You are on page 1of 36

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫هــــذه‬
‫عـقـديـتـنـا‬
‫تأليف‬
‫الشيخ أبي محمد المقدسي‬

‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫* * *‬
‫‪http://www.almaqdese.net‬‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬
‫‪http://www.abu-qatada.com‬‬
‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬الرحمن الرحيييم‪ ،‬مالييك يييوم‬
‫الدين‪ ،‬والصلة والسييلم علييى خيياتم النبييياء والمرسييلين‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫فهذا مختصيير لمييا نعتقييده‪ ،‬ونييدين اللييه بييه فييي أهييم‬
‫أبواب الدين‪ ...‬كتبته في سييجني بعييد أن بلغنييي أن أناسيا ً‬
‫ولوننا ما لييم نقلييه فييي يييوم ميين اليييام‪،‬‬‫ينسبون إلينا‪ ،‬ويق ّ‬
‫خصوصا ً في أبواب الكفر واليمان‪.‬‬
‫ولييم أكيين ميين قبييل مهتمييا ً بالكتابيية فييي مثييل هييذا‬
‫وا فيييه ووَفّييوا‪ ،‬ولن‬ ‫الموضوع‪ ،‬وذلييك لن علماءنييا قييد ك َ َ‬
‫في ْ‬
‫طالب الحييق المنصيف بإمكيانه التعييرف إلييى أقوالنييا مين‬
‫صييلة‪ ،‬إلييى أن طلييب منييي ذلييك بعييض إخييوة‬ ‫كتاباتنييا المف ّ‬
‫دد على زيارتنييا فييي السييجن‪،‬‬ ‫يصلنا ويتر ّ‬ ‫كان‬ ‫التوحيد ممن‬
‫وذلك بعد أن التقييى بُأنيياس لييم يتييبينوا أقوالنييا فييي بعييض‬
‫أبواب الكفر واليمان‪.‬‬
‫فبادرت وأجبت ذلك الخ الفاضل إلى طلبه ميين بيياب‬
‫ضبط المسائل‪ ،‬والتعريف بمجمل وأهم ما نعتقده ونييؤمن‬
‫به‪ ،‬لعلي أن أسد ّ بذلك الباب علييى ميين يبحييث عيين صيييد‬
‫ولنا ما لم نقله‪ ،‬أو ينسب‬ ‫شارد في بعض العمومات‪ ،‬أو يق ّ‬
‫إلينا وُيلزمنا بما ليس هو من مذهبنا‪.‬‬
‫خصوصا ً وأنني أعرف أن بعض كتاباتنييا يتييداولها كييثير‬
‫من المبتدئين فيي طليب العليم اليذين قيد تختليط عليهيم‬
‫بعيييض المسيييائل؛ خصوصيييا ً عنيييد بعيييض الطلقيييات أو‬
‫العمومات الييتي قييد يقرؤونهييا فييي كتاباتنييا الدعوييية الييتي‬
‫نخاطب في كثير منها الطواغيب وأمثالهم من المشييرعين‬
‫وأوليائهم من عساكر الشرك والتنديد ونحييوهم مميين أميير‬
‫الله تعالى بترهيبهم والغلظ عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬فربما أبقينا بعييض نصييوص الوعيييد المطلقيية علييى‬
‫ظاهرها دون تأويل‪.‬‬
‫‪ -‬أو أطلقنا أحكاما ً عيين نييوع العمييل فلييم يفيّرق ميين‬
‫صر في طلب العلم بين ذلييك وبييين تنزيييل الحكييم علييى‬ ‫ق ّ‬
‫العيان‪.‬‬
‫‪ -‬أو أبقينا بعض الطلقات على ظاهرها دون تفصيل‬
‫أو تأويل ليكون ذلك أدعى لزجر المخييا َ‬
‫طبين الييذين دأبهييم‬
‫البحث عن الرخص والمخارج التي تهون لهم الموبقات‪.‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫سيييا ً بطريقيية كييثير ميين السييلف فييي إطلق‬ ‫وذلييك تأ ّ‬


‫نصييوص الوعيييد كمييا أطلقهييا اللييه تعييالى‪ ،‬وإمرارهييا دون‬
‫خوض في تأويلها‪ ،‬لتكييون أدعييى للزجيير كمييا أرادهييا اللييه‬
‫ة قَييرن الليه اللعنيية بهيا ليسيت كغيرهييا‪،‬‬‫تعالى‪ ،‬فإن معصي ً‬
‫وإن عمل ً وصفه الله أو سماه رسول الله صلى الله عليييه‬
‫وسلم بالكفر ليييس كسييائر العمييال‪ ،‬إل أن يخشييوا سييوء‬
‫طبين فيلجييؤون إلييى التفصيييل‪ ،‬وكييذلك‬ ‫الفهييم ميين المخييا َ‬
‫نفعل نحن في كتاباتنا المفصلة‪.‬‬
‫كما أعلم أن بعض غلة المكفييرة يتييداولون بعييض مييا‬
‫ما ينصر مذاهبهم‪ ،‬وكليي ثقية بيأنهم ليو كيانوا‬ ‫نكتبه بحثا ً ع ّ‬
‫طلبة حق منصفين فلن يقعوا على شيء مما يطلبييون‪ ،‬إل‬
‫أن يبتروا مقالتنا بترًا‪.‬‬
‫كما أعرف أن كثيرا ً من خصييومنا ميين مييرجئة العصيير‬
‫وأشباههم يفتشون فيها‪ ،‬ل بحثا ً عن الحق‪ ،‬وإنما بحثا ً عيين‬
‫إطلقات ربما نقلناها عن بعض العلميياء والئميية والييدعاة‪،‬‬
‫ليشغبوا بها علينا سعيا ً منهم وراء تشويه دعوتنييا‪ ،‬بتحميييل‬
‫كلمنا ما ل يحتمله‪ ،‬وبإلزامنا ما ل نلتزمه‪.‬‬
‫فإلى هؤلء جميعا ً أقول‪...‬‬
‫اتقييوا اللييه‪ ،‬وقولييوا قييول ً سييديدًا‪ ،‬وتييذكروا حييديث‬
‫المصطفى عليه الصلة والسلم‪) :‬ومن قال في مؤمن ما‬
‫فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مميا‬ ‫ليس‬
‫قال()‪.(1‬‬
‫وأقول معلنا ً دون أدنى حرج‪...‬‬
‫أن كل قول قلته في كتاباتي ظهر أو سيظهر في يوم‬
‫من اليام أنه جاء معارضا ً لنص من الكتاب والسيينة خفييي‬
‫ي‪ ،‬فأنا أول من يرجع عنه‪ ،‬ويبرأ منييه‪ ،‬ويعييض بالنواجييذ‬
‫عل ّ‬
‫على ذلك النص‪.‬‬
‫وسيرى القارىء لهذه الورقييات أن كييثيرا ً ميين كلمنييا‬
‫فيها متأثر تأثرا ً واضحا ً بل ربما كييان بحروفييه ‪ -‬ممييا تكييرر‬
‫في "العقييدة الطحاويية"‪ ،‬أو "الواسيطية"‪ ،‬أو نحوهيا مين‬
‫الكتب‪ ،‬ول غرابة في ذلك فقد تأثرنا بهذه الكتب فييي أول‬
‫الطلب تأثرا ً بينًا‪ ،‬ودرسناها ودّرسناها مرارا ً وتكرارا ً بفضل‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫وقد كان علماؤنا يطيلون في تلك الكتابات ويسييهبون‬
‫مت بهييا البلييوى فييي أزمنتهييم‪ ،‬واحتيييج إلييى‬
‫في مسائل ع ّ‬
‫التوسع فيها ردا ً على طييوائف ميين الفييرق المنحرفيية عيين‬
‫طريق أهل السنة والجماعيية‪ ،‬أو علييى بييدع اشييتهرت فييي‬
‫‪ 1‬ردغة الخبال‪ :‬عصارة قيح وصديد أهل النار‪ ،‬والحديث رواه أحمييد‬
‫وأبو داود‪.‬‬

‫)‪(3‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫أيامهم‪ ،‬وتراهم يختصرون في مسائل أخرى يمرون عليهييا‬


‫مييرورا ً سييريعًا‪ ،‬لقل ّيية الخييوض أو الخبييط فيهييا فييي ذلييك‬
‫الزمييان‪ ،‬وربمييا ذكييروا بعييض مسييائل الفقييه فييي طي ّييات‬
‫كلمهم في العقيدة وذلك ردا ً على مخالفة أهل البدع فييي‬
‫تلييك المسييائل‪ ،‬ليميييزوا أهييل السيينة عيين أهييل البدعيية‪،‬‬
‫وليسجلوا براءتهم منهم‪ ،‬ولو في تلك الفروع الفقهية التي‬
‫غالبا ً ما تتفرع عن أصول شذ فيها أهل البدع‪.‬‬
‫ونحن في هذه الورقات‪ ،‬قد جرينا على هذا المنييوال‪،‬‬
‫فلييم نتعييرض لكييل مييا ذكرتييه تلييك الكتييب ميين مسييائل‬
‫العتقاد‪ ،‬وإنمييا أوردنييا فيهييا أهييم المهمييات‪ ،‬وركزنييا علييى‬
‫أبواب محددة رأينا أن الخبط والخلط قييد كييثر حولهييا فييي‬
‫هذا الزمان‪ ،‬أو مسائل خشييينا أن ينسييب فيهييا ‪ -‬أو نسييب‬
‫فعل ً ‪ -‬إلينا غير الذي نقول‪.‬‬
‫والله نسأل أن يتقبل منييا سييعينا‪ ،‬وأن يجعييل أعمالنييا‬
‫خالصيية لييوجهه الكريييم‪ ،‬وأن يثبتنييا علييى عقيييدة الفرقيية‬
‫الناجييية أهيل السينة والجماعيية‪ ،‬وأن يجعلنييا مين أصيحاب‬
‫الطائفة المنصورة‪.‬‬
‫هو مولنا نعم المولى ونعم النصير‬

‫توحيد الله‬
‫نقول في توحيد الله‪...‬‬

‫)‪(4‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫أن اللييه واحييد ل شييريك لييه‪ ،‬ل فييي ربييوبيته‪ ،‬ول فييي‬
‫ألوهيته‪ ،‬ول في أسمائه وصفاته‪.‬‬
‫فل خالق غيره‪ ،‬ول رب سييواه‪ ،‬ول رازق ول مالييك ول‬
‫حد الله فييي أفعيياله سييبحانه‪،‬‬
‫هو‪ ،‬ونو ّ‬ ‫مدبر لهذا الوجود إل‬
‫كما نوحده بأفعالنا أيضًا‪.‬‬
‫فنوحده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنييا‪ ،‬فل معبييود بحييق‬
‫إل هو سبحانه فنشهد كمييا شييهد اللييه لنفسييه‪ ،‬والملئكيية‪،‬‬
‫وأولوا العلم‪ ،‬قائما ً بالقسط ل إله إل هييو العزيييز الحكيييم‪،‬‬
‫مثبتين ما تثبته هذه الكلمة العظيمة من تجريد العبادة لله‬
‫وحده ولوازمها وواجباتهييا وحقوقهييا‪ ،‬نييافين مييا تنفيييه ميين‬
‫أنواع الشراك والتنديد وتوابعه‪.‬‬
‫ونؤمن بأن الغاية التي خلييق اللييه تعييالى الخلييق لهييا؛‬
‫س‬
‫ن َوالْنيي َ‬
‫جيي ّ‬
‫ت ال ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬
‫عبادته وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫ن{ ]الذاريات‪.[56 :‬‬ ‫إل ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫دو ِ‬
‫وندعو إلى توحيده سبحانه فييي جميييع أنييواع العبييادة‪،‬‬
‫من سجود أو ركييوع أو نييذر أو طييواف أو نسييك أو ذبييح أو‬
‫كي‬‫صييلِتي َ وَن ُسيي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫لإ ّ‬‫دعيياء أو تشييريع أو غيييره‪ُ} ...‬قيي ْ‬
‫ه وَبُ ِيذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫ب العَيياَلمي َ‬
‫ن‬ ‫ماِتي ل ِل ّهِ َر ِ‬ ‫مََ‬
‫حَيايَ َوَ َ‬
‫م ْ‬
‫ُوَ َ‬
‫ن{ ]النعام‪.[163 - 162 :‬‬ ‫َ‬ ‫مي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫مس‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ّ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫أ‬‫م ْ ُ َ‬
‫و‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫أ ِ‬
‫مر الّرب سبحانه شامل للميير الكييوني والشييرعي‪،‬‬ ‫وأ ْ‬
‫وكما أن له وحييده سييبحانه الحكييم الكييوني القييدري‪ ،‬فهييو‬
‫مدبر الكون القاضي فيه بما يريد وحسبما تقتضيه حكمته‪،‬‬
‫فكذلك نوحده سبحانه في حكمه الشرعي فل نشرك فييي‬
‫ق‬
‫خلي ُ‬ ‫فيي عبيادته أحيدا ً }أل َلي ُ‬
‫ه ال َ‬
‫َ‬
‫حكمه أحيدًا‪ ،‬ول نشيرك‬
‫مُر ت ََباَر َ‬
‫ن{ ]العراف‪.[54 :‬‬ ‫مي َ‬
‫ب الَعال ِ‬
‫ك الله ر ّ‬ ‫َوال ْ‬
‫م إل ّ‬ ‫حك ي ُ‬ ‫ن ال ُ‬
‫أحله‪ ،‬والحرام مييا حرمييه‪} ،‬إ ِ‬ ‫َفالحلل ما‬
‫ه{ ]يوسف‪ ،[40 :‬فل مشّرع بحييق‬ ‫مَر أل ّ ت َعْب ُ ُ ِ ِ ّ ُ‬
‫يا‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫دوا‬ ‫للهِ أ َ‬
‫يالى‪ ،‬ونييبرأ ونخلييع ونكفيير بكييل مش يّرع‬ ‫إل هو سبحانه وتعي‬
‫سواه‪ ،‬فل نبغي غير الله ربًا‪ ،‬ول نتخذ غيره سييبحانه وليييًا‪،‬‬
‫كميا ً ومشيّرعا ً‬ ‫ح َ‬ ‫ول نبتغي غير السلم دينًا‪ ،‬فإن من اتخييذ َ‬
‫سواه سبحانه‪ ،‬تابعه وتواطأ معه علييى تشييريعه المنيياقض‬
‫لشرع الله‪ ،‬فقد اتخذ غير اللييه رب يًا‪ ،‬وابتغييى غييير َالسييلم‬
‫م‬ ‫ن إ ِل َييى أوْل ِي َييائ ِهِ ْ‬‫حييو َُ‬ ‫ن لَ َُيو ُ‬ ‫طي َ‬‫شيَيا ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫دينًا‪ ،‬قال تعييالى‪} َ :‬وَإ‬
‫ن{ َ ]النعييام‪:‬‬
‫ً‬ ‫شييرِكو َ‬ ‫م ْ‬‫مل ُ‬ ‫م إ ِ َن ّ ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫مييوهُ ْ‬ ‫ن أط َعْت ُ ُ‬ ‫جيياد ُِلوك ُ ْ‬
‫م َوإ ْ‬ ‫ل ِي ُ َ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫با‬ ‫ر‬‫أ‬ ‫م‬
‫ْ َ َ ْ َُ َ َُ ْ ْ َ َ ِ ْ‬‫ه‬ ‫ن‬ ‫با‬‫ْ‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬‫با‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ذوا‬‫ُ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫}ا‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫[‪،‬‬ ‫‪121‬‬
‫ن الله{ ]التوبة‪.[31 :‬‬ ‫دو ِ‬ ‫ُ‬
‫ي لييه‬ ‫وصفاته‪ ،‬فل ّسم َ ّ‬ ‫حده سبحانه في أسمائه‬ ‫كما نو ّ‬
‫ح يد ٌ *‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َُ َ ُ ُ ً َ َ‬‫ال‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫}‬ ‫يء‪:‬‬ ‫ي‬ ‫كف‬ ‫ول‬ ‫د‬
‫َ ّ‬ ‫ن‬ ‫ول‬ ‫مثيل‬ ‫ول شبيه ول‬
‫حييد{‬ ‫َ َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ ْ َ ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫َ‬
‫لد‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫د‬
‫ْ َِ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫مد ُ‬
‫ص َ‬
‫ه ال ّ‬
‫الل ُ‬
‫]الخلص‪.[4 - 1 :‬‬

‫)‪(5‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫سبحانه تفّرد بصفات الجلل والكمال التي وصف بهييا‬


‫نفسه في كتابه‪ ،‬أو وصفه بها نبيه صلى اللييه عليييه وسييلم‬
‫ف أحدا ً من خلقه بشيء من صييفاته‪ ،‬ول‬ ‫ص ُ‬‫في سنته‪ ،‬فل ن َ ِ‬
‫نشتق له من أسييمائه‪ ،‬ول نضييرب لييه سييبحانه المثييال أو‬
‫نشّبهه بأحد ٍ من خلقه‪ ،‬ول ُنلحد في أسماء ربنا وصفاته‪.‬‬
‫بل نؤمن بما وصف سبحانه به نفسه‪ ،‬وبما وصييفه بييه‬
‫رسوله عليه الصلة والسلم على وجه الحقيقة ل المجيياز‪،‬‬
‫من غير تحريف ول تعطيل‪ ،‬وميين غييير تكييييف ول تمثيييل‪:‬‬
‫زييُز‬
‫ض وَهُيوَ العَ ِ‬
‫ت َوالر ِ‬ ‫ل الع ْل َييى فِييي ال ّ‬
‫سييموا ِ‬ ‫مث َي ُ‬ ‫}وَل َ ُ‬
‫ه ال َ‬
‫م{ ]الروم‪.[27 :‬‬ ‫كي ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ال َ‬
‫فل ننفي عنه شيئا ً مما وصف بييه نفسييه سييبحانه‪ ،‬ول‬
‫نحّرف الكلم عيين مواضييعه‪ ،‬ول نييدخل فييي ذلييك متييأولين‬
‫بآرائنا‪ ،‬أو متوهمين بأوهامنا‪ ،‬بحجة التنزيه‪ ،‬فما سييِلم فييي‬
‫س يّلم للييه عييز وجييل ولرسييوله عليييه الصييلة‬‫دينه إل ميين َ‬
‫علم ما اشتبه عليه إلى عالمه‪ ،‬ول تثبت قدم‬ ‫والسلم ورد ّ ِ‬
‫السلم لحد إل على ظهر التسليم والستسلم‪ ،‬فمن رام‬
‫جبييه مرامييه‬
‫ح َ‬
‫مه‪َ ،‬‬
‫ظر عنه‪ ،‬ولم يقنع بالتسليم فِهْ ُ‬ ‫ح ِ‬
‫علم ما ُ‬
‫ِ‬
‫عن صحيح اليمان وخالص التوحيد‪.‬‬
‫ونؤمن بييأن اللييه أنييزل كتييابه بكلم عربييي مييبين‪ ،‬فل‬
‫وض علم معاني الصفات وإنمييا نفييوض علييم الكيفيييات‪،‬‬ ‫نف ّ‬
‫عن ْد ِ َرب َِنا{ ]آل عمران‪.[7 :‬‬
‫ن ِ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬
‫َ ِ‬‫نا‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫ءا‬
‫َ‬ ‫}‬ ‫ونقول‪:‬‬
‫ونييبرأ إلييى اللييه ميين تعطيييل الجهمييية‪ ،‬وميين تمثيييل‬
‫المشبهة‪ ،‬فل نميل إلى هؤلء ول إلييى هييؤلء‪ ،‬بييل نتوسييط‬
‫ونستقيم كما أراد ربنا بين النفييي والثبييات‪ ،‬فهييو سييبحانه‬
‫صيُر{ ]الشييورى‪،[11 :‬‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬
‫س ِ‬
‫شيٌء وَهٌوَ ال ّ‬ ‫}ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫مث ْل ِهِ َ‬
‫ل ولم ُيصب التنزيه‪.‬‬ ‫فمن لم يتوقّ التعطيل والتشبيه‪ ،‬ز ّ‬
‫فنحن في هذا الباب ‪ -‬كما في سييائر البييواب ‪ -‬علييى‬
‫ما كان عليه سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫ومن ذلك ما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله‬
‫و‬
‫مست ٍ‬ ‫سبحانه فوق سماواته‪،‬‬
‫سييماِء َ‬ ‫عليه الصلة والسلم من أنه‬
‫تعالى‪َ} :‬ءأ َ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫تم‬‫ن‬‫م‬
‫ِ ُْ ّ‬ ‫كما قال‬
‫َ‬ ‫على عرشه‪،‬‬
‫ور{ ]الملك‪.[16 :‬‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬
‫ِ َ َ ُ ُ‬ ‫ه‬ ‫فإذا‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫لر‬ ‫ا‬ ‫ف ب ِك ُ ُ‬
‫م‬ ‫س َ‬
‫خ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫وكما في حديث الجارية التي سألها النبي عليه الصلة‬
‫)من( أنييا؟(‪،‬‬ ‫والسلم‪) :‬أين الله؟(‪ ،‬قالت في السماء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قالت أنت رسول الله‪ ،‬قال‪) :‬اعتقها فإنها مؤمنة()‪. 2‬‬
‫وهذا حق ل مرية فيه عندنا‪ ،‬ولكن نصييونه كمييا صييانه‬
‫سلفنا الصالح عن الظنون الكاذبة‪ ،‬كأن ُيظن بييأن السييماء‬
‫‪ 2‬رواه مسييلم وأبييو داود وأحمييد‪ ،‬ميين حييديث معاوييية بيين الحكييم‬
‫السلمي‪.‬‬

‫)‪(6‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫تظله أو تقله‪ ،‬فهذا باطل‪ ،‬اضطرنا إلى ذكره ونفيه وتنزيه‬


‫الله عنه ‪ -‬وإن لم يتعرض له صراحة سلفنا ‪ -‬شييغب أهييل‬
‫البدع وإلزاماتهم الباطلية لهيل السينة‪ ،‬فقيد قيال تعيالى‪:‬‬
‫]البقييرة‪ ،[255 :‬وهييو‬ ‫ض{‬‫ت َوالر َ‬ ‫سييموا ِ‬ ‫ه ال ُ ّ‬ ‫سي ّ ُ‬
‫كر ِ‬ ‫سعَ ُ‬‫}وَ ِ‬
‫ل{ ]فيياطر‪:‬‬ ‫ض َأن ت َيُزو َ‬ ‫َ‬ ‫والر‬‫َ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫موا‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫س‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬‫}‬ ‫سبحانه‪:‬‬
‫ه{‬ ‫ض إ ِل ّ ب ِي َإ ِذ ْن ِ ِ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قييعَ ع ََلييى الر‬ ‫ماَء ََأن ت َ َ‬ ‫سيي َ‬‫ك ال ّ‬ ‫سيي ُ‬ ‫‪} ،[41‬وَُيم ِ‬
‫ه{‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ ْ ُ ِ ْ ِ ِ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ل‬‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ء‬‫ما‬ ‫س‬
‫ّ َ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫قو‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ت‬‫آيا‬ ‫ن‬
‫]الحج‪ْ ِ َ ،[65 :‬‬
‫م‬‫و‬ ‫}‬
‫]الروم‪.[25 :‬‬
‫ونييؤمن بييأنه سييبحانه مسييتو علييى عرشييه‪ ،‬كمييا قييال‬
‫وى{ ]طييه‪ ،[5 :‬ول‬ ‫س يت َ َ‬
‫شا ْ‬
‫ِ‬ ‫ن ع َل َييى العَ يْر‬
‫مي ُ‬
‫ح َ‬
‫تعييالى‪} :‬الّر ْ‬
‫نؤّول السييتواء بالسييتيلء‪ ،‬بييل هييو علييى معنيياه فييي لغيية‬
‫العرب التي أنزل الله تعالى بها القرآن ول نشبه اسييتواءه‬
‫باستواء أحد من خلقه‪ ،‬بل نقييول كمييا قييال المييام مالييك‪:‬‬
‫)الستواء معليوم‪ ،‬واليمييان بيه واجيب‪ ،‬والكيييف مجهيول‪،‬‬
‫والسؤال عنه بدعة(‪.‬‬
‫وعلييى هييذا ُنجييري سييائر صييفاته وأفعيياله سييبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬كالنزول والمجيء وغيره مما أخبر به سبحانه في‬
‫كتابه‪ ،‬أو ثبت في السنة الصحيحة‪.‬‬
‫ونؤمن بانه سبحانه مع اسييتوائه علييى عرشييه وعلييوه‬
‫فوق سماواته قريب من عباده‪ ،‬كمييا قييال سييبحانه‪} :‬وَإ ِ َ‬
‫ذا‬
‫ب{ ]البقرة‪.[186 :‬‬ ‫عَباِدي ع َّني فَإ ِّني قَ ِ‬
‫ري ٌ‬ ‫سأ َل َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫َ‬
‫وفي الحديث المتفق عليه‪) :‬أيها النيياس أرِبعييوا علييى‬
‫أنفسييكم‪ ،‬فييإنكم ل تييدعون أصييم ول غائب يًا‪ ،‬إنمييا تييدعون‬
‫سميعا ً بصيرا ً قريبًا‪ ،‬إن الييذي تييدعونه أقييرب إلييى أحييدكم‬
‫من عنق راحلته(‪.‬‬
‫أينما كانوا يعلم ما هم عاملون‪،‬‬ ‫عبادهك ُم أ َ‬ ‫فهو سبحانه مع‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لو‬ ‫م‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ما‬‫ب‬
‫ْ َ ُ ِ َ ُْ َ‬‫ه‬ ‫والل‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ما‬‫كما قال تعالى‪} :‬وَ َ َ َ ْ ْ َ َ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ع‬‫م‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫م{ح‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ع‬‫م‬ ‫و‬
‫َ َ َ َ‬‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫}‬ ‫يوله‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫صير{ ]الحديد‪ ،[4 :‬ول نفهم من‬ ‫بَ ِ‬
‫ل ببعضييهم أو‬ ‫مراد ٌ الزنادقة من أنه مختلط بعبيياده‪ ،‬أو حييا ٌ‬
‫متحد ٌ بهم‪ ،‬ونحوه من عقائد الكفر والضلل‪ ،‬بل نييبرأ إلييى‬
‫الله من ذلك كله‪.‬‬
‫وله سبحانه مع عبيياده المييؤمنين معي ّيية أخييرى خاصيية‬
‫غير المعية العامة‪ ،‬هي معية النصرة والتوفيييق والتسييديد‪،‬‬
‫هييم‬‫ن ُ‬ ‫قوا َواّليي ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫معَ ّال ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ه َ‬
‫ن الل َ‬‫كما في قوله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫‪ ،[128‬فهو سبحانه مع اسييتوائه علييى‬ ‫ن{ ]النحل‪:‬‬
‫سُنو َ‬
‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫عرشه‪ ،‬وعلوه فوق سماواته‪ ،‬مع عباده أينما كانوا يعلم ما‬
‫كانوا عاملين‪ ،‬وهييو قرييب سييبحانه ممين دعياه‪ ،‬وهييو ميع‬
‫عبيياده المييؤمنين؛ يحفظهييم وينصييرهم ويكلييؤهم‪ ،‬فقربييه‬
‫وه وفوقيَته‪ ،‬فييإنه ليييس كمثلييه‬ ‫سبحانه ومعيته ل تنافي عل ّ‬
‫ي في قربييه قريييب فييي‬ ‫ّ‬ ‫عل‬ ‫فهو‬ ‫شيء في صفاته سبحانه‪،‬‬
‫وه‪.‬‬‫عل ّ‬

‫)‪(7‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ومن ثمرات هذا التوحيــد العظيــم‪ ،‬الــذي هــو‬


‫حق الله على العباد‪:‬‬
‫‪ -‬فوز الموحد بجنيية ربييه والنجيياة ميين النييار كمييا فييي‬
‫حديث معاذ بن جبل‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها؛ تعظيم الييرب وإجللييه بييالتعرف إلييى صييفات‬
‫كماله وجلله‪ ،‬وتسبيحه وتنزيهه عن الشبيه أو المثيل‪.‬‬
‫‪ -‬ومعرفيية سييفاهة ميين اتخييذوا ميين دونييه أنييدادا ً‬
‫أشركوهم معه في العبادة أو الحكم والتشريع‪.‬‬
‫‪ -‬وتهافت وسقوط من أشركوا أنفسهم في شيء من‬
‫ذلك‪ ،‬مع أنهم لم يشتركوا في الخلق‪ ،‬ول نصيب لهييم فييي‬
‫الملك أو الرزق او التدبير‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك تحّرر القلب والنفس من رق المخلوقين‪.‬‬
‫‪ -‬وثبات العبد في الحياة الدنيا وفي الخرة فليس من‬
‫كييان يعبييد شييركاء متشاكسييين‪ ،‬يييدعوهم ويشييتت خييوفه‬
‫حد رّبه سييبحانه وج يّرد لييه‬
‫ورجاءه بينهم‪ ،‬ليس هذا كمن و ّ‬
‫ده وإرادته وعبادته‪.‬‬ ‫خوَفه ورجاءه وقَ ْ‬
‫ص َ‬
‫فاللهم يا ولي السلم وأهله ثبتنا على توحيييدك حييتى‬
‫نلقاك‪.‬‬

‫الملئكة‬
‫ونييؤمن بملئكيية اللييه‪ ،‬وأنهييم عبيياد اللييه مكرمييون‪ ،‬ل‬
‫يسيبقونه بيالقول وهييم مين خشيييته مشييفقون‪ ،‬يسيبحونه‬
‫الليل والنهار ل يفترون‪.‬‬
‫فنتييولهم ونحبهييم‪ ،‬لنهييم ميين جنييد اللييه‪ ،‬ولنهييم‬
‫يستغفرون للذين آمنوا‪ ،‬ونبغض من يبغضهم‪.‬‬
‫ومنهم جبرائيل الييروح المييين‪ ،‬وميكائيييل‪ ،‬وإسييرافيل‬
‫الموكييل بالنفييخ فييي الصييور‪ ،‬ومنهييم الموكلييون بحمييل‬
‫العرش‪ ،‬وملك الموت‪ ،‬ومنكر ونكير‪ ،‬ومالييك خييازن النييار‪،‬‬
‫ورضوان خازن الجنيية‪ ،‬وملييك الجبييال‪ ،‬والكييرام الكيياتبين‪،‬‬
‫وغيرهم كثير‪ ،‬ل يحصيهم إل الله تعالى‪.‬‬

‫)‪(8‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنييس رضييي اللييه‬


‫عنه في قصة المعراج؛ أن النبي عليه الصلة والسلم ُرفع‬
‫له البيت المعمور في السماء‪ ،‬يدخله يصلي فيييه كييل يييوم‬
‫سبعون ألف ملك‪ ،‬إذا خرجوا لم يعودوا إليه‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عائشة أم الميؤمنين أن النيبي‬
‫خِلقييت الملئكيية ميين نييور‪،‬‬
‫صلى الله عليييه وسييلم قييال‪ُ ) :‬‬
‫خلق الجان ميين مييارج ميين نييار‪ ،‬وخلييق آدم ممييا وصييف‬ ‫و ُ‬
‫لكم(‪.‬‬
‫وقد يتمثل الملك بأمر الله على هيئة بشيير‪ ،‬كمييا فييي‬
‫قصة مريم‪ ،‬وحديث جبريييل حييين سييأل النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم عن السلم‪ ،‬واليمان والحسان‪.‬‬
‫أما صورته الحقيقية؛ فقد ذكر الله تعالى فييي القييرآن‬
‫أنييه جعييل ميين الملئكيية رس يل ً أولييي أجنحيية مثنييى وثلث‬
‫ورباع‪ ،‬يزيد في الخلق ما يشيياء إن اللييه علييى كييل شيييء‬
‫قدير‪ ،‬وقد رأى النبي عليييه الصييلة والسييلم جبريييل علييى‬
‫صورته الحقيقية وله ستمائة جناح قد سد الفق‪.‬‬
‫ومن ثمرات هذا اليمان‪:‬‬
‫‪ -‬تعظيم الله تعالى فإن عظميية المخلييوق تييدل علييى‬
‫عظمة خالقه‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ثمراته؛ أن يستحيي العبد ممن معه من ملئكة‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وميين ذلييك أيضييًا؛ تثييبيت العبييد المييؤمن الغريييب‬
‫باليمان‪ ،‬وعدم استيحاشييه لقلية النصيار بتييذكره أن معييه‬
‫من الله حافظين‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضييي اللييه عنييه‬
‫السلم‪) :‬إن الله إذا أحب عبدا ً‬ ‫قال‪ :‬قال رسول الله عليه‬
‫نادى جبريل إن الله أحب فلنا ً فيَأحبه‪ ،‬فيحبييه جبريييل‪ ،‬ثييم‬
‫ينادي جبريل في السماء إن الله أحب فلنا ً فأحبوه‪ ،‬فيحبه‬
‫أهل السماء‪ ،‬ويوضع له القبول في الرض‪.(...‬‬
‫فعلى العبد المؤمن أن يحب ويتولى ميين يحبهييم اللييه‬
‫وملئكته وعباده المؤمنين‪ ،‬وعليه أن يبغض ويعييادي ويييبرأ‬
‫ممن يبغضهم الله تعالى وملئكته وعباده المييؤمنين‪ ،‬فييإن‬
‫ذلك من أوثق عرى اليمان‪.‬‬

‫)‪(9‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫الكتب‬
‫ونؤمن بكتييب اللييه تعييالى الييتي أنزلهييا سييبحانه علييى‬
‫رسله جملة‪ ،‬ونؤمن على سبيل التفصيييل بميا سيماه اللييه‬
‫منها ‪ -‬كالتوراة والنجيل والزبور –‬
‫وأن خاتمها القييرآن العظيييم كلم رب العييالمين علييى‬
‫الحقيقة‪ ،‬نزل به الروح المين على محمد صلى الله عليييه‬
‫وسلم ليكون من المرسلين‪ ،‬مهيمنا ً على سائر كتب الله‪.‬‬
‫وهو منزل من الله تعالى وليس بمخلوق‪ ،‬ول ُيسيياويه‬
‫ذا إ ِل ّ قَ يوْ ُ‬
‫ل‬ ‫ن هَ ي َ‬‫شيء من كلم المخلوقين‪ ،‬وميين قييال‪} :‬إ ْ‬
‫وحيقّ عليييه إن لييم يرجييع‬ ‫ُ‬ ‫شر{ ]المدثر‪ ،[25 :‬فقد كفر‬‫الب َ َ‬
‫قر{ ]المييدثر‪:‬‬ ‫سي َ‬‫ص يِليه َ‬
‫سأ ْ‬‫عن ذلك ويتوب قوله تعييالى‪َ } :‬‬
‫‪.[26‬‬
‫ونؤمن بأن الله كّلم موسى تكليمًا‪.‬‬

‫)‪(10‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ونييؤمن بييأن اللييه تعييالى حفييظ كتييابه ميين التبييديل‬


‫ن ن َّزلن َييا ال يذ ّك َْر وَإ ِن ّييا ل َي ُ‬
‫ه‬ ‫حي ُ‬
‫َوالتغيي ُيير‪ ،‬فقييال تعييالى‪} :‬إ ِن ّييا ن َ ْ‬
‫ن{ ]الحجر‪.[9 :‬‬ ‫حافِظو َ‬ ‫ل َ‬
‫ي‬‫ي ِإلي ّ‬ ‫حي َ‬ ‫النذارة بييه فقييال‪} :‬وَُأو ِ‬ ‫َ‬
‫وأن الله ُتعالى عّلق‬
‫غ{ ]النعام‪.[19 :‬‬ ‫ن ب َل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن لن ْذ َِرك ُ ْ‬
‫م ب ِهِ وَ َ‬ ‫هَ َ‬
‫ذا القْرآ ُ‬
‫ونؤمن بأن كتابه هييو العييروة الييوثقى وحبلييه المييتين‪،‬‬
‫الذي من استمسيك بيه نجييى‪ ،‬ومين أعيرض عنيه وهجيره‬
‫واتخذه ظهريًا؛ قد هلك وزل وضل ضلل ً مبينًا‪.‬‬
‫ومن ثمرات هذا اليمان‪:‬‬
‫‪ -‬أخذ كتاب الله بقوة‪ ،‬والتمسك به‪ ،‬وتعظيييم أوامييره‬
‫والعمل بها‪ ،‬وعدم ضرب بعضها ببعض‪.‬‬
‫حكمه‪ ،‬على طريقيية‬
‫م ْ‬
‫‪ -‬واليمان بمتشابهه‪ ،‬ورده إلى ُ‬
‫الراسخين في العلم‪.‬‬

‫الرسل والنبياء‬
‫ونؤمن بأنبياء الله ورسييله أجمعييين الييذين أخييبر اللييه‬
‫تعالى عنهم في كتييابه‪ ،‬أو أخييبر رسييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم عنهم في سنته ‪ -‬من قص الله علينييا خييبرهم وميين‬
‫لم يقصص ‪ -‬ول نفرق بين أحد من رسله‪.‬‬
‫ق يد ْ‬ ‫كمييا قييال سييبحانه‪} :‬وَل َ َ‬ ‫َ‬ ‫جمعهم جميعا ُ ً بأصل واحد‬
‫جت َن ُِبييوا‬ ‫ه َوا ْ ْ‬ ‫الليي َ‬
‫َ‬ ‫دوا‬
‫ن اع ُْبيي ُ‬ ‫ً‬
‫سييول أ ِ‬ ‫مييةٍ ّر ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫كيي ّ‬ ‫ب َعَث َْنييا ِفييي ُ‬
‫ن‬ ‫مي ْ‬ ‫س يلَنا ِ‬ ‫مي َيا أْر َ‬ ‫وقال َتعالى‪} َ :‬وَ ّ َ‬ ‫ت{ ]النحل‪،[36 :‬‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن{‬ ‫دو ِ‬ ‫َ‬
‫ه إل أن َييا ُ فاع ْب ُي ُ‬ ‫ه ل إ ِل َ‬ ‫َ‬
‫حي إ ِلي ْهِ أن ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫ل إ ِل ن ُوْ ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن ّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫قَب ْل ِك ِ‬
‫س‬ ‫للين ّييا ِ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ن ل ِئل ي َكييو َ‬ ‫َ‬ ‫من ْذ ِري َ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫شري َ‬ ‫مب َ ّ‬ ‫ً‬
‫سل ُ‬ ‫]النبياء‪ُ} ،[25 :‬ر ُ‬
‫يالى‪:‬‬ ‫ل{ ِ ]النساء‪ ،[165 ِ :‬وقال تع‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ة ب َعْد َ ّ‬
‫ال‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح ّ‬‫اللهِ ُ‬ ‫ع ََلى‬
‫‪ ،[15‬وقال‬ ‫]السراء‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫سول{‬ ‫ثجَر ُ َ‬ ‫حّتى ن َب ْعَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ّعَذ ِّبي ُ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ما كّنا ُ ُ‬ ‫}وَ َ‬
‫م ن َذ ِي ٌْر‬ ‫م ي َأت ِك ُ ْ‬ ‫خَزن َت َُها أل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأل َهُ ْ‬ ‫ي فِي َْها فَوْ ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫* َقاُلوا ب ََلى{ ]الملك‪.[9 - 8 :‬‬
‫وعليهييم هداييية الدلليية والرشيياد‪ ،‬وليييس بمقييدورهم‬
‫هداية قلوب العباد‪ ،‬فييالقلوب بييين أصييابع الرحميين يقّلبهييا‬
‫كيف يشاء‪ ...‬وذلك أن الهداية نوعان‪:‬‬

‫)‪(11‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫هداية دللة وإرشاد؛ يملك بييذلها الرسييل والنبييياء‬


‫م{‬
‫قي ْ ٍ‬
‫س يت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫ط ُ‬ ‫دي إ َِلى ِ‬
‫ص يَرا ٍ‬ ‫ك ل َت َهْ ِ‬
‫والدعاة‪ ،‬قال تعالى‪} :‬وَإ ِن ّ َ‬
‫]الشورى‪.[52 :‬‬
‫وهداية توفيق وتســديد؛ وه َييذه ل يقييدر عليهييا إل‬
‫دي‬‫ه َي َهْ ِ‬ ‫ت وَل َك ِ ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫حب َب ْ َ‬
‫نأ ْ‬
‫م ْ‬
‫دي َ‬‫ك ل َ ت َهْ ِ‬
‫الله‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫س‬
‫شاُء{ ]القصص‪ ،[56 :‬وقال سبحانه وتعيالى‪} :‬لْيي َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م‬
‫َ‬
‫م{ ]البقرة‪.[272 :‬‬ ‫داهُ ْ‬
‫ك هُ َ‬‫ع َل َيْ ْ َ‬
‫وهذا النوع من الهداييية؛ فضييل ميين اللييه وعييدل يهبييه‬
‫سبحانه لمن علم منه إقبييال ً علييى الحييق وطلب يا ً لييه‪ ،‬قييال‬
‫س يب ُل ََنا{ ]العنكبييوت‪:‬‬ ‫دوا فِي َْنا ل َن َهْد ِي َن ّهُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫جاهَ ُ‬
‫ن َ‬ ‫تعالى‪َ} :‬وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪.[69‬‬
‫ح يّر الخييير‬
‫َ وقييال صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪) :‬وميين يت َ‬
‫ي ُعْطه(‪.‬‬
‫أمييا الول؛ فميين عييدل اللييه تعييالى ورحمتييه أن بييذله‬
‫للخلق أجمعين‪.‬‬
‫ونؤمن بمعجزات النبياء ونحفظ لهييم حقهييم‪ ،‬ونتييأدب‬
‫معهييم‪ ،‬ول نفضييل عليهييم أحييدا ً ميين النيياس ل الولييياء ول‬
‫الئمة‪ ،‬ول غيرهم‪.‬‬
‫وهم مع ذلك بشر مخلوقون ليس لهييم ميين خصييائص‬
‫الربوبية أو اللوهية شيء‪ ،‬بل تلحقهييم خصييائص البشييرية‬
‫من المرض والموت والحاجة إلى الطعام والشراب وغييير‬
‫تعالى آمرا ً نبيه محمد عليه الصلة والسلم أن‬ ‫ل ل أَ‬ ‫ذلك‪ ...‬قال‬
‫ه‬ ‫ما َ‬
‫شيياَء الليي ُ‬ ‫ضّرا ً إ ِل ّ َ‬
‫فعَا ً َول َ‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬‫مل ِ ُ‬‫ْ‬ ‫يقول‪} :‬قُ َ ْ‬
‫ي‬‫سين ِ َ‬
‫م ّ‬
‫مييا َ‬
‫خي ْيرِ وَ َ‬
‫ن ال َ‬ ‫مي َ‬
‫ت ِ‬‫سيت َك َْثر ُ‬ ‫ب لَ ْ‬ ‫م الغَي ْي َ‬
‫ّ‬ ‫ع ْل َ ُ‬
‫َ‬ ‫تأ‬ ‫وَل َوْ ك ُن ْ ُ‬
‫ن{ ]العييراف‪:‬‬ ‫يو‬‫ي‬
‫ٍ ُ ِ ُ َ‬‫ن‬ ‫م‬ ‫يؤ‬ ‫م‬ ‫يو‬‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫سوُء إ ِ ْ َ ِ َ ِ ْ ٌ َ َ ِ ْ ٌ ِ‬
‫ل‬ ‫ر‬ ‫ي‬‫ي‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫نا‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ال ّ‬
‫‪.[188‬‬
‫ونؤمن بأن خاتم النبياء والمرسلين نبينا محمد صييلى‬
‫الله عليه وسلم تسليما ً كثيرًا‪ ،‬فل نبي بعده‪ ،‬وشريعته هي‬
‫الشريعة المهيمنة على سائر الشرائع إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ول يكييون العبييد مؤمن يا ً حييتى يتبعهييا ويسييلم لحكمهييا‬
‫مييو َ‬
‫ك‬ ‫حك ّ ً ُ‬‫حت ّييى ي ُ َ‬
‫ن َ‬‫من ُ َييو َ‬ ‫تسليمًا‪ ،‬قال تعالى‪} :‬فَل َ وََرب ِ َ‬
‫ك ْل َ ي ُؤ ْ ِ‬
‫مييا‬
‫م ّ‬
‫ج يا ّ‬ ‫حَر َ‬ ‫م َ‬
‫س يه ِ ْ‬
‫ف ِ‬‫ي أن ْ ُ‬ ‫دوا فِي ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫م ل يَ ِ‬ ‫م ث ُي ّ‬‫جَر ّب َي ْن َهُي ْ‬‫شي َ‬ ‫مييا َ‬ ‫ِفي َ‬
‫سِليمًا{ ]النساء‪.[65 :‬‬ ‫موا ْ ت َ ْ‬ ‫سل ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬‫ضي ْ َ‬‫قَ َ‬
‫ونؤمن بأن الله قد اتخذ محمدا ً صلى الله عليه وسلم‬
‫يالمين‪ ،‬وأمييره‬ ‫للعيم أوَ‬ ‫ل‪ ،‬بعثه رحمة‬ ‫خليل ً كما اتخذ إبراهيم خلي ً‬
‫حي ْن َييا إ ِل َي ْيكَ‬‫إبراهيم فقي َيال‪} :‬ث ُي ّ ْ َ‬ ‫َوأمر أمته بالتآسي بملة‬
‫ن{‬ ‫ُِ َ‬‫كي‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ال‬
‫َ َ َُ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫يا‬‫ي‬ ‫ك‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ن‬‫ح‬‫َ‬ ‫م‬‫هي ي َ‬ ‫مل ّي َ‬
‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫ن ات ّب ِيعْ ِ‬
‫أ ِ‬
‫س يوَةٌ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫يا‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫}‬ ‫يبحانه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫يال‬ ‫ي‬ ‫وق‬ ‫[‪،‬‬ ‫‪123‬‬ ‫يل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫]النح‬

‫)‪(12‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫م إ ِّنييا ُبييَرَءؤ ُا ْ‬ ‫م ُهِ ْ‬ ‫ه إ ِذ ْ َقاُلوا ل ِ َ‬


‫قو ِ‬ ‫معَ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫م َوال ّ ِ‬‫ة ِفي إ ِب َْراه ِي ْ َ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫دا ب َي ْن َن َييا‬‫م وَب َي َ‬
‫فْرن َييا ب ِك ي ْ‬ ‫َ‬
‫ن الل يهِ ك َ‬ ‫ن د ُ َوْ ًِ‬‫مي ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُي ُ‬ ‫م ّ‬
‫م وَ ِ‬ ‫من ْك ُ ُْ‬ ‫ِ‬
‫ه{‬ ‫حيد َ ُ‬ ‫من ُييوا ِبياللهِ وَ ْ‬ ‫حت ّييى ُتؤ ِ‬‫ضياُء أَبيد َا َ‬ ‫داوَة ُ َوالب َغْ َ‬ ‫م العَ َ‬ ‫وَب َي ْن َك ُ‬
‫]الممتحنة‪.[4 :‬‬
‫فنتأسى بذلك إلى أن نلقى الله‪ ،‬فنبرأ من المشركين‬
‫وأنصارهم وأوليائهم‪ ،‬ونبغضهم ونبرأ مما يعبدون ميين دون‬
‫الله‪ ،‬ونكفر بمناهجهم وأديانهم ومللهييم الباطليية المخالفيية‬
‫دين للييه‬
‫لدين اللييه‪ ،‬ونظهيير ونعليين ونبييدي عييداوتنا للمحييا ّ‬
‫منهم‪ ،‬المحياربين للحيق‪ ،‬المجياهرين ببياطلهم‪ ،‬ول يمنعنيا‬
‫ذلك ميين دعييوتهم وبيييان الحييق لميين أراد سييماعه منهييم‪،‬‬
‫وتمني هدايتهم‪.‬‬
‫ومن ثمرات اليمان بالرسل‪:‬‬
‫‪ -‬معرفة بعض نعم الله الجليلة علييى الخلييق وشييكره‬
‫عليها‪ ،‬ومين أعظمهيا رحمتيه بهيم بإرسيال الرسيل إليهيم‬
‫ليهدونهم سبيل الرشاد ويعرفونهم بما يوصلهم إلى الجنيية‬
‫وينجيهم من عذاب السعير‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك محبيية الرسييل‪ ،‬والثنيياء والصييلة والسييلم‬
‫عليهم‪ ،‬والدعاء لهم علييى مييا تحملييوه ميين أذى أقييوامهم‪،‬‬
‫وما صبروا عليه من مشقات الدعوة‪.‬‬
‫‪ -‬والقتداء والتأسي بهييم فييي ذلييك‪ ،‬ومتييابعتهم علييى‬
‫نهجهم وسنتهم‪ ،‬وسيرتهم ودعوتهم إلى الله‪.‬‬
‫ونحب بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم آل بيته‬
‫الطهييار‪ ،‬وأصييحابه وأتبيياعه وأنصيياره إلييى يييوم الييدين‪،‬‬
‫ونتولهم ول نبرأ من أحد منهم‪ ،‬بييل نبغييض ميين يبغضييهم‪،‬‬
‫وبغير الخير يذكرهم‪ ،‬فل نييذكرهم إل بخييير‪ ،‬وحبهييم عنييدنا‬
‫دين وإيمان وإحسان نتقرب به إلى الله تعالى‪.‬‬
‫ونتميز عن أهل البدع بسلمة قلوبنا وألسنتنا لهم‪ ،‬ول‬
‫وان ِن َييا‬ ‫فيْر ل َن َييا َول ْ‬
‫خ َ‬ ‫ل من أن ندعو بقوله تعييالى‪َ} :‬رب ّن َييا ُاغ ْ ِ‬ ‫نم ّ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جعَل ِفي قلوب َِنا ِغل ل ِل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن َول ت َ ْ‬
‫ما ِ‬‫قوَنا ِبالي َ‬
‫سب َ ُ‬
‫ن ََ‬
‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫م{ ]الحشر‪.[10 :‬‬ ‫حي ٌ‬‫ف َر ِ‬
‫َرب َّنا إ ِن ّك َرؤو ٌ‬
‫ونبرأ إلى الله من طريقيية الروافييض الييذين يبغضييون‬
‫أصييحاب النييبي عليييه الصييلة والسييلم ويسييبونهم‪ ،‬وميين‬
‫طريقة النواصب الذين يناصبون أهل البيت العداء‪.‬‬
‫ونعرف لعلي وفاطمة والحسن والحسين وسائر أهييل‬
‫البيت حقهم؛ فنحبهم ول نغلوا فيهم‪:‬‬
‫واحفظ لهل البيت واجب حقهم واعرف عليا ً أيما‬
‫عرفان‬

‫)‪(13‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫فعليه تصلى النار‬ ‫ل تنتقص ول تزد في قدره‬


‫طائفتان‬
‫)‪(3‬‬
‫وتنصه الخرى إلها ً ثاني‬ ‫إحداهما ل ترتضيه خليفة‬
‫الصييلة والسييلم‪:‬‬ ‫ونقول مع هذا كما قال النبي عليه‬
‫)‪ ...‬من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه()‪.(4‬‬
‫فنبرأ ممن كفر وشّرع أو ارتد وانحرف عن الصييراط‪،‬‬
‫كائنا ً من كان نسبه‪.‬‬
‫ما شجر بييين أصييحاب النييبي عليييه الصييلة‬
‫ونمسك ع ّ‬
‫والسييلم‪ ،‬فهييم فييي ذلييك؛ بييين مجتهييد مصيييب‪ ،‬ومجتهييد‬
‫مخطىء‪ ،‬فلبعضهم أجر‪ ،‬ولبعضهم أجران‪.‬‬

‫وامدح جميع الل‬ ‫قل خير قول في صحابة أحمد‬


‫والنسوان‬
‫بسيوفهم يوم‬ ‫دع ما جرى بين الصحابة في الوغى‬
‫التقى الجمعان‬
‫وكلهما في الحشر‬ ‫فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم‬
‫مرحومان‬
‫ط كل‬‫جمع الرواة وخ ّ‬ ‫ل تقبلن من التوارخ كل ما‬
‫)‪(5‬‬
‫بنان‬
‫وهم مع ذلك ليسييوا بمعصييومين‪ ،‬ولكنهييم كمييا أخييبر‬
‫م يد ّ ميين‬
‫النييبي عليييه الصييلة والسييلم؛ خييير القييرون‪ ،‬وال ُ‬
‫دق به خيير مين مثيل جبيل أحيد ذهبيا ً ممين‬ ‫أحدهم إذا تص ّ‬
‫بعدهم‪.‬‬
‫ونحب أنصار الدين في كل زمان إلييى قيييام السيياعة؛‬
‫القريب منهم والبعيد‪ ،‬من عرفنا منهم ومن لم نعييرف‪ ،‬ول‬
‫يضرهم أل نعرفهم‪.‬‬
‫ل نبرأ من أحد منهم أو نعاديه أو نعييامله معامليية غييير‬
‫المسلمين‪ ،‬بل نتولهم وندعو لهييم وننصييرهم‪ ،‬ونجتهييد أن‬
‫نكون منهم‪.‬‬

‫من نونية القحطاني‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه والدارمي‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫من نونية القحطاني‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)‪(14‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫اليوم الخر‬
‫ونؤمن بفتنة القيبر‪ ،‬ونعيميه للميؤمنين‪ ،‬وبعيذابه لمين‬
‫ل‪ ،‬كما جاءت به الخبار متواترة عن رسول اللييه‬ ‫كان له أه ً‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول نلتفت إلى تأويلت أهييل البييدع‪،‬‬
‫ش يي ّا ً‬
‫ن ع َل َي ْهَييا َ غ ُ يد ُوّا ً وَع َ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫}الّنا ُُر ي ُعَْر ُ‬ ‫وفي هذا قال تعالى‪:‬‬
‫ب{‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ي‬ ‫ع‬‫ال‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫آل‬ ‫يوا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫د‬‫ة أَ‬ ‫سيياع َ‬
‫ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م ال ّ‬
‫قييو ُ‬
‫م تَ ُ‬
‫وَي َييو َ‬
‫]غافر‪.[46 :‬‬
‫وعن زيد بن ثابت عن النييبي عليييه السييلم قييال‪...) :‬‬
‫فلول أن ل تدافنوا لييدعوت اللييه أن يسييمعكم ميين عييذاب‬
‫القيبر اليذي أسيمع منيه(‪ ،‬ثيم أقبيل علينيا بيوجهه‪ ،‬فقيال‪:‬‬
‫)تعوذوا بالله من عذاب القبر‪ ...‬الحديث( ]وهو في صحيح‬
‫مسلم[‪.‬‬
‫وفي حييديث الييبراء بيين عييازب الطويييل الييذي يرويييه‬
‫المام أحمد وأبيو داود؛ أن النيبي صيلى الليه علييه وسيلم‬
‫قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قييبره‪ ...) :‬فينييادي‬
‫مناد من السماء أن صييدق عبييدي‪ ،‬فافرشييوه ميين الجنيية‪،‬‬
‫وألبسوه من الجنة‪ ،‬وافتحوا له بابا ً إلى الجنة‪ .‬قال‪ :‬فيييأتيه‬
‫من روحها وطيبها‪ ،‬ويفسح له في قبره مد بصره(‪.‬‬
‫وفتنة القبر؛ سؤال منكيير ونكييير للعبييد فيييه عيين ربييه‬
‫ودينه ونبيه‪ ،‬فيثّبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت‪ ...‬اللهم‬
‫يا ولي السلم وأهله ثبتنا بالقول الثابت في الحييياة الييدنيا‬
‫وفي الخرة‪.‬‬
‫وأمييا الكييافر فيقييول‪) :‬هييا؟! هييا؟! ل أدري(‪ ،‬ويقييول‬
‫المنييافق والمقلييد فييي دينييه للكثرييية‪) :‬ل أدري! سييمعت‬
‫الناس يقولون قول ً فقلته(‪.‬‬

‫)‪(15‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وأحوال البرزخ من أمور الغيييب الييتي يييدركها الميييت‬


‫دون غيره‪ ،‬وهي ل تدرك بالحس في الحياة الدنيا‪ ،‬ولييذلك‬
‫فاليمان بها مما يميز؛ المؤمن بالغيب عن المكذب به‪.‬‬
‫ونؤمن بأشراط الساعة التي أخبر الله تعالى بها فييي‬
‫كتابه‪ ،‬وأخبر بها نبيه عليه الصلة والسلم في سيينته‪ ،‬ميين‬
‫خروج الدجال على الحقيقة‪ ،‬دون التفات إليى تأويييل أهيل‬
‫البدع‪ ،‬وإن كنا نعتقد أن من جنس فتنته ما هو موجود في‬
‫كييل زمييان‪ ،‬إلييى أن يييأتي زمييان خروجييه علييى الحقيقيية‪،‬‬
‫ونؤمن بنزول عيسى ابن مريييم عليييه السييلم وهييو الييذي‬
‫يقتله‪ ،‬وبطلوع الشمس من مغربها‪ ،‬وبخييروج دابيية الرض‬
‫وسائر ما أخبر الله تعالى به‪ ،‬أو أخبر به نبيه عليييه الصييلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫ونييؤمن بييالبعث بعييد المييوت‪ ،‬وجييزاء العمييال يييوم‬
‫القيامة‪ ،‬والعييرض‪ ،‬والحسيياب‪ ،‬وقييراءة الكتييب والميييزان‪،‬‬
‫ن{ ]المؤمنيون‪:‬‬ ‫ميةِ ت ُب ْعَُثيو َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫م َييوْ َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬
‫كي ْ‬ ‫قال تعالى‪} :‬ث ُ ّ‬
‫ً‬
‫العالمين‪َ ،‬حفيياة عييراة غييرل غييير‬ ‫لرب‬
‫قال تعالى‪} :‬ك َمييا ب يدأ ْ‬ ‫الناس‬ ‫‪ ،[16‬فيقوم‬
‫خل ْيق ن ِّعي يد ُه ُ وَع ْيد َا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ّ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مختونين‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َل َي َْنا إ ِّنا‬
‫ضعُ‬ ‫ن{ ]النبياء‪َ ْ ،[104 :‬وقال تعالى‪ً } :‬وَن َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫فا‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ك‬
‫ش يي ْئا وَِإن‬ ‫َ‬ ‫س َ‬‫في ٌ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫َ‬
‫مةِ فل ت ُظل ي َ ُ‬ ‫قَيا َ‬ ‫سط ل ِي َوْم ِ ال ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫وازِي ْ ْ َ‬
‫م َ‬ ‫الَ َ‬
‫ن{‬ ‫س يِبي َ‬ ‫حا ِ‬
‫فييى ب ِن َييا َ‬ ‫ل أ َت َي ْن َييا ب ِهَييا وَك َ‬ ‫خْرد َ ٍ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫حب ّةٍ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫مث َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬
‫]النبياء‪.[47 :‬‬
‫ونؤمن بحوض نبينا محمد عليييه الصييلة والسييلم فييي‬
‫عرصات القيامة‪ ،‬وأن ماءه أشد بياض يا ً ميين اللبيين وأحلييى‬
‫ميين العسييل‪ ،‬وآنيتييه بعييدد نجييوم السييماء‪ ،‬وطييوله شييهر‪،‬‬
‫وعرضه شهر‪ ،‬من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبييدًا‪...‬‬
‫اللهم يا ولي السلم وأهله ل تحرمنا منه‪.‬‬
‫ن أصيينافا ً ميين أميية محمييد عليييه الصييلة والسييلم‬
‫وأ ّ‬
‫سيييذادون عنييه‪ ،‬ويمنعييون مين وروده فييي يييوم تييدنو فيييه‬
‫الشمس من رؤوس العباد‪ ،‬حتى يكون عرق النيياس علييى‬
‫قدر أعمالهم فمنهم من يكون إلى كعبه‪ ،‬ومنهم من يكون‬
‫إلى ركبييتيه‪ ،‬ومنهييم ميين يكييون إلييى حقييويه‪ ،‬ومنهييم ميين‬
‫يلجمه عرقه إلجامًا‪.‬‬
‫ومميين يييذادون عنييه ويمنعييون منييه؛ أعييوان المييراء‬
‫الظلمة‪ ،‬الذين دخلوا عليهم وصدقوهم بكذبهم‪ ،‬وأعييانوهم‬
‫على ظلمهم‪ ،‬وكذلك يذاد عنه من بدل أو ابتييدع أو أحييدث‬
‫في دين الله‪ ،‬ويومها يقول النبي صلى الله عليييه وسييلم ‪:‬‬
‫سحقا ً لمن بدل بعدي(‪.‬‬‫حقا ً ُ‬
‫س ْ‬
‫) ُ‬
‫ونييؤمن بالصييراط المنصييوب علييى متيين جهنييم‪ ،‬وهييو‬
‫الجسر الذي بين الجنة والنار‪ ،‬يمر عليه النيياس عليى قييدر‬
‫أعمالهم‪ ،‬فمنهم من يميير كلمييح البصيير‪ ،‬ومنهييم ميين يميير‬
‫كالبرق‪ ،‬ومنهم من يمر كالريح‪ ،‬ومنهم ميين يميير كييالفرس‬
‫الجواد‪ ،‬ومنهم مين يمير كركيياب البيل‪ ،‬ومنهيم مين يعييدو‬

‫)‪(16‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫عدوًا‪ ،‬ومنهم من يمشي مشيًا‪ ،‬ومنهم ومن يزحييف زحف يًا‪،‬‬


‫ومنهم من ُيخطييف خطف يا ً وُيلقييى فييي جهنييم‪ ،‬فييإن علييى‬
‫الجسر كلليب تخطييف النيياس بأعمييالهم‪ ،‬فميين ميير علييى‬
‫الصراط دخل الجنة ونجا‪ ...‬اللهم يييا ولييي السييلم وأهلييه‬
‫نجنا من النار‪.‬‬
‫فإذا عبروا عليه؛ وقفوا عند قنطرة بين الجنيية والنييار‪،‬‬
‫قوا‪ ،‬أذن لهم فييي‬ ‫ص من بعضهم لبعض‪ ،‬فإذا هُ ّ‬
‫ذبوا ون ُ ّ‬ ‫فُيقت َ ّ‬
‫دخول الجنة‪.‬‬
‫وأول ميين يسييتفتح بيياب الجنيية؛ محمييد عليييه الصييلة‬
‫والسييلم‪ ،‬وأول ميين يييدخل الجنيية ميين المييم أمتييه عليييه‬
‫الصلة والسلم‪.‬‬
‫ونؤمن بالجنة والنار‪ ،‬وأنهما مخلوقتييان ل تفنيييان ‪ -‬إل‬
‫ل‪ ،‬فمن‬ ‫أن يراد فناء نار الموحدين ‪ -‬وأن الله خلق لهما أه ً‬
‫شاء منهم فإلى الجنة بفضله‪ ،‬ومن شاء منهم فييإلى النييار‬
‫بعدله‪.‬‬
‫والجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين في‬
‫مقعد صدق عند مليك مقتدر‪ ،‬فيها من أنواع النعيم المقيم‬
‫بشيير‪،‬‬ ‫يبة أ َ‬ ‫ما ل عين رأت ول أذن سمعت ُول خطر على قلي‬
‫ن‬ ‫ي‬
‫ُ ٍ‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ن قُ ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫مي ْ‬ ‫ي ل َهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ف َ‬
‫خ ِ‬
‫ما أ ْ‬
‫س َ‬
‫ف ٌ‬
‫م نَ ْ‬‫تعالى‪َ} :‬فل ت َعْ ُل َ ُ‬
‫َ‬
‫قال‬
‫ن{ ]السجدة‪.[17 :‬‬ ‫َ‬ ‫لو‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫َْ َ‬ ‫ي‬ ‫نوا‬
‫ُ‬ ‫كا‬ ‫ما‬
‫جَزا ِ َ‬
‫ب‬ ‫ً‬ ‫ء‬ ‫َ‬
‫تعالى أصل ً‬ ‫اللهييتي أ ُِ‬ ‫وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها‬
‫ت‬‫ّ ْ‬ ‫د‬ ‫يي‬
‫ي‬ ‫ع‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫قيييوا الن ّيييا َ‬
‫للكيييافرين‪ ،‬قيييال تعيييالى‪َ} :‬وات ّ ُ‬
‫ن{ ]آل عمران‪ ،[131 :‬ويدخلها عصاة المسلمين‪،‬‬ ‫لل َ‬
‫كافِري َ‬
‫ولكنها ِ ليست دارهم التي أعييدت لهيم‪ ،‬ولييذلك إذا دخلوهيا‬
‫لم يخلدوا فيها‪ ،‬بل يعذبون بقدر ذنوبهم ثم مصيييرهم إلييى‬
‫الجنة التي هي دار المؤمنين‪.‬‬
‫ونؤمن بالشفاعة التي أذن الله تعالى بها لنبيه محمييد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فله في القيامة؛ ثلث شفاعات‪:‬‬
‫أما الولى‪ :‬فشفاعته في أهل الموقف كييي يقضييي‬
‫بينهم‪ ،‬بعد أن يتراجع النبياء آدم ونييوح وإبراهيييم وموسييى‬
‫وعيسى عليهم السلم عن الشفاعة‪ ،‬حتى تنتهي إلى نبينييا‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫الجنيية‪،‬‬ ‫أما الثانية‪ :‬فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا‬
‫وهاتان الشفاعتان خاصتان له عليه الصلة والسلم)‪.(6‬‬

‫‪ 6‬وله صلى الله عليه وسلم شفاعة ثالثة خاصة بييه‪ ،‬وهييي تخفيفييه‬
‫العذاب عن عمه أبي طالب‪ ،‬كما ثبت في الحديث‪.‬‬

‫)‪(17‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وأمــا الثالثــة‪ :‬فشييفاعته فيميين اسييتحق النييار ميين‬


‫الموحييدين؛ أن يخييرج منهييا‪ ،‬أو ل ييدخلها‪ ،‬وهييذا النييوع ليه‬
‫صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ،‬ولسييائر النييبيين والصييديقين‬
‫والشييهداء ونحييوهم مميين أذن اللييه لهييم‪ ،‬فيشييفع فيميين‬
‫اسييتحق النييار أل يييدخلها‪ ،‬ويشييفع فيميين دخلهييا أن يخييرج‬
‫منها‪.‬‬
‫وُيخييرج اللييه تعييالى ميين النييار أقوام يا ً بغييير شييفاعة‪،‬‬
‫بفضله سبحانه ورحمته‪ ،‬ويبقى في الجنة فضل‪ ،‬فينشييىء‬
‫الله له أقواما ً فيدخلهم الجنة‪.‬‬
‫واليميييان بالشيييفاعة؛ مزيييية نخيييالف بهيييا الخيييوارج‬
‫المخّلدين لهل الكبائر في النار‪.‬‬
‫ونؤمن برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة وفي الجنيية‪،‬‬
‫ة{‬‫ضَرة ٌ * إ َِلى َرب ّهَييا ن َيياظ َِر ٌ‬
‫مئذ ٍ َنا ِ‬
‫جوه ٌ ي َوْ َ‬
‫كما قال تعالى‪} :‬وُ ُ‬
‫]القيامة‪.[24 - 23 :‬‬
‫وكما تواترت الخبار بذلك عن رسول الله صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم؛ بأن المؤمنين يييرون ربهييم يييوم القياميية كمييا‬
‫يرون القمر ليلة البدر ل يضامون في رؤيته‪ ،‬ولسيينا نشييبه‬
‫ربنا بشيء ميين خلقييه‪ ،‬وإنمييا التشييبيه هنييا تشييبيه الرؤييية‬
‫بالرؤية وضوحا ً وحقيقة ودون مزاحميية‪ ،‬ل تشييبيه المييرئي‬
‫ن أن‬ ‫دم البصيرة واليمان بهذا‪ ،‬فإنه لقميي ٌ‬ ‫بالمرئي‪ ،‬فمن ع ُ ِ‬
‫المزيد‪ ،‬وهييو سييبحانه مييع هييذا؛ }ل‬‫ك ال َ‬ ‫يوم‬ ‫هذه النعمة‬‫يحرمه ال َ‬ ‫ُ‬
‫صاَر{ ]النعييام‪ ،[103 :‬وإنمييا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫د‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫و‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ر‬‫صا‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫تُ ِ ُ‬
‫ك‬‫ر‬‫ْ‬ ‫د‬
‫سبحانه وتعالى من النظر إليه‪ ،‬وما أثبته‬ ‫أثبتنا ما أثبته الله‬
‫نبيه محمد عليه الصييلة والسييلم مين رؤيية الميؤمنين ليه‬
‫سبحانه‪ ،‬والنظير والرؤيية شييء دون الدراك‪ ،‬فقيف عنيد‬
‫مل نصوص الوحي ما ل تحتمييل‪ ،‬ول تييرد‬ ‫حدود الله‪ ،‬ول تح ّ‬
‫شيئا ً منها أو تعطله‪ ،‬فتزل بك قدم الهلك‪.‬‬
‫ومن آثار اليمان بذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عمل الجاد لتحصيل ما أعده اللييه تعييالى للمييؤمنين‪،‬‬
‫عد به الله العصاة والكافرين‪.‬‬ ‫والنجاة مما تو ّ‬
‫‪ -‬عدم الجزع لما يفوت المؤمن من حطييام الييدنيا‪ ،‬أو‬
‫ما يناله من أذى وبلء ومصييائب ليمييانه ودعييوته وجهيياده‪،‬‬
‫بما يرجوه من عوض الخرة ونعيمها وثوابها‪.‬‬
‫وغير ذلك من الثمرات الكثيرة‪ ،‬فليس اليمان بذلك ‪-‬‬
‫كمييا يحسييب كييثير ميين النيياس ‪ -‬أمييورا ً معرفييية علمييية‬
‫وحسب‪ ،‬بل هو إيمان‪ ،‬وتصديق‪ ،‬وإقرار يدفع إلى العمل‪.‬‬

‫)‪(18‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫القدر‬
‫ونييؤمن بالقييدر خيييره وشييره‪ ،‬وأن اللييه خلييق الخلييق‬
‫ل‪ ،‬وعلم مييا هييم عيياملون‬‫در لهم أقدارا ً وضرب لهم آجا ً‬ ‫وق ّ‬
‫من قبل أن يخلقهم‪ ،‬فعلم ما كييان ومييا سيييكون‪ ،‬ومييا لييم‬
‫يكن؛ لو كان كيف يكون‪.‬‬
‫هييداهم النجييدين‪ ،‬فييأمرهم بطيياعته‪ ،‬ونهيياهم عيين‬
‫معصيته‪ ،‬وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته‪.‬‬
‫ومشيئته تنفذ‪ ،‬ل مشيئة للعباد – إل ما شاء لهم – فما‬
‫شاء لهييم كييان ومييا لييم يشييأ لييم يكين‪ ،‬يهييدي ميين يشيياء‪،‬‬
‫ويعصييم وينجييي فض يل ً منييه‪ ،‬ويضييل ميين يشيياء‪ ،‬وُيشييقي‬
‫ويخذل عدل ً منييه‪ ،‬وكييل العبيياد يتقلبييون فييي مشيييئته بييين‬
‫ب لحكمييه‪ ،‬ول غييالب‬ ‫قي َ‬
‫مع ّ‬
‫فضله وعدله‪ ،‬ل راد ّ لقضائه ول ُ‬
‫لمره‪.‬‬
‫ع‬
‫ي لديه ضائ ُ‬
‫ب كل ول سع ٌ‬ ‫ما للعباد عليه شيٌء واج ٌ‬
‫إن عذبوا فَب ِعَد ْل ِهِ أو ن ُّعموا فبفضله وهو الكبيُر الواسعُ‬
‫والخير والشر؛ مقدران على العباد‪.‬‬
‫ولم يكلف الله العباد إل ما يطيقون‪ ،‬ول حول ول قوة‬
‫إل بالله؛ أي ل حيلة لحد‪ ،‬ول تحول لحد عن معصييية اللييه‬
‫إل بمعونة الله سبحانه‪ ،‬ول قييوة لحييد علييى إقاميية طاعيية‬
‫الله والثبات عليها إل بتوفيق الله‪.‬‬
‫وكمييا أن المسيّببات ميين قييدر اللييه الييذي فييرغ منييه‪،‬‬
‫فكذلك أسبابها أيضا ً من قدر الله الذي فرغ منه‪.‬‬
‫واليمان بالقــدر علــى درجــتين؛ وكــل درجــة‬
‫تتضمن شيئين‪:‬‬
‫فالدرجة الولى‪ :‬اليمان بأن اللييه علييم مييا الخلييق‬
‫در ذلييك‬‫فسبق علمه في كل كائن في خلقه‪ ،‬فق ي ّ‬ ‫عاملون‪،‬‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ْ َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ز‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫و‬‫}‬ ‫يالى‪:‬‬
‫ي‬ ‫تع‬ ‫يال‬
‫ي‬ ‫ق‬ ‫ً‬
‫ا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫محكم‬ ‫تقديرا ً‬

‫)‪(19‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ن ذ َِلي َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل ذ َّرةٍ ِفي ال َْر‬ ‫مث ْ َ‬
‫مي ْ‬
‫صيغََر ِ‬
‫ماِء َول أ ْ‬
‫س َ‬
‫ض َول ِفي ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫قا َ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن{ ]يييونس‪ ،[61 :‬وقييال تعييالى‪:‬‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ب‬‫ٍ‬ ‫تا‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫في‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫أ‬ ‫ول‬ ‫َ‬
‫ديرًا{ ]الفرقييان‪ ،[2 :‬وقييال‪:‬‬ ‫ق يد َّره ُ ٍت َ ْ‬
‫ق ًي ِ‬ ‫شيٍء فَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خل َقَ َ ِك ُ ّ‬ ‫}وَ َ‬
‫دوَرا{ ]الحزاب‪.[38 :‬‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مُر اللهِ قَد ََرا ً َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫}وَ َ‬
‫منه مقييادير‬
‫ثم كتب ذلييك فييي اللييوح المحفييوظ‪ ،‬وضي ّ‬
‫الخلق‪.‬‬
‫عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال‪) :‬يييا بنييي!‬
‫إنك ل تجد حقيقة اليمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكيين‬
‫ليخطئك‪ ،‬وما أخطأك لم يكن ليصيبك‪ ،‬سمعت رسول الله‬
‫عليه الصلة والسلم يقول‪" :‬إن أول ميا خليق الليه القليم‬
‫فقال له اكتب‪ ،‬قال‪ :‬رب وماذا أكتب؟ قال‪ :‬اكتب مقييادير‬
‫كل شيء حتى تقوم الساعة"‪ ،‬يا بني! إني سمعت رسول‬
‫الله‪(7‬عليه وسلم يقول‪" :‬من مات على غير هييذا‬ ‫الله صلى‬
‫فليس مني"() ‪.‬‬
‫قال تعالى‪} :‬أ َل َم تعل َ َ‬
‫سييماِء‬
‫مييا فِييي ال ّ‬ ‫ه ي َعْ َل َي ُ‬
‫مَ َ‬ ‫ن اللي َ‬‫مأ ّ‬ ‫ْ َْ ْ‬ ‫ن ذ َِليي َ‬
‫سيييٌر{‬‫ن ذ َل ِيك ع َلييى الل يهِ ي َ ِ‬ ‫ب إِ ّ‬‫ك فِييي ك ِت َي ٍ‬
‫يا‬ ‫ض إِ ّ‬ ‫َوالْر‬
‫]الحج‪ِ :‬‬
‫‪.[70‬‬
‫ل‪ ،‬وفييي مواضييع‬ ‫وهذا التقدير يكون فييي مواضييع مجم ً‬
‫ل‪ ،‬فقد كتب في اللوح المحفوظ ميا شياء‪ ،‬وإذا خلييق‬ ‫مفص ً‬
‫الجنين قبل نفخ الروح فيييه بعييث إليييه ملكيا ً فيييؤمر بييأربع‬
‫كلمات أن يكتبها؛ رزقه‪ ،‬وأجله وعمله‪ ،‬وشقي أم سعيد‪.‬‬
‫فلو اجتمع الخلق كلهم علييى شيييء كتبييه اللييه تعييالى‬
‫فيه أنه كائن‪ ،‬ليجعليوه غييير كيائن‪ ،‬ليم يقيدروا عليييه‪ ،‬وليو‬
‫اجتمعوا كلهم على شيييء لييم يكتبييه اللييه تعييالى ليجعلييوه‬
‫كائنا لم يقدروا عليه‪ ،‬جف القلييم بمييا هييو كييائن إلييى يييوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫وما أخطأ العبد لم يكن ليصيييبه‪ ،‬ومييا أصييابه لييم يكيين‬
‫ليخطئه‪.‬‬
‫الدرجــة الثانيــة‪ :‬اليمييان بمشيييئة اللييه النافييذة‪،‬‬
‫وقدرته الشاملة وأن ما شاء اللييه كييان‪ ،‬ومييا لييم يشييأ لييم‬
‫يكن‪ ،‬وأنه ما في السماوات والرض من حركة ول سكون‬
‫إل بمشيئة الله سبحانه وتعالى‪ ،‬ول يكون في ملكييه إل مييا‬
‫يريد‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم‬
‫عيين معصيييته‪ ،‬وهييو سييبحانه يحييب المتقييين والمحسيينين‬
‫والمقسطين‪ ،‬ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصييالحات‪،‬‬
‫ول يحب الكافرين‪ ،‬ول يرضييى عيين القييوم الفاسييقين‪ ،‬ول‬
‫يأمر بالفحشاء‪ ،‬ول يرضى لعباده الكفر‪ ،‬ول يحب الفساد‪.‬‬
‫رواه أحمد وأبو داود‪ ،‬واللفظ لبي داود‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫)‪(20‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وقييدرته‬
‫َ‬ ‫فله سبحانه مشيئتان‪ ،‬وهما خلق َ الله وأمره‪،‬‬
‫خْليقُ َوال ْ‬
‫ميُر{‬ ‫وشرعه‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالى‪} :‬أل ل َ ُ‬
‫ه ال َ‬
‫]العراف‪.[54 :‬‬
‫مشــيئة شــرعية؛ وهييي أمييره الشييرعي الييذي قييد‬
‫ُيعصى سبحانه فيه وُيخالف‪.‬‬
‫ومشيئة قدرية؛ فلن تجد لسنة الله تبدي ً‬
‫ل‪ ،‬ولن تجد‬
‫ل‪ ،‬فل ُيعصى أمره الكوني القدري‪.‬‬‫لسنة الله تحوي ً‬
‫فتلك سنته شرعا ً وأمرًا‪ ،‬وهذه سنته قضاًء وقدرًا‪.‬‬
‫وأفعال العباد؛ خلق الله وفعل العباد‪ ،‬فالعباد فيياعلون‬
‫حقيقة‪ ،‬والله خالق أفعالهم‪ ،‬والعبد هو المؤمن أو الكييافر‪،‬‬
‫والبر أو الفاجر‪ ،‬والمصلي والصائم‪ ،‬وللعبييادة قييدرة علييى‬
‫أعمييالهم ولهييم إرادة‪ ،‬واللييه خييالقهم وخييالق قييدرتهم‬
‫ن{‬‫مُلييو َ‬
‫مييا َت َعْ َ‬
‫م وَ ُ َ‬
‫كيي ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬‫ه َ‬ ‫وإرادتهييم‪ ،‬قييال تعييالى‪َ} :‬والليي ُ‬
‫م‬ ‫قي‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫َِ ْ ْ ْ َ ْ َ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫َ‬
‫شا‬ ‫ن‬ ‫وقال تعالى‪} :‬ل ِ َ ْ‬
‫م‬ ‫[‪،‬ل ّ َ‬ ‫]الصافت‪96 :‬‬
‫ن{ ]التكييوير‪:‬‬ ‫ِ َ‬ ‫مي‬ ‫ل‬ ‫يا‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ب‬‫ُ َ ّ‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫الل‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫َ‬
‫شا‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ما ت َ َ‬
‫شا[‪ُ،‬ءو َ ِ‬
‫إ‬ ‫ن‬ ‫* وَ َ‬
‫وهذه الدرجة يكذب بها عامة القدرية وغل فيها‬ ‫‪29 - 28‬‬
‫قوم من أهل الثبات‪ ،‬حييتى سييلبوا العبييد قييدرته واختييياره‬
‫كمها ومصالحها‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫وأخرجوا عن أفعال الله وأحكامه ِ‬
‫فنحن وسط في القدر بين الجبرية والقدرية‪ ،‬فأفعالنا‬
‫ومشيئتنا؛ مخلوقتان‪ ،‬والنسان فاعل لفعاله على الحقيقة‬
‫مختار‪ ،‬له إرادة ومشيئة‪.‬‬
‫ور‬
‫وهذا جملة ما يحتاج إليه في هييذه المسييألة ميين ن َي ّ‬
‫ه قلَبه من أولياء الله تعالى‪.‬‬
‫الل ُ‬
‫فأصييل القييدر سيير اللييه فييي خلقييه‪ ،‬قييد طييوى اللييه‬
‫تفاصيل علمه عن عباده‪ ،‬ونهاهم عن التعم َييق فيييه‪ ،‬فقييال‬
‫م ُيس يأُلو َ‬
‫ن{ ]النبييياء‪:‬‬ ‫فعَ ي ُ‬
‫ل وَهُ ي ْ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫سئ َ ُ‬
‫ل عَ ّ‬ ‫في كتابه‪} :‬ل ي ُ ْ‬
‫‪ ،[23‬فمن سأل‪ :‬لم فعل؟ فقد رد حكم الكتيياب‪ ،‬وميين رد‬
‫حكم الكتاب؛ فقد كفر وخسر وخاب‪.‬‬
‫وذلك أن العلم علمان‪:‬‬
‫علم أنزله الله تعالى في الخلق؛ فهو موجود‪.‬‬
‫وعلم حجبه الله عنهم؛ فهو مفقود‪.‬‬
‫فإنكار العلم الموجود؛ كفيير‪ ،‬وادعيياء العلييم المفقييود؛‬
‫كفر‪ ،‬ول يثبييت اليمييان إل بقبييول العلييم الموجييود‪ ،‬وتييرك‬
‫العلم المفقود‪ ،‬ورده على عالمه الغفور الودود‪.‬‬

‫)‪(21‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ومن آثار اليمان بالقدر وثمراته‪:‬‬


‫‪ -‬أن يتوكل المؤمن على اللييه حييق التوكييل‪ ،‬فل يتخييذ‬
‫السباب أربابًا‪ ،‬ول يتكل عليها‪ ،‬بل يخلص توكله على اللييه‬
‫وحده‪ ،‬فكل شيء بتقديره سبحانه‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهييا؛ اطمئنييان قلييب المييؤمن وعييدم جزعييه أو‬
‫تحسره على ما يصيبه ويجري عليه من أقدار الله تعييالى‪،‬‬
‫فل يأسى لفييوات محبييوب أو حصييول مكييروه‪ ،‬فكييل ذلييك‬
‫بقدر الله تعالى‪ ،‬وما أصابه ما كان ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه ما‬
‫كان ليصيبه‪.‬‬

‫اليمان‬

‫)‪(22‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫واليمان؛ عمل وقول ونية‪ ،‬فهو اعتقاد بالجنان وإقرار‬


‫باللسان‪ ،‬وعمل بالجوارح‪.‬‬
‫واعتقاد الجنان أو القلب؛ قوله‪ ،‬وعمله‪ ،‬فقول القلب؛‬
‫هييو معرفتييه أو عملييه وتصييديقه‪ ،‬وميين أعميياله؛ الرضييى‪،‬‬
‫والتسليم‪ ،‬والمحبة‪ ،‬والنقياد‪ ،‬والخبات‪ ،‬ونحوه‪.‬‬
‫يب‬‫فالقول؛ قول القلب واللسان‪ ،‬والعمييل؛ عميل القلي‬
‫والجوارح‪ ،‬والتصديق يكون بالقلب‪ ،‬واللسان والجوارح)‪.(8‬‬
‫واليمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ ،‬وله شعب ‪-‬‬
‫كما أخبر الصادق المصدوق ‪ -‬أعلها؛ ل إله إل الله‪ ،‬وأدناها‬
‫إماطة الذى عن الطريق‪ ،‬وله عرى كثيرة‪ ،‬أوثقهييا؛ الحييب‬
‫في الله والبغض في اللييه‪ ،‬والمييوالة فييي اللييه والمعيياداة‬
‫في الله‪.‬‬
‫ومن شعبه؛ ما هو أصل اليمان‪ ،‬يزول اليمان بزوالييه‬
‫وينتقض‪ ،‬كشعبة التوحيد‪ -‬ل إله إل الله ‪ -‬والصلة‪ ،‬ونحوهييا‬
‫مما نص الشارع على زوال أصل اليمان وانتقاضه بتركه‪.‬‬
‫ومنهيا؛ مييا هييو ميين واجبييات اليمييان‪ ،‬ينقييص اليمييان‬
‫الواجب بزوالها‪ ،‬كالحب في الله‪ ،‬والبغييض فييي اللييه‪ ،‬وأن‬
‫قه‪ ،‬ونحوه مما يأثم تيياركه‪ ،‬ومثلييه اقييتراف‬‫يأمن جاُره بوائ َ‬
‫المحرمييات كالزنييا وشييرب الخميير والسييرقة‪ ،‬وصيياحبه ل‬
‫يكفر ول يزول عنه أصل اليمان‪ ،‬بل ينتقييص بييذلك إيمييانه‬
‫الييواجب‪ ،‬فل يكييون ميين المييؤمنين المسييتحقين للوعييد‬
‫المطلق‪ ،‬السالمين من الوعيد‪.‬‬
‫وميين شييعب اليمييان؛ مييا هييو ميين كمييال اليمييان‬
‫المستحب‪ ،‬كإماطة الذى عين الطرييق‪ ،‬وحسين العهيد)‪،(9‬‬
‫ونحوه مما هو من مكملت اليمان المستحب فل يأثم من‬
‫أخل به‪.‬‬
‫وعليه فلليمان أصل ل يصح اليمان إل به‪ ،‬وله كمييال‬
‫واجييب‪ ،‬وكمييال مسييتحب‪ ،‬وكييل نفييي لليمييان ورد فييي‬
‫نصوص الشرع فإما أن يراد به نفي أصل اليمييان فيكييون‬
‫حت َييى‬‫ن َ‬ ‫ل َ ُيؤ ِ‬
‫من ُييو َ‬ ‫َ‬ ‫صاحبه كافرًا‪ ،‬كقييوله تعييالى‪} :‬فَل َ وََرب ّي َ‬
‫ك‬
‫ج يا ً‬
‫حَر َ‬‫م َ‬ ‫س يه ِ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫دوا ِفي أن ْ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ثُ ًّ‬
‫م ل يَ ِ‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫شّ َ‬ ‫ك فِي ْ َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬‫يُ َ‬
‫سِليما{ ]النساء‪ ،[65 :‬وإما أن يييراد‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما ق َ‬ ‫م ّ‬‫ِ‬
‫به نفي اليمان الواجب ‪ -‬أي كماله الواجب ‪ -‬يكون صاحبه‬
‫آثم يا ً أو فاسييقًا‪ ،‬كقييول النييبي عليييه الصييلة والسييلم‪) :‬ل‬
‫ييدخل الجنية مين ل ييأمن جياره بيوائقه()‪ ،(10‬أو قيوله‪) :‬ل‬
‫دق ذلك أو يكذبه(‪.‬‬ ‫‪ 8‬كما في الحديث الصحيح‪ ...) :‬والفرج يص ّ‬
‫‪ 9‬والمقصود بحسن العهييد هنييا؛ الصييلة والحسييان كمييا فييي إقبييال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم واهتمامه بعجوز‪ ،‬سييألته عنهييا عائشيية‬
‫رضي الله عنها فقال‪) :‬إنهييا كييانت تأتينييا زميين خديجيية وإن حسيين‬
‫العهد من اليمان(‪.‬‬
‫‪ 10‬رواه مسلم‪.‬‬

‫)‪(23‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫يزنييي الزانييي حييين يزنييي وهييو مييؤمن‪ ...‬الحييديث()‪ ،(11‬أو‬


‫قوله‪) :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه(‪.‬‬
‫وذلك لن نفي اليمان؛ صيغة وعيد‪ ،‬والوعيد ل يرد إل‬
‫في حق من فعل محرما ً أو ترك واجبًا‪ ،‬فإما أن يكون ميين‬
‫أصييل اليمييان أو ميين اليمييان الييواجب‪ ،‬ويتييم التفريييق‬
‫والتمييز بين الدللتين هل هي دللة على الكفيير ‪ -‬انتقيياض‬
‫أصل اليمان ‪ -‬أو على الفسق ‪ -‬انتقياص اليميان اليواجب‬
‫‪-‬؛ بقرائن تعرف من النص نفسه‪ ،‬أو من نصييوص الشييارع‬
‫الخرى‪.‬‬
‫ومن انتقض إيمانه بشيء من نواقض اليمان؛ فكفيير‪،‬‬
‫لم تنفعه بقية شعب اليمان إن وجدت عنييده‪ ،‬وميين أخييل‬
‫باليمان الوجب؛ فهو إلى مشيئة الله‪ ،‬إن شاء عييذبه‪ ،‬وإن‬
‫شاء غفر له‪ ،‬ما دام عنده أصل اليمان‪.‬‬
‫فل نميل في باب وعيد اللييه ل إلييى المييرجئة ول إلييى‬
‫الخوارج‪ ،‬كما ل نميل فييي بيياب أسييماء اليمييان والييدين ل‬
‫إلى الحرورية والمعتزلة‪ ...‬ول إلى المرجئة والجهمية‪.‬‬
‫ومن ثمرات هذا الباب‪:‬‬
‫‪ -‬الحرص على الطاعة والمبادرة إلى العمل الصييالح‪،‬‬
‫والمسيبقة إلييى الخيييرات‪ ،‬ليبقييى إيماننيا فيي ازدييياد‪ ،‬مييع‬
‫المحافظة دوما ً على أصييل اليمييان وتحصييينه‪ ،‬فييإنه رأس‬
‫المال وعروة النجاة الوثقى‪.‬‬

‫الكفر‬
‫ونييبرأ إلييى اللييه ميين ضييلل مييرجئة العصيير‪ ،‬وجهمييية‬
‫الزمان؛ الييذين ل ييرون الكفيير إل فييي الجحييود والتكييذيب‬
‫ونوا بذلك الكفر وسّهلوه‪ ،‬ورّقعوا للكفرة‬ ‫القلبي وحده‪ ،‬فه ّ‬
‫وغ كفر وتشريع‬ ‫ّ‬ ‫تس‬ ‫التي‬ ‫الباطلة‬ ‫الشبه‬ ‫وأقاموا‬ ‫الملحدين‪،‬‬
‫الطواغيت‪.‬‬

‫رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫)‪(24‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ونعتقييد أن قييولهم‪" :‬أن المييرء ل يكفيير إل بجحييود‬


‫قليييبي"؛ قيييول بيييدعي‪ ،‬فيييالجحود ‪ -‬كميييا قيييرر علماؤنيييا‬
‫المحققييون ‪ -‬يكييون بالعمييل والقييول‪ ،‬أي بييالجوارح‪ ،‬كمييا‬
‫يكون بالقلب‪ ،‬والتصديق مثل ذلك‪.‬‬
‫والكفر أنواع؛ فمنه كفر الجحييود‪ ،‬ومنييه كفيير الجهييل‪،‬‬
‫ومنه كفر العراض‪.‬‬
‫ونواقض السلم كثيرة‪ ،‬ولحوق الرجل بييالكفر أسييرع‬
‫من لحوقه بالسلم‪.‬‬
‫وكما أن اليمان عندنا؛ اعتقاد وقييول وعمييل‪ ،‬فكييذلك‬
‫الكفر؛ يكون اعتقادًا‪ ،‬ويكون قو ً‬
‫ل‪ ،‬ويكون عم ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ومن الكفر والظلم والفسق؛ ما هو أكبر‪ ،‬ومنه ما هييو‬
‫أصغر‪ ،‬والقول بأن الكفر العملي؛ مطلقا ً كفر أصييغر‪ ،‬وأن‬
‫ي‪ ،‬بل الكفيير‬ ‫الخطأ العتقادي؛ مطلقا ً كفر أكبر‪ ،‬قول بدع ّ‬
‫العملييي؛ منييه الصييغر ومنييه الكييبر‪ ،‬وكييذلك الخطييأ أو‬
‫النحراف في العتقاد؛ منه ما هو كفر أكييبر ومنييه مييا هييو‬
‫دون ذلك‪.‬‬
‫فمن أعمال الجوارح؛ ميا أخيبر الليه تعيالى بيأنه كفير‬
‫أكبر‪ ،‬وليم يشيترط ليذلك أن يصياحبه اعتقياد أو جحيود أو‬
‫استحلل‪ ،‬كالتشريع مع الله ما لم يأذن به الله‪ ،‬وكالسجود‬
‫للشمس والصنام‪ ،‬أو سب اللييه‪ ،‬أو الييدين‪ ،‬أو النبييياء‪ ،‬أو‬
‫إظهار الستهزاء‪ ،‬أو الستهانة بشيء من الدين‪.‬‬
‫ومنها؛ مييا هييو ميين المعاصييي غييير المكفييرة‪ ،‬الييتي ل‬
‫تخرج صاحبها من دائرة السييلم إل أن يسييتحلها‪ ،‬كييالزنى‬
‫والسرقة وشرب الخمر ونحوها‪.‬‬
‫ول نقول‪" :‬ل يضر مع اليمان ذنب"‪ ،‬بل ميين الييذنوب‬
‫مييا ينقييص اليمييان‪ ،‬ومنهييا مييا ينقضييه‪ ،‬ونييبرأ ميين أقييوال‬
‫المييرجئة المؤدييية إلييى التكييذيب بآيييات الوعيييد‪ ،‬وأحيياديثه‬
‫الواردة في حق العصاة من هذه المة‪ ،‬أو في حق الكفييار‬
‫والمشركين والمرتدين‪.‬‬
‫ونؤمن بأن الميثيياق الييذي أخييذه اللييه تعييالى ميين آدم‬
‫وذريته؛ حق‪ ،‬وأنييه سييبحانه خلييق عبيياده حنفيياء فاجتييالتهم‬
‫شياطين الجن والنس عين دينهييم‪ ،‬وشيرعت لهيم ميا لييم‬
‫يييأذن بييه اللييه‪ ،‬وأن المولييود يولييد علييى الفطييرة‪ ،‬فييأبواه‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه‪.‬‬
‫ولذلك نعتقد أن كل من دان بغييير دييين السييلم فهييو‬
‫كافر‪ ،‬سواء بلغته الرسالة أو لم تبلغييه‪ ،‬فميين بلغتييه؛ فهييو‬
‫كافر معاند أو كييافر معييرض‪ ،‬وميين لييم تبلغييه؛ فهييو كييافر‬
‫جاهل‪ ،‬فللكفر درجات‪ ،‬كما أن لليمان درجات‪.‬‬

‫)‪(25‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ومييع هييذا؛ فلييم يكتييف اللييه تعييالى بحجيية الميثيياق‬


‫والفطييرة علييى عبيياده‪ ،‬فأرسييل إليهييم الرسييل ييذكرونهم‬
‫بالميثاق الذي أخذه الله عليهم‪ ،‬وأنزل عليهم كتبييه وجعييل‬
‫آخرها كتابه المهيمن عليها "القرآن الكريم"‪ ،‬الذي ل يييأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول من خلفيه‪ ،‬وحفظيه مين التبيديل‪،‬‬
‫قائمة على كل من بلغه‪ ،‬فقييال‪:‬‬ ‫وجعله حجة بالغة واضحة‬
‫غ{ ]النعييام‪:‬‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ ِ َ َ ْ َ َ‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ب‬ ‫ُ‬
‫كم‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ن ْ َِ‬
‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫قرآ ُ‬
‫ذا ال ُ‬ ‫ي إ ِل َ ّ‬
‫ي هَ َ‬ ‫ح َ‬‫}وَُأو ِ‬
‫‪ ،[19‬فييدين اللييه فييي الرض والسييماء واحييد هييو دييين‬
‫السلم‪.‬‬
‫م{ ]آل‬ ‫سييل ُ‬ ‫اللييهِ ال ِ ْ‬ ‫عْنييد َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬
‫ن اليي ّ‬
‫قييال تعييالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م د ِي ْن َيًا{‬ ‫سييل َ‬‫م ال ِ ْ‬ ‫ت ل َك ُي ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫عمران‪ ،[19 :‬وقال تعالى‪} :‬وََر ِ‬
‫]المائدة‪ ،[3 :‬فنحن نييدين بييه‪ ،‬ونييبرأ ميين كييل مييا خييالفه‪،‬‬
‫ونكفر بكل ما ناقضه وعارضه من المناهج الكافرة والملل‬
‫الباطليية والمييذاهب الفاسييدة‪ ،‬وميين ذلييك بدعيية العصيير‬
‫الكفرية "الديمقراطية"‪ ،‬فمن اتبعهييا وابتغاهييا فقييد ابتغييى‬
‫سييلم ِدين َيا ً‬ ‫ن ي َب ْت َِغ غ َي َْر ال‬ ‫م ْ‬ ‫غير السلم دينًا‪ ،‬قال تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫سِ ي ْري ِ‬
‫ن{ ]آل‬ ‫َ ِ ِ َ‬ ‫خا‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫خي َ ِ ِ َ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ه وَهُ يوَ فِييي ال ِ‬
‫من ْي ُ‬ ‫قب َي َ‬
‫ل ِ‬ ‫فَل َي ْ‬
‫ن يُ ْ‬
‫عمران‪.[85 :‬‬
‫فر من شّرع مع الله وفقا ً لدين الديمقراطية ‪-‬‬ ‫ولذا نك ّ‬
‫تشريع الشييعب للشييعب ‪ -‬كمييا نكفيير ميين اختييار أو وك ّييل‬
‫وأناب عن نفسه مشّرعًا‪ ،‬لنه قييد ابتغييى غييير اللييه حكميا ً‬
‫عوا ل َهُييم‬ ‫َ‬
‫ش يَر َ‬
‫كاُء َ‬
‫ش يَر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫م ل َهُ ي ْ‬‫وربا ً ومشّرعًا‪َ ،‬قال تعالى‪} :‬أ ْ‬
‫]الشييورى‪ ،[21 :‬وقييال‬ ‫ه{‬ ‫ذن ب ِيهِ الل ي ُ‬‫م َي َييأ َ‬
‫مييا ل ي ْ‬ ‫دين َ‬‫ن ال ّ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫ه‪...‬‬‫ن الليي ِ‬‫دو ِ‬
‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫م أْرَباب َا ِ‬‫م وَُرهَْبان َهُ ْ‬
‫حَباَرهُ ْ‬
‫ذوا أ ْ‬ ‫خ ُ‬‫سبحانه‪}ِ :‬ات ّ َ‬
‫الية{ ]التوبة‪.[31 :‬‬
‫ومع هذا؛ فنحن ل نكفر عموم الناس المشاركين فييي‬
‫النتخابات‪ ،‬إذ ليس جميعهم يبتغييون فييي مشيياركتهم فيهييا‬
‫أربابيا ً مشيّرعين‪ ،‬بيل منهيم مين يقصيد إليى اختييار نوابيا ً‬
‫مت بييه البلييوى‪،‬‬ ‫للخدمات الدنيوية والمعيشية‪ ،‬وهذا أمر ع ّ‬
‫واختلفييت فيييه مقاصييد المنتخييبين الييذين ل يباشييرون ول‬
‫يمارسون التشييريع كييالنواب‪ ،‬ولييذلك فنحيين ل نبييادر إلييى‬
‫تكفير أعيانهم كما نكفر أعيييان النييواب المباشييرين للكفيير‬
‫البواح من تشريع ونحوه‪.‬‬
‫ونقول‪ :‬إن المشاركة في النتخابات التشريعية عمييل‬
‫كفري‪ ...‬ول نكفر بالعموم‪ ،‬بل نفّرق بين مقارفة النسييان‬
‫لعمل مكفر‪ ،‬وبين تنزيل حكم الكفر عليه‪ ،‬والذي يلزم فيه‬
‫الحييوال‪ ،‬وورد‬ ‫إقامة الحجة إذا أشكلت المور‪ ،‬والتبسييت‬
‫احتمال انتفاء القصد في مثل هذه البواب)‪.(12‬‬
‫ول نطلييق مقوليية‪" :‬ول نكفيير أحييدا ً ميين أهييل القبليية‬
‫بذنب"‪ ،‬بل نقيدها بزيادة‪" :‬غير مكفر ما لم يسييتحله"‪ ،‬فل‬
‫نكفر بمطلق المعاصي والذنوب‪.‬‬
‫‪ 12‬وقد فصلنا ذلك في رسييالتنا الثلثينييية فييي التحييذير ميين أخطيياء‬
‫التكفير‪.‬‬

‫)‪(26‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ونسمي أهل قبلتنا؛ مسلمين مؤمنين‪ ،‬والصييل فيهييم‬


‫عندنا السلم ما لييم يييأت أحييدهم بنيياقض ولييم يمنييع ميين‬
‫تكفيره مانع‪.‬‬
‫ول نقييول بخلييود أهييل الكبييائر ميين أميية محمييد عليييه‬
‫الصلة والسلم في النار إن ماتوا وهم موحدين‪ ،‬حتى وإن‬
‫لم يكونوا من ذنوبهم تائبين‪ ،‬خلفا ً للخييوارج وميين تييابعهم‬
‫من غلة المكفرة‪ ،‬بل نقول؛ هم إلى مشيئة الله وحكمييه‪،‬‬
‫إن شاء سبحانه غفر لهييم وعفييا عنهييم بفضييله‪ ،‬كمييا ذكيير‬
‫ميين ي َ َ‬
‫شيياُء{ ]النسيياء‪،[48 :‬‬ ‫ن ذ َل ِي َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫ما د ُوْ َ‬
‫فُر َ‬
‫تعالى‪} :‬وََيغ ِ‬
‫وإن شاء عذبهم بعدله‪ ،‬ثم يخرجون مين النيار برحمتيه‪ ،‬أو‬
‫بشفاعة النبي عليه الصلة والسلم التي ادخرها لمتييه‪ ،‬او‬
‫بشفاعة من يرتضي الله شفاعته من أهل طاعته‪.‬‬
‫فنحن وسط بين المرجئة والخييوارج فييي بيياب الوعييد‬
‫والوعيد‪ ،‬ووعده ووعيده حق كله‪.‬‬
‫وة اليمانييية؛ ثابتيية لعمييوم أهييل القبليية مييع‬ ‫والخيي ّ‬
‫المعاصي والكبائر‪ ،‬كمييا نييص اللييه تعييالى عل َييى ذلييك فييي‬
‫ن‬
‫حوا ب َْييي َ‬ ‫خييوَة ٌ فَأ ْ‬
‫صييل ِ ُ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مُنييو َ‬ ‫مييا ال ُ‬‫الكتيياب فقييال‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫َ ْ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫}‬ ‫يال‪:‬‬‫ي‬ ‫وق‬ ‫[‪،‬‬‫‪10‬‬ ‫يرات‪:‬‬ ‫م{ ]الحجي‬ ‫خوَي ْك ُ ْ‬‫أ ََ َ‬
‫ف{ ]البقييرة‪ ،[178 :‬فل نسييلب‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫شيٌء فات َّباع ٌ ِبال َ‬‫خيهِ َ‬ ‫أ ِ‬
‫الفاسق الملي السلم بالكلية ‪ -‬كمييا تقييول الخييوارج ‪ -‬ول‬
‫خل ّييده فييي النييار ‪ -‬كمييا تقييول المعتزليية ‪ -‬ول ننفييي عنييه‬ ‫نُ َ‬
‫مطلق اليمان ول نصفه باليمان المطلق‪ ،‬بييل نقييول؛ هييو‬
‫مؤمن ناقص اليمان‪ ،‬أو مؤمن بإيمانه‪ ،‬فاسق بكبيرته‪.‬‬
‫ونرجو للمحسين ميين المييؤمنين أن يعف يوَ اللييه عنهييم‬
‫ويدخلهم الجنة برحمته‪ ،‬ول نييأمن عليهييم‪ ،‬ول نشييهد لحييد‬
‫منهم بالجنة أو النار ‪ -‬إل ّ من شييهد لييه رسييول اللييه صييلى‬
‫الله عليه وسلم وأخييبر عنييه بييذلك ‪ -‬ونسييتغفر لمسيييئهم‪،‬‬
‫قّنطهييم‪ ،‬والميين والييياس ينقلن عيين‬ ‫ونخاف عليهم‪ ،‬ول ن ُ َ‬
‫ملة السلم‪ ،‬وسبيل أهل الحق ‪ -‬جعلنا الله منهم ‪ -‬بينهما‪.‬‬
‫ونرحم عوام المسلمين من أهييل القبليية‪ ،‬ول نكلفهييم‬
‫فييوق طيياقتهم‪ ،‬فل نشييترط للحكييم بإسييلمهم أن يعرفييوا‬
‫نييواقض السييلم أو يحفظييوا ويعييددوا شييروط "ل إلييه إل‬
‫اللييه"‪ ،‬بييل ُيحكييم لهييم بالسييلم بتحقيييق أصييل التوحيييد‬
‫واجتناب الشرك والتنديد ‪ -‬ما لم يتلبسوا بناقض –‬
‫ونراعي شروط التكفير وننظر في موانعه‪ ،‬كما ننظيير‬
‫بعين العتبار إلييى واقييع الستضيعاف اليذي يعيشيونه فييي‬
‫ظل غياب سلطان السلم وحكمه ودولته‪ ،‬ومييا نجييم ميين‬
‫م ميين شييبهات لقليية العلييم وذهيياب العلميياء‬
‫جهييل ومييا عي ّ‬
‫الربانيين‪.‬‬
‫وعلى هذا؛ فنحن ل نبرأ من عصاة المؤمنين كبراءتنييا‬
‫من الكفار والمشييركين والمرتييدين‪ ،‬بييل عصيياة المييؤمنين‬

‫)‪(27‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫داخل دائرة الموالة اليمانييية‪ ،‬ل نخرجهييم منهييا مييا دامييوا‬


‫مسلمين‪ ،‬وإنما نبرأ من معاصيييهم وفسييوقهم وعصيييانهم‪،‬‬
‫ول نعاملهم معاملة الكفار‪.‬‬
‫فر كل من عمييل عنييد حكومييات الكفيير منهييم ‪-‬‬ ‫ول ُنك ّ‬
‫فيير ميين كييان فييي‬
‫كما هو شييأن غلة المكفييرة ‪ -‬وإنمييا نك ّ‬
‫عمله نوع من أنواع الكفيير أو الشييرك‪ ،‬ميين مشيياركة فييي‬
‫ل للمشييركين‬ ‫التشريع الكفري‪ ،‬أو الحكم الطاغوتي‪ ،‬أو تو ّ‬
‫والكفار‪ ،‬أو مظاهرتهم على الموحدين‪.‬‬
‫صل في العمل عند الكفار‪ ،‬ول نقول بأنه كفر كله‬‫وُنف ّ‬
‫أو حرام‪ ،‬بل من ذلك ما هو كفر‪ ،‬ومنه ما هو حرام‪ ،‬ومنييه‬
‫ما هو دون ذلك‪ ،‬وكل وظيفة بحسبها‪.‬‬
‫ول نحكم في أحكام الدنيا إل بالظاهر الييذي ليييس لنييا‬
‫الحكم إل به‪ ،‬والله يتولى السرائر ويحاسب عليها‪ ،‬فليييس‬
‫لنا أن نشق عن قلوب الناس‪ ،‬ول عن بطونهم‪.‬‬
‫ونتحرز ‪ -‬كما تحرز علماؤنا البييرار ‪ -‬فييي تكفييير أهييل‬
‫التأويل‪ ،‬خصوصا ً إذا كان الختلف لفظيا ً أو فييي المسييائل‬
‫العلمية التي يعذر فيها المخالف بالجهل‪.‬‬
‫ولييس مين منهجنيا التعجييل فيي التكفيير‪ ،‬أو التعجيل‬
‫بييترتيب آثيياره دون تثّبييت أو تييبّين‪" ،‬فييإن اسييتباحة دميياء‬
‫المصلين الموحدين خطر عظيم‪ ،‬والخطييأ فييي تييرك ألييف‬
‫أهون من الخطأ في سفك محجميية ميين دم مسييلم‬ ‫كافر‪،‬‬
‫واحد")‪.(13‬‬
‫ونفرق في أبواب التكفييير بييين كفيير النييوع أو العمييل‬
‫المكفر‪ ،‬وبين كفر المعين‪ ،‬وأنه قد يصدر عين الميرء كفير‬
‫ول يلزمه حكمه ول اسمه‪ ،‬إن اختييل شييرط‪ ،‬أو قييام مييانع‬
‫من موانع التكفييير‪ ،‬ونعتقييد أن ميين دخييل السييلم بيقييين؛‬
‫فإنه ل يجوز أن يخرج منه بالشييك أو التخ يّرص‪ ،‬فمييا ثبييت‬
‫بيقين ل يزول بالشك‪.‬‬
‫والبدع؛ ليست كلها على مرتبة واحدة بل منها مييا هييو‬
‫ميين البييدع المكفييرة‪ ،‬وميين ذلييك بدعيية "الديمقراطييية"‪،‬‬
‫ومتابعة وابتغاء غير الله مشرعًا‪ ،‬من الربيياب المتفرقييين‪،‬‬
‫ومن البدع ما هو دون ذلك‪ ،‬فل يصل إلى الكفر‪.‬‬
‫ونعتقد أن قاعدة‪" :‬من لم يكفيير الكييافر فهييو كييافر"؛‬
‫إنمييا اسييتعملها أئمتنييا للتغليييظ والتنفييير ميين بعييض أنييواع‬
‫الكفر‪ ،‬ولم يستعملوا فيها التسلسل البييدعي الييذي أحييدثه‬
‫غلة المكفييرة‪ ،‬وأنهييا ليسييت علييى إطلقهييا‪ ،‬وإنمييا فيميين‬

‫‪ 13‬أصل هييذه الجمليية النفيسيية ميين كتيياب الشييفا للقاضييي عييياض‬


‫‪ .2/277‬نقلها عن العلماء المحققين وللغزالي مثلها‪.‬‬

‫)‪(28‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫ذب أو رد ّ بعدم تكفيره للكافر نصا ً قطعي الدللة قطعي‬


‫ك ّ‬
‫الثبوت‪.‬‬
‫من ثبت عنييدنا تكفيييره‪ ،‬لكيين يحتيياج‬ ‫فر َ‬
‫أما من لم ُيك ّ‬
‫فييي إنييزال الكفيير علييى عينييه إلييى نظيير فييي الشييروط‬
‫والموانع والدلة الشييرعية ‪ -‬كالحكييام بغييير مييا أنييزل اللييه‬
‫وعسيياكرهم مثل ً ‪ -‬فميين توقييف فييي إنييزال الكفيير علييى‬
‫أعيانهم لشبهات نصية عنده‪ ،‬فهذا ل تنطبق عليه القاعييدة‬
‫المذكورة‪ ،‬إذ هو لم يكذب نصا ً شييرعيا ً ول رده‪ ،‬وإنمييا لييم‬
‫يقدر على التوفيق بين الدلة‪ ،‬أو قدم دليل ً علييى غيييره‪ ،‬أو‬
‫صيير فييي علييوم الليية‬ ‫نحييو ذلييك ممييا قييد يقييع فيييه ميين ق ّ‬
‫والجتهيياد‪ ،‬فهييذا ليييس بكييافر عنييدنا مييا دام خلفييه معنييا‬
‫باللفاظ والسماء‪ ،‬إل أن يؤدي به ذلك إلييى الييدخول فييي‬
‫دين الكفييار أو نصييرته‪ ،‬أو إلييى تييوليهم ومظيياهرتهم علييى‬
‫الموحدين‪.‬‬
‫ونعتقد أن اتباع المتشابه وتيرك المحكيم؛ علمية مين‬
‫علمات أهل البدع‪ ،‬وأن طريقة الراسخين في العلييم ميين‬
‫أهل السنة؛ أن يردوا المتشابه إلى المحكم‪.‬‬
‫ول نكفر بالمآل‪ ،‬أو بلزم القول‪ ،‬فلزم المذهب ليييس‬
‫عندنا بمذهب‪ ،‬كما أننا ل نكفيير مخالفينييا وميين بغييى علينييا‬
‫من مرجئة العصر ونحييوهم ميين المبتدعيية الييذين ل تصييل‬
‫بدعتهم إلى الكفر‪ ،‬ما دام تخليطهم وخلفهم معنا لفظيييًا‪،‬‬
‫كالختلف المجّرد في مسمى اليمان أو الكفر وتعريفهما‪.‬‬
‫ولونا ما لييم نقلييه‪ ،‬أو‬
‫ول نكفرهم وإن افتروا علينا‪ ،‬وق ّ‬
‫نسبوا إلينا ما نحيين منييه بييرآء‪ ،‬فل نعصييي اللييه فيهييم وإن‬
‫عصوا الله فينا‪ ،‬ول نكفرهم لرجييائهم إن كييان ميين جنييس‬
‫إرجاء الفقهاءي ما دام خلفهم معنا لفظي يًا‪ ،‬فل نكفرهييم إل‬
‫أن يؤدي بهم إرجاؤهم إلى ترك التوحيد والفرائض‪ ،‬أو إلى‬
‫الكفيير أو الشييرك وتسييويغه‪ ،‬أو إلييى تييولي الطييواغيت‬
‫ونصرتهم‪ ،‬أو المشاركة في تشريعهم‪ ،‬أو مظاهرتهم علييى‬
‫الموحدين‪.‬‬
‫ونبغض جماعات الرجاء التي مّيعت الدين‪ ،‬وشيياركت‬
‫وغت المشيياركة فييي الحكييم بغييير مييا أنييزل اللييه‪ ،‬أو‬‫أو س ّ‬
‫التشريع مع الله من خلل الديمقراطية‪ ،‬أو إظهار النصييرة‬
‫للمرتييدين‪ ،‬ونييبرأ ميين طريقتهييا‪ ،‬ونعتبرهييا جماعييات بييدع‬
‫وضللة‪ ،‬قد ضييلوا وأضييلوا عيين سييواء السييبيل‪ ،‬ونييرى أن‬
‫رؤوسها من الدعاة على أبواب جهنم‪ ،‬ومييع هييذا؛ فنحيين ل‬
‫نكفر مين هيذه الجماعييات إل مين قيارف الكفيير منهييم أو‬
‫وغه أو ظاهر أهله على الموحدين‪ ،‬ول نكفرهم‬ ‫نصره أو س ّ‬
‫بالعموم‪.‬‬
‫ونحفييظ لعلمائنييا العيياملين حقهييم‪ ،‬وكييذلك دعاتنييا‬
‫المجاهييدين‪ ،‬الييذين يبلغييون رسييالت اللييه ويخشييونه ول‬
‫يخشون أحدا ً إل الله‪.‬‬

‫)‪(29‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وتقيّر أعيننييا بطلييب العلييم الشييرعي‪ ،‬ونحييب طلبتييه‪،‬‬


‫ونبغض أهل الرأي‪ ،‬وأصحاب البدع‪ ،‬وأصحاب الكلم الذين‬
‫يقدمون العقول علييى النقييول‪ ،‬أو يقييدمون استصييلحاتهم‬
‫واستحساناتهم على نصوص الوحي‪.‬‬
‫ونبغض ميدارس الطييواغيت ونييدعو إلييى اجتنابهيا‪ ،‬ول‬
‫نكفيير ميين شييارك فيهييا دراسيية أو تدريس يًا‪ ،‬إل أن يباشيير‬
‫ويشارك في كفر أو يسيوغه أو ييدعو إليييه‪ ،‬ول نميانع مين‬
‫تعلم العلييم الييدنيوي المفيييد إن سييلم ميين المحظييور‪ ،‬ول‬
‫ندعو إلى ترك السباب‪ ،‬ونحث على تربييية الييذراري علييى‬
‫التوحيد‪ ،‬وتبصيرهم بأمر دينهم ودنياهم؛ ليكونوا لدين اللييه‬
‫جندا ً صادقين وأنصارا ً عاملين‪.‬‬

‫دار الكفر ودار السلم‬


‫وقاطنيها‬
‫ونقول بقول الفقهاء عن الدار إذا علتها أحكام الكفيير‬
‫وكانت الغلبة فيها للكفار وشرائعهم؛ إنها دار كفر‪.‬‬
‫ولكننا نعتقد؛ بأن هذا اصطلح ل دخل لييه فييي الحكييم‬
‫على قاطني الديار في ظل غياب دولة السلم وسييلطانه‪،‬‬
‫وتغلب المرتدين وتسييلطهم علييى أزميية الحكميية فييي بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬فإن هذا المصطلح يطلق على الدار إذا علتهييا‬
‫أحكام الكفر‪ ،‬وإن كان أكييثر أهلهييا مسييلمين‪ ،‬كمييا يطلييق‬
‫مصييطلح "دار السييلم" علييى الييدار الييتي علتهييا أحكييام‬
‫السييلم‪ ،‬وإن كييان أكييثر أهلهييا كفييار‪ ،‬مييا دامييوا خاضييعين‬
‫لحكم السلم – ذمة ‪-‬‬
‫فل نؤصل على هذه المصطلحات أصول ً فاسدة‪ ،‬كمييا‬
‫يفعل غلة المكفرة‪ ،‬كمقوليية؛ "الصييل فييي النيياس اليييوم‬
‫الكفر مطلقًا"‪ ،‬ول نتبنى شيييئا ً ميين ذلييك‪ ،‬بييل نعامييل كييل‬
‫امرىء بما ظهر منه ونكل سرائرهم إلى الله‪ ،‬فنعامل من‬
‫أظهر السلم به‪ ،‬ونحكم عليه بالسلم‪ ،‬ونقول إن الصييل‬
‫فيمن أظهر شرائع السلم؛ السلم‪ ،‬ما لم يتلّبس بناقض‪،‬‬
‫وكذلك نعامل من أظهر الكفر والشرك‪ ،‬وتولى المشركين‬
‫وظاهرهم على الموحييدين؛ بمييا أظهيير‪ ،‬حييتى يييؤمن بييالله‬
‫حد في عبادته‪ ،‬وينخلييع عمييا هييو فيييه ميين كفيير‬ ‫وحده‪ ،‬ويو ّ‬
‫ويبرأ منه‪.‬‬

‫)‪(30‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وحلق اللحى أو التشبه بالكفار ونحييوه مين المعاصييي‬


‫مما عمت بييه البلييوى وانتشيير فييي هييذا الزمييان؛ ل يصييلح‬
‫وحده أدلة للتكفير‪ ،‬فليست هذه أسييبابا ً صييريحة للتكفييير‪،‬‬
‫فل نسييتحل بمثلهييا الييدماء والمييوال ‪ -‬كمييا يفعييل غلة‬
‫المكفرة – "فإن استباحة دماء المصلين الموحييدين خطيير‬
‫عظيم‪ ،‬والخطأ في ترك ألف كافر أهييون ميين الخطييأ فييي‬
‫سفك محجمة من دم مسلم"‪.‬‬

‫الصلة‬
‫ونرى الصلة خلييف كييل بيير وفيياجر ميين أهييل القبليية‪،‬‬
‫وعلى من مات منهم‪ ،‬ما لم يتلبسوا بناقض ظياهر‪ ،‬ويمنيع‬
‫من تكفيرهم مانع‪.‬‬
‫ول ننزل أحدا ً منهم جنة ول نارًا‪.‬‬
‫ول نشهد عليهم؛ بكفيير ول بشييرك ول بنفيياق‪ ،‬مييا لييم‬
‫يظهر منهم شيء من ذلك‪.‬‬
‫)‪(14‬‬
‫فــي الصــلة عنــدنا مــا‬ ‫ونــواب الطــواغيت‬
‫بين‪:‬‬
‫ل لهــم؛ فهيييو كجنيييدهم وعسييياكرهم فيييي‬ ‫‪ -‬متــو ّ‬
‫وغ لديمقراطيتهم مدافع مناصر لشركهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مس‬ ‫نصرتهم‪ ،‬أو‬
‫فهؤلء ل نرى الصلة خلفهم‪ ،‬لنهم منهم وليسييوا منييا بييل‬
‫جَعي َ‬
‫ل‬ ‫عنها‪ ،‬ونأمرَ بإعادتها لمن صلى خلفهم‪} ،‬وََلي ْ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫َ‬
‫ننهى‬
‫سِبيل { ]النساء‪.[141 :‬‬ ‫ن‬
‫َ َ‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ري‬
‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫كا‬ ‫لل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫الل ُ‬

‫‪ 14‬ليس المقصود بالنواب هنا نواب البرلمانات المشرعين مع الله‪،‬‬


‫فهؤلء كفييار ل تجييوز الصييلة خلفهييم‪ ،‬ول نعميية ول كراميية‪ ،‬ولكيين‬
‫المقصود بذلك أئمة المساجد‪ ،‬التييابعين لييوزارات الوقيياف‪ ،‬الييذين‬
‫أنابتهم الحكومات الطاغوتية لمامة المسلمين‪.‬‬

‫)‪(31‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫‪ -‬أو مداهن مكثر لســواد أوقــافهم ووليتهــم‬


‫الباطلة لجــل المعيشــة والــدنيا؛ فل تبطييل الصييلة‬
‫خلفه‪ ،‬وحكم الصلة خلف هؤلء؛ كحكم الصلة خلف أهييل‬
‫الفسق وأصحاب البييدع غييير المكفييرة‪ ،‬فنحيين نكرههييا ول‬
‫نبطلها‪ ،‬والصييلة خلييف أهييل السيينة والتوحيييد المظهرييين‬
‫للسنة والبراءة من أهل الشرك والتنديد أحب إلينا‪.‬‬
‫والدعاء للحكام والسلطين ‪ -‬كفاًرا كانوا أم مسييلمين‬
‫‪ -‬ميين بييدع الجمعيية عنييدنا‪ ،‬وعلميية علييى الييدخول فييي‬
‫طاعتهم‪ ،‬ونحن نكرهها وننكرها‪ ،‬والصلة خلف من يتركهييا‬
‫من أهل السنة أحييب إلينييا‪ ،‬ول نبطييل الصييلة بسييببها‪ ،‬ول‬
‫نيييرى إعادتهيييا‪ ،‬إل أن يكيييون اليييدعاء صيييريحا ً بالنصيييرة‬
‫للطواغيت أو ليدينهم الشيركي‪ ،‬فحكمهييم حكيم أنصييارهم‬
‫وأجنادهم‪ ،‬فالنصرة باللسان صنو النصرة بالسنان‪.‬‬
‫ونعتقد أن العالم إذا بايع الطاغوت المشّرع أو الحاكم‬
‫الكافر‪ ،‬فأعطاه صفقة يده وثمرة فؤاده‪ ،‬أو نصييره وتييوله‬
‫ودار معه في الفتوى حيث دار؛ بأنه كافر مرتد‪.‬‬
‫أمييا ميين تييولى المناصييب فييي حكومييات الكفيير ميين‬
‫العلماء والمشايخ؛ فكل حسب منصبه‪.‬‬
‫‪ -‬إن كان فيه كفر أو إعانة على كفر أو مشيياركة فييي‬
‫التشييريع الكفييري أو نصييرة ومظيياهرة للمشييركين علييى‬
‫الموحدين؛ فهذا كافر عندنا‪ ،‬وما طول لحيته أو عظم لقبه‬
‫وشهادته وعمامته‪ ،‬بموانع للتكفير عندنا‪.‬‬
‫‪ -‬وإن لم يكن في منصبه شيء من ذلك لكن كان فيه‬
‫تكييثير لسييواد الباطييل وتلييبيس للحييق بييه؛ فهييؤلء ميين‬
‫الرؤوس الجهال الذين ضلوا وأضلوا‪.‬‬

‫)‪(32‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫الجهاد والخروج‬
‫والجهاد ماض مع كل طائفة ميين المسييلمين‪ ،‬وللمييرء‬
‫أن يجاهد وحده أو مع المراء ب َّرهييم وفيياجرهم إلييى قيييام‬
‫الساعة‪ ،‬ول تجوز طاعتهم في معصية الله‪ ،‬لكن يجييوز أن‬
‫نقاتل من كفر بالله مع من عصى اللييه عنييد الحاجيية‪ ،‬ميين‬
‫باب دفع أعظم المفسدتين بأدناهما‪.‬‬
‫لكن الجهاد تحت الراية السّنية الفاضييلة؛ أحييب عنييدنا‬
‫وأولى وأوجب‪ ،‬والجهيياد فريضيية ميين الفييرائض‪ ،‬ل يعطلييه‬
‫فقد إمام ول انعدام دولة السلم‪.‬‬
‫ول نرى السيف على أحد من أهل القبليية الموحييدين‪،‬‬
‫إل ميين وجييب عليييه السيييف منهييم بالييدليل القطعييي‪،‬‬
‫والعصمة ثابتة لهم بيقين‪ ،‬فل تزول إل بيقييين‪" ،‬فاسييتباحة‬
‫دماء المصلين الموحدين خطر عظيييم‪ ،‬والخطييأ فييي تييرك‬
‫ألف كافر أهييون ميين الخطييأ فييي سييفك محجميية ميين دم‬
‫مسلم"‪.‬‬
‫ول نرى الخروج على أئمة المسلمين وأمرائهييم وولة‬
‫أمرهم المسلمين وإن جاروا‪ ،‬ول ننزع يدا ً من طاعتهم‪ ،‬ما‬
‫أمييروا بييالمعروف‪ ،‬ونييرى طيياعتهم واجبيية مييا لييم يييأمروا‬
‫بمعصية‪ ،‬وندعو لهم بالهداية والصلح‪.‬‬
‫ونرى وجوب الخييروج علييى أئميية الكفيير ميين الحكييام‬
‫الكفرة المتسلطين على رقاب المسييلمين‪ ،‬وأنهييم ارتييدوا‬
‫عن الدين؛‬
‫‪ -‬بتبديلهم الشريعة‪.‬‬
‫‪ -‬والتشريع مع الله‪.‬‬

‫)‪(33‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫‪ -‬والتحاكم إلى طواغيت الشرق والغرب‪.‬‬


‫‪ -‬وتولي أعداء الله‪.‬‬
‫‪ -‬ومعاداة دينه وأوليائه‪.‬‬
‫وأن الدعوة والعمل وبذل الجهد لجل تغييرهم؛ فرض‬
‫على المسلمين‪ ،‬كل بحسب اسييتطاعته‪ ،‬وميين عجييز عيين‬
‫حمل السلح‪ ،‬لم يعجز عن نصرة من حمله ولو بالدعاء‪.‬‬
‫وأن العييداد المييادي والمعنييوي لييذلك واجييب ميين‬
‫واجبات الدين‪.‬‬
‫ونعتقد؛ أن قتالهم أولييى ميين قتييال غيرهييم‪ ،‬لن كفيير‬
‫الردة أغلظ بالجماع من الكفر الصلي‪ ،‬ولن حفييظ رأس‬
‫دم على الربح‪ ،‬ولن جهاد الدفع مقدم على جهاد‬ ‫المال مق ّ‬
‫الطلب‪ ،‬ولن البداءة بجهاد من يلوننا من الكفار أولى ميين‬
‫جهاد من هم أبعد‪.‬‬
‫وأيضا ً فما م ّ‬
‫كن لليهييود ول للنصييارى ول لغيرهييم ميين‬
‫الكفار في بلد المسلمين وجعل أموال المسلمين وبلدهم‬
‫نهبة لهم؛ إل هؤلء المرتدين‪.‬‬
‫ونييرى أن المعطلييين لجهييادهم بشييبهات متهافتيية ‪-‬‬
‫كييدعوى عييدم الهجييرة أو التمييايز‪ ،‬أو عييدم وجييود المييام‬
‫القوام على أهل السييلم ‪ -‬هييم أهييل جهاليية وضييللة‪ ،‬قييد‬
‫أفتوا بغير علم فضّلوا وأضّلوا‪ ،‬وخذلوا الييدين وخي ّ‬
‫ذلوا عيين‬
‫نصرته‪.‬‬
‫بل نعتقد؛ أن قتالهم على كل حال وخلعهم وتغييرهييم‬
‫حتى يكون الدين كله لله؛ من أوجييب الواجبييات‪ ،‬والهجييرة‬
‫اللزمة لذلك إنما هي الهجرة إلى الله بالتوحيييد‪ ،‬والهجييرة‬
‫إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالمتابعة‪.‬‬
‫والعداد الجاد والمتكامييل لمثييل هييذا العمييل؛ واجييب‬
‫عندنا‪ ،‬وهو أولى من العمال الفردية والجهود المبعثرة‪.‬‬
‫وإذا كان القيام عليهم والسييعي لتغييرهييم ل يجييب إل‬
‫على المستطيع‪ ،‬فشييرط الوجييوب ليييس شييرطا ً للجييواز‪،‬‬
‫فيجوز أن يقاتلهم المييرء ولييو وحييده‪ ،‬وإن أيقيين الشييهادة‬
‫وعدم الظفر‪ ،‬فالجهاد عبادة وفريضة مشروعة إلييى قيييام‬
‫السيياعة ل يبطلهييا شيييء‪ ،‬فيجييوز بييذلها فييي كييل وقييت‪،‬‬
‫كالصدقة في نسبتها إلى الزكاة‪.‬‬

‫)‪(34‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫فالجهاد هو المدرسة التي تتربى ميين خللهييا القاعييدة‬


‫العريضة وتترسخ بها الساطين المتينيية الييتي عليهييا قييوام‬
‫هذا الدين‪.‬‬

‫الطائفة المنصورة‬
‫ونؤمن بما أخبر به النييبي عليييه الصييلة والسييلم عيين‬
‫الطائفة المنصورة‪ ،‬حيث قال‪) :‬ل تزال طائفيية ميين أمييتي‬
‫يقيياتلون علييى الحييق ظيياهرين إلييى يييوم القياميية(‪ ،‬قييال‪:‬‬
‫)فينزل عيسى بيين مريييم عليييه السييلم‪ ،‬فيقييول أميرهييم‪:‬‬
‫ل لنييا فيقييول‪ :‬ل إن بعضييكم علييى بعييض أمييراء‬ ‫صي ّ‬
‫تعييال َ‬
‫تكرمة الله لهذه المة(‪] ،‬رواه مسلم عن جابر مرفوعًا[‪.‬‬
‫وقال‪) :‬ل تزال عصابة ميين أمييتي يقيياتلون علييى أميير‬
‫الله عز وجل قاهرين لعدوهم‪ ،‬ل يضرهم من خالفهم حتى‬
‫تأتيهم الساعة وهم على ذلك( ]رواه مسلم عن عقبيية بيين‬
‫عامر مرفوعًا[‪.‬‬
‫وعن سلمة بين نفييل الكنيدي رضيي الليه عنيه قيال‪:‬‬
‫)كنت جالسا ً عند رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال‬
‫رجل‪ :‬يا رسول الله أذال الناس الخيييل ووضييعوا السييلح!‬
‫وقالوا‪ :‬ل جهاد قد وضعت الحرب أوزارها‪ ،‬فأقبييل رسييول‬
‫الله عليه الصلة والسلم بوجهه وقييال‪" :‬كييذبوا‪ ،‬الن جيياء‬
‫دور القتال‪ ،‬ول يزال من أمتي أميية يقيياتلون علييى الحييق‪،‬‬
‫ويزيغ الله لهم قلوب أقوام‪ ،‬ويرزقهييم منهييم‪ ،‬حييتى تقييوم‬
‫الساعة‪ ،‬وحتى يأتي وعييد اللييه‪ ،‬والخيييل معقييود بنواصيييها‬
‫الخير إلى يوم القيامة‪ ،‬وهو يوحى إلي أنييي مقبييوض غييير‬
‫ملبث وأنتم تتبعوني أفنييادا ً يضييرب بعضييكم رقيياب بعييض‪،‬‬
‫وعقر دار المؤمنين الشييام"( ]حييديث صييحيح‪ ،‬رواه أحمييد‬
‫والنسائي[‪.‬‬
‫فهي طائفة تمثل أنصييار هييذا الييدين فييي كييل زمييان‪،‬‬
‫وهي طائفة مجاهدة مقاتلة‪ ،‬تسعى لنصرة دييين اللييه ميين‬
‫كل وجوه النصرة‪ ...‬فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها‬
‫وأن يختم لنا بالشهادة في سبيله‪.‬‬

‫)‪(35‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫هذه‬
‫عقيدتنا‬

‫وبعد‪...‬‬
‫فهذا ديننا واعتقادنا‪ ،‬ظياهرا ً وباطنيًا‪ ،‬دينيا ً وسيطا ً بيين‬
‫الغلييو والتقصييير‪ ،‬وبييين التشييبيه والتعطيييل‪ ،‬وبييين الجييبر‬
‫والقدر‪ ،‬وبين المن والياس‪ ،‬ل إلى أهل الفييراط ول إلييى‬
‫أهل التفريط‪.‬‬
‫نبرأ إلى الله من كل دين وملة ونحلة سييواه‪ ،‬ونسييأله‬
‫تعالى أن يثبتنا على اليمان‪ ،‬وأن يختم لنا به‪ ،‬وأن يعصمنا‬
‫من الهواء المختلفة والراء المتفرقة والمذاهب الردية‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‬
‫وكتب‬
‫أبو محمد المقدسي‬
‫جمادى الخرة ‪ /‬سنة‬
‫‪1418‬‬
‫من هجرة المصطفى عليه‬
‫الصلة والسلم‬

‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫* * *‬
‫‪ten.esedqamla.www//:ptth‬‬
‫‪sw.dehwat.www//:ptth‬‬
‫‪ofni.hannusla.www//:ptth‬‬
‫‪moc.adataq-uba.www//:ptth‬‬

‫)‪(36‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬

You might also like