Professional Documents
Culture Documents
ملحق الدفاع()5-2
1
[]1
[]2
شــــكــــر
2
أشكر العلماء والباحثين من القضاة والفقهاء والمحامين ،الذين تكرموا
بقراءة مسودة البحث،وزودوني بملحظاتهم ،فاستفدت من ثمرة قراءتهم ،في
الطبعة الولى وأخص بالذكر منهم:
-1المحامي /سليمان بن صالح الرشودي :القاضي السابق وأحد مؤسسي
أول لجنة أهلية لحقوق النسان(في السعودية) سنة 1413هـ1994/م
-2المحامي/عبد ال بن محمد الناصري/الناشط الحقوقي/متخصص بالفقه
والقضاء السلمي.
-3المحامي والمستشار القانوني:فيصل بن محمد اللزام
-4المحامي:إبراهيم المبارك /متخصص بالفقه والقضاء السلمي
وأخص بالذكر منهم-في الطبعة الثانية:-
-5القاضي
-6المحامي
-7المحامي
[]3
فاتحة:
3
ما في استقلل القضاء السعودي من قصور ،ليس نبتة خارج الثقافة
العربية المعاصرة ،وجذورها القديمة ،وبنائها التراكمي في ظلل الختلل
السياسي القديم.
وعندما تكون الكتابة وصف واقع؛ فإن على الكاتب أن يتكلم من دون وجل،
على أنه ليس؛ بمعصوم عن الزلل في المعلومات فضل عن الراء ،وهو يعترف
بأنه إنما يقدم اجتهادا ،ل يصادر به اجتهاد الخرين ،ول يحتكر به الصواب.
كل ما يصر عليه أن من حقه كغيره أن يطمح إلى ماهو أفضل وأعدل ،وكل
ما يرجوه أن يتعود المسئولون على سماع الرأي غير الرسمي دون تشكيك في
النيات والجتهادات ،ولبد من جو الحوار المفتوح ،قبل أن يهلك بقية حواسنا
الدوار ،و بقية هويتنا الدمار ،وفي ظلل البحث والحوار يمكن للناس أن تفرق
في فقه الشريعة بين ماهو وحي يجب له الذعان ،وما هو اجتهاد ل يجوز
التسليم له إل ببرهان.
من أجل ذلك ينبغي أن أحيي القيادة السعودية مجسدة بخادم الحرمين
الشريفين الذي أعلن أن الصلح آت ل ريب فيه ،وجسد إعلنه المير عبدال
بن عبد العزيز ولي العهد ،ونائب رئيس مجلس والوزراء ،عندما دشن فن
الحوار السياسي ،لدى استقباله عشرات من الصلحيين المئة ،المطالبين
بالدستور ،و لسيما عندما أثاروا حقوق النسان واستقلل القضاء ،وأكد إيمانه
بالمشاركة السياسية الشعبية ،عندما قال للصلحيين" :رؤيتكم هي
مشروعي".وأبان عن روح إصلحية وشفافية ووضوح.
والمنتظر من القيادة أن تجسد القوال بخطة تحولها إلى أفعال ،فالناس
جميعا-ليس الصلحيون وحدهم -ينتظرون تطويرا جديا من نظام الحكم الملكي
القائم المطلق الصلحيات ،الذي هو صيغة أموية وعباسية ،من أنماط الحكم
الجبري ،ل بد أن ينمو فيها الجور والفساد إلى نظام ملكي دستوري نيابي محدد
4
الصلحيات يقوم على توزيع السلطات الى ثلث سلطات ،والفصل بين السلطات
الثلث.
لنه ل يمكن الحديث أصل عن استقلل للقضاء ،خارج إطار النظام
الدستوري ،فأساس الحكم في كل الشعوب هو العدالة ،ول يمكن أن تتحقق
العدالة ،خارج إطار حكم شوري:
والبيت ل يبتنى إل على عمد
ول عماد إذا لم ترس أوتاد
وصدق ال العظيم ((وأن ليس للنسان ال ما سعى ،وأن سعيه سوف
يرى))
((وقل اعملوا فسيرى ال عملكم ورسوله والمؤمنون ،وستردون الى عالم
الغيب والشهادة ،فينبئكم بما كنت تعملون)).
[]4
المقالة الولى
تعريف استقلل القضاء
5
أ-للعدالة معايير قياسبة في القواعد ،وإجراءات
يقاس بها التطبيق
الدولة العربية المعاصرة تعلن في أنظمتها ،استقلل القضاء ،ولكن هل يكون
استقلل القضاء مجرد إعلن في ديباجة مرسوم أو قرار؟ ،وهل يمكن أن ينهض
مفهوم استقلل القضاء ،دون ضمانات إجرائية ،تجسد استقلل القضاء ،تسد أبواب
التدخلت؟.
إن من السهل على الناس ،النشغال بالتعريفات والعبارات الرنانة ،مثل
قضاء مستقل ،قضاء القانون ،وتطبيق الشريعة (انظر :إطار برنامج استقلل
القضاء:أريك جانسون جانسون )200:ولكن ليس العلن المبادئ جدوى ما لم
ينتصب جهاز هيكلي قضاء منظم ،بطريقة تضمن هذه الحقوق ،وإيصالها إلى
أصحابها بقطع النظر عن أي اعتبار وأي ضغوط ( .غازي الغرايري ،استقلل
القضاء في تونس. )10:
والحكم على أي بلد بمدى استقلل قضائه يعتمد على درجتين:
الولى :إعلن نظريات الحقوق والجراءات العملية لتنفيذها ،نصوصا في
الدستور ،أو في نظام القضاء.
الدرجة الثانية :مدى تطبيقها.
ومن أجل ذلك لبد من أسلوب قياسي ،يحدد معاني هذه المصطلحات ( انظر
:جانسون )200 :مبني على علقة القضاء بالقتصاد والمجتمع والثقافة والتاريخ
،لبد من منهج عملي يعتمد على أبحاث علم الجتماع ،لستقاء أدلة وأقيسة ،عبر
دراسات مسحية تجريبية تشمل. :
-1فحص سجلت الدعاوي من أجل فهم دوافع الخصوم .
-2جودة التسبيب القضائي .
-3معدلت التبرنة .
-4تنفيذ الحكام .
6
-5تحليل الميزانية .
-6دراسات مسحية .
-7استفتاء الرأي العام ( انظر جانسون . )201 :
ول مجرد تطبيق أنماط قضائية تصلح لمجتمع قديم بسيط ،على مجتمع حديث
تعقدت فيه المور ،لبد فيه أن "تحدث للناس -كما قال عمر بن عبد العزيز-
أقضية ،بمقدار ما أحدثوا من الفجور" .ليس الفجور فحسب ،بل كثرة المشكلت
والتعقيدات ،التي اتسمت بها المجتمعات الحديثة والقتصاد.
إن المسألة ليست هل كان تدخل وزير العدل مثلً في مصلحة العدالة أم
ل ،بل هي أنه يجب سد جميع المنافذ التي تسمح باحتمالت تدخل وزير العدل ،حتى
ولو كان تدخله أو تدخل السلطة التنفيذية أصوب ،لنها أن أصابت مرة لم تصب
المرة الخرى ،لن صوابها ذاتي ،وليس منهجيا .وإذا كان القضاة يحتاجون إلى
تدخل السلطة التنفيذية(ورعايتها) من أجل تحقيق العدالة ، ،فإن ذلك خلل في
القضاء ينبغي تحديده وعلجه:
-1هل الخلل في عدالة نظريات الحقوق؟ .
-2هل هو بسبب أن الموارد المالية في المحاكم ضعيفة؟.
-3هل سلب القضاء شخصيته المعنوية ،بحيث ل يستطيع أن يحقق
العدالة.
-4هل إجراءات المحاكم وهياكلها سليمة .
وإذن ينبغي إصلح القضاء من الداخل ل من الخارج
[]5
ب-المفهوم والمصطلح:
7
يقصد باستقلل القضاء أن يكون محققا كل ما يضمن حقوق الناس ،من
قواعد المباديء العادلة ،في حقوق النسان والمتهم ،وما يلزم لتحقيق العدالة من
إجراءات وآليات وهياكل.
المقصود بالستقلل ،أن تكون هناك ضمانات لعدالة القوانين والقواعد
القضائية ،وضمانات لنزاهة التطبيق.
أما وضع هذه ضمانات العدالة والنزاهة تحت مصطلح (الستقلل) ،ففيه
إشارة إلى أن أبرز مظاهر العدوان على عدالة القضاء وأخطرها ،هو تدخلت
السلطين المستبدين وأهوائهم.
وعندما ينادى بالقضاء المستقل؛ فإن المعنى اليجابي الساسي هو استقلله
عن الحكومة ،فلكي يكون القضاء عادل ،لبد أن يكون مستقل الشخصية ،فل تستبد
الحكومة ،في تعيين قضاته ،فتعين من داهنها ،وترقّي من باع ضميره وحكم لها
عند الخلف ،وتعزل من عرفه الناس بالنصاف و بقوة الشخصية.
وأن يستقل القضاء في ميزانيته المالية وكوادره الدارية ،فيقدر ماليته
بنفسه ،ول تكون نفقاته شحيحة ،تقلل من فعاليته ،وأن تعاقب أي جهة من السلطة
التنفيذية ،تحاول مجرد محاولة أن تؤثر على قراراته ،وأن تكون للقضاة حريتهم
في التجمع والنشر ،والتعبير عن موقف القضاء تجاه أي قضية ،وأن يكون من حق
القاضي رفض ونقض أي قانون أو أمر يخالف العدالة ،مهما كانت منزلة مصدره.
وأن ل يسجن سجين إل بحكم قضائي ،وأن يشرف على السجون فيخرج من
السجن كل متهم ل حكم عليه ،و أن يضمن القضاء مواصفات للسجون تليق
بالكرامة النسانية ،وأن تنفذ أحكامه في وقت قياسي ،وأن يكون قادرا على أن يلزم
السلطة التنفيذية ،بتنفيذ كل حكم يصدره ،وأن يضمن التنفيذ السريع ،كأن يقوم هو
نفسه بالتنفيذ.
وبعبارة أخرى ركز على جعل استقلل القضاء عنوان العدالة ،لن أي قضاء
ل يستقل عن الدولة ،ل يضمن أن يكون عادلً .وهذه المعايير ضمنتها الدول
8
الحديثة هذا المصطلح ،حتى صار مصطلحا عالميا عابرا القارات،كالديمقراطية
وحقوق النسان وحقوق المتهم.
إذن يقصد باستقلل القضاء "أن ل يخضع القضاة في ممارساتهم لعملهم،
لسلطان أي جهة أخرى وأن يكون عملهم خالصا لقرار الحق والعدل،.....،
ويقتضي ذلك الحيلولة دون تدخل أي جهة مهما كانت طبيعتها ووظيفتها ،لتوجهه
وجهة أخرى ،أو لتعرقل مسيرته ،أو لتعرض عن أحكامه ،كما يقتضي أن يحاط
القضاة بسياج من الضمانات ،يقيهم كل تجاوز أو اعتداء من شأنه أن يخدش مبدأ
العدالة ،التي لتنمو إل في حوض الستقلل (معالم استقلل القضاء في
الشريعة:عمار التهامي .مجلة البحوث الفقهية ربيع الول 1417هـ ص.):227:
وإذن فإن الدعوة إلى استقلل القضاء ،ل تعني أن يكون القضاة أسيادا
على المة ،بل خدما لها ،كما عبرت إحدى المحاكم الكندية " القضاة خادمون
للشعب ،وليسوا أسيادا عليه " .وهذا يعني أن استقلل القضاء ،ل يعنى أن تكون
أيديهم مطلقة ،بل هو استقلل تصحبه المسئولية ،ويصحبه مبدأ المحاسبة
(استقلل القضاء في العالم العربي.ناثان ج.براون وعادل عمر شريف. ) 15 :
ويتضح من ذالك أن مفهوم استقلل القضاء مفهوم محوري ،تدور حوله قيم
وهياكل في مداره ،وأنه ليعنى ما يفهم أول وهلة:أن يكون القاضي حر التصرف
من دون ضوابط
والحكم على أي بلد بمدى استقلل قضائه يعتمد على درجتين:
الولى :إعلن نظريات الحقوق والجراءات العملية لتنفيذها ،نصوصا في
الدستور ،أو في نظام القضاء.
الدرجة الثانية :مدى تطبيقها.
بعبارة أخرى يقصد باستقلل القضاء مجموعة من المبادئ والنظريات،
والجراءات والهياكل التي تعزز مستوى العدالة ،تتوزع في حقلين
9
الول( :المضمون) :وهو حفظ الحقوق الفردية والجماعية،كحقوق المواطنين
السياسية ،وقوامه عدالة القواعد القضائية ،ووضوحها وتحديدها وتوحيدها
وشمولها.
الثاني :الهياكل والجراءات والتفريعات ،التي تضمن تنفيذ المضمون.
[]6
المقالة الثانية:
معايير استقلل القضاء العشرون:
لقد أصبح لستقلل في العصر الحديث معايير دولية ،يقاس بها القضاء في
كل دولة ،وبحسب تطبيق هذه المعايير ،يحكم على القضاء في بلد ما بنجاحه الكبير
أو القليل في تعزيز استقلل القضاء ،وبحسب إخلله بهذه المعايير ،يحكم بفشل
السلطة التنفيذية أو إخفاقها عن تحقيق الستقلل.
وهذه المعايير منها ما يتصل بنظرية (الحقوق) أي العدالة ومنها ما يتصل
بإجراءات إحقاق الحقوق (أي النزاهة) ،ومنها ما يتصل بالهياكل المقامة ،وحيث
إنه من الصعب إعطاء تعريف محدد لستقلل القضاء لختلف الثقافات وأنظمة
الحكم ،صار من المناسب إعداد معايير عالمية تناسب جميع النظم السياسية
والقضائية في العالم (شريف وبراون .)3 :
وقد صادقت المم المتحدة؛ على عدد من الوثائق ،في حقوق النسان،
وحقوق المتهم ،وحقوق اللجئين ،ومنع الجريمة ومعاملة المجرمين ،وعلى
المبادئ الساسية لستقلل القضاء ) سنة 1985م(هاشم مناع :المعان في حقوق
النسان :ملحق المجلد الثاني) ،وهذه المبادئ في الجملة-لبالجملة ،-من ما أقره
السلم قبل أربعة عشر قرنا من تنادي المم إليه ،ويمكن بلورة العناصر الساسية
فيها ،في نيف وعشرين نقطة تجسد استقلل القضاء:
المعيار الول :إقرار حقوق النسان:
10
بإعلن نظريات للحقوق محددة واضحة ،أي تقرر الدولة في أنظمة ولوائح
مدونة معلومة للكافة ،معايير ما للناس ،أفرادا وجماعات ،من حقوق اقتصادية
ومدنية واجتماعية وثقافية ،وسياسية ،من ما اهتدت إليه الطبائع البشرية بالفطرة
والخبرة ،وأكدته وهذبته وكملته الشرائع السماوية.
المعيار الثاني :إقرار حقوق المتهم:
بأن تكون هذه الحقوق وضماناتها وإجراءاتها العملية معلنة في الدستور،
وفق المعايير الدولية ،التي أصدرتها المم المتحدة ،وهي أقل من ما أعلن السلم
مبادئه العامة ،وطبق عصر صدر السلم ماناسب زمانهم ومكانهم من تفريعات،
قبل أربعة عشر قرنا ،من إعلن وثائق المم المتحدة.
المعيار الثالث :الهيكل الدستوري /الفصل بين السلطات الثلث:
بأن ينص في الدستور على فصل السلطات الثلث:السلطة التنفيذية والنيابية
والقضائية.
المعيار الرابع :وجود محكمة دستورية عليا (محكمة العدل العليا):
تستطيع أن تراقب ما تصدره السلطة التنفيذية من لوائح وقرارات وما
تصدره السلطة النيابية من قوانين وأنظمة ،لكي لتكون يد الحاكم مطلقة التصرف،
في سن قوانين تسيء التصرف في أموال المة وأخلقها ،ونظام تربيتها،
وعلقاتها الخارجية.
المحكمة مختصة بالنظر في دستورية القوانين التي تصدرها السلطة النيابة
أو التنفيذية استثنادا إلى مرجعية الدستور.
المعيار الخامس:أن ل تنفرد السلطة التنفيذية بالتعيين والتشكيل :بأن
تشترك أكثر من سلطة ،في تعيين قضاة المحاكم و تشكيل المجالس القضائية الثانية
والعليا ،لكي يسد باب احتمال التدخلت .وتستقل السلطة القضائية بتعيين قضاة
المحاكم الولى.
11
المعيار السادس :حصانة القضاة من التعسف :تفتيشا وتأديبا وعزل و ترقية
ونقل :لن فعالية هيئات التفتيش والمساءلة والمتابعة والتأديب تحاسب المقصرين،
وهي أيضا تدحض ما يوجه من تهم إلى القضاة العادلين ،عندما تمكنهم من الدفاع
عن أنفسهم ،فتسهم في حفظ كرامتهم ،بإزالة الشبه عنهم.
ولذلك ينبغي حصانة القاضي من التعسف تأديبا وعزل ،بل وترقية ونقل .بأن
تساعد مدة بقائه في الوظيفة ،على حصانة القضاة من شبح العزل التعسفي .أي
حصانة القاضي حتى من الترقية والنقل ،من دون رغبته ،فضل عن حمايته من أي
تعسف ،تأديبا وفصل ،،إل بأدلة برهانية قاطعة ،تثبت عدم قدرته على أداء
وظيفته .وحصانة القضاة ضد الهجوم عليهم شخصيا أو مهنيا ،فل يجوز أن يطلب
منهم التعويض النقدي ،على أي حكم صدر منهم ،مادام تطبيقا تسمح به قواعد
القضاء.
ويكون سياق الدلة ضمن إجراءات محددة معلومة .وأن يكون الجهاز الذي
يتولى التأديب مستقل عن الجهة التي تتولى التفتيش وتكتب تقارير الكفاية ،وأن
يكون أعلى منها .وأن يكون التفتيش القضائي من داخل السلطة القضائية ،ل من
خارجها كما أوصى إعلن بيروت في المؤتمر العربي الول للعدالة سنة 1999م
(استقلل القضاء في العالم العربي.ناثان ج.براون وعادل عمر شريف .)23 :
المعيار السابع :اللتزام بالقضاء الطبيعي و إلغاء القضاء الستثنائي :
بأن يمنح القضاء الختصاص في جميع المسائل ذات الطبيعة القضائية ،
وأن يكون وحده صاحب السلطة ،وأن ل يتحاكم الناس إلى محاكم استثنائية ،
تنتزع اختصاص القضاة .وتخل بمبدأ مساواة الخصوم بين يدي القضاء ،وأن ل
يحال أي متهم إلى محاكم استثنائية ،بل يضمن حقه في الجلوس أمام القضاء
الطبيعي.
المعيار الثامن :استقلل القضاء في الفصل في القضايا وانعدام التدخلت:
12
بكف يد السلطة التنفيذية عن التدخل في شئون القضاء .وأن يحاسب أي
مسئول من السلطة التنفيذية ،يثبت أنه حاول التأثير على القضاة ،ول يكفي أن
يتقرر ذلك نظاما ،بل لبد من التطبيق الفعال له ،كما أوصى مؤتمر العدالة العربي
الول .
المعيار التاسع :هيئة التحقيق و الدعاء العام تتبع القضاء أو يشرف
عليها:
بأن ل تكون هيئة التحقيق والدعاء مرتبطة بوزير الداخلية ،لن كل من
التحقيق والدعاء العام قضاء ،ينبغي أن ل يستثنى من ارتباطه بالقضاء ،كي
يضمن القضاء أن التحقيق يتم وفق مبادئ وإجراءات عادلة ،ل تعذيب فيها.
المعيار العاشر :إلحاق السجون بوزارة العدل:بأن تكون السجون أيضا
مرتبطة بالقضاء،أو بوزارة العدل ،ل بالسلطة التنفيذية ،لن السجن إما إيقاف من
أجل التحقيق ،أو عقوبة يقضيها السجين ،وكل المرين من شئون القضاء ،ولكي
يضمن القضاء عدم افتئات السلطة التنفيذية على حقوق الناس ،ولكي يضمن توافر
المعايير التي تليق بكرامة النسان في السجون.
المعيار الحادي عشر :ولكي يضمن القضاء تنفيذ أحكامه بسرعة ودقة،
ينبغي ينفذ الحكام القضائية بنفسه ،فيتواجد (قاض تنفيذي) في كل محكمة،
وظيفته تنفيذ جميع الحكام في وقت سريع ،أو على القل قاض لمتابعة التنفيذ،
حفظا لكرامة القضاء ونزاهته وحقوق الناس..
المعيار الثاني عشر :رقابة القضاء على السلطة التنفيذية والنيابية:
أن يستطيع القضاء مراقية قرارات السلطة التنفيذية والنيابية وأوامرها،
ويبت في سلمتها ،وأن يستطيع القاضي رفض تطبيق أي قرار أو أمر أو قانون
يخالف دستور المة .وليس هذا فحسب ،بل أيضا يكون من حقه إبطال أي قرار أو
أمر أو قانون يخالف الدستور .إذ ل يمكن استقلل القضاء ،إل بأن تكون له سلطة
مراقبة السلطتين التنفيذية والنيابية ،وإبطال ما تصدران من أنظمة وقرارات
13
وأوامر ،تخالف الدستور ،من أجل ذلك ل يكون للقضاء استقلل ،من دون فصل
بين السلطات الثلث ،كي ل يكون هيئة تابعة الخرى ،وذلك يحول دون هيمنة
سلطة على أخرى .ويسمح بأن تراقب سلطة القضاء السلطتين التنفيذية أو
النيابية ،ويضمن التعاون القائم على الندية ،وتحاشى التبعية ( انظر الشريف
وبراون .)9 :
المعيار الثالث عشر :وضوح الساس القانوني :
بأن تكون القواعد القضائية والجراءات التي تطبق على الوقائع ،ذات صفات
أربع :محددة موحدة مدونة منشورة للكافة ،لكي ل يتم الخلل بها من أجل تفادي
نوعية الحكم ،أو اللتفاف على تنفيذه.
المعيار الرابع عشر :علنية المحاكمة بأن تصبح القاعدة السائدة؛هي العلنية
في جلسات المحاكم وقراراتها ومعلوماتها وكل إجراءاتها القضائية ،ول سيما في
المحاكمات السياسية.
المعيار الخامس عشر :الشفافية:
بأن تكون هناك معايير موضوعية ذات شفافية ،في كل أعمال القضاء،
ليتمكن الناس من تشجيع القضاء العادل ،وأن تتوافر الشفافية ،في توزيع رئيس
المحكمة القضايا على القضاة ،وأن تكون القاعدة هي الشفافية ،في تعيين القضاة
ونقلهم وترقيتهم،وفي سجلت المحاكم ،وفي أحكامها ،وأن يعلن القضاة عن دخلهم
سدا لذرائع الفساد.
المعيار السادس عشر :البت في القضايا ،دون أي تأخير.
بأن يكون هناك معدل قياسي للفصل في القضايا .باعتبار التأخير في الفصل
لغير سبب قوي ،فضل عن تأخير التنفيذ ،نوعا من أنواع الظلم غير المباشر .وأن
تتولى كل محكمة متابعة القضايا ،من أجل ضمان عدم تأخر البت
المعيار السابع عشر :تجنب المركزية:
14
للمحاكمات ول سيما الجنائية مراحل أربع:الولى :التحقيق مع المتهم الثانية:
توجيه التهام الثالثة :تطبيق الوقائع على القواعد ،الرابعة :الحكم .ولتضمن
العدالة إذا قام بالمراحل الربع قاض واحد.
المعيار الثامن عشر :كفاية النفقات واستقلله بشئونه الدارية والمالية
إن القضاء ل يحتاج إلى الستقلل عن السلطة التنفيذية في المسائل القضائية
فحسب ،بل ينبغي أن تكون له القدرة على إدارة شئونه كلها وتنظيمها في إطار
مؤسساته ،ولسيما شئون المالية والدارية.
وهذا يضمن أن يتلقى الموارد الوافية التي تجعله قادرا على أداء مهماته
بكفاءة عالية،في عدد القضاة والموظفين والتجهيز والمباني ،وسائر الخدمات.
المعيار التاسع عشر :التأكيد على كفاية القضاة(مهنيا ومسلكيا)
بأن يتم تعيين القاضي على أسس معايير مهنية ،تنحصر بالجدارة المهنية
الموضوعية والمسلكية.من دون أي تمييز سياسي أو مذهبي ،أو عنصري أو
إقليمي ،ماعدا كونه متمتعا بجنسية الدولة ،وأن يكون للقضاة مؤهلت كافية ذوي
ثقافة حقوقية كافية ،وأن يتم تدريبهم تدريبا كافيا في الجامعات ،وأن يكونوا.
المعيار العشرون :تكامل الهياكل القضائية:
بأن توجد هياكل وإجراءات ،تضمن تنفيذ هذه (المبادئالدستورية كالفصل بين
السلطات الثلث ،وإنشاء المحكمة الدستورية العليا .والمجلس العلى للقضاء
وهيئة التحقيق والدعاء) .وأن تقسم المحاكم هرميا درجات :محاكم ابتدائية
ومحاكم استئناف ونقض .وأن تقسم المحاكم موضوعيا حسب الختصاص وكثرة
القضايا،كالقضاء الجنائي والداري والتجاري والمدني والحوال الشخصية
والعقاري وقضاء المطبوعات.
المعيار الحادي و العشرون :الجر المتساوي الوافي الذي يحفظ كرامة
القاضي:
15
الجر الوافي يسهم في ضمان كرامة القاضي ،وهيبته وحصانته ،وهذه
المور تسهم في استقلله ،بأن يعمل القاضي حتى سن التقاعد ،بأجر واف ،أكثر
من من يحملون مثل مؤهله ،أو يعملون في منطقته ،في السلطة التنفيذية.
المعيار الثاني و العشرون :توافر جمعيات للقضاة :
بأن يكون للقضاة الحق في تشكيل النوادي والجمعيات ،أو أي تنظيمات
يكون الهدف منها تمثيل مصالحهم ،وحماية استقللهم ،ويكون لهذه النوادي حق
إصدار المنشورات والمطبوعات ،وعقد المؤتمرات .وحرية الجتماع والتجمع
وحرية التفكير والتعبير ،والمشاركة العامة ،على أن يتصرفوا بشكل يحفظ هيبة
مناصبهم واستقلل القضاء .
المعيار الثالث و العشرون :تفاعل تجمعات المجتمع المدني الهلية
ليس ضمان نزاهة القضاء في نص عادل وقاض ذي ضمير وعلم فحسب،
بل هو أن يجد القضاة العدول ،على الخير أعوانا من المجتمع ،يساندونهم،
فالقاضي العادل من دون دعم المجتمع كما قال عمرو بن معدي كرب:
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم
نطقت ولكن الرمــــاح أجرت
ول تضمن عدالة قواعد القضاء ول نزاهة القضاة،مالم يكن الجمهور جاهزا
للدفاع عن القضاة ،عندما تحيق بهم أهواء المراء والرؤساء ،ول يتكتل تفاعل
الجمهور إل من خلل التجمع المدني الهلي.
من أجل ذلك ينبغي للقضاة أن يقووا علقتهم بالجمهور ،من خلل إقناعه
بعدالة أحكامهم ،ول يكفي أن يعتقد القضاة أنهم عادلون مستقلون ،بل لبد من أن
يقنعوا الناس بذلك ،فالناس شهود ال في أرضه ،كما يقول الرسول صلى ال عليه
وسلم.
من أجل ذلك صار من حق جماعات التجمعات المدنية الهلية،أن تتابع أحكام
القضاء ،وتعبر عن وجهة نظرها فيها ،وتكشف مافيه من إخلل ،ولسيما
16
المحامون ودعاة حقوق النسان والعلميون ،لن متابعة هذه الجماعات؛ تقوي
استقلل القضاء ،كما أن دعمها القضاء العادل ،يحمى القضاة من تدخل الدولة.
[]7
المقالة الثالثة
المعضلة في جذور الفكر
القضائي العباسي:
قبل القضاء السعودي:
أ-الصياغة العباسية للحقوق أخلت بنظام السلم:
إن أمام أي حكومة إسلمية حديثة تريد أن تطبق قضاء إسلميا مشكلة
تراثية في جذور الفكر القضائي أي في الصياغة العباسية للثقافة السلمية،
وهي في المبادئ والجراءات والهياكل معا ،وهذه المشكلة تبدو آثارها على
القضاء ،ول يمكن الخلص منها إل باجتهاد قضائي أصولي ،يعيد بناء القضاء
على الكتاب والسنة نصوصا و استقراءا ،ويأخذ من اجتهادات الفقهاء ومن
المعايير الدولية لستقلل القضاء ما اتسق معه.
والتجديد الفقهي والقضائي المأمون؛ لن يصل إليه المحاولون ما لم
يستطيعوا الفرز الكافي بين ما في التراث الفقهي في شق الشريعة المدني من
قطعيات يجب لها التسليم ،تطبيقا لقوله تعالى "وما كان لمؤمن ول مؤمنة؛ إذا
قضى ال ورسوله أمرا ،أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " ،وتلبية لقوله تعالى:
"يأيها الذين آمنوا استجيبوا ل والرسول؛ إذا دعاكم لما يحييكم.
وبين ما بني عليه من اجتهادات ،هي من قبيل الرأي المعرض للخطأ
والصواب فهو بضعة مستويات ،ينبغي فرزها وتصفيتها.
[]8
ب-فحص التراث في مصباح الشريعة ومشكاة النبوة:
17
إذا تأملنا الموروث العباسي في مرءاة الكتاب والسنة ،وجدناه يرسخ
مفاهيم ونظريات ،فيها شيء من الختلل ولكنه جوهري ،نتج في عصور
الختلل السياسي ،وتوقف إنتاج الطر منذ ألف عام ،وفيه نظريات وأفكار ل
تنسجم مع معايير العدل السلمي ،وقد تبناها القضاء السعودي ،منها:
-1أنه في كثير من القواعد القضائية (القانونية) سواء في شق تحديد
الجريمة ،أو شق تحديد العقوبة ،يعتمد على اجتهاد القاضي الشخصي ،الذي
مهما حاول الموضوعية ،لن يبرأ من الذاتية ،التي هي في النهاية الضمير
الفردي ،بدل من اعتماده على أساس قانوني(قواعد قضائية) .موحدة مدونة
محددة.
-2ومستوى العدالة منخفض في منظومة حقوق الناس أفرادا وجماعات
ومجتمعا.
-3وهو يكبر حقوق السلطة التنفيذية ،ويخص رأس الدولة بـ(ولي المر)،
وهو مصطلح أموي عباسي .كان يطلق على كل ذي ولية ،كالقاضي وصاحب
ديوان المظالم وللمحتسب ثم استقل بمفهومه المير والملك ،فصار ذا مضمون
استبدادي ،ألغى سلطة المة ،وهمش مفهوم استقلل القضاء ،فأضاع حقوق
الناس.
-4وهو يركز تطبيق الشريعة على جانب العقوبات والواجبات ،ويهمش
جانب الحقوق ،و لسيما إقامة فريضة العدالة الجتماعية ،وهو أكثر ما أخل به
القضاء الموي والعباسي ،في مجال العدالة الجتماعية وضابطها الشورى
الشعبية الملزمة ،وقيم المجتمع المدني وتجمعاته الهلية.
-5وهو يركز القضاء على النزاعات الفردية بين الناس ،ول يستطيع أن
يمتنع عن تطبيق القانون الجائر ،الذي قد تصدره السلطة التنفيذية ،فضل عن
أن يكون له سلطة إلغاء القانون الجائر.
18
-6وليس فيه إجراءات كافية،تضبط صلحيات السلطة التنفيذية ،من أن
تحل محل السلطة النيابية.
-7وليس فيه ضمانات كافية،تمنع تدخل السلطة التنفيذية في القضاء.
-8وليس فيه ضمانات وإجراءات صارمة ،تمنع انتهاك حقوق المواطنين،
ثقافية ومدنية واجتماعية وسياسية واقتصادية،عند ضعف الضمير والغفلة عن
حقوق النسان في السلم.
-9وهو ينحو منحى التشدد في العقوبات ،في اختيار أحد الرأيين من
المور التي فيها خلف فقهي معتبر.
-10وهو ل يقدم ضمانات كافية للمتهمين عامة ،ولسيما المتهمين بتهم
سياسية.
-11وهو يعاقب على التهمة ،عند عدم كفاية الدلة(بما يسميه التعزير على
الشبهة ،وليس لذلك مستند شرعي ،فعمر بن الخطاب لم يعزر المغيرة بن شعبة
رغم قوة الشبهة).
-12والنظام السياسي يجعل تعيين القضاة بيد الخليفة ،من دون ضمانات
على اعتماد معايير مهنية محضة ،ول ضمانات إجرائية ،ويجعل عزلهم بيده،
ول يحتوى على ضمانات كافية ضد التعسف في العزل ،ول يكفي لستقلل
القضاء؛ أن يوجد قاضي قضاة أو مجلس أعلى القضاء يقوم بالترشيح.
وهذه إشارة عجلي للموروث القضائي العباسي ،الذي سار القضاء
السعودي على نهجه .وعلى مثل هذا التراث المترهل ،ل يمكن أن تقام دولة
إسلمية شورية عادلة ،في الزمن القديم فضلً عن الحديث.
[]9
ج-مشكلة القضاء السعودي جوهرية في الجذور:
حقا لقد تعزز استقلل القضاء السعودي؛ بعد صدور النظمة التالية :نظام
المرافعات الشرعية ونظام الجراءات الجزائية ،ونظام المحاماة،وارتقت بهذه
19
النظمة ضمانات حقوق المواطنين ،و لسيما المتهم ،ولكن المشكلة ل زالت
قائمة لثلثة أسباب:
الولى:أنه ليس ثمة كوابح مؤسسية ،تمنع الدولة من التراجع عن هذه
الضمانات ،فالجهات التي أصدرت هذه النظمة ،غير مخولة دستوريا ،بإجراءات
محددة موضوعية ،فلم تصدر من مرجعية ذات قوة دستورية ،كمجلس النواب،
وليس لها حماية شعبية ،عبر تجمعات المجتمع المدني الهلية ،إن اعتقالت
دعاة الدستور والمجتمع المدني ،سنة 1425هـ ( )2004من أبرز الدلة على
أن الحكومة ل تطبق القوانين التي أصدرت فضلً عن التفاف القضاء على معيار
علنية المحاكمة لمثال هؤلء ،عندما جرت لهم أول محاكمة علنية سياسية
منذ إنشاء السعودية.
الثانية:تطبيقية :فالنظام يقرر أن الجهة المختصة بسجن شخص أو الفراج
عنه هي هيئة التحقيق والدعاء ،ولكن إمارات المناطق ،فضل عن ما فوقها من
سلطات لزالت تستأثر بصلحية السجن والفراج غالبا .والنظام يقرر علنية
محاكمة الجلسات ،وحق المتهم في توكل محام ،ولكن ل يقع تطبيق هذه
الضوابط.
الثالث :أن المشكل القضائي جوهري بنيوي ،منهجيا وموضوعا ،ل يمكن
أن يصلح بالترقيع والترميم ،بل ل بد من بناء جديد.
من أجل ذلك فإنه ينبغي قبل أن نقول:تطبيق الشريعة ،أو نقول السلم هو
الحل ،أن ندرك أن أمثال هذه الترقيعات لن تكون هي الحل ،إذ ليمكن بناء
نظرية الستقلل على هذا التراث القضاء الموي والعباسي ،الذي يخل بمفهوم
طبيعة التعاقد الجتماعي(البيعة) ،بين المجتمع والدولة ،فالمشكل القضائي،
متفرع عن مشكل دستوري ،كما سيبين البحث في الفصول التالية:
20
[]10
المقالة الرابعة
مدى انتهاك حقوق النسان
أ-نموذج القضاء العباسي ينتهك الحقوق باسم
السلم:
عندما يحاول باحث أن يزن استقلل القضاء في المملكة العربية السعودية،
بالمعايير الدولية لستقلل القضاء ،يحتاج إلى مقدمة يقارب فيها موضوع
الستقلل ،وتكون هي الميزان ،وتتكون المقدمة من خطوتين:
الولى :تصفية المعايير الدولية ،في مصفاة الشريعة السلمية ،التي هي
نص القرآن والسنة ،وتطبيق النبي صلى ال عليه وسلم ،وخلفائه الراشدين.
الثانية:تصفية الجتهادات التراثية الموية والعباسية ،في مصفاة الشريعة.
وقد قارب الباحث هاتين في كتابه (معايير استقلل القضاء الدولية في بوتقة
الشريعة السلمية ،الدار العربية للعلوم ،بيروت1425 ،هـ (2004م) وسيحيل
إليه كثيرا في هذا البحث).
إن في تراث القضاء العباسي آراءا وأفكارا ،تجد إخللً صريحا بحقوق
النسان ،التي كفلتها الشريعة.
أولها :الخلل بالعدالة القتصادية ،فهي تفتح الباب أمام الخلل بالعدالة
القتصادية؛ حينما تجعل امتلك الرض للسكنى أو الزراعة؛ بيد إمام الدولة ،فتمنع
إحياء الرض الموات إل بإذنه ،والمام ذو سلطة مطلقة ،واحتمالت الجور في كل
سلطة مطلقة متوقعة ،كما قيل :السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ،وذلك فتح الباب لكي
تصبح أراضي المسلمين؛ نهبا في أيدي النخبة الجشعة ،فليس للقضاء دور في سن
أنظمة تكفل تحقيق العدل في توزيع الراضي ،ووجوه صرف المال العام ،ول دور
في الرقابة فضل عن المحاسبة.
21
ثانيها :الخلل بالعدالة الجتماعية ،ومن مظاهرها أنها تنال من حقوق المرأة
التي كفلتها الشريعة ،وأظهر نموذج لذلك مسألة مطالبة المرأة عند الخلع بدفع أكثر
من مهرها ،وقاعدة المخالعة بأكثر من المهر ثابتة في الشريعة ،ولكن في تطبيقاتها
المعاصرة اخللت عديدة ،أبرزها أن المرأة الثيب ل تكاد تجد زوجا مناسبا ،فضلً
عن المرأة التي تجر خلفها أولدا ،فكيف يأخذها الرجل بكرا ويخالعها ثيبا أو فوق
ذلك ذات أولد ،مطالبا بالمهر أو أكثر منه ،لن اختلف العادات يدعو الى أن
تناسبها الحكام كما ذكر الفقهاء كابن عابدين وهناك قوانين عديدة ،تحد من نشاط
المرأة الجتماعي والتجاري والثقافي والعلمي.
ثالثها :وفي تراثنا العباسي اجتهادات تخل بالحقوق والحريات المشروعة،
كقمع المخالفين في الرأي ،واعتبار اجتهادهم-المشروع من حيث الصل-فسوقا.
من حق كل إنسان أن يعتبر المخالفين في أصول الدين من أهل البدع ،ولكن كيف
يجاز قمعهم وقتل دعاتهم؟ واجتهادهم مشروع من حيث الصل؟ وذلك مخالف سنن
الراشدين ،ولسيما تعامل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب مع الخوارج ،وهم أكثر
أهل البدع غلوا ،كما قال المام أحمد رحمنا ال وإياه.
وتقرر جواز قتل الزنديق والمنافق(الذي يظهر اليمان ويبطن الكفر) ،مخالفة
ما طبق المصطفى عليه السلم على المنافقين ،ونص عليه القرآن
الكريم.
وفوق هذا وذاك أجازت قتل الزنديق التائب أيضا ،مخالفة تطبيق النبي صلى
ال عليه وسلم ،وما نص عليه القرآن الكريم إذ ل يجوز بأي حال من الحوال،
وإن قال به من قال ،لن ال يقبل توبة كل من تاب.
رابعها :وهو المشكلة الكبرى الخرى في القضاء السعودي؛ الخلل بهدي
السلم في مجال حقوق النسان السياسية ،إخلل بحرية التفكير والتعبير والتجمع،
إذ يعتبر نقد السلطة التنفيذية فتنة يعاقب عليها القضاء ،ويعتبر إنشاء لجنة للدفاع
22
عن حقوق النسان ،مبررا العزل من الوظيفة والسجن ،ويعتبر نقد المام
ومعارضته الرأي محذورا شرعيا .أما التجمع والعتصام والمظاهرات والضراب،
فهي من الفتن الموجبة أشد العقوبات(.وهو إخلل توارثه القضاء السعودي عن
الفكر الفقهي العباسي وزاد فيه).
من أجل ذلك صارت الحالة إلى القضاء السعودي شبحا مصلتا يلوح ،فوق
رؤوس دعاة الصلح السياسي السلمي وحقوق النسان والمجتمع المدني ،لن
القضاء يسمح بمصادرة حقوقهم في النصيحة والتجمع وإنشاء الجماعات
والجمعيات السلمية ،وفي المر بالمعروف السياسي والنهي عن المنكر ،ويعتبر
حقوق الناس الفكرية والجتماعية والسياسية التي أقرتها الشريعة واعتبرتها من
الواجبات؛ من المنكرات والبدع ،أو الخلل بالمن والفتن ،إن لم يعتبر السياسية
من الخروج على المام.
وإذا أمعنا النظر في مثل هذه الفكار ،وجدنا أنها تشرع الظلم وتنتهك الحقوق
التي قررها السلم ،وبذلك قد تصبح لفتة تطبيق الشريعة؛ غطاء للرهاب والقمع
السياسي ،وتقنين القمع الجتماعي والسياسي،عبر قانون ديني ،على حد قول
الشاعر:
حواشيه حتى صار ظلما منظما لقد كان فينا الظلم فوضى فهذبت
وترجمة هذه العراف الثقافية ،إلى قانون قضائي ،يجرم حرية الكلمة
والتعبير ،والتجمع والتعددية الثقافية والجتماعية،وفي ظلل هذا التراث العباسي؛
يصبح القضاة وهم ل يشعرون،أسلحة قمع للصلح عامة والصلح السياسي
خاصة ،وقمع لحقوق النسان المشروعة ،قمعا سياسيا واجتماعيا وفكريا وتمييزا
طائفيا ،تحت لفتة تطبيق الشريعة.
إذن ل يمكن تحقيق عدالة قضائية؛ إل في ظلل نظرية للحقوق عادلة،
تقرر حقوق الناس أفرادا وجماعات ومجتمعات،ثقافية واقتصادية وسياسية
23
ومهنية ومدنية ،وفي ظلل نظرية تقرر أن دور الحاكم إنماهو تنفيذي باتخاذ
الجراءات المناسبة لحفظ هذه الحقوق(انظر :معايير استقلل القضاء الدولية في
بوتقة الشريعة السلمية المعيار الول.)46-37 :
[]11
ب-النظمة السعودية والخلل في السس
والضمانات:
جاءت ضمانات عديدة لحفظ حقوق الناس،تنص على احترام حرية الفراد
وحقوقهم ،في النظمة السعودية التي صدرت بعد عام 1420هـ2000/م-
كالنظام الساسي للحكم ،ونظام الجراءات الجزائية ،ونظام المحاماة ،وقرر نظام
الجراءات الجزائية بطلن أي إجراء تتخذه السلطة التنفيذية ضد الفراد ،إذا
أخل بالضمانات التي نصت عليها هذه النظمة(انظر نظام الجراءات الجزائية:
المواد )192-188:ولكن هذه الضمانات ل تكفي للسباب التالية:
-1لم تقرر حقوق النسان القتصادية والثقافية والمدنية ،على شكل
منظومة متكاملة .و لسيما في التعبير والتجمع.
-2لم يقرر النظام الحريات السياسية والمدنية التي أقرها السلم قبل
أربعة عشر قرنا من تنادي المم المتحدة إليها ،و لسيما حرية الرأي والتعبير
والتجمع.
-3لم يجر إصدار هذه الحقوق من هيئة شرعية دستورية مستقلة عن
الحكومة.
-4لم تضع الحكومة برامج تنشر ثقافة حقوق النسان ،وقيم المجتمع
المدني تعلم الناس بحقوقهم و واجباتهم .وتوعيهم بالسبل التي يسلكونها
للحصول عليها ،ولم تسمح الحكومة من خلل هذه النظمة بإنشاء تجمعات
المجتمع المدني الهلية لسيما جمعيات حقوق النسان ،لكي تقوم هذه التجمعات
بتوعية الناس بهذه الحقوق..
24
-5لم تلزم الحكومة-حتى الن -الجهات المسئولة عن تطبيق هذه النظمة
بها ،ولم تثقفها.
-6عدم التزام الجهات القضائية-حتى الن-بتنفيذ هذه النظمة ،وأبرز مثل
لذلك المحاكمة العلنية ،فمنذ إنشاء الدولة ،لم تجر محاكمة سياسية علنية.
-7والدهى من ذلك أن النظمة جوزت للقاضي ،تقرير صحة الجراء
الباطل ،وبذلك لم يعد للبطلن الذي قرره النظام من قيمة عملية .مثال ذلك :إذا
قبض على المتهم ،من دون أن تراعي الجهة القابضة عليه ما نص عليه النظام
من ضوابط ،كإصدار مذكرة قبض من الجهة المختصة ،وهي هيئة التحقيق
والدعاء العام ،التي هي المخول النظامي ،باصدار ذلك ،فإن القاضي يملك إقرار
صحة القبض ،ول يفرج عن المتهم بناء على بطلن اجراءات القبض ،فيصبح
هذا القيد عديم الجدوى ،في مثل العتقال السياسي .مع أن هذا مخالف
للجراءات الشرعية فقد أبطل عمر الخطاب التهمة ،المبنية على إجراء باطل،
عند ما تسور على مجتمعين على شراب (انظر حقوق المتهم للكاتب) .وإجراء
القضاة مخالف أيضا للنظمة الجارية في الدول الدستورية.
[]12
ج-كيفية التعزيز:
أن تشكل لجنة شرعية ،من الفقهاء والقضاة المحامين ودعاة حقوق
النسان ،المشهود لهم بالشجاعة والنزاهة والعلم والرأي ،بالعودة إلى صريح
نصوص القرآن الكريم والسنة ،وتطبيقات النبوة والخلفة الراشدة ،و تلتزم بما
وقعته الدولة من مواثيق دولية أو إقليمية تنسجم مع السلم ،مثل ميثاق حقوق
النسان الذي أصدره المجلس السلمي الوربي ،وميثاق حقوق النسان في
السلم الذي وقعته المملكة ،وإقرار الهياكل والجراءات الحديثة ،التي جاء
السلم بمبادئها ،قبل أربعة عشر قرنا من تنادي المم إليها ،وبناء منظومة ما
25
للمواطنين أفرادا وجماعات ومجتمعا،من حقوق ثقافية واجتماعية ومدنية
وسياسية،وطبيعية واقتصادية ،وإصدار قانون بها من مجلس النواب.
[]13
المقالة الخامسة
مدى انتهاك حقوق المتهم:
أ-حقوق المتهم في السلم والشرائع العادلة
الدستورية:
أقرت المواثيق الدولية عديدا من المبادئ والجراءات التي تضمن حقوق
المتهمين ،وهذه المور (في الجملة)من ما سبق إليه السلم أو من الوسائل التي
لها وجوب المقصد الشرعي ،لن المقصد ل يتجسد إل بها ،أو من ما ينسجم مع
نظريته في العدل منها ،وفيها مبادئ تتعارض مع مبادئ السلم ينبغي نبذها (انظر
تأصيل ذلك وتفصيله في كتاب :معايير استقلل القضاء الدولية في بوتقة الشريعة
السلمية المعيار الثاني :حقوق المتهم )51-46 :ومن هذه المعايير المشروعة ما
يلي:
-1المنع من اليقاف التعسفي.
-2ووجوب إبلغ من يقبض عليه فورا بالتهمة الموجهة إليه.
-3معاملة الشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية كريمة وحظر
سوء المعاملة واللتزام بحسنها أثناء التوقيف .
-4تواجد رقابة قضائية على اليقاف.
-5اعتبار السجن عقوبة إذا زادت مدته عن المدة المقبولة في العراف
الدولية ،حتى لوسمي إيقافا أو حجزا مؤقتا ،والعقوبة ل تجوز إل بحكم محكمة.
-6من حق المتهم المقبوض عليه أن يفرج عنه فورا ،إذا لم يحاكم خلل
الزمن المتعارف عليه دوليا ،وهو ل يزيد عن ثلثة اشهر.
26
-7للسجن مواصفات دولية ،ل يجوز الخلل بها ،ويجب أن يضمنها القضاء.
السجن (تعويق) عن الحركة وليس بـ(تضييق) يضير الجسام والنفوس والعقول
كما أكد الفقهاء.
-8حق كل شخص ولسيما من يتعرض لي شكل من إشكال الحجز أو
السجن ،أن يحاكم حضوريا ،أو بمساعدة قانونية يختارها بارادته الحرة.
-9حق المتهم في الحصول على الوقت والتسهيلت الكافية لعداد دفاعه ،
والتصال بمن يختاره من المحامين والحصول على مشورتهم ،لحماية حقوقه
وللدفاع عنه ،خلل مال يزيد عن 48ساعة من احتجازه.
-10وللتحقيق والستجواب والتهام معايير دولية ،يجب أن يضمنها
القضاء.
-11وحق كل موقوف ليس له مورد رزق يمكنه من دفع أجرة المحامي ،أن
تتولى الدولة أجرة المحامي.
-12اعتبار العتراف سيد الدلة ،وأن ل يلزم المتهم بالشهادة ضد نفسه أو
العتراف بأنه مذنب.
-13تجريم التعذيب ،سواء كان بدنيا أم نفسيا وعقليا.
-14وعدم قبول أي اعترافات ناتجة عنه التعذيب .وبطلن اعترافات المكره
والمجبر.
-15وجوب تقديم المقبوض عليه بتهمة جزائية فورا أمام القاضي.
-16عدم جواز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام
تعاقدي.
-17اعتبار المتهم بريئا حتى تثبت عليه التهمة ،وليس عليه أن يثبت
براءته ،وأن الشبهة تسقط العقوبة.
-18ل عقوبة على الشبهة ،حتى إذا كانت قوية.
27
-19وعدم جواز محاكمة أحد أو معاقبته مرة ثانية ،عن جريمة سبق أن نال
حكما نهائيا عنها ،أو أفرج عنه.
-20إخضاع الذين يخلون بحقوق المتهم للمحاسبة.
-21ضمان محاكمة علنية للمتهم ،على أساس القاعدة الذهبية ،كل محاكمة
عادلة ،فأول شروطها أن تكون علنية ،وكل محاكمة غير علنية – ول سيما إذا
كانت سياسية -فإنما هي محاكمة ظالمة .فهي في السلم وشرائع العدل باطلة.
-22ل يجوز ايقاع أي عقوبة ال بشرطين ،نص يجرم الفعل ،ونص آخر
يحدد العقوبة.
[]14
ب-أين هذه الحقوق في القوانين السعوديةوهي
تقرر تعذيب المتهم:
-1أهم هذه الحقوق الواردة في الفصل السابق ليس مقررا في النظمة
السعودية فضل عن جانب التطبيق ،لن الصياغة العباسية للثقافة القضائية؛ ل
تؤسس لها ،والدليل على أنها لم ترسخ في ثقافة القضاء هو أعمال ندوة المتهم
وحقوقه في الشريعة السلمية ،التي عقدها المركز العربي للدراسات المنية
والتدريب بالرياض سنة 1406هـ(1986م) ،وقد أقيم باشراف وزارة الداخلية،
فقد حفلت الندوة بدفاع فقهاء سعوديين معتبرين ،عن نظرية تعذيب المتهم،
منهم قضاة كبار ،كالقاضي صالح اللحيدان رئيس ديوان المظالم والقاضي
عبدال بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ،والقاضي عبدالرحمن البسام رئيس
محكمة التمييز في جده.
وقد تأسست نظرية تعذيب المتهم في الفكر العباسي الموروث ،وقال بها
عديد من الفقهاء كمالك والماوردي وابن تيمية وابن القيم في الطرق الحكمية،
(انظر مناقشة حكم التعذيب في كتاب حقوق المتهم في السلم) للكاتب.
28
وكانت بداية ظهور هذه الجتهادات على أنها من فقه الضرورة ،الذي اعتبر
أن تحقيق العدل ،ل يتم إل بشيء من الظلم ،وأنه مادام التعذيب يوصل إلى
الحقيقة ،فإن الضرورات تبيح المحظورات ،وهي آراء ليس لها من السلم مستند،
فالنصوص السلمية ،متظافرة على تحريم التعذيب ،وأن الوصول إلى الحقيقة؛
ليجوز أن يكون عبر إباحة التعذيب.
وقد جرت هذه النظرية إلى مفردات التفريط بحقوق المتهم ،عندما امتطى
بعض الفقهاء مطية (المصالح المرسلة) ،وهي قاعدة رجراجة ،توسع فيها بعض
المالكية ،وأسيء تطبيقها كثيرا ،فأدت إلى ما وصفه ابن حجر في غير هذا السياق
بـ"تشريع ما ليس بشرع" ،ورسخت السترسال في مفهوم المصالح المرسلة بعض
النظريات المجانبة للعدالة ومقاصد الشريعة.
-2وقد يحتج القضاة بأدلة غير مسلمة ،بجواز ضرب المتهم ،إذا كانت
التهمة قوية ولكنهم يدلسون في أمرين الول :ليت القضاء حين أجازوا التعذيب؛
أشرف على تقديره وتنفيذه ،ولكنه ترك التقدير والتنفيذ للجهزة المنية ،وترك
التحقيق لجهزة البوليس من دون رقابة قضائية :تفريط كبير بحقوق المواطنين،
مع أنه ل يجوز في الشريعة أن تنفرد الجهات البوليسية بالتحقيق مع المتهمين في
القضايا الدارية ،فضل عن الجنائية عن التي تعتبرها السلطة التنفيذية(
سيادية)،لن الجهات البوليسية غير مؤهلة شرعيا ،و التحقيق جزء من القضاء.
الثاني :تركوا تقديره أيضا لجهزة البوليس،
-3وفوق هذا وذاك ل يستطيع القاضي حماية السجناء إذا قالوا :إن
اعترافاتنا تحت التعذيب ،بل يصادق على اعترافاتهم ،أو يعيدهم إلى السجون ،حيث
يسمح الجو بتعذيبهم حتى يعترفوا ،أو تدفعهم الكآبة وطول البقاء في السجن ،إلى
اعترافات الكره ،و ليس للقضاء سلطة نافذة في الشراف على السجون ،تتيح له
التأكد من صحة العتراف ،وسلمته من الكراه الذي يسلب الرادة أو الختيار أو
29
هما معا ،والقضاء في مثل هذه الحالت ،يمارس دور هيئة ،تصادق على أوراق
اعترافات ،ل دور سلطة لها حق الفحص والنقض ،والتأكد من صحة العتراف،
ومن واقع السجن ،ول يستطيع القضاء أيضا أن يتفقد السجن ،أو أن يقول عن
السجناء للدولة :أخرجيهم أو قدميهم إلى القضاء.
و يدرك القضاة أن هذه المور مخلة بالعتراف ،يدركون أن التهديد بالتعذيب،
والحبس النفرادي أكثر من شهر أيضا مخل بالعتراف الشرعي ،ولكن وزارة
الداخلية ل تسمح لهم بالقيام بدورهم.
إنها ثلث دواه :تشريع التعذيب ،وتركه من دون إشراف قضائي ،وقبول
العترافات الصادرة تحت التعذيب .في ظلل هذه الثقافة يمكن أن يصير القضاء
سلحا يدعم الخلل بحقوق النسان عامة وحقوق المتهم خاصة؛ بدل من أن
يضمنها.
[]15
ج-و ترفض قاعدة الصل براءة المتهم:
"المتهم بريء حتى تثبت عليه التهمة" هذه القاعدة من قواعد العدالة
السلمية وقد صارت الن قاعدة قضائية دولية ،رغم ذلك ل نجد للقضاء السعودي
موقفا واضحا يتبناها ،بل نجد لبعض القضاة الكبار تشكيكا بها ،يقول أحد قضاة
محكمة التمييز بمكة "فلو قلنا ببراءة المتهم حتى تثبت إدانته؛ لتعين علينا طرح
قرائن التهام...،ول ضطررنا إلى تعطيل الكثير من روافد الثبات ،من قرائن
وأحوال وملبسات ،و لكان حبس المتهم ومسه بالعذاب عند التحقيق معه؛ ضربا
من الظلم والطغيان"(انظر :نظرية براءة المتهم حتى تثبت إدانته.بحث .ضمن كتاب
المتهم وحقوقه في الشريعة السلمية1/274:وانظر أيضا :مدى صلحية القرائن
في إدانة المتهم :لحد قضاة محكمة التمييز بمكة عبد ال البسام أيضا في نفس
الكتاب 341 /1:وما بعدها) و(انظر :معايير ،)51:و(حقوق المتهم في السلم)
للكاتب.
30
[]16
د-التعزير على الشبهة :والقضاء ل يعطي المتهم أو وكيله مجال
كافيا ،لتفنيد المزاعم التي يقدمها المدعي العام ،وإنما تعرض القضية على القاضي،
ويطلب شهود المدعي العام ،فإن وجدوا حكم على المتهم ،وإن لم يوجدوا ولم
يعترف المتهم حكم القاضي بالتعزير على الشبهة ،وفي ظلل هذه الثقافة ،ليصبح
المتهم بريئا حتى لو لم تثبت عليه جريمة ،بل إن خلصة ذلك أن المتهم يعاقب
بالشبهة.
وهذا بسبب عدم وجود قواعد الثبات ،الموجودة في الدول الخرى ،ويذكر
عديد من المحامين أنهم ل يذكرون أن القضاء خلل تاريخه أصدر حكما يقول:
حكمنا ببراءة المتهم من التهم التي وجهتها إليه وزارة الداخلية ،أو هيئة التحقيق
والدعاء العام ،بل لبد من أن يعاقب ،أو أن يعزر على الشبهة.
على أغلب المور التي تعتبرها الدولة جرائم ،هي من ما أباحه الشرع
المطهر ،أو أوجبه من حرية الرأي السياسية المشروعة.
[]17
هـ-كيفية تعزيز حقوق المتهم:
ل يتعزز استقلل القضاء ،إل بصياغة شرعية دستورية مدونة ،من أجل وضع
منظومة متكاملة لحقوق المتهم ينبغي أن تشكل لجنة شرعية مستقلة ،من الفقهاء
والقضاة والحقوقيين والمحامين الشرعيين ودعاة حقوق النسان والمجتمع المدني
وعلماء السياسة والقانون الدستوري وعلم الجريمة ،من المستقلين المشهود لهم
بالشجاعة والنزاهة والعلم والرأي .تقوم هذه اللجنة بالعودة إلى صريح نصوص
القرآن الكريم والسنة ،وتطبيقات النبوة والخلفة الراشدة ،و ما وافقت عليه الدولة
في مجال حقوق المتهم و لسيما السجين في المواثيق الدولية،وإقرار الهياكل
والجراءات الحديثة ،التي جاء السلم بمبادئها ،قبل ألف عام من تنادي المم
إليها ،لتقرر ما نادى بها السلم قبل أربعة عشر قرنا من تنادى المم إليه .من
31
حقوق سياسية ومدنية واجتماعية واقتصادية وثقافية .واصدار قانون باعتماد هذه
الحقوق من مجلس النواب المنتخب.
ول يكون القضاء شرعيا ،في هذا المجال ما لم يتأكد من سلمة الجراءات
التي تتخذها السلطة التنفيذية على المتهمين ،في القبض والعتقال والتحقيق؛
ويتأكد من ظروف حياة السجناء في السجون بأن السجن (تعويق) وليس
بـ(تضييق) ،ويتأكد من سلمة العتراف من الكراه الذي يسلب الرادة أو الختيار
أو هما معا ،كأن تكون له سلطة الفراج عن الموقوفين من دون محاكمة .وأن
تكون له سلطة تخوله مناقشة ما يمكن أن يخل بالعتراف الشرعي ،وأن يكون له
سلطة في بحث دعاوى تظلم المتهمين من هذه السلطة من دون إذنها ،و ل بد من
أن تكون له آلية يتابع بها السلطة التنفيذية ،في تنفيذ أحكامه ،ول بد له من أن
يلزم السلطة التنفيذية ،بالفراج عن أي متهم ،خلل ستة أشهر وهي المدة التي
حددتها الدولة للتوقف ،أو محاكمته .وسنتحدث عن ضوابط ضمان ذلك في مناقشة
قانون النيابة العامة وهيئة التحقيق والدعاء :فقرة 55و . 56
[]18
المقالة السادسة
لمن السلطة للمة أم للملك
(ولي المر) الذي هوأدرى
بالمصلحة؟::
أ-أسلمة الستبداد والظلم:
جرى نظام الحكم والقضاء السعودي ،على الرأي السائد في الثقافة
العباسية ،وهي أن "المام أدرى بالمصلحة" ،ولذلك صار من المألوف أن يجمع
بين السلطات الثلث ،وأن له الفصل في الخلف،عندما يكون في المسألة قولن
أو أكثر .وأن القاضي إنما هو نائب عن السلطان،فإذا حل المام وهو القاضي
الصيل محل النائب والوكيل؛ فذلك هو المر الطبيعي ،وليس هو المشكلة ،وقد
32
اعتبر الجمع بين السلطات الثلث من هدي النبوة والخلفاء الراشدين،وقد فند
الباحث هذه النظرية(انظر المعايير الدولية لستقلل القضاء في بوتقة الشريعة
السلمية المعيار الثالث ،)56-51 :وكتيب (الدستور السلمي منقذا من
الكسروية والعلمانية معا).
ونتج عن الخلل عدد من السلبيات:
الخلل الولى :سعة حجم المنطقة ،التي أباح فيها نظام الحكم للمام أن يلزم
الناس فيها باجتهاده ،أو اجتهاد من يعينهم ،ويجسدون اتجاه رأيه.
وليس من صلحية القضاة أن يحكم بعدم مشروعية أي نظام(قانون).
والقضاة في القضاء العام ،يطبقون (النظام)القانون ،حتى ولو كان في تقديرهم
ل يحقق ما هو أولى أو أصح أو أصوب ،بل ولو كان مخالفا روح الشريعة في
العدالة ،مادام في المخالفة قولن أو أكثر،لنهم يعتبرون أن حكم ولي المر
يرفع الخلف ،لن ولي المر -في ثقافتهم القضائية السائدة -هو المخول
الصيل بالقضاء ،وليس القضاة إل وكلء.
[]19
ب-تحويل القضاء إلى هيئة من دون سلطة على
الحكومة:
وفي ظل قاعدة ولي المر أدرى بالمصلحة؛ صار دور القضاة والهيئات
الدارية الرسمية والهلية استسلميا ،تجاه القوانين والوامر،
ولو كانت مظنة مخالفة مبدأ العدالة الجتماعية أو القضائية-مادام قد أصدرها
ولي المر ،فليس لحد سلطة إلغائها ،ليس لحد قدرة على الحد من تجاوزاتها،
لن السلطة التنفيذية وضعتهم في قالب" النظمة المرعية".،
في القضاء العام صار من النادر أن يقوم القاضي بما يسمى (رقابة المتناع
عن تطبيق القانون) ،الذي يعتبره مخالفا نص مبادئ العدالة في الشريعة أو
روحها ،كما في تصرفات بعضهم تجاه نظام (قانون) إحياء الرض الموات،
33
ونظام توزيع الراضي البور ،الذي يحظر تملك الرض بالحياء ،إل بإذن إمام
الدولة ،الذي اشترط إذن أن يكون الحياء قبل عام 1387هـ .بناء على رأي
مالك بن أنس ،الذي يحصر الحياء بإذن المام ،مع أن المتقرر في المذهب
الحنبلي ،وهو المرجع المعتمد للقضاء السعودي ،جواز الحياء ،من دون إذن
المام ،كما قرر ذلك إمام المذهب :أحمد بن حنبل ،الذي استند إلى الحديث
الصحيح الصريح" من أحيا أرضا ميتة فهي له" .وهذا يتواكب مع المبدأ
السلمي من أن الرض والثروة مـلك للمواطنين من حيث الصل ،فهم
مشتركون فيها ،ومن أخذ من شيء له نصيب منه فأخذه جائز ،ل سيما اذا كان
الحكم جبريا جائرا.
ومستند القضاة في ترك هذه الرقابة ،أنهم يرون أنه يجب عليهم طاعة
الحاكم ،إذا ولهم القضاء واشترط عليهم أن يطبقوا مذهبا معينا؟ ،وهو الرأي
السائد في الثقافة القضائية لن المام هو القاضي الصيل ،وليس القاضي في
المحكمة إل وكيل ،ولن القاعدة الفقهية المسلمة" ولي المر أدرى بالمصلحة".
الخلل الرابع :وبناء على أن ولي المر أدرى بالمصلحة ،هناك قاعدة فقهية
مسلمة تقول"رأي المام يحسم الخلف والتنازع بين الجهات" ،ويمكن بناءا
على هذه القاعدة؛ أن يختار إمام الدولة من أقوال الفقهاء ما يشاء ولو كان رأيا
مرجوحا ،يتناقض مع مقاصد الشريعة ،أو سائلها ول يعد هذا الرأي متعارضا
مع أحكام الشريعة ،مادام قد قال به بعض الفقهاء ،وما أكثر أقوال الفقهاء
المرجوحة ،في شق الشريعة المدني.
على أن القول بأن حكم المام يحسم النزاع ،غير مسلم به ،فالحاكم الذي
يحسم حكمه الخلف ،إنما هو القاضي ،والنزاع الذي ينحسم هو الخصومة بين
خصمين في حق خاص ،وإعطاء إمام الدولة هذا الحق؛ قول ليستند إلى دليل
معتبر ،إنما هو من الوهام الشائعة.وقد أدت هذه القاعدة إلى اتساع حجم
34
المنطقة ،التي أباحت فيها السلطة التنفيذية لنفسها ،أن تلزم المجتمع والدارة
باجتهادها.
إن مثل هذه النتهاكات لحقوق المة؛ جاءت متساوقة مع القاعدة الفقهية
العباسية المسلمة ،التي تقول":ولي المر أدرى بالمصلحة" ،ومن المسلم به في
الشريعة ،أن الحاكم(ونستبعد مصطلح ولي المر ،لن تطبيقاتها تجسيد لنظام
الستبداد) إنما هو وكيل عن المة في إدارة شئونها ،أما تقرير ما فيه مصلحة
المة فهو لما تجمع عليه المة عبر ممثليها وخبرائها ،كل حسب اختصاصه.
[]20
ج -استحواذ الملك على دور السلطة النيابية:
ونتج عن قاعدة(ولي المر أدرى بالمصلحة)ترك مشاورة المة ،في القرارات
الكبرى ،التي اتخذتها الدولة ،في السياسة الداخلية ،نتج عنه اختلل كبير في تحديد
مصالحها ،في الدارة والتربية والعلم والتعليم وفي القتصاد وهدر للمال العام.
وفي السياسة الخارجية ،من خلل معاهدات وعلقات وتحالفات ،يدفع الشعب اليوم
فواتير نتائجها ،ويتأثر بذلك مستقبله ومصيره ،وهو لم يستشر في شيء منها.
ففي النظام الساسي للحكم؛ يعتبر الملك مرجع السلطات الثلث :التنفيذية
والقضائية والتشريعية(التي تسمى التنظيمية) فتقول(المادة الرابعة والربعون):
"تتكون السلطات في الدولة من :السلطة القضائية السلطة التنفيذية السلطة
التنظيمية ،وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها وفقا لهذا النظام وغيره من
النظمة ،والملك هو مرجع السلطات".
من أجل ذلك نجد أن النصوص الساسية في النظام القضائي ونظام
الحكم ،مخلة إخلل صريحا بمبدأ استقلل القضاء ،فضل عن عدم وجود سلطة
تشريعية،لن نظام الحكم لم يؤسس على الفصل بين السلطات الثلث.
35
السلطة التنظيمية نوع من أنواع السلطات ،غير موجود في أنظمة الحكم
الدستورية ،وهي هيئة ل وجود لها في هيكل الحكم ،فليس فيه كيان مستقل
اسمه:السلطة التنظيمية .هل يمكن وجود سلطة ليس لها هيكل ،ول جهاز
إداري ،إنها مسألة صورية توحي بأن السعودية تقر نظام الفصل بين السلطات،
ولكنها صورة ذهنية غير واقعية ،ل ندري هل جاءت عبارة :السلطة التنظيمية،
لعطاء انطباع بأن السلطات ثلث .أم إمكان قيامها مستقبل؟ ،نعم في هيكل
الحـكم توجد جهات تنظيمية ،كهيئة الخبراء في مجلس الوزراء ،ولكنها هيئة
تقترح ،وليست سلطة تقرر ،ولو افترضنا أن لها سلطة ،لما كانت لها قوة
السلطة التشريعية المنتخبة ،في الدول الدستورية ،ففي الهيكل هناك القضاء،
وهناك مجلس الوزراء ،الذي يبت في النظمة ،وتسميتها تنظيمية تسمية
غامضة ،فهل هي محاولة للخروج من تبعات تسميتها بـ(السلطة التشريعية)،
الدالة على طبيعتها ووظيفتها في الحكم الدستوري ،ول نظن مجرد إيحاء الكلمة
بالتشريع؛ وهو أمر غير جيد اليحاء في الثقافة الدينية الشائعة في السعودية؛
سببا كافيا لهذا المسمى ،إذ يمكن تسميتها (السلطة النيابية التشريعية) ،وذلك
اسم ينسجم مع طبيعتها ووظيفتها ،ويأتلف مع مجموعة المصطلحات الفقهية
السلمية الدستورية.
استحواذ السلطة التنفيذية على صلحيات السلطة النيابية ،أفضى ذلك إلى
قيام الهيئات التنظيمية ،بإصدار توصيات واقتراحات تشريعية ،يضطر القضاء
للعمل بها ،لن نظام القضاء ينص على أن المرجعية هي الشريعة والنظمة
المرعية.
[]21
د -إبهام عبارة:النظمة المرعية وإيهامها:
عبارة النظمة المرعية عبارة تعطف في الغالب على عبارة اللتزام
بالشريعة ،فيقال مثل(نظام هيئة التحقيق والدعاء :الباب الثاني:المادة
36
الثانية)"يتمتع أعضاء الهيئة بالستقلل التام ،ول يخضعون في عملهم إل لحكام
الشريعة ،والنظمة المرعية".
عبارة النظمة المرعية ،يراد بها إمكان سن القوانين التنظيمية ،التي تجسد
مقاصد الشريعة ،ولكن هذه العبارة إذا لم تضبط تضعف عبارة الخضوع للشريعة
السلمية ،وهي تحتوي على قدر كبير من البهام واليهام معا .فهل النظمة
مرعية لنها من التفصيلت الظنية في الشريعة السلمية ،التي تتسق في إطار
الكلية؟ ،أم هي أنظمة مرعية في المعايير الدولية؟ أم هي مرعية في العراف
الجتماعية والسياسية والحقوقية السائدة؟ لقد جاء التأكيد على مشروعيتها
بأنها "المرعية" ،ولكن العبارة فضفاضة ،توسع مجال السلطة التنفيذية في سن
النظمة ،والسلطة التنفيذية غير مخولة دستوريا بذلك ،وهي باب تدخل منه
رياح التدخلت ،التي تحمل لفتة المصلحة العامة ،من دون تفريق بين مصلحة
حقيقية وأخرى متوهمة.
والنظمة المرعية هي القوانين التي تصدر من السلطة التنفيذية ،فيعتمدها
مجلس الوزراء .ثم يصدر بها مرسوم ملكي ،ومجلس الوزراء ليس له أن
يمارس سلطة تشريعية ،فيسن قوانين ،يطلب تطبيقها من جهات أعلى منه
دستوريا ،كالسلطة القضائية ،لنه ل يخول ذلك دستوريا ،فهو جهاز تنفيذي.
إن السلطة التنفيذية غير مخولة دستوريا؛ بإصدار ما تراه مناسبا ،إذ إن
التخويل الدستوري؛ يقتصر على السلطة النيابية (أهل الرأي المتشكلة من الذين
يجمعون ثلثية القوة المعرفية والجتماعية و الخلقية إنهم هم المخولون-
شعبيا -بالحل والعقد ) ،في تقرير مصالح المة ،على ضوء الكتاب والسنة .ول
يكفي أن يقر مجلس الشورى (المعين) القوانين ،لسببين :الول :أن قراره
استشاري غير ملزم ،والثاني :ليست له سلطة دستورية ،لنه ليس مفوضا
تفويضا شعبيا.
37
[]22
المقالة السابعة
نظام الحكم (المكتوب)يخل
بشرطي البيعة على الكتاب
والسنة :العدل والشورى
أ-العدل أساس الحكم في كل دولة وأمة وملة:
إذن هوأصل من أصول الدين القطعية الكبرى:
إن العدل هو أساس الحكم ،وما هو أساس للحكم فهو أساس في السلم،
واعتبار العدل من مقاصد الشريعة وكلياتها الكبري القطعية ،من ما صرح به
القرآن الكريم ،كما في قوله تعالى " يا داوود إنا جعلناك خليفة في الرض فاحكم
بين الناس بالحق ول تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ال ،إن الذي يضلون عن سبيل
ال؛لهم عذاب شديد ،بما نسوا يوم الحساب"(سورة ص.)26:
بل إن القرآن صرح أن الهدف من إرسال الرسل وإنزال الكتب هو إقامة ميزان
القسط والنصاف.
فالقرآن نص على أن ال أنزل الكتب وأرسل الرسل لقامة ميزان العدالة ،كما
في قوله تعالى"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ،وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ،ليقوم
الناس بالقسط ،وأنزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس ،وليعلم ال من ينصره
بالغيب ،إن ال لقوي عزيز"(الحديد.)25:
[]23
فالشريعة جعلت إقامة العدل فريضة كبرى ،وأصبح تحقيق هذه الفريضة ل
يتمكن منه إل بوسائل ،ل يمكن تحقيق العدالة ،من دون ترسيخ مبدأ الشورى ،هذا
يؤكد أنه ل يكون تطبيق الشريعة شامل ول تاما ول فعال ول بريئا من التجزئة
38
والهوى ،إل بإقامة الحكم الشوري .ولو افترضنا أنه يمكن تحقيق العدل في الدولة
القديمة دون النظام الشوري ،أو يمكن تحول مساوئ الستبداد إلى أمور ثانوية،
لوجدنا خطورة الجمع بين أعنة السلطات الثلث في الدولة السلمية الحديثة ،ماثلة
للعيان ،ليكاد يختلف فيها اثنان: :
لن الدولة الحديثة تختلف عن الدولة القديمة في طبيعتها ووظيفتها؛ فقد كثرت
تنظيمات الدولة ،التي تقيد حرية الفراد ،في القامة والسفر ،والبناء والبيع
والشراء ،والحوال المدنية والمرور .لقد أصدرت الدولة عديدا من النظمة
والقوانين ،التي تمس حياة جمهور الناس ،وهذه النظمة قد تحد من حرياتهم التي
أعطاهم ال ،أو تضايقهم في أرزاقهم ،أو تحرم عليهم ما أحل ال من حقوق
سياسية وثقافية ،أو تفرض عليهم رسوما وضرائب.
أو على أقل تقدير لم تقررها جهة مفوضة من الناس بتقرير مصالح ليس لها
ضرورة ،أو ل تنبع من أساس موضوعي لمعالجة المشكلة.
وصارت للدولة الحديثة أجهزة أمن تقنية ،وتقنيات متطورة في التحري
والمراقبة ،تنشد بها حفظ المن والسلمة ،ولكنها قد تنال من حرية الفراد
والجماعات المشروعة ،التي إنما دور الدولة حمايتها ،فأصبحت بحاجة إلى
ضوابط ،لكي ل تضر بحقوق الفراد.
وصارت الدولة ذات علقات خارجية سياسية واقتصادية معقدة مركبة ،وكثرت
التصالت والمواصلت ،وتضخم السكان وكثرت المدائن .من أجل ذلك صارت
للدولة أنظمة وقوانين ،تنشد التنظيم والمن .فصارت شورى أهل الحل والعقد ،أمرا
ل مناص منه.
[]24
ج-نحوالدولة السعودية الرابعة
لقد قامت الدولة السعودية على اتفاق بين المامين :محمد بن عبد الوهاب
ومحمد بن سعود،على رعاية شطري العقيدة السمو الروحي والسمو المدني،
39
السمو الروحي بإقامة :شعائر المناسك ورأسها التوحيد ،والسمو المدني ،و أهم
مجالته إقامة الحكومة المدنية مؤسسة على العدالة ،في مجتمع صحراوي وقروي،
كل قرية فيه كانت تشكل كيانا منفصل وكل قبيلة كانت تشكل كيانا مستقلً ،وهذا
التفاق هو أساس مشروعية الحكم.
وكانت الدولة السعودية الولى رائدة في هذا التجاه ،ولذلك نجحت ،وسقوطها
لم يكن بسبب الخلل بهذا المبدأ القيم .إنما كان لنها لم تراع طبيعة التغيرات
العالمية والقليمية ،وما جد من وقائع ،تحتاج إلى ابتكار حلول ول المعادلت
الدولية ،فتصرفت وهي دولة عادية تصرفات الدول الكبرى مع الجيران ،وهذا هو
سر سقوطها .ولم تظهر للدولة السعودية الثانية قائمة ،لنها أرادت أن تعيش
بنفس المشروع الول ،ولم تراع ماجد من النوازل والوقائع ،من أجل ذلك سقطت
لنها واجهت المشكلت الجديدة الوليدة بحلول عقيمة .ولم تكن الظروف الجتماعية
سانحة لبناء الدولة بنفس القوة الولى.
وقامت الدولة السعودية الثالثة ،بقيادة الملك عبد العزيز رحمنا ال وإياه،
وعاصرت أحداثا عظاما ،على تراث العدل ،الذي جذب الناس إلى الملك عبد العزيز،
ولكن العدل من دون شورى تآكل شيئا فشيئا ،فجمد الفكر الداري ،في ظلل
ضغوط ومتغيرات عالمية ومحلية ،وحاولت الدولة التجديد والمرونة ،ولكن الفكر
السياسي والقضائي قيد خطاها ،مهما حاولت تجديد القوالب والهياكل القديمة،
ومواكبة المتغيرات.
[]25
د -ل تقوم شورى(أولي المر من أهل الرأي والعقل)
دون مجلس نواب منتخب لهل العقد والحل :
ول يكفي لتجسيد مقصود الشريعة في العدل والشورىاليوم تطبيق أنماط غير
قادرة على حل النوازل ،ول على استيعاب ماجد من الوقائع ،ول تطبيق أنماط
إدارية تصلح لمجتمع قديم بسيط ،على مجتمع حديث تعقدت فيه المور ،ول تطبيق
40
أنماط تبدو أمام أنماط الدول الدستورية هشة خاملة ،ول سيما عندما تقدم على أنها
من الشريعة لبد فيه أن "تحدث للناس -كما قال عمر بن عبد العزيز -أقضية،
بمقدار ما أحدثوا من الفجور" .ليس الفجور فحسب ،بل كثرة المشكلت والتعقيدات،
التي اتسمت بها المجتمعات الحديثة.
وقيام مجلس نيابي انتخابي ،في أي دولة إسلمية حديثة؛ من الجراءات
والليات والهياكل التي ل يمكن تحقيق العدل والحق من دونه اليوم ،وحيث إن
القيام بالحق والعدل والشورى فرائض إسلمية كبرى ،فإن مال تتم الفريضة
الكبرى إل به ،من وسائل وآليات وأطر وهياكل فإنما هو فريضة ،ولو لم يصرح
القرآن والسنة به ،ولو لم يفعله النبي صلى ال عليه وسلم والخلفاء الراشدون كما
قرر تلك القاعدة المحققون من العلماء وابن عقيل ،كما نص على ذلك ابن القيم في
مطلع كتاب (الطرق الحكمية).
41
لكي تستمر البلد قبلة المسلمين نموذجا إسلميا ،يتواكب مع الوقائع،
وينظر إليه الناس ،لبد أول من تجديد مفهوم البيعة الشرعية؛ بأنها مبنية على
اللتزام بشرطي العدل والشورى.
[]26
هـ-كيفية التعزيز:
يبدأ الحل من فوق بإنشاء مجلس نيابي حر منتخب من جميع أفراد المة
رجال ونساءا ،في الحواضر والقرى والبوادي ،يحل محل السلطة التنفيذية في
تفعيل مبادئ الشريعة ،في ما نصت عليه من عبادات محضة وعبادات غير محضة،
ويسهم في تقرير ما للناس أفرادا وجماعات ،من حقوق مدنية وثقافية واجتماعية
وسياسية واقتصادية ،وإصدار النظمة واللوائح والقوانين ،التي تكفل للناس صلح
المعاش والمعاد ،فالسلطة النيابية هي الجراء الحديث،لتجسد مفهوم أهل الحل
والعقد ،الذين صاروا أهل الحل والعقد(بالمفهوم العباسي) أو أولي المر(بالمصطلح
القرآني والمفهوم الراشدي) ،لنهم يجسدون إجماع المة،المخولة بنص القرآن
بتقرير مصيرها ،وتحديد مصالحها ،وتفويض (واليٍ) ل (ولي أمر) في إدارة
شئونها.
وبذلك يمارس المجلس النيابي؛ الرقابة على السلطة التنفيذية ،بجانب
رقابة السلطة القضائية.
ول يغني عنه مجلس الشورى الحالي ،الستشاري المعين ،لنه مجلس
خبراء يستشارون فيشيرون ويوصون ول يقررون ،وليس لهم سلطة تمثيلية ،ولكل
منهما وظيفة ،فوظيفة مجلس الشورى ،الذي ينبغي أن يضم العلماء والخبراء في
كافة الشئون ،إنما يقدم مشورة يوصي بها .ورأس الدولة خاصة والسلطة التنفيذية
عامة ،لنه جهاز من أجهزتها.
وطبيعة تشكيل مجلس الشورى المعين من الخبراء ،ووظيفته الستشارية ،ل
تجعل هيكله مناسبا لحتضان مجلس نيابي ،فلبد من إنشاء (مجلس نواب) منتخب
42
ذي سلطة ،يحل محل السلطة التنفيذية في إصدار النظمة واللوائح والقوانين ،على
ضوء الشريعة ،لكي تمارس الرقابة على السلطة التنفيذية ،بجانب رقابة السلطة
القضائية.
إذن ل يمكن في الدولة السلمية الحديثة تطبيق مبدأ الشورى النيابية ،من
دون مجلس لهل الحل والعقد ،ينتخب فيه أهل الرأي والعقل منتخبا من جميع
الناس رجال ونساءا ،لضمان إصدار أنظمة ل تخالف روح الشريعة في العدل
وتحري المصالح العامة ،وثوابتها القطعية ،وليقر المجلس ما تتبناه السلطة
التنفيذية من قوانين وأنظمة ،من حيث أصل المشروعية أول ،ومن حيث استجابة
النظمة لمصالح الناس ثانيا ،ويراقب أداء الحكومة ويحاسب على الخلل
والتقصير.
[]27
المقالة الثامنة
الفصل بين السلطات هو
الضامن لشعار (حكم إسلمي) في
أي دولة إسلمية اليوم
أ-اللت والوسائل لها حكم المقاصد والغايات
الوسائل لها حكم الغايات ،كما قرر الصوليون -ما لم تعارض الوسائل تحقيق
المقاصد ،فإذا عارضت الوسائل مقصدا شرعيا فل عبرة بها ،كمسألة تعذيب
المتهم ،فالتعذيب قد يؤدي إلى معرفة المجرم ،ولكن الوسيلة مرفوضة شرعا،
لسببين :الول قد يعذب مئة من دون وجه حق ،بسبب جريمة واحدة ،الثاني ان
المتهم يقر تحت التعذيب بما نسب إليه لو لم يفعله .حاصل ذلك أن هياكل الحكم
43
الدستوري كضمانات استقلل القضاء واجبة ،لن العدل ل يتحقق في الدولة الحديثة
إل بها .من أجل ذلك فإن من الفقه في الدين؛ أن ينادى بالفصل بين السلطات.
[]28
ب-النظام الدستورى إطار تطبيق شرطي العدل
والشورى:
ول يمكن استقلل القضاء من دون تطوير نظام الحكم الملكي من صيغة
مطلقة الصلحية إلى "صيغة دستورية" مقيدة بالختصاص والمساءلة ،يقرر
الدستور فيها أن المة هي المخولة بتحقيق مقاصد الشريعة ويقرر أن السلطة
التشريعية لنواب المة ،وتحدد فيها سلطات السلطة التنفيذية ،يفصل بين
السلطات الثلث ،ويحدد مرجعية كل سلطة ،ويمايز بين صلحياتها وتنتشر قيم
المجتمع المدني ،وتقوم هياكله الهلية .إن النظام الدستوري نظام محايد ،فهو
الوسيلة المناسبة لقامة ميزان العدل والمشاركة الشعبية ،سواء كانت الدولة
إسلمية أم غير إسلمية ،سواء كان النظام ملكيا أم جمهوريا ،سواء أسمي
الملك إماما أم خليفة أم أميرا للمؤمنين.
والرئيس أو الملك فيه هو رأس الدولة كلها ،فهو رأس الدولة عامة
والتنفيذية خاصة ،وهو الممثل السمى للدولة ،وهو المام المكلف بسياسة
الدولة وحراسة الملة ،وهو رمز وحدة الدولة والمة والوطن ،وهو رمز شرعية
الحكم ،وراعي حقوق المواطنين وحرياتهم ،أفرادا وجماعات ،وهو الذي يعين
الوزراء وهو القائد العلى للقوات المسلحة ،وهو الذي يعين الموظفين المدنيين
والعسكريين والممثلين السياسيين ،وهو الذي يبرم المعاهدات الدولية ،وهو
الذي يعلن حالة الطوارئ ،وهو الذي يعين القضاة ،وأعضاء المحكمة الدستورية
العليا ،ورئيس ديوان المحاسبة .ويملك الحق في إيقاف مجلس المة ،عندما
يتعذر التعاون بين الملك والسلطة التنفيذية من جانب ،ومجلس المة من جانب
آخر ،ميزة النظام الدستوري أنه يضبط هذه الصلحيات بتوازنات.
44
ول يمكن تحقيق العدل والشورى إل من خلل النظام الدستوري ،ول يمكن أن
يقوم الحكم الدستوري من دون أن يتعزز استقلل القضاء ،فاستقلل القضاء واجب،
لن ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب.
وهو يجدد وسائل تطبيق الشريعة ،بآليات وإجراءات وهياكل حديثة ،وهذه
الجراءات الدستورية الخمسة منها استقلل القضاء ،واستقلل القضاء ل يتعزز إل
في إطار الفصل بين السلطات الثلث ،وقيام السلطة النيابية ،وتحديد السلطة
التنفيذية ،وانتشار ثقافة المجتمع المدني قيما ونظما وهياكل أهلية.
[]29
ج-أركان الدستور الخمسة:
يقوم النظام الشوري على أن سلطة المة التمثيلية إنماهي لهل الرأي والعقل
والخبرة على العموم -ل للفقهاء والمراء على الخصوص -في تحقيق مقاصد
الشريعة ،فالمة هي المخاطبة بالتكليف ،ولن الوسائل المباشرة ليست ممكنة ول
عملية في إطار الدولة ،صار من الضروري النابة والوكالة،فصار الحاكم وكيل عن
المة .ولكن لكي ل ينحرف الحاكم من وكيل للمة إلى وكيل عليها ،يستخدم جيشها
وبوليسها لتخويفها وتدميرها ،ومالها وأراضيها لله وحاشيته ،ل بد من توزيع
مقاليد السلطة؛ كا يلي:
-1أن يكون القضاء سلطة مستقلة عن سلطة الحاكم ،تعيينا للقضاة
ونقل وفصل وتقاعدا ،وقواعد قضائية وتطبيقا.
-2قيام سلطة نيابية تمثل المة ،هي مجلس نواب المة ،بتشريع النظم
المعمول بها في الدولة ،ومراقبة أداء الجهزة الحكومية ،ومحاسبة من يخل
بواجبات الوظيفة العامة.
-3حصر وظيفة السلطة التنفيذية بالتنفيذ.
45
-4والفصل بين السلطات الثلث .وتقرير هذه الحقوق بقوانين يقرها مجلس
نواب المة.
-5قيام المة بحراسة مجلس النواب واستقلل القضا ،عبر تواجدها في
جماعات مدنية أهلية ،وعبر تفاعل جماعات المجتمع المدني الهلية ،وحرية المة
في تكوين جمعيات ونشاطات ،وتعبيرها الحر عن مصالحها ،عبر وسائل الثقافة
والعلم ،وقيامها بالتعبير عن ارادتها عبر التجمع والتظاهر والعتصام ونحوها
من الوسائل السلمية ،لن هذه الوسائل الشعبية هي السور الذي يضمن ما عداها
من وسائل غير مباشرة.وهذا هو أساس قيام المة ،بتوزيع السلطة ،إلى ثلث
شعب ،بد ًل من الحكم الفردي المطلق و الفصل بين السلطات الثلث مقتضى الحكم
بالحق ،وهو نقيض إتباع الهوى ،لن في ذلك سعادة الدارين.
[]30
د-كيفية تعزيز شرطي البيعة :العدل والشورى:
أركان الحكم الدستوري الخمسة ،هي الوسيلة المناسبة اليوم لتحقيق العدل،
والبعد عن الهوى ،في الدولة الحديثة ،والعدل له وسائل جربتها المم القديمة
والحديثة (سواء سميت جمهورية أو ملكية) ،فلم تجد أنجع من مفهوم الحكم
الدستوري:
من أجل ذلك فإن الخذ بالجراءات الحديثة التي ابتكرتها دول متقدمة ،حققت
قدرا كبيرا من العدالة ،إنما هو من ما دلت عليه الشريعة ،وليس من المصالح
المرسلة ،التي لم يدلل عليها الشرع بنفي ول إثبات ،لكي يكون في مشروعيته
قولن.
ول يمكن أن توجد ،مصلحة مرسلة من العتبار ول مفسدة مرسلة من اللغاء
لم تذكرها الشريعة ،بل هي ملغاة من التفصيل كما قرر ابن تيمية.
فكل المصالح التي دل على أصلها الشرع ،فالشرع دل على استقلل القضاء،
وبين أن الهوى إذا لم يتبع الحق إنما هو سبب الفساد ،وذم ال الهوى الفاسد في
46
كتابه مرارا ،والهوى ضد النصاف والعدل ،والسداد ،واستقلل القضاء هو سلمته
من الهوى ،وكل الوسائل التي تؤدي إلى سد الثغرات ،التي يدخل منها الهوى
الفاسد ،وتضمن الحكم بالقواعد الشرعية مشروعة .. .تماما كالتعليم فوجوب
التعليم نص عليه السلم ،ول يتحقق التعليم اليوم في الدولة الكبيرة؛إل بوسائل
وإجراءات فللتعليم مبادئ نص عليها السلم ،وللتعليم هياكل ،كالمدارس والفصول
والكتب والمدرسين والدارة المدرسية ،والهياكل من الجراءات والنظريات ،التي ل
يمكن تنفيذ مبدأ التعليم من دونها ،وكذلك مبدأ العدل في القضاء.
إن رفض نظرية(الفصل بين السلطات الثلث) تحت شعار الدفاع عن الشريعة،
إنما هو غفلة عن الوسائل المستجدة الكثر ضمانا لتطبيق الشريعة والعدالة معا ،قد
يمتطيها الغافلون عن التمييز بين ما هو مقصد شرعي وما هو وسائل المقصود
الشرعي ،و بين الجراءات والهياكل التي ناسبت العصور الموية والعباسية،
فخلطوا المقاصد بالوسائل ،فلم يثمنوا الجراءات والهياكل التي تناسب العصور
الحديثة ،فأسهم ذلك في تثبيت تخلف المة ،ودعم هياكل وإجراءات نشر الظلم
والجحاف باسم تطبيق الشريعة ،فقدموا السلم ظهيرا للدكتاتورية والستبداد وأكل
أموال الشعوب ،ففتحوا البواب لدخول قوى العلمنة والمبريالية والستعمار ،التي
حلقت بجناحي العدالة والحرية ،فرضت هيمنتها على الناس ،بحرية براقة وعدل
جذاب
[]31
المقالة التاسعة
نظام القضاء وزئبقية مصطلحي
"تطبيق الشريعة" و"الحكم بما
أنزل الله"
47
هـ-تطبيقات عبارة:اللتزام بالشريعة السلمية:
تتكرر وتكثر في القوانين السعودية ،عبارة اللتزام بأحكام الشريعة
السلمية ،وهو اتجاه حسن في الزمنة الحديثة ،التي جرت فيها أغلب الدول
السلمية ،على الحكم بغير ما أنزل ال ،وتهميش الشريعة.
لكن عبارة سلطان أحكام الشريعة السلمية ،التي تفيد قوة استقلل
القضاء ،أو اللتزام بأحكام السلم ،غير منضبطة بمرجعية فقهية مستقلة ،تحدد
ما هو دستوري أي شرعي وما هو من العوائد التي جرت عليها الحكومات
الجبرية ،بعد عصر الراشدين وأدخل في الشريعة عبر التأويل والتحريف
والنصوص الفقهية التي تجعل للمام سلطة الجتهاد في سن النظمة مخلة
بمبدأ استقلل القضاء وتحكيم الشريعة معا ،فالسلطة التنظيمية تصدر أنظمة يجب
أن تكون مرعية ،أي أن على القضاء وسائر مرافق الدولة أن يعملوا بها ،فيقرر
نظام المرافعات المشار إليه آنفا أن" :تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أحكام
الشريعة السلمية ،وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة ،وما يصدره ولي المر من
أنظمة ل تتعارض مع الكتاب والسنة" .ويقول نظام القضاء " القضاة مستقلون ،ل
سلطان عليهم في قضائهم لغير احكام الشريعة السلمية والنظمة المرعية ،وليس
لحد التدخل في القضاء" (المادة . )1
العبارة ضعيفة في التعبير عن الستقلل ،فاستقلل القضاء له مفهوم محدد،
هو أنه استقلل نظام ل استقلل اشخاص ،واستقلل القضاة (اشخاصا) ل يغنى عن
النص على استقلل القضاء (نظاما) أي النص على أنه سلطة مستقلة.
وهذه العبارة عليها ثلثة مآخذ:
الول :أن العبارة ضعيفة في التعبير عن الستقلل والعبارة المعيارية ،أن
يقال :القضاء سلطة مستقلة وليس لي سلطة أخرى سلطان عليه.
الثاني :من يحدد اعتبار هذا القانون أو ذاك من أحكام الشريعة ،في ظل ثقافة
فقهية ل تكاد تجد فيها في أي مسألة قولً (نظريا) واحدا ،فضلً عن كيفيات
48
التطبيق،؟ ول بد لضبط ذلك من أن ينص على دور المحكمة الشرعية الدستورية
العليا ،مرجعا في تحديد ما هو شرعي من ما هو غير شرعي.
ولم يحدد النظام هيئة تشكل مرجعية معتبرة من الفقهاء الخبراء في
الشئون المدنية ،مستقلة الرادة ،ل تسيطر الدولة على تشكيلها،تنخل الراء
الكثيرة المتقاربة والمتناقضة ،لكي تحسم مسألة اعتبار هذا الرأي أو ذاك من
أحكام الشريعة المعتبرة ،وعدم مخالفتها الشريعة أول .ولكي تحسم-ثانيا-
التنازع بين السلطة التنفيذية والجهات الخرى ،فأدت قوة سلطة ولي المر من
حيث التطبيق ،إلى ضعف مرجعية الشريعة ،في الحفاظ على مقومات حياة
المجتمع ،في التربية وسيادته والدارة والقتصاد.
[]32
ب-زئبقية مفهوم:لتتعارض مع أحكام الشريعة:
وعبارة ل تتعارض مع الكتاب والسنة؛ ل تكفي للدللة على استقلل
القضاء الشرعي ،عن تدخلت السلطة التنفيذية ،ل في مبادئ نظرية الحقوق ول
في إجراءات تطبيق المبادئ للسباب التالية:
الول :أن كثيرا من النظمة؛ ل تكاد تتعارض صراحة مع نص قطعي
صريح ،ولكن النصوص القطعية الصريحة؛ في شق الشريعة المدني ،مجال
حياة المة أفرادا ومجتمعا ودولة قليلة ،وهي في المسألة الدارية والسياسية
نصوص مبادئ ثابتة مجملة محصورة ،ويمكن أن تنشأ عليها نظريات وكيفيات
وآليات تفصيلية متغيرة كثيرة غير محصورة ،وتقوم على هذه الكيفيات
والنظريات حياة الناس.
الثاني :أن النصوص المجملة يمكن أن تتعرض لتأويلت وتفسيرات شتى،
والفقه الجتهادي السلمي المتراكم عبر الزمنة ،ليس في مستوى واحد ،من
التساق مع عدل الشريعة ،وهو مليء بالراء المتباينة في مجال الحياة المدنية،
وحقوق النسان .ففيه آراء عادلة معيارية ،تنسجم مع كليات الشريعة
49
ومقاصدها وروحها ،وفيه آراء مضطربة،ترعرعت في أجواء الختلل ،مخلة
بحقوق النسان ،التي جاء بها السلم قبل أربعة عشر قرنا؛ من تنادي المم
إليها في العصر الحديث ،كتجويز تعذيب المتهم.
الثالث :عبارة النظمة المرعية عبارة ملبسة ،تفتح المجال ،لكي تخل الحكومة
بسلطان القضاء ،ما دام النظام قد نص على أن سلطان النظمة المرعية فوق
سلطان القضاة.
هناك تدخل مباشر في استقلل القضاء؛ فالنص على استقلل القضاء ،لم
تبن عليه إجراءات كافية ،تضمن قوة مبدأ الستقلل ،ومفهوم استقلل القضاء
السعودي؛ أقل بكثير من ما هو متعارف عليه ،في القانون الدستوري ،ومن ما
هو مطلوب في السلم لستقلل القضاء.
ومع أن النظام نص على أن ل تناقض الشريعة ،فإن الواقع يشير إلى
أمرين :الول أن عددا منها غير قليل؛ يخالف كليات الشريعة ومقاصدها
القطعية؛ يخالف نصوصها أو روحها ،في تجسيد مبدأ المساواة ،ككثرة الرسوم
والضرائب مع تكاثر الثروة النفطية ،وعدم الشفافية في أرقام موارد المال العام
و لسيما النفط ،والتسيب في طرق مصروفات المال العام ،الثاني :عدم وضع
جهات ول آليات كافية لنقض هذه النظمة أو رفضها أو التظلم منها.
[]33
ج-أسلمة الستبداد والظلم والهوى:
عدم إمكانية التثبيت من صلحية هذه النظمة والقوانين فقد تحقق مصلحة
حقيقية ،وقد تحقق مصالح متوهمة .أمكن-تحت هذا اللبس -إمرار تجاوزات
أخلت بمقاصد الشريعة في تجسيد مبدأ العدالة والمساواة ،ونظام (قانون) توزيع
الراضي السكنية والزراعية أوضح دليل على ذلك ،فقد صدر نظام يمنع امتلك
الرض الموات بالسكنى والزراعة ،وجعل التملك مشروطا بإذن (المام) ،وهذا
50
نظام ظاهره العدالة ،و هو مبني على قول مرجوح للفقهاء ،ولكنه عند التطبيق
أخل بالعدالة.
عندما أصدر ولي المر آلف الوامر ،التي أمر بها السلطة القضائية،
بإصدار ألوف الصكوك ،كل صك بمليين المتار وألوفها ،في مواقع ثمينة،
منحت ذوي النفوذ والمقربين فازداد الغنياء غنى ،وازداد الفقراء فقرا ،وجسد
ذلك إخلل في استقلل القضاء لن القضاة صاروا مجبرين على تنفيذ الوامر،
وليس لهم حق الرفض فضل عن النقض ،وليس هناك مرجعية يحتكمون إليها
في كون هذا المر أو المرسوم شرعيا ،وقد جسد ذلك إخلل كبيرا بالعدالة
القتصادية.
[]34
المقالة العاشرة
ل رقابة للقضاء على السلطة
التنفيذية وكيف حلت السلطة
التنفيذية محل المحكمة الدستورية
العليا؟:
أ -منبع الختلل :تفرد الملك والمراء بالتشريع:
من المقرر علميا أن رقابة السلطة القضائية على السلطات الخرى؛ تعد
جزءا من ولية القضاء ،بل تعد المظهر العملي لستقلل السلطة القضائية ،في
الدول الدستورية (انظر :معايير:المعيار الرابع :وجود محكمة دستورية عليا:
)64-61
51
-ول يستقل القضاء ما لم تكن له سلطة رقابية على السلطة
التنفيذية والسلطة النيابية معا في جانب محدد هو دستورية ما يصدر من قوانين
وقرارات ،بأن يكون من الحقوق المرعية للفراد والجماعات؛ حرية رفع
الدعوى مباشرة إلى القضاء ،ضد أي شخص طبيعي أو اعتباري ،وضد أي
نشاط إداري تقوم به السلطة التنفيذية ،وضد أي نظام أو لئحة يصدرها مجلس
النواب.
اعتبار الملك مرجعية السلطات الثلث ،يفسر قيام السلطة التنفيذية عبر
مجلس الوزراء؛ بتفسير بعض النصوص النظامية المشكلة ،والفصل في تنازع
الختصاص ،والبت في الطعون المقدمة حول دستورية بعض نصوص النظمة
والقوانين ،أو الحكام الصادرة من القضاء الداري.
وعندما حل ولي المر محل السلطة النيابية .صار من صلحياته أن
يصدر من التنظيمات والقوانين ما يراه مناسبا ،وسوغ له الفقهاء ذلك ،وصاغوا
مبدأ التسويغ بعبارة متداولة" ولي المر أدرى بالمصلحة" ،وصار واجبا على
القضاة ورؤساء الدواوين والمواطنين؛ أن ينفذوا هذه النظمة.
وهذا يشير إلى مدى تضخم دور السلطة التنفيذية ،فهي ل تقوم بوظيفة
السلطة النيابية فحسب ،بل وبوظيفة المحكمة العليا في النظم الدستورية.
[]35
ب-على القاضاة أن ينفذوا ول يعترضوا
52
وفي ظل هذه الثقافة والتصورات؛ ل يمكن أن تنشأ نظرية لستقلل
القضاء ،فضل عن ضماناتها الجرائية ،فضل عن التطبيق ،ولذلك ظهرت
الخللت التالية:
ولنعدام المحكمة الدستورية ،ليس للقضاء سلطة رقابية ،على تصرفات
السلطة التنفيذية ،ل في مدى مشروعية القرارات أو القوانين أو الوامر ،ول
في مدى سلمة التنفيذ.
فليس من صلحية القضاة أن يحكم بعدم مشروعية أي نظام(قانون).
والقضاة في القضاء العام ،يطبقون (النظام)القانون ،حتى ولو كان في تقديرهم
ل يحقق ما هو أولى أو أصح أو أصوب ،بل ولو كان مخالفا روح الشريعة في
العدالة.
وصار دور القضاة والهيئات الدارية الرسمية والهلية
استسلميا ،تجاه القوانين والوامر ،ولو كانت مظنة مخالفة مبدأ العدالة
الجتماعية أو القضائية-مادام قد أصدرها ولي المر ،فليس لحد سلطة إلغائها،
ليس لحد قدرة على الحد من تجاوزاتها ،لن السلطة التنفيذية وضعتهم في
قالب" النظمة المرعية".،
في القضاء العام صار من النادر أن يقوم القاضي بما يسمى (رقابة المتناع
عن تطبيق القانون) ،الذي يعتبره مخالفا نص مبادئ العدالة في الشريعة أو
روحها.
[]36
ج-أعمال السيادة فوق سلطة القضاء وليس فيها
محاسبة:
وقد أدى انعدام المحكمة الدستورية ورقابتها على القوانين والوامر
والقرارات إلى مظالم كبرى ،لنه ليس هناك سلطة تستطيع أن تلزم الحكومة
بضوابط تحفظ أموال الشعب وممتلكاته ،ول سيما أن الحكومة لم تنشء (ديوان
المحاسبة) الذي يقوم بمثل هذه الوظيفة في الدول الخرى ،ول بضوابط تلزم
53
الحكومة في التصرفات الكبرى في المجالت الداخلية والخارجية .وأظهر نموذج
لذلك نظام(قانون) توزيع الراضي السكنية ،فقد صدر نظام يمنع امتلك الرض
الموات بالسكنى والزراعة ،وجعل التملك مشروطا بإذن ولي المر ،وهذا نظام
ظاهره العدالة ،وإن كان مبنيا على قول مرجوح للفقهاء ،ولكنه عند التطبيق
أخل بالعدالة ،فبناء على أوامر ولي المر أصدرت السلطة القضائية ،ألوف
الصكوك ،كل صك بمليين المتار وألوفها ،في مواقع ثمينة ،منحت ذوي النفوذ
والمقربين ،فصار لباب الراضي في المدن ،نهبا في يدي النخبة الجشعة من
الكبراء ،وساعد ذلك على تضخم ثروة النخبة السياسية والمحاسيب وشدة فقر
عموم المواطنين ،وجسد ذلك إخلل في استقلل القضاء ،وإخلل كبيرا بالعدالة
القتصادية .وتطبيقات هذا النظام تخالف روح الشريعة في العدل.
على أن أعظم علمة على ضعف القضاء؛ عدم قدرته على نقض أمثال
تلك القوانين والوامر أصل ،أو المتناع عن إصدار صكوك بمقتضاها.
وهذا يشير إلى مدى تضخم دور السلطة التنفيذية فهي ل تقوم بوظيفة
السلطة النيابية فحسب ،بل وبوظيفة المحكمة الدستورية أيضا.
وواقع القضاء أنه ليس له صلحية تتيح له سماع دعوى أي تظلم
من ممارسات هذه الجهزة البوليسية ،ما لم يستأذنها ،ولن يتأكد استقلل
القضاء،حتى يستطيع القاضي أن يسمع الدعوى ضد أي جهة ،من جهات
السلطة التنفيذية عامة ،و لسيما الجهات المنية ،من دون إذنها المسبق.
54
وظيفة الدولة العامة في حفظ أمن المجتمع وحقوقه ،ومصلحة الفراد في حماية
حرياتهم وحقوقهم الخاصة ،هي القضاء ،الذي ينظر إلى المدعي (فردا أو
جماعة) والمدعى عليه(وزارة أو مؤسسة حكومية) ،على أنهما خصمان ،على
كل منهما أن يثبت حقه الخاص أو العام ،وفق أساس قضائي (قانوني/نظام)
موحد القواعد مدون معلن واضح.
من المور التي عززت استقلل القضاء صدور نظام الجراءات الجزائية،
مؤخرا ،الذي خول القضاء سلطة الشراف على أعمال وإجراءات السلطة
التنفيذية،من بحث وتحر ،وقبض وتفتيش ،وتوقيف وسجن وتنصت ،أعطى
القضاء صلحية إبطال أي إجراء يخالف الضمانات ،لكن المشكلة أنه ليس هناك
تفعيل ول تطبيق لهذه الجراءات،وعدم ممارسة القضاء دوره الرقابي ،بسبب
ضعف القضاء والقضاة أمام السلطة التنفيذية ،وعدم استقرار عرف قضائي
يؤكد حقهم في إبطال أي إجراء ل يتفق والضمانات القانونية ،المنصوص عليها
في نظام الجراءات ،وهذا أخل بوظيفة القضاء الرقابية،باعتباره سلطة تراقب
مدى التزام السلطة التنفيذية ،بما صدر من أنظمة ،وتتأكد من عدم إساءة
السلطة التنفيذية؛ استعمال هذه السلطات الواسعة ،وتسد منافذ التعسف.
ول يستقل القضاء ما لم تكن له سلطة رقابية على السلطة التنفيذية
والسلطة النيابية معا ،بأن يكون من الحقوق المرعية للفراد والجماعات؛ حرية
رفع الدعوى مباشرة إلى القضاء ،ضد أي شخص طبيعي أو اعتباري ،وضد أي
نشاط إداري تقوم به السلطة التنفيذية ،وضد أي نظام أو لئحة يصدرها مجلس
النواب.
[]37
د-كيفية التعزيز إنشاء (محكمة عليا للعدل ):
55
إن إعلن مبدأ عدم مخالفة القوانين والوامر الشرعية؛ ل يكفي ما لم
يرتبط بضمانات إجرائية،من أجل ذلك تحتاج البلد إلى إنشاء محكمة شرعية
دستورية عليا مستقلة عن الدولة ،جهة مستقلة عن ولي المر( ،ول تكون
سلطة الملك مطلقة في تعيينها) ،من فقهاء وقضاة ،من الفقهاء المتمكنين في
الفقه الدستوري والداري والقانوني وحقوق النسان ومفهوم المجتمع المدني).
لتراجع هذه النظمة ،وتحدد ما يخالف الشريعة من ما يوافقها ،وما يحقق
المصلحة العامة من ما يناقضها ،وتحدد مدى شرعية الوامر و(النظمة)
القوانين التي يصدرها ولي المر ،وتحدد ما هو من النظمة المرعية شرعا،من
ما ليس منها ،وتقر منها ما ينسجم مع مقاصد الشريعة ،في إقامة الحق والعدل،
وتلغي وتعدل .كما هو الحال في المحاكم الدستورية العليا ،في البلدان
الدستورية .التي أقامت ميزان العدل ،ولعل مصطلح (محكمة العدل العليا) أوضح
وأدرج.
وإنشاء المحكمة الشرعية الدستورية العليا ضروري لحسم التنازع بين
السلطات الثلث ،والبت في دستورية النظمة وتفسيرها ،ومراقبة ما تصدر
السلطتان التنفيذية والنيابية من قوانين وقرارات .من أجل استقلل حقيقي
للقضاء وللمحكمة الدستورية العليا ،اختصاصات خمسة ،معروفة في الدول
الدستورية:
الولى :التأكد من (دستورية) القوانين والقرارات التي تصدرها السلطة
التنفيذية أو النيابية ،بالفصل في الدعاوى و الدفوع المتعلقة بعدم دستورية
القوانين واللوائح والنظمة والوامر والقرارات ،بل ينبغي أن يكون من حق
المحكمة الدستورية؛ أن تبادر إلى إلغاء أي قانون أو أمر يتعارض مع
الدستور(،المؤسس على الشريعة) من دون أن تنتظر مبادرات الفراد من
غيرها ،بل تبادر بنفسها ،لن هذا الجراء يجعل قرارات السلطة التنفيذية
56
وأوامرها خاضعة للمراجعة ،ويشطب المبدأ السائد :على القضاة أن ينفذوا
النظمة وأن ل ينتقدوها"
الثانية :حسم التنازع بين السلطات الثلث ،والبت في دستورية النظمة
وتفسيرها ،والفصل في تنازع الختصاصات بين الجهات الحكومية.
الثالثة :البت في الطعون المتعلقة بالنتخابات النيابية والبلدية.
الرابعة :الفصل في الحكام النهائية ،في القضايا المدنية والتجارية
والجنائية ،والحوال الشخصية والمنازعات الدارية والدعاوى التأديبية .
الخامسة :تفسير القوانين والنظمة.
ويمكن أن يضاف إلى وظائفها في مثل المملكة؛وظيفة سادسة :محاكمة
المسئولين الكبار ،الذين يخلون بالدستور ،كرئيس الوزراء ونوابه والوزراء
ونوابهم كما في المحاكم الدستورية في مثل الردن واليمن(انظر:المعايير الدولية،
لستقلل القضاء المعيار الرابع.)64-61 :
وبذلك يصبح من حق القاضي أن يحتكم إلى الدستور ،فيمتنع عن تطبيق
القوانين والوامر ،التي تخالف الدستور ،سواءا صدرت من مجلس النواب ،أم من
السلطة التنفيذية ،وترفع القضية عند النزاع إلى المحكمة الدستورية الشرعية
العليا ،وحكم المحكمة الدستورية العليا ،نهائي في البت في النزاع.
[]38
المقالة الحادية عشرة
انفراد السلطة التنفيذية
بالتعيين والتشكيل:
أ-اعتبار الملك مرجع السلطة القضائية ،مخالف
للعدل الذي استقر في الطبائع ،وقررته الشرائع:
في النظام الساسي للحكم؛ يعتبر الملك مرجع السلطة القضائية أيضا
فيقول(المادة الرابعة والربعون):
57
"تتكون السلطات في الدولة من :السلطة القضائية السلطة التنفيذية السلطة
التنظيمية ،وتتعاون هذه السلطات في أداء وظائفها وفقا لهذا النظام وغيره من
النظمة ،والملك هو مرجع السلطات".
وهذا أكبر علمة على الخلل الصريح بمفهوم استقلل القضاء؛
اعتبار الملك مرجع السلطة القضائية ،فإذا وجدت سلطة يرجع إليها القضاء؛
فذلك نص على عدم الستقللية(،وفي هذا النص صدى اعتبار القاضي وكيل
عن المام ،فمادام الملك هو المخول الصلي بالقضاء ،وليس القضاة إل وكلء،
فإن استقلل القضاء أرق من الهباء( ،انظر :معايير استقلل القضاء :المعيار
الخامس )71-64 :والدليل على ذلك أن النظام نص على أن للملك سلطة مطلقة
في تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم وفصلهم .بناءا على اقتراح المجلس العلى
للقضاء؛ يقول النظام الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م )64/وتاريخ
14/7/1395هـ " يجوز خلل السبع السنوات التالية لنفاذ هذا النظام أن تشكل
بأمر ملكي هيئة من أعضاء المجلس العلى للقضاء ،ورجال القضاء الخرين،
يرأسها وزير العدل للنظر في إحالة من ترى عدم صلحيته لتولى القضاء على
التقاعد ،ويصدر قرار الحالة على التقاعد في هذه الحالة بأمر ملكي"
فالهيئة يختار الملك أعضاءها ،ويرأسها وزير العدل الذي ليست له صفات
مهنية (كما هي فحوى نظام القضاء) اذ لم ينص النظام على اشتراط أن يكون
وزير العدل قاضيا سابقا أو فقيها وليست له صفة دستورية ايضا ،لن منصبه
سياسي ل قضائي ،وقراراتها ل تصدر ال بأمر ملكي.
وهو أمر مخل باستقلل القضاء.
ولم يحدد النظام آلية تفض النزاع بين الملك والمجلس العلى للقضاء،
حينما ل يوافق الملك على المرشحين ،كأن يقال :إذا استمر النزاع؛ ينظر
المجلس العلى كرة أخرى ،في المرشحين الذين لم يوافق الملك عليهم؛ ويبت
فيهم بالغلبية ،ويعتبر بته نهائيا ملزما ،كما جرت العادة في النظم الدستورية.
58
جذر المشكلة في الرأي السائد في كتب الفقه العباسية التي صيغت في ظلل
الحكم الجبري ،اذ يجيز انفراد المام بتعيين القضاة وعزلهم؛ وهو مخالف
للمفهوم الدستوري السلمي في الحكم ،و هو إجراء كان مناسبا عندما كان
المام خليفة راشدا والدولة صغيرة ،والمشكلت بسيطة والنظم نامية ،أما في ما
أتى من تاريخ المسلمين ،عندما تضخمت الدولة وكثرت القاليم والسكان،
وتراكمت المشكلت فإنه إجراء ل يتحقق به العدل ،الذي هو روح الشريعة،
والوسائل والجراءات إذا لم تؤد إلى تحقيق المبدأ الشرعي المقصود ،فالقول
بلزومها تقليد وجمود ،إذ يستحيل قياس الحاكم في الدولة السلمية الحديثة،
على النبي صلى ال عليه وسلم وخلفائه الراشدين ،وتلك مغالطة في معيار علم
أصول الفقه ،فهو قياس مع الفارق ،وكل قياس مع الفارق فهو غير مسلم به،
(انظر :معايير.)70:
[]39
ب-كيفية التعزيز :
-1صحيح أن رئيس الحكومة ،سواء سمي اماما أو ملكا هو أيضا رئيس
الدولة ولكن وظيفة السلطة التنفيذية التي ل شريك لها فيها هي تنفيذ ما يقرره
المجلس النيابي المنتخب،الذي هو أدرى بمصالح الشعب ،وما تقرره السلطة
القضائية ،ولذلك سميت تنفيذية ،و سواءا سمي رأسها رئيسا أو ملكا ،فإن
سلطتها في تعيين القضاة ليست مطلقة.
من أجل ذلك ينبغي أن تشاركها السلطات الخرى في تعيين القضاة
وتطبيقا لذلك ينبغي تحديد مفهوم المام مرجعا للسلطة القضائية ،بأن يكون
تعيين الملك القضاة أو العتراض مبنيا على درجتين :الولى أن تكون القرارات
لمجلس القضاء العلى بالتولية أو العزل والترقية ،والثانية لمجس النواب
العتراض على ترشيح مجلس القضاء أو التوصية بذلك.
59
-2تعديل نظام تشكيل مجلس القضاء العلى؛ بأن يكون الوصول إلى عضويته
وفق معايير مهنية أو أن يكون انتخابيا ،أو يزاوج بين معايير مهنية وانتخابية معا،
وهذا أفضل .فالمعايير المهنية هي القدمية والخبرة وتقارير الكفاية والتراتبية ،بأن
يتقدم الكفأ القدم على من عداه .والنتخاب يكون من جمعيات أو هيئات قضائية
وحقوقية ،وعلى كل حال ينبغي أن تشترك السلطات الثلث قضائية ونيابية وتنفيذية
في تشكيل المجالس القضائية ،والتعيين في مناصب القضاء الكبرى ،على أن يكون
للسلطة القضائية نصيب السد ،فتكون لها القرارات ،ولمجلس النواب العتراض أو
التوصية وللملك التعيين أو العتراض.
[]40
المقالة الثانيةعشرة
ضعف حصانة القضاة من
التعسف :تفتيشا وتأديبا وعزل و
ترقية ونقل :
أ-مبدأ حصانة القاضي ليس له ضمانات:
ثمة ضمانات قررتها اللوائح والنظمة السعودية ،لكنها ل تكفي من حيث
النصوص المكتوبة ،بصرف النظر عن التطبيقات ،لمنع التعسف ضد أي قاض تحت
لفتة المصلحة العامة ،لنها لم تحدد إجراءات كافية لضمان حصانة القضاة ،وفق
المعايير الدولية ،التي تنسجم مع مقاصد الشريعة الكلية ،وعندما تسهل اقالة
القاضي أو نقله ،تؤثر على قدرة القضاة على التصرف بنزاهة.
والقاضي عندما تنتهي مدة خدمته العادية ،يصبح التمديد له بعد التقاعد مدخل
للتأثير الحكومي عليه.
60
وتولية القاضي مدى الحياة ايضا مسألة قد تضعف فعاليته ،فتسهل السيطرة
عليه وتضعف من شعوره بالمسئولية.
[]41
ب-كيفية التعزيز:
هناك اجراءات سلكتها دول دستورية عديدة ،تسهم في حصانة القضاة منها:
-1تثبيت سن التقاعد للقضاة بـ 65سنة .وعدم التجديد البتة.
-2عدم نقل القاضي إلى منصب أعلى ال بموافقته.
-3المناصب العليا فترتها واحدة من دون تجديد ،ويمكن تحديد مدة أعضاء
المجلس العلى للقضاء ،وأعضاء المحكمة الدستورية العليا ،بخمس سنوات أو
سبع ،من دون تجديد.
-4الغاء مفهوم أن القاضي وكيل ،وأن المام هو القاضي الصيل ،لن هذا
المفهوم يفتح أبواب التدخل في شئون القضاء ،ول يستقيم في ظله للقضاء
استقلل.
-5ينبغي ربط التفتيش والتقييم والنتداب بمجلس القضاء العلى ،لن
اشراف وزارة العدل على هذه المور ،يفتح مسارب التدخل.
-6ازدياد الشفافية ،لنها توفر حماية للقضاة المستقلين الذين هم عرضة
لتدني التقارير ،بسبب ضغط رؤسائهم عليهم ،أو لسباب سياسية ،أو لهجوم من
المحامين والخصوم (انظر المعايير الدولية لستقلل القضاء :المعيار السادس:
)81-72
[]42
المقالة الثالثة عشرة
61
أ -اللجان القضائية :التحايل للخروج عن مظلة
القضاء
تكثر أنماط القضاء الستثنائي ،ففي المملكة أكثر من ثلثين لجنة قضاء
استثنائي ،موزعة على الوزارات منها:
-1لجان الوراق التجارية .ويصادق على أحكامها وزير التجارة(بعد
تدقيقها من لجنة قانونية بالوزارة) .وتصبح أحكامها نهائية بعد ذلك.
-2اللجان الزكوية والضريبية(البتدائية والستئنافية)والجمركية التي
يصادق على أحكامها وزير المالية .
-3لجان عمالية في وزارة العمل.
-4لجنة مصرفية في مؤسسة النقد ،وهي مخصصة للنظر في مابين
البنوك وعملئها من قضايا ،ومقرها مؤسسة النقد في الرياض ،وهي من
درجة واحدة ،وهي لجنة تسوية وصلح ،ولكن أحكامها ملزمة،تنفذ بواسطة
المارة أو الشرطة.
-5اللجان العسكرية والمنية :وتختص بما يسمى أعمال السيادة ،وهي
أبرز مثال على القضاء الستثنائي.
ولجان القضاء الستثنائي؛ تقوم بوظيفة القضاء ،على الرغم من عدم
وجود قواعد للثبات فيها ،كما أن بعضها من دون لئحة إجراءات ومرافعات.
وهي تحكم في نفس مقار وزاراتها ويكون للوزير المختص سلطة قوية،وتعتمد
أحكامها بمصادقته لكن لمندوب وزارة الداخلية-إذا كانت لها عضوية -تأثير
بارز في أحكامها،
وعدد من لجان القضاء الستثنائي؛ تصدر أحكاما نهائية ،غير قابلة
للنقض ،إذا صادق على أحكامها الوزير المختص ،ويضفي عليها نظامها ،أو
قرار مجلس الوزراء صيغة نهائية ،فل يجوز التظلم من أحكامها أمام ديوان
المظالم.
62
من هذه اللجان :المجالس التأديبية لقوات المن الداخلي ،ولجان تسوية
الخلفات العمالية ،واللجان الجمركية و الزكوية والضريبية ،ولجان الفصل في
منازعات الوراق التجارية ،والمجلس التأديبي لعضو هيئة التحقيق والدعاء
(المحامي عبدال الناصري:اللجان القضائية في المملكة العربية السعودية-5:
.)6
[]43
ب -وجه إخللها باستقلل القضاء:
مقتضى استقلل القضاء أن يكون شاملً ،وأن تكون له ولية على كافة
المنازعات ،فل معنى لستقلل القضاء ،إذا لم تكن سلطته شاملة كافة
المنازعات (انظر :معايير:المعيار السابع.)87-81 :
والقضاء الستثنائي لم يعرف في الفقه السلمي القديم وسوابق القضاء
السلمي ،تدل على بطلن القضاء الستثنائي ،فهو مرفوض في الشريعة
السلمية ،لن محاكمة أي شخص-في السلم -ينبغي أن تكون أمام محكمة
قضائية تتوافر فيها شروط استقلل القضاء ،وأمام قضاء شرعي ،فذلك هو
القضاء الطبيعي الذي تتوافر فيه مؤهلت القاضي،علما وسلوكا ،لن ذلك هو
مقتضى حماية حقوق الناس.
إن كثرة لجان القضاء الستثنائي؛ برهان على أن السلطة التنفيذية حددت
مجال القضاء الشرعي المستقل ،وأخرجت موضوعات قضائية عن اختصاصه،
وهو تصرف يخل باستقلل القضاء ،الذي نص عليه النظام الساسي للحكم.
ولجان القضاء الستثنائي؛ تتيح للفردية والهواء والجتهادات النطباعية
مجال.
[]44
ج-القضاة طالبوا بتصحيح الخلل:
63
وقد طالب المهتمون والقضاة منذ زمن بعيد بحل الشكال ،كما فعل رئيس
القضاة عبد العزيز بن عبد ال بن حسن آل الشيخ ،عندما انتقد وجود هيئات
قضائية تابعة السلطة التنفيذية ،واعتبر هذا الرتباط"من وجوه الخلل باستقلل
القضاء"(لمحات من تاريخ القضاء ،)143:ومثله من بعده الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ ،حسب ما جاء في فتاواه ،التي جمعها محمد بن عبد الرحمن
بن قاسم.
ولكن من الواقعية أن نشير إلى أمرين:
الول :أن كثرة لجان القضاء الستثنائي ،مظهر يدل على ازدواجية نظام
القضاء،وهي مشكلة في مناهج التعليم ،قبل أن تكون في نظام القضاء ،وهي
تجسد عجز مناهج التعليم الجامعي الديني عن تجديد فقه الوسائل والفروع ،في
الجراءات والهياكل ،و بطئها في مواكبة التغيرات الحديثة الكبرى،ول سيما
القتصادية والدارية.
الثاني :أن لجان القضاء الستثنائي-في الجملة ل بالجملة ، -أقرب إلى الروح
العملية والنجاز ،و لسيما إذا اعتبرنا-وهو اعتبار صحيح -سرعة البت والحزم
في التطبيق جزءا من العدالة ،من أحكام عديد من قضاة المحاكم ،الذين ليس لهم
ثقافة دراية شرعية كافية في حقوق النسان ،فضل عن الدارة والمال والقتصاد.
حتى اللجان العسكرية والمنية في وزارة الداخلية-على كونها مظنة التفريط
بحقوق النسان-تصدر أحكاما على موظفيها أقل من قسوة بعض القضاة ،ليس هذا
عيبا في أشخاص القضاة ،ولكن قضاة القضاء الشرعي؛ يحتاجون إلى تأهيل
خاص ،بطبيعة موضوعات هذه اللجان ،بالضافة إلى أنه يحتاجون إلى تأهيل كاف
بالمفهوم الدستوري للحكم ،و لسيما في مجال ثقافة حقوق النسان؛ وهذا النقص
يمكن أن يتم بالدورات ،ولكن مع ذلك ينبغي مراجعة خطط معهد القضاء العالي
أيضا .لنها جوهر المشكلة نقص تدريب وتأهيل ،في مراكز إعدادهم (انظر في هذا
الكتاب مقالة:ضعف الضوابط الموضوعية التي تضمن كفاية القضاة مهنيا).
64
[]45
د-كيفية التعزيز:
أول :تحويل اللجان المستثناة إلى محاكم خاصة:
يمكن تصحيح وضع اللجان القضائية؛ بتحويلها من قضاء استثنائي ،إلى
قضاء خاص .فليس ثمة مانع من تشكيل محاكم خاصة ،عسكرية أو مدنية،
تستجيب لمور ضرورية ،في التنظيم السياسي والجتماعي والقتصادي والمالي
والمدني ،وتخفف عبء القضاء العادي ،وتسرع الفصل في القضايا ،وتقلل
المصروفات .ولكن ينبغي أن تخضع هذه المحاكم ،لشراف مجلس القضاء
العلى في ما يلي:
-1أن يختار مجلس القضاء العلى قضاتها.
-2وأن يعامل القضاة وفق ضوابط حصانة القضاة.
-3وأن تكون لهم مؤهلت الكفاية والعدالة المشروطة في القضاء.
-4وأن تتوافر فيها ضمانات التقاضي.
-5وأن يكون القانون المطبق هو نظام القضاء الشرعي،في ما نصت عليه
الشريعة ،وما ينسجم مع روحها ول يتعارض ،من أنظمة إدارية ،بشرط أن تقر
النظمة سلطة شرعية دستورية،مستقلة عن السلطة التنفيذية ،ول يكون ذلك
من دون إنشاء (المحكمة الدستورية العليا)
-6أن يكون التقاضي في المحاكم الخاصة على درجتين :محكمة ابتدائية
ومحكمة استئناف.
ثانيا:لجان القضاء الستثنائي؛حلول عملية للمشكلت ،ولو أضيفت هذه اللجان
إلى القضاء-في حاله الحاضرة-؛ لما استطاع القضاء أيضا تحقيق المرونة
المطلوبة ،ولكن هذه المبررات تجيز إنشاء اللجان ،بصفتها من باب الضرورة،
ولكن باب الضرورة ينبغي أن يكون حل مؤقتا.
65
والتجاه الصحيح لحل هذا الخلل ،هو التخطيط المستقبلي لتجاوز الضرورة،
بسعي السلطة القضائية؛ إلى التعاون مع الجامعات التي تخرج القضاة ،وتأكيد
السلطة التنفيذية ذلك ،لرفع مستوى برامج إعداد القضاة وتأهيلهم ،وتجديد الفكر
القضائي العام ،وتلفي عيوبه الجوهرية في الجذور .لن مسئولية إنشاء اللجان
القضائية سببها ضعف تأهيل القضاة من خريجي كليات الشريعة ،عن الحاطة
والفعالية والمرونة والبتكار ،أمام القضايا المستجدة ،وهي مجالت النزاعات
المعروضة على هذه اللجان(انظر الفصل السابع عشر:ضعف الضوابط الموضوعية
التي تضمن كفاية القضاة مهنيا) .
[]46
المقالة الرابعةعشرة
كثرة تدخلت الحكومة في فصل
القضايا :
أ-تدخلت الحكومة في القضاء العام:
تنص المعايير الدولية لنزاهة القضاء على كف يد السلطة التنفيذية عن التدخل
في شئون القضاء .وأن يحاسب أي مسئول من السلطة التنفيذية ،يثبت أنه حاول
التأثير على القضاة ،ول يكفي أن يتقرر ذلك نظاما ،بل لبد من التطبيق الفعال له
كما أوصى مؤتمر العدالة العربي الول ،ومن البديهي أن هذا من مبادئ العدل
المسلم بها في القضاء السلمي ،على مر العصور.
مبدأ استقلل القضاء معلن ،إذ ينص النظام الساسي للحكم( ،في المادة
السادسة والربعين)؛ على أن"القضاء سلطة مستقلة ،ول سلطان على القضاة
في قضائهم ،لغير سلطان الشريعة السلمية".
ولكن هذا النص لم يفعل نظريا بإجراءات كافية ،فضل عن التطبيقات؛
فليس ثمة ضمانات كافية تضمن حصانة القضاء من التدخلت ،لن صراحة هذا
66
العلن تضمر في النظمة الجرائية فضل عن الممارسات ،بعبارة أخرى :مبدأ
استقلل القضاء مقرر في ديباجة النظام الساسي للحكم ،ولكن المبدأ لم يجسد-
عمليا -بالجراءات والهياكل ،المتوقع إيجادها لتنفيذ مبدأ الستقلل،ويسمح
بإجراءات وتطبيقات ،تفضي إلى إضعاف استقلل القضاء منها::
-1تنص المادة الولى من نظام المرافعات الشرعية ،الصادر بالمرسوم
الملكي رقم م 21/وتاريخ 20/5/1421هـ( ،المادة الولى) على مايلي" :تطبق
المحاكم على القضايا المعروضة عليها أحكام الشريعة السلمية ،وفقا لما دل
عليه الكتاب والسنة ،وما يصدره ولي المر من أنظمة ،ل تتعارض مع الكتاب
والسنة" ،وليس هناك ضابط معياري ،يمنع من أن يكون ما يصدره ولي المر
مخل باستقلل القضاء ،أو مخالف أحكام الشريعة.
-2مادام بيد السلطة التنفيذية؛ كل قرار نهائي في تعيين القضاة ونقلهم
وترقيتهم ونقلهم ومحاكمتهم وفصلهم وتقاعدهم ،فليس هناك ضامن من أن
تفتح هذه القرارات باب التدخلت .ونظرا لضعف صرامة إجراءات التعبير عن
الستقلل،
-3صار لولي المر ونوابه(المقام السامي)؛أن يأمر القضاء بإعادة
سماع الدعوى التي شطبها القضاء؛ وترجمة ذلك أن للـ(المقام السامي) سلطة
قضائية وهذا وذاك يجسد إخلل بمبدأ استقلل القضاء في الفصل في
القضايا.وهو تدخل في سلطان القضاء ،لن الضامن من التدخلت أن يكون المر
بإعادة سماع الدعوى؛ مقتصرا على سلطة قضائية ،كالمجلس العلى للقضاء.
-4ومن مظاهر ضعف استقلل القضاء في فصل القضايا؛ أنه ليس له
سلطة تتيح التأكد من خلو التحقيق من التعذيب أو التهديد بالتعذيب أو هما معا.
-5الشائع لدى الناس؛ أن الدولة توحي إلى القضاء بما تريد من حكم ،في
القضايا التي تعتبرها سيادية أو أمنية ،إما عبر اليعاز بإحالة القضية إلى قاض
معين ،أو إعادة الحكم من الجهات العليا ،مشفوعا بطلب زيادة العقوبة.
67
-6وأهم من ذلك كله أنه ليس للقضاء سلطة ،تتيح له التأكد من صحة
العتراف وسلمته ،من الكراه الذي يسلب الرادة أو الختيار أو هما معا،
والقضاء في مثل هذه الحالت ،يمارس دور هيئة ،تصادق على أوراق اعترافات
جاهزة ،ل دور سلطة تتعامل مع أشخاص.
-7القضاء ل يعطي المتهم أو وكيله مجال كافيا ،لتفنيد المزاعم التي
يقدمها المدعي العام ،وإنما تعرض القضية على القاضي ،ويطلب شهود المدعي
العام ،فإن وجدوا حكم على المتهم ،وإن لم يوجدوا ولم يعترف المتهم ،حكم
القاضي بالتعزير للشبهة .وهذا بسبب عدم وجود قواعد الثبات ،الموجودة في
الدول الدستورية .
-8ومن مظاهر التدخل في السلطة القضائية؛ قيام هيئة الرقابة
والتحقيق،بالتحقيق مع الموقوفين ،في جرائم الرشوة والتزوير ،والتحقيق عمل
من أعمال القضاء ،واستثناء جرائم الرشوة والتزوير ،وإناطتها بهيئة الرقابة
والتحقيق يسلب القضاء جزءا من اختصاصه ،وهو باب تهب منه رياح التدخل.
-9ومن مظان التدخل نقل بعض القضاة أو ترقيتهم أو تمديد خدماتهم ،و
لسيما رؤساء المحاكم.
-10بعض الدعاوى التي تبحثها المارات إلى المحاكم ،قد ل تحال إل
برغبة المارة أو بأمر من المقام السامي.
-11قد تطلب السلطة التنفيذية المعاملة متذرعة بالطلع عليها أو نقص
التحقيقات ثم ل يستطيع القاضي استعادتها.
-12ل يوجد تنظيم موحد محدد معلن ،يسري على الجميع في قضايا
الحدود.
-13ومن علمات التدخل أن من يصدر بحقهم أحكام قضائية؛يتجهون إلى
الملك إما لنقضها ،أو لتعميد محكمة أخرى ،أو لتشكيل لجنة قضائية.
68
بعبارة أخرى :مبدأ استقلل القضاء مقرر في ديباجة النظام الساسي
للحكم ،ولكن المبدأ لم يجسد-عمليا -بالجراءات ،التي تمنع من مسارب
تدخلت الحكومة.
[]47
ب-مظاهر التدخل في القضاء الداري:
واضح تدخل السلطة التنفيذية في القضاء العام ،وأوضح منه تدخلها في نظام
ديوان المظالم (القضاء الداري)،فللديوان وظيفة قضائية وهي الفصل في
المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (قباني . )15 :
فهو يفصل بين الدولة والجهات الخرى ،أشخاصا وهيئات .ولكنه صيغ
(النظام) بطريقة تضمن تدخل السلطة التنفيذية المباشر.
إذ تنص المادة الثالثة من نظام ديوان المظالم على مايلي :
أ(-يعين رئيس الديوان وتنهي خدماته بأمر ملكي ،وهو مسئول مباشرة
أمام جللة الملك).
ب(-ويعين نواب رئيس الديوان وتنهي خدماتهم بأمر ملكي بناء على
اقتراح رئيس الديوان).
ج(-ويختار رئيس الديوان رؤساء الفروع من بين أعضاء الديوان مع
مراعاة درجات العاملين بالفرع).
د -وكما تنص المادة ( )28من نظام ديوان المظالم على ما يلي (:مع عدم
الخلل بما لعضاء الديوان من حياد واستقلل يكون لرئيس الديوان حق
الشراف على جميع الدوائر والعضاء ولرئيس كل دائرة حق الشراف على
العضاء التابعين لها) ،فعبارة الشراف لم تضبط بما يمنع مسارب التأثيرات.
معُلقة الرئيس بأي هيئة هي علقة مقدم بين أنداد ،ل علقة مشرف ومشرف
عليهم.
69
نظام ديوان المظالم ينص على الحياد والستقلل ،فإن هذا العلن ل
يحتوي على إجراءات تضمن الحياد والستقلل ،كما يتبين من الملحظات
التالية:
-1أن النظام قد صيغ بطريقة تجعله غير مختص بالنظر في ما هو من
أعمال السيادة ،كالتظلم من السجن والتعذيب ،وقضايا التعبير والنشر والحقوق
السياسية ،ونتيجة ذلك أنه ليس من حق الديوان؛ أن يقبل دعاوى الفراد في ما
يسمى أعمال السيادة ،وليس هناك جهة قضائية أخرى تقبل الستماع إلى هذه
الدعاوى.
فتركت مسائل السيادة مغفلة مبهمة ،وهنا تعميم يوقع في اللبس ،لن ليس
كل ما هو سيادي في النظام السعودي ،سيادي فعل في النظمة الشورية.
-2وليس في النظام ما يحدد الضوابط الموضوعية لعزل رئيس الديوان،
ورئيس الديوان أحوج إلى الحصانة ،من رئيس القضاء العلى ،وهو بحكم
عمله يفصل في القضايا الدارية ،على وزارات ومؤسسات وشخصيات ،ذات قوة
معنوية غير عادية ،كوزارة الداخلية والدفاع ،فهو أحوج إلى الحصانة من
العزل التعسفي ،وعمله قد يدخله في خصومات مع أناس كبار ،يستغلون أسرع
فرصة لعزله.
-3وسلطة رئيس ديوان المظالم أيضا ،غير محددة بمعايير موضوعية
كافية ،توفر ضمانات لستقلل قضاة الديوان عنه ،لسيما ورئيس ديوان
المظالم؛ هو الذي يقوم بتشكيل الدوائر القضائية ،ويشرف على أعضائها ،وينقل
القضاة من دائرة إلى أخرى ،وهذا يتيح له أن يغير في تشكيل الدوائر ،حتى
وهي لزالت تبحث في قضايا قائمة ،ول ريب في أن إعادة تشكيل دائرة من
الدوائر ،ونقل بعض العضاء منها أو إليها؛ مظنة التدخل غير المباشر في
قراراتها.
70
-4من وظائف الديوان أن يحكم في النزاع بين السلطة التنفيذية ،والجهات
والشخاص الخرين ،فإذا كانت السلطة التنفيذية ،هي التي تعين فيه وتعزل
وترقي ،فإن هذا مظنة عدم الحياد والستقلل .إن القضاء الداري إذا كانت السلطة
التنفيذية هي مرجعيته،ل يمكن ضمان حياده في النزاعات التي تكون الدولة خصما
فيها ،لن السلطة التنفيذية ل يلزم أن تكون خصما موضوعيا منصفا ،ول يضمن
أن ل تستخدم نفوذها في عدم التنفيذ ،في مثل أحكام التجنيس أو قرارات المنع
وعدم المنع من السفر ،أو طلبات التعويض ( استقلل القضاء في البحرين .زينات
المنصوري.)16:
-5بسبب ضعف استقلل ديوان المظالم؛ صار نظامه ليلزم السلطة
التنفيذية ،بأن تحيل إليه تهم الختلس الكبرى من المال العام ول التفريط الجسيم،
التي يتهم بها الكبراء ،وبذلك تكاد أن تكون قوة سلطة ديوان المظالم محصورة في
المور الصغرى ،وعلى صغار الموظفين ،وصار مظنة التردد في إصدار أحكام على
الجهات التنفيذية القوية.
[]48
ج-كيفية التعزيز:
-1قسمة هيئة الرقابة والتحقيق إلى شقين :تنفيذي إداري و قضائي:
هيئة الرقابة التحقيق أنيط بها أمران:
الرقابة :إذ تقوم بمراقبة أداء الجهزة الحكومية ،وتقوم بالتحريات وتجمع
المعلومات ،عن المخالفات ،وتأخذ أقوال المشتبه بهم ،وذوي العلقة ،فإذا لم
تجد ما يشير إلى وقوع مخالفة ،حفظت القضية .وإذا ترجح وقوع مخالفة؛
أحيلت القضية إلى سلطة التحقيق ،ومن الواضح من توصيف وظيفتها أنها
وظيفة تفتيش إداري ،من اختصاص الجهة التنفيذية ،في مثل المباحث والشرطة
وهيئة المر بالمعروف ،وأجهزة التحري المختصة بالجرائم الخاصة،
كالجوازات.
71
التحقيق:وهو يشمل المر بالقبض والتفتيش والتحفظ على المستندات،
والستجواب ،وليس مجرد تحر وجمع معلومات .ومن الواضح من توصيف
وظيفتها أنها وظيفة قضائية ،وهي ما يسمى في الدول الخرى كمصربـ"النيابة
الدارية".
من أجل ذلك ينبغي إعادة هيكلة هيئة الرقابة والتحقيق ،ببقاء الرقابة
ضمن السلطة التنفيذية،لنها تفتيش إداري ،وتسميتها بـ(التفتيش الداري).
-2ضم التحقيق إلى المحاسبة وتسميتها(النيابة المالية والدارية) ،وضمها
إلى هيئة الدعاء العام:
على أنها نيابة إدارية مالية خاصة ،ولن هيئة الدعاء العام نيابة عامة،
ولن الخاصة والعامة هيئتان قضائيتان مستقلتان ،و ينبغي ضمها إلى السلطة
القضائية ،وتعيين قضاتهما ،وفق ضوابط تعيين قضاة القضاء العام ،على أن
يوافق على نظامهما مجلس النواب ،لتكون وظيفتهما وطبيعة تشكيلهما
وإجراءاتهما أقدر على تحقيق العدالة ،ويستقل عن تدخلت السلطة التنفيذية،
كما هي عليه الحال في الدول الحديثة.
-3تعزيز استقلل ديوان المظالم ،وإلحاقه بالسلطة القضائية .لن كون
السلطة التنفيذية مرجعا لديوان المظالم،إخلل بالمفهوم الدستوري ،للفصل بين
السلطات ،فديوان المظالم هيئة قضائية ،واعتبار السلطة التنفيذية مرجعا له؛
يجعله مظنة الميل ،مادام قاضيا ،في خصومة أحد طرفيها السلطة التنفيذية.
كما أن من الجراءات العادلة ،أن ل يقتصر فيه القضاء درجة أولى ،وأن ل
يكتفي بهيئة لتدقيق الحكام ،بل ينبغي أن تنشأ محكمة درجة ثانية أعلى منه
مستقلة عنه ،لستئناف أحكامه أمامها ،ومن ثم تصبح أحكام محكمة الدرجة
الثانية نهائية.
-4التداخلت في أي هيكل تفتح رياح التدخلت ،فالتداخل بين ما هو
تشريعي وما هو قضائي وما هو تنفيذي ،أدى إلى ضعف استقلل القضاء.
72
فإعادة تنظيم هيكل الدولة ،وإعادة ما هو قضائي إلى مظلة القضاء ،والفصل
بين السلطات ،وإنشاء مجلس نيابي ،ونحو ذلك من الجراءات ،يسد منافذ
التدخلت.
-5من الضروري قيام محكمة دستورية عليا بمراجعة النظمة التي
تصدرها الدولة ،لسد جميع المنافذ التي تهب منها رياح التدخلت.
-6ومن الضروري تعزيز استقلل القضاء ،بإجراءات فعالة تضمن كف يد
السلطة التنفيذية ،عن التدخل في شئون القضاء ،بأن يحاسب أي مسئول من
السلطة التنفيذية ،يثبت أنه حاول التأثير على القضاة ،ول يكفي أن يتقرر ذلك
نظاما ،بل لبد من التطبيق الفعال .وهذه الجراءات من بديهيات الوسائل
المشروعة ،لتحقيق المقاصد الشرعية ،وهي أمور جربتها الدول الدستورية في هذا
العصر ،فاعترفت بدورها في تقوية القضاء .من أجل ذلك نصت عليها المعايير
الدولية لستقلل القضاء.
[]49
المقالة الخامسةعشرة
ربط هيئة التحقيق و الدعاء
العام بوزير الداخلية أبرز علمات
القضاء البوليسي
أ-سيطرة وزارة الداخلية على القضاء:
من المثلة البارزة على تدخل السلطة التنفيذية في استقلل القضاء،
ربط هيئة التحقيق والدعاء العام بوزير الداخلية .
ويلحظ على هيئة الدعاء والتحقيق العام أمران:
73
-1أن السلطة التنفيذية-وزارة الداخلية -هي التي صاغت نظام الهيئة،
فهو مثل جميع أنظمة الدولة-لم يشرع من قبل هيئة شرعية متخصصة مستقلة
عن الدولة ،كهيئة شرعية نيابية ،أو هيئة فقهية قانونية مستقلة ،أو ما يقوم
مقام المحكمة الدستورية العليا ،من أجل ذلك فإن نظامها لم يعترف بكل ما
قررته الشريعة السلمية ،قبل أربعة عشر قونا من تنادي الدول الدستورية
إليه ،من حقوق طبيعية واجتماعية واقتصادية وسياسية ،وثقافية ومدنية.
-2أن القضاء-حسب لئحة الجراءات الجزائية-مخول الشراف على
إجراءاتها ،ولكن ليس ثمة تطبيق فعال لهذا الشراف ،فهو ل يمارس سلطة
على سير التحقيق فيها ،وليس من ما ينم عن استقلل القضاء أن تنفرد الجهات
التنفيذية ،ولسيما أجهزتها المنية بالتحقيق مع المسجونين ،على ذمة بعض
القضايا ،ما لم تكن للقضاء سلطة تتيح له التأكد من مشروعية الجراءات ،أو
مشروعية العتقال ،أو ثبوت الدلة المادية،التي تضبط بحوزة المتهم ،أو في
سير التحقيق.
[]50
ب-كيفية التعزيز:
إن وزارات الداخلية في أي بلد ،وظيفتها الساسية حفظ أمن المجتمع،
وليست هي التي تقرر حقوق الناس ،فتقرير حقوق الناس إنما تقوم به الجهات
التي وظيفتها تقرير مبادئ العدالة.
ثم إن التحقيق إنما هو قضاء ،كما قرر السلم قبل أربعة عشر قرنا من
ظهور المعايير الدولية للعدالة ،ووزارة الداخلية ليس لها تخويل بأمور القضاء،
وهذه الهيئة تمارس دور قاضي التحقيق ،ووظيفتها وطبيعتها قضائية ،ومن
المعروف أن قضاتها يسمون في بعض النظم الدستورية ،كفرنسا (القضاة
الواقفين) تمييزا لهم عن قضاة المحاكم الذين يسمون(القضاة الجالسين) ،وأن
انتقال أحد من سلك قضاء التحقيق إلى سلك المحاكم أمر طبيعي ،لن كل
74
النوعين قضاء ،كما في فرنسا ولبنان و غيرهما .فمناطها الطبيعي-إذن-
السلطة القضائية .وقد درجت أغلب الدول الدستورية على ربطها بالقضاء.
وليمكن تجنب هذا الضعف الذي يفتح باب التفريط بحقوق المواطنين ،ول
سيما حقوقهم السياسية :حرية التعبير والنشر والتجمع ،كما ليمكن ضمان
استقلل القضاء؛ إل بأمرين:
-1إقرار أنظمة وإجراءات هيئة الدعاء والتحقيق ،من هيئة شرعية
مستقلة ،من الفقهاء والمحامين الشرعيين من ذوي العلم والرأي والخبرة
المطلعين على ما مافي المواثيق الدولية ،من إجراءات وهياكل ،تنسجم مع
مبادئ السلم ،التي ضمنت حقوق المتهم قبل أربعة عشر قونا من تنادي هيئة
المم المتحدة إليها ،ومن ثم إقرارها من المجلس النيابي.
-2إن هيئة الدعاء والتحقيق العام-كما ذكرنا في الفصل ( -8نيابة
عامة) ل علقة لها بوزارة الداخلية ،فهي هيئة قضائية مستقلة،ولذلك ينبغي
اعتبارها نيابة قضائية عامة ،مستقلة عن جهاز القضاء العام ،ولكنها مرتبطة
برئاسة جهاز القضاء(المجلس العلى للقضاء) ،لكي تصير لها سلطة فعلية
مرعية ،على جمبع مراحل التحقيق ،وعلى التحقيق مع المتهمين ،وتتثبت من
عدم تعذيبهم ،وعدم تعرضهم للذى الحسي الملموس ،أوالذى النفسي
والمعنوي ،وتتأكد من عدم إكراههم على العتراف ،تحريا للعدل والنزاهة
والنصاف.
ويعين قضاتها ،وفق ضوابط تعيين قضاة القضاء العام ،على أن يوافق
على نظامها مجلس النواب ،لتكون وظيفتها وطبيعة تشكيلها وإجراءاتها أقدر
على تحقيق العدالة ،وتستقل عن تدخلت السلطة التنفيذية ،كما هي الحال في
الدول الدستورية( .أنظر معايير استقلل القضاء الدولية :المعيار التاسع-88 :
)89
75
[]51
المقالة السادسةعشرة
تبعية السجون لوزارة الداخلية
وشل القضاء عن الشراف
أعظم إخلل بحقوق المتهم
والسجين:
السجين بين أحد احتمالين:
الول :أن يكون موقوفا (أو محتجزا من أجل التحقيق معه وهو المسجون
استظهارا بمصطلح الفقهاء) من قبل هيئة الرقابة والتحقيق ،والتحقيق من
وظائف القضاء ،والقضاء هيكله المساعد إداريا هو وزارة العدل.
الثاني:أن يكون السجن عقوبة ،والعقوبة ل تتقرر ول تنفذ إل بحكم
قضائي.
والقضاء مسئول عن صحة شروط تنفيذ السجن ،سواء أكان السجين
محجوزا(على ذمة التحقيق) توقيفا مؤقتا ،أم تنفيذ عقوبة .لكي يشرف القضاء
على تنفيذ شروطهما المقررة شرعا ،وعلى مواصفات السجون ،وعلى معاملة
المساجين.
والقضاء في العادة ليقوم بهذه الوظيفة بنفسه ،بل يقوم بها هيكله الذي
يساعده إداريا وهو وزارة العدل .وزارة العدل هي الجهة الطبيعية في الشراف
على أحوال السجون والمساجين ،كما هو مالوف في عديد من الدول الدستورية،
وذلك أضمن لحقوق المساجين من متهمين ومعاقبين ،ول يكفى أن يقوم رجال
القضاء ،بالمرور على السجون.
ومن وسائل تعزيز القضاء؛ أن تنقل إدارة السجون من وزارة الداخلية ،إلى
وزارة العدل ،لن وزارة العدل هي الجهة الطبيعية في الشراف على أحوال
76
السجون والمساجين ،كما هو مالوف في عديد من الدول الدستورية ،ول يكفي
تطبيق النموذج العباسي الذي يقوم فيه رجال القضاء بالشراف على أحوالها ،لن
ذلك معالجة من فقه الضرورة ،لجأ إليه القضاة من أجل التخفيف من الظلم ،في
عهود الحكم الجبري(.انظر :معايير :المعيار العاشر)90 :
[]52
المقالة السابعةعشرة
77
الدولية لستقلل القضاء (انظر :معايير:استقلل القضاء :المعيار الحادي عشر:
)90
[]53
ب-كيفية التعزيز:
ل يكفي في مثل ظروف القضاء السعودي ،وجود قسم متابعة برئاسة قاض
في كل محكمة كبرى ،لمتابعة تنفيذ أحكامه ،لن القضاء لم يرسخ فيه مفهوم
الستقلل ،ومن أجل ذلك فإن (قسم المتابعة) لن يكون دوره فعال في التنفيذ.
السلوب العملي والمعالجة الصحيحة؛ أن يستحدث في كل محكمة؛ جهاز
تنفيذي يرأسه قاض (تنفيذي) ،يعاونه ملزمون وكتبة ضبط وشرطة قضائية،
ليقوم بإلزام كل من يصدر بحقه حكم قضائي ،بتنفيذ الحكم ،سواءا أكان المدان
كبيرا أم صغيرا ،فردا أو هيئة ،أو الدولة نفسها ،وتكون له سلطة المعاقبة على
تسويف ومماطلة الغنياء والكبراء ،غرامة وتوقيفا ،ليكون تنفيذ الحكام بيده،
وليكون أمره إلزاميا على السلطة التنفيذية ،لتنفذ أحكامه في وقت قياسي،بعيدا
عن الروتين والتدخلت ،ويأخذ الضعيف والمستحق حقه غير متعتع .
[]54
المقالة الثامنةعشرة
القواعد (القضائية)
لم تحدد ولم توحدولم تدون ولم
وتعلن
أ-المشكلة الكبرى في القضاء السعودي:
78
هي عدم تحديد القواعد القضائية وتدوينها وتوحيدها وإعلنها (،وكذالك
قاعدة التعزيرات ،التي تمتد من ضربة سوط إلى ضربة سيف) وقد ورث القضاء
السعودي هذه المشكلة عن القضاء الموي والعباسي(انظر :معايير:استقلل
القضاء :المعيار الثالث عشر)120-93:
إذا كانت القاعدة القضائية محددة موحدة مدونة معلنة؛ عرف كل خصم
مركزه،وتوقع الحكم كما ونوعا ،ومدى كونه له أو عليه،وحسمت نزاعات كثيرة
خارج المحاكم ،ووفر ذلك على المتقاضين والقضاة شيئا كثيرا من عناء
الخصومات ،ووفر عليهم ،وعلى هيئة التمييز أيضاء عناء كثرة التظلمات.
من ما يضر بالعدالة؛ ترك كثير من القواعد من دون تحديد ول توحيد ول
تدوين ول إعلن ،لنه ينتج اضطراب الحكام بل تناقضها في دولة واحدة ،بل
في محكمة واحدة ،بل من قاض واحد .وهذا يجعل المتقاضين أمام مفاجآت غير
محسوبة ،لن المتقاضين ليستطيعون التنبؤ بالقاعدة التي يجتهد القاضي في
تقعيدها قبل تطبيقها ،وكل منهم ل يعرف مركزه القضائي قبل المحاكمة.
من أجل ذلك لجأت بعض الشركات الجنبية ،التي لها مصالح في المملكة
العربية السعودية إلى ما سمته بـ"التأمين ضد أحكام الشريعة السلمية" ،لن
الخصوم-حسب وصف أحد المحامين السعوديين -يدخلون ميدانا ذا ألغام،
ومادام ليس معهم خارطة ،فربما انفجر بهم لغم وهم ل يحتسبون .وحرية
القاضي في حالت نقص الخبرة ،أو ضعف إدراك الواقع والوقائع ،تفضي إلى
الخلل بالعدالة والظلم ،تحت لفتة تطبيق حكم ال.
و ظلل التدخلت والهوى ،تتيح الفرصة لضعاف النفوس للعدوان على
العدالة ،تحت لفتة حرية الجتهاد ،فيصبح الجتهاد ذريعة لهواء القضاة
والولة ،وثمة مخاطر ومفاسد حقيقية عامة ،ينتجها ترك الساس القانوني من
دون تحديد ول توحيد ول تدوين ول إعلن.
79
وهي تنتج اضطراب الحكام بل تناقضها في دولة واحدة ،بل في محكمة
واحدة ،بل من قاض واحد .وهذا يجعل المتقاضين أمام مفاجآت غير محسوبة.
[]55
ب-كيفية التعزيز:
لو قلنا إن وجهة نظر الفقهاء الذين يرون أفضلية الخذ بحرية القاضي
في الجتهاد راجحة ،في الزمنة القديمة ،لكانت في الدولة السلمية الحديثة
مرجوحة؛ ل تحقق مقاصد الشريعة الكلية ،في تجسيد مبادئ العدالة ،لن
مضارها المتيقنة؛ أكثر بكثير جدا من محاسنها المحدودة المتوهمة ،وهي
أسلوب يسم الشريعة بالقصور ،في الدولة الحديثة ،التي تكثر فيها القضايا
والمنازعات ،ويقل فيها مستوى الجتهاد ،أو ضعف إدراك الواقع والوقائع،وهي
تؤدي إلى تأخير البت في القضايا ،وإلى فتح أبواب التدخلت والهوى ،تتيح
الفرصة لضعاف النفوس للعدوان على العدالة.
إن كون أغلب قواعد القضاء غير محددة ول موحدة ول مدونة ول معلنة؛
أسهم في لجوء الدولة إلى لجان القضاء الستثنائي ،لن تحديد قواعد القضاء؛
أسلوب عملي في التعاملت المالية والقتصادية والدارية ،التي لها علقة
بسلمة القتصاد وإدارة شئون الدولة ،لكي ل يكون في المسائل الدارية
والمالية والقتصادية الكبرى قولن ،ذلك أسلوب غير ناجع في التعامل في
القضايا الكبرى.
ومن يتأمل العواقب ،يعلم علم اليقين؛ ل علم الظنون والتخمين ،أنه ل
يتصور أن يكون للقضاء استقلل ،ما لم يكن الساس القانوني(القاعدة
القضائية)متسما بسمات أربع:التحديد والتوحيد والتدوين ونشره للجمهور .لكي
ينحصر اجتهاد القاضي في تطبيق القاعدة على الوقائع،ما لم تكن القاعدة
مخالفة روح الشريعة( ولتفصيل ذلك انظر :معايير ،)2/13:ومن يمار في هذا
من القضاة فإننا نطالبهم ،ببرهان الحصاء والتجريب ،فليضعوا قواعد محددة
80
موحدة مدونة معلنة ،في محكمة كبرى في إحدى المدن ،وليخضعوا نتائج
الحصاء والتجريب ،للتحليل الموضوعي المحايد ،وسيدركون أي السبيلين أهدى
وأقوم.
[]56
المقالة التاسعةعشرة
81
التنفيذية ،فيخل ذلك بميزان العدل ولسيما في الحكام في القضايا السياسية ،عن
طريق التفاهم مع رئيس المحكمة لحالة بعض القضايا إلى قضاة محددين.
[]57
ب-تجنب العلنية والشفافية في المحاكمات:
نظام القضاء السعودي ينص على علنية المحاكمات ،فالسرية استثناء في
حالت خاصة محددة في النظام ،لكن أغلب القضاة السعوديين ل يرتاحون لحضور
الجمهور ،وبعضهم يغلقون البواب من دون أن يكون في الجلسة ما يستدعي
السرية ،ويأمرون الحاضرين بالخروج طوعا أو كرها ،وأوضح ما يكون ذلك في
القضايا السياسية ،التي جرت العادة في الدول التي تعلن الدستور ولو ظاهريا ،أن
يحظر المحاكمة الجمهور وأهل العلم والمحامون.
مع فوائد حضور الجمهور كثيرة ،ولسيما المحامون ،الذين يتمكنون من أخذ
العبر والخبرات والدروس ،وأهم من ذلك أن الجمهور ،ول سيما أهل الصحافة
والعلم ،شهود ال في ارضه ،على مدى عدالة القضاء.
على أن ضعف الشفافية في أي إدارة؛ يفتح النوافذ لتكاثر الخطاء والغلط،
وحشرات الفساد ،كما أنه يسهم في النيل من سمعة القضاء والقضاة ،ول يدرك
كثير من القضاة أنه ل يكفى أن يكونوا عادلين من وجهة نظرهم ،بل ينبغي أن
يقتنع الجمهور بعدالتهم ،أي أن يعتبرهم جمهور الناس عادلين ،فالناس شهود ال
في أرضه،كما جاء في الحديث الصحيح ،ولن يتأكد الجمهور من كونهم عادلين،
ماداموا يؤثرون بت القضايا في غرف مقفلة البواب ،ومخلين بمبدأ علنية
وشفافية القضاء .و لن يتأكد الجمهور من كونهم عادلين ،مادام ل يراهم يطبقون
الوقائع ،على أسس قضائية محددة موحدة مدونة معلنة ،بحيث تتجانس الحكام إذا
تجانست القضايا ،من دون تذرع بالجتهاد.
والقضاة عندما يميلون إلى السرية ،ويزورون عن بناء علقة إيجابية مع
الجمهور ،تقنع الجمهور ،بإخلصهم للعدالة ،يفتقدون عنصرا مهما جدا ،في الحفاظ
82
على استقللهم ،إذ ل يمكن أن يستقل القاضي و يأمن من التعسف في النقل
والعزل ،ما لم يكن الجمهور المقتنع بعدالته ،حاضرا للدفاع عنه ،إن أول إجراء
يدل على عدالة المحاكمة هو أن تكون علنية ،وكل محاكمة سرية فإنها غير
عادلة.
[]58
ج-كيفية التعزيز:
-1اللتزام باحترام حقوق المتقاضين ،التي قررتها الشريعة ،وبلورتها أنظمة
الحكم الشورية ،في إجراءات محددة،لدارة الجلسات ،كاللتزام بتنظيم الجلسات
وضبطها،وحصر نظر جميع القضاة المشتركين في القضية عليها ،أثناء وقت
الجلسة ،وتفعيل مبدأ شفوية وعلنية المرافعات.
-2نشر الحكام القضائية.
-3اللتزام بعلنية الجلسات ،واعتبار السرية استثناء ل يقرره القاضي وحده،
ول يلجأ إليه إل برضا الطرفين .ولن تضمن الشفافية و العلنية ،ما لم يكن
الجمهور حاضرا ،عبر أهل العلم والمحامين وأعضاء حقوق النسان ونحوهم
فلتجمعات المجتمع المدني الهلية و لسيما العلميون والمحامون ودعاة حقوق
النسان دور كبير في شفافية القضاء والحفاظ على استقلله.
[]59
المقالة العشرون
84
[]60
المقالة الحادية والعشرون
أخطر أنواع المركزية:
ليس في القضاء السعودي مركزية ،ولكن طريقة توزيع القضايا على القضاة،
تحتاج إلى مزيد من الضوابط الموضوعية ،ولكن حرية القاضي في تحديد الساس
القانوني(القاعدة القضائية) ،تجعل القاضي يمارس دورين :وضع القواعد وتطبيق
القواعد على الوقائع ،وذلك أخطرأنواع المركزية.
[]61
المقالة الثانية والعشرون
تضخم دور وزارة العدل الداري
والمالي من أخل بنزاهة القضاء:
أ-ضخامة قوة السلطة التنفيذية السعودية:
هناك نظامان دوليان للمسألة المالية والدارية :الول :نظام قضائي مستقل
ماليا وإداريا ،عن الحكومة ،يقوم بإدارة نفسه بنفسه ويعتبر تقديره في تحديد
ميزانيته المالية وشؤونه الدارية
الثاني :نظام قضائي يتمتع باستقلل في اتخاذ القرارات ،وإصدار الحكام .
لكنه إداريا وماليا يعتمد على وزارة العدل(انظر :معايير:المعيار الثامن عشر:
)125-120
غير أنه في ظلل ضخامة قوة السلطة التنفيذية في المملكة ،وعدم وجود
سلطة نيابية موازنة؛ وعدم تكامل عناصر استقلل القضاء؛ صار الدور الذي تقوم
به وزارة العدل ،ل يساعد على تعزيز استقلل القضاء ،وصار دور وزارة العدل من
السباب الجوهرية في تعويق استقلل القضاء.
لن منصب وزير العدل في أي دولة ،إنما هو سياسي ،أي أنه جزء من
السلطة التنفيذية ،ومن أجل ذلك صار الوزير عضوا في مجلس الوزراء ،من أجل
85
ذلك لم ينصص نظام القضاء السعودي (الصادر برقم 9/64وتاريخ
14/7/1395هـ) على شرط الكفاية المهنية في وزير العدل ،بينما نص على شروط
الكفاية المهنية في وكيل وزارة العدل فقال (المادة " )38يختار وكيل وزارة العدل
من بين رجال القضاء العاملين أو السابقين"
وهذا دليل على أن وزير العدل ليست له صفات مهنية تحوله الشراف
القضائي ،وانما ينحصر إشرافه بالمور المالية والدارية ،كإنشاء المباني وشئون
الموظفين العادية.
[]62
ب-وزارة العدل مشرفة على القضاء لخادمة:
لكن نظام القضاء نص على وظائف لوزير العدل تتجاوز المجال المالي
والداري ،ووزير العدل فوق رئيس مجلس القضاء العلى ،وهذا أمر يخل اخللً
واضحا باستقلل القضاء ،ونذكر نماذج من ما صرح به النظام:
-1المبادئ العامة :سلطة مجلس القضاء في اصدار ما يخص القضاء ،من
قرارات ،محددة بطلب ولي المر (الذي هو الملك) أو زير العدل (المادة " )8يتولى
مجلس القضاء العلى بالضافة الى الختصاصات المبينة في هذا النظام ما يلي( :
)1النظر في المسائل الشرعية التي يرى وزير العدل ضرورة تقرير مبادئ عامة
شرعية فيها )2( .النظر في المسائل التي يرى ولي المر ضرورة النظر فيها من
قبل المجلس )3( .إبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالقضاء بناء على طلب وزير
العدل"
-2التعيينات :يقول نظام القضاء "يتم تسمية نواب رئيس محكمة التمييز،
بقرار من وزير العدل ،بناء على اقتراح مجلس القضاء العلى" (المادة )13ويقول
أيضا" تؤلف المحكمة العامة من قاض أو أكثر ،ويكون تاليفها وتعيين مقرها
وتحديد اختصاصها بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح مجلس القضاء العلى"
(المادة . )22
86
ويقول أيضا" تتألف المحكمة الجزئية من قاض أو أكثر ،ويكون تأليفها وتعيين
مقرها وتحديد اختصاصها بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح المجلس العلى"
(المادة )24
ترى أي استقلل للقضاء في ظل تهميش دور أعلى سلطة قضائية ،وتضخيم
دور موظف سياسي؟ ،لقد صار وزير العدل فوق المجلس العلى في مسألة
قضائية ،فالمجلس يقترح والوزير الذي ليس له كفاية مهنية يوافق.
إن نظام القضاء واضح في تقرير دور مركزي سلطوي ،على القضاء بصورة
عامة ،بيد أنها في مسائل الترقية والتفتيش أصرح وأوضح ،اذ يقول النظام" مع
عدم الخلل بما للقضاة من حياد واستقلل في القضاء ،يكون لوزير العدل حق
الشراف على جميع المحاكم والقضاة" (المادة .)71ترى أي استقلل يمكن أن
يكون للقضاء ،ما دام القضاء خاضعا لموظف سياسي ليست له كفاية مهنية ول
صفة دستورية ،وكيف يضمن حياد القضاة واستقللهم ،وأمور تعيينهم من ولي
المر ،وأمور ترقيتهم وتشكيلهم وتعيينهم في المحاكم ،والتفتيش القضائي عليهم
لوزير العدل!! إن دور وزير العدل من أوضح الدلئل وأصرحها ،على انفتاح الباب
الموارب ،للتدخلت الظاهرة ،فضلً عن الباطنة التي تقع عبر ما يسمى بـ
التدخلت الهاتفية).
[]63
ج-وزير الداخلية له سلطة تقرير الحقوق:
وسلطة وزير العدل في المور الحقوقية مرتبطة بموافقة وزير الداخلية ،حتى
في النظمة الحدث التي أصدرتها الدولة كنظام الجراءات الجزائية ،يقول نظام
الجراءات الجزائية "يصدر مجلس الوزراء اللئحة التنفيذية لهذا النظام ،بناء على
اقتراح وزير العدل ،بعد التفاق مع وزير الداخلية" (المادة )223ويصرح الخطاب
الملكي بأن تحديد الحقوق ل يتم ال بموافقة وزير الداخلية (رقم /14190ر) وتاريخ
2/8/1422هـ " علما بأن مجلس الوزراء وافق على اقتراح اللجنة العامة لمجلس
87
الوزرء بأن يضمن نص يقتضي بوجوب تعريف المتهم بما له من حقوق ،ابتداء
بمشروع اللئحة التنفيذية لنظام الجراءات الجزائية ،التي سترفع ان شاء ال
تعالى في وقت لحق من معاليكم بعد التفاق عليها مع وزير الداخلية".
من يحدد الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف؟ إنه ليس مجلس النواب ول
وزير العدل فضلً عن رئيس المجلس العلى للقضاء ،إنه وزير الداخلية ،كما يقول
نظام الجراءات الجزائية "يحدد وزير الداخلية بناء على توصية رئيس هيئة
التحقيق والدعاء العام ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف" (المادة )112
هذا لوزير الداخلية ،على أن هيئة التحقيق والدعاء العام مرتبطة بوزير الداخلية،
كما نص على ذلك النظام.
ويظهر تهميش المجلس العلى للقضاء حتى في النظمة العدلية الحدث
صدورا ،كنظام الجراءات الجزائية (الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م )39/وتاريخ
28/7/1422هـ ،إذ يقول "تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام
الشريعة السلمية ،وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة ،وما يصدره ولي المر من
أنظمة ،ل تتعارض مع الكتاب والسنة ،وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا
النظام" (المادة الولى).
إن من أوضح الدلئل على ضعف استقلل القضاء ،أن هذا النظام ل يصدر
ل عن أن يصدر من هيئة دستورية مخولة ،وأن تكون
من هيئة قضائية ،فض ً
مرجعيته ولي المر المجسد بالملك أو وزير الداخلية ،وأن ينص فيه ،على أن
لئحته التنفيذية إنما هي اقتراح من وزير العدل ،مشروط بموافقة وزير الداخلية،
وليس لمجلس القضاء فيه ذكر.
[]64
المقالة الثالثة والعشرون
ضعف ضوابط كفاية
القضاة(مهنيا ) :
88
أ -مظاهر الخلل المهني:
من الناحية المسلكية يمتاز رجال القضاء السعودي في الجملة؛ بمستوى عال
جدا من الورع والصدق ،والخلق النموذجية ،والحفاظ على الشعائر الدينية ،ومن
البديهي أن يكون كذلك قضاة الشريعة ،و هو أفضل القضاة في العالم في هذه
السمة .والصفات المسلكية ل تحتاج إلى تعزيز يذكر في القضاء السعودي ،بل الذي
يحتاج إلى تعزيز هي شروط الكفاية المهنية.
إن أهم أسباب الضعف والخلل باستقلل القضاء ،في مجال (الكفاية
المهنية)تظهر في ثلثة أمور:
-1إبهام في القواعد القضائية ،لن أغلبها لم يحدد ويوحد ويدون ويعلن.
-2كثرة اللجان القضائية ،في المجالت الدارية والمالية والمصرفية
والجمركية يعانيه القضاء .إن السبب الكبر في إنشاء اللجان القضائية سببه ضعف
تأهيل القضاة في مراكز للتأهيل ككليات الشريعة ،والمعهد العالي للقضاء عن
الحاطة والفعالية والمرونة والبتكار ،أمام القضايا المستجدة ،وهي مجالت
النزاعات المعروضة على هذه اللجان.
-3ودخول معايير غير مهنية ،كالمذهبية(الوهابية والحنبلية أو هما معا) :حيث
تكثر نسبة القضاة الحنابلة ،ومثل ذلك دخول القليمية :حيث تغلب نسبة العناصر
النجدية نسب القاليم الخرى ،وهم أكثر القضاة في السلك القضائي .وقد يكون ذلك
ناتجا عن تفضيل مقصود ،أو عن تركيز التخصصات القضائية في المدن النجدية،
وقد يكون ناتجا عن حرص النجديين على التعليم الديني أكثر من غيرهم ،وهو على
كل حال متأثر بالطار الداري العام ،حيث تعمل النزعة القليمية في الجهزة
الحكومية كالوزارات والدوائر ،على جذب عناصر من إقليم أو حتى بلدة معينة،
وهي مؤشر على ضعف رسوخ مفهوم المواطنة ،ولكن سلبياتها في القضاء ،الذي
هو عنوان العدالة والنصاف؛ أكثر ضررا وأثرا ،لنها ليست محصورة بالخلل
89
بتكافؤ الفرص أمام المواطنين ،بل هي من مداخل رياح الهوى القليمية والمذهبية
الخفية.
ودخول معيار القرابة ،فهناك قضاة وإداريون في المحاكم من أسر محددة ،ل
يحتمل أن اجتماعهم في القضاء جاء مصادفة.
[]65
ب-ضعف تكوين القضاة في الجامعة ،والنموذج
العباسي للحقوق:
وهذه الثلثة مظهر من إفراز خلل جوهري في مراكز تأهيل القضاة وتدريبهم،
هو ضعف الثقافة القضائية ،التي يحصل عليها القضاة في الكليات والجامعات
والدراسات العليا ،وهي تجسد بطء مناهج التعليم الجامعي الديني عن التجديد في
الوسائل والفروع ،والجراءات والهياكل ،وبطأها عن مواكبة التغيرات الحديثة
الكبرى،ولسيما القتصادية والدارية والمالية ،وضيقا في الفق المعرفي
والجتماعي والثقافي ،وتلكؤا في النفتاح والمرونة والمساواة وتكافؤ الفرص،
وتكاد تشير إلى ضعف التسامح مع الجتهادات الخرى ،بصورة توحي بقضاء
تسيطر على مراكزه العليا :النزعة القليمية(النجدية) والمذهبية(الوهابية والحنبلية)
معا،فلم تسع الدولة إلى تنشيط تيار تجديد الفكر القضائي في كليات الشريعة،
ولسيما المعهد العالي للقضاء .
ولم تكن جادة في السعي إلى تحديد القاعدة القضائية ،لكي يتخرج جيل من
القضاة أكثر قدرة على استنباط حلول شرعية ،لما وجد من وقائع ونوازل
ومشكلت ،وقد وكلت التعليم الديني الجامعي إلى العناصر الميالة إلى المحافظة،
وقامت هذه العناصر المحافظة ،بمحاربة التجديد ومضايقة المجددين.
وأغلب كتب مراكز إعداد القضاة متون قديمة ،ألفت في عصور ضمور
الجتهاد في مجال فقه الحقوق المالي والقتصادي والداري ،في ظلل الحكم
الجبري ،فصارت هذه المناهج ل تكفي ،لبناء وسائل نظريات وتفريعات وآليات
90
وهياكل ،في عديد من القضايا المالية والقتصادية والمصرفية ،التي استجدت في
المجتمعات الحديثة ،من أجل ذلك صارت هذه المناهج ل تؤهل بصورة مثلى ،قضاة
ول مستشارين ول محامين.
[]66
ج-أعجب العجب غيبة تفريعات مفهوم الحكم
الشرعي من كليات الشريعة:
إن أي نظام حكم يوصف بأنه شرعي أو إسلمي ،أو أنه يطبق الشريعة ،أو
أنه يحكم بما أنزل ال؛ مؤسس –حتما-على المفهوم الشوري للحكم :هناك ضبابية
91
في مفهوم الحكم الشورة ،استدعت غفلة عن ضمانات الشورى وإجراءاتها ،التي
يطلق عليها الهيكل الدستوري.
غفلة عجيبة عن أن هياكل(النظام الدستوري) ،ليمكن من دونها تجسيد
المفهوم الشوري ،الذي طبقه النبي صلى ال عليه وسلم و الراشديون بالوسائل
المتاحة آنذاك ،قبل ثلثة عشر قرنا من قيام الثورة الفرنسية ،فليس فيها مقررات
على قدر كاف من الوضوح والدقة والصحة والمنهجية ؛ في طبيعة الحكم
الدستوري وهياكله كسلطة المة في تحقيق مقاصد الشريعة ،كالفصل بين
السلطات ،وقيام المجلس النيابي ،ومفهوم استقلل القضاء ،وقيم المجتمع المدني
وجماعاته الهلية ،وليس فيها ما يدرك به الدارسون أن الحكم الدستوري ،في
المة المسلمة هو إطار التطبيق الصحيح للشريعة السلمية ،في الدولة الحديثة .
فصار هذا المفهوم بحاجة إلى تأصيل إسلمي.لن من عوائق هذا التأصيل ذلك
الموروث الفقهي القضائي ،الذي صيغ في مناخ الحكم الجبري العباسي والموي.
ضمانات نزاهة القضاء :ول يمكن أن يتحقق للقضاء استقلل ،ما دامت
ضمانات معايير عدالة القضاء العشرون ،لم توضع مادة في مناهج إعداد القضاة،
ليكون قضاة المستقبل؛ على دراية تامة بما ينسجم مع السلم من المواثيق الدولية
وحقوق النسان ،وعلى دراية بأنها في الجملة(ل بالجملة) تنسجم مع الشريعة ،بل
إنها هي الجراءات المناسبة اليوم ،لتحقيق مقاصد القضاء السلمي ،في إقامة
ميزان العدالة ،ليكونوا على دراية بكيفية تطبيقها في أحكامهم ،تجسيد هذه المعايير
في القواعد والممارسات ،يسهم في تعزيز ضمانات الجراءات القضائية ،ويضمن
وجود قضاء يتمتع بالستقلل والنزاهة .بل إنه ل يمكن أن يتحقق للقضاء
استقلل ،ما لم يكن القضاة على وعي واف بمفهوم استقلل القضاء الدولي
وكونه-في الجملة ل بالجملة -هو الطار الصحيح لتطبيق الشريعة ،في الدولة
السلمية الحديثة( .انظر :المعايير:المعيار الثالث.)61-51 :
92
ازدواجية التعليم :هناك جذور تعليمية لزدواجية القضاء،مابين قضاء عام،
ولجان قضائية منتشرة في الوزارات ،ول يحتمل حسم ازدواجية القضاء ما لم
تحسم ازدواجية التعليم الحقوقي والقانوني ،التي تسبب الرتباك ،بين خريجي
قانون مدني متجدد ،أقدر على حلول القضايا القتصادية والمصرفية
ونحوها،وخريجي قضاء شرعي صاروا مثار البطء والتذمر في مثل هذه القضايا،
إن تجديد مناهج كليات الشريعة ،لكي تكون محضن الفكر القانوني في المجالت
المالية والمصرفية والمدنية وغيرها ،هو الحل السلمي في دولة تتحرى تطبيق
الشريعة ،وهو المهمة التي ينبغي أن يترجم بها العلماء والفقهاء؛ أقوال حرصهم
على تطبيق الشريعة إلى أفعال ،من خلل مبادراتهم إلى إنتاج اجتهادات عملية في
التفصيل والفروع والجراءات والهياكل ،تصد تحديات القوانين غير الشرعية التي
تتكاثر يوما بعد يوم.
إن مراكز إعداد القضاة(كلية الشريعة أو المعهد العالي للقضاء)؛ قليلة
التجديد ،وأغلب المواد المدروسة فيها مواد عامة في دراسة الفقه العام ،ول
تتوسع في الفكر القضائي،
وأخطر من ذلك كله سيطرة السلوب النظري والتلقيني المحافظ ،في التعليم
السعودي عامة ،والديني خاصة ،والتعليم التلقيني والنظري ،ل يحتمل أن ينميا
المنطق القضائي ،و ل التفكير النقدي .
إن الوسيلة الفعالة لتعزيز استقلل القضاء هي الحد من ثقافة التقليد
والتلقين التي تستوطن عادة نظام التعليم الجامعي عامة والديني خاصة؛ في كليات
الشريعة وأصول الدين .فإصلح التعليم القضائي على مستوى الجامعة ،أقوى
ضامن لستقلل القضاء على المدى البعيد ،وأي فرص للتدريب ل توازى اكتساب
أساس سليم من التعليم ،أثناء دراسة القانون الرسمية ،ولسيما في مجال المنطق
القانوني والتفكير النقدي والبعاد الخلقية والمهنية
93
والتدريب الذي جرى عليه القضاء للقضاة ،هو أن يكون المرشح للقضاء
(ملزما) أحد القضاة المتمكنين سنتين أو ثلثا ،وهذا برنامج غير فعال ول كاف،
لن نقص التأهيل ليس محصورا في كيفية التطبيق والجراءات ،بل أغلبه في
جانب المعلومات والمهارات.
[]67
د-كيفية التعزيز:
-1إن إصلح التعليم القضائي في كليات الشريعة؛ هو الوسيلة الضرورية
لرفع مستوى القضاة ،وتحقيق الدقة والشفافية ،وتعميق الستقلل على المدى
البعيد ،وأي فرص للتدريب ل توازى اكتساب أساس سليم من التعليم ،أثناء
الدراسة القانونية الشرعية ،ولسيما في مجال ،بناء مهارة المنطق
القانوني(القدرة على التسبيب والتحليل) ،ومهارة التفكير النقدي ،فضل عن البعاد
الخلقية والمهنية الخرى .من أجل ذلك ينبغي تجديد مناهج الدراسة في كليات
الدراسات الشرعية بصورة عامة ،وما يتصل منها بالحقوق خاصة ،كالمعهد العالي
للقضاء.
- 2ومن ذلك حقوق المواطنين على الدولة :أي ما فرضه ال للناس أفرادا
وجماعات ومجتمعا من حقوق اجتماعية واقتصادية ومدنية وثقافية وسياسية .لن
هذه الحقوق لم تتكامل في الفكر الحقوقي ،الذي نبت في مناخ الحكم الجبري
العباسي ،قبل أكثر من ألف عام.
-3المفهوم الدستوري للحكم :من عوامل تقوية التعليم في كليات الشريعة
التي تعد القضاة؛ أن يكون المعدون للقضاء على دراية تامة ،بالمعايير الستورية
التي قررتها الشريعة أو أقرتها ،ونمذجتها التطبيقات النبوية والراشدية ،في
مجالت العلقات الدولية ،ومفهوم الدولة الحديثة ووظيفتها ،وطبيعة التعاقد بين
الدولة والمجتمع ،وما يتصل بها من مبادئ القانون الدستوري،والفصل بين
السلطات الثلث ،وهي من المقاصد التي قررها السلم ،قبل أربعة عشر قرنا من
94
تنادي الدول الحديثة إليها ،أو الوسائل الحسنة التي أصبحت في العصر الحديث
ضرورية للقيام بالمقاصد ،وكل الوسائل التي ل يتم المقصد الواجب إل بها ،فهي
واجبة كوجوب المقصد.
ول يمكن ادراك مفاهيم الدولة الدستورية والحقوق ،في إطار كتب نبتت في
مناخ الحكم الجبري ،تعتبر الحاكم الذي هو وكيل المة ونائبها وكيلً عليها
وتعتبره (ولي أمر) على المة ،وتعتبره أدرى بالمصلحة ،وتعتبره القاضي الصيل
وليس القضاة إل وكلء ،وتراه محكمة دستورية تبت في الخلف .والتعويل على
أمثال هذه المتون؛ لن يخرج قاضيا ذا ثقافة إسلمية حقوقية صحيحة.
-4ومن الفضل إنشاء أقسام قانون شرعي في كليات الشريعة ،تقوم بإعداد
القضاة؛ قضاة المحاكم وقضاة التحقيق والدعاء معا ،والمستشارين القانونيين
والمحامين أيضا.
-5ول يمكن أن يتحقق للقضاء استقلل ،ما لم يكن القضاة على وعي
واف بمفهوم استقلل القضاء الدولي وكونه-في الجملة ل بالجملة -هو الطار
الصحيح لتطبيق الشريعة ،في الدولة السلمية الحديثة.
-6إن الوسيلة الفعالة لتعزيز ثقافة القضاء هي الحد من ثقافة التقليد
والتلقين التي تستوطن نظام التعليم النظري الجامعي عامة والديني خاصة؛ في
الكليات والمعاهد الشرعية.
-7ومن المهم أن تقوم كليات دراسة الشريعة ،بتدريس أخلقيات الوظائف
القانونية الشرعية ،كالقضاء والمحاماة ،من خلل التركيز على المهارات التطبيقية
والعملية ،كالقدرة على التسبيب ،بذلك يمكن أن يتخرج القضاة والمحامون الكفأ.
-8ومن الضروري إنشاء مركز لتدريب القضاة ،فل ينبغي أن يكون
القضاة أقل حظا من المعلمين ،فالمعلمون لهم معاهد إعداد ومراكز تدريب خاصة ،
تدرس فيها طرق التعليم ونظرياته ،وعلوم النفس والجتماع والمناهج ،ول بد
من التدريب والتأهيل المستمر ،ليكون القضاة أكثر تأسيسا علي قطعيات الشريعة
95
وتطبيقاتها النبوية والراشدية ،أوسع أفقا وأكثر انفتاحا على متغيرات العصر،
وأقدر على مواكبة تطوراته بحلول شرعية عملية ،وأقدر على مجابهة تحدياته
بفكر اجتهادي فعال ،والقاضي معني أكثر من غيره ؛ بالتحولت القتصادية
والجتماعية ،التي تجتاح عالم اليوم ،وما تطرحه التحولت من موضوعات
ومنازعات مستجدة معقدة ،يتطلب حلها مؤهلت خاصة ،وربما تحتاج إلى
تخصص نوعي في مجالت متعددة.
-9من أجل ذلك يصبح تجديد مناهج كليات الشريعة ضرورة شرعية ،لكي
تسد الحاجة إلى القضاة في مجالت اللجان المستثناة وغيرها ،ولكي تمد البلد
بالقضاة والمحققين القضائيين والمحامين والمستشارين القانونيين أيضا.ول يمكن
الدولة أن تضم اللجان القضائية المستثناة؛ مالم يتوافر في خريجي كليات الشريعة،
ثقافة شرعية قضائية ،في مجالت اللجان الكثيرة.
من المهم إصلح التعليم الحقوقي ،على مستوى الجامعة عامة ومعهد
القضاء العالي خاصة ،لنه الوسيلة الجود والضمن ،لرفع مستوى القضاة ،
وتحقيق الستقلل والنزاهة.
-5لكي يتمكن القضاة من تطبيق قانون عادل ينبغي أن يكونوا على دراية تامة
بأساس القانون(القواعد القضائية) التي يطبقون ،بأن تكون القواعد القضائية
محددة موحدة مدونة منشورة ،لن القضاة غير المتمكنين من فقه القواعد
القضائية ،أكثر عرضة للخضوع للضغوط الخارجية ،وأقل استقللية.
[]68
المقالة الرابعة والعشرون
نقص هياكل القضاء
وشيخوختها:
أ-اضطراب تحديد جهات حسم القضايا
96
هناك حقوق للناس كثيرة تضيع بسبب كثرة عدد القضايا وقلة المحاكم وبطء
الحيوية والحركة في جهاز القضاء ،ضعف وضوح الجهة التي تتولى حسم القضية،
وأكثر ما يتضح ذلك في قضايا الصحافة والخطابة والعلم والنشر ،إذ
يتعرض لصنوف من المعوقات ،عديد من الكتاب والصحفيين وخطباء المساجد،
والمتحمسين للصلح والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعاة المجتمع المدني
والمهتمون بالشأن العام ،من جهات متعددة ،من قبل وزارة الداخلية والمارات،
والعلم والشئون السلمية ،إيقافا وتهديدا وطردا من أعمالهم ،وحرمانا من
أرزاقهم -،على أنه ل يجوز في السلم حرمان أحد من رزقه ومعاشه مهما كان
خطؤه ،من دون أن تكون ثمة قواعد قضائية تحدد ما هو خطأ يحاسب القائل
عليه،ومن دون لئحة تحدد العقوبات ،ومن دون إجراءات موضوعية ،لثبات
الخطأ ،ومن دون حصرها بجهة قضائية شرعية.
ولقد اتجهت الدول ذات القضاء المستقل ،إلى ضمان الستقلل إجرائيا
وهيكليا،بإنشاء هياكل قضائية ذات وظائف قضائية محددة ،من أجل تعزيز
سرعة البت ودقة الحكام (انظر :معايير:المعيار العشرون.)137-133 :
ول ينبغي للناس اليوم أن يبرروا الهياكل القضائية المتوارثة في العصور
السوالف ،فالتطبيق الفعال للشريعة؛ هو اتخاذ الجراءات والليات والهياكل التي
تحقق الستقلل،الذي لبد منه لتحقيق العدالة ،فما أدى إلى الهدف من الوسائل
والليات والجراءات والهياكل المباحة فهو من الشريعة ،كما قال ابن القيم وابن
عقيل ،في غير هذا السياق(انظر الطرق الحكمية).
[]69
ب-كيفية التعزيز:
ولدى مقارنة الهيكل القضائي السعودي بالهياكل المعروفة في الدول الحديثة؛
يلحظ أن التشكيل السعودي يحتاج إلى التجديد الهيكلي ،رأسيا وأفقيا،ومن أجل
ذلك تشتد الحاجة إلى إعادة هيكل القضاء ،سواء في تقسيمه الرأسي إلى درجات أم
97
الطولي إلى تخصصات،كإنشاء محاكم عمالية وتجارية وعقارية ومرورية .باحداث
الوحدات الضرورية التالية:
-1محكمة العدل العليا:
وقد فصلت طبيعتها وظيفتها و في مقالة سابقة.
-2انشاء ديوان للمحاسبة:
وهو يختص بمراقبة استعمال الموال ،ومدى انطباق الستعمال على
القوانين والنظمة الرسمية الجراء ،وصحة وقانونية معاملتها وحساباتها،
ومحاكمة المسئولين عن مخالفة القوانين والنظمة المتعلقة بها
(انظر:القباني ،)15 :وديوان المراقبة الحالي ليكفي،لن المراقبة إجراء
تفتيشي ،والمحاسبة إجراء قضائي.
-3إلحاق ديوان المظالم بالقضاء،
ومسماه الوضح :ديوان القضاء الداري.
-4ضم هيئة التحقيق والدعاء العام الى القضاء.
وتسميتها الوضح :النيابة العامة.
-5وفي القضاء العام:
ينبغي توزيع السلطة القضائية حسب تنوع القضايا والمتقاضين وكثرتها ،ومن
هياكل ذالك:
أول:القضاء الجنائي.
ثانيا-:القضاء المدني العادي في القضايا المدنية ،وتشتد الحاجة إلى توزيعه
في محاكم مستقلة ،مثل:
-والقضاء العقاري ،ومهمته البت في القضايا العقارية وهي أكبر القضايا
في السعودية.
-والقضاء العمالي يتناول الخلفات الحاصلة بين أرباب العمل ،والصرف من
الخدمة والحد الدنى من الجور.
98
-والقضاء المروري :يتناول قضايا السير بالمركبات.
-وقضاء المطبوعات والنشر والرأي :ومن المحاكم الضرورية محكمة
لقضايا السياسة والرأي والنشر :من أجل ذلك ينبغي أن يصدر مجلس النواب
مدونة تقرر حقوق النسان القتصادية والثقافية والمدنية ،على شكل منظومة
متكاملة .وتقرر الحقوق السياسية التي أقرها السلم قبل أربعة عشر قرنا من
تنادي المم المتحدة إليه ،كحرية الرأي والتعبير .فضل عن التجمع والعتصام
والتظاهر ،فضل عن إنشاء الجمعيات والنقابات المهنية والقتصادية والجتماعية
والثقافية.و تحدد ماهو ممنوع وما درجات عقوبته وما وسائل إثباته.
ومن ثم ينبغي إنشاء محكمة شرعية للقضايا السياسية وقضايا الرأي
والتعبير تطبق ذلك النظام ،لكي ل تضرب حقوق الناس التي قررتها الشريعة ،باسم
الحكم بالشريعة.
لتنظر في الدرجة الولى في قضايا المطبوعات والسياسة والنشر ،وتراجع
أحكامها محكمة التمييز ،لن الصحفيين والكتاب وخطباء المساجد ،يعانون من
الجراءات المتعسفة التي تتخذ ضدهم،من جهات شتى كالمباحث والمارات ووزارة
العلم والوقاف.
-وقضاء للحوال الشخصية.
وغير ذلك من المحاكم التي ينبغي أن تنشأ ،حسب كثرة القضايا ،وحاجة بعض
القضايا إلى تأهيل خاص ،عند تصحيح وضع لجان القضاء،ووضعها تحت مظلة
القضاء العام ،عند تحويلها من مستثناة إلى قضاء خاص.
ثالثا :القضاء التجاري:
رابعا :القاضي التنفيذي :ينبغي إحداث وظيفة قاض تنفيذي في كل محكمة،
يقوم بتنفيذ أحكام القضاء ،ويلزم أي جهة صدرت ضدها أحكام بتنفيذ الحكم ،كما
وضح البحث.
99
[]70
المقالة الخامسة والعشرون
البطش بالتجمعات المدنية
شل الجمهور عن حراسة
القضاء
أ-خطورة غياب الجمهور عن دعم القضاء:
من المور المهمة في استقلل القضاء دعم الجمهور ،القضاء يستمد قوته
من داخله كرسوخ نظامه وصلبته ،و من نزاهة القاضي وصلبة حياده ،ولكن أهم
عامل في استقلل القضاء هو دعم الشعب القضاة والقضاء ،فل يستطيع قاض أن
يأمن التدخلت والمضايقات ،و ل التعسف نقل وعزل ،إل بوقوف الجماهير معه،
وقد وقفت الجماهير وقفات مشرفة مع عديد من القضاة ،خلل تاريخنا السلمي،
فحمت كرامتهم وكرامتها ،وقد دافع الجمهور السعودي عن عديد من القضاة ،فثنى
الحكومة عن الجور والتعسف ،كحمد بن عتيق وعبد ال بن حميد.
ولكن ذلك لم يكن هو القاعدة ،بل كان حالت نادرة ،وذلك لسببين في المجتمع
السعودي:
الول :لم تتبلور ثلثية المجتمع المدني خلل تاريخنا السلمي :قيما وهياكل
مدنية وهيكل دستوريا ،ل في مجال التنظير الفكري ،ول في مجال التطبيق العملي،
وورثت الدولة السعودية تهميش الرأي العام ،ودعمت ذلك بخطاب ديني(انظر:
معايير:المعيار الثالث والعشرون.)148-142 :
الثاني :إن من الخطاء الشائعة عند القضاة السعوديين؛ أنهم ل يثمنون مبدأ
التفاعل مع الجمهور ،إذ ل يدرك كثير من القضاة أنه ل يكفى أن يكونوا عادلين
من وجهة نظرهم ،بل ينبغي أن يعتبرهم جمهور الناس عادلين ،فالناس شهود ال
في أرضه،كما جاء في الحديث الصحيح.
100
ولن يقتنع الجمهور بعدالة القضاة ،ولن يدعمهم مادام ل يراهم يطبقون
الوقائع ،على أسس قضائية محددة موحدة معلنة ،بحيث تتجانس الحكام إذا
تجانست القضايا ،من دون تذرع بالجتهاد،
لن تمتين العلقة بين القضاة و الجمهور؛ مبدأ لم يستقر في الثقافة القضائية
السعودية خاصة؛ والتراثية العباسية عامة ،وهذا من أسباب سهولة عزلهم ونقلهم
وفصلهم ،طوال العصور ،لن عزوف القضاة عن العلنية والشفافية ،يفقدهم دعم
الجمهور.
[]71
ب-الدولة تغتال التجمعات الهلية:
وثالثة ألثافي أن الدولة منذ أربعين عاما(1384هـ) دأبت على تفكيك تجمعات
المجتمع المدني البسيطة شيئا فشيئا ،لبنة لبنة ،كما وقع لمجلس
الشورى(الستشاري المعين) الذي أنشأه الملك عبد العزيز ،وطفقت تلغي كل شكل
ولو كان بسيطا من تجمعات المجتمع المدني ،كما وقع للمجالس البلدية ،ولنظام
النتخاب في الجامعات ،بل لقد أغرقت في تفكيك البنى الهلية مدنية وغير مدنية،
وفوق هذا وذاك منعت نشوء أي شكل من أشكال تجمعات المجتمع المدني
الجديدة.في عملية قسرية نتيجتها القضاء على أي شكل من أشكال المجتمع الهلية
مدنيا أو غير مدني ،فألغت قنوات المشاركة الشعبية ،وهي التي لها الدور الكبر
في حماية استقلل القضاء.
فخوف المحامين شل عقولهم عن متابعة القضاء ،ونقصان حرية العلم
كتف أيدي العلميين عن كشف ستائر الفساد ،بل انتهكت حقوقهم هم ،وما يجري
للصحفيين والكتاب وخطباء المساجد،من فصل وحرمان من الرزاق ،وشلت الدولة
الجمهور حتى أصبح غير قادر على ممارسة دوره الطبيعي ،في حماية استقلل
القضاء ،فالقضاء ل تقتصر حماية استقلله ،على إجراءات وضمانات العدالة
101
والقضاء ،ول على نزاهة وحياة القضاة ،فكل هذه المور لن تحصن القضاء ول
القضاة؛ إذا لم تتوافر له ولهم حماية شعبية.
ومن أوضح الدلة على وأد الدولة ،أي تجمع أهلي قصة حظر جماعة الدفاع
عن حقوق النسان ،التي أنشأها ستة من الفقهاء و أساتذة الجامعات 1413هـ (
1993م)،فقد فصلت الدولة أعضائها من أعمالهم وسجنت أكثرهم؛ واستصدرت
فتوى من هيئة كبار العلماء بأن عملهم افتئات على ولي المر ومحظور شرعا؛ بل
هي أوضح برهان على تفكيك تجمعات المجتمع المدني ،وعدم الذن بنشوء
تجمعات لحقة ،وأن القضاء مشارك للحكومة في القمع بإصدار القضاة صكوكا
بتجريم دعاة الصلح السياسي السلمي أو سكوته عن توقيفهم الذي يمتد إلى بضع
سنين ،وهذا دليل على أن القضاء الذي ل يستند إلى حماية شعبية؛ يفقد استقلله
ل عن المحتسبين الذين يدافعون
فيجرم الذين يمارسون حقوقهم المشروعة ،فض ً
عن الحقوق العامة.
[]72
ج-كيفية التعزيز:
لبد لضمان استقلل القضاء من إقرار الدولة مشروعية قيام تجمعات
المجتمع المدني الهلية ،بأنواعها الخمسة :اقتصادية واجتماعية ،وثقافية ومهنية
وسياسية ،وإن أجلت الجمعيات السياسية إلى غد.
[]73
المقالة السادسة والعشرون
ل جمعيات للقضاة تدافع عن
حقوقهم:
أ-القاضي الذي ليضمن حقوقه كيف يضمن حقوق
الناس:
102
ل نجد في النظمة السعودية؛ إقرارا-ولو نظريا-بتجمعات المجتمع المدني
الهلية ،لي حرفة أو مهنة ،بما فيها مهنة القضاء .ولن يستطيع القضاء أن يتعزز
ما لم تتقرر حقوق الناس عامة والقضاة خاصة ،في إنشاء الجمعيات الهلية ،لما
لها من عظيم الثر في إقرار الشورى واستقلل القضاء (انظر :معايير:المعيار
الثاني والعشرون.)42-40 :
ولن يعتبر جمهور الناس القضاة عادلين ،ما دام ل يراهم مستقلين
يمارسون حقوقهم في حربة التعبير والتفكير والجتماع ،ومادام ل يرى حصانتهم
مصانة،ومادام ل يرى أن كل تدخل في شئونهم يعلن ،ويحاسب مقترفه ،وما دام
يرى القضاة ،يوبخون أو ينقلون ويعزلون ،لنهم كتبوا نصيحة سرية أو علنية
للدولة ،فعبروا عن وجهة نظرهم ،تجاه أمر من شئون المجتمع العامة ،أو شئون
القضاء الخاصة.
ولن يستقل أي قضاء ما لم يتقرر حق إنشاء الجمعيات ،للناس عامة
والقضاة خاصة ،فلجمعيات القضاة أثر كبير في الدفاع عن مصالحهم العامة ،بل
ولها دور في تجديد إجراءات وضمانات وهياكل القضاء ،فجمعيات القضاة في بلدان
عديدة كفرنسا؛ هي التي قادت اتجاهات تجديد القضاء ودافعت عن استقلله
(معايير .)142 :والنظمة السعودية تحظر تجمعات المجتمع المدني الهلية ،لي
حرفة أو مهنة أو نشاط اجتماعي أو ثقافي ،بما فيها مهنة القضاء ،ولن يستطيع
القضاة أن يضمنوا حقوق الناس؛ إذا كانت حقوقهم فضل عن حقوق الناس منتهكة
في مجال التعبير عن الرأي والتعبير عنه والتجمع.
[]74
ب-كيفية التعزيز:
أن تصدر الدولة نظاما بمشروعية بتجمعات المجتمع المدني الهلية عامة،
والقضاة خاصة.
103
المصادر والمراجع
استقلل القضاء في الردن ،بحث فاروق الكيلني (أبحاث مؤتمر العدالة .1
الثاني .وهو مرجع كل البحاث التالية التي لم يذكر مكانها.
استقلل القضاء في السلم ،شحاته. .2
استقلل القضاء في البحرين .بحث :زينات المنصوري. .3
استقلل القضاء في تونس .بحث :غازي الغرايري. .4
استقلل القضاء في الجزائر ،بحث :جادي عبدالكريم. .5
استقلل القضاء في سورية ،بحث :هاشم مناع. .6
استقلل القضاء في العالم العربي ،بحث :ناتان.ج.بروان وعادل عمر .7
الشريف.
استقلل القضاء في العراق ،بحث :عبدالحسين شعبان. .8
استقلل القضاء في لبنان ،بحث :خالد القباني. .9
استقلل القضاء في مصر ،بحث :محمد كامل عبيد. 10
.
استقلل القضاء في المغرب ،بحث :أحمد السراج. 11
.
دليل تعزيز استقلل القضاء .ترجمة ونشر المؤسسة الدولية لنظمة 12
.
النتخابات بإسهام من برنامج المم المتحدة للنماء .يناير .2003
13المعان في حقوق النسان ،هيثم مناع.
.
14تبصرة الحكام ،ابن فرحون.
.
15تفسير الفخر الرازي.
.
104
16تفسير ابن سعدي.
.
17تفسير المنار.
.
18تفسير النيسابوري.
.
19جامع الصول ،ابن الثير.
.
20حقوق النسان في السلم .أبو بلل عبدال الحامد .لندن 1415هـ (
.
.)1994
21حقوق المتهم في السلم بين ظلل الحكم الراشد والجائر .مخطوط أبو بلل
.
عبدال الحامد.
22دستور الردن.
.
23دستور البحرين الصادر سنة 1422هـ (.)2002
.
24دستور تونس.
.
25دستور الكويت الصادر سنة 1382هـ (.)1962
.
26الدستور المصري الصادر سنة 1971م.
.
27دستور المغرب.
.
28الطرق الحكمية ،ابن القيم.
.
29الفروق ،القرافي.
105
.
30القانون الدستوري والنظام الدستوري الردني .د .عادل الحياري (
.
1392هـ (1972م).
31لمحات من تاريخ القضاء في السعودية ،عبدالعزيز آل الشيخ.
.
32اللجان القضائية في السعودية ،بحث :عبدال بن محمد الناصري.
.
33مدى صلحية القرائن في ادانة المتهم ،بحث :عبدال البسام ،بحوث ندوة
.
حقوق المتهم .الرياض.
34معالم استقلل القضاء في الشريعة السلمية ،بحث :عمار التهامي ،مجلة
.
البحوث الفقهية .ربيع الولى 1417هـ.
35معايير استقلل القضاء الدولة في بوتقة الشريعة .ابو بلل عبدال الحامد.
.
الدار العربية للعلوم .بيروت 1425هـ (.)2004
36نظام ديوان المظالم السعودي.
.
37نظام الجراءات الجزائية السعودي الصادر سنة 1422هـ .
.
38نظام القضاء السعودي الصادر سنة 1395هـ.
.
39نظام المحاماة السعودي الصادر سنة 1422هـ.
.
40نظام المرافعات الشرعية السعودي .الصادر سنة 1421هـ.
.
41نظرية براءة المتهم .بحث :عبدال بن منيع ،بحوث ندوة حقوق المتهم.
.
الرياض.
42النظام الساسي للحكم السعودي .الصادر سنة 1412هـ.
106
.
الفهرس
رقم
المقالة.................................................../رقم
الفقرة
=1/شــــكــــر]2[........................................................
=2/فاتحة3[......................................................................:
]
=3/تعريف استقلل القضاء]4[....................................................:
=4/معايير استقلل القضاء العشرون]6[..........................................:
=5/المعضلة في جذور الفكر القضائي العباسي قبل القضاء السعودي]7[..........:
=6/مدى انتهاك حقوق النسان]10[..............................................:
=7/مدى انتهاك حقوق المتهم]13[................................................:
=8/لمن السلطة للمة أم للملك(ولي المر) الذي هوأدرى بالمصلحة؟]18[:
=9/نظام الحكم (المكتوب)يخل بشرطي البيعة على الكتاب والسنة :العدل والشورى:
]22[. .............................................................................
=10/الفصل بين السلطات هو الضامن لشعار (حكم إسلمي) في أي دولة إسلمية
اليوم]27[.........................................................................:
=11/نظام القضاء وزئبقية مصطلح "تطبيق الشريعة والحكم بما أنزل ال]31[......:
107
=12/ل رقابة للقضاء على السلطة التنفيذية وكيف حلت السلطة التنفيذية محل
المحكمة الدستورية العليا؟]34[....................................................:
=13/انفراد السلطة التنفيذية بالتعيين والتشكيل]38[...............................:
=14/ضعف حصانة القضاة من التعسف:تفتيشا وتأديبا وعزل و ترقية ونقل]40[.:
=15/كثرة المحاكم المستثناة من شروط القضاء الطبيعي]42[......................:
=16/كثرة تدخلت الحكومة في فصل القضايا]46[................................:
=17/ربط هيئة التحقيق و الدعاء العام بوزير الداخلية أبرز علمات القضاء
البوليسي]49[.....................................................................:
=18/تبعية السجون لوزارة الداخلية وشل القضاء عن الشراف أعظم إخلل بحقوق
المتهم والسجين]51[...............................................................:
=19/ل قاضي تنفيذيا في كل محكمة]52[.........................................:
=20/القواعد (القضائية) لم تحدد ولم توحد ولم تدون ولم وتعلن]54[............:
=21/ضعف العلنية والشفافية وعلقتهما بغياب الرقابة الشعبية]56[...............:
=22/بطء البت في القضايا و التنفيذ]59[........................................:
=23/أخطر أنواع المركزية]60[..................................................:
=24/تضخم دور وزارة العدل الداري والمالي من أخل بنزاهة القضاء]61[......:
=25/ضعف ضوابط كفاية القضاة(مهنيا )]64[....................................:
=26/نقص الهياكل القضائية]68[..................................................:
=27/البطش بالتجمعات المدنية شل الجمهور عن حراسة القضاء]70[..............:
=28/ل جمعيات للقضاة تدافع عن حقوقهم]73[..................................:
=29/المراجع]75[.................................................................
108
109