي وإعلمي يتابع ملف قضية الصحراء المغربية ‪ .‬وإذا كانت هناك‬
‫العديد من الكتابات والمؤلفات التي تتناول نقط فرعية أو جوانب معينة من هذه القضية ‪ ،‬فإن هذا الكتاب يتميز بشموليته وبكونه متابعة مركزة ودقيقة‬
‫لتطورات الملف من الناحية القانونية والسياسية ‪ ،‬بالضافة إلى رصده لكل القرارات الفريقية والممية التي تتناول تطورات النزاع المفتعل داخل‬
‫‪.‬المنظمات الجهوية والدولية‬
‫ويقع المؤلف الذي صدر عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط في ‪ 478‬صفحة ‪ ،‬ولضبط عناصر هذه الدراسة فقد كان المؤلف الستاذ عبد‬
‫الحق دهبي وفيا للتقسيم الثنائي لفعاليته في الحفاظ على وحدة الموضوع من التشتت والتزم به التزاما مطلقا في جميع محاور الدراسة ‪ ،‬حيث قسم هذا‬
‫الكتاب إلى بابين رئيسيين ‪ :‬تناول في الول مسار التسوية السلمية لقضية الصحراء المغربية ‪ ،‬وعرض فيه الخلفية التاريخية والسياسية للنزاع كأرضية‬
‫ضرورية لفهم جوهر هذا الصراع ‪ ،‬ودون أن يغفل أية مرحلة فقد تطرق المؤلف إلى كل مراحل النزاع منذ نشأته أي منذ تصفية الستعمار السباني‬
‫‪ .‬من القليم إلى غاية فشل منظمة الوحدة الفريقية في إيجاد تسوية للنزاع وانسحاب المغرب من هذه المنظمة‬
‫أما الباب الثاني من الكتاب ‪ ،‬فقد خصصه المؤلف لخيار الستفتاء في الصحراء المغربية في إطار منظمة المم المتحدة ‪ ،‬وقسمه بدوره إلى فصلين‬
‫رئيسيين ‪ ،‬تناول في الول النظام القانوني وعناصر الدور الوظيفي لمخطط التسوية الممي‪ ،‬وتطرق في الثاني لتقييم هذا المخطط ودراسة العراقيل‬
‫والمعيقات التي حالت دون تنفيذه ‪ ،‬ليختم بالمقترحات الممية لتسوية قضية الصحراء المغربية تسوية سياسية في إطار السيادة الكاملة للمغرب ‪ .‬وقد‬
‫أرفق المؤلف كتابه بإثنا عشر ملحقا من النصوص والوثائق النادرة التي تتناول قضية الصحراء المغربية والتي ترصد تطورات الملف منذ بدايته إلى‬
‫‪ .‬غاية ما سمي أمميا ب"خطة السلم للحكم الذاتي في الصحراء " المؤرخة في ‪ 28‬فبراير ‪2003‬‬
‫ومن القراءة المتأنية للمراجع المعتمدة في هذا الكتاب على اختلف أنواعها ولغاتها عربية وفرنسية وإنجليزية يتبين المجهود الضخم الذي بذله المؤلف‬
‫الباحث ‪ ،‬وما تضمنته فصول الكتاب من آراء جديدة وتحليلت عميقة تبين تمكن الكاتب من موضوعه وتحكمه في منهجية البحث ‪ ،‬والواضح أن الكتاب‬
‫‪.‬يضيف بتحليلته وشروحه ومناقشاته الهادئة جديدا إلى الموضوع‬
‫***********************************************‬

‫)*(تقديم الدكتور محمد ناصف‬

‫لقد شرفني الستاذ عبد الحق دهـبي بأن طلب مني أن أقدم لهذا الكتاب‪ ،‬بعدما كنت قد تشرفت بالشراف على الموضوع الذي يتناوله والذي كان قد‬
‫‪.‬اختاره المؤلف عنوانا لـرسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫والواقع أنني‪ ،‬بقدر ما أشعـر بسعادة ل متناهية في تدوين هذا التقديم‪ ،‬أشعر من ناحية أخرى ببعض الحراج‪ ،‬الذي يعود إلى واقعة أنني اتصلت‬
‫بالدراسة التي يحتويها الكتاب‪ ،‬وذلك منذ أن فكر مؤلفه في تسجيل موضوعها كموضوع لرسالته‪ ،‬وإلى أن نضجت واستوى عودها وانتصبت رسالة‬
‫‪.‬جامعية نالت كل تقدير وثناء وإعجاب وسلكـت بصاحبها مدارج الدارسين والفقهاء وسبل الباحثين والعلماء‬
‫وللكتاب‪ ،‬بحق‪ ،‬خصائص يتميز بها من حيث دقة و صعوبة الموضوع الذي يعالجه‪ ،‬أل وهو موضوع قضية الصحراء المغربية‪ ،‬التي تعتبر إحدى‬
‫القضايا التي اجتمع وتوحد عليها شعب هذا البلد‪ ،‬بدون أي استثناء‪ ،‬وعلى اختلف مشاربه واتجاهاته وتعدد تياراته ومكوناته‪ ،‬فكان أن رسخت عدالتها‬
‫‪.‬في فكر كل إنسان مغربي وأضحت مرادفة لديه للوحدة الترابية‪،‬التي من أجلها قدم الثمين والنفيس‬
‫وقد تصدى الستاذ عبد الحق دهبي لموضوع هذا الكتاب‪ ،‬متسلحا بكل ما أوتي من علم واسع وثقافة متفتحة ولغة متينة وأسلوب رصين وعبارة سلسة‬
‫وتحليل عميق ومعرفة مستمدة من غزارة المراجع والوثائق والمستندات والمخطوطات التي رجع إليها ‪ ،‬فكان أن أثمر هذا المؤلف‪ ،‬الذي يعد حصة‬
‫ثمينة يكتتب بها في المكتبة القانونية المغربية‪ ،‬والذي تساوى به مع أولئك الذين ضحوا براحتهم أو دفعوا أرواحهم ثمنا للدفاع عن القضية التي يتناولها‪،‬‬
‫‪.‬وكان جديرا بأن يقال في حقه إن مداد العلماء خير عند ال من دماء الشهداء‬
‫وقد أفلح السيد عبد الحق دهبي في لـم شتات مواد موضوع هذا الكتاب ورسم مساره العام وإرساء الخط الذي ل يحيد عنه‪ ،‬منعا لي انحراف وتجنبا‬
‫لي انزلق‪ ،‬خاصة وأن الموضوع متعدد الجوانب ومرتبط بالقانون والسياسية والتاريخ والجغرافية وغير ذلك من فروع المعرفة‪ .‬فليس من موضوع‬
‫من مواضيعه إل وطرقه وليس من بحث له به ارتباط إل وله في هذا المؤلف عبارة وليس من موقف ذي صلة به‪ ،‬مهما كان مصدره‪ ،‬إل وله فيه‬
‫‪.‬إشارة‬
‫وقد اختار لتبسيط الكتاب وتقريب مضمونه إلى قارئه أن قسمه تقسيما أكاديميا دقيقا‪ ،‬مراعيا التطور التاريخي لمسار القضية التي يتناولها‪ ،‬وهي القضية‬
‫التي‪ ،‬للشارة واعتبارا لوضاع دولية وجهوية نجح المؤلف في تحليلها وإبرازها وبلورتها بكل أمانة وموضوعية‪ ،‬انفردت وتميزت بكونها قد‬
‫استعصت على المجتمع الدولي‪ ،‬إذ لم يستطع أي منتظم دولي‪ ،‬عالميا كان أم إقليميا‪ ،‬فرض أي حل لها‪ ،‬وذلك رغم أنها وضعت على بساط البحث في‬
‫العديد من المناسبات ومن طرف مختلف المحافل والمنظمات ورغم أن محكمة العدل الدولية‪ ،‬بما لها من مصداقية وما تتصف به أحكامها وآراؤها من‬
‫نزاهة وما يطبع تأليفها من تعدد المدنيات والثقافات‪ ،‬أصدرت بشأنها رأيها الستشاري الشهير‪ ،‬الذي ل يخلو من الشارة إليه أي سفر من أسفار القانون‬
‫‪.‬الدولي العام ورغم أن منظمة المم المتحدة نفسها عجزت بدورها عن تنفيذ ما أصدرته بخصوصها من قرارات وتوصيات‬
‫وشخصيا‪ ،‬ل يخامرني أي شك في أن هذا الكتاب سوف يكون مرجعا هاما ونفيسا لكل باحث متخصص ودارس متقص‪ ،‬وأنه سوف يعمل على تعزيز‬
‫وإثراء المكتبة القانونية المغربية والعربية وأنه سوف يعين العديد من الباحثين في موضوعه ويحظى‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬بعناية من لدن رجال السياسة‬
‫والدبلوماسية في المغرب وهم بصدد إعداد أية وثيقة تهم القضية الوطنية الولى‪ ،‬إلى أن يقضي ال أمرا كان مفعول وانتهاء الصراع المتعلق بها‪،‬‬
‫بإدراك أولئك الذين يسميهم المؤلف خصوم المغرب أن لمجال للستمرار في موقفهم وباستجابة المنشقين إلى نداء مبتكر المسيرة إن الوطن غفور‬
‫‪.‬رحيم‪ ،‬أو بأية وسيلة أخرى قد تجود بها الظروف الدولية‪ ،‬في العاجل أو الجل‬
‫وأخيرا‪ ،‬أتمنى لمؤلف هذا الكتاب الستاذ عبد الحق دهبي كل نجاح وتوفيق‪ ،‬إن في مشواره العلمي أو في نشاطه الوظيفي‪ ،‬وأرجو أن ينال مؤلفه‪ ،‬الذي‬
‫يستعد اليوم لنشره حتى يستفيد منه ويستمتع به كل من يسعده الحظ بمطالعته والرجوع إليه‪ ،‬ما يستحقه من ثناء وتقدير‪ ،‬كما نال ذلك الثناء وهذا التقدير‬
‫‪.‬لدى الهيأة التي نوقش موضوعه أمامها فأجازت صاحبه عليه بأرفع الدرجات‬
‫‪.‬وما التوفيق إل بالذي في عله‬

‫الدار البيضاء في ‪ 14‬ربيع الول ‪ 1421‬الموافق ‪ 16‬ماي ‪2003‬‬

‫)**( تقديم الستاذ باهي محمد أحمد‬


‫ملف الصحراء المغربية الذي تحول إلى قضية شائكة ومعقدة‪ ،‬تتداخل فيه الجوانب القانونية والسياسية والديبلوماسية والتاريخية والمناورات السرية‬
‫والعلنية‪ .‬وقد تأرجحت القضية الصحراوية طيلة ربع قرن بين الصراع العسكري المباشر الذي ذهب ضحيته المئات‪ ،‬والصراع السياسي والقانوني الذي‬
‫‪.‬اختلط فيه اللتزام بالعقل والمنطق واستعمال التأويلت والجتهادات واستغلل الثغرات وغموض المعطيات‬
‫وهكذا عجزت منظمة الوحدة الفريقية التي تحولت إلى التحاد الفريقي عن تحقيق أي خطوة نحو الحل الذي حاولت لجان الحكماء الفارقة الذين‬
‫انتدبتهم القمم الفريقية المتعاقبة قصد إيجاد مخرج من الزمة؛ خاصة وأن الصراع كان يدور بين دولتين كلهما كان له دور مؤثر وأساسي في القارة‬
‫‪.‬السمراء‬
‫ثم اختارت جامعة الدول العربية البتعاد والحياد مكتفية بالمتابعة والتفرج على نزاع دولتين عربيتين )المغرب والجزائر( لم تكن الجامعة مؤهلة لسباب‬
‫‪.‬متعددة للنظر أو الحسم فيه‬
‫وفي الوقت الذي وقعت فيه منظمة الوحدة الفريقية ضحية الضغوط والمناورات بسبب النحياز اليديولوجي والفقر والرشاوى ؛ ظلت دول عدم‬
‫النحياز ومجموعة الدول العضاء في المؤتمر السلمي والهيئات والمنظمات القليمية والدولية الخرى مكتفية بالشارة والحالة على مبادئ ميثاق‬
‫المم المتحدة وجهود المين العام‪ ،‬وانتظار أي اتفاق بين أطراف النزاع اعتمادًا على التصريح الممي رقم ‪ 1514‬الذي ل ينطبق في الواقع على نزاع‬
‫الصحراء المغربية خاصة بعد توقيع اتفاقية ‪ 14‬نونبر ‪ 1975‬في مدريد‪ ،‬رغم أن المغرب كان السباق للدعوة إلى تطبيق ذلك المبدأ حينما كانت القاليم‬
‫‪.‬الصحراوية تحت الحتلل السباني‬
‫إن الوقائع التاريخية و الدعاءات اليديولوجية ل تضع جبهة البوليساريو ضمن حركات التحرير الوطنية‪ ،‬كما أن إعلن "الجمهورية الصحراوية" على‬
‫‪".‬أرض الجزائر في ‪ 27‬فبراير ‪ 1976‬كان يتناقض من حيث المبدأ والقانون مع دعاوى تقرير المصير "للشعب الصحراوي‬
‫‪.‬وكل التطورات والحداث التي شهدها الصراع حول الصحراء المغربية كانت تسير عكس التيار تاريخيا وقانونيا وبشريا‬
‫ومن الناحية التاريخية )وحتى ل نستعرض تراثنا التاريخي الضخم والغني ( نكتفي بالشارة إلى تأكيد محكمة العدل الدولية في لهاي )أكتوبر ‪(1975‬‬
‫وجود روابط بين سكان الصحراء وسلطين المغرب‪ ،‬وهو ما يعني سيادة المغرب على تلك القاليم وبيعة سكانها التي تعني في القانون السلمي‬
‫السيادة على الرض والسكان‪ .‬ول يخفى على أحد أن القوانين والعملة والقضاء وتعيين الولة وخلفاء السلطان في المنطقة كل ذلك كان خاضعا لسلطة‬
‫‪.‬مركزية تابعة للدولة المغربية بما في ذلك التفاقيات والمعاهدات الثنائية والدولية بين مختلف الدول الجنبية والدولة المغربية‬
‫ومن الناحية القانونية لم يسجل التاريخ في المنطقة الشمال إفريقية وجود أي دليل أو محاولة لنفصال الصحراء عن المغرب‪ ،‬وسلطين المغرب منذ‬
‫قيام الدولة الدريسية إلى اليوم كانوا على اتصال مستمر ومباشر بقبائل الصحراء‪ ،‬وكانوا باستمرار يبعثون بالقادة والولة والمراء ويعينون الشيوخ‬
‫والقواد والقضاة ويستقبلون العيان والشراف والعلماء الذين كانوا يقدمون ويجددون بيعة سكان الصحراء لملوك المغرب‪ .‬ومنذ القرن ‪ 16‬م خاض‬
‫سكان الصحراء المغربية المعارك الحربية ضد الغزاة الجانب دفاعًا عن وحدة المغرب الوطنية والترابية والدينية‪ ،‬ومنذ مطلع القرن العشرين وبداية‬
‫المد الستعماري الفرنسي والسباني الذي بدأ زحفه نحو الصحراء من الشرق ومن الجنوب انتفضت المقاومة والجهاد دون توقف أو استكانة إلى أن‬
‫‪.‬ظهر جيش التحرير المغربي في الجنوب وانظمت إليه كافة القبائل الصحراوية دون استثناء‬
‫بشريا‪ ،‬جميع القبائل الصحراوية دون استثناء أيضا هي مجموعات انتقلت خلل مراحل تاريخية مختلفة من الشمال إلى الجنوب‪ .‬بل إن القبائل الكبرى‬
‫)الركيبات‪ ،‬أولد دليم‪ ،‬أولد بوسبع‪ ،‬وقبائل تكنة( استقرت أعداد هائلة من أفرادها في المناطق الشمالية في الوقت الذي هاجرت أعداد مماثلة نحو‬
‫الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬ولذلك عندما حاولت منظمة المم المتحدة وضع قوائم المؤهلين الصحراويين للمشاركة في الستفتاء وفق المعايير‬
‫المتفق عليها‪ ،‬لم تستطع بعد تحديد الهوية تجاهل النتشار الهائل والصيل للصحراويين في كل القاليم المغربية من وجدة إلى طنجة ومن ورزازات إلى‬
‫الداخلة ومن تطوان إلى مراكش ومن أكادير إلى تيندوف بل شملت منطقة تواجد الصحراويين المغاربة مناطق وادي الساورة وتيندوف وشمال‬
‫‪.‬موريتانيا‬
‫كل هذه الحقائق والمعطيات حاول خصوم المغرب اللتفاف عليها‪ ،‬والهروب إلى المام بدعوى التشبث بتطبيق مخطط الستفتاء على المقاس الذي‬
‫‪.‬كانت إسبانيا تنوي تنفيذه سنة ‪ 1974‬لفصل الساقية الحمراء ووادي الذهب عن المغرب‬
‫ورغم الخطوة الجريئة والشجاعة التي أقدم عليها المغرب في يونيو ‪ 1981‬بكينيا عندما وافق واقترح إجراء استفتاء تأكيدي في الصحراء‪ ،‬فإن الطرف‬
‫‪.‬الخر لم يستطع الستجابة لتلك المبادرة‬
‫وإذا كان المثل العربي القديم يقول " تستطيع أن تجر الفرس إلى النبع ولكنك ل تستطيع أن ترغمه على الشراب"‪ ،‬فإن الجزائر لم تستطع رغم كل‬
‫‪".‬المناورات والغراءات إجبار أهل الصحراء الحقيقيين على" ابتلع طعم الخيانة‬
‫لقد استطاعت الجزائر في وقت من الوقات تضليل واصطياد المغرر بهم من " الثوار المراهقين"‪ ،‬ولكنها حينما اتضحت بجلء النوايا الحقيقية‬
‫والطماع التوسعية على حساب كل المبادئ وكل القيم الخلقية والنسانية‪ ،‬فقدت المصداقية وفقدت الرجال كذلك‪ ،‬وهو نفس الشيء الذي واجهته‬
‫الذي كانت الدارة السبانية تعده لستلم السلطة الوهمية ‪ " (PUNS ) ،‬إسبانيا قبل ذلك حينما التحق بالمغرب قادة " الحزب الوطني الصحراوي‬
‫وكذلك حينما التحق بالمغرب المرحوم الحاج خطري ولد سعيد الجماني رئيس الجماعة الصحراوية الذي كانت إسبانيا تعتد أنـه سيكون " أمير‬
‫‪.‬الصحراء " وشيخ الفوسفاط تحت الحماية السبانية‬
‫بعد انتفاضة أكتوبر ‪ 1988‬في مخيمات تيندوف التحق بالمغرب السيد عمر الحضرمي أحد مؤسسي البوليساريو الساسيين بعدما لمس وتأكد أن‬
‫الجزائر لم تكن صادقة في دعم " الشعب الصحراوي "‪ ،‬بل إن عمر الحضرمي التقط الشارة من كلمات الرئيس الجزائري السبق الشاذلي بنجديد أثناء‬
‫استقباله رفقة البشير مصطفى السيد ومحمد عبد العزيز وقال لهم بالحرف‪":‬عليكم بالبحث عن حل لقضية الصحراء في إطار المملكة المغربية"‪ ،‬بعد‬
‫‪.‬ذلك استقبل المغفور له الحسن الثاني وفدا من قادة البوليساريو في مراكش سنة ‪1989‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ انفرط عقد الجبهة‪ ،‬فالتحق بالمغرب الوطن الغفور الرحيم اللف من سكان المخيمات وقادة الجبهة وأطرها السياسية والعسكرية‬
‫‪.‬وشيوخ القبائل‬
‫ثم جاء اقتراح التقسيم الذي تقدم به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬ليشكل آخر مسمار في نعش البوليساريو‪ ،‬إذ تأكد لمن كان يتوهم ويحلم بدعم‬
‫الجزائر أن هدف ) الخاوا ( كان هو الحصول على منفذ بحري نحو المحيط الطلسي والقضاء النهائي على " الشعب الصحراوي " بالتقسيم المذل‬
‫‪.‬والندثار‬
‫كان اقتراح التقسيم كخيار من بين خيارات سياسية أخرى دافعا جديدا لندثار ما تبقى من قادة البوليساريو‪ ،‬وهكذا التحق بالمغرب القائد أيوب الحبيب‬
‫الذي كان مؤهل لقيادة البوليساريو‪ ،‬وجدد البيعة لجللة الملك محمد السادس في مراكش في شتنبر ‪ ،2002‬وقبله التحق بالمغرب الشيخ علي ولد‬
‫‪.‬البوهالي أحد أبرز شيوخ القبائل الذين شاركوا في عمليات تحديد الهوية‬
‫والجزائر التي كانت تعتمد على الثغرات القبلية في معاكستها للحق المغربي‪ ،‬اكتشفت بعد فوات الوان أن كبرى قبائل الصحراء المغربية التي كان‬
‫يتشكل منها العمود الفقري للبوليساريو وهي قبلية الركيبات ) تتشكل قيادة البوليساريو السياسية والعسكرية من‪ %80‬من أفراد ينتمون لقبيلة الركيبات (‬
‫‪.‬اكتشفت الجزائر متأخرة أن معظم قادة وأعيان وشيوخ الركيبات التحقوا تباعا بالمغرب وجددوا البيعة لملك المغرب‬
‫وخلل خمسة وعشرين سنة التي شهدت نزاع الصحراء المفتعل‪ ،‬دفع أهل الصحراء ثمنا غاليا‪ ..‬فالعشرات لقوا حتفهم في المواجهات العسكرية التي‬
‫كانوا حطبا لها‪ ،‬والعشرات ذاقوا أشد أنواع التعذيب والعتقال في سجون ومعتقلت نواحي تيندوف بدعوى التعامل مع المغرب ‪ ،‬والعشرات من‬
‫الصحراويين في المغرب كذلك ذاقوا مرارة السجون والمعتقلت بدعوى التعامل مع البوليساريو‪ ،‬واللف من النساء والطفال والشيوخ يعيشون منذ‬
‫‪.‬ربع قرن حالت مأساوية في حمادة تيندوف بل أمل ول استقرار ول أمن ول وطن‬
‫وعند اطلعي على كتاب الستاذ عبد الحق دهبي لتقديمه‪ ،‬و الذي هو في صيغته الصلية أطروحة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫‪:‬الحقوق‪ ،‬كنت قد ناقشت معه بعض فصوله وهو يستعد لعداده‪ ،‬وجدت نفسي بين خيارين‬
‫الول‪ :‬عاطفي‪ ،‬يتعلق بالمجهود الضخم والرائع والموفق والجاد الذي بذله المؤلف في هذا البحث الكاديمي‪ ،‬وبأوضاع إخواننا المحتجزين والسرى‬
‫‪.‬والمعتقلين في مخيمات تيندوف على أرض الجزائر‬
‫‪.‬والثاني‪ :‬واقعي‪ ،‬يتعلق بالحقوق المشروعة للمغرب ووحدته الترابية وسيادته الوطنية‪ ،‬ولكنني عدلت عن الخيارين معا‬
‫فالكتاب الذي بين أيدي القراء‪ ،‬وثيقة علمية أكاديمية‪ ،‬تعالج القضية الصحراوية بكل دقة وموضوعية ويتجلى ذلك في الجهد المبذول لجمع المادة‬
‫‪.‬الساسية من مختلف المصادر‪ ،‬وترتيب الحداث والتطورات والمعطيات ترتيبا دقيقا ينم عن وعي كامل وإدراك كبير‬
‫وتقديم هذا الكتاب يدعوني إلى العتراف بأن ما أنجزه الستاذ عبد الحق دهبي‪ ،‬تحت إشراف الساتذة الجلء في الجامعة المغربية‪ ،‬يؤكد أن قضيتنا‬
‫الوطنية الولى مازالت تحظى من الجيال المغربية المثقفة‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬بنفس الحماس والقناعة الوطنية والندفاع والجماع الذي أظهره المغاربة‬
‫‪.‬قيادة وقاعدة أثناء التطوع والتعبئة الجماعية لحدث المسيرة الخضراء‬
‫ومن الكيد والواضح أن جامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا العلمية ستظل منارة علم وعرفان وأمل‪ ،‬تضم جنود الفكر والقلم ‪ ،‬وتتميز بالحكمة والمسؤولية‬
‫‪.‬والمانة العلمية‬
‫جامعية " لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة وهران‪ ،‬يبرر صاحبها‬ ‫أقول هذا الشهاد لنني سبق لي أن اطلعت وأنا في الجزائر على " أطروحة‬
‫بشكل مخالف للمانة العلمية وللبحث الكاديمي‪ ،‬التظليل والصراعات السياسية " الطارئة أحيانا"‪ ،‬وعجبت كيف أباح الساتذة الجامعيون في وهران‬
‫لنفسهم ولطلبهم أن يربطوا بين " الخلفات الطارئة " ووجود " جمهورية عربية صحراوية " وضعت لها أجهزة المخابرات تاريخا وهياكل‬
‫‪.‬ومؤسسات وهمية‬
‫إن كتاب الستاذ عبد الحق دهبي وثيقة ل غنى عنها لكل باحث وديبلوماسي وسياسي وإعلمي يتابع ملف قضية الصحراء المغربية‪ ،‬وإذا كانت هناك‬
‫العديد من الكتابات والمؤلفات التي تتناول جوانب معينة من هذه القضية‪ ،‬فإن هذا الكتاب يتميز بشموليته وبكونه متابعة مركزة ودقيقة لتطورات الملف‬
‫‪.‬من الناحية التاريخية والسياسية‪ ،‬بالضافة إلى تسجيله لكل القرارات الفريقية والممية التي تتناول التطورات داخل المنظمات الجهوية والدولية‬
‫وآمل – صادقا – أن يحظى هذا الكتاب الذي بذل صاحبه بكل شهامة وتضحية‪ ،‬كل جهد معنوي ومادي من أجل إعداده وطبعه وإصداره وتوزيعه دون‬
‫مساعدة من أية جهة‪ ،‬آمل أن يحظى بالهتمام الذي يستحقه من طرف جميع المعنيين بملف الصحراء والجهات التي تعنيها مسألة التوثيق والبحث‪ ،‬وكل‬
‫‪.‬وسائل العلم الوطنية‬

You might also like