You are on page 1of 135

‫مثّبط عن القتال‪.

‬‬ ‫ذل= ال ُ‬ ‫خ ّ‬‫م َ‬
‫* ال ُ‬
‫مْرجِف= مَن ُيشيع أقوال ً َتدُل على ظهور العدو والخوف منهم‪ ،‬أو قوتهم‬ ‫* ال ُ‬
‫وضعف المسلمين‪ ،‬أو هلكهم‪ ،‬ونحوه‪.‬‬
‫التنبيه" للنووي[‪.‬‬ ‫مط ِْلع" لبي الفتح الب َْعلي‪ ،‬و"تحرير ألفاظ ّ‬ ‫]راجع "ال ُ‬
‫ت العنوان بصيغة الجمع "قالوا" إشارة إلى كثرتهم‪ ،‬وجعلت الجواب‬ ‫وجَعْل ُ‬ ‫َ‬ ‫•‬

‫شر بها‬‫حدة الغربة التي جاء الحديث المب ّ‬ ‫بالفراد "فقل" إشارةً إلى الوَ ْ‬
‫صيهم‬
‫ن ي َعْ ِ‬
‫م ْ‬
‫س سوٍء كثير‪َ ،‬‬
‫س صالحون في نا ِ‬ ‫ل‪) :‬طوبى للغرباء…نا ٌ‬ ‫قائ ً‬
‫أكثر ممن ي ُط ِي ْعُُهم(‪.‬‬

‫*العنوان وشرحه‪.‬‬
‫*المقدمة والهداء‪.‬‬
‫‪1‬ـ فإن قالوا لك‪" :‬ما هو الجهاد"؟! فقل لهم‪:‬‬
‫حّرض على القتال الن…‪،‬‬ ‫‪2‬ـفإن قالوا لك‪ :‬لماذا ت ُ َ‬
‫ر زمانهم؛‪....‬ليس جهاد اليوم بالسيف والسكين‬ ‫فزماننا غي ُ‬
‫بل بالحضارة؛ فحّرض على تعّلم علم ِ القتصاد‪ ...‬والعلم‬
‫والزراعة‪...‬والتكنولوجية؛ لن هذا كّله جهاد‪....‬إلخ‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫*الجوبة المفصلة‪ 19) :‬سببا ً منطقيا ً للتحريض على القتال(‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪1‬ـ لماذا القتال؟ لن الله أمرنا بالقتال‪ ،‬وجاء في الجهاد أكثر من ‪/100/‬‬
‫آية‪.‬‬
‫ض عين باتفاق العلماء‪.‬‬ ‫‪2‬ـ لماذا التحريض على القتال؟ لنه الن أضحى فر َ‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن الدائن‪ ،‬وأقوالهم في حكم جهاد‬
‫الطلب وجهاد الدفع(‪.‬‬
‫‪3‬ـ لماذا القتال؟ لئل تكون فينا صفة المنافقين‪.‬‬
‫ذبنا الله عذابا ً أليمًا‪.‬‬
‫‪4‬ـ لماذا القتال؟ لئل ي ُعَ ّ‬
‫‪5‬ـ لماذا القتال؟ لنحقق أمر الله في إرهاب العدو‪...‬؛ فُترفعَ عنا الذلة‪ ،‬وتعود َ‬
‫ل من‬‫مهابة ‪ ،...‬فنحيا الحياة اللئقة‪ ،‬ون َّتقي فساد َ الرض الحاص َ‬ ‫لنا‪...‬ال َ‬
‫ترك القتال‪ ،‬فالقتال هو السبيل المنطقي الوحيد اليوم للتمكين‪ ،‬وإليك‬
‫الدلي َ‬
‫ل‪:‬‬
‫هنا مهم *معالجة شبهة‪ :‬زماننا غير زمانهم‪ ،‬وإثبات عدم كفاية‬
‫العداد السلمي لوحده!‬
‫وقفة خاصة مع الحضارة والقتصاد والعلم والزراعة‬ ‫* ِ‬
‫ونحوها‪...‬‬
‫ريب يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪6‬ـ لماذا القتال؟ للِعصمة من الفتن قَ ِ‬
‫ل لمحو‬‫داني الجهاد َ اليوم شيء من المندوبات‪ ،‬وهو سبي ٌ‬ ‫‪7‬ـ لنه‪ ...‬ل ي ُ َ‬
‫]نماذج من‬ ‫ل فيه مضاعف عما سواه‪....،‬‬ ‫الخطايا‪ ،‬والعم ُ‬
‫]فضل الرباط[‪.‬‬ ‫عروض مغرية[‪.‬‬
‫دراسة علمية موجزة حول التفاضل بين الجهاد‬ ‫•‬

‫وسواه؛ كالعلم والذكر‪...‬‬


‫‪8‬ـ لماذا القتال؟ لن رسولنا وأجدادنا الصحابة جميعا ً ‪...‬كانوا شديدي‬
‫ض كفاية ل فرض‬ ‫الحرص على القتال والشهادة‪ ،‬والجهاد ُ وقَتهم كان فر َ‬
‫عين‪..‬‬
‫هنا )نماذج مهمة من سيرة الرسول والتابعين له بإحسان من‬
‫صحابة ومن بعدهم(‪.‬‬
‫حّبنا ربنا تبارك‪ ،‬وَيضحك إلينا‪.‬‬ ‫‪9‬ـ لماذا القتال؟ ل ِي ُ ِ‬
‫م الذي نعيشه‪.‬‬‫م والغ ّ‬ ‫‪10‬ـ لماذا القتال؟ لنه َيقينا اله ّ‬
‫‪11‬ـ لماذا القتال؟ كيل نكون كالنساء!‬
‫‪12‬ـ لماذا القتال؟ لتحصيل الكسب الطيب‪.‬‬
‫‪13‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنضمن عون الله تعالى في حياتنا وبعد مماتنا‪.‬‬
‫ح في الختبار اللهي!‬ ‫‪14‬ـ لماذا القتال؟ كي ننج َ‬
‫‪15‬ـ لماذا القتال؟ لننجوَ به من أَلم الن ّْزع * ومن فتنة القبر * ولت ُظ ِّلنا‬
‫الملئكة * ولنضمن الحياة في قبورنا إلى قيام الساعة * ولننجو من‬
‫صعقة الصور* ومن الَفزع الكبر * ولنضمن نورا ً يوم القيامة * ولننا َ‬
‫ل‬
‫ريات‪:‬‬ ‫مغ ْ ِ‬
‫الخصال السبع ال ُ‬
‫‪2‬‬
‫مل المرابط ل ُيختم عليه‪.‬‬ ‫‪16‬ـ لماذا القتال؟ ل َِيجريَ عملنا بعد موتنا‪ ،‬لن عَ َ‬
‫سب!‬ ‫‪17‬ـ لماذا القتال؟ لئل ُنحا َ‬
‫ت حاجتهم إلينا‪.‬‬‫دينا وق َ‬‫‪18‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنشفع لقاربنا‪ ،‬فُنفيد َ وال ِ ِ‬
‫جنان ‪...‬قبل غيرنا‪...‬‬ ‫‪19‬ـ لماذا القتال؟ للنجاة من النيران‪ ،‬وبلوغ ‪...‬ال ِ‬
‫‪3‬ـ فإن قالوا‪ :‬لبد من العداد اليماني‪ ،..‬وتعّلم العلم الشرعي وتعليمه‪...‬إذ‬
‫ل طاقة لنا اليوم بأمريكة وحلفائها‪ ،...‬فمن الحكمة التأني‪...‬‬
‫مة متهورون‪...‬فقل لهم‪:‬‬ ‫شْرذِ َ‬‫و‪...‬المجاهدون ِ‬
‫هنا *)معالجة لشبهة‪ :‬العداد اليماني بالتصفية والتربية‪،‬‬
‫والنشغال بالعلم وتعليمه أولى!(‬
‫*ضابط التهور‪ ،‬والحكمة!‬
‫‪4‬ـ فإن قالوا‪...:‬أكثر العلماء والمصلحين‪...‬لم َيخرجوا‪...‬فأنت في الميدان‬
‫وحدك! وهل كان النووي ‪...‬والسيوطي من المجاهدين؟ فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا معالجة لشبهة عدم خروج العلماء‪ ،‬وأنك في الميدان‬
‫وحدك!(‪.‬‬
‫جبت‪،‬‬ ‫ملناهنا؛ فهذا التزم‪ ،‬وتلك تح ّ‬ ‫دنا كثيرا ً من ع َ‬ ‫‪5‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا أفَ ْ‬
‫والخير في زيادة‪ ،‬ولم تستفيدوا أنتم من القتال إل الويلت‪،...‬‬
‫ة من الفاشلين‪...‬انتكسوا مرارا ً في دراستهم أو‬ ‫و‪...‬المقاتلون ثل ٌ‬
‫تجارتهم فلم َيجدوا إل الجهاد راحة لهم‪ ،‬فالعيش في سبيل الله أصعب‬
‫بكثير من الموت في سبيل الله؟ فأين نتائج قتالكم؟! فقل لهم‪:‬‬
‫*)هنا معالجة مهمة لـ‪" :‬الصلحات الجزئية" وخطورة‬
‫النخداع بها(‪.‬‬
‫*مبحث مهم‪ :‬ما هي ضوابط النجاح أو كيف نحكم على فلن‬
‫أنه ناجح أو فاشل؟‬
‫‪6‬ـ فإن قالوا‪ :‬الجهاد بالمال اليوم أهم من النفس‪ !... ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫‪7‬ـ فإن قالوا‪ُ :‬اخرج إل من بلد الشام‪...‬والعم ُ‬
‫ل‬
‫لفلسطين أولى‪...‬فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا أقوال العلماء في حكم الهجرة وضوابطها(‪.‬‬
‫تلون للملك أو‪..‬إلخ!‪،‬‬ ‫‪8‬ـ فإن قالوا‪ :‬لعلهم عملء‪ ،‬أو ُيقا ِ‬
‫)هنا أقوال‬ ‫العزلة ؟!! فقل لهم‪:‬‬ ‫فخيٌر لنا في هذه الفتن‬
‫عزلة"(‪.‬‬‫العلماء في "ال ُ‬
‫‪9‬ـ فإن قالوا‪ :‬ل جهاد إل بوجود وإذن المام العظم‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن المير ووجوده(‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫من سيبقى ُي َع ّلم ويدعو هنا؟‬ ‫‪10‬ـ فإن قالوا‪ :‬تص ّ‬
‫وَ ْر أننا خرجنا جميعا ً للقتال َ‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫‪11‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا نرى بين صفوف المجاهدين أخطاء متعددة ‍‬
‫؟! فقل‬
‫لهم‪:‬‬
‫يسمحون لنا‪،‬‬ ‫ءنا وأمهاِتنا ل َ‬ ‫ن آبا َ‬ ‫‪12‬ـ فإن قالوا‪ :‬إ ّ‬
‫دهم؟ فقل لهم‪:‬‬ ‫وزوجاتنا وأولدنا سي َب َْقون لوح ِ‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن الوالدين(‪.‬‬
‫‪13‬ـ فإن قالوا‪ :‬إن خرجنا لمكان "كذا" للعداد ل ندري ما ُيفعل بنا‬
‫دها‪ ...،‬فل نعرف أين سنذهب ومن سنقاتل‪ ،‬وربما َنخرج للقتال فل‬ ‫بع َ‬
‫ننال الشهادة‪ ...،‬ولعلنا ل نستطيع‪ ...‬الرجوع إلى بلدنا؟ فقل‬
‫لهم‪:‬‬
‫ل أو ت َُق ّ‬
‫طع‬ ‫‪14‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا جبناء نخاف من القتل أو أن ن ُ َ‬
‫ش ّ‬
‫من‬ ‫أيدينا أو أرجلنا‪ ،‬أو ُتفقأ عيوننا‪ ،‬أو نموت من الجوع؛ فمن أين سنؤَ ّ‬
‫مصروفنا؟ أو ربما نقع في السر فنذوق التعذيب؛ كتقليع الظافر‬
‫ونتف الشعر ولسع الكهَرباء‪ ،‬ونخاف أن ل نصبر‪ ..‬وفينا صغار‬
‫ن ممن دون العشرين‪ ،‬وكبار السن ممن تجاوزوا‬ ‫الس ّ‬
‫الربعين‪...،‬إلخ‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫ض‪ ،‬وهو الهدف الستراتيجي‬ ‫‪15‬ـ فإن قالوا‪ :‬الجهاد والشهادة عنوان فضفا ٌ‬
‫الكبير ول رْيب‪ ،‬ولكن كيف نحقق هدفنا البعيد عمليًا؟ فأين الطائفة‬
‫المنصورة وكيف سنصل إليها؟ وأين سنتدرب؟ وكيف؟ د ُّلونا حتى ل نكون‬
‫ب‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬‫ت" فحس ُ‬ ‫مس ّ‬
‫كنا ٍ‬ ‫خياليين! ول ُتعطونا " ُ‬
‫*ةةةةةةةةةةة‪:‬‬

‫ي‬‫ل‪…) :‬إنما بعثُتك لبتلَيك وأبتل َ‬ ‫صْفوة خلقه قائ ً‬ ‫إن الحمد َ لله الذي خاطَب َ‬
‫َ‬
‫ن الله‬ ‫ت عليك كتابا ً ل َيغسله الماء‪َ ،‬تقرؤه نائما ً ويقظا َ‬
‫ن‪ ،‬وإ ّ‬ ‫بك‪ ،‬وأنزل ْ ُ‬
‫ب! إذا ً ي َث َْلغوا رأسي فَي َد َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ة! قال‪:‬‬ ‫خب َْز ً‬
‫عوه ُ‬ ‫حّرق قريشا ً فقلت‪ :‬ر ّ‬ ‫مرني أن أ َ‬ ‫أ َ‬
‫زك‪ ،‬وأنفق فسننفقَ عليك‪ ،‬وابعث‬ ‫جهم كما استخرجوك‪ ،‬واغُزهم ن ُغْ ِ‬ ‫استخرِ ْ‬
‫من عصاك …‪ :‬أخرجه‬ ‫ل بمن أطاعك َ‬ ‫ة مثله‪ ،‬وقات ْ‬
‫مس ً‬ ‫جيشا ً نبعث َ‬
‫خ ْ‬
‫من صفته عند أهل‬ ‫مسلم(‪ ،‬والصلة والسلم على سيد المجاهدين‪ ،‬على َ‬

‫‪4‬‬
‫الكتاب "الضحوك الَقّتال"؛ فلما جاءه رجل فقال‪) :‬يا رسول الله َأذال‬
‫الناس الخيل ووضعوا السلح وقالوا‪ :‬ل جهاد! قد َوضَعت الحرب أوزارها!‬
‫ذبوا! الن جاء دور‬ ‫ل رسول الله ‪ ‬بوجهه وقال‪ :‬ك َ‬ ‫فأقب َ‬
‫ُ‬
‫ة يقاتلون على الحق‪ ،‬وُيزيغ الله لهم‬ ‫القتال‪ ،‬ول تزال من أمتي أ ّ‬
‫م ٌ‬
‫م الساعة وحتى يأتي وعْد ُ الله‪،‬‬ ‫قلوب أقوام ٍ وَيرزقهم منهم حتى تقو َ‬
‫ل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة…‪ :‬الّنسائي بسند‬ ‫والخي ُ‬
‫ذروة سنام هذا الدين هو‬ ‫صحيح(‪ ،‬وعلى آله وصحبه الذين عَِلموا أن ُِ‬
‫مَتهم البارزةَ‪ ،‬وجاء في صفتهم على لسان‬ ‫س َ‬
‫)الجهاد(‪ ،‬فكان الجهاد ُ ِ‬
‫عدوهم جاسوس الروم‪" :‬بالليل رهبان‪ ،‬وبالنهار فرسان"‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫حمة التحريفات لمدلولت النصوص في هذه اليام على يد عملَء علماَء‬ ‫في َز ْ‬
‫جد ِّدين!!! صار الدفاع عن شرع‬ ‫م َ‬
‫مختصين‪ ،‬أو على أيادي أدعيائهم من ال ُ‬
‫فئام‪ ،‬وهذا ظاهر‬ ‫ف ما َيقوم به بعض ال ِ‬ ‫الله واجبا ً على العيان؛ إذ ْ لم ي َك ْ ِ‬
‫للِعيان‪.‬‬
‫خب الداوي من صدى الحوادث الكثيرة المريرة التي تلدها‬ ‫ص َ‬‫وفي هذا ال ّ‬
‫الليالي الحبالى في هذا الزمان‪ ،‬وفي هذا التيار المتدفق الفّياض من‬
‫جهَّزةً بكل ما ي ُْغري وَيخدع من‬ ‫م َ‬
‫الدعوات التي ُيهَتف بها في أرجاء الكون‪ُ ،‬‬
‫المال والوعود والمظاهر‪....‬‬
‫دم بدعوتي…‬ ‫أتق ّ‬
‫كام والعلم والعلم والقلم والعوام‪.‬‬ ‫إلى الح ّ‬
‫إلى الشباب الظامئ إلى المجد التليد…‬
‫مْفَترق الطريق…‬ ‫حْيرى على ُ‬ ‫إلى المة ال َ‬
‫ُ‬
‫دم‪:‬‬‫إلى كل مسلم يؤمن بالسيادة في الدنيا‪ ،‬والسعادة في دار القرارأقَ ّ‬
‫ي المضطرب …‬ ‫رسالة الماضي القوي الملتهب إلى الحاضر الَفت ِ ّ‬
‫أيها الشباب… أيها الهائم يبغي الحياة‪.‬‬
‫أيها التائق لنصرة دين الله‪.‬‬
‫حه بين يدي موله‪.‬‬ ‫دم رو َ‬ ‫مَق ّ‬‫أيها ال ُ‬
‫هنا الهداية والرشاد‪.‬‬
‫هنا الحكمة والسداد‪.‬‬
‫ذل ولذة الجهاد‪.‬‬ ‫شوة الب َ ْ‬ ‫هنا ن َ ْ‬
‫فل ُْتسارع إلى الكتيبة الخرساء!!‬
‫مل تحت راية سيد النبياء‪.‬‬ ‫ول ْت َعْ َ‬
‫‪.‬‬ ‫ن كّله لله‪...‬‬ ‫ن الدي ُ‬ ‫ة ويكو َ‬ ‫‪ ...‬حتى ل تكون فتن ٌ‬
‫دم بدعوتي‪:‬‬ ‫ـ أتق ّ‬
‫هادئة‪ .....‬لكنها أقوى من الزوابع العاصفة!‬
‫م الرواسي…!‬ ‫ش ّ‬ ‫متواضعة‪ .....‬لكنها أعز من ال ّ‬
‫رج الكاذب‪.‬‬ ‫خالية من المظاهر الزائفة‪ ،‬والَبهْ َ‬
‫‪5‬‬
‫ة بجلل الحق‪ ،‬وروعة الوحي‪.‬‬‫لكنها محفوفَ ٌ‬
‫مجردة عن المطامع والهواء والغايات الشخصية‪،‬‬
‫لكنها ُتورث المؤمنين بها‪ ،‬والصادقين فــي العمــل لهــا الســيادةَ فــي الــدنيا‬
‫وأعلى الجنة في الخرة‪.‬‬
‫ـ وأقول في كل هذا‪" :‬إن شاء الله" ت َب َّركا ً ـ‬

‫مل ْ َ‬
‫ملون‪،‬‬ ‫فإلى الذين ي ُك َْلمون في سبيل الله فل يتكلمون‪ ،‬وَيتأّلمون فل ي َت َ َ‬
‫س ّ‬
‫طر‬ ‫وي َذ ُّبون عن شرع الهادي ول ي َت َذ َْبذبون …إلى وَرثة الدم القاني الذي َ‬
‫ت الفخار…إليكم هديتي‪:‬‬‫في سماء المجد آيا ِ‬

‫صر ابن‬
‫مَق ّ‬
‫وكتبه ال ُ‬
‫صر‪:‬‬
‫مَق ّ‬
‫ال ُ‬
‫حارث عبد السلم المصري‬

‫للمراسلة والتناصح باتجاه الكمال‪:‬‬


‫‪harith@ureach.com‬‬

‫‪1‬ـ فإن قالوا لك‪" :‬ما هو الجهاد"؟! فقل لهم‪:‬‬


‫ـ صريح جواب الصادق المصدوق ‪ ‬لما سأله صحابي )‪...‬قال‪ :‬فأيّ الهجرة‬
‫أفضل؟ قال ‪ :‬الجهاد‪ ،‬قال‪ :‬و"ما الجهاد"‪ :‬قال ‪ :‬أن تقاتل الكفار إذا‬
‫من عُِقر جواده وُأريق دمه(‬
‫ل َِقي َْتهم؛ قال فأي الجهاد أفضل؟ قال ‪َ :‬‬
‫)أيّ الجهاد‬ ‫أخرجه أحمد وهو صحيح‪ ،‬وعند أحمد وأبي داود وهو حسن‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫ف؟‬
‫أفضل؟ قال‪ :‬من جاهد المشركين بماله ونفسه؟ قيل‪ :‬فأي القتل أشَر ُ‬
‫عقر جواُده(‪ ،‬إذا ً فدفع المال الهائل ل يكفي عن‬ ‫قال‪ :‬من ُأهريق دمه و ُ‬
‫ج المال أو‬ ‫درُس أو ي ُد َّرس لكي ُينت ِ َ‬‫الجهاد بالنفس‪ ،‬فكيف بمن يجلس يَ ْ‬
‫م شطر الخليج؟‬ ‫م َ‬‫ي ُي َ ّ‬
‫سنان والمال واللسان والَبنان[‪ ،‬وإن شئت فقل‪ :‬هو‬ ‫ـ نعم الجهاد أنواع ]بال ّ‬
‫عرف‬ ‫ن المتباِدر عند إطلقه أنه "القتال"‪ ،‬ففي ُ‬ ‫ي وتبليغي‪ ،‬لك ّ‬ ‫قتالي ومال ّ‬
‫السلف الصالح "الجهاد‪ :‬هو القتال"‪ ،‬وهذه هي عائشة رضي الله عنها‬
‫تسأل‪] :‬يا رسول الله‪ :‬هل على النساء من جهاد؟ قال‪ :‬عليهن جهاد ل‬
‫قتال فيه؛ الحج والعمرة[ إسناده صحيح‪ :‬ابن ماجه وابن خزيمة‪.‬‬
‫ل العمال أفل نجاهد؟…(‪ ،‬فكانت تفهم‬ ‫وفي رواية البخاري )نرى الجهاد أفض َ‬
‫أن الجهاد هو القتال‪.‬‬
‫دوة أو َروحة في سبيل اللـه خير من الدنيا وما فيها‪ :‬متفق عليه(‪ ،‬فليس‬ ‫ـ )ل َغَ ْ‬
‫يعني هنا في سبيل اللـه أنك تخرج من مسجدك وت ُب َّلغ الناس‪ ...‬ل هذا‬
‫ج للنصوص عن معناها الشرعي‪ ،‬فكلمة في سبيل اللـه عندما يريدها‬ ‫إخرا ٌ‬
‫رسول اللـه ‪ ‬لها معنى واحد وهو القتال‪.‬‬
‫ـ وهل عنى سائر الصحابة الكرام بكلمتهم المشهورة‪:‬‬
‫على الجهاد ما بقينا أبـدا ً‬ ‫نحن الذين بايعوا محمدا ً‬
‫ي؟!‬
‫عنَوا إل الجهاد بمعناه القتال ّ‬ ‫هل َ‬
‫عَبر وبصائر" للشيخ الدكتور عبد الله عزام‬ ‫ـ وهكذا فهمه العلماء كما في " ِ‬
‫رحمه الله صـ ‪ 9‬وما بعدها‪] :‬اتفق الفقهاء الربعة أن الجهاد هو القتال‬
‫والعون فيه لعلء كلمة الله‪:‬‬
‫‪1‬ـ الحنفية‪ :‬فتح القدير ‪" 5/187‬الجهاد‪ :‬دعوة الكفار إلى الدين الحق وقتاُلهم‬
‫خصّ‬ ‫إن لم َيقبلوا"‪" ،‬يقال‪ :‬كتاب المغازي‪ ..‬وهو قصد العدو للقتال‪ُ ،‬‬
‫في عرفهم بقتال الكفار"‪ ،‬وقال الكاساني في البدائع ‪" :7/97‬بذل‬
‫الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال‬
‫سَير الكبير"‪.‬‬ ‫وغير ذلك"‪ ،‬ونحوه السرخسي في شرح "ال ّ‬
‫‪2‬ـ المالكية‪ :‬راجع أقرب المسالك للدردير‪ ،‬وحاشية العدوي‪...‬‬
‫‪3‬ـ الشافعية‪ :‬قال ابن حجر العسقلني "وشرعًا‪ :‬بذل الجهد في قتال الكفار"‬
‫‪ ،6/77‬ونقل عن ابن الجوزي وابن دقيق الِعيد نحوه‪.‬‬
‫‪4‬ـ الحنبلية‪" :‬قتال الكفار" مطالب أولي النهى ‪ ،2/497‬وكذا في عمدة‬
‫الفقه ومنتهى الرادات‪" :‬الجهاد‪ :‬القتال وَبذل الوسع منه لعلء‬
‫كلمة الله تعالى"[ اهـ بتصرف وزيادات‪.‬‬
‫ـ وقال ابن رشد في مقدماته ‪] :1/369‬وجهاد السيف قتالُ المشركين على‬
‫الدين‪ ،‬فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيله‪ ،‬إل أن‬
‫الجهاد في سبيل الله إذا ُأطلق فل يقع بإطلقه إل على‬
‫عطوا‬ ‫مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في السلم أو ي ُ ْ‬

‫‪7‬‬
‫الجزية عن يد وهم صاغرون[‪ ،‬فهو إجماع ٌ ل خلف فيه أنها إذا أ ُط ِْلقت‬
‫في الكتاب والسنة وكلم الفقهاء فل تنصرف إل على القتال‪.‬‬
‫ـ ‪ 6/334‬المغني‪] :‬سبيل الله عند الطلق إنما َينصرف إلى الجهاد؛ فإن كل‬
‫ما في القرآن من ذكر "سبيل الله" إنما ُأريد به الجهاد إل اليسير[‪.‬‬
‫ـ وفي "فتح الباري"‪] :‬المتبادِر عند الطلق من لفظ سبيل الله الجهاد[‪.‬‬
‫ـ ونقل السيوطي في "تنوير الحوالك" عن الباجي قوله‪] :‬جميع أعمال البر‬
‫هي سبيل الله إل أن هذه اللفظة إذا أُطلقت في الشرع اقتضت الغزو‬
‫أي العدو[ اهـ‬
‫ن من يترك المحرمات يقال عنه "صائم" لنه صام عن‬ ‫ـ وبشكل آخر‪ :‬إ ّ‬
‫ُ‬
‫ي من الصيام الصلي صيام ِ‬ ‫ن أفَي َْعني هذا أنه قد أعف َ‬ ‫المحرمات لك ْ‬
‫كتب عليكم‬ ‫كتب عليكم القتال‪ ،‬كما قال‪ُ :‬‬ ‫رمضان؟! ‪‬وقد قال ربنا‪ُ :‬‬
‫الصيام‪، ‬أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض‪‬؟‬
‫ل الجهاد فيقولون‪" :‬نحن في جهاد‍"!!‬ ‫مّيعوا مدلو َ‬ ‫ـ ويأبى أقوام إل أن ي ُ َ‬
‫لي ُب َّرروا قعودهم عن القتال‪ ،‬فتنظر في حياتهم وإذ بهم‪ :‬هذا موظف ُيعيل‬
‫أسَرته‪ ،‬وهذا تاجر‪ ،‬وذاك عامل‪ ،‬وهذا فلح‪ ،‬وذاك ي َد ُْرس الزهر أوكلية‬
‫م السياسية أو … وكّلهم يرى نفسه‬ ‫ب أو القتصاد َ أو العلو َ‬ ‫شرعية أو الط ّ‬
‫َ‬
‫مجاهد! وهو في بلده يأكل‬ ‫ل ُ‬ ‫مجاهدًا‪ ،‬ويجوز له القعود عن القتال!‪ ..‬أ َ‬
‫ج ْ‬
‫ل من‬ ‫ن ما هو فيه أفض ُ‬ ‫درس أو يعمل‪ ،‬بل يتواَقح آخُر فيجد ُ أ ّ‬ ‫ويشرب وي َ ْ‬
‫حّرفون ل بد لهم من زيادةٍ في البيان‬ ‫م َ‬ ‫خّرفون ال ُ‬ ‫م َ‬
‫سه! وهؤلء ال ُ‬ ‫القتال نف ِ‬
‫مّنان‪.‬‬
‫حّنان ال َ‬‫ة التابعين بإحسان بعون ال َ‬ ‫من الكتاب والسنة وسير ِ‬

‫حّرض على القتال الن…‬ ‫‪2‬ـ فإن قالوا لك‪ :‬لماذا ت ُ َ‬


‫ر زمانهم‪ ،‬ولكل‬
‫لماذا الخروج للجهاد‪ ،‬فزماننا غي ُ‬
‫زمان فقهاؤه؛‪....‬ليس جهاد اليوم بالسيف والسكين بل بالحضارة؛‬
‫فحّرض على تعّلم علم ِ القتصاد والفلسفة والجتماع والسياسة‬
‫والعلم والحوار والزراعة والتجارة والصناعة والطب والهندسة والسياحة‬
‫ف لّفه! لن هذا كّله جهاد‪ ،‬فلبد من الب َُنى‬
‫صَرنة‪ ،‬وما ل ّ‬
‫والتكنولوجية والعَ ْ‬
‫التحتية أول ً قبل المعركة العسكرية! فقل لهم‪:‬‬
‫جّبار من فوق سبع سموات أمر نبيه‪ :‬يا أيها النبي‬ ‫‪1‬ـ لماذا القتال؟ لن ال َ‬
‫ف‬
‫ط عنه‪ ،‬وحتى َتخدعَ ضعا َ‬ ‫حّرض المؤمنين على القتال‪ ،‬في حينِ أنك ت ُث َب ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ذبك!‬ ‫دعي أنك ت ُعِد ّ للقتال‪ ،‬والواقع ُيك ّ‬
‫اليمان ت ّ‬
‫سك وحّرض‬ ‫ف إل نف َ‬ ‫ما قال ربنا‪:‬فقاتل في سبيل الله ل ت ُك َل ّ ُ‬ ‫ـأ َ‬
‫المؤمنين‪ ،...‬ولم ي َُقل‪ :‬فادرس القتصاد أو الهندسة ولو كنت وحدك!‬

‫‪8‬‬
‫ب الرقاب‪،‬فاقتلوا‬ ‫ضْر َ‬‫مَرنا ربنا‪ :‬فإذا لقيتم الذين كفروا فَ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ـأ َ‬
‫ة الندوات‬ ‫جد ُْتموهم‪‬؟ ولم يقل فَعَْقد َ المحاضرات وإقام َ‬ ‫المشركين حيث وَ َ‬
‫لدفع الشبهات‪...‬أم أنكم لم ت َل َْقوا الكافرين بعد؟!‬
‫ما ورد في كتاب الله من آيات الجهاد ما يزيد على ‪ /100/‬آية ما بين‬ ‫ـأ َ‬
‫غب فيه‬ ‫ت ت َُر ّ‬‫ل على فرض الجهاد ووجوبه على المسلمين‪ ،‬وآيا ٍ‬ ‫ت ت َد ُ ّ‬‫آيا ٍ‬
‫وتبين فضله وما أعده الله للمجاهدين من الثواب في الخرة؟ وعامة‬
‫ظمت أمر الجهاد وذمت التاركين له ووسمتهم بالنفاق‬ ‫اليات المدنية ع ّ‬
‫مَرض القلوب‪.‬‬ ‫و َ‬
‫حرض على القتال لنه الن أضحى فرض‬ ‫‪2‬ـ لماذا التحريض على القتال؟ ُن َ‬
‫دم ـ في حال التعارض ـ‬ ‫عين باتفاق العلماء‪ ،‬فهو كالصلة والصيام وي َُق ّ‬
‫دم على الصيام عند‬ ‫على الصلة عند الئمة الثلثة إل الحنابلة‪ ،‬وهو مق ّ‬
‫ب كبيرة كما قال "ابن حجر الهيتمي"‪ ،‬وقد‬ ‫ب مرتك ُ‬ ‫الجميع فتاركه إذا ً مذن ٌ‬
‫ضّيق منها‬ ‫م َ‬ ‫دم ال ُ‬ ‫ت أو الحقوقَ إذا تعارضت قُ ّ‬ ‫ذكر "الَقَرافي" أن الواجبا ِ‬
‫دم ما‬ ‫سع؛ لن التضييق ُيشعر باهتمام الشرع أكثَر من غيره‪ ،‬فَي َُق ّ‬ ‫مو َ ّ‬‫على ال ُ‬
‫خشى فواته‪ ،‬وإن كان أعلى منه منزلة‪.‬‬ ‫ُيخشى فواُته على ما ل ي ُ ْ‬
‫ـ واتفق الفقهاء على أن الجهاد يتحول إلى فرض عين بتعيين الخليفة‬
‫ل ممن يشار إليه بالبنان ذو نشاط‬ ‫ة رج ٌ‬ ‫ن ثَ ّ‬
‫م َ‬ ‫ضنا أ ْ‬ ‫ص ما؛ فلو فر ْ‬ ‫لشخ ٍ‬
‫عوي كبيرٍ وشهرةٍ عظيمة ونْفٍع للمسلمين وفي زمن الخلفة الراشدة‪،‬‬ ‫د َ‬
‫ثم جاء الخليفة وقال له‪ :‬اخرج إلى الجهاد ـ وهو فرض كفاية ـ! فهل‬
‫حرير أن ل ينصاع أو أن يقول‪ :‬إن‬ ‫يجوز لهذا الداعية الكبير والعالم الن ّ ْ‬
‫ق‪ :‬ل‪ ،‬حتى وإن رأى‬ ‫مقامي هنا أنفع ـ من وجهة نظره ـ فل يخرج؟! باتفا ٍ‬ ‫ُ‬
‫مقامه‪.‬‬ ‫شط أن مصلحة المسلمين في ُ‬ ‫ذاك الن ّ ِ‬
‫ب‬‫إذا ً انظر! هذا إذا قال لك الخليفة‪ :‬اخرج للقتال! فكيف إذا قال لك هذا ر ّ‬
‫‪‬انفروا خفافا ً وثقال ً وجاهدوا بأموالكم‬ ‫ب الخليفة ‪: ‬‬ ‫لر ّ‬ ‫الخليفة ورسو ُ‬
‫وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ‪ ،‬والمصلحة في‬
‫ض على العيان اليوم‪ ،‬وعلى الفور ل على التراخي‪،‬‬ ‫النفير؛ إذ هو فر ٌ‬
‫والية صريحة أن النفير بالمال والنفس‪ ،‬وليس بالمال فقط أو بالكلم‬
‫ة ل يحتمل أكثر من معًنىـ‬ ‫ب‪ ،‬هذا فضل ً عن أن "النفير" لغ ً‬ ‫والدعاء فحس ُ‬
‫ولت الفقه‪.‬‬ ‫ب اللغة ومط ّ‬ ‫في موضوعنا ـ‪ ،‬ودونكم كت َ‬
‫ض عين يخرج الولد بغير إذن أبويه‪ ،‬فهل ُتجيز لدارس‬ ‫ـ الجهاد إذا صار فر َ‬
‫الفلسفة أو القتصاد أو العلم أو … أن يخرج مسافرا ً لذلك بدون إذن‬
‫م ابنها أن ل يذهب إلى امتحان "القتصاد" أفل‬ ‫مَرت أ ّ‬ ‫؟! ولو أ َ‬‫أبويه الن ‍‬
‫يجب أن ُيطيَعها؟‬
‫مَرت بترك الجهاد في حال تعّينه ل ُتطاع؟ إذا ً أّيهما أهم‪ :‬القتال‬ ‫لكنها إن أ َ‬
‫ن هذه العدادات هنا في بلدك‬ ‫أم دراسة القتصاد؟! أفل ترى معي الن أ ّ‬
‫ي إعداد ُ‬ ‫جب الرؤية!! إنما العداد ُ الحقيق ّ‬ ‫ليست إل أوهاما ً كضباب يح ُ‬

‫‪9‬‬
‫ة‬‫منا ول ريب‪ ،‬لكن العقرب تحتاج ضرب ً‬ ‫القتال‪ ،‬وما سواه فت َب َعٌ له وهو يلز ُ‬
‫شر في أسواق العقارب‬ ‫ن وقصصا ً وروايا ٍ‬
‫ت ت ُن ْ َ‬ ‫شْعرا ً ودواوي َ‬ ‫على الرأس ل ِ‬
‫خبثهم!!‬ ‫عّلهم يتركون ُ‬
‫ولم يبقَ إل أن ُيفاجئونا بأن الدارسة في "معهد فندقي" أيضا ً إعداد ٌ في‬
‫سبيل الله‪ ،‬وكلنا على ثغرٍ من ثغور السلم!!!!‬
‫عجب يا صاحبي فعصرنا عصر العجائب‪ ،‬وعَّز نفسك بحديث‪…) :‬‬ ‫ول ت َ ْ َ‬
‫ي برأيه( ـ قال الترمذي‪ :‬حسن غريب ـ‬ ‫ب كلِّ ذي رأ ٍ‬ ‫وإعجا َ‬
‫ض عين يخرج المرء ولو بغير إذن دائنه كما نص عليه‬ ‫ـ وإذا صار الجهاد فر َ‬
‫وغ لنفسك أن تَخرج لدراسة القتصاد في "ألمانية" مثل ً‬ ‫س ّ‬‫الفقهاء‪ ،‬فهل ت ُ َ‬
‫ديَنك بحجة أن دراستك وإعدادك الفكريّ خيٌر من العداد‬ ‫ي َ‬‫دون أن ت َِف َ‬
‫ل أو أولى من القتال ذاِته!!؟ أم أن "الحكام تتبدل بتبدل‬ ‫القتالي أو أفض ُ‬
‫الزمان"؟!‬
‫دائن‪:‬‬ ‫وإليك أقوال العلماء في إذن ال َ‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬ـ في المغني لبن قدامة ‪] 9/171‬وأما إذا تعين عليه الجهاد فل إذن‬
‫دما ً على باقي ذمته كسائر فروض‬ ‫لغريمه؛ لنه ت َعَّلق بعينه فكان مق ّ‬
‫العيان‪ ،‬ولكن يستحب له أن ل يتعرض لمظان القتل من المبارزة‬
‫والوقوف في أول المقاِتلة؛ لن فيه تغريرا ً بتفويت الحق‪ ،‬وإن ترك وفاًء‬
‫ص عليه أحمد فيمن ترك وفاًء…[ أي‬ ‫ن‪ ،‬ن ّ‬ ‫أو أقام كفيل ً فله الغزو بغير إذ ٍ‬
‫الغزو عندما يكون فرض كفاية والله أعلم‪.‬‬
‫‪2‬ـ ابن تيمية‪] :‬إذا دخل العدو بلد السلم فل ريب أنه يجب دفعه على‬
‫القرب فالقرب‪ ،‬إذ إن بلد المسلمين كلها بمنزلة البلدة الواحدة‪ ،‬وأنه‬
‫غريم[‪.‬‬ ‫يجب النفير إليه بل إذن والد أو َ‬
‫ة‪،‬‬‫دم على الصلة عند الربعة إل الحنابل َ‬ ‫ض عين ي َُق ّ‬ ‫ـ والجهاد عندما يصبح فر َ‬
‫ملكم من دراسة وحوار‬ ‫ويأَثم بتركه كما يأَثم بترك الصيام‪ ،‬فهل ع َ‬
‫م على الصلة والزكاة والصيام في حال‬ ‫ت … مقد ّ ٌ‬ ‫ت وندوا ٍ‬ ‫ومهرجانا ٍ‬
‫تعارضه‍ا؟! إذا ً فكيف تقولون‪ :‬إن ما تفعلونه أفضل من القتال الن وأنفع‬
‫للمسلمين؟! أَوحقا ً أنتم حريصون على مصلحة المسلمين أكثَر من الله‬
‫ورسوله وجماهير العلماء؟!!!‬
‫وفي حاشية الدسوقي ‪] :2/10‬إذا كان الغزو واجباً على العيان فإنه أفضل‬
‫قدّم عليه[‪.‬‬ ‫من الحج ويُ َ‬
‫ـ وأتساءل‪ :‬لو ُوجد امتحان مدته ‪ /6/‬ساعات من َقبل أذان الظهر حتى‬
‫كها بحجة أنه عندما‬ ‫العشاء‪ ،‬وستفوت ‪ /3/‬صلوات فهل تبيحون للمرء تر َ‬
‫يفتح عيادة طبية في المستقبل دددددد سيجعل ‪ %30‬من وارداته‬
‫لطفال الحجارة؟! أم هل ُتجيزون لدارس الهندسة أن يتخلف عن صلة‬
‫ممتد ّا ً على طول وقتها؟‬ ‫الجمعة إن كان وقت امتحانه ُ‬
‫جز‬‫شرع له ترك الصلة إن ع َ‬ ‫لكن المجاهد الحقيقي في أرض المعركة ي ُ ْ‬
‫دث في غزوة الخندق‪.‬‬ ‫ح َ‬‫عنها مع القتال كما َ‬
‫‪10‬‬
‫ـ وبدقة أكثر‪ :‬إن كان المرء سيدخل في جامعة "أوربية" لكن ل بد من أن‬
‫ت من مادة ما تفحص جسمه في أيام رمضان‪ ،‬وإن لم‬ ‫شَرب قطرا ٍ‬ ‫يُ ْ‬
‫يخضع للفحوصات سُيمنع من تلك الكلية الوهمية أفَُتبيحون له ذلك؟! لكن‬
‫دم على الصيام باتفاق جميع العلماء فيجوز‬ ‫الجهاد إذا ما صار فرض عين قُ ّ‬
‫له الفطر! إذا ً فأيهما أولى القتال أم ……!؟‬
‫ر‪ :‬لو كان المتحان َيشترط أن يتجرد المرء من ثيابه‬ ‫ـ وبشكل آخََر أخي ٍ‬
‫لُيفحص أمام جهاز كمبيوتر ومراقبين فنيين بأشعةٍ خاصة‪ ،‬فهل ُتبيحون له‬
‫ذلك بحجة أنه سيدخل "كلية الذرة" فيتعلم كيف يصنع قنبلة ذرية‬
‫فنستطيع بذلك أن نهزم إسرائيل؟!‬
‫كفانا أوهاما ً يا ناس!‬
‫وقد بان الحلل من الحرام‬ ‫حّلون الحرام إذا أرادوا‬ ‫يُ ِ‬
‫لولى‪ :‬معرفة حكم‬ ‫وأمامَنا قضيتان الحذر الحذر أن تلتبسا ببعضهما‪ ،‬ا ُ‬ ‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ض هو أم ل؟ والثانية‪ :‬تطبيقُ هذا الحكم‪ ،‬وشتان بين من‬ ‫الجهاد اليوم أفَْر ٌ‬
‫ُينكر الفرض ول يطبقه وبين من ي ُِقّر به لكنه َيعترف أنه مقصر وآثم!‬
‫دى بمرة في الســنة‪ ،‬ويكفــي دليل ً قــوله‬ ‫فالجهاد عند الجمهور فرض كفاية َيتأ ّ‬
‫‪ ‬لعمه أبي طالب عند موته‪) :‬أريد منهم كلمــة واحــدةً ت َــدين لهــم‬
‫ة واحــدة!!‬ ‫دي إليهــم العجــم الجزيــة‪ ،‬قــال‪ :‬كلم ـ ٌ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫بها العرب وت ُ َ‬
‫ة واحــدة‪"… ،‬ل إلــه إل اللــه" فقــالوا‪ :‬إلهـا ً واحــدا ً مــا‬ ‫قال‪ :‬كلم ٌ‬
‫ن هذا إل اختلق‪ :‬أحمد والترمــذي‬ ‫مّلة الخرة‪ ،‬إ ْ‬ ‫عنا بهذا في ال ِ‬ ‫سم ْ‬
‫وهو حسن(‪ ،‬لكن الجهاد قد يتحول إلى فرض عين‪ ،‬وحــتى لــو كــان فــي‬
‫ض كفاية‪ ،‬فلم ت َِتمّ الكفاية من القتال بعد ُ في أيامنا؛ لــذا قلنــا‪ :‬إن‬ ‫أيامنا فر َ‬
‫ت أهل الذكر‪:‬‬ ‫الجهاد القتالي هو الفريضة الغائبة اليوم‪ ،‬وإليك مقال ِ‬
‫ض أيضا ً على المام إغزاُء‬ ‫‪1‬ـ قال القرطبي في تفسيره ‪…] :8/152‬فر ٌ‬
‫ل سنة مرة‪َ ،‬يخرج معهم بنفسه أو ُيخرج من يثق به‬ ‫طائفة إلى العدو ك ّ‬
‫ف أذاهم وُيظهَر دين الله عليهم حتى َيدخلوا‬ ‫ليدعوهم إلى السلم … وي َك ُ ّ‬
‫في السلم أو يعطوا الجزية عن ي َدٍ‪ … ،‬ويغزو بنفسه ـ أي المسلم ـ إن‬
‫در وإل ّ جّهز غازيًا…[‪.‬‬ ‫ق َ‬
‫ما كان الجهاد فيها‬ ‫ملة السلمية ل َ ّ‬‫‪2‬ـ مقدمة ابن خلدون‪] 231-1/230 :‬وال ِ‬
‫فة على دين السلم طوعا ً أو‬ ‫ل الكا ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫مشروعا ً لعموم الدعوة و َ‬
‫ملك…‪ ،‬وأما ما سوى الملة السلمية فلم‬ ‫خذت فيها الخلفة وال ُ‬ ‫كرها ً ات ّ ِ‬
‫مدافعة فقط‪،‬‬ ‫تكن دعوتهم عامة ول الجهاد عندهم مشروعا ً إل في ال ُ‬
‫ملك …… ِلما‬ ‫فصار القائم بأمر الدين فيها ل ي َْعنيه شيء من سياسة ال ُ‬
‫مناه لنهم غير مكلّفين بالتغلب على المم كما في الملة السلمية‪،‬‬ ‫قد ّ ْ‬
‫ي بنو إسرائيل من‬ ‫وإنما هم مطالَبون بإقامة دينهم في خاصتهم‪ ،‬ولذلك بِق َ‬
‫شع صلوات الله عليهما نحوَ أربِعمائة سنة ل َيعتنون بشيء‬ ‫بعد موسى وُيو َ‬
‫ة دينهم فقط……[‪.‬‬ ‫مهم إقام ُ‬ ‫ملك إنما ه ّ‬ ‫من أمر ال ُ‬

‫‪11‬‬
‫الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا‬ ‫ُ‬ ‫مر‬ ‫‪ -3‬ابن كثير في تفسيره‪] 403-2/402 :‬أ َ‬
‫حوَْزة السلم‪ ،‬ولهذا بدأ رسول الله‬ ‫ب إلى َ‬ ‫الكفار أول ً فأول ً القر َ‬
‫ب فالقر َ‬
‫‪ ‬بقتال المشركين في جزيرة العرب‪ ،‬فلما فََرغ منهم وفتح الله عليه‬
‫وتَ وغيَر‬ ‫م ْ‬
‫ضَر َ‬‫ح ْ‬‫جر وخيبر و َ‬ ‫ف واليمن واليمامة وهَ َ‬ ‫مكة والمدينة والطائ َ‬
‫س من سائر أحياء العرب في‬ ‫ذلك من أقاليم جزيرة العرب‪ ،‬ودخل النا ُ‬
‫شَرع في قتال أهل الكتاب؛ فتجّهز لغزو الروم الذين هم‬ ‫دين الله أفواجًا‪َ ،‬‬
‫ب الناس إلى جزيرة العرب‪ ،‬وأولى الناس بالدعوة إلى السلم؛ لنهم‬ ‫أقر ُ‬
‫ده وزيرُه‬ ‫منّية…… وقام بالمر بع َ‬ ‫جَلته ال َ‬ ‫أهل الكتاب فَب ََلغ تبوك… ثم عا َ‬
‫ميلة كاد‬ ‫وصديقه وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقد مال الدين َ‬
‫طد القواعد وثّبت الدعائم وَرد ّ شارِد َ‬ ‫جِفل‪ ،‬فثّبته الله تعالى به فَوَ ّ‬ ‫أن ي َن ْ َ‬
‫م‪ ،‬وَرد ّ أهل الردة إلى السلم‪ ،‬وأخذ الزكاة ممن منعها من‬ ‫الدين وهو راغ ٌ‬
‫شَرع في تجهيز الجيوش السلمية‬ ‫طعام‪ ،‬وبّين الحق لمن جهله‪ … ،‬ثم َ‬ ‫ال ّ‬
‫صلبان‪ ،‬وإلى الفرس عبدة النيران‪ ،‬ففتح الله … البلد َ‬ ‫إلى الروم عَبدة ال ّ‬
‫م المر‬ ‫عهما من العباد …… وكان تما ُ‬ ‫وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطا َ‬
‫على يدي …الفاروق الواب شهيد ِ المحراب‪ … ،‬فأرغم الله ُأنوف الكفرة‬
‫مع الطغاة المنافقين‪ ،‬واستولى على الممالك شرقا ً وغربًا‪،‬‬ ‫الملحدين‪ ،‬وقَ َ‬
‫ملت إليه خزائن الموال من سائر القاليم ُبعدا ً وقربًا‪ …… ،‬ثم …‬ ‫ح ِ‬‫و ُ‬
‫أجمع الصحابة …على …عثمان بن عفان رضي الله عنه شهيدِ الدار……‬
‫فظهر السلم في مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬وعَلت كلمة الله وظهر دينه‬
‫وبلغت الملة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها‪ ،‬وكلما عَلوا أم ً‬
‫ة‬
‫انتقلوا إلى بعدَهم ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار امتثال ً لقوله‬
‫تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين ي َُلونكم من الكفار‪،‬‬
‫ة‬
‫جد الكفاُر منكم ِغلظ ً‬ ‫ظة‪‬؛ أي ول ْي َ ِ‬ ‫جدوا فيكم ِغل ْ َ‬ ‫وقوله تعالى‪  :‬ول ْي َ ِ‬
‫عليهم في قتالكم لهم؛ فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا ً لخيه‬
‫المؤمن غليظا ً على عدوه الكافر كقوله تعالى‪ … :‬أشداءُ على الكفار‬
‫رحماء بينهم ‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغُلظ‬
‫عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير‪ ،‬وفي الحديث‪ :‬أن رسول الله ‪‬‬
‫قال‪) :‬أنا الضحوك الَقّتال( يعني أنه ضحوك في وجه وَل ِّيه قّتال ل َِهامَة‬
‫عدوه…… وهكذا المر لما كانت القرون الثلثة الذين هم خير هذه المة‬
‫في غاية الستقامة والقيام بطاعة الله تعالى لم يزالوا ظاهرين على‬
‫خسار‪ ،‬ثم‬ ‫سفال و َ‬ ‫ة‪ ،‬ولم تزل العداء في َ‬ ‫عدوهم‪ ،‬ولم تزل الفتوحات كثير ً‬
‫لما وقعت الفتن والهواء والختلفات بين الملوك طمع العداء في‬
‫ضهم ببعض‪ ،‬ثم‬ ‫شغل الملوك بع ِ‬ ‫أطراف البلد وتقدموا إليها‪ ،‬فلم ُيماَنعوا ل ِ ُ‬
‫وزة السلم‪ ،‬فأخذوا من الطراف بلدانا ً كثيرة‪ ،‬ثم لم يزالوا‬ ‫ح ْ‬
‫تقدموا إلى َ‬
‫ك من ملوك‬ ‫وذوا على كثير من بلد السلم‪ …،‬فكلما قام مَِل ٌ‬ ‫حتى استح َ‬

‫‪12‬‬
‫السلم وأطاع أوامر الله وتوكل على الله فتح الله عليه من البلد‬
‫در ما فيه من َولية الله‪ […،‬إلخ كلمه‬‫سبه وبق ْ‬ ‫واسترجع من العداء بح َ‬
‫النفيس‪.‬‬
‫‪4‬ـ وفي أحكام القرآن للتَّهانوي‪ 2/330 :‬طبعة كراتشي ]أجمعوا على أنه إذا‬
‫كان الكفار قاّرين في بلدهم "ولم َيهجُموا على دار السلم" فعلى المام‬
‫ة من السنين عن غزوة يغزوها بنفسه أو بسراياه حتى ل‬ ‫ي سن ً‬‫خل ِ َ‬‫أن ل ي ُ ْ‬
‫ل؛ لن النبي ‪ ‬والخلفاء الراشدين لم ُيهملوا الجهاد‪،‬‬ ‫يكون الجهاد ُ معط ً‬
‫فإذا قام به فئة من المسلمين بحيث يحصل بهم دفع شر الكفار‬
‫وإعلء كلمة الله سَقط عن الباقين‪ ،‬وحينئذ ل يجوز للعبد أن يخرج بغير‬
‫إذن المولى‪ ،‬ول للمرأة بغير إذن الزوج ول للمديون بغير إذن الدائن‪ ،‬ول‬
‫مْقَنعا ً فل ضرورة إلى إبطال حقوق‬ ‫للولد إذا منعه أحد أبويه؛ لن بغيرهم َ‬
‫م جميع الناس إل ّ أولي الضرر منهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫العباد‪ ،‬وإن لم َيقم به أحد أث ِ َ‬
‫وأجمعوا على أنه يجب على أهل كل قطر من الرض أن يقاتلوا من‬
‫دهم القرب فالقرب‪،‬‬ ‫ع َ‬
‫جزوا سا َ‬ ‫َيلونهم من الكفار فإن ع َ‬
‫وكذلك إن تهاونوا مع القدرة يجب القيام به إلى القرب‬
‫فالقرب إلى منتهى الرض كذا في المظهري )‪ (2/203‬وإلى‬
‫طلوا‬ ‫الله المشتكى من صنيع سلطين أهل السلم في زماننا حيث ع ّ‬
‫الجهاد أبدا ً وإنما يقومون به دفاعا ً فقط‪ ،‬وقد قال أبو بكر الصديق‪‬‬
‫في أول خطبته‪" :‬ما ترك قوم الجهاد إل ّ ذلوا"‪ ،‬وايم الله قد صدق[ اهـ‬
‫كلم التهانوي‪.‬‬
‫‪5‬ـ ابن النحاس في تهذيب مشارع الشواق صـ ‪] :35‬اعلم أن جهاد الكفار‬
‫في بلدهم فرض كفاية باتفاق العلماء… وأقل الجهاد في كل سنة مرة …‬
‫غزوٍ وجهاد إل لضرورة … وقال إمام الحرمين‬ ‫ول َيجوز أن َتخلو سنة من َ‬
‫الجويني‪ :‬المختار عندي مسلك الصوليين‪ ،‬قالوا‪ :‬الجهاد دعوة قهرية‪،‬‬
‫ولذلك تجب إقامته حسب المكان‪ ،‬حتى ل يبقى في الرض إل مسلم أو‬
‫ت الزيادة …‬ ‫مسالم‪ ،‬ول يختص الجهاد بمرة في السنة‪ ،‬ول ي ُعَط َّل إذا أ ْ‬
‫مك َن َ ْ‬
‫الجهاد في كل عام مرة‪ ،‬إل إذا‬ ‫ُ‬ ‫ل ما يُفع ُ‬
‫ل‬ ‫وقال ابن قدامة في المغني‪ :‬أق ّ‬
‫ت؛‬‫جب َ ْ‬
‫ت الحاجة إلى القتال أكثَر من مرة في العام وَ َ‬ ‫تعذر ذلك‪ ،‬وإن د َعَ ْ‬
‫ت إليه الحاجة[ اهـ‪ ،‬فإن‬ ‫لنه فرضُ كفاية‪ ،‬وفرض الكفاية يجب كّلما د َعَ ْ‬
‫ف صار واجُبهم العداد َ القتالي؛ لن ما ل يتم‬ ‫ضعْ ٌ‬
‫كان في المسلمين َ‬
‫الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬
‫صل الكفاية بأن َيشحن المام‬ ‫‪6‬ـ إعانة الطالبين]شافعي[ ‪] :4/180‬وتح ُ‬
‫الثغور بمكافئين للكفار مع إحكام الحصون والخنادق وتقليد المراء أو بأن‬
‫َيدخل المام أو نائبه دار الكفر بالجيوش لقتالهم[‪ ،‬وفي ‪:4/181‬‬
‫]‪..‬فرض كفاية في كل عام إذا كان الكفار حاّلين في بلدهم لم ينتقلوا‬
‫عنها[‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ده ‪ ‬فللكفار حالن‪:‬‬ ‫‪7‬ـ مغني المحتاج ]شافعي[ ‪ 209/ 4‬حتى ‪] :220‬أما ب َعْ َ‬
‫أحدهما يكونون ببلدهم مستقرين بها غير قاصدين شيئاً من بلد‬
‫سيَرُ الخلفاء الراشدين وحكى‬ ‫المسلمين ففرض كفاية كما دل عليه ِ‬
‫القاضي عبد الوهاب فيه الجماع‪ ...‬ويحصل فرض الكفاية بأن َيشحن‬
‫المام الثغور بمكافئين للكفار مع إحكام الحصون والخنادق وتقليد المراء‬
‫أو بأن يدخل المام أو نائبه دار الكفر بالجيوش لقتالهم …[‪.‬‬
‫ل سنة مرةً إذا كان‬ ‫ماعة صـ ‪] :38‬وأقل ما يجب ك ّ‬ ‫ج َ‬ ‫‪8‬ـ تجنيد الجناد لبن َ‬
‫ت الحاجة إلى أكثَر منها وجب بقدر الحاجة‪ ،‬ول‬ ‫بالمسلمين قوة‪ ،‬فإن د َعَ ْ‬
‫ي سنة من الجهاد إل لعذر من ضعف المسلمين أو نحوه‪....‬‬ ‫يجوز أن ُيخل َ‬
‫وَيبدأ بقتال من يليه من الكفار ما لم يقصده البعد قبله[ اهـ‪ ،‬ول يخفى أن‬
‫وجود الضعف يلزم منه العداد لنصير في مستوى المطلوب وإل فكل‬
‫دره‪.‬‬‫مستطيع مقصرٍ يكون آثمًا؛ كلّ بَق َ‬‫ٍ‬
‫سَير‪] :‬قوله‪ :‬وقتال الكفار‬ ‫‪9‬ـ فتح القدير لبن الهمام في بداية كتاب ال ّ‬
‫الذين لم ُيسِْلموا وهم من مشركي العرب أو لم ُيسلموا ولم يعطوا‬
‫ب إن لم يبدءونا لن الدلة الموجبة له لم‬ ‫الجزية من غيرهم واج ٌ‬
‫تقيد الوجوب ببداءتهم‪ ،‬وهذا معنى قوله للعمومات ‪ ...‬فالمراد إطلق‬
‫العمومات في بداءتهم وعدمها‪ ،‬خلفا ً لما ُنقل عن الثوري ‪ ....‬ولقد استُْبِعد‬
‫ما عن الثوري وتمسكه بقوله تعالى‪ :‬فإن قاتلوكم فاقتلوهم‪ ،‬فإنه ل يخفى‬
‫رتُ أن أقاتل الناس‬ ‫وصريح قوله في الصحيحين وغيرهما ُأمِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫عليه َنسْخه‪،‬‬
‫حتى يقولوا ل إله إل الله الحديثَُ يوجب أن نبدأهم بأدنى تأمل[ اهـ‪ ،‬وهذا‬
‫ي على دكتورٍ أّلف في "الجهاد"‪ ،‬وراح‬ ‫خِف َ‬‫الذي يراه "الكمال" بأدنى تأمل َ‬
‫سَتدل من كلم ٍ آخَر لابن الهمام مَبتورا ً عن باقي كلمه‪.‬‬ ‫َي ْ‬
‫‪10‬ـ السيل الجرار للشوكاني ‪] :4/518‬أما غزو الكفار ومناجزة أهل‬
‫الكفر وحمُلهم على السلم أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من‬
‫الضرورة الدينية ولجله َبعث الله رسله وأنزل كتبه ومازال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله وسّلم منذ بعثه الله سبحانه إلى أن قَب َ َ‬
‫ضه إليه‬
‫ة الكتاب‬ ‫من أعظم مقاصده ومن أهم شؤونه‪ ،‬وأدل ُ‬ ‫جاعل ً هذا المر ِ‬
‫والسنة في هذا ل يتسع لها المقام‪ ،‬ول لبعضها‪ ،‬وما ورد في‬
‫مقاَتلة فذلك منسوخ‬
‫موادعتهم أو َتركهم إذا َتركوا ال ُ‬
‫بإجماع المسلمين[‪.‬‬
‫ض كفاية‪ ،‬أما جهادُ الد ّْفع فقد‬
‫كله في جهاد الطلب‪ ،‬وحكمه فر ُ‬
‫ق ّ‬‫وما سََب َ‬ ‫•‬

‫أجمع علماء المة من المحدثين والفقهاء والمفسرين قديما ً وحديثا ً على‬


‫أن الجهاد ُيصبح فرض عين في ثلث حالت‪:‬‬
‫صر العدو بلدا ً من بلد المسلمين أو احتلها‪.‬‬ ‫ح َ‬
‫الولى‪ :‬إذا َ‬
‫ف في معركة بين‬ ‫والحالة الثانية‪ :‬إذا حضر الرجل الص ّ‬
‫المسلمين والكفار‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ن‬
‫والحالة الثالثة‪ :‬إذا استنفره المام الشرعي‪ ،‬وإليك البيا َ‬
‫بالتفصيل من أقوال أهل العلم‪:‬‬
‫ل…‪: ‬‬ ‫‪1‬ـ قال القرطبي في تفسيره ‪8/151‬عند قوله تعالى ‪‬انفروا خفافا ً وثقا ً‬
‫ة يجب فيها نفير الكل … وذلك إذا تعّين الجهاد بغلبة العدو‬ ‫]وقد تكون حال ٌ‬
‫على قطر من أقطار المسلمين‪ ..‬وجب على جميع أهل تلك الديار أن‬
‫كلٌّ على َقدِْر طاقته‪،‬‬ ‫ينفروا وأن يخرجوا إليه خفافا ً وثقال ً شبابا ً وشيوخا ً ُ‬
‫ق ّ‬
‫ل‬ ‫م ِ‬‫من كان له أب بغير إذنه‪ …،‬ول يتخلف أحد يقدر على الخروج من ُ‬
‫جز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من‬ ‫ر‪ ،‬فإن ع َ‬‫مك ْث ِ ٍ‬
‫أو ُ‬
‫م أهل تلك البلدة حتى‬ ‫قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لَزِ َ‬ ‫َ‬
‫َيْعلَموا أن فيهم القدرةَ على القيام بهم ومدافعتهم… فالمسلمون كلهم ي َد ٌ‬
‫على من سواهم حتى إذا قام بدفع العدو أهلُ الناحية التي نزل العدو‬
‫عليها… سقط الفرض عن الخرين‪ ،‬ولو قارب العدو دار السلم ولم‬
‫ضة …‬ ‫ظَهر دين الله وُتحمى الَبيْ َ‬ ‫يدخلوها لزمهم أيضا ً الخروج إليه حتى يَ ْ‬
‫ةةة ةةةة ةة ةةةة فإن قيل‪ :‬كيف يصنع الواحد إذا ق ّ‬
‫صر‬
‫مد إلى أسير واحد فَيفْديه …[‪.‬‬ ‫الجميع؟ … قيل له‪ :‬يَ ْع َ‬
‫صاص في أحكام القرآن ‪] :3/114‬ومعلوم في اعتقاد جميع‬ ‫ج ّ‬
‫‪2‬ـ ال َ‬
‫المسلمين‪ ،‬أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو‪ ،‬ولم تكن فيهم مقاومة‬
‫لهم‪ ،‬فخافوا على بلدهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة المة‬
‫ف عادَِيتهم عن المسلمين‪ ،‬وهذا ل خلف فيه‬ ‫أن ي َن ِْفَر إليهم من ي َك ُ ّ‬
‫ة القعود عنهم حتى‬ ‫من َقول أحد من المسلمين إباح ُ‬ ‫بين المة‪ ،‬إذ ليس ِ‬
‫ي ذراريهم[‪.‬‬‫سب ْ َ‬
‫يستبيحوا دماَء المسلمين و َ‬
‫‪3‬ـ وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر ‪ 2/359‬دار الحديث‪] :‬الكبيرة ‪90‬ـ‬
‫ك الجهاد عند تعّينه بأن دخل الحربيون دار السلم أو‬ ‫‪91‬ـ ‪ -90] [92‬تر ُ‬
‫الجهاد من أصله ‪-92‬‬
‫َ‬ ‫ك الناسِ‬‫خذ َ مسلما ً وَأمْكَن تخليصُه منهم ‪ -91‬تْر ُ‬ ‫أ َ‬
‫ف عليها من استيلء الكفار‬ ‫ن ثغورهم بحيث ُيخا ُ‬ ‫تركُ أهل القليم تحصي َ‬
‫بسبب ترك ذلك التحصين[‪ ،‬ثم قال‪] :‬تنبيه‪ :‬عد ّ هذه الثلثة ظاهٌر ـ أي من‬
‫الكبائرـ لن كل واحد منها يحصل به من الفساد العائد على السلم وأهله‬
‫ه‪ ،‬وعليها ُيحمل ما في هذه الية والحاديث من الوعيد‬ ‫خْرقُ ُ‬
‫ما ل ي َُتدارك َ‬
‫ل ذلك فإني لم أر أحدا ً َتعّرض لهذا مع ظهوره[‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫الشديد فتأ ّ‬
‫‪4‬ـ في أحكام القرآن للتهانوي ‪ 2/331‬طبعة كراتشي‪] :‬إذا هجم الكفار على‬
‫بلد من بلد المسلمين صار الجهاد فرض عين على كل مكلف ل عذر له‪،‬‬
‫ةةةةةةة على أنهم إذا هجم العدو دار قوم من المؤمنين يجب على كل‬
‫مكلف من الرجال حرا ً كان أو عبدا ً غنيا ً كان أو فقيرا ً ممن ل عذر له من‬
‫أهل تلك البلدة الخروجُ إلى الجهاد‪ ،‬وحينئذ يكون من فروض العيان‪ ،‬فل‬
‫يظهر فيه حق العبد كالمولى والدائن والبوين كما في الصلة والصوم‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫خل‬‫وقال أبو حنيفة رحمه الله‪ :‬تخرج المرأة دون إذن زوجها؛ "لنه ل د َ ْ‬
‫ة سقط عمن وراءهم‪،‬‬ ‫للزوج في فروض العيان"؛ فإن وقع بهم الكفاي ُ‬
‫من َيليهم‬‫وإن لم يقع بهم الكفاية يجب على َ‬
‫من‬‫إعانُتهم‪ ،‬وإن قعد من يليهم يجب على َ‬
‫ب والله أعلم "من المظهري"[‪.‬‬
‫ب فالقر ُ‬
‫ءهم‪ ،‬القر ُ‬
‫ورا َ‬
‫ف أهل ث َْغر عن‬ ‫ضع ُ َ‬
‫‪5‬ـ وفي بدائع الصنائع للكاساني ]حنفي[ ‪] 7/98‬وإن َ‬
‫مقاومة الكفرة‪ ،‬وخيف عليهم من العدو فعلى من وراَءهم من المسلمين‬
‫دوهم بالسلح … والمال‪ِ ،‬لما‬ ‫م ّ‬
‫ب أن ينفروا إليهم وأن ي ُ ِ‬ ‫ب فالقر ُ‬ ‫القر ُ‬
‫ذكرنا أنه فرض على الناس كّلهم ممن هو من أهل الجهاد‪ ،‬لكن الفرض‬
‫م النفير بأن هجم العدو‬ ‫يسقط بحصول الكفاية بالبعض…… فأما إذا ع ّ‬
‫على بلد فهو فرض عين ُيفترض على كل واحد من آحاد المسلمين‬
‫ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى‪:‬انفروا خفافا ً وثقال ً‪…… ‬‬
‫َيخرج… بغير إذن؛…… لن حق الوالدين ل َيظهر في فروض العيان‬
‫كالصوم والصلة……[‪.‬‬
‫ن فرضي َّته ]أي جهاد‬ ‫‪6‬ـ قال في الدر المختار ]حنفي[‪] :‬وإياك أن تتوهم أ ّ‬
‫ل‪ ،‬بل ُيفرض على‬ ‫الطلب[ تسقط عن أهل "الهند" بقيام أهل "الروم" مث ً‬
‫ة‪ ،‬فلو لم تقع إل بكل‬ ‫القرب فالقرب من العدو إلى أن تقع الكفاي ُ‬
‫ة وصوم ٍ …[‪.‬‬ ‫رض عينا ً كصل ٍ‬ ‫ف ِ‬‫الناس ُ‬
‫ف أه ُ‬
‫ل‬ ‫ضعُ َ‬‫ونقل شارحه ابن عابدين ‪ 3/219‬عن علماء الحنفية‪] :‬وإن َ‬
‫ثغر عن مقاومة الكفرة‪ ،‬وخيف عليهم من العدو‪ ،‬فعلى من وراَءهم من‬
‫ب أن ينفروا إليهم وأن ُيمدوهم بالسلح و…‬ ‫ب فالقر ُ‬
‫المسلمين القر ُ‬
‫والمال …[ ثم قال‪] :‬وحاصله‪ :‬أن كل موضع خيف هجوم العدو منه‬
‫ظه‪ ،‬وإن لم يقدروا‬ ‫رض على المام أو على أهل ذلك الموضع حف ُ‬ ‫فُ ِ‬
‫فرض على القرب إليهم إعانتهم إلى حصول الكفاية بمقاومة‬ ‫ُ‬
‫العدو[‪.‬‬
‫هجم العدو فيخرج الكل ولو بل إذن[‬ ‫ن إن َ‬ ‫ض عي ٍ‬‫فْر ُ‬‫ـ وصـ ‪] :3/221‬و َ‬
‫جزوا أو‬ ‫وشَرح ابن عابدين‪] :‬أي على من ي َْقرب من العدو‪ ،‬فإن ع َ‬
‫تكاسلوا فعلى من يليهم‪ ،‬حتى ُيفتَرض على هذا التدريج على‬
‫سبِيَت‬‫زازية‪ :‬مسلمة ُ‬ ‫كل المسلمين شرقا ً وغربا ً … وفي البَ ّ‬
‫ب على أهل المغرب تخليصها من السر[‪.‬‬ ‫ج َ‬
‫بالمشرق وَ َ‬
‫‪7‬ـ قال الشيخ وهبي سليمان غاوجي في تعليقه على ملتقى البحر]حنفي[‬
‫‪] :1/355‬ول شك في فرضية الجهاد فرض عين على المكلفين من‬
‫المسلمين اليوم‪ ،‬ول يبقى عليهم إل ّ النفير العام إليه ‪‬وإذا‬
‫است ُن ِْفْرُتم فانفروا‪ ،‬وعسى أن يكون ذلك قريبًا[‪.‬‬
‫‪8‬ـ وفي الروضة للنووي ]شافعي[‪10/214‬حتى ‪] :216‬الضرب الثاني‪ :‬الجهاد‬
‫الذي هو فرض عين فإذا وطئ الكفار بلد المسلمين أو أ َط َّلوا عليها ونزلوا‬
‫‪16‬‬
‫باَبها قاصدين ولم يدخلوا صار الجهاد فرض عين على التفصيل الذي نبينه‬
‫إن شاء الله تعالى … ول يجب في هذا النوع استئذان الوالدين وصاحب‬
‫ة وجب على هؤلء‬ ‫الدين … … حتى إذا لم يكن في أهل البلدة كفاي ٌ‬
‫أن َيطيروا إليهم… وهذا معنى قول الَبغوي‪ :‬إذا دخل الكفار دار‬
‫السلم فالجهاد فرض عين على من قَُرب وفرض كفاية في حق من ب َُعد‬
‫… … وكيف يجوز تمكين الكفار من الستيلء على دار السلم مع إمكان‬
‫الدفع؟! والله أعلم[‪.‬‬
‫‪9‬ـ قال ابن النحاس في تهذيب مشارع الشواق في فضائل الجهاد صـ ‪:369‬‬
‫]وإذا غزا العداء بلد المسلمين‪ ،‬ولم يخرج المسلمون ـ أي أصحاب البلد‬
‫ـ لقتالهم كان قعودهم عن الجهاد كفرارهم من الزحف‬
‫ل المسلمون فل‬ ‫وتوليِتهم الدبار‪ ،‬هذا إذا كانوا أكثر من العداء أما إذا ق ّ‬
‫صنوا بانتظار‬‫َيعصون ـ أي بعدم الخروج لمواجهة العدوّ ـ ولهم أن يتح ّ‬
‫دد من إخوانهم المسلمين[ ا‪.‬هـ فيأثم من يستطيع عوَنهم ولم يفعل‪،‬‬ ‫الم َ‬
‫جز عن القتال وجب عليه العداد الحقيقي له‪ ،‬وليس العداد‬ ‫من عَ َ‬ ‫و َ‬
‫للزواج أو المتحان!!!وهذا واضح‪.‬‬
‫جع ضرس‪،‬‬ ‫صداع‪ ،‬ومن به وَ َ‬ ‫ـ وفي صـ ‪] :35‬ويجب الجهاد على أعور‪ ،‬وذي ُ‬
‫مى خفيفة‪ ،‬وعلى ذي عََرج يسير … … وإذا نزل العدو بقعة‬ ‫ح ّ‬
‫و ُ‬
‫من بلد المسلمين‪ ،‬فيجب على المسلمين في المناطق‬
‫الخرى مساعدةُ المسلمين في تلك البقعة … وعندما ينزل‬
‫من كان‬ ‫ل َ‬ ‫ت مساعدة أهل تلك البلدة على ك ّ‬ ‫جب َ ْ‬
‫الكفار بلدةً للمسلمين‪ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫على ب ُعْدِ مسافة قصرٍ عنهم‪ ،‬إن كفى هؤلء وأغَْنوا‪ ،‬وإن لم تكن بهم‬
‫ب النفير على الباقين الذين هم أ َب ْعَد ُ منهم‪ ،‬وإن خرج للكفار من‬ ‫ج َ‬‫كفاية وَ َ‬
‫ن فاَتهم الجر العظيم‬ ‫صل بهم الكفاية‪ ،‬سقط الحرج عن الباقين‪ ،‬ولك ْ‬ ‫تح ُ‬
‫والثواب الجزيل … وإذا احتل الكفار جبل ً أو سهل ً أو مكانا ً في‬
‫د عن البلدان والوطان‪ ،‬وليس فيه سكان‪،‬‬ ‫دار السلم بعي ٍ‬
‫فإنه يأخذ حكم تلك البلدة التي يحتلها الكفار‪ ،‬ويجب على‬
‫المسلمين النفير لتحرير ذلك المكان! … وقال القرطبي‪ :‬لو‬
‫ج إلى‬ ‫م المسلمين الخرو ُ‬ ‫اقترب الكفار من دار السلم ولم يدخلوها ل َزِ َ‬
‫حَفظ الحدود والثغور[ اهـ‪.‬‬ ‫حمى البلد‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫الكفار‪ ،‬حتى يظهر دين الله‪ ،‬وت ُ ْ‬
‫شرع المصّنف في‬ ‫مغني المحتاج ]شافعي[ ‪ 209 / 4‬حتى ‪ …] :220‬ثم َ‬ ‫‪10‬ـ ُ‬
‫الحال الثاني من حال الكفار وهو ما تضمنه قوله‪ :‬يدخلون بلدة لنا أو‬
‫َينزلون على جزائر أو جبل في دار السلم ولو بعيدا ً عن البلد‪ ،‬فيلزم‬
‫أهَلها الدفعُ بالممكن منهم‪ ،‬ويكون الجهاد حينئذ فرضَ عين… فإن أمك َ‬
‫ن‬
‫سب القدرة‪ ،‬حتى‬ ‫ب على كل منهم‪ ..‬بح َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ب استعدادا ً لقتا ٍ‬ ‫أهَلها تأهّ ٌ‬
‫دين ـ وعبدٍ بل إذن‬ ‫مدين ـ وهو من عليه َ‬ ‫على فقير بما يقدر عليه ووَل َدٍ و َ‬
‫جز عنهم في هذه الحالة؛ لن‬ ‫ح ّ‬
‫ل العَ ْ‬ ‫من سيد‪ ،‬وي َن ْ َ‬ ‫دين و ِ‬ ‫ب َ‬
‫من أبوين وَر ّ‬
‫‪17‬‬
‫جد ّ‬‫ب عظيم ل سبيل إلى إهماله‪ ،‬فل بد من ال ِ‬ ‫خط ْ ٌ‬ ‫دخولهم دار السلم َ‬
‫َ‬
‫في دفعه بما يمكن‪ ،‬وفي معنى دخولهم البلدة ما لو أط َّلوا عليها‪...‬‬
‫من هو دون مسافة قصرٍ من‬ ‫كم أهل بلدة دخلها الكفار‪ ،...‬و َ‬ ‫ح ْ‬
‫مّر‪ُ :‬‬ ‫ثم ما َ‬
‫ي إليهم إن‬ ‫ض ّ‬
‫م ِ‬ ‫مه كأهلها‪ ،‬فيجب عليهم ال ُ‬ ‫البلدة التي دخلها الكفار حك ُ‬
‫عذرا ً ـ المركوب لقادِرٍ على‬ ‫جدوا زادًا‪ ،‬ول ُيعتبرـ أي ل ي ُعَد ّ عدم وجوده ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ة‪.‬‬
‫المشي على الصح‪ ،‬هذا إن لم يكن في أهل البلد التي دخلوها كفاي ٌ‬
‫مهم ‪-‬في الصح‪ -‬إن َوجدوا زادا ً‬ ‫والذين هم على المسافة للقصر فأكثُر يلز ُ‬
‫ف أهُلها ومن َيليهم؛ دفعا ً عنهم‬ ‫ة بَقد ْرِ الكفاية إن لم ي َك ْ ِ‬‫ومركوبا ً الموافق ُ‬
‫وإنقاذا ً لهم‪.‬‬
‫ب على الجميع الخروج‪…،‬‬ ‫در الكفاية إلى أنه ل يج ُ‬ ‫تنبيه‪ :‬أشار بقوله بَق ْ‬
‫سروا ـ أي الكفار ـ مسلما ً‬ ‫َ‬
‫والصح‪ :‬إن كفى أهُلها لم يلزمهم‪ ،‬ولو أ َ‬
‫فالصح وجوب النهوض إليهم‪ ،‬وإن لم يدخلوا دارنا؛ لخلصه إن‬
‫توقّْعناه‪ ،‬بأن يكونوا قريبين‪ ،‬كما ننهض إليهم عند دخولهم داَرنا‪ ،‬بل أولى؛‬
‫م من حرمة الدار[ اهـ النقل من "مغني‬ ‫حرمة المسلم أعظ ُ‬ ‫لن ُ‬
‫المحتاج"‪.‬‬
‫‪11‬ـ ابن تيمية‪] :‬إذا دخل العدو بلد السلم فل ريب أنه يجب دفعه على‬
‫ب؛ إذ إن بلد المسلمين كلها بمنزلة البلدة الواحدة‪ ،‬وأنه‬ ‫ب فالقر ِ‬ ‫القر ِ‬
‫ن والد أو غريم[‪.‬‬ ‫يجب النفير إليه بل إذ ِ‬
‫ف‬
‫ص ّ‬ ‫ضر ال ّ‬ ‫شاف الِقناع للب ُُهوتي ]حنبلي[ ‪ 3/37‬دار الفكر‪] :‬ومن ح َ‬ ‫‪12‬ـ وفي ك ّ‬
‫ض الجهاد ـ وهو الذكر الحر المكلف المستطيع المسلم … ـ‬ ‫من أهل فَْر ِ‬ ‫َ‬
‫ضره عدو أو حضر بلدَه عدو أو احتاج إليه بعيد في الجهاد أو‬ ‫ن حَ َ‬ ‫كأ ْ‬
‫عذرَـ‬ ‫تقابلَ الزحفان المسلمون والكفار أو استنفره من له استنفاره ـ ول ُ‬
‫ن عليه أي صار الجهاد فرض عين عليه[‪.‬‬ ‫ت َعَي ّ َ‬

‫من‬ ‫* وفيما سبق كفاية لمن يريد الحق‪ ،‬ولك أن تتحقق بنفسك من كتب َ‬
‫جم الشك باليقين؛ فتصل إلى عََرفات‬ ‫تشاء من أهل العلم الثبات لتر ُ‬
‫خ ّ‬
‫ذلين‪.‬‬ ‫م َ‬
‫مْرجفين ال ُ‬ ‫التسليم؛ فل تكونن من ال ُ‬
‫‪3‬ـ لماذا القتال؟ لئل تكون فينا صفة المنافقين؛ فـ)من مات ولم ي َغُْز ولم‬
‫شعبة من النفاق( مسلم‪ ،‬وهذا في فرض‬ ‫دث نفسه بالغزو مات على ُ‬ ‫ح ّ‬
‫ُي َ‬
‫الكفاية فكيف بفرض العين؟ و‪‬إن المنافقين في الد ّْرك السفل من النار‬
‫ولن تجد لهم نصيرا ً ‪ ‬سورة النساء‪.‬‬
‫قال في ‪ 4/180‬إعانة الطالبين‪] :‬واعلم أنه ينبغي لكل مسلم أن ينويَ‬
‫ث نفسه به حتى َيسَْلم من الوعيد الوارد ‪...‬‬ ‫حدّ َ‬ ‫الجهاد في سبيل الله ويُ َ‬
‫وينبغي الكثار من سؤال الشهادة[‪.‬‬
‫ذبنا الله عذابا ً أليمًا‪ :‬إل ّ تنفروا ي ُعَذ ّْبكم عذابا ً أليما ً‬ ‫‪4‬ـ لماذا القتال ؟ لئل ي ُعَ ّ‬
‫ضّروه شيئا ً والله على كل شيء قدير‪ ،‬والنفير‬ ‫ل قوما ً غيركم ول ت َ ُ‬ ‫وَيستبد ْ‬
‫معروف‪ ،‬ومن ورائه القتال‪ ،‬ولم ي َُقل تعالى‪ :‬إل تدرسوا ُيعذ ّْبكم… فلماذا‬
‫‪18‬‬
‫مب َّرزين في دراستهم هل‬ ‫َنقلب الموازين؟ ولو صار كل شباب البلد من ال ُ‬
‫س تفكرون؟‬ ‫سيخرج اليهود من بيت المقدس؟ فبأيّ عقل يا نا ُ‬
‫مهم الله بعذاب( قال المنذري‪ :‬الطبراني بإسناد‬ ‫ـ )ما ت ََرك قوم الجهاد إل عَ ّ‬
‫س التجويد‬‫جرؤ أن تقول‪ :‬إن من يترك الدراسة أو درو َ‬ ‫حسن؛ فهل ت َ ْ‬
‫م بالعذاب؟!‬ ‫سي ُعَ ّ‬
‫جّهز غازيا ً أو َيخُلف غازيا ً في أهله بخير أصابه الله بقارعة‬ ‫ـ )من لم ي َغُْز أو ي ُ َ‬
‫قبل يوم القيامة( أبو داود بإسناد قوي‪ ،‬فهل تعتقد أنك بترك دراستك‬
‫ة أو بترك عملك في المتجر أو المعمل هل تعتقد أن‬ ‫القتصاد َ أو الهندس َ‬
‫الله سيصيبك بقارعة كما سيصيبك بها بتركك الغزو في سبيل الله؟‬
‫وانتبه فالكلم هنا عن الغزو= جهاد الطلب‪ ،‬فكيف بجهاد الد ّْفع؟‬
‫تركه فليس منا أو فقد عصى( مسلم‪ ،‬فكيف بمن لم‬ ‫َ‬ ‫ـ )من تعّلمَ الرمي ثم‬
‫ي َْرم ِ في حياته! وفي رواية أبي داود والترمذي‪…) :‬ومن ترك الرمي‬
‫ة عنه فإنها نعمة تركها‪ ،‬أو قال‪ :‬كفَرها( والحديث حسن؛‬ ‫مه رغب ً‬ ‫بعدما عَل ِ َ‬
‫كد على‬ ‫ضل شيئا ً على القتال وت َُز ّ‬
‫هد بالقتال‪ ،‬ثم ت ُؤَ ّ‬ ‫ب وت َُف ّ‬ ‫فكيف ت َُرغّ ُ‬
‫ن‬
‫ذلك؟! وكان العلماء القدمون كأحمد وغيره َيرمون وقد طعنوا في الس ّ‬
‫من تعّلم ثم نسي‪.‬‬ ‫خشية أن َيدخلوا في عموم َ‬

‫‪ ‬ةةةة ةةةةةة ةةة ةةةةةةة ةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة‬


‫ةةةةةة ةةةةة!‬
‫‪5‬ـ لماذا القتال؟ لنحقق أمر الله في إرهاب العدو والغلظ عليهم؛ فُترفعَ عنا‬
‫مهابة في قلوب أعدائنا‪ ،‬فنحيا الحياة اللئقة‪،‬‬ ‫الذلة‪ ،‬وتعود َ لنا العزة وال َ‬
‫ل من ترك القتال‪ ،‬فالقتال هو السبيل المنطقي‬ ‫ون َّتقي فساد َ الرض الحاص َ‬
‫الوحيد اليوم للتمكين‪ ،‬وإليك الدلي َ‬
‫ل‪:‬‬
‫عليهم؟‬
‫‪‬‬ ‫مرَ ربنا نبيّه ‪‬يا أيها النبي! جاهد الكفار والمنافقين …واغُلظ‬ ‫ما أَ َ‬‫ـأ َ‬
‫دوا لهم ما است َط َعُْتم من‬
‫وأع ّ‬
‫ظة‪َ ، ‬‬‫ما قال للمؤمنين‪ :‬ول َْيجدوا فيكم ِغلْ َ‬ ‫أ َ‬
‫هبون به عدو الله وعدوكم‪‬؟‬ ‫قوة ومن رَِباط الخيل ت ُْر ِ‬
‫ما ذََكر صفة الصحابة الكرام ‪‬أشداُء على الكفار‪‬؟! فأين شدتكم؟ أين‬ ‫أ َ‬
‫ل‬ ‫شعركم وقصصكم وندواتكم وك ّ‬ ‫غلظتكم؟‪ ..‬في تصانيفكم ودراستكم و ِ‬
‫إعدادكم السلمي المزعوم؟!‬
‫حسبون ما تصنعونه لونا ً من ألوان الشدة وإرهاب العدو؟!‬ ‫أم أنكم حقا ً تَ ْ‬
‫س إل قليل ً‪‬؟ فأنتم ل قليل ً‬ ‫هل تعلمون فيمن نزلت هذه الية‪:‬ول َيأتون البأ َ‬
‫ول كثيرًا‪ ،‬بل كثيرا ً وكثيرا ً ما ُتثّبطون المجاهدين‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫أين إغاظتكم للكفار وإرهابكم لهم؟! إن الِغلظة ل توجد حقيقةً إل مع‬
‫الرشاش!‬
‫جبون‬ ‫ش ُ‬ ‫ددون به وت َ ْ‬ ‫هب كتابا ً تنشرونه ت ُن َ ّ‬ ‫وهل أنتم حقا ً مقتنعون أن العدو ي َْر َ‬
‫جعون ـ عفوًا‪ُ :‬تجاهدون ـ على الطريقة الحديثة؟‬ ‫وُتجَعْ ِ‬
‫سمع مسلما ً َرفع السلح ولو كان سكينًا‪ ،‬كيف‬ ‫ن َ‬ ‫صه خوفا ً إ ْ‬ ‫لكنه ت َْرت َِعد َفرائ ِ ُ‬
‫خَلبه‪ ،‬والسيف أصدق إنباءً من الكتب‬ ‫عصفورا ً ي َُقّلم ظ ِْفَر ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل؟ تخاف الباز ُ‬
‫ب!‬ ‫والكلم الكذ ِ‬
‫ة تفجيرٍ لليهود مثل ً‬ ‫ب َدّبر عملي َ‬ ‫ـ وأيهما أعظم أثرا ً في قلوب العداء‪ :‬شا ّ‬
‫ب دخل "كلية العمارة والفنون‬ ‫ح لكنهم اعتقلوه فأعدموه أم شا ّ ٌ‬ ‫ج َ‬‫فنَ َ‬
‫ل في مراحل السنوات كّلها؟‬ ‫الجميلة" وكان الوّ َ‬
‫ظت‬ ‫ل َتدخل به َفرعا ً ل ُيعيد الرض المحتلة‪ ،‬وقد اكت ّ‬ ‫ماذا ينفع مجموعٌ كام ٌٌ‬
‫ت من المجاهدين‪.‬‬ ‫بلدنا بالطباء والمهندسين والصيادلة‪ ،‬لكنها ن َد ََر ْ‬
‫مارة" في القتال؟ وكم واحدا ً نحتاج من هؤلء الوائل في‬ ‫وما فائدة "العَ َ‬
‫ملتزمين كي يكونوا‬ ‫د ُْفعاتهم حتى يَقتنع الناس بجدوى السلم ومصداقية ال ُ‬
‫معهم ضد حكوماتهم المنحرفة؟‬
‫خْلقية لهذا التبريز المطلوب؟‬ ‫هلت ال َ‬ ‫ملتزمين عندهم المُؤ ّ‬ ‫وهل ك ّ‬
‫ل ال ُ‬
‫سب‬ ‫عادل المكاسب منه والتي ‪-‬على ح َ‬ ‫وهل الوقت المبذول لهذا التبريز يُ ِ‬
‫زد على كلمات الثناء والطراء من غير الملتزمين؛ حتى إذا ما‬ ‫ما نرى‪ -‬لم ت َ ِ‬
‫سب كـ]رْفض فصل الدين‬ ‫جَهه السلمي في الثوابت فح ْ‬ ‫أظهَر الشاب تو ّ‬
‫دحَهم‬ ‫عن الدولة‪ ،‬حجاب المرأة‪ ،‬رْفض الصلح الدائم مع اليهود‪ [..،‬ترى م ْ‬
‫مًا؟‬‫عادَ ذ ّ‬
‫ظ ما ل ُيفيد‬ ‫حْف ِ‬ ‫شر ـ على دراسةِ أو ِ‬ ‫ث ـ بشكل غير مبا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫فأيّ معًنى ل ِل ْ َ‬
‫قطعا ً في ميدان القتال ]كتاريخ الحزب الحاكم ومنجزاته وأسماء علماء‬
‫الكيمياء في العاَلم وأول من اخترع القطار‪ ،‬وكم كيلو مترا ً تقطع عقارب‬
‫ل من المعلومات‪،‬‬ ‫دنا" )!( بأرطا ٍ‬ ‫ج "مجاه ُ‬ ‫"بيغ بن" في السنة ‪ [...‬ثم يتخّر ُ‬
‫لكنه ل يعرف حتى الن صنع قنبلةٍ ُترهِب العدو من المواد الكيميائية التي‬
‫بين يديه!! فأيّ إعداد هذا أيها العقلء؟؟!!‬
‫صّرون أن التبريز في هكذا كلياتٍ سيساهم في تحرير فلسطين!!!!‬ ‫ثم ي ُ ِ‬
‫ه المستعان‪.‬‬ ‫والل ُ‬
‫ضحوك الَقّتال‪ :‬راجع بداية ابن كثير[ وليس الضحوك‬ ‫ة رسولنا‪] :‬ال ّ‬ ‫صَف ُ‬‫ـو ِ‬
‫صاحب المهرجان والقصة والرواية والمطبعة الفلنية‪ ،‬ومركزُ كذا‬
‫)قّتال(‪...‬‬ ‫للتسويق‪ ،‬ومجمع الدراسات للعلوم السلمية الفلني‪ ،‬إنما‬
‫ة في القتل‪.‬‬ ‫)قّتال(‪ ،‬نعم قَّتال بوزن فَّعال مبالغ ً‬
‫وفي السيرة ]البداية والنهاية ‪ [3/46‬أنه ‪ ‬قال لقريش ـ وهو في مكة قبل‬
‫أن ُيكتَب عليهم القتال ـ‪) :‬جئُتكم بالذ ّْبح(‪ ،‬ولم يَُقل‪ :‬بالحوار والندوات‬
‫والمؤتمرات والمظاهرات السلمية!‬

‫‪20‬‬
‫ي القتال‬ ‫سوغ لمسلم أن ُيلغ َ‬ ‫ض الدعوة قبل البدء بالقتال‪ ،‬ولكن ل ي َ ُ‬ ‫نعم ت ُعَْر ُ‬
‫هبون به‬ ‫ق لية الرهاب ‪‬ت ُْر ِ‬ ‫ل ُ َ‬ ‫فَيصير السلم بل ذروة‪ ،‬بل المسلم أو ُ‬
‫مطب ّ ٍ‬
‫ت بالّرعب مسيرةَ شهر …‪:‬‬ ‫صْر ُ‬ ‫عدو الله وعدوكم‪ ،‬وقد قال ‪) :‬ن ُ ِ‬
‫ب العدو؟‬ ‫صحيح(‪ ،‬فهل إعدادكم ُيرعِ ُ‬
‫أما اليوم فاليهود تريد أن تذبحنا‪ ،‬فإن انتفضنا فنحن غير مؤدبين!‬
‫ب شائنة كالرهابيين والمتطرفين‬ ‫فتراهم يلقبون المجاهدين بألقا ٍ‬
‫حون بأنفسهم في‬ ‫ض ّ‬
‫والمتشددين ونحوها‪ ,‬إرهابيون ومتطرفون لنهم ي ُ َ‬
‫قتال الصهاينة والروس والبوذيين والمريكيين ومن على شاكلتهم‪.‬‬
‫أصبح الدفاع عن العراض همجيّة!‬
‫فإذا كان الرهاب هكذا فنحن إرهابيّون‪ ،‬والرهاب فريضة في دين الله! بل‬
‫ما من شك أننا وإخواَننا المجاهدين إرهابيون بهذا المعنى؛ أي‪ُ :‬نرهب‬
‫أعداء الله تنفيذا ً لمره سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ـ وقال ‪ ‬وهو على المنبر‪) :‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة‪ ،‬أل إنّ القوة‬
‫ي‪ ،‬أل إن القوة الرمي‪ ،‬أل إن القوة الرمي( مسلم وأبو داود‪ ،‬وعند‬ ‫الرم ُ‬
‫وكم(‪ ،‬وفي أوسط الطبراني‪:‬‬ ‫ن خيرِ لَْه ِ‬ ‫م ْ‬‫البّزار)عليكم بالرمي؛ فإنه خيُر أو ِ‬
‫)فإنه من خير ل َعِِبكم( وإسنادهما جيد قوي؛ فأين القوة في إعدادكم‬
‫الموهوم الذي ل ُيخيف الكفار؟‬
‫ت بالسيف بين يدي الساعة حتى ُيعَبد الله وحده ل‬ ‫ـ وهو القائل ‪) :‬ب ُعِث ْ ُ‬
‫صغار على مَن‬ ‫جعل الذل وال ّ‬ ‫ل رزقي تحت ظل رمحي‪ ،‬و ُ‬ ‫جعِ َ‬‫شريك له‪ ،‬و ُ‬
‫من َتشّبه بقوم فهو منهم…‪ :‬أحمد وهو صحيح(‪ ،‬ولم يقل‪:‬‬ ‫خالف أمري‪ ،‬و َ‬
‫ف المم المتحدة؟‬ ‫مة واستعطا ِ‬ ‫ت بالحوار والعَوْل َ َ‬ ‫ُبعثْ ُ‬
‫ما قال عن‬ ‫ف الدواَء؟ أ َ‬ ‫ويص ِ‬ ‫ص لنا طبيب هذه المة ‪ ‬الداَء َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫م يُ َ‬‫ـ أل َ ْ‬
‫مهابة أعدائنا لنا‪:‬‬ ‫ت به المة وعدم ِ َ‬ ‫ن الذي ابُتلي َ ْ‬ ‫ب الوَهَ ِ‬‫غثائي ِّتنا‪ ،‬وأسبا ِ‬ ‫سبب ُ‬
‫)حّبكم الدنيا وكراهيتكم القتال‪ :‬إسناده جيد( كما في رواي ٍ‬
‫ة‬
‫ة الدراسة أو كراهية النجاِح في المتحان أو كراهية‬ ‫لحمد‪ ،‬وليس كراهي َ‬
‫ل درجة "ممتاز" في الكلية‪ ،‬فعلم ل نأخذ ُ الدواء ونعود إلى القتال ‍‬
‫؟!‬ ‫ني ِ‬
‫َ‬
‫صَعتها! فقال‬ ‫ن َتداعى عليكم كما َتداعى الك ََلة إلى قَ ْ‬ ‫شك المم أ ْ‬ ‫نعم )ي ُوْ ِ‬
‫غثاء كُغثاء‬ ‫ن قِل ّةٍ نحن يومئذ؟! قال‪ :‬بل أنتم يومئذ كثير‪ ،‬ولكنكم ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قائل‪ :‬و ِ‬
‫ه في‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ة منكم‪ ،‬ول َي َْقذِفَ ّ‬ ‫مهاب َ َ‬ ‫ه من صدور عدوكم ال َ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫سيل‪ ،‬ول َي َن ْزِعَ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫هن؟ قال حب الدنيا‬ ‫ل‪ :‬يا رسول الله وما الو ْ‬ ‫هن‪ ،‬فقال قائ ٌ‬ ‫قلوبكم الوَ ْ‬
‫ض طَْرفَنا‬ ‫مض أعيننا ون َغُ ّ‬ ‫وكراهية الموت‪ :‬أبو داود وهو صحيح(‪ ،‬فعلم ن ُغْ ِ‬
‫ك القتال؟!‬ ‫عن العِّلة الولى‪ :‬تر ِ‬
‫حّثون على كثير مما ل ُيساهم حقيقة في إخراج المحتل من بلد‬ ‫يا من ت َ ُ‬
‫ة أو اجتماعية أو‬ ‫المسلمين إن الطبيب لم ي َُقل‪ :‬أزمُتكم تربوية أو اقتصادي ٌ‬
‫من عدم التبريز في الجامعات أو لقلة مهندسي العمارة! إنما‬ ‫ة! أو ِ‬ ‫إعلمي ‍‬
‫)كراهيتكم القتال(‪ ،‬والطبيب كان يتكلم عن حالة مستقبلية ستصيب المة‬

‫‪21‬‬
‫خص الداء ووصف لنا الدواء‪ ،‬ونرى الن بأعيننا كيف َيطفو كثيرون‬ ‫فش ّ‬
‫كالغثاء في طروحاتهم لحل أزمة المسلمين‪.‬‬
‫ور أنت غثاء السيل! سترى أول صفتين مشتركتين لكل الغثاء بأنواعه‬ ‫وتص ّ‬
‫جميعا ً وعلى كافة المستويات هما‪ :‬السطحية والعشوائية! وهكذا كثير من‬
‫ظرين اليوم!‬ ‫من َ ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ة أو غربية بسطحية وعشوائية؛ سطحيةٍ ل تغوص إلى‬ ‫ي ُْلقون الحلول شرقي ً‬
‫كنات"‪ ،‬بل ت ُْقنع نفسها بحجج عرجاء أن‬ ‫س ّ‬‫م َ‬‫ذات السرطان وتكتفي بـ"ال ُ‬
‫كن هو العلج الفعال للداء الُعضال‪.‬‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬‫هذا ال ُ‬
‫من ُيحاول اعتزال‬ ‫يسير هذا الغثاء مع جبروت ماء النهر‪ ،‬وصارالجيد اليوم َ‬
‫ي فَيكتفي بالقنوات السلمية‬ ‫جَنبات النهر‪ ،‬أما السطح ّ‬ ‫الصدام إلى إحدى َ‬
‫والعدادات الوهمية؛ فمنهم من َيكتب في كشف حقيقة النهر وظلمه‬
‫وغطرسته ظانا ً أن هذا ُيعفيه من فراره من القتال‪ ،‬ومنهم ُيقنعه الشيطان‬
‫أن أسلم الحلول أن تمدح النهر عساه ُيشفق يوما ً ما على هذا الغثاء‬
‫ت غفيرة وأحاديث وفيرة داعما ً‬ ‫الهائم‪ ،‬فإذا ما قام امرؤٌ واستند إلى آيا ٍ‬
‫منهجه بوقائع تاريخية كثيرة إذا ما قام ببناء سد ّ ليقاف النهر أو على القل‬
‫ت‬‫ل من القل‪ :‬على التحريض لبناء السد ّ رأي َ‬ ‫بالعداد لبناء السد ّ أو على أق ّ‬
‫ل هذا الغثاء اتحد َوحدة تاريخية لَيصوغ عبارة واحدة شديدة وحاسمة‪:‬‬ ‫ك ّ‬
‫ور"!‬ ‫"مته ّ‬
‫ل هذا الغثاء َيشترك بـ "كراهية القتال" وإن اختلفت السباب؛ فمنهم‬ ‫وك ّ‬
‫جْبنًا‪ ،‬ومنهم لبعد نظره!!! لن أكثر من محاولةٍ في أنهارٍ أخرى باءت‬ ‫ُ‬
‫بالفشل حين حاولوا بناء سد ّ لنهرهم المتغطرس إذا ً فالحل السديد عنده‬
‫ف بما وضعه لنا النهر من حدود!!!‬ ‫أن نتحاشى بناء السدود وْلنكت ِ‬
‫إني لفتح عينِي حين أفتحها على كثير ولكن ل أرى أحدًا!!‬

‫فة خاصة مع الحضارة والقتصاد والعلم والزراعة‬ ‫وقْ َ‬


‫• ِ‬
‫ونحوها‪...‬‬
‫ب حضارة ـ بالمعنى المعاصر‬ ‫ـ هل كان الرعيل الول الحفاةُ العراةُ أصحا َ‬
‫ـ؟!‬
‫خرجوا‬‫ف َ‬
‫جل ٌ‬ ‫َ‬ ‫إنهم في ن َ َ‬
‫شأ ْ‬‫ظر أصحاب الحضارة في يومهم ـ الفرس ـ أوبا ٌ‬
‫جل لقمة العيش‪ ،‬لكنهم بتمسكهم بأمر رسولهم ‪ ‬بالغزو‬ ‫َ‬
‫كالوحوش من أ ْ‬
‫والجهاد ساروا رغم افتقادهم للحضارة من منظور معاصريهم‪.‬‬
‫ت‪ ،‬فهل نعد ّ المويين الذين انحرفوا ـ‬ ‫ميَقا ٍ‬
‫ت وت َن ْ ِ‬ ‫فليست الحضارة َزْرك َ َ‬
‫شا ٍ‬
‫من حيثُ المجموعُ ـ عن هدي السلف الصالح هل نعدهم بما عندهم من‬
‫سَبقهم من السلف‬‫دهم خيرا ً ممن َ‬ ‫ب مفهوم العصر ـ هل ن َعُ ّ‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬‫حضارة ـ َ‬
‫الصالح؟‬

‫‪22‬‬
‫وهل المأمون المعتزلي بعصره الحضاري الذهبي ـ كما في كتب التاريخ في‬
‫كره الضا ّ‬
‫ل‬ ‫ذب علماء السنة بِف ْ‬ ‫مدارس بلدنا العربية ـ هل المأمون الذي عَ ّ‬
‫سب ََقه؟‬‫خيٌر ممن َ‬
‫ن‬‫ف والف ّ‬‫وهل َبنو عُب َي ْدٍ الفاطميون بعهدهم الراقي من حيث الزخار ُ‬
‫ة مارقون من الدين عند‬ ‫السلمي ـ على حد تعبيرهم ـ هل هم إل زنادق ٌ‬
‫ح نسبهم المزعوم!!‬ ‫سَير والتاريخ حتى وإن ص ّ‬ ‫المحققين من جهابذة ال ّ‬
‫سخاوي‬ ‫نعم هكذا هم عند علماء السلم المؤرخين كالذهبي وابن كثير وال ّ‬
‫ومن ت َِبعهم بإحسان من علماء السنة‪.‬‬
‫ون من شأن العلم في زماننا‪ ،‬فالجهاد باللسان والقلم‬ ‫معاذ الله أن نه ّ‬ ‫و َ‬
‫مما يؤّثر كثيرًا‪ ،‬وهذا يشمل كل قول يكون من شأنه تقوية معنويات‬
‫الجند‪ ،‬وتحطيم معنويات العدو كالشعر والخطابة وإشاعة انتصارات‬
‫المسلمين وهزائم أعدائهم‪ ،‬ومن ذلك رفع الصوات بالتكبير والذكر عند‬
‫الحملة على العدو‪ ،‬وتحميس الجيوش وتشجيعهم ووعدهم بالنتصارات‬
‫وهزيمة أعدائهم‪ ،‬وكذلك الدعاء لهم بالنصر والتأييد‪..‬إلخ‪ ،‬ومواقعُ النترنت‬
‫مسد ّا ً طيبًا‪ ،‬ولذا كان الرسول ‪ ‬يهتم بهذا النوع من الجهاد ـ‬ ‫اليوم تسد ّ َ‬
‫أي الجهاد باللسان ـ فيأمر شعراء المسلمين كحسان وعبد الله بن رواحة‬
‫وكعب بن مالك بأن ي َْهجوا خصومه من الكفار كما جاء عند مسلم‪:‬‬
‫ق بالنبل(‪ ،‬وقال ‪‬‬ ‫ش ٍ‬ ‫)اهجوا قريشا ً فإنه أشد عليها من َر ْ‬
‫لحسان‪) :‬اهجهم وروح القدس معك(‪.‬‬
‫خرجوا في مشارق الرض ومغاربها‬ ‫ن هل انتظر الفاتحون الوائل يوم َ‬ ‫ولك ْ‬
‫محلل ً سياسيا ً‬ ‫م إسلمي متميز بين فارس والروم؟ وكم ُ‬ ‫أن يتيسر لهم إعل ٌ‬
‫ة كانوا ي َب ُّثون على الموجات‬ ‫واجتماعيا ً كان لديهم؟ وكم قناةً فضائي ً‬
‫الطويلة والقصيرة والموجات العرجاء؟ وهل كان المذيعون على آخر‬
‫ت!!‬ ‫"موضة"؟‪ ......‬حقًا! لقد هَُزل َ ْ‬
‫َ‬
‫ة؟ فأين هي أمام ضربات البرتغال والسبان؟‬ ‫مر حضار ٌ‬ ‫أَلم يكن للهنود ال ُ‬
‫ح ْ‬
‫ألم يكن للهند حضارة؟ فماذا ن ََفَعت أمام ضََربات بريطانية؟‬
‫ت حضارةُ القوة‬ ‫ت قوة المنطق‪ ،‬وإذا عَل َ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫خرِ َ‬
‫فإذا ساد منطق القوة َ‬
‫ض ‪ /50/‬طبيبا ً أم ‪ /50/‬عسكريًا؟!‬ ‫حّرُر الر َ‬ ‫ت قوة الحضارة؟ وهل سي ُ َ‬ ‫تل َ‬
‫ش ْ‬
‫وهل سادت "أمريكة" في مطلع القرن الحادي والعشرين بحضارتها أم‬
‫بقوتها؟‬
‫تعلم الخط العربي‬ ‫شء الجديد على ّ‬ ‫حثون الن َّ ْ‬ ‫ولو كنتم صادقين هل كنتم ت َ ُ‬
‫جْهتموهم‬ ‫بفنونه لنه من الجمال و)إن الله جميل يحب الجمال(؟ أم كنتم وَ ّ‬
‫كل المعتدين خارج البلد؟‬ ‫ـ وبشدة ـ إلى كل ما َيخدم قضية القوة التي ت َْر ُ‬
‫ك‬‫ت‪ :‬يا قومنا وهل تنفع الخطوط العربية والزركشات السلمية!! لف ّ‬ ‫فإن قل َ‬
‫ف النظر!‬ ‫سر المأسورين أو ط َْرد المحتلين؟ لقالوا بلسان الحال‪ :‬يا ضعي َ‬ ‫أ ْ‬
‫نحن ن ُعِد ّ للمستقبل لتخطيط "لفتة" أمير المؤمنين!!! وقل أنت بلسان‬
‫فمك‪" :‬اللهم فاحفظ علينا العقل والدين"‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫كزوا في مجال الطب على ما يفيد المجاهدين من‬ ‫ولو كانوا صادقين لَر ّ‬
‫جراحة عظمية و… ل على التوليد وتحديد النسل وجراحات التجميل!‬
‫حقين الد ّْوليين السلميين!! َفبها‬ ‫مل َ‬ ‫اللهم إل أن ينووا بها تغيير ملمح ال ُ‬
‫ت‪.‬‬
‫م ْ‬‫ون ِعْ َ‬
‫ض مدينتك هل تخرج‬ ‫جه بسؤال‪ :‬إذا هاجم العدو أر َ‬ ‫وإلى عُّباد الحضارة أتو ّ‬
‫ضَر وُتكمل دراستك؟ وهل في السلم‬ ‫ح ّ‬ ‫لقتاله بما تستطيع أم تهرب لتت َ‬
‫إقليمية؟ إن بلد السلم واحدة! فهل نقول لطفال الحجارة‪ :‬اخرجوا‬
‫حْرب َُنا حرب حضارة ل سلح؟!! سبحان الله!‬ ‫وادرسوا القتصاد والجتماع فَ َ‬
‫ولو تجاوََزت اليابان حدودها المسموحة اليوم كيف سيكون مصيرها رغم‬
‫مها الحضاري والقتصادي؟! فماذا استفادت إذا كانت حتى الن ل‬ ‫عظَ ِ‬ ‫ِ‬
‫حول لها ول قوة عسكريًا؟‬
‫ـ )إذا تبايَْعتم بالِعينة وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد‬
‫عه حتى ت َْرجعوا إلى دينكم‪ :‬أبو داود بإسناد‬ ‫سّلط الله عليكم ذل ً ل ي َن ْزِ ُ‬
‫ن الناس بالدينار‬ ‫حسن‪ ،‬وقال الشيخ شاكر‪ :‬صحيح(‪ ،‬وفي رواية‪) :‬إذا ض ّ‬
‫داِرمي والبيهقي وهو صحيح(‪،‬فالذل‬ ‫َ‬
‫والدرهم … أن َْزل الله بهم بلء…‪ :‬ال ّ‬
‫ضل العداد‬ ‫لنشغالهم بالمال والقتصاد وتركهم القتال‪ ،‬فكيف تأتي وت َُف ّ‬
‫القتصاديّ على العداد القتالي؟‬
‫ق‪ ،‬والسلحُ في‬ ‫إنما النصاف أن تأخذ من المال ما يكفي للقتال ثم تنطل َ‬
‫متوّفر فأين العداد العسكري؟ أين التدريب والتمرين‬ ‫السواق السوداء ُ‬
‫دوا له عُد َّة‪ ،‬ففي المعركة القتالية‬ ‫لعَ ّ‬‫أيها المجاهدون!؟ ‪‬ولو أرادوا الخروج َ‬
‫ة التي تَستعمله‪ ،‬فكل‬ ‫ة لشراء السلح‪ ،‬والقدرةَ البشري َ‬ ‫نحتاج القدرةَ المالي َ‬
‫مي ّْعنا مدلول العداد‬ ‫ما يحقق هذين سريعا ً فهو إعداد ٌ قتالي‪ ،‬وإل فلو َ‬
‫ت…‪ ،‬فهذه حيلة شيطانية‪ ،‬مع‬ ‫ص البطولية والروايا ِ‬ ‫ليشمل الشعار والقص َ‬
‫جب ـ باتفاق العقلء‬ ‫ف إعلميا ً وَ َ‬ ‫جم على بلدٍ إسلميّ ضعي ٍ‬ ‫أن العدو إذا هَ َ‬
‫ض الشعر‬ ‫ج لقتاله بالسلح ]كلش ـ ‪ RBJ‬ـ…[ ل ب َِقْر ِ‬ ‫والمجانين ـ الخرو ُ‬
‫ضهم إلى العداد‬ ‫ول فر ُ‬ ‫جَز أهله َتح ّ‬ ‫سج القصص‪ ،‬فإنْ عَ َ‬ ‫وَنثر النثر ونَ ْ‬
‫ة‬
‫ي أو إذاع ِ‬ ‫ث فضائ ّ‬ ‫لخراج العدو ‪ -‬بالدبابات والـ ‪ -....‬ل لخراج شبكة ب َ ّ‬
‫صوت المسلمين أو لَرد ّ شبهات المستشرقين أو لتحرير المجلت أو‬
‫لتوزيع الشرطة‪ ،‬فصحيح أننا لن َنخرج لقتالهم بالسيف والخنجر لكننا أيضا ً‬
‫ـ وقطعا ً ـ لن نخرج لقتالهم بإذاعة صوت المسلمين أو بالقتصادي العظيم‬
‫حرير …… وهل ُيغني هؤلء‬ ‫أو بدكتور الجتماع القدير أو بالمهندس الن ّ ْ‬
‫شيئا ً أمام المدفع والـ ‪…… RBJ‬؟‬
‫من ترك الجهاد ل من تخلفنا القتصادي أو السياسي أو العلمي‬ ‫فذِل ُّتنا أول ً ِ‬
‫دث عن‬ ‫ح ّ‬
‫ة! و َ‬ ‫أو التكنولوجي وإن كان تخّلفنا في هذه المجالت مصيب ً‬
‫معاذ َ الله أن نقول‪ :‬إننا ل نحتاج إلى العلم أو ل تحتاج‬ ‫حرج‪ ،‬و َ‬ ‫البحر ول َ‬
‫جتنا إلى القتال أكبُر!‬ ‫ن حا َ‬ ‫إلى التبريز في الجامعات لك ّ‬

‫‪24‬‬
‫ق صار له أسبوعان لم يأكل‪ ،‬أَوكنت تأتيه بطعام أم ُتنقذه من‬ ‫ً‬
‫تماما كغري ٍ‬
‫؟! وهو جائع قاَرب الموتَ من جوعه!!‬ ‫غََرقه ‍‬
‫؟! نعم إن‬ ‫من ابُتلي ببعوضة وعقرب أيلحق البعوضة ويذ َُر العقرب ‍‬ ‫و َ‬
‫م!‬
‫م اله ّ‬ ‫ت!! وإل ن َُقد ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫استطعنا دفعَهما كليهما فَِبها ون ِعْ َ‬
‫ل بتصنيف‬ ‫ح ّ‬‫ت هل ت ُ َ‬ ‫شا وسرقا ٍ‬ ‫ل أزمتنا القتصادية من رِب ًا وُر ً‬ ‫ح ّ‬ ‫أجيبوا‪ :‬هل ت ُ َ‬
‫دعُ هؤلء……؟ فأين هي؟‬ ‫الكتب أو دراسة القتصاد أم بقوةٍ ت َْر َ‬
‫مث َّبطين عن القتال‪ :‬كم اقتصاديا ً بارعا ً نحتاج حتى‬ ‫ضرات ال ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ولو سأْلنا َ‬
‫ول حينا ً‬ ‫س ّ‬‫عدد ل نهائي؟! ويظل الشيطان ي ُ َ‬ ‫س أمتنا الصعداَء؟! إنه َ‬ ‫تتنّف َ‬
‫مّر في‬ ‫مَعت المة مال ً قال‪ :‬هذا ل يكفي للقتال؛ است ِ‬ ‫بعد حين‪ ،‬فكلما جَ َ‬
‫ن‬‫ت حي َ‬ ‫ة "ول َ‬ ‫الجمع لشراء السلح‪ ....‬وهكذا ينقضي العمر‪ ،‬وتأتي ساع ُ‬
‫دم"‪.‬‬‫من ْ َ‬
‫َ‬
‫عسرته‬ ‫جب الجهاد خرج رغم ُ‬ ‫َ‬
‫هاهو رسولنا ‪ ‬ـ ولنا فيه أسوة حسنة ـ لمّا و َ‬
‫سميت "غزوةَ الُعسرة"‪ ،‬ومع أن‬ ‫وضعفه القتصادي خرج وصحابَته‪ ،‬حتى ُ‬
‫كل التحليلت السياسية والعسكرية ‪-‬في أيامهم!!‪ -‬كانت تشير أنها نهاية‬
‫دولة السلم‪ ،‬لكن رسولنا الحكيم صاحب الخبرة والحكمة الذي ل َيجرؤ‬
‫صَفه بالتهور لم يجلس ي ُعِد ّ اقتصاديا ً أو إعلميا ً أو حضاريا ً و…‪ ،‬بل‬ ‫أحد ٌ أن ي َ ِ‬
‫دة وانطلق بخلف الكاذبين في عصرن‍ا!! الذين‬ ‫أخذ ما استطاع من عُ ّ‬
‫دون حقًا! وهل‬ ‫دون ـ بزعمهم ـ حتى يدخلوا القبو‍ر! ويا ليتهم ي ُعِ ّ‬ ‫سي َب َْقون ي ُعِ ّ‬
‫خر! رحم الله صحابة رسولنا ‪‬‬ ‫الذي ي ُعِد ّ حقيقة يجعل بيَته بهذا الثاث الفا ِ‬
‫في غزوة الُعسرة لّما أعَّدوا حقا ً قبل المعركة! وبذلوا النفس‬
‫والنفيس‪.‬‬
‫ما خرجوا في بدرٍ عسى أن َيظفروا بقافلة قريش؟ فهم خرجوا‬ ‫ومن قبلها أ َ‬
‫لي َغَْنموا وما كان عندهم اقتصاد الدول الصناعية الكبرى‪.‬‬
‫جعل تحت ظل رمحه‪ ،‬فليس القتصاد‬ ‫ة ُ‬ ‫مِته عام ً‬ ‫بل إن رزق رسولنا ‪ ‬وأ ّ‬
‫لنجاح المعركة وإل وقَْعنا في "مسألة‬ ‫القوي شرطا ً‬
‫دور"‪ :‬أنت لن تقاتل حتى تصبح المة ذات مقدرةٍ مالية ]بأشكالها[‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ورسولنا ‪َ ‬يذكر أننا نصبح ذوي مال بالقتال‪ ،‬فمتى سنقاتل؟‬
‫من قال‪ :‬إن العداد القتصادي ل يكون مع العداد العسكري؟!!! وهل‬ ‫و َ‬
‫ف قوتي العلمية؟‬ ‫؟! أفأترك القتال لضع ِ‬ ‫أترك الصلة لعجزي عن الصيام ‍‬
‫من الذي قال‪ :‬إن القتال ل يمكن بدون إعداد إعلمي واقتصادي!؟ أَلم تبدأ‬ ‫و َ‬
‫ل‪ ،‬وفي الشيشان باثني‬ ‫الحرب ضد الشيوعية في بلد الفغان بثلثين رج ً‬
‫عديدا ً فكان النتكاس‬ ‫عددا ً و َ‬ ‫حنين" أكثرَ ُ‬ ‫من قبلها كنا في " ُ‬ ‫ل؟ و ِ‬ ‫عشر رج ً‬
‫؟!‬
‫سر الله ـ نشَر حقك ‍‬ ‫لنا حليفًا! فما المانع من أن تقاتل وتحاول ـ بما ي ّ‬
‫ح مساَء نشكو ونبكي من‬ ‫وكم واحدا ً في بلدنا يموت جوعا ً حتى ترانا صبا َ‬
‫دنا‬
‫ؤنة سنة أو أكثر؟ أم أننا ما عُ ْ‬ ‫خر أكثرنا م ْ‬ ‫قلة دخلنا في بلدنا؟ ألم يد ّ ِ‬
‫مق ويستر العورة؟ وتأمل هذه النصيحة النبوية ذات‬ ‫ن َْقَنع بما يسد ّ الّر َ‬

‫‪25‬‬
‫جز أحدكم أن‬ ‫الّنظرة البعيدة )سُتفَتح عليكم أَرضون‪ ،‬ويَكفيكم الله‪ ،‬فل َيعْ ِ‬
‫يْلهوَ بأسهمه( مسلم‪.‬‬
‫حّرض الناس على الزراعة بحجة النهوض بالقتصاد لنتمكن‬ ‫ـ أما َنستحي أن ن ُ َ‬
‫خبرة والعصمة والحكمة والتزان‬ ‫ب ال ِ‬ ‫من القتال بينما رسولنا ‪ ‬صاح ُ‬
‫ت‬
‫خلُ هذا بي َ‬ ‫ث بباب أحد النصار‪) :‬ل ي َد ْ ُ‬ ‫حْر ِ‬ ‫ما رأى شيئا ً من آلة ال َ‬ ‫يقول ل ّ‬
‫ل! رآه فقال ما قال‪ ،‬وكان الجهاد‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫خله الله الذ ّ‬ ‫َ‬
‫ل‪ :‬البخاري(‪ ،‬ت َأ ّ‬ ‫قوم إل أد ْ َ‬
‫ذر! وقد قال‬ ‫ح ّ‬ ‫ة‪ ،‬ورغم ذلك َ‬ ‫ة وقَتها كانت قائم ً‬ ‫وقَتها فرض كفاية‪ ،‬والكفاي ُ‬
‫ب الذل‪ ،‬بينما صار‬ ‫ن الجهاد سب ُ‬ ‫ت تعي ّ ِ‬ ‫العلماء‪ :‬إن النشغال بالزراعة وق َ‬
‫مجاهدا ً ـ على‬ ‫ددين في عصرنا صار الذي يعمل في الزراعة ُ‬ ‫ج ّ‬‫م َ‬ ‫بعرف ال ُ‬
‫طراز الحديث ـ إن نوى العداد‪ ،‬رغم تحذير رّبنا تعالى للنصار الذين‬ ‫ال ّ‬
‫كة‪،‬‬‫تركوا الجهاد وانشغلوا بالزراعة بقوله‪ :‬ول ُتلقوا بأيديكم إلى الت ّهْل ُ َ‬
‫سنوا؛ إن الله يحب المحسنين‪ ،‬وراجع كتب التفسير لتصحيح الفهم في‬ ‫وأح ِ‬
‫ح ّ‬
‫ذرة‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ذرة ال ُ‬ ‫من ْ ِ‬‫هذه الية ال ُ‬
‫ض‪.‬‬
‫حْرق الزرع في الشام بعد أن ابي ّ‬ ‫وكأن الفاروق طب ّقَ هذا عمليا ً فأمر ب َ‬
‫]في سند القصة "أسد بن موسى" وقد رد ّ العلماء على "ابن حزم"‬
‫تضعيفه له فراجع "الميزان" و"تهذيب التهذيب"[‬
‫ب الجهاد‬ ‫ـ بل حالنا كحال السابقين منذ سقوط الندلس من حيث وجو ُ‬
‫القتالي فضل ً عن باقي أنواع الجهاد‪ ،‬وقد سبق قول الشيخ "وهبي‬
‫ن‬
‫ل الحكام‪ ،‬لك ّ‬ ‫عل َ‬‫ةو ِ‬ ‫سليمان غاوجي" وهو من المعاصرين‪ ،‬ودونكم الدل ّ َ‬
‫دللت النصوص‪ ،‬فلو ارتد عالم‬ ‫حّرفون َ‬ ‫هؤلء ي َعُْنون‪ :‬لكل زمان سفهاُء ي ُ َ‬
‫رنا عن عصر‬ ‫ص ِ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫معْط ََيا ِ‬‫م ل ي ُْقَتل ـ ربما ـ عندهم لتغّير ُ‬ ‫ذرةٍ مسل ٌ‬
‫ة إل قوَلهم‪" :‬زماننا غير زمانهم"! و"تتبدل الحكام‬ ‫ة! وما لهم حج ٌ‬ ‫الصحاب ‍‬
‫ب السلف الصالح!‪ ،‬تعالى الله عن‬ ‫م غيُر ر ّ‬ ‫بتبدل الزمان"‪ ،‬وكأن رّبنا اليو َ‬
‫الّفاكين عُل ُوّا ً كبيرًا‪.‬‬
‫ة غيَر قولهم‪" :‬زماننا‬ ‫ج ً‬ ‫ح ّ‬‫متعة ُ‬ ‫أفيجد شاربو "البيرة" ولِبسو الذهب وناكحو ال ُ‬
‫؟!‬ ‫غيُر زمانهم" ‍‬
‫منا‬‫؟! ولول علماؤنا القدامى وتأليفاُتهم ما فَهِ ْ‬ ‫فحتى متى تتبرؤون من الولين ‍‬
‫الكتاب والسنة!‬
‫ب العالمين!؟ إذا ً هو الذي ي ُ َ‬
‫حد ّد ُ‬ ‫دك ل َِر ّ‬ ‫سِلم قيا َ‬ ‫ن تُ ْ‬‫أَوليس السلم‪ :‬أ ْ‬
‫خديج الصحابي البصير إذ قال‪…) :‬جاءنا‬ ‫المصلحة ل أنت‪ ،‬ولله د َّر رافع بن َ‬
‫َ‬
‫مرٍ كان لنا‬ ‫ذات يوم رجل من عمومتي فقال‪ :‬نهانا رسول الله ‪ ‬عن أ ْ‬
‫نافعا ً‪ ،‬وطواعية الله ورسوله أنفع لنا‪ ،‬نهانا أن ُنحاِقل‬
‫محاَقلة=بيع الزرع قبل ب ُد ُوّ صلحه[‪.‬‬ ‫بالرض‪ :...‬صحيح مسلم(‪] ،‬ال ُ‬
‫ضعُ الحرب أوزارها حتى َيخرج يأجوج‬ ‫ح من )ول ت َ َ‬ ‫ـ وهل هناك ما هو أصر ُ‬
‫ومأجوج‪ :‬النسائي الكبرى(؟ هل هناك أصرح مما مّر معنا في المقدمة‬

‫‪26‬‬
‫ي الجهاد القتالي وتزعم‬ ‫)كذبوا! الن جاء دور القتال(؟ فكيف َتجرؤُ أن ُتلغ َ‬
‫أن حربنا اليوم حرب حضارة ل حرب سكاكين؟‬
‫ب دموية حقيقية ل كلمية أو‬ ‫ب على كل الصعدة القتالية‪ ،‬حر ٌ‬ ‫إنها حر ٌ‬
‫مقالتية! فإذا كانت حروبكم ُتريق دماء الكفار أو ُتعيد أراضي المسلمين‬
‫فيا حّيهل ً بها وبإعدادكم‪ ،‬ولكن من احتلل بيت المقدس من خمسين سنة‬
‫ن للفارس أن‬ ‫قنون المخدرات في شباب المة‪ ،‬أفما آ َ‬ ‫حتى الن وأنتم َتح ِ‬
‫جل؟!‬ ‫يتر ّ‬
‫ـ وهل تظن أنك في مثل هذه الجواء الموبوءة في البلد العربية سُيسمح‬
‫لك ولو بكلمة إسلمية واحدة ُتنتج عمل ً حقيقيا ً‪ ،‬وما أكثر الكلم الذي‬
‫َيطير مع الَغمام!!‬
‫ة ـ لو َتفط ّّنا لها! ـ‪]:‬إن تكاليف القعود عن الجهاد من‬ ‫ـ يا لها من كلمة حكيم ‍‬
‫ف تكاليف القيام بالجهاد[‪ ،‬وصدق الشيخ عبد‬ ‫ف أضعا ِ‬‫خسائَر ودماءٍ أضعا ُ‬
‫الله عزام رحمه الله‪.‬‬
‫حَرج‪ ،‬ول على المهندس حرج‪،‬‬ ‫ـ وهل تجد في كتاب الله‪ :‬ليس على الطبيب َ‬
‫ول على الداعية حرج‪ ،‬ول على المتزوج حرج‪ ،‬ول على طالب الجامعة‬
‫حرج؟!‬
‫فـ ‪‬يا أيها الذين آمنوا ما لكم؟!! إذا قيل لكم‪ :‬انفروا في سبيل الله‬
‫اّثاقلتم إلى الرض؟‪.‬‬
‫مط ِّلع على أوضاع العالم‪ ،‬وعلى مؤامرات الكفر وأذنابهم‬ ‫ف ال ُ‬‫ص َ‬ ‫من ِ‬ ‫ـ ثم إن ال ُ‬
‫ل َيشفي إل‬ ‫ح ّ‬‫نل َ‬ ‫زم دون شك أ ْ‬ ‫ج ِ‬
‫‪-‬من الَعرب‪ -‬على دين السلم ي َ ْ‬
‫منا‬
‫سئ ِ ْ‬
‫ي ـ إذ َ‬ ‫ت ـ ولو من باب‪ :‬آخُر الدواِء الك َ ّ‬ ‫ت والدّبابا ُ‬ ‫الرشاشا ُ‬
‫م منطق‬ ‫طق أن ت َهْزِ َ‬ ‫من ْ ِ‬‫وة ال َ‬ ‫ت‪ ،‬فهيهات ثم هيهات ل ُِق ّ‬ ‫ت والمؤتمرا ِ‬ ‫مسيرا ِ‬ ‫ال َ‬
‫ل فهذا من الشاذ‪ ،‬وما جاء على خلف القياس فغيره عليه‬ ‫القوة‪ ،‬وإن حص َ‬
‫من له أدنى إلمام ٍ ومعرفة بتاريخ الدول والحكومات ل يبقى‬ ‫ل يقاس‪ ،‬و َ‬
‫لديه شك مطلقا ً في أن الجهاد بأنواعه من أعظم الوسائل بل هو أعظم‬
‫الوسائل مع اليمان بالله والتوكل عليه لحماية المة المسلمة ومقدساتها‬
‫من تطاول العداء عليها وطمعهم في خيراتها‪.‬‬
‫عرف ما هم عليه من القوة‬ ‫عرف مدى استعداد المسلمين و َ‬ ‫فإن العدو إذا َ‬
‫سب لمهاجمة بلد المسلمين ألف‬ ‫القتالية والتدريب والتأهيل فإنه َيح ِ‬
‫حساب‪.‬‬
‫والعدو الكافر ُيدرك ما للجهاد من آثار في تغيير ميزان المعارك التي تجري‬
‫بين المسلمين وأعدائهم؛ فلهذا نجد الدول الكافرة على اختلف مناهجهم‬
‫من َيدور في فََلكها من‬ ‫شون الجهاد وي ُن َّفرون عنه هم و َ‬ ‫خ َ‬‫واتجاهاتهم ي َ ْ‬
‫الحكومات العميلة بكل ما يستطيعون من وسائل‪ ،‬ونراهم َيشنون حربا ً‬
‫شعواء على الشباب الذين يريدون النضمام إلى إخوانهم المقاتلين في‬
‫كلوا به‪ ،‬ثم أودعوه‬ ‫الجبهات والثغور‪ ،‬وإذا ظفروا بأحد منهم اعتقلوه‪ ،‬ون َ ّ‬
‫غياهب السجون مددا ً طويلة يلقي فيها شتى أنواع التعذيب والهانة؛‬ ‫في َ‬
‫‪27‬‬
‫لنهم يعلمون جيدا ً أنهم ل يستطيعون السيطرة على المة إذا كانت‬
‫تمتطي ذروة سنام الدين‪ ...‬الجهاد‪:‬‬
‫ُرفَِعت يد ٌ أبـدى لـها السكينــا‬ ‫مْقَبـَرة ُ العدالة كلمــا‬ ‫ـ الـغرب َ‬
‫وينـــا‬ ‫بسلمه اَلمزعـوم ِ ي َ ْ‬
‫ست َهْ ِ‬ ‫الغرب ي َك ُْفـر بالـسلم‪ ،‬وإنمـا‬
‫منــــا‬ ‫ل قو ُ‬ ‫مـــ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫فعلم ي َ ْ‬ ‫الغـــرب يحمـــل خنجـــرا ً ورصاصــــة‬
‫الزيتونــا؟‬
‫ك أّيهـا الـلهـونـا؟‬ ‫هـذا بـذا َ‬ ‫ك ُْفـٌر وإسلم فـأنى يلتـقــي‬
‫لكـن ألـوم الـمسلم‬ ‫أنا ل ألوم الغرب في تخطيطـه‬
‫المـفتونـا‬
‫ضوع تـرافق الت ّّنينـا‬ ‫ُ‬
‫خ ُ‬ ‫درب الـ ُ‬ ‫مَتنا التـي رحلت علـى‬ ‫مأ ّ‬ ‫وألو ُ‬
‫جــار الحـروب‬ ‫تبقـى ل ِت ُ ّ‬ ‫يا مجلس المن المخيف إلى متى‬
‫رهينًا؟‬
‫مـّنا وتطل ُُبــنا ول‬ ‫ِ‬ ‫حُقوِقنـا‬ ‫ب ُ‬ ‫سل ْ ِ‬ ‫وإلى متى ترضى ب ِ َ‬
‫ُتـعـطيـنا؟‬
‫ه‬
‫ش ـب ِ ُ‬‫مـــرضا ً خفيـ ـا ً ي ُ ْ‬ ‫يــا مجلس ـا ً فــي جـــسم عالمنـــا غــدا‬
‫الطـاعونـا‬
‫لـم ت َل ْقَ فيك الـحقـو ُ‬
‫ق‬ ‫تشكو و خوفك من قضايانا التـي‬
‫أمـينـا ً‬
‫تسقيه من بعد النـيـن‬ ‫ن إلى متـى‬ ‫ل الما َ‬ ‫ب الطف ِ‬ ‫يا سال َ‬
‫أنينـًا؟‬
‫ب‬‫ل للظلم الرهيـ ِ‬ ‫وَتـظ َ ّ‬ ‫سّيدا ً‬‫وى لك َ‬ ‫وإلى متى يبقى الَهـ َ‬
‫َقرينـًا؟‬
‫سُيريك ميزان الُهـدى‪،‬‬ ‫يا مجـلس المـن انتظ ِْر إسلمنا‬
‫ويـرينـا‬ ‫ُ‬
‫مها مدفــونـا‬ ‫كا ِ‬ ‫صيُر تحت ُر َ‬ ‫ست َ ِ‬
‫َ‬ ‫شِفـيـرِ نـهايـةٍ‬ ‫إني أراك على َ‬
‫ل عن‬ ‫س ْ‬ ‫قو َ‬ ‫غـَر ٍ‬ ‫َ‬ ‫ل فرعون عن‬ ‫س ْ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ت في َ‬ ‫إن كن َ‬
‫فه قارونا!‬ ‫سـ ِ‬ ‫خـ ْ‬ ‫َ‬
‫مّرس‬ ‫مت َ َ‬‫ي َْعيـى بـها ال ُ‬ ‫حْبكـة‬ ‫ت فصول المسرحـية َ‬ ‫حب ِك َ ْ‬
‫ـ ُ‬
‫الفّنــان‬
‫يستـجـير ويـبـدأ الـغـليـان‬ ‫هذا ي َك ِّر وذا َيــفـّر وذا بـهـذا‬
‫حّلـه‬ ‫م َ‬‫ل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫حو َ‬ ‫جـْر ٌ‬ ‫لـنا ُ‬ ‫حتى إذا انقشع الـدخـان مضـى‬
‫سَرطان‬ ‫َ‬
‫خرفـان!‬ ‫وإذا جـمـيع رجـالـنا ِ‬ ‫ة لنـا‬
‫وإذا ذئـاب الغربِ راعيــ ٌ‬
‫وبـلدنـا ورجــالها الُقربـان‬ ‫ت‬‫ب قد َرَبــ ْ‬ ‫وإذا بأصنام ٍ أجانـ َ‬
‫ظ من زور‬ ‫وكم طوى اللف ُ‬ ‫ف‬‫ب والفعـل مـختل ٌ‬ ‫ـ ألفاظهـم عَر ٌ‬
‫ومن كـذب!‬

‫‪28‬‬
‫وهم ي َُرومون طعن الديـن‬ ‫إن العروبـة ثوب َيخدعون بــه‬
‫والعـرب‬
‫منِقــذِ‬
‫جلـــد ال ُ‬ ‫ســعى إليهـــم ب ِ‬ ‫واحسرتاه لقومـي غّرهم َقـــرِ ٌ‬
‫م‬
‫رب‬ ‫حـ ِ‬‫ال َ‬
‫خالـب بين الش ّ‬
‫ك‬ ‫م َ‬‫مُر ال َ‬ ‫ح ْ‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ة بــَرَز ْ‬ ‫مك َن َْتـه ُفرص ٌ‬
‫حتى إذا أ ْ‬
‫جـب‬ ‫والعَ َ‬
‫في الجسم والنفس والعراض‬ ‫خـُلق‬ ‫ل النـاب ل شرعٌ ول ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫وأعْ َ‬
‫شب‬ ‫والن ّ َ‬
‫وكــم خل مثــُله فــي ســـالف‬ ‫هــُرهُ‬‫م قا ِ‬ ‫ب الديـــن‪ ،‬والســل ُ‬ ‫وحــاَر َ‬
‫ب‬ ‫حــَق ِ‬ ‫ال ِ‬
‫فـخـاط ََبنـي مـن العـلم‬ ‫ت عن الصمـود رجال قومـي‬ ‫ـ سأل ْ ُ‬
‫ُبـوق‪:‬‬
‫كر و العــقوق‬ ‫فمـا هـــذا الّتـن َ ّ‬ ‫لقد مات الصمـود مع التصــدي‬
‫لهـــا فــي المسجـــد القصـــى‬ ‫ت‬
‫خــ ـ ٌ‬ ‫أتنســـى أن إسـرائيــــل أ ُ ْ‬
‫حـقوق‬
‫ف تسـوق‬ ‫صَلـ ٍ‬ ‫ل فـي َ‬ ‫وإسـرائـيـ ُ‬ ‫طـــيع‬ ‫ل أمـِتنـا قَ ِ‬‫كأن رجــا َ‬
‫أفيـقـوا يا أحـّبتنـــا أفـيقـوا!‬ ‫هنالـك ألـف بـاكيـة ت َُنــادي‪:‬‬
‫غــد ٌ حليـق‬ ‫وَيـلطـم وجـههـا وَ ْ‬ ‫ض مسلمـة وُترمــى‬ ‫عْر ُ‬ ‫ُيدّنس ِ‬
‫ب‬‫محــرابـــه شـــ ّ‬ ‫وفـــي ِ‬ ‫وكــم مــن مسجـــد أضحـــى ُركامـــا ً‬
‫الحريـق‬
‫حـّر طليـق‬ ‫وصــانـع ُيـِتمهـم ُ‬ ‫ت ُعَذ ُّبـِنـي نــداءات اليتــامـى‬
‫سوق‬ ‫مَفـاتن والـُفـ ُ‬ ‫دها الـ َ‬ ‫هـ ُ‬‫ي َُهـد ْ ِ‬ ‫وأمـتـنـا تنــام على سـريـر‬
‫س ول ُتـِفـيــق‬ ‫َ‬
‫حـ ّ‬ ‫أراهـا ل ُتـ ِ‬ ‫ب الله يـدعـوهــا ولكن‬ ‫كـتـا ُ‬
‫ت الـشروق‬ ‫مـل ْ ِ‬‫ك لـو تـأ ّ‬ ‫بـكـّفـ ِ‬ ‫ج‬
‫ل دا ٍ‬ ‫أقــول لمــتي والليــ ُ‬
‫جُهون رسالة‬ ‫ل أطفال المسلمين المشردين وهم ي ُوَ ّ‬ ‫ن حا ِ‬ ‫مك لسا ُ‬ ‫ـ أَوما ي ُؤْل ِ ُ‬
‫خذل امرءا ً مسلما ً في موطن ي ُن ْت ََقص فيه‬ ‫شكر لي ولك‪ ،‬و)ما من امرئ ي َ ْ‬
‫ب‬‫ح ّ‬‫موطن ي ُ ِ‬ ‫ذله الله تعالى في َ‬ ‫خ َ‬ ‫مته‪ ،‬إل َ‬ ‫حْر َ‬ ‫عْرضه‪ ،‬وي ُن َْتهك فيه من ُ‬ ‫من ِ‬
‫صر مسلما ً في موطن ُينتقص فيه من عرضه‪،‬‬ ‫َ‬
‫حدٍ ي َن ْ ُ‬‫صَرته‪ ،‬وما من أ َ‬ ‫فيه ن ُ ْ‬
‫وُينتهك فيه من حرمته‪ ،‬إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته‪:‬‬
‫والحديث حسن(‪:‬‬
‫شكرا ً على الغضــاء والحجام‬ ‫شكرا ً لـكـم يا إخـوة السـلم‬
‫تتميزون بـحـكـمـةٍ ونـظـام‬ ‫شكرا ً على الصمت الوقـور فإنكم‬
‫نـدري بهـذا الحـزم‬ ‫خذلن إنا لم نكــن‬ ‫شكرا ً على ال ِ‬
‫والقـدام‬
‫حرقـة اليتــام‬ ‫مـتم ُ‬ ‫ح ْ‬‫أَوما ر ِ‬ ‫أَوما بكيتم من بكـاء صـغـيـرة‬
‫تستشعـرون فظــاعــة‬ ‫حل َْفُتم في المجالـس أنـكم‬ ‫أَوما َ‬
‫اللم‬
‫‪29‬‬
‫لي غَْيـَرةُ الخـوال‬ ‫شكرا ً لكم يا مسلمون فقـد بـد َ ْ‬
‫ت‬
‫والعمــام‬
‫سـتـرة الحاخـام‬ ‫تتعـلقــون ب ُ‬ ‫م‬‫ُنسبى ُنشّرد في الـبلد وأنـتـ ُ‬
‫ط َْرِدي و في قتلي وفـي‬ ‫سْيــس فـي‬ ‫مة الِقـ ّ‬ ‫حك ْ َ‬‫تتحدثون ب ِ ِ‬
‫غـامي‬ ‫إْر َ‬
‫فيكم فًتى َيرمـي ‪ ،‬و ليس‬ ‫وتصيح أعراض النساء فل تـرى‬
‫بـرامي‬
‫مـــّزق الجســاد باللـغام‬ ‫وت ُ َ‬ ‫تهوي مآذُِننا على شـاشـاتـكـم‬
‫ض‬
‫فت ََرون في التلفاز بعـــ َ‬ ‫ب ُبيـوت ََنـا‬ ‫ف الرهي ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫هم الَق ْ‬ ‫دا ِ‬‫وي ُ َ‬
‫ُركام‬
‫ل حين ِفــطـام‬ ‫ل ي ُْقَتل قب ُ‬ ‫والطـف َ‬ ‫ما ً ُيستـبـاح عفـافهـا‬ ‫ُ‬
‫وت ََرون أ ّ‬
‫ب فيــها ُنـط َْفـة الجـرام‬ ‫ص ّ‬ ‫وت ُ َ‬ ‫س ُتؤخذ عُْنـوة‬ ‫م ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن بنت ال َ‬ ‫وت ََروْ َ‬
‫وترون آلفــا ً مــن اليـتـام‬ ‫ن آلف الثـكالى بيننـــا‬ ‫وت ََروْ َ‬
‫ب‬‫وأنا على جمرِ الصل ِي ْ ِ‬ ‫ضون عيـونكم‬ ‫م ُ‬ ‫حوِْقلون و ت ُغْ ِ‬ ‫فت ُ َ‬
‫مــي‬ ‫حا ِ‬ ‫ال َ‬
‫حَنــا‬
‫حُتم جــر َ‬ ‫س ْ‬
‫م َ‬‫فلقد َ‬ ‫أستغفر الرحمن من ظلمي لـكـم‬
‫بكــلم‬
‫ممـزوجـة بمدامــــع القلم‬ ‫ولقد بعثُتم للـعـدو رســـالـة‬
‫طـيـعـة الرحـام‬ ‫ة ب َِقـ ِ‬‫مـشغول ٌ‬ ‫إنا عذرناكم لن جيوشـــــكم‬
‫مـدام‬ ‫ستظل لـو جـئتـم بـغـير ُ‬ ‫إنا عـذرنـاكم لن كؤوســـكم‬
‫ستظل لو جـئتـم بـغيـر طـعام‬ ‫إنا عــذرناكم لن بـطونــكم‬
‫ة استسـلم‬ ‫هــّزوا رايــ َ‬ ‫شئتم‪ ،‬و ُ‬ ‫إنا عذرنـاكم فسيـروا حيثمــا‬
‫ب‬
‫س ـت ََرون فـيـــه عجـــائ َ‬ ‫َ‬ ‫زيــدوا مــن النــوم الطويــل فإنكــــم‬
‫الحـلم!‬
‫ـ أنا ل أريد مسيرة‪،‬‬
‫إني أريد البندقية‪.‬‬
‫حمي!‬ ‫مة السلم! واَر ِ‬ ‫ُ‬
‫واأ ّ‬
‫إني أريد البندقية‪.‬‬
‫ة‪.‬‬‫حي ّ ٌ‬
‫ض ِ‬
‫جلي ـ َ‬ ‫خ َ‬ ‫س ـ يا َ‬ ‫والقد ُ‬
‫يا أيها الزعماء أعطوني سلحا‬
‫صُر الله لحا‬ ‫يا أيها الزعماء ن َ ْ‬
‫خن ُْتم جراحا‬ ‫يا أيها الزعماء أث ْ َ‬
‫يا أيها الزعماء أعطوني صلحا‪،‬‬
‫ح‪ :‬مطعون من الظهر‪،‬‬ ‫وصل ٌ‬
‫ح‪ :‬في دوامة السر‪،‬‬ ‫وصل ٌ‬
‫ح‪ :‬باعوه لمؤتمر‪.‬‬ ‫وصل ٌ‬
‫ب‪،‬‬ ‫هل أنتم عر ْ‬
‫‪30‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫خط َ ْ‬ ‫تحميكم ال ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫حُروُبكم هََر ْ‬ ‫و ُ‬
‫ب؛‬‫سبعون عاما ً كلها ك َذِ ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ذ ََبحوا النساء‪ ،‬وأنتم خُ ُ‬
‫ب‪،‬‬‫ت‪ ،‬وليُلكم ط ََر ْ‬ ‫هدموا البيو َ‬
‫في القدس نطق الحجر‪ :‬ل مؤتمر‪ ...‬ل مؤتمر‪ ...‬ل مؤتمر‪،‬‬
‫أنا ل أريد سوى عمر!‬
‫الله أكبر‪ :‬في دماء الشعب تسري سنقاتل!‬
‫هم قّيدوني بالسلسل‪،‬‬
‫ن للعدو على الحدود وعلى السواحل‪.‬‬ ‫وهم عيو ٌ‬
‫وهوا كل المفاصل‪،‬‬ ‫ش ّ‬ ‫موه و َ‬ ‫ش ُ‬‫ن عظمي هَ ّ‬ ‫ول ّ‬
‫تجري الدماء على أصابع قاِذف المقلع ُتعطينا الهُوِّية‪.‬‬
‫خّيمات المجد نكتب "قادسية"‪.‬‬ ‫م َ‬‫وعلى جبين ُ‬
‫دم منزلي تحت الجدار أرى وصية‪:‬‬ ‫وإذا ته ّ‬
‫كروا أغلى وصية‬ ‫ةة ةةةةةة فت ُن ْ ِ‬ ‫ل ت َْتركوا ة ة‬
‫ـ إذا ً فالجهاد حياة لنا من جميع النواحي‪ :‬استجيبوا لله وللرسول إذا‬
‫دعاكم لما ُيحييكم‪ ،‬وصدقَ رّبنا العظيم‪.‬‬
‫ضهم ببعض‬ ‫س بع َ‬ ‫سد دين الناس‪ :‬ولول د َفْعُ اللهِ النا َ‬ ‫ـ ولوله ل ََف َ‬
‫ل على العالمين‪.‬‬ ‫ن الله ذو فض ٍ‬ ‫دت الرض‪ ،‬ولك ّ‬ ‫س َ‬ ‫ل ََف َ‬
‫دى إذا لم ُيؤّيد حّقها المدفع‬ ‫س ً‬‫ل أمة ضائعٌ حقها ُ‬ ‫َأل كـ ّ‬
‫ضخم‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ب في ساقية القتال مهما صُغر‬ ‫سعُْينا ِلما َيص ّ‬ ‫ـ وخلصة الكلم أن يكون َ‬
‫ن أن َيجلس‬ ‫بشرط أن نبدأ بالهم؛ فالدبابيس قد تفيد في المعركة‪ ،‬ولك ْ‬
‫ل وَيسعى جاهدا ً لبناء مصنع لصنع الدبابيس مع مقدرته أن ُيس ّ‬
‫خر‬ ‫رج ٌ‬
‫ماله في مجال أكثر نكاية في العدوّ فهذا ُيقال له‪ :‬ل تضحك على‬
‫نفسك‪.‬‬
‫ومن َيجلس يتعلم من الكمبيوترات ما ل يلزم في المعارك بحجة أن‬
‫الكمبيوتر من أهم مهمات المعركة فنقول له‪ :‬ل َتضحك على نفسك‪،‬‬
‫ت ما ُيفيد في المعارك القتالية‪،‬‬ ‫لنه ول ريب من أهم المهمات فهل تعلم َ‬
‫دث نكاية في الكافرين؟ فقد تكون النكاية‬ ‫ح ِ‬‫ت ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬‫وبدقة أكثر‪ :‬هل تعل ْ‬
‫جّرًا‪ ،‬وستأتي معنا فقرة خاصة للحديث‬ ‫م َ‬
‫ل‪...‬وهل ّ‬ ‫ضربة اقتصادية لهم مث ً‬
‫عن "الصلحات الجزئية" وخطورة النخداع بها إن شاء الله‪.‬‬
‫ريب يوم القيامة‪:‬‬ ‫‪6‬ـ لماذا القتال؟ للِعصمة من الفتن قَ ِ‬
‫من خير الناس فيها؟ فذكر أن خير الناس‬ ‫سئل‪َ :‬‬ ‫ة ُ‬ ‫كر ‪ ‬فتنة قريب ً‬ ‫ما ذ َ َ‬ ‫ـ لَ ّ‬
‫رجل في ماشيةٍ اعتزل الناس إل من خير‪ ،‬و)رجل آخذ برأس فرسه‬
‫سنه(‪ ،‬وهو صريح في أن المراد‬ ‫ُيخيف العدو وُيخيفونه‪ :‬الترمذي وح ّ‬

‫‪31‬‬
‫دق ربنا لما قال للمتخلفين عن‬ ‫ة‪ ،‬وص َ‬ ‫ل الحقيقي وليس الدراس َ‬ ‫القتا ُ‬
‫سَقطوا وإن جهنم‬ ‫الجهاد بحجة أنهم يخافون من الفتنة‪ :‬أل في الفتنة َ‬
‫محيطة بالكافرين‪ ‬أي بتركهم الجهاد‪.‬‬ ‫لَ ُ‬
‫‪7‬ـ لماذا القتال؟ لنه ذروة سنام السلم‪ ،‬وسنام البعير أ َظ َْهر ما فيه؛ فل‬
‫ل لمحو الخطايا‪،‬‬ ‫داني الجهاد َ اليوم شيء من المندوبات‪ ،‬وهو سبي ٌ‬ ‫يُ َ‬
‫ل فيه مضاعف عما سواه‪.‬‬ ‫والعم ُ‬
‫وإليك البيان من الكتاب والسنة وأقوال العلماء ثم في الرقم‬
‫التالي شيءٌ من سيرة الرسول والتابعين له بإحسان‪:‬‬
‫من الكتاب‪:‬‬
‫‪‬ـل يستوي القاعدون من المؤمنين غيُر أولي الضرر والمجاهدون في سبيل‬
‫ضل الله المجاهدين على القاعدين درجة‪...‬‬ ‫الله بأموالهم وأنفسهم‪ ،‬ف ّ‬
‫سورة النساء‪ ،‬فهل بقي ما هو أصرح من هذا؟‬
‫خر‬
‫عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم ال ِ‬ ‫ـ‪‬أجعلتم سقاية الحاج و ِ‬
‫عملك‬‫ُ‬ ‫وجاهَد َ في سبيل الله ل َيستوون عند الله‪ ...‬سورة التوبة‪ ،‬فهل‬
‫دل القتال إذًا؟‬ ‫سقاية الحاج و‪..‬؟! فكيف يع ِ‬ ‫دل ِ‬‫هنا في بلدك يع ِ‬
‫من السّــــــنة‪:‬‬
‫ـ في صحيح مسلم ‪) :1878‬يا رسول الله‪ :‬ما َيعدل الجهاد َ في سبيل الله؟‬
‫قال ‪ :‬ل تستطيعوه! فأعادوا عليه مرتين أو ثلثًا‪ ،‬كل ذلك يقول‪ :‬ل‬
‫مَثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم‬ ‫تستطيعونه‪ ،‬ثم قال‪َ :‬‬
‫القانت بآيات الله‪ ،‬ل ي َْفُتر من صلة ول صيام حتى يرجِع المجاهد في‬
‫سبيل الله(‪].‬الرواية هكذا‪" :‬ل تستطيعوه" وهي لغة فصيحة جائزة[‪ ،‬قال‬
‫النووي رحمه الله‪] :‬في هذا الحديث عظيم فضل الجهاد لن الصلة‬
‫والصيام والقيام بآيات الله أفضل العمال وقد جعل المجاهد َ مثلَ مَن‬
‫فتُر عن ذلك في لحظة من اللحظات‪ ،‬ومعلومٌ أن هذا ليََتَأّتى لحد[‪.‬‬ ‫ليَ ْ‬
‫مَثل المجاهد في سبيل الله ـ والله أعلم بمن يجاهد في سبيله ـ‬ ‫ـ )إن َ‬
‫مَثل القائم الصائم الخاشع الراكع الساجد‪ :‬الّنسائي وهو صحيح(‪ ،‬فهل‬ ‫ك َ‬
‫ت في بلدك وزعمتَ أنك مجاهد؟!‬ ‫س َ‬
‫من جل ْ‬ ‫جرؤ أن تقولَها عن نفسك يا َ‬ ‫تَ ْ‬
‫إذا ً فكيف تقول عن عملك هاهنا‪ :‬إنه إعدادٌ خير من العداد للقتال‬
‫فتر من صيام‬ ‫بالسلح…؟! وفي الموطأ وابن حبان‪ :‬كمثل الدائم الذي ل يَ ْ‬
‫رجع‪.‬‬‫ول صلة حتى يَ ْ‬
‫ـ وعند البخاري‪) :‬يا رسول الله د ُّلني على عمل يعدل الجهاد! قال ‪ :‬ل‬
‫م ول‬ ‫َ‬
‫ده! ثم قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫أ ِ‬
‫م ول تفطر؟! قال الرجل‪ :‬ومن يستطيع ذلك ؟!…(‪ ،‬والسائل‬ ‫ت َْفت َُر وتصو َ‬
‫مة الصحابة‬ ‫ة! ول يستطيع أن َيعمل عمل ً يعدل الجهاد مع هِ ّ‬ ‫من الصحاب ُ‬
‫ل صحبِتهم فكيف بنا؟‬ ‫العالية وفض ِ‬

‫‪32‬‬
‫ـ وعند الترمذي والنسائي والحاكم والحديث حسن‪) :‬أل ُأخبركم بخير الناس‬
‫ل آخذ ٌ برأس فرسه في سبيل‬ ‫ل؟ قلنا‪ :‬بلى يا رسول الله! قال‪ :‬رج ٌ‬ ‫منز ً‬
‫ت أو ُيقتل…(‪ ،‬ولم يُقل‪ :‬آخذ ٌ برأس قلمه ُيصّنف وي َُرد ّ‬ ‫الله حتى يمو َ‬
‫ه وُيجيب عن أسئلة المتحان‪ ،‬وهذا قوله في فرض الكفاية‪ ،‬فكيف‬ ‫شب َ َ‬ ‫ال ّ‬
‫بفرض العين!‬
‫سئل رسول الله ‪ :‬أيّ العمل أفضل؟ قال‪ :‬إيمان بالله ورسوله‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫ـ و) ُ‬
‫ثم ماذا؟ قال‪ :‬الجهاد في سبيل الله( البخاري‪ ،26:‬مسلم‪.93:‬‬
‫ل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه( متفق‬ ‫ـ أيّ الناس أفضل قال ‪) :‬رج ٌ‬
‫عليه‪.‬‬
‫ـ وسئل ‪ :‬أيّ المؤمنين أكمل المؤمنين إيمانا ً؟ فقال ‪) :‬الذي يجاهد‬
‫بنفسه وماله‪ ،‬ورجل…( متفق عليه‪.‬‬
‫ت عائشة رضي الله عنها‪) :‬يا رسول الله! نرى الجهاد َ‬ ‫ـ وفي البخاري‪ :‬سأل َ ْ‬
‫ل العمال أفل نجاهد؟…(‪.‬‬ ‫أفض َ‬
‫ضل عليه شيئاً إل المكتوبةَ‪:‬‬ ‫ـ )خطب رسول الله ‪ ‬فذكر الجهاد فلم يُ َ‬
‫ف ّ‬
‫البيهقي وأبو عوانة(‪.‬‬
‫ـ وعند البخاري ومسلم‪) :‬أتى رجل رسول الله ‪ ‬فقال‪ :‬أيّ الناس أفضل؟‬
‫من؟…(‪.‬‬ ‫قال‪ :‬مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال‪ :‬ثم َ‬
‫ـ وعند الترمذي والحاكم والبيهقي أن ن ََفرا ً من أصحاب رسول الله ‪‬‬
‫ملنا‪ ،‬فأنزل الله عز‬ ‫ب إلى الله عَ ِ‬ ‫َقعدوا فقالوا‪) :‬لو نعلم أيّ العمال أح ّ‬
‫ب الذين يقاتلون في سبيله صفا ً كأّنهم‬ ‫ح ّ‬‫سّبح لله … إن الله ي ُ ِ‬ ‫وجل‪َ  :‬‬
‫ُبنيان مرصوص‪ ‬سورة الصف‪ :‬والحديث صحيح‪.‬‬
‫عمارة المسجد‬ ‫م في أ َيّ العمال أفضل‪ :‬سقاية الحاج أم ِ‬ ‫ما اختَلف قو ٌ‬ ‫ـ ول َ ّ‬
‫الحرام أم الجهاد في سبيل الله نزل قوله تعالى‪ :‬أجعلتم سقاية الحاج‬
‫خر وجاهد في سبيل الله‬ ‫عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم ال ِ‬ ‫و ِ‬
‫ل َيستوون عند الله‪ ،‬والله ل َيهدي القوم الظالمين‪ ‬أخرجه مسلم برقم‬
‫عمارة المسجد الحرام‪...‬؟!‬ ‫دل ِ‬ ‫‪ ،1879‬فهل عملك هاهنا َيع ِ‬
‫ل ما تؤتي عبادك‬ ‫ف للصلة قال‪) :‬اللهم آتني أفض َ‬ ‫ص ّ‬
‫ما وصل رجل إلى ال ّ‬ ‫ـ ول َ ّ‬
‫دك‬ ‫ن المتكلم آنفًا؟…إذن ي ُعَْقرَ جوا ُ‬ ‫م ِ‬‫الصالحين! فقال النبي ‪َ ) :‬‬
‫سن ابن حجر‬ ‫شَهدَ في سبيل الله…( البّزار ورجاله ثقات‪ ،‬وح ّ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وت ُ ْ‬
‫ل في‬ ‫ل الدرجة الولى أو سُيسمح لك بمقا ٍ‬ ‫إسناده‪ .‬ولم َيقل‪" :‬إذا ً تنا َ‬
‫جريدةٍ حكومية!"‪.‬‬
‫مقام الرجل في الصف للقتال خير من قيام ِ ستين‬ ‫ما قال رسولنا ‪ُ ) :‬‬ ‫ـأ َ‬
‫مك هنا في‬ ‫مقا َ‬
‫سنة‪ :‬أحمد والترمذي والحاكم وهو صحيح(‪ ،‬فهل ترى أن ُ‬
‫ن خير من قيام ستين سنة؟ وفي رواية للحاكم‪:‬‬ ‫بلدك لدراسة مادةٍ لمتحا ٍ‬
‫مقام" وهو صحيح‪.‬‬ ‫دل " ُ‬ ‫"عبادة" ب َ‬

‫‪33‬‬
‫ن يتعب ّد ُ ربه‬
‫مكث في مكا ٍ‬ ‫ي رسول الله ‪ ‬أن ي َ ْ‬ ‫ولما استشار صحاب ّ‬ ‫ـ‬
‫مقام أحدكم‬ ‫وَيعتزل الناس‪ ،‬فأشار عليه الصادق المصدوق‪) :‬ل تْفعل؛ فإن ُ‬
‫ل من صلته في بيته سبعين عامًا…( الترمذي والحاكم‬ ‫في سبيل الله أفض ُ‬
‫وهو حسن‪.‬‬
‫ل ُيبَتغى به‬
‫م في عم ٍ‬ ‫ه ول اغْب َّرت قد ٌ‬ ‫ب وج ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫)والذي نفس محمد بيده ما ُ‬
‫ش ِ‬ ‫ـ‬
‫ت الخرة بعد الصلة المفروضة كجهاد في سبيل الله‪ ،‬ول ث َّقل ميزا َ‬
‫ن‬ ‫درجا ُ‬
‫ملُ عليها في سبيل الله‪ :‬أحمد وهو‬ ‫ح َ‬
‫عبدٍ كداب ّةٍ تنفقُ في سبيل الله‪ ،‬أو ي ُ ْ‬
‫حسن(؛ فكيف والجهاد اليوم فرض عين على المة باتفاق الفقهاء؟‬
‫ن لها‬
‫سّرها أن َترجع إلى الدنيا وأ ّ‬ ‫من نفس تموت لها عند الله خيٌر ي َ ُ‬ ‫)ما ِ‬ ‫ـ‬
‫ل في الدنيا‪ِ ،‬لما يرى من‬ ‫الدنيا وما فيها إل الشهيد‪ ،‬يتمنى أن يرجع فُيقت َ‬
‫فضل الشهادة( مسلم‪ ،‬قال النووي رحمه الله‪] :‬هذا من صرائح الدلة فى‬
‫عظيم فضل الشهادة[‪.‬‬
‫ت أقتدي‬ ‫ما جاءت امرأةٌ )فقالت‪ :‬يا رسول الله! انطَلق زوجي غازيًا‪ ،‬وكن ُ‬ ‫أ َ‬ ‫ـ‬
‫بصلته إذا صلى‪ ،‬وبفعله كّله‪ ،‬فأخب ِْرني بعمل ي ُب َل ُّغني عمله حتى َيرجع‪ .‬قال‬
‫لها‪ :‬أتستطيعين أن تقومي ول تقعدي‪ ،‬وتصومي ول ُتفطري‪ ،‬وَتذكري الله‬
‫جع؟ قالت‪ :‬ما ُأطيق هذا يا رسول الله! فقال‪:‬‬ ‫تعالى ول ت َْفُتري حتى ي َْر ِ‬
‫عشَر من عمله(‪] ،‬والحديث‬ ‫ت ال ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫والذي نفسي بيده لو ط ُوّْقتيه ما ب َل َ ْ‬
‫ح لغيره‪ ،‬قال المنذري‪ :‬رواه أحمد من رواية‪" :‬رشدين‪ "...‬وهو ثقة عنده‪ ،‬ول‬ ‫صحي ٌ‬
‫بأس بحديثه في المتابعات والرقائق اهـ‪ ،‬لكن سند الطبراني ليس فيه "رشدين"‪ ،‬و‬
‫"خير بن نعيم" صدوق من رجال مسلم[‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جَر غَد ْوَِتهم‪ :‬أخرجه أحمد(‪،‬‬‫تأ ْ‬ ‫ت ما في الرض جميعا ً ما أد َْرك ْ َ‬ ‫ـ )لو أن َْفْق َ‬
‫خطبة الجمعة للرسول ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ضر ُ‬‫ح ُ‬ ‫خر عن السرية ل ِي َ ْ‬ ‫ي لما تأ ّ‬ ‫قالها ‪‍ ‬لصحاب ّ‬
‫خّلف فأصلي مع رسول الله ‪ ‬الجمعة ثم ألحقهم[‪،‬‬ ‫وقال الصحابي‪] :‬أ َت َ َ‬
‫ي مع رسول الله ‪ ‬ثم‬ ‫خّلف حتى أصل َ‬ ‫وفي رواية لحمد أيضا ً قال‪] :‬أ َت َ َ‬
‫عه‪ ،‬فيدعو لي بدعوة تكون سابقةً يوم القيامة…[‪ ،‬فقال‬ ‫سّلم عليه وأود ُ‬ ‫ُ‬
‫أ َ‬
‫له ‪) :‬أتدري بكم سب ََقك أصحابك؟…والذي نفسي بيده! لقد سبقوك‬
‫بأبعد َ مما بين المشرقين والمغرَبين في الفضيلة!!!( رجاله ثقات إل واحدا ً‬
‫اخت ُِلف فيه‪ ،‬وهو عند "ابن المبارك" من مرسل الحسن‪.‬‬
‫من أشد أمتي لي حبا ً‬ ‫فإن كنت ترون أنفسكم تندرجون في هذا الحديث ) ِ‬
‫ناس يكونون بعدي ي َوَد ّ أحدهم لو رآني بأهله وماله( فهل ت َت ُْركون‬
‫ملكم لرؤية رسولكم ‪ ‬ـ إن كان بين أ َظ ُْهرنا ـ أم ل؟! إن كان الجواب‬ ‫عَ َ‬
‫م من رؤية‬ ‫"نعم" فعملكم هنا إذا ً دون القتال لن الخروج مع السرية أه ّ‬
‫الرسول ‪.‬‬
‫مغْرٍ في دولة خليجية لتركتم‬ ‫ل ُ‬ ‫عم ٍ‬ ‫جد َ عَْقد َ‬ ‫ظهر ـ لو وُ ِ‬ ‫بل أنتم ـ فيما ي َ ْ‬
‫ب المال‪ ،‬فأين الجهاد الذي تزعمون؟!‬ ‫صو ْ َ‬‫مُتم َ‬ ‫م ْ‬
‫إعدادكم الموهوم هنا وي َ ّ‬
‫ل تقولوا‪ :‬سنتصدق بالمال الكثير؛ لنكم أنتم هنا ومعكم كثيرٌ لم ُتخرجوا‬

‫‪34‬‬
‫منه إل القطمير؛ فكيف إذا صار معكم أكثر من هذا الكثير‪ ،‬هل سيزيد‬
‫إخراجكم‪ ...‬ليصير قطميرا ً مع قطمير؟!!‬
‫خبرك برأس المر كله وعموده وذروة‬ ‫ح الحديث )أل أ ُ ْ‬ ‫ـ وبعد هذا فصري ُ‬
‫سنامه؟…قال‪ :‬رأس المر السلم وعموده الصلة وذروة سنامه‬
‫الجهاد‪ :‬حديث حسن صحيح(؛ فهل الجهاد هنا بمعناه القتالي أم هو‬
‫خطب والمقالت؟ و ُِذروة‬ ‫ة آخر الخبار‪ ،‬وتنظيُر ال ُ‬ ‫توزيعُ الشرطة‪ ،‬ومتابع ُ‬
‫ن شيئا ً سواه هو الذروة الن؟!؛ وفي‬ ‫سنام الشيء أعله‪ ،‬فكيف تزعم أ ّ‬
‫ث ضعيف اللفظ عند الطبراني‪) :‬ذروة سنام السلم الجهاد ل يناله‬ ‫حدي ٍ‬
‫إل أفضلهم(‪.‬‬
‫ـ )القتلى ثلثة‪ :‬رجل مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي‬
‫حن في جنة الله تحت‬ ‫مت َ َ‬ ‫م ْ‬‫العدوّ قاتلهم حتى ُيقتل‪ ،‬فذلك الشهيد ال ُ‬
‫ضله النبيون إل بدرجة النبوة‪ ،‬ورجلٌ فَرِقَ على‬ ‫ف ُ‬ ‫عرشه‪ ،‬ل ي َ ْ‬
‫هد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا‬ ‫نفسه من الذنوب والخطايا جا َ‬
‫ت ذنوَبه وخطاياه‪ ،‬إن السيف‬ ‫ح ْ‬ ‫م َ‬‫ة َ‬
‫ص ٌ‬‫م َ‬ ‫ص ِ‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ي العدو قاَتل حتى ُيقت َ َ‬
‫ل‪ُ ،‬‬ ‫ق َ‬ ‫َل ِ‬
‫ة أبواب‪،‬‬ ‫ن لها ثماني َ‬ ‫أدخلَ من أي أبواب الجنة شاء؛ فإ ّ‬ ‫حاءٌ للخطايا‪ ،‬و ُ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫ولجهنم سبعة أبواب‪ ،‬وبعضها أفضل من بعض و…( أحمد بإسناد جيد؛‬
‫جرؤ أن‬ ‫مك َّفرة"؛ فهل ت َ ْ‬ ‫صة=ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ص ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫حن=المشروح صدره‪ ،‬ال ُ‬ ‫"اُلممت َ‬
‫سر إذا ً أن تجزم أن عملك‬ ‫حاٌء للخطايا؟! فكيف تج ُ‬ ‫م ّ‬
‫عملك َ‬ ‫ي أن َ‬ ‫دع َ‬ ‫ت ّ‬
‫هاهنا من دراسة أو تجارة …أفضل من القتال بالسلح؟ ثم تقول‪ :‬أنا في‬
‫جهاد؟‬
‫عف حتى في ضحكه وأعماله المباحة‪،‬‬ ‫جَر المجاهد هناك مضا َ‬ ‫َ‬
‫ـ وحسُبك أن أ ْ‬
‫م‬
‫مه النهار‪ ،‬والطاع ُ‬ ‫م المجاهد أفضل من قيام غيره الليلَ وصيا ِ‬ ‫بل نو ُ‬
‫مفطر في سبيل الله كالصائم في غيره‪ ،‬هكذا قال أبو هريرة فيما‬ ‫ال ُ‬
‫يرويه عنه ابن المبارك رحمه الله في كتابه "الجهاد" ‪ ،1/95‬وفي‬
‫َ‬
‫ه الله وأطاع المام‪ ،‬وأن َْفق‬ ‫الحديث‪) :‬الغزو غزوان‪ :‬فأما من ابتََغى وج َ‬
‫مه وت َن َب َّهه أجٌر‬ ‫الشريك‪ ،‬واجَتنب الفساد‪ ،‬فإن نو َ‬ ‫سَر‬‫الكريمة‪ ،‬ويا َ‬
‫كله…‪ :‬أبو داود والنسائي وهو صحيح(‪ ،‬فهل نومك وت َن َّبهك هنا في بلدك‬
‫مَزارع أو …‪،‬‬ ‫َ‬
‫ب القتصاد أو ال ُ‬ ‫جٌر كله؟!! وهل تستطيع أن تقولها عن طال ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ما لكم؟ كيف تفكرون؟‬
‫ة في سبيل الله ك ُت َِبت بسبعمئة ضعف‪ :‬الحاكم وإسناده‬ ‫و)من أنفق نفق ً‬
‫ف واحد فقط؟‬ ‫صحيح(‪ ،‬فهل نفقتك على دراستك مضاعفة بضع ٍ‬
‫طُئون‬
‫ة في سبيل الله ول َي َ‬ ‫ص ٌ‬‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫ب ول مَ ْ‬ ‫ص ٌ‬ ‫‪‬ذلك بأنهم ل يُصيبهم ظمأ ول نَ َ‬
‫إن‬
‫طئا يَغيظ الكفار ول َينالون من عدو نَيلً إل كُتب لهم به عمل صالحٌ ّ‬ ‫و ً‬ ‫مَ ْ‬
‫ة صغيرة ول كبيرة‪ ،‬ول‬ ‫جرَ المحسنين‪ ،‬ول يُنفقون نفق ً‬ ‫الله ل يُضيع أَ ْ‬
‫عملون‪ ،‬فهل‬ ‫‪‬‬ ‫قطعون وادياً إل ُكتب لهم لِيَجْزيهم الله أحسنَ ما كانوا يَ‬ ‫َي ْ‬
‫شَر هذا في دراستك أو تجارتك أو زراعتك؟ فهل دارس ومدّرس‬ ‫َتجد عُ ْ‬

‫‪35‬‬
‫الرياضيات والفلسفة والفنون الجميلة كذلك؟ ولحظ التنكير في "ني ً‬
‫ل"‬
‫ل صغيرا ً أو كبيرًا‪ ،‬فالتنكير هنا ُيفيد التقليل‪ ،‬ولو كان مثل هذا‬ ‫أي أي ني ٍ‬
‫ما كان لتخصيص ذكره –في الية‪-‬‬ ‫ل َيعمل لله مخلصا ً له ل َ َ‬ ‫لي رج ٍ‬
‫للمجاهدين معًنى‪.‬‬
‫مغرية‪:‬‬ ‫عروض ال ُ‬ ‫‪ ‬انظر هذه ال ُ‬
‫ـ )ل ي ُك َْلم أحد في سبيل الله ـ واللهُ أعلم بمن ي ُك َْلم في سبيله ـ إل جاء‬
‫حه ي َث َْعب‪ ،‬اللون لون الدم والريح ريح المسك‪ :‬متفق‬ ‫جْر ُ‬
‫يوم القيامة و ُ‬
‫ت وأنت تجاهد )!!( في بلدك بين كتبك أو‬ ‫ح َ‬ ‫جرِ ْ‬‫عليه(‪ ،‬فهل تظن أنك إن ُ‬
‫مبلغَ المقاتل في‬ ‫متجرك أو مدرستك أو جامعتك فهل تظن أنك تبلغ َ‬
‫أرض المعركة!!؟ وهذا في فرض كفاية؛ فكيف بفرض العين؟!‬
‫خريفًا‪:‬‬ ‫عد الله وجهه عن النار سبعين َ‬ ‫ـ و)من صام يوما ً في سبيل الله با َ‬
‫ب‪ ،‬فهل َتجرؤ أن‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫متفق عليه(‪ ،‬وهذا ل يكون إل في ساحة الجهاد فَ َ‬
‫خّلفك عن‬ ‫ن تَ َ‬ ‫مك هنا بنفس الجر أو أعلى لنك ترى أ ّ‬ ‫تقول إن صيا َ‬
‫ساحات القتال أنفعُ للمسلمين وأرضى لرب العالمين؟‬
‫حّرر…‪ :‬أحمد والترمذي‬ ‫م َ‬‫ل ُ‬ ‫من رمى بسهم في سبيل الله فهو عَد ْ ُ‬ ‫ـ )… َ‬
‫مسدس كتحرير َرَقبة‪،‬‬ ‫ة ال ُ‬‫م أن تكون ط َْلق ُ‬ ‫وإسناده صحيح(؛ فما أعظ َ‬
‫و)مَن أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوا ً منه من‬
‫النار…‪ :‬متفق عليه(‪.‬‬
‫َ‬
‫ـ )…من رمى بسهم في سبيل الله فَب َلغَ العدو أو لم يَ ْب ُلغ كان له ك َعِت ْ ِ‬
‫ق‬
‫عضوا ً بُعضو‪ :‬النسائي‬ ‫رقبة‪ ،‬ومن أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار ُ‬
‫قق الغاية‪ ،‬فهل أجوبتك‬ ‫ح ّ‬
‫بإسناد صحيح(‪ ،‬فمجرد الرمي له أجر ولو لم تُ َ‬
‫ت؟‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫خطأ َ‬ ‫ت أو أ ْ‬ ‫في المتحان فيها أجر مضمون سواٌء أصب ْ َ‬
‫ب في‬ ‫س ُ‬
‫حت َ ِ‬‫ة ن ََفر الجنة‪ :‬صانَعه ـ ي َ ْ‬ ‫خل بالسهم الواحد ثلث َ‬ ‫ـ )إن الله ي ُد ْ ِ‬
‫من ْب َِله‪ :..‬أبو داود وهو صحيح(‪ ،‬فهل َتجد مث َ‬
‫ل‬ ‫ي به‪ ،‬و ُ‬ ‫صنَعتِه الخيرـ‪ ،‬والرام َ‬ ‫َ‬
‫ل‪ :‬كاتب أسئلة‬ ‫؟! مث ً‬ ‫مَهن ‍‬ ‫شّتى ال ِ‬‫ذلك في المدارس والجامعات أو َ‬
‫المتحان وموزعها والمجيب عنها؟ سبحان الله!‬
‫شَبعه‬ ‫س فرسا ً في سبيل الله إيمانا ً بالله وتصديقا ً بوعده فإن ِ‬ ‫ـ )من احت َب َ َ‬
‫ورِّيه وَروَْثه وَبوله في ميزانه يوم القيامة‪ :‬بخاري(‪ ،‬فهل َترى أن َوقود‬
‫سيارتك وَزي َْتها وَبطاريتها في ميزانك وأنت هنا في بلدك كتلك التي‬
‫ة‬
‫ست للقتال؟ ما لكم كيف تحكمون؟ أم لكم أيمان على الله بالغ ٌ‬ ‫حت ُب ِ َ‬
‫ا ْ‬
‫مسَتثَْنون؟‬ ‫إلى يوم القيامة إنكم ُ‬
‫سئل ‪ ‬عن أجر الرباط قال‪) :‬من رابط ليلة حارسا ً‬ ‫ولما ُ‬ ‫‪‬‬

‫من خل َْفه ممن صام وصلى ( رجاله‬ ‫من وراء المسلمين كان له أجر َ‬ ‫ِ‬
‫ثقات‪ ،‬وبإسناد جيد عند الطبراني‪.‬‬
‫ل من‬ ‫ـ و)رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه…‪ :‬مسلم(‪ ،‬بل أفض ُ‬
‫هذا‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها‪ :‬صححه‬ ‫ـ) َ‬
‫الحاكم ووافقه الذهبي(‪ ،‬بل أفضل من هذا‪:‬‬
‫جر السود‪:‬‬‫ـ )موقف ساعةٍ في سبيل الله خيٌر من قيام ليلة القدر عند الح َ‬
‫حّبان والحديث حسن(‪ ،‬وليلة القدر خير من ألف شهر‪ ،‬فهل تزعم أن‬ ‫ابن ِ‬
‫دراستك للمتحان في ليلة القدر خيٌر من التعّبد في ليلة القدر؟‬
‫ثم في تلك الليلة‪ :‬أين َتذهب؟ هل ت َْقَبع على مكتب دراستك أو باب‬
‫ي! الليلة؟!‬
‫حي ِ َ‬
‫متجرك أو آلة مصنعك أم تذهب إلى مسجدٍ ما ل ِت ُ ْ‬
‫حجر السود‪،‬‬‫ط ليلة ـ ول ريب ‍‍ـ خيٌر من ليلة الَقدر وأنت عند ال َ‬ ‫ن ربا َ‬ ‫لك ّ‬
‫فهل َتجرؤ أن تقول هذا عن رباطك على مقعد الدراسة؟!‬
‫ف لعله‬
‫ض خو ٍ‬‫حَرس في أر ِ‬ ‫س َ‬
‫ل من ليلة القدر؟ حار ٌ‬ ‫ـ )أل أ ُن َب ُّئكم ليل ً‬
‫ة أفض َ‬
‫أل ّ يرجعَ إلى أهله(‪ ،‬الحاكم وسنن البيهقي والحديث على شرط البخاري‪.‬‬
‫ـ قال الحافظ المنذري في "الترغيب"‪] :‬الظاهر أن المرابط كذلك‬
‫يضاعف عمل المجاهد[‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يضاعَف عمله الصالح كما ُ‬
‫دراسة علمية موجزة حول التفاضل بين الجهاد وسواه؛‬ ‫•‬

‫كالعلم والذكر‪...‬‬
‫خِلين في مماحكات‪ -‬ل طائل تحته‬ ‫ف الوقت للمفاضلة ‪-‬دا ِ‬ ‫ـ أرى أن صر َ‬
‫الن‪ ،‬لن المفاضلة تكون بين متجانسين؛ أي إذا كان الجهاد فرض كفاية‬
‫ن‪ ،‬في َّتجه عندها المفاضلة بينه وبين العلم الكفائي‪ ،‬لكنها ل‬ ‫ل فرض عي ٍ‬
‫ب‪ ،‬فعلى التنّزل لو أن‬ ‫ن وبين مندوب أو مستح ّ‬ ‫ً‬
‫تكون أبدا بين فرض عي ٍ‬
‫عبادةً ما فاقت الجهاد كالذكر مثل ً فهذا في غير جهاد الد ّْفع الواجب على‬
‫دم باتفاق العلماء –في حال‬ ‫ن قُ ّ‬ ‫ول إلى فرض عي ٍ‬ ‫العيان‪ ،‬فالجهاد إذا تح ّ‬
‫دم عند الجمهور على الصلة‬ ‫التعارض‪ -‬على الصيام والزكاة والحج‪ ،‬بل ي َُق ّ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أيضا ً إل عند الحنابلة‪ ،‬فما كان لنف ٍ‬
‫ل أن َيفوق فرضا أيّ فر ٍ‬ ‫ل أيّ نف ٍ‬
‫ذكرونه‬ ‫ض عين باتفاق العلماء ومما تركه كبيرة؟ وما ي َ ْ‬ ‫فكيف إذا صار فر َ‬
‫من الستثناءات الثلثة لتفضيل النفل على الفرض راجع له حاشية ابن‬
‫عابدين لتجلية المر فيها‪ ،‬وتوضيح اللتباس‪.‬‬
‫ضلوا طلب العلم الكفائي على الجهاد الكفائي –وهم ِقسم من‬ ‫وحتى الذين ف ّ‬
‫ض‬
‫ح فقال الزركشي في "المنثور"‪] :‬تعار ُ‬ ‫صّرحوا بوضو ٍ‬ ‫العلماء ‪َ -‬‬
‫دم فرض العين على فرض الكفاية‪ ......‬وفي‬ ‫دم آكدهما فَي َُق ّ‬ ‫جبين ي َُق ّ‬‫الوا ِ‬
‫فتاوى النووي أن الجهاد ما دام فرض كفاية فالشتغال بالعلم أفضل منه‪،‬‬
‫فإن صار الجهاد فرض عين فهو أفضل من العلم؛ سواء كان العلم فرض‬
‫عين أو كفاية[‪.‬‬
‫سر مولنا في الصدار القادم فسأعرض دراسة مستفيضة حديثا ً حديثا ً‬ ‫وإن ي ّ‬
‫إن شاء الله‪ ،‬ونوجز هنا فنقول‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫ث ظاهرها تفضيل شيء ما على الجهاد؛ منها ما ل يصح مثل‬ ‫ت أحادي ُ‬ ‫ـ وَرد َ ْ‬
‫)الغدو والّرواح إلى المسجد من الجهاد في سبيل الله(‪ ،‬وهو من طريق‬
‫ح لكنه ُأسيَء فهمه‪.‬‬ ‫القاسم عن أبي أمامة‪ ،‬ومنها ما هو صحي ٌ‬
‫ل أن تتناقض آيات الله أو أحاديث رسوله الثابتة الصالحة للستدلل‪،‬‬ ‫ـ فمحا ٌ‬
‫مع لجأنا‬ ‫ج ْ‬‫فإن بدا في ظاهرها التعارض فعلينا الجمع بينها‪ ،‬فإن استحال ال َ‬
‫إلى الترجيح بما هو معروف في كتب أصول الفقه‪ ،‬أما أهل الهواء‬
‫وغوا ما انتحلوه أو‬ ‫س ّ‬‫خر كي ي ُ َ‬ ‫فيأخذون طرفا ً من الدلة ويتجاهلون طرفا ً آ َ‬
‫ما َأفَتوا به‪.‬‬
‫ضلت سوى الجهاد؛ كالذكر‪ ،‬والنفقة على الِعيال‪ ،‬وانتظار‬ ‫ـ فالحاديث التي فَ ّ‬
‫الصلة بعد الصلة لم تبلغ في عددها وصراحة دللتها ما مضى آنفا ً من‬
‫نصوص‪.‬‬
‫ـ ومع ورود هذه الحاديث فإن الصحابة ومن تبعهم بإحسان لم ُيؤَثر عن‬
‫ل على تفضيل شيٍء‬ ‫أحدهم أنه فهم من تلك الحاديث القليلة أنها دلي ٌ‬
‫على الجهاد‪ ،‬بل سيرُتهم جميعا ً كبارا ً وصغارا ً ونساًء أنهم كانوا َيرون‬
‫شهادة المعركة أعلى المنيات‪ ،‬ولم َنسمع أن أحدا ً منهم اختلى في زاوي ِ‬
‫ة‬
‫مسجد واعتزل الناس محتجا ً بواحدٍ من تلك الحاديث القليلة‪.‬‬
‫ح من هذا أن الصحابة الذين وردت عنهم الروايات الي ظاهرها‬ ‫وأوض ُ‬
‫تفضيل شيء على الجهاد هم أنفسهم كانوا من كبار المجاهدين‪ ،‬كأبي‬
‫هريرة‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأبي الدرداء‪ ،‬فلم نسمعهم َيستدلون بما رووه هم‬
‫من أحاديث على ترك الجهاد؛ فأبو هريرة هو هو ]كان في الرباط ‪....‬‬
‫وِقفك يا أبا‬ ‫فانصرف الناس ووقف أبو هريرة‪ ،‬فمرّ به إنسان فقال‪ :‬ما يُ ْ‬
‫هريرة؟! فقال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬موقف‬
‫در عند الحجر السود‪ :‬رواه‬ ‫ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القَ ْ‬
‫ي في‬ ‫ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما[‪ ،‬وابن عباس كان مع عل ّ‬
‫مبيرة‪،‬‬ ‫ب َيرى كثير من المعاصرين أن الخوض بمثلها في زماننا فتنة ُ‬ ‫حر ٍ‬
‫حيا‪.‬‬ ‫ل هذا الرسول نفسه الذي ود ّ لو ي ُْقَتل مرارا ً ثم ي ُ ْ‬ ‫وقدوتهم في ك ّ‬
‫ة الدللة جدا ً من‬ ‫وحتى لو كانت أحاديث تفضيل شيء على الجهاد صريح َ‬
‫ة العربية فربما ل يكفي هذا حتى نرى كيف فهمها السلف‬ ‫حيث اللغ ُ‬
‫مدا ً فجزاؤه جهنم خالدا ً‬ ‫من َيقتل مؤمنا ً متع ّ‬‫الصالح؟ خذ قوله تعالى (و َ‬
‫غضب الله عليه‪ ،‬ولعنه‪ ،‬وأعد ّ له عذابا ً عظيما ً)‪ ،‬فمع صراحتها‬ ‫فيها‪ ،‬و َ‬
‫التامة فإن أهل السنة والجماعة ل َيرون خلود القاتل في العذاب خلودا ً‬
‫دون من َيعتقد هذا –بعد انعقاد الجماع‪ -‬مبتدعا ً‬ ‫أبديا ً ل خروج منه‪ ،‬بل َيع ّ‬
‫ل‪ ،‬وراجع لذلك التفاسير كابن كثير‪ ،‬والقرطبي‪ ،‬والسبب أنهم جمعوا‬ ‫ضا ً‬
‫النصوص مع بعضها ولم َيضربوها ببعضها‪ ،‬ولم يأخذوا طرفا ً واحدا ً منها‪.‬‬
‫ضلت‬ ‫ل ما يقال‪ :‬إن أكثريتهم الساحقة ف ّ‬ ‫ـ والعلماء من بعد السلف الصالح أق ّ‬
‫ل الذكر أو‬ ‫الجهاد وهو فرض كفاية على جميع المندوبات‪ ،‬لكن تفضي َ‬
‫ة َرك ََنت إلى‬ ‫سواه من المندوبات على الجهاد لم َيعتنقه اليوم إل فئ ٌ‬
‫‪38‬‬
‫قدوا لتركهم واجب المر‬ ‫حلقاتها أو انكمشت في مساجدها حتى إذا ما انت ُ ِ‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر وشعيرة الجهاد الذي تحول اليوم إلى‬
‫فرض عين رأيَتهم أخرجوا لك تلك الحاديث التي لم َيقل أحد البتة من‬
‫ة لتجويز قعودنا عن الجهاد العيني‪.‬‬ ‫السالفين‪ :‬إنها حج ٌ‬
‫حكم ‪] :1/274‬وأما ذروة سنامه وهو‬ ‫قال ابن رجب في جامع العلوم وال ِ‬
‫أعلى ما فيه وأرفعُه فهو الجهاد‪ ،‬وهذا يدل على أنه أفضل العمال‬
‫بعد الفرائض كما هو قول المام أحمد وغيره من العلماء[‪.‬‬
‫من أعمال البر‬ ‫ل بكى وقال‪] :‬ما ِ‬ ‫ن حنب ٍ‬‫ذكر الغزو أمام المام أحمد َ اب ِ‬ ‫ولما ُ‬
‫ل لقاَء العدو شيٌء‪ ،‬ومباشرةُ القتال‬ ‫ل منه[‪ ،‬وقال‪] :‬ليس َيعدِ ُ‬ ‫شيٌء أفض ُ‬
‫دفعون عن‬ ‫بنفسه أفضل العمال‪ ،‬والذين يقاتلون العدو هم الذين ي َ ْ‬
‫ل أفضل منه؟![ كما في المغني لبن قدامة‬ ‫مه؛ فأيّ عم ٍ‬ ‫السلم وحري ِ‬
‫‪8/348‬ـ ‪.349‬‬
‫وقال ابن تيمية في رسائله وفتاويه ‪] :28/418‬اتفق العلماء فيما أعلم على‬
‫أنه ليس فى التطوعات أفضل من الجهاد؛ فهو أفضل من الحج وأفضل‬
‫من الصوم التطوع‪ ،‬وأفضل من الصلة التطوع‪ ،‬والمرابطة فى سبيل‬
‫الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس[‪ ،‬فكيف إذا كان‬
‫ض عين؟!!‬ ‫الجهاد فر َ‬
‫وقال أيضًا‪] :‬والمر بالجهاد وذكرُ فضائله فى الكتاب والسنة أكثر من أن‬
‫وع به الإنسان‪ ،‬وكان باتفاق العلماء‬ ‫ط ّ‬
‫صر؛ ولهذا كان أفضلَ ما تَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ُي ْ‬
‫أفضل من الحج والعمرة ومن الصلة التطوع والصوم التطوع‬
‫رد فى ثواب‬ ‫واسع لم يَ ِ‬
‫ٌ‬ ‫كما دل عليه الكتاب والسنة‪....‬وهذا بابٌ‬
‫فع الجهاد‬ ‫العمال وفضلِها مثلُ ما َوَرَد فيه‪ ،‬وهو ظاهرٌ عند العتبار؛ فإنّ َن ْ‬
‫م لفاعله ولغيره فى الدين والدنيا‪ ،‬ومشتمل على جميع أنواع العبادات‬ ‫عا ّ‬
‫الباطنة والظاهرة؛ فإنه مشتمل من محبة الله تعالى‪ ،‬والخلص له‪،‬‬
‫والتوكل عليه‪ ،‬وتسليم النفس والمال له‪ ،‬والصبر والزهد وذكر الله‬ ‫ّ‬
‫‪...‬والقائمُ به ‪ ...‬بين إحدى الحسنيين دائما ً إما النصر والظَفر وإما‬
‫خلْق لبد لهم من محيا وممات؛ ففيه استعمال‬ ‫الشهادة والجنة‪ ،‬فإن ال َ‬
‫محياهم ومماتهم في غاية سعادتهم فى الدنيا والخرة‪ ،‬وفي تركه ذهاب‬
‫ن من الناس مَن َيرغب فى العمال الشديدة‬ ‫السعادتين أو نقصهما؛ فإ ّ‬
‫فى الدين أو الدنيا مع قلة منفعتها‪ ،‬فالجهاد أنفع فيهما من كل عمل‬
‫شديد‪ ،‬وقد يرغب فى ترفيه نفسه حتى يصادفه الموت فمَوت الشهيد‬
‫أيسر من كل مِيتة وهي أفضل الميتات‪..‬إلخ[‪.‬‬
‫دقيق‬ ‫وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" أولَ كتاب الجهاد‪] :‬قال ابن َ‬
‫ل العمال التي هي وسائل؛‬ ‫الِعيد‪ :‬القياس يقتضي أن يكون الجهاد أفض َ‬
‫ة إلى إعلن الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه‪،‬‬ ‫لن الجهاد وسيل ٌ‬
‫سب فضيلة ذلك[‪.‬‬ ‫ففضيلته بح َ‬

‫‪39‬‬
‫ـ ولم نسمع أن أحدا ً من المنافقين الذين سَعوا ببالغ خبثهم واْلتوائ ِّيتهم أن‬
‫ول الجهاد إلى فرض عين باستنفار‬ ‫ي َت َعَّللوا وي َْعتذروا عن الخروج عندما ت َ َ‬
‫ح ّ‬
‫ط‬‫المام الشرعي لم َنسمع أن أحدا ً منهم قال‪ :‬أنا في المسجد في ربا ٍ‬
‫َيفوق رباطكم أيها المجاهدون‪ ،‬لم نسمع أن أحدهم تحجج بأنه سَيجلس‬
‫يذكر الله فهو خيٌر من الخروج‪...‬فحتى المنافقون لم َيجرؤوا أن يتحججوا‬
‫بهذا‪ !...‬ورأوا أن العتذار بالنشغال بالهل والمال أهون!‬
‫ذر الجمع بينهما‪،‬‬ ‫ل أن ُنفاضل بين عبادتين في حال تعارضهما أو ت َعَ ّ‬ ‫ـ والص ُ‬
‫ضل بينهما كي نفوز بأعلهما أجرًا‪ ،‬فهل الذكر يتعارض مع الجهاد؟‬ ‫فُنفا ِ‬
‫بل الذكر يكون قبل ومع وبعد الجهاد‪ ،‬بل الله أمرنا بالكثار منه عند‬
‫القتال؛ لنه من أسباب الفلح فقال‪ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا َلقيتم فئ ً‬
‫ة‬
‫فاثبتوا‪ ،‬واذكروا الله كثيرا ً لعلكم ُتفلحون‪ ،‬فالمجاهد الذاكر أفضل باتفاق‬
‫جميع المسلمين من المنفرد بأحدهما‪ ،‬كما أن المتصدق الذاكر أعلى من‬
‫الذاكر كما في قصة "أهل الدثور"‪.‬‬
‫دعي أنك تريد‬ ‫عف أجره في ساحات الجهاد‪ ،‬فيامن ت َ ّ‬ ‫وبما أن كل شيء ُيضا َ‬
‫ط على‬‫الجر الزائد عليك بالذكر في ساحات الجهاد‪ ،‬الذكرِ وأنت مراب ٌ‬
‫الثغور‪ ،‬مع التنويه إلى أن المفاضلة اليوم مما ل طائل تحته لن الجهاد‬
‫ض على جميع العيان فل معنى للطالة في مثل هذا اليوم‪.‬‬ ‫تحول إلى فر ِ‬
‫ضلت الجهاد أكثرها بصيغة عموم‪ ،‬ومنها ما كان في‬ ‫ـ والحاديث التي ف ّ‬
‫س ربما ل َيرجعون‪ ،‬فالكلم في مثل هذه الخطب على‬ ‫ب َيحضرها نا ٌ‬ ‫خط ٍ‬
‫المل الصل أن ي ُط َْرح فيه ما هو من ثوابت السلم‪ ،‬بينما الحاديث‬
‫عجزوا عن الجهاد‬ ‫ص َ‬ ‫القليلة الخرى إما أنها ل تصح أو أنها قيلت لشخا ٍ‬
‫فقيلت لهم لتعويضهم ]كأم هانئ وكبر سّنها‪ ،‬وقصة ذهب أهل الدثور[‪ ،‬أو‬
‫حول بينهم وبين الجهاد‪ ،‬فهي فتوى ل حكم‪،‬‬ ‫ف زمانية أو مكانية ت َ ُ‬‫في ظرو ٍ‬
‫أل ترى أن تلوة القرآن في الجملة أفضل من الذكار المعروفة‪ ،‬لكن‬
‫الذكر دبر الصلوات أفضل من تلوة القرآن‪.‬‬
‫قال السيوطي في "الديباج"‪ُ] :‬يجمَع بأن اختلف الجواب جرى على حسب‬
‫اختلف الحوال والشخاص وحاجة السائل إليه؛ فإنه قد يقال‪ :‬خير‬
‫الشياء كذا ول يراد أنه خير جميع الشياء من جميع الوجوه وفي جميع‬
‫مل على تقدير مِن‪ ،‬كما يقال‪:‬‬ ‫ح َ‬
‫ل دون حالٍ‪ ...،‬أو يُ ْ‬ ‫الحوال‪ ،‬بل في حا ٍ‬
‫فلن أفضل الناس‪ ،‬ويراد من أفضلهم‪ ،‬كما وَرد )خيركم خيركم لهله(‪،‬‬
‫ومعلوم أنه ل يَصير بذلك خير الناس مطلقاً‪ ،‬فعلى هذا يكون اليمان‬
‫أفضلها والباقيات متساوية في كونها من أفضل العمال أو الحوال‪ ،‬ثم‬
‫ل عليها[‪.‬‬
‫د ّ‬ ‫ضل بعضها على بعض بدلئلَ تَ ُ‬ ‫ُيْعرَف فَ ْ‬
‫وقال المناوي في شرح الجامع عند حديث ظاهره تفضيل الذكر على الجهاد‬
‫طبين به‪ ،‬ولو‬ ‫ل للمخا َ‬ ‫‪] :115 / 3‬وهذا محمول على أن الذكر كان أفض َ‬
‫ل به نفع السلم في القتال لقيل له‪ :‬الجهاد‪ ،‬أو‬ ‫ح ّ‬
‫خوطب به شجاع باسل َ‬

‫‪40‬‬
‫الغني الذي َينتفع به الفقراء بماِله قيل له‪ :‬الصدقة‪ ،‬والقادر على الحج‬
‫حصل التوفيق بين‬ ‫من له أصلن قيل له‪ :‬بّرهما‪ ،‬وبه ي َ ْ‬ ‫قيل له‪ :‬الحج‪ ،‬أو َ‬
‫ول الجهاد إلى فرض عين‪.‬‬ ‫الخبار[‪ ،‬وهذا ل يخفى أنه ما لم يتح ّ‬
‫وقال المباركفوري عن أكثر الحاديث إشكال ً )أل أنُبَّئكم بخير أعمالكم‬
‫صل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما‬ ‫ح ّ‬ ‫وأزكاها‪] :(...‬ومُ َ‬
‫ة بأنه أفضل العمال أن الجواب اختلَف لختلف‬ ‫ت فيه الجوب ُ‬ ‫اختَلفَ ْ‬
‫كل قوم بما يحتاجون إليه‪ ،‬أو بما لهم فيه رغبة‬ ‫ّ‬ ‫علَ َ‬
‫م‬ ‫أحوال السائلين بأنْ أَ ْ‬
‫أو بما هو لئق بهم‪ ،‬أو كان الختلف باختلف الوقات بأن يكون العمل‬
‫في ذلك الوقت أفضل منه في غيره‪ ،‬فقد كان الجهاد في ابتداء السلم‬
‫ل العمال لنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن في أدائها‪ ،‬وقد‬ ‫أفض َ‬
‫َتضافرت النصوص على أن الصلة أفضل من الصدقة‪ ،‬ومع ذلك ففي‬
‫ن "أفضل" ليست على‬ ‫وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل‪ ،‬أو أ ّ‬
‫بابها‪ ،‬بل المراد بها الفضل المطلق‪ ،‬أو المراد من أفضل العمال‬
‫حذِفت من[‪ ،‬وهذا الكلم إذا كان الجهاد فرضَ كفاية ل فرضَ عين‪ ،‬بل‬ ‫ف ُ‬
‫لو كان اليوم أيضا ً فرضَ كفاية لكان مِن أهم المهمات لعادة َ‬
‫هيْبة‬
‫دراج الرياح‪.‬‬ ‫َ‬
‫المسلمين التي راحت أ ْ‬
‫ة –أعني الحاديث‪ -‬تعارضا ً جليا ً ل مجال للترجيح بينها حتى أنها‬ ‫وهَْبها متعارض ً‬
‫ض‬
‫س رابعة النهار بل َتعار ٍ‬ ‫ة كشم ِ‬‫ب! فإن آيات الله جلي ّ ٌ‬ ‫تساوت عددًا‪..‬ه ْ‬
‫البّتة ‪‬ل يستوي القاعدون من المؤمنين غيُر أولي الضرر‬
‫ضل الله المجاهدين‬ ‫والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم‪ ،‬ف ّ‬
‫ضل الله المجاهدين‬ ‫على القاعدين درجة‪ ،‬وكل ً وعد الله الحسنى‪ ،‬وف ّ‬
‫عمارة المسجد‬ ‫على القاعدين أجرا ً عظيماً‪، ‬أجعلتم سقاية الحاج و ِ‬
‫الحرام كمن آمن بالله واليوم الِخر وجاهَد َ في سبيل الله ل‬
‫يستوون عند الله‪ ،...‬ول ننسى أن هذه النصوص في الجهاد‬ ‫َ‬
‫عندما يكون فرض الكفاية‪.‬‬
‫ث واحد ٌ‬ ‫وحسبنا من الحاديث الصريحة في الموازنة بين الجهاد والذكر حدي ٌ‬
‫صريح أخرجه أحمد والحاكم‪ ،‬ورجاله ثقات والحديث حسن‪...) :‬وإن الله‬
‫ل لَيدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بُزخرفها وزينتها‪ ،‬فيقول‪ :‬أين‬ ‫عز وج ّ‬
‫عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وُقتلوا وُأوذوا وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا‬
‫الجنة فيدخلونها بغير حساب‪ ،‬وتأتي الملئكة فيسجدون فيقولون‪ :‬ربنا‬
‫من هؤلء الذين آثرتهم‬ ‫دس لك َ‬ ‫نحن نسبح بحمدك الليل والنهار‪ ،‬ون َُق ّ‬
‫علينا؟ فيقول الرب عز وجل‪ :‬هؤلء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا‬
‫في سبيلي‪ ،‬فتدخل عليهم الملئكة من كل باب‪ :‬سلم عليكم بما صبرتم‪،‬‬
‫فنعم عقبى الدار(‪.‬‬
‫الغداة في جماعة ثم َقعَدَ َيذْ ُ‬
‫كر‬ ‫ـ وإذا كان من المعلوم أن حديث )مَن صلى َ‬
‫جة وعمرة‬ ‫ح ّ‬
‫الله حتى َتطُْلع الشمس‪ ،‬ثم صلى ركعتين كانت له كأجر َ‬
‫‪41‬‬
‫من خرج من‬ ‫تامة تامة تامة‪ :‬حسن غريب كما قال الترمذي(‪ ،‬وحديث‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رم‪ :‬أبو داود‪ ،‬وهو‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ج ال ُ‬‫جر الحا ّ‬ ‫جره كأ ْ‬ ‫بيته متطهرا ً إلى صلة مكتوبة فأ ْ‬
‫ج الواجب‪ ،‬بل‬ ‫َ‬
‫حد َ َيفهم منهما أنه َيسقط بفعلهما الح ّ‬ ‫حسن(‪ ،‬كلهما ل أ َ‬
‫ج التطوع ل ُتلغى ندبيته ولو جلس الرجل لمرات ومرات‪ ،‬ولو‬ ‫حتى ح ّ‬
‫واظب على جميع الجماعات‪ ،‬فكذلك لو جاءت أحاديث صريحة في‬
‫تفضيل الذكر على الجهاد فل َيعني هذا أبدا ً أن الجهاد وهو فرض كفاية‬
‫سقط‬ ‫من باب أولى ل َيعني أن الجهاد العيني قد َ‬ ‫ة له‪ ،‬ف ِ‬ ‫قد أ ُْلغي ول حاج َ‬
‫عن الرجل فينا‪.‬‬
‫جل ً ليعرف أيهما أفضل الجهاد –حالة كونه فرض كفاية‪ -‬أم‬ ‫من كان متع ّ‬ ‫ـو َ‬
‫جمع ما شاء من الحاديث التي ُتوحي بتفضيل‬ ‫غيره؟ فما عليه إل أن ي َ ْ‬
‫شيء سوى الجهاد ثم يقارنها بالحاديث والقصص التي أسلفناها أعله‬
‫شَهد أو فَد َ ْ‬
‫ع‪.‬‬ ‫ل الشمس فا ْ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫رقم ‪ ،7‬وعلى ِ‬
‫)نماذج مهمة من سيرة الرسول والتابعين له‬ ‫•‬

‫بإحسان من صحابة ومن بعدهم(‪:‬‬


‫‪8‬ـ لماذا القتال؟ لن رسولنا وأجدادنا الصحابة جميعا ً ـ وهم أفق ُ‬
‫ه منا‬
‫ص على الخير منا ـ كانوا شديدي الحرص على القتال والشهادة‪ ،‬بل‬ ‫َ‬
‫حَر ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫ة ُتوصلهم إلى أرض المعركة كانت أعيُنهم‬ ‫كانوا إذا لم َيجدوا واسط ً‬
‫مقصودا ً قبل جمع المال للجهاد‪ ،‬مع أن‬ ‫تفيض من الدمع‪ ،‬فكان القتال َ‬
‫ن‪.‬‬
‫ض كفاية ل فرض عي ٍ‬ ‫الجهاد وقَتهم كان فر َ‬
‫دد الصحابة‪) :‬نحن الذين بايعوا محمدا ً على الجهاد ما بقينا أبدًا‪:‬‬ ‫ـ وقد ر ّ‬
‫ما نحن فلسان حالنا وَقاِلنا‪ :‬نحن الذين بايعوا محمدا ً على‬ ‫البخاري(‪ ،‬أ ّ‬
‫قصص والروايات‪ ،‬على دخول الكليات‪ ،‬على‬ ‫الكلم ما بقينا أبدًا‪ ،‬على ال ِ‬
‫ت الحلل ما َبقينا أبدًا‪.‬‬ ‫البحث عن بن ِ‬
‫ـ وكان الدعاء بالرحمة أو المغفرة منه ‪ ‬يساوي الشهادة!! ففي‬
‫جز بالقوم‪ :‬تالله لول الله ما اهتدينا‬ ‫مي عامر َيرَْت ِ‬ ‫جَعل عَ ّ‬ ‫صحيح مسلم )‪َ ..‬‬
‫ت القدام إن‬ ‫فَث َب ّ ِ‬ ‫ونحن عن فضلك ما استغنينا‬ ‫ول تصدقنا ول صلينا‬
‫َ‬
‫من هذا؟ قال‪ :‬أنا‬ ‫ن سكينة علينا‪ ،‬فقال رسول الله ‪َ : ‬‬ ‫وأن ْزِل َ ْ‬ ‫لقَْينا‬
‫فر لك ربك" ‪ ..‬وما استغفر رسول الله ‪‬‬ ‫غ َ‬ ‫عامر! قال ‪َ " :‬‬
‫ل له‪:‬‬ ‫م ٍ‬
‫ج َ‬
‫شَهد‪ .. ،‬فنادى عمر بن الخطاب وهو على َ‬ ‫ست َ ْ‬‫صه إل ا ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫لنسان ي َ ُ‬
‫مت ّعَْتنا بعامر!!!( أي بشجاعته كما في فتح الباري‪،‬‬ ‫يا نبي الله! لول ما َ‬
‫وفي رواية البخاري‪) :‬يرحمه الله( بدل )غفر لك ربك(‪.‬‬
‫ـ فهل كان أفراد الصحابة يتمّنون شهادة معركة في سبيل الله أم شهادة‬
‫القتصاد أو الجغرافية أو الطب؟ والشهادة ل تأتي إل بالت ّعَّرض لها )يبتغي‬
‫ت الجامعة صارت أيضا ً‬ ‫ن شهادا ِ‬ ‫القتل أو الموت مظاّنه‪ :‬مسلم(‪ ،‬أم أ ّ‬
‫ت في سبيل الله بالمعنى الخص‪.‬‬ ‫شهادا ٍ‬

‫‪42‬‬
‫جة الوداع! كان فيها من الصحابة أكثر من‪ /100000/‬على أقل‬ ‫ح ّ‬‫ـ انظر َ‬
‫ل؛ فأين باقيهم؟!‬‫ن في البقيع حوالي‪ /250/‬صحابيا ً أو أق ّ‬ ‫تقدير‪ ،‬بينما د ُفِ َ‬
‫ب التراجم‪ ،‬فالمدفونون في‬ ‫سَتراهم إل أقّلهم في أرض الجهاد؛ ودوَنك كت ُ َ‬
‫جت إلى‬‫خيرةَ الصحابة خر َ‬ ‫ة بجانب عدد الصحابة الكلي‪ ،‬فَترى ِ‬ ‫البقيع قِل ّ ٌ‬
‫خوارْزم والهند والسند وشمال إفريقّية … بل يذكر بعض‬ ‫مز و ُ‬ ‫مهُْر ُ‬‫را َ‬
‫الك ُّتاب أن أكثر من ‪ %80‬من الصحابة مجاهدون‪.‬‬
‫ول الجهاد إلى فرض عين باستنفار المام‬ ‫ـ ثم انظر في "تبوك" لما تح ّ‬
‫جميعَ الناس‪ ،‬انظر كم تخّلف من المؤمنين؟! ‪/3/‬من أصل ‪/30000/‬؛‬
‫كن من حزب الثلثة!‬ ‫خسران ف ُ‬ ‫فإن شئت ال ُ‬
‫ـ ثم قارن بينهم وبيننا‪ :‬خرج ‪ ‬لمجّرد سماعه أن الروم يأَتمِرون به‪،‬‬
‫كاؤون الذين لم َيجدوا ما ُيحملون عليه‬ ‫وكانت الُعسرة شديدة‪ ،‬وجاء الب ّ‬
‫فأين أنتم أيها البكاؤون اليوم؟! أين من ي َهُّبون للدفاع عن بلد إسلمية‬
‫عدها "روسية"؟‬ ‫ضربها فع ً‬
‫ل‪ ،‬أو ُتو ِ‬ ‫ددها "أمريكة" أو ت َ ْ‬ ‫ت ُهَ ّ‬

‫ل الله ‪:‬‬ ‫م ل؟! وقدوةُ هؤلء كّلهم رسو ُ‬ ‫‪ ‬ول ِ َ‬


‫ـ فقد غزا ‪ ‬بنفسه ‪ 25 /‬أو ‪ /27‬غزوةً مدةَ إقامته في المدينة ‪10/‬‬
‫ل القوال ‪ /18/‬مع‬ ‫دل ‪ /3/‬غَزوات في السنة‪ ،‬وعلى أق ّ‬ ‫سنوات‪ ،/‬أي بمع ّ‬
‫عد ّ الغزوات المتتابعة واحدة كقريظة والحزاب‪ ،‬هذا فضل ً عن الُبعوث‬
‫والسرايا التي لم يكن هو فيها‪ ،‬والتي روى ابن إسحاق أنها بلغت ‪،/36/‬‬
‫وعددها ابن سعد في طبقاته قريب ‪ /70/‬سرية‪ ،‬وقال ابن حجر‪" :‬قرأت‬
‫مغلطاي أن مجموع الغزوات والسرايا ‪ ،/100/‬وهو كما قال والله‬ ‫بخط ُ‬
‫أعلم"‪.‬‬
‫]فتح الباري‪ .[8/154 :‬وانظر ]‪.[7/281‬‬
‫ت أنت كتابا ً واحدا ً خلل ‪/‬‬ ‫ل!! فهل صن ّْف َ‬ ‫ث لقتا ٍ‬ ‫ل شهر تقريبا ً هناك ب َعْ ٌ‬ ‫أي ْ ك ّ‬
‫‪ /10‬سنوات؟‬
‫ة ـ أيّ موسوعة ـ تعادل في قلوب العداء ربع‬ ‫ة إسلمي ٌ‬ ‫ثم هل موسوع ٌ‬
‫ن كانت حياته كّلها جهادا ً ـ‬ ‫ج إل مّرة في حي ِ‬ ‫س أنه ‪َ ‬لم ي َ ُ‬
‫ح ّ‬ ‫غزوة؟! ول ت َن ْ َ‬
‫بالمعنى القتالي ـ‬
‫ـ وكانت كل هذه الغزوات بعد أن جاوز الخمسين‪ ،‬وشهد َتبوك وقد‬
‫ن الثلثين والعشرين!‬ ‫جاوز الستين؛ فيا حسرةً عليك يا ب ْ َ‬
‫ي من أن يكون لي أهل‬ ‫َ‬ ‫ـ وهو من قال‪َ) :‬ل َ ُ‬
‫ب إل ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ن أقتل في سبيل الله أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫ف أنفه سعيا لتكون‬ ‫حت ْ َ‬‫در‪ :‬سنده حسن(‪ ،‬فهل منزلةُ من يموت َ‬ ‫م َ‬‫الوََبر وال َ‬
‫له الصدارةُ في كّليته كمن يموت قتل ً في سبيل الله!‬
‫ل ثم‬‫ل ثم أغزو فُأقت َ‬ ‫ت أني أغزو في سبيل الله فُأقت َ‬ ‫من قال‪) :‬لودِد ْ ُ‬ ‫ـ وهو َ‬
‫حد‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أغزو فأقت َ‬
‫ل‪ :..‬متفق عليه(‪ ،‬وتمنى أنه اسُتشهد مع أصحابه في أ ُ‬
‫صنِ الجبل‪ :‬الحاكم صححه على‬ ‫ت مع أصحابي بحِ ْ‬ ‫ت أني غُوْدِْر ُ‬ ‫)والله ل َوَدِد ْ ُ‬

‫‪43‬‬
‫شرط مسلم ووافقه الذهبي والحديث حسن(‪ ،‬وأما أنت َتهرب من القتل‬
‫؟! وليَتك حقا ً ت ُعِد ّ للقتال! إنما ت ُعِد ّ‬ ‫جة العداد للقتال والمعركة الكبرى ‍‬ ‫ح ّ‬‫ب ُ‬
‫للزواج!‬
‫وهل ضياعُ الوحي أخطُر أم نفُعك الموهوم للمسلمين؟ لكن الرسول ‪‬‬
‫مع ذلك تمنى أن ي ُقتَل‪.‬‬
‫ق‬
‫كرات الموت‪ُ ،‬يفي ُ‬ ‫ل الجهاد في ذروة تفكيره حتى وهو في س َ‬ ‫ـ بل ظ ّ‬
‫ث أسامة‪ :‬ابن سعد وغيره(‪ ،‬فالجهاد أصل وليس حالة‬ ‫َ‬
‫فيقول‪) :‬أنِفذوا ب َعْ َ‬
‫طارئة‪ ،‬وكان ممن انتُدب مع أسامة كبار المهاجرين والنصار؛ منهم أبو‬
‫بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن‬
‫أسلم‪...‬إلخ كما في "فتح الباري"‪.‬‬
‫شرنا‪:‬‬ ‫‪ ‬وهو الذي ب ّ‬
‫جوُْر‬ ‫طله َ‬ ‫ـ )الغزو ماض منذ َبعثني الله إلى أن يقاِتل آخُر أمتي الدجال‪ ،‬ل ي ُب ْ ِ‬
‫ل عادل‪ :‬في سنده مجهول لكن معناه متفق عليه بين‬ ‫عد ُ‬
‫جائر ول َ‬
‫حيكه‬ ‫سر الغزو بغزو الصحف والمجلت لمعرفة ما ي َ ِ‬ ‫الفقهاء( أم أنك ت َُف ّ‬
‫أعداُء السلم لن‍ا!‬
‫ة من المسلمين حتى تقوم‬ ‫صب َ ٌ‬‫ل عليه عُ ْ‬ ‫ـ )لن ي َب َْرح هذا الدين قائما ً يقات ُ‬
‫الساعة‪ :‬مسلم(‪ ،‬وفي رواية‪) :‬ل تزال طائفة من أمتي … ُيقاتلون …(‪،‬‬
‫ولم ي َُقل‪ُ :‬يحاورعليه أو يفاوض عليه أو يتاجر عليه أو…‬
‫صر ـ صدقوني ـ‪:‬‬ ‫والمثلة من حياة الصحابة فوق أن ت ُ ْ‬
‫ح َ‬
‫عبادة بن الصامت"‪ ‬يقول لمقوقس مصر عظيم القبط‪…] :‬وما‬ ‫ـ هذا " ُ‬
‫ده‬‫منا رجل إل وهو يدعو ربه صباحا ً ومساًء أن يرزقه الشهادة‪ ،‬وأل ّ ي َُر ّ‬
‫م فيما‬ ‫إلى بلده ول إلى أرضه ول إلى أهله وولده‪ ،‬وليس لحدٍ منا هَ ّ‬
‫منا[ اهـ‬ ‫منا ما أما َ‬ ‫ل واحد منا رّبه أهَله وولده‪ ،‬وإنما ه ّ‬ ‫دعَ ك ّ‬‫سَتو َ‬ ‫خل َْفه‪ ،‬وقد ا ْ‬ ‫َ‬
‫]من كتاب ‪:‬فتوح مصر وأخبارها[‪.‬‬
‫عهم ـ وليس‬ ‫ل بالُقّراء‪ ،‬وهم صفوة الصحابة ل َرعا ُ‬ ‫حّر القت ُ‬ ‫ست َ َ‬
‫ـ بل قبل هذا ا ْ‬
‫ضياع‬ ‫فيهم َرعاع ـ وذلك في حروب الردة حتى خاف الصحابة من َ‬
‫ة‪.‬‬‫ة ل دارس ً‬ ‫القرآن! إذا ً كانت الصفوة مقاِتل ً‬
‫ـ أما قالت بعض النصار‪] :‬يا رسول الله!… ل نقول لك كما قالت بنو‬
‫إسرائيل لموسى ‪: ‬فاذهب أنت وربك فقاتل إنا هاهنا قاعدون‪ ،[‬أ َ‬
‫ما‬
‫خيضها البحار‬ ‫مْرَتنا أن ت ُ ِ‬ ‫َ‬
‫عبادة"‪] :‬والذي نفسي بيده! لو أ َ‬ ‫قال "سعد بن ُ‬
‫مْرَتنا أن نضرب أكبادها إلى ب َْرك الِغماد ل ََفَعلنا[ كما في‬ ‫َ‬
‫ضناها‪ ،‬ولو أ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ل َ‬
‫ت‪ ،‬واقطع‬ ‫من شئ َ‬ ‫ل حبال َ‬ ‫مْرد َُويه‪…] :‬فَ ِ‬
‫ص ْ‬ ‫صحيح مسلم‪ ،‬وفي رواية ابن َ‬
‫حبال من شئت‪ ،‬وعادِ من شئت‪ ،‬وساِلم من شئت‪ ،‬وخذ من أموالنا ما‬
‫شئت[‪.‬‬
‫ـ وقبل هذا أخذ "جعفٌر" ‪ ‬جناحين يطير بهما في الجنة‪ ،‬فهل لنه دَرس أو‬
‫مَلكا ً يطير‬ ‫ت جعفر بن أبي طالب َ‬ ‫دّرس القتصاد فنفع المسلمين؟!! )رأي ُ‬
‫‪44‬‬
‫مه بالدماء(‬ ‫ة قوادِ ُ‬‫ضوب ً‬ ‫خ ُ‬ ‫م ْ‬‫في الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاء َ‬
‫الطبراني بإسنادين أحدهما حسن‪ ،‬وفي رواية أنه ‪ ‬قال لبن جعفر‪:‬‬
‫)هنيئا ً لك يا عبد الله بن جعفر‪ ،‬أبوك يطير مع الملئكة في السماء(‪،‬‬
‫طيبة وبارد‬ ‫يا حبذا الجنة واقترابها‬ ‫وجعفر‪ ‬هو القائل‪:‬‬
‫شـرابها‪.‬‬
‫َ‬
‫سّره‬‫من َ‬ ‫صّفين وهو في التسعين!؟ وقال‪َ ] :‬‬ ‫أَولم يقاتل "عمار" ‪ ‬في ِ‬ ‫ـ‬
‫سبًا‪ :‬ابن أبي شيبة بسند‬ ‫محت ِ‬ ‫صّفْين ُ‬ ‫دم بين ال ّ‬ ‫أن ي َك ْت َن َِفه الحور العين فلَيتق ّ‬
‫ت عمارا ً‬ ‫ل في معركة "اليمامة" ُيحدثنا ابن عمر ‪] :‬رأي ُ‬ ‫من قب ُ‬ ‫صحيح[‪ ،‬و ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫يوم الَيمامة على صخرةٍ وقد أ ْ‬
‫م َ‬‫شَرف َيصيح‪ :‬يا معشر المسلمين أ ِ‬
‫ي! وأنا أنظر إلى أذنه قد‬ ‫موا إل ّ‬ ‫الجنة ت َِفّرون؟! أنا "عمار بن ياسر" هَل ُ ّ‬
‫ب‪ ،‬وهو يقاتل أشد ّ القتال[ أخرجه ابن سعد‪.‬‬ ‫طعت فهي ت َذ َب ْذ َ ُ‬ ‫قُ ِ‬
‫ط "ثابت بن قيس" ‪ ‬يوم اليمامة وقال‪…] :‬ما هكذا كنا نفعل‬ ‫حن ّ َ‬‫أولم َيت َ‬ ‫ـ‬
‫ودُتم أقراَنكم ‪ :‬البخاري[‪ ،‬فقاَتل حتى ُقتل‪.‬‬ ‫مع رسول الله ‪ ،‬بئسما ع ّ‬
‫أَولم ُيحّرض "أبو سفيان" ‪ ‬على القتال وقد جاوز السبعين؟!‬ ‫ـ‬
‫أَولم ُيفتح معظم أجزاء التحاد السوفيتي – سابقا ً – زمن عمر ‪‬‬ ‫ـ‬
‫وعثمان ‪‬؟! وما الذي جاء بهم‪ :‬سفٌر قاصد أم رحلة مريحة؟!! ل والله‬
‫إنه السمع والطاعة لرب العالمين ورسوله المين‪ ،‬إنه الشوق إلى جنات‬
‫النعيم‪.‬‬
‫مز والثلوج تغطي المكان؟‬ ‫مهُْر ُ‬‫ما وقف "ابن عمر" ‪ / /7‬أشهر أمام را َ‬ ‫أ َ‬ ‫ـ‬
‫مرة" ‪ ‬سنتين في كابل والثلوج تغطي‬ ‫س ُ‬ ‫بل وقف "عبد الرحمن بن َ‬
‫المنطقة معظم الشتاء‪ ،‬أَولم ُيقتل بكابل "أبو رفاعة العدوي" ‪ ،‬وكان‬
‫من فضلء الصحابة ]راجع الستيعاب لبن عبد الب َّر[‪.‬‬
‫مى عينيه‬ ‫ن أم مكتوم" ‪ ‬رغم عَ َ‬ ‫رص على فضل الجهاد "اب ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫أَولم ي َ ْ‬ ‫ـ‬
‫ك اللواء…؟ ]ذكره القرطبي في التفسير ‪.[8/151‬‬ ‫س َ‬
‫حرس المتاع وُيم ِ‬ ‫لي َ ْ‬
‫أَولم يقاتل "اليمان" ‪ ‬و"ثابت بن وَْقشٍ" ‪ ‬في "ُأحد" رغم كبر سنهما‪،‬‬ ‫ـ‬
‫خرة الجيش؟‬ ‫ذرهما وجعلهما مع النساء في مؤ ّ‬ ‫ورغم أن رسول الله ‪ ‬عَ َ‬
‫م "عمر" ‪ ‬بالخروج بنفسه فمن َعَْته الصحابة لجل الخلفة‪،‬‬ ‫وكم هَ ّ‬ ‫ـ‬
‫والجهاد ُ وقَْتهم فرض كفاية‪.‬‬
‫َ‬
‫ما كتب إلى عمر ‪ ‬في‬ ‫عبيدة" ‪ ‬لهم بتقصيرهم ل َ ّ‬ ‫وح "أبو ُ‬ ‫أَولم ي ُل َ ّ‬ ‫ـ‬
‫المدينة‪ :‬اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ……إلى قوله… متاع‬
‫الغرور‪‬؟ فخرج عمر ‪ ‬بكتابه فقرأه على المنبر فقال‪] :‬يا أهل المدينة!‬
‫إنما ي ُعَّرض بكم أبو عبيدةُ أو بي! ارغبوا في الجهاد[ أخرجه ابن المبارك‬
‫وإسناده قوي‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫؟…… فعلم‬ ‫ل مظاّنه فما قُِتل! ‍‬ ‫ـ أَولم يطلب "خالد بن الوليد " ‪ ‬القت َ‬
‫الخوف؟! أَولم ُيصّرح لرؤوس الكفر مرارا ً بما معناه‪] :‬جئتكم بقوم‬
‫ُيحبون الموت كما ُتحبون الحياة[؟ فعلم انقلَبت الية اليوم يا مجاهدي‬
‫الجامعات والمقالت والرحلت والمؤتمرات والّزّفات والّتلبيسات وك ّ‬
‫ل‬
‫سْلميات التي ل ُتريق دماء الهامات؟! وليتكم ُتفلحون بإرهاب شيء من‬ ‫ال ّ‬
‫العداء ولو الدجاجات!!‬
‫در ل ِعََرجه‪ ،‬فلما‬ ‫ج لم َيخرج في ب َ ْ‬ ‫خ أعر ُ‬ ‫ـ هذا "عمرُو بن الجَموح"‪ ‬وهو شي ٌ‬
‫مر ب َِنيه أن ُيخرجوه فَت َعَّللوا له‪ ،‬فقال لهم‪] :‬هيهات!‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حد" أ َ‬ ‫كانت "أ ُ‬
‫حد![‪.‬‬ ‫ُ‬
‫منعتموني الجنة ببدر‪ ،‬وتمنعوِنيها بأ ُ‬
‫ن أنا‬‫ت قبل المعركة ثم قال‪] :‬إ ْ‬ ‫مرا ٍ‬ ‫حمام" ‪ ‬يأكل ت َ‬ ‫عميرُ بن ال ُ‬ ‫ـ وهذا " ُ‬
‫مراتي هذه إنها لحياة طويلة! فرمى ما كان معه من‬ ‫ت حتى آكل ت َ‬ ‫حيي ُ‬ ‫َ‬
‫التمر ثم قاتلهم حتى قُِتل‪ :‬مسلم[‪.‬‬
‫جّهزوني‪،‬‬ ‫ي! َ‬‫ما قرأ "أبو طلحة" ‪: ‬انفروا خفافا ً وثقال ً‪ ،‬فقال‪ :‬أي ب َن ِ ّ‬ ‫ـأ َ‬
‫ت مع النبي ‪ ‬حتى مات‪ ،‬ومع أبي بكر‬ ‫فقال بنوه‪َ :‬يرحمُك الله لقد غََزوْ َ‬
‫حتى مات‪ ،‬ومع عمر حتى مات ونحن نغزو عنك‪ ،‬قال‪ :‬ل! جهزوني‪ ،‬فغزا‬
‫في البحر‪ ،‬فمات في البحر فلم َيجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إل بعد‬
‫سبعة أيام فدفنوه فيها ولم يتغّير ‪ .‬القرطبي]‪[8/150‬‬
‫ك الله!‬ ‫ذر َ‬‫جّهز للغزو‪] :‬قد عَ َ‬ ‫ـ وقيل "للمقداد بن السود" ‪ ‬لما كان ي َت َ َ‬
‫ت علينا الُبحوث[ أي سورة التوبة لنها بحثت عن المنافقين‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬أب َ ْ‬
‫وكشفتهم‪] .‬ذكره القرطبي[‪.‬‬
‫ـ انظر قيمة المجاهد عند سيد المجاهدين! فذات مرة سأل ‪ ‬صحابته بعد‬
‫حد؟( فقالوا‪ :‬ل‪ ،‬فقال‪) :‬لكني أ َفِْقد‬ ‫َ‬
‫من أ َ‬ ‫دون ِ‬ ‫إحدى الغَزوات‪) :‬هل ت َْفِق ُ‬
‫حثوا عنه‪ ،‬وإذ به قد ُقتل وحوَله ‪ /7/‬من المشركين‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫جل َي ِْبيبًا(! فَب َ َ‬ ‫ُ‬
‫)َقتل سبعة ثم قتلوه! هذا مني وأنا منه(‪ ،‬ووضعه على ساعديه…‬
‫انظر! لم َيقل‪ :‬هذا مني وأنا منه لنه صّنف ‪ /7/‬كتب… أو عنده ‪ /7/‬دروس‬
‫ت ترفيهي ّةٍ إلى‬ ‫في السبوع بين المغرب والعشا‍ء! أو قام بـ ‪ /7/‬رحل ٍ‬
‫أعالي الجبال وقمم الوديان!‬
‫ي" ‪ ‬يقول‪ :‬قال رسول الله‬ ‫ث الهيئة سمع "أبا موسى الشعر ّ‬ ‫خُر َر ّ‬ ‫ـ وآ َ‬
‫ن أبواب الجنة تحت ظلل السيوف(‪ ،‬فقال يا أبا موسى‪ :‬أنت‬ ‫‪) :‬إ ّ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫سمعتَ رسول الله ‪ ‬يقول هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فرجع إلى أصحابه ف َ‬
‫ضرب به حتى‬ ‫ن سيفه فألقاه ثم مشى به إلى العدو فَ َ‬ ‫جْف َ‬ ‫كسر َ‬ ‫عليهم ثم َ‬
‫ُقتل ]أخرجه مسلم[‪.‬‬
‫ـ حتى العصاةُ ممن كان في زمن الفتوح ما كانوا ُيطيقون اعتزال القتال‪،‬‬
‫ي سعد بن أبي‬ ‫حّرقون لساحات الوغى؛ فلما كان يوم القادسية أُت ِ َ‬ ‫كانوا ي َت َ َ‬

‫‪46‬‬
‫ٍ‬ ‫بسعد‬ ‫فقيْد‪ ،‬وكان‬ ‫فأمَر به َ ِ‬ ‫جن وهو سكرانُ من الخمر‪َ ،‬‬ ‫ح َ‬ ‫ص بأبي مِ ْ‬ ‫وّقا ٍ‬
‫جن يتمثل‪:‬‬ ‫ح َ‬ ‫صنع الناس‪ ،‬فراح أبو مِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫فصِعد فوق البيت لينظر ما يَ‬ ‫َ‬ ‫راح ٌ‬
‫ة‬ ‫جِ َ‬
‫ي وثاقيـا‬ ‫دودا عل َـ ّ‬ ‫ً‬ ‫وأتركَ مشـ‬ ‫ُ‬ ‫نا أن ت ُْرَتدى الخيل بالقنا‬ ‫كفى حَزَ ً‬
‫المناديـا‬‫م ُ‬ ‫مصارع دوني قد ُتصِ ّ‬ ‫َ‬ ‫وغّلقَـ ْ‬
‫ت‬ ‫عنّاني الحديد ُ‬ ‫إذا قمتُ َ‬
‫كه وعاهدها أن َيرجع إل إن ُقتل‪ ،‬ثم‬ ‫ب من إحدى نسوة سعدٍ أن ت َُف ّ‬ ‫ثم طل َ‬
‫س لسعدٍ يقال لها‪ :‬البلقاء‪ ،‬ثم أخذ الرمح وانطلق حتى أتى‬ ‫ر ٍ‬ ‫َوَثب على فَ َ‬
‫حمل في ناحية إل هزمهم الله‪ ،‬فجعل الناس يقولون‪:‬‬ ‫الناسَ‪ ،‬فجََعل ل َي ْ‬
‫فرُ‬ ‫طفْر طَ ْ‬ ‫ضبْر البَْلقاء‪ ،‬وال ّ‬ ‫ضَْبر َ‬ ‫"هذا مََلك"‪ ،‬وسعدٌ ينظر وهو يقول‪" :‬ال ّ‬
‫محجن‪ ،‬وأبو محجن في القيد!!!" فلما هُزم العدو رجع أبو محجن‬ ‫أبي ِ‬
‫جر‪ ،‬والمغني لبن‬ ‫ح َ‬
‫حتى وَضع رِجْله في القيد‪] .‬راجع الصابة لبن َ‬
‫قدامة[‪.‬‬
‫صهم على‬ ‫من َتبعهم بإحسان! ما أسرع استجابَتهم وحر َ‬ ‫فّلله د َّر الصحابة و َ‬
‫شرات اليات‬ ‫ت المعاذير لدفع ع َ‬ ‫شد مئا ِ‬ ‫جَلتاهُ منا! نح ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫الجهاد! ووا َ‬
‫ي َيسمع‬ ‫مستنكرين‪" :‬لماذا الجهاد"؟! بينما أعراب ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫ساء َ‬ ‫والحاديث ثم لن َت َ َ‬
‫آية واحدة أو حديثا ً واحدا ً من صحابي فيخرج ل َيلوي على شيء من متاع‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ـ وهذا "مكحولٌ" من علماء التابعين كان يستقبل الِقبلة ثم َيحلف‪/10/‬‬
‫أيمان أن الغزو واجب عليكم أيها المسلمون ثم يقول‪ :‬إن شئتم لزدتكم‪:‬‬
‫ليمان ]أخرجه عبد الرزاق ‪.[5/174‬‬ ‫أي من ا َ‬
‫سّيب" رحمه الله من فقهاء المدينة السبعة‪ ،‬بل‬ ‫م َ‬ ‫ـ وهذا "سعيد بن ال ُ‬
‫سيدهم‪ ،‬خرج إلى الغزو وقد ذهَبت إحدى عينيه‪ ،‬فقيل‪ :‬إنك عليل! فقال‪:‬‬
‫سواد َ‬‫ت ال ّ‬ ‫ب ك َث ّْر ُ‬ ‫مك ِّني الحر ُ‬ ‫استنَفَر الله الخفيف والثقيل‪ ،‬فإن لم ي ُ ْ‬
‫ث على تكثير‬ ‫ح ّ‬ ‫ما نحن فن َ ُ‬ ‫ت المتاع ]ذكره القرطبي ‪ ،[8/151‬أ ّ‬ ‫حِفظ ْ ُ‬ ‫و َ‬
‫خّريجين الذين‬ ‫ت بال ِ‬ ‫ح ْ‬‫سواد كليات الشريعة والزهر! رغم أن البلد طَف َ‬ ‫َ‬
‫ل ما هم‪.‬‬ ‫ل لئم إل ما رحم ربي‪ ،‬وقلي ٌ‬ ‫َيخافون في الله َلومة ك ّ‬
‫ل ما ُيذكَر في‬ ‫ت أن أو َ‬ ‫ت في تراجم السابقين لوجد ْ َ‬ ‫ـ بل إنك إن نظر َ‬
‫م يتخّلف عن غزوة"‪ ،‬أو‪ ،…:‬فكان‬ ‫ت كّلها"‪ ،‬أو‪" :‬ل ْ‬ ‫ترجمته‪" :‬شِهد الغَزوا ِ‬
‫ة‪ ،‬أما اليوم فإن ذكروا مآثر فعلى‬ ‫منقص ً‬ ‫ف َ‬‫ة‪ ،‬والتخل ُ‬ ‫خَر ً‬
‫مْف َ‬ ‫شهود الغزَوات َ‬ ‫ُ‬
‫قائمتها‪ :‬أمضى حياته بالب ِّر والحسان وبنى المسجد الفلني‪ ،‬أو نشر‬
‫العلم وصنف في "اليوم الخر"‪ ،‬و"أوصاف الملئكة"‪ ،‬و"الجنة والنار"‪.‬‬
‫ـ وهكذا استمرت سيرة الجهاد مع من تبعهم بإحسان كالعالم المجاهد‬
‫"أسد بن الفرات" و "ُقتيبة بن مسلم الباهلي"‪ ،‬و"محمد بن القاسم"‬
‫عقبة بن نافع" إذ خاطب البحر‪] :‬والله لو أعلم أن وراء َ‬
‫ك‬ ‫فاتح السْند‪ ،‬و" ُ‬
‫ب لول هذا‬ ‫أرضا ً ل َغََزوُتها في سبيل الله[‪ ،‬ونظر إلى السماء وقال‪] :‬يا ر ّ‬
‫ت في البلد مجاهدا ً في سبيلك[‪] .‬راجع الكامل لبن الثير[‪.‬‬ ‫ضي ْ ُ‬ ‫م َ‬‫البحر ل َ َ‬
‫ـ ثم استمرت المجاد مع من تبعهم بإحسان‪ ،‬فأين نحن من "صلح الدين"‬
‫طز" و"محمد الفاتح" الذي هّيأ نفسه لفتح روما عاصمة إيطالية بعد‬ ‫و"قُ ُ‬
‫‪47‬‬
‫أن فتح القسطنطينية‪ ،‬والذي دّقت كنائس أوربة ثلثة أيام متواصلة فرحا ً‬
‫بنبأ موته؟‬
‫دث عنه "غراسياني" القائد اليطالي‬ ‫أين نحن من "عمر المختار" الذي ُيح ّ‬ ‫ـ‬
‫بأنه خاض ‪ /263/‬معركة خلل عشرين شهرًا‪ ،‬وأن مجموع ما خاضه من‬
‫معارك يبلغ ‪ /1000/‬معركة؟‬
‫ل كليبر؟ أين نحن من "الشيخ محمد‬ ‫أين نحن من "سليمان الحلبي" قات ِ‬ ‫ـ‬
‫فرغلي" الذي كان النكليز في "السماعيلية" ُيعلنون حالة الطوارئ إذا‬
‫ما دخل المدينة‪ ،‬ودفعوا ‪ /5000/‬جنيهٍ لمن يأتي برأسه حيا ً أو ميتا ً‪ ،‬أين‬
‫ب "جّزار النكليز" لكثرة من قتل‬ ‫نحن من "يوسف طلعت" الذي ي ُل َّق ُ‬
‫منهم في قناة السويس‪ ،‬فأعدمهما الطاغية "جمال عبد الناصر" تقربا ً‬
‫إلى سادته المريكان‪.‬‬
‫من َّفذي هجمات الثلثاء؟ أين؟‬ ‫أين نحن من ُ‬ ‫ـ‬
‫حمها يوما ً عقيمًا‪ ،‬وبهؤلء جميعا ً كانت‬ ‫وستبقى تلد أمة السلم فلم تكن َر ِ‬ ‫ـ‬
‫ن جالوت‪ ،‬وهجمات "نيويورك‬ ‫عي ُ‬
‫كرْد و َ‬ ‫ملذ ُ‬ ‫اليرموك والقادسية وحطين و َ‬
‫وواشنطن"‪.‬‬
‫م بالـوراثة بـاُز!‬
‫أنـك اليـو َ‬ ‫دك باَزا ً‬ ‫ج ّ‬
‫ليس يعني إن كان َ‬

‫حّبنا ربنا تبارك‪ ،‬وَيضحك إلينا‪:‬‬ ‫‪9‬ـ لماذا القتال؟ ل ِي ُ ِ‬


‫حك إليهم‪ ،‬ويستبشر بهم‪ ،‬الذي إذا انكشفت فئة‬ ‫ض َ‬
‫ـ )ثلثة يحبهم الله‪ ،‬وي َ ْ‬
‫ن َينصره الله‬
‫قاتل وراَءها بنفسه لله عز وجل‪ ،‬فإما أن ُيقتل وإما أ ْ‬
‫صب ََر لي بنفسه…( الطبراني بإسناد‬ ‫ويكفَيه‪ ،‬فيقول انظروا إلى عبدي هذا َ‬
‫جيد‪.‬‬
‫م الذي نعيشه‪:‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫‪10‬ـ لماذا القتال؟ لنه َيقينا اله ّ‬
‫ب من أبواب الجنة‪،‬‬ ‫ن الجهاد في سبيل الله با ٌ‬ ‫هدوا في سبيل الله؛ فإ ّ‬ ‫ـ )جا ِ‬
‫م( أحمد والحاكم والحديث صحيح‪.‬‬ ‫جي الله به من الهم والغَ ّ‬ ‫ي ُن َ ّ‬
‫ت عائشة ‪) :‬هل على‬ ‫‪11‬ـ لماذا القتال؟ كيل نكون كالنساء! فقد سأل َ ِ‬
‫النساء من جهاد؟ قال ‪ :‬عليهن جهاد ل قتال فيه‪ ،‬الحج والعمرة‪ :‬ابن‬
‫ماجه بإسناد صحيح(؛ فالنساء َيستطعن العداد القتصادي والجتماعي‬
‫ويْن على العداد القتالي السلحي‪ ،‬والتاريخ يشهد!‬ ‫والعلمي‪ ،‬وقلما ي َْق َ‬
‫صرت كالنساء!‬ ‫أفل تخجل إن ِ‬
‫‪12‬ـ لماذا القتال؟ لتحصيل الكسب الطيب‪:‬‬
‫عنان فرسه في سبيل الله َيطير‬ ‫ممسكٌ ِ‬ ‫معاش الناس لهم رجل ُ‬ ‫من خير َ‬ ‫ـ) ِ‬
‫ة طار عليه‪َ ،‬يبتغي القتل أو الموت‬ ‫ة أو فَْزعَ ً‬ ‫مت ِْنه‪ ،‬كلما سمع هَي ْعَ ً‬ ‫على َ‬
‫مظاّنه‪ ،‬أو رجل في غُن َْيمة‪ :...‬مسلم(‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪48‬‬
‫ـ ومر معنا في المقدمة حديث‪…) :‬وُيزيغ الله لهم قلوب أقوام ٍ وَيرزقهم‬
‫منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعْد ُ الله…(‪.‬‬
‫ص الفقهاء والمحدثون؛ ففي التمهيد لبن عبد البر ‪..] :134 /3‬ما‬ ‫ـ وهكذا ن ّ‬
‫مْلك يمينه‪ ،‬وذلك والحمد لله من أطيب‬ ‫وقع في سهم النسان من الغنيمة ِ‬
‫الكسب وهو مما أحله الله لهذه المة وحّرمه على من قبلها[‪.‬‬
‫ل في الكسب‪ :‬أفضُله‬ ‫وفي ملتقى البحر للحلبي]حنفي[ ‪] 2/229‬فص ٌ‬
‫الجهاد ثم التجارة…[‪.‬‬
‫ومثله في البحر الرائق ‪] :283 /5‬قال أصحابنا‪ :‬أفضل الكسب بعد الجهاد‬
‫التجارة ثم الحراثة ثم الصناعة[‪ ،‬وفي المبسوط والحاشية رأيٌ آخر‪.‬‬
‫وفي حاشية الُبجيرمي ]شافعي[ ‪] :166 /2‬وعبارة ع ش‪ :‬أفضل الكسب‬
‫الزراعة أي بعد الغنيمة ثم الصناعة ثم التجارة[‪.‬‬
‫وفي فتح الباري ‪] :98 /6‬وفي الحديث إشارة إلى فضل الرمح وإلى حل‬
‫جعل فيها ل في غيرها من‬ ‫الغنائم لهذه المة وإلى أن رزق النبي ‪ُ ‬‬
‫المكاسب؛ ولهذا قال بعض العلماء‪ :‬إنها أفضل المكاسب[‪ .‬لكنه في ‪/4‬‬
‫من عمل اليد ما‬ ‫ل‪] :‬وفوقَ ذلك ِ‬ ‫جَزم قائ ً‬ ‫‪ 304‬بعد أن فاضل بين المكاسب َ‬
‫ب النبي ‪ ‬وأصحابه‪ ،‬وهو‬ ‫س ُ‬ ‫ُيكتسب من أموال الكفار بالجهاد‪ ،‬وهو مَك ْ ِ‬
‫أشرف المكاسب لما فيه من إعلء كلمة الله تعالى وخذلن‬
‫كلمة أعدائه والنفع الخروي[‪.‬‬
‫ل قال الّنسائي في السنن الكبرى ‪] :48 /3‬ولعله إنما استفتح‬ ‫ومن قب ُ‬
‫الكلم في الفيء والخمس بذكر نفسه؛ لنهما أشرف الكسب ولم ينسب‬
‫الصدقة إلى نفسه لنها أوساخُ الناس[ يتكلم رحمه الله عن بداية سورة‬
‫النفال وآية الزكاة )إنما الصدقات للففراء‪.(...‬‬
‫بل جزم القرطبي المفسر في سورة النفال ‪‬واعلموا أنما غنمتم‪...‬‬
‫‪‬فقال‪]:‬واسَتفتح عز وجل الكلم في الفيء والخمس بذكر نفسه لنهما‬
‫أشرف الكسب‪ ،‬ولم ينسب الصدقة إليه لنها أوساخ الناس[‪.‬‬
‫جِعل رزقي تحت ظل بكالوريتي وشهاداتي[ أم‬ ‫ـ وهل قال نبينا‪ُ ] :‬‬
‫ل رمحي(؟!‬ ‫)تحت ظ ِ ّ‬
‫َ‬
‫من‬‫مغنم َتبعًا‪َ ) :‬‬‫ل! الصل أن يكون الجهاد لعلء كلمة الله ثم يأتي ال َ‬ ‫ج ْ‬
‫أ َ‬
‫قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله‪ :‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنضمن عون الله تعالى في حياتنا وبعد مماتنا‪:‬‬
‫حّبان‬‫ة حقّ على الله عونهم‪ :‬المجاهد في سبيل الله…‪ :‬الترمذي وابن ِ‬ ‫ـ )ثلث ٌ‬
‫ت ترى أن ما أنت فيه خير من الخروج للقتال‬ ‫م َ‬
‫وسنده حسن(‪ ،‬فما د ُ ْ‬
‫ن المجاهد في‬ ‫ن عليه عو َ‬ ‫فهل ترى أن من حقك على الله عوَنك كما أ ّ‬
‫سبيل الله‪...‬؟!‬

‫‪49‬‬
‫عوه أجابهم وإن استغفروه‬ ‫معتمر‪ ،‬إن د َ َ‬ ‫ـ )وفْد ُ الله ثلثة‪ :‬الغازي والحاج وال ُ‬
‫غفر لهم‪ :‬الّنسائي وابن ماجه والحديث صحيح(‪ ،‬وهذا في الغازي فكيف‬ ‫َ‬
‫حّرر الرض إذ القتال الن على كل مستطيع فرض؟!‬ ‫بمن ُيقاتل لي ُ َ‬
‫ي نحَبه يوم‬ ‫دينه قبل أن َيقض َ‬ ‫ي عنه َ‬ ‫ـ أوصى الزبير ‪ ‬ابنه عبد الله ‪ ‬لَيقض َ‬
‫ت عن شيء منه فاستعن بمولي[‪ ،‬قال‬ ‫جْز َ‬ ‫مل" فقال‪] :‬يا بني! إن عَ َ‬ ‫ج َ‬‫"ال َ‬
‫َ‬
‫من مولك؟ قال‪:‬‬ ‫ت! َ‬ ‫ت‪ :‬يا أب َ ِ‬ ‫ت ما أراد حتى قل ُ‬ ‫عبد الله ‪] :‬فوالله ما د ََري ْ ُ‬
‫ت‪ :‬با مولى الزبير‬ ‫دينه إل قل ُ‬ ‫ت في كربة من َ‬ ‫"اللــه"‪ ،‬فوالله ما وقعْ ُ‬
‫اقض عنه دينه‪ ،‬فيقضيه ‪ ...‬وإنما كان ديُنه أن الرجل كان يأتيه بالمال‬
‫ضي َْعة[‪،‬‬‫ف؛ إني أخشى عليه ال ّ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫يستودعه إياه فيقول الزبير‪ :‬ل‪ ،‬ولكنه َ‬
‫ن "الزبير" ‪ ‬ألفي ألف ومئتي ألف‪ ،‬فكان ابنه ‪ُ ‬ينادي مولى‬ ‫دي ُ‬ ‫وكان َ‬
‫ل‬‫دينه وزاد ما ٌ‬ ‫ن له‪ ،‬ووّفى َ‬ ‫سر الله بيعَ بستا ٍ‬ ‫الزبير كلما ضاق المر‪َ ،‬في ّ‬
‫ف ومئتي‬ ‫ف أل ٍ‬ ‫ل واحدةٍ أل َ‬ ‫ذت ك ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ن أكثَر من واحدة ـ أ َ َ‬ ‫حتى أن ِنسوته ـ وك ُ ّ‬
‫دين الزبير ب َُعيد وفاته فقال‬ ‫ف حقا ً أن أحد الصحابة سأل عن َ‬ ‫ف! والطري ُ‬ ‫أل ٍ‬
‫ة ألف ـ وك ََتم الرقم الحقيقي ـ‪ ،‬فاستكَثرها الصحابي وقال‪] :‬ما‬ ‫ابنه‪ :‬مئ ُ‬
‫أظنها ُتقضى[ ]راجع البخاري ‪ 3129‬لتفصيل القصة الَعجيبة[‪.‬‬
‫ة عند الله؟‬ ‫دم ول ُنبالي‪ ،‬فأولدك وأهلك وديع ٌ‬ ‫أفل يكون هذا حافزا ً لنا لن ُْق ِ‬
‫جل؟‬ ‫فعلم الوَ َ‬
‫كم حتى َنعلم‬ ‫ح في الختبار اللهي! ‪‬ول َن َب ْل ُوَن ّ ُ‬ ‫‪14‬ـ لماذا القتال؟ كي ننج َ‬
‫المجاهدين منكم والصابرين ون َب ْل ُوَ أخباركم‪ ‬سورة القتال‪ ،‬فلو شاء الله‬
‫لنتصر لرسوله … ولكن لماذا ل‪..‬؟ ُيجيبنا رب العالمين ‪‬ولو يشاء الله‬
‫لنتصر منهم‪ ،‬ولكن لي َْبلوَ بعضكم ببعض‪ ،‬والذين ُقتلوا في سبيل الله فلن‬
‫ل أعمالهم‪‬؛ أي لَيظهر الصادق المطيع لوامر رب العالمين من‬ ‫ض ّ‬‫يُ ِ‬
‫الـ…؟!‬
‫‪15‬ـ لماذا القتال؟ لننجوَ به من أَلم الن ّْزع * ومن فتنة القبر * ولت ُظ ِّلنا‬
‫الملئكة * ولنضمن الحياة في قبورنا إلى قيام الساعة * ولننجو من‬
‫صعقة الصور* ومن الَفزع الكبر * ولنضمن نورا ً يوم القيامة * ولننا َ‬
‫ل‬
‫ريات‪:‬‬ ‫مغ ْ ِ‬‫الخصال السبع ال ُ‬
‫س الَقْرصة(‬ ‫م ّ‬ ‫من َ‬ ‫س القتل إل كما يجد أحدكم ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ـ )ما َيجد الشهيد من َ‬
‫الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫َ‬
‫ن من فتنة القبر‪ :‬الترمذي‬ ‫م َ‬ ‫مرابط‪…) :‬وأ ِ‬ ‫دثنا رسولنا ‪ ‬عن ال ُ‬ ‫ـ وقد ح ّ‬
‫ن الفّتان(‪.‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬
‫ة مسلم‪…) :‬وأ ِ‬ ‫وهو حسن(‪ ،‬ورواي ُ‬
‫ـ قالوا‪) :‬يا رسول الله ما بال المؤمنين ي ُْفَتنون في قبورهم إل الشهيد؟‬
‫قال‪ :‬كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنةً( النسائي وهو صحيح؛ أم أنك‬
‫َترى أن الفتنة أثناء شهر الفحص من هول أسئلة الدكاترة في كليتك‬
‫ة ل ِت َِقَيك فتنة القبر؟!‬ ‫كافي ٌ‬

‫‪50‬‬
‫م تبكي؟ فما‬ ‫ة على أبيها لنه ُقتل في المعركة‪ ،‬قال ‪) :‬ول ِ َ‬ ‫ـ سمع ‪ ‬باكي ً‬
‫زالت الملئكة ت ُظ ِّله بأجنحتها حتى ُرفع( متفق عليه‪.‬‬
‫ن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم‬ ‫سبَ ّ‬
‫ح َ‬‫ـ ‪‬ول تَ ْ‬
‫ُيرَْزقون‪ ،‬فرحين بما آتاهم الله من فضله‪ ،‬وَيستبشرون بالذين لم َيلحقوا‬
‫بهم من خلفهم‪ ،....‬فالنبياء والشهداء أحياُء بالنص الصريح‪ ،‬فهي‬
‫ضمانة ل ارتياب فيها‪.‬‬
‫ق‬ ‫ل عليه السلم عن آية‪ :‬ون ُِفخ في الصور ف َ‬
‫صع ِ َ‬ ‫ـ وسأل النبي ‪ ‬جبري َ‬
‫من الذين لم‬ ‫من في السموات ومن في الرض إل من شاء الله‪َ ) ،...‬‬
‫شأ الله أن َيصعقهم؟ قال‪ :‬هم شهداء الله(‪ ،‬الحاكم وقال‪ :‬صحيح‬ ‫يَ َ‬
‫السناد ووافقه الذهبي؛ فهل َتضمن النجاة من الصعق أيها الدارس‬
‫معِد ّ للزواج؟!!‬ ‫أوالعامل أوالتاجر أوال ُ‬
‫من رمى بسهم في سبيل الله كان له نورا ً يوم القيامة( البّزار وهو‬ ‫ـ) َ‬
‫حسن‪.‬‬
‫ن للشهيد عند ربه سبعَ خصال‪ :‬أن ُيغفَر له في أول ُدفعة من دمه‪،‬‬ ‫ـ و)إ ّ‬
‫حلية اليمان‪ ،‬وُيجاَر من عذاب القبر‪،‬‬ ‫حّلى ِ‬ ‫وَيرى مقعده من الجنة‪ ،‬وي ُ َ‬
‫ة منه خيٌر‬ ‫ن من الفزع الكبر‪ ،‬ويوضعَ على رأسه تاج الوقار‪ ،‬الياقوت ُ‬ ‫ويأم َ‬
‫شّفعَ في‬ ‫ج ِثنتين وسبعين من الحور العين‪ ،‬وي ُ َ‬ ‫من الدنيا وما فيها‪ ،‬ويزوّ َ‬
‫سبعين إنسانا ً من أقاربه‪ :‬أحمد بإسناد صحيح(‪.‬‬
‫مل المرابط ل ُيختم عليه‪:‬‬ ‫‪16‬ـ لماذا القتال؟ ل َِيجريَ عملنا بعد موتنا؛ لن عَ َ‬
‫مى له‬ ‫ـ )كل ميت ُيخَتم على عمله إل المرابط في سبيل الله‪ ،‬فإنه ي ُن َ ّ‬
‫عمله إلى يوم القيامة…( أبو داود والترمذي والحاكم والحديث صحيح‪.‬‬
‫جري عليه رزقه‪:...‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـ )…وإن مات أجري له عمله الذي كان َيعمله وأ ْ‬
‫مسلم ‪.(1913‬‬
‫ح برزقه‬ ‫ي فّتان القبر وغُدِيَ عليه ورِي ْ َ‬ ‫من مات مرابطا ً مات شهيدًا‪ ،‬وَوُقِ َ‬ ‫ـ) َ‬
‫جرى له عمله‪ :‬ابن ماجه وهو صحيح(‪.‬‬ ‫من الجنة‪ ،‬و َ‬
‫سبتم؟‬ ‫ة الجنة تسألهم‪) :‬أوَقَد ْ حو ِ‬ ‫سب! لن خزن َ‬ ‫‪17‬ـ لماذا القتال؟ لئل ُنحا َ‬
‫سب وإنما كانت أسياُفنا على عواتقنا في سبيل‬ ‫قالوا‪ :‬وبأي شيء ُنحا َ‬
‫ب الجنة في َِقي ُْلون فيها أربعين عاما ً قبل أن َيدخلها‬ ‫الله؟ فُيفتح لهم با ُ‬
‫عوانة وهو صحيح(‪ ،‬فهل عالم القتصاد ومذيع‬ ‫الناس‪ :‬الحاكم وأحمد وأبو َ‬
‫الخبار والممثل في الفلم السلمية كذلك؟‬
‫م واضعي سيوفهم على رقابهم يقطر‬ ‫ـ )إذا وََقف العباد للحساب جاء قو ٌ‬
‫من هؤلء؟ قيل‪ :‬الشهداء كانوا‬ ‫دحموا على باب الجنة‪ ،‬فقيل‪َ :‬‬ ‫دمًا‪ ،‬فاز َ‬
‫أحياًء مرزوقين( قال المنذري‪ :‬إسناد جيد‪ ،‬وضّعف بعضهم إسناده‪.‬‬
‫ن‬
‫ت حاجتهم إلينا‪) :‬إ ّ‬ ‫دينا وق َ‬ ‫‪18‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنشفع لقاربنا‪ ،‬فُنفيد َ وال ِ ِ‬
‫شّفعَ في سبعين إنسانا ً‬ ‫للشهيد عند ربه سبعَ خصال‪ :‬أن ُيغفَر له‪ .....‬وي ُ َ‬

‫‪51‬‬
‫ريات‬ ‫مغ ْ ِ‬‫من أقاربه‪ :‬إسناده صحيح(‪ ،‬كما مر معنا ضمن الخصال السبع ال ُ‬
‫في الرقم ‪.15‬‬
‫جنان في أسرع‬ ‫‪19‬ـ لماذا القتال؟ للنجاة من النيران‪ ،‬وبلوغ أعلى وأحلى ال ِ‬
‫ة جدا ً‬ ‫ت من الزمان وقبل غيرنا من النام‪ ،‬فالجهاد طريقٌ سريع ٌ‬ ‫وق ٍ‬
‫لذلك‪:‬‬
‫ما قال ربنا‪) :‬إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم‬ ‫ـأ َ‬
‫ل‪ُ :‬يقاتلون‬ ‫الجنة يقاتلون في سبيل الله فَيقتلون وُيقتلون(؟ فالجنة مقاب َ‬
‫من‬ ‫ـ َيقُتلون ـ ُيقَتلون‪ ،‬وليست مقابل َيدرسون ـ َيسهرون ـ يتزوجون‪ ،‬و َ‬
‫قال‪ :‬إن القتال ل يمكن إل بترك الزواج؟‬
‫ج "= خوف" في سبيل الله إل حّرم الله عليه‬ ‫ئ َرهْ ٌ‬‫ب امر ٍ‬ ‫ـ )ما خاَلط قل ُ‬
‫النار‪ :‬رجاله ثقات وهو حسن(‪ ،‬أم أنك ترى أن خوفك أيام المتحان من‬
‫ل بتحريم النار عليك؟‬ ‫صعوبة السئلة كفي ٌ‬
‫ن الله لمن خرج في سبيله ل ُيخرجه إل جهاد في سبيلي وإيمان‬ ‫م َ‬‫ض ّ‬ ‫ـ )ت َ َ‬
‫ُ‬
‫ي ضامن أن أدخله الجنة( مسلم‪.‬‬ ‫بي وتصديقٌ برسلي فهو عل ّ‬
‫من الله له الجنة‪ ،‬إن ُقتل أو مات غَرقا ً‬ ‫ض ِ‬
‫ـ وفي رواية‪…) :‬فمن فعل ذلك َ‬
‫َ‬
‫سُبع( الحديث صحيح‪.‬‬ ‫أو حرقا ً أو أك ََله ال ّ‬
‫ـ )…أل ُتحبون أن يغفر الله لكم فيدخَلكم الجنة؟ ُاغزوا في سبيل الله …‬
‫جَبت له الجنة‪ :‬الترمذي حسن(‪،‬‬ ‫واق ناقة و َ‬ ‫من قاتل في سبيل الله فُ َ‬ ‫َ‬
‫ن ما أنت عليه‬ ‫ً‬
‫من دَرس ُفواق ناقة…؟! فكيف تقول إذا ‪ :‬إ ّ‬ ‫فهل تظن أن َ‬
‫خير من القتال الن؟!‬
‫ل بسهم فقال ‪:‬‬ ‫ـ وذات مرة قال لصحابه ‪) :‬قوموا فقاتلوا(‪ ،‬فرمى رج ٌ‬
‫ب هذا( أي الجنة‪ ،‬أخرجه أحمد بإسناد حسن‪.‬‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫)أ و ْ َ‬
‫ما بايعه أحد الصحابة على كل شيء إل الجهاد َ والزكاة ـ لنه خشي‬ ‫ـ ول ّ‬
‫ي من الزحف ـ قال له ‪) :‬يا َبشير! ل جهاد ول‬ ‫على نفسه أن ي ُوَل ّ َ‬
‫م تدخل الجنة؟( حديث حسن‪.‬‬ ‫صدقة!! فَب ِ َ‬
‫ب الجنة تحت ظلل السيوف( مسلم‪ ،‬ولم َيقل‪ :‬تحت ظلل‬ ‫ـ )إن أبوا َ‬
‫المكتب الهندسي أو العيادة الطبية أو أيّ شهادة دنيوية!‬
‫مقعده من الجنة…‪ ،‬تاج‬ ‫مّر بنا أن للشهيد سبعَ خصال‪…) :‬ويرى َ‬ ‫ـو َ‬
‫ج بـ ‪ /72/‬من الحور العين…( إسناده صحيح‪ ،‬أما الدارس‬ ‫الوقار‪ ،...،‬وُيزوّ َ‬
‫هنا فيموت ويعيش –كما يقولون في العامية‪ -‬حتى يتسنى له واحدة من‬
‫حور الطين!!‬
‫سبون كما‬ ‫ـ بل يدخل المجاهدون الجنة قبل سواهم على الطلق ول يحا َ‬
‫مر في الرقم ‪.17‬‬
‫ن لها‬ ‫سّرها أن ترجع إلى الدنيا وأ ّ‬ ‫من نفس تموت لها عند الله خيٌر ي َ ُ‬ ‫ـ )ما ِ‬
‫ل في الدنيا‪ِ ،‬لما يرى من‬ ‫الدنيا وما فيها إل الشهيد‪ ،‬يتمنى أن يرجع فُيقت َ‬
‫متاجر ول اقتصادي ول زراعي ول‬ ‫فضل الشهادة( مسلم‪ ،‬فل دارس ول ُ‬

‫‪52‬‬
‫ذاكر ول متعب ّد َ يتمنى العودة كما هو ظاهر الحديث‪ ،‬فكيف نجرؤ أن‬
‫نقول‪ :‬إن شيئا ً سوى الجهاد القتالي خير منه؟!!‬
‫دث الناس وعيناه ت َذ ِْرفان( وفي‬ ‫ح ّ‬ ‫ـ وحد َّثهم ‪ ‬عن شهداء ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤتة )فجعل ي ُ َ‬
‫سّرهم أنهم عندنا( البخاري‪.‬‬ ‫رواية‪) :‬وما ي َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫جن ٌ‬‫ت! أ َ‬‫شَيتْ أم حارثة أل يكون ابُنها في الجنة قال ‪) :‬أهَب ِل ْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ـ ول َ ّ‬
‫جنان كثيرة‪ ،‬وإنه لفي الفردوس العلى( مسلم‪.‬‬ ‫واحدة هي؟ إنها ِ‬
‫ُ‬
‫ر‬
‫حهم في جوف طي ٍ‬ ‫ما أصيب إخواُنكم جعل الله أروا َ‬ ‫ـ وقال رسولنا ‪) :‬ل َ ّ‬
‫رد أنهار الجنة‪ ،‬تأكل من ثمارها‪ ،‬وتأوي إلى قناديل من ذهب‪،‬‬ ‫ر‪ ،‬ت َ ِ‬ ‫ض ٍ‬‫خ ْ‬ ‫ُ‬
‫مِقيلهم‪،‬‬ ‫طيب مأكلهم ومشربهم و َ‬ ‫معّلقة في ظل العرش‪ ،‬فلما وجدوا ِ‬
‫هدوا في الجهاد‬ ‫من ي ُب َّلغ إخواننا عنا أنّا أحياٌء في الجنة ُنرزق؛ لئل ي َْز َ‬ ‫قالوا‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كلوا عن الحرب؟ فقال الله‪ :‬أنا أب َّلغهم عنكم؛ وأنزل قوله سبحانه‪:‬‬ ‫ول ي َن ْ ُ‬
‫‪‬ول تحسبن الذين ُقتلوا في سبيل الله أمواتا ً بل أحياء عند ربهم‬
‫ُيرزقون… ‪:‬آل عمران‪ ‬أبو داود والحديث صحيح‪.‬‬
‫ة درجةٍ أعدها الله للمجاهدين في سبيله‪ ،‬ما بين‬ ‫ـ )…إن في الجنة مائ َ‬
‫الدرجتين كما بين السماء والرض …‪ :‬البخاري(‪) ،‬أما إنها ليست بعََتبة‬
‫أمك‪ ،‬ما بين الدرجتين مئة عام‪ :‬الّنسائي وهو صحيح(‪.‬‬
‫جرؤ أن تقول‪ :‬إن لمثالك من دارسي القتصاد أو السياسة أو‬ ‫فهل ت َ ْ‬
‫ت المكانة؟ إذا ً فكيف تقول‪ :‬إن ما أنت فيه من إعداد موهوم‬ ‫العلم ذا َ‬
‫أولى من القتال والقتل والشهادة؟!‬
‫ض‬
‫ن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في َرب َ ِ‬ ‫ـ )…أنا زعيمٌ ِلمَ ْ‬
‫سط الجنة‪ ،‬وبيت في أعلى غَُرف الجنة‪ ،‬فمن فََعل‬ ‫الجنة وببيت في و َ‬
‫مْهربًا‪ ،‬يموت حيث شاء أن‬ ‫مطْلبًا‪ ،‬ول من الشر َ‬ ‫دع للخير َ‬ ‫ذلك لم ي َ َ‬
‫حّبان وهو صحيح‪.‬‬ ‫يموت( الّنسائي وابن ِ‬
‫َ‬
‫صِعد إلى الشجرة‬ ‫قال رسول الله ‪) :‬رأيتُ الليلة رجلين أت ََياني فَ َ‬ ‫َ‬
‫ـ‬
‫ما هذه‬ ‫ن منها‪ ،‬قال لي‪ :‬أ ّ‬ ‫ط أحس َ‬ ‫خلني دارا ً هي أحسنُ وأفضل لم أَر ق ّ‬ ‫فَأد ْ َ‬
‫فدار الشهداء( البخاري‪.‬‬
‫ب الجنة في قُب ّةٍ خضراء يَخرج عليهم رزُقهم‬ ‫ق َنهر ببا ِ‬ ‫ـ )الشهداء على بارِ ِ‬
‫شي ًّا( أحمد والحاكم وهو حسن‪.‬‬ ‫من الجنة ب ُك َْرةً وعَ ِ‬
‫ـ )ل َغَد ْوَةٌ في سبيل الله‪ ،‬أو َرْوحة خير من الدنيا وما فيها‪ ،… ،‬ولو أن امرأةً‬
‫من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الرض لضاءت ما بينهما وَلملْته ريحًا‪،‬‬
‫ول ََنصيُفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها‪ :‬متفق عليه(‪.‬‬

‫ت ترى أن عملك ـ أيا ً كان ـ أفضل من‬ ‫وبعد َ كل هذا أما ِزل َ‬ ‫‪‬‬

‫ت الدلي َ‬
‫ل؟ وإن قلت‪ :‬ل‪،‬‬ ‫ت‪ :‬نعم أفض ُ‬
‫ل منه! فها ِ‬ ‫؟! إن قل َ‬
‫الجهاد القتالي ‍‬
‫ل الشيطان‬ ‫فهل رأيتَ عاقل ً يترك الفاضل إلى المفضول؟! إنها ِ‬
‫حي َ ُ‬

‫‪53‬‬
‫مي ِّتها‪-‬‬ ‫َ‬ ‫ل هذه العما َ‬‫ل الن ّْفل فَْرضًا‪ ،‬وتزخرف الباطل فيجع ُ‬ ‫تجع ُ‬
‫ل ‪-‬على أهَ ّ‬
‫قتال‪ ،‬وهيهات!‬ ‫بمنزلة ال ِ‬
‫س أننا أمام قضيتين‪ :‬الولى‪ :‬حكم الجهاد الن‪ ،‬والثانية‪ :‬العمل به‪،‬‬ ‫ول َتن َ‬
‫صْرت في‬ ‫ضه عليك‪ ،‬لكنك َتعترف أنك قَ ّ‬ ‫ر َ‬ ‫مِقّرا ً بما فَ َ‬
‫ه ُ‬ ‫ن َتلقى الل َ‬ ‫فَل َ ْ‬
‫ع‬
‫ضي ِّته مع عدم العمل به!! فل تجم ْ‬ ‫منكرا ً ل َِفْر ِ‬‫ن من أن تلقاه ُ‬ ‫تطبيقه أهو ُ‬
‫مّر!!!!‬ ‫شّرين أحلهما ُ‬
‫ب بك قليل علمٍ فيقول‪" :‬قد يوجد في‬ ‫ذارِ أن ي ََتلع َ‬ ‫ح َ‬‫ملحوظة مهمة‪َ :‬‬
‫المفضول ما ل يوجد في الفاضل! فقد يكون البقاء هنا أفضل لكن يكون‬
‫در قولته بـ‪ :‬قد‪،‬‬ ‫ص ّ‬
‫للمجاهد كل هذه الكرامات منه تعالى"‪ .‬ولحظ أنه َ‬
‫تـ‬ ‫م َ‬ ‫جَز ْ‬
‫وهي ُتفيد التقليل‪ ،‬ثم إنك لو تأملت فضائل الجهاد بمجموعها ل َ‬
‫صفا ً ـ أن هذا المفضول ‪-‬بنظره‪ -‬قد حاز الفضل بحذافيره!‬ ‫من ْ ِ‬
‫إن كنت ُ‬
‫م!‬
‫ن قاَتل الله الهوى كم ُيعْمي وُيصِ ّ‬ ‫ولك ْ‬

‫)معالجة لشبهة‪ :‬العداد اليماني بالتصفية والتربية‪،‬‬ ‫•‬

‫ولى!(‬ ‫َ‬
‫والنشغال بالعلم وتعليمه أ ْ‬
‫‪3‬ـ فإن قالوا‪ ::‬لكن لبد من العداد اليماني والتربوي‪،‬‬
‫وتعّلم العلم الشرعي وتعليمه وإفشائه بين الناس قبل المعركة‬
‫لستفحال الجهل بين الناس‪ ،‬وضعف الوعي؛ لذا حّرض الشباب‬
‫الن عليه‪ ،‬وعلى الدعوة والتصفية والتربية و البناء الشرعي والتصنيف ورد ّ‬
‫ب‬ ‫شبه العداء؛ إذ ل طاقة لنا اليوم بأمريكة وحلفائها‪ ،‬وما تذكره هنا ضر ٌ‬ ‫ُ‬
‫من الخيال‪ ،‬فمن الحكمة التأني وعدم التعجل‪ ،‬وما هؤلء المجاهدون إل‬
‫شْرِذمة متهورون ل ي َُعون ما يفعلون‪ ،‬طغى حماسهم على عقولهم!‬ ‫ِ‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫عديدا ً إل واحدةً! تلك‬ ‫دة و َ‬ ‫ـ ما من معركة خاضها المسلمون إل كانوا أقل عُ ّ‬
‫حَنين"!!‬ ‫هزموا فيها … " ُ‬ ‫التي ُ‬
‫مها بما يوازي قُوّةَ‬ ‫ضد ّ أعتى دولةٍ يو َ‬ ‫ـ وهل خرج رسولنا ‪ ‬إلى "تبوك" ِ‬
‫ل ما استطاع من المال ثم خرج جميُعهم ن َِفيرا ً عامًا؟‬ ‫عدوه أم ب َذ َ َ‬
‫ل والنهاُر‪ ،‬ول ي َت ُْرك الله‬ ‫ن هذا المر ما ب َل َغَ اللي ُ‬
‫شَرنا رسولنا ‪) ‬ل َي َب ْل ُغَ ّ‬ ‫ما ب ّ‬‫ـأ َ‬
‫عّزا ً ي ُعِّز‬
‫ل ذليل‪ِ ،‬‬ ‫ز‪ ،‬أو ب ِذ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫خله الله هذا الدين ب ِعِّز عزي ٍ‬ ‫مد َرٍ ول وَب َرٍ إل أد ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫بي َ‬
‫الله به السلم‪ ،‬و ذل ً يذل به الكفر(؟‬
‫من "روسية"؟! وأيهما أكبُر هم أم الله؟! أيهما أعلى‬ ‫من "أمريكة" و َ‬ ‫ف َ‬
‫طائراُتهم أم الله؟! أمَا ذ ُّلت "أمريكة" أمام "فيتنام" وفي "الصومال"؟!‬
‫ت "روسية" أمام "الفغان" وفي "الشيشان"؟!‬ ‫جن ّ ْ‬
‫أمَا ُ‬

‫‪54‬‬
‫مّرغ أنفهم في التراب؟ ولكننا ـ ويا‬ ‫ما ُ‬ ‫حأ َ‬ ‫ٍ‬ ‫سل‬ ‫م استعمْلنا البترول ك َ ِ‬ ‫ويو َ‬
‫سَرطان "الهزيمة‬ ‫ُ‬
‫صْبنا ب َ‬
‫للسف ـ نبالغ في تضخيم قوة العداء لننا أ ِ‬
‫النفسية"‪.‬‬
‫َ‬
‫منا‬ ‫ـ ونحن )ما نقاتل بُعدٍَد ول قوة ول ك َْثرة‪ ،‬ما نقاتلهم إل بهذا الدين الذي أكرَ َ‬
‫الله به( كما ُروي عن أبي بكر ‪.‬‬
‫ـ أمَا قالوا زمن "أبي بكر" ‪ ‬ل طاقة لنا بالمرتدين؟ ومع ذلك َأخرج‬
‫خي‪ ،‬و"أبو بكر" ‪‬‬ ‫ض عين على الفور ل على الت َّرا ِ‬ ‫ش؛ لن ِقتاَلهم فر ُ‬ ‫الجيو َ‬
‫ما بعد‪ :‬قد‬ ‫من كتب إلى "ابن العاص" ‪ ‬قائد جيشه ]سلمٌ عليك! أ ّ‬ ‫هو هو َ‬
‫ه‬
‫صْرنا مع ن َب ِي ّ ِ‬ ‫جموع‪ ،‬وإن الله لم ي َن ْ ُ‬ ‫مَعت الروم من ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ذكر ما َ‬ ‫جاء في كتابك ت َ ْ‬
‫عدد ول بكثرة جنود‪ ،‬وقد كنا نغزو مع رسول الله وما مَعنا إل‬ ‫بكثرة ُ‬
‫حد مع رسول الله ‪ ‬وما‬ ‫ُ‬
‫ب البل‪ ،‬وكنا يوم أ ُ‬ ‫فَرسان‪ ،‬وإن نحن إل نتعاق ُ‬
‫معنا إل فرس واحد‪ ،‬كان رسول الله يركبه‪ ،‬ولقد كان ي ُظ ْهُِرنا وُيعيُننا على‬
‫من خال ََفنا‪.‬‬
‫ْ‬
‫مْر أصحابك‬ ‫دهم ُبغضا ً للمعاصي‪ ،‬فأطع الله وأ ُ‬ ‫وع الناس لله أش ّ‬ ‫ن أط ْ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫واعل ْ‬
‫ي أهل الكتاب‬ ‫ن الله ل ُتحابي أحدا ً ‪‬ليس بأمان ِّيكم ول أمان ِ ّ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫بطاعته[‪ ،‬فَ ُ‬
‫جَز به‪....‬‬ ‫سوءا ً ي ُ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫من يعم ْ‬ ‫َ‬
‫حَيلهم‪ ،‬سيقولون هازئين‪ :‬هل ستسمح لنا‬ ‫ف المنافقين و ِ‬ ‫ـ نعم ستتكرر أراجي ُ‬
‫حزب الله‪ :‬إذ يقول‬ ‫"أمريكة" أنتم مغرورون…؟ ويتكرر جواب ِ‬
‫المنافقون والذين في قلوبهم مرض غَّر هؤلء ديُنهم‪ ،‬ومن يتوكل على‬
‫الله فإن الله عزيز حكيم‪ ،‬نعم قالوا‪" :‬غَّر هؤلء ديُنهم" قالوها في غزوة‬
‫كسرى" و"قيصر" ويهزؤون‬ ‫دهم كنوَز " ِ‬ ‫الحزاب‪ ،‬لما كان رسولنا ‪ ‬ي َعِ ُ‬
‫َ‬
‫در‬ ‫دنا ل ي َْق ِ‬ ‫ح ُ‬‫صر‪ ،‬وأ َ‬ ‫كسرى وقَي ْ َ‬ ‫دنا أن َنأكل كنوز ِ‬ ‫قائلين‪] :‬كان محمد ي َعِ ُ‬
‫هب إلى الغائط‪ :‬ابن إسحاق وابن هشام وراجع مجمع‬ ‫على أن ي َذ ْ َ‬
‫الهيثمي[‪.‬‬
‫ت خيبر؛ إنا إذا نزلنا بساحة‬ ‫خرِب َ ْ‬ ‫ست ََرون يوم نقول‪) :‬الله أكبُر! َ‬ ‫فقل لهم‪َ :‬‬
‫ذرين‪ :‬متفق عليه(‪.‬‬ ‫من ْ َ‬
‫ح ال ُ‬ ‫قوم ٍ فساَء صبا ُ‬
‫دة السلم إلى‬ ‫مرتدين بعد أن عادوا إلى جا ّ‬ ‫شود َ ال ُ‬ ‫ح ُ‬‫جه الصديق ُ‬ ‫ما وَ ّ‬ ‫ـأ َ‬
‫ب هذه الت ّّرهات؟ أم أن "أبا بكر"‬ ‫"القادسية" و"اليرموك"؛ لن القتال ي ُذِي ْ ُ‬
‫َ‬
‫ع‬
‫من َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خبرة؟ فهل هؤلء حقا ً تصّفوا وترّبوا؟! أ َ‬ ‫حنكة ضعيف ال ِ‬ ‫‪ ‬قليل ال ِ‬
‫دره ثم أذن لهم عمر ‪ ‬في خلفته‪.‬‬ ‫من خشي غَ ْ‬ ‫َ‬
‫دى بخلف اليوم؛ لن الفقهاء‬ ‫ـ ل تقولوا‪ :‬إن عموم المجتمع كان على ه ً‬
‫ض إلى يوم القيامة‪،‬‬ ‫صوا على القتال مع كل ب َّر وفاجر‪ ،‬والجهاد ما ٍ‬ ‫نَ ّ‬
‫ق‪ ،‬فابحث عنها‪ ،‬بل رأينا وسمعنا قصصا ً‬ ‫والطائفة المنصورة على ح ّ‬
‫حّرقوا للجهاد القتالي بعد هجمات الثلثاء وبعد بطولت أبنائنا‬ ‫لشباب ت َ‬
‫المسلمين في فلسطين‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫دي رسول الله ‪ ‬إذ بقي في مكة ‪ /13/‬عاما ً ي َُرّبي‬ ‫ـ ل تقولوا‪ :‬نحن نتبع هَ ْ‬
‫شئ ثم شرع بالقتال‪ ،‬ل تقولوها؛ لننا سئمناها‪ ،‬فهل يقول عاقل‪ :‬ل‬ ‫وين َ ّ‬
‫بأس اليوم أن ُيترك الصيام والحج والزكاة وحجاب المرأة وسائُر‬
‫الفرائض المدنية لنها لم ت ُْفَرض في مكة كما لم ي ُْفرض القتال في‬
‫مكة!!؟ أم يقال إننا متعّبدون بما مات عليه نبينا ‪ ‬ل بما ابتدأ به‪ ،‬وعلى‬
‫ما صار لكم ‪ /13/‬سنة ت َن ُْفخون في ُبوق "التصفية والتربية" أم‬ ‫الت ّن َّزل‪ :‬أ َ‬
‫ة َيتيهون في الرض‪‬؟! بل صار‬ ‫أنكم حوُّلتم "بثكم" إلى تواتر ‪‬أربعين سن ً‬
‫صّفي ولَمّا نهتدي! فمتى نقاتل؟! الله‬ ‫لنا من سقوط الندلس ُنرّبي ون ُ َ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ضكم عند العجز هو‬ ‫ـ ل تقولوا‪ :‬ل طاقةَ لنا اليوم بجالوت وجنوده‪‬؛ لن فر َ‬
‫خر؛ فلو كنا حقا ً عاجزين عن قتال العدو‬ ‫العداد في بلدكم أو في بلدٍ آ َ‬
‫م‬
‫ضنا يصبح العداد َ لخراج العدو وقتاله؛ لن "ما ل ي َت ِ ّ‬ ‫ن فْر َ‬ ‫وإخراجه فإ ّ‬
‫م التيمم‪ ،‬فحّرضوا عليه؛‬ ‫عدم ل َزِ َ‬ ‫ب"‪ ،‬فالماء إن ُ‬ ‫ب إل به فهو واج ٌ‬ ‫الواج ُ‬
‫لن العجز عن القتال ل ُيبيح تركه إلى طاعات أخرى ‪‬ولو أرادوا الخروج‬
‫ك العداد من صفات المنافقين وقد قال رسولنا‬ ‫دة‪...‬؛ فَت َْر ُ‬ ‫لعدوا له عُ ّ‬
‫‪) :‬جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم‪ :‬أبو داود بإسناد صحيح(‪.‬‬
‫ل الذّرية‪ ،‬ما لم تأخذوا‬ ‫ل لوحده أمام الَقناب ِ ِ‬ ‫ف اليمان العَْز ُ‬ ‫ت أن ي َِق َ‬ ‫ـ وهيها َ‬
‫بالسباب‪.‬‬
‫َ‬
‫ن إذا است َعَن ُْتم بـ ‪‬وأعدوا لهم ما‬ ‫نعم يقف اليمان شامخا ً أب ِي ّا ً ل ي َِلي ُ‬
‫مر بأمره فتأخذ َ بالسباب‬ ‫من اليمان بالله أن تأت َ ِ‬ ‫استطعتم‪ ،...‬بل ِ‬
‫ل عليه وإل كنت كاذبا ً في دعْواك‪.‬‬ ‫المادية ثم تتوك َ‬
‫شبرا ً من الرض‬ ‫حّرر التربيةُ لوحدها ـ على أهميتها ـ ِ‬ ‫ـ هيهات هيهات أن ت ُ َ‬
‫واحدًا‪ ،‬فأقيموا دولة السلم في قلوبكم وخذوا بالسباب المادية عندها‬
‫ت َُقومُ على أرضكم‪ ،‬وهذان شرطان لزمان ل ُيغني أحدهما عن الخر‪،‬‬
‫ر‪ :‬تر ُ‬
‫ك‬ ‫ل ت َغْي ِي ْ ٍ‬‫ن الله ل ي ُغَي ُّر ما ب َِقوْم ٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم‪ ،‬وأو ُ‬ ‫و‪‬إ ّ‬
‫المعاصي‪ ،‬وأول معصية للمسلمين اليوم تهاونوا بها تهاونا ً عجيبًا‪ :‬فر ُ‬
‫ض‬
‫العين "الجهاد ُ القتالي والعداد له"‪.‬‬
‫ة قب َ‬
‫ل‬ ‫ل من يقول‪" :‬التربية قبل الجهاد" إل كقول القائل‪" :‬التربي ُ‬ ‫ـ وما قو ُ‬
‫ل أمرٍ من أمور‬ ‫ة‪ ،‬وك ُ ّ‬ ‫سها تربي ٌ‬ ‫الصلة"‪ ،‬والجواب واحد‪ :‬إن الصلة نف َ‬
‫ذكر غيُر أَثر الزكاة‬ ‫الدين له أثره‪ ،‬فأث َُر الصلة غيُر أثر الصيام‪ ،‬وأَثر ال ّ‬
‫ة زمنية‬ ‫وهكذا‪ ،‬والجهاد ُ من أعظم مسالك التربية‪ ،‬والتربية ليست مرحل ً‬
‫تنتهي فيبدأ ُ عندها القتال‪ ،‬ول يوجد عاقل يقولها‪ ،‬والتاريخ يشهد؛ فهي‬
‫ر‬
‫ك لسائ ِ ِ‬ ‫ست ِ َ‬
‫ماَر َ‬ ‫م َ‬ ‫قبل وبعد وأثناء القتال‪ ،‬وهي تبقى حتى الممات في ُ‬
‫فُُروض العيان‪.‬‬
‫ـ وعلى التنّزل فأين تربيتكم التي تنادون بها وأنتم تتكاثرون في الموال‬
‫وفي كل مرة بحجة جديدة؟ أين هي التربية؟ فلو قيل لحدهم اليوم‪ :‬يا‬
‫‪56‬‬
‫هذا علم كل هذا الثاث والدهان والجلية والثريات والتحف النادرات؟‬
‫لقال‪ :‬تألفا ً لقلوب المدعوين؟!!‬
‫أَوليس الترف العدوّ الول للجهاد؟ أوليس الزهد الطابع العام زمن‬
‫من تبعهم بإحسان؟ أَولم يقل ربنا‪ :‬وإذا أردنا أن ُنهلك قرية‬ ‫الصحابة و َ‬
‫ترفيها ففسقوا فيها‪...‬؟‬ ‫رنا مُ َ‬ ‫َأمَ ْ‬
‫جبات المذهلة في رمضان وفي غير رمضان؟ ويا ليتها‬ ‫فعلم إذا ً تلك الو َ‬
‫مت ََرّبين المعتكفين على تصفية نفوسهم!!!‬ ‫للفقراء والمساكين‪ ،‬وإنما لل ُ‬
‫مطارنة والقسيسين؟‬ ‫دها لل َ‬ ‫م ّ‬
‫فكيف بمن ي َ ُ‬
‫مسوح أهل العلم حتى‬ ‫وكل هذا دون نكيرٍ من أولئك الذين ل َِبسوا أو ل ُّبسوا ُ‬
‫م تقولون ما ل‬ ‫جّهال رأسًا! فأين التربية في مثل هذا؟ فل ِ َ‬ ‫اتخذه ال ُ‬
‫تفعلون؟‬
‫ددونه "اخشوشنوا؛ فإن النعم ل تدوم"؟ فهل يظنون أن التربية‬ ‫أين ما ي َُر ّ‬
‫شعا ً والعزلة عن المجتمع؟‬ ‫اليمانية بالمسكنة وطأطأة الرؤوس تخ ّ‬
‫ص بعض‬ ‫هيهات‪ ...‬فالناعمون المعتدلون في واد ودين الله في واد‪ ،‬بل ن ّ‬
‫ص في قوله تعالى‪ :‬حتى‬ ‫جن أصالته السلمية ن ّ‬ ‫الفقهاء ممن لم تته ّ‬
‫ي الجزية‬ ‫طي الذم ّ‬ ‫طوا الجِزْية عن َيدٍ وهم صاغرون‪ ‬بأنه يجب أن يُْع ِ‬ ‫ُيْع ُ‬
‫مد ّ المسلم يده ليقبّلها‬ ‫ن‪ ،‬وقال ابن حجر الهيتمي‪ :‬ل يجوز أن يَ ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وهو مُْن َ‬
‫الكافر حتى ل يَستأنس بها!!‬
‫الرخاء حتى نتحمل في الشقاء‪،‬‬ ‫فل بد من التربية على الشدائد أيام ّ‬
‫فالجهاد مبني على العزّة‪ ،‬ول بد منها لهزيمة العدو‪ ،‬والعزة مبنية على‬
‫دت عليهم‬ ‫عرَضا ً قريبا ً وسفرا ً قاصدا ً لّتبعوك‪ ،‬ولكن بعُ َ‬ ‫الجهد ‪‬لو كان َ‬
‫ة‪ ،‬وسنأتي إلى تفصيل الكلم عن العزلة وضوابطها‪.‬‬ ‫شقّ ‪‬‬ ‫ال ّ‬
‫فأين تربيتنا لولدنا وتلميذنا من تربية سلفنا لهم؟ هل نحن حقا ً نربيهم‬
‫على العزة والباء والطعن بالسنان أم على تقليم الظافر وتنظيف‬
‫السنان؟‬
‫أل ننهاهم اليوم عن رمي الوساخ بدل أن نحثهم على رمي العداء؟‬
‫أل ننهاهم اليوم عن القفز خشية أن تتكسر الواني البلورية بدل أن‬
‫ندفعهم للتواثب إلى الطعان؟‬
‫يقول المربي "أمين المصري"‪] :‬إن الطفل في السرة المسلمة يجب أن‬
‫ينام على أحاديث الجهاد وَيستيقظ عليها[‪.‬‬
‫هل نحن نربي أولدنا على تحمل المسؤولية والتفاني لعلء كلمة الله كما‬
‫كان سلفنا والربانيون يفعلون؟ ودونك سيرةَ السلف!‬
‫كانوا ي ُعَّلمون غزوات رسولهم ‪ ‬وسراياه كما ي ُعَّلمون السورة من‬
‫القرآن كما أ ٌِثر عن زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله ]كما في‬
‫م ل؟ ودراسة‬ ‫الجامع لخلق الراوي للخطيب البغدادي ‪ ،[2/195‬ول ِ َ‬
‫حذ‬‫ش َ‬ ‫السيرة الجهادية للنبي وصحبه زاد نافع للدعاة والمجاهدين‪ ،‬ي َ ْ‬

‫‪57‬‬
‫الهمم ويقوي العزائم ‪ ..‬خاصة إذا وقفوا على الجهود العظيمة والدماء‬
‫التي ُبذلت لعزاز الدين ورفع راية رب العالمين‪.‬‬
‫وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال‪ :‬كان أبي يعلمنا‬
‫ي هذه مآثر أبائكم فل ُتضيعوا‬ ‫دها علينا‪ ،‬ويقول‪ :‬يا ب َن ِ ّ‬ ‫المغازيَ وي َعُ ّ‬
‫ذكرها‪ ].‬المصدر السابق[‪.‬‬
‫َ‬
‫هري رحمه الله وهو من أجّلة علماء التابعين يقول‪ :‬في علم‬ ‫وهذا الّز ْ‬
‫المغازي علم الخرة والدنيا‪] .‬المصدر السابق[‪.‬‬
‫ن منا يربي أولده كما رّبت عفراء رضي الله عنها أولدها؟ هل تعلم‬ ‫م ْ‬‫ف َ‬
‫أن أولدها السبعة شهدوا بدرًا؟ وحسبك منهم "معاٌذ" و"معوذ" اللذين‬
‫ص علينا البخاري‬ ‫أرادا قتل فرعون هذه المة ليذائه الرسول ‪ ،‬وق ّ‬
‫خبرهما في قتل أبي جهل عن عبد الرحمن بن عوف ]إني لفي الصف‬
‫فَتيان حديثا‬ ‫ت فإذا عن يميني وعن يساري َ‬ ‫يوم بدر إذ التف ّ‬
‫من صاحبه‪:‬‬ ‫من بمكانهما‪ ،‬إذ قال لي أحدهما سرا ً ِ‬ ‫السن‪ ،‬فكأني لم آ َ‬
‫ت الله‬ ‫يا ع َ‬
‫م أرني أبا جهل‪ ،‬فقلت‪ :‬يا بن أخي! وما َتصنع به؟ قال عاهد ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫من صاحبه مثله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ن رأي ُْته أن أْقتله أو أموت دونه‪ ،‬فقال لي ال َ‬ ‫َ‬
‫خر سرا ِ‬ ‫إ ْ‬
‫دا عليه‬ ‫ش ّ‬ ‫ت لهما إليه فَ َ‬ ‫شْر ُ‬ ‫سّرني أني بين رجلين مكاَنهما‪َ ،‬فأ َ‬ ‫قال‪ :‬فما َ‬
‫مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء[‪ ،‬وقد عزما على قتله‬
‫ليذائه النبي ‪.‬‬
‫من منا رَّبت أولدها كالخنساء؟‬ ‫َ‬
‫م عمارة المجاهدة هي وزوجها وبنيها؟ ]ستأتي‬ ‫من أمهاتنا كأ ّ‬ ‫من ِ‬ ‫َ‬
‫بطولتها عند الحديث عن الشجاعة والجبن[‪.‬‬
‫حّرق والشوق إلى ساحات "الله أكبر"‪ ،‬هذا‬ ‫من منا ربى أولده على الت ّ َ‬ ‫َ‬
‫عمير بن أبي وّقاص" يتخّفى يوم بدرٍ حتى ل يراه الرسول ‪ ‬فير ّ‬
‫ده‬ ‫" ُ‬
‫ح له‪] ...‬راجع مستدرك‬ ‫م َ‬‫س ِ‬‫لصغره‪ ،‬فلما رآه رده‪ ،‬فجلس يبكي‪..‬ثم ُ‬
‫الحاكم[‪.‬‬
‫ب؛ ها هو ابن الزبير وهو‬ ‫من منا ربى أولده على ذبح الدجاج فحس ُ‬
‫صغير في العاشرة أو الثانية عشرة يوم اليرموك كان يتولى حّز‬
‫مد ِْبرين‪.‬‬ ‫جرحى بعد أن وّلى الروم ُ‬ ‫جهُِز على ال َ‬ ‫رؤوس الروم! فكان ي ُ ْ‬
‫]راجع البخاري[‪.‬‬
‫مظِهرين‬ ‫مَتماِوتين ‪-‬أي ُ‬ ‫حرفين ول ُ‬ ‫)لم يكن أصحاب رسول الله ‪ُ ‬‬
‫من ْ َ‬
‫كرون أمر‬ ‫الزهد والتواضع‪ ،-‬وكانوا َيتناشدون الشعار في مجالسهم وي َذ ْ ُ‬
‫شيء من دينه دارت حماليق عينيه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫جاهليتهم‪ ،‬فإذا ُأريد أحدهم على‬
‫من منا ُيرّبي أولده كما كانت عامة‬ ‫ابن أبي شيبة بإسناد حسن(‪ ،‬ف َ‬
‫الصحابة صغاُرهم وكباُرهم؟‬
‫إنها تربية المربي البارع‪ ،‬إنها التربية المحمدية على التفاني لعلء كلمة‬
‫ن؟ إننا‬ ‫م ْ‬
‫الله‪ ،‬وخدمة الدين‪ ،‬والمحاماة عن شرع رب العالمين؟ َ‬
‫‪58‬‬
‫نحمسهم لنيل الدرجة الولى في صفوفهم‪ ،‬والعلمات الكاملة في‬
‫ب كما نتابعهم في‬ ‫امتحاناتهم‪ ،‬وليتنا ُنتابعم في صلواتهم فحس ُ‬
‫دراستهم‪.‬‬
‫سُرد فيه أولويات المسلم اليوم؛ فتكلم عن‬ ‫ـ ثم يأتي اليوم من ُيصنف كتابا ً ي َ ْ‬
‫العلم والعمل والدعوة وما شابه‪ ،‬لكنه وبجرأة عجيبة لم َيضع العداد‬
‫حا ً‬
‫صْف َ‬‫ضرب َ‬ ‫للجهاد القتالي في سلم الولويات‪....‬فبئس ما صنع! فكيف ي َ ْ‬
‫ت الله وأحاديث رسوله جعلتا الجهاد القتالي ذروة سنام‬ ‫عنه وآيا ُ‬
‫شع نتائج من ل َيهتدي‬ ‫الدين‪...‬أي أول درجة في سلم الولويات؟ فما أب ْ َ‬
‫بهدي من سبقه من الربانيين!‬
‫هدي الرسـول القرشـي الهاشمي‬ ‫يا أمـة الـخير أفـيقي واتبعي‬
‫مَتـَرفِّعيـن عن الذبـاب الحائـم‬ ‫ُ‬ ‫يا أمـتي ربّـي َبنيــك أعّزةً‬
‫ظ ُِلم الذباب إذ يقـاس بـظـالـم‬ ‫مترفعين عن الطغـاة ودربـهم‬
‫ن لـغـير رب العالم‬ ‫ضَعـ ْ‬ ‫خـ َ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫شِئي جيل ً كريما ً صـادقـا ً‬ ‫ول ْت ُن ْ ِ‬
‫أَْنـِعـم بـه أنعـم بأعـدل حاكـم‬ ‫ن لغير شرع الخالـق‬ ‫ضع َ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫كل و ل يخشى سـياط المـجـرم‬ ‫َ‬ ‫س عند منافـق‬ ‫ن الرأ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫خِف َ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫كـم ٍ غاشـم‬ ‫حـ ْ‬
‫ل ُ‬ ‫كل‪ ،‬وي ُب ِْغض كـ ّ‬ ‫دنـا‬ ‫ل ول يرضى ال ّ‬ ‫ل الذ ّ ّ‬ ‫ل يقبَ ُ‬
‫لله والسـلم ل لـلـحــاكــم‬ ‫عي فيهـم ولًء صادقـا ً‬ ‫ول ْت َْزَر ِ‬
‫ل ضَراغم‬ ‫وفوارسا ً في الحـرب مث َ‬ ‫جدي بنيـك أعزة ً‬ ‫إن تفعلي َتـ ِ‬
‫سوى الُعل في العاَلم‬ ‫سـوْد ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫تأبى ال ُ‬ ‫رفعة دينهم‬ ‫سَعون في الـدنيا ل ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫شنع استدللهم بحديث ل يصح سندا ً ول معًنى‪] :‬رجْعنا من الجهاد‬ ‫ـ وما أ ْ‬
‫وه‪ ،‬ويكفي‬ ‫ن جهاد َ النفس أو الذكَر ونح َ‬ ‫الصغر إلى الجهاد الكبر[ ي َعُْنو َ‬
‫في بطلنه أن قائله ‪ ‬ـ الذي ينسبون الحديث إليه ـ ما َقعد عن القتال‬
‫ل عام‪،‬‬ ‫دل ‪ /3/‬غزوات ك ّ‬ ‫مع َ ّ‬ ‫ة‪ ،‬بل غزا بنفسه مدةَ إقامته في المدينة ب ُ‬ ‫ا َل ْب َت ّ َ‬
‫فضل ً عن السرايا‪ ،‬وكذا تلميذه الكرام هكذا ترّبوا على الجهاد‬
‫منكَر َيجعلونه من رواية "جابر"؛ فإن‬ ‫المتواصل‪ ،‬يكفي أن هذا الحديث ال ُ‬
‫متباِدر‪ -‬فهو من فقهاء الصحابة‪ ،‬وقد غزا رحمه‬ ‫ن عبد الله –وهو ال ُ‬ ‫يكن اب َ‬
‫الله ‪ /19/‬غزوة كما يروي مسلم في صحيحه‪ ،‬وشهد "العَقبة" مع‬
‫السبعين‪ ،‬وشهد الخندق والحديبية‪ ،‬وكان مع خالد في حصار دمشق‪،‬‬
‫فهو من المجاهدين العمليين بالمعنى القتالي‪ ،‬والظن به أنه لول انكفاف‬
‫ن‬‫ما ترك القتال‪ ،‬رحمه الله ورضي عنه‪ ،‬وإن كان اب َ‬ ‫بصره آخر عمره ل َ َ‬
‫ة‪ ،‬وأخرج له النسائي بإسنادٍ صحيح‬ ‫مِقّلين ِرواي ً‬ ‫عمير النصاري فهو من ال ُ‬
‫ت إلى موضوعنا الجهاد؛ فـ )عن عطاء بن أبي رَباح قال‪:‬‬ ‫م ّ‬‫ة لطيفة ت َ ُ‬ ‫قص ً‬
‫رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عُمير النصاريين يرميان فقال‬
‫ت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬كل‬ ‫أحدهما لصاحبه‪ :‬سمع ُ‬
‫ملعبة الرجل امرأتَه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ولعب إل أربعٌ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهوٌ‬
‫وتعليم الرجل‬
‫َ‬ ‫ومشيه بين الغَرَضين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتأديب الرجل فرسه‪،‬‬ ‫َ‬
‫‪59‬‬
‫ت؟‬‫سل َ‬ ‫ل فقال له الخر‪ :‬ك َ ِ‬
‫السباحة(‪ ،‬وفي روايةٍ أن جابر بن عبد الله م ّ‬
‫فقال‪ :‬نعم‪...‬إلخ‪ ،‬فيا ليتكم أنتم ت َغُْزون ولو غزوة واحدة في حياتكم‬
‫كلها!‬
‫ولو كان حقا ً ما يستنبطونه من ذاك الحديث الضعيف لكان حريا ً بالعاقل‬
‫ل الصغير ثم الكبر فالكبرِ فيترّقى من الدنى إلى العلى؛‬ ‫م ِ‬
‫ح ْ‬
‫أن َيبدأ بال ِ‬
‫إذا ً فابدؤوا بالجهاد الصغر ـ بنظركم ـ ثم الكبر!!! فتأمل‪.‬‬
‫لكننا نقول إن جهاد السيف وجهاد النفس ل يترّتبان على بعضهما فَك ُ ّ‬
‫ل‬
‫جة النشغال بذاك‪ ،‬كما ل ُيترك تعّلم‬ ‫ح ّ‬
‫منهما من السلم‪ ،‬ول ُيتَرك هذا ب ُ‬
‫فرض العين من العلوم بحجة تربية النفس‪.‬‬
‫بل من أعلى وأفضل أنواع جهاد النفس أن تتخلى عنها لمولها فتقاِتل‬
‫حتى ُتقتل‪ ،‬والدليل في مسند أحمد )إن الشيطان قعد لبن آدم بطرقه‬
‫فقعد له بطريق السلم‪....‬ثم قعد له بطريق الجهاد‪ ،‬وهو جهاد‬
‫سم المال‪،‬‬ ‫النفس والمال‪ ،‬فقال تقاتل فُتقَتل فُتنكح المرأة وي َُق ّ‬
‫قال‪ :‬فعصاه وجاهد‪ ،(...‬فالخروج للجهاد وتعريضها للقتل من أشد أنواع‬
‫ت‬
‫المجاهدة لتلك النفس التي تحب الحياة وتخشى الموت‪ ،‬وإن شئ َ‬
‫ج النفس في المعارك هو جهاد بها ولها‪..‬فتأمل!‬ ‫فقل‪ :‬إن ز ّ‬
‫ع‬
‫من سم َ‬ ‫ن بارقة السيوف!!! وليس َ‬ ‫دخلها فُْر َ‬ ‫وما أعظمها من تربية أن ت ُ ْ‬
‫من رأى!‬ ‫ك َ‬
‫ولو كنا نريد تعليم الناس أمور دينهم صغيرها وكبيرها ل َما هَدأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬

‫جلسة‬‫ئ بسهرة مسائية أو َ‬ ‫لَء عينيه أو هَن ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما نام أحدنا ِ‬‫لنا بال‪ ،‬ول َ َ‬
‫مه عن المندوب مثل ً‪ ،‬ثم إن التعليم من‬ ‫حك ْ ُ‬‫صباحية يتدارس ما ل يزيد ُ‬
‫فر من كل ِفرقة جهادية لتتفقه في الدين‪ ،‬فلو كان‬ ‫مةِ الطائفة التي تن ِ‬ ‫مه َ ّ‬
‫ذيُر الساعات الطوال لمعرفة كيفية‬ ‫ك فرضَ عين لما جاز لك ت َب ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ت َعْل ِي ْ ُ‬
‫مثل هذا من الثانويات أمام‬ ‫تحويل الرداء في صلة الستسقاء مثل ً؛ لن ِ‬
‫ل المسلمين ليتفقهوا في‬ ‫المهمات الِعظام‪ ،‬فهل قال ربنا‪ :‬فلول ن ََفر ك ُ ّ‬
‫الدين أم قال ‪‬فلول نفر من كل ِفرقة ‪...‬؟ إذا ً الصل أن يخرج الناس‬
‫كّلهم وتبقى الطائفة‪ ،‬كل المسلمين يخرجون للمهمة الرئيسة وهي‬
‫ما‬
‫الجهاد…ـ والجهاد وقَتها فرض كفاية ـ … لكن تبقى طائفة تتفقه‪ ،‬أ ّ‬
‫جفين "نحن نطلب‬ ‫مْر ِ‬ ‫من أهم معاذير ال ُ‬ ‫اليوم انقلبت الموازين! وصار ِ‬
‫ُ‬
‫ن هذا مع حديث )ل تزال طائفة‬ ‫العلم لننشره" دنيويا ً كان أو أخرويًا؛ فقارِ ْ‬
‫كن‬ ‫ة هي المجاهدة! ف ُ‬ ‫من أمتي ……ُيقاتلون حتى ُيقاتل آخرهم…( أي قِل ّ ٌ‬
‫س أن الصحابة لم يكونوا كلهم فقهاء‪ ،‬وذكروا أن‬ ‫من هذه الطائفة! ول تن َ‬
‫الفقهاء المجتهدين منهم قريب الربعين‪ ،‬بل كان فقهاء الصحابة مقاتلين‪،‬‬
‫جَبل ‪ ،‬وسنأتي في‬ ‫وحسبك منهم أعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن َ‬
‫جواب الشبهة القادمة على ذكر بعضهم‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ـ وهل كان العلم الضروري عند السلف إل بضع كلمات؟ وإن شئتَ فقل‪ :‬ل‬
‫ة‪ ،‬وي َُتلّقى بجَلسات معدودات‪ ،‬بينما صار‬ ‫ت فضل ً عن ‪ /13/‬سن ً‬ ‫يحتاج سنوا ٍ‬
‫ض علينا رّبنا ك ّ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ت َيحار فيها اللمعي الريب‪ ،‬ولم ي َْفرِ ْ‬ ‫في عصرنا مجلدا ٍ‬
‫ت على جميع العيان‪ ،‬ولم ي ُْعرف عن السلف أنهم خاضوا‬ ‫هذه المجلدا ِ‬
‫ح النهي من‬ ‫في تشقيقات العلم كما يخوض المبتدئون في أيامنا‪ ،‬بل ص ّ‬
‫ن علماءنا‬ ‫كلمهم عن ا ُ‬
‫ض فيما ليس تحته عمل‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ِ‬ ‫والخو‬ ‫لغلوطات‬
‫من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ضل‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ول‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫لنستني‬ ‫الصول‬ ‫صلوا‬
‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫القواعد‬ ‫‪-‬جزاهم الله خيرًا‪ -‬قّعدوا‬
‫غريب التصرفات أن ننشغل بأعمدة النارة والضواء عن المشي في‬
‫الطريق طريق السلم الذي ذروة ما فيه الجهاد القتالي‪ ،‬قال ابن خلدون‬
‫ب في صناعة‬ ‫في مقدمته صـ ‪] :531‬إن طالب العلم ل ي َِفي عمُره بما ك ُت ِ َ‬
‫جّرد لها[‪ ،‬وقال‪] :‬إن المتعلم لو َقطع عمره في هذا كله فل‬ ‫واحدة إذا ت َ َ‬
‫في له بتحصيل علم العربية مثل ً الذي هو آلة من اللت ووسيلة‪،[...‬‬ ‫يَ ِ‬
‫من‬ ‫وبنحوه قال الشاطبي في "الموافقات" ‪] :1/77‬المقدمة التاسعة‪ِ :‬‬
‫ن صلبه‪ ،‬ومنه ما‬ ‫م ْ‬ ‫مَلح العلم ل ِ‬ ‫صْلب العلم‪ ،‬ومنه ما هو ُ‬ ‫العلم ما هو ُ‬
‫حه‪ ،‬فهذه ثلثة أقسام[‪ ،‬فعن أيّ علم ٍ يا هؤلء‬ ‫مل َ ِ‬‫ليس من صلبه ول ُ‬
‫تتحدثون؟‬
‫وصّرح النووي في فتاويه ]فإن صار الجهاد فرض عين فهو أفضل من العلم؛‬
‫سواء كان العلم فرض عين أو كفاية[‪.‬‬
‫دهم ممن ُيشار إليه بالَبنان‪ ،‬وعنده دروس على‬ ‫ـ كم هو محزن أن يكون أح ُ‬
‫حكم الجهاد اليوم؟ ت َل َعَْثم! وكأنك تسأله عن‬ ‫مدار السبوع‪ ،‬فإن سألَته‪ :‬ما ُ‬
‫ت فيها الدلة وتناطحت فيها أقوال العلماء! فإن كان‬ ‫مسألةٍ شائكة اشتبك َ ْ‬
‫ث! وإن كان حقا ً خائفا ً من الفتاء فَرحم الله‬ ‫ح َ‬ ‫م فهَّل ب َ َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫حقا ً ي َ ْ‬
‫جه َ ُ‬
‫داحين بالحق ممن ل َيخافون في الله لومة لئم!‬ ‫ص ّ‬ ‫علماءنا السابقين ال ّ‬
‫مك وتصانيفك وكتاباتك ورسائلك وخطبك‬ ‫عل ُ‬ ‫م بنظرك؟ ِ‬ ‫ـ ثم أيهما أه ّ‬
‫مّنى أن ُيقتل‬ ‫ومحاضراتك… أم الوحي؟! فها هو من ُيوحى إليه ‪ ‬ي َت َ َ‬
‫ت أني أغزو‬ ‫ت! ولو ُقتل لضاع الوحي فأيهما أخطر ضياعًا؟! )لودِد ْ ُ‬ ‫مرا ٍ‬
‫ل …‪ :‬متفق عليه(‪،‬‬ ‫ل ثم أغزو فأقت َ‬ ‫ل ثم أغزو فأقت َ‬ ‫في سبيل الله فأقت َ‬
‫ضّرَرهم بقتل صاحب الوحي؟!‬ ‫ت الن فهل يتضرر المسلمون ت َ َ‬ ‫م ّ‬‫وهَْبكَ ِ‬
‫سه أنه العالم المل لهذه المة‬ ‫ل واحد منا نف َ‬ ‫ن أن يرى ك ّ‬ ‫حزِ ٌ‬ ‫م ْ‬
‫فكم هو ُ‬
‫مل اللم بما ي ُث َّبط به المجاهدين الخارجين في‬ ‫وهو ـ ويا للسف ـ عا ِ‬
‫سبيل الله‪.‬‬
‫ث الناس على الجهاد وهم ل َيعرفون‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫ـ ول َيستهوِي َّننا الشيطان فنقول‪ :‬أوَن َ ُ‬
‫م‬
‫سل ِ َ‬ ‫ما جاءه رجل ل ِي ُ ْ‬ ‫صّلون؟ أَوليس رسوُلك ‪ ‬قدوَتك؟ فأجبني‪ :‬ل َ ّ‬ ‫كيف ي ُ َ‬
‫م أمور دينك…‬ ‫أَقال له ‪ :‬اذهب إلى المدينة وت َعَّلم العلم النافع‪ ..‬تعل ّ ْ‬
‫تعلم شروط وأركان الصلة…؟ ل! بل الشهادتان ثم القتال‪ ،‬بل الرجل‬
‫ل له صلة؟!! قال ‪ :‬نعم(‪ ،‬فلما قُِتل قال‬ ‫نفسه تساءل‪) :‬وإن لم أص ّ‬
‫جر كثيرًا( أخرجه سعيد بن منصور وهو حسن‪،‬‬ ‫فيه ‪) :‬عَمل قلي ً ُ‬
‫ل‪ ،‬وأ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪61‬‬
‫ص ّ‬
‫ل‬ ‫وكان أبو هريرة ‪ ‬يقول‪] :‬أخبروني عن رجل دخل الجنة لم ي ُ َ‬
‫صلة؟! ثم يقول‪ :‬هو عمرو بن ثابت ‪ [‬بإسناد صحيح عند ابن إسحاق‪،‬‬
‫عمون أم‬ ‫فهل هذا وأمثاله ترّبوا وتصّفوا وتعلموا دينهم بالمعنى الذي تز ُ‬
‫"تتغير الحكام بتغير الزمان"؟‬
‫جّهال‬ ‫ب الفقه‪ :‬أن الكفار لو هجموا على مدينة فيها ناس ُ‬ ‫وهذا واضح في ك ُت ُ ِ‬
‫ل يعرفون الصلة فأّيهما أهمّ جهاد الكفار أم تعليم الغرار؟ وما دامت‬
‫سَتطيع‬ ‫م ْ‬ ‫حت َّلها الكفار فالجهاد فرض عين على كل ُ‬ ‫هناك أراض إسلمية ي َ ْ‬
‫وإل فالعداد العسكري‪.‬‬
‫ب تساؤلهم‪ :‬أيهما أولى الجهاد أم العلم؟ وكأنه ل يجاهد‬ ‫جب فَعج ٌ‬ ‫ـ وإن ت َعْ َ‬
‫إل الجهلء ول يتعلم إل الجبناء‪ ,‬ول يجمع بينهما أحد‪ ,‬فانظر السلف‬
‫الصالح‪ ،‬وقد مر بنا طرف من سيرتهم‪ ،‬وسيأتي مزيد أمثلة في الشبهة‬
‫التالية ُتثبت أن كبار العلماء كانوا مجاهدين‪.‬‬
‫ولعل السبب في مثل هذا التساؤل يعود إلى تأثرنا بمواضيع النشاء أيهما‬
‫أشد تأثيرا ً على الطفل أبوه أم أمه؟ ؟أو على المة رجال العلم أم رجال‬
‫الدب؟!‬
‫ـ وهل سمْعتَ برجل يقال له‪ :‬ت ََعال! الجنة بينك وبين عُن ُِقك وَتستريح‬
‫عَرة! ثم بعد هذا ل‬ ‫ة الوَ ِ‬
‫فيقول‪ :‬ل! أريد طريق العلم الشرعي الطويل َ‬
‫ق؟‬‫ل… هل هذا صاد ٌ‬ ‫ج به في النار لريائه مث ً‬ ‫َيدري أُيقبل منه علمه أم ي َُز ّ‬
‫أجيبوا! فما معنى أن نترك الطريق القصيرة إلى الطويلة إل الرياء‬
‫والكذب؟!‬
‫ة!‬‫دح‪) :‬إنها لحياة طويل ‍‬ ‫ص َ‬
‫مراته و َ‬ ‫حمام" يوم ألقى ت َ‬ ‫مي َْر بن ال ُ‬ ‫ـ رحم الله "عُ َ‬
‫م منه وأحرص على دين الله‪ ،‬وأدرى بمصلحة‬ ‫حك َ ُ‬ ‫… ‪:‬مسلم( أم أنك أ ْ‬
‫المة؟! أم أن بقاءك حيا ً أنفعُ للمة من بقائه؟!!‬
‫ل شأنك لو كانت حالتك كحالة سيف الله الذي فََلق هام‬ ‫ـ وهل َيق ّ‬
‫منعني كثيرا ً من القراءة الجهاد في‬ ‫الكافرين‪ ،‬فتأمل فيما قال‪] :‬لقد َ‬
‫سبيل الله‪ :‬أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح[‪.‬‬
‫جي ّد ُ فينا ي ُؤَل ّ ُ‬
‫ف‬ ‫ب؟ وال َ‬ ‫ـ فما لكم ل َتزالون تتراشقون الحروب الكلمية فحس ُ‬
‫ف من‬ ‫ة على خو ٍ‬ ‫خطب ً‬ ‫طب ُ‬ ‫في "فضائل الجهاد" أو َيكتب مقال ً أو َيخ ُ‬
‫مها‪.‬‬
‫مَعة اس ُ‬ ‫مع ْ َ‬
‫الحاكم وجنوده‪ ،‬وحسُبه من ال َ‬
‫سوا لك‬ ‫سو َ ُ‬‫ة رابحة ‪..‬الجنة مهما وَ ْ‬ ‫ـ فيا من عََرض عليك مولك صفق ً‬
‫ن الله‬ ‫ْ‬
‫س بمكتبة العلم فقل لهم‪ :‬لك ّ‬ ‫وقالوا‪ :‬اجلس واشتر الكتب وأن َ ْ‬
‫تعالى قال‪:‬‬
‫ة‪‬‬
‫ن لهم الجن َ‬ ‫سهم وأموالهم بأ ّ‬ ‫‪‬إن الله ةةةةة من المؤمنين أنف َ‬
‫ضابط التهور‪ ،‬والحكمة!‬ ‫•‬

‫؟!‬‫ـ ليست طريقُ النبياء تهورًا! وهل كان الصحابة متهورين أو متسرعين ‍‬
‫سفونها بكلمة أو‬ ‫دن الك َهََنة ي َْهتكون الدلة الصريحة الصحيحة وين ِ‬ ‫فهكذا د َي ْ َ‬

‫‪62‬‬
‫سُهل‬ ‫كماء؛ فيحلو لفريق ممن ي َ ْ‬ ‫ماء الب َ ْ‬‫ص ّ‬
‫وهاء ال ّ‬ ‫جج ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫ح َ‬
‫كلمتين من ال ُ‬
‫عليهم الهُْزُء بالحكام الشرعية َيحلو لهم أن يصوروا المجاهدين ‪-‬الذين‬
‫طاء يقال لهم‪ :‬هيا يا‬ ‫س َ‬ ‫ف من الب ُ َ‬ ‫باعوا نفوسهم لبارئهم‪ -‬على أنهم َلفي ٌ‬
‫دم‬‫ــه…! كفريق كرة قَ َ‬ ‫شباب!! … فيسارع جميعهم وبسذاجة‪ :‬هِيْ ْ‬
‫للصغار‪.‬‬
‫هزْئهم بالمجاهدين وتشبيههم لهم بالصغار فإن هذه‬ ‫وسبحان الله رغم ُ‬ ‫ـ‬
‫مع هَي َْعة أو‬ ‫س ِ‬
‫المسارعة أقرب ما تكون إلى الحديث الصحيح )كلما َ‬
‫ة طار إليها…‪ :‬مسلم(‪ ،‬أو لعلها هي هو؛ فهل ط ِْرتم أنتم ‪-‬ولو مرة‪-‬‬ ‫فَْزعَ ً‬
‫حي بالسرعة‪.‬‬ ‫مو ْ ِ‬
‫إلى غزوة من الغزوات؟!!!! ولحظ لفظ "طار" ال ُ‬
‫جِلين أو‬ ‫مت َعَ ّ‬
‫عنا إلى الصلة أو الفطار‪ ،‬أفنكون ُ‬ ‫ذن "المغرب" ساَر ْ‬ ‫وإذا أ ّ‬ ‫ـ‬
‫كتاب والسنة‬ ‫؟! فكيف وال ِ‬ ‫مت َهَوِّرين؟ كل؛ لن السنة فيهما التعجيل ‍‬ ‫ُ‬
‫ي على الجهاد" على‬ ‫ونصوص العلماء ُتنادي منذ سقوط الندلس‪" :‬ح ّ‬
‫؟!‬‫ب ‍‬‫جي ْ ُ‬‫ق" الذي ي ُ ِ‬ ‫الفور ل التراخي؟ ولكن‪ ....‬أين "طار ٌ‬
‫ل على نصاب المال أفل يجب السراع بإخراج الزكاة‬ ‫حو ْ ُ‬
‫وإذا حال ال َ‬ ‫ـ‬
‫خر أم أن هذا تهوٌّر؟‬ ‫خشية الوقوع في إثم التأ ّ‬
‫ت‬‫رح ابنك أو أمك أو أختك وكاد دمه َينفد أفتكون متهورا ً إذا طر َ‬ ‫ج ِ‬ ‫وإذا ُ‬ ‫ـ‬
‫كالليث الجريح لسعافهم؟ فأخواتنا وأبناؤنا وآباؤنا في الشرق والغرب‬
‫ل؛ فأين أنت منهم؟‬ ‫ُيقّتلون تقتي ً‬
‫أولم يرى بعض قليلي العلم ذاك الذي خاض في الصف حتى ُقتل رأوه‬ ‫ـ‬
‫وب لهم فهمهم؛ فنبههم أن‬ ‫متهورًا؟ لكن "أبا أيوب" الذي فَِقه الكتاب ص ّ‬
‫هذا ليس من التهلكة؛ إنما التهلكة في ترك النفقة في سبيل الله‪.‬‬
‫ن حّز رأسه في نظر‬ ‫ظه فيكون الثم ُ‬ ‫والذي يقوم إلى سلطان جائر في َعِ ُ‬ ‫ـ‬
‫خَرق‪ ،‬فاقد للحكمة بعيد عن التزان! فل السلطان‬ ‫حكماء اليوم متهور أ َ ْ‬
‫اتعظ ول لحياته أبقى!‬
‫مَترّويين‪ ،‬وسيدِ بعيدي النظر ‪‬‬ ‫لكنه في نظر سيد الحكماء‪ ،‬وسيد ال ُ‬
‫ل الجهاد )أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر‪ :‬أحمد والحديث‬ ‫أفض ُ‬
‫سك َّتم وحفظتم ماء‬ ‫صحيح(‪ ،‬فإن لم تكونوا أمثال هؤلء البطال فهل َ‬
‫وجوهكم!‬
‫من تَرون الحكمة ترك الجهاد خوفا ً من الفتنة في المال والهل ومن‬ ‫يا َ‬ ‫ـ‬
‫سَقطوا‪ ،‬وإن‬ ‫ما قال ربنا ‪‬أل في الفتنة َ‬ ‫المخابرات وفقدان المناصب أ َ‬
‫محيطة بالكافرين‪‬؛ أي بتركهم الجهاد‪.‬‬ ‫جهنم ل َ ُ‬
‫وكيف يكون الخروج للقتال فتنة وبه ُتزال الفتنة ‪‬وقاتلوهم حتى ل تكون‬
‫دللة‪،‬‬ ‫ة ويكون الدين كّله لله‪‬؟ ومع أن هذه الية قطعّية الثبوت وال ّ‬ ‫فتن ٌ‬
‫لكن هؤلء يفهمونها ويطبقونها كما لو كانت )وسالموهم حتى‪...‬أو‪:‬‬
‫مؤ َ ّ‬
‫داها‬ ‫لِينوهم ‪..‬أو‪ :‬هادنوهم‪(..‬؛ فتراهم يرددون ولو بعبارات شتى لكن ُ‬
‫حقنا ً للدماء‪.‬‬ ‫من الحكمة الن البتعاد ُ عن الصف َ‬ ‫واحد‪ِ :‬‬

‫‪63‬‬
‫ـ وغاية شبهة هؤلء النهزاميين‪ :‬هذا من أجل كسب هؤلء الكفار وأذنابهم‬
‫من الحكام أو على القل تحييدهم بسبب ضعف المسلمين! وهذا قول‬
‫باطل‪ ،‬فإن إبراهيم عليه الصلة والسلم قال لقومه مع قلة أنصاره‪،‬‬
‫وضعفه بينهم حتى رموه في النار‪ :‬إّنا ُبرآء منكم ومما َتعبدون من دون‬
‫الله ك ََفْرنا بكم‪ ،‬وبدا بيننا وبينكم العداوةُ والبغضاء أبدا ً حتى ُتؤمنوا بالله‬
‫مصانعتهم أو مداهنتهم كما َيدعو كثيرون اليوم‬ ‫وحده‪ ،‬ولو سعى لكسبهم ب ُ‬
‫سِلم من أذى قومه‪.‬‬ ‫لَ َ‬
‫ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة وكان المسلمون في‬
‫ضعف وقلة وَتحت سلطان المشركين‪ ،‬ومع ذلك نزل عليه قوله تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫رض عن المشركين‪ ،‬وقيل ‪ :‬إنها نزلت وعدد‬ ‫‪‬فاصدع بما ت ُؤْ َ‬
‫مُر وأعْ ِ‬
‫درأ أذاهم عن‬ ‫أصحابه ل يتجاوز الربعين‪ ،‬ومع ذلك لم ُيصانعهم حتى ي َ ْ‬
‫نفسه وأصحابه‪ ،‬ثم إن أصحابه لُقوا صنوفا ً من العذاب‪ :‬فقتل فريق كآل‬
‫خّباب‪ ،‬وُأخرج فريق كمهاجرة الحبشة‪،‬‬ ‫ذب فريق كبلل وعمار و َ‬ ‫ياسر‪ ،‬وعُ ّ‬
‫حوصر فريق وسجنوا كالرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه في‬ ‫و ُ‬
‫خفى‪ ،‬فهم مستضعفون‪ ،‬قلة بين يدي‬ ‫شعب‪ ،‬ولقوا من الذى ما ل ي َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫عدو كافر ل ي َْرحم‪ ،‬وكأني بأحد هؤلء النهزاميين لو كان معهم لقال‪ :‬إن‬
‫ب ُْعد النظر‪ ،‬وسعة الفق‪ ،‬والواقعية‪ ،‬والعقلنية‪ ،‬والرأي السديد تقتضي أن‬
‫حّيدهم؛ وذلك لرفع العذاب عن‬ ‫َيكسب كفار مكة‪ ،‬أو على القل أن ي ُ َ‬
‫المسلمين‪ ،‬فالمسلمون بين َقتيل ومعذب وطريد وسجين‪ ،‬والسلطة‬
‫لكفار مكة‪ ،‬و من أجل مصلحة الدعوة‪ ،‬ولحماية القلية في مكة التي لو‬
‫ي معها السلم‪ ،‬فل بأس بمداهنة هؤلء وتكليمهم بلغةٍ ل َيفهمها‬ ‫َفنيت فَن ِ َ‬
‫إل المثقفون من كفار مكة‪.‬‬
‫فل بد من دعوة جادة لجميع المفكرين الحرار من كفار مكة لـ)الحوار( من‬
‫أجل التعايش‪ ،‬ول بد من كتابة بيان ل َيفهمه إل المثقفون من كفار مكة‬
‫مر‪ِ ،‬بناء على الهداف المشتركة فيما فيه صالح )قريش(‪،‬‬ ‫مث ْ ِ‬
‫لعقد حوار ُ‬
‫و)مكة(‪ ،‬و)البشرية( جمعاء‪...‬إلخ‪.‬‬
‫دهن‬‫دوا لو ت ُ ْ‬
‫ت هيهات ‪ :‬فقد نزل قوله تعالى ‪‬فل ُتطع المكذبين‪ ،‬وَ ّ‬ ‫ولكن هيها َ‬
‫هنون‪ ،‬فكان ثبات النبي وصحبه تمزيقا ً للوحدة الوطنية‪ ،‬وبوادر حرب‬ ‫في ُد ْ ِ‬
‫أهلية‪ ،‬بل جاء صريحا ً )ومحمد ٌ فَّرق بين الناس‪ :‬البخاري(‪ ،‬والقرآن اسمه‬
‫ل من‬ ‫كتب بيانا ً فيه أق ّ‬ ‫الفرقان‪ ،‬ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم َ‬
‫مهانة وذلة‬ ‫شر ما َيتكّلم به كثيٌر من النبطاحيين أو المنافقين اليوم من َ‬ ‫عُ ْ‬
‫– وحاشاه – لجعلوه أميرا ً عليهم‪.‬‬
‫كل العداوات قد ُترجى مودتها ‪ ..........‬إل عداوةَ من عاداك في‬
‫الدين‬
‫ـ إن الحكمة وضع الشيء المناسب في المكان المناسب‪ ،‬والزمان‬
‫المناسب‪ ،‬بالكم المناسب‪ ،‬والنوع المناسب‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫دون بحكمة ودراسة منطقية مبنية على اليات‬ ‫فهل أنتم حقا ً تعملون وت ُعِ ّ‬
‫والحاديث وأولويات الواقع لتصلوا إلى الكم والنوع والزمان المناسب‬
‫للجهاد؟‬
‫ب في ساقية الجهاد القتالي إل‬ ‫لكننا ل نرى شيئا ً من إعدادكم َيص ّ‬
‫جعة!‬ ‫جع ْ َ‬
‫ال َ‬
‫جحورها حرصا ً على لقمة‬ ‫إن الباز ل تهاب فئرانا ً ترى الحكمة أن تبقى في ُ‬
‫جحورها‪ ،‬لكنها‬ ‫عيشها ومستقبل أولدها؛ لئل ُتعيد أحداث تدمير النسور ل ُ‬
‫تهاب عصفورا ً ي َُقّلم ظفر مخلبه!‬
‫ن والكم والنوع‪،‬‬ ‫ت بصراحةٍ الزما َ‬ ‫ح ْ‬
‫ض َ‬ ‫على أن آيات الله وأحاديث رسوله و ّ‬
‫وحسبك منها كلمات‪) :‬انفروا خفافا ً وثقال ً – وأعدوا لهم ما استطعتم‪-‬‬
‫حّرض المؤمنين على القتال ‪-‬‬ ‫سك‪َ -‬‬ ‫ف إل نف َ‬ ‫فقاتل في سبيل الله ل ت ُك َل ّ ُ‬
‫جدوا فيكم‬ ‫ظ عليهم – ول ْي َ ِ‬ ‫ن الدين كله لله‪ -‬واغل ُ ْ‬ ‫حتى ي ُْعطوا الجزية‪ -‬ويكو َ‬
‫غلظة‪.(...‬‬
‫جنا شبهات من يريد أن يبقى ‪ /13/‬سنة بل جهاد بحجة العداد‪،‬‬ ‫وقد عال ْ‬
‫دعي أنه‬ ‫وعالجنا من قبل شبهة العداد السلمي والعداد الكاذب كمن ي ّ‬
‫يتعلم فنون الخط العربي لتخطيط لفتة أمير المؤمنين‪ ،‬وسنأتي إلى‬
‫الصلحات الجزئية وخطورة النخداع بها‪...،‬وكلها ولله الحمد سُتقنع‬
‫حف‪ ،‬إل أن يشاء الله‪.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫م ْ‬‫حّرك ال ُ‬
‫المنصف ولن ت ُ َ‬
‫ب" في دين الله‬ ‫عي أن ل "جهاد َ طل َ ٍ‬ ‫ما من ي ُْلغي الجهاد من دين الله أو ي َد ّ ِ‬ ‫أ ّ‬
‫سّنا‬‫ح ّ‬‫فهؤلء عملء أو جهلء‪ ،‬ولو حملوا أعلى شهادات "الدكترة"‪ ،‬وإن َ‬
‫من أ َْرذل الشذوذات الفقهية التي عرفها‬ ‫الظن فيهم كثيرا ً فقولهم ذاك ِ‬
‫تاريخ الشذوذ الفقهي‪ ،‬كيف ل وهي تخدم أعداء السلم بما ل مزيد‬
‫عليه؟ كيف ل وهي ُتصادم الكتاب والسنة وأقوال العلماء الصريحة‬
‫وتصادم سيرة أئمة السلم من لدن الصحابة حتى أيامنا؟‬
‫ن من َتشويه منهج!‬ ‫وإسقاط أشخاص أهو ُ‬

‫شبهة عدم خروج العلماء‪ ،‬وأنك في الميدان وحدك!‬ ‫•‬

‫‪4‬ـ فإن قالوا‪ :‬وحسُبنا أن أكثر العلماء والمصلحين الواعين ـ‬


‫يخرجوا‪ ،‬أوَي ُعَْقل أنهم جميعا ً آثمون؟ فأنت في‬ ‫إن لم ن َُقل‪ :‬كّلهم ـ لم َ‬
‫الميدان وحدك! وهل كان النووي والسبكي والعلئي والعراقي وابن حجر‬
‫العسقلني والسيوطي من المجاهدين؟‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫حّققْ لهؤلء –الذين‬ ‫كاما ً على الناس؟ فَُرّبما لم يت َ‬‫ح ّ‬
‫صَبنا الله ُ‬‫ـ هل ن ّ‬
‫زم أن هؤلء‬ ‫سع أو‪ ..‬أو‪ ،..‬وهل تج ِ‬ ‫مناطُ من الوُ ْ‬
‫سميتموهم اليوم علماء‪ -‬ال َ‬
‫سّنى لهم طريق الخروج ولم يخرجوا؟ ثم إن جمهور العلماء‬ ‫العلماء ت َ َ‬
‫مْروِّيه على فتواه‬ ‫مْروِّيه قُ ّ‬
‫دم َ‬ ‫على أنه إذا تعارضت فتوى الصحابي مع َ‬
‫‪65‬‬
‫ت‬ ‫ف الحنفية‪ ،‬فكيف إذا تعارضت فتوى عالم مع فعله؟ ثم هل است َْفَتي َ‬ ‫خل َ‬
‫دهم قد‬ ‫ت إلى فعلهم ولعل أح َ‬ ‫م فَْر ِ‬
‫ضي ِّته أم َنظْر َ‬ ‫هؤلء فرأيَتهم ي ََرون عَد َ َ‬
‫مِنع من جواز السفر‪ ،‬أو لعله ل يهتدي سبيل ً إلى المجاهدين‪ ،‬أو لعله مِن‬ ‫ُ‬
‫أما‬
‫ك بصدق جهةٍ ما‪ّ ،‬‬ ‫ش ّ‬‫كثرة المؤامرات والمخابرات التي حوله صار يَ ُ‬
‫ت صدقها فل عذر لك‪ ،‬أو لعله كان من أهل ‪‬ليس‬ ‫عرف َ‬ ‫أنت فقد َ‬
‫من‬ ‫نب َ‬ ‫سن الظ ّ‬ ‫س أن الثم يكون عند انعدام الُعذر‪ ،‬فح ّ‬ ‫حَرج‪ ،‬ول تن َ‬ ‫على‪َ ...‬‬
‫سميتهم علماء‪.‬‬
‫هد الناس في‬ ‫ت شياطين النس والجن كليِهما‪َ ،‬ز ِ‬ ‫ـ وكأنه لكثرة َتلِبيسا ِ‬
‫ص! وعُد ْ إلى‬ ‫منا َ‬ ‫ولكن إن ث َب ََتت لك فْرضية القتال فل َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫الجهاد القتال ّ‬
‫فِْقرة "لماذا القتال؟" َتجد ْ أن العلماء قليل والعاملين منهم أقل‬
‫ل من قليل‪.‬‬ ‫ل من قلي ٍ‬ ‫والمجاهدين أقل والصابرين أقل‪ ،‬فالمجاهدون قلي ٌ‬
‫ـ وافرِض أن أحدا ً ممن سميَتهم علماء لم َيخرج… ‪-‬وهيهات!‪ -‬فهل تترك‬
‫الصلة والصيام إن تركه هؤلء؟!‬
‫أَوليس التخلف عن جماعة الفجر من علمة النفاق؟ انظر اليوم كم واحدا ً‬
‫منهم َيتصف بها –في بلدنا‪ !-‬أ ََوتترك جماعة الفجر لنهم يتركونها؟‬
‫أليست اللحية من خصال الفطرة‪ ،‬وسنة النبياء والصالحين كابرا ً عن‬
‫صرها بتلك الحجة؟‬ ‫أفتحلقها أو ت َُق ّ‬ ‫ر؟‬
‫كاب ٍ‬
‫فهؤلء الذين ي َت َأث ُّرون بُقُعود بعض الكبار‪ ،‬ويظنون أن هؤلء الكبار الذين‬ ‫َ‬
‫ُيشار إليهم بالَبنان ما َقعدوا إل لنهم يعلمون المصلحة لو أن هؤلء‬
‫حّققوا من المر لوجدوه خلف ذلك قطعًا؛ فليس بالضرورة أن يكون‬ ‫ت َ‬
‫ص علينا‬ ‫خر الذي ُيشار إليه بال ََبنان بسبب ترجيحه للمصلحة‪ ،‬فقد ق ّ‬ ‫تأ ّ‬
‫من‬ ‫من قد عاَتبهم الله على التأخر‪ ،‬فإذا كان ِ‬ ‫كتاب الله أن من الخيار َ‬
‫من قد أصابهم هذا الداء‪ ،‬داء التأخر عن‬ ‫الخيار البرار الطهار زمن النبوة َ‬
‫الجهاد‪ ،‬فكيف نزعم لخيارنا اليوم أنهم َيتأخرون للمصلحة؟‬
‫أل ترى ربنا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬في سورة النفال قال مخاطبا ً نبيه ‪ ‬وأه َ‬
‫ل‬
‫جك رّبك من بيتك‬ ‫بدر‪ ،‬وهم خير الناس رضي الله عنهم‪ :‬كما أخر َ‬
‫بالحق‪ ،‬وإن فريقا ً من المؤمنين لكارهون‪ُ ،‬يجادلونك في الحق بعد ما‬
‫ت َب َّين كأنما ُيساقون إلى الموت وهم َينظرون‪‬؟ وهذا الوصف جاء لخيار‬
‫صي ْب ََنا نحن‬
‫مستب َْعد أن ي ُ ِ‬ ‫الناس ـ رضي الله عنهم ـ أهل بدر‪ ،‬فليس من ال ُ‬
‫هذا الداء‪.‬‬
‫ت‬ ‫م َتبوك‪" :‬تخلْف ُ‬ ‫وهذا كعب بن مالك‪ ‬ـ وحديثه في الصحيحين ـ يقول يو َ‬
‫سَر مني حال ً ق ّ‬ ‫َ‬
‫ت راحلتين إل في‬ ‫ط مني يوم ذاك‪ ،‬وما ملك ْ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫وما كن ُ‬
‫جّهز من أمري‬ ‫ُ‬ ‫تلك الغزوة‪ ،‬وقلت‪ :‬اليو َ‬
‫م ولم أ َ‬ ‫جّهز‪ ،‬فيمضي اليو ُ‬ ‫م أت َ َ‬‫َ‬
‫جاذ َُبه أثقال الرض‪ ،‬وهو من هو؟!!‪ ‬من‬ ‫شٌر ت َت َ َ‬ ‫شيئًا"‪ ،‬فالنسان ب َ َ‬
‫ة العَقبة الكبرى المباركة التي منها‬ ‫حد ُ الذين عََقدوا َبيعَ َ‬ ‫َ‬
‫السابقين! بل أ َ‬
‫خر بغير عذر‪ ،‬ومما جاء في‬ ‫انطلقت دولة السلم في المدينة النبوية‪ ،‬تأ ّ‬
‫‪66‬‬
‫ة كما في كتاب الله‪ :‬وعلى الثلثة الذين‬ ‫حديثه الطويل أنهم كانوا ثلث ً‬
‫خّلفوا‪ ،‬والروايات في السيرة أن الذين خرجوا إلى تبوك ثلثون ألفًا‪ ،‬فكم‬ ‫ُ‬
‫كر اليوم‪ ،‬اسأل أي عسكري أو قائدٍ‬ ‫م ل يُذ َ‬ ‫ي ُعَد ّ ثلثة من ثلثين ألفًا؟ َرقْ ٌ‬
‫ن‬
‫ضْير؟ لك ْ‬ ‫في الجيش‪ :‬إذا تخلف عندك ثلثة من ثلثين ألفا ً هل من َ‬
‫من فوق سبع سماوات قرآنا ً‬ ‫ِلعظيم الذ ّْنب أنزل الله –سبحانه وتعالى‪ِ -‬‬
‫ُيتلى إلى يوم القيامة في هؤلء‪.‬‬
‫ز‪ ،‬واليات‬ ‫ج ِ‬‫ط للعَ ْ‬ ‫سُق ُ‬
‫متعّين على المة‪ ،‬وقد ي َ ْ‬ ‫دنا أن هذا الجهاد اليوم ُ‬ ‫وشاه ُ‬
‫ب من قعود كثير من الناس‪،‬‬ ‫ج ُ‬‫صريحة‪ ،‬وعندما يقرأ النسان القرآن ي َت َعَ ّ‬
‫هل هم ل يقرؤون القرآن‪ ،‬أم أنهم يقرؤون ول ي َت َد َّبرون أم هم‬
‫معذورون؟!‬
‫ة رسولنا ‪) ‬ل تكونوا إمعة…‪ :‬حسن غريب كما قال‬ ‫ـ أم أننا نسينا وصي َ‬
‫الترمذي‪ ،‬وهو ثابت من قول ابن مسعود ‪ ‬في أقل تقدير(؟ هل نسينا‬
‫ت وحدك‪،‬‬ ‫ف رجاله"‪ ،‬فالجماعة هي الحق ولو كن َ‬ ‫مبدأ "اعرِف الحق ت َعْرِ ْ‬
‫من تبعهم‬ ‫شّتان بيننا وبين الصحابة و َ‬ ‫ن َ‬ ‫شّتا َ‬ ‫والحكم الشرعي صريح‪ ،‬و َ‬
‫جْفن سيفه ول َيستعمل ]لعل‬ ‫سر َ‬ ‫بإحسان‪ ،‬ترى أحدهم على الَفور ي َك ْ ِ‬
‫طات‪ ،‬وتراهم من فورهم يتسابقون إلى‬ ‫مث َب ّ َ‬‫من ال ُ‬ ‫وعسى[ وأخواِتها! ِ‬
‫طعان‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫حم الله "ابن عمر" ‪‬‬ ‫ـ أوََلم يخرج للجهاد فقهاُء الصحابة والتابعين؟ فرَ ِ‬
‫الذي رابط هناك في بلد الفغان حيث البرد والثلج‪ ،‬وهو من أكابر‬
‫الفقهاء‪.‬‬
‫م الصحابة بالحلل والحرام؟ أولم يكن‬ ‫جَبل" ‪ ‬أعل َ‬ ‫أليس "معاذ بن َ‬
‫حلية"‪] :‬إمام‬ ‫الصحابة يشبهونه بإبراهيم؟ أولم يقل فيه أبو نعيم في "ال ِ‬
‫الفقهاء وكنز العلماء[؟ ومع هذا كله أولم َيشهد العقبة والمشاهد كّلها؟‬
‫سنا بما ساقوه في السيرة –من طريق‬ ‫فكيف وأين مات؟ وهل استأن َ ْ‬
‫الواقدي‪ -‬أن عمر ‪ ‬كان يقول حين خرج معاذ ‪ ‬إلى الشام‪] :‬لقد‬
‫ل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه وفيما كان يُفتيهم به‪ ،‬ولقد كنت‬ ‫َأخَ ّ‬
‫ي وقال‪ :‬رجل أراد‬ ‫عل ّ‬‫كلمت أبا بكر أن يَحبِسه لحاجة الناس إليه فأبى َ‬
‫سه[‪ ،‬وحسبك أن تراجع "البداية" لبن كثير‬ ‫َوجْها ً يعني الشهادة فل َأحِْب ُ‬
‫لترى عظيم تحريضه يوم اليرموك هو وأبو عبيدة ابن الجّراح‪.‬‬
‫أليس "جابر بن عبد الله" ‪ ‬من سادات فقهاء المدينة؟ فكم غزوةً غزا؟‬
‫أوليس "ابن مسعود" ‪ ‬من أجلة فقهاء الصحابة‪ ،‬أولم يتتلمذ على يديه‬
‫العشرات بل المئات في الكوفة؟ أَول ي ُعَد ّ أستاذ مدرسة خّرجت اللف‬
‫جِهز "ابن مسعود" ‪ ‬على فرعون هذه المة‬ ‫من الفقهاء؟ أفَلم ي ُ ْ‬
‫بنفسه؟ أولم يَحتّز رأسه بيده؟‬

‫‪67‬‬
‫ي" ‪ ‬المشاهد كّلها؟ فأين أوصى أن ُيدفَن‬ ‫أولم َيشهد "أبو أيوب النصار ّ‬
‫سِلم روحه وأين د ُِفن؟ أولم يذكره "ابن حبان" في كتابه‬ ‫من قبل أن ي ُ ْ‬
‫"مشاهير علماء المصار"؟‬
‫أليس "أبو بكر" ‪ ‬من أكبر فقهاء الصحابة؟ فماذا كان رأيه في حرب‬
‫الردة مقابل رأي أكثر الصحابة؟ أليس الحلّ العسكري؟ أَولم يكن هو‬
‫جهٍ إلى أعتى دولة بقيادة شاب لم يتجاوز‬ ‫ش مو ّ‬
‫والفاروق في جي ٍ‬
‫العشرين؟‬
‫م الفاروق ‪ ‬مرارا ً أن يترك الخلفة وَيلحق بالمجاهدين؟‬ ‫أَولم ي َهُ ّ‬
‫د"‬
‫ل في "أح ٍ‬ ‫ب" ‪ ‬سيد َ القراء في الصحابة؟ أفلم ي ُب ْ ِ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫يب ُ‬ ‫أَوليس "أب ّ‬
‫بلًء حسنًا؟ أولم َيشهد ما بعدها من المشاهد؟‬
‫س هو حكيم المة‬ ‫س "أبو الدرداء" ‪ ‬من كبار فقهاء الصحابة؟ ألي َ‬ ‫أولي َ‬
‫من على الجبل يوم أحد‬ ‫وسيد قراء دمشق؟ ألم يأمره الرسول أن ي َُرد ّ َ‬
‫سن البلء حتى قال الرسول‪) :‬نعم الفارس‬ ‫ح َ‬
‫دهم وحده؟ ألم يكن َ‬ ‫فََر ّ‬
‫عويمر(‪] .‬راجع "سير أعلم النبلء" للذهبي[‪.‬‬
‫عبادة بن الصامت" ‪ ‬من كبار فقهاء الصحابة؟ ألم يكن أحد‬ ‫أليس " ُ‬
‫النقباء ليلة العقبة‪ ،‬ومن أعيان البدريين؟ ألم ي َشهد المشاهد كلها؟ ألم‬
‫يخرج مع فتوح الشام ومصر؟‬
‫ن هذه المة "أبو عبيدة" ‪ ‬أحدَ السابقين الأولين‪ ،‬وثاني اثنين‬ ‫أليس أمي ُ‬
‫عزم الصديق على توليتهما الخلفة وأشار بهما يوم السقيفة لكمال‬
‫أهليتهما؛ هو والفاروق فقال‪] :‬قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر‬
‫وأبا عبيدة[؟ وهل ُيشير الصديق لخلفة المسلمين بقليل علم ٍ ضعيف‬
‫عه عمر ‪ ‬ليولَيه الخلفة‬ ‫نظرٍ أم بغزير علم ٍ سديد نظر؟ ألم َيستد ِ‬
‫ل ألم َيقتل أباه المشر َ‬
‫ك‬ ‫من قب ُ‬ ‫فأبى؟ فكيف وأين مات أمين المة؟ و ِ‬
‫ل بلًء حسنا ً في ُأحد ثم ألم يكن في حصار دمشق؟‬ ‫في بدر؟ أَلم ي ُب ْ ِ‬
‫أليس "زيد بن ثابت" ‪ ‬كاتب الوحي؟ ألم تكن معه راية بني النجار يوم‬
‫تبوك؟ ألم َيعرض نفسه يوم بدر وُأحد لكن الرسول رده لصغره؟ ألم‬
‫يكن من علماء الصحابة الفذاذ؟ أولم يمسك ابن عباس بركابه ثم قال‪:‬‬
‫]هكذا نفعل بالعلماء والكبراء[‪ ،‬ألم يروِ "ابن سعدٍ" بإسنادٍ صحيح أنه‬
‫]أحد أصحاب الفتوى وهم ستة عمر وعلي وابن مسعود وأبي وأبو‬
‫موسى وزيد بن ثابت[؟ بل هو من الراسخين في العلم‪.‬‬
‫خدري" ‪ ‬بقوله‪] :‬المام‬ ‫جم الذهبي في سير النبلء "أبا سعيد ال ُ‬ ‫ألم ي ُت َْر ِ‬
‫المجاهد مفتي المدينة[؟ ألم َيستصغره الرسول في "أحد" ثم غزا ما‬
‫بعدها؟ ألم يكن من أفقه َأحْداث الصحابة؟ ألم َيقل فيه الخطيب‪] :‬كان‬
‫من أفاضل الصحابة وحفظ حديثا ً كثيرًا[؟‬

‫‪68‬‬
‫عمير" ‪ ‬أول من جلس ي َُفّقه أهل المدينة وُيقرئهم‬ ‫أليس "مصعب بن ُ‬
‫القرآن؟ فأين قُِتل؟‬
‫خرمة" ‪ ‬من صغار الصحابة ومن أشراف قريش‬ ‫م ْ‬ ‫ور بن َ‬ ‫مس َ‬
‫س "ال ِ ْ‬ ‫ألي َ‬
‫س مع‬ ‫ب ضرو ٍ‬ ‫حْز إلى مكة مع "ابن الزبير" ‪ ‬في حر ٍ‬ ‫وعلمائهم؟ ألم ي َن ْ َ‬
‫صبه حجُر منجنيق في الحصار فُقتل؟‬ ‫المويين؟ فكيف مات؟ ألم ي ُ ِ‬
‫وأول مولودٍ للمهاجرين "عبد الله بن الزبير" ‪ ‬ألم يكن كبيرا ً في العلم‬
‫والعبادة مع أنه من صغار الصحابة؟ ألم يكن يسمى حمامة المسجد‬
‫ش في زمانه؟‬ ‫س قري ٍ‬‫لكثرة ملزمته للمسجد؟ ومع هذا أفلم يكن فار َ‬
‫شَهد اليرموك وفتح المغرب‬ ‫مَثل؟ ألم ي َ ْ‬ ‫ألم يكن ُيضَرب بشجاعته ال َ‬
‫وغزو القسطنطينية ثم كان مع أبيه يوم الجمل؟ ]راجع "سير أعلم‬
‫النبلء" للذهبي[‪.‬‬
‫وام" ‪ ‬أليس أحد المبشرين بالجنة؟ أليس أحد الستة‬ ‫وأبوه "الزبير بن الع ّ‬
‫أهل الشورى؟ وهل تكون الشورى في زمنهم إل لمن يستحقها من‬
‫الوجهاء العلماء الكبراء ليس كأيامنا للسفهاء؟ ومع هذا أليس هو أول‬
‫ل سيفه في سبيل الله؟‬ ‫من س ّ‬
‫أليس "أبو هريرة" ‪] ‬المام الفقيه المجتهد ‪ ...‬سيد الحفاظ الثبات[ كما‬
‫س عن صحابةٍ ‪-‬وهذا جائٌز لنهم‬ ‫ح أنه كان ي ُد َل ّ ُ‬ ‫ترجمه الذهبي؟ وصحي ٌ‬
‫ما‬‫جه ل َ َ‬ ‫كلهم عدول‪ -‬لكنه لول أنه كان مع الرسول في بيته وغَْزوه و َ‬
‫ح ّ‬
‫ل هذا الحديث في غضون أربع سنوات تقريبًا! بل جاء عند‬ ‫صل له ك ّ‬ ‫َتح ّ‬
‫ل كثرة‬ ‫أبي داود من طريق "الوليد بن رباح" أنه أجاب من استشك َ‬
‫مروياته بذاك الجواب‪.‬‬
‫فسيد الحفاظ إذا ً لم يكن هاجرا ً للجهاد لنه كان يصحب سيد المجاهدين‬
‫على الدوام‪ ،‬وهو القائل‪] :‬والذي نفسي بيده لول الجهاد في سبيل الله‬
‫ت أن أموت وأنا مملوك‪ :‬متفقٌ عليه[؛ لن المملوك‬ ‫حب َب ْ ُ‬‫والحج وب ِّر أمي ل َ ْ‬
‫محسن لموله له أجران‪ ،‬وشاهدنا أن أبا هريرة كان ُيجاهد‪ ،‬ول َيعتزل‬ ‫ال ُ‬
‫‪.‬‬
‫أوليس أكثر فقهاء الصحابة من النصار؟ فأين قبور أكثر النصار؟ في الهند‬
‫والسند والشام ومصر‪....‬‬
‫أين نحن من سيد فقهاء المدينة من التابعين "سعيد بن المسّيب"؟‬
‫صِقّلية" "أسد بن‬
‫أين نحن من المير القاضي العالم المجاهد فاتح " ِ‬
‫ك رحمهم الله‬ ‫الُفرات" الذي تتلمذ على يدي تلميذ أبي حنيفة ومال ٍ‬
‫ً‬ ‫بطل‬ ‫جميعًا؟ أما قال فيه الذهبي‪] :‬كان مع توسعه في العلم فارساً‬
‫شجاعا ً مِقدامًا[‪ ،‬وذكروا أنه كان يقول عن نفسه‪ :‬اسمي "أسد" وهو‬
‫خير الوحوش‪ ،‬واسم أبي "فرات" وهو خير المياه‪ ،‬واسم جدي "سنان"‬
‫وهو خير السلح‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أين نحن من العالم الرباني "ابن المبارك"؟ وحسبك أن تقرأ كتابه الذي‬
‫صنفه بعنوان "الجهاد"‪.‬‬
‫داًء ل ُيسَبق؟ أولم َيذكروا في‬ ‫أولم يذكروا في ترجمة "البخاري" أنه كان ع ّ‬
‫ترجمته أنه كان راميا ً بارعا ً لم يخطئ رميته إل مرة أو اثنتين؟ أولم‬
‫يذكروا رباطه على الثغور؟‬
‫ض كفاية‪ ،‬ورحم الله‬ ‫م كان الجهاد فر َ‬ ‫كانوا حقا ً علماء مجاهدين يو َ‬
‫سي"‪ ،‬و"السباعي"‪ ،‬و"عودة"‪ ،‬وغيرهم من الذين ما استنكفوا أن‬ ‫"الن ّوْْر ِ‬
‫ب‬‫حْفظ ِهِ فحس ُ‬ ‫يجمعوا الحسنيين العلم والجهاد‪ ،...‬فالعلم بتطبيِقهِ ل ب ِ ِ‬
‫س عالما ً كبيرا ً‪.‬‬ ‫وإل كان إبلي ُ‬
‫أليس؟ ثم أليس وأليس؟‬
‫من َْقَبةٌ في‬
‫ـ وهل انقطاع أبي حامد الغزالي رحمه الله عن الحروب الصليبية َ‬
‫حياته أم إشارة استفهام؟‬
‫خُرجون لول العلماء الربانيون الذين حّرضوا على‬ ‫ـ وهل كان "التتار" ي َ ْ‬
‫الجهاد‪ ،‬وكذا "الصليبيون" و "الُعبيديون"‪.‬‬
‫ـ ارجع إلى كتب التاريخ‪ ،‬ارجع إلى "تاريخ الخلفاء" للسيوطي لترى بالغ‬
‫تحريض العلماء على الخروج على "العبيديين" المارقين‪.‬‬
‫ت أنت تراجم النووي وابن حجر والسيوطي ونظرت في‬ ‫ـ وهل قرأ َ‬
‫مهم بأنهم تخلفوا عن الجهاد؟ أم هي كلمة أنت قائلها؟‬ ‫س َ‬ ‫عصرهم حتى ت َ ِ‬
‫ت شيئا ً وغابت عنك أشياء‪.‬‬ ‫يا هذا حفظ َ‬
‫خنا اليوم يقولون كلمة الحق ل يخافون لومة لئم كما كان‬ ‫أل ليت مشاي َ‬
‫دحون‬ ‫ص َ‬
‫النووي يقولها مع سلطان زمانه‪ ،‬أل ليت مشايخنا اليوم ي َ ْ‬
‫بحقائق الحكام كما صدح بها سلطان العلماء ابن عبد السلم مع‬
‫د!‬
‫ب ول إماميةِ مساج َ‬ ‫ت ول مناص َ‬ ‫ل بُفتا ٍ‬‫المماليك ولم ُيبا ِ‬
‫أل ليتهم يملكون معشار عزة الشيخ "سعيد الحلبي" الذي دخل عليه ابن‬
‫جلسته‪ ،‬فاغتاظ ابن‬ ‫إبراهيم باشا حاكم مصر وهو ماد ّ رجليه فما غّير من ِ‬
‫السلطان وحاول أن ي ُْغرَيه بالمال فقال الشيخ لرسوله‪ :‬قل لسيدك‪ :‬من‬
‫مد ّ رجله ل َيمد يده‪...‬الله أكبر! ما أقواها من كلمة‪ ،‬أم أننا نكتفي أن‬ ‫يَ ُ‬
‫نسرد قصصهم!‬
‫كب المجاهدين‪ ،‬ك َُبرت‬ ‫وبعد هذا َتغمزون أولئك الربانيين بأنهم حادوا عن َر ْ‬
‫كلمة قيلت فيهم‪ ،‬أل حسبنا أن يكون في كل مدينة واحد ٌ فقط من‬
‫أولئك الِعظام‪ ،‬وستأتي أقوال ابن حجر الدامغة قريبا ً إن شاء الله‪.‬‬
‫كيف َتجرؤون أن ت ُعَّرضوا بأولئك العلماء النبلء كيف؟ وحسبك أن تنظر‬
‫في كتبهم لترى أقوالهم في جهاد الطلب وجهاد الدفع وحكمه ومتى‬
‫يتحول إلى فرض عين ‪...‬وحسبك هذا!‬
‫هيا انظر حكم الجهاد عندهم؛ الجهاد الذي يتعثر اليوم كثيرون بأذيالهم‬
‫خوفا ً من أن يقولوا‪ :‬الجهاد فرض عين بل خلف بين أهل العلم البتة من‬
‫عهد الصحابة إلى أيامنا اتفق جميع الفقهاء على أنه فرض عين في مثل‬
‫‪70‬‬
‫حالتنا ما دام شبر واحد بيد محتل‪ ،‬حكم الجهاد اليوم الذي إن سألت‬
‫أكثر المشايخ الذين تعمموا وخافوا أن تضيع مناصبهم إن سألتهم عن‬
‫حكم الجهاد اليوم تراهم لّفوا وداروا وداوروا‪...‬كيل يقولوا كلمة الحق‬
‫س في العربية‬ ‫خشية أن يسجلها عليهم أحد "الفسافيس"! ]الَفسفا ُ‬
‫ت[‪.‬‬ ‫س‪ ،‬وصار اليوم اصطلحا ً المخابرا ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫الحمق والجمع‪ :‬فُ ُ‬
‫ل تقدير لم يكن أولئك العلماء النبلء من المثبطين‪.‬‬ ‫وفي أق ّ‬
‫ل ما ثاروا على النكليز‬ ‫من الذين ثاروا أو َ‬ ‫ـ ارجع إلى التاريخ الصادق لتعلم َ‬
‫من الذين حرضوا على الفرنسيين في بلد الشام‪،‬‬ ‫في بيت المقدس‪ ،‬و َ‬
‫ومن الذين قاموا على النكليز في أرض الكنانة مصر‪ ،‬ومن هم آباء‬
‫ثورات ليبيا والجزائر والمغرب‪....‬سبحان الله! ما أجهل أبناء السلم‬
‫ببطولت آبائهم‪ ،‬إن العلماء الذين رضعوا تعاليم السلم الصادق الصيل‬
‫دوا المجاهدين في أنحاء الرض بالدعم المعنوي‪ ،‬وهم الذين‬ ‫َ‬
‫م ّ‬ ‫هم الذين أ َ‬
‫واصلوا الليل بالنهار ولم يهدأ لهم طرف حتى قضوا نحبهم أو كحلوا‬
‫عيونهم بطرد المحتل‪ ،‬فما بالنا اليوم تنكبنا خطاهم‪...‬أم أن أرض‬
‫الندلس لم تكن يوما ً دار إسلم؟‬
‫ة الجهاد الباقية بنص‬ ‫م فرضي َ‬ ‫ـ كذب ُْتم! ل‪ ،‬ولن يقولها عالم! لن ي ُعَ ّ‬
‫طلَ عال ٌ‬
‫الحديث إلى قيام الساعة )ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين… يقاتلون‬
‫شّهر بهم‬‫طهم أو ت ُ َ‬‫ن من الطائفة! فإن لم تكن منهم فل ت ُث َب ّ ْ‬ ‫…(‪ ،‬فك ُ ْ‬
‫ن!‬ ‫شّري ْ ِ‬‫مع َ َ‬ ‫فَت َ ْ‬
‫ج َ‬
‫ي ومالك وسواهم‬ ‫ـ ول ت َد َعْ شياطين النس ُتلّبس عليك فأبو حنيفة والشافع ّ‬
‫من الفقهاء الجلة لم يكن الجهاد في زمنهم فرض عين‪ ،‬وقد سدوا هم‬
‫كفاية العلم وسد غيرهم كفاية الجهاد وهكذا‪ ،‬وأما إذا حمي الوطيس‬
‫فتراهم ل يهابون أحدا ً في سبيل الله ودونك سيرةَ المام أحمد وعذابه‬
‫من أجل الحق‪ ،‬ودونك سائر الئمة مع حكام زمانهم‪ ،‬وانظر كلم‬
‫"التهانوي" في تحريضه على الهنود والقومية الهندية‪ ،‬هذا القرطبي‬
‫ينقل في تفسيره ‪8/151‬عن القاضي أبي بكر ابن العربي في الندلس‪:‬‬
‫سر‬ ‫َ‬
‫ديارنا "أي الندلس" وأ َ‬ ‫َ‬ ‫]ولقد نزل بنا العدو … سنة )‪ (527‬فجاس‬
‫ده‪ ،‬وكان كثيرًا‪ ،‬فقلت‬ ‫س عَدَ ُ‬ ‫ل النا َ‬‫دنا في عدوّ ها َ‬ ‫سط بل َ‬ ‫خي َْرَتنا وتو ّ‬ ‫ِ‬
‫شَرك والشبكة فلَيخرج إليه‬ ‫للوالي‪… :‬هذا عدو الله قد حصل في ال ّ‬
‫جميع الناس حتى ل يبقى أحد منهم في جميع القطار فُيحاطَ به‬
‫سر لكم الله له‪ ،‬فغل ََبت الذنوب والمعاصي‪،‬‬ ‫ة إن ي ّ‬ ‫فإنه هالك ل محال َ‬
‫حدٍ ثعلبا ً يأوي إلى ِوجاره وإن رأى المكيدة بجاره؛ فإنا لله‬ ‫وصار كلّ أَ َ‬
‫جرؤون‬ ‫ت كثيرا ً ممن َينتسبون إلى العلم اليوم ي َ‬ ‫وإنا إليه راجعون[‪ ،‬أل لي َ‬
‫دحوا بأن حكم الجهاد في أيامنا فرض عين على جميع‬ ‫فقط أن َيص َ‬
‫المسلمين إلى أن نطرد الغزاة من أنحاء بلد المسلمين‪.‬‬
‫دعة وت َْر َ‬
‫ك‬ ‫وهذا القرطبي َينْقل في تفسيره ‪] :3/39‬وعسى أن تحبوا ال ّ‬
‫القتال وهو شّر لكم في أنكم ُتغلبون وت َذِّلون وَيذهب َأمركم قلت‪ :‬وهذا‬
‫‪71‬‬
‫جب ُُنوا عن‬ ‫صحيح ل غبار عليه‪ ،‬كما اتفق في بلد الندلس َتركوا الجهاد و َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫سَر وقَت َ َ‬ ‫القتال‪ ،‬وأك َْثروا من الفرار فاستولى العدو على البلد ‪ ...‬وأ َ‬
‫ت أيدينا‬ ‫م ْ‬ ‫ق‪ ،‬فإنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬ذلك بما قَد ّ َ‬ ‫ست ََر ّ‬
‫سبى وا ْ‬ ‫و َ‬
‫وك َ َ‬
‫سب َْته[‪.‬‬
‫فهاتوا عالما ً واحدا ً تخلف عن الجهاد والتحريض عند تعّينه! هاتوا واحدا ً‬
‫فقط راح ُيثّبط كما يفعل اليوم بعض الدعياء‪.‬‬
‫سوء عَليمي اللسان‪ ،‬فعلماءُ‬ ‫ـ وعلى أية حال ل يخلو مجتمعٌ من علماء ُ‬
‫دعونهم‬ ‫س بأقوالهم‪ ،‬وي َ ْ‬ ‫سوء جَلسوا على باب الجّنة َيدعون إليها النا َ‬ ‫ال ّ‬
‫موا! قالت أفعاُلهم‪ :‬ل‬ ‫إلى النار بأفعالهم؛ فكّلما قالت أقواُلهم للناس‪ :‬هل ُ ّ‬
‫ل المستجيبين له! فُهم‬ ‫عوا إليه حقًا؛ كانوا أوّ َ‬ ‫تسمعوا منهم؛ فلو كان ما د َ َ‬
‫ّ‬
‫في الصورة أدل ُّء‪ ،‬وفي الحقيقة قُطاعُ طري ٍ‬
‫ق‪:‬‬
‫تقول‪ :‬اسمعوا! إن‬ ‫ن ُبومـة‬ ‫وكـم َتـنَعق الِغربـان لك ّ‬
‫الغراب حكيـم‬
‫حقُ الساعي‬ ‫متى ت َل ْ َ‬ ‫فـقل للذي ما زال ُيـجريه نومـه‪:‬‬
‫وأنت مقيــم؟‬
‫شعيـــرا ً فقــل‪ :‬إن‬ ‫شعر القــوم أمســى‪-‬كمــا تــرى‪-‬‬ ‫وما دام ِ‬
‫الجهول عليـم!!‬
‫قد طال نومكمـو إلى ذا الن‬ ‫ة‬
‫هبـوا هَّبـ ً‬‫ـ يا معشر العلماء ُ‬
‫مـة اليمــان‬ ‫لله ُتـعلي ك ِل ْ َ‬ ‫يا معشر العلماء قوموا قومـة‬
‫جبـان‬ ‫متجـّردٍ للـه غيـر َ‬ ‫ة صادق‬ ‫يا معشر العلماء عزم َ‬
‫جة الجهال كل زمـان‬ ‫من ح ّ‬ ‫يا معشر العلمـاء إن سكوتكم‬
‫وتعاونوا في الحق ل العدوان‬ ‫يا معشر العلمـاء ل تتخاذلوا‬
‫متعاضدين شريعـة الرحمن‬ ‫وتعاقدوا وتعاهدوا أن تنصروا‬
‫والله َيخذل ناصر الشيطـان‬ ‫فالله ينصر من يقـوم بنصره‬
‫ن منعوه من قول الحق لكنهم لن يستطيعوا أن‬ ‫ما الرباني فإ ْ‬ ‫ـأ ّ‬
‫ُيجبروه على قول الباطل‪.‬‬
‫جوا‬ ‫حد َهُ واحت َ ّ‬ ‫ما أنكر بعضهم على من خاض في الصف وَ ْ‬ ‫ـ وكيف ننسى ل ّ‬
‫ح لهم‬ ‫ح َ‬ ‫ص ّ‬‫كة‪ ‬فقام "أبو أيوب" ‪ ‬و َ‬ ‫عليه بـ ‪‬ول ُتلقوا بأيديكم إلى الت ّهْل ُ َ‬
‫كة" المرادة في الية هي ترك النفقة للجهاد‬ ‫فهمهم وأرشدهم أن "الت ّهْل ُ َ‬
‫ل في الجهاد‪ ،‬واستدل عليهم بقوله تعالى‪ :‬فقاتل في سبيل الله ل‬
‫سك‪‬؟‬ ‫ت ُك َّلفُ إل نف َ‬
‫فحسُبنا أن نقول لمن عاب على مجاهد ٍ أنه وحده حسبنا أن نقول ما قاله‬
‫سك‪،‬‬ ‫ف إل نف َ‬ ‫ل في سبيل الله ل ت ُك َل ّ ُ‬ ‫الله تعالى لصفوة خلقه‪ :‬فََقات ِ ْ‬
‫مٌر للنبي ‪ ‬بالعراض‬ ‫َ‬
‫وهكذا الغرباء‪ ،‬قال القرطبي في شرحه للية‪] :‬أ ْ‬
‫جد ّ في القتال في سبيل الله إن لم يساعده أحد على‬ ‫عن المنافقين وبال ِ‬
‫ذلك[‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ـ كيف ننسى أن " أبا بكر" ‪ ‬كان َيرى الحل العسكريّ لقمع المرتدين؟‬
‫ث قليل ً‬ ‫مَهرة الصحابة وعلى رأسهم "عمر" ‪ ‬يرون أ ْ‬
‫ن ن َت ََري ّ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫بينما كان َ‬
‫عوي‪،‬‬ ‫بشأن المرتدين‪ ،‬كانوا يريدون بادئ ذي بدء الحل السلمي الد ّ َ‬
‫َ‬
‫خ صواب رأي‬ ‫ت التاري ُ‬ ‫حرصا ً على مكتسبات الدعوة من الضياع‪ ،‬وأث ْب َ َ‬
‫"أبي بكر" ‪ ‬مع أنه كان وحده!‬
‫مقيتا ً‬ ‫صبا ً َ‬ ‫أفكان صنيع أبي بكر ‪ ‬مع المرتدين ومع جيش أسامة ‪ ‬ت َعَ ّ‬
‫عقا ً‬
‫ل"‬ ‫ه! لو منعوني عََناقا ً "وفي رواية ِ‬ ‫؟! يوم قال‪] :‬والل ِ‬ ‫أم ثَباتا ً فريدا ً ‍‬
‫مْنعها…‪ :‬البخاري[‪،‬‬ ‫دونها إلى رسول الله ‪ ‬لقاتل ُْتهم على َ‬ ‫كانوا ي ُؤَ ّ‬
‫جرت الكلب بأرجل أزواج رسول الله ‪ ‬ما‬ ‫و]والذي ل إله غيره لو َ‬
‫ت لواًء عَقده رسول الله‬ ‫جهه رسول الله ‪ ‬ول حلل ْ ُ‬ ‫جيشا ً و ّ‬ ‫ت َ‬ ‫َرد َد ْ ُ‬
‫‪ ،[‬ولو حصل معكم اليوم ما حصل معه فهل ت َث ُْبتون َثباته أم "لكل‬
‫حّرفون؟!‬ ‫حكم الجاهلية َتبغون وللنصوص ت ُ َ‬ ‫ن رجاله"؟ أفَ ُ‬ ‫زما ٍ‬
‫جدون أكثرية الديمقراطية‪ -‬ها هي أكثرية‬ ‫م ّ‬‫من ت ُ َ‬ ‫ها هي الكثرية – يا َ‬
‫ل جيش‬ ‫ح ّ‬ ‫من فيهم‪ -‬رأت أن ي ُ َ‬ ‫الصحابة – وفيهم من الفقهاء والعلماء َ‬
‫ب‬
‫ب وحده‪ ،‬ثم آ َ‬ ‫ت إل أبو بكر ‪ ‬وكان هو المصي َ‬ ‫أسامة‪ ،‬ولم ي َث ْب ُ ْ‬
‫جميعهم إلى رأيه الصائب‪ ،‬فما معنى أن َتعيب على مجاهدٍ مقاتل أنه‬
‫وحده؟‬
‫والحمد لله أنه ليس وحده؛ فمعه من إخوة العقيدة‪ ،‬ومن حلوة اليمان‪،‬‬
‫ومن سيرة نبيه الهادي المهتدي‪ ،‬ومن سيرة الصحب الكرام الصادقين‪،‬‬
‫ومن قصص العلماء الربانيين ما يَشد ّ أزره! إن شاء الله وحده‪.‬‬
‫س سوء‬ ‫س صالحون في نا ِ‬ ‫شُر‪) :‬طوبى للغرباء…نا ٌ‬ ‫مب َ ّ‬‫يكفينا هذا الحديث ال ُ‬
‫طيعُُهم(‪.‬‬‫صيهم أكثر ممن ي ُ ِ‬ ‫ن ي َعْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كثير‪َ ،‬‬
‫فرد‬ ‫كفينا أسوتنا ‪) ‬فوالذي نفسي بيده لقاتلنهم على أمري هذا حتى تَْن َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن الله أمره‪ :‬البخاري(‪.‬‬ ‫فذَ ّ‬ ‫وليُْن ِ‬‫سالفتي‪َ ،‬‬
‫وسنبقى ماضين على الطريق‪ ،‬مهما طالت‪ ،‬ومهما وجدنا من عملء في‬
‫وجوهنا‪ ،‬فالقضية أكبر إنه رب العالمين‪ ،‬وإنها جنة الفردوس‪ ،‬وسنبقى‬
‫سَلبوا مالي لن أركع‪،‬‬ ‫نردد ما ن َ ْ‬
‫دموا بيتي لن أركع‪ ،‬إن َ‬ ‫شأنا عليه‪ :‬إن هَ َ‬ ‫َ‬
‫ل أحبائي وأبي وأخي وأخلئي‪ ،‬إن أخذوا أمي أو أختي‬ ‫إن َقتلوا ك ّ‬
‫حالوهم كالشلء‪ ،‬لن أركع أبدا ً لن‬ ‫َ‬
‫وأ َ‬
‫أركع‪....‬قادمون‪...‬قادمون‪...‬قادمون‪....‬مسلمون ‪....‬مسلمون‪.‬‬

‫"الصلحات الجزئية" وخطورة النخداع بها‪:‬‬ ‫•‬

‫‪73‬‬
‫مِلناهنا؛ فهذا التزم‪ ،‬وتلك‬ ‫دنا كثيرا ً من ع َ‬ ‫‪5‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا أفَ ْ‬
‫جبت‪ ،‬والخير في زيادة‪ ،‬ولم تستفيدوا أنتم من القتال إل الويلت‬ ‫تح ّ‬
‫ة من‬ ‫ت‪ ،‬والحقيقة أن المجاهدين المقاتلين ثل ٌ‬ ‫والتراجع إلى الخلف سنوا ٍ‬
‫الفاشلين ضاقت عليهم الحياة أو انتكسوا مرارا ً في دراستهم أو‬
‫تجارتهم فلم يجدوا إل الجهاد راحة لهم‪ ،‬فالعيش في سبيل الله أصعب‬
‫بكثير من الموت في سبيل الله؟ فأين نتائج قتالكم؟!‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫ـ ماذا َينفع الغريق إن كان إصبعه جافًا؟‬
‫ك مغازلة النساَء أو آخَر‬ ‫ب ت ََر َ‬ ‫ـ كم هم سطحيون أولئك الذين ي َك ْت َُفون بشا ّ‬
‫ت عن أخرى ل إسلمية‪ ،‬أو‬ ‫غنَ ْ‬ ‫جَبت أو لعبةٍ إسلمية أَ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫التحى أو فتاةٍ ت َ َ‬
‫ة‬
‫ة‪ ،‬أو مجلةٍ حائطي ٍ‬ ‫سد ّ أخرى فاجر ٍ‬ ‫دت مَ َ‬ ‫‪ CD‬ألعاب إسلمية للصغار س ّ‬
‫ملهٍ ليليةٍ منتشرة‪ ،‬أو إعلم‬ ‫ل َ‬ ‫ظ للقرآن مقاب َ‬ ‫في مسجد‪ ،‬أو معهد تحفي ٍ‬
‫م البلد والعباد‪.‬‬ ‫شا وفسادٍ َيع ّ‬ ‫مفسد يبث آنيًا‪ ،‬وُر ً‬
‫كم هم سطحيون أولئك الذين ي َن َْتشون بإصلحات جزئية وَيغُفلون عما هو‬
‫أكبُر وأخطُر!؟‬
‫ن أطعم رجل ً لم يأكل منذ‬ ‫سعَد ُ أ ْ‬ ‫ة ذاك الذي ي َ ْ‬ ‫ـ بل ما أعمق )!!( سطحي َ‬
‫أسبوعين‪ ،‬وهناك آخُر بجواره غارقٌ يستغيث الناس أنقذوني أنقذوني؟‬
‫م به من إنجاز!‬ ‫َ‬
‫وأنعِ ْ‬
‫ة في الذاعة‬ ‫ن بنى مسجدا ً أو ألقى كلم ً‬ ‫ـ ما أعمق )!!( سطحية من يفرح أ ْ‬
‫كة! وهو‬ ‫هال ِ َ‬
‫ل في زاوية ميتة من جريدة حكومية َ‬ ‫سمح له بنشر مقا ٍ‬ ‫أو ُ‬
‫ل يكاد يفرغ للتفكير بالمسائل الِعظام‪.‬‬
‫ما ً فأتب ِعْ رأسها الذنبا‬ ‫شه ْ َ‬ ‫إن كنت َ‬ ‫ن ذنب الفعى وترسَلها‬ ‫ل تقطعَ ْ‬
‫أما من كان عاجزا ً عن قطع الرأس فعليه أن ي ُعِد ّ لقطع الرأس ل أن‬
‫ينشغل بقطع الذَنب‪ ،‬فكيف بمن ينشغل بالعداد لقطع الذنب! فكيف‬
‫بمن يترك العداد للقطع و يبدأ العداد ليدخل "كلية العلم" عسى أن‬
‫حذّر الناس من أخطار‬ ‫لي َ‬‫ُيسمح له يوما ً ما بقناةٍ فضائية بل قيد أو شرط ُ‬
‫الفعى وسبل الخلص منها‪ ،‬ولينشر آراءه وأفكاره السلمية؟‬
‫مه العداد‬ ‫فكيف ـ قل لي ـ بمن ل يفكر حتى بالعداد لقطع الذَنب وه ّ‬
‫طين بدل الحور العين ـ إن جاز التعبير ـ!؟ ‪‬وهم‬ ‫للزواج من حور ال ّ‬
‫سبون أنهم ُيحسنون صنعا ً‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫مون‬ ‫س ّ‬‫دفة في السواق تزيد أم تنقص؟ هل من ي ُ َ‬ ‫مه َ ّ‬
‫ـ وهل الكتب الدينية ال ُ‬
‫ب والندوات‬ ‫خط َ ُ‬ ‫بالدعاة يزيدون أم ينقصون؟ هل المحاضرات وال ُ‬
‫وأشرطتها تزيد أم تنقص؟ وبالمقابل هل الفساد والفساد يزيد ُ أم‬
‫ص؟ وبدقة أكبر‪ :‬أيّ النسبتين أكبر‪ :‬اقتراب الناس من الدين أم‬ ‫ينُق ُ‬
‫ابتعادهم؟‬

‫‪74‬‬
‫ج الواقعُ يناديه‪ :‬أيها المنهج إنك ل ت َِفي‬ ‫مقام على نه ٍ‬ ‫فأيّ معًنى إذا ً لل ُ‬
‫كم يا هؤلء ليس‬ ‫بالغرض؟ وكتاب الله يناديه ‪‬انفروا خفافا ً وثقال ً‪ ‬فد ََواؤُ ُ‬
‫بدواٍء يرضي الله‪ ،‬دواؤكم إن نفع فللتخدير ليس إل‪ ،‬وأما الشفاء فهذا‬
‫عنه بعيد‪.‬‬
‫َ‬
‫شأِتهم في المسجد منذ‬ ‫دنا السيطرةَ على سلوكهم رغم ن َ ْ‬ ‫ـ كم هم الذين َفق ْ‬
‫صغرهم‪ ،‬فقدناها لقوة قوى الفساد وقصور أو تقصير قوى الخير‬
‫والرشاد‪ ،‬تقصيرها بالخذ بذروة سنام هذا الدين!‬
‫ل بها خبيرًا‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫ل خبير‪ ،‬فَ َ‬ ‫أجل! فقدناها‪ ،‬والمثلة كثيرة‪ ،‬ول ي ُن َب ُّئك ِ‬
‫مث ْ ُ‬
‫فل معنى لتطويل القيـام‬ ‫مقام على حرام‬ ‫إذا كان ال ُ‬
‫سمحت‬ ‫ـ ول يخفى أن أكثر الحكومات تساهُل ً قد وضعت خط ّا ً أحمَر‪ ،‬ثم َ‬
‫ذج أن ي َْرَتعوا قبله ما شاؤوا‪ ،‬حتى إذا ما قاربوه أكلوا الضربة‬ ‫س ّ‬ ‫لل ّ‬
‫الحكومية قبل أن َيصلوا‪.‬‬
‫صّرون أن ُيعيد‬ ‫وسبحان الله! شاء أقوام أن ل يعتبروا من التاريخ فتراهم ي ُ ِ‬
‫الزمن دورَته‪ ،‬حتى يأكلوا الضربة تلو الضربة إلى التي قد تكون‬
‫ة!‬‫القاضي َ‬
‫ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬آلحكمة أن نسعى جاهدين لبلوغ الخط‬
‫الحمر أم لستئصاله؟!‬
‫دقون حقا ً أن "هندسة العمارة" سُتلغيه؟ أو أن القصص والروايات‬ ‫ص ّ‬ ‫وهل ت ُ َ‬
‫سفه؟ فما لكم كيف تحكمون؟!!!!‬ ‫ست َن ْ ِ‬
‫قنا ناس منذ عشرات السنين‪ ،‬فرفعوا‬ ‫سبَ َ‬
‫ت فقد َ‬ ‫ت ثم فعل َ‬ ‫ـ ومهما فعل َ‬
‫ت‬‫ل‪ ،‬وإن شئ َ‬ ‫شعار "الجهاد سبيلنا"‪ ،‬لكن كثيرا ً منهم لم ي ُط َّبقوه إل قلي ً‬
‫فقل‪ :‬طّبق أوائلهم كثيرا ً منه‪ ،‬ولكن ُانظر أين هم الن؟! سجين أو طريد ٌ‬
‫ك الله عنهم وهدانا وإياهم سواء السبيل؟!‬ ‫ظوٌر‪ ،‬ف ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫أو َ‬
‫ت بالمعروف‬ ‫مْر َ‬ ‫صن ّْفت وأ َ‬ ‫مت و َ‬ ‫مث َُلك الن مهما َرّبيت وهَذ ّْبت وعَل ّ ْ‬ ‫ـ فما َ‬
‫مث َُلك ـ في أحسن أحوالك‬ ‫ت المشاريع الخيرية ما َ‬ ‫ونهيت عن المنكر وأقم َ‬
‫مي ّا ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مع أودع السجن ظلما ً فرأى فيه أ ّ‬ ‫مس ِ‬ ‫دع وداعية عامل ُ‬ ‫مب ْ ِ‬‫ب ُ‬‫ـ إل كطبي ٍ‬
‫ل يكاد ُيبين فَعَّلمه ـ إذ هذا ما يستطيعه الن ـ فلما قيل له بعد َ ‪/10/‬‬
‫ي حتى‬ ‫ت هذا الم ّ‬ ‫د‪ ،‬وقد عّلم ُ‬ ‫ل ُاخرج قال‪ :‬ل! أنا ل أزال أ ُ ِ‬
‫ع ّ‬ ‫ض ْ‬‫سنوات‪ :‬تف ّ‬
‫غدا طبيبا ً داعية‪ ،‬وسيأتينا غدا ً مزيد ٌ من السجناء فُنعلمهم حتى نصل إلى‬
‫الدرجة المناسبة من العداد فنستطيع أن ُنخرج جميع السجناء من‬
‫؟!‬‫سر ‍‬ ‫َ‬
‫ال ْ‬
‫ي ـ مع أنه طبيب ـ ولو كان حقا ً صادقا ً‬ ‫نعم منطقنا كمنطق هذا السطح ّ‬
‫ب في ساقية القتال‪ ،‬ل كي َ‬
‫ف‬ ‫ص ّ‬‫و ما ي َ ُ‬ ‫لعّلمهم "كيف القتال؟" أ ْ‬
‫ة البيان ـ على أهمية التجويد والعربية ـ؟!‬ ‫ة لغ ُ‬‫تجويد ُ القرآن أو العربي ُ‬
‫حي ّهَل ً بالعلوم الشرعية الك َِفائ ِّية جميعها‪،‬‬ ‫اللهم إل إن انتهى من العداد فَ َ‬
‫ضْرب المستحيل‪.‬‬ ‫مع أن الجمع بينها وبين الجهاد القتالي ليس من َ‬

‫‪75‬‬
‫ل هذه حال الجيد العامل فيهم‪ ،‬ل ي َْفتأ ُ يردد‪ :‬ليس لنا مجال إل هذا‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬
‫أ َ‬ ‫ـ‬
‫ْ‬
‫من ل في العِْير‬ ‫الذي نحن فيه! ولهؤلء ُقل ول ت َت َل َك ّأ!‪ :‬صدقتم أنتم خير ِ‬
‫م ّ‬
‫ن رسولنا ‪ ‬نب َّأنا عن‬ ‫ول في النفير‪ ،‬ممن ل يعملون أصل ً للسلم‪ ،‬لك ّ‬
‫صَفَتها )يقاتلون(‪ ،‬فهل بحثتم عنهم؟ ومهما كانت‬ ‫الطائفة المنصورة وأن ِ‬
‫هبون‪ ‬أو‬ ‫ب في مجال‪ :‬ت ُْر ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫المجالت التي َتعملون فيها فانظروا‪ :‬هل ت َ ُ‬
‫ة للقتال ل للنكاح أو المهرجان أو الحتفال‪.‬‬ ‫دون" حقيق ً‬ ‫)ُيقاِتلون( أو "ي ُعِ ّ‬
‫ة في ِفنجان!‬ ‫إن حصيلة عمل هؤلء في أحسن أحواله ل يتعدى زوبع ً‬ ‫ـ‬
‫؟! حتى وإن سميناها زوبعة! قولوا لي‪ :‬ماذا‬ ‫وماذا تفعل مثل هذه الزوبعة ‍‬
‫تنفع هذه الصلحات الجزئية إذا كانت مقاليد المور ب ِي َدِ من ل يبالي‬
‫طهم الَعلماني اللديني؟‬ ‫خ ّ‬ ‫ة لنها في الواقع ل ت ُؤَّثر على َ‬ ‫كم َبال َ ً‬ ‫بإصلحات ِ ُ‬
‫دم هجرتهم من مكة قبل فتحها من يد‬ ‫َ‬
‫بل إن المسلمين الذين أِثموا بع َ‬ ‫ـ‬
‫ؤدة وهدوء عن طريق نشر‬ ‫دعوا بت ُ َ‬ ‫شْرك‪ ،‬هؤلء كانوا يستطيعون أن ي َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ف اليدي"‬ ‫الكتب والشرطة والمحاضرات تماما ً كما تفعل مدرسة "ك َ ّ‬
‫ول‬ ‫ة ـ أن الجهاد القتالي تح ّ‬ ‫ف ال ْب َت ّ َ‬‫اليوم!!! رغم اتفاق العلماء ـ بل خل ٍ‬
‫دم الذين قََبعوا في مكة‬ ‫ي على القل لعدم الك َِفاية‪ ،‬فماذا ق ّ‬ ‫اليوم إلى عين ّ‬
‫ة أنفسهم؟‬ ‫بعد هجرة رسولنا ‪ ‬إل أذي َ‬
‫نعم لك أن تقول‪" :‬إنني هنا ُأفيد وأعمل للسلم" لو كانت نتائجك على‬ ‫ـ‬
‫سك‬ ‫ت نف َ‬ ‫م َ‬ ‫مستوى الحداث‪ ،‬لك ذلك ما لم ُيوجب عليك ربك ـ الذي أسل ْ‬
‫ي أن أعمل هنا‬ ‫ب عليك سواه‪ ،‬وليس لك أن تقول‪" :‬عل ّ‬ ‫ج ْ‬ ‫إليه ـ ما لم ي ُوْ ِ‬
‫في بلدي بدعوتي السلمية دون أن أنظر إلى النتائج"؛ لن من ُيقاتل‬
‫جا ً بسلحه ثم يقول‪" :‬سأعمل ولن أبالي بسوء‬ ‫ج ّ‬‫مد َ ّ‬ ‫بسكينه عدوا ً ُ‬
‫فهم السلم؛ لنه ما أخذ بالسباب التي أمره‬ ‫ب ما َ ِ‬‫النتائج"‪ ،‬فهذا ول َري ْ َ‬
‫المولى بالخذ بها‪ ،‬بينما المقاتل في سبيل الله الذي يفعل ما أمره الله‪،‬‬
‫در استطاعته ‪‬وأعدوا لهم ةة ةةةةةةة من قوة‪ ‬ثم‬ ‫ويأخذ بالسباب ق ْ‬
‫صد‬ ‫ح ُ‬ ‫خاها فهذا ينال أجَره ولو لم ي َ ْ‬ ‫ج التي ت َوَ ّ‬ ‫يقاتل فُيقَتل أو ل ي ََنا ُ‬
‫ل النتائ َ‬
‫ماةِ جبل "ُأحد"‬ ‫ل مع ُر َ‬ ‫ص َ‬‫ح َ‬ ‫ج في الدنيا ـ مع وجود الخلص ـ كما َ‬ ‫النتائ َ‬
‫الذين ث ََبتوا لكنهم لم يَروا نتيجة عملهم وُقتلوا‪ ،‬فكم هو مسكين من‬
‫يقول‪ :‬قاِتل بالسيف في عصر الذرة ول تنتظر أو ل تَنْظر إلى النتائج؟!‬
‫جز عما سواه[‪.‬‬ ‫]اللهم إل إن ع َ‬
‫مْرنا بالهجرة والجهاد القتالي فل معنى لقولك‪" :‬أنا ُأفيد البلد‬ ‫ُ‬
‫فبما أننا أ ِ‬ ‫ـ‬
‫هنا" ‪‬أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن ‪....‬؟‪ ،‬ثم‬
‫إن ما تعمله هنا تستطيع عمَله في ذاك البلد السلمي تعّلما ً وتعليمًا‪ ،‬بل‬
‫ت أو‬ ‫إن ذاك البلد السلمي ـ إن ُوجد ـ لهو أشد ّ حاجة لمثالك طبيبا ً كن َ‬
‫ت "مكة " فعليك بـ‬ ‫جدب َ ْ‬‫ة من بلدك‪ ،‬وإذا أ ْ‬ ‫صيدليا ً أو كيميائيا ً … أشد ّ حاج ً‬
‫دنا ربنا بما مات عليه رسولنا ‪ ‬ل بما‬ ‫"المدينة" ‪-‬والواقع يؤيد‪ ،-‬وقد تعب ّ َ‬
‫م‬
‫مَ َ‬
‫ث على ب َْعث جيش أسامة! وهاقد ي َ ّ‬ ‫ل‪ ،‬وقد مات على الح ّ‬ ‫ُبعث به أو ً‬

‫‪76‬‬
‫س من مكة ثم إلى المدينة‪ ،‬وأنت ل تزال في هذه‬ ‫ما ي َئ ِ َ‬‫شط َْر "الطائف" ل َ ّ‬
‫المدينة!‬
‫َ‬
‫جد النتائج عندها نقول‪ :‬ل تْيئسوا ما‬ ‫م نَ ِ‬‫مَرنا الله به فل َ ْ‬ ‫ـ فإن كنا نفعل ما أ َ‬
‫دمتم ت ُط َّبقون أمر الله بالنفير‪ ،‬فقد ب َِقَيت الحروب الصليبية ‪ /90/‬سنة‬ ‫ُ‬
‫مغَْلق ل صلة فيه‪ ،‬وَنزع القرامطة الحجر السود ‪ /41/‬سنة من‬ ‫والقصى ُ‬
‫مكانه حتى قال الُقرمطي‪" :‬أين الطير البابيل"؛ وكذلك في عصرنا أ ّ‬
‫كد‬
‫مد‬‫من قبلهم ص َ‬ ‫الخبراء أن الحرب في الشيشان لن تزيد على ‪ /3/‬أيام‪ ،‬و ِ‬
‫"أهل البوسنة" العُّزل ووقفوا ل أمام الصرب بل أمام تآمر العالم كله‪،‬‬
‫ة‪ ،‬مات‬ ‫مي ّ ً‬
‫سل ِ‬ ‫من قبل هؤلء وهؤلء مات "حمزةُ " ‪ ‬ولم ي ََر دول ً‬
‫ة إِ ْ‬ ‫و ِ‬
‫من مات عند "النجاشي"‬ ‫جد َ النبي ‪ ،‬مات َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة بن ن َوَْفل" ولم ي ََر َ‬ ‫"وََرق ُ‬
‫وما رأوا انتشار السلم‪ ،‬لكنهم ما ت ََزعَْزعوا لنهم كانوا يفعلون ما أمرهم‬
‫ل‪" :‬ل تنتظر النتائج‬ ‫ل بالسكين في زمن الذ ّّرة ثم أقو َ‬ ‫ما أن أقات َ‬ ‫الله به‪ ،‬أ ّ‬
‫فل" فهذا ُزوٌر وت َل ْب ِي ْ ٌ‬
‫س!‬
‫حن َْين"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫بل إن النصر قد يتأخر لمعصية بعض القوم كما حدث في "أحد" و" ُ‬
‫ـ وعد إلى رقم ‪ 5‬من جواب "لماذا القتال الن؟" لترى إثبات عدم كفاية‬
‫العدادات السلمية لوحدها‪ ،‬وعد إلى جواب شبهة التربية اليمانية لترى‬
‫المزيد‪.‬‬
‫ي أحد المصلين يرتكب المنكرات فهل نطالبه بترك الصلة؟ لن‬ ‫ـ وإذا بق َ‬
‫كر‪ ،‬فهذا –على طريقتهم‬ ‫من ْ َ‬
‫الله قال‪ :‬إن الصلة تنهى عن الفحشاء وال ُ‬
‫في الستنباط – ل يَستفيد من صلته فْليتركها إلى عمل سواها!!!!‬
‫فلهؤلء المتناقضين نتوجه بسؤال دموي‪:‬‬
‫• ما هي ضوابط النجاح عندكم؟ * أو‪ :‬كيف نحكم على "فلن"‬
‫أنه ناجح أو فاشل؟‬
‫ـ هل النجاح بالشهرة؟ فإبليس إذا ً أكبر ناجح‪ ،‬و"مايكل جاكسون"‪ ،‬و"نزار‬
‫قباني"‪ ،‬من أكبر الناجحين؟‬
‫ملك أو المال أو المناصب؟ فـ"فرعون"‪ ،‬و"هامان"‪،‬‬ ‫ـ هل النجاح بال ُ‬
‫و"قارون"‪ ،‬و"صدام" من أكبر الناجحين!‬
‫مرّ رجل‬ ‫ب من الناجحين إذًا!! وقد ) َ‬ ‫سب؟ فأبو ل َهَ ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ـ هل النجاح بالنسب وال َ‬
‫على رسول الله ‪‬فقال لرجل عنده جالسٍ‪ :‬ما رأيك في هذا؟ فقال‪:‬‬
‫شفع أن‬ ‫ب أن يُنكح وإن َ َ‬ ‫ط َ‬‫ي إن خَ َ‬ ‫ر ّ‬ ‫رجل من أشراف الناس؛ هذا والله حَ ِ‬
‫مّر رجل فقال له رسول الله ‪ :‬ما‬ ‫فع‪ ...‬فسكت رسول الله ‪ ،‬ثم َ‬ ‫ش ّ‬‫ُي َ‬
‫رأُيك في هذا؟ فقال‪ :‬يا رسول الله! هذا رجل من فقراء المسلمين! هذا‬
‫مع‬
‫شّفع‪ ،‬وإن قال أن ل ُيس َ‬ ‫كح‪ ،‬وإن شَفع أن ل ي ُ َ‬ ‫خطب أن ل ي ُن ْ َ‬ ‫حرِيّ إن َ‬ ‫َ‬
‫مْثل هذا‪:‬‬ ‫من ِ‬ ‫لء الرض ِ‬ ‫م ْ‬‫من ِ‬ ‫لقوله‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :‬هذا خيٌر ِ‬
‫البخاري(‪ ،‬وفي روايةٍ أخرى للبخاري أن المسؤولين كانوا جماعة‪...) :‬ما‬
‫تقولون في‪.(...‬‬
‫‪77‬‬
‫ت؟ فـ"حمزة" الذي لم ي ََر فتح مكة من‬ ‫زرع َ‬
‫ْ‬ ‫صدِ نتائج ما‬ ‫ح ْ‬‫ـ هل النجاح ب َ‬
‫س والروم من‬ ‫الفاشلين؟!!!! و"أبو بكر" الذي لم ي ََر انهيار فار َ‬
‫الفاشلين؟!!! و"أبو أيوب النصاري" الذي لم ي ََر فتح "القسطنطينية" من‬
‫الفاشلين؟!!! و"السلطان محمود الزنكي" الذي لم ي ََر عودة القصى من‬
‫الفاشلين؟!! والله المستعان عندما تنقلب الموازين!‬
‫ابا فقال‪ :‬هاجرنا مع النبي ‪ ‬نريد وجه الله‪،‬‬ ‫خبّ ً‬
‫دنا َ‬ ‫وقد أخرج البخاري‪) :‬عُ ْ‬
‫فمنّا مَن مضى لم يأخذ من أجره شيئاً؛ منهم‬ ‫فوقع أجرنا على الله؛ ِ‬
‫دت‬ ‫طْينا رأسَه بَ َ‬ ‫مرةً‪ ،‬فإذا غَ ّ‬ ‫"مصعب بن عمير" ُقتل يوم أحد‪َ ،‬‬
‫وترَك َن ِ‬
‫طينا رجليه بدا رأسه(‪ ،‬ومراده لم يأخذ شيئا ً من أجره‬ ‫رجله‪ ،‬وإذا غَ ّ‬
‫الدنيوي‪.‬‬
‫س فانكسرت على‬ ‫ولو ت ََعاَقب ‪ 100‬رجل على صخرة ُيحاولون كسرها بفأ ٍ‬
‫ما السطحي فيرى هذا‪،‬‬ ‫يد آخرِ رجل فهل هو الناجح وكلهم فاشلون؟ أ ّ‬
‫لكن ذا الّنظرة العميقة يرى أن النتيجة هي تراكم جهود أولئك‪ ،‬وشاء‬
‫من شاء‪.‬‬ ‫الله أن يكون قِطافها على يد الخير‪ ،‬والله َيصطفي َ‬
‫دد رأسك؟ لكن محمد بن عبد الله‬ ‫ـ هل النجاح بأن تبتعد عن كل ما ي ُهَ ّ‬
‫الرسول الحكيم يرى خلف رأيك!!!! لنه يرى أن )أفضل الجهاد كلمة‬
‫حق عند سلطان جائر‪ :‬أحمد والحديث صحيح(‪ ،‬فهو عند رسول الله ‪‬‬
‫جه أنت في‬ ‫من أفضلهم‪ ،‬فكيف تتجرأ وت َُز ّ‬ ‫من الناجحين بل أفضُلهم أو ِ‬
‫زمرة المتهورين أو الفاشلين؟!!!‬
‫ت إل‬ ‫ـ هل النجاح أن تعمل بما تعلمتَه من علوم دنيوية للنفع العام فل تمو ُ‬
‫ي" لسنوات؟‬ ‫ت في "عيادتك"‪ ،‬أو صيدليتك"‪ ،‬أو "مكتبك الهندس ّ‬ ‫وقد عملْ َ‬
‫فـ"محمد عطا" صاحب الدراسات الراقية في "ألمانية" الذي ت ََرك‬
‫ت فقل‪ :‬استفاد‬ ‫دراسته جانبا ً وخطط للغزو إذا ً من الفاشلين؟ وإن شئ َ‬
‫مل دراساته العليا!‬ ‫صله حتى اللحظة عمليًا‪ ،‬لكنه لم ُيك ِ‬ ‫بما ح ّ‬
‫معونة" وهم صفوة الُقّراء زمنَ النبوة‪ ،‬قُِتلوا واحدا ً‬ ‫من قبله شهداء "بئر َ‬ ‫و ِ‬
‫ب لهم‪ ،‬فهل هؤلء من الفاشلين؟‬ ‫ص َ‬ ‫در ن ُ ِ‬ ‫ن من الغَ ْ‬ ‫كمي ٍ‬ ‫واحدا ً في َ‬
‫حّر القتل فيمن ت َب َّقى من الُقّراء‪ ،‬فكانوا إذا ً من‬ ‫ست َ َ‬
‫وفي حروب المرتدين ا ْ‬
‫المجاهدين ل القاعدين‪ ،‬وكونُ الرجل من "الُقّراء" في زمنهم كشهادة‬
‫ف بدرجة ممتاز جدا ً عندنا!!!‬ ‫شر ٍ‬
‫حد الديان؟ فمحمد‬ ‫ـ هل النجاح أن ندعم العولمة واندماج والحضارات وتو ّ‬
‫‪ ‬فاشل كبيرعندكم!! كيف ل وقد روى لنا المام البخاري في صحيحه‬
‫)ومحمد ٌ فَّرقَ بين الناس(؟ وأخرج أبو داود والحاكم في حديث صحيح‬
‫طمة‪ ،‬فإذا قيل‪:‬‬ ‫مْته ل َ ْ‬‫)‪...‬فتنة الد ّهَْيماء ل ت َد َعُ أحدا ً من هذه المة إل ل َط َ َ‬
‫انقضت َتمادت‪ُ ،‬يصبح الرجل فيها مؤمنًا‪ ،‬وُيمسي كافرا ً حتى َيصير‬
‫ن‪ ،‬ل ِنفاقَ فيه‪،‬‬ ‫ط إيما ٍ‬ ‫فسطا ِ‬ ‫فسطاطين‪ُ :‬‬ ‫الناس إلى ُ‬

‫‪78‬‬
‫ن فيه‪ ،‬فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من‬ ‫ق‪ ،‬ل إيما َ‬ ‫ط نفا ٍ‬ ‫فسطا ِ‬ ‫و ُ‬
‫يومه أو غده(‪.‬‬
‫درات‪ ،‬والشدائد‪ ،‬واللواء؟ فالنبياء‬ ‫مك َ ّ‬
‫ـهل النجاح بأن َتصفوَ حياُتك من ال ُ‬
‫عندك إذا ً ‪ -‬وحاشاهم‪ -‬من الفاشلين! لن )أشدّ الناس بلء الأنبياء ثم‬
‫سب دينه‪ :‬البخاري(‪.‬‬ ‫ل‪ُ ،‬يبَتلى الرجل على ح َ‬ ‫ل فالمث ُ‬ ‫المث ُ‬
‫أفلم ُيبتلى نوح بسخرية قومه؟ أولم ُيبتلى يعقوب بضياع ابنه؟ أولم ُيبتلى‬
‫يوسف بالعزيز‪ :‬امرأِته وسجِنه؟ أولم ُيبتلى زكريا ويحيى بقتله وحّز‬
‫شد ّ الحجر على بطنه؟ ثم أوََلم‬ ‫رأسه؟ أولم ُيبَتلى رسولنا وصحبه ب َ‬
‫شْرنا رسولنا بنصر ربه؟! )ل تزال طائفة من أمتي على الدين‬ ‫ي ُب َ ّ‬
‫ضرّهم مَن جَابههم إل ما‬ ‫ظاهرين‪ ،‬لعدوهم قاهرين‪ ،‬ل َي ُ‬
‫واء‪ ،‬حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك‪ :‬رجاله ثقات كما‬ ‫أصابهم من لَ ْأ َ‬
‫قال الهيثمي‪ ،‬والحديث حسن وله شواهد(‪.‬‬
‫مِنعوا من حقوقهم المدنية إذا ً‬ ‫ب ‪ /3/‬سنين‪ ،‬و ُ‬ ‫شع ِ‬ ‫شّهر بهم في ال ّ‬ ‫والذين ُ‬
‫هم جميعا ً من الفاشلين!‬
‫ـ هل النجاح أن تكون مع الكثرة الكاثرة؟ فالنبياء كلهم فاشلون بنظرك‬
‫وأي بشارة أحلى من هذا الحديث الصحيح‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ة في قومهم!‬ ‫لنهم كانوا قل ً‬
‫صيهم أكثر‬ ‫ن ي َعْ ِ‬
‫م ْ‬
‫س سوء كثير‪َ ،‬‬ ‫س صالحون في نا ِ‬ ‫)طوبى للغرباء…نا ٌ‬
‫طيعُُهم(‪.‬‬
‫ممن ي ُ ِ‬
‫شرات السنين تفكر‬ ‫ـ هل النجاح بأن تعمل كثيرا ً من الطاعات ثم بعد عَ َ‬
‫سَلم ثم دخل القتال فُقتل من الفاشلين؟ لكن‬ ‫َ‬
‫بالقتال؟ إذا ً فهذا الذي أ ْ‬
‫جَر كثيرًا(‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل قليل ً وأ ِ‬ ‫م َ‬‫الرسول ‪ ‬نبأنا مادحا ً له‪) :‬عَ ِ‬
‫ـ هل النجاح بمقدار المنجزات التي يحققها الفرد أو الجماعة أو الدولة‬
‫م‬‫لمته أو شعبه؟ لكن رسول الله ‪ ‬نّبأنا خلف ذلك فقال‪) :‬سََبق دره ٌ‬
‫م(! مع أن ‪ 100‬ألف درهم ُتطعم من الفقراء والمساكين‬ ‫مئة ألف دره ٍ‬
‫ل؛ لن له‬ ‫أكثر من درهم‪ ،‬ومع ذلك كان الدرهم أسبقَ والمتصدق به أفض َ‬
‫ما ذاك فكان عنده المال الوفير‪ ،‬فـ‬ ‫درهمين‪ ،‬فكأنه تصدق بنصف ماله‪ ،‬أ ّ‬
‫‪ 100000‬درهم ٍ ليست شيئًا؛ فيا هؤلء ل ت َغُّرّنكم المنجزات المادية‪.‬‬
‫ـ هل الناجح من كان ذا تلميذ كثيرة؟ أو ذا دروس كثيرة؟ أو ذا مجموع‬
‫ل؟ أو ذا شهادة دنيوية متميزة بدرجة متميزة؟‬ ‫عا ٍ‬
‫من َنجَح في امتحان الدنيا‬ ‫من رآه الله ورسوله ناجحًا؟ الناجح‪َ :‬‬ ‫ـ الناجح‪َ :‬‬
‫لدخول نعيم الخرة‪ ،‬ل َيختلف في هذا مؤمنان عاقلن؛ فأكبر طبيب‬
‫ت عليا‬ ‫ت عليا في الهندسات إلى شهادا ٍ‬ ‫جمع مع طبه شهادا ٍ‬ ‫جّراح إذا َ‬ ‫َ‬
‫في علوم الشريعة إلى ما تشاء من الخيال… لو كان كل هذا لغير الله‬
‫م‬ ‫فهذا فاشل‪ ،‬ولو قالت الدنيا بلسان إبليس‪ :‬إنه ناجح‪ ،‬ولو نال أكبر ك ّ‬
‫ونوٍع من شهادات المتياز‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫صل الليل بالنهار يتعبد الله بألوان النوافل تاركا ً‬ ‫جلس امرؤٌ ي ُ َ‬
‫وا ِ‬ ‫ـ ولو َ‬
‫للفرائض فهذا فاشل‪.‬‬
‫ـ والذي يأخذ بالسباب كلّها فيدرس مواده الدراسية على مدار السنة أول ً‬
‫ض يمنعه من الذهاب إلى المتحان‪ ،‬فهذا ناجح عند‬ ‫فأول ً ثم ُيفاجئه مر ٌ‬
‫العقلء‪ ،‬فاشل عن السطحيين ممن قَلبوا الموازين‪ ،‬أو انقلبوا مع‬
‫القاِلبين‪.‬‬
‫صّفة" ممن لم ينالوا حتى شهادةَ البتدائية‪ ،‬ولم يكن لهم‬ ‫ـ فهل "أهل ال ّ‬
‫ة‬
‫صّف َ‬‫د‪ ،‬بل لم يكن لهم بيت ُيؤويهم إل ُ‬ ‫ت مفروش ول غسالة ول بّرا ٌ‬ ‫بي ٌ‬
‫المسجد‪ ،‬ول أهل لهم ول مال ول أحد‪ ،‬بل لم يكن لديهم طعام‪ ،‬حتى إذا‬
‫ث بها إليهم‪ ،‬لكنهم جّندوا أنفسهم وحياَتهم‬ ‫ة ب َعَ َ‬
‫أتت الرسول صدق ٌ‬
‫ب العظام فاشلون؟‬ ‫ح ُ‬ ‫ومستقبَلهم لخدمة السلم‪ ،‬هل هؤلء الص ْ‬
‫أجيبونا!‬
‫إنهم لم َيجلسوا يضربون أخماسا ً لسداس لـ"تأمين مستقبلهم" الدنيوي؛‬
‫ت فل ت َْنتظر المساء‪ :‬البخاري‬ ‫لنهم ي ُط َّبقون عمليا ً ل لسانيا ً ]إذا أَ ْ‬
‫صبحْ َ‬
‫ب الناس لهم‪ ،‬بل لم ي َك َْترثوا‬ ‫من عَي ْ ِ‬ ‫جُلوا ِ‬‫من قول ابن عمر[‪ ،‬إنهم لم ي َوْ َ‬
‫إل برضا المولى عنهم‪ ،‬وكيف ذاك؟ إنه بمقدار خدمتهم للسلم‪ ،‬وقد‬
‫مئة‪ ،‬ومنهم أبو‬ ‫حلية" فزادوا على ال ِ‬ ‫سَرد أسماءهم "أبو ُنعيم" في "ال ِ‬ ‫َ‬
‫هريرة وهو من فقهاء الصحابة الكبار بل هو سّيد الحّفاظ‪ ،‬وله قصص‬
‫طريفة مع الجوع‪.‬‬
‫غوا أنفسهم لخدمة الدين أم لم تتيسر لهم‬ ‫صْرف النظر الن هل هم فّر ُ‬ ‫وب َ‬
‫"فرص العمل" في المجتمع فاضطروا؟ فهم في كلتا الحالين من‬
‫الناجحين‪ ،‬وليت أحدَنا يكون كمعشار "أبي هريرة" علمًا‪.‬‬
‫ـ بل الدق أن نقول اليوم‪ :‬إن ضابط النجاح هو بمقدار إعلء كلمة الله؛ لن‬
‫مْرجفين َيظهرون بمظهر الحكماء‬ ‫ذلين وال ُ‬ ‫خ ّ‬‫م َ‬‫خّلفين وال ُ‬ ‫م َ‬‫كثيرا ً من ال ُ‬
‫مَترّويين الخادمين للسلم والعاملين له؛ فالزخرفة السلمية‪ ،‬وتعليم‬ ‫ال ُ‬
‫مع لمسابقات‬ ‫أو تعّلم الخط السلمي‪ ،‬والجلوس ليام أو شهور وهو ي َ ْ‬
‫ج َ‬
‫ضّر" يومَ‬ ‫جَهالة ل ت َ ُ‬ ‫م ل ي َن َْفع و َ‬‫دق فيها‪" :‬عِْل ٌ‬ ‫اسمها "إسلمية" وأكثُرها َيصْ ُ‬
‫ة للدين!!!‬ ‫خدم ٌ‬ ‫الدين‪ ،‬كل هذا عند أولئك ِ‬
‫لذا فالدقة أن يكون المعيار اليوم‪ :‬مقدار إعلء كلمة الله؛ فأمريكة ل ُتمانع‬
‫ت َتفعل مثل هذا‪ ،‬بل تشجع مثل هذا من‬ ‫ْ‬
‫بل ل ت َأَبه بك مهما جلس َ‬
‫مّيات‪ ،‬فكل هذا لن ُيعيد شبرا ً واحدا ً من أراضينا المحتلة‪.‬‬ ‫سل ْ ِ‬
‫ال ّ‬
‫شانئين للمجاهدين المقاتلين قل لهم‪ :‬حسُبنا أننا استفدنا من‬ ‫ـ فلهؤلء ال ّ‬
‫مَرنا! فهل يقال‪ :‬لَ ْ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ضا مولنا عنا‪ ،‬حسُبنا أننا نطيع ربنا فيما أ َ‬ ‫القتال رِ َ‬
‫نستفد ْ من أمرك يا رب!!!!!‬

‫‪80‬‬
‫ج من بيته مهاجرا ً إلى الله ورسوله ثم ي ُد ْرِ ْ‬
‫كه‬ ‫من َيخر ْ‬ ‫ـ حسبنا قوله تعالى ‪‬و َ‬
‫الموت فقد وََقع أجره على الله‪ ،‬فأيّ وضوٍح بعد هذا؟ وقد مّر معنا من‬
‫قليل ما حكاه خّباب‪.‬‬
‫صْته فرسه أو‬ ‫صل في سبيل الله فمات أو قُِتل أو وَقَ َ‬ ‫من فَ َ‬ ‫ن) َ‬ ‫ـ حسبنا أ ّ‬
‫حْتف شاء الله‪ ،‬فإنه شهيد‬ ‫مة أو مات على فراشه بأي َ‬ ‫بعيره أو لدغته ها ّ‬
‫جدنا نتائج‬ ‫وإن له الجنة( أبو داود والحاكم وهو حسن‪ ،‬فسواٌء علينا وَ َ‬
‫مّنا الخرة‪.‬‬ ‫ض ِ‬
‫منا َ‬‫طاعتنا لمر ربنا في الدنيا أو ل ما د ُ ْ‬
‫ـ يكفي أن المجاهدين أينما كانوا ُيشعِرون المة بعزتها بعد هزيمتها النفسية!‬
‫م يستطع "الدب الروسي" هزيمة الفغان مع أن نسبة الفقر‬ ‫كيف ل؟ ول َ ْ‬
‫ج "روسية" من‬ ‫ن ـ أيّ برلمان ـ بوسعه إخرا ُ‬ ‫فيهم ‪ ،%90‬وهل كان برلما ٌ‬
‫بلد المسلمين؟ وسيفقأ التاريخ عيون المتخلفين عن الجهاد بنصرة عبادة‬
‫اليوم على أمريكة‪ ،‬وإن غدا ً لناظره لقريب‪) ،‬ولكنكم تستعجلون‪:‬‬
‫البخاري(‪ ،‬اللهم فنصرك الذي وعدت‪.‬‬
‫ما متى‬ ‫ح في الحديث‪ ،‬أ ّ‬ ‫ـ ستعود الخلفة ولو بعد حين وسُتفَتح رومّية كما ص ّ‬
‫فليست مهمَتنا‪ ،‬وإنما ك ُّلفنا بالعمل والنتائج لله؛ فكثير من الصحابة ُقتلت‬
‫ولم تَر النتائج‪ ،‬فقولوا ‪‬إني لجد ريح يوسف‪.‬‬
‫ـ وهكذا قال المنافقون فيما مضى‪ ،‬قالوا بعد غزوة "الّرجيع"‪ :‬يا ويح هؤلء‬
‫دوا رسالة‬ ‫كوا هكذ‍ا! ل هم أقاموا في أهليهم ول هم أ ّ‬ ‫المفتونين الذين هَل َ ُ‬
‫سِلموا ول هم استطاعوا إزالة الكفر الذي‬ ‫صاحبهم‪ ،‬وسيقولون‪ :‬ل هم َ‬
‫ُ‬
‫يحاربونه ول هم أقاموا دولة السلم …! سيقولونها كما قالوا بعد أحد‪:‬‬
‫]ارجعوا إلى دين آبائكم[‪ ،‬سيقولونها إن وقع مكروه أو تعّرض المجاهدون‬
‫للسجن أو التعذيب أو القتل سيقولون‪ :‬دعوها فإن هذا سبب هذه‬
‫جبك‬ ‫من الناس من ي ُعْ ِ‬ ‫المصائب أضاع مستقبلكم ولم تتحقق أمانيكم‪ ،‬و ِ‬
‫خصام‪ ،‬فقل‬ ‫قوله في الحياة الدنيا وُيشِهد الله على ما في قلبه وهو ألد ّ ال ِ‬
‫جانا الله منها‪.‬‬ ‫عدْنا في مِّلتِكم بعد إذ ن ّ‬ ‫لهم‪ :‬قد افترينا على الله كذبا ً إنْ ُ‬
‫ـ ‪‬يا أيها الذين آمنوا ل تكونوا كالذين كفروا وقالوا لخوانهم إذا ضربوا في‬
‫الرض أوكانوا غُّزى‪ :‬لو كانوا عندنا ما ماتوا وما ُقتلوا!! ِليجعل الله ذلك‬
‫حسرة في قلوبهم‪ ،‬والله ُيحيي ويميت‪ ،‬والله بما تعملون بصير‪.‬‬
‫ـ وهل يقال‪ :‬ماذا استفاد علي ‪ ‬من محاربة معاوية ‪‬؟ هل يقال‪ :‬ماذا‬
‫استفادوا من "ُأحد" ومن "َبلط الشهداء"؟‬
‫لخدود" الذين ا ُْلقوا جميعا ً كبارا ً‬ ‫ـ هل ُيقال‪ :‬ماذا استفاد مؤمنو "أصحاب ا ُ‬
‫وصغارا ً في أتون نارٍ في مقبرة جماعية!! ‪...‬هم الذين مدحهم ربنا في‬
‫"سورة البروج"‪.‬‬
‫ـ ماذا استفاد من قام إلى سلطان جائر فوعظه فقتله السلطان؟ إنه في‬
‫خَرق‪ ،‬فاقد للحكمة بعيد عن التزان! فل السلطان اتعظ‬ ‫نظركم متهور أ َ ْ‬
‫ول لحياته أبقى!‬

‫‪81‬‬
‫لكنه بنظر سيد الحكماء أفضل الجهاد! )أفضل الجهاد كلمة حق عند‬
‫سلطان جائر‪ :‬أحمد والحديث صحيح(‪ ،‬فإن لم تكونوا أمثال هؤلء البطال‬
‫سك َّتم وحفظتم ماء وجوهكم!‬ ‫فهل َ‬
‫ـ كم هم ساذجون أولئك الذين ي ُل َْقِلقون كالببغاوات قائلين‪ :‬ما أن انتهى‬
‫س المجاهدين فيما بينهم؟! كم هم ب َُلهاء!‬ ‫الجهاد الفغاني حتى صار بأ ُ‬
‫عملء خبثاء!‬ ‫وإن شئت فقل‪ُ :‬‬
‫كى عليه وحارب السلم بهذا المال‪،‬‬ ‫مَز ّ‬ ‫كيت ماَلك لفلن فارتد ال ُ‬ ‫فلو أنك ز ّ‬
‫دثَ ليس إل‬ ‫ت تترك الزكاة من أصلها أم تذم المنحرفين؟ وما حَ َ‬ ‫كنْ َ‬‫أفَ ُ‬
‫هزم الله على يدهم‬ ‫هم واحدة َ‬ ‫ن الله الكونية؛ إذ لما كانت ي َد ُ ُ‬ ‫سن َ ِ‬‫من ُ‬
‫حد انتصرنا‬ ‫حهم‪ ،‬فبالتوَ ّ‬ ‫هبَت رِي ْ ُ‬‫شلوا وذَ َ‬ ‫جيش روسية‪ ،‬فلما تنازعوا ف ِ‬
‫منا‪ ،‬وهيهات أن يؤديَ الجهاد إلى اختلف المسلمين!‬ ‫وبالتفرق هُزِ ْ‬
‫َ‬
‫م جهاد َ ‪ /13/‬سنة‪ ،‬ثم أَلم َيرتد ّ أحد ُ‬ ‫م اختلَفهم الن ول ي َذ ُ ّ‬ ‫والمنصف يَذ ُ ّ‬
‫سرْح[؟ أفَُيلم الرسول ‪ ‬لنه جعله‬ ‫ك ُّتاب الوحي ]عبد الله بن أبي ال ّ‬
‫كاتبا ً للوحي فيما مضى؟!!‬
‫دم روحه لعلء كلمة الله من أكبر الناجحين‪ ،‬ويكفينا أن سيد‬ ‫ـ إن من ق ّ‬
‫حيا! فل ُتبالوا إخوة‬ ‫الناجحين الرسول المين ود ّ لو ُيقَتل مرارا ً ثم ي ُ ْ‬
‫طبتم وطاب جهادكم‪ ،‬والله معكم ولن ي َِتركم أعمالكم بإذن الله؛‬ ‫الجهاد‪ِ ،‬‬
‫ت ناجح‪ ،‬وإن‬ ‫ت فأن َ‬ ‫جن ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫ت لجل دينك فأنت ناجح‪ ،‬وإن ُ‬ ‫حْق َ‬ ‫فإن ُلو ِ‬
‫ف اليدي" بالتهور فأنت ناجح‪ ،‬وإن‪ ...‬وإن ‪....‬وإن‬ ‫مْتك مدرسة "ك ّ‬ ‫س َ‬ ‫وَ َ‬
‫مت أنوفهم فأنت ناجح! فاسأل الله الَقبول‪.‬‬ ‫َرِغ َ‬
‫ت فيهم‬ ‫ت الخارجين إلى ساحات الجهاد لرأي َ‬ ‫ص َ‬
‫ح ْ‬ ‫ـ وبعد هذا‪ ...‬لو أنك َتف ّ‬
‫عظماء الناجحين – بنظر السطحيين – ففيهم الطبيب‪ ،‬والمهندس‪،‬‬
‫طروا بآثارهم‬ ‫س ّ‬ ‫ُ‬
‫والكيميائي‪ ،‬والزراعي‪ ،‬والتاجر‪ ،‬والخبير‪ ،‬فيهم أناس َ‬
‫كتبا ً في العلوم العسكرية ل نزال حتى الن نستفيد منها‪ ،‬وحسبك أن‬
‫مب َْلغ افتراء‬ ‫تنظر تراجم المجاهدين من نوافذ "النترنت" لترى َ‬
‫مفترين‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫ذلين‪ :‬الحمد لله أنكم اعترفتم على القل بأن‬ ‫خ ّ‬‫م َ‬ ‫ـ وفي الختام أقول لل ُ‬
‫ل للفاشلين‪ ،‬بمعنى أنه ي َُغطّي على الفشل وُيعيد‬ ‫من َْفذ ٌ فَّعا ٌ‬ ‫الجهاد َ‬
‫دت به‬ ‫ل ما َ‬
‫شه ِ َ‬ ‫السعادة لمن فشلت معه علجات أهل الدنيا‪ ،‬والفض ُ‬
‫جي‬ ‫ب من أبواب الجنة‪ ،‬ي ُن َ ّ‬ ‫ح أن )الجهاد في سبيل الله با ٌ‬ ‫العداء‪ ،‬فقد ص ّ‬
‫م( أحمد والحاكم والحديث صحيح‪ ،‬وصدق رسول‬ ‫الله به من الهم والغَ ّ‬
‫الله‪.‬‬
‫ب‬
‫ـ ولعلها من سعادة المرء اليوم أن يرزقه الله الفشل في دراسةٍ ل تص ّ‬
‫في ساقية الجهاد أو في تجارة أو في زراعةٍ لتكديس الموال عساه‬
‫تنقطع شهوته من هذه الدنيا فيتجه إلى ساحات الجهاد‪ ،‬حتى إذا ما ذاق‬
‫لذة الجهاد‪ ،‬وحلوة القرب من الله‪ ،‬وَنشوة البذل لعلء كلمة الله صار‬
‫مع الجهاد كالسمكة مع الماء ل ُيمكنها العيش دونه‪ ،‬كيف ل وقد استعذب‬
‫‪82‬‬
‫منعك‬ ‫منعني فأعطاني‪ ،‬فـ"ربما َ‬ ‫حلوته؟ وعندها يقول‪ :‬الحمد لله الذي َ‬
‫فأعطاك‪ ،‬وربما أعطاك فمنعك"‪.‬‬
‫ط‪،‬‬‫ب من الموت في سبيل الله ق ّ‬ ‫ولكن ما كان العيش في سبيل الله أصع َ‬ ‫ْ‬ ‫ـ‬
‫ة سخيفة من باب الفلسفة الكلمية‪َ ،‬يضحك قائلها‬ ‫وتلك المقولة شبه ٌ‬
‫ف نظره؛ فكم الفرق شاسعٌ بين‬ ‫على نفسه‪ ،‬وُيبدي عن قلة علمه‪ ،‬وضع ِ‬
‫ش ليموت وبين من يَموت ليعيش غيره؟! فأولئك مهما فعلوا‬ ‫من يعي ُ‬
‫دلت عالية في الكليات فنهايتهم الموت‬ ‫وأنتجوا من روايات وقصص ومع ّ‬
‫ة في حماية المستضعفين من أبناء المسلمين‪،‬‬ ‫لكنهم لم ُيساهموا حقيق ً‬
‫ب روحه ليعيش غيره!‬ ‫ي يَهَ ُ‬
‫ن المجاهد العمل ّ‬ ‫بيد َ أ ّ‬
‫والله الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم مقابل الجنة هل لعيشهم في‬
‫سبيل الله أم لخوضهم حياض الموت في سبيل الله؟‪‬إن الله اشترى من‬
‫سهم وأموالهم بأن لهم الجنة‪ ،‬فالجنة مقابل ماذا؟ ‪ُ‬يقاتلون‬ ‫المؤمنين أنف َ‬
‫في سبيل الله فَيقُتلون وي ُْق َتلون‪ ،‬وليس مقابل‪َ :‬يعيشون في سبيل الله‪.،‬‬
‫وهو تعالى َتكّفل ‪‬والذين ُقتلوا في سبيل الله فلن ُيضيع أعمالهم * سي َْهديهم‬
‫وُيصِلح بالهم * وُيدخلهم الجنة عّرفها لهم‪ ،‬فهل تكّفل بهذه الصراحة لمن‬
‫عاشوا!!!‬
‫وقد مّر بنا أجٌر كبيٌر جدا ً أعده الله للمجاهدين والمرابطين والشهداء‪ ،‬فإن‬
‫ل بزعمكم فهيا أرونا صدقكم وإنصافكم‪ ،‬فهل رأيتم عاقل ً‬ ‫كان هذا أسه َ‬
‫َيترك السهل ذا الجر الوفير الذي ل ُيدانيه أجٌر آخر إلى الصعب؟!‬
‫والرسول المين تمنى لو ُيقتل مرارا ً في سبيل الله‪ ،‬ورّبى تلميذه على‬
‫التسابق إلى الموت في سبيل الله‪ ،‬فهل كان يرشدهم إلى الدنى أم إلى‬
‫العلى؟ فإذا كان العيش في نظركم أصعب من الموت في سبيل الله‬
‫فهل تسابقتم إلى السهل كتسابق تلميذ أبي القاسم إن كنتم صادقين؟‬
‫ص سيرتهم بالجهاد القتالي فهل ملتم حياتكم ولو‬ ‫فالرسول وصحبه َتغ ّ‬
‫ف سنة بجهاد ٍ قتالي؟ فليتكم تعيشون حياتكم كما عاشها النبي‬ ‫نص َ‬
‫وصحبه؛ كّلها من غزوة إلى غزوة‪ ،‬أفلم يكن عيشهم –على حد ّ تعبيركم‪-‬‬
‫في سبيل الله أم أنكم أنتم فقط الذين تعيشون في سبيل الله؟ فسبحان‬
‫قاسم العقول‪.‬‬
‫من ُيرابط تاركا ً أهله وماله وزوجه كمن هو جالس في دفء بيته أيام‬ ‫وهل َ‬
‫الشتاء‪ ،‬أو في برد المكّيفات أيام الصيف؟ هل من ينام ملء جفنيه كمن‬
‫َيسهر لينام غيره ممن خلفه؟‬
‫أوليس المجاهد قد تصيبه رصاصة تشّله أو مرض عضال ُيقِعده‪ ،‬أو ُتقطع‬
‫شكم الذي نراه بين‬ ‫رجله أو يده أو ت ُْفقأ عينه؟ فأيهما أسهل هذا أم عي ُ‬
‫صّفر؟‬‫م َ‬‫مر وال ُ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬
‫جبات اللحم والشحم‪ ،‬وال ُ‬ ‫الدعوات إلى و َ‬

‫‪83‬‬
‫ولم نسمع أحدا ً سمى بهذه التسمية‪ :‬العيش في سبيل الله!!! لن "في‬
‫صل ً‬
‫سبيل الله" مصطلح شرعي ُيراد منه الجهاد القتالي كما مّرمعنا مف ّ‬
‫في المقدمة‪.‬‬
‫وحتى لو كان العيش الذي تزعمونه أصعب من الموت فل يعني هذا أنكم‬
‫عفيُتم من السهل لن الله فرض علينا السهل –بزعمكم‪ -‬واتفق الفقهاء‬ ‫أُ ْ‬
‫على تحوله إلى فرض عين في أيامنا‪.‬‬

‫ن الجهاد بالمال اليوم أهم من النفس‪ ،‬فحسُبنا‬ ‫‪6‬ـ فإن قالوا‪ :‬لك ّ‬
‫أن نجاهد بأموالنا! فقل لهم‪:‬‬
‫ـ بل الجهاد بالنفس أهم بدليل آية الصفقة الرابحة‪ :‬إن الله اشترى من‬
‫سهم وأموالهم بأن لهم الجنة‪ ،‬فبدأ بالنفس عند الشراء‪،‬‬ ‫المؤمنين أنف َ‬
‫وهي الية الوحيدة الفريدة‪ ،‬بينما في سائر اليات الخرى –وهي عشر‪-‬‬
‫ض‬
‫ل أر َ‬ ‫بدأ بالمال قبل النفس؛ لنه يَسبق الجهاد بالنفس زمنيًا‪ ،‬فلن تص َ‬
‫من‬ ‫القتال دون مال ]طائرة‪ ،‬سيارة‪ ،‬بعير…[‪ ،‬ول ريب أن خير الجهاد َ‬
‫خرج بماله ونفسه فلم يرجع منهما بشيء‪ ،‬كما في الحديث‪ ،‬وكلمنا هذا‬
‫إذا كانت الواو أصل ً ُتفيد الترتيب عند اللغويين‪ ،‬فالواو ل تفيد الترتيب‪،‬‬
‫ذلين َيحتجون بما يشاؤون وقَتما يشاؤون‪ ،‬وتراهم بما َيحتجون‬ ‫مخ ّ‬ ‫لكن ال ُ‬
‫َيقتنعون‪.‬‬
‫ـ والواقع يقول‪ :‬إننا بحاجة إلى الرجال‪ ،‬ولو كان الجهاد فرض كفاية لكان‬
‫ما في فرض العين فـ ‪‬انفروا خفافا ً وثقال ً‪‍ ،‬و‪‬إل‬ ‫ي بالمال‪ ،‬أ ّ‬‫لك أن تكتف َ‬
‫دم على الصلة عند‬ ‫تنفروا ي ُعَذ ّْبكم عذابا ً أليما ً‪ ،‬وعندما ي َت َعَّين الجهاد ُ ُيق ّ‬
‫الثلثة إل الحنابلة‪ ،‬فل ُيغني دفع المال عن الجهاد بالنفس كما أنه ل‬
‫ي عنه "ُفلن"؛ لن الجهاد‬ ‫ُيغني دفع مبلغ من المال ليصوم عنه أو يصل َ‬
‫ض عين لم ي َُعد بينه وبين سائر الفرائض من صلة وصيام‬ ‫إذا صار فر َ‬
‫و… أيّ فَْرق‪.‬‬
‫ن ‪ ‬أن ي َت َب َّرع بماله عن الخروج بنفسه في غزوة‬ ‫ـ وهل أغنى عثما َ‬
‫ف" ‪ ‬عن الخروج‬ ‫ن عَوْ ٍ‬‫الُعسرة هذه؟! وهل أغنى "عبد الرحمن ب َ‬
‫بنفسه في غزوات المسلمين؟ وهل استدل أحد ٌ من الصحابة في‬
‫الفتوحات السلمية بما استدللتم به ليتخّلفوا عن الحرب؟!‬
‫سنان والمال‬ ‫دنون ]الجهاد بال ّ‬ ‫ـ ورغم أنهم بأنواع الجهاد إل القتالي ي ُد َن ْ ِ‬
‫واللسان والَبنان[ فهل يا ُترى بأموالهم كّلها أو نصفها يتصدقون‪ ،‬أم أنهم‬
‫خرون‪ ،‬وعلى أهليهم‬ ‫سع أعشارها ي َد ّ ِ‬ ‫مّنون‪ ،‬ول ِت ِ ْ‬ ‫مَرّتباتهم على الله ي َ ُ‬ ‫شر ُ‬‫بع ُ ْ‬
‫سون ثم يقولون‪ :‬نحن أيها الناس‬ ‫سهرات ل ين َ‬ ‫ُينفقون‪ ،‬ولنصيب ال ّ‬
‫مجاهدون مجاهدون مجاهدون!!!‬

‫‪84‬‬
‫ل‬ ‫اخرج إل من بلد الشام‪ ،‬ل َِف ْ‬
‫ضِلها‪ ،‬وفض ِ‬
‫‪7‬ـ فإن قالوا‪ُ :‬‬
‫صَمِتها من الفتن‪ ،‬والعم ُ‬
‫ل‬ ‫الرباط فيها‪ ،‬وتبشير الرسول ‪ ‬بعِ ْ‬
‫لفلسطين أولى وأفضل مما سواها‪ .‬فقل لهم‪:‬‬
‫ـ لكن الصحابة تركوا "مكة" و "المدينة" فضل ً عن "بلد الشام" للغزو في‬
‫مَز كذا شهرا ً في الثلوج‪ ،‬وخيُر‬ ‫سبيل الله‪ ،‬وحاصر ابن عمر ‪ ‬را َ‬
‫مهُْر ُ‬
‫دي هد ْيُ السلف الصالح )كلما سمع هَي َْعة أو فَْزعة طار إليها…‪:‬‬ ‫اله ْ‬
‫مسلم(‪ ،‬ثم إن صفة الطائفة المنصورة )…يقاتلون…(‪ ،‬فهل أنتم‬
‫؟! وهل‬ ‫تقاتلون بل هل أنتم بما تفعلون هنا مرابطون؟ وما هو الرباط ‍‬
‫؟! إذا ً فل ي َب ُْعد أن تكون "تركية"‬ ‫كنافه ‍‬‫دس أو أ َ ْ‬ ‫ق ِ‬‫أنتم الن في بيت المَ ْ‬
‫و"اليونان" من أكناف بيت المقدس أيضًا! وأكاد أجزم أنه لو تي ّ‬
‫سر‬
‫جُتكم ـ آنذاك‬ ‫مل في دولة ث َرِّية ل َط َّلق بلد الشام ثلثًا‪ ،‬و ُ‬
‫ح ّ‬ ‫لحدكم عَْقد ُ ع َ‬
‫َ‬
‫ل‪.‬‬‫م ْ‬‫معون المال للعداد في سبيل الله …! فَت َأ ّ‬ ‫ج َ‬‫ـ أنكم ست َ ْ‬
‫ن فلسطين أولى وأفضل من غيرها! إن قتال اليهود أولى من‬ ‫ت! إ ّ‬‫صد َقْ َ‬
‫ـ َ‬
‫ب‬‫ل‪ ،‬ولكن الله يريد منا قتاَلهم وأنتم تريدون تصنيف كت ٍ‬ ‫قتال الروس مث ً‬
‫تشرح تاريخ فلسطين! الله يريد منا النفير وأنتم تريدون التثاقل إلى‬
‫الرض! وحتى تخدعوا الّرعاع تقولون‪ :‬نحن نعمل لفلسطين! فهل‬
‫سر؟ إن الحكومات تسعى جاهدة لمنعه‪.‬‬ ‫القتال في فلسطين متي ّ‬
‫ـ يا عُّباد فلسطين أخبروني! لو هجم العدو على أرض أل يجب بالجماع‬
‫ب‬
‫ج َ‬‫جْزنا وَ َ‬
‫النهوض لقتالهم وإخراجهم؟! فالفرض هو القتال‪ ،‬فإن عَ َ‬
‫العداد ُ لهذا الفرض ]القتال[‪.‬‬
‫ت فلسطين‬ ‫ـ ولما سئل الشيخ "عبد الله عزام" رحمه الله‪ :‬كيف ترك ْ َ‬
‫ت تقاتل في أفغانستان؟ فأجاب‪ :‬مسجدك إن‬ ‫ح َ‬ ‫وأنت ابن فلسطين ور ْ‬
‫م هل تترك الصلة حتى ي ُْبنى أم تذهب وتصلي في مسجد آخر؟‬ ‫تهد ّ َ‬
‫كشمير… ريثما ُيصَلح المسجد أو ريثما تستطيع أن‬ ‫بوسنة‪ ،‬شيشان‪َ ،‬‬
‫ُتصلحه بنفسك‪ ،‬وعندها تعود‪.‬‬
‫الناس يَعيبون علينا جهادنا في أفغانستان وترك القدس ولكننا كلنا أبناء‬
‫فلسطين‪ ،‬والفرق بيننا وبينهم أننا عندما ُأغلقت البواب في وجهنا بحثنا‬
‫عن أرض ُتعيد نور جذوة الجهاد في نفوسنا‪ ،‬حتى إذا فتحها الله رجعنا‬
‫إليها‪ ،‬وذلك خيٌر من أن نبقى بعيدين عن الجهاد‪ ،‬والذين يظنون أن‬
‫ضّرة لفلسطين فهؤلء واهمون‪.‬‬ ‫أفغانستان مُ ِ‬
‫ماذا يقدم الذين يشتاقون لفلسطين ويَعيبون علينا تركها وعملنا في‬
‫دّربون أنفسهم‬ ‫أفغانستان؟ فاليهود إذ أرادوا فلسطين ظلوا ‪ /50/‬سنة يُ َ‬
‫ً‬
‫وهم أبناء العشرين‪ ،‬وشكلوا فيلقا ُ في الحرب العالمية الثانية ليأخذوا‬
‫حنكة الحرب‪ ،‬ثم جاؤا إلى فلسطين‪ ،‬نحن نحب فلسطين وننظر إلى‬
‫الجهاد فيها دون تفريق بين القاليم‪ ،‬فماذا أعدوا هم لفلسطين؟‬

‫‪85‬‬
‫دم لديننا‬ ‫ق ّ‬ ‫قَعدين ل نُ َ‬ ‫ما هي إل أيام ونتزوج ونتعلق بالولد ثم نجد أنفسنا مُ ْ‬
‫شيئا ً‪.‬‬
‫ة قَِتالية حقيقية ضد اليهود لقلنا لهم‪ :‬صدقتم والله هاهنا‬ ‫جب ْهَ ٌ‬‫حت َ‬ ‫ـ فلو فُت ِ َ‬
‫أولى مما سواها ولكن هل ُيقاَرن السيف بالعصا؟ هل نقارن الـ ‪ RBJ‬بـ‬
‫جر خيٌر من الكلم دون الفعال‪.‬‬ ‫الحجر؟! والح َ‬
‫ة في مكان من الرض‪ ،‬وأردنا أن‬ ‫ة جبهة إسلمية ال ْب َت ّ َ‬ ‫ـ نعم لو لم تكن ث َ ّ‬
‫م َ‬
‫نفتح جبهات بعدد الراضي المحتلة فأ َْولها ول شك بيت المقدس‪ ،‬لكن‬
‫ة‬
‫إن استطعنا في مكان غيره أفنترك القتال بحجة العداد لفتح جبه ٍ‬
‫ح‬‫شَر ُ‬‫إسلمية ببيت المقدس؟ وكيف؟! بتأليف الكتب والـ ‪ CD‬التي ت َ ْ‬
‫حّرر فلسطين؟ أم بالذهاب إلى "المدينة"‬ ‫تاريخ فلسطين؟! أهكذا ت ُ َ‬
‫للعداد ثم نعود إلى "مكة" للفتح كما فعل رسولنا ‪‬؟!‬
‫خت ُ َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬
‫حّرر فلسطين؟ وهل أ ْ‬ ‫ـ هل قال َرّبنا‪ :‬ل تقاتلوا في أي بقعة حتى ت ُ َ‬
‫ة أكثر أهمية من البوسن ِي ّةِ أو الطاجيكية أو‬ ‫ة أو الفلسطيني ُ‬ ‫الردني ُ‬
‫ددون ـ بلسان حالكم‬ ‫الفغانية؟ فأنتم ُرغم صراخ نساء المسلمات ت َُر ّ‬
‫على القل ـ نحن نعمل لفلسطين! وما الفرق عند الله بين مصر‬
‫والفلبين؟ فالرض لله ويجب أن تكون لعبادة الله‪.‬‬
‫ة‬
‫حت جبهة إسلمية صافي ُ‬ ‫بل أكاد أجزم أنكم يا عُّباد فلسطين‪ :‬حتى لو فُت ِ َ‬
‫كم‪ :‬نحن ندعم‬ ‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬‫جةُ ك ُ ّ‬ ‫ح ّ‬‫الراية في فلسطين لب َِقيتم في بلدكم‪ ،‬و ُ‬
‫الجبهة القتالية إعلميا ً وماليا ً‪ ،‬وأقول‪ :‬أخبرونا! أنتم أنتم أنفسكم ماذا‬
‫سرِ الجهاد الكلمي والتعَبوي ـ على حد تعبيركم ـ‬ ‫كنتم تفعلون قبل ت َي َ ّ‬
‫في هذه اليام؟‪ ،‬أين كنتم قبل أن يتيسر لكم دعم النتفاضة عن طريق‬
‫القنوات الحكومية؟ ل ريب في أحضان زوجاتكم؟ أو في العداد‬
‫للجلوس في أحضان زوجاتكم! وعذرا ً فالحق أحق أن ُيقال!‬
‫ولكـن في الهزيمة‬ ‫ت نفسـي‬ ‫جّرب ْ ُ‬
‫وفي الهيجاء ما َ‬
‫كالغــزال‬
‫وأَحمـي ظهورهم‬ ‫مس في الوغى شجعان قومي ‍‬ ‫ُ‬
‫ح ّ‬ ‫أ َ‬
‫عند النـزال‬
‫وَيفقـس بيضتين على‬ ‫م يَـشق المـاء شقـا ً‬ ‫ولي عَزْ ٌ‬
‫التوالـي‬
‫ي َِفّر عـدّوهـا قبـل‬ ‫مزِّية الشجعـان مثلــي‬ ‫وتلك َ‬
‫النــزال‬
‫ضيُتم من الدنيا بالقليل اليسير وأنفقتم ما سواه‬ ‫ـ ولو كنتم صادقين حقا ً ل ََر ِ‬
‫في وجوه جهادكم المزعوم‪ ،‬ولعلكم تَرون أنفسكم حكماء تعملون على‬
‫مْزَرعوا ]= الذهاب إلى‬ ‫سَهروا وت َت َ َ‬ ‫المدى الطويل‪ ،‬فل بأس أن ت َ ْ‬
‫ما‬
‫عناء الجهاد‪ ،‬أ ّ‬ ‫المزارع[ وترتادوا النوادي لّلهو والتسلية عما تلقونه من َ‬

‫‪86‬‬
‫ض الشيء أو أن "زماننا غير‬ ‫عين بع َ‬ ‫سّر ِ‬ ‫مت َ َ‬‫الرسول ‪ ‬وصحُبه فكانوا ُ‬
‫زمانهم"!!!‬
‫َ‬
‫سب نفسه كـ "صلح الدين" ي ُعِد ّ لحرب الصليبيين وما أد َْر َ‬
‫ك‬ ‫ضهم َيح َ‬ ‫ـ وبع ُ‬
‫ب في ميادين القتال‪ :‬ت َعَّلم الرماية‬ ‫ص ّ‬ ‫أن إعداد "صلح الدين" كّله ي َ ُ‬
‫ب في الجيوب و"الكروش"!‬ ‫ص ّ‬ ‫والدبابات والطيران … بينما إعدادكم ي ُ‬
‫شهِ وعيشكم‪ ،‬فَِلسطينكم بالكلم والسهرات والصور‬ ‫وقاِرن بين عَي ْ ِ‬
‫حرقة والعمل ليل ً نهارًا!‬ ‫وفَِلسطينه بال ُ‬
‫القدس ل ترجع بالكلم إنما بالعمل‪ ،‬حتى إذا علم الله منا صدقا ً فَتحها لنا‪،‬‬
‫ل بد من فرائض نطبقها على أنفسنا كفريضة العداد )أل إن القوة‬
‫الرمي(‪.‬‬
‫ـ راجع فِْقرة "زماننا غير زمانهم" رقم ‪ 5‬لترى هل إعدادك المزعوم في‬
‫بلدك من أجل فلسطين مشروع أم أنك حقا ً مخدوع! وراجع فقرة‬
‫"الصلحات الجزئية"‪.‬‬
‫ت وجب‬ ‫جْز َ‬‫ـ فإن احت ُّلت أرض إسلمية وجب الخروج لقتال المحتل‪ ،‬فإن عَ َ‬
‫العداد للقتال‪ ،‬فإن لم يتيسر لك العداد فالهجرة إلى مكان ت ُعِد ّ فيه‬
‫لتعود مطهرا ً الرض من الكافرين أو المرتدين‪.‬‬
‫ل العلماء في الهجرة وحكمها وضوابطها‪:‬‬ ‫وإليك أقوا َ‬ ‫•‬

‫ب الهجرة من بلد قد َفتحه‬ ‫ج ُ‬ ‫‪1‬ـ فتح الباري ‪ 6/308‬ـ دار المعرفة‪] :‬فل ت َ ِ‬
‫َ‬
‫حد ُ ثلثة‪ :‬الول‪:‬‬ ‫من به من المسلمين فَأ َ‬ ‫ما قبل فتح البلد ف َ‬ ‫المسلمون‪ ،‬أ ّ‬
‫قادر على الهجرة منها ل يمكنه إظهاُر دينه ول أداءُ واجباته‬
‫فالهجرة منه واجبة‪ ،‬الثاني‪ :‬قادٌر لكنه ُيمكنه إظهار دينه وأداء واجباته‬
‫ن من‬ ‫فمستحبة لتكثيرِ المسلمين بها ومعونتهم‪ ،‬وجهادِ الكفار‪ ،‬والم ِ‬
‫سر أو‬ ‫َ‬ ‫غدرهم‪ ،‬والراحةِ من رؤية المنكر بينهم‪ ،‬الثالث‪ :‬عاجز ب ِعُ ْ‬
‫ذر من أ ْ‬
‫مل على نفسه وتكّلف الخروج‬ ‫ح َ‬‫ض أو غيره فتجوز له القامة فإن َ‬ ‫مَر ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه‬ ‫جَر[‪ ،‬وفي ‪] :7/229‬وقد أفْ َ‬ ‫منها أ ِ‬
‫السماعيلي بلفظ‪ :‬انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله‪ ‬ول‬
‫ل الكفار؛ أي ما دام في الدنيا ك ُْفٌر‪ ،‬فالهجرة‬ ‫تنقطع الهجرةُ ما ُقوت ِ َ‬
‫سلم وخشي أن ُيفتن عن دينه‪ ،‬ومفهومه‬ ‫َ‬
‫واجبة منها على من أ ْ‬
‫در أن يبقى في الدنيا دار كفر أن الهجرة ل ت َن َْقط ِعُ لنقطاع‬ ‫أنه لو قُ ّ‬
‫من كلم التهانوي ـ إن شاء الله ـ ضاب ُ‬
‫ط‬ ‫جِبها والله أعلم[‪ ،‬وسيأتي ِ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫ُ‬
‫الفتنة عن الدين‪.‬‬
‫طابي وغيُره‪ :‬كانت الهجرة‬ ‫‪2‬ـ فتح الباري ‪ 6/122‬ـ دار الفكر ـ‪] :‬قال الخ ّ‬
‫ة المسلمين بالمدينة‬ ‫قل ّ ِ‬ ‫فرضا ً في أول السلم على من أسلم ل ِ ِ‬
‫وحاجتهم إلى الجتماع‪ ،‬فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله‬
‫أفواجًا‪ ،‬فسقط فرض الهجرة إلى المدينة‪ ،‬وبقي فرض الجهاد والنية‬
‫على من قام به أو نزل به عدو اهـ‪ .‬وكانت الحكمة أيضا ً في وجوب‬
‫‪87‬‬
‫ذبون‬ ‫ذى ذويه من الكفار‪ ،‬فكانوا يع ّ‬ ‫سَلم من أ َ َ‬ ‫الهجرة على من أسلم ل ِي َ ْ‬
‫من أسلم إلى أن يرجع عن دينه‪ ،‬وفيهم نزلت ‪‬إن الذين توفاهم…‬
‫فتهاجروا فيها‪ ‬الية‪ ،‬وهذه الهجرة باقية الحكم في حق من أسلم في دار‬
‫در على الخروج منها‪ ،‬وقد روى النسائي…‪) :‬ل يقبل الله من‬ ‫الكفر وقَ َ‬
‫مشرك عمل ً بعدما أسلم أو يفارقَ المشركين(‪ ،‬وهذا محمول على‬
‫ن جهاد ونية" قال الطيبي‬ ‫ْ‬
‫ن على دينه ‪...‬قوله‪" :‬ولك ْ‬ ‫م ْ‬
‫من لم ي َأ َ‬ ‫َ‬
‫وغيره‪... :‬المعنى أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت‬
‫مطلوبة على العيان إلى "المدينة" انقطعت إل أن المفارقة بسبب‬
‫الجهاد باقية‪ ،‬وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر‬
‫والخروج في طلب العلم والفرار بالدين من الفتن ‪ ،[...‬وفي ‪:7/631‬‬
‫ت عائشة … فسألناها عن الهجرة؟ فقالت‪ :‬ل هجرةَ اليوم كان‬ ‫]…زر ُ‬
‫ة أن ي ُْفتن‬ ‫المؤمنون ي َِفّر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله مخاف َ‬
‫َ‬
‫م ي َعُْبد رّبه حيث شاء !!!‬ ‫عليه‪ ،‬فأما اليوم فقد أظ ْهََر الله السلم واليو َ‬
‫در على إظهار الدين‬ ‫م قال الماوردي‪ :‬إذا ق َ‬ ‫من ث َ ّ‬ ‫ولكن جهاد ٌ ونية"…‪ ،‬و ِ‬
‫في بلد من بلد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلم فالقامة فيها أفضل‬
‫جى من دخول غيره في السلم[اهـ ‪ ،‬وعبادة الله‬ ‫من الّرحلة منها لما ي ُت ََر ّ‬
‫ب‪ ،‬فالتحاكم إلى شرع‬ ‫ليست الجمعة والجماعة والزكاة والحج فحس ُ‬
‫الله وترك الربا وإقامة الحدود كلها من العبادات التي ل يمكن أن نقوم‬
‫بها في بلدنا اليوم‪ ،‬بل حتى اللحية التي هي من خصال الفطرة ل يمكن‬
‫غمون على حلقها أو ُيطردون من عملهم!‬ ‫لكثيرين أن يقوموا بها‪ ،‬بل ي ُْر َ‬
‫ـ وعند حديث )ل تَن َْقطع الهجرة ما قُوِْتل الكفار‪ :‬رجاله ثقات(‪ ،‬قال ابن‬
‫ب‬
‫دال على وُجو ِ‬ ‫النحاس في تهذيب مشارع الشواق صـ ‪] :83‬والحديث َ ّ‬
‫ل من آمن وجاهد الكفار فهو‬ ‫الجهاد‪ ،‬وليس وجوب الهجرة‪ ،‬ومعناه‪ :‬ك ُ ّ‬
‫حقٌ بالمهاجرين في الفضل ولو لم يهاجر من بلده[ اهـ‪ ،‬وعند الّنسائي‬ ‫ل ِ‬
‫حّبان‪) :‬ما قوتل العدو(‪ ،‬وعند الطبراني‪) :‬إن الهجرة ل تنقطع ما‬ ‫وابن ِ‬
‫دام الجهاد‪ :‬رجاله ثقات كما قال الهيثمي(‪ ،‬وعند أحمد بنحوه‪ ،‬وفي‬
‫رواية‪…) :‬ما كان الجهاد‪ :‬رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي(‪.‬‬
‫ـ صريح جواب الصادق المصدوق ‪ ‬لما سأله صحابي‪ …) :‬فأيّ الهجرة‬
‫أفضل؟ قال ‪ :‬الجهاد‪ ،‬قال‪ :‬و"ما الجهاد"؟ قال ‪ :‬أن تقاتل الكفار‬
‫ُ‬
‫ق‬
‫من عُِقر جواده وأرِي ْ َ‬ ‫إذا لِقْيتهم‪ ،‬قال‪ :‬فأي الجهاد أفضل؟ قال ‪َ :‬‬
‫مه‪ :‬أحمد وهو صحيح(‪.‬‬ ‫دَ ُ‬
‫كره أن ي ُك َّثر سواد … رقم ‪:7085‬‬ ‫‪3‬ـ الفتح ‪ 14/535‬ـ دار الفكر‪ ،‬باب من َ‬
‫واد المشركين‬ ‫]‪..‬أن أناسا ً من المسلمين كانوا مع المشركين ي ُك َّثرون َ‬
‫س َ‬
‫على رسول الله ‪ … ‬فأنزل الله تعالى‪:‬إن الذين توّفاهم الملئكة‬
‫ظالمي أنفسهم قالوا‪ :‬فيم كنتم؟ قالوا‪ :‬كنا مستضعفين في‬

‫‪88‬‬
‫الرض‪.‬قالوا‪ :‬أَلم تكن أرض الله واسعة فُتهاجروا فيها؟!! فأولئك‬
‫م وساءت مصيرا ً‪.‬‬ ‫ْ‬
‫جهَن ّ ُ‬‫مأواهم َ‬ ‫َ‬
‫ة من ُيقيم بين أهل المعصية‬ ‫خطِئ َ ُ‬ ‫قال ابن حجر رحمه الله‪] :‬فيه ت َ ْ‬
‫ح من إنكارٍ عليهم مثل ً أو رجاِء إنقاذ مسلم من‬ ‫صدٍ صحي ٍ‬ ‫باختياره ل ل َِق ْ‬
‫ذر‪ ،‬كما وقع للذين كانوا‬ ‫ة‪ ،‬وأن القادر على التحول عنهم ل ُيع َ‬ ‫هَل َك َ ٍ‬
‫من َعََهم المشركون من أهلهم من الهجرة ثم كانوا َيخرجون مع‬ ‫أسلموا و َ‬
‫صد ِ قتال المسلمين بل ليهام كثرتهم في عيون‬ ‫المشركين ل ل َِق ْ‬
‫المسلمين‪ ،‬فحصلت لهم المؤاخذة بذلك[‪ ،‬وفي ‪ 9/141‬رقم ‪ 4596‬حول‬
‫‪] :‬استنبط سعيد بن‬ ‫نزول ‪‬إن الذين ت َوَّفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم‪...‬‬
‫ب الهجرة من الرض التي ُيعمل فيها‬ ‫جبير من هذه الية وجو َ‬ ‫ُ‬
‫المعصية[ اهـ لن فيها تكثيرا ً للسواد‪ ،‬وفي ‪ 14/500‬دار الفكر كتاب‬
‫خذ ُ من هذا الحديث استحباب هجر البلدة التي يقع فيها‬ ‫الفتن‪] :‬ويؤ َ‬
‫جر‬ ‫إظهار الفتن فإنها سبب وقوع الفتن … قال ابن وهب‪ :‬عن مالك ت ُهْ َ‬
‫جهارا ً وقد صنع ذلك جماعة من‬ ‫الرض التي ُيصنع فيها المنكر ِ‬
‫السلف[‪ ،‬وفي ‪ 14/563‬كتاب الفتن‪] :‬وقد شوهد… البلد من بلد‬
‫المسلمين يهجمها الكفار فيبذلون السيف في أهله‪ ،‬وقد وَقَعَ ذلك من‬
‫طر أخيرا ً والله المستعان…‬ ‫طة ثم من الط ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ديما ً ثم من القرا ِ‬ ‫الخوارج قَ ِ‬
‫ل الله عليهم العذاب بل‬ ‫س ُ‬‫من أمر ونهى فهم المؤمنون حقا ً ل ي ُْر ِ‬ ‫ما َ‬ ‫وأ ّ‬
‫َيدفع بهم العذاب‪ ،‬ويؤيده قوله تعالى ‪‬وما كنا مهلكي القرى إل وأهلها‬
‫ه عن المنكر‪ ،‬وإن لم‬ ‫ل على ت َْعميم العذاب ِلمن لم ي َن ْ َ‬ ‫ظالمون… ‪ ،‬وي َد ُ ّ‬
‫خوضوا في حديث غيره إنكم‬ ‫يتعاطاه قوله تعالى ‪‬فل ت َْقُعدوا معهم حتى ي َ ُ‬
‫ة الهرب من الكفار ومن الظ َّلمة؛‬ ‫مثُلهم‪ ،‬وُيستفاد من هذا مشروعي ُ‬ ‫إذا ً ِ‬
‫من إلقاء النفس إلى التهلكة‪ ،‬هذا إذا لم ي ُعِْنهم ولم‬ ‫لن البقاء معهم ِ‬
‫ده أمُره بالسراع‬ ‫ض بأفعالهم فإن أعان أو رضي فهو منهم‪ ،‬وي ُؤَي ّ ُ‬ ‫ي َْر َ‬
‫بالخروج من ديار ثمود… وفي الحديث تحذيٌر وتخويف عظيم‬
‫لمن سكت عن النهي فكيف بمن داهن؟ فكيف بمن رضي؟‬
‫جّردِ ظهور‬ ‫م َ‬
‫فكيف بمن عاون؟ نسأل الله السلمة[ اهـ‪ ،‬قلت‪ :‬هذا ب ِ ُ‬
‫ُ‬
‫ت على معصية الله من‬ ‫المعصية فكيف إن أل ْغَِيت أحكام الله؟ بل ُ‬
‫جب ِْر َ‬
‫ة رضي الله عنهما في‬ ‫ك أبو الدرداء معاوي َ‬ ‫صغيرها إلى كبيرها‪ ،‬وقد ت ََر َ‬
‫ف حديثا ً واحدًا‪ ،‬وحلف أن ل يساكنه؛ كما في "الحكام"‬ ‫خال َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫الشام ل ّ‬
‫لبن حزم‪.‬‬
‫طَلب مني تطبيق قوانين الله كلها كيفما كانت‪ ،‬فإن لم أستطع‬ ‫فأنا كعبد يُ ْ‬
‫ذلك أترك الرض هذه وأحاول جاهدا ً تخليصها مما ران عليها ‪‬قل‪ :‬يا‬
‫عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون‪ ،‬فإذا لم تستطع في‬
‫هذه البلدة فسافِر‪ ،‬وإن خفت على عيالك ‪‬فكأين من دابة ل تحمل رزقها‬
‫الله يرزقها وإياكم‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫وإذا بقينا في البقعة التي ل نستطيع عبادة الله فيها فـ ‪‬إن الذين توفاهم‬
‫الملئكة ظالمي أنفسهم‪...‬؛ أورد البخاري أن هذه الية نزلت في‬
‫مؤمني مكة الذين خرجوا مع أبي جهل في بدر إذ لم يهاجروا مع رسول‬
‫الله ‪ ‬فقال أهل المدينة‪ :‬نَقتل إخواننا!!! فأنزلها الله تعالى‪.‬‬
‫ل‪ ،‬فقط لَيضحكوا على‬ ‫ـ ويحلو لقوام ٍ أن يتشبثوا ولو بما ل يصلح دلي ً‬
‫كنا الهجرة من البلد التي ل نستطيع‬ ‫وغ تر َ‬ ‫ل ُيس ّ‬‫أنفسهم بأننا معنا دلي ٌ‬
‫خرج من مكة‬ ‫إقامة ديننا فيها؛ فمن ذلك استدللهم بقول النبي ‪ ‬لما َ‬
‫َ‬
‫ك‬‫ن أهل َ ِ‬ ‫حّبها إلى الله ولول أ ّ‬
‫ك خير أرض الله وأ َ‬ ‫)واللهِ إني أعلم أن ِ‬
‫خَرجت( والحديث صححه ابن عبد الب َّر في "التمهيد"‪،‬‬ ‫أخرجوني ما َ‬
‫جِهلوا أو َتجاهلوا ما أخرجه البخاري من قصة الهجرة )استأذن‬ ‫ولكنهم َ‬
‫َ‬
‫م‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ي ‪ ‬أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الذى فقال له‪ :‬أقِ ْ‬ ‫النب ّ‬
‫يا رسول الله! أتطمع أن يؤذن لك؟ فكان رسول الله ‪‬يقول‪ :‬إني‬
‫ن لي‬ ‫ُ‬
‫لرجو ذلك‪ ،(..‬وفي لفظ أحمد في كتاب "فضائل الصحابة"‪) :‬أذِ َ‬
‫بالهجرة(‪ ،‬وعند الحاكم )أقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن الله له‬
‫ت بقرية تأكل القرى(‪ ،‬فالرسول‬ ‫ُ‬
‫مْر ُ‬ ‫في الهجرة(‪ ،‬وفي المتفق عليه )أ ِ‬
‫‪ ‬أراد الهجرة لما أجدبت مكة وعجزت أن تعطي أزهارا ً شذية العطر‪،‬‬
‫وانتظر الذن حتى أتى الذن بل المر‪ ،‬أما قليلو العلم فيستشهدون‬
‫غصبًا‪ ،‬وإنما‬ ‫موهمين أن الرسول يريد أن يبقى لكن قومه أخرجوه َ‬
‫الصواب الذي تلتئم به الدلة أن قوله )أخَرجوني( من باب التسبب‪ ،‬أي‬
‫تسببوا بأن أقرر الخروج لما أعرضوا عن الدعوة وقاموا باليذاء والصد‬
‫عنها‪ ،‬وهذا شائعٌ في لغة العرب من باب المجاز العقلي‪ ،‬وفي البخاري‬
‫)‪...‬فلما ابُتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا ً نحو أرض الحبشة حتى‬
‫ك الِغماد ل َِقَيه ابن الد ِّغّنة ‪ ..‬فقال‪ :‬أين تريد يا أبا بكر؟ فقال‬ ‫إذا بلغ ب َْر َ‬
‫سب‬ ‫َ‬
‫سيح في الرض وأعبد ربي(‪ ،‬فن َ َ‬ ‫جني قومي؛ فأريد أن أ ِ‬ ‫أبو بكر‪ :‬أخر َ‬
‫الخراج إليهم مع أنه هو الذي خرج بنفسه‪ ،‬وذلك لنهم بمضايقتهم‬
‫متعّبدون بما مات عليه‬ ‫دهم تسببوا بقراره ذاك‪ ،‬وأيا ً ما كان فنحن ُ‬ ‫وص ّ‬
‫خ حكمه‪ ،‬ونصوص العلماء صريحة في‬ ‫الرسول ‪ ‬ل بما بدأ به مما ن ُ ِ‬
‫س َ‬
‫أن الله تعالى أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة ثم إلى المدينة بهذه الصيغة‬
‫سَير فهي متِفقة على هذا‪ ،‬وراجع "الم" للشافعي‬ ‫)أذن(‪ ،‬وراجع كتب ال ّ‬
‫تحت عنوان "الذن بالهجرة" ]كان المسلمون مستضعفين بمكة زمانا ً‬
‫لم يؤذن لهم فيه بالهجرة منها‪ ،‬ثم َأذن الله عز وجل لهم‬
‫ن قد جعل الله‬ ‫بالهجرة وجعل لهم مخرجا ً فأعلمهم رسول الله ‪ ‬أ ْ‬
‫مخرجا ً وقال‪ :‬ومن يهاجر في سبيل الله َيجد‬ ‫تبارك وتعالى لهم بالهجرة َ‬
‫َ‬
‫سعة الية‪ ،‬وأمرهم ببلد الحبشة ‪....‬ثم أِذن‬ ‫ما ً كثيرا ً و َ‬
‫مراغَ َ‬‫في الرض ُ‬
‫الله تبارك وتعالى لرسوله ‪ ‬بالهجرة إلى المدينة‪ [....‬اهـ‬
‫ولماذا يؤمر الرسول ‪ ‬بالهجرة إلى المدينة؟ ولماذا الهجرة إلى‬
‫الحبشة؟ لنهم لم يستطيعوا عبادة الله‪ ،‬فْلُتتْرك خير بقعةٍ على وجه‬
‫‪90‬‬
‫الرض بنص الحديث الذي يستدل به أولئك‪ ،‬ومَن التارك؟ إنه سيد‬
‫البشر‪.‬‬
‫مك ََنه‬ ‫َ‬
‫‪4‬ـ وفي مغني المحتاج للشربيني‪ ...] :‬المسلم المقيم بدار الحرب إن أ ْ‬
‫ف‬
‫خ ْ‬ ‫حموَنه‪ ،‬ولم ي َ َ‬ ‫إظهاُر دينه لكونه مطاعا ً في قومه أو لن عشيرته ي َ ْ‬
‫دهم…‬ ‫ب له الهجرة إلى دار السلم لئل ي ُك َّثر سوا َ‬ ‫ح ّ‬
‫فتنة في دينه است ُ ِ‬
‫وإنما لم يجب لقدرته على إظهار دينه ‪.‬‬
‫جاه‬ ‫مقامه‪ ،‬فإن َر َ‬ ‫ج ظهور السلم هناك ب ُ‬ ‫تنبيه‪ :‬محل استحبابها ما لم ي ُْر َ‬
‫ب عليه‬ ‫ج َ‬ ‫در على المتناع بدار الحرب… وَ َ‬ ‫م؛ ولو ق َ‬ ‫فالفض ُ‬
‫ل أن ي ُِقي َ‬
‫حُرم ذلك‪،‬‬ ‫مقام لن موضعه دار السلم‪ ،‬فلو هاجر لصار داَر حرب في َ ْ‬ ‫ال ُ‬
‫صَرة المسلمين بهجرته فالفضل أن يهاجر قاله‬ ‫نعم إن رجا ن ُ ْ‬
‫مك ِْنه إظهاُر دينه أو خاف فتنة فيه وجَبت عليه‬ ‫الماوردي… وإن لم ي ُ ْ‬
‫حرما ً ـ لقوله تعالى ‪‬إن الذين‬ ‫الهجرة رجل ً كان أو امرأة ـ وإن لم تجد َ‬
‫م ْ‬
‫من في إقامته مصلحة‬ ‫ة … وُيستثنى من الوجوب َ‬ ‫ت َوَّفاهم الملئكة…‪ ‬الي َ‬
‫للمسلمين‪ ،‬فقد حكى ابن عبد البر وغيره أن إسلم العباس… فكتب‬
‫مقامك بمكة خير‪ ،‬ثم أظهر إسلمه يوم فتح مكة‪ ،‬وي َْلتحق‬ ‫إليه النبي إن ُ‬
‫من أسلم‪ ...‬ببلدة من بلد السلم‪ ،‬ولم‬ ‫بوجوب الهجرة من دار الكفر َ‬
‫عي… وذكر الب ََغوي‬ ‫يقدر على إظهاره فتلزمه الهجرة من تلك‪ :‬نقله الذ ُْر ِ‬
‫ِمث ْل َُه… فقال‪ :‬يجب على كل من كان ببلد ُتعمل فيها‬
‫هّيأ‬
‫المعاصي ول يمكنه تغيير ذلك الهجرة إلى حيث ت َت َ َ‬
‫ب‬ ‫له العبادة‪ ،‬فإن است َوَ ْ‬
‫ت جميع البلد في عدم إظهار ذلك… فل وجو َ‬
‫بل خلف[ اهـ‪.‬‬
‫در على إظهار‬ ‫‪5‬ـ وفي نيل الوطار للشوكاني ‪] 5/188‬قال الماوردي‪ :‬إن ق َ‬
‫الدين في بلد من بلد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلم فالقامة فيها‬
‫جى من دخول غيره في السلم اهـ ول‬ ‫أفضل من الرحلة عنها؛ لما ي ُت ََر ّ‬
‫خَفى ما في هذا الرأي من المصادمة لحاديث الباب القاضية بتحريم‬ ‫يَ ْ‬
‫جوب َِها من دار‬‫م وُ ُ‬‫حقّ عَد َ ُ‬ ‫ي‪] :‬وال َ‬‫القامة في دار الكفر[‪ ،‬ثم قال الشوكان ّ‬
‫الفسق لنها دار إسلم وإلحاقُ دار السلم بدار الكفر لمجرد وقوع‬
‫المعاصي فيها على وجه الظهور ليس بمناسب لعلم الرواية ول لعلم‬
‫غة لترك الهجرة‬ ‫سوَّ َ‬
‫م َ‬‫دور والعذار ال ُ‬
‫ة‪ ،‬وللفقهاء في تفاصيل ال ّ‬ ‫الد َّراي َ ِ‬
‫ضحًا‪:‬‬ ‫مو َ ّ‬‫ث ليس هنا محل بسطها[‪ .‬لكن عَّقب الّتهانويّ ُ‬ ‫مباح ُ‬
‫‪6‬ـ إعلء السنن للّتهانوي ‪] :12/154‬قلت‪ :‬إن كان الفاسقون‬
‫ك ـ فل شك‬ ‫ل أو تر ٍ‬ ‫ة ـ فع ٍ‬ ‫َيحملونه على معصي ٍ‬
‫في كون دار الفسق هذه في حكم دار الكفر‪،‬‬
‫لكونه قد ُ‬
‫فتن عن دينه فيها‪ ،‬وإن كانوا ل يحملونه على‬
‫المعاصي‪ ،‬لكنه يخاف على دينه من مجالستهم ومواكلتهم ومشاربتهم‬
‫‪91‬‬
‫سّرَقة فالهجرة منها إلى دار الصلح والصلحاء مستحبة‬ ‫مت َ َ‬
‫لكون الطباع ُ‬
‫موَّفق في المغني‪" :‬فالناس في الهجرة على ثلثة‬ ‫حتما ً … وقال ال ُ‬
‫ب عليه وهو من َيقدر عليها‪ ،‬ول يمكنه إظهار دينه‬ ‫َ‬
‫ج ُ‬ ‫من ت َ ِ‬ ‫ضُرب‪ :‬أحدها‪َ :‬‬ ‫أ ْ‬
‫وإقامة واجبات دينه مع المقام بدار الكفار…‪ ،‬الثالث‪ :‬من ُتسَتحب له ول‬
‫تجب عليه‪ ،‬وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه وإقامته في‬
‫جَهادِ وتكثير المسلمين ومعونتهم‬ ‫ن من ِ‬ ‫مك ّ َ‬
‫دار الكفر‪ ،‬فُتستحب له ل ِي َت َ َ‬
‫ص من تكثير الكفار ومخالطتهم…‪ ،‬ول تجب عليه لمكان إقامة‬ ‫ويتخل َ‬
‫واجب دينه بدون الهجرة[‪.‬‬
‫ورزايا الطواغيت العرب مما ل ُيحصيه العاد ّ إل بشق النفس‪ ،‬فمنها‪ :‬إرغام‬
‫الناس على التحاكم إلى قوانين بشرية ل دينية والتنكيل بمن تراوده‬
‫نفسه بالمطالبة بتحكيم شرع الله‪ ،‬ومنها‪ :‬منع إقامة الصلة كما شرعها‬
‫الدين جماعة بل قد يمنعونها كليا ً في عدد من القطع العسكرية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫محاربة شرائع السلم من واجبات أو سنن؛ فاللحية ممنوعة في كثير‬
‫شّبهونه بأكياس‬ ‫مط ِْلقها بالطرد‪ ،‬والحجاب ي ُ َ‬ ‫دد ُ‬ ‫من قطاعات الدولة وإل هُ ّ‬
‫سمون الملتزمة به بالتشدد‪ ،‬بل هو ممنوع في بعض دولنا‬ ‫القمامة وي َ ِ‬
‫العربية على من تريد التوظف في إحدى دوائر الدولة‪ ،‬وهناك شواطئ‬
‫سّترون من دخولها‬ ‫مت َ َ‬
‫مَنع ال ُ‬
‫خاصة للفساق العراة أو شبه العراة وي ُ ْ‬
‫حرصا ً على السمعة السياحية من التشويه‪ ،‬وأما الدروس الدينية‬
‫فممنوعة إل لمن طأطأ رأسه وباعهم دينه أو من فعلها سرا ً أو تحت‬
‫حق من ُيقيمها في بيته ولو كانت لمدارسة‬ ‫غطاء أحد كلبهم‪ ،‬ويل َ‬
‫القرآن‪ ،‬بل حتى من ُيعطونه الضوء الخضر إذا ما رأوه انساب في‬
‫المجتمع بما ُيرضي الله سارعوا لقطع لسانه‪ ،‬وَيمنعون حتى من تداول‬
‫الشرطة الدينية للتفقه في الدين بحجة أنها أفكاٌر رجعية من العصر‬
‫الحجري‪ ،‬وُيهدد عملؤهم بكتابة التقارير المخابراتية بمن ل ينصاع‪،‬‬
‫وبالمقابل ترى المواقع الباحية على النترنت )‪ (٪90‬منها غير محجوب‬
‫في كثير من الدول العربية‪ ،‬بينما أغلب المواقع السلمية محجوبة‪،‬‬
‫وترى لفساد دين الناس مسالك نظامية‪ :‬كالمعهد العالي للموسيقى‪,‬‬
‫ومعهد التمثيل المسرحي‪ ,‬ومعاهد وفِرَق الفلكلور والرقص الشعبي‪,‬‬
‫دث عن البحر ول حَرج بحيث‬ ‫‪...‬إلخ‪ ،‬وأما ما تبثه القنوات الفضائية فح ّ‬
‫ُيضّيق على الشحيح بدينه إلى درجة الختناق أو أن يبيع دينه أو جزءا ً منه‬
‫علنا ً أو بفتاوى ُأجراِئهم!‬
‫ومن الرزايا‪ :‬إجبار الشعب على التعامل بالربا شاء أم أبى؛ بالرواتب‬
‫والضرائب‪....‬إلخ‪ ،‬حتى ُيضطر المرء أن ُيصاب من غباره لن الدولة‬
‫تتعامل بالربا فرواتب العاملين بها ل بد سينالها ما ينالها‪ ،‬ومن الرزايا‬
‫تسلط كثير من موظفي الدولة على الناس مطالبين لهم علنا ً بالرشا‪،‬‬
‫ص‬
‫ل هذا ألم َيحملوا الناس على معا ٍ‬ ‫فساد في فسادٍ في فساٍد‪ ،‬وبعد ك ّ‬

‫‪92‬‬
‫هائلة فعلية أو تركية؟ فالهجرة يا قومنا إن وجدتم بلدا ً ُيقيم حكم الله‬
‫ولو أكلتم معهم الحجار‪.‬‬
‫‪7‬ـ مقدمة تاريخ الخلفاء للسيوطي رحمه الله صـ ‪ 8‬عندما تحدث عن‬
‫ب‬ ‫ث لئيم يأمر بس ّ‬ ‫خب ِي ْ ٌ‬
‫ي َ‬ ‫ض ّ‬ ‫خي ُّر منهم َرافِ ِ‬ ‫الفاطميين الُعبيديين‪..] :‬وال َ‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬ومثل هؤلء ل ت َن ْعَِقد ُ لهم بيعة‪ ،‬ول تصح لهم‬
‫سئل أبو محمد القيرواني الكيزاني‬ ‫ة[‪ ،‬ثم نقل عن القاضي عِياض‪ُ ] :‬‬ ‫م ٌ‬
‫ما َ‬‫إِ َ‬
‫عبيد على الدخول في دعوتهم أو‬ ‫من علماء المالكية عمن أكرهه بنو ُ‬
‫ل دخولهم‬ ‫ذر أحد ٌ في هذا المر؛ كان أو ُ‬ ‫ي ُْقتل‪ ،‬قال‪ :‬يختار القتل‪ ،‬ول ُيع َ‬
‫قبل أن ُيعَرف أمرهم‪ ،‬وأما بعد ُ فقد وجب الفرار‪ ،‬فل ُيعذ َُر أحد ٌ‬
‫مقام في موضع ُيطلب من أهله‬ ‫بالخوف بعد إقامته‪ ،‬لن ال ُ‬
‫تعطيل الشرائع ل يجوز‪ ،‬وإنما أقام من أقام من الفقهاء على‬
‫مَباَينة لهم؛ لئل تخلوَ للمسلمين حدودهم فيفتنوهم عن دينهم[‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫‪8‬ـ شرح النووي على مسلم عند حديث ‪…… ] :3427‬قال القاضي ـ أي‬
‫عياض ـ أجمع العلماء على أن المامة ل تنعقد لكافر‪ ،‬وعلى أنه لو ط َرأ َ‬
‫َ‬ ‫ََْ ِ ُ‬ ‫ِ َ‬
‫سَقط َ ْ‬
‫ت‬ ‫ج عن حكم الولية‪ ،‬و َ‬ ‫عليه ك ُْفٌر وتغيير للشرع أو بدعة َ‬
‫خَر َ‬
‫ب إمام ٍ عادل إن‬ ‫ص ُ‬
‫ه ون َ ْ‬‫خل ْعُ ُ‬‫م عليه‪ ،‬و َ‬ ‫ب على المسلمين القيا ُ‬ ‫ج َ‬
‫طاعته‪ ،‬وَوَ َ‬
‫ب عليهم القيام بخلع‬ ‫ج َ‬ ‫أمكنهم ذلك‪ ،‬فإن لم يقع ذلك إل ّ لطائفة وَ َ‬
‫جَز‬ ‫حّقُقوا العَ ْ‬ ‫الكافر‪ ،‬ول يجب في المبتدع إل إن ظ َّنوا الُقد َْرةَ عليه‪ ،‬فإن ت َ َ‬
‫فّر‬‫لم يجب القيام‪ ،‬وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها‪ ،‬وي َ ِ‬
‫بدينه …[‪.‬‬
‫‪9‬ـ فتح الباري ‪ 13/123‬ـ دار المعرفة رقم ‪] 6725‬ل طاعة في معصية …‬
‫زل ـ أي الحاكم ـ بالكفر إجماعا ً‪،‬‬ ‫ه ي َن ْعَ ِ‬‫ص ُ‬ ‫خ ُ‬‫مل َ ّ‬
‫وقد تقدم البحث … و ُ‬
‫م في ذلك‪ ،‬فمن قَوِيَ على ذلك فله الثواب‪،‬‬ ‫فيجب على كل مسلم القيا ُ‬
‫جز وجبت عليه الهجرة من‬ ‫ومن داهن فعليه الثم‪ ،‬ومن ع َ‬
‫تلك الرض[ و ‪ 15/18‬رقم ‪ 7144‬دار الفكر‪.‬‬
‫جر السيئات‪ ،‬والخرى تهاجر إلى الله‬ ‫صَلتان‪ :‬إحداهما ت َهْ ُ‬ ‫خ ْ‬
‫‪10‬ـ )إن الهجرة َ‬
‫ورسوله‪ ،‬ول تنقطع ما ت ُُقّبلت التوبة‪ ،‬ول تزال التوبة ُتقَبل حتى تطلع‬
‫الشمس من مغربها …‪ :‬قال ابن كثير‪ :‬حسن السناد(‪ ،‬بل جاء في بعض‬
‫من الغرباء؟ قال‪:‬‬ ‫ة )طوبى للغرباء‪ ،‬قيل‪ :‬و َ‬ ‫ألفاظ حديث الغربة صراح ً‬
‫ه والدارمي وغيرهما(‪ ،‬واستشهد به النهووي‬ ‫الن ّّزاع من القبائل‪ :‬ابن ماج ْ‬
‫في شرحه على مسلم‪] :‬وجاء فى الحديث تفسير الغرباء وهم النزاع‬
‫من القبائل‪ ،‬قال الهروي‪ :‬أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم‬
‫الى الله تعالى[ اهـ‪ ،‬وقال المناوي‪] :‬أي الذين نَزَعوا عن أهلهم‬
‫ظ آخر‪..) :‬الغرباء‪..‬الَفّرارون بدينهم‪ :‬السنن الواردة‬ ‫وعشيرتهم[‪ ،‬وفي لف ٍ‬
‫في الفتن(‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫س‬ ‫رع بمغادرة الرض التي ل ُتقيم شرعَ الله‪ ،‬وإل قي َ‬ ‫َ‬
‫ن البائ َ‬
‫ل فيك )لك ّ‬ ‫س ِ‬
‫ـ فأ ْ‬
‫خوَْلة(‪] .‬راجع البخاري لمعرفة قصته[‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫سعْد ُ ب ُ‬
‫ومـا علموا جـارا ً هناك‬ ‫خص منزلي‬ ‫ت بالّر ْ‬‫َيلومونني أن ِبع ُ‬
‫ي ُن َّغـص‬
‫بجـيرانـها تغلو الديـار‬ ‫ملم‪ ،‬فـإنمـا‬ ‫فقلت لـهم‪ :‬ك ُّفـوا ال َ‬
‫خص‬ ‫وتر ُ‬

‫‪8‬ـ فإن قالوا‪ :‬لعلهم عملء‪ ،‬أو ُيقاِتلون للملك‬


‫أو‪..‬إلخ!‪ ،‬فخيٌر لنا في هذه الفتن العزلة ؟!! فقل لهم‪:‬‬
‫ت أصحـاُبها أدعيـاءُ‬ ‫ب َّينـا ٍ‬ ‫قيموا عليها‬ ‫والدعاوى ما لم ت ُ ِ‬
‫دمتم علم الجرح والتعديل كله؛ فهل وصلكم بنقل العدول‬ ‫ـ فب َِقولكم هذا ه ّ‬
‫الضابطين من مبتدأ السند حتى منتهاه مع السلمة من الشذوذ والعلة‬
‫م الخبر من التصحيف أو‬ ‫سل ِ َ‬
‫القادحة أن أولئك المجاهدين عملء؟!!! وهل َ‬
‫ذابين؟‬ ‫ب أو الزيادة أو النقصان أو الدراج من أحد الك َ ّ‬ ‫التحريف أو القل ْ ِ‬
‫فهكذا شأن العاجزين عن الحجج العصماء يلجؤون إلى التهامات الَعرجاء‬
‫ُأسوةً منهم بأعداء النبياء!‬
‫فَتنا‬‫أل تراهم اتهموهم بالسعي إلى المناصب والحكم‪} :‬قالوا‪ :‬أجئتنا لت َل ْ ِ‬
‫ن لكما الكبرياء في الرض{‬ ‫دنا عليه آباءنا وتكو َ‬ ‫ج ْ‬ ‫و َ‬
‫عما َ‬
‫}يونس‪.{78 :‬‬
‫أل تراهم اتهموهم بالفساد في الرض والتيان بدين جديد }قال فرعون‪:‬‬
‫دل دينكم أو‬ ‫دع ربه؛ إني أخاف أن ي ُب َ ّ‬ ‫ل موسى ول ْي َ ْ‬ ‫ذروني أ َ ْ‬
‫قت ْ‬
‫أن ُيظهر في الرض الفساد{ }غافر‪.{26:‬‬
‫صل الفقر وتتعطل موارد القتصاد‬ ‫أل تراهم اتهموهم بأنهم إذا اتبعوهم سيح ُ‬
‫]كقطع السياحة وتعطيل دور الزنى والفنادق[‪} :‬وقالوا‪ :‬إن ن َت ِّبع‬
‫خطف من أرضنا{‪} ،‬وقال المل الذين كفروا‬ ‫الهدى معك ن ُت َ َّ‬
‫من قومه‪ :‬لئن اتبعتم شعيبا ً إنكم إذا ً لخاسرون{ }القصص‪:‬‬
‫‪.{57‬‬
‫ل‬‫ثم أل تراهم اتهموهم بفرض الرأي بالقوة ل عن طريق الغلبية‪} :‬فأرس َ‬
‫ة قليلون{‬ ‫شْرِذم ٌ‬ ‫ن هؤلء ل ِ‬ ‫فرعون في المدائن حاشرين‪ :‬إ ّ‬
‫}الشعراء‪...{54:‬أل تراهم وتراهم‪...‬فليس في المر جديد‪ ،‬عباراتهم‬
‫شتى والُقْبح واحد‪.‬‬
‫مث َّبطين عن القتال من علماء السلطة تراهم إن كّفر‬ ‫ـ وترى كثيرا ً من ال ُ‬
‫مسون له‬ ‫أحدهم الحاكم الظالم يدافعون وينافحون وُيمالئون وي َت َل َ ّ‬
‫ة‬
‫ة إسلمية مقاتل ٌ‬ ‫ت جماع ٌ‬ ‫ن‪ ،‬وبالمقابل إذا ما ُزك ّي َ ْ‬ ‫ضلَله ب َي ّ ٌ‬ ‫معاذير مع أن َ‬ ‫ال َ‬
‫حّبة لتغدَو‬ ‫ت الكفر‪ ،‬وي ُك َّبرون ال َ‬ ‫ب إذاعا ِ‬‫ولون أكاذي َ‬ ‫ن ما تراهم ي ُهَ ّ‬ ‫في مكا ٍ‬

‫‪94‬‬
‫قُّبة‪ ،‬وَيتظاهر بعضهم بالحكمة فيقول بلهجته المصرية‪" :‬واللهِ الجماعة‬
‫كدا‪!"...‬‬ ‫ش من الحكمة إنها تعمل ِ‬ ‫الفلنية ‪..‬يعني‪..‬ما كان ِ‬
‫كلتم بنفس المكيال لمن ظاهره الخيُر ممن يقاتلون وهم على الحق‬ ‫فهل ِ‬
‫ي وفي الحروب َنعامة‪ ،‬فما‬ ‫َ‬
‫سد ٌ عل ّ‬ ‫ظاهرون‪ ،‬لكنهم على حد ما قالوا‪ :‬أ َ‬
‫م هؤلء!‬ ‫َ‬
‫أظل َ‬
‫بجهة ما فابحث عن غيرها للقتال‪ ،‬وهو موجود بنص رسول‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬‫ـ وإن شك َك ْ َ‬
‫صَبة من‬ ‫شرنا‪) :‬لن ي َب َْرح هذا الدين قائما ً يقاتلُ عليه عُ ْ‬ ‫الله ‪ ‬الذي ب ّ‬
‫المسلمين حتى تقومَ الساعة‪ :‬مسلم(‪ ،‬وفي رواية )ل تزال طائفة من‬
‫س في‬ ‫أمتي… يقاتلون…(‪ ،‬فابحث عن راية صادقة‪ ،‬ول ت ُِبح لنفسك الجلو َ‬
‫ت حقا ً ـ ولو‬ ‫مشككا ً كالمنافقين تقول‪ :‬غَّر هؤلء ديُنهم‪ ،‬فهل سََعْي َ‬ ‫بيتك ُ‬
‫ت بما ت َب ُّثه وكالت‬ ‫رف أخبار المجاهدين ومكاَنهم أم اكتفي ْ َ‬ ‫بالسؤال ـ ل ِت َعْ ِ‬
‫النباء الكافرة أو العميلة؟ أفهذا بالمنصفين يليق؟!؟! فأين أنت من‬
‫مواقعهم ولو على "النترنت"؟‬
‫ل في دولة‬ ‫سر عن فُرصة عمل ت َد ُّر الموا َ‬ ‫ست َْف ِ‬‫ت كما ت َ ْ‬ ‫سْر َ‬ ‫ست َْف َ‬ ‫ـ هل ا ْ‬
‫ض عليك في مجال من‬ ‫خليجية‪ ،‬أو كما تستفسرعن تجارة رابحة ُتعرَ ُ‬
‫ُ‬
‫طب ابنتك؟ صدقني ل أرى كثيرا ً منا ُيبالي‬ ‫المجالت‪ ،‬أو عن خاطب يخ ِ‬
‫ت ليام ٍ‬ ‫حم… ُرّبما لجل تلك الوظيفة أو المخطوبة سأل ْ َ‬ ‫بهذا إل ما َر ِ‬
‫وشهور حتى تميل إلى إحدى الجهتين‪.‬‬
‫م أن القتال الشديد بين الروم والفرس كان دائمًا‪ ،‬فل يمكن لعاقل‬ ‫ـ ومعلو ٌ‬
‫أن يقول‪ :‬إن المسلمين لما بدؤوا بالروم في غزوة مؤتة كانوا عملء‬
‫للفرس‪ ،‬وإنما تقاطعت المصلحة‪ ،‬فقتالك للروم ـ وهو واجب على المة‬
‫س‪ ،‬ولكن بعد غََزَوات للروم بدؤوا بالفرس‪ ،‬فتقاط ُ ُ‬
‫ع‬ ‫رح الُفر َ‬ ‫ـ كان ُيف ِ‬
‫س فيه‪،‬‬ ‫مالة‪ ،‬وهذا واضح ل ل َب ْ َ‬ ‫صلة أو العَ َ‬ ‫المصالح بدون اتفاق ل يعني ال ّ‬
‫ي بدليل واحد إل الدعاوى‬ ‫عمالة المجاهدين بأن يأت َ‬ ‫عم َ‬ ‫من ي َْز ُ‬ ‫حد ّ عني َ‬ ‫وت َ َ‬
‫الفارغات التي ل ت َْنطلي إل على الّرعاع!‬
‫مالة أيام الحروب الصليبية ُرغْ َ‬
‫م‬ ‫ـ وكأني بهؤلء سيّتهمون "صلح الدين" بالعَ َ‬
‫جة هي هي‪] :‬اليام أيام فَِتن‪ ،‬والحق ل ُيعرف‪ ،‬ومن‬ ‫ح ّ‬ ‫ح الراية‪ ،‬وال ُ‬ ‫ضو ِ‬ ‫وُ ُ‬
‫من أين لك أن‬ ‫سهم‪ ،‬و ِ‬ ‫يدري لعل "صلح" عميل للشرق أو للصليبيين أنف ِ‬
‫ملك؟!! خاصة‬ ‫ضه وحروَبه لم تكن للمناصب والزعامات وال ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ح ِ‬ ‫َتجزم أن ت َ ْ‬
‫شِتيت جهودهم بقضائه على‬ ‫أنه سعى لتفكيك وحدة المسلمين وت َ ْ‬
‫الفاطميين المسلمين!!![؛ أخبروني أيها العقلء بماذا ستجيبون؟ هل‬
‫مين للفاطميين‬ ‫ست َعْت َزُِلون‪ ،‬أم سترفعون أصواتكم مؤيدين لـ "صلح" و َ‬
‫ذا ّ‬ ‫َ‬
‫الدعياء الزنادقة المحسوبين على المسلمين عند الساذجين أو العملء‬
‫فقط!‬
‫ي‬
‫ح ّ‬ ‫عزلة وضوابطها لَيحيى مَن َ‬ ‫وهذه أقوال العلماء في ال ُ‬ ‫•‬

‫عن بّينة و…‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫شعب من‬ ‫ل في ِ‬ ‫‪1‬ـ في ‪ 131/ 13‬كتاب الرقاق من فتح الباري‪"] :‬ورج ٌ‬
‫قدر على الجهاد‪،‬‬ ‫الشعاب إلخ" هو محمول على من ل ي َ ْ‬
‫م غيره منه… وللّنسائي‪" … :‬أل‬ ‫م وَيسل َ‬ ‫ب في حقه العُزلة لَيسل َ‬ ‫فُيسَتح ّ‬
‫ث‪ ،‬وفيه "أل‬ ‫مسك بِعنان فرسه" الحدي َ‬ ‫م ْ‬‫ل ُ‬‫ُأخبركم بخير الناس؟ رج ٌ‬
‫دي حق الله فيها"‬ ‫أخبركم بالذي يتلوه؟ رجل معتزل في غُن َْيمةٍ ي ُؤَ ّ‬
‫وأخرجه الترمذي واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حسن…[‪.‬‬
‫‪2‬ـ فتح الباري ‪ …"] :6/81‬قيل يا رسول الله‪ :‬أ َيّ الناس أفضل؟‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ‪ :‬مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله‪،‬‬
‫دع الناس‬ ‫من؟ قال‪ :‬مؤمن في شعب من الشعاب َيعبد الله وي َ َ‬ ‫قالوا‪ :‬ثم َ‬
‫من شره" …‪ ،‬وإنما كان المؤمن المعتزل يتلوه في الفضيلة لن الذي‬
‫يخالط الناس ل َيسلم من ارتكاب الثام‪ ،‬فقد ل َيفي هذا بهذا وهو‬
‫مقّيد بوقوع الفتن[ اهـ‪.‬‬
‫ن في صحيحه‪] :‬ذكر البيان بأن العزلة عن الناس‬ ‫حّبا َ‬
‫وب الحافظ ابن ِ‬ ‫وب ّ‬
‫أفضل العمال بعد الجهاد في سبيل الله[ ثم أورد َ نحو حديث "مسلم"‬
‫الذي ساقه الحافظ في "الفتح"‪.‬‬
‫مّر‬‫سنه … "أن رجل ً َ‬ ‫‪3‬ـ فتح الباري ‪ 6/82‬كتاب الجهاد‪ …] :‬وللترمذي وح ّ‬
‫ت!! ثم استأذن النبي ‪‬‬ ‫شعب فيه عين عذبة‪ ،‬فأعجبه فقال‪ :‬لو اعتزل ْ ُ‬ ‫ب ِ‬
‫مقام أحدهم في سبيل الله أفضل من صلته في بيته‬ ‫فقال‪ :‬ل َتفعل فإن ُ‬
‫مح ّ‬
‫ل‬ ‫سبعين عاما ً "…‪ ،‬وأما اعتزال الناس أصل ً فقال الجمهور‪َ :‬‬
‫شعب والجبل …في‬ ‫ذلك عند وقوع الفتن‪ ،‬قال ابن عبد البر‪… :‬ال ّ‬
‫ل في‬ ‫ل موضع ي َب ُْعد عن الناس فهو داخ ٌ‬ ‫الغلب يكون خاليا ً من الناس‪ ،‬فك ُ ّ‬
‫دعون العزلة وأنتم تخالطون الناس وتشاهدون‬ ‫هذا المعنى[‪ ،‬فكيف ت ّ‬
‫الظلم والنحرافات الخلقية والسلوكية ثم تقولون‪" :‬الواجب في هذه‬
‫اليام العتزال"!!‬
‫‪4‬ـ فتح الباري ‪ 14/534‬كتاب الفتن‪ُ …] :‬يشير إلى ما وقع بين مروان ثم‬
‫ه ذلك‪ .‬وكان رأيُ ابن عمر ت َْر َ‬
‫ك‬ ‫عبد الملك ابِنه وبين ابن الزبير‪ ،‬وما أ َ ْ‬
‫شب َ َ‬
‫طلة‪،‬‬ ‫مب ْ ِ‬‫ة والخرى ُ‬ ‫حّق ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين ُ‬
‫ة بما إذا وقع القتال بسبب‬ ‫ص ٌ‬‫خـت َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫وقيل‪ :‬الفتنة ُ‬
‫مت‬ ‫عل ِ َ‬
‫التغالب في طلب الملك‪ ،‬وأما إذا ُ‬
‫مقات َل َُتها حتى‬
‫ب ُ‬
‫ج ُ‬
‫وت َ ِ‬
‫ة‪َ ،‬‬
‫مى فتن ً‬
‫س ّ‬
‫ة فل ت ُ َ‬
‫الباغي ُ‬
‫ترجع إلى الطاعة‪ ،‬وهذا قول الجمهور[‪.‬‬
‫‪5‬ـ فتح الباري ‪ 14/527‬كتاب الفتن‪] :‬المراد بالفتنة ما ينشأ من‬
‫ق من‬‫ح ّ‬‫م ِ‬‫عَلم ال ُ‬ ‫ملك حيث ل ي ُ ْ‬ ‫الختلف في طلب ال ُ‬
‫ضُهم على‬‫مل ذلك ب َعْ ُ‬ ‫طل‪ ،‬قال الطبري‪ :‬اختلف السلف فح َ‬
‫مب ْ ِ‬
‫ال ُ‬
‫‪96‬‬
‫العموم‪ ،‬وهم من قََعد عن الدخول في القتال بين المسلمين مطلقا ً‬
‫سكوا‬‫م ّ‬
‫كرة وآخرين‪ ،‬وت َ َ‬ ‫سَلمة وأبي ب َ ْ‬ ‫م ْ‬
‫كسعدٍ وابن عمر ومحمد بن َ‬
‫ف هؤلء فقالت طائفة‪ :‬بلزوم البيت‪،‬‬ ‫خت َل َ َ‬
‫بالظواهر المذكورة وغيرها‪ ،‬ثم ا ْ‬
‫ل‪ ،‬ثم اختلفوا فمنهم …‬ ‫ن أص ً‬ ‫َ‬
‫ول عن ب َلدِ الِفت َ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫وقالت طائفة‪ :‬بل بالت َ َ‬
‫ت طائفة على المام فامتنعت عن الواجب عليها و‬ ‫وقال آخرون‪ :‬إذا ب َغَ ْ‬
‫ب‬
‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬‫حاَرَبت طائفتا ِ‬ ‫ب قتاُلها‪ ،‬وكذلك لو ت َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ب‪ ،‬وَ َ‬
‫صَبت الحر َ‬
‫نَ َ‬
‫ب‬
‫ئ ونصُر المصي ِ‬ ‫خط ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ر الخذُ على ي َ ِ‬
‫د ال ُ‬ ‫على كل قاد ٍ‬
‫ل وَقَعَ بين‬ ‫صل آخرون فقالوا‪ :‬ك ُ ّ‬
‫ل ِقتا ٍ‬ ‫وهذا قول الجمهور‪ ،‬وفَ ّ‬
‫م للجماعة‪ ،‬فالقتال حينئذ ممنوعٌ‬ ‫طائفتين من المسلمين حيث ل إما َ‬
‫وت ُن َّزل الحاديث التي في هذا الباب وغيره على ذلك‪ ،‬وهو قول الوزاعي‪،‬‬
‫در‬‫قال الطبري‪ :‬والصواب أن … إنكار المنكر واجب على كل من ق َ‬
‫شكل‬ ‫حق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ‪ ،‬وإن أ َ ْ‬ ‫م ِ‬
‫عليه فمن أعان ال ُ‬
‫المر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها‪.‬‬
‫وذهب آخرون إلى أن الحاديث وردت في حق ناس مخصوصين‪ ،‬وأن النهي‬
‫ب بذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬إن أحاديث النهي مخصوصة بآخر‬ ‫خوط ِ َ‬ ‫مخصوص بمن ُ‬
‫الزمان حيث يحصل التحقق أن المقات ََلة إنما هي في طلب الملك‪ ،‬وقد‬
‫وقع في حديث ابن مسعود … "قلت‪ :‬يا رسول الله ومتى ذلك؟… قال‪:‬‬
‫ن الرجل جليسه"[ اهـ‪.‬‬ ‫م‬ ‫حين ل يأ ْ‬
‫َ ُ‬
‫َ‬
‫‪6‬ـ فتح الباري ‪ 530 /14‬كتاب الفتن‪ ] :‬وذهب جمهور الصحابة‬
‫مل‬ ‫ح َ‬ ‫والتابعين إلى وجوب َنصر الحق وقتال الباغين‪ ،‬و َ‬
‫صر‬ ‫ضُعف عن القتال أو قَ ُ‬ ‫ث الواردة في ذلك على من َ‬ ‫هؤلء الحادي َ‬
‫نظره عن معرفة صاحب الحق‪ … ،‬قال الطبري‪ :‬لو كان الواجب‬
‫ب بل ُُزوم المنازل‬ ‫في كل اختلف يقع بين المسلمين الهر َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ل الفسوق‬ ‫وجد أه ُ‬‫ما أقيم حد ول أبطل باطل‪ ،‬ول َ َ‬ ‫سر السيوف ل َ َ‬ ‫وك َ ْ‬
‫ي‬‫سب ْ ِ‬‫ك الدماء و َ‬ ‫سْف ِ‬
‫من أخذ الموال و َ‬ ‫سبيل ً إلى ارتكاب المحرمات ِ‬
‫ف المسلمون أيدَيهم عنهم‪ ،‬بأن يقولوا‪" :‬هذا‬ ‫ريم بأن يحاربوهم‪ ،‬وي َك ُ ّ‬ ‫ح ِ‬‫ال َ‬
‫ف للمر بالخذ على أيدي‬ ‫خال ِ ٌ‬
‫م َ‬
‫فتنة وقد ن ُِهينا عن القتال فيها"‪ ،‬وهذا ُ‬
‫السفهاء اهـ‪ .‬وقد أخرج البزار في حديث "القاتل والمقتول في النار"‬
‫زيادةً ت ُب َّين المراد وهي‪" :‬إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل‬
‫والمقتول في النار"‪ ،‬ويؤيده ما أخرجه مسلم …‪ ،‬قال القرطبي‪… :‬‬
‫ل عددا ً من‬ ‫صّفين أق ّ‬‫مل و ِ‬ ‫م كان الذين ت َوَّقفوا عن القتال في ال َ‬
‫ج َ‬ ‫من ث َ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ْ‬
‫جوٌر إن شاء الله[‪.‬‬ ‫مأ ُ‬ ‫ل َ‬‫متأوّ ٌ‬ ‫الذين قاتلوا‪ ،‬وكّلهم ُ‬
‫ت‬‫ـ في فتح الباري ‪] :14/595‬أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح … سمع ُ‬
‫دم بين‬ ‫سّره أن ي َك ْت َن َِفه الحور العين فلَيتق ّ‬ ‫من َ‬ ‫صّفين يقول‪َ :‬‬ ‫عمارا ً يوم ِ‬
‫محتسبًا[ اهـ وهذا من أدلة أنه إن ظهر له الحق يقاِتل‪.‬‬ ‫صّفْين ُ‬ ‫ال ّ‬

‫‪97‬‬
‫‪7‬ـ في فتح الباري ‪ 14/539‬كتاب الفتن‪…] :‬السلف …منهم من آثر‬
‫سعد ومحمد بن مسلمة وابن عمر في طائفة‪،‬‬ ‫السلمة واعتزل الفتن ك َ‬
‫شر القتال وهم الجمهور …‪ ،‬وقد أخرج‬ ‫من با َ‬ ‫ومنهم َ‬
‫دو خير‬ ‫دا بعد هجرته إل ّ في الفتنة فإن الب َ ْ‬ ‫الطبراني‪"… :‬لعن الله من ب َ َ‬
‫من الفتنة"[‪.‬‬
‫ن يكون الغََنم فيه خيَر مال‬ ‫ما ٌ‬‫‪8‬ـ فتح الباري ‪"] :13/132‬يأتي على الناس َز َ‬
‫خي ْرِي ّةِ العُْزل َةِ أن ت ََقعَ في‬‫المسلم" … ولفظه هنا صريح في أن المراد ب ِ َ‬
‫ب على‬ ‫ج ُ‬‫آخر الزمان‪ ،‬وأما زمنه ‪ ‬فكان الجهاد فيه مطلوبا ً حتى كان ي َ ِ‬
‫طابي‪…:‬أن العزلة‬ ‫العيان إذا خرج رسول الله ‪ ،… ‬وذكر الخ ّ‬
‫والختلط يختلف باختلف متعّلقاتها‪ ،‬فُتحمل الدلة الواردة في الحض‬
‫سها في‬ ‫على الجتماع على ما يتعلق بطاعة الئمة وأمور الدين وعك ُ‬
‫ظة ديِنه‪،‬‬ ‫حقّ معاشه‪ ،‬ومحافَ َ‬ ‫عكسه … فمن عرف الكتفاء بنفسه في َ‬
‫فالولى له النكفاف عن مخالطة الناس بشرط أن يحافظ على‬
‫الجماعة والسلم والرد وحقوق المسلمين من العيادة وشهود الجنائز‬
‫حَبة لما في ذلك من‬ ‫ص ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ونحو ذلك‪ ،‬والمطلوب إنما هو ترك فُ ُ‬
‫ضو ِ‬
‫مات…[‪.‬‬ ‫مه ِ ّ‬
‫شْغل البال وتضييع الوقت عن ال ُ‬
‫ب "من الدين‬ ‫عمدة القاري ل ِل َْعيني ‪ 1/163‬الطبعة المنيرية‪] :‬با ٌ‬ ‫‪9‬ـ وفي ُ‬
‫ن استنباط الفوائد وهو على وجوه‪ :‬الول‪ :‬فيه‬ ‫فرار من الفتن" … بيا ُ‬ ‫ال ِ‬
‫فضل العزلة في أيام الفتن إل ّ أن يكون ممن له قدرة على إزالة الفتنة‬
‫ض كفاية‬ ‫ض عين وإما فر َ‬ ‫فإنه يجب عليه السعي في إزالتها إما فر َ‬
‫بحسب الحال والمكان‪ ،‬وأما في غير أيام الفتنة فاختلف العلماء في‬
‫ف أّيهما أفضل؟! قال النووي‪ :‬مذهب الشافعي‬ ‫العزلة‪ ،‬والختل ُ‬
‫والكثرين إلى تفضيل الخلطة لما فيها … فإن كان‬
‫ل اختلطه‪ ،‬وقال‬ ‫د تأك ّدَ فض ُ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ب علم ٍ أو ُز ْ‬ ‫صاح َ‬
‫خل ُوّ المحافل عن‬ ‫ل النعزال ل ُِندور ُ‬ ‫الكرماني‪ :‬المختاُر في عصرنا تفضي ُ‬
‫جت جماعة‬ ‫المعاصي … الثاني‪ :‬فيه عن الحتراُز عن الفتن وقد خر َ‬
‫من السلف من أوطانهم وتغّربوا خوفا ً من الفتنة‪ ،‬وقد خرج‬
‫َ‬
‫ذة في فتنة عثمان رضي الله عنهما[اهـ‬ ‫وع إلى الّرب َ َ‬ ‫سَلمة بن الك ْ َ‬ ‫َ‬
‫سبق ـ‪…] :‬ويدل على تعميم‬ ‫ـ وفي فتح الباري ‪ 14/563‬كتاب الفتن ـ وقد َ‬
‫ه عن المنكر وإن لم يتعاطاه قوُله تعالى ‪‬فل تقعدوا‬ ‫من لم ي َن ْ َ‬ ‫العذاب ل ِ َ‬
‫مثُلهم‪ … ،‬ويؤيده أمره‬ ‫معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا ً ِ‬
‫بالسراع بالخروج من ديار ثمود … وفي الحديث تحذيٌر وتخويف‬
‫عظيم لمن سكت عن النهي فكيف بمن؟ داهن فكيف بمن‬
‫رضي؟ فكيف بمن عاون؟[‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫ط الناس ويصبر على أذاهم‬ ‫ـ بل الحديث صريح‪) :‬المؤمن الذي ُيخال ُ‬
‫م أجرا ً من المؤمن الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم‪:‬‬ ‫أعظ ُ‬
‫بسند جيد في الدب المفرد للبخاري(‪.‬‬
‫‪10‬ـ فتح الباري ‪ 14/582‬كتاب الفتن حول تمني الموت‪] :‬وفيه إيحاء إلى‬
‫مّني الموت‬ ‫دين لكان محمودًا‪ ،‬ويؤيده ثبوت ت َ َ‬ ‫أنه لو فعل ذلك بسبب ال ّ‬
‫عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف‪ .‬قال النووي‪ :‬ل كراهة في‬
‫ذلك بل فعله خلئقُ من السلف منهم عمر بن الخطاب وعيسى الغفاري‬
‫ظم قَد ُْر العبادة أيام الفتنة‬ ‫م عَ ُ‬ ‫من ث َ ّ‬
‫وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ……‪ ،‬و ِ‬
‫ي( …‪ ،‬وقد أخرج الحاكم‬ ‫كما أخرج مسلم‪) :‬العبادة في الهَْرج كهجرة إل ّ‬
‫دت أبا هريرة ‪ ‬فقلت‪ :‬اللهم اش ِ‬
‫ف أبا‬ ‫مة قال‪ :‬عُ ْ‬ ‫سل َ َ‬
‫من طريق أبي َ‬
‫ت‪ ،‬والذي نفسي بيده‬ ‫م ْ‬‫سَلمة فَ ُ‬ ‫هريرة‪ ،‬فقال‪ …:‬إن استطعت يا أبا َ‬
‫َ‬ ‫ل َيأ ْ‬
‫دهم من الذهب الحمر‪،‬‬ ‫ح ِ‬‫ب إلى أ َ‬ ‫ت أح ّ‬‫مو ْ ُ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ما ْ ٌ‬
‫ن على العلماء َز َ‬ ‫َ ّ‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ت‬
‫دهم قبَر أخيه فيقول‪ :‬يا ليتني كنت مكانه!"[ اهـ وهذا ُيحمل‬ ‫وليأتين أح ُ‬
‫عند عجزه عن الجهاد أو الهجرة إلى مكان ُيقيم فيه ديَنه كما هو ظاهر‬
‫من مجموع النقول والدلة والله أعلم‪.‬‬
‫ر‬
‫‪11‬ـ فتح الباري ‪ 14/533‬كتاب الفتن عند حديث )… فهل ب َعْد َ هذا الخي ِ‬
‫من شر؟ قال‪ :‬نعم دعاة ٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قَذ َُفوه فيها‬
‫مُرني إن أ َد َْر َ‬ ‫ْ‬
‫ة المسلمين‬ ‫م جماع َ‬ ‫كني ذلك؟ قال‪ :‬ت َل َْز ُ‬ ‫… قلت‪ :‬فما تأ ُ‬
‫وإمامهم؛ قلت‪ :‬فإن لم يكن لهم جماعة ول إمام؟ قال‪ :‬فاعتزل تلك‬
‫جر‪… ] :‬زاد في رواية‬ ‫ح َ‬ ‫ض بأصل … (‪ ،‬قال ابن َ‬ ‫الِفرقَ كّلها‪ ،‬ولو أن ت َعَ ّ‬
‫خذ َ مالك" وكذا… عند‬ ‫ك وأَ َ‬ ‫ب ظ َْهر َ‬ ‫معُ وتطيع وإن ضر َ‬ ‫أبي السود" َتس َ‬
‫ب ظ َهَْرك‪،‬‬‫ضَر َ‬ ‫ه وإن َ‬ ‫م ُ‬ ‫ة فال َْز ْ‬ ‫ت خليف ً‬ ‫الطبراني‪" :‬فإن رأي َ‬
‫ب"[ اهـ ولحظ التنكير في‬ ‫ة فالهر َ‬ ‫فإن لم يكن خليف ٌ‬
‫ة"‪.‬‬ ‫قوله‪" :‬خليف ً‬
‫ض‬‫ت وأنت عا ّ‬ ‫ـ وفي ‪] :14/534‬وفي رواية … عند ابن ماجه "فََل َ ْ‬
‫ن تمو َ‬
‫ل خير لك من أن ت َت ّب ِعَ أحدا ً منهم" … قال الطبري‪:‬‬ ‫جذ ْ ٍ‬‫على ِ‬
‫والصواب أن المرادَ من الخبر ل ُُزو ُ‬
‫م‬
‫من اجتمعوا‬ ‫الجماعة الذين في طاعة َ‬
‫ره‪ ،‬فمن ن َك َ َ‬
‫ْ‬
‫ه خرج عن الجماعة‪ ،‬قال‪ :‬وفي‬ ‫ث ب َي ْعَت َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫مي ْ‬
‫على ت َأ ِ‬
‫الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا ً فل ي َّتبع أحدا ً‬
‫ة من الوقوع في الشر‬ ‫خ ْ‬
‫شي َ ً‬ ‫في الُفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك‪َ ،‬‬
‫وعلى ذلك ي َت َن َّزل ما جاء في سائر الحاديث وبه ُيجمع بين ما ظاهُِرهُ‬
‫الختلف منها[ اهـ‪ ،‬إل إن استطاع تنصيب خليفة‪ ،‬أو اجتمعوا على تأمير‬
‫ف الطائفة المنصورة التي وصفها الحديث بـ )ُيقاتلون(‪،‬‬ ‫عرَ َ‬
‫واحد‪ ،‬أو َ‬
‫‪99‬‬
‫ص لحديث اعتزال الِفَرق‪ ،‬أو‬ ‫ص ٌ‬ ‫وليس )يعتزلون(!! وحديث الطائفة مخ ّ‬
‫هو مستثًنى منه لن الطائفة المنصورة ُتعيد إلى الدين نضارته‪ ،‬وليست‬
‫ص في اعتزال‬ ‫من الفرق الداعية إلى أبواب جهنم‪ ،‬فحديث "حذيفة" ن ّ‬
‫فرق التي تدعو إلى أبواب جهنم كأن تقاتل لنصرة بدعة أو للملك‪،‬‬ ‫ال ِ‬
‫من يدعو إلى الخير أو من‬ ‫وليس الحديث دعوةً إلى اعتزال الخير أو َ‬
‫يحاول أن ُيصلح من يدعو إلى أبواب جهنم أو من َيظهر عليه الخير وَيدعو‬
‫كل نواة‬‫إلى تحكيم شرع الله‪ ،‬ونراه حقا ً بدأ يتحكيم شرع الله‪ ،‬وبدأ ُيش ّ‬
‫الخلفة السلمية‪ ،‬فمثل هذا ما كان الشرع ِليأمرنا باعتزاله‪.‬‬
‫وهل تنصيب خليفةٍ الذي اتفق العلماء على وجوب تنصيبه هل إعادته اليوم‬
‫ت وأشلء؟ فكيف َيجتمع المر بالعتزال‬ ‫ن أم بتضحيا ٍ‬ ‫تكون بَغمضة عي ٍ‬
‫المطلق مع المر بتنصيب خليفة؟ إنما هو أمٌر باعتزال الِفرق الداعية إلى‬
‫ك في أنها داعية إلى‬ ‫أبواب جهنم‪ ،‬وهناك من الفرق والطوائف ما ل ش ّ‬
‫دى ورشاد بنور الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح والعلماء الثبات‬ ‫ه ً‬
‫ومن تبعهم بإحسان‪..‬‬
‫ب‬
‫شَر بين الناس وجو َ‬ ‫ل من الحوال‪ -‬أن ل ي َن ْ ُ‬ ‫وليس معنى العتزال –في حا ٍ‬
‫حّرض على إخراج الكفار من بلد المسلمين‪،‬‬ ‫َتنصيب خليفة أو أن ل ي ُ َ‬
‫فالشرع لم ي َْأمرنا بمثل هذه العزلة عن الحق‪ ،‬بل صريح رواية مسلم‬
‫شعاب ُيقيم الصلة وُيؤتي الزكاة‪ ،‬وَيدع‬ ‫ب من هذه ال ّ‬ ‫شع ْ ٍ‬
‫ل في ِ‬ ‫)‪ ....‬ورج ٌ‬
‫م من إعادة الخلفة ودحر‬ ‫الناس إل من خير(‪ ،‬وأيّ خيرٍ أعظ ُ‬
‫الكافرين المحتلين لبلد المسلمين؟‬
‫والله َأمر رسوله بالتحريض على القتال‪ ،‬ولم يقل‪" :‬يا أيها النبي حّرض‬
‫المؤمنين وبالخص طلبة العلم على العزلة"‪.‬‬
‫ة طار إليها‪ :‬مسلم(‪.‬‬ ‫ة أو فَْزع ً‬ ‫سمع هَْيع ً‬‫أين هذا النهزامي من حديث )كلما َ‬
‫وكان الصحابة َيطلبون الولد لجل الجهاد‪ ،‬ولم نسمع أن أحدا ً َفعل ما يفعله‬
‫وب البخاري )باب من طلب الولد‬ ‫من َينتسب لهل العلم اليوم‪ ،‬فب ّ‬ ‫َ‬
‫داحين بالحق لدى‬ ‫للجهاد(‪ ،‬وليس للعزلة‪ ،‬وعلماؤنا القدمون كانوا ص ّ‬
‫خزاعي‪ ،‬والعّز‬ ‫سلطين زمانهم ولو كان الثمن حياَتهم؛ كأحمد بن نصر ال ُ‬
‫ابن عبد السلم‪ ،‬والنووي‪.‬‬
‫وإذا َوجب الجهاد وكان المسلمون عاجزين عن الخروج لخراج العدوّ فإن‬
‫ول إلى العداد لخراج العدوّ أو الهجرة للعداد‪ ،‬ثم عند‬ ‫فرضهم يتح ّ‬
‫استحالة كل هذا يأتي دور العزلة عن الباطل وأهله‪ ،‬فالعزلة دواء عند‬
‫ذر كل هذا‪ ،‬فكيف نتهالك لننشر العزلة بين الناس والندلس تنادي‬ ‫َتع ّ‬
‫أبناءها؟ فضل ً عن فلسطين والفلبين!‬
‫بل ل شك أن الهجرة قد تكون من لوازم اعتزال فرق الضللة الداعية إلى‬
‫أبواب جهنم المأمور به في حديث "حذيفة"‪ ،‬كما هو حال كثير من مشايخ‬
‫مدحوا طواغيت العرب الظلمة الفجرة‬ ‫غمون أن ي َ ْ‬ ‫بلدنا العربية الذين ي ُْر َ‬

‫‪100‬‬
‫البعيدين عن شرع الله أن َيمدحوهم في خطب الجمعة أو العيد أو‬
‫المناسبات الدينية أو الحاديث التلفزيونية على القنوات الفضائية‪ ...‬وهو‬
‫في مثل هذا مشارك للدعاة على أبواب جهنم مشارك لهم بالكلمة‪ ،‬فأين‬
‫جبرون! فقل‪ :‬بل أنتم َتكذبون؛‬ ‫م ْ‬
‫العزلة التي َيزعمون؟ فإن قالوا‪ :‬نحن ُ‬
‫جبرون فيه على‬ ‫ي أن تهاجروا إلى بلد ل ت ُ ْ‬ ‫سعَْيتم مجرد سع ٍ‬
‫لنكم ما َ‬
‫المداهنة والنفاق للحاكم الهالك‪.‬‬
‫من ِْع الطعن‬ ‫ب َ‬ ‫جو ِ‬
‫‪12‬ـ فتح الباري ‪] :14/530‬واتفق أهل السنة على وُ ُ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬
‫م ِ‬‫على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك‪ ،‬ولو عََرف ال ُ‬
‫منهم لنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إل عن اجتهاد‪ ،‬وقد عفا الله تعالى‬
‫جر[‪.‬‬ ‫عن الخطأ في الجتهاد‪ ،‬بل ث ََبت أنه ي ُؤْ َ‬
‫ل أحدٍ من الصحابة‬ ‫ل عمل ك ّ‬ ‫م ُ‬‫ح ْ‬‫ـ وفي ‪ 14/541‬من كتاب الفتن‪] :‬والحق َ‬
‫ل اتضح له الدليل لثبوت المر‬ ‫س القتا َ‬ ‫المذكورين على السداد‪ ،‬فمن لب َ َ‬
‫ي‬
‫ح له أ ّ‬‫ض ْ‬‫من قعد لم ي َت ّ ِ‬ ‫بقتال الفئة الباغية‪ ،‬وكانت له قدرة على ذلك‪ ،‬و َ‬
‫الفئتين هي الباغية ولم يكن له قدرة على القتال‪ ،‬وقد وقع لخُزيمة‬
‫قاتل! فلما‬
‫بن ثابت أنه كان مع علي‪ ،‬وكان مع ذلك ل يُ ِ‬
‫دث بحديث" َيقتل عمارا ً‬ ‫ُ‬
‫قِتل عماٌر قاتل حينئذ وح ّ‬
‫ة الباغية" أخرجه أحمد وغيره[‪.‬‬‫الفئ ُ‬

‫‪9‬ـ فإن قالوا‪ :‬ولكن ل جهاد إل بوجود وإذن‬


‫المام العظم الذي َيجمع كلمة المسلمين! فقل لهم‪:‬‬
‫ـ من أين لكم هذا؟ فـ "ل" هذه نافي ٌ‬
‫ة للجنس‪ ،‬فمن أين لكم أن كل أنواع‬
‫الجهاد ل تجوز إل بإذنه؟ إذا ً فجهادكم الدعوي ل يجوز إل بإذنه؟ أم أنكم‬
‫تقصدون القتال؟‬
‫ل ما َينسحب إلى القتال!!‬ ‫ُ‬
‫إذا ً اعترفتم أن الجهاد إذا أطل ِقَ فأو ُ‬
‫ل ل يجوز إل بإذن‬‫وحتى لو كان المر هكذا‪ ،‬فمن أين لكم أن أيّ قتا ٍ‬
‫ل على دارك وأراد قتلك أفل يجوز قتاله حتى‬ ‫ص صائ ٌ‬
‫المير؟ فإذا هجم ل ّ‬
‫تستأذن المير؟!!‬
‫أم أنكم تقصدون قتال الكفار؟ فأعود وأسأل‪ :‬من أين لكم هذا من الكتاب‬
‫من أفتى به من علمائنا السبقين؟ وهل المسألة محل إجماع‬ ‫والسنة؟ و َ‬
‫–هذا إن ُوجد من أفتى بها على إطلقها‪ -‬حتى نراكم ُتنكرون على‬
‫حَيوا فريضة الجهاد؟‬ ‫َ‬
‫المجاهدين الذين أ ْ‬
‫ي الصحة؟ فأعود وأسألكم‪:‬‬ ‫ي الكمال‪ ،‬ل نف َ‬ ‫من "ل" نف َ‬ ‫أم أنكم تقصدون ِ‬
‫من أين لكم هذا؟‬

‫‪101‬‬
‫ـ إن من مظاهر التحريف في هذا العصر أن َيزعم أقوام أن قتال الواحد‬
‫والعشرة والعشرين والربعين من المسلمين ليس بجهاد‪ ،‬كذلك دعوى‬
‫كن‪ ،‬وهي دعوى عريضة ليس‬ ‫م ّ‬‫م َ‬
‫عدم القتال وشرعيته إل بوجود إمام ُ‬
‫لها قوائم‪ ،‬بل مجرد تصورها كاف بالحكم عليها بالّتباب‪ ،‬والقول بهذه‬
‫الشروط وأمثالها من دعاوى كثيرة مآلها في الحقيقة إلى َتعطيل‬
‫الشريعة‪ ،‬وفيها دعوى الركون إلى الرض‪ ،‬وليس هناك من حديث واحد‬
‫ن فيه هذا المعنى‪ ،‬مع العلم‬ ‫دعي أن يستند إليه‪ ،‬أو يزعم أ ّ‬ ‫م ّ‬
‫َيستطيع ال ُ‬
‫ن القول بالشرطية هو من أبعد ما يخطر على بال طالب العلم‪ ،‬فجهاد‬ ‫أ ّ‬
‫ة بالمثل؛ فل ُيشترط‬ ‫المسلمين اليوم جهاد د َفٍْع وَرد ّ عدوان ‪ ....‬إنه معاقب ٌ‬
‫المام العظم ـ الذي ل وجود له الن في الواقع ـ ليجتمعوا تحت رايته‪،‬‬
‫ل ُيشترط ل لجواز الجهاد ول للقيام به‪ ،‬ولم يقل بذلك أحد من أهل‬
‫العلم‪ ،‬أم لعلكم تريدون منا النبطاح للعداء حتى َيخرج المام ‪ ...‬فما‬
‫أشبه هذا بعقائد الراِفضة!‬
‫بل أقوال أهل العلم طافحة بالرد عليه‪ ،‬والدلة الشرعية النقلية فيها الَغناء‬
‫لرد هذا الُغثاء‪:‬‬
‫ة المر في إذن المير من أقوال العلماء‪:‬‬ ‫وإليكم تجلي َ‬ ‫•‬

‫‪1‬ـ في المغني ‪] :9/166‬وأمر الجهاد موكول إلى المام واجتهاده وي َل َْز ُ‬


‫م‬
‫ل قوم من يليهم إل ّ أن‬ ‫ة طاعُته فيما يراه من ذلك … ويغزو ك ّ ّ‬ ‫الرعي َ‬
‫من يليه‪ ،‬في َن ُْقل إليهم قوما ً من‬ ‫من ل يفي به َ‬ ‫يكون في بعض الجهات َ‬
‫خر الجهاد؛ لن‬ ‫دم المام لم يؤ ّ‬ ‫ع ِ‬‫آخَرين‪ … ،‬فإن ُ‬
‫مها أهُلها‬ ‫صَلت َ‬
‫غنيمة قَ َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت بتأخيره‪ ،‬وإن َ‬ ‫فو ُ‬ ‫حَته ت َ ُ‬‫صل َ َ‬ ‫م ْ‬‫َ‬
‫مر عليهم أميرا ً فُقتل أو‬ ‫جب الشرع…فإن َبعث المام جيشا ً وأ ّ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫على ُ‬
‫مروا أحدهم كما فعل أصحاب النبي ‪ ‬في جيش‬ ‫مات فللجيش أن ي ُؤَ ّ‬
‫مؤتة…[ اهـ وقد عقد ابن قدامة رحمه الله هذا الفصل بعد مسألة‪:‬‬
‫"ويقاتل كل قوم من َيليهم من العدو" فهو َيتحدث عن الغزو‪ ،‬ومن عادة‬
‫ابن قدامة أن َيذكر الخلف المعتَبر إن ُوجد‪.‬‬
‫ـ وفي ‪] :9/174‬إذا جاء العدو صار الجهاد عليهم فرض عين‬
‫ز لحد التخلف عنه‪ ،‬فإذا َثبت‬ ‫ج ْ‬
‫فوجب على الجميع فلم ي َ ُ‬
‫هذا فإنهم ل يخرجون إل ّ بإذن المير‪ ،‬لن أمر الحرب موكول إليه‬
‫جع إلى رأيه؛ لنه أحو ُ‬
‫ط‬ ‫وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم … فينبغي أن ي ُْر َ‬
‫وهم‬ ‫مفاجأة عد ّ‬ ‫عذَّر استئذاُنه ل ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫للمسلمين‪ ،‬إل ّ أ ْ‬
‫نه؛ لن المصلحة … ولذلك لما أغار الكفار‬ ‫فل يجب استئذا ُ‬
‫وع … فقاَتلهم … فمدحه‬ ‫سلَمة بن الَْك َ‬
‫دفهم " َ‬‫على َلقاح النبي ‪ ‬وصا َ‬

‫‪102‬‬
‫مة بن الكوع[‪ ،‬فإن لم يكن هناك إمام‬ ‫سل َ َ‬
‫النبي ‪ ‬فقال‪ :‬خير رجالتنا َ‬
‫مة"‪ ‬فمن باب أولى والله أعلم‪.‬‬ ‫سل َ َ‬
‫وقامت طائفة كعمل " َ‬
‫شاف القناع للُبهوتي ‪] 3/73‬ول يجوز الغزو إل ّ بإذن أمير لنه‬ ‫‪2‬ـ وفي ك َ ّ‬
‫ة عدّو‬‫مُره موكول إليه … إل ّ أن …ي َط ُْلع عليهم ب َغْت َ ً‬ ‫ف بالحرب وأ ْ‬ ‫أعَْر ُ‬
‫ما في‬ ‫َيخافون ك َل ََبه … بالتوقف على الذن‪ ،‬لن الحاجة تدعو إليه ل ِ َ‬
‫من ُيحتاج‬ ‫التأخير من الضرر‪ ،‬وحينئذ ل يجوز التخلف لحد إل ّ َ‬
‫من ل قُوّةَ له على الخروج‪،‬‬ ‫إلى تخلفه لحفظ المكان والهل والمال‪ ،‬و َ‬
‫من يمنعه المام‪ ،‬ومن يجدون فرصة َيخافون فَوَْتها إن تركوها حتى‬ ‫و َ‬
‫يستأذنوا المير فإن لهم الخروج بغير إذنه؛ لئل تفوتَهم‪ ،‬ولنه إذا‬
‫حضر العدو صار الجهاد فرض عين فل يجوز‬
‫سَلمة بن الكوع‪."‬‬ ‫دل بقصة َ‬ ‫التخلف عنه‪" [.‬واست َ‬
‫‪3‬ـ وفي مغني المحتاج ‪ُ ] :4/220‬يكره غزوٌ بغير إذن المام أو نائبه تأ ّ‬
‫دبا ً‬
‫ف من غيره بمصالح الجهاد‪ ،‬وإنما لم َيحُرم لنه ليس فيه‬‫معه‪ ،‬ولنه أ َعَْر ُ‬
‫أكثُر من التغرير بالنفوس وهو جائز في الجهاد …… تنبيه‪ :‬است َْثنى‬
‫الُبلقيني من الكراهة صورًا‪ :‬أحدها‪ :‬أن َيفوته المقصود بذهابه للستئذان‪،‬‬
‫طل المام الغزو وأقبل هو وجنوده على أمور‬ ‫ثانيًا‪ :‬إذا ع ّ‬
‫يشاهد‪ ،‬ثالثها‪ :‬إذا غلب على ظنه أنه لو استأذنه لم يأذن‬ ‫الدنيا كما ُ‬
‫له …[اهـ وذكر نحوه الشيخ زكريا في "فتح الوهاب" ‪ .2/299‬قلت‪ :‬هذا‬
‫في فرض الكفاية لنه غزٌو‪ ،‬فكيف بفرض العين؟‬
‫‪4‬ـ ابن النحاس في تهذيب مشارع الشواق في فضائل الجهاد صـ ‪:367‬‬
‫طل‬ ‫]ُيستثنى من الكراهة الحالت التالية‪ :‬الولى …‪ ،‬الثانية‪ :‬إذا ع ّ‬
‫المام الجهاد وأقبل هو وجنوده على الدنيا مما هو مشاهد في‬
‫هذه العصار والمصار‪ ،‬فل كراهة في الجهاد بغير إذن المام لن‬
‫طل‪.‬‬‫طل للجهاد‪ ،‬والمجاهدون يقومون بالفرض المع ّ‬ ‫المام مع ّ‬
‫خر الجهاد؛ لن مصلحة‬ ‫دم المام لم ي ُؤَ ّ‬
‫الثالثة …‪ ،‬وقال ابن قدامة‪ :‬إن عُ ِ‬
‫الجهاد تفوت بتأخيره[‪.‬‬
‫‪5‬ـ البجيرمي ‪] :4/252‬فصل فيما يكره من الغز ‪ ...‬قوله‪ُ :‬كرِه غزو إلخ أي‬
‫وأما المرتزقة فَيحرم بغير إذن المام {شرح م ر‬ ‫للمتطوعة‪،‬‬
‫وزي} لنهم مرصدون لمهمات‪َ ...‬يصرفهم المام فيها فهم بمنزلة‬
‫طل المام الغزوَ أم ل‬ ‫جراء {شرح الروض}‪ ،‬وسواء في الحرمة عَ ّ‬ ‫الأ ُ َ‬
‫ص ما يأتي من عدم كراهة الغزو بغير إذنه حينئذ بالغزاة المتطوعة‬ ‫خ ّ‬‫فيُ َ‬
‫به {ا ه ع ش على م ر}‪ ،‬وهو بعيد بل المرتزقة كغيرهم‪ ،‬قوله‪ :‬إن‬

‫‪103‬‬
‫{ا ه ط ب‬ ‫طل الغزوَ إلخ وينبغي الوجوب في هذه‬
‫عَ ّ‬
‫س}[‪.‬‬
‫حّرض‬ ‫‪6‬ـ عند قوله تعالى‪) :‬فقاِتل في سبيل الله ل ت ُك َّلف إل نف َ‬
‫سك و َ‬
‫المؤمنين( }النساء‪ {84:‬قال القرطبي‪] :‬هي أمٌر للنبي صلى الله عليه‬
‫جد ّ في القتال في سبيل الله وإن‬ ‫وسلم بالعراض عن المنافقين‪ ،‬وبال ِ‬
‫لم يساعده أحد على ذلك[‪ .‬ثم قال‪] :‬ولهذا ينبغي لكل مؤمن‬
‫أن يجاهد ولو وحده‪ ،‬ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه‬
‫فرِد سالفتي‪ ،‬وقول أبي بكر وقت الردة‪:‬‬ ‫وسلم‪ :‬والله لقاتلنهم حتى َتنْ َ‬
‫ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي[‪.‬‬
‫ويغزى أهل الكفر مع ‪ ....‬ويغزوهم‬ ‫‪7‬ـ وفي "المحلى" لبن حزم‪ُ -929] :‬‬
‫المرء وحده إن قَدََر أيضًا[‪.‬‬
‫م النفيُر بأن هجم‬ ‫‪8‬ـ وفي بدائع الصنائع للكاساني ‪] :7/98‬فأما إذا ع ّ‬
‫العدو على بلد فهو فرض عين ُيفترض على كل واحد من آحاد‬
‫المسلمين ممن هو قادر عليه‪ ،‬لقوله سبحانه وتعالى‪ :‬انفروا خفافا ً‬
‫وثقال ً‪َ…… ‬يخرج …بغير إذن……لن حق الوالدين ل يظهر في‬
‫فروض العيان كالصوم والصلة ……[ اهـ وهل ُيستأذن المير في‬
‫فرض الصلة؟ والصل أن المام َيأخذ أموال الزكاة ليوزعها‪ ،‬فإن‬
‫طلها المام الشرعي أفل يجب على كل واحد أن ُيخرجها بنفسه؟ وهل‬ ‫ع ّ‬
‫حكمه‬ ‫عّين ف ُ‬
‫يجب الستئذان لداء فرض الحج؟ فُيفهم أن الجهاد إذا ت َ َ‬
‫كذلك‪.‬‬
‫ن قال التهانوي رحمه الله في العلء ‪ 12/2‬طبعة كراتشي تحت‬ ‫‪9‬ـ لك ْ‬
‫عنوان‪] :‬اشتراط المام للجهاد‪ ،‬والمر بالعزلة إذا لم يكن للمسلمين‬
‫إمام[‪:‬‬
‫م فل جهاد‪ ،‬نعم يـجب على المسلمين‬ ‫] …فإذا لم يكن للمسلمين إما ٌ‬
‫أن َيلتمسوا لهم أميرا ً‪ ،‬ويدل على أن الجهاد ل يصح إل ّ بأمير ما رواه‬
‫خص‬‫البخاري عن حذيفة ]وذكر رقم‪ 11:‬في فِْقرة "العزلة" هنا[ …… فَت َل َ ّ‬
‫منه‪ :‬أن المسلم إذا كان في جماعة ليس لهم إمام‬
‫وأمير فهو مأمور بالعتزال واللزوم بخا ّ‬
‫صة نفسه‪ ،‬وليس بمأمور‬
‫بالجهاد وما يشبهه من المور مما ل يتم بدون الجماعة[ اهـ وكلمه رحمه‬
‫ن بخلف ما ُيفَهم من خلصته‪ ،‬فالعنوان فيه المنع‬ ‫الله فيه نظر‪ ،‬لنه عَن ْوَ َ‬
‫ة للمسلمين‪ ،‬أما الخلصة فُيفَهم منها أنه إن ُوجد لجماعةٍ‬ ‫ما لم يكن خليف ٌ‬
‫ع‪ ،‬وهذا يتفق مع حديث الطائفة المنصورة المقاتلة‬ ‫منْ َ‬
‫ما أميٌر فل َ‬
‫صةِ نفسك‪ ،‬أو هي‬ ‫ل الفرق وخا ّ‬‫صص لحديث حذيفة ‪ ‬في اعتزا ِ‬ ‫خ ّ‬
‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫مستثناة ٌ لنها ليست من الفرق الداعية إلى أبواب جهنم‪ ،‬أو يقال‪ :‬حديث‬
‫‪104‬‬
‫حذيفة ‪ ‬فيمن لم َيهتد إلى الطائفة المقاتلة‪ ،‬وإل فل تجتمع المة على‬
‫معصيةِ ترك الجهاد‪ ،‬وعلى الت ّن َّزل ل تجتمع على ضللة ترك العداد وهو‬
‫ما ل يتم الواجب إل ّ به‪.‬‬
‫فليس في حديث "حذيفة" إل المر باعتزال الفرق الداعية إلى أبواب‬
‫جهنم‪ ،‬وهو واضح في قوله‪) :‬تلك الفرق كلها(‪ ،‬والعلماء متفقون على‬
‫وجوب تنصيب خليفة والسعي لذلك من كل مستطيع‪ ،‬ول يقول عاقل‪ :‬إن‬
‫تنصيب خليفة ل يجوز إذا انعدم بدليل حديث "حذيفة" لن الرسول أمره‬
‫ح هذا‬ ‫باعتزال الفرق ولم يأمره أن يسعى لتنصيب خليفة!!! ل َيص ّ‬
‫خذ ُ‬ ‫َ‬
‫الستدلل لن الصل جمع الحاديث مع بعضها ل ضرُبها ببعضها ول أ ْ‬
‫بعضها الذي ُيريحنا من العناء إلى النهزامية‪ ،‬فكذلك يقال‪ :‬ليس في‬
‫حديث حذيفة المنع من الجهاد إنما المر باعتزال فرق الضللة الداعية‬
‫إلى أبواب جهنم وليس اعتزال من يدعو لتنصيب خليفة أو الطائفة‬
‫المنصورة المجاهدة‪.‬‬
‫وأمٌر آخر‪ :‬فإن العنوان لم ي َُفّرق بين الغزو ‪-‬وهو جهاد الطلب وحكمه‬
‫فرض كفاية‪ -‬وبين جهاد الدفع ‪-‬وهو فرض عين‪ ،-‬فُيمكن أن ُيقال‪ُ :‬يطاع‬
‫أمر المير لترك فرض الكفاية بخلف فرض العين فل ُيطاع أحد ٌ في تركه‬
‫د"‬‫إل إن كان المير مشرفا ً على الجهاد ورأى أن المصلحة في تخّلف "زي ٍ‬
‫من الناس فهذا أمٌر آخر‪ ،‬بل ُيفَهم صريحا ً من أقوال باقي العلماء‬
‫مل‪.‬‬ ‫طل الغزوَ فل ُيستأذن؛ فتأ ّ‬ ‫المتقدمة أن المام إن ُوجد وع ّ‬
‫فينبغي التفريق بين وجود الخليفة وإشرافه على المعارك‪ ،‬فل ب ُد ّ من‬
‫ل‪ ،‬والحالتان الخيرتان‬ ‫طاعته‪ ،‬وبين وجوده وعدم جهاده‪ ،‬وبين انعدامه أص ً‬
‫تؤولن إلى بعضهما كما هو واضح‪ ،‬فإن كان الجهاد جهاد دفع –كما هي‬
‫طل لجهاد الد ّْفع‬ ‫حال المسلمين اليوم‪ -‬فل يجب اسئذان الخليفة المع ّ‬
‫قول ً واحدًا‪ ،‬فمن باب أولى إن لم يكن خليفة‪ ،‬وللمرء الخروج ولو كان‬
‫وحده لحداث النكاية في المحتلين بأي شكل كانت النكاية‪ ،‬وإن كنا في‬
‫م على أميرٍ وبايعوه‬ ‫حالة جهاد طلب فالذي َيظهر لي أنه إن اجتمع قو ٌ‬
‫‪-‬عسى أن يكون نواة لعادة الخلفة‪ -‬فهذا تجب طاعته والجهاد معه ما‬
‫دام قائما ً بالحق ول تجوز مخالفته‪ ،‬وهذا يتلءم مع حديث الطائفة‬
‫ص الحديث‪،‬‬ ‫المنصورة المقاتلة لنها موجودة ل َيخلو منها زمان كما هو ن ّ‬
‫ويتلءم أيضا ً مع نقول العلماء السالفة‪ ،‬أما من لم يبايع أميرا ً البتة‬
‫مس له أميرا ً َيجمع كلمة المسلمين؛‬ ‫ففرضه حسب تعبير التهانوي أن يلت ِ‬
‫ة‪ :‬أخرجه مسلم(‪ ،‬ثم‬ ‫ة جاهلي ً‬
‫ة مات ميت ً‬ ‫من مات وليس في عنقه بيع ٌ‬ ‫فـ) َ‬
‫بعد ذلك إما أن يكون المير المباَيع عامل ً بالجهاد والعداد له إعلميا ً‬
‫طله فهذا ل‬ ‫وتربويا ً وعسكريا ً فهذا ُيطاع في أمور الحرب‪ ،‬وإما أن ُيع ّ‬
‫ُيطاع؛ لن المسلمين كلهم آثمون حتى تقوم طائفة تسد ّ الكفاية‪ ،‬وبينهما‬
‫أموٌر مشتبهات فاسأل الله السداد‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫ي أبناء بيت المقدس أن يتوقفوا عن جهادهم لليهود‬ ‫وهل َيجرؤ أحد ٌ أن ُيفت َ‬
‫هاب!‬ ‫بحجة انعدام الخليفة؟ سبحان الله الو ّ‬
‫ل أن يقول‪ :‬إن المر بالعزلة ربما يكون خاصا ً بالسائل وهو "حذيفة"‪،‬‬ ‫بل لقائ ٍ‬
‫جمعا ً بين الدلة‪ ،‬ولنه ليس من المنطق أن َيفّر جميع الناس ول َيسعى‬
‫أحد ٌ لعادة الحق إلى نصابه‪ ،‬وهل تعود الخلفة وبلد المسلمين والناس‬
‫معتزلون وتاركون للسباب؟!!!‬
‫ولقائل أن َيقول‪ :‬إن المر بالعزلة في حديث "حذيفة" أتى عند حالة انعدام‬
‫المير والجماعة للمسلمين‪ ،‬ولكن في صحيح مسلم )َيأتي على الناس‬
‫من َأخذ َ بِعنان فرسه في سبيل الله‬ ‫ة َ‬ ‫زمان يكون خيُر الناس فيه منزل ً‬
‫شعاب ُيقيم الصلة‬ ‫ب من هذه ال ّ‬ ‫شعْ ٍ‬ ‫ل في ِ‬ ‫مظانه‪ ،‬ورج ٌ‬ ‫َيطلب الموت َ‬
‫وُيؤتي الزكاة‪ ،‬وَيدع الناس إل من خير(‪ ،‬فسياق الحديث واضح منه أنه‬
‫ي سيأتي على الناس يكون فيه أفضلهم المجاهد والمعتزل‪،‬‬ ‫أمٌر مستقبل ّ‬
‫ولكنه في حديث "حذيفة" لم يأمره بالعتزال إل عند انعدام المير‬
‫من الحديثين ُيفهم أن الجهاد يكون أيضا ً عند انعدام المير‬ ‫للمسلمين‪ ،‬ف ِ‬
‫فليس وجوده شرطًا؛ لنه أمره بالعتزال عند انعدام الخليفة للمسلمين‪،‬‬
‫وفي حديث مسلم مدح الجهاد والعتزال في حالةٍ ستأتي مستقبل ً على‬
‫من مشروعية الجهاد عند انعدام المير‪ ،‬وأيهما‬ ‫المسلمين‪ ،‬فهذا َيتض ّ‬
‫أفضل في تلك الحالة الجهاد أم العتزال؟ في حديث مسلم جاء التعبير‬
‫بالواو‪ ،‬ولكن في أحاديث أخرى مرت معنا في فقرة "العزلة" جاءت بـ‬
‫م على العتزال‪.‬‬ ‫"ثم" فالجهاد مقد ّ ٌ‬
‫ط لمن أغمضوا عيونهم إل عن عنوان التهانوي‬ ‫جه بسؤال بسي ٍ‬ ‫وبعد هذا نتو ّ‬
‫ضحوا لنا‬ ‫ة للمسلمين؟ وَ ّ‬ ‫رحمه الله لنسألهم‪ :‬هل أنتم حقا ً تلتمسون خليف ً‬
‫شأتم‬ ‫ل ما يقال‪ :‬هل ن ّ‬ ‫–بارك الله فيكم!‪ -‬ما صنعتموه حتى الن! فأق ّ‬
‫ص تلميذكم على هذا؟ نسأل‬ ‫أولدكم الذين هم من لحمكم ودمكم وخوا ّ‬
‫ة باردة!‬ ‫ة من عوراء غنيم ٌ‬ ‫الله ذلك‪ ،‬ودمع ٌ‬
‫سَير" ‪ 12/2‬قال‪…] :‬وفيه دليل على‬ ‫بل التهانوي نفسه في أول كتاب "ال ّ‬
‫أن الجهاد ل يزال ماضيا ً ما دام السلم والمسلمون إلى ظهور‬
‫ن به هنا؟!!!‬ ‫الدجال وأما بعد ظهوره … [‪ ،‬فكيف يستقيم هذا مع ما عَن ْوَ َ‬
‫إل مع القرار باستمرارية الطائفة المنصورة‪.‬‬
‫وأوضح من هذا كلمه المتين عند الحديث عن القومية الهندية حيث حّرض‬
‫ة‪.‬‬ ‫بجلء على منابذتهم‪..‬إلخ‪ ،‬فراجع كلمه ث َ ّ‬
‫م َ‬
‫وكذلك الشوكاني في نيل الوطار ‪] :8/31‬قوله والجهاد ماض إلخ‪ ،‬فيه دليل‬
‫على أن الجهاد ل يزال ما دام السلم والمسلمون إلى ظهور الدجال[‪.‬‬
‫ض مع الب َّر‬ ‫ب "الجهاد ما ٍ‬ ‫جر في فتح الباري ‪ ] :6/144‬با ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫من قبلهما ابن َ‬ ‫و ِ‬
‫والفاجر" لقول النبي ‪" :‬الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم‬
‫القيامة" … وفي الحديث الترغيب في الغزو على الخيل‪ ،‬وفيه أيضا ً‬
‫زم بقاء الجهاد‬ ‫من ل ِ‬ ‫بشرى ببقاء السلم وأهله إلى يوم القيامة‪ ،‬لن ِ‬
‫‪106‬‬
‫مْثل الحديث الخر "ل تزال‬ ‫بقاء المجاهدين‪ ،‬وهم المسلمون‪ ،‬وهو ِ‬
‫طائفة من أمتي يقاتلون على الحق" الحديث …[‪.‬‬
‫وفي تلخيص الحبير ‪ 3/141‬قال‪] :‬لوجود هذه الطائفة القائمة لله بالحق‬
‫إلى يوم القيامة ل يَحصل الجتماع على الباطل[‪.‬‬
‫وأتاجر‬‫وعلى الِعلت فليست العزلة المرادة من كلم التهانوي أن َأعمل ُ‬
‫ختَلط بمن تيسر لي ثم ل ُأنكر المنكرات وأقول‪" :‬أنا معتزل"!!‬ ‫وأ ْ‬
‫وأسافر َ‬
‫‪10‬ـ وفي "فتح القدير" لبن الهمام ‪] :5/434‬هذا إذا لم يكن النفير عاماً؛‬
‫فإن كان بأن هَجموا على بلدة من بلد المسلمين فيصير من فروض‬
‫رب منهم‬ ‫ق ُ‬
‫فر‪ ،‬وكذا مَن يَ ْ‬‫العيان ‪ ...‬فيجب على جميع أهل تلك البلدة النّ ْ‬
‫قرُب إن لم يكن بمن‬ ‫قرُب ممن َي ْ‬ ‫إن لم يكن بأهلها كفاية‪ ،‬وكذا من يَ ْ‬
‫قرُب كفاية‪ ،‬أو تكاسَلوا‪ ،‬أو عصَوا‪ ،‬وهكذا إلى أن يجب على جميع أهل‬ ‫َي ْ‬
‫السلم شرقا ً وغرباً كجهاز الميت والصلة عليه يجب أولً على أهل‬
‫جزاً َوجب على من ببلدهم على ما ذكرنا‪ ،‬هكذا‬ ‫ح ّلته‪ ،‬فإن لم يفعلوا عَ ْ‬ ‫مَ ِ‬
‫ذكروا ‪....‬‬
‫ويجب أن ل يأثم من عزم على الخروج‪ ،‬وقعوده لعدم خروج الناس‬
‫وتكاسلهم‪ ،‬أو قعود السلطان‪ ،‬أو مَنِْعه[ اهـ‪ .‬ونقل هذا المقطع الخير في‬
‫"البحر الرائق"‪ ،‬وفي "الحاشية" دون تعَّقب‪ ،‬وعليه ملحوظات كثيرة‪:‬‬
‫ل أبداه من عنده وليس منصوصا ً عليه من‬ ‫‪ -‬فسياقته ُيفَهم منها أنها احتما ٌ‬
‫دمه من أهل المذهب؛ لنه ذكره بعد قوله‪ :‬هكذا ذكروا؛ أي‬ ‫كلم من ت ََق ّ‬
‫علماء المذهب‪ ،‬وعّبر عنه بصيغة‪" :‬ويجب أن‪ "...‬التي ُيفَهم منها أنه‬
‫ص في المذهب‬ ‫استنباط من عنده رحمه الله‪ ،‬ولو كان عند ابن الهمام ن ّ‬
‫قط الثم لما توانى في الجزم بعبارته‬ ‫س ِ‬‫مْنع المام ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل في أ ّ‬ ‫أو دلي ٌ‬
‫ولقال‪" :‬ل يأثم من عزم‪..‬إذا منعه السلطان‪ ،"...‬ولو سبقه أحد ٌ من‬
‫م هذا المقطع إلى إخوته من المقاطع التي قبلها‪ ،‬فمن‬ ‫علماء المذهب لض ّ‬
‫َوجد أحد َ علماء المذهب سبق "ابن الهمام" إلى مثل هذا فلُيرشدنا‪.‬‬
‫حَرج من التيان بما لم تأت به الوائل إذا اقترن بالدليل‪ ،‬لكنه لم‬ ‫‪ -‬ول َ‬
‫َيذكر دليل ً واحدا ً ِلما طرحه‪ ،‬بل الدلة على خلفه؛ فإذا كان أمٌر ما فر َ‬
‫ض‬
‫عين فـ )ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق( كما ثبت في الحديث‪ ،‬ولو‬
‫فعل فرض العين لجاء في حديث أو أثرٍ أو في‬ ‫ن السلطان شرطا ً ل ِ‬ ‫كان إذ ُ‬
‫دمين من علماء المذاهب على القل‪.‬‬ ‫قول أحد المتق ّ‬
‫‪ -‬والجهاد حينما يكون فرض كفاية مّثله أهل المذهب بتجهيز الميت للدفن؛‬
‫حد ٌ أ َِثم جميُعهم‪ ،‬فلو عََزم أحد ٌ على تغسيله ودفنه لكنه‬ ‫َ‬
‫فإن لم ي َُقم به أ َ‬
‫من‬ ‫من َعَ من دفنه أفيقال‪ :‬يجب أن ل يأثم َ‬ ‫ن أو َ‬ ‫تكاسل أو قَعَد َ السلطا ُ‬
‫عََزم‪.....‬إلخ؟!!! أم يقال‪" :‬ويأثم تارك تجهيز الميت ولو كان عازما ً مع‬
‫جّهز أجٌر‬ ‫م َ‬
‫ن ول غيره‪ ،‬بل لل ُ‬ ‫تكاسل الناس‪ ،‬ول عبرة بمنع أحدٍ ل سلطا ٍ‬
‫لنه ساهم في إسقاط الثم‪) "...‬هذا في فرض الكفاية(‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ط عند الحنفية في عقد الجمعة؛ فإن لم‬ ‫ن إذن السلطان شر ٌ‬ ‫مأ ّ‬‫‪ -‬ومعلو ٌ‬
‫م ول‬ ‫مَنع من عقدها فهو آث ٌ‬ ‫قدها هو بل َ‬ ‫دها ولم ي َعْ ِ‬
‫يأذن السلطان لحدٍ بعَْق ِ‬
‫َريب‪ ،‬ولكن هل يقال عندها‪" :‬يجب أن ل َيأثم المرء إن تخلف عن‬
‫ده كان لمنع السلطان‪"...‬؟ فإذا شوهد‬ ‫ن قعو َ‬ ‫ّ‬ ‫الجمعة ما دام عازمًا‪ ،‬ولك‬
‫ْ‬
‫ث للمسلمين في بلدٍ بعيدة ثم‬ ‫حد ُ‬‫عيانا ً ل ي َأبه بما ي َ ْ‬‫السلطان – الشرعي‪ِ -‬‬
‫جد المحتاجين أفل‬ ‫بعد هذا لم يأذن لحدٍ من جنده أو رعيته أن يذهب لي ُن ْ ِ‬
‫يكون هو آثمًا؟ بلى؛ إذ ل فرقَ بين الفريضتين‪ ،‬ومن فَّرق فعليه بالدليل‬
‫على تفريقه‪.‬‬
‫‪ -‬فابن الهمام ربط سقوط الثم لتارك الخروج للجهاد ‪-‬عند تحوله إلى‬
‫فرض عين‪ -‬بثلث صور‪ :‬العزم على الخروج مع تكاسل الناس وقعودهم‪،‬‬
‫أو العزم على الخروج مع قعود السلطان‪ ،‬أو العزم على الخروج مع منع‬
‫السلطان‪ ،‬فالسؤال‪ :‬هل يوجد في الشرع نظائر لهذا على القل؟‬
‫بمعنى‪ :‬هل يوجد في شرعنا فرض عين ل يأثم تاركه ‪-‬المستطيع فعله‪-‬‬
‫مَنع السلطان منه؛ ل يأثم بشرط أن يكون المرء‬ ‫ل غيره أو َ‬ ‫س َ‬
‫إذا تكا َ‬
‫عازما ً على فعل الفرض بمجرد أن يفعله السلطان أو الناس؟ هل يوجد‬
‫مثل هذا؟‬
‫سقُط عن المرء إذا‬ ‫ف بين العلماء أن فرض العين ل َي ْ‬ ‫فإنه ل ي ُعَْلم خل ٌ‬
‫تكاسل غيره عن فعله أو إذا تكاسل السلطان أو إذا مَنع السلطان أو‬
‫م الرجل منا على ذاك الفرض أو لم‬ ‫عزَ َ‬
‫البوان أو سواهم؛ سواٌء في ذلك َ‬
‫َيعزم فل َيسقط عنه الفرض ويَأثم بتركه‪ ،‬فهذا المقطع الخير لبن الهمام‬
‫من‬ ‫سل َ‬ ‫رحمه الله َيتعارض مع معنى "فرض على العيان"‪ ،‬فلو كان تكا ُ‬
‫ن‬
‫ض عي ٍ‬ ‫حوله –أيا ً كان‪ُ -‬يعفيه مما تعّين عليه فل يكون هذا الشيء فر َ‬
‫أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -‬ول يقال‪ :‬لعل سبب عدم الثم في عبارة ابن الهمام هو عدم استطاعة‬
‫الخروج لوحده بسبب الخوف من الطريق؛ ل يقال هذا لن علماء‬
‫المذهب لم َيروا خلوّ الطريق من المحاربين وُقطاع الطرق لم يروه‬
‫شرطا ً لوجوب الخروج لمساعدة من هاجمهم العدو عند تعّين الخروج‪،‬‬
‫وراجع كتب المذهب كالحاشية والبدائع والبحر وسواها‪.‬‬
‫ي شيئا ً فلذا يجب أن‬ ‫‪ -‬وليس السبب أيضا ً أنه إن خرج لوحده فلن ي ُغْن ِ َ‬
‫من‬ ‫َيسقط الثم‪....‬ليس هذا هو السبب لنه ربما َيخرج من بلد أخرى َ‬
‫ُينجدهم فينضم المرء إليهم‪ ،‬ولن ابن الهمام نفسه بعد عدة أسطر قال‪:‬‬
‫قدر على الخروج دون الدفع ينبغي أن يَخرج؛ فإن فيه‬ ‫]وأما الذي يَ ْ‬
‫إرهاباً[‪ ،‬فليست القدرة على الدفع شرطا ً للخروج‪ ،‬بل في كلمه قبل‬
‫ة أخرى من‬ ‫سل ناحية ل ُيعفي ناحي ً‬ ‫ن تكا ُ‬ ‫المقطع الذي ندرسه بقليل ذكر أ ّ‬
‫ل ناحية ل‬ ‫س ُ‬‫الخروج‪ ،‬فهل من دليل على هذا التفريق؟ أعني‪ :‬إذا كان تكا ُ‬
‫قط الثم عن ناحية أخرى فكذلك تكاسل أفراد مدينته أو بلده ل‬ ‫س ِ‬
‫يُ ْ‬
‫ُيسقط الثم عنه‪ ،‬وعلى فََرض أن جميع النواحي كسلت وأن السلطان‬
‫‪108‬‬
‫صب الكمائن للعدوّ إن استطاع وإل فالعداد‬ ‫قََعد فواج ٌ‬
‫ب كل فردٍ ن َ ْ‬
‫ل أو‬
‫العسكري الحقيقي للحاق النكاية بالعدوّ المحتل كتفجيرٍ أو اغتيا ٍ‬
‫نحوها‪ ،‬وفي أقل تقدير التحريض باللسان والَبنان لبنائه وتلميذه وأقربائه‬
‫ومعارفه ولو في نطاق المأمونين من المقربين‪ ،‬هذا إن قََعد جميع‬
‫ن الطائفة المنصورة المقاتلة باقية بنص الحديث‬ ‫المسلمين وهيهات! فإ ّ‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫ـ وأخيرًا‪ :‬يا ُترى لو لم يأذن الخليفة العباسي الذي ما كان له يومها من‬
‫الخلفة إل اسمها لو لم َيأذن لـ "صلح الدين" أفكان عليه شرعا ً أن‬
‫ف السلطان‪ ،‬فكيف إذا لم يكن له وجود‬ ‫َينصاع؟ وهذا في خليفةٍ ضعي ِ‬
‫كحالتنا؟ والذين كانوا يَخرجون هل كانوا َيستأذنون عمر‪ ‬واحدا ً واحدا ً؟‬
‫فها هو رضي الله عنه لما أتاه الخبر ]أنه ُأصيب النعمان وفلن وفلن‬
‫ن الله ي َْعرفهم[‪ ،‬وإسناده حسن كما قال‬ ‫ل ل نعرفهم قال‪ :‬ولك ّ‬ ‫ورجا ٌ‬
‫ي َلما وسعه إل إعلن النفير‬ ‫ة ربان ّ‬
‫الهيثمي‪ ،‬فلو كان في أيامنا خليف ٌ‬
‫العام‪ ،‬أو على القل النفير العام للعداد الحقيقي لخوض المعركة‬
‫القتالية‪.‬‬
‫ل دون إذنٍ من المير‬ ‫ـ ويكفي أن الفقهاء اتفقوا على أنه إذا خرج رج ٌ‬
‫فُقِتل فهو شهيد بإذن الله‪.‬‬
‫من سيبقى هنا لي ُعَّلم‬ ‫‪10‬ـ فإن قالوا‪ :‬تص ّ‬
‫وَ ْر أننا خرجنا جميعا ً للقتال َ‬
‫ويعمل ويدعو؟ فقل لهم‪:‬‬
‫حد ّ‬‫ور أن ال َ‬ ‫شب ْهَُتكم إل كشبهة من يقول معترضا ً على حد السرقة‪ :‬تص ّ‬ ‫ـ ما ُ‬
‫طعي اليدي؟!‬ ‫ط ُّبقَ! لرأيت الناس يمشون مق ّ‬
‫مْعتوه أن الحد ّ إن ط ُّبق فلن يبقى سارق واحد! وكذلك لو‬ ‫وما درى هذا ال َ‬
‫سد ّ‬ ‫ما والكفاية لم ت ُ َ‬ ‫جنا إلى باقي الناس‪ ،‬أ َ‬ ‫حت َ ْ‬ ‫دت ل َ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫س ّ‬
‫ت الكفاية و ُ‬ ‫ج ِ‬
‫خر َ‬‫َ‬
‫دم على كل شيء من المندوبات والعدادات‬ ‫فدفع العدو الصائل مق ّ‬
‫السلمية الوهمية‪.‬‬
‫س أن الت ّهُْلكة كانت في ترك النفقة للجهاد وليس في فعل الجهاد‪،‬‬ ‫ـ ول تن َ‬
‫وراجع شرح ‪‬ول ُتلقوا بأيديكم إلى الت ّهُْلكة‪.‬‬
‫ف‬
‫صّر ُ‬ ‫صَلت الكفاية وانتصرنا‪ ،‬لكننا ن َت َ َ‬ ‫ج… لح َ‬ ‫ت وخر َ‬ ‫ت وخرج ُ‬ ‫ـ ولو أنك خرج َ‬
‫ذن لهم‪ ،‬وما كان‬ ‫ذرون من العراب لي ُؤْ َ‬ ‫معَ ّ‬ ‫ذرين ‪‬وجاء ال ُ‬ ‫مع َ ّ‬
‫كالمنافقين ال ُ‬
‫الله الذي ُيريد بنا اليسر لم يكن ليأمرنا بالمستحيل‪.‬‬
‫؟!‬ ‫‪11‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا نرى بين صفوف المجاهدين أخطاء متعددة ‍‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫ـ ومن الذي من الخطاء ل يسلم؟ والصل أن الجهاد لعامة المة ل‬
‫مع حتى في صفوف‬ ‫ج ّ‬
‫ب‪ ،‬والخطأ ل يخلو منه أيّ ت َ َ‬
‫صتهم فحس ُ‬
‫لخا ّ‬
‫مْرتادي الجماعة في المسجد‪ ،‬فهل ت ُْلغي صلة الجماعة لوجود خطأ‬ ‫ُ‬
‫‪109‬‬
‫من بعض المصلين‪ ،‬وهل يقال‪ :‬اترك العمل الصالح حتى تتخّلص من‬
‫ب كثيرون‬ ‫ق الحق واخلع الباطل؟ بل هَ ّ‬ ‫الشر الذي فيك أم يقال‪ :‬أب ْ ِ‬
‫عسى ينالون الشهادة فُتغَفر ذنوبهم‪ ،‬وقد مّربنا في رقم ‪ 8‬قصة أبي‬
‫حجن الذي كان َيشرب الخمَر مرارًا‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ب أهل السنة والجماعة أن النسان قد يجمع إيمانا ً وضلل ً في آ ٍ‬
‫ن‬ ‫ـ ومذه ُ‬
‫ص‪ ،‬وتذك ّْر يوم‬ ‫دت فيه معا ٍ‬ ‫ج َ‬
‫ما فيه منه خير‪ ،‬وُنبغضه إن وُ ِ‬ ‫معًا‪ ،‬فَن ُ ِ‬
‫حّبه ل ِ َ‬
‫جلد‪ ،‬وعَل ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ل رسولنا‬ ‫ما أتي به فَ ُ‬ ‫ب شارب خمر ل ّ‬ ‫َنهى رسولنا‪ ‬أن ي ُ َ‬
‫س ّ‬
‫‪) :‬ل تلعنوه فوالله ما علمت إل أنه يحب الله ورسوله‪ :‬البخاري(‪،‬‬
‫َ‬
‫سنوا‬‫ح َ‬‫ما َقتل أقواما ً ما أ ْ‬ ‫ورسولنا ‪ ‬نفسه ب َرِئَ من صنيع "خالد" ‪ ‬ل ّ‬
‫أن ي ُعَّبروا عن إسلمهم فقالوا‪" :‬صب َْأنا"‪ ،‬فََقت ََلهم "خالد" ‪ ‬فقال‬
‫رسولنا ‪) :‬اللهم إني أ َب َْرأ ُ إليك مما صنع خالد‪ :‬البخاري(‪ ،‬ومع ذلك لم‬
‫شّهر به‪.‬‬‫ي َعْزِْله‪ ،‬ولم ي ُ َ‬
‫ـ أليس هكذا هديُ السلم في التعامل مع الشخاص فعلم َنكيل‬
‫بمكيالين؟‬

‫ءنا وأمهاِتنا ل َيسمحون‬


‫لنا‪،‬‬ ‫ن آبا َ‬
‫‪12‬ـ فإن قالوا‪ :‬إ ّ‬
‫دهم؟ فقل لهم‪:‬‬
‫وزوجاتنا وأولدنا سي َب َْقون لوح ِ‬
‫ض من فروض العيان‪ ،‬فهل ٌتستأذن‬ ‫ـ ل والله ل ُيستأذن أحد ٌ لداء فر ٍ‬
‫ل الجهاد إلى فرض‬‫حو ّ َ‬
‫الزوجة أو الب أو الم للصلة أو الصيام؟ فإن ت َ َ‬
‫كفاف وتسافر؛ لن المر أخطر‪.‬‬ ‫عين ت َت ُْرك لهم ال َ‬
‫حَيل الشيطان في فرض الكفاية‪) :‬إن‬ ‫خِبرنا عن ِ‬‫ـ وهاهو نبيك ‪ ‬ي ُ ْ‬
‫الشيطان قعد لبن آدم بطريق السلم فقال له‪ُ :‬تسلم وتذر دينك ودين‬
‫آبائك؟! فعصاه فأسلم فُغفر له‪ ،‬فقعد له بطريق الهجرة فقال له‪:‬‬
‫تهاجر وتذر أرضك وسماءك؟! فعصاه فهاجر‪ ،‬فقعد له بطريق‬
‫الجهاد فقال له‪ :‬تجاهد وهو جهد النفس والمال‬
‫سم المال؟!!!!‬ ‫فُتقاتل فُتقتل فُتنكح المرأةُ وُيق َ‬
‫فعصاه فجاهد‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :‬فمن فعل ذلك فمات كان‬
‫حقا ً على الله أن يدخله الجنة أو ُقتل كان حقا ً على الله أن يدخله‬
‫ق كان حقا ً على الله أن ُيدْ ِ‬
‫خله الجنة‪ ،‬أو وَقَ َ‬
‫صْته دابة كان‬ ‫الجنة‪ ،‬وإن َ‬
‫غرِ َ‬
‫حقا ً على الله أن يدخله الجنة‪ :‬حديث صحيح(‪.‬‬
‫جَبنة‪ :‬صحح إسناده البوصيري(‪ ،‬وقال‬ ‫م ْ‬
‫ة َ‬
‫خل ٌ‬
‫مب ْ َ‬
‫ـ وقال عن الولد )الولد َ‬
‫ة‬‫جِبن أباه عن الجهاد خشي َ‬ ‫المناوي في شرح الجامع عنده‪] :‬أي يُ ْ‬
‫ضيَْعته‪ ،‬وعن النفاق في الطاعة خوفَ فقره‪ ،‬فكأنه أشار إلى التحذير‬ ‫َ‬
‫من النكول عن الجهاد والنفقة بسبب الولد‪ ،‬بل يكتفي بحسن خلفة‬

‫‪110‬‬
‫جم‪ ،‬فمن طلب الولد للهوى عصى موله ودخل في‬ ‫الله‪ ،‬فُيقْدِم ول ُيحْ ِ‬
‫من أزواجكم وأولدكم عدواً لكم‪.[‬‬ ‫إن ِ‬ ‫قوله تعالى‪ّ  :‬‬
‫ـ فانتصار السلم أغلى ما نتمنى وليست الزوجة أغلى أمانينا؛ لئل نكون‬
‫‪.‬‬ ‫شغَل َْتنا أموالنا وأهلونا‪...‬‬ ‫من أهل ‪َ ‬‬
‫ت بمالك ونفسك؟ فحسبك أن‬ ‫ج َ‬‫ـ فإن قالوا‪ :‬ماذا تترك لهم وقد خر ْ‬
‫ت‬‫دخر ُ‬ ‫ت مالي عند ربي‪ ،‬وا ّ‬ ‫خر ُ‬‫تقول‪ :‬أ َت ُْرك لهم الله ورسوله‪ ،‬قل لهم‪ :‬اد ّ َ‬
‫ديِنه‪ ،‬وقد مرت بنا في رقم‬ ‫ربي لولدي؛ وتذك ّْر قصة "الزبير" ‪ ‬ووفاَء َ‬
‫َ‬
‫مَرنا رسول الله‪‬‬ ‫صديق بكل ماله؛ فعن عمر‪] ‬أ َ‬ ‫صدّق ال ّ‬ ‫‪ ،13‬وتذكر تَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫سب ِقُ أبا بكر‪ ،‬إ ْ‬ ‫أن نتصدق فواَفق ذلك مال ً عندي‪ ،‬فقلت‪" :‬اليوم أ ْ‬
‫ت بنصف مالي‪ ،‬وأتى أبو ب َك ْرٍ بكل ما عنده‪ ،‬فقال له‬ ‫سب َْقُته يومًا"؛ فجئ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ت لهم الله‬ ‫ت لهلك؟ قال‪ :‬أبقي ُ‬ ‫النبي ‪ :‬يا أبا بكر ما أب َْقي ْ َ‬
‫ورسوله[‪.‬‬
‫‪‬فالله خيٌر حافظا ً وهو أرحم الراحمين‪.‬‬
‫مل رزقها‪ ،‬الله َيرزقها وإياكم‪.‬‬ ‫ح ُ‬‫من داّبة ل ت َ ْ‬ ‫‪‬وكأّين ِ‬
‫عبادة بن الصامت"‪ ‬يقول لمقوقس مصر عظيم القبط‪…] :‬وما منا‬ ‫ـ هذا " ُ‬
‫ده إلى‬ ‫رجل إل وهو يدعو ربه صباحا ً ومساًء أن يرزقه الشهادة‪ ،‬وأل ّ ي َُر ّ‬
‫خل َْفه‪،‬‬ ‫م فيما َ‬ ‫بلده ول إلى أرضه ول إلى أهله وولده‪ ،‬وليس لحدٍ منا هَ ّ‬
‫منا[ اهـ ]من‬ ‫منا ما أما َ‬ ‫ل واحد منا رّبه أهَله وولده‪ ،‬وإنما ه ّ‬ ‫دعَ ك ّ‬ ‫سَتو َ‬
‫وقد ا ْ‬
‫كتاب "فتوح مصر وأخبارها"[‪.‬‬
‫ـ أين نحن من مثل خالد بن الوليد الذي اختلط لحمه وعظمه مع حب الجهاد‪،‬‬
‫شر فيها‬ ‫ب وأ ُب َ ّ‬ ‫ح ّ‬‫م ِ‬‫س أنا لها ُ‬ ‫ة ُتهدى إلى بيتي فيها عرو ٌ‬ ‫إذ يقول‪] :‬ما ليل ٌ‬
‫صّبح‬ ‫ُ‬
‫ي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أ َ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫بغلم بأح ّ‬
‫بها العدو‪ :‬أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح[‪.‬‬
‫ل العلماء في إذن الوالدين‪:‬‬ ‫وإليك أقوا َ‬ ‫‪‬‬

‫خوطب بالجهاد فل إذن لهما‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪1‬ـ المغني ‪ ] :9/171‬مسألة‪ .. :‬وإذا ُ‬


‫كل الفرائض ل طاعة لهما في تركها‪ ،‬يعني إذا وجب عليه الجهاد لم‬
‫كه معصية‪ ،‬ول طاعة لحد‬ ‫ض عين وتر ُ‬ ‫ُيعتبر إذن والديه‪ ،‬لنه صار فر َ‬
‫ل الحج والصلة في الجماعة‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ب ِ‬‫ج َ‬ ‫في معصية لله‪ ،‬وكذلك كل ما وَ َ‬
‫مع والسفر للعلم الواجب‪ ،‬قال الوزاعي‪ :‬ل طاعة للوالدين في‬ ‫ج َ‬
‫وال ُ‬
‫ت عليه فلم ي ُعْت ََبر‬ ‫مع والحج والقتال؛ لنها عبادة ت َعَي ّن َ ْ‬ ‫ج َ‬‫ترك الفرائض وال ُ‬
‫إذن البوين فيها كالصلة[‪.‬‬
‫م النفير بأن هجم‬ ‫‪2‬ـ وفي بدائع الصنائع للكاساني ‪] :7/98‬فأما إذا ع ّ‬
‫العدو على بلد‪ ،‬فهو فرض عين ُيفترض على كل واحد من آحاد‬
‫المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى ‪‬انفروا خفافا ً‬
‫حقّ الوالدين ل يظهر في‬ ‫وثقال ً ‪َ…… ‬يخرج …بغير إذن……لن َ‬

‫‪111‬‬
‫فروض العيان كالصوم والصلة ……[ اهـ‪ ،‬وبلد المسلمين واحدة كما‬
‫هو معروف‪.‬‬
‫ب أنه يجب دفعه على‬ ‫‪3‬ـ ابن تيمية‪ ] :‬إذا دخل العدو بلد السلم فل َري ْ َ‬
‫القرب فالقرب‪ ،‬إذ إن بلد المسلمين كلها بمنزلة البلدة الواحدة‪ ،‬وأنه‬
‫غريم[‪.‬‬ ‫يجب النفير إليه بل إذن والد أو َ‬
‫‪4‬ـ بل أعلى من ذلك ما في حاشية ابن عابدين ‪] :4/126‬قال السرخسي‪:‬‬
‫وكذلك الغلمان الذين لم يَبلغوا إذا أطاقوا القتال فل بأس بأن يخرجوا‬
‫ويقاتلوا في النفير العام‪ ،‬وإن كره ذلك الباء والمهات[‪.‬‬
‫ن حزم؛ لن ابن‬ ‫قه كلم اب ِ‬‫حْزم فهذا ما فَ ِ‬ ‫ما من ُيقِنع نفسه بما قاله ابن َ‬ ‫ـ أ ّ‬
‫ضيّعا أو‬ ‫ط في "المحلى" فقال‪] :‬إل أن ُي َ‬ ‫ضَبط جواز التخلف بضاب ٍ‬ ‫حزم َ‬
‫ضّيعا"؟‬ ‫ع منهما[ اهـ‪ ،‬فما معنى "ي ُ َ‬ ‫ضّي ُ‬ ‫من يُ َ‬ ‫حلّ له تركُ َ‬ ‫دهما بعده‪ ،‬فل يَ ِ‬ ‫َأحَ َ‬
‫ة‬
‫حت رواي ٌ‬ ‫ض َ‬‫ضّيع من َيعول(‪ ،‬وو ّ‬ ‫ح في الحديث )كفى بالمرء إثما ً أن ي ُ َ‬ ‫ص ّ‬
‫حِبس عمن َيملك قُوَْته(‪ ،‬فهل‬ ‫لمسلم المر أكثر‪) :‬كفى بالمرء إثما ً أن ي َ ْ‬
‫أمك أو أبوك شيخان كبيران سَيهلكان موتا ً حقيقيا ً بسفرك؟ أم أنك َتبني‬
‫ض عيناه‬ ‫دهما سيموت من الحزن حتى تبي ّ‬ ‫على أوهام ٍ أنهما أو أح َ‬
‫جلطة دماغية‪ ،‬أو بشلل نصفي أو كلي؟‬ ‫فَيعمى‪ ،‬أو ُيصاب ب ُ‬
‫وما هو احتمال هذا؟ هل ‪%100‬؟ وما دليلك على هذا الحتمال؟‬
‫صل له شيٌء مما سلف من‬ ‫ح! إذا كان أحد أبويك سيح ُ‬ ‫تعال فْلنتصار ْ‬
‫دك عنهما أم سماعهما نبأ قتلك؟‬ ‫الحتمالت فهل السبب ُبع ُ‬
‫دك فأجبني‪ :‬لو أن ظالما ً جبارا ً كمخابرات بلدنا العربية‬ ‫إن كان السبب بع َ‬
‫طلبك فهل َتهرب من البلد أم َتبقى؟ بحسب منطقك ينبغي أن تتخفى‬
‫في مكان ما حتى يراك أبواك باستمرار؛ لنك لو خرجت خارج بلدك أو‬
‫حزن أبويك وُيميتهما إذ العادة أن‬ ‫سّلمت نفسك للمخابرات فكلهما سي ُ ْ‬
‫ذر اللقاءات الدائمة بينكما خارج بلدك أو داخل السجن‪ ،‬وإن كنت‬ ‫تتع ّ‬
‫ن الغالب أنك في‬ ‫ل الحلول سَتضرهما ل ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ل الوحيد لهما فإ ّ‬ ‫أنت العائ َ‬
‫خّفْيك ستحتاج إلى من ي ُعِْيلك!‬ ‫تَ َ‬
‫وإن كان السبب سماعهما نبأ قتلك فهذا كلم المنافقين ‪‬لو كانوا عندنا ما‬
‫ماتوا وما قُِتلوا‪ ،‬فجاء الجواب اللهي‪ :‬قل‪ :‬لو كنتم في بيوتكم لب ََرَز‬
‫ب عليهم القتل إلى مضاجعهم ول َِيبَتلي الله ما في صدوركم‬ ‫الذين ك ُت ِ َ‬
‫حص ما في قلوبكم‪.‬‬ ‫وِليم ّ‬
‫وقبل هذا وذاك فإن لبن حزم فتاوى كثيرة ل ُترضي شهوة النفس‪ ،‬فعلم‬
‫ل تأخذ بفتاويه تلك ما دمت من المقلدين؟‬
‫درة على الستنباط من الدلة‬ ‫ت من المجتهدين الذيت َبلغوا الُق ْ‬ ‫وإن كن َ‬
‫حْزم"؟‬ ‫ل مع "ابن َ‬ ‫ت فرأيت الدلي َ‬ ‫بأنفسهم فهل بحث َ‬
‫خدع رب‬ ‫دعني‪ ،‬أو ُتسكُتني‪ ،‬أو ربما ُتقن ُِعني‪ ،‬لكنك لن ت َ ْ‬ ‫أي ّا ً ما كان فقد تَ ْ‬
‫خ َ‬
‫العالمين‪ ،‬فأعد ّ للسؤال جوابًا‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ـ فإن قالوا‪ :‬أمك ستبكي عليك! فقل لها‪:‬‬
‫فدا‬ ‫أماه ديني قد دعـاني للجهاد ولل ِ‬
‫ددا‬‫أماه إني ذاهب للخـلد لـن أت ََر ّ‬
‫ددا ً‬‫م ّ‬‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ي إذا سقط ْ ُ‬ ‫أماه ل تبكي عل ّ‬
‫ت اللقـاء‬ ‫ك أو تذ َك ّْر ِ‬ ‫حت دموعُ ِ‬ ‫وقل لها‪ :‬أماه إن س ّ‬
‫جت فيك البكاء‬ ‫ت وهَي ّ َ‬ ‫دتْ عليك الذكريا ُ‬ ‫وعَ َ‬
‫جودي بالـدعـاء‬ ‫دي بالصبر حينا ً ثم ُ‬ ‫جل ّ ِ‬‫فَت َ َ‬
‫‪‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموا ٌ‬
‫ل‬
‫َ‬
‫ب إليكم من الله‬ ‫ح ّ‬ ‫ضونها أ َ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫ساك ُ‬ ‫م َ‬ ‫دها و َ‬ ‫شون ك َ َ‬
‫سا َ‬ ‫اقترفتموها وتجارةٌ تخ َ‬
‫ي الله ب َِأمرِهِ والله‪ ،‬ل يهدي‬ ‫صوا حتى يأت َ‬ ‫د في سبيله فَت ََرب ّ ُ‬ ‫ها ٍ‬ ‫ج َ‬‫ورسوله و ِ‬
‫القوم الفاسقين‪.‬‬

‫‪13‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا إن خرجنا لمكان "كذا" للعداد ل ندري ما‬
‫دها‪ ،‬فل نعرف أين سنذهب ومن سنقاتل‪ ،‬فيجب أن‬ ‫ُيفعل بنا بع َ‬
‫نكون على بّينة‪ ،‬وربما َنخرج للقتال فل ننال الشهادة‪ ،‬فمن‬
‫َيضمن لنا ذلك‪ ،‬ولعلنا ل نستطيع بعدها الرجوع إلى بلدنا؟‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫حّرر كثيرة‪ ،‬والجبهة لن ت ُْفَتح إل بمن َأعد ّ وتَدَّرَب‪،‬‬ ‫ـ الماكن التي ينبغي أن ت ُ َ‬
‫ة ما‪ ،‬إذا ً وَقَْعنا في مسألة‬ ‫وأنت ل تذهب للعداد والتدّرب حتى ُتفتح جبه ٌ‬
‫دور"‪ :‬فلن َتخرج حتى ُتفَتح جبهة‪ ،‬ولن ُتفتح جبهة حتى َيخرج أمثالك‬ ‫"ال ّ‬
‫ب‪ ،‬فمتى سُتفتح؟!‬ ‫ويتدر َ‬
‫ت لصحابه حتى خرجوا أم كانوا من‬ ‫ـ وهل أعطى رسولنا ‪ ‬ضمانا ٍ‬
‫سمع هَي َْعة أو َفزعة طار…‪ :‬مسلم( ‪ ..‬وانظر كلمة‪:‬‬ ‫أصحاب )كلما َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حّرى ود َّقق وأوَْرد الشكالت وأخذ اليمان‬ ‫مع" ولم يقل ت َث َّبت وت َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫" َ‬
‫مغَّلظة …‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬
‫ة ولو أك َْلتَ‬‫ـ وحسبك أن تعيش في بلدٍ ي ُط َّبق الشريعة السلمية كامل ً‬
‫معهم الحجار!‬
‫ث ِبك الشيطان‪،‬‬ ‫سّرع‪ ،‬واسأل واستفسر‪ ،‬ول ي َعْب َ ْ‬ ‫ـ وعلى أية حال ل ت َت َ َ‬
‫صد ُْقك‪ :‬الّنسائي وهو صحيح(‪ ،‬والتاريخ يشهد‪.‬‬ ‫ق الله ي َ ْ‬‫صد ُ ِ‬
‫ن تَ ْ‬‫و)إ ْ‬

‫صل في سبيل الله فمات أو قُِتل أو‬ ‫من فَ َ‬


‫ن) َ‬‫وحسُبك أ ّ‬ ‫‪‬‬
‫حْتف‬
‫مة أو مات على فراشه بأي َ‬ ‫وَقَ َ‬
‫صْته فرسه أو بعيره أو لدغته ها ّ‬
‫شاء الله‪ ،‬فإنه شهيد وإن له الجنة( أبو داود والحاكم وهو حسن‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫صدق ب َّلغه الله منازل الشهداء وإن مات على‬ ‫ه الشهادة ب ِ ِ‬ ‫من سأل الل َ‬ ‫ـ و) َ‬
‫فراشه‪ :‬مسلم(‪ ،‬وفي رواية لمسلم‪) :‬من طلب الشهادة صادقا ً‬
‫صْبه(‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أعطَيها‪ ،‬ولو لم ت ُ ِ‬
‫من أن ت ُْقتل هناك مرابطا ً أو شهيدًا؟!‬ ‫ض َ‬‫فل يخدعنك من يقول لك‪ :‬هل ت َ ْ‬
‫حْرقا ً أو أ َك ََله‬
‫ن قُِتل أو مات غَرقا ً أو َ‬ ‫ـ وقد ضمن الله للمجاهد الجنة )إ ْ‬
‫سُبع‪ :‬الّنسائي وأحمد والحديث صحيح(‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫خّر عن دابته‬ ‫من بيته مجاهدا ً في سبيل الله عز وجل … فَ َ‬ ‫من خرج ِ‬ ‫ـ) َ‬
‫ومات فقد وقع أجره على الله أو ل َد َغَْته دابة فقد وقع أجره على الله أو‬
‫من مات قَْعصا ً فقد‬ ‫ف أنفه فقد وقع أجره على الله‪ ،‬و َ‬ ‫حت ْ َ‬
‫مات َ‬
‫د"‬‫استوجب المآب( صححه الحاكم وأقره الذهبي؛ وقد سعى لها "خال ٌ‬
‫‪ ‬فما نالها‪.‬‬
‫من َيخرج من بيته مهاجرا ً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وََقع‬ ‫ـ ‪‬و َ‬
‫ح بعد هذا؟‬ ‫أجره على الله‪ ،‬فأيّ وضو ٍ‬
‫‪14‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا –وبصراحة‪ -‬جبناء ولسنا بشجعان‪ ،‬فنحن‬
‫طع أيدينا أو أرجلنا‪ ،‬أو ُتفقأ‬ ‫ل أو ت َُق ّ‬
‫ش ّ‬ ‫نخاف من القتل‪ ،‬نخاف أن ن ُ َ‬
‫من مصروفنا؟ أو ربما نقع في‬ ‫عيوننا‪ ،‬أو نموت من الجوع؛ فمن أين سنؤَ ّ‬
‫السر فنذوق ألوان التعذيب من العدو أو من المخابرات؛ كتقليع‬
‫الظافر ونتف الشعر ولسع الكهَرباء أو غيرها مما ل ن َْقوى عليه‪ ،‬فنخاف‬
‫ن ممن دون العشرين‪ ،‬وكبار‬ ‫أن ل نصبر‪ ،‬وفينا صغار الس ّ‬
‫لهم‪:‬‬ ‫السن ممن تجاوزوا الربعين‪...،‬إلخ‪ ،‬فقل‬
‫ة جهنم أشد ّ جبروتا ً من زبانية‬ ‫سعًا‪ ،‬وَزَباني ُ‬ ‫ـ ‪‬قل‪ :‬نار جهنم أشد ّ حّرا ً‪ ،‬وأشد ّ ل َ ْ‬
‫مرهم‬ ‫َ‬ ‫ة ِغل ٌ‬
‫د‪ ،‬ل ي َْعصون الله ما أ َ‬ ‫شدا ٌ‬‫ظ ِ‬ ‫سجون بلدك‪  ،‬عليها ملئك ٌ‬
‫عو الّزبانية‪ ،‬فيها ما ل عين رأت ول‬ ‫ه‪ ،‬سند ُ‬ ‫مرون‪، ‬فل ْي َد ْعُ نادِي َ ْ‬ ‫وي َْفعلون ما ي ُؤْ َ‬
‫َ‬
‫ؤتى بأن َْعم أهل‬ ‫طر على قلب بشر من ألوان العذاب‪) ،‬ي ُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫سمعت ول َ‬ ‫ن َ‬ ‫أذ ٌ‬
‫ة ثم يقال‪ :‬يا ابن آدم‬ ‫صب ْغَ ً‬
‫صَبغ في النار َ‬ ‫الدنيا من أهل النار يوم القيامة في ُ ْ‬
‫مّر بك نعيم قط؟ فيقول‪ :‬ل والله يا رب!! وُيؤتى‬ ‫ط؟ هل َ‬ ‫ت خيرا ً ق ّ‬ ‫هل رأي َ‬
‫صب َْغة في الجنة فيقال‬ ‫صب َغُ َ‬‫بأشد الناس بؤسا ً في الدنيا من أهل الجنة في ُ ْ‬
‫ط؟ فيقول‪ :‬ل والله‬ ‫مّر بك شدة ق ّ‬ ‫ط؟ هل َ‬ ‫ت بؤسا ً ق ّ‬ ‫له‪ :‬يا بن آدم هل رأي َ‬
‫ط‪ :‬مسلم(‪ ،‬يكفي أن حّر جهنم‬ ‫شد ّةً ق ّ‬ ‫ط ول رأيت ِ‬ ‫س قَ ّ‬ ‫مّر بي ُبؤ ٌ‬ ‫ب ما َ‬‫يا َر ّ‬
‫أشد من نار الدنيا بسبعين ضعفًا‪ ،‬يكفي أن وقودها الناس والحجارة‪ ،‬يكفي‬
‫ض مجاهدا ً لضمان النجاة من النيران‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬فام ِ‬
‫ه لم يأمرنا بما ل ُنطيق‪ ،‬ل نكّلف نفسا ً إل وسعها‪ ،‬ففرقٌ بين الستحالة‬ ‫ـ والل ُ‬
‫وبين الصعوبة والمشقة؛ ‪‬ك ُِتب عليكم القتال وهو ك ُْرهٌ لكم‪.‬‬
‫سم اليمان بالقضاء والقدر‪:‬‬ ‫ـ وأين نحن من ب َل ْ َ‬
‫‪114‬‬
‫ب عليهم القتل إلى مضاجعهم‪،‬‬ ‫كت َ‬ ‫‪‬قل‪ :‬لو كنتم في بيوتكم لب ََرَز الذين ُ‬ ‫‪-‬‬

‫ل وأنت بين أهلك؟ وهل َتضمن أن ل َتصدمك‬ ‫فهل تظن أنك لن ُتش ّ‬
‫جْلطة دماغية‬ ‫ن أن ل ُتصاب ب ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سيارةٌ في َن َْهرس نخاعك الشوكي؟ هل تأ َ‬
‫ح ُ‬
‫ل‬ ‫ل الله يعاقبك لمعصية ترك الجهاد بمرض عضال؛ في َن ْ َ‬ ‫مفاجئة؟ فلع ّ‬
‫جسمك‪ ،‬وي َرِقّ عظمك‪ ،‬وُيحَفر قبرك!‬
‫َ‬
‫ن‬‫مصيب َةٍ إل بإذ ِ‬ ‫ب من ُ‬ ‫‪ -‬قل‪ :‬لن ُيصيبنا إل ما كتب الله لنا‪. *‬ما أصا َ‬
‫الله‪.‬‬
‫‪} -‬وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله ول ِي َْعلم المؤمنين وليعلم‬
‫الذين نافقوا{‪.‬‬
‫‪) -‬واعلم أن ما أصابك لم يكن لُيخطئك‪ ،‬وما أخطأك لم يكن لُيصيبك‪:‬‬
‫كتب عليها اسمك لن ُتخطئك‪.‬‬ ‫الطبراني‪ ،‬وهو حسن(؛ فالرصاصة التي ُ‬
‫مَعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل‬ ‫‪) -‬واعلم أن المة لو اجت َ َ‬
‫ضّروك بشيء لم‬ ‫بشيء قد ك َت ََبه الله لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن ي َ ُ‬
‫ضّروك إل بشيء قد كتبه الله عليك‪ :‬الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حسن صحيح(‪.‬‬ ‫يَ ُ‬
‫سم ِ‬ ‫سّلح بهذا الدعاء ‪ /3/‬مرات حين تصبح‪ ،‬و‪ /3/‬مرات حين ُتمسي )ِبا ْ‬ ‫‪ -‬وت َ َ‬
‫الله الذي ل َيضّر مع اسمه شيٌء في الرض ول في السماء وهو‬
‫من قاله )لم َيضّره شيء‪ :‬حسن صحيح عند‬ ‫السميع العليم(‪ ،‬ف َ‬
‫جأه بلء(‪.‬‬ ‫ْ‬
‫الترمذي(‪ ،‬وفي رواية أبي داود )لم ي َْف َ‬
‫جَعلك في نحورهم‪،‬‬ ‫‪ -‬وكان ‪ ‬إذا خاف قوما ً قال في دعائه‪) :‬اللهم إنا ن َ ْ‬
‫ونعوذ بك من شرورهم‪ :‬سنده صحيح كما قال العراقي(‪.‬‬
‫ت كذا لكان كذا وكذا؛ ولكن قل‪:‬‬ ‫ن أصابك شيٌء فل تقل‪ :‬لو أني فعل ُ‬ ‫‪ -‬فـ)إ ْ‬
‫ل الشيطان( مسلم‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ح عَ َ‬ ‫ن "لو" ت َْفت َ ُ‬ ‫ل؛ فإ ّ‬ ‫قَد َّر الله وما شاء فَعَ َ‬
‫ـ إن ثمن الدعوات باهظ‪ ،‬وثمن نقل المبادئ إلى العالم الفعلي يحتاج إلى‬
‫كثير من التضحيات‪ ،‬والشهداء هم وقودها‪ ،‬وما دبّ على الثرى خير من‬
‫ستهم البأساء والضراء‬ ‫رسولنا ‪ ،‬ومع ذلك قال الله تعالى‪ :‬م ّ‬
‫ف تعبير "ُزلْزلوا"‪ ،‬ولعل هذا َينقلب على‬ ‫وُزلزلوا‪ ،‬فانظر ما أعن َ‬
‫ذلين؛ ليدل على اعوجاجِ نهجهم؛ لن جهادهم المزعوم ل عناء فيه‪.‬‬ ‫خ ّ‬ ‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫ة بالورود والرياحين‪ ،‬فكم‬ ‫ل والله! ما كانت الدعوات يوما ً طريقا ً مفروش ً‬
‫ما ُقتل ‪ /300000/‬إنسان‬ ‫سجن ون ُِفي "لينين" وغيره من دعاة الضلل‪ ،‬أ َ‬ ‫ُ‬
‫حرق ‪ /30000/‬منهم‬ ‫ما ُ‬ ‫رجوا الكنيسة من سيادتها في الغرب‪ ،‬أ َ‬ ‫لُيخ ِ‬
‫أحياء؟ فهذا نتاج تضحيات أقوام من أجل أفكارهم‪.‬‬
‫حن ‪‬أحسب الذين آمنوا‬ ‫م َ‬ ‫هكذا قانون الحياة! فأصحاب المبادئ ل ب ُد ّ لهم من ِ‬
‫فمن أراد أن َيسلك هذه الطريق‬ ‫أن ُيترَكوا أن يقولوا‪ :‬آمنا وهم ل ُيفتَنون‪َ ،‬‬
‫ت على هذه‬ ‫سْر َ‬
‫ب‪ ،‬فاصبر حتى لو ِ‬ ‫صو ْ ٍ‬‫بو َ‬‫حد َ ٍ‬
‫فليتوقع المصائب من كل َ‬
‫شر‬ ‫وب ّ‬ ‫مل ثقيل‪ ،‬ولكن الجر جزيل ‪َ ‬‬ ‫ح ْ‬‫الطريق وحدك‪ ،‬فالطريقُ طويلة وال ِ‬
‫ة قالوا‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون*‬ ‫الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيب ٌ‬

‫‪115‬‬
‫ق‬‫أولئك عليهم صلوات من َربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون‪، ‬إنه من ي َت ّ ِ‬
‫ي على بارد الماء‬ ‫ما أن تأت َ‬ ‫جَر المحسنين‪ ،‬أ ّ‬ ‫وَيصبْر؛ فإن الله ل ُيضيعُ أ ْ‬
‫فهيهات!‬
‫ْ‬
‫جون‪.‬‬ ‫من الله ما ل ي َْر ُ‬ ‫جون ِ‬ ‫‪‬إن تكونوا َتألمون فإنهم َيأَلمون كما ت َأَلمون‪ ،‬وت َْر ُ‬
‫طوا‪ ،‬وكيف نصبر؟ ُيعّلمنا ربنا‪:‬‬ ‫‪‬يا أيها الذين آمنوا اصِبروا وصاِبروا وراب ِ ُ‬
‫‪‬واصبر وما صبرك إل بالله‪‬؛ فاستعن به وأ َك ْث ِْر من الدعاء‪...‬اسأل مولك‬
‫ن‬
‫ست َغْ ِ‬ ‫ف ي ُعِّفه الله‪ ،‬ومن ي َ ْ‬ ‫ست َعِْف ْ‬ ‫الثبات والصبر على مّر القضاء؛ )ومن ي َ ْ‬
‫شر خيرًا؛ فـ)ثلث ٌ‬
‫ة‬ ‫صّبره الله‪ :‬متفق عليه(‪ ،‬واستب ِ‬ ‫صّبر ي ُ َ‬ ‫ي ُغِْنه الله‪ ،‬ومن ي َت َ َ‬
‫حّبان‬ ‫حقّ على الله عونهم‪ :‬المجاهد في سبيل الله…‪ :‬الترمذي وابن ِ‬
‫وسنده حسن(‪ ،‬وكّرر أحاديث الصبر وأجرِ الصابر‪) :‬يأتي على الناس‬
‫مر‪ :‬الترمذي‪ ،‬وهو صحيح‬ ‫ج ْ‬ ‫ن‪ ،‬الصابُر فيهم على دينه كالقابض على ال َ‬ ‫زما ٌ‬
‫شد‬ ‫من قصص أسلفنا الذين صبروا حقّ الصبر فست َ ُ‬ ‫َ‬
‫بمجموع الطرق(‪ ،‬وأد ْ ِ‬
‫متك‪.‬‬ ‫عزيمتك‪ ،‬وسُتعلي ه ّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ما المنافق ‪‬فإذا أوْذِ َ‬ ‫خط من ربك! إياك أن َتشكوَ مولك! أ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ـ وإياك أن ت َ ْ‬
‫جبا ً للمؤمن! إ ّ‬
‫ن‬ ‫ب الله‪ ،‬وأما المؤمن فـ)عَ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫س ك َعَ َ‬‫ة النا ِ‬ ‫ل فتن َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫في الله َ‬
‫شك ََر فكان‬ ‫سّراء َ‬‫أمَره كّله خيٌر‪ ،‬وليس ذاك لحد إل للمؤمن؛ إن أصابته َ‬
‫صبَر فكان خيرا ً له‪ :‬مسلم(‪.‬‬ ‫ضّراء َ‬ ‫ن أصابته َ‬ ‫خيرا ً له‪ ،‬وإ ْ‬
‫وفي سبيـل الله ما‬ ‫ت‬‫مي ْ ِ‬‫ت إل إصبع د َ ِ‬ ‫ـ ما أحلى هذا اللحن‪) :‬هل أن ِ‬
‫ت إصب َُعه في إحدى المشاهد‪.‬‬ ‫ت( البخاري‪ ،‬قالها ‪ ‬لما د َ ِ‬
‫مي َ ْ‬ ‫ل َِقي ْ ِ‬
‫م المجاهدين منكم‬ ‫م في كل الحوال؛ ‪‬ول َن َب ْل ُوَّنكم حتى ن َعْل َ َ‬ ‫حك َ ٌ‬
‫ـ فلله ِ‬
‫سب الذين آمنوا أن ي ُْتركوا أن يقولوا‪ :‬آمنا! وهم ل ي ُْفَتنون؟‪‬‬ ‫َ‬
‫ح ِ‬‫ن‪،‬أ َ‬ ‫والصابري َ‬
‫م‬
‫ما َيعلم ِ الله الذين جاهدوا منكم وَيعل َ‬ ‫خلوا الجنة ول ّ‬ ‫‪، ‬أم حسبتم أن ت َد ْ ُ‬
‫من شوكة فما‬ ‫ة ِ‬‫كب ٌ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫الصابرين‪ ،‬إنها نار التمحيص‪ ،‬و)ل ُيصيب المؤم َ‬
‫ط عنه خطيئة‪ :‬مسلم(؛ إنها‬ ‫جعٌ إل َرفعَ الله له به درجة‪ ،‬وح ّ‬ ‫فوقها‪ ،‬ول وَ َ‬
‫تكفير للسيئات أو رفعٌ للدرجات‪ ،‬وتذكر أنه ‪ ‬قال لعائشة عن العمرة‪:‬‬
‫صِبك‪ :‬متفق عليه(‪ ،‬وعسى أن تكرهوا شيئا ً وهو خير‬ ‫َ‬
‫جُرك على قَد ْرِ ن َ َ‬ ‫)أ ْ‬
‫لكم‪.‬‬
‫ـ فاحمد الله كلما زاد البلء من أجل الدين؛ لنه ِبشارةٌ بصلبة دينك؛ فـ)أشد ّ‬
‫سب دينه‪:‬‬ ‫ل‪ُ ،‬يبتلى الرجل على ح َ‬ ‫ل فالمث ُ‬ ‫الناس بلًء النبياء‪ ،‬ثم المث ُ‬
‫مت البيضة على‬ ‫ش َ‬‫عي َُته‪ ،‬وهُ ّ‬ ‫ت َربا ِ‬ ‫سَر ْ‬ ‫ح وجهه وك ُ ِ‬ ‫جرِ َ‬ ‫البخاري(‪ ،‬هذا نبينا ُ‬
‫رأسه‪ ،‬كما روى لمنا "مسلم"‪] ،‬فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم َتغسل الدم‪ ،‬وكان علي بن أبي طالب َيسكب ‪ ...‬فلما رأت‬
‫ة حصيرٍ فأحَرَقته حتى‬ ‫فاطمة أن الماء ل يزيد الدم إل كثرةً َأخذت قطع َ‬
‫صار رمادا ً ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم‪ :‬مسلم[‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫ـ أخي صبرا ً على ظلم الظالمين‪ ،‬فل بد لليل أن ينجلي‪ ،‬وهذه طريق‬
‫ي‬
‫ب عل ّ‬ ‫ن لم يكن بك غَ َ‬
‫ض ٌ‬ ‫النبياء‪ ،‬فليكن مبدؤك ما ُيروى في السيرة )إ ْ‬
‫فل ُأبالي(‪.‬‬

‫ماذا لَقينا نحن أمام ما لقاه أسلفنا؟‬ ‫‪‬‬


‫ص علينا‪] :‬خرجنا مع رسول الله صلى الله‬ ‫هذا أبو موسى الشعري َيق ّ‬ ‫‪-‬‬
‫قَبت قدماي‬ ‫قبه ‪ ...‬فَنَ ِ‬ ‫ر بيننا بعير نَْعَت ِ‬ ‫عليه وسلم في غَزاة ونحن ستة َنفَ ٍ‬
‫ت غزوةَ ذات‬ ‫ميَ ْ‬‫خرَق؛ فسُ ّ‬ ‫ت أظفاري فكنا ن َُلفّ على أرجلنا ال ِ‬ ‫ط ْ‬ ‫وسق َ‬
‫َ‬
‫ما كنا نَعصبُ على أرجلنا من الخِرَق‪:...‬متفق عليه[ يقول الراوي‬ ‫الرقاعِ ِل َ‬
‫ّ‬
‫ره ذلك ‪ ...‬كأنه كره أن يكون‬ ‫عنه‪] :‬فحدّث أبو موسى بهذا الحديث ثم َك ِ‬
‫شيئا ً من عمله أفشاه[‪.‬‬
‫أول شهيدة في السلم كيف قتلها أبو جهل؟ طعنا ً في‬ ‫َ‬ ‫مار‬
‫‪َ -‬تذَّكر أم عَ ّ‬
‫فرجها‪.‬‬
‫خن عليه؟‬ ‫‪ -‬تذكر كيف كان عم الزبير يَُعلقه وُيشعل النار وُيد ّ‬
‫‪ -‬تذكر ضعاف المسلمين أول أمرهم‪ ،‬تذكر بلل ً كيف عذبوه في حّر‬
‫الشمس اللهب‪.‬‬
‫‪ -‬تذكر أبا ذّرٍ كيف انهالوا عليه ضربا ً حتى خّلصه العباس من أيديهم‪.‬‬
‫ث‬
‫ح ّ‬ ‫ذب فرعون زوجته "آسية"‪ ،‬قال القرطبي‪] :‬قيل‪ :‬هذا َ‬ ‫ومن قبله كم ع ّ‬
‫ف‬
‫للمؤمنين على الصبر في الشدة أي ل تكونوا في الصبر ثم الشدة أضع َ‬
‫ذكر في‬ ‫كر بعض ما ُ‬ ‫من امرأة فرعون حين صبرت على أذى فرعون[‪ ،‬وذ َ‬
‫ن لي عندك‬ ‫ب اب ْ ِ‬‫شد ّ يديها ورجليها فقالت‪ :‬ر ّ‬ ‫عذابها‪] :‬أ َوَْتد لها أوتادًا‪ ،‬و َ‬
‫بيتا ً في الجنة‪ ،‬ووافق ذلك حضور فرعون فضحكت حين رأت بيتها في‬
‫جبون من جنونها إنا نعذبها وهي تضحك! فَقبض‬ ‫الجنة فقال فرعون‪ :‬أل ت َعْ َ‬
‫حّر الشمس أ َظ َل ّْتها الملئكة‬ ‫ذب بالشمس فإذا آذاها َ‬ ‫روحها‪ ... ،‬كانت ت ُعَ ّ‬
‫مر يديها ورجليها في الشمس ووضع على ظهرها‬ ‫س َ‬
‫بأجنحتها‪ ،‬وقيل‪َ :‬‬
‫حى‪ ،‬فأ َط َْلعها الله حتى رأت مكانها في الجنة ‪ ...‬وقيل‪ :‬إنه من‬ ‫َر ً‬
‫مل من‬ ‫د ُّرة ‪....‬فهي تأكل وتشرب وتتنعم[‪ ،‬ويكفيها هذا الوسام النبوي )َك ُ‬
‫َ‬ ‫امرأة‬ ‫عمران‪ ،‬وآسيةَ‬ ‫مل من النساء إل مريمَ بنتَ ِ‬ ‫الرجال كثيرٌ ولم َيكْ ُ‬
‫فرعون‪ :‬صحيح عند الترمذي وغيره(‪.‬‬
‫جر في‬ ‫جر َ‬ ‫‪ -‬أين نحن من الداعية "زينب الغزالي" وما أكرمها الله به وهي ت ُ َ‬
‫سلسل التعذيب ]راجع ما كتبه الشيخ عبد الله عزام[‪.‬‬
‫خذ‬‫ؤ َ‬ ‫‪ -‬هذي هي حالة الصابرين من المم السالفة‪) :‬قد كان مَن قبلكم يُ ْ‬
‫وضع على‬ ‫فر له في الرض فيُجعل فيها‪ ،‬فيُجاء بالمنشار فيُ ْ‬ ‫ح َ‬
‫الرجل فيُ ْ‬
‫ظمه فما‬ ‫شط بأمشاط الحديد ما دونَ لحمه وعَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫رأسه فيُجعل نصفين‪ ،‬ويُ َ‬
‫من هذا المرُ حتى يَسير الراكب من صنعاء‬ ‫والله لَي َتِ ّ‬
‫ِ‬ ‫صدّه ذلك عن دينه‪،‬‬ ‫َي ُ‬
‫والذئب على غَنمه‪ ،‬ولكنكم َتستعجلون‪:‬‬ ‫َ‬ ‫إلى حضرموت ل يَخاف إل اللهَ‬
‫ن دون غيرك‪.‬‬ ‫البخاري(؛ فاستبشر خيرا ً ول تكون ّ‬
‫‪117‬‬
‫‪ ‬يا من تخافون على بطونكم‪،‬يا من تخافون على مصروفكم‪،‬‬
‫ظف العيش‪:‬‬ ‫ش َ‬ ‫يا من تخافون من َ‬
‫من داّبة‬ ‫مل رزقها‪ ،‬الله َيرزقها وإياكم‪‬؟ ‪‬وما ِ‬ ‫ح ُ‬‫من داّبة ل ت َ ْ‬ ‫ـ أما قرأتم ‪‬وكأّين ِ‬
‫ض إل على الله رزقها‪‬؟‬ ‫في الر ِ‬
‫ة فسوف ُيغنيكم الله من فضله إن شاء‪‬؟‬ ‫خْفُتم عَي ْل َ ً‬‫ـ أما سمعتم؟ ‪‬وإن ِ‬
‫ما ً كثيرا ً‬ ‫مراغَ َ‬ ‫من ُيهاجر في سبيل الله َيجد في الرض ُ‬ ‫ست َوْقََفْتكم ‪‬و َ‬‫ـ أما ا ْ‬
‫سعة‪‬؟‬ ‫و َ‬
‫كمل رزقها‪ :‬حديث حسن(؟‬ ‫ستَ ْ‬
‫س حتى تَ ْ‬ ‫ـ أما مّر معكم؟ )لن تموت نف ٌ‬
‫فعلم الخوف؟‬
‫ـ أين التوكل الذي تعلمناه؟ )لو أنكم تتوكلون على الله تعالى حقّ ت َوَك ِّله‬
‫خماصا ً وَتروح ِبطانًا( الترمذي‪ :‬حسن‬ ‫لرزقكم كما َيرزق الطير؛ َتغدو ِ‬
‫صحيح‪.‬‬
‫معين؟‪ ،‬أوليس الماء بيد‬ ‫ن يأتيكم بماء َ‬ ‫م ْ‬ ‫ورا ً ف َ‬ ‫ـ ‪‬قل‪ :‬أرأيتم إن أصبح ماؤكم غَ ْ‬
‫م الخوف؟ أوليس الله قادٌر أن ُيخفي الماء من النيل والفرات‬ ‫الله؟ فم ّ‬
‫ومن جميع الخزانات؟ فعلم التثاقل إلى الرض؟‬
‫ن في الدنيا كأنك غريب أو عابر‬ ‫ـ أين النصائح الذهبية التي تربينا عليها؟ )ك ُ ْ‬
‫دكم كزاد الراكب‪ :‬إسناده جيد(‪) ،‬إياك‬ ‫)إنما يكفي أح َ‬ ‫سبيل( البخاري‪،‬‬
‫مت َن َّعمين‪ :‬رجال أحمد ثقات‪ ،‬والحديث‬ ‫والت ّن َّعم؛ فإن عباد الله ليسوا بال ُ‬
‫كفى خيٌر مما ك َث َُر وألهى‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬وهو صحيح(‪ ،‬فعلم‬ ‫لو َ‬ ‫حسن(‪) ،‬ما قَ ّ‬
‫كل هذا التعلق بالدنيا ونعيمها؟‬
‫ن‬
‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ـ أين ثوابتنا التي نشأنا عليها؟ ‪‬لقد خلْقنا النسان في ك ََبد‪) * ‬الدنيا ِ‬
‫جّنة الكافر‪ :‬مسلم(‪.‬‬ ‫المؤمن و َ‬
‫ـ أين نحن من جوع أسوتنا؟ فكم شد ّ الحجر على بطنه!‬
‫حّفاظ‬ ‫ـ أين نحن من جوع صحبه وتحملهم لعلء هذا الدين؟ هذا سّيد ال ُ‬
‫خرّ فيما بين منبر‬ ‫دثنا ] لقد رأيتُني وإني َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ورواة الحديث أبو هريرة ُيح ّ‬
‫شّيًا عَليّ فَيجِ ْ‬
‫يُء‬ ‫مْغ ِ‬
‫جرَة عائشة َ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُ ْ‬
‫الجائي فيضع رجلَه على عنقي ويرى أني مجنون‪ ،‬وما بي من جنون ما‬
‫بي إل الجوع‪ :‬البخاري[‪.‬‬
‫ثا ِقبَل الساحل‪،‬‬ ‫ـ وذات يوم )بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بَْع ً‬
‫ر عليهم أبا عبيدة ابن الجَرّاح‪ ،‬وهم ثلثمائة(‪ ،‬يقول جابر بن عبد الله‪:‬‬ ‫َفَأمّ َ‬
‫مر أبوعبيدة‬ ‫]وأنا فيهم‪ ،‬فخرجْنا‪ ،‬حتى إذا كنا ببعض الطريق فَنِي الزاد‪ ،‬فََأ َ‬
‫كل‬
‫ّ‬ ‫بأزواد ذلك الجيش فجُمع ذلك كله‪ ،‬فكان مِزْودي َتمر‪ ،‬فكان يَقوتنا‬
‫يوم قليلً‪ ،‬حتى فَنِي فلم يكن يُصيبنا إل تمرة تمرة‪ ،‬فقلت ]القائل هو‬
‫مرةٌ؟ فقال‪ :‬لقد‬ ‫ي يسأل جابر بن عبد الله راوي الحديث[‪ :‬وما تُْغني َت ْ‬ ‫تابع ّ‬
‫رب‪،‬‬ ‫الظ ِ‬
‫ّ‬ ‫قدها حين َفنَِيتْ‪ ،‬ثم انتهينا إلى البحر‪ ،‬فإذا حوتٌ مثلُ‬ ‫َوجْدنا فَ ْ‬

‫‪118‬‬
‫ر أبوعبيدة بضلعين من‬ ‫فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة‪ ،‬ثم َأمَ َ‬ ‫َ‬
‫رتْ تحتهما‪ :‬البخاري(‪ ،‬وعند‬ ‫رحَّلت ثم مَ ّ‬
‫مر براحلة فَ ُ‬ ‫صبا‪ ،‬ثم أَ َ‬
‫أضلعه فنُ ِ‬
‫مسلم )فقلت‪ :‬كيف كنتم َتصنعون بها؟ قال‪ :‬نَمصها كما يَمص الصبي‬
‫الثديَ ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومَنا إلى الليل‪ ،‬وكنا نضرب بعصينا‬
‫الخََبط ثم نَُبّله بالماء فنأكله(؛ أي ورق الشجر اليابس‪ ،‬كانوا يأكلونه‬
‫ضّيعك‬
‫بسبب الجوع الشديد الذي أصابهم‪ ،‬فِثق بالله أيها المجاهد‪ ،‬فلن ي ُ َ‬
‫الله‪.‬‬
‫ب حتى كادوا يموتون من الجوع وليس‬ ‫شع ِ‬ ‫حصروهم في ال ّ‬ ‫ـ تذكر كيف َ‬
‫كر وتذ ّ‬
‫كر‪..‬‬ ‫لديهم إل ورق الشجر‪ ...‬تذ ّ‬

‫ن أنتم من شجاعة وبطولت صغار الصحابة وكبارهم؟‬ ‫أي َ‬


‫عبادة بن الصامت" ‪ ‬يقول لمقوقس مصر عظيم القبط‪…] :‬وما منا‬ ‫ـ هذا " ُ‬
‫ده إلى‬ ‫ل إل وهو يدعو ربه صباحا ً ومساًء أن يرزقه الشهادة‪ ،‬وأل ّ ي َُر ّ‬ ‫رج ٌ‬
‫خل َْفه‪ ،‬وقد‬‫م فيما َ‬ ‫بلده ول إلى أرضه ول إلى أهله وولده‪ ،‬وليس لحدٍ منا هَ ّ‬
‫منا[ اهـ ]من‬ ‫منا ما أما َ‬‫ل واحد منا رّبه أهَله وولده‪ ،‬وإنما ه ّ‬ ‫دعَ ك ّ‬‫سَتو َ‬‫ا ْ‬
‫كتاب ‪:‬فتوح مصر وأخبارها[‪.‬‬
‫ـ ولما ارتد ّ طليحة السدي جاءه ابن الوليد بجنده‪ ،‬فلما رأى طليحة كثرة‬
‫انهزام أصحابه قال‪] :‬ويلكم ما يَهزمكم؟ قال رجل منهم‪ :‬أنا أحدثك ما‬
‫لنلقى‬ ‫َيهزمنا! إنه ليس منا رجل إل وهو ُيحب أن يموت صاحُبه قبله‪ ،‬وإنا َ‬
‫قوماً كلهم ُيحب أن يموت قبلَ صاحبه[ راجع ‪ 8/175‬من سنن البيهقي‪.‬‬
‫س القتل إل كما َيجد أحدكم‬ ‫ـ وعلم تخاف من القتل و)ما يجد الشهيد من م ّ‬
‫س القرصة‪ :‬الترمذي وصححه الشيخ شاكر(؟‬ ‫من م ّ‬
‫ـ وعَد َد ُ الذين ُقتلوا بالحوادث أليس أكبر ممن ُقتل في المعارك من‬
‫المجاهدين؟ بل إصابات كرة القدم من الكثرة بمكان‪ ،‬فما دام الموت ل‬
‫شك مرض السكري وتصّلب الشرايين‪،‬‬ ‫ص منه فمت شهيدا ً بدل أن َينه َ‬ ‫منا َ‬ ‫َ‬
‫وسرطان الرئة‪...‬إلخ‪.‬‬
‫؟…… فعلم‬ ‫ل مظاّنه فما قُِتل! ‍‬ ‫ـ أَولم َيطلب "خالد بن الوليد " ‪ ‬القت َ‬
‫در لي إل أن أموت‬ ‫ت القتل فلم ي َُق ّ‬‫الخوف؟! أما قال عند وفاته‪] :‬لقد طلب ْ ُ‬
‫مت َت َّرس بها ثم‬ ‫َ‬
‫على فراشي‪ ،‬وما من عملي أْرجى من ل إله إل الله وأنا ُ‬
‫عدة في سبيل الله‪:‬‬ ‫ت فانظروا سلحي وفرسي فاجعلوه ُ‬ ‫م ّ‬
‫قال‪ :‬إذا أنا ِ‬
‫الطبراني وإسناده حسن[‪.‬‬
‫ت كذا وكذا موقفًا‪ ،‬وما من عضو من أعضائي إل‬ ‫أما روي عنه‪] :‬لقد َ‬
‫شهِد ْ ُ‬
‫ة أو طعنة أو ضربة‪ ،‬وها أنا ذا أموت على فراشي كما َيموت‬ ‫وفيه رمي ُ‬
‫العَْير‪ ،‬فل نامت أعين الجبناء[‪ ،‬يعني أنه يتألم لكونه ما مات قتيل ً في‬
‫الحرب‪ ،‬ويتأسف على ذلك‪] .‬راجع البداية لبن كثير‪ ،‬وسير النبلء للذهبي[‪،‬‬
‫والعَْير= الحمار الوحشي والهلي‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫أما كتب في رسالته‪) :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪ .‬من خالد بن الوليد إلى‬
‫رازبة فارس‪ :‬السلم على من اتبع الهدى فإني أحمد الله الذي ل إله إل‬ ‫مَ ِ‬
‫ملككم‪ ،‬فإذا جاءكم‬ ‫ب ُْ‬ ‫هن َبْأسكم‪ ،‬وسََل َ‬ ‫هو ‪ ...‬الذي ‪َ...‬فرّق جماعتكم‪ ،‬ووَ ّ‬
‫ي بالرهن‪ ،‬وإل‬ ‫كتابي هذا فاعتقدوا مني الذمة وأدوا إليّ الجِزية وابعثوا إل ّ‬
‫فوالله الذي ل إله إل هو للقاكم بقوم ُيحبون الموت كحبكم الحياة‪ :‬أبو‬
‫يعلى(‪.‬‬
‫أولم يقل لهل مدينةٍ أغلقوا حصونهم في وجهه‪] :‬أين تذهبون منا؟ والله لو‬
‫مط ََركم علينا[‪ ....‬فُفِتحت‬ ‫َ‬
‫دنا الله إليكم أو أ ْ‬ ‫صعدتم إلى السحب لصعَ َ‬ ‫َ‬
‫المدينة؟‬
‫ل‪ :‬ما أكثر الروم؟ فقال له خالد ‪] :‬اسكت! بل ما أقّلهم!‬ ‫ألم َيقل رج ٌ‬
‫ت[‪ ،‬والشقر فرسه‪.‬‬ ‫ددهم زاد وأن الشقر ُ‬
‫شفي َ ْ‬ ‫ت لو أن عَ َ‬ ‫وَدِد ْ ُ‬
‫ن "ماهان" أن المسلمين خرجوا بسبب الجوع فقال‪] :‬إنا قد علمنا أن‬ ‫أما ظ ّ‬
‫طي كلّ رجل‬ ‫ُ‬
‫ما أخرجكم من بلدكم الجهدُ والجوع‪ ،‬فهلموا إلى أن أ عْ ِ‬
‫منكم عشرة دنانير وكسوةً وطعاما ً وتَرجعون إلى بلدكم فإذا كان من‬
‫خرِجنا من بلدنا ما‬ ‫العام المقبل بعثنا لكم بمثلها‪ ،‬فقال خالد‪ :‬إنه لم يُ ْ‬
‫ب من دَم الروم‬ ‫طيَ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ذكرتَ غير أنا قومٌ َنشرب الدماء‪ ،‬وإنه بََلَغنا أن ل دَ َ‬
‫دث به العرب[‪،‬‬ ‫ح ّ‬‫فجئنا لذلك! فقال أصحاب "ماهان"‪ :‬هذا والله ما كنا نُ َ‬
‫َ‬
‫زموا بإذن الله ]راجع "البدابة" لبن كثير‬ ‫ه الرعب فيهم وهُ ِ‬ ‫فأْلقى الل ُ‬
‫‪.[7/10‬‬
‫ت عمارا ً يوم الَيمامة على‬ ‫ـ وفي معركة "اليمامة" ُيحدثنا ابن عمر ‪] :‬رأي ُ‬
‫ن الجنة ت َِفّرون؟! أنا‬ ‫َ‬ ‫صخرةٍ وقد أ ْ‬
‫م َ‬‫شَرف َيصيح‪ :‬يا معشر المسلمين أ ِ‬
‫ب‪،‬‬‫طعت فهي ت َذ َب ْذ َ ُ‬ ‫ي! وأنا أنظر إلى أذنه قد قُ ِ‬ ‫"عمار بن ياسر" هَل ُ ّ‬
‫موا إل ّ‬
‫وهو يقاتل أشد ّ القتال[ أخرجه ابن سعد‪.‬‬
‫َ‬
‫ل إلى سعدٍ )قد أمْدَْدتك‬ ‫ي أن عمر‪ ‬أرس َ‬ ‫ـ أل تذكر كتب التاريخ السلم ّ‬
‫رب وطُليحة بن خويلد الأسدي فشاوِْرهما‬ ‫لفي رجل عمرو بن مَْعديْ َك ِ‬ ‫بأ َ‬
‫خلوا الجيش بما‬ ‫وّلهما(؛ لعظيم شجاعتهما فُيخشى أن ُيد ِ‬ ‫في الحرب ول تُ َ‬
‫ل قَِبل له به‪.‬‬
‫ـ وفي تاريخ الطبري أن أبا بكر أمد ّ خالدا ً بـ "القعقاع بن عمرو التميمي"‬
‫زم جيشٌ فيهم مثل هذا[‪.‬‬ ‫فقيل باستغراب‪ :‬رجل!!!؟ فقال ‪] :‬ل يُْه َ‬
‫ط "ثابت بن قيس" ‪ ‬يوم اليمامة وقال‪…] :‬ما هكذا كنا نفعل‬ ‫حن ّ َ‬
‫ـ أولم َيت َ‬
‫ودُتم أقراَنكم ‪ :‬البخاري[‪ ،‬فقاَتل حتى ُقتل‪.‬‬ ‫مع رسول الله ‪ ،‬بئسما ع ّ‬
‫وشِهدَ أبو دجانة بدراً وكانت عليه يوم بدر عِصابة‬ ‫ـ وعند ابن سعد ] َ‬
‫حمراء ‪ ...‬كان أبو دجانة يُْعَلم في الزّحوف بعصابة حمراء ‪ ...‬وشهد‬
‫أيضا ‪..‬أُحداً وثَبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه على‬ ‫ً‬
‫الموت ‪.....‬عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ‬
‫كل إنسان‬ ‫ّ‬ ‫سطوا أيديهم‬ ‫فب َ‬ ‫سيفا يوم أحد فقال‪ :‬من يأخذ هذا السيف؟ َ‬ ‫ً‬

‫‪120‬‬
‫جم القوم فقال‪ ...:‬أبو‬ ‫ح َ‬ ‫من يَأخذه بحقه؟!! فأَ ْ‬ ‫منهم يقول‪ :‬أنا أنا‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫ففَلق به هام المشركين[‪ ،‬و]حين أعطاه‬ ‫دجانة أنا آخذه بحقه! فأخذه َ‬
‫النبيّ صلى الله عليه وسلم سيفه يوم أحد ‪ ...‬ارتجز يقول‪:‬‬
‫أنا الذي عاهدني خليلي بالشّعب ذي السّفح لدى النخيل‬
‫الفول إضرب بسيف الله والرسـول‪...‬‬ ‫أل أكون آخر ُ‬
‫وشهد أبو دجانة اليمامة‪ ،‬وهو فيمن شَرَك في قتل مسيلمة الكذاب وقُتل‬
‫أبو دجانة يومئذ ‪...‬في خلفة أبي بكر الصديق[ اهـ‬
‫الكرّار ‪ ...‬شَهد أحداً‬ ‫ـ أَلم ي ُت َْرجم الذهبي لنا "البراء بن مالك" ‪] ‬البطل َ‬
‫وبايع تحت الشجرة‪ ،‬قيل كَتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الجيش ل‬
‫َتستعملوا البراء على جيشٍ فإنه مَْهلكة من المهالك َيقْدُم بهم‪ ،‬وبََلَغنا أن‬
‫س على‬ ‫ر ٍ‬ ‫ملوه على تُ ْ‬ ‫ح ِ‬‫أصحابه أن يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫مرَ‬ ‫البراء يومَ حرب مسيلمة الكذاب أَ َ‬
‫َأسِنّة ِرماحهم ويُْلقوه في الحديقة فاقتحم إليهم وشَدّ عليهم وقاتَل حتى‬
‫افتتح باب الحديقة فجُرح يومئذ بضعة وثمانين جرحاً‪ ،‬ولذلك أقام خالد بن‬
‫شتَهر أن البراء َقتَل في حروبه مئة‬ ‫الوليد عليه شهراً ُيداوي جراحه‪ ،‬وقد ا ْ‬
‫نفسٍ من الشجعان مبارزةً[‪.‬‬
‫سم على‬ ‫مرَين لو َأْق َ‬ ‫ضّعف ذي طِ ْ‬ ‫عيف مَُت َ‬
‫ٍ‬ ‫]عن أنسٍ مرفوعاً قال‪) :‬كم من ضَ‬
‫جع‬ ‫ي المشركين وقد أَْو َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن البراء َل ِ‬ ‫الله لََبرّه منهم البراء بن مالك(‪ ،‬وإ ّ‬
‫المشركون في المسلمين فقالوا له‪ :‬يا براءُ إن رسول الله صلى الله عليه‬
‫م على ربك‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فأقس ْ‬
‫ِ‬ ‫لَبرّك‪،‬‬ ‫وسلم قال‪ :‬إنك لو َأقسمتَ على الله َ‬
‫حَتنا أكتافهم[‪.‬‬ ‫سم عليكَ يا َربّ َلمّا مَنَ ْ‬ ‫ُأْق ِ‬
‫ـ و)لما كان يوم أحد انهزم ناس من الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ...‬وكان أبو طلحة رجل ً‬
‫مر معه‬ ‫سر يومئذ قوسين أو ثلثًا‪ ،‬فكان الرجل ي َ ُ‬ ‫راميا ً شديد الن ّْزع‪ ،‬وك َ َ‬
‫شرف نبي الله صلى الله‬ ‫جْعبة من الن ّْبل فيقول‪ :‬انثرها لبي طلحة‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫ال َ‬
‫عليه وسلم ي َْنظر إلى القوم فيقول أبو طلحة‪ :‬يا نبي الله بأبي أنت وأمي‬
‫صْبك سهم من سهام القوم‪ ،‬نحري دون نحرك‪ ...،‬ولقد‬ ‫شرف ل ي ُ ِ‬ ‫ل تُ ْ‬
‫وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين أو ثلثا ً من النعاس‪ :‬متفق‬
‫عليه(‪ ،‬و)كان أبو طلحة حسن الرمي وكان يتترس مع النبي صلى الله‬
‫ي‪ ،‬فكان إذا رمى‬ ‫ن الرم ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫عليه وسلم بترس واحد‪ ،‬وكان أبو طلحة َ‬
‫شّرف النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى موضع ن َْبله‪ :‬البخاري(‪.‬‬ ‫تَ َ‬
‫قال الذهبي في سيره‪] :‬كان إذا بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم جثا بين‬
‫يديه وقال‪ :‬نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء‪ ...‬قال رسول‬
‫الله‪ :‬لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة[‬
‫ب الكعبة[!!!‬ ‫ت ور ّ‬‫ـ حقا ً ما أقواها من كلمة‪] :‬فُْز ُ‬
‫ما أرسل نبينا سبعين من النصار يقال لهم‪ :‬القراء‪ ،‬وكان‬ ‫وذلك ل َ ّ‬
‫القراء] يقرؤون القرآن ويتدارسون بالليل يتعلمون‪ ،‬وكانوا بالنهار َيجيئون‬

‫‪121‬‬
‫بالماء فَيضعونه في المسجد وَيحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام‬
‫مْلحان" فوقف‬ ‫سلهم ومنهم "حرام بن ِ‬ ‫لهل الصفة وللفقراء‪ :‬مسلم[‪ ،‬فأر َ‬
‫َ‬
‫]فبينما يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أومؤوا إلى رجل منهم‬
‫ب الكعبة"‪ ،‬ثم مالوا على بقية‬ ‫ت ور ّ‬ ‫ذه‪ ،‬فقال‪" :‬الله أكبر! فُْز ُ‬ ‫فطعنه فأنَف َ‬
‫أصحابه فقتلوهم ‪ ....‬فأخبر جبريل عليه السلم النبي صلى الله عليه‬
‫ن‬
‫ي عنهم وأرضاهم‪ ،‬فكنا نقرأ‪" :‬أ ْ‬ ‫وسلم أنهم قد لقوا ربهم فرض َ‬
‫د‪ ،‬فدعا عليهم أربعين‬ ‫سخ بع ُ‬ ‫ن قد َلقينا ربنا وأرضانا"‪ ،‬ثم ن ُ ِ‬ ‫ب َّلغوا قومنا أ ْ‬
‫صّية الذين عصوا الله تعالى‬ ‫عل وذكوان وبني لحيان وبني عُ َ‬ ‫صباحًا؛ على رِ ْ‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬البخاري[‪.‬‬
‫مْلحان ‪ ...‬يوم بئر معونة قال بالدم‬ ‫حرام بن ِ‬ ‫ما ط ُِعن َ‬ ‫وفي رواية للبخاري‪] :‬ل َ ّ‬
‫ب الكعبة[‪ ،‬فماذا بعد‬ ‫ت وَر ّ‬ ‫حه على وجهه ورأسه ثم قال‪ :‬فُْز ُ‬ ‫هكذا‪ ،‬فَن َ َ‬
‫ض َ‬
‫هذا؟ يا ويحنا ما أجبَننا‪ ،‬وما أشجعهم‪ ،‬وما أسرعهم إلى جنة عرضها‬
‫السموات والرض‪.‬‬
‫ـ حتى النساء حفظ لنا التاريخ نماذج راقية لبطولت فريدة قلما تجدها في‬
‫الرجال وهم رجال‪ ،‬هذه "َنسيبة بنت ك َْعب المازنية" "أم عمارة" قال‬
‫وشهدت أحداً‬ ‫َ‬ ‫شِهدَت أم عمارة ليلة العقبة‪،‬‬ ‫الذهبي في "سيره"‪َ ] :‬‬
‫وقُطعت‬ ‫والحديبية ويوم حُنين ويوم اليمامة‪ ،‬وجاهدت وفعلت الفاعيل‬ ‫ُ‬
‫شهدت أحداً مع زوجها ‪ ...‬ومع ولديها‪،‬‬ ‫يدها في الجهاد‪ ،‬وقال الواقدي‪َ :‬‬
‫وجرِحت اثني عشر جرحا ً[‬ ‫خرجت تسقي ‪ ...‬وقاتلت وأَْبلت بلء حسناً‪ُ ،‬‬
‫لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من‬ ‫‪،‬ومما أ ُث َِر عن رسول الله فيها ) ُ‬
‫مُقام فلن وفلن‪ ،‬وكان يراها يومئذ تقاتل أشدّ القتال‪ ،‬وإنها لحاجزة ثوبها‬
‫على وسطها حتى جُرحت ثلثة عشر جرحاً(‪ ،‬وقال عنها وعن زوجها‬
‫وأولدها في المعركة‪) :‬اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة(‪ ،‬ثم قال الذهبي‪:‬‬
‫طعت يدُها يوم اليمامة‪،‬‬ ‫د اثني عشر جرحاً‪ ،‬وقُ ِ َ‬ ‫بأحُ ٍ‬ ‫رحَت أم عمارة ُ‬ ‫]جُ ِ‬
‫مت المدينة وبها‬ ‫فقدِ َ‬‫وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أَحد عشر جرحاً‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫سأل عنها‪،‬‬ ‫الجراحة‪ ،‬فلقد رُِئي أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفةٌ يَْأتيها َي ْ‬ ‫ِ‬
‫طَعه مسيلمة‪ ،‬وابنها الخر ‪ُ ...‬قتل يوم‬ ‫وابنها "حبيب"‪ ....‬هو الذي قَ ّ‬
‫الحرّة‪ ،‬وهو الذي قَتَل مُسيلمة الكذاب[‪] ،‬وذكر الواقدي أنه لما بََلغها قَْتل‬ ‫َ‬
‫دت الله أن تموت دون مسيلمة أو تُقتل‪ ،‬فشهدت‬ ‫ابنها "حبيب" عاهَ َ‬
‫وقطعت‬ ‫اليمامة مع خالد بن الوليد ومعها ابنها عبد الله فقَتل مسيلمة‪ُ ،‬‬
‫يدها في الحرب[‪.‬‬
‫جت ومعي سقاء وفيه ماء فانتهينا إلى‬ ‫ُ‬
‫وها هي ذي ُتحدثنا عن يوم أحد‪] :‬خر ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح‬
‫ت إلى رسول الله صلى الله عليه‬ ‫للمسلمين‪ ،‬فلما انهزم المسلمون انحَزْ ُ‬
‫وأْرمي عن القوس حتى‬ ‫ب عنهم بالسيف‪َ ،‬‬ ‫وسلم‪ ،‬فكنت أباشر القتال وأَُذ ّ‬
‫وٌر فقلت‪ :‬من‬ ‫غ ْ‬
‫وف له َ‬ ‫ت الجراح إليّ ‪-‬فرأيت على عاتقها جرحاً َأجْ َ‬ ‫ص ْ‬‫خَُل َ‬
‫]أْقبَل ابن قمئة وقد وَّلى الناس عن‬ ‫أصابك بهذا؟ قالت‪ :‬ابن قمئة[‪َ ،‬‬
‫‪122‬‬
‫ض له‬‫ر َ‬ ‫رسول الله يَصيح‪ :‬دلوني على محمد فل نجوتُ إن نجا‪ ،‬فاعتَ َ‬
‫مصعب بن عمير وناسٌ معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة‪ ،‬ولقد‬
‫ضربته على ذلك ضرَبات‪ ،‬ولكن عدو الله كان عليه درعان‪.... ،‬وكان‬
‫أعظم جراحها فداوته سنة‪ ،‬ثم نادى منادي رسول الله إلى "حمراء السد"‬ ‫َ‬
‫دت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم‪ ،‬ولقد مكثنا ليلتنا نكمد‬ ‫ش ّ‬
‫َف َ‬
‫الجراح حتى أصبحنا‪ ،‬فلما رجع رسول الله من الحمراء ما وصل رسول‬
‫الله إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يَسأل عنها[‪.‬‬
‫قالت أم عمارة‪] :‬قد رأيتُني وانكشف الناس عن رسول الله فما بقي إل في‬
‫ب عنه‪ ،‬والناس‬ ‫مون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نَذُ ّ‬ ‫َنفير ما يُِت ّ‬
‫يا معه ترس‪،‬‬ ‫وّل ً‬‫م َ‬‫س معي‪ ،‬فرأى رجلً ُ‬ ‫مرّون به منهزمين ورآني ل ُترْ َ‬ ‫َي ُ‬
‫سك إلى من يُقاتل‪ ،‬فألقى ترسه‪ ،‬فأخذتُه‪،‬‬ ‫ق ُترْ َ‬
‫فقال لصاحب الترس‪ :‬أَْل ِ‬
‫فجعلت أتترس به عن رسول الله‪ ،‬وإنما فعل بنا الفاعيل أصحاب الخيل‪،‬‬
‫قبِل رجل على فرس‬ ‫جالة مثَلنا أصبناهم إن شاء الله‪ُ ،‬‬
‫في ْ‬ ‫لو كانوا َر ّ‬
‫وولى‪ ،‬وأضرب عُرقوب فرسه‬ ‫ّ‬ ‫فضربني وتترستُ له‪ ،‬فلم يَصنع سيفه شيئاً‬
‫فوقع على ظهره فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح بابن أم‬
‫مك أمّك‪ ،‬فعاونني عليه[‪.‬‬ ‫عمارة‪ :‬أُ ّ‬
‫]جرحت يومئذ جرحاً في عضدي اليسرى ضربني رجل ‪ ...‬ولم‬ ‫دث ابنها‪ُ :‬‬ ‫وح ّ‬
‫َ‬
‫رَقأ‪ ،‬فقال رسول الله‪ :‬اعصب‬ ‫ُيَعرّج عليّ‪ ،‬ومَضى عني وجعل الدم ل يَ ْ‬
‫دْتها للجِراح‪،‬‬ ‫ويها قد أَعَ ّ‬ ‫ق َ‬‫ح ْ‬‫قبِل أمي إليّ ومعها عصائب في ِ‬ ‫فت ْ‬
‫جرحك‪ُ ،‬‬
‫فضارب‬
‫ِ‬ ‫إلي ثم قالت‪ :‬انهض بَُن ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ت جرحي والنبي واقف يَنظر‬ ‫فربط ْ‬
‫َ‬
‫ن يُطيق ما تُطيقين يا‬ ‫وم ْ‬‫القوم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪َ :‬‬
‫أم عمارة؟ قالت‪ :‬وأقبل الرجل الذي ضرب ابني فقال رسول الله‪:‬هذا‬
‫سم‬‫عتَرض له فأضرب ساقه؛ فََبرَك‪ ،‬فرأيتُ رسول الله يَتََب ّ‬ ‫ضاربُ ابنك‪ ،‬فأَ ْ‬
‫قدتِ يا أم عمارة ‪ .....‬فقال النبي صلى الله‬ ‫اسَت َ‬
‫حتى رأيتُ نواجذه وقال‪ْ :‬‬
‫عليه وسلم‪ :‬الحمد لله الذي ظَفرك وأَقَّر عينك من عدوك‪ ،‬وأراك ثأرك‬
‫بعينك[‪ ،‬أفل َنخجل من أنفسنا ونحن رجال؟‬
‫]راجع لما مضى من سيرتها طبقات ابن سعد والصابة وسير أعلم النبلء[‬
‫من قال‪ :‬إن الصحابة كانوا على درجة واحدة من الشجاعة؟ من قال‪:‬‬ ‫ـ ثم َ‬
‫إنه لم يكن منهم من يخاف؟ لكنهم توكلوا على الله واستبشروا بوعد الله؛‬
‫ل من ليلة القدر؟‬ ‫ة أفض َ‬ ‫فحلوة الجر ُتنسي مرارة الصبر‪) ،‬أل أ ُن َب ُّئكم ليل ً‬
‫ف لعله أل ّ يرجعَ إلى أهله(‪ ،‬الحاكم وسنن‬ ‫ض خو ٍ‬ ‫حَرس في أر ِ‬ ‫س َ‬ ‫حار ٌ‬
‫ج "=‬ ‫ئ َرهْ ٌ‬‫ب امر ٍ‬ ‫البيهقي والحديث على شرط البخاري‪) ،‬ما خاَلط قل ُ‬
‫خوف" في سبيل الله إل حّرم الله عليه النار‪ :‬رجاله ثقات وهو حسن(‪،‬‬
‫)خير الناس منزلة‪ :‬رجل على متن فرسه‪ُ ،‬يخيف العدو ويخيفونه‪ :‬صحيح‬
‫لغيره‪ ،‬وجاء بإسناد جيد(‪.‬‬
‫ـ وفي البخاري )أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير‬
‫ت كذبتم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل‬ ‫شد َد ْ ُ‬ ‫شد ّ معك؟ فقال‪ :‬إني إن َ‬ ‫شد ّ فن َ ُ‬
‫يوم اليرموك‪ :‬أل ت َ ُ‬
‫‪123‬‬
‫شقّ صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد‪ ،‬ثم رجع‬ ‫حمل عليهم حتى َ‬ ‫ن َْفعل‪ ،‬ف َ‬
‫ضرَِبها يوم‬ ‫مْقبل ً فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫خل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ت أد ْ ِ‬ ‫بدر‪،‬قال عروة‪ :‬كن ُ‬
‫قال عروة‪ :‬وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين‬
‫ل به رج ً‬
‫ل(‪.‬‬ ‫مله على فرس ووَك َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف َ‬
‫ضر رضي الله‬ ‫دثنا أنس بن مالك عن عمه فقال‪) :‬عمي أَنس بن النّ ْ‬ ‫ـ ألم يح ّ‬
‫شَهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم َبدر‬ ‫ت به لم يَ ْ‬ ‫مْي ُ‬‫عنه سُ ّ‬
‫شهد شَهده رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫أول مَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق عليه وقال‪:‬‬ ‫ش ّ‬ ‫َف َ‬
‫دا فيما بعدُ مع رسول الله صلى الله‬ ‫شَه ً‬ ‫م ْ‬ ‫ت عنه لئن أَراني الله تعالى َ‬ ‫غبْ ُ‬ ‫ِ‬
‫شِهد مع رسول الله صلى‬ ‫ع ‪َ ....‬ف َ‬
‫صنَ ُ‬‫ن الله عز وجل ما َأ ْ‬ ‫عليه وسلم لََيرََي ّ‬
‫الله عليه وسلم يومَ أُحد فاستقبلَ سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال له‬
‫حد‪،‬‬‫واها لريح الجنة إني أَجده دون أُ ُ‬ ‫ً‬ ‫أنس رضي الله عنه‪ :‬يا أبا عمرو أين؟‬
‫ضع وثمانون بين‬ ‫جد في جسده بِ ٌ‬ ‫فقاتلهم حتى قُتل رضي الله عنه‪ ،‬فوُ ِ‬
‫خته عمتي الرَّبّيع ابنةُ النضر‪ :‬فما عرفْ ُ‬
‫ت‬ ‫حُصول وطَْعنَة ورمية‪ ،‬فقالت أُ ْ‬
‫أخي إل ببنانه‪ ،‬فنزلت هذه الية‪ :‬من المؤمنين رجال صَدَقوا ما عاهدوا‬
‫حبَه ومنهم من يَنَْتظر‪ ،‬وما بَدّلوا تَْبديلً ‪:...‬‬ ‫الله عليه فمنهم من قَضى َن ْ‬
‫مسلم وأحمد والترمذي(‪.‬‬
‫قتال للمشركين ليَرََي ّ‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫شَهدني الله عز وجل‬ ‫وفي رواية البخاري‪...) :‬لئن أَ ْ‬
‫صَنع‪ ،‬فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال‪ :‬اللهم‬ ‫الله تعالى ما أَ ْ‬
‫رأ إليك مما جاء به هؤلء‬ ‫إني أ َعتذر إليك مما صنع هؤلء يعني أصحابه‪َ ،‬‬
‫وأْب َ‬
‫فلقيه سعد يعني ابنَ معاذ رضي الله عنه ‪...‬‬ ‫يعني المشركين‪ ،‬ثم تقدم َ‬
‫فقال أنا معك‪ ،‬قال سعدٌ رضي الله عنه‪ :‬فلم أستطع أن أصنع يا رسول‬
‫ماصنع‪ ،‬فلما ُقتل وُجد فيه بضع وثمانون ضربة سيف وطعنة رمح‬ ‫َ‬ ‫الله‬
‫ورمية سهم(‪ ،‬وفي "فتح الباري" ]ظاهره أنه نفى استطاعة إقدامه الذي‬
‫صدر منه حتى وَقع له ما وقع من الصبر على تلك الهوال بحيث وجد في‬
‫جسده ما يزيد على الثمانين من طعنة وضربة ورميةٍ فاعترف سعد بأنه‬
‫قدِم إقدامَه ول يَصنع صنيعه(‪ ،‬و"سعد" اهتز لموته عرش‬ ‫لم يستطع أن يُ ْ‬
‫الرحمن ]صحيح عند الترمذي وغيره[‪.‬‬
‫ـ وفي البخاري‪) :‬عن قيس بن أبي حازم قال‪ :‬رأيت يد طلحة التي وقى بها‬
‫شّلت(‪ ،‬فماذا حدث؟‬ ‫النبيّ صلى الله عليه وسلم قد ُ‬
‫ـ وفي "المغازي" لبن إسحاق أن عكرمة بن أبي جهل ضرب معاذ بن عمرو‬
‫طى عليها فألقاها‪ ،‬وقاتل بقية يومه‪ ،‬ثم‬ ‫م ّ‬ ‫فقطع يده فبقيت معلقةً حتى تَ َ‬
‫بقي بعد ذلك دهراً حتى مات في زمن عثمان‪] .‬راجع الصابة لبن حجر[‪.‬‬
‫ـ و رمى أبو دجانة بنفسه يوم اليمامة إلى داخل الحديقة فانكسرت رجله‪،‬‬
‫فقاتل وهو مكسور الرجل حتى قُتل رضي الله عنه‪ ،‬وذلك أن النبي صلى‬ ‫َ‬
‫من يأخذ هذا السيف بحقه؟‬ ‫ض ذلك السيف حتى قال‪َ :‬‬ ‫الله عليه وسلم عَرَ َ‬
‫فأحجم الناس عنه فقال أبو دجانة‪ :‬وما حقه يا رسول الله؟ قال‪ :‬تقاتل به‬
‫‪124‬‬
‫فَتح الله عليك أو تُقتل‪ ،‬فأخذه بذلك الشرط‪ ،‬فلما‬ ‫في سبيل الله حتى يَ ْ‬
‫ختَر ما عليه إل‬‫لتا وهو َيتََب ْ‬ ‫ص ً‬
‫د خرج بسيفه مُ ْ‬ ‫كان قبل الهزيمة يومَ ُأحُ ٍ‬
‫صب بها رأسه[‪] .‬راجع الصابة[‪.‬‬ ‫قميص وعمامة حمراء قد عَ َ‬
‫زع‬‫حدٍ بلء حسناً‪ ،‬ونَ َ‬ ‫فقتل يومئذ أباه وأبلى يوم أُ ُ‬ ‫ـ و]شهد أبو عبيدة بدراً‪َ ،‬‬
‫جنَة رسول الله صلى الله‬ ‫فر في وَ ْ‬ ‫يومئذ الحلْقتين اللتين دخلتا من المِْغ َ‬
‫ن َثْغرُه بذهابهما[‪.‬‬
‫س َ‬‫ح ُ‬ ‫عليه وسلم من حُصول أصابَْته‪ ،‬فانقلعت ثنيّتاه‪َ ،‬ف َ‬
‫]سير أعلم النبلء للذهبي[‪.‬‬

‫يامن تتعللون بكبر السن‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫أَولم يقاتل "اليمان" ‪ ‬و"ثابت بن وَْقشٍ" ‪ ‬في "ُأحد" رغم كبر سنهما‪،‬‬ ‫ـ‬
‫خرة الجيش؟‬ ‫ذرهما وجعلهما مع النساء في مؤ ّ‬ ‫ورغم أن رسول الله ‪ ‬عَ َ‬
‫در ل ِعََرجه‪ ،‬فلما‬
‫ج لم َيخرج في ب َ ْ‬ ‫خ أعر ُ‬ ‫وهذا "عمرُو بن الجَموح"‪ ‬وهو شي ٌ‬ ‫ـ‬
‫مر ب َِنيه أن ُيخرجوه فَت َعَّللوا له‪ ،‬فقال لهم‪] :‬هيهات!‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حد" أ َ‬‫كانت "أ ُ‬
‫حد![‪.‬‬ ‫ُ‬
‫منعتموني الجنة ببدر‪ ،‬وتمنعوِنيها بأ ُ‬
‫ت‬‫وفي فتح الباري ‪] :14/595‬أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح … سمع ُ‬ ‫ـ‬
‫سّره أن ي َك ْت َن َِفه الحور العين فلَيتق ّ‬
‫دم بين‬ ‫من َ‬ ‫صّفين يقول‪َ :‬‬ ‫عمارا ً يوم ِ‬
‫محتسبًا[ اهـ وهو في التسعين‪.‬‬ ‫صّفْين ُ‬‫ال ّ‬
‫وهذا هد ْيُ أسوتنا‪ ،‬فقد كانت كل غزواته بعد أن جاوز الخمسين‪،‬‬ ‫ـ‬
‫ن العشرين‬ ‫وشهد َتبوك وقد جاوز الستين؛ فيا حسرةً عليك ياب ْ َ‬
‫والثلثين!‬

‫ن‪:‬‬‫يامن تتعّللون بصغر الس ّ‬ ‫•‬

‫ما كان )صلى الله عليه وسلم يَعرض غلمان الأنصار في كل عام فمن بلغ‬ ‫أ َ‬ ‫ـ‬
‫منهم بَعثه؛ فعرضهم ذات عام فمر به غلم فبعثه في البَْعثِ‪ ،‬وعُرض عليه‬
‫غلما ورددتني‬
‫ً‬ ‫جزْتَ‬ ‫َ‬
‫مرة" من بعده فرَّده‪ ،‬فقال سمرة‪ :‬يا رسول الله أ َ‬ ‫س ُ‬
‫" َ‬
‫ولو صارعني لصرعته! قال‪ :‬فدونك! فصارعُْته فصرعُْته فأجازني في‬
‫البْعث‪ :‬الطبراني مرسل ورجاله ثقات(‪.‬‬ ‫َ‬
‫وكم كان عمر أسامة لما كان قائد الجيش لحرب أكبر دولة في زمنهم؟‬ ‫ـ‬
‫ح القسطنطينية؟‬ ‫مر "محمد الفاتح" ‪ /16/‬عاما ً يو َ‬
‫م فَت َ َ‬ ‫ألم يكن عُ ْ‬ ‫ـ‬
‫وفي "فتح الباري"‪] :‬وروى ابن المبارك في "الجهاد" عن هشام بن عروة‬ ‫ـ‬
‫عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أنه كان مع أبيه يوم اليرموك فلما انهزم‬
‫جِهز على جرحاهم‪ ....‬وهذا مما يدل على قوة‬ ‫مل فجعل ي ُ ْ‬
‫ح َ‬
‫المشركون َ‬
‫قلبه وشجاعته من صغره[‪.‬‬
‫ض ُ‬
‫ت‬ ‫عرِ ْ‬
‫دث عن نفسه‪ُ ] :‬‬ ‫ح ّ‬
‫وفي سير النبلء للذهبي عن أبي سعيد الخدري ي ُ َ‬ ‫ـ‬
‫يوم أحد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلث عشرة فجعل أبي‬

‫‪125‬‬
‫صّعد‬
‫يأخذ بيدي ويقول‪ :‬يا رسول الله إنه عَبْلُ العظام‪ ،‬وجعل نبي الله ُي َ‬
‫وبه ثم قال‪ُ :‬رّده فردني[‪.‬‬‫ص ّ‬
‫في النظر ويُ َ‬
‫ّ‬
‫ـ وذكر الذهبي أن الزبير خرج وهو غلم ابن اثنتي عشرة سنة‪ ،‬بيده السيف‬
‫جب‪ ،‬وقاتل الزبير مع نبي الله وله سبع عشرة‪.‬‬ ‫فمن رآه عَ ِ‬

‫ن الجهاد فيه الموت‪ ،‬فاصبر على الوضع اليوم فقل‬ ‫ـ فإذا قيل لك بعد هذا‪ :‬إ ّ‬
‫ن الذين ُقتلوا‬ ‫لهم‪ :‬ما جاهدت إل ّ لموت‪ ،‬وصححوا مفاهيمكم‪} :‬ول تحسب ّ‬
‫في سبيل الله أمواتا ً بل أحياٌء عند رّبهم ي ُْرَزقون{‪ ،‬والصبر على الذ ّ‬
‫ل‬
‫والخزي والعار ل يرضاه اللـه للمسلمين‪،‬‬
‫}ولله العّزة ولرسوله وللمؤمنين{‬
‫}ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبي ً‬
‫ل{‬
‫ت فيه‬‫سْر ُ‬ ‫ت دربي بنفسي‪ ،‬و ِ‬ ‫ة ومتاعًا‪ ...‬واختر ُ‬ ‫ت الحياة صراعا ً ورحل ً‬
‫شئ ُ‬
‫وحيدًا‪...‬فل تقولوا‪ :‬خسرنا من غاب بالمس عنا‪...‬إن كان في الخلد خسٌر‬
‫فالخير أن َتخسروني‪.....‬وردد‪:‬‬
‫على أيّ جنب كان في الله مصرعي‬ ‫ولسـت أبالي إذا مـت مسلمـا ً‬
‫مّزع‬
‫م َ‬
‫شلـوٍ ُ‬ ‫ُيبارك على أوصـال ِ‬ ‫وذلك في ذات اللـه وإن يشـأ‬
‫فأين هتافكم‪:‬‬
‫نبتغي رفع اللواء‬ ‫في سبيل الله قمنـا‬
‫نحن للدين فـداء‬ ‫ب قد عملنا‬ ‫حْز ٍ‬‫ما ل ِ ِ‬
‫ول ْت َُرق منا الدماء‬ ‫جـده‬ ‫فل ْي َُعد للدين َ‬
‫م ْ‬
‫وفونك بالذين من دونه‪‬‬ ‫خ ّ‬
‫ف عبده!؟ وي ُ َ‬ ‫‪‬أليس الله ِبكا ٍ‬
‫سي َك ِْفيك َُهم الله‪‬‬
‫‪‬ف َ‬

‫ض‪ ،‬وهو الهدف‬ ‫‪15‬ـ فإن قالوا‪ :‬الجهاد والشهادة عنوان فضفا ٌ‬
‫الستراتيجي الكبير ول رْيب‪ ،‬ولكن كيف نحقق هدفنا البعيد عمليًا؟ فأين‬
‫الطائفة المنصورة وكيف سنصل إليها؟ وأين سنتدرب؟ وكيف؟ د ُّلونا حتى‬
‫ب‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬ ‫ت" فحس ُ‬ ‫مس ّ‬
‫كنا ٍ‬ ‫ل نكون خياليين! ول ُتعطونا " ُ‬
‫ـ سَيظهر الدين بل ريب؛ فكلم الله ل َيأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫ص صفاتها )ُيقاتلون( باقية ل َيش ّ‬
‫ك‬ ‫خلفه‪ ،‬والطائفة المنصورة التي من أخ ّ‬
‫في هذا من اطلع على الحاديث فيها‪ ،‬ول ُيشترط أن تكون واحدة فقط‪،‬‬
‫ي شعيرة الجهاد‪ ،‬ولئن لم تكن لك مصادر‬ ‫فقد تتوزع في أنحاء الرض لُتحي ِ َ‬
‫‪126‬‬
‫موثوقة لتتعّرف على المجاهدين فإن الذاعات الكافرة أو الَعميلة على ما‬
‫مسد ّا ً كبيرا ً في تلّقف أخبار المجاهدين‪،‬‬ ‫عداء َتسد ّ َ‬ ‫ت ُك ِّنه للمجاهدين من ِ‬
‫وقد أكرمنا الله الن بمواقع النترنت السلمية فهذا ُيسّهل كثيرًا‪.‬‬
‫ط ي ُب َّلغك أرض الجهاد تحت راية ليّ قائدٍ في أيّ مكان‬ ‫ما الوصول إلى خي ٍ‬ ‫ـأ ّ‬
‫بشرط أن تكون إسلمية سنية صافية على نهج سلفنا الصالح من صحابة‬
‫ومن َتبعهم بإحسان من الئمة الربعة وغيرهم من العلماء الربانيين‪ ،‬فهذا‬
‫الخيط ل بد ّ لك من إدمان دعاء رحمن السموات والرض أن ُيكرمك به‬
‫كي يكون سببا ً لنيل الشهادة؛ لن تكالب أهل الكفر وأذنابهم َيضطر الخوة‬
‫ل من أقرب الوسائل الحج‬ ‫من ِّياتهم في مثل هذا‪ ،‬ولع ّ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬
‫شرفين أن تزيد أ ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ط واحد‪ ،‬فإن لم يكن للخروج‬ ‫ط ل خي ٍ‬ ‫والعمرة فهناك قد تتعرف على خيو ٍ‬
‫بذاتك فللمداد المادي‪.‬‬
‫ت تسأل الله التيسير؟‬ ‫فيا أيها الصادق في نيل الشهادة هل بدأ َ‬
‫ت تحاول من هنا أو هناك أن تسأل عن‬ ‫أيها الصادق في نيل الشهادة هل بدأ َ‬
‫م الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬ ‫ن للعداد‪ ،‬فما ل ي َت ِ ّ‬ ‫ل للخروج إلى مكا ٍ‬ ‫سبي ٍ‬
‫ة لسبب‬ ‫ط أو كانت معسكرات العداد مغلق ً‬ ‫ذر عليك الوصول إلى خي ٍ‬ ‫ـ فإن ت َعَ ّ‬
‫ما‪ ،‬فل تترك الدعاء من سويداء قلبك‪ ،‬واستبشر خيرا ً بهذين الحديثين‬
‫ر‪ :‬عبد رزقه الله مال ً وعلما ً فهو يتقي فيه ربه‪ ،‬و‬ ‫)إنما الدنيا لربعة ن ََف ٍ‬
‫مه‪ ،‬ويعمل لله فيه حقا ً فهذا بأفضل المنازل‪ ،‬وعبد رَزقه الله‬ ‫ح َ‬ ‫صل فيه رَ ِ‬ ‫يَ ِ‬
‫مْلتُ‬ ‫ن لي مال ً لعَ ِ‬ ‫تعالى علمًا‪ ،‬ولم يرزْقه مال ً فهو صادقُ النية يقول‪ :‬لو أ ّ‬
‫ل‪ ،‬ولم يرزْقه‬ ‫بعمل فلن‪ ،‬فهو بنيته فَأجُرهما سواء‪ ،‬وعبد رزقه الله ما ً‬
‫مه‪ ،‬ول‬ ‫ح َ‬ ‫صل فيه َر ِ‬ ‫علما ً َيخِْبط في ماله بغير علم ٍ ل يتقي فيه رّبه‪ ،‬ول ي َ ِ‬
‫ل‪ ،‬ول علما ً‬ ‫ث المنازل‪ ،‬وعبد لم يرزقه الله ما ً‬ ‫يعمل لله فيه حقا ً فهذا بأخَْب ِ‬
‫وزرهما سواء‪:‬‬ ‫ن فهو بنّيته ف ِ‬ ‫مل فل ٍ‬ ‫ت فيه بع َ‬ ‫مل ْ ُ‬‫ن لي مال ً َلع ِ‬ ‫فهو يقول‪ :‬لو أ ّ‬
‫سْرتم مسيرا ً ول‬ ‫أحمد والترمذي وهو صحيح(‪) ،‬إن بالمدينة لرجال ً ما ِ‬
‫ً‬
‫سهم المرض‪ :‬مسلم(‪ ،‬وأنت معذوٌر إن شاء‬ ‫حب َ َ‬‫قَط َْعتم واديا ً إل كانوا معكم َ‬
‫ت وسعك فلم َتصل‪ ،‬ولعلك تكون كهذا العرابي الصادق‬ ‫ت بذل َ‬ ‫الله ما دم َ‬
‫الذي )جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه ثم قال‪ :‬أهاجر‬
‫سم له‪ ،‬فأعطى‬ ‫معك‪ ،‬فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم فَقسم وقَ َ‬
‫ظهرهم‪ ،‬فلما جاء دفعوه إليه فقال‪ :‬ما‬ ‫م له‪ ،‬وكان ي َْرعى َ‬ ‫س َ‬‫أصحاَبه ما قَ َ‬
‫سمه لك النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأخذه فجاء به‬ ‫م قَ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫هذا؟ قالوا‪ :‬قَ ْ‬
‫مُته لك! قال‪ :‬ما‬ ‫س ْ‬‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬ما هذا؟ قال‪ :‬قَ َ‬
‫على هذا اتبعتك‪ ،‬ولكن اتبعتك على أن أ ُْرمى ههنا وأشار إلى‬
‫دقك‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة‪ ُ،‬قال‪ :‬إن َتصدق الله ي َ ْ‬
‫م‬‫مل قد أصابه سه ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ي به ‪ ...‬ي ُ ْ‬ ‫فَل َِبثوا قليل ً ثم نهضوا في قتال العدو‪ ،‬فأت َ‬
‫هو هو؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫حيث أشار‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬أ َ ُ‬

‫‪127‬‬
‫صدَقَ الله فصدقه‪ :‬النسائي بسند صحيح(‪ ،‬فما عليك الن إل أن‬ ‫َ‬
‫تنتقل إلى الخطوات التالية‪:‬‬
‫ـ انظر ما الذي ُيفيد المجاهدين عمليا ً فاعكف على دراسته‪ ،‬أو الطلع ولو‬
‫خْلطات كيميائية مثل ً‬ ‫على شيٍء يسيرٍ منه؛ ففي مواقع النترنت نماذج ل ِ َ‬
‫من مواد ّ متوفرة في السواق العادية‪ ،‬أو تعّلم اللكترون ودارات التفجير‬
‫كم عن ُبعد‪ ،‬أو اخرج إلى َفلةٍ وتمّرن على الرمي بما‬ ‫الكهربائية والتح ّ‬
‫سر لك ولو ببندقية صيد العصافير‪ ،‬وحاول أن تحافظ على لياقتك‬ ‫يتي ّ‬
‫البدنية في حدودها المرنة‪ ،‬فالمرونة الجسدية من أهم ما َيلزم المجاهد‬
‫في الكّر والفّر‪ ،‬وحاول أن ترفع جاهزيتك للعَد ْوِ لمسافات طويلة‪ ،‬اجلس‬
‫ة في الكفار الذين َيعيثون في الرض‬ ‫ث ِنكاي ً‬
‫حدِ ُ‬
‫كر بكل ما ي ُ ْ‬ ‫كر ثم ف ّ‬ ‫وف ّ‬
‫كر ول َتستصغر نفسك؛ فقد يوجد في النهار ما ل يوجد في‬ ‫فسادًا‪ ،‬ف ّ‬
‫طر في بالك إن‬ ‫خ ُ‬ ‫ل علم ٍ موثوقين في مشروعية ما ي َ ْ‬ ‫ت أه َ‬ ‫البحار‪ ،‬واستف ِ‬
‫مق في دراسة‬ ‫كان في الفكرة التباس حتى يكون عملك على بصيرة‪ ،‬تع ّ‬
‫ب في ساقية القتال حاول دعمه‬ ‫ل ما َيص ّ‬ ‫ما يفيد من الكمبيوترات‪ ،‬فك ّ‬
‫ونشره وتعلمه ولو كان كلمة!!‬
‫ـ وعلى الصعيد اليماني لك أو لغيرك‪ ،‬واظب على الشرطة السمعية‬
‫والمرئية‪ ،‬سواٌء منها محمسات الجهاد من أحاديث وقصص‪ ،‬أو أفلم‬
‫لمعارك إخوتنا المجاهدين‪ ،‬أو صور مؤثرة لبعض البطال‪ ،‬وحاول أن‬
‫من ِّيات بحسب البلد الذي أنت فيه‪ ،‬واغرس في أولدك‬ ‫َ‬
‫تنشرها مع الخذ بال ْ‬
‫سْرد‬
‫أو أحفادك أو رفاقك ومعارفك اغرس فيهم حب الجهاد سواء ب َ‬
‫الحاديث أو تذاكر قصص البطال وبطولتهم أو عرض الفلم الجهادية أو‬
‫إعارتها‪ ،‬اغرس فيهم كره الكفار وبغض اليهود والنصارى والصليب‬
‫والخنزير وُفلول الشيوعيين‪ ،‬ازرع في تلميذك العزة والباء والصبر على‬
‫سوََر القتال كالتوبة والنفال‪ ،‬وزِد ْ من‬ ‫حّفظ وتعّلم وعّلم ُ‬ ‫البتلء‪ ،‬احفظ و َ‬
‫حصيلتك العلمية خاصة فرائض العيان ثم ما ي َل َْزمك في السفر وساحات‬
‫الجهاد؛ من أحكام ِ صلةِ المسافر إلى أحكام ِ التيمم‪ ،‬إلى أحكام المسح‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫م ّ‬ ‫سع في أحكام ٍ أخرى ت َ ُ‬ ‫جبيرة‪ ،‬إلى أحكام الجنائز‪ ،‬ونحوها‪ ،‬ثم ت َوَ ّ‬ ‫على ال َ‬
‫إلى الجهاد‪ ،‬وكّلها متوفرة ولله الحمد على مواقع النترنت‪ ،‬فالمجاهدون‬
‫في حاجةٍ كبيرة إلى طلبة العلم المتم ّ‬
‫كنين‪.‬‬
‫م مئة ألف درهم‪:‬‬ ‫ت ولو رأيتَه يسيرا ً فقد )سبقَ دره ٌ‬ ‫ـ ل تتهاون بما أسلفْ ُ‬
‫حديث حسن(‪ ،‬وأنت الن ل تَملك سواه‪ ،‬فل َتحقرن من المعروف شيئًا‪،‬‬
‫شاش بيدك‪،‬‬ ‫مل الر ّ‬ ‫ح ِ‬‫ب أنك وعمَلك ل شيَء ما لم ت َ ْ‬ ‫ول تكن سطحيا ً تحس ُ‬
‫من لهم المدادات‪ ،‬أو‬ ‫ت ت ُؤَ ّ‬‫ل أصحاب الرشاشات إذا كن َ‬ ‫ت أجَر ك ّ‬ ‫فلربما نل َ‬
‫ل ولو ورقةٍ صغيرةٍ ُتساهم في إنقاذ أحد المجاهدين من‬ ‫ُتساهم في نق ِ‬
‫أنياب الظلمة العرب أو العجم‪ ،‬أو َتخُلف أهل المجاهدين بخيرٍ ممن قد‬
‫ة ن ََفر الجنة‪:‬‬‫خل بالسهم الواحد ثلث َ‬ ‫تتعّرف عليهم‪....‬إلخ؛ فـ)إن الله ي ُد ْ ِ‬

‫‪128‬‬
‫من ْب َِله‪ :....‬أبو داود وهو‬‫ي به‪ ،‬و ُ‬ ‫صنْعَِته الخيرـ‪ ،‬والرام َ‬ ‫ب في َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬‫صانَعه ـ ي َ ْ‬
‫صحيح(‪ ،‬فأيّ بشرى بعد هذه؟‬
‫ر‪ ،‬أل تذكر كيف وضع رسولنا يده الخرى بدل ً عن‬ ‫من هو حاض ٍ‬ ‫بك َ‬ ‫ب غائ ٍ‬ ‫ور ّ‬
‫ُ‬
‫يد عثمان في بيعة الرضوان‪ ،‬لنه أرسله بمهمة عملية‪ ،‬حيث ] كانت بيعة‬
‫الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بيده اليمنى‪ :‬هذه يد عثمان‪ ،‬فضرب بها على يده فقال‪ :‬هذه لعثمان‪:...‬‬
‫البخاري(‬
‫درا ً للم ٍ لك‬‫خ ّ‬
‫م َ‬‫كنا ً ِلما َيغلي به فؤادك‪ ،‬ليست كلماتي ُ‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬ ‫ـ ليس ما أقوله ُ‬
‫مضجعك‪ ،‬وأقلقت نومك‪ ....‬فهل السيل إل اجتماع النقط؟‬ ‫ت َ‬ ‫ض ْ‬ ‫طالما أق ّ‬
‫ؤتى السلم من قَِبله‪.‬‬ ‫ه أن ي ُ ْ‬
‫ه الل َ‬ ‫ر‪ ،‬فالل َ‬ ‫وكلنا على ثغ ٍ‬
‫جلين ‪‬ألم ت ََر إلى‬ ‫ن من المتع ّ‬ ‫ب لم ي َْعلمه حتى النبياء‪ ،‬ول تك ْ‬ ‫سْلني عن غي ٍ‬ ‫ل تَ َ‬
‫ما ك ُِتب عليهم‬ ‫الذين قيل‪ :‬لهم ك ُّفوا أيديَكم وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة‪ ،‬فل ّ‬
‫شون الناس كخشية الله أو أشد ّ خشية‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫خ َ‬ ‫القتال إذا فريقٌ منهم ي َ ْ‬
‫ل قريب‪.‬‬ ‫خْرتنا إلى أج ٍ‬
‫ت علينا القتال؟ لول أ ّ‬ ‫م ك َت َب ْ َ‬‫رّبنا ل َ‬

‫فإن قالوا‪ :‬بعد كل هذا ما اقْت َن َْعنا‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬


‫ي عن ضللتهم‪ ،‬فل بالكتاب َتستنيرون‪ ،‬ول بالسنة‬ ‫م ِ‬
‫وما أنت بهادي العُ ْ‬
‫تهتدون‪ ،‬ول لقوال العلماء ترك َُنون‪ ،‬ول بالتاريخ ت َْعتَبرون‪ ،‬فبأي حديث‬
‫بعده تؤمنون؟… فذرهم في خوضهم يلعبون!‬
‫ـ أ َوَب َعْد َ كل هذه البراهين تقولون ـ ولو بلسان الحال ـ عقيدتكم بها خلل؟‬
‫خـلـ ُ‬
‫ل‬ ‫عـقـيـدتـكـم بـهـا َ‬ ‫ـ وفـيـنا مـن يـقول لـهـم‪:‬‬
‫ول‬
‫حـ َ‬
‫بـصـيـرتـكـم بـهـا َ‬ ‫ف أمـتـي مـهـل ً‬ ‫خـوالـ َ‬
‫سـرى بـكـيـانـهـا الـشلـل‬ ‫فـلـيـس سـوى عـقـيدتكم‬

‫ق وعن‬
‫ت عـن ُنط ٍ‬
‫جْز ُ‬
‫فع َ‬ ‫مني السـى‬ ‫ـ يا أمة السلم داه َ‬
‫إعـراب‬
‫ت قـــادرة على النجاب‬ ‫ما ِزلـ ِ‬ ‫ة‬‫ت عـقيـم ً‬ ‫يا أمة السلم لس ِ‬
‫صاب‬‫خب ُّئـه يـد القــــ ّ‬
‫عـما ت ُ َ‬ ‫إني أعاتب منك قلبـا ً غافـل ً‬
‫و الـفجر يـرفـع راية الضراب‬ ‫يا أمة السلم ليُلـك جـاِثـ ٌ‬
‫م‬
‫ك بـِنظرة‬‫ُتـلقي إلـيـ ِ‬ ‫وأنا أرى في الفق عين خيانة‬
‫مرتـاب‬‫ال ُ‬
‫‪129‬‬
‫ُيـلقي عن اللحاد ألف‬ ‫ة وغيُرك ناطـق‬ ‫ك صامت ً‬ ‫وأرا ِ‬
‫خطــاب‬
‫ك محـد ّد َ النـيــاب‬ ‫يجري إلي ِ‬ ‫ك قاعدةً وغيُرك راكض‬ ‫وأرا ِ‬
‫خـراب‬‫ف َ‬‫ك كـ ّ‬ ‫يِقظا ً ي َ ُ‬
‫مــد ّ إلي ِ‬ ‫ة وقلبك لم يــزل‬ ‫ك لهي ً‬ ‫وأرا ِ‬
‫سبــاب‬ ‫بـشتائـم ٍ لعـدونــا و ِ‬ ‫يا أمة السلم ل تتعّلـــقي‬
‫م تِقفي على‬ ‫بالمــس‪ ،‬ل َ ْ‬ ‫ت عزيزة‬ ‫يا أمة الســلم كن ِ‬
‫العتاب‬
‫و ط َوَي ْ ِ‬
‫ت باليمان كل‬ ‫ت في درب الجهاد كريمة‬ ‫سافَْر ِ‬
‫صعـــاب‬
‫ت‬
‫مــكسورة الّنظـرا ِ‬ ‫ت ذليلـة‬ ‫ماذا جرى حتى غدو ِ‬
‫والهداب‬
‫ة خائف هـــّياب‬ ‫ويـداك َرعْ َ‬
‫ش ُ‬ ‫ل‬
‫ل قــات ٍ‬ ‫ك خارِط ََتا ذهو ٍ‬ ‫عينا ِ‬
‫مـنك الجواب‪ ،‬فقد عرفْ ُ‬
‫ت‬ ‫ل‪ ،‬ل ُتجيبي! ما سأل ُْتك طالبا ً‬
‫جوابي‬
‫ست َْرشدي‬
‫في المـر لم تـ ْ‬ ‫ت بالسلم هذا كـل مـا‬ ‫فّرط ْ ِ‬
‫بكتـابي‬

‫ل ت َل ُ ْ‬
‫مِني فأنـت تفـضـح نـفسـك‬ ‫شـتـكـي‬ ‫ـ أيها المسلـم الـذي َي ْ‬
‫إن هذا الحديـث بينـي‬ ‫ف من صراحتي في حديثي‬ ‫خ ْ‬
‫ل تَ َ‬
‫وبـيـنـك‬
‫ف "عذرًا" … اعذرني يا أخي في الله‪ ،‬يا حبيبي‪،‬‬ ‫دها أل َ‬ ‫ـ عذرا ً ثم عذرا ً وزِ ْ‬
‫فوالله إني لحب لك الخير‪ ،‬أحب لك الجنة بل أعلها‪ ،‬أحب أن تعود‬
‫شَبه المنحرفين‪،‬‬‫أمتنا كما كانت في عهد الراشدين‪ ،‬وأخاف عليك من ُ‬
‫أريدك أن تكون واقعيا ً ل خياليًا‪ ،‬كسعد وسعيد وعبادة وأبي عبيدة‬
‫ن وعمار ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه … فأنت ابنهم وهم‬ ‫وسلما َ‬
‫أجدادك‪.‬‬
‫وي ُغِْلظ في الكلم متى أسـأت‬ ‫حبيُبك من يغار عليك إذا َزل َْلت‬ ‫ـ َ‬
‫ت‬
‫ت عن الطريق أم اعتدل َ‬ ‫أَ ِ‬
‫حد ْ َ‬ ‫رث بك ل ُيبــالي‬ ‫ومن ل ي َك ْت َ ِ‬
‫ة بسرطان يسري في جسمك‪،‬‬ ‫ب ثق ٌ‬ ‫ن ن َّبأ َ‬
‫ك طبي ٌ‬ ‫ـ تعال فل ْن ََتصارح تعال‪ :‬إ ْ‬
‫واظب على درس‬ ‫فهل ُتسرع لخراج ‪ CD‬تشرح عن فلسطين‪ ،‬أم ت ُ َ‬
‫علم‪ ،‬أو تكمل دراستك لنيل شهادة الصيدلة‪ ،‬أم ت ُهَْرع لنيل شهادة‬
‫الخرة؟‬
‫ظ به؟ أين فقه الموازنات الذي َنصيح به؟‬ ‫م ُ‬‫ـ أين فقه الولويات الذي ن َت َل َ ّ‬
‫ما سمع أن الجهاد فرض عين راح يتأكد من الكتب‬ ‫رجلن‪ :‬أحدهما‪ :‬ل ّ‬
‫ومن المشايخ و … والخر‪ :‬في نفس الوقت كان قد وعد معارفه ليلعبوا‬
‫دل الذكار الصباحية حتى شروق الشمس‪ ،‬فُيصلون‬ ‫كرةَ قدم صباحية ب َ‬

‫‪130‬‬
‫ل منا على َثغر! مع‬ ‫كلت الكرة‪ ،‬ولو أن ّب َْته لقال‪ :‬ك ّ‬ ‫الضحى ولكن على ر َ‬
‫دد في حكم الجهاد اليوم‪ ،‬فإن قال‪" :‬إنني واثق أنه فرض"‪ ،‬فقل‬ ‫مت ََر ّ‬
‫أنه ُ‬
‫له‪ :‬أَوهكذا يكون العداد؟‬
‫ـ والمضحك المبكي أن أصحابه هؤلء الذين يلعب معهم الكرة بين الَفينة‬
‫ُ‬
‫مْرنا أن ننظر إلى‬ ‫والخرى لم َيزيدوا ـ فيما َيظهرـ من الله ُقربًا‪ ،‬وقد أ ِ‬
‫ن بعضنا؟!‬ ‫م ْ‬ ‫حّتام نضحك على و ِ‬ ‫الظاهر والله يتولى السرائر‪ ،‬فَ َ‬

‫ذرني‪:‬‬ ‫ـ يا أخي ُاع ُ‬


‫مها قلبي‬ ‫تشق من ك َت ْ ِ‬ ‫حنجرتي‬ ‫تكاد صرخة قلبي عند َ‬
‫وتنطلـق‬
‫ن الناس يحتـرق‬ ‫قلبي بها دو َ‬ ‫مـر فيـه بـل شـررٍ‬ ‫ج ْ‬ ‫كأنها َ‬
‫ك كحال القائل‪:‬‬ ‫ن وإيا َ‬‫ـ ل يا أخي ل أكون َ ّ‬
‫جمعوا إل على إقصــائي‬ ‫لم ي ُ ْ‬ ‫وقف الجميع يعارضون ندائــي‬
‫ت مجنـونا ً بل صحـراء‬ ‫وَبقْيـ ُ‬ ‫ف جنونهم‬ ‫ذهبوا مع الصحراء خل َ‬
‫ـ ل يا أخي‪:‬‬
‫دى نداٌء من فؤاديَ نابـع‬ ‫مـ ّ‬ ‫َ‬
‫جـ َ‬‫أ ْ‬ ‫ل من النداء فربمــا‬ ‫أنا لن أ َ‬
‫دد‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ـ فهيهات أن أَر ّ‬
‫ســاجا ً فك َ‬
‫س ـْرت‬ ‫لغزلــي ن ّ‬ ‫ت لهم غزل ً رقيقا ً فلم أجــد‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫نَ َ‬
‫مْغزلي‬ ‫ِ‬
‫ت أقول وقل معي‪:‬‬ ‫ـ وإن شئ َ‬
‫فل كــان ول صــار‪ ،‬ول‬ ‫جــرى منــا‬ ‫من اليوم َتعاَرْفنا‪ ،‬ونطــوي مــا َ‬
‫قُل ُْتم ول قُْلنا‬
‫وهيا نبحث سويا ً في كتاب الله وسنة رسوله ‪ ‬وأقوال أهل الذكر‬
‫وواقع المسلمين‪.‬‬
‫حوا‬
‫جفون بعد كل هذا فرا ُ‬ ‫مر ِ‬ ‫ذلون وال ُ‬ ‫خ ّ‬‫م َ‬‫حّرفون وال ُ‬ ‫م َ‬‫جز ال ُ‬ ‫ـ فإن ع َ‬
‫مون بتعاويذهم لي ُث َّبطوك عن القتال‪ ،‬فرّتل عليهم سورة النفا ِ‬
‫ل‬ ‫مت ِ ُ‬
‫ي ُت َ ْ‬
‫ل)‪(1‬‬‫ةِ فالقتا َُِ‬ ‫ثم التوب َُ‬
‫طهم وقيل‪ :‬اقُعدوا مع القاعدين‪‬‬ ‫ن ك َرِه َ الله انبعاثهم فَث َب ّ َ‬ ‫‪ ‬ولك ِ ْ‬
‫‪‬إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو‬
‫شهيد‪‬‬
‫ل الله له نورا ً فما له من نور‪‬‬ ‫من لم يجع ِ‬ ‫‪‬و َ‬

‫حك ْ َ‬
‫م الصواب‪ ،‬وإن أتى من‬ ‫ُ‬ ‫هـو موافــق‬ ‫ن الرأي و ْ‬ ‫ل تحقر ّ‬
‫ناقص‬
‫ن الـغائـص‬ ‫حـ ّ‬ ‫َ‬
‫ط ُرت ْب ََته هـوا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫هـو أعَّز شيء ي ُْقَتنى ـ‬
‫فالد ّّر ـ و ْ‬

‫‪131‬‬
‫ن‬
‫المعنى القريب ترتيل السور الثلث المعروفة‪ ،‬والمعنى البعيد‪ :‬إ ْ‬ ‫)‪(1‬‬
‫ك له‪ ،‬فتبدأ ُ‬
‫ب من ترك ِ َ‬
‫قت َِنع بأهمية الجهاد‪ ،‬ثم تتو ُ‬
‫ت سورة َ النفال فإنك ست َ ْ‬‫قرأ َ‬
‫عندها بالقتال‪.‬‬

‫ملحوظة‪ :‬كثيرا ً ما استفدت من أفكارٍ أو تعابير أو إفادات ممن كتبوا في هذا‬


‫ذر عندها أن َأعزو كل ما استفدته إلى‬ ‫قص أوَأدمج‪ ،‬في ََتع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المجال‪ ،‬فأضيف أو أن ْ ِ‬
‫صاحب الفادة‪ ،‬والعزو من المانة العلمية ومن العتراف بالفضل لولي الفضل‪،‬‬
‫فأسأل الله أن يتقّبل مني ومنهم وإن لم ُتذ َ‬
‫كر أسماء كثيرين‪ ،‬فإن لم َتعرفهم أنت‬
‫فإن الله َيعرفهم‪ ،‬وهذا حسبهم‪.‬‬

‫صر‪:‬‬
‫مَق ّ‬
‫صر ابن ال ُ‬
‫مَق ّ‬
‫وكتبه ال ُ‬
‫حارث عبد السلم المصري‬
‫للمراسلة والتناصح باتجاه الكمال‪:‬‬
‫‪harith@ureach.com‬‬

‫*العنوان وشرحه‪.‬‬
‫*المقدمة والهداء‪.‬‬
‫‪1‬ـ فإن قالوا لك‪" :‬ما هو الجهاد"؟! فقل لهم‪:‬‬
‫حّرض على القتال الن…‪،‬‬ ‫‪2‬ـفإن قالوا لك‪ :‬لماذا ت ُ َ‬
‫ر زمانهم؛‪....‬ليس جهاد اليوم بالسيف والسكين‬ ‫فزماننا غي ُ‬
‫بل بالحضارة؛ فحّرض على تعّلم علم ِ القتصاد‪ ...‬والعلم‬
‫والزراعة‪...‬والتكنولوجية؛ لن هذا كّله جهاد‪....‬إلخ‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫*الجوبة المفصلة‪ 19) :‬سببا ً منطقيا ً للتحريض على القتال(‪.‬‬
‫‪1‬ـ لماذا القتال؟ لن الله أمرنا بالقتال‪ ،‬وجاء في الجهاد أكثر من ‪/100/‬‬
‫آية‪.‬‬
‫ض عين باتفاق العلماء‪.‬‬
‫‪2‬ـ لماذا التحريض على القتال؟ لنه الن أضحى فر َ‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن الدائن‪ ،‬وأقوالهم في حكم جهاد‬
‫الطلب وجهاد الدفع(‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪3‬ـ لماذا القتال؟ لئل تكون فينا صفة المنافقين‪.‬‬
‫ذبنا الله عذابا ً أليمًا‪.‬‬
‫‪4‬ـ لماذا القتال؟ لئل ي ُعَ ّ‬
‫‪5‬ـ لماذا القتال؟ لنحقق أمر الله في إرهاب العدو‪...‬؛ فُترفعَ عنا الذلة‪ ،‬وتعود َ‬
‫ل من‬‫مهابة ‪ ،...‬فنحيا الحياة اللئقة‪ ،‬ون َّتقي فساد َ الرض الحاص َ‬ ‫لنا‪...‬ال َ‬
‫ترك القتال‪ ،‬فالقتال هو السبيل المنطقي الوحيد اليوم للتمكين‪ ،‬وإليك‬
‫الدلي َ‬
‫ل‪:‬‬
‫هنا مهم *معالجة شبهة‪ :‬زماننا غير زمانهم‪ ،‬وإثبات عدم كفاية‬
‫العداد السلمي لوحده!‬
‫وقفة خاصة مع الحضارة والقتصاد والعلم والزراعة‬ ‫* ِ‬
‫ونحوها‪...‬‬
‫ريب يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪6‬ـ لماذا القتال؟ للِعصمة من الفتن قَ ِ‬
‫ل لمحو‬‫داني الجهاد َ اليوم شيء من المندوبات‪ ،‬وهو سبي ٌ‬ ‫‪7‬ـ لنه‪ ...‬ل ي ُ َ‬
‫]نماذج من‬ ‫ل فيه مضاعف عما سواه‪....،‬‬ ‫الخطايا‪ ،‬والعم ُ‬
‫]فضل الرباط[‪.‬‬ ‫عروض مغرية[‪.‬‬
‫دراسة علمية موجزة حول التفاضل بين الجهاد‬ ‫•‬

‫وسواه؛ كالعلم والذكر‪...‬‬


‫‪8‬ـ لماذا القتال؟ لن رسولنا وأجدادنا الصحابة جميعا ً ‪...‬كانوا شديدي‬
‫ض كفاية ل فرض‬ ‫الحرص على القتال والشهادة‪ ،‬والجهاد ُ وقَتهم كان فر َ‬
‫عين‪..‬‬
‫هنا )نماذج مهمة من سيرة الرسول والتابعين له بإحسان من‬
‫صحابة ومن بعدهم(‪.‬‬
‫حّبنا ربنا تبارك‪ ،‬وَيضحك إلينا‪.‬‬ ‫‪9‬ـ لماذا القتال؟ ل ِي ُ ِ‬
‫م الذي نعيشه‪.‬‬ ‫م والغ ّ‬‫‪10‬ـ لماذا القتال؟ لنه َيقينا اله ّ‬
‫‪11‬ـ لماذا القتال؟ كيل نكون كالنساء!‬
‫‪12‬ـ لماذا القتال؟ لتحصيل الكسب الطيب‪.‬‬
‫‪13‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنضمن عون الله تعالى في حياتنا وبعد مماتنا‪.‬‬
‫ح في الختبار اللهي!‬ ‫‪14‬ـ لماذا القتال؟ كي ننج َ‬
‫‪15‬ـ لماذا القتال؟ لننجوَ به من أَلم الن ّْزع * ومن فتنة القبر * ولت ُظ ِّلنا‬
‫الملئكة * ولنضمن الحياة في قبورنا إلى قيام الساعة * ولننجو من‬
‫صعقة الصور* ومن الَفزع الكبر * ولنضمن نورا ً يوم القيامة * ولننا َ‬
‫ل‬
‫ريات‪:‬‬ ‫مغ ْ ِ‬
‫الخصال السبع ال ُ‬
‫مل المرابط ل ُيختم عليه‪.‬‬ ‫‪16‬ـ لماذا القتال؟ ل َِيجريَ عملنا بعد موتنا‪ ،‬لن عَ َ‬
‫سب!‬ ‫‪17‬ـ لماذا القتال؟ لئل ُنحا َ‬
‫ت حاجتهم إلينا‪.‬‬ ‫دينا وق َ‬ ‫‪18‬ـ لماذا القتال؟ ل َِنشفع لقاربنا‪ ،‬فُنفيد َ وال ِ ِ‬
‫جنان ‪...‬قبل غيرنا‪...‬‬ ‫‪19‬ـ لماذا القتال؟ للنجاة من النيران‪ ،‬وبلوغ ‪...‬ال ِ‬

‫‪133‬‬
‫‪3‬ـ فإن قالوا‪ :‬لبد من العداد اليماني‪ ،..‬وتعّلم العلم الشرعي وتعليمه‪...‬إذ‬
‫ل طاقة لنا اليوم بأمريكة وحلفائها‪ ،...‬فمن الحكمة التأني‪...‬‬
‫مة متهورون‪...‬فقل لهم‪:‬‬ ‫شْرذِ َ‬‫و‪...‬المجاهدون ِ‬
‫هنا *)معالجة لشبهة‪ :‬العداد اليماني بالتصفية والتربية‪،‬‬
‫والنشغال بالعلم وتعليمه أولى!(‬
‫*ضابط التهور‪ ،‬والحكمة!‬
‫‪4‬ـ فإن قالوا‪...:‬أكثر العلماء والمصلحين‪...‬لم َيخرجوا‪...‬فأنت في الميدان‬
‫وحدك! وهل كان النووي ‪...‬والسيوطي من المجاهدين؟ فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا معالجة لشبهة عدم خروج العلماء‪ ،‬وأنك في الميدان‬
‫وحدك!(‪.‬‬
‫جبت‪،‬‬ ‫دنا كثيرا ً من ع َ‬
‫ملناهنا؛ فهذا التزم‪ ،‬وتلك تح ّ‬ ‫‪5‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا أفَ ْ‬
‫والخير في زيادة‪ ،‬ولم تستفيدوا أنتم من القتال إل الويلت‪،...‬‬
‫ة من الفاشلين‪...‬انتكسوا مرارا ً في دراستهم أو‬ ‫و‪...‬المقاتلون ثل ٌ‬
‫تجارتهم فلم َيجدوا إل الجهاد راحة لهم‪ ،‬فالعيش في سبيل الله أصعب‬
‫بكثير من الموت في سبيل الله؟ فأين نتائج قتالكم؟! فقل لهم‪:‬‬
‫*)هنا معالجة مهمة لـ‪" :‬الصلحات الجزئية" وخطورة‬
‫النخداع بها(‪.‬‬
‫*مبحث مهم‪ :‬ما هي ضوابط النجاح أو كيف نحكم على فلن‬
‫أنه ناجح أو فاشل؟‬
‫‪6‬ـ فإن قالوا‪ :‬الجهاد بالمال اليوم أهم من النفس‪ !... ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫‪7‬ـ فإن قالوا‪ُ :‬اخرج إل من بلد الشام‪...‬والعم ُ‬
‫ل‬
‫لفلسطين أولى‪...‬فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا أقوال العلماء في حكم الهجرة وضوابطها(‪.‬‬
‫تلون للملك أو‪..‬إلخ!‪،‬‬ ‫‪8‬ـ فإن قالوا‪ :‬لعلهم عملء‪ ،‬أو ُيقا ِ‬
‫)هنا أقوال‬ ‫العزلة ؟!! فقل لهم‪:‬‬ ‫فخيٌر لنا في هذه الفتن‬
‫عزلة"(‪.‬‬‫العلماء في "ال ُ‬
‫‪9‬ـ فإن قالوا‪ :‬ل جهاد إل بوجود وإذن المام العظم‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن المير ووجوده(‪.‬‬
‫من سيبقى ُي َع ّلم ويدعو هنا؟‬ ‫‪10‬ـ فإن قالوا‪ :‬تص ّ‬
‫وَ ْر أننا خرجنا جميعا ً للقتال َ‬
‫فقل لهم‪:‬‬
‫‪11‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا نرى بين صفوف المجاهدين أخطاء متعددة ‍‬
‫؟! فقل‬
‫لهم‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫ءنا وأمهاِتنا ل َيسمحون‬
‫لنا‪،‬‬ ‫ن آبا َ‬
‫‪12‬ـ فإن قالوا‪ :‬إ ّ‬
‫دهم؟ فقل لهم‪:‬‬
‫وزوجاتنا وأولدنا سي َب َْقون لوح ِ‬
‫)هنا أقوال العلماء في إذن الوالدين(‪.‬‬
‫‪13‬ـ فإن قالوا‪ :‬إن خرجنا لمكان "كذا" للعداد ل ندري ما ُيفعل بنا‬
‫دها‪ ...،‬فل نعرف أين سنذهب ومن سنقاتل‪ ،‬وربما َنخرج للقتال فل‬ ‫بع َ‬
‫ننال الشهادة‪ ...،‬ولعلنا ل نستطيع‪ ...‬الرجوع إلى بلدنا؟ فقل‬
‫لهم‪:‬‬
‫ل أو ت َُق ّ‬
‫طع‬ ‫‪14‬ـ فإن قالوا‪ :‬لكننا جبناء نخاف من القتل أو أن ن ُ َ‬
‫ش ّ‬
‫من‬ ‫أيدينا أو أرجلنا‪ ،‬أو ُتفقأ عيوننا‪ ،‬أو نموت من الجوع؛ فمن أين سنؤَ ّ‬
‫مصروفنا؟ أو ربما نقع في السر فنذوق التعذيب؛ كتقليع الظافر‬
‫ونتف الشعر ولسع الكهَرباء‪ ،‬ونخاف أن ل نصبر‪ ..‬وفينا صغار‬
‫ن ممن دون العشرين‪ ،‬وكبار السن ممن تجاوزوا‬ ‫الس ّ‬
‫الربعين‪...،‬إلخ‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬
‫ض‪ ،‬وهو الهدف الستراتيجي‬ ‫‪15‬ـ فإن قالوا‪ :‬الجهاد والشهادة عنوان فضفا ٌ‬
‫الكبير ول رْيب‪ ،‬ولكن كيف نحقق هدفنا البعيد عمليًا؟ فأين الطائفة‬
‫المنصورة وكيف سنصل إليها؟ وأين سنتدرب؟ وكيف؟ د ُّلونا حتى ل نكون‬
‫ب‪ ،‬فقل لهم‪:‬‬‫ت" فحس ُ‬ ‫مس ّ‬
‫كنا ٍ‬ ‫خياليين! ول ُتعطونا " ُ‬
‫*ةةةةةةةةةةة‪:‬‬

‫‪135‬‬

You might also like