Professional Documents
Culture Documents
هــــذه
عـقـديـتـنـا
تأليف
الشيخ أبي محمد المقدسي
توحيد الله
نقول في توحيد الله...
أن اللييه واحييد ل شييريك لييه ،ل فييي ربييوبيته ،ول فييي
ألوهيته ،ول في أسمائه وصفاته.
فل خالق غيره ،ول رب سييواه ،ول رازق ول مالييك ول
حد الله فييي أفعيياله سييبحانه،
هو ،ونو ّ مدبر لهذا الوجود إل
كما نوحده بأفعالنا أيضًا.
فنوحده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنييا ،فل معبييود بحييق
إل هو سبحانه فنشهد كمييا شييهد اللييه لنفسييه ،والملئكيية،
وأولوا العلم ،قائما ً بالقسط ل إله إل هييو العزيييز الحكيييم،
مثبتين ما تثبته هذه الكلمة العظيمة من تجريد العبادة لله
وحده ولوازمها وواجباتهييا وحقوقهييا ،نييافين مييا تنفيييه ميين
أنواع الشراك والتنديد وتوابعه.
ونؤمن بأن الغاية التي خلييق اللييه تعييالى الخلييق لهييا؛
س
ن َوالْنيي َ
جيي ّ
ت ال ِ خل َ ْ
ق ُ ما َ
عبادته وحده ،كما قال تعالى} :وَ َ
ن{ ]الذاريات.[56 : إل ّ ل ِي َعْب ُ ُ
دو ِ
وندعو إلى توحيده سبحانه فييي جميييع أنييواع العبييادة،
من سجود أو ركييوع أو نييذر أو طييواف أو نسييك أو ذبييح أو
كيصييلِتي َ وَن ُسيي ِ ن َ لإ ّدعيياء أو تشييريع أو غيييرهُ} ...قيي ْ
ه وَبُ ِيذ َل ِ َ
ك ُ ي ل َ
ك ري
ِ ي َ
ش ل * ب العَيياَلمي َ
ن ماِتي ل ِل ّهِ َر ِ مََ
حَيايَ َوَ َ
م ْ
ُوَ َ
ن{ ]النعام.[163 - 162 : َ مي
ِ ِ ل مس
ُ ال ُ
ل ّ وأ نا
َ أم ْ ُ َ
و ت ر أ ِ
مر الّرب سبحانه شامل للميير الكييوني والشييرعي، وأ ْ
وكما أن له وحييده سييبحانه الحكييم الكييوني القييدري ،فهييو
مدبر الكون القاضي فيه بما يريد وحسبما تقتضيه حكمته،
فكذلك نوحده سبحانه في حكمه الشرعي فل نشرك فييي
ق
خلي ُ فيي عبيادته أحيدا ً }أل َلي ُ
ه ال َ
َ
حكمه أحيدًا ،ول نشيرك
مُر ت ََباَر َ
ن{ ]العراف.[54 : مي َ
ب الَعال ِ
ك الله ر ّ َوال ْ
م إل ّ حك ي ُ ن ال ُ
أحله ،والحرام مييا حرمييه} ،إ ِ َفالحلل ما
ه{ ]يوسف ،[40 :فل مشّرع بحييق مَر أل ّ ت َعْب ُ ُ ِ ِ ّ ُ
يا إ ّ لإ دوا للهِ أ َ
يالى ،ونييبرأ ونخلييع ونكفيير بكييل مش يّرع إل هو سبحانه وتعي
سواه ،فل نبغي غير الله ربًا ،ول نتخذ غيره سييبحانه وليييًا،
كميا ً ومشيّرعا ً ح َ ول نبتغي غير السلم دينًا ،فإن من اتخييذ َ
سواه سبحانه ،تابعه وتواطأ معه علييى تشييريعه المنيياقض
لشرع الله ،فقد اتخذ غير اللييه رب يًا ،وابتغييى غييير َالسييلم
م ن إ ِل َييى أوْل ِي َييائ ِهِ ْحييو َُ ن لَ َُيو ُ طي َشيَيا ِ ن ال َ ّ ِ دينًا ،قال تعييالى} َ :وَإ
ن{ َ ]النعييام:
ً شييرِكو َ م ْمل ُ م إ ِ َن ّ ُ
كيي ْ مييوهُ ْ ن أط َعْت ُ ُ جيياد ُِلوك ُ ْ
م َوإ ْ ل ِي ُ َ
ن ي م ا ي ببا رأ م
ْ َ َ ْ َُ َ َُ ْ ْ َ َ ِ ْه ن باْ هر و م ُ ه ربا ح أ ذواُ خ
َ ّ ت }ا تعالى: وقال [، 121
ن الله{ ]التوبة.[31 : دو ِ ُ
ي لييه وصفاته ،فل ّسم َ ّ حده سبحانه في أسمائه كما نو ّ
ح يد ٌ * أ ه ي ل
َُ َ ُ ُ ً َ َال و ي ه ْ
ل ي ُ ق} يء: ي كف ول د
َ ّ ن ول مثيل ول شبيه ول
حييد{ َ َ أ او ي ُ ف ك ه
ُ ي ل ن يُ ك
َ ْ َ ْ ي م َ ل و * َ
لد و ي م ل و د
ْ َِ ْ َ ْ ُ ْ ل ي مَ ل * مد ُ
ص َ
ه ال ّ
الل ُ
]الخلص.[4 - 1 :
الملئكة
ونييؤمن بملئكيية اللييه ،وأنهييم عبيياد اللييه مكرمييون ،ل
يسيبقونه بيالقول وهييم مين خشيييته مشييفقون ،يسيبحونه
الليل والنهار ل يفترون.
فنتييولهم ونحبهييم ،لنهييم ميين جنييد اللييه ،ولنهييم
يستغفرون للذين آمنوا ،ونبغض من يبغضهم.
ومنهم جبرائيل الييروح المييين ،وميكائيييل ،وإسييرافيل
الموكييل بالنفييخ فييي الصييور ،ومنهييم الموكلييون بحمييل
العرش ،وملك الموت ،ومنكر ونكير ،ومالييك خييازن النييار،
ورضوان خازن الجنيية ،وملييك الجبييال ،والكييرام الكيياتبين،
وغيرهم كثير ،ل يحصيهم إل الله تعالى.
الكتب
ونؤمن بكتييب اللييه تعييالى الييتي أنزلهييا سييبحانه علييى
رسله جملة ،ونؤمن على سبيل التفصيييل بميا سيماه اللييه
منها -كالتوراة والنجيل والزبور –
وأن خاتمها القييرآن العظيييم كلم رب العييالمين علييى
الحقيقة ،نزل به الروح المين على محمد صلى الله عليييه
وسلم ليكون من المرسلين ،مهيمنا ً على سائر كتب الله.
وهو منزل من الله تعالى وليس بمخلوق ،ول ُيسيياويه
ذا إ ِل ّ قَ يوْ ُ
ل ن هَ ي َشيء من كلم المخلوقين ،وميين قييال} :إ ْ
وحيقّ عليييه إن لييم يرجييع ُ شر{ ]المدثر ،[25 :فقد كفرالب َ َ
قر{ ]المييدثر: سي َص يِليه َ
سأ ْعن ذلك ويتوب قوله تعييالىَ } :
.[26
ونؤمن بأن الله كّلم موسى تكليمًا.
الرسل والنبياء
ونؤمن بأنبياء الله ورسييله أجمعييين الييذين أخييبر اللييه
تعالى عنهم في كتييابه ،أو أخييبر رسييوله صييلى اللييه عليييه
وسلم عنهم في سنته -من قص الله علينييا خييبرهم وميين
لم يقصص -ول نفرق بين أحد من رسله.
ق يد ْ كمييا قييال سييبحانه} :وَل َ َ َ جمعهم جميعا ُ ً بأصل واحد
جت َن ُِبييوا ه َوا ْ ْ الليي َ
َ دوا
ن اع ُْبيي ُ ً
سييول أ ِ مييةٍ ّر ُ لأ ّ كيي ّ ب َعَث َْنييا ِفييي ُ
ن مي ْ س يلَنا ِ مي َيا أْر َ وقال َتعالى} َ :وَ ّ َ ت{ ]النحل،[36 : غو َ طا ُ ال ّ
ن{ دو ِ َ
ه إل أن َييا ُ فاع ْب ُي ُ ه ل إ ِل َ َ
حي إ ِلي ْهِ أن ّ ُ ّ
ل إ ِل ن ُوْ ِ سو ٍ ن ّر ُ م ْ َ
قَب ْل ِك ِ
س للين ّييا ِ ن ّ
ن ل ِئل ي َكييو َ َ من ْذ ِري َ ن وَ ُ شري َ مب َ ّ ً
سل ُ ]النبياءُ} ،[25 :ر ُ
يالى: ل{ ِ ]النساء ،[165 ِ :وقال تع ِ س
َ ر
ة ب َعْد َ ّ
ال ج ٌ ح ّاللهِ ُ ع ََلى
،[15وقال ]السراءْ : َ ً
سول{ ثجَر ُ َ حّتى ن َب ْعَ َ ن َ م ّعَذ ِّبي ُ ْ َ ُ
ما كّنا ُ ُ }وَ َ
م ن َذ ِي ٌْر م ي َأت ِك ُ ْ خَزن َت َُها أل َ ْ م َ سأل َهُ ْ ي فِي َْها فَوْ ٌ َ َ ق
ِ ل أ ماَ ل ك} تعالى:
* َقاُلوا ب ََلى{ ]الملك.[9 - 8 :
وعليهييم هداييية الدلليية والرشيياد ،وليييس بمقييدورهم
هداية قلوب العباد ،فييالقلوب بييين أصييابع الرحميين يقّلبهييا
كيف يشاء ...وذلك أن الهداية نوعان:
اليوم الخر
ونؤمن بفتنة القيبر ،ونعيميه للميؤمنين ،وبعيذابه لمين
ل ،كما جاءت به الخبار متواترة عن رسول اللييه كان له أه ً
صلى الله عليه وسلم ،ول نلتفت إلى تأويلت أهييل البييدع،
ش يي ّا ً
ن ع َل َي ْهَييا َ غ ُ يد ُوّا ً وَع َ ِ ضو َ }الّنا ُُر ي ُعَْر ُ وفي هذا قال تعالى:
ب{ َ
ذا ي عال د ي َ
ش أ ن و ي ع ر ف آل يوا ي ل خ دة أَ سيياع َ
ِ ّ َ ْ َ َ ِ ْ ِ ْ ُ م ال ّ
قييو ُ
م تَ ُ
وَي َييو َ
]غافر.[46 :
وعن زيد بن ثابت عن النييبي عليييه السييلم قييال...) :
فلول أن ل تدافنوا لييدعوت اللييه أن يسييمعكم ميين عييذاب
القيبر اليذي أسيمع منيه( ،ثيم أقبيل علينيا بيوجهه ،فقيال:
)تعوذوا بالله من عذاب القبر ...الحديث( ]وهو في صحيح
مسلم[.
وفي حييديث الييبراء بيين عييازب الطويييل الييذي يرويييه
المام أحمد وأبيو داود؛ أن النيبي صيلى الليه علييه وسيلم
قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قييبره ...) :فينييادي
مناد من السماء أن صييدق عبييدي ،فافرشييوه ميين الجنيية،
وألبسوه من الجنة ،وافتحوا له بابا ً إلى الجنة .قال :فيييأتيه
من روحها وطيبها ،ويفسح له في قبره مد بصره(.
وفتنة القبر؛ سؤال منكيير ونكييير للعبييد فيييه عيين ربييه
ودينه ونبيه ،فيثّبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ...اللهم
يا ولي السلم وأهله ثبتنا بالقول الثابت في الحييياة الييدنيا
وفي الخرة.
وأمييا الكييافر فيقييول) :هييا؟! هييا؟! ل أدري( ،ويقييول
المنييافق والمقلييد فييي دينييه للكثرييية) :ل أدري! سييمعت
الناس يقولون قول ً فقلته(.
6وله صلى الله عليه وسلم شفاعة ثالثة خاصة بييه ،وهييي تخفيفييه
العذاب عن عمه أبي طالب ،كما ثبت في الحديث.
القدر
ونييؤمن بالقييدر خيييره وشييره ،وأن اللييه خلييق الخلييق
ل ،وعلم مييا هييم عيياملوندر لهم أقدارا ً وضرب لهم آجا ً وق ّ
من قبل أن يخلقهم ،فعلم ما كييان ومييا سيييكون ،ومييا لييم
يكن؛ لو كان كيف يكون.
هييداهم النجييدين ،فييأمرهم بطيياعته ،ونهيياهم عيين
معصيته ،وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته.
ومشيئته تنفذ ،ل مشيئة للعباد – إل ما شاء لهم – فما
شاء لهييم كييان ومييا لييم يشييأ لييم يكين ،يهييدي ميين يشيياء،
ويعصييم وينجييي فض يل ً منييه ،ويضييل ميين يشيياء ،وُيشييقي
ويخذل عدل ً منييه ،وكييل العبيياد يتقلبييون فييي مشيييئته بييين
ب لحكمييه ،ول غييالب قي َ
مع ّ
فضله وعدله ،ل راد ّ لقضائه ول ُ
لمره.
ع
ي لديه ضائ ُ
ب كل ول سع ٌ ما للعباد عليه شيٌء واج ٌ
إن عذبوا فَب ِعَد ْل ِهِ أو ن ُّعموا فبفضله وهو الكبيُر الواسعُ
والخير والشر؛ مقدران على العباد.
ولم يكلف الله العباد إل ما يطيقون ،ول حول ول قوة
إل بالله؛ أي ل حيلة لحد ،ول تحول لحد عن معصييية اللييه
إل بمعونة الله سبحانه ،ول قييوة لحييد علييى إقاميية طاعيية
الله والثبات عليها إل بتوفيق الله.
وكمييا أن المسيّببات ميين قييدر اللييه الييذي فييرغ منييه،
فكذلك أسبابها أيضا ً من قدر الله الذي فرغ منه.
واليمان بالقــدر علــى درجــتين؛ وكــل درجــة
تتضمن شيئين:
فالدرجة الولى :اليمان بأن اللييه علييم مييا الخلييق
در ذلييكفسبق علمه في كل كائن في خلقه ،فق ي ّ عاملون،
ن
ْ ي م
ِ َ
ك يّ ب ر ن
ْ َ ي َ ع ب
ُ ز
ُ ي ْ عَ ي يا
ي م
َ َ و} يالى:
ي تع يال
ي ق ً
ا، ي محكم تقديرا ً
ن ذ َِلي َ
ك َ ل ذ َّرةٍ ِفي ال َْر مث ْ َ
مي ْ
صيغََر ِ
ماِء َول أ ْ
س َ
ض َول ِفي ال ّ ِ ّ قا َ ْ ِ ِ
ن{ ]يييونس ،[61 :وقييال تعييالى: يْ يِ ب م
ُ بٍ تاَ ِ ك فيِ ل إ رَ َ ب ك أ ول َ
ديرًا{ ]الفرقييان ،[2 :وقييال: ق يد َّره ُ ٍت َ ْ
ق ًي ِ شيٍء فَ َ ل َ خل َقَ َ ِك ُ ّ }وَ َ
دوَرا{ ]الحزاب.[38 : ق ُ م ْ مُر اللهِ قَد ََرا ً َ نأ ْ كا َ }وَ َ
منه مقييادير
ثم كتب ذلييك فييي اللييوح المحفييوظ ،وضي ّ
الخلق.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال) :يييا بنييي!
إنك ل تجد حقيقة اليمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكيين
ليخطئك ،وما أخطأك لم يكن ليصيبك ،سمعت رسول الله
عليه الصلة والسلم يقول" :إن أول ميا خليق الليه القليم
فقال له اكتب ،قال :رب وماذا أكتب؟ قال :اكتب مقييادير
كل شيء حتى تقوم الساعة" ،يا بني! إني سمعت رسول
الله(7عليه وسلم يقول" :من مات على غير هييذا الله صلى
فليس مني"() .
قال تعالى} :أ َل َم تعل َ َ
سييماِء
مييا فِييي ال ّ ه ي َعْ َل َي ُ
مَ َ ن اللي َمأ ّ ْ َْ ْ ن ذ َِليي َ
سيييٌر{ن ذ َل ِيك ع َلييى الل يهِ ي َ ِ ب إِ ّك فِييي ك ِت َي ٍ
يا ض إِ ّ َوالْر
]الحجِ :
.[70
ل ،وفييي مواضييع وهذا التقدير يكون فييي مواضييع مجم ً
ل ،فقد كتب في اللوح المحفوظ ميا شياء ،وإذا خلييق مفص ً
الجنين قبل نفخ الروح فيييه بعييث إليييه ملكيا ً فيييؤمر بييأربع
كلمات أن يكتبها؛ رزقه ،وأجله وعمله ،وشقي أم سعيد.
فلو اجتمع الخلق كلهم علييى شيييء كتبييه اللييه تعييالى
فيه أنه كائن ،ليجعليوه غييير كيائن ،ليم يقيدروا عليييه ،وليو
اجتمعوا كلهم على شيييء لييم يكتبييه اللييه تعييالى ليجعلييوه
كائنا لم يقدروا عليه ،جف القلييم بمييا هييو كييائن إلييى يييوم
القيامة.
وما أخطأ العبد لم يكن ليصيييبه ،ومييا أصييابه لييم يكيين
ليخطئه.
الدرجــة الثانيــة :اليمييان بمشيييئة اللييه النافييذة،
وقدرته الشاملة وأن ما شاء اللييه كييان ،ومييا لييم يشييأ لييم
يكن ،وأنه ما في السماوات والرض من حركة ول سكون
إل بمشيئة الله سبحانه وتعالى ،ول يكون في ملكييه إل مييا
يريد.
ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم
عيين معصيييته ،وهييو سييبحانه يحييب المتقييين والمحسيينين
والمقسطين ،ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصييالحات،
ول يحب الكافرين ،ول يرضييى عيين القييوم الفاسييقين ،ول
يأمر بالفحشاء ،ول يرضى لعباده الكفر ،ول يحب الفساد.
رواه أحمد وأبو داود ،واللفظ لبي داود. 7
وقييدرته
َ فله سبحانه مشيئتان ،وهما خلق َ الله وأمره،
خْليقُ َوال ْ
ميُر{ وشرعه ،كما قال سبحانه وتعالى} :أل ل َ ُ
ه ال َ
]العراف.[54 :
مشــيئة شــرعية؛ وهييي أمييره الشييرعي الييذي قييد
ُيعصى سبحانه فيه وُيخالف.
ومشيئة قدرية؛ فلن تجد لسنة الله تبدي ً
ل ،ولن تجد
ل ،فل ُيعصى أمره الكوني القدري.لسنة الله تحوي ً
فتلك سنته شرعا ً وأمرًا ،وهذه سنته قضاًء وقدرًا.
وأفعال العباد؛ خلق الله وفعل العباد ،فالعباد فيياعلون
حقيقة ،والله خالق أفعالهم ،والعبد هو المؤمن أو الكييافر،
والبر أو الفاجر ،والمصلي والصائم ،وللعبييادة قييدرة علييى
أعمييالهم ولهييم إرادة ،واللييه خييالقهم وخييالق قييدرتهم
ن{مُلييو َ
مييا َت َعْ َ
م وَ ُ َ
كيي ْ ق ُ خل َ َه َ وإرادتهييم ،قييال تعييالىَ} :والليي ُ
م قي تس ي ن أ
َِ ْ ْ ْ َ ْ َ ِ َ م ك نم َ ء َ
شا ن وقال تعالى} :ل ِ َ ْ
م [،ل ّ َ ]الصافت96 :
ن{ ]التكييوير: ِ َ مي ل يا يَ ع ال بُ َ ّر ه ي الل َ ء َ
شا َ ي أن ما ت َ َ
شا[ُ،ءو َ ِ
إ ن * وَ َ
وهذه الدرجة يكذب بها عامة القدرية وغل فيها 29 - 28
قوم من أهل الثبات ،حييتى سييلبوا العبييد قييدرته واختييياره
كمها ومصالحها. ح َ وأخرجوا عن أفعال الله وأحكامه ِ
فنحن وسط في القدر بين الجبرية والقدرية ،فأفعالنا
ومشيئتنا؛ مخلوقتان ،والنسان فاعل لفعاله على الحقيقة
مختار ،له إرادة ومشيئة.
ور
وهذا جملة ما يحتاج إليه في هييذه المسييألة ميين ن َي ّ
ه قلَبه من أولياء الله تعالى.
الل ُ
فأصييل القييدر سيير اللييه فييي خلقييه ،قييد طييوى اللييه
تفاصيل علمه عن عباده ،ونهاهم عن التعم َييق فيييه ،فقييال
م ُيس يأُلو َ
ن{ ]النبييياء: فعَ ي ُ
ل وَهُ ي ْ ما ي َ ْ سئ َ ُ
ل عَ ّ في كتابه} :ل ي ُ ْ
،[23فمن سأل :لم فعل؟ فقد رد حكم الكتيياب ،وميين رد
حكم الكتاب؛ فقد كفر وخسر وخاب.
وذلك أن العلم علمان:
علم أنزله الله تعالى في الخلق؛ فهو موجود.
وعلم حجبه الله عنهم؛ فهو مفقود.
فإنكار العلم الموجود؛ كفيير ،وادعيياء العلييم المفقييود؛
كفر ،ول يثبييت اليمييان إل بقبييول العلييم الموجييود ،وتييرك
العلم المفقود ،ورده على عالمه الغفور الودود.
اليمان
الكفر
ونييبرأ إلييى اللييه ميين ضييلل مييرجئة العصيير ،وجهمييية
الزمان؛ الييذين ل ييرون الكفيير إل فييي الجحييود والتكييذيب
ونوا بذلك الكفر وسّهلوه ،ورّقعوا للكفرة القلبي وحده ،فه ّ
وغ كفر وتشريع ّ تس التي الباطلة الشبه وأقاموا الملحدين،
الطواغيت.
الصلة
ونرى الصلة خلييف كييل بيير وفيياجر ميين أهييل القبليية،
وعلى من مات منهم ،ما لم يتلبسوا بناقض ظياهر ،ويمنيع
من تكفيرهم مانع.
ول ننزل أحدا ً منهم جنة ول نارًا.
ول نشهد عليهم؛ بكفيير ول بشييرك ول بنفيياق ،مييا لييم
يظهر منهم شيء من ذلك.
)(14
فــي الصــلة عنــدنا مــا ونــواب الطــواغيت
بين:
ل لهــم؛ فهيييو كجنيييدهم وعسييياكرهم فيييي -متــو ّ
وغ لديمقراطيتهم مدافع مناصر لشركهم، ّ مس نصرتهم ،أو
فهؤلء ل نرى الصلة خلفهم ،لنهم منهم وليسييوا منييا بييل
جَعي َ
ل عنها ،ونأمرَ بإعادتها لمن صلى خلفهم} ،وََلي ْ
ن يَ ْ َ
ننهى
سِبيل { ]النساء.[141 : ن
َ َ ني
ِ م
ِ ْ ؤ م
ُ ال لى َ ع ن ري
ِ َ ِ فكا لل
ِ ه
الل ُ
الجهاد والخروج
والجهاد ماض مع كل طائفة ميين المسييلمين ،وللمييرء
أن يجاهد وحده أو مع المراء ب َّرهييم وفيياجرهم إلييى قيييام
الساعة ،ول تجوز طاعتهم في معصية الله ،لكن يجييوز أن
نقاتل من كفر بالله مع من عصى اللييه عنييد الحاجيية ،ميين
باب دفع أعظم المفسدتين بأدناهما.
لكن الجهاد تحت الراية السّنية الفاضييلة؛ أحييب عنييدنا
وأولى وأوجب ،والجهيياد فريضيية ميين الفييرائض ،ل يعطلييه
فقد إمام ول انعدام دولة السلم.
ول نرى السيف على أحد من أهل القبليية الموحييدين،
إل ميين وجييب عليييه السيييف منهييم بالييدليل القطعييي،
والعصمة ثابتة لهم بيقين ،فل تزول إل بيقييين" ،فاسييتباحة
دماء المصلين الموحدين خطر عظيييم ،والخطييأ فييي تييرك
ألف كافر أهييون ميين الخطييأ فييي سييفك محجميية ميين دم
مسلم".
ول نرى الخروج على أئمة المسلمين وأمرائهييم وولة
أمرهم المسلمين وإن جاروا ،ول ننزع يدا ً من طاعتهم ،ما
أمييروا بييالمعروف ،ونييرى طيياعتهم واجبيية مييا لييم يييأمروا
بمعصية ،وندعو لهم بالهداية والصلح.
ونرى وجوب الخييروج علييى أئميية الكفيير ميين الحكييام
الكفرة المتسلطين على رقاب المسييلمين ،وأنهييم ارتييدوا
عن الدين؛
-بتبديلهم الشريعة.
-والتشريع مع الله.
الطائفة المنصورة
ونؤمن بما أخبر به النييبي عليييه الصييلة والسييلم عيين
الطائفة المنصورة ،حيث قال) :ل تزال طائفيية ميين أمييتي
يقيياتلون علييى الحييق ظيياهرين إلييى يييوم القياميية( ،قييال:
)فينزل عيسى بيين مريييم عليييه السييلم ،فيقييول أميرهييم:
ل لنييا فيقييول :ل إن بعضييكم علييى بعييض أمييراء صي ّ
تعييال َ
تكرمة الله لهذه المة(] ،رواه مسلم عن جابر مرفوعًا[.
وقال) :ل تزال عصابة ميين أمييتي يقيياتلون علييى أميير
الله عز وجل قاهرين لعدوهم ،ل يضرهم من خالفهم حتى
تأتيهم الساعة وهم على ذلك( ]رواه مسلم عن عقبيية بيين
عامر مرفوعًا[.
وعن سلمة بين نفييل الكنيدي رضيي الليه عنيه قيال:
)كنت جالسا ً عند رسول الله صلى الله عليه وسييلم فقييال
رجل :يا رسول الله أذال الناس الخيييل ووضييعوا السييلح!
وقالوا :ل جهاد قد وضعت الحرب أوزارها ،فأقبييل رسييول
الله عليه الصلة والسلم بوجهه وقييال" :كييذبوا ،الن جيياء
دور القتال ،ول يزال من أمتي أميية يقيياتلون علييى الحييق،
ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ،ويرزقهييم منهييم ،حييتى تقييوم
الساعة ،وحتى يأتي وعييد اللييه ،والخيييل معقييود بنواصيييها
الخير إلى يوم القيامة ،وهو يوحى إلي أنييي مقبييوض غييير
ملبث وأنتم تتبعوني أفنييادا ً يضييرب بعضييكم رقيياب بعييض،
وعقر دار المؤمنين الشييام"( ]حييديث صييحيح ،رواه أحمييد
والنسائي[.
فهي طائفة تمثل أنصييار هييذا الييدين فييي كييل زمييان،
وهي طائفة مجاهدة مقاتلة ،تسعى لنصرة دييين اللييه ميين
كل وجوه النصرة ...فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها
وأن يختم لنا بالشهادة في سبيله.
وبعد...
فهذا ديننا واعتقادنا ،ظياهرا ً وباطنيًا ،دينيا ً وسيطا ً بيين
الغلييو والتقصييير ،وبييين التشييبيه والتعطيييل ،وبييين الجييبر
والقدر ،وبين المن والياس ،ل إلى أهل الفييراط ول إلييى
أهل التفريط.
نبرأ إلى الله من كل دين وملة ونحلة سييواه ،ونسييأله
تعالى أن يثبتنا على اليمان ،وأن يختم لنا به ،وأن يعصمنا
من الهواء المختلفة والراء المتفرقة والمذاهب الردية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين
وكتب
أبو محمد المقدسي
جمادى الخرة /سنة
1418
من هجرة المصطفى عليه
الصلة والسلم