You are on page 1of 760

‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬

‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬


‫المحتويات‬
‫مقدمة الشيخ أبي محمد‬
‫المقدسى ‪5.............................................................‬‬
‫الرد على مقدمة المؤلف‪ -‬عبد العزيز الريس ‪38......‬‬
‫الشههههههههههههههههههههههههههبهة الولههههههههههههههههههههههههههى‪:‬‬
‫كفر الحكام لنهم ل يحكمون بما أنزل الله‪50.........‬‬
‫شبهات تتعلق بالمسألة والرد عليها‪190................‬‬
‫الشبهة الولى‪ :‬كفٌر دون كفر‪190..................................‬‬
‫فر أحد بذنب إل إذا استحّله‪193.............‬‬ ‫الشبهة الثانية‪ :‬ل ُيك ّ‬
‫الشهههههههههههههههههههههههههههههههههبهة الثالثهههههههههههههههههههههههههههههههههة‪:‬‬
‫"لماذا لم يكفر المام أحمد رحمههه اللههه تعههالى المههأمون الههذي‬
‫يقول بخلق القرآن"؟‪194.............................................‬‬
‫الشبهة الرابعة‪ :‬عمل يوسف عند ملك مصر‪197..................‬‬
‫ن النجاشي لههم يحكههم بمهها أنههزل اللههه ومههع‬ ‫الشبهة الخامسة‪ :‬أ ّ‬
‫ذلك كان مسلما ً‪204....................................................‬‬
‫الشهههههههههههههههههههههههههههههههبهة السادسهههههههههههههههههههههههههههههههة‪:‬‬
‫أنظمههة اليههوم ل تكفههر لّنههها لههم تقههم بالتشههريع وإّنمهها ورثههت‬
‫من سبقها‪208.............................................‬‬ ‫قوانينها ع ّ‬
‫شبهات أخرى‪210.......................................................‬‬
‫كام ل يكفرون إل ّ إذا جحدوا حكم الله أو إذا استحّلوا الحكم‬ ‫ن هؤلء الح ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫بغيره‪210........................................................................................‬‬
‫ن القوانين المعمول بها فيها بعض أحكام الشريعة السلمّية‪211...........‬‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫كام المعاصرين‪211...‬‬ ‫ن فتاوى العلماء في التتار ل يجوز تطبيقها على الح ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫ن الشريعة السلمّية هي المصدر‬ ‫ص على أ ّ‬ ‫كام تن ّ‬ ‫ن دساتير هؤلء الح ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫الرئيسي للتشريع‪211.........................................................................‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم حكم بغير شريعة السلم ‪-‬بالتوراة‪ -‬فيجوز‬ ‫ن النب ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫مته من بعده‪212........................................................................‬‬ ‫ذلك ل ّ‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬التكفير بالتحاكم إلى هيئة المم ‪214‬‬
‫الشههههههههههههههههههههههههههبهة الثالثههههههههههههههههههههههههههة‪:‬‬
‫إن هههؤلء الحكههام قههد كفههروا لعههانتهم الكفههار علههى‬
‫المسلمين في عدة وقائع‪238............................‬‬
‫الشبهة الرابعة‪ :‬إلغاء شرعية الجهاد‪289................‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشههبهة الخامسههة‪ :‬محاربههة الههدين بسههجن الههدعاة‬
‫والمجاهدين وهذا كفر‪356................................‬‬
‫الشههبهة السادسههة‪ :‬التكفيههر لهههذه الدولههة باسههتحلل‬
‫الربا فإن تحريهم الربها معلههوم مهن الهدين بالضههرورة‬
‫فمن استحله فقد كفر‪362................................‬‬
‫الشهههههههههههههههههههههههههبهة السهههههههههههههههههههههههههابعة‪:‬‬
‫أنه ل عهد ول أمان لهؤلء الكفار‪371...................‬‬
‫الشههههههههههههههههههههههههههبهة الثامنههههههههههههههههههههههههههة‪:‬‬
‫يجوز نقض العهد الذي التزمناه عند دخول بلد الكفار‬
‫حين ختم الجواز‪405........................................‬‬
‫الشههههههههههههههههههههههههبهة التاسههههههههههههههههههههههههعة‪:‬‬
‫يجوز في الشههرع قتههل الكفههار وتههدمير دورهههم‪ ،‬ولههو‬
‫قتل في ذلك بعض المسلمين‪464.......................‬‬
‫الشههههههههههههههههههههههههبهة العاشههههههههههههههههههههههههرة‪:‬‬
‫ثبت في البخاري ومسلم عن ابن عباس عن ابن عمر‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسههلم قههال‪" :‬أخرجهوا‬
‫المشركين من جزيرة العههرب" فبقههاؤهم منكههر يجههب‬
‫إزالته‪474.....................................................‬‬
‫الشههههههههههههههبهة الحاديههههههههههههههة عشههههههههههههههرة‪:‬‬
‫أن بعض حكام المسلمين يحمههي صههروح الشهرك مهن‬
‫أضرحة وأوثان تعبد من دون الله‪492....................‬‬
‫شبهات لم يوردها المؤلف أوردناها للهمية‪496......‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬حكههم قتههال رجههال المبههاحث أو قههوات المههن‬
‫الههتي تههداهم المجاهههدين أو تصههول عليهههم لكههي تقتلهههم أو‬
‫تأسرهم وتسلمهم للطواغيت‪498...................................‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬حكم اغتيال الزنادقة والمرتههدين والعلمههانيين‬
‫ونحوهم‪506.............................................................‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬حكم العمليات الستشهادية‪522.................‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬حكم الستعانة بالكفار‪560......................‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬اشتراط الراية في جهاد الدفع‪579..........‬‬
‫تنبيه مهم‪587................................................‬‬

‫)‪(3‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شههههههههههههههههبهة والههههههههههههههههرد عليههههههههههههههههها‪:‬‬
‫هناك من يقول‪ :‬مالفائدة من تكفير الطواغيت‪598. .‬‬
‫فصل‪ :‬في بيان مخالفته الصههريحة للجمههاع بههالنقض‬
‫تارة وبالتأويل أخرى‪663..................................‬‬
‫حوار بين شيخ وطالب علم‪668...........................‬‬
‫شبهة تولية الكافر للمسلم ولية العراق‪686..........‬‬
‫فتوى مهمة ونافعة للشيخ الخضير‪690..................‬‬
‫قنوت النوازل‪735...........................................‬‬
‫دعاة التربية‪749.............................................‬‬
‫تنبيه مهم‪752................................................‬‬

‫)‪(4‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مقدمة الشيخ أبي محمد المقدسي‬

‫الحمدلله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومممن‬
‫واله‬
‫س‬ ‫طي َ ْ‬ ‫ي عَمد ُّوا َ‬ ‫جعَل ْن َمما ل ِك ُم ّ‬ ‫يقول الله تعالى ‪ ) :‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫ن ال ِن ْم ِ‬ ‫شمَيا ِ‬ ‫ل ن َب ِم ّ‬ ‫ك َ‬
‫ما‬‫ك َ‬ ‫شاءَ َرب ّ َ‬ ‫ل غُُروًرا وَل َوْ َ‬ ‫ف ال َْقوْ ِ‬ ‫خُر َ‬ ‫ض ُز ْ‬ ‫ٍ‬ ‫م إ َِلى ب َعْ‬ ‫ضه ُ ْ‬
‫حي ب َعْ ُ‬ ‫ن ُيو ِ‬ ‫ج ّ‬‫َوال ْ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن َل ي ُؤْ ِ‬
‫من ُممو َ‬ ‫صمَغى إ ِل َي ْمهِ أفْئ ِد َةُ ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن * وَل ِت َ ْ‬ ‫ممما ي َْفت َمُرو َ‬ ‫م وَ َ‬‫فَعَُلوهُ فَذ َْرهُ ْ‬
‫ن(‬‫مْقت َرُِفو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫ضوْهُ وَل ِي َْقت َرُِفوا َ‬ ‫ِباْل ِ‬
‫خَرةِ وَل ِي َْر َ‬
‫وبعد ‪..‬‬
‫فل تزال رحى الحرب دائرة بين عساكر التوحيد وعساكر التنديد في‬
‫كل زمان ‪ ،‬وبإزائها حرب أخرى بين أنصار هؤلء وأنصممار هممؤلء مممن‬
‫عساكر السنة وخصومهم من عساكر التجهم والرجمماء ‪ ،‬يرفممع أهممل‬
‫السممنة فممي هممذه الحممرب رايممة التوحيممد والجهمماد ويجاهممدون دونهمما‬
‫بألسممنتهم وأنفسممهم ودمممائهم ‪ ،‬ويبممذلون لهمما مهجهممم وأرواحهممم‬
‫وأعمارهم ‪ ،‬فيما ينصر أعداؤهم رايات التنديد ويجادلون عممن رايممات‬
‫التجهم والرجاء ‪ ،‬يبذلون لها أوقاتهم وأموالهم بل ودينهم ‪ ،‬وتشممهد‬
‫هذه الحممرب سمماحات المموغى الممتي يضممم ثراهمما هامممات المجاهممدين‬
‫وأشلء البطممال ‪ ..‬كمما تشممهدها سمماحات تعممذيب الممدعاة الصمادقين‬
‫وحبال المشانق وزنازن السجون التي يزج فيها بالعلماء الربانيين‪..‬‬
‫وفي غمممار هممذه الحممرب يجتهممد أهممل البممدع ويتسممابقون فممي ترقيممع‬
‫بدعهم والجدال عممن بمماطلهم ويسممعون دوممما فممي زخرفتممه وتلميعممه‬
‫ليغممروا بممه مممن تصممغى أفئدتهممم إليممه وليرضمموه وليقممترفوا ممما هممم‬
‫مقترفون‪..‬‬
‫خر اللممه لممرد شممبهاتهم ودحممر بمماطلهم وكشممف زيمموفهم ؛ مممن‬ ‫فيس م ّ‬
‫يصطفيه سبحانه وتعالى ويسممتعمله فممي ذلممك ‪ ،‬فينفممون عممن الحممق‬
‫تحريف المحرفين‪ ،‬وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين‪..‬‬
‫وما عبد العزيممز الريممس إل نسممخة مممن هممؤلء المبطليممن المحرفيممن‬
‫الجاهلين ‪ ،‬الذين يجاهدون تحت رايممات التجهممم والرجمماء ويناضمملون‬
‫فممي الممترقيع لطممواغيت الشممرك وحكومممات التنديممد ‪ ،‬وهممو نسممخة‬
‫مستنسخة متزندقة عن الحلبي الفاك عندنا‪ ،‬وحبيبه الذي يثني عليه‬
‫ويعزو إلى كتاباته وسخافاته ‪..‬‬
‫وصدق عطاء بن أبي رباح في قوله ‪) :‬الساقط يوالي من يشاء ( !‬
‫)‪(5‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وفممي أزمنممة تعطيممل الشممريعة وعممزل أحكممام اللممه وتحكيممم أحكممام‬
‫الطواغيت تجد في كل بلد ‪ ،‬حلبّيا ورّيسا ‪ ،‬كما تجد بفضممل اللمه فممي‬
‫كل بلد من جند الحق من يتصدى لباطل هؤلء ويدحر شبهاتهم ‪..‬‬
‫والله يخذل ناصر الطغيان‬ ‫والله ينصر من يقوم بنصره‬
‫والحقيقة إن عبد العزيز الريس وعلي الحلبي وأضممرابهم قممد غممالوا‬
‫في التجهم والرجاء ‪ ،‬وبالغوا في النضال لرفع رايته ؛ حتى تكشممفت‬
‫عوراتهم وظهر باطلهم ولم يعد يخفى حممتى علممى كممثير مممن أدعيمماء‬
‫السلفية ومرجئة العصر ‪ ،‬فكتب بعض هممؤلء مممما تجممده مبثوثمما فممي‬
‫منتدياتهم في الرد على بعض أباطيممل القمموم ‪ ،‬بحسممب مبلممغ أولئك‬
‫الّرادين مممن العلممم والفهممم‪ ،‬وبحسممب ممما تجممرأت عليممه نفوسممهم ‪،‬‬
‫ت‬‫وتركوا عظائم المور وخطيرها الذي ُيغضمب التصمدي لمه طمواغي َ‬
‫الكفممر ؛ تركوهمما لمممن يسممابق فممي مرضمماة ربممه ول يبممالي بإسممخاط‬
‫السلطين ‪..‬‬
‫وأخونا الفاضل أبي المنذر الحربممي كمما نحسممبه واللمه حسمميبه مممن‬
‫هؤلء البطال الممذين تصممدوا لباطممل هممذا الريممس وزخرفممه ‪ ،‬فممدحر‬
‫شبهاته وفّندها وكشف زيوفها ولم تأخذه في الله لومة لئم ‪..‬‬
‫مستحضرا حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنممه ) بايعنمما رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على السمع و الطاعة في العسر والُيسمر‬
‫ف فممي‬ ‫والمنشط والمكره ‪....‬إلى قمموله ‪ ..‬وأن نقممول الح مقّ ل نخمما ُ‬
‫الله لومة لئم ٍ ( متفق عليه‪.‬‬
‫مممار ‪ )) :‬قولمموا الحمقّ ُينمممزلكم الحمقّ منممازل أهممل‬ ‫قال هشام بن ع ّ‬
‫ق‪ ،‬يوم ل ُيقضى إل بالحقّ (( ]‪ 429\11‬السير للذهبي[ ‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫سممه فممي الممرد علممى المممذكور وقممدم‬‫ولقممد أطممال أخونمما المؤلممف ن ََف َ‬
‫بمقدمات مفيمدة ؛ وجمادله بالحكممة والموعظمة الحسمنة ‪ ،‬وأحسمبه‬
‫طف في القمول فمي بعمض المواضمع بمما ل يسمتحقه أمثمال‬ ‫ألن وتل ّ‬
‫الريممس ‪ ،‬ول يعمماب ذلممك عليممه فلمنمماظر أهممل البممدع لممه أن يختممار‬
‫السلوب الذي يراه مناسبا للمقام ‪ ،‬وإن كنت أرى أن أمثال الريس‬
‫أحوج إلى درة عمرية تقرع رأسهم وتحلقها لتزيل منها ما علق فيهمما‬
‫من صداع الباطيل والترهات ‪ ..‬فبعممض الصممداع ل يممزال إل هكممذا ‪..‬‬
‫كما قال الول ‪..‬‬
‫وسيفي كان في الهيجا طبيبا * يداوي رأس من يشكو الصداعا‬

‫)‪(6‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وبعضه ل ُيزال إل بطريقة اقترحها أحد أحبتنا رحمه الله وتقبلممه فممي‬
‫عداد الشهداء وهو الشمميخ أبممو عبممد الرحمممن رائد خريسممات مجاهممد‬
‫المرتدين وأهل البدع ‪1‬حين كان حاضمرا لمجلمس نقماش جممرى قبمل‬
‫سنوات في مدينة السلط بيننا وبين رأس من رؤوس التجهممم عنممدنا‬
‫وأخ حميم للرّيس وهو مراد شممكري ؛ حضممره طائفممة مممن إخواننمما‬
‫بمن فيهم الشيخ أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله ‪ ،‬حيث وجه مراد‬
‫بعض عباراته الغير لئقة المعروفة عنممه لبعممض الخمموة المشمماركين‬
‫في النقاش ‪ ،‬فقلت لممه ‪ :‬يممامراد نحممن فممي مجلممس علمممي ؛ وهممذه‬
‫عبارات ل تليق ! وحينها قاطعني أخونا رائد قائل ‪ ) :‬يما شمميخنا أنمت‬
‫تتكلم وتناقش هؤلء بأسلوب علمي ‪ ،‬وهذا الرجممل وأمثمماله ل يصمملح‬
‫معهم مثل هذا السلوب العلمي ( فقال مراد ‪ :‬وممماذا يصمملح معنمما ؟‬
‫فقال له أخونا رحمه الله ‪ ) :‬أنتم ل يصلح معكم إل الضممرب بالنعممال‬
‫على أم رؤوسكم ( اهم ‪.‬‬
‫فهؤلء الناس يتواقحون مع المخالفين ويقّلون أدبهم في الممردود ‪،‬ول‬
‫يتوّرعممون مممن الكممذب علممى الخصمموم ‪ ،‬ولهممذا يختممار بعممض إخواننمما‬
‫استئصال شأفة وقاحتهم بمثل هذه العلجات ‪..‬‬
‫والريس واحد ممن يتلذذ بتلك الوقاحممة مممع مممن يخممالفهم مممن أهممل‬
‫الحق ؛ فهو ل يفتأ يطيل لسانه بالكممذب والبهتممان والتهممم والباطيممل‬
‫والفتراءات ‪ ،‬ويحارب المجاهدين حربا شعواء ‪..‬‬
‫ومع ذلك فقد اختار أخونا الحربي حفظه الله أن يقابل حرب الريس‬
‫القذرة هذه بحرب هادئة نظيفة فيدحر افتراءاته على الشرع ‪ ،‬ويممرد‬
‫أكاذيبه عن أنصار الدين بغير الدوات القذرة التي يسممتعملها الري ّممس‬
‫في حربه ‪ ،‬فأهل الحق ل يستجيزون الكذب والفتراء على الخصمموم‬
‫ي أعناق النصوص والفتراء على‬ ‫كما يستجيز الرّيس ول يستحلون ل ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪ 1‬قتل رحمه الله في معركة مع تحالف الشمال الكردي في شمال العراق وله ترجمة‬
‫في منبر التوحيد والجهاد في قسم ) حتى ل ننسى إخواننا الذين سههبقونا علههى درب‬
‫الجهاد (‬
‫‪ 2‬ومن أراد أن يطالع شيئا من أكاذيبه فلينظر إلى تبديده الذي لم يبدد فيه إل دينههه ؛‬
‫بالجدال عن الطواغيت و بترويج أكاذيب من ل يثق بهم هو نفسههه ‪ ،‬ولكنههها الخصههومة‬
‫العمياء التي توثق المجاهيل بل والكذابين لقبههول كلمهههم فههي الخصههوم !! والخلص‬
‫حتى النخاع في الترقيع للطواغيت والدفاع عن دول التنديد ‪ ،‬ونحههن ل نقابههل أكههاذيبه‬
‫بأكاذيب ول ندحر باطله بباطههل ‪ ،‬وإنمهها علج أكههاذيبه ورد أبههاطيله يكههون بأمثههال هههذه‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬ ‫ه لَ َ‬
‫سه ِ‬ ‫ن الل ّه َ‬‫وإ ِ ّ‬
‫ة َ‬ ‫ن ب َي ّن َه ٍ‬
‫عه ْ‬
‫ي َ‬ ‫حه ّ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬
‫حَيى َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ة َ‬‫ن ب َي ّن َ ٍ‬‫ع ْ‬ ‫ك َ‬‫هل َ َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ك َ‬ ‫هل ِ َ‬
‫الردود العلمية ‪) ،‬ل ِي َ ْ‬
‫ض(‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عِليم ( ‪َ َ ) ،‬‬
‫في الْر ِ‬ ‫ث ِ‬‫مك ُ‬‫س في َ ْ‬ ‫ع الّنا َ‬
‫ما ي َن ْف ُ‬‫ما َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫جفاءً َ‬ ‫ب ُ‬‫ه ُ‬ ‫ما الّزب َدُ في َذ َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫َ ٌ‬

‫)‪(7‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشريعة كما يفعل الريممس وأمثمماله ‪ ،‬وإنممما أدوات عسمماكر التوحيممد‬
‫وأسلحتهم في حربهم مع أنصار التنديد هي نصوص الوحيين الكتمماب‬
‫والسنة ؛ والحق يقال أن أخانا مصنف هذا الرد رغم هدوء حربه مممع‬
‫صممر فممي تفنيممد شممبهاته ودحممر أبمماطيله وكشممف‬ ‫الريس إل أنه لم يق ّ‬
‫زخرفه برزانة وهدوء وأسلوب علمي رصين ‪..‬‬
‫فكأن لخينا الحربي صدر هذا البيت وللريس عجزه ‪..‬‬
‫ب ُيخزى لعمر الله‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سد َ ُتخشى وهي صامتة ** والكل ُ‬ ‫ما ت ََرى ال ْ‬
‫أ َ‬
‫ح‬
‫نّبا ُ‬
‫فجزا الله أخانا الحربي خير الجزاء ‪ ،‬وتقبممل منمما ومنممه ممما بممذل فممي‬
‫نصرة التوحيد والجهاد ‪ ،‬اللذان تصدى وتصدر الريس والحلبي وربيممع‬
‫وعمموا ‪ ،‬أو آجممروا‬‫وأضممرابهم لتشممويههما وصممد النمماس عنهممما ‪ ،‬وتط ّ‬
‫جر للممدفاع عممن دول الممردة والتنديممد ‪،‬‬ ‫أنفسممهم لمممن يممدفع ويسممتأ ِ‬
‫والترقيع لخصوم التوحيد ‪ ،‬والجدال عن أعداء الجهاد من الطممواغيت‬
‫وأنصارهم ‪..‬‬
‫والمتأمل لما خطه أخونا الحربي حفظه اللممه ونصممر بممه الممدين يممرى‬
‫الفرق الشاسع والبون الواسع بيممن كتابممات أنصممار التوحيممد والجهمماد‬
‫وبين كتابات أعدائهم وخصومهم ‪ ..‬فإخواننمما وللممه الحمممد مرجعيتهممم‬
‫فممي الخصممومة وفممي السممتدلل وفممي الحكممم هممو الممدليل )الكتمماب‬
‫والسممنة( ‪ ،‬وحلتهممم النصمماف والعممدل ‪ ،‬ل يسممتحلون الكممذب علممى‬
‫لي كلم العلممماء‬‫وزون تحريف الكلم عن مواضعه أو ّ‬ ‫الخصوم ول يج ّ‬
‫نصرة للمذهب ‪ ،‬كما هو ديدن لصوص النصوص كالمردود عليممه فممي‬
‫وداته يعاين ما نقول ‪..‬‬ ‫هذا الكتاب وأشباهه ‪ ،‬والمتأمل لمس ّ‬
‫ولجل فساد منهج هؤلء القوم وانحرافهم عن الحق لم نتفممرد نحممن‬
‫في الرد عليهم ؛ بل قد رد عليهم وأبان بمماطلهم وتممبرء مممن زورهممم‬
‫أقرب الناس إليهممم مممن مشممايخ الجزيممرة المشمماهير ‪ ..‬فممرد علممى‬
‫الحلبي ومراد شكري مشايخ اللجنة الدائمة في الجزيرة وأبانوا أنهم‬
‫من غلة المرجئة ‪ ..‬كما قرأت مؤخرا نصيحة مممن الشمميخعبدالرحمن‬
‫بن ناصر البراك وجهها إلى عبدالعزيز ريس الريس انتقده فيها على‬
‫منهجممه الفاسممد واعتقمماده المنحممرف فممي اليمممان واسممتنكر أشممد‬
‫الستنكار أوراق الريس التي سماها ‪" :‬مهمات ومسائل متفرقممات‪،‬‬
‫وتنبيهات متممات تتعلق بالتكفير" ‪ .‬والتي حكم فيهمما باليمممان لمممن‬
‫تحملممه الطممماع الدنيويممة علممى مصممانعة أهممل الشممرك ومجمماملتهم‪،‬‬
‫)‪(8‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ف أو إكراهٍ !! ‪ ،‬وهممذا‬ ‫بالسجود معهم بين يدي أصنامهم من غير خو ٍ‬
‫أمر معروف عنه ‪ ،‬وقد أشرنا في غير هذا الموضع إلى عدم تكفيممره‬
‫لمن ذبح لبوذا ولمن سجد للصنام ولمن شّرع مع الله ممما لممم يممأذن‬
‫به الله ‪ ،‬إل بشروط ابتدعها ل تكاد تجممد وفقمما لهمما كممافرا بيممن هممذه‬
‫الصناف في هذا الزمان ‪..‬‬
‫وأنا أعلم أن ردودنا العلميمة المفصملة ‪ ،‬ل تمؤلم همؤلء النماس بقمدر‬
‫إيلم ممما يكتبممه مشممايخ الجزيممرة الرسممميين عنهممم ولممو علممى وجممه‬
‫الختصار ؛ لن الحق والعلم ليممس مممن أولويمماتهم ول مممن همممومهم؛‬
‫ولن في ردود أولئك المشايخ نزعا ً للوجاهة أوتعطيل لنشر كتابمماتهم‬
‫وإعاقة لسيل المساعدات والموال التي يتدفق عليهم باسم الدعوة‬
‫السلفية !!‬
‫ولذلك أحب أن أورد في هذه المقدمة رسالة الشيخ البراك بحروفها‬
‫ليعلم حال الرجل المردود عليه من أقرب الناس إليه ‪ ،‬وهذا نصها ‪:‬‬
‫"إلى الخ المكرم‪ /‬عبدالعزيز بن ريس الريس‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ,‬وبعد‪:‬‬
‫فقد ذكر لي الخ بنممدر الشممويقي‪ ،‬أنممك تقممول ‪ :‬إن الرجممل لممو قصممد‬
‫وتعمد السجود بين يدي الصنم طمعما ً فمي دنيما‪ ،‬وصمرح بلسمانه أنمه‬
‫يقصممد عبممادته ‪ ،‬فممإنه يحكممم بكفممره ‪ ،‬لكممن ليقطممع بكفممر بمماطنه ‪،‬‬
‫لحتمال كذبه في إخباره عن نفسه ‪ ،‬فمثله كمن يقول‪ :‬أنا أعتقد أن‬
‫ة‪ ،‬فهذا يكفر لكن ل يقطع بكفره الباطن لحتمال كذبه‬ ‫الله ثالث ثلث ٍ‬
‫في إخباره عن نفسه‪.‬‬
‫ل في فهمك ضلل ً بعيممدا ً ‪ ،‬وقممد قلممت‬ ‫وهذا م إن صح عنك م فأنت ضا ٌ‬
‫إفكا ً عظيما ً ‪ ،‬فإن مقتضى هذا ‪ :‬أنمما لنقطممع بكفممر الجاحممدين لنبمموة‬
‫الرسول م صلى الله عليه وسلم م مع تصديقهم له في الباطن ‪ ،‬كممما‬
‫قال تعالى ‪) :‬فإنهم ليكذبونك ‪ ،‬ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون(‬
‫وكذلك ل يقطع بكفر كل النصارى ‪ ،‬لقممولهم‪ :‬المسمميح ابممن اللممه ‪ ،‬أو‬
‫ة أو تعصممبا ً‬
‫قممولهم بممالتثليث ‪ ،‬لحتمممال أنهممم قممالوا ذلممك مجاملمم ً‬
‫لقوامهم ‪ ،‬لاعتقادا ً لحقيقة قولهم‪.‬‬
‫ض من الغممراض مممن‬ ‫وأن المسلم لو أظهر موافقتهم على ذلك لغر ٍ‬
‫غير إكراهٍ ‪ ،‬أو أظهر لهم تكذيب الرسول م صلى الله عليه وسلم م ‪،‬‬
‫لم يكن مرتدا ً إل ظاهرا ً ‪ ،‬وأما في الباطن فهو في عداد المممؤمنين ‪،‬‬

‫)‪(9‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومقتضى هذا انه لو مات علممى تلممك الحممال ‪ ،‬لكممان مممن أهممل الجنممة‬
‫ه‪.‬‬
‫بإيمانه الذي كتمه من غير اضطرارٍ ول إكرا ٍ‬
‫لذلك أوصيك بالتريث ‪ ،‬وترك الندفاع ‪ ،‬كما أوصيك باللجأ إلى الله ‪،‬‬
‫بسؤال الهداية ‪ ،‬فيما اختلف فيه مممن الحممق بممإذنه ‪ ،‬إنممه م م تعممالى م م‬
‫ط مستقيم‪.‬‬‫يهدي من يشاء إلى صرا ٍ‬
‫أسأل الله أن يلهمك الصواب ‪ ،‬وأن يرينا وإياك الحق حقما ً ‪ ،‬ويرزقنما‬
‫اتباعه ‪ ،‬ويرينا الباطل باطل ً ‪ ،‬ويرزقنا اجتنابه ‪ ،‬وأن ليجعلممه ملتبس ما ً‬
‫علينا فنتبع الهوى" اهم ‪.‬‬
‫قاله ‪ :‬عبدالرحمن بن ناصر البراك‪.‬‬
‫ومن الضللت الواضحة التي أنكرها عليه مشايخ بلده أيضا وجهلمموه‬
‫بها قوله في رده على تركي الحمممد حيممن قممال ‪ ) :‬اللممه والشمميطان‬
‫وجهان لعملة واحدة( تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ؛ حيمث قمال‬
‫الريس ‪ :‬أن هذه كلمة سوء ولكنها ليست سبا ً لله تعالى وبالتممالي ل‬
‫يستطيع أن يكفره بها !!!‬
‫وإن لم يكن هذا سبا ‪ ،‬فل أعلم ما هو السممب عنممده ؟! وإذ لممم يكممن‬
‫هذا كفرا في عقيدته فما عساه يكون الكفر عنده ؟!‬
‫فتأمل ما يخرج من رأس هذا الرجل وممما ينتجممه تجهمممه وإرجمماؤه !!‬
‫فمجرد تأمل أقاويله وتدبر فسادها ؛ يكفي لفتضمماح عقيممدته ويغنممي‬
‫عن الرد عليها ‪..‬‬
‫وقد بلغني عن بعض طلبة العلم في الجزيممرة وقرأتممه منشممورا فممي‬
‫دد ؛‬ ‫جد الريس وقدم لكتابه المب م ّ‬ ‫النت أيضا أن صالح الفوزان الذي م ّ‬
‫لما سئل عن مقالممة الريممس الشممنيعة هممذه ‪ -‬دون أن يممذكر السممائل‬
‫اسمه‪ -‬قال ‪ ) :‬من قال هذا فهو جاهل ل يعرف الفممرق بيممن اليمممان‬
‫والكفر(!!‬
‫أقول ‪ :‬الحمد لله الذي أشهد عليه شاهدا من أهله ؛ وإذا كممان المممر‬
‫كذلك فكيف يجوز أن يتكلم في هذه المسائل ويتصدر للتصنيف فيها‬
‫والممرد ؛ مممن ل يفممرق بيممن اليمممان والكفممر ؟! بممل ويقممدم لكتابمماته‬
‫المنحرفة وردوده المتهافتة أمثممال هممذا الشمميخ ‪ ،‬الممذي وصممفه بهممذه‬
‫م له ؛ أم أن التأليف إذا كان دفاعا عن الدولة‬ ‫الوصاف عندما لم يس ّ‬
‫كامهمما ُيبممارك ‪ ،‬وُينحممر علممى عتبمماته الصممدق والتقمموى والعممدل‬ ‫وح ّ‬
‫والنصاف ؟! قربانا لولة المور والخمور ‪..‬‬

‫)‪(10‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويعمل فيه بما عممابه النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم علممى مممن ) إذا‬
‫سرق فيهم الشريف تركوه(‬
‫فالرجل كما قال عنه بعض العارفين به من أهل بلده ؛ ) ل يدري ممما‬
‫يخرج من رأسه وقد جاء في الخبر عممن بعممض السمملف "ل تكتممب إل‬
‫عن رجل يعرف ما يخرج من رأسه "‬
‫ومن يتتبع مقالته ‪ ،‬يلحظ هذا بجلء ؛ فهو يظن أن مجرد الكثار من‬
‫النقل من كلم المشايخ والعلماء كيفممما كممانت النقممول ‪ ،‬دون تنقيممح‬
‫لمناط مرادهم وتحقيق لمعنى كلمهم ؛ يظن أن ذلك يكفي للوصول‬
‫إلى الحكم الصحيح على المسممائل ‪ ،‬بممل تممراه يتكممثر مممن النقممولت‬
‫وإن كانت ل لها علقة بالمسألة الممتي يسممتدل لهمما ‪ ،‬فل تعممدوا كممثيرا‬
‫مممن كتابمماته عممن كونهمما مممن حشممو الكلم ‪ ،‬الممذي ل تحقيممق فيممه ول‬
‫تدقيق ‪ ..‬ول علم فيه ول فهم ‪..‬‬
‫وهذا رأي العارفين له من أهل بلده قرأته عممن أكممثر مممن شمميخ مممن‬
‫مشايخ الجزيرة ‪ ،‬وجاء موافقا للنطباع الذي أخذته عن كتابمماته لول‬
‫وهلة نظرت في بعضها ‪..‬‬
‫وكتاب أخينا الحربي حفظمه اللمه تعمالى وأعظمم لمه الجممر والثمواب‬
‫سيزيد في كشممف حممال هممذا الرجممل ‪ ،‬وسمميعّرف بمسممتواه العلمممي‬
‫الهممابط ‪ ،‬ويممبّين عقيممدته الرجائيممة المتهافتممة ‪ ،‬ويظهممر تلعبممه بأدلممة‬
‫الشرع ولّيه لكلم المشايخ والعلماء ‪..‬‬
‫و‬ ‫ه فَإ ِ َ‬
‫ذا هُم َ‬ ‫مغ ُ ُ‬ ‫حقّ عََلى ال َْباط ِ ِ‬
‫ل فَي َد ْ َ‬ ‫ف ِبال ْ َ‬
‫ل ن َْقذِ ُ‬‫وقد قال الله تعالى ‪﴿ :‬ب َ ْ‬
‫ق﴾ ‪ ،‬فممالحق أبلممج وصمماحبه منصممور حيممث كممان فممي المغممارب‬ ‫َزاهِ م ٌ‬
‫أوالمشارق ‪ ،‬وتقمّر عينممه للتضممحية فممي سممبيله بالنفممائس والعلئق ‪،‬‬
‫ويتلذذ بالذى ممن أجلمه ويسممعد ولممو علمق علمى أعمواد المشممانق ‪..‬‬
‫در فممي المجممالس والنمممارق ‪،‬‬ ‫والباطل لجلج وصاحبه مهممان وإن ص م ّ‬
‫وباطله مفضوح وإن كثر المصفق له والناعق ‪.‬‬
‫أسأل الله تعالى أن ينصممر دينممه وأوليمماءه وأن يعلممي رايممة التوحيممد ‪،‬‬
‫ويذل الشرك والتنديد ويكبت أنصاره والمجادلين عنه ‪ ..‬وصلى الله‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬

‫وكتب ‪ /‬أبو محمد المقدسي‬


‫رمضان ‪1430‬ه‬

‫)‪(11‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مقدمة المؤلف‬

‫الحمد لله معز السلم بنصره‪ ،‬ومذل الكممافرين بقهممره‪ ،‬والصمملة‬


‫والسلم على من أعلى منار السلم بسيفه وعلى آلممه وصممحبه‪ .‬أممما‬
‫بعد‪،،،،،،‬‬
‫فهذا كتاب جمعتممه رد ّا ً علممى كتمماب ]البرهممان المنيممر فممي دحممض‬
‫شبهات أهممل التكفيممر والتفجيممر[ لمممؤلفه عبممد العزيممز الريممس‪ ،‬وقممد‬
‫ده‬‫عرض المؤلف في كتابه إحدى عشرة شممبهة ورد ّ عليهمما‪ ،‬ولكممن ر ّ‬
‫فيه أخطاء كثيرة وانحراف عن منهج السلف ومن تبعهم مممن علممماء‬
‫ت بعد الرد على كتابه شممبهات أخممرى لممم‬ ‫المة المخلصين‪ ،‬وقد ذكر ُ‬
‫يذكرها وهي شبهات مهمة تمس الواقع الذي نعيشه وَيكث ُممر السممؤال‬
‫ت في نهاية الكتاب رد ّا ً أّلفه الشيخ أحمد بن حمممود‬ ‫عنها‪ ،‬كذلك أورد ُ‬
‫الخالدي ‪-‬فك الله أسره‪ -‬يرد ّ فيه على بعض أخطاء الرّيس‪.‬‬
‫ت كتاب الرّيس لمور‪:‬‬ ‫واختر ُ‬
‫‪ -1‬لنه رجل اغتر به كثير من الشباب‪.‬‬
‫‪ -2‬لنه جمع في كتابه ما اسممتطاع مممن الدلممة الممتي يحسممب أنهمما‬
‫تنصر ماذهب إليه‪ ،‬وبالتالي يكون الرد عليه بالدلة أقوى حجة وأكممثر‬
‫وضوحًا‪.‬‬
‫ن ما ذهب إليه هو مممذهب السمملف وفممي‬ ‫‪ -3‬لنه يزعم في كتابه أ ّ‬
‫ب عممن السمملف‪،‬‬ ‫ذلك تشويه لما كان عليه السلف‪ ،‬والرد عليه فيه ذ ّ‬
‫ودفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫ت عددا ً غير قليل من المؤلفات الممتي أّلفهمما مممن يممرد‬ ‫‪ -4‬وقد قرأ ُ‬
‫على المجاهدين ويّتهمهم‪ ،‬فوجد كتاب الريس قد جمع أكممثر ممما فممي‬
‫تلك الكتب وزاد عليها‪ ،‬فيكون الرد عليه رد على تلك المؤلفات‪.‬‬
‫والرد على الشبهات التي ذكرهما الريممس ليمس رد ّا ً علمى الريممس‬
‫وحده بل هو رد ّ على كل ممن نحمى نحموه وتمسمك بتلمك الشممبهات‪،‬‬
‫دعي السلفية أو من غيرهم من المشايخ والممدعاة‬ ‫سواء كانوا ممن ي ّ‬
‫والمفكريممن الممذين اجتمعمموا علممى تجريممم المجاهممدين وتضممليلهم‬
‫وتسفيههم‪ ،‬فهذا الكتاب فيه رد ّ على شبهاتهم‪ ،‬وفيممه أيضمماح وتجليممة‬
‫لعقيدة المجاهدين ووجهة نظرهم وفقههم للواقع‪.‬‬
‫وهممذا الممرد ل يكفممي مممن أراد التوسممع فممي معرفممة ممما عليممه‬
‫المجاهدون وخاصة تنظيم القاعممدة‪ ،‬فمممن أراد التوسممع فممي معرفممة‬
‫المجاهممدين وعقيممدتهم فليبحممث عممن كتبهممم وإصممداراتهم الصمموتية‬
‫والمرئية في الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وسعى في معرفة الخير فلن ُيعممدم‬
‫)‪(12‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الخير والتوفيق بإذن الله‪.‬‬
‫هذا وما أصبنا فيه فمن الله وحده‪ ،‬وما أخطأنا فيممه فمممن أنفسممنا‬
‫ومن الشيطان‪.‬‬
‫م أرد‬‫وفي هذا الرد سوف أذكر ما ذكره صاحب الكتماب حرفيما ً ثم ّ‬
‫عليه بما فتح الله ويسره مستعينا ً بعد الله بفهم علماء المة‪.‬‬
‫وأي موضع أقممول فيممه‪]:‬قممال المؤلممف[ فإنممما أقصممد عبممد العزيممز‬
‫الريس‪.‬‬
‫وأحب قبل البدء في الرد أن أقدم بمقدمة أرى أنهمما مممن الهميممة‬
‫ه سبحانه أسأل أن يوفقنا للحممق والصممواب ويهممدينا إليممه‬ ‫بمكان‪ ،‬والل َ‬
‫إنه سميع قريب مجيب‪.‬‬

‫مقدمة الكتاب‬
‫الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬الحمد لله الذي له في كل‬

‫)‪(13‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شيء آية تدل على وحدانيته وعظمتممه وجللممه وحكمتممه‪ ،‬الحمممد للممه‬
‫الذي أرسل الرسل لرشاد العباد وتعليمهممم الطريممق الموصمملة إلممى‬
‫ربهم‪ ،‬الحمد لله حمدا ً ل ينفد‪ ،‬والصلة والسلم على البشير النممذير‪،‬‬
‫السراج المنير‪ ،‬الضممحوك القتممال‪ ،‬خيممر العبمماد وأفضممل الممورى‪ ،‬نبينمما‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪،،،،،،،،‬‬
‫فإلى جميع المسلمين أهدي هذا الكتاب وهممذه الكلمممات‪ ،‬وأسممأل‬
‫الله أن ينفعني بها وعموم إخواني المسلمين‪.‬‬
‫دة محاور أحب الحممديث عنهمما وأتمنممى ممممن‬ ‫ع ّ‬ ‫وهذه المقدمة لها ِ‬
‫م إن وجد حقا ً قبله وإن وجد‬ ‫يقرؤها أن يتجّرد للحق وينصف كاتبها‪ ،‬ث ّ‬
‫ده فكلنا نخطئ‪ ،‬وكلنا راد ّ ومردود ٌ عليه إل نبينا محمممد صمملى‬ ‫باطل ً ر ّ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ول ينسى كاتبها مممن دعمموة صممادقة أن اللممه يهممديه‬
‫للحق والعمل به‪.‬‬
‫‪ ..‬ل تقلد دينك الرجال‪..‬‬
‫ن مما أنعم الله به على كممثير مممن أبنمماء المسمملمين أنهممم بممدؤوا‬ ‫إ ّ‬
‫يبحثون عن الحق ويحرصون على اتباع منهج السلف ونبممذوا التقليممد‬
‫العمى وراء ظهممورهم وتحممرروا مممما كممان عليممه آبمماؤهم مممن البممدع‬
‫والخرافات وأقبلوا ينهلون من المعين الصافي معين الكتاب والسنة‪،‬‬
‫سَرت في دمائهم عقيدة الولء‬ ‫فأشرقت في قلوبهم أنوار التوحيد‪ ،‬و َ‬
‫والبراء‪ ،‬حتى بات العدو قَِلقا ً منزعجما ً مممما يممراه مممن صممحوة عامممة‪،‬‬
‫ورجمموع صممادق‪ ...‬ولكممن‪ .....‬ولكممن‪ ...‬وللسممف‪ ..‬دب ّمممت الفرقمممة‬
‫دعت أركانها‬ ‫والنزاعات والتصادمات بين أفراد تلك الصحوة حتى تص ّ‬
‫طمممت جممدرانها‪ ،‬فيمما ت ُممرى ممما السممبب؟ ممما العل ّممة؟ أيممن يكمممن‬ ‫وتح ّ‬
‫المرض؟؟‬
‫أخي الحبيب‪ /‬تعال نبحر أنا وأنمت يمدي بيمدك لكمي نتعمرف علمى‬
‫بعض تلك السباب التي شمّتتت شممملنا وفّرقممت جمعنمما‪ ،‬واتممرك لممي‬
‫كي أعبر لممك ممما فممي نفسممي عممن بعممض تلممك‬ ‫المجال تواضعا ً منك ل ِ َ‬
‫السباب وسوف أسلك معك طريممق المصممارحة فممأنت أخممي والممذي‬
‫ده بإذن الله خاسئا ً مدحورًا‪.‬‬ ‫فّرق بيننا هو الشيطان فلنر ّ‬
‫م يا أخي ‪/‬لقد حرص هذا الجيل مممن الصممحوة علممى أن يسممير‬ ‫ت َْعل ُ‬
‫على منهج السلف لكي يكون من الفرقة الناجية يوم القيامممة‪ ،‬وقمماد َ‬

‫)‪(14‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هذا الجيل عدد من القادة‪ ،‬وسار مع كل قائد طائفة من هذا الجيممل‪،‬‬
‫م كما هو من شأن البشر اختلفت الراء في بعض المسائل‪ ،‬فوجممد‬ ‫ث ّ‬
‫الشيطان بينها مسلكا ً ليزرع الفرقممة وُيحممدث الفجمموة والجفمموة بيممن‬
‫القلوب‪ ،‬فحصلت النتقادات وانحازت كل طائفة مممع قائدهمما تنصممره‬
‫وتؤيده‪ ،‬ورشقت كل طائفة أختها بنبال التهمة والتجريح‪.‬‬
‫وكان الواجب أن نرد ّ الّنمزاع إلى كتاب الله وسنة ورسمموله صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ونحتكم إليهما وننصاع وننقاد للحق الذي فيهما‪.‬‬
‫ن الراء والجتهادات لبد ّ أن تتفق وتجتمع‪ ،‬كل فممإن‬ ‫وهذا ل يعني أ ّ‬
‫الفهم والجتهاد لبد ّ أن يختلف‪ ،‬ولكن الواجب علينمما أن نتحقممق مممن‬
‫سلمة الصممول بممدءا ً بالعقيممدة الصممحيحة والصممول العامممة للسمملم‬
‫والسس والركائز التي يقمموم عليهمما الممدين‪ ،‬والثمموابت الممتي ل يجمموز‬
‫الحياد عنها ول تهميشها‪.‬‬
‫م إن اختلفت الراء والجتهادات في بعممض المسممائل الممتي فيهمما‬ ‫ث ّ‬
‫سعة‪ ،‬وقابلة للجتهاد والنظر‪ ،‬وجب علينمما أن ل ُنضممخم مممن حجمهمما‬
‫ونعطيهمما فمموق ممما تسممتحّقه‪ ،‬بحيممث تكممون سممببا ً للفرقممة والتنممازع‬
‫والختلف والتهاجر‪.‬‬
‫ول نقول كما يقول بعض النماس‪ :‬نجتمممع فيممما اتفقنمما فيمه ويعممذر‬
‫بعضنا بعضا ّ فيما اختلفنا فيه على وجه الطلق‪.‬‬
‫كذلك ل نقول كما يقول بعممض النمماس‪ :‬ل يمكممن أن نجتمممع حممتى‬
‫نكون كلنا على عقيدة واحدة ونهج واحد على الطلق‪.‬‬
‫كل القولين فيه حق وخطأ‪.‬‬ ‫ن ِ‬
‫بل إ ّ‬
‫فنقول‪ :‬ل يمكن أن نجتمع مع الرافضة والقبوريين وغيرهمم مممن‬
‫ابتدع بدعة مكّفرة مخرجة من المّلة‪.‬‬
‫ونجتمع مع أهل السممنة والجماعممة وإن اختلفممت مممذاهبهم وبعممض‬
‫اجتهاداتهم في المور التي فيها مجال للجتهاد‪.‬‬
‫أما من كان مممن أهممل البممدع غيممر المكّفممرة وكممان اسممم السمملم‬
‫ووصممفه باقيما ً فيهممم‪ ،‬فممإن هممؤلء تختلممف معمماملتهم بحسممب الوضممع‬
‫والحالة التي تمر بها المة‪.‬‬
‫فإن كانت الحال حال قتال وجهاد للكفار فإننا نجتمع معهممم لبقمماء‬
‫ولية السلم وندفع عنهم عادية الكفار‪ ،‬ونترك الخوض فيما اختلفنمما‬
‫ن الوضع يسممتلزم ذلممك‪ ،‬فنحممن نممواجه الكفممر وهممو أشمد ّ مممن‬ ‫فيه‪ ،‬ل ّ‬
‫)‪(15‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫البدعة‪ ،‬فلبمد ّ مممن الجتممماع لممدفعه‪ ،‬ومممادام الختلف الممذي بيننمما ل‬
‫يخرجنا مممن دائرة السملم‪ ،‬فمإنه حينئذٍ يجمب درأ المفسممدة الكمبرى‬
‫باحتمال المفسدة الصغرى‪.‬‬
‫يقول ابممن تيميممة فممي الفتمماوى الكممبرى )‪" :(607/4‬أممما إذا هجممم‬
‫العدو فل يبقى للخلف وجه فإن دفممع ضممررهم عممن الممدين والنفممس‬
‫والحرمة واجب إجماعا فل حاجة لذن أمير المؤمنين "‪.‬‬
‫وهممذا هممو المممر الممذي سمار عليممه خيممار هممذه المممة مممن السمملف‬
‫الصالح‪ ،‬فإنهم كانوا يخرجون للجهاد مممع وجممود المبتدعممة والفسممقة‪،‬‬
‫وكانوا يجاهدون مع الئمة أبرارا ً كانوا أو فجارًا‪.‬‬
‫يقممول الشمموكاني فممي نيممل الوطممار )‪" :(8/44‬وتجمموز السممتعانة‬
‫بالفساق على الكفار إجماعا "‪.‬‬
‫و قال ابن قدامة في المغني‪) :‬ويغزى مع كل بر وفاجر( يعني مع‬
‫كل إمام‪ .‬قال أبو عبد الله]أحمد بن حنبل[ وسئل‪ ،‬عن الرجل يقول‪:‬‬
‫أنا ل أغمزو ويأخمذه ولممد العبمماس‪ ،‬إنممما يموفر الفيمء عليهممم‪ ،‬فقممال‪:‬‬
‫دة‪ ،‬مثبطون جهال‪ ،‬فيقممال‪:‬‬ ‫سبحان الله‪ ،‬هؤلء قوم سوء‪ ،‬هؤلء الَقعَ َ‬
‫أرأيتم لو أن الناس كلهم قعدوا كما قعمدتم‪ ،‬ممن كمان يغمزو؟ أليمس‬
‫كان قد ذهب السلم؟ ما كانت تصنع الروم؟‪ ......‬قممال ابممن قدامممة‪:‬‬
‫ولن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد‪ ،‬وظهممور الكفممار‬
‫علممى المسمملمين واستئصممالهم‪ ،‬وظهممور كلمممة الكفممر‪ ،‬وفيممه فسمماد‬
‫عظيم‪) ..‬انتهى(‪.‬‬
‫وقد كان الئمة يجاهدون مع المأمون والمعتصم ‪-‬وهممما مممن فتنمما‬
‫الناس في فتنة القول بخلق القرآن‪ -‬ومع غيرهما مممن الممولة الممذين‬
‫كانت عندهم بدع أو ظلم وفسق‪ ،‬ولممم يممدعوا القتممال معهممم بسممبب‬
‫البدعة أو الفسق‪ ،‬وهذا في جهاد الطلب الذي هو فرض كفايممة فممما‬
‫بالك بجهاد الدفع الذي هو فرض عين وجهاد ضرورة؟!‬
‫ب المر للمسلمين فحينئذٍ نتنمماقش فيممما اختلفنمما‬ ‫ولكن إذا استت ّ‬
‫فيه بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬مع مراعاة أخوة السلم‪.‬‬
‫ومن خالف الحق مع بقاء إسلمه فإنه يوالى بقممدر ممما عنممده مممن‬
‫الحق وُيبغض بقدر ما عنده من الباطممل‪ ،‬مممع بقمماء الوليممة العظمممى‬
‫وهي ولية السلم‪ ،‬فل نخذلهم ول نحتقرهم ول نظلمهم ول ُنسلمهم‬
‫لعداء السلم‪.‬‬

‫)‪(16‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬المسمملم أخممو المسمملم ل يظلمممه ول‬
‫يخذله ول يحقره ول ُيسلمه‪ ،‬بحسب امرىٍء من الشر أن يحقر أخاه‬
‫المسلم‪ ،‬كل المسلم على المسلم حرام دمه وممماله وعرضممه( رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫صب للشخاص أو للفكار أو للمذاهب أمٌر مممذموم قممد حم ّ‬
‫ذر‬ ‫فالتع ّ‬
‫منه السلف الصالح‪.‬‬
‫والواجب على الجيل أن يتجرد للحق ول يقلد دينه الرجممال ويأخممذ‬
‫بالحق وإن جاءه ممن يبغضه‪ ،‬ويترك الباطل وإن قال به مممن يحبممه‪،‬‬
‫وينظر إلى القول الموافق لما كان عليه السمملف فيتبعممه وإن خممالفه‬
‫جميع من في الرض‪ ،‬وقد قال بعض السلف‪ :‬اقتمدوا بممن قمد ممات‬
‫ي ل تؤمن عليه الفتنة‪.‬‬ ‫فإن الح ّ‬
‫ن الحممق ل يعممرف‬ ‫وقال علي رضممي اللممه عنممه للحممارث العممور‪ :‬إ ّ‬
‫بالرجال‪ِ ،‬اعرف الحق تعرف أهله‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود رضي الله عنه‪ :‬ل يقلممدن أحممدكم دينممه رجل إن‬
‫آمن آمن وإن كفر كفر فإنه ل أسوة في الشر‪.‬‬
‫وقال الشافعي رحمه الله‪ :‬أجمع الناس على أن من استبانت لممه‬
‫سنة عن رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم لمم يكمن لمه أن يممدعها‬
‫لقول أحد من الناس‪.‬‬
‫قال ابن هبيرة رحمه الله‪" :‬إن من مكائد الشيطان أن يقيم أوثانا‬
‫في المعنى ُتعبد من دون الله‪ ،‬مثل أن يتبين له الحق فيقممول‪ :‬ليممس‬
‫هممذا مممذهبنا‪ ،‬تقليممدا لمعظممم عنممده قممد قممدمه علممى الحممق" )العقممد‬
‫الياقوتيه ‪.(104‬‬
‫فيا أخي‪ /‬الحق فوق كل أحد‪ ،‬ووالله لن ينفعنممي غممدا ً تممرك الحممق‬
‫ه في دينك ل‬ ‫من أجل فلن‪ ،‬أو قبول الباطل من أجل فلن‪ ،‬فالله الل َ‬
‫تجعله مطية للهواء‪ ،‬ول تغتر بقلة أو كثرة فممأنت الجماعممة إن كنممت‬
‫على الحق وإن كنت وحدك‪ ،‬كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله‬
‫عنه‪.‬‬
‫وتأمل قول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله حيث قال‪ :‬فالحممذر‬
‫الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئا مما جاء به الرسممول صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أو ترده لجممل هممواك أو انتصممارا لمممذهبك أو لشمميخك أو‬
‫لجل اشتغالك بالشهوات أو بالمدنيا فمإن اللمه لمم يموجب علمى أحمد‬

‫)‪(17‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طاعة أحد إل طاعة رسوله والخذ بما جاء به بحيث لو خممالف العبممد‬
‫جميع الخلق واتبع الرسول ما سأله الله عن مخالفممة أحممد فممإن مممن‬
‫يطيع أو يطاع إنما يطاع تبعا للرسول صلى الله عليه وسمملم وإل لممو‬
‫أمممر بخلف ممما أمممر بممه الرسممول ممما أطيممع فمماعلم ذلممك‪] .‬مجممموع‬
‫الفتاوى‪،‬ج ‪،16‬ص ‪.[528‬‬
‫وقال ابن القيم رحمممه اللممه‪ :‬إن العممالم قممد يممزل ول بممد إذ ليممس‬
‫بمعصوم فل يجوز قبول كل ما يقوله وينممزل منزلممة المعصمموم فهممذا‬
‫الذي ذمه كل عالم على وجه الرض وحرموه وذموا أهله‪ .‬اهممم إعلم‬
‫الموقعين ‪.173‬‬
‫وقال رحمه اللممه‪ :‬إذا عممرف أن العممالم زل لممم يجممز لممه أن يتبعممه‬
‫باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ علممى عمممد‪ .‬اهم م إعلم الممموقعين‬
‫صم ‪173‬م‪.‬‬
‫وقممال ابمن تيميممة رحممه اللمه عنمد قموله تعمالى‪] :‬فليحمذر الممذين‬
‫يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم{ قال‪ :‬من‬
‫علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه علممى خطممأه وعممدل‬
‫عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الممذي ذمممه اللممه ل‬
‫سيما إن اتبع في ذلك هممواه ونصممره باللسممان واليممد مممع علمممه بممأنه‬
‫مخممالف للرسممول فهممذا شممرك يسممتحق صمماحبه العقوبممة عليممه‪ .‬اهمم‬
‫الفتاوى ‪70 ،7/17‬‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬إن من رد قول الله ورسوله وخالف أمره لقممول أبمي‬
‫حنيفممه أو مالممك أو غيممره لممه نصمميب كامممل وحممظ وافممر مممن هممذه‬
‫الية)تيسير العزيز الحميد ص ‪-488‬‬
‫ول أعني بذلك أن ينفممرد كممل واحممد بممآرائه دون رجمموع إلممى أهممل‬
‫العلم‪ ،‬كل‪ ،‬فنحن ل نستغني عن العلماء‪ ،‬ولكن إن جاءك الحممق مممن‬
‫ده‪.‬‬‫غير العالم الذي تحب فل تر ّ‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن أبما بطيمن رحممه اللمه‪ :‬يتعيمن علمى ممن‬
‫ممما قممال وفعممل‪ ،‬ومحاسممب علممى‬ ‫نصح نفسه‪ ،‬وعلممم أنممه مسممؤول ع ّ‬
‫اعتقمماده‪ ،‬وقمموله وفعلممه‪ ،‬أن يعمد ّ لممذلك جوابمما‪ ،‬ويخلممع ثمموبي الجهممل‬
‫والتعصب‪ ،‬ويخلص القصد في طلب الحممق‪ ،‬قممال اللممه تعممالى‪} :‬قُم ْ‬
‫ل‬
‫َ‬ ‫ممما أ َ ِ‬
‫م ت َت ََفك ّمُروا{‬ ‫ممموا ل ِل ّمهِ َ‬
‫مث ْن َممى وَفُمَراَدى ث ُم ّ‬ ‫ن ت َُقو ُ‬
‫حمد َةٍ أ ْ‬
‫وا ِ‬ ‫عظ ُك ُم ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫]سورة سبأ آية‪ .[46 :‬وليعلم أنه ل يخلصه إل اتباع كتاب الله‪ ،‬وسنة‬

‫)‪(18‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م‬ ‫ل إ ِل َي ْك ُم ْ‬‫ممما أ ُن ْمزِ َ‬ ‫نبيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال الله تعالى‪} :‬ات ّب ِعُمموا َ‬
‫َ‬
‫ن{ ]سممورة‬ ‫ممما ت َمذ َك ُّرو َ‬ ‫دون ِمهِ أوْل ِي َمماَء قَِليل ً َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫م َول ت َت ّب ِعُمموا ِ‬ ‫ن َرب ّك ُم ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫ِ‬
‫ك ل ِي َمد ّب ُّروا‬ ‫مب َمماَر ٌ‬ ‫َ‬
‫ب أن َْزل ْن َمماهُ إ ِل َي ْم َ‬
‫ك ُ‬ ‫العراف آية‪ ،[3 :‬وقال تعالى‪} :‬ك ِت َمما ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب{ ]سورة ص آية‪.[29 :‬‬ ‫آَيات ِهِ وَل ِي َت َذ َك َّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫ولما كان قد سبق في علم الله وقضائه أنممه سمميقع الختلف بيممن‬
‫المة‪ ،‬أمرهم وأوجب عليهم عند التنازع‪ ،‬الرد إلى كتممابه وسممنة نممبيه‬
‫دوهُ‬ ‫يءٍ فَمُر ّ‬ ‫شم ْ‬ ‫م فِممي َ‬ ‫ن ت ََناَزعْت ُ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال تعالى‪} :‬فَإ ِ ْ‬
‫خْيمٌر‬ ‫ك َ‬ ‫خمرِ ذ َِلم َ‬ ‫ن ِبمالل ّهِ َوال َْيموْم ِ ال ِ‬ ‫مُنمو َ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬‫ن ك ُن ُْتم ْ‬ ‫ل إِ ْ‬‫سمو ِ‬ ‫إ َِلى الل ّهِ َوالّر ُ‬
‫ل{ ]سورة النساء آية‪[59 :‬؛ قال العلماء‪ :‬الرد ّ إلى الله‪:‬‬ ‫ن ت َأ ِْوي ً‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫وَأ ْ‬
‫الرد إلى كتابه‪ ،‬والرد إلى رسوله‪ :‬الرد إليممه فممي حيمماته‪ ،‬والممرد إلممى‬
‫سنته بعد وفاته‪.‬‬
‫ودلت اليات على أن من لممم يممرد عنممد التنممازع‪ ،‬إلممى كتمماب اللممه‬
‫ن ب ِممالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ُممو َ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُم ْ‬ ‫وسنة نبيه‪ ،‬فليممس بمممؤمن‪ ،‬لقمموله تعممالى‪} :‬إ ِ ْ‬
‫ر{ ]سورة النساء آية‪[59 :‬؛ فهذا شرط ينتفي المشروط‬ ‫خ ِ‬ ‫َوال ْي َوْم ِ ال ِ‬
‫بانتفائه‪ ،‬ومحال أن يأمر الله الناس بالرد إلى ما ل يفصممل الن ّممزاع‪ ،‬ل‬
‫سيما في أصول الدين‪ ،‬التي ل يجوز فيها التقليد عند عامة العلماء‪.‬‬
‫جَر‬ ‫شم َ‬ ‫ممما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫وقال الله تعالى‪َ} :‬فل وََرب ّ َ‬
‫سمِليمًا{‬ ‫َ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫س مل ّ ُ‬‫ت وَي ُ َ‬ ‫ما قَ َ‬
‫ضمي ْ َ‬ ‫م ّ‬‫حَرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫سه ِ ْ‬
‫دوا ِفي أن ُْف ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ب َي ْن َهُ ْ‬
‫]سورة النساء آية‪.[65 :‬‬
‫ولما أخبر النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم بوقمموع الختلف الكممثير‬
‫بعده بين أمته‪ ،‬أمرهم عند وجممود الختلف بالتمسممك بسممنته‪ ،‬وسممنة‬
‫الخلفاء الراشدين المهديين من بعده‪ ،‬فقال صلى الله عليممه وسمملم‪:‬‬
‫"إنه من يعش منكم فسمميرى اختلفمما كممثيرا؛ فعليكممم بسممنتي وسممنة‬
‫الخلفاء الراشدين المهديين مممن بعممدي‪ ،‬تمسممكوا بهمما وعضمموا عليهمما‬
‫بالنواجذ‪ .‬وإياكم ومحدثات المور! فإن كل محدثة بدعة‪ ،‬وكممل بدعممة‬
‫ضللة"‪.‬‬
‫ولم يأمرنا الله ول رسمموله بممالرد عنممد التنممازع والختلف إلممى ممما‬
‫عليه أكثر الناس‪ ،‬ولم يقل الله ول رسوله‪ :‬لينظر كل أهل زمان إلى‬
‫ما عليممه أكممثرهم‪ ،‬أي‪ :‬فممي زمممانهم فيتبعممونهم‪ ،‬ول إلممى أهممل مصممر‬
‫معين‪ ،‬أو إقليم ; وإنما الواجب علممى النمماس‪ :‬الممرد إلممى كتمماب اللممه‪،‬‬
‫وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهممديين‪،‬‬

‫)‪(19‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وما مضى عليه الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬والتابعون لهم بإحسان‪.‬‬
‫فيجب على النسان اللتفات إلى كتاب الله‪ ،‬وسنة نبيه‪ ،‬وطريقممة‬
‫أصحابه والتابعين‪ ،‬وأئمة السلم‪ ،‬ول يعبأ بكثرة المخممالفين بعممدهم ;‬
‫فإذا علم الله من العبد الصممدق فممي طلممب الحممق‪ ،‬وتممرك التعصممب‪،‬‬
‫ورغب إلى الله في سممؤال هممدايته الصممراط المسممتقيم‪ ،‬فهممو جممدير‬
‫بالتوفيق ; فإن علممى الحممق نممورا‪ ،‬ل سمميما التوحيممد الممذي هممو أصممل‬
‫الصول‪ ،‬الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهممم‪ ،‬وهممو توحيممد‬
‫اللهية؛ فإن أدلته وبراهينه في القرآن ظاهرة‪ ،‬وعامته إنممما هممو فممي‬
‫تقرير هذا الصل العظيم‪.‬‬
‫ول يستوحش النسان لقلممة الممموافقين‪ ،‬وكممثرة المخممالفين‪ ،‬فممإن‬
‫أهل الحق أقل الناس فيما مضممى‪ ،‬وهممم أقممل النمماس فيممما بقممي‪ ،‬ل‬
‫سيما في هذه الزمنة المتأخرة‪ ،‬التي صار السلم فيها غريبا‪.‬‬
‫والحق ل ُيعرف بالرجال‪ ،‬كما قال علي ابن أبي طالب رضي الله‬
‫عنه لمممن قممال لممه‪ :‬أتممرى أنمما نممرى الزبيممر وطلحممة مخطئيممن‪ ،‬وأنممت‬
‫المصمميب؟ فقممال لممه علممي‪" :‬ويحممك يمما فلن! إن الحممق ل يعممرف‬
‫بالرجممال‪ ،‬اعممرف الحممق تعممرف أهلممه" وأيضمما قممال‪" :‬الحممق ضممالة‬
‫المؤمن"‪.‬‬
‫خْيمرا ً َ‬
‫ممما‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫وليحذر العاقل من شبهة الذين قال الله عنهم‪} :‬ل َوْ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ْ‬‫ن الل ّ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ه{ ]سورة الحقاف آية‪} ،[11 :‬أ َهَ ُ‬
‫ؤلِء َ‬ ‫سب َُقوَنا إ ِل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫ب َي ْن َِنا{ ]سورة النعام آية‪ .[53 :‬وقد قال بعض السلف‪" :‬ما ترك أحد‬
‫حقا إل لكبر في نفسه" ومصداق ذلك قممول النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم حين قال‪" :‬ل يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة مممن كممبر"‪،‬‬
‫ثم فسممر الكممبر‪ :‬بممأنه "بطممر الحممق" أي‪ :‬رده‪" ،‬وغمممط النمماس" أي‪:‬‬
‫احتقارهم وازدراؤهم ; ولقد أحسن القائل‪:‬‬
‫يلممق الممردى بمذمممة‬ ‫مممن‬‫من ثوبين َ‬ ‫وَتعّر ِ‬
‫وهممممممممممممممممممموان‬ ‫يلبسمممممممممممممممممهما‬
‫ثوب التعصب بئست‬ ‫ثممموب ممممن الجهمممل‬
‫الثوبمممممممممممممممممممان‬ ‫المركمممممب فممممموقه‬
‫زينت بهمما العطمماف‬ ‫وتحممممل بالنصمممماف‬
‫والكتفممممممممممممممممان‬ ‫أفخممممممممر حلممممممممة‬
‫نصح الرسول فحممب‬ ‫واجعممممل شممممعارك‬
‫ذا المران‬ ‫خشية الرحمن مع‬
‫)‪(20‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابن القيم رحمه الله تعممالى‪ :‬وممما أحسممن ممما قممال الحممافظ أبممو‬
‫محمد عبد الرحمن المعروف بأبي شامة‪ ،‬في كتمماب "البمماعث علممى‬
‫إنكار البدع والحوادث" حيث جاء المر بلزوم الجماعة‪ ،‬فممالمراد بممه‪:‬‬
‫لزوم الحق واتباعه‪ ،‬وإن كان المتمسك به قليل‪ ،‬والمخالف له كثيرا‪،‬‬
‫أل إن الحق هو الذي كانت عليممه الجماعممة الولممى‪ ،‬مممن عهممد النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم وأصممحابه‪ ،‬ول تنظمر إلمى كممثرة أهمل الباطمل‬
‫بعدهم‪.‬‬
‫قال عمرو بن ميمون الودي‪" :‬صحبت معمماذًا‪ ،‬فممما فممارقته حممتى‬
‫واريته في التراب بالشام‪ .‬ثم صحبت مممن بعممده أفقممه النمماس‪ :‬عبممد‬
‫الله بن مسعود رضي الله عنممه‪ ،‬فسمممعته يقممول‪ :‬عليكممم بالجماعممة‪،‬‬
‫فإن يد الله على الجماعة‪.‬‬
‫ثممم سمممعته يوممما مممن اليممام‪ ،‬وهممو يقممول‪ :‬سمميكون عليكممم ولة‬
‫يؤخرون الصلة عن مواقيتها‪ ،‬فصلوا الصلة لميقاتها فهي الفريضممة‪،‬‬
‫وصلوا معهم‪ ،‬فإنها لكم نافلة‪ ،‬قال‪ :‬قلت يا أصحاب محمد‪ ،‬ممما أدري‬
‫ما تحدثون؟! قال‪ :‬وماذا؟ قلت‪ :‬تأمرني بالجماعة‪ ،‬وتحضممني عليهمما‪،‬‬
‫ثم تقول‪ :‬صل الصلة وحدك وهي الفريضة‪ ،‬وصل مع الجماعة وهي‬
‫لك نافلة! فقال يا عمرو بن ميمون‪ :‬قممد كنممت أظممن أنممك مممن أفقممه‬
‫أهل هذه القريممة‪ ،‬أتممدري ممما الجماعممة؟ قلممت‪ :‬ل ; قممال‪ :‬إن جمهممور‬
‫الجماعة الذين فارقوا الجماعة‪ .‬الجماعة ما وافممق الحممق‪ ،‬وإن كنممت‬
‫وحدك‪ .‬وفي طريمق آخمر‪ :‬فضمرب علمى فخمذي‪ ،‬وقمال‪ :‬ويحمك! إن‬
‫جمهور الناس فارقوا الجماعة‪ ،‬وإن الجماعة ما وافق طاعة الله عز‬
‫وجل"‪.‬‬
‫قال نعيم بن حماد‪" :‬إذا فسدت الجماعة‪ ،‬فعليك بممما كمانت عليممه‬
‫الجماعممة قبممل أن يفسممدوا‪ ،‬وإن كنممت وحممدك‪ ،‬فإنممك أنممت الجماعممة‬
‫حينئذ" ذكره البيهقي وغيره‪ .‬اهم]الدرر السنية‪،‬ج ‪،12‬ص ‪[105‬‬
‫‪ ..‬ل تختبر الناس بمن تحب أو تبغض‪..‬‬
‫نجد بعض الفراد من هذه الجماعممة أو تلمك يختممبر النماس بأنمماس‬
‫معينين لكي يوالي أو يعادي‪ ،‬فممإذا أراد أن يصمماحب أحممدا ً سممأله‪ :‬ممما‬
‫تقول في فلن‪ ،‬وما رأيك في الشيخ فلن‪ ،‬فإن أجابه بما يوافق رأيه‬
‫قربه وأدناه‪ ،‬وإن أجابه بخلف رأيه أبعده وأقصاه‪.‬‬
‫والواجب عليه إن رأى من أخيه خطأ أن ينبهه عليه ويتلطف معممه‬
‫)‪(21‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويصبر على ذلك‪.‬‬
‫فيا شباب السلم بعد أن كان الدين هو الذي يفرق ويجمع‪ ،‬أصبح‬
‫الشخاص هم الذين يجمعون ويفرقون؟ وبعد أن كان ولؤنا وعممداؤنا‬
‫لله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أصبح ولؤنا وعداؤنا للشخاص؟!‬
‫ت لك‪ :‬إنني أحب فلنا ً أو أبغض فلنا ً فهممل يعنممي هممذا أننممي‬ ‫لو قل ُ‬
‫مقلد له في كل صغيرة وكبيرة؟؟‬
‫ألسنا جميعا ً نحب الئمة الربعة وغيرهم ومع ذلك نأخذ بقول هممذا‬
‫وندع قول هذا؟‬
‫ره وعقيدته؟‬ ‫و هل قراءتي لكتب فلن يعني أنني متأثر بكل فك ِ‬
‫أليس شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ينقلون أحيانا ً في‬
‫كتبهم قول ً للزمخشري وهو من رؤوس المعتزلة فهل يعني ذلممك أن‬
‫شيخ السلم وتلميذه من المعتزلة؟‬
‫ل كل واحد منا من يحبه ويعظمممه ميزانما ً يقيممس بممه‬ ‫يا إخواني ل يجع ْ‬
‫دين الناس‪ ،‬وخنجرا ً يطعن به أخاه‪.‬‬
‫قد يكون العالم الفلني أو الداعيممة عنممده أخطمماء فممي مسممائل معينممة‬
‫وعنده صواب في مسائل معينة فإذا أحببته لما عنده من الصممواب فل‬
‫يعني ذلك أنني أقول بجميمع قمموله أو آخمذ برأيممه المخمالف للحممق‪ ،‬ول‬
‫يمكن أن تجد أحدا ً من العلماء أو الممدعاة معصمموما ً مممن الخطممأ سممواء‬
‫في الصول أو الفروع‪ ،‬ولكن على الجيل أن يأخذ ما صفى ويممترك ممما‬
‫كدر‪.‬‬
‫كبر‬
‫ِاحذر الهوى وال ِ‬
‫ن من المور التي تصد ّ عن قبول الحق والنقياد لممه الهمموى والكممبر‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫وقد ذكر الله سممبحانه لنمما فممي كتممابه الكريممم هممذين المريممن‪ ،‬فقممال‬
‫ن وما تهوى النفس{‪ ،‬وقممال‪:‬‬ ‫سبحانه في الهوى‪] :‬إن يتبعون إل الظ ّ‬
‫}أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله اللمه علمى علمم‪ ،{...‬وقمال فمي‬
‫الكبر‪} :‬وجحدوا بها واستيقنتها أنفسممهم ظلمما ً وعلمموا ً{ وقممال‪} :‬وإذ‬
‫قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس أبى واستكبر وكان من‬
‫الكافرين{‪.‬‬
‫فالهوى والكبر من السممباب الممتي تصمد ّ العبممد عممن قبممول الحممق‪،‬‬
‫وُتزين له الباطل‪.‬‬

‫)‪(22‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫و للهوى والكبر صمور كمثيرة قمد تخفمى علمى الواحمد مّنما‪ ،‬فمث ً‬
‫ل‪:‬‬
‫يتبين لحدنا الحق فيقول في نفسه هل فلن أعلم من شمميخي فلن‬
‫فيترك الحق لذلك‪ ،‬أو يقول في نفسه فلن تكفيممري مبتممدع ل يجمموز‬
‫أن أسمع منه أو آخذ عنه فيرد الحممق الممذي تممبين لممه لجممل ذلممك‪ ،‬أو‬
‫يكون في مكانة بين أقرانه وزملئه ويعلم أنه إن قبل ذلك الحق أنممه‬
‫مى بالسمملفي أو الثممري‬ ‫سوف يسقط من أعينهم‪ ،‬أو يكممون قممد تسم ّ‬
‫ويعلم أنه إن قبل الحق فسوف يلمزونه بممالتكفيري أو الخممارجي‪ ،‬أو‬
‫دما ً على دراسة معينة أو التحضير لشهادة معينة ويعلم أنممه‬ ‫مْق ِ‬
‫يكون ُ‬
‫إن قبل الحق فلن يظفر بتلممك الدراسممة أو تلممك الشممهادة‪ ،‬أو يقممول‬
‫بعدما يتبين له الحق أتممرك قممول هممؤلء العلممماء الكبممار وآخممذ بقممول‬
‫أناس مغمورين غير معروفين‪ ،‬مع أنه لممو تفكممر قليل ً كممم هنمماك مممن‬
‫العلماء الجهابذة الذين ل يعرفهم أكثر الناس وهم على قدر كبير من‬
‫العلم والفهم منع من شهرتهم القمع وتكميم الفواه‪ ،‬فهؤلء العلماء‬
‫الذين اشتهروا كان من أعظم أسباب شهرتهم أنهم ُأعطمموا المجممال‬
‫متهم‬ ‫للتممدريس والفتمماء ونقلممت دروسممهم عممبر وسممائل العلم وس م ّ‬
‫الدولة كبار العلماء‪ ،‬وحصرت الفتوى فيهم في النوازل فلهذا وغيممره‬
‫ن غيرهم ممن لممم تتمموفر لممديهم أسممباب‬ ‫اشتهروا‪ ،‬إذا ً فل يعني هذا أ ّ‬
‫الشهرة أنهم أقل مرتبة فممي العلممم والفهممم‪ ،‬بممل إن مممن بينهممم مممن‬
‫يفوق في علمه وورعه وتحقيقه كثيرا ً ممن تحممت تلممك المؤسسممات‬
‫الدينية الحكومية‪.‬‬
‫ممن هم العملمماء الربانيون‬ ‫َ‬
‫إن العلماء الربانيين الصادقين هم الذين ُيعرفممون بمممواقفهم فممي‬
‫نصرة الحق والغيرة عليه والذود عن حياضه‪ ،‬ليس العلماء الربانيون‬
‫هم الذين يعيشون الترف والبذخ والرفاهية مع تهميش قضايا المممة‪،‬‬
‫في الوقت الذي يرون فيممه أممة السمملم تتممّزق‪ ،‬ودماؤهمما فمي كمل‬
‫مكان تسفك‪ ،‬وأعراض المسلمات العفيفات ُتنتهممك‪ ،‬وعقيممدة الممولء‬
‫والبراء تحارب‪ ،‬وشممريعة اللممه تطممرح وتنبممذ‪ ،‬وحكممم الطمماغوت يعلممو‬
‫دم‪ ،‬والقبور والضرحة ُتحمممى وتحممرس‪ ،‬وهممو مممع ذلممك ل يحمّرك‬ ‫وُيق ّ‬
‫ساكنًا‪.‬‬
‫إن العلماء الربانيين هم الذين يحركهممم دينهممم والعلممم الممذي فممي‬
‫صممدورهم فيقممودون أمممة السمملم للحممق والعِممز والنصممر بممإذن اللممه‬

‫)‪(23‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وينصحون لها كما فعل العالم الرباني المام أحمد بممن حنبممل وشمميخ‬
‫السلم ابن تيمية حين نصر الحمق ودعما إلمى الكتماب والسمنة علمى‬
‫فهم السلف وحّرض المسلمين على قتال التتار وقمماد جيممش الشممام‬
‫بنفسه‪ ،‬وكما فعل المام المجدد محمد بن عبممد الوهمماب حيممن خممرج‬
‫علممى الدولممة العثمانيممة الممتي فشممى فيهمما الشممرك والوثنيممة والحكممم‬
‫بالقوانين الوضعية‪.‬‬
‫من العلماء الربممانيين مممن ل يتكلممم إل إذا أمممره السمملطان‪،‬‬ ‫ليس ِ‬
‫ويسكت إذا أمممره السمملطان‪ ،‬ويلتمممس للحكممام العممذار والتمبريرات‬
‫فيما يقومممون بمه مممن عمالممة للكفممار وخيانممة لمدينهم وأمتهممم‪ ،‬بينمما‬
‫يطلقممون للسممنتهم العنممان فممي الطعممن والتجريممح والنكممار علممى‬
‫ن أمثممال‬‫ن ذلك يوافق أهواء السمملطين‪ ،‬إ ّ‬ ‫الصادقين من هذه المة ل ّ‬
‫هؤلء ل يحركهم دينهم وعقيدتهم‪ ،‬وإنممما يحركهممم السمملطين‪ ،‬لممذلك‬
‫جاء في السممنة التحممذير مممن إتيممان السمملطين‪ ،‬وحممذر السمملف مممن‬
‫إتيممانهم بممل كممان بعضممهم ل يممروي الحممديث عمممن يغشممى أبممواب‬
‫السلطين‪.‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬من أتى أبواب السلطان‬
‫دنوّا ً إل ازداد من الله بعممدًا( رواه‬ ‫افتتن‪ ،‬وما ازداد عبد من السلطان ُ‬
‫أبو داود والترمذي وأحمد في مسنده واللفظ له‪.‬‬
‫سمّلما ً إلمى‬
‫ن فجار القّراء اتخذوا ُ‬ ‫قال سفيان الثوري رحمه الله‪ :‬إ ّ‬
‫الدنيا فقممالوا‪ :‬نممدخل علممى المممراء نفمّرج عممن مكممروب وُنكل ّممم فممي‬
‫محبوس‪.‬‬
‫مّر الحسن البصممري رحمممه اللممه ببعممض العلممماء علممى بمماب أحممد‬
‫السلطين فقال‪ :‬أقرحتم جباهكم وفرطحتممم نعممالكم وجئتممم بممالعلم‬
‫تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم أما إنكممم لممو جلسممتم فممي بيمموتكم‬
‫لكان خيرا ً لكم‪ ،‬تفّرقوا فّرق الله بين أعضائكم‪.‬‬
‫أخرج البيهقي عممن الزهممري أنممه قممال لهشممام بممن عبممد الملممك أل‬
‫ُترسل إلى أبي حازم وتسأله ماذا يقول فممي العلممماء؟ فأرسممل إليممه‬
‫ت في العلماء؟‬ ‫فجاء فقال له‪ :‬يا أبا حازم ما قل َ‬
‫ت أن أقممول فممي العلممماء إل خيممرًا‪ ،‬إنممي أدركممت‬ ‫قممال‪ :‬وممما عسممي ُ‬
‫ن أهممل الممدنيا‬‫العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا ولممم يسممتغ ِ‬
‫بدنياهم عن علمهم‪ ،‬فلما رأى ذلك هذا وأصحابه وتعلموا العلممم فلممم‬

‫)‪(24‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يستغنوا به‪ ،‬واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم‪ ،‬فلممما رأوا ذلممك‬
‫قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ُينلهم أهل الدنيا من دنيمماهم شمميئًا‪،‬‬
‫ن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫وقد عاش المام سفيان الثوري مشّردا ً والمام أحمممد فممترة مممن‬
‫حياته هاربا ً من السلطان ومات المام أبو حنيفة مسممجونا ً كممان هممذا‬
‫حممالهم مممع الحكممام الممذين كممانوا يحكمممون بشممرع اللممه ل بممالقوانين‬
‫الوضعية‪ ،‬وكانوا قائمين بجهاد الكفار وأخذ الجزية منهم‪ ،‬ليس كحال‬
‫طممواغيت هممذا العصممر الممموالين لعممداء اللممه المحمماربين لوليممائه‬
‫ددين لموال المة‪.‬‬ ‫والمعطلين لفريضة الجهاد المب ّ‬
‫دة السلف على من أتى أبواب الحكام في عصممرهم‬ ‫فإذا كانت ش ّ‬
‫فكيف يكون المر لو رأوا من ينتظممم تحممت مظلتهممم ول يتكلممم فممي‬
‫قضايا المة المصيرية إل بأمرهم وهو مع ذلك يرفل في ثياب النعمة‬
‫ويتقاضى أعلى الرواتب ويسكن القصور ويركب السمميارات الفارهممة‬
‫وينعم بإعطياتهم بين الحين والخر؟‬
‫وصدق من قال‪:‬‬
‫وعين الرضا عن ك ّ‬
‫ل عيب كليلة!‬
‫قال المام الخطابي ‪-‬رحمه الله‪ -‬في التحذير مممن الممدخول علممى‬
‫الحكام‪ :‬ليت شعري من الذي يدخل عليهم فل يصدقهم على كممذبهم‬
‫ومن الذي يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم ومممن الممذي ينصممح ومممن‬
‫الذي ينتصح منهم؟‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمممه اللممه فممي )إعلم الممموقعين ‪) :(2/121‬وأي‬
‫ر‪ ،‬فيمن يرى محارم الله تنتهك‪ ،‬وحممدوده تضمماع‪ ،‬ودينممه‬ ‫ن‪ ،‬وأي خي ٍ‬
‫دي ٍ‬
‫يترك‪ ،‬وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها‪ ،‬وهو بارد‬
‫القلب‪ ،‬ساكت اللسان‪ ،‬شمميطان أخممرس‪ ,‬كممما أن المتكلممم بالباطممل‬
‫شيطان ناطق؟!‪ ,‬وهل بلية الدين إل من هؤلء الذين إذا سلمت لهم‬
‫مممآكلهم ورياسمماتهم فل مبممالة بممما جممرى علممى الممدين؟‪ ,‬وخيممارهم‬
‫المتحزن المتلمظ‪ ,‬ولو نوزع فمي بعمض مما فيمه غضاضمة عليمه فممي‬
‫جاهه أو ماله بممذل وتبممذل‪ ،‬وجممد واجتهممد‪ ,‬واسممتعمل مراتممب النكممار‬
‫الثلثة بحسب وسعه‪ ،‬وهؤلء ‪-‬مع سقوطهم من عين الله ومقت الله‬
‫لهم‪ -‬قد ُبلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم ل يشعرون‪ ,‬وهو موت‬
‫القلب ; فإن القلب كلما كانت حيمماته أتممم كممان غضممبه للممه ورسمموله‬
‫)‪(25‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أقوى‪ ,‬وانتصاره للدين أكمل(اهم‪.‬‬
‫ذكر المام الذهبي رحمه الله فممي سممير أعلم النبلء فممي ترجمممة‬
‫م السممفاح‬ ‫المممام الوزاعممي رحمممه اللممه أن عبممد اللممه بممن علممي ع م ّ‬
‫استدعاه يوما ً فجاء فسأله‪ :‬ما تقول في أموال بني أمية؟‬
‫فقال الوزاعي‪ :‬إن كانت لهم حلل ً فهي عليكم حرام‪ ،‬وإن كممانت‬
‫عليهم حراما ً فهي عليكم أحرم‪.‬‬
‫قال الذهبي معلقا ً‪ :‬قد كان عبد الله بن علي ملك ما ً جبممارا ً س مّفاكا ً‬
‫مّر الحممق‬ ‫مراس‪ ،‬ومع هذا فالمام الوزاعي يصدعه ب ِ ُ‬ ‫للدماء صعب ال ِ‬
‫سممنون للمممراء ممما‬ ‫ق مممن علممماء السمموء الممذين ُيح ّ‬‫كما ترى‪ ،‬ل كخل م ٍ‬
‫يقتحمون به من الظلم والعسف ويقلبون لهم الباطممل حّق ما ً ‪-‬قمماتلهم‬
‫الله‪ -‬أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق‪ .‬اهم‬
‫ن مثل هذا الكلم قد يممؤثر فممي قلممب بعممض إخممواني‪،‬‬ ‫إنني أعلم أ ّ‬
‫ولكنها والله الحقيقة المّرة الممتي لبممد أن نعرفهمما‪ ،‬وأرجممو ممممن لممم‬
‫يعجبه هذا الكلم أن يتريث ول يتعجل وأن ُينصف أخاه‪.‬‬
‫م تعال نقف مع بعض الحقائق‪:‬‬ ‫ث ّ‬
‫إن علماء المة الصادقين ل يقر لهم قرار ول يهدأ لهممم بممال حيممن‬
‫يرون الشرك بالله في العبمادة والشمرك بمه فمي الحكمم والتشمريع‪،‬‬
‫وحيممن يممرون أمممة السمملم ُتقتممل وأعممراض العفيفممات الطمماهرات‬
‫ُتغتصب‪ ،‬في مثل هذه الحداث يتحرك العلماء الصادقون‪ ،‬وبصدعون‬
‫بالحق ويزيلون الشبهات التي التبست بالحق‪.‬‬
‫ولكن وللسف لقد رأينا من كثير مممن العلممماء والممدعاة السممكوت‬
‫صل من المسؤولية العظيمة التي أنيطت بهم في مواقف كثيرة‬ ‫والتن ّ‬
‫س بعقيدة التوحيد وباليمان وبالولء والممبراء‪ ،‬فالشممرك عنممد قممبر‬ ‫تم ّ‬
‫النبي صلى الله عليممه وسمملم كممانوا ينكرونممه علممى النمماس وهممذا هممو‬
‫الواجب‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه تسمح الحكومة للرافضة أن تجتمع‬
‫فممي سمماحات المسممجد النبمموي بأعممداد عظيمممة يقيمممون مناحمماتهم‬
‫الشركية ويتفّننون في سممب زوجممات رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وأصحابه‪ ،‬ول نجد من كثير من العلماء النكار عليهم والتحذير‬
‫منهمم علمى المنمابر وإقاممة المحاضمرات فمي بيمان خطمر الرافضمة‬
‫وشركهم‪.‬‬
‫ومنذ أن تولى عبد الله بن عبد العزيممز رئاسمممة الممموزراء وعقيممدة‬

‫)‪(26‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المولء والبراء في تمييع وتطبيع وتخضيع فهو يعقد المؤتممرات لكممي‬
‫يدعمو إلى تمييع عقيمدة المممولء والممبراء ومحماربمممة الحممب فممي اللممه‬
‫والبغض فممي اللممه ففممي لقمماء جمعمممه بمماليهود والنصمممارى‪ ،‬وعمممرضه‬
‫التلفزيممممون السعممممودي قمممال‪] :‬يممما إخمممموان السمممملم واليهوديممممة‬
‫والنصرانية ول أقول إن غيرها ممن الديان ما فيها خير كلها فيها خير‬
‫للنسانية‪ ،‬ولكن التموراة والنجيممل والقممرآن ‪-‬ثممم شممبك بيممن أصممابعه‬
‫وقال‪ -‬يا إخوان تفكك السرة واسألوا هؤلء النسوة ما معنى تفكممك‬
‫السرة[‪.‬اهم‬
‫تأمل هذا الكلم فهو أول ً يقول لهم يمما إخمموان‪ ،‬فقممد جعممل أعممداء‬
‫الله الذين أمر الله بمعاداتهم وبغضهم إخوانا ً له‪ ،‬ثم يقول‪ :‬بأن جميع‬
‫الديان فيها خير للنسممانية‪ ،‬وهممذا معنمماه أن ديممن السمملم ليممس هممو‬
‫الدين الوحيد الممذي فيممه خيممر للنسممانية بممل إن جميممع الديممان حممتى‬
‫البوذية والهندوسية وعبادة البقر بل وعبادة الشيطان كلها عنممد عبممد‬
‫الله بن عبد العزيز فيها خير للنسانية‪.‬‬
‫م يقول بممأن المسمملمين واليهممود والنصممارى أسممرة واحممدة‪ ،‬وأن‬ ‫ث ّ‬
‫وجود العداوة والبغضاء بينهم يفككهم مثمل تفكمك السممرة الواحممدة‪،‬‬
‫وبالتالي ل ينبغي أن يكون بينهمم عممداوة ول بغضماء لكممي ل يتفككمموا‬
‫كما أن السرة ل ينبغي أن يكون بينها عداوة وبغضاء لكي ل تتفكك!‬
‫مراده المصادم لصريح القرآن في كلمته الممتي ألقاهمما‬ ‫وقد أوضح ُ‬
‫في مؤتمر مدريد لحوار الديان الذي حضممره كبممار ممثلممي الممديانات‬
‫كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫]أيها الصدقاء‪:‬‬
‫جئتكم من مهوى قلوب المسلمين من بلد الحرميممن الشممريفين‪،‬‬
‫حامل ً معي رسالة من المة السلمية ممثلة في علمائهمما ومفكريهمما‬
‫الذين اجتمعوا مؤخرا ً في رحاب بيت اللممه الحممرام‪ ،‬رسممالة تعلممن أن‬
‫السلم هو دين العتممدال والوسممطية والتسممامح‪ ،‬رسممالة تممدعو إلممى‬
‫الحوار البناء بين اتباع الديان‪ ،‬رسممالة تبشممر النسممانية بفتممح صممفحة‬
‫جديدة يحل فيها الوئام ‪ -‬بإذن الله ‪ -‬محل الصراع‪.‬‬
‫‪ ...‬لذلك علينا أن نعلن للعالم أن الختلف ل ينبغي أن يؤدي إلممى‬
‫النزاع والصراع‪ ،‬ولنقول إن المآسي التي مرت في تاريخ البشر لممم‬
‫تكن بسبب الديان ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي بممه بعممض اتبمماع‬

‫)‪(27‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كل دين سماوي‪ ،‬وكل عقيدة سياسية‪.‬‬
‫‪ ....‬فأصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ل يقبلون عنها بديل وإذا‬
‫كنا نريد لهذا اللقاء التاريخي أن ينجح فل بد أن نتوجه الى القواسممم‬
‫المشتركة الممتي تجمممع بيننمما‪ ،‬وهممي اليمممان العميممق بممالله والمبممادئ‬
‫النبيلة والخلق العالية التي تمثل جوهر الديانات‪.‬‬
‫‪ ..‬إن هذا النسممان قممادر ‪ -‬بعممون اللممه ‪ -‬علممى أن يهممزم الكراهيممة‬
‫بالمحبممة‪ ،‬والتعصممب بالتسممامح وأن يجعممل جميممع البشممر يتمتعممون‬
‫بالكرامممة الممتي هممي تكريممم مممن الممرب ‪ -‬جممل شممأنه ‪ -‬لبنممي آدم‬
‫أجمعين‪ .[ .‬اهم‬

‫و هذا الكلم يرد ّ على من يزعممم أن المقصممود مممن الحمموار الممذي‬


‫يدعو إليه عبد الله بن عبد العزيز هو لجل دعوة غير المسلمين إلى‬
‫السلم‪ ،‬فقد أنطقه الله بمراده‪ ،‬وهو طمس عقيمدة المولء والمبراء‪،‬‬
‫وتمييع الحب في اللممه والبغممض فممي اللممه‪ ،‬وإلغمماء ممموالة المممؤمنين‬
‫ومعاداة الكافرين‪ ،‬وإلغاء شعيرة جهاد الطلب‪.‬‬
‫فهذا الكلم يصادم عقيدة الولء والبراء بل وينقضها من أصلها‪.‬‬
‫ألم يقل الله تعالى‪} :‬قد كممانت لكممم أسمموة حسممنة فممي إبراهيممم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكمم وممما تعبمدون ممن دون‬
‫الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضمماء أبممدا ً حممتى تؤمنمموا‬
‫بالله وحده‪.{..‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬قاتلوا الممذين ل يؤمنممون بممالله ول بمماليوم الخممر ول‬
‫يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتمموا‬
‫الكتاب حتى ُيعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬يمما أيهمما الممذين ءامنمموا ل تتخممذوا اليهممود والنصممارى‬
‫أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتممولهم منكممم فممإنه منهممم إن اللممه ل‬
‫يهدي القوم الظالمين{‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسملم‪) :‬بعثمت بالسميف بيمن يمدي السماعة‬
‫ذلمة‬‫جعمل ال ّ‬
‫ل رمحممي و ُ‬ ‫جعل رزقمي تحممت ظم ّ‬ ‫حتى ُيعبد الله وحده‪ ،‬و ُ‬
‫والصغار على من خالف أمري(‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل تبدؤوا اليهود والنصممارى بالسمملم‬
‫وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه( رواه مسلم‪.‬‬

‫)‪(28‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقممال صمملى اللممه عليممه وسمملم‪) :‬أمممرت أن أقاتممل النمماس حممتى‬
‫يشهدوا أل إله إل الله وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا منممي‬
‫دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على الله( متفق عليه‪.‬‬
‫أين هذه النصوص وغيرها من العلماء والدعاة هل غابت عنهممم أم‬
‫أن زمانها قد انتهى؟! أم أن الذي يصدر من عبد الله بن عبد العزيممز‬
‫موافق لتلك النصوص؟!‬
‫قد يقول بعض الناس‪ :‬إن العلماء ل يسممتطيعون أن ينكممروا علممى‬
‫الحاكم أو أنهم أنكروا عليه فلم يستجب لهم‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬إذا كان المر كذلك فلممماذا يمممدحونه علممى المنممابر وفممي‬
‫المحافل؟ لقد كان السلف يمتنعون من مدح من هو خيممر مممن ملممء‬
‫م إنهممم بمممدحهم‬ ‫الرض مممن هممذا أفل يسممعهم ممما وسممع السمملف؟ ثم ّ‬
‫للحاكم يغررون بالمسلمين فيظنون أن ما يقوم به هو ما يدعو إليممه‬
‫دين السلم‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬إن الله تعالى أذن لنا في بّر من لممم يقاتلنمما مممن‬
‫الكفار ولم يخرجنا من ديارنا كما فممي قمموله تعممالى‪] :‬ل ينهمماكم اللممه‬
‫عن الذين لممم يقمماتلوكم فممي الممدين ولممم يخرجمموكم مممن ديمماركم أن‬
‫تبّروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين{‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬ما أحسن قول الشاعر‪:‬‬
‫مّرا ً به الماء الزلل‬
‫ض ** يجد ُ‬ ‫مّر مري ٍ‬ ‫ومن ي َ ُ‬
‫ك ذا فم ٍ ُ‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫ُيقضى على المرء في أيام محنته ** حتى يرى حسنا ً ما ليس‬
‫ن‬
‫بالحس ِ‬
‫م نقول‪ :‬اليهود ألم يقاتلونا في فلسطين ويخرجونا من ديارنا؟‬ ‫ث ّ‬
‫والنصممارى المريكممان ومعظممم دول أوروبمما والصممرب والكممروات‬
‫والروس ألم يقاتلونمما فممي أفغانسممتان والعممراق والبوسممنة وكوسمموفا‬
‫والشيشان وداغستان ويخرجونا من ديارنا؟‬
‫والهندوس في الهند وكشمير ألم يقاتلونا ويخرجونا من ديارنا؟‬
‫أليس دممماء كممل مسمملم هممو دمنمما وأعراضممهم أعراضممنا وديممارهم‬
‫ديارنا؟ فالذي يقاتلهم يقاتلنا والذي يقتلهم يقتلنا قال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد‬
‫الواحممد إذا اشممتكى منممه عضممو تممداعى لممه سممائر الجسممد بالسممهر‬

‫)‪(29‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والحمى(‪.‬‬
‫فكما أن العضو قطعة من الجسد فكذلك إخواننا هم قطعممة منمما‪،‬‬
‫وكما أن الذي يؤذي العضو يؤذي سائر الجسممد فكممذلك الممذي يممؤذي‬
‫المسلم يؤذي سائر المسلمين‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن كل دولة لهمما حممدودها ونظامهمما وهممي مسممتقلة عممن‬
‫غيرها‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬إن هذه الحدود التي ُوضعت بيممن الممدول رسمممها العممداء‬
‫ليفرقوا كلمة المسلمين ويمنعوهم من التناصر فيما بينهم‪ ،‬فل عبرة‬
‫لها ول قيمة‪.‬‬
‫م إن الولية اليمانية والنصرة بيممن المسمملمين ل تسممقطها هممذه‬ ‫ث ّ‬
‫الحدود المصطنعة‪.‬‬

‫م إن كان هذا القممائل يفقممه ممما يقممول فيلزمممه إذا غممزت أمريكمما‬ ‫ث ّ‬
‫أرضه أن يمنع المسلمين الذين خارج حدود دولته من نصرته ويحممرم‬
‫عليهم ذلك‪.‬‬
‫م لو تنمّزلنا وقلنا بأن كل دولة لها حكم مستقل وما يحصل لها ل‬ ‫ث ّ‬
‫يحصل لنا‪ ،‬فإن بوش أعلنها أكثر من مّرة بأنهمما حممرب دينيممة صممليبية‬
‫ودخلت معظم دول أوروبا معه‪ ،‬فإذا كانت الحرب دينية صليبية ضممد‬
‫السلم فهل المسلمون هم أهل تلك الدولة التي غزتهمما دول الكفممر‬
‫دون غيرهم أم أننا نحن أيضا ً مسلمون وأن الحرب ضد السلم هممي‬
‫حرب ضدنا؟‬
‫م لو أننا تنمّزلنا بعد هذا كله وقلنا بأن الذي يقتل المسلمين فممي‬ ‫ث ّ‬
‫غير أرضنا ل يعتبر قاتل ً لنا‪ ،‬فممإنهم قممد آذوا جميممع المسمملمين بإهانممة‬
‫القرآن وسب النبي صملى اللمه عليمه وسملم وسمب دينمه‪ ،‬فهمل نمبر‬
‫وُنحسن إلى من يهين القرآن ويسب النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫ويسب دينه؟‬
‫م لو تنمّزلنا مّرة بعد مّرة‪ ،‬فممإن الممذي أِذنممت فيممه الشممريعة الممبر‬ ‫ث ّ‬
‫وذلك ل يستلزم محبة الكافر ومؤاخاته‪ ،‬وخطمماب عبممدالله يريممد فيممه‬
‫أن تسود المحبة مكان البغضاء والخاء مكان العممداء‪ ،‬وهممذا ل يجمموز‬
‫أبدًا‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أين هم العلماء والدعاة عن هذه المور العظام وعممن‬

‫)‪(30‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هذا الضلل المبين؟!‪.‬‬
‫ن في مثل هممذه الحممداث والمممؤامرات المتي تهممدف إلمى مسمخ‬ ‫إ ّ‬
‫عقيدة المة وطمس هويتها تعظممم مسممؤولية العلممماء والممدعاة فممي‬
‫بيان الحق وتنقيته من البدع والضللت والفهام المنحرفة‪.‬‬
‫كذلك انظر كممم يحصممل للمسمملمين مممن مجممازر وحشممية يقشممعر‬
‫م ل نجد من كثير من العلماء كلمة حممق ونصممرة‬ ‫الجلد من سماعها ث ّ‬
‫لخوانهم المضطهدين‪ ،‬إل أن تكممون كلمممة هزيلممة ضممعيفة ل تسمماوي‬
‫دتها كلمهم على حرمة دماء الصليبيين‪.‬‬ ‫في مضمونها وأسلوبها وش ّ‬
‫أنظممروا مثل ً المجممازر الممتي حصمملت فممي الصممومال علممى أيممدي‬
‫المريكان‪ ،‬والمجازر التي حصلت في السودان على أيممدي النصممارى‬
‫المتمردين‪ ،‬والمجازر التي حصلت في إندونيسيا وجزر الملوك علممى‬
‫أيدي الصممليبيين‪ ،‬والمحرقممة الممتي حصمملت لخواننمما المسمملمين فممي‬
‫كجرات في الهند‪ ،‬وما يحصل لخواننا المسلمين في أفغانستان‪ ،‬وما‬
‫يحصل اليوم في أرض الرافممدين مممن اجتممماع الصممليبيين والرافضممة‬
‫على أهل السنة‪ ،‬وما حصممل لخواننمما الشممرفاء فممي نهممر البممارد فممي‬
‫لبنان‪ ،‬وأعظم منها جميعا ً ما يعيشه الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد‬
‫على خمسة عقود من القتممل والتشممريد والسممر والمممؤامرات‪ ،‬وكممل‬
‫العالم رأى خيانة الحكام وعمالتهم‪ ،‬فمن الذي يمنع المسمملمين مممن‬
‫الخروج إلى فلسطين أو مد ّ إخوانهم بالسلح أليس هم خونة العرب‬
‫من الدول المجاورة وغيرها‪ ،‬فما كان دور العلماء من تلممك المآسممي‬
‫والجراح؟!‪.‬‬
‫ن كممثيرا ً منهممم كممانوا ومممازالوا يمممدحون الحكممام علممى المنممابر‬‫إ ّ‬
‫ويممأمرون المممة بممالرجوع إليهممم وُيعلقممون آمممال المممة الجريحممة‬
‫بمممؤتمراتهم النهزاميممة‪ ،‬حمماُلهم كحممال مممن ُيسمملم الضممحّية للجلد‬
‫والشاة للذئب‪.‬‬
‫وعندما حصلت أحممداث الحممادي عشممر مممن سممبتمبر خرجمموا فممي‬
‫الفضائيات وعلت أصواتهم علممى المنممابر منكريممن ومنممددين قبممل أن‬
‫يعرفوا من الفاعل‪ ،‬وبكوا على دماء النصارى ولم يبكمموا علممى دممماء‬
‫المسلمين‪ ،‬بل وصل المممر ببعضممهم أنممه أجمماز تعزيممة أمريكمما العممدو‬
‫الول للسلم والمسلمين‪ ،‬بل أفتى أحدهم بجواز التبرع لهم بالممدم‪،‬‬
‫م بعد ذلك وقعت‬ ‫م لما حصلت أحداث لندن خرجوا وتكلموا أيضًا‪ ،‬ث ّ‬ ‫ث ّ‬

‫)‪(31‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م العراق واستخدمت قمموى الكفممر‬ ‫الحرب الصليبية على أفغانستان ث ّ‬
‫السلحة الممنوعة دوليا ً وحصدوا أرواح مئات اللف من المسلمين‪،‬‬
‫وكثير مممن العلممماء والممدعاة يلمموذون بالصمممت الرهيممب‪ ،‬أو ينكممرون‬
‫بكلمات جوفاء ل تسمن ول تغني من جوع‪.‬‬
‫م قممامت المحمماكم السمملمية فممي الصممومال وبممدأت بتحكيممم‬ ‫ثمم ّ‬
‫الشريعة فلم نجد منهم تأييدًا‪ ،‬بل ممما إن قممامت المحمماكم السمملمية‬
‫حتى أرسلت الحكومة السعودية إلى المجمع الدولي تقممول‪ :‬أدركمموا‬
‫الصومال لكي ل تصبح طالبان ثانية تؤوي الرهممابيين‪ ،‬فممما كممان مممن‬
‫أمريكا إل أن تدخلت وأغرت بهم الجيممش الحبشممي النصممراني‪ ،‬فلممم‬
‫نسمع من أولئك العلماء كلمة نصرة وتأييد أو مواساة‪.‬‬
‫م حصلت المجزرة الرهيبة في باكستان على خيممار أهلهمما طلب‬ ‫ث ّ‬
‫دمت سبعة مسمماجد ولممم‬ ‫المسجد الحمر وطالبات جامعة حفصة وهُ ّ‬
‫نسمع منهم استنكارا ً وتنديدًا‪ ،‬ولممم يبكمموا علممى بيمموت اللممه ول علممى‬
‫دماء الصادقين من المة كما بكوا على الصليبيين‪.‬‬
‫والن في العراق وما أدراك ما العراق اجتمعت زحوف الصليبيين‬
‫مع زحوف الروافض ضد ّ إخواننا أهل السممنة ووقعممت المجممازر الممتي‬
‫لن ينساها التاريخ من حرق وتقطيع وتشويه وانتهاك للعممراض‪ ،‬فممما‬
‫كان موقف أولئك العلماء؟!‬
‫إن الرافضة يتلّقممون الفتمماوى مممن علمممائهم فممي النجممف وكممربلء‬
‫وأسيادهم في قم من إيران أن يقتلوا كل وهابي كممل سممني ويممأتيهم‬
‫الدعم غير المحدود من إيران بل لقممد دخممل قرابممة المليممون إيرانممي‬
‫داخل العراق وأصبح كهنة إيران هم الذين ُيديرون تعذيب أهل السنة‬
‫فممي حسممينيات العممراق‪ ،‬واسممتولى الرافضممة علممى أكممثر مممن مممائتي‬
‫ولوهمما إلممى حسممينيات‪ ،‬وأولئك‬ ‫مسممجد مممن مسمماجد أهممل السممنة وح ّ‬
‫العلماء صامتين ل يتكلمون‪ ،‬والشد من ذلك أن يقولوا إنها فتنة إنهمما‬
‫حرب طائفية‪ ،‬نعم هممي حممرب طائفيممة أفل يجممب علينمما نصممرة أهممل‬
‫السنة على الرافضة المشركين؟؟‬
‫لقد وقع على أرض العراق قرابة المليار كيلو من المتفجرات فما‬
‫كان دور أولئك العلماء؟‬
‫أكثر من مليون يتيم‪ ،‬وثلثة مليين أرملة وثكلى‪ ،‬وخمسممة ملييممن‬
‫مشّرد‪ ،‬فما كان دور العلماء؟‬

‫)‪(32‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بل لقد أفتى عدد من العلماء بأن الممذي يحصممل فممي العممراق مممن‬
‫مقاومة للمحتل أنه ليس بجهاد وحرضوا المسلمين علممى عممدم بممذل‬
‫أموالهم في تلممك الممماكن وسممموها بالممماكن المضممطربة‪ ،‬ونصممحوا‬
‫شباب المة أن ل يخرجمموا لنصممرة إخمموانهم فممي تلممك الممماكن لنهمما‬
‫أماكن مضطربة‪ ،‬أهكذا يكون العلماء الربانيون؟!‬
‫وعندما وقعت التفجيرات في السعودية على المجمعات الصليبية‬
‫الممتي تممدير حممرب العممراق وأفغانسممتان حصممل مممن أولئك العلممماء‬
‫الستنكار‪ ،‬بينما عندما قام السماعيليون في نجران بمداهممة مركممز‬
‫للشرطة وقتل من فيه لم يتكلممموا‪ ،‬لن السمملطان شمماء أن يتكلممموا‬
‫في تلك ولم يشأ أن يتكلموا في هذه‪.‬‬
‫وكم كنا نسمع من الكثير منهم المر بالتثّبت في الخبار والممتريث‬
‫في إصدار الحكام‪ ،‬ولما خرجت كذبة المطلوبين التسممعة عشممر ممما‬
‫كان من أولئك العلماء إل أن قممابلوا ذلممك الخممبر بالتسممليم التممام بممل‬
‫وحكموا على المطلوبين بالعدام ووجوب الخبار عنهم وعممدم جممواز‬
‫التستر عليهم ولم يتثبتوا في الخبر الذي ظهر للقريب والبعيممد كممذبه‬
‫ب إليهممم‪ ،‬بممل‬ ‫ولم يسألوا أو يتثبتوا من المطلوبين عن حقيقة ما ُنس َ‬
‫حكموا عليهم مع غيابهم أشد الحكام التي ُيشفق المسلم الوِرع من‬
‫القدام على ما هو دونها من الحكام‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي تجد الكثير منهم يمدح الحكام الذين جعلوا مممن‬
‫أنفسممهم مشممرعين مممع اللمه‪ ،‬ووالمموا أعممداء اللمه‪ ،‬ونشممروا الفسمماد‪،‬‬
‫دوا شممباب‬ ‫وخانوا المة فأسلموا أراضي المسلمين للكفرة‪ ،‬ولممم يع م ّ‬
‫المة للدفاع عن دينهم وأرضهم‪ ،‬بل شغلوهم بالرذائل عن الفضائل‪،‬‬
‫نجممدهم ُيشممّنعون علممى المجاهممدين فممي أيسممر خطممأ ويلمزونهممم‬
‫ويرمونهم بالعظائم ول يلتمسون لهم من العذار عشر ما يلتمسونه‬
‫لحكامهم‪ ،‬يرون الشعرة في أعين المجاهدين ول يممرون الجممذع فممي‬
‫أعين الطواغيت‪ ،‬مممع أن المجاهممدين خرجمموا مممن ديممارهم وأممموالهم‬
‫وأهليهم لنصرة دين الله والمستضعفين من المسمملمين‪ ،‬فهممم أحمممق‬
‫بالتماس العمذر وحسن الظن فيممما يقوممممون بممه مممن أعمممال وأن ل‬
‫ن كثيرا ً مما ُينسب إلى المجاهمدين‬ ‫ينسب إليهم فعل قبل التثبت‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل للبرياء واستهداف الماكن العامة هممي كممذب عليهممم‪ ،‬وهممم‬ ‫من قت ٍ‬
‫منها براء‪.‬‬
‫لقد أصبح همذا حال كثير من علماء المسلمين ودعاتهم وللسممف‪،‬‬
‫)‪(33‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهل بعد هذه المواقف تريدون مّنا أن نرجممع إليهممم وتسممتفتيهم فممي‬
‫قضايا المة المصيرية‪ ،‬وهل يجنى من الشوك العنب؟!‬
‫وإن كمان همذا الوصمف ل يعجبكمم‪ ،‬فنريمد منكمم أن تصمفوا همذه‬
‫المواقف وتصفوا لنا أهلهمما‪ ،‬هممل يصممح لنمما أن نسمممي أصممحاب هممذه‬
‫المواقف بالعلماء الربانيين؟!‬
‫قال سعيد بن جبير رحمه اللممه‪) :‬قممال لممي راهممب‪ :‬يمما سممعيد فممي‬
‫الفتنة يتبين لك من يعبد الله ممن يعبد الطاغوت( ]البانة لبن بطممة‬
‫‪.[2/599‬‬
‫يا إخواني إن لم نغضب اليوم من أجل ديننا فسوف نغضممب غممدا ً‬
‫ولكن من أجل أنفسنا‪ ،‬إن وقعممت الحممرب ببلد أحممدنا وقُت ّممل أبنمماؤه‪،‬‬
‫مممر بيتممه‪ ،‬سمموف يقممول فممي ذلممك المموقت‪ :‬أيممن‬ ‫وانتهممك عرضممه‪ ،‬ود ّ‬
‫العلماء؟ لماذا ل يقفون معنا؟ لماذا ل ينصروننا؟ فيأتيه الجممواب مممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬ما من امرئ يخذل مسلما في موطن‬
‫ينتقص فيه من عرضممه وينتهممك فيممه مممن حرمتممه إل خممذله اللمه فممي‬
‫ممموطن يحممب فيممه نصممرته( رواه الطممبراني فممي المعجممم الكممبير‬
‫والوسط والبيهقي في الشعب‪.‬‬
‫محن العظيمة التي تعصف بأمممة السمملم ل زال‬ ‫ولكن ومع هذه ال ِ‬
‫هناك من أهل العلم ومن الدعاة ممن قمال كلممة الحمق وصممدع بهمما‪،‬‬
‫دى الواجب الذي أخذ الله عليه الميثاق من أهممل العلممم مممن بيممان‬ ‫وأ ّ‬
‫ل وإما أنه فممي السممجون‪ ،‬قممد‬ ‫الحق وعدم كتمانه‪ ،‬وكثير منهم إما قُت ِ َ‬
‫ضحوا بسلمتهم وعافيتهم من أجل إبلغ المة الحق‪ ،‬فلله دّرهم من‬
‫علماء ُيقتدى بهم‪.‬‬
‫‪ ..‬ل تتهمنا بما ليس فينا‪..‬‬
‫غالبا ً ما يتهم بعضنا بعضا ً بأشياء قد يكون المت َّهم بريئا ً منها‪ ،‬ومممن‬
‫أعظم أسباب ذلك ما يدور في مجالسنا من الّتهم للطائفة الخممرى‪،‬‬
‫فنسمع من الشيخ أو من بعممض القممران أن الطائفممة الفلنيممة تعتقممد‬
‫كذا‪ ،‬وتقول كذا‪ ،‬وُتكّفر بكذا‪ ،‬فنأخذ بذلك ونردده لموافقته هوى فممي‬
‫النفس‪ ،‬وقد يكون ذلك التهام باطل ً من أصله أو مبالغ ما ً فيممه‪ ،‬فلب مد ّ‬
‫من التثبت من كتبهم وأشرطتهم‪.‬‬
‫وقد يكون هذا القول الذي قممرأه أو سمممعه شمماذا ً أغلممب الطائفممة‬
‫على خلفه‪ ،‬فلبد ّ من التريث والتثبت بقراءة أكثر من كتاب وسممماع‬
‫)‪(34‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أكثر من شريط لقادة تلك الطائفة‪.‬‬
‫‪ ..‬أنصفونا‪..‬‬
‫ُتحب كل طائفة أن تقرأ الطائفة الخرى كتبها وتستمع لشمرطتها‬
‫حتى تتعرف على حقيقة منهجهما‪ ،‬ول تتهمهمما بممما ليممس فيهمما‪ ،‬ولكممن‬
‫الذي لحظناه من عدد غير قليل من إخواننا طلبممة العلممم والمشممايخ‬
‫أنهم يحبون أن نقرأ كتبهم ونستمع إلى أشممرطتهم بينممما هممو ل يريممد‬
‫أن يقبل كتابا ً واحدا ً لكي يقرأه‪ ،‬وليس هذا من النصاف‪ ،‬فكما تحب‬
‫أن نقرأ كتبكم لنك تعتقد أنها على حق‪ ،‬فكذلك نحن نحممب أن تقممرأ‬
‫ت أنا ل أثق في علمممائكم قلنمما‬ ‫كتبنا لننا نعتقد أنها على حق‪ ،‬وإن قل َ‬
‫لك كذلك‪ ،‬فإذا ً ليكن الحكم بيننا هو الدليل وأقوال سلف المة ومممن‬
‫سار على نهجهم‪.‬‬
‫وكثير من المشايخ وطلبة العلم لم ينصفوا إخمموانهم المجاهممدين‪،‬‬
‫ولممونهم أقمموال ً لممم‬
‫فنجممدهم يتهمممونهم بأشممياء هممم منهمما بممراء‪ ،‬وُيق ّ‬
‫يقولوها‪ ،‬وينسبونهم إلى مذاهب هممم مممن أبعممد النمماس عنهمما‪ ،‬وربممما‬
‫يكون مستند كثير منهم أفعال فردية حصلت من أناس ينتمممون إلممى‬
‫ذلك المنهج!‬
‫مل الطائفة والمنهج أخطاء بعض أفرادهمما‪ ،‬وإل‬ ‫والنصاف أن ل ُنح ّ‬
‫فإنه ل تخلوا أي جماعة من وجود أفراد غلة أو شاذين بين صفوفها‪،‬‬
‫فكما أننا ل نرضى أن ُيحكم علينا بتصرفات بعض الفممراد فكممذلك ل‬
‫يصح أن نحكم على غيرنا بتصرفات بعض أفرادهم‪.‬‬
‫قال تعالى‪] :‬ول يجرمّنكم شنئان قوم على أل تعممدلوا اعممدلوا هممو‬
‫أقرب للتقوى{‪.‬‬

‫‪ ..‬لنحذر الغرور‪..‬‬
‫ن الذي نلحظه في صممفوف كممثير مممن أدعيمماء السمملفية الغممرور‬‫إ ّ‬
‫والمجازفة في تهمة الناس والتماس الخطأ والزلل في قول أو فعل‬
‫صدر من الدعاة والمشممايخ لكممي يكممون مشممايخهم هممم‬ ‫من يخرج ويت ّ‬
‫ن الذي ينبغي أن نعلمه‬ ‫فقط الذين يعتلون عرش الدعوة السلفية‪ ،‬إ ّ‬
‫ن الله سبحانه ل ينظر فقط إلممى مما يعتقمده النسمان ولكمن ينظمر‬ ‫أ ّ‬
‫أيضا ً إلى العمل‪ ،‬فل يغتر النسمان بمما علممه ممن المعتقمد الصمحيح‬
‫)‪(35‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب أن يعمل ويبذل لهذا الدين ويتحمممل الذى فممي ذلممك‪ ،‬ل‬ ‫فإنه مطال ٌ‬
‫أن يجلممس فممي بيتممه أو مممع زملئه لكممي يلمممزوا فلنما ً ويطعنمموا فممي‬
‫الجماعة الفلنية‪.‬‬
‫قد يكون بعض الناس عندهم خلل في بعض مسائل العقيدة كممأن‬
‫يكون أشعريا ً أو ماتريديا ً أو غيرها مما ل تخرجه من السلم ولكنهممم‬
‫مع ذلك أثبتوا بأفعالهم حب الدين وبذلوا في سممبيل نصممرته النفممس‬
‫والمهج فإن هؤلء قد يكونون أقرب وأحب إلى الله من الذين اّتكلوا‬
‫على ما علموه من الحق دون أن يبذلوا لدينهم شيئا ً من لعاعة الدنيا‬
‫فضل ً عن بذل النفس والمهج‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إن اللممه‬
‫ل ينظر إلمى صموركم ول إلمى أجسمامكم ولكمن ينظمر إلمى قلموبكم‬
‫وأعمالكم( رواه مسلم‪.‬‬
‫وتأمل قول شيخ السلم ابممن تيميممة رحمممه اللممه حيممن قممال‪ :‬أممما‬
‫الطائفة بالشام ومصر ونحوهما فهم في هذا الوقت المقمماتلون عممن‬
‫دين السلم وهم من أحق الناس دخول في الطائفة المنصورة الممتي‬
‫ذكرها النبي بقوله في الحاديث الصحيحة المستفيضممة عنممه ل تممزال‬
‫طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم مممن خممالفهم ول مممن‬
‫خذلهم حتى تقوم الساعة‪ .‬اهم ]مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،28‬ص ‪.[531‬‬
‫ن شمميخ السمملم اعتممبر العمممل والبممذل للممدين مممن‬ ‫فانظر كيممف أ ّ‬
‫ن كثيرا ً ممن أهمل الشمام فمي‬ ‫أعظم صفات الطائفة المنصورة‪ ،‬مع أ ّ‬
‫دموا‬‫ما جاهدوا فممي سممبيل اللممه وق م ّ‬ ‫ذلك الوقت كان أشعريًا‪ ،‬ولكن ل ّ‬
‫أنفسهم لنصرة دين الله كممانوا مممن أحممق النمماس دخممول ً فممي وصممف‬
‫الطائفة المنصورة‪.‬‬
‫ن إخواننمما المجاهممدين الممذين وقفمموا أمممام الزحممف‬ ‫وهنمما أقممول‪ :‬إ ّ‬
‫الصليبي والصهيوني والشيوعي‪ ،‬ونصبوا صدورهم دروعا ً للمسمملمين‬
‫وما زالوا إلى الن يقاتلون أعداء السلم هم من أحق الناس دخممول ً‬
‫في الطائفة المنصورة‪ ،‬فهم يخافون حيممن يممأمن النمماس‪ ،‬ويجوعممون‬
‫دة والبلء من الخوف والجوع‬ ‫حين يشبع الناس‪ ،‬ويقاسون ألوان الش ّ‬
‫ل ذلك مممن أجممل نصممرة ديممن‬ ‫والعطش والجراح والسر والتعذيب‪ ،‬ك ّ‬
‫الله وإخراج العدو الصائل عن ديار المسلمين وتحكيممم شممريعة اللممه‬
‫والدفاع عمن ديمن المسملمين وأنفسمهم وأعراضممهم وأممموالهم‪ ،‬فممما‬
‫أحسممن ممما قممدموه لممدينهم وأمتهممم‪ ،‬وممما أسمموأ ممما قوبلمموا بممه لقمماء‬
‫جهادهم‪.‬‬
‫)‪(36‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ ..‬هما طائفتان‪..‬‬
‫إننا لو نظرنا إلى الصحوة لوجدنا أنهم ينقسمون من حيث الجملة‬
‫إلى طائفتين‪:‬‬
‫‪ -‬طائفة تقف مع الحكام وتأمر بطمماعتهم وتممرى أن الممذي يحصممل‬
‫في العراق وأفغانستان والشيشممان والجممزائر ونحوهمما ليممس بجهمماد‪،‬‬
‫وتشترط المام في الجهاد‪ ،‬وتقول إن زماننا ليس زمان جهاد‪.‬‬
‫‪ -‬وطائفممة تكّفممر الحكمام الممذين يحكممون بغيممر الشمرع‪ ،‬ويوالممون‬
‫العداء على المسلمين‪ ،‬وهذه الطائفة ترى فرضية الجهمماد فممي هممذا‬
‫الزمان ويأمرون شباب المة بالخروج للجهاد‪.‬‬
‫ل موضممع‬ ‫صممر ك م ٌ‬
‫وفي هذا الكتاب نقاش بين تلممك الطممائفتين‪ ،‬ليتب ّ‬
‫قدميه‪ ،‬ويتبين له الحق من الباطل‪ ،‬وهذا الكتاب هو في الحقيقة رد ّ‬
‫على ما كتبه عبد العزيز الريس رد ّا ً على المجاهدين‪ ،‬ولكنه وللسف‬
‫وكما هو حال أهل الهوى لممم يممذكر جميممع حجممج وأدلممة مخممالفيه بممل‬
‫اجتزأ منها بأشياء وترك أشياء‪ ،‬وفي هذا الرد سوف أورد كتابه كامل ً‬
‫طره أهل العلم والفضل‪ ،‬وسأرد على‬ ‫غير منقوص‪ ،‬وأرد ّ عليه بما س ّ‬
‫كل شبهة بعد إيرادها كاملة‪ ،‬والله ولي التوفيممق‪ ،‬وهممو حسممبنا ونعممم‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فمماطر السممموات والرض‬
‫عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفممون‬
‫ف فيممه مممن الحممق بإذنممك إنممك تهممدي مممن تشمماء إلممى‬‫اهدنا لما اختـل ِ َ‬
‫صراط مستقيم‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫)‪(37‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫وبه أستعين‬
‫الرد على مقدمة المؤلف‪ -‬عبد العزيز الريس‬

‫قال المؤلف‪]:‬السلم عليكم ورحمة الله وبركمماته‪ ...............‬أممما‬


‫بعد‪،،،‬‬
‫فممإن للتكفيرييممن والتفجيرييممن والمتممأثرين بأفكممارهم شممبهات‬
‫يرددونها في كتب يؤلفونها ومواقع في الشبكات العنكبوتية يبثونها[‬
‫مطل ُِقممه‬‫أقول‪ :‬إن التكفير في ديننمما هممو حكممم شممرعي قممد يكممون ُ‬
‫موقعا ً له فممي ممموقعه‪ ،‬وقممد يكممون مبطل ً موِقعما ً لممه فممي غيممر‬ ‫حقا ً ُ‬ ‫م ِ‬
‫ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موقعه‪ ،‬فإذا كان المر كذلك فل يجوز شرعا ول عقل نسممبة قمموم أو‬
‫جماعة من الناس إلى لفظة التكفيرييممن علممى وجممه الممذم والطعممن؛‬
‫لن حكم الكفر قد يكون حقا ً فحينئذٍ يكون ذمهم بهذا المر الشرعي‬
‫الذي قد أصابوا فيه إنما هو طعن في الحكممم نفسممه‪ ،‬وإن كممانوا لممم‬
‫يصيبوا الحق فيه لم يجز كذلك نسبتهم إليه لمور‪:‬‬
‫محق ما ً أو‬‫‪ -‬لن التكفيممر لفممظ شممرعي يحتمممل أن يكممون مطلقممه ُ‬
‫ل‪ ،‬فل ينسب إليه أحد علممى وجممه الممذم بممإطلق‪ ،‬ول علممى وجممه‬ ‫مبط ً‬
‫المدح بإطلق‪.‬‬
‫شممىء طرفما ً مقممابل ً‬ ‫‪ -‬لن نسبتهم إلى التكفير على وجممه الممذم ُين ِ‬
‫يغلو في الرجاء ول يتجرأ على تكفير من ثبت كفره بالنصوص‪.‬‬
‫ن‬‫إذا تبين هذا فإن إطلق هذه اللفظممة بهممذا الطلق ل يجمموز‪ ،‬فممإ ّ‬
‫التكفير والتبديع والتفسمميق هممي مممن بمماب السممماء والحكممام وهممي‬
‫ألفاظ شرعية لها مدلولتها ول ُينسب إليها أحد ٌ أو طائفة علممى وجممه‬
‫مى إنسان أو‬ ‫م بإطلق ول على وجه المدح بإطلق‪ ،‬وهذا كأن ُيس ّ‬ ‫الذ ّ‬
‫دعون أناسما ً أو بالتفسمميقيين لكممونهم‬ ‫طائفممة بالتبممديعيين لكممونهم ُيبم ّ‬
‫ن التكفيممر والتبممديع والتفسمميق أحكممام‬ ‫سقون أناسما ً وهممذا خطممأ ل ّ‬ ‫ُيف ّ‬
‫سممقه ل ننكممر‬ ‫دعه أو ف ّ‬ ‫تحتاج إلى بينة وبرهان‪ ،‬فمن كّفر إنسممانا ً أو بم ّ‬
‫عليه مباشرة وإنما نطالبه بالبينة والبرهان على ما قال فممإن أصمماب‬
‫فهو مأجور وإن أخطأ فقوله وحكمه مردود عليممه‪ ،‬وإنممما يقممال لمممن‬
‫كّفر الناس بغير بينة ول برهان هو من أهل الغلو في التكفير‪ ،‬والغلو‬
‫)‪(38‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جاء في الشرع ذممه والتحمذير منمه‪ ،‬ول أعنمي بمذلك أن المجاهمدين‬
‫وعلماءهم غلة في التكفير حاشا وكل‪ ،‬بممل نحسممب أنهممم علممى حممق‬
‫وهدى‪ ،‬ولكن ل يعني ذلك عدم وجود من هو من الغلة فإنه ل تخلمموا‬
‫جماعممة أو حممزب مممن وجممود الغلة والشمماذين فممي صممفوفها‪ ،‬ولكممن‬
‫العبرة في الحكم على الجماعات إنما هو بالغالب والسممواد العظممم‬
‫ابتداًء من علمائهم ومشايخهم‪ ،‬وهممذا أمممر واضممح ومعلمموم‪ ،‬وإل فلممو‬
‫ب‬ ‫خرج إلينا أحد أدعياء السلفية وقال قول ً خالف فيه مشممايخه وغممال َ‬
‫أهممل منهجممه هممل يصممح لنمما أن ننسممب قمموله إلممى عممموم أهممل ذلممك‬
‫المنهج؟!‬
‫ن مثل هذه اللفاظ قد وّلدت عند كممثير مممن طلبممة العلممم ورع ما ً‬ ‫إ ّ‬
‫ممسوخا ً حممتى أصممبح كممثير منهممم يتممورع عممن تكفيممر دعمماة الشممرك‬
‫والوثنية‪ ،‬وعن تكفير المستهزئين بالله وكتابه ورسوله‪ ،‬حتى أصبحت‬
‫أحكام الكفر والّرّدة ليس لهمما علممى أرض الواقممع أي وجممود‪ ،‬فهممي ل‬
‫تعدوا أن ُتدّرس وُتشرح ثم ت ُغَّيب في الصدور وتطوى بيممن السممطور‬
‫وتوضممع علممى أرفممف المكتبممات‪ ،‬وبممذلك اشممرأّبت أعنمماق العلمممانيين‬
‫والزنادقممة والمرتممدين‪ ،‬وتجمّرؤوا علممى ترويممج كفرهممم‪ ،‬وأهممل العلممم‬
‫وطلبه يتجممادلون فممي حكمهممم وحممالهم‪ ،‬وإذا ممما خممرج أح مد ٌ وص مّرح‬
‫بكفرهم فسرعان ما تتراكم عليه الّتهم والنتقادات ليممس مممن أولئك‬
‫مسخ ورعهم وإلى الله المشتكى‪.‬‬ ‫الكفرة بل ممن ُ‬
‫وكذلك المر في إطلقه لفظ التفجير‪ ،‬فإن التفجير هو سلح مممن‬
‫أسلحة هذا العصر قد يستخدم في الحق وقممد يسممتخدم فممي الظلممم‬
‫والجرام‪ ،‬والمذي ينسمب قومما ً إلمى لفمظ التفجيمر علمى وجمه المذم‬
‫مطلقا ً مخطيء‪ ،‬وكذلك لو نسبها على وجه المدح مطلقًا؛ لنه فعممل‬
‫محتمل‪ ،‬وهذا مثل أن ينسب قوما ً إلى السيف فيقول‪ :‬السمميفيين أو‬
‫إلى البندقية فيقول‪ :‬البندقيين وهكممذا‪ ،‬وهممذا أمممر فممي غايممة الخلممط‬
‫والتلبيس‪.‬‬
‫وإتيان المؤلف بهذه الطلقممات والجمممالت فممي المممواطن الممتي‬
‫تحتاج إلى تفصيل وتوضيح من باب تلبيس الحق بالباطل وبهذا يكون‬
‫المؤلف قد حكم على نفسه‪ ،‬فقد قال في الشبهة الخامسة‪]:‬أن هذا‬
‫الطلق من جنس إطلق اللفظ المجمل ليتم لبس الحممق بالباطممل‪،‬‬
‫كما هو صنيع أهل البدع في كل زمان وحين[‬
‫و ل يقول قائل‪-‬وقد قيل‪ :-‬إن التفجير حممرق بالنممار وقممد ورد فممي‬
‫)‪(39‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السنة النهي عن التعذيب بالنار‪.‬‬
‫فالجواب أن استخدام المجاهدين للتفجير والمتفجرات هممو مممن‬
‫باب عقوبة الظالم بالمثل والله تعمالى يقممول‪) :‬وإن عمماقبتم فعماقبوا‬
‫م إن المتفجرات هي من أسلحة هممذا الزمممان‬ ‫بمثل ما عوقبتم به(‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬
‫ول ُيعقل أن يقاتلنا العدو بالصواريخ ونقاتله بالسمميوف والرممماح‪ ،‬ث م ّ‬
‫ما الذي يستخدمه جنود الحكومات في مطمماردتهم وقتممالهم لشممباب‬
‫السلم أليس القنابل والمتفجرات؟! أفيجوز ذلك لحكامكم ول يجوز‬
‫لغيرهم؟‬
‫والذي لحظناه من هؤلء وأمثالهم أنهم يطلقون عبارات جمماء بهمما‬
‫الكفار دون أي تحقيق أو نظر وإنممما يدنممدنون بممما يدنممدن بممه أعممداء‬
‫السلم‪.‬‬
‫والكفار لهممم مقاصممد مممن اختيممار هممذه اللفمماظ مممن أهمهمما نشممر‬
‫مذهب الرجاء؛ فإن الرجاء دين يحبه الملمموك كممما قممال ذلممك بعممض‬
‫السلف‪ ،‬وبالتممالي لممن يتممدخل المممرجئة فممي أمممر السياسممة والحكممم‬
‫وبذلك يفعممل الحكممام العملء ممما يخططممه العممداء دون أي كلفممة أو‬
‫معارضة‪.‬‬
‫وانظر مثل ً إلممى لفظممة الرهمماب تجممد أن القمموم ‪}-‬أعنممي أدعيمماء‬
‫السلفية{‪ -‬قد فتحوا مواقع لهم علممى النممترنت باسممم )ل للرهمماب‪،،‬‬
‫خطر الرهاب‪ ،،‬التحذير من الرهاب ونحوها من العبممارات السممائبة(‬
‫ولو تأملنا أدنى تأمل في العبارة ومن أين أتت وما مقاصممدها عرفنمما‬
‫أن القوم ينعقون بما ل يعقلون‪ ،‬فأنت تعلممم أن هممذه العبممارة جمماءت‬
‫من الكفار‪ ،‬واختيارهم لها لنها وردت في القممرآن فممي قمموله تعممالى‪:‬‬
‫)وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخبل ترهبون به عممدو‬
‫اللممه وعممدوكم( فهممم ي َُنفممرون النمماس مممن السمملم بزعممم أنممه يممأمر‬
‫م هل الرهاب مذموم بإطلق؟ وهل يأمرنا القممرآن بممأمر‬ ‫بالرهاب‪ ،‬ث ّ‬
‫مممذموم؟ هممل يأمرنمما القممرآن بممالعنف وسممفك الممدماء؟ إن الرهمماب‬
‫مأخوذ من الرهبممة وهممي الخمموف‪ ،‬فالعممداد لقتممال الكفممار وتجييممش‬
‫الجيوش يرهب الكفار فهممل هممذا مممذموم؟ إن الرهمماب منممه ممما هممو‬
‫ممدوح بل مأمور به وهو إرهاب الكفممار المحمماربين ألممم يقممل النممبي‬
‫ت بالرعب مسيرة شممهر( متفممق عليممه‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬نصر ُ‬
‫وهناك إرهاب مذموم وهو قتل النفس المعصومة وتخويممف النفممس‬
‫البريئة‪.‬‬
‫)‪(40‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وهنا أقول‪ :‬من هو الرهابي المجرم المعتدي الذي ُيخيف المنيممن‬
‫ويقتل النفس البريئة؟‬
‫هل هو الذي يدافع عمن نفسمه ودينمه وعرضممه وأرضمه ويممرد كيممد‬
‫العداء؟ أم الذي يقتممل الشمميوخ والنسمماء والطفممال فممي الشيشممان‬
‫وأفغانستان والعراق والصومال وفلسطين وغيرها؟‬
‫وأين كانت تلك المواقع والمنتديات والمحاضرات والنممدوات حيممن‬
‫كممان المسمملمون يممذبحون فممي فلسممطين والشيشممان وكوسمموفا‬
‫والبوسنة وكشمير وإندونيسيا وجممزر الملمموك والسممودان والصممومال‬
‫وإريتريا والفلبين وتركستان الشرقية؟‬

‫ولماذا لم ُتنشأ تلممك المواقممع وتقممام تلممك المحاضممرات والنممدوات‬


‫لجل التنديد والستنكار على اليهود والصليبيين‪ ،‬وتحريض المة على‬
‫جهادهم وقتالهم؟‬
‫أليس ما تقوم به أمريكا واليهود والشيوعيون والصممرب فممي حممق‬
‫المسلمين من الرهاب؟‬
‫ددون والمسممتنكرون للرهمماب إنممما اسممتنكروا ذلممك‬ ‫إن كممان المنم ّ‬
‫ن دممماء المسمملمين تسممفك منممذ‬ ‫لسفك دماء المسلمين وترويعهم فإ ّ‬
‫زمن وهم يرّوعون منذ عقود‪ ،‬فكم مضى على الشممعب الفلسممطيني‬
‫الجريح وهو يقتل ويرّوع‪ ،‬وكممذلك كشمممير‪ ،‬وإخواننمما المسمملمين فممي‬
‫الفلبين وإندونيسيا وتركستان الشرقية‪ ،‬فلماذا لم يستنكروا في ذلك‬
‫الحين ولماذا لم ينددوا بتلك الجممرائم‪ ،‬لممماذا فتحممت تلممك المنتممديات‬
‫وتراكمت تلك الخطب والندوات والمحاضممرات بعممد أحممداث الحممادي‬
‫عشر المباركة التي قصمت ظهر هبل العصممر ومّرغممت أنممف أمريكمما‬
‫ذلين وارتفعت صرخات‬ ‫في التراب والوحل‪ ،‬لماذا علت أصوات المخ ّ‬
‫المستنكرين عنممدما قممامت الممة المظلوممة الجريحممة لتأخممذ ببعمض‬
‫ثأرها وتقاتل عدوها الذي تفّنن في قتلها وترويعها وتمزيقها‪ ،‬هل كمم ّ‬
‫ل‬
‫هذا خوفا ً على النفس البريئة‪ ،‬والدماء المعصومة؟‬
‫ن دممماء الصممهاينة والصمليبيين أغلممى وأطهممر وأعظممم‬ ‫ن هذا ل َ ّ‬
‫أم أ ّ‬
‫حرمة من دماء المسلمين؟؟‬
‫نترك الجواب لصحاب تلك المواقع والمنتديات والمحاضرات‪.‬‬
‫إن الرهاب الذي تعنيممه أمريكمما وعملؤهمما إنممما هممو الجهمماد ودفممع‬

‫)‪(41‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دنمدن‬ ‫العدو الصائل عن ديار المسلمين والمؤلف وأمثماله حمول مما ت ُ َ‬
‫أمريكا يدندنون‪.‬‬
‫ونقممول لمممن مل السمماحة ضممجيجا ً حممول حرمممة الممدماء‪ :‬إن كنتممم‬
‫صادقين في احممترام الممدماء المعصممومة والنفممس الممبريئة فلممماذا ل‬
‫تقولممون لمريكمما والصممهاينة اليهممود وروسمميا الشمميوعية إنكممم أنتممم‬
‫الرهابيون المجرمون الممذين تقتلممون المسمملمين وتحتلممون ديممارهم؟‬
‫ن ما أصابكم هو بما جنته أيديكم الثمة الظالمة؟‬ ‫وأ ّ‬
‫لماذا وجهتم سممهامكم وكشممرتم عممن أنيممابكم علممى شممباب المممة‬
‫المجاهدين ورميتموهم بكل نقيصة وأخلصتم لهم العداء وسميتموهم‬
‫إرهابيين؟ هل لترضوا ربكم أم لترضوا حكامكم وأسيادهم؟‬
‫أتخافون من أمريكا وعملئها من الطواغيت ول تخممافون مممن رب‬
‫العالمين؟!‬
‫قال المؤلف‪]:‬فأدخلوا في نفوس كثير من ذوي الحماسممة الدينيممة‬
‫المفرطة شكا ً وريبًا[‬
‫ما هو الريب الذي أدخلوه في نفوس كثير من الناس؟ هممل قتممال‬
‫العدو الصائل من الريب؟ هل نصممرة المسمملمين المستضممعفين مممن‬
‫الريب؟ هل موالة المسلمين ومعاداة الكافرين من الريب؟‬
‫إن الحقيقة أوضح من هذا يا شيخ فإن الشمس ل ُتغطى بغربمال‪،‬‬
‫إن الذي زاد شباب المممة شممكا ً وريبما ً إنممما هممم أنتممم بفتمماواكم الممتي‬
‫خالفت الشرع والعقل وشككت المسلمين في أخوة اليمان ونصرة‬
‫المسلمين‪ ،‬وأمرتموهم بخذلن المسلمين باسم الدين لذلك انتكممس‬
‫كممثير مممن الشممباب الممذين التحقمموا بأدعيمماء السمملفية عنممدما رأوا ممما‬
‫عندهم من التخبط والتخذيل وتهميش قضممايا المسمملمين والشممتغال‬
‫بالطعن والسب في كل مخالف لمنهجهم وطريقتهممم وهممذا بشممهادة‬
‫بعض من ينتسبون إلى السلفية فتنبه!‬
‫قال المؤلف‪]:‬فأحببت الزلفى إلممى اللممه بكشممف أشممهر شممبهاتهم‬
‫الحد عشر بما يسر سبحانه من أدلة شرعية ونقول علمية عن أهممل‬
‫العلم من أرباب الدعوة السمملفية علمما ً أنممي سممأخص دولممة التوحيممد‬
‫)السعودية(‪-‬حرسها الله‪ -‬بمزيد دفماع ونفاح لنهممما تميممزت مممن بيممن‬
‫دول العممالم برفمممع رايمممة التوحيمممد والسممنة ولنهمما أرض الحمممرمين‬
‫ومهبط الوحي[‬

‫)‪(42‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وفي هذا الرد إن شاء اللممه سممأزيد البيممان والتوضمميح فممي حقيقممة‬
‫الحكومممة السممعودية ونفاقهمما والمكفممرات الواضممحة الصممريحة الممتي‬
‫ارتكبتها لن كثيرا ً من الناس لم يعرفوا حقيقتهمما وذلممك لن علماءهمما‬
‫يحممذرون النمماس مممن التممدخل والنشممغال بممأمور السياسممة ليفعممل‬
‫طواغيتها ما يشاؤون دون رقيممب ول حسمميب‪ ،‬وكممأن ديننمما ليممس لممه‬
‫علقة بالسياسة!‬
‫قال المؤلف‪] :‬ومما يجدر التنبيه إليه أن المذموم هو التكفير بغير‬
‫حق‪ ،‬أممما التكفيممر بحممق علممى أصممول أهممل السممنة السملفيين فليممس‬
‫مذمومًا[‬
‫يمما ليممت شممعري مممن هممم أهممل السممنة السمملفيون الممذين يأخممذ‬
‫بأصولهم؟‬
‫هل هم مشايخه المعاصرون؟ أم هم علماء أهل السنة والجماعممة‬
‫على مر العصور؟‬
‫فإن كان يقصد مشايخه المعاصرين فإنا بحمممد اللممه لسممنا بحاجممة‬
‫إلى أصولهم واللمه سممبحانه لمم يممترك الممة علممى باطمل حممتى جماء‬
‫ن فممي كلم السمملف‬ ‫مشممايخ هممذا ليممبينوا لنمما الصممول الصممحيحة‪ ،‬فممإ ّ‬
‫الصالح ومن سار على نهجهم من العلماء المحققيممن ممما فيممه الغنيممة‬
‫والكافية عن أصول مشايخه‪.‬‬
‫وإن كان يقصد بأهل السنة السلفيين علماء المة المحققيممن مممن‬
‫السلف ومن سار على نهجهم فإننا بممإذن اللممه سمموف ننقممض ردوده‬
‫بأقوالهم‪.‬‬
‫ثم قال‪]:‬وحذار أن يظن ظان أن من منهج أهل السممنة السمملفيين‬
‫عدم تكفير المعينين كممما رأيممت بعضممهم فمماه بهممذه الفريممة‪ ،‬بممل هممم‬
‫‪-‬عليهم رحمة الله ورضوانه‪ -‬حذرون من التعجل والغلو في التكفيممر‪،‬‬
‫لكن من توافرت في حقه الشروط وانتفت عنه الموانع كفمروه لنمه‬
‫بهذا يكون مكفرا ً بالدلة الشرعية[‬
‫والذين تسميهم بالتكفيريين لم يخرجوا عن هذا المر‪ ،‬فهم بحمممد‬
‫الله ل يكفرون إل من توفرت في حقه الشروط وانتفت عنه الموانع‬
‫وهو ما ستراه بعون الله أمامك‪.‬‬
‫وأحب هنا أن أذكر مجمل شروط وموانع التكفير وفممي ثنايمما المرد‬
‫سوف تجد تفصيل ً أطول‪.‬‬

‫)‪(43‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اعلم أن المسلم الذي يشممهد أل إلممه إل اللممه وأن محمممدا ً رسممول‬
‫الله‪ ،‬الصل في حقه أنه مسمملم لممه ممما للمسمملمين وعليممه ممما علممى‬
‫المسلمين‪ ،‬ما لم يظهر لنا منه ما يناقض إسلمه‪ ،‬فإن ظهممر لنمما ممما‬
‫يناقض إسلمه وجب علينا قبل الحكم عليه أن نتبّين ونتأكد من توفر‬
‫شروط الحكم عليه بما ظهر منه وانتفاء موانعه‪.‬‬
‫وللحكم بكفر المسلم وخروجممه مممن الممدين شممروط وموانممع نجملهمما‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الخطأ‪ :‬وهو انتفاء القصمد‪ ،‬كمممن سمبق لسممانه بقمول كفمر ولمم‬
‫يقصده كقول ذلك الرجل‪] :‬اللهممم أنممت عبممدي وأنمما ربمك أخطمأ مممن‬
‫ن الله سبحانه‬ ‫شدة الفرح{‪ ،‬وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أ ّ‬
‫قال عندما نزلممت‪] :‬ربنمما ل تؤاخممذنا إن نسممينا أو أخطأنمما{ قممال جممل‬
‫ت‪ ،‬وقال تعالى‪] :‬ليس عليكممم جنمماح فيممما أخطممأتم بممه‬ ‫وعل‪ :‬قد فعل ُ‬
‫مدت قلوبكم{‪.‬‬ ‫ولكن ما تع ّ‬
‫ومن ذلك أيضا ً أن يتكلم النسممان بكلم أو ينطممق لفظما ً ل يعممرف‬
‫معناه فإنه ل يؤاخذ بذلك حتى يعرف فيتكلممم بممه قاصممدا ً معنمماه بعممد‬
‫قيام الحجة‪.‬‬
‫ففي )قواعد الحكام فممي مصممالح النممام( للعممز بممن عبممد السمملم‬
‫)فصل فيمن أطلق لفظا ً ل يعرف معنمماه لممم يؤاخممذ بمقتضمماه( قممال‬
‫رحمه الله‪) :‬فممإذا نطممق العجمممي بكلمممة كفممر أو إيمممان أو طلق أو‬
‫إعتاق أو بيع أو شراء أو صلح أو إبراء لم يؤاخذ بشيء من ذلك‪ ،‬لنه‬
‫لم يلتزم مقتضاه ولم يقصد إليه‪ ،‬وكذلك إذا نطق العربممي بممما يممدل‬
‫علممى هممذه المعمماني بلفممظ أعجمممي ل يعممرف معنمماه‪ ،‬فممإنه ل يؤاخممذ‬
‫بشيء من ذلك‪ ،‬لنه لم ُيرده فإن الرادة ل تتوجه إل إلممى معلمموم أو‬
‫مظنون‪ .‬اهم‪.‬‬
‫ويقابل هذا المانع شرط القصد والعمد‪ ،‬فإن قال أو فعممل قاصممدا ً‬
‫متعمدا ً فإنه مؤاخذ‪.‬‬
‫من َفعممل المكّفممر قاصممدا ً عالمما ً‬‫تنبيه‪ :‬ل يشترط في الحكم على َ‬
‫أن يقصد بفعله الكفر أو الخروج من الدين‪ ،‬بل هو إن فعممل المكّفممر‬
‫قاصدا ً عالما ً ترتب الحكم عليه‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية في الصارم المسلول ص ‪:178-177‬‬
‫)وبالجملة فمن قال وفعل ما هو كفر‪ ،‬كفر بذلك‪ ،‬وإن لممم يقصممد أن‬

‫)‪(44‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكون كافرًا‪ ،‬إذا ل يقصد الكفر أحدا ً إل ما شاء الله( أهم‪.‬‬
‫وقال أيضا ً فيه ص)‪) :(370‬والغرض هنا أنه كما أن الممردة تتجممرد‬
‫عن السب‪ ،‬فكذلك تتجممرد عممن قصممد تبممديل الممدين وإرادة التكممذيب‬
‫بالرسالة‪ ،‬كما تجرد كفر إبليممس عممن قصممد التكممذيب بالربوبيممة؛ وإن‬
‫كان عدم هذا القصد ل ينفعه‪ ،‬كما ل ينفع من قال الكفر أن ل يقصد‬
‫الكفر( أهم‪.‬‬
‫وقال ابن حجر في فتح الباري )كتاب استتابة المرتممدين‪) ( ..‬بمماب‬
‫من ترك قتال الخوارج‪) :( ..‬وفيه أن من المسلمين مممن يخممرج مممن‬
‫الدين من غير أن يقصد الخروج منه‪ ،‬ومن غيممر أن يختممار دين ما ً علممى‬
‫السلم( أهم‪.‬‬
‫‪ -‬التأويل‪ :‬والمراد به هنا وضع الدليل الشرعي فممي غيممر موضممعه‬
‫باجتهاد‪ ،‬أو شبهة تنشأ عممن عممدم فهممم دللممة النممص‪ ،‬أو فهمممه فهممما‬
‫خاطئا ظنه حقا‪ ،‬أو ظن غير الدليل دليل‪ ،‬كالستدلل بحديث ضممعيف‬
‫ظنه صحيحا‪ ،‬فيقدم المكلممف علممى فعممل الكفممر وهممو ل يممراه كفممرا‪،‬‬
‫فينتفي بذلك؛ )شرط العمد(‪ ،‬ويكون الخطممأ فممي التأويممل مانعما ً مممن‬
‫التكفير‪ ،‬فإذا أقيمت الحجة عليه وبين خطؤه فأصر على فعلممه كفممر‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫ودليل هذا إجماع الصحابة على اعتبار هذا النوع من التأويممل مممن‬
‫باب الخطأ الذي غفره الله تعالى بالدلة المتقدمة ‪ -‬وذلك في حادثة‬
‫قدامة بن مظعممون حيممث شممرب الخمممر مممع جممماعه مسممتدل ً بقمموله‬
‫تعالى‪)) :‬ليس على الذين أمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا‬
‫إذا ممما اتقمموا وآمنمموا وعملمموا الصممالحات ثممم اتقمموا وآمنمموا ثممم اتقمموا‬
‫وأحسنوا والله يحب المحسممنين(( ‪ 93‬المممائدة‪ ،‬كممما روى ذلممك عبممد‬
‫الرزاق في مصنفه … وكان قدامة قد استعمله عمر على البحريممن‪،‬‬
‫فلما شهد عليه أبو هريرة وغيره وشهدت معهم امممرأة قدامممة أيض ما ً‬
‫أنه شرب الخمر أحضممره عمممر وعزلممه‪ ،‬ولممما أراد أن يحممده اسممتدل‬
‫بالية المذكورة فقال عمر‪ :‬أخطأت التأويل )أخطأت استك الحفممرة(‬
‫… قال ابن تيمية في الصارم‪) :‬حتى أجمع رأي عمر وأهل الشممورى‬
‫أن يستتاب هو وأصحابه‪ ،‬فإن أقروا بالتحريم جلدوا وإن لم يقروا به‬
‫كفروا( أهم ص ‪ ...530‬ثم إن عمر بين له غلطه وقال لممه‪) :‬أممما إنممك‬
‫لو اتقيت لجتنبت ما حرم عليك‪ ،‬ولم تشرب الخمر‪ ( ..‬فرجممع‪ ،‬ولممم‬
‫يكفره بذلك‪ ،‬بل اكتفى بإقامة حد الخمر عليه‪ ،‬ولم يخالفه أحممد مممن‬
‫)‪(45‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الصحابة بذلك‪.‬‬
‫وفي هذا يقول شيخ السمملم ابممن تيميممة‪) :‬وأممما مممن لممم تقممم عليممه‬
‫الحجة مثل أن يكون حديث عهممد بالسمملم أو نشممأ بباديممة بعيممدة لممم‬
‫تبلغه فيها شرائع السلم ونحو ذلك‪ ،‬أو غلممط فظممن أن الممذين آمنمموا‬
‫وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمممر‪ ،‬كممما غلممط فممي ذلممك‬
‫الذين استتابهم عمممر وأمثممال ذلممك‪ ،‬فممإنهم يسممتتابون وتقممام الحجممة‬
‫عليهم فإن أصروا كفروا حينئذ‪ ،‬ول يحكم بكفرهم قبل ذلك كممما لممم‬
‫يحكم الصحابة بكفر قدامة بممن مظعممون وأصممحابه لممما غلطمموا فيممما‬
‫غلطوا فيه من التأويل( أ هم‪ .‬مجموع الفتاوى )‪(610-7/609‬‬
‫ويقممول أيض ما ً‪) :‬فالمتممأول والجاهممل المعممذور ليممس حكمممه حكممم‬
‫المعاند والفاجر‪ ،‬بل قممد جعممل اللممه لكممل شمميء قممدرًا( أهم م مجممموع‬
‫الفتاوى )‪.(3/180‬‬
‫ويقول ابن الوزير رحمه الله‪) :‬قوله تعالى في هذه الية الكريمممة‬
‫))ولكن من شرح بالكفر صدرًا(( يؤيممد أن المتممأولين غيممر كفممار‪ ،‬لن‬
‫صدورهم لم تنشرح بالكفر قطعا أو ظنًا‪ ،‬أو تجممويزا ً أو احتممما ً‬
‫ل(اهممم‪.‬‬
‫إيثار الحق على الخلق ص )‪.(437‬‬
‫تنبيه‪ :‬وأما ما يدفع به بعض الزنادقممة والملحممدة كفرهممم الصممريح‬
‫من سفسطة وتمويه وتلعب بالدين‪ ،‬فهممو وإن سممماه بعممض الجهلممة‬
‫ل‪ ..‬إل أنممه مممردود وغيممر مستسمماغ ول مقبممول‪ ،‬وذلممك لصممراحة‬ ‫تممأوي ً‬
‫كفرهم ووضوحه‪ ..‬والعبرة للمعاني والحقممائق‪ ،‬ل للسممماء واللفمماظ‬
‫التي يتلعب بهمما كممثير مممن أهممل الهممواء‪ ..‬فكممم مممن باطممل زخرفممه‬
‫أصحابه ليعارض به الشرع‪.‬‬
‫ولممذلك نقممل القاضممي عيمماض فممي الشممفا قممول العلممماء‪) :‬إدعمماء‬
‫التأويل في لفظ صراح ل يقبل( أهم )‪(2/217‬‬
‫ونص عليه شيخ السلم في الصارم المسلول ص )‪(527‬‬
‫فمممن عرفممت واشممتهرت زنممدقته وتلعبممه بأدلممة الشممرع‪ ،‬أو كممان‬
‫يتعاطى من أسباب الكفر ما هو صريح وواضممح ول يحتمممل التأويممل‪،‬‬
‫لم تقبل منه دعوى التأويل فليس ثم اجتهمماد وتأويممل يسمموغ تعمماطي‬
‫الكفر الصريح‪ ..‬فإنه ل تخلو حجة كممافر مممن الكممافرين مممن تممأويلت‬
‫فاسدة يرقع بها كفره‪..‬‬
‫ولذا قال ابن حزم‪) :‬ومن بلغه المر عن رسممول اللممه صمملى اللممه‬

‫)‪(46‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عليه وسلم‪ ،‬من طريق ثابتة‪ ،‬وهو مسلم فتأول فممي خلفممه إيمماه‪ ،‬أو‬
‫ربما بلغه بنص آخر‪ ،‬فلم تقم عليممه الحجممة فممي خطئه فممي تممرك ممما‬
‫ترك‪ ،‬وفي الخذ بما أخممذ فهممو مممأجور معممذور‪ ،‬لقصممده إلممى الحممق‪،‬‬
‫وجهله به‪ ،‬وإن قامت عليه الحجة في ذلك فعاند‪ ،‬فل تأويل بعد قيام‬
‫الحجة( أهم الدرة)‪(414‬‬
‫وقال رحمه الله‪) :‬وأما من كان من غير أهل السلم من نصراني‬
‫أو يهودي أو مجوسمي‪ ،‬أو سمائر الململ‪ ،‬أو الباطنيمة القمائلين بإلهيمة‬
‫إنسان من الناس‪ ،‬أو بنبوة أحد من الناس‪ ،‬بعد الرسممول صمملى اللممه‬
‫ل‪ ،‬بممل هممم كفممار مشممركون علممى‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬فل يعذرون بتأويل أص ً‬
‫كل حال( أهم الدرة فيما يجب اعتقاده ص )‪.(441‬‬
‫وعلى هذا فما كان من التأويل ناشئا ً عن محممض الممرأي والهمموى‪،‬‬
‫دون استناد إلى دليل شرعي‪ ،‬ول هو بمستساغ في لغة العرب‪ ،‬فإنه‬
‫ليس من الجتهاد في شميء‪ ،‬بمل همو ممن التأويمل الباطمل الممردود‬
‫الذي ل يعذر صاحبه‪ ،‬إذ هو تلعب بالنصوص‪ ،‬وتحريممف للممدين‪ ،‬عممبر‬
‫عنه بمسمى التأويل‪ ،‬ولذا قال ابن المموزير‪) :‬ل خلف فممي كفممر مممن‬
‫جحد ذلك المعلوم؛ بالضرورة للجميع‪ ،‬وتستر باسممم التأويممل فيممما ل‬
‫يمكن تأويله‪ ،‬كالملحدة في تأويل جميع السماء الحسنى‪ ،‬بل جميممع‬
‫القرآن والشرائع والمعاد الخروي من البعث والقيامة والجنة والنار(‬
‫أهم إيثار الحق على الخلق ص)‪.(415‬‬
‫ومن ذلك قطعا ً أصل التوحيد‪ ،‬الممذي يتضمممن تجريممد العبممادة للممه‬
‫وحده بكافة أنواع العبادة‪ ،‬فنقض هذا الصممل بممدعوى التأويممل الممذي‬
‫يسوغ الشراك بالله تعالى واتخمماذ النممداد معممه مممن أوضممح الباطممل‬
‫الذي بعثت الرسل كافة بإبطاله وإنكاره‪.‬‬
‫‪ -‬الجهل‪ :‬الجهل يعتبر مانعا ً من موانع التكفيممر ولكممن ليممس علممى‬
‫ده العلممماء مانعما ً مممن موانممع التكفيممر هممو‬
‫الطلق بل الجهل الذي ع ّ‬
‫الجهممل الممذي يخممرج عممن قممدرة المكلممف بحيممث يكممون حممديث عهمدٍ‬
‫بالسلم ولممم تبلغمه الشممرائع أو يكممون بمكممان ل يسممتطيع فيمه رفممع‬
‫الجهل عن نفسه مع حرصه ونصحه‪.‬‬
‫قال القرافي )‪684‬هممم(‪) :‬إن كممل جهممل يمكممن المكلممف دفعممه‪ ،‬ل‬
‫يكون حجة للجاهل( أنظر الفروق )‪ (4/264‬وأيضا ً )‪.(151-2/149‬‬
‫ويقول ابن اللحام‪) :‬جاهل الحكم إنما يعذر إذا لم يقصر أو يفممرط‬

‫)‪(47‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في تعلم الحكم‪،‬أما إذا قصر أو فممرط فل يعممذر جزم مًا( أهم م القواعممد‬
‫والفوائد الصولية ص )‪.(58‬‬
‫وقال المام السيوطي رحمه الله‪ :‬كل من جهل تحريم شيء مما‬
‫يشترك فيه غالب الناس لم يقبل‪ ،‬إل أن يكون قريب عهد بالسمملم‪،‬‬
‫أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيهمما مثممل ذلممك‪ .‬اهممم]الشممباه والنظممائر‪،‬ج‬
‫‪،1‬ص ‪.[357‬‬

‫وقممال شمميخ السمملم ابممن تيميممة رحمممه اللممه فممي الممرد علممى‬
‫المنطقيين‪) :‬حجة الله برسله قامت بالتمكن من العلم‪ ،‬فليممس مممن‬
‫شرط حجة الله علم المدعوين بها‪ ،‬ولهممذا لممم يكممن إعممراض الكفممار‬
‫عن استماع القرآن وتدبره مانع من قيام حجة اللممه عليهممم‪ ،‬وكممذلك‬
‫إعراضهم عن المنقول عن النبيمماء وقممراءة الثممار المممأثورة عنهممم ل‬
‫يمنع الحجة إذ المكنة حاصلة(‪.‬‬
‫وقال رحمه الله في رسالته المر بالمعروف والنهي عن المنكممر‪:‬‬
‫)وإذا أخبر بوقوع المر بالمعروف والنهي عن المنكمر منهما لمم يكممن‬
‫من شرط ذلك أن يصل أمر المر ونهي الناهي منها إلى كل مكلممف‬
‫في العالم‪ ،‬إذ ليس هذا مممن شممرط تبليممغ الرسممالة‪ :‬فكيممف يشممترط‬
‫فيما هو من توابعهما؟ بل الشرط أن يتمكن المكلفممون مممن وصممول‬
‫ذلك إليهم ثم إذا فرطوا فلم يسعوا في وصوله إليهم مع قيام فاعله‬
‫بما يجب عليه كان التفريط منهم ل منه‪ .‬اهم‬
‫وقال ابن القيم رحمممه اللممه فممي المقلممد الممذي تمكممن مممن العلممم‬
‫ومعرفة الحق فأعرض‪ :‬فممالمتمكن المعممرض مفمّرط تممارك للممواجب‬
‫عليه ل عذر له عند الله‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬إن الممذي لممم تقممم‬
‫عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالسلم والذي نشأ ببادية‪ ،‬أو يكون‬
‫ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فل يكفممر حممتى يعممرف‪،‬‬
‫وأما أصول الدين التي أوضحها الله فممي كتممابه فممإن حجممة اللممه هممي‬
‫القرآن‪ ،‬فمن بلغه فقد بلغته الحجة‪] .‬مجموع مؤلفات الشيخ محمممد‬
‫بن عبد الوهاب[‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة في المغنى )كتاب المرتممد( )مسممألة‪ :‬ومممن تممرك‬
‫الصلة(‪) :‬ل خلف بين أهل العلم في كفر من تركها جاحدا ً لوجوبهمما‬

‫)‪(48‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إذا كان ممن ل يجهل مثله ذلك‪ ،‬فممإن كممان ممممن ل يعممرف الوجمموب‬
‫كحديث العهد بالسلم والناشئ بغير دار السلم أو بادية بعيممدة عممن‬
‫المصار وأهل العلم‪ ،‬لم يحكم بكفره‪ ،‬وعّرف ذلممك‪ ،‬وتثبممت لممه أدلممة‬
‫وجوبها فإن جحدها بعد ذلك كفر‪ ،‬وأما إذا كان الجاحد لها ناشئا ً فممي‬
‫المصار بين أهل العلم فإنه يكفر بمجرد جحدها‪ ،‬وكذلك الحكمم فمي‬
‫مباني السلم كلها …( أهم‪.‬‬
‫هذا واعلم أن مانع الجهل فيه تفصيل يطول‪ ،‬وقد صنف فيه أهممل‬
‫عصرنا المصنفات‪ ،‬ما بين إفراط وتفريط‪ ،‬وقد نفمماه أقمموام بالكليممة‪،‬‬
‫فأخطأوا‪ ،‬وكّفروا من لم يكفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪..‬‬
‫سعه آخممرون فتعممدوا حممدود اللممه فيممه‪ ،‬حممتى عممذروا المرتممدين‬ ‫وو ّ‬
‫المعاندين‪ ،‬والكفرة المعرضين عن دين الله‪ ،‬أولئك الذين جهلوا دين‬
‫الله بكسبهم وإعراضهم عنه‪ ،‬واسممتحبابهم الحيمماة الممدنيا وزخرفهمما‪..‬‬
‫فتراهم أعلم الناس في كل ما دق وجل من أمورها وقشورها‪ ،‬بينممما‬
‫ل يرفعون رأسا ً بتعلم أهم وأول ما افترض الله على ابن آدم تعلمه‪،‬‬
‫هذا مع توفر مظنة العلم‪ ،‬والكتمماب والسممنة بيممن أيممديهم ‪-‬كممما قلنمما‪-‬‬
‫فهم ممن قال الله تعالى عنهم ))يعلمون ظمماهرا ً مممن الحيمماة الممدنيا‬
‫وهم عن الخرة هم غافلون((‪.‬‬
‫‪ -‬الكراه‪ :‬يعتبر الكممراه مانعما ً مممن موانممع التكفيممر لكممون صمماحبه‬
‫مجبر على القول أو الفعل فاقد للختيممار‪ ،‬ويممدل عليممه قمموله تعممالى‪:‬‬
‫))من كفر بالله من بعد إيمانه إل من أكره وقلبه مطمئن باليمان((‪.‬‬
‫وقد ذكر العلماء شروطا ً لصحة تحقق مانع الكراه منها‪:‬‬
‫ره )بكسممر الممراء( قممادرا ً علممى إيقمماع ممما يهممدد‬
‫‪ -‬أن يكممون المكمم ِ‬
‫به‪،‬والمكَره عاجزا ً عن الدفع ولو بالفرار‪.‬‬
‫‪ -‬أن يغلب على ظن المكَره‪ ،‬انه إذا امتنع أوقع به ما يهدد به‪.‬‬
‫‪ -‬أن ل يظهر على المكَره ما يدل على تماديه‪ ،‬بأن يعمل أو يتكلممم‬
‫زيادة على ما يمكن أن يزول به عنه البلء‪.‬‬
‫‪ -‬واشترطوا فيما يهدد به في الكراه على كلمممة الكفممر‪ ،‬أن يكممون‬
‫مممما ل طاقممة للمممرء بممه‪ ،‬ومثلمموا باليلمممات الشممديدة وتقطيممع‬
‫العضاء‪ ،‬والتحريق بالنار والقتل وأمثممال ذلممك‪ ,‬وذلممك لن الممذي‬
‫نزلت بسببه آيات إعذار المكره وهو عمار‪ ،‬لممم يقممل ممما قممال إل‬
‫بعد أن قتممل والممديه وكسممرت ضمملوعه‪ ،‬وعممذب فممي اللممه عممذابا ً‬
‫شديدًا‪.‬‬
‫)‪(49‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسيأتي تفصيل أطول عممن مسممألة الكممراه فممي ثنايمما الممرد علممى‬
‫الشبهة الولى‪ .‬فهذه هي موانع التكفير التي ذكرها العلممماء رحمهممم‬
‫الله وعكسها هي الشروط‪.‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬ومن أوضح الدلة على هذا تكفير رسول الله صمملى‬
‫الله عليه وسلم الذي استحل فرج امرأة أبيممه فتزوجهمما بممأن خمممس‬
‫ماله ‪-‬وسيأتي‪ ،-‬وتكفير أبي بكر الصديق ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬والصممحابة‬
‫للممتنعيممن عممن دفممع الزكمماة وسممموهم مرتممدين‪ ،‬وتهديممد عمممر بممن‬
‫الخطاب الذين استحلوا شرب الخمر متممأولين بممأنهم إن لممم يرجعمموا‬
‫كفروا‪ ،‬وكان منهم قدامة بن مظغون البدري‪.‬‬
‫وقد سميت هذا الكتاب‪ " :‬البرهان المنير في دحض شبهات أهممل‬
‫التكفير والتفجير "‪.‬‬
‫أسأل الله أن يكفي المسلمين شر الفراط والتفريط فممي الممدين‬
‫وأن يحمينمما وإيمماهم مممن شممرور هممؤلء التكفيرييممن والمفجريممن إنممه‬
‫بالجابة جدير‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته[‪.‬‬
‫الشبهة الولى‪:‬‬
‫كفر الحكام لنهم ل يحكمون بما أنزل الله‬

‫قال المؤلف ]الجواب على هذه الشبهة بجوابين مجمل ومفصل‪.‬‬


‫أما الجواب المجمل‪ :‬أن التكفير بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله‬
‫من المسائل المختلف فيها‪ ،‬فقد ذهممب المامممان ابممن بمماز واللبمماني‬
‫‪-‬رحمهما الله‪ -‬إلى أنه كفر أصغر ل أكبر[‬
‫القول بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر مطلقا ً هكممذا قممول‬
‫ن الكلم المذكور بعده يخالفه فل يصممح مثممل هممذا‬ ‫باطل ل يصح ثم إ ّ‬
‫الطلق‪.‬‬
‫وسأورد كلم المؤلف كامل ً حول هذه المسألة ثم أرد عليه بشيء‬
‫من التفصيل‪.‬‬
‫]فنشرت جريدة الشممرق الوسممط فممي عممددها )‪ (6156‬بتاريممخ )‬
‫‪12/5/1416‬هم( لسماحة المفتي عبد العزيز بن باز مقال ً قال فيممه‪":‬‬
‫اطلعت على الجواب المفيد القيم الذي تفضل بممه صمماحب الفضمميلة‬
‫الشيخ محمد ناصر الدين اللباني ‪-‬وفقه اللمه‪ -‬المنشمور فمي جريمدة‬
‫الشرق الوسط وصممحيفة المسمملمون الممذي أجمماب بممه فضمميلته مممن‬

‫)‪(50‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل‪ ،‬فألفيتها‬
‫كلمة قيمة قد أصاب فيها الحق‪،‬وسلك فيها سبيل المؤمنين‪ ،‬وأوضح‬
‫‪ -‬وفقه الله‪ -‬أنه ل يجوز لحد من الناس أن يكفر من حكممم بغيممر ممما‬
‫أنزل الله بمجرد الفعل مممن دون أن يعلممم أنممه اسممتحل ذلممك بقلبممه‪،‬‬
‫واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس ‪-‬رضممي اللممه عنهممما ‪ -‬وغيممره‬
‫من سلف المة‪ .‬ول شك أن ما ذكره فممي جمموابه فممي تفسممير قمموله‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫ن{‪} ،‬وَ َ‬ ‫م ال ْك َممافُِرو َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬ ‫م بِ َ‬‫حك ُ ْ‬ ‫م يَ ْ‬‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫تعالى }وَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ممما‬ ‫م بِ َ‬‫حك ُم ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن{‪} ،‬وَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬‫م ال ّ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ه فَأول َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أن َْز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُ ْ‬‫م يَ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫ن{ هممو الصممواب‪ ،‬وقممد أوضممح ‪-‬وفقممه‬ ‫سُقو َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫أ َن َْز َ‬
‫الله ‪ -‬أن الكفر كفران أكبر وأصممغر‪،‬كممما أن الظلممم ظلمممان‪ ،‬وهكممذا‬
‫الفسق فسقان أكبر وأصغر‪ ،‬فمن استحل الحكم بغير ما أنممزل اللممه‬
‫أو الزنا أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقممد‬
‫كفر كفرا ً أكبر‪ ،‬ومن فعلها بممدون اسممتحلل كممان كفممره كفممرا ً أصممغر‬
‫وظلمه ظلما ً أصغر‪ ،‬وهكذا فسقه ا‪ .‬هم[‬
‫وهذا ما عليممه اللجنممة الدائمممة للبحمموث العلميممة والفتمماء برئاسممة‬
‫الشيخ ابن باز‪ ،‬فقد أجابت في فتوى رقم )‪ (5741‬على سممؤال‪،‬أورد‬
‫إليك نصه وجوابه‪:‬‬
‫س‪ :‬من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفرا ً أكممبر‬
‫وتقبل منه أعماله؟‬
‫ُ‬
‫ه َفممأول َئ ِ َ‬ ‫ممما أ َْنممَز َ‬
‫م‬ ‫همم ُ‬
‫ك ُ‬ ‫ل الّلمم ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫كمم ْ‬‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن َلمم ْ‬ ‫ممم ْ‬ ‫ج‪ :‬قممال تعممالى }وَ َ‬
‫ُ‬
‫ه فَ مأول َئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ك هُ م ُ‬ ‫ل الل ّم ُ‬ ‫ما أن َْز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ن{ وقال تعالى‪} :‬وَ َ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬ ‫ك هُ م ُ‬ ‫ه فَ مُأول َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّم ُ‬ ‫ممما أ َن ْمَز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُ ْ‬‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬‫ن{وقال تعالى }وَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬
‫ن{لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزا ً فهو كفر أكبر‪ ،‬وظلم‬ ‫سُقو َ‬ ‫ال َْفا ِ‬
‫أكبر‪ ،‬وفسممق أكممبر يخممرج مممن الملممة‪ ،‬أممما إن فعممل ذلممك مممن أجممل‬
‫الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك؛ فإنه آثممم يعتممبر كممافرا ً‬
‫كفرا ً أصغر‪ ،‬وفاسقا ً فسقا ً أصغر ل يخرج من المّلة؛كما أوضممح ذلممك‬
‫أهل العلم في تفسير اليات المذكورة‪.‬‬
‫وقال سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز ‪-‬رحمه الله‪ :-‬من حكم بغير ما‬
‫أنزل الله فل يخرج عن أربعة أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬من قال‪ :‬أنا أحكم بهذا ‪ -‬يعني القممانون الوضممعي ‪ -‬لنممه أفضممل‬
‫من الشريعة السلمية فهو كافر كفرا ً أكبر‪.‬‬

‫)‪(51‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -2‬ومن قال‪ :‬أنا أحكم بهذا؛ لنه مثل الشريعة السلمية‪ ،‬فممالحكم‬
‫بهذا جائز وبالشريعة جائز‪ ،‬فهو كافر كفرا ً أكبر‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن قال‪ :‬أنا أحكم بهذا‪ ،‬والحكم بالشممريعة السمملمية أفضممل‪،‬‬
‫لكن الحكم بغير ما أنزل الله جائز‪ ،‬فهو كافر كفرا ً أكبر‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن قال‪ :‬أنا أحكم بهذا‪ ،‬وهو يعتقممد أن الحكممم بغيممر ممما أنممزل‬
‫الله ل يجوز‪ ،‬ويقول‪ :‬الحكم بالشممريعة أفضممل‪ ،‬ول يجمموز الحكممم‬
‫بغيرها‪ ،‬ولكنه متساهل‪ ،‬أو يفعل هذا لمر صادر من حكمامه فهمو‬
‫كافر كفرا ً أصغر ل يخرج من الملة‪ ،‬ويعتبر مممن أكممبر الكبممائر‪ .‬ا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫هم‬
‫فإذا تقرر أنها مسألة اجتهادية فإن التكفير للعيممان ل يكممون فممي‬
‫المسائل المتنازع فيها بيممن أهممل السممنة أنفسممهم‪ ،‬وإن الخلف مممانع‬
‫من تكفير المعينين‪.‬‬
‫قال المام محمد بن عبممدالوهاب‪ :‬أركممان السمملم خمسممة‪ ،‬أولهمما‬
‫الشهادتان‪ ،‬ثم الركان الربعة‪ ،‬فالربعممة إذا أقممر بهمما وتركهمما تهاون مًا‪،‬‬
‫فنحن وإن قاتلناه على فعلها‪ ،‬فل نكفممره بتركهمما‪ ،‬والعلممماء‪ :‬اختلفمموا‬
‫في كفر التارك لها كسل ً من غير جحود‪ ،‬ول نكفر إل ممما أجمممع عليممه‬
‫‪2‬‬
‫العلماء كلهم‪ ،‬وهو الشهادتان ا‪ .‬هم‬
‫وقال النووي في كتابه "رياض الصالحين" في تفسير )بواحممًا( أي‬
‫ظاهرا ً ل يحتمل تأوي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ل يمنع التكفير؛ لن للمكفممر أن يأخممذ قممول‬ ‫وتنازعُ أهل العلم تأوي ٌ‬
‫العلماء الخرين بما أن الخلف سائغ بين أهل السنة وهممم مممن أهممل‬
‫السنة‪.‬‬
‫وقد نص ‪-‬أيضًا‪ -‬على أن التكفير ل يكون في المتنازع فيه الشمميخ‬
‫محمد بن صالح العثيمين في مواضع من اللقماء المفتموح‪ .‬بمل وقمال‬
‫‪-‬رحمه الله‪ -‬في " شرح القواعد المثلى"‪ :‬وكثير من النمماس‪ -‬اليمموم‪-‬‬
‫ممن ينتسبون إلممى الممدين وإلممى الغيممرة فممي ديممن اللممه ‪-‬عممز وجممل‪-‬‬
‫تجدهم يكّفرون ممن لمم يكّفمره اللمه ‪-‬عمز وجمل‪ -‬ورسموله‪ ،‬بمل‪-‬ممع‬
‫السممف‪ -‬إن بعممض النمماس صمماروا يناقشممون فممي ولة أمممورهم‪،‬‬
‫ويحاولون أن يطلقوا عليهم الكفر‪ ،‬لمجممرد أنهممم فعلمموا شمميئا يعتقممد‬
‫هؤلء أنه حرام‪ ،‬وقد يكون من المسممائل الخلفيممة‪ ،‬وقممد يكممون هممذا‬
‫قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلل ص ‪73 - 72‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدرر السنية )‪.(1/102‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(52‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحاكم معذورا ً بجهله‪ ،‬لن الحماكم يجالسمه صماحب الخيممر وصمماحب‬
‫الشر‪ ،‬ولكل حاكم بطانتان‪ ،‬إما بطانة خير‪ ،‬وإما بطانممة شممر‪ ،‬فبعممض‬
‫الحكام‪ -‬مثل‪ -‬يأتيه بعض أهل الخير ويقولون‪ :‬هذا حرام‪ ،‬ول يجوز أن‬
‫تفعله‪ ،‬ويأتيه آخرون‪ ،‬ويقولون‪ :‬هذا حلل ولممك أن تفعلممه! ولنضممرب‬
‫مثل في البنوك‪ ،‬الن نحن ل نشك بأن البنوك واقعة في الربمما الممذي‬
‫لعن النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬آكله‪ ،‬وموكله‪ ،‬وشمماهديه‪ ،‬وكمماتبه‪،‬‬
‫وأنه يجب إغلقها واستبدال هذه المعاملت بالمعاملت الحلل‪ ،‬حتى‬
‫ل‪ -‬ديننا ثم اقتصادنا‪ -‬ثانيمًا‪ ...-‬فالتعجيممل فممي تكفيمر الحكمام‬
‫يقوم‪ -‬أو ً‬
‫المسلمين في مثل هذه المممور خطممأ عظيممم‪ ،‬ول بممد أن نصممبر فقممد‬
‫يمكن أن يكون الحاكم معذورا!‬
‫فإذا قامت عليه الحجة وقال‪ :‬نعم هذا هو الشرع‪ ،‬وأن هممذا الربمما‬
‫حرام‪ ،‬لكن أرى أنه ل يصلح هذه المة فممي المموقت الحاضممر إل هممذا‬
‫الربا! حينئذ يكون كافرا ً لنه اعتقد أن دين الله في هذا المموقت غيممر‬
‫صالح للعصر‪ ،‬أما أن يشّبه عليه ويقال‪ -:‬هممذا حلل ‪ -‬يعنممى‪ :‬الفقهمماء‬
‫قالوا كذا! ولن الله قال‪ -‬كذا‪ !!-‬فهذا قممد يكممون معممذورًا‪ ،‬لن كممثيرا ً‬
‫من الحكام المسلمين الن يجهلون الحكام الشممرعية‪ -‬أو كممثيرا ً مممن‬
‫الحكممام الشممرعية ‪ -‬فأنمما ضممربت هممذا المثممل حممتى يتممبين أن المممر‬
‫خطير‪،‬وأن التكفير يجب أن يعرف النسان شروطه قبل كممل شمميء‬
‫ا‪ .‬هم‬
‫ومثله التفسيق ل يكون فيما تنازع فيممه علممماء السممنة‪ ،‬فمممن رأى‬
‫أن علة جريان الربا في الصناف الربعممة هممي الطعممم مممع الكيممل أو‬
‫الوزن‪ ،‬فليس له أن يفسق العامي المقلد لعالم معتبر يممرى أن علممة‬
‫الربا في الصناف الربعة هي الدخار زيادة على الطعم مع الكيل أو‬
‫الوزن إذا تبادل على وجه الزيادة فيما ليس مما يدخر‪.‬‬
‫ومما يؤكد هذا أن الحدود تدرأ بالشبهات‪ ،‬فالتكفير من باب أولممى‬
‫يدرأ عن المعين بشبهة الخلف‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫أما الجواب المفصل‪:‬‬
‫إن ترك الحكم بما أنمزل اللمه علمى شمناعته وسموئه ليمس كفمرا ً‬
‫أكبر‪ ،‬وإنما هو أصغر كما صرح بذلك سادات المة من علماء السممنة‬
‫‪ -‬كما سيأتي ‪ ،-‬وكونه أصغر ل أكبر ليس معناه التساهل به؛ لنممه لممو‬
‫لم يكن من قبحه إل وصف الشريعة له بأنه كفر لكفى‪ ،‬فإليك الدلة‬

‫)‪(53‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأقوال علماء المة ومنهم المامان عبدالعزيز ابن باز ومحمد ناصممر‬
‫الدين اللباني ‪ -‬رحمهما الله ‪ -‬في تقرير كونه كفرا ً أصغر ل أكبر‪.‬‬
‫ن الحكم بغير ما أنزل اللممه كفممرا ً مخرجما ً‬ ‫م ْ‬ ‫اتفق العلماء على أن ِ‬
‫من الملة كأن يكون جحودا ً أو استحلل ً ‪ -‬على ممما سمميأتي تفصمميله ‪-‬‬
‫ب أحمد َ ابنيمه ول يعمدل بينهمما فمإنه‬ ‫ومنه ما ليس كفرا ً كأن يظلم ال ُ‬
‫بهذا يكون قد حكم بينهما بغير ما أنزل الله إذ الحكم بين البناء مممن‬
‫جملة الحكم فإن كان عدل ً فهو بما أنممزل اللممه وإن كممان ظلم ما ً فهممو‬
‫بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫ض سممواًء كممان‬ ‫قال ابن تيمية‪" :‬وكل من حكم بين اثنيممن فهممو قمما ٍ‬
‫ب أو متولي ديوان أو منتصبا ً للحتساب بالمر بالمعروف‬ ‫صاحب حر ٍ‬
‫والنهي عن المنكر حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطمموط فممإن‬
‫‪1‬‬
‫دونه من الحكام … ا‪ .‬هم‬ ‫الصحابة كانوا يع ّ‬
‫ة كُثر الكلم فيهمما‬ ‫ت‪ ،‬لكن هناك حال ٌ‬ ‫والحكم بغير ما أنزل الله حال ٌ‬
‫وهي إذا حكم الحمماكم بغيممر ممما أنممزل اللممه همموىً وشممهوةً بممأن يضممع‬
‫قوانين من نفسه أو يتبنى قوانين ُوضعت َقبله وهو مممع هممذه الحالممة‬
‫ل هذا ُيعد كفرا ً مخرجا ً من المّلة‬ ‫ف بالعصيان والخطيئة فهل مث ُ‬ ‫معتر ٌ‬
‫أم ل؟‬
‫وقبل ذكر أدلة كل طائفة أحّرر محل النزاع وهو يتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫م الله سبحانه وتعالى ومعنى الجحود أنممه‬ ‫م حك َ‬ ‫‪ -1‬أن يجحد الحاك ُ‬
‫ذب وينكر أن هذا حكم الله عز وجل وهذا كفٌر بالتفاق قال تعالى‬ ‫يك ّ‬
‫م ظ ُْلمما ً وَعُل ُموًّا…{ وقممال سممبحانه‬ ‫َ‬
‫س مه ُ ْ‬ ‫سمت َي َْقن َت َْها أن ُْف ُ‬
‫دوا ب ِهَمما َوا ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫}وَ َ‬
‫ن…{ وكفمُر‬ ‫دو َ‬
‫حم ُ‬
‫ج َ‬‫ت الل ّمهِ ي َ ْ‬
‫ن ِبآي َمما ِ‬‫مي َ‬ ‫ن الظ ّممال ِ ِ‬ ‫ك وَل َك ِ ّ‬ ‫م ل ي ُك َذ ُّبون َ َ‬ ‫}فَإ ِن ّهُ ْ‬
‫م وكفٌر مقي ّد ٌ خاص‪ .‬والخمماص المقي ّممد‪:‬‬ ‫الجحود نوعان‪ :‬كفٌر مطلقٌ عا ّ‬
‫أن يجحد فرضا ً من فروض السلم أو تحريم محرم من محرماته …‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ .‬هم‬
‫والفرق بين التكذيب والجحود من وجهين‪:‬‬
‫أ‪ /‬أن كفر الجحود تكذيب اللسان مع علم القلب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ب ‪ /‬أن كفر الجحود مصحوب بالعناد‪.‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪.(18/170‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫أفاده ابن القيم في المدارج )‪.(1/367‬‬
‫‪3‬‬
‫راجع المدارج )‪ (1/366‬ونوا قض اليمان العتقادية )‪.(2/60‬‬

‫)‪(54‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وز الحاكم الحكم بغير ممما أنممزل اللممه سممبحانه وتعممالى‪-:‬‬ ‫‪ -2‬أن يج ّ‬
‫وهذا هو الستحلل وهو كفٌر بالتفاق‪ ،‬قال ابن تيمية‪ :‬والنسان مممتى‬
‫حّلل الحممرام ‪ -‬المجممع عليمه أو حمّرم الحلل المجمممع عليممه أو بممدل‬
‫الشرع المجمع عليه كان كافرا ً مرتدا ً باتفاق الفقهاء وفي مثممل هممذا‬
‫ل الل ّم ُ‬
‫ه‬ ‫ممما أ َن ْمَز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُم ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن ل َم ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫نزل قوله تعالى على أحد القولين }وَ َ‬
‫ل للحكم بغير ما أنزل اللممه‪ .‬ا‪.‬‬ ‫ن{ أي هو المستح ّ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫فَُأول َئ ِ َ‬
‫‪1‬‬
‫هم‬
‫وقال‪ :‬وبيان هممذا أن مممن فعممل المحممارم مسممتحل ً لهمما فهممو كمافٌر‬
‫ل محارمه ‪-‬ا‪.‬هم‪.2‬‬ ‫ن استح ّ‬ ‫م ْ‬ ‫بالتفاق فإنه ما آمن بالقرآن َ‬
‫وقال‪ :‬ول ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله علممى‬
‫رسوله فهو كافٌر فمن استحل أن يحكم بين النمماس بممما يممراه عممدل ً‬
‫‪3‬‬
‫من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافٌر … ا‪ .‬هم‬
‫ومما يدل على أن الستحلل كفٌر أيضا ً ما يلي‪:‬‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ب ِمهِ ال ّم ِ‬ ‫ضم ّ‬ ‫سمميُء زِي َمماد َةٌ فِممي ال ْك ُْفمرِ ي ُ َ‬ ‫ممما الن ّ ِ‬ ‫أ‪ -‬قوله تعالى }إ ِن ّ َ‬
‫حّلوا‬ ‫ه فَي ُ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫عد ّةَ َ‬ ‫واط ُِئوا ِ‬ ‫عاما ً ل ِي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫عاما ً وَي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حّلون َ ُ‬ ‫ك ََفُروا ي ُ ِ‬
‫ه…{ قال ابن حزم‪ :‬وبحكم اللغة التي نزل بها القرآن أن‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ح أن‬ ‫الزيممادة فممي الشمميء ل تكممون البتممة إل منممه ل مممن غيممره فص م ّ‬
‫النسيء كفٌر وهو عمل من العمال وهو تحليل ما حممرم اللممه تعممالى‬
‫م بأن اللممه تعممالى حرمممه فهممو‬ ‫ل ما حرم الله تعالى وهو عال ٌ‬ ‫فمن أح ّ‬
‫سهِ … ا‪ .‬هم ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫كافٌر بذلك الفعل نف ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫جممادُِلوك ُ ْ‬ ‫م ل ِي ُ َ‬ ‫ن إ َِلى أوْل َِيائ ِهِ ْ‬ ‫حو َ‬ ‫ن ل َُيو ُ‬ ‫طي َ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب‪ -‬قوله تعالى }وَإ ِ ّ‬
‫وإ َ‬
‫ن{ قال الشيخ عبممد اللطيممف بممن عبممد‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫م إ ِن ّك ُ ْ‬
‫موهُ ْ‬ ‫ن أط َعْت ُ ُ‬ ‫َِ ْ‬
‫الرحمن بن حسن‪ :‬كيف حكم على أن من أطاع أولياء الشيطان في‬
‫ن المؤكدة … ا‪ .‬هم‪.5‬‬ ‫تحليل ما حرم الله أنه مشرك وأكمد ذلك بإ ّ‬
‫ْ‬ ‫ج‪ -‬قوله تعالى }أ َ‬
‫ن‬ ‫م ي َأذ َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫عوا ل َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ش‬‫ُ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫م لَ‬ ‫ْ‬
‫ه…{ قال ابن كثير‪ :‬إنهم ل يتبعون ما شرع الله لك من الممدين‬ ‫ب ِهِ الل ّ ُ‬
‫القويم‪ ،‬بل يتبعون ما شرع لهم شممياطينهم مممن الجممن والنممس مممن‬

‫مجموع الفتاوى )‪.(3/267‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصارم المسلول )‪.(2/971‬‬ ‫‪2‬‬

‫منهاج السنة )‪.(5/130‬‬ ‫‪3‬‬

‫صل )‪.(3/204‬‬‫ف َ‬
‫ال ِ‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫سره ابن كثير في تفسيره )‪.(3/329‬‬
‫الرسائل والمسائل النجدية )‪ .(3/46‬وبنحو هذا ف ّ‬

‫)‪(55‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تحريم ممما حرممموا عليهممم مممن البحيممرة والسممائبة والوصمميلة والحممام‬
‫وتحليل الميتة والممدم والقمممار…إلممى قمموله‪ :‬مممن التحليممل والتحريممم‬
‫‪1‬‬
‫والعبادات الباطلة والقوال الفاسدة ا‪ .‬هم‬
‫وقال ابن جرير‪ :‬يقممول تعممالى ذكممره أم لهممؤلء المشممركين بممالله‬
‫شركاء في شركهم وضللتهم شرعوا لهم من الدين ما لممم يممأذن بممه‬
‫‪2‬‬
‫ح الله لهممم ابتممداعه‪ .‬ا‪ .‬همم‬ ‫الدين ما لم ُيب ِ‬ ‫الله يقول ابتدعوا لهم من‬
‫ة من العلماء ‪3‬على ذكر الية مممن الدلممة علممى تحريممم‬ ‫لذا درج جماع ٌ‬
‫البدع ‪ -‬التي هي تشريع أمور جديدة يزعممم صمماحبها أنهمما مممن الممدين‬
‫لُيتعبد الله بها ‪ -‬ومن هذا يتبين خطممأ المسممتدلين باليممة علممى تكفيممر‬
‫من شرع أحكاما ً غير حكم الله ووجه خطأ استدللهم أن الية كفرت‬
‫مممن جمممع بيممن وصممف التشممريع والزعممم أنممه مممن الممدين وهممذا هممو‬
‫المسمى بالتبديل ‪ -‬كما سيأتي‪ -‬أما التشريع وحده دون زعم أنه من‬
‫ك الية كفره فتنبه‪.‬‬ ‫الدين فلم تح ِ‬
‫وي الحاكم حكم غير الله بحكم اللممه جممل جللممه‪ :‬وهممذا‬ ‫‪ -3‬أن يس ّ‬
‫َ‬
‫ل{وقممال‬ ‫ضرُِبوا ل ِل ّهِ اْل ْ‬
‫مث َمما َ‬ ‫ج من المّلة كما قال تعالى }َفل ت َ ْ‬ ‫كفٌر مخر ٌ‬
‫جعَل ُمموا‬ ‫مي ًّا{وقممال }َفل ت َ ْ‬ ‫سم ِ‬‫ه َ‬ ‫م ل َم ُ‬
‫ل ت َعْل َ ُ‬
‫يء {وقال }هَ ْ‬ ‫مث ْل ِهِ َ‬
‫ش ْ‬ ‫س كَ ِ‬‫}ل َي ْ َ‬
‫دادًا{‪.‬‬ ‫َ‬
‫ل ِل ّهِ أن ْ َ‬
‫ضل حكم غير الله على حكم الله سبحانه وتعالى‪ :‬وهممذا‬ ‫‪ -4‬أن يف ّ‬
‫ب لكتمماب‬ ‫ج من المّلة إذ هو أولى من الذي قبله فهممو تكممذي ٌ‬ ‫كفٌر مخر ٌ‬
‫كمما ً‬ ‫الله سبحانه وتعالى قال الله تعممالى }ومم َ‬
‫ن الل ّمهِ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫مم َ‬‫ن ِ‬
‫سم ُ‬ ‫ح َ‬‫نأ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫ل َِقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬
‫‪ -5‬أن يحكم بغير ما أنزل الله على أنه حكم لله‪ ،‬وهذا كفممر أكممبر‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ممما ل َم ْ‬
‫ن َ‬ ‫دي ِ‬
‫ن الم ّ‬ ‫مم َ‬‫م ِ‬ ‫عوا ل َهُم ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫كاُء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ل َهُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫بالجماع قال تعالى }أ ْ‬
‫ْ‬
‫ه{ فجمعوا بين التشريع وزعمه مممن الممدين فهممذا يسمممى‬ ‫ن ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫ي َأذ َ ْ‬
‫تبدي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وبعد تحرير ما أظّنه مورد النمزاع انتقل إلى ممما كث ُممر فيممه الخلف‬
‫وهو إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله هوىً وشهوةً بأن يضع قوانين‬
‫مممن نفسممه أو يتبن ّممى قمموانين وضممعت قبلممه مممع اعممترافه بالعصمميان‬
‫ومخالفة أمر الرحمن سبحانه فهممل مثممل هممذا الحمماكم يصممير كممافرا ً‬

‫التفسير )‪.(7/198‬‬ ‫‪1‬‬

‫التفسير )‪.(25/14‬‬ ‫‪2‬‬

‫كما فعله ابن تيمية في مواضع منها في أوائل كتاب الستقامة )‪ (1/5‬والقتضاء )‪.(2/582‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(56‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مرتممدا ً عممن الممدين؟ سممأورد المسممألة علممى وجممه المنمماظرة ليسممهل‬
‫تصورها مممن حيممث الممدليل ومممن ل يكفممر فممي هممذه المسممألة أصممفه‬
‫سق( ومن يكّفر أصفه )بالمكّفر(‪.‬‬ ‫)بالمف ّ‬
‫سق‪ :‬إن الصل في المعاصممي والممذنوب عممدم الكفممر إل‬ ‫قال المف ّ‬
‫بدليل شرعي خاص‪ ،‬فإن ذكرت دليل ً يدل على التكفير ولم أسممتطع‬
‫الجابة عليه‪ ،‬فليس لي إل المصممير إلممى قولممك ويكفيممك فممي إثبممات‬
‫ح مممن جهممة الثبمموت والدللممة‪ ،‬وإن لممم تصممح‬ ‫ل واحمد ٌ صممحي ٌ‬ ‫الكفر دلي ٌ‬
‫أدلتك إما من جهة الثبوت أو من جهة الدللممة‪ ،‬فممإنه يلزمممك الرجمموع‬
‫ب خطيممر؛‬ ‫إلى الصل وهو عدم التكفير مع اتفاقنا أنممه واق معٌ فممي ذن م ٍ‬
‫حسب هذا الذنب خطورة تسمية الشريعة صاحبه كافرا ً تنازع الناس‬
‫في إخراجه من الملة‪.‬‬
‫ة مممن الكتمماب والسممنة‬ ‫ة كممثيرة متنوع م ٌ‬ ‫قممال المكّفممر‪ :‬عنممدي أدل م ٌ‬
‫ة على أن الكفر أكبر ولكن لتكممن طريقتنمما فممي‬ ‫والجماع والعقل دال ٌ‬
‫ل واحممدٍ‬ ‫ت بصحة دللة دلي ٍ‬ ‫ل وحده‪ ،‬فإن سّلم َ‬ ‫ل دلي ٍ‬‫المباحثة دراسة ك ّ‬
‫من حيث الثبوت والدللة فليتوقف البحث لن المقصممود قممد حصممل‪.‬‬
‫ت أن دليل ً واحدا ً يكفي لثبات ما أريد‪.‬‬ ‫وقد ذكر َ‬
‫سق‪ :‬هات الدلة مستعينا ً بالله‪.‬‬ ‫قال المف ّ‬
‫ل‬‫ممما أ َن ْمَز َ‬ ‫حك ُم ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قال المكّفر‪ :‬الدليل الول قوله تعالى }وَ َ‬
‫ن{‬‫كافُِرو َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫الل ّ ُ‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن الله حكم على الذي لم يحكم بما أنزل اللممه بممأنه‬
‫الكافر فرّتب وصفه بالكافر على مجرد‬
‫ل على أن عّلة هممذا‬ ‫الحكم بغير ما أنزل الله دون نظرٍ لعتقاد فد ّ‬
‫ح لك أن تحمل وصف‬ ‫الحكم كونه لم يحكم بما أنزل فحسب ول يص ّ‬
‫الكافر هنا على الكفر الصغر لن الحافظ المام ابن تيمية حكى بعد‬
‫الستقراء لنصوص الشممريعة أن الكفممر المعمّرف ل ينصممرف إل إلممى‬
‫الكبر‪ ،1‬ثم ذكر هو وغيره أن الصممل فممي الكفممر إذا أطلممق انصممرف‬
‫إلممى الكممبر إل بممدليل إذ الصممل فممي اللفممظ إذا ُأطلممق فممي الكتمماب‬
‫والسنة انصرف إلى مسماه المطلق وحقيقته المطلقة وكماله ‪.2‬‬
‫سق‪ :‬لقد ذكرت في ثنايا كلمك حججا ً ثلثًا‪:‬‬ ‫قال المف ّ‬
‫انظر القتضاء )‪ (1/211‬وشرح العمدة قسم الصلة )‪.(82‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر مجموع الفتاوى )‪ (7/668‬والرسائل والمسائل النجديممة )‪ (3/7‬وشممرح العمممدة قسممم الصمملة‬ ‫‪2‬‬

‫لبن تيمية ص ‪.82‬‬

‫)‪(57‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أن الشارع عّلق الحكم بمجرد التحكيم دون النظر للعتقاد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن اللفظ إذا ُأطلق في الشريعة انصرف إلى كماله إل بدليل‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ابن تيمية استقرأ لفظ الكفر في الشريعة وتبين له أنهمما ل‬
‫تنصرف إل إلى الكبر دون الصغر‪.‬‬
‫والجواب على الحجة الولى يكون بما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ل أخالفك أن الشارع عّلق الحكم بوصف)الكممافر( علممى مجممرد‬
‫التحكيم بغير ما أنزل الله لكنني أقول بأن الكفممر هنمما أصمغر ل أكممبر‬
‫للدلة التالية‪:‬‬
‫ة‬
‫‪ -1‬أن الخذ بعموم الية يلزم منه تكفير المسلمين في أي حادث م ٍ‬
‫لم يعدلوا فيها بين اثنين حتى الب مع أبنائه بل والرجممل فممي نفسممه‬
‫إذا عصى ربه؛ لن واقعه أنه لما عصى ربه لم يحكم بممما أنممزل اللممه‬
‫‪2‬‬
‫ة تشمل كممل عممالم‬ ‫ن( عام ٌ‬ ‫م ْ‬‫في نفسه ووجه هذا اللزم أن لفظة ) َ‬
‫‪1‬‬

‫ل‬‫)وما( عامة تشمل كل ما ليس بعالم ومن لم يعدل بيممن بنيممه داخ م ٌ‬
‫ة في عموم )ما(‪.‬‬ ‫في عموم )من( ومسألته التي لم يعدل فيها داخل ٌ‬
‫ص تكمون‬ ‫فالنصموص الدالمة علمى عمدم كفمر مثمل همذا وكمل عما ٍ‬
‫ة للية من الكبر إلى الصغر لجل هذا أجمع العلماء على عدم‬ ‫صارف ً‬
‫الخذ بعموم هذه اليممة‪ ،‬إذ الخمموارج هممم المتمسممكون بعمومهمما فممي‬
‫تكفير أهل المعاصي والذنوب ولم يلتفتوا إلى الصمموارف مممن الدلممة‬
‫الخرى‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬وقد ضّلت جماعة من أهل البدع مممن الخمموارج‬
‫والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب اللممه ليسممت علممى‬
‫م‬
‫ك هُ م ُ‬‫ه فَ مُأول َئ ِ َ‬
‫ل الل ّم ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ن لَ ْ‬
‫م ْ‬
‫ظاهرها مثل قوله تعالى }وَ َ‬
‫ن{‪ .‬اهم ‪.3‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬
‫وقال‪ :‬أجمع العلماء على أن الجور في الحكممم مممن الكبممائر لمممن‬

‫قال ابن حزم في الفصل )‪ :(234 /3‬فإن الله عز وجل قال‪ :‬ومن لم يحكم بما أنزل اللممه فممأولئك‬ ‫‪1‬‬

‫هم الكافرون‪ ،‬ومن لم يحكم بما أنز الله فأولئك هم الفاسقون‪ ،‬ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك‬
‫هم الظالمون‪ .‬فليلزم المعتزلة أن يصرحوا بكفر كل عاص وظالم وفاسق لن كل عامممل بالمعصممية‬
‫فلم يحكم بما أنزل الله ا‪.‬هم‬
‫ن( أطلقممت علممى‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫م‬‫)‬ ‫لن‬ ‫أدق‬ ‫مالم‬
‫م‬ ‫ع‬ ‫من‬
‫م‬ ‫لك‬ ‫مالم(‬
‫م‬ ‫)ع‬ ‫بدل‬ ‫)عاقل(‬ ‫بكلمة‬ ‫يعبر‬ ‫درج كثير من العلماء أن‬ ‫‪2‬‬

‫الله‪ ،‬فالله يوصف بالعلم ول يوصف بالعقل‪ .‬قال الخطممابي فممي كتمماب شممأن الممدعاء ص ‪:113‬وفممي‬
‫أسمائه العليم ومن صفته العلم‪ ،‬فل يجوز قياسا ً عليممه أن يسمممى عارفما ً لممما تقتضمميه المعرفممة مممن‬
‫تقديم السباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك ل يوصف بالعاقل‪ ..‬ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫التمهيد )‪.(17/16‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(58‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪1‬‬
‫مد ذلك عالما ً به…ا‪ .‬هم‬ ‫تع ّ‬
‫وقال محمد رشيد رضا‪ ":‬أما ظاهر الية لم يقل به أحد ٌ من أئمممة‬
‫الفقه المشهورين‪ .‬بل لم يقممل بممه أحمد ٌ قممط " ا‪ .‬همم‪ 2‬فلعل ّممه ل يممرى‬
‫الخوارج أيضاً متمسمكين بظماهر اليمة لكمونهم ل يكّفمرون بالصمغائر‬
‫وظاهر الية تشمل حتى الصغائر‪.‬‬
‫وقال الجري‪ :‬ومما يتبع الحروريممة مممن المتشممابه قممول اللممه عممز‬
‫ن{ ويقممرءون‬ ‫م ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ك هُ ُ‬‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ل الل ّ ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫وجل }وَ َ‬
‫ن{ فإذا رأوا المام الحاكم يحكم‬ ‫م ي َعْدُِلو َ‬
‫ن ك ََفُروا ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّ ِ‬‫معها }ث ُ ّ‬
‫بغير الحق قالوا‪ :‬قد كفر‪ ،‬ومن كفر عدل بربممه فقممد أشممرك‪ ،‬فهممؤلء‬
‫الئمة مشركون‪ ،‬فيخرجون فيفعلون ما رأيممت؛ لنهممم يتممأولون هممذه‬
‫الية ا‪ .‬هم‪.3‬‬
‫وقال الجصاص‪ ":‬وقد تأولت الخوارج هذه الية علممى تكفيممر مممن‬
‫‪4‬‬
‫ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود‪ .‬اهم‬
‫وقال أبو حيان‪ ":‬واحتجت الخوارج بهممذه اليممة علممى أن كممل مممن‬
‫عصى الله تعالى فهو كافٌر وقالوا هي نص في كل من حكم بغير ممما‬
‫‪5‬‬
‫أنزل الله فهو كافر ا‪ .‬هم‬
‫انظر ‪ -‬يا رعاك الله ‪ -‬تمموارد كلمممات علممماء المممة فممي ذم الخممذ‬
‫بعموم الية وأنه مذهب الخوارج‪ ،‬فكن حذرًا‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه ثبت عن ترجمان القرآن تفسير اليممة بممالكفر الصممغر دون‬
‫الكبر وليس لنا أن نخالفه‬
‫قال المكّفر‪ :‬ل أسّلم لك صحة الستدلل بأثر ابممن عبمماس ل مممن‬
‫حيث السند ول المتن‪.‬‬
‫سند فإن ما جاء عن ابن عباس صريحا ً فممي إرادة‬ ‫أما من حيث ال ّ‬
‫الكفر الصغر ل يثبت كقوله " كفٌر ل ينقل عن الملة " فإن هذا الثر‬
‫ل عممن‬ ‫رواه ابن نصر من طريق عبد الممرزاق عممن سممفيان عممن رج م ٍ‬
‫‪6‬‬

‫م فهممو مممن أنممواع‬ ‫مبه ٌ‬ ‫طاووس عن ابن عباس به‪ ،‬وفي إسناده رجل ُ‬
‫ج بهمما وكقمموله ‪ -‬رضممي اللممه‬ ‫ة ل ُيحت ُ‬ ‫المجهول ورواية المجهول ضعيف ٌ‬
‫التمهيد )‪.(75-5/74‬‬ ‫‪1‬‬

‫تفسير المنار )‪.(6/406‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشريعة ص ‪.27‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحكام القرآن )‪.(2/534‬‬ ‫‪4‬‬

‫البحر المحيط )‪.(3/493‬‬ ‫‪5‬‬

‫تعظيم قدر الصلة رقم )‪.(573‬‬ ‫‪6‬‬

‫)‪(59‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عنهما ‪"-‬ليس بالكفر الذي تذهبون إليممه " فقممد رواه ابممن نصممر‪ 1‬مممن‬
‫س به‬ ‫طريق ابن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عبا ٍ‬
‫وهشام بن حجيممر قمد ضمعفه يحيممى القطمان وابمن معيمن وغيرهمما‪.‬‬
‫فعلى هذا يكون الثر ضعيفا ً وكقوله ‪ -‬رضي الله عنهما ‪" -‬كفممٌر دون‬
‫ر" فقد أخرجه الحاكم من طريق ابن عيينة عن هشام بممن حجيممر‬ ‫كف ٍ‬
‫ف لضعف هشممام بممن‬ ‫عن طاووس عن ابن عباس به وهذا الثر ضعي ٌ‬
‫حجير‪.‬‬
‫وأما ما ثبت عن ابن عباس في تفسير الية كقوله " هي بممه كف مٌر‬
‫" كما رواه عبد الرزاق‪ 2‬عن معمر عن ابممن طمماووس عممن أبيممه عممن‬
‫ابن عباس به فليس صريحا ً في الصممغر‪ ،‬إذ قممد ُيحمممل علممى الكممبر‬
‫ومثل هذا ما أخرجه الطبري فممي تفسمميره مممن طريممق سممفيان عممن‬
‫معمر بن راشد عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قوله " هي‬
‫به كفٌر وليس كفرا ً بالله وملئكته وكتبه ورسله "‪.‬‬
‫م بمه ولمم‬ ‫سق‪ :‬ما ذكرته من البحث السمنادي أنما مسمل ّ ٌ‬ ‫قال المف ّ‬
‫يكن اعتمادي على هذه الثار الضعيفة في تثبيت هذا القول عن ابممن‬
‫معَتمدي ما يلي‪ :‬أن هذين الثرين الصممحيحين عممن ابممن‬ ‫عباس وإنما ُ‬
‫عبمماس محتملن للكفممر الصممغر أو الكممبر‪ ،‬فرجحممت احتمممال إرادة‬
‫الصغر لثلثة أمور‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن أصحاب ابن عباس كطاووس صّرحوا بأن المراد بالية كفر‬
‫ل ينقل عن الملممة بإسممناد صممحيح رواه ابممن نصممر‪ 3‬وابممن جريممر فممي‬
‫تفسيره‪ .‬فهذا يغّلب جانب احتمال إرادة الكفممر الصممغر فيصممير مممن‬
‫ف للستدلل فممإن أقمموال أصممحاب الرجممل‬ ‫باب الظن الغالب وهو كا ٍ‬
‫ل وُيضّعف قول الرجممل إذا كممان أصممحابه علممى‬ ‫ضح قوله بل قد ُيع ّ‬ ‫تو ّ‬
‫ل لبممن مسممعود‬ ‫خلف قوله كما فعل يحيى بن سعيد في تضعيف قو ٍ‬
‫لن أصحابه على خلفه‪.4‬‬
‫ب ‪ -‬أنني ل أعرف أحدا ً من العلماء الماضين جعل قول آخر لبممن‬
‫عباس بناًء على هذه الرواية وإنما من جعل منهم لبممن عبمماس قممول‬
‫آخر اعتمد على ما روي عنه مممن أنمه فسمر اليمة بمالجحود وإسممناده‬
‫وي عممدم إرادة ابممن عبمماس الكفممر الكممبر أن‬ ‫ف ثم أيضا ً مما يقم ّ‬ ‫ضعي ٌ‬
‫رقم )‪.(569‬‬ ‫‪1‬‬

‫التفسير )‪ (1/186‬رقم )‪.(713‬‬ ‫‪2‬‬

‫كتاب تعظيم قدر الصلة رقم )‪.(574‬‬ ‫‪3‬‬

‫انظر اليمان لبي عبيد القاسم بن سلم ص ‪.22‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(60‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فتنة الخوارج في زمممانه وكممانوا متمسممكين بهممذه اليممة فممي التكفيممر‬
‫ت فتفسير الية بممالكفر الكممبر ل فممائدة منممه‬ ‫وكانت له معهم مناظرا ٌ‬
‫هديت الّرشد‪.‬‬ ‫في الرد عليهم فتنبه ُ‬
‫ج‪ -‬أن الرواية الضممعيفة الممتي فيهمما التصممريح بممأنه كفممر دون كفممر‬
‫ليس ضعفها شديدًا‪ ،‬فإنه قد وثق بعض أهل العلم هشممام بممن حجيممر‬
‫فيعتضد بها في بيان معنى الثار الصحيحة وأن المراد بها كفر أصغر‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قال المكّفر‪ :‬لقممد أجبممت علممى الحجممة الولممى فممما جوابممك علممى‬
‫الحجة الثانية؟‬
‫سق‪ :‬إنك تجعل الصل فممي الكفممر أنممه للكممبر إل بممدليل‬ ‫قال المف ّ‬
‫ت لممك الممدليل الصممارف مممن الكممبر إلممى‬ ‫يصرفه عن ذلك‪ ،‬وقد ذكممر ُ‬
‫الصغر وهو فهم الصحابي أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وثانيا ً كل دليل يدل على عدم كفر من ظلم بين اثنين ولممم يعممدل‬
‫بل ومن ظلم مطلقا ً غيره وأيضا ً ما ذكر ابن عبممد الممبر مممن الجممماع‬
‫على أن الجور في الحكم ليس كفرا ً بل كبيرةً من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬ما جوابك على الحجة الثالثة؟‬
‫سق‪ :‬الجواب من وجهين‪:‬‬ ‫قال المف ّ‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في تعليقه على كلم الشيخ اللباني‪ :‬احتج اللباني بهممذا الثممر‬ ‫‪1‬‬

‫عن ابن عباس رضي الله عنهما وكذلك غيره من العلماء الذين تلقوه بالقبول لصممدق حقيقتممه علممى‬
‫كثير من النصوص‪ ،‬فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ":‬سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ومممع‬
‫َ‬
‫حوا‬ ‫ن اقْت َت َُلوا فَأ ْ‬
‫ص مل ِ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬
‫فَتا ِ‬ ‫ن َ‬
‫طائ ِ َ‬ ‫ذلك فإن قتاله ل يخرج النسان من الملة لقوله تعالى }وَإ ِ ْ‬
‫ة{ لكن لممما كممان هممذا ل يرضممي هممؤلء المفتممونين بممالتكفير‬ ‫خو َ ٌ‬
‫ن إِ ْ‬
‫مُنو َ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ما{ إلى أن قال}إ ِن ّ َ‬
‫ب َي ْن َهُ َ‬
‫صاروا يقولون‪ :‬هذا الثر غير مقبول‪ ،‬ول يصح عن ابن عباس‪ ،‬فيقال لهم‪ :‬كيف ل يصممح؟ وقممد تلقمماه‬
‫من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث وتقولون ل يقبل؟!‬
‫فيكفينا أن علماء كشيخ السلم ابن تيمية وابن القيم وغيرهما وغيرهما تلقوه بالقبول‪ ،‬ويتكلمون به‬
‫وينقلونه‪ ،‬فالثر صحيح‪ ،‬ثم هب أن المر كما قلتم أنه ل يصح عن ابن عبمماس فلممدينا نصمموص أخممرى‬
‫تدل على أن الكفر قد يطلق ول يراد به الكفر المخرج عن الملة كما في الية المذكورة‪ ،‬وكممما فممي‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪ ":‬اثنتان في الناس هما بهممم كفممر‪ :‬الطعممن فممي النسممب‪ ،‬والنياحممة علممى‬
‫الميت " وهذه ل تخرج عن الملة بل إشكال‪ ،‬لكن كما قممال الشمميخ اللبمماني ‪ -‬وفقممه اللممه ‪ -‬فممي أول‬
‫كلمه‪ :‬قلة البضاعة من العلم‪ ،‬وقلة فهم القواعد الشرعية العامة هي التي توجب هممذا الضمملل‪ ،‬ثممم‬
‫شيء آخر نضيفه إلى ذلك وهو سوء الرادة التي تسممتلزم سمموء الفهممم؛ لن النسممان إذا كممان يريممد‬
‫شيئا ً لزم من ذلك أن ينتقل فهمه إلى ما يريده ثم يحرف النصوص علممى ذلممك‪ ،‬وكممان مممن القواعممد‬
‫المعروفة عند العلماء أنهممم يقولممون‪ :‬اسممتدل ثممم اعتقممد‪ ،‬ول تعتقممد ثممم تسممتدل فتضممل‪ ،‬فممالمهم أن‬
‫السباب ثلثة‪:‬‬
‫الولى‪ :‬قلة البضاعة من العلم الشرعي‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قلة الفقه في القواعد الشرعية العامة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬سوء الفهم المبني على سوء الرادة ا‪ .‬هم انظر تعليق الشيخ ابن عممثيمين فممي كتمماب "‬
‫فتنة التكفير للشيخ اللباني " ص ‪.25 - 24‬‬

‫)‪(61‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أ ‪ -‬أن استقراء ابن تيمية كان علممى لفظممة )الكفممر( وهممي مصممدٌر‬
‫والذي ورد في الية ليس مصدرا ً وإنما اسمم فاعمل وفمرق بينهمما إذ‬
‫المصدر يدل على الحدث وحممده أممما اسممم الفاعممل فهممو يممدل علممى‬
‫الحدث والفاعل أفاده بمعناه العّلمة محمد بن صالح العثيمين ‪.1‬‬
‫ومممما يممدل علممى أن اسممتقراءه راجممع إلممى المصممدر دون اسممم‬
‫الفاعل أنه هو نفسه جعل الية من الكفر الصغر قممال ‪ -‬رحمممه اللممه‬
‫‪ ":-‬وإذا كان من قول السلف‪:‬إن النسان يكممون فيممه إيمممان ونفمماق‪،‬‬
‫فكذلك في قولهم‪ :‬إنه يكون فيه إيمان وكفر‪ ،‬ليس هو الكفممر الممذي‬
‫ن‬‫مم ْ‬‫ينقل عن المّلة‪ ،‬كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعممالى}وَ َ‬
‫ن{ قممالوا‪ :‬كفممروا كفممرا ً ل‬ ‫م ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬
‫ينقل عن الملة‪ ،‬وقد أتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة‬
‫السنة ا‪ .‬هم‪.2‬‬
‫ب ‪ -‬علممى فممرض أن اسممتقراء ابممن تيميممة يشمممل اسممم الفاعممل‬
‫سيقال إن استقراء ابن تيمية قاصر نمماقص ليممس تام ما ً لكممون هممذه‬ ‫ف ُ‬
‫ة وأريد َ بها الكفر الصغر دون الكبر لما سممبق مممن‬ ‫الية جاءت معّرف ً‬
‫الدلة‪.‬‬
‫ة علممى‬ ‫وبعد الجابة على حججممك الثلث وإثبممات أن اليممة محمول م ٌ‬
‫الكفر الصغر ألفت نظرك ‪ -‬يا صاحبي ‪ -‬إلممى أن اليممة قممد ي ُممراد بهمما‬
‫الكفر الكبر وذلك في حق من بدل حكممم اللممه بحكممم غيممره وبعممض‬
‫الناس ل يعرف معنى كلمة بدل فيظنها تشمممل كممل مممن حكممم بغيممر‬
‫دل في كلم أهل العلم هو أن يضع حكما ً غير حكم‬ ‫حكم الله وكلمة ب ّ‬
‫الله زاعما ً انه حكم الله أما من وضع حكما ً غير حكم الله ولم يزعممم‬
‫أنه حكم الله فليس مبد ً‬
‫ل‪.‬‬
‫قال ابن العربي‪ ":‬وهذا يختلف‪ :‬إن حكم بما عنممده علممى أنمه مممن‬
‫‪3‬‬
‫عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر … ا‪ .‬هم‬
‫وبمثله قال القرطبي ‪ 4‬وإليه أشار المام ابن تيمية فقممال‪ :‬ولفممظ‬

‫قال‪ :‬وأما القول الصحيح عن شيخ السلم فهو تفريقه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بيممن الكفممر المعرفممة ب )ال(‬ ‫‪1‬‬

‫وبين " كفر " منكرًا‪ ،‬فأما الوصف فيصلح أن نقول فيه " هؤلء كافرون " أو هؤلء الكافرون "‪ ،‬بنمماء‬
‫على ما اتصفوا به من الكفر الذي ل يخرج مممن الملممة‪ ،‬ففممرق بيممن أن يوصممف الفعممل‪ ،‬وأن يوصممف‬
‫الفاعل ا‪ .‬هم )فتاوى الئمة في النوازل المدلهمة ص ‪.227‬‬
‫مجموع الفتاوى )‪ (7/312‬وانظر فتح الباري لبن رجب )‪(126 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحكام القرآن )‪.(2/624‬‬ ‫‪3‬‬

‫التفسير )‪.(6/191‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(62‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشرع يقال في عرف الناس على ثلثة معممان‪ " :‬الشممرع المنممزل "‬
‫وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬وهممذا يجممب اتبمماعه‪،‬‬
‫ومممن خممالفه وجبممت عقمموبته‪ .‬والثمماني " الشممرع المممؤول" وهممو آراء‬
‫العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه‪ .‬فهذا يسوغ اتبمماعه ول‬
‫يجب ول يحرم‪ ،‬وليس لحد أن يلزم عموم الناس به‪ ،‬ول يمنع عموم‬
‫النمماس منممه‪ .‬والثممالث " الشممرع المبممدل " وهممو الكممذب علممى اللممه‬
‫ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها‪ ،‬والظلم الممبين فمممن‬
‫قال إن هذا من شرع الله فقممد كفممر بل نممزاع‪ .‬كمممن قممال‪ :‬إن الممدم‬
‫‪1‬‬
‫والميتة حلل ‪-‬ولو قال هذا مذهبي‪ -‬ونحو ذلك ا‪ .‬هم‬
‫فلحظ أنه جعل الشرع المبدل الكذب علممى اللمه بزعممم أنمه مممن‬
‫شرع الله ل تغيير الحكم مطلقًا‪.‬‬
‫وما رواه مسلم سببا ً لنزول هذه الية من حديث البراء بن عازب‬
‫ل إذ زعم اليهود أنهم يجدون حد الزنى فممي كتممابهم التحميممم‬ ‫هو تبدي ٌ‬
‫والواقع أن حد الزنى في كتابهم الرجم لكنهممم غيممروه إلممى التحميممم‬
‫مممدعين أن التحميممم حكممم اللممه المنممزل فاليممة إممما أن تحمممل علممى‬
‫الصغر كما سبق أو على الكبر في حق المبدل‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪ ":‬والنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم‬
‫دل الشرع المجمع عليه كان كممافرا ً مرتممدا ً‬ ‫الحلل المجمع عليه‪ ،‬أو ب ّ‬
‫م‬‫ن ل َم ْ‬
‫م ْ‬
‫باتفاق الفقهاء‪ ،‬وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين }وَ َ‬
‫ن{ أي هو المسممتحل للحكممم‬ ‫م ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫بغير ما أنزل الله ا‪ .‬هم ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫فائدة‪ /‬كثيرا ً ما يذكر أهل العلم في كلمهم ل سيما المممام أحمممد‬


‫بن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬أن من لم يلتزم هذا فهو كافر‪ .‬فظن بعضهم‬
‫أنه يريد المداومة على ترك الواجب أو المداومة على فعل الحممرام‪،‬‬
‫ويسمون هذا غير ملتزم‪ ،‬وهذا الظن خاطئ‪ ،‬وخطمموة مممن خطمموات‬
‫الشيطان ليجعلهم على فكر الخوارج في مرتكب الكممبيرة‪ ،‬ورد هممذا‬
‫الظن من أوجه‪:‬‬
‫‪ /1‬بيان معنى )عدم اللتزام( من كلم أهل العلم ل سمميما المممام‬
‫أحمد بن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ ،-‬وأنممه ل يممرادف الممترك المسممتمر كممما‬
‫يتصمموره بعضممهم قممال ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ :-‬وتكفيممر تممارك الصمملة هممو‬
‫)‪(3/268‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪ (267 /3‬وانظر )‪.(71-7/70‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(63‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتممابعين‪ .‬ومممورد‬
‫‪1‬‬
‫النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها ا‪ .‬هم‬
‫لحظ قوله " التزم فعلها ولم يفعلها " يفيد أن معنى اللتزام غير‬
‫معنى المداومة على الفعممل فقممد يكممون الرجممل ملتزمما ً لهمما لكنممه ل‬
‫يفعلها‪ ،‬فاللتزام الذي ينبني علممى تركممه الكفممر أمممر عقممدي قلممبي ل‬
‫فعلي؛ لذا لما أراد ابن تيميه التعبير بمماللتزام الفعلممي قيممده بوصممف‬
‫)الفعلي( ثم لم يجعله مكفرا ً لذاته بل لمر آخممر عقممدي فقممال ‪-‬بعممد‬
‫النقل المتقدم‪ :-‬أن ل يجحد وجوبها‪ ،‬لكنممه ممتنممع مممن الممتزام فعلهمما‬
‫كبرا ً أو حسدا ً أو بغضا ً للممه ورسمموله‪ ،‬فيقممول‪ :‬اعلممم أن اللممه أوجبهمما‬
‫على المسلمين‪ ،‬والرسول صادق في تبليغ القرآن‪ ،‬ولكنه ممتنع عن‬
‫التزام الفعل استكبارا ً أو حسدا ً للرسول‪ ،‬أو عصبية لممدينه‪ ،‬أو بغضمما ً‬
‫لما جاء به الرسول‪ ،‬فهذا أيضا ً كفر بالتفماق‪ ،‬فممإن إبليمس لممما تمرك‬
‫السجود المأمور به لم يكن جاحدا ً لليجاب‪ ،‬فإن اللممه تعممالى باشممره‬
‫بالخطاب‪ ،‬وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين ا‪ .‬هم‬
‫فلحظ أنه لم يجعل ترك اللتزام الفعلممي مكفممرا ً لممذاته‪ ،‬بممل لممما‬
‫احتف به اعتقاد كفري‪ ،‬وهو الكبر والحسد أو بغض الله ورسوله‪.‬‬
‫فبهذا يتبين بجلء أن ترك اللتزام ليس تركا ً للفعل ولو على وجه‬
‫الصرار بل ترك للعتقاد‪ ،‬فإن قيل‪ :‬ما معنى )عدم اللتزام(؟‬
‫فيقال‪ :‬معناه ترك المأمور لدافع عقدي كفري كالباء والسممتكبار‬
‫وهكذا‪ ...‬مع اعتقاد وجوبه على نفسه وعلى المسلمين كما في كلم‬
‫ابن تيمية المتقدم ‪ -‬قريبا ً ‪ :-‬لكنممه ممتنممع مممن الممتزام فعلهمما كممبرا ً أو‬
‫حسدا ً أو بغضا ً لله ورسوله‪ .‬ثم ذكر إبليس مثممال ً لغيممر الملممتزم وهممو‬
‫ً‪2‬‬
‫موجب طاعة الله على نفسه لكنه ترك إباء واستكبارا‬
‫الفتاوى )‪.(20/97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫إذا عرفت معنى اللتزام بما تقدم بيانه عرفت معنى كلم المام سممفيان بممن عيينممة فقممد روى عبممد‬
‫الله بن أحمد رحمه الله في كتابه السنة )‪ (384‬قال‪ :‬حدثنا سويد بن سعيد قممال سممألن سممفيان بممن‬
‫عيينة عن الرجاء فقال‪ :‬يقولون اليمان قول‪ ،‬ونحممن نقممول اليمممان قممول وعمممل والمممرجئة أوجبمموا‬
‫الجنة لمن شهد أن ل إله إل الله مصرا ً بقلبه على ترك الفرائض وسموا ترك الفممرائض ذنب ما ً بمنزلممة‬
‫ركوب المحارب وليس بسواء لن ركوب المحارم من غير استحلل معصية وترك الفممرائض متعمممدا ً‬
‫من غير جهل ول عذر هو كفر‪ ،‬وبيان ذلك في أمر آدم صلوات الله عليه وإبليس وعلممماء اليهممود أممما‬
‫آدم فنهاه الله عز وجل عن أكل الشجرة وحرمها عليه فأكل منها متعمدا ً ليكون ملك ما ً أو يكممون مممن‬
‫الخالدين فسمي عاصيا ً من غير كفر وأما إبليس لعنه الله فإنه فرض عليممه سممجدة واحممدة فجحممدها‬
‫متعمدا ً فسمي كافرا ً‬
‫وأما علماء اليهود فعرفوا نعت النبي صلى الله عليه وسلم وأنممه نممبي رسممول كممما يعرفممون أبنمماءهم‬
‫وأقروا به باللسان ولم يتبعوا شريعته فسماهم الله عز وجل كفارًا‪.‬‬

‫)‪(64‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ /2‬يلزم على قولهم أن من المكفرات عنمد أهمل السمنة الصمرار‬
‫على المعصية تركا ً لواجب أو فعل ً لمحرم فأين هو من كلمهممم؟ بممل‬
‫إن كلمهم المسطور في كتممب المعتقمد أنمه ل يكفمر أحممد ممن أهمل‬
‫القبلة بذنب ممما لممم يسممتحله ‪ ،1‬وذلممك رد علممى الخمموارج المكفريممن‬
‫بارتكاب الكبائر‪.‬‬
‫‪ /3‬يلزم على قولهم أن المصر علممى المعصممية بفعممل المحممرم أو‬
‫ترك الواجب كافر‪ .‬وهذا مخالف لما ثبت عن ابن عباس أنه قممال‪ :‬ل‬
‫صغيرة مع الصرار ول كبيرة مع السممتغفار‪ .‬أخرجممه ابممن أبممي حمماتم‬
‫وابن جرير في تفسيرهما لسممورة النسمماء‪ .‬ويممدخل فممي كلمممه تممرك‬
‫المأمور وفعل المحضور‬
‫‪ /4‬أنه ل دليل من الكتاب والسنة علممى التكفيممر بمجممرد الصممرار‬
‫على الذنب‪ ،‬والتكفير حممق للممه ورسمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم ل‬
‫مدخل للعواطف ول للحماسات فيه‪ ،‬بل النصمموص دلممت علممى عممدم‬
‫تكفير المصر كحديث صاحب البطاقة وغيره‪.‬‬
‫لذا المرجو التنبه لخطوة الشيطان هذه وأل ينساق وراءها‪.‬‬
‫قال المكفر‪ :‬إن هناك أثرا ً ثابتا ً عن علقمة ومسروق أنهممما سممأل‬
‫عبدالله بممن مسمعود ‪ -‬رضمي اللمه عنممه ‪ -‬عممن الرشمموة‪ ،‬فقمال‪ :‬ممن‬
‫السحت‪ .‬قال‪ :‬فقال‪ :‬أفي الحكم؟ قال‪ :‬ذاك الكفر‪ .‬ثم تل هممذه اليممة‬
‫ن{ أخرجه الطبري‬ ‫م ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫}وَ َ‬
‫في تفسيره‪ .‬فهذا يفيد التكفير بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫قال المفسق‪ :‬إنك لو تأملت أثر ابن مسعود ولو قليل ً لعلمت أنممه‬
‫ل يدل على ما تريد ول ممسك لك به‪ ،‬وذلك لوجهين‪:‬‬
‫أن الخذ بظاهره على ما تظممن يقتضممي الكفممر الكممبر لمممن أخممذ‬
‫الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة‪ .‬وهذا الظمماهر ل‬
‫فركوب المحارم مثل ذنب آدم عليه السلم وغيره من النبياء وأما ترك الفممرائض جحممودا ً فهممو كفممر‬
‫مثل كفر إبليس لعنه الله وتركها على معرفة من غير جحود فهو كفر مثل كفر علماء اليهود‪.‬‬
‫‪1‬فمعنى الجحود في كلمه هو عدم اللتزام وهو ترك المأمور لدافع كفري كالباء والسممتكبار ويؤكممد‬
‫ذلك أنه هو كفر إبليس كما أخبرنا الله في كتابه واستعمال الجحود عند العلماء بهذا المعنى معروف‬
‫قال ابن تيمية)‪ :(20/98‬ومن اطلق من الفقهاء أنه ل يكفر إل من يجحد وجوبها فيكون الجحممد‬
‫عنده متناول للتكذيب باليجاب ومتناول للمتناع عن القرار واللتزام كما قال تعالى‬
‫)فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحههدون( وقههال تعههالى )وجحههدوا بههها‬
‫واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين( وال فمههتى لههم‬
‫يقر ويلتزم فعلها قتل وكفر بالتفاق ا‪ .‬هه وأثر المام سفيان وإن كان في إسههناده‬
‫ضعف إل أن معناه صحيح قطعا ً وإل لما نقله أئمة السنة في كتب العتقاد مههن غيههر‬
‫نكير‬

‫)‪(65‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تقول به‪ ،‬وقطعا ً غيممر مممراد للجماعممات الممتي سممبق نقلهمما عممن ابممن‬
‫عبدالبر وغيره من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم‪.‬‬
‫أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد‪ :‬الكبر أو الصغر‪ .‬أما أثر‬
‫ابممن عبمماس فصممريح فممي إرادة الصممغر دون الكممبر فل يصممح جعممل‬
‫الخلف بين الصحابة بما هو مظنون‪ ،‬فإن الصل عدم خلفهم لقلتممه‬
‫بينهم‪.‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬إّنمك ‪ -‬يما أخمي ‪ -‬أوردت كلم العلمماء ممن الصمحابة‬
‫ن هذا كفممر أصممغر وهممؤلء العلممماء يتكلمممون فممي‬ ‫ومن بعدهم على أ ّ‬
‫واقع غير واقعنا إذ تنحية شرع الله كلية لم يوجد إل مؤخرا ً فل يصممح‬
‫تنزيل كلمهم على واقعنا فتنبه‪.‬‬
‫قال المفسق‪ :‬إذا كنت ‪ -‬يا أخي ‪ -‬ل تممرى السممتدلل باليممة وكلم‬
‫السمملف علممى مسممألتنا المطروحممة لكونهمما حادثممة‪ ،‬فكممذلك ل يصممح‬
‫م ال ْك َممافُِرون{‬
‫هم ُ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫م ْ‬‫تمسكك بالية }وَ َ‬
‫دليل ً على تكفير من وقع في هذه الزمان المتأخرة من الحكمم بغيمر‬
‫ما أنزل الله بجعل قانون وضعي وهممو الممذي نبحثممه فكممن يقظمًا‪ ،‬لن‬
‫هذه الية بفهم الصحابة والتابعين حتى على قولك محمولة على من‬
‫خالف في بعض الوقائع فهي ل تخرج عن الكفر الصغر‪.‬‬
‫كل‬ ‫ن وهممو قمموله تعممالى }َفل وََرب ّم َ‬ ‫قممال المكّفممر‪ :‬عنممدي دليممل ثمما ٍ‬
‫م…{‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬‫ش َ‬‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫حّتى ي ُ َ‬
‫ن َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬
‫وجه الدللممة ‪ /‬أن الصممل فممي النفممي هنمما أن ينصممرف إلممى أصممل‬
‫اليمان فمن ثم يكون الحاكم بغير ما أنزل الله بمجرد تحكيمه كافرا ً‬
‫كفرا ً أكبر لن اليمان قد نفي عنه‪ .‬إل أن يكون هناك دليل يدل على‬
‫أن المنفي كمال اليمان الواجب كقول رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم " ل يممؤمن أحممدكم حممتى أكممون أحممب إليممه مممن ولممده ووالممده‬
‫والناس أجمعين " متفق عليه من حديث أنس واللفظ لمسلم وأنا ل‬
‫أعلم دليل ً يصرفه إلى كماله الواجب‪.‬‬
‫سق‪ :‬جزاك الله خيرا ً على هذا التأصمميل القممويم وعنممدي‬ ‫قال المف ّ‬
‫أكثر من دليل يممدل علممى أن اليمممان المنفممي هنمما كممماله الممواجب ل‬
‫أصله من ذلك‪-:‬‬
‫‪ /1‬سبب نزول الية وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن الزبير‬
‫أن رجل ً من النصار خاصم الزبير عند رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬

‫)‪(66‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسلم في شراج الحرة … إلخ‪ ،‬وفيه أن النصمماري لممم يممرض بحكممم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب ثم قال إن كان ابن عمتك‬
‫… إلخ‪ ،‬فقال ابن الزبير‪ :‬والله إني لحسب هممذه اليممة ممما نزلممت إل‬
‫ن‪{...‬‬
‫مُنو َ‬ ‫في ذلك }َفل وََرب ّ َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫وجه الدللة ‪ /‬أنه وجد في نفس النصاري البدري حرج ولم يسلم‬
‫تسليما ً لحكم رسول الله ‪ ‬ومع ذلك لم يكفر ويؤكد عدم كفممره أن‬
‫الرجل بدري والبدريون مغفورة لهم ذنوبهم كما في حديث علي في‬
‫قصة حاطب لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ":‬وما يدريك‬
‫أن الله اطلع على أهل بدر فقال‪:‬اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكممم "‬
‫‪ 1‬والكفر الكبر ل يغفر‪ ،‬فدل هذا على أن البممدريين معصممومون مممن‬
‫أن يكونوا كفارًا‪ ،‬نص عليه ابن تيمية ‪ .2‬ثم إن رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم لم يطالبه بالسلم‪.‬‬
‫‪ /2‬ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث على‬
‫بن أبي طالب وهو باليمن إلى النبي صلى اللممه عليممه وسمملم بذهيبممة‬
‫فقسمها بين أربعة فقال رجل يا رسول الله‪ :‬اتق الله فقممال " ويلمك‬
‫ألست أحق أهل الرض أن يتقي الله ثم ولى الرجل فقال خالممد بممن‬
‫الوليد يا رسول الله أل أضرب عنقممه؟ قممال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ ":‬ل لعّله أن يكون يصلي "‪ ،‬قال خالممد‪ :‬وكممم مممن مص م ٍ‬
‫ل‬
‫يقول بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬فقال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ":‬إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب النمماس ول أشممق بطممونهم‬
‫"الحديث‪.‬‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن هذا الرجل اعترض على حكم رسول اللممه صمملى‬
‫حَرجما ً ولممم‬
‫الله عليه وسلم ولم يرض به ويسّلم‪ ،‬ووجممد فممي نفسممه َ‬
‫يكّفره الرسول صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬وامتنممع عممن قتلممه خشممية أن‬
‫يكون مصليا ً ولمو كمان واقعما ً فمي أممرٍ كفمريّ لمم تنفعمه صملته لن‬
‫الشرك والكفر الكبرين يحبطان العمال‪ ،‬فل تنفع الصلة معهما‪.‬‬
‫وأيضا ً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر كفري عند رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن خالدا ً أراد أن يحيلممه علممى أمممر كفممري‬
‫خفي في القلب فلم يرتض هذا رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫رواه الستة إل ابن ماجه قال ابن تيمية في المنهاج )‪ :(331 /4‬وهذه القصة مما اتفممق أهممل العلممم‬ ‫‪1‬‬

‫على صحتها‪،‬وهي متواترة عندهم‪ ،‬معروفة عند علماء التفسمير‪ ،‬وعلمماء الحمديث‪ ،‬وعلمماء المغمازي‬
‫والسير والتواريخ‪،‬وعلماء الفقه وغير هؤلء ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى )‪.(490 /7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(67‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولو كان قوله كفرا ً لتمسك به خالد بن الوليد ولما قال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬إني لم أؤمر أن أنقب عممن قلمموب النمماس‪" ..‬‬
‫لن هذا القول ‪-‬المدعى أنه مكفر ‪ -‬قممد ظهممر منممه‪ ،‬ومممما يوضممح أن‬
‫هذه الكلمة ليسممت كفممرا ً أنمه ثبممت فممي الصممحيحين عممن عائشمة أن‬
‫أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبممي‬
‫قحافة‪ ،‬ولم يكن هذا منهن كفرًا‪.‬‬
‫‪ /3‬ما روى الشيخان عن أنس بن مالك أن ناسا ً من النصار قالوا‬
‫يوم حنين حين أفاء اللممه علممى رسمموله مممن أممموال همموازن ممما أفمماء‬
‫فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطممي رجممال ً مممن قريممش‬
‫المائة من البل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ً وسيوفنا‬
‫تقطر من دمائهم " وفي رواية لممما ُفتحممت مكممة قسممم الغنممائم فممي‬
‫قريش فقممالت النصممار إن هممذا لهممو العجممب إن سمميوفنا تقطممر مممن‬
‫دمائهم ‪"...‬‬
‫وجه الدللة ‪ /‬أن هؤلء استنكروا فعل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ووجممدوا فممي أنفسممهم حرجما ً ولممم يكّفرهممم صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫لذا قال ابن تيمية‪ :‬والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من‬
‫مسمممى أسممماء المممور الواجبممة كاسممم اليمممان والسمملم والممدين‬
‫ب‬‫والصلة والصيام والطهارة والحج وغير ذلك فإنما يكون لترك واج ٍ‬
‫حت ّممى‬ ‫ن َ‬‫من ُممو َ‬ ‫من ذلك المسمى ومن هذا قوله تعالى }َفل وََرب ّم َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ما قَ َ‬
‫ضي ْ َ‬ ‫م ّ‬‫حَرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫سه ِ ْ‬
‫دوا ِفي أن ُْف ِ‬ ‫ج ُ‬
‫م ل يَ ِ‬‫م ثُ ّ‬
‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫ش َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫يُ َ‬
‫سِليمًا{ فلما نفى اليمان حتى توجد هذه الغايممة دل علممى‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫وَي ُ َ‬
‫أن هذه الغاية فرض على الناس‪ ،‬فمن تركها كممان مممن أهممل الوعيممد‬
‫… ا‪ .‬هم ‪.1‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ :‬فمن لم يلتزم تحكيم اللممه ورسمموله فيممما شممجر‬
‫بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه ل يؤمن‪ ،‬وأما من كان ملتزما ً لحكم‬
‫الله ورسوله باطنا ً وظمماهرًا‪ ،‬لكممن عصممى واتبممع هممواه‪ ،‬فهممذا بمنزلممة‬
‫ن‪ {...‬مما يحتج بها‬ ‫مُنو َ‬ ‫أمثاله من العصاة‪ .‬وهذه الية }َفل وََرب ّ َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫الخوارج على تكفير ولة المر الذين ل يحكمون بممما أنممزل اللممه‪ ،‬ثممم‬
‫يزعمون أن اعتقادهم هو حكممم اللممه‪ .‬وقممد تكلممم النمماس بممما يطممول‬

‫مجموع الفتاوى )‪ (7/37‬وانظر )‪ (530 /22‬والقواعد النورانية ص ‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(68‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪1‬‬
‫ذكره هنا‪ ،‬وما ذكرته يدل عليه سياق الية‪ .‬ا‪ .‬هم‬
‫قال المكّفر‪ :‬دع عنك الستدلل بهذا الدليل فإن عندي دليل ً ثالثمما ً‬
‫ل‬ ‫ممما أ ُن ْمزِ َ‬ ‫مُنوا ب ِ َ‬‫مآ َ‬
‫أل وهو قوله تعالى }أ َل َم تر إَلى ال ّذين يزعُمو َ‬
‫ن أن ّهُ ْ‬‫ِ َ َْ ُ َ‬ ‫ْ ََ ِ‬
‫موا إ ِل َممى الط ّمما ُ‬ ‫َ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫ت وَقَمد ْ‬ ‫غو ِ‬ ‫حمماك َ ُ‬
‫ن ي َت َ َ‬‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬‫ريم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن قَب ْل ِم َ‬
‫ك يُ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫ك وَ َ‬
‫ضلل ً ب َِعيدًا{‬ ‫طا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م َ‬ ‫ضل ّهُ ْ‬‫ن يُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫شي ْ َ ُ‬ ‫ريد ُ ال ّ‬ ‫ن ي َك ُْفُروا ب ِهِ وَي ُ ِ‬ ‫مُروا أ ْ‬ ‫أ ِ‬
‫وجه الدللة‪ :‬أنهم صاروا منممافقين لكممونهم يريممدون الّتحمماكم إلممى‬
‫الطاغوت وجعل إيمانهم مزعومًا‪.‬‬
‫قال ابن الجوزي‪ ":‬والّزعم والّزعم لغتان وأكثر ممما ُيسممتعمل فممي‬
‫قول ما ل تتحقق صحته‪ .‬ا‪ .‬هم ‪.2‬‬
‫ة الدللممة عممن تكفيممر الواقمِع فممي‬ ‫سق‪ :‬إن هممذه اليممة عاريم ُ‬ ‫قال المف ّ‬
‫الحكم بغير ما أنزل الله‪ ،‬وذلك يتضح من أوجه‪:‬‬
‫ة لمرين‪:‬‬ ‫الوجه الول‪ :‬أن الية محتمل ٌ‬
‫‪ -1‬أن إيمانهم صار مزعوما ً لكونهم أرادوا الحكم بالطاغوت وهذا‬
‫ما تمسكت به‪.‬‬
‫‪-2‬أن مممن صممفات أهممل اليمممان المزعمموم ‪-‬المنممافقين‪ -‬كممونهم‬
‫يريدون التحاكم للطاغوت ومشابهة المنافقين في صفةٍ من صفاتهم‬
‫ل توجب الكفر‪ ،3‬فعلى هذا من حكم بغير ممما أنممزل اللممه فقممد شممابه‬
‫المنافقين في صفةٍ من صفاتهم وهذا ل يوجب الكفر إل بممدليل آخممر‬
‫م إذا تمموارد‬ ‫كمن شابه المنافقين في الكذب لم يكممن كممافرا ً فمممن ث م ّ‬
‫الحتمال في أمرٍ بين كونه مكّفرا ً أو غير مكّفر لم يكفممر بهممذا المممر‬
‫لكون الصل هو السلم فالنمممتيجة أنممه ل يصممح تمسممكك باليممة فممي‬
‫التكفير لكونها من المحتمل‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن هؤلء يريدون الحكم بالطاغوت وليست إرادتهم‬
‫ة بل هي إرادةٌ تنممافي الكفممر بممه الكفممر العتقممادي‪،‬‬ ‫هذه إرادةً مطلق ً‬
‫ومن لم يعتقد وجوب الكفممر بالطمماغوت فل شممك فممي كفممره الكفممر‬
‫ك‬ ‫سمم َ‬
‫م َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ فََقدِ ا ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬‫ت وَي ُؤْ ِ‬‫غو ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫ن ي َك ُْفْر ِبال ّ‬‫م ْ‬ ‫الكبر قال تعالى }فَ َ‬
‫ِبال ْعُْروَةِ ال ْوُث َْقى{‬
‫قممال ابممن جريممر‪ ":‬يريممدون أن يتحمماكموا فممي خصممومتهم إلممى‬
‫الطاغوت يعني إلممى مممن يعظمممونه ويصممدرون عممن قمموله ويرضممون‬
‫المنهاج )‪.(5/131‬‬ ‫‪1‬‬

‫زاد المسير )‪.(2/120‬‬ ‫‪2‬‬

‫انظر جامع البيان في تفسير القرآن )‪.(5/99‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(69‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بحكمه من دون حكم الله وقد أمروا أن يكفروا به يقول وقد أمرهم‬
‫أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليممه فممتركوا أمممر‬
‫‪1‬‬
‫الله واتبعوا أمر الشيطان" ا‪ .‬هم‬
‫فإن أبيت إل أن تحملها على مطلق الرادة فُيقممال إن الرادة هنمما‬
‫ت والكفر ل يكون فممي المممور المحتملممة ‪-‬كممما‬ ‫ت وقل ُ‬‫ة لما قل َ‬ ‫محتمل ٌ‬
‫سبق‪-‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬إليك الدليل الرابع قال تعالى }وإ َ‬
‫م‬ ‫م إ ِن ّك ُ ْ‬‫موهُ ْ‬‫ن أط َعْت ُ ُ‬ ‫َِ ْ‬
‫ن{‬ ‫كو َ‬‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫لَ ُ‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن طاعة غير الله في الحكام الوضعية شرك‪.‬‬
‫سق‪ :‬لماذا أراك ‪-‬يا أخي‪ -‬نسيت؟ قد سبق بيان أن هذه‬ ‫قال المف ّ‬
‫ة‬
‫ة إلممى التحليممل والتحريممم ثممم إيمماك أن تنسممى مممرةً ثانيم ً‬ ‫الية راجعم ٌ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ممما ل َم ْ‬ ‫ن َ‬‫دي ِ‬
‫ن الم ّ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬ ‫عوا ل َهُ ْ‬
‫شَر ُ‬ ‫شَر َ‬
‫كاُء َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ل َهُ ْ‬
‫ل بقوله تعالى }أ ْ‬ ‫فتستد ّ‬
‫ْ‬
‫ه({ فقد سبق الكلم عنها وأن المراد بهمما مممن جمممع بيممن‬ ‫ن ب ِهِ الل ّ ُ‬
‫ي َأذ َ ْ‬
‫التشريع وزعم أن هذا من الدين الذي مؤداه إلى التحليممل والتحريممم‬
‫وهو المسمى بالتبديل‪.‬‬
‫ه‬
‫مم ِ‬ ‫حك ْ ِ‬ ‫ك فِممي ُ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫قال المكّفر‪ :‬الدليل الخامس قوله تعالى }َول ي ُ ْ‬
‫حدًا{‬ ‫َ‬
‫أ َ‬
‫سق‪ :‬انتظر ‪-‬يا أخي‪ -‬هل هؤلء الذين يحكمممون بغيممر ممما‬ ‫قال المف ّ‬
‫أنزل الله يقولون هذا حكم الله حتى يكونوا مشاركين لمه فمي وضمع‬
‫حكمه سبحانه وتعالى؟ إن كانوا كذلك فقد سبق أن هذا كفٌر ل شك‬
‫فيه وإن لم يكونوا كذلك فل يصح الستدلل عليهم بالية‪ .‬فتأمل!‬
‫قال الشيخ عبد الرحمممن السممعدي‪ ":‬هممذا يشمممل الحكممم الكمموني‬
‫القدري والحكم الشرعي الديني فإنه الحاكم في خلقه قضاءً وقممدرا ً‬
‫وخلقا ً وتدبيرا ً والحاكم فيهم بأمره ونهيه وثوابه وعقابه …ا‪ .‬هم ‪.2‬‬
‫فحكم الله الكوني واقع سواًء كان الله سممبحانه محب ما ً لممه أو غيممر‬
‫ب كالرادة الكونية وهذا بل شك ل أحد يشاركه فيممه ومممن اعتقممد‬ ‫مح ٍ‬
‫أن أحدا ً يشارك الله في هذا فقد وقع في الشرك الكبر إذ إنه سوى‬
‫ص بالله وهو شرك في الربوبّية أما الحكممم‬ ‫غير الله بالله في أمرٍ خا ٍ‬
‫الشرعي‪ ،‬فإن أريد به التحليل والتحريم فهذا لشك كفٌر كممما سممبق‪،‬‬
‫وإن أريد مخالفة أمر الله مع العتراف بالخطأ فهذا لشك أنه ليممس‬
‫)‪.(5/96‬‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب تيسير الكريم الرحمن‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(70‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كفرا ً كما هو الحال فممي بمماقي الممذنوب‪ ،‬وإل كنما كمالخوراج مكفريممن‬
‫بالذنوب فلجل هذا ‪ -‬يا صاحبي ‪ -‬ل يصح لك الستدلل بهذه الية‪.‬‬
‫َ‬
‫م مَر‬ ‫م إ ِّل ل ِل ّمهِ أ َ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫قال المكّفر‪ :‬الدليل السادس قوله تعالى }إ ِ ِ‬
‫ه{ وجممه الدللممة‪ :‬أن هممؤلء الممذين وضممعوا أحكام ما ً‬ ‫َ‬
‫دوا إ ِّل إ ِي ّمما ُ‬ ‫أّل ت َعْب ُم ُ‬
‫ص به سبحانه فيكون شركا ً أكبر‪.‬‬ ‫وضعية نازعوا الله في أمر خا ٍ‬
‫سق‪ :‬القول في هذا الدليل هو القول نفسه فممي الممدليل‬ ‫قال المف ّ‬
‫الذي قبله إذ الحكم هنما يشممل الكموني القمدري والشمرعي المديني‬
‫قال ابن تيمية‪ ":‬وقد يجمع الحكمين ‪ -‬أي الكمموني والشممرعي ‪ -‬مثممل‬
‫‪1‬‬
‫ه{ ا‪ .‬هم‬ ‫م إ ِّل ل ِل ّ ِ‬‫حك ْ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ما في قوله تعالى }إ ِ ِ‬
‫ي هممذا البمماب مممذهب‬ ‫وقال الشاطبي‪ ":‬ويمكن أن يكون مممن خفم ّ‬
‫م‬ ‫حك ْم ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫الخوارج في زعمهم أن ل تحكيم استدلل ً بقمموله تعممالى }إ ِ ِ‬
‫ي علممى أن اللفممظ ورد بصمميغة العممموم فل يلحقممه‬ ‫ه{فممإنه مبنم ّ‬ ‫إ ِّل ل ِل ّم ِ‬
‫كم ما ً م م َ‬ ‫ح َ‬
‫ه‬
‫ن أهْل ِم ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ص فلذلك أعرضوا عن قوله تعممالى }فَمماب ْعَُثوا َ‬ ‫تخصي ٌ‬
‫َ‬
‫م…{ وإل فلممو‬ ‫من ْك ُم ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ب ِمهِ ذ ََوا عَمد ْ ٍ‬ ‫حك ُم ُ‬‫ن أهْل ِهَمما{ وقمموله }ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كما ً ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وَ َ‬
‫علموا تحقيقا ً قاعدة العرب فممي أن العممموم ي ُممراد بممه الخصمموص لممم‬
‫ص‬ ‫ل هممذا العممام مخصممو ٌ‬ ‫يسرعوا إلى النكار ولقالوا في أنفسهم‪ :‬لع ّ‬
‫فيتأولون‪..‬ا‪ .‬هم ‪.2‬‬
‫م‬ ‫خمم ُ َ‬
‫حَبمماَرهُ ْ‬ ‫ذوا أ ْ‬ ‫قممال المكّفممر‪ :‬الممدليل السممابع قمموله تعممالى }ات ّ َ‬
‫ورهْبانه َ‬
‫ه{‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫م أْرَبابا ً ِ‬ ‫َُ َ َُ ْ‬
‫وجممه الدللممة‪ :‬أن أهممل الكتمماب لممما أطمماعوا علممماءهم وعب ّممادهم‬
‫وصفهم الله بأنهم اتخذوهم أربابا ً من دون الله‪.‬‬
‫سق‪ :‬أن طاعة هؤلء ل تخرج عن حالتين‪:‬‬ ‫قال المف ّ‬
‫الولى‪ :‬طاعتهم في معصية اللممه بممدون تحليممل ول تحريممم وهممذا‬
‫ليس كفرا ً قطعا ً وإل للزم منه تكفير أهل الممذنوب والمعاصممي لنهممم‬
‫أطاعوا هواهم في معصية الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ج‬ ‫الثانية‪ :‬طاعتهم في التحليل والتحريم وهذا لشك أنه كفر مخممر ٌ‬
‫من الملة كما سبق ذكره في تحرير محل النزاع‪.3‬‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬
‫م ِفيمهِ ِ‬ ‫خت َل َْفت ُم ْ‬‫ممما ا ْ‬ ‫قال المكّفر‪ :‬الدليل الثامن قمموله تعممالى }وَ َ‬
‫ه{‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬‫يٍء فَ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫مجموع الفتاوى )‪.(2/413‬‬ ‫‪1‬‬

‫العتصام )‪.(1/303‬‬ ‫‪2‬‬

‫هذا ملخص ما قرره أبو العباس ابن تيمية )‪ (7/70‬مجموع الفتاوى‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(71‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن هؤلء تحاكموا لغير الله سبحانه وتعممالى فخممالفوا‬
‫ما أمر الله جل وعل به‪.‬‬
‫سممق‪ :‬لسممت أختلممف معممك ولممو بقيممد أنملممة أن هممؤلء‬ ‫قممال المف ّ‬
‫ب عظي مم ٍ وأنهممم‬ ‫الحاكمين بغير ما أنزل الله آثمون وواقعون في ذن م ٍ‬
‫ر‬
‫من أسباب هزيمة أمتنا وضعفها لكن ليس لي أن أحكم عليهم بكف م ٍ‬
‫ل؛ لن التكفير حقٌ لله سبحانه ‪ -‬كممما هممو متقمّرٌر ‪ -‬وغايممة ممما‬ ‫إل بدلي ٍ‬
‫في هذا الدليل أنه يجب عليهم الرجوع إلى كتاب الله وسممنة رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وليممس فيمه الحكممم بكفرهممم مطلقما ً عنممد‬
‫ترك ذلك‪.‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬ل تظن ‪-‬يا أخي‪ -‬أن البحممث انتهممى فل زالممت عنممدي‬
‫ة من السنة والجماع والعقل‪.‬‬ ‫أدل ٌ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫م ت َمَر إ ِل َممى ال ّم ِ‬ ‫الممدليل التاسممع‪ :‬سممبب نممزول قمموله تعممالى}أل َم ْ‬
‫ك{ قال الشعبي‪ :‬كان بين رجل مممن‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬‫ما أ ُن ْزِ َ‬‫مُنوا ب ِ َ‬‫مآ َ‬
‫يزعُمو َ‬
‫ن أن ّهُ ْ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫المنافقين ورجممل مممن اليهممود خصممومة فقممال اليهممودي نتحمماكم إلممى‬
‫محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لنه عرف أنه ل يأخذ الرشوة وقممال‬
‫المنافق نتحاكم إلى اليهود لعّلمه أنهم يأخممذون الرشمموة‪ ،‬فاتفقمما أن‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫م ت َمَر إ ِل َممى ال ّم ِ‬ ‫يأتيا كاهنا ً في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت الية }أل َم ْ‬
‫ك…{‪.1‬‬ ‫ن قَب ْل ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ك وَ َ‬‫ل إ ِل َي ْ َ‬‫ما أ ُن ْزِ َ‬‫مُنوا ب ِ َ‬‫مآ َ‬
‫يزعُمو َ‬
‫ن أن ّهُ ْ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫سممق‪ :‬إن هممذا الثممر ل يصممح السمتدلل بمه ل مممن جهممة‬ ‫قممال المف ّ‬
‫ح فممإن‬ ‫السناد ول المتن ولعّلي أكتفي ببيان ضعف السند وهممو واض م ٌ‬
‫الشعبي تابعي فمن ثم يكون الثر منقطعا ً وهو من أنواع الضعيف‪.‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬هناك سبب نزول آخر وهو أن رجلين اختصما فقممال‬
‫أحدهما‪ :‬نترافع إلى النبي صلى اللممه عليممه وسمملم وقممال الخممر إلممى‬
‫كعب بن الشرف ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصممة فقممال‬
‫للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وس مّلم أكممذلك قممال نعممم‬
‫فضربه بالسيف فقتله "‬
‫سق‪ :‬إن هذا الثر ل يصح أيضا ً بممل هممو أشممد ضممعفا ً مممن‬ ‫قال المف ّ‬
‫الذي قبله إذ هو من طريق الكلممبي عممن أبممي صممالح بمماذام عممن ابممن‬
‫عباس به‪ 2‬فقد جمع هذا السند بين كذاب ومتروك وانقطاع‪.‬‬

‫أخرجه الطبري )‪.(5/97‬‬ ‫‪1‬‬

‫كما علقه الواحدي في أسباب النزول ص ‪ ،108 - 107‬والبغوي في معالم التنمزيل )‪.(2/242‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(72‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال المكّفر‪ :‬هناك سبب نزول‪ 3‬عن ابن عباس قال كان أبو بردة‬
‫السلمي كاهنا ً يقضممي بيممن اليهممود فيممما يتنممافرون إليمه فتنمافر إليممه‬
‫َ‬
‫مممون‬ ‫ن ي َْزعُ ُ‬ ‫م ت ََر إ ِل َممى ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬ ‫س من المسلمين فأنزل الله تعالى }أل َ ْ‬ ‫أنا ٌ‬
‫َ{الية‪.‬‬
‫قال الهيثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪.2‬‬
‫وقال الحافظ‪ :‬إسناده جيد‪.3‬‬
‫وقال الشيخ مقبل الوادعي‪ :4‬شيخ الطبراني ممما وجممدت ترجمتممه‬
‫لكنه قد تابعه إبراهيم بن سعيد الجوهري عند الواحدي ا‪ .‬هم‬
‫فبهذا يتبين صحة إسناده فما قولك فيه؟‬
‫سق‪ :‬قد سلمت بصحة هذا الثر لكممن لممم أسمّلم بممدللته‬ ‫قال المف ّ‬
‫على ما نحن فيه وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن هؤلء الذين أتوا أبا بممردة منممافقون كممما يممدل عليممه سممياق‬
‫اليات فمن ثم تكون الية ذاكرة صفة من صفاتهم وليممس تحمماكمهم‬
‫سبب في كونهم يزعممون بمل همم يزعممون اليممان ممن قبمل‬ ‫هو ال ّ‬
‫التحاكم فعليممه ممن شمابه المنمافقين فممي صممفةٍ لمم يكمن منافقما ً إل‬
‫ي آخر فأين هو؟‬ ‫بإثبات أن هذه الصفة مكفرةٌ بنص خارج ّ‬
‫‪ /2‬أن هؤلء النفر يريدون التحاكم إلى غير ما أنزل الله وإرادتهم‬
‫ة بل إرادة ٌ تنافي الكفر بالطاغوت الذي يعد الكفممر‬ ‫هذه ليست مطلق ً‬
‫به ركنا ً ممن أركمان اليممان‪ ،‬ول شمك أن ممن لمم َيمَر وجموب الكفمر‬
‫بالطاغوت فهو كافر ‪ -‬كما سبق‪.-‬‬
‫م ل تقول به أنمت وهمو أن‬ ‫‪ /3‬أن استدللك بهذا الثر يلزم منه لز ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫تكّفر من لم يحكم بما أنزل الله ولو في مسالةٍ واحد ٍ‬
‫قال المكفر‪ :‬الدليل العاشر‪ :‬ما رواه الخمسة وغيرهم عن الممبراء‬
‫بممن عممازب ولفظممه عنممد أبممي داود والنسممائي قممال‪ ":‬لقيممت ‪ -‬وعنممد‬
‫النسائي أصبت ‪ -‬عمي ومعه راية‪ ،‬فقلت له أين تريممد؟ قممال‪ :‬بعثنممي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيممه فممأمرني‬
‫أن أضممرب عنقممه وآخممذ ممماله " وعنممد الترمممذي وابممن ممماجه وروايممة‬
‫للنسائي أنه "خاله"‪ ،‬وأخرجه النسائي والطحاوي من حديث معاويممة‬
‫رواه الطبراني في الكبير )‪ (124/5‬والواحدي في أسباب النزول ص ‪.107 -106‬‬ ‫‪3‬‬

‫مجمع الزوائد )‪.(7/6‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصابة )‪.(7/18‬‬ ‫‪3‬‬

‫بعد أن أورده في الصحيح من أسباب النزول ص ‪.69‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(73‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بن قرة عن أبيه وفيه "وأصممفى ممماله" ففممي هممذا الحممديث ممما يفيممد‬
‫صراحة بأن الرجل قتل كافرا ً لنه أخذ ماله وهذا بمجرد عمل عمله‪،‬‬
‫فكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله‪ ،‬ويضع له محاكم‪ ،‬ويلممزم النمماس‬
‫بالرجوع إليها؟ أو بمن يضع الربا ويحميه؟ وهكذا‪...‬‬
‫قال المفسق‪ :‬إن هذا الحديث من رواية معاوية بن قرة عن أبيممه‬
‫عن جده صحيح‪ ،‬صححه المام يحيى بن معين‪-1‬وكفى به مممن إمممام‪-‬‬
‫لكن ثبوت الحديث ل يكفي لثبوت الدعوى بل لبد من ثبوت الدللممة‬
‫‪-‬أيضًا‪ -‬والدعوى التي ادعيتها ‪ -‬يا أخي ‪ -‬ل يدل عليها الحممديث ألبتممه‪،‬‬
‫وذلك أن الحمديث فممي حمق مممن اسممتحل محرممًا‪ ،‬فمإن هممذا الرجممل‬
‫المتزوج بامرأة أبيه قد استحل فرجها بعقد الزواج‪ ،‬وفرق بين الزنى‬
‫بامرأة الب وتزوجها‪ ،‬فإن الزنى بها حرام وليس كفرا ً أما التزوج بها‬
‫فهو كفر مممن جهممة اسممتحلل فممرج محممرم؛ لن الممزواج معنمماه جعممل‬
‫فرجها حلل ً وهذا بخلف الزنى‪.‬‬
‫قال أبو جعفر الطحمماوي‪ :‬وهممو أن ذلممك المممتزوج‪ ،‬فعممل ممما فعممل‬
‫ذلك‪ ،‬على الستحلل‪ ،‬كما كانوا يفعلون فممي الجاهليممة‪ ،‬فصممار بممذلك‬
‫مرتدًا‪ ،‬فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ممما يفعممل‬
‫‪2‬‬
‫بالمرتد ا‪ .‬هم‬
‫قال المكّفر‪ :‬الدليل الحادي عشر‪ :‬هو إجممماع العلممماء علممى كفممر‬
‫من حكم بغير ما أنزل الله وجعله قانونا ً‬
‫ة‬
‫وقد حكى الجماع الحافظ ابن كثير فقال‪ :‬وفي ذلك كله مخالفمم ٌ‬
‫لشرائع الله المنمزلة على عباده النبياء عليهم الصلة والسلم فمممن‬
‫ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بممن عبممد اللممه خمماتم النبيمماء‬
‫وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسمموخة كفممر فكيممف بمممن تحمماكم‬
‫إلى الياسق وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفممر بإجممماع المسمملمين ا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫هم‬
‫سق‪ :‬إن معرفتنا بحال التتر وواقمع الياسمق معيمن علمى‬ ‫قال المف ّ‬
‫فهم هذا الجماع المحكي وذلك أنهممم وقعمموا فممي التبممديل الممذي هممو‬
‫التحليل والتحريم‬

‫زاد المعاد )‪ (5/15‬واحتج بالحديث المام أحمد كما نقله ابن القيممم فممي روضممة المحممبين )‪(1/374‬‬ ‫‪1‬‬

‫وصححه ابن القيم في العلم )‪.(2/346‬‬


‫شرح معاني الثار )‪ (3/149‬وانظر الختيارات الفقهية ص ‪.360‬‬ ‫‪2‬‬

‫كتاب البداية والنهاية )‪.(13/128‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(74‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابن تيمية‪ :‬إنهم يجعلون دين السلم كدين اليهممود والنصممارى‬
‫وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الربعة عند المسلمين‬
‫ثم منهم من يرجح دين اليهود أو دين النصارى ومنهم من يرجح دين‬
‫‪1‬‬
‫المسلمين ا‪ .‬هم‬
‫وقد بيممن ابممن تيميممة كيممف أنهممم يعظمممون جنكممز خممان ويقرنممونه‬
‫بالرسول صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ثم قال ‪ ":-‬ومعلوم بالضطرار من‬
‫دين السلم باتفاق جميع المسمملمين أن مممن سمموغ )أي جمموز( اتبمماع‬
‫غير دين السلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعممض الكتمماب وكفممر‬
‫ببعض الكتاب ا‪ .‬هم‬
‫ومما يدل على أن الجماع الذي حكاه ابن كثير راجعٌ إلى التحليل‬
‫والتحريم ما قاله ابن كثير نفسه‪ :‬ينكممر تعممالى علممى مممن خممرج عممن‬
‫ل إلى ممما‬‫حكم الله المشتمل على كل خير‪ ،‬الناهي عن كل شر وعَد َ َ‬
‫سممواه مممن الراء والهممواء والصممطلحات الممتي وضممعها الرجممال بل‬
‫مستند من شممريعة اللممه كممما كممان أهممل الجاهليممة يحكمممون بممه مممن‬
‫الضللت والجهالت مما يضعونها بآرائهم وأهمموائهم وكممما يحكممم بممه‬
‫م جنكيز خان الممذي‬ ‫مل ِك ِهِ ْ‬
‫التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن َ‬
‫وضع لهممم الياسممق وهممو عبممارةٌ عممن كتمماب مجممموع مممن أحكممام قممد‬
‫اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصممرانية والملممة السمملمية‬
‫وغيرها وفيه كثير من الحكام أخذه من مجرد نظره وهواه فصممارت‬
‫في بنيه شرعا ً متبعا ً يقدمونه على الحكم فمن فعل ذلك منهممم فهممو‬
‫كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسمموله فل يحكممم سممواه‬
‫‪2‬‬
‫في قليل ول كثير‪ .‬ا‪ .‬هم‬
‫وقال أحمد بن علممي الفممزاري القلقشممندي‪ :‬ثممم الممذي كممان عليممه‬
‫جنكيز خان في التدين وجرى عليه أعقابه بعده الجممري علممى منهمماج‬
‫ياسقه التي قررها‪ ،‬وهي قوانين ضمنها من عقله وقررها من ذهنممه‪،‬‬
‫رتب فيها أحكاما ً وحدد فيها حدودا ً ربما وافق القليممل منهمما الشممريعة‬
‫المحمدية وأكثره مخالف لذلك سماها الياسة الكبرى …‪ .‬ا‪ .‬هم‪.3‬‬
‫فمن كلم ابن كثير وشيخه أبي العباس ابن تيمية وغيرهما يتضممح‬
‫ي فيمن وقع في التحليل والتحريم أي تجويز حكم‬ ‫أن الجماع المحك ّ‬
‫مجموع الفتاوى )‪ .(28/523‬وانظر ما يوضح حالهم لك أكثر )‪.(527 -520 / 28‬‬ ‫‪1‬‬

‫التفسير )‪.(3/131‬‬ ‫‪2‬‬

‫الخطط )‪ ،(311- 310 /4‬وهذا القلقشندي من أعيان القرن الثامن‪ .‬وتنبه ‪-‬أيها القارئ ‪ -‬كيف أنممه‬ ‫‪3‬‬

‫وصفه بأنه دين عندهم وما كان كذلك فهو خارج محل النزاع لن مثل هذا كفر بالجماع وهو التبديل‪.‬‬

‫)‪(75‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫غيممر حكممم اللممه إذ جعلمموا الياسممق كممدين السمملم موصمل ً إلممى اللممه‬
‫ومسألتنا المطروحة فيمن حكممم بغيممر ممما أنممزل اللممه مممع العممتراف‬
‫بالعصمميان ل مممع القممول بممأنه جممائز ل محظممور فيممه أو بممأنه طريممق‬
‫للرضوان‪.‬‬
‫ثم تنبه ‪ -‬أيها القارئ ‪ -‬إلى قول ابن كثير‪ :‬فكيف بمن تحاكم إلممى‬
‫الياسق وقدمها عليه ا‪ .‬هم‪ ،‬هؤلء جمعمموا بيممن التحمماكم إلممى الياسممق‬
‫وتقديمه على شرع الله‪ ،‬فليس ذنبهم مجرد التحكيم الذي هو عمممل‬
‫بل قارنه العتقاد وهو التقديم‪.‬‬
‫قال المكّفر‪ :‬قد تممذكرت دليل ً مممن كتمماب اللممه وهممو قمموله تعممالى‬
‫}أ َفَحك ْم ال ْجاهل ِية يبُغون وم َ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫كما ً ل َِقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬ ‫ن الل ّهِ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬
‫نأ ْ‬‫َ َ َ ْ‬ ‫َ ِ ّ ِ َْ‬ ‫ُ َ‬
‫ة الشيء إلممى الجاهليممة أو وصممفه بممه ل يممدل‬ ‫سق‪ :‬إضاف ُ‬ ‫قال المف ّ‬
‫ل علممى الكفممر‬ ‫ل خارجي دا ٍ‬ ‫على الكفر فمن ثم ل يكون كفرا ً إل بدلي ٍ‬
‫ويوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وس مّلم لبممي ذر " إنممك‬
‫امرؤٌ فيك جاهلية " متفق عليه وقال في حديث أبي مالك الشممعري‬
‫عند مسلم " أربع في أمتي من أمر الجاهلية ل يتركونهن … "‬
‫َ‬
‫ة‬
‫جاهِل ِي ّ ِ‬‫م ال ْ َ‬
‫حك ْ َ‬
‫قال أبو عبيد القاسم بن سلم " أل تسمع قوله }أفَ ُ‬
‫ن{ تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهممو‬ ‫ي َب ُْغو َ‬
‫على ملة السلم كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية‪ ،‬وإنما هو أن أهممل‬
‫الجاهلية كذلك كانوا يحكمون ا‪ .‬هم‪.1‬‬
‫ت ولكن بحكم العقل هذا الرجل‬ ‫قال المكّفر‪ :‬سّلمت لك بما ذكر َ‬
‫حي الشرع ويحكم بأحكام الفرنج أل يكون كافرا ً لكونه وقممع‬ ‫الذي ين ّ‬
‫في كفر العراض وفعله هذا يدل علممى اسممتحلله؟ وإل لممماذا يممترك‬
‫أحكام رب الرباب؟‬
‫سق‪ :‬إنك تريد تكفير هممذا المسمملم لكونممك تصممف فعلممه‬ ‫قال المف ّ‬
‫بأنه كفُر إعراض‪ .‬وأرجو قبل وصفك فعله بأنه كفر إعراض أن تكون‬
‫مستحضرا ً لضابط كفر العراض الذي هو العراض بالكلية عن أصل‬
‫الدين أو ترك جنس العمل‪.2‬‬
‫اليمان ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫راجع التسعينية لبن تيمية )‪ (674 /2‬ومدارج السالكين )‪ (1/366‬ومنهاج أهل الحق لبممن سممحمان‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪ .65-64‬وكون ترك جنس العمل كفرا ً قد حكى الجماع عليه خمسة من علماء الممدين‪ ،‬والكتمماب‬
‫والسنة دالن علممى ذلممك‪ ،‬وهممؤلء الخمسممة هممم‪ :‬الجممري فممي كتمماب الشممريعة )‪ (2/611‬والحميممدي‬
‫والشافعي كما نقله ابن تيمية عنهما في الفتاوى )‪ (7/209‬وأبو عبيد القاسممم بممن سمملم فممي كتمماب‬
‫اليمان ص ‪ 19-18‬وابن تيمية نفسه في مجموع الفتاوى )‪ (120 /14‬وانظر كتممابي المممام اللبمماني‬

‫)‪(76‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وعلى هذا من ترك الحكم بما أنزل الله لم يقع في كفر العراض‬
‫لنه لم يترك جنس العمل أما إلزامك لمن ترك الحكم بما أنزل الله‬
‫م غير صممحيح وإن كممان محتمل ً ول يممدفع‬ ‫ل لذلك فهذا إلزا ٌ‬ ‫بأنه مستح ٌ‬
‫الدين اليقيني بالكفر المحتمل لن من دخل الدين بيقين لم يخرج إل‬
‫ن مثله فأين هو؟ ثم هذا يفتح بابا ً في تكفير أهل المعاصي‪ .‬فكل‬ ‫بيقي ٍ‬
‫من يستعظم معصية يحكم على صاحبها بأنه كافر لنه مستحل لهذه‬
‫المعصية إذ فعل هذه المعصية عظيم ل تكون عند ه إل من مسمتحل‬
‫لها‪.‬‬
‫قال المكفر‪ :‬أل ترى أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كفروا العرب الذين امتنعوا عن الزكاة بعد وفمماة رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم وجعلوهم مرتدين وذلك لكونهم جماعة امتنعمموا عممن‬
‫شريعة من شممرائع الممدين ومثممل هممذا يقممال فممي الجماعممة التمماركين‬
‫للحكم بشريعة الله سبحانه‪.‬‬
‫قال المفسق‪ :‬قد اختلف العلماء في حكم هؤلء هل هم كفممار أم‬
‫غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد ‪-‬رحمه الله ‪ ،-‬وإن كنممت‬
‫أوافقك أنهم كفار‪ ،‬وهذا ترجيح ابن تيميممة لكممن ليممس كفرهممم لجممل‬
‫كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفممروا باتفمماق‬
‫الصحابة‪ ،‬ووقع من خيار المة فممي الفتممن ولممم يكفممروا واللممه يقممول‬
‫َ‬
‫ما{ فأثبت اليمممان‬ ‫حوا ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ن اقْت َت َُلوا فَأ ْ‬
‫صل ِ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن َ‬
‫طائ َِفَتا ِ‬ ‫}وَإ ِ ْ‬
‫مع وجود القتال جماعة‪ .‬وليس الكفر أيضا ً من أجممل الممترك المجممرد‬
‫لن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفممر أبمما جميممل الممذي لممم‬
‫يدفعها بخل ً وإنما الكفر لجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم‬
‫القرار بوجوبه‪ ،‬إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجمموب حكممم ثممم يممتركه‬
‫ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا ل يكون إل مممن‬
‫غير مقر بوجوبها ‪ -‬كممما سمميأتي مممن كلم ابممن تيميممة ‪ -‬فبهممذا يكممون‬
‫القتل دليل ً على عدم إقراره بهذا الحكم ل أنممه السممبب فممي تكفيممره‬
‫فتأمل‪.‬‬
‫وتنبه أن هذا مطرد فمي كممل حكممم شممرعي‪ .‬قمال ابممن تيميممة‪ :‬ول‬
‫يتصور في العادة أن رجل ً يكون مؤمنا ً بقلبه‪ ،‬مقممرا ً بممأن اللممه أوجممب‬
‫عليه الصلة‪ ،‬ملتزما ً لشريعة النبي صلى الله عليممه وسمملم وممما جمماء‬
‫وموقفه على الرجاء‪.‬‬
‫فائدة‪ /‬قد صرح بلفظة جنس العمل المام ابن تيمية)‪(616 /7‬‬

‫)‪(77‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫به‪ ،‬يأمره ولي المر بالصمملة فيمتنممع‪ ،‬حممتى يقتممل‪ ،‬ويكممون مممع ذلممك‬
‫مؤمنا ً في الباطن قط ل يكون إل كافرًا‪ ،‬ولو قممال أنمما مقممر بوجوبهمما‬
‫‪1‬‬
‫غير أني ل أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذبا ً منه ا‪ .‬هم‬
‫وقال ‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬فإن كان مقرا ً بالصلة في البمماطن‪ ،‬معتقممدا ً‬
‫لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ول يصلي‪ ،‬هذا ل يعرف‬
‫من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط فممي السمملم‪ ،‬ول يعممرف‬
‫أن أحدا ً يعتقد وجوبها ويقال له‪ :‬إن لم تصممل وإل قتلنمماك وهممو يصممر‬
‫على تركها مع إقراره بالوجوب‪ ،‬فهذا لم يقع قط في السلم‪ .‬ومتى‬
‫امتنع الرجل من الصلة حتى يقتل‪ :‬إن لممم يكممن فممي البمماطن مقممرا ً‬
‫بوجوبها‪ ،‬ول ملتزما ً بفعلها‪ ،‬فهذا كافر باتفاق المسلمين ا‪ .‬هم ‪.2‬‬
‫فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعممد‬
‫ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عممدم إقممراره‪ ،‬فيقممال‪ :‬لممو أن‬
‫أحدا ً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلهمما ل لجممل ذات الطاعممة وإنممما‬
‫من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا ل يكفر لن القتال هنا ليممس‬
‫دليل ً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي‬
‫هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك‬
‫سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لنه دليل على عدم إقممراره بوجوبهمما‪.‬‬
‫ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بممما أنممزل اللممه وقوتممل علممى ذلممك‬
‫فهم صنفان‪:‬‬
‫الول‪ /‬تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقمماتلته علممى‬
‫الحكم بما أنزل الله فهذا كممافر ‪-‬ول كرامممة ‪ -‬لنممه دليممل علممى عممدم‬
‫إقراره بوجوبها‪.‬‬
‫الثاني ‪ /‬تارك الحكم بما أنزل الله خوفا ً من غيره إذ هو وإن كممان‬
‫حاكما ً إل أنه محكوم من جهة من هو أقمموى منممه فمثممل هممذا ل يممدل‬
‫قتاله على أنه غير مقر بالوجوب‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫قال المكفر‪ :‬لكن ‪-‬يا أخي ‪ -‬قممد سمممعت غيممر واحممد‪ ،‬بممل وقممرأت‬
‫لبعضهم كسفر الحوالي في كتابه ظمماهرة الرجمماء‪ ،3‬يقممول بممأن مممن‬
‫مجموع الفتاوى )‪.(615 /7‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪ .(48 /22‬وانظر كتاب الصلة لبن القيم ص ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪ .(695-696 /2‬ونص كلمه‪ :‬جاء المرجئة المعاصرون فقالوا‪ :‬إن من كممان ل يحكممم بكتمماب اللممه‬ ‫‪3‬‬

‫وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ول يقيم من شريعة الله إل جزءا ً قد يقل أو يكثر‪ ،‬ل يقيمممه لنممه‬
‫من أمر الله وامتثال ً له وإيمانا ً بدينه ‪ -‬ثم قال ‪ -‬وما لم نطلع على ذلك فكل أعماله هي علممى سممبيل‬
‫المعصية ‪ -‬ثم قال ‪ -‬كل ذلك معاص ل تخرجه من السلم ما لم نطلع على ما فممي قلبممه فنعلممم أنممه‬

‫)‪(78‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفممر أصممغر ل أكممبر إل إذا اسممتحل‬
‫فهو مرجئ‪.‬‬
‫قال المفسق‪ :‬إن التنابز باللقاب ووصف الخرين بأوصمماف أهممل‬
‫البدع سهل يستطيعه كل أحد وإنممما المممر العسممر وهممو الممذي عليممه‬
‫المعول إبانة البرهان على هذه الدعاوى إذ كيف يقال ذلك وقد فسر‬
‫الية بالكفر الصغر ابن عباس وأصحابه والئمة كأحمد وغيممره؟ ثممم‬
‫مما يزيدك يقينا ً على وهاء هذا الوصف الخاطئ أن أكبر إمامين مممن‬
‫أئمة أهل السنة في هممذا العصممر علممى هممذا القممول كممما تقممدم نقلممه‬
‫‪4‬‬
‫عنهما‬
‫سق حاضممرا ً ‪ -‬جممزاك اللممه خيممرا ً فقممد‬
‫قال المكّفر‪ - :‬سابقا ً والمف ّ‬
‫يفضل شرعا ً وحكما ً غير شرع الله وحكمه على شرع الله وحكمه‪ ،‬أو يصرح بلسانه أنه يقصد الكفممر‬
‫ويعتقده‪ ،‬وأنه مستحل للحكم بغير ما أنزل الله!! فمرجئة عصرنا أكثر غلوا ً من جهة أنهم لم يحكموا‬
‫له بشيء من أحكام الكفر ل ظاهرا ً ول باطنًا‪ ...‬ا‪ .‬هم فلحظ جعلهم أشد غلمموا ً مممن المممرجئة الوائل‬
‫فابن باز واللباني ‪ -‬رحمهما الله ‪ -‬أشد غلوا ً من المرجئة الوائل‪ ،‬وإن في هممذا الكتمماب عممدة شممنائع‬
‫عقدية أذكر بعضها تنبيها ً على غيرها‪:‬‬
‫أ‪ /‬أجمع أهل السنة السلفيون على أن اليمان يزول بزوال عمل القلب ولو بقي تصممديق القلممب‪ ،‬ولممم‬
‫يخالف في ذلك إل جهم بن صفوان‪ ،‬ومن شذ من أهل البدع‪ ،‬قال ابن تيمية ) ‪ :(7/550‬فليس مجرد‬
‫التصديق بالباطن هو اليمان عند عامة المسلمين إل من شذ من اتباع جهم والصالحي‪ ،‬وفي قممولهم‬
‫من السفسطة العقلية والمخالفة في الحكام الدينية أعظم مما في قول ابن كرام إل من شممذ مممن‬
‫أتباع ابن كرام‪ ،‬وكذلك تصديق القلب الذي ليس معه حب لله ول تعظيم‪ ،‬بل فيه بغض وعممداوة للممه‬
‫ورسله ليس إيمانا ً باتفاق المسلمين ا‪ .‬هم قال ابممن القيممم فممي كتمماب الصمملة ص ‪ :54‬فأهممل السممنة‬
‫مجمعون على زوال اليمان‪ ،‬وأنه ل ينفع التصديق‪ ،‬مع انتفاء عمل القلب ومحبته وانقياده ا‪ .‬هم‪ ،‬ومع‬
‫كون هذا مجمعا ً عليه عند أهل السنة السمملفيين إل أن سمفرا ً الحمموالي خممالف فيممه وقممال )‪:(2/527‬‬
‫فمن ارتكب هذه الفاحشة بجوارحه فإن عمل قلبه مفقود بل شك‪ ،‬خاصممة حيممن الفعممل؛ لن الرادة‬
‫الجازمة على الترك يستحيل معها وقوع الفعل‪ ،‬فمن هنا نفى الشارع عنه اليمان تلممك اللحظممة " ل‬
‫يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "‪ ،‬لكن وجود قممول القلممب عنممده منممع مممن الحكممم بخروجممه مممن‬
‫اليمان كله ا‪ .‬هم فيرى أن الزاني ليس عنده شيء من أعمال القلمموب‪ ،‬ومممع ذلممك ل يممزال مسمملمًا‪،‬‬
‫فهو بهذا يوافق الجهم بن صمفوان والصمالحي ونحوهممما مممن غلة الممرجئة‪ .‬فسمبحان اللممه المنتقممم‬
‫لوليائه كابن باز واللباني‪ ،‬فأظهر الرجاء الغالي فيمن رماهم زورا ً بالرجاء!!‬
‫ب‪ /‬جعل الصرار على عدم الفعل)أي على الترك( جحممودا ً لللممتزام )‪ :(2/632‬ولممما احتيممج للسممتدلل‬
‫على كفرهم إلى قياس ول غيره‪ ،‬إنما جحدوا اللتزام بها‪ ،‬أي أصممروا علممى أل يممدفعوها‪ ،‬مممع القممرار‬
‫بأنها من الدين ا‪ .‬هم وهذه لوثة خارجية لنه كفر بكبيرة الصممرار علممى عممدم الفعممل‪ ،‬وجعلممه جحممودا ً‬
‫وردة‪ ،‬وتقدم رد هذا وبيان معنى اللتزام فليراجع‪ .‬وإن بهذا الكتاب عدة أخطمماء وشممنائع بيممن جملممة‬
‫منها المام اللباني كما في كتاب "الدرر المتللئة بنقض المام العلمة محمد بن ناصر الدين اللباني‬
‫فرية موافقة المرجئة"‪.‬‬
‫‪ 4‬وقبيل إرسال الكتاب إلى الدار لطباعته ‪-‬بعممد المراجعممة النهائيممة‪ -‬طممالعت لمعممالي الشمميخ العلمممة‬
‫محمد بن حسن آل الشيخ‪-‬وفقه الله‪)-‬أحد أعضاء لجنة الفتاء في السعودية وأحد كبار العلماء فيهمما(‬
‫مقدمة على كتاب )الحكم بغير ما أنزل الله(لخينا الشميخ بنمدر بمن نمايف العتيمبي‪-‬وفقمه اللمه‪ -‬وقمد‬
‫ونصرالمؤلف في الكتاب ما قرره المامان ابممن بمماز واللبمماني‪-‬رحمهممما اللممه‪ -‬وكممان مممما كتممب فممي‬
‫المقدمة‪:‬وقد أجاد فيه وأفاد وبين موقف أهل السنة والجماعة ممن حكم بغير ما أنزل اللممه مممدعما ً‬
‫ما ذكره بالدلة الشرعية من الكتمماب والسممنة وأقمموال وقتمماوى الئمممة المعتممبريين مممن علممماء هممذه‬
‫المة‪ .....‬ا‪ .‬هم‬

‫)‪(79‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اتضح لي الحق وأنا راجع عن قولي السممابق‪ ،‬فقممد قممال اللممه تعممالى‬
‫َ‬ ‫ذا قَضى الل ّمه ورسممول ُ َ‬
‫ن‬ ‫مممرا ً أ ْ‬
‫ن ي َك ُممو َ‬ ‫هأ ْ‬‫ُ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫من َةٍ إ ِ َ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫ن َول ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م ٍَ‬ ‫ن لِ ُ‬‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫}وَ َ‬
‫م{‬‫مرِهِ ْ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬‫م ال ْ ِ‬ ‫ل َهُ ُ‬
‫وبعد هذه المناظرة التي أردت منها بيان حكممم المسممألة بالممدليل‬
‫ة أسأل الله أن يقّر أعيننا برجوع حكام المسلمين‬ ‫الصحيح ثبوتا ً ودلل ً‬
‫إلى الشرع المطّهر المحكم فإن به عزهم دنيمما وأخممرى قممال تعممالى‬
‫دقًا{[‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ماًء غَ َ‬
‫م َ‬
‫سَقي َْناهُ ْ‬‫ريَقةِ َل ْ‬ ‫موا عََلى الط ّ ِ‬ ‫ست ََقا ُ‬‫}وَأل ّوِ ا ْ‬

‫)‪(80‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫الرد‬
‫‪ ::‬مقدمة مهمة‪::‬‬
‫ن مممن المهممم أن أضممع بيممن يممدي القممارئ الكريممم مقدمممة‬ ‫أرى أ ّ‬
‫ممموجزة حممول الحكممم علممى النظمممة والحكومممات خاصممة الحكومممة‬
‫السعودية فإنه رغم كثرة الجدل حول تقويم النظممام السممعودي مممن‬
‫الناحية الشرعية فإن أكثر من يتكلم حوله ل يخرج عممن إيممراد بعممض‬
‫صممل‬‫النصوص الواردة في طاعة ولة المر دون النظر الفاحص المؤ ّ‬
‫عن حكم تلك الحكومة وذلك النظام في ميزان الشرع‪.‬‬
‫ويجنح معظم المتصدين لنقماش همذه القضمية إلمى اختزالهما فمي‬
‫حديث أو حديثين‪ ،‬ويتعلقون بظواهر بعممض النصمموص الشممرعية دون‬
‫اعتبار دللتها ودون اعتبار غيرها مممن النصمموص الشممرعية ول تصممور‬
‫مقاصد الشريعة في قضية المامة والحكم في السمملم‪ ،‬ول مقارنممة‬
‫بينها وبين الواقع الممذي يعيشممه النظممام‪ ،‬وهممذا السمملوب فممي تنمماول‬
‫قضية شرعية حساسة ومتشعبة خطأ كبير‪ ،‬وينبني عليممه اسممتنتاجات‬
‫خاطئة مثله‪.‬‬
‫ثممم إن كممثيرا مممن هممذا النقمماش دار داخممل مجممال نفمموذ الحكممم‬
‫السعودي مما يعني استحالة حيادية النقاش‪ ،‬وتبعمما لممذلك لممن تكممون‬
‫هناك دقة في الستنتاج‪ ،‬لن المشكلة ليست مجمرد إرهمماب الحكممم‪،‬‬
‫بل بسبب وجممود مؤسسممة دينيممة تتبنممى طريقممة معينممة فممي شممرعية‬
‫الحكم السعودي‪ ،‬ويصعب بل يكاد يستحيل معارضة هذه المؤسسممة‬
‫لن التبعات والمضاعفات على معارضة تلك المؤسسة سممتأتي منهمما‬
‫قبل أن تأتي من الحكم السعودي نفسه‪.‬‬
‫والذي يقع فيممه بمماحثو الشممرعية السياسممية هممو تركيزهممم علممى‬
‫شممرعية فممرد الحمماكم دون اعتبممار نظممام الحكممم نفسممه‪ ،‬ومممن ثممم‬
‫ُيحرجون أنفسهم بخيارين‪ ،‬إما تزكيممة الحمماكم أو تكفيممره‪ ،‬وهممذا مممن‬
‫الختزال المرفوض لقضية الشرعية وإرهاب فكري ضمممني‪ ،‬بممل هممو‬
‫بمثابممة تحجيممم للشممريعة ومقاصممدها العظيمممة فممي قضممايا الحكممم‬
‫والمامة‪.‬‬
‫ويشبه هذا الشكال ربط قضية الشممرعية ربطمما عضممويا بقضممية‬
‫الخروج المسلح على الحاكم‪ ،‬واعتبار رفع السلح إلزاما فوريمما لمممن‬

‫)‪(81‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يرى عدم الشرعية‪.‬‬
‫وقد أدى ربط قضية شرعية التكفيمر برفمع السملح إلمى تخموف‬
‫الكثير من طرق هذا الموضوع أو الكتفاء بطرقه تحت إسقاط هممذه‬
‫التداعيات‪ ،‬وما يترتب علممى ذلممك مممن غيمماب العممدل والمنهجيممة فممي‬
‫الستدلل والستنتاج‪.‬‬
‫إن الحكم الشرعي فممي أي مسممألة أو نازلممة أو قضممية ل يمكممن‬
‫معرفته إل بفهمين‪:‬‬
‫الول‪ :‬معرفة الواقع‬
‫والثاني‪ :‬معرفة حكم الله تعالى فيه‪.‬‬
‫كما قال ابن القيممم رحمممه اللممه تعممالى‪) :‬ول يتمكممن المفممتي ول‬
‫الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إل بنوعين من الفهم‪ :‬أحدهما فهم‬
‫الواقممع فيممه‪ ،‬واسممتنباط علممم حقيقممة ممما وقممع بممالقرائن والمممارات‬
‫والعلمات حتى يحيممط بممه علممًا‪ ،‬والنمموع الثمماني‪ :‬فهممم الممواجب فممي‬
‫الواقع‪ ،‬وهو فهم حكم الله الذي حكم بممه فممي كتممابه أو علممى لسممان‬
‫رسوله في هذا الواقع‪ ،‬ثم يطبق أحدهما علممى الخممر(‪ ،‬أو كممما قممال‬
‫ابن تيمية عندما سئل عن حكم التتار فبّين أن الحكم الشرعي مبني‬
‫على أصلين‪ :‬أحدهما المعرفة بحالهم‪ ،‬والثاني معرفة حكم اللممه فممي‬
‫أمثالهم‪ .‬اهم‬
‫ولقد كان الظن أن إحجام طلبة العلم وأهله عن إصممدار الحكممم‬
‫الشممرعي فممي حممق النظممام السممعودي والنظمممة عامممة هممو لعممدم‬
‫معرفتهم بالشق الول )فهم الواقممع(‪ ،‬وذلممك بسممبب تلممبيس النظممام‬
‫سممنات الظمماهرة‪،‬‬ ‫عليهم بتزوير حقيقته وطمسها بمجموعة من المح ّ‬
‫فكان كشف هذه الممارسات والسياسات التي يجهلهمما طلبممة العلممم‬
‫هو الدور الهم‪ ،‬وقد أجمممع العلممماء علممى وجمموب كشممف المنممافقين‬
‫والمبتدعين‪ ،‬وقد سئل المام أحمد‪ :‬الرجل يصمموم ويصمملي ويعتكممف‬
‫أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟‪ ،‬فقال‪) :‬إذا قام وصلى واعتكممف‬
‫فإنما هو لنفسه‪ ،‬وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هممو للمسمملمين هممذا‬
‫أفضل(‪.‬‬
‫ومع أن بلد الحرمين قد كثر فيها طلبممة العلممم إل أن انشممغالهم‬
‫بالعلم وطلبه أبعدهم عن معرفة الواقع وحقيقته‪ ،‬وهذا قممد يقممع مممن‬
‫طلبة العلم وأهله كما نّبه جماعة من السلف على ذلك‪ ،‬ومنهم شيخ‬

‫)‪(82‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث تحدث عن ذلك في مواطن‬
‫كثيرة من الفتاوى‪.‬‬
‫ولقد تبين أن كثيرا ً من أهل العلم وطلبته قد أحجموا عن تنزيمل‬
‫حكم الله تعالى علممى هممذا الواقممع‪ ،‬وأسممباب هممذا الحجممام متفاوتممة‪،‬‬
‫فهناك مجموعة منهم رضيت لنفسها مقام )التقليد(‪ ،‬حيث تنتظر من‬
‫غيرها هذا التنزيل لتكون التالية ل السابقة في هذه الفضيلة‪ ،‬وهنمماك‬
‫من يخاف الثر المترتب على هذا التنزيل‪ ،‬ويزعم أن قول حكم اللمه‬
‫تعالى في النظام سيؤدي إلى فتنة ل ُتعلم نتائجها‪ ،‬وكأن هذا الصنف‬
‫ظن أن معرفة حكم الله تعالى شممر لبمد ّ مممن سممتره وتغييبممه‪ ،‬وفممي‬
‫هؤلء يقول محممد بمن وضماح رحممه اللمه تعمالى‪) :‬إنمما هلكمت بنمو‬
‫إسرائيل على أيدي قرائهم وفقهائهم‪ ،‬وستهلك هذه المة على أيدي‬
‫قرائها وفقهائها(‪ ،‬وحكم الله تعالى فيه النجاة والسعادة حقيقة‪.‬‬
‫وعلى ضوء هذا فلبد من إيضاح حكم الله في هذه النظمة على‬
‫ن مسألة الحكم والنظام مرتبطة بإقامة شرع‬ ‫ضوء الكتاب والسنة ل ّ‬
‫ن النظام إذا قام بشممرع اللممه‬ ‫الله وحقيقة التمسك بهوية السلم‪ ،‬فإ ّ‬
‫تحققت بذلك عبادة الله في جميع مناحي الحياة‪ ،‬وإذا خالف النظممام‬
‫شرع الله وأقام مقامها شريعة الطاغوت فسممدت أمممور النمماس فممي‬
‫معاشهم ومعادهم‪ ،‬وكشف حممال النظممام ومممدى قربممه أو بعممده مممن‬
‫الشرع هو من باب توضيح الحممق وإثبمماته وكشممف الباطممل وإبطمماله‪،‬‬
‫والحاكم بما عنده من قوة ونفوذ وإمكانيات يستطيع أن ُيضلل أفهام‬
‫المسلمين وُيغّير أفكارهم وُيلّبس أمممورا ً مممن الممدين‪ ،‬ووضممع النظممام‬
‫تحت ميممزان الشممريعة ي ُممبين للنمماس الحممق ويصممقل المفمماهيم ويممرد ّ‬
‫الباطل ويدحضه‪.‬‬
‫وقبل الشروع في هممذه المممور‪ ،‬لبمد ّ مممن تحديممد بعممض الثمموابت‬
‫والمقدمات النظرية حتى ل يلتبس الحال أو تفهم المممور علممى غيممر‬
‫محلها‪ ،‬وهذه المقدمات هي‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬أنممه ل يقبممل حكممم ول اعتقمماد إل بممدليل شممرعي‪ ،‬والممدليل‬
‫الشرعي هو الكتاب والسنة وفهم قواعد الصممحابة ومممن تبعهممم مممن‬
‫خير القرون المشهود لها‪ ،‬وما عداه فليس بحجة فممي ذاتممه‪ ،‬بممل هممو‬
‫محتاج بنفسه إلى دليل‪ ،‬وكل ما هو خارج الكتاب والسممنة والجممماع‬
‫فهو رأي‪ ،‬والرأي يخطئ ويصيب‪ ،‬ويؤخذ منه ويرد عليه ومن ثم فإن‬
‫البحث في مسممألة شممرعية النظممام كغيرهمما مممن المسممائل يجممب أن‬
‫)‪(83‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكون مبنيا ً على الدليل الشرعي وفهم الواقع بدقة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذا الكلم يبدو أمرا ً ل جممدال حمموله‪ ،‬إل أنممه‬
‫في الحقيقة في عممداد المهجممور رغممم تممرداد العلممماء لممه بألسممنتهم‪،‬‬
‫وترى بعضهم يرفع شعار "كل ما هو خارج النص والجممماع فهممو رأي‬
‫والرأي ليس بملزم"‪ ،‬ثم تجدهم عند التطبيق يتعاملون مع آراء أهممل‬
‫الفتوى والقضاء وكأنها دين يجممب الممتزامه‪ ،‬ويعتممبرون الخممروج علممى‬
‫هذه الراء معصية بل معصية كبيرة‪ ،‬بل تراهم يضربون بأدلة الشرع‬
‫عممرض الحممائط ويسممتدلون بحجممج واهيممة هممي أشممبه بكلم العمموام‬
‫كقولهم‪" :‬نحن أحسن من غيرنا"‪ ،‬أو كقولهم‪" :‬ل تعكروا علينا المن‬
‫والمان ورغد العيش"‪.‬‬
‫وهذا يلجئهم إلى تصّيد القوال السمماقطة الشمماذة الممتي ل تمممت‬
‫إلى الدليل الشرعي بصلة‪ ،‬لتبرير أفعممال النظممام وإسممباغ الشممرعية‬
‫ئ في طلب العلم فضل ً عن العلماء‪.،‬‬ ‫عليه بطريقة ل ُتقبل من مبتد ٍ‬
‫ثانيًا‪ :‬أن الحكممم علممى النظممام ليممس حكمما ً علممى جميممع أفممراده‬
‫ورجاله‪ ،‬ولكنه حكم على النظام كله بوصفه نظام حكم‪ ،‬وذلك بغض‬
‫النظر عن كل فرد فيه بعينممه‪ ،‬وقممد يعممود الحكممم العممام علممى بعممض‬
‫أفراده‪ ،‬ولكن هذا ل يلزم أن يعود على جميع أفراده حسب الحمموال‬
‫والشمروط المعتمبرة‪ ،‬وهمذا أممر معمروف لمدى طلبمة العلمم‪ ،‬ولكمن‬
‫البحث ينصرف إلى حكم النظام وممموقعه مممن السمملم‪ ،‬وقممد يتمموجه‬
‫ض علممى‬ ‫معتر ٌ‬ ‫الحكم على بعض أفراد النظام دون بعض‪ ،‬فل يعترض ُ‬
‫هذا بوجود بعض أهل الستقامة فيه‪.‬‬
‫ومعلوم أن الطوائف الحاكمة تعامل في دين الله تعالى معاملممة‬
‫عامة بحسب ما اجتمعت عليه بغض النظر عن أفرادها‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬حكم الله تعالى في نازلة من النمموازل ل يؤخممذ مممن دليممل‬
‫واحد وقد وجد غيره‪ ،‬فل بد ّ من إعمال الدلممة الممواردة فممي المسممألة‬
‫جميعها‪.‬‬
‫والممذين يأخممذون ببعممض النصمموص دون غيرهمما هممم أهممل البممدع‪،‬‬
‫وأغلب أهل البدع أخذوا بعض النصوص وردوا الباقي‪ ،‬كما هممو شممأن‬
‫القدرية والجبرية والخوارج مقلدين في ذلك ومتشبهين باليهود الذي‬
‫قال الله فيهم‪) :‬أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض(‪ ،‬وأما أهل‬
‫السنة فهم أهل الهدى‪ ،‬وسبيلهم إعمال النصوص جميعا ً دون إهمممال‬

‫)‪(84‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لواحد منها‪ ،‬وذلك بعد ثبوت صحتها‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬دين الله تعالى‪ ،‬دين شامل‪ ،‬ل يخرج عن هيمنته شيء من‬
‫شؤون الدنيا والخرة‪ ،‬فرسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم الممذي‬
‫علمنا كيفية الكل والشرب‪ ،‬بل ما هو أدق منهما‪ ،‬فل يعقل أن يترك‬
‫للناس ما هو من عظائم المور كشؤون السياسممة والحكممم ليتلعممب‬
‫بها الحكام تحت دعوى الضرورة السياسية‪ ،‬أو تحت دعوى المصلحة‬
‫الموهومة‪ ،‬لذلك فمن اعتقد أن للحاكم الحق في إصدار التشريعات‬
‫والقمموانين الممتي تخممالف ديممن اللممه تعممالى‪ ،‬ثممم أوجممب علممى النمماس‬
‫التزامها فهو بل شك كافر زنديق كما قرر أهل العلم‪.‬‬
‫قال المام محمد بن عبدالوهاب رحمممه اللممه تعممالى‪) :‬إن هممؤلء‬
‫الطواغيت الذين يعتقد النمماس فيهممم وجمموب الطاعممة مممن دون اللممه‬
‫كلهم كفار مرتدون عن السلم‪ ،‬كيف ل؟ وهم يحلون ما حممرم اللممه‪،‬‬
‫ويحرمون ما أحل الله‪ ،‬ويسعون في الرض فسممادا ً بقممولهم وفعلهممم‬
‫وتأييدهم‪ ،‬ومن جادل عنهممم أو أنكممر علممى مممن كّفرهممم‪ ،‬أو زعممم أن‬
‫فعلهم هذا لو كان باطل ً فل يخرجهم إلممى الكفممر‪ ،‬فأقممل أحمموال هممذا‬
‫المجادل أنه فاسق‪ ،‬لنه ل يصح دين السلم إل بممالبراءة مممن هممؤلء‬
‫وتكفيرهم(‪.‬‬
‫ولذلك يجب عرض كل شؤون الحكم والقضاء وأنظمة القتصمماد‬
‫والعلقات الخارجية والشؤون الداخلية على الشممرع‪ ،‬ول يخممرج عممن‬
‫الشرع شمميء منهمما ومممن ادعممى أن شمميئا ً مممن ذلممك بيممد الحمماكم ول‬
‫سلطان للشرع عليه فهو كافر خارج من المّلة‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬إن معرفة حكم الله تعالى في النظام هممو أمممر واجممب‪،‬‬
‫لما يترتب عليه من قضايا هي من صميم اليمممان والتوحيممد‪ ،‬أممما ممما‬
‫يترتب على ذلك من أحكام فهذا باب آخر‪ ،‬يتعلممق بالقممدرة والعممداد‬
‫واستكمال الشروط وانتفاء الموانع‪ ،‬لكن يلممزم وجمموب بيممان حقممائق‬
‫السلم جميعها‪ ،‬وأركان التوحيد كلها‪ ،‬حتى ُيعرف الحق من الباطممل‬
‫واليمان من الكفر ول تشتبه المفمماهيم والرايممات‪ ،‬فالبيممان هممو عهممد‬
‫الله إلينا‪}" ،‬لتبينّنه للناس ول تكتمونه{")آل عمران ‪ ،(187‬ومحاولة‬
‫كتم الحق فيما يتعلق بممأهم مسممائل الممدين تحممت أي دعمموى مسممألة‬
‫مرفوضة‪ ،‬كمحاولة الرهمماب الفكممري الممذي يمارسممه بعممض الشمميوخ‬
‫والعلممماء بقممولهم‪ :‬إن كشممف حقممائق الحكممام يممؤدي إلممى الخممروج‬
‫والفتنممة‪ ،‬فهممذا أمممر مرفمموض‪ ،‬لن الفتنممة العظمممى هممي كتممم الحممق‬
‫)‪(85‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وتزويره وتلبيسه على الناس وليس بيانه‪ ،‬ول يلزم من معرفة حكممم‬
‫النظام الخروج المباشر عليه فإن هذا منوط بالقدرة والستطاعة‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬إن معرفة حكم الله تعالى في الحكم والنظممام مناطهمما‬
‫ومرجعها إلى معرفة قيام الحكم بالواجبات التي فرضمها اللمه عليممه‪،‬‬
‫فالمامة إنما شرعت في السلم لتحقيق مقاصممد شممرعية ضممرورية‬
‫ومهمة‪.‬‬
‫إن مقاصممد الشممريعة ل تتحقممق كلهمما علممى المموجه المطلمموب إل‬
‫بتطبيق الحكام الشرعية‪ ،‬ورأس الحكام الشرعية هو إقامة الحكممم‬
‫بما أنزل الله ونبذ ما سواه‪ ،‬ثم قيام النظام بالمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكممر‪ ،‬وإقامممة العممدل فممي الحكممام والقضمماء‪ ،‬وإقامممة شممعائر‬
‫السلم الظاهرة ورعايتها‪ ،‬والتعامل مع رعيته وغيرهم علممى أسمماس‬
‫الحكم الشرعي‪ ،‬وحفظ الثغور وإعممداد الممة‪ ،‬وحفممظ المممال العممام‪،‬‬
‫وحمل الدعوة السلمية إلى العالم أجمع وغيرها مما هو مذكور فممي‬
‫كتب السياسة الشرعية‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬أن أمر مراقبة الحكام‪ ،‬وتطممبيق المممر الشممرعي بممالمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر هو أمر موكول إلى المة جميعهمما‪ ،‬لن‬
‫أمره صلى الله عليه وسلم بتغيير المنكر بمراتبه الشرعية المعروفة‬
‫هو أمر لجميع المة ولكل من رأى هذا المنكر‪ ،‬بقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪“ :‬من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسممانه‬
‫فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان” رواه مسلم‪ ،‬وهذا مممن‬
‫صيغ العموم لنه نكرة في سياق الشرط‪ ،‬ولم يأت ما يخصصه‪ ،‬وأما‬
‫أمره صلى الله عليه وسلم بالصبر على الحكممام الظلممة فهممو بعممدم‬
‫الخروج عليهم وليس بترك مراقبتهم وأمرهم ونهيهم فقد قال صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪] :‬سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جممائر‬
‫فأمره ونهاه فقتلممه{وهممذا مممن بمماب إعمممال جميممع النصمموص وعممدم‬
‫إهمال بعضها ول تعارض بينهما‪.‬‬
‫ة‬
‫ومن الضرورة بمكان استحضار هذه المقدمات عند طرح قضي ٍ‬
‫شرعية‪ ،‬وذلك لن كثيرا ً ممن يجممادل فممي قضممية شممائكة مثممل هممذه‬
‫القضية‪ ،‬ينسى المسّلمات الشرعية ويناقش من منطلقمات مائعمة ل‬
‫تعد مرجعا ً شرعيا ً يعتد به‪ ،‬فمثل ً رغم أن كثيرا ً ممن يلج هذا الميدان‬
‫يدعي اللتزام بطريقة أهل السنة والجماعة فإنك تجممده يصممبح أشممد‬
‫من المعتزلة في تعطيل النصوص والعتماد على التقدير العقلي في‬
‫)‪(86‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدفاع عن الحكام‪ ،‬وأشد من الصوفية في التسليم للحكممام‪ ،‬ولممذلك‬
‫كممان لبممد مممن تحديممد هممذه الثمموابت الشممرعية والعممودة إليهمما عنممد‬
‫الختلف وإل ضاعت القضية وتبعثر المر‪.‬‬
‫*****مممممممممممممم*****‬
‫ر‬
‫وقبل أن أبدأ الرد على المسألة الولممى أحممب أن أنبممه علممى أمم ٍ‬
‫ن إقامة خليفة للمسلمين يحكم بما أنزل الله ويسوس رعيتممه‬ ‫وهو‪ :‬أ ّ‬
‫بما أمر الله من أوجب الواجبات‪ ،‬وطاعته فيما ليس بمعصية لله من‬
‫أعظم القربات‪ ،‬لنه ل تستقيم أمور الناس بغيممر حمماكم يقمموم فيهممم‬
‫بأمر الله‪ ،‬ول يستقيم أمر الحكم إل بالجتماع والسمع والطاعة‪.‬‬
‫ولكن ل يصح الحكم والولية على المسلمين بما يفسد أمر دينهم‬
‫ودنياهم‪ ،‬فل يصح للحاكم الذي أمر الله بتنصيبه علمى المسملمين أن‬
‫ب لقامته‪.‬‬ ‫ص َ‬‫يحكم المسلمين بغير ما ُوضع من أجله‪ ،‬ون ُ ّ‬
‫ي أمممر‬ ‫مي ول ِ ّ‬‫س ّ‬
‫فالحاكم إنما وضع ليقيم أمور المسلمين؛ لذلك ُ‬
‫المسلمين‪ ،‬ومن أعظم أمور المسلمين إقامة شرع اللممه فيهممم‪ ،‬بممل‬
‫لم يوضع الحاكم إل لذلك‪ ،‬فإذا خالفه وحكم بما تمليممه عليممه نفسممه‪،‬‬
‫أو بقوانين مأخوذة من البشر‪ ،‬فل فائدة من وضممعه بممل ضممرر بقممائه‬
‫في الحكم من أعظم الضرر على المسلمين‪.‬‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر بطاعة ولة المممور قي ّممد‬
‫ذلك بقيامهم بكتاب الله والحكم به فعن يحيى بن حصين عممن جممدته‬
‫أم الحصين قال سمعتها تقول‪ :‬حججت مممع رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم حجة الوداع فرأيتممه حيممن رممى جممرة العقبمة وانصمرف‬
‫وهو على راحلته ومعه بلل وأسامة أحدهما يقود بممه راحلتممه والخممر‬
‫رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس‬
‫قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قول كثيرا ثممم سمممعته‬
‫مر عليكممم عبممد مجممدع )حسممبتها قممالت( أسممود يقممودكم‬ ‫ُ‬
‫يقول‪) :‬إن أ ّ‬
‫بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا(‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وفي لفظ‪) :‬لو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمممعوا‬
‫له وأطيعوا(‪ .‬رواه مسلم‬
‫مممر عليكممم عبممد‬ ‫وفي رواية الطبراني فممي المعجممم الكممبير‪) :‬إن أ ّ‬
‫حبشي مجدع فاسمعوا له ما أقام فيم كتاب الله تعالى(‪.‬‬
‫ن هذا المر في قريش‪ ،‬ل يعاديهم‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إ ّ‬

‫)‪(87‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أحد إل كّبه الله في النار على وجهه‪ ،‬ما أقاموا الدين( رواه البخاري‪.‬‬
‫فهممذه الحمماديث بّينممت أن طاعممة الحمماكم ل تكممون إل بشممرط أن‬
‫حمموا كتمماب‬ ‫يقودنا بكتاب الله ويقيم فينا الدين‪ ،‬ومفهومهمما أنهممم لممو ن ّ‬
‫الله وأقاموا فينا غيره فإنه ل سمع لهم ول طاعة‪.‬‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪” :‬والصل فممي مبايعممة المممام أن يبممايعه‬
‫على أن يعمل بممالحق ويقيممم الحممدود ويممأمر بممالمعروف وينهممي عممن‬
‫المنكر‪] .‬فتح الباري‪[13/203 :‬‬
‫وسوف يتبين لك فيما سيأتي أن الحكم بالقوانين الوضعية بممدل ً‬
‫عن حكم الله كفر أكبر‪ ،‬والحاكم المسلم لو طرأ عليه الكفممر وجممب‬
‫القيام عليه وخلعه باتفاق المسلمين‪ ،‬فإذا لمم يقمدروا فمإنهم يعمدون‬
‫دة لذلك‪.‬‬‫الع ّ‬
‫فإن قيل‪ :‬إن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عممن القيممام‬
‫ل علممى أن‬ ‫على أئمة الجور قممال‪) :‬ل ممما أقمماموا فيكممم الصمملة(‪ ،‬فممد ّ‬
‫الحاكم لو أقام الصلة فل يجوز القيام عليه‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬في هذا الحممديث دليممل علممى أن تممرك الصمملة كفممر إذا‬
‫جمعناه مع حديث‪) :‬ل إل أن تروا كفممرا ً بواحما ً عنممدكم فيمه مممن اللمه‬
‫برهان(‪ ،‬فيكون الحديث دليل ً على عممدم جممواز القيممام علممى الحمماكم‬
‫المسلم ولو كان فاسقًا‪ ،‬والحديث الخر يدل على أن الحاكم لو طرأ‬
‫ن ترك الصلة كفر بواح‪ ،‬ول يعنممي هممذا أنممه‬ ‫عليه الكفر فإنه يخلع‪ ،‬وأ ّ‬
‫لو أقام الصلة وكفر من جهة أخرى أنه ل يقام عليه‪ ،‬بل غاية ما في‬
‫الحديث أنه بين أن ترك الصلة من الكفر البواح‪ ،‬وكما نؤمر بالقيممام‬
‫عليه إذا كفممر بممترك الصملة نممؤمر بالقيمام عليمه إذا كفمر بغيمر تممرك‬
‫ن مناط الحكم هو الكفر‪ ،‬فمممتى وقممع منممه الكفممر البممواح‬ ‫الصلة إذ أ ّ‬
‫وتوفرت فيه الشروط وانتفت الموانع وجب القيام عليه وخلعه‪.‬‬
‫إذا تبين هذا فاعلم أن الحكم والتشريع هو من أخص خصوصمميات‬
‫الربوبية إذ أن الخالق المدبر المالك هممو القممادر وحممده علممى إصمملح‬
‫وإقامة أمور خلقه في جميع شؤونهم‪ ،‬ومسممألة الحاكميممة لهمما تعلممق‬
‫وثيق وكبير بتوحيد اللوهية والربوبية والسماء والصفات‪.‬‬
‫‪ -‬أما تعلقها بتوحيد اللوهية فإن الله سبحانه تعّبدنا بالتحاكم إلممى‬
‫شريعته التي أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ونحممن عنممدما‬
‫نتحاكم إلى شريعته نكون بذلك متعبدون له متقربمون إليمه بممالرجوع‬

‫)‪(88‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إلى شريعته‪ ،‬وبهذا تعلم أن التحاكم إلممى شممريعته عبممادة ُِأمرنمما بهمما؛‬
‫فكما أننا نتعّبمد للمه بفعممل مما أممره مممن الصمملوات والصميام والحممج‬
‫ونحوها فإننا كذلك نتعّبد له سبحانه بالتحاكم إلممى شممريعته والرجمموع‬
‫إلممى حكمممه والخضمموع لشممرعه والنقيمماد لمممره لممذلك نجممد أن اللممه‬
‫سبحانه قرن بين توحيد اللوهية وتوحيده في الحكم فممي كتممابه فممي‬
‫قوله تعالى‪] :‬إن الحكم إل لله أمر أل تعبدوا إل إياه{ يوسف‪.40/‬‬
‫والدين جاء شامل ً لجميع مناحي الحياة وفيه حكم كل شمميء كممما‬
‫قال تعالى‪] :‬ما فّرطنا في الكتاب من شميء{ وقمال سمبحانه‪] :‬ومما‬
‫اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله{ وقممال‪] :‬فممإن تنممازعتم فممي‬
‫شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الخر{‬
‫فممانظر كيممف جعممل اللممه اليمممان بممه وبمماليوم الخممر مشممروطا ً بممرد‬
‫المتناَزع فيه إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فالذي يممترك التحمماكم إلممى شممرع اللممه الممذي هممو عيممن الحكمممة‬
‫والمصلحة والعدل ويذهب ليتحاكم إلى أحكام أخرى منسوخة أو من‬
‫ن هذا بين أمرين‪:‬‬‫وضع البشر فإ ّ‬
‫‪ -‬إممما أن يعتقممد أن حكممم اللممه ليممس بعممدل أو ليممس فيممه تمممام‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫‪ -‬وإما أن يعتقد عدله وصلحه ولكن ل يرضى أن يتحاكم إليه‪.‬‬
‫وكلهما كفر كما قال تعالى‪] :‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك‬
‫فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا ً مما قضيت ويسلموا‬
‫تسليما{ وكما قال تعالى‪] :‬وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهممم‬
‫إذا فريق منهم معرضون* وإن يكن لهم الحق يممأتوا إليممه مممذعنين *‬
‫أفممي قلمموبهم مممرض أم ارتممابوا أم يخممافون أن يحيممف اللممه عليهممم‬
‫ورسوله بل أولئك هم الظالمون{ وقال سبحانه‪] :‬ألم تر إلى الممذين‬
‫يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنممزل مممن قبلممك يريممدون أن‬
‫يتحاكموا إلى الطمماغوت وقممد أمممروا أن يكفممروا بممه{ فالتحمماكم إلممى‬
‫الطاغوت ينافي الكفر به‪ ،‬والله سبحانه أمرنمما باليمممان بممه وبممالكفر‬
‫بالطمماغوت‪ ،‬والتوحيممد الخممالص إنممما يكممون باليمممان بممالله والكفممر‬
‫بالطاغوت كما قال تعالى‪] :‬فمن يكفر بالطاغوت ويممؤمن بممالله فقمد‬
‫استمسممك بممالعروة المموثقى{ فتوحيممد اللوهيممة إنممما يكممون بممإخلص‬
‫ة مممن‬ ‫العبادة لله والكفر بالطاغوت لذلك جاءت كلمة التوحيممد مركب م ً‬

‫)‪(89‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫النفي والثبات فم)ل إله( نفي لكل ما ُيعبد من دون اللممه‪ ،‬و)إل اللممه(‬
‫إثبات العبادة لله وحده‪.‬‬
‫وتأمل حممال الطممواغيت الحمماكمين بحكممم الطمماغوت وحممال أولئك‬
‫المنافقين الذين ذكرهم الله في قوله‪] :‬ألم تر إلممى الممذين يزعمممون‬
‫أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلممك يريممدون أن يتحمماكموا‬
‫إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا بممه ويريممد الشمميطان أن يضمملهم‬
‫ضلل ً بعيدا ً * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ممما أنممزل اللممه وإلممى الرسممول‬
‫رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ً * فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما‬
‫قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إل إحسممانا ً وتوفيقمما{‬
‫ح ومنكممرٍ علممى أولئك الطممواغيت الممذين يحكمممون‬ ‫فكممم مممن ناصمم ٍ‬
‫كبر وصلف عن دعمماة الحممق‬ ‫بالقوانين الوضعية ولكنهم يصدون بكل ِ‬
‫والتوحيد‪ ،‬ويرتمون في أحضان أئمة الكفر من الشرقيين والغربيين‪،‬‬
‫ويسممتمدون منهممم الحكممم والقمموانين ومممن مجالسممهم التشممريعية‬
‫الشركية الكفرية التي يسممخرون فيهمما مممن اللممه وأحكممامه ويجعلممون‬
‫التشريع حقا ً لهم وللشعب‪ ،‬لُيظهروا لسيادهم صدق الممولء وحقيقممة‬
‫العمالممة والعبوديممة‪ ،‬حممتى يقرهممم السممياد علممى كراسممي الحكممم ول‬
‫يستبدلوهم بغيرهم‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله‪ :‬وتحكيم شرع الله وحده‬
‫دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه إذ مضمممون‬
‫الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده ل شممريك لممه‪ ،‬وأن يكممون‬
‫محك ّممم ممما جمماء بممه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬هممو المّتبممع ال ُ‬
‫فقط‪ ،‬ول جردت سيوف الجهاد إل من أجممل ذلممك‪ ،‬والقيممام بممه فع ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وتركًا‪ ،‬وتحكيما ً عنممد النممزاع‪ .‬اهممم]فتمماوى الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم‬
‫)رسالة تحكيم القوانين( ‪.[12/251‬‬
‫وقال المام الشنقيطي رحمه الله‪" :‬الشممراك بممالله فممي حكمممه‪،‬‬
‫والشراك به فممي عبممادته كلهمما بمعنممى واحممد‪ ،‬ل فممرق بينهممما البتممة‪،‬‬
‫فالذي يتبع نظاما ً غير نظام الله‪ ،‬وتشريعا ً غيممر تشممريع اللممه‪ ،‬كالممذي‬
‫يعبد الصنم ويسجد للوثن‪ ،‬ول فرق بينهما البتممة بمموجه مممن الوجمموه‪،‬‬
‫فهما واحد‪ ،‬وكلهما مشرك بالله‪] .‬الحاكمية في تفسير أضواء البيان‬
‫لعبدالرحمن السديس ص ‪ = 53 ،52‬باختصار‪ ،‬وانظر أضواء البيان‬
‫للشنقيطي ‪.[7/162‬‬
‫والذي يحكم بغير ما أنزل الله هو من الطممواغيت الممتي ُأمرنمما أن‬
‫)‪(90‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫نكفر بها‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده‬
‫من معبود أو متبوع أو مطاع‪ ،‬فطاغوت كل قوم ٍ من يتحمماكمون إليممه‬
‫غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو يعبدونه من دون الله‪ ،‬أو‬
‫يتبعونه على غير بصيرة مممن اللممه‪ ،‬أو يطيعممونه فيممما ل يعلمممون أنممه‬
‫ملتهمما وتممأملت أحمموال النمماس‬ ‫طاعة لله‪ ،‬فهذه طواغيت العممالم إذا تأ ّ‬
‫معها رأيت أكثرهم أعرض عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت‪ ،‬وعن‬
‫التحاكم إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسمملم إلممى التحمماكم‬
‫إلى الطاغوت‪ ،‬وعن طاعته ومتابعة رسوله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫إلى طاعة الطاغوت ومتابعته‪ .‬اهم]إعلم الموقعين‪،‬ج ‪،1‬ص ‪.[50‬‬
‫وقال المام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬والطواغيت كممثيرة‬
‫ورؤوسهم خمسة‪ :‬الول‪ :‬الشيطان‪ ...‬والثاني‪ :‬الحاكم الجائر المغيممر‬
‫لحكام الله‪ ...‬والثالث‪ :‬الذي يحكم بغير ما أنزل الله‪ ...‬الرابع‪ :‬الممذي‬
‫دعي علم الغيب من دون الله‪ ...‬الخامس‪ :‬الذي ُيعبد من دون اللممه‬ ‫ي ّ‬
‫ض بالعبادة‪ .‬اهم‬
‫وهو را ٍ‬
‫إذا تبين هذا فاعلم أن الحكم بين الناس فيه صممفة العلممو والقهممر‬
‫والملك وانقيادهم للحكممم فيممه معنممى الممذل والخضمموع والستسمملم‪،‬‬
‫وهذا هو معنى العبودية فإن العبادة مأخوذة من التعبد وهممي التممذلل‬
‫والخضوع‪ُ ،‬يقال طريق معّبد أي مذلل‪ ،‬وعلى هذا فل يجوز ول يصممح‬
‫مممن علمموه سممبحانه علممى‬ ‫أن يكون القهر العلو على الخلق إل للممه‪ ،‬و ِ‬
‫م والفصممل بينهممم‪ ،‬ول يجمموز أن يكممون الخضمموع والممذل‬ ‫خلقممه الحك م ُ‬
‫والستسمملم مممن المخلمموقين إل لخممالقهم سممبحانه‪ ،‬ومممن الممذل‬
‫والخضوع له سبحانه الذل والخضوع لحكمه وشرعه‪.‬‬
‫فمممن وضممع القمموانين المخالفممة لشممرع اللممه وأمممَر بممالحكم بهمما‬
‫والتحاكم إليها وألممزم النمماس أن يخضممعوا لهمما ويستسملموا لهما فممإنه‬
‫ينازع الله في علوه وملكه وقهره وربمموبيته وعبممادته وتشممريعه وهممو‬
‫بذلك طاغوت جعل من نفسه ند ّا ً لله‪ ،‬والذي يخضع ويذل ويستسمملم‬
‫ويرضى بحكمه عابد ٌ له من دون الله‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمممه اللممه‪" :‬فالسمملم يتضمممن الستسمملم للممه‬
‫وحده‪ ،‬فمن استسلم له ولغيره كان مشركًا‪ ،‬ومممن لممم يستسمملم لممه‬
‫كان مستكبرا ً عن عبادته‪ ،‬والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر‪،‬‬

‫)‪(91‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والستسلم له وحده يتضمن عبادته وحده‪ ،‬وطاعته وحده‪] .‬مجممموع‬
‫الفتاوى ‪.[3/91‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪ :‬من تحاكم أو حاكم إلممى غيممر ممما جمماء‬
‫عن الرسول فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليممه‪ ،‬وقممد أمرنمما سممبحانه‬
‫باجتنمماب الطمماغوت قممال سممبحانه‪" :‬والممذين اجتنبمموا الطمماغوت أن‬
‫يعبدوها" فالحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع مممن أنممواع العبممادة‬
‫التي أمر الله بهجرها واجتنابها‪ .‬اهم ]إعلم الموقعين‪.[1/49 ،‬‬
‫خضمموع‬ ‫وقال الشيخ محمد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬و ُ‬
‫ن خلقهمم‬ ‫مم ْ‬
‫حكمم َ‬ ‫الناس ورضمموخهم لحكممم رّبهممم خضموعٌ ورضممو ٌ‬
‫خ لِ ُ‬
‫ن إل ّ إيمماه ول‬
‫ه‪ ،‬ول يعبممدو َ‬ ‫تعالى ليعبدوه فكما ل يسجد ُ الخل مقُ إل ّ لل م ِ‬
‫يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقممادوا‬
‫حكم الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ .‬اهم‬ ‫إل ّ ل ُ‬
‫كم القانون أنا أعتقد أنممه باطممل‬ ‫وقال رحمه الله‪" :‬لو قال من ح ّ‬
‫ل للشرع‪ ،‬كما لو قال أحد‪ :‬أنا أعبد الوثممان‬ ‫فهذا ل أثر له‪ ،‬بل هو عز ٌ‬
‫وأعتقد أنها باطلة‪] .‬فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم‪.[189/6،‬‬
‫هذا من جهة تعلق الحاكمية بتوحيد اللوهية‪.‬‬
‫‪ -‬أما تعلقهمما بتوحيممد الربوبيممة فممإن اللمه سممبحانه هممو الممذي خلممق‬
‫الخلق وهو مالكهم وهم عبيده وهو أعلم سبحانه بما ُيصمملح أمممورهم‬
‫وُيقيم حياتهم‪ ،‬والرب هو السيد والمالك والمصلح والمدبر والمربي‪،‬‬
‫فالسيد هو الذي يحكم في عبيده‪ ،‬والمالمك والممدبر همو المذي ُيمدير‬
‫أمور مملوكيه ويفصل بينهم‪ ،‬والمصلح هو الذي يصلح شممؤون خلقممه‬
‫وُيقيمها على أكمل وجه‪ ،‬والمربي هو الذي يربي خلقه بنعمممه‪ ،‬ومممن‬
‫أعظم نعمه أن يتولى الفصل بينهممم والحكممم بينهممم بممما تسممتقيم بممه‬
‫أمور معاشهم ومعادهم‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لقمموله‬
‫تعالى‪) :‬مالك يوم الدين(‪ :‬المالك‪ :‬هو من اتصف بصفة الملممك الممتي‬
‫من آثارها أنه يأمر وينهى‪ ,‬ويثيب ويعاقب‪ ,‬ويتصرف بمماليكه بجميممع‬
‫أنواع التصرفات‪ .‬اهم‬
‫والتحمماكم إلممى شممريعته مممن أعظممم ممما ُيظهممر خضمموع خلقممه لممه‬
‫واستقامتهم على دينه ورجوعهم إليه في جميممع أمممورهم‪ ،‬والتحمماكم‬
‫إلى شريعته دليل صدق اليمان به والنقياد له كما قال تعالى‪] :‬فممإن‬

‫)‪(92‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتممم تؤمنممون بممالله‬
‫ذا د ُعُمموا إ ِل َممى الل ّم ِ‬
‫ه‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ق َ مو ْ َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫واليوم الخر{‪ ،‬وقال‪] :‬إ ِن ّ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫معَْنا وَأط َعْن َممما وَأوْل َئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ك هُممم ُ‬ ‫سممم ِ‬ ‫م أن ي َُقول ُممموا َ‬ ‫حك ُممم َ‬
‫م ب َي ْن َهُممم ْ‬ ‫سمممول ِهِ ل ِي َ ْ‬ ‫وََر ُ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مْفل ِ ُ‬
‫وكونه سبحانه )الرب( يستلزم أن يشرع لخلقممه مممن الحكممام ممما‬
‫تقمموم بممه مصممالح حيمماتهم‪ ،‬ول يممترك المممر إلممى عقممولهم القاصممرة‬
‫وأفهامهم المختلفة المتفاوتة فيقع التنازع والشممقاق وتعممم الفوضممى‬
‫في المجتمع المسلم‪ ،‬وتعود الجاهلية وشريعة الغاب هي التي تحكم‬
‫بين النمماس‪ ،‬ول يخفممى علممى المطلممع علممى أحمموال العممالم الفوضممى‬
‫والتسلط والتفرق الذي ساد أكثر بلدان العالم‪ ،‬وما ذلممك إل ببعممدهم‬
‫عممن المموحي وتحكيممم الشممريعة ورجمموعهم إلممى عقممولهم الكاسممدة‬
‫القاصرة في سياسة الشعوب والمم‪.‬‬
‫فمممن شمّرع القمموانين الوضممعية وجعلهمما هممي الحكممم بيممن النمماس‬
‫يرجعون إليها ويصدرون عنها وينقادون لهمما فممإنه قممد نممازع اللممه فممي‬
‫ربوبيته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي حينما سمع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يقرأ قولمه تعالى‪] :‬اتخذوا أحبممارهم ورهبممانهم‬
‫أربابما ً مممن دون اللممه والمسمميح ابممن مريممم‪ {..‬قممال عممدي‪ :‬إنمما لسممنا‬
‫نعبدهم‪ ،‬فقال له النبي صلى الله عليه وسمملم‪) :‬أليممس يحلممون لكممم‬
‫الحرام فتحلونه ويحمرمون عليكممم الحلل فتحرممممونه؟( قممال‪ :‬بلممى‪.‬‬
‫قال‪) :‬فتلك عبادتهم(‪.‬‬
‫فأولئك الذين أحلمموا الحممرام وحرممموا الحلل قممد جعلمموا أنفسممهم‬
‫أربابا ً يشرعون مع الله‪ ،‬والممذين أطمماعوهم قممد اتخممذوهم أرباب ما ً مممن‬
‫دون اللممه حيممن أطمماعوهم وخضممعوا لحكمهممم فممي شمميء هممو مممن‬
‫خصوصيات الرب سبحانه‪.‬‬
‫قال أبو البحتري في حديث عدي المتقدم‪ :‬أما إنهم لممم يصمملوا لهممم‪،‬‬
‫ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطماعوهم‪ ،‬ولكمن أمروهمم‬
‫فجعلوا حلل الله حرامممه‪ ،‬وحرامممه حللممه‪ ،‬فأطمماعوهم فكممانت تلممك‬
‫الربوبية‪.‬‬
‫يقول الشنقيطي رحمه الله‪ :‬لمما كمان التشمريع وجميمع الحكمام‪،‬‬
‫شرعية كانت أو كونية قدرية‪ ،‬من خصائص الربوبية‪ ...‬كممان كممل مممن‬
‫اتبع تشريعا ً غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشّرع ربمًا‪ ،‬وأشممركه مممع‬
‫الله‪ .‬اهم]أضواء البيان ‪.[7/169‬‬
‫)‪(93‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويقول محمد رشيد رضا في بيان معنى الشرك في الربوبية‪":‬هممو‬
‫إسناد الخلق والتدبير إلى غير الله تعالى أو معه‪ ،‬أو أن تؤخذ أحكممام‬
‫الدين في عبادة الله تعالى والتحليممل والتحريممم عممن غيممره‪ ،‬أي غيممر‬
‫كتابه ووحيه الذي بّلغه عنه رسله‪] .‬تفسير المنار ‪.[2/55‬‬
‫ويقول العز بن عبدالسلم‪ " :‬وتفرد الله بالطاعة لختصاصه بنعم‬
‫النشاء والبقاء والتغذية والصلح الديني والدنيوي‪ ،‬فما مممن خيممر إل‬
‫ضر إل هو سالبه‪ ...‬وكذلك ل حكم إل له‪] .‬قواعممد‬ ‫هو جالبه‪ ،‬وما من ُ‬
‫الحكام ‪.[2/134،135‬‬
‫‪ -‬وأما تعلق الحاكمية بتوحيد السماء والصمفات فمإن ممن أسمماء‬
‫الله تعالى وصفاته أنممه الحكيممم والحكممم والعممدل وذلممك يسممتلزم أن‬
‫يشرع لعباده الحكام التي ُتقيم حياتهم على الوجه الصحيح‪ ،‬ويفصل‬
‫بينهم فيما تنازعوا فيه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما{ ]النعام‪ ،‬آية ‪.[114‬‬ ‫حك َ ً‬‫قال تعالى‪} - :‬أفَغَي َْر الل ّهِ أب ْت َِغي َ‬
‫خْيممُر‬‫همموَ َ‬ ‫ه ب َي ْن ََنمما وَ ُ‬‫م الّلمم ُ‬ ‫كمم َ‬ ‫ح ُ‬‫حّتممى ي َ ْ‬ ‫صممب ُِروا ْ َ‬ ‫وقممال سممبحانه‪َ} - :‬فا ْ‬
‫ن{ ]العراف‪ ،‬آية ‪.[87‬‬ ‫مي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حاك ِ ِ‬
‫وقال عز وجل‪} -:‬أ َل َيس الل ّ َ‬
‫ن{ ]التين‪ ،‬آية ‪.[8‬‬ ‫مي َ‬ ‫حاك ِ ِ‬‫حك َم ِ ال ْ َ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫وإن اليمان بهذا السم يوجب التحمماكم إلممى شممرع اللممه وحممده ل‬
‫َ‬
‫دا{ ]الكهممف‪،‬‬ ‫حم ً‬ ‫م مه ِ أ َ‬ ‫حك ْ ِ‬‫ك فِممي ُ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫شريك له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ} :‬ول ي ُ ْ‬
‫ه{‬ ‫ه إ ِل َممى الل ّم ِ‬ ‫مم ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫يٍء فَ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫م ِفيهِ ِ‬ ‫خت َل َْفت ُ ْ‬‫ما ا ْ‬
‫‪ ،[26‬وقال سبحانه‪] :‬وَ َ‬
‫]الشورى‪،‬آية ‪.[10‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪ " -:‬إن اللممه هممو الحكممم وإليممه الحكممم‪.‬‬
‫"]أخرجه أبو داوود وصححه اللباني[‪.‬‬
‫ومن أسمائه سممبحانه الرحمممن الرحيممم وذلممك يسممتلزم أن يرحممم‬
‫عباده فيشرع لهم الحكام المتضمنة لسعادتهم في الدارين‪ ،‬وحكمه‬
‫وتشريعه لعباده من آثار رحمته بعباده‪.‬‬
‫ومن أسمائه سبحانه وصممفاته أنممه المالممك الخممالق المممدبر وذلممك‬
‫يستلزم أل يترك مملوكيه وخلقه بل شريعة تحكمهممم وتفصممل بينهممم‬
‫وتنشر العدل في أوساطهم‪.‬‬
‫قال الشنقيطي رحمه الله‪ ":‬فمن اليات القرآنية التي أوضممح بهمما‬
‫م‬‫خت َل َْفُتمم ْ‬
‫ممما ا ْ‬
‫تعالى صفات من له الحكم والتشريع‪ ،‬قوله تعالى‪} - :‬وَ َ‬
‫ه{ ثم قال مبينا ً صفات من له الحكم‪-:‬‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬
‫م ُ‬‫حك ْ ُ‬‫يٍء فَ ُ‬ ‫من َ‬
‫ش ْ‬ ‫ِفيهِ ِ‬
‫)‪(94‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫سم َ‬ ‫ب }‪َ{10‬فماط ُِر ال ّ‬ ‫ت وَإ ِل َْيمهِ أِنيم ُ‬ ‫ه َرّبمي عَل َْيمهِ َتموَك ّل ْ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫}ذ َل ِك ُ ُ‬
‫َ‬ ‫كم من َأنُفسك ُ َ‬
‫م‬ ‫جمما ي َمذ َْرؤُك ُ ْ‬ ‫ن ال َن ْعَممام ِ أْزَوا ً‬ ‫مم َ‬
‫جا وَ ِ‬ ‫م أْزَوا ً‬ ‫ِ ْ‬ ‫ل لَ ُ ّ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ض َ‬ ‫َوالْر ِ‬
‫َ‬
‫مَقاِليممد ُ‬ ‫ه َ‬ ‫صمميُر }‪َ {11‬لمم ُ‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫سمم ِ‬‫همموَ ال ّ‬ ‫يٌء وَ ُ‬ ‫شمم ْ‬ ‫مث ِْلممهِ َ‬‫س كَ ِ‬ ‫ِفيممهِ ل َْيمم َ‬
‫يٍء‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُم ّ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬
‫شم ْ‬ ‫شمماء وَي َْق مدُِر إ ِن ّم ُ‬ ‫ط الّرْزقَ ل ِ َ‬ ‫ض ي َب ْ ُ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫م{ ]الشورى‪ ،‬آيات ‪.[12-10‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫فهممل فممي الكفممرة الفجممرة المش مّرعين للنظممم الشمميطانية‪ ،‬مممن‬
‫ل عليممه‪،‬‬ ‫يستحق أن يوصف بأنه الرب الذي تفوض إليه المور‪ ،‬وُيتوك ُ‬
‫وأنه فمماطر السممموات والرض أي خالقهممما ومخترعهممما‪ ،‬علممى غيممر‬
‫مثال سابق‪ ،‬وأنه هو الذي خلق للبشر أزواجًا‪ ...‬؟‬
‫فعليكم أيها المسلمون أن تتفهموا صفات من يستحق أن ُيشممّرع‬
‫ويحلل ويحرم‪ ،‬ول تقبلمموا تشمريعا ً ممن كمافر خسمميس حقيمر جاهمل‪.‬‬
‫]أضواء البيان ‪[168 - 7/163‬‬
‫وبعد هذا أقول‪ :‬لممو أن أحممدا ً مممن العلممماء جعممل توحيممد الحاكميممة‬
‫قسما ً من أقسام التوحيد فإن له وجها ً ول ُيثّرب عليممه‪ ،‬لن المسممألة‬
‫ت‬ ‫اجتهادية مبنية على استقراء الدلة‪ ،‬فل وجه للنكار عليه وقممد رأي م َ‬
‫تعلقها بجميع أنواع التوحيد‪ ،‬وهكذا المر في أقسام التوحيد الخممرى‬
‫فإن لها تعلقا ً ببعضها فمثل ً كون الله هو الرب يلممزم ذلممك أن نفممرده‬
‫بالعبممادة لن الممرب هممو المالممك الخممالق المممدبر ونحممن المملوكممون‬
‫المدّبرون فل يصممح أن نعبممد مممن هممو مملمموك مثلنمما ومممدّبر مثلنمما أو‬
‫نشركه في العبممادة‪ ،‬وكممذلك كممون اللممه هممو الغنممي القممدير يلممزم أن‬
‫نخلص له العبادة لنه صاحب الغنى المطلق والقدير على كل شمميء‬
‫فل يصح أن نعبد الفقير‪ ،‬ول العاجز الذي قدرته قاصرة وتحت قممدرة‬
‫الله‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وابممن القيممم رحمممه اللممه نجممده أحيانمما ً يقسممم التوحيممد إلممى‬
‫قسمين‪:‬توحيد المعرفة والثبات‪ ..‬وتوحيد القصد والطلممب‪ ..‬فيقصممد‬
‫بتوحيد المعرفة والثبات توحيد الربوبية وتوحيممد السممماء والصممفات‪،‬‬
‫وبتوحيد القصد والطلب توحيد اللوهية‪ ،‬فالمر اجتهادي مبنممي علممى‬
‫استقراء الدلة‪.‬‬
‫ولكن الذي غفل عنه كثير من طلبة العلم هو أن مممن أنكممر هممذا‬
‫رفت‬ ‫القسم أعني توحيد الحاكمية يقصدون وراء ذلك أمورا ً أخرى عُ ِ‬
‫من كلمهم ومناقشاتهم‪ ،‬وهو أن يبرروا للطواغيت تركهم للحكم بما‬

‫)‪(95‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ونوا في نفوس المسلمين الحكممم بشممريعة الطمماغوت‪،‬‬ ‫أنزل الله ويه ّ‬
‫وممما علممموا أن ذلممك مممن أعظممم أسممباب انتشممار الفسمماد فممي بلد‬
‫دعي السمملم ل ي ُممرى أثممر‬ ‫دعي السلم وحكومة ت م ّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬فبلد ٌ ي ّ‬
‫السلم في بلدهم إل بالمساجد وأصوات الذان بينما شؤون الحيمماة‬
‫يسودها حكم الطاغوت‪ ،‬وكأن السلم صار رهبانية ل ُيعممرف إل فممي‬
‫المساجد ودور العبادة كما هو المر عند اليهود والنصارى‪ ،‬وهذه هي‬
‫علمانية التي ينادي بها ويدعوا إليها الغرب الكافر وهي حصر الدين‬ ‫ال َ‬
‫في المساجد وأماكن العبادة وترك شؤون السياسممة والحكممم لهلهمما‬
‫من الحكام المتسلطين على الشعوب‪ ،‬فإن العلمانية أول ممما قممامت‬
‫في فرنسا حين كان الساسة مرتبطون ارتباطا ً وثيقا ً برجال الكنيسة‬
‫فثار الشعب وقال‪ :‬أشنقوا آخر حاكم بأمعمماء آخممر قسمميس‪ ،‬وقممامت‬
‫صل أمر السياسة عن الكنيسة مع ارتباط معها فيممما‬ ‫الثورة وبعدها فُ ِ‬
‫يتعلق بنشر النصرانية والدعوة إليها‪ ،‬وهكذا يريد حكام معظم الدول‬
‫السلمية أن يفصلوا أمور السياسة عن الدين وقد فعلوا‪ ،‬وسمماندهم‬
‫في ذلك وأعانهم عليه بعض من ينتسب إلممى العلممم‪ ،‬بقصممد أو بغيممر‬
‫قصد‪.‬‬
‫وكما يردد بعضهم‪ :‬من السياسة ترك السياسة‪.‬‬
‫وكممما يممأمر بعممض المتفقهممة تلميممذهم بعممدم التممدخل فممي أمممور‬
‫السياسة‪.‬‬
‫ولو قيل لحدهم إنك علماني لغضب وأنكر‪ ،‬ولكن لو نظممرت إلممى‬
‫دعوته لرأيت أنها تشابه دعوة العلمانيين‪ ،‬فالعلمانيون يريدون فصل‬
‫الدين عن الدولة‪ ،‬وهؤلء عندما ينصحون غيرهممم بعممدم التممدخل فممي‬
‫ن أمممور السياسممة‬ ‫أمور السياسة إنما يمهدون الطريق للعلمانيين‪ ،‬ل ّ‬
‫ن الشرع تشمل أحكامه أمممور‬ ‫لبد ّ أن تكون خاضعة لحكم الشرع فإ ّ‬
‫العبادة وأمور المعاملة‪ ،‬والسياسة منها ممما هممو داخممل ضمممن المممور‬
‫التعبدّية ومنها ما هممو مممن بمماب المعمماملت زكلهممما يجممب أن يكممون‬
‫تحت سمملطان الشممرع وحكمممه‪ ،‬والشممريعة هممي الحك َممم علممى جميممع‬
‫التصرفات سواء في العبادة أو المعاملة‪.‬‬
‫فعندما يأمر بعممض العلممماء أو الممدعاة النمماسَ بعممدم التممدخل فممي‬
‫السياسة يتسّنى للحكام أن يخرجمموا عممن أحكممام الشممرع ويسوسمموا‬
‫بلدان المسلمين بالحكام المخالفة لممدين اللممه وهممذه هممي العلمانيممة‬
‫التي يطالب بهمما الغممرب الكممافر‪ ،‬وإنممما اختلفممت طريقممة القيممام بهمما‬
‫)‪(96‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالغرب أقام العلمانية بالثورة‪ ،‬وهؤلء يريدون إقامتها بترك التممدخل‬
‫في شؤون السياسة‪ ،‬والثمرة واحدة وهي فصل الدين عن الدولة‪.‬‬
‫وهكذا أصبح حال الشريعة وحال من ينادي بتطبيقها كحال اليتممام‬
‫في موائد اللئام‪.‬‬
‫وبعد هذا الستطراد الذي له علقممة بموضمموع الحاكميممة أقممول‪ :‬ل‬
‫ُيفهم من جعل الحاكمية من أقسام التوحيد كفُر كممل مممن لمم يحكممم‬
‫ل‪ ،‬كممما أن الشممرك‬ ‫بما أنممزل اللممه مطلقما ً فممإن فممي المسممألة تفصممي ً‬
‫ينقسم إلى أكبر وأصغر‪ ،‬والكفمر إلمى أصمغر وأكمبر‪ ،‬فكمذلك الحكمم‬
‫بغير ما أنزل الله قد يكون كفرا ً أصغر وقد يكون كفرا ً أكبر‪ ،‬وسيأتي‬
‫مزيد من التفصيل في هذا المر أن شاء الله‪.‬‬
‫وآن أوان الشروع في الموضوع فأقول مستعينا ً بالله‪:‬‬
‫إن الحكم بغير ما أنزل الله يكون كفممرا ُ أكممبر مخرج ما ً مممن الملممة‬
‫ويكون كفرا ً أصغر غير مخرج من الملة ونحن نتفق مع المؤلف فممي‬
‫الصور التي ذكر أنها من الكفر الكبر فهو قد ذكر خمس صور‪:‬‬
‫الولى‪ /‬أن يجحد حكم الله‪.‬‬
‫وز الحكم بغير ما أنزل الله‪.‬‬ ‫الثانية‪ /‬أن يج ّ‬
‫الثالثة‪ /‬أن يسوي حكم غير الله بحكم الله‪.‬‬
‫الرابعة‪ /‬أن يفضل حكم غير الله على حكم الله‪.‬‬
‫الخامسة‪ /‬أن يحكم بغير ما أنزل الله على أنه حكم الله‪.‬‬
‫وأزيد السادسة‪ /‬أن يعتقد أن حكم الله ل يناسب هذا العصر‪.‬‬
‫حي حكممم اللممه‬ ‫والسابعة‪ /‬أن يستبدل حكم الله بحكم غيره بأن ُين ّ‬
‫وُيقيم حكم غيره مقامه‪ ،‬سواء كان ذلممك الحكممم مممن عنممد نفسممه أو‬
‫مممن عنممد غيممره‪ ،‬وهممذه المسممألة هممي الممتي يخالفنمما فيهمما المؤلممف‪،‬‬
‫وسأوردها بشيء من التفصيل‪.‬‬
‫ولكي ل أطيل أبدأ في محل النزاع فأقول‪:‬‬
‫الحاكم بغير ما أنزل الله ل يخلو من أحوال‪:‬‬
‫الحالة الولى ‪/‬أن يحكممم بغيممر ممما أنممزل اللمه فممي قضمميةٍ ونحوهمما‬
‫بدافع الرشمموة أو الهمموى أو غيممر ذلممك مممع الممتزامه بحكممم اللممه فممي‬
‫الصل‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ /‬أن يأتي بقوانين من نفسه ويحكم بها مختارًا‪.‬‬

‫)‪(97‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحالة الثالثة‪ /‬أن يقتبس القوانين من دسماتير أخمرى ويحكممم بهمما‬
‫مختارًا‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‪ /‬أن يحكم بقوانين الحاكم الذي سبقه مختارًا‪.‬‬
‫الحالة الخامسة‪ /‬أن يحكم بالقوانين المخالفة لشرع الله مكرهًا‪.‬‬
‫الحالة السادسة‪ /‬أن يحكم بالقوانين المخالفة لشرع الله جاه ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الولى‪ :‬فمن حكم بغير ما أنزل اللممه فممي قضممية ونحوهمما‬
‫مع علمه وإقراره بوجوب الحكم بما أنزل الله ولكن بممدافع الرشمموة‬
‫أو الهوى عدل عن حكم الشرع مع اعترافه في نفسه أنممه مخطيممء‬
‫ولم يجعل الحكم المخالف للشرع بديل ً عن حكم الشرع فهذا كفممره‬
‫كفر أصغر ل يخرج من الملة وعليه يحمممل قممول ابممن عبمماس رضممي‬
‫الله عنهما؛ فإنه قال ذلك فمي عهمد بنممي أميممة وهممم كمانوا يحكمممون‬
‫بالشرع ولكن كان يقع مممن بعضممهم ظلممم فممي الحكممم‪ ،‬ولممم يضممعوا‬
‫أحكاما ً مخالفة لحكم الله بدل ً عن حكم الله ويلزموا الناس بها‪ ،‬فلممم‬
‫ُيعرف الحكم بالقوانين الوضعية إل في عهممد التتممار‪ ،‬ولكممن الخمموارج‬
‫أرادوا تكفيرهم بممذلك علممى أصمملهم الفاسممد فممي التكفيممر بممالكبيرة‪،‬‬
‫رد علينا ما ذكره المؤلف من إلزامنا بتكفير كل مممن‬ ‫وعلى ذلك فل ي ِ‬
‫لم يعممدل فممي الحكممم وتكفيممر أصممحاب المعاصممي فممإن هنمماك فرقما ً‬
‫عظيمما ً بيممن الظلممم فممي الحكممم دون تشممريع وإلممزام‪ ،‬وبيممن تشممريع‬
‫دة لشرع الله وإلزام الناس بها‪ ،‬وهذا الذي أشار إليممه‬ ‫الحكام المضا ّ‬
‫جملة من العلماء كالشيخ العلمة محمد ابن إبراهيم آل الشيخ رحمه‬
‫الله حيث قال‪ :‬وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحمماكم بغيممر ممما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وهو الذي ل يخرج مممن الملممة فقممد تقممدم أن تفسممير ابممن‬
‫عباس رضي الله عنهما لقول الله عممز وجممل‪" :‬ومممن لممم يحكممم بممما‬
‫أنزل الله فأولئك هم الكافرون" قد شمل ذلممك القسممم‪ ،‬وذلممك فممي‬
‫قوله رضي الله عنه في الية‪ " :‬كفر دون كفر"‪ ،‬وقوله أيضا‪" :‬ليممس‬
‫بالكفر الذي تذهبون إليه"وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكممم‬
‫في القضية بغير ما أنزل الله‪،‬مع اعتقاده أن حكم اللمه ورسموله همو‬
‫الحممق‪،‬واعممترافه علممى نفسممه بالخطممأ ومجانبممة الهممدى‪ .‬اهممم]الممدرر‬
‫السنية‪،‬ج ‪،16‬ص ‪.[218‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬وأما الذي قيل فيه كفر دون كفر‪ ،‬إذا حاكم إلى‬
‫غير الله مع اعتقاد أنه عاص وأن حكممم اللممه هممو الحممق‪ ،‬فهممذا الممذي‬

‫)‪(98‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يصدر منه المرة ونحوها‪ ،‬أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهممو‬
‫كافر‪ ،‬وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل‪ .‬أهمم ]فتمماوى محمممد بممن‬
‫إبراهيم ‪.[12/280‬‬
‫وقال المام بن القيم رحمه اللممه‪ :‬إن الحكممم بغيممر ممما أنممزل اللممه‬
‫يتناول الكفرين الكبر والصغر‪ ،‬بحسب حالة الحاكم‪ ،‬فإنه إن اعتقممد‬
‫وجوب الحكم بما أنزل الله في الواقعة وأنه مستحق للعقوبممة فهممذا‬
‫كفر أصغر‪ .‬اهم]مدارج السالكين‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[336‬‬
‫لحظ قول الشيخ ابن إبراهيم‪:‬في القضية‪ ،‬وقوله‪ :‬المّرة ونحوها‪.‬‬
‫وقول ابن القيم‪ :‬في الواقعة‪.‬‬
‫ن هذا يممدل علممى أنممه إن جعممل الحكممم المخممالف لحكممم اللممه‬ ‫فإ ّ‬
‫مستقرا ً لزما ً فإنه ل يدخل في هذا القسم أعني الكفر الصممغر‪ ،‬بممل‬
‫يدخل في أنواع الكفر الكبر كما سأبينه لحقا ً إن شاء الله‪.‬‬
‫والفرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في بعض القضممايا مممع عممدم‬
‫التشريع واللزام‪ ،‬وبيمن الحكممم بغيمر مما أنمزل اللمه ممع التشممريع أو‬
‫الستبدال واللزام‪:‬‬
‫أن الول داخل في باب الظلم والمعصية مممادام معترف ما ً بخطئه‬
‫ل حكم الشرع بغيره‪.‬‬ ‫غير مستبد ٍ‬
‫والثاني داخل في منازعة اللممه فممي الحكممم والتشممريع والتحليممل‬
‫والتحريم‪.‬‬
‫ولكي تتضح لديك المسألة أذكر لك مثال ً ولله المثل العلى‪:‬‬
‫لو أن حاكما ً وضع قوانين وأنظمممة لشممعبه وأمرهممم بالتقي ّممد بهمما‬
‫وعدم الخروج عنها‪ ،‬فجاء أحد أفراد الشعب وأِذن للشعب فيما نهممى‬
‫عنه الحاكم‪ ،‬ومنعهم مما أمرهم به الحاكم‪ ،‬وألزمهم بممذلك‪ ،‬وعمماقب‬
‫من يخرج عن طاعته‪ ،‬فما هو موقف الحاكم منه؟‬
‫أليس َيعتِبر هذا منازعة له في شيء من خصوصياته؟‬
‫مر به قممد جعممل‬ ‫أل يرى أن هذا الذي يحلل ما حرمه ويمنع مما أ َ‬
‫نفسه ند ّا ً له؟‬
‫أليس يرى أن هذا من الجرأة عليه والستهانة بحكمه؟‬
‫أليس يرى هممذا مممن بمماب تحريممض الشممعب علممى التمممرد علممى‬
‫أوامره ونواهيه؟‬
‫أليس يرى هذا من أسباب فساد الشعب وتدهور أوضاع البلد؟‬
‫)‪(99‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ج عممن طمماعته والخضمموع لممه‬ ‫أليممس يممرى أن ذلممك الرجممل خممار ٌ‬
‫والستسلم لحكمه‪ ،‬ومتمّرد على نظامه وحكمه؟‬
‫ولله المثممل العملى‪.‬‬
‫فالذي يأذن للناس بفعل الفواحش والله قممد نهممى عنهمما‪ ،‬ويممأذن‬
‫لهم في الربا وقد نهى الله عنه‪ ،‬ويمنعهم من الجهمماد وقممد أمممر اللممه‬
‫به‪ ،‬ويمنعهم من إنكار المنكر وقد أمر الله به‪ ،‬أليس هذا منممازع للممه‬
‫في شيء من خصوصياته؟ حيث يأمر الله وهممذا ينهممى‪ ،‬ويح مّرم اللممه‬
‫وهذا يسمح ويأذن‪.‬‬
‫شممرع معممه‬ ‫‪ -‬أل يكون هذا المخالف قممد جعممل نفسممه نمد ّا ً للممه ي ُ ّ‬
‫ده في حكمه؟‬ ‫ويضا ّ‬
‫‪ -‬أليس هذا من باب تحريض الناس على التمرد على أوامر الله‬
‫ونواهيه وتجريئهم على مخالفة حكمه؟‬
‫ده؟ فالذي يأتي إلى حكم‬ ‫‪ -‬أليس هذا من باب دفع حكم الله ور ّ‬
‫الله فيخالفه ويجعل غيره مكانه ويممأمر بالنقيمماد لممه أليممس قممد دفممع‬
‫حكم الله ورّده؟‬
‫قال المام إسحاق بن راهويه رحمه الله‪ :‬أجمع المسلمون على‬
‫أن من سب رسوله الله صملى اللمه عليمه وسملم أو دفممع شمميئا مممما‬
‫أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا مممن أنبيمماء اللممه عممز وجممل‪ :‬أنممه كممافر‬
‫بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله‪ .‬اهممم]الصممارم المسمملول علممى‬
‫شاتم الرسول‪/‬ج ‪/1‬ص ‪.[9‬‬
‫‪ -‬أليس هذا من باب الستهانة بالله وبأحكامه؟ فالذي يعلممم أن‬
‫حكممم اللممه فممي السممرقة القطممع فيممأتي ويجعممل مكممانه السممجن أو‬
‫الغرامة‪ ،‬ويعلم أن حكم الله جواز التعممدد فيممأتي ويمنممع مممن الممزواج‬
‫بأخرى مع الذن بأن يتخذ الزوج أخممدانا ً وصممويحبات يزنممي بهممن كممما‬
‫في تونس وبعض الدول العربية‪ ،‬أليس من يفعل هذا مسمتهين بمالله‬
‫حيث جعل نفسه مشرعا ً مع الله؟ ومستهين بحكمه حيث ألغى حكم‬
‫الله وجعل حكمه أو حكم غيره بدل ً عنه؟‬
‫فهل يغني هذا الذي نازع الله فمي حكمممه وتشممريعه واسممتهان بمه‬
‫وبحكمه واستبدل حكمه بحكم غيره‪ ،‬هل يغنيه أن يقول أنا أعلم بأن‬
‫حكم الله أفضل وواجب ولكن فعلت هذا لهوىً أو رشوة؟!‬
‫مع وجود فوارق كبيرة بين المثلين منها‪:‬‬

‫)‪(100‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -‬أن الحاكم بشر يصيب ويخطيء‪ ،‬والله سبحانه ل يقول إل الحممق‬
‫ول يحكم إل بالعدل‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحاكم مخلوق والذي يعارضه من رعيته مخلوق مثلممه‪ ،‬واللممه‬
‫سبحانه هو الخالق وكل الناس عبيده‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحاكم قد يصدر منه الظلم‪ ،‬والله سبحانه ل يظلم أحدًا‪.‬‬
‫‪ -‬أن مخالفة الحاكم والتمرد عليه قد يكون بحق وقد يكون بباطل‪،‬‬
‫ومخالفة الله والتمرد على أحكامه ومنازعته في التشريع كفر‪.‬‬
‫ولكن لو أن أحد رعايا الحاكم عصاه في أمرٍ معين فحكم بخلف‬
‫ما أمر دون أن يستبدل حكممه بمآخر ويلمزم النماس بمه ممع اعمترافه‬
‫بالخطأ فهذا ل يعتممبر منازعما ً لممه فممي شمميء مممن خصوصممياته ولكنممه‬
‫مخطيء ومستحق للعقوبة‪ ،‬وكذلك من حكم بغير ما أنزل اللممه فممي‬
‫قضية ونحوهمما لشممهوة أو همموى ولممم يسممتبدل حكممم اللممه بغيممره مممع‬
‫اعترافه بالخطأ فإنه يدخل في باب المعصية والظلم ول يممدخل فممي‬
‫باب المنازعة والتشريع‪.‬‬
‫إذا ً فممالحكم بممالقوانين الوضممعية ليسممت مسممألة معصممية وظلممم‬
‫فحسب بل هي قبل ذلممك شممرك مممع اللممه فممي التشممريع والربوبيممة‪،‬‬
‫وتعبيد الناس وإخضاعهم لغير حكممم اللممه وشممرعه‪ ،‬ورد ّ لحكممم اللممه‪،‬‬
‫واستهانة بالله وبحكمه وتقديم حكم غيره على حكمه‪.‬‬
‫‪ -‬والحالة الثانية وهممي]أن يممأتي بقمموانين مممن نفسممه ويحكممم بهمما‬
‫مختارًا[ حكمها الكفر الكبر المخممرج مممن الملممة وذلممك لنممه إن أتممى‬
‫دل‬ ‫بالقوانين من نفسه مع علمه بحكم الله ولكنممه مممع ذلممك غي ّممر وب م ّ‬
‫وألزم الناس بها فإنه مشّرع مع الله ومنازع لله في ربوبيته وحكمممه‬
‫ومنّزل عقله ورأيه الفاسد القاصر منزلة علم الله وحكمته وهذا من‬
‫أعظم المناقضة لشهادة أل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله‪.‬‬
‫دعي أن الحكم الممذي‬ ‫سب ذلك إلى الشرع أو ي ّ‬ ‫ول ُيشترط أن َين ِ‬
‫أتى به هو حكم الله‪ ،‬لن إتيانه بالقوانين المخالفة إنما هو تشريع مع‬
‫الله شاء ذلك أم أبمى‪ ،‬وهمو إن أتمى بالحكمام المخالفمة لحكمم اللمه‬
‫ونصبها للحكم بين الناس فإنه بذلك يكون محلل ً ومحرمما ً شمماء ذلممك‬
‫أم أبى؛ لن التحليل في الصل معناه الذن‪ ،‬والتحريم معنمماه المنممع‪،‬‬
‫فمن أذن في فعل الحرام الذي نهى الله عنه‪ ،‬ومنع من فعل الحلل‬
‫الذي أحله الله وجعل ذلك قانونا ً في بلده فإنه يكون بذلك قممد جعممل‬
‫من نفسه ند ّا ً لله يحكم ويشّرع ويحلل ويحممرم‪ ،‬وبيممان ذلممك أن اللممه‬
‫)‪(101‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سبحانه حكم على اليهود والنصارى أنهم اتخممذوا أحبممارهم ورهبممانهم‬
‫أربابا ً من دون الله لنهم أطاعوهم في تحريم الحلل وتحليل الحرام‬
‫كما بين النبي صلى اللممه عليممه وسمملم ذلممك لعممدي بممن حمماتم حينممما‬
‫سمعه عدي يقرأ هذه الية فقال له عدي‪ :‬إنا لسنا نعبدهم‪ ،‬فقال لممه‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪) :‬أليممس يحلممون لكممم ممما حممرم اللممه‬
‫فتحلممونه ويحرمممون عليكممم ممما أحممل اللممه فتحرمممونه؟( قممال بلممى‬
‫قال)فتلك عبادتهم( وفي هذا الحديث من الفوائد‪:‬‬
‫‪ -‬أن الحكم والتحليل والتحريم من خصائص الممرب سممبحانه ومممن‬
‫فعله من الناس فإنه منازع لله في ربوبيته‪.‬‬
‫دل أحكام الله فمإنهم يكونمون بمذلك‬ ‫‪ -‬أن الناس إن أطاعوا من ب ّ‬
‫قد اتخذوهم أربابا ً من دون الله‪.‬‬
‫وإذا كان من أطاعهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله‬
‫قد اتخذهم أربابا ً من دون الله ومن اتخذ من دون الله ربا ً فقد كفممر‪،‬‬
‫فكيف الحممال بممأولئك المحلليممن والمحرميممن الممذين جعلمموا أنفسممهم‬
‫أندادا ً لله ينازعونه في ربوبيته وحكمه؟‬
‫وبالتالي تعلم بطلن ما ذكره المؤلف مممن أنممه إن أتممى بممالقوانين‬
‫وفرضها على الناس لهوى أو شهوة أنه ل يكفر ما دام أنه لم ينسب‬
‫فعله إلى الشرع؛ لما سبق بيممانه مممن أن إتيممانه بممالقوانين المخالفممة‬
‫تشممريع مممع اللمه ومنازعممة للمه فممي الحكممم واسممتخفاف بحكممم اللممه‬
‫ه إلى الشرع أو لممم ينسممبه‪،‬‬ ‫وإعراض عن حكم الله شاء أم أبى‪ ،‬نسب َ ُ‬
‫ويوضح ذلك قول المام ابن تيمية رحمه اللممه حيممث قممال‪ :‬والنسممان‬
‫دل‬ ‫متى حّلل الحرام المجمع عليه وح مّرم الحلل المجم معُ عليممه أو ب م ّ‬
‫الشرع المجمعُ عليه كان كافرا ً مرتممدا ً باّتفمماق الفقهمماء‪ .‬اهممم]مجممموع‬
‫الفتاوى‪،‬ج ‪،3‬ص ‪.[267‬‬
‫ولم يشترط أن ينسب التحليل والتحريم وتبديل الشرع إلممى اللممه‬
‫فتنبه!‬
‫مممن أصممدر تشممريعا ً‬ ‫وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمممه اللممه‪ :‬و َ‬
‫ملزما ً للنمماس يتعممارض مممع حكممم اللممه فهممذا َيخممرج مممن الملممة‬ ‫عاما ً ُ‬
‫]ويكون[ كافرًا‪ .‬اهم‬
‫‪ -‬والحالة الثالثة وهممي ]أن يقتبممس القمموانين مممن دسمماتير أخممرى‬
‫ويحكم بها مختارًا[ حكمها الكفر الكبر أيضمًا؛ وذلممك لنممه إن اقتبممس‬

‫)‪(102‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القوانين من شرائع منسوخة أو من دساتير أخرى مخالفة لحكم الله‬
‫ل‬‫فهو مستهين بحكم اللممه مقممدم لحكممم غيممره علممى حكمممه مسممتبد ٌ‬
‫أحكام الشرع بغيرها‪ ،‬وهذا أمر بديهي فممي غايممة الوضمموح‪ ،‬فل يصممح‬
‫عقل ً ول شرعا ً أن يعلم أن الله أنزل أحكامه وشرعها بعلمه وحكمته‬
‫ن حكمممه أحسممن الحكممام‬ ‫وأمممر بالتحمماكم إليهمما والرجمموع إليهمما‪ ،‬وأ ّ‬
‫وأعدلها وأصلحها للبشرية‪ ،‬ثم يتركها ويذهب ليقتبس أحكاما ً نسجتها‬
‫صممبها للحكممم بيممن‬‫عقول بشرية قاصرة أو من شممرائع منسمموخة‪ ،‬وين ّ‬
‫م يقممول‬ ‫الناس والفصل بينهم‪ ،‬ويلزمهم بالتحاكم إليها والرضوخ لها ث ّ‬
‫ظم له منقاد له‪ ،‬فإن هذا ل يسممتقيم‬ ‫بعد ذلك أنا ملتزم بحكم الله مع ّ‬
‫أبدًا‪ ،‬فممإن السممتهانة والسممتحلل ل يشممترط التلفممظ بممه بممل يعممرف‬
‫بالقرائن‪ ،‬بل إن من الفعال ما هو أبلغ فممي الدللممة علممى السممتهانة‬
‫والستحلل من القوال‪ ،‬وإذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم علممى‬
‫من أعلن نكاحه بامرأة أبيه بالردة وأمر بقتلممه وأخممذ ممماله لن فعلممه‬
‫يدل على الستحلل‪ ،‬فكيف بمن أتى بالحكام المخالفة وجعلها فممي‬
‫دستوره وأمر بالحكم بها وبنى لها المحاكم وألزم الناس بها وعمماقب‬
‫ج‬
‫من خرج عنها وحارب من يدعوا إلممى التحمماكم إلممى شممرع اللممه وز ّ‬
‫ك مسممتهين‬ ‫ن هممذا ل شم ّ‬‫بهم في السجون وسامهم سوء العذاب‪ ،‬فممإ ّ‬
‫بحكم الله معاند ٌ لمر الله معارض لشممرع اللممه وهممذا أمممر فممي غايممة‬
‫الوضوح‪.‬‬
‫ل أحكممام اللممه بأحكممام غيممره ودافممع لحكممم اللممه‬ ‫وهو بهذا مسممتبد ٌ‬
‫م لحكم غيره على حكمه‪ ،‬ول فرق بين أن يأتي بهمما مممن عنممده‬ ‫ومقد ّ ٌ‬
‫أو يأخذها من الكتب المنسوخة أو يأخذها من دسمماتير أخممرى فكلهمما‬
‫جعلت بدل ً عن حكم الله وُأقيمت مقامه في الحكممم‬ ‫تشترك في أنها ُ‬
‫والفصل بين العباد‪.‬‬
‫‪ -‬والحالة الرابعة وهمي ]أن يحكمم بقموانين الحماكم المذي سمبقه‬
‫مختارًا[ حكمها الكفر الكبر كذلك لن هذا ل يخلوا من حالتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يكون الحاكم الذي قبله أتمى بهمذه القمموانين ممن عنمد‬
‫م جاء هذا بعده وحكم بها وألزم النمماس بالرضمموخ والخضمموع‬ ‫نفسه ث ّ‬
‫لها وحينئذٍ حكمه حكم من شرعها لنه فعل ذلك مختارا ً وذلممك دليممل‬
‫على رضاه واستحسانه لتلك الحكام والرضى بالكفر كفر‪.‬‬
‫الثانيممة‪ :‬أن يكممون الحمماكم الممذي قبلممه اقتبممس تلممك الحكممام مممن‬
‫م جاء هذا وحكمها وألممزم النمماس بهمما‬ ‫دساتير أخرى مخالفة للشرع ث ّ‬
‫)‪(103‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫خر حكم الله مختممارا ً‬ ‫فيكون حكمه حكم من اقتبسها لنه حك َ َ‬
‫م بها وأ ّ‬
‫ى وقبول‪.‬‬‫وذلك علمة رض ً‬
‫ن الله سممبحانه عمماتب‬ ‫والدليل على أن الراضي بالفعل كالفاعل أ ّ‬
‫م اليهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأفعال فعلها آباؤهم‬ ‫وذ ّ‬
‫وأسلفهم وذلك لنهم رضوا بها كما فممي قمموله تعممالى‪] :‬وإذ قلتممم يمما‬
‫موسى لن نؤمن لك حممتى نممرى اللممه جهممرة{ وقمموله‪] :‬وإذ قلتممم يمما‬
‫موسممى لممن نصممبر علممى طعممام واحممد{ وقمموله‪] :‬وإذا قتلتممم نفس ما ً‬
‫ٍ‬
‫فممماّدارأتم فيهممما{ واللمممه سمممبحانه نهمممى الممممؤمنين ممممن مجالسمممة‬
‫المستهزئين بآياته وجعل حكم قعودهم وسكوتهم كحكم المستهزئين‬
‫لن بقاءهم في موضممع المنكممر وسممكوتهم دليممل علممى رضمماهم قممال‬
‫تعالى‪] :‬وقد ّنزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيممات اللممه ُيكف مُر‬
‫بها وُيستهزأ ُ بها فل تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم‬
‫إذا ً مثلهم{‪.‬‬
‫قال المام القرطبي رحمه الله تعالى فممي تفسممير قمموله تعممالى‬
‫ث غيممره إنكممم إذا ً مثلهممم{‬ ‫}فل تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حممدي ٍ‬
‫ل بهذا على وجوب اجتنمماب أصممحاب المعاصممي‬ ‫]النساء‪» :[140 :‬فد ّ‬
‫ن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهممم‪ ،‬والرضمما‬ ‫إذا ظهر منهم منكر‪ ،‬ل ّ‬
‫بالكفر كفر‪ .« ...‬اهم‬
‫وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه اللمه فمي كتمابه سمبيل النجماة‬
‫دين وأهل الشراك‪ :‬وفي أجوبة آل الشمميخ‬ ‫والفكاك من موالة المرت ّ‬
‫رحمهم الله لما سئلوا عن هذه الية‪] :‬إنكم إذا ً مثلهم{‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الجواب‪ :‬أن معنى الية على ظاهرها‪ ،‬وهو‪ :‬أن الرجممل إذا‬
‫سمممع آيممات اللممه ُيكفممُر بهمما وُيسممتهزأ بهمما فجلممس عنممد الكممافرين‬
‫المستهزئين بآيات الله من غير إكراه ول إنكار ول قيممام عنهممم حممتى‬
‫ن‬ ‫يخوضوا في حديث غيره فهو كافر مثلهم وإن لم يفعممل ِفعلهممم؛ ل ّ‬
‫ذلك يتضمن الرضا بالكفر‪ ،‬والرضا بممالكفر كفممر‪] .‬سممبيل النجمماة‪/‬ص‬
‫‪.[96‬‬
‫وإذا كان العلماء قد أجمعوا على كفممر مممن لممم يكفممر الكممافر أو‬
‫ك في كفره فكيف بمن رضي الفعل الكفري؟‬ ‫ش ّ‬
‫بل كيف بمن أّيد الفعل الكفري وبذل قصارى جهده فممي تثممبيت‬
‫دعائمه وإلزام الناس به؟ هذا يكفر من باب أولى‪.‬‬

‫)‪(104‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -‬الحالة الخامسة وهي }أن يحكم بالقوانين المخالفة اشرع الله‬
‫مكرهًا[ وقبل الحكم أ َُبمّين متى يكون الكراه عذرا ً مانعا ً من التكفيممر‬
‫ومتى ل يكون‪ ،‬أو بعبارة أخرى مممتى يكمون الكممراه معتمبرا ً وممتى ل‬
‫يكون معتبرًا‪.‬‬
‫ك أن الكراه من حيث الصل مانع من موانع التكفير لقوله‬ ‫لش ّ‬
‫تعالى‪]:‬من كفممر بممالله مممن بعممد إيمممانه إل مممن أكممره وقلبممه مطمئن‬
‫باليمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا{‪.‬‬
‫ولكن هل كل إكراه يعتبر مانعًا؟‬
‫ن من ضمموابط اعتبممار الكممراه مانعما ً أن يكممون القلممب مخالفما ً‬ ‫إ ّ‬
‫ُ‬
‫للفعل أو القول المكره عليه‪ ،‬فمن أكره علممى كلمممة الكفممر أو فعممل‬
‫الكفر وتيقن أو غلممب علممى ظنممه أنممه إن لممم يقممل أو يفعممل يقتممل أو‬
‫يعذب جاز له أن يقول أو يفعل مع اطمئنممان قلبممه باليمممان‪ ،‬بشممرط‬
‫أن ل يكون فعله أعظم ضررا ً ومفسدةً من أقصى عقوبممات الكممراه‬
‫وهي القتل‪ ،‬أو مساويا ً له‪.‬‬

‫وتوضيح ذلك بالمثلة‪:‬‬


‫ره النسممان علممى قتممل نفممس مسمماوية لممه فممي الحرمممة‬ ‫ُ‬
‫‪ -‬إذا أك ِ‬
‫والعصمة وإل قُِتل لممم يجممز لممه أن يقتممل تلممك النفممس لبقمماء نفسممه‬
‫لتساويهما في الحرمة والعصمة وهذا بإجماع العلماء‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك إذا ُأكرِهَ إنسان على أن ُيكره غيره على الكفر لممم يجممز‬
‫له ذلك لن الدين أعظم حرمة من النفس‪ ،‬والكفر أشد مممن القتممل‪،‬‬
‫وحفظ الدين مقدم على حفظ النفس‪.‬‬
‫والفرق بين هذه الصورة وبين جواز النطق بكلمة الكفر أو فعل‬
‫الكفر عند الكراه من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬أن الولى قاصرة على الشخص نفسه وجاءت فيها‬
‫الرخصة من الله تعالى‪ ،‬وأما الثانية فإنها متعدية إلممى الغيممر‪ ،‬واللزم‬
‫ن الرخممص ل ُيتجمماوز‬‫أقل ضررا ً من المتعدي‪ ،‬والقاعدة عند العلماء أ ّ‬
‫در بقدرها‪.‬‬‫بها محالها‪ ،‬والضرورة نق ّ‬
‫الوجه الثاني‪ /‬أنه في الصورة الولى ُيكَرهُ على النطق بالكفر أو‬
‫فعله فيفعل ذلك وهو كاره له‪ ،‬ولكن في الثانية إذا أكره غيممره علممى‬
‫قول الكفر أو فعله فقد يقول أو يفعل راضيا ً بذلك ويقممع فممي الكفممر‬

‫)‪(105‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الذي هو أعظم مفسدة من القتل‪.‬‬
‫ره علممى كلمممة الكفممر أو‬ ‫ُ‬
‫الوجه الثالث‪ /‬أن الشرع رخص لمن أك ِ‬
‫فعله في نفسه هو‪ ،‬ولم يرخص له أن ُيكره غيره‪.‬‬
‫إذا تبين هذا فإن الحاكم بغير الشمريعة إن ادعمى أنمه مكمره فل‬
‫اعتبار لقوله لمور‪:‬‬
‫الول‪ /‬أنه ليس ملزما ً أن يكون حاكما ً على المسلمين بل عليممه‬
‫أن يعتزل الحكم‪ ،‬فإن زعم أنه ملزم فإنه يقدم القتل علممى ارتكمماب‬
‫دي لن مفسدة قتله أقل ضممررا ً مممن حكمممه بيممن النمماس‬ ‫الكفر المتع ّ‬
‫بغيممر الشممرع‪ ،‬وإخضمماعهم لحكممم الطمماغوت‪ ،‬فقتلممه مفسممدة خاصممة‬
‫والحكم بغير الشرع مفسدة عامة‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله‪ :‬فلو اقتتلممت الباديممة‬
‫والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا طاغوتا ً فممي الرض‬
‫يحكم بخلف شريعة السلم التي بعث اللممه بهمما رسمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ .‬اهم‬
‫الثاني‪ /‬أنه فاقد للختيار في فعله فل يصح أن يحكممم غيممره وهممو‬
‫لم يحكم نفسه‪.‬‬
‫الثالث‪ /‬أن حكمه بغير الشرع ذريعة ليقمماع النمماس فممي الكفممر‪،‬‬
‫وذلك بأن يرضى الناس بتحكيم غير الشرع والتحاكم إلممى الطمماغوت‬
‫فيقعون في الكفر‪ ،‬والفتنة في الدين أشد من القتل‪.‬‬
‫الرابع‪ /‬أن تعطيل الحكم بالشرع والحكم بغيره سبب في انتشار‬
‫الفساد في المجتمع المسلم والستهانة بالحكام والحممدود‪ ،‬والحمماكم‬
‫ضع إل ليسوس أمور المسلمين ويصلحها‪ ،‬ول تصلح شممؤونهم إل‬ ‫ما وُ ِ‬
‫ن قتله‬ ‫بالحكم بالشرع‪ ،‬وقتله أقل مفسدة من حكمه بغير الشرع؛ ل ّ‬
‫مفسدة خاصة والفساد الحاصل بممترك الحكممم بالشممرع فسمماد عممام‪،‬‬
‫فَُتحتمل المفسدة الخاصة درءا ً للمفسدة العامة‪.‬‬
‫الخامس‪ /‬أن الحكم بالشرع عبادة والتحاكم إلى الشرع عبممادة‪،‬‬
‫ول يجمموز أن ُيكممره وُيلممزم النمماس علممى عبممادة غيممر اللممه والخضمموع‬
‫والستسلم لغير حكمه‪.‬‬
‫ره غيره على دعاء غير الله‪ ،‬أو الذبممح‬ ‫فكما أنه ل يجوز له أن ُيك ِ‬
‫دى ذلك إلى قتله‪ ،‬فكذلك ل يجوز له أن ُيكرِهَ النمماس‬ ‫لغير الله وإن أ ّ‬
‫ويلزمهم بالحكم والتحاكم إلى غير شرع الله‪.‬‬

‫)‪(106‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إذا ً فالكراه على الحكم بالقوانين الوضعية غير معتبر فل يكممون‬
‫عذرا ً وبالتالي يكون حكمه حكم ما قبله وهو الكفر الكبر‪.‬‬
‫هذا فيمن اسممتبدل أحكممام الشممرع بغيرهمما‪ ،‬أممما مممن ُأكممره علممى‬
‫الحكم بغيممر ممما أنممزل اللممه فممي والواقعممة ونحوهمما دون أن يسممتبدل‬
‫الحكم الشرعي بالقوانين المخالفة ويجعلها مكممان الحكممم الشممرعي‬
‫فإنه يعذر بالكراه‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يكون الحاكم ملتزما ً الحكم بالشرع‪ ،‬فُيكَره علممى‬
‫الحكم في قضية ونحوها بغير الشرع فيفعل ذلممك كارهما ً لممه فهممذا ل‬
‫يكفر‪.‬‬
‫أما لو أكره على أن يستبدل حكما ً شرعيا ً بغيره ويلتزم بممالحكم‬‫ُ‬
‫به مطلقا ً وُيلزم الناس بالحكم بممه والتحمماكم إليممه فهممذا الممذي يعتممبر‬
‫إكراهه غير معتبر؛ لنه تأخير لحكم الله واستبدا ٌ‬
‫ل لممه بغيممره‪ ،‬وتعبيممد‬
‫الناس وإخضاعهم لغير الله‪ ،‬والحكم بشرع الله والتحاكم إليه عبادة‪،‬‬
‫ومن صرف العبادة لغير الله كفر‪.‬‬
‫والذي ُيلزم الناس بالحكم بغير شرع اللممه والتحمماكم علممى غيممر‬
‫شرع الله كالذي يأمر الناس بالسجود لغير الله أو الذبح لغير الله‪.‬‬
‫سمِئل‬‫قال المام أبو محمد الكممبراني رحمممه اللممه تعممالى عنممدما ُ‬
‫عمن أكرهممه بنممو عبيممد علممى الممدخول فممي دعمموتهم أو ُيقتممل فقممال‪:‬‬
‫»يختار القتل‪ ،‬ول ُيعذر أحد بهذا‪ ...‬ول ُيعذر أحد بالخوف بعممد إقممامته‬
‫لن المقام في موضع ُيطلب من أهله تعطيل الشرائع ل يجوز‪.‬‬
‫ن دعوى الكراه من هؤلء الطممواغيت غيممر‬ ‫وبعد هذا كله نقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن الكراه إنما يكون على من هو تحت سطوة العممدو وبيممن‬ ‫معتبرة ل ّ‬
‫دة تعظيمممه‬ ‫يديه‪ ،‬أما من بينه وبين العداء آلف الميال ولكنه من ش ّ‬
‫لهم وخوفه من سطوتهم يفعل ما يرضون به عنه ويقربه منهممم ولممو‬
‫ذهب في سبيل ذلك دينه وذهبت في ذلك مصلحة المسلمين التي ل‬
‫تكون إل بالحكم بينهم بما أنزل الله وإقامة شممرع اللممه فيهممم‪ ،‬فهممذا‬
‫دعواه للكراه غير معتبرة‪ ،‬بل همو خمائف والخموف ل يمبرر لمه فعمل‬
‫المعصية فضل ً عن فعل الكفر‪.‬‬
‫وسأنقل لك من كلم العلماء ما يبين ضابط الكراه ويممبين عممدم‬
‫العذر بالخوف‪:‬‬
‫ففيما يتعلق بالكراه‪:‬‬

‫)‪(107‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال الشيخ سليمان آل الشيخ رحمه الله‪ :‬ول يستثنى مممن ذلممك‬
‫إل المكره‪ ،‬وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له اكفر‪ ،‬أو‬
‫أفعل كذا وإل فعلنا بك وقتلناك‪ ،‬أو يأخذونه فيعذبونه حتى يمموافقهم‪،‬‬
‫فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب باليمممان‪ .‬اهممم]الممدرر‬
‫السنية‪،‬ج ‪،8‬ص ‪[122‬‬
‫وقممال الشمميخ حمممد بممن عممتيق رحمممه اللممه فممي حكممم موافقممة‬
‫المشممركين وإظهممار الطاعممة لهممم‪ :‬الحالممة الثالثممة‪ :‬أن يمموافقهم فممي‬
‫الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن‪ ،‬وهو على وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم مع ضربهم وتقييدهم‬
‫له‪ ،‬ويهددونه بالقتل‪ ،‬فيقولون له‪ :‬إما أن توافقنا وتظهر النقيمماد لنمما‪،‬‬
‫وإل قتلناك‪ ،‬فإنه والحالة هذه يجمموز لممه ممموافقتهم فممي الظمماهر مممع‬
‫كون قلبه مطمئنا ً باليمان‪ ،‬كما جرى لعمار حين أنزل الله تعالى )إ ِّل‬
‫َ‬ ‫م ُ‬
‫م‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ت َت ُّقوا ِ‬ ‫ن( وكما قال تعالى )إ ِّل أ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ِبا ْ ِ‬
‫لي َ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُ ُ‬‫َ ْ‬
‫ة( فاليتان دلتا على الحكم كما نبه عن ذلك ابن كثير في تفسممير‬ ‫ت َُقا ً‬
‫آية آله عمران‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن يمموافقهم فممي الظمماهر مممع مخممالفته لهممم فممي‬
‫الباطن‪ ،‬وهو ليس في سلطانهم‪ ،‬وإنما حمله على ذلك إما طمع في‬
‫رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيممال‪ ،‬أو خمموف مممما يحممدث فممي‬
‫المآل‪ ،‬فإنه في هذه الحال يكون مرتممدا ً ول تنفعممه كراهتممه لهممم فممي‬
‫الباطن‪ ،‬وهو ممن قال الله فيهم )ذ َل َ َ‬
‫حّبوا ال ْ َ‬
‫حي َمماةَ ال مد ّن َْيا‬ ‫س مت َ َ‬
‫ما ْ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن( فممأخبرهم أنمه لممم‬ ‫ري َ‬‫م ال ْك َممافِ ِ‬ ‫دي ال َْقموْ َ‬ ‫ه ل ي َهْم ِ‬‫ن الّلم َ‬‫خمَرةِ وَأ ّ‬ ‫عََلى اْل ِ‬
‫يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه‪ ،‬ول محبة الباطل‪ ،‬وإنممما هممو أن‬
‫لهم حظا ً من حظوظ الدنيا فآثروه علمى المدين“‪ .‬اهمم]سمبيل النجماة‬
‫والفكاك[‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالخوف‪:‬‬
‫قال الشيخ المام محمد بن عبد الوهاب فممي كشممف الشممبهات‪:‬‬
‫الية الثانية قوله تعالى‪) :‬إل ّ م ُ‬
‫ن( فلممم‬ ‫ممما ِ‬‫لي َ‬‫ن ِبا ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُم ُ‬ ‫ِ َ ْ‬
‫يعذر الله تعالى من هؤلء إل من أكره مع كون قلبه مطمئنا ً باليمان‬
‫وأما غير هذا فقد كفمر بعمد إيممانه‪ ،‬سمواء فعلمه خوفما ً أو ممداراة أو‬
‫مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله أو فعله على وجممه المممزاح‬
‫أو لغير ذلك من الغراض إل المكره‪ .‬اهم‬

‫)‪(108‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال عند قوله تعالى‪(:‬من كفر بالله من بعد إيمانه إل مممن أكممره‬
‫وقلبه مطمئن باليمان( إلى آخر اليممة وفيهمما‪) :‬ذلممك بممأنهم اسممتحبوا‬
‫الحياة الدنيا على الخرة( فإذا كمان العلمماء ذكمروا‪ :‬أنهما نزلمت فمي‬
‫الصحابة لما فتنهم أهممل مكممة وذكممروا‪ :‬أن الصممحابي إذا تكلممم بكلم‬
‫الشرك بلسانه مع بغضه لمذلك وعمداوة أهلمه لكمن خوفما ً منهمم أنمه‬
‫كافر بعد إيمانه فكيف بالموحد فممي زماننمما إذا تكلممم فممي البصممرة أو‬
‫الحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا ً منهم لكن قبممل الكممراه "‪] .‬الممدرر‬
‫السنية ‪.[8 /10‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبممد اللممه بممن محمممد بممن عبممد الوهمماب‬
‫رحمهم الله تعالى في رسالته حكم موالة أهل الشراك قممال‪ :‬فممإن‬
‫خفنا قيل لهم كذبتم وأيضا ً فممما جعممل اللممه الخمموف عممذرا ً فممي‬ ‫قالوا ِ‬
‫اتباع ما يسخطه واجتناب مما يرضميه‪ ،‬وكمثير ممن أهمل الباطمل إنمما‬
‫يممتركون الحممق خوفمما ً مممن زوال دنيمماهم‪ ،‬وإل فهممم يعرفممون الحممق‬
‫ويعتقدونه ولم يكونوا بذلك مسلمين‪.‬‬
‫َ‬
‫من ُمموا ل‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال أيضا ً‪ :‬الدليل الثامن قمموله تعممالى‪) :‬ي َمما أي ّهَمما ال ّم ِ‬
‫ذوا ال ْيهود والنصارى أ َول ِياَء بعضهم أ َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬‫م ْ‬‫ض وَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫يا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫و‬ ‫ْ َ َْ ُ ُ ْ‬ ‫َُ َ َ ّ َ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ت َت ّ ِ‬
‫ن( فنهى سبحانه المممؤمنين‬ ‫مي َ‬ ‫م ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫دي ال َْقوْ َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫م إِ ّ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫فَإ ِن ّ ُ‬
‫عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وأخبر أن من تولهم من المممؤمنين‬
‫فهو منهم‪ ،‬وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعبمماد الوثممان‬
‫فهو منهم ‪ -‬إلى أن قال ‪ -‬ولم يفرق تعممالى بيممن الخممائف وغيممره بممل‬
‫أخبر تعممالى أن الممذين فممي قلمموبهم مممرض يفعلممون ذلممك خوفما ً مممن‬
‫الدوائر وهكذا حال هؤلء المرتدين خافوا من المدوائر فمزال مما فمي‬
‫قلوبهم من اليمان بوعد الله الصادق بالنصر لهممل التوحيممد فبممادروا‬
‫وسارعوا إلممى أهممل الشممرك خوفما ً مممن أن تصمميبهم دائرة قممال اللممه‬
‫حوا عَل َممى‬ ‫تعالى‪) :‬فَعسى الل ّه أ َن يأ ْت ِي بال َْفت َ َ‬
‫صمب ِ ُ‬ ‫عن ْمدِهِ فَي ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مرٍ ِ‬ ‫ح أو ْ أ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ ِ ِْ‬ ‫َ َ‬
‫ن( أ هم م مممن كتمماب الممدلئل فممي حكممم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫م ن َممادِ ِ‬‫س مه ِ ْ‬
‫سّروا ِفي أنُف ِ‬ ‫ما أ َ‬ ‫َ‬
‫موالة أهل الشراك‪ .‬اهم‬
‫وحممال هممؤلء الطممواغيت الحمماكمين بممالقوانين الوضممعية ليسممت‬
‫داخلة في الكراه قطعًا‪ ،‬وإنما هي بين ثلثة أحوال‪:‬‬
‫‪ -‬إما أن يدع الحكم بالشرع استخفافا ً بحكممم اللممه ورد ّا ً لممه كممبرا ً‬
‫وغرورا ً وعنادًا‪.‬‬

‫)‪(109‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -‬وإما أن يعتقد وجوبه ولكنه يعتقد أنه ل يناسب عصممر الحضممارة‬
‫والتقدم والديمقراطية‪.‬‬
‫‪ -‬وإما أن يفعل ذلك خوفا ً أن يغضب عليه طمواغيت الكفمر‪ ،‬وقمد‬
‫تبين لك من كلم الئمة أن الخمموف ل يكممون عممذرا ً فممي ارتكمماب‬
‫المحرم فضل ً عن الكفر‪.‬‬
‫وبالتالي فأيا ً كان حاله من الثلثة المتقدمة فإنه يكفر بذلك‪.‬‬
‫والعجيب أننا لم نسمع من أولئك الطواغيت المشّرعين مع الله‬
‫المستخّفين بممالله وبأحكممامه أنهممم مكرهممون علممى ذلممك بممل نجممدهم‬
‫يفخممرون بالديمقراطيممة والعلمانيممة ويتبمماهون بالمجممالس التشممريعية‬
‫الشركية ويجعلونها رمز العدالة والحضارة‪ ،‬وإنما نسمع تلك الدعاوى‬
‫والتزييف والتبرير المستميت لولئك الطواغيت ممن نذروا أنفسممهم‬
‫للدفاع عنهم ممن ينتسبون إلى العلم الشممرعي ممممن خممذلوا الحممق‬
‫وخذلوا شرع اللمه ونصممروا الطممواغيت وأنظمتهممم الشممركية ووقفمموا‬
‫معهم في خندقهم وتحت رايتهم ليحاربوا أهل التوحيد الصادقين‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة السادسة‪ :‬وهي ]أن يحكم بممالقوانين المخالفممة لشممرع‬
‫ل[‪ .‬وقبل الحكم ل بمد ّ أن تعلممم أن الجهممل مممانع مممن موانممع‬ ‫الله جاه ً‬
‫التكفير‪ ،‬ولكن ليس بإطلق‪ ،‬فالجهممل يكممون صمماحبه معممذورا ً إذا لممم‬
‫يسممتطع رفعممه عممن نفسممه كممأن ينشممأ فممي باديممة بعيممدة عممن العلممم‬
‫والعلماء‪ ،‬أو يكون حديث عهد بالسلم ولم يعلم حكممم ممما وقممع فيممه‬
‫صممر فممي‬ ‫مق ّ‬ ‫من الكفر‪ ،‬أما إن كان يستطيع رفع الجهل عن نفسه ث م ّ‬
‫ذلك فإنه ل يكون معذورًا‪.‬‬
‫والجهل في هذه المسألة يكون على ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬أن يجهل حكم الحكم بما أنزل الله‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ /‬أن يجهل حكم الله‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ /‬أن يجهل حكم من حكم بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫فأما الوجه الول‪ :‬وهو أن يجهل حكم الحكم بما أنزل الله‪ ،‬وذلك‬
‫كأن يقول‪ :‬أنا ل أعلم أن الحكم بما أنزل الله واجممب وفممرض‪ ،‬فهممذا‬
‫إن كان يفهم العربيممة أو يسممتطيع أن يتحصممل علممى ترجمممة لمعمماني‬
‫القرآن أو يستطيع أن يسممأل أهممل العلممم عممن ذلممك‪ ،‬أو يسممتطيع أن‬
‫صر أو ُيعرض فإنه ل ُيعذر بجهلممه‬ ‫م ُيق ّ‬
‫يرفع جهله بأي وسيلة ممكنة ث ّ‬
‫لتمكنه من معرفة الحق بالسؤال عنه والبحث عنه‪ ،‬وتفريطه ل يمنع‬

‫)‪(110‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مؤاخذته‪.‬‬
‫كذلك المر في الوجه الثاني‪ :‬وهمو أن يجهمل أحكمام اللمه‪ ،‬فمإن‬
‫بلغه القرآن والسنة‪ ،‬أو اسممتطاع معرفممة الحممق بسممؤال أهممل العلممم‬
‫صر في ذلك أو فّرط فإنه ل ُيعذر وهو مؤاخذ‪.‬‬ ‫ولكنه ق ّ‬
‫قال المام القرافي رحمه الله‪ :‬القاعدة الشرعية دلت علممى أن‬
‫كل جهل يمكن المكلف دفعه‪ ،‬ل يكون حجة للجاهل‪ ،‬فإن الله تعالى‬
‫بعث رسله إلى خلقه برسائله‪ ،‬وأوجب عليهم كافة أن يعلموهمما‪ ،‬ثممم‬
‫يعملوا بها‪ ،‬فالعلم والعمل بهما واجبان‪ ،‬فمممن تممرك التعلممم والعمممل‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فقد عصى معصيتين لتركه واجبين‪ .‬اهم‬ ‫وبقي جاه ً‬
‫وقال بن اللحام رحمه الله‪ :‬جاهل الحكم إنما يعذر إذا لممم يقصممر‬
‫ويفرط في تعلم الحكم‪ ،‬أما إذا قصر أو فرط فل يعذر جزمًا‪ .‬اهم‬
‫وقال المام السيوطي رحمه الله‪ :‬كل من جهل تحريم شيء مما‬
‫يشترك فيه غالب الناس لم يقبل‪ ،‬إل أن يكون قريب عهد بالسمملم‪،‬‬
‫أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيهمما مثممل ذلممك‪ .‬اهممم]الشممباه والنظممائر‪،‬ج‬
‫‪،1‬ص ‪[357‬‬
‫وقال المام ابن قدامة رحمه الله أثناء كلمه عن تممارك الصمملة "‬
‫فإن كان جاحدا ً لوجوبها )أي الصلة( نظر فيه‪ ،‬فممإن كممان جمماهل ً بممه‪،‬‬
‫عمّرف‬ ‫وهمو مممن يجهمل ذلمك كالحمديث السملم‪ ،‬والناشمئ بباديمة‪ُ ،‬‬
‫وجوبها وعُّلم ذلك‪ ،‬ولم يحكم بكفره لنه معذور‪ ،‬فإن لم يكممن ممممن‬
‫يجهل ذلك كالناشىء من المسلمين في المصار والقممرى‪ ،‬لممم يعممذر‬
‫ولم يقبل منه إدعاء الجهل‪ ،‬وحكم بكفره؛ لن أدلة الوجوب ظمماهرة‬
‫في الكتاب والسممنة‪،‬و المسمملمين يفعلونهمما علممى الممدوام‪ ،‬فل يخفممى‬
‫وجوبها على من هذا حاله‪ ،‬ول يجحدها إل تكذيبا ً لله تعالى‪ ،‬ورسمموله‬
‫وإجماع المة‪ ،‬وهو يصير مرتدا ً عن السلم‪ ،‬ول أعلم في هذا خلف مًا‪.‬‬
‫]المغني‪،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.[297‬‬
‫وقممال شمميخ السمملم ابممن تيميممة رحمممه اللممه فممي الممرد علممى‬
‫المنطقيين‪) :‬حجة الله برسله قامت بالتمكن من العلم‪ ،‬فليممس مممن‬
‫شرط حجة الله علم المدعوين بها‪ ،‬ولهممذا لممم يكممن إعممراض الكفممار‬
‫عن استماع القرآن وتدبره مانع من قيام حجة اللممه عليهممم‪ ،‬وكممذلك‬
‫إعراضهم عن المنقول عن النبيمماء وقممراءة الثممار المممأثورة عنهممم ل‬
‫يمنع الحجة إذ المكنة حاصلة(‪] .‬مجموع الفتاوى ‪[113-1/112‬‬

‫)‪(111‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال رحمه الله في رسالته المر بالمعروف والنهي عن المنكممر‪:‬‬
‫)وإذا أخبر بوقوع المر بالمعروف والنهي عن المنكمر منهما لمم يكممن‬
‫من شرط ذلك أن يصل أمر المر ونهي الناهي منها إلى كل مكلممف‬
‫في العالم‪ ،‬إذ ليس هذا مممن شممرط تبليممغ الرسممالة‪ :‬فكيممف يشممترط‬
‫فيما هو من توابعهما؟ بل الشرط أن يتمكن المكلفممون مممن وصممول‬
‫ذلك إليهم ثم إذا فرطوا فلم يسعوا في وصوله إليهم مع قيام فاعله‬
‫بما يجب عليه كان التفريط منهم ل منه‪ .‬اهم‬
‫وقال ابن القيم رحمممه اللممه فممي المقلممد الممذي تمكممن مممن العلممم‬
‫ومعرفة الحق فأعرض‪ :‬فممالمتمكن المعممرض مفمّرط تممارك للممواجب‬
‫عليه ل عذر له عند الله‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬إن الممذي لممم تقممم‬
‫عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالسلم والذي نشأ ببادية‪ ،‬أو يكون‬
‫ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فل يكفممر حممتى يعممرف‪،‬‬
‫وأما أصول الدين التي أوضحها الله فممي كتممابه فممإن حجممة اللممه هممي‬
‫القرآن‪ ،‬فمن بلغه فقد بلغته الحجة‪] .‬مجموع مؤلفات الشيخ محمممد‬
‫بن عبد الوهاب[‬
‫إذا تبين هذا فإن هذا الزمان انتشر فيه العلم انتشممارا ً لممم يسممبق‬
‫لممه مثيممل فكممثرت وسممائل تلقممي العلممم مممن القنمموات والذاعممات‬
‫والنترنت‪ ،‬وانتشرت الكتب المترجمة بممأكثر لغممات العممالم‪ ،‬وأيضما ً ل‬
‫يكاد يخلو بلد إسلمي من وجود علماء صادقين يبينون حكممم الحكممم‬
‫بالشريعة والتحمماكم إليهمما‪ ،‬والحكممم بالشممريعة مممن المممور الظمماهرة‬
‫الواضحة في كتاب الله‪ ،‬بل هي من المعلوم مممن الممدين بالضممرورة؛‬
‫فإن المر بالحكم بما أنزل الله والنهي عن الحكم بغيره وذم الحاكم‬
‫بغير ما أنزل الله والمتحاكمين إلى الطاغوت أكمثر فمي القمرآن ممن‬
‫آيات تحريم الربا والزنا وشرب الخمر‪.‬‬
‫وأما الوجه الثالث‪ :‬وهو أن يعلممم بوجمموب الحكممم بممما أنممزل اللممه‬
‫وحرمة الحكم بغيره ولكنه ل يعلم حكم من حكم بالقوانين الوضعية‪.‬‬
‫فهذا جهله بما يترتب على فعله ل يمنع من لحوق الحكممم بممه‪ ،‬ول‬
‫يشترط في لحوق حكم الكفر على فاعله أن يعلم أن فعله كفر إنما‬
‫يكفي أن يعلم أن الله نهى عنه‪.‬‬
‫فإذا علم النسان أن الله حرم أمرا ً مما ولمم يعلمم أنمه كفمر فمإنه‬

‫)‪(112‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكفر بفعله ولو لم يعلم أن فعله كفر والدلة على ذلك كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن الذين استهزؤوا بالصحابة كانوا يعلمممون حرمممة فعلهممم ولممم‬
‫يكونوا يعلمون أنه كفر ومع ذلك حكم الله بكفرهم كما قممال تعممالى‪:‬‬
‫]ولئن سممألتهم ليقممولن إنممما كنمما نخمموض ونلعممب قممل أبممالله وآيمماته‬
‫ورسوله كنتم تستهزؤون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم{‪.‬‬
‫‪ -‬أن سلمة بن صخر البياضي رضممي اللممه عنممه كممان يعلممم حرمممة‬
‫ن فعل المنهممي يممترتب‬ ‫الجماع في نهار رمضان ولكنه لم يكن يعلم أ ّ‬
‫عليه كفارة‪ ،‬فلما وقع على امرأته جاء إلممى النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وأخبره فألزمه رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم بالكفممارة‪،‬‬
‫ولم يسقطها لعدم علمه بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أن أوس بن أوس رضي الله عنه كان يعلم حرمممة الظهممار ولممم‬
‫د‪ ،‬فظاهر مممن‬ ‫يكن يعلم بالكفارة بل لم يكن نزل الحكم بالكفارة بع ُ‬
‫امرأته فجاءت تشكوا إلى النبي صلى الله عليممه وسمملم فممأنزل اللممه‬
‫حينها المر بالكفارة وألزم رسول الله صلى الله عليممه وسمملم أوسما ً‬
‫بها‪.‬‬
‫وكذلك من شرب الخمر مع علمه بحرمتها فإنه يقممام عليممه الحممد‬
‫ول يعذر لكونه لم يعلم أن فيها حد‪ ،‬ومن دعا غير الله مممع علمممه أن‬
‫ن‬ ‫الله نهى عن ذلك يكفر ويعد ّ مشركا ً ول يمنع من تكفيره جهلممه بممأ ّ‬
‫فعله كفر‪ ،‬ومن استهزأ بالدين مع علمه بحرمة ذلك يكفر ولممو جهممل‬
‫كون ذلك كفر وهذا أمر واضح‪ ،‬وعلى ذلك فإذا علم الحمماكم وجمموب‬
‫الحكم بما أنزل الله وحرمة الحكم بغير ما أنزل الله ثممم أصممر علممى‬
‫تحكيم القوانين الوضعية فإنه يكفر‪.‬‬
‫مسألة‪ /‬هل يشترط في قيام الحجة أن يفهمها فهمما ً تامما ً موجبما ً‬
‫للهتداء‪ ،‬أم يكفي أن يفهم مراد الله بأن يعرف معنى كلم الله؟‬
‫لقد ذكر العلماء أن قيام الحجة يكون بفهممم المعنمى الظماهر ممن‬
‫المر والنهي‪ ،‬مثاله‪ :‬أن يفهم أن معنى ل تفعل المر بالترك‪ ،‬ومعنى‬
‫افعل المر بالفعل‪ ،‬فإذا فهم ذلك فقد قامت الحجة عليه‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬إن الممذين‬
‫توقفوا في تكفير المعيممن‪ ،‬فممي الشممياء الممتي قممد يخفممى دليلهمما‪ ،‬فل‬
‫يكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية من حيث الثبوت والدللة‪ ،‬فإذا‬
‫أوضممحت لممه الحجممة بالبيممان الكممافي كفممر سممواء فهممم‪ ،‬أو قممال‪ :‬ممما‬

‫)‪(113‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهمت‪ ،‬أو فهم وأنكر‪ ،‬ليس كفر الكفار كله عن عناد‪ ،‬وأممما ممما علممم‬
‫بالضرورة أن رسول الله جاء به وخالفه‪ ،‬فهذا يكفر بمجرد ذلممك‪ ،‬ول‬
‫يحتاج إلى تعريف سواء في الصول أو الفممروع ممما لممم يكممن حممديث‬
‫عهد بالسلم‪ .‬اهم]فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ‪[1/74‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمممه اللممه‪ :‬وأصممل الشممكال‬
‫أنكم لم تفرقمموا بيممن قيممام الحجممة وفهممم الحجممة‪ ،‬فممإن أكممثر الكفممار‬
‫والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامهمما عليهممم‪ ،‬كممما قممال تعممالى‬
‫كال َن ْعَممام ِ ب َم ْ‬ ‫}أ َم تحسب أ َن أ َك ْث َرهُم يسمعو َ‬
‫ل‬ ‫م إ ِل ّ َ‬‫ن هُ م ْ‬ ‫ن أوْ ي َعِْقل ُممو َ‬
‫ن إِ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ّ‬
‫ل{]الفرقان‪ ،‬آية ‪.[44‬‬ ‫سِبي ً‬ ‫ض ّ‬ ‫هُ َ‬
‫ل َ‬ ‫مأ َ‬ ‫ْ‬
‫وقيممام الحجممة وبلوغهمما نمموع‪ ،‬وفهمهممم إياهمما نمموع آخممر‪ ،‬وكفرهممم‬
‫ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها نمموع آخممر‪ ،‬فممإن أشممكل عليكممم ذلممك‪،‬‬
‫فانظروا قول صلى الله عليه وسلم في الخوارج‪ " :‬أينممما لقيتممموهم‬
‫فاقتلوهم " ممع كمونهم فممي عصمر الصممحابة‪ ،‬ويحقمر النسمان عمممل‬
‫الصحابة معهم وقد بلغتهم الحجة‪ ،‬ولكممن لممم يفهموهمما‪ .‬اهممم]رسممائل‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[244‬‬
‫وقال أيضا ً‪ " :‬من المعلوم أن قيام الحجممة ليممس معنمماه أن يفهممم‬
‫كلم الله ورسوله مثل فهم أبي بكممر رضممي اللممه عنممه‪ ،‬بممل إذا بلغممه‬
‫كلم الله ورسوله‪ ،‬وخل من شيء يعذر به فهو كافر‪ ،‬كما كان الكفار‬
‫جعَل ْن َمما عَل َممى‬ ‫كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن‪ ،‬مع قممول تعممالى‪} - :‬وَ َ‬
‫شممّر‬ ‫ن َ‬ ‫قُُلمموبهم أ َكنمم ً َ‬
‫ه{ ]السممراء‪ ،‬آيممة ‪[46‬وقمموله‪} - :‬إ ِ ّ‬ ‫ة أن ي َْفَقُهممو ُ‬ ‫ِِ ْ ِّ‬
‫ن{‪ .‬اهممم]رسممائل الشمميخ‬ ‫ن ل َ ي َعِْقل ُممو َ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م ال ْب ُك ْ ُ‬ ‫عند َ الل ّهِ ال ّ‬
‫ص ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫الد َّوا ّ‬
‫محمد بن عبد الوهاب‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[220‬‬
‫قال الشيخ عبممد العزيممز آل عبممد اللطيممف حفظممه اللممه‪ :‬ومقصممود‬
‫الشيخ المام مممن فهممم الحجممة ‪ -‬همما هنمما ‪ -‬أي الفهممم الممذي يقتضممي‬
‫النتفاع والتوفيق والهتداء‪ ،‬كما مثل لممه بفهممم الصممديق رضممي اللممه‬
‫عنه‪ ،‬وأما قيام الحجة فتقضي الدراك وفهم الدللممة‪ ،‬والرشمماد‪ ،‬وإن‬
‫َ‬
‫م‬ ‫مود ُ فَهَد َي َْناهُ ْ‬ ‫ما ث َ ُ‬
‫لم يتحقق توفيق أو انتفاع‪ ،‬كما قال الله تعالى }وَأ ّ‬
‫دى{]فصلت‪ ،‬آية ‪.[17‬‬ ‫مى عََلى ال ْهُ َ‬ ‫حّبوا ال ْعَ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫ست َ َ‬
‫ويوضح هذا ما ذكره تلميذه الشيخ حمد بن ناصر بن معمر رحمممه‬
‫الله حيث قال‪ :‬وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمهمما النسممان فهمما ً‬
‫جليا ً كما يفهمها من هداه الله ووفقه‪ ،‬وانقاد لمره‪ ،‬فممإن الكفممار قممد‬

‫)‪(114‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قامت عليه حجة الله مممع إخبمماره بممأنه جعممل علممى قلمموبهم أكنممة أن‬
‫يفقهوه‪ .‬اهم]الدرر السنية؛ج ‪،11‬ص ‪.[73‬‬
‫وبعد هذا أذكر كلم العلماء في حكم الحاكم بالقوانين الوضعية‪:‬‬
‫‪ -‬قال المام البيضاوي رحمه الله تعالى في تفسير قمموله تعممالى‬
‫}وما أرسلنا من رسول إل ّ لُيطاع بإذن الله{ ]النساء‪» :[64 :‬وكممأّنه‬
‫ض بحكمه ‪-‬وإن أظهر السمملم‪ -‬كممان‬ ‫ن الذي لم ير َ‬ ‫ج بذلك على أ ّ‬ ‫احت ّ‬
‫ما لممم يكممن إل ّ‬‫ن إرسال الرسول ل ّ‬ ‫كافرا ً مستوجب القتل‪ ،‬وتقريره أ ّ‬
‫ليطاع‪ ،‬كان من لم يطعه ولم يرض بحكمه‪ ،‬لم يقبممل رسممالَته‪ ،‬ومممن‬
‫كان كذلك كان كافرا ً مستوجب القتل«‪.‬‬
‫وقممال شمميخ السمملم ابممن تيميممة رحمممه اللممه‪ ...» :‬فأّيممما طائفممة‬
‫امتنعت من بعض الصلوات المفروضات‪ ،‬أو الصيام‪ ،‬أو الحج‪ ،‬أو عن‬
‫التزام تحريم الممدماء‪ ،‬والممموال‪ ،‬والخمممر‪ ،‬والزنمما‪ ،‬والميسممر‪ ،‬أو عممن‬
‫نكاح ذوات المحارم‪ ،‬أو عن الممتزام جهمماد الكفممار‪ ،‬أو ضممرب الجزيممة‬
‫على أهل الكتاب‪ ،‬وغير ذلك مممن واجبممات الممدين ومحرممماته الممتي ل‬
‫عذر لحممد فممي جحودهمما وتركهمما الممتي يكفممر الجاحممد لوجوبهمما‪ ،‬فممإن‬
‫الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقّرة بها‪ ،‬وهذا مما ل أعلممم‬
‫فيه خلفا ً بين العلماء‪ ،‬وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا‬
‫سممنن كركعممتي الفجممر ]أي سممنة الفجممر[‬ ‫أصرت علممى تممرك بعممض ال ُ‬
‫والذان والقامة‪ ،‬عند من ل يقول بوجوبها ونحو ذلممك مممن الشممعائر‪،‬‬
‫ممما الواجبممات‬‫هممل ُتقاتممل الطائفممة الممتنعممة علممى تركهمما أم ل؟ فأ ّ‬
‫والمحرمات المذكورة ونحوهمما فل خلف فممي القتممال عليهمما‪ ،‬وهممؤلء‬
‫عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغمماة‪ ...‬بممل هممم خممارجون‬
‫عن السلم‪ .‬اهم]مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،28‬ص ‪.[503‬‬
‫ت‪ :‬ومن أعظم شعائر السلم الظاهرة‪ :‬الحكم بالشممريعة‪ ،‬بممل‬ ‫قل ُ‬
‫إن المتناع عن الحكم بالشريعة‪ ،‬يعتممبر امتناع ما ً عممن معظممم شممرائع‬
‫السلم‪.‬‬
‫ل‪ :‬فيتضمن كمال النقياد‬ ‫قال ابن القيم‪ " :‬وأما الرضا بنبيه رسو ً‬
‫له‪ ،‬والتسليم المطلممق إليمه‪ ،‬بحيمث يكمون أولمى بمه ممن نفسمه‪ ،‬فل‬
‫يتلقى الهدى إل من مواقع كلماته‪ ،‬ول يحاكم إل إليه‪ ،‬ول يحكم عليممه‬
‫غيره‪ ،‬ول يرضى بحكم غيره ألبتممة‪ ،‬ل فممي شمميء مممن أسممماء الممرب‬
‫وصفاته وأفعاله‪ ،‬ول في شيء من أذواق حقممائق اليمممان ومقاممماته‪،‬‬

‫)‪(115‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ول في شيء من أحكام ظاهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ول يرضى في ذلممك بحكممم‬
‫غيره‪ ،‬ول يرضى إل بحكمه‪ ،‬بل إن الحكم بما أنزل الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬هو‬
‫معنى شممهادة أن محمممدا ً رسممول اللممه‪] ..‬مممدارج السممالكين‪،‬ج ‪،2‬ص‬
‫‪[172‬‬
‫وكما قال الشيخ محمد بممن عبممد الوهمماب‪ " :‬ومعنممى شممهادة أن‬
‫محمدا ً رسول الله‪ ،‬طاعته فيما أمر‪ ،‬وتصديقه فيممما أخممبر‪ ،‬واجتنمماب‬
‫ما نهى عنه وزجر‪ ،‬وأن ل يعبد الله إل بما شرع‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪) :‬فما حكم به كتاب الله وسنة رسمموله‪ ،‬وشممهد لممه‬
‫بالصحة‪ ،‬فهو الحق‪ ،‬وما ذا بعد الحق إل الضلل؟ ولهذا قال ‪ -‬تعممالى‬
‫دوا الخصمممومات‬ ‫ر( أي ُر ّ‬ ‫ن ب ِمممالل ّهِ َوال ْي َممموْم ِ اْل ِ‬
‫خممم ِ‬ ‫من ُمممو َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُممم ْ‬
‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫‪) :-‬إ ِ ْ‬
‫والجهالت إلى كتاب الله وسنة رسوله‪ ،‬فتحاكموا إليهما فيممما شممجر‬
‫ل على أن من لمم يتحماكم فمي محمل النمزاع إلمى الكتماب‬ ‫بينكم‪ ،‬فد ّ‬
‫والسنة‪ ،‬ول يرجع إليهممما فممي ذلممك‪ ،‬فليممس مؤمنما ً بممالله‪ ،‬ول بمماليوم‬
‫الخر‪.‬‬
‫وقال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى }أفحكم الجاهلية‬
‫يبغون ومن أحسن مممن اللممه حكمما ً لقمموم ٍ يوقنممون{ ]المممائدة‪:[50 :‬‬
‫»ينكر تعالى على من خرج عن حكم اللممه المحكممم المشممتمل علممى‬
‫ل إلى ما سواه مممن الراء والهممواء‬ ‫كل خير الناهي عن كل شر وعَد َ َ‬
‫والصطلحات التي وضعها الرجال بل مستند مممن شممريعة اللممه كممما‬
‫كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضللت والجهالت مما يضممعونها‬
‫بممآرائهم وأهمموائهم‪ ،‬وكممما يحكممم بممه التتممار مممن السياسممات الملكيممة‬
‫المأخوذة عن ملكهممم ]جنكيممز خممان[ الممذي وضممع لهممم الياسممق وهممو‬
‫عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى مممن‬
‫اليهودية والنصرانية والملة السلمية وغيرها‪ ،‬وفيها كثير من الحكام‬
‫أخممذها مممن مجممرد نظممره وهممواه‪ ،‬فصممارت فممي بنيممه شممرعا ً متبع ما ً‬
‫يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم اللمه‬
‫ل ول كثير«‪.‬‬ ‫كم سواه في قلي ٍ‬ ‫ورسوله صلى الله عليه وسلم فل ُيح ّ‬
‫وقال رحمه الله‪» :‬فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمممد‬
‫بن عبدالله خاتم النبياء وتحاكم إلى غيممره مممن الشممرائع المنسمموخة‬
‫دمها عليممه؟ مممن فعممل ذلممك‬ ‫كفر‪ ،‬فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وق م ّ‬
‫كفر بإجماع المسلمين«‪] .‬البداية والنهاية‪،‬ج ‪،13‬ص ‪[119‬‬
‫)‪(116‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهذا المام بن كثير ينقل الجماع على كفر مممن يحكممم بممالقوانين‬
‫المخالفة للشرع حتى لو كانت من شرائع سماوية منسوخة‪.‬‬
‫وأما قول المؤلف ]فمن كلم ابن كثير وشيخه أبي العبمماس ابممن‬
‫ي فيمممن وقممع فممي التحليممل‬ ‫تيمية وغيرهما يتضح أن الجممماع المحكم ّ‬
‫والتحريممم أي تجممويز حكممم غيممر حكممم اللمه إذ جعلمموا الياسممق كممدين‬
‫السلم موصل ً إلى الله ومسممألتنا المطروحممة فيمممن حكممم بغيممر ممما‬
‫أنزل الله مع العتراف بالعصيان ل مع القممول بممأنه جممائز ل محظممور‬
‫فيه أو بأنه طريق للرضوان‪.‬‬
‫ثم تنبه ‪ -‬أيها القارئ ‪ -‬إلى قول ابن كثير‪ :‬فكيف بمن تحاكم إلممى‬
‫الياسق وقدمها عليه ا‪ .‬هم هممؤلء جمعمموا بيممن التحمماكم إلممى الياسممق‬
‫وتقديمه على شرع الله‪ ،‬فليس ذنبهم مجرد التحكيم الذي هو عمممل‬
‫بل قارنه العتقاد وهو التقديم[‪.‬‬
‫هذا كلم باطل من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن شيخ السلم رحمه الله بّين أن الطائفة الممتنعممة عممن‬
‫إقامة بعض شرائع السلم الظاهرة تكون خارجممة عممن السمملم وإن‬
‫كانت مقرة بها‪ ،‬ومممن أعظممم شممعائر الممدين الظمماهرة إقامممة أحكممام‬
‫الشرع‪ ،‬فكيف إذا كان المر ليس بالمتناع فقط بل زاد عليه بالتيان‬
‫بأحكام أخرى مخالفة وإلزام الناس بها‪ ،‬فهممذا خروجممه مممن السمملم‬
‫من باب أولى‪ ،‬بل قد أفتى بعض العلماء كالشيخ محمد بممن إبراهيممم‬
‫آل الشيخ رحمه الله‪ :‬بأن الدولة التي ل ُيحكم فيها بالشممرع ل تعتممبر‬
‫دار إسلم حيث قال رحمه الله‪ :‬إن البلد الممتي ُيحكممم فيهمما بالقممانون‬
‫ليس بلد إسلم فيجب الهجرة منها"‬
‫]فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم‪.[289 / 12 :‬‬
‫ميت دار إسلم لظهور شعائر السلم عليها والرجوع‬ ‫س ّ‬
‫لنها إنما ُ‬
‫إلى أحكام السلم في جميع شؤونها‪ ،‬فإذا فقممدت هممذا المممر وصممار‬
‫الذي ُيدير شؤونها وينظم سياستها أحكام بشممرية طاغوتيممة مضمماهية‬
‫لحكام الشرع‪ ،‬فكيف تكون دار إسلم والحكم الذي يسوسممها حكممم‬
‫الطاغوت ل السلم؟‬
‫وليس معنى ذلك كفر المسلمين الذين في تلك البلد‪ ،‬بممل يكممون‬
‫حكمها كما حكم شيخ السلم ابن تيميممة علممى مدينممة ممماردين حيممث‬
‫كان يحكمها الكفار وأغلب شعبها مممن المسمملمين‪ ،‬فقممال‪ :‬لهمما حكممم‬

‫)‪(117‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدارين‪ ،‬فباعتبممار السمملطة هممي دار كفممر وباعتبممار الشممعب هممي دار‬
‫إسلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن الحاكم بغيمر الشمرع مشمّرع ممع اللمه منمازع للمه فمي‬
‫ربوبيته سواء نسممب تلممك القمموانين إلممى الممدين أو لممم ينسممبها‪ ،‬وهممو‬
‫بحكمه بغير شرع الله ُيعّبد الناس لغير الله فممي التحمماكم وهممذا كفممر‬
‫ول ينفعه إقراره بالخطأ‪.‬‬
‫م حكمه على حكم اللممه شمماء‬ ‫الثالث‪ :‬أن الحاكم بغير الشرع مقد ّ ٌ‬
‫حى شرع اللممه وحكممم بغيممره فهممو مممؤخر لحكممم اللممه‬ ‫أم أبى‪ ،‬فمن ن ّ‬
‫مقدم لحكم غيره‪.‬‬
‫وأممما قممول المؤلممف ]هممؤلء جمعمموا بيممن التحمماكم إلممى الياسممق‬
‫وتقديمه على شرع الله‪ ،‬فليس ذنبهم مجرد التحكيم الذي هو عمممل‬
‫بل قارنه العتقاد وهو التقديم[‬
‫ن‬ ‫هذا ليس بصحيح لن العتقاد أمر قلممبي ل يعلمممه إل اللممه‪ ،‬ولك م ّ‬
‫ه للقوانين الوضعية للحكم بين الناس بدل ً عممن حكممم اللمه يعتممبر‬ ‫َنصب َ ُ‬
‫تقديما ً له على حكم الله‪ ،‬وتأمل قول شيخ السلم ابن تيميممة رحمممه‬
‫دما ً‬
‫ن من ترك حكم الله وحكم بغيره فممإنه يعتممبر مق م ّ‬ ‫الله يتبين لك أ ّ‬
‫لحكم غير الله على حكم الله حيث قال رحمممه اللممه فممي الفتمماوى ج‬
‫‪ 35‬ص ‪) :406‬ومن حكم بما يخالف شرع اللممه ورسمموله وهممو يعلممم‬
‫ذلك فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياسق على حكم الله‬
‫ورسوله(‪.‬‬
‫فانظر رحمك الله كيف أن شيخ السمملم بي ّممن أن مممن يحكممم بممما‬
‫يخالف حكم الله ورسوله مممع علمممه أن حكمممه مخممالف لحكممم اللممه‬
‫دما ً حكم غير الله على حكم الله ورسوله صمملى اللممه عليممه‬ ‫يعتبر مق ّ‬
‫وسلم‪ ،‬وجعل ذلك هو حقيقة فعله ولم يشترط أن يعتقد ذلممك بقلبممه‬
‫كما ذهب إليه المؤلف‪ ،‬وهذه لوثة إرجائية وما أكثرهمما عنممد المؤلممف‬
‫وستعرف في نهاية هذا الكتاب شيئا ً منها إن شاء الله‪.‬‬
‫ول أدري ما المقصود من قول المؤلف‪] :‬بل قممارنه العتقمماد وهممو‬
‫التقديم[‪ ،‬فإن كان المقصود أنهم اعتقدوا أنه أفضل من حكم الله أو‬
‫أنه أحق بالتقديم من حكم الله فإنهم يكفرون بذلك ولو لممم يحكممموا‬
‫به‪ ،‬فهذا مناط آخر في الحكم‪.‬‬
‫وكلم ابن كثير يرد عليه‪ ،‬فإنه قال قبل ذلك‪ :‬فمممن تممرك الشممرع‬

‫)‪(118‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المحكم المنزل على محمد بممن عبممدالله خمماتم النبيمماء وتحمماكم إلممى‬
‫غيره من الشرائع المنسوخة كفر‪ ،‬فكيف بمممن تحمماكم إلممى الياسممق‬
‫دمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين‪ .‬اهم‬ ‫وق ّ‬
‫فلحظ قوله‪ :‬وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر‪ ،‬فلم‬
‫يذكر التقديم في التحاكم إلى الشرائع المنسوخة مع كونها من عنممد‬
‫الله فكيف بالياسق الذي هو من وضع الكفار؟ هذا واضممح‪ ،‬وبالتممالي‬
‫م بين النمماس فإنهمما‬ ‫حك َ َ‬
‫تعلم أن قوله وقدمها عليه من لوازم جعلها ال َ‬
‫بذلك مقدمة وحكم الله مؤخر‪.‬‬
‫حى حكم اللممه ووضممع حكم ما ً آخممر مكممانه‪،‬‬ ‫ثم نقول للمؤلف‪ :‬من ن ّ‬
‫دم حكم غيره عليه؟‬ ‫خر حكم الله وق ّ‬ ‫أليس قد أ ّ‬
‫الرابع‪ :‬أن ابن كثير رحمه الله قال بعد ذلك‪ :‬فمن فعل ذلمك فهمو‬
‫كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صمملى اللممه عليممه‬
‫ل ول كثير‪.‬‬ ‫كم سواه في قلي ٍ‬ ‫وسلم فل ُيح ّ‬
‫فلم يقل حتى يرجع إلى حكم الله ورسمموله ويرجممع عممن التقممديم‬
‫عليهما‪ ،‬بل قال حتى يرجع إلى حكم الله ورسمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم فل يحكممم سممواه فممي قليممل ول كممثير‪ ،‬وبهممذا تعلممم أن لفظممة‬
‫التقديم إنما هي من لوازم الحكممم بغيممر ممما أنممزل اللممه‪ ،‬فمممن حكممم‬
‫دم للقمموانين ومممؤخر‬ ‫بالقوانين والوضعية بدل ً عن حكم الله فهممو مقم ّ‬
‫لحكم الله شاء أم أبى‪.‬‬
‫وتأمل الحاديث التي جاءت في طاعة ولة المر وقّيدت الطاعممة‬
‫بقيامهم بكتاب الله‪ ،‬وبينت الحاديث أنممه ل يجمموز القيممام علممى ولممي‬
‫المر إل إذا أتى بكفرٍ بواح عندنا فيه من اللممه برهممان‪ ،‬كممذلك منعممت‬
‫من القيام عليهم ما أقاموا الصلة‪.‬‬
‫مممر عليكممم عبممد مجممدع أسممود‬ ‫ُ‬
‫قال صلى الله عليممه وسمملم‪) :‬إن أ ّ‬
‫يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا(‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وفي لفظ‪) :‬لو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمممعوا‬
‫له وأطيعوا(‪ .‬رواه مسلم‬
‫مممر عليكممم عبممد‬ ‫وفي رواية الطبراني فممي المعجممم الكممبير‪) :‬إن أ ّ‬
‫حبشي مجدع فاسمعوا له ما أقام فيم كتاب الله تعالى(‪.‬‬
‫ن هذا المر في قريش‪ ،‬ل يعاديهم‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إ ّ‬
‫أحد إل كّبه الله في النار على وجهه‪ ،‬ما أقاموا الدين( رواه البخاري‪.‬‬

‫)‪(119‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولما سئل صلى الله عليه وسلم عممن القيممام عليهممم قممال‪) :‬ل ممما‬
‫أقاموا فيكم الصلة(‪.‬‬
‫وقال في الحديث الخر )ل إل أن تروا كفرا ً بواحا ً عنكم فيممه مممن‬
‫الله برهان(‪.‬‬
‫عند تأملك في مجموع ما ورد في هذا الباب تعلم أن تنحية حكممم‬
‫الله والحكم بغيره كفر بواح‪ ،‬وذلك لن النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫نهى عن الخروج على ولة المر ما داموا مسمملمين‪ ،‬أممما إذا خرجمموا‬
‫من السلم بكفر بواح فإنه يجب القيام عليهم وخلعهم‪ ،‬وبي ّممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم حالتين من الحممالت الممتي ُيشممرع فيهمما القيممام‬
‫على الحاكم‪ ،‬وذلك دليل على أن كل الحالتين يكون الحاكم فيهما قمد‬
‫ارتكب كفرا ً بواحًا؛ إذا ل يصح أن يأمر النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫م يأمر بممالخروج عليهممم وهممم لممم‬ ‫بطاعتهم مالم يرتكبوا كفرا ً بواحا ً ث ّ‬
‫يرتكبوا كفرا ً بواحًا‪ ،‬فدل ذلك على أن الحالت التي بّين النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم فيها مشروعية الخروج على الحاكم هي من الحلت‬
‫التي يكون الحاكم فيها قد ارتكب الكفر البواح‪ ،‬والحالتان الممتي بي ّممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم فيهمما مشممروعية الخممروج علممى الحمماكم‬
‫هي‪:‬‬
‫الولى‪ :‬ترك إقامة الصلة‪ ،‬فمشروعية القيام عليهممم عنممد تركهممم‬
‫إقامة الصلة دليل على كفرهم بذلك‪ ،‬ولممو لممم يكممن كفممرا ً لممما جمماز‬
‫الخروج عليهم لنهم حينئذٍ لم يرتكبوا كفرا ً بواحًا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬عدم إقامتهم فينا كتاب الله‪ ،‬ووجه الدللممة علممى أن ذلممك‬
‫كفر بواح‪ ،‬أن الحكم ل يمكن أن يستقيم إل بالسمع والطاعممة‪ ،‬ولممما‬
‫قيد النبي صلى الله عليه وسلم الطاعة بإقامتهم كتاب الله فينا‪ ،‬د ّ‬
‫ل‬
‫ذلك على أنهم إن لم ُيقيموا فينا كتاب الله فل سمع لهم ول طاعة‪.‬‬
‫ول حقيقة ول معنى من بقاء الحاكم بغير سمممع وطاعممة‪ ،‬وإقامممة‬
‫خليفة للمسلمين من أعظم واجبات الدين‪ ،‬ول يمكن أن ُيقر الشرع‬
‫ل ذلك على وجمموب القيممام‬ ‫بقاء حاكم ل حقيقة لوجوده ول قيمة‪ ،‬فد ّ‬
‫عليه وخلعه وتنصيب حاكم يقودنا بكتاب الله‪ ،‬لنممه إذا لممم ي ُِقممم فينمما‬
‫كتاب الله فسوف يقيم فينا غيره ويجعله بدل ً عن شرع الله وهذا هو‬
‫دة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فدل ذلك علممى أن‬ ‫عين المحا ّ‬
‫عدم إقامة كتاب اللممه كفممر بممواح‪ُ ،‬يشممرع فيممه القيممام علممى الحمماكم‬

‫)‪(120‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وخلعه‪.‬‬
‫ي فيمممن وقممع فممي‬ ‫وكممذلك قممول المؤلممف‪] :‬أن الجممماع المحكمم ّ‬
‫التحليل والتحريم أي تجويز حكم غير حكم الله[‬
‫أقول‪ :‬إن هذا القول أعني أنه إن وقع في التحليل والتحريممم مممن‬
‫غير تجويز لذلك أنه غير داخل في الجماع قول عجيب!‬
‫ونحن نسأل المؤلف‪ :‬من الذي له الحق أن يحلل ويحرم؟‬
‫وما حكم من ينازع الله في ربوبيته وملكه وحكمه فُيحل ما حممّرم‬
‫الله‪ ،‬ويحرم ما أحل الله؟‬
‫أليس من ُيحل ما حرم الله ويحّرم ما أحل اللممه قممد جعممل نفسممه‬
‫ند ّا ً لله؟‬
‫وما حكم من جعل نفسه ند ّا ً لله؟‬
‫أليس التحليل والتحريم ُيعتبر تشريعًا؟‬
‫فمن الذي له حق التشريع؟‬
‫وما حكم من ُيشّرع ما يخالف حكم الله وُيضاّده؟‬
‫ينهى الله عن الزنا والربا وشرب الخمممر فيممأتي ذلممك ويقنممن فممي‬
‫دستور الدولة ل بأس بفتح بنوك الربا ومسممموح للنمماس أن يتعمماملوا‬
‫مارات ول عقوبممة علممى مممن‬ ‫بالربا‪ ،‬ول بأس بفتح بيوت الدعارة والخ ّ‬
‫يزني فيها ويشرب الخمر‪ ،‬ول يعتبر فاعلها في النظام مجرمًا‪.‬‬
‫ما حكم من يفعل هذا؟‬
‫إن كان حكمه الكفر فما هو وجه اشتراط التجويز؟‬
‫وز ذلك فما حكمه؟‬ ‫وإن لم يحلل ويحّرم ولكنه ج ّ‬
‫وز ذلك‪ ،‬فما هو مناط‬ ‫وإن كان ل يكفر بالتحليل والتحريم إل إذا ج ّ‬
‫الكفممر هاهنمما؟ هممل هممو التحليممل والتحريممم‪ ،‬أم التجممويز‪ ،‬أم منهممما‬
‫مجتمعين؟‬
‫فممإن كممان يكفممر بمجممرد التحليممل والتحريممم فل فممائدة ول عممبرة‬
‫باشتراط التجويز‪ ،‬وإن كان يكفر بالتجويز فل حاجممة لوجممود التحليممل‬
‫وز ذلك كفر ولو كان جالسا ً في بيته‪.‬‬ ‫والتحريم‪ ،‬لنه إن ج ّ‬
‫وإن كان ل يكفر إل باجتماعهما فيلزمممك أن تمتنممع مممن تكفيممره‬
‫عند انفراد التحليل والتحريم‪ ،‬أو انفراد التجويز‪.‬‬
‫وإن قلمت يكفمر بمالتجويز‪ ،‬ويكفمر باجتماعهمما‪ ،‬ول يكفمر بمانفراد‬

‫)‪(121‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫التحليل والتحريم‪.‬‬
‫فنقول لك‪ :‬عندما كّفرته باجتماعهما هل ذلك لوجود مناط الكفممر‬
‫ل منهما؟ أم لوجود مناط الكفر في أحدهما‪.‬‬ ‫في ك ّ‬
‫ل منهما لزمك أن تقول بكفر‬ ‫فإن قلت‪ :‬لوجود مناط الكفر في ك ّ‬
‫ل في الحكم‪.‬‬ ‫من انفرد بأحدهما لكون كل صورة لها مناط مستق ّ‬
‫وإن قلت‪ :‬إن منماط الكفممر فمي أحمدهما وهمو التجمويز‪ ،‬فل فممرق‬
‫ن مناط الكفر هو التجويز‪ ،‬فممإن‬ ‫حينئذ بين اجتماعهما وافتراقهما إذ أ ّ‬
‫وز وإن اجتمعا كان مناط الكفر هو التجويز‪،‬‬ ‫انفردا حكمت بكفر المج ّ‬
‫ل الحوال التحليل والتحريم ليس هو مناط الكفر‪.‬‬ ‫وفي ك ّ‬
‫وحينئذٍ نكتفي في الرد على هممذه الشممبهة بالجممماع الممذي نقلممه‬
‫شيخ السلم رحمممه اللممه حيممث قممال‪ :‬والنسممان مممتى حل ّممل الحممرام‬
‫دل الشرع المجمعُ عليه‬ ‫المجمع عليه وحّرم الحلل المجمعُ عليه أو ب ّ‬
‫كان كافرا ً مرتدا ً باّتفاق الفقهاء«‪.‬‬
‫فلم يشترط شيخ السلم في كفر من حلل الحرام المجمع عليه‬
‫وز ذلمك بمل ذكمر الجمماع علمى‬ ‫أو حرم الحلل المجمع عليمه أن يجم ّ‬
‫دل لشرع الله‪.‬‬ ‫كفره وقرنه بالمب ّ‬
‫وقال المام ابن راهويه رحمه الله تعالى‪» :‬قد أجمع المسمملمون‬
‫ب الرسول صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬أو‬ ‫ب الله تعالى‪ ،‬أو س ّ‬ ‫ن من س ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ما أنزل الله‪ ،‬أو قتل نبي ّا ً من أنبياء الله‪ ،‬أن ّممه كممافٌر بممذلك‪،‬‬ ‫دفع شيئا ً م ّ‬
‫وإن كان مقّرا ً بما أنزل الله«‪.‬‬
‫ن المحلممل‬‫أليس المحلل والمحرم دافع ما ً لممما أنممزل اللممه؟ بممل إ ّ‬
‫والمحرم لم يقتصر على دفع ما أنزل الله بل زاد على ذلك أن جعل‬
‫نفسه ند ّا ً لله ُيشّرع الحكام التي تخممالف حكممم اللممه‪ ،‬ويلممزم النمماس‬
‫بعبمادته مممن دون اللمه وذلمك بالخضموع والستسملم والنقيماد لتلمك‬
‫القوانين التي جعلها بدل ً عن حكم الله‪.‬‬
‫ن الرجوع إلى حكم الله والخضوع والستسمملم والنقيمماد‬ ‫فكما أ ّ‬
‫لها عبادة لله‪ ،‬فكذلك الرجوع إلى حكم المشّرع مممع اللممه والخضمموع‬
‫والستسلم والنقياد له ولحكامه عبدة له من دون الله‪.‬‬
‫قال ابممن تيميممة رحمممه اللممه‪" :‬فالسمملم يتضمممن الستسمملم للممه‬
‫وحده‪ ،‬فمن استسلم له ولغيره كان مشركًا‪ ،‬ومممن لممم يستسمملم لممه‬
‫كان مستكبرا ً عن عبادته‪ ،‬والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر‪،‬‬

‫)‪(122‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والستسلم له وحده يتضمن عبادته وحده‪ ،‬وطاعته وحده‪] .‬مجممموع‬
‫الفتاوى ‪.[3/91‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪ :‬من تحاكم أو حاكم إلممى غيممر ممما جمماء‬
‫عن الرسول فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليممه‪ ،‬وقممد أمرنمما سممبحانه‬
‫باجتنمماب الطمماغوت قممال سممبحانه‪" :‬والممذين اجتنبمموا الطمماغوت أن‬
‫يعبدوها" فالحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع مممن أنممواع العبممادة‬
‫التي أمر الله بهجرها واجتنابها‪ .‬اهم ]إعلم الموقعين‪.[1/49 ،‬‬
‫خضمموع‬ ‫وقال الشيخ محمد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬و ُ‬
‫ن خلقهمم‬ ‫مم ْ‬‫حكمم َ‬ ‫خ لِ ُ‬‫الناس ورضمموخهم لحكممم رّبهممم خضموعٌ ورضممو ٌ‬
‫ن إل ّ إيمماه ول‬ ‫ه‪ ،‬ول يعبممدو َ‬ ‫تعالى ليعبدوه فكما ل يسجد ُ الخل مقُ إل ّ لل م ِ‬
‫يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقممادوا‬
‫حكم الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ .‬اهم‬ ‫إل ّ ل ُ‬
‫كم القانون أنا أعتقد أنممه باطممل‬ ‫وقال رحمه الله‪" :‬لو قال من ح ّ‬
‫ل للشرع‪ ،‬كما لو قال أحد‪ :‬أنا أعبد الوثممان‬ ‫فهذا ل أثر له‪ ،‬بل هو عز ٌ‬
‫وأعتقد أنها باطلة‪] .‬فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم‪.[189/6،‬‬
‫‪ .......‬أعود لذكر أقوال العلماء‪:‬‬
‫‪ -‬قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫»‪ ...‬فمن خالف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليممه وسمملم بممأن‬
‫حكم بين الناس بغير ما أنزل اللممه‪ ،‬أو طلممب ذلممك اتباعما ً لممما يهممواه‬
‫ويريده فقممد خلممع ربقممة السمملم واليمممان مممن عنقممه وإن زعممم أنممه‬
‫مؤمن‪ ،‬فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك‪ ،‬وأكذبهم في زعمهممم‬
‫ن‬
‫اليمان لممما فممي ضمممن قمموله }يزعمممون{ مممن نفممي إيمممانهم‪ ،‬فممإ ّ‬
‫دعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته‬ ‫}يزعمون{ إنما يقال غالبا ً لمن ا ّ‬
‫موجبها وعمله بما ُينافيها‪ ،‬يحّقق همذا قمموله تعمالى }وقممد أمممروا أن‬ ‫لِ ُ‬
‫يكفروا به{ لن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد‪ ،‬كما في آيممة البقممرة‪،‬‬
‫فإذا لم يحصممل هممذا الركممن لممم يكممن موحممدًا‪ ،‬والتوحيممد هممو أسمماس‬
‫ن‬‫ن ذلك بي ّ ٌ‬ ‫مه‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫سد بعد َ ِ‬‫اليمان الذي تصلح به جميع العمال وتف ُ‬
‫في قوله تعالى }فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بممالله فقممد استمسممك‬
‫بالعروة الوثقى{ ]البقممرة‪ [256 :‬وذلممك أن الّتحمماكم إلممى الطمماغوت‬
‫ن به«‪] .‬فتح المجيد‪،‬ج ‪،1‬ص ‪.[379‬‬ ‫إيما ٌ‬
‫‪ -‬وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بممن حسممن بممن محمممد‬

‫)‪(123‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سممئل عممما يحكممم بممه أهممل‬ ‫بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى عنممدما ُ‬
‫السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الباء والجداد هممل ُيطلممق‬
‫كم إلى غير كتاب‬ ‫من تحا َ‬
‫عليهم بذلك الكفر بعد التعريف؟ فأجاب‪َ » :‬‬
‫الله تعالى وسنة رسوله صلى اللممه عليممه وسمملم بعممد التعريممف فهممو‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫كافر‪ ،‬قال الله تعممالى }ومممن لممم يحكممم بممما أنممزل اللممه فمألئك هُم ُ‬
‫الكافرون{«‪.‬‬
‫سيد السوري رحمه الله تعالى‪» :‬إن فصممل الممدين عمن‬ ‫ُ‬
‫قال أبو أ ّ‬
‫الدولة هي صورة للتحاكم إلى الكتمماب والسممنة فممي علقممة النسممان‬
‫بربه من صلة وصيام وحج وغيرها من الشعائر ثم التحاكم إلى غيممر‬
‫الكتاب والسنة في غير ذلك‪ ،‬فمن أخذ صلته وصيامه وشعائره مممن‬
‫غير الكتاب والسنة فهو بل شك كافر‪ ،‬وكذلك مممن أخممذ منهممج حيمماته‬
‫من مصدر آخر غير الكتاب والسنة فهو كافر أيض ما ً لنممه تحمماكم إلممى‬
‫غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم«‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى في تفسير قمموله‬
‫تعالى }وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله{ أن‪» :‬الية ناطقة بأن‬
‫من صد ّ وأعرض عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عمممدا ً‬
‫ول سيما بعد دعوته إليه وتذكيره به‪ ،‬فإنه يكممون منافق ما ً ل ُيعت مد ّ بممما‬
‫يزعمه من اليمان‪ ،‬وما يدعيه من السلم«‪.‬‬
‫قممال الشمميخ أحمممد شمماكر رحمممه اللممه تعممالى معلقما ً علممى كلم‬
‫الحممافظ ابممن كممثير عنممد تفسمميره لقمموله تعممالى }أفحكممم الجاهليممة‬
‫َ‬
‫جوز في شرع اللممه تعممالى أن ُيحكممم المسمملمون‬ ‫يبغون{‪»:‬أقول‪ :‬أفَي َ ُ‬
‫في بلدهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟ بممل‬
‫بتشريع تدخله الهواء والراء الباطلة‪ ،‬يغّيرونه ويبدلونه كما يشاؤون‪،‬‬
‫شرعة السلم أم خالفهمما؟ إن المسمملمين لممم‬ ‫َ‬
‫ل يبالي واضعه أَوافق ِ‬
‫ُيبلوا بهذا قط ‪-‬فيما نعلم من تاريخهم‪ -‬إل ّ في ذلك العهد عهد التتممار‪،‬‬
‫وكان من أسوأ عهود الظلم والظلم‪ ،‬ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له‪،‬‬
‫شرعته‪ ،‬وزال أثر ما‬ ‫بل غلب السلم التتار‪ ،‬ثم مزجهم فأدخلهم في ِ‬
‫صممنعوا بثبممات المسمملمين علممى دينهممم وشممريعتهم‪ ،‬وبممما أن الحكممم‬
‫السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك‪ ،‬لم يندمج فيه أحد‬
‫من أفممراد المممم السمملمية المحكومممة‪ ،‬ولممم يتعّلممموه ولممم يعّلممموه‬
‫أبناءهم‪ ،‬فما أسرع ما زال أثممره‪ ،‬أفرأيتممم هممذا الوصممف القمموي مممن‬
‫الحممافظ ابممن كممثير ‪-‬فممي القممرن الثممامن‪] -‬الهجممري[ لممذاك القممانون‬
‫)‪(124‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الوضعي‪ ،‬الذي صنعه عدو السلم جنكيز خان؟ ألستم ترونممه يصممف‬
‫حال المسلمين في هذا العصر‪ ،‬في القرن الرابع عشر الهجري؟ إل ّ‬
‫في فرق واحد أشرنا إليه آنفًا‪ :‬أن ذلك كممان فممي طبقممة خاصممة مممن‬
‫الحكام أتى عليها الزمن سريعا ً فاندمجت في المممة السمملمية وزال‬
‫ل‪ ،‬وأشممد ظلمما ً‬ ‫أثر ممما صممنعت‪ ،‬ثممم كممان المسمملمون الن أسمموأ حمما ً‬
‫وظلما ً منهم‪ ،‬لن أكثر المممم السمملمية الن تكمماد تندمممج فممي هممذه‬
‫القوانين المخالفة للشريعة‪ ،‬والتي هي أشبه شيء بممذاك "الياسممق"‬
‫ل كافٌر ظاهُر الكفر‪ ،‬هذه القوانين الممتي يصممطنعها‬ ‫الذي اصطنعه رج ٌ‬
‫ناس ينتسبون للسلم‪ ،‬ثم يتعّلمها أبناء المسمملمين ويفخممرون بممذلك‬
‫آبمماًء وأبنمماء‪ ،‬ثممم يجعلممون مممرد ّ أمرهممم إلممى معتنقممي هممذا "الياسممق‬
‫حّقرون من يخالفهم فممي ذلممك‪ ،‬ويسمممون مممن يممدعوهم‬ ‫العصري" وي ُ َ‬
‫إلى الستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعيًا" و"جامدًا" إلى مثمل ذلمك‬
‫من اللفاظ البذيئة‪ ،‬بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي في الحكم مممن‬
‫التشريع السلمي‪ ،‬يريدون تحممويله إلممى "ياسممقهم" الجديممد بالهوينمما‬
‫والليممن تممارة‪ ،‬وبممالمكر والخديعممة تممارة‪ ،‬وبممما ملكممت أيممديهم مممن‬
‫السلطات تارات‪ ،‬ويصّرحون ول يستحيون بأنهم يعملون على فصممل‬
‫الدولة من الممدين! أفيجمموز إذن ‪-‬مممع هممذا‪ -‬لحممد مممن المسمملمين أن‬
‫يعتنق هممذا الممدين الجديممد‪ ،‬أعنممي التشممريع الجديممد؟ أ َوَ َيجمموز لرجممل‬
‫ي القضاء في ظل هذا "الياسق العصري" وأن يعمل بممه‬ ‫مسلم أن يل َ‬
‫ن أن رجل ً مسملما ً يعمرف دينمه‬ ‫رض عن شمريعته البّينمة؟ مما أظم ّ‬ ‫وُيع ِ‬
‫وُيؤمن به جملة وتفصيل ويؤمن بممأن هممذا القممرآن أنزلممه اللممه تعممالى‬
‫محكما ً ل يممأتيه الباطممل مممن‬ ‫على رسوله صلى الله عليه وسلم كتابا ً ُ‬
‫بين يديه‪ ،‬ول من خلفه‪ ،‬وبأن طاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم الذي جاء به واجبة قطعية الوجمموب فممي كممل حممال‪ ،‬ممما أظنممه‬
‫يستطيع إل ّ أن يجزم غير متردد ول متأول‪ ،‬بأن ولية القضاء في هذه‬
‫الحال باطلة بطلنا ً أصليًا‪ ،‬ل يلحقممه التصممحيح ول الجممازة‪ ،‬إن المممر‬
‫كفمٌر بممواح‪ ،‬ل‬ ‫في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس‪ ،‬هي ُ‬
‫عذر لحد ممن ينتسب للسملم ‪-‬كائنما ً مممن‬ ‫خفاء فيه ول مداورة‪ ،‬ول ُ‬
‫كان‪ -‬في العمل بها‪ ،‬أو الخضوع لها أو إقرارها‪ ،‬فليحذر امرؤٌ لنفسه‪،‬‬
‫ب نفسه«‪.‬‬ ‫ئ حسي ُ‬ ‫وكل امر ٍ‬
‫وقال رحمه الله في تعليقه وتحقيقه لمسممند المممام أحمممد عنممد‬
‫الحديث رقم ‪) :7747‬ومن حكم بغير ما أنزل الله عامدا عارفا فهممو‬
‫)‪(125‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كافر‪ .‬ومن رضي عن ذلك وأقره فهو كافر‪ ,‬سواء أحكم بممما يسممميه‬
‫شريعة أهل الكتاب أم بما يسميه تشريعا وضعيا‪ .‬فكله كفمر وخمروج‬
‫من الملة‪ ,‬أعاذنا الله من ذلك(‪.‬‬
‫وقال الشيخ محمود شاكر رحمه اللمه تعمالى‪» :‬اللهمم إنممي ابممرأ‬
‫دروا الكلم‬ ‫إليك من الضللة وبعد‪ :‬فإن أهل الريب والفتن ممممن تصم ّ‬
‫في زماننا هذا قد تلمس المعذرة لهل السلطان في ترك الحكم بما‬
‫أنزل الله تعالى وفي القضاء فممي الممموال والعممراض والممدماء بغيممر‬
‫شريعة الله تعالى التي أنزلها في كتممابه وفممي اتخمماذهم قممانون أهممل‬
‫الكفر شريعة في بلد السلم‪ ...‬فهذا الفعل إعراض عممن حكممم اللممه‬
‫تعالى ورغبة عن دينه‪ ،‬وإيثاٌر لحكام أهل الكفر على حكمممه سممبحانه‬
‫ك فيه أحد من أهل القبلممة ‪-‬علممى اختلفهممم‪-‬‬ ‫وتعالى‪ ،‬فهذا كفٌر ل يش ّ‬
‫في تكفير القائل به والداعي إليه‪ ،‬والذي نحممن فيممه اليمموم هممو هجممر‬
‫مممة بل اسممتثناء‪ ،‬وإيثمماُر أحكممام ٍ غيمُر حكمممه فممي‬
‫لحكام الله تعالى عا ّ‬
‫ل لكل ممما فممي شممريعة‬ ‫كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتعطي ٌ‬
‫اللممه تعممالى‪ ،‬بممل بلممغ مبلممغ الحتجمماج علممى تفضمميل أحكممام القممانون‬
‫ج بهذين الثريممن‬ ‫الموضوع على أحكام الله تعالى المنزلة‪ ...‬فمن احت ّ‬
‫وغيرهما في غير بابها وصممرفها إلممى غيممر معناهمما‪ ،‬رغبممة فممي نصممرة‬
‫سلطان أو احتيال ً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ورضي‬
‫بتبديل الحكام‪ ،‬فحكم الكافر المصّر على كفره معممروف لهممل هممذا‬
‫الدين«‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعممالى فممي تفسممير‬
‫قوله تعالى }ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بممما أنممزل إليممك{‬
‫أن‪) :‬الرد إلى الكتاب والسنة شرط في اليمان‪ ،‬فدل ذلمك علمى أن‬
‫ل النممزاع فليممس بمممؤمن حقيقممة‪ ،‬بممل مممؤمن‬ ‫من لم يرد إليهما مسائ َ‬
‫بالطاغوت‪ ...‬فإن اليمان يقتضي النقياد لشرع اللممه وتحكيمممه‪ ،‬فممي‬
‫كل أمر من المور‪ ،‬فمن زعممم أنممه مممؤمن‪ ،‬واختممار حكممم الطمماغوت‬
‫على حكم الله فهو كاذب في ذلك(‪.‬‬
‫قال شيخ جامع الزهر الشيخ محمد الخضر حسممين رحمممه اللممه‬
‫تعالى‪» :‬فصل الدين عن السياسممة هممدم لمعظممم حقممائق الممدين ول‬
‫يقدم عليه المسلمون إل ّ بعد أن يكونوا غير مسلمين«‪.‬‬
‫قال الشيخ صالح بممن إبراهيممم البليهممي‪ ...» :‬فممالحكم بممالقوانين‬
‫الوضعية المخالفممة للشممريعة السمملمية إلحمماد وكفممر وفسمماد وظلممم‬
‫)‪(126‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫للعبمماد‪ ،‬فل يسممود المممن ول تحفممظ الحقمموق الشممرعية إل ّ بالعمممل‬
‫بشريعة السلم كلها عقيدة وعبادة وأحكاما ً وأخلقا وسلوكا ً ونظامًا‪،‬‬
‫فالحكم بغير ما أنزل الله هو حكم بعمل مخلوق لمخلمموق مثلمه‪ ،‬هممو‬
‫حكم بأحكام طاغوتيممة‪ ...‬ول فممرق بيممن الحمموال الشخصممية والعامممة‬
‫والخاصة‪ ،‬فمن فّرق بينها في الحكم فهممو ملح مد ٌ زنممديقٌ كممافٌر بممالله‬
‫العظيم«‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في أقسام الحكم بغيممر‬
‫ما أنزل الله الكفرية المخرجة من الملة‪:‬‬
‫الخممامس‪ :‬وهممو أعظمهمما وأشممملها وأظهرهمما معانممدة للشممرع‪،‬‬
‫ومكابرة لحكممامه‪ ،‬ومشمماقة للممه تعممالى ولرسمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ومضاهاة بالمحاكم الشرعية‪ ،‬إعدادا ً وإمدادا ً وإرصادا ً وتأصمميل ً‬
‫وتفريعا ً وتشكيل ً وتنويعا ً وحكما ً وإلزاممًا‪ ...‬فهممذه المحمماكم فممي كممثير‬
‫س إليهمما‬ ‫ة البممواب‪ ،‬والنمما ُ‬‫من أمصار السمملم مهي ّممأة مكملممة‪ ،‬مفتوحم ُ‬
‫حكممم السممنة‬ ‫كامهمما بينهممم بممما يخممالف ُ‬‫ب إثر أسراب‪ ،‬يحكممم ح ّ‬ ‫أسرا ٌ‬
‫ه‬
‫م ُ‬‫والكتاب‪ ،‬من أحكام ذلك القانون‪ ،‬وتلزمهم به وتقّرهم عليه‪ ،‬وُتحت ّ ُ‬
‫كفرٍ فوق هذا الكفر‪ ،‬وأي مناقضة للشهادة بممأن محمممدا ً‬ ‫عليهم‪ ،‬فأيّ ُ‬
‫ل الله بعد هذه المناقضة‪] .‬الدرر السنية‪،‬ج ‪،16‬ص ‪[216‬‬ ‫رسو ُ‬
‫ن( تكذيب لهمم فيممما‬ ‫مو َ‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬إن قوله ‪ -‬تعالى ‪)-‬ي َْزعُ ُ‬
‫دعوه من اليمان‪ ،‬فإنه ل يجتمع التحاكم إلى غير ممما جمماء بمه النممبي‬ ‫ا ّ‬
‫ل‪ ،‬بممل أحممدهما‬ ‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع اليمان في قلب عبد أص م ً‬
‫ينافي الخر‪ ،‬والطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد‪ ،‬فكل‬
‫من حكم بغير ما جاء به الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقممد حكممم‬
‫بالطاغوت وحاكم إليه‪] .‬الدرر السنية‪،‬ج ‪،16‬ص ‪.[209‬‬
‫قال الشيخ المام محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى‪...» :‬‬
‫وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهممر غايممة الظهممور أن الممذين‬
‫يّتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على لسممان أوليممائه‬
‫مخالفة لما شرعه الله جل وعل على ألسممنة رسممله ]عليهممم الصمملة‬
‫والسمملم[ أنممه ل يشممك فممي كفرهممم وشممركهم إل ّ مممن طمممس اللممه‬
‫بصيرته وأعماه عن نور المموحي‪ ...‬فتحكيممم هممذا النظممام فممي أنفممس‬
‫المجتمع وأممموالهم وأعراضممهم وأنسممابهم وعقممولهم وأديممانهم‪ ،‬كفممر‬
‫بخالق السموات والرض وتمّرد على نظام السماء الذي وضعه مممن‬
‫خلق الخلئق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكممون‬
‫)‪(127‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫معه مشرعٌ آخر علوا ً كبيرا‪] .‬أضواء البيان‪،‬ج ‪،3‬ص ‪[259‬‬
‫وقال رحمه الله‪ " :‬الشراك بالله في حكمه‪ ،‬والشراك بممه فممي‬
‫عبادته‪ ،‬كلها بمعنى واحد‪ ،‬ل فرق بينهما ألبتة‪ ،‬فالذي يتبع نظاما ً غيممر‬
‫نظام الله‪ ،‬وتشريعا ً غيممر تشممريع اللممه‪ ،‬كالممذي يعبممد الصممنم‪،‬ويسممجد‬
‫للوثن‪ ،‬ل فرق بينهما ألبتة بوجه مممن الوجمموه‪ ،‬فهممما واحممد‪ ،‬وكلهممما‬
‫مشممرك بممالله‪] .‬الحاكميممة فممي تفسممير أضممواء البيممان لعبممدالرحمن‬
‫السممديس ص ‪،52‬م ‪ 53‬باختصممار‪ ،‬وانظممر أضممواء البيممان للشممنقيطي‬
‫‪.[7/162‬‬
‫ن رفع أحكام‬ ‫وقال الشيخ عبدالله بن قعود رحمه الله تعالى‪» :‬إ ّ‬
‫شممرعية مممن أحكممام السمملم معممروف حكمهمما مممن ديممن السمملم‬
‫بالضرورة وإحلل قوانين وضعية من صنيع البشممر مخالفممة لهمما بممدل ً‬
‫ن ذلممك‬ ‫منها والحكم بهمما بيممن النمماس وحملهممم علممى التحمماكم إليهمما أ ّ‬
‫شرك بالله في حكمه‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد حامد الفقممي رحمممه اللممه تعممالى وهممو يع مّرف‬
‫معنى الطاغوت أن‪» :‬الذي ُيستخلص مممن كلم السمملف رضممي اللممه‬
‫ده عممن عبممادة اللممه‬ ‫عنهم أن الطاغوت هو‪ :‬كل ما صرف العبممد وص م ّ‬
‫تعالى وإخلص الدين والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪...‬‬
‫ويدخل فممي ذلممك بل شممك‪ :‬الحكممم بممالقوانين الجنبيممة عممن السمملم‬
‫وشرائعه وغيرها من كل ما وضممعه النسممان ليحكممم بممه فممي الممدماء‬
‫والفروج والموال‪ ،‬وليبطل بها شرائع الله تعالى‪ ،‬من إقامممة الحممدود‬
‫وتحريم الربا والزنمما والخمممر ونحممو ذلممك مممما أخممذت هممذه القمموانين‬
‫ذيها‪ ،‬والقمموانين نفسممها طممواغيت‪،‬‬ ‫تحللهمما وتحميهمما بنفوذهمما ومنفمم ّ‬
‫وواضعوها ومروجوها طواغيت‪« ...‬‬
‫وقال أيضا ً وهو يعلق على قول ابن كثير رحمه اللمه تعممالى فمي‬
‫ن اّتخممذ مممن كلم الفرنجممة قمموانين‬ ‫مم ِ‬‫التتار‪» :‬ومثل هممذا وش مّر منممه َ‬
‫دمها علممى ممما عَل ِممم‬ ‫يتحاكم إليها في الدماء والفممروج والممموال‪ ،‬ويقم ّ‬
‫وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسمملم فهممو بل‬
‫شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله ول‬
‫مى بممه‪ ،‬ول أيّ عمممل مممن ظممواهر أعمممال الصمملة‬ ‫ينفعه أي اسم تس ّ‬
‫والصيام ونحوها‪.‬‬
‫قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله تعالى‪» :‬وهو من أعظمها‬

‫)‪(128‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طراح الحكام الشرعية‬ ‫شرا ً وأسوأها عاقبة ما ابتلي به كثيرون من ا ّ‬
‫والعتياض عنها بحكم الطاغوت من القموانين والنظاممات الفرنجيمة‬
‫م‬
‫ل منهمما للشممريعة المحمديممة« ثم ّ‬ ‫أو الشبيهة بالفرنجية المخممالف كم ٌ‬
‫أورد بعض اليات القرآنّية وتابع‪» :‬وقد انحرف عن الدين بسبب هذه‬
‫ت من الناس‪ ،‬فمستقل مممن النحممراف ومسممتكثر‪ ،‬وآل‬ ‫المشابهة فئا ٌ‬
‫المر بكثير منهم إلى المردة والخمروج ممن ديمن السملم بالكليمة ول‬
‫حول ول قوة إل ّ بالله العلممي العظيممم‪ .‬والتحمماكم إلممى غيممر الشممريعة‬
‫المحمدية من الضلل البعيد والنفاق الكممبر‪ ...‬وممما أكممثُر المعرضممين‬
‫عن أحكممام الشممريعة المحمديممة مممن أهممل زماننمما‪ ...‬مممن الطممواغيت‬
‫المذين ينتسمبون إلمى السملم وهمم عنمه بمعمزل‪] .‬المدرر السمنية‪،‬ج‬
‫‪،16‬ص ‪.[226‬‬
‫وبعد هذه النقول الواضحة الصريحة في المسممألة أعممود إلممى ممما‬
‫ذكره المؤلف من الشبهات‪:‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬فإذا تقرر أنها مسألة اجتهادية فإن التكفير للعيان‬
‫ل يكون في المسائل المتنازع فيهمما بيممن أهممل السممنة أنفسممهم‪ ،‬وإن‬
‫الخلف مانع من تكفير المعينين[‪.‬‬
‫أقممول‪ :‬القممول بممأن كممل مسممألة اجتهاديممة ل يصممح فيهمما التكفيممر‬
‫للعيان ل يصح‪ ،‬فتارك الصلة بالكلية نكّفره ولو كممان فممي المسممألة‬
‫خلف‪ ،‬فمن أخذ بقممول جمهممور الصممحابة والتممابعين فممي كفممر تممارك‬
‫ن فلنا ً من الناس ل يصلي ل في المسممجد ول فممي‬ ‫الصلة وتبين له أ ّ‬
‫ن له أن يحكم بكفره ويعامله معاملممة الكفممار‪ ،‬ولممو كممان فممي‬ ‫بيته فإ ّ‬
‫ن حكمه هو الصواب وأنممه الموافممق‬ ‫المسألة خلف مادام أنه اعتقد أ ّ‬
‫ظ ممن النظمر‬ ‫للكتاب والسنة‪ ،‬هذا فيما كان الخلف فيه سائغا ً له حم ّ‬
‫وتحتمله بعض الدلة‪ ،‬وأما إن كانت المسألة واضحة وحكمهمما واضممح‬
‫ولكن خفي ذلك على بعض أهل السنة لعدم تصوره حقيقة المسممألة‬
‫ن هذا الخلف ل اعتبممار‬ ‫أو لكونه أخطأ في تنزيل الحكم اللئق بها فإ ّ‬
‫له لكون من خالف فيها أخطممأ فممي تصممورها علممى حقيقتهمما وليسممت‬
‫الدلة متضاربة فيها أو متعارضة‪ ،‬ومسألة تحكيممم القمموانين الوضممعية‬
‫ن أكممثر مممن أفممتى بعممدم كفممر الحمماكم بممالقوانين‬
‫مممن هممذا النمموع فممإ ّ‬
‫الوضعية لم يتصور المسألة تصورا ً صحيحا ً أو لم يحط بالمسألة مممن‬
‫جميع جوانبهما لمذلك قاسمموها علمى جممور بعمض الحكممام فمي الدولمة‬
‫الموية والعباسية وأنزلوها منزلتها في الصورة والحكممم‪ ،‬وهممذا خطمأ‬
‫)‪(129‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن الختلف بين الصممورتين أوضممح مممن الشمممس فممي رابعممة‬ ‫فادح فإ ّ‬
‫النهار فالمويون وغيرهم من الولة الذين كان يقع منهم الجممور فممي‬
‫الحكم ونحو ذلك لم يضعوا القوانين الوضعية المخالفة للشممرع بممدل ً‬
‫عن أحكام الشرع ويلزموا الناس بممالحكم بهمما والتحمماكم إليهمما وإنممما‬
‫كان حكمهم في الصل بالشرع وهممو الدسممتور الوحيممد فممي الحكممم‪،‬‬
‫ن‬
‫بخلف الطواغيت الذين استبدلوا أحكام الشرع بأحكممام أخممرى فممإ ّ‬
‫هؤلء وضعوا حكما ً مخالفا ً للحكم الذي جاء به الشرع وجعلوها بممدل ً‬
‫وي بيممن‬ ‫وي بين الصورتين يجمع بين المتضادين وُيس م ّ‬ ‫عنه‪ ،‬والذي ُيس ّ‬
‫النقيضين‪.‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬وقال النووي في كتممابه " ريمماض الصممالحين "فممي‬
‫تفسير )بواحًا( أي ظاهرا ً ل يحتمل تأوي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ل يمنع التكفير؛ لن للمكفممر أن يأخممذ قممول‬ ‫وتنازعُ أهل العلم تأوي ٌ‬
‫العلماء الخرين بما أن الخلف سائغ بين أهل السنة وهممم مممن أهممل‬
‫السنة[‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ليس كل تأويل يعتبر مانعا ً من التكفيممر‪ ،‬وليممس كممل تأويممل‬
‫معتبٌر في الشريعة‪ ،‬بل لبد ّ أن يكون هذا التأويل له وجه في الشرع‬
‫أو اللغة وتحتمله الدلة‪ ،‬وإل فممإنه ممما مممن مبتممدع بممل ول مشممرك إل‬
‫وغت له ما يفعل‪ ،‬بممل حممتى كفممار‬ ‫وتجد عنده بعض التأويلت التي س ّ‬
‫قريش كانت عندهم بعممض التممأويلت الممتي اسممتندوا إليهمما واعتمممدوا‬
‫ت من كتابه مثل‬ ‫عليها في تبرير شركهم كما حكاه الله عنهم في آيا ٍ‬
‫قمموله تعممالى‪] :‬ممما نعبممدهم إل ليقربونمما إلممى اللممه زلفممى{ وقمموله‪:‬‬
‫]ويعبدون مممن دون اللممه ممما ل يضممرهم ول ينفعهممم ويقولممون هممؤلء‬
‫شفعاؤنا عند الله‪.{..‬‬
‫ل أن تجد مسألة إل وفيها خلف فهممل يعنممي هممذا‬ ‫إذا تبين هذا فََق ّ‬
‫أن نترك الحكم الذي عرفناه من الدلة الصحيحة لوجممود خلف فممي‬
‫المسألة ولو كان الخلف ليس له وجه صحيح في الشرع؟‬
‫ومسألة الحكم بالقوانين الوضعية سواء وضعها الحاكم من عنممده‬
‫أو أخذها من غيره ليسممت مسممألة ظلممم ومعصممية فحسممب بممل هممي‬
‫ح أن نقيسها‬ ‫مسألة توحيد‪ ،‬وعبادة‪ ،‬وتشريع‪ ،‬وتحليل وتحريم‪ ،‬فل يص ّ‬
‫على مسألة الظلم في الحكممم مممع الممتزام الحكممم بالشممريعة وعممدم‬
‫التبديل‪ ،‬والذين يخالفوننا في حكم الحاكمين بغير ما أنزل الله الذين‬

‫)‪(130‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حوا شرع الله وحكموا بغيره أو اسممتبدلوا بعممض الحكممام الشممرعية‬ ‫ن ّ‬
‫بأحكام أخرى مخالفة لم يعطوا المسألة حقها مممن النظممر الصممحيح‪،‬‬
‫ولم ينزلوها منزلتها الصحيحة قبل الحكم فيها‪ ،‬ومن هنا دخل عليهممم‬
‫الخلل فهممم جعلوهمما معصممية مممن قبيممل الظلممم‪ ،‬وغفلمموا عممن كونهمما‬
‫منازعة لله في ربوبيته وتحليل لما حرم الله وتحريممم لممما أحممل اللممه‬
‫وتشريع مع الله وتعبيد الناس لغير الله في التحاكم‪.‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬والجواب على الحجمة الولمى يكمون بممما يلممي‪:‬أ‪-‬ل‬
‫أخالفك أن الشارع عّلق الحكم بوصف)الكافر( على مجممرد التحكيممم‬
‫بغير ما أنزل الله لكنني أقمول بمأن الكفمر هنما أصمغر ل أكمبر للدلمة‬
‫التالية‪:‬‬
‫ة‬
‫‪ -1‬أن الخذ بعموم الية يلزم منه تكفير المسلمين في أي حادث م ٍ‬
‫لم يعدلوا فيها بين اثنين حتى الب مع أبنائه بل والرجممل فممي نفسممه‬
‫إذا عصى ربه؛ لن واقعه أنه لما عصى ربه لم يحكم بممما أنممزل اللممه‬
‫‪2‬‬
‫ة تشمل كممل عممالم‬ ‫ن( عام ٌ‬ ‫م ْ‬‫في نفسه ووجه هذا اللزم أن لفظة ) َ‬
‫‪1‬‬

‫ل‬‫)وما( عامة تشمل كل ما ليس بعالم ومن لم يعدل بيممن بنيممه داخ م ٌ‬
‫ة في عموم )ما(‪.‬‬ ‫في عموم )من( ومسألته التي لم يعدل فيها داخل ٌ‬
‫ص تكمون‬ ‫فالنصموص الدالمة علمى عمدم كفمر مثمل همذا وكمل عما ٍ‬
‫ة للية من الكبر إلى الصغر لجل هذا أجمع العلماء على عدم‬ ‫صارف ً‬
‫الخذ بعموم هذه اليممة‪ ،‬إذ الخمموارج هممم المتمسممكون بعمومهمما فممي‬
‫تكفير أهل المعاصي والذنوب ولم يلتفتوا إلى الصمموارف مممن الدلممة‬
‫الخرى‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬وقد ضّلت جماعة من أهل البدع من الخمموارج‬
‫والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب اللممه ليسممت علممى‬
‫م‬ ‫ه فَ مُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ م ُ‬ ‫ل الل ّم ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ظاهرها مثل قوله تعالى }وَ َ‬
‫ن{‪ .‬اهم ‪.3‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬
‫قال ابن حزم في الفصل )‪ :(234 /3‬فإن الله عز وجل قال‪ :‬ومن لم يحكم بما أنزل اللممه فممأولئك‬ ‫‪1‬‬

‫هم الكافرون‪ ،‬ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هممم الفاسممقون‪ ،‬ومممن لممم يحكممم بممما أنممزل اللممه‬
‫فأولئك هم الظالمون‪ .‬فليلزم المعتزلة أن يصرحوا بكفر كل عمماص وظممالم وفاسممق لن كممل عامممل‬
‫بالمعصية فلم يحكم بما أنزل الله ا‪ .‬هم‬
‫ن( أطلقممت علممى‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫م‬‫)‬ ‫لن‬ ‫أدق‬ ‫مالم‬‫م‬ ‫ع‬ ‫من‬
‫م‬ ‫لك‬ ‫مالم(‬
‫م‬ ‫)ع‬ ‫بدل‬ ‫)عاقل(‬ ‫درج كثير من العلماء أن يعبر بكلمة‬ ‫‪2‬‬

‫الله‪ ،‬فالله يوصف بالعلم ول يوصف بالعقل‪ .‬قال الخطممابي فممي كتمماب شممأن الممدعاء ص ‪:113‬وفممي‬
‫أسمائه العليم ومن صفته العلم‪ ،‬فل يجوز قياسا ً عليممه أن يسمممى عارفما ً لممما تقتضمميه المعرفممة مممن‬
‫تقديم السباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك ل يوصف بالعاقل‪ ..‬ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫التمهيد )‪.(17/16‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(131‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال‪ :‬أجمع العلماء على أن الجور في الحكممم مممن الكبممائر لمممن‬
‫‪1‬‬
‫مد ذلك عالما ً به…ا‪ .‬هم‬ ‫تع ّ‬
‫وقال محمد رشيد رضا‪ ":‬أما ظاهر الية لم يقل به أحد ٌ من أئمممة‬
‫الفقه المشهورين‪ .‬بل لم يقممل بممه أحمد ٌ قممط " ا‪ .‬همم‪ 2‬فلعل ّممه ل يممرى‬
‫الخوارج أيضا ً متمسمكين بظماهر اليمة لكمونهم ل يكّفمرون بالصمغائر‬
‫وظاهر الية تشمل حتى الصغائر‪.‬‬
‫وقال الجري‪ :‬ومما يتبع الحروريممة مممن المتشممابه قممول اللممه عممز‬
‫ن{ ويقممرءون‬ ‫م ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫ك هُ ُ‬‫ه فَُأول َئ ِ َ‬
‫ل الل ّ ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫وجل }وَ َ‬
‫ن{ فإذا رأوا المام الحاكم يحكم‬ ‫م ي َعْدُِلو َ‬
‫ن ك ََفُروا ب َِرب ّهِ ْ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّ ِ‬‫معها }ث ُ ّ‬
‫بغير الحق قالوا‪ :‬قد كفر‪ ،‬ومن كفر عدل بربممه فقممد أشممرك‪ ،‬فهممؤلء‬
‫الئمة مشركون‪ ،‬فيخرجون فيفعلون ما رأيممت؛ لنهممم يتممأولون هممذه‬
‫الية ا‪ .‬هم‪.3‬‬
‫وقال الجصاص‪ ":‬وقد تأولت الخوارج هذه الية علممى تكفيممر مممن‬
‫‪4‬‬
‫ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود‪ .‬ا هم‬
‫وقال أبو حيان‪ ":‬واحتجت الخوارج بهممذه اليممة علممى أن كممل مممن‬
‫عصى الله تعالى فهو كافٌر وقالوا هي نص في كل من حكم بغير ممما‬
‫‪5‬‬
‫أنزل الله فهو كافر ا‪ .‬هم‬
‫انظر ‪ -‬يا رعاك الله ‪ -‬تمموارد كلمممات علممماء المممة فممي ذم الخممذ‬
‫بعموم الية وأنه مذهب الخوارج‪ ،‬فكن حذرًا‪[ .‬‬
‫ن قوله تعالى‪} :‬ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم‬ ‫أقول‪ :‬إ ّ‬
‫الكافرون{ يشمل الكفر الكبر والكفر الصغر علممى التفصمميل الممذي‬
‫مّر في الصفحات الماضية‪ ،‬ونحن ل نقول بقممول الخمموارج المممارقين‬
‫بل قولنا خلف قولهم واستدللنا بالية خلف استدللهم وهممذا يتممبين‬
‫لك من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن الخوارج استدلوا بها على كفر من حكم بغير ما أنممزل‬
‫الله مطلقًا‪ ،‬ونحن نفصل في المسألة على ما تقدم ذكره فانتبه‪.‬‬
‫ولو حصل أن أحد العلماء الذين يدعون إلى الجهاد حملهمما علممى‬
‫الطلق فممإن قمموله شمماذ وليممس هممو قممول جميممع ول غممالب مشممايخ‬
‫التمهيد )‪.(75-5/74‬‬ ‫‪1‬‬

‫تفسير المنار )‪.(6/406‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشريعة ص ‪.27‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحكام القرآن )‪.(2/534‬‬ ‫‪4‬‬

‫البحر المحيط )‪.(3/493‬‬ ‫‪5‬‬

‫)‪(132‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المجاهدين‪ ،‬وبالتالي فل يعتبر رأيه رأيا ً للمنهج‪ ،‬بل لكل جممواد كبمموة‪،‬‬
‫ومن المهم أن تعلم أنه لو قال أحد بذلك ولم يكن قوله مبنممي علممى‬
‫أصول الخمموارج فممإنه ل يعتممبر خارجيمًا‪ ،‬بممل مجتهممدا ً مخطئا ً مممادامت‬
‫أصوله أصول أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهذا أمر ينبغي التنبممه لممه‪ ،‬فممإن‬
‫بعض العلماء يكون على أصول أهل السنة والجماعة ولكن يشذ في‬
‫مسممألة مجتهممدا ً فممإنه ل يخممرج مممن مممذهب أهممل السممنة والجماعممة‬
‫وخطؤه مردود‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أن الخوارج بنمموا ذلممك علممى أصمملهم الضممال فممي تكفيممر‬
‫مرتكب الكبيرة‪ ،‬ونحن ل نكفر صاحب الكبيرة‪ ،‬بل نقول‪ :‬إن صاحب‬
‫الكبيرة إن مات ولم يتب فإنه تحت مشمميئة اللممه إن شمماء عفمما عنممه‬
‫وإن شاء عذبه‪.‬‬
‫ن‬
‫ولنا ما لم نقل‪ ،‬وإذا ظهر لك أ ّ‬ ‫وعلى هذا فنقول للمؤلف‪ :‬ل ت َُق ّ‬
‫هذا قول بعض مشايخ المجاهدين فل تنسبه إلى منهجهم علممى وجممه‬
‫الطلق حتى تقرأ كتب غيره من العلماء‪ ،‬وأكثر مشممايخ المجاهممدين‬
‫صلون في المسألة على نحو ما ذكرته لك من التفصيل‪.‬‬ ‫يف ّ‬
‫وقال‪] :‬فرجحت احتمال إرادة الصغر لثلثة أمور‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن أصحاب ابن عباس كطاووس صّرحوا بأن المراد بالية كفر‬
‫ل ينقل عن الملممة بإسممناد صممحيح رواه ابممن نصممر‪ 1‬وابممن جريممر فممي‬
‫تفسيره‪ .‬فهذا يغّلب جانب احتمال إرادة الكفممر الصممغر فيصممير مممن‬
‫ف للستدلل فممإن أقمموال أصممحاب الرجممل‬ ‫باب الظن الغالب وهو كا ٍ‬
‫ل وُيضّعف قول الرجممل إذا كممان أصممحابه علممى‬ ‫ضح قوله بل قد ُيع ّ‬ ‫تو ّ‬
‫ل لبممن مسممعود‬ ‫خلف قوله كما فعل يحيى بن سعيد في تضعيف قو ٍ‬
‫لن أصحابه على خلفه‪.2‬‬
‫ب ‪ -‬أنني ل أعرف أحدا ً من العلماء الماضين جعل قول آخر لبممن‬
‫عباس بناًء على هذه الرواية وإنما من جعل منهم لبممن عبمماس قممول‬
‫آخر اعتمد على ما روي عنه مممن أنمه فسمر اليمة بمالجحود وإسممناده‬
‫وي عممدم إرادة ابممن عبمماس الكفممر الكممبر أن‬ ‫ف ثم أيضا ً مما يقم ّ‬
‫ضعي ٌ‬
‫فتنة الخوارج في زمممانه وكممانوا متمسممكين بهممذه اليممة فممي التكفيممر‬
‫ت فتفسير الية بممالكفر الكممبر ل فممائدة منممه‬ ‫وكانت له معهم مناظرا ٌ‬
‫هديت الّرشد‪.‬‬ ‫في الرد عليهم فتنبه ُ‬
‫كتاب تعظيم قدر الصلة رقم )‪.(574‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر اليمان لبي عبيد القاسم بن سلم ص ‪.22‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(133‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ج‪ -‬أن الرواية الضممعيفة الممتي فيهمما التصممريح بممأنه كفممر دون كفممر‬
‫ليس ضعفها شديدًا‪ ،‬فإنه قد وثق بعض أهل العلم هشممام بممن حجيممر‬
‫فيعتضد بهمما فممي بيممان معنممى الثممار الصممحيحة وأن المممراد بهمما كفممر‬
‫أصغر[‪.‬‬
‫ن قول بن عباس رضي الله عنهممما ل يصممح حملممه علممى‬ ‫أقول‪ :‬إ ّ‬
‫حكممام اليمموم؛ لن ابممن عبمماس قممال ذلممك فممي عهممد المممويين‪ ،‬ومممن‬
‫المعلوم أن الدولة الموية كانت تحكم بشرع الله ولكن كان يحصممل‬
‫من بعض المراء جور في الحكم على طوائف مممن النمماس‪ ،‬ولكنهممم‬
‫لم يؤخروا أحكام الشرع ويستبدلوها بغيرهمما‪ ،‬هممذا لممم يحصممل منهممم‬
‫على الطلق‪ ،‬فإن اسممتبدال أحكممام الشممرع بممالقوانين الوضممعية لممم‬
‫يحصل إل في عهد التتار بعد موت ابممن عبمماس بقممرون‪ ،‬وأممما حكممام‬
‫حوا شرع الله وأتوا بالقوانين المخالفممة ونصممبوها للحكممم‬ ‫اليوم فقد ن َ ّ‬
‫بين الناس‪ ،‬وألزموا الناس بها‪ ،‬وبين المسألتين فممرق كممبير‪ ،‬فممالجور‬
‫فمي الحكممم فمي بعمض القضممايا مممع المتزام الحكمم بالشممريعة ليمس‬
‫كاستبدال أحكام الشريعة بغيرها‪ ،‬وهممذه المسممألة أشممبعُتها توضمميحا ً‬
‫في التفصيل السابق فل نحتاج إلى التكرار‪ ،‬ولكن أحممب أن أورد ممما‬
‫قاله الشيخان الفاضلن أحمد ومحمود شاكر في هذه المسألة‪:‬‬
‫قال الشيخ العلمة أحمد شاكر في "عمدة التفسير" تعليقا ً على‬
‫أثر ابن عباس المشار إليه أن‪» :‬هذه الثممار عممن ابممن عبمماس وغيممره‬
‫مما يلعب بها المضللون في عصرنا هذا من المنتسممبين للعلممم ومممن‬
‫غيرهم من الجممرءاء علممى الممدين يجعلونهمما عممذرا ً أو إباحممة للقمموانين‬
‫ضربت على بلد السلم‪ ،‬وهناك أثٌر عن أبي‬ ‫الوثنية الموضوعة التي ُ‬
‫مجلز في جدال الباضية الخوارج إياه فيما كان يصممنع بعمض المممراء‬
‫من الجور فيحكمون في بعض قضائهم بممما يخممالف الشممريعة عمممدا ً‬
‫إلممى الهمموى أو جهل ً بممالحكم‪ ،‬والخمموارج مممن مممذهبهم أن مرتكممب‬
‫الكبيرة كافر‪ ،‬فهم يجادلون يريدون من أبي مجلز أن يوافقهم علممى‬
‫عذرا ً لهم فيما يرون مممن‬ ‫ما يرون من كفر هؤلء المراء ليكون ذلك ُ‬
‫الخروج عليهم بالسيف‪ ،‬وهذان الثران رواهما الطبري ]تحمت رقمم[‬
‫»‪ «12025‬و»‪ «12026‬وكتممب عليهممما أخممي محمممود محمممد شمماكر‬
‫تعليقا ً نفيسا ً جدا ً قويما ً صمريحًا‪ « ...‬ثمم قمال‪» :‬فكتمب أخمي محممود‬
‫صمه‪» :‬اللهمم إنممي أبممرأ إليممك‬ ‫محمد شاكر بمناسبة هذين الثرين ما ن ّ‬
‫دروا الكلم فممي‬ ‫من الضللة‪ ،‬وبعد فإن أهل الريب والفتن ممممن تص م ّ‬
‫)‪(134‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫زماننا هذا قد تلمس المعذرة لهل السمملطان فممي تممرك الحكممم بممما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وفي القضاء في الموال والعراض والدماء بغيممر شممريعة‬
‫الله التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في‬
‫ما وقف على هذين الثرين‪ ،‬اتخذهما رأيا ً يرى صواب‬ ‫بلد السلم‪ ،‬فل ّ‬
‫القضمماء فممي الممموال والعممراض والممدماء بغيممر ممما أنممزل اللممه‪ ،‬وأن‬
‫مخالفة شريعة الله في القضاء العام ل تكفر الراضي عنها والعامممل‬
‫عليها‪ ...‬ومن البّين أن الذين سألوا أبا مجلز من الباضية إنممما كممانوا‬
‫يريدون أن ُيلزموه الحجة في المراء لنهم فممي معسممكر السمملطان‪،‬‬
‫ولنهم ربما عصوا وارتكبوا بعض ما نهاهم الله عممن ارتكممابه‪ ،‬ولممذلك‬
‫قال لهم في الخبر الول »‪ «12025‬فإن هم تركوا شيئا ً منه عرفمموا‬
‫أنهم قد أصابوا ذنبًا‪ ،‬وقال لهم فممي الخممبر الثمماني »‪» «12026‬إنهممم‬
‫َيعملون بما َيعلمون أنه ذنب« وإذن فلم يكن سؤالهم عممما احتممج بممه‬
‫ن‬ ‫مبتدعة زماننا من القضاء في الممموال أو الممدماء والعممراض بقممانو ٍ‬
‫ن ملمزم لهمل السملم‪،‬‬ ‫مخالف لشممريعة اللمه‪ ،‬ول فممي إصمدار قمانو ٍ‬
‫بالحتكام إلى غير حكم الله في كتابه وعلى لسممان نممبيه صمملى اللممه‬
‫ض عن حكم الله ورغبة عن دينه‪ ،‬وإيثاٌر‬ ‫عليه وسلم فهذا الفعل إعرا ٌ‬
‫ك‬‫لحكام أهل الكفر على حكمه سممبحانه وتعممالى‪ ،‬وهممذا كفمٌر ل يشم ّ‬
‫فيه أحد ٌ من أهل القبلة على اختلفهم في تكفير القائل به والممداعي‬
‫إليه‪ .‬اهم‬

‫قال أبو إسراء السيوطي في التعقيب علممى هممذا الكلم »فهممذا‬


‫ح وضموح‬ ‫الكلم ممن الشميخ أحممد شماكر وإقمراره لكلم أخيمه واضم ٌ‬
‫الشمس في التفرقة بين الحال التي قصدها ابن عبمماس وأبممو مجلممز‬
‫والحال التي نحن فيها الن وأن كلمهما وارد في أمراء الجور الممذين‬
‫يحكمون في قضية أو قضايا بغير ممما أنممزل اللممه مممع كممون الشممريعة‬
‫التي يحتكمون إليها هي شريعة السلم‪ ،‬وليس واردا ً فممي مممن سممن‬
‫للناس قانونا ً مخالفا ً لشرع الله وألزمهم بالتحاكم إليه«‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ الدكتور صلح الصاوي في التعقيب علممى كلم الشمميخ‬
‫ن الممذي يممواجهه العمممل السمملمي فممي واقعنمما‬ ‫محمممود شمماكر »‪ ...‬إ ّ‬
‫المعاصر ليس خلل ً عارضا ً أو انحرافا ً جزئيا ً فممي قضممية مممن القضممايا‬
‫حاد فيها القاضي عن الحق لهوىً أو رشوة كما هو حممال النحرافممات‬
‫ل في أصل قاعدة التحمماكم‬ ‫خل ٌ‬
‫في ظل المجتمعات السلمية‪ ،‬ولكنه َ‬
‫)‪(135‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فممي الممدين الممذي يجممب أن ت ُممرد ّ إليممه المممور عنممد النممزاع‪ ،‬فالقممانون‬
‫الواجب التباع في حياة المة‪ ،‬هل هممو الكتمماب والسممنة أم القمموانين‬
‫الوضعية التي تصدر عن البرلمان والسمملطة التشممريعية؟ إنممه يتعلممق‬
‫بالجابة على هذا السؤال‪ :‬لمن الحكم في دار السلم؟ لشريعة الله‬
‫أم لقوانين أوروبا؟ هل تقوم الدولة على تحكيم الشريعة السلمية؟‬
‫أم على تحكيم القوانين الوضعية؟«‪.‬‬
‫قال المؤلف‪] :‬وثانيا ً كل دليل يدل على عدم كفر من ظلم بيممن‬
‫اثنين ولم يعدل بل ومن ظلم مطلقا ً غيره وأيضما ً ممما ذكممر ابممن عبممد‬
‫البر من الجماع على أن الجور في الحكم ليس كفرا ً بل كممبيرةً مممن‬
‫كبائر الذنوب[‪.‬‬
‫ن مسألتنا ليست الجور في الحكم‪ ،‬ولكنها التشممريع مممع‬ ‫أقول‪ :‬إ ّ‬
‫الله ومنازعة الله في ربوبيته وألوهيته وأسمممائه وصممفاته‪ ،‬ومنممازعته‬
‫في الحكم‪ ،‬وتحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله‪ ،‬وتعبيممد النمماس‬
‫لغير الله في التحاكم‪ ،‬واستبدال أحكام الله بأحكممام البشممر‪ ،‬إن بيممن‬
‫المسألتين فرقا ً أيها المؤلف فانتبه!‬
‫قال المؤلف‪] :‬وبعد الجابة على حججك الثلث وإثبممات أن اليممة‬
‫ة على الكفر الصغر ألفت نظرك ‪ -‬يا صاحبي ‪ -‬إلممى أن اليممة‬ ‫محمول ٌ‬
‫قد ُيراد بها الكفر الكبر وذلك فممي حممق مممن بممدل حكممم اللممه بحكممم‬
‫غيره وبعض الناس ل يعرف معنى كلمة بدل فيظنها تشمل كل مممن‬
‫دل فممي كلم أهممل العلممم هممو أن يضممع‬ ‫حكم بغير حكم الله وكلمممة بم ّ‬
‫حكما ً غير حكم الله زاعما ً انه حكم الله أما من وضع حكما ً غير حكم‬
‫الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبد ً‬
‫ل[‪.‬‬
‫ن زعم المؤلممف أن الممذي يضممع حكمما ً غيممر حكممم اللممه ل‬ ‫أقول‪ :‬إ ّ‬
‫يعتبر مبدل ً إل إذا زعم أنه حكم الله باطل من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن الذي يضع قوانين من عنده أو من عنممد غيممره مخالفممة‬
‫حي حكم الله ويقيممم حكممم غيممره مقممامه يعتممبر مب مد ّل ً‬ ‫لحكم الله وُين ّ‬
‫ل‪ ،‬لن التبممديل هممو أن يجعممل شمميئا ً بممدل ً عممن‬ ‫لحكم اللممه شممرعا ً وعق ً‬
‫ك أنمه‬ ‫شيء‪ ،‬والذي ُيزيح حكم الله ويجعمل مكمانه حكمم غيمره ل شم ّ‬
‫ل‪ ،‬جعل حكم غير الله بدل ً عن حكممم اللممه‪ ،‬وهممذا أمممر فممي غايممة‬ ‫مبد ٌ‬
‫الوضوح‪.‬‬
‫دل ويجعل حكممم‬ ‫حكم الله في السارق القطع‪ ،‬فيأتي المب ّ‬ ‫مثاله‪ُ :‬‬

‫)‪(136‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السارق السجن بضعة أيام‪ ،‬أليس هذا قد جعل حكمه بديل ً عن حكم‬
‫الله؟‬
‫حى حكم الله وأقام غيره مقامه؟‬ ‫أليس هذا قد ن َ ّ‬
‫ة للممه فممي‬‫ن اختراع القوانين المخالفة لحكم الله منازعم ٌ‬ ‫الثاني‪ /‬أ ّ‬
‫شيء من خصوصياته سبحانه وهو الحكم والتشممريع وهممذا كفممر فممي‬
‫حد ّ ذاته‪ ،‬والكذب على اللممه كفممر فممي حمد ّ ذاتممه ول يختممص بممالحكم‪،‬‬
‫ل مخالف لصريح الشرع لممو زعممم فمماعله أنممه‬ ‫ن كل فع ٍ‬ ‫ويوضح ذلك أ ّ‬
‫حكم الله يكفر‪ ،‬وليس المر مختصا ً بالحكم فقط‪ ،‬ويوضحه كلم ابن‬
‫تيمية الذي ذكره المؤلف ]والثالث " الشممرع المبممدل " وهممو الكممذب‬
‫على الله ورسوله أو على الناس بشممهادات الممزور ونحوهمما‪ ،‬والظلممم‬
‫البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بل نزاع[‬
‫دل‪] :‬هو الكذب على الله ورسوله[‬ ‫فلحظ قوله في الشرع المب ّ‬
‫فإنه يدل على أن الكاذب على الله ورسوله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫في نسبة الفعل المخالف للشرع إلى الله ورسوله كممافر وهممذا غيممر‬
‫مختص بمسألة الحكم بالقوانين فقط وإن كان نسممبة القمموانين إلممى‬
‫الشرع داخل في ضمن صور المسألة‪ ،‬فمن زعممم أن شممرب الخمممر‬
‫جائز في الشرع‪ ،‬أو أن المر بالمعروف محرم في الشممرع فهممو قممد‬
‫كذب على الله ورسوله وهممو كممافر بممذلك‪ ،‬إذا ً فليممس المممر مختصما ً‬
‫فيمن زعم أن حكمه بغير الشرع هو حكم الله‪ ،‬ولكن الحكم بغير ما‬
‫أنزل الله له مناط مستقل في الحكم وهو منازعة الله في التشريع‪،‬‬
‫وتعبيد الناس لغير الله في التحاكم‪ ،‬وهذا كفر في حد ذاته‪.‬‬
‫م قممال ابممن تيميممة‪]:‬أو الكممذب علممى النمماس بشممهادات الممزور‬ ‫ثم ّ‬
‫ونحوها[ أي لو زعم أن ما يفعله من الكذب ومن شممهادة الممزور أنممه‬
‫موافق لشرع الله فإنه يكفر لنه كذب على الله في نسبة ما يخالف‬
‫شرعه إليه‪.‬‬
‫م قال‪]:‬والظلم البين[ أي ومن زعم أن الظلم الواضح موافممق‬ ‫ث ّ‬
‫لشرع الله فإنه يكفر لنه كذب على الله‪.‬‬
‫م قال‪]:‬فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفممر بل نممزاع[ أي‬ ‫ث ّ‬
‫من زعم أن الكذب على اللممه ورسمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬أو‬
‫الكذب على الناس‪ ،‬أو الظلم‪ ،‬أنه موافق لشرع الله فإنه يكفر‪.‬‬
‫ن الكذب على الله كفر في حد ّ ذاته سواء كان فممي‬ ‫وبهذا تعلم أ ّ‬

‫)‪(137‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحكممم بممالقوانين أو فممي المحرمممات الواضممحة‪ ،‬فمنمماط الكفممر هنمما‬
‫الكذب على الله‪ ،‬وأما الحكم بالقوانين الوضعية فلها منمماط مسممتقل‬
‫وهو التشريع مع الله‪ ،‬ومنازعة اللمه فمي ربموبيته وألموهيته وأسممائه‬
‫وصفاته‪ ،‬وتأخير حكمه وتقديم حكم غيره على حكمه‪ ،‬وتعبيد النمماس‬
‫لغير الله في التحاكم‪ ،‬وإخضاع الناس لحكم الطاغوت وإلزامهم به‪.‬‬
‫ن شيخ السلم بي ّممن أن مممن حلممل الحممرام المجمممع عليممه أو‬ ‫مإ ّ‬‫ث ّ‬
‫دل الشممرع المجمممع عليممه كفممر‪ ،‬ولممم‬ ‫حرم الحلل المجمع عليه أو ب م ّ‬
‫يشترط أن ينسب التحليل أو التحريم أو التبديل إلى الشرع‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيميممة رحمممه اللممه‪ :‬والنسممان مممتى حل ّممل‬
‫دل الشممرع‬ ‫الحممرام المجمممع عليممه وحمّرم الحلل المجممعُ عليممه أو بم ّ‬
‫المجمعُ عليه كان كافرا ً مرتدا ً باّتفاق الفقهاء«‪.‬‬
‫وتأمل قممول الحممافظ بممن كممثير رحمممه اللممه‪] :‬مممن تممرك الشممرع‬
‫المحكم المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وحكم بغيممره مممن‬
‫الشرائع المنسوخة كفر[‪.‬‬
‫فإذا كان الحكم بالشرع المنسوخ كفر مممع أنممه منممزل مممن عنممد‬
‫الله‪ ،‬فكيف بأحكام وضعها بشٌر وجعلوا من أنفسهم ندا ً لله ينازعونه‬
‫في خصوصياته سبحانه؟!‬
‫وتأمل قول المام محمد المين الشنقيطي رحمه الله‪ :‬الشراك‬
‫بالله في حكمه‪ ،‬والشراك به في عبادته‪ ،‬كلها بمعنى واحد‪ ،‬ل فممرق‬
‫بينهما ألبتة‪ ،‬فالذي يتبع نظاما ً غير نظام اللممه‪ ،‬وتشممريعا ً غيممر تشممريع‬
‫الله‪ ،‬كالذي يعبد الصنم‪،‬ويسجد للوثن‪ ،‬ل فرق بينهما ألبتة بوجه مممن‬
‫الوجوه‪ ،‬فهما واحد‪ ،‬وكلهما مشرك بالله‪ .‬اهم‬
‫فليست المسألة مسألة نسبة إلى الشممرع بممل هممي أعظممم مممن‬
‫ذلك إنها التشريع مع الله‪ ،‬ودفممع حكممم اللممه‪ ،‬واسممتبدال أحكممام اللممه‬
‫بأحكام البشر‪ ،‬وتعبيد الناس لغير الله في التحاكم‪.‬‬
‫فكل من استبدل حكم الله بحكم غيره وجعلممه هممو الحكممم بيممن‬
‫الناس فإنه يكفر حتى لو كان هذا الستبدال في حكم شرعي واحممد‬
‫من الحكام الظمماهرة الجليممة‪ ،‬كأحكممام الحممدود مممن السممرقة والزنمما‬
‫والقتلونحوها سواء كان ذلك فممي الممدماء أو الممموال أو العممراض أو‬
‫نظام الدولة أو غيرها‪.‬‬
‫قال المؤلف]بيان معنى )عممدم اللممتزام( مممن كلم أهممل العلممم ل‬

‫)‪(138‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سيما المام أحمد بممن تيميممة ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ ،-‬وأنممه ل يممرادف الممترك‬
‫المستمر كممما يتصمموره بعضممهم قممال ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ :-‬وتكفيممر تممارك‬
‫الصمملة هممو المشممهور المممأثور عممن جمهممور السمملف مممن الصممحابة‬
‫والتابعين‪ .‬ومورد النزاع هممو فيمممن أقممر بوجوبهمما والممتزم فعلهمما ولممم‬
‫‪1‬‬
‫يفعلها ا‪ .‬هم‬
‫لحظ قوله " التزم فعلها ولم يفعلها " يفيد أن معنى اللتزام غير‬
‫معنى المداومة على الفعممل فقممد يكممون الرجممل ملتزمما ً لهمما لكنممه ل‬
‫يفعلها‪ ،‬فاللتزام الذي ينبني علممى تركممه الكفممر أمممر عقممدي قلممبي ل‬
‫فعلي؛ لذا لما أراد ابن تيميه التعبير بمماللتزام الفعلممي قيممده بوصممف‬
‫)الفعلي( ثم لم يجعله مكفرا ً لذاته بل لمر آخر عقممدي فقممال ‪ -‬بعممد‬
‫النقل المتقدم ‪ :-‬أن ل يجحد وجوبها‪ ،‬لكنه ممتنممع مممن الممتزام فعلهمما‬
‫كبرا ً أو حسدا ً أو بغضا ً للممه ورسمموله‪ ،‬فيقممول‪ :‬اعلممم أن اللممه أوجبهمما‬
‫على المسلمين‪ ،‬والرسول صادق في تبليغ القرآن‪ ،‬ولكنه ممتنع عن‬
‫التزام الفعل استكبارا ً أو حسدا ً للرسول‪ ،‬أو عصبية لممدينه‪ ،‬أو بغضمما ً‬
‫لما جاء به الرسول‪ ،‬فهذا أيضا ً كفر بالتفماق‪ ،‬فممإن إبليمس لممما تمرك‬
‫السجود المأمور به لم يكن جاحدا ً لليجاب‪ ،‬فإن اللممه تعممالى باشممره‬
‫بالخطاب‪ ،‬وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين ا‪ .‬هم‬
‫فلحظ أنه لم يجعل ترك اللتزام الفعلممي مكفممرا ً لممذاته‪ ،‬بممل لممما‬
‫احتف به اعتقاد كفري‪ ،‬وهو الكبر والحسد أو بغض الله ورسوله‪.‬‬
‫فبهذا يتبين بجلء أن ترك اللتزام ليس تركا ً للفعل ولو على وجه‬
‫الصرار بل ترك للعتقاد‪ ،‬فإن قيل‪ :‬ما معنى )عدم اللتزام(؟‬
‫فيقال‪ :‬معناه ترك المأمور لدافع عقدي كفري كالباء والسممتكبار‬
‫وهكذا‪ ...‬مع اعتقاد وجوبه على نفسه وعلى المسلمين كما في كلم‬
‫ابن تيمية المتقدم ‪ -‬قريبا ً ‪ :-‬لكنممه ممتنممع مممن الممتزام فعلهمما كممبرا ً أو‬
‫حسدا ً أو بغضا ً لله ورسوله‪ .‬ثم ذكر إبليس مثممال ً لغيممر الملممتزم وهممو‬
‫موجب طاعة الله على نفسه لكنه ترك إباء واستكبارا ً ‪[2‬‬
‫الفتاوى )‪.(20/97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫إذا عرفت معنى اللتزام بما تقدم بيانه عرفت معنى كلم المام سممفيان بممن عيينممة فقممد روى عبممد‬
‫الله بن أحمد رحمه الله في كتابه السنة ‪ ((348‬قال‪ :‬حدثنا سويد بن سعيد قممال سممألن سممفيان بممن‬
‫عيينة عن الرجاء فقال‪ :‬يقولون اليمان قول‪ ،‬ونحممن نقممول اليمممان قممول وعمممل والمممرجئة أوجبمموا‬
‫الجنة لمن شهد أن ل إله إل الله مصرا ً بقلبه على ترك الفرائض وسموا ترك الفممرائض ذنب ما ً بمنزلممة‬
‫ركوب المحارب وليس بسواء لن ركوب المحارم من غير استحلل معصية وترك الفممرائض متعمممدا ً‬
‫من غير جهل ول عذر هو كفر‪ ،‬وبيان ذلك في أمر آدم صلوات الله عليه وإبليس وعلممماء اليهممود أممما‬
‫آدم فنهاه الله عز وجل عن أكل الشجرة وحرمها عليه فأكل منها متعمدا ً ليكون ملك ما ً أو يكممون مممن‬

‫)‪(139‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في هذا الكلم خلط وتلبيس أبينه من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬أنه جعل التزام الفعل ‪ -‬أي القرار بوجوبه‪ ،‬والعممزم‬
‫على فعله‪ -‬مع ترك العمل بممه بالكل ّّيمة ل يكممون مكفممرا ً إل إذا اقممترن‬
‫بممأمر قلممبي كممالجحود أو السممتكبار أو البغممض‪ ،‬وهممذا ل يصممح بهممذا‬
‫الطلق بل هو مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة‪ ،‬والمسممألة فيهمما‬
‫تفصيل‪:‬‬
‫‪ -‬إن كان مقرا ً بالسلم وادعى التزامه به ومع ذلك تمرك جنممس‬
‫العمل فإنه يكون كممافرا ً بممتركه العمممل الممذي هممو شممرط صممحة فممي‬
‫ل واعتقاد وعمممل‪،‬‬ ‫ن اليمان عند أهل السنة والجماعة قو ٌ‬ ‫اليمان؛ فإ ّ‬
‫فمن ترك العمل بالكلية ترك ركنا ً مممن أركمان اليممان الممتي ل يصممح‬
‫اليمان إل بها‪.‬‬
‫ت أن قومما يقولمون إن مممن أقممر بالصمملة‬ ‫ُ‬
‫قال الحميدي‪ :‬وأخب ِممر ُ‬
‫والزكاة والصوم والحممج ولممم يفعممل مممن ذلممك شمميئا حممتى يممموت أو‬
‫يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن‬
‫جاحممدا إذا علممم أن تركممه ذلممك فممي إيمممانه إذا كممان يقممر الفممروض‬
‫واستقبال القبلة فقلت هذا الكفممر بممالله الصممراح وخلف كتمماب اللممه‬
‫وسنة رسوله وفعل المسلمين‪ .‬اهم‬
‫وقال شيخ السلم بن تيمية رحمه اللممه‪:‬مممن الممتنممع أن يكممون‬
‫الرجممل مؤمنما ً إيمانما ً ثابتما ً فممي قلبممه بممأن اللممه فممرض عليممه الصمملة‬
‫والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحممج‪ ،‬ويعيممش دهممره ل يسممجد للممه سممجدة‪ ،‬ول‬
‫يصوم مممن رمضممان‪ ،‬ول يممؤدي للممه زكمماة‪ ،‬ول يحممج إلممى بيتممه‪ ،‬فهممذا‬
‫ممتنع‪ ،‬ول يصدر هذا إل ممع نفماق فمي القلمب وزندقمة ل ممع إيممان‬
‫صحيح‪] .‬مجموع الفتاوى ج ‪،7‬ص ‪.[187‬‬
‫وقال الفضيل بن عياض رحمه الله‪)) :‬ميز أهل البدع العمل من‬
‫اليمان‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن فرائض الله ليس مممن اليمممان‪ ،‬ومممن قممال ذلممك‬
‫فقد أعظم الفرية‪ ،‬أخاف أن يكون جاحممدا ً للفممرائض رادا ً علممى اللممه‬
‫عز وجل أمره‪] .‬السنة للمام عبد الله بممن أحمممد بممن حنبممل‪،‬ج ‪،2‬ص‬
‫الخالدين فسمي عاصيا ً من غير كفر وأما إبليس لعنه الله فإنه فرض عليممه سممجدة واحممدة فجحممدها‬
‫متعمدا ً فسمي كافرا ً‬
‫وأما علماء اليهود فعرفوا نعت النبي صلى اللممه عليممه وسمملم وأنممه نممبي رسممول كممما يعرفممون أبنمماءهم‬
‫وأقروا به باللسان ولم يتبعوا شريعته فسماهم الله عز وجل كفارًا‪.‬‬
‫ً‬
‫فركوب المحارم مثل ذنب آدم عليه السلم وغيره من النبياء وأما ترك الفرائض جحودا فهو كفر مثممل‬
‫كفر إبليس لعنه الله وتركها على معرفة من غير جحود فهو كفر مثل كفر علماء اليهود(‬

‫)‪(140‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪.[376‬‬
‫‪ -‬كذلك لو ادعى التزامه بالصلة ومع ذلك تركهمما بالكليممة أو كممان‬
‫تركه لها هو الغلب فإننا نحكم عليه بالكفر لوجود مناط الحكم وهممو‬
‫الترك‪ ،‬ول نلتفت إلى ما في قلبه؛ لننا لسنا مكلفين بأخذ الناس بما‬
‫في قلوبهم وإنما الواجب علينا أن نأخممذهم بالظمماهر ونحكممم عليهممم‬
‫بالظاهر والله يتولى السرائر؛ وتممارك الصمملة وردت نصمموص خاصممة‬
‫تفيد كفره وعلقت الحكممم بممالترك كممما فممي قمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمممن تركهمما فقممد كفممر( رواه‬
‫أهل السنن وقوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬بين الرجل وبيممن الشممرك‬
‫أو الكفممر تممرك الصمملة( رواه مسمملم‪ ،‬وعلممى هممذا جمهممور الصممحابة‬
‫والتابعين‪.‬‬
‫قال شقيق بن عبد الله العقيلممي رحممه اللمه‪ :‬ممما كمان أصمحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا ً من العمال تركه كفممر‬
‫غير الصلة‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫‪ -‬كممذلك لممو امتنممع مممن فعممل الممواجب الصممريح أو تممرك المحممرم‬
‫الواضح مع أمره وتهديده ومع ذلممك أصمّر علممى الممترك أو امتنممع مممن‬
‫ن اللممه أمممره بالفعممل‬
‫الفعل فإنه يكفر بذلك لنه ل يمكممن أن يعلممم أ ّ‬
‫ن امتثاله خير له فممي‬ ‫وأّنه يؤجر على المتثال ويعاقب على الترك وأ ّ‬
‫ن هممذا ل‬
‫م هو بعممد ذلممك يمتنمع مممع أمممره وتهديممده فممإ ّ‬
‫دنياه وأخراه ث ّ‬
‫يكون قط من مسلم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬ول يتصور فممي العممادة أن‬
‫رجل يكون مؤمنا بقلبه مقمرا ً بممأن اللمه أوجمب عليممه الصملة ملتزممما‬
‫لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جمماء بممه يممأمره ولممي المممر‬
‫بالصلة فيمتنع حتى يقتل ويكون مع ذلك مؤمنا فممي البمماطن قممط ل‬
‫يكون إل كافرا ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أنمى ل أفعلهما كمان همذا‬
‫القول مع هذه الحال كذبا منه كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش‬
‫ويقول أشهد أن ما فيه كلم الله أو جعل يقتل نبيا من النبياء ويقول‬
‫أشهد أنه رسول الله ونحو ذلك من الفعال التي تنافي إيمان القلب‬
‫فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذبا فيممما أظهممره مممن‬
‫القول‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية رحمه اللممه‪ :‬فأممما غيممر الممتنعيممن مممن أهممل ديممار‬

‫)‪(141‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السلم ونحوهم فيجب إلزامهم بالواجبات التي هممي مبمماني السمملم‬
‫الخمس وغيرها مممن أداء المانممات والوفمماء بممالعهود فممي المعمماملت‬
‫وغير ذلك‪ ،‬فمن كان ل يصلى من جميع الناس من رجالهم ونسممائهم‬
‫فإنه يؤمر بالصلة فان امتنع عوقب حتى يصلى بإجممماع العلممماء ثممم‬
‫ن أكثرهم يوجبون قتله إذا لممم يصممل فيسممتتاب فممإن تمماب وإل قتممل‬ ‫إ ّ‬
‫وهممل يقتممل كممافرا أو مرتممدا أو فاسممقا علممى قممولين مشممهورين فممي‬
‫مذهب أحمد وغيره والمنقول عن أكثر السلف يقتضممى كفممره وهممذا‬
‫مع القرار بالوجوب‪ ،‬فأممما مممن جحممد الوجمموب فهممو كممافر بالتفمماق‪.‬‬
‫]مجموع الفتاوى ج ‪ 28‬ص ‪[356‬‬
‫وقممال رحمممه اللممه‪ :‬فأّيممما طائفممة امتنعممت مممن بعممض الصمملوات‬
‫المفروضممات‪ ،‬أو الصمميام‪ ،‬أو الحممج‪ ،‬أو عممن الممتزام تحريممم الممدماء‪،‬‬
‫والموال‪ ،‬والخمر‪ ،‬والزنا‪ ،‬والميسر‪ ،‬أو عن نكمماح ذوات المحممارم‪ ،‬أو‬
‫عن التزام جهاد الكفار‪ ،‬أو ضرب الجزيممة علممى أهممل الكتمماب‪ ،‬وغيممر‬
‫ذلك من واجبات الممدين ومحرممماته الممتي ل عممذر لحممد فممي جحودهمما‬
‫وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها‪ ،‬فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها‬
‫وإن كانت مقّرة بها‪ ،‬وهذا مما ل أعلم فيه خلفا ً بيممن العلممماء‪ ،‬وإنممما‬
‫اختلف الفقهاء فممي الطائفممة الممتنعممة إذا أصممرت علممى تممرك بعمض‬
‫سنن كركعتي الفجر ]أي سنة الفجر[ والذان والقامة‪ ،‬عند مممن ل‬ ‫ال ُ‬
‫يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر‪ ،‬هممل ُتقاتممل الطائفمة الممتنعممة‬
‫ما الواجبات والمحرمممات المممذكورة ونحوهمما فل‬ ‫على تركها أم ل؟ فأ ّ‬
‫خلف في القتال عليها‪ ،‬وهؤلء عنممد المحققيممن مممن العلممماء ليسمموا‬
‫بمنزلة البغاة‪ ...‬بل هم خارجون عن السلم‪ .‬اهم]مجموع الفتمماوى‪،‬ج‬
‫‪،28‬ص ‪.[503‬‬
‫والمؤلف يوافقنا في تكفير الممتنع ولكنه يقسمه إلى قسمين‪:‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬الول‪ /‬تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع‬
‫مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر ‪-‬ول كرامممة ‪ -‬لنممه دليممل‬
‫على عدم إقراره بوجوبها‪.‬‬
‫الثاني ‪ /‬تارك الحكم بما أنزل الله خوفا ً من غيره إذ هو وإن كممان‬
‫حاكما ً إل أنه محكوم من جهة من هو أقمموى منممه فمثممل هممذا ل يممدل‬
‫قتاله على أنه غير مقر بالوجوب‪ .‬والله أعلم‪.[ .‬‬
‫ن القسم الثاني الممذي ذكممره المؤلممف وهممو كممونه يممترك‬ ‫أقول‪ :‬إ ّ‬

‫)‪(142‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحكم بما أنزل الله ويحكم بغيره خوفا ً ممممن هممو أقمموى منممه أنممه ل‬
‫ن الخوف ل يكممون عممذرا ً فممي‬ ‫يكفر بذلك تقسيم غير صحيح؛ وذلك ل ّ‬
‫فعل المحرمممات فضمل ً عممن المتنمماع عممن تحكيممم الشممريعة والحكممم‬
‫ن كممثيرا ً مممن‬ ‫مإ ّ‬‫بممالقوانين الوضممعية الممتي هممي مممن المكفممرات‪ ،‬ثمم ّ‬
‫دعون السلم يمتنعون عن‬ ‫المشركين الصليين أو القبوريين الذين ي ّ‬
‫قبول الحممق خوفما ً مممن أسمميادهم فهممل يعتممبر ذلممك أيضما ً مانعما ً مممن‬
‫تكفيرهم‪.‬‬
‫ألم يقرأ المؤلف قول الله تعالى‪] :‬وإذ يتحاجون في النار فيقول‬
‫الضعفاء للذين استكبروا إن كنا لكم تبعا ً فهل انتم مغنون عنا نصمميبا ً‬
‫من النار * قال الذين استكبروا إنا كممل فيهمما إن اللممه قممد حكممم بيممن‬
‫العباد{‪.‬‬
‫وقول الله سبحانه‪] :‬ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهممم‬
‫يرجممع بعضممهم إلممى بعممض القممول يقممول الممذين استضممعفوا للممذين‬
‫اسممتكبروا لممول أنتممم لكنمما مممؤمنين * قممال الممذين اسممتكبروا للممذين‬
‫استضممعفوا أنحممن صممددناكم عممن الهممدى بعممد إذ جمماءكم بممل كنتممم‬
‫مجرمين * وقال الذين استضعفوا للممذين اسممتكبروا بممل مكممر الليممل‬
‫والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل لممه أنممدادا‪ ،‬وأسممروا الندامممة‬
‫لما رأوا العذاب وجعلنا الغلل في أعناق الذين كفروا هل يجزون إل‬
‫ما كانوا يعملون{‪.‬‬
‫فهل كان خوفهم من أسيادهم مانعا ً من كفرهم ومؤاخذتهم؟‬
‫والخوف ليس هو الكراه فإن الكراه أن يكون تحممت سممطوتهم‬
‫وتحت أيديهم وفي قبضتهم وأما الخوف فهو أن يخاف بطشهم وهممو‬
‫ليس تحت قبضتهم‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ ":‬الممدليل‬
‫الرابع عشر قوله تعالى‪) :‬ممن كفممر بممالله ممن بعمد إيمممانه( اليمة …‬
‫فحكم تعالى حكما ً ل يبممدل أن مممن رجممع مممن دينممه إلممى الكفممر فهممو‬
‫ل أم ل وسواًء‬ ‫س أو مال أو أه ٍ‬ ‫ً‬
‫كافر‪ ،‬سواًء كان له عذر خوفا على نف ٍ‬
‫كفر بباطنه أم بظاهره دون بمماطنه وسممواًء كفممر بفعمماله أو مقمماله أو‬
‫بأحدهما دون الخر‪ ،‬وسواًء كان طامعا ً في دنيا ينالها من المشركين‬
‫أم ل‪ ،‬فهو كافر على كل حال إل المكره وهممو فممي لغتنمما المغصمموب‬
‫فإذا أكره النسان على الكفر وقيل له اكفر وإل قتلناك أو ضممربناك‪،‬‬

‫)‪(143‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أو أخذه المشركون فضربوه ولم يمكنه التخلص إل بممموافقتهم جمماز‬
‫له موافقتهم في الظاهر بشرط أن يكون قلبمه مطمئنما ً باليممان أي‬
‫ثابتا معتقدا له وأما إن وافقهم بقلبه فهممو كممافر ولممو كممان مكرهمما "‪.‬‬
‫]حكم موالة أهل الشراك[‪.‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬ول يسممتثنى مممن ذلممك إل المكممره‪ ،‬وهممو الممذي‬
‫يستولي عليه المشركون فيقولون له اكفر‪ ،‬أو أفعممل كممذا وإل فعلنمما‬
‫بك وقتلناك‪ ،‬أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم‪ ،‬فيجوز له الموافقممة‬
‫باللسان مع طمأنينة القلب باليمان‪ .‬اهم]الدرر السنية‪،‬ج ‪،8‬ص ‪[122‬‬
‫وقال الشيخ المام محمد بن عبد الوهاب في كشممف الشممبهات‪:‬‬
‫الية الثانية قوله تعالى‪) :‬إل ّ م ُ‬
‫ن( فلممم‬ ‫ممما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ن ِبا ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُم ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ِ َ ْ‬
‫ً‬
‫يعذر الله تعالى من هؤلء إل من أكره مع كون قلبه مطمئنا باليمان‬
‫وأما غير هذا فقد كفمر بعمد إيممانه‪ ،‬سمواء فعلمه خوفما ً أو ممداراة أو‬
‫مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله أو فعله على وجممه المممزاح‬
‫أو لغير ذلك من الغراض إل المكره‪ .‬اهم‬
‫وقال عند قوله تعالى‪(:‬من كفر بالله من بعد إيمانه إل مممن أكممره‬
‫وقلبه مطمئن باليمان( إلى آخر اليممة وفيهمما‪) :‬ذلممك بممأنهم اسممتحبوا‬
‫الحياة الدنيا على الخرة( فإذا كمان العلمماء ذكمروا‪ :‬أنهما نزلمت فمي‬
‫الصحابة لما فتنهم أهممل مكممة وذكممروا‪ :‬أن الصممحابي إذا تكلممم بكلم‬
‫الشرك بلسانه مع بغضه لمذلك وعمداوة أهلمه لكمن خوفما ً منهمم أنمه‬
‫كافر بعد إيمانه فكيف بالموحد فممي زماننمما إذا تكلممم فممي البصممرة أو‬
‫الحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا ً منهم لكن قبممل الكممراه "‪] .‬الممدرر‬
‫السنية ‪.[8 /10‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبممد اللممه بممن محمممد بممن عبممد الوهمماب‬
‫رحمهم الله تعالى في رسالته حكم موالة أهل الشراك قممال‪ :‬فممإن‬
‫خفنا قيل لهم كذبتم وأيضا ً فممما جعممل اللممه الخمموف عممذرا ً فممي‬ ‫قالوا ِ‬
‫اتباع ما يسخطه واجتناب مما يرضميه‪ ،‬وكمثير ممن أهمل الباطمل إنمما‬
‫يممتركون الحممق خوفمما ً مممن زوال دنيمماهم‪ ،‬وإل فهممم يعرفممون الحممق‬
‫ويعتقدونه ولم يكونوا بذلك مسلمين‪.‬‬
‫َ‬
‫من ُمموا ل‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال أيضا ً‪ :‬الدليل الثامن قمموله تعممالى‪) :‬ي َمما أي ّهَمما ال ّم ِ‬
‫ذوا ال ْيهود والنصارى أ َول ِياَء بعضه َ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ِ‬‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬‫م ْ‬‫ض وَ َ‬ ‫م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬ ‫ْ َ َْ ُ ُ ْ‬ ‫َُ َ َ ّ َ َ‬ ‫خ ُ‬‫ت َت ّ ِ‬
‫ن( فنهى سبحانه المممؤمنين‬ ‫مي َ‬ ‫م ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫دي ال َْقوْ َ‬
‫ه ل ي َهْ ِ‬‫ن الل ّ َ‬
‫م إِ ّ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬‫فَإ ِن ّ ُ‬

‫)‪(144‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وأخبر أن من تولهم من المممؤمنين‬
‫فهو منهم‪ ،‬وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعبمماد الوثممان‬
‫فهو منهم ‪ -‬إلى أن قال ‪ -‬ولم يفرق تعممالى بيممن الخممائف وغيممره بممل‬
‫أخبر تعممالى أن الممذين فممي قلمموبهم مممرض يفعلممون ذلممك خوفما ً مممن‬
‫الدوائر وهكذا حال هؤلء المرتدين خافوا من المدوائر فمزال مما فمي‬
‫قلوبهم من اليمان بوعد الله الصادق بالنصر لهممل التوحيممد فبممادروا‬
‫وسارعوا إلممى أهممل الشممرك خوفما ً مممن أن تصمميبهم دائرة قممال اللممه‬
‫حوا عَل َممى‬ ‫تعالى‪) :‬فَعسى الل ّه أ َن يأ ْت ِي بال َْفت َ َ‬
‫عن ْمدِهِ فَي ُ ْ‬
‫صمب ِ ُ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫مرٍ ِ‬
‫ح أو ْ أ ْ‬
‫ُ ْ َ َ ِ ِْ‬ ‫َ َ‬
‫ن( أ هم م مممن كتمماب الممدلئل فممي حكممم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬
‫م ن َممادِ ِ‬
‫س مه ِ ْ‬
‫سّروا ِفي أنُف ِ‬
‫ما أ َ‬
‫َ‬
‫موالة أهل الشراك‪ .‬اهم‬
‫‪ -‬كذلك لو قال قممول ً مكفممرا ً أو فعممل فعل ً مكّفممرا ً مختممارا ً قاصممدًا‪،‬‬
‫كممأن يسممب اللممه أو يسممب النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أو يلقممي‬
‫المصحف في القاذورات أو يسجد للصنم فإننا نحكم عليه بالكفر ول‬
‫يجب علينا أن نتوقف في تكفيره حتى نعلم ما في قلبه‪.‬‬
‫وكون فعله دليل على تكذيبه أو جحوده ل نلتفت إليه في القوال‬
‫والفعال المكفرة بل نحكم عليه بهمما مممادام أنممه فعممل ذلممك متعمممدا ً‬
‫عالما ً غير مكره‪.‬‬
‫ل ذلممك علممى وجممه‬ ‫وإنما ننظر إلى القرائن والدلة على كممونه فَعَم َ‬
‫الجحود أو الستحلل فيما ليس بمكفرٍ في الصل وإنمما همو معصمية‬
‫ما لم يقترن به الجحود أو الستكبار أو الستحلل‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه الله‪ :‬من سب الله ورسوله طوعا بغير كره‬
‫بل من تكلم بكلمات الكفر طائعا غير مكره ومن إستهزأ بالله وآياته‬
‫ورسوله فهو كافر باطنا وظاهرا‪ .‬اهم]مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،7‬ص ‪[557‬‬
‫لحظ أن شيخ السلم بين أن سب الله أو سب الرسول صمملى‬
‫الله عليه وسلم أو الستهزاء بالدين كفر ولم يشترط تعلقه بممالقلب‪،‬‬
‫ل مكّفر فممي حممد ّ‬ ‫ل أو فع ٍ‬ ‫بل حكم بكفره ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬لنه أتى بقو ٍ‬
‫ن‬ ‫م هو يصر على تركها يكفممر ل ّ‬ ‫ذاته‪ ،‬كذلك من أقّر بوجوب الصلة ث ّ‬
‫الشرع عّلق الحكم بالظاهر وهو الترك‪.‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬فمن قال كلمة الكفر من غير حاجة عامدا لها‬
‫جمموز أن‬ ‫عالما بأنها كلمة كفر فإنه يكفممر بممذلك ظمماهرا وباطنمما ول ن ُ ّ‬
‫يقال‪ :‬إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا ومن قال ذلك فقد مرق‬

‫)‪(145‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من السلم قال سبحانه وتعالى‪) :‬من كفر بممالله مممن بعممد إيمممانه إل‬
‫ن باليمممان ولكممن مممن شممرح بممالكفر صممدرا‬ ‫مممن أكممره وقلبممه مطمئ ٌ‬
‫ب عظيم(‪ ،‬معلوم أنممه لممم ي ُممرد هنمما‬ ‫ب من الله ولهم عذا ٌ‬ ‫فعليهم غض ٌ‬
‫بالكفر اعتقاد القلب فقط‪ ،‬لن ذلك ل يكممره الرجممل عليممه‪ ،‬وهممو قممد‬
‫استثنى من أكره ولم يرد من قال واعتقد‪ ،‬لنه استثنى المكره وهممو‬
‫ل يكره على العقد والقول‪ ،‬وإنما يكره على القول فقمط‪ ،‬فَعُِلمم أنممه‬
‫ب من اللممه ولممه عممذاب عظيممم‬ ‫أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غض ٌ‬
‫وإنه كافر بذلك إل من أكره وهو مطمئن باليمان‪ ،‬ولكن مممن شممرح‬
‫بالكفر صدرا من المكرهين فإنه كافر أيضا ‪ ,‬فصار من تكلم بممالكفر‬
‫ن‬
‫كممافرا إل مممن أكممره فقممال بلسممانه كلمممة الكفممر وقلبممه مطمئ ٌ‬
‫باليمان"‪] .‬الصارم‪.[500 :‬‬
‫والفرق بين اشتراط عمل القلب وبين الستدلل بالفعل على ما‬
‫في القلب‪ :‬أن الذين اشترطوا عمل القلب لم يكفممروا حممتى يعلممموا‬
‫أن العمل القلبي هو السبب في ترك الفعل أو القدام عليه‪ ،‬والممذين‬
‫اسممتدلوا بالفعممل علممى ممما فممي القلممب كفممروا بالفعممل وإن اسممتدلوا‬
‫بالفعل على ما في القلب لكن ليس ذلك شرطا ً لنزال الحكم علممى‬
‫الفاعل‪ ،‬هذا فيما عّلق الشرع الحكم فيه على مجرد الفعل أو الترك‬
‫وكممان الحكممم فيممه الكفممر الكممبر‪،‬كممترك الصمملة‪،‬أو سممب الممدين‪ ،‬أو‬
‫السممتهزاء بممه‪ ،‬أو ممموالة الكفممار علممى المسمملمين علممى ممما سمميأتي‬
‫تفصيله في شبهة الموالة‪.‬‬
‫ل سرائرهم إلى الله‬ ‫ونحن مأمورون أن نأخذ الناس بالظاهر ونك ِ َ‬
‫ن أناسا ً كانوا يؤخذون بالوحي علممى عهممد‬ ‫قال عمر رضي الله عنه‪ :‬إ ّ‬
‫رسمول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم وإن الموحي قمد انقطمع وإنمما‬
‫نأخذكم الن بما ظهر لنا من أعمالكم‪ .‬رواه البخاري‬
‫م إن العلم بما في البواطن لم ُنكلف بمعرفتممه وليممس لنمما إلممى‬ ‫ث ّ‬
‫ذلممك سممبيل‪ ،‬بممل مممرد ذلممك إلممى اللممه‪ ،‬وإذا لممم نحكممم علممى النمماس‬
‫بالظاهر فلن نسممتطيع أن نحكممم علممى أحممد‪ ،‬فكممل أحممد يسممتطيع أن‬
‫يدعي أن باطنه خلف ظاهره‪.‬‬
‫أما المعاصي التي ليست كفرا ً فإنه ل ُيحكم بكفر فاعلهمما إل إذا‬
‫صّرح بالتكذيب أو الستحلل أو دلت القرائن على ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أما من أصّر على ترك واجب غير الصمملة أو أص مّر علممى فعممل‬

‫)‪(146‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ص ومستحق‬ ‫محّرم كالزنا وشرب الخمر ونحوهما مع إقراره بأنه عا ٍ‬
‫للعقاب فإنه في هذه الحالممة ل يكفممر وهممو عنممد أهممل السممنة مممؤمن‬
‫بإيمانه فاسق بكبيرته‪.‬‬
‫وقممد يشممكل علممى بعممض النمماس الفممرق بيممن المتنمماع مممن أداء‬
‫الواجب أو ترك المحرم وبيممن الصممرار علممى فعممل المحممرم أو تممرك‬
‫الواجب‪ ،‬ولتوضيح الفرق نقول‪:‬‬
‫ن الصرار على ترك الواجب‪ ،‬أو فعل المحممرم ‪ -‬غيممر المكفممر‪-‬‬ ‫إ ّ‬
‫يعتبر في الصل من المعاصي ما لم يقترن بجحود أو استحلل‪.‬‬
‫أما المتناع من فعل الواجب أو ترك المحرم‪ -‬الواضممح الصممريح‪-‬‬
‫ن‬
‫فإنه يكون بعد المر والتهديد بحيث تحصل منه ممانعة ومدافعة فإ ّ‬
‫هذا يكفر لمتناعه من التسليم لمر اللمه وهممذا ممما فهممه وعمممل بمه‬
‫الصحابة رضي الله عنهم في قتالهم لمانعي الزكاة وحكمهممم عليهممم‬
‫دة حين امتنعوا من دفع الزكاة وقاتلوا على ذلك‪.‬‬ ‫بالر ّ‬
‫يقول الجصاص في )أحكام القرآن(‪” :‬وفي هذه الية‪] :‬فل وربممك‬
‫ل يؤمنون حتى يحكموك‪ {....‬دللة على أن من رد شمميئا ً مممن أوامممر‬
‫الله تعالى أو أوامر رسوله صلى اللممه عليممه وسمملم فهممو خممارج مممن‬
‫السلم سواء رده من جهممة الشممك‪ ..‬أو تممرك القبممول والمتنمماع مممن‬
‫التسليم‪ ..‬وذلك يموجب صمحة مما ذهمب إليممه الصمحابة فممي حكمهممم‬
‫بارتداد‬
‫من امتنع عن أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم‪ ،‬لن الله تعممالى‬
‫حكم بأن من لم يسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فليس مممن أهممل‬
‫اليمان“ اهم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬ول يتصور في العادة أن‬
‫رجل يكون مؤمنا بقلبه مقمرا ً بممأن اللمه أوجمب عليممه الصملة ملتزممما‬
‫لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جمماء بممه يممأمره ولممي المممر‬
‫بالصلة فيمتنع حتى يقتل ويكون مع ذلك مؤمنا فممي البمماطن قممط ل‬
‫يكون إل كافرا ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أنمى ل أفعلهما كمان همذا‬
‫القول مع هذه الحال كذبا منه كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش‬
‫ويقول أشهد أن ما فيه كلم الله أو جعل يقتل نبيا من النبياء ويقول‬
‫أشهد أنه رسول الله ونحو ذلك من الفعال التي تنافي إيمان القلب‬
‫فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذبا فيممما أظهممره مممن‬

‫)‪(147‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القول‪.‬‬
‫ن شيخ السلم بّين أن جمهور الصممحابة والتممابعين‬ ‫الوجه الثاني‪ /‬أ ّ‬
‫على كفر تارك الصمملة‪ ،‬وهممذا بمجممرد الممترك دون اشممتراط ممما فممي‬
‫ن مورد النزاع عند مممن خممالف الجمهممور فممي حكممم‬ ‫م ذكر أ ّ‬ ‫القلب‪ ،‬ث ّ‬
‫تارك الصلة هو فيمن أقّر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلهمما‪ ،‬والحممق‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم عّلق‬ ‫فيما ذهب إليه جمهور الصحابة ل ّ‬
‫الحكم بالترك ولم يشترط الجحود أو الستكبار في قوله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركهمما فقممد كفممر(‪،‬‬
‫ن عدم تكفير تارك الصلة لكونه ملتزما ً فعلها مممع عممدم‬ ‫وبهذا تعلم أ ّ‬
‫أدائها إنما هو قول بعض العلماء‪ ،‬وجمهممور الصممحابة والتممابعين علممى‬
‫خلفه‪ ،‬قال شقيق بن عبد الله العقيلي‪ :‬ما كان أصحاب رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يرون شيئا ً من العمال تركه كفر غير الصلة‪.‬‬
‫رواه الترمذي‪.‬‬
‫صممله المؤلممف مممن كلم شمميخ السمملم‬ ‫وبالتالي تعلممم بطلن ممما أ ّ‬
‫ن المؤلممف اسممتخرج أصمل ً مممن القممول المخممالف لفهممم‬ ‫المتقدم‪ ،‬فممإ ّ‬
‫ف‬‫جمهور الصحابة والتابعين‪ ،‬وإذا كان الصل ل يؤخذ من حكم مختل ٍ‬
‫ل مخالف لما عليه أغلب الصحابة والتابعين؟‬ ‫فيه‪ ،‬فكيف بقو ٍ‬
‫وأما قول المؤلف‪]:‬لحظ قوله " التزم فعلهمما ولممم يفعلهمما " يفيممد‬
‫أن معنى اللتزام غير معنى المداومة على الفعل فقد يكممون الرجممل‬
‫ملتزما ً لها لكنه ل يفعلها‪ ،‬فاللتزام الذي ينبني على تركه الكفر أمممر‬
‫عقدي قلبي ل فعلي؛ لذا لما أراد ابن تيميه التعبير بمماللتزام الفعلممي‬
‫قيده بوصف )الفعلي( ثم لم يجعله مكفرا ً لذاته بل لمر آخر عقممدي‬
‫فقال ‪ -‬بعد النقل المتقدم ‪ :-‬أن ل يجحممد وجوبهمما‪ ،‬لكنممه ممتنممع مممن‬
‫التزام فعلها كبرا ً أو حسدا ً أو بغضا ً للممه ورسمموله‪ ،‬فيقممول‪ :‬اعلممم أن‬
‫الله أوجبهمما علممى المسمملمين‪ ،‬والرسممول صممادق فممي تبليممغ القممرآن‪،‬‬
‫ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكبارا ً أو حسدا ً للرسول‪ ،‬أو عصبية‬
‫لدينه‪ ،‬أو بغضا ً لما جاء به الرسممول‪ ،‬فهممذا أيضما ً كفممر بالتفمماق‪ ،‬فممإن‬
‫إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحدا ً لليجاب‪ ،‬فإن الله‬
‫تعالى باشره بالخطاب‪ ،‬وإنما أبممى واسممتكبر وكممان مممن الكممافرين ا‪.‬‬
‫هم[‪.‬‬
‫ن شيخ السلم ل يقول بقممول‬ ‫هذا فيه تلبيس وهو ُيشعر القارئ أ ّ‬
‫جمهور الصحابة والتابعين في كفر تارك الصلة بمجرد الترك ولو لم‬
‫)‪(148‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقترن بالجحود أو الستكبار‪ ،‬وأنه يقممول بقممول مممن يشممترط العمممل‬
‫القلبي في تكفير تارك الصلة‪ ،‬وشيخ السلم إنما استطرد في بيمان‬
‫القول الثاني وهو قول من خالف جمهور الصممحابة والتممابعين وليممس‬
‫نقله وبيانه للقول الثاني من باب تصحيحه أو ترجيحه وإنما من بمماب‬
‫إيضاح حجة المخالف‪.‬‬
‫فقول المؤلف‪]:‬لذا لممما أراد ابممن تيميممه التعممبير بمماللتزام الفعلممي‬
‫قيده بوصممف )الفعلممي( ثممم لممم يجعلممه مكفممرا ً لممذاته بممل لمممر آخممر‬
‫عقدي[‪.‬‬
‫هذا من الفتراء على شيخ السلم وتقويله ما لممم يقلممه بممل قممول‬
‫شيخ السلم هممو قممول جمهممور الصممحابة والتممابعين وهممو كفممر تممارك‬
‫الصلة ولو كان مقّرا ً بوجوبها‪ ،‬وملتزما ً فعلها ومع ذلك يتركها‪ ،‬وإنممما‬
‫خ السلم ما لم يقله لعدم فهمه لما نقله مممن كلم‬ ‫ف شي َ‬
‫ول المؤل ُ‬‫ق ّ‬
‫شيخ السلم أو للتلبيس على من يقرأ كتابه‪ ،‬وما ذهب إليه المؤلممف‬
‫صله من مورد النزاع من اشممتراط الجحممود أو السممتكبار أو العنمماد‬ ‫وأ ّ‬
‫ونحوه همو بسممبب ضمملله فممي بمماب السممماء والحكممام‪ ،‬وقمموله هممذا‬
‫موافممق لقممول مممرجئة الفقهمماء الممذين أخرجمموا العمممل مممن مسمممى‬
‫اليمان‪.‬‬
‫وسأورد من كلم شيخ السلم ممما ي ُممبين خطممأ المؤلممف وافممتراءه‬
‫على ابن تيمية نصممرةً للحممق وتممبرئة لسمماحة المممام ابممن تيميممة مممن‬
‫مخالفة جمهور الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪:‬فقممد ثبممت عممن النممبي أنممه‬
‫قال‪) :‬العهد الذي بيننا وبينهمم الصملة فممن تركهما فقمد كفمر( وفمى‬
‫المسند )من ترك الصلة متعمدا فقد برئت منه الذمممة( وأيضمما فممإن‬
‫شعار المسلمين الصلة ولهممذا يعممبر عنهممم بهمما فيقممال اختلممف أهممل‬
‫الصلة واختلف أهل القبلة‪ ،‬والمصنفون لمقالت المسلمين يقولممون‬
‫مقممالت السمملميين واختلف المصمملين‪ ،‬وفممى الصممحيح )مممن صمملى‬
‫صلتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ما لنا وعليه ممما‬
‫علينا( وأمثال هذه النصوص كثيرة في الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وأما الذين لم يكفروا بترك الصلة ونحوها فليست لهممم حجممة إل‬
‫وهي متناولة للجاحد كتناولها للتارك فممما كممان جمموابهم عممن الجاحممد‬
‫كان جوابا لهم عن التارك مع أن النصوص علقت الكفر بالتولي كممما‬

‫)‪(149‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تقدم وهذا مثل استدللهم بالعمومات التي يحتج بها المرجئة كقمموله‬
‫من شهد أن ل إله إل الله وأن محمدا رسممول اللممه وأن عيسممى عبممد‬
‫الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريممم وروح منممه أدخلممه اللممه الجنممة‬
‫ونحو ذلك من النصوص‪.‬‬
‫وأجود ما اعتمدوا عليه قمموله )خمممس صمملوات كتبهممن اللممه علممى‬
‫العباد في اليوم والليلة فمن حافظ عليهن كان له عند اللممه عهممد أن‬
‫يدخله الجنة ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء‬
‫عذبه وإن شاء أدخله الجنممة( قممالوا فقممد جعممل غيممر المحممافظ تحممت‬
‫المشيئة والكافر ل يكون تحت المشيئة‪ ،‬ول دللة في هذا فإن الوعد‬
‫بالمحافظة عليها‪ ،‬والمحافظة فعلها في أوقاتهمما كممما أمممر كممما قممال‬
‫تعالى }حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى{ وعدم المحافظة‬
‫خممر النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬‫يكون مع فعلها بعد الوقت كممما أ ّ‬
‫صلة العصر يمموم الخنممدق فممأنزل اللممه آيممة المممر بالمحافظممة عليهمما‬
‫وعلى غيرها من الصلوات‪.‬‬
‫وقد قال تعالى }فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصمملة واتبعمموا‬
‫الشهوات فسوف يلقون غيا{ فقيل لبن مسعود وغيره ما إضاعتها؟‬
‫فقال‪ :‬تأخيرها عن وقتها‪ .‬فقالوا‪ :‬ما كنا نظن ذلك إل تركها فقال‪ :‬لو‬
‫تركوها لكانوا كفارا‪.‬‬
‫وكذلك قوله }فويل للمصلين الذين هممم عممن صمملتهم سمماهون{‬
‫ذمهم مع أنهم يصلون لنهم سهوا عن حقوقها الواجبة من فعلها في‬
‫الوقت وإتمام أفعالها المفروضة كممما ثبممت فممي صممحيح مسمملم عممن‬
‫النبي أنه قال )تلممك صمملة المنممافق تلممك صمملة المنممافق تلممك صمملة‬
‫المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قممام فنقممر‬
‫أربعا ل يذكر الله فيها إل قليل( فجعممل هممذه صمملة المنممافقين لكممونه‬
‫أخرها عن الوقت ونقرها‬
‫وقد ثبت فممي الصممحيح عممن النممبي أنممه ذكممر المممراء بعممده الممذين‬
‫يفعلون ما ينكر وقالوا يا رسول الله أفل نقاتلهم قممال )ل ممما صمملوا(‬
‫وثبت عنه أنه قال )سيكون أمراء يؤخرون الصلة عن وقتهمما فصمملوا‬
‫الصلة لوقتها ثم اجعلوا صلتكم معهم نافلة( فنهممى عممن قتممالهم إذا‬
‫صلوا وكان في ذلك دللة على أنهم إذا لم يصلوا قوتلمموا وبيممن أنهممم‬
‫يؤخرون الصلة عن وقتها وذلك ترك المحافظة عليها ل تركها‪.‬‬

‫)‪(150‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وإذا عرف الفرق بين المرين فالنبي إنما أدخممل تحممت المشمميئة‬
‫من لم يحافظ عليهمما ل مممن تممرك‪ ،‬ونفممس المحافظممة يقتضممي أنهممم‬
‫صلوا ولم يحافظوا عليها ول يتناول من لم يحافظ فإنه لو تناول ذلك‬
‫قتلوا كفممارا مرتممدين بل ريممب ول يتصممور فممي العممادة أن رجل يكممون‬
‫مؤمنا بقلبه مقرا ً بأن الله أوجب عليه الصلة ملتزما لشممريعة النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وما جاء به يأمره ولممي المممر بالصمملة فيمتنممع‬
‫حتى يقتل ويكون مع ذلك مؤمنا في البماطن قمط ل يكمون إل كمافرا‬
‫ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أنى ل أفعلها كان هممذا القممول مممع هممذه‬
‫الحال كذبا منه كما لو أخذ يلقي المصحف في الحش ويقممول أشممهد‬
‫أن ما فيه كلم الله أو جعل يقتل نبيا ممن النبيمماء ويقممول أشمهد أنمه‬
‫رسول الله ونحو ذلك من الفعال التي تنافي إيمان القلب فإذا قممال‬
‫أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذبا فيما أظهره من القول‪.‬‬
‫فهذا الموضع ينبغي تدبره فممن عمرف ارتبماط الظماهر بالبماطن‬
‫زالت عنه الشبهة في هذا الباب وعلم أن من قال مممن الفقهمماء أنممه‬
‫إذا أقر بالوجوب وامتنع عن الفعل ل يقتل أو يقتل ممع إسملمه فمإنه‬
‫دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية والتي دخلت‬
‫على من جعل الرادة الجازمة مع القدرة التامممة ل يكممون بهمما شمميء‬
‫من الفعل ولهذا كان الممتنعون من قتل هذا من الفقهاء بنمموه علممى‬
‫قولهم في مسألة اليمان وأن العمال ليست من اليمان وقد تقممدم‬
‫أن جنس العمال من لوازم إيمممان القلممب وأن إيمممان القلممب التممام‬
‫بدون شيء من العمممال الظماهرة ممتنممع سمواء جعممل الظمماهر مممن‬
‫لوازم اليمان أو جزء من اليمان‪] .‬مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،7‬ص ‪.[613‬‬
‫فقول المؤلف‪]:‬لذا لممما أراد ابممن تيميممه التعممبير بمماللتزام الفعلممي‬
‫قيده بوصممف )الفعلممي( ثممم لممم يجعلممه مكفممرا ً لممذاته بممل لمممر آخممر‬
‫عقدي[‪.‬‬
‫يرد عليه قول شيخ السلم‪ :‬وأما الذين لم يكفروا بترك الصمملة‬
‫ونحوها فليست لهم حجة إل وهممي متناولممة للجاحممد كتناولهمما للتممارك‬
‫فما كمان جمموابهم عممن الجاحممد كمان جوابمما لهمم عمن التمارك ممع أن‬
‫النصوص علقت الكفر بالتولي‪ .‬اهم‬
‫ن النصوص علقت الكفر بالتولي وهو‬ ‫ن شيخ السلم بّين هنا أ ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ت دليممل فممي كفممر تممارك الصمملة يشممترط أمممرا ً قلبيما ً‬‫الترك ولممم يممأ ِ‬
‫كالجحود أو الستكبار‪ ،‬ولو كان الكفر بترك الصلة لبد ّ فيه من المر‬
‫)‪(151‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م إن الجاحد أو المستكبر‬ ‫القلبي لبينه النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ث ّ‬
‫ي‬
‫ب تركمه علممى سممبيل الجحمود أو السمتكبار فممأ ُ‬ ‫يكفمر فممي أي واجم ٍ‬
‫خصوصيةٍ إذا ً للصلة؟ وما فائدة تخصيصها بالحكم إذا كممان الحكممم ل‬
‫ينطبق إل باشتراط المر القلبي الذي يشترط في كفر تممارك غيرهمما‬
‫من الواجبات؟‬
‫ن قممول المؤلممف وتأصمميله السممابق إنممما هممو لتلمموثه‬ ‫وبهذا تعلم أ ّ‬
‫صممل معنممى‬ ‫خ السلم ما لم يقل وأ ّ‬ ‫ول شي َ‬ ‫بالمذهب الرجائي‪ ،‬لهذا ق ّ‬
‫ردا ً فمي جميمع الواجبمات علمى أصمول الممرجئة‬ ‫طم ِ‬‫اللتزام وجعلمه م ّ‬
‫من خالف جمهور الصحابة والتابعين‪.‬‬ ‫استنباطا ً من قول َ‬
‫قال القرطبي في تفسيره‪ :‬وذهبت جماعة من الصحابة والتابعين‬
‫إلى أن من ترك صلة واحدة متعمممدا حممتى يخممرج وقتهمما لغيممر عممذر‬
‫وأبى من أدائها وقضائها وقال ل أصلي فإنه كافر ودمه وماله حللن‬
‫ول يرثه ورثته من المسلمين ويستتاب فإن تاب وإل قتل وحكم ماله‬
‫كحكم مال المرتد وهو قول إسحاق قال إسممحاق‪ :‬وكممذلك كممان رأي‬
‫أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا‪ .‬اهم‬
‫فلحممظ أن حكممم الصممحابة والتممابعين تعلممق بممالترك ولممم يعّلقمموه‬
‫بالجحود أو الستكبار‪.‬‬
‫وقال عبدالله بن المبارك رحمه الله‪ :‬من ترك الصلة متعمدا من‬
‫غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر‪.‬‬
‫ن ممن تمرك صمملة واحمدة متعمممدا ً يكممون‬ ‫فإن قيل‪ :‬معنى هممذا أ ّ‬
‫كافرا ً عندكم؛ لن النبي صلى الله عليه وسلم عّلق الحكم بالترك‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬لقد قال بعض السلف بهذا تمسكا ً بظاهر الحديث كما‬
‫مّر قول ابن المبارك رحمه الله‪ ،‬وبعضهم حمله على الستمرار ولممم‬
‫يشترط أحد منهم الجحود أو الستكبار‪ ،‬وبهذا تعلم أن الخلف ليممس‬
‫في الحكم بالكفر‪ ،‬ولكن الخلف في المممراد بمالترك هممل هممو الممرة‬
‫الواحدة أو الستمرار‪.‬‬
‫ن من ترك الحكم بما أنزل اللممه وحكممم بغيممره وزعممم‬ ‫والمقصود أ ّ‬
‫أنه ملتزم بتحكيم شرع الله فممإنه ل تنفعممه هممذه الممدعوى لنممه قممول‬
‫يكذبه الفعل‪ ،‬وكيف يكون ملتزما ً بالحكم بممما أنممزل اللممه وهممو يلممزم‬
‫الناس بالحكم والتحاكم إلى غير شرع اللممه مممن النظمممة والقمموانين‬
‫البشرية ويعاقب من خالفها أو سعى في إبطالها‪.‬‬

‫)‪(152‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إنما مثل هممذا مثممل الممذي يقممول‪ :‬أنمما أشممهد أل إلممه إل اللممه وأن‬
‫م هممو يشممرك بممالله‪ ،‬فهممل ينفعممه‬ ‫محمدا ً رسول الله وألتزم التوحيد ث ّ‬
‫م‬
‫دعوى اللتزام مع فعله ما يناقض ذلك؟ كذلك الذي يقول‪ :‬أنا ملمتز ٌ‬
‫م هو يؤخر حكم الله ويحكم بأحكام البشممر‪ ،‬فممإنه ينمماقض‬ ‫حكم الله ث ّ‬
‫قوله‪.‬‬
‫ن المر غير مقتصر على اللتزام فإنه قبل ذلك منازعة للممه‬ ‫مإ ّ‬‫ث ّ‬
‫في التشريع والحكم‪ ،‬وتأخير لحكم الله ودفع لممه واسممتبداله بأحكممام‬
‫ل للممدين عممن‬ ‫مخالفة‪ ،‬وتعبيد النمماس لغيممر اللممه فممي التحمماكم‪ ،‬وفصم ٌ‬
‫السياسة‪ ،‬وتسيير نظام الدولة على شريعة الطاغوت‪.‬‬
‫وإنما ُيتصور اللممتزام بحكممم الشممرع فيمممن يحكممم بالشممرع فممي‬
‫الصل ولم يجعل أحكامما ً أخممرى بممدل ً عممن حكممم الشممرع ولكممن فممي‬
‫قضية ونحوها حمله الهوى أو الرشوة أو القرابة لن يحكممم بغيممر ممما‬
‫أنزل الله مع اعممترافه بالخطممأ والممتزامه الحكممم بممما أنممزل اللمه فممي‬
‫الصل‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله‪ :‬وأما الذي قيل فيه كفر‬
‫دون كفر‪ ،‬إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاد أنه عاص وأن حكممم اللممه‬
‫هو الحق‪ ،‬فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها‪ ،‬أما الذي جعل قوانين‬
‫بترتيب وتخضيع فهو كفر‪ ،‬وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل‪ .‬أهم م‬
‫]فتاوى محمد بن إبراهيم ‪[12/280‬‬
‫وقال المام بن القيم رحمه اللممه‪ :‬إن الحكممم بغيممر ممما أنممزل اللممه‬
‫يتناول الكفرين الكبر والصغر‪ ،‬بحسب حالة الحاكم‪ ،‬فإنه إن اعتقممد‬
‫وجوب الحكم بما أنزل الله في الواقعة وأنه مستحق للعقوبممة فهممذا‬
‫كفر أصغر‪ .‬اهم]مدارج السالكين‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[336‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن إبراهيممم رحمممه اللممه‪" :‬لممو قممال مممن حك ّممم‬
‫ل للشممرع‪ ،‬كممما‬ ‫القانون أنا أعتقد أنه باطل فهذا ل أثر له‪ ،‬بل هو عز ٌ‬
‫لو قال أحد‪ :‬أنا أعبد الوثان وأعتقد أنها باطلة‪] .‬فتاوى الشيخ محمد‬
‫بن إبراهيم‪.[189/6،‬‬
‫خضمموع‬ ‫وقال الشيخ محمد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬و ُ‬
‫ن خلقهمم‬ ‫مم ْ‬
‫حكمم َ‬ ‫الناس ورضمموخهم لحكممم رّبهممم خضموعٌ ورضممو ٌ‬
‫خ لِ ُ‬
‫ن إل ّ إيمماه ول‬
‫ه‪ ،‬ول يعبممدو َ‬ ‫تعالى ليعبدوه فكما ل يسجد ُ الخل مقُ إل ّ لل م ِ‬
‫يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقممادوا‬

‫)‪(153‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حكم الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ .‬اهم‬ ‫إل ّ ل ُ‬
‫وقال المام الشنقيطي‪" :‬الشراك بالله في حكمه‪ ،‬والشراك بممه‬
‫في عبادته كلها بمعنى واحد‪ ،‬ل فرق بينهما البتة‪ ،‬فالذي يتبممع نظام ما ً‬
‫غير نظام الله‪ ،‬وتشريعا ً غير تشريع الله‪ ،‬كالذي يعبد الصنم ويسممجد‬
‫للوثن‪ ،‬ول فرق بينهما البتة بوجه من الوجمموه‪ ،‬فهممما واحممد‪ ،‬وكلهممما‬
‫مشممرك بممالله‪] .‬الحاكميممة فممي تفسممير أضممواء البيممان لعبممدالرحمن‬
‫السديس ص ‪،52‬م ‪ = 53‬باختصار‪ ،‬وانظر أضواء البيممان للشممنقيطي‬
‫‪.[7/162‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬يلممزم علممى قممولهم أن مممن المكفممرات عنممد أهممل‬
‫السنة الصرار على المعصية تركا ً لممواجب أو فعل ً لمحممرم فممأين هممو‬
‫من كلمهم؟ بل إن كلمهم المسطور في كتب المعتقد أنممه ل يكفممر‬
‫أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يسممتحله ‪ ،1‬وذلممك رد علممى الخمموارج‬
‫المكفرين بارتكاب الكبائر‪.‬‬
‫ويلزم على قولهم أن المصر على المعصية بفعل المحرم أو ترك‬
‫الواجب كافر‪ .‬وهذا مخممالف لممما ثبممت عممن ابممن عبمماس أنممه قممال‪ :‬ل‬
‫صغيرة مع الصرار ول كبيرة مع السممتغفار‪ .‬أخرجممه ابممن أبممي حمماتم‬
‫وابن جرير في تفسيرهما لسممورة النسمماء‪ .‬ويممدخل فممي كلمممه تممرك‬
‫المأمور وفعل المحظور‪.‬‬
‫أنه ل دليل من الكتاب والسنة على التكفير بمجرد الصرار علممى‬
‫الذنب‪ ،‬والتكفير حق لله ورسوله صمملى اللممه عليممه وسمملم ل مممدخل‬
‫للعواطف ول للحماسات فيه‪ ،‬بل النصمموص دلممت علممى عممدم تكفيممر‬
‫المصر كحديث صاحب البطاقة وغيره[‪.‬‬
‫نحن لم نقل إن الصممرار علممى المعصممية كفممر مطلقما ً بممل نفمّرق‬
‫بحمد الله بين المعاصي التي ليست بكفر وبين المعاصي الممتي هممي‬
‫كفر‪ ،‬فمن أصر على ترك الصلة يكفر وإن زعممم أنممه مقممر بوجوبهمما‬
‫‪1‬فمعنى الجحود في كلمه هو عدم اللتزام وهو ترك المأمور لدافع كفري كالباء والسممتكبار ويؤكممد‬
‫ذلك أنه هو كفر إبليس كما أخبرنا الله في كتابه واستعمال الجحود عند العلماء بهذا المعنى معروف‬
‫قال ابن تيمية)‪ :(20/98‬ومن اطلق من الفقهاء أنه ل يكفر إل من يجحد وجوبها فيكون الجحممد‬
‫عنده متناول للتكذيب باليجاب ومتناول للمتناع عن القرار واللتزام كما قال تعالى‬
‫)فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحههدون( وقههال تعههالى )وجحههدوا بههها‬
‫واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين( وال فمههتى لههم‬
‫يقر ويلتزم فعلها قتل وكفر بالتفاق ا‪ .‬هه وأثر المام سفيان وإن كان في إسههناده‬
‫ضعف إل أن معناه صحيح قطعا ً وإل لما نقله أئمة السنة في كتب العتقاد مههن غيههر‬
‫نكير‬

‫)‪(154‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وحجتنا قول المعصوم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولكمن ممن أصمر علمى‬
‫معصية من فعل أو تممرك لممم يممرد الشممرع بكفممر فمماعله فممإنه مممؤمن‬
‫بإيمانه فاسق بكبيرته‪ ،‬ول نحكم عليه بالكفر ما لم يسممتحل‪ ،‬وهنمماك‬
‫أحاديث جاء فيها وصف الفعل بأنه كفر ولكن مع جمع الدلة تبين أن‬
‫المقصود به الكفر الصغر‪ ،‬مثل قوله صلى الله عليه وسلم‪) :‬سباب‬
‫المممؤمن فسمموق وقتمماله كفممر( فممإن القممرآن سمممى كل الطممائفتين‬
‫المتقمماتلتين باليمممان كممما فممي قمموله تعممالى‪] :‬وإن طائفتممان مممن‬
‫المؤمنين اقتتلوا‪ {...‬إلى أن قال‪] :‬إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين‬
‫أخويكم{‪ ،‬إلى غير ذلك من الثار‪.‬‬
‫والسلف رحمهم الله عندما أطلقمموا هممذه العبممارة‪)-‬ل نكفممر أحممدا ً‬
‫بذنب ما لم يستحله(‪ -‬لم يقصدوا بها العموم المطلق بل هم قالوهمما‬
‫ردا ً على الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة‪ ،‬وبالتممالي فممإن مقصممودهم‬
‫بالممذنب هنمما الكممبيرة وليممس عممموم الممذنب‪ ،‬فممإن سممب اللممه ذنممب‬
‫والستهزاء بالدين ذنب وإهانة المصحف ذنب وكلهم مجمعممون علممى‬
‫كفر فاعلها ولو لم يستحل‪.‬‬
‫لل‪:‬‬ ‫ب‪ ،‬قممال الخ ّ‬ ‫م أحمد ُ إطلق عبارة‪ :‬ل ُنكّفممر بممذن ٍ‬ ‫وََقد أنكر الما ُ‬
‫ت‬ ‫ن إسحاق بن إبراهيم حممدثهم قممال‪ :‬حضممر ُ‬ ‫أنبأنا محمد بن هارون أ ّ‬
‫رجل ً سأل أبا عبد الله فقال‪ :‬يا أبا عبد الله اجتماع المسمملمين علممى‬
‫اليمان بالقدر خيره وشّره؟ قال أبو عبد اللمه‪ :‬نعمم‪ ،‬قمال‪ :‬ول ُنكّفمر‬
‫أحدا ً بذنب؟ فقال أبو عبد الله‪ :‬اسممكت مممن تمرك الصملة فقممد كفمر‬
‫ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر‪.‬‬
‫سمّنة مّتفقممون‬ ‫ن إذا ُقلنا أهممل ال ّ‬ ‫قال شيخ السلم ]‪) :[7/302‬ونح ُ‬
‫على أنه ل يكفر بالذنب؛ فإّنما ُنريد به المعاصي كالزنا‪ ،‬والشرب(‪.‬‬
‫وقال أبو الحسن الشعري في المقمالت ]‪ [1/347‬حاكًيما ممذهب‬
‫ب‪ ،‬كنحممو الّزنمما‬ ‫دا من أهممل القبلممة بممذن ٍ‬ ‫أهل الحديث‪) :‬ول ُيكّفرون أح ً‬
‫ر(‪.‬‬
‫ه ذلك من الكبائ ِ‬‫شب َ َ‬‫سرقة‪ ،‬وما أ ْ‬‫وال ّ‬
‫ن من الفعال‬ ‫ثم إن الستحلل ل يشترط أن يكون باللسان بل إ ّ‬
‫ما هو أبلغ في الدللة من القوال‪ ،‬فمن فعل معصية واقممترن بفعلممه‬
‫علمممات السممتحلل فممإنه يحكممم بكفممره ولممو لممم يقممل بلسممانه إنممه‬
‫مستحل‪ ،‬ودليل ذلك حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أرسل خاله أبا بردة إلى رجل تزوج امرأة أبيه‬

‫)‪(155‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أن يضرب عنقه ويأخذ ماله‪ .‬وفي رواية قال‪ :‬فما سألوه ول كلممموه‪.‬‬
‫رواه أصحاب السنن وهو صحيح‪.‬‬
‫في هذا الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسمملم حكممم‬
‫على الفاعل بالردة لنه قتله وأخذ ماله ولو كان مسمملما ً لكممان ممماله‬
‫لورثته‪.‬‬
‫ن هذا الرجل لما أعلن نكاحه بامرأة أبيه مع علمممه‬ ‫قال العلماء‪ :‬إ ّ‬
‫ف بحكم الشممرع محمماد ّ‬ ‫ل على أنه مستحل لذلك مسخ ٌ‬ ‫بحرمة ذلك د ّ‬
‫لله ورسوله وبهذا يكون كافرا ً مرتدًا‪.‬‬
‫والزنا بمامرأة الب ذنممب كممبير وليممس بكفممر‪ ،‬ولكممن لممما أحمماطت‬
‫حكمم عليمه بمالردة‬ ‫بالفاعممل القمرائن المتي تمدل علممى أنمه مسممتحل ُ‬
‫استنادا ً إلى القرائن‪ ،‬والقرينممة هنمما هممي إعلن هممذا النكمماح المحممرم‪،‬‬
‫والذي يدل على أنه مستحل للفرج الحرام‪.‬‬
‫إذا تبين هذا فإن تممرك الحكممم بممما أنممزل اللممه والحكممم بممالقوانين‬
‫الوضعية مع كونه كفرا ً بحد ذاته لنمه منازعمة للمه وشمرك معمه فمي‬
‫التشريع‪ ،‬هو كفر أيضا ً لنه دليل على الستحلل والستخفاف بحكممم‬
‫الله‪ ،‬والقرائن المحيطة به أعظممم وأكممثر وضمموحا ً مممن القممرائن فممي‬
‫الحديث السابق‪ ،‬فكونه يعلم بوجوب الحكم بممما أنممزل اللممه وحرمممة‬
‫الحكم بغيره‪ ،‬ويعلم أن الله أحكم الحاكمين وحكمممه أحسممن وأعممدل‬
‫م مع ذلك يشّرع الحكام المخالفة ويجعل نفسممه أو غيممره‬ ‫الحكام‪ ،‬ث ّ‬
‫ندا ً لله‪ ،‬ويؤخر حكم الله‪ ،‬ويحكم بما خالفه‪ ،‬ويلممزم النمماس بممذلك‪ ،‬ل‬
‫شك أن هذا أبلغ في الدللة على الستحلل والستخفاف بحكم الله‪.‬‬
‫ح في الذهان شيٌء إذا احتاج النهار إلى دليل‪.‬‬ ‫وليس يص ّ‬
‫وإلزامات المؤلف الباطلة هي نتيجممة لخلطممه الكممبير فممي مسممألة‬
‫الحكم وألخصها في أمور‪:‬‬
‫‪ -‬أن الحكم بغير ما أنزل الله في القضممية ونحوهمما مممع العممتراف‬
‫بالخطممأ وعممدم اسممتبدال حكممم اللممه بغيممره‪ ،‬ليممس كتشممريع الحكممام‬
‫المخالفممة‪ ،‬فممإن الول معصممية وظلممم‪ ،‬والثمماني شممرك مممع اللممه فممي‬
‫التشريع ومنازعة لله في خاصية الحكم‪ ،‬وهذا كفر أكبر‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحكم بغير ما أنزل الله في القضممية ونحوهمما مممع العممتراف‬
‫بالخطممأ وعممدم اسممتبدال حكممم اللممه بغيممره‪ ،‬ليممس كممترك حكممم اللممه‬
‫واستبداله بحكم غيره‪ ،‬فإن الول معصية وظلم‪ ،‬والثاني تأخير لحكم‬

‫)‪(156‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م لحكم غيره على حكمه‪ ،‬وهذا كفر أكبر‪.‬‬ ‫الله ودفعٌ له وتقدي ٌ‬
‫‪ -‬أن الحكم بغير ما أنزل الله في القضممية ونحوهمما مممع العممتراف‬
‫بالخطأ وعدم استبدال حكم الله بغيره‪ ،‬ليس كإلزام الناس بالتحاكم‬
‫إلى حكم الطاغوت والرضوخ والذعان له‪ ،‬فإن الول معصية وظلم‪،‬‬
‫والثاني تعبيد للناس لغيممر اللممه بالتحمماكم إلممى غيممر شممرعه والفصممل‬
‫بينهم بغير حكمه‪ ،‬والخضوع والرضوخ لحكم غيره وهذا كفر أكبر‪.‬‬
‫وأعيد بعض أقوال العلماء لتوضيح الفرق‪:‬‬
‫خضمموع‬ ‫قال الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬و ُ‬
‫ن خلقهمم‬ ‫مم ْ‬
‫حكمم َ‬ ‫الناس ورضمموخهم لحكممم رّبهممم خضموعٌ ورضممو ٌ‬
‫خ لِ ُ‬
‫ن إل ّ إيمماه ول‬
‫ه‪ ،‬ول يعبممدو َ‬ ‫تعالى ليعبدوه فكما ل يسجد ُ الخل مقُ إل ّ لل م ِ‬
‫يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقممادوا‬
‫حكم الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ .‬اهم‬ ‫إل ّ ل ُ‬
‫كم القانون أنا أعتقممد أنممه باطممل‬ ‫و قال رحمه الله‪" :‬لو قال من ح ّ‬
‫ل للشرع‪ ،‬كما لو قال أحد‪ :‬أنا أعبد الوثممان‬ ‫فهذا ل أثر له‪ ،‬بل هو عز ٌ‬
‫وأعتقد أنها باطلة‪] .‬فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم‪.[189/6،‬‬
‫وقال المام محمد المين الشنقيطي رحمه الله‪ " :‬الشراك بالله‬
‫في حكمه‪ ،‬والشراك به في عبادته‪ ،‬كلها بمعنى واحد‪ ،‬ل فرق بينهما‬
‫ألبتة‪ ،‬فالذي يتبع نظاما ً غير نظام اللممه‪ ،‬وتشممريعا ً غيممر تشممريع اللممه‪،‬‬
‫كالذي يعبد الصممنم‪،‬ويسممجد للمموثن‪ ،‬ل فممرق بينهممما ألبتممة بمموجه مممن‬
‫الوجوه‪ ،‬فهما واحد‪ ،‬وكلهما مشرك بالله‪.‬‬
‫مممن أصممدر تشممريعا ً‬ ‫وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمممه اللممه‪ :‬و َ‬
‫ملزما ً للنمماس يتعممارض مممع حكممم اللممه فهممذا َيخممرج مممن الملممة‬ ‫عاما ً ُ‬
‫]ويكون[ كافرًا‪ .‬اهم‬
‫قال المام البيضاوي رحمه اللممه تعممالى فممي تفسممير قمموله تعممالى‬
‫}وما أرسلنا من رسول إل ّ لُيطاع بإذن الله{ ]النساء‪» :[64 :‬وكممأّنه‬
‫ض بحكمه ‪-‬وإن أظهر السمملم‪ -‬كممان‬ ‫ن الذي لم ير َ‬ ‫ج بذلك على أ ّ‬ ‫احت ّ‬
‫ما لممم يكممن إل ّ‬‫ن إرسال الرسول ل ّ‬ ‫كافرا ً مستوجب القتل‪ ،‬وتقريره أ ّ‬
‫ليطاع‪ ،‬كان من لم يطعه ولم يرض بحكمه‪ ،‬لم يقبممل رسممالَته‪ ،‬ومممن‬
‫كان كذلك كان كافرا ً مستوجب القتل«‪.‬‬
‫ل‪ :‬فيتضمن كمممال النقيمماد‬ ‫قال ابن القيم‪ " :‬وأما الرضا بنبيه رسو ً‬
‫له‪ ،‬والتسليم المطلممق إليمه‪ ،‬بحيمث يكمون أولمى بمه ممن نفسمه‪ ،‬فل‬

‫)‪(157‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يتلقى الهدى إل من مواقع كلماته‪ ،‬ول يحاكم إل إليه‪ ،‬ول يحكم عليممه‬
‫غيره‪ ،‬ول يرضى بحكم غيره ألبتممة‪ ،‬ل فممي شمميء مممن أسممماء الممرب‬
‫وصفاته وأفعاله‪ ،‬ول في شيء من أذواق حقممائق اليمممان ومقاممماته‪،‬‬
‫ول في شيء من أحكام ظاهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ول يرضى في ذلممك بحكممم‬
‫غيره‪ ،‬ول يرضى إل بحكمه‪ ،‬بل إن الحكم بما أنزل الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬هو‬
‫معنى شهادة أن محمدا ً رسول اللممه‪ .‬اهممم]مممدارج السممالكين‪/‬ج ‪/2‬ص‬
‫‪[172‬‬
‫أقول‪ :‬وبهذا تعلم أن الحكممم بغيممر شممرع النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم مناقض لشهادة أن محمدا ً رسول الله أعظم المناقضة‪ ،‬وهممذا‬
‫ما أيده الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله حيث قال‪:‬‬
‫الخممامس‪ :‬وهممو أعظمهمما وأشممملها وأظهرهمما معانممدة للشممرع‪،‬‬
‫ومكابرة لحكممامه‪ ،‬ومشمماقة للممه تعممالى ولرسمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم ومضاهاة بالمحاكم الشرعية‪ ،‬إعدادا ً وإمدادا ً وإرصادا ً وتأصمميل ً‬
‫وتفريعا ً وتشكيل ً وتنويعا ً وحكما ً وإلزاممًا‪ ...‬فهممذه المحمماكم فممي كممثير‬
‫س إليهمما‬ ‫ة البممواب‪ ،‬والنمما ُ‬
‫من أمصار السمملم مهي ّممأة مكملممة‪ ،‬مفتوحم ُ‬
‫حكممم السممنة‬ ‫ب إثر أسراب‪ ،‬يحكممم ح ّ‬
‫كامهمما بينهممم بممما يخممالف ُ‬ ‫أسرا ٌ‬
‫ه‬
‫م ُ‬‫والكتاب‪ ،‬من أحكام ذلك القانون‪ ،‬وتلزمهم به وتقّرهم عليه‪ ،‬وُتحت ّ ُ‬
‫كفرٍ فوق هذا الكفر‪ ،‬وأي مناقضة للشهادة بممأن محمممدا ً‬ ‫عليهم‪ ،‬فأيّ ُ‬
‫ل الله بعد هذه المناقضة‪.‬‬ ‫رسو ُ‬
‫قال المؤلف‪] .‬عندي أكثر من دليل يدل على أن اليمممان المنفممي‬
‫هنا ‪}-‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم‪-{...‬كممماله‬
‫الواجب ل أصله من ذلك‪-:‬‬
‫‪ /1‬سبب نزول الية وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن الزبير‬
‫أن رجل ً من النصار خاصم الزبير عند رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم في شراج الحرة … إلخ‪ ،‬وفيه أن النصمماري لممم يممرض بحكممم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب ثم قال إن كان ابن عمتك‬
‫… إلخ‪ ،‬فقال ابن الزبير‪ :‬والله إني لحسب هممذه اليممة ممما نزلممت إل‬
‫ن‪{...‬‬‫مُنو َ‬ ‫في ذلك }َفل وََرب ّ َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬

‫)‪(158‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وجه الدللة ‪ /‬أنه وجد في نفس النصاري البدري حرج ولم يسلم‬
‫تسليما ً لحكم رسول الله ‪ ‬ومع ذلك لم يكفر ويؤكد عدم كفممره أن‬
‫الرجل بدري والبدريون مغفورة لهم ذنوبهم كما في حديث علي في‬
‫قصة حاطب لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ":‬وما يدريك‬
‫أن الله اطلع على أهل بدر فقال‪:‬اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكممم "‬
‫‪ 1‬والكفر الكبر ل يغفر‪ ،‬فدل هذا على أن البممدريين معصممومون مممن‬
‫أن يكونوا كفارًا‪ ،‬نص عليه ابن تيمية ‪ .2‬ثم إن رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم لم يطالبه بالسلم‪.‬‬
‫‪ /2‬ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث على‬
‫بن أبي طالب وهو باليمن إلى النبي صلى اللممه عليممه وسمملم بذهيبممة‬
‫فقسمها بين أربعة فقال رجل يا رسول الله‪ :‬اتق الله فقممال " ويلمك‬
‫ألست أحق أهل الرض أن يتقي الله ثم ولى الرجل فقال خالممد بممن‬
‫الوليد يا رسول الله أل أضرب عنقممه؟ قممال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ ":‬ل لعّله أن يكون يصلي "‪ ،‬قال خالممد‪ :‬وكممم مممن مص م ٍ‬
‫ل‬
‫يقول بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬فقال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ":‬إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب النمماس ول أشممق بطممونهم‬
‫"الحديث‪.‬‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن هذا الرجل اعترض على حكم رسول اللممه صمملى‬
‫حَرجما ً ولممم‬
‫الله عليه وسلم ولم يرض به ويسّلم‪ ،‬ووجممد فممي نفسممه َ‬
‫يكّفره الرسول صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬وامتنممع عممن قتلممه خشممية أن‬
‫يكون مصليا ً ولمو كمان واقعما ً فمي أممرٍ كفمريّ لمم تنفعمه صملته لن‬
‫الشرك والكفر الكبرين يحبطان العمال‪ ،‬فل تنفع الصلة معهما‪.‬‬
‫وأيضا ً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر كفري عند رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن خالدا ً أراد أن يحيلممه علممى أمممر كفممري‬
‫خفي في القلب فلم يرتض هذا رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫ولو كان قوله كفرا ً لتمسك به خالد بن الوليد ولما قال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬إني لم أؤمر أن أنقب عممن قلمموب النمماس‪" ..‬‬
‫لن هذا القول ‪-‬المدعى أنه مكفر ‪ -‬قممد ظهممر منممه‪ ،‬ومممما يوضممح أن‬
‫هذه الكلمة ليسممت كفممرا ً أنمه ثبممت فممي الصممحيحين عممن عائشمة أن‬
‫رواه الستة إل ابن ماجه قال ابن تيمية في المنهاج )‪ :(331 /4‬وهذه القصة مما اتفممق أهممل العلممم‬ ‫‪1‬‬

‫على صحتها‪،‬وهي متواترة عندهم‪ ،‬معروفة عند علماء التفسمير‪ ،‬وعلمماء الحمديث‪ ،‬وعلمماء المغمازي‬
‫والسير والتواريخ‪،‬وعلماء الفقه وغير هؤلء ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى )‪.(490 /7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(159‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبممي‬
‫قحافة‪ ،‬ولم يكن هذا منهن كفرًا‪.‬‬
‫‪ /3‬ما روى الشيخان عن أنس بن مالك أن ناسا ً من النصار قالوا‬
‫يوم حنين حين أفاء اللممه علممى رسمموله مممن أممموال همموازن ممما أفمماء‬
‫فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطممي رجممال ً مممن قريممش‬
‫المائة من البل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ً وسيوفنا‬
‫تقطر من دمائهم " وفي رواية لممما ُفتحممت مكممة قسممم الغنممائم فممي‬
‫قريش فقممالت النصممار إن هممذا لهممو العجممب إن سمميوفنا تقطممر مممن‬
‫دمائهم … "‬
‫وجه الدللة ‪ /‬أن هؤلء استنكروا فعل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ووجممدوا فممي أنفسممهم حرجما ً ولممم يكّفرهممم صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫لذا قال ابن تيمية‪ :‬والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من‬
‫مسمممى أسممماء المممور الواجبممة كاسممم اليمممان والسمملم والممدين‬
‫ب‬‫والصلة والصيام والطهارة والحج وغير ذلك فإنما يكون لترك واج ٍ‬
‫حت ّممى‬ ‫ن َ‬‫من ُممو َ‬ ‫من ذلك المسمى ومن هذا قوله تعالى }َفل وََرب ّم َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ما قَ َ‬
‫ضي ْ َ‬ ‫م ّ‬‫حَرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫سه ِ ْ‬
‫دوا ِفي أن ُْف ِ‬ ‫ج ُ‬
‫م ل يَ ِ‬‫م ثُ ّ‬
‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫ش َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫يُ َ‬
‫سِليمًا{ فلما نفى اليمان حتى توجد هذه الغايممة دل علممى‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫وَي ُ َ‬
‫أن هذه الغاية فرض على الناس‪ ،‬فمن تركها كممان مممن أهممل الوعيممد‬
‫… ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ :‬فمن لم يلتزم تحكيم اللممه ورسمموله فيممما شممجر‬
‫بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه ل يؤمن‪ ،‬وأما من كان ملتزما ً لحكم‬
‫الله ورسوله باطنا ً وظمماهرًا‪ ،‬لكممن عصممى واتبممع هممواه‪ ،‬فهممذا بمنزلممة‬
‫ن‪ {...‬مما يحتج بها‬ ‫مُنو َ‬ ‫أمثاله من العصاة‪ .‬وهذه الية }َفل وََرب ّ َ‬
‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫الخوارج على تكفير ولة المر الذين ل يحكمون بممما أنممزل اللممه‪ ،‬ثممم‬
‫يزعمون أن اعتقادهم هو حكممم اللممه‪ .‬وقممد تكلممم النمماس بممما يطممول‬
‫ذكره هنا‪ ،‬وما ذكرته يدل عليه سياق الية‪ .‬ا‪ .‬هم[‪.‬‬
‫ن اليمان المنفي في الية هو كماله الممواجب ل‬ ‫ن زعم المؤلف أ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫أصله يرد عليه‪:‬‬
‫قول ابن حزم رحمه الله تعالى فممي الفصممل )‪ (3/293‬عممن هممذه‬
‫الية‪” :‬فهذا هو النص الذي ل يحتمل تأويل ً ول جاء نممص يخرجممه عممن‬

‫)‪(160‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل‪ ،‬ول جاء برهان بتخصيصه في بعض وجوه اليمان“ اهم‪.‬‬ ‫ظاهره أص ً‬
‫ويقول الجصاص في )أحكام القرآن( عن هذه اليممة بعممد أن ذكممر‬
‫بعض معاني الحرج ومنها الضيق أو الشممك‪” :‬وفممي هممذه اليممة دللممة‬
‫على أن من رد شيئا ً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم فهو خارج من السمملم سممواء رده مممن جهممة الشممك‪ ..‬أو‬
‫ترك القبول والمتناع من التسليم‪..‬‬
‫وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتممداد مممن‬
‫امتنع عن أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهممم‪ ،‬لن اللممه تعممالى حكممم‬
‫بأن من لمم يسملم للنمبي صملى اللمه عليمه وسملم فليمس مممن أهمل‬
‫اليمان“ اهم‪.‬‬
‫صل( عممن اليممة ذاتهمما )‪” :(3/235‬فنممص‬ ‫ويقول ابن حزم في )الِف َ‬
‫تعالى وأقسم بنفسه أنه ل يكون مؤمنا ً إل بتحكيم النممبي صمملى اللممه‬
‫ن‪ ،‬ثم يسلم بقلبه ول يجد في نفسه حرجمما ً‬ ‫عليه وسلم في كل ما عَ ّ‬
‫مما قضى‪ ،‬فصح أن التحكيم شيء غيممر التسممليم بممالقلب‪ ،‬وأنممه هممو‬
‫اليمان الذي ل إيمان لمن لم يأت به“ اهم‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم رحمه الله‪ ":‬أن من تولى عن طاعة الرسممول‬
‫وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن وأن المؤمن هو‬
‫الذي يقول‪)) :‬سمعنا وأطعنا(( فإذا كان النفاق يثبت ويممزول اليمممان‬
‫بمجرد العراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيممره مممع أن‬
‫ك محض وقد يكون سببه قوة الشهوة "‪] .‬الصارم‪.[69 :‬‬ ‫هذا تر ٌ‬
‫وأما ما ذكره من الدلة على أن المراد بالنفي كماله الواجب‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إن من المقرر شرعا ً أن ما ثبت حكمه بالدلممة الصممحيحة‬
‫م جمماءت حادثممة محتملمة تخمالف الصممل‪ ،‬فإنهمما ل تغيمر‬ ‫الصمريحة‪ ،‬ثم ّ‬
‫الحكم‪ ،‬ويسميها العلماء بحادثة عيممن‪ ،‬أو قضممية عيممن‪ ،‬وهممي ل تغيممر‬
‫ل عليها حكم‪.‬‬ ‫ص ُ‬
‫الصل ول يتأ ّ‬
‫ولها أمثلة من الشرع منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن محمد بن مسلمة رضي الله عنممه أذن لممه النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم في النيل منه والكلم عليه حتى يصل إلى الطاغية كعب‬
‫بن الشرف ويقتله‪ ،‬ومعلوم أن سب النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫والنيل منه كفر‪ ،‬ولكن النبي صلى الله عليه وسمملم أذن لمحمممد بممن‬
‫مسلمة وتنازل عن حقه في هذه القضية لقتممل اليهممودي الممذي كممان‬

‫)‪(161‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فل يصممح أن يممأتي أحممد بعممد هممذا‬
‫ويسب النبي صلى الله عليه وسلم ليصل إلى قتممل كممافر‪ ،‬لن الول‬
‫أذن له النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لغيره‪ ،‬وليممس لحممد أن‬
‫يتنازل عن حق النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‪ ،‬فل يقماس عليهما ول‬
‫يؤخذ منها أصل لنهمما حادثممة عيممن لهمما حكممم خمماص‪ ،‬ونحممن نتمسممك‬
‫بالصل وهو أن سب النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم مممن غيممر إكممراه‬
‫كفر‪.‬‬
‫والمثلة التي ذكرها المؤلممف هممي مممن حمموادث العيممان وتوضمميح‬
‫ذلك‪:‬‬
‫المثال الول‪ /‬قصة النصاري البدري الذي حكم النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم بينه وبين الزبير‪ ،‬فقال النصاري‪ :‬أن كان ابن عمتك‪.‬‬
‫ن الذي يتهم النبي صلى الله عليه وسلم فممي‬ ‫من المعلوم عندنا أ ّ‬
‫ن ذلك طعن في صدقه وأمانته‪ ،‬فلو‬ ‫حكمه بالمحاباة وغيرها يكفر‪ ،‬ل ّ‬
‫جاء أحد الن وقال إن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم قممد حممابى ابممن‬
‫عمته الزبير بن العوام في الحكم فإنا نحكم بكفره لنممه اتهممم النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في حكمه وهذا كفر‪ ،‬ولكن لما حصل هذا مممع‬
‫م النممبي صملى اللمه عليممه وسمملم‬ ‫النبي صلى اللمه عليممه وسمملم وعلم َ‬
‫بالوحي والقرائن صحة إيمان النصاري وأنها كانت فلتممة مممن لسممانه‬
‫وكان الخطأ بالطعن في حكمه متعلق بحممق النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم تنازل عن حقه صلى الله عليه وسلم كيف ل وهو الذي أوصى‬
‫بالنصار خيرا ً أن ُيقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم‪ ،‬ولكممن بعممد‬
‫موت النبي صلى الله عليه وسمملم ليممس لحممد أن يتنممازل عممن حقممه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬ومثل هذا ُيقال فممي قصمة النصممار فمي غمزوة‬
‫حنين حين صدر منهم ما صدر‪.‬‬
‫قال في التحرير والتنوير‪ :‬وليس هذا النصمماري بمنممافق ول شماك‬
‫ف لخيممرة مممن‬ ‫فممي الرسممول فممإنهم وصممفوه بالنصمماري وهممو وصمم ٌ‬
‫المؤمنين وما وصفوه بالمنافق ولكنه جهل وغفل فعفمما عنممه رسممول‬
‫الله ولم يستتبه‪.‬‬
‫قال ابن العربي في الحكام ‪ :5/267‬كل من اتهم رسول الله ‪ρ‬‬
‫في الحكم فهو كافر‪ ،‬لكن النصاري زل زلممة فممأعرض عنممه النممبي ‪ρ‬‬
‫وأقال عثرته لعلمه بصحة يقينه‪ ،‬وأنها كانت فلتة‪ ،‬وليست لح مدٍ بعممد‬

‫)‪(162‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫النبي ‪ .ρ‬اهم‬
‫المثال الثاني‪ /‬وهي قصة الذي اعممترض علممى حكممم النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم في الحكم‪ ،‬وقال‪:‬يا رسول الله اتق الله‪ ،‬وفي رواية‬
‫قال‪ :‬يا محمد اعدل‪.‬‬
‫فهذا العتراض على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في الصل‬
‫كفر أكبر‪ ،‬ولكن لما كان حقا ً له عليه الصلة والسلم عفمما عنممه ولممه‬
‫أن يعفو عن حقه‪ ،‬ولكن الصل هو كفر مممن اتهممم النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم في حكمه كما مّر قول ابن العربي رحمه الله‪ ،‬ولو قممال‬
‫هذا أحد بعد موت رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم واتهممه بعمدم‬
‫العدل فإنه يكفر بإجماع أهل السنة‪ ،‬وبالتالي فل يؤخذ من مثل هممذه‬
‫القضايا أصل شرعي لنها قضايا أعيان‪ ،‬والواجب الرجوع إلى الصل‬
‫وهو كفر من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو اتهمه في حكمه‪.‬‬
‫وأما قول المؤلف]وجه الدللة‪ :‬أن هذا الرجل اعترض على حكم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرض بممه ويس مّلم‪ ،‬ووجممد فممي‬
‫حَرجا ً ولم يكّفره الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وامتنممع عممن‬ ‫نفسه َ‬
‫قتله خشية أن يكون مصليا ً ولو كان واقعا ً في أممرٍ كفريّ لممم تنفعممه‬
‫صلته لن الشرك والكفر الكبرين يحبطان العمال‪ ،‬فل تنفع الصلة‬
‫معهما[‬
‫هذا قول باطل‪ ،‬بل وقع المعترض في أمر كفري صريح ولكن لما‬
‫كان الكفر الذي وقع فيه متعلق بحق النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫تجاوز عليه الصلة والسلم عن حقه‪.‬‬
‫وأما الستدلل على عدم كفره لكونه يصلي فل يصممح؛ لن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم امتنع عن قتله حمايمة لسممعة المدعوة وليممس‬
‫لكونه لم يكفر‪ ،‬فإنه لما كممان يصمملي كممان يظهممر السمملم ولممو قتلممه‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لتحدث الناس أن محمممدا ً يقتممل أصممحابه‬
‫وكان النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أحممرص ممما يكممون علممى تممأليف‬
‫القلمموب وتحممبيب الممدعوة للنمماس والممذي يممدل علممى ذلممك ممما رواه‬
‫البخاري ومسلم عندما قال رأس المنافقين‪ :‬لئن رجعنا إلى المدينممة‬
‫ليخرجن العز منها الذل‪.‬‬
‫قال عمر دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق‪ ،‬فقال لممه‬
‫عليممه الصمملة والسمملم‪) :‬دعممه ل يتحممدث النمماس أن محمممدا ً يقتممل‬

‫)‪(163‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أصحابه(‪ ،‬فهذا قد قال كلمة الكفر وظهر نفاقه ومع ذلك امتنع النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عن قتله حماية لسمعة الدعوة‪.‬‬
‫وأيضا ً مما يوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنممع عممن قتممل‬
‫من علم كفره ونفاقه لكونه يؤدي الصلة ل لكونه لم يكفممر ممما رواه‬
‫المام مالك في الموطأ والشافعي في مسنده عن عبيد الله بن عبد‬
‫الله بن الخيار أن عبد الله بن عدي بممن الحمممراء حممدثه أن رجل ً مممن‬
‫النصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فممي مجلممس‬
‫ساّره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين‪ ،‬فقممال لممه رسممول اللممه‬ ‫يُ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬أليس يشهد أل إله إل الله؟( قال النصمماري‪:‬‬
‫بلى ول شهادة له‪ .‬قال‪) :‬أليس يشهد أن محمدا ً رسول اللممه؟( قممال‬
‫النصاري‪ :‬بلى ول شهادة له‪ .‬قال‪) :‬أليس يصمملي؟( قممال النصمماري‪:‬‬
‫بلى ول صلة له‪ .‬فقال عليممه الصمملة والسمملم‪) :‬أولئك الممذين نهمماني‬
‫الله عن قتلهم(‪.‬‬
‫تأمل هذا الحديث‪ :‬فإن النمبي صملى اللمه عليمه وسملم مقمّر بمأنه‬
‫منافق وذلك بسكوته عند قول النصاري‪ :‬بلى ول شهادة له‪ ،‬بلى ول‬
‫صلة له‪.‬‬
‫وأيضا ً قول الراوي في صدر الحديث‪:‬يستأذنه في قتل رجل مممن‬
‫المنافقين‪ ،‬فدل على أن نفاقه كان معلوما ً لدى الصحابة‪.‬‬
‫ولكن مع ذلك لم يقتلممه مممع إقممراره بكفممره ونفمماقه‪ ،‬لنممه مظهممر‬
‫للسلم وقتله ليس في صالح الدعوة‪ ،‬فترك قتله مع علمممه بكفممره‪،‬‬
‫ولم يقل للنصاري‪ :‬صلته تمنع من تكفيره‪.‬‬
‫وبالتالي تعلممم بطلن قممول المؤلممف]وامتنممع عممن قتلممه خشممية أن‬
‫يكون مصليا ً ولمو كمان واقعما ً فمي أممرٍ كفمريّ لمم تنفعمه صملته لن‬
‫الشرك والكفر الكبرين يحبطان العمال‪ ،‬فل تنفع الصلة معهما[‪.‬‬
‫فإن هذا المنافق قد طعممن فممي النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله ليممس لكممونه لممم يكفممر‬
‫ولكن لما كان يصلي خشي النبي صلى الله عليه وسلم على سمممعة‬
‫الدعوة فترك قتله ولو كان إتيانه بالصلة مانعا ً من تكفيره لممم ُيعلممل‬
‫ن محمممدا ً‬‫دث النمماس أ ّ‬‫النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتله لئل يتح ّ‬
‫يقتل أصحابه لنه لو كان مسلما ً لممبين ذلممك النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫ن العلممة‬‫ن إسلمه هو الممذي منممع مممن قتلممه‪ ،‬خاصممة وأ ّ‬ ‫وسلم ولبين أ ّ‬

‫)‪(164‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الممتي ذكرهمما النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم تممزول بظهممور السمملم‬
‫وانتشاره‪ ،‬ولو كان إتيانه بالصلة مانعا ً من تكفيره لممرد النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم على النصاري قوله‪ :‬ول شهادة له ول صلة له؛ فإن‬
‫هذه ألفاظ دالة على التكفير‪ ،‬فلما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ل على أن المر ليممس لكممونه لممم يكفممر‬ ‫عن قتله مع إقراره بكفره د ّ‬
‫ولكن لكونه يظهر السلم والمصلحة في عدم قتله‪.‬‬
‫وأما قول المؤلف]وأيضا ً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر‬
‫كفري عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خالدا ً أراد أن يحيلممه‬
‫على أمر كفري خفي في القلب فلم يرتض هممذا رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم ولو كان قوله كفرا ً لتمسك به خالد بن الوليممد ولممما‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إني لممم أؤمممر أن أنقممب عممن‬
‫قلوب الناس‪ " ..‬لن هذا القول ‪-‬المدعى أنه مكفر ‪ -‬قممد ظهممر منممه‪،‬‬
‫ومما يوضح أن هذه الكلمة ليست كفرا ً أنه ثبت في الصحيحين عممن‬
‫عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسمملم جئنممه يناشممدنه العممدل‬
‫في بنت أبي قحافة‪ ،‬ولم يكن هذا منهن كفرًا‪[.‬‬
‫قول باطل من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن من اتهم النبي صلى الله عليه وسلم فممي حكمممه يكفممر‬
‫هذا هو الصل‪ ،‬ولكن لما كان كفره في أمر يتعلق بحق للنبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم عفا النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم عممن حقممه ولممم‬
‫يكفره‪ ،‬ولكن بعد موته ليس لحد أن يعفو عن حق النبي صملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫قال ابن العربي في الحكام ‪ :5/267‬كل من اتهم رسول الله ‪ρ‬‬
‫في الحكم فهو كافر‪ ،‬لكن النصاري زل زلممة فممأعرض عنممه النممبي ‪ρ‬‬
‫وأقال عثرته لعلمه بصحة يقينه‪ ،‬وأنها كانت فلتة‪ ،‬وليست لح مدٍ بعممد‬
‫النبي ‪ .ρ‬اهم‬
‫الثاني‪/‬أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم امتنممع عممن قتلممه حمايممة‬
‫لسمعة الدعوة‪ ،‬كما مّر في الرد السابق‪.‬‬
‫الثالث‪ /‬أن النبي صلى الله عليه وسلم لممم يتهممم خالممدا ً بالتسممرع‬
‫في التكفير‪ ،‬ولم يقل لخالد إنه لم َيكُفر‪ ،‬ولكنه بين لخالد أنه مممأمور‬
‫أن يأخذ الناس بالظاهر‪ ،‬ولو كان الرجل لممم يكفممر لممبين ذلممك النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لخالد كما بين ذلممك فممي شممارب الخمممر حيممن‬

‫)‪(165‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال‪) :‬إنه يحب الله ورسوله( وكما بين في قصة حاطب حيممن قممال‪:‬‬
‫)صدقكم فاتركوه(‪.‬‬
‫وأما قول المؤلف‪]:‬ومما يوضح أن هذه الكلمممة ليسممت كفممرا ً أنممه‬
‫ثبت فممي الصممحيحين عممن عائشممة أن أزواج النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبي قحافة‪ ،‬ولم يكن هممذا منهممن‬
‫كفرًا‪[ .‬‬
‫هذا من أعظم الخلط‪ ،‬فإن نساء النبي صلى الله عليه وسملم لمم‬
‫تكن مناشدتهن العدل من النبي صلى الله عليممه وسمملم فممي عائشممة‬
‫من الطعن في عدله‪ ،‬فإنهن بل شك يعلمن عدله بينهن في القسمممة‬
‫ن رضي الله عنهن يغرن من شدة حب النبي صلى‬ ‫والمبيت‪ ،‬ولكن ك ّ‬
‫الله عليه وسلم لعائشة‪ ،‬وسألنه أن يعممدل بينهممن فممي المحبممة وهممذا‬
‫أمٌر ل يطاق لنه أمر جبلي فطممري قلممبي‪ ،‬والممذي كممان يحصممل فممي‬
‫ن مممن‬ ‫بيوت النبي صلى الله عليه وسلم من زوجاته رضي اللممه عنهم ّ‬
‫الغيرة والمراجعة وغير ذلك هو أمر ل تخلو منه بيوت الزوجيممة‪ ،‬وإن‬
‫ن‬‫كممان النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم معصمموما ً فممإن زوجمماته لس م َ‬
‫ة‬
‫ن مناشدة زوجاته إياه العممدل لممم يكممن تهمم ً‬ ‫معصومات‪ ،‬والحاصل أ ّ‬
‫في عدله ولكن كان سببه الغيرة علممى المحبممة القلبيممة وهممذا أممٌر ل‬
‫يؤاخذ عليه النسان بل ل يقدر أن يعدل فيه كما قممال تعممالى‪] :‬ولممن‬
‫تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‪{..‬‬
‫ولو قلنا جدل ً إنه كان مخالفما ً للدب مممع رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فإنه حقٌ له عليه الصلة والسلم وله أن يعفو عنه‪.‬‬
‫وتأمل أخي الموحد ما سأورده من كلم شيخ السمملم ابممن تيميممة‬
‫وتلميذه ابن القيم تتضح لك المسألة‪:‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬الجواب الرابممع‪ :‬أن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم كان له أن يعفو عمن شتمه وسبه فممي حيمماته‬
‫وليس للمة أن تعفوا عن ذلك‪ ،‬يوضح ذلك أنه ل خلف أن من سممب‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه بعممد ممموته مممن المسمملمين كممان‬
‫كافرا حلل الدم‪ ،‬وكذلك من سب نبيا من النبياء ومع هذا فقد قممال‬
‫الله تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تكونوا كالممذين آذوا موسممى فممبرأه‬
‫الله مما قالوا{ ]الحزاب‪[69 :‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬و إذ قال موسى لقممومه‪:‬يمما قمموم لممم تممؤذونني وقممد‬

‫)‪(166‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تعلمون أنممي رسممول اللممه إليكممم{ ]الصممف‪ [5 :‬فكممان بنممو إسممرائيل‬
‫يؤذون موسى في حياته بما لو قاله اليوم أحد من المسمملمين وجممب‬
‫قتله ولم يقتلهم موسمى عليمه السملم وكمان نبينما صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم يقتدي به في ذلك فربما سمع أذاه أو بلغه فل يعاقب المؤذي‬
‫على ذلك قال الله تعالى‪} :‬و منهم الذين يؤذون النبي ويقولممون هممو‬
‫أذن{ اليممة ]التوبممة‪ [61 :‬وقممال تعممالى‪} :‬و منهممم مممن يلمممزك فممي‬
‫الصممدقات فممإن أعطمموا منهمما رضمموا وإن لممم يعطمموا منهمما إذا هممم‬
‫يسخطون{ ]التوبة‪[58 :‬‬
‫و عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال‪ :‬بينا النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يقسم إذ جاء عبد اللممه بممن ذي الخويصممرة التميمممي‬
‫فقال‪ :‬أعدل يا رسول الله قال‪] :‬ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟[ قال‬
‫عمر بن الخطاب‪ :‬دعني أضرب عنقممه قممال‪] :‬دعممه فممإن لممه أصممحابا‬
‫يحقر صلته مع صلتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الممدين كممما‬
‫يمرق السهم من الرمية[ وذكر الحممديث وفيممه نزلممت }و منهممم مممن‬
‫يلمزك في الصدقات{ ]التوبة‪[58 :‬‬
‫هكذا رواه البخاري وغيره من حديث معمر عن الزهري وأخرجمماه‬
‫فممي الصممحيحين مممن وجمموه أخممرى عممن الزهممري عممن أبممي سمملمة‬
‫والضحاك الهمداني عن أبي سعيد قال‪ :‬بينا نحن جلمموس عنممد النممبي‬
‫صلى الله عليه وسملم وهمو يقسمم قسمما أتماه ذو الخويصمرة ‪-‬وهمو‬
‫رجل من تميم‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول الله أعدل فقال رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪] :‬ويلك! من يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبممت وخسممرت‬
‫إن لم أعدل[ فقال عمر بن الخطاب‪ :‬ائذن لممي فيممه فأضممرب عنقممه‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪] :‬دعه فإن له أصممحابا يحقممر‬
‫أحدكم صلته مع صلتهم وصيامه مع صيامهم[ وذكر حديث الخمموارج‬
‫المشهور ولم يذكر نزول الية‪.‬‬
‫و في الصحيحين أيضا من حديث عبد الرحمن بممن أبممي نعممم عممن‬
‫أبي سعيد قال‪ :‬بعث علي رضممي اللممه عنممه وهممو بمماليمن إلممى النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم بذهيبممة فممي تربتهمما فقسمممها بيممن أربعممة نفممر‬
‫وفيه‪ :‬فغضممبت قريممش والنصممار وقممالوا‪ :‬يعطممي صممناديد أهممل نجممد‬
‫ويدعنا فقال‪ :‬إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين ناتئ الجبين كممث‬
‫اللحية مشرف الوجنتين محلوق الممرأس فقممال‪ :‬يمما محمممد اتممق اللممه‬
‫قمال‪] :‬فممن يطمع اللمه إذا عصمميته؟ أفيممأمنني علممى أهممل الرض ول‬
‫)‪(167‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تأمنوني[ فسأل رجل من القوم قتله أراه خالد بن الوليد فمنعه فلما‬
‫ولممى قممال‪] :‬إن مممن ضئضممئ هممذا قوممما يقممرؤون القممرآن ل يجمماوز‬
‫حناجرهم[ وذكر الحديث في صفة الخوارج وفي آخره ]يقتلون أهممل‬
‫السلم ويدعون أهل الوثان لئن أدركتهم لقتلنهم قتل عاد[‬
‫و في رواية لمسلم‪] :‬أل تأمنوني وأن أمين من في السماء يأتيني‬
‫خبر السماء صباحا ومساء[ وفيها فقال‪ :‬يا رسول الله اتق الله فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪] :‬ويلك! أو ليست أحممق أهممل الرض أن‬
‫يتقي الله؟[ قال‪ :‬ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد‪ :‬يا رسول الله‬
‫أل أضرب عنقه فقال‪] :‬ل لعله أن يكون يصلي[ قال خالد بن الوليد‪:‬‬
‫وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فممي قلبممه؟ فقممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪] :‬إني لم أومر أن أنقب عن قلمموب النمماس ول‬
‫أشق بطونهم[‬
‫و في رواية في الصحيح‪ :‬فقام إليه عمممر بممن الخطمماب فقممال‪ :‬يمما‬
‫رسول الله أل أضرب عنقه؟ قال‪] :‬ل[ فقممام إليممه خالممد سمميف اللممه‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله أل أضرب عنقه؟ قال‪] :‬ل[ فهذا الرجل الذي قد‬
‫نص القممرآن أنممه مممن المنممافقين بقمموله‪} :‬و منهممم مممن يلمممزك فممي‬
‫الصدقات{ ]التوبة‪ [58 :‬أي يعيبك ويطعن عليك وقوله للنممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬اعدل واتق الله بعد ما خممص بالمممال أولئك الربعممة‬
‫نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه جار ولممم يتممق اللممه ولهممذا‬
‫قال النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪] :‬أو لسممت أحممق أهممل الرض أن‬
‫يتقي الله؟ أل تأمنني وأنا أمين من في السماء؟[‬
‫و مثل هذا الكلم ل ريب أنممه يمموجب القتممل لممو قمماله اليمموم أحممد‪،‬‬
‫وإنما لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم لنممه كممان يظهممر السمملم‬
‫وهو الصلة التي يقاتل النمماس حممتى يفعلوهمما وإنممما كممان نفمماقه بممما‬
‫يخص النبي صلى الله عليه وسلم من الذى وكان لممه أن يعفممو عنممه‬
‫وكان يعفو عنهم تأليفا للقلوب لئل يتحممدث النمماس أن محمممدا يقتممل‬
‫أصحابه وقد جاء ذلك مفسرا في هذه القصة أو في مثلها‪.‬‬
‫فروى مسلم في صحيحه عن أبي الزبيممر عممن جممابر رضممي اللممه‬
‫عنه قال‪ :‬أتى رجل بالجعرانة منصممرفة مممن حنيممن ‪-‬وفممي ثمموب بلل‬
‫فضة ورسول الله صلى الله عليه وسمملم يقبممض منهمما ويعطممي منهمما‬
‫الناس‪ -‬فقال‪ :‬يمما محمممد اعممدل فقممال‪] :‬ويحممك! ومممن يعممدل إذا لممم‬
‫أعممدل؟ لقممد خبممت وخسممرت إن لممم أكممن أعممدل[ فقممال عمممر بممن‬
‫)‪(168‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الخطاب‪ :‬دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنممافق فقممال صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪] :‬معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصممحابي إن هممذا‬
‫وأصحابه يقرؤون القرآن ل يجاوز حناجرهم يمرقون منه كممما يمممرق‬
‫السهم من الرمية[ وروى البخاري مثله عن عمممرو عممن جممابر رضممي‬
‫الله عنهما‪ :‬بينما رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم يقسممم غنيمممة‬
‫بالجعرانة إذا قال له رجل‪ :‬اعدل فقال‪] :‬لقد شقيت إن لم أعدل[‬
‫و جاء من كلمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما هممو أغلممظ‬
‫من هذا قال ابن إسحاق في رواية ابن بكير عنه‪ :‬حممدثني أبممو عبيممدة‬
‫بن محمد بن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبممد اللممه‬
‫بن الحارث قال‪ :‬خرجت أنا وتليد بن كلب الليثي فلقينا عبد الله بممن‬
‫عمرو بن العاص يطوف بالكعبة معلقا نعليه في يديه فقلنمما لممه‪ :‬هممل‬
‫حضرت رسمول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم وعنمده ذو الخويصمرة‬
‫التميمممي يكلمممه؟ قممال‪ :‬نعممم ثممم حممدثنا فقممال‪ :‬أتممى ذو الخويصممرة‬
‫التميمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم المغانم بحنين‬
‫فقال‪ :‬يا محمد قد رأيت ما صنعت قال‪] :‬فكيف رأيممت؟[ فقممال‪ :‬لممم‬
‫أرك عدلت فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‪] :‬إذا لممم‬
‫يكن العدل عندي فعند من يكممون؟[ فقممال عمممر‪ :‬يمما رسممول اللممه أل‬
‫أقوم إليه فأضرب عنقه فقال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫]دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الممدين حممتى يمرقممون منممه‬
‫كما يمرق السهم من الرمية[ وذكر تمام الحديث‪.‬‬
‫ومن هذا الباب ما خرجاه في الصحيحين عن أبي وائل عممن عبممد‬
‫الله قال‪ :‬لما كان يوم حنين آثر رسول الله صملى اللممه عليممه وسملم‬
‫ناسمما فممي القسمممة فممأعطى القممرع بممن حممابس مممائة مممن البممل ن‬
‫وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك وأعطى ناسا من أشممراف العممرب‬
‫وآثرهم يومئذ في القسمة فقال رجل‪ :‬والله إن هذه لقسمة ما عدل‬
‫فيها وما أريد بها وجه اللممه قممال‪ :‬فقلممت واللممه لخممبرن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬فأتيته فأخبرته بما قال فتغير وجهه صلى‬
‫الله عليه وسلم حتى كممان كالصمموف ثممم قممال‪] :‬فمممن يعممدل إذا لممم‬
‫يعدل الله ورسوله؟ ثم قال‪ :‬يرحم الله موسى قممد أوذي بممأكثر مممن‬
‫هذا فصبر[ قال‪ :‬فقلت ل جرم ل أرفع بعدها حديثا‬
‫وفي رواية البخاري قال رجل من النصار‪ :‬ما أراد بهمما وجمه اللمه‬
‫وذكر الواقدي أن المتكلم بهذا كان ]معتب بممن قشممير[ وهممو معممدود‬
‫)‪(169‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من المنافقين‪،‬فهذا الكلم مما يوجب القتل بالتفاق لنه جعل النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ظالما مرائيا وقد صرح النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم بأن هذا من أذى المرسمملين ثممم اقتممدى فممي العفممو عممن ذلممك‬
‫بموسى عليه السلم ولم يستتب لن القول لم يثبت فإنه لم يراجممع‬
‫القائل ول تكلم في ذلك بشيء‪.‬‬
‫ومن ذلك قول النصاري الذي حاكم الزبير في شراج الحرة لممما‬
‫قال له صلى الله عليه وسلم‪] :‬اسق يا زبيمر ثممم سمرح إلمى جمارك[‬
‫فقال‪ :‬أن كان ابن عمتك؟‬
‫ولهذا نظائر في الحديث إذا تتبعت مثل الحممديث المعممروف عممن‬
‫بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن أخاه أتى النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فقال‪ :‬جيراني على ماذا أخذوا فأعرض عنه النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬إن الناس يزعمون أنك تنهى عن الغي وتسممتخلي‬
‫به فقال‪] :‬لئن كنت أفعل ذلممك إنممه لعلممي وممما هممو عليهممم خلمموا لممه‬
‫جيرانه[ رواه أبو داود بإسناد صحيح‬
‫فهذا وإن كان قد حكممى هممذا القممذف عممن غيممره فإنممما قصممد بممه‬
‫انتقاصه وإيذاءه بذلك ولم يحكه على وجه الرد على من قمماله وهممذا‬
‫من أنواع السب‪.‬‬
‫ومثل حديث ابن إسحاق عن هشام عممن أبيممه عممن عائشمة قمال‪:‬‬
‫ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسمملم جممزورا مممن أعرابممي بوسممق‬
‫من تمر الذخيرة فجاء به إلى منزلة فالتمس التمممر فلممم يجممده فممي‬
‫البيت قال‪ :‬فخرج إلى العرابي فقال‪] :‬يما عبمد اللمه إنما ابتعنما منمك‬
‫جزورك هذا بوسق من تمر الذخيرة ونحن نرى أنه عندنا فلم نجممده[‬
‫فقال العرابي‪ :‬واعذراه واعذراه فوكزه الناس وقالوا‪ :‬لرسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم تقول هذا؟ فقال رسول الله صملى اللمه عليممه‬
‫وسلم‪] :‬دعوه[ رواه ابن أبي عاصم وابن حبان في الدلئل‬
‫فهذا الباب كله مما يوجب القتممل ويكممون بممه الرجممل كممافرا حلل‬
‫الدم كان النبي صملى اللمه عليممه وسملم وغيمره ممن النبيمماء يعفممون‬
‫ويصفحون عمن قاله امتثال لقوله تعالى‪} :‬خذ العفممو وأمممر بممالعرف‬
‫وأعممرض عممن الجمماهلين{ ]العممراف‪ [199 :‬وكقمموله تعممالى‪} :‬ادفممع‬
‫بممالتي هممي أحسممن{ ]المممؤمنين‪ [96 :‬وقمموله تعممالى‪} :‬و ل تسممتوي‬
‫الحسنة ول السيئة ادفممع بممالتي هممي أحسممن فممإذا الممذي بينممك وبينممه‬

‫)‪(170‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إل الذين صممبروا وممما يلقاهمما إل ذو‬
‫حظ عظيم{ ]فصلت‪ [35 :‬وكقوله تعممالى‪} :‬و لممو كنممت فظما غليممظ‬
‫القلب ل نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فممي‬
‫المممر{ ]آل عمممران‪ [159 :‬وكقمموله تعممالى‪} :‬و ل تطممع الكممافرين‬
‫والمنافقين ودع أذاهم{ ]الحزاب‪[48 :‬‬
‫و ذلك لن درجممة الحلمم والصمبر علممى الذى والعفمو عمن الظلمم‬
‫أفضل أخلق أهل الدنيا والخرة يبلغ الرجل بها ممما ل يبلغممه بالصمميام‬
‫والقيام قال تعالى‪} :‬و الكاظمين الغيظ والعافين عممن النمماس واللممه‬
‫يحب المحسنين{ ]آل عمران‪ [134 :‬وقممال تعممالى‪} :‬و جممزاء سمميئة‬
‫سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله{ ]الشورى‪ [40 :‬وقال‬
‫تعالى‪} :‬إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عممن سمموء فممإن اللممه كممان‬
‫عفوا قممديرا{ ]النسمماء‪ [149 :‬وقممال تعممالى‪} :‬و إن عمماقبتم فعمماقبوا‬
‫بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين{ ]النحل‪[126 :‬‬
‫والحاديث فممي هممذا البمماب كممثيرة مشممهورة ثممم إن النبيمماء أحممق‬
‫الناس بهذه الدرجة لفضلهم وأحوج النمماس إليهمما لممما ابتلمموا بممه مممن‬
‫دعوة الناس ومعالجتهم وتغيير ما كانوا عليه من العممادات وهممو أمممر‬
‫لم يأت به أحد إل عودي فالكلم الذي يؤذيهم يكفر به الرجل فيصير‬
‫بمه محاربمما إن كمان ذا عهممد ومرتممدا أو منافقمما إن كمان ممممن يظهممر‬
‫السلم‪،‬ووسع عليهم ذلك لما فيه من حق الدمي تغليبا لحق الدمي‬
‫على حق الله كما جعل لمستحق القممود وحممد القممذف أن يعفممو عممن‬
‫القاتل والقاذف وهم أولى لما في جممواز عفممو النبيمماء ونحمموهم مممن‬
‫المصالح العظيمة المتعلقة بالنبي وبالمة وبالدين وهممذا معنممى قممول‬
‫عائشة رضي الله عنها‪] :‬ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بيده خادما ول امرأة ول دابة ول شيئا قممط إل أن يجاهممد فممي سممبيل‬
‫الله ول انتقم لنفسه قط[ وفي لفظ‪] :‬ما نيل منه شيء فانتقمه من‬
‫صاحبه إل أن تنتهك محارم اللمه فممإذا انتهكممت محمارم اللمه لمم يقممم‬
‫لغضبه شيء حتى ينتقم‪.‬‬
‫ومعلوم أن النيل منه أعظم من انتهاك المحارم لكممن لممما دخممل‬
‫فيها حقه كان المر إليممه فممي العفممو أو النتقممام فكممان يختممار العفممو‬
‫وربما أمر بالقتل إذا رأى المصلحة في ذلك بخلف ما ل حق له فيممه‬
‫من زنا أو سرقة أو ظلم لغيره فإنه يجب عليه القيام به‬
‫وقممد كممان أصممحابه إذا رأوا مممن يممؤذيه أرادوا قتلممه لعلمهممم بممأنه‬
‫)‪(171‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يستحق القتل فيعفو هو عنه صمملى اللممه عليممه وسمملم وبيممن لهممم أن‬
‫عفوه أصلح مع إقراره لهم على جواز قتله ولو قتله قاتل قبممل عفممو‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم لممم يعممرض لممه النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم لعلمه بأنه قد انتصر لله ورسوله بل يحمده علممى ذلمك ويثنمي‬
‫عليه كما قتل عمر رضي اللممه عنممه الرجممل الممذي لممم يممرض بحكمممه‬
‫وكما قتل رجل بنت مروان وآخر اليهودية السممابة فممإذا تعممذر عفمموه‬
‫بممموته صمملى اللممه عليممه وسمملم بقممي حقمما محضمما للممه ولرسمموله‬
‫وللمؤمنين لم يعف عنه مستحقه فيجب إقامته‪ ،‬ويبين ذلممك ممما روى‬
‫إبراهيم بن الحكم بن أبان‪ :‬حدثني أبي عن عكرمة عممن أبممي هريممرة‬
‫رضي الله عنه أن أعرابيمما جمماء إلممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يسممتعينه فممي شمميء فأعطمماه شمميئا ثممم قممال‪ :‬أحسممنت إليممك؟ قممال‬
‫العرابي‪ :‬ل ول أجملت قال‪ :‬فغضب المسلمون وقاموا إليممه فأشممار‬
‫إليهم أن كفوا ثم قام فدخل منزله ثم أرسممل إلممى العرابممي فممدعاه‬
‫إلى البيت يعني فأعطاه فرضي فقال‪ :‬إنك جئتنا فسممألتنا فأعطينمماك‬
‫فقلت ما قلت وفي أنفس المسملمين شميء مممن ذلمك فمإن أحببمت‬
‫فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي يذهب من صدورهم ما فيها عليممك‬
‫قال‪ :‬نعم فلما كان الغد أو العشي جاء قال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ :‬إن صاحبكم جاء فسممألنا فأعطينمماه فقممال ممما قممال وإنمما‬
‫دعونمماه إلممى الممبيت فأعطينمماه فزعممم أنممه قممد رضممي أكممذلك؟ قممال‬
‫العرابي‪ :‬نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا فقال النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم ]أل إن مثلي ومثل هذا العرابي كمثممل رجممل كممانت‬
‫له ناقة فشردت عليه فاتبعها النمماس فلممم يزيممدها إل نفممورا فنمماداهم‬
‫صاحب الناقة‪ :‬خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها فتوجه لها صاحب‬
‫الناقة بين يديها فأخذ لها من قمام الرض فجاءت فاسممتناخت فشممد‬
‫عليها رحلها واستوى عليها وإني لو تركتكم حين قال الرجل ممما قممال‬
‫فقتلتموه دخل النار‪.‬‬
‫بهذا يبين لك أن قتل ذلك الرجل لجل قوله ما قممال كممان جممائزا‬
‫قبل الستتابة وأنه صار كافرا بتلك الكلمة ولو ل ذلك لما كان يممدخل‬
‫النار إذا قتل على مجرد تلك الكلمة بل كان يدخل الجنة لنه مظلوم‬
‫شهيد وكان قاتله دخل النممار لنممه قتممل مؤمنمما متعمممدا ولكممان النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يبين أن قتله لم يحل لن سفك الدم بغير حق‬
‫من أكبر الكبائر وهذا العرابي كان مسمملما ولهممذا قممال رسممول اللمه‬
‫)‪(172‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صلى الله عليه وسلم في حقه لفظ ]صاحبكم[ ولهذا جاءه العرابي‬
‫يستعينه ولو كان كافرا محاربا لما جاء يستعينه في شمميء ولممو كممان‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أعطمماه ليسمملم لممذكر فممي الحممديث أنممه‬
‫أسلم فلما لم يجر للسلم ذكر دل علممى أنممه كممان ممممن دخممل فممي‬
‫السلم وفيه جفمماء العمراب ومممن دخمل فممي قمموله تعممالى‪} :‬فمإن‬
‫أعطوا منها رضوا وإن لم يعطمموا منهمما إذا هممم يسممخطون{ ]التوبممة‪:‬‬
‫‪[58‬‬
‫ومما يوضح ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفممو‬
‫عن المنافقين الذين ل يشك في نفاقهم حتى قال ]لو أعلم أنممي لممو‬
‫زدت على السبعين غفر له لزدت[ حتى نهاه الله عن الصلة عليهممم‬
‫والستغفار لهم وأمره بالغلظ عليهم فكممثير مممما كممان يحتملممه مممن‬
‫المنافقين من الكلم وما يعاملهم من الصفح والعفو والستغفار كان‬
‫قبل نزول براءة لما قيل لممه‪} :‬و ل تطممع الكممافرين والمنممافقين ودع‬
‫أذاهم{ ]الحممزاب‪ [48 :‬لحتيمماجه إذ ذاك إلممى اسممتعطافهم وخشممية‬
‫نفور العرب عنه إذا قتل أحدا ً منهم وقد صرح صلى الله عليه وسلم‬
‫لمما قممال ابمن أبمي‪} :‬لئن رجعنما إلمى المدينممة ليخرجمن العمز منهمما‬
‫الذل{ ]المنممافقين‪ [8 :‬ولممما قممال ذو الخويصممرة ]اعممدل فإنممك لممم‬
‫تعدل[ وعند غير هذه القصة‪] :‬إنما لم يقتلهم لئل يتحممدث النمماس أن‬
‫محمدا يقتل أصحابه[ فإن الناس ينظرون إلممى ظمماهر المممر فيممرون‬
‫واحدا من أصحابه قد قتل فيظن الظان أنه يقتل بعض أصحابه علممى‬
‫غرض أو حقد أو نحو ذلك فينفر الناس عن الدخول في السلم وإذا‬
‫كان من شريعته أن يتألف النمماس علممى السمملم بممالموال العظيمممة‬
‫ليقوم دين الله وتعلو كلمته فلن يتألفهم بالعفو أولى وأحرى‪.‬‬
‫فلما أنزل الله تعممالى بممراءة ونهمماه عممن الصمملة علممى المنممافقين‬
‫والقيام علممى قبممورهم وأمممره أن يجاهممد الكفممار والمنممافقين ويغلممظ‬
‫عليهم نسخ جميع ما كان المنافقون يعاملون به من العفو كما نسممخ‬
‫ما كان الكفار يعاملون به من الكف عمن سالم ولممم يبممق إل إقامممة‬
‫الحممدود وإعلء كلمممة اللممه فممي حممق كممل إنسممان‪ .‬أهممم ]الصممارم‬
‫المسلول‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[243‬‬
‫وقال المام بن القيم رحمه الله‪ :‬فإن قيممل‪ :‬فممالنبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لممم يقتممل عبممد اللممه بممن أبممي وقممد قممال لئن رجعنمما إلممى‬
‫المدينة ليخرجن العز منها الذل ولممم يقتممل ذا الخويصممرة التميمممي‬
‫)‪(173‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقد قال له‪ :‬اعدل فإنك لم تعدل ولم يقتممل مممن قممال لممه‪ :‬يقولممون‪:‬‬
‫إنك تنهمى عمن الغمي وتسممتخلي بمه ولمم يقتمل القمائل لمه‪ :‬إن هممذه‬
‫القسمة ما أريد بها وجه الله ولم يقتل من قال له لممما حكممم للزبيممر‬
‫بتقديمه في السقي‪ :‬أن كان ابن عمتك وغير هؤلء ممن كممان يبلغممه‬
‫عنهم أذى له وتنقص‪.‬‬
‫قيل‪ :‬الحق كان له فله أن يستوفيه وله أن يسقطه وليممس لمممن‬
‫بعده أن يسقط حقه كما أن الرب تعالى له أن يستوفي حقه وله أن‬
‫يسقط وليس لحد أن يسقط حقه تعالى بعد وجوبه كيف وقممد كممان‬
‫ذكر وغيرهم مصالح عظيمة في حيمماته زالممت بعممد‬ ‫في ترك قتل من ُ‬
‫موته من تأليف الناس وعدم تنفيرهم عنه فإنه لممو بلغهممم أنممه يقتممل‬
‫أصحابه لنفروا وقد أشمار إلى همذا بعينه وقال لعمر لمما أشمار عليمه‬
‫بقتل عبد الله بن أبي‪) :‬ل يبلغ الناس أن محمدا يقتل أصحابه(‬
‫ول ريب أن مصلحة هذا التأليف وجمع القلوب عليه كانت أعظممم‬
‫عنده وأحب إليه من المصلحة الحاصلة بقتممل مممن سممبه وآذاه ولهممذا‬
‫لما ظهرت مصلحة القتل وترجحت جدا قتل الساب كما فعل بكعممب‬
‫بن الشرف فإنه جاهر بالعداوة والسب فكان قتله أرجح مممن إبقممائه‬
‫وكذلك قتل ابن خطل ومقيممس والجمماريتين وأم ولممد العمممى فقتممل‬
‫للمصلحة الراجحة وكف للمصلحة الراجحة فإذا صار المر إلى نوابه‬
‫وخلفممائه لممم يكممن لهممم أن يسممقطوا حقممه‪ .‬اهممم]زاد المعمماد‪،‬ج ‪،3‬ص‬
‫‪.[385‬‬
‫وأما ما ذكره المؤلف من قول شيخ السلم ابن تيمية فهو حجممة‬
‫عليه‪ ،‬وأذكر أول ً قول شيخ السلم قال رحمه الله‪]:‬فمممن لممم يلممتزم‬
‫تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسممم اللممه بنفسممه أنممه ل‬
‫يؤمن‪ ،‬وأما من كان ملتزما ً لحكم الله ورسوله باطنا ً وظمماهرًا‪ ،‬لكممن‬
‫عصى واتبع هواه‪ ،‬فهذا بمنزلة أمثاله مممن العصمماة‪ .‬وهممذه اليمة }َفل‬
‫ن‪ {...‬مما يحتممج بهمما الخمموارج علممى تكفيممر ولة المممر‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫وََرب ّ َ‬
‫الذين ل يحكمون بما أنزل الله‪ ،‬ثم يزعمون أن اعتقممادهم هممو حكممم‬
‫الله‪ .‬وقد تكلم الناس بما يطممول ذكممره هنمما‪ ،‬وممما ذكرتممه يممدل عليممه‬
‫سياق الية[‪.‬‬
‫هل من يؤخر حكم الله ويقدم حكم غيره ويلزم الناس بالتحاكم‬
‫إلى غير حكم الله ملتزم لحكم الله ورسوله ظاهرا ً وباطنًا؟؟‬

‫)‪(174‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هل من يعلم أن الله أحكم الحاكمين وأن أحكامه أحسن الحكام‬
‫وأعدلها وأن الحكم بها واجب والحكم بغيرهمما محممرم‪ ،‬ثممم يممأتي بعممد‬
‫م‬ ‫ذلك بالقوانين الوضعية ويجعلها بدل ً عن أحكام الله هممل هممذا ملممتز ٌ‬
‫لحكم الله ورسوله ظاهرا ً وباطنًا؟؟‬
‫هممل مممن يجعممل نفسممه ن ِممدا ً للممه فينممازعه فممي ربمموبيته وحكمممه‬
‫وتشريعه‪ ،‬فيحلل ما حرمه الله ويحرم ما أحلممه اللممه هممل هممذا يعتممبر‬
‫ملتزما ً لحكم الله ظاهرا ً وباطنًا؟‬
‫دله‬ ‫كيممف يكممون ملتزم ما ً بحكممم اللممه ظمماهرا ً وباطنما ً وهممو قممد ب م ّ‬
‫ل؟!‬ ‫واستعاض عنه بغيره‪ ،‬هل يصح هذا شرعا ً أو عق ً‬
‫إن المؤلمف ينقمل ممن كلم العلمماء مما همو حجمة عليمه دون أن‬
‫يشعر‪.‬‬
‫إن الذي يلتزم الحكم بالشريعة ظاهرا ً وباطنا ً ولكممن فممي بعممض‬
‫القضايا يظلم في الحكممم اتباعما ً لهممواه دون أن يشممرع الحكممام مممن‬
‫عنده أو يستبدلها بغيرها مع اعترافه بالخطأ هو الممذي يعتممبر ملتزم ما ً‬
‫لحكم الله‪.‬‬
‫أما الذي يشّرع الحكممام المخالفممة لحكممم اللممه أو يممأتي بأحكممام‬
‫أنتجتهمما عقممول البشممر ويلممزم النمماس بممالحكم بهمما والتحمماكم إليهمما‬
‫والرضوخ والنقياد لها فإنه غيممر ملممتزم تحكيممم الشممرع ل ظمماهرا ً ول‬
‫باطنا ً وإن حلف اليمان المغلظة‪.‬‬
‫مُنوا‬ ‫قال المؤلف]إن هذه الية}أ َل َم تر إَلى ال ّذين يزعُمو َ‬
‫مآ َ‬ ‫ن أن ّهُ ْ‬
‫ِ َ َْ ُ َ‬ ‫ْ ََ ِ‬
‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْ َ‬
‫ت‬ ‫غو ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫حاك َ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬‫ري ُ‬
‫ِ‬ ‫ن قَب ْل ِ َ‬
‫ك يُ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫بِ َ‬
‫ضمملل ً ب َِعيممدًا{‬ ‫طا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضمل ّهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫شمي ْ َ ُ‬ ‫ريمد ُ ال ّ‬ ‫ن ي َك ُْفُروا ب ِمهِ وَي ُ ِ‬‫مُروا أ ْ‬ ‫وَقَد ْ أ ِ‬
‫ة الدللة عن تكفير الواقِع في الحكم بغير ما أنممزل اللممه‪ ،‬وذلممك‬ ‫عاري ُ‬
‫يتضح من أوجه‪:‬‬
‫ة لمرين‪:‬‬ ‫الوجه الول‪ :‬أن الية محتمل ٌ‬
‫‪ -1‬أن إيمانهم صار مزعوما ً لكونهم أرادوا الحكم بالطمماغوت وهممذا‬
‫ما تمسكت به‪.‬‬
‫‪-2‬أن مممن صممفات أهممل اليمممان المزعمموم ‪ -‬المنممافقين ‪ -‬كممونهم‬
‫يريدون التحاكم للطمماغوت ومشممابهة المنممافقين فممي صممفةٍ مممن‬
‫صفاتهم ل توجب الكفر‪ ،1‬فعلى هذا من حكم بغير ما أنممزل اللممه‬

‫انظر جامع البيان في تفسير القرآن )‪.(5/99‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(175‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فقد شابه المنافقين في صفةٍ من صفاتهم وهذا ل يوجب الكفممر‬
‫إل بدليل آخر كمن شابه المنافقين فممي الكممذب لممم يكممن كممافرا ً‬
‫م إذا توارد الحتمال في أمرٍ بين كونه مكّفرا ً أو غير مكّفر‬ ‫فمن ث ّ‬
‫لم يكفر بهذا المر لكون الصل هو السلم فالنمتيجة أنه ل يصح‬
‫تمسكك بالية في التكفير لكونها من المحتمل‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن هؤلء يريدون الحكم بالطاغوت وليست إرادتهم‬
‫ة بل هي إرادةٌ تنممافي الكفممر بممه الكفممر العتقممادي‪،‬‬ ‫هذه إرادةً مطلق ً‬
‫ومن لم يعتقد وجوب الكفممر بالطمماغوت فل شممك فممي كفممره الكفممر‬
‫ك‬ ‫سمم َ‬
‫م َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ فََقدِ ا ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫ت وَي ُؤْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫غو ِ‬ ‫ن ي َك ُْفْر ِبال ّ‬
‫طا ُ‬ ‫م ْ‬‫الكبر قال تعالى }فَ َ‬
‫ِبال ْعُْروَةِ ال ْوُث َْقى{‬
‫قممال ابممن جريممر‪ ":‬يريممدون أن يتحمماكموا فممي خصممومتهم إلممى‬
‫الطاغوت يعني إلممى مممن يعظمممونه ويصممدرون عممن قمموله ويرضممون‬
‫بحكمه من دون حكم الله وقد أمروا أن يكفروا به يقول وقد أمرهم‬
‫أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليممه فممتركوا أمممر‬
‫‪1‬‬
‫الله واتبعوا أمر الشيطان" ا‪ .‬هم‬
‫فإن أبيت إل أن تحملها على مطلق الرادة فُيقممال إن الرادة هنمما‬
‫ت والكفر ل يكون في المور المحتملة[‪.‬‬ ‫ت وقل ُ‬ ‫ة لما قل َ‬ ‫محتمل ٌ‬
‫أقول‪ :‬إن في هذا الكلم خلط عجيب وإيراد احتمالت باطلة‪.‬‬
‫ة لمريممن[ ليممس بصممحيح بممل إن اليممة‬ ‫فقمموله‪]:‬أن اليممة محتمل م ٌ‬
‫واضممحة وضمموح الشمممس فممي رابعممة النهممار وهممو أن الممذين كممانوا‬
‫دعون اليمان تممبين أن زعمهممم فممي ذلممك باطممل‬ ‫يظهرون السلم وي ّ‬
‫عندما عرفوا حكم اللممه وعلممموا أن اللممه ل يظلممم أحممدا ً وأنممه أحكممم‬
‫م مع ذلك تركمموا حكمممه وأرادوا التحمماكم إلممى غيممره مممن‬ ‫الحاكمين ث ّ‬
‫البشر فإنهم بذلك غير راضين بحكم الله‪ ،‬مقدمين حكم غيممره علممى‬
‫حكمه‪ ،‬ومن يفعل ذلممك فممإنه كمماذب فممي دعممواه اليمممان‪ ،‬لن الممذي‬
‫يتحاكم إلى الطاغوت وقد أمر أن يكفر به لممم يكفممر بالطمماغوت بممل‬
‫م هو يتحاكم‬ ‫آمن به‪ ،‬ومن يترك حكم الله وقد أمر أن يتحاكم إليه‪ ،‬ث ّ‬
‫إلى حكم غيره فإنه ليس مؤمنا ً بالله بل كافر به‪ ،‬قال تعالى‪) :‬فمممن‬
‫يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسممك بممالعروة المموثقى( فمممن‬
‫لم يكفر بالطاغوت فقد انتقص ركنا ً من أركممان التوحيممد وهممو الكفممر‬

‫)‪.(5/96‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(176‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بالطاغوت‪ ،‬وقال تعالى‪) :‬ولقد بعثنا في كممل أمممة رسممول ً أن اعبممدوا‬
‫الله واجتنبوا الطاغوت( فمن لم يجتنب الطمماغوت لممم يحقممق عبممادة‬
‫اللممه‪ ،‬لن عبممادة اللممه مسممتلزمة للكفممر بالطمماغوت‪ ،‬ومممن أعظممم‬
‫الطواغيت الحاكم بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫وأممما قممول المؤلممف‪]:‬أن مممن صممفات أهممل اليمممان المزعمموم ‪-‬‬
‫المنافقين ‪ -‬كونهم يريدون التحمماكم للطمماغوت ومشممابهة المنممافقين‬
‫في صفةٍ من صفاتهم ل توجب الكفر‪ ،1‬فعلى هذا من حكم بغيممر ممما‬
‫أنزل الله فقد شابه المنافقين في صفةٍ من صفاتهم وهممذا ل يمموجب‬
‫الكفر إل بدليل آخر كمن شابه المنافقين في الكذب لم يكممن كممافرا ً‬
‫م إذا توارد الحتمال في أمرٍ بين كونه مكّفرا ً أو غير مكّفر لممم‬ ‫فمن ث ّ‬
‫يكفممر بهممذا المممر لكممون الصممل هممو السمملم فالنمممتيجة أنممه ل يصممح‬
‫تمسكك بالية في التكفير لكونها من المحتمل[‪.‬‬
‫فهذا قول عجيب غير أن ل عجيب من المؤلف ونحممن نقممول لممه‪:‬‬
‫ن الية لم ترد لذكر صفة من صفات المنافقين فحسممب بممل وردت‬ ‫إ ّ‬
‫للستنكار والتكذيب لدعوى اليمان الذي يزعمه من ترك حكممم اللممه‬
‫ورضي بالتحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬وحتى لممو قلنمما جممدل ً إن اليممة وردت‬
‫لذكر صفة من صفات المنافقين‪ ،‬فإن صفات المنافقين منها ممما هممو‬
‫ممن صمفات المنمافقين إظهمار‬ ‫كفر أكمبر ومنهما مما همو دون ذلمك‪ ،‬ف ِ‬
‫اليمان وإبطان الكفر وهذا نفاق أكبر مخرج من الملة‪ ،‬وكممذلك مممن‬
‫صفات المنافقين بغض النبي صلى الله عليه وسلم وهذا نفاق أكممبر‪،‬‬
‫ومن صفاتهم بغض ما جاء به الرسول صلى الله عليممه وسمملم وهممذا‬
‫نفاق أكبر‪ ،‬فلماذا عنممدما ذكممر المؤلممف أنهمما مممن صممفات المنممافقين‬
‫صّنفها ضمن صفة الكذب وخلف الوعممد ولممم يصمّنفها ضمممن النفمماق‬
‫الكبر وهي به ألصممق وإليهمما أقممرب؛ فممإن العممراض عممن حكممم اللممه‬
‫ل على عدم الرضى بحكم اللممه‬ ‫ورسوله والتحاكم إلى الطواغيت دلي ٌ‬
‫ورسوله‪ ،‬والرضممى بحكممم الطمماغوت‪ ،‬فهممل هممذا مممن جنممس الكممذب‬
‫وخلف الوعد أم أنه من جنس بغض ما جاء به النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم؟‬
‫أما قول المؤلف‪]:‬أن هؤلء يريممدون الحكممم بالطمماغوت وليسممت‬
‫ة بممل هممي إرادة ٌ تنممافي الكفممر بممه الكفممر‬
‫إرادتهممم هممذه إرادةً مطلقم ً‬
‫العتقادي‪ ،‬ومن لم يعتقد وجوب الكفر بالطاغوت فل شك في كفره‬
‫انظر جامع البيان في تفسير القرآن )‪.(5/99‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(177‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن ب ِممالل ّهِ فََق مدِ‬ ‫ت وَي ُمؤْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ي َك ُْفمْر ِبالط ّمما ُ‬
‫غو ِ‬ ‫الكفر الكبر قال تعالى }فَ َ‬
‫مم ْ‬
‫ك ِبال ْعُْروَةِ ال ْوُث َْقى{[‬
‫س َ‬‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هذا قول باطل‪ :‬فأين فممي اليممة أن الرادة إرادة مقيممدة منافيممة‬
‫للكفر بالطاغوت؟‬
‫والمؤلف إنما يأتي بشروط ما أنزل الله بها من سلطان بسممبب‬
‫ن اشتراط مثل هذه الشروط الممتي‬ ‫تأثره الشديد بمذهب المرجئة فإ ّ‬
‫ل يدل عليها الكتاب ول السنة ول أقوال أئمممة السمملف إنممما هممو مممن‬
‫مذهب المرجئة الضلل‪ ،‬والله سبحانه رت ّممب الحكممم فممي اليممة علممى‬
‫ن الصممل الخممذ‬ ‫ن القاعممدة عنممد العلممماء‪ :‬أ ّ‬ ‫إرادة التحمماكم ومعلمموم أ ّ‬
‫بالظاهر ما لم يرد دليل يصرف عن الخذ بالظاهر‪.‬‬
‫وهنا نقول للمؤلف‪ :‬أين الدليل على القيممد الممذي ذكرتممه؟ ودون‬
‫ذلك خرط القتاد‪ ،‬وإنما هو الهوى والبدعة‪.‬‬
‫كذلك القاعدة عند العلماء‪ :‬أن الصل عدم الضمار‪ .‬فأين الدليل‬
‫ن المقصود من الية الرادة المنافية للكفر بالطاغوت؟‬ ‫على أ ّ‬
‫م إنه لممو لممم يعتقممد وجمموب الكفممر بالطمماغوت فممإنه يكفممر وهممو‬ ‫ث ّ‬
‫جالس في بيته ولو لم يتحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫فممالكفر بالطمماغوت ركممن مممن أركممان التوحيممد‪ ،‬ومممن لممم يكفممر‬
‫بالطمماغوت فليممس بمممؤمن وليممس بموحممد‪ ،‬وحينئذٍ نقممول للمؤلممف‪:‬‬
‫اليمان المنفي في الية هل هو منفي عمن لم يكفممر بالطمماغوت أم‬
‫عمن أراد التحاكم إلى الطاغوت كما هو صريح الية؟‬
‫فإن قال‪ :‬إنه منفي عمن لم يكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫فنقممول‪ :‬فل حاجممة إذا ً إلممى مسممألة التحمماكم لنممه لممو لممم يكفممر‬
‫بالطاغوت فهو كافر حتى لو تحاكم إلى الله ورسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وإن كان منفيا ً عمن أراد التحاكم إلى الطاغوت فذلك دليل على‬
‫ن‬‫ن اليمان الذي انتفى كان بسبب إرادة التحاكم إلى الطمماغوت وأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ف لليمان‪.‬‬ ‫التحاكم إلى الطاغوت في حد ّ ذاته منا ٍ‬
‫وإذا كان الله سبحانه نفى اليمان عمن أراد وعزم على التحاكم‬
‫ن في ذلك تنبيها ً بالدنى على العلى وهو كفممر مممن‬ ‫إلى الطاغوت فإ ّ‬
‫تحاكم حقيقة إلى الطاغوت‪.‬‬
‫م نقول للمؤلف‪ :‬إن أراد التحاكم إلى الطاغوت إرادة مطلقة ل‬ ‫ث ّ‬
‫)‪(178‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكفممر عنممدك‪ ،‬ولكممن إن أراد إرادة منافيممة للكفممر بالطمماغوت يكفممر‪،‬‬
‫سممر بعضممه بعضما ً قممال‬‫ن القرآن يف ّ‬‫والية وما بعدها ترد ّ عليك حيث إ ّ‬
‫الله تعالى بعد ذلك بآيات‪] :‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكممموك فيممما‬
‫شجر بينهم‪ {....‬الية‪.‬‬
‫حة ما ذكرته‬ ‫فالية ذكرت التحاكم ولم تذكر الرادة وبهذا تعلم ص ّ‬
‫ن الية ذكرت الرادة من باب التنممبيه بممالدنى علممى العلممى‬ ‫لك من أ ّ‬
‫فممإذا كممانت الرادة الجازمممة علممى التحمماكم إلممى الطمماغوت منافيممة‬
‫لليمان فمن باب أولى التحاكم حقيقة إلى الطاغوت‪.‬‬
‫ن من أراد التحاكم إلممى الطمماغوت أنممه‬ ‫ن الية صريحة في أ ّ‬ ‫مإ ّ‬ ‫ث ّ‬
‫ف للكفر به‪ ،‬فمن أيممن‬ ‫ن التحاكم إليه منا ٍ‬ ‫بذلك لم يكفر بالطاغوت ل ّ‬
‫لممك تقسمميم الرادة وممما هممو دليلممك‪ ،‬وهممل مممن يريممد التحمماكم إلممى‬
‫الطاغوت ينقسمون عندك إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬قسم كافر بالطاغوت‪.‬‬
‫‪ -‬وقسم لم يكفر بالطاغوت؟‬
‫فإن كان كذلك فما هو دليلك على هذا التقسيم؟‬
‫وهل من يتحاكم إلى الطاغوت وُيعرض عن حكم الله مختارا ً من‬
‫الممكن أن يكون مؤمنا ً بالله كافرا ً بالطاغوت؟‬
‫وما هي الصورة التي يكون فيها المتحاكم إلى الطاغوت مؤمن ما ً‬
‫بالله كافرا ً بالطاغوت؟ وما هو الدليل على ذلممك؟ ومممن هممم سمملفك‬
‫من العلماء فيما زعمت؟‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله‪ ":‬إن من تولى عن طاعممة الرسممول‬
‫وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن وأن المؤمن هو‬
‫الذي يقول‪)) :‬سمعنا وأطعنا(( فإذا كان النفاق يثبت ويممزول اليمممان‬
‫بمجرد العراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيممره مممع أن‬
‫ك محض وقد يكون سببه قوة الشهوة "‪] .‬الصارم‪.[69 :‬‬ ‫هذا تر ٌ‬
‫دعممي إلممى التحمماكم إلممى‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬بين سممبحانه أن مممن ُ‬
‫كتمماب اللممه وإلممى رسمموله فصممد عممن رسمموله كممان منافق مًا‪ ،‬وليممس‬
‫بمؤمن‪ ...‬فالنفاق يثبت ويزول اليمممان بمجممرد العممراض عممن حكممم‬
‫الرسول وإرادة التحاكم إلى غيممره‪] .‬تفسممير النسممفي )ضمممن كتمماب‬
‫مجموعة من التفاسير( ‪.[4/119‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪:‬فجعل العراض عما جاء به الرسول‪،‬‬

‫)‪(179‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫واللتفات إلى غيره هو حقيقممة النفمماق‪ ،‬كممما أن حقيقممة اليمممان هممو‬
‫ى‬
‫تحكيمه وارتفاع الحرج عن الصدور بحكمه‪ ،‬والتسليم لما حكم رض ً‬
‫واختيارا ً ومحبة‪ ،‬فهذا حقيقة اليمان‪ ،‬وذلك العراض حقيقة النفمماق‪.‬‬
‫]مختصر الصواعق المرسلة ‪.[2/353‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬والطاغوت كممل ممما تجمماوز بممه العبممد حممده مممن‬
‫معبود أو متبوع أو مطاع‪ ،‬فطاغوت كل قوم ٍ من يتحاكمون إليمه غيمر‬
‫الله ورسمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم أو يعبممدونه مممن دون اللممه أو‬
‫يتبعونه على غير بصمميرة مممن اللممه أو يطيعممونه فيممما ل يعلمممون أنممه‬
‫ملتهمما وتمأملت أحمموال‬ ‫طاعة لله‪ ،‬فهذه ]هممي[ طمواغيت العمالم إذا تأ ّ‬
‫النمماس معهمما رأيممت أكممثرهم أعممرض عممن عبممادة اللممه إلممى عبممادة‬
‫الطاغوت‪ ،‬وعن التحاكم إلممى اللممه وإلممى الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم إلى التحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬وعن طاعته ومتابعة رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم إلى الطاغوت ومتابعته‪ .‬اهم]إعلم الموقعين‪،‬ج ‪،1‬ص‬
‫‪.[50‬‬
‫يٍء‬ ‫شم ْ‬ ‫م فِممي َ‬ ‫ن ت ََنماَزعْت ُ ْ‬‫وقال رحمه الله‪ :‬عنممد قمموله تعممالى‪َ} :‬فمإ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫ن ب ِممالل ّهِ َوال ْي َموْم ِ اْل ِ‬
‫خ مرِ ذ َل ِم َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّهِ َوالّر ُ‬
‫سو ِ‬ ‫فَُر ّ‬
‫ل{ )النساء‪ :‬من الية ‪ (59‬قال‪] :‬وهممذا دليممل قمماطع‬ ‫ْ‬
‫ن ت َأِوي ً‬ ‫َ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬ ‫خي ٌْر وَأ ْ‬
‫َ‬
‫على أنه يجب رد موارد النزاع فممي كممل ممما تنممازع فيممه النمماس‪ ,‬مممن‬
‫الدين كله‪ ،‬إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ .‬ل إلى أحممد غيممر‬
‫الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فمممن أحممال الممرد إلممى غيرهممما‪,‬‬
‫فقد ضاد أمر الله‪ ،‬ومن دعا عند النزاع إلى حكم غير اللممه ورسمموله‪,‬‬
‫فقد دعا بدعوى الجاهلية‪ ،‬فل يدخل العبد في اليمان حممتى يممرد كممل‬
‫ما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسمموله‪ ,‬ولهممذا قممال تعممالى‪} :‬إن‬
‫كنتم تؤمنون بالله واليوم الخر{ وهذا مما ذكر آنفا‪ ,‬أنه شرط ينفممي‬
‫المشروط بانتفائه‪ ,‬فدل على أن مممن حك ّممم غيممر اللممه ورسمموله فممي‬
‫موارد النزاع كان خارجما عمن مقتضمى اليممان بمالله واليموم الخمر‪.‬‬
‫وحسبك بهممذه اليممة العاصمممة القاصمممة بيانمما وشممفاء فإنهمما قاصمممة‬
‫لظهممور المخممالفين لهمما‪ ،‬عاصمممة للمستمسممكين بهمما‪ ,‬المتمثليممن ممما‬
‫أمرت به[ )الرسالة التبوكية(‪.‬‬
‫يٍء{ نكممرة فممي‬ ‫ش ْ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫وقال رحمه الله‪ :‬إن قوله }فَِإن ت ََناَزعْت ُ ْ‬
‫سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقة‬
‫وجله‪ ،‬جليه وخفيه‪ ،‬ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ممما‬
‫)‪(180‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تنازعوا فيه‪ ،‬ولم يكن كافيا ً لممم يمأمر بممالرد إليمه‪ ،‬إذ مممن الممتنممع أن‬
‫يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من ل يوجد عنده فصل النزاع ومنها‬
‫أنه جعل هذا الرد من موجبات اليمان ولوازمه‪ ،‬فإن انتفى هذا الممرد‬
‫انتفى اليمان‪ ،‬ضرورة انتفاء الملزوم لنتفاء لزمه‪ ،‬ول سيما التلزم‬
‫بين هذين المريممن فممإنه مممن الطرفيممن‪ ،‬وكممل منهممما ينتفممي بانتفمماء‬
‫الخر‪ ،‬ثم أخبرهم أن هذا الرد خير لهم‪ ،‬وأن عمماقبته أحسممن عاقبممة‪.‬‬
‫]أعلم الموقعين ‪.[50 ،1/49‬‬
‫وقال ابن كثير رحمه الله‪":‬فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله‪،‬‬
‫وشهمد له بالصحة فهو الحق‪ ،‬وماذا بعد الحق إل الضلل‪ ،‬ولهذا قممال‬
‫ر{ أي ردوا الخصممومات‬ ‫خم ِ‬‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َموْم ِ ال ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫تعالى‪ِ} -:‬إن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫والجهالت إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهممما فيممما شممجر‬
‫بينكم‪ ،‬فدل على أن من لمم يتحماكم فمي محمل النمزاع إلمى الكتماب‬
‫والسنة ول يرجع إليهما في ذلك‪ ،‬فليس مؤمنا ً بالله ول باليوم الخر‪.‬‬
‫]تفسير ابن كثير ‪.[3/209‬‬
‫وقال المام الشنقيطي‪ :‬ومن أصرح الدلة في هذا أن الله جممل‬
‫وعل في سورة النساء بين أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غيممر ممما‬
‫شرعه اللممه‪ ،‬يتعجممب مممن زعمهممم أنهممم مؤمنممون‪ ،‬وممما ذلممك إل لن‬
‫دعواهم اليمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ممما‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫م ت َمَر إ ِل َممى ال ّم ِ‬ ‫يحصل منه العجب‪ ،‬وذلك فممي قمموله تعممالى‪} - :‬أل َم ْ‬
‫ن َأن‬ ‫دو َ‬ ‫ري م ُ‬
‫ك يُ ِ‬ ‫مممن قَب ْل ِم َ‬‫ل ِ‬ ‫ممما ُأن مزِ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫ما ُأنزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫مُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫مآ َ‬
‫يزعُمو َ‬
‫ن أن ّهُ ْ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫ت‪ {...‬الية‪] .‬أضواء البيان ‪[4/83‬‬ ‫غو ِ‬ ‫ّ‬
‫موا إ ِلى الطا ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حاك َ ُ‬
‫ي َت َ َ‬
‫وقال المام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬والطواغيت كثيرة‬
‫ورؤوسهم خمسة‪ :‬الول‪ :‬الشيطان‪ ...‬والثاني‪ :‬الحاكم الجائر المغيممر‬
‫لحكام الله‪ ...‬والثالث‪ :‬الذي يحكم بغير ما أنزل الله‪ ...‬الرابع‪ :‬الممذي‬
‫دعي علم الغيب من دون الله‪ ...‬الخامس‪ :‬الذي ُيعبد من دون اللممه‬ ‫ي ّ‬
‫ض بالعبادة‪ .‬اهم‬ ‫وهو را ٍ‬
‫وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله‪ :‬فلو اقتتلممت الباديممة‬
‫والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا طاغوتا ً فممي الرض‬
‫يحكم بخلف شريعة السلم التي بعث اللممه بهمما رسمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ .‬اهم‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه اللممه تعممالى‪:‬‬

‫)‪(181‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫»‪ ...‬فمن خالف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليممه وسمملم بممأن‬
‫حكم بين الناس بغير ما أنزل اللممه‪ ،‬أو طلممب ذلممك اتباعما ً لممما يهممواه‬
‫ويريده فقممد خلممع ربقممة السمملم واليمممان مممن عنقممه وإن زعممم أنممه‬
‫مؤمن‪ ،‬فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك‪ ،‬وأكذبهم في زعمهممم‬
‫ن‬‫اليمان لممما فممي ضمممن قمموله }يزعمممون{ مممن نفممي إيمممانهم‪ ،‬فممإ ّ‬
‫دعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته‬ ‫}يزعمون{ إنما يقال غالبا ً لمن ا ّ‬
‫موجبها وعمله بما ُينافيها‪ ،‬يحّقق همذا قمموله تعمالى }وقممد أمممروا أن‬ ‫لِ ُ‬
‫يكفروا به{ لن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد‪ ،‬كما في آيممة البقممرة‪،‬‬
‫فإذا لم يحصممل هممذا الركممن لممم يكممن موحممدًا‪ ،‬والتوحيممد هممو أسمماس‬
‫ن‬ ‫ن ذلك بي ّ ٌ‬ ‫مه‪ ،‬كما أ ّ‬
‫سد بعد َ ِ‬
‫اليمان الذي تصلح به جميع العمال وتف ُ‬
‫في قوله تعالى }فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بممالله فقممد استمسممك‬
‫بالعروة الوثقى{ ]البقممرة‪ [256 :‬وذلممك أن الّتحمماكم إلممى الطمماغوت‬
‫ن به«‪ .‬اهم]فتح المجيد‪،‬ج ‪،1‬ص ‪.[379‬‬ ‫إيما ٌ‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعممالى فممي تفسممير‬
‫قوله تعالى }ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بممما أنممزل إليممك{‬
‫أن‪) :‬الرد إلى الكتاب والسنة شرط في اليمان‪ ،‬فدل ذلمك علمى أن‬
‫ل النممزاع فليممس بمممؤمن حقيقممة‪ ،‬بممل مممؤمن‬ ‫من لم يرد إليهما مسائ َ‬
‫بالطاغوت‪ ...‬فإن اليمان يقتضي النقياد لشرع اللممه وتحكيمممه‪ ،‬فممي‬
‫كل أمر من المور‪ ،‬فمن زعممم أنممه مممؤمن‪ ،‬واختممار حكممم الطمماغوت‬
‫على حكم الله فهو كاذب في ذلك(‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله‪ :‬إن قمموله ‪-‬‬
‫ن( تكذيب لهم فيما اّدعوه من اليمان‪ ،‬فإنه ل يجتمممع‬ ‫مو َ‬
‫تعالى ‪)-‬ي َْزعُ ُ‬
‫التحاكم إلى غير ما جاء به النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع اليمممان‬
‫ل‪ ،‬بل أحدهما ينافي الخر‪ ،‬والطمماغوت مشممتق مممن‬ ‫في قلب عبد أص ً‬
‫الطغيان وهو مجاوزة الحد‪ ،‬فكل من حكم بغير ما جمماء بممه الرسممول‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه‪ .‬اهم‬
‫ذا ِقي م َ‬
‫ل‬ ‫ويقول محمد رشيد رضا عند تفسيره لقمموله تعممالى‪} :‬وَإ ِ َ‬
‫ه‪ {..‬الية‪" - :‬واليممة ناطقمة بممأن مممن صممد‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫م ت ََعال َوْا ْ إ َِلى َ‬
‫ل َهُ ْ‬
‫وأعرض عن حكممم اللممه ورسمموله عمممدا ً ول سيمممما بعممد دعمموته إليممه‬
‫وتذكيره به‪ ،‬فإنه يكون منافقما ً ل يعتد بما يزعمممه مممن اليمممان‪ ،‬وممما‬
‫يدعيه من السلم‪" ((3 .‬‬
‫تفسير المنار ‪.5/227‬‬ ‫‪(3‬‬ ‫)‬

‫)‪(182‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أيها المؤلف‪ :‬هل في هذه القوال مممن العلممماء الراسممخين مممن‬
‫قال بالقيد الذي ذكرته في تقسيم الرادة؟‬
‫وبعمد همذا نقمول‪ :‬إذا كمان اللمه سمبحانه بّيمن أن أراد وعمزم أن‬
‫ن إيمانه مجرد زعم كاذب‪ ،‬فكيف بمن تحاكم‬ ‫يتحاكم إلى الطاغوت أ ّ‬
‫إلى الطاغوت حقيقممة‪ ،‬وكيممف بمممن يحكممم بحكممم الطمماغوت‪ ،‬ويلممزم‬
‫الناس به؟؟‬
‫بل كيف بالطاغوت الذي ُيشّرع الحكام وُيقنن القوانين المخالفة‬
‫دة لحكم الله؟‬ ‫والمضا ّ‬
‫ن هؤلء أحق وأولى بالكفر وانتفاء اليمان‪.‬‬ ‫كأ ّ‬ ‫لش ّ‬
‫ن‬ ‫قال المؤلف]قال المكّفر‪ :‬إليك الدليل الرابممع قممال تعممالى }وَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن{‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م لَ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫أط َعْت ُ ُ‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن طاعة غير الله في الحكام الوضعية شرك‪.‬‬
‫سق‪ :‬لماذا أراك ‪ -‬يا أخي ‪ -‬نسمميت؟ قممد سممبق بيممان أن‬ ‫قال المف ّ‬
‫ة‬
‫ة إلى التحليل والتحريم ثم إياك أن تنسى مممرةً ثانيمم ً‬ ‫هذه الية راجع ٌ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ممما ل َم ْ‬
‫ن َ‬‫دي ِ‬
‫ن الم ّ‬
‫م َ‬ ‫عوا ل َهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫شَر َ‬
‫كاُء َ‬ ‫م ل َهُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ل بقوله تعالى }أ ْ‬ ‫فتستد ّ‬
‫ْ‬
‫ه({ فقد سبق الكلم عنها وأن المراد بهمما مممن جمممع بيممن‬ ‫ن ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫ي َأذ َ ْ‬
‫التشريع وزعم أن هذا من الدين الذي مؤداه إلى التحليممل والتحريممم‬
‫وهو المسمى بالتبديل[‪.‬‬
‫أقول‪ :‬قد سبق وأن بينت أن الذن بما حرم الله والمنع مما أحل‬
‫الله وتعميم ذلك وتقنينه هو من التحليل والتحريم سممواء نسممبه إلممى‬
‫ت وجمه ذلمك وأقموال العلمماء فممي ذلمك‬ ‫الشرع أو لم ينسممبه‪ ،‬وذكمر ُ‬
‫فلتراجع‪.‬‬
‫وقول المؤلف ]وأن المراد بها من جمممع بيممن التشممريع وزعممم أن‬
‫هذا من الممدين الممذي مممؤداه إلممى التحليممل والتحريممم وهممو المسمممى‬
‫بالتبديل[‪.‬‬
‫هذا قول باطل مخالف للشمرع والعقمل واللغمة والفطممرة‪ ،‬ونحمن‬
‫نسأل المؤلف‪ :‬ما معنى الستبدال؟‬
‫أليس هو جعل شيء بدل ً عن شيء‪ ،‬فمن أخرج شيئا ً ووضع شيئا ً‬
‫آخر مكانه أل ُيعتبر قد استبدل القديم بالجديد؟‬
‫حممى هممذا الحكممم‬ ‫حكم الله فممي الزانممي المحصممن الرجممم‪ ،‬فمممن ن ّ‬
‫وجعل مكانه الذن بالزنى‪ ،‬أو جعممل مكممانه السممجن‪ ،‬أليممس هممذا قممد‬
‫)‪(183‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جعل حكمه بدل ً عن حكم الله‪.‬‬
‫ن المشّرع مع الله ل ُيعتبر فعله تشريعا ً إل إذا‬ ‫وأما زعم المؤلف أ ّ‬
‫اجتمع معه الزعم بأن هذا التشريع مممن الممدين وأنممه هممو حكممم اللممه‪،‬‬
‫فهذا قول باطل‪ ،‬يوضحه السئلة التالية‪ :‬لو قال لك قممائل‪ :‬التشممريع‬
‫لله وحده‪ ،‬فما معنى قوله؟‬
‫أليس معناه أن الذي ُيحلل ويحرم ويحكم هو الله‪ ،‬وأن ذلممك مممن‬
‫خصوصياته؟‬
‫إذا ً فالذي ُيحلل ما حرم الله أو يحرم ما أحل اللمه أل يعتمبر فعلمه‬
‫تشريعا؟‬
‫فمن أتى إلى أحكام الله ووضع ما يخالفها وأمممر بممالحكم بهمما‪ ،‬أل‬
‫ده ويعارضمه فمي‬ ‫يعتبر مشّرعا ً مع الله‪ ،‬قد جعل نفسه نمد ّا ً للمه ُيضما ّ‬
‫حكمه؟‬
‫ن ذلممك‬ ‫إذا ً فما الفائدة من اشتراط الجمع بين التشريع والزعممم أ ّ‬
‫من الدين؟‬
‫فمن وضع الحكام المخالفة لحكم الله وألزم النمماس بمالحكم بهمما‬
‫والتحمماكم إليهمما‪ ،‬أل ُيعتممبر مسممتبدل ً لحكممام اللممه بغيرهمما؟ أل يعتممبر‬
‫مشّرعا ً مع الله؟ وحتى لو لم يزعم أن ذلك من الدين!‬
‫فإن كان تشريع الحكام المخالفة لحكم الله والحكم بها بدل ً عممن‬
‫حكم الله ل يعتبر تشريعا ً مع الله ول يعتبر تبممديل ً لحكممم اللممه‪ ،‬فممماذا‬
‫يعتبر؟؟ وماذا ُنسمي هذا الفعل؟‬
‫ن من يكذب على الناس فينسب إلى دين الله ما هو بريممء منممه‬ ‫إ ّ‬
‫مع علمه فإنه يكفر بذلك سواء كان في الحكم أو في غيرها‪ ،‬ومناط‬
‫الكفر هنا هو الكذب على الله‪ ،‬وهممذا ليممس مختص ما ً بمسممألة الحكممم‬
‫بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫ل ما حرمه الله أو حرمممة ممما أحلممه اللممه يكفممر‬ ‫كذلك من يزعم ح ّ‬
‫بكذبه علممى اللممه‪ ،‬ولكممن الممذي ُيشمّرع الحكممام والنظمممة المخالفممة‬
‫لشرع الله مناط كفره ليس الكذب على الله‪ ،‬وإنما مناط كفره هممو‬
‫التشريع مع الله‪ ،‬ومنازعة الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته‬
‫وحكمه‪ ،‬وهذا يكفر إن لم يزعم أن تشريعه هو شرع الله‪ ،‬وإن زعممم‬
‫أنه شرع الله اجتمع فيه مكّفران‪ ،‬التشريع مممع اللممه‪ ،‬والكممذب علممى‬
‫الله‪.‬‬

‫)‪(184‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صدق من قال‪ :‬من الشكالت توضيح الواضحات‪.‬‬
‫ن أن هذا يكفي في الرد على هذه الشبهة لمن تبصر المسألة‬ ‫أظ ّ‬
‫وعقلها‪ ،‬فإن المؤلف زعم في بداية رده علممى هممذه الشممبهة أنممه لممو‬
‫ثبت دليل واحد من حيث الثبوت والدللة على كفر الحاكم بالقوانين‬
‫الوضعية أنه يصير إليه وأظن أنني في هذا الممرد ذكممرت أدلممة كممثيرة‬
‫وكلما ً لهل العلم يوضح المسممألة وحكمهمما‪ ،‬وهممي كافيممة بممأذن اللممه‬
‫لمن تجّرد للحق‪ ،‬وبهذا تعلم أن الحكممام الممذين يحكمممون المسمملمين‬
‫بتلك القوانين الوضممعية كفممار ل تصممح وليتهممم ول يجمموز للمسمملمين‬
‫تركهم على كراسي الحكم‪ ،‬ويجب عليهم إزالتهم فإن عجزوا أعممدوا‬
‫العدة لذلك‪.‬‬
‫والحاكم السعودي داخل في هذا الحكم لنه وقع في الحكم بغير‬
‫ما أنزل الله من الجهتين‪:‬‬
‫الولى‪ /‬التشريع مع الله‪ ،‬كما في الذن في الربا وتقنين القمموانين‬
‫المخالفة للشريعة فممي التعامممل بممه‪ ،‬والقمموانين الممتي شمّرعوها فممي‬
‫مالية‪ ،‬والقوانين الوضممعية الممتي وضممعوها فممي‬ ‫المحاكم التجارية والعُ ّ‬
‫المحاكم العسكرية‪ ،‬وإحالممة الحكممم فممي الكفممر والزندقممة الممتي فممي‬
‫الصحف والقنوات إلى وزارة الثقافة والعلم ل إلممى شممريعة الملممك‬
‫العلم‪.‬‬
‫الثانية‪ /‬الحكم بالقوانين الوضممعية المممأخوذة مممن الممدول الكممافرة‬
‫كممما فممي المحمماكم العسممكرية والمحمماكم التجاريممة ومحمماكم العمممل‬
‫مال وغيرها‪ ،‬فالحكام التي فيها منها ما هو من وضع الطواغيت‪،‬‬ ‫والعُ ّ‬
‫ومنها ما هو مأخوذ عن الكفار‪.‬‬
‫والفرق بين القسمين‪:‬‬
‫‪ -‬أنهم في الولى نصبوا أنفسممهم مشممرعين مممع اللممه وجعلمموا مممن‬
‫أنفسهم ند ّا ً لله في التشريع‪.‬‬
‫‪ -‬وفي الثانية لم يشّرعوا من عند أنفسممهم ولكممن أتمموا بتشممريعات‬
‫الكفار ونصبوها للحكم بين الناس محادة لله وشرعه‪.‬‬
‫وكل الصورتين كفر فممي حمد ّ ذاتممه كممما سممبق تفصمميله فممي صممور‬
‫الحكم بغير ما أنزل الله‪.‬‬
‫وأذكر هنا بعض المثلة من حكمهم بغير ما أنزل الله وهممي غيممض‬
‫من فيض فمن يتأمل القوانين والشرائع والنظمة المعمول بهمما فممي‬

‫)‪(185‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫النظام السعودي ذات العلقة بالنظام التجاري والجمركممي‪ ،‬وأنظمممة‬
‫ضريبة الدخل‪ ،‬ونظام البنوك ومراقبتها‪ ،‬ونظام المطبوعات والنشر‪،‬‬
‫ونظام الجيش والخدمة العسكرية‪ ،‬والنظام والشرائع المتعلقة بعَلم‬
‫المملكممة وأعلم الممدول الخممرى‪ ،‬ونظممام التممأمين‪ ،‬ونظممام أحكممام‬
‫الجنسية العربية السعودية‪ ..‬يجد أن شرائع السلم في وادٍ وشممرائع‬
‫وقوانين آل سعود ونظامهم في وادٍ آخر!‬
‫أممما مممن جهممة الحممدود والعقوبممات الشممرعية فممإن نظممام الجيممش‬
‫العربي السعودي ونظام الوراق التجارية ونظممام مكافحممة الرشمموة‪،‬‬
‫ت للسلم بصلة‪.‬‬ ‫وغيرها كثير‪ ،‬فيها عدد كبير من العقوبات ل َتم ّ‬
‫أما من جهة المسائل المدنية والتجارية ونظام الوراق التجاريممة‬
‫ونظام الشركات وغيرها فإنهمما تحمموي أشممكال ً مممن فممض المنازعممات‬
‫ل‪ ،‬ونظممام مراقبممة‬ ‫وأنماط الصمملح المخالفممة للشممريعة جملممة وتفصممي ً‬
‫البنوك يبيح بل تحفظ جميع النشممطة الربويممة الممتي حرمممت بالممدليل‬
‫القاطع من الكتاب والسنة‪ ،‬ويعتبرها محمية من قبل الدولة‪.‬‬
‫وسعيا ً لمضاء هذه التشريعات والقوانين المسماة أنظمة ‪-‬تهربا ً‬
‫وتلبيسًا‪ -‬فقممد شممكلت الدولممة محمماكم غيممر شممرعية‪ ،‬أسمممتها لجانما ً‬
‫وهيئات ودواوين ومجالس‪ ،‬ويشممترط فممي أعضمماء هممذه المحمماكم أن‬
‫يكونمموا متقنيممن لممما ورد فممي تلممك النظمممة والقمموانين ل أن يكونمموا‬
‫صى أحد الباحثين هذه المحمماكم فوجممدها أكممثر مممن‬ ‫شرعيين‪ ،‬وقد تق ّ‬
‫ثلثين لجنة أو هيئة كلها تمارس دورا ً قضممائيا ً مناهض ما ً للشممرع‪ ،‬منهمما‬
‫علممى سممبيل المثممال هيئة فممض المنازعممات المصممرفية‪ ،‬والمحمماكم‬
‫التجارية وديوان المحاكم العسكرية‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫أما المحاكم الشرعية فهي محصورة عمليا ً في شؤون محدودة‪،‬‬
‫ومع ذلك فهي نفسها ل تسمملم مممن هيمنممة القمموانين غيممر الشممرعية‪،‬‬
‫فالقضاة الشرعيون ملزمون بتعميمات مجلممس المموزراء والمموزارات‬
‫المختصممة والمممارات والبلممديات‪ ،‬حممتى لممو خممالفت تلممك التعليمممات‬
‫الشممرع‪ ،‬وأحكممام القضمماة المخالفممة لتلممك التعليمممات أو للنظمممة‬
‫المذكورة أعله غير نافذة أبممدًا‪ ،‬بممل إن القاضممي نفسممه ل يمكممن أن‬
‫ينظر في كثير من القضايا إل "حسب النظام"‪ ،‬والنظام هممو تصممنيف‬
‫القضايا بما يضمن حصار الشرع في حدود معينة‪ ،‬وإطلق يد القانون‬
‫الوضعي في مساحات كبيرة!‪.‬‬

‫)‪(186‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهممذا هممو الواقممع إذا ً! السمميادة ليسممت للشممرع‪ ،‬والهيمنممة ليسممت‬
‫للسلم‪ ،‬والقوانين والتشريعات غير السلمية والمخالفة للشرع قممد‬
‫سرت في معظم أنظمة الدولة‪ ،‬والقضاة الشرعيون محاصرون فمي‬
‫دوائر صغيرة ل يستطيعون تجاوزها؟ فكيف يمكن أن يدعي مدع أن‬
‫هذه الدولة تطبق الشريعة أو تحكم بالسمملم؟ وكيممف يشممك طممالب‬
‫حق أن الحتكام إلى تلك التشريعات احتكام إلى الطاغوت؟‪.‬‬
‫والحجة قممد قممامت علممى الحكممام بل شممك ول جممدل‪ ،‬فلقممد وقممف‬
‫العلماء ممن أمثممال الشميخ بمن عمتيق والشميخ بممن سمعدي والمفمتي‬
‫السابق الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم الله جميع ما ً فممي وجممه تلممك‬
‫التشريعات بشكل صريح‪ ،‬ود ُّونت مراسلت الشيخ محمد بن إبراهيم‬
‫في إنكار تلك القوانين والنظمة والتحذير منها واحممدا ً واحممدًا‪ ،‬وبممدل ً‬
‫من أن يرتدع آل سعود‪ ،‬ويعملوا بنصيحة الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم‬
‫فقد منعمموا "بممالقوانين نفسممها" وبممأمر ملكممي طبممع وتوزيممع مجممموع‬
‫فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم حتى ل يفتضح هذا الكفر والنفاق‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال انظر ماذا يقولون في قانون العقوبات‪ ،‬كممما‬
‫فممي المممادة "‪ " :"32‬ل يجمموز للصممحف نشممر مقممالت تممدعو إلممى‬
‫التخريف واللحاد "‪ .‬وعقوبة ذلك كممما فممي المممادة" ‪ ":"52‬كممل مممن‬
‫يخالف المادة "‪ُ "32‬يعاقب مرتكممب المخالفممة بممالحبس مممن أسممبوع‬
‫إلممى شممهر‪ ،‬أو بغرامممة نقديممة مقممدارها خمسمممائة إلممى ألممف ريممال‬
‫سعودي "!‬
‫فالذي ينشر مقالت تدعو إلى الكفر واللحاد ‪ -‬ممما فممي قمموانين‬
‫النظام السعودي‪ -‬عقوبته ل تتعدى أكثر من حبس أسبوع إلى شهر‪،‬‬
‫أو غرامة مالية مقدارها " ‪ " 500‬ريممال سممعودي‪ ..‬بينممما حكمممه فممي‬
‫شرع الله هو حكم الشرع في المرتد؛ الستتابة فإن تمماب وإل ُقتممل‪،‬‬
‫دل دينه فاقتلوه "‪.‬‬ ‫كما قال ‪ ρ‬في الحديث الصحيح‪ ":‬من ب ّ‬
‫في المقابل من ُيهين أي شعار أو علم لي دولة من دول الكفر‬
‫المحاربة للسلم والمسلمين في الرض ‪-‬والمصممنفة كممدول صممديقة‬
‫للنظام السعودي‪ -‬عقوبته كما في القانون السعودي‪ ":‬حبممس لمممدة‬
‫ل تتجاوز سنة‪ ،‬وبغرامة ل تزيد عن ثلثة آلف ريال‪ ،‬أو بإحدى همماتين‬
‫العقوبتين "!‬
‫الذي يعتدي على الخالق عز وجل‪ ..‬ويتعّرض له ولدينه بالهانة‪..‬‬

‫)‪(187‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويدعو إلى الكفر والجحود واللحاد ليفتن الناس عن دينهم‪ ..‬عقمموبته‬
‫‪-‬كما في القانون السعودي‪ -‬حبممس ل يتعممدى أكممثر مممن أسممبوع إلممى‬
‫شهر‪ ،‬أو غرامة مالية مقممدارها " ‪ " 500‬ريممال سممعودي‪ ..‬بينممما مممن‬
‫يتعرض بالهانة لشعارات الكفر‪ ..‬عقوبته أغلظ وأشد " حبس لمممدة‬
‫ل تتجاوز سنة‪ ،‬وبغرامة ل تزيد عن ثلثة آلف ريال‪ ،‬أو بإحدى همماتين‬
‫العقوبتين "‪ ،‬أهكذا ‪ -‬يا قوم‪ -‬يكون الحكم بما أنزل الله‪ ..‬أن تجعلمموا‬
‫للكفر وشعاراته حرمة وقدسية تعلو حرمة الخالق ‪ Ι‬وحرمة دينه؟!!‬
‫قالوا في الدستور السعودي )النظام الساسي للحكم( كممما فممي‬
‫المادة "‪" :"32‬العقوبة شخصية‪ ،‬ول جريمة ول عقوبممة إل بنمماء علممى‬
‫نص شممرعي أو نممص نظممامي‪ ،‬ول عقمماب إل علممى العمممال اللحقممة‬
‫للعمل بالنص النظامي "!‬
‫فما لم ينص النظام على العقوبة عليه فإنه ل عقوبة فيه‪ ،‬فمممن‬
‫يسخر بآيات القرآن ويغني بها فل عقوبة عليه‪ ،‬ومن يترك الصلة فل‬
‫عقاب عليه‪ ،‬هل سمعتم يوما ً أن السعودية أقممامت حممد الممردة علممى‬
‫مممن يسممتهزئ بآيممات اللممه مممن المغنيممن والممثليممن والعلمييممن‬
‫والصحفيين؟‬
‫ينص ميثاق جامعة الدول العربية ‪-‬الذي ُيعتبر النظممام السممعودي‬
‫من مؤسسيه‪ ،‬ومن الدعاة إليممه‪ ،‬ومممن أبممرز العضمماء الوائل الممذين‬
‫عملوا على إنشاء جامعة الدول العربية‪ -‬تحت المادة " ‪ ":" 8‬تحترم‬
‫كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القممائم فممي‬
‫دول الجامعة الخرى‪ ،‬وتعتبره حقا ً من حقوق تلك الدول‪ ،‬وتتعهد بأن‬
‫ل تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها "ا‪ -‬هم‬
‫وهذا والله من الكفر الصراح البواح؛ فاحترام النظمممة الكممافرة‬
‫دة احترام للكفر‪.‬‬
‫المرت ّ‬
‫وما هي النظمة القائمة في الدول العربية؟‬
‫حماية الضممرحة والقبممور‪ ،‬الباحيممة ونشممر الرذيلممة‪ ،‬إباحممة الربمما‬
‫وحمايته‪ ،‬إباحة الخمور وحمايتها‪ ،‬موالة الكفممار وحمايممة مشماريعهم‪،‬‬
‫محاربة الحجاب‪ ،‬محاربة أهممل الصمملح والسممتقامة‪ ،‬محاربممة الجهمماد‬
‫وأهله‪.‬‬
‫كممذلك تحممترم المجممالس التشممريعية الممتي ُيسممتهزأ فيهمما بممالله‬
‫وبأحكامه‪ ،‬ويجعممل البشممر مممن أنفسممهم ن ِمد ّا ً للممه يشمّرعون الحكممام‬

‫)‪(188‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المخالفة لحكم الله‪.‬‬
‫والدهى من ذلك أنها تعتبر ذلك حقا ً من حقوق تلك الممدول‪ ،‬فيمما‬
‫سبحان الله أين حق الله في الحكم بين عباده؟‬
‫أين حق الله في إقامة التوحيد ومحاربة الشرك؟‬
‫أين حق الله في إقامة دينه والحكم بين الناس بشرعه؟‬
‫أين حق النبي صلى الله عليه وسلم باتباع هممديه والرجمموع إلممى‬
‫سنته؟‬
‫أين حق المسلمين بإقامة ديممن اللممه فيهممم والحكممم بشممرع اللممه‬
‫بينهم؟‬
‫فالذي يحترم هذه النظمة كافر بالله العظيم‪ ،‬لنها أنظمة قائمة‬
‫على الشرك والكفر والتشريع مع اللممه‪ ،‬ومحترمهمما محممترم للشممرك‬
‫والكفر‪ ،‬ول يشك في كفره إل مطموس البصيرة‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله في ملحظاته‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫بيان ما في نظام العمل والعمال من الخطاء والتناقض والضلل‬
‫الحمد لله الذي جعلنا من خيممر المممم‪ ،‬ونجانمما بنممور المموحيين مممن‬
‫حوالك الظلم‪ ،‬وخصنا بمحمد الذي أوتممي جوامممع الكلممم‪ ،‬صمملى اللممه‬
‫عليه وعلى آله وصحبه الذين حممازوا بمتممابعته العممز فممي الممدنيا وفممي‬
‫الخرة‪ ،‬وسلم تسليما‪ .‬أممما بعممد‪ :‬فقممد قممرئ علممي بعممض مممن نظممام‬
‫العمممل والعمممال‪ ،‬الممذي صممدر المممر والعمممل بممه بتاريممخ ‪/11 /25‬‬
‫‪ ،?1366‬والذي لم يزل العمل بممه مسممتمرا إلممى هممذا المموقت‪ .‬ولممما‬
‫سمعت بعممض مممواده وفقراتممه‪ ،‬طممال تعجممبي مممن وجممود مثممل هممذه‬
‫النظمة يحكم بها بين ظهرانممي المسمملمين‪ ،‬وتقررهمما وتنفممذها دولممة‬
‫إسلمية‪ ،‬تحكم القممرآن وتفخممر بممه‪ ،‬ويحممق الفخممر لمممن تمسممك بممه‪،‬‬
‫وعمل بأحكامه‪ ،‬وكنت قبل اطلعممي عليممه أسممع شمميئا مممما يتنمماقله‬
‫الناس عنه‪ ،‬غير أني ل أصدق ول أكممذب بكممل ممما أسمممع عنممه‪ .‬ولممما‬
‫م ذكممر‬‫اطلعت عليه وجدته فوق ما أسمع‪ ،‬وأفظع مما يقال فيممه‪] .‬ث م ّ‬
‫بعض تلك النظمة وبين وجه مخالفتهمما للشممريعة[]الممدرر السممنية‪ ،‬ج‬
‫‪،16‬ص ‪.[237‬‬
‫********************‬

‫)‪(189‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شبهات تتعلق بالمسألة والرد عليها‬

‫وهناك بعض الشبه في مسألة الحكم بغير ما أنممزل اللممه يتمسممك‬


‫بها بعض أنصار الطواغيت في هذا العصر نذكرها ونممذكر الممرد عليهمما‬
‫بشيء من اليجاز وإن كان ما سبق فيه غنية لمممن أراد اللممه هممدايته‬
‫جرد للحق‪.‬‬‫وت ّ‬
‫قال الشيخ الفاضل عبمد العزيمز بمن صمهيب الممالكي فمك اللمه‬
‫أسره‪:‬‬
‫من تلك الشبه‪:‬‬
‫الشبهة الولى‪ :‬كفٌر دون كفر‬

‫الشبهة الولى هي التفسير الخاطئ لقول ابن عّباس رضممي اللممه‬


‫عنه‪ ،‬حيث قال أن الكفر الوارد بالية }ومن لم يحكم بما أنممزل اللممه‬
‫فأولئك هم الكافرون{ هو "كفٌر دون كفر"‪.‬‬
‫يقول الدكتور صلح الصاوي حفظه الله تعالى في معممرض رده‬
‫ج المبطلممون فممي هممذا العصممر علممى أن‬ ‫على هممذه الشممبهة أنمه‪» :‬د ََر َ‬
‫ل عليه الكتاب‬ ‫يشغبوا ]وهو تهييج الشر[ على ما سبق تقريره مما د ّ‬
‫دل شرائع الله تعالى‪،‬‬ ‫والسنة وانعقد عليه إجماع المة من كفر من ب ّ‬
‫أو رد ّ أحكام الله تعالى‪ ،‬بالقول بممأن هممذا المممر مممن جنممس الممذنوب‬
‫والمعاصي التي ل تخرج من الملة؟ وحجتهممم فممي ذلممك أنممه ل يكفممر‬
‫أحد من أهل القبلة بذنب إل ّ إذا اسممتحّله‪ ،‬وأن كممثيرا ً ]والصممواب هممو‬
‫ض[ من أهل العلم ذكر في تفسير قوله تعالى‪} :‬ومممن لممم يحكممم‬ ‫بع ٌ‬
‫بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون{ ]المائدة‪ [44 :‬قول ابن عبمماس‬
‫وطاووس ومجاهد وغيرهم أن هذا كفٌر دون كفممر‪ ،‬وأنممه ليممس كمممن‬
‫كفممر بممالله تعممالى وملئكتممه‪ ،‬ويقولممون إن الّتكفيممر بممذلك هممو منهممج‬
‫الخوارج الذين كانوا يكفممرون مخممالفيهم مممن أهممل القبلممة معتمممدين‬
‫على مثل هذه النصوص وعلى مثل قوله تعالى‪} :‬إن الحكم إل ّ لله{‬
‫]يوسف‪ .[40 :‬والعجيب أن هذه الشبه دخلت إلممى أروقممة المحمماكم‬
‫الوضممعية الممتي انتصممبت لمحاكمممة التيممار السمملمي‪ ،‬فتجممد ممّثلممي‬
‫الدعاء العام يبدءون ويعيدون في تكرار هذه المقولة متهميممن أبنمماء‬
‫الحركة السلمية بممأنهم يممرددون مقممولت الخمموارج؟ وأن مجتمعاتنمما‬

‫)‪(190‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المعاصرة لم تنكر لله حكما ً ولم ترد ّ له أمرا ً فل يصدق عليها وصممف‬
‫م كممذلك‪ ،‬نظممرا ً للظممروف‬ ‫الكفر الوارد في اليممة‪ ،‬بممل ول يلحقهمما إث م ٌ‬
‫الدقيقة التي تمّر بها المة السلمية في واقعنا المعاصر«‪.‬‬
‫ع‬
‫هذه هي جملة أقوالهم‪ ،‬وقد قام بالرد ّ علمى همذه الشمبهة جمم ٌ‬
‫من العلماء الفاضل‪ ،‬ولكممن خشممية الطالمة أقتصمر علممى رد ّ الشميخ‬
‫أحمد شاكر وأخوه محمود شمماكر رحمهممما اللممه تعممالى‪ ،‬قممال الشمميخ‬
‫العلمة أحمد شاكر في "عمدة التفسير" تعليقا ً على أثر ابممن عبمماس‬
‫المشار إليه أن‪» :‬هذه الثار عن ابممن عبمماس وغيممره مممما يلعممب بهمما‬
‫المضللون في عصرنا هذا مممن المنتسممبين للعلممم ومممن غيرهممم مممن‬
‫الجممراء علممى الممدين يجعلونهمما عممذرا ً أو إباحممة للقمموانين الوثنيممة‬
‫ضربت على بلد السلم‪ ،‬وهناك أثٌر عن أبممي مجلممز‬ ‫الموضوعة التي ُ‬
‫في جدال الباضية الخوارج إياه فيما كممان يصممنع بعممض المممراء مممن‬
‫الجور فيحكمون في بعض قضائهم بما يخممالف الشممريعة عمممدا ً إلممى‬
‫الهوى أو جهل ً بالحكم‪ ،‬والخمموارج مممن مممذهبهم أن مرتكممب الكممبيرة‬
‫كافر‪ ،‬فهم يجادلون يريدون من أبي مجلز أن يوافقهم على ما يرون‬
‫عذرا ً لهم فيما يرون مممن الخممروج‬ ‫من كفر هؤلء المراء ليكون ذلك ُ‬
‫عليهممم بالسمميف‪ ،‬وهممذان الثممران رواهممما الطممبري ]تحممت رقممم[ »‬
‫‪ «12025‬و»‪ «12026‬وكتممب عليهممما أخممي محمممود محمممد شمماكر‬
‫تعليقا ً نفيسا ً جدا ً قويما ً صمريحًا‪ « ...‬ثمم قمال‪» :‬فكتمب أخمي محممود‬
‫صمه‪» :‬اللهمم إنممي أبممرأ إليممك‬ ‫محمد شاكر بمناسبة هذين الثرين ما ن ّ‬
‫دروا الكلم فممي‬ ‫من الضللة‪ ،‬وبعد فإن أهل الريب والفتن ممممن تص م ّ‬
‫زماننا هذا قد تلمس المعذرة لهل السمملطان فممي تممرك الحكممم بممما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وفي القضاء في الموال والعراض والدماء بغيممر شممريعة‬
‫الله التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في‬
‫ما وقف على هذين الثرين‪ ،‬اتخذهما رأيا ً يرى صواب‬ ‫بلد السلم‪ ،‬فل ّ‬
‫القضمماء فممي الممموال والعممراض والممدماء بغيممر ممما أنممزل اللممه‪ ،‬وأن‬
‫مخالفة شريعة الله في القضاء العام ل تكفر الراضي عنها والعامممل‬
‫عليها‪ ...‬ومن البّين أن الذين سألوا أبا مجلز من الباضية إنممما كممانوا‬
‫يريدون أن ُيلزموه الحجة في المراء لنهم فممي معسممكر السمملطان‪،‬‬
‫ولنهم ربما عصوا وارتكبوا بعض ما نهاهم الله عممن ارتكممابه‪ ،‬ولممذلك‬
‫قال لهم في الخبر الول »‪ «12025‬فإن هم تركوا شيئا ً منه عرفمموا‬
‫أنهم قد أصابوا ذنبًا‪ ،‬وقال لهم فممي الخممبر الثمماني »‪» «12026‬إنهممم‬
‫)‪(191‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َيعملون بما َيعلمون أنه ذنب« وإذن فلم يكن سؤالهم عممما احتممج بممه‬
‫ن‬ ‫مبتدعة زماننا من القضاء في الممموال أو الممدماء والعممراض بقممانو ٍ‬
‫ن ملمزم لهمل السملم‪،‬‬ ‫مخالف لشممريعة اللمه‪ ،‬ول فممي إصمدار قمانو ٍ‬
‫بالحتكام إلى غير حكممم اللممه فممي كتممابه وعلممى لسممان نممبيه ‪ r‬فهممذا‬
‫ض عن حكم اللمه ورغبممة عممن دينممه‪ ،‬وإيثمماٌر لحكممام أهممل‬ ‫الفعل إعرا ٌ‬
‫ك فيمه أحمد ٌ ممن‬ ‫الكفر على حكمه سبحانه وتعالى‪ ،‬وهذا كفمٌر ل يشم ّ‬
‫أهل القبلة على اختلفهم في تكفير القائل به والداعي إليممه‪ ،‬والممذي‬
‫نحن فيه اليوم هو هجٌر لحكام اللممه‪ ،‬وإيثمماُر أحكممام ٍ غيممر حكمممه فممي‬
‫ل لكل ممما فممي شممريعة‬ ‫كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتعطي ٌ‬
‫الله‪ ،‬بل بلغ مبلغ الحتجمماج علممى تفضمميل أحكممام القممانون الموضمموع‬
‫دعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة‬ ‫على أحكام الله المنزلة‪ ،‬وا ّ‬
‫إنما أنزلممت لزمممان غيممر زماننمما ولعلممل وأسممباب انقضممت فسممقطت‬
‫الحكام كلها بانقضائها‪ ،‬فممأين هممذا مممما بّينمما فممي حممديث أبممي مجلممز‬
‫والنفر من الباضية من بني عمر بن سدوس؟ ولو كممان المممر علممى‬
‫ما ظنوا في خبر ابن مجلز أنهم أرادوا مخالفة السمملطان فممي حكممم‬
‫ن‬‫من أحكام الشريعة فإنه لم يكن يحدث فممي تاريممخ السمملم أن سم ّ‬
‫م حكما ً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها‪ ،‬وهذه واحدة‪ ،‬والخرى‬ ‫حاك ٌ‬
‫ممما‬‫أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيهمما فممإنه إ ّ‬
‫يكون حكم بها وهو جاهل‪ ،‬فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة‪ ،‬وإما أن‬
‫ب تنمماله التوبممة‪ ،‬وتلحقممه‬ ‫يكممون حكممم بهمما همموىً ومعصممية‪ ،‬فهممذا ذن م ٌ‬
‫المغفرة‪ ،‬وإما أن يكون حكم بها متأول ً حكما ً خالف به سائر العلماء‪،‬‬
‫ل يستمد تأويله من القرار ببعممض الكتمماب‬ ‫فهذا حكمه حكم كل متأوّ ٍ‬
‫وسنن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأما أن يكون في زمممان أبممي‬
‫م في أمرٍ جاحدا ً بحك مم ٍ مممن أحكممام‬ ‫م حك َ‬ ‫مجلز أو قبله أو بعده‪ ،‬حاك ٌ‬
‫الشريعة‪ ،‬أو مؤثرا ً لهل الكفر على أحكام أهممل السمملم‪ ،‬فممذلك لممم‬
‫يكن قط‪ ،‬فل يمكن صرف كلم أبي مجلز والباضية إليه‪ ،‬فمن احتممج‬
‫ة‬
‫بهذين الثرين وغيرهما في غير بابها وصرفها إلى غير معناهمما‪ ،‬رغب م ً‬
‫في ُنصرةِ سلطان أو احتيال ً على تسويغ الحكم بغيممر ممما أنممزل اللممه‬
‫مه في الشريعة كالجاحد لحكم مممن أحكممام‬ ‫حك ْ ُ‬
‫وفرض على عباده‪ ،‬ف ُ‬
‫ي بتبممديل‬ ‫الله أن يستتاب فممإن أصممر وكممابَر وجحممد حكممم اللممه ورضم ّ‬
‫ف لهممل هممذا‬ ‫الحكممام‪ ،‬فحكممم الكممافرِ المصممر علممى كفممره معممرو ٌ‬
‫الدين"«‪.‬‬
‫)‪(192‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال أبو إسراء السيوطي في التعقيب علممى هممذا الكلم »فهممذا‬
‫ح وضموح‬ ‫الكلم ممن الشميخ أحممد شماكر وإقمراره لكلم أخيمه واضم ٌ‬
‫الشمس في التفرقة بين الحال التي قصدها ابن عبمماس وأبممو مجلممز‬
‫والحال التي نحن فيها الن وأن كلمهما وارد في أمراء الجور الممذين‬
‫يحكمون في قضية أو قضايا بغير ممما أنممزل اللممه مممع كممون الشممريعة‬
‫التي يحتكمون إليها هي شريعة السلم‪ ،‬وليس واردا ً فممي مممن سممن‬
‫للناس قانونا ً مخالفا ً لشرع الله وألزمهم بالتحاكم إليه«‪.‬‬
‫وقممال الشمميخ الممدكتور صمملح الصمماوي فممي التعقيممب علممى كلم‬
‫ن المذي يممواجهه العمممل السملمي فمي‬ ‫الشمميخ محمممود شماكر »‪ ...‬إ ّ‬
‫واقعنا المعاصر ليس خلل ً عارضما ً أو انحرافما ً جزئيما ً فممي قضممية مممن‬
‫القضايا حاد فيها القاضي عممن الحممق لهمموىً أو رشمموة كممما هممو حممال‬
‫ل فممي أصممل‬ ‫خلم ٌ‬
‫النحرافات في ظل المجتمعممات السمملمية‪ ،‬ولكنممه َ‬
‫قاعدة التحاكم في الدين الذي يجب أن ُترد ّ إليه المممور عنممد النممزاع‬
‫في القانون الواجب التباع في حياة المة‪ ،‬هل هو الكتاب والسنة أم‬
‫القوانين الوضعية التي تصدر عن البرلمان والسلطة التشريعية؟ إنه‬
‫يتعلق بالجابممة علممى هممذا السممؤال‪ :‬لمممن الحكممم فممي دار السمملم؟‬
‫لشممريعة اللممه أم لقمموانين أوروبمما؟ هممل تقمموم الدولممة علممى تحكيممم‬
‫الشريعة السلمية؟ أم على تحكيم القوانين الوضعية؟«‪.‬‬
‫فر أحد بذنب إل إذا استحّله‬ ‫الشبهة الثانية‪ :‬ل ُيك ّ‬

‫ب إل ّ إذا اسممتحله"‪.‬‬ ‫الشبهة الثانية‪ :‬هي قممولهم "ل ُيكّفممر أحمد ٌ بممذن ٍ‬
‫وقد رد على هذه الشبهة علماء أهل السنة قديما ً وحديثًا‪ ،‬منهم على‬
‫سبيل المثال ل الحصر المام ابن أبي العز الحنفي‪ ،‬قال رحمممه اللممه‬
‫تعالى أنه قد‪» :‬امتنع كثيٌر من الئمة عن إطلق القول‪ :‬بأّنمما ل نكفممر‬
‫أحدا ً بذنب‪ ،‬بل يقال‪ :‬ل نكفرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج‪ ،‬وفرق‬
‫بيممن النفممي العممام ونفممي العممموم‪ ،‬والممواجب إنممما هممو نفممي العممموم‬
‫ة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب«‪.‬‬ ‫مناقض ً‬
‫قال الشيخ أبو قتادة الفلسطيني حفظه الله تعالى معقب ما ً علممى‬
‫ن مجرد السممتحلل هممو كفممر وردة‪،‬‬ ‫هذا القول‪» :‬وهذا بّين واضح‪ ،‬فإ ّ‬
‫ج مممن‬ ‫مكّف مٌر ومخممر ٌ‬
‫لن فيه الرد على الله تعالى‪ ،‬فالستحلل بممذاته ُ‬
‫ة لطلبممة‬ ‫الملة‪ ،‬وهو أحد أنواع الكفر‪ ،‬ولكن الكفر أنواعٌ أخرى معروف ٌ‬

‫)‪(193‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العلم‪ ،‬منها الستهزاء‪ ،‬والجحود‪ ،‬والعراض‪ ،‬والعناد‪ ،‬والباء‪ ،‬والكفممر‬
‫يكون باللسان ويكون بالقلب ويكون بالعممل كممما همو قمول السملف‬
‫وعامة الفقهاء‪ ...‬ومن المثلة الواضحة في ذلك سمماب الرسممول ‪،‬‬
‫فإن أهل السنة يكفرونه سواٌء اسممتحل أو لممم يسممتحله‪ ،‬سممواٌء كممان‬
‫ج مممن‬‫مصدقا ً لنبوته أم مكذبا ً لها‪ ،‬إذ مجرد السب هو كفٌر أكبر مخممر ٌ‬
‫الملة‪ ...‬هذا وقد تبّين أن تبديل الشريعة وسن القوانين والتشريعات‬
‫المخالفة المعاندة لحكم الله تعممالى إممما بوصممفها أو بأصمملها‪ ،‬كإباحممة‬
‫الخمر والزنا وتحريم الجهاد وتعدد الزوجات هذه بأصمملها‪ ،‬أو بوصممف‬
‫بعض الحدود وذلك بتقليل العقوبات أو بزيادتها‪ ،‬فهذا كفٌر أكبر سواء‬
‫ن ممما فعلممه هممو عيممن تحليممل‬
‫ل هذا الفعل أو لم يستحله‪ ،‬بممل إ ّ‬‫استح ّ‬
‫ل لممدين‬‫الحرام المجمع عليه ]أي المجمع على كفر فاعله[ وهو تبممدي ٌ‬
‫الله تعالى‪ ،‬وقد قال ابن تيمية أن التبديل كفٌر وردةٌ باتفمماق والحمممد‬
‫لله رب العالمين«‪.‬‬

‫الشبهة الثالثة‪:‬‬
‫"لماذا لم يكفر المام أحمد رحمه الله تعالى المأمون‬
‫الذي يقول بخلق القرآن"؟‬

‫جهت بهذا السؤال إلى الشيخ عمر بن محمود أبو عممر »أبمي‬ ‫تو ّ‬
‫َقتادة الفلسطيني« حفظه اللممه تعممالى‪ ،‬فأجمماب مشممكورا ً بممما يلممي‪:‬‬
‫شَبه بعضهم في عدم تكفير الحكام المبدلين لشريعة الرحمممن‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬
‫» ِ‬
‫ووجوب الخروج عليهم وعدم جواز عقد البيعة لهم قولهم‪ :‬أن الئمة‬
‫وعلى رأسهم المام أحمد بن حنبممل لممم يكّفممروا المممأمون مممع قمموله‬
‫بخلق القرآن ونفي صفات الباري ولممم يخرجمموا عليممه‪ .‬نقممول وبممالله‬
‫التوفيق‪ :‬إن هذه الشممبهة ل تنطلممي إل ّ علممى الجهلمة وغممار النمماس‪،‬‬
‫ممما مممن كممان‬ ‫وقائلها إما أنه جاهل أو أنه متلعب بدين اللممه تعممالى‪ ،‬أ ّ‬
‫م كممذلك‬ ‫عارفا ً بحالنا‪ ،‬عالما ً بأي شمميء كفممر حكممام اليمموم‪ ،‬وهممو عممال ٌ‬
‫ل‬
‫بمذهب أئمة السلف مع المتأولين علم أنممه ل يجمموز المقارنممة بحمما ٍ‬
‫من الحوال‪ ،‬إذ هناك فرقٌ كبيٌر بين من أعرض عن الشريعة ونبممذها‬
‫عن قصد ونية‪ ،‬وبين المتأول الذي قصد الحق وأخطأه‪ ،‬فالمأمون ثم‬
‫مممن كممان علممى طريقتهممم مممن‬ ‫المعتصممم لقممولهم بخلممق القممرآن‪ ،‬و َ‬

‫)‪(194‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الجهميممة وهممم الممذين ينفممون صممفات اللممه تعممالى هممؤلء متممأولون‪،‬‬
‫وللمتأولين في ديننا وفي مذهب أهل السنة قول وحكم هو كالجماع‬
‫عند الوائل وإن حصل فيه الخلف عند المتأخرين‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وصورته‪ :‬أن يقول المرء قول ً‬ ‫التأويل‪ :‬هو اعتقاد غير الدليل دلي ً‬
‫أو يعتقد أمرا ً أو يفعل فعل ً وهو يظن أن هذا القول وهذا الفعل وهذا‬
‫العتقاد هو الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليممه وسمملم وهممو‬
‫في حقيقة المر وفي نفس المر ليس كذلك‪ ،‬فهو رجل يريممد الحممق‬
‫متنمما فمِإنهم يريممدون الحممق‬ ‫ول ي ُممدركه‪ ،‬وهممذا حممال أهممل البممدع فممي أ ّ‬
‫ولكنهم أخطأوه‪ ،‬والبدع قد تكون في العْلميات »كالبدع العتقاديممة«‬
‫وقممد تكممون فممي العمِليممات‪ ،‬وهممؤلء مممع قممولهم وفعلهممم واعتقممادهم‬
‫المخالف للشريعة إل ّ أن قصممدهم يعممذرهم فممي نفممس المممر‪ ،‬ولهممذا‬
‫نهى الئمة عن تكفير المتأّولين‪ ،‬وقد كتب ابممن حممزم كتابما ً فممي هممذا‬
‫ذكره في كتابه "إحكممام الحكمام"‪ ،‬وهممذا مممذهب أهمل السممنة خلفما ً‬
‫للخوارج والمعتزلة فإنهم ُيكّفرون المخالفين‪ ،‬أممما أهممل السممنة فمممع‬
‫اعتقادهم أن بعض أقوال المخالفين هي كفٌر بعينهمما ولكممن يمتنعممون‬
‫عن تكفير كل قائل لها‪ ،‬إذ هناك فرق بين التكفير بالنوع وبين تكفيممر‬
‫العين‪ ،‬وهذا يعرفه صغار طلبة العلم‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه الله تعالى‪" :‬القوال التي يكفر قائلهمما‪ ،‬قممد‬
‫يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفممة الحممق‪ ،‬وقممد تكممون‬
‫عنده‪ ،‬ولممم تثبممت عنممده‪ ،‬أو لممم يتمكممن مممن فهمهمما‪ ،‬وقممد يكممون قممد‬
‫عرضت له شبهات يعذره الله بها‪ ،‬فمن كان مممن المممؤمنين مجتهممدا ً‬
‫ه خطايمماه كائن ما ً مممن كممان‪،‬‬ ‫في طلب الحق وأخطأ‪ ،‬فإن الله يغف مُر ل م ُ‬
‫سواًء كان في المسائل النظرية‪ ،‬أو العملية‪ ،‬هذا الذي عليه أصحاب‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وجممماهير أئمممة السمملم" إلممى أن قممال‪:‬‬
‫"كممان المممام أحمممد ‪-‬رحمممه اللممه تعممالى‪ُ -‬يكف مّر الجهميممة المنكريممن‬
‫لسماء الله وصفاته‪ ،‬لن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صمملى‬
‫الله عليه وسلم ظاهرةٌ بينة‪ ...‬لكن ما كان ُيكّفُر أعيانهم‪ ،‬فإن الممذي‬
‫يدعو إلى القول أعظم من الممذي يقممول بمه‪ ،‬والممذي ُيعمماقب مخممالفه‬
‫م من الذي يدعو فقط‪ ...‬ومع هذا فالذين كانوا ممن ولة الممور‬ ‫أعظ ُ‬
‫يقولممون بقممول الجهميممة‪ ،‬ويممدعون النمماس إلممى ذلممك وُيعمماقبونهم‪،‬‬
‫وُيكفرون من لم ُيجبهم‪ ،‬ومع هذا فالمام أحمد ‪-‬رحمممه اللممه تعممالى‪-‬‬
‫ن لهم أنهممم مكممذبون‬ ‫م عليهم‪ ،‬واستغفَر لهم‪ ،‬لعلمه بأنهم لم ي ُب َي ّ ُ‬ ‫ترح ّ‬
‫)‪(195‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫للرسول صلى الله عليه وسلم ول جاحدون لما جاء به‪ ،‬ولكن تممأوّلوا‬
‫فأخطئوا‪ ،‬وقّلدوا من قال لهم ذلك‪." ...‬‬
‫فهذا هو شأن الئمة مع المتأولين‪ ،‬فقصد المتأولين إصابة الحق‪،‬‬
‫وعدم قصدهم تكذيب الرسول ‪ ‬وعدم جحممدهم ممما جمماء بممه‪ ،‬مممانع‬
‫مكّفرة‪.‬‬ ‫ل ُ‬‫معّين منهم مع قولهم بأقوا ٍ‬ ‫من موانع تكفير ال ُ‬
‫أما حكام زماننا فقد تممبّين لكممل ذي بصمميرة ونظممر أنهممم قصممدوا‬
‫مخالفة الشريعة‪ ،‬بل أعلنوا فممي دسمماتيرهم وقمموانينهم‪ :‬أن السمميادة‬
‫ة عليمما مطلقممة لهمما الحممق فممي تقييممم‬ ‫للشعب‪ ،‬والسمميادة هممي سمملط ٌ‬
‫الشياء والفعال‪ ،‬وهذا يعدل في ديننمما اسممم الممرب‪ :‬السمميد والصمممد‬
‫والحكم‪ ،‬وهو عين الكفر‪ ،‬وعين مضاهاة حكم الله‪ ،‬وعيممن العممراض‬
‫ل أعلممن أن اللممه‬ ‫والباء‪ ،‬فكيف ساوى هؤلء الُعميان والجهلة بين رج ٌ‬
‫ب المر والنهي‪ ،‬ولكنه أخطأ في فهممم المممر والنهممي‪ ،‬وبيممن‬ ‫هو صاح ُ‬
‫رجل رفض أن يكون المُر والنهي لله تعالى‪ ،‬بل جعله لنفسه؟ فهممل‬
‫هذا كهذا يا عباد الله؟ نعوذ بالله من الخذلن‪.‬‬
‫ولذلك مما أجمع عليه علماؤنا أن التشريع كفر كما قممال المممام‬
‫الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه العتصام الجممزء الول صممم ‪61‬‬
‫ك أن‬ ‫ك وكفممر"]ول شم ّ‬ ‫قممال‪" :‬وأجمعمموا كممذلك أن تبممديل الممدين شممر ٌ‬
‫ل للممدين‪ ،‬سممواء نسممب فعلممه إلممى‬ ‫تحليل الحرام وتحريم الحلل تبدي ٌ‬
‫الدين أو لم ينسبه[‬
‫وقال ابن تيمية ‪-‬رحمه الله تعالى‪" -‬والنسان متى حلل الحممرام‬
‫المجمع عليه‪ ،‬أو حّرم الحلل المجمع عليه‪ ،‬أو بممدل الشممرع المجمممع‬
‫عليه‪ ،‬كان كافرا ً مرتدا ً باتفاق الفقهاء"‪.‬‬
‫فهل ما فعله هؤلء الحكام أنهم أرادوا تطبيق حكممم اللممه تعممالى‬
‫فأخطئوا فممي تطممبيقه‪ ،‬أم أنهممم ابتممداًء قصممدوا نبممذ القممرآن والسممنة‬
‫والخذ بقول الفرنج في التحليل والتحريم؟‬
‫إن من زعم أن هؤلء الحكام المبدلين قد أرادوا الخيممر وتطممبيق‬
‫ب‬‫م هو يكممذ ُ‬ ‫ب عليهم أول ً ث ّ‬ ‫الشريعة ولكنهم أخطئوا الطريق فهو كاذ ٌ‬
‫على نفسه‪ ،‬والواقع بكل ما فيه يرد عليه وُيكممذُبه‪ ،‬إذ مخالفممة هممؤلء‬
‫الحكام للشريعة ل بسممبب خطممأ فممي فهمهمما ولكممن بقصممد مخالفتهمما‬
‫ح بّين‪ ،‬بل هم ُيصرحون أن الشمريعة‬ ‫ومضاهاتها ومضادتها‪ ،‬وهذا واض ٌ‬
‫ل دخل لها في سياساتهم ول في قوانينهم وإنما الدين هو بين العبممد‬

‫)‪(196‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عمون‪ .‬فليتق هؤلء ربهم ول ي ُممزوروا علممى النمماس‬ ‫وربه فقط فيما َيز ُ‬
‫دينهم«‪.‬‬
‫انتهى كلم الشيخ حفظه الله تعالى‪ ،‬ونسممأله تعممالى أن ينفممع بممه‬
‫وبعلمه السلم والمسلمين وأن يجزيه عنمما خيمَر الجممزاء‪ .‬وقممد كتممب‬
‫الشممميخ همممذا الجمممواب بتاريمممخ ‪ 14‬محمممرم ‪1418‬همممم‪ ،‬الموافمممق‬
‫‪21/5/1997‬مم‪.‬‬

‫الشبهة الرابعة‪ :‬عمل يوسف عند ملك مصر‬


‫ن هذه الشبهة تعّلق بها أهل الهواء العارون من الدلة‪...‬‬ ‫»اعلم أ ّ‬
‫ل يوسف عليه السلم منصب المموزارة عنممد ملممك‬ ‫فقالوا‪ :‬ألم يتو ّ‬
‫كافر ل يحكم بما أنزل الله تعالى؟ إذن يجوز المشماركة بالحكوممات‬
‫الكافرة بل والولوج في البرلمانات ومجالس المة ونحوها‪..‬‬
‫ن الحتجاج بهذه الشبهة على‬ ‫فنقول وبالله تعالى التوفيق‪:‬أول ً‪ :‬إ ّ‬
‫الولوغ في البرلمانات التشريعية وتسويغها باطممل وفاسممد‪ ،‬لن هممذه‬
‫البرلمانات الشركية قائمة على دين غير دين الله تعالى أل وهو ديممن‬
‫الديمقراطية الممذي تكممون ألوهيممة التشممريع والتحليممل والتحريممم فيممه‬
‫للشعب ل لله وحده‪..‬‬
‫وقد قال تعالى‪} :‬ومن يبتِغ غير السلم دينا ً فلن ُيقبممل منممه وهممو‬
‫م أن‬ ‫في الخرة من الخاسرين{ ]آل عمران‪ .[85 :‬فهممل يجممرؤ زاع م ٌ‬
‫ن يوسف عليه السلم اتبع دينا ً غير دين السلم أو مل ّممة غيممر‬ ‫يزعم بأ ّ‬
‫حممدين‪ ..‬أو أقسممم علممى احترامهمما‪ ..‬؟؟ أو شمّرع ِوفقما ً‬ ‫مّلة آبائه المو ّ‬
‫لها‪ ..‬؟؟ كما هو حال المفتونين بتلك البرلمانات‪ ..‬؟؟‪.‬‬
‫كيف وهو يعلنها بملء فيه في وقت الستضعاف فيقممول‪} :‬إنممي‬
‫ت‬ ‫ت مّلة قوم ٍ ل ُيؤمنون بالله وهممم بممالخرة هممم كممافرون‪ .‬واتبعم ُ‬ ‫ترك ُ‬
‫مّلة ءابائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بممالله مممن‬
‫شيء{ ]يوسف‪.[38-37 :‬‬
‫متفرقون خيٌر أم ِ الله الواحممد‬ ‫ب ّ‬
‫سجن ءأربا ٌ‬ ‫ي ال ّ‬
‫ويقول‪} :‬يا صاحب َ‬
‫ؤكم ممما‬ ‫ميتموها أنتممم وءابمما ُ‬
‫القهار‪ .‬ما تعبدون من دونه إل أسممماًء سم ّ‬
‫م إل لله أمر أل ّ تعبدوا إل إياه ذلك‬ ‫ن الحك ُ‬
‫أنزل الله بها من سلطان إ ِ‬
‫ن أكثر الناس ل يعلمون{ ]يوسف‪.[40-39 :‬‬ ‫الدين القيم ولك ّ‬
‫أفُيعلنها ويصدع بها ويدعو إليها وهو مستضممعف‪ ..‬ثممم ُيخفيهمما أو‬
‫)‪(197‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ينقضها بعد التمكين‪ ..‬؟؟!!‪.‬‬
‫أجيبونا يا أصحاب الستصلحات‪!! ..‬‬
‫ثم أل تعلمون يا دهمماقين السياسممة أن المموزارة سمملطة تنفيذيممة‬
‫والبرلمممان سمملطة تشممريعية‪ ..‬وبيممن هممذه وهممذه فممروق وفممروق‪،‬‬
‫فالقياس هاهنا ل يصح عند القائلين بممه‪ ...‬ومنممه تعلممم أن السممتدلل‬
‫بقصة يوسف عليه السلم على تسويغ البرلمانممات ل يصممح أبممدًا‪ ،‬ول‬
‫مممانع أن ُنواصممل إبطممال اسممتدللهم بهمما علممى المموزارة لشممتراك‬
‫المنصبين في زماننا بالكفر‪..‬‬
‫ل هذه‬ ‫مقايسة تولي كثير من المفتونين للوزارة في ظ ّ‬ ‫ن ُ‬‫ثانيا ً‪ :‬إ ّ‬
‫الدول الطاغوتية التي تشمرع ممع اللمه وتحمارب أوليماء اللمه وتموالي‬
‫أعداءه على ِفعممل يوسممف عليممه السمملم قيمماس فاسممد وباطممل مممن‬
‫وجوه‪:‬‬
‫ل هذه الحكومات التي تحكممم بغيممر‬ ‫ن متولي الوزارة في ظ ّ‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫ما أنزل الله تعالى لبد وأن يحترم دستورهم الوضعي ويدين بممالولء‬
‫والخلص للطمماغوت الممذي أمممره اللممه أول ممما أمممره أن يكفممر بممه‬
‫مممروا أن يكفممروا بممه{‬‫}ُيريممدون أن يتحمماكموا إلممى الطمماغوت وقممد أ ِ‬
‫]النساء‪ .[60 :‬بل لبد عندهم من القسم على هذا الكفر قبممل تممولي‬
‫المنصب مباشرة تماما ً كما هو الحال بالنسبة لعضو البرلمممان‪ .‬ومممن‬
‫ديق الكريم ابن الكريم ابن الكريم كممان كممذلك‬ ‫يزعم أن يوسف الص ّ‬
‫مع أن الله زكاه وقال عنه‪} :‬كذلك لنصممرف عنممه السمموء والفحشمماء‬
‫إنه مممن عبادنمما المخلصممين{ ]يوسممف‪ .[24 :‬فهممو مممن أكفممر الخلممق‬
‫وأنتنهم‪ ،‬قد برئ من المّلة ومرق من الدين‪.‬‬
‫ل هممذه الحكومممات ‪-‬أقسممم اليميممن‬ ‫ن متولي الوزارة في ظ ّ‬ ‫‪ -2‬إ ّ‬
‫الدستورية أم لم يقسم‪ -‬لبد له أن يدين بالقانون الكفممري الوضممعي‬
‫ع‬
‫م مطي م ٌ‬ ‫ص له وخمماد ٌ‬
‫وأن ل يخرج عنه أو يخالفه‪ ،‬فما هو إل عبد ٌ مخل ٌ‬
‫لمن وضعوه في الحقّ والباطل والفسق والظلم والكفر‪..‬‬
‫ديق كممذلك‪ ،‬حممتى يصمملح الحتجمماج بفعلممه‬ ‫فهل كان يوسف الصم ّ‬
‫من يرمي نبي الله ابممن نممبي‬ ‫ن َ‬‫لتسويغ مناصب القوم الكفرية‪ ..‬؟؟ إ ّ‬
‫ك فممي كفمره‬ ‫الله ابن نبي الله ابن خليل الله بشيٍء ممن هممذا ل نشم ُ‬
‫وزندقته ومروقه من السلم‪ ..‬لن الله تعالى يقول‪} :‬ولقد بعثنا في‬
‫ن اعبممدوا اللممه واجتنبمموا الطمماغوت{ ]النحممل‪.[36 :‬‬ ‫ل أمةٍ رسممول ً أ ِ‬ ‫ك ّ‬

‫)‪(198‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهذا أصل الصول وأعظم مصمملحة فممي الوجممود عنممد يوسممف عليممه‬
‫السلم وسائر رسل الله‪..‬‬
‫فهممل يعقممل أن يممدعو الن ّمماس إليممه فممي السممراء والضممراء وفممي‬
‫الستضعاف والتمكين ثم هو يناقضه فيكون من المشممركين؟؟ كيممف‬
‫والله قد وصفه بأنه من عباد الله المخلصين؟؟ ولقد ذكر بعض أهممل‬
‫ن قوله تعالى‪} :‬ما كممان ليأخممذ أخمماه فممي ديممن الملممك‪{...‬‬ ‫التفسير أ ّ‬
‫مطبق ما ً‬ ‫ن يوسف عليممه السمملم لممم يكممن ُ‬ ‫]يوسف‪ .[76 :‬دليل على أ ّ‬
‫ملزما ً بالخذ به‪..‬‬‫منقادا ً له ول ُ‬
‫لنظام الملك وقانونه ول ُ‬
‫فهل يوجد في وزارات الطواغيت أو برلماناتهم اليوم مثل هذا؟؟‬
‫أي أن يكون حال الوزير فيها كما يقال »دولة داخل دولة«‪ ..‬؟؟ فإن‬
‫لم يوجد فل وجه للقياس ها هنا‪..‬‬
‫ن يوسف عليه السلم تولى تلك الوزارة بتمكين من الله عز‬ ‫‪ -3‬إ ّ‬
‫وجل‪ ،‬قال تعالى‪} :‬وكذلك مك ّّنا ليوسف في الرض{ ]يوسف‪.[56 :‬‬
‫فهو إذا ً تمكين من الله‪ ،‬فليس للملك ول لغيممره أن يضممره أو يعزلممه‬
‫من منصبه ذاك‪ ،‬حتى وإن خالف أمر الملك أو حكمه وقضاءه‪...‬‬
‫ب من هذا‬ ‫فهل لهؤلء الرذال المتولين عند الطواغيت اليوم نصي ٌ‬
‫في مناصبهم المهترئة التي هممي فممي الحقيقممة لعبممة بيممد الطمماغوت‪،‬‬
‫حتى يصح مقايستها على وليممة يوسممف عليممه السمملم تلممك وتمكينممه‬
‫ذاك؟‪.‬‬
‫ن يوسف عليه السلم تولى الوزارة »بحصانة« حقيقية كاملة‬ ‫‪-4‬إ ّ‬
‫من الملك‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪} :‬فلما كّلمممه قممال إنممك اليمموم لممدينا‬
‫مكين أمين{ ]يوسف‪ .[54 :‬فأطلقت له حرية التصممرف كاملممة غيممر‬
‫كنمما ليوسممف فممي الرض يتبمموأ منهمما‬ ‫منقوصة في وزارته }وكممذلك م ّ‬
‫حيث يشمماء{ ]يوسممف‪ .[56 :‬فل معممترض عليممه ول محاسممب لممه ول‬
‫رقيب على تصرفاته مهما كانت‪ ..‬فهل مثل هذا موجود فممي وزارات‬
‫الطواغيت اليوم أم أنها حصانات كاذبة زائفة‪ُ ...‬تزال وتسحب سريعا ً‬
‫إذا لعب الوزير بذيله‪ ،‬أو ظهر عليه شمميء مممن المخالفممة أو الخممروج‬
‫عن خط المير أو دين الملك؟؟‬
‫فما الوزير عنمدهم إل خادمما ً لسياسمات الميمر أو الملمك يمأتمر‬
‫بأمره وينتمهي عن نهيه‪ ،‬وليس له الحق بأن ُيخالف أمممرا ً مممن أوامممر‬
‫الملك أو الدستور الوضعي ولو كان مضادا ً لمر الله تعالى ودينه‪...‬‬

‫)‪(199‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومن زعم أن شيئا ً من هذا يشبه حال يوسممف عليممه السمملم فممي‬
‫وليته فقد أعظم الفرية‪.‬‬
‫فإن علم أن حاله عليه السلم ووضعه ذاك غير موجود اليوم في‬
‫وزارات الطواغيت‪ ،‬فل مجال للقياس ها هنمما‪ ،‬إذا ً فليممترك البطممالون‬
‫عنهم الهذر والهذيان في هذا الباب‪..‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬مممن الممردود المبطلممة لهممذه الشممبهة‪ ،‬ممما ذكممر بعممض أهممل‬
‫التفسير من أن الملك قد أسلم‪ ،‬وهو مروي عممن مجاهممد تلميممذ ابممن‬
‫عباس رضي الله عنهما‪ ،‬وهذا القول يممدفع الستشممهاد بهممذه القصممة‬
‫من أصله‪...‬‬
‫ونحن ندين الله ونعتقد بأن اتباع عممموم أو ظمماهر آيممة فممي كتمماب‬
‫الله تعالى أولى من كلم وتفسيرات وشقشقات واستنباطات الخلق‬
‫كّلهم العارية من الدلة والبراهين‪ ...‬فمما يدل على هذا القول؛ قوله‬
‫تبارك وتعالى عن يوسف عليه السلم‪} :‬وكممذلك مك ّن ّمما ليوسممف فممي‬
‫الرض{ ]يوسف‪.[21 :‬‬
‫وهذا مجمل قد بّينه الله تعالى في موضع أخر من كتممابه فوصممف‬
‫ن لهمم فمي الرض ممن الممؤمنين بقموله‪} :‬المذين إن‬ ‫م ّ‬
‫كم َ‬ ‫حال ممن ي ُ َ‬
‫كناهم في الرض أقاموا الصملة وءاتموا الزكماة وأممروا بمالمعروف‬ ‫م ّ‬
‫ج‪.[41 :‬‬ ‫ونهوا عن المنكر ولله عاقبة المور{ ]الح ّ‬
‫ولشك أن يوسف عليه السلم من هؤلء بل من ساداتهم‪ ،‬الذين‬
‫إن مكنهم الله أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر‪ ..‬ولشممك ول ريممب‬
‫عند من عرف دين السلم أن أعظم معروف فيه هو التوحيممد الممذي‬
‫كان أصل الصول في دعوة يوسف وآبائه عليهم السمملم‪ ...‬وأعظممم‬
‫منكر هو الشرك الذي كان يحذر منه يوسف ويمقت ويبغض وُيعممادي‬
‫ن الله‬ ‫مك ّ َ‬‫أربابه‪ ..‬وفيه دللة واضحة وقاطعة على أن يوسف بعد أن َ‬
‫له كان صادعا ً بملة آبائه يعقوب وإسحاق وإبراهيممم‪ ،‬آمممرا ً بهمما ناهي ما ً‬
‫ل ما خالفها وناقضها‪ ...‬فل هو حكم بغير ما أنزل اللممه‪ ،‬ول‬ ‫محاربا ً لك ّ‬
‫هو أعان على الحكم بغير ما أنزل الله‪ ،‬ول أعان الرباب المشّرعين‬
‫والطممواغيت المعبممودين مممن دون اللممه ول ظمماهرهم أو تممولهم كممما‬
‫يفعل المفتونون في مناصبهم اليوم‪..‬‬
‫فضل ً أن ُيشاركهم في تشريعاتهم كممما يفعممل اليمموم المفتونممون‬
‫منكرهممم‬ ‫في البرلمانات بل ُيقممال جزمما ً إنممه قممد أنكممر حممالهم وغي ّممر ُ‬

‫)‪(200‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وحكم بالتوحيد ودعا إليه ونابذ وأبعمد مممن خممالفه وناقضممه كائنما ً مممن‬
‫ديقَ الكريممم ابممن‬ ‫كان‪ ...‬وذلك بنص كلم الله تعالى‪ ...‬ول يصف الص م ّ‬
‫ث قممد برىممء مممن مّلتممه الطمماهرة‬ ‫الكرميممن بغيممر هممذا إل كممافٌر خممبي ٌ‬
‫الزكية‪...‬‬
‫ومما يدل على همذا أيضما ً دللمة واضمحة ويؤكمده‪ ..‬بيمان وتفسمير‬
‫مجمل قوله تعالى‪} :‬وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسممي فلممما‬
‫كلمه قال إنممك اليمموم لممدينا مكيممن أميممن{ ]يوسممف‪ .[54:‬فممما ت ُممرى‬
‫كنممه‬‫جممب بممه وم ّ‬ ‫الكلم الممذي كل ّممم يوسممف الملممك بممه هنمما‪ ،‬حممتى أع ِ‬
‫وأمنه؟؟‪ .‬أُتراه انشغل بذكر قصة امممرأة العزيممز وقممد انتهممت وظهممر‬
‫الحممق فيهمما‪ ...‬أم ُتممراه كّلمممه عممن الوحممدة الوطنيممة!! والمشممكلة‬
‫القتصادية!! و‪ ..‬و‪ ...‬أم ماذا؟؟؟‪.‬‬
‫ن فع م َ‬
‫ل‬ ‫ليس لحد أن يرجم بالغيب ويقول ها هنا بغير برهان‪ ،‬فإ ْ‬
‫فهو من الكاذبين‪ ..‬لكن المبّين المفسر لقوله تعالى‪} :‬فلممما كّلمممه{‬
‫ن‬ ‫ل أممةٍ رسممول ً أ ِ‬ ‫ح في قوله تعالى‪} :‬ولقممد بعثنمما فممي كم ّ‬ ‫ح صري ٌ‬‫واض ٌ‬
‫اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{ ]النحل‪.[36 :‬‬
‫وقوله تعممالى‪} :‬ولقممد ُأوحممي إليممك وإلممى الممذين مممن قبلممك لئن‬
‫ت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين{‪.‬‬ ‫أشرك َ‬
‫وقوله تعالى في وصف أهمم المهممات فممي دعموة يوسمف عليمه‬
‫ت مّلة قوم ٍ ل يؤمنممون بممالله وهممم بممالخرة‬ ‫الصلة السلم‪} :‬إني ترك ُ‬
‫هم كافرون‪ .‬واتبعت مّلة ءابائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا‬
‫أن نشرك بالله من شيء‪] {..‬يوسف‪.[38-37:‬‬
‫ب متفرقممون خيمٌر أم اللممه الواحممد‬ ‫وقوله تعممالى عنممه‪ ...} :‬ءأربمما ٌ‬
‫القهار‪ .‬ما تعبدون من دونه إل أسممماًء سممميتموها أنتممم وءابمماؤكم ممما‬
‫ن الحكم إل لله أمر أل تعبدوا إل إياه ذلك‬ ‫أنزل الله بها من سلطان إ ِ‬
‫الدين القّيم ولكن أكثر الّناس ل يعلمون{ ]يوسف‪.[40-39:‬‬
‫ن هذا أعظم كلم عند يوسف عليه السمملم فهممو الممدين‬ ‫ل شك أ ّ‬
‫ل دعوته ومّلته ومّلة آبائه‪ ..‬فإذا أمر بمعروف‬ ‫ل أصو ِ‬ ‫القّيم عنده وأص ُ‬
‫فهذا أعظم معروف يعرفه‪ ...‬وإن نهى عن منكر فليس بمنكر عنممده‬
‫ب‬ ‫أنكر مما ُيناقض هذا الصل وُيعارضه‪ ..‬فإذا تقرر هذا‪ ..‬وكممان جمموا ُ‬
‫ل‬‫ن أميممن{ ]يوسممف‪ .[54:‬فهممو دلي م ٌ‬ ‫الملك له‪} :‬إنك اليوم لدينا مكي م ٌ‬
‫ن الملك قد تابعه ووافقه عليه وأنه قد ترك مل ّممة الكفممر‬ ‫ح على أ ّ‬ ‫واض ٌ‬

‫)‪(201‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫واتبع مّلة إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم السلم‪...‬‬
‫ل الحوال أقّره على توحيده ومّلة آبائه‪،‬‬ ‫ت‪ :‬على أق ّ‬ ‫ن شئ َ‬ ‫أو ُقل إ ْ‬
‫وأطلق له حرية الكلم والدعوة إليها وتسفيه ما خالفها ولم يعممترض‬
‫عليه في شيٍء من ذلك ول كلفه بممما ُيناقضممه أو يخممالفه‪ ...‬وحسممبك‬
‫بهذا فرقا ً عظيما ً بين حاله عليه السلم هذه‪ ..‬وبين حممال المفتممونين‬
‫من أنصار الطواغيت وأعوانهم في وزارات اليوم أو المشاركين لهممم‬
‫بالتشريع في برلماناتهم‪..‬‬
‫ن تممولي‬ ‫رابعا ً‪ :‬إذا عرفت ممما سممبق كّلمه وتحقممق لممديك يقينما ً بممأ ّ‬
‫مناقضا ً لمّلة‬ ‫يوسف عليه السلم للوزارة لم يكن مخالفا ً للتوحيد ول ُ‬
‫إبراهيم كما هو حال توليها في هذا الزمان‪..‬‬
‫ة تممولي‬ ‫ض أن الملك بقممي علممى كفممره‪ ..‬فتكممون مسممأل ُ‬ ‫فعلى فر ِ‬
‫ة من مسممائل الفممروع ل إشممكال فيهمما فممي‬ ‫يوسف هذه الولية مسأل ً‬
‫أصل الدين لما تقرر من قبل بأن يوسف لم يقع منممه كفمٌر أو شممر ٌ‬
‫ك‬
‫أو تولي للكفار أو تشريعٌ مع الله بممل كممان آمممرا ً بالتوحيممد ناهيما ً عممن‬
‫ل جعلنمما‬ ‫ذلك كّله‪ ..‬وقد قال الله تعالى في باب فروعُ الحكام‪} :‬لكمم ّ‬
‫ة ومنهاجًا{ ]المائدة‪ .[48 :‬فشرائعُ النبياء قد تتنمموع فممي‬ ‫شرع ً‬
‫منكم ِ‬
‫فروع الحكام لكّنها فممي بمماب التوحيممد واحممدة‪ ،‬قممال رسممول اللممه ‪:r‬‬
‫»نحن معاشَر النبياء إخوةٌ لعلت ديننا واحد« ]رواه البخاري[‪ .‬يعني‪:‬‬
‫إخوةٌ من أمهات مختلفة والب واحد‪ ..‬إشارةٌ إلى التفاق فممي أصممل‬
‫التوحيد والتنوع في فروع الشريعة وأحكامهمما‪ ...‬فقممد يكممون الشمميءُ‬
‫في باب الحكام في شريعة من قبلنا حرامما ً ثممم يحممل لنمما كالغنممائم‪،‬‬
‫وقد يحصل العكس‪ ،‬أو شديدا ً على مممن قبلنمما فيخفممف عنمما وهكممذا‪..‬‬
‫ل شممرٍع فمي شممرع ممن قبلنما شمرع ٌ لنمما‪ ..‬خصوصما ً إذا‬ ‫ولذا فليس ك ّ‬
‫عارضه من شرعنا دليل‪..‬‬
‫وقممد صممح الممدليل فممي شممرعنا علممى معارضممة هممذا الممذي كممان‬
‫مشروعا ً ليوسف عليه السلم‪ ،‬وتحريمه علينا‪ ..‬فروى ابن حبان فممي‬
‫ي صلى الله عليممه وسملم قمال‪:‬‬ ‫ن النب ّ‬
‫صحيحه وأبو يعلى والطبراني أ ّ‬
‫»ليأتين عليكم ُأمراء سفهاء يقربون شرار الّناس‪ ،‬وُيؤخرون الصمملة‬
‫عن مواقيتها‪ ،‬فمن أدرك ذلك منكممم فل يكممونن عريًفمما‪ ،‬ول شممرطيًا‪،‬‬
‫ول جابيًا‪ ،‬ول خازنًا«‪.‬‬
‫ن هؤلء المراء ليسمموا كفممارا ً بممل ُفجممارا ً سممفهاء‪ ،‬لن‬ ‫حأ ّ‬ ‫والراج ُ‬

‫)‪(202‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ذر عادةً إذا حذر فإنما يممذكر أعظممم المفاسممد والمسمماوئ‪ ،‬فلممو‬ ‫المح ّ‬
‫م جرائمهممم الممتي‬ ‫كانوا كفارا ً لبينه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لكممن أعظم َ‬
‫شمرار الّنماس‬ ‫ذكرها النبي صلى الله عليمه وسملم هنما؛ همي تقريمب ِ‬
‫وتأخُير الصلة عن مواقيتها‪ ..‬ومع هذا فقد نهى الرسممول صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم ها هنا نهيا ً صريحا ً عن أن يكون المرُء لهممم خازن مًا‪ ..‬فممإذا‬
‫كان تولي وظيفة الخازن عنممد ُأمممراء الجممور منهيما ً عنمه فمي شمرعنا‬
‫ومحرم مًا‪ ..‬فكيممف بتممولي وزارة الخزانممة عنممد ملمموك الكفممر وُأمممراء‬
‫ظ عليممم{‬ ‫الشممرك؟‪} .‬قممال اجعلنممي علممى خممزائن الرض إنممي حفي م ٌ‬
‫ن هذا كان من‬ ‫ح على أ ّ‬ ‫ن صري ٌ‬‫ح وبرها ٌ‬ ‫ل صحي ٌ‬ ‫]يوسف‪ .[55 :‬فهذا دلي ٌ‬
‫خ في شرعنا‪ ...‬والله تعالى أعلم‪..‬‬ ‫شرع من قبلنا‪ ،‬وأنه منسو ٌ‬
‫دم استحسممانه‬ ‫وفي هذا الكفاية لمن أراد الهداية‪ ..‬لكممن مممن ُيقم ّ‬
‫واستصلحه وأقاويل الرجممال علممى الدلممة والممبراهين‪ ،‬فلممو انتطحممت‬
‫الجبال بين يديه لما ظفر بالهدى‪} ..‬ومن يرد الله فتنتممه فلممن تملممك‬
‫له من الله شيئًا‪] {..‬المائدة‪.[41 :‬‬
‫ُ‬
‫وأخيرا ً وقبمل أن أختممم الكممملم علممى همممذه الشممبهة أنب ّممه إلممى أ ّ‬
‫ن‬
‫وغون الشمممرك والكفممر باستحسممانهم‬ ‫بعممض المفتممونين الممذين يسمم ّ‬
‫واستصملحهم الولموغ َ في الوزارات الكفرية والبرلمانممات الشمممركية‬
‫يخلطون في حججهم وشبههم كلما ً لشيخ السملم ابن تيمية ‪-‬رحمه‬
‫الله تعالى‪ -‬حمول تولي يوسممف عليممه السمملم المموزارة‪ ...‬وهممذا فممي‬
‫من َلبس الحق بالباطل ومممن الفممتراء علممى شمميخ السمملم‬ ‫الحقيقة ِ‬
‫وتقويله ما لم يقله‪ ..‬إذ هو رحمه الله تعالى لم يحتج بالقصة لتسويغ‬
‫المشاركة في التشريع والكفر أو الحكم بغير ممما أنممزل اللممه‪ ...‬معمماذ‬
‫الله فإننا ُننزه شيخ السلم وديَنه بل ُننزه عقله عن مثل هذا القممول‬
‫الشنيع المذي لمم يجمرؤ علمى القمول بمه إل همؤلء الرذال فمي همذه‬
‫الزمنة المتأخرة‪ ،‬نقول هذا‪ ..‬حتى ولو لم نقرأ كلمه في هذا الباب‪،‬‬
‫لن مثل هذا الكلم ل يقوله عاقممل‪ ،‬فضمل ً عممن أن يصممدر مممن عممالم‬
‫مممه فممي هممذا‬ ‫رباني كشيخ السلم رحمه اللممه تعممالى‪ ...-‬فكيممف وكل ُ‬
‫منصممبا ً علممى قاعممدة درء أعظممم‬ ‫ي‪ ..‬حيث كان كل ّممه ُ‬ ‫ح وجل ّ‬‫الباب واض ٌ‬
‫ت‬‫ل أعلى المصلحتين عنممد التعممارض‪ ..‬وقممد علم م َ‬ ‫المفسدتين وتحصي ِ‬
‫ن أعظممم‬ ‫ة التوحيممد وأ ّ‬ ‫ن أعظممم المصممالح فممي الوجممود هممي مصمملح ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ن يوسممف عليممه‬ ‫المفاسد هي مفسدة الشرك والتنديممد‪ ..‬وقممد َذكممر أ ّ‬
‫السلم كان قائمما ً بممما قممدر عليممه مممن العممدل والحسممان‪ ،‬كممما فممي‬
‫)‪(203‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل من العممدل والخيممر ممما‬ ‫الحسبة حيث يقول في وصف وليته‪» :‬وَفع َ‬
‫قدر عليه ودعاهم إلى اليمان بحسب المكان«‪.‬‬
‫ن من العدل والحسان«‪.‬‬ ‫ل الممك َ‬ ‫ن َفع َ‬ ‫ويقول‪» :‬لك ْ‬
‫ن يوسف عليه السلم شّرع مع الله تعممالى أو‬ ‫مطلقا ً أ ّ‬ ‫ولم يذكر ُ‬
‫شارك بالحكم بغير ما أنزل الله أو اتبممع الديمقراطيممة أو غيرهمما مممن‬
‫ل هممؤلء المفتممونين الممذين‬ ‫الديان المناقضة لدين اللممه‪ ،‬كممما هممو حمما ُ‬
‫يخلطممون كلمممه رحمممه اللممه تعممالى بحججهممم السمماقطة وشممبهاتهم‬
‫طغام‪ ،‬وليلبسوا الحق بالباطل والنور بالظلم‪...‬‬ ‫المتهافتة ليضلوا ال َ‬
‫ثم نحن يا أخمما التوحيممد‪ ...‬قائدنمما ودليلنمما الممذي نرجمممع إليممه عنمممد‬
‫التنازع هو الموحي ل غير كلم الله وكلم الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫ل أحمدٍ بعد رسمول الله صلى الله عليه وسلم فيؤخمذ من‬ ‫وسلم‪ ..‬وك ّ‬
‫قموله ويرد‬
‫ممما‬
‫ن مثل ما يزعمون صممدر عممن شمميخ السمملم وحاشمماه‪ -‬ل َ‬ ‫‪-‬فلو أ ّ‬
‫م منممه مممن العلممماء‪ ،‬حممتى يأتينمما عليممه‬ ‫قبلناه منه ول ممن هممو أعظ م ُ‬
‫ذركم بالوحي{ ]النبياء‪} ،[45 :‬ق ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫بالبرهان من الوحي‪} .‬قل إنما أن ِ‬
‫هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين{ ]البقرة‪.[111 :‬‬
‫ض علممى توحيمممدك بالنواجمممذ‪ ،‬ول تغممتر أو تكممترث‬ ‫عم ّ‬ ‫فتنبه لذلك و َ‬
‫بتلبيسات وإرجمافات أنصمممار الشممرك وخصمموم التوحيممد‪ ...‬أو تتضمّرر‬
‫ل الطائفة القائمة بدين اللممه الممذين وصممفهم‬ ‫بمخالفتهم وكن من أهم ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله‪» :‬ل يضّرهم من خالفهم ول‬
‫ي أمُر الله وهم كذلك«‪] .‬فتح الباري‪ ،‬جم ‪ 13‬صممم‬ ‫من خذلهم حتى يأت َ‬
‫‪.«[95‬‬

‫ن النجاشي لم يحكم بما أنزل الله‬ ‫الشبهة الخامسة‪ :‬أ ّ‬


‫ومع ذلك كان مسلما ً‬

‫ل الهممواء أيضما ً بقصممة النجاشممي للممترقيع لطممواغيتهم‬ ‫»واحتج أهم ُ‬


‫وابا ً في البرلمان أو غيرهم‪...‬‬
‫المشّرعين سواَء كانوا حكاما ً أو ن ّ‬
‫ن النجاشي لم يحكم بما أنزل الله تعالى بعممد أن أسمملم‬ ‫فقالوا‪ :‬إ ّ‬
‫ي صملى اللمه‬‫وبقي على ذلك إلى أن مات ومع هذا فقمد سممماه النمب ّ‬
‫)‪(204‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عليه وسلم عبدا ً صالحا ً وصلى عليه وأمر أصحابه بالصلة عليه‪.‬‬
‫فنقول وبالله تعالى التوفيق‪-:‬‬
‫ل شيءٍ أن يثبت‬ ‫ل‪ :‬يلزم المحتج بهذه الشبهة المتهافتة قبل ك ّ‬ ‫أو ً‬
‫ن النجاشي لم يحكم بما أنممزل‬ ‫ح قطعي الدللة أ ّ‬ ‫ح صري ٍ‬ ‫ص صحي ٍ‬ ‫لنا بن ٍ‬
‫ت أقماويلهم مممن أولهما إلممى أخرهمما‪ ..‬فمما‬ ‫الله بعد إسلمه‪ ..‬فقد تتبع ُ‬
‫ل‬‫مها دلي م ٌ‬‫ت في جعبتهم إل اسممتنباطات ومزاعممم جوفمماء ل يممدع ُ‬ ‫وجد ُ‬
‫ق‪ ،‬وقممد قممال تعممالى‪} :‬قممل همماتوا ُبرهممانكم إن‬ ‫ن صاد ٌ‬ ‫ح ول برها ٌ‬ ‫صحي ٌ‬
‫كنتم صادقين{ ]البقممرة‪ .[111 :‬فمإذا لممم يممأتوا بالبرهممان علممى ذلممك‬
‫فليسوا من الصادقين بل هم من الكاذبين‪..‬‬
‫ن النجاشي قد مات‬ ‫سّلم به بيننا وبين خصومنا أ ّ‬ ‫من الم َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ثانيًا‪ :‬إ ّ‬
‫قبمل اكتممال التشممريع‪ ..‬فهمو ممات قطعما ً قبممل نمزول قموله تعمالى‪:‬‬
‫م‬
‫ت لكم ُ‬ ‫ت عليكممم نعمممتي ورضممي ُ‬ ‫ت لكممم دينكممم وأتممم ُ‬ ‫}اليمموم أكملم ُ‬
‫حجممة المموداع‪،‬‬ ‫السلم دينًا‪] {...‬المائدة‪ .[3 :‬إذ نزلت هذه اليممة فممي َ‬
‫والنجاشي مات قبل الفتح بكثير كما ذكممر الحممافظ ابممن كممثير رحمممه‬
‫الله وغيره‪..‬‬
‫م بما أنزل الله تعممالى فممي حقممه آنممذاك؛ أن يحكممم ويتبممع‬ ‫فالحك ُ‬
‫ويعمل بما بلغه من الدين‪ ،‬لن النذارة فممي مثممل هممذه البممواب لبممد‬
‫لنممذركم‬ ‫حي إلي هممذا القممرآن ُ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫فيها من بلوغ القرآن قال تعالى‪} :‬وأو ِ َ‬
‫به ومن بلغ‪] {..‬النعام‪ .[19 :‬ولم تكن وسائل النقممل والتصممال فممي‬
‫ذلك الزمان كحالها في هذا الزمان إذ كانت بعممض الشممرائع ل تصممل‬
‫للمرء إل بعد سنين وربما ل يعلم بها إل إذا شد ّ إلى النبي صلى اللممه‬
‫ن ل زال يتنممزل‬ ‫ن ممما زال حممديثا ً والقممرآ ُ‬
‫عليه وسلم الرحال‪ ...‬فالممدي ُ‬
‫ة واضممحة‪ ..‬ممما رواه‬ ‫والتشممريعُ لممم يكتمممل‪ ...‬ويممدل علممى ذلممك دلل م ً‬
‫البخاريّ وغيره عن عبد الله بن مسعود أنه قممال‪» :‬كنمما ُنس مّلم علممى‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في الصلة فيرد علينا‪ ،‬فلممما رجعنمما مممن‬ ‫النب ّ‬
‫ن فممي الصمملة‬ ‫عند النجاشي سمّلمنا عليممه‪ ،‬فلممم يممرد علينمما‪ ،‬وقممال‪ :‬إ ّ‬
‫ل«‪ ..‬فإذا كان الصحابة الذين كممانوا عنممد النجاشممي بالحبشممة مممع‬ ‫شغ ً‬
‫ي صمملى اللممه‬ ‫العلم أنهم كانوا يعرفون العربيممة ويتتبعممون أخبممار النممب ّ‬
‫ن الصلة‬ ‫عليه وسلم لم يبلغهم نسخ الكلم والسلم في الصلة مع أ ّ‬
‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم كممان ُيصمملي بالن ّمماس‬ ‫ن النب ّ‬‫أمرها ظاهر ل ّ‬
‫ت في اليوم والليلة‪ ...‬فكيف بسائر العبادات والتشريعات‬ ‫س مرا ٍ‬ ‫خم َ‬
‫والحدود التي ل تتكرر كتكرر الصلة؟؟‪.‬‬
‫)‪(205‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهل يستطيع أحد ٌ من هؤلء الذين يدينون بشممرك الديمقراطيممة‬
‫اليوم أن يزعم أنه لم يبلغه القرآن والسمملم أو الممدين حممتى َيقيممس‬
‫باطله بحال النجاشي قبل اكتمال التشريع‪ ...‬؟؟؟‬
‫ن النجاشي قد حكم بما بلغه‬ ‫ثالثًا‪ :‬إذا تقرر هذا فيجب أن ُيعلم أ ّ‬
‫ف هممذا‪ ،‬فل سممبيل إلممى تصممديقه‬ ‫ن زعم خل َ‬ ‫م ْ‬‫مما أنزل الله تعالى‪ ،‬و َ‬
‫وقبممول قمموله إل ببرهممان }قممل همماتوا برهممانكم إن كنتممم صممادقين{‬
‫ل على أّنه كان‬ ‫ل ما يذكره المستدلون بقصته يد ُ‬ ‫]البقرة‪ ..[111 :‬وك ّ‬
‫حاكما ً بما بلغه مما أنزله الله تعالى آنذاك‪...‬‬
‫ب عليه آنذاك من اتباع ما أنزل اللممه‪» :‬تحقيممق‬ ‫‪ -1‬فمما كان يج ُ‬
‫ن عيسى عبد ُ‬ ‫التوحيد واليمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبأ ّ‬
‫اللمه ورسموله«‪ ...‬وقمد فعمل‪ .‬انظمر ذلمك فيمما يسمتدل بمه القموم‪..‬‬
‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ..‬ذكرهمما عمممر‬ ‫رسالته التي بعثها إلى النب ّ‬
‫كتّيبه‪» :‬حكم المشاركة في الوزارة والمجممالس‬ ‫سليمان الشقر في ُ‬
‫النيابية«‪.‬‬
‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم والهجممرة‪ ،‬ففممي‬ ‫‪ -2‬وكممذا بيعت َممه للنممب ّ‬
‫الرسالة المشار إليها آنفا ً يذكر النجاشي‪» :‬أنه قد بممايع رسممول اللممه‬
‫ن له جعفر وأصحابه وأسلم على يممديه‬ ‫صلى الله عليه وسلم وبايع اب ٌ‬
‫ث إليممه بممابنه أريحمما بممن الصممحم ابممن‬ ‫ب العالمين‪ ،‬وفيها أنه بع َ‬ ‫لله ر ّ‬
‫ن‬ ‫ت يا رسول الله فإنني أشممهد ُ أ ّ‬ ‫ت أن آتيك فعل ُ‬ ‫ن شئ َ‬ ‫أبجر‪ ،‬وقوله‪ :‬إ ْ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ل حق«‪ .‬فلعّله مات بعد ذلك مباشرة‪ ،‬أو لع ّ‬
‫ل النب ّ‬ ‫ما تقو ُ‬
‫ل هذه أمممور غيممر ظمماهرة ول‬ ‫عليه وسلم لم ي ُرِد ْ منه ذلك آنذاك‪ ...‬ك ّ‬
‫بينة في القصة فل يحل الجزم بشيء منها والستدلل به‪ ،‬فضل ً عممن‬
‫ل الدين!!!‪.‬‬ ‫أن ُيناطح به التوحيد وأصو ُ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ودينممه وأتبمماعه‪ ،‬فقممد‬ ‫‪ -3‬وكذا نصرةُ النب ّ‬
‫نصر النجاشي المهاجرين إليه وآواهم وحّقممق لهممم المممن والحمايممة‪،‬‬
‫ولم يخذلهم أو ُيسلمهم لقريش‪ ،‬ول ترك نصارى الحبشمة يتعرضمون‬
‫لهم بسوء رغم أنهم كانوا قد أظهممروا معتقممدهم الحممق فممي عيسممى‬
‫ي‬ ‫عليه السلم‪ ...‬بل ورد في الرسممالة الخممرى الممتي بعثهمما إلممى النممب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم )وقد أوردها عمر الشقر فممي كتممابه المممذكور‬
‫صفحة ‪ (73‬أنه بعث بابنه ومعه سممتين رجل ً مممن أهممل الحبشممة إلممى‬
‫ل ذلك نصرةٌ له واتباعٌ وتأييد‪..‬‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ...‬وك ّ‬

‫)‪(206‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ور عمر الشقر فجممزم فممي كتممابه المممذكور )ص‬ ‫ومع هذا فقد ته ّ‬
‫ب‬ ‫ت كممذ ٌ‬ ‫ن النجاشي لممم يحكممم بشممريعة اللممه وهممذا كممما عرفم َ‬ ‫‪ (73‬أ ّ‬
‫حد‪ ..‬بل الحق أن ُيقال إنه حكم بما بلغه مممما‬ ‫وافتراٌء على ذلك المو ّ‬
‫ح‬‫ن صممحي ٍ‬ ‫أنممزل اللممه آنممذاك‪ ،‬ومممن زعممم خلفممه فل ُيصممدق إل ببرهمما ٍ‬
‫ي الدللة‪ ،‬وإل كان من الكاذبين }قممل همماتوا برهممانكم إن كنتممم‬ ‫قطع ّ‬
‫ل صممحيٍح صممريح‪ ،‬لكممن‬ ‫ت على دعواه هذه بممدلي ٍ‬ ‫صادقين{‪ .‬وهو لم يأ ِ‬
‫ل أمممورا ً ظنهمما أدلممة‪ ..‬والتواريممخ‬ ‫تتّبع واحتطب من كتممب التاريممخ بليم ٍ‬
‫ف حالها‪...‬‬ ‫معرو ٌ‬
‫يقول القحطاني الندلسي ‪-‬رحمه الله تعالى‪ -‬في نونيته‪-:‬‬
‫ن‬
‫ل بنا ِ‬‫ل تقبلن من التمموارخ كلما * * * جمع الرواة وخمط كم ّ‬
‫ن‬
‫اروِ الحديث المنتقى عن أهلمه * * * سيما ذوي الحلم والسنا ِ‬
‫فيقال له ولمن تاب ََعه‪» :‬أثبتوا العرش ثم انقشوا«‪..‬‬
‫ن الصورة في قصة النجاشي لحاكم كان كافرا ً ثم أسلم‬ ‫رابعًا‪ :‬إ ّ‬
‫حديثا ً وهو في منصبه‪ ،‬فأظهر صدق إسلمه بالستسلم الكامل لمر‬
‫ن ُيرسل إليه ابنه وبرجممال مممن قممومه‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم بأ ْ‬ ‫النب ّ‬
‫ث معهم إليه يستأذنه بالهجرة إليه ويظهمُر نصممرَته ونصممرةَ دينممه‬ ‫ويبع ُ‬
‫وأتباعه‪ ،‬بل ويظهُر البراءة مما ُيناقضممه مممن معتقممده ومعتقممد قممومه‬
‫وآبائه‪ ...‬وُيحاول أن يطلب الحق ويتعلممم الممدين وأن ُيسممدد وُيقممارب‬
‫إلى أن يلقى الله على هذه الحال وذلك قبل اكتمال التشريع وبلوغه‬
‫ل‪ ...‬هذه هي الصورة الحقيقية الواردة في الحمماديث والثممار‬ ‫إليه كام ً‬
‫الصحيحة الثابتة فممي شممأنه‪ ..‬ونحممن نتحممدى مخالفينمما فممي أن يثبتمموا‬
‫ح أما التواريخ فل ُتسمن ول ُتغني من‬ ‫ح صحي ٍ‬ ‫غيرها‪ ..‬لكن بدليل صري ٍ‬
‫جوع وحدها دون إسناد‪...‬‬
‫ة‬
‫ل لهمما والمقيسممة عليممه فهممي صممورةٌ خبيثم ٌ‬ ‫أما الصورة المسممتد ّ‬
‫ل الختلف‪ ،‬إذ هي صمورةُ ِفئام ٍ مممن الن ّمماس ينتسمبون إلممى‬ ‫ةك ّ‬ ‫مختلف ٌ‬
‫السلم دون أن يتممبرؤوا مممما ُيناقضممه‪ ،‬بممل ينتسممبون إليممه وإلممى ممما‬
‫ُيناقضه في المموقت نفسممه ويفتخممرون بممذلك‪ ،‬فممما تممبرؤوا مممن ديممن‬
‫رئ النجاشي من دين النصرانية‪ ،‬كل‪ ..‬بل ما فت ُِئوا‬ ‫الديمقراطية كما ب ِ‬
‫وغونها للّناس ويدعونهم إلى الدخول في‬ ‫يمدحونها وُيثنون عليها ويس ّ‬
‫ة ُيشمّرعون للّنماس‬ ‫دينها الفاسد‪ ..‬ويجعلون من أنفسمهم أربابما ً وآلهم ً‬
‫من الدين ما لم يأذن به الله‪ ..‬بل وُيشاركون معهم في هذا التشريع‬
‫م ِوفقا ً لبنود الدسممتور الوضممعي ومممن يتواطممأ معهممم‬ ‫الكفري الذي يت ُ‬
‫)‪(207‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫على دينهم الكفري مممن نممواب أو وزراء أو غيرهممم مممن الشممعوب‪...‬‬
‫صّرون على هذا الشرك ويتشبثون بممه بممل ويممذمون مممن حمماربه أو‬ ‫وي ُ ِ‬
‫عارضه أو طعن فيه وسعى لهدمه‪ ...‬وهممذا كّلمه بعمد اكتممال الممدين‪،‬‬
‫وبلوغهم القرآن بل والسّنة والثار‪..‬‬
‫ن ُتقمماس هممذه‬‫حأ ْ‬ ‫ت‪ ،‬أيصم ُ‬ ‫منصممف كائنما ً مممن ُ‬
‫كنم َ‬ ‫فبالله عليك يمما ُ‬
‫ه مممن الفمموارق‬ ‫ة مممع ممما جمعَْتمم ُ‬ ‫ة المظلممم ُ‬ ‫ة المنتنمم ُ‬ ‫الصممورةُ الخبيثمم ُ‬
‫ل حديث عهد بالسلم يطلممب الحممق ويتحممرى‬ ‫المتشّعبة‪ ..‬بصورةِ رج ٍ‬
‫ل‪ ..‬شممتان شممتان بيممن‬ ‫ُنصرته قبل اكتمال التشريع وُبلمموغه إليممه كممام ً‬
‫الصورتين والحالين‪...‬‬
‫ن‬‫ب مفارقُ الغربا ِ‬ ‫والله ما اجتمعا ولن يتلقيا * * * حتى تشي َ‬
‫نعم قد يجتمعان ويستويان لكن ليس في ميزان الحق‪ ..‬بممل فممي‬
‫ميممزان المطففيممن ممممن طمممس اللممه علممى أبصممارهم فممدانوا بممدين‬
‫ض للتوحيد والسلم‪.‬‬ ‫الديمقراطية المناق ِ‬
‫ل للمطففين‪ .‬المذين إذا اكتمالوا علمى الّنماس يسمتوفون‪ .‬وإذا‬ ‫}وي ٌ‬
‫ُ‬
‫كالوهم أو وزنوهم ُيخسممرون‪ .‬أل يظممن أولئك أنهممم مبعوثممون‪ .‬ليمموم ٍ‬
‫عظيم{ ]المطّففين‪.«[5-1 :‬‬

‫الشبهة السادسة‪:‬‬
‫أنظمة اليوم ل تكفر لّنها لم تقم بالتشريع وإّنما ورثت‬
‫من سبقها‬ ‫قوانينها ع ّ‬

‫ن هممذه النظممم لممم تبتممدئ رد ّ‬


‫»قد يرد على بعض الناس القول بممأ ّ‬
‫الحكام وتبديل شرائع السلم‪ ،‬وإّنما توارثت ذلك عن نظممم سممابقة‪،‬‬
‫وهي تسعى جاهدة إلى التغيير‪.‬‬
‫ن هذه الشبهة تعد ّ من أبرز الشبهات التي يعتمممد عليهمما‬ ‫ول ش ّ‬
‫كأ ّ‬
‫مممدون التلممبيس والكممذب‬ ‫فريق كبير من الناس‪ ،‬سواء منهممم مممن يتع ّ‬
‫وهم يعلمون‪ ،‬أو من فتنوا بهم وهم يحسبون أّنهم يعلمون‪.‬‬
‫والجواب على ذلك في مسألتين‪:‬‬
‫‪ -‬المسألة الولى‪ :‬أّنه قد علم بالضممرورة مممن ديممن السمملم‪ ،‬بممل‬
‫من دين الرسل جميعًا‪ ،‬أّنه ل فرق في الحكم العممام بيممن مممن يكفممر‬
‫بالحقّ ابتداًء‪ ،‬وبين من يتوارث ذلك عن غيره مع الرضا والمتابعة‪.‬‬
‫)‪(208‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فل فرق بين ابتداء تحريف التوراة والنجيممل‪ ،‬وبيممن مممن تمموارث‬
‫ذلك من اليهود والنصارى من بعد‪ ،‬ما داموا مقّرين ومتابعين‪.‬‬
‫ول فرق بين من ابتدع عبادة الصنام‪ ،‬وبين من تعّبد لها بعد ذلك‬
‫تقليدا ً ومتابع ً‬
‫ة‪.‬‬
‫ول فرق بين عمرو بن لحي الخزاعممي ‪-‬وهممو أّول مممن غي ّممر ديممن‬
‫إبراهيم فأدخل الصنام إلى الحجاز ودعا إلى عبادتهمما مممن دون اللممه‬
‫وشرع من الدين ما لم يأذن به الله‪ -‬وبين من تمابعه علممى ذلمك مممن‬
‫العرب من بعد‪.‬‬
‫ولقد خاطب القرآن الكريم أهل الكتاب بما ارتكبممه آبمماؤهم مممن‬
‫قبل‪ ،‬وما ذلك إل ّ لقرارهم له ورضاهم به‪ ،‬فقممال تعممالى‪} :‬وإذا قيممل‬
‫زل علينمما ويكفممرون بممما‬ ‫ُ‬
‫لهم آمنوا بما أنزل الله قممالوا نممؤمن بممما أنم ِ‬
‫م تقتلممون أنبيمماء اللممه مممن‬ ‫دقا ً لما معهم قل فل م َ‬ ‫وراءه وهو الحقّ مص ّ‬
‫قبل إن كنتم مؤمنين{ ]البقرة‪.[91 :‬‬
‫ل عليكم‪،‬‬ ‫يقول لهم‪ :‬إن كنتم صادقين في دعوى اليمان بما ُأنزِ َ‬
‫م قتلُتم النبياء الذين جاؤوكم بتصممديق التمموراة الممتي بيممن أيممديكم‬ ‫فل ِ َ‬
‫مرتم باّتباعهم وتصديقهم‪ ،‬وهذا خطاب لليهود الذين كممانوا فممي‬ ‫ُ‬
‫وقد أ ِ‬
‫ن أحممدا ً مممن هممؤلء لممم‬ ‫ي صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬ومعلمموم أ ّ‬ ‫زمن النب ّ‬
‫يرتكب شيئا ً من ذلك‪ ،‬وإّنما هو أمٌر جناه آباؤهم من قبممل‪ ،‬فخوطبمموا‬
‫به لرضاهم به وإقرارهم له‪ .‬ومثل ذلك كثير في القرآن‪.‬‬
‫ن هذه النظممم تسمعى جاهممدة إلمى‬ ‫ن القول بأ ّ‬ ‫‪ -‬المسألة الثانية‪ :‬إ ّ‬
‫ن ذلممك ينفممي شممبهة الرضمما والمتابعممة‪ ،‬أم مٌر يحتمماج إلممى‬ ‫التغييممر‪ ،‬وأ ّ‬
‫تفصيل‪.‬‬
‫حة المبممدأ فممي ذاتممه‪ ،‬فمممن جمماء علممى‬ ‫ذلك أّنه ل منازعة في ص ّ‬
‫ميممراث سممابق مممن الكفممر‪ ،‬ولكممن أعلممن انخلعممه عنممه‪ ،‬وكفممره بممه‪،‬‬
‫ك أّنممه ل‬‫ل جهده نحو تغييره وإزالته‪ ،‬فل شمم ّ‬ ‫جه بك ّ‬ ‫م تو ّ‬‫وبراءته منه‪ ،‬ث ّ‬
‫ينسحب عليه حكم من سبقه‪ ،‬ول يسأل عن جريمة جناها غيممره‪ ،‬بممل‬
‫يسلك ‪-‬إن صدق‪ -‬في عداد المجاهدين‪.‬‬
‫جه إلممى‬ ‫دعي التممو ّ‬ ‫ما إذا كان يروغ ويممدور‪ ،‬فيزعممم اليمممان‪ ،‬ويم ّ‬ ‫أ ّ‬
‫م تّتجممه خطمماه‬ ‫دم بين يدي ذلك أعمال ً هزيلة مدخولممة‪ ،‬ثم ّ‬ ‫التغيير‪ ،‬ويق ّ‬
‫بعد ذلك نحو الباطل الذي توارثه تدعيما ً له وتثبيتا ً لركممانه‪ ،‬ومدافعممة‬
‫عنمه‪ ،‬ومجادلمة دونممه‪ ،‬بمل ويمموالي ويعمادي علممى ذلمك‪ ،‬فمممن رضممي‬

‫)‪(209‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن به سوى ذلك أبعممده وعمماداه‪،‬‬ ‫له‪ ،‬ومن ظ ّ‬ ‫بشرعه ومنهاجه قّربه وو ّ‬
‫ل دعمموة تعمممل علممى إقامممة‬ ‫ق‪ ،‬وك ّ‬ ‫ل صوت يدعو إلى الح ّ‬ ‫بل يخنق ك ّ‬
‫ل تممبّين‬
‫الممدين والممتزام شممرائعه‪ ،‬فل يجمموز حينئذٍ أن يعممول علممى قممو ٍ‬
‫زوره‪ ،‬ول على دعوى تبّين بطلنها‪ ،‬ول على زعممم تحّقممق كممذبه‪ ،‬بممل‬
‫القرب أن يلحق هؤلء بالزنادقة الممذين ل ُتقب َممل لهممم توبممة فممي رأي‬
‫فريق كبير من العلماء!!«‬
‫شبهات أخرى‬
‫كام ل يكفرون إل ّ إذا جحدوا حكم الله‬ ‫ن هؤلء الح ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫أو إذا استحّلوا الحكم بغيره‬
‫»والرد ّ عليها من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ن الجحممد والسممتحلل مناطممات مكّفممرة‪ ،‬ولكّنهمما ليسمت هممي‬ ‫‪-‬أ ّ‬
‫مناطات التكفير الواردة في اليات الداّلة على كفممر الحك ّممام كمنمماط‬
‫ترك حكم الله والحكم بغيره في قوله تعالى }ومن لم يحكم{ الية‪،‬‬
‫وكمناط اّتباع التشريع المخالف فمي قموله تعمالى }اّتخمذوا أحبمارهم‬
‫ورهبانهم أربابًا{ وقوله }وإن أطعتموهم إّنكم لمشركون{‪.‬‬
‫وقد بينا أن الحكم بالقوانين الوضممعية منازعممة للممه فممي ربمموبيته‬
‫وتشريعه‪ ،‬واستهانة بالله‪ ،‬ودفع لحكمه‪ ،‬وتأخيٌر له وتقديم حكم غيره‬
‫عليه‪ ،‬وتعبيد الناس وإخضمماعهم لغيممر حكممم اللممه‪ ،‬فالمسممألة مسممألة‬
‫شرك وتنديد مناقضة للتوحيد‪.‬‬
‫‪ -‬أن الذنوب المكّفرة بذاتها كالحكم بغير ما أنزل الله ل ُيشترط‬
‫للتكفير بها جحد أو استحلل‪ ،‬بل مممن اشممترط هممذا فقممد قممال بقممول‬
‫غلة المرجئة الذين كفرهم السلف‪...‬‬
‫ل الحكممم بغيممر ممما أنممزل اللممه أو جحممد‬ ‫‪ -‬وقد قدمنا أنه إن استح ّ‬
‫وجوب الحكم بممما أنممزل اللممه‪ ،‬أنممه يكفممر بممذلك حممتى لممو لممم يحكممم‬
‫ل أو جحد فإنه يكفر حتى لو حكممم بممما أنممزل‬ ‫بالقوانين‪ ،‬بل إن استح ّ‬
‫الله‪.‬‬
‫ن الستحلل المكّفر متوّفر في الحكم بالقوانين الوضع ّ‬
‫ي‬ ‫‪ -‬كما أ ّ‬
‫بما يحتف بها من القرائن الدالة على الستحلل أو الستهانة‪.‬‬

‫)‪(210‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن القههوانين المعمههول بههها فيههها بعههض أحكههام‬ ‫شههبهة أ ّ‬
‫الشريعة السلمّية‬
‫ن تشممريع حكممم‬ ‫»وهذا ل يدرأ عنهم الكفر‪ ،‬لما سبق بيانه مممن أ ّ‬
‫مخالف لحكم الله يعتبر منازعة له في ربوبيته وحكمه وتعبيد النمماس‬
‫ن‬ ‫لغير اللممه فممي التحمماكم إلممى ذلممك الحكممم المضمماد لحكممم اللممه‪ ،‬وأ ّ‬
‫المشّرع للقوانين المخالفة جعل نفسه ند ّا ً لله‪ ،‬وهممذا ينطبممق فيمممن‬
‫دل حكم الله الصريح بغيره‪.‬‬ ‫ب ّ‬
‫ن‬ ‫ويضاف إلى هذا ما ورد بفتوى ابن كثير في تكفير التتممار مممع أ ّ‬
‫ي )الياسق( كان مشتمل ً على بعض أحكممام الشممريعة‬ ‫قانونهم الوضع ّ‬
‫السلمّية‪ ،‬فالصورة هي الصورة‪ ،‬والحكم هو الحكممم‪ .‬وقممال تعممالى‪:‬‬
‫}وما يؤمن أكثرهم بالله إل ّ وهم مشركون{ ]يوسف‪.«[106 :‬‬
‫ن فتاوى العلماء في التتار ل يجوز تطبيقها علههى‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫كام المعاصرين‬ ‫الح ّ‬
‫»والرد ّ من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫كام هي النصوص الشرعّية‪...‬‬ ‫جة في تكفير هؤلء الح ّ‬ ‫ن الح ّ‬ ‫‪ -1‬أ ّ‬
‫ن حال الحك ّممام المعاصممرين أشمد ّ مممن حممال التتممار مممن جهممة‬ ‫‪ -2‬أ ّ‬
‫تحّقق مناط التكفير فيهم‪...‬‬
‫‪ -3‬وبالتالي يجوز تقليد فتاوى العلماء بشأنهم لما ذكرته من قبممل‬
‫من جواز تقليد المّيت‪ ،‬فكيف ونحن لسممنا بحاجممة إلممى تقليممدهم مممع‬
‫ص والجماع؟ وكيف وفتاواهم ليسممت مج مّرد رأي‬ ‫وجود الدّلة من الن ّ‬
‫وإّنما نقلمموا فيهمما الجممماع علممى ممما قممالوا؟ فالعمممل بفتمماويهم عمممل‬
‫بالجماع وليس تقليدا ً محضا ً مجّردا ً من الدليل«‪.‬‬
‫ن الشههريعة‬ ‫ص علههى أ ّ‬ ‫كهام تنه ّ‬ ‫ن دسههاتير ههؤلء الح ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫السلمّية هي المصدر الرئيسي للتشريع‬
‫»والرد ّ من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ن الشممريعة المصممدر الرئيسممي ل‬ ‫ص علممى أ ّ‬‫ن الدستور ن ّ‬ ‫‪ -1‬وهو أ ّ‬
‫ن هناك أربابا ً‬ ‫ن هناك مصادر أخرى للتشريع‪ ،‬أيّ أ ّ‬ ‫الوحيد‪ ،‬بما يعني أ ّ‬
‫ص الدسممتوري‬ ‫ن هذا الن ّ‬‫أخرى في التشريع مع الله‪ ،‬وقد سبق بيان أ ّ‬
‫ص صممراحة علمى اّتخمماذ‬ ‫قد أفصح عن كفرهم غاية الفصمماح‪ ،‬فممإّنه نم ّ‬
‫أرباب مع الله‪ .‬قال تعالى }اّتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً مممن دون‬
‫ممما يشممركون{ ]التوبممة‪ ،[31 :‬وقممد كممانت‬ ‫الله ‪-‬إلى قوله‪ -‬سممبحانه ع ّ‬
‫)‪(211‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن متممابعتهم فممي هممذا‬ ‫هذه الربوبّية في التشريع المخالف فبّين الله أ ّ‬
‫شرك بالله‪.‬‬
‫ن أحكممام الشممريعة المصممدر‬ ‫ص علممى أ ّ‬ ‫ن الدسممتور لممم ينمم ّ‬ ‫‪ -2‬أ ّ‬
‫ن مبممادئ الشممريعة المصمدر الرئيسمي‪،‬‬ ‫ص علممى أ ّ‬ ‫الرئيسي‪ ،‬وإّنممما نم ّ‬
‫ل‬ ‫ما الحكام فمعروفة وهي الحكام التفصيلّية فممي ك م ّ‬ ‫وبينهما فرق‪ :‬أ ّ‬
‫ن الصل‬ ‫مة كتحقيق العدل وأ ّ‬ ‫ما المبادئ فهي القواعد العا ّ‬ ‫مسألة‪ ،‬وأ ّ‬
‫دعي سدنة القوانين الوضعّية أّنها تحّقق‬ ‫ما ي ّ‬ ‫مة ونحو ذلك م ّ‬ ‫براءة الذ ّ‬
‫ي‬
‫ص الدستوري ل يممترّتب عليممه أ ّ‬ ‫ن هذا الن ّ‬ ‫هذه المبادئ‪ .‬وبهذا تعلم أ ّ‬
‫إلزام للحكومات بالحكم بأحكام الشريعة‪.‬‬
‫ص الكفري يترّتب عليه التزام الحكم‬ ‫ن هذا الن ّ‬ ‫‪ -3‬أّنه لو افترضنا أ ّ‬
‫صما ً دسممتوري ّا ً آخممر يناقضممه تماممًا‪ ،‬ويعب ّممر عممن‬ ‫ن هناك ن ّ‬ ‫بالشريعة‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن )الحكم في المحاكم بالقانون(‪.‬‬ ‫ص على أ ّ‬ ‫الواقع القائم‪ ،‬وهو الن ّ‬
‫ص الدستوري )مبادئ الشريعة‬ ‫ن هذا الن ّ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن من ظ ّ‬ ‫والحاصل‪ :‬أ ّ‬
‫كام فقد أخطممأ‪،‬‬ ‫المصدر الرئيسي للتشريع( يدرأ الكفر عن هؤلء الح ّ‬
‫ص ضمممني ّا ً علممى‬ ‫ما يدينهم ويدمغهم بالكفر لن ّممه نم ّ‬ ‫صم ّ‬ ‫ن هذا الن ّ‬ ‫بل إ ّ‬
‫اّتخاذ مصادر للتشريع غير شريعة الله«‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم حكههم بغيههر شههريعة‬ ‫ن النب ّ‬ ‫شبهة أ ّ‬
‫مته من بعده‬ ‫السلم ‪-‬بالتوراة‪ -‬فيجوز ذلك ل ّ‬
‫ي‬‫»وهذه من الشبهات التي يكفر قائلها‪ ،‬لما فيها من غمممز النممب ّ‬
‫ن‬ ‫ن من قممال إ ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد قال ابن حزم رحمه الله إ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم حكم بيممن اليهمموديين اللممذين زنيمما بحكممم‬ ‫النب ّ‬
‫د‪.‬‬‫التوراة المنسوخة فهو مرت ّ‬
‫ن‬ ‫دة هنا‪ :‬هو مخالفة هذا القول للنصوص الداّلة علممى أ ّ‬ ‫وسبب الر ّ‬
‫ن‬ ‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم لممم يحكممم إل ّ بشممريعة السمملم‪ ،‬وأ ّ‬ ‫النب ّ‬
‫القرآن ناسممخ لممما قبلممه مممن الشممرائع كقمموله تعممالى }وأنزلنمما إليممك‬
‫دقا ً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا ً عليممه فمماحكم‬ ‫الكتاب بالحقّ مص ّ‬
‫بينهم بما أنزل الله{ ]المائدة‪ .[48 :‬وقال صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫»لو كممان موسممى حي ّما ً ممما وسممعه إل ّ اّتبمماعي« ]الحممديث رواه أحمممد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كتاب موسى مممع‬ ‫ي[‪ ،‬فكيف يّتبع النب ّ‬ ‫والدارم ّ‬
‫هذا؟ ومصداق هذا الحديث من كتاب الله قوله تعالى }وإذ أخذ اللممه‬
‫دق‬ ‫م جاءكم رسممول مص م ّ‬ ‫ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ث ّ‬

‫)‪(212‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن به ولتنصرّنه قال َأأقَرْرتم وأخذتم على ذلك إصري‬ ‫لما معكم لتؤمن ُ ّ‬
‫قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكممم مممن الشمماهدين{ ]آل عمممران‪:‬‬
‫مد صلى الله عليممه وسمملم‬ ‫‪ .[81‬فجميع النبيين أقّروا أّنه إذا بعث مح ّ‬
‫مد شريعة موسى عليهما الصمملة‬ ‫في حياتهم ليّتبعونه‪ ،‬فكيف يّتبع مح ّ‬
‫والسلم؟‬
‫وسممبب هممذه الشممبهة ممما ورد فممي إحممدى روايممات حممديث رجممم‬
‫اليهوديين اللذين زنيا‪ ،‬وفيها قال رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‪:‬‬
‫ممما« ]الحممديث رواه‬ ‫ج َ‬
‫»فإّني أحكم بممما فممي التمموراة‪ ،‬فممأمر بهممما فُر ِ‬
‫أحمد وأبو داود[‪ ،‬والرد ّ على هذا من وجهتين‪:‬‬
‫ج بها‪ ،‬فقد ذكر ابممن حجممر‬ ‫ما ُيحت ّ‬‫ن هذه الرواية ليست م ّ‬ ‫الولى‪ :‬أ ّ‬
‫ن في سندها رجل مبهم‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫حت هذه الرواية فإّنه ينبغي فهمها على أساس‬ ‫الثانية‪ :‬أّنها إذا ص ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لممم يحكممم إل ّ بالسمملم‪،‬‬ ‫ن النب ّ‬ ‫ما ذكرنا من أ ّ‬
‫وينبغي في رد ّ المتشابه إلى هذا المحكم‪ ،‬فيكون معنى قوله »فممإّني‬
‫أحكم بما في التوراة« أي بمثل ما ورد فيها في حكم هذه المسممألة‪،‬‬
‫ول يكون هذا متابعة منه للتوراة بل تصويبا ً لممما ورد فيهمما فممي ذلممك‪،‬‬
‫دلوه«‪.‬‬ ‫ما ب ّ‬ ‫ما أنزله الله فيها ليس م ّ‬ ‫ن هذا م ّ‬
‫وأ ّ‬
‫وفيما ذكرناه في هذه الشبهة كفاية لمن تجرد للحق‪ ،‬وننتقل الن‬
‫إلى الشبهة التي تليها والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‪.‬‬

‫)‪(213‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬التكفير بالتحاكم إلى هيئة المم‬

‫قال المؤلف ]الرد على هذه الشبهة من أوجه‪:‬‬


‫أ‪ /‬تصور حال هيئة المم المتحدة‪ ،‬فإن الحكم علممى الشمميء فممرع‬
‫عن تصوره‪ :‬فهي هيئة ذات أنظمة وقرارات وعهود ومواثيق انضمت‬
‫إليها أكثر دول العالم‪ ،‬ومنها الدولة السعودية ‪ -‬حرسها اللممه ورعاهمما‬
‫‪ ،-‬وقد نشأت إبممان الحممرب العالميممة الثانيممة‪ ،‬والهممدف الرئيممس مممن‬
‫إنشائها تقريب وجهات النظر بين المم‪ ،‬وتضييق الثغممرات الممتي قممد‬
‫تنشأ بين الدول‪ ،‬والتي من شأنها إن استمرت أن تشكل خطرا ً على‬
‫السلم والمن الدوليين إلى جانب تحقيق السلم‪ ،‬ومنع اللجمموء إلممى‬
‫استخدام القوة كحل للمشكلت العالمية[‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن العهود المواثيق مع الكفار إذا كمانت موافقمة للشمرع ل‬
‫بأس بها فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر حلف الفضول فمدحه‬
‫ت(‪ ،‬والنممبي صملى اللمه عليممه‬ ‫دعيت إليه في السلم لجبم ُ‬ ‫وقال‪) :‬لو ُ‬
‫وسلم عاهد قريش‪ ،‬وعاهد اليهود‪ ،‬وهذا أمر نقمّره ول ننكممره‪ ،‬ولكممن‬
‫مدح النبي صملى اللمه عليمه وسملم حلممف الفضمول لنمه كمان حلفما ً‬
‫لنصرة المظلوم وذلك أمر يقّره الشرع بممل يممأمر بمه‪ ،‬كممذلك العهممود‬
‫التي عاهد بها رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم اليهممود وغيرهممم‬
‫كانت عهودا ً موافقممة لشممرع اللممه‪ ،‬حممتى صمملح الحديبيممة الممذي ظهممر‬
‫لبعض الصحابة أن فيه ضيما ً وتنازل ً كان بأمر الله‪ ،‬ولكن فيه أمور ل‬
‫يصح لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعلها كما جمماء فممي صمملح‬
‫ده‬ ‫الحديبية أن من جاءكم منا رددتموه إلينا ومن جاءنا منكممم لممم نممر ّ‬
‫إليكم‪ ،‬هممذا خمماص بممه صمملى اللممه عليممه وسمملم لن اللممه أخممبره أنممه‬
‫سيجعل للمؤمنين فرجا ً ومخرجًا‪.‬‬
‫قال ابممن العربممي رحمممه اللممه )أحكممام القممرآن ‪” :(4/1789‬فأممما‬
‫عقده على أن يرد من أسلم إليهم فل يجمموز لحممد بعممد النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك مممن الحكمممة‪،‬‬
‫وقضى فيه من المصلحة‪ ،‬وأظهر فيه بعد ذلممك مممن حسممن العاقبممة‪،‬‬
‫وحميد الثمر فمي السملم مما حممل الكفمار علمى الرضما بإسمقاطه‪،‬‬
‫والشفاعة في حطه“‪ .‬اهم‬
‫والمقصممود أن العهممود والمواثيممق الممتي يعقممدها المسمملمون مممع‬
‫الكفار لبد ّ موافقة للشرع إما من جهة الصحة وإما مممن جهممة تقممدير‬
‫)‪(214‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المصالح والمفاسد على مراد الشممرع ل علممى مممراد العملء‪ ،‬ولجممل‬
‫مصلحة المسلمين ل لجل مصلحة الحكام‪ ،‬كأن نعاهدهم علممى أمممر‬
‫فيه درء للمفسدة الكبرى باحتمال المفسدة الصممغرى‪ ،‬فممإن الشممرع‬
‫جاء لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل والمفاسد وتقليلها‪ ،‬وليسممت‬
‫العبرة بمن عرف الخير والشر‪ ،‬ولكن بمن عرف خير الخيرين وشممر‬
‫الشّرين‪.‬‬
‫م انقش‪.‬‬ ‫م نقول‪ :‬أثبت العرش ث ّ‬ ‫ث ّ‬
‫ن هممذه المواثيممق موافقممة للشممرع ليممس فيهمما ممما يخممالف‬ ‫أثبممت أ ّ‬
‫الشرع‪ ،‬أو أن مصلحة الدخول فيها والموافقة عليها مع وجممود بعممض‬
‫الخلل أعظم من مصلحة تركها وعدم الدخول فيها‪.‬‬
‫إننمما لممو تأملنمما هممذه الهيئة ومواثيقهمما لعرفنمما أنهمما داخلممة ضمممن‬
‫المخطممط الصممليبي الصممهيوني لحتلل بلد السمملم واسممتعمارها‪،‬‬
‫جعلممت غطمماًء علممى سممطحها ُيمممررون وينفممذون مخططهممم‬ ‫ولكنهمما ُ‬
‫الصليبي‪ ،‬وتوضيح ذلك بأمور‪:‬‬
‫الول‪ /‬أنهم وضعوها لكي تكممون غطمماًء ينشممرون تحتممه النصممرانية‬
‫والباحية بمسمى تقارب وجهات النظر‪ ،‬أو تقارب الحضارات‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أنهم وضعوا بنود هذه العهود والمواثيق لكي ُيلزموا الدول‬
‫السلمية بها‪ ،‬ول يلتزموا هم بها‪.‬‬
‫الثالث‪/‬أنهم وضعوها لكي يبقى العالم السلمي متخلفا ً بعيدا ً عن‬
‫الصناعات النافعة خاصة صناعة السلحة‪.‬‬
‫الرابع‪ /‬أنهم وضعوها لكي تمتلك الممدول الكممافرة السمملح النممووي‬
‫وأسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ويبقى العممالم السمملمي بالسمملحة البدائيممة‬
‫القديمة‪.‬‬
‫الخامس‪ /‬أنهم وضعوها لكي يستخدموا ممما شمماؤوا مممن السمملحة‬
‫فممي قتممالهم للمسمملمين‪ ،‬ويفرضمموا علممى الممدول السمملمية حظممر‬
‫استخدام السلحة الثقيلة‪.‬‬
‫السادس‪ /‬أنهم وضعوها لكي تكون تلك العهممود والمواثيممق غطمماءً‬
‫لعملئهممم مممن الحكممام يممبررون بممه وقمموفهم مممع الكفممار وخممذلنهم‬
‫للمسلمين‪.‬‬
‫السابع ‪ /‬أنهم وضممعوها لكممي يفرقمموا كلمممة المسمملمين ويقطعمموا‬
‫الولية والنصرة بينهم بالحممدود المصممطنعة الممتي رسممموها لعملئهممم‬

‫)‪(215‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحكام؛ حممتى تنمممزوي كممل دولممة بشممعبها علممى نفسممها‪ ،‬وذلممك لكممي‬
‫يتسنى لهم احتلل دول السلم دولة إثر دولة‪.‬‬
‫فهي في الحقيقة لم توضممع لنشممر العممدل والسمملم ولكممن لتممبرير‬
‫الظلم والطغيان‪ ،‬وحمل الحكام الخونة على محاربة الجهمماد‪ ،‬وتأمممل‬
‫هذا فيما ذكره المؤلف حين قال‪]:‬ومنع اللجوء إلى اسممتخدام القمموة‬
‫كحل للمشكلت العالمية[‪.‬‬
‫فهل يا أخي امتنعت المم الملحدة من استخدام القمموة والسمملح‬
‫لحل بعض مشكلتها ليست العالمية ولكممن الظالمممة المتسمملطة مممع‬
‫المسلمين؟‬
‫ثم نقول للمؤلممف‪ :‬عنممدما قممامت أمريكمما باسممتخدام القمموة لحممل‬
‫مشكلتها الظالمة مع أفغانستان والعراق ماذا كان موقممف الحكومممة‬
‫السعودية؟‬
‫ت‬‫ت الحممدود ونقض م ِ‬ ‫هل قالت لمريكا إنك خرقت العهممود وتجمماوز ِ‬
‫ل مشممكلتك مممع أفغانسممتان‬ ‫المواثيق باتخاذك القوة والعنف فممي حم ّ‬
‫والعراق؟!‬
‫أم أنها أعلنت في وسائل إعلمهمما وقوفهمما التممام مممع أمريكمما فممي‬
‫حربها على أفغانستان‪ ،‬وكذلك أعانت أمريكا على ضرب العراق‪.‬‬
‫ولكن المر كما قلت لك يا أخي‪ ،‬إنهمما وضممعت العهممود والمواثيممق‬
‫من أجل أن تستخدم القوة بل تجعل القمموة هممو أول علج لقضمماياها‬
‫الظالمة مع المسلمين‪ ،‬ولكي تمنع مممن أراد مقابلممة العممدوان بمثلممه‬
‫بتلك العهود والمواثيق‪ ،‬ولكي تكون تلك العهمود غطماًء لعملئهما فمي‬
‫خذلنهم للمسلمين ومحاربتهم للمجاهدين‪.‬‬
‫منذ أن وّقعت تلك المم الملحدة على تلك المواثيق لم تلتزم بها‬
‫قيد أنملة‪.‬‬
‫أين تلك العهود وإخواننمما فممي فلسممطين يقتلممون منممذ أكممثر مممن‬
‫خمسين سنة؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا الصرب على تقتيممل وتهجيممر إخواننمما‬
‫في البوسنة والهرسك؟‬
‫أين تلممك العهممود حيممن أعممانوا الصممليبيين علممى قتممل إخواننمما فممي‬
‫كوسوفا؟‬
‫أيمن تلمك المواثيمق حيمن أعمانوا المروس علمى قتمل إخواننما فمي‬
‫)‪(216‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشيشان؟‬
‫أين تلك العهود حين حاصروا العراق عشر سنين؟‬
‫أين تلك العهود حين قتلوا إخواننا في الصومال؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا النصارى علممى تقتيممل وتهجيممر إخواننمما‬
‫في الفلبين؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا الصليبيين في إندونيسيا وجزر الملوك‬
‫على قتل إخواننا المسلمين؟‬
‫أين تلك العهود حين دمروا لبنان من أجل علجين يهوديين؟‬
‫أين تلك المواثيق حين سكتوا عممن حممرق إخواننمما المسمملمين فممي‬
‫الهند؟‬
‫م إني أقول لمن يدافع عن الطواغيت الذين خانوا الله ورسمموله‬ ‫ث ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم وركنوا إلى الكفار وخضعوا لهم‪ ،‬بينما ل نجممده‬
‫يدافع عمن خرج لنصرة دين الله ول يلتمس لهم من العذر عشر ممما‬
‫يلتمسه للخونة الموالين لعداء الله‪:‬‬
‫أين أنتم عن مآسي المسلمين؟‬
‫أيممن ممموقفكم مممن التنصممير الممذي انتشممر فممي كممثير مممن بلد‬
‫المسلمين؟‬
‫أين أصواتكم العالية عن العراض المنتهكة والراضممي المسمملوبة‬
‫والدماء المسفوحة؟‬
‫أيممن خطبكممم الفصمميحة وكلممماتكم البليغممة عممن نصممرة ومواسمماة‬
‫ملييممن اليتممامى وملييممن الرامممل والثكممالى وملييممن المشممردين‬
‫وعشرات اللف من المأسورين؟‬
‫كم سمعنا تباكيكم على دماء النصارى في أمريكا وبريطانيا‪ ،‬ولممم‬
‫نسمع منكم كلمة نصرة أو مواساة صادقة تجمماه إخواننمما المسمملمين‬
‫دته وحماسممته‬ ‫المنكوبين‪ ،‬وإن تكلمتم فبكلم هزيل ل يقارن فممي ش م ّ‬
‫بكلمكم عن دماء الصليبيين‪.‬‬
‫ألم يقل النبي صلى الله عليه وسمملم‪) :‬المسمملم أخممو المسمملم ل‬
‫يظلمممه ول يحقممره ول ُيسمملمه( فمممن الممذي أسمملم المسمملمين إلممى‬
‫عدوهم يسومونهم سوء العذاب؟ هممل هممم المجاهممدون الممذي تركمموا‬
‫ديارهم وأموالهم وأهليهم مممن أجممل نصممرتهم؟ أم الممذين ركنمموا إلممى‬
‫خروا علمهممم لمصمملحة الطممواغيت وجلسمموا فممي‬ ‫الممدنيا وزينتهمما وس م ّ‬
‫)‪(217‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القصور والبيوت الواسممعة الفارهممة يكيلممون اللمموم والتجريممح لحممماة‬
‫الدين والرض والعرض‪ ،‬حيث لم يجدوا شيئا ً ُيبررون به ما هم عليممه‬
‫من الذلة والخذلن والخيانة إل الطعن في الصادقين حتى ل يتهمهممم‬
‫الناس بالعمالة والخيانة‪.‬‬
‫ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬المممؤمن للمممؤمن كالبنيممان‬
‫يشممد ّ بعضممه وبعضممًا( ألممم يقممل النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫)المسلمون تتكافأ دماهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم ي مد ٌ علممى مممن‬
‫سواهم(؟‬
‫فهل أنتم عملتم بهذا الحديث ونصرتم المسملمين ووقفتممم معهممم‬
‫يدا ً بيدٍ حتى يخممرج آخممر علممج كممافر مممن أراضمميهم أم أنكممم رشممقتم‬
‫المجاهدين بنبال التهمممة والتجريممح‪ ،‬بينممما لممم يحصممل العممدو الكممافر‬
‫عشر ما حصل عليه المجاهدون الصامدون‪.‬‬ ‫المعتدي الظالم منكم ُ‬
‫أما لكم في كتاب الله أسوة حسنة حين قام عبد الله بن جحش‬
‫رضي الله عنه ومن معه بمقاتلة المشركين في آخر يوم من الشمهر‬
‫الحرام ووجد المشركون في ذلك مطعنا ً في النبي صملى اللمه عليمه‬
‫م هممو يقاتممل‬‫ن محمدا ً يأمرنا بتعظيم الشهر الحرم ث م ّ‬ ‫وسلم وقالوا‪ :‬إ ّ‬
‫فيها‪ ،‬حتى شقّ ذلك على النبي صلى الله عليممه وسمملم وش مقّ علممى‬
‫أصحابه ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم الممتي جمماء بهمما‬
‫عبد الله بن جحش ومن معه حتى أنزل الله تعالى قوله‪] :‬يسممألونك‬
‫ل فيه كبير وصد ّ عن سممبيل اللممه‬ ‫ل فيه قل قتا ٌ‬
‫عن الشهر الحرام قتا ٍ‬
‫وكفٌر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منممه أكممبر عنممد اللممه والفتنممة‬
‫أكبر من القتل‪ {..‬فالله سبحانه في هذه الية يممدافع عممن المممؤمنين‬
‫ويرد على الكافرين ويبين لهم أنه وإن كان القتال في الشهر الحرام‬
‫دهم عمن‬ ‫دهم عمن سمبيل اللمه وصم ّ‬ ‫ن كفمر المشمركين وصم ّ‬ ‫كبيرا ً فمإ ّ‬
‫المسجد الحرام وإخراج أهل مكة من ديارهم أكبر وأعظم في الثممم‬
‫والجرم‪.‬‬
‫فكان الولممى بكممم وإن رأيتممم أن المجاهممدين أخطممأوا فممي بعممض‬
‫أفعالهم ‪ -‬وهم بشر يصيبون ويخطئون بل قد وقممع الخطممأ ممممن هممو‬
‫أعظم منهم فقد وقع الخطأ من بعض أصحاب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬كان الولى أن تقولمموا لمريكمما وبريطانيمما ودول الكفممر‬
‫المعتديممة إنممه وإن كممان ممما فعلممه المجاهممدون خطممأ ً فممإن كفركممم‬
‫ومحاربتكم للسلم وتقتيلكم للمسلمين وسجنهم وتعممذيبهم وانتهمماك‬
‫)‪(218‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أعراضهم أعظم جرما ً وأشنع ظلما ً وأكثر فسادًا‪ ،‬وأن تقولوا لهم إ ّ‬
‫ن‬
‫ما وقع في أراضيهم إنما هو بسبب سياستهم الظالمة تجاه السمملم‬
‫والمسلمين‪ ،‬والذي أصابهم ل يسماوي عشمر معشمار مما فعلموه همم‬
‫بالمسلمين‪.‬‬
‫وأقول لمن ألبس خذلنه للمسلمين لبسة شرعية‪ :‬اتقوا الله ول‬
‫تدّنسوا حقيقممة السمملم وعزتممه وسمممو تشممريعاته بفتمماواكم الباطلممة‬
‫وآرائكم الخاطئة‪ ،‬واتركوا الدعاوى الجوفاء من دعوى الحكمممة وُبعممد‬
‫النظر فإنها دعاوى فارغة غّلفتم بها بمماطلكم لممتروجوه علممى العامممة‬
‫ولممو كممانت الممدائرة عليكممم ونممار الحممرب بممداركم لتغيممرت فتمماواكم‪،‬‬
‫وصممونوا ألسممنتكم عممن اتهممام المجاهممدين أشممراف المممة بممالتهور‬
‫والحماسمممة المفرطمممة والجهمممل‪ ،‬فإننممما سمممبرنا كلمكمممم وفتممماواكم‬
‫ومممواقفكم فممي قضممايا المسمملمين فظهممر لنمما مممدى ضممياع الخمموة‬
‫اليمانيممة فممي قلمموبكم وشممدة تمسممككم بالوطنيممات والجنسمميات‬
‫دة تمسممككم بالحممدود الممتي رسمممها لكممم‬ ‫والعنصممرية المقيتممة‪ ،‬وش م ّ‬
‫الكفار‪.‬‬
‫تنافحون وتجادلون عن كل طاغوت كافر‪ ،‬وتتهمممون وتممذمون كممل‬
‫مجاهد صادق‪ ،‬إنها لغة مفضوحة مهما حاولتم نشرها وترويجها فإنهمما‬
‫ستنهار وتسقط‪ ،‬وستنكشف بعد ذلك حقائقكم وتظهر سوءاتكم قال‬
‫تعالى‪] :‬بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فمإذا همو زاهممق ولكمم‬
‫الويل مما تصفون{‬
‫ن الذي حصل ليس فممي بلدنمما ونحممن بيننمما وبيممن‬ ‫فإن قال قائل‪ :‬إ ّ‬
‫أمريكا وأوروبا عهود لبد ّ أن نوفي بها‪ ،‬فإذا حصل اعتداء على بلدنمما‬
‫فحينئذ ٍ يكون عهدهم قد انتقض‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن في المسألة أمورا ً لبد ّ من توضيحها‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن الحمماكم إذا زعممم أنممه عاهممد الكفممار فلبممد للعلممماء أن‬
‫يسألوا عن صفة العهد وبنوده فإن الحاكم ومن دونه تحممت سمملطان‬
‫الشرع ليس لهم أن يخرجوا عنممه‪ ،‬إذا ً فلب مد ّ أن ُتعممرض تلممك العهممود‬
‫والمواثيق على ميزان الشرع ويكون سلطان الحكم عليهمما للشممرع‪،‬‬
‫ول يجوز أن يلزم العلممماء المممة بممالتزام عهممود مجهولممة ول مخالفممة‬
‫مضّرة بالمسمملمين‪ ،‬فممإن الحمماكم إنممما وضممع ليسمموس أمممور‬ ‫للشرع ُ‬
‫المسلمين بالشممرع‪ ،‬ل أن يسوسممهم بممما تمليممه عليممه نفسممه أو بممما‬

‫)‪(219‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يضمن به بقاءه على كرسممي الحكممم‪،‬فمإن المصملحة العامممة مقدمممة‬
‫على المصلحة الخاصة‪.‬‬
‫الثمماني‪ /‬أن أراضممي المسمملمين بمنزلممة الرض الواحممدة‪ ،‬وهممذه‬
‫الحدود التي رسمها العممدو لعملئه مممن الحكممام ليسممت معتممبرة فممي‬
‫الشرع لمور‪:‬‬
‫‪ -‬أنهما تشممتت الممة السمملمية وتمزقهما‪ ،‬والشممريعة جماءت لجمممع‬
‫المسلمين وتوحيد صفهم‪.‬‬
‫‪ -‬أنهمما تممزرع العنصممرية الوطنيممة والترابيممة والعرقيممة فممي نفمموس‬
‫م المسلمين في كل دولة ما يحصممل داخممل‬ ‫المسلمين‪ ،‬فيصبح ه ّ‬
‫دولتهم ومحيطهممم‪،‬وبالتممالي تصممبح القضممية ليسممت قضممية أخمموة‬
‫إسلمية ولكن أخوة وطنية‪،‬وهذا أمر مخالف للشرع‪.‬‬
‫‪ -‬أنها ُتسممهل علممى العممداء احتلل أراضممي المسمملمين‪ ،‬وهممذا مممن‬
‫ك كممل‬‫سم َ‬‫ن تم ّ‬
‫أعظم مقاصد الكفار حين وضعوا هذه الحدود‪ ،‬فممإ ّ‬
‫كن الكفار من استعمار دول السمملم دولممة إثممر‬ ‫دولة بحدودها يم ّ‬
‫دولة‪ ،‬فهي تداهم أرضا ً من أراضي المسلمين وتقول لمن حولها‬
‫إننا ل نريدكم إنما نريد هذه الدولة فقط‪ ،‬وهكممذا الخممرى والممتي‬
‫تليها‪.‬‬
‫جعلت وسيلة لمنع المسلمين من نصممرة بعضممهم‪ ،‬فممإذا غممزا‬ ‫‪ -‬أنها ُ‬
‫الكفممار أرضمما ً إسمملمية وأراد أهممل الرض المجمماورة أن ينفممروا‬
‫لنصممرتهم‪ ،‬منعهممم الحكممام العملء بحجممة أن بيننمما وبينهممم عهممود‬
‫ومواثيق‪.‬‬
‫إذا تبين هذا فإن أي اعتداء على أي أرض مسلمة هو اعتداء على‬
‫المسلمين جميعا ً وهذا موجب أخمموة اليمممان ورابطممة العقيممدة‪ ،‬وأي‬
‫اعتداء على أرض إسلمية يعتبر ناقضما ً للعهممد إذ أراضممي المسمملمين‬
‫بمنمزلة الرض الواحممدة‪ ،‬وتعممدد الحكممام وتقسمميم الحممدود مممع كممونه‬
‫مخالف لمقاصد الشريعة هو أيضا ً ل يمنع الوليممة اليمانيممة والنصممرة‬
‫الدينية‪ ،‬وهذا مع كونه الصل شرعا ً هو أيضا ً الموقف الصحيح لنقض‬
‫خطط العداء وخلط أوراقهم وتدمير مشروعهم‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬إن الله تعممالى يقممول‪] :‬وإن استنصممروكم فممي الممدين‬
‫فعليكم النصر إل على قوم بينكم وبينهم ميثاق{‪ ،‬وهذا يدل على أنه‬
‫إذا كان بيننمما وبيممن العممداء مواثيممق واستنصممرنا إخواننمما المسمملمون‬
‫عليهم لم يجز لنا نصرتهم بنص الية‪.‬‬
‫)‪(220‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل‪ /‬قراءة الية من أولها يوضح المعنممى‪ ،‬قممال تعممالى‪:‬‬ ‫فالجواب‪ :‬أو ً‬
‫]إن الذين ءامنوا وهاجروا وجاهممدوا بممأموالهم وأنفسممهم فممي سممبيل‬
‫الله والذين ءاووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعممض والممذين ءامنمموا‬
‫ولممم يهمماجروا مممالكم مممن وليتهممم مممن شمميء حممتى يهمماجروا وإن‬
‫استنصروكم في المدين فعليكمم النصمر إل علمى قموم بينكمم وبينهمم‬
‫ميثاق والله بما تعملون بصير{‪.‬‬
‫تأمل الية الكريمة تجد أنها أسقطت الولية عمن لم يهاجر وبقي‬
‫في ديار الكفار‪ ،‬ومع ذلممك إن استنصممرونا علممى الكفممار وجممب علينمما‬
‫نصرتهم‪ ،‬إل أن يكون بيننا وبين الكفار الذين يقيم هؤلء في أرضممهم‬
‫عهممود ومواثيممق‪ ،‬فحينئذٍ ل تجممب نصممرتهم‪ ،‬وأيممن هممذا مممن واقممع‬
‫المسلمين اليوم فإن المسلمين لم يقاتلوا الكفممار فممي أرض الكفممار‬
‫ويطلبوا منا النصرة‪ ،‬إنما الكفار هم الذين داهموا أراضي المسمملمين‬
‫وقاتلوهم وانتهكوا حرماتهم‪ ،‬والفرق بيممن الصممورتين واضممح ل خفمماء‬
‫فيه‪ ،‬ووجوب دفع الكفار عن أراضي المسلمين من أوجب الواجبات‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وأما قتال الدفع فهو أشد‬
‫أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل‬
‫الذي يفسد الدين والدنيا ل شيء أوجب بعممد اليمممان مممن دفعممه فل‬
‫يشترط له شرط‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وإذا دخمل العمدو بلد السملم فل ريمب أنمه يجمب دفعمه‬
‫على القرب فالقرب إذ بلد السلم كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه‬
‫يجب النفير إليه بل إذن والد ول غريم ونصوص أحمممد صممريحة بهممذا‪.‬‬
‫اهم‬
‫م لممو تممأملت اليممة لعرفممت أنهمما فممي بمماب الستنصممار وليممس‬ ‫ثم ّ‬
‫السممتغاثة‪ ،‬وفممرق بيممن الستنصممار الممذي هممو طلممب النصممرة‪ ،‬وبيممن‬
‫الستغاثة التي هي طلب الغوث والحماية ودفع العدوان‪ ،‬والستدلل‬
‫بالية يستقيم إذا كان بيننا وبين أمريكا عهود صحيحة موافقة للشرع‬
‫م قامت فئة من المسلمين في أمريكمما بمحاربممة الحكومممة وطلبمموا‬ ‫ث ّ‬
‫منا نصرتهم فحينئذ ٍ نقول لهم إن بيننا وبين أمريكمما عهممود ول يمكننمما‬
‫م نستدل بهممذه‬ ‫ما أن يداهم العدو أرض المسلمين ث ّ‬ ‫نصرتكم عليها‪ ،‬أ ّ‬
‫اليممة لكممي نممبرر قعودنمما وتقاعسممنا عممن نصممرة المسمملمين فهممذا ل‬
‫يستقيم بل هو مممن بمماب لممي أعنمماق النصمموص الممذي هممو مممن شممأن‬
‫المبتدعة‪.‬‬
‫)‪(221‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إذا تبين هذا فإن العهود التي تتضمن تمزيممق المسمملمين وتحجيممم‬
‫وتهم اليمانية ومسممخها إلممى أخمموة وطنيممة وثنيممة قوميممة ترابيممة ‪-‬‬ ‫أخ ّ‬
‫بالحدود التي رسمها الكفار‪ -‬وتتضمممن منممع المسمملمين مممن التناصممر‬
‫فيما بينهمم همي عهمود باطلمة لنهما مخالفمة للشمرع‪ ،‬قاطعمة لخموة‬
‫السممملم‪ ،‬مانعمممة ممممن وليمممة الممممؤمنين‪ ،‬ممهمممدة لحتلل أراضمممي‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫فممأيّ اعتممداء علممى أراضممي المسمملمين يعتممبر ناقض ما ً للعهممد لن‬
‫أراضي المسمملمين بمنزلممة الرض الواحممدة وأي عهممد أراد أن يفممرق‬
‫بين أراضي المسلمين هو عهد باطل من أصله‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد‪ :‬وكان هديه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم إذا صالح أو عاهد قوما فنقضوا أو نقممض بعضممهم وأقممره‬
‫الباقون ورضوا به غزا الجميع‪ ،‬وجعلهم كلهم ناقضين كمما فعممل فممي‬
‫بني قريظة وبني النظير وبنممي قينقمماع‪ ،‬وكممما فعممل فممي أهممل مكممة‪،‬‬
‫فهذه سنته في الناقضين الناكثين‪.‬‬
‫وقال أيضا‪ :‬وقد أفتى ابن تيمية بغزو نصارى المشرق لما أعانوا‬
‫عدو المسلمين على قتالهم فأمدوهم بالمال والسلح‪ ،‬وإن كانوا لممم‬
‫يغزونا ولم يحاربونا ورآهم بذلك ناقضين للعهد‪ ،‬كممما نقضممت قريممش‬
‫عهد النبي صلى الله عليه وسمملم بإعممانتهم بنممي بكممر بممن وائل علممى‬
‫حرب حلفائه‪ .‬اهم‬
‫وقال شيخ السلم بن تيمية رحمممه اللممه‪ :‬فأممما إذا أرادوا الهجمموم‬
‫على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلممى‬
‫غير المقصودين لعممانتهم كممما اللممه تعممالى‪} :‬وإن استنصممروكم فممي‬
‫الدين فعليكم النصر إل على قموم بينكمم وبينهمم ميثماق{ وكمما أممر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم‪ .‬اهم‬
‫والمقصود أن تحمماكم هممؤلء الطممواغيت إلممى هيئة المممم هممو مممن‬
‫التحاكم إلى الطاغوت الذي ُأمرنا أن نكفر به‪ ،‬وديننا كامل فيه حكمم‬
‫كل شيء سواء في العبادات أو في المعاملت مع المسلمين أو مممع‬
‫ن هيئة المممم‬ ‫الكفار‪ ،‬وقممد تممبين للعمممى والبصممير والممذكي والبليممد أ ّ‬
‫الملحدة تحكم بشممريعة الطمماغوت‪ ،‬وتمنممع القتممال مممن أجممل الممدين‪،‬‬
‫وُتحّرم على الدول السلمية ص مد ّ العممدوان‪ ،‬وُتعيممن كممل معت مدٍ علممى‬
‫السمملم وأهلممه‪ ،‬ول تحممترم العهممود والمواثيممق ول تلتفممت إليهمما إذا‬

‫)‪(222‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عارضممت رغباتهمما ومشمماريعها العدوانيممة‪ ،‬وَتممبّين أن تلممك العهممود‬
‫ضممع‬ ‫والمواثيق ما ُوضعت لكي يعمل بها الكفار وإنما وضعت لكي ُتخ ِ‬
‫الممدول السمملمية وت ُممذلها‪ ،‬فالممذي يممترك التحمماكم إلممى شممريعة اللممه‬
‫ويتحاكم إلى الطاغوت لم يوحد الله لن التوحيد مبنممي مممن اليمممان‬
‫بالله والكفر بالطاغوت‪ ،‬وهيئة الممم طماغوت يحكمم بغيمر مما أنمزل‬
‫الله‪ ،‬وما ذكره المؤلف ليس هو كل بنود هيئة المم بممل ذكممر طرف ما ً‬
‫من ذلك وفيما ذكره ما يدل على أنها تحكم بحكم الطاغوت‪ ،‬فمنعها‬
‫منع استخدام السلح كحممل للمشممكلت العالميممة يتضمممن منممع جهمماد‬
‫الطلب بالكلية‪ ،‬ويمنع كذلك من جهاد الممدفع‪ ،‬وبالتممالي سموف يمتنممع‬
‫من وافق على هذا المر مممن جهمماد الطلممب‪ ،‬ويمنممع المسمملمين مممن‬
‫جهاد الدفع كما هو الواقع‪ ،‬والذي يمنممع المسمملمين مممن جهمماد الممدفع‬
‫يكفر لنه منع المسلمين من فعل ممما فرضممه اللممه عليهممم‪ ،‬ول فممرق‬
‫ن الحاكم إذا منع الناس من‬ ‫بينه وبين من يمنعهم من الصلة‪ ،‬فكما أ ّ‬
‫الصلة المفروضة يكفر‪ ،‬فكذلك إذا منع مممن الجهمماد المتعيممن يكفممر‪،‬‬
‫ولنه بمنعممه يتسمملط الكفممار علممى المسمملمين‪ ،‬ويحتممل الكفممار أرض‬
‫ن الطائفممة‬ ‫المسمملمين ويعلممو الصممليب‪ ،‬وقممد بّيممن شمميخ السمملم أ ّ‬
‫الممتنعة عن التزام جهاد الكفار تكون خارجة عن السلم‪ ،‬وإذا كممان‬
‫هذا في جهاد الطلب فكيف بجهمماد الممدفع‪ ،‬وإذا كممان امتناعهمما سممبب‬
‫لخروجها من السلم فكيف إذا لم يقتصر المر على المتناع بممل زاد‬
‫إلى المنع والعتقال والضرب لمن أراد الخروج إلى جهاد الدفع‪.‬‬
‫قممال رحمممه اللممه‪ :‬فأّيممما طائفممة امتنعممت مممن بعممض الصمملوات‬
‫المفروضممات‪ ،‬أو الصمميام‪ ،‬أو الحممج‪ ،‬أو عممن الممتزام تحريممم الممدماء‪،‬‬
‫والموال‪ ،‬والخمر‪ ،‬والزنا‪ ،‬والميسر‪ ،‬أو عن نكمماح ذوات المحممارم‪ ،‬أو‬
‫عن التزام جهاد الكفار‪ ،‬أو ضرب الجزيممة علممى أهممل الكتمماب‪ ،‬وغيممر‬
‫ذلك من واجبات الممدين ومحرممماته الممتي ل عممذر لحممد فممي جحودهمما‬
‫وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها‪ ،‬فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها‬
‫وإن كانت مقّرة بها‪ ،‬وهذا مما ل أعلم فيه خلفا ً بيممن العلممماء‪ ،‬وإنممما‬
‫اختلف الفقهاء فممي الطائفممة الممتنعممة إذا أصممرت علممى تممرك بعمض‬
‫سنن كركعتي الفجر ]أي سنة الفجر[ والذان والقامة‪ ،‬عند مممن ل‬ ‫ال ُ‬
‫يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر‪ ،‬هممل ُتقاتممل الطائفمة الممتنعممة‬
‫ما الواجبات والمحرمممات المممذكورة ونحوهمما فل‬ ‫على تركها أم ل؟ فأ ّ‬
‫خلف في القتال عليها‪ ،‬وهؤلء عنممد المحققيممن مممن العلممماء ليسمموا‬
‫)‪(223‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بمنزلة البغاة‪ ...‬بل هم خارجون عن السلم‪ .‬اهم]مجموع الفتمماوى‪،‬ج‬
‫‪،28‬ص ‪.[503‬‬
‫ورد فممي بيممانهم المنشممور بتاريممخ ‪ ،9/12/2004‬تحممت عنمموان "‬
‫السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية "‪ ،‬والممذي حممددوا فيممه‬
‫معالم وأهداف السياسمة الخارجيمة السمعودية‪ ،‬حيمث قمالوا‪ ":‬وتعمتز‬
‫المملكة العربيممة السممعودية بكونهمما أحممد العضمماء المؤسسممين لهيئة‬
‫المم المتحدة في عام ‪1945‬م‪ ،‬انطلقا ً من إيمان المملكة العميممق‬
‫بأن السلم العالمي هدفا ً ممن أهمداف السياسمة الخارجيممة‪ ..‬وإيمانما ً‬
‫من المملكة العربية السعودية بأهمية الدور الممذي تلعبممه هيئة المممم‬
‫المتحدة ووكالتها المتخصصة‪ ،‬والمنظمات الدولية عموما ً في سبيل‬
‫رقي وازدهار المجتمممع الممدولي فممي كافمة المجممالت وفممي مقممدمتها‬
‫المممن والسمملم الممدوليين‪ ،‬فقممد انضمممت المملكممة إلممى كممل هممذه‬
‫المنظمات وحرصت على دعم هذه المنظومة الدولية بكل الوسممائل‬
‫والسممبل الماديممة والمعنويممة‪ ،‬والمشمماركة الفاعلممة فممي أنشممطتها‪..‬‬
‫وُيمكن القول أن السياسة الخارجية السعودية فممي المجممال الممدولي‬
‫تستند على أسس ومبادئ مستقرة وواضحة‪ ،‬ومنها‪ :‬حرص المملكممة‬
‫على التفاعل مع المجتمع الممدولي مممن خلل التزامهمما بميثمماق المممم‬
‫المتحدة‪ ،‬والمعاهدات والتفاقيممات الدوليممة المنضمممة إليهمما‪ ،‬وقواعممد‬
‫القانون الدولي التي تحدد إطار السلوك العممام للممدول والمجتمعممات‬
‫المتحضرة "ا‪ -‬هم‪.‬‬
‫يعني هذا الكلم المنقول عن النظام السعودي أعله أمورا ً عدة‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن النظام السعودي يقمر وبكمل وضمموح بتحمماكمه لقمموانين‬
‫الكفر والشرك الممثلة في ميثاق المم المتحدة‪ ،‬وغيرها من قوانين‬
‫ن المممم الملحممدة تحكممم‬ ‫المنظمات الدولية‪ ..‬ول يشممك عاقممل فممي أ ّ‬
‫بغير الشرع وأن الذي يتحاكم إليها يتحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫ض بالكفر والشممرك م م‬ ‫ومنها‪ :‬أن النظام السعودي ليس فقط را ٍ‬
‫الممثممل فممي ميثمماق المممم المتحممدة وقمموانين المنظمممات الدوليممة‬
‫المتفرعة عنها والتي تصب في خدمة قوى الكفر والظلم والستكبار‬
‫العالمي والصهيوني م والرضى بالكفر كفر‪ ..‬بمل همو تعمدى ذلمك لن‬
‫يكممون مممن المؤسسممين لممه‪ ،‬الملممتزمين بممه‪ ،‬والممداعمين لممه بجميممع‬
‫الوسائل والسبل الماديممة والمعنويممة‪ ..‬وهممو ليممس فقممط يقممر الكفممر‬
‫ويرضى به‪ ..‬بل ويعتز به!‬
‫)‪(224‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومنها‪ :‬إقممرار النظممام السممعودي مم وبكممل وقاحممة ووضمموح مم أن‬
‫مواثيق المم المتحدة وقوانينهمما الكممافرة همي الممتي تصمملح وتناسممب‬
‫المجتمعات والممدول المتحضممرة‪ ..‬وهمذا معنماه أن السمملم بشممرائعه‬
‫الربانية ل يصلح للمجتمعات والدول المتحضرة‪ ..‬ول ُيمكممن أن يحممدد‬
‫إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة!!‬
‫أتريدون كفرا ً يعلو هذا الكفر؟!‬
‫والحكومة السعودية هي من المؤسسين لهذه الهيئة وهممي كممذلك‬
‫تفتخر بالنضمام إليها والتحاكم إليها فهي جزء من هممذه الهيئة الممتي‬
‫تحكم بحكم الطاغوت‪ ،‬وهي كذلك من المتحمماكمين إلممى تلممك الهيئة‬
‫ف بهممذا الكفممر بممل زادت عليممه‬‫الحاكمة بحكممم الطمماغوت‪ ،‬ولممم تكت م ِ‬
‫بالعتزاز والفتخار على ذلك‪ ،‬ظلمات بعضها فوق بعض‪.‬‬
‫وهذا يرد ّ على المجادلين عن الطواغيت الذين يزعمون أن الدولة‬
‫دخلت إلى هيئة المم مكرهة‪ ،‬فالمكره ل يكون من المؤسسين‪ ،‬ول‬
‫ره عليه‪.‬‬‫يكون من المتفاخرين بما أك ِ‬
‫قال المؤلف‪]:‬وقممد جمماء نممص مقاصممد هيئة المممم المتحممدة فممي‬
‫الميثاق‪ ،‬وذلك على النحو التي‪:‬‬
‫حفظ السلم والمن الدولي‪ :‬ورد هذا الهدف في أجممزاء متفرقممة‬
‫من الميثاق‪ .‬فقد بدأت الفقرة الولى مممن الديباجممة " نحممن شممعوب‬
‫المم المتحدة وقد آلينا على أنفسممنا‪ :‬أن ننقممذ الجيممال المقبلممة مممن‬
‫ويلت الحممروب الممتي فممي خلل جيممل واحممد جلبممت علممى النسممانية‬
‫مرتين أحزانا ً يعجز عنها الوصف " وذكرت الديباجة " وأن نضم قوانا‬
‫كي نحافظ على السلم والمن الدوليين "‬
‫وفي الميثاق نصت الفقرة الولممى مممن المممادة الولممى علممى هممذا‬
‫الهدف‪ ،‬إذ نصت على التي " حفظ السلم والمن الدوليين‪ ،‬وتحقيقا ً‬
‫لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع السباب التي‬
‫تهدد السلم والعمل على إزالتها‪ ،‬وتقمع أعمال العدوان وغيرهمما مممن‬
‫وجوه الخلل بالسلم‪ ،‬وتتذرع بالوسائل السلمية وفقا ً لمبادئ العدل‬
‫والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تممؤدي إلممى الخلل‬
‫بالسلم وتسويتها ا‪ .‬هم‪[1‬‬
‫أقول للمؤلف‪ :‬هل التزمت أمريكا بهذه العهود؟‬

‫كتاب هيئة المم المتحدة منذ النشأة حتى اليوم ص ‪ ،44-43‬تأليف طلل محمد نور عطار‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(225‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هل التزمت بريطانيمما وروسمميا وهولنممدا والممدنمرك وفرنسمما بهممذه‬
‫العهود؟‬
‫هممل عملممت هممذه الممدول علممى إزالممة الظلممم والعممدوان عممن‬
‫المسلمين؟‬
‫أم أنهمما ظلمممت واعتممدت وعمماونت كممل معتممدٍ علممى السمملم‬
‫والمسلمين؟‬
‫ي بصممرك‬ ‫مم َ‬
‫أتنقل ما ل تفقهه‪ ،‬أتستدل بما هو حجة عليك‪ ،‬هممل عَ ِ‬
‫عما يفعله الكفار بالمسلمين؟‬
‫ن دممماء وأعممراض المسمملمين ل قيمممة لهمما فل يعتممبر سممفكها‬ ‫أم أ ّ‬
‫وانتهاكها من نقض العهد؟‬
‫قال المؤلف ]وقد نص الملممك فيصممل ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ -‬فممي كلمتممه‬
‫التي ألقاها في هيئة المم المتحدة على هذا الهدف فكان مما قممال‪:‬‬
‫اليوم يتجه مؤتمرنا التاريخي هذا الذي اشتركت فيه دول عديدة نحو‬
‫تأسيس ودعم السلم العالمي‪ .‬لقد شهد هذا اليوم إكمال ممما يمكممن‬
‫أن يسمى بميثاق العدل والسلم بعد عمل شاق ومناقشممات طويلممة‬
‫ومداولت‪ .‬الهدف هو خلممق منظمممة ذات فعاليممة قصموى للمحافظمة‬
‫علممى السمملم والعممدل فممي عممالم المسممتقبل‪ .‬هممذا الميثمماق ل يمثممل‬
‫الكمال الذي تتوق إليه الدول الصغرى‪ ،‬لكنه بل شك أفضل ما يمكن‬
‫‪1‬‬
‫أن تتفق عليه خمسون دولة ا‪ .‬هم‬
‫وقد نص على هذا ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬صاحب السمو الملكي المير سمملطان‬
‫بن عبدالعزيز ‪ -‬وفقممه اللممه لهممداه ‪ -‬فممي كلمممة ألقاهمما فممي الجمعيممة‬
‫العامة للمم المتحدة بمناسبة مرور أربعين عاما ً على تأسيس المم‬

‫مجلة الفيصل العدد )‪ (106‬ربيع الخر ‪1406‬هم السنة التاسعة وكان مما قال‪ :‬إن الحكومة العربيممة‬ ‫‪1‬‬

‫السعودية تنضم إلى المم المتحدة في تصريحها القائل بأن مبادئ السلم والعدالة والحممق يجممب أن‬
‫تسود أنحاء العالم‪ ،‬وأن العلقات الدولية يجب أن تقوم على هذه المبادئ وإن من دواعمي اغتبماطي‬
‫العظيم‪ ،‬أن أقول‪ :‬إن هذه المبادئ تطابق تعاليم الدين السلمي الممذي يعتنقممه ‪ 400‬مليممون مسمملم‬
‫في العالم‪ ،‬وهي التعاليم التي اتخذت الحكومة السعودية منها دستورا ً تسير على هديه ا‪ .‬هم م )كتمماب‬
‫المملكة العربية السعودية والسعودية والمنظمات الدولية ص ‪ (43-42‬وقال الملك فهد ‪ -‬وفقه اللممه‬
‫لهداه ‪ :-‬ونحن ‪ -‬أيها الخوة المواطنون ‪ -‬نعمل في المحيط الدولي الشامل داخممل دائرة هيئة المممم‬
‫المتحدة وفروعها ومنظماتها نلتزم بميثاقها وندعم جهودها ونحارب أي تصرف شاذ يسعى لضممعافها‬
‫وتقليص قوة القانون الدولي لتحل محله قوة السلح ولغممة الرهمماب ا‪ .‬هم م وأضمماف خممادم الحرميممن‬
‫الشريفين‪ :‬ولقد كانت تصرفاتنا وستبقى تعكس إحساسنا بالنتماء إلممى المجموعممة الدوليممة كأسممرة‬
‫واحدة مهما اختلفت مصالحها‪ ،‬وتصور إيماننا بمبادئ السلم المبني على الحممق والعممدل‪ ،‬ونعتقممد أن‬
‫المن الدولي‪ ،‬والسممتقرار السياسممي مرتبطممان بالعدالممة القتصممادية ومنبعثممان منهمما ا‪ .‬همم المملكممة‬
‫العربية السعودية والمنظمات الدولية ص ‪.48‬‬

‫)‪(226‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المتحدة فقال‪ :‬فإن المملكة العربيممة السممعودية وهممي تممدين بالممدين‬
‫السلمي تضطلع بممدور دولممي متميممز لن سياسممتها الخارجيممة تسممير‬
‫على أساس أن المبادئ الساسية التي ارتكزت عليها هذه المنظمممة‬
‫والهداف النبيلة التي من أجلها وضع ميثاقها فيهمما تأكيممد لممما تقممرره‬
‫الشريعة السلمية من تنظيم للعلقات بيممن الممدول‪ - .‬ثممم قممال ‪ -‬إذا‬
‫كان الهدف الرئيسي للمم المتحدة والممذي قممامت فلسممفة الميثمماق‬
‫على أساس تحقيقه هو إقرار السلم والمن الدوليين ا‪ .‬هم‪.1‬‬
‫وبما أن الغلبة في هممذه الهيئة للكفممار فممإن بهمما أنظمممة ل توافممق‬
‫الشرع؛ فلذا عارضت السعودية بعض النظمة‪ ،‬ولم توافق على كممل‬
‫ما فيها‪.‬‬
‫وإليممك جملممة مممن العهممود والمواثيممق الممتي لممم تقبلهمما الدولممة‬
‫السعودية ‪ -‬حرسها الله ‪:-‬‬
‫‪ -1‬لم توافق المملكة العربية السعودية على التفاقية التي تنممص‬
‫على القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة‪ .‬قال طلل محمممد‬
‫نور عطا‪ :‬تحفظت المملكة العربية السعودية على هذه التفاقية‪ ،‬ول‬
‫تلزم نفسها بما يتعارض مع أحكام الشريعة السلمية ا‪ .‬هم‪[2‬‬
‫ولكنها التزمت بما هو أعظم من ذلممك وهمو منممع شمباب الجزيمرة‬
‫ف أذى‬ ‫من النفير إلممى الجهمماد الممذي بممه عممز الممدنيا والممدين وبممه ينكم ّ‬
‫الكفار عن المسلمين وتندفع شرورهم‪.‬‬
‫والمممتزمت كمممذلك محاربمممة المجاهمممدين ومطممماردتهم وسمممجنهم‬
‫والتضييق على موارد المجاهدين المالية والبشرية‪ ،‬فتنّبه!‬
‫]‪ -2‬لم توافق المملكة العربية السممعودية علممى المممادة السادسممة‬
‫عشرة في حقوق النسان القائلة " للرجل والمممرأة مممتى بلغمما سممن‬
‫الزواج الحق بالتزوج بدون قيد بسبب الدين " فقالت دولممة التوحيممد‬
‫في مذكرة أرسلتها إلى المم المتحدة‪ :‬إن زواج المسلم مممن امممرأة‬
‫وثنيممة وغيممر مؤمنممة بوجممود اللممه أمممر حرمممه السمملم‪ ،‬وأيض ما ً زواج‬
‫المسلم من كتابية يهودية أم مسيحية أباحه السمملم‪ ،‬أممما زواج غيممر‬
‫‪3‬‬
‫المسلم بمسلمة فغير مباح‪.‬‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫حاشية كتابه المملكة العربية السعودية والمنظمات الدولية ص ‪.181‬‬ ‫‪2‬‬

‫مذكرة الحكومة السعودية إلى منظمة المم المتحدة حول تطبيق حقوق النسان في المملكة عمل ً‬ ‫‪3‬‬

‫بالشريعة السلمية‪ .‬نشر في العدد الول من المجلة العربية ص ‪ ،182‬وانظر كتاب موقف المملكممة‬
‫العربية السعودية من القضايا العالمية في هيئة المم المتحدة ص ‪.98‬‬

‫)‪(227‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -3‬لممم توافممق دولممة التوحيممد علممى المممادة العاشممرة مممن العلن‬
‫‪1‬‬
‫العالمي لحقوق النسان التي أعطت كل شخص حرية تغيير دينه‪.‬‬
‫‪ -4‬أن المملكممة العربيممة السممعودية لممم تنظممم إلممى المعاهممدتين‬
‫الدوليتين‪ :‬الولى الخاصة بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫والثانية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية‪ ،‬بسبب احتواء كل ممن‬
‫هاتين المعاهممدتين علممى مممواد ل تسمماير تعمماليم الشممريعة السمملمية‬
‫‪2‬‬
‫السمحة‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه حال الدولة السعودية مع هيئة المم المتحدة‪ ،‬من‬
‫أنها ل تقبل النظمة التي تخالف الشريعة السلمية باعتراف قممادات‬
‫هذه الدولة ‪ -‬وفقهم الله لما فيه هداه ‪ ،-‬وبتطبيقهم لها عمليًا‪ ،‬وذلك‬
‫بأن يتحفظوا على النظمة والقرارات المخالفة للشريعة السمملمية‪،‬‬
‫إذا كان هكذا حال الدولة مع هيئة المم المتحدة فلماذا ‪ -‬يا منصفون‬
‫‪ُ -‬يشنع عليها وُتكفر؟! أليس من حقها أن تشكر بممدل أن تكفممر‪ ،‬مممن‬
‫أجل امتناعها عن القرارات المخالفة للشريعة؟ أليس مممن حقهمما أن‬
‫تؤازر وتساند على اعتزازها وحدها من بيممن جميممع الممدول السمملمية‬
‫بشريعة السلم وتحفظها على كل ما يخالفه؟[‬
‫أقول‪ :‬إن محاربتها للجهاد والمجاهدين ومنعها شباب الجزيرة من‬
‫الخروج إلى الجهاد من أعظممم ممما أضممر بالمممة السمملمية‪ ،‬فالحكممام‬
‫دلوا وحماربوا العفمة ونشممروا الرذيلمة وحممموا‬ ‫الخونة الذين غيممروا وبم ّ‬
‫الشرك‪ ،‬هم ممن أعظمم مما ابتلمي بمه المسملمون فمتركوا عقيمدتهم‬
‫جد دعاة الشرك واللحاد البواب مفتحممة‬ ‫وشاعت الفواحش بينهم وو َ‬
‫لهم لينشروا بمماطلهم ويضمملوا المسمملمين‪ ،‬والمجاهممدون بحمممد اللممه‬
‫ينشرون التوحيد ويحاربون الشرك ويناصرون المسمملمين ويحممررون‬
‫ديار المسلمين‪ ،‬وهذا ما حصل منهم في الشيشان والعراق وغيرهمما‪،‬‬
‫طاب رحمه الله‪ ،‬والشيخ المجاهد الشهيد‬ ‫فالقائد المجاهد الشهيد ]خ ّ‬
‫سسمما مدرسممة فممي الشيشممان‬ ‫أبو عمر السيف رحمه الله[ كانا قممد أ ّ‬
‫تدرس التوحيد والمواد الشرعية علممى عقيممدة السمملف‪ ،‬وتخممرج مممن‬
‫تلك المدرسة المئات من الشباب على عقيدة السلف ينصرون ديممن‬
‫الله في الشيشان‪.‬‬
‫وهكممذا المممر فممي العممراق خاصممة فممي مجاهممدي دولممة العممراق‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫موقف المملكة العربية السعودية من القضايا العالمية في هيئة المم المتحدة ص ‪.98‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(228‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السلمية وجماعة أنصار السلم وجيش أبي بكممر الصممديق السمملفي‬
‫وغيرهم هم بحمد اللممه علممى العقيممدة الصممحيحة ويقيمممون الممدورات‬
‫لتعليم الناس عقيدة السلف‪.‬‬
‫وأما أفغانستان فبعد الحرب مع الروس زرعت أمريكمما وعملؤهمما‬
‫في المنطقة الشقاق والفرقة بين صفوف المجاهدين لكي ل تخممرج‬
‫المممة بعممد جهادهمما بممما يهممدد مصممالح الغممرب‪ ،‬والن الممذي يقممود‬
‫المجاهممدين وخاصممة تنظيممم القاعممدة فممي أفغانسممتان والشيشممان‬
‫والعراق والشام والجزائر والجزيرة هم بحمد الله من أهممل التوحيممد‬
‫والعقيدة الصحيحة‪ ،‬وستبدي لك اليام ممما كنممت جمماه ً‬
‫ل‪ .......‬ويأتيممك‬
‫بالخبار من لم تزّود‬
‫وهؤلء الطواغيت بمنعهم شباب الجزيرة من الخروج إلى الجهمماد‬
‫تسببوا في خذلن المسلمين دينيا ً ودنيوي مًا‪ ،‬ومنعمموا جحافممل التوحيممد‬
‫الصممادقة أن تصممل إلممى ديممار المسمملمين لنصممرتهم وتعليمهممم أمممور‬
‫دينهم‪.‬‬
‫قال المؤلف ]ب‪ /‬أن المصلحة تقتضي انضمام الدولممة السممعودية‬
‫لهذه الهيئة حمايممة لنفسممها مممن أعممدائها الكفممار‪ ،‬بممل وبعممض الممدول‬
‫السلمية المخالفة للمعتقد السلفي‪ ،‬فإنهم يتربصون بدولة التوحيممد‬
‫الدوائر لدوافع متعددة معلومة‪ ،‬ومن أوضممح الممبراهين حممرب الخليممج‬
‫الولى‪ ،‬فدولة تهجم وأخرى عن أنيابها تكشر‪.‬‬
‫ومن المتقرر شرعا ً أن للضعف أحكاما ً مغايرة لحالة القوة‪ ،‬وبنود‬
‫صلح الحديبية خير شاهد ودليل على هذا‪[ .‬‬
‫أقول للمؤلف‪ :‬إن انضمام المملكة إلى هيئة المم لن يحميها من‬
‫أعدائها ولن يحميها من أمريكا نفسها‪ ،‬فإن الجزيممرة هممي أكممبر منبممع‬
‫للنفط ولن تتخلى أمريكا عن النفط‪ ،‬فهي كالمستجير مممن الرمضمماء‬
‫بالنار‪ ،‬وأما نزول الجنود المريكان في حرب الخليج لم يكن لحمايممة‬
‫الناس في الجزيرة‪ ،‬ولكنها كانت لمرين‪:‬‬
‫الول‪ /‬لقامة قواعد أمريكية في المملكة لجل مقاصد كثيرة من‬
‫أهمها حماية النفط وسرقته‪ ،‬والسممتعداد للمخطممط الممذي يسممتهدف‬
‫إلى استعمار دول الجوار‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬لحماية الحكومة السعودية من المد الجهادي الممذي يقصممد‬
‫تطهير دول السلم من العملء‪.‬‬

‫)‪(229‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سفه أن يطلممب آل سممعود العممزة مممن الكفممار‪ ،‬والحمايممة‬ ‫ومن ال ّ‬
‫ممن ذكر الله لنمما شممدة عممداوتهم للسمملم والمسمملمين‪ ،‬ولكممن هممذا‬
‫ليس بغريب فقد فعلممه أشممباههم فممي عهممد النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم كمما وصمفهم اللمه بقموله‪] :‬فمترى المذين فمي قلموبهم ممرض‬
‫يسممارعون فيهممم يقولممون نخشممى أن تصمميبنا دائرة{ وبقمموله‪] :‬بشممر‬
‫المنافقين بأن لهم عذابا ً أليما‪ ،‬الممذين يتخممذون الكممافرين أوليمماء مممن‬
‫دون المؤمنين أيبتغون عندهم العّزة فإن العزة لله جميعا{‬
‫قممال المؤلممف]وقممد ذكممر الشمميخ المممؤرخ إبراهيممم بممن عبيممد آل‬
‫عبدالمحسن في كتابه التاريخي" تذكرة أولي النهى والعرفممان بأيممام‬
‫الله الواحممد الممديان " كتممب معاهممدات مممع بريطانيمما ظاهرهمما الرضمما‬
‫بالضيم فقال‪ :‬سادسًا‪ :‬يتعهد ابن سعود كما تعهد آبمماؤه مممن قبممل أن‬
‫يتحاشممى العتممداء علممى أقطممار الكممويت والبحريممن ومشممائخ قطممر‬
‫وسواحل عمان الممتي هممي تحممت حمايممة الحكومممة البريطانيممة‪ ،‬ولهمما‬
‫صلت عهديممة مممع الحكومممة المممذكورة‪ ،‬وأن ل يتممدخل فممي شممؤونها‬
‫وتخوم القطار الخاصة بهؤلء ستعين فيما بعد‪ .‬وجممرى توقيعهمما فممي‬
‫‪ 18‬صفر من هذه السنة الموافممق ‪ 26‬ديسمممبر ‪ ،1915‬ول ريممب أن‬
‫هذه التفاقية جائرة‪ ...‬وقد انتقدها الكتاب فقممال عنهمما الضممليع فممؤاد‬
‫حمزة لما أشرف عليها إّنها معاهدة جائرة‪ .‬وقال عنها الماهر الممذكي‬
‫حافظ وهبة المشهور بحرية الفكر ورجاحة العقممل واسممتقلل الممرأي‬
‫ما نصه‪ :‬تجلى قصر نظر مستشاري ابن سعود بما يجري في العالم‬
‫ن الظروف والحمموال ذلممك‬ ‫والستفادة من الفرص ولكن يقال عنها إ ّ‬
‫الوقت دعت إلى توقيعها‪ .‬ولما خلى ابن سعود وصحبه الممذين فيهممم‬
‫الشرف والدين والقوة غير أنهم ل يعرفون لغممة السياسممة وأسمماليب‬
‫السممتعمار ول يصممدقون بممالظفر لغيممر الصممارم البتممار واستشممارهم‬
‫كعادته أجابوه بأننا في حال ضعف وخصمنا قوي جبار‪ ،‬فنراها تنفعنمما‬
‫بإذن الله في الحال ول تضرنا إذا كنا في حالة منعممة وقمموة‪ ،‬ويمكممن‬
‫تعديلها فيما بعد‪ ،‬فالعبرة بالقوة في كمل وقمت وحممال‪ ،‬فقمم وتوكممل‬
‫على الله ووقعها‪ ،‬كما أنه أدرك بأنه ل يبيع ول يتخلممى ول يرهممن مممن‬
‫نيته حسن الجوار‪ ،‬وتسهيل طممرق الحجمماج‪ .‬فممما أحسممن نتممائج هممذه‬
‫الراء والفكار‪ ،‬ولنا أسوة في صلح الحديبيممة‪ ،‬أضممف إلممى ذلممك أنهمما‬
‫ألغيت بعد سبع سنوات وعدلت فيما بعد ذلك لما فتح الله له الحجاز‬
‫واعترفت له بريطانيا بالستقلل التام يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد‪.‬‬
‫)‪(230‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ا‪ .‬هم‬ ‫‪1‬‬

‫ج‪ /‬أنه لو قممدر جممدل ً أن النضمممام إلممى هيئة المممم المتحممدة مممن‬
‫الحكم بغير ما أنزل الله لممما كفممرت الدولممة السممعودية بفعلهمما؛ لنممه‬
‫تقدم بيان أن الحكم بغير مما أنمزل اللمه علمى شمناعته وكمونه سمببا ً‬
‫للضعف وتسلط العداء‪ ،‬إل أنه ل يخرج من الملة‪ ،‬وبهذا كممان يفممتي‬
‫شمميخنا عبممدالعزيز بممن بمماز والشمميخ اللبمماني ‪ -‬رحمهممما اللممه ‪ -‬كممما‬
‫تقدم‪[ .‬‬
‫لقد بينا في الرد على الشبهة السابقة الدلممة وأقمموال العلممماء أن‬
‫الحكم بالقوانين الوضعية كفر أكبر وأشبعنا المسألة شرحا ً وتوضيحا ً‬
‫فلتراجع‪ ،‬ولكن من خلط المؤلف لم يفرق بين الحكم بغير ممما أنممزل‬
‫م‬‫الله وبين التحاكم إلى غير ما أنزل الله‪ ،‬فإن من عرف حكم الله ث ّ‬
‫أعرض عنه وذهب ليتحاكم إلى طاغوت يحكم بغير ما أنزل الله فإنه‬
‫يكفر‪ ،‬لن فعله دليل على اسممتهانته بحكممم اللممه وعممدم الرضممى بممه‪،‬‬
‫ورضاه بحكم الطاغوت وبذلك يكون قد نقمض التوحيممد‪ ،‬لن التوحيممد‬
‫إيمان بالله وكفر بالطاغوت لبد من التيممان بهممما لتحقيممق التوحيممد‪،‬‬
‫فمن آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت فليس بموحد حممتى يممؤمن بممالله‬
‫ويكفر بالطاغوت‪ ،‬قال الله تعممالى‪] :‬فمممن يكفممر بالطمماغوت ويممؤمن‬
‫بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى{ والذي يتحمماكم إلممى الطمماغوت‬
‫مؤمن به‪.‬‬
‫وقال المام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬والطواغيت كثيرة‬
‫ورؤوسهم خمسة‪ :‬الول‪ :‬الشيطان‪ ...‬والثاني‪ :‬الحاكم الجائر المغيممر‬
‫لحكام الله‪ ...‬والثالث‪ :‬الذي يحكم بغير ما أنزل الله‪ ...‬الرابع‪ :‬الممذي‬
‫دعي علم الغيب من دون الله‪ ...‬الخامس‪ :‬الذي ُيعبد من دون اللممه‬ ‫ي ّ‬
‫ض بالعبادة‪ .‬اهم‬‫وهو را ٍ‬
‫وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله‪ :‬فلو اقتتلممت الباديممة‬
‫والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا طاغوتا ً فممي الرض‬
‫يحكم بخلف شريعة السلم التي بعث اللممه بهمما رسمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫»‪ ...‬فمن خالف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليممه وسمملم بممأن‬

‫)‪.(2/198‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(231‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حكم بين الناس بغير ما أنزل اللممه‪ ،‬أو طلممب ذلممك اتباعما ً لممما يهممواه‬
‫ويريده فقممد خلممع ربقممة السمملم واليمممان مممن عنقممه وإن زعممم أنممه‬
‫مؤمن‪ ،‬فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك‪ ،‬وأكذبهم في زعمهممم‬
‫ن‬
‫اليمان لممما فممي ضمممن قمموله }يزعمممون{ مممن نفممي إيمممانهم‪ ،‬فممإ ّ‬
‫دعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته‬ ‫}يزعمون{ إنما يقال غالبا ً لمن ا ّ‬
‫موجبها وعمله بما ُينافيها‪ ،‬يحّقق همذا قمموله تعمالى }وقممد أمممروا أن‬ ‫لِ ُ‬
‫يكفروا به{ لن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد‪ ،‬كما في آيممة البقممرة‪،‬‬
‫فإذا لم يحصممل هممذا الركممن لممم يكممن موحممدًا‪ ،‬والتوحيممد هممو أسمماس‬
‫ن‬‫ن ذلك بي ّ ٌ‬
‫مه‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫سد بعد َ ِ‬
‫اليمان الذي تصلح به جميع العمال وتف ُ‬
‫في قوله تعالى }فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بممالله فقممد استمسممك‬
‫بالعروة الوثقى{ ]البقممرة‪ [256 :‬وذلممك أن الّتحمماكم إلممى الطمماغوت‬
‫ن به«‪ .‬اهم‬ ‫إيما ٌ‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في تفسممير‬
‫قوله تعالى }ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بممما أنممزل إليممك{‬
‫أن‪) :‬الرد إلى الكتاب والسنة شرط في اليمان‪ ،‬فدل ذلمك علمى أن‬
‫ل النممزاع فليممس بمممؤمن حقيقممة‪ ،‬بممل مممؤمن‬ ‫من لم يرد إليهما مسائ َ‬
‫بالطاغوت‪ ...‬فإن اليمان يقتضي النقياد لشرع اللممه وتحكيمممه‪ ،‬فممي‬
‫كل أمر من المور‪ ،‬فمن زعممم أنممه مممؤمن‪ ،‬واختممار حكممم الطمماغوت‬
‫على حكم الله فهو كاذب في ذلك(‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله‪ :‬إن قمموله ‪-‬‬
‫ن( تكذيب لهم فيما اّدعوه من اليمان‪ ،‬فإنه ل يجتمممع‬ ‫مو َ‬‫تعالى ‪)-‬ي َْزعُ ُ‬
‫التحاكم إلى غير ما جاء به النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع اليمممان‬
‫ل‪ ،‬بل أحدهما ينافي الخر‪ ،‬والطمماغوت مشممتق مممن‬ ‫في قلب عبد أص ً‬
‫الطغيان وهو مجاوزة الحد‪ ،‬فكل من حكم بغير ما جمماء بممه الرسممول‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه‪ .‬اهم‬
‫قال المؤلف]تنبيه‪ /‬لو كان النضمام إلى هيئة المم المتحدة من‬
‫الحكم بغير ما أنزل الله لرأيت علماءنا كالشمميخ محمممد بممن إبراهيممم‬
‫والشيخ سعد ابن عتيق والشميخ عبمدالعزيز ابمن بماز والشميخ محممد‬
‫العثيمين ‪ -‬رحمهم الله ‪ -‬أنكروه وبينوا حرمته‪ ،‬بل نمص علممى جموازه‬
‫بعضهم فقد سئل الشيخ محمد بن صالح بممن عممثيمين‪ :‬بعممض النمماس‬
‫يقول إن النضمام إلممى المممم المتحممدة تحمماكم أيضما ً إلممى غيممر اللممه‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬
‫)‪(232‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فأجاب‪ :‬هذا ليممس بصممحيح‪ ،‬فكممل يحكممم فممي بلممده بممما يقتضمميه‬
‫النظام عنده‪ ،‬فأهل السلم يحتكمون إلى الكتاب والسممنة‪ ،‬وغيرهممم‬
‫إلى قوانينهم‪ ،‬ول تجبر المم المتحدة أحدا ً أن يحكم بغيممر ممما يحكممم‬
‫به في بلده‪ ،‬وليس النضمام إليها إل من باب المعاهدات الممتي تقممع‬
‫بيممن المسمملمين والكفممار ا‪ .‬همم‪ ،1‬بممل واسممتمر هممؤلء العلممماء الجلء‬
‫يرددون أن الدولة السعودية ‪ -‬حرسها اللممه ‪ -‬تحكممم بممما أنممزل اللممه‪،‬‬
‫وزكوها بهذا‪[ .‬‬
‫نحن نلتمس لهؤلء العلماء العذر‪ ،‬ونقممول لعلهممم ممما علممموا بنممود‬
‫ذكر لهم خلف الحقيقة وليممس هممذا بغريممب‬ ‫هذه العهود‪ ،‬أو أن الذي ُ‬
‫على حكومة آل سعود‪ ،‬وسأذكر إن شاء الله صورا ً من كممذبهم علممى‬
‫العلماء وعلى المجاهدين في نهاية هذا الرد‪.‬‬
‫وحتى لو لم ُيكّفر أولئك العلماء ‪-‬رحمهم الله‪ -‬الحكومة على ذلك‬
‫ن الممدليل أولممى أن يتبممع‪ ،‬والعلممماء يصمميبون ويخطئون والعصمممة‬ ‫فممإ ّ‬
‫للكتاب والسنة‪ ،‬والحق ل يعرف بالرجال كما قممال علممي رضممي اللممه‬
‫عنه‪ :‬إن الحق ل يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله‪.‬‬
‫دعون التمسممك بالكتمماب والسممنة ونبممذ‬ ‫وإنني أتعجب من أنمماس يم ّ‬
‫م نجممدهم مممن‬ ‫صب والتقليد‪ ،‬ويذمون مقّلدة المذاهب الربعة‪ ،‬ث م ّ‬ ‫التع ّ‬
‫أشد ّ الناس تعصبا ً لمشايخهم وتقليدا ً لهم‪ ،‬يقول أحدهم أخطأ المممام‬
‫الشافعي في تلك المسألة‪ ،‬وخالف الممام أبمو حنيفمة الصمواب فمي‬
‫م إذا قيممل‬‫هذه المسألة‪ ،‬وأخطأ النووي والحافظ بن حجر في كذا‪ ،‬ثم ّ‬
‫له أخطأ الشيخ بن باز أو الشيخ بن عممثيمين أو الشمميخ اللبمماني فممي‬
‫المسألة الفلنية لرأيته قد وقف شعر رأسه واحمرت عيناه وانتفخت‬
‫أوداجه‪ ،‬كيف تقول الشيخ ابن باز أخطأ كيف وكيف‪ ،‬ووالله إن الذي‬
‫صممب لمممن هممو‬ ‫صب لمذاهب الئمممة الربعمة أهممون مممن الممذي يتع ّ‬ ‫يتع ّ‬
‫دونهم‪ ،‬وإن كان التعصب في كل الحالتين مذمومًا‪ ،‬وإذا جاء عممالم أو‬
‫طالب علم برأي أو قول قد يكون الصواب معه وجدتهم يقولون‪ :‬ممما‬
‫هي شهادته‪ ،‬من زكاه مممن المشممايخ ويقصممدون مشممايخهم‪ ،‬ول تجممد‬
‫كثيرا ً منهم يرحب أو يسممع ممن همذا العمالم أو طمالب العلمم وكمأن‬
‫جمع وجعل في منهجهم فل يمكن أن يكون الحق فيما خالفه‪.‬‬ ‫الحق ُ‬
‫وإن كممانت الجماعممات السمملمية كلهمما ل تخلممو مممن المتعصممبين‬
‫والمقلدين‪ ،‬وكل من اتصممف بهممذه الصممفة مممذموم‪ ،‬ولكممن لممما كممان‬
‫مجلة الدعوة ‪ -‬العدد ‪ 10 - 1608‬جمادى الولى ‪1418‬هم ‪ 11 -‬سبتمبر ‪1997‬م‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(233‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المؤلف منهم ذكرت هذا فإنه قال‪]:‬لو كان النضمام إلى هيئة المممم‬
‫المتحدة من الحكم بغير ما أنزل الله لرأيت علماءنا كالشمميخ محمممد‬
‫بممن إبراهيممم والشمميخ سممعد ابممن عممتيق والشمميخ عبممدالعزيز ابممن بمماز‬
‫والشيخ محمد العثيمين ‪ -‬رحمهم الله ‪ -‬أنكروه وبينوا حرمته[‬
‫ومفهوم كلمه‪ :‬أنه مادام أن هؤلء العلماء لم ينكروا ولممم يقولمموا‬
‫بأن النضمام إلى هيئة المم من الحكم بغير ما أنزل الله فإنه ليممس‬
‫ن هيئة المممم ل‬ ‫كذلك‪ ،‬وهذا من الجهل والهوى فإنه ل يشك عاقممل أ ّ‬
‫ن من يتحاكم إليها ل يتحاكم إلى شرع اللممه بممل‬ ‫تحكم بشرع الله‪ ،‬وأ ّ‬
‫يتحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫ونقول للمؤلف‪:‬ما حكم التحاكم إلى شرع الله؟‬
‫والتحاكم إلى الشرع عبادة أم ليس عبادة؟‬
‫وهيئة المم بماذا تحكم؟‬
‫والذي يتحاكم إلى هيئة المم يتعّبد لمن؟‬
‫والذي يتحاكم إلى هيئة المم إلى ماذا يتحاكم‪ ،‬إلى شرع الله أم‬
‫إلى الطاغوت؟‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬من تحاكم أو حاكم إلممى غيممر ممما جمماء‬
‫عن الرسول فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليممه‪ ،‬وقممد أمرنمما سممبحانه‬
‫باجتنمماب الطمماغوت قممال سممبحانه‪" :‬والممذين اجتنبمموا الطمماغوت أن‬
‫يعبدوها" فالحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع مممن أنممواع العبممادة‬
‫التي أمر الله بهجرها واجتنابها‪] .‬إعلم الموقعين‪[1/49/‬‬
‫قال سليمان بن سمحمان رحمممه اللمه‪ ":‬همذه كلممات فمي بيممان‬
‫الطاغوت ووجوب اجتنابه ‪ -‬وذكر المقام الثمماني فقممال‪ :‬أن يقممال إذا‬
‫عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر‪ ،‬فقد ذكممر اللممه فممي كتممابه أن‬
‫الكفر أكبر من القتل قال‪) :‬والفتنة أكبر من القتل(‪ ،‬وقال‪) :‬والفتنممة‬
‫أشد ّ من القتل( والفتنة‪ :‬هي الكفر‪ ،‬فلممو اقتتلممت الباديممة والحاضممرة‬
‫حتى يذهبوا لكممان أهممون مممن أن ينصممبوا فممي الرض طاغوتما ً يحكممم‬
‫بخلف شريعة السلم‪ ،‬التي بعث الله بهمما رسمموله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫المقام الثالث‪ :‬أن تقول‪ :‬إذا كان هذا التحاكم كفرًا‪ ،‬والنزاع إنممما‬
‫يكون لجل الدنيا فكيف يجوز لك أن تكفر لجل ذلك؟ فإنه ل يممؤمن‬
‫النسان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وحتى يكون‬

‫)‪(234‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الرسول أحب إليه مممن ولممده ووالممده والنمماس أجمعيممن‪ .‬فلممو ذهبممت‬
‫دنياك كلها لما جاز لك المحاكمة إلى الطاغوت لجلها ولممو اضممطرك‬
‫مضطر وخيرك بين أن تتحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬أو تبذل دنيمماك لمموجب‬
‫عليك البذل‪ ،‬ولم يجز لك المحاكمممة إلممى الطمماغوت‪ .‬واللممه أعلممم "‪.‬‬
‫]الدرر السنية‪.[502 /10 :‬‬
‫م ما أورده المؤلف من قول الشيخ بن عثيمين رحمه الله حين‬ ‫ث ّ‬
‫قال‪] :‬فكل يحكم في بلده بما يقتضيه النظام عنممده‪ ،‬فأهممل السمملم‬
‫يحتكمون إلى الكتاب والسنة‪ ،‬وغيرهم إلى قوانينهم‪ ،‬ول تجبر المممم‬
‫المتحدة أحدا ً أن يحكم بغير ما يحكم به في بلده[‪ .‬هذا ليس بصحيح‬
‫فعندما قامت دولة طالبان وبدأت تحكم بالشريعة وأمممرت بالحجمماب‬
‫ومنعت من حلق اللحى ومن فتممح الخمممارات وبيممع الفلم وأشممرطة‬
‫الغاني وبدأت بحكم القطع في السممارق والرجممم للزانممي المحصممن‬
‫وغيرها من الحممدود‪ ،‬وأحرقممت جممزءا ً كممبيرا ً مممن حقممول المخممدرات‪،‬‬
‫تممدخلت أمريكمما وحاصممرتها لمممدة ثلث سممنوات حممتى تممترك تحكيممم‬
‫الشريعة وتسمح بقيام حكومة موسعة تضم جميع الحزاب الفغانيممة‬
‫من الرافضة والشتراكية وغيرها فلممما أبممت الحكومممة السمملمية أن‬
‫تخضع لضغوط المم الملحدة حاصرتها ووقف معها جميع الممدول ممما‬
‫عدا ثلث دول كلها كافرة‪ ،‬أما بقية الدول فإنها وافقت علممى حصممار‬
‫حكومة طالبان ومن بينها السعودية وكممل هممذا قبممل أحممداث الحممادي‬
‫عشر من سبتمبر‪.‬‬
‫كذلك عنممدما قمامت المحمماكم السمملمية فممي الصممومال وبمدأت‬
‫بتحكيم الشريعة تدخلت المم الملحدة وأغرت بهم جارتهم الصليبية‬
‫الحبشة فممدخلت القمموات الصممليبية ووقفممت مممع الحكومممة المعاديممة‬
‫للمحمماكم السمملمية وفممي بدايممة قيممام المحمماكم السمملمية أرسمملت‬
‫السعودية إلى المجمع الدولي تقول‪ :‬أدركوا الصومال قبل أن تصممبح‬
‫طالبممان ثانيممة تممؤوي الرهممابيين‪ ،‬كممما ذكممرت ذلممك بعممض الصممحف‬
‫السعودية‪.‬‬
‫فهذا وغيره يمرد ّ كلم الشمميخ ابممن عممثيمين رحممممه اللممه فممي أن‬
‫المم الملحدة ل تتدخمل في شؤون الدول الداخلية‪.‬‬
‫دة أن تعممادي‬ ‫وهذه الدول العميلة وعلى رأسها السعودية مسممتع ّ‬
‫كل من يخرج عن أنظمة المم الملحدة وتوالي من دخل في سلكها‬
‫ودار في فلكها وتأمل ما نقله المؤلف من كلم فهد بممن عبممد العزيممز‬
‫)‪(235‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حيث قال‪] :‬وقال الملك فهد ‪ -‬وفقه الله لهداه ‪ :-‬ونحن ‪ -‬أيها الخوة‬
‫المواطنون ‪ -‬نعمل في المحيممط الممدولي الشممامل داخممل دائرة هيئة‬
‫المم المتحدة وفروعها ومنظماتهمما نلممتزم بميثاقهمما ونممدعم جهودهمما‬
‫ونحممارب أي تصممرف شمماذ يسممعى لضممعافها وتقليممص قمموة القممانون‬
‫الدولي لتحل محله قوة السلح ولغة الرهاب[ ا‪ .‬هم‬
‫ول تغممتر بقمموله‪]:‬ونحممارب أي تصممرف شمماذ يسممعى لضممعافها‬
‫وتقليص قوة القانون الدولي لتحل محله قوة السلح ولغة الرهمماب[‬
‫ن هذا من باب التلبيس والستخفاف بالعقول‪ ،‬فهل حاربت الدولة‬ ‫فإ ّ‬
‫السعودية رؤوس الرهاب والجرام في العالم وعلى رأسممها أمريكمما‬
‫وبريطانيا واليهود والصرب والصممليبيين فممي الفلممبين وجممزر الملمموك‬
‫وإندونيسيا‪ ،‬والهندوس في الهند؟‬
‫أم أنها حاربت من وقف في وجه الرهاب المريكي والبريطاني‬
‫والشيوعي؟‬
‫من عندما أعانت الشيوعيين‬ ‫من وقفت السعودية وحاربت َ‬ ‫فمع َ‬
‫في اليمن عندما أوشكوا على السقوط والنهيار؟‬
‫مممن عنممدما أعممانت المتممّرد النصممراني‬ ‫من وقفت وحاربت َ‬ ‫ومع َ‬
‫وحزبه في جنوب السودان؟‬
‫مممن عنممدما أعممانت الحكومممة اللبنانيممة‬ ‫من وقفت وحمماربت َ‬ ‫ومع َ‬
‫النصرانية على إخواننا أهل السنة في نهر البارد؟‬
‫ومع من وقفت وحاربت من عندما انطلقمت الطمائرات الحربيمة‬
‫م العممراق فممي الحممرب الصممليبية‬ ‫ومن أرضها لتقصف أفغانسممتان وث م ّ‬
‫الجديدة؟‬
‫دة أن تحارب كل تصممرف يسممعى‬ ‫والعجيب أنها تزعم أنها مستع ّ‬
‫لضعاف قوة القانون الدولي فهل حاربت أمريكا عندما داست علممى‬
‫العراف الدولية وضربت بقرارات هيئة المممم عمممرض الحائمممط فممي‬
‫حمربها على أفغانستان والعممراق حيممث إن أمريكمما خممالفت القمموانين‬
‫والعراف والمواثيق الدولية وش مّنت علممى أفغانسممتان حرب ما ً شممعواء‬
‫واستخدمت السلحة المحرمة دوليا ً وقتلت البريمماء وذلممك كلممه قبممل‬
‫أن يثبت لديها دليل واحد على إدانة أفغانستان وتنظيم القاعدة؟‬
‫م زعمت أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل وغممزت أرض‬ ‫ث ّ‬
‫الرافممدين واسممتخدمت القنابممل الفسممفورية وغيرهمما مممن السمملحة‬

‫)‪(236‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الفتاكة والمحرمة دوليا ً ثم اعترفت أن تقارير المخممابرات المريكيممة‬
‫كممانت خمماطئة وأن العممراق ل يمتلممك أسمملحة الممدمار الشممامل فهممل‬
‫حاربت الحكومة السعودية أمريكا بسبب خروجها عن النظام الدولي‬
‫والعممراف والمواثيممق الدوليممة؟؟ أم أنهمما وقفممت معهمما وفتحممت لهمما‬
‫أجواءها وأمدتها بالنفط والمعونات اللوجستية؟؟‬
‫دة لحرب من يخرج عممن الهيمنممة المريكيممة‬ ‫فالحقيقة أنها مستع ّ‬
‫والسيطرة المريكية‪.‬‬
‫دة أن تحارب‬ ‫ن حكومتك مستع ّ‬ ‫ونقول للمؤلف ومن على نهجه‪ :‬إ ّ‬
‫دة أن تحممارب مممن يتمممرد علممى‬ ‫من يخرج عن أنظمة الكفممر‪ ،‬مسممتع ّ‬
‫دة أن تحممارب القمموانين الممتي‬ ‫حكم الطاغوت‪ ،‬بينما هممي غيممر مسممتع ّ‬
‫تجعل التشريع حقا ً للشعوب من دون الله تعالى‪.‬‬
‫ول أن تحارب الدول التي شيدت صروح الشرك وحمتها‪.‬‬
‫ول أن تحارب الدول التي أحلت المنكرات والفواحش‪.‬‬
‫بل هي تؤيد تلك الحكومات ممما دامممت محترمممة خاضممعة للقممانون‬
‫مي الممدول الكممافرة الممتي‬‫ميها بالممدول الشممقيقة‪ ،‬وتسم ّ‬‫الدولي‪ ،‬وتسم ّ‬
‫تقتل المسلمين وتنتهممك أعراضممهم وتفتنهممم فممي دينهممم وتسممتهزيء‬
‫بدينهم كأمريكا وروسيا والهند تسميهم بالدول الصديقة‪.‬‬
‫فالحقيقة بكل وضوح من غيممر تلممبيس ول مممداورة‪ :‬أن السممعودية‬
‫تتحاكم إلى هيئة المم وتخضممع لهمما وتمموالي مممن أجلهمما وتعممادي مممن‬
‫أجلها وتصدر عن حكمها وتحممارب مممن خممرج عممن نظامهمما ولممو كممان‬
‫الحق مع من خالفها‪ ،‬إل أن يكون المخالف لهيئة المم والخارج عممن‬
‫نظامها هي أمريكا فإنها حينئذٍ تخضع وتذل وتأتمر بأمر أمريكا وتدور‬
‫في فلكها‪.‬‬
‫وبعد هذا يتبين لنا أن انضمام المملكة إلممى هيئة المممم كفممر لنممه‬
‫تحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬ونصرة له وخضوع له وذكرنا وجه كممونه كفممرا ً‬
‫وأقوال العلماء في ذلك‪.‬‬

‫)‪(237‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الثالثة‪:‬‬
‫إن هؤلء الحكام قد كفروا لعانتهم الكفار على‬
‫المسلمين في عدة وقائع‬

‫قال المؤلف]والجواب على هذا من أوجه‪:‬‬


‫‪ /1‬أن التكفير ليس أمرا ً هينًا‪ ،‬ول تقبل فيه الشمماعات الممتي ل زمممام‬
‫لها ول خطام لسيما وولة المممر خاصممة فممي هممذا البلممد ينفممون عممن‬
‫أنفسهم إعانممة الكفممار علممى المسمملمين‪ ،‬بممل وصممرحت بممذلك بعممض‬
‫الصحف الغربية الكافرة‪ ،‬والحق ما شهدت به العداء[‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن موالة السعودية للكفممار أوضممح مممن الشمممس فممي رابعممة‬
‫النهار‪ ،‬فالسعودية تحوز قدم السبق في موالتها لعداء السلم فممي‬
‫مواطن كثيرة منها‪:‬‬
‫م السعودية أعانت الشيوعية في اليمن عندما انهارت وأوشكت على‬
‫السقوط‪ ،‬وقد ذكر هممذا العلممماء فممي رسممالتهم إلممى الشمميخ بممن بمماز‬
‫عندما سكت ولم يتكلم مع علمه بذلك‪.‬‬
‫فمما جاء في تلك الرسالة‪:‬‬
‫]ولما قام النظام السعودي الحمماكم بمسمماعدة ودعممم رؤوس الممردة‬
‫الشتراكية الشيوعية في اليمممن ضممد الشممعب اليمنممي المسمملم فممي‬
‫الحرب الخيرة التزمتم الصمت‪ ،‬ثممم لممما دارت الممدائرة علممى هممؤلء‬
‫الشيوعيين‪ ،‬أصممدرتم ‪ -‬بإيعمماز مممن هممذا النظممام ‪) -‬نصمميحة!!( تممدعو‬
‫الجميع إلى التصالح والتصافح باعتبارهم مسمملمين!! موهمممة النمماس‬
‫أن الشيوعيين مسلمون يجب حقن دمائهم‪ ،‬فمتى كممان الشمميوعيون‬
‫مسلمين؟ ألستم أنتم الذين أفتيتم سابقا بردتهم ووجوب قتالهم في‬
‫أفغانستان؟ أم أن هناك فرقا بين الشيوعيين اليمنييممن والشمميوعيين‬
‫الفغان؟ فهل ضاعت مفاهيم العقيممدة وضمموابط التوحيممد واختلطممت‬
‫إلممى هممذا الحممد؟[‪ .‬ممممن وقعمموا علممى هممذه الرسممالة‪ :‬الشمميخ حمممود‬
‫الشعيبي‪ ،‬والشيخ عبد الله بمن حممود التمويجري‪ ،‬والشميخ عبمد اللمه‬
‫الجللي وغيرهم‪.‬‬
‫م والسعودية أعممانت )جممون قرنممق( المتمممرد النصممراني وحزبممه فممي‬
‫جنوب السودان على المسلمين‪.‬‬
‫ُ‬
‫م ومن السعودية والكويت وغيرهما أدير حصار العراق الممذي اسممتمّر‬
‫عشر سمنوات‪ ،‬ممات بسمببه أكمثر ممن مليمون طفمل‪ ،‬وتلموثت ميماه‬
‫)‪(238‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العراق‪ ،‬وتضاعف مرض السرطان‪ ،‬وأصمميب أكممثر مممن سممبعين فممي‬
‫المائة من نساء العراق بالمينيا المنجلية‪.‬‬
‫م والسعودية أعانت الحكومة اللبنانية النصممرانية النصمميرية الرافضمية‬
‫على إخواننا أهل السنة الشرفاء في نهر البارد‪ ،‬وصممّرحت الحكومممة‬
‫السعودية بأن السيادة في لبنممان هممو للحكومممة اللبنانيممة النصممرانية‪،‬‬
‫ونقلت القناة السعودية في الخبار احتفال ً أقامته الحكومممة اللبنانيممة‬
‫تكريما ً وإشادةً للموقف السعودي في حربها مع أهل السنة في نهممر‬
‫البارد‪.‬‬
‫دث ول حممرج‪ ،‬فممإن الممموالة لممم‬ ‫م وأما الحرب الصليبية الجديدة فح م ّ‬
‫تمارس في الخفاء‪ ،‬بممل صممرحت وسممائل العلم السممعودية المرئيممة‬
‫والمسموعة والمقروءة وقوف الحكومة السعودية التممام مممع أمريكمما‬
‫في حربها ضد الرهاب‪ ،‬ووعدت أمريكا بفتممح أرضممها لهمما بممرا ً وجمموا ً‬
‫وبحرًا‪ ،‬فكانت الطائرات المريكية تنطلق من حفممر البمماطن وعرعممر‬
‫والخرج وتقصف إخواننا في الفلوجة وغيرهمما‪ ،‬وهممذا بشممهادة العمموام‬
‫ملممة بممالمؤن الغذائيممة‬ ‫من أهل حفر الباطن‪ ،‬وكممانت الشمماحنات المح ّ‬
‫ُ‬
‫تخرج من المملكة لتصل إلى القواعد المريكية‪ ،‬بل وأدير جزء كممبير‬
‫من الحرب من قاعدة المير سلطان في الخممرج‪ ،‬هممذا علممى الرغممم‬
‫من إعلن بوش بأن الحرب صليبية‪ ،‬والرهاب الذي تقصده أمريكا ل‬
‫يخفى على أحد‪ ،‬إنها تقصد الجهاد والممدفاع عممن أراضممي المسمملمين‬
‫وأعراضهم ودمائهم‪ ،‬فكل من وقممف فممي وجممه المشممروع المريكممي‬
‫الجديد فهو إرهابي‪ ،‬فأمريكا جعلت هذه المدعوى غطماًء تممّرُر عليهما‬
‫مشممروعها الصممليبي لحتلل أراضممي المسمملمين‪ ،‬والرهممابي فممي‬
‫القاموس المريكي هو كممل مسمملم شممريف عزيممز النفممس ل يعطممي‬
‫الدنية في دينه ول يرضى باحتلل أرضه‪ ،‬وأما الذي يقتمل المسملمين‬
‫رجممال ً ونسمماًء وشمميوخا ً وأطفممال ً فممي إندونيسمميا وجممزر الملمموك‬
‫وأفغانستان والعراق والشيشان والصومال فهو رجل سمملم يسممتحق‬
‫ن كممل مممن‬ ‫المعونة والتأييد من أمريكمما‪ ،‬وواللممه الممذي ل إلممه غيممره إ ّ‬
‫وقف مع أمريكا في حربها علممى العممراق أو أفغانسممتان أو الصممومال‬
‫فهو شريك لها في محاربة السلم ومعين لها على استعمار أراضممي‬
‫المسلمين وحكمه حكم أمريكا وهممو الكفممر‪ ،‬وسأوضممح ذلممك بالدلممة‬
‫وأقوال العلماء بعد أن أذكر كلم المؤلف‪.‬‬

‫)‪(239‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومن العجيب أن بعض الذين أغمضوا أعينهممم عممن المممواقع الواضمممح‬
‫موا آذانهم عن الخبار المتواترة في حقيقة مناصمممرة السعوديمممة‬ ‫وص ّ‬
‫ومظاهرتها للكفار على المسلمين ل يقبلون همذه الحقيقة مع كثرتها‬
‫وتواتمرها وتصريح الطواغيت في السعودية على بعضممها كتصممريحهم‬
‫بوقممموفهم التممام مممع أمريكمما فممي محاربممة الرهمماب‪ ،‬وفتممح أراضممي‬
‫السعودية لها في بداية الحممرب الصممليبية الجديممدة والممتي صمّرح بهمما‬
‫بوش في أكثر من محفل بأنها حممرب صممليبية‪ ،‬فقممد صمّرح طممواغيت‬
‫السعودية بوقوفهم التممام مممع أمريكمما فممي وسممائل إعلمهممم المرئيممة‬
‫والمسموعة والمقروءة عقممب أحممداث الحممادي عشممر مممن سممبتمبر‪،‬‬
‫كذلك أعانوا الحكومة اللبنانيممة النصممرانية النصمميرية الرافضممية علممى‬
‫إخواننمما أهممل التوحيممد فممي مخيممم نهممر البممارد وصممرحوا فممي وسممائل‬
‫إعلمهممم بوقمموفهم مممع الحكومممة اللبنانيممة وأن السمميادة للحكومممة‬
‫اللبنانية ونقلممت وسممائل العلم السممعودية احتفممال ً أقممامته الحكومممة‬
‫اللبنانية شكرا ً وإشادة بموقف الحكومة السعودية في محاربممة أهممل‬
‫التوحيد في نهر البارد‪ ،‬ولعلك لم تعلم بسبب التكتم العلمي مقدار‬
‫ل بمخيم نهر البارد فممي خلل أربعممة أشممهر‪،‬‬ ‫الدمار والخراب الذي ح ّ‬
‫فقممد اسممتخدمت الحكومممة اللبنانيممة بمعاونممة الحكومممة المريكيممة‬
‫والحكومة السعودية أسلحة محرمممة دولي مًا‪ ،‬وكممانت تقصممف المخيممم‬
‫دل مممائة‬‫يوميا ً بألف ومائتي صاروخ في عشر ساعات متواصمملة بمعم ّ‬
‫مممرت المخيممم‬ ‫وعشرين صاروخ في الساعة‪ ،‬وخلل الربعممة أشممهر د ّ‬
‫در حجم الدمار بما يقارب ثلثة عشر مليار دولر‪.‬‬ ‫بالكامل وقُ ّ‬
‫فهممذه الخبممار الممتي نطممق بهمما الطممواغيت أنفسممهم أو نطمممق بهمما‬
‫أسيادهمم أو نقلت بالتواتر ل يقبلها من أعمى بصره عن المممواقع بممل‬
‫همو يزيد على ذلممك باتهممام وتجريممح مممن يأخمممذ بهممذا الممممر الواضممح‬
‫الصريح ويحكم به‪ ،‬وتجده ينكممر همممذا المممر الواضممح ويطلممب الدلممة‬
‫على ذلك ويأمر بالتثبت بينما تجمده يحكم على المجاهمدين ويتهمهم‬
‫ويرميهم بكل نقيصة عندما يأتيه خبر ممن وسائل العملم العميلممة أو‬
‫من بعض الفمراد المخالفين للمجاهممدين‪ ،‬بممل تجمممده ل يكمماد يسمممع‬
‫بانفجار أو قتل للممدنيين إل ويممّتهم بمذلك المجاهمدين ويلقمي اللموم‬
‫ن التثبممت فيممما يحصممل وُينسممب إلممى‬ ‫عليهممم قبممل أن يتثبممت‪ ،‬مممع أ ّ‬
‫المجاهممدين ل يكممون عممبر وسممائل العممملم المعاديممة للمجاهممدين‬
‫والعميلممة لليهممود بممل ُيمممرجع فممي ذلممك إلممى إصممداراتهم وتقاريمممرهم‬
‫)‪(240‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وبياناتهم لمعرفة الحقيقة‪ ،‬ومن لم يكن مستعد ّا ً للبحث عممن بيانممات‬
‫المجاهدين وتصريحاتهم ولم ُيكّلف نفسممه البحممث عمممن ذلممك فليتممق‬
‫خض في أعراض المجاهدين‪.‬‬ ‫الله ول ي َ ُ‬
‫وعلى قاعدة المؤلف التي ذكرها في قوله‪]:‬بل وصرحت بذلك بعض‬
‫الصحف الغربية الكافرة‪ ،‬والحق ما شهدت به العداء[‪.‬‬
‫هاك شهادة بعض الصحف الغربية والقادة الغربيين‪:‬‬
‫يقول بوب وود وارد في كتابه الشهير]خطممة الهجمموم[‪ :‬وهممو يتحممدث‬
‫عممن لقمماء الميممر بنممدر بممن سمملطان بممالرئيس المريكممي بمموش فممي‬
‫الخممامس عشممر مممن نوفمممبر لعممام ‪]2002‬س مّلم بنممدر بممن سمملطان‬
‫الرئيس بوش رسالة خاصة من ولي العهد السعودي المير عبد اللممه‬
‫بخط اليد بالعربية ومرفق بها ترجمة إنجليزية‪.‬‬
‫م قال بنممدر لبمموش‪ :‬منممذ عممام ‪ 1994‬ونحممن علممى اتصممال مسممتمر‬ ‫ث ّ‬
‫معكم على أعلى المسممتويات فيممما يتعلممق بممما يتطلممب عملممه تجمماه‬
‫العراق والنظام العراقي‪ ،‬وخلل تلك الفترة كنا نتطلع إلى جد ّّية من‬
‫جانبكم كان يجممب أن تتمثممل فممي العمممل سممويا ً علممى صممياغة خطممة‬
‫مشتركة للتخلص من صدام‪.‬‬
‫ففي عممام ‪ 1994‬اقممترح الملممك فهممد علممى الرئيممس كلنتممون عمليممة‬
‫خاصة سّرية مشتركة سعودية أمريكية للطاحة بصممدام‪ ،‬كممما اقممترح‬
‫ولي العهد في أبريل ‪ 2002‬على بمموش إنفمماق ممما يصممل إلممى مليممار‬
‫دولر في عمليات مشتركة مع المخابرات المركزية)السي أي إيه(‪.‬‬
‫أضاف بندر‪ :‬وفي كل مّرة نلتقي ُنفاجأ بأن الوليات المتحدة تسممألنا‬
‫دام حسين‪.‬‬ ‫عن رأينا فيما يمكن عمله تجاه ص ّ‬
‫ديممة أمريكمما تجمماه مسممألة‬‫إن تلك السئلة تجعلنا نبممدأ بالشممك فممي ج ّ‬
‫تغيير النظام في العراق‪.‬‬
‫والن يمما سمميادة الرئيممس نريممد أن نسمممع منممك مباشممرة عممن نّيتممك‬
‫دة بشأن هذا الموضوع حتى ُنهيأ أنفسنا وننسق بما يجعلنمما ننفممذ‬ ‫الجا ّ‬
‫القرار السليم القائم على صداقتنا ومصالحنا‪.‬‬
‫ولذلك حتى نحمي مصالحنا المشتركة نريممد منممك فممي هممذا الوضممع‬
‫دية في حل مشكلة الشرق الوسط‪....‬‬ ‫الصعب أن تشارك بج ّ‬
‫فرد ّ عليه بوش شاكرا ً آراء ولممي العهممد السممعودي ومعتممبرهُ صممديقا ً‬
‫وحليفا ً عظيمًا‪.‬‬

‫)‪(241‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ووعده بأنه إذا استخدم القوة العسكرية في العراق فسمميعني ذلممك‬
‫نهاية النظام الراهن‪.‬‬
‫ثم في يناير لسنة ‪ 2003‬وقبيممل الحممرب اجتمممع بنممدر بممن سمملطان‬
‫بم)تشيني( في مكتبمه ومعمه ممايرز ورامسمفيلد‪ ،‬وكمان ممن أغمراض‬
‫اللقاء إقناع بندر بممأن يتممم إرسممال القمموات المريكيممة عممبر الراضممي‬
‫السعودية‪ ،‬وأن عمليات السناد والدعم في مجممالت النقمماذ وإعممادة‬
‫التزّود بالوقود لن تكون كافية من البلدان الخمسة الخرى المتاخمة‬
‫دة‬
‫للحدود العراقية‪ ،‬وبالتالي فإن الحممدود السممعودية العراقيممة الممتم ّ‬
‫‪500‬ميل سوف تكون حاسمة‪ ،‬إذ بدونها ستكون فجوة عملقممة فممي‬
‫الوسط‪.‬‬
‫وكان )مايرز( جالسا ً على حافة الطاولة وأخرج من حقيبتممه خارطممة‬
‫كبيرة مكتوب عليها)‪ (noforn‬سري للغاية‪ ،‬وتعني )نوفممورن( مممادة‬
‫سرية ل يجوز لي مواطن أجنبي الطلع عليها‪ ،‬وقد تممم إطلع بنممدر‬
‫عليها‪.‬‬
‫ت الن‬ ‫فيما كان بندر يهم بالمغادرة إلتفت إلى تشيني وقال‪ :‬أصممبح ُ‬
‫مقتنعا ً بأن هناك شيئا ً أستطيع نقله إلى المير عبد الله‪ ،‬وأعتقد أنني‬
‫أستطيع إقناعه غير أنني ل أستطيع أن أذهب وأقممول لممه أن تشمميني‬
‫ي أن أنقل رسالة من الرئيس‪.‬‬ ‫ومايرز ورامسفيلد قالوا‪ ،‬إن عل ّ‬
‫وفممي اليمموم التممالي اتصمملت )رايممس( ببنممدر تممدعوه إلممى لقمماء مممع‬
‫الرئيس‪.‬‬
‫قال له بوش‪ :‬إنه كان يتلقى نصائح وتقممارير تؤكممد أنممه مرشممح فممي‬
‫حال وقوع الحممرب إلممى التصممارع مممع ردود أفعممال عربيممة وإسمملمية‬
‫ون عليممه‬ ‫ن بنممدر ه م ّ‬
‫هائلة قد ُتعّرض المصالح المريكية للخطممر‪ ،‬ولك م ّ‬
‫المر ووعده بأنه لن يحصل ذلك‪.‬‬
‫ويرى الكاتب‪ :‬أن بندر كان يعلممم أن بلممده قممادر علممى تمموفير غطمماء‬
‫لوصممول القمموات المريكيممة عممبر أغلق مطممار الجمموف المممدني فممي‬
‫وامممات سممعودية ليل ً ونهممارا ً بوصممفها‬ ‫مطي ّممرا ً ح ّ‬‫الصممحراء الشمممالية‪ُ ،‬‬
‫دة أسبوع ثم النسحاب بعد ذلك‪ ،‬فتسممتطيع‬ ‫دوريات حدود روتينية لم ّ‬
‫القوات الخاصة المريكيممة إنشمماء قواعممد لهمما غيممر لفتممة لكممثير مممن‬
‫النظار‪.[ .‬‬
‫جاء في صحيفة نيويورك تايمز المريكية ما يلي‪]:‬أما السعودية فقد‬
‫قامت بفتح قاعدة عسممكرية سممرية فممي عرعممر‪ ،‬للقمموات المريكيممة‬
‫)‪(242‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الخاصة دلتا فورس وتسهيل مهامها للقيام بعمليممات داخممل العممراق‪.‬‬
‫وكانت السلطات السعودية قد أغلقت المنطقة في وجه المسافرين‬
‫تحت ذريعة منع تدفق اللجئين العراقيين لراضيها‪.‬‬
‫ومع أن الوليات المتحدة اعتبرت ألمانيا متعاونة وليست حليفة في‬
‫الحرب ضد صدام‪ ،‬إل أن السعودية ومصر كانتمما متعمماونتين ولكنهممما‬
‫خشيتا من الكشف عن دورهما‪ ،‬ولهذا وصفتهما أمريكا بممم"الحليفيممن‬
‫الصامتين"‪[ .‬‬
‫واسألوا أهممل الجمموف وعرعممر وحفممر البمماطن وتبمموك عممن القواعممد‬
‫ن عندهم الخبر اليقين‪.‬‬ ‫المريكية وانطلق الطائرات المريكية فإ ّ‬
‫وعلى قاعدة المؤلف نقول‪ :‬الحق ما شهدت به العداء!‬
‫قال المؤلف‪ /2]:‬أنه لو قدر حصوله فل يتعجل فممي التكفيممر بممه؛ لن‬
‫للكراه مساغا ً ل سيما والغلبة للدول الكافرة‪ ،‬فالكراه يكممون مانع ما ً‬
‫من التكفير كما قال تعالى }إّل م م ُ‬
‫ن{‬ ‫ممما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ن ِبا ْ ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬‫ن أك ْمرِهَ وَقَل ْب ُم ُ‬
‫ِ َ ْ‬
‫فإن قلت‪ :‬إن الكراه ل يقبممل بالجممماع فممي إزهمماق أنفممس الخريممن‬
‫لستبقاء نفسه؟ فيقال‪ :‬هذا صحيح‪ ،‬لكن غاية ممما فممي هممذا الجممماع‬
‫إثبات أن الكراه لبقمماء النفممس مقابممل إزهمماق أنفممس الخريممن غيممر‬
‫معتبر‪ ،‬وأن صاحبه آثم‪ ،‬لكن ليس معنى هذا أنمه ل يكممون عممذرا ً فممي‬
‫منع إلحاق الكفر به‪ ،‬ففرق بين التأثيم والتكفير‪ ،‬فالكراه ‪ -‬في هذا ‪-‬‬
‫ليس مانعا ً من التأثيم لكنه مانع من التكفير‪.‬‬
‫‪ /3‬إن التكفير بمطلق العانة ل يسلم به لنممه مسممألة نزاعيممة ‪ -‬كممما‬
‫سبق بيانه ‪.-‬‬
‫‪ /4‬إن أصح أقوال أهل العلم ‪ -‬فيما يظهر ‪ -‬أن التكفير بالعانة ليس‬
‫كفرا ً لذات العانة‪ ،‬وإليك تأصيل المسألة وبحثها‪:‬‬
‫إن التعامل مع الكفار ليس كفرا ً مطلقا ً بل على درجات ثلث‪:‬‬
‫م‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬ ‫م ْ‬‫الدرجة الولى‪ :‬معاملة كفرية وهي توليهم‪ :‬قال تعالى }وَ َ‬
‫م‬ ‫ن ي ََتموَل ّهُ ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫م{ قال ابن حزم‪ :‬صح أن قوله تعمالى }وَ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ه ِ‬‫م فَإ ِن ّ ُ‬‫من ْك ُ ْ‬‫ِ‬
‫م{ إنما هو على ظاهره بأنه كافر مممن جملممة الكفممار‪،‬‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ه ِ‬‫م فَإ ِن ّ ُ‬‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫‪1‬‬
‫وهذا حق ل يختلف فيه اثنان من المسلمين ا‪ .‬هم‬
‫وضابط الولء الكفري )التولي(‪ :‬محبة الكفار لجل دينهم أو نصرتهم‬
‫لجله والرضا به‪ ،‬فإن وجمدت نصمرة بمدون همذا المدافع وإنمما لحمظ‬
‫دنيوي فهو محرم وليس كفرًا‪.‬‬
‫المحلى )‪(11/138‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(243‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والدليل على هذا الضابط مما رواه السممتة إل ابمن مماجه ممن حمديث‬
‫ب رضي الله عنه في قصة حاطب بن أبي بلتعممة إذ‬ ‫على بن أبي طال ٍ‬
‫أرسل الرسالة إلى قريش يخبرهم بقدوم رسمول اللمه ‪ ‬فقمال لمه‬
‫رسول الله ‪ "‬يا حاطب ما هذا " قال ل تعجل علي إني كنت امممرأ ً‬
‫ّ‬
‫ملصممقا ً فممي قريممش ولممم أكممن مممن أنفسممهم وكممان مممن معممك مممن‬
‫المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فممأحببت إذ فمماتني ذلممك‬
‫من النسب فيهم أن اتخذ فيهم يمدا ً يحممون بهمما قرابمتي وممما فعلمت‬
‫ن ول رض ما ً بممالكفر بعممد السمملم فقممال‬ ‫ً‬
‫ذلك كفرا ول ارتدادا عممن دي م ٍ‬
‫ً‬
‫رسول الله ‪ " ‬إنه صدقكم " فكلم حاطب مع إقممرار رسممول اللممه‬
‫‪ ‬صريح في أن مجّرد فعل حاطب ليس كفممرا ً لممذا قممال لممم أفعلممه‬
‫كفرا ً ول ردةً عن الدين ولو كان مجرد فعل حاطب كفمرا ً لمما احتماج‬
‫إلى قموله لمم أفعلمه كفمرا ً لن مجممرد الفعمل كفمٌر كممما أنمه ل يصممح‬
‫لمستهزئ بالله أن يقول لم أقله كفرا ً لن مجرد الستهزاء كفٌر‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن‪ :‬فممدخل حمماطب‬
‫في المخاطبة باسم اليمان ووصفه به‪ ،‬وتنمماوله النهممي بعمممومه ولممه‬
‫خصوص السبب الدال على إرادته مع أن في الية الكريمة ما يشعر‬
‫أن فعل حاطب نوع موالة وأنه أبلغ إليهم بالمودة‪ ،‬فإن فاعممل ذلممك‬
‫قد ضل سواء السبيل لكن قوله " صدقكم خلوا سبيله " ظمماهر فممي‬
‫أنه ل يكفر بذلك إذا كان مؤمنا ً بالله ورسوله غير شمماك ول مرتمماب‪،‬‬
‫وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي ولو كفممر لممما قيممل " خلمموا سممبيله " ل‬
‫يقال قوله صلى الله عليه وسلم لعمر " وما يدريك لعممل اللممه اطلممع‬
‫على أهل بدر فقال‪ :‬اعملوا ما شئتم فقد غفممرت لكممم " هممو المممانع‬
‫من تكفيره لنا نقول لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنعه من لحاق‬
‫ن ي َك ُْف مْر‬ ‫مم ْ‬‫الكفر وأحكامه‪ ،‬فإن الكفر يهدم ما قبله لقمموله تعممالى }وَ َ‬
‫ممما‬ ‫م َ‬ ‫ط عَن ْهُ ْ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫كوا ل َ َ‬ ‫شَر ُ‬‫ه{ وقوله تعالى }وَل َوْ أ َ ْ‬ ‫مل ُ ُ‬‫ط عَ َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫ن فََقد ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ِبا ْ ِ‬
‫ن{ والكفر محبط للحسنات واليممان بالجممماع فل يظمن‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫َ‬
‫وم ما ً‬ ‫جد ُ قَ ْ‬ ‫م{ وقوله }ل ت َ ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م فَإ ِن ّ ُ‬‫من ْك ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫هذا‪ ،‬وأما قوله }وَ َ‬
‫ه‪ {...‬وقمموله‬ ‫سممول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬‫حاد ّ الل ّم َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫وا ّ‬ ‫خرِ ي ُ َ‬‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ اْل ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫م هُ مُزوا ً وَل َِعب ما ً‬ ‫َ‬
‫ذوا ِدين َك ُم ْ‬‫خ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ذوا ال ّ ِ‬ ‫خ ُ‬
‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى }َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫من ال ّذي ُ‬
‫م‬ ‫ن ك ُن ُْتمم ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫م َوال ْك ُّفاَر أوْل َِياَء َوات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫ن قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ‬
‫سممرته السمّنة وقي ّممدته وخصممته بممالموالة المطلقممة‬ ‫ن{ فقممد ف ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫م مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ب والّنصممرة والصممداقة ودون ذلممك‬ ‫العامة‪ ،‬وأصممل الممموالة هممو الح م ّ‬
‫)‪(244‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب حظه وقسممطه مممن الوعيممد والممذم‪ ،‬وهممذا‬ ‫مراتب متعددةٌ ولكل ذن ٍ‬
‫ف في‬ ‫عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معرو ٌ‬
‫هذا الباب وغيره …ا‪ .‬هم‪.1‬‬
‫ة للضابط الكفممري إذ قممال "ول‬ ‫ثم في كلم حاطب بن أبي بلتعة إبان ٌ‬
‫رضا ً بالكفر بعد السلم"‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬حكى بعض العلماء الجماع على أن مطلق العانة كفر‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬هذا الجماع المحكي ما بين حالتين‪:‬‬
‫الولممى ‪ /‬أن يكممون خمارج محمل النممزاع مثمل قمول ابممن حممزم ‪ -‬فممي‬
‫م{ إنما‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫م ْ‬‫المحلى ‪ :-‬صح أن قوله تعالى }( وَ َ‬
‫هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار‪ ،‬وهذا حق ل يختلممف فيممه‬
‫اثنان من المسلمين ا‪ .‬هم‪ ،‬وذلك أننا ل نختلف في كفر المتولي لكممن‬
‫ما التولي؟ ومن المتولي؟ هذا محل البحث وفيه التنممازع‪ ،‬وكلم ابممن‬
‫حزم ل يفيد شيئا ً في بيان معنى التولي‪ ،‬وإنما أفاد كفر فاعله‪ ،‬وهذا‬
‫واضح ل إشكال فيه ول نزاع‪ ،‬ثم على افممتراض أن ابممن حممزم حكممى‬
‫إجماعا ً فإنه يقال فيه ما يقال في الحالة الثانية التية‪.‬‬
‫الثانية ‪ /‬أن الذين حكوا إجماعا ً جعلوا المظاهرة الكفريممة كممل إعانممة‬
‫للكفار حمتى القوليمة‪ ،‬وهمذا الجمماع مخمروم بيقيمن ول يعمول عليمه‬
‫ف عالم بخرمه‪.‬‬‫منص ٌ‬
‫وبرهان خرم الجماع المحكي ما يلي‪:‬‬
‫‪ (1‬أن المام الشافعي ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬صرح بأن حاطبا ً لممم يكفممر مممع‬
‫أن فعله إعانة قوية للكفار أمام جيش السلم الذي يتقممدمه رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قيل للشافعي‪ :‬أرأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب‬
‫بأن المسلمين يريدون غزوهم أو بالعورة من عوراتهم هل يحل ذلك‬
‫دمه ويكون في ذلك دللة على ممالة المشركين؟‬
‫قال الشافعي ‪ -‬رحمه الله تعالى‪ :-‬ل يحممل دم مممن ثبتممت لممه حرمممة‬
‫السلم إل أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفرا ً بينا ً بعد إيمممان‬
‫ثم يثبت على الكفر وليس الدللة على عورة مسمملم ول تأييممد كممافر‬
‫بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية‬
‫المسلمين بكفر بين‪ ،‬فقلت للشممافعي‪ :‬أقلممت هممذا خممبرا ً أم قياسمًا؟‬
‫قممال‪ :‬قلتممه بممما ل يسممع مسمملما ً علمممه عنممدي أن يخممالفه بالسممنة‬
‫الرسائل والمسائل النجدية )‪ .(10-3/9‬وانظر الدرر السنية )‪.(1/474‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(245‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المنصوصة بعد الستدلل بالكتاب فقيل للشافعي فاذكر السممنة فيممه‬
‫‪ -‬ثم ساق خبر حاطب ثم قال ‪-‬‬
‫قال الشافعي رحمه الله تعالى‪ :‬في هذا الحديث مع ممما وصممفنا لممك‬
‫طرح الحكم باستعمال الظنون لنه لما كان الكتاب يحتمل أن يكون‬
‫ما قال حاطب كما قال من أنه لممم يفعلممه شمماكا ً فممي السمملم‪ ،‬وأنممه‬
‫فعله ليمنع أهله‪ ،‬ويحتمل أن يكون زلة ل رغبة عن السلم‪ ،‬واحتمل‬
‫المعنى القبح‪ ،‬كان القول قوله فيما احتمل فعله‪ ،‬وحكم رسول الله‬
‫فيه بأن لم يقتله ولم يستعمل عليه الغلب ول أحد أتى في مثل هذا‬
‫أعظم في الظاهر مممن هممذا لن أمممر رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم مباين في عظمته لجميع الدمييممن بعممده فممإذا كممان مممن خممابر‬
‫المشركين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يريد غرتهم فصدقه ما عاب عليممه الغلممب ممما يقمع‬
‫في النفوس فيكون لذلك مقبول ً كان من بعممده فممي أقممل مممن حمماله‬
‫وأولى أن يقبل منه مثل ما قبل منه‪.‬‬
‫قيل للشافعي‪ :‬أفرأيت إن قال قائل إن رسول الله صلى اللممه عليممه‬
‫قال قد صدق إنما تركه لمعرفتممه بصممدقه ل بممأن فعلممه كممان يحتمممل‬
‫الصدق وغيره فيقال له قد علم رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫أن المنافقين كاذبون وحقن دماءهم بالظمماهر فلممو كممان حكممم النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في حاطب بممالعلم بصممدقه كممان حكمممه علممى‬
‫المنافقين القتل بالعلم بكذبهم ولكنممه إنممما حكممم فممي كممل بالظمماهر‬
‫وتولى الله عز وجل منهم السرائر ولئل يكممون لحمماكم بعممده أن يممدع‬
‫حكما ً له مثل ما وصفت من علممل أهممل الجاهليممة وكممل ممما حكممم بممه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عام حتى يأتي عنه دللة على‬
‫أنه أراد به خاصا ً أو عن جماعة المسمملمين الممذين ل يمكممن فيهممم أن‬
‫‪1‬‬
‫يجهلوا له سنة أو يكون ذلك موجودا ً في كتاب الله عممز وجممل ا‪ .‬هم م‬
‫فكيف يقال بعد ذلك‪ :‬بأن أي إعانة تولي وهي كفر بالجماع؟‬
‫وهذا الشافعي ينقض الجماع ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بصراحة ووضوح‪.‬‬
‫‪ (2‬أن المام القرطبي صرح بوضوح أن من كثر إطلعه الكفار على‬
‫عورات المسلمين ل يكفر إذا كان اعتقاده سليما ً ودافعه أمرا ً دنيويا ً‬
‫مع أن هذه إعانة قوية للكفار قممال ‪ -‬رحمممه اللممه‪ :-‬مممن كممثر تطلعممه‬
‫على عورات المسلمين وينبه عليهممم ويعممرف عممدوهم بأخبممارهم لممم‬
‫كتاب الم )‪.(250-4/249‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(246‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكن بذلك كافرًا‪ :‬إذا كان فعلممه لغممرض دنيمموي واعتقمماده علممى ذلممك‬
‫سليم؛ كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن‬
‫‪1‬‬
‫الدين ا‪ .‬هم‬
‫أفليس هذا صريحا ً في خرم الجماع الذي ينص على أن أدنممى إعانممة‬
‫ل كفري؟‪.‬‬ ‫قولية أو فعلية تو ٍ‬
‫م{‬ ‫من ُْهم ْ‬‫ه ِ‬ ‫م َفمإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْ ُ‬
‫كم ْ‬ ‫ن ي ََتموَل ّهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫مم ْ‬
‫‪ (3‬قال ابن الجوزي‪ :‬قوله تعالى }وَ َ‬
‫فيه قولن‪ :‬أحدهما‪ :‬من يتولهم فممي المدين‪ ،‬فممإنه منهمم فمي الكفمر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫والثاني‪ :‬من يتولهم في العهد فإنه منهم في مخالفة العهد ا‪ .‬هم‬
‫فلحظ ‪ -‬أيها القارئ الكريم ‪ -‬أن ابن الجوزي بقمموله هممذا لممم يخممرم‬
‫الجماع المزعمموم فحسممب بممل لممم يحممك القممول الممذي يممدعي عليممه‬
‫الجماع وهو‪ :‬أن التولي الكفري يكون بأدنى العانة ولو قوليممة ‪ -‬لممم‬
‫يحكه ابن الجوزي من القوال في المسألة‪ ،‬مع محاولة ابن الجمموزي‬
‫‪ -‬المعروف بسعة الطلع ‪ -‬استقصاء أقوال المفسرين في تفسيره‪:‬‬
‫)زاد المسير(‪ ،‬كما كتب لبنه ناصحا ً ومبين ما ً لممه عظممم تفسمميره‪ :‬وممما‬
‫ترك المغني‪ ،‬وزاد المسير حاجة إلى شيء من التفاسير ا‪ .‬هم‪.3‬‬
‫م‬ ‫ن ي ََتموَل ّهُ ْ‬
‫مم ْ‬ ‫‪ (4‬قال أبو الفضل محممود اللوسمي‪ :‬وقيمل‪ :‬الممراد }وَ َ‬
‫م{ كافر مثلهم حقيقة‪ ،‬وحكي عن ابن عباس ‪ -‬رضممي‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ِ‬
‫الله تعالى عنهما ‪ -‬ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كممونهم يهممودا ً‬
‫‪4‬‬
‫أو نصارى‪ ..‬ا‪ .‬هم‬
‫‪ (5‬أن أئمة المذاهب الربعة أبمما حنيفممة ومالكما ً والشممافعي وأحمممد ‪-‬‬
‫رحمهم الله ‪ -‬ل يرون كفر الجاسوس الممذي يفشممي سممر المسمملمين‬
‫إلى الكفار‪ ،‬وهذا ما اختاره ابن تيمية ‪ -‬وسيأتي نقممل مهممم عنممه فممي‬
‫آخر البحث يتعلق بآية التولي ‪ -‬وابن القيم‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬ثبت أن حاطب بن أبي بلتعة لما جممس‬
‫عليه‪ ،‬سأله عمر رضي الله عنه ضرب عنقه فلم يمكنممه وقممال‪ ":‬ممما‬
‫يدريك لعل الله اطلع على أهممل بممدر فقممال‪ :‬اعملمموا ممما شممئتم فقممد‬
‫غفرت لكم " وقد تقدم حكممم المسممألة مسممتوفى‪ .‬واختلممف الفقهمماء‬
‫في ذلك‪ ،‬فقال سحنون‪ :‬إذا كمماتب المسمملم أهممل الحممرب قتممل ولممم‬
‫يستتب وماله لورثته وقال غيره من أصحاب مالك رحمه اللمه‪ :‬يجلمد‬
‫التفسير )‪.(18/52‬‬ ‫‪1‬‬

‫زاد المسير )‪.(2/378‬‬ ‫‪2‬‬

‫رسالة لفتة الكبد ص ‪.66‬‬ ‫‪3‬‬

‫روح المعاني )‪.(3/157‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(247‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جلدا ً وجيعا ً ويطال حبسه وينفى من موضع يقرب من الكفار‪ .‬وقممال‬
‫ابممن القاسممم‪ :‬يقتممل ول يعممرف لهممذا توبممة وهممو كالزنممديق‪ .‬وقممال‬
‫الشافعي وأبو حنيفة وأحمد رحمهم الله‪ :‬ل يقتل‪ ،‬والفريقان احتجمموا‬
‫بقصة حاطب وقد تقدم ذكر وجه احتجاجهم ووافممق ابممن عقيممل مممن‬
‫‪1‬‬
‫أصحاب أحمد مالكا ً وأصحابه ا‪ .‬هم‬
‫‪ (6‬الشيخ المحقق عبد الرحمن السعدي‪ ،‬في تفسيره سورة المائدة‬
‫م{ حيممث قممال‪ :‬لن التممولي التممام‬ ‫من ْهُم ْ‬‫ه ِ‬ ‫من ْك ُم ْ‬
‫م فَمإ ِن ّ ُ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫م ْ‬
‫آية }وَ َ‬
‫يوجب النتقال إلى دينهم‪ ،‬والتولي القليل يدعو إلى الكثير ثم يتممدرج‬
‫شيئا ً فشيئا ً حتى يكون العبد منهم ا‪ .‬هم‪ ،‬فهذا صريح في أن الكفممر ل‬
‫يكون إل بالتولي التام وممما عممداه ليممس كفممرًا‪ ،‬والتممولي التممام راجممع‬
‫للديان وهي أمور اعتقادية‪.‬‬
‫‪ (7‬العلمة الصولي والمفسر الشيخ محمد المين الشنقيطي حيممث‬
‫م{‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م فَإ ِن ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ْ‬‫قال في تفسيره‪ ،‬عند قوله سبحانه‪} :‬وَ َ‬
‫قال‪ :‬ويفهم من ظواهر اليات أن مممن تممولى الكفممار عامممدا ً اختيممارًا‪،‬‬
‫رغبة فيهم أنه كافر مثلهم‪ .‬ا‪ .‬هم‪ ،2‬فلم يجعل ‪ -‬رحمه اللممه ‪ -‬التكفيممر‬
‫مطلقًا‪ ،‬بل قرنه بأمر قلبي أو اعتقادي وهو‪ :‬أن يتممولى الكفممار رغبممة‬
‫فيهم‪.‬‬
‫‪ (8‬الشيخ المحقممق محمممد بممن صممالح العممثيمين ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ -‬فممي‬
‫م{ ذكممر أن‬ ‫من ْهُم ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م فَمإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬
‫م ْ‬‫تفسيره سورة المائدة آية }وَ َ‬
‫نصرتهم من كبائر الذنوب كقول رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫"من غشنا فليس منا " ثم قال‪ :‬المهم على كل حال من هنمما تعممرف‬
‫أن كلمممة الممموالة الممتي نهممى اللممه عنهمما هممي ممموالتهم بالمناصممرة‬
‫والمعاونة مما يعود عليهم بالنفع فهذا حممرام لكممن قلممت لكممم‪ :‬إل إذا‬
‫عاونهم وناصرهم على من هو أشممد إيممذاء للمسمملمين منهممم فهممذا ل‬
‫بأس به ا‪ .‬هم ‪ ،3‬فلم يحكم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬على النصرة بأنها كفر‪.‬‬
‫أيها القراء ‪ /‬أليس هذا الجماع مخروما ً بأن هممؤلء الئمممة الكبممار لممم‬
‫يكفروا الجاسوس الذي يفشي سر المسلمين إلممى الكممافرين الممذي‬
‫قد يكون مؤداه قتل عشرات بل مئات من المسلمين‪.‬‬

‫زاد المعاد )‪ .(5/64‬وانظر زاد المعاد )‪ (424-3/422‬والبدائع )‪ (941 -939 /4‬والصارم المسلول )‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(2/372‬‬
‫أضواء البيان )‪.(2/111‬‬ ‫‪2‬‬

‫المائدة )شريط رقم )‪(51‬الوجه الثاني(‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(248‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فبهذا يظهر لك جليا ً أن الجماع المزعمموم مخممروم ل يصممح التعويممل‬
‫عليه عند أهل النصاف العالمين بخرمه‪.‬‬
‫ومحاولة بعضهم جعل مسألة الجاسوس مسألة خاصممة ل يخممرم بهمما‬
‫الجماع محاولة فاشلة لوجوه‪:‬‬
‫أن الذين حكوا الجماع أكدوا كمل صممورة حممتى الصممور القوليمة ولممم‬
‫يستثن أحد منهم ولو مرة صورة الجاسوس‪ ،‬ولو كانت هذه مستثناة‬
‫‪ -‬عندهم ‪ -‬لبانوها وما تركوها‪ ،‬ويؤكد هذا الوجه الذي يليه‪.‬‬
‫أن مما يتمايز به دليل الجماع أنممه قطعممي الدللممة فليممس هممو مممن‬
‫الدلة المجملة حتى يحتاج إلى بيان‪.‬‬
‫أن الذين نقلمموا الجممماع علممماء متممأخرون‪ ،‬ولممو كممان فممي المسممألة‬
‫إجممماع ٌ لممما أغفلممه الولممون مممن المفسممرين والفقهمماء مممع كممثرتهم‬
‫ودقتهم‪.‬‬
‫أن في كلم العلماء الوائل والمتأخرين من علق التكفير بالعتقاد ‪-‬‬
‫كممما سممبق ‪ -‬ل علممى العمممل‪ ،‬فهممؤلء إذا ذكممروا مسممألة الجاسمموس‬
‫‪1‬‬
‫ذكروها تمثيل ً ‪ -‬قطعا ً ‪ -‬ل تخصيصا ً لنهم ل يكفرون بمجرد العمل‪.‬‬
‫يردد بعضهم شبهة وهي أن حاطبا ً كان متممأول ً ولمموله لكفممر‪ ،‬وتفنيممد‬
‫هذه الشبهة من أوجه‪:‬‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل حاطبا ً عن عذره‪ ،‬لممم‬
‫يعتذر حاطب بأنه تأول دليل ً شرعيا ً بل ذكر أنه فعممل ممما فعممل لحممظ‬
‫دنيوي‪.‬‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفهم أن حاطبا ً كان متأول ً‬
‫لممذلك لممم يكشممف شممبهة كممان حمماطب متمسممكا ً بهمما‪ ،‬ودواء الشممبه‬
‫كشفها‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر بأنه عاص‪ ،‬لكنه مغفممور‬
‫له لكونه من أهل بدر ل لجل التأويل‪.‬‬
‫بيان ذلك أن المتأولين غير آثميممن‪ ،‬وعليممه فهممم غيممر محتمماجين إلممى‬
‫حسنات ‪ -‬كحضور بممدر ‪ -‬تغفممر بهمما سمميئاتهم‪ ،‬وقممد حكممى ابممن حممزم‬
‫الجماع على ذلك )الفصممل )‪ ،(270 /3‬وانظممر كلم ابمن تيميمه فمي‬
‫الستقامة )‪ (143 /2‬مجموع الفتاوى )‪(12/180) (3/284)(1/113‬‬
‫والرد على البكري ص)‪ (329 ،259‬والصفهانية )‪.(145 -144‬‬

‫قد استفدت من رسالة )الوقفات على شيء مممما فممي كتمماب التبيممان مممن المغالطممات( الممرد الول‬ ‫‪1‬‬

‫والثاني لمؤلفه أبي عبد الله اليمني ‪ -‬جزاه الله خيرًا‪.-‬‬

‫)‪(249‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الثانية ‪ /‬الموالة المحرمة‪ :‬وهممذا يختلممف بمماختلف أصممناف الكفممار ‪-‬‬
‫كما تقدم ‪ -‬إل أن جميعهم يعادي ويبغض بغض ما ً ديني مًا‪ ،‬ويعتقممد بطلن‬
‫دينهم وأن مصيرهم النار‪ ،‬وهنمماك مسممائل فقهيممة اختلممف فيهمما أهممل‬
‫العلم خلفا ً معتبرا ً كحكم تعزية الكافر وحدود جزيرة العممرب‪ ،‬فمثممل‬
‫هذه المسائل من اعتقد حرمتهمما فل يفعلهمما‪ ،‬لكممن ل يشممنع بممه علممى‬
‫المخالف‪ ،‬وإن كان له حق أن يبين قوله ويدعو إليممه لن قمموله أيضما ً‬
‫في حيز المسائل التي يسوغ المخالفة فيها‪ ،‬ولهذا ضمموابط مممذكورة‬
‫في مظانها من كتب وكلم أهل العلم‪.‬‬
‫الثالثة ‪ /‬جائزة‪ :‬وهي المعاملة الحسمنة لغيمر الحربييمن والصمل فمي‬
‫م ِفمي‬ ‫م ي َُقمات ُِلوك ُ ْ‬ ‫ن َلم ْ‬
‫ذي َ‬‫ن اّلم ِ‬ ‫عم ِ‬
‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬‫هذا الباب‪ ،‬قوله تعالى }ل ي َن َْهاك ُ ُ‬
‫خرجوك ُم من ديارك ُ َ‬
‫ه‬‫ن الّلمم َ‬‫م إِ ّ‬‫طوا إ ِل َي ْهِ ْ‬‫س ُ‬ ‫م وَت ُْق ِ‬
‫ن ت َب َّروهُ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ َِ ِ ْ‬ ‫ن وَل َ ْ‬
‫م يُ ْ ِ ُ‬ ‫دي ِ‬‫ال ّ‬
‫طين {‪ ،‬ومنه الزواج من الكتابيات دون العكممس‪ ،‬وأكممل‬ ‫س ِ‬‫مْق ِ‬‫ب ال ْ ُ‬‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫ذبائح أهل الكتاب‪ ،‬ومنه وهو أمر مستحب إن لم يجب دعمموتهم إلممى‬
‫السلم وترك ما هم عليه من دين منسوخ محرف وهكذا‪...‬‬
‫تنبيه ‪ /‬إن كثيرا ً من الحكام في هذا الباب تختلف بحسب المصمملحة‪،‬‬
‫فحالة القوة لها أحكام مغايرة لحالة الضعف‪ ،‬كما تقدم ذكر هذا‪[ .‬‬
‫أقول‪ :‬ما أحسن ما قاله ابن عقيل رحمممه اللممه‪ :‬إذا أردت أن تعلممم‬
‫محل السلم من أهل الزممان‪ ،‬فل تنظمر إلمى زحامهممم فمي أبمواب‬
‫الجوامع‪ ،‬ول ضجيجهم في الموقف بلبيك‪ ،‬وإنما انظر إلى مواطأتهم‬
‫أعداء الشريعة‪] .‬الداب الشرعية لبن مفلح ‪.[1/268‬‬
‫مممن ُيعيممن ويناصممر الكفممار‬ ‫وكيف يكون منتظما ً في دين الله الحق َ‬
‫الذين يريدون إبطال دين الله وإطفاء نوره؟!‬
‫م نقول‪ :‬إن مناصرة الكفار ومعاونتهم على المسلمين كفر أكممبر‪،‬‬ ‫ث ّ‬
‫ولو كان كارها ً لدينهم معتقدا ً كفرهم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم محمد بن عبد الوهمماب رحمممه اللممه فممي نممواقض‬
‫السلم‪ :‬الثممامن‪ /‬مظمماهرة المشممركين ومعمماونتهم علممى المسمملمين‬
‫والدليل قوله تعالى‪] :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا اليهود والنصممارى‬
‫أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم‪.{..‬‬
‫سر الموالة الواردة فممي اليممة بالمعاونممة‬ ‫فلحظ أن شيخ السلم ف ّ‬
‫والمظاهرة ولم يشترط عمل القلب‪ ،‬بل ول يلزم للحكممم بكفممره أن‬
‫ينصرهم محبة لدينهم‪ ،‬فإن لكل صممورة منمماط مسممتقل فممي الحكممم‪،‬‬
‫فلو أحب انتصارهم على المسلمين فإنه يكفر ولو كممان جالس ما ً فممي‬
‫)‪(250‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بيتممه فهممذا منمماط مسممتقل فممي الحكممم‪ ،‬ومناصممرة المشممركين علممى‬
‫المسلمين مناط مستقل في الحكم‪ ،‬فالمظماهرة كفمر عملمي أكمبر‪،‬‬
‫ومحبة انتصارهم نفاق أكبر وهو قلبي‪ ،‬ويزيد ذلك وضوحا ً أن العلماء‬
‫دوا مظمماهرة المشممركين ومعمماونتهم علممى المسمملمين‬ ‫رحمهم الله ع ّ‬
‫ن الفممرح بانتصممار الكفممار علممى‬ ‫ناقضا ّ من نممواقض السمملم‪ ،‬وب َّينمموا أ ّ‬
‫ل منهممما كفمر أكممبر بمذاته‬ ‫المسملمين مممن أنممواع النفمماق الكممبر‪ ،‬فكم ٌ‬
‫ل بحكمه عن الخر‪ ،‬وقد بّينا أن الكفر العملي عند أهل السممنة‬ ‫مستق ٌ‬
‫منه ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر‪ ،‬والمظاهرة كفر عملي أكبر‪.‬‬
‫م إنه بمظاهرته للكافرين يكون قد سعى فممي علمو وظهمور الكفممر‬ ‫ثُ ّ‬
‫على السلم‪ ،‬وعلو يمد الكفمار علمى المسملمين ول ينفعمه أن يقمول‬
‫إنني لم أقصد بمعاونتي لهم أن يظهر دينهممم علممى ديممن المسمملمين‪،‬‬
‫ت‬‫ن مممن لمموازم انتصممارهم أن يظهممر دينهممم وتعل موَ رايتهممم ويثب م َ‬ ‫فممإ ّ‬
‫دها إلى الله وهو أعلممم بهمما ولسممنا مكلفيممن‬ ‫سلطانهم‪ ،‬والمقاصد مر ّ‬
‫ل يسممتطيع‬ ‫شرعا ً أن نتعّرف على المقاصد ول سبيل لنا إلى ذلك وك ّ‬
‫أن يقول بلسانه ما ليس في قلبه لذلك وجب الخذ بالظاهر‪.‬‬
‫قال ابن جرير الطممبري رحمممه اللممه‪ :‬فممي تفسممير قمموله " ل تتخممذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء "‪) :‬والصواب من القممول فممي ذلممك عنممدنا أن‬
‫يقال‪ :‬إن الله تعالى ذكممره نهممى المممؤمنين جميعمما أن يتخممذوا اليهممود‬
‫والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل اليمان بالله ورسمموله وأخممبر أنممه‬
‫من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليمما مممن دون اللممه ورسمموله والمممؤمنين‬
‫فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمممؤمنين وأن اللممه‬
‫ورسوله منه بريئان(‪.‬‬
‫م{ أي‬ ‫مممن ي َت َموَل ُّهم ّ‬
‫منك ُم ْ‬ ‫وقال القرطبي رحمه الله‪ :‬قوله تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫م{ بين أن حكممه حكمهمم‪ ،‬وهممو‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ه ِ‬‫يعضدهم على المسلمين }فَإ ِن ّ ُ‬
‫يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد‪ ،‬وكان الذي تولهم ابن أبي‪،‬‬
‫ثم هذا الحكممم بمماق إلممى يمموم القيامممة فممي قطممع الممموالة‪] .‬تفسممير‬
‫القرطبي ‪.[6/217‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية فممي مجممموع الفتمماوى ‪ ،18/300‬بعممد‬
‫ذكر قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء‬
‫" إلى قمموله " يمما أيهمما الممذين آمنمموا مممن يرتممد منكممم عممن دينممه …"‪:‬‬
‫)فالمخاطبون بالنهى عن مموالة اليهمود والنصمارى همم المخماطبون‬
‫بآية الردة‪ ،‬ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون المممة‪ ،‬وهممو لممما نهممى‬
‫)‪(251‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عن موالة الكفار وبين أن من تممولهم مممن المخمماطبين فممإنه منهممم‪،‬‬
‫بين أن من تولهم وارتد عن دين السلم ل يضر السمملم شمميئا‪ ،‬بممل‬
‫سمميأتي اللمه بقمموم يحبهممم ويحبممونه فيتولممون المممؤمنين دون الكفممار‬
‫ويجاهدون في سبيل الله ل يخممافون لومممة لئم‪ ،‬كممما قممال فممي أول‬
‫المر "فإن يكفر بها هؤلء فقد وكلنا بها قوممما ليسمموا بهمما كممافرين"‪،‬‬
‫فهؤلء الذين لم يدخلوا في السلم وأولئك الممذين خرجمموا منممه بعممد‬
‫الدخول فيه ل يضرون السلم شيئا بل يقيم الله من يؤمن بممما جمماء‬
‫به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة(‪ .‬اهم‬
‫وقال شيخ السلم في مجموع الفتاوى ‪) 193-28/192‬فصل فممي‬
‫الولية والعداوة … فذم من يتممولى الكفممار مممن أهممل الكتمماب قبلنمما‪،‬‬
‫وبين أن ذلك ينافي اليمان " بشر المنممافقين بممأن لهممم عممذابا أليممما‬
‫الذين يتخممذون الكممافرين أوليمماء مممن دون المممؤمنين "… وقممال "إن‬
‫الذين ارتدوا على أدبارهم مممن بعممد ممما تممبين لهممم الهممدى الشمميطان‬
‫سول لهم وأملى لهم ذلك بممأنهم قممالوا للممذين كرهمموا ممما نممزل اللممه‬
‫سنطيعكم فى بعض المر والله يعلممم إسممرارهم"‪ .‬وتممبين أن ممموالة‬
‫الكفار كانت سبب ارتدادهم علممى أدبممارهم‪ .‬ولهممذا ذكممر فممي سممورة‬
‫المائدة أئمة المرتدين عقب النهى عن موالة الكفار في قوله "ومن‬
‫يتولهم منكم فإنه منهم"(‪ .‬اهم‬
‫وقال شيخ السلم فممي اختيمماراته‪) :‬مممن قفممز إلممى معسممكر التممتر‪،‬‬
‫ولحق بهم ارتد‪ ،‬وحل ماله ودمه( نقله الشيخ عبد اللطيممف بممن عبممد‬
‫الرحمممن بممن حسممن آل الشمميخ‪ ،‬الممدرر السممنية ‪ ،8/338‬مجموعممة‬
‫الرسائل النجدية ‪.3/35‬‬
‫وعلق الشيخ رشيد رضا في الحاشية بقوله‪) :‬وكممذا كممل مممن لحممق‬
‫بالكفار المحاربين للمسلمين وأعانهم عليهم‪ ،‬وهو صريح قوله تعالى‬
‫" ومن يتولهم منكم فإنه منهم"(‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة‬
‫مرتدين مع كونهم يصممومون ويصمملون ولممم يكونمموا يقمماتلون جماعممة‬
‫المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتل للمسلمين؟‪.‬‬
‫)مجموع الفتاوى‪28/‬ج‪/‬ص ‪(530‬‬
‫وقال‪ :‬فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحممق بالقتممال مممن كممثير مممن‬
‫التتار فإن التتار فيهم المكره وغير المكره وقد استقرت السنة بممأن‬

‫)‪(252‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الصلي‪) .‬مجممموع الفتمماوى‪/‬ج‬
‫‪/28‬ص ‪.(534‬‬
‫وقال‪ :‬وقتال التتار ولو كانوا مسلمين هو قتال الصديق رضممي اللممه‬
‫عنه مانعي الزكاة ويأخذ مالهم وذريتهم وكذا المقفز إليهم ولو ادعى‬
‫إكراها‪) .‬الفتاوى الكبرى‪/‬ج ‪(5/528‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪) :‬إن الدلة على كفر‬
‫المسلم إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين على المسلمين م ولممو‬
‫لم يشرك م أكثر مممن أن تحصممر مممن كلم اللممه وكلم رسمموله وكلم‬
‫أهل العلم المعتمدين(‪ .‬الرسائل الشخصية ص ‪.272‬‬
‫وقال رحمه الله )الدرر ‪":(8 / 10‬واعلموا أن الدلممة علممى تكفيممر‬
‫المسمملم الصممالح‪ :‬إذا أشممرك بممالله‪ ،‬أو صممار مممع المشممركين علممى‬
‫الموحدين ‪ -‬ولو لم يشرك ‪ -‬أكثر من أن تحصر‪ ،‬من كلم الله‪ ،‬وكلم‬
‫رسوله‪ ،‬وكلم أهل العلم كلهم "‬
‫وقال الشيخ سليمان آل الشيخ في قوله تعالى " ولو كانوا يؤمنون‬
‫بالله والنبي وممما أنممزل إليممه ممما اتخممذوهم أوليمماء ولكممن كممثيرا منهممم‬
‫فاسممقون " ]المممائدة‪ [81:‬فممذكر تعممالى أن ممموالة الكفممار منافيممة‬
‫لليمان بالله والنبي وما أنزل إليه‪ ،‬ثم أخبر أن سبب ذلك كون كممثير‬
‫منهم فاسقين‪ ،‬ولم يفممرق بيممن مممن خمماف الممدائرة ومممن لممم يخممف‪،‬‬
‫وهكممذا حممال كممثير مممن هممؤلء المرتممدين قبممل ردتهممم‪ ،‬كممثير منهممم‬
‫فاسقون‪ ،‬فجّر ذلك إلى موالة الكفار والردة عن السلم نعوذ بممالله‬
‫مممن ذلممك‪ .( .‬الممدرر السممنية ‪ ،129-8/127‬مجموعممة التوحيممد ‪،203‬‬
‫‪.204‬‬
‫دوا على أدبممارهم مممن بعممد ممما‬ ‫وقال في قوله تعالى‪] :‬إن الذين ارت ّ‬
‫ول لهم وأملممى لهممم‪ ،‬ذلممك بممأنهم قممالوا‬ ‫تبين لهم الهدى الشيطان س ّ‬
‫للذين كرهوا ما ن مّزل اللممه سممنطيعكم فممي بعممض المممر واللممه يعلممم‬
‫إسرارهم{"فإذا كان من وعمد المشمركين الكمارهين لمما أنمزل اللمه‬
‫طاعتهم في بعض المر كافرًا‪ ،‬وإن لم يفعل ممما وعممدهم بمه‪ ،‬فكيممف‬
‫بمن وافق المشركين الكارهين لما أنزل الله؟")الدرر‪.(8/136:‬‬
‫وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشمميخ رحمممه اللممه كممما‬
‫فممي )الممدرر السممنية( )‪ :(8/422‬عممن الفممرق بيممن ممموالة الكفممار‬
‫وتوليهم؟ فأجاب‪" :‬التولي‪ :‬كفر يخرج من الملة‪ ،‬وهو كالممذب عنهممم‪،‬‬

‫)‪(253‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وإعانتهم بالمال والبدن والرأي‪ ،‬والموالة‪ :‬كبيرة مممن كبممائر الممذنوب‬
‫ل الدواة‪ ،‬أو بري القلم‪ ،‬أو التبشبش لهم أو رفع السوط لهم"‪.‬‬ ‫كب ّ‬
‫وقال أيضا ً عن إعانة المشركين على المسلمين )‪":(10/429‬ومن‬
‫جرهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة"‬
‫وقال بعض أئمة الدعوة كما في الدرر)‪":(292 / 9‬المر الثالث مما‬
‫يوجب الجهاد لمن اتصممف بممه‪ :‬مظمماهرة المشممركين وإعممانتهم علممى‬
‫ل‪ ،‬فهذا كفممر مخممرج عممن‬ ‫ب‪ ،‬أو بما ٍ‬
‫ن‪ ،‬أو بقل ٍ‬
‫د‪ ،‬أو بلسا ٍ‬
‫المسلمين‪ ،‬بي ٍ‬
‫السلم‪ ،‬فمن أعان المشركين على المسلمين‪ ،‬وأمد المشركين من‬
‫ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختيارا ً منه فقد كفر"‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبمد اللطيمف بمن عبمد الرحممن بمن حسمن آل الشميخ‪:‬‬
‫وأكبر ذنب وأصله وأعظمه منافاة لصل السمملم نصممرة أعممداء اللممه‬
‫ومعاونتهم‪ ،‬والسعي فيما يظهر به دينهم‪ ،‬وما هم عليه من التعطيممل‬
‫والشرك والموبقات العظام‪] .‬مجموعة الرسائل والمسممائل النجديممة‬
‫‪.[3/57‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمممن بممن حسممن رحمممه اللممه‪) :‬ولممه نمواقمممض‬
‫ومبطلت تنافي ذلك التوحيمد‪ :‬فمن أعظمها أمور ثلثة‪:‬‬
‫المر الثالث‪ :‬موالة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليمد أو‬
‫اللسممان أو المممال‪ ،‬كممما قممال تعممالى " فل تكممونن ظهيممرا للكممافرين‬
‫"]القصممص‪ … [86:‬وقممال تعممالى" تممرى كممثيرا منهممم يتولممون الممذين‬
‫كفروا لبئس ممما قممدمت لهممم أنفسممهم أن سممخط اللممه عليهممم وفممي‬
‫العذاب هو خالدون‪ .‬ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليممه ممما‬
‫اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون" ]المائدة‪.[80،81:‬‬
‫فتأمل ما في هذه اليات وما رتب الله سبحانه على هذا العمل من‬
‫سخطه والخلود في عذابه وسمملب اليمممان وغيممر ذلممك‪ .‬وقممال شمميخ‬
‫السلم في معنى قوله تعالى "ولو كانوا يؤمنممون بممالله والنممبي وممما‬
‫أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء" فثبوت وليتهممم يمموجب عممدم اليمممان(‪.‬‬
‫]الدرر السنية ‪ ،304-11/300‬مجموعة الرسائل والمسائل النجديممة‬
‫‪[4/291‬‬
‫وقال الشيخ حمد بن عتيق‪) :‬فنهممى سممبحانه وتعممالى المممؤمنين أن‬
‫يوالوا اليهود والنصارى‪ ،‬وذكممر أن مممن تممولهم فهممو منهممم‪ ،‬أي‪ :‬مممن‬
‫تولى اليهود فهو يهودي‪ ،‬ومن تولى النصارى فهو نصراني‪ ،‬وقد روى‬
‫ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قممال‪ :‬قممال عبممد اللممه بممن عتبممة‪:‬‬
‫)‪(254‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو ل يشممعر‪ .‬قممال‪ :‬فظننمماه‬
‫يريد هذه الية " يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصممارى أوليمماء‬
‫ممن تمولى الّترك فهو تركي‪،‬‬ ‫" إلى قوله " فإنه منهم " الية‪ ،‬وكذلك َ‬
‫ومن تولى العممماجم فهممو عجمممي‪ ،‬فمممل فمممرق بيممن مممن تممولى أهممل‬
‫الكتابين أو غيرهم من الكفار(‪ .‬سممبيل النجممماة والفكمماك ص ‪)35‬ت‪:‬‬
‫الوليمد الفريان"‪ ،‬ومجموعمة التوحيد ص ‪.220‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيممف آل الشمميخ رحمممه اللممه )الممدرر‬
‫‪:(8/457‬‬
‫"وأما إن خممرج معهمم لقتمال المسملمين طوعما ً واختيمارًا‪ ،‬أو أعممانهم‬
‫ببدنه وماله‪ ،‬فل شك أن حكمه حكمهم في الكفر"‪.‬‬
‫وقال الشيخ حمد بن عممتيق رحمممه اللممه )الممدفاع عممن أهممل السممنة‬
‫والتبمماع( ص ‪":31‬إن مظمماهرة المشممركين‪ ،‬ودللتهممم علممى عممورات‬
‫المسلمين‪ ،‬أو الذب عنهم بلسان‪ ،‬أو رضي بما هممم عليممه‪ ،‬كممل هممذه‬
‫مكفرات‪ ،‬فمن صدرت منه ‪ -‬من غير الكراه المممذكور ‪ -‬فهممو مرتممد‪،‬‬
‫وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين "‪.‬‬
‫وقال الشيخ جمال الممدين القاسمممي فممي )تفسمميره ‪ (6/240‬علممى‬
‫قوله تعالى )ومن يتولهم منكم فإنه منهم(‪:‬‬
‫")فإنه منهم(‪ :‬أي من جملتهم‪ ،‬وحكمه حكمهم‪ ،‬وإن زعم أنه مخالف‬
‫لهم في الدين"‪.‬‬
‫وقال الشيخ محمد المين الشنقيطي رحمه الله عند قمموله تعممالى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫َ‬ ‫م َقاُلوا ل ِل ّ‬ ‫ك بأ َ‬
‫ض‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫مي‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫طي‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫سم‬‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫لم‬ ‫َ‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬‫م‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫موا‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫]ذ َل ِ َ ِ‬
‫َ‬
‫ر{ وظمماهر اليممة يممدل علممى أن بعممض المممر الممذي قممالوا لهممم‬ ‫اْل ْ‬
‫مم ِ‬
‫سنطيعكم فيه مما نزل الله وكرهه أولئك المطاعون‪.‬‬
‫ممن أطاع من كمممره ممما نممزل اللممه‬ ‫والية الكريمة تمدل على أن كل َ‬
‫في معاونته له على كراهته ومؤازرته له على ذلك الباطل‪ ،‬أنه كممافر‬
‫م‬ ‫ذا ت َموَفّت ْهُ ُ‬ ‫ف إِ َ‬ ‫بممالله بممدليل قممموله تعممالى فيمممن كممان كممذلك‪} :‬فَك َي ْم َ‬
‫َ‬ ‫ال ْملئك َة يضربون وجوههم وأ َدبارهم‪ ,‬ذ َل َ َ‬
‫ط الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫خ َ‬ ‫س َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫م ات ّب َُعوا َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ُ َ ْ ُِ َ ُ ُ َ ُ ْ َ َْ َ ُ ْ‬
‫هوا رضوانه فَأ َحب َ َ‬
‫م{‪] .‬أضواء البيان‪،‬ج ‪ ،7‬ص ‪.[381‬‬ ‫مال َهُ ْ‬ ‫ط أعْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ ْ َ َ ُ‬ ‫كمرِ ُ‬‫وَ َ‬
‫وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمممه اللممه فممي )فتمماواه( )‪:(1/274‬‬
‫"وقد أجمع علماء السلم على أن من ظاهر الكفار على المسمملمين‬
‫وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كممافر مثلهممم‪ ،‬كممما قممال اللممه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ضممهُ ْ‬ ‫صاَرى أوْل َِياَء ب َعْ ُ‬ ‫ذوا ال ْي َُهود َ َوالن ّ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫سبحانه )َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫)‪(255‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َ‬
‫م‬ ‫دي ال َْقموْ َ‬ ‫ن الل ّم َ‬
‫ه ل ي َهْم ِ‬ ‫م إِ ّ‬
‫من ْهُم ْ‬
‫ه ِ‬ ‫من ْك ُم ْ‬
‫م فَمإ ِن ّ ُ‬ ‫م ِ‬‫ن ي َت َموَل ّهُ ْ‬
‫م ْ‬
‫ض وَ َ‬
‫أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬
‫ن( )المائدة‪." (51:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫في بداية سنة ‪:٢٠١‬خممرج )بابممك الخرمممي( وحممارب المسمملمين وهممو‬
‫بأرض المشممركين فممأفتى المممام أحمممد وغيممره بارتممداده‪ ،‬فقممد روى‬
‫الميموني أن المام أحمد قممال عنممه‪ :‬خممرج إلينمما يحاربنمما وهممو مقيممم‬
‫بأرض الشرك‪ ،‬أي شيء حكمه؟ إن كان هكذا فحكمه حكم الرتداد‪.‬‬
‫)الفروع‪.(6/163:‬‬
‫دة بابممك الخرمممي‬ ‫وهذه الفتوى من المام أحمد الممتي حكممم فيهمما بممر ّ‬
‫محتملة أحد وجهين‪:‬‬
‫م إما أن يكون المشركون خرجوا لقتال المسلمين فخرج بابك معهم‬
‫لنصرتهم‪.‬‬
‫م م وإممما أن يكممون خممرج بابممك الخرمممي لقتممال المسمملمين واسممتعان‬
‫بالمشركين على قتال المسلمين ولما كان بأرضهم كانت يدهم هممي‬
‫الغالبة كان في حقيقة المر كمن أعان الكفار على المسلمين‪.‬‬
‫فإذا حكم المام أحمد رحمه الله على بابك الخرمي بالرّدة مع كممونه‬
‫فممي أرض المشممركين وذلممك مظّنممة الكممراه‪ ،‬فكيممف الحكممم بمممن‬
‫ظاهرهم وأعانهم على المسلمين وهو ليس في سمملطانهم ول تحممت‬
‫أيديهم؟‬
‫بعد عام ‪:٤٨٠‬قام المعتمد بن عباد ‪ -‬حاكم أشبيلية ‪ -‬وهو مممن ملمموك‬
‫الطوائف في )الندلس( بالستعانة بالفرنج ضممد المسمملمين‪ ،‬فممأفتى‬
‫علماء المالكية في ذلك الوقت بارتداده عممن السمملم‪) .‬الستقصمماء‪:‬‬
‫‪.(2/75‬‬
‫وفي عام ‪ :980‬استعان )محمد بن عبد اللممه السممعدي( أحممد ملمموك‬
‫)مراكش( بملك )البرتغال( ضد عمه )أبممي مممروان المعتصممم بممالله(‪،‬‬
‫فأفتى علماء المالكية بارتداده‪) .‬الستقصاء( ‪.70 /2‬‬
‫وبين عامي ‪:1233-١٢٢٦‬هجمت بعض الجيوش علممى أراضممي نجممد‬
‫للقضمماء علممى دعمموة التوحيممد‪ ،‬وأعممانهم بعممض المنتسممبين للسمملم‪،‬‬
‫فأفتى علماء نجد بردة من أعانهم‪ ،‬وألممف الشمميخ سممليمان بممن عبممد‬
‫الله آل الشيخ كتاب )الدلئل( فممي إثبممات كفممر هممؤلء‪ ،‬وذكممر واحممدا ً‬
‫وعشرين دليل ً على ذلك‪.‬‬
‫وفممي أوائل القممرن الرابممع عشممر‪ :‬أعممانت بعممض قبممائل الجممزائر‬
‫الفرنسمميين ضممد المسمملمين‪ ،‬فممأفتى فقيممه المغممرب أبممو الحسممن‬
‫)‪(256‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫التسولي بكفرهم‪) .‬أجوبة التسولي على مسائل الميممر عبممد القممادر‬
‫الجزائري( ص ‪.210‬‬
‫وفي منتصف القرن الرابع عشر‪ :‬اعتدى الفرنسمميون والبريطممانيون‬
‫على المسلمين في مصر وغيرها‪ ،‬فأفتى الشمميخ أحمممد شمماكر بكفممر‬
‫من أعان هؤلء بأي إعانة‪ ،‬فقال رحمه الله في كتابه كلمة الحق صم‬
‫‪137 -126‬م تحت عنوان )بيان إلى المة المصرية خاصة وإلى المة‬
‫العربية والسلمية عامة( ”أمما التعماون ممع النجليمز‪ ,‬بمأي نموع ممن‬
‫صمراح‪ ,‬ل‬ ‫دة الجامحمة‪ ,‬والكفمر ال ّ‬ ‫أنواع التعاون‪ ,‬ق ّ‬
‫ل أو كثر‪ ,‬فهمو الممر ّ‬
‫يقبل فيه اعتذار‪ ,‬ول ينفع معممه تممأول‪ ,‬ول ينجممي مممن حكمممه عصممبية‬
‫حمقاء‪ ,‬ول سياسة خرقاء‪ ,‬ول مجاملة هي النفاق‪ ,‬سممواء أكممان ذلممك‬
‫من أفراد أو حكومات أو زعماء‪ .‬كلهم فممي الكفممر والممردة سممواء‪ ,‬إل‬
‫من جهل وأخطأ‪ ,‬ثممم اسممتدرك أمممره فتمماب واخممذ سممبيل المممؤمنين‪,‬‬
‫فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم‪ ,‬إن أخلصوا للممه‪ ،‬ل للسياسممة ول‬
‫للناس‪.‬‬
‫وأظنني قد استطعت البانممة عممن حكممم قتممال النجليممز وعممن حكممم‬
‫التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة‪ ,‬حتى يسممتطيع‬
‫أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية‪ ,‬من أي طبقات الناس كممان‪ ,‬وفممي‬
‫أي بقعة من الرض يكون‪.‬‬
‫وأظن أن كل قارئ ل يشك الن‪ ,‬في أنه من البديهي الذي ل يحتاج‬
‫إلى بيان أو دليل‪ :‬أن شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن النجليز‪,‬‬
‫بالنسممبة لكممل مسمملم علممى وجممه الرض‪ ,‬فممإن عممداء الفرنسمميين‬
‫للمسلمين‪ ,‬وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو السلم‪ ,‬وعلى‬
‫حرب السلم‪ ,‬أضعاف عصبية النجليز وعدائهم‪ ,‬بل هم حمقممى فممي‬
‫العصبية والعداء‪ ,‬وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسمملمي‬
‫لهم فيه حكم أو نفوذ‪ ,‬ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه‬
‫جرائم النجليز ووحشيتهم وتتضاءل‪ ,‬فهم والنجليز في الحكم سواء‪,‬‬
‫دماؤهم وأموالهم حلل في كل مكان‪ ,‬ول يجوز لمسلم في أي بقعة‬
‫من بقاع الرض أن يتعاون معهم بممأي نمموع مممن أنممواع التعمماون‪ ,‬وإن‬
‫التعاون معهم حكمه حكم التعاون مع النجليز‪ :‬الممردة والخممروج مممن‬
‫السلم جملة‪ ,‬أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه‪.‬‬

‫)‪(257‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وما كنت يوما بممالحمق ول بممالغر‪ ,‬فممأظن أن الحكومممات فممي البلد‬
‫السلمية ستستجيب لحكم السلم‪ ,‬فتقطممع العلقممات السياسممية أو‬
‫الثقافية أو القتصادية مع النجليز أو مع الفرنسيين‪.‬‬
‫ولكني أراني أبصر المسلمين بمواقع أقدامهم‪ ,‬وبما أمرهم اللممه بممه‪,‬‬
‫وبما أعد ّ لهم من ذل في الدنيا وعذاب في الخممرة إذا أعطمموا مقمماد‬
‫أنفسهم وعقولهم لعداء الله‪.‬‬
‫وأريد أن أعرفهم حكم اللمه فمي همذا التعماون ممع أعمدائهم‪ ,‬المذين‬
‫استذلوا وحاربوهم في دينهم وفي بلدهم‪ ,‬وأريد أن أعرفهم عواقب‬
‫هذه الردة التي يتمرغ في حمأتهمما كممل مممن أصممر علممى التعمماون مممع‬
‫العداء‪.‬‬
‫أل فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الرض أنه إذ تعمماون مممع‬
‫أعممداء السمملم مسممتعبدي المسمملمين‪ ,‬مممن النجليممز والفرنسمميين‬
‫وأحلفهم وأشباههم‪ ,‬بأي نمموع مممن أنممواع التعمماون‪ ,‬أو سممالمهم فلممم‬
‫يحاربهم بما استطاع‪ ,‬فضل عن أن ينصرهم بممالقول أو العمممل علممى‬
‫إخوانهم في الدين‪ ,‬إنممه إن فعممل شمميئا مممن ذلممك ثممم صمملى فصمملته‬
‫باطلة‪ ,‬أو تطهر بوضوء أو غسممل أو تيمممم فطهمموره باطممل‪ ,‬أو صممام‬
‫فرضمما أو نفل فصممومه باطممل‪ ,‬أو حممج فحجممه باطممل‪ ,‬أو أدى زكمماة‬
‫مفروضة‪ ,‬أو أخرج صدقة تطوعمما‪ ,‬فزكمماته باطلممة مممردودة عليممه‪ ,‬أو‬
‫تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه‪ ,‬ليس له في شمميء‬
‫من ذلك أجر بل عليه فيه الثم والوزر‪.‬‬
‫أل فليعلم كل مسلم‪ :‬أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء حبط عملممه‪,‬‬
‫من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكممس فممي حمممأة هممذه الممردة‬
‫التي رضمي لنفسمه‪ ,‬ومعماذ اللمه أن يرضمى بهما مسملم حقيمق بهمذا‬
‫الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله‪.‬‬
‫ذلك بأن اليمان شرط في صحة كل عبادة‪ ,‬وفممي قبولهمما‪ ,‬كممما هممو‬
‫بممديهي معلمموم مممن الممدين بالضممرورة‪ ،‬ل يخممالف فيممه أحممد مممن‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ه‬‫مل ُم ُ‬ ‫حب ِم َ‬
‫ط عَ َ‬ ‫ن فََقمد ْ َ‬ ‫ممما ِ‬ ‫ن ي َك ُْفْر ِبا ْ ِ‬
‫لي َ‬ ‫م ْ‬ ‫وذلك بأن الله سبحانه يقول )وَ َ‬
‫ن( وذلممك بممأن اللممه سممبحانه يقممول )َول‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫خَرةِ ِ‬ ‫وَهُوَ ِفي اْل ِ‬
‫ن ي َْرت َمدِد ْ‬‫مم ْ‬‫عوا وَ َ‬ ‫طا ُ‬‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫م إِ ِ‬ ‫ن ِدين ِك ُ ْ‬ ‫م عَ ُ ْ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫حّتى ي َُر ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ي َُقات ُِلون َك ُ ْ‬
‫ي ََزاُلو َ‬
‫َ‬
‫م فِممي ال مد ّن َْيا‬ ‫مممال ُهُ ْ‬
‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َم ْ‬ ‫ك َ‬ ‫كافٌِر فَأول َئ ِ َ‬ ‫ت وَهُوَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِدين ِهِ فَي َ ُ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ن( وذلك بأن الله تعممالى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خَرةِ وَأول َئ ِ َ‬ ‫َواْل ِ‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬
‫)‪(258‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ض مه ُ ْ‬ ‫صمماَرى أوْل ِي َمماءَ ب َعْ ُ‬ ‫ذوا ال ْي َهُممود َ َوالن ّ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫يقول )َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫دي ال َْقموْ َ‬ ‫ه ل ي َهْم ِ‬ ‫ن الل ّم َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫من ْهُم ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م فَمإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ي َت َموَل ّهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬
‫ن‬ ‫م ي َُقول ُممو َ‬ ‫ن ِفيهِ م ْ‬ ‫عو َ‬ ‫سممارِ ُ‬ ‫ض يُ َ‬ ‫م مَر ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفي قُل ُمموب ِهِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن فَت ََرى ال ّ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬ ‫شى أ َن تصيبنا دائ ِرةٌ فَعسى الل ّه أ َن يأت ِي بال َْفت َ َ‬ ‫خ َ‬
‫عن ْمدِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫مرٍ ِ‬ ‫ح أو ْ أ ْ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ َ ِ ِْ‬ ‫ْ ُ ِ ََ َ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬
‫من ُمموا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّم ِ‬ ‫ن وَي َُقممو ُ‬ ‫مي َ‬ ‫م ن َممادِ ِ‬ ‫س مه ِ ْ‬ ‫سمّروا فِممي أن ُْف ِ‬ ‫ما أ َ‬ ‫حوا عََلى َ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫فَي ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ؤلِء ال ّذي َ‬ ‫أ َهَ ُ‬
‫م‬ ‫مممال ُهُ ْ‬ ‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫م لَ َ‬ ‫م إ ِن ّهُ ْ‬ ‫مان ِهِ ْ‬ ‫جهْد َ أي ْ َ‬ ‫موا ِبالل ّهِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن أقْ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫ن اْرت َم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّم ِ‬ ‫ن( وذلك بأن الله سممبحانه يقممول )إ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫خا ِ‬ ‫حوا َ‬ ‫صب َ ُ‬ ‫فَأ ْ‬
‫مل َممى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَأ ْ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫سو ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫دى ال ّ‬ ‫م ال ْهُ َ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عََلى أد َْبارِهِ ْ‬
‫ل الل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك بأ َ‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫مي‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫طي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ز‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫هوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫لوا‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م ذ َل ِ َ ِ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ض مرُِبو َ‬ ‫ة يَ ْ‬ ‫ملئ ِك َم ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذا ت َموَفّت ْهُ ُ‬ ‫ف إِ َ‬ ‫م فَك َي ْم َ‬ ‫س مَراَرهُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ي َعْل َم ُ‬ ‫م مرِ َوالل ّم ُ‬ ‫اْل ْ‬
‫َ‬ ‫وجوههم وأ َدبارهم ذ َل َ َ‬
‫ه‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ضم َ‬ ‫ه وَك َرِهُمموا رِ ْ‬ ‫ط الل ّم َ‬ ‫خ َ‬ ‫س َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫م ات ّب َُعوا َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ ْ َ َْ َ ُ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ط أ َعْمال َه َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ج الل ّ ُ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫حب َ َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ح ِ‬‫م ِفي ل َ ْ‬ ‫م وَل َت َعْرِفَن ّهُ ْ‬ ‫ماهُ ْ‬ ‫سي َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫م فَل َعََرفْت َهُ ْ‬ ‫شاُء َلَري َْناك َهُ ْ‬ ‫م وَل َوْ ن َ َ‬ ‫ضَغان َهُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ال َْقول والل ّه يعل َ َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫جاهِ م ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫حت ّممى ن َعْل َم َ‬ ‫م َ‬ ‫م وَل َن َب ْل ُموَن ّك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ ِ َ ُ َْ ُ‬
‫َ‬
‫ل الل ّم ِ‬
‫ه‬ ‫س مِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫دوا عَم ْ‬ ‫صم ّ‬ ‫ن ك ََف مُروا وَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّم ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫خَباَرك ُ ْ‬ ‫ن وَن َب ْل ُوَ أ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫َوال ّ‬
‫شمْيئا ً‬ ‫ه َ‬ ‫ضمّروا الّلم َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫دى َلم ْ‬ ‫م ال ُْهم َ‬ ‫ن ل َهُم ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫شاّقوا الّر ُ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سممو َ‬ ‫طيعُمموا الّر ُ‬ ‫ه وَأ ِ‬ ‫طيُعوا الل ّم َ‬ ‫مُنوا أ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َيا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫مال َهُ ْ‬ ‫ط أعْ َ‬ ‫حب ِ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ممماُتوا‬ ‫م َ‬ ‫ل الل ّهِ ث ُم ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫دوا عَ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ك ََفُروا وَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫َول ت ُب ْط ُِلوا أعْ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫سمل ْم ِ وَأن ْت ُم ُ‬ ‫عوا إ َِلمى ال ّ‬ ‫م َفل ت َهِن ُمموا وَت َمد ْ ُ‬ ‫ه ل َُهم ْ‬ ‫ن ي َغِْفمَر الّلم ُ‬ ‫م ك ُّفاٌر فَل َ ْ‬ ‫وَهُ ْ‬
‫َ‬
‫م(‪.‬‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ن ي َت َِرك ُ ْ‬ ‫م وَل َ ْ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َوالل ّ ُ‬ ‫اْل َعْل َوْ َ‬
‫أل فليعلم كل مسلم وكل مسمملمة أن هممؤلء الممذين يخرجممون علممى‬
‫دينهم ويناصرون أعداءهم‪ ،‬مممن تممزوج منهممم فزواجممه باطممل بطلن ما ً‬
‫أصليًا‪ ،‬ل يلحقه تصحيح‪ ،‬ول يترتب عليه أي أثر من آثممار النكمماح‪ ،‬مممن‬
‫ثبوت نسب وميراث وغير ذلممك‪ ،‬وأن مممن كممان منهممم متزوجما ً بطممل‬
‫زواجه كذلك وأن من تاب منهم ورجع إلى ربممه وإلممى دينممه‪ ،‬وحممارب‬
‫عدوه ونصر أمته‪ ،‬لم تكن المرأة التي تزوجها حال الممردة ولممم تكممن‬
‫المرأة الممتي ارتممدت وهممي فممي عقممد نكمماحه زوجما ً لممه‪ ،‬ول هممي فممي‬
‫عصمته‪ ،‬وأنه يجب عليممه بعممد التوبممة أن يسممتأنف زواجممه بهمما فيعقممد‬
‫عليها عقدا ً صحيحا ً شرعيًا‪ ،‬كما هو بديهي واضح‪.‬‬
‫أل فليحتممط النسمماء المسمملمات‪ ،‬فممي أي بقعممة مممن بقمماع الرض‬
‫ليتوثقن قبل الزواج من أن الذين يتقدمون لنكاحهن ليسوا من هممذه‬
‫ة لنفسممهن ولعراضممهن‪ ،‬أن‬ ‫الفئة المنبوذة الخارجة عن الدين‪ ،‬حيط ً‬
‫)‪(259‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يعاشرن رجال ً يظنونهن أزواجا ً وليسمموا بمأزواج‪ ،‬بممأن زواجهممم باطممل‬
‫فممي ديممن اللممه‪ ،‬أل فليعلممم النسمماء المسمملمات‪ ،‬اللئي ابتلهممن اللممه‬
‫بأزواج ارتكسوا في حمأة هذه الردة‪ ،‬أنه قد بطممل نكمماحهن‪ ،‬وصممرن‬
‫محرمات على هؤلء الرجال ليسمموا لهممن بممأزواج‪ ،‬حممتى يتوبمموا توبممة‬
‫صحيحة عملية ثم يتزوجوهن زواجا ً جديدا ً صحيحًا‪.‬‬
‫أل فليعلم النساء المسلمات‪ ،‬أن من رضيت منهن بالزوج من رجممل‬
‫هذه حالة وهي تعلم حاله‪ ،‬أو رضيت بالبقاء مع زوج تعرف فيه هممذه‬
‫الردة فإن حكمها وحكمه في الردة سواء‪.‬‬
‫ومعمماذ اللممه أن ترضممى النسمماء المسمملمات لنفسممهن ولعراضممهن‬
‫ولنساب أولدهن ولدينهن شيئا ً من هذا‪.‬‬
‫جمد ّ ليس بالهمزل‪ ,‬وما يغني فيمه قانون يصدر بعقوبمممة‬ ‫أل إن الممر ِ‬
‫المتعمماونين مممع العمممداء‪ ،‬فممما أكممثر الحيممل للخمممروج مممن نصممموص‬
‫القوانين‪ ,‬وما أكثر الطمرق لتبرئة المجمممرمين‪ ,‬بالشممبهة المصممطنعة‪،‬‬
‫وباللحن في الحجة‪.‬‬
‫ولكن المة مسؤولة عن إقامة دينها‪ ،‬والعمل على نصممرته فممي كممل‬
‫وقت وحيمن‪ ،‬والفمراد مسممؤولون بيمن يمدي اللمه يموم القياممة عمما‬
‫تجترحه أيديهم‪ ،‬وعما تنطوي عليه قلوبهم‪.‬‬
‫فلينظر كل امرئ لنفسممه‪ ،‬وليكممن سممياجا ً لممدينه مممن عبممث العممابثين‬
‫وخيانة الخائنين‪ .‬وكل مسلم إنما هممو علممى ثغممر مممن ثغممور السمملم‪،‬‬
‫فليحممذر أن يممؤتى السمملم مممن قبلممه‪ .‬وإنممما النصممر مممن عنممد اللممه‪،‬‬
‫ولينصرن الله من ينصره“ أهم كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫وفممي منتصممف القممرن الرابممع عشممر أيضمما ً‪ :‬اسممتولى اليهممود علممى‬
‫فلسطين‪ ،‬وأعانهم بعض المنتسممبين للسمملم‪ ،‬فممأفتت لجنممة الفتمموى‬
‫بممالزهر برئاسممة الشمميخ عبممد المجيممد سممليم عممام ‪ 1366‬بكفممر مممن‬
‫أعانهم‪.‬‬
‫فهؤلء الئمة والعلماء رحمهممم اللممه بينمموا أن مظمماهرة الكفممار علممى‬
‫المسمملمين كفممر وردة‪ ،‬وبينمموا أن مظمماهرة الكفممار ومعمماونتهم علممى‬
‫المسلمين من الممموالة المكفممرة‪ ،‬ولممم يشممترطوا فممي المعاونممة أن‬
‫تكون لجل دينهم‪ ،‬أو أن ُيحب انتصار الكفار على المسلمين‪ ،‬بل هو‬
‫بمعمماونته للكممافرين علممى المسمملمين يكممون قممد نصممر الكفممر علممى‬
‫السلم وظاهر الشيطان وأولياءه على الله وأوليائه كما قال تعالى‪:‬‬
‫]وكان الكافر على ربه ظهيرا{‪.‬‬
‫)‪(260‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ت أننما ممأمورون أن نأخمذ النماس ونحكمم عليهمم‬ ‫وقد سبق أن بينم ُ‬
‫ت ما رواه البخاري رحمه‬ ‫ل سرائرهم إلى الله‪ ،‬وذكر ُ‬ ‫بظواهرهم ونك َ‬
‫الله عممن عمممر رضممي اللممه عنممه أنممه قممال‪ :‬إن أناسما ً كممانوا يؤخممذون‬
‫بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن المموحي قممد‬
‫انقطع وإنما نأخذكم الن بما ظهر لنا من أعمالكم‪.‬‬
‫ومضت سيرة الصحمابة رضي اللممه عنهممم علممى ذلممك فممي حمممروب‬
‫المردة مع قموم مسيلمة وسجماح وطليحة‪ ،‬ومانعي الزكمماة ونحممموهم‬
‫في قتالهم كلهم دون تفريمق بينهم مع احتمال كمون بعضهم مخالف ما ً‬
‫لهم في معتقدهم وإنما شمماركهم حميـممة‪ ،‬ومممع ذلممك كممانت سمميرتهم‬
‫فيهم واحمدة‪ ،‬وهي قتالهم جميعا ً وأخمممذ أممموالهم وذراريهممم والحكممم‬
‫عليهم بالكفر‪ ،‬مما يدل على تقّرر هذا الصل عندهم‪ ،‬وأن من ظاهر‬
‫وناصر الكّفار فهو كافر مثلهم‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا ً قصة خالد بن الوليد ومجاعة بممن مممرارة فممي كتممب‬
‫ض‬‫السيرة في حروب الردة‪ ،‬فإن خالدا ً رضي الله عنه أخذ جند ُهُ بعمم َ‬
‫بني حنيفة ومعهم )مجاعة(‪ ،‬فقال مجاعة لخالد‪ :‬إني والله ما اتبعتممه‬
‫ي‪ ،‬أو‬ ‫‪ -‬يقصد مسيلمة ‪ -‬وإني لمسلم‪ .‬فقال له خالد‪ :‬فهل خرجت إلمم ّ‬
‫تكلمت بمثل ما تكلم به ثمامة بن أثال‪.‬‬
‫والقياس أيضما ً يممدل علممى أن المعاونممة والمظمماهرة كفممر أكممبر مممن‬
‫وجهين‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬أنه قد ثبت في الصحيح أن النبي ‪ ‬قممال )مممن جهممز‬
‫غازيا ً فقد غزى(‪ ،‬فجعل القاعد إذا جّهز المجاهد مشاركا ً في الغممزو‪،‬‬
‫ومن هذا أيضا ً قوله )إن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلثة نفممر الجنممة‪:‬‬
‫صانعه يحتسب في صنعه الخير‪ ،‬والرامي به‪ ،‬ومنبلممه(‪ .‬وهممذا يممدل ‪-‬‬
‫بقياس العكس ‪ -‬أن من جّهز وأعان الكممافر فممي قتمماله فقممد شمماركه‬
‫في قتاله في سبيل الطاغوت‪ ،‬قال تعلى‪] :‬الذين ءامنوا يقاتلون في‬
‫سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقمماتلوا أوليمماء‬
‫الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا{‪.‬‬
‫ومن قاتل في سبيل الطاغموت فقد نصممر الطاغممموت وسممعى فممي‬
‫حكم ِ الطاغموت وديممن الطاغممموت وهمممو مممن‬ ‫إعملء كلمة الطاغوت و ُ‬
‫أوليمماء الشمميطان وأنصمماره‪ ،‬وصممدق اللممه‪] :‬وكممان الكممافر علممى ربممه‬
‫ظهيرا{‪.‬‬

‫)‪(261‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الوجه الثمماني‪/‬أن الممردء والمباشممر حكمهممم واحممد فممي الشممرع علممى‬
‫الصحيح‪ ،‬لن المباشر إنما يتمكن من عمله بمعونة الردء له‪.‬‬
‫كما قال شيخ السلم رحمه اللمه‪ :‬وإذا كمان المحمماربون الحمممرامية‬
‫جماعمة‪ ،‬فالواحد منهم باشر القتل بنفسه‪ ،‬والباقون له أعموان وردء‬
‫له‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إنه يقتممل المباشممر فقممط‪ ،‬والجمهممور علممى أن الجميممع‬
‫يقتلون‪ ،‬ولو كانوا مائة وأن المردء والمباشمر سواء‪ ،‬وهذا همو المأثور‬
‫عن الخلفاء الراشدين‪ .‬فإن عمر بن الخطاب رضممي اللممه عنممه قتممل‬
‫ربيئة المحاربين ‪ -‬والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكممان عممال‪،‬‬
‫ينظر منه لهم من يجيء ولن المباشممر إنممما يمكممن مممن قتلممه بقمموة‬
‫الممردء ومعممونته ‪ -‬والطائفممة إذا انتصممر بعضممها ببعممض حممتى صمماروا‬
‫ممتنعين فهم مشتركمون فممي الثممواب والعقمماب كالمجاهممدين ; فممإن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪) :‬المسلمون تتكافممأ دممماؤهم ويسممعى بممذمتهم أدنمماهم‬
‫وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم علممى قاعممدتهم(‪ .‬يعنممي‪ :‬أن‬
‫ل‪ ،‬فممإن الجيممش‬ ‫جيش المسلمين إذا تسرت منممه سممرية فغنمممت ممما ً‬
‫يشاركها فيما غنمت لنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفممل عنممه نف ً‬
‫ل‪،‬‬
‫فإن النمبي ‪ ‬كمان ينفمل السمرية إذا كمانوا فمي بمدايتهم الربمع بعمد‬
‫الخمس‪ ،‬وكذلك لو غنم الجيش غنيممة شماركته السمرية ; لنهما فمي‬
‫مصلحة الجيش‪ ،‬كما قسم النبي ‪ ‬لطلحة والزبيممر يمموم بممدر ; لنممه‬
‫كممان قممد بعثهممما فممي مصمملحة الجيممش‪ ،‬فممأعوان الطائفممة الممتنعممة‬
‫وأنصارها منها‪ ،‬فيما لهم وعليهم ‪ -‬وهكذا المقتتلون علممى باطممل ‪ -‬ل‬
‫تأويل فيه‪ ،‬مثل المقتتلين على عصبية‪ ،‬ودعوى جاهلية كقيس ويمممن‬
‫ونحوهما‪ ،‬هما ظالمتان‪ .‬كما قال النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪) :‬إذا‬
‫التقى المسلمان بسمميفيهما فالقاتممل والمقتممول فممي النممار‪ ،‬قيممل‪ :‬يمما‬
‫رسول الله‪ :‬هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال‪:‬إنه أراد قتل صمماحبه(‬
‫أخرجاه في الصحيحين‪.‬‬
‫وتضمن كل طائفة ما أتلفته الخرى من نفس ومال‪ ،‬وإن لم يعرف‬
‫عين القاتل ; لن الطائفة الواحدة المتمنع بعضممها ببعممض كالشممخص‬
‫الواحد "اهم‪.‬‬
‫فالذي أعان أمريكا ودول الكفممر علممى حممرب السمملم والمسمملمين‬
‫فإنه يكفر سممواء أعممانهم بالبممدن أو بالسمملح أو بممالرأي أو فتممح لهممم‬
‫أجواء بلده ليقيموا فيها قواعدهم العسكرية وينطلقوا منها أو حمممى‬

‫)‪(262‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ظهورهم بمنع المجاهدين من الخروج لقتالهم فل فرق بين ذلك كلممه‬
‫وهو من الموالة المكّفرة‪.‬‬
‫**م وأما الستدلل بقصة حاطب رضي الله عنه‪ ،‬فالحقيقة أن قصة‬
‫حاطب فيها احتمالت كثيرة وهي قضية عين ل يقاس عليها‪.‬‬
‫والقاعدة عند العلماء‪ :‬إذا ورد الحتمال بطل الستدلل‪.‬‬
‫م‬
‫وكذلك القاعدة‪ :‬أن ما ثبت حكمممه بالدلممة الواضممحة الصممريحة ث م ّ‬
‫وردت قضية محتملة لممم تأخممذ ذلممك الحكممم فممإن الحكممم الصممريح ل‬
‫يتغير‪ ،‬وتسمى القضية الواردة قضية عين ل يقمماس عليهمما‪ ،‬وهممي ممما‬
‫يعبر عنها بعض الصوليين بقوله‪ :‬ما خرج على الصل ل يقاس عليه‪.‬‬
‫مثل بيع العرايا وبيع السلم خرجا عن الصل المقرر وهو تحريممم بيممع‬
‫المجهول وبيع الغرر‪ ،‬ولكن لما جاء الشرع باسممتثناء هممذين النمموعين‬
‫من البيوع وأحلهما خرجا عن ذلك الصل بدليل مستقل ليس بناسممخ‬
‫لصل الحكم‪ ،‬فل يصمح لممن بماع نوعما ً آخمر ممن المبيوع وكمان فيهما‬
‫الجهالة أو الغرر أن يستدل على جواز فعله بهذه الدلة المخصوصة‪.‬‬
‫ن منهممج أهممل السممنة والجماعممة هممو الخممذ بممالمحكم ورد‬ ‫ومعلوم أ ّ‬
‫المتشابه إلى المحكم‪ ،‬وقصة حاطب رضي الله عنممه مممن المتشممابه‬
‫ك الحكم الصريح الواضح ول ُينتقل‬ ‫الذي فيه احتمالت كثيرة‪ ،‬فل ُيتر ُ‬
‫عنه بدليل محتمل‪.‬‬
‫والمؤلممف اسممتخرج مممن قصممة حمماطب أن مظمماهرة الكفممار علممى‬
‫المسلمين ل يكممون كفممرا ً أكممبر مخرجما ً مممن الملمة إل بشممرط عمممل‬
‫القلب وهو مناصرتهم لدينهم‪ ،‬وهذا باطل وتوضيحه من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن قصة حاطب قضية عين وقضايا العيان خارجة عن الصل‬
‫ول يقاس عليها‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أنها محتملة وإذا ورد الحتمال بطل الستدلل‪.‬‬
‫الثالث‪ /‬أن النبي صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وقد قال في شأن‬
‫حاطب‪) :‬صدقكم( وهذا أمر أطلعه الله عليه‪ ،‬وأممما بعممد ممموته عليممه‬
‫الصمملة والسمملم ليممس لحممد أن يجممزم بصممدق مممن والممى الكفممار‪،‬‬
‫وبالتالي علينا أن نأخذ بالظاهر ونحكم به‪.‬‬
‫قال الحافظ بن حجر رحمه الله‪ :‬وقد أشار إلى ذلك المام أبو جعفر‬
‫الطبري‪ :‬بأنه إنما صفح عنه لممما أطلعممه اللممه عليممه مممن صممدقه فممي‬
‫اعتذاره‪ ،‬فليكون غيره كذلك‪.‬‬

‫)‪(263‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الرابع‪ /‬قول عمر في هذا الحديث‪ :‬دعني أضرب هذا المنافق‪ ،‬وفممي‬
‫رواية‪ :‬فقد كفر‪ ،‬وفي رواية‪ :‬بعممد أن قممال الرسممول ‪ :‬أوليممس قممد‬
‫شهد بدرًا؟‪ .‬قال عمر‪ :‬بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك‪.‬‬
‫فهذا يدل على أن المتقرر عند عمممر رضممي اللممه عنممه والصممحابة أن‬
‫مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن السلم‪ ،‬ولم يقل هذا الكلم‬
‫إل لما رأى أمرا ً ظاهره الكفر‪ ،‬ولو لممم يكممن المتقممرر عنممد الصممحابة‬
‫كفر المظاهر لما احتاج حاطب أن ينفيه عن نفسممه‪ ،‬كممما لممو شممرب‬
‫الخمر فسئل عن سبب شربها فإنه ل يقول لم أفعلممه كفممرا ً ول رد ّ ً‬
‫ة‪،‬‬
‫ن المقرر عنده كفر ورد ّ من‬ ‫فلما نفى الكفر والرّدة عن نفسه تبين أ ّ‬
‫ن أن فعلمه ليمس داخل ً فممي‬ ‫ظاهر الكفار على المسلمين‪ ،‬ولكنمه ظم ّ‬
‫باب الموالة والمظاهرة كما سيأتي توضيحه في الوجه الخامس‪.‬‬
‫الخامس‪ /‬إقرار الرسول ‪ ‬لما فهمه عمر‪ ،‬ولم ينكر عليممه الحكممم‬
‫ن مظماهرة الكفممار ليسمت‬ ‫بالكفر على ظاهر الفعل‪ ،‬ولمم يقممل لمه إ ّ‬
‫ن المظاهرة المكّفرة هي ما قارنها عمممل القلممب‪ ،‬وتممأخير‬ ‫كفرًا‪ ،‬أو أ ّ‬
‫البيان عن وقت الحاجة ل يجوز‪ ،‬وإنممما بيممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم صدق حاطب فيما قال‪.‬‬
‫ق بين الحكم على الفعل والحكممم علممى الفاعممل فممالنبي صمملى‬ ‫وفر ٌ‬
‫الله عليه وسلم لم ينكر على عمر الحكممم علممى أصممل الفعممل وإنممما‬
‫أنكر عليه إنزال الحكم على حاطب وقد تبين أنه فعل ذلك متأول ً أن‬
‫ل ضرر فيه‪ ،‬وتصديق النبي صلى الله عليممه وسمملم لممه فيممما قممال ل‬
‫يكون لحدٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم لنه مؤيد بالوحي وليممس‬
‫ذلك لغيره‪.‬‬
‫السادس‪ /‬أن حاطبا ً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأول ً أن كتابه‬
‫لن يضممر المسمملمين‪ ،‬وأن اللممه ناصممر دينممه ونممبيه حممتى وإن علممم‬
‫المشركون بمخرجه إليهم‪ ،‬وقد جاء في بعض ألفمماظ الحممديث أن‬
‫حاطبا ً قال معتذرا ً )قممد علمممت أن اللممه مظهممر رسمموله ومتممم لممه‬
‫أمره(‪.‬‬
‫وقد أخرج البخاري رحمه الله قصممة حمماطب فممي كتمماب )اسممتتابة‬
‫المرتدين والمعاندين وقتالهم( في )باب ما جاء في المتأولين(‪.‬‬
‫وقال الحافظ في )الفتح ‪" :(634 / 8‬وعذر حاطب ما ذكممره‪ ،‬فممإنه‬
‫صنع ذلك متأول ً أل ّ ضرر فيه"(‪.‬‬

‫)‪(264‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن شيخ السلم عندما ذكر‬ ‫السابع‪ /‬وهو مهم ينبغي التفطن له‪ ،‬وهو أ ّ‬
‫نممواقض السمملم العشممرة‪ ،‬قممال‪ :‬الثممامن‪ /‬مظمماهرة المشممركين‬
‫ومعاونتهم على المسلمين‪ .‬فذكر المظاهرة والمعاونة التي هي مممن‬
‫باب الفعال ولم يشترط العمل القلبي‪.‬‬
‫ة بمجردهما‬ ‫توضيح ذلك‪ :‬أنه لو لم تكن المظمماهرة والمعاونمة ناقضم ً‬
‫وإنما باشتراط العمممل القلممبي للممزم ذكممر منمماط الكفممر وهممو العمممل‬
‫القلبي؛ لن الشيخ يتكلم عن نواقض السلم فكيممف يممذكر صممورة ل‬
‫تكون ناقضا ً بمجردها وإنما باشممتراط العمممل القلممبي ول يممذكر ذلممك‬
‫الشرط الذي هو مناط الكفر؟‬
‫م لحظ أّنه قال‪ :‬مظاهرة المشركين ومعاونتهم‪ ،‬ولممم يقممل ممموالة‬ ‫ث ّ‬
‫ن الممموالة ينممدرج تحتهمما أقسممام‪ ،‬ولكممن لممما قممال‪:‬‬ ‫المشممركين‪ ،‬ل ّ‬
‫ل‬‫مظاهرة ومعاونة‪ ،‬ذكر نوعا ً من أنواع الممموالة وهممي الفعليممة‪ ،‬فممد ّ‬
‫ن المظممماهرة والمعاونمممة‬ ‫ن المقصمممود الكفمممر العملمممي‪ ،‬وأ ّ‬ ‫علمممى أ ّ‬
‫للمشركين على المسلمين كفر فممي حممد ذاتممه ونمماقض مممن نممواقض‬
‫اليمان‪.‬‬
‫الثممامن‪ /‬لممو كممانت المظمماهرة والمعاونممة غيممر مكفممرة بممذاتها وإنممما‬
‫ن المظمماهرة والمعاونممة‬ ‫ن معنممى ذلممك أ ّ‬‫باشتراط العمممل القلممبي فممإ ّ‬
‫المجردة عن العمل القلبي إنما هي كبيرة من كبائر الممذنوب‪ ،‬وعلممى‬
‫هذا فما الفائدة من ذكرها فممي النممواقض‪ ،‬لننمما علممى هممذا التفصمميل‬
‫م نفصممل فنقممول‪:‬‬ ‫ل‪ :‬الربا من نواقض السلم‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫نستطيع أن نقول مث ً‬
‫إن تعامل بالربا من غيممر جحممود ول اسممتحلل وهممو المتعلممق بممالقلب‬
‫ب كبيرة‪ ،‬وإن تعامل به جاحدا ً أو مستحل ً فإنه يكون‬ ‫فإنه حينئذ مرتك ٌ‬
‫ناقضا ً ليمانه‪ ،‬والخمر مثل ذلممك وعلممى هممذا نسممتطيع أن نقممول‪ :‬إن‬
‫م نفصممل‬ ‫جميع المحرمات الواضحة في الدين من نواقض السلم ثمم ّ‬
‫فيها على التفصيل في مسألة الموالة‪ ،‬وهذا ل يقوله أحممد يفقممه ممما‬
‫يقول‪.‬‬
‫دوا مظاهرة المشركين ومعمماونتهم‬ ‫ن العلماء عندما ع ّ‬ ‫وبالتالي تعلم أ ّ‬
‫ن‬
‫ل ذلك على أنه نمماقض بمجممرده‪ ،‬وأ ّ‬ ‫على المسلمين من النواقض د ّ‬
‫العمل القلبي وهو محبة انتصار الكفار على المسلمين كفر بمجممرده‬
‫ولو لم يحصل معه مظاهرة‪.‬‬
‫والحتمالت الواردة في قصة حاطب تسقط الستدلل به‪ ،‬فل نترك‬
‫ن ذلمك مممن اتبمماع المتشمابه‪ ،‬وأهمل‬ ‫الحكم المتقرر بدليل محتمل فمإ ّ‬
‫)‪(265‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دون المحكممم‬ ‫الحق يردون المتشابه إلى المحكم‪ ،‬وأهممل الباطممل يممر ّ‬
‫بالمتشابه‪.‬‬
‫ن‬‫قال الله تعالى‪] :‬هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ه ّ‬
‫خُر متشابهات فأما الذين في قلمموبهم زيممغ فيّتبعممون ممما‬ ‫م الكتاب وأ ُ َ‬‫أ ّ‬
‫تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل الله‪.{....‬‬
‫التاسع‪ /‬ولو تنمّزلنا بعد هذا كله وقلنا بالقياس على فعممل حمماطب فل‬
‫بد حينئذٍ من اتحاد الصورتين بحيث يحصممل هممذا الفعممل ممممن عممرف‬
‫م سممعى فممي إطلع الكفممار‬ ‫بحسن إسلمه وصدق بلئه في الحممق ث م ّ‬
‫على مسير المسلمين إليهم خوفا ً على قرابته‪ ،‬مع وقوفه فممي صممف‬
‫المجاهدين ضد أولئك الكفار‪ ،‬وهذا القول له نظائر في الشريعة كما‬
‫في مسألة الرضاع بعد الحولين لما كان الصل عدم اعتبممار الرضمماع‬
‫بعد الحولين وجاءت قصممة سممالم مممولى أبممي حذيفممة بالرخصممة فممي‬
‫إرضاعه مع كبر سنه ذهب جمهور العلممماء إلممى الخممذ بالصممل وهممو‬
‫ن قصة سالم قضية عيممن‬ ‫عدم العبرة بالرضاع بعد الحولين وقالوا‪ :‬إ ّ‬
‫ل يقاس عليها‪ ،‬وقال جمع من العلماء جمعا ً بين الدلممة الممواردة فممي‬
‫ن الرضاع بعد الحممولين غيممر معتممبر ولكممن مممن‬ ‫المسألة‪ :‬إن الصل أ ّ‬
‫كانت حاله مثل حال سالم مممولى أبممي حذيفممة جمماز لممه ذلممك لممورود‬
‫الرخصة في تلك الحالة المخصوصممة فيقمماس عليهمما ممما كممان مثلهمما‪،‬‬
‫وكذلك الحكم في هذه المسألة هذا لو تن َّزلنمما وقلنمما بصممحة القيمماس‬
‫وإن كان الحق هو أن قضية حاطب قضية عين ل يقاس عليها‪.‬‬
‫والواقع من هؤلء الحكام الذين ظاهروا المشركين ل ينطبق علممى‬
‫هممذه الصممفة بتاتمًا‪ ،‬فهممم أبمماحوا جزيممرة العممرب وغيرهمما مممن بلممدان‬
‫المسلمين للصليبيين فأقاموا فيهمما قواعممدهم وفتحمموا لهممم أراضمميهم‬
‫جمموا ً وبممرا ً وبحممرا ً لينطلقمموا منهمما وحممموا ظهممورهم فمنعمموا أبنمماء‬
‫المسلمين من قتالهم ومن الخروج لنصرة إخوانهم وسجنوا العلممماء‬
‫الذين يحرضون المة على جهادهم‪ ،‬فهل يصح من عاقل منصممف أن‬
‫يقيممس هممذه العمالممة الواضممحة‪ ،‬والخيانممة الفاضممحة‪ ،‬والمظمماهرة‬
‫السافرة على زلة حاطب رضي الله عنه؟!‬
‫وأما قول المؤلف‪]:‬يردد بعضهم شبهة وهي أن حاطب ما ً كممان متممأول ً‬
‫ولوله لكفر‪ ،‬وتفنيد هذه الشبهة من أوجه‪ :‬أ‪ -‬أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم لما سأل حاطبا ً عن عممذره‪ ،‬لممم يعتممذر حمماطب بممأنه‬
‫تأول دليل ً شرعيا ً بل ذكر أنه فعل ما فعل لحظ دنيوي‪.‬‬
‫)‪(266‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لممم يفهممم أن حاطب ما ً كممان‬
‫متأول ً لذلك لم يكشف شبهة كان حاطب متمسكا ً بهمما‪ ،‬ودواء الشممبه‬
‫كشفها‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر بأنه عاص‪ ،‬لكنه مغفور‬
‫له لكونه من أهل بدر ل لجل التأويل‪[ .‬‬
‫أقول‪ :‬قد بينت إحدى روايات الحديث نوع تأويل حاطب رضمي اللمه‬
‫عنه وهي قوله‪ :‬قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره‪.‬‬
‫فحاطب لم يتأول دليل ً شرعيا ً على جواز فعله‪ ،‬بل كممان يعلممم أن‬
‫إرسال الرسالة مخالفة لمر الله ورسوله صلى الله عليه وسمملم‪،‬‬
‫ب ما نهى عنه رسممول اللممه صمملى‬ ‫ص مرتك ٌ‬ ‫ويعلم أنه بفعله هذا عا ٍ‬
‫ن أن إرساله للرسالة ‪ -‬مممع ثقتممه بنصممر‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬ولكنه ظ ّ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بفتحها وتيقممن‬ ‫الله لنبيه‪ ،‬فإ ّ‬
‫تحقق ما أخبرهم به رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وكممونه‬
‫ن أن ذلك ليمس داخل ً‬ ‫سيجاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم‪ -‬ظ ّ‬
‫في الموالة‪ ،‬وتأول أن إرساله للرسالة لن يضر المسمملمين‪ ،‬ولممن‬
‫ينفع المشركين‪ ،‬وأن المشركين سواء علموا بممذلك أو لممم يعلممموا‬
‫فإنهم مغلوبون مخذولون‪ ،‬وهذا ما أشار إليه البخاري رحمممه اللممه‬
‫فممي التبممويب للحممديث وأوضممحه الحممافظ بممن حجممر‪ ،‬فقممد أخممرج‬
‫البخاري رحمه اللمه قصمة حماطب فمي كتماب )اسمتتابة المرتمدين‬
‫والمعاندين وقتالهم( في )باب ما جاء في المتأولين(‪.‬‬
‫ن المتقممرر عنممده كفممر‬ ‫ففي تبويب البخاري رحمممه اللممه يظهممر لممك أ ّ‬
‫م بمموب لقصممة حمماطب ممما‬ ‫دة من ظاهر الكفار على المسلمين‪ ،‬ثم ّ‬ ‫ور ّ‬
‫جاء في المتأولين تنبيها ً منه على ما جاء في عممدد مممن الروايممات أن‬
‫حاطبا ً فعل ذلك متأول ً أن ل ضرر فيه على المسلمين‪ ،‬وأن ل منفعة‬
‫فيه للمشركين‪.‬‬
‫وقال الحافظ في )الفتح ‪" :(634 / 8‬وعذر حاطب ما ذكممره‪ ،‬فممإنه‬
‫صنع ذلك متأول ً أل ّ ضرر فيه(‪.‬‬
‫ن إطممملع قريممش‬ ‫وقال القرطبي رحمه الله‪ :‬وإنما تأول فيما فعممل أ ّ‬
‫على بعض أمر رسمول الله صلى الله عليه وسلم ل يضّر رسول الله‬
‫وف قريشًا‪ ،‬وُيحكى أنمه كمان فمي الكتماب‬ ‫صلى الله عليه وسلم وُيخ ّ‬
‫تفخيم أمر جيش رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬وأنهممم ل طاقممة‬

‫)‪(267‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وفهم بذلك ليخرجمموا عممن مكممة ويفممروا منهمما‪] .‬المفهممم‪،‬‬ ‫لهم به‪ ،‬ويخ ّ‬
‫‪.[6/440‬‬
‫فالجواب على قول المؤلف‪] :‬أن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫أقر بأنه عاص‪ ،‬لكنه مغفور له لكونه من أهل بدر ل لجل التأويل[‬
‫ن مخالفته لمر رسول الله صلى الله عليه وسمملم معصممية ُيكفرهمما‬ ‫أ ّ‬
‫شهود بدٍر‪ ،‬وتأويله منع من تكفيره‪.‬‬
‫وبعد ذكر هذه الوجوه يتبين لك أن الستدلل بقصة حاطب هممو مممن‬
‫الستدلل بالمتشابه لبطال المحكم‪ ،‬ونحن مأمورون أن نرجممع إلممى‬
‫المحكم ونحكم به ونرد المتشابه إليه‪.‬‬
‫ويلزم المستدل بقصة حمماطب أن يحكممم بعممدم كفممر كممل مممن أعممان‬
‫هر‬ ‫ن المظمما ِ‬‫الكفار على المسلمين مهما بلغت تلك المعاونة ما دام أ ّ‬
‫يزعم أنه لم يفعل ذلك من أجل دينهممم‪ ،‬وبطلن هممذا القممول معلمموم‬
‫بالضرورة‪.‬‬
‫ن أمريكمما منحممت بعمض‬ ‫ونحن نقول للمؤلممف ومممن علممى رأيمه‪ :‬لممو أ ّ‬
‫المسلمين الذين في جيشها القيادة في حربهمما علممى دولممة إسمملمية‬
‫فقام ذلك المسلم بغزو البلد السمملمية وسممفك الممدماء المعصممومة‬
‫مر بيوت الله ومن فيها حتى علممت رايممة‬ ‫وهتك العراض المصونة ود ّ‬
‫أمريكمما علممى ربمموع تلممك البلد وقممويت شمموكة أعممداء اللممه وصممارت‬
‫م زعممم‬ ‫السيادة والحكم لهم‪ ،‬وأذلوا أولياء الله وفتنوهم عن دينهم‪ ،‬ث ّ‬
‫ذلك القائد أنه فعل ذلك للدنيا لمبلغ من المممال أو لمنصممب مرممموق‬
‫في الوزارة المريكية‪ ،‬وهو مع ذلك كاره للكفممار محممب للمسمملمين‪،‬‬
‫ولم يفعل ذلك رضا ً بالكفر بعد السلم‪.‬‬
‫ن حاكما ً من حكام المسلمين علم بإرادة الكفار وعزمهم علممى‬ ‫ولو أ ّ‬
‫غزو أرض من أراضي المسلمين فعرض علممى تلممك الدولممة الكممافرة‬
‫دهم بالسلح والنفط وكل‬ ‫أن تقيم قواعدها العسكرية في أرضه ويم ّ‬
‫ما يحتاجون من مسكن وغذاء ودواء مقابل أن ُيق مّروه علممى كرسممي‬
‫الحكم ويحموه ممن يريد إزالته‪ ،‬فأقام الكفار قواعدهم علممى أرضممه‬
‫وانطلقوا منها بمعونته فدكوا أرض المسلمين بوابل من القنابل التي‬
‫ل تفممرق بيممن صممغير وكممبير‪ ،‬ول بيممن رجممل وامممرأة‪ ،‬ول بيممن مسممجد‬
‫ومرقممص‪ ،‬ودخلممت جيوشممهم أرض المسمملمين ودّنسممت المسمماجد‬
‫مرت المكتبات السلمية‪ ،‬وأزالوا الحكومة المسمملمة‬ ‫والمصاحف‪ ،‬ود ّ‬
‫م قممال ذلممك الحمماكم‬ ‫ووضعوا حكومة كافرة تحكم بحكم الطاغوت‪ ،‬ث ّ‬
‫)‪(268‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لشعبه وعلمائه إنني لم أفعل ذلك محبة لدينهم ول رضا ً بما هم عليه‬
‫مممن الكفممر‪ ،‬ولكممن أردت أن أّتخممذ عنممدهم يممدا ً يحمممون بهمما عرشممي‬
‫وسلطتي‪.‬‬
‫ن تاجرا ً من تجار المسلمين قام بدعم الجيش الكافر الذي غزا‬ ‫ولو أ ّ‬
‫أرض المسلمين بالموال الطائلة والمعونات‪ ،‬واشترى لهم الممدبابات‬
‫والصواريخ‪ ،‬واستأجر لهم المرتزقة لكي يقمماتلوا فممي صممفهم‪ ،‬وقممال‬
‫إنني لم أفعل ذلك محبة فيهم ول في دينهم وإنما فعلت ذلممك معهممم‬
‫لكي يسمحوا لي بإقامة شركاتي ومؤسساتي في بلدهم‪.‬‬
‫ن خبيرا ً سياسيا ً وقممائدا ً عسممكريا ً مممن المسمملمين قممام بتقممديم‬ ‫ولو أ ّ‬
‫بحممث ودراسمممة للكفممار فممي أفضمممل الطممرق لغممزو بلد المسمملمين‬
‫واستعمارهما ونقاط الضعف فممي الممدولة السملمية والثغمرات الممتي‬
‫يمكنهم الدخمول منها لهزيمة المسلمين‪ ،‬فقام ذلك الجيممش بتطممبيق‬
‫مخططه واستولوا على أرض المسلمين‪ ،‬فقال ذلك الخائن إنني لممم‬
‫أفعل ذلك لنصرة دينهم أو ِلتعل موَ رايتهممم علممى رايممة التوحيممد‪ ،‬وإنممما‬
‫ت ومكانممة فممي‬ ‫صممي ٌ‬
‫فعلت ذلك لكي أشتهر بيممن النمماس ويصممبح لممي ِ‬
‫العالم‪.‬‬
‫ن دولة كافرة أرادت غزو دولة إسلمية وقالت الدولة الكممافرة‪:‬‬ ‫ولو أ ّ‬
‫ن من يتعاون معنمما علممى إسممقاط الدولممة السمملمية سمموف نعطيممه‬ ‫إ ّ‬
‫جوائز مالية كبيرة‪ ،‬فقمممام بعممض المسمملمين بالنضمممام إلممى جيمممش‬
‫الكفار وقاتلوا معهم ونصروهم‪ ،‬وقالوا إنما فعلنا ذلك من أجل المال‬
‫وليس رضا ً بدينهم‪.‬‬
‫ل هذه الحوال وما شابهها نقول للمؤلف ما هممو حكمممك علممى‬ ‫في ك ّ‬
‫هذه الصور؟‬
‫ولن يخرج حكم المؤلف علممى هممذه الصممور وممما شممابهها عممن أربعممة‬
‫أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬إما أن يحكم على جميع تلك الصور بأنها كبيرة وليست‬
‫كفرًا‪ ،‬ويضرب بالدلة وأقوال العلماء السابقة عرض الحائط‪ ،‬وحينئذٍ‬
‫ن مظمماهرة المشممركين ومعمماونتهم علممى‬ ‫نقول له يلزمك أن تقول‪ :‬إ ّ‬
‫المسلمين ليست ناقضا ً من نواقض السلم وإدخالهمما فممي النممواقض‬
‫خطأ لنها حينئذٍ تكون كبيرة من كبائر الذنوب كالربا وشممرب الخمممر‬
‫والزنى ونحوها‪ ،‬كلها في الصل كبائر من كبائر الممذنوب ول يصممح أن‬
‫دها من نواقض السلم إل إذا اقترن بها مكّفممر قلممبي كالسممتحلل‬ ‫ن ُعِ ّ‬
‫)‪(269‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أو الجحود أو الرضى بالكفر أو النصممرة للكممافرين مممن أجممل دينهممم؛‬
‫لننمما إن كنمما محتمماجين قبممل تكفيممر مرتكممب الكممبيرة إلممى تصممريحه‬
‫بالسممتحلل أو الجحممود وإل فالصممل عممدم كفممره‪ ،‬فكممذلك نحممن‬
‫محتاجون قبل تكفير المظاهر إلى تصريحه بأنه فعل ذلممك مممن أجممل‬
‫دينهم‪ ،‬أو رضا ً بما هم عليه من الكفر وإل فالصل عدم كفره‪.‬‬
‫هر صمّرح أنممه ظمماهرهم محبممة فممي‬ ‫ثم نقول للمؤلممف‪ :‬لممو أن المظمما ِ‬
‫انتصمار دينهمم‪ ،‬أو رضما ً بمالكفر‪ ،‬فهمل ُتكّفمره بالمظماهرة أم للعممل‬
‫القلبي؟‬
‫فإن كّفرته من أجل المظاهرة فل تحتاج إلممى معرفممة ممما فممي قلبممه‪،‬‬
‫ن‬
‫وإن كّفرته من أجل ما في قلبه فل تحتاج إلى وجممود المظمماهرة ل ّ‬
‫الرضا بالكفر كفر‪ ،‬ومحبة ظهور ديممن الكفممار علممى المسمملمين كفممر‬
‫بمجرده‪.‬‬
‫وإن قلممت‪ :‬أكّفممره بمجممموع المريممن لزمممك أن ل تكفممره بممانفراد‬
‫أحممدهما فل تكّفممره بالمظمماهرة وحممدها‪ ،‬ول تكّفممره بالرضمما بممالكفر‬
‫وحده‪ ،‬وإل لما كان للحكم باجتماع المرين فممائدة‪ ،‬لنممه حينئذٍ يكممون‬
‫الحكم عليه بما قام بقلبه والمظمماهرة أم مٌر زائد ل يمنممع مممن لحمموق‬
‫الحكم به‪ ،‬وتكون المسممألة حينئذٍ كمرتكممب الكممبيرة إن ارتكبهمما دون‬
‫استحلل أو جحود فهو مسلم فاسق‪ ،‬وإن اسممتحلها أو جحممد حرمتهمما‬
‫كفر ولو لم يرتكبها‪ ،‬وإن ارتكبها مستحل ً أو جاحدا ً كان الحكممم عليممه‬
‫بما قام في قلبه وليس بفعل المعصية‪.‬‬
‫ن مظاهرة الكفار على المسلمين عند المؤلف كبيرة من‬ ‫وبالتالي فإ ّ‬
‫كبائر الذنوب‪ ،‬مثل الربا والزنا وشرب الخمر‪ ،‬ول يصح إدراجهمما فممي‬
‫نواقض السلم‪.‬‬
‫يا سبحان الله‪ ،‬أيّ إسلم يبقى عند يبذل قصارى جهده في مظاهرة‬
‫ومعاونة من يريدون إظهار الكفر والشرك وطمس السلم وإطفمماء‬
‫نوره وإخراج أهله منه؟!‬
‫وما أحسن ما قاله ابن عقيممل رحمممه اللممه‪ :‬إذا أردت أن تعلممم محممل‬
‫السلم من أهل الزمان‪ ،‬فل تنظر إلى زحامهمم في أبواب الجواممع‪،‬‬
‫ول ضجيجهم في الموقف بلبيك‪ ،‬وإنمما انظمر إلمى مواطمأتهم أعمداء‬
‫الشريعة‪] .‬الداب الشرعية لبن مفلح ‪.[1/268‬‬
‫الوجه الثاني‪ /‬وإما أن يحكممم علممى جميممع تلممك الصممور بأنهمما مكّفممرة‬
‫شممَرطه‬ ‫فحينئذٍ يسقط استدلله بقصة حاطب ويسقط الشرط الذي َ‬

‫)‪(270‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لفقد جميع الصممور المممذكورة ذلممك الشممرط‪ ،‬وحينئذٍ يحصممل التفمماق‬
‫ويزول الخلف‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ /‬وإما أن ُيفّرق في الحكم بين تلك الصور وبين قصممة‬
‫ل الصممور‬ ‫ن ك ُم ّ‬
‫حمماطب‪ ،‬فحينئذٍ نطممالبه بالممدليل علممى التفريممق مممع أ ّ‬
‫المذكورة فاقدة للشرط الذي اشممترطه وهممو العمممل القلممبي]الرضمما‬
‫بالكفر‪ ،‬أو مظاهرتهم من أجل دينهم[‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ /‬وإما أن يقول بكفر المظاهر في الصل ويخصص منها‬
‫ما كان مثل قضية حاطب‪ ،‬وبالتالي يتفق معنا في كفر وردة الحكام‬
‫الذين ظاهروا الكفار علممى المسملمين لن نمموع مظماهرتهم وصممفتها‬
‫ليست مثل قضية حاطب رضي الله عنه‪.‬‬
‫وليعلم المؤلف ومممن علممى رأيممه‪ :‬أن السممعودية أعممانت أمريكمما فممي‬
‫حربها الصليبية على السلم والمسلمين بكل ما تطيممق‪ ،‬فقممد هيممأت‬
‫لهم أراضيها فأقاموا فيها قواعدهم كما في الخرج وعرعممر والجمموف‬
‫وقاعممدة فيصممل فممي تبمموك وغيرهمما‪ ،‬وهيئوا لهممم بعممض المطممارات‬
‫لينطلقوا منها‪ ،‬وأممدوهم بمالنفط بكمل سمخاء‪ ،‬وأممدوهم بالمعونمات‬
‫اللوجستية‪ ،‬وحموا ظهورهم بمنع المسلمين من الخروج لقتالهم‪ ،‬بل‬
‫وحاربوا وسجنوا كممل مممن أراد قتممال المريكممان وجهممادهم‪ ،‬وسممجنوا‬
‫العلماء الذين وقفمموا فممي وجممه الحملممة الصممليبية وبينمموا مخططممات‬
‫العداء‪ ،‬وهذا من أعظم ما يكون من موالة ومظاهرة الكفممار علممى‬
‫المسمملمين‪ ،‬وقيمماس هممذه العمالممة والخيانممة والمظمماهرة علممى زل ّممة‬
‫حاطب من الفرية والظلم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن الدول التي أعانت الكفار على المسلمين مكرهة علممى‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فالجواب‪:‬أن هذه الدعوى ل تصممح لن الكممراه إنممما يكممون لمممن هممو‬
‫ره وتحت قبضته ول يستطيع الفرار منهم‪.‬‬ ‫تحت سلطان المك ِ‬
‫قال الحممافظ بممن حجممر رحمممه اللممه فممي فتممح البمماري شممرح صممحيح‬
‫البخاري‪ ,‬في باب الكراه‪ ,‬ج ‪ 12‬ص ‪:385‬‬
‫]الكراه‪ :‬هو إلزام الغير بما ل يريده‪ .‬وشروط الكراه أربعة‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يهدد به‪ .‬والمممأمور عمماجزا‬
‫عن الدفع ولو بالفرار‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك‪.‬‬

‫)‪(271‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون ما هدده به فوريا‪ ,‬فلو قممال لممه‪ :‬إن لممم تفعممل كممذا‬
‫ضربتك غدا‪ ,‬ل يعد مكرها‪ .‬ويستثنى ما إذا ذكممر زمنمما قريبمما جممدا‪ ,‬أو‬
‫جرت العادة بأنه ل يخلف‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أل يظهر من المأمور ما يدل على اختياره‪ .‬كمممن أكممره علممى‬
‫الزنا فأولج وأمكنه أن ينزع‪ ،‬ويقول‪ :‬أنزلت‪ ،‬فيتمممادى حممتى ينممزل‪[ .‬‬
‫أهم‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان آل الشيخ رحمه الله‪ :‬ول يستثنى مممن ذلممك إل‬
‫المكره‪ ،‬وهو الذي يستولي عليه المشممركون فيقولممون لممه اكفممر‪ ،‬أو‬
‫أفعل كذا وإل فعلنا بك وقتلناك‪ ،‬أو يأخذونه فيعذبونه حتى يمموافقهم‪،‬‬
‫فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب باليمممان‪ .‬اهممم]الممدرر‬
‫السنية‪،‬ج ‪،8‬ص ‪[122‬‬
‫وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله في حكم موافقة المشركين‬
‫وإظهار الطاعممة لهممم‪ :‬الحالمة الثالثممة‪ :‬أن يمموافقهم فممي الظماهر مممع‬
‫مخالفته لهم في الباطن‪ ،‬وهو على وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم مممع ضممربهم وتقييممدهم‬
‫له‪ ،‬ويهددونه بالقتل‪ ،‬فيقولون له‪ :‬إما أن توافقنا وتظهر النقيمماد لنمما‪،‬‬
‫وإل قتلناك‪ ،‬فإنه والحالة هذه يجمموز لممه ممموافقتهم فممي الظمماهر مممع‬
‫كون قلبه مطمئنا ً باليمان‪ ،‬كما جرى لعمار حين أنزل الله تعالى )إ ِّل‬
‫َ‬ ‫م ُ‬
‫م‬‫من ْهُ ْ‬ ‫ن( وكما قال تعالى )إ ِّل أ ْ‬
‫ن ت َت ُّقوا ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ِبا ْ ِ‬
‫لي َ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ة( فاليتان دلتا على الحكم كما نبه عن ذلك ابن كثير في تفسممير‬ ‫ت َُقا ً‬
‫آية آله عمران‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن‪،‬‬
‫وهو ليس في سلطانهم‪ ،‬وإنما حمله على ذلك إما طمع فممي رياسممة‬
‫أو مال أو مشحة بوطن أو عيال‪ ،‬أو خمموف مممما يحممدث فممي المممآل‪،‬‬
‫فإنه في هذه الحال يكون مرتدا ً ول تنفعه كراهته لهممم فممي البمماطن‪،‬‬
‫حي َمماةَ المد ّن َْيا عَل َممى‬ ‫وهو ممن قال اللمه فيهممم )ذ َلم َ َ‬
‫حّبوا ال ْ َ‬
‫سمت َ َ‬
‫ما ْ‬ ‫ك ب ِمأن ّهُ ُ‬ ‫ِ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن( فممأخبرهم أنممه لممم يحملهممم‬ ‫ري َ‬‫كافِ ِ‬ ‫دي ال َْقوْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫خَرةِ وَأ ّ‬‫اْل ِ‬
‫على الكفر الجهل أو بغضه‪ ،‬ول محبة الباطل‪ ،‬وإنما هو أن لهم حظا ً‬
‫من حظوظ الدنيا فآثروه على الدين“‪ .‬اهم‬
‫وحال الحكام اليوم هو ما ذكره الشيخ حمد بممن عممتيق فممي المموجه‬
‫الثاني بل شك‪.‬‬

‫)‪(272‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فها أنت قد عرفت معنى الكراه‪ ،‬والحكام ليسوا داخلين في معنممى‬
‫الكممراه قطع مًا‪ ،‬لنهممم ليسمموا تحممت قبضممة العممدو مباشممرة‪ ،‬ولنهممم‬
‫يسممتجيبون لوامممر الكفممار حمايممة لكراسمميهم‪ ،‬ولنهممم يبممذلون كممل‬
‫وسعهم في طاعة الكفار زيادة علممى ممما أمروهممم بممه لُيظهممروا لهممم‬
‫كمال العبودية والطاعة‪ ،‬فوصُفهم بممالمكرهين ل يسممتقيم شممرعا ً ول‬
‫ل‪ ،‬ولكنهم بين حالين‪:‬‬ ‫عق ً‬
‫م إما عميل خائن ينفذ مخطط الكفار باختياره ورضاه‪.‬‬
‫م وإما خائف من زوال حكمه وذهاب سلطانه‪ ،‬فيدفعه الخوف إلممى‬
‫موالتهم ونصرتهم‪.‬‬
‫وفرقٌ بين الخوف الكراه‪ ،‬وإن كان غلب على ظنهممم قممدرة العممدو‬
‫ن هذا ليس بإكراه وإنما هو خوف‪ ،‬والخوف لم يكممن عممذرا ً‬ ‫عليهم فإ ّ‬
‫للكفار الذين استضعفوا وكفروا خوفا ً من أسيادهم‪.‬‬
‫وحال هؤلء الحكام كحال المنافقين الذين ذكرهممم اللممه فممي آيممات‬
‫النهي عن موالة الكفار‪ ،‬قال تعالى‪] :‬يا أيها الممذين ءامنمموا ل تتخممذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتممولهم منكممم فممإنه‬
‫منهم إن الله ل يهممدي القمموم الظممالمين* فممترى الممذين فممي قلمموبهم‬
‫مرض ُيسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة‪ {...‬الية‪.‬‬
‫مهم الله تعالى لمسارعتهم في ممموالة الكفممار مممع كممونهم إنممما‬ ‫فذ ّ‬
‫فعلوا ذلك لخوفهم الدوائر‪ ،‬ولم يجعل سبحانه خوفهم عذرا ً لهم‪ ،‬بل‬
‫بين سبحانه فممي اليممة الممتي بعممدها بممأن أعمممالهم حبطممت وأصممبحوا‬
‫م في الية التي تليها ذكر سمبحانه المرتمدين‪ ،‬لمذلك قمال‬ ‫خاسرين‪ ،‬ث ّ‬
‫شيخ السلم ابن تيميممة رحمممه اللممه‪ :‬والمقصممودون بآيممة الممردة هممم‬
‫المقصودون بالنهي عن موالة اليهود والنصارى‪.‬‬
‫وعلى هذا فهؤلء الحكام ليسوا مكرهين لعدم وجود صممفة الكممراه‬
‫المعتبرة‪ ،‬ولكن خائفون‪ ،‬والخوف عند العلماء ليممس مممبررا ً لرتكمماب‬
‫المحّرم فضل ً عن ارتكاب الكفر‪.‬‬
‫قال الشيخ المام محمد بن عبد الوهاب في كشف الشممبهات‪ :‬اليممة‬
‫الثانية قوله تعالى‪) :‬إل ّ م ُ‬
‫ن( فلممم يعممذر‬ ‫ممما ِ‬‫لي َ‬
‫ن ِبا ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ن أك ْرِهَ وَقَل ْب ُ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ِ َ ْ‬
‫ً‬
‫الله تعالى من هؤلء إل من أكره مع كون قلبه مطمئنا باليمان وأممما‬
‫غير هذا فقد كفر بعد إيمانه‪ ،‬سواء فعله خوف ما ً أو مممداراة أو مشممحة‬
‫بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله أو فعله على وجه المممزاح أو لغيممر‬
‫ذلك من الغراض إل المكره‪ .‬اهم‬
‫)‪(273‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال عند قوله تعالى‪(:‬من كفر بممالله مممن بعممد إيمممانه إل مممن أكممره‬
‫وقلبه مطمئن باليمان( إلى آخر اليممة وفيهمما‪) :‬ذلممك بممأنهم اسممتحبوا‬
‫الحياة الدنيا على الخرة( فإذا كمان العلمماء ذكمروا‪ :‬أنهما نزلمت فمي‬
‫الصحابة لما فتنهم أهممل مكممة وذكممروا‪ :‬أن الصممحابي إذا تكلممم بكلم‬
‫الشرك بلسانه مع بغضه لمذلك وعمداوة أهلمه لكمن خوفما ً منهمم أنمه‬
‫كافر بعد إيمانه فكيف بالموحد فممي زماننمما إذا تكلممم فممي البصممرة أو‬
‫الحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا ً منهم لكن قبممل الكممراه "‪] .‬الممدرر‬
‫السنية ‪.[8 /10‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهممم‬
‫الله تعالى في رسالته حكم موالة أهممل الشممراك قممال‪ :‬فممإن قممالوا‬
‫خفنا قيل لهم كذبتم وأيضا ً فما جعل الله الخوف عذرا ً في اتبمماع ممما‬ ‫ِ‬
‫يسخطه واجتناب ما يرضمميه‪ ،‬وكممثير مممن أهممل الباطممل إنممما يممتركون‬
‫الحق خوفا ً من زوال دنياهم‪ ،‬وإل فهم يعرفون الحق ويعتقدونه ولممم‬
‫يكونوا بذلك مسلمين‪.‬‬
‫َ‬
‫ذوا‬ ‫خم ُ‬ ‫من ُمموا ل ت َت ّ ِ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال أيضا ً‪ :‬الدليل الثامن قوله تعالى‪َ) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ال ْيهود والنصارى أ َول ِياَء بعضهم أ َ‬
‫م فَ مإ ِن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫من ْك ُم ْ‬
‫م ِ‬‫ن ي َت َموَل ّهُ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ض وَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫يا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫و‬ ‫ْ َ َْ ُ ُ ْ‬ ‫َُ َ َ ّ َ َ‬
‫ن( فنهى سبحانه المممؤمنين عممن‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫م الظال ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫دي الَقوْ َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬‫من ْهُ ْ‬ ‫ِ‬
‫اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وأخبر أن من تولهم من المؤمنين فهو‬
‫منهم‪ ،‬وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الوثممان فهممو‬
‫منهم ‪ -‬إلى أن قال ‪ -‬ولم يفرق تعالى بين الخممائف وغيممره بممل أخممبر‬
‫تعالى أن الذين في قلوبهم مممرض يفعلممون ذلممك خوفما ً مممن الممدوائر‬
‫وهكذا حال هؤلء المرتدين خافوا من الدوائر فزال ممما فممي قلمموبهم‬
‫من اليمان بوعد الله الصادق بالنصر لهل التوحيد فبادروا وسارعوا‬
‫سى‬ ‫إلى أهل الشرك خوفا ً من أن تصيبهم دائرة قال الله تعالى‪) :‬فَعَ َ‬
‫َ‬ ‫الل ّه أ َن يأ ْت ِي بال َْفت َ َ‬
‫س مّروا فِممي‬ ‫ممما أ َ‬ ‫حوا عَل َممى َ‬ ‫عن ْدِهِ فَي ُ ْ‬
‫ص مب ِ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫مرٍ ِ‬ ‫ح أو ْ أ ْ‬‫َ ُ ْ َ َ ِ ِْ‬
‫ن( أ هم م مممن كتمماب الممدلئل فممي حكممم ممموالة أهممل‬ ‫مي َ‬ ‫م ن َممادِ ِ‬
‫س مه ِ ْ‬‫أنُف ِ‬
‫الشراك‪ .‬اهم‬
‫ولو سّلمنا جدل ً أنهم مكرهون فإن الكممراه الممذي يممدعيه الطممواغيت‬
‫غير معتبر لمور منها‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن ما يعتذر بمه همؤلء من الكراه إنما هو من أجمل رياساتهم‬
‫ومناصبهم وكراسيهم وهذا الكراه غير معتبر‪ ،‬بل إن من أسباب بقاء‬
‫كثير من الناس على الكفمر‪ ،‬وخمروج كثير من المسلمين إلى الكفممر‬
‫)‪(274‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫همو حب المدنيا والمركون إليها‪ ،‬كما ذكممر اللممه لنمما بعممد آيمممة الكمممراه‬
‫قال‪] :‬ذلك بأنهم استحبوا الممدنيا علممى الخممرة{‪ .‬وكممما أخبرنمما النممبي‬
‫صملى اللمه عليمه وسملم أن الرجممل فممي آخمر الزمممان يصمبح مؤمنما ً‬
‫ويمسي كافرا ً أو يمسي مؤمنا ً ويصبح كممافرا ً يممبيع دينممه بعممرض مممن‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أن الكممراه علممى قتممل النفممس المعصممومة المسمماوية لنفممس‬
‫المكَره غير معتبر‪ ،‬فل يجوز أن يقتل مثله ليستبقي نفسه‪ ،‬وهذا أمر‬
‫مجمع عليه‪.‬‬
‫ن نصرة الكفار على المسلمين نصرة للكفر على السمملم‪،‬‬ ‫الثالث‪ /‬أ ّ‬
‫وإعلء سلطان الباطل على سلطان الحق‪ ،‬والحاكم بمعاونته للكفمار‬
‫ل ُيقدم على ما فيه إزهاقٌ لنفس المسلمين فحسب بممل هممو بممذلك‬
‫يعينهم على احتلل أرض المسلمين وذهاب سلطان السلم عن تلك‬
‫الرض وزوال حكم الشممريعة عممن أهممل تلممك الرض وقيممام سمملطان‬
‫الكفر والشرك على ربوع أرض المسلمين‪ ،‬وقممد أنطممق اللممه رؤوس‬
‫ن حربهم صليبية دينية عقدية‪-‬‬ ‫الصليبيين بحقيقة حربهم حين أعلنوا أ ّ‬
‫وهي كذلك وإن لم ينطقوا‪ -‬ومن وقف معهم من هؤلء الحكام فقممد‬
‫وقف تحت راية الصليب ولنصرة الصليبيين فهل بعد هذا يقبل منهممم‬
‫دعوى الكراه؟‬
‫ن هؤلء الطواغيت لم نسمع منهم في القنوات أو في محممافلهم‬ ‫مإ ّ‬‫ث ّ‬
‫أنهم مكمرهون بل المذي رأيناه منهم هو المبممادرة السممريعة العاجلممة‬
‫في الوقوف في خنمدق الصمليبيين والتصمريح الواضمح بوقموفهم ممع‬
‫المم الملحدة في حربها ض مد ّ الرهمماب‪ ،‬همممذا الرهمماب الممذي أصممبح‬
‫يطلق علممى الممدفاع عممن الممدين والنفممس والممال والعمرض والرض‬
‫والمقدسات‪.‬‬
‫ن دعوى الكراه سمعناها من المجممادلين عممن هممؤلء الطممواغيت‬ ‫ولك ّ‬
‫الممذين يحمماولون قممدر طمماقتهم وجهممدهم ترقيممع ممما يفعلممه أسمميادهم‬
‫الطواغيت حتى أضحكوا الثكلى من جدالهم المسممتميت فممي الممدفاع‬
‫عمن طمواغيتهم وهمؤلء وأمثمالهم نقمول لهمم مما قمال اللمه سمبحانه‬
‫وتعالى‪] :‬ها أنتم هؤلء جادلتم عنهم فممي الحيمماة الممدنيا فمممن يجممادل‬
‫من يكون عليهم وكيل؟{‪.‬‬ ‫الله عنهم يوم القيامة أ ّ‬
‫دعمماء هممؤلء الحكممام‬ ‫الرابع‪ /‬أنه لو سّلمنا تن َّزل ً باعتبار الكممراه فممإن ا ّ‬
‫در‬ ‫للكممراه ل يسممتقيم؛ لن المتقممرر عنممد العلممماء أن الضممرورة تقمم ّ‬
‫)‪(275‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بقدرها‪ ،‬فمن اضطر أن يتكلم بكلمة ل يصح أن يتكلممم بعشممر‪ ،‬ومممن‬
‫أكره على بذل مال ل يصح منه أن يبذل معه السلح والرأي‪ ،‬وهؤلء‬
‫الحكام يبذلون قصارى جهدهم لنصرة الكفار علممى المسمملمين بكممل‬
‫الوسائل الممكنة لهم‪.‬‬
‫دعي المجممادلون عنهممم أنهممم‬ ‫ن هؤلء الطواغيت الممذين يم ّ‬ ‫الخامس‪ /‬أ ّ‬
‫مكرهون ل يقتصرون على أنفسهم بل يأمرون جنودهم ومخممابراتهم‬
‫بحرب السلم والمسلمين ومطاردة المجاهممدين والتجسممس عليهممم‬
‫ره‬ ‫ُ‬
‫لصالح العداء‪ ،‬وإنما يعذر بالكراه على الكفر في نفسه‪ ،‬فممإن أكم ِ‬
‫على أن يحمل غيره ويمأمر غيممره بمالكفر فممإنه حينئذٍ ل يجموز لمه أن‬
‫ن حمل غيممره علممى الكفممر‬ ‫يقدم على ذلك ول ُيعذر بدعوى الكراه ل ّ‬
‫ح‬
‫أعظم من قتله فإن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس‪ ،‬فهل يص ّ‬
‫بعد هذا دعوى الكراه والعذر به‪.‬‬
‫كره عليممه مسمماوٍ أو‬ ‫ُ‬
‫وقد سبق أن بينا أن الكراه ل يعتبر إذا كان ما أ ِ‬
‫أعظم فممي الضممرر‪ ،‬وهممذا الممذي يفعلممه الطممواغيت ضممرٌر متع مد ّ مممن‬
‫جهتين‪:‬‬
‫م ضرر متعد ّ في الممدين لكممونه يحمممل الجنممود والمخممابرات ونحمموهم‬
‫على معاونة الكفار على المسمملمين وذلممك رد ّةٌ وكفممر‪ ،‬ممما لممم يكممن‬
‫الفرد منهم مكرها ً إكراها ً معتبرًا‪.‬‬
‫دعي للكراه عندما يممأمر‬ ‫ن الحاكم الم ّ‬ ‫م وضرر متعد ّ في الكم وذلك أ ّ‬
‫جنمموده ومخممابراته بمعاونممة الكفممار يحصممل بممذلك مممن الضممرر علممى‬
‫ل واحد‪.‬‬ ‫المسلمين أعظم مما يحصل بفعل رج ٍ‬
‫ن أحدا ً من المسلمين أو جماعة منهم أكرهه الكفممار علممى‬ ‫ولكن لو أ ّ‬
‫الخروج معهم وهممو تحممت قبضممتهم ل يسممتطيع الفممرار منهممم فممإنه ل‬
‫يكفر إن خرج معهم مكرهما ً ولكممن ل يجمموز لممه أن يقاتممل معهممم بممل‬
‫ف يده عن المسلمين ولو قتله المسلمون‪.‬‬ ‫يجب عليه أن يك ّ‬
‫قال شمميخ السمملم ابممن تيميممة رحمممه اللممه )مجممموع الفتمماوى ‪/ 28‬‬
‫‪":(539‬المقصود أنه إذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس لممه‬
‫أن يقاتل‪ ،‬بل عليه إفسمماد سمملحه‪ ،‬وأن يصممبر حممتى يقتممل مظلوممًا‪،‬‬
‫فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع‬
‫السمملم‪ :‬كمممانعي الزكماة‪ ،‬والمرتممدين‪ ،‬ونحمموهم؟‪ .‬فل ريممب أن هممذا‬
‫يجب عليه إذا أكره على الحضور أن ل يقاتل وإن قتلممه المسمملمون‪،‬‬
‫كما لو أكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتل المسلمين‪ ،‬وكممما لممو‬
‫)‪(276‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أكره رجل رجل ً على قتل مسلم معصوم فإنه ل يجوز له قتله باتفاق‬
‫المسلمين‪ ،‬وإن أكرهمه بالقتمل فمإنه ليمس حفمظ نفسمه بقتمل ذلمك‬
‫المعصوم أولى من العكس‪ ،‬فليممس لممه أن يظلممم غيممره فيقتلممه‪ ،‬لئل‬
‫يقتل هو"‪ .‬اهم‬
‫هذا إذا كان مكرها ً تحت قبضتهم‪ ،‬فكيف بمن هممو ليممس بمكممره بممل‬
‫خائف على ملكه ورياسته؟‬
‫فإن قيل‪ :‬إن بيممن السممعودية وبيممن الطالبممان عممداوة وكممذلك المممر‬
‫بالنسبة للعراق‪ ،‬لذلك أعمانت السمعودية أمريكما ودول الغمرب علمى‬
‫هذه الدول‪.‬‬
‫فممالجواب مممن شممقين‪:‬الشممق الول‪ :‬حقيقممة العلقممة بيممن السممعودية‬
‫وطالبان‪ ،‬عندما قممامت دولممة طالبممان وبممايعت أكممثر المممدن والقممرى‬
‫والقبائل المل محمد عمر كانت السعودية وباكستان والمممارات مممن‬
‫أوائل الدول التي اعترفت بحكومة طالبان وفتحت لها سفارات فممي‬
‫ن السعودية استضافت وفدا ً من كبممار حكومممة طالبممان‬ ‫مإ ّ‬‫أراضيها‪ ،‬ث ّ‬
‫في موسم الحج وطلبت منهم إبلغ المل محمد عمر بضرورة تسليم‬
‫أسامة بن لدن لمريكا‪ ،‬فكان موقف المل محمد عمر موقفا ً رجوليا ً‬
‫عجز عنه حكام العرب أشباه الرجال‪ ،‬رفض ذلك الطلب رفض ما ً بات ما ً‬
‫م ما قال‪ :‬لو لجأ إلينا خنزير ما أسلمناه فكيف نسمملم رجل ً‬ ‫وقال وِنع َ‬
‫مسلما ً كانت له قدم صدق في نصرة المجاهدين والمستضعفين‪.‬‬
‫وقال‪ :‬لو ارتكب الشيخ أسامة ما يستحق عليه العقوبة فنحن نحكممم‬
‫عليممه بشممريعة ربنمما ولسممنا بحاجممة أن يحكممم عليممه أربمماب القمموانين‬
‫الوضعية‪ ،‬فما كانت شريعة ربنا ناقصة أو عاجزة في يوم من اليام‪.‬‬
‫م إن الطالبان رفضوا تدخل المم الملحدة في سياسممتها الداخليممة‪،‬‬ ‫ث ّ‬
‫وقد تعهدت السعودية أن تعادي وتحارب من خرج عن قممانون المممم‬
‫الملحدة ولو كان الحق معه كما في دولة طالبان‪ ،‬فقد طلبت منهممم‬
‫هيئة المم التخلي عن أمور كثيرة منها إقامة الحدود كالرجم للزاني‬
‫المحصن وقطع يممد السممارق وطلبممت منهممم إقامممة حكومممة موسممعة‬
‫تشمل جميع الطوائف الفغانية بممما فيهمما الشمميوعية الملحممدة‪ ،‬فلممما‬
‫رفضت طالبممان تلممك المطممالب سممارعت السممعودية بممإغلق سممفارة‬
‫طالبان وطردت السفير وبعدها بأيام سافر عبد الله بن عبممد العزيممز‬
‫إلى أسياده في أمريكا ليثبممت لهممم كمممال الطاعممة وصممدق العمالممة‪،‬‬
‫وهذا كله قبممل أحممداث الحممادي عشممر مممن سممبتمبر‪ ،‬وبعممد الحممداث‬
‫)‪(277‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اتهمت أمريكا الشيخ أسممامة والطالبممان بممدون بينممة وأعلنممت عزمهمما‬
‫على ضرب أفغانستان فوقفت دول الخليج ومصر وغيرها من الدول‬
‫مع أمريكا وأظهروا ولءهم لها بل وتبرعوا لمريكا بممالموال الطائلممة‬
‫وضخت السعودية والكويت نفطها إلمى أمريكما بكمل سمخاء‪ ،‬وأكمدوا‬
‫في وسائل إعلمهم وقوفهم التام مع أمريكا فممي محاربممة الرهمماب‪،‬‬
‫كل ذلك قبل أن يتبينوا من الفاعممل وقبممل أن يصممرح الشمميخ أسممامة‬
‫بتخطيطمه للحمداث‪ ،‬وأريقمت المدماء الطماهرة والمبريئة علمى أرض‬
‫أفغانستان واستخدمت قمموى الكفممر السمملحة المحرمممة دوليما ً وتلممك‬
‫الحكومات الخائنة العميلمة ظّلمت ول تممزال تطلممق علممى المجاهمدين‬
‫الصامدين بأنهم إرهابيون‪.‬‬
‫إذا ً فالعداوة فممي الصممل إنممما هممي مممن أجممل إرضمماء أسمميادهم مممن‬
‫الصليبيين‪.‬‬
‫وأما العلقة بين السعوديمة والعمراق فقد كانت هناك عمداوة بسممبب‬
‫حمرب الخليج‪ ،‬والناظر إلى حقيقة حمرب الخليج يعممرف أنهمما حمممرب‬
‫أججتها أمريكا بقصد التواجمممد فممي الجمممزيرة والسممتيلء علممى منممابع‬
‫النفط تحمت غطاء حماية السممعودية وتحمممرير الكممويت‪ ،‬وصمممدام لممم‬
‫يكن قاصدا ً السعوديمممة بممل كممان قاصممدا ً الكممويت فلممماذا اسممتقدمت‬
‫السعوديمة المريكان ولماذا لممم تسممتقدمهم وتسممتعين بهممم الكممويت‬
‫وهي المقصمودة بهمذه الحمرب؟‬
‫مى بحممرب تحريممر الكممويت‪ ،‬وليممس تحريممر‬ ‫أليست تلممك الحممرب تسم ّ‬
‫السعودية؟‬
‫وما حصل من صدام حين أطلق بعض الصواريخ إلى السعودية كانت‬
‫دة فعل ولم تكن حربا ً بالمعنى المعتبر فما أطلقممه صممدام مممن‬ ‫منه ر ّ‬
‫الصواريخ على السعودية ل يساوي عشر معشممار ممما اسممتخدمه فممي‬
‫ضرب الكويت‪.‬‬
‫إذا ً فممالحرب لممم تكممن علممى السممعودية ومممع ذلممك الممذي اسممتعان‬
‫بالمريكان هي السعودية‪.‬‬
‫دة عشممر سممنوات فمممن‬ ‫ضرب الحصار على العراق لم م ّ‬ ‫وبعد الحرب ُ‬
‫كان المتضرر بذلك الحصممار هممل الحكومممة أم الشممعب؟ حيممث مممات‬
‫بسبب الحصار أكثر من نصف مليون طفل‪ ،‬وانتشر مرض السرطان‬
‫بسبب تلوث المياه وأصيب أكثر نساء العراق بالمينيا المنجلية‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬أتوا بالمريكان لتحرير الكويت وحفظ السعودية‪.‬‬
‫)‪(278‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فنقول‪ :‬منذ متى وفلسطين يذبح أبناؤهما وتغتصممب أراضمميها فلممماذا‬
‫لممم يسممتعينوا بالكفممار لتحريممر فلسممطين‪ ،‬بممل لممماذا يتواطممأ الحكممام‬
‫الخونة على منع وصول السلحة إلى المجاهدين في فلسطين‪ ،‬ومنع‬
‫دخول المسلمين إليها لنصرة أهلها؟‬
‫لماذا سعوا في إخراج صدام بقوة السمملح ولغممة الحممرب والجيمموش‬
‫الجرارة‪ ،‬بينما يسعون في أمر اليهود بالصلح والهدنة والتطبيع؟‬
‫جممرم وظلممم واعتممداء اليهممود أقممل درجممة وخطممورة مممن جيممش‬ ‫هممل ُ‬
‫صدام؟!‬
‫وعندما أعانوا الصليبيين على أفغانسمتان والعممراق هممل المذين ُقتلمموا‬
‫هم أفراد الحكم والرياسة أم أفراد الشعب من المسلمين؟‬
‫فإن قيل‪ :‬إن حكومة صدام بعثية كافرة‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬هل الشعب كلهم بعثيون وكفار؟‬
‫م إن الحكومة البعثية لم تقف أمام جيممش الحتلل أكممثر مممن ثلثممة‬ ‫ث ّ‬
‫م قممام بعممد ذلممك المسمملمون‬ ‫أسممابيع حممتى انهزمممت وانسممحبت ثمم ّ‬
‫الصادقون بجهاد الكفمار جهماد دفمع‪ ،‬والمظماهرة والمعاونمة ممازالت‬
‫مستمرة ضد المجاهدين الصادقين فهل المجاهدون كفار؟‬
‫وهل يجوز مظاهرة الكفار عليهم؟‬
‫والمجاهدون يجاهدون لعلء كلمة الله ودفع الصليبيين‪ ،‬والصممليبيون‬
‫يقاتلون في سبيل الطمماغوت ولحتلل أرض المسمملمين فمممن يقممف‬
‫ن؟ وتمهيد الطريممق لمخطممط‬ ‫م ْ‬‫معهم ويظاهرهم يسعى لعلء كلمة َ‬
‫ن؟‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫وإن قيل‪ :‬إن طالبان مبتدعة‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬هل هم مسلمون أم كفار فإن كانوا مممع بممدعتهم مسمملمين‬
‫وجبت نصرتهم لسمملمهم ومظمماهرة المشممركين عليهممم داخلممة فممي‬
‫مظاهرة المشركين على المسلمين‪.‬‬
‫وإن قيل‪ :‬إنهم كفار‪.‬‬
‫فهل كل شعب أفغانستان كفار؟‬
‫وعندما يظاهرون الصليبيين على تلك الحكومات من أكثر مممن يقتممل‬
‫ويجرح؟‬
‫وأيّ راية ُترفع راية التوحيد أم راية الصليب؟‬
‫وعلى حكم من سينمزل الشعب المسلم على حكممم المسمملمين أم‬
‫على حكم الكفار؟‬
‫)‪(279‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من سيحكمهم الكفار بحكم الله أم بحكم الطاغوت؟‬ ‫وبحكم َ‬
‫م لو قلنا إن السممعودية أعممانت الصممليبيين علممى المسمملمين بسممبب‬ ‫ث ّ‬
‫العداوة‪ ،‬فلماذا أعانت المتمرد النصراني ]جممون قرنممق[ فممي جنمموب‬
‫السودان على المسلمين؟‬
‫ولماذا أعانت الحكومة اللبنانية النصممرانية النصمميرية الرافضممية علممى‬
‫أهل السنة الفلسطينيين اللجئين في مخيم نهر البممارد؟ وأعلنممت أن‬
‫السيادة في لبنان للحكومة اللبنانية النصرانية؟‬
‫مت المحاكم السلمية في الصومال بالرهممابيين وأرسمملت‬ ‫ولماذا س ّ‬
‫إلممى المجمممع الممدولي تطلممب منممه التممدخل السممريع لكممي ل تصممبح‬
‫الصومال طالبان ثانية تؤوي الرهابيين؟‬
‫الشق الثاني‪ /‬هل وجود العداوة يقطع الولية اليمانية؟‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله كما في )مجممموع الفتمماوى( )‬
‫‪،28/208‬م ‪” :(209‬والمؤمن عليه أن يعممادي فممي اللممه ويمموالي فممي‬
‫الله‪ ،‬فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه‪ ،‬فإن الظلم ل‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫م مؤ ْ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬‫مم َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن َ‬
‫طائ َِفت َمما ِ‬ ‫يقطع الممموالة اليمانيممة‪ ،‬قممال تعممالى )وَإ ِ ْ‬
‫خَرى فََقممات ُِلوا ال ّت ِممي‬ ‫ُ‬ ‫اقْتتُلوا فَأ َ‬
‫ما عََلى اْل ْ‬ ‫داهُ َ‬ ‫ح َ‬‫ت إِ ْ‬ ‫ن ب َغَ ْ‬‫ما فَإ ِ ْ‬ ‫حوا ب َي ْن َهُ َ‬ ‫صل ِ ُ‬‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ممما َِبالعَمد ْ ِ‬ ‫حوا ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ص مل ِ ُ‬‫ت فَأ ْ‬ ‫ن فَمماءَ ْ‬ ‫مرِ اللمهِ فَ مإ ِ ْ‬ ‫حّتى ت َِفيَء إ ِلى أ ْ‬ ‫ت َب ِْغي َ‬
‫َ‬
‫حوا‬ ‫ص مل ِ ُ‬ ‫خ موَةٌ فَأ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬‫من ُممو َ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫طي َ‬‫س ِ‬ ‫مْق ِ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫طوا إ ِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫وَأقْ ِ‬
‫م( )الحجرات‪ ،9 :‬م ‪ (10‬فجعلهممم إخمموة مممع وجممود القتممال‬ ‫خوَي ْك ُ ْ‬ ‫ن أَ َ‬‫ب َي ْ َ‬
‫والبغي وأمر بالصلح بينهم“‪ .‬اهم‬
‫فممإذا كممانت العممداوة ل تقطممع وليممة اليمممان وأخمموة السمملم‪ ،‬وكممان‬
‫الواجب على المسلم أن ينصر أخاه المسلم علممى الكممافر ول يجمموز‬
‫له أن َيخذله أو ُيسلمه إلى الكافر حممتى ولممو كممانت بينممه وبيممن ذلممك‬
‫المسلم عداوة‪ ،‬فكيف المر بمظمماهرة الكممافر ومعمماونته علممى أخيممه‬
‫المسلم؟!‬
‫وهل وجود العداوة يعتبر في الشرع مبررا ً لمظمماهرة الكفممار علممى‬
‫هر؟‬ ‫المسلمين‪ ،‬أو مانعا ً من لحوق حكم المظاهرة بالمظا ِ‬
‫ن وجود العداوة أو المنافسممة علممى الرياسممة‬ ‫عند تنقيح المناط نجد أ ّ‬
‫أو تضارب المصالح بين الدولتين ل عبرة به ول تعلق له بأصل حكممم‬
‫المظمماهرة‪ ،‬فمممن نصممر أعممداء اللممه وأعممداء دينممه وظمماهرهم علممى‬
‫ن تحصمميل ممما فممي‬ ‫ن ذلممك دليممل علممى أ ّ‬ ‫المسلمين لوجود العداوة فإ ّ‬
‫دم على رضا الله وعلى دين الله وعلى أخوة‬ ‫نفسه وشفاء صدره مق ّ‬
‫)‪(280‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدين‪ ،‬ولو كان في ذلك قتل للمسلمين وعلو رايممة الكفممر ومحاربممة‬
‫دين الله وفتنة المسلمين عن دينهم‪ ،‬ول ينفعه أن يزعم أنه لممم يممرد‬
‫ل فل عممبرة‬ ‫ذلك بمظاهرتهم فإن ذلك من لوازم ظهورهم‪ ،‬وعلممى كم ّ‬
‫حينئذٍ لتلك العداوة ول يتعلق بها مناط الحكممم فممي مظمماهرة الكفممار‬
‫على المسلمين‪ ،‬فيجري عليه حكممم المظمماهرة‪ ،‬وبهممذا حكممم علممماء‬
‫السلم فيمن أعان الكفار على المسلمين بسبب العداوة أو بسممبب‬
‫الحصول على الملك‪.‬‬
‫في بداية سنة ‪:٢٠١‬خممرج )بابممك الخرمممي( وحممارب المسمملمين وهممو‬
‫بأرض المشممركين فممأفتى المممام أحمممد وغيممره بارتممداده‪ ،‬فقممد روى‬
‫الميموني أن المام أحمد قممال عنممه‪ :‬خممرج إلينمما يحاربنمما وهممو مقيممم‬
‫بأرض الشرك‪ ،‬أي شيء حكمه؟ إن كان هكذا فحكمه حكم الرتداد‪.‬‬
‫)الفروع‪.(6/163:‬‬
‫دة بابممك الخرمممي‬ ‫وهذه الفتوى من المام أحمد الممتي حكممم فيهمما بممر ّ‬
‫محتملة أحد وجهين‪:‬‬
‫م إما أن يكون المشركون خرجوا لقتال المسلمين فخرج بابك معهم‬
‫لنصرتهم‪.‬‬
‫م م وإممما أن يكممون خممرج بابممك الخرمممي لقتممال المسمملمين واسممتعان‬
‫بالمشركين على قتال المسلمين ولما كان بأرضهم وكانت يدهم هي‬
‫الغالبة كان في حقيقة المر كمن أعان الكفار على المسلمين‪.‬‬
‫فإذا حكم المام أحمد رحمه الله على بابك الخرمي بالرّدة مع كممونه‬
‫فممي أرض المشممركين وذلممك مظّنممة الكممراه‪ ،‬فكيممف الحكممم بمممن‬
‫ظاهرهم وأعانهم على المسلمين وهو ليس في سمملطانهم ول تحممت‬
‫أيديهم؟‬
‫وبعد عام ‪:٤٨٠‬قام المعتمد بن عباد ‪ -‬حاكم أشبيلية ‪ -‬وهو من ملوك‬
‫الطوائف في )الندلس( بالستعانة بالفرنج ضممد المسمملمين‪ ،‬فممأفتى‬
‫علماء المالكية في ذلك الوقت بارتداده عممن السمملم‪) .‬الستقصمماء‪:‬‬
‫‪.(2/75‬‬
‫وفي عام ‪ :980‬استعان )محمد بن عبد اللممه السممعدي( أحممد ملمموك‬
‫)مراكش( بملك )البرتغال( ضد عمه )أبممي مممروان المعتصممم بممالله(‪،‬‬
‫فأفتى علماء المالكية بارتداده‪) .‬الستقصاء( ‪.70 /2‬‬

‫)‪(281‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فإذا أفتى العلماء بكفر من استعان بالكفار على المسلمين لكون يد‬
‫الكفار غالبة على يممد المسملمين الممذين اسممتعانوا بهممم‪ ،‬فكيممف بمممن‬
‫دة‪.‬‬ ‫أعان الكفار على المسلمين؟ ل ش ّ‬
‫ك أنه أولى بالكفر والّر ّ‬
‫ن الحكممام الممذين أعممانوا الكفممار علممى المسمملمين هممم‬
‫والخمملصممة أ ّ‬
‫دون لما سبق بيانه من الدلة وأقوال العلماء في كفممر ورّدة مممن‬ ‫مرت ّ‬
‫ح دعوى الكراه لكونهمما ليسممت‬ ‫ظاهر الكفار على المسلمين‪ ،‬ول تص ّ‬
‫ل‪ ،‬ولكونها لممم تتمموفر فيهمما الشممروط المعتممبرة فممي صممحة‬ ‫ة أص ً‬‫واقع ً‬
‫الكراه‪.‬‬
‫قال المؤلف‪]:‬قيل للشافعي‪ :‬أرأيت المسلم يكتممب إلممى المشممركين‬
‫مممن أهممل الحممرب بممأن المسمملمين يريممدون غزوهممم أو بممالعورة مممن‬
‫عوراتهم همل يحمل ذلمك دممه ويكمون فمي ذلمك دللمة علمى مممالة‬
‫المشركين؟ فقممال الشممافعي ‪ -‬رحمممه اللممه تعممالى‪ :-‬ل يحممل دم مممن‬
‫ثبتت له حرمة السلم إل أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفرا ً‬
‫بينا ً بعد إيمان ثم يثبت على الكفر وليس الدللة علممى عممورة مسمملم‬
‫ول تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منممه غممرة ليحممذرها أو‬
‫يتقدم في نكاية المسلمين بكفممر بيممن‪ ،‬فقلممت للشممافعي‪:‬أقلممت هممذا‬
‫خبرا ً أم قياسًا؟ قال‪:‬قلته بما ل يسع مسلما ً علمه عنممدي أن يخممالفه‬
‫بالسنة المنصوصة بعممد السممتدلل بالكتمماب فقيممل للشممافعي فمماذكر‬
‫السنة فيه‪ ،‬ثم ساق خبر حاطب[‪.‬‬
‫الجواب على كلم المام الشافعي رحمه الله من وجوه‪:‬‬
‫ل بقصممة حمماطب‬ ‫ن المام الشافعي رحمه الله استد ّ‬ ‫الوجه الول‪ :‬أ ّ‬
‫ن فعلممه‬‫ن الذي يتجسممس لمصمملحة الكفممار علممى المسمملمين أ ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫ليس بكفر بّين‪ ،‬وقد سبق الممرد علممى السممتدل بقصممة حمماطب فيممما‬
‫سبق‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬قتل الجاسوس‪ :‬فقول المام الشافعي رحمه الله فيه‬
‫نظر‪.‬‬
‫كذلك كلم المام القرطبي حيث قال ‪ -‬رحمه الله‪ :-‬من كممثر تطلعممه‬
‫على عورات المسلمين وينبه عليهممم ويعممرف عممدوهم بأخبممارهم لممم‬
‫يكن بذلك كافرًا‪ :‬إذا كان فعلممه لغممرض دنيمموي واعتقمماده علممى ذلممك‬
‫سليم؛ كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن‬
‫الدين ا‪ .‬هم‪ ،‬فيه نظر أيضًا‪:‬‬

‫)‪(282‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن حاطبا ً رضي الله عنه إنما منع من قتله التأويل الذي منممع مممن‬ ‫ل ّ‬
‫دة‪ ،‬ولكنمه لمما كمان‬ ‫تكفيره‪ ،‬ومعلوم أنه لو ُقتل لكان ذلك بسبب الر ّ‬
‫متأول ً لم يكفر‪ ،‬وإذا كان التأويل مانعا ً من تكفيره‪ ،‬فمممن بمماب أولممى‬
‫يكون مانعا ً من قتله‪.‬‬
‫وقد سبق أن بّينمما أن قصمة حمماطب قضممية عيممن‪ ،‬وقضممايا العيممان ل‬
‫يقاس عليها‪ ،‬وكذلك القصة فيهمما احتمممالت وإذا ورد الحتمممال بطممل‬
‫الستدلل‪ ،‬فكممما أنممه ل يصممح أن نسممتدل بهمما فممي حكممم المظمماهرة‬
‫ل بها على عدم قتل الجاسوس‪.‬‬ ‫فكذلك ل يصح أن نستد ّ‬
‫فإّنه عندما استأذن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتممل‬
‫حاطب لم يقل لممه النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم إن الجاسمموس ل‬
‫يقتل‪ ،‬ولم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم إنه ل يسممتحق القتممل‪،‬‬
‫وإنما بين لعمر صدق حاطب في تأّوله وذلك يمنممع مممن لحمموق حكممم‬
‫الكفر به وكذلك يمنع قتله‪ ،‬وبّين عليه الصلة والسلم لعمر أنه شهد‬
‫بدرا ً وأن شهوده بدرا ً حسنة عظيمة يجممب اعتبارهمما فيممما لممو حصممل‬
‫منه خطأ فل ُيتسّرع في الحكم عليه قبل أن نستبين منه‪ ،‬خاصة وأن‬
‫ن اللممه سممبحانه ُيميتهممم علممى‬‫ل علممى أ ّ‬‫الله قممد غفممر لهممم وذلممك يممد ّ‬
‫السلم وإن وقع منهم خطأ يوفقهم للتوبة منه قبل موتهم كما أشار‬
‫إلى ذلك شيخ السلم ابممن تيميممة رحمممه اللممه‪ ،‬وذلممك يسممتلزم أن ل‬
‫جل عليهم في الحكم قبل سؤالهم فقد يكون لديهم مانع ُيعذرون‬ ‫نتع ّ‬
‫به‪.‬‬
‫رف بالتجسس على فعل حاطب‬ ‫ثم إّنه ل يصح أن نقيس فعل من عُ ِ‬
‫لمور‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن فعل حاطب قضية عين‪ ،‬وقضايا العيان ل ُيقاس عليها‪.‬‬
‫ن حاطبا ً كان صحابيا ً صادقا ً مجاهممدا ً مممن المهمماجرين الممذين‬ ‫الثاني‪ /‬أ ّ‬
‫صبروا على الذى في سبيل الله‪ ،‬وهذه حسنة له يجب اعتبارها عنممد‬
‫صدور الخطأ من مثله‪.‬‬
‫ن فعممل حمماطب كممان زّلمممة قمممدم‪ ،‬وهمممو فممي الصممل ليممس‬ ‫الثالث‪ /‬أ ّ‬
‫عرف بالتجسس وك َُثر منه‪.‬‬ ‫بجاسوس فل يقاس عليه من ُ‬
‫ن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم ذكممر فممي حمماطب حسممنة‬ ‫الرابع‪ /‬أ ّ‬
‫ن ُنلحق فيها غيرهممم‪،‬‬ ‫شهوده بدرا ً وهذه خصوصية لهل بدر ل يصح أ ّ‬
‫وإل لما كان لذكر هذه الحسنة أي فائدة‪.‬‬

‫)‪(283‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دقه فيما قممال كممما فممي‬ ‫ن النبي صلى الله عليه وسّلم ص ّ‬ ‫الخامس‪ /‬أ ّ‬
‫ص به عليه الصلة‬ ‫قوله‪) :‬قد صدقكم ول تقولوا له إل خيرا( وهذا خا ٌ‬
‫والسلم حيث أخبر بأمر غيمبي ل نسمتطيع الطلع عليمه وهمو صمدق‬
‫الباطن وليس لحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجزم بصممدق‬
‫من أقدم على مثل فعل حاطب‪.‬‬
‫فهل يصح بعد هذا أن ُيقاس الخائن على الصادق؟ والجاسوس على‬
‫المؤمن الذي زلت قدمه مّرة؟‬
‫ل من ركن إلى طواغيت الكفر وخضع لهممم‬ ‫وهل يصح أن يقاس فِعْ ُ‬
‫ل مممن عممادى المشممركين وقمماتلهم‬ ‫وأعانهم بكل ما يستطيع‪ ،‬على فِعْ ِ‬
‫ونصر الله ورسوله وجاهد فممي سممبيل اللممه وأبلممى فممي السمملم بلًء‬
‫حسنًا؟‬
‫قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه اللمه فمي )المدفاع عمن أهمل السمنة‬
‫والتبمماع( ص ‪ :31‬إن مظمماهرة المشممركين‪ ،‬ودللتهممم علممى عممورات‬
‫المسلمين‪ ،‬أو الذب عنهم بلسان‪ ،‬أو رضي بما هممم عليممه‪ ،‬كممل هممذه‬
‫مكفرات‪ ،‬فمن صدرت منه ‪ -‬من غير الكراه المممذكور ‪ -‬فهممو مرتممد‪،‬‬
‫وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين "‪.‬‬
‫وأما ما أورده من قول المام الشافعي‪]:‬قيل للشافعي‪ :‬أفرأيممت إن‬
‫قال قائل إن رسول الله صلى الله عليه قممال قممد صممدق إنممما تركممه‬
‫لمعرفته بصدقه ل بأن فعله كان يحتمل الصدق وغيره فيقال له قممد‬
‫علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقين كمماذبون وحقممن‬
‫دماءهم بالظاهر فلو كان حكممم النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي‬
‫حمماطب بممالعلم بصممدقه كممان حكمممه علممى المنممافقين القتممل بممالعلم‬
‫بكذبهم ولكنه إنما حكم في كل بالظاهر وتولى الله عممز وجممل منهممم‬
‫السرائر[‪.‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم لممو كممان أخممذ حاطب ما ً‬ ‫هذا فيه نظر فإ ّ‬
‫بالظاهر لما احتاج أن يقول‪) :‬صدقكم( لن حاطبا ً ذكر عذره وادعممى‬
‫أنه لم يفعل ذلك ارتدادا ً عن الدين‪ ،‬ولو كان النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫دقه‪ ،‬كما فعل مع المنممافقين‬ ‫وسلم تركه لجل ظاهره لتركه ولم يص ّ‬
‫دقه‬ ‫الذين علم نفاقهم وتركهم لظاهرهم ولم يصدقهم‪ ،‬ولكن لما صمم ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال دل على أنه صادق فممي بمماطنه‬
‫وظاهره‪.‬‬

‫)‪(284‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأما حقن النبي صلى الله عليممه وسمملم دممماء المنممافقين مممع علمممه‬
‫بكذبهم ليس لن حكمهم هو عدم القتل ول لوجوب أخذهم بالظمماهر‬
‫مطلقا ً وإنما حماية لسمعة الدعوة كما بين في أكثر مممن حادثممة أنممه‬
‫ن محمدا ً يقتل أصحابه‪ ،‬ولو كان‬ ‫دث الناس أ ّ‬ ‫امتنع عن قتلهم لئل يتح ّ‬
‫الواجب أخذهم بالظاهر مطلق ما ً مممع ظهممور نفمماقهم لممما اعتممذر عممن‬
‫ن هذا المانع يزول عندما ينتشر السلم ويقمموى‪ ،‬ول َب َي ّممن‬ ‫قتلهم بهذا ل ّ‬
‫أن الواجب أخذهم بالظاهر وأنه ل يجمموز قتلهممم‪ ،‬والنممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم عندما لم يقتلهم مع ظهور نفاقهم لم يقل إنهم صادقون‬
‫كما قال ذلك في حق حاطب وإنما ترك قتلهم لمصلحة الدعوة‪.‬‬
‫ن نفاق عبد اللممه بممن أبممي وأقممواله فممي‬ ‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬فإ ّ‬
‫النفاق كانت كثيرة جدا ً كالمتواترة عند النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫وأصحابه‪ ،‬وبعضهم أقر بلسانه وقال‪ :‬إنممما كنمما نخمموض ونلعممب‪ ،‬وقممد‬
‫واجهه بعض الخوارج في وجهه بقوله‪ :‬إنممك لممم تعممدل والنممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم لما قيل له‪ :‬أل تقتلهم؟ لم يقل ما قامت عليهم بينة‬
‫بممل قممال‪) :‬ل يتحممدث النمماس أن محمممدا يقتممل أصممحابه(‪ ،‬فممالجواب‬
‫الصحيح إذن أنه كان في ترك قتلهم في حياة النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم مصلحة تتضمن تأليف القلمموب علممى رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم وجمع كلمة الناس عليه وكان في قتلهم تنفير‪ ،‬والسمملم‬
‫بعد ُ في غربة ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص شيء علممى‬
‫تأليف الناس وأترك شيء لما ينفرهم عن الدخول في طاعته‪ ،‬وهممذا‬
‫أمر كان يختص بحال حياته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكذلك ترك قتممل‬
‫من طعن عليه في حكمه بقوله في قصممة الزبيممر وخصمممه‪ :‬أن كممان‬
‫ابن عمتك‪ ،‬وفي قسمه بقوله‪ :‬إن هذه لقسمة ما أريد بها وجممه اللممه‬
‫وقول الخر له‪ :‬إنك لم تعدل‪ ،‬فإن هذا محض حقممه لممه أن يسممتوفيه‬
‫وله أن يتركه وليس للمة بعده ترك استيفاء حقه بممل يتعيممن عليهممم‬
‫استيفاؤه ول بد ولتقرير هذه المسائل موضممع آخممر والغممرض التنممبيه‬
‫والشارة‪] .‬زاد المعادج ‪ 3‬ص ‪[496‬‬
‫وقال ابن تيميممة رحمممه اللممه‪ :‬فممي الصممحيحين عممن علممي فممي قصممة‬
‫حاطب بن أبي بلتعة فقال عمر‪ :‬دعني يا رسممول اللممه أضممرب عنممق‬
‫هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪] :‬إنممه قممد شممهد بممدرا‬
‫وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال‪ :‬اعملوا ما شممئتم فقممد‬
‫غفرت لكم[ فدل علممى أن ضممرب عنممق المنممافق مممن غيممر اسممتتابة‬
‫)‪(285‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مشروع إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمممر اسممتحلل‬
‫ضرب عنق المنافق ولكن أجاب بأن هممذا ليممس بمنممافق ولكنممه مممن‬
‫أهل بدر المغفور لهم فإذا أظهر النفاق الذي ل ريب أنممه نفمماق فهممو‬
‫مباح الدم‪] .‬الصارم المسلول ج ‪ 1‬ص ‪[358‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬وفي الصحيحين عن عمرو عن جابر بممن عبممد اللممه‬
‫قال‪ :‬غزونا مع رسول الله وقد ثاب معه ناس مممن المهمماجرين حممتى‬
‫كممثروا وكممان مممن المهمماجرين رجممل لعمماب فكسممع انصمماريا فغضممب‬
‫النصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال النصاري‪ :‬يا للنصممار وقممال‬
‫المهاجري‪ :‬يا للمهاجرين فخرج النبي صلى الله عليممه وسمملم فقممال‪:‬‬
‫ممما بممال دعمموى الجاهليممة؟ ثممم قممال‪ :‬ممما شممأنهم؟ فممأخبرهم بكسممعة‬
‫المهاجري النصاري قال‪ :‬فقال النبي عليه الصمملة والسمملم‪ :‬دعوهمما‬
‫فإنها خبيثة وقال عبد الله بن أبي ابن سلول‪ :‬أقد تداعوا علينمما؟ لئن‬
‫رجعنا إلى المدينة ليحرجن العز منهمما الذل قممال عمممر‪ :‬أل نقتممل يمما‬
‫نبي الله هذا الخبيث لعبد الله فقال النبي عليممه الصمملة والسمملم ]ل‬
‫يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه[وذكر أهل التفسمير وأصمحاب‬
‫السير أن هذه القصة كانت في غزوة بني المصطلق‪] :‬اختصم رجممل‬
‫من المهاجرين ورجل من النصممار حممتى غضممب عبممد اللممه ابممن أبممي‬
‫وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقممم غلم حممديث السممن وقممال‬
‫عبد الله ابن أبي‪ :‬أفعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا فممي بلدنمما واللممه ممما‬
‫مثلنا ومثلهم إل كما قال القمائل‪ :‬سممن كلبمك يأكلمك أمما واللمه لئن‬
‫رجعنا إلممى المدينممة ليخرجممن العممز منهمما الذل يعنممي بممالعز نفسممه‬
‫وبالذل رسول الله عليه الصلة والسلم ثم أقبممل علممى مممن حضممره‬
‫مممن قممومه فقممال‪ :‬هممذا ممما فعلتممم بأنفسممكم أحللتممموهم بلدكممم‬
‫وقاسمتموهم أموالكم أما والله لئن أمسكتم عنهم فضل الطعام لم‬
‫يركبوا رقابكم ولوشكوا أن يتحولوا عن بلدكممم ويلحقمموا بعشممائرهم‬
‫ومواليهم فل تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حممول محمممد فقممال زيممد‬
‫بن أرقم‪ :‬أنت والله الذليل القليل المبغض فممي قومممك ومحمممد فممي‬
‫عز من الرحمن ومودة من المسلمين والله ل أحبك بعد كلمممك هممذا‬
‫فقال عبد الله‪ :‬اسكت فإنما كنت ألعب فمشى زيد بن أرقم بها إلى‬
‫النبي عليه الصلة والسلم وذلك بعد فراغه من الغزوة وعنده عمممر‬
‫بن الخطاب فقال‪ :‬دعني أضممرب عنقممه يمما رسممول اللممه فقممال‪] :‬إذا ً‬
‫ترعد له آنف كثيرة بيثرب[ فقال عمر‪ :‬فإن كرهت يا رسول الله أن‬
‫)‪(286‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقتله رجل من المهاجرين فمر سعد بن معاذ أو محمد بن مسلمة أو‬
‫عبماد بممن بشمر فليقتلموه فقمال رسممول اللمه عليممه الصملة والسملم‬
‫]فكيف يا عمر؟ إذا يتحدث الناس أن محمدا يقتممل أصممحابه ل ولكممن‬
‫أذن بالرحيل[ وذلك فمي سماعة لمم يكمن رسمول اللمه عليمه الصملة‬
‫والسلم يرتحل فيها وأرسل النبي صلى الله عليممه وسمملم إلممى عبممد‬
‫الله بن أبي فأتاه فقال‪ :‬أنت صمماحب هممذا الكلم؟ فقممال عبممد اللممه‪:‬‬
‫والذي أنزل عليك الكتاب بممالحق ممما قلممت مممن هممذا شمميئا وإن زيممدا‬
‫لكاذب فقال من حضر من النصار‪ :‬يا رسول اللممه شمميخنا وكبيرنمما ل‬
‫تصدق عليممه كلم غلم مممن غلمممان النصممار عسممى أن يكونممون هممذا‬
‫الغلم وهم في حديثه ولم يحفظ ما قال فغممدره رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم وفشت الملمة في النصار لزيد وكذبوه قالوا‪ :‬وبلممغ‬
‫عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان من فضلء الصحابة م ما كان مممن‬
‫أمر أبيه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله‬
‫بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه فممإن كنممت فمماعل‬
‫فمرني فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بهمما‬
‫رجل أبر بوالممديه منممي وإنممي أخشممى أن تممأمر بممه غيممري فيقتلممه فل‬
‫تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد اللمه بمن أبمي يمشمي فمي النماس‬
‫فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال لممه النممبي عليممه الصمملة‬
‫والسلم‪] :‬بل نرفق به ونحسن صممحبته ممما بقممي معنمما[ وقممال النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪] :‬ل يتحدث الناس أنه يقتل أصمحابه ولكمن بمر‬
‫أباك وأحسن صحبته[ وذكروا القصة قالوا‪ :‬وفمي ذلممك نزلمت سمورة‬
‫المنافقين‪.‬‬
‫ففي هذه الحاديث دللة علممى أن قتممل المنممافق كمان جممائزا إذ لممول‬
‫ذلممك لنكممر النممبي عليممه الصمملة والسمملم ولممبين أن الممدم معصمموم‬
‫بالسلم ولم يعلل ذلك بكراهية غضممب عشممائر المنممافقين لهممم وأن‬
‫يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابمه‪ ،‬وأن يقول القائل‪ :‬لما ظفممر‬
‫بأصحابمه أقبل يقتلهم‪ ،‬لن المدم إذا كان معصوما كان همذا الوصممف‬
‫عممديم التممأثير فممي عصمممة دم المعصممموم‪ ،‬ول يجممموز تعليممل الحكممم‬
‫بوصف ل أثمر له ويترك تعليله بالوصف الذي همو مناط الحكم‪ ،‬وكما‬
‫ل على القتمل من غير استتابةٍ على مما‬ ‫ل على القتل فهمو دلي ٌ‬
‫أنمه دلي ٌ‬
‫ل يخفى‪] .‬الصارم‪/‬ج ‪/1‬ص ‪.[361‬‬

‫)‪(287‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وبعد هذا يظهر لك الحكم على الحكومممة السممعودية وكممل حكومممة‬
‫وقفت مع الكفار فممي حربهمما علممى السمملم والمسمملمين هممو الكفممر‬
‫الكبر المخرج من الملة لما تقدم ذكره من الدلة‪ ،‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫)‪(288‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الرابعة‪ :‬إلغاء شرعية الجهاد‬

‫قال المؤلف]ومن تأكيد السممس وتثبيتهمما أن جهمماد الممدفع أو الطلممب‬


‫أمران مشروعان من أنكر شممرعيتهما ارتممد وخممرج مممن الملممة‪ ،‬لنممه‬
‫أنكر شيئا ً مقررا ً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسمملم‪،‬‬
‫لكن من المهم أن يعرف أن لهذا الجهاد وقتا ً وشروطا ً ومقاصد مممن‬
‫أجلها شرع‪ ،‬أنبه على هذه التمهيدات فيما يلي‪:‬‬
‫التمهيد الول‪ :‬أن جهاد العداء وقتالهم في الشريعة مشممروع لغيممره‬
‫ل لذاته‪ ،‬وهو إقامة دين الله في الرض‪ ،‬كما قممال تعممالى}وَقَممات ُِلوهُ ْ‬
‫م‬
‫ه{‬‫ن ل ِل ّ ِ‬‫دي ُ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ة وَي َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ن فِت ْن َ ٌ‬ ‫حّتى ل ت َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫َ‬
‫قال ابن جرير الطبري‪ :‬فقاتلوهم حممتى ل يكممون شممرك‪ ،‬ول يعبممد إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬فيرتفع البلء عن عباد اللممه مممن الرض وهممو‬
‫الفتنة‪ ،‬ويكون الدين كله لله‪ ،‬يقمول‪ :‬وحمتى تكمون الطاعمة والعبمادة‬
‫كلها لله خالصة دون غيره‪ ،‬وبنحو الذي قلنا قممال أهممل التأويممل‪ .‬ذكممر‬
‫من قال ذلك‪ ،‬ثم ساقه بإسناده عن ابن عبمماس‪ ،‬والحسممن‪ ،‬وقتممادة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والسدي‪ ،‬وابن جريج‪ ،‬وغيرهم ‪ -‬رحمهم الله ‪ -‬ا‪ .‬هم‬
‫وقال أبو عبد الله القرطبي‪ :‬فممدلت اليممة والحممديث علممى أن سممبب‬
‫ة{ أي كفممر‪ ،‬فجعممل‬ ‫حت ّممى ل ت َك ُممو َ‬
‫ن فِت ْن َم ٌ‬ ‫القتال هو الكفممر؛ لنممه قممال} َ‬
‫‪2‬‬
‫الغاية عدم الكفر وهذا ظاهر ا‪ .‬هم‬
‫وقال ابن دقيق العيد‪ :‬لن الجهمماد وسمميلة إلممى إعلن الممدين ونشممره‬
‫‪3‬‬
‫وإخماد الكفر ودحضه ففضيلته بحسب فضيلة ذلك ا‪ .‬هم‬
‫وقال الشمميخ عبممد الرحمممن السممعدي فممي تفسمميره‪ :‬ثممم ذكممر تعممالى‬
‫المقصود من القتال في سبيله‪ ،‬وأنه ليس المقصود بممه سممفك دممماء‬
‫الكفار وأخذ أموالهم‪ ،‬ولكن المقصود به أن يكمون المدين للمه تعمالى‬
‫فيظهر دين الله تعالى‪ ،‬على سائر الديان‪ ،‬ويدفع كل ما يعارضه من‬
‫الشرك وغيره‪ ،‬وهو المراد بالفتنة‪ ،‬فإذا حصل هذا المقصود فل قتممل‬
‫ول قتال ا‪ .‬هم‬
‫وفي حديث أبي موسى قال رسول الله ‪ ":‬من قاتل لتكون كلمممة‬
‫الله هي العليا فهو فممي سممبيل اللممه" متفممق عليممه‪ .‬قممال ابممن تيميممة‪:‬‬

‫التفسير )‪.(162 /9‬‬ ‫‪1‬‬

‫التفسير)‪.(2/354‬‬ ‫‪2‬‬

‫فتح الباري )كتاب الجهاد باب فضل الجهاد(‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(289‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالعقوبة على ترك الواجبات وفعل المحرمات هممي مقصممود الجهمماد‬
‫‪1‬‬
‫في سبيل الله ا‪ .‬هم‬
‫وقال ابن القيم‪ :‬ولجلها ‪ -‬أي التوحيد‪ -‬جردت سيوف الجهمماد ا‪ .‬هم م ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ولو كان الجهمماد مقصممودا ً لممذاته لممما سممقط بأخممذ الجزيممة كممما قممال‬
‫ممما‬
‫ن َ‬‫مممو َ‬
‫حّر ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َول ِبال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫خمرِ َول ي ُ َ‬ ‫مُنو َ‬‫ن ل ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬‫تعالى}َقات ُِلوا ال ّ ِ‬
‫حرم الل ّه ورسول ُه ول يدينون دين ال ْحق من ال ّذي ُ‬
‫حّتى‬ ‫ب َ‬‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ّ ِ َ‬ ‫ُ ََ ُ ُ َ َ ِ ُ َ ِ َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫ن{ وفي حديث بريممدة فممي صممحيح‬ ‫صاِغُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ي َدٍ وَهُ ْ‬‫ة عَ ْ‬ ‫طوا ال ْ ِ‬
‫جْزي َ َ‬ ‫ي ُعْ ُ‬
‫مسلم‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬إذا أمر أميرا ً على جيش أو سرية أوصمماه‬
‫في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ً ثم قال‪ ":‬اغزوا‬
‫باسم الله في سبيل الله‪ ،‬قاتلوا من كفممر بممالله‪ ،‬اغممزوا ول تغلمموا ول‬
‫تغدروا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدًا‪ ،‬وإذا لقيت عممدوك مممن المشممركين‬
‫فادعهم إلى ثلث خصال أو خلل فذكر السمملم‪ ،‬فممإن لممم يسممتجيبوا‬
‫فالجزية‪ ،‬فإن لم يعطوا فالقتال "‪.‬‬

‫التمهيد الثاني‪ :‬إذا تبين أن الجهاد مشممروع لغيممره‪ ،‬وهممو إقامممة ديممن‬
‫الله في الرض فقبل الدعوة إليه ل بد من الفقممه الشممرعي الممدقيق‬
‫والنظر المتعمق الطويممل هممل الممدعوة بهممذه الوسمميلة تحقممق الغايممة‬
‫المقصودة وهي إقامة دين الله أم ل؟‬
‫ومن المور المعينة على إدراك واقع المسمملمين أنهممم إذا كممانوا فممي‬
‫ضمعف مممن جهمة العممدة والعتمماد بالنسممبة لعممدوهم فل يصممح لهمم أن‬
‫يسلكوا مسلك جهاد العدو وقتاله لكممونهم ضممعفاء‪ ،‬ويوضممح ذلممك أن‬
‫الله لم يأمر رسوله ‪ ‬والصحابة بقتال الكفار لممما كممانوا فممي مكممة‪،‬‬
‫لضعفهم من جهة العدة والعتاد بالنسبة لعدوهم‪.‬‬
‫قممال ابممن تيميممة‪ :‬وكممان مممأمورا ً بممالكف عممن قتممالهم لعجممزه وعجممز‬
‫المسلمين عن ذلك‪ ،‬ثم لما هاجر إلى المدينممة وصممار لممه بهمما أعمموان‬
‫أذن له في الجهاد‪ ،‬ثم لما قووا كتب عليهم القتال ولم يكتب عليهممم‬
‫قتال من سالمهم؛ لنهم لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفار‪ .‬فلممما‬
‫فتح الله مكة وانقطع قتال قريش وملوك العرب‪ ،‬ووفدت إليه وفود‬
‫العرب بالسلم أمره الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬بقتال الكفار كلهممم إل مممن كممان‬

‫مجموع الفتاوى )‪.(308 /28‬‬ ‫‪1‬‬

‫زاد المعاد)‪ (1/34‬وأعلم الموقعين )‪.(4 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(290‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لممه عهممد مممؤقت‪ ،‬وأمممره بنبممذ العهممود المطلقممة‪ ،‬فكممان الممذي رفعممه‬
‫‪1‬‬
‫ونسخه ترك القتال ا‪ .‬هم‬
‫وقال‪ :‬وسبب ذلممك أن المخالفممة لهممم ل تكممون إل مممع ظهممور الممدين‬
‫وعلوه كالجهاد‪ ،‬وإلزامهم بالجزية والصغار‪ ،‬فلما كان المسلمون في‬
‫أول المر ضعفاء لم تشرع المخالفة لهم‪ ،‬فلممما كمممل الممدين وظهممر‬
‫‪2‬‬
‫وعل‪ ،‬شرع ذلك ا‪ .‬هم‬
‫وقال‪ :‬فكان ذلك عاقبة الصبر والتقوى اللذين أمر الله بهما في أول‬
‫المر‪ ،‬وكان إذ ذاك ل يؤخذ من أحممد مممن اليهممود الممذين بالمدينممة ول‬
‫غيرهم جزية‪ ،‬وصارت تلك اليات في حق كممل مممؤمن مستضممعف ل‬
‫يمكنه نصر الله ورسوله بيده ول بلسانه‪ ،‬فينتصر بما يقدر عليمه ممن‬
‫القلب ونحوه‪ ،‬وصمارت آيمة الصمغار علممى المعاهمدين فمي حمق كمل‬
‫مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه‪ ،‬وبهممذه اليممة‬
‫مر رسول الله ‪ ‬وعلى عهممد‬ ‫ونحوها كان المسلمون يعملون آخر عُ ُ‬
‫خلفائه الراشدين‪ ،‬وكذلك هو إلى قيام الساعة‪ ،‬ل تممزال طائفممة مممن‬
‫هذه المة قائمين على الحممق ينصممرون اللممه ورسمموله النصممر التممام‪،‬‬
‫فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضممعف أو فممي وقممت هممو‬
‫فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسمموله‬
‫من الذين أوتوا الكتاب والمشركين‪ ،‬وأما أهل القمموة فإنممما يعملممون‬
‫بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنممون فممي الممدين‪ ،‬وبآيممة قتممال الممذين‬
‫‪3‬‬
‫أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ا‪ .‬هم‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي‪ :‬هذه اليات تتضمن المر بالقتممال‬
‫فممي سممبيل اللممه‪ ،‬وهممذا كممان بعممد الهجممرة إلممى المدينممة‪ ،‬لممما قمموي‬
‫المسلمون للقتال أمرهم الله به‪ ،‬بعدما كانوا مأمورين بكممف أيممديهم‬
‫‪4‬‬
‫ا‪ .‬هم‬
‫وقال‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬ومنهمما‪ :‬أنممه لممو فممرض عليهممم القتممال ‪ -‬مممع قلممة‬
‫عددهم وعددهم‪ ،‬وكثرة أعدائهم‪ -‬لدى ذلك إلى اضمممحلل السمملم‪،‬‬
‫فروعي جانب المصلحة العظمممى علممى ممما دونهمما‪ ،‬ولغيممر ذلممك مممن‬
‫الحكم‪ .‬وكان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عليهممم القتممال فممي‬
‫تلك الحال غير اللئق فيها ذلك‪ ،‬وإنما اللئق فيها القيام بما أمروا به‬
‫الجواب الصحيح )‪.(237 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫اقتضاء الصراط المستقيم )‪.(420 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصارم المسلول )‪.(413 /2‬‬ ‫‪3‬‬

‫التفسير ص ‪.89‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(291‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في ذلك الوقت من التوحيد والصلة والزكمماة ونحممو ذلممك‪ ،‬كممما قممال‬
‫م وَأ َ َ‬
‫شمد ّ ت َث ِْبيتمًا{‬ ‫خي ْممرا ً ل َهُم ْ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫ن ب ِهِ ل َ َ‬
‫ظو َ‬ ‫ما ُيوعَ ُ‬ ‫م فَعَُلوا َ‬
‫َ‬
‫تعالى}وَل َوْ أن ّهُ ْ‬
‫فلما هاجروا إلى المدينة‪ ،‬وقمموي السمملم‪ ،‬كتممب عليهممم القتممال فممي‬
‫‪1‬‬
‫وقته المناسب لذلك ا‪ .‬هم‬
‫وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ ":‬لبد فيه من شممرط وهممو أن‬
‫يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال‪ ،‬فإن لم يكن‬
‫لديهم قمدرة فمإن إقحمام أنفسمهم فمي القتمال إلقماء بأنفسمهم إلمى‬
‫التهلكة‪ ،‬ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتممال‬
‫وهم فممي مكممة‪ ،‬لنهممم عمماجزون ضممعفاء فلممما همماجروا إلممى المدينممة‬
‫وكونوا الدولة السلمية وصار لهم شوكة أمروا بالقتممال‪ ،‬وعلممى هممذا‬
‫فلبد من هذا الشرط‪ ،‬وإل سقط عنهم كسممائر الواجبممات لن جميممع‬
‫ممما‬ ‫الواجبممات يشممترط فيهمما القممدرة لقمموله تعممالى‪َ} :‬فممات ُّقوا الّلمم َ‬
‫ه َ‬
‫سعََها{ ا‪ .‬هم‬ ‫ه ن َْفسا ً إ ِّل وُ ْ‬‫ف الل ّ ُ‬
‫م{ وقوله‪} :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪2‬‬

‫وقال ردا ً على سؤال يتعلق بحاجممة المجتمممع السمملمي للجهمماد فممي‬
‫سبيل الله بعد بيانه ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬فضل الجهاد ومنزلته العظيمة في‬
‫الشرع السلمي ليكون الدين كله لله‪ ،‬وأضاف هممل يجممب القتممال أو‬
‫يجوز مع عدم الستعداد له؟‪ ،‬فالجواب‪ :‬ل يجب ول يجوز ونحممن غيممر‬
‫مستعدين له‪ ،‬والله لممم يفممرض علممى نممبيه وهممو فممي مكممة أن يقاتممل‬
‫المشمممركين‪ ،‬وأن اللممه أذن لنمممبيه فمممي صمملح الحديبيمممة أن يعاهمممد‬
‫المشممركين ذلممك العهممد الممذي إذا تله النسممان ظممن أن فيممه خممذلنا ً‬
‫للمسلمين‪ .‬كثير منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر‬
‫بن الخطاب‪ :‬يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا علممى الباطممل؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬فلم نعطي الدنية في ديننا؟‪ ،‬فظممن أن هممذا خممذلن‪،‬‬
‫ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما في شك أنه أفقه من عمممر‪،‬‬
‫وأن الله تعممالى أذن لممه فممي ذلممك وقممال‪ :‬إنممي رسممول اللممه ولسممت‬
‫عاصيه وهو ناصممري … وإن كممان ظمماهر الصمملح خممذلنا ً للمسمملمين‪،‬‬
‫وهذا يدلنا يا إخواني على مسألة مهمة وهو قوة ثقة المممؤمن بربممه‪..‬‬
‫المهم أنه يجب على المسلمين الجهمماد حممتى تكممون كلمممة اللممه هممي‬
‫العليا ويكون الدين كلممه للممه‪ ،‬لكممن الن ليممس بأيممدي المسمملمين ممما‬
‫يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولو جهاد مدافعممة وجهمماد المهاجمممة‬

‫التفسير ص ‪.188‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشرح الممتع )‪(8/9‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(292‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ما في شك الن غير ممكن حتى يأتي الله بأمة واعية تستعد إيماني ما ً‬
‫ونفسيًا‪ ،‬ثم عسكريًا‪ ،‬أما نحن على هذا الوضع فل يمكن أن نجاهد ا‪.‬‬
‫هم‪.1‬‬
‫ومما يزيد أن القوة شرط لقامة جهاد الطلب ابتداء أن الله اشترط‬
‫في العدد للوجوب أن يكون الرجل المسلم مقابمل اثنيمن‪ ،‬كمما قمال‬
‫ف الل ّه عَنك ُم وعَل ِ َ‬
‫م‬‫من ْك ُم ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ي َك ُم ْ‬ ‫ض مْعفا ً فَ مإ ِ ْ‬
‫م َ‬‫ن ِفيك ُ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ْ َ‬ ‫خّف َ‬ ‫ن َ‬ ‫تعالى}اْل َ‬
‫ن الّلمم ِ‬ ‫َْ‬ ‫م أ َل ْ ٌ‬
‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ي َك ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ن ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫ف ي َغْل ُِبوا ألَفي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مائ َت َي ْ ِ‬
‫ن وَإ ِ ْ‬ ‫صاب َِرةٌ ي َغْل ُِبوا ِ‬
‫ة َ‬ ‫مائ َ ٌ‬
‫ِ‬
‫ن{ فلو كممان الكفممار ثلثممة أضممعاف المسمملمين لممما‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬‫معَ ال ّ‬ ‫َوالل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫وجب عليهم القتال‪ ،‬ولصح لهم الفرار‪ ،‬كما فعل الصحابة في مؤتممة‪.‬‬
‫فهذا يؤكد أن القوة شرط‪ ،‬ومن هذا ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬ممما أخممرج مسمملم عممن‬
‫النواس بن سمعان في قصة قتل عيسى عليه السلم للدجال قممال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪ :‬فبينما هو كذلك‪ ،‬إذ أوحى الله إلى عيسى‪ :‬إنممي‬
‫قمد أخرجمت عبمادا ً لمي ل يمدان )أي ل قمدرة( لحمد بقتمالهم‪ ،‬فحمرز‬
‫عبادي إلى الطور )أي ضمهم إلى جبل الطممور( ويبعممث اللممه يممأجوج‬
‫ومأجوج … "‬
‫قال النووي‪ :‬قال العلماء معناه ل قدرة ول طاقة ‪ -‬ثم قممال ‪ -‬لعجممزه‬
‫عن دفعه‪ ،‬ومعنى حرزهم إلى الطور أي ضمهم واجعل لهم حممرزا ً ا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫هم‬
‫ففي هذا الحديث أنه لممما كممانت قمموة عيسممى عليممه السمملم ضممعيفة‬
‫بالنسبة ليأجوج ومأجوج أمره الله أل يقاتلهم ويجاهممدهم‪ ،‬فممدل هممذا‬
‫على أن القدرة شرط‪.‬‬

‫التمهيد الثمالث‪ :‬بالضمافة إلمى قمموة العممدة والعتمماد‪ ،‬فلبمد مممن قموة‬
‫اليمان والسلم عند المسمملمين‪ ،‬وإل فممإذا كممانت ذنمموب المسمملمين‬
‫ظاهرة شاهرة متكاثرة‪ ،‬وكان قيامهم بالدين ضعيفا ً ل سيما في أمر‬
‫التوحيد والسنة بأن يكون الشرك والبممدع وعممموم المعاصممي شممائعا ً‬
‫عند المسلمين مألوفًا‪ ،‬ويكون أهلها غالبين‪ ،‬فإذا كان حال المسلمين‬
‫كممذلك‪ ،‬فممإنهم عممن نصممر اللممه محجوبممون إل أن يشمماء اللممه بفضممله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫مث ْل َي ْهَمما قُل ْت ُم ْ‬
‫م ِ‬ ‫ة قَ مد ْ أ َ‬
‫ص مب ْت ُ ْ‬ ‫صيب َ ٌ‬
‫م ِ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ورحمته‪ .‬قال تعالى }أوَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫أ َّنى هَ َ‬
‫م{‬ ‫سك ُ ْ‬‫عن ْدِ أن ُْف ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ذا قُ ْ‬
‫ل هُوَ ِ‬

‫لقاء الخميس الثالث والثلثين في شهر صفر ‪1414 /‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫شرح مسلم )‪.(68 /18‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(293‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ذا{ يعني قلتممم لممما أصممابتكم مصمميبتكم‬ ‫م أ َّنى هَ َ‬ ‫قال ابن جرير‪} :‬قُل ْت ُ ْ‬
‫ذا({ من أي وجه هذا ومن أين أصابنا هذا الذي أصممابنا‬ ‫بأحد }(أ َّنى هَ َ‬
‫ونحن مسلمون وهم مشركون وفينا نممبي اللمه ‪ ‬يمأتيه الموحي ممن‬
‫السماء وعدونا أهل كفر بالله وشرك قل يا محمد للمؤمنين بك مممن‬
‫َ‬
‫م{ يقول‪ :‬قل لهم‪ :‬أصممابكم هممذا الممذي‬ ‫سك ُ ْ‬‫عن ْدِ أن ُْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫أصحابك }هُوَ ِ‬
‫أصابكم من عند أنفسكم بخلفكم أمري وترككم طاعتي ل ممن عنمد‬
‫‪1‬‬
‫غيركم ول من قبل أحد سواكم ا‪ .‬هم‬
‫ونقلممه عممن جماعممة مممن السمملف كعكرمممة والحسممن وابممن جريممج‬
‫والسدي‪ .‬وقال أبو الدرداء‪:‬إنما تقاتلون بأعمالكم ‪.2‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي‪ :‬قلتم أنى هذا أي من أين أصممابنا‬
‫ما أصابنا وهزمنا؟ قل هو من عنممد أنفسممكم حيممن تنممازعتم وعصمميتم‬
‫من بعد ما أراكم ما تحبون‪ ،‬فعممودوا علممى أنفسممكم بمماللوم واحممذروا‬
‫‪3‬‬
‫من السباب المردية‪ .‬اهم‬
‫وقال ابن تيمية‪ :‬وحيث ظهممر الكفممار‪ ،‬فإنممما ذاك لممذنوب المسمملمين‬
‫التي أوجبت نقص إيمانهم‪ ،‬ثم إذا تابوا بتكميل إيمانهم نصرهم اللممه‪،‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ك ُن ْت ُم ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م اْل َعْل َموْ َ‬ ‫حَزن ُمموا وَأن ْت ُم ُ‬ ‫كممما قممال ‪ -‬تعممالى ‪َ}-‬ول ت َهِن ُمموا َول ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫م أّنى هَ َ‬ ‫مث ْل َي َْها قُل ْت ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صب ْت ُ ْ‬‫ة قَد ْ أ َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن{ وقال}أوَل َ ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫م{ ا‪ .‬هم‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫عن ْدِ أن ُْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل هُوَ ِ‬ ‫قُ ْ‬
‫‪4‬‬

‫وقال‪ :‬وأما الغلبة فإن الله تعالى قد يديل الكمافرين علمى الممؤمنين‬
‫تارة‪ ،‬كما يديل المؤمنين على الكممافرين‪ ،‬كممما كممان يكممون لصممحاب‬
‫صممُر‬ ‫النبي ‪ ‬مع عدوهم‪ ،‬لكن العاقبة للمتقين فإن الله يقول}إ ِّنا ل َن َن ْ ُ‬
‫د{ وإذا كممان‬ ‫ش مَها ُ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫م ي َُقممو ُ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَي َوْ َ‬ ‫مُنوا ِفي ال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫سل ََنا َوال ّ ِ‬ ‫ُر ُ‬
‫ف‪ ،‬وكممان عممدوهم مسممتظهرا ً عليهممم كمان ذلمك‬ ‫في المسملمين ضممع ٌ‬
‫بسبب ذنوبهم وخطاياهم؛ إممما لتفريطهممم فممي أداء الواجبممات باطن ما ً‬
‫وظمماهرًا‪ ،‬وإممما لعممدوانهم بتعممدي الحممدود باطن ما ً وظمماهرًا‪ ،‬قممال اللممه‬
‫م‬ ‫سمت ََزل ّهُ ُ‬ ‫ممما ا ْ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫معَمما ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫م ال ْت ََقممى ال ْ َ‬ ‫م ي َموْ َ‬‫من ْك ُم ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ت َوَل ّم ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّم ِ‬ ‫تعممالى}إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة قَ مد ْ‬ ‫صمميب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬‫ما أ َ‬ ‫سُبوا{ وقال تعالى }أوَل َ ّ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ب ِب َعْ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ وقممال‬ ‫س مك ُ ْ‬ ‫عن ْمدِ أن ُْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ل ه ُ مو َ ِ‬ ‫ذا قُ م ْ‬ ‫م أن ّممى هَ م َ‬ ‫مث ْل َي ْهَمما قُل ْت ُم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ص مب ْت ُ ْ‬ ‫أ َ‬
‫ن‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫زيمٌز‪ .‬ال ّم ِ‬ ‫ه ل ََقموِيّ عَ ِ‬ ‫ن الل ّم َ‬ ‫صمُرهُ إ ِ ّ‬ ‫ن ي َن ْ ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّم ُ‬ ‫صمَر ّ‬ ‫تعالى}وَل َي َن ْ ُ‬
‫جامع البيان في تفسير القرآن )‪.(108 /4‬‬ ‫‪1‬‬

‫علقه البخاري )كتاب الجهاد‪ ،‬باب عمل صالح قبل القتال(‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫التفسير ص ‪.156‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجواب الصحيح )‪.(450 /6‬‬ ‫‪4‬‬

‫)‪(294‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ِفي اْل َْر‬
‫ف‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ممُروا ب ِممال ْ َ‬ ‫وا الّزك َمماةَ وَأ َ‬ ‫صمملةَ َوآت َم ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫ض أقَمما ُ‬ ‫ِ‬ ‫مك ّّناهُ ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫موِر{ ا‪ .‬هم‬ ‫ة اْل ُ‬ ‫عاقِب َ ُ‬ ‫من ْك َرِ وَل ِل ّهِ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫وا عَ ِ‬ ‫وَن َهَ ْ‬
‫‪1‬‬

‫وقال ابن القيم‪ :‬فلو رجع العبد إلى السبب والموجب لكان اشممتغاله‬
‫بدفعه أجدى عليه‪ ،‬وأنفع له من خصومة من جرى على يديه‪ ،‬فممإنه ‪-‬‬
‫وإن كان ظالما ً ‪ -‬فهو الممذي سمملطه علممى نفسممه بظلمممه‪ .‬قممال اللممه‬
‫و‬
‫ل هُ م َ‬ ‫ذا قُم ْ‬ ‫م أ َّنى هَم َ‬ ‫مث ْل َي َْها قُل ْت ُ ْ‬‫م ِ‬
‫َ‬
‫ة قَد ْ أ َ‬
‫صب ْت ُ ْ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬ ‫ما أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تعالى}أوَل َ ّ‬
‫َ‬
‫م{ فأخبر أن أذى عدوهم لهم‪ ،‬وغلبتهم لهم‪ :‬إنما هممو‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫عن ْدِ أن ُْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ممما‬‫صمميب َةٍ فَب ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صمماب َك ُ ْ‬‫ممما أ َ‬ ‫بسبب ظلمهممم‪ .‬وقممال اللممه تعممالى}وَ َ‬
‫َ‬
‫ر{ ا‪ .‬هم‬ ‫ن ك َِثي ٍ‬ ‫م وَي َعُْفو عَ ْ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫‪2‬‬

‫وقال‪ :‬وكذلك النصر والتأييد الكامل‪ ،‬إنما هو لهممل اليمممان الكامممل‪،‬‬


‫م‬‫م ي َُقو ُ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَي َوْ َ‬ ‫مُنوا ِفي ال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫سل ََنا َوال ّ ِ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال تعالى}إ ِّنا ل َن َن ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫حوا ظ َمماهِ ِ‬ ‫ص مب َ ُ‬‫م فَأ ْ‬ ‫مُنوا عََلى عَد ُوّهِ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫د{ وقال}فَأي ّد َْنا ال ّ ِ‬ ‫شَها ُ‬
‫فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر‪ ،‬والتأييممد‪ ،‬ولهممذا إذا أصمميب‬
‫العبد بمصيبة في نفسممه أو ممماله‪ ،‬أو بإدالممة عممدوه عليممه‪ ،‬فإنممما هممي‬
‫بذنوبه‪ ،‬إما بترك واجب‪ ،‬أو فعل محرم‪ .‬وهو من نقص إيمانه‪.‬‬
‫وبهممذا يممزول الشممكال الممذي يممورده كممثير مممن النمماس علممى قمموله‬
‫ل{ ويجيممب عنممه‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن عََلى ال ْ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫ه ل ِل ْ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫تعالى}وَل َ ْ‬
‫كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيل ً في الخرة‪ ،‬ويجيب آخرون‬
‫بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيل ً في الحجة‪.‬‬
‫والتحقيق‪ :‬أنها مثل هذه اليات‪ ،‬وأن انتفاء السبيل عن أهممل اليممان‬
‫الكامل‪ ،‬فإذا ضعف اليمان صار لعدوهم عليهم من السممبيل بحسممب‬
‫ما نقص من إيمانهم‪ ،‬فهم جعلوا لهم عليهم السممبيل بممما تركمموا مممن‬
‫طاعة الله تعالى‪ .‬فالمؤمن عزيز غالب مؤيد منصور‪ ،‬مكفي‪ ،‬مدفوع‬
‫عنه بالذات أينما كان‪ ،‬ولو اجتمع عليه من بأقطارها‪ ،‬إذا قام بحقيقة‬
‫اليمان وواجباته‪ ،‬ظاهرا ً وباطنًا‪ .‬وقد قال تعالى للمؤمنين }َول َتهُنوا‬
‫َ‬
‫ن{ وقممال تعممالى}َفل ت َهِن ُمموا‬ ‫مِني َ‬ ‫م مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُم ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م اْل َعْل َوْ َ‬ ‫حَزُنوا وَأن ْت ُ ُ‬ ‫َول ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م{‬ ‫مممال َك ُ ْ‬‫م أعْ َ‬ ‫ن ي َت َِرك ُم ْ‬ ‫م وَل َ ْ‬‫معَك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َوالل ّ ُ‬ ‫م اْلعْل َوْ َ‬ ‫سل ْم ِ وَأن ْت ُ ُ‬ ‫عوا إ َِلى ال ّ‬ ‫وَت َد ْ ُ‬
‫فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعممالهم‪ ،‬المتي همي جنمد ممن جنمود‬
‫اللممه‪ ،‬يحفظهممم بهمما‪ ،‬ول يفردهمما عنهممم ويقتطعهمما عنهممم‪ ،‬كممما ي َت ِمُر‬

‫مجموع الفتاوى )‪ (645 /11‬وانظر )‪.(424 /14) (239 /8‬‬ ‫‪1‬‬

‫مدارج السالكين )‪.(240 /2‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(295‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الكافرين والمنممافقين أعممالهم‪ ،‬إذ كمانت لغيمره‪ ،‬ولممم تكممن موافقممة‬
‫لمره ا‪ .‬هم‪.1‬‬
‫وإن المسمملمين إذا رجعمموا إلممى دينهممم الحممق القممائم علممى الكتمماب‬
‫والسنة بفهم سملف الممة‪ ،‬فمإن اللمه ينصمرهم‪ ،‬ويجعمل لهمم العمزة‬
‫مل ُمموا‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫من ْك ُم ْ‬
‫من ُمموا ِ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّم ِ‬ ‫والتمكيممن كممما قممال تعمالى }وَعَمد َ الّلم ُ‬
‫م‬ ‫ن قَب ْل ِهِم ْ‬‫مم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ف ال ّم ِ‬‫خل َ َ‬‫سمت َ ْ‬ ‫ممما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫ِ‬ ‫م ِفي اْل َْر‬ ‫خل َِفن ّهُ ْ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫حا ِ‬‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫منمما ً‬ ‫َ‬
‫مأ ْ‬ ‫خوْفِهِ ْ‬ ‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫م وَل َي ُب َد ّل َن ّهُ ْ‬‫ضى ل َهُ ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي اْرت َ َ‬ ‫م ِدين َهُ ُ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫وَل َي ُ َ‬
‫مك ّن َ ّ‬
‫شْيئًا{ قال الشميخ عبمد الرحممن السمعدي‪:‬‬ ‫ن ِبي َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫دون َِني ل ي ُ ْ‬ ‫ي َعْب ُ ُ‬
‫هذا من أوعاده الصادقة‪ ،‬التي شوهد تأويلها ومخبرها‪ ،‬فإنه وعد مممن‬
‫قمام باليممان والعممل الصمالح ممن همذه الممة‪ ،‬أن يسمتخلفهم فمي‬
‫الرض‪ ،‬يكونون هم الخلفاء فيها‪ ،‬المتصرفين في تدبيرها‪ ،‬وأنه يمكن‬
‫لهم دينهم الذي ارتضى لهم‪ ،‬وهو ديممن السمملم‪ ،‬الممذي فمماق الديممان‬
‫كلها‪ ،‬ارتضاه لهذه المة‪ ،‬لفضلها وشرفها ونعمته عليها‪ ،‬بأن يتمكنمموا‬
‫من إقامته‪ ،‬وإقامة شمرائعه الظماهرة والباطنمة‪ ،‬فمي أنفسممهم وفمي‬
‫غيرهم‪ ،‬لكون غيرهم من أهل الديان وسائر الكفار مغلوبين ذليليممن‪،‬‬
‫وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الممذي كممان الواحممد منهممم ل يتمكممن مممن‬
‫إظهار دينه‪ ،‬وما هو عليمه إل بمأذى كمثير ممن الكفمار‪ ،‬وكمون جماعمة‬
‫المسلمين قليلين جدا ً بالنسبة إلى غيرهم‪ ،‬وقممد رممماهم أهممل الرض‬
‫عن قوس واحدة‪ ،‬وبغوا لهم الغوائل‪ .‬فوعدهم الله هذه المور وقت‬
‫نزول الية‪ ،‬وهي لم تشاهد السممتخلف فممي الرض والتمكيممن فيهمما‪،‬‬
‫والتمكين من إقامة الدين السمملمي‪ ،‬والمممن التممام‪ ،‬بحيممث يعبممدون‬
‫الله ول يشركون به شيئًا‪ ،‬ول يخافون أحدا ً إل الله‪ ،‬فقام صممدر هممذه‬
‫المة‪ ،‬من اليمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم‪ ،‬فمكنهممم‬
‫من البلد والعباد‪ ،‬وفتحت مشممارق الرض ومغاربهمما‪ ،‬وحصممل المممن‬
‫التام والتمكين التام‪ ،‬فهذا من آيات اللممه العجيبممة البمماهرة‪ ،‬ول يممزال‬
‫المر إلى قيام الساعة‪ ،‬مهما قاموا باليمان والعمل الصممالح‪ ،‬فل بممد‬
‫أن يوجد ما وعمدهم اللمه‪ ،‬وإنمما يسملط عليهممم الكفممار والمنمافقين‪،‬‬
‫ويديلهم في بعض الحيان‪ ،‬بسبب إخلل المسلمين باليمان والعمممل‬
‫الصالح ا‪ .‬هم‪.‬‬
‫أيهمما المسمملمون الصممادقون والمؤمنممون الموقنممون هممذا سممبيل عممز‬
‫السلم والمسلمين‪ ،‬وتمكينممه فممي الرض‪ ،‬فاسمملكوه واجتهممدوا فممي‬
‫إغاثة اللهفان )‪.(182 /2‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(296‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تكثير سالكيه‪ ،‬ول يغرنكم الشيطان‪ ،‬ويخذلنكم بأن هذا الطريق بعيد‬
‫منتهاه تفنى العمار دونه‪ ،‬كما لبس على كثيرين؛ لننا لم نممؤمر مممن‬
‫ربنا إل بإبلغ ما يحبه الله ورسوله‪ ‬والسير علممى الطريممق النبمموي‪،‬‬
‫غ{‬ ‫ك إ ِّل ال َْبل ُ‬ ‫ن عَل َي ْم َ‬ ‫ولم نطالب بالنتائج‪ ،‬وقطف الثمار قممال تعممالى}إ ِ ْ‬
‫ولنكن علممى علممم أن اللممه لممو أراد هدايممة المممدعوين‪ ،‬وعممز السمملم‬
‫ن‬‫م ف َ مإ ِ ِ‬‫ضه ُ ْ‬ ‫ك إ ِعَْرا ُ‬ ‫ن ك َب َُر عَل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫والمسلمين لفعل كما قال تعالى}وَإ ِ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ت َب ْت َغِي ن ََفقا ً ِفي اْل َ‬ ‫استط َعت أ َ‬
‫ة‬
‫م ِبآي َ ٍ‬ ‫ماِء فَت َأت ِي َهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫سّلما ً ِفي ال ّ‬ ‫ض أو ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫ن{‪ ،‬وكممن‬ ‫جمماهِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مم َ‬‫ن ِ‬ ‫دى َفل ت َك ُممون َ ّ‬ ‫م عََلى ال ْهُ َ‬ ‫معَهُ ْ‬
‫ج َ‬‫ه لَ َ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫وَل َوْ َ‬
‫على ذكر من أن من تعجل شيئا ً قبل أوانه عوقب بحرمانه‪.‬‬
‫تنبيه ‪ /‬إن من لديه معرفممة ولممو قليلممة بحممال المممة السمملمية اليمموم‬
‫وكان ناصحا ً أمينا ً ليرى أن ما يقوم به بعضهم من دعوة المة لجهمماد‬
‫الكفار جهاد الطلب هو من إهلكها والتردي بها في الهاوية لن أمتنمما‬
‫‪ -‬وإلى الله المشتكى ‪ -‬تفقد في هذه الزمان قوتها الدينية‪ ،‬فرايممات‬
‫الشرك من دعاء الولياء والتقرب إليهم مرفوعة‪ ،‬وأطناب التصمموف‬
‫والبدع مضروبة‪ ،‬ناهيك عن اللحاد والتحريممف لسممماء اللممه وصممفاته‬
‫من جهة الشاعرة والمعتزلة والجهمية‪ ،‬فهو الشيء المقرر في أكثر‬
‫جامعاتها ومعاهدها المسماة إسلمية‪.‬‬
‫أما في الدعوة إلى اللممه فتحممزب وجماعممات جاهليممة تمموالي وتعممادي‬
‫على الحزب‪ ،‬يميلون مع الهواء حيث مممالت‪ :‬جماعممة هممدفها الحكممم‬
‫فحسب فسعت لتكثير الناس ولو على غير الممدين باسممم المصمملحة؛‬
‫ليقفمموا معهمما لنيممل الهممدف المنشممود كجماعممة الخمموان المسمملمين‪،‬‬
‫وجماعة هدفها هدايممة المممدعوين ولممو علممى غيممر السممبيل والطريممق‬
‫المستقيم؛ لذا تراهممم ل يتورعممون عممن الوقمموع فممي الحممرام لهدايممة‬
‫غيرهم فترى كثيرا ً من أتباعها جهال ً ل علم لهم كجماعة التبليغ‪ .‬ومن‬
‫عجيممب أمممر همماتين الجممماعتين أنهممما ل يممدعوان إلممى التوحيممد ونبممذ‬
‫الشرك كي ل يفرقوا الناس عنهم‪.‬‬
‫أما الفساد الخلقي والتتبع لسنن الغممرب الكممافر فهممو هممدي الكممثير‬
‫لسيما الشباب والشابات‪ ،‬فإذا كانت هذه حال أكممثر أمتنمما ‪ -‬اليمموم ‪-‬‬
‫فهي أمة ظالمة ل يولى عليها إل أمثالها من الظلمة كما قال تعممالى‬
‫ن{ فكما تكونوا‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ب َْعضا ً ب ِ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ض ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ك ن ُوَّلي ب َعْ َ‬ ‫}وَك َذ َل ِ َ‬
‫يولى عليكم‪ ،‬بل وهم عن نصر الله بعيدون؛ لنهممم لممم ينصممروا اللممه‬

‫)‪(297‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م{ إل أن يتفضل اللممه بفضممله‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬
‫ه ي َن ْ ُ‬ ‫ن ت َن ْ ُ‬‫كما قال تعالى}إ ِ ْ‬
‫ورحمته الواسعة‪.‬‬
‫ثم من جهة العمدة والعتماد فنحمن ‪ -‬كمما ل يخفمى ‪ -‬ضمعفاء بالنسمبة‬
‫لعدونا الكافر فهو المصنع للسمملحة والمحتكممر‪ ،‬ونحممن المسممتهلكون‬
‫لرديء ما صنع؛ لممذا الوسمميلة الناجعممة الناجحممة لعممز المممة وتمكينهمما‬
‫الرجوع إلى الله والدعوة بالكلمة رويدا ً رويدًا‪ ،‬فممإن أغلممق بمماب ولممج‬
‫خَرجًا{‪.‬‬‫م ْ‬
‫ه َ‬‫ل لَ ُ‬
‫جع َ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬
‫م ْ‬ ‫الداعية من باب آخر وهكذا }وَ َ‬
‫والذين يدعون المة ‪ -‬الن ‪ -‬لجهمماد العممدو الكممافر هممم فممي الحقيقممة‬
‫يسعون لهلكها من حيث ل يدرون‪.‬‬
‫قال الشيخ العلمة محمد بن صالح العممثيمين ولهممذا لممو قممال لنمما‬
‫قائل‪ :‬الن لماذا ل نحمارب أمريكما وروسميا وفرنسما وانجلمترا؟؟!!!!‬
‫لماذا؟؟ لعدم القدرة السلحة الممتي قممد ذهممب عصممرها عنممدهم هممي‬
‫التي في أيممدينا وهممي عنممد أسمملحتهم بمنزلممة سممكاكين الموقممد عنممد‬
‫الصواريخ ما تفيد شيئا ً فكيف يمكن أن نقاتممل هممؤلء؟ ولهممذا أقممول‪:‬‬
‫إنممه مممن الحمممق أن يقممول قممائل‪:‬أنممه يجممب علينمما أن نقاتممل أمريكمما‬
‫وفرنسا وانجلترا وروسيا كيف نقاتل هذا تأباه حكممة اللمه عمز وجمل‬
‫ويأباه شرعه لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمممر اللممه بممه عممز وجممل‬
‫ة{‪ ،‬هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما‬ ‫ن قُوّ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫}أ َ ِ‬
‫ع ّ‬ ‫َ‬
‫استطعنا من قوة‪ ،‬وأهم قوة نعدها هو اليمان والتقوى …ا‪ .‬هم‪.1‬‬
‫بل حتى إحياء روح الجهاد في أرض مسلمين تمكنت منها الكفممار‬
‫ل يصح إذا كان يممترتب عليممه مفاسممد أعظممم مممن إهلك المسمملمين‬
‫وزيادة تسليط للكافرين كما نراه من حولنا‪.‬‬
‫فائدة‪ /‬اعترض بعضهم على القول بعدم مشمروعية الجهماد‪ -‬الن‪-‬‬
‫لننا نعيش حالة ضعف بما روى الشيخان عن معاوية بن أبي سفيان‬
‫أن رسول الله‪ ‬قال‪ ":‬ول تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على‬
‫الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة" وفي صحيح مسمملم‬
‫قال عبد الله بن عمرو بن العاص‪" :‬ل تقوم السمماعة إل علممى شممرار‬
‫الخلق‪ ،‬هممم شممر مممن أهممل الجاهليممة‪ ،‬ل يممدعون اللممه بشمميء إل رده‬
‫عليهم‪ .‬فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر فقال له مسلمة‪ :‬يمما‬
‫عقبة! اسمممع ممما يقممول عبمد اللمه‪ ،‬فقممال عقبمة‪ :‬همو أعلممم وأمما أنما‬
‫فسمعت رسول الله‪ ‬يقمول‪ ":‬ل تمزال عصمابة مممن أمممتي يقماتلون‬
‫شرح بلوغ المرام من كتاب الجهاد الشريط الول الوجه )أ(‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(298‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫على أمر الله‪ ،‬قاهرين لعدوهم‪ ،‬ل يضرهم من خالفهم‪ ،‬حممتى تممأتيهم‬
‫الساعة‪ ،‬وهم على ذلك" فقال عبد الله‪ :‬أجممل ثممم يبعممث اللممه ريح ما ً‬
‫كريح المسك مسها مس الحرير‪ ،‬فل تترك نفسا ً في قلبه مثقال حبة‬
‫من اليمان إل قبضته‪ ،‬ثم يبقى شرار الناس عليهم تقمموم السمماعة"‪،‬‬
‫فقال المعترض‪ :‬في هذين الحديثين وما في معناهما تأكيد اسممتمرار‬
‫الجهاد في كل زمان‪ ،‬وأن المسلمين ل ينقطعون عنممه إلممى أن تهممب‬
‫هذه الريح الطيبة‪.‬‬
‫وما فهمه هذا المعممارض مممن اسممتمرار الجهمماد مممردود مممن ثلثممة‬
‫أوجه‪:‬‬
‫‪ /1‬أن سنة رسول الله‪ ‬العملية أكبر شاهد‪ ،‬وأظهممر دليممل علممى‬
‫أن قتاله لم يكن دائما ً مستمرًا‪ ،‬بل كان ينقطع ما بين غزوة وأخرى‪،‬‬
‫وهذا رد واضح على المستدلين بظاهر هذه النصوص‪.‬‬
‫‪" /2‬أن عيسى عليه السمملم إذا نممزل فسمميقاتل اليهممود وغيرهممم‪،‬‬
‫فإذا أخرج الله يأجوج ومأجوج أوحى إليه أل تقاتلهم وخممذ مممن معممك‬
‫إلى جبل الطور؛ لنه ل قوة لك عليهم" أخرجه مسمملم عممن النممواس‬
‫بن سمعان ‪-‬وقد تقدم ‪ -‬فها هو عيسى عليه السلم ل يستمر مقاتل ً‬
‫إلى أن يبعث الله الريح الطيبة‪.‬‬
‫‪ /3‬أن السنة يفسر بعضها بعضا ً فل يصح لحد أن يأخذ بعض ما ً مممن‬
‫كلم رسول الله‪ ‬ويبني عليممه دون النظممر فممي كلمممه الخممر الممذي‬
‫يفسره‪ ،‬فقد تقدم ممن المدلئل علمى أن جهماد الطلمب ل يصمح فمي‬
‫حالة الضعف‪ ،‬وجهاد الدفع يسقط بعد تمكن العدو‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فما معنى هذين الحديثين؟‬
‫فيقال‪ :‬معناهما أنه ل تزال عصابة قائمة بأمر الله ومنه الجهاد إذا‬
‫جمماء وقتممه وهممو وجممود القمموة اليمانيممة والعسممكرية وكممانت مصمملحة‬
‫السلم والمسلمين في إقامته‪.‬‬
‫واعترض بعضهم بجهاد المسلمين للتتار وانتصارهم عليهم‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬الرد على هذا من أوجه وأكتفي بوجهين‪:‬‬
‫ل‪ /‬إن جهاد المسلمين للتتار من جنس جهاد الدفع ل الطلب‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيا ً ‪ /‬هذا حدث تمماريخي واقعممي منقممول‪ ،‬فعلممى فممرض التعممارض‬
‫فالدلة الشرعية ل ترد بالحداث التاريخية‪.‬‬
‫إذا تقررت هذه التمهيدات واتضحت فإن مممن المعلمموم عنممد أهممل‬
‫)‪(299‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السنة أن ترك الطاعة الواجبة إثم ول يلزم منه إنكار شرعيته‪ ،‬فمممن‬
‫ترك صلة الرحام أو بر الوالدين وغيرها فإنه يكون آثما ً ل كافرا ً لنممه‬
‫ليممس لزم الممترك إنكممار الشممرعية إل عنممد الخمموارج والمعتزلممة‬
‫والمتأثرين بهم‪ .‬وقد تقدمت الشارة إلى هممذه المسممألة عنممد الكلم‬
‫على ترك الحكم بما أنزل الله‪.‬‬
‫جممح‬‫هذا كله إذا كان الترك مع القدرة علممى الجهمماد والمصمملحة تر ّ‬
‫القيام به‪ ،‬فكيف وأنه ل قدرة على الجهاد والمصلحة تدعو إلى تركه‬
‫في مثل هذه الحالة كما تقدم بيانه‪[ .‬‬
‫أقول‪ :‬إن المؤلف سلك في هذه الشبهة مسلك التلبيس‪ ،‬وأطممال‬
‫في الموضوع بما ل يطابق الواقع‪ ،‬وبيان ذلك من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬أنه لم يتطّرق للمسألة المراد مناقشممتها وهممو إلغمماء‬
‫شممرعية الجهمماد‪ ،‬وإنممما تهمّرب منهمما بممالخوض فممي كلم مجمممل عممن‬
‫الجهاد‪ ،‬وهمذه المراوغة في طرح المواضيع الشائكة قد اعتدناها من‬
‫المؤلف وأمثاله‪ ،‬ونحن نقطع عليه الطريق ونقممول‪ :‬لقممد ثبممت بممما ل‬
‫مشّرعين مممع‬ ‫يدع مجال ً للشك أن الطواغيت الموالين لعداء الله‪ ،‬ال ُ‬
‫الله‪ ،‬وعلى رأسهم عبد الله بن عبد العزيز لممم يقتصممروا علممى إلغمماء‬
‫شعيرة الجهاد‪ ،‬بل زادوا على ذلك بأن جعلوا الدين بريء مممن جهمماد‬
‫الطلب‪ ،‬وأما جهاد الدفع فقد ألغوه وحاربوه ومسخوه وجعلوا مكممانه‬
‫الستسلم والخضوع للمحتلين والسعي إلممى إخراجهممم بممالمؤتمرات‬
‫السلمية والمفاوضات النهزامية‪ ،‬وجعلوا ذلك هو الطريقة الصممحيحة‬
‫والمثلممى والحضممارية لقنمماع المغتصممبين مممن الخممروج مممن أراضممي‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫قال عبد الله بن عبد العزيز في مؤتمر جمعممه بمماليهود والنصممارى‬
‫وعرضه التلفزيون السعودي‪ :‬قال‪] :‬يمما إخممموان السممملم واليهوديمممة‬
‫والنصرانية ول أقول إن غيرها ممن الديان ما فيها خير كلها فيها خير‬
‫للنسانية‪ ،‬ولكن التموراة والنجيممل والقممرآن ‪-‬ثممم شممبك بيممن أصممابعه‬
‫وقال‪ -‬يا إخوان تفكك السرة واسألوا هؤلء النسوة ما معنى تفكممك‬
‫السرة[‪ .‬اهم‬
‫تأمل هذا الكلم فهو أول ً يقول لهم يا إخوان‪ ،‬فقممد جعممل أعممداء‬
‫الله الذين أمر الله بمعاداتهم وبغضهم إخوانا ً له‪ ،‬ثم يقول‪ :‬بأن جميع‬
‫الديان فيها خير للنسانية‪ ،‬وهمممذا معنمماه أن ديممن السمملم ليممس هممو‬

‫)‪(300‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدين الوحيد الذي فيه خيممر للنسانيمممة بممل إن جميممع الديمممان حممتى‬
‫البوذيمة والهندوسية وعبادة البقر بل وعبادة الشيطان كلها عند عبممد‬
‫الله بن عبد العزيز فيها خير للنسانية‪.‬‬
‫م يقول بأن المسلمين واليهممود والنصممارى أسممرة واحممدة‪ ،‬وأن‬ ‫ث ّ‬
‫وجود العداوة والبغضاء بينهم يفككهم مثمل تفكمك السممرة الواحممدة‪،‬‬
‫وبالتالي ل ينبغي أن يكون بينهمم عممداوة ول بغضماء لكممي ل يتفككمموا‬
‫كما أن السرة ل ينبغي أن يكون بينها عداوة وبغضاء لكي ل تتفكك!‬
‫هل من يقول هذا يؤمن بمشروعية الجهاد؟‬
‫هممل يممؤمن بمشممروعية الجهمماد مممن جعممل المسمملمين واليهممود‬
‫والنصارى أسرة واحدة؟!‬
‫كذلك قوله في مؤتمر مديد لحموار الديمان المذي جممع فيمه كبمار‬
‫أتباع الديانات بمختلف أشكالها‪:‬‬
‫]أيها الصدقاء‪:‬‬
‫جئتكم من مهوى قلوب المسلمين من بلد الحرمين الشممريفين‪،‬‬
‫حامل ً معي رسالة من المة السلمية ممثلة في علمائهمما ومفكريهمما‬
‫الذين اجتمعوا مؤخرا ً في رحاب بيت اللممه الحممرام‪ ،‬رسممالة تعلممن أن‬
‫السلم هو دين العتممدال والوسممطية والتسممامح‪ ،‬رسممالة تممدعو إلممى‬
‫الحوار البناء بين اتباع الديان‪ ،‬رسممالة تبشممر النسممانية بفتممح صممفحة‬
‫جديدة يحل فيها الوئام ‪ -‬بإذن الله ‪ -‬محل الصراع‪.‬‬
‫‪ ...‬لذلك علينا أن نعلن للعالم أن الختلف ل ينبغي أن يؤدي إلممى‬
‫النزاع والصراع‪ ،‬ولنقول إن المآسي التي مرت في تاريخ البشر لممم‬
‫تكن بسبب الديان ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي بممه بعممض اتبمماع‬
‫كل دين سماوي‪ ،‬وكل عقيدة سياسية‪.‬‬
‫‪ ....‬فأصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ل يقبلون عنها بديل وإذا‬
‫كنا نريد لهذا اللقاء التاريخي أن ينجح فل بد أن نتوجه الى القواسممم‬
‫المشتركة الممتي تجمممع بيننمما‪ ،‬وهممي اليمممان العميممق بممالله والمبممادئ‬
‫النبيلة والخلق العالية التي تمثل جوهر الديانات‪.‬‬
‫‪ ..‬إن هذا النسممان قممادر ‪ -‬بعممون اللممه ‪ -‬علممى أن يهممزم الكراهيممة‬
‫بالمحبممة‪ ،‬والتعصممب بالتسممامح وأن يجعممل جميممع البشممر يتمتعممون‬
‫بالكرامممة الممتي هممي تكريممم مممن الممرب ‪ -‬جممل شممأنه ‪ -‬لبنممي آدم‬
‫أجمعين‪.[ .‬‬

‫)‪(301‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هل من يقول هذا يؤمن بمشروعية الجهاد؟‬
‫ن من يريد أن تسود بيننا وبيمن الكفمار المحبمة مكمان الكراهيمة‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫والوئام مكان الصراع‪ ،‬ليس منكرا ً لمشممروعية الجهمماد فحسممب‪ ،‬بممل‬
‫هو قد جعل نفسه ند ّا ً لله ُيحاّده ويعارضه في أمره وشرعه وحكمممه‪،‬‬
‫فالله تعالى يأمرنا ببغض الكممافرين كممما فممي قمموله تعممالى‪} :‬يمما أيهمما‬
‫الذين ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليم بالمودة وقد كفروا‬
‫بما جاءكم من الحق‪.{...‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬يا أيهمما المممذين ءامنمموا ل تتخمممذوا آبمماءكم وإخمموانكم‬
‫أولياء إن استحبموا الكفر على اليمان ومن يتولهم منكم فأؤلئك هممم‬
‫الظالمون‪.{...‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬ل تجد قوما ً يؤمنون بالله واليوم الخر يممواّدون مممن‬
‫حمماد ّ اللممه وسمموله ولممو كممانوا آبمماءهم أو أبنمماءهم أو إخمموانهم أو‬
‫عشيرتهم‪.{...‬‬
‫دتهم‪،‬‬ ‫فالله سبحانه يأمرنا ببغممض الكممافرين وعممدم محبتهممم وممموا ّ‬
‫وعبد الله بن عبد العزيز يدعوا إلى محبة الكافرين ومؤاخاتهم‪.‬‬
‫والله سبحانه يأمرنا بجهاد الكفار حتى ل تكون فتنة ويكون الممدين‬
‫كله لله‪ ،‬وعبد الله بن عبد العزيز يدعوا إلممى التعممايش السمملمي مممع‬
‫الكفار بجميع طوائفهم ودياناتهم‪.‬‬
‫بل الدهى من ذلك وهي والله قاصمة الظهر قمموله‪] :‬ولنقممول إن‬
‫المآسي التي مرت في تاريخ البشر لممم تكممن بسممبب الديممان ولكممن‬
‫بسبب التطرف الذي ابتلي به بعممض اتبمماع كممل ديممن سممماوي‪ ،‬وكممل‬
‫عقيدة سياسية‪.[ .‬‬
‫ما أقبحه من كلم يقشعّر منه جلد كل مسلم‪.‬‬
‫ن هذا الكلم معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما‬ ‫إ ّ‬
‫علموا حقيقة المدين ولم يعملوا بمه كما أمر اللممه‪ ،‬لن عبممد اللممه بممن‬
‫ن المآسممي الممتي مممّرت بالبشممرية ‪-‬والممتي سممببها‬ ‫عبد العزيز يزعم أ ّ‬
‫الصراع الديني بل شك‪ -‬لممم تكممن بسممبب الديممان‪ ،‬ولكممن بسممبب ممما‬
‫ن اللممه أمممر‬‫ابتلي به بعض أتباع الديانات من التطرف‪ ،‬وهممذا يعنممي أ ّ‬
‫بممالتطرف‪ ،‬وأن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم وأصممحابه كممانوا‬
‫ن عقيممدتهم كممانت سياسممية؛ ف مإن الممذي يقممرأ السمميرة‬ ‫متطرفين‪ ،‬وأ ّ‬
‫النبوية ‪ -‬بعد الذن بالقتال ‪ -‬يجد أن البعثات والسرايا والغممزوات قممد‬

‫)‪(302‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طغى ذكرها في تلك الفترة على ذكر غيرها من المور التي حصمملت‬
‫شرع الجهاد بعد ستة أشهر من الهجممرة‪ ،‬واشممترك‬ ‫للمسلمين‪ ،‬فلقد ُ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في ‪ 26‬غزوة لقي في تسعة منها قتال‪،‬‬
‫وأرسل ‪ 60‬بعثة وسرية في تلك السنوات‪ ،‬أي أن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسمملم شممارك بنفسممه فممي أكممثر مممن غزوتيممن فممي السممنة‪ ،‬أي‬
‫حممرم )أربعممة‬‫بمعدل غزوة كل خمسة أشهر‪ ،‬ولو اسممتثنينا الشممهر ال ُ‬
‫أشهر في السنة( لكان معدل الغزوات النبوية غزوة كل ثلثممة أشممهر‬
‫ونصف في السنة‪ ،‬ومعدل الغمزوات والسمرايا السملمية فمي العهمد‬
‫حرم‬ ‫النبوي هو غزوة أو سممرية كممل شممهرين‪ ،‬ولممو اسممتثنينا الشممهرال ُ‬
‫يكون المعدل غزوة كل شهر‪ ،‬وإذا قلنا بأن وقت الغزوة يتراوح بيممن‬
‫‪ 15‬إلى ‪ 20‬يوما ً في الشهر )ذهابا ً وإيابًا(‪ ،‬فيكون الصحابة قد قضمموا‬
‫ثلثة أرباع حياتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد‪.‬‬
‫وهذا الكلم أعنممي قممول عبممد اللممه بممن عبممد العزيممز‪] :‬ولنقممول إن‬
‫المآسي التي مرت في تاريخ البشر لممم تكممن بسممبب الديممان ولكممن‬
‫بسبب التطرف الذي ابتلي به بعممض اتبمماع كممل ديممن سممماوي‪ ،‬وكممل‬
‫عقيدة سياسية‪.[ .‬‬
‫كفر من وجهين‪:‬‬
‫الول‪ /‬أنه زعم أن الديان لم تأمر بالصممراع والقتممال وهممذا كممذب‬
‫على الله ورسوله صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬وتكممذيب لصممريح القممرآن‬
‫وصريح السنة‪ ،‬فإن الله تعالى أمرنا بقتال الكفار والمشممركين حممتى‬
‫ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله‪ ،‬والنممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫جاهد المشركين ابتداًء‪ ،‬وحكم الكفار‪-‬الذين بلغتهممم الممدعوة العامممة‪-‬‬
‫مممة أو عهممد أو أمممان‪ ،‬وإل‬ ‫في ديننا أنهم حربيون مالم يعصم دمهممم ذ ّ‬
‫فالصل أنهم حربيون تحل دماؤهم وأموالهم‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أنه طعن في الله سبحانه الذي أمرنا بقتال الكفار حتى ل‬
‫تكون فتنة ويكون الدين كله لله‪.‬‬
‫‪ -‬وطعن في القرأن الكريم الذي فيه المر بقتال الكفممار سممواء‬
‫المشركين الوثنيين أو الكفار من أهل الكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬وطعن في النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاهد الكفار جهاد‬
‫الطلب واسممترقّ مقمماتليهم‪ ،‬وسممبى نسمماءهم وذراريهممم بحكممم اللممه‪،‬‬
‫والذي أمر ببغض الكافرين وجهادهم‪ ،‬وبّين أن الذ ّل ّممة والصممغار علممى‬

‫)‪(303‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من خالف أمره‪.‬‬
‫‪ -‬وطعن في الصحابة الكرام الذين جاهدوا مع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وجاهدوا بعد موته وتغلبوا على الروم والفرس‪.‬‬
‫وهاك بعض اليات والحاديث‪:‬‬
‫ث‬ ‫حْيمم ُ‬‫ن َ‬ ‫كي َ‬‫شرِ ِ‬‫م ْ‬‫م َفاقْت ُُلوا ال ْ ُ‬ ‫حُر ُ‬ ‫شهُُر ال ْ ُ‬ ‫خ اْل َ ْ‬‫سل َ َ‬ ‫قال تعالى‪] :‬فَإ ِ َ‬
‫ذا ان ْ َ‬
‫ن ت َمماُبوا‬‫صمدٍ فَمإ ِ ْ‬‫مْر َ‬ ‫ل َ‬‫م ك ُم ّ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬ ‫م َواقْعُ ُ‬ ‫صُروهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫خ ُ‬
‫م وَ ُ‬ ‫موهُ ْ‬
‫جد ْت ُ ُ‬
‫وَ َ‬
‫َ‬
‫م{‬ ‫حي م ٌ‬‫ه غَُفمموٌر َر ِ‬ ‫ن الل ّم َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫س مِبيل َهُ ْ‬‫خل ّمموا َ‬ ‫كاةَ فَ َ‬‫وا الّز َ‬ ‫صَلةَ وََءات َ ُ‬‫موا ال ّ‬ ‫وَأَقا ُ‬
‫)التوبة‪.(5 :‬‬
‫قال الحافظ بن كثير في تفسير الية‪" :‬قال الضحاك بن مزاحم‪:‬‬
‫أنها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبيمن أحمد ممن‬
‫المشركين وكل عقد ومدة "‪.‬‬
‫وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الية "لممم يبممق لحممد مممن‬
‫المشركين عهمد ول ذمممة منممذ نزلممت بمراءة" )انتهمى كلم ابممن كمثير‬
‫رحمه الله(‪.‬‬
‫وقال الله نعالى‪] :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول‬
‫يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتمموا‬
‫الكتاب حتى ُيعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬فإذا لقيتم الممذين كفممروا فضممرب الرقمماب حممتى إذا‬
‫دوا الوثاق فإما من ّا ً بعد وإما فداًء حممتى تضممع الحممرب‬ ‫أثخنتموهم فش ّ‬
‫أوزارها‪.{..‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والممذين كفممروا‬
‫يقمماتلون فممي سممبيل الطمماغوت فقمماتلوا إوليمماء الشمميطان إن كيممد‬
‫الشيطان كان ضعيفا{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفممار‬
‫وليجدوا فيكم غلظة‪.{..‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬فقاتل في سممبيل اللممه ل ُتكل ّممف إل نفسممك وحمّرض‬
‫المؤمنين عسى الله أن يكف بممأس الممذين كفممروا واللممه أش مد ّ بأس ما ً‬
‫وأشد ّ تنكيل{‪.‬‬
‫وقال تعالى‪] :‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله{‪.‬‬
‫وقممال تعممالى‪] :‬يمما أيهمما النممبي جاهممد الكفممار والمنممافقين واغلممظ‬
‫عليهم‪.{..‬‬
‫)‪(304‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال تعالى‪] :‬قمماتلوهم يعممذبهم اللممه بأيممديكم وُيخزهممم وينصممركم‬
‫عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلمموبهم ويتمموب اللممه‬
‫على من يشاء‪.{..‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫م فَث َب ُّتوا ال ّ ِ‬‫معَك ُ ْ‬‫مَلئ ِك َةِ أّني َ‬ ‫ك إ َِلى ال ْ َ‬
‫حي َرب ّ َ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬إ ِذ ْ ُيو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ضرُِبوا فَوْقَ اْلعَْنمما ِ‬ ‫ب َفا ْ‬ ‫ن ك ََفُروا الّرعْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬‫سأل ِْقي ِفي قُُلو ِ‬ ‫مُنوا َ‬
‫َءا َ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫ل ب ََنا ٍ‬‫م كُ ّ‬
‫من ْهُ ْ‬
‫ضرُِبوا ِ‬
‫َوا ْ‬
‫ت أن أقاتممل النمماس حممتى‬ ‫وقممال صمملى اللممه عليممه وسمملم‪) :‬أمممر ُ‬
‫يشهدوا أل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتمموا‬
‫الزكمماة فممإذا فعلمموا ذلممك عصممموا منممي دممماءهم وأممموالهم إل بحممق‬
‫السلم وحسابهم على الله(‪.‬‬
‫دث نفسممه‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬من مات ولم يغممز أو ُيحم ّ‬
‫بالغزو مات على شعبة من النفاق(‪.‬‬
‫وقممال صمملى اللممه عليممه وسمملم‪) :‬جاهممدوا المشممركين بممأموالكم‬
‫وأنفسكم وألسنتكم(‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسملم‪) :‬بعثمت بالسميف بيمن يمدي السماعة‬
‫حتى ُيعبد الله وحده‪ ،‬وجعل رزقمي تحممت ظممل رمحممي وجعمل الذلمة‬
‫والصغار على من خالف أمري(‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل تبدؤوا اليهود والنصممارى بالسمملم‬
‫وإذا لقيتموهم في طريق فاضطّروهم إلى أضيقه(‪.‬‬
‫هذا ما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقممارن‬
‫أيها الموحد بين هذا وبين مما يمدعوا إليممه عبمد اللمه بمن عبممد العزيممز‬
‫يظهر لك الحكم بجلء‪.‬‬
‫روى ابن خزيمة بإسناد صحيح أن الصحابة رضي الله عنهم كممانوا‬
‫يقومون في شهر رمضان فكان الناس يقومون أوله‪ ،‬وكانوا يلعنممون‬
‫الكفرة في النصف‪" :‬اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عممن سممبيلك‪،‬‬
‫ق فممي‬ ‫ويكذبون رسلك‪ ،‬ول يؤمنون بوعدك‪ ،‬وخالف بين كلمتهم‪ ،‬وألم ِ‬
‫قلوبهم الرعب‪ ،‬وألق عليهممم رجممزك وعممذابك إلممه الحممق" الحممديث"‬
‫)اسناده صحيح‪ :‬صحيح ابن خزيمة‪.(1100 :‬‬
‫قال المام الشافعي رحمه الله في كتابه )الم(‪" :‬ومن كممان مممن‬
‫أهل الكتاب من المشركين المحاربين ُقوتلوا حتى ُيسلموا أو ُيعطمموا‬
‫ن‬
‫من ُممو َ‬ ‫ن ل ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬‫الجزية عن يد وهم صاغرون"‪ ..‬قال تعالى "قَممات ُِلوا ال ّم ِ‬

‫)‪(305‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن‬ ‫ديُنو َ‬
‫ه َول َيم ِ‬ ‫سمول ُ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫م الّلم ُ‬ ‫حمّر َ‬‫ما َ‬ ‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫خرِ َول ي ُ َ‬ ‫ِبالل ّهِ َول ِبال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫دين ال ْحق من ال ّذي ُ‬
‫م‬ ‫ن ي َمدٍ وَهُم ْ‬
‫ة عَم ْ‬ ‫جْزي َم َ‬‫حّتى ي ُعْط ُمموا ال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ّ ِ َ‬ ‫ِ َ‬
‫ن"‬ ‫صاِغُرو َ‬ ‫َ‬
‫وقال في الم‪" :‬أصل الفرض قتال المشممركين حممتى يؤمنمموا‪ ،‬أو‬
‫يعطوا الجزية"‪..‬‬
‫وقال الصنعاني رحمه الله تعالى‪" :‬وحكممم دار الحممرب أنهمما‪ :‬دار‬
‫إباحة فيما بين الكفار والمسلمين"‪..‬‬
‫وقال ابن تيمية "فكل من بلغه دعوة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب له‪ ،‬فممإنه يجممب قتمماله‬
‫"حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله" )السياسممة الشممرعية فممي‬
‫إصلح الراعي والرعية(‪.‬‬
‫عة )شيخ ابن القيم والممذهبي وابممن‬ ‫ما َ‬‫ج َ‬ ‫وقال المام بدر الدين بن َ‬
‫كثير‪ ،‬ومن أقران شيخ السلم ابن تيمية(‪،‬‬
‫"يجوز للمسلم أن يقتل من ظفر به من الكفار المحمماربين سممواء‬
‫كان مقاتل ً أو غير مقاتل‪ ،‬وسواء كممان مقبل ً أو مممدبرًا‪ ،‬لقمموله تعممالى‬
‫دوا ْ‬‫م َواقْعُم ُ‬ ‫صمُروهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫خم ُ‬‫م وَ ُ‬‫موهُ ْ‬ ‫جدت ّ ُ‬ ‫ث وَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬‫كي َ‬‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫"َفاقْت ُُلوا ْ ال ْ ُ‬
‫د" )التوبة‪] ..(5 :‬تحرير الحكام في تدبير أهل السمملم‬ ‫ص ٍ‬ ‫مْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫ص ‪.[182‬‬
‫وقال في "الجوهرة النيرة" )لبممي بكممر العبممادي(‪ :‬وقتممال الكفممار‬
‫واجب علينا وإن لم يبدءونا‪.‬‬
‫وفي شرح منتهى الرادات للبهوتي‪ :‬ويبعث المام فممي كممل سممنة‬
‫جيشا ً ُيغيرون على العدو في بلدهم‪.‬‬
‫يقول العلمممة "السممعدي" رحمممه اللممه فممي تفسمميره‪ " :‬فالغلظممة‬
‫والشدة على أعداء الله مما يقرب العبد إلى الله‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد العزيممز بممن بمماز رحمممه اللممه‪ :‬وفممي هممذه اليممات‬
‫الكريمات والحاديث الصحيحة الدللممة الظمماهرة علممى وجمموب جهمماد‬
‫الكفممار والمشممركين وقتممالهم بعممد البلغ والممدعوة إلممى السمملم‪،‬‬
‫وإصرارهم على الكفر حتى يعبدوا الله وحده ويؤمنوا برسوله محمد‬
‫صلى الله عليممه وسمملم ويتبعمموا ممما جمماء بممه‪ ،‬وأنممه ل تحممرم دممماؤهم‬
‫وأموالهم إل بذلك وهي تعم جهاد الطلب‪ ،‬وجهاد الدفاع‪ ،‬ول يسممتثنى‬
‫من ذلك إل من التزم بالجزية بشروطها إذا كان من أهلها عمل بقول‬

‫)‪(306‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫خمرِ َول‬ ‫ن ب ِممالل ّهِ َول ب ِممال ْي َوْم ِ اْل ِ‬ ‫ن ل ي ُؤْ ِ‬
‫من ُممو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫اللممه عممز وجممل‪ :‬قَممات ُِلوا ال ّم ِ‬
‫ن ُأوُتمموا‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ن ِدي َ‬ ‫ديُنو َ‬ ‫ه َول ي َ ِ‬ ‫سول ُ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫حّر َ‬‫ما َ‬
‫ن َ‬ ‫مو َ‬‫حّر ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ن"]مممن كتمماب فضممل‬ ‫صمماِغُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ي َدٍ وَهُ ْ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫طوا ال ْ ِ‬
‫جْزي َ َ‬ ‫حّتى ي ُعْ ُ‬‫ب َ‬‫ال ْك َِتا َ‬
‫الجهاد والمجاهدين[‪.‬‬
‫ونحن ل ننكممر سممماحة السمملم‪ ،‬ولكممن يجممب أن نعممرف ممما هممي‬
‫سممماحة السمملم‪ ،‬لقممد أصممبح كممثير مممن المتكلميممن علممى المنممابر‬
‫والصحف يعتقدون أن سماحة السمملم هممي النبطمماح والذل ّممة وإيثممار‬
‫الدنيا على الدين‪ ،‬وخذلن المسملمين واسمتجداء الكفمار المحماربين‪،‬‬
‫والخضوع لهم والركون إليهم‪.‬‬
‫ن هذا أمر ل يقّره ل شرع ول عقل ول فطرة سليمة‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫وأعظم من طّبق سماحة السلم وعمل بها هو رسول الله صلى‬
‫سممر النممبي صملى‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬وانظر إلى سيرته العطرة‪ ،‬همل ف ّ‬
‫الله عليه وسلم سماحة السلم بخذلن المسلمين المستضعفين؟‬
‫سر صلى الله عليممه وسمملم سممماحة السمملم بممالركون إلممى‬ ‫هل ف ّ‬
‫الكافرين والخضوع لهم؟‬
‫هل فسممر عليممه الصمملة والسمملم سممماحة السمملم بالتنممازل عممن‬
‫ثوابت الدين وتمييع عقيدة التوحيد والولء والبراء؟‬
‫تأمل قول الله تعالى‪] :‬ل ينهاكم الله عن المذين لم يقاتلوكم فممي‬
‫الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تب َ ُّروهم وتقسطوا إليهم إن اللممه‬
‫يحب المقسطين‪ ،‬إنما ينهمماكم اللممه عممن الممذين قمماتلوكم فممي الممدين‬
‫وأخرجوكم من ديمماركم وظمماهروا علممى إخراجكممم أن تولمموهم ومممن‬
‫يتولهم فأولئك هم الظالمون{‪.‬‬
‫فالمريكممان النصممارى وأكممثر دول أوروبمما النصممرانية‪ ،‬قممد قمماتلوا‬
‫المسلمين وقتلوهم بل رحمة ول شفقة وانتهكوا أعراض المسمملمات‬
‫بكل وحشية‪ ،‬في أفغانستان والعراق والصومال والبوسنة وكوسمموفا‬
‫وألبانيا‪ ،‬وظاهروا نصارى إندونيسيا وجزر الملوك والفلبين على قتممل‬
‫المسمملمين وإحراقهممم وتشممويههم‪ ،‬وظمماهروا اليهممود علممى احتلل‬
‫فلسطين وتقتيل أهلها وتهجيرهممم‪ ،‬وكممذلك الهنممدوس فممي الهنممد قممد‬
‫قتلموا آلف المسملمين وحرقمموا عليهمم منمازلهم فممي كجممرات وفمي‬
‫كشمير وغيرها‪.‬‬
‫هل سماحة السلم تجاه هذه المصائب والبليا ‪-‬الممتي يشمميب لهمما‬

‫)‪(307‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الولدان‪ -‬أن نخضع للكافرين ونسممتجديهم ونتممودد إليهممم ونسممتقبلهم‬
‫بالحضان وُنقيم مراسيم الحتفال تعظيما ً لهم؟‬
‫وما هو الواجب الذي علينا أن نتكلممم بممه فممي مثممل هممذه النمموازل‬
‫دد مصير أمة السلم ودينها؟‬ ‫التي ته ّ‬
‫در أمة السلم ونممدفعها إلممى‬ ‫هل نتكلم عمن سماحمة السلم وُنخ ّ‬
‫الركون إلى الدنيا‪ ،‬ونبرر لها خذلنها للمستضعفين‪.‬‬
‫أم الواجب أن نتكلم عن قوة السلم وعّزته‪ ،‬وعن أخمموة اليمممان‬
‫ووجوب نصرة المستضعفين والدفاع عنهم؟!‬
‫اقرأ السيرة النبوية وانظر مممواقفه صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي‬
‫النمموازل الممتي حصمملت للمسمملمين فممي عهممده لكممي تعممرف ممما هممي‬
‫سماحة السلم وما هو الموقف الصحيح تجاه هذه المصائب‪:‬‬
‫‪ -‬عندما اعتدى يهممود بنممي قينقمماع علممى امممرأة مسمملمة فكشممفوا‬
‫سوأتها وقتلوا أحد الصحابة‪ ،‬ماذا فعممل بهممم النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم؟ لم يعقد مؤتمرا ً لحوار الديان ولم يذهب إليهم لكممي يطلممب‬
‫منهم العفو‪ ،‬بل جهّممز جيشمه وحاصمرهم حمتى أخرجهممم ممن بيموتهم‬
‫ذلء صاغرين‪.‬‬ ‫م أخرجهم من المدينة أ ّ‬
‫وحصونهم ث ّ‬
‫‪-‬كذلك عندما أراد بعض رؤساء بني النضير قتل رسول الله صمملى‬
‫الله عليه وسلم برمي رحى عليه رجع رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم وجهممز جيشممه وحاصممرهم وحمّرق نخيلهممم‪ ،‬ثممم أخرجهممم مممن‬
‫المدينة‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك بنو قريظة عندما نقضمموا العهممد وتواطممؤوا مممع الحممزاب‪،‬‬
‫حاصرهم صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكم سعد بممن معماذ‬
‫رضي الله عنه فحكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهممم‪ ،‬فقتممل‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كل بالٍغ منهم وكانوا سبعمائة فقتلوا في‬
‫غداة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬وبعد انتهاء معركة الحزاب غمزا النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫القبائل التي أعممانت قريممش وقتممل مممن أدركممه منهممم وشمّردهم فممي‬
‫الرض‪.‬‬
‫‪ -‬عندما سمع صلى الله عليه وسلم أن بنممي المصممطلق يجمعممون‬
‫لحربه غزاهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وذراريهم‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك عندما أغارت بنممو بكممر علممى خزاعممة‪ -‬وهممم حلفمماء النممبي‬

‫)‪(308‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأعانهم أناس من قريش اعتممبر النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم ذلك نقضا ً للعهد فجّهز جيشه وغزا مكة وفتحها‪.‬‬
‫هكذا كانت غيرته صلى الله عليه وسلم على دين الله وعلى دماء‬
‫المسلمين وأعراضهم‪ ،‬وهذه هي سماحة السلم بحممق؛ فممإن حمايممة‬
‫دين المسلمين والدفاع عن دمممائهم وأعراضممهم وأممموالهم وديممارهم‬
‫هي سماحة السلم بأسمى مراتبها وغاياتها‪ ،‬فأهل السلم هم أولى‬
‫الناس بسماحته ورحمته‪ ،‬ول ُيعقل أن نترك أهل السلم ُيفتنون في‬
‫ل الكفممار الظممالمين‪ ،‬ثممم نجعممل‬ ‫دينهم وُيظلمون في حقوقهم من قِب َ ِ‬
‫سماحمة السملم هي التودد إلى الكفار والركون إليهم بالتنممازل عممن‬
‫ثوابتنا وعن حقوقنا ودمائنا‪ ،‬هذا فهم منكوس لسممماحة السمملم‪ ،‬ول‬
‫يمكن أن يكون نصيب الكفار من سماحة السلم أعظم مممن نصمميب‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫موا آذاننا بالكلم عممن سممماحة السمملم‪:‬‬ ‫وعلى هذا نقول للذين ص ّ‬
‫إن كنتم صادقين في الخممذ بسممماحة السمملم وتطبيقهمما علممى أرض‬
‫الواقع فأول ما يجب عليكم أن تذودوا عممن ديمن السمملم المذي جماء‬
‫بهذه السماحة‪ ،‬وتمذودوا عمن دمماء المسملمين وأعراضمهم وديمارهم‬
‫فهممم أولممى بسممماحة السمملم‪ ،‬وتكّفمموا عممدوان المعتممدين وظلممم‬
‫الظالمين فذلك من سماحة السلم بالمسلمين والكافرين‪.‬‬
‫ثممم نقممول‪ :‬أليممس الكفممار هممم الممذين اعتممدوا علممى المسمملمين‬
‫وظلموهم في مشارق الرض ومغاربهمما؟ إذا ً ممما هممو الممداعي لطممرح‬
‫مثل هذا الموضوع بهذه الكثافة والكثرة في الوقت الذي يظلمنا فيه‬
‫الكفار؟‬
‫ومن قُت ِممل مممن الكفممار علممى أيممدي المسمملمين ل يسمماوون عشممر‬
‫معشار من قُِتل من المسلمين على أيدي الكفممار‪ ،‬ثممم إن المفممترض‬
‫أن يكون الحديث عن جرائم الكفار واعتدائهم على كتاب الله وعلى‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسمملمين‪ ،‬ويكممون حممديثنا مممع‬
‫الكفار في توضيح أن ما حصل لهم في الحادي عشر من سبتمبر هو‬
‫بسممبب سياسمماتهم الظالمممة تجمماه السمملم وأهلممه‪ ،‬وأنهممم ممما داممموا‬
‫مستمرين على تلك السياسة فممإنه سيحصممل لهممم مثممل ذلممك وأكممثر‬
‫فكل جريمة منهم ستورث حقدا ً عليهم وتولد في نفوس المظلومين‬
‫العزم على الخذ بالثأر‪ ،‬ومن عاقب بالمثل فما ظلم‪.‬‬

‫)‪(309‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وه صورة السلم عند الغممرب‪،‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬إن قتل المريكان قد ش ّ‬
‫سن صورته في‬ ‫لذلك نحن نكثر الحديث عن سماحة السلم لكي ُنح ّ‬
‫أعينهم‪.‬‬
‫وه صممورة السمملم‬ ‫فالجواب‪ :‬إن كان جهاد الدفع والخذ بالثأر يش ّ‬
‫فهل معنى ذلك أن نترك جهاد الدفع‪ ،‬ونترك بلدنا وأعراضنا وأموالنا‬
‫لهم؛ حتى يرضوا عن السلم؟‬
‫وه‬‫ن قتال الكفار المعتممدين فممي العممراق وأفغانسممتان قممد ش م ّ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫صورة السلم عند الغرب فهل نممترك بلد المسمملمين يحتلهمما الكفممار‬
‫وه صورة السلم؟‬ ‫ن ذلك يش ّ‬‫ول نقاتلهم ل ّ‬
‫وه‬ ‫كذلك هدم القباب التي على القبور ومنع الشركيات والبدع يش ّ‬
‫صورة السلم عند الغرب لنهم يرون ذلك تدخل ً في حريات التدين‪،‬‬
‫وحريات الناس‪ ،‬فهل نترك الشرك والبدع وأهلها لكي يرضى الغرب‬
‫عن السلم؟‬
‫كذلك إلزام المممرأة بالحجمماب‪ ،‬وفصممل الرجممال عممن النسمماء فممي‬
‫كممي‬ ‫وه صورة السلم عند الغرب فهل نترك هذا المممر ل َ‬ ‫التعليم‪ ،‬يش ّ‬
‫يرضى الغرب عن السلم؟‬
‫وه صورة السلم عند‬ ‫كذلك تحريم الفواحش والخمور ومنعها يش ّ‬
‫الغرب فهل نترك ذلك لكي يرضى الغرب عن السلم؟‬
‫سن صورة السلم بالتنازل عن ثوابت الممدين‬ ‫إن الذي يريد أن ُيح ّ‬
‫وتحريفها لن يصل إلى رضاهم مهما قممدم مممن التنممازلت حممتى يتبممع‬
‫دينهم وينسلخ من السلم‪ ،‬قال تعالى‪] :‬ولن ترضى عنممك اليهممود ول‬
‫النصارى حتى تتبع مّلتهم{‪.‬‬
‫والذي يزعم أن الجهاد‪ ،‬والولء والبراء‪ ،‬والحب في اللممه والبغممض‬
‫في الله‪ ،‬ليس من الدين فإن الدين بريء منه وهو على دين أمريكمما‬
‫وليس على دين السلم‪.‬‬
‫سن صورة السلم هو قتال المعتدين‪ ،‬والذود عممن‬ ‫بل إن الذي يح ّ‬
‫حياض الدين‪ ،‬والدفاع عن المسمملمين‪ ،‬حممتى يعلممم الغممرب والشممرق‬
‫وتهم وتكمماتفهم وتعاضممدهم وتناصممرهم‬ ‫عزة السلم وعزة أهلممه وأ ُ ُ‬
‫خم ّ‬
‫وتلحمهم‪ ،‬فليس السلم دين مهانة وذلة وخذلن‪ ،‬بل هو ديممن عممزة‬
‫وسؤدد وتلحم وتراحم‪.‬‬
‫والحقيقممة أن الممذين يممدعون اليمموم إلممى حمموار الديممان ليممس‬

‫)‪(310‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مقصودهم دعوة غير المسلمين إلى السلم‪ ،‬وإنما مقصودهم تمييممع‬
‫الولء للمؤمنين والبراء من الكافرين والحب والبغممض لجممل الممدين‪،‬‬
‫ويريدون حصر الدين في أماكن العبادة‪ ،‬وإذابة الشخصممية السمملمية‬
‫وصهرها في بوتقة العلمانية الغربية القائمممة علممى المصممالح الماديممة‬
‫المحضة‪.‬‬
‫وكل من يذوب ويدخل في هذه الممدعوة سموف ينسملخ ممن دينمه‬
‫ويتنازل عن ثوابته ويدخل الكفر مممن أوسممع أبمموابه‪ ،‬وتتلشممى عنممده‬
‫عقيدة التوحيد والولء والبراء‪ ،‬والحب فممي اللممه والبغممض فممي اللممه‪،‬‬
‫ويصبح عبدا ً لدنياه‪ ،‬وعبدا ً للماّدة‪ ،‬فكل طريق يوصله إلممى الحصممول‬
‫على الماّدة يسلكه ولو كان من أعظممم الظلممم والجممرم‪ ،‬وهممذه هممي‬
‫حقيقة العلمانية القائمة في دول الغرب‪ ،‬وانظر إلممى الحممروب الممتي‬
‫دة‪ ،‬تجممد أنهممم خممالفوا‬ ‫خاضممها الغممرب الكممافر للحصممول علممى الممما ّ‬
‫القوانين التي وضعوها هم بأنفسهم والتزموا بها اختيارًا‪ ،‬فلما لحممت‬
‫لهم مصالح مادية داسوا على تلك القوانين بأقدامهم وخممالفوا جميممع‬
‫مممروا دول ً بكاملهمما‬
‫العراف الدولية‪ ،‬واستباحوا الدماء والعراض‪ ،‬ود ّ‬
‫دة والسيطرة عليها‪.‬‬ ‫سعيا ً وراء الحصول على الما ّ‬
‫دة‬ ‫ثممم تطممورت تلممك العلمانيممة الماديممة الممتي عب ّممدت البشممر للممما ّ‬
‫فولدت الشيوعية والشتراكية واللحاد الذي ارتكز على إنكار الخالق‬
‫جل وعل‪.‬‬
‫وهكذا هذه الدعوة التي يدعو إليها عبد الله بن عبد العزيممز ومممن‬
‫معه‪ ،‬هي في الحقيقة نواة اللحاد وبممذرة العلمانيممة الماديممة القائمممة‬
‫على إقصاء الدين في التعامل مع بنممي البشممر‪ ،‬والممتي سمميكون مممن‬
‫أول ثمراتها ذوبان الشخصية السلمية وانحللها في براثن العلمانيممة‬
‫الغربية‪ ،‬والستسلم والرضممى بالتعدديممة الدينيممة‪ ،‬والحريممة العقديممة‪،‬‬
‫دة عن الدين ول يسممتنكر العقممائد‬ ‫والحرية الشخصية‪ ،‬فل يستنكر الر ّ‬
‫الكفريمة واللحاديمة‪ ،‬ول يسممتنكر الفممواحش والرذيلمة باسمم الحريممة‬
‫الشخصية‪ ،‬وهكذا يصبح من دخل في بوتقممة هممذه الممدعوة اللحاديممة‬
‫المقّنعة ممسوخا ً منكوس الفطرة ديوثا ً مهينًا‪ ،‬نسممأل اللممه السمملمة‬
‫والعافية‪.‬‬
‫هذا هو حقيقة ما يدعو إليه عبد الله بممن عبممد العزيممز ومممن خلفممه‬
‫ن هذه الدعوة لقت ترحيبمما ً‬ ‫من حكام وعلماء ومفكرين‪ ،‬لذلك نجد أ ّ‬
‫كبيرا ً من الغرب الكافر بجميممع طمموائفه الدينيممة والعلمانيممة وغيرهمما‪،‬‬
‫)‪(311‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫نسممأل اللممه العظيممم أن يحفممظ لنمما وللمسمملمين ديممن السمملم‪ ،‬وأن‬
‫ُيخرجنا من هذه الفتنة بسلمة الدين والعقل والفطرة‪.‬‬
‫قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في كتممابه )البطممال‪] :( ..‬ففممي‬
‫الوقت الذي يجري فيه صريف القلم الجهادية من علماء المسلمين‬
‫في شتى فجاج ارض الله‪ ،‬بالدعوة إلى اللممه‪ ،‬والتبصممير فممي الممدين‪،‬‬
‫ومواجهة موجممات اللحمماد والزندقممة‪ ،‬ورد دعمماوى الجاهليممة القديمممة‬
‫والمعاصرة‪ :‬القومية‪ ..‬البعثيممة‪ ...‬الماركسممية‪ ..‬العلمنممة‪ ..‬الحداثممة‪، ..‬‬
‫وصد عاديات التغريب والنحراف‪ ،‬والغممزو والمعنمموي بجميممع أنممواعه‬
‫دت محنة أخرى في ظاهرة هي أبشع الظممواهر‬ ‫وضروبه‪ ،‬وأشكاله‪ ،‬ب َ َ‬
‫المعادية للسلم والمسمملمين؛ إذ نزعممت فممي المواجهممة نزعما ً عنيفمما‬
‫بوقاحة‪ ،‬وفراهة؛ كيدا ً للمسلمين‪ ،‬وطعنا ً في الممدين‪ ،‬ولي ّما ً بألسممنتهم؛‬
‫لفساد نزعة التدين بالسلم‪ ،‬والدخول فيه‪ ،‬وتممذويب شخصمميته فممي‬
‫معترك الديانات‪ ،‬ومطاردة التيار السلمي‪ ،‬وكبت طلئعممه المؤمنممة‪،‬‬
‫وسحب أهله عنه إلى ردةٍ شاملة[‪.‬‬
‫‪ ...‬وصهر المسلمين معهههم فههي قههالب واحههد فل ولء‪،‬‬
‫ول بههراء‪ ،‬ول تقسههيم للمل إلههى مسههلم وكههافر أبههدًا‪ ،‬ول‬
‫لتعبدات الخلئق إلى حق وباطل‪ .‬ونصبوا لههذلك مجموعههة‬
‫من الشعارات وصاغوا له كوكبة من الدعايات‪ ،‬وعقدوا له‬
‫المؤتمرات‪ ،‬والندوات‪ ،‬والجمعيات‪ ،‬والجماعات‪ ،‬إلههى آخههر‬
‫ما هنالك مههن مخططههات وضههغط‪ ،‬ومباحثههات ظههاهرة‪ ،‬أو‬
‫خفيههة‪ ،‬معلنههة‪ ،‬أو سههرية‪ ،‬ومهها يتبههع ذلههك مههن خطههوات‬
‫نشيطة‪ ،‬ظهر أمرها وانتشر وشاع واشتهر‪.‬‬
‫‪ ...‬وما يتبع ذلك‪ ،‬من أساليب بارعة للسههتدراج‪ ،‬ولفههت‬
‫النظهههار إليهههها واللتفهههاف حولهههها‪ ،‬كالتلويهههح بالسهههلم‬
‫العالمي‪ ،‬ونشدان الطمأنينة والسعادة للنسانية‪ ،‬والخاء‪،‬‬
‫والحريههة‪ ،‬والمسههاواة‪ ،‬والههبر والحسههان‪ .‬وهههذه نظيههرة‬
‫وسههائل الههترغيب الثلثههة الههتي تنتحلههها الماسهههونية‪":‬‬
‫الحهرية‪ ،‬والخهههاء‪ ،‬والمسههاواة " أو‪ " :‬السههلم‪ ،‬والرحمههة‪،‬‬
‫والنسانية"‬
‫‪ ...‬وهكذا ينتشر عقد التهويد‪ ،‬والتنصير‪ ،‬بنثر شعاراتهم‬
‫بين المسلمين‪ ،‬ومشاركة المسلمين لهم فههي أفراحهههم‪،‬‬
‫وأعيههادهم‪ ،‬وإعلن صههداقتهم‪ ،‬والحفههاوة بهههم‪ ،‬وتتبههع‬
‫)‪(312‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫خطواتهم وتقليهدهم‪ ،‬وكسهر حهاجز النفهرة منهههم بهذلك‪،‬‬
‫وبتطبيع العلقات معهم‪.‬‬
‫‪ ...‬هذه خلصة ما جهههرت بههه اليهههود‪ ،‬والنصههارى‪ ،‬فههي‬
‫مجال نظرية توحيد ديانتهم مع دين السههلم‪ ،‬وهههي بهههذا‬
‫الوصف‪ ،‬من مستجدات عصرنا‪ ،‬باختراع شعاراتها‪ ،‬وتبنههي‬
‫اليهود‪ ،‬والنصارى لها علههى مسههتوى الكنههائس‪ ،‬والمعابههد‪،‬‬
‫وإدخالها سههاحة السياسههة علههى ألسههنة الحكههام‪ ،‬والتتههابع‬
‫الحهههثيث بعقهههد المهههؤتمرات‪ ،‬والجمعيهههات‪ ،‬والجماعهههات‪،‬‬
‫والنهههدوات؛ لبلورتهههها‪ ،‬وإدخالهههها الحيهههاة العمليهههة فع ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وتلصصهههم ديههار المسههلمين لههها‪ ،‬مههن منظههور‪ ":‬النظههام‬
‫الدولي الجديد " مستهدفين قبههل هيمنههة ديههانتهم‪ ،‬إيجههاد‬
‫ردة شاملة عند المسلمين عن السلم‪.‬‬
‫ول يعزب عن البههال‪ ،‬وجههود مبههادرات نشههطة جههدا ً مههن‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬فههي الههدعوة إلههى‪ " :‬الحههوار بيههن أهههل‬
‫الديان " وباسم " تبادل الحضههارات والثقافههات " و" بنههاء‬
‫حضارة إنسانية موحدة "‪.‬‬
‫فل يجههوز لمسههلم يههؤمن بههالله ربههًا‪ ،‬وبالسههلم دينههًا‪،‬‬
‫ل‪ ،‬الستجابة لههها‪ ،‬ول‬ ‫وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسو ً‬
‫الهههدخول فهههي مؤتمراتهههها‪ ،‬ونهههدواتها‪ ،‬واجتماعاتهههها‪،‬‬
‫وجمعياتههها‪ ،‬ول النتمههاء إلههى محافلههها‪ ،‬بههل يجههب نبههذها‪،‬‬
‫ومنابذتها‪ ،‬والحذر منها‪ ،‬والتحذير من عواقبها‪ ،‬واحتسههاب‬
‫الطعن فيها‪ ،‬والتنفير منها‪ ،‬وإظهار الرفض لها‪ ،‬وطردها‬
‫عن ديار المسلمين‪ ،‬وعزلههها عههن شههعورهم‪ ،‬ومشههاعرهم‬
‫والقضاء عليها‪ ،‬ونفيها‪ ،‬وتغريبها إلى غربها‪ ،‬وحجرها في‬
‫صدر قائلها‪ ،‬ويجب على الوالي المسلم إقامههة حههد الههردة‬
‫على أصحابها‪ ،‬بعد وجود أسبابها‪ ،‬وانتفاء موانعها‪ ،‬حمايههة‬
‫للدين‪ ،‬وردعا ً للعابثين‪ ،‬وطاعة لله‪ ،‬ولرسوله ‪ -‬صلى اللههه‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وإقامة للشرع المطهر‪.‬‬
‫وليعلم كل مسلم عن حقيقة هذه الدعوة‪ :‬أنها فلسممفية النم ّممزعة‪،‬‬
‫سياسية النشأة‪ ،‬إلحادية الغاية‪ ،‬تبرز في لباس جديد لخذ ثأرهم من‬
‫المسممملمين‪ :‬عقيمممدة‪ ،‬وأرضمممًا‪ ،‬وملكمممًا‪ ،‬فهمممي تسمممتهدف السممملم‬
‫والمسلمين في‪:‬‬
‫)‪(313‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -1‬إيجاد مرحلة التشويش على السلم‪ ،‬والبلبلة في المسمملمين‪،‬‬
‫وشحنهم بسيل من الشبهات‪ ،‬والشهوات؛ ليعيش المسلم بين نفس‬
‫نافرة‪ ،‬ونفس حاضرة‪.‬‬
‫‪ -2‬قصد المد السلمي‪ ،‬واحتوائه‪.‬‬
‫‪ -3‬تأتي على السلم من القواعد‪ ،‬مستهدفة إبرام القضمماء علممى‬
‫السلم واندراسممه‪ ،‬ووهممن المسمملمين‪ ،‬ونممزع اليمممان مممن قلمموبهم‪،‬‬
‫وََوأِده‪.‬‬
‫‪ -4‬حل الرابطة السلمية بين العالم السلمي في شممتى بقمماعه؛‬
‫لحلل الخوة البلدية اللعينة‪ " :‬أخوة اليهود والنصارى "‪.‬‬
‫‪ -5‬كف أقلم المسلمين‪ ،‬وألسنتهم عممن تكفيممر اليهممود والنصممارى‬
‫وغيرهم‪ ،‬ممن كفرهم الله‪ ،‬وكفرهم رسوله صلى الله عليه وسمملم ‪-‬‬
‫إن لم يؤمنوا بهذا السلم‪ ،‬ويتركوا ما سواه من الديان‪.‬‬
‫‪ -6‬وتستهدف إبطال أحكام السلم المفروضممة علممى المسمملمين‬
‫أمام الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم من أمم الكفر ممن لممم‬
‫يؤمن بهذا السلم‪ ،‬ويترك ما سواه من الديان‪.‬‬
‫‪ -7‬وتستهدف كف المسلمين عن ذروة سنام السلم‪ :‬الجهاد في‬
‫سبيل الله‪ ،‬ومنه‪ :‬جهاد الكتابيين‪ ،‬ومقمماتلتهم علممى السمملم‪ ،‬وفممرض‬
‫الجزية عليهم إن لم يسلموا‪.‬‬
‫‪ -8‬وتسممتهدف هممدم قاعممدة السمملم‪ ،‬وأصممله‪" :‬الممولء والممبراء"‬
‫و"الحب والبغض في الله"‪ ،‬فترمي هذه النظرية الماكرة إلممى كسممر‬
‫حاجز براءة المسلمين من الكممافرين‪ ،‬ومفاصمملتهم‪ ،‬والتممدين بممإعلن‬
‫بغضممهم وعممداوتهم‪ ،‬والبعممد عممن ممموالتهم‪ ،‬وتمموليهم‪ ،‬وممموادتهم‪،‬‬
‫وصداقتهم‪.‬‬
‫‪ -9‬وتسممتهدف إسممقاط جمموهر السمملم‪ ،‬واسممتعلئه‪ ،‬وظهمموره‬
‫وتميممزه‪ ،‬بجعممل ديممن السمملم المحكممم المحفمموظ مممن التحريممف‬
‫والتبديل‪ ،‬في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين محرف منسمموخ‪،‬‬
‫بل مع العقائد الوثنية الخرى‪.‬‬
‫‪ -10‬وترمي إلى تمهيممد السممبيل‪ " :‬للتبشممير بالتنصممير " والتقممديم‬
‫لذلك بكسر الحواجز لدى المسلمين‪ ،‬وإخماد توقعات المقاومممة مممن‬
‫المسلمين؛ لسبق تعبئتهم بالسترخاء‪ ،‬والتبلد‪.‬‬
‫هذا بعض ما تسههتهدفه هههذه النظيههرة الثمههة‪ ،‬وإن مههن‬

‫)‪(314‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شدة البتلء‪ ،‬أن يستقبل نزر من المسلمين‪ ،‬ولفيف مههن‬
‫المنتسبين إلى السلم هذه " النظرية " ويركضوا وراءها‬
‫إلى ما ُيعقد لها من مؤتمرات‪ ،‬ونحوههها‪ ،‬وتعلههو أصههواتهم‬
‫بههها‪ ،‬مسههابقين هههؤلء الكفههرة إلههى دعههوتهم الفههاجرة‪،‬‬
‫وخطتهم الماكرة‪ ،‬حتى فاه بعض المنتسبين إلى السلم‬
‫بفكرته الثمة‪.‬‬
‫وليعلم كل مسلم‪ ،‬أنه ل لقاء بين أهل السلم والكتابيين وغيرهم‬
‫من أمم الكفر إل وفممق الصممول الممتي نصممبت عليهمما اليممة الكريمممة‪:‬‬
‫}قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمممة سممواء بيننمما وبينكممم أل نعبممد إل‬
‫الله ول نشرك به شيئا ً ول يتخذ بعضنا بعضا ً أربابا ً من دون الله فممإن‬
‫تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون{ ]آل عمران ‪ .[64 /‬وهممي توحيممد‬
‫الله تعالى ونبذ الشراك به وطاعته في الحكم والتشريع واتباع خاتم‬
‫النبياء والمرسلين محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬الذي بشممرت بممه‬
‫التوراة والنجيل‪.‬‬
‫وهذا ‪ -‬وأيم الله ‪ -‬ل بد له من موقفين‪ :‬موقف رفع رايممة الجهمماد‪،‬‬
‫وتوظيف القدرات بصد العاديات‪ ،‬وموقف للبناء وتحصين المسمملمين‬
‫بإسلمهم على وجهه الصحيح‪.‬‬
‫ول تلتفت أيها المسلم إلى غلط الغالطين‪ ،‬ول إلى مممن خممدعتهم‬
‫دعوة إخوان الشياطين‪ ،‬ول إلى المأجورين‪ ،‬ول إلى أفراد من الفرق‬
‫الضممالة مممن المنتسممبين إلممى السمملم‪ ،‬للمناصممرة‪ ،‬والترويممج لهممذه‬
‫النظرية‪ ،‬فيتسنمون الفتيا وما هم بفقهاء‪،‬ول بصيرة لهم في الممدين‪،‬‬
‫وإنما حالهم كما قال الله تعالى‪} :‬وإن منهم فريق ما ً يلمموون ألسممنتهم‬
‫بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتمماب ويقولممون هممو مممن‬
‫عند اللممه وممما هممو مممن عنممد اللممه ويقولممون علممى اللممه الكممذب وهممم‬
‫يعلمون{[[‪] .‬من كتاب إبطال نظرية الخلط بين السلم وغيره مممن‬
‫الديان‪ ،‬للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله[‪.‬‬
‫وأمام هذه الضللت الواضحة والفاضحة لم نجد المؤلف وأمثمماله‬
‫الذين ملؤوا الساحة ردودا على مخممالفيهم‪ ،‬لممم نجممد منهممم التصممدي‬
‫لهذه الدعوة العلمانية اللحادية المقّنعة‪ ،‬بل ما نجد منهممم إل المممدح‬
‫والثنمماء والتبجيممل للحكومممة السممعودية وحاكمهمما‪ ،‬سممبحان اللممه أيممن‬
‫الغيرة على الدين؟ أين الغيرة على الحق؟‬

‫)‪(315‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن الغيرة مقيدة بما ل يخالف هوى الحكام؟‬ ‫أم أ ّ‬
‫والعجيب أنه لو مدح بعض المشايخ أو الدعاة شيخا ً أو عالممما ً قممد‬
‫صنفهم المؤلف وأمثاله من المبتدعة‪ ،‬تجدهم يستنكرون عليه مدحه‬
‫لذلك الشيخ لنه مبتممدع‪ ،‬بينممما نجممدهم فممي نفممس المموقت يمممدحون‬
‫ويثنون على من يدعوا إلى الكفر والعلمانية وتمييع الولء والبراء!‬
‫م علينمما أن نجتمممع‬ ‫ن واقع المسلمين ُيحت م ّ‬
‫وإذا قال بعض العلماء إ ّ‬
‫ونترك الخلف لننا في حالة حرب مع الكفممار تجممد المؤلممف وأمثمماله‬
‫يصيحون مستنكرين كيف نجتمع مع الجماعممة الفلنيممة وهممي جماعممة‬
‫مبتدعة‪ ،‬بينما عندما قال عبد الله بن عبد العزيز‪]:‬وإذا كنا نريممد لهممذا‬
‫اللقاء التاريخي أن ينجح فل بممد أن نتمموجه الممى القواسممم المشممتركة‬
‫التي تجمع بيننا[‪ ،‬خرست تلك اللسن الممتي اسممتنكرت الجتممماع مممع‬
‫المسمملمين فلممم نتكممر الممدعوة إلممى الجتممماع مممع الكفممار الصممليين‪،‬‬
‫والعداء الحقيقيين‪.‬‬
‫ت أقصد بكلمي تأييد من يدعو إلممى الجتممماع مممع المبتدعممة‬ ‫ولس ُ‬
‫مطلقًا‪ ،‬أو من يمدح المبتدعة‪ ،‬وإنما أردت بهممذا أن تعممرف التنمماقض‬
‫الذي عليه المؤلف وأمثاله‪.‬‬
‫وصدق من قال‪ :‬يرون الشعرة عي عين عدوهم ول يرون الجممذع‬
‫في أعينهم‪.‬‬
‫م ألممم يعلممم عبممد اللمه بممن عبممد العزيممز ومممن خلفممه مممن علممماء‬ ‫ث ّ‬
‫ن الكفر والشرك والقول بأن المسمميح ابممن‬ ‫‪-‬يمسخون أصل الدين‪ -‬أ ّ‬
‫الله وأن عزيرا ً ابن الله‪ ،‬والقول بأن اللممه ثممالث ثلثممة‪ ،‬والقممول بممأن‬
‫ن هممذا أشممد مممن‬ ‫الله فقير‪ ،‬والقول بأن يد الله مغلولة‪ ،‬ألم يعلممموا أ ّ‬
‫القتل؟!‬
‫قال تعالى‪] :‬والفتنة أشد من القتل{‪.‬‬
‫ل فيممه‪ ،‬قممل قتممال‬ ‫وقال سبحانه‪] :‬يسألونك عن الشهر الحرام قتا ٍ‬
‫فيه كبير‪ ،‬وصد ّ عن سبيل الله وكف مٌر بممه والمسممجد الحممرام وإخممراج‬
‫أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ول يزالممون يقمماتلونكم‬
‫حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا‪.{...‬‬
‫قال تعالى‪] :‬وقالوا اتخذ الرحمن ولدا‪ ،‬لقممد حئتممم شمميئا ً إّدا‪ ،‬تكمماد‬
‫دا{‪.‬‬‫طرن منه وتنشق الرض وتخر الجبال ه ّ‬ ‫السماوات يتف ّ‬
‫فالسممماوات والرض والجبممال تكمماد تتفطممر وتنشممق وتنهممد ّ مممن‬

‫)‪(316‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بشاعمة قمول المشركين وُقبحه‪ ،‬وعبد الله بن عبد العزيز وكممل مممن‬
‫وافقه من حكام وعلماء ودعاة ومفكرين‪ ،‬يريدون مّنا أن نحب أولئك‬
‫دعون له الزوجة والولد ونحترمهم‬ ‫الذين يسبون الله ويشركون به وي ّ‬
‫ونتعايش معهم بسلم وأمان وإكرام‪.‬‬
‫ولو كان أولئك المشممركون يسمّبون عبممد اللممه بممن عبممد العزيممز أو‬
‫يسّبون أباه وأمه لعلن الحرب ضدهم‪ ،‬وما حادثممة قطممر عن ّمما ببعيممد‪،‬‬
‫حين عرضت قناة الجزيممرة طلل بممن عبممد العزيممز واعممترف أن أبمماه‬
‫كان يتقاضى راتبا ً من بريطانيا‪ ،‬كادت السعودية أن ُتشعل حربا ً ضممد‬
‫ن ذلممك يطعممن‬ ‫قطر حتى تأهب الجيش السعودي للحرب‪ ،‬من أجل أ ّ‬
‫في أبيهم‪.‬‬
‫فالذي يطعن في الله ويسّبه ويشرك بممه‪ ،‬يريممدون من ّمما أن نحبهممم‬
‫ب‬‫ونكرمهممم ونتعممايش معهممم بسمملم وأمممان ووئام‪ ،‬بينممما الممذي يسم ّ‬
‫الحكام ‪ -‬المشرعين مممع اللممه‪ ،‬والممموالين لعممداء اللممه‪ ،‬والمحمماربين‬
‫لدين الله‪ -‬تجدهم يحاربونه ويزجون بممه فممي غيمماهب السممجون حممتى‬
‫ُيصبح نسيا ً منسيًا‪.‬‬
‫انظر إلى الحكام الخائنين لممدينهم وأمتهممم وإلممى علمممائهم‪ ،‬كيممف‬
‫موقفهم من أعداء الله ورسوله والمؤمنين‪ ،‬الذين سفكوا ول يزالون‬
‫يسممفكون دممماء اللف مممن المسمملمين وينتهكممون أعممراض الحممرائر‬
‫العفيفممات‪ ،‬ويفتنممون المسمملمين عممن دينهممم‪ ،‬تجممدهم يتمموددون لهممم‬
‫ويتقربون إليهم بكل ما يستطيعون‪.‬‬
‫وانظر إلى موقفهم من المجاهمدين الصامدين الصابمرين الممذين‬
‫يبذلمممون أنفسممهم وأممموالهم لنصممرة ديممن اللممه والممدفاع عمممن دممماء‬
‫المسلمين وأعمراضهم وأرضهم‪ ،‬تجمدهم يحاربمونهم ويرممونهم بكممل‬
‫نقيصة ويتبرؤون منهم‪.‬‬
‫تأمل أيها الموحد كيف وصممف اللمه نممبيه صمملى اللممه عليممه وسملم‬
‫داء‬‫وأصحابه في قوله تعالى‪] :‬محممد ٌ رسممول اللممه والممذين معممه أشم ّ‬
‫على الكفار رحماء بينهم‪.{..‬‬
‫قارن بين هذا الوصف‪ ،‬وبين ما عليه هؤلء الحكام وعلماؤهم تجدهم‬
‫عكس الية تمامًا‪ ،‬فهم أشممداء علممى المجاهممدين‪ ،‬رحممماء بالكممافرين‬
‫المحاربين لدين الله‪.‬‬
‫كذلك انظر ما ينص عليه الدسممتور السممعودي فيممما يختممص بعلممم‬

‫)‪(317‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المملكة وأعلم الدول الخرى‪ ،‬تجد أن عقوبممة مممن ينشممر التخريممف‬
‫واللحاد أقل وأهممون مممن عقوبممة مممن يهيممن علمما ً مممن أعلم الممدول‬
‫الشممقيقة أو الصممديقة علممى ح مد ّ تعممبيرهم‪ ،‬وقممد سممبق عممرض نممص‬
‫الدستور في الرد على الشبهة الولى‪.‬‬
‫قممال الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه االلممه‪ " :‬ثممم‬
‫المعروف أن المشركين يقمماتلون لجممل كفرهممم‪ ،‬ل لجممل عممدوانهم‪،‬‬
‫من أدلته حديث " ُأمرت أن أقاتل الناس حمتى يشمهدوا أن ل إلمه إل‬
‫الله‪ ،‬وأن محمد رسول اللممه‪) .‬متفممق عليممه(‪ ،‬ولممم يقممل‪ :‬نقاتممل مممن‬
‫قاتلنا‪ ،‬ول من نخشى شّره!!‬
‫"قاتلوا الذين ل يؤمنون بممالله" فممدل علممى أن قتممالهم بالوصممف‪:‬‬
‫"الذين ل يؤمنون" هذا هو العّلة‪.‬‬
‫"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" يفيممد أنهممم ُيقمماَتلون لجممل‬
‫شركهم‪ ،‬فإن السم إذا كان بصيغة الوصف دل على اعتبار الوصممف‬
‫كقولك‪ :‬أعط الفقير درهمًا‪.‬‬
‫"قاتلوا من كفر بالله " )أحمد ومسلم والترمممذي وصممححه( هممذا‬
‫من البرهان على أن الكفرة ُيقاَتلون لجل كفرهم‪.‬‬
‫والرسول )صملى اللمه عليمه وسملم( أفهمم الخلمق‪ ،‬فلمو كمانوا ل‬
‫ُيقاَتلون إل لجل دفع شّرهم لقال‪ :‬إن قات َُلوكم‪) .‬فتاوى الشيخ محمد‬
‫بن إبراهيم ‪(6/198‬‬
‫كذلك مما يدلك على إلغائهم لشممرعية الجهمماد ‪-‬وأعنممي هنمما جهمماد‬
‫الدفع‪ -‬سعيهم الحثيث في السلم مممع اليهممود المحتليممن لفلسممطين‪،‬‬
‫ن شممرعنا أمرنمما بجهمماد‬ ‫وتنفيذ قرار إحلل الدولتين المستقلتين‪ ،‬مع أ ّ‬
‫العدو الصائل جهاد الدفع‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إنهم يريدون إخراج العدو بالمصالحة‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن الفرض في العدو الممذي دهممم أرض المسمملمين هممو‬
‫جهمماد الممدفع‪ ،‬ولكممن يجمموز لممولي أمممر المسمملمين أن يوقممف القتممال‬
‫ويسعى في مصالحتهم على الخروج منها إذا غلممب علممى ظنممه أنهممم‬
‫يستجيبون‪ ،‬فإن علم أو غلب على ظنه أنهممم ل يسممتجيبون فل يجمموز‬
‫له أن يوقف الجهاد لنه هو المفروض في الصممل‪ ،‬ولممما فممي إيقممافه‬
‫من مفاسد‪.‬‬
‫ن‬
‫وعلى هذا فكيف ُيعتذر عن الطواغيت بمثل هذا وهم يعلمممون أ ّ‬

‫)‪(318‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اليهممود ل يلممتزمون بممالعهود والمممؤتمرات النهزاميممة والمفاوضممات‬
‫العقيمة التي كانت ول تزال ُتعقد منذ أكثر من خمسين سنة‪.‬‬
‫واستمرارهم في العهود والمواثيق والمفاوضات مع اليهود مع كل‬
‫ن هذا هو‬ ‫تلك الخيانات والغدر ونقض العهود‪ ،‬دليل على أنهم يرون أ ّ‬
‫ل علممى ذلممك أيض ما ً أنهممم‬ ‫الحل الوحيد وأن جهاد الدفع ليس ح ً‬
‫ل‪ ،‬ويد ّ‬
‫دته‪.‬‬
‫لوكانوا يرون أن الجهاد هو الحل لعدوا له عُ ّ‬
‫الوجه الثاني من بيان تلبيس المؤلف‪ /‬أنه أكثر النقولت عن أهممل‬
‫ن كممل‬ ‫العلم فيما يختص بجهاد الطلب وهممذا مممن تلممبيس الواقممع‪ ،‬فممإ ّ‬
‫عاقل يعلم أن جهاد المة اليوم إنما هو جهاد دفع ل جهاد طلب‪.‬‬
‫نحن ل نخالف المؤلف في أن من شروط جهمماد الطلممب القممدرة‪،‬‬
‫ومراعاة المصلحة‪ ،‬ولكن هل الحكام الذين يممدافع عنهممم سممعوا فممي‬
‫إيجاد القدرة‪ ،‬عندما فقدوها؟‬
‫هل أعدوا شباب السلم للجهاد‪ ،‬بتدريبهم وتعليمهم فنون القتممال‬
‫واستخدام السلحة؟‬
‫هل أعدوهم إيمانيا ً بمحاربة أسباب الفساد‪ ،‬ونشر الخير؟‬
‫أم أنهم أشغلوا شعوبهم بكرة القدم‪ ،‬والمسلسلت؟‬
‫حكام الجزيممرة الممذين يسممتميت المؤلممف فممي الممدفاع عنهممم هممل‬
‫جّندوا شباب المة في الوقت الذي يدق فيه ناقوس الخطر؟‬
‫ن من أعظمم مما أنيمط بالحماكم حمايمة‬ ‫ألم يذكر السلف والئمة أ ّ‬
‫ثغور المسلمين؟‬
‫فهل حمى حكام الجزيرة الثغور؟ وهل أعدوا شباب المة لحمايممة‬
‫ذاذها‬‫أعظم ثغر على وجممه الرض؟ أم أنهممم أتمموا ببغايمما أمريكمما وش م ّ‬
‫لكي يحموا ثغور المسلمين؟!‬
‫إن مما يجب أن يعلمه المؤلف ومن على نهجه أن حكام الجزيرة‬
‫ن أسمميادهم المريكممان أرادوا أن تبقممى‬ ‫لم يعدوا الشممباب للجهمماد؛ ل ّ‬
‫شعوب الجزيمرة فمي قممة المترف حمتى إذا جماء الخموف اسمتنجدوا‬
‫بالمريكان لحمايتهم‪ ،‬لكي تبقممى الجزيممرة تحممت الحتلل المريكممي‪،‬‬
‫ويبقى النفط تحت سيطرتهم‪.‬‬
‫إن سقوط جهاد الطلب لعدم القدرة ل يعني أن تغرق المممة فممي‬
‫الترف واللهو‪ ،‬ولكممن إذا سممقط لعممدم القممدرة وجممب إعممداد القممدرة‬
‫لقامته‪ ،‬فإن المة يجب أن ل تخلوا من جهاد أو إعداد‪.‬‬
‫)‪(319‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إن الذي يممؤمن بمشممروعية الجهمماد ولكنممه يممتركه لضممعفه يسممعى‬
‫ى لقامممة الجهمماد‪ ،‬والواقممع مممن هممؤلء‬ ‫جاهدا ً لعداد المة ح ّ ً‬
‫سا ومعن ً‬
‫الحكام هممو خلف هممذا‪ ،‬فقممد نشممروا أسممباب فسمماد المممة وضممياعها‬
‫ولهوها‪ ،‬أشغلوا الشممعوب السمملمية بالغنمماء والعفممن الفنممي والفلم‬
‫وكرة القدم‪ ،‬وأغرقوا شعوبهم في الترف وهو من أعظم المثبطممات‬
‫عن الجهاد‪ ،‬فإن النعيممم والممترف يجعممل النمماس يخلممدون إلممى الممدنيا‬
‫ويركنممون إليهمما‪ ،‬وتركمموا ثغممور المممة يحميهمما اللصمموص مممن الجنممود‬
‫المريكان والبريطممانيين وغيرهممم‪ ،‬ومممن العجيممب أن المؤلممف يممدافع‬
‫عمن هو من أعظم أسباب ضعف المسلمين وتفرقهم‪ ،‬وهم الحكام؛‬
‫فإن الله إنما أمر بوضع حاكم للمسلمين ليقيم حيمماتهم علممى الحممق‪،‬‬
‫ويحممارب الفسمماد وأهلممه‪ ،‬كممما قممال بعممض السمملف‪ :‬إن اللممه ليممزع‬
‫ق نظرة على العالم السمملمي‬ ‫بالسلطان ما ل يزع بالقرآن‪ ،‬ولكن أل ِ‬
‫وانظر ما الذي شغل الحكام‪ ،‬تجممد أنهممم انشممغلوا بحمايممة كراسمميهم‬
‫والعمالة للكفار‪ ،‬فقبور الشرك تشّيد وتعبد في أكثر بلد المسمملمين‪،‬‬
‫والخمارات وبيوت الممدعارة مفتحممة البممواب‪ ،‬وفممي الجزيممرة محلت‬
‫الغناء والفيديو والدشوش مفتوحة‪ ،‬ومحلت الملبس تممبيع الملبممس‬
‫الفاضممحة والخليعممة‪ ،‬وبنمموك الربمما تحممارب اللممه ورسمموله جهممارًا‪،‬‬
‫والرافضة ُيحمون بالحرس عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهم‬
‫يشركون ويسممبون الصممحابة الكممرام رضممي اللممه عنهممم‪ ،‬والمرتممدون‬
‫الذين يستهزؤون بالله ورسوله ودينه يسرحون ويمرحممون فممي البلد‬
‫بحمايممة الدولممة‪ ،‬فكيممف تعممود المممة لمجممدها وعزهمما ويقمموى إيمانهمما‬
‫وهؤلء الخونة المفسدون يمسكون بزمام المور؟‬
‫ول ُيفهم من هذا أننا نكّفر الحاكم الذي يممترك الفسمماد مثممل الزنمما‬
‫والخمور والربا بمجرد الترك‪ ،‬فإن هممذا مممن الكبممائر وهممو آثممم خممائن‬
‫فاسق‪ ،‬ولكن المر عند هؤلء الحكام ليس مقتصرا ً علممى الممترك بممل‬
‫هو من باب التحريم والتحليل والستحلل‪ ،‬فالذي يقنممن فممي دسممتور‬
‫الدولة الذن ببيع الخمور وشممربها‪ ،‬والذن بفتممح محلت بيممع أشممرطة‬
‫الغناء والفيديوهات الهابطمة‪ ،‬وفتممح البنموك الربويممة والذن بالتعاممل‬
‫بالربا‪ ،‬وإسقاط حكم الشرع في ذلك يعتبر مشّرعا ً منازع ما ً للممه فممي‬
‫خاصية التحريم والتحليل مستهينا ً بممالله وحكمممه‪ ،‬وهممذا ل يشممك فممي‬
‫م رائحة التوحيد‪.‬‬
‫كفره من ش ّ‬
‫والحاصممل‪ :‬أن مممن أعظممم أسممباب انتشممار الشممرك‪ ،‬والمعاصممي‪،‬‬
‫)‪(320‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والضعف الحسي والمعنوي في بلد المسلمين هم الحكام‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ /‬أنه اقتصر في ذكر أسباب مشروعية الجهمماد علممى‬
‫مقصد واحد وهو دعوة الناس إلى الله وإعلء كلمة الله‪ ،‬نعم هذا هو‬
‫أعظم مقصد من مقاصد الجهاد‪ ،‬ولكن الجهاد شرع لمقاصممد أخممرى‬
‫أيضًا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬فالجهمماد يكممون لحمايممة الممدين‪ ،‬قمال تعممالى "‪ ...‬وَل َموَْل د َفْمعُ الّلم ِ‬
‫ه‬
‫جد ُ‬ ‫سمما ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ص مل َ َ‬‫معُ وَب ِي َمعٌ وَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫صم َ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ل َهُمد ّ َ‬ ‫م ب ِب َعْم ٍ‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫س ب َعْ َ‬ ‫الّنا َ‬
‫ه ل ََقوِ ّ‬
‫ي‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُرهُ إ ِ ّ‬ ‫ن َين ُ‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫صَر ّ‬ ‫م الل ّهِ ك َِثيًرا وَل ََين ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ي ُذ ْك َُر ِفيَها ا ْ‬
‫زيٌز " )‪ 40‬الحج(‬ ‫عَ ِ‬
‫م َل‬ ‫ممما ل َك ُم ْ‬ ‫‪ -‬ويكون لرفع الظلم عممن المسَتضمَعفين‪ ،‬قممال تعممالى َ" َ‬
‫سمماِء‬ ‫ل َوالن ّ َ‬ ‫جمما ِ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫مم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضمعَِفي َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الل ّمهِ َوال ْ ُ‬ ‫سمِبي ِ‬ ‫ن فِممي َ‬ ‫ت َُقممات ُِلو َ‬
‫ظال ِم ِ أ َهْل َُها‬ ‫ن هَذِهِ ال َْقْري َةِ ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫جَنا ِ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫ن َرب َّنا أ َ ْ‬ ‫ن ي َُقوُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫َوال ْوِل ْ َ‬
‫صيًرا)‪ 75‬النساء(‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫ن ل َد ُن ْ َ‬‫م ْ‬ ‫جَعل ل ََنا ِ‬ ‫ك وَل ِّيا َوا ْ‬ ‫ن ل َد ُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جَعل ل ََنا ِ‬ ‫َوا ْ‬
‫س‬ ‫‪ -‬ويكون لدفع الفساد عن جميع الرض "‪ ...‬وَل َوْل َ د َفْعُ الل ّمهِ الن ّمما َ‬
‫ل عََلممى‬ ‫َ‬
‫ضمم ٍ‬ ‫ذو فَ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الّلمم َ‬ ‫كمم ّ‬ ‫ض وَل َ ِ‬ ‫ت اْلْر ُ‬ ‫سممد َ ْ‬ ‫ض ل ََف َ‬ ‫م ب ِب َْعمم ٍ‬ ‫ضممهُ ْ‬ ‫ب َعْ َ‬
‫ن" )‪ 251‬البقرة(‬ ‫مي َ‬ ‫ال َْعال َ ِ‬
‫م‬ ‫‪ -‬ويكون لتمكين السلم في الرض كلهمما‪ ،‬قممال تعممالى "وَقَممات ُِلوهُ ْ‬
‫ه" )البقممرة‪ ..(193 :،‬والفتنممة‬ ‫ن ل ِل ّم ِ‬ ‫دي ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كو َ‬ ‫ة وَي َ ُ‬ ‫ن فِت ْن َ ٌ‬ ‫كو َ‬ ‫حّتى ل ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫هنا هي الكفر كما قال ابن عباس )انظر تفسير القرطبي(‬
‫نل‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -‬ويكون لذلل الكفار والمشممركين‪ ،‬قممال تعممالى "قَممات ُِلوا ال ّم ِ‬
‫ه‬ ‫سممول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫م الل ّم ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫خرِ َول ي ُ َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َول ِبال ْي َوْم ِ اْل ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫ُ‬
‫ة‬ ‫جْزَيمم َ‬ ‫طوا ال ْ ِ‬ ‫حّتى ي ُعْ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬‫حق ّ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ِدي َ‬ ‫ديُنو َ‬ ‫َول ي َ ِ‬
‫ن " )التوبة‪.(29 :‬‬ ‫صاِغُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ي َدٍ وَهُ ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫‪ -‬ويكون لخذ الثأر وشفاء صدور المؤمنين‪،‬قممال تعممالى‪] :‬قمماتلوهم‬
‫يعذبهم الله بأيديكم وُيخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم‬
‫مؤمنين‪ ،‬ويذهب غيظ قلوبهم‪.{..‬‬
‫قال الشيخ بكممر أبممو زيممد رحمممه اللممه‪ :‬وكم فههي مجاهههدة‬
‫الكههافرين‪ ،‬أعههداء اللههه‪ ،‬ورسههوله‪ ،‬والمههؤمنين‪ ،‬مههن‬
‫"إرهاب" لهم‪ ،‬وإدخال للرعب في قلوبهم‪ ،‬فينتصر به‬
‫السلم‪ ،‬ويذل به أعداؤه‪ ،‬ويشف الله بههه صههدور قههوم‬
‫مؤمنين‪] .‬من كتاب إبطال نظرية الخلممط بيممن السمملم وغيممره‬
‫من الديان[‬
‫)‪(321‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -‬ويكون للتمكين للدعوة السلمية عن طريممق التمكممن مممن البلد‬
‫حتى يعيش الكفار تحت سلطة المسلمين "قال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬أمرت أن أقاتممل النمماس حممتى يشممهدوا أن ل إلممه إل‬
‫الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصمملة ويؤتمموا الزكمماة فممإذا‬
‫فعلمموا ذلممك عصممموا منممي دممماءهم وأممموالهم إل بحممق السمملم‬
‫وحسابهم على الله عز وجل" )متفق عليه‪ ،‬من حديث ابن عمممر‬
‫رضي الله عنهما(‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ /‬لم يتطرق لموضوع جهاد الدفع مممع أنممه هممو الواقممع‬
‫الذي يجب أن نخوض في الحممديث عنممه‪ ،‬ولكنممه لب ّممس الواقممع فممأتى‬
‫بكلم بعض العلماء في جهمماد الطلممب وأنزلممه فممي واقممع المممة الممتي‬
‫تخوض جهاد الدفع‪.‬‬
‫فجهاد المريكان والتحالف الصليبي في أفغانستان هو جهاد دفع‪.‬‬
‫وجهاد الصليبيين والمرتدين من الرافضة ومن دخل صممفهم فممي‬
‫العراق جهاد دفع‪.‬‬
‫وجهاد الروس ومن معهم في الشيشان جهاد دفع‪.‬‬
‫وجهاد الحباش النصارى ومن معهم في الصومال جهاد دفع‪.‬‬
‫وجهاد اليهود في فلسطين جهاد دفع‪.‬‬
‫بل وجهاد الحكام المرتدين في الجزائر ومصر وغيرهمما هممو مممن‬
‫جهاد الدفع‪.‬‬
‫حتى غزو أمريكا في عقر دارها في الوقت الذي تحاربنا فيه هو‬
‫من جهاد الدفع فإننا في زمان الطائرات النفاثة والصواريخ العابمممرة‬
‫للقارات‪ ،‬وإذا غمزتنا أي دولمة كافمرة فممإن ضممربها وقتالهمما ل يقتصممر‬
‫على أرضنا‪ ،‬بل إن جهادهم في عقر دارهمم من أجل كممف عممدوانهم‬
‫وانسممحابهم مممن أرضممنا همممو مممن جهمماد الممدفع أيضممًا‪ ،‬واسممتهداف‬
‫جي ّممش‬‫المجاهدين أمريكا في عقر دارها وضرب اقتصادها الممذي بممه ت ُ َ‬
‫الجيوش‪ ،‬وضرب وزارة الدفاع الذي فيه تخطط وتقرر الحرب علممى‬
‫ل اسممتهداف لممدول‬ ‫السلم والمسلمين هو من جهاد الدفع أيضًا‪ ،‬وك م ّ‬
‫الكفر الذين غممزو أرض المسمملمين واعتممدوا عليهمما يعتممبر مممن جهمماد‬
‫الدفع حتى ولممو كممانت ضممربات المجاهممدين فممي عقممر دارهممم‪ ،‬حممتى‬
‫يخرجوا عن ديار المسلمين‪.‬‬
‫فل أدري ما هي الفائدة من السهاب والطالة في مسألة جهمماد‬

‫)‪(322‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الطلب في الوقت الذي تخوض فيه المة جهاد دفع العدو الصائل؟!‬
‫صدور مثل هذا من المؤلف يحتمل أحد أمرين‪:‬‬ ‫ن ُ‬‫إ ّ‬
‫‪ -‬إما أن يكون من أجل التلبيس والتدليس‪.‬‬
‫‪ -‬وإممما أن يكممون بسممبب عممدم معرفتممه بواقممع المسمملمين‪ ،‬وواقممع‬
‫الصراع القائم في بلد المسلمين‪ ،‬وعليه فل يحق له الكلم فممي‬
‫واقع لم يحط به ولم يعرفه على حقيقتممه‪ ،‬لممذلك جمماءت الفتمموى‬
‫ناقصة قاصرة بل خمماطئة مغلوطممة لفقممدها أحممد ركنممي الفتمموى‪،‬‬
‫فالفتوى ل تستقيم إل بمعرفة الواقع ومعرفة حكممم الشممرع فممي‬
‫ذلك الواقع‪ ،‬وهممذه الفتمموى فقممدت معرفممة الواقممع لممذلك جمماءت‬
‫خاطئة‪.‬‬
‫وقد تبين قيما سبق وجممه إلغممائهم لشممرعية جهمماد الطلممب وجهمماد‬
‫الدفع‪ ،‬وأريد هنا أن أناقش المؤلممف فممي مسممألة جهمماد الممدفع الممذي‬
‫م يتبين حكم من منع منه‪.‬‬ ‫يقوم به الن ثلة من خيار المة‪ ،‬ث ّ‬
‫أقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫إن العلماء رحمهممم اللممه نصمموا علممى أن الجهمماد يتعيممن فممي ثلثممة‬
‫ممواطن‪ ،‬وذكروا منها‪) :‬إذا دهم العدو أرض المسلمين(‪.‬‬
‫وهنا أمران أنبه عليهما‪:‬‬
‫الول‪ /‬أن جهاد الدفع غالبا ً ل يكممون إل والعممدو أكممثر عممددا ً وعممدة‬
‫واستعدادًا؛ لن العدو ل يتجرأ على غزو أرض من أراضي المسمملمين‬
‫إل إذا رأى أنممه أقمموى وأكممثر عممددًا؛ لممذلك فممإن اعتبممار تكممافؤ قمموة‬
‫المسلمين بقوة الكافرين في جهاد الدفع ل اعتبار له‪ ،‬ومممن اشممترط‬
‫ذلك فإنه لم يعلم حكم الشرع ولممم يتأمممل سمميرة النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فإن غزوة أحد وغزوة الحزاب كانتمما مممن جهمماد الممدفع‪،‬‬
‫ة‪ ،‬فقد كان عدد الكفار‬ ‫وكان العدو في كل المعركتين أكثر عددا ً وعد ّ ً‬
‫في غزوة أحد ثلثة آلف‪ ،‬وعدد المسمملمين سممبعمائة‪ ،‬أي أن الكفممار‬
‫كانوا أكثر من ثلثة أضممعاف المسمملمين‪ ،‬وفممي غممزوة الحممزاب كممان‬
‫عدد الكفار عشرة آلف وعدد المسلمين ل يتجاوز ثلثممة آلف‪ ،‬ومممع‬
‫ذلك قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل إننا أقل من العممدو‬
‫وأضعف فل نقاتلهم‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أن ترك الكفار يحتلون أراضي المسملمين مفسممدة للمدين‬
‫والدنيا‪ ،‬وقتالهم سبب للقتل‪ ،‬والقتل مقدم هنا لمور‪:‬‬

‫)‪(323‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أ‪ -‬أن مفسدة الدين أعظم مممن مفسممدة القتممل‪ ،‬كممما قممال تعممالى‪:‬‬
‫]والفتنة أكبر من القتل{‪ ،‬فُيقدم القتل لستبقاء الدين‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن الذي يقاتلهم ويقتل شهيد والشهادة شرف ومطلب يسعى‬
‫لتحصيله المؤمن‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن الجهمماد مظنممة للقتممل‪ ،‬والقاعممدة‪ :‬أن المفسممدة الممتي ثبممت‬
‫الحكممم مممع وجودهمما لغيممة‪ ،‬فالقتممل مفسممدة ثبممت الحكممم ‪-‬وهممو‬
‫الجهاد‪ -‬مع وجودها فل اعتبار لها‪ ،‬لنها شعيرة مبناها علممى تلممف‬
‫النفس‪ ،‬وإذا كان هذا في جهاد الطلب ففممي جهمماد الممدفع أولممى‬
‫وأحرى‪.‬‬
‫م إن الجهاد الفغاني السابق اتفق العلماء على أنمه جهاد دفع‬ ‫‪ -‬ث ّ‬
‫صحيح وحرضوا المسلمين على الجهاد ونصرة المسلمين‪ ،‬مممع أن‬
‫روسيا في ذلك الموقت كانت ُتعتبر أعظم قموة على وجممه الرض‬
‫من حيث السلحة ومن حيث الَعمممدد‪ ،‬وإمكانيممات المجاهمممدين لممم‬
‫تكن تساوي عشر ما عند المروس من قموة السلح والعممدد‪ ،‬ومممع‬
‫ذلك صرح العلماء بمشروعيته‪ ،‬ولم يقمولوا‪ :‬إن العدو أقممموى مممن‬
‫المسلمين في العدد والُعمدة فل يجوز قتالهم‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك كان في صفوف المجاهدين القبوريون والصوفية‬
‫والمرتزقة‪ ،‬ومع ذلك لم يقولوا‪ :‬ل يصح الجهاد حممتى يكممون جميممع‬
‫المجاهدين سلفيين‪ ،‬كما يريد المؤلف ومن على نهجه‪ ،‬إن أعظممم‬
‫جيش مشى على ظهر هذه الرض وهو جيممش النممبي صمملى اللممه‬
‫م إن المسلمين‬ ‫عليه وسلم لم يسلم من وجود بعض المنافقين‪ ،‬ث ّ‬
‫ولو كانوا مبتدعة يجب نصرتهم على الكفار‪ ،‬ول يقممول خلف هممذا‬
‫إل جاهل‪.‬‬
‫وأنقل هنا كلم الئمة في جهاد الدفع‪:‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه اللمه فمي الفتماوى الكمبرى‪ :‬فأمما إذا هجمم‬
‫العدو فل يبقى للخلف وجه فإن دفممع ضممررهم عممن الممدين والنفممس‬
‫والحرمة واجب إجماعا‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وأما قتال الدفع فهمو أشمد أنمواع دفمع الصمائل عمن‬
‫الحرمة والدين فواجب إجماعمما فالعممدو الصممائل الممذي يفسممد الممدين‬
‫والدنيا ل شيء أوجب بعد اليمان من دفعه فل يشترط له شرط بل‬
‫يدفع بحسب المكان‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وإذا دخل العدو بلد السلم فل ريب أنه يجب دفعه‬
‫)‪(324‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫على القرب فالقرب إذ بلد السلم كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه‬
‫يجب النفير إليه بل إذن والد ول غريم ونصوص أحمممد صممريحة بهممذا‪.‬‬
‫اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وقتممال الممدفع مثممل أن يكممون العممدو كممثيرا ل طاقممة‬
‫للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو علممى‬
‫من يخلفون مممن المسمملمين فهنمما قممد صممرح أصممحابنا بممأنه يجممب أن‬
‫يبممذلوا مهجهممم ومهممج مممن يخمماف عليهممم فممي الممدفع حممتى يسمملموا‬
‫ونظيرها أن يهجم العدو علممى بلد المسمملمين وتكممون المقاتلممة أقممل‬
‫من النصف فإن انصرفوا استولوا علممى الحريممم فهممذا وأمثمماله قتممال‬
‫دفع ل قتال طلب ل يجوز النصراف فيه بحال ووقعمة أحمد مممن هممذا‬
‫الباب‪ .‬اهم‬
‫وقممال فممي مجممموع الفتمماوى‪:‬فأممما إذا أراد العممدو الهجمموم علممى‬
‫المسلمين فانه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلممى غيممر‬
‫المقصودين لعانتهم كممما قممال اللممه تعممالى‪] :‬وإن استنصممروكم فممي‬
‫الدين فعليكم النصر إل على قموم بينكمم وبينهمم ميثماق{ وكمما أممر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم وسممواء كممان الرجممل مممن‬
‫المرتزقة للقتال أو لم يكن وهذا يجب بحسب المكان على كل أحممد‬
‫بنفسممه وممماله مممع القلممة والكممثرة والمشممي والركمموب كممما كممان‬
‫المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق لممم يممأذن اللممه فممي تركممه‬
‫لحد‪ .‬اهم‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬فمن ترك القتال الذي أمر اللممه بممه لئل تكممون‬
‫فتنة فهو في الفتنة ساقط؛ بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده‬
‫وتركه ما أمر الله به من الجهاد‪] .‬مجموعة الفتاوى ‪.[14/361‬‬
‫وقال رحمه الله في الفتمماوى الكممبرى )‪" :(607/4‬أممما إذا هجممم‬
‫العدو فل يبقى للخلف وجه فإن دفممع ضممررهم عممن الممدين والنفممس‬
‫والحرمة واجب إجماعا فل حاجة لذن أمير المؤمنين‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه اللممه فممي كتمماب الفروسممية‪ :‬فقتممال الممدفع‬
‫أوسع من قتال الطلب وأعم وجوبمما ولهممذا يتعيممن علممى كممل أحممد أن‬
‫يقوم ويجاهد فيه‪ ،‬العبد بممإذن سمميده وبممدون إذنممه والولممد بممدون إذن‬
‫أبممويه والغريممم بغيممر إذن غريمممه وهممذا كجهمماد المسمملمين يمموم أحممد‬
‫والخندق ول يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي‬

‫)‪(325‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسلمين فما دون فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين‬
‫فكان الجهمماد واجبمما عليهممم لنممه حينئذ جهمماد ضممرورة ودفممع ل جهمماد‬
‫اختيار ولهذا تباح فيه صلة الخوف بحسب الحال‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضما ً‪ :‬فجهمماد الممدفع يقصممده كممل أحممد ول يرغممب عنممه إل‬
‫الجبان المذموم شرعا وعقل‪ .‬اهم‬
‫ى وخممذلنا ً أن يممرى عسمماكر‬ ‫وقال رحمه الله‪ :‬وكفى بالعبممد عم م ً‬
‫اليمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسمموا للحممرب لمتممه وأعممدوا لممه‬
‫عممدته وأخممذوا مصممافهم ووقفمموا مممواقفهم وحمممي المموطيس ودارت‬
‫رحى الحرب واشتد القتال وتنادت القران النزال النممزال‪ ،‬وهممو فممي‬
‫دخل مع الخوالف‪ ..‬فحقيقٌ بمن لنفسه عنممده‬ ‫الملجأ والمغارات والم ّ‬
‫قدر وقيمة أن ل يبيعها بأبخس الثمان وأن ل يعرضها غممدا ً بيممن يممدي‬
‫الله لمواقف الخزي والهوان( ]من مقدمة قصيدته النونية المعروفممة‬
‫بالكافية الشافية[‪.‬‬
‫ن تارك الجهاد الواجب يجب‬ ‫ن شيخ السلم رحمه الله بّين أ ّ‬ ‫بل إ ّ‬
‫هجره وقرنه بأهل البدع والزناة واللوطية‪.‬‬
‫فقال رحمممه اللمه‪:‬وجمماع الهجمرة هممي هجممرة السمميئات وأهلهما‬
‫وكذلك هجممران الممدعاة إلممى البممدع وهجممران الفسمماق وهجممران مممن‬
‫يخممالط هممؤلء كلهممم أو يعمماونهم وكممذلك مممن يممترك الجهمماد الممذي ل‬
‫مصلحة لهم بدونه فإنه يعاقب بهجرهم له لما لم يعاونهم علممى الممبر‬
‫والتقوى فالزناة واللوطية وتارك الجهاد وأهل البممدع وشممربة الخمممر‬
‫هؤلء كلهم مخالطتهم مضرة على دين السلم وليس فيهممم معاونممة‬
‫ل على بر ول على تقوى‪] .‬مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،15‬ص ‪[312‬‬
‫قال القرطبي في تفسيره‪ :‬إذا تعيممن الجهمماد بغلبممة العممدو علممى‬
‫قطر من القطار أو بحلوله بالعقر فإذا كان ذلممك وجممب علممى جميممع‬
‫أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافمما وثقممال شممبابا وشمميوخا‬
‫كل على قدر طاقته مممن كممان لممه أب بغيممر إذنممه ومممن ل أب لممه ول‬
‫مقل أو مكثر فإن عجز أهممل تلممك‬ ‫يتخلف أحد يقدر على الخروج من ُ‬
‫البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجمموا‬
‫على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن فيهم طاقة علممى‬
‫القيام بهم ومدافعتهم وكممذلك كممل مممن علممم بضممعفهم عممن عممدوهم‬
‫وعلممم أنممه يممدركهم ويمكنممه غيمماثهم لزمممه أيضمما الخممروج إليهممم‬

‫)‪(326‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالمسلمون كلهم يد على من سواهم حتى إذا قام بدفع العممدو أهممل‬
‫الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عممن الخريممن‬
‫ولو قارب العدو دار السلم ولم يدخلوها لزمهم أيضمما الخممروج إليممه‬
‫حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ول‬
‫خلف في هذا‪ .‬اهم‬
‫قممال المممام الجصمماص رحمممه اللممه‪ :‬ومعلمموم فممي اعتقمماد جميممع‬
‫المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو ولم تكن فيهم مقاومممة‬
‫لهم فخافوا على بلدهم‪ ،‬وأنفسهم‪ ،‬وذراريهم‪ ،‬أن الفرض على كافمة‬
‫المة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين‪ ،‬وهممذا ل خلف‬
‫فيه بين المة؛ إذ ليس من قمول أحمد ممن المسملمين إباحمة القعمود‬
‫عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين وسبي ذراريهم" )أحكام القرآن‬
‫للجصاص ‪.(3/114‬‬
‫وقال الماوردي‪” :‬فرض الجهاد على الكفاية يتوله المام ما لممم‬
‫يتعين“ )القناع ص‪.(175/‬‬
‫قال ابن عابدين وهو من فقهاء الحناف‪ :‬وفرض عيممن إن هجممم‬
‫العدو على ثغر من ثغور السلم فيصير فرض عين علممى مممن قممرب‬
‫منه‪ ،‬فأما من وراءهم بعيد من العدو فهو فرض كفايممة إذا لممم يحتممج‬
‫إليهم‪ ،‬فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومممة‬
‫مع العمدو أو لمم يعجمزوا عنهما ولكنهمم تكاسملوا ولممم يجاهممدوا فممإنه‬
‫يفترض على من يليهم فرض عين كالصلة والصوم ل يسعهم تركممه‪،‬‬
‫وثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل السلم شممرقا وغربمما علممى‬
‫هذا التدريج"‬
‫]وبمثل هذا أفمتى الكاسماني‪ ،‬وابمن نجيمم‪ ،‬وابمن الهممام‪ ..‬انظمر‪:‬‬
‫حاشية ابن عابدين )‪ ،(3/238‬وبدائع الصنائع )‪ ،(7/72‬والبحر الرائق‬
‫لبن نجيم )‪ ،(5/191‬وفتح القدير لبن الهمام )‪.(5/191‬‬
‫جاء في حاشمية الدسموقي وهمو ممن فقهماء المالكيمة‪" :‬ويتعيمن‬
‫الجهاد بفجء العدو‪ ،‬قال الدسوقي‪) :‬أي توجه الدفع بفجئ )مفاجممأة(‬
‫على كل أحد وإن امرأة أو عبدا أو صبيا‪ ،‬ويخرجون ولو منعهم الولي‬
‫والزوج ورب الدين" ]حاشية الدسوقي )‪.[(2/174‬‬
‫ومن العجيب قمول المؤلف حين ذكمر اعتراض من يعترض بقتال‬
‫دة‪]:‬إن جهمماد المسمملمين‬ ‫المسلمين للتتار ممع كونهم أكممثر عممددا ً وعم ّ‬

‫)‪(327‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫للتتار من جنس جهاد الدفع ل الطلب[‪.‬‬
‫ونحن نقول له‪ :‬جهاد المسلمين في أفغانستان من جنس جهمماد‬
‫الدفع أم جهاد الطلب؟؟‬
‫وجهاد المسلمين في العراق من جنس جهاد الدفع أم الطلب؟؟‬
‫وجهمماد المسمملمين فممي الشيشممان مممن جنممس جهمماد الممدفع أم‬
‫الطلب؟؟‬
‫وأما قوله‪]:‬بل حتى إحياء روح الجهاد في أرض مسلمين تمكنممت‬
‫منها الكفار ل يصح إذا كممان يممترتب عليممه مفاسممد أعظممم مممن إهلك‬
‫المسلمين وزيادة تسليط للكافرين كما نراه من حولنا‪[ .‬‬
‫فنقول‪ :‬إن المفسدة العظمى والكبرى هي علو الكفر والصليب‬
‫على ل إله إل الله‪ ،‬وعلو أحكام الكفر على أحكام السلم‪.‬‬
‫إن المفسدة الكبرى هممي قيممام الكفممر والشممرك مقممام التوحيممد‪،‬‬
‫وعلو يد الكفار على يد المسلمين‪.‬‬
‫م ألم يعلم المؤلف أن الكفر والشرك أشد من القتممل وذهمماب‬ ‫ثُ ّ‬
‫النفس؟‬
‫ن ذهاب الدين أعظم من ذهاب الدنيا؟‬ ‫ألم يعلم أ ّ‬
‫ن المفسدة الكبرى ليست ذهاب النفس‪ ،‬فممإن النفممس تتلممف‬ ‫إ ّ‬
‫في سبيل الله ول يعتبر ذلك مفسدة بممل هممو شممرف وفضممل‪ ،‬ولكممن‬
‫المفسدة الكبرى أن يتحاكم النمماس إلممى شممرائع البشممر‪ ،‬ويخضممعون‬
‫ويرضخون ويذلون لحكم البشر‪ ،‬وُتقام شؤون حيمماتهم علممى شممريعة‬
‫الطاغوت‪.‬‬
‫يقول الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله‪ :‬فلو اقتتلت الباديممة‬
‫والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا طاغوتا ً فممي الرض‬
‫يحكم بخلف شريعة السلم التي بعث اللممه بهمما رسمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ .‬اهم‬
‫من سيكون الحكم والسلطة؟‬ ‫ونقول للمؤلف‪ :‬إذا تركنا الجهاد فل ِ َ‬
‫وإذا كممانت الغلبممة والسمملطة للكفممار‪ ،‬فبممماذا سمميحكمون بيننمما؟‬
‫ومالذي سوف ينشرونه في بلدنا؟ وسوف نتعّبد لمممن فممي التحمماكم‬
‫من؟‬ ‫ونذل لمن‪ ،‬وتسوس حياتنا شريعة َ‬
‫وإذا تركنا الجهاد فلن يقتصر المر على العراق وأفغانستان بممل‬
‫سوف يستمر الزحف الصهيوصليبي إلى البلد المجاورة‪.‬‬
‫)‪(328‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ثم هل يلتزم المؤلممف بقمموله فيممما لممو غممزت أمريكمما السممعودية‬
‫وأزالت ولي أمره وهزمت جيشها في أسابيع معدودة وتربعمت علممى‬
‫كرسي الحكم‪ ،‬هل سيفتي المؤلممف بعممدم جممواز جهمماد أمريكمما لنهمما‬
‫سيطرت على الحكم؟‬
‫جممه‬‫م ّ‬
‫والرد ّ على كلمه السابق الذي تنفر منه الطباع السممليمة وت َ ُ‬
‫الفطر المستقيمة أن نقول‪ :‬إذا كان النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫شرع لنا الخروج على الحاكم إذا طرأ عليه كفر بواح مع أّنه متمكممن‬
‫ومسيطر على البلد‪ ،‬أفل ُيشرع لنا دفع الكافر الممذي اسممتباح العبمماد‬
‫والبلد؟!‬
‫وإذا كان جهاد الدفع وإخراج العدو الصائل مشروعا ً فكيف نوقظ‬
‫المة وُنحّرضها على القيام به؟‬
‫أليس بإحياء روح الجهاد في نفوس المة؟‬
‫وإذا تركنا الجهاد فهل سيتوقف الكفار عن زحفهم واحتللهم؟‬
‫إن المؤلف يريد من أمة السلم أن تترك الجهاد‪ ،‬ليس فحسمب‬
‫بل تترك إحياءه في نفوس المة‪ ،‬حممتى يسممتولي العممدو علممى جميممع‬
‫دة‬‫بلد المسلمين ويسيطر عليها‪ ،‬لن العدو أقوى مّنا وأكثر عددا ً وع ّ‬
‫ونحن ضعفاء وقتالنا له مضّرة علينا وعلى غيرنا‪ ،‬إذا ً فلتممذهب جميممع‬
‫دول السلم وليدخلها أئمة الكفر وجنممودهم سممالمين آمنيممن دون أي‬
‫جهمماد أو مقاومممة؛ لنهممم أقمموى ول يجمموز لح مدٍ مممن المسمملمين أن‬
‫يدفعهم لنممه ليممس هنمماك جهمماد ومممن قمماتلهم ودفعهممم عممن أراضممي‬
‫المسلمين فإنه خارجي‪ ،‬وليهنأ بوش وشارون وأئمممة الكفممر بمماحتلل‬
‫يساعدهم عليه فقهاء النهزام‪ ،‬ولي ََقّروا عينا ً باسممتعمارٍ مباش مرٍ ُيمهّممد‬
‫ه علماء النبطاح والستسلم‪ ،‬وليدخلوا أراضي المسلمين‬ ‫لهم طريَق ُ‬
‫ويقيموا فيها المراقص والخمممارات والكنممائس والقواعممد العسممكرية‪،‬‬
‫وإذا قممام أحمد ٌ بقتممالهم فلُيخرجمموا علممماء النهممزام والستسمملم فممي‬
‫دعوا كل من قاتل الصليبيين‪.‬‬ ‫قنواتهم لُيجّرموا ويب ّ‬
‫ن من ينسب هذا التخاذل والتخّنث إلى دين الله وشممرعه‬ ‫والله إ ّ‬
‫ليطعن في السلم وتشريعاته طعنما ً عظيممًا‪ ،‬وُينّفممر كمل ذي فطمرة‬
‫سليمة ونخوة ورجولة من هذا الدين‪ ،‬فإن ما يدعو إليه المؤلف مممن‬
‫النهزام والنبطاح ل يقبله إل من هممانت نفسممه‪ ،‬وانتكسممت فطرتممه‪،‬‬
‫ي قلبه‪ ،‬وتخّنثت رجولته‪ ،‬وخُبث طبعه‪.‬‬ ‫م َ‬
‫وع ِ‬

‫)‪(329‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ونحن مأمورون بفعل السباب والله سبحانه علق في هذه الدنيا‬
‫السباب بالمسببات‪ ،‬ولسنا مممأمورون بالنتممائج‪ ،‬فقيامنمما بالجهمماد هممو‬
‫قيممام بممما فرضممه اللممه علينمما‪ ،‬ونحممن إن قمنمما بالجهمماد قمنمما بممواجب‬
‫شرعي والنصر إنما يكون مممن عنممد اللممه‪ ،‬وليممس معنممى ذلممك أننمما ل‬
‫نسعى لتحصيل أسباب النصممر‪ ،‬بممل نسممعى لتحصمميل السممباب ومممن‬
‫أسباب النصر الجهاد‪ ،‬فكما أن التوبة والرجوع إلى الله وتوحيده من‬
‫أسباب النصر‪ ،‬فكذلك الجهاد هو مممن أسممباب النصممر‪ ،‬والنممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم بين أن مممن أسممباب ذل المسمملمين وضممعفهم تممرك‬
‫الجهاد كما قال صلى الله عليه وسمملم‪) :‬إذا تبممايعتم بالعينممة وأخممذتم‬
‫أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهمماد سمملط اللممه عليكممم ذل ً ل‬
‫ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكممم( رواه أبممو داوود‪ ،‬ففممي هممذا الحممديث‬
‫بين النبي صلى الله عليه وسلم أسبابا ً للذل والهموان ومجملهما يمدل‬
‫على أنه سببين هما‪:‬‬
‫‪ -‬الركون إلى الدنيا‪ ،‬وهو ما يشممير إليممه التبممايع بالعينممة والشممتغال‬
‫بالحراثة والزراعة‪.‬‬
‫‪ -‬ترك الجهاد‪.‬‬
‫ومثله حديث‪) :‬يوشك المم أن تداعى عليكم كما تداعى الكلممة‬
‫إلى قصعتها " فقال قائل‪ :‬ومممن قلممة نحممن يممومئذ؟ قممال " بممل أنتممم‬
‫يممومئذ كممثير ولكنكممم غثمماء كغثمماء السمميل ولينزعممن اللممه مممن صممدور‬
‫عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن " فقال قممائل‪:‬‬
‫يا رسول الله وما الوهن؟ قال " حممب الممدنيا وكراهيممة الممموت( رواه‬
‫أبو داوود وصححه اللباني‪.‬‬
‫ب الدنيا والركون إليها يجعل النسان يكمره المموت فل يقمدم‬ ‫فح ّ‬
‫على الجهاد لنه مظنة القتل‪.‬‬
‫م الجهاد إل ذّلوا‪.‬‬
‫وكما قال عمر رضي الله عنه‪ :‬ما ترك قو ٌ‬
‫ومثل ذلك حديث أسلم بن يزيد قال‪ :‬كّنا بالقسممطنطينية فخممرج‬
‫ف عظيم من الروم فحمل رجل من المسلمين على صف الممروم‬ ‫ص ّ‬
‫م رجمع مقبل ً فصماح النماس‪ :‬سمبحان اللمه ألقمى‬ ‫حتى دخمل فيهمم ثم ّ‬
‫بنفسه إلى التهلكة فقال أبو أيوب النصاري رضي الله عنممه‪ :‬يمما أيهمما‬
‫الناس إنكم تؤولون هممذه اليممة علممى هممذا التأويممل وإنممما نزلممت فينمما‬
‫سممّرًا‪ :‬إن‬ ‫معشر النصار‪ ،‬إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا ِ‬
‫أموالنا قد ضاعت فلو أننا أقمنا فيها فأصلحنا ممما ضمماع منهمما‪ ،‬فممأنزل‬
‫)‪(330‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله هذه الية‪ ،‬فكممانت التهلكممة القامممة الممتي أردنمما‪ .‬رواه أبممو داوود‬
‫والترمذي‪.‬‬
‫ن القيممام بالجهمماد سممبب العلممو والعممزة‬ ‫ومفهوم تلك الحاديث‪ :‬أ ّ‬
‫والسيادة والنجاة‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري قال ابن عباس رضي اللممه عنممه فممي قمموله‬
‫تعالى‪] :‬ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكممة{ قممال هممي تممرك النفقممة فممي‬
‫سبيل الله‪.‬‬
‫ليسمع هذا أولئك الذين ركنوا إلى الممدنيا وأجمعمموا علممى خممذلن‬
‫السمملم والمسمملمين واسممتندوا إلممى هممذه اليممة ل ِي َُبممّرروا قعممودهم‬
‫وتخاذلهم وركونهم إلى الدنيا‪ ،‬وجعلوا الذي يخرج لجهاد الكفار داخل ً‬
‫في حكم الية ليرجعوا إلى تفسير الكتاب والسممنة والسمملف لمعنممى‬
‫اللقاء بالنفس إلى التهلكة ليعرفوا من هم الذين ألقوا بأيممديهم إلممى‬
‫التهلكة‪ ،‬هل هم الذين خرجوا لنصرة دين الله وإعلء كلمته أم الذين‬
‫ركنوا إلى الدنيا وزينتها ورواتبها ومناصبها‪.‬‬
‫قال تعالى‪] :‬ولو يشمماء اللممه لنتصممر منهممم ولكممن ليبلممو بعضممكم‬
‫ببعض{‪.‬‬
‫ولما سأل هرقل أبا سفيان كيف قتممالكم مممع النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم؟ قال أبو سفيان الحرب بيننا سجال‪ ،‬فقال هرقل‪ :‬كذلك‬
‫الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة‪.‬‬
‫ض إلى قيامة الساعة مممع الممبر والفمماجر كممما‬ ‫وإذا كان الجهاد ما ٍ‬
‫ذكر ذلك أئمة العلم في كتب العقائد وهممذا جهمماد الطلممب الممذي هممو‬
‫فرض كفاية‪ ،‬فكيف المر بجهاد الدفع الممذي هممو فممرض عيممن وجهمماد‬
‫ضرورة؟ وهل الرجوع إلى الجهاد يكون بإحيائه أم بإماتته؟‬
‫قال ابن القيم رحمه الله عن معركة بدر‪) :‬ولما رأى المنممافقون‬
‫ومن في قلبه مرض قلة حزب اللممه وكممثرة أعممدائه ظنمموا أن الغلبممة‬
‫إنما هي بالكثرة وقممالوا }غ مّر هممؤلء دينهممم{ ]النفممال‪ ،[49 :‬فممأخبر‬
‫سبحانه أن النصر بالتوكل عليه ل بالكثرة ول بالعممدد‪ ،‬واللممه عزيممز ل‬
‫ُيغممالب‪ ،‬حكيممم ينصممر مممن يسممتحق النصممر وإن كممان ضممعيفًا‪ ،‬فعزتممه‬
‫وحكمته أوجبت نصر الفئة المتوكلة عليه( ]زاد المعاد ‪.[3/162‬‬
‫جاء في الدرر السنّية‪ :‬إذا قام المسلمون بما أمرهم الله به من‬
‫جهاد عدوهم‪ ،‬بحسب استطاعتهم‪ ،‬فليتوكلوا علممى اللممه‪ ،‬ول ينظممروا‬

‫)‪(331‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إلى قوتهم وأسبابهم‪ ،‬ول يركنوا إليها‪ ،‬فإن ذلك من الشرك الخفممي‪،‬‬
‫ومن أسباب إدالة العدو على المسلمين ووهنهم عن لقاء العدو‪ ،‬لن‬
‫الله تبارك وتعممالى أمممر بفعممل السممبب‪ ،‬وأن ل يتوكممل إل علممى اللممه‬
‫وحده‪ .‬اهم‪] .‬الدرر السنية‪/‬ج ‪/8‬ص ‪.[6‬‬
‫فالذي يزيد المفسدة وُيضاعف البلء على المسملمين ليمس همو‬
‫ن العممدو إنممما يتجممرأ علممى‬ ‫إحياء روح الجهاد‪ ،‬ولكنه إماتة الجهمماد‪ ،‬فممإ ّ‬
‫قتال المسلمين إذا رأى ُنكولهم عن الجهاد وسممعيهم لحممل قضمماياهم‬
‫بالمؤتمرات النهزامية‪.‬‬
‫إن أكثر ما ُيخيف الكفار كلمة الجهاد لنهم يدركون معناها‪ ،‬ولهذا‬
‫كان من عهودهم في هيئة المم المتحدة‪ :‬أنه ل قتال من أجل ديممن؛‬
‫لنهم يعلمون أن المسلمين إذا قاتلوا من أجل دينهممم فممإنهم سمموف‬
‫ينتصممرون‪ ،‬لممذلك سممعوا فممي ترسمميخ القوميممة العربيممة فممي قلمموب‬
‫المسلمين العرب‪ ،‬وترسيخ الوطنية والترابية والعصبية العرقيممة فممي‬
‫صممفوف المسمملمين عامممة لكممي يكممون قتممالهم مممن أجممل الوطنيممة‬
‫والقومية ل من أجل الدين‪.‬‬
‫أيها المؤلف‪ :‬ليس إحياء روح الجهاد هممو الممذي يزيممد البلء علممى‬
‫م إخواننا المجاهدون فممي أفغانسممتان والعممراق‬ ‫المة‪ ،‬فإنه لول الله ث ُ ّ‬
‫والصممومال والشيشممان وغيرهمما لكممان العممدو اليمموم يرتممع فممي بلد‬
‫الحرمين وفي أعراض أهلها‪.‬‬
‫فهذه أمريكا وحلفاؤها دخلوا أرض أفغانستان يصحبهم الكبريمماء‬
‫والجبروت والغرور فما أن دخلوها حتى احتمماروا فممي كيفيممة الخممروج‬
‫منها حيث جعلها الله مقبرة لجنودهم على أيدي أوليائه المجاهدين‪.‬‬
‫وكذلك المر في العراق فقد دخلتها أمريكا ومعهمما ثلثممون دولممة‬
‫جاؤوا ليحاربوا السلم وأهله فقلبها اللممه عليهممم نممارا ً وجحيم ما ً علممى‬
‫أيدي أوليائه المجاهدين‪.‬‬
‫فأمريكا لم تغُز العراق لذاتها وإنما دخلت العراق وهي تنظر إلى‬
‫ما وراءها من أرض الجزيرة ومنبع الرسالة‪ ،‬وكانت ت َعِ مد ُ شممعبها أنهمما‬
‫سوف تحرر العراق وتستولي عليه في بضممعة أشممهر‪ ،‬ولكممن مالممذي‬
‫أبقاها إلى يومنا هذا وهي تدخل في السنة السادسة من الحممرب ول‬
‫تستطيع الهروب والفكاك حتى تخّلت عنها أكثر الممدول الممتي دخلممت‬
‫مممن وراء‬ ‫معها حين رأوا الهزيمة النكراء التي حل ّممت بهبممل العصممر‪ ،‬ف َ‬

‫)‪(332‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هزيمتهمما وَتوّقممف زحفهمما وتشممّتت أوراقهمما وتمممّزق مخططهمما فممي‬
‫المنطقة؟‬
‫هل هم أولئك الممذين بمماركوا احتللهمما‪ ،‬ومنعمموا مممن قتالهمما باسممم‬
‫الشممرع‪ ،‬واعتممبروا المريكممان والرافضممة ولة أمممور يحممرم الخممروج‬
‫عليهم؟‬
‫إن الجواب أوضح من أن نجيب عنه وليممس أمممام المؤلممف ومممن‬
‫ن الممذي وراء هزيمممة‬ ‫على نهجه إل أن يقولوا مستسلمين للحقيقممة إ ّ‬
‫أمريكا بعد الله هم المجاهدون البطال‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن المجاهدين بجهادهم استجّروا العممداء علممى المممة‬
‫وما دام أن القوة غير متكافئة وجب عليهم الصبر‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن كثيرا ً من بلد المسلمين قد غزاها الكفار قبممل أن‬
‫يقوم المجاهدون بمأي عممل ضمدها وعلمى رأسمها فلسمطين‪ ،‬كمذلك‬
‫أفغانستان حوصرت من قبممل أحممداث الحممادي عشممر بثلث سممنوات‬
‫ومات بسبب الحصار أكثر من سبعين ألف مسلم‪ ،‬كذلك العراق لممم‬
‫يكن دخولهم بسبب أحداث الحادي عشر وإنما كان سبب ذلك اتهممام‬
‫أمريكا النظام العراقي بامتلك أسلحة دمار شامل هممذا هممو المعلممن‬
‫ن الصممحيح أن غزوهممم للعممراق كممان لحمايممة‬ ‫عنممه فممي الخبممار‪ ،‬ولكم ّ‬
‫ربيبتهم إسرائيل اللقيطة‪ ،‬ولقامة قواعد كبرى لتنفيذ مخطط القرن‬
‫المريكي الجديد‪ ،‬والممذي يهممدف إلممى اسممتعمار وإخضمماع جميممع دول‬
‫العالم بدًءا بالدول السلمية‪.‬‬
‫والمجاهدون قاموا في هذه الحممداث بممما أمرهممم اللممه بممه وهممو‬
‫ن الكفار إذا دخلوا‬ ‫الجهاد من أجل دفعهم وإخراجهم‪ ،‬ومن المعلوم أ ّ‬
‫أرضا ً واحتلوها دون وجود مقاومة فإنهم ل يحتمماجون إلممى مزيممد مممن‬
‫الجنود والعتاد‪ ،‬ولكن إذا وجدوا مقاومممة وجهممادا ً احتمماجوا إلممى مزيممد‬
‫ن الكفممار إذا داهممموا‬ ‫من الجنود والعتاد لضرب المجاهدين‪ ،‬ومعلوم أ ّ‬
‫أرضما ً مممن أراضممي المسمملمين وجممب علممى أهممل تلممك البلد دفعهممم‬
‫وجهادهم ولو كان الكفمار أضمعاف المسملمين لنمه حينئذٍ جهماد دفمع‬
‫وضرورة فإن لم تحصل بهممم الكفايممة وجممب علممى مممن حممولهم مممن‬
‫المسمملمين الخممروج إليهممم وإغمماثتهم حممتى ينممدفع العممدو عممن أرض‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله‪ :‬وقتال الدفع مثل أن يكممون العممدو‬

‫)‪(333‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كثيرا ل طاقة للمسمملمين بممه لكممن يخمماف إن انصممرفوا عممن عممدوهم‬
‫عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قد صرح أصممحابنا‬
‫بأنه يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم فممي الممدفع حممتى‬
‫يسلموا ونظيرها أن يهجم العدو على بلد المسلمين وتكون المقاتلة‬
‫أقل من النصف فإن انصممرفوا اسممتولوا علممى الحريممم فهممذا وأمثمماله‬
‫قتال دفع ل قتال طلب ل يجوز النصراف فيه بحال ووقعة أحممد مممن‬
‫هذا الباب‪ .‬اهم‬
‫وقال ابن القيم رحمممه اللممه فممي كتماب الفروسممية‪:‬فقتممال الممدفع‬
‫أوسع من قتال الطلب وأعم وجوبمما ولهممذا يتعيممن علممى كممل أحممد أن‬
‫يقوم ويجاهد فيه‪ ،‬العبد بممإذن سمميده وبممدون إذنممه والولممد بممدون إذن‬
‫أبممويه والغريممم بغيممر إذن غريمممه وهممذا كجهمماد المسمملمين يمموم أحممد‬
‫والخندق ول يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي‬
‫المسلمين فما دون فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين‬
‫فكان الجهمماد واجبمما عليهممم لنممه حينئذ جهمماد ضممرورة ودفممع ل جهمماد‬
‫اختيار ولهذا تباح فيه صلة الخوف بحسب الحال‪ .‬اهم‬
‫فالمجاهدون حين قاوموا المحتلين قاموا بالواجب الممذي فممرض‬
‫عليهم‪ ،‬وذهاب الدين أعظم من ذهاب الدنيا‪ ،‬والفتنة أشد من القتممل‬
‫وإنما ُتبذل الدنيا لحفظ الدين‪ ،‬ول ُيبذل الدين لحفظ الدنيا‪ ،‬فل قيمة‬
‫للنسان بغير الدين‪ ،‬وإن بقي دينه فل يضره ما فاته من الدنيا‪.‬‬
‫ن المجاهدين لم يستجّروا العداء على المة لن العداء منذ‬ ‫مإ ّ‬
‫ث ّ‬
‫عقود يضربون المة ويقتلونها في عدد من بقمماع الرض ويخططممون‬
‫لضرب المة بكاملها واستعمار أراضيها‪ ،‬ولكن المجاهدين بفضل الله‬
‫كشفوا القنعة عن تلك المؤامرة لكممي يممرى المسمملمون حقيقممة ممما‬
‫يدّبر لهم في الخفاء‪ ،‬فقد كمان المسملمون ُيقتلمون ويحاصمرون فمي‬
‫كثير من بقاع الرض وأكثر المة غافلة عما يحصل لخوانهم‪ ،‬أو كان‬
‫الكفممار بواسممطة إعلمهممم الصمميل أو العميممل ُيظهممرون للنمماس أن‬
‫م إل قتممل‬ ‫المجاهممدين إنممما هممم فئة متعطشممة للممدماء ليممس لهممم هم ّ‬
‫البرياء‪ ،‬فلما قام المجاهدون بقصم ظهر أمريكا انكشف القناع عممن‬
‫وجهها القبيمح الملطمخ بالممدماء وعرفمت المممة حقيقتهمما وحقيقمة مما‬
‫تدعوا إليه وتسعى لجله‪ ،‬فعرفت المة من هممم قتلممة البريمماء ومممن‬
‫هم المجرمون المتعطشون للدماء‪ ،‬فكممان ذلممك مممن بركممات الجهمماد‬
‫وطيب ثمراته‪.‬‬
‫)‪(334‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م لو قلنا تن َّزل ً بأن المجاهدين بفعلهممم همممذا اسممتجروا العمممداء‬‫ث ّ‬
‫ن النبي صلى اللممه‬ ‫على المسلمين مع تفاوت القوة وعدم تكافئها فإ ّ‬
‫عليه وسلم ابتدأ الكفار بالقتال والجهاد في الموقت الذي كانت فيمممه‬
‫قموة المسلمين غير مكافئة لقوة الكفممار ل مممن جهممة العممدد ول مممن‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحممزاب‬ ‫دة‪ ،‬حتى إ ّ‬ ‫جهة الع ّ‬
‫أراد أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينممة لكممي ينصممرفوا وقممال‬
‫للنصار‪ :‬إني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة‪.‬‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم بقتاله للمشممركين‬ ‫فهل ُيقال هنا إ ّ‬
‫في غزوة بدر قد تسبب في تسلط الكفار على المسلمين؟!‬
‫ن قتاله صلى الله عليه وسلم للمشركين في غزوة بدر كان‬ ‫مع أ ّ‬
‫جهاد طلب وكان مأذونا ً فيه ولم يكن فرضا ً لذلك لممم يسممتنفر النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أهل المدينة وإنما خرج بمن كان معه السلح‪.‬‬
‫وأما قتال المجاهدين اليوم فهو من جهاد الدفع وهو أوجب وآكد‬
‫من جهاد الطلب‪.‬‬
‫ن عمليات المجاهدين هي السممبب فممي بقمماء أمريكمما‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫في العراق وأفغانستان ولو تركوهم لرجعوا‪.‬‬
‫ن أمريكا لم ولن تخمرج من العمراق أو أفغانستان إل‬ ‫فالجواب‪ :‬إ ّ‬
‫بعد أن تؤسس لها قمواعد عسكرية‪ ،‬وبعد أن تجعل الحكم فيهما بيد‬
‫عميل لها‪ ،‬ينفذ مخططها ويمهممد الطمممريق لمشممروعها فيكممون ذلممك‬
‫العميل بمنزلة الحمار يمتطيه الكفار ليصلوا بمه إلى مبتغاهم ويكممون‬
‫همو وجنموده درعا ً لجنمود الكفار يقاتلون دونهم ويحممون ظهورهم‪.‬‬
‫والمجاهدون الذين يقماتلون أمريكما إنمما يقاتلونهما لكمي تخمرج‪،‬‬
‫ولكن ل تخرج كما تريد هي إنما تخرج ذليلة كسيرة مهزومة ويكممون‬
‫الحكم بعد خروجها لولياء الله المجاهدين ل للعملء المرتدين‪.‬‬
‫ن جهاد الممدفع جهمماد ضممرورة ل‬ ‫تأ ّ‬ ‫كذلك نقول للمؤلف أما علم َ‬
‫يجوز تركه ول التخلف عنممه بحممال‪ ،‬فممإذا كممان كممذلك فكيممف ل يجمموز‬
‫إحياؤه والدعوة إليه وهو من أوجب الواجبات بعد اليمان؟؟؟‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله‪ :‬وأما قتال الممدفع فهممو أشممد أنممواع‬
‫دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل الممذي‬
‫يفسد الدين والدنيا ل شيء أوجب بعد اليمان من دفعه فل يشممترط‬
‫له شرط بل يدفع بحسب المكان‪ .‬اهم‬

‫)‪(335‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال المام ابن القيم رحمه الله‪ :‬فجهاد المدفع يقصده كل أحمممد‬
‫ول يرغب عنه إل الجبان المذمموم شرعا ً وعقل‪ .‬اهم‬
‫وتأمل قول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬فإذا ترك النمماس‬
‫الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العممداوة حممتى تقممع‬
‫بينهم الفتنة كما هو الواقع فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سممبيل‬
‫الله جمع اللممه قلمموبهم وألممف بينهممم وجعممل بأسممهم علممى عممدو اللممه‬
‫وعدوهم وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شمميعا‬
‫ويذيق بعضهم بأس بعض‪] .‬مجموع الفتاوى ج ‪،15‬ص ‪.[44‬‬
‫وأما ما يتعّلق بالقدرة فأنقل كلما ً نفيسا ً للشيخ سفيان الداراني‬
‫‪ -‬حفظه الله‪ -‬حيث قال‪:‬‬
‫قبل أن أتكّلم عن مفهوم ”القدرة“ لبد ّ من الحديث عن مفهمموم‬
‫”المصلحة“ من منظورها الشرعي والتي هي في الصل محممور ك م ّ‬
‫ل‬
‫سع فممي معنممى‬ ‫سع من تو ّ‬ ‫الحوارات ولجلها اشترط من اشترط‪ ,‬وتو ّ‬
‫م بالتممالي )فممي نظرهممم( تحقيممق‬ ‫القدرة وتحديد شروط تحقيقها ليت م ّ‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫قمال الممام الشماطبي رحممه اللمه‪ :‬المنمافع الحاصملة للمكلمف‬
‫مشمموبة بالمضممار عممادة‪ ،‬كممما أن المضممار محفوفممة ببعممض المنممافع‬
‫)العتصام(‪.‬‬
‫فالمقاصد التي يتكلم عنها المام الشاطبي هي مقاصد ومصالح‬
‫دة مممواطن‬ ‫الشريعة المبنية على النظممر الخممروي كممما قممال فممي ع م ّ‬
‫ومنها قوله‪ :‬المصمالح المتجليممة شممرعا‪ ،‬والمفاسمد المسمتدفعة إنمما‬
‫تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الخرى‪ ،‬ل مممن حيممث أهممواء‬
‫النفوس في جلب مصالحها العادية أو درء مفاسدها العادية‪.‬‬
‫وكذلك قوله‪ :‬إن المصالح هي بنظر الشارع ل بنظر المكلممف‪ ،‬أي‬
‫أن حكم الله تعالى في الجممزئي )الممدليل الخمماص( هممو الممذي يحقممق‬
‫المصلحة‪ ،‬وإن فاتت بعض المصالح لدى النظر القاصممر‪ .‬ومممن قمموله‬
‫كممذلك‪)) :‬إن الكلممي ل يقممدح بممالجزئي((‪ .‬أي أن المصمملحة ل تلغممي‬
‫الحكممم الخمماص بالمسممألة‪ ،‬وإن بممدا للنمماظر التعممارض‪ ،‬لنممه ممما مممن‬
‫مسألة إل ويتجاذب فيها عدة قواعممد‪ ،‬فالشممارع يلحقهمما بالشممبه‪ ،‬ول‬
‫ُيعرف الشبه إل بالدليل النقلي ل العقلي‪ ،‬ويغلف ذلممك كلممه أن مممن‬
‫مقاصد التشريع ومن مصلحة الشريعة هو حصول البتلء‪ .‬اهم‬

‫)‪(336‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويقممول رحمممه اللممه‪ :‬الشممارع إنممما قصممد بوضممع الشممريعة إخممراج‬
‫المكّلف عن اتباع هواه حتى يكون عبدا لله‪ .‬اهم‬
‫مل أخي المسلم في قول المام الشاطبي رحمه اللممه تعممالى‬ ‫فتأ ّ‬
‫وقممارن بينممه وبيممن قممول مممن جعلمموا الشممريعة ألعوبممة بيممد النمماس‬
‫يستصلحون منها ما يشاءون‪ ،‬ويردون منها ما يريدون؟‪.‬‬
‫كلمممي هممذا ل يعنممي رد ّ القواعممد وعممدم اعتبارهمما عنممد الترجيممح‬
‫والنظر‪ ،‬ول إلغاء المصلحة الشرعية‪ ،‬ولكن القصد من ذلممك هممو أنممه‬
‫لبد من اعتماد الدلة الشرعية في الحتجاج وليممس مجممرد التشممهي‬
‫والهوى‪ ،‬ففرق كبير بين من نظر إلى مقاصد الشريعة من جهة أنهمما‬
‫تسعى لتحقيق الخرة وأن المقاصد الخرويمة همي الغايمة وبيمن ممن‬
‫نظر إلى الحكام على اعتبار دنيوي فقط‪.‬‬
‫كرين في تحديد هوية هذا الدين محصورة‬ ‫فمنطلقات بعض المف ّ‬
‫في أغلب الحيان في المصلحة الدنيوية وعممدم النظممر إلممى مصمملحة‬
‫الممدين والخممرة والممذي هممو أولممى مممن جميممع الضممرورات والمصممالح‬
‫مة كما قال الشاطبي رحمه الله‪ ،‬فمصلحة الممدين مقدمممة‬ ‫بإجماع ال ّ‬
‫على أي مصلحة‪ ،‬وضرورة الدين أرجممح مممن كممل ضممرورة‪ ،‬ولممذلك ل‬
‫قيمة لحظ النسان أمام أحكام الشريعة‪) .‬نفس المرجع(‪.‬‬
‫ما فيما يخص مفهوم القدرة فأقول‪:‬‬ ‫هذا بإيجاز أ ّ‬
‫كن كلمممات لهمما معنممى واحممد وهممو‪:‬‬ ‫القدرة أو الستطاعة أو التم ّ‬
‫عدم وجود مانع يمنع من أداء فريضة ما من الفرائض‪.‬‬
‫فبالعجز وهو عكس القدرة يسقط التكليف سواء في الجهمماد أو‬
‫الصمموم أو غيرهممما‪ .‬ليممس سممقوطا كلّيمما ولكممن إلممى حيممن حصممول‬
‫ج( وقمموله فممي الحممج‪:‬‬ ‫حَر ٌ‬
‫ض َ‬
‫ري ِ‬ ‫الستطاعة‪ :‬قال تعالى‪َ) :‬ول عََلى ال ْ َ‬
‫م ِ‬
‫ل(‪ ..‬فعّلق الصوم لعارض المرض والحج لقّلممة‬ ‫طاعَ إ ِل َي ْهِ َ‬
‫سِبي ً‬ ‫ست َ َ‬‫نا ْ‬‫م ِ‬
‫) َ‬
‫اليد إلى حين‪..‬‬
‫ن هنمماك فرقما ً بيممن شممرط القممدرة فممي التكمماليف الفرديممة‬ ‫كما أ ّ‬
‫المكّلف بها كل مسلم بعينه ول تسقط عنه بأيّ حال من الحوال إل ّ‬
‫عند العجز وبين شممرط القممدرة فممي العبممادات الجماعيممة أي الممتي ل‬
‫يتحقق بها المقصود إل بالعمل الجماعي‪.‬‬
‫فالشرط الول يبقى قائما ومطالبا به المؤمن إلى حيممن تم ّ‬
‫كنممه‬
‫مما الشممرط الثماني فيسمقط بمجممرد وجممود‬ ‫من تحقيممق السممتطاعة أ ّ‬

‫)‪(337‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طائفة ما ترى فممي نفسممها القممدرة علممى التغييممر‪ ,‬وليممس شممرطا أن‬
‫ن تخاذل بعض هذه الطمموائف‬ ‫تتحقق القدرة في جميع الطوائف بل إ ّ‬
‫هو الذي يعيق تحقيق القممدرة‪ .‬قممال المممام النممووي‪) :‬قممال أصممحابنا‪:‬‬
‫الجهاد ُ اليوم فرض كفايممة إل أن ينمممزل الكفممار ببلممد مسمملم‪ ,‬فيتعي ّممن‬
‫مممن‬ ‫عليهم الجهاد‪ ،‬فإن َلم يكن في أهل ذلك البلد كفاية‪ ,‬وجب على َ‬
‫يليهم تتميم الكفاية( )شرح النووي ‪.(8/63‬‬
‫فافتراض العجز في أمة أو شعب من الشعوب ل يكون بأيّ حال‬
‫من الحوال وهو هزيمة نفسممية وإيمانيممة وليممس عجممزا حقيقيمما يممبّرر‬
‫القعود‪.‬‬
‫قال السلف‪:‬إن لم يقع ذلك إل ّ لطائفة وجب عليهم القيام بخلممع‬
‫الكافر‪) .‬شرح النووي على مسلم‪.(12/229 ،‬‬
‫لمة عبد الرحمن بن حسن‪ :‬ول ريب أن فممرض الجهمماد‬ ‫وقال الع ّ‬
‫باق إلممى يمموم القيامممة‪ ،‬والمخمماطب بمه المؤمنممون‪ ،‬فمإذا كمان هنمماك‬
‫طائفة مجتمعة لها منعة وجب عليها أن تجاهممد فممي سممبيل اللممه بممما‬
‫تقدر عليممه ل يسممقط عنهمما فرضممه بحممال‪ ،‬ول عممن جميممع الطمموائف‪.‬‬
‫)الدرر السنية ‪.(98 /7‬‬
‫وقال شيخ السلم‪ :‬ولما كان الجهاد من تمممام ذلممك ‪ -‬أي المممر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ -‬كان الجهاد أيضا كذلك فإذا لم يقم به‬
‫من يقوم بواجبه أ َِثم كل قادر بحسب قدرته‪ ،‬إذ هو واجب علممى كممل‬
‫إنسان بحسب قدرته‪ .‬اهم‪ .‬الفتاوى )‪.(28/126‬‬
‫وسقوط جهاد الكّفار للعجز ليس معناه عدم مشروعيته‪ ,‬بل إذا‬
‫قام به فرد جاز له ذلك )استحبابا(‪.‬‬
‫ل الّلممهِ ل‬ ‫سِبي ِ‬
‫ل ِفي َ‬ ‫قال القرطبي في تفسير قوله تعالى‪) :‬فََقات ِ ْ‬
‫ن(‪ ..‬قال‪ :‬هي أمر للنبي صمملى اللممه‬ ‫ض ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫حّر ِ‬ ‫س َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫ف إ ِّل ن َْف َ‬
‫ت ُك َل ّ ُ‬
‫عليه وسلم بالعراض عن المنافقين وبالجد ّ فممي القتممال فممي سممبيل‬
‫الله وان لم يساعده أحد على ذلك‪.‬‬
‫ف إ ِّل‬‫ل الل ّمهِ ل ت ُك َل ّم ُ‬
‫سِبي ِ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫وقال ابن حمزم‪ :‬قال تعالى‪) :‬فََقات ِ ْ‬
‫ك( وهذا خطاب متوجه إلى كل مسلم‪ ,‬فكل أحد مأمور بالجهاد‬ ‫س َ‬‫ن َْف َ‬
‫وإن لم يكن معه أحد )المحلى ‪.(7/351‬‬
‫ن فريضة الجهاد هي أكثر الفرائض التي اشترط لها بعض‬ ‫وبما أ ّ‬
‫سعوا بخصوصها فممي مفهمموم‬ ‫علماء العصر شروطا شبه تعجيزية وتو ّ‬

‫)‪(338‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القممدرة فإننمما سنقتصممر فممي حممديثنا علممى شممرط القممدرة بمفهومهمما‬
‫الصحيح على هذه الفريضة‪.‬‬
‫حممد‬‫دة‪ ,‬وبعضممهم يشممترط تو ّ‬ ‫فالبعض يشترط تكممافؤ العممدد والعم ّ‬
‫مة‪ ,‬والبعض الخر يشترطون قاعدة واسممعة وشممريحة كممبيرة مممن‬ ‫ال ّ‬
‫الكوادر وفريق رابع يشترط شروطا قد تكون مستحيلة‪.‬‬
‫وسنحاول في هذه العجالة أن نناقش ما اشممترطوه فممي القممدرة‬
‫السابق ذكرها نقطة نقطة‪.‬‬
‫مما‬‫م َ‬ ‫دوا ل َُهم ْ‬
‫عم ّ‬‫دة يدحضه قول اللمه‪) :‬وَأ َ ِ‬ ‫فشرط تكافؤ العدد والع ّ‬
‫ة( يقول شيخ السمملم‪ :‬مممدار الشممريعة علممى قمموله‬ ‫ن قُوّ ٍ‬‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ق‬
‫حم ّ‬ ‫ه َ‬‫سمر لقموله‪) :‬ات ُّقموا الّلم َ‬ ‫م( المف ّ‬‫سمت َط َعْت ُ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫تعالى‪َ) :‬فات ُّقوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ه( وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم ”إذا أمرتكم فاتوا منه‬ ‫ت َُقات ِ ِ‬
‫ما استطعتم“ أخرجاه في الصحيحين‪.‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله عن معركة بدر‪) :‬ولما رأى المنافقون‬
‫ومن في قلبه مرض قلة حزب اللممه وكممثرة أعممدائه ظنمموا أن الغلبممة‬
‫إنما هي بالكثرة وقالوا }غ مّر هممؤلء دينهممم{ ]النفممال‪ ،،[49 :‬فممأخبر‬
‫سبحانه أن النصر بالتوكل عليه ل بالكثرة ول بالعممدد‪ ،‬واللممه عزيممز ل‬
‫ُيغممالب‪ ،‬حكيممم ينصممر مممن يسممتحق النصممر وإن كممان ضممعيفًا‪ ،‬فعزتممه‬
‫وحكمته أوجبت نصر الفئة المتوكلة عليه( ]زاد المعاد ‪.[3/162‬‬
‫جاء في الدرر السنّية‪ :‬إذا قام المسلمون بما أمرهم الله به من‬
‫جهاد عدوهم‪ ،‬بحسب استطاعتهم‪ ،‬فليتوكلوا علممى اللممه‪ ،‬ول ينظممروا‬
‫إلى قوتهم وأسبابهم‪ ،‬ول يركنوا إليها‪ ،‬فإن ذلك من الشرك الخفممي‪،‬‬
‫ومن أسباب إدالة العدو على المسلمين ووهنهم عن لقاء العدو‪ ،‬لن‬
‫الله تبارك وتعممالى أمممر بفعممل السممبب‪ ،‬وأن ل يتوكممل إل علممى اللممه‬
‫وحده‪] .‬الدرر السنية‪/‬ج ‪/8‬ص ‪[6‬‬
‫دة‪ ،‬فإنكم‬ ‫وة والع ّ‬ ‫وأيضا‪ :‬ل تغتّروا بأهل الكفر وما أعطوه من الق ّ‬
‫ل تقاتلون إل ّ بأعمالكم‪ ،‬فإن أصلحتموها وصلحت‪ ،‬وعلممم اللممه منكممم‬
‫الصدق في معاملته‪ ،‬وإخلص النية له‪ ،‬أعانكم عليهم‪ ،‬وأذّلهم‪ ،‬فإنهم‬
‫عبيده ونواصيهم بيده‪ ،‬وهو الفّعال لما يريد‪) .‬الممدرر السممنية‪/‬ج ‪/8‬ص‬
‫‪ (20‬اهم‬
‫ن التعّلق بهذه السباب وإن كثرت وقويت واشممتراط‬ ‫قلت‪ :‬بل إ ّ‬
‫كذا وكذا قد تكون سببا من أسباب الهزيمة‪ ,‬والذي قرأ التاريخ يدرك‬

‫)‪(339‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل المعارك‬ ‫ج ّ‬ ‫وق المسلمون على الكافرين والمنافقين في ُ‬ ‫أّنه لم يتف ّ‬
‫التي خاضوها مع قمموى الشممر والطغيممان فممي القمموى الماديممة‪ ،‬عتممادا‬
‫ه( بممل‬ ‫ن الل ّم ِ‬‫ة ك َِثي مَرةً ب ِمإ ِذ ْ ِ‬ ‫ت فِئ َ ً‬ ‫ن فِئ َةٍ قَِليل َةٍ غَل َب َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫كانت أم رجال‪) ..‬ك َ ْ‬
‫َ‬
‫جب َت ْك ُم ْ‬
‫م‬ ‫ن إ ِذ ْ أعْ َ‬‫حن َي ْم ٍ‬‫م ُ‬ ‫ممموا‪) :‬وَي َموْ َ‬ ‫هز ُ‬ ‫عنممدما اغممتّر المؤمنممون بكممثرتهم ُ‬
‫شْيئًا(‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ن عَن ْك ُ ْ‬ ‫م ت ُغْ ِ‬‫م فَل َ ْ‬‫ك َث َْرت ُك ُ ْ‬
‫]ولم تتكافأ قوة المسلمين بقوة الكافرين في العدد والعتاد فممي‬
‫ن‬‫كثير من جهاد الطلب كغزوة بممدر وخيممبر ومؤتممة وغممزوة تبمموك فممإ ّ‬
‫الكفار كانوا أكثر عددا ً وعتادًا‪ ،‬ومع ذلك غزاهم النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكذلك المر في عهد الخلفمماء الراشممدين فمعركممة اليرممموك‬
‫ومعركة القادسية كان الكفار أكثر عددا ً وعتادا ً مممن المسمملمين ومممع‬
‫ذلك غزاهم المسلمون فمي عقمر ديممارهم‪ ،‬وإذا كمان همذا فمي جهماد‬
‫الطلب الذي هو من باب الزيادة والكمال‪ ،‬فكيف بجهاد الممدفع الممذي‬
‫هو مممن بمماب الضممرورة والحفمماظ علممى رأس المممال؟! فغممزوة أحممد‬
‫والحزاب وقتال المسلمين للتتار كممان مممن جهمماد الممدفع وكممان عممدد‬
‫الكفار فيها أضعاف عدد المسلمين ومع ذلك لم يممتركوا قتممالهم ولممم‬
‫ذروا بعدم التكافؤ كما يشترطه بعض فقهاء آخر الزمان[‬ ‫يتع ّ‬
‫ن ”الختلف“‬ ‫مة فقد جاءت النصمموص تممبّين أ ّ‬ ‫حد ال ّ‬ ‫أما شرط تو ّ‬
‫مة إلى يمموم الممدين ومنهمما علممى سممبيل‬ ‫حد باق في ال ّ‬ ‫وهو نقيض التو ّ‬
‫ن(‪.‬‬‫خت َل ِِفي َ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫المثال قوله تعالى‪َ) :‬ول ي ََزاُلو َ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسمّلم سممأل رّبمه‬ ‫وثبت في الصحيحين أ ّ‬
‫مته بسنة عامة فأعطاه ذلك‪ ،‬وسأله أن ل يسّلط عليهممم‬ ‫أن ل يهلك أ ّ‬
‫عدّوا من غيرهم فأعطاه ذلك‪ ،‬وسأله أن ل يجعل بأسهم بينهممم فلممم‬
‫متي إلى اثنتي عشر فرقة“ وحديث‬ ‫يعط ذلك‪ ..‬وحديث ”وستنقسم أ ّ‬
‫”الفسطاط“ وكّلها صحيحة‪.‬‬
‫متي يقاتلون في سبيل اللممه‬ ‫ما جاء أيضا‪ :‬ل تزال طائفة من أ ّ‬ ‫وم ّ‬
‫ل‬ ‫ل يضّرهم من خالفهم أو خذلهم حّتى يأتي أمر الله أو كما قال‪ .‬فد ّ‬
‫ن مممن مقاصممد الجهمماد‬ ‫مممة بمماق ل محالممة وأ ّ‬ ‫ن الختلف في ال ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫ف وتنقيته خصوصا في زماننا بعممد‬ ‫إحداث هذا الختلف لتمحيص الص ّ‬
‫م‬ ‫حّتممى ن َعَْلمم َ‬ ‫م َ‬ ‫أن كممثر الخبممث والدعيمماء‪ .‬قممال تعممالى‪) :‬وَل َن َب ُْلمموَن ّك ُ ْ‬
‫م(‪ ،‬وقممال‪) :‬ممما كممان اللممه‬ ‫خب َمماَرك ُ ْ‬ ‫ن وَن َب ْل ُموَ أ َ ْ‬‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫م َوال ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫جاهِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب‪( ..‬‬

‫)‪(340‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مة منذ أن قتل عثمان رضي الله‬ ‫حدت ال ّ‬ ‫واقرؤوا التاريخ‪ ..‬هل تو ّ‬
‫مممة‬ ‫متهم لم يسممتطيعوا توحيممد ال ّ‬ ‫عنه؟ فإذا كان خلفاء المسلمين وأئ ّ‬
‫مممة ازدادت تش مّتتا فممي أحلممك ظروفهمما‬ ‫ن ال ّ‬ ‫فكيممف بغيرهممم؟‪ .‬بممل إ ّ‬
‫وبالضبط حيممن غممزا التتممار بلد المسمملمين حت ّممى قممال شمميخ السمملم‬
‫رحمه الله‪:‬‬
‫فهممذه الفتنممة قممد افممترق النمماس فيهمما ثلث فممرق‪ :‬الطائفممة‬
‫المنصممورة‪ ،‬وهممم المجاهممدون لهممؤلء القمموم المفسممدين‪ .‬والطائفممة‬
‫المخالفة‪ ،‬وهم هؤلء القوم ومن تحيممز إليهممم مممن خبالممة المنتسممبين‬
‫إلى السلم‪ .‬والطائفة المخذلممة وهممم القاعممدون عممن جهممادهم‪ .‬وإن‬
‫كانوا صحيحي السلم فلينظر الرجل أيكون من الطائفممة المنصممورة‬
‫أم مممن الخاذلممة أم مممن المخالفممة فممما بقممي قسممم رابممع( الفتمماوى‬
‫‪.14/495‬‬
‫ممما شممرط ”الكمموادر“ كقممول قممائلهم كممم عنممدنا مممن الطبمماء‬ ‫أ ّ‬
‫والمهندسين وو وفهو شرط غريممب لممم يقممل بممه أحممد مممن السمملف‪,‬‬
‫وى( وقممول نممبّيه‬ ‫خي َْر الّزادِ الت ّْق م َ‬ ‫ن َ‬ ‫دوا فَإ ِ ّ‬ ‫والحقّ هو قوله تعالى‪) :‬وَت ََزوّ ُ‬
‫وة الرمي )صحيح(‪.‬‬ ‫ن الق ّ‬ ‫عليه الصلة والسلم‪ :‬أل إ ّ‬
‫وقال الصحابي الجليل وهو يخوض معركته‪:‬‬
‫ركضا إلى الله بغير زاد غير التقى وحب المعاد‬
‫إن شرط القدرة بمفهومها الشرعي الصحيح هو مجممرد التمك ّممن‬
‫س معََها(‬‫ه ن َْفس ما ً إ ِّل وُ ْ‬ ‫ف الل ّم ُ‬‫وإطاقة الفعل والدليل قوله تعالى‪) :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫وقول نبّيه عليممه الصمملة والسمملم‪) :‬إذا أمرتكممم بممأمر فمماتوا منممه ممما‬
‫اسممتطعتم‪ ،‬وإذا نهيتكممم عممن أمممر فمماجتنبوه( )صممحيح(‪ .‬مممن غيممر أن‬
‫ن‬
‫يدخل فيه تغليمب الظممن أو المتيّقن مممن تحصميل المقصممود‪ .‬ذلمك أ ّ‬
‫دمات ليست هي التي تنشممىء الثممار‬ ‫النتائج بيد الله والسباب والمق ّ‬
‫والنتائج‪ ,‬وإنممما اللممه سممبحانه هممو الممذي ينشممىء الثممار والنتممائج كممما‬
‫دمات سممواء‪ ,‬والمممؤمن يأخممذ بالسممباب لن ّممه‬ ‫ينشىء السباب والمقم ّ‬
‫در آثارها ونتائجها‪.‬‬ ‫مأمور بالخذ بها والله هو الذي يق ّ‬
‫إن قول من يقول‪ :‬ل نقاتل حّتى نحقق القدرة ول تتحقق القدرة‬
‫إل عند التيّقن من تحصيل المقصود فهو قول مردود شممرعا وعقل إذ‬
‫ت واْل َ‬
‫ه( والنتممائج بيممده‬ ‫ب إ ِّل الل ّم ُ‬ ‫ض ال ْغَي ْم َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ماَوا ِ َ‬ ‫سم َ‬
‫ن فِممي ال ّ‬‫م ْ‬
‫م َ‬ ‫)ل ي َعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫سممع‬ ‫كريممن اليمموم مممن يو ّ‬ ‫يٌء( ومممن المف ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫مرِ َ‬ ‫ن اْل ْ‬
‫م َ‬ ‫س لَ َ‬
‫ك ِ‬ ‫وحده )ل َي ْ َ‬

‫)‪(341‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫معنى القدرة حّتى يشترط تيّقن حصول المقصود مضممافا إليممه تيّقممن‬
‫عممدم حصممول مفسممدة أعظممم وليممت شممعري أيّ المريممن أعظممم‬
‫مفسممدة؟؟ الشممرك والكفممر المنتشممر فممي البلد أم الجهمماد؟؟ قممال‬
‫السلف‪ :‬ل مصلحة تعلو وتوازي مصمملحة التوحيممد‪ ،‬ول مفسممدة تعلممو‬
‫وتوازي مفسدة الشرك والكفر‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم‪ :‬فكل الفتن تصغر وتهون أمام فتنة الشرك‪..‬‬
‫وكل فتنة ُتحتمل في سبيل إزالة الفتنة الكبر؛ أل وهي فتنة الشممرك‬
‫والكفممر‪ ! ..‬فالقتممال وإن كممانت تممترتب عليممه بعممض المشمماق واللم‬
‫والفتن‪ ..‬إل أنها كلها تهون في سبيل إزالة فتنة الكفر والشرك‪.‬‬
‫ن النفوس محترمممة محفوظممة‬ ‫ما اّتفق عليه أهل المّلة أ ّ‬ ‫قلت‪ :‬وم ّ‬
‫ومطلوبة للحياء‪ ،‬بحيث إذا دار المر بين إحيائها وإتلف المال عليها‪،‬‬
‫أو إتلفها وإحياء المال كان إحياؤها أولى فإن عممارض إحياؤهمما إماتممة‬
‫الدين‪ ،‬كان إحيمماء الممدين أولممى‪ ،‬وإن أدى إلممى إماتتهمما‪ ...‬انتهممى كلم‬
‫الشيخ سفيان الداراني‪.‬‬
‫م وهنا شبهة ُتذكر‪:‬وهي اشتراط بعض الناس إذن الحاكم للخروج‬
‫إلى الجهاد‪.‬‬
‫وأورد في هذه الشبهة ما كتبه الشيخ الفاضل عبد العزيز العنزي‬
‫فك الله أسره‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬يفّرق في مسألة الستئذان مممن ولممي المممر ”وفممي جميممع‬
‫مسائل الستئذان بيممن مسممألتي‪ :‬وجمموب اسممتئذان الميممر‪ ،‬ووجمموب‬
‫طا‪ ،‬والثانيممة‬ ‫المتناع بمنعه‪ ،‬فممالولى وجوديممة تجعممل إذن الميممر شممر ً‬
‫وز فممي‬ ‫عدمّية ل تجعله كذلك وإّنما تجعممل منعممه مانعًمما‪ ،‬إل ّ أن ّمما سممنتج ّ‬
‫دهما صورة واحدة‪.‬‬ ‫التفريق بينهما ونع ّ‬
‫ن ل ُينكر‪ ،‬ول يصلح أمر المسلمين‬ ‫ولولي المر في الشريعةِ مكا ٌ‬
‫ة فممي حممدودِ وليتممه ممما لممم يممأمر‬ ‫إل ّ بأميرٍ لهم منهممم‪ ،‬وطمماعته واجبم ٌ‬
‫لممور‬ ‫ة‪ ،‬والجهاد من أمور المممة العاممةِ المتي يسوسممها ولةُ ا ُ‬ ‫بمعصي ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مروا‬ ‫ب طاعتهم فممي شممئونها ممما لممم يممأ ُ‬ ‫ويرجع إليهم النظُر فيها‪ ،‬ويج ُ‬
‫ة‪.‬‬‫بمعصي ٍ‬
‫ة‪،‬‬‫ن طاعة المير فممي شممأنه واجبم ٌ‬ ‫ث لم يكن الجهاد واجًبا فإ ّ‬ ‫وحي ُ‬
‫ه‬
‫ويسقط استئذان المير عن الفرد في فرض الكفايمةِ إذا تعي ّممن عليم ِ‬
‫صه‪ ،‬ويسممقط اسممتئذانه‬ ‫ج إليه بخصو ِ‬ ‫ة‪ ،‬أو بالحتيا ِ‬
‫بعدم حصول الكفاي ِ‬

‫)‪(342‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طله ولممي المممر سممواء كممان فممرض‬ ‫عن المةِ في عموم الجهاد إذا ع ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ض المسمملمين أو كلهممم وكممان‬ ‫ة‪ ،‬وإذا نهى عنه بعم َ‬ ‫عين أو فرض كفاي ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫فرض عي ٍ‬
‫ة منه‪ ،‬ونهيه عنه‬ ‫ن تعطيله معصي ٌ‬ ‫طل المير الجهاد؛ فإ ّ‬ ‫ما إذا ع ّ‬ ‫فأ ّ‬
‫أو منعه منه فرعٌ علممى معصمميته فل يجمموز طمماعته فيممه‪ ،‬بممل ل يجمموز‬
‫إقمراره علمى تمرك الجهماد‪ ،‬ويجمب الخمذ علمى يمده والنكمار عليمه‪،‬‬
‫ص علممى هممذه‬ ‫وتحريضممه وتحريممض المممؤمنين علممى الجهمماد‪ ،‬وقممد ن م ّ‬
‫الصورة عدد ٌ من أهل العلم‪.‬‬
‫ما إذا تعّين فممرض الجهمماد‪ ،‬فقممد قممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬ ‫وأ ّ‬
‫ة في المعروف“‪ ،‬ومن‬ ‫وسلم‪” :‬ل طاعة في معصية الله‪ ،‬إّنما الطاع ُ‬
‫ب المتعّين‪ ،‬وقد نص على هذا الحكممم جماعممة‬ ‫ك الواج ِ‬ ‫معصية الله تر ُ‬
‫من أهل العلم‪ ،‬منهم ابن رشدٍ الحفيد فقممال‪” :‬طاعممة المممام لزمممة‬
‫وإن كان غير عدل ما لم يممأمر بمعصممية‪ ،‬ومممن المعصممية النهممي عممن‬
‫الجهاد المتعين“‪.‬‬
‫ب إن‬ ‫ن السممتئذان فممي فممروض العيممان واجم ٌ‬ ‫ومنهم من زعممم أ ّ‬
‫ة‪ ،‬بخلف ممما يفعلممه المسمملم وحممده‪،‬‬ ‫ة مما تفعل جماع ً‬ ‫كانت الفريض ُ‬
‫ن مممن فممروض العيممان الممتي تفعممل جماعممة‪:‬‬ ‫ل بالتفاق‪ ،‬فإ ّ‬ ‫وهذا باط ٌ‬
‫الصلوات الخمس‪ ،‬وفي الدّلة التي ذكرها ما ينقض هذا القول‪.‬‬
‫والصورتان السابقتان مما يتعين فيه الجهمماد ل ينبغممي أن يكممون‬
‫ف‪ ،‬وليس لهمما اختصماص بالجهماد فهمما فمي كمل ممن لمه‬ ‫فيهما خل ٌ‬
‫ولية‪ :‬ل ُيطاع إذا أمر بمعصممية اللممه‪ ،‬ول ُيطمماع فممي تعطيممل فممرائض‬
‫م فيه‪.‬‬ ‫الله‪ ،‬ول ُينزل إلى اجتهاده فيما هو مّته ٌ‬
‫ب فممي‬ ‫ن اسممتئذان الميممر واجم ٌ‬ ‫وفيما عدا همماتين الصممورتين‪ ،‬فممإ ّ‬
‫الخروج إلى الجهاد‪ ،‬وفي مفارقته بعد الخروج‪ ،‬فإذا منعه المير مممن‬
‫الجهاد الذي لم يتعّين عليه‪ ،‬وجب عليه المتناع‪ ،‬وإذا خرج مع الميممر‬
‫في جهاد وأراد أن يممذهب أو يخممرج لحاجممة ولممو يسمميرةٍ كالحتطمماب‬
‫ذا ك َمماُنوا‬ ‫ونحوه لم يجز له أن يذهب حتى يسممتأذنه لقمموله تعممالى‪) :‬وَإ ِ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه( وكممذلك السممتئذان‬ ‫س مت َأذُِنو ُ‬ ‫حت ّممى ي َ ْ‬‫م ي َمذ ْهَُبوا َ‬ ‫مٍع ل َم ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫ه عََلى أ ْ‬
‫مرٍ َ‬ ‫مع َ ُ‬
‫َ‬
‫لترك فرض الكفاية‪.‬‬
‫أما الستئذان لترك فرض العين فهو مممن أمممارات النفمماق‪ ،‬وهممو‬
‫ن ب ِممالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ُممو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬
‫ذي َ‬‫ك ال ّم ِ‬‫س مت َأ ْذِن ُ َ‬‫على الرجح المراد بقوله تعممالى‪) :‬ل ي َ ْ‬

‫)‪(343‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن*‬ ‫قي‬ ‫ت‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ما‬‫م‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫لي‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫خر أ َن يجاهدوا بأ َموال ِهم وأ َ‬ ‫َوال ْي َوْم ا ْ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل ِ ِ ْ ُ َ ِ ُ ِ ْ َ ِ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ت قُلمموب ُهُ ْ‬ ‫خ مرِ َواْرت َمماب َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ب ِمماللهِ َوالي َموْم ِ ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن ل ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ست َأذِن ُك ال ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫إ ِن ّ َ‬
‫خا‪ ،‬ول تعمارض بينمه وبيمن‬ ‫ن( فل يكمون منسمو ً‬ ‫دو َ‬ ‫م ي َت ََرد ّ ُ‬ ‫م ِفي َري ْب ِهِ ْ‬ ‫فَهُ ْ‬
‫ْ‬
‫ن ب ِممالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ُممو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ك ال ّم ِ‬ ‫س مت َأذِن ُ َ‬ ‫اليممة الخممرى‪ ،‬قممال القرطممبي‪﴿” :‬ل ي َ ْ‬
‫خرِ﴾ أي في القعود ول في الخممروج‪ ،‬بممل إذا أمممرت بشمميءٍ‬ ‫َوال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫ابتدروه“‪ ،‬وصح عن ابن عباس أن المراد بهذه الية مممن يسممتأذن بل‬
‫عذر‪ ،‬ومعلمموم أن السممتئذان بل عممذر ل يكممون ذنب ًمما إل ّ عنممدما يكممون‬
‫ضمما علممى آحمماد النمماس فل‬ ‫ضا‪ ،‬وفرض الكفاية ل يكممون فر ً‬ ‫الجهاد فر ً‬
‫يكون الستئذان بل عذر منهم ذنًبا‪ ،‬وفرض العين فممي سممبب النممزول‬
‫كان باستنفار المام في غزوة تبوك مع أنها كانت من جهمماد الطلممب‬
‫كممما ذكممر شمميخ السمملم ابممن تيميممة فقممال‪” :‬فهممذا دفممع عممن الممدين‬
‫والحرمة والنفس وهو قتال اضطرار‪ ،‬وذلك قتال اختيار للزيادة فممي‬
‫الممدين وإعلئه‪ ،‬ولرهمماب العممدو كغممزاة تبمموك ونحوهمما“‪ ،‬وللمممام إذا‬
‫استنفر العموم أن يعذر من يرى لممه عممذًرا فيسممتثنيه مممن اسممتنفاره‬
‫وإن لممم يكممن مممن أصممحاب العممذار الممذين عممذرهم اللممه عممز وجممل‬
‫بالقرآن‪ ،‬وذلك أن عذره لممه إّنممما هممو اسممتثناء مممن عممموم اسممتنفاره‬
‫للمسلمين‪ ،‬فل يكون داخل ً في نممداء النفيممر الممذي تعي ّممن بممه الجهمماد‪،‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫ل على عدم وجوب السممتئذان‬ ‫وعلى هذا التفسير للية فهي دلي ٌ‬
‫ن‪ ،‬على التقديرين فممي المحممذوف قبممل أن‪،‬‬ ‫للجهاد إذا كان فرض عي ٍ‬
‫در المحذوف‪ :‬ل يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الخر في‬ ‫فإن قُ ّ‬
‫أن يجاهدوا كان المعنى استئذان من يسممتأذن لُيجاهممد لممما فممي هممذا‬
‫منع منه وإن‬ ‫من التثاقل عن الجهاد ولما فيه من نيته ترك الجهاد إن ُ‬
‫صة لن النممبي صمملى اللممه‬ ‫كان هذا ل يقع في صورة سبب النزول خا ّ‬
‫عليه وسلم إن منع منه وجبت طمماعته بخلف المممراء‪ ،‬فيكممون الممذم‬
‫لجل ما فيه من التثاقممل فممي زمممن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪،‬‬
‫وللمرين مًعا في حقّ من بعده‪ ،‬ويكون مممن يسممتأذن ليممترك الجهمماد‬
‫أولى بالذم والثم لن المستأذن ليفعل أفضل ممن يسممتأذن ليممترك‪،‬‬
‫در المحذوف‪ :‬كراهة أن يجاهممدوا‪ ،‬أو بتقممدير ل نافي مةٍ بعممد أن‪،‬‬ ‫وإن قُ ّ‬
‫َ‬ ‫فيجري على مثل قوله تعالى‪) :‬يبين الل ّه ل َك ُ َ‬
‫ن‬‫ضّلوا( وقمموله‪) :‬أ ْ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُّ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مةِ إ ِن ّمما ك ُن ّمما عَ م ْ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ن ت َُقوُلوا ي َوْ َ‬ ‫ت( وقوله‪) :‬أ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ل ن َْف ٌ‬ ‫س َ‬‫ت ُب ْ َ‬
‫َ‬
‫ت ِفممي‬ ‫ما فَّرط ْ ُ‬ ‫سَرَتى عََلى َ‬ ‫ح ْ‬‫س َيا َ‬ ‫ل ن َْف ٌ‬‫ن ت َُقو َ‬‫ن( وقوله‪) :‬أ ْ‬ ‫غافِِلي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫هَ َ‬
‫)‪(344‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ه( وهو وجه معممروف كممثير فممي القممرآن وفممي كلم العممرب؛‬ ‫ب الل ّ ِ‬
‫جن ْ ِ‬
‫َ‬
‫د‪ ،‬والتقدير الثمماني أرجممح‬ ‫ص في المستأذن ليترك الجها َ‬ ‫فالية حينئذٍ ن ّ‬
‫وأظهر والله أعلم‪ ،‬وهو الظمماهر مممن الثمار فمي تفسممير اليمة‪ ،‬وممن‬
‫سبب النزول حيث نزلت فممي المنممافقين وهممم يسممتأذنون كراهمة أن‬
‫ُيجاهدوا‪.‬‬
‫والمراد على التقدير الثاني‪ :‬استئذان من يستأذن ليترك الجهمماد‬
‫بعد أن ُأمر به‪ ،‬وعلى التقممدير الول‪ :‬اسممتئذان مممن يسممتأذن ليممذهب‬
‫ص الجهاد المتعّين‪.‬‬ ‫دا به خصو ُ‬ ‫ما مرا ً‬‫إلى الجهاد‪ ،‬ويكون عا ّ‬
‫من إبطال قول مممن يمموجب اسممتئذان المممام‬ ‫وكل التقديرين يتض ّ‬
‫ن السممتئذان فممي حقيقتممه يعنممي طلممب الذن‪،‬‬ ‫في الجهاد المتعّين‪ ،‬ل ّ‬
‫من تعليق الفعل على الذن‪ ،‬فإن أذن المام ذهممب وإل ّ فل‪،‬‬ ‫وهذا يتض ّ‬
‫مستأِذن بعد‬ ‫فيكون مجّرد الستئذان معصية بقطع النظر عن مراد ال ُ‬
‫أن علمنا أّنه سيمتنع إن منعه المير‪ ،‬ويطيعه في معصية الله وتممرك‬
‫ما أوجب الله‪.‬‬
‫ن مممن‬ ‫ومن الدّلة على سقوط إذن المام في الجهمماد المتعي ّممن أ ّ‬
‫أعظم مقاصد المامة وأولها الجهاد في سممبيل اللممه؛ فل يمكممن مممع‬
‫ممما إل‬
‫هذا أن يسوغ للمام إسقاط الجهاد المتعّين الممذي ممما كممان إما ً‬
‫لقامته وإقامة بقية الشرائع والحدود‪ ،‬ولهذا قممال إيمماس بممن معاويممة‬
‫المزني‪” :‬ل بد للناس من ثلثة أشممياء‪ :‬ل بممد لهممم أن تممأمن سممبلهم‪،‬‬
‫ويختار لحكمهم حتى يعتدل الحكم فيهم‪ ،‬وأن يقام لهم بممأمر الثغممور‬
‫التي بينهم وبين عممدوهم‪ ،‬فممإن هممذه الشممياء إذا قممام بهمما السمملطان‬
‫احتمممل النمماس ممما كممان سمموى ذلممك مممن أثممرة السمملطان وكممل ممما‬
‫يكرهون“‪.‬‬
‫ومن هذا ما أخرج أحمد وأبو داود وغيرهما من حديث عقبمة بمن‬
‫مالك الليثي رضي الله عنه قال‪ :‬بعث النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫سرية‪ ،‬فسلحت رجل ً منهم سيًفا فلما رجع قممال‪ :‬لممو رأيممت ممما لمنمما‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم؛ قممال‪” :‬أعجزتممم إذ بعثممت رجل ً‬
‫منكممم فلممم يمممض لمممري أن تجعلمموا مكممانه مممن يمضممي لمممري؟“‪،‬‬
‫فلمهم على طاعتهم للمير الذي لم يمممض لمممره صمملى اللممه عليممه‬
‫حمموه وجعلمموا مكممانه غيممره‪،‬‬ ‫وسلم الخاص‪ ،‬وعمماتبهم أن لممم يكونمموا ن ّ‬
‫ض للواجب الشرعي الظاهر الذي ل لبس فيممه مممن‬ ‫ومثله من لم يم ِ‬
‫دفع العدو الصائل‪.‬‬
‫)‪(345‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وهذا الحديث ظاهر في المسألة‪ ،‬وإسناده جيممد فقممد رواه حميممد‬
‫بن هلل عن بشر بن عاصم الليثي عن عقبة بن مالممك الليممثي‪ ،‬وقممد‬
‫صرح بشر بن عاصم الليثي بسماعه من عقبة بن مالك فممي حممديث‬
‫آخر‪ ،‬وقال البخاري في ترجمة بشر بن عاصم‪ :‬سمع عقبة بن مالممك‬
‫الليثي سمع منه حميد بن هلل‪ ،‬وقد وثق النسائي وابممن حبممان بشممر‬
‫بن عاصم ٍ هذا‪ ،‬وأما قول الحافظ في التهذيب‪ :‬لم ينسبه النسائي إذ‬
‫وثقممه وزعممم القطممان أن مممراده بممذلك الثقفممي وأن الليممثي مجهممول‬
‫طممان كممثير التجهيممل للممرواة‬ ‫الحممال‪ ،‬فل تصممح دعمموى القطممان والق ّ‬
‫المعروفين‪ ،‬وأما أن النسائي لم ينسبه فقممد نسممبه النسممائي بقمموله‪:‬‬
‫وهو أخو نصر بن عاصم ونصر بن عاصم المشهور هممو الليممثي الممذي‬
‫قيل إّنه أول من وضع علم العربية‪ ،‬وعن بشر بن عاصممم ونصممر بممن‬
‫حميد بن هلل العدوي‪ ،‬فظمماهر أن قمموله أخممو نصممر بممن‬ ‫عاصم روى ُ‬
‫عاصم ُيراد به نصر بن عاصم هذا‪ ،‬فثبت أن الذي وثقه النسممائي هممو‬
‫الليثي‪ ،‬وهو المراد بقوله أخو نصر بن عاصم‪ ،‬أما الثقفي فقد نسممبه‬
‫البخاري فقال‪ :‬أخو عمممرو‪ ،‬وتوثيمق النسمائي وابممن حبممان لبشممر بممن‬
‫ل الممذي يممروي عنممه‬ ‫عاصم جارٍ على عادتهما من توثيق التابعي المقم ّ‬
‫ح‪ ،‬وقممد روى الشمميخان عممن‬ ‫ثقة ول يأتي بما ُينكر‪ ،‬وهو مذهب صممحي ٌ‬
‫جماعةٍ ممن هذه صفت ُُهم‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫ومما وقممع التنممازع فممي معنمماه مممن كلم أهممل العلممم كلمممة عبممد‬
‫الرحمن بن حسن بن محمد بممن عبممد الوهمماب رحمممه اللممه تعممالى إذ‬
‫قممال‪” :‬ول يكممون المممام إمام ما ً إل بالجهمماد‪ ،‬ل أن ّممه ل يكممون جهمماد إل‬
‫ن المامة ل بد ّ فيها مممن‬ ‫بإمام‪ ،‬والحق عكس ما قلته يا رجل“ فبّين أ ّ‬
‫ح إمممامته بل جهمماد‪،‬‬ ‫ن المممام ل تص م ّ‬ ‫الجهاد ل العكس‪ ،‬وظاهر كلمه أ ّ‬
‫فكيف ُيستأذن في الجهاد من لول الجهاد ما كان له ولية؟! فالمممام‬
‫ل ممما تحتملممه عبممارته سممقوط‬ ‫مفتق مٌر إلممى الجهمماد ل العكممس‪ ،‬وأق م ّ‬
‫استئذانه في بعض صور الجهاد‪ ،‬والشق الثاني من العبارة في قوله‪:‬‬
‫ل أّنه ل يكون جهاد إل بإمام يرد ّ به على مممن يشممترط وجممود المممام‬
‫للجهاد‪ ،‬وإذا لم ُيشترط وجوده لم ُيشمترط إذنممه‪ ،‬وهمذا يجممري علممى‬
‫قول الفقهاء في كثير من المسائل ”لم ُيشترط وجمموده فل ُيشممترط‬
‫إذنه“‪ ،‬وفي هذا نظر من وجهين‪:‬‬
‫طا عنممد وجممود‬‫الوجه الول‪ :‬أنه ل مانع من أن يكون الذن مشتر ً‬
‫المام غير مشترط عند عدمه لما في العمممل بل إذنممه وقممت وجمموده‬
‫)‪(346‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من الفتئات‪ ،‬ولهذا ل يشترط إذن المام في شيء من صور الجهمماد‬
‫إذا لم يوجد أو لم يمكن استئذانه‪ ،‬وُيشترط إذنه إن وجممد فمي بعمض‬
‫الصور‪.‬‬
‫ن هذا مبني على اشتراط إذن المام‪ ،‬فل يدخل‬ ‫والوجه الثاني‪ :‬أ ّ‬
‫دمنا‪.‬‬
‫متغايرتان كما ق ّ‬‫فيه ما إذا منع المام‪ ،‬وهما مسألتان ُ‬
‫ل بعض من لم يحقق المسألة بمثل عبممارة الموفممق فممي‬ ‫واستد ّ‬
‫المغني على القممول بوجمموب اسممتئذان المممام فممي الجهمماد المتعي ّممن‪،‬‬
‫ونص عبارة ابن قدامة‪” :‬ولنهممم إذا جمماء العممدو صممار الجهمماد عليهممم‬
‫فرض عين فوجب على الجميع فلم يجز لحد التخلف عنه‪ ,‬فإذا ثبممت‬
‫هذا فإنهم ل يخرجون إل بإذن الميممر لن أمممر الحممرب موكممول إليممه‬
‫وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهممم‪ ,‬ومكممامن العممدو وكيممدهم فينبغممي أن‬
‫يرجع إلى رأيه لنه أحوط للمسلمين“‪.‬‬
‫ولعدد من الفقهاء مثل همذه العبارة‪ ،‬والستناد عليهما فممي هممذه‬
‫ش‪ ،‬فهممي فممي استئذانمممه فممي تفاصمميل الجهمماد‬ ‫ط فاحمم ٌ‬‫المسممألة غلم ٌ‬
‫المتعّين ل في أصله‪ ،‬وفمرقٌ بين مسألة الخمروج إلى العمدو وتوقيت‬
‫ذلك‪ ،‬وأصل قتال العدّو‪ ،‬فليممس فممي عبممارة المممموفق ول غيممره مممن‬
‫ن المام إن منعَ من أصمل دفع العدو وتركه يدخمممل بلد‬ ‫أهمل العلم أ ّ‬
‫ة‪،‬‬
‫ن طاعته في ترك هذا الفممرض واجب م ٌ‬ ‫دا أ ّ‬
‫المسلمين يعيث فيها فسا ً‬
‫ن مقاتلة العدو دفًعا له عن حرمات المسلمين محرمة‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ن المام ل ُيسممتأذن فممي الجهمماد المتعي ّممن ل يعنممي‬ ‫والذي يقول إ ّ‬
‫ن المام ل إمارة له في جهاد الدفع بل إمارته باقيممة وطمماعته‬ ‫بقوله أ ّ‬
‫مما دفمع العمدو عمن المسملمين‪ ،‬وممما تجمب‬ ‫فيها واجبة مما دام ملتز ً‬
‫طاعته في جهاد الدفع فيما يدخله الجتهاد ويرجممع إلممى أمممر الحممرب‬
‫وسياستها‪ ،‬فله أن يأمر بالخروج إلممى العممدو‪ ،‬وأن يممأمر بالبقمماء فممي‬
‫البلد ومقاتلته كما أراد النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أول المممر أن‬
‫شمما فممي المدينممة‪ ،‬ويمهلهممم حّتممى يممدخلوها فُيقمماتلهم‬ ‫ُيقاتممل قري ً‬
‫ن‬
‫المسلمون فيها‪ ،‬فالخروج للعدو ليس مطابًقا لقتمماله‪ ،‬بممل هممو شممأ ٌ‬
‫من شئون القتال يدخل اجتهاد المام في توقيته وصفته‪ ،‬وللمممام أن‬
‫يمنع منه ويأمر بالقتال في البلد‪ ،‬وللمممام أن ُيصممالح العممدوّ ويسممعى‬
‫في ذلك فيمنع الناس من مقاتلة العدوّ حّتى يصطلح معه وذلك حين‬
‫يكون العدو بظاهر البلد أو قريًبا منه ونحو ذلك‪.‬‬

‫)‪(347‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولذا قال الشهيد عبد الله عزام رحمه الله فممي كتمماب الممدفاع عممن‬
‫أراضي المسلمين‪” :‬وإنما ُيستأذن أمير الحرب وقممائد المعركممة فممي‬
‫الغزو والهجوم من أجممل التنظيممم والتنسمميق وحممتى ل ُيفسممد المممرء‬
‫الذي يهجم على العدو خطة المسلمين“‪.‬‬
‫فل يكون في كلم ابن قداممة ول كلم غيره من الفقهاء مخالفمة‬
‫للقاعدة الشممرعية المتفممق عليهمما مممن أنمممه ل طاعمممة لمخلمموق فممي‬
‫معصية الله عز وجل‪ ،‬وأّنه ل اسمتئذان فمي فمروض العيمان‪ ،‬وليممس‬
‫ب منممه فضمل ً عممن‬ ‫ن الميممر المعط ّممل للجهمماد أو التممارك للممواج ِ‬‫فيها أ ّ‬
‫المانمع من ذلك ُيطاع وتجمري معصيته على جميع الرعّية واجب ًمما مممن‬
‫الواجبات الشرعية‪.‬‬
‫ضممح هممذا المعنممى كلم ابممن قدامممة نفسممه فممي مسممألة إذن‬ ‫ويو ّ‬
‫كم ّ‬
‫ل‬ ‫الوالدين حيث قال‪” :‬وإذا خوطب بالجهاد فل إذن لهمما‪ ,‬وكممذلك ُ‬
‫الفرائض ل طاعة لهما فممي تركهمما يعنممي إذا وجممب عليممه الجهمماد لممم‬
‫يعتبر إذن والديه؛ لّنه صار فرض عين وتركه معصية‪ ،‬ول طاعة لحد‬
‫في معصممية اللممه‪ ،‬وكممذلك كممل ممما وجممب مثممل الحممج‪ ,‬والصمملة فممي‬
‫الجماعة والجمع والسممفر للعلممم الممواجب‪ ،‬قممال الوزاعممي‪ :‬ل طاعممة‬
‫للوالدين في ترك الفرائض والجمع والحج والقتال‪ .‬لنها عبادة تعينت‬
‫عليه ؛ فلم يعتبر إذن البوين فيها كالصلة“‪.‬‬
‫ن تركممه‬ ‫مل تعليله إسقاط إذن الوالدين في الجهاد المتعّين بأ ّ‬ ‫فتأ ّ‬
‫معصية ول طاعة لحد في معصية الله‪ ،‬وهذا يكمون فمي المممام كمما‬
‫يكون في الوالدين‪ ،‬والمعصية ل ُيطاع فيها المام كممما ل ُيطمماع فيهمما‬
‫الوالدان‪.‬‬
‫وانظر قياسه في قوله‪ :‬لّنها عبادة تعّينت عليممه فلممم ُيعتممبر إذن‬
‫ن سممقوط إذن الوالممدين فممي الجهمماد‬ ‫البوين فيها كالصلة‪ ،‬فأوضممح أ ّ‬
‫ة‪ ،‬وكذلك المممام كممما يسممقط‬ ‫كسقوطه في الصلة لّنها عبادةٌ متعّين ٌ‬
‫ن‪،‬‬‫ل منهما فرض عي ٍ‬ ‫نك ّ‬‫إذنه في الصلة يسقط في الجهاد بجامِع كو ِ‬
‫وهذا من أظهر الحكام‪.‬‬
‫وما ُيقال في إذن المام ُيقال في جميع من قيل باسممتئذانهم مممن‬
‫عا“‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬ ‫أصحاب الحقوق المعتبرة شر ً‬
‫قال الرملي )في نهاية المحتمماج ‪ُ :(8/60‬يكممره الغممزو بغيممر إذن‬
‫الممممام أو نمممائبه‪ ،‬ول كراهمممة فمممي حمممالت‪ :‬إذا فممموت السمممتئذان‬

‫)‪(348‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المقصود‪،‬أو عطل المام الغزو‪ ،‬أو غلب على ظنممه عممدم الذن )كممما‬
‫بحث ذلك البلقيني( )انتهى(‪.‬‬
‫تأمل كلم الرملي رحمه الله‪ ،‬وهو يتكلم عن جهاد الطلب‪ ،‬فممإذا‬
‫وت المصلحة جاز الجهاد بدون إذنه‪ ،‬كذلك إذا‬ ‫كان استئذان المام ُيف ّ‬
‫ع ّ‬
‫طل الجهمماد أو منممع منممه‪ ،‬وهممذا فممي جهمماد طلممب الممذي هممو زيممادة‬
‫وفضممل‪ ،‬فكيممف بجهمماد الممدفع الممذي هممو ضممرورة ودفمماع عممن الممدين‬
‫والعرض والرض؟!‬
‫وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكممبرى )‪" :(607/4‬أممما‬
‫إذا هجم العدو فل يبقى للخلف وجه فممإن دفممع ضممررهم عممن الممدين‬
‫والنفس والحرمة واجب إجماعا فل حاجة لذن أمير المؤمنين‪.‬‬
‫وقال ابن حزم في المحلى " ول يجوز الجهاد إل بإذن البوين إل‬
‫أن ينزل العدو بقمموم مممن المسمملمين ففممرض علممى كممل مممن يمكنممه‬
‫إعانتهم أن يقصدهم مغيثا لهم أذن البوان أم لم يأذنا ‪ -‬إل أن يضيعا‬
‫أو أحدهما بعده‪ ،‬فل يحل له ترك من يضيع منهما‪.7/292 .‬‬
‫وقال المام النووي )قال أصحابنا‪ :‬الجهاد اليمموم فممرض كفايممة إل‬
‫أن ينزل الكفار ببلد المسلمين فيتعين عليهم الجهمماد‪ ،‬فممإن لممم يكممن‬
‫في أهل ذلك البلد كفاية وجب على من يليهم تتميم الكفاية( شرحه‬
‫على مسلم ‪.8/63‬‬
‫وقال الماوردي‪" :‬فرض الجهاد على الكفاية يتوله المام ما لممم‬
‫يتعين")القناع ص‪(175/‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمممه اللممه بعممد أن اسممتدل‬
‫بقصة أبي بصير رضي الله عنه في حربه قريشا مستقل " فهل قممال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أخطأتم فممي قتممال قريممش لنكممم‬
‫لستم مع إمام؟؟! سبحان الله! ما أعظم مضممرة الجهممل علممى أهلممه‬
‫عياذا بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل "‬
‫وقال " فإذا كانت هناك طائفة مجتمعة لها منعة‪ ،‬وجب عليها أن‬
‫تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه ل يسقط عنها فرضممه بحممال‪ ،‬ول‬
‫عن جميممع الطمموائف وليممس فممي الكتمماب والسممنة ممما يممدل علممى أن‬
‫الجهاد يسقط في حال دون حال‪ ،‬أو يجب على أحد دون أحممد إل ممما‬
‫استثنى في سورة براءة‪ ،‬وتأمل قوله‪) :‬ولينصرن الله مممن ينصممره(‪،‬‬
‫وقوله " ومن يتول الله ورسمموله والممذين آمنمموا‪ ..‬اليممة "‪،‬وكممل يفيممد‬

‫)‪(349‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العموم بل تخصيص‪ ( ..‬الدرر السنية ‪7/97‬‬
‫وقال أيضا ً‪" :‬وكل من قام بالجهاد في سبيل الله فقد أطاع الله‬
‫وأدى ما فرضه الله ول يكون المام إل بالجهاد ل أنممه ل يكممون جهمماد‬
‫إل بالمام" )الدرر السنية ‪(7/97‬‬
‫وقال المام أبو عبدالله سيدي العربي الفاسي رحمه اللممه‪ :‬وممما‬
‫تهذي به بعض اللسنة في همذه الزمنة من أنه ل يجوز الجهاد لفقممد‬
‫المام وإذنه‪ ،‬فكلمة أوحاها شيطان الجن إلى شيطان النس‪ ،‬فقرها‬
‫في إذنه ثم ألقاهمما علممى لسممانه فممي زخممارف هممذيانه‪ ،‬إغممواء للعبمماد‬
‫وتثبيطا عن الجهاد‪ .‬اهم‬
‫علممم أنممه ل طاعممة‬ ‫قال الشيخ حامد العلي حفظه الله‪ :‬هذا وقد ُ‬
‫لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬وأن الحاكم ل يطاع إن أمممر بالمعصممية‪،‬‬
‫فكيف إذا أمر بما هممو مممن أشممد المعاصممي ضممررا علممى المسمملمين‪،‬‬
‫وإفسادا لدينهم‪ ،‬وهو ترك الجهاد‪ ،‬فل يقول بوجوب طاعته في ذلممك‬
‫إل جاهل مطموس على بصيرته عافانا الله‪ .‬ومن العجب الممذي يممثير‬
‫السى أن أحد هؤلء المغفلين القائلين باشتراط إذن الدولة للجهمماد‪،‬‬
‫سئل عن حكم الجهمماد فممي العممراق‪ ،‬فقممال يشممترط لممه إذن المممام‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فقيل له إن المممام هممو الحمماكم الصممليبي‪ ،‬قممال فليسممتأذنوا مجلممس‬
‫الحكم! فقيل له‪ :‬إنهم نمموابه ثممم إن أكممثرهم روافممض متحممالفين مممع‬
‫الصليبيين! فقال‪ :‬سقط عن العراقيين الجهمماد إذًا‪ ،‬فقيمل لمه‪ :‬أليمس‬
‫هذا مذهب القاديانية؟! قال المفتي للمعترض‪ :‬اسكت وإل بلغنا عنك‬
‫ولي المر!!! وعش تر ما لم تر!!اهم‪.‬‬
‫إذا تبين أن جهاد الدفع واجب ل يجمموز تركممه‪ ،‬وأن اشممتراط إذن‬
‫الحاكم في أصل جهاد الدفع غير صحيح وغير معتبر‪ ،‬فممإن مممن يمنممع‬
‫من الجهاد يعتبر خائنما ل يصملح أن يحكمم المسملمين‪ ،‬وإن منمع ممن‬
‫جهاد العدو الصائل وحارب المجاهدين فإنه يكفر لنه منع مممن جهمماد‬
‫كن العدو من أرض المسمملمين ول فممرق‬ ‫الدفع المتعين وهو بفعله يم ّ‬
‫بينممه وبيممن مممن يمنممع مممن أداء الصمملة المفروضممة‪ ،‬وإذا كممان حكممم‬
‫الطائفة الممتنعة عن إلتزام جهاد الكفار جهمماد الطلممب خارجممة عممن‬
‫السلم كما حكى ذلك شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬فكيف الحكممم فيمممن‬
‫لم يقتصر على المتناع بل جاوز ذلك إلى المنع ومعاقبة كل من أراد‬
‫أداء ما افترضه الله عليه من نصرة إخوانه المسلمين؟‬

‫)‪(350‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والمقصود أن الحاصل من الحكام اليوم في هذه المسممألة كفممر‬
‫من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ /‬إنكار مشروعية جهاد الطلب بدليل ما تكلممموا بممه‪،‬‬
‫وحتى لو لم يتكلموا بذلك فإن قممرائن الحممال تممدل علممى ذلممك دللممة‬
‫واضحة‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ /‬إلغاء مشروعية جهاد الدفع ويدل على ذلك أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬امتناعهم من إقامته مع أنه فرض عيممن وقممد حكممى شمميخ‬
‫السلم اتفاق العلماء على كفممر مممن امتنممع عممن شمميء مممن شممرائع‬
‫السلم الظاهرة‪ ،‬وحجتهم في ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهممم‬
‫دة الممتنعين من أداء الزكاة‪.‬‬ ‫على كفر ور ّ‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ ...» :‬فأّيما طائفة امتنعممت‬
‫من بعض الصلوات المفروضات‪ ،‬أو الصيام‪ ،‬أو الحج‪ ،‬أو عممن الممتزام‬
‫تحريمم المدماء‪ ،‬والمموال‪ ،‬والخمممر‪ ،‬والزنما‪ ،‬والميسممر‪ ،‬أو عمن نكماح‬
‫ذوات المحارم‪ ،‬أو عن التزام جهمماد الكفممار‪ ،‬أو ضممرب الجزيممة علممى‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬وغير ذلك من واجبممات الممدين ومحرممماته الممتي ل عممذر‬
‫لحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحممد لوجوبهمما‪ ،‬فممإن الطائفممة‬
‫الممتنعة تقاتل عليها وإن كممانت مقمّرة بهمما‪ ،‬وهممذا مممما ل أعلمم فيممه‬
‫خلفا ً بين العلماء‪ ،‬وإنممما اختلممف الفقهمماء فمي الطائفمة الممتنعممة إذا‬
‫سممنن كركعممتي الفجممر ]أي سممنة الفجممر[‬ ‫أصرت علممى تممرك بعممض ال ُ‬
‫والذان والقامة‪ ،‬عند من ل يقول بوجوبها ونحو ذلممك مممن الشممعائر‪،‬‬
‫ممما الواجبممات‬‫هممل ُتقاتممل الطائفممة الممتنعممة علممى تركهمما أم ل؟ فأ ّ‬
‫والمحرمات المذكورة ونحوهمما فل خلف فممي القتممال عليهمما‪ ،‬وهممؤلء‬
‫عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة‪ ...‬فهم خممارجون عممن‬
‫السلم‪ .‬اهم]مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،28‬ص ‪.[503‬‬
‫الثاني‪ :‬استمرارهم فممي المفاوضممات مممع أهممل الغممدر والخيانممة‪،‬‬
‫واعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لخراجهم‪.‬‬
‫سا ً ول معنى لجهاد الدفع فضممل ً‬ ‫الثالث‪ :‬عدم إعدادهم للمة ل ح ّ‬
‫عن جهاد الطلب‪ ،‬ولو كممانوا ملممتزمين حقيقممة بالجهمماد ولكممن تركمموه‬
‫لضعفهم لبذلوا قصارى جهدهم لعممداد المممة للجهمماد‪ ،‬ولكممن الواقممع‬
‫منهم خلف هذا‪ ،‬والملتزم بالشيء حقيقة إن عجممز عنممه سممعى فممي‬
‫إيجاد القدرة على إقامته‪ ،‬أما أن يمتنممع مممن فعممل المممأمور ويعممرض‬

‫)‪(351‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ذب نفسه بنفسه‪.‬‬ ‫م يقول أنا ملتزم به فإنه ُيك ّ‬ ‫عن أسباب إقامته ث ّ‬
‫الرابع‪ :‬تجريم المجاهدين واعتبار جهادهم معيقا ً لعمليممة السمملم‬
‫المزعوم‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬منعهم المسلمين من أداء ما افترضه الله عليهم مممن‬
‫ن‬
‫إغاثممة إخمموانهم وإخممراج العممدو الصممائل مممن ديممارهم‪ ،‬ومعلمموم أ ّ‬
‫المسلمين الذين غزاهم الكفار لو لم تحصل الكفاية بهم في إخممراج‬
‫العدو الصائل وجب على من بجوارهم مممن المسمملمين النفيممر إليهممم‬
‫حممتى تحصممل الكفايممة‪ ،‬والممذي يمنممع المسمملمين مممن النفيممر لنجممدة‬
‫إخوانهم يمنعهم مما فرضه الله عليهم‪ ،‬ول فرق بينه وبين مممن يمنممع‬
‫المسمملمين مممن أداء الصمملة المفروضممة‪ ،‬فكلهممم يمنممع مممن أداء ممما‬
‫افترضه الله على عباده‪ ،‬ومن منع المسمملمين مممن أداء ممما افترضممه‬
‫الله عليه فهو كافر‪.‬‬
‫ل‬‫الوجه الثالث‪ /‬أن منع الحكام لرعاياهم من الخروج للجهاد داخ ٌ‬
‫ضمن الموالة والمظاهرة للكفار على المسلمين‪ ،‬فهم أعانوا الكفار‬
‫على المسلمين‪ ،‬وحموا ظهور الكفار بمنمع المجاهمدين ممن الخمروج‬
‫لقتالهم‪ ،‬فهذا الفعل في الحقيقة هو داخل ضمن صور إعانممة الكفممار‬
‫دم حكمها في الشممبهة السممابقة‪ ،‬وقممد سممبق‬ ‫على المسلمين التي تق ّ‬
‫ن حكمممه حكممم‬ ‫ت كلم ابممن تيميممة رحمممه اللممه فممي الممردء وأ ّ‬ ‫أن نقلم ُ‬
‫المباشرة‪ ،‬فالذي يحمي ظهور الصليبيين الممذين يقمماتلون المسمملمين‬
‫ويكون ردءا ً ودرع ما ً لهممم حكمممه حكممم الصممليبيين المقمماتلين‪ ،‬فالممذي‬
‫ن الجيممش إنممما يتمكممن مممن‬ ‫يحمممي الجيممش حكمممه حكممم الجيممش ل ّ‬
‫القدام على القتال والستمرار عليه إذا ضمن حماية ظهره‪ ،‬وهممؤلء‬
‫الحكممام حيممن يمنعممون المممة مممن الخممروج لقتممال الكفممار يحمممون‬
‫ظهورهم‪ ،‬فحكمهم حكم أولئك المعتدين‪.‬‬
‫ن الحكممام إنممما يمنعممون شممعوبهم مممن الخممروج إلممى‬ ‫فإن قيممل‪ :‬إ ّ‬
‫الجهمماد لئل يصممل الضممرر إلممى شممعوبهم‪ ،‬وأنهممم بممذلك إنممما يريممدون‬
‫مصلحة شعوبهم‪.‬‬
‫الجواب من وجوه‪:‬‬
‫ن إغاثة المسلمين واجبة‪ ،‬والمصلحة في فعل ممما أوجبممه‬ ‫الول‪ :‬أ ّ‬
‫الله علينا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن خذلن المسلمين المستضعفين سبب لخذلن الله لنا‪،‬‬

‫)‪(352‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫}وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده{‪.‬‬
‫ن الحقيقة في منع الحكام من نصرة المستضعفين إنما‬ ‫الثالث‪ :‬أ ّ‬
‫هو من أجل حكمهم وكراسيهم‪ ،‬وليس خوفا ً على سلمة المسلمين‪،‬‬
‫ويدل على ذلك أمران‪:‬‬
‫أ‪ /‬أنهم هم الذين يعينون الكفار على احتلل أراضي المسمملمين‪،‬‬
‫فكيف يخاف على سلمة المسلمين من يعين الكفممار عليهممم؟ وهممل‬
‫تنعم الشاة وسط الذئاب‪ ،‬وصدق صلى الله عليه وسمملم حيممن أخممبر‬
‫دق الكاذب(‪.‬‬ ‫من الخائن‪ ،‬وُيص ّ‬
‫أنه في آخر الزمان)يؤ ّ‬
‫ب‪ /‬أنهم لو خافوا على المسملمين لعممدوهم وأخرجمموهم لقتممال‬
‫العداء لن اجتماع المسلمين يزيد قوتهم ويدحر عدّوهم بممإذن اللممه‪،‬‬
‫وتفّرق المسلمين يجعلهم لقمة سائغة للكفار‪.‬‬
‫ن خروج المسلمين للجهاد يتسبب في تسلط الكفار‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫على بلد أخرى وكون المأساة في بلد أو بلدين أهون من كونها فممي‬
‫أكثر من ذلك!!‬
‫ُ‬
‫ت يوم أك ِممل الثممور‬ ‫ُ‬
‫فأقول‪ :‬ما أجدر هذا القول بالمثل القائل‪) :‬أكل ُ‬
‫البيض( فإن من المعلوم أن العدو يقصد السيطرة على جميع البلد‬
‫السلمية خاصممة منهمما دول النفممط‪ ،‬وهممو يسمميُر بطريقممة الكممل مممن‬
‫الطراف حتى الوصول إلى القلب والمركز‪ ،‬وأهممم شمميء عنممده هممو‬
‫حصار الحرب في منطقة إثممر منطقممة حممتى يتس مّنى لممه أكممل جميممع‬
‫الدول لقمة لقمة‪ ،‬لذلك رسمت هذه الحدود بين الدول لكي تنحصممر‬
‫كل دولة بمحيطها‪ ،‬وتنشغل بشأنها عن غيرها‪.‬‬
‫والعمل الصحيح تجاه هذا المخطط هو حشد قوة المة في أول‬
‫نقطممة بممدأ بهمما العممدو لممدفعه وصممده عممن مواصمملة سمميره‪ ،‬وتممدمير‬
‫مخططممه مممن أول خطمموة‪ ،‬وهممذا مشمماهد بحمممد اللممه فممي العممراق‬
‫وأفغانستان والشيشان وغيرها فإن تصدي المجاهدين للعدو في أول‬
‫طريقه وتكبيده الخسائر الفادحة في الرواح والعتاد كان من أعظممم‬
‫السباب في توقف العدو عن زحفه وخلط أوراقه وفشل مشممروعه‪،‬‬
‫وهذا بقيام ثلة قليلة من شباب المممة بهممذا العمممل الجليممل رغممم ممما‬
‫يواجهون من تضليل وتخذيل وحصار ومطاردة فكيف إذا فتممح البمماب‬
‫لشباب المة ليخوضوا حرب السلم مع الحملة الصليبية الصهيونية؟‬
‫وترك المسلمين للجهاد لن يدفع عنهم عدوهم بممل سمموف يممأتي‬

‫)‪(353‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدور عليهم بعد إخوانهم‪ ،‬وإنما ُيدفع كيممد العممداء بالجهمماد والقتممال‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪] :‬فقاتل في سممبيل اللمه ل تكلممف إل نفسمك وحمّرض‬
‫ف بممأس الممذين كفممروا واللممه أش مد ّ بأس ما ً‬ ‫المؤمنين عسى الله أن يك ّ‬
‫وأشد ّ تنكيل{‪.‬‬
‫والعممدو إذا رأى تكمماتف المسمملمين وترابطهممم وتناصممرهم فيممما‬
‫بينهم‪ ،‬ورأى عزم المسلمين على قتال كل من أراد العتممداء عليهممم‬
‫فإنه سوف يخاف من العتداء عليهم والقدام على حربهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫وحتى لو كان الخروج للجهاد يسلط الكفار على دول أخرى‪ ،‬فإ ّ‬
‫طع قوة الكفار وتفرقها في أكثر من مكان ُيسهل القضمماء عليهممم‪،‬‬ ‫تق ّ‬
‫من جهة تفرقهم‪ ،‬ومن جهة اجتماع المسلمين عليهم‪ ،‬بخلف تركهم‬
‫ن ذلممك يسمماعدهم علممى اسممتجماع قمموتهم‪ ،‬وترتيممب أوضمماعهم‪،‬‬ ‫فممإ ّ‬
‫وتأسيس قواعدهم‪ ،‬والمان على ظهورهم‪.‬‬
‫ُثم إن هذا المنطق‪ -‬وهو عدم خممروج الشممباب للجهمماد‪ -‬ل أظنممه‬
‫يخرج ممن يذوق ألم الحرب وذل الحتلل ومآسي القتممل والتشممريد‬
‫ن ما يحصممل للمسمملمين فممي أي‬ ‫وهدم المنازل وانتهاك العراض‪ ،‬فإ ّ‬
‫مكان هو في الحقيقة يحصل لنا لننمما بمنزلممة الجسممد الواحممد ولهممذا‬
‫قممال مممن قممال مممن العلممماء كشمميخ السمملم ابممن تيميممة]إن أراضممي‬
‫المسلمين بمنزلة الرض الواحدة[‪ ،‬فممإذا كممانت الرض المحتلممة هممي‬
‫أرضمنا والعممراض المنتهكمة هممي أعراضممنا والممموال المسملوبة هممي‬
‫أموالنمما فكيممف نقممول إن انحصممار المأسمماة فممي موضممع أهممون مممن‬
‫انتشاره في مواضع؟‬
‫م وقد ذكر العلماء أن العدو إذا داهم أرض المسلمين وجب على‬
‫أهل تلك البلد مدافعتهم على التعيين فممإذا لممم تحصممل بهممم الكفايممة‬
‫وجب على من يليهم من المسلمين حتى ُيدفع العدو أو يعم الفممرض‬
‫جميع المسلمين‪ ،‬وليس في هذا تفريق بين بلد المسلمين وإنما فيه‬
‫ترتيب للوجوب والفرضية فالرض التي دهمها العدو أهلها حاضممرون‬
‫والواجب عليهم في دفعه آكد‪.‬‬
‫ن ترك العدو في البلد الممتي احتلهمما‬ ‫م ثم لو قال حاكم كل دولة‪ :‬إ ّ‬
‫رك جهمماد الممدفع ونصممرة‬ ‫أهون من الخروج لدفعه وتسليطه علينمما لت ُم ِ‬
‫المظلومين بالكّلية‪ ،‬ولتمكن العدو من مواصلة زحفه نعوذ بالله مممن‬
‫الخنوع والهوان‪ ،‬ولهذا ذهب جمهور العلماء إلممى عممدم جممواز مبايعممة‬

‫)‪(354‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أكثر من خليفة للمسلمين لما يحصممل بممذلك مممن الفرقممة والختلف‬
‫والنحياز‪ ،‬وأتمنى لمن يقول بمثممل هممذا القممول أن يتصممور أن الرض‬
‫التي غزاها الكفار هي الرض التي يقيم فيهمما والعممرض الممذي انتهممك‬
‫م هممل يجممرؤ علممى مثممل هممذا‬
‫هو عرضه والبيت الذي همدم هو بيته ثم ّ‬
‫القول أو هل سيقبل ممن يقمول بهذا القول؟؟‬

‫)‪(355‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الخامسة‪ :‬محاربة الدين بسجن الدعاة‬
‫والمجاهدين وهذا كفر‬

‫قال المؤلف]والرد على هذه الشبهة من أوجه‪:‬‬


‫‪ /1‬أن أكثر الذين ذهبوا إلى الجهاد وعادوا لم يسجنوا ولم يمسوا‬
‫بسوء‪ ،‬وخير برهان هو الواقع المشاهد الذي نعايشه‪ ،‬وهو أوضح من‬
‫أن يمثل عليه‪ ،‬فلو كان هذا هو سبب السجن لما ترك هؤلء‪.‬‬
‫‪ /2‬أن علماء السنة الكبار كالمام ابن باز وابن عثيمين ‪ -‬رحمهممما‬
‫الله ‪ -‬كانوا يدعون ويحثممون علممى الجهمماد الفغمماني الول‪ ،‬ولممو كممان‬
‫السبب ما تزعم لكانوا أولى بالسجن هم وطلبهممم السممائرون علممى‬
‫طريقتهم‪.‬‬
‫‪ /3‬أن الدولة السعودية ‪ -‬حماها الله ‪ -‬وقفت مع الجهاد الفغمماني‬
‫الول وقفة مشرفة وصدعت بالتأييد حتى في هيئة المم المتحدة‪.‬‬
‫وإليك مقتطفات من كلمة صاحب السمو الملكي المير سمملطان‬
‫بن عبدالعزيز في هيئة المم المتحممدة الممتي ألقاهمما نيابممة عممن خممادم‬
‫الحرمين الشريفين بتاريخ ‪17/1/1406‬هم في الجمعية العامة للمممم‬
‫المتحممدة‪ :‬إننمما مممن علممى هممذا المنممبر نعممرب عممن ارتياحنمما لموقممف‬
‫الوليات المتحدة المريكية المؤيد للشممعب الفغمماني فممي حقممه فممي‬
‫تقرير مصيره‪ ..‬كما نعمرب عمن ارتياحنما لموقمف التحماد السموفيتي‬
‫المؤيممد للشممعب الفلسممطيني فممي حقممه فممي تقريممر مصمميره‪ ،‬إل أن‬
‫مؤازرة التحاد السوفيتي للقضية العربية وتأييده للحق العربممي فممي‬
‫فلسطين ل يبرر إطلق يده في أفغانستان واحتللها عسكريا ً وسلب‬
‫الشممعب الفغمماني اسممتقلله وكرامتممه‪ ..‬كممما أن معارضممة الوليممات‬
‫المتحدة للحتلل السوفيتي لفغانستان ومطالبتها بمنممح حممق تقريممر‬
‫المصير للشعب الفغاني ل يبرر دعمها غير المحدود وغير المشروط‬
‫لسرائيل وعدم تأييدها لحق الشعب الفلسطيني في تقريممر مصمميره‬
‫بنفسه وإقامة دولته على أرضه‪ ،‬ويجب على الوليات المتحممدة تأييممد‬
‫الحق والعدل والشرعية الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬ثم قال ‪ -‬إن مصداقية هذه المنظمممة معرضممة للهممتزاز إذا هممي‬
‫استمرت بالكتفاء بإصممدار القممرارات والتوصمميات‪ ،‬لقممد حثممت المممم‬
‫المتحممدة وأدانممت بممما فيممه الكفايممة ومممع ذلممك لممم تتحقممق التسمموية‬

‫)‪(356‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشاملة والعادلة لهذه القضية )قضية فلسطين(‪ ،‬ونتساءل بعد ذلممك‬
‫هل بقي أمام المم المتحدة سمموى دفممع هممذا الجممماع مممن مسممتوى‬
‫الدانة إلى مستوى الجراء الملموس للوصول إلى تلك التسوية‪ .‬إن‬
‫هذه المنظمة لم يعد أمامهمما مممن خيممار سمموى اسممترجاع مصممداقيتها‬
‫والتأكيد عليها بإعطاء قراراتها صفة الجدية ول جدية دون تنفيذ‪.‬‬
‫‪ -‬ثم قال ‪ -‬إن ممما حممدث فممي أفغانسممتان لهممو مؤشممر خطيممر لممما‬
‫يمكن أن يحدث في العالم‪ ،‬والعالم الثالث بصفة خاصممة‪ ،‬إذا اسممتمر‬
‫هذا التوجه دون وقفة حاسمة من المجتمع الدولي‪ .‬فمن يممدافع عممن‬
‫شعوب دول العالم الثالث إزاء احتلل مباشر مماثل لما تعرضت لممه‬
‫الشقيقة أفغانستان‪ .‬لقممد دخممل التواجممد السمموفيتي فممي أفغانسممتان‬
‫عامه السادس وما زال المجاهدون الفغممان يخوضممون حرب ما ًَ ضممارية‬
‫دفاعا ً عن دينهممم وبلدهممم وحقمموقهم‪ .‬ولقممد بمذلت منظمممة المممؤتمر‬
‫السلمي جهودا ً مكثفة لزالة مظمماهر القهممر والحتلل الممتي تعممرض‬
‫لها الشمعب الفغماني ليتمكمن ممن تحريمر إرادتمه وتمأمين حقمه فمي‬
‫الحرية والستقلل‪ ،‬كما بذلت منظمة المم المتحدة جهودا ً مشكورة‬
‫ليجاد حل لهذه القضية‪ .‬إن المملكة العربية السممعودية إذ تؤيممد تلممك‬
‫المساعي‪ ،‬فإنها تلفت النظر إلى أن أية جهود تبذل في هممذا الطممار‬
‫لبد وأن تأخذ بعين العتبممار حقمموق المجاهممدين الفغممان ومطممالبهم‪،‬‬
‫وهممي إذ تحيممي أولئك المجاهممدين‪ ،‬فإنهمما تؤيممد تأييممدا ً كممامل ً مطممالب‬
‫الشعب الفغاني بالجلء عممن أراضمميه وإقامممة حكممم يرتضمميه لنفسممه‬
‫‪1‬‬
‫يحافظ به على حياده ويحفظ عقيدته ا‪ .‬هم‬
‫فبالله عليكم ‪ -‬أهل النصاف ‪ -‬هل يقال لمن هممذا ممموقفهم إنهممم‬
‫يسجنون المجاهدين‪ ،‬ولنهم مجاهدون يقولون‪ :‬ربنا الله!!؟ إذا ً بقممي‬
‫أن نتساءل‪ :‬لماذا سجنت دولة التوحيد ‪ -‬حماها اللممه ‪ -‬بعممض الممدعاة‬
‫والقادمين من الجهاد الفغاني؟‬
‫السممبب هممو أن كممثيرا ً مممن الشممباب الموحممد لممما جمماء إلممى أرض‬
‫أفغانستان للجهاد والدفاع عن أرض المسلمين تلقفتهم أيدٍ تكفيريممة‬
‫مفسدة تسعى إلى إفساد أفكارهم والتلبيس عليهممم تجمماه علمممائهم‬
‫وولتهم‪ ،‬فتحاول إقناعهم بفساد علمممائهم وكفممر حكممامهم‪ ،‬والبعممض‬
‫يحاول إقناعهم حتى بكفر علمائهم‪ ،‬وليس هذا تقول ً وافتراء بممل هممو‬
‫ما دلت عليه الوقائع وأقر به القائمون بالتفجيرات فممي بلد التوحيممد‬
‫مجلة الفيصل العدد )‪ (106‬ربيع الخر ‪1406‬هم ص ‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(357‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بدءا ً بتفجيممر العليمما عممام ‪1417‬ه مممرورا ً بتفجيممر شممرق الريمماض ثممم‬
‫مجمع المحيا‪.‬‬
‫إذا عرفت حال بعض الشباب المشاركين في الجهاد بعممد ذهممابهم‬
‫إلى أرض أفغانستان عرفممت سممبب سممجن بلد التوحيممد لهممم‪ .‬وكممما‬
‫قيل‪ :‬إذا عرف السبب بطل العجب‪.‬‬
‫وبهممذا تعممرف أن اتهممام بلد الحرميممن بأنهمما تسممجن المجاهممدين‬
‫والممدعاة وهممي فممي الواقممع إنممما تسممجن أصممحاب الفكممار الفاسممدة‬
‫الشاذة عرفت أن هذا الطلق من جنس إطلق اللفظ المجمل ليتم‬
‫لبس الحق بالباطل‪ ،‬كما هو صنيع أهل البدع فممي كممل زمممان وحيممن؛‬
‫لذا إذا سمع هذه المقولة من ل دراية لممه اسممتقر فممي نفسممه أن بلد‬
‫الحرمين عدوة للسلم والمسلمين ‪ -‬قاتل الله الظالمين ‪.-‬‬
‫قال شيخنا محمد بن صممالح العممثيمين ‪ -‬رحمممه اللممه ‪ :-‬والممدروس‬
‫في المساجد قائمة إل من حصل منه مخالفممة‪ ،‬أو خشممي منممه فتنممة‪،‬‬
‫فهنا لبد أن يمنع الشر أو ما هو من أسباب الشر ا‪ .‬هم‪[1‬‬
‫أقول‪ :‬إننا ل نكفر الحاكم الذي يظلممم ويسممجن العلممماء والممدعاة‪،‬‬
‫ول أدري كيف رمانا المؤلف بهذه التهمة‪ ،‬ولكن الحقيقة التي خفيت‬
‫ن سجن المجاهدين والعلممماء والممدعاة الممذين يممدعون‬ ‫على المؤلف أ ّ‬
‫المة إلى جهاد العدو الصائل‪ ،‬ويبينون للمة مخططممات العممدو‪ ،‬إنممما‬
‫هو ضمن حملة المناصرة والمعاونة للكفار على المسمملمين‪ ،‬فهممؤلء‬
‫الحكممام أمممدوا العممدو بممالنفط والمعونممات اللوجسممتية وفتحمموا لهممم‬
‫أراضيهم لينطلقوا منها وحموا ظهور الكفمار ومنعموا المسملمين ممن‬
‫جهادهم سواء بالسملح أو بالكلممة والفتموى أو بالممال‪ ،‬وهمذا داخمل‬
‫ضمن حكمم الممموالة وهمي جممزء مممن الممموالة الحاصملة ممن همؤلء‬
‫الحكام للكفار‪ ،‬فهذه الشبهة والتي قبلها داخلتممان فممي حكممم ممموالة‬
‫الكفار على المسلمين التي بينا حكمها في الرد على الشبهة الثالثة؛‬
‫لنهما صورتان من صور الموالة الحاصلة اليوم‪.‬‬
‫وأما ما ذكره من كلم سلطان بن عبد العزيز فإنني أقف معممه عممدة‬
‫وقفات‪:‬‬
‫طلع علممى الحممداث‪،‬‬ ‫الوقفة الولى‪ /‬من المعلوم لدى كل عاقل م ّ‬
‫أن الحممرب الولممى فممي أفغانسممتان والممتي كممانت بيممن المسمملمين‬
‫شريط أهداف الحملت العلمية ضد حكام وعلماء بلد الحرمين‪ .‬وانظر كلما ً مفيممدا ً للشمميخ عبممد‬ ‫‪1‬‬

‫العزيز ابن باز في مجموع فتاواه )‪.(8/403‬‬

‫)‪(358‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والروس‪ ،‬كان انتصار الروس على المسمملمين فيممه ضممرر بممالغ علممى‬
‫أمريكا لن الروس لو غلبوا على تلك البلد فممإنهم كممانوا سيواصمملون‬
‫زحفهم نحو الجزيرة أكبر منبع للنفط في العممالم ومعلمموم أن النفممط‬
‫في الجزيرة يذهب جزء كبير منه إلممى أمريكمما‪ ،‬فمموقفت أمريكمما مممع‬
‫الفغان وأمرت حلفاءها بالوقوف مع الفغان لصد العدوان الروسممي‬
‫متممه‪ ،‬فمموقفت الممدول‬ ‫رك لربما هدد القتصمماد المريكممي بُر ّ‬ ‫الذي لو ت ُ ِ‬
‫العميلة لمريكا مع المجاهممدين لمصممالحهم الخاصممة‪ ،‬وهممذا ل ُينقممص‬
‫من قدر وجهاد المسملمين المذين خرجمموا لنصمرة ديممن اللمه وحمايمة‬
‫أراضي المسلمين والدفاع عن دمائهم وأعراضممهم‪ ،‬ولكممن تقمماطعت‬
‫ل يجازى بحسب نيته‪ ،‬وهذا الكلم ليس من التدخل فممي‬ ‫المصالح وك ٌ‬
‫النوايا ولكن الواقممع أظهممره وأوضممحه وهممذا ممما سممأبينه فممي الوقفممة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫الوقفة الثانية‪ /‬بعد انتهاء الحرب فممي أفغانسممتان شممعرت أمريكمما‬
‫بأن النفط الذي يأتيها من أرض الجزيرة معرض للخطممر‪ ،‬وأرادت أن‬
‫تحميه بنفسها فاصممطنعت الحممرب الخليجيممة لتتواجممد فممي المنطقممة‬
‫بطريقة ل يشعر معها المسلمون أنها أتت من أجممل مصممالحها وإنممما‬
‫جاءت من أجل حماية أهل الجزيرة‪ ،‬فجمماءت إلممى الجزيممرة بطريقممة‬
‫ماكرة مدروسة وأقامت قواعدها فممي المنطقمة تحممت غطماء حمايمة‬
‫الجزيممرة‪ ،‬وسمماعدهم علممى ذلممك الحكممام الخونممة الممذين أبمماحوا بلد‬
‫ذاذ النصارى‪ ،‬وهممم إلممى يومنمما هممذا لممم‬ ‫ش ّ‬
‫الحرمين لعاهرات الروم و ُ‬
‫دوا جيشا ً لحماية أعظممم ثغممور السمملم‪ ،‬بممل جعلمموه تحممت حمايممة‬ ‫ُيع ّ‬
‫أسيادهم المريكان‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة‪ /‬إن كانوا صممادقين فممي نصممرة السمملم فلممماذا لممم‬
‫يتركوا المسلمين يخرجون ليجاهدوا في فلسطين ويطممردوا المحتممل‬
‫الصهيوني؟‬
‫وما حصل في الفممترة الخيممرة مممن الحممداث فممي فلسممطين لهممو‬
‫أوضح شاهدٍ على عمالة هؤلء الحكام لمريكا‪ ،‬فعندما فازت حماس‬
‫في النتخابات جاءت زنجية الممبيت البيممض)كونممدا ليممزا رايممس( إلممى‬
‫دول الخليج ومنعتهم من أي دعم لحماس وحوصرت حكومة حماس‬
‫حتى لم يعد لديها ما تصرفه على وزرائها‪ ،‬وهذه الدول تشمماهد ذلممك‬
‫ول تتكلم ببنت شفة‪ ،‬ولم يزد أولئك الحكام علممى أن يتفّرجمموا علممى‬
‫المسلمين في غزة وهم يموتون بسبب الحصار‪ ،‬ثممم وقعممت الحممرب‬
‫)‪(359‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫هدمت المنازل علممى أهلهمما‬ ‫الجائرة الظالمة على غّزة العزة والباء و ُ‬
‫وقتممل الطفممال والنسمماء والشمميوخ وأولئك الحكممام الخونممة يممرون‬
‫المسلمين ُيذبحون والطفال والنساء يستنجدون فلم يحركوا سمماكنا ً‬
‫ولم يقتصروا على خذلنهم للمسلمين بل منعوا شممباب المممة البمماة‬
‫من دخول غّزة لنصرتها كممما فعممل حمماكم مصممر المخممذول المممرذول‬
‫حين أغلق معبر رفح حتى منع النساء الضممعيفات مممن دخممول مصممر‪،‬‬
‫ومع ذلك يعتبره عبد الله بن عبد العزيممز طمماغوت الجزيممرة الشممقيق‬
‫المقدم والحاكم المحترم العاقل والمبجل‪.‬‬
‫لماذا هذا التخاذل؟‬
‫ك لنه يحصل برضى أمريكا بل بتأييدها‪.‬‬ ‫لش ّ‬
‫لماذا حّرضوا على الجهاد في أفغانستان ودعموه وحرضوا شباب‬
‫م حمماربوا‬‫المممة علممى الخممروج إلممى أفغانسممتان لحممرب الممروس‪ ،‬ث م ّ‬
‫المجاهدين في أفغانستان ضد أمريكا ومنعوا المسلمين من الخروج‬
‫لقتال أمريكا؟ أليست أفغانستان هي أفغانستان؟ أليممس شممعبها هممو‬
‫شعبها؟ أليس كان الجهاد السابق لدفع العدوان وهممذا الجهمماد كممذلك‬
‫لدفع العدوان؟ إذا ً فلماذا هذه الزدواجية المتضاربة والمتناقضة؟!‬
‫إنها بل شممك مممن أجممل تغيممر العممدو‪ ،‬ففممي الحممرب الولممى كممان‬
‫المعتدي روسيا وهي عدوة أمريكا وبما أنها عدوة أمريكا فهي أيضمما ً‬
‫عدوة عملئها وحلفائها!‬
‫وفي الحممرب الثانيممة كممان المعتممدي أمريكمما وهممي سمميدة الحكممام‬
‫العملء وبالتالي سيقفون معها لن عمدو أمريكما عمدوهم‪ ،‬فلمما كمان‬
‫الروس أعداء أمريكا وقفوا مع المجاهدين نصرة لمريكا‪ ،‬ولما كانت‬
‫أمريكا عدوة المجاهممدين وقفموا ممع أمريكما ضممد المجاهممدين نصمرة‬
‫لمريكا‪ ،‬فهم أنصار أمريكا وعملؤها‪.‬‬
‫م إن كممانوا صممادقين فممي نصممرة المسمملمين فلممماذا أعممانوا‬ ‫ثمم ّ‬
‫الشيوعيين في اليمن عندما أوشكوا على السقوط والنهيار؟‬
‫إن كممانوا صممادقين فممي نصممرة السمملم فلممماذا أعممانوا النصممارى‬
‫المتمردين في جنوب السودان؟‬
‫إن كانوا صادقين في نصرة السلم فلماذا وقفوا مممع الحكومممات‬
‫الكممافرة المرتممدة ضممد إخواننمما الصممادقين كوقمموفهم مممع الحكومممة‬
‫اللبنانية النصرانية ضد إخواننا الفلسطينيين اللجئين فممي مخيممم نهممر‬

‫)‪(360‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫البممارد‪ ،‬ووقمموفهم مممع الحكومممة الباكسممتانية الخائنممة ضممد إخواننمما‬
‫الشرفاء في المسجد الحمر وأخواتنا في جامعة حفصممة‪ ،‬ووقمموفهم‬
‫ممممع الحكوممممة الصمممومالية العميلمممة ضمممد إخواننممما فمممي المحممماكم‬
‫السلمية؟؟!‬
‫طلممع علممى‬‫الوقفة الرابعة‪ /‬إن من البممديهي والواضممح لممدى كممل م ّ‬
‫الحداث أن سممبب إعممانتهم للمجاهممدين فممي أفغانسممتان لن أمريكمما‬
‫كانت مؤيدة لضرب الروس‪ ،‬ولكن لما كان اليهممود يحتمممون بأمريكمما‬
‫لممم يتجممرؤوا علممى ضممربهم‪ ،‬ويممدل علممى ذلممك أيضما ً أن أمريكمما لممما‬
‫أصبحت مؤيدة للروس على قتالهم للمجاهممدين فممي الشيشممان منممع‬
‫ض أفغانسممتان‬ ‫هؤلء الحكام الشباب من الخروج إلى الشيشان‪ ،‬وأر ُ‬
‫هي نفس الرض التي دعموا فيها المجاهممدين ضممد الممروس‪ ،‬دعممموا‬
‫فيها أمريكا ضد المجاهدين‪ ،‬والعراق كذلك أعانوا صممدام فممي حربممه‬
‫م أعانوا أمريكا علممى حربهمما ضممد العممراق إنهمما إزدواجيممة‬ ‫مع إيران‪ ،‬ث ّ‬
‫عجيبة‪ ،‬وبالتالي تعلمم أن همؤلء الحكمام يمدورون فمي فلمك أمريكما‪،‬‬
‫يميلون معها حيممث مممالت‪ ،‬يوالممون مممن أجلهمما ويعممادون مممن أجلهمما‪،‬‬
‫والحلل عندهم ما حللته أمريكا والحرام ما حرمته‪.‬‬
‫وبعد هذا نقول للمؤلممف‪ :‬لقممد أخممرج اللممه للمممة شممبابا ً هممم أكممبر‬
‫خممدع والتّرهممات‪ ،‬فممإن العنمماوين‬ ‫وأعقل من أن تنطلي عليهم هممذه ال ُ‬
‫الكاذبمة البراقمة المتي يغّلمف بهما أهمل الباطمل بماطلهم ل تغّيمر ممن‬
‫الحقائق شيئًا‪} ،‬فأما الزبد فيذهب جفاًء وأما ما ينفع الناس فيمكممث‬
‫في الرض{‪ ،‬وهذه الباطيل سوف تنكشممف مممع الحممداث المتتابعممة‬
‫على المة وسوف تتممبين للنماس الحقممائق‪ ،‬واللمه غمالب علممى أممره‬
‫ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪.‬‬
‫ن سممجنهم للعلممماء الصممادقين‬ ‫وخلصة المر فممي هممذه الشممبهة‪ :‬أ ّ‬
‫ل ضممممن مممموالة الكفمممار‬ ‫والمممدعاة المخلصمممين والمجاهمممدين داخممم ٌ‬
‫ومظمماهرتهم علممى المسمملمين بحمايممة ظهممورهم وتكميممم أفممواه‬
‫داعين إلى جهاد الكفار المحتلين‪ ،‬وقد تبين لك أن حكممم‬ ‫الصادقين ال ّ‬
‫الردء حكم المباشرة‪ ،‬فهم بحمايتهم ظهممور الصممليبيين ‪-‬وذلممك بمنممع‬
‫المجاهدين من قتممالهم‪ ،‬ومنمع العلممماء ممن التحريمض علمى قتمالهم‪-‬‬
‫يكونون ردءا ً لهم ويكون حكمهم حكم الصليبيين‪.‬‬
‫وهذه الشبهة والتي قبلها هما في الحقيقممة داخلتممان فممي مسممألة‬
‫مظاهرة المشركين على المسلمين وجزء منها‪.‬‬
‫)‪(361‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة السادسة‪ :‬التكفير لهذه الدولة باستحلل الربا‬
‫فإن تحريم الربا معلوم من الدين بالضرورة فمن استحله‬
‫فقد كفر‬

‫قال المؤلف]وجواب هذه الشبهة أن يقال‪ :‬لشك أن الربمما حممرام‬


‫ومن كبائر الذنوب‪ ،‬وسبب عظيم من أسباب تدهور القتصاد وذهاب‬
‫ن‬ ‫البركممة وتسمملط العممداء مممن الممداخل والخممارج قممال تعممالى }ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬
‫ش مي ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫مم َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُم ُ‬‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّم ِ‬‫ممما ي َُقممو ُ‬ ‫ن إ ِّل ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن الّربا ل ي َُقو ُ‬ ‫ي َأك ُُلو َ‬
‫َ‬ ‫ال ْمس ذ َل َ َ‬
‫م‬ ‫ح مّر َ‬‫ه ال ْب َي ْمعَ وَ َ‬ ‫ل الل ّم ُ‬ ‫حم ّ‬ ‫ل الّربمما وَأ َ‬ ‫ما ال ْب َي ْعُ ِ‬
‫مث ْ ُ‬ ‫م َقاُلوا إ ِن ّ َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫َ ّ ِ‬
‫م مُرهُ إ ِل َممى‬ ‫َ‬ ‫س مل َ َ‬
‫ف وَأ ْ‬ ‫ممما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َرب ّهِ َفان ْت ََهى فَل َم ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫جاَءهُ َ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫الّربا فَ َ‬
‫ُ‬
‫عاد فَأول َئ ِ َ َ‬
‫ه الّربا‬ ‫حقُ الل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ ،‬ي َ ْ‬‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫الل ّهِ وَ َ‬
‫َ‬
‫م{‪.‬‬ ‫ل ك َّفارٍ أِثي ٍ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ت َوالل ّ ُ‬ ‫صد ََقا ِ‬ ‫وَي ُْرِبي ال ّ‬
‫ول يكون كفرا ً مخرجا ً من الملة بمجرد التعامل بممه‪ ،‬وهممذا مممما ل‬
‫يخممالف فيممه حممتى هممؤلء التكفيرييممن إل أنهممم جعلمموه كفممرا ً إذا أذن‬
‫وصرح له وحمي ‪ -‬كما سيأتي ‪ ،-‬وهذا تكفير بما لم يكفر الله بممه ول‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والتكفير ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬حق للممه‪ ،‬فممأين‬
‫من كلم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن هذا كفر؟‬
‫والحماسممة والنممدفاع والعويممل والتهويممل ليسممت مممبررا ً شممرعيا ً‬
‫للتكفير بما ليس مكفرًا؛ لذا لما استعظم الفمماروق أبممو حفممص عمممر‬
‫بن الخطاب ‪ -‬رضي الله عنه وأرضاه ‪ -‬فعممل حمماطب وكفممره بمه لمم‬
‫يوافقه على ذلك النبي الكريم محمد صلى اللممه عليممه وسمملم ‪ -‬كممما‬
‫تقدم في حديث حاطب ‪ ،-‬وإنه لممو فتممح البمماب للحماسممة والعاطفممة‬
‫لكفرت خلقا ً كثيرا ً ممن لم يكفرهم الله ول رسوله صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬ولعله لو ذكر لمتحمس عاطفي أن رجل ً ينفق على المباحات‬
‫والحرام من الخمور والزنما الملييمن‪ ،‬ولمو طلبمت منمه صمدقة ريمال‬
‫واحد لما تصدق به‪ ،‬لعل مثل هذا لممو ذكمر لمه لكفممره بحجمة أن همذا‬
‫الرجل معاند مستكبر وهكذا‪...‬‬
‫والقول بأن حماية المحرم كفر مفتقممر إلممى دليممل‪ ،‬وهممذه دونكممم‬
‫مصنفات أهل العلم فأين الدليل على أن مثل هممذا كفممر؟! بممل دلممت‬
‫الدلة على أن المحرمات ليست كفرا ً إل إذا كانت على وجممه كفممري‬
‫كالباء والستكبار والعراض والجحممود‪ ،‬وهممذه ألفمماظ شممرعية بينتهمما‬
‫ل‪،‬‬ ‫الشريعة ووضحها أهل العلم‪ ،‬ولممم يجعلمموا للحماسممات فيهمما مممدخ ً‬
‫)‪(362‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالمكفر لجل الستكبار أو العراض آثم إل إذا كممان عارف ما ً بمممدلول‬
‫هذه اللفاظ شممرعا ً علممى طريقممة أهممل العلممم الراسممخين‪ ،‬وإل صممار‬
‫متكلما ً في العلم بجهل‪ ،‬والمتكلم في العلم بجهل ل يضر إل نفسه‪.‬‬
‫وما أكثر الخائضين فممي هممذه المسممائل بجهممل‪ ،‬ومممن أمثلممة ذلممك‬
‫عبثهم بمدلول لفظ )اللتزام( كما تقدم بيانه‪ .‬ولو سألت أحدهم عن‬
‫رجل شراب للخمر كثير الزنا قد جعل حرسا ً يدافعون عنه إذا جمماءه‬
‫رجال الحسبة‪ ،‬فهل مثل هذا يكفر لجل أنه حمى الحرام؟! فما هممم‬
‫قممائلون؟ ألممم يقممرؤوا فممي كتممب العتقمماد السمملفية لئمممة السمملف‬
‫الماضين أن أهل السنة ل يكفرون أحدا ً من أهل القبلة بذنب ممما لممم‬
‫يستحله‪ ،‬ردا ً منهم على الخوارج والمتأثرين بهم؟‬
‫فليتق الله هؤلء من صنيعهم واعتقادهم‪ ،‬وليعلموا أن الخطأ في‬
‫العفو خير من الخطأ في العقوبة‪ ،‬ولعلي أشير إشارة خفيممة يفهمهمما‬
‫أولو اللباب دون غيرهم في موضوع الربا‪ ،‬وهممي علممة أصممناف الربمما‬
‫الستة في حديث عبادة وغيره‪.‬‬
‫سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ‪ -‬رحمه اللممه ‪ :-‬هممل وجممود‬
‫بعض المعاصي مممن الكبممائر فممي هممذه البلد كممالبنوك الربويممة يجمموز‬
‫الخروج على ولة المر وعدم طاعتهم؟‬
‫فأجاب‪ :‬وجود المعاصممي ل يجمموز الخممروج‪ ،‬وجممود المعاصممي مممن‬
‫الوالي ومن الرعية ل يجوز الخممروج علممى ولة المممور‪ ،‬ولكممن يجممب‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وعلممى ولة المممور أن يجتهممدوا‬
‫فممي إزالممة المنكممر‪ ،‬وأن يتقمموا اللممه وأن يجتهممدوا فممي إزالممة المنكممر‬
‫بالطرق الشرعية‪ ،‬وعلى العلماء المناصحة وعلى أفراد الرعية تقوى‬
‫اللممه والسممتقامة والحممذر مممن المنكممر والتواصممي بممترك المنكممر‪،‬‬
‫ن‬
‫مُنممو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫والتواصممي بممالمر بممالمعروف كممما قممال عممز وجممل }َوال ْ ُ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫رو‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن ب ِممال ْ‬ ‫رو‬ ‫م‬ ‫وال ْمؤْمنممات بعض مهم أ َوليمماُء بع مض ي مأ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ ِ َ ُ َْ ُ ُ ْ َِْ‬
‫ر{‪ ،‬أما شق العصا أو الخروج على ولة المور بسبب المعصية‬ ‫ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬
‫‪1‬‬
‫الربا وغيره‪ ،‬فهذا من دين الخوارج من أعمال الخوارج‪ ..‬ا‪ .‬هم‬
‫سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان‪ :‬فضيلة الشيخ ‪ -‬وفقكم اللممه ‪-‬‬
‫هناك من يدعو الشباب وبخاصة في النترنت إلى خلممع البيعممة لممولي‬
‫أمر هذه البلد‪ ،‬وسبب ذلك لوجود البنوك الربويممة وكممثرة المنكممرات‬

‫شريط أهداف الحملت العلمية ضد حكام وعلماء بلد الحرمين‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(363‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الظاهرة في هذه البلد‪ .‬فما توجيهكم حفظكم الله‪.‬‬
‫فأجمماب‪ :‬توجيهنمما أن هممذا كلم باطممل ول يقبممل‪ ،‬وهممذا يممدعو إلممى‬
‫الضلل‪ ،‬ويدعو إلى تفريق الكلمة‪ ،‬وهذا يجممب النكممار عليممه‪ ،‬ويجممب‬
‫رفض كلمه وعدم اللتفات إليه لنه يدعو إلى باطل يدعو إلى منكر‬
‫ويدعو إلى شر وفتنة‪ .‬ا‪ .‬هم‪[1‬‬
‫أقول‪ :‬ل شك أن الربمما مممن كبممائر الممذنوب‪ ،‬وأن المرابممي فاسممق‬
‫محارب لله ورسوله‪ ،‬ولكنممه ل يكفممر بارتكمماب معصممية الربمما ممما لممم‬
‫يسممتحل‪ ،‬والمؤلممف ذكممر بعممض الفتمماوى الممتي تحمّرم الخممروج علممى‬
‫الحاكم إذا تعامل بالربا‪ ،‬ونحن ل نخالفه في ذلك‪ ،‬ونقول إن الحمماكم‬
‫المسلم لو تعامل بالربا ممع إقمراره بحرمتمه فمإنه ل يكفمر بمذلك ول‬
‫يجوز الخروج عليه من أجل ذلممك‪ ،‬ولكممن الواقممع مممن الحكممام خلف‬
‫هممذه الصممورة‪ ،‬فممإن الواقممع مممن الحكممام فممي هممذه المسممألة هممو‬
‫الستحلل‪ ،‬وبيان ذلك بأمور‪:‬‬
‫أول ً‪َ :‬قمّننوا في الدستور الذن بالتعامل به‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬حموا البنوك الربوية‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أنعشوها حين أو شكت على الفلس‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ألزموا العميل بتسديد القروض الربوية‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬نزعوا من المحاكم الشرعية أحقية الحكم في الربا وأحممالوا‬
‫الحكم فيها إلى المحاكم التجارية‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬أعطوا الشعب كامل الحق في التعامل به والدخول فيه‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬لم يعتبروا المتعامل بالربا مجرمما ً بممل اعتممبروا فعلممه موافممق‬
‫للنظام داخل في مظلته وبالتالي هو عندهم محترم للنظام لم يفعل‬
‫خطأ ً فضل عن استحقاق العقوبة‪.‬‬
‫وبهذه القرائن يظهر الحكم وهو الستحلل‪ ،‬فإنه كممما بّينمما سممابقا ً‬
‫أن الستحلل ل يشترط أن يكون باللسان‪ ،‬بل قد يكممون السممتحلل‬
‫بالفعممل بممدليل القممرائن المحيطممة بممه‪ ،‬والممدليل علممى ذلممك ممما رواه‬
‫أصحاب السنن عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال‪ :‬رأيت خالي‬
‫يحمل الراية‪ ،‬فقلت له إلى أين؟ فقال‪ :‬أرسمملني رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم إلى رجل تممزوج اممرأة أبيممه أن أضممرب عنقمه وآخمذ‬
‫ماله‪.‬‬
‫ومعلوم أن الزنممى بزوجممة الب كممبيرة مممن الكبممائر وليممس بكفممر‬
‫المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(364‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولكن لما نكحها وأعلن هممذا النكمماح كممان ذلممك دليل علممى اسممتحلله‪،‬‬
‫وعامله النبي صلى الله عليه وسلم معاملة المرتد‪ ،‬ويدل علممى ذلممك‬
‫أنه أمر بقتله وأخذ ماله‪ ،‬ولو كان قتلممه حممدا ً وليممس ردةً لكممان ممماله‬
‫لورثته‪ ،‬ولكن لما أمر بأخذ ماله تبين أنه قتلممه ردة‪ ،‬ولممو نظرنمما إلممى‬
‫القرائن التي أحاطت بالقضيتين لتبين لنا أن القممرائن الممتي أحمماطت‬
‫بالتعامل بالربا أكثر وأوضح من القرائن التي أحمماطت بممذلك النكمماح‪،‬‬
‫هذا هو وجه من كّفر الحكومة من جهة الربا وهو الستحلل‪.‬‬
‫قال المام الطحاوي رحمه الله في شرح هذا الحديث‪" :‬إن ذلممك‬
‫المممتزوج فعممل ممما فعممل علممى السممتحلل‪ ،‬كممما كممانوا يفعلممون فممي‬
‫الجاهلية‪ ،‬فصار بذلك مرتدًا‪ ،‬فأمر رسول الله صلى الله عليه وسمملم‬
‫أن يفعل به ما يفعل بالمرتد‪] .‬شرح معاني الثار ‪.[3/149‬‬
‫وقال في تحفة الحوذي‪:‬والحديث دليل على أنه يجمموز للمممام أن‬
‫يأمر بقتل من خالف قطعيا مممن قطعيممات الشممريعة كهممذه المسممألة‬
‫فإن الله تعالى يقول )ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء( ولكنه ل‬
‫بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم بقتله عالم بالتحريم وفعله مستحل وذلك من موجبممات الكفممر‬
‫والمرتد يقتل‪] .‬تحفة الحوذي‪،‬ج ‪،4‬ص ‪[498‬‬
‫وقال في فيض القدير‪:‬والثانية إتيانه فرجمما محرممما عليممه وأعظممم‬
‫من ذلك إقدامه عليه بمشهد من المصطفى صلى الله عليممه وسمملم‬
‫وإعلنه عقد النكاح على ممن حمرم الشمارع العقمد عليهما بكمل حممال‬
‫ونص عليه في كتابه نصا ل يقبل تأويل ول شممبهة ففعلممه دليممل علممى‬
‫تكذيبه لمحمد فيما جاء به عن الدين وجحود الحكمة في تنزيله فممإن‬
‫كان قد أسلم فهو ردة وإن كان له عهد فإظهاره لممذلك نقممض فمممن‬
‫ثم أمر بقتله بالسيف‪] .‬فيض القدير‪،‬ج ‪،6‬ص ‪.[100‬‬
‫والحقيقة فممي مسممألة الربمما الممذي وقعممت فيممه الدولممة السممعودية‬
‫وغيرها أنها داخلة ضمن ثلث صور كفرية وهي‪:‬‬
‫الولى‪ /‬التشريع مع الله‪.‬‬
‫الثانية‪ /‬المتناع من التزام تحريم ما حرم الله‪.‬‬
‫الثالثة‪ /‬الستحلل‪.‬‬
‫ن الحمماكم‬ ‫ممم فالصممورة الولممى وهممي التشممريع مممع اللممه‪ :‬فممإ ّ‬
‫ومستشاروه وضعوا دستورا ً لنظممام الدولممة ووضممعوا فيممه تشممريعات‬

‫)‪(365‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأنظمممة علممى أساسممها يسممير أمممر الدولممة‪ ،‬ومممن التشممريعات الممتي‬
‫وضعوها أنظمممة البنمموك وصممور التعامممل فيهمما‪ ،‬فشمّرعت التعمماملت‬
‫الربوية ووضعت له أنظمة تكفل طرق التعامل به‪ ،‬وأذنت وسمممحت‬
‫بالتعامل بالربا وهذا تشريع مخالف لحكم الله تعممالى بممل مضمماد ّ لممه‪،‬‬
‫ن ذلممك يعنممي أن‬ ‫وتحليل لما حّرم الله‪ ،‬لّنه عندما يأذن في ذلممك فممإ ّ‬
‫الشعب له الحرية الكاملة فممي الممدخول فممي التعمماملت الربويممة‪ ،‬ول‬
‫يكون الداخل في تلك المعاملت مجرما ً أو آثما ً في نظام الدولة لنه‬
‫فعل شيئا ً مشروعا ً حسمب النظمام‪ ،‬وبالتمالي ل يكمون المرابمي فمي‬
‫م فضمل ً عممن العقوبممة‪ ،‬ول يحمقّ للمحمماكم‬ ‫نظام الدولة مسممتحقا ً للممذ ّ‬
‫الشرعية أن تحكم عليه لنه فعل ما هو مشروع له حسممب النظممام‪،‬‬
‫ن المجرم في نظام الدولة هو الممذي ل يممدفع الزيممادات الربويممة‬ ‫بل إ ّ‬
‫التي تعاقد عليها مع البنك‪ ،‬لذلك يكممون مسممتحقا ً للعقوبممة والسممجن‬
‫حتى يؤدي تلك الزيادات المتعاقد عليها‪.‬‬
‫ول فرق بين من يحلل الربا وبين من يحلل الزنا كممما فممي الممدول‬
‫الخرى‪ ،‬فكلهما تحليل لما حّرم الله‪.‬‬
‫فالمذي يعممل وفمق تلمك التشمريعات يكمون فمي الحقيقمة متعّبمد‬
‫ن التحاكم فيه معنممى الممذل‬ ‫للحاكم وشريعته المخالفة لشرع الله‪ ،‬ل ّ‬
‫والخضوع والستسلم فالذي يذل ويخضع ويستسمملم لحكممم الحمماكم‬
‫المخالف بل المضاد لحكم الله يكون متعبدا ً لغير الله في التحاكم‪.‬‬
‫خضمموع‬ ‫قال الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم آل الشمميخ رحمممه اللممه‪ :‬و ُ‬
‫ن خلقهمم‬ ‫مم ْ‬
‫حكمم َ‬ ‫الناس ورضمموخهم لحكممم رّبهممم خضموعٌ ورضممو ٌ‬
‫خ لِ ُ‬
‫ن إل ّ إيمماه ول‬‫ه‪ ،‬ول يعبممدو َ‬ ‫تعالى ليعبدوه فكما ل يسجد ُ الخل مقُ إل ّ لل م ِ‬
‫يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقممادوا‬
‫حكم الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ .‬اهم‬ ‫إل ّ ل ُ‬
‫قال الشيخ المام محمد أمين الشنقيطي رحمه اللممه تعممالى‪...» :‬‬
‫وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهممر غايممة الظهممور أن الممذين‬
‫يّتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على لسممان أوليممائه‬
‫مخالفة لما شرعه الله جل وعل على ألسممنة رسممله ]عليهممم الصمملة‬
‫والسمملم[ أنممه ل يشممك فممي كفرهممم وشممركهم إل ّ مممن طمممس اللممه‬
‫بصيرته وأعماه عن نور المموحي‪ ...‬فتحكيممم هممذا النظممام فممي أنفممس‬
‫المجتمع وأممموالهم وأعراضممهم وأنسممابهم وعقممولهم وأديممانهم‪ ،‬كفممر‬
‫بخالق السموات والرض وتمّرد على نظام السماء الذي وضعه مممن‬
‫)‪(366‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫خلق الخلئق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكممون‬
‫معه مشرعٌ آخر علوا ً كبيرا‪] .‬أضواء البيان‪،‬ج ‪،3‬ص ‪.[259‬‬
‫وقال رحمه الله في )أضواء البيان( جم ‪ 7‬ص)‪” :(169‬ولما كممان‬
‫التشريع وجميع الحكام‪ ،‬شرعية كانت أم كونية قدرية‪ ،‬من خصائص‬
‫الربوبية‪ ..‬كان كل من اتبع تشريعا ً غيممر تشممريع اللممه قممد اتخممذ ذلممك‬
‫المشرع ربًا‪ ،‬وأشركه مع الله“ اهم‪.‬‬
‫وقال ص)‪” :(173‬وعلى كل حال فل شك أن كل من أطاع غير‬
‫الله في تشريع مخالف لما شرعه الله‪ ،‬فقد أشرك به مع الله“‪.‬‬
‫وقال‪ " :‬الشراك بالله في حكمه‪ ،‬والشراك به في عبادته‪ ،‬كلها‬
‫بمعنى واحد‪ ،‬ل فرق بينهما ألبتة‪ ،‬فالذي يتبع نظاما ً غيممر نظممام اللممه‪،‬‬
‫وتشريعا ً غير تشريع الله‪ ،‬كالذي يعبد الصنم‪،‬ويسجد للمموثن‪ ،‬ل فممرق‬
‫بينهما ألبتة بوجه من الوجوه‪ ،‬فهما واحد‪ ،‬وكلهما مشرك بالله‪.‬‬
‫ن رفممع أحكممام‬ ‫قال الشيخ عبدالله بن قعود رحمه الله تعالى‪» :‬إ ّ‬
‫شممرعية مممن أحكممام السمملم معممروف حكمهمما مممن ديممن السمملم‬
‫بالضرورة وإحلل قوانين وضعية من صنيع البشممر مخالفممة لهمما بممدل ً‬
‫ن ذلممك‬ ‫منها والحكم بهمما بيممن النمماس وحملهممم علممى التحمماكم إليهمما أ ّ‬
‫شرك بالله في حكمه‪.‬‬
‫ن الدولة ل تلزم الناس بالتعامل بالربا‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫ن المقصود بإلزام الناس هنا ليس هو أن ُتلممزم جميممع‬ ‫فالجواب‪ :‬إ ّ‬
‫الناس بالتعامل بالربا ولكن المقصود به إلزام كل من تعامممل بالربمما‬
‫أن يتقيد بالنظمة المقررة في ذلك‪.‬‬
‫وإلزام الناس بشريعةٍ ما يكون على مرتبتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يكون التشريع لزما ً على كل أحد‪ ،‬وهذا كلزوم الصلة‬
‫المفروضة فإنها فرض عين على كل مكلف‪.‬‬
‫ب بممه كممل مكلممف‪،‬‬ ‫الثانية‪ :‬أن يكون التشممريع فممي الصممل مخمماط ٌ‬
‫ن كل‬ ‫ولكن ل يلزم إل من حصل عنده شرط الفعل‪ ،‬وهذا كالزكاة فإ ّ‬
‫مكّلف مأمور بأن يعتقد وجوبها وكونها ركنا ً من أركان السلم‪ ،‬ولكن‬
‫إخراج الزكاة ل يجب إل على من ملك النصاب وحال عليه الحول‪.‬‬
‫وكذلك هذه النظمة ُتقّنن كنظام للدولة ولكن ل يلزم بالتقيمد بهما‬
‫إل من دخل فيها وباشرها‪.‬‬
‫م م والصممورة الثانيممة‪ :‬وهممي المتنمماع عممن بعممض شممرائع السمملم‬
‫)‪(367‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الظاهرة‪ ،‬وفي هذه المسممألة المتنمماع مممن الممتزام تحريممم الربمما‪ ،‬ول‬
‫ن ذلممك معلمموم مممن الممدين‬ ‫نعنممي بممذلك عممدم القممرار بحرمتممه‪ ،‬فممإ ّ‬
‫بالضرورة وجاحده كافر ولو لم يمتنع‪ ،‬ولكن المقصممود بالمتنمماع هنمما‬
‫أن يتعاملوا به بحرية ول يسعى الحاكم في المنع منه‪ ،‬وُينصح ويؤمر‬
‫م أجمع عليممه‬ ‫بمنع الربا فيمتنع من الستجابة‪ ،‬وتكفير الممتنع هو حك ٌ‬
‫الصحابة رضي الله عنهم في تكفيرهممم لمممانعي الزكمماة‪ ،‬وقممد سممبق‬
‫ت الفرق بين ارتكاب المعصية والصرار عليها وبيممن المتنمماع‬ ‫وأن بين ُ‬
‫من تركها مع المر والتهديد‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ ...» :‬فأّيما طائفة امتنعت‬
‫من بعض الصلوات المفروضات‪ ،‬أو الصيام‪ ،‬أو الحج‪ ،‬أو عممن الممتزام‬
‫تحريمم المدماء‪ ،‬والمموال‪ ،‬والخمممر‪ ،‬والزنما‪ ،‬والميسممر‪ ،‬أو عمن نكماح‬
‫ذوات المحارم‪ ،‬أو عن التزام جهمماد الكفممار‪ ،‬أو ضممرب الجزيممة علممى‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬وغير ذلك من واجبممات الممدين ومحرممماته الممتي ل عممذر‬
‫لحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحممد لوجوبهمما‪ ،‬فممإن الطائفممة‬
‫الممتنعة تقاتل عليها وإن كممانت مقمّرة بهمما‪ ،‬وهممذا مممما ل أعلمم فيممه‬
‫خلفا ً بين العلماء‪ ،‬وإنممما اختلممف الفقهمماء فمي الطائفمة الممتنعممة إذا‬
‫سممنن كركعممتي الفجممر ]أي سممنة الفجممر[‬ ‫أصرت علممى تممرك بعممض ال ُ‬
‫والذان والقامة‪ ،‬عند من ل يقول بوجوبها ونحو ذلممك مممن الشممعائر‪،‬‬
‫ممما الواجبممات‬ ‫هممل ُتقاتممل الطائفممة الممتنعممة علممى تركهمما أم ل؟ فأ ّ‬
‫والمحرمات المذكورة ونحوهمما فل خلف فممي القتممال عليهمما‪ ،‬وهممؤلء‬
‫عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة‪ ...‬فهم خممارجون عممن‬
‫السلم‪ .‬اهم]مجموع الفتاوى‪،‬ج ‪،28‬ص ‪.[503‬‬
‫وقال الجصاص في )أحكام القرآن(‪” :‬وفي هذه الية‪] :‬فل وربممك‬
‫ل يؤمنون حتى يحكموك‪ {....‬دللة على أن من رد شمميئا ً مممن أوامممر‬
‫الله تعالى أو أوامر رسوله صلى اللممه عليممه وسمملم فهممو خممارج مممن‬
‫السلم سواء رده من جهممة الشممك‪ ..‬أو تممرك القبممول والمتنمماع مممن‬
‫التسليم‪ ..‬وذلك يموجب صمحة مما ذهمب إليممه الصمحابة فممي حكمهممم‬
‫بارتداد من امتنع عن أداء الزكاة وقتلهممم وسممبي ذراريهممم‪ ،‬لن اللممه‬
‫تعالى حكم بأن من لم يسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فليس من‬
‫أهل اليمان“ اهم‪.‬‬
‫والحكومة السعودية لم تقتصر علممى المتنمماع مممن الممتزام تحريممم‬
‫الربا‪ ،‬بل زادت على ذلك الذن بالتعامل به وإقراره وحمايممة البنمموك‬
‫)‪(368‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المتعاملة بالربا‪ ،‬والكفر بهذا من باب أولى‪.‬‬
‫فممإن قيممل‪ :‬إنهمما تسمممح للعلممماء والممدعاة فممي النكممار علممى هممذه‬
‫المعصية وبيان حرمتها‪.‬‬
‫ن هذا ل ُيخرجها من مسألة المتناع بل يزيدها دخممول ً‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫ن العلماء والدعاة أنكروا عليها إذنها بالربا‬ ‫وولوجا ً في حكمه‪ ،‬وذلك أ ّ‬
‫وحمايته وتقنينه‪ ،‬ومع ذلممك هممم مقممرون بالتعامممل بممه ممتنعممون مممن‬
‫محاربته ومنعه‪.‬‬
‫ولو كانت ملتزمة بتحريمه لممما أقرتممه وحمتممه وش مّرعت النظمممة‬
‫التي تسمح وتأذن به‪.‬‬
‫ن الدول التي سمحت بالزنا وأقرته في نظامها ومنعت مممن‬ ‫كما أ ّ‬
‫محاكمة مرتكبه بالشرع‪ ،‬تعتبر ممتنعة من التزام تحريمممه حممتى ولممو‬
‫سمحت للدعاة أن يبينوا حكم الزنا‪ ،‬ما دام أنهمما أذنممت فيممه وأقرتمممه‬
‫وامتنعت من تحريممه ومنعه ومحاربته‪.‬‬
‫م والصورة الثالثة وهي الستحلل قد سبق التفصيل فيها‪.‬‬
‫أما قول المؤلف]ولعله لو ذكر لمتحمممس عمماطفي أن رجل ً ينفممق‬
‫على المباحات والحرام من الخمور والزنا المليين‪ ،‬ولو طلبممت منممه‬
‫صدقة ريال واحد لما تصدق بمه‪ ،‬لعمل مثمل همذا لمو ذكمر لمه لكفمره‬
‫بحجة أن هذا الرجل معاند مستكبر[‬
‫وقوله‪]:‬ولو سألت أحدهم عن رجل شراب للخمر كممثير الزنمما قممد‬
‫جعل حرسا ً يدافعون عنه إذا جمماءه رجممال الحسممبة‪ ،‬فهممل مثممل هممذا‬
‫يكفر لجل أنه حمى الحرام[‬
‫أقول‪ :‬إننا بحمد الله نفّرق بين الفجور والمعاصممي وبيممن الجحممود‬
‫والستكبار‪ ،‬والذي يرتكب المحرمات غير المكفرة ويص مّر عليهمما مممع‬
‫اعتقاده بحرمتها واعترافه بخطئه فاسق غير كافر‪.‬‬
‫مص مّر‬‫ن بيممن ال ُ‬
‫ن هذا من الخلط‪ ،‬إ ّ‬ ‫ول يقاس فعله على الممتنع فإ ّ‬
‫وبين الممتنع فرقا ً أيها المؤلف‪ ،‬فالمصر على الكبيرة فاسق بكبيرته‬
‫مؤمن بإيمانه‪ ،‬ولكن الممتنع دافعٌ للحق ممتنع من التسليم لممه وهممو‬
‫الذي تحصل منه الممانعة والمدافعممة مممما يممدل علممى عممدم الممتزامه‬
‫بتحريم الفعل‪ ،‬وليتك تأملت سمميرة الصممحابة رضممي اللمه عنهممم فممي‬
‫هذه المسألة لتبين لك الفرق‪ ،‬فالصحابة رضي الله عنهم لم يكفممروا‬
‫تارك الزكاة‪ ،‬وإنما كفروا الممتنع من التزامهمما‪ ،‬وف مّرق العلممماء بيممن‬

‫)‪(369‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الفرد أو الفراد المقممدور عليهممم وبيممن الطائفممة الممتنعممة‪ ،‬فممالفراد‬
‫المقممدور عليهممم تؤخممذ منهممم الزكمماة قسممرًا‪ ،‬وُيسممتتابون مممن تممرك‬
‫المفروض ومن ارتكاب المحّرم لنهم في قبضتنا وتحممت أيممدينا فممإن‬
‫رجعوا عن ذلك فهم مسلمون وإن امتنعوا مع المر والتهديممد فممإنهم‬
‫يكفرون بالمتناع وعدم الخضوع والتسليم لممر اللمه‪ ،‬وأمما الطائفمة‬
‫الممتنعة التي تمتنع مممن أداء الزكمماة أو غيرهمما مممن شممرائع السمملم‬
‫الظاهرة ولها شوكة وقوة تمنعها فإن هؤلء ُيدعون إلى الحق وتزال‬
‫شبهتهم فإن أصروا على المتناع فإنهم ُيقمماتلون وُيحكممم بردتهممم ول‬
‫يجب استتابتهم لعدم القدرة عليهم وهممذا هممو حكممم الصممحابة رضممي‬
‫ك أن الحاكم يعتبر من الطائفممة‬ ‫الله عنهم على مانعي الزكاة‪ ،‬ول ش ّ‬
‫الممتنعة لما له من القوة والشوكة التي تمنعه‪ ،‬ول يقاس فعله على‬
‫فعل الفراد المقدور عليهم‪.‬‬
‫هذا في المسائل الواضحة من الدين ليس في المور المختلممف‬
‫فيها اختلفا ً معتبرًا‪ ،‬وارجع وتأمل كلم شيخ السلم وكلم الجصمماص‬
‫تتضح لك المسألة‪.‬‬
‫والعجيب من المؤلف أنه نقل فتوى الشيخ ابن باز وفتوى الشمميخ‬
‫الفوزان في حكم الخروج على الحاكم بسبب وجود بعض المنكممرات‬
‫وكأننا نقول بوجوب الخروج على الحاكم إذا ُوجدت بعض المنكممرات‬
‫غير المكّفرة وصنيعه هذا ل يعدوا كونه من بمماب السممتكثار بممالنقول‬
‫ولو لم توافق حقيقة المسألة من أجل التلبيس على القّراء‪.‬‬
‫ومسممألتنا ليسممت مسممألة وجممود بعممض المنكممرات‪ ،‬وإنممما مسممألة‬
‫التشريع مع الله وتحليل ما حّرم الله والمتناع من التزام تحريممم ممما‬
‫سقة وإنما هي‬ ‫حرمه الله‪ ،‬وهذه المسائل ليست مسائل منكرات مف ّ‬
‫منكرات مكّفرة‪.‬‬

‫)‪(370‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة السابعة‪:‬‬
‫أنه ل عهد ول أمان لهؤلء الكفار‬

‫قال المؤلف‪] :‬وذلك لمرين‪:‬‬


‫الول‪ :‬أن هؤلء الحكام كفار ول يعتد بأمانهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن الكفار قتلوا المسلمين في عدة أماكن فيكونممون بهممذا‬
‫نقضوا العهد‪.‬‬
‫وجواب الول من أوجه‪:‬‬
‫أنممه تقممدم عممدم صممحة التكفيممر لحكممام هممذه البلد‪ ،‬وأن غايممة ممما‬
‫كفروهم به ‪ -‬لو ثبت ‪-‬هي أمور مختلف في التكفيممر بهمما‪ ،‬والمسممائل‬
‫المختلف فيها ل يكفر بها العيان ‪ -‬كما تقدم ‪ ،-‬فعليممه يكممون الممتزام‬
‫أمانهم واجبًا‪ ،‬وقد أخرج البخاري عن علي‪ ":‬ذمة المسمملمين واحممدة‬
‫يسممعى بهما أدنماهم فمممن أخفممر مسملما ً فعليممه لعنمة اللمه والملئكمة‬
‫والناس أجمعين ل يقبل منه صرف ول عدل "‪.‬‬
‫لو قدر أن المر كفر في ذاته بل خلف‪ ،‬فإن تنزيله على المعيممن‬
‫محتاج إلى توافر الشروط وانتفمماء الموانممع‪ ،‬قممال ابممن تيميممة‪ :‬ولهممذا‬
‫كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الممذين نفمموا أن اللممه تعممالى‬
‫فوق العرش لما وقعت محنتهم‪ :‬أنمما لممو وافقتكممم كنممت كممافرا ً لنممي‬
‫أعلم أن قولكم كفر‪ ،‬وأنتم عندي ل تكفرون لنكم جهال‪ ،‬وكممان هممذا‬
‫‪1‬‬
‫خطابا ً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم ا‪ .‬هم‬
‫وقال‪ :‬هذا مع أني دائما ً ومن جالسني يعلم ذلممك منممي‪ :‬إنممي مممن‬
‫أعظم الناس نهيا ً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصممية؛‬
‫إل إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفهمما كممان‬
‫كافرا ً تارة وفاسقا ً أخرى وعاصيا ً أخرى‪ ،‬وإني أقرر أن الله قممد غفممر‬
‫لهذه المة خطأها‪ :‬وذلك يعم الخطأ فممي المسممائل الخبريممة القوليممة‬
‫‪2‬‬
‫والمسائل العملية ا‪ .‬هم‬
‫وقال الشمميخ محمممد بممن عبممدالوهاب‪ :‬وإذا كنمما ل نكفممر مممن عبممد‬
‫الصنم الذي على عبدالقادر‪ ،‬والصنم الممذي علممى قممبر أحمممد البممدوي‬
‫وأمثالهما؛ لجممل جهلهممم‪ ،‬وعممدم مممن ينبههممم‪ ،‬فكيممف نكفممر مممن لممم‬
‫ذا‬ ‫حان َ َ‬
‫ك هَ م َ‬ ‫سمب ْ َ‬
‫يشرك بالله؟! إذا لم يهاجر إلينا‪ ،‬أو لم يكفر ويقاتممل } ُ‬
‫الرد على البكري ص ‪.260‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪.(3/229‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(371‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م{ ا‪ .‬هم‬‫ظي ٌ‬
‫ن عَ ِ‬
‫‪1‬‬
‫ب ُهَْتا ٌ‬
‫أن الكافر إذا دخل بلد المسمملمين سمميعطيه المممان آخممرون غيممر‬
‫ولي المر كالعاملين فممي الجمموازات وغيرهممم‪ ،‬وأمممان هممؤلء صممحيح‬
‫بالجماع‪.‬‬
‫أن شبهة المان وهممو ظنهممم المممان كالمممان الحقيقممي قممال ابممن‬
‫‪2‬‬
‫تيمية‪ :‬ومعلوم أن شبهة المان كحقيقته في حقن الدم ا‪ .‬هم‬
‫وقال‪ :‬هذا الكلم الذي كلموه به صار مستأمنًا‪ ،‬وأدنى أحواله أن‬
‫يكون له شبهة أمان‪ ،‬ومثل ذلممك ل يجمموز قتلممه بمجممرد الكفممر‪ ،‬فممإن‬
‫المان يعصممم دم الحربممي ويصممير مسممتأمنا ً بأقممل مممن هممذا كممما هممو‬
‫‪3‬‬
‫معروف في مواضعه ا‪ .‬هم‬
‫وقممال الشممافعي فممي الم فممي بمماب المممان‪ :‬وإذا أمممن مممن دون‬
‫البالغين والمعتوه قاتلوا أم لم يقاتلوا لم نجز أمانهم‪ ،‬وكذلك إن أمن‬
‫ذمي قاتل أم لم يقاتممل لممم نجممز أمممانه‪ ،‬وإن أمممن واحممد مممن هممؤلء‬
‫فخرجوا إلينا فعلينا ردهم إلى مممأمنهم ول نعممرض لهممم فممي مممال ول‬
‫نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممممن يجمموز‬
‫‪4‬‬
‫أمانه ول يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم ا‪ .‬هم‬
‫بل قال الوزاعي في أهل الذمة‪ :‬إن غزا الممذمي مممع المسمملمين‬
‫فأمن أحدا ً فإن شاء المام أمضمماه وإل فليممرده إلممى مممأمنه‪ 5 .‬قممارن‬
‫هذا بفعال هؤلء المبطلين في الستهانة بالذمم والمان!!‬
‫أنممه لممو قممدر أنممه ل أمممان لهممم فممإن قتلهممم يجممر علممى السمملم‬
‫والمسمملمين الضممرار الجسمميمة مممن منممع الممدعوة إلممى اللممه وإيممذاء‬
‫المسلمين المتغربين في بلد الكفر‪ ،‬بل ويكون سببا ً لتسمملط الكفممار‬
‫القوياء على المسلمين الضعفاء‪ ،‬وممما خممبر حممرب دولممتين مممن دول‬
‫السلم )أفغانستان والعراق( على إثممر وجممراء تفجيممر الممبرجين فممي‬
‫نيويورك عنا ببعيد‪.‬‬
‫وإليك بعض المسائل الشرعية المتعلقة بالمان ليممدرى قممدر تشممديد‬
‫الشرع فيه‪:‬‬
‫الدرر السنية )‪.(1/104‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصارم المسلول )‪.(2/522‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصارم المسلول )‪.(2/182‬‬ ‫‪3‬‬

‫وانظر للفائدة كتاب " كشف الشبهات في مسائل العهد والجهاد " لخينا الشمميخ فيصممل بممن قممزاز‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫فإنه مفيد ومنه استفدت فجزاه الله خيرًا‪.‬‬


‫نقله الحافظ )‪.(7/776‬‬ ‫‪5‬‬

‫)‪(372‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسألة الولى ‪ /‬أمان المرأة‪:‬‬
‫بعد إجماعهم على أمان الرجل العاقل البالغ‪ ،‬فقد ذكر خلف فممي‬
‫المرأة‪ ،‬قال الحافظ‪ :‬قال ابن المنذر‪ :‬أجمع أهممل العلممم علممى جممواز‬
‫أمان المرأة‪ ،‬إل شيئا ً ذكره عبدالملك ‪ -‬يعني ابن الماجشون صمماحب‬
‫مالك ‪ -‬ل أحفظ ذلممك عممن غيممره قممال‪ :‬إن أمممر المممان إلممى المممام‪،‬‬
‫وتأول ما ورد مما يخالف ذلك على قضايا خاصممة‪ ،‬قممال ابممن المنممذر‪:‬‬
‫وفي قول النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪ ":‬يسممعى بممذمتهم أدنمماهم "‬
‫دللة على إغفال هذا القائل انتهى‪ .‬وجاء عن سحنون مثل قول ابممن‬
‫الماجشون فقال‪ :‬هو إلى المام‪ ،‬إن أجازه جاز وإن رده رد ا‪ .‬ه‪1‬م‬
‫ن‪ .‬ثمم روى حمديث أم‬ ‫وبوب البخاري‪ :‬باب أممان النسماء وجمواره ّ‬
‫هانئ‪ ":‬قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ "‬
‫وقال ابن عبدالبر‪ :‬وكان ابن الماجشون وسممحنون يقممولن‪ :‬أمممان‬
‫المرأة موقوف على إجازة المام له‪ ،‬فإن أجازه له جمماز‪ ،‬فهممو قممول‬
‫شاذ ل أعلم أحدا قال به غيرهما من أئمة الفتوى ا‪ .‬هم‪.2‬‬
‫وقال ابن قدامة‪ :‬وبالمرأة‪ ،‬فإن أمانهمما يصممح فممي قممولهم جميع مًا‪.‬‬
‫قالت عائشة‪ :‬إن كانت المرأة لتجير على المسمملمين فيجمموز‪ .‬وعممن‬
‫أم هانئ أنهما قمالت‪ :‬يما رسمول اللمه إنمي أجمرت أحممائي‪ ،‬وأغلقمت‬
‫عليهم‪ ،‬وإن ابن أمي أراد قتلهم‪ .‬فقممال لهمما رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليمه وسملم‪ ":‬قمد أجرنما ممن أجمرت يما أم همانئ‪ ،‬إنمما يجيمر علمى‬
‫المسلمين أدناهم " رواهما سعيد‪ .‬وأجارت زينممب بنممت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم أبا العاص بن الربيع فأمضاه رسول الله صلى‬
‫‪3‬‬
‫الله عليه وسلم ا‪ .‬هم‬
‫وهذا هو الصواب لعموم حديث‪ ":‬ذمة المسمملمين واحممدة يسممعى‬
‫بها أدناهم " ولحديث أم هانئ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ /‬أمان العبد‪:‬‬
‫قال ابن عبدالبر‪ :‬واختلممف العلمماء أيضما ً فمي أممان العبممد‪ :‬فقمال‬
‫مالممك والشممافعي وأصممحابهما والثمموري والوزاعممي والليممث وأحمممد‬
‫وإسحاق وأبو ثور وداود بن علي‪ :‬أمانه جائز قاتل أو لم يقاتممل‪ .‬وهممو‬
‫قول محمممد بممن الحسممن‪ .‬وقممال أبممو حنيفممة‪ :‬أمممانه غيممر جممائز إل أن‬
‫الفتح )‪(7/775‬‬ ‫‪1‬‬

‫الستذكار )‪ (14/88‬وانظر الستذكار )‪.(6/140‬‬ ‫‪2‬‬

‫المغني )‪.(13/76‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(373‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقاتل‪ ،‬وهو قول أبي يوسف‪ ،‬وروي عن عمر معناه ا‪ .‬هم‬
‫‪1‬‬

‫وقال‪ :‬أممما أمممان العبممد فكممان أبممو حنيفممة ل يجيممزه إل أن يقاتممل‪.‬‬


‫واختلف على أبي يوسف في ذلك‪ .‬وقال محمممد بممن الحسممن‪ :‬يجمموز‬
‫أمانه وإن لم يقاتممل‪ .‬وهممو قممول مالممك والثمموري والوزاعممي والليممث‬
‫والشافعي‪ .‬وعن عمر من طرق أنه أجاز أمان العبممد‪ ،‬ول خلف فممي‬
‫‪2‬‬
‫ذلك بين السلف إل ما خرج مخرج الشذوذ ا‪ .‬هم‬
‫وقال الحافظ‪ :‬وأما العبد فأجاز الجمهور أمانه قاتل أو لم يقاتممل‪،‬‬
‫وقال أبو حنيفة‪ :‬إن قاتل جاز أممانه وإل فل‪ .‬وقمال سمحنون‪ :‬إذا أذن‬
‫‪3‬‬
‫له سيده في القتال صح أمانه وإل فل ا‪ .‬هم‬
‫والصواب صحة أمانه لعموم حديث " يسعى بها أدناهم "‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ /‬الصبي المميز‪:‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬فأما الصبي المميز فقال ابن حامد‪ :‬فيه روايتان‪:‬‬
‫إحداهما ل يصح أمممانه‪ .‬وهممو قممول أبممي حنيفممة والشممافعي لنممه غيممر‬
‫مكلف‪ ،‬ول يلزمه بقمموله حكممم فل يلممزم غيممره كممالمجنون‪ .‬والروايممة‬
‫الثانية‪ :‬يصح أمانه‪ .‬وهو قول مالك‪ .‬وقال أبو بكر‪ :‬يصح أمممانه روايممة‬
‫واحدة‪ .‬وحمل رواية المنع على غير المميز‪ ،‬واحتج بعممموم الحممديث‪،‬‬
‫ولنه مسلم مميز فصح أمانه‪ ،‬كالبالغ وفارق المجنون‪ ،‬فممإنه ل قممول‬
‫له أصل ً ا‪ .‬هم‪ 4‬قال الحافظ‪ :‬وأما الصبي فقال ابن المنذر‪ :‬أجمع أهل‬
‫العلم أن أمان الصبي غير جائز‪ .‬قلممت‪ :‬وكلم غيممره يشممعر بالتفرقممة‬
‫بيممن المراهممق وغيممره‪ ،‬وكلم المميممز الممذي يعقممل‪ .‬والخلف عممن‬
‫المالكية والحنابلة ا‪ .‬هم‪ 5‬والصواب صحة أمان المميز لعممموم حممديث‬
‫"يسعى بها أدناهم" فإن الشريعة توسع باب المان‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ /‬السير‪:‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬ويصح أمان السير إذا عقده غيممر مكممره لممدخوله‬
‫في عممموم الخممبر ولنممه مسمملم مكلممف مختممار فأشممبه غيممر السممير‪.‬‬
‫وكذلك أمان الجير والتاجر فممي دار الحممرب‪ .‬وبهممذا قممال الشممافعي‪.‬‬
‫وقال الثوري‪ :‬ل يصح أمان أحد منهم‪ .‬ولنا عموم الحممديث والقيمماس‬

‫التمهيد )‪.(21/188‬‬ ‫‪1‬‬

‫الستذكار )‪.(14/88‬‬ ‫‪2‬‬

‫فتح الباري )‪.(7/776‬‬ ‫‪3‬‬

‫المغني )‪.(13/77‬‬ ‫‪4‬‬

‫الفتح )‪.(7/776‬‬ ‫‪5‬‬

‫)‪(374‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫على غيرهم ا‪ .‬هم‬
‫‪1‬‬

‫وقممال الحممافظ )‪ :(7/776‬وحكممى ابممن المنممذر عممن الثمموري أنممه‬


‫استثنى من الرجال الحرار السير في أرض الحممرب فقممال‪ :‬ل ينفممذ‬
‫‪2‬‬
‫أمانه‪ ،‬وكذلك الجير ا‪ .‬هم‬
‫والصممواب صممحة أمممانه لعممموم حممديث علممي ولن الشممرع يوسممع‬
‫المان‪.‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ /‬المجنون‪:‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬ول يصح أمان مجنون ول طفممل لنممه كلمممه غيممر‬
‫معتبر‪ ،‬ول يثبت به حكم‪ .‬ول يصح أمان زائل العقل بنوم أو سممكر أو‬
‫إغماء لذلك‪ ،‬ولنه ل يعرف المصلحة من غيرها فأشبه المجنممون‪ .‬ول‬
‫يصح من مكره لنه قول أكره عليه بغير حق‪ ،‬فلممم يصممح كممالقرار ا‪.‬‬
‫هم‪ 3‬قال الحافظ‪ :‬وأما المجنون فل يصممح أمممانه بل خلف كالكممافر ا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫هم‬
‫المسألة السادسة‪ /‬الكافر‪:‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬ول يصح أمان كافر وإن كان ذميا ً لن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ ":‬ذمة المسمملمين واحممدة يسممعى بهمما أدنمماهم "‬
‫فجعل الذمة للمسلمين‪ ،‬فل تحصل لغيرهم ولنه متهم على السمملم‬
‫وأهله‪ ،‬فأشبه الحربي ا‪ .‬هم‪ 5‬وتقدم عن الحافظ ابممن حجممر أنممه نفممى‬
‫الخلف في المسألة‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ /‬بأي شيء يكون المان‪:‬‬
‫قال ابن عبدالبر‪ :‬ول خلف علمته بين العلممماء فممي أن مممن أمممن‬
‫حربيا ً بأي كلم لهم به المان‪ ،‬فقد تم لمه الممان‪ .‬وأكمثرهم يجعلمون‬
‫‪6‬‬
‫الشارة المان إذا كانت مفهومة بمنزلة الكلم ا‪ .‬هم‬
‫وجممواب الثمماني )أن الكفممار قتلمموا المسمملمين فممي عممدة أممماكن‬
‫فيكونون بهذا نقضوا العهد(‪:‬‬
‫تقدم في هذا الكتاب بيان بالدليل الشرعي ل العاطفي الحماسي‬
‫أن كل دولة لها حاكم هي مستقلة بحكمها‪.‬‬
‫المغني )‪.(13/77‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفتح )‪.(7/776‬‬ ‫‪2‬‬

‫المغني )‪.(13/77‬‬ ‫‪3‬‬

‫الفتح )‪.(7/776‬‬ ‫‪4‬‬

‫المغني )‪.(13/77‬‬ ‫‪5‬‬

‫الستذكار )‪.(14/87‬‬ ‫‪6‬‬

‫)‪(375‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أن هناك فرقا ً بين حال القوة والضعف ففي حممال الضممعف يصممبر‬
‫على كثير من الضمميم دون حممال القمموة كممما تقممدم الكلم عممن صمملح‬
‫الحديبية‪.‬‬
‫أن فممي نقممض العهممد بيممن المسمملمين والكفممار مطلقمما ً إضممرارا ً‬
‫بالمسلمين في شرق الرض وغربها‪.‬‬
‫أن الذي يحدد نقض العهد وبقاءه ولي المر ل عامممة النمماس‪ ،‬وإل‬
‫صار المر فوضى‪ ،‬والفوضى محرمة وما ل يتم تممرك المحممرم إل بممه‬
‫فهو واجب‪[ .‬‬
‫ن الذي ندين الله بممه أنممه ل يجمموز قتممل المعاهممد ممما لممم‬‫أقول‪ :‬إ ّ‬
‫ينقض‪ ،‬ول يجوز قتل المستأمن ما لم يخممن‪ ،‬ولكممن نقممول للمؤلممف‪:‬‬
‫م انقش‪.‬‬‫أثبت العرش ث ّ‬
‫دعى حاكم‬ ‫وأبدأ أول ً في مناقشته في مسألة العهد فأقول‪ :‬إذا ا ّ‬
‫أنه عاهد المشممركين فلبممد مممن النظممر فممي أمممور‪/ :‬حكممم الحمماكم‪/،‬‬
‫وحكم العهد‪ /،‬ومدته‪ /،‬وإثبات عدم نقض العهد‪ /،‬والمصلحة‪:‬‬
‫الول‪ /‬حكم الحاكم الذي عقممد العهممد مممع الكفممار‪ ،‬وذلممك يكممون‬
‫بالنظر إلى جهتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬السلم‪ ،‬فالعهد الذي يممبرمه الحمماكم الكممافر المتسمملط علممى‬
‫المسلمين ل اعتبار له‪ ،‬ول يلزم المسمملمين العمممل بممه‪ ،‬لنممه بكفممره‬
‫سماقط الوليمة‪ ،‬والمواجب علمى المسملمين القيممام عليمه وخلعمه إن‬
‫قدروا‪ ،‬وإن لم يقدروا وجب عليهم إعداد العدة للقيام عليه‪ ،‬وبالتالي‬
‫نقول‪ :‬إن الحاكم السعودي ثبتت ردته وكفره من أوجممه كممثيرة منهمما‬
‫ما سبق بيانه في هذا الرد‪ ،‬وغيره مممن الحكممام مممن بمماب أولممى‪ ،‬فل‬
‫يصح عهدهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬النصح‪ ،‬وذلك بأن ُيعرف عن الحمماكم أنممه ناصممح للمسمملمين‬
‫علم أنه خممائن عميممل للكفممار فممإن‬ ‫حريص على ما يصلحهم‪ ،‬وأما إذا ُ‬
‫عهده باطل ول يجب العمل به‪ ،‬لن الحاكم إنممما ُوضممع ليصمملح أمممور‬
‫المسلمين وينصح لهم‪ ،‬فممإذا خممان فممإنه ل يصمملح للحكممم وذلممك لنممه‬
‫خالف أعظم مقاصممد الوليممة‪ ،‬ولممو سمملمنا جممدل ً بممأن هممؤلء الحكممام‬
‫مسمملمون فممإن عهممدهم كممذلك باطممل لنهممم خممانوا دينهممم وأمتهممم‬
‫وأسمملموا أرض المسمملمين للكفممار‪ ،‬وقممدموا مصمملحة بقممائهم علممى‬
‫كرسي الحكم على مصالح المة الدينية والدنيوية‪.‬‬

‫)‪(376‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الثاني‪ /‬ما هي بنود العهد الذي أبرمه الحمماكم مممع الكفممار‪ ،‬وهممذا‬
‫أمر لبد منه فإن الحاكم ل يجوز له أن يعقد العهممود مممع الكفممار بممما‬
‫تمليه عليه نفسه‪ ،‬بل لبد من مراعاة حكم الشرع في ذلك والشممرع‬
‫هو الذي أمر بنصب الحمماكم وهممو الممذي يحكممم علممى الحمماكم وعلممى‬
‫أفعمماله‪ ،‬فالحمماكم تحممت سمملطان الشممرع وسمملطانه مقيممد بسمملطان‬
‫الشرع‪ ،‬فإذا ادعى حاكم أنه عاهد الكفار فل نأخذ بقوله حتى يعرض‬
‫م بعممد ذلممك يكممون الحكممم‬ ‫علينا بنود العهد وننظر حكم الشرع فيها ث ّ‬
‫بصحة العهد أو بطلنه‪.‬‬
‫الثالث‪ /‬لبد ّ من معرفة مدة العهد‪ ،‬لن الصل همو وجمموب جهماد‬
‫الكفار‪ ،‬والعهد مسقط للجهاد‪ ،‬ولكن ل يصح إسقاط الجهاد بالكليممة‪،‬‬
‫لن العهد إنما يعقممد مممع الكفممار إممما لعممدم القممدرة علممى مممواجهتهم‬
‫فيعقد العهد ليتمم العمداد لممواجهتهم‪ ،‬أو لوجمود مصملحة فمي تمرك‬
‫قتاله في فترة معينة فإذا تحققت المصمملحة ُنبممذ عهممدهم إليهممم‪ ،‬ول‬
‫يجوز عقد عهد مؤبد لنه وسيلة لبطال الجهاد بالكلية وهذا ل يصح‪.‬‬
‫الرابع‪ /‬لبد ّ من إثبات بقاء العهد وعدم نقضه‪ ،‬ونقض العهد يكون‬
‫بأمور كثيرة منها ما يكون نقضا ً من الفراد وهذا حكمممه فممي الصممل‬
‫انتقاض عهمد الفمرد وحمده‪ ،‬إل إذا علمنما إقمرار قمومه بفعلمه فحينئذٍ‬
‫ينتقض العهد بالكليه كما حصل ذلك فممي غممزوة بنممي قينقمماع وغممزوة‬
‫بني النضير وغزوة بني قريظة‪.‬‬
‫الخممامس‪ /‬لبمد ّ أن تكممون مصمملحة عقممد العهممد راجحممة أو لممدفع‬
‫مفسدة أعظم‪ ،‬وبالتممالي إذا عقممد الحمماكم عهممدا ً مممع الكفممار وكممانت‬
‫مفسدته أعظم من مصلحته فإنه غير معتبر ول يقر عليه الحاكم بممل‬
‫يلزمه النقض فإن أبى فإنه يعتبر خائنا وينبذ المسملمون إلمى الكفمار‬
‫عهدهم‪ ،‬ومن المفاسد المعتبرة تفريق المسلمين ومنع التناصر فيما‬
‫بينهم‪.‬‬
‫فمتى ُوجد شيء يخالف هذه المور أو أحدها فممإن العهممد يكممون‬
‫غير معتبر‪.‬‬
‫والمطلع على الحداث يعلم أن العهود المزعومة باطلة‪.‬‬
‫ولو تأملنا فممي هممذه العهممود لعرفنمما أنهمما داخلممة ضمممن المخطممط‬
‫جعلممت‬ ‫الصليبي الصهيوني لحتلل بلد السلم واسممتعمارها‪ ،‬ولكنهمما ُ‬
‫غطمماًء للحكممام الخونممة علممى سممطحها ُيمممررون وينفممذون مخطممط‬

‫)‪(377‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الصليبيين‪ ،‬وتوضيح ذلك بأمور‪:‬‬
‫الول‪ /‬أنهم وضعوها لكي تكممون غطمماًء ينشممرون تحتممه النصممرانية‬
‫والباحية بمسمى تقارب وجهات النظر‪ ،‬أو تقارب الحضارات‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أنهم وضعوا بنود هذه العهود والمواثيق لكي يلزموا الدول‬
‫السلمية بها‪ ،‬ول يلتزموا هم بها‪.‬‬
‫الثالث‪/‬أنهم وضعوها لكي يبقى العالم السلمي متخلفا ً بعيدا ً عن‬
‫الصناعات النافعة خاصة صناعة السلحة‪.‬‬
‫الرابع‪ /‬أنهم وضعوها لكي تمتلك الممدول الكممافرة السمملح النممووي‬
‫وأسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ويبقى العممالم السمملمي بالسمملحة البدائيممة‬
‫القديمة‪.‬‬
‫الخامس‪ /‬أنهم وضعوها لكي يستخدموا ممما شمماؤوا مممن السمملحة‬
‫فممي قتممالهم للمسمملمين‪ ،‬ويفرضمموا علممى الممدول السمملمية حظممر‬
‫استخدام السلحة الثقيلة‪.‬‬
‫السادس‪ /‬أنهم وضعوها لكي تكون تلك العهممود والمواثيممق غطمماءً‬
‫لعملئهممم مممن الحكممام يممبررون بممه وقمموفهم مممع الكفممار وخممذلنهم‬
‫للمسلمين‪.‬‬
‫فهي في الحقيقة لم توضممع لنشممر العممدل والسمملم ولكممن لتممبرير‬
‫الظلم والطغيان‪ ،‬وحمل الحكام الخونة على محاربة الجهاد‪.‬‬
‫و المر كما قلت لك يمما أخممي‪ ،‬إنهمما مممن أجممل أن تسممتخدم المممم‬
‫الملحدة القوة بل تجعل القوة هممو أول علج لقضمماياها الظالمممة مممع‬
‫المسلمين‪ ،‬ولكي تمنع من أراد مقابلة العممدوان بمثلممه بتلممك العهممود‬
‫والمواثيق‪ ،‬ولكممي تكممون تلممك العهممود غطمماًء لعملئهمما فممي خممذلنهم‬
‫للمسلمين ومحاربتهم للمجاهدين‪.‬‬
‫منذ أن وّقعت تلك المم الملحدة على تلك المواثيق لم تلتزم بها‬
‫قيد أنملة‪.‬‬
‫أين تلك العهممود وإخواننمما فممي فلسممطين يقتلممون منممذ أكممثر مممن‬
‫خمسين سنة؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا الصرب على تقتيل وتهجير إخواننا في‬
‫البوسنة والهرسك؟‬
‫أين تلممك العهممود حيممن أعممانوا الصممليبيين علممى قتممل إخواننمما فممي‬
‫كوسوفا؟‬
‫)‪(378‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أيمن تلمك المواثيمق حيمن أعمانوا المروس علمى قتمل إخواننما فمي‬
‫الشيشان؟‬
‫أين تلك العهود حين حاصروا العراق عشر سنين؟‬
‫أين تلك العهود حين قتلوا إخواننا في الصومال؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا النصارى علممى تقتيممل وتهجيممر إخواننمما‬
‫في الفلبين؟‬
‫أين تلك العهود حين أعانوا النصارى في إندونيسيا وجممزر الملمموك‬
‫على قتل إخواننا المسلمين؟‬
‫أين تلك العهود حين دمروا لبنان من أجل علجين يهوديين؟‬
‫أين تلك المواثيق حين سكتوا عن إحراق إخواننا المسمملمين فممي‬
‫الهند؟‬
‫ولتوضمميح المسممألة أورد ممما كتبممه الشمميخ الفاضممل عبممد العزيممز‬
‫العنزي فك الله أسره حيث قال‪:‬‬
‫ن المريكان في الجزيرة العربّية معاهدون‪ ،‬لبد ّ لثبممات‬ ‫للقول بأ ّ‬
‫ت أربع‪:‬‬‫ذلك من مقاما ٍ‬
‫ه في نفسه وصيغته‪.‬‬ ‫ح ُ‬
‫د‪ ،‬وتصحي ُ‬ ‫ت العه ِ‬ ‫المقام الّول‪ :‬إثبا ُ‬
‫ت أهلي ّمةِ مممن أعطممى العهممد‪ ،‬ولممزوم عهممده‬ ‫المقممام الث ّمماني‪ :‬إثبمما ُ‬
‫للمسلمين‪.‬‬
‫ض بمحاربممة مسمملمين فممي‬ ‫ن العهد َ ل ينتق ُ‬‫تأ ّ‬ ‫المقام الثالث‪ :‬إثبا ُ‬
‫ولية أخرى‪.‬‬
‫ض بممأمرٍ وقمعَ فممي الوليممة‬‫ن العهد َ لم ينتقم ْ‬‫تأ ّ‬ ‫المقام الرابع‪ :‬إثبا ُ‬
‫التي كانت فيها التفجيرات‪.‬‬
‫فإذا أقيمت أدّلة هذه المقامات‪ ،‬وأثبَتها المنازع‪ ،‬فالمريكان في‬
‫ن‪ ،‬تحرم دماؤهم ونقول في النكار علممى مممن‬ ‫جزيرة العرب معاهدو َ‬
‫قاتلهم‪ :‬قتل المعاهممد كممبير‪ .‬وصمد ّ عممن سممبيل اللممه وكفممر بممه وقتممل‬
‫للمسلمين في كل مكان‪ ،‬وغدٌر بهم‪ ،‬وإخراجهم من ديممارهم = أكممبر‬
‫ن‪ ،‬وتحكيممم القمموانين الوضممعّية‪،‬‬ ‫ن تمموّلي الكممافري َ‬ ‫عنممد اللممه‪ ،‬كممما أ ّ‬
‫واستحلل المحّرمات‪ ،‬وعقد الولء والبراء على معاقد الجاهلّية أكممبر‬
‫عند الله‪ ،‬والفتنة أكبر من القتل‪.‬‬
‫ن‬ ‫وإذا كان واحد ٌ مممن هممذه المقامممات الربممع بمماط ً‬
‫ل‪ ،‬فممالحكم بممأ ّ‬
‫ل كذلك‪ ،‬فلننظر في ك ّ‬
‫ل واح مدٍ منهمما‪ ،‬لممترى‬ ‫المريكان معاهدون باط ٌ‬
‫)‪(379‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن كممل مقممام يحتمماجه القممائل بصممحة عهممود المريكممان فممي جزيممرة‬ ‫أ ّ‬
‫دة‪:‬‬
‫ضه من وجوه ع ّ‬ ‫ت نقي ُ‬ ‫العرب‪ ،‬ثاب ٌ‬
‫فالمقام الّول‪ :‬ينبني علممى حقممائق العهممود الموجممودة فممي هممذا‬
‫سست المم المتحدة أو قبلها‪ ،‬ول يكاد‬ ‫ُ‬
‫ت منذ أ ّ‬ ‫ن العهد َ ثاب ٌ‬ ‫العصر‪ ،‬فإ ّ‬
‫يعرف أحد ٌ من عامة الناس وعلمائهم‪ ،‬بل ول أحممد مممن طلبممة العلممم‬
‫سؤال‪ ،‬بنود العهد على الّتفصيل‪ ،‬والقممدر الممذي‬ ‫المجيبين على هذا ال ّ‬
‫ف في إبطال تلك العهود‪.‬‬ ‫ف من البنود‪ ،‬كا ٍ‬ ‫ُيعر ُ‬
‫دة العهمد‪ ،‬ومشمّرع العهمد‪ ،‬والوضمع‬ ‫وينبغي الّنظر إليها من جهة م ّ‬
‫الفقهي للعهد ولوازمه‪:‬‬
‫ممما الممد ّةُ الممتي يجمموز للمممام أن يهممادن المشممركين‬ ‫دة‪ ،‬فأ ّ‬ ‫‪ -‬الم ّ‬
‫ددها الصممحاب‬ ‫بقدرها ل يزيد‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء في تحديممدها‪ ،‬فحم ّ‬
‫ن الصل عموم أدلة‬ ‫وبعض الفقهاء بعشر سنين‪ ،‬ل تزيد‪ ،‬واستدّلوا بأ ّ‬
‫وجوب مقاتلة الكّفار‪ ،‬والعهد استثناء‪ ،‬وقد ثبت عن النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم أنه عاهد على عشر سنين‪ ،‬فيقتصممر فممي الرخصممة علممى‬
‫ل وهو الّتحريم‪.‬‬ ‫ق على الص ِ‬ ‫ص‪ ،‬وما عداه با ٍ‬ ‫موضع الن ّ‬
‫ر‬
‫ورأى بعضهم توسيعه‪ ،‬وهو الصواب‪ ،‬فللمام أن يزيد علممى عشم ٍ‬
‫متى رأى المصلحة في ذلك‪.‬‬
‫ة‪ ،‬فصورتها‪ :‬أن يهادنهم بل أجل‪ ،‬على‬ ‫ما المهادنة بل تحديد مد ّ ٍ‬ ‫وأ ّ‬
‫ي صمملى‬ ‫ن له فسخ العهدِ بأن ينبذ إليهم على سواء‪ ،‬ومنه قول النممب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫اللممه عليممه وسمملم ليهممود خيممبر‪” :‬أقّركممم ممما أقّركممم اللممه“‪ ،‬فيكممون‬
‫للمسلمين أن ُينهوا العهد َ مممتى شمماؤوا‪ ،‬علممى أن ينبممذوا إليهممم علممى‬
‫سواٍء‪ ،‬وُيعلموهم فممي ممدةٍ تكفمي‪ ،‬ومممن صممور الهدنمة بل تحديممد أن‬
‫دة للعهد مممن انتهممائه ل مممن ابتممدائه‪ ،‬فيقممول‪ :‬لممي أن أفسممخ‬ ‫دد م ّ‬ ‫يح ّ‬
‫ن‬‫ة‪ ،‬أو نحممو ذلمك‪ ،‬وذهمب بعضممهم إلممى أ ّ‬ ‫عهدكم بعد أن أعلمكم بسن ٍ‬
‫حوا ِفممي‬ ‫ة أشهرٍ لقوله تعالى‪) :‬فَ ِ‬
‫سي ُ‬ ‫دته أربع ُ‬ ‫م ّ‬
‫دد بمد ّةٍ ُ‬ ‫ل عهدٍ لم ُيح ّ‬ ‫ك ّ‬
‫ن الله ضممربه أجل ً لعهممود جميممع الك ُّفممار الممذين‬ ‫َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫َ‬ ‫اْل َ‬
‫ر( ل ّ‬ ‫شه ُ ٍ‬ ‫ض أْرب َعَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫ُأنهَيت عهودهم في الية‪.‬‬
‫وكل الصممورتين السممابقتين للمهادنممة‪ ،‬غيممر الممتي وقعممت بيممن‬
‫الحكومممة السممعودية ومثيلتهمما‪ ،‬وأمريكمما وأخواِتهمما‪ ،‬وهممي المهادنممة‬
‫صورة من الضمملل المممبين‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬المشروطة إلى أبدِ أبد‪ ،‬وهذه ال ّ‬ ‫المؤّبد ُ‬
‫دة عن الدين‪ ،‬كما قال أبو عبد الله أسامة‪” :‬من زعممم أن هنمماك‬ ‫والّر ّ‬

‫)‪(380‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ما بيننا وبين اليهود فقد كفر بممما أنممزل علممى محم مدٍ صمملى‬ ‫ما دائ ً‬ ‫سل ً‬
‫ك أّنه من الّتعاهد علممى إبطممال حكمم ٍ للممه‬ ‫ه ذل َ‬ ‫الله عليه وسلم“‪ ،‬ووج ُ‬
‫ي أو مممن‬ ‫صل منه‪ ،‬وسواٌء من جهة إنكار الحكم الشممرع ّ‬ ‫بالكل ّّية‪ ،‬والتن ّ‬
‫جهة اللتزام والتعهد بعدم المتثال به‪ :‬من تعّهد أو حلف أن ل يصوم‬
‫ج البيت حتى يموت‪ ،‬ومن تعّهد أن ل ُيقاتممل الكّفممار أو‬ ‫رمضان ول يح ّ‬
‫ما منهم حت ّممى يممموت‪ ،‬والمخممالف ‪ -‬إن كممان فممي المسمملمين مممن‬ ‫قو ً‬
‫ب يجمموز تركممه‬ ‫ن القتال واج ٌ‬‫ما أن يزعم أ ّ‬ ‫يخالف في هذه الصورة ‪ -‬إ ّ‬
‫لعهد مع الكّفار وأنه يجوز معاهدتهم علممى هممذا الممترك لبمدٍ فيسممقط‬
‫ن هممذا‬ ‫ما أن ينكر وجوب قتال الكّفار‪ ،‬وكلهما كفمٌر‪ ،‬كممما أ ّ‬ ‫وجوُبه‪ ،‬وإ ّ‬
‫ب من الله‪ ،‬وترك الممتزام أحكممام‬ ‫ي واج ٍ‬‫العهد ترك للتزام حكم ٍ شرع ّ‬
‫ن‪ ،‬واعتبار شرعّيتها‬ ‫الله كّلها أو بعضها كفٌر‪ ،‬والتلّفظ بجحودها كفٌر ثا ٍ‬
‫ي لهم )الشرعّية الدولّيممة( كفممر‬ ‫تبًعا للتزام شريعة المشّرع ال ّ‬
‫طاغوت ّ‬
‫ة للكممافرين كفمٌر رابممع‪ ،‬كممما حكممم اللممه بكفممر‬ ‫ثالث‪ ،‬وكون ذلك طاع ً‬
‫الذين قالوا للكفار سنطيعكم في بعض المر‪.‬‬
‫والعجيب أن الذين يقولون إن المريكان معاهدون ينقلممون فممي‬
‫تعريف العهد‪ ،‬ما يبطل تسميتهم المريكان معاهممدين‪ ،‬وينقضممها بممما‬
‫دة العهممد فقممالوا‪” :‬والعهممد هممو عقممد بيممن‬ ‫ب ُي ّممن أعله فممي شممروط مم ّ‬
‫ة“‪ ،‬ول أدري‬ ‫المسلمين وأهل الحرب على تممرك القتمال ممد ّةً معلومم ً‬
‫ط‬‫ن العهد الواقع اليوم مشممرو ٌ‬ ‫هل يفهمون معنى ما نقلوه ويظّنون أ ّ‬
‫ن حممال العهممود اليمموم‪ ،‬ول يفهمممون أن ممما‬ ‫بمدة معلومممة؟ أم يعلمممو َ‬
‫ف لها؟‬ ‫نقلوه مخال ٌ‬
‫فهذا الكلم في مدة العهد‪.‬‬
‫ي‬‫ما مشّرع العهد‪ ،‬فالمسلمون مأممورون بحكم الله الشرع ّ‬ ‫‪ -‬وأ ّ‬
‫م أن حكممم اللممه ل ُيعمماَرض بحكممم غيممره‬ ‫أن ُيقمماتلوا الكّفممار‪ ،‬ومعلمممو ٌ‬
‫عا‪ ،‬إل ّ برخصم ٍ‬
‫ة‬ ‫ه‪ ،‬فليس للمسلمين تممرك القتمال المواجب شمر ً‬ ‫وهموا ُ‬
‫وز لهممم‬ ‫ة‪ ،‬وحكم ٍ من الله الممذي أمرهممم بالقتممال‪ ،‬واللممه قممد جم ّ‬ ‫شرعي ّ ٍ‬
‫وزه اللممه لهممم‪ ،‬كممانوا‬ ‫د‪ ،‬فمتى أخممذ المسمملمون بالعهممد الممذي جم ّ‬ ‫العه َ‬
‫م‬ ‫د‪ ،‬ومعلممو ٌ‬ ‫ح العه ُ‬‫مطيعين لله ممتثلين أمره‪ ،‬وبهذا الوجه ل غيره يص ّ‬
‫ل مسلم ٍ إّنما ُيمضي عهوده على هذا‪ ،‬وعليه يجب حملها‪ ،‬ولكّنا‬ ‫نك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وجدنا عهود همؤلء على غير ممما ُذكممر‪ ،‬فممإّنهم يّتفقممون فممي عهممودهم‬
‫على شرعّية المم المتحممدة‪ ،‬وعهودهمممم كلهمما فمممرعٌ علممى دخمممولهم‬
‫ي‪ ،‬اّلمذي ل ُيبنى على‬ ‫لهذه المم المّتحدة‪ ،‬وانتمائهم لحلفها الطاغوت ّ‬
‫)‪(381‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م مممن المممم المتحمممدة الممتي‬ ‫اختيار ممن كممل متعاهممد‪ ،‬بممل همممو إلممزا ٌ‬
‫م وُتجّرم‪ ،‬وتنهممى وتأممممر‪،‬‬ ‫ة ُتحّر ُ‬ ‫اصطلحوا على إعطائها قموةً تشريعي ّ ً‬
‫مقاتلممة مممن أبممى الدخمممول فيهمما‪ ،‬والتوقيممع علممى بنودهممما‬ ‫ويحقّ لهم ُ‬
‫الكفرّية‪ ،‬ومن أهونها كفًرا اتفاقهم على عمممدم التفريممق بيممن مسمملم‬
‫دها‬ ‫ة‪ ،‬بل وعممم ّ‬ ‫وكافر‪ ،‬وعلى إنكار أممور معلوممةٍ من المدين بالضرور ِ‬
‫من الجرائم المتفق عليها بينهم‪ ،‬كالرهاب الذي ي ُممدخلون فيممه قتممال‬
‫م‬‫ي‪ ،‬وغيممره؛ فالعهممد هممذا‪ ،‬ل يعصممم د َ‬ ‫ب دينم ّ‬ ‫المسلمين للك ُّفممار لسممب ٍ‬
‫هد من الك ُّفمار‪ ،‬بمل يهمدر ورّبمك دم ممن عاهمد َ ممن المنتسمبين‬ ‫معا َ‬ ‫ال ُ‬
‫للسلم المعصومين بحرمته قبل دخول العهد‪.‬‬
‫فالعهممد يسممتند قانوني ّمما إلممى الطمماغوت‪ ،‬ويسممتمد ّ شممرعّيته مممن‬
‫الط ّمماغوت‪ ،‬وُيتحمماكم فيممه عنممد النممزاع إلممى الطمماغوت‪ ،‬فمممن يكفممر‬
‫بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى‪.‬‬
‫ما لوازم هذا العهد‪ ،‬فقد قال النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ل“‪ ،‬والتحقيممق فممي معنممى‬ ‫”كل شرط ليس في كتاب الله فهممو باطم ٌ‬
‫ف‬ ‫ط اسممتلزم بالوض مِع ممما ُيخممال ُ‬ ‫ل شممر ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫هذا الحديث والله أعلم‪ :‬أ ّ‬
‫ه التممأجير المنتهممي بالتمليممك بصممورته‬ ‫ل‪ ،‬ومنمم ُ‬‫ط باطمم ٌ‬ ‫شممرعَ شممر ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫حّرر في غير هذا الموضع‪.‬‬ ‫الموجودة كما قُّرر و ُ‬
‫سممطر فممي مل ّممة المممم‬ ‫ن فيممما تممأذن‪ ،‬وفيممما ُ‬ ‫وهذه العهممود ُ‪ ،‬تممأذ ُ‬
‫م الجممماع علممى‬ ‫المّتحدة‪ :‬بإقامة الكنائس في بلد المسلمين‪ ،‬ومعلو ٌ‬
‫ضمما‬‫ل للك ُّفممار أر ً‬ ‫تحمريم إحداِثها في بلد المسلمين‪ ،‬وتجعل فيما تجعم ُ‬
‫ة بحكممم اللممه‪،‬‬ ‫مممن أرض المسمملمين‪ ،‬كممانت قبممل دخمممولهم محكوممم ً‬
‫ضمما ل يجمممري عليهمما غيممر أحكممام بلدهمممم‪ ،‬كالمنمماطق‬ ‫تجعلهمما أر ً‬
‫ث عنهمما‬ ‫معات إسكان همؤلء المريكممان‪ ،‬والحممدي ُ‬ ‫مج ّ‬ ‫المدبلوماسّية‪ ،‬وك ُ‬
‫ل أوسعَ عند الكلم على مسألة الطائفة الممتنعة‪.‬‬ ‫يمرد ُ بتفصي ٍ‬
‫حة العهد في نفسممه‪ ،‬وقممد‬ ‫هذا فيما يتعّلق بالمقام الّول‪ :‬وهو ص ّ‬
‫دة‪ ،‬ومممن جهمة المشمّرع‪ ،‬وممن جهمة‬ ‫ل ممن جهمة المم ّ‬ ‫تمبّين أّنمه باطم ٌ‬
‫ل واحدةٍ من هذه الثلث تكفي لبطلن العهد في المقممام‬ ‫اللوازم‪ ،‬وك ّ‬
‫ف فممي إبطمماِله‪ ،‬إل ّ أن ّمما سممنتعّر ُ‬
‫ض‬ ‫الّول‪ ،‬وبطلنه في المقام الّول كا ٍ‬
‫ن تسمية المريكان القتلى فممي‬ ‫للمقامات الّثلث‪ ،‬لتتبّين رعاك الله أ ّ‬
‫تفجيرات الرياض معاهدين من أبطل الباطل‪ ،‬وأبعده عممن أن يكممون‬
‫ق‪.‬‬
‫حّقا أو شبيًها بالح ّ‬

‫)‪(382‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دعونه للمريكممان‪ ،‬عقممدته‬ ‫ن العهد الذي ي م ّ‬ ‫ما المقام الّثاني‪ :‬فإ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة المعاهممدة‬ ‫ة‪ ،‬والحكومة السعودّية ليممس لهمما أهلي ّم ٌ‬ ‫سعودي ّ ُ‬‫الحكومة ال ّ‬
‫ب قتاُلهمما‪ ،‬فكيممف‬ ‫ة مرتد ّةٌ يج م ُ‬ ‫عن المسلمين في أرضها‪ ،‬فإّنها حكوم ٌ‬
‫م غيَرها؟‬ ‫تعص ُ‬
‫ه‬‫صلت ُ ُ‬ ‫ل‪ ،‬وقد ف ّ‬ ‫دة الحكومة السعودّية حديث يطو ُ‬ ‫والحديث عن ر ّ‬
‫ه بأموٍر‪:‬‬ ‫تفصيل ً كافًيا بإذن الله في غير هذا الموضِع‪ ،‬ولجمل ُ‬
‫ت‪ ،‬فممي المحمماكم الوضممعّية‪ :‬كمحكمممة‬ ‫م الطمماغو َ‬ ‫الول‪ :‬أّنها ًتحك ّ ُ‬
‫مال‪ ،‬والمحكمة التجارية‪ ،‬والمحكمممة العلمي ّممة‪ ،‬واللجممان‬ ‫العمل والع ّ‬
‫المصرفّية وغيرها‪ ،‬كما تحتكم إلى طمماغوت المممم المتحممدة وغيممره‪،‬‬
‫م‬ ‫ح َ‬
‫كمم َ‬ ‫ت‪ ،‬أو َ‬ ‫م الطمماغو ِ‬ ‫وترضمماه‪ ،‬بممل وتتعهممد بمقاتلممة مممن رد ّ حكمم َ‬
‫ت بوجوب مقاتلته‪.‬‬ ‫الطاغو ُ‬
‫الثاني‪ :‬أّنها تتوّلى الكافرين‪ ،‬وتصّرح لهم بأعلى درجات الوليممة‪،‬‬
‫وتناصممرهم علممى المسمملمين‪ ،‬وتطيعهممم فممي أمممورهم‪ ،‬وتجعممل لهممم‬
‫الوليممة علممى المسمملمين داخممل أرضممها فممي أمممور كممثيرةٍ بالطاعممة‬
‫المطلقة لهم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أّنها تستهزئ بالله وآيمماته فممي صممحفها‪ ،‬وتحممارب الممدين‬
‫وأهله‪ ،‬وتحمي المستهزئين بالشوكة والقوانين‪.‬‬
‫ت مسممألة كفممر الحكومممة السممعودّية مممع الجممواب عممن‬ ‫وقد بسط ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫اليرادات عليها‪ ،‬والحديث عن الشروط والموانع‪ ،‬في كتا ٍ‬
‫ة‬
‫م‪ ،‬إن كممان فممي حقيقتممه خيان م ً‬ ‫ن العهد َ ولو كان من مسممل ٍ‬ ‫على أ ّ‬
‫ل‬ ‫للدين‪ ،‬وموالة للكافرين‪ ،‬ولو ُتنّزل بعممدم كفممر الحمماكم‪ ،‬فممإّنه باطم ٌ‬
‫ة‪ ،‬ل يجوز العمل به ول إقراُره‪.‬‬ ‫ومعصي ٌ‬
‫ض بمحاربممة‬ ‫ن العهمد َ ل ينتقم ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ممما المقممام الثممالث‪ :‬وهممو إثبمما ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة ما يستدّلون به له أمران‪:‬‬ ‫مسلمين في ولية أخرى؛ فغاي ُ‬
‫م‬ ‫ن فَعَل َي ْك ُم ُ‬‫دي ِ‬ ‫م ِفممي ال م ّ‬ ‫صُروك ُ ْ‬ ‫ست َن ْ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫الّول منهما‪ :‬قوله تعالى‪) :‬وَإ ِ ِ‬
‫ق(‪.‬‬ ‫ميَثا ٌ‬
‫م ِ‬ ‫صُر إ ِّل عََلى قَوْم ٍ ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م وَب َي ْن َهُ ْ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫ي صلى الله عليممه وسمملم مممن آمممن مممن قريممش‬ ‫والّثاني‪ :‬رد ّ الّنب ّ‬
‫بمقتضى صلح الحديبّية‪ ،‬واستقلل عهده وحربه عن أبي بصمميرٍ الممذي‬
‫كان ُيحارب من عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ضمحها‪،‬‬ ‫مما الّول؛ فمإّنه بمتٌر لليمة‪ ،‬وانمتزاعٌ لهما ممن بيمن مما يو ّ‬ ‫فأ ّ‬
‫من ُمموا‬ ‫نآ َ‬ ‫ن ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ص منهمما‪ ،‬وإليممك اليممة‪) :‬إ ِ ّ‬ ‫دا بممالن ّ‬ ‫وإطلق لما جاء مقي ّم ً‬
‫)‪(383‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن آوَْوا‬ ‫ذي‬ ‫لم‬‫ّ‬ ‫وا‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫لم‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫سم‬ ‫فمي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫سم‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫همدوا بمأ َموال ِهم وأ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫جا َ ُ ِ ْ َ ِ ْ َ‬ ‫جُروا وَ َ‬ ‫ها َ‬ ‫وَ َ‬
‫ما ل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫كمم ْ‬ ‫جُروا َ‬ ‫م ي َُها ِ‬ ‫مُنوا وَل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ض َوال ّ ِ‬ ‫م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬ ‫ضه ُ ْ‬‫ك ب َعْ ُ‬‫صُروا أول َئ ِ َ‬ ‫وَن َ َ‬
‫ن‬ ‫دي ِ‬
‫م فِممي ال م ّ‬ ‫صمُروك ُ ْ‬ ‫ست َن ْ َ‬
‫نا ْ‬ ‫جُروا وَإ ِ ِ‬ ‫حت ّممى ي ُهَمما ِ‬ ‫يٍء َ‬ ‫شم ْ‬ ‫ن َ‬‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن وََلي َت ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬‫مل ُممو َ‬ ‫ممما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ميث َمماقٌ َوالل ّم ُ‬ ‫م ِ‬ ‫م وَب َي ْن َهُ م ْ‬ ‫صُر إ ِّل عََلى قَوْم ٍ ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫م الن ّ ْ‬ ‫فَعَل َي ْك ُ ُ‬
‫صيٌر(‪.‬‬ ‫بَ ِ‬
‫ط واجب الّنصرة معل ًّقا بخطيئة ترك الهجرة‪ ،‬فمممن‬ ‫فجعلت سقو َ‬
‫يٍء(‪،‬‬ ‫شم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن وََلي َت ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫طت وليته للمسلمين ) َ‬ ‫جر سق َ‬ ‫لم ُيها ِ‬
‫والولية مممتى كممانت بفتممح الممواو كممان الغلممب عليهمما معنممى الّنصممرة‬
‫كسرت شممملت الّنصممرة‪ ،‬وغيرهمما‪ ،‬وقممد فمّرع اللممه علممى‬ ‫وحده‪ ،‬فإن ُ‬
‫سقوط وليتهم أّنهم إن استنصروا المؤمنين علممى قمموم ٍ بينهممم وبيممن‬
‫المؤمنين ميثاق لم ينصروا‪ ،‬وجعل أمد ذلك أن يهاجروا‪.‬‬
‫ن عهممد الكّفممار ل‬ ‫فمقتضممى السممتدلل بهممذه اليممة‪ ،‬أن ُيقممال‪ :‬إ ّ‬
‫ينتقض لو حاربوا مسمملمين مفّرطيممن فممي فريضممة الهجممرة إلممى بلد‬
‫ة بنسممخ‬ ‫ن اليممة منسمموخ ٌ‬ ‫المسمملمين‪ ،‬مقيميممن فممي دور الكفممر‪ ،‬ولك م ّ‬
‫وجوب الهجرة على كممل أحممد إلممى المدينممة‪ ،‬إذ ل هجممرة بعممد الفتممح‪،‬‬
‫وعادت واجبة على من كان في دار كفر‪ ،‬ول يستطيع إظهممار شممعائر‬
‫دينه‪ ،‬من الركان والشممعائر الظمماهرة‪ ،‬والممبراءة مممما يعبممد مممن دون‬
‫الله‪ ،‬وإعلن العداوة للكافرين‪ ،‬فل تنقطممع الهجممرة فممي هممذه الحممال‬
‫حتى تنقطع التوبة‪.‬‬
‫ممما فمي بلممد إسمملم ٍ أخمرى‪ ،‬فلمم تجمب عليممه‬ ‫ما ممن كمان مقي ً‬ ‫وأ ّ‬
‫دون‬ ‫الهجرة‪ ،‬فضل ً عن الممنوع من دخممول بلد الحرميممن‪ ،‬والممتي تع م ّ‬
‫ما‪ ،‬فكيف يسقط واجب نصرته مع حرصه على الهجممرة‬ ‫حاكمها مسل ً‬
‫والمجيء وعجزه عن ذلك‪ ،‬أو عدم وجوبها عليه أصل ً ول مطالبته بها‬
‫عا؟‬ ‫شر ً‬
‫وولية السلم أولى من كل وليمةٍ بمالحفظ والحياطمة واللمتزام‬
‫ن المسمملم‬ ‫دعون أ ّ‬ ‫بلوازمها والقيام بواجباتها‪ ،‬وأصحاب هذا القممول ي م ّ‬
‫كالدولممة الكممافرة المعاهممدة لنمما مممن كممل وجممه‪ ،‬فل يجمموز أن ننصممر‬
‫أحدهما على الخر‪.‬‬
‫ل هذا‪ ،‬وإدخال كل مسلم في أرض الله خارج‬ ‫وعلى التنّزل في ك ّ‬
‫ن الية‬ ‫هذه البلد فيمن يسقط واجب نصرتهم إذا قاتلوا معاهدين‪ ،‬فإ ّ‬
‫في الستنصار على العممدوّ ل السممتغاثة‪ ،‬والفممرق أن المسممتغيث هممو‬

‫)‪(384‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ما المستنصر فهو مممن‬ ‫من دهمه العدّو‪ ،‬أو غلبه على أرضه وبلده‪ ،‬وأ ّ‬
‫م يعجممز عممن غلبتممه‪،‬‬ ‫ما غازًيا لممه وإممما علممى السممواء‪ ،‬ثم ّ‬ ‫ُيقاتل العدوّ إ ّ‬
‫فيحتمماج إلممى مممن ينصممره‪ ،‬فالمستنصممر طممالب النصممر علممى العممدو‪،‬‬
‫والمستغيث طالب للغوث والسلمة من العدوّ الصائل‪.‬‬
‫ذ‪:‬‬‫وقد ُيطلق الّنصر‪ ،‬وُيراد به الغاثة من العدّو‪ ،‬ويقممال فيممه حينئ ٍ‬
‫نصره من عدّوه‪ ،‬ل نصممره علممى عممدّوه‪ ،‬فيكممون نصممره منممه بمعنممى‬
‫دى‬ ‫معمم ّ‬
‫أنجاه منه‪ ،‬ونصره عليه بمعنى أظهره عليه‪ ،‬والّنصر في الية ُ‬
‫ق(‪ ،‬وهممذا إن‬ ‫ميث َمما ٌ‬‫م ِ‬ ‫صُر إ ِّل عَل َممى قَموْم ٍ ب َي ْن َك ُم ْ‬
‫م وَب َي ْن َهُم ْ‬ ‫بعلى )فَعَل َي ْك ُ ُ‬
‫م الن ّ ْ‬
‫ن‬‫ما إذا تعّلقت بالستنصممار‪ ،‬فممإ ّ‬ ‫ة بالّنصر‪ ،‬أ ّ‬ ‫كانت على في الية متعّلق ً‬
‫التعدية بعلى في الستنصار تشمل المعنَيين‪ ،‬والصممل والظمماهر أّنهمما‬
‫متعّلقة بالنصر‪.‬‬
‫ة‬
‫ض كفايمم ٍ‬ ‫ن دفعه فممر ُ‬ ‫دا من بلد المسلمين‪ ،‬فإ ّ‬ ‫وإذا دخل العدو بل ً‬
‫ن على أهل البلد‪ ،‬فإن لم يقوموا به وجممب‬ ‫مة‪ ،‬وهو فرض عي ٍ‬ ‫على ال ّ‬
‫م يّتسع الواجب حّتى يأثم الكافّممة إن لممم يقممم بممه‬ ‫على من حولهم‪ ،‬ث ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫من يكفي كما هو معروف في الواجب الكفائ ّ‬
‫وقد ذهب بعض العلممماء إلممى أن اليممة منسمموخة وتجممب النصممرة‬
‫مطلق ما ً قممال الجصمماص‪ :‬ونسممخ نفممي إيجمماب النصممرة بقمموله تعممالى‬
‫}والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض{ قمموله تعممالى }والممذين‬
‫كفروا بعضهم أولياء بعض{‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إذا كان القتال دفممع فممإنه يجممب علممى المسمملمين‬
‫نصرة بعضهم البعض ول يجوز خذلن إخوانهم‪.‬‬
‫قال ابن العربي رحمه الله‪ :‬إل أن يكونوا أسممراء مستضممعفين ;‬
‫فإن الولية معهم قائمة‪ ،‬والنصرة لهم واجبممة بالبممدن بممأل يبقممى منمما‬
‫عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عممددنا يحتمممل ذلممك‪،‬‬
‫أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم‪ ،‬حتى ل يبقى لحد درهم‪ ،‬قاله‬
‫مالك وجميع العلماء‪ :‬فإنا لله وإنا إليه راجعون على ممما حممل بممالخلق‬
‫في تركهم إخوانهم في أسر العدو‪ ،‬وبأيديهم خزائن الموال وفضول‬
‫الحوال والعدة والعدد‪ ،‬والقوة والجلد‪ .‬اهم‬
‫فهل يجوز التعاهد مع عدوّ على إلغمماء شمميٍء هممو مممن الفممرائض‬
‫من‬ ‫الواجبة المتعّينة على كل واحدٍ من المسلمين؟ بل كممل عهممد تضم ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق‪ ،‬وشرط الله أوث ُ‬ ‫ل ساقط‪ ،‬وكتاب الله أح ّ‬ ‫هذا باط ٌ‬

‫)‪(385‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ة‬
‫ن هذا المتكلممم بهممذا الكلم‪ ،‬وجممد امممرأةً مسمملم ً‬ ‫وما أدري لو أ ّ‬
‫ي علممى‬ ‫ر‪ ،‬يستكرهها أمريك ّ‬ ‫على قارعة الطريق في بلدٍ من بلد الكف ِ‬
‫الّزنى‪ ،‬أيعتقد وجوب نصرها على من )بينه وبينه ميثاق( أم يمممّر‪ ،‬ول‬
‫يعنيه المر؟‬
‫فإن وجب نصرها‪ ،‬مع كونها غير سممعودي ّةِ البطاقممة‪ ،‬فهممل يجممب‬
‫نصرها لو ُأريد قتلها؟ وهممل يجممب لهمما وحممدها أم للشمميوخ والطفممال‬
‫والمستضعفين في بلد السلم؟ وهل يجب الدفاع عن أبدانهم فقط‬
‫ي الممذي يسممعى لنشممر‬ ‫أم عليه الدفاع عن أديانهم من العممدوّ الصممليب ّ‬
‫الفساد واللحاد في البلد والعباد؟‬
‫مت على غزو بلد الحرمين‪ ،‬وجّيشت الجيوش‬ ‫ن أمريكا عز َ‬ ‫ولو أ ّ‬
‫ل مك ّممة والمدينممة‪ ،‬فهممل يلممتزم الممداعي إلممى هممذا المممذهب لزم‬ ‫لتحت ّ‬
‫قوله‪ ،‬ويفتي جميع الدول السلمّية بتحريم مناصرة المسمملمين فممي‬
‫بلد الحرميممن‪ ،‬ويمنعهممم مممن الممدفاع عممن مك ّممة والمدينممة‪ ،‬ويممأمرهم‬
‫بالتزام عهدهم مع أمريكا؟‬
‫كة والمدينة بوجمموب مناصممرتها وحفممظ حرمتهمما دون‬ ‫صم ّ‬ ‫أم يخ ّ‬
‫م يمنع مناصرة المسلمين في نجد وسائر‬ ‫سائر حرمات المسلمين‪ ،‬ث ّ‬
‫الحجاز‪ ،‬ويوجب السكوت إذا احت ُّلت الّرياض‪ ،‬وسقطت الدولممة الممتي‬
‫يسمونها دولة السلم؟‬
‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم مممن‬ ‫دهممم الن ّممب ّ‬ ‫ما اسممتدللهم بمممن ر ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬فأّول ما فيه أّنه يلزمهم منه اللزم الباطل أعله‪.‬‬
‫ما استنكر الصحابة هممذا الشممرط‬ ‫والنبي صلى الله عليه وسلم ل ّ‬
‫ص بممه صمملى‬‫جا‪ ،‬فهو أمٌر خا ّ‬ ‫جا ومخر ً‬ ‫ل لهم فر ً‬ ‫ن الله جاع ٌ‬ ‫قال لهم‪ :‬إ ّ‬
‫اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬بممدليل عممموم النصمموص الموجبممة الممدفاع عممن‬
‫المسلمين المستضعفين‪.‬‬
‫جمما‪،‬‬ ‫ن اللممه جاعم ٌ‬
‫ل لممه مخر ً‬ ‫ص بمن علمنمما أ ّ‬ ‫وعلى التنّزل فهو خا ّ‬
‫ش بإعانتها على حلفاء له كانوا‬ ‫على أّنه كما رد ّ هؤلء‪ ،‬نقض عهد قري ٍ‬
‫ب لهمما مممن اليمممان؟‬ ‫خارج المدينة‪ ،‬فهل الحلف أدعى للنصرة‪ ،‬وأوج ُ‬
‫ن السمملم أقمموى‪،‬‬ ‫أم يممدخل وجمموب نصممرة المسمملم بالولوّيممة‪ ،‬فممإ ّ‬
‫ورابطته أوثق من الحلف‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪” :‬المسلم أخو المسلم‪ ،‬ل‬ ‫وقد قال الّنب ّ‬
‫وة الّثابتة لكممل‬ ‫ُ‬
‫ت الخ ّ‬ ‫ُيسلمه ول يظلمه ول يخذله“; فهو من مقتضَيا ِ‬

‫)‪(386‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مسلم‪.‬‬
‫مل‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ة للجهاد‪ ،‬فقال‪) :‬وَ َ‬ ‫والله جعل حال المستضعفين موجب ً‬
‫ن‪ ( ..‬فممي غيممر موضممع‪ ،‬وحمّرض‬ ‫ضعَِفي َ‬ ‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫ل الل ّهِ َوال ْ ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ت َُقات ُِلو َ‬
‫ن‬‫دو َ‬ ‫ة َول ي َهْت َم ُ‬‫حيل َم ً‬ ‫ن ِ‬‫طيُعو َ‬ ‫سمت َ ِ‬ ‫اللممه المممؤمنين بتممذكيرهم بمممالذين )ل ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن هَ مذِهِ ال َْقْري َمةِ الظ ّممال ِم ِ أهْل ُهَمما‬ ‫ن َرب َّنا أ َ ْ‬
‫مم ْ‬‫جَنا ِ‬
‫خرِ ْ‬ ‫ن ي َُقوُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل(‪ ،‬و)ال ّ ِ‬ ‫سِبي ً‬‫َ‬
‫صمميرا(؛ فهممو الحكممم‬ ‫ً‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫َ‬
‫ن ل مد ُن ْ َ‬ ‫مم ْ‬ ‫َ‬
‫ل لَنا ِ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ً‬
‫ك وَل ِي ّا َوا ْ‬ ‫َ‬
‫ن لد ُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ل لَنا ِ‬ ‫جع َ ْ‬‫َوا ْ‬
‫م‪ ،‬والصممل الث ّممابت‪ ،‬والفعممل يحتمممل الخصوصمّية بخلف‬ ‫المحكم العا ّ‬
‫القول‪.‬‬
‫قال ابن العربي رحمممه اللممه )أحكممام القممرآن ‪” :(4/1789‬فأممما‬
‫عقده على أن يرد من أسلم إليهم فل يجمموز لحممد بعممد النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك مممن الحكمممة‪،‬‬
‫وقضى فيه من المصلحة‪ ،‬وأظهر فيه بعد ذلممك مممن حسممن العاقبممة‪،‬‬
‫وحميد الثمر فمي السملم مما حممل الكفمار علمى الرضما بإسمقاطه‪،‬‬
‫والشفاعة في حطه“‪ .‬اهم‬
‫ر‪ ،‬وليممس فممي دخممول‬ ‫ث في قوم ٍ مستضعفين في دار كف م ٍ‬ ‫م الحدي ُ‬ ‫ث ّ‬
‫أهل الكفر بلد السمملم واحتللهممم لهمما‪ ،‬أو اعتممدائهم علممى مسمملمين‬
‫خارج حكمهم‪ ،‬بل هو في من أسلم منهم‪ ،‬ومن كان في أيديهم مممن‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ممما اعتممداؤهم علممى المسمملمين أو حلفممائهم ممممن هممو خممارج‬ ‫وأ ّ‬
‫حا‬‫ضا لعهدهم ومبي ً‬ ‫أيديهم‪ ،‬فقد جعله الّنبي صلى الله عليه وسلم ناق ً‬
‫ة‬
‫ض البكرّييممن علممى خزاع م َ‬ ‫ضُهم بع َ‬ ‫ما أعان بع ُ‬ ‫شا ل ّ‬ ‫لدمائهم‪ ،‬وغزا قري ً‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫حلَفاِء الّنب ّ‬
‫خذ بقول من يقول بعموم الحكم وعدم‬ ‫وإن ُتنّزل فيه بعد هذا‪ ،‬وأ ُ ِ‬
‫ي الفرقُ بيممن دار السمملم ودار الكفممر‪ ،‬فيجممب‬ ‫ُ‬
‫اختصاصه بالنبي وألغ َ‬
‫ن الفعل ل عممموم لممه‪ ،‬وهممذا الفعممل جمماء فممي‬ ‫دى موضعه؛ ل ّ‬ ‫أن ل يع ّ‬
‫مخالفة عمومات قولّية‪.‬‬
‫علم‬ ‫ة لهم أو دولة‪ُ ،‬‬ ‫صا‪ :‬بأفراد من المسلمين ل شوك َ‬ ‫فيكون مخت ّ‬
‫ل لهم‬ ‫ن الله جاع ٌ‬ ‫نأ ّ‬ ‫فيِهم أّنهم ل يفت َت ُِنون عن دينهم وغلب على الظ ّ ّ‬
‫جا‪ ،‬وكانوا قبل العهد في دار الكفر وبأيدي الك ُّفممار أو كممانوا مممن‬ ‫مخر ً‬
‫م أسلموا‪ ،‬فل يلحممق بهممم السممرى الممذين يحممدث‬ ‫الك ُّفار المعاهدين ث ّ‬
‫أسرهم بعد العهد‪.‬‬

‫)‪(387‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ممما‬ ‫صة‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ة‪ ،‬فقد جعله الله للّرجال خا ّ‬ ‫وعلى التنّزل مّرةً بعد مّر ٍ‬
‫ن إ ِل َممى ال ْك ُّفمماِر( فيلممز ُ‬
‫م‬ ‫جعُمموهُ ّ‬ ‫ن‪َ) :‬فل ت َْر ِ‬ ‫النسمماء فقممد أنممزل اللممه فيهم ّ‬
‫حة دللته علممى ممما يقممول‪ :‬أن يسممتثني نسمماء‬ ‫ل ب ِهِ إن رأى ص ّ‬ ‫مستد ّ‬ ‫ال ُ‬
‫دخول في هذا الحكم‪.‬‬ ‫ن من ال ّ‬ ‫ث كُ ّ‬ ‫المسلمين حي ُ‬
‫ما المقام الرابع‪ :‬إثبات أن العهد لم ينتقض بأمر وقع في هممذه‬ ‫وأ ّ‬
‫البلد نفسها‪.‬‬
‫فمما ينتقض بمه العهد‪ ،‬بعممض الممممور السممابقة الممتي ذكمممرنا فممي‬
‫ح العهمد معمه ابتممداًء‪ ،‬فاستمرارهمما اسممتمرار‬ ‫المقام الّول مما ل يص ّ‬
‫لما ينقض العهد ويبطله‪ ،‬فمنه بناؤهمم الكنائس كالكنيسة التي نالهمما‬
‫التفجير في أحمد المجمعات‪ ،‬ودور البغاء والمراقمص وحانات الخمر‪،‬‬
‫التي ل تقتصمر عليهم بمل يفتحونها لبناء المسلمين‪ ،‬وبنمماتهم‪ .‬انتهممى‬
‫كلمه‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق بالعهد‪ ،‬وأما المسألة الخرى وهممي المممان‪ ،‬فممإن‬
‫الذي ندين الله به أن المستأمن ل يجوز العتداء عليه ما لم يعتممدِ أو‬
‫يخن فإن المان يكون من الطرفين فإن خان الكممافر بممأن ظهممر لنمما‬
‫أنه جاسوس أو أنه جاء لنصرة الكفار أو نحو ذلك فإنه حينئذٍ ينتقممض‬
‫أمانه ويهدر دمه‪ ،‬وشبهة المان كالمان في الحكم‪.‬‬
‫وفي هذا يقممول الشمميخ الفاضممل عبممد العزيممز العنممزي فممك اللممه‬
‫مممة ‪ -‬عممدا جزيممرة العممرب ‪ ،-‬ل‬ ‫أسره‪”:‬دخول الكافر لبلد السلم عا ّ‬
‫يخرج عن الحوال التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المممان‬
‫وله صورتان‪:‬‬
‫الصورة الولممى‪ :‬أن يسممتجير المشممرك حت ّممى يسمممع كلم اللممه‪،‬‬
‫ب‬ ‫فيجب وجوًبا أن ُيجار ويعطى المان حت ّممى يسمممع كلم اللممه‪ ،‬ويج م ُ‬
‫إبلغه مأمنه‪.‬‬
‫صورة واجبة على المسلمين‪ ،‬متى استجار الكممافر لهممذا‬ ‫وهذه ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫كل َ‬ ‫مع َ َ‬
‫سم َ‬
‫حت ّممى ي َ ْ‬
‫جْرهُ َ‬ ‫ك فَأ ِ‬‫جاَر َ‬ ‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫الغرض )وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الل ّه ث ُ َ‬
‫ن(‪.‬‬‫مو َ‬‫م ل ي َعْل َ ُ‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫ه ذ َل ِ َ‬‫من َ ُ‬
‫مأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م أب ْل ِغْ ُ‬ ‫ِ ّ‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يطلب المان‪ ،‬ليدخل بلد المسلمين‪ ،‬لمممروٍر‬
‫ض يقضيه‪ ،‬فيدخل حتى تتم حاجته‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬أو غر ٍ‬ ‫أو تجار ٍ‬
‫وهذه الصورة‪ ،‬مممأذون فيهمما للمسمملمين‪ ،‬يختممار فيهمما ولممي المممر‬

‫)‪(388‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل كممدخولهم‪ ،‬أو يحتمماجهم‬ ‫المصلحة‪ ،‬كأن يأذنوا للمسلمين فممي دخممو ٍ‬
‫ل يحسنونه‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫المسلمون في عم ٍ‬
‫ب ‪ -‬العهد‬
‫فإن كان من عهمدٍ بيممن المسمملمين والكفممار‪ ،‬أن يممدخل واحممدهم‬
‫لكذا وكذا‪ ،‬فإّنه يجوز فيما يجوز فيممه المممان السممابق‪ ،‬وإنممما يختلممف‬
‫عنه في أن المعاهد ل يحتاج إلممى أمممان بخصوصممه‪ ،‬بممل يكفيممه عهممد‬
‫قومه‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الذ ّ ّ‬
‫مة‬
‫ويكون هذا لهل البلد التي يفتحها المسلمون‪ ،‬بأن ُيعطوا الجزية‬
‫عن يد وهم صاغرون‪ ،‬ويدخلوا تحت حكم السلم فيهم‪.‬‬
‫د ‪ -‬العُد َْوان‬
‫ق‪ ،‬فلممه‬ ‫فإن دخل الكممافر بلد المسمملمين‪ ،‬بغيممر شمميٍء مممما سممب َ‬
‫ن‪:‬‬‫حال ِ‬
‫ه‪.‬‬
‫ح ُ‬‫‪ -‬أن يدخل الواحد المقدور عليه منهم‪ :‬فهذا مهدور الدم مبا ُ‬
‫ة علممى بلد‬ ‫ة‪ ،‬فهممي معتدي َم ٌ‬ ‫ة منهممم لهمما شمموك ٌ‬ ‫‪ -‬أن تممدخل طائف م ٌ‬
‫المسلمين يجب أن ُتقاتل وتدفع‪ ،‬وكذا دخول الواحممد منهممم إذا كممان‬
‫بشوكةِ قومه ومنعتهم‪.‬‬
‫ومن القسم الخير‪ ،‬القواعد الصليبية القائمة في جزيرة العممرب‪،‬‬
‫ملّبسممين أن ي ُممبّين‪،‬‬ ‫وأمرها أبين مممن أن يخفممى‪ ،‬لممول اقتضمماء ُ‬
‫شمب َهِ ال ُ‬
‫فُيقال‪:‬‬
‫ل‪ :‬إّنهم دخلوا بقوةٍ معهم‪ ،‬وعتاٍد‪ ،‬وليس هذا شأن مممن يممدخل‬ ‫أو ً‬
‫مة‪ ،‬خاضًعا لحكم المسلمين‪.‬‬ ‫بأمان‪ ،‬أو عهد‪ ،‬أو ذ ّ‬
‫وة التي دخلوا بها‪ ،‬فوقَ ما لدى المسلمين‪ ،‬لدفعها‪،‬‬ ‫ن الق ّ‬
‫وثانًيا‪ :‬إ ّ‬
‫مممن هممذا شممأنه ُيعط َممى‬ ‫فالقوة لهم‪ ،‬والظهور والغلبة لقمموتهم‪ ،‬فهممل َ‬
‫طي المان؟!‬ ‫من ُيع ِ‬ ‫أماًنا‪ ،‬أم هو َ‬
‫وثالًثا‪ :‬إّنهم دخلوا غير خاضممعين لحكممم مسمملم ٍ عليهممم‪ ،‬بممل هممم‬
‫مستقلون كل الستقلل بأمرهم‪.‬‬
‫ورابًعا‪ :‬إّنهم يعلنون وُيظهرون‪ ،‬أن دخولهم ليس بممإذن مممن البلممد‬
‫التي دخلوها‪ ،‬بل بحكم الشممرعية الدوليممة‪ ،‬والشممرعية الدوليممة فمموق‬
‫ة‬
‫سمَياد َ ِ‬‫ضممي بنممزِع ال ّ‬ ‫ل ممما تق ِ‬ ‫كونها طاغوًتا يجب الكفر بممه‪ ،‬تقضممي أو َ‬
‫ما عليهم‪.‬‬‫ل حاك ً‬ ‫المستقّلة للمسلمين‪ ،‬وت َد ْ ُ‬
‫خ ُ‬
‫)‪(389‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سا‪ :‬إّنهم يستعملون هذه القوة فمي تحصميل مصممالح لهممم‪،‬‬ ‫وخام ً‬
‫وإلزام البلد التي دخلوها بأشياء تضّره‪ ،‬وبأمور هي من الكفممر الممذي‬
‫يدعو إليه النظام العالمي الجديد‪ ،‬ومن كمان هممذا شمأنه‪ ،‬فهممو غممالب‬
‫متحكم مسيطر‪ ،‬وما أدري ما الحتلل إن لم يكن هذا منه؟!‬
‫مقاتلون للمسلمين‪ ،‬محاربون لهممم فممي كممل بلممد‬ ‫سا‪ :‬إّنهم ُ‬ ‫وساد ً‬
‫دا وأمان ًمما‪ ،‬فممإّنه ينتقممض بممما‬ ‫مممن بلد اللممه‪ ،‬فلممو فممرض أن لهممم عه م ً‬
‫يفعلون‪ ،‬فيرتفع حكم العهد والمان عنهم‪.‬‬
‫وسممابًعا‪ :‬إن عيممن القمموة الممتي جعلوهمما فممي الجزيممرة‪ُ ،‬تحممارب‬
‫ش ُتحارب الله ورسمموله‪،‬‬ ‫ج منها أو تعتمد ُ عليها جيو ٌ‬ ‫المسلمين‪ ،‬وتخر ُ‬
‫جًبا لقتالهم‪ ،‬فإن حربهم المسلمين‬ ‫فلو لم يكن قتاُلهم المسلمين مو ِ‬
‫س ِقتمماِلهم‬ ‫ف نف م ُ‬ ‫ف فيممما قلنمماه‪ ،‬ولممو لممم يك م ِ‬ ‫مممن بلممد السمملم‪ ،‬كمما ٍ‬
‫للمسلمين في مسألتنا‪ ،‬لكان اّتخاذهم بلد المسلمين قواعد للحممرب‬
‫كافًيا‪ .‬انتهى كلمه‬
‫وبهذا تعلم أن المان المزعوم لهؤلء المحتليممن غيممر صممحيح لممما‬
‫ذكره الشيخ من المور المناقضة لدخولهم بأمان‪.‬‬
‫م يذكر الشيخ بعض التساؤلت واليرادات في المسألة ويجيممب‬ ‫ث ّ‬
‫عنها فيقول‪:‬‬
‫ن وقوع ممما ينقممض العهممد مممن المريكممان‬ ‫ل منهم‪ :‬إ ّ‬ ‫ل قائ ٌ‬
‫وقد يقو ُ‬
‫ظاهٌر ل نزاع فيه‪ ،‬ولكن ليس لغير المام نقض العهد‪.‬‬
‫فالجواب‪:‬‬
‫ي مرتد ّ عن دينه‪ ،‬مارقٌ من المّلة‪ ،‬قد نكث‬ ‫ن الحاكم المعن ّ‬ ‫أو ً‬
‫ل‪ :‬أ ّ‬
‫عهد الله الذي عهده إليه‪ ،‬فكيف ُتعّلق به عهود هممؤلء فل تنتقممض إل‬
‫بنقضه؟‬
‫ن لدينه‪،‬‬ ‫ن الحاكم الذي إليه الشارة خائ ٌ‬ ‫ثانًيا‪ :‬أّنهم يعلمون يقيًنا أ ّ‬
‫ل لهؤلء الكافرين‪ ،‬يستحيل أن ينقض عهممودهم حت ّممى ُينممازع فممي‬ ‫متو ّ‬
‫ه ‪ -‬وإن ت ُن ُمّزل‬‫دين فأهون ممما يبممذُله‪ ،‬ومثل ُم ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫شيٍء من أمر ملكه‪ ،‬أ ّ‬
‫بعدم كفره ‪ -‬لو كان في يده شيٌء من أموال المسمملمين ممما اؤتمممن‬
‫عليها‪ ،‬فكيف بمعاهدة قوم ٍ يحاربون الله ورسوله في كل أرض؟‬
‫ن عهود الكّفمار إذا فعلموا مما ينقضمها تنتقمض بنفسمها ول‬ ‫ثالًثا‪ :‬أ ّ‬
‫صحيح من قولي أهل العلم‪ ،‬وهو الممذي‬ ‫تفتقر إلى نقض إمام‪ ،‬على ال ّ‬
‫صريحة‪.‬‬ ‫ل عليه الّنصوص ال ّ‬ ‫تد ّ‬

‫)‪(390‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابن القّيم‪” :‬وعقد الذمة ليس هو حّقا للمام بل هو حقّ لله‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن فإذا خال َُفوا شمميًئا مممما شممرط عليهممم‪ ،‬فقممد قي م َ‬ ‫مة المسِلمي َ‬ ‫ولعا ّ‬
‫جممه‬ ‫حَقه بمأمنه ويخر َ‬ ‫ه أن ُيل ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫خ العَْقد وفس ُ‬ ‫س َ‬ ‫ب على المام ِ أن يف َ‬ ‫يج ُ‬
‫ب‬ ‫مخالفممة بممل يجم ُ‬ ‫سممخ بمجمّرد ال ُ‬ ‫سلم ِ ظّنا أن العقد ل ينف ِ‬ ‫دار ال ْ‬ ‫من َ‬
‫ط إذا كممانت حّقمما للممه ل للعاقممد‬ ‫شممرو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ف؛ ل ّ‬ ‫فسممخه‪ ،‬وهممذا ضممعي ٌ‬
‫مممة‬ ‫ط على أهممل الذ ّ ّ‬ ‫شرو ُ‬ ‫خ‪ .‬وهذه ال ّ‬ ‫انفس َ‬
‫خ العقد ُ بفواته من غيرِ فس ٍ‬
‫كنهُممم‬ ‫ة ويم ّ‬ ‫جزيم َ‬ ‫خذ منهممم ال ِ‬ ‫ن ول لغيرِهِ أن يأ ُ‬ ‫سلطا ِ‬ ‫حقّ لله ل يجوز لل ّ‬
‫ص‬ ‫جب عليه قتاُلهم بنمم ّ‬ ‫موها وإل ّ وَ َ‬ ‫مقام ِبدار السلم إل ّ إذا الت ََز ُ‬ ‫من ال ُ‬
‫مة )‪.(3/1355‬‬ ‫القرآن “ أحكام أهل الذ ّ ّ‬
‫ن‬ ‫كممو ُ‬ ‫ف يَ ُ‬ ‫ة فممي هممذا‪ ،‬قممال تعممالى‪) :‬ك َْيمم َ‬ ‫وأدّلممة القممرآن صممريح ٌ‬
‫جدِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عن ْد َ ال ْ َ‬‫م ِ‬ ‫عاهَد ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫سول ِهِ إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫عن ْد َ َر ُ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ وَ ِ‬ ‫ن عَهْد ٌ ِ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫م(‪ .‬فممأنكر اللممه عهممود‬ ‫موا ل َُهمم ْ‬ ‫م َفا ْ‬
‫س مت َِقي ُ‬ ‫موا ل َك ُم ْ‬ ‫س مت ََقا ُ‬ ‫ممما ا ْ‬ ‫ح مَرام ِ فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫كي َ‬ ‫شممرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ممم َ‬ ‫م ِ‬ ‫عاهَد ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫المشركين‪ ،‬إل ّ ما استثنى‪ ،‬وقال‪) :‬إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫َ‬ ‫ظاهروا عَل َيك ُ َ‬
‫م‬ ‫م عَْهممد َهُ ْ‬ ‫موا إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫حدا ً فَأت ِ ّ‬ ‫مأ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫م يُ َ ِ ُ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صوك ُ ْ‬ ‫م ي َن ُْق ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن( فاسممتثنى اللممه مممن الممبراءة مممن‬ ‫مت ِّقيم َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حم ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مد ّت ِهِ ْ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫دا‪،‬‬ ‫العهود من لم ينقصوا المسمملمين شمميًئا ولممم ُيظمماهروا عليهممم أحم ً‬
‫ن‬ ‫ض عهممده‪ ،‬وقممال )وَإ ِ ْ‬ ‫دا منتق م ٌ‬ ‫ن من نقص شيًئا أو ظمماهَر أح م ً‬ ‫فعلم أ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة ال ْك ُْفمم ِ‬
‫ر‬ ‫ممم َ‬‫م فََقات ُِلوا أئ ِ ّ‬ ‫م وَط َعَُنوا ِفي ِدين ِك ُ ْ‬ ‫ن ب َعْدِ عَهْدِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫ن َك َُثوا أي ْ َ‬
‫َ‬
‫ن( فحكم الله في أمثممال هممؤلء بممأن ل‬ ‫م ي َن ْت َُهو َ‬ ‫م ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م ل أي ْ َ‬ ‫إ ِن ّهُ ْ‬
‫أيمان لهم‪ ،‬وأمممر بقتممالهم‪ ،‬والحكممم باسممتمرار عهممدهم ينممافي المممر‬
‫بقتالهم‪.‬‬
‫وبعض الناس يفرق بين المريكان وبين حكومتهم في الحكم‪ ،‬أو‬
‫دعي أن دماء الكفار معصومة في الصممل‪ ،‬أو أن بعممض المريكييممن‬ ‫ي ّ‬
‫معارضين لسياسة حكومتهم‪.‬‬
‫والرد عليهم من وجوه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬أّنهم فّرقوا بين المريكان وحكممومتهم فممي الحكممم‪،‬‬
‫جهوا بأّنهم قد ل يؤّيممدون‬ ‫ن العهد لدولهم‪ ،‬وو ّ‬ ‫موهم معاهدين مع أ ّ‬ ‫وس ّ‬
‫ث جعلمموهم تممابعين لهمما حيممن أرادوا‬ ‫ط حي م ُ‬ ‫تصّرفات دولتهم‪ ،‬وهذا خل ٌ‬
‫إلحاقهم بعهدها‪ ،‬وأخرجوهم عن التبعّية لها حين أرادوا التفريق بينهم‬
‫وبين دولهم في انتقاض العهد نفسه‪.‬‬
‫قال ابن القيم ‪-‬رحمه الله تعالى‪ -‬في ذكممر فمموائد هممذه الغممزوة‪:‬‬
‫”وفيها انتقمماض عهممد جميعهممم بممذلك‪ ،‬ردئهممم ومباشممريهم إذا رضمموا‬
‫)‪(391‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بذلك‪ ،‬وأقّروا عليممه ولممم ينكممروه‪ ،‬فممإن الممذين أعممانوا بنممي بكممر مممن‬
‫قريش بعضهم‪ ،‬لم يقاتلوا كلهم معهم‪ ،‬ومع هذا فغزاهم رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم كلهم‪ ،‬وهذا كما أنهم دخلمموا فممي عقممد الصمملح‬
‫ل واحدٍ منهم بصلح‪ ،‬إذ قد رضموا بمه وأقمروا عليمه‪،‬‬ ‫تبعًا‪ ،‬ولم ينفرد ك ّ‬
‫فكذلك حكم نقضهم للعهد‪ ،‬هذا هدي رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫ن هذا الحكم ِ علممى‬ ‫وسلم الذي ل شك فيه كما ترى‪ ،‬وطرد ُ هذا جريا ُ‬
‫ناقضي العهد من أهل الذمة إذا رضي جماعتهم بممه‪ ،‬وإن لممم يباشممر‬
‫كل واحد منهم ما ينقض عهده‪ ،‬كما أجلى عمر يهممود خيممبر لممما عممدا‬
‫بعضهم على ابنه‪ ،‬ورممموه ممن ظهمر دار ففمدعوا يممده‪ ،‬بممل قممد قتمل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم جميممع مقاتلممة بنممي قريظممة‪ ،‬ولممم‬
‫يسأل عن كل رجل منهم هل نقض العهممد أم ل؟ وكممذلك أجلممى بنممي‬
‫م بالقتممل رجلن‪ ،‬وكممذلك فعممل ببنممي‬ ‫النضير كلهم‪ ،‬وإنما كان الذي ه ّ‬
‫قينقاع حتى استوهبهم منه عبد اللممه بممن أبممي‪ ،‬فهممذه سمميرته وهممديه‬
‫الذي ل شك فيه‪ ،‬وقد أجمع المسمملمون علممى أن حكممم الممردء حكممم‬
‫المباشر في الجهاد“‪ .‬اهم من زاد المعاد ‪.421 -3/420‬‬
‫ن دماء الكّفممار هنمما‬ ‫هموا أ ّ‬‫الوجه الّثاني‪ :‬أّنهم ظّنوا وأوهموا أو تو ّ‬
‫ة في الصل‪ ،‬فأرادوا بنفي تبعّيتهممم لممدولهم أن يبقوهمما علممى‬ ‫معصوم ٌ‬
‫م من عهد أو‬ ‫ن دماء الكّفار مهدورةٌ حتى يعصمها عاص ٌ‬ ‫العصمة‪ ،‬مع أ ّ‬
‫ي ونحوهم‪.‬‬ ‫خ الفان َ‬‫ي والشي َ‬ ‫ن‪ ،‬إل المرأة والصب ّ‬ ‫مة أو أما ٍ‬‫ذ ّ‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أّنهم عّلقوا تحريممم قتممل هممؤلء بممأّنهم قممد يكونممون‬
‫معارضممين لسياسممة دولهممم‪ ،‬ومعنممى هممذا اشممتراط معرفممة كممونهم‬
‫موافقين سياسة دولهم في مقاتلة كل قوم ٍ من الك ُّفار كمماليهود فممي‬
‫م فيهممم‪ ،‬بممل فيهممم يقين ًمما مممن هممم‬ ‫ن الحتمال قائ ٌ‬ ‫إسرائيل وغيرهم ل ّ‬
‫س مّنة‬
‫ط مممما ُيعلممم مممن ال ّ‬ ‫شممر ُ‬ ‫معارضممون لسياسممة دولهممم‪ ،‬وهممذا ال ّ‬
‫ي صلى الله عليممه وسمملم ومممن بعممده مممن‬ ‫ن الّنب ّ‬‫والسيرة اضطراًرا أ ّ‬
‫ن وأهل السلم علممى اختلف الطمموائف لممم يكونمموا‬ ‫الصحابة والتابعي َ‬
‫شممرط ل يجمموز بممدء القتممال‬ ‫ن ال ّ‬‫يستبينونه‪ ،‬ول يستفصلون عنه‪ ،‬مع أ ّ‬
‫قبل التحقق من وجوده‪.‬‬
‫ل بممذلك‬ ‫ه ل يحم ّ‬ ‫د‪ ،‬فممإن دمم ُ‬ ‫دم‪ :‬ليس له عه ٌ‬ ‫ل من قلنا فيما تق ّ‬ ‫وك ّ‬
‫ل‪ ،‬وعلممى‬ ‫د‪ ،‬وكذا من أعطي أمان ًمما بمماط ً‬ ‫ة عه ٍ‬ ‫دا‪ ،‬بل يبقى له شبه ُ‬ ‫مجّر ً‬
‫ه‪ ،‬ول‬ ‫من يريد مقاتلتهم إنذارهم‪ ،‬وشممبهة العهممد تممزول بالنممذار وحممد ُ‬
‫م‪ ،‬بل من يجوز له أن يجاهدهم‪ ،‬يجب عليممه‬ ‫يشترط أن يكون من إما ٍ‬
‫)‪(392‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قبل جهادهم أن ُينذرهم‪.‬‬
‫دا‬
‫هم لممه عه م ً‬ ‫ل ذلممك مممن تممو ّ‬ ‫ب أن ُينذُروا‪ :‬فمح ّ‬ ‫ل من قلنا يج ُ‬ ‫وك ّ‬
‫ح‪ ،‬أو‬ ‫ما مممن لممه عه مد ٌ صممحي ٌ‬ ‫حة العهد‪ ،‬أ ّ‬ ‫ه‪ ،‬وأردنا قتاله لعدم ص ّ‬ ‫م ُ‬
‫والتز َ‬
‫ي صملى اللمه عليممه‬ ‫ه؛ فقممد قاتممل الن ّممب ّ‬ ‫ث منم ُ‬‫م كان النكم ُ‬ ‫د‪ ،‬ث ّ‬‫ة عه ٍ‬ ‫ُ‬
‫شبه ُ‬
‫صا فممي فتممح مك ّممة أن ل‬ ‫صورة بل إنذارٍ بل كان حري ً‬ ‫وسّلم في هذه ال ّ‬
‫يعلموا بقدومه‪.‬‬
‫صممة جممواز‬ ‫وذكر ابن القيم في فوائد فتح مكممة‪” :‬وفممي هممذه الق ّ‬
‫مباغتممة المعاهممدين إذا نقضمموا العهممد والغممارة عليهممم‪ ،‬وأل يعلمهممم‬
‫ما ما داموا قممائمين بالوفمماء بالعهممد فل يجمموز ذلممك‬ ‫بمسيره إليهم‪ ،‬وأ ّ‬
‫حّتى ينبذ إليهم على سواء“‪ ،‬ومن ليس له عهد صحيح بل غاية ما له‬
‫شبهة عهد ٍ ثم فعل ما ينقض العهد َ أولى بهذا الحكم‪.‬‬
‫ن‬
‫ن المجاهممدين أنممذروا ‪ -‬وليممس واجب ًمما عليهممم النممذار ل ّ‬ ‫علممى أ ّ‬
‫ة‪،‬‬‫الكفار قد نقضوا العهد لو تنزلنا وقلنا بوجوده وصحته‪ -‬مراًرا كممثير ً‬
‫وأعلنوا في وسائل العلم التي يستطيعونها جميًعا‪ ،‬وبلممغ الصممليبيين‬
‫ل على هذا مممن اّتخمماذ‬ ‫من المريكان وإخوانهم النذاُر يقيًنا‪ ،‬وليس أد ّ‬
‫الصممليبّيين السمموار الحصممينة الممتي ل تجممد أمثالهمما إل ّ علممى القواعممد‬
‫ل عملي ّةٍ إنذاٌر لما بعدها‪.‬‬ ‫نك ّ‬ ‫العسكرّية‪ ،‬بل إ ّ‬
‫وبقي التنبيه إلى قولهم‪ :‬أنه ل يلزم من جواز القتل ابتداًء جوازه‬
‫بالفعل في زمن أو مكان معين ا‪ .‬هم‬
‫ن معنى جواز القتل والقتال جواز ابتدائه‬ ‫ن الصل أ ّ‬ ‫وُيقال فيه‪ :‬إ ّ‬
‫ن الكلم في جهاد الدفع‪،‬‬ ‫ن حتى يؤتى بالستثناء‪ ،‬فإ ّ‬ ‫في كل بلدٍ ومكا ٍ‬
‫ب‪ ،‬والكلم فممي ابتممداء الجهمماد مممن‬ ‫غيممر الكلم فممي جهمماد الطلمم ِ‬
‫ب ُفرضممت علممى المسمملمين وأجممبروا‬ ‫المسلمين‪ ،‬غير الكلم في حر ٍ‬
‫على دخولها‪ ،‬والكلم على إنشاء حرب لعممدّو‪ ،‬غيممر الكلم علممى فتممح‬
‫جبهةٍ من جبهات الجهاد معه‪.‬‬
‫وهذه الحرب قد فرضت على المممة بمداهمممة الكفممار وصمميالهم‬
‫على عدد من ديار المسلمين‪ ،‬ولبد ّ مممن خوضممها معهممم لنهمما حممرب‬
‫شاملة المقصود منها احتلل جميع أراضي المسلمين‪ ،‬وترك جهادهم‬
‫يمهد لهم الطريق إلى مخططهم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمممه اللممه‪ :‬وقتممال الممدفع مثممل أن‬
‫يكون العدو كثيرا ل طاقة للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عممن‬

‫)‪(393‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قممد صممرح‬
‫أصحابنا بأنه يجب أن يبممذلوا مهجهممم ومهممج مممن يخمماف عليهممم فممي‬
‫الدفع حتى يسمملموا ونظيرهمما أن يهجممم العممدو علممى بلد المسمملمين‬
‫وتكون المقاتلة أقل من النصف فإن انصرفوا استولوا علممى الحريممم‬
‫فهذا وأمثاله قتال دفع ل قتال طلممب ل يجمموز النصممراف فيممه بحممال‬
‫ووقعة أحد من هذا الباب‪ .‬اهم‬
‫وقال بن القيم رحمه اللمه فمي كتماب الفروسمية‪ :‬فقتمال المدفع‬
‫أوسع من قتال الطلب وأعم وجوبا ولهذا يتعين علممى كممل أحممد يقممم‬
‫ويجاهد فيه العبد بممإذن سمميده وبممدون إذنممه والولممد بممدون إذن أبممويه‬
‫والغريم بغير إذن غريمه وهذا كجهاد المسمملمين يمموم أحممد والخنممدق‬
‫ول يشممترط فممي هممذا النمموع مممن الجهمماد أن يكممون العممدو ضممعفي‬
‫المسلمين فما دون فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين‬
‫فكان الجهمماد واجبمما عليهممم لنممه حينئذ جهمماد ضممرورة ودفممع ل جهمماد‬
‫اختيار ولهذا تباح فيه صلة الخوف بحسب الحال‪ .‬اهم‬
‫ل الّنزاع‪ ،‬وجواز ابتممداء الصممليبّيين‬ ‫ما الحديث عن المسألة مح ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صور الجائزة أم ل‪ ،‬فتقريره‬ ‫بالقتال في بلد الحرمين‪ ،‬وهل هو من ال ّ‬
‫على مرتبتين‪:‬‬
‫المرتبة الولى‪ :‬وجود موجب القتال‪.‬‬
‫خ اْل َ ْ‬
‫شمهُُر‬ ‫سمل َ َ‬ ‫فمن أّول موجبمات القتممال‪ ،‬قمموله تعممالى‪) :‬فَمإ ِ َ‬
‫ذا ان ْ َ‬
‫ة فممي‬ ‫ممم ٌ‬
‫ة عا ّ‬ ‫م(‪ ،‬واليمم ُ‬ ‫موهُ ْ‬
‫جممد ْت ُ ُ‬
‫ث وَ َ‬‫حْيمم ُ‬‫ن َ‬‫كي َ‬ ‫م ْ‬
‫شممرِ ِ‬ ‫م َفمماقْت ُُلوا ال ْ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫حممُر ُ‬
‫صممت علممى العممموم فممي البلِد‪ ،‬وقممد ُوجممدوا فممي‬ ‫المشممركين‪ ،‬كممما ن ّ‬
‫الجزيرة‪.‬‬
‫ن وجممودهم فممي بلد السمملم‬ ‫دم مممن أ ّ‬ ‫ومما يوجب القتال‪ ،‬ما تق ّ‬
‫ل‪ ،‬يجب مقماومُته‪ ،‬فضمل ً عمن جرائمهمم فمي حم ّ‬
‫ق‬ ‫ن واحتل ٌ‬ ‫هذه عدوا ٌ‬
‫ل بلد‪.‬‬ ‫السلم وسيفهم المصلت على المسلمين في ك ّ‬
‫المرتبة الثانية‪ :‬انتفاء مممانع القتممال مممن عهممد أو أمممان‪ ،‬فقتممالهم‬
‫مشروع إذ هو الصل ول يوجد مممانع شممرعي مممن قتممالهم ل عهممد ول‬
‫أمان‪ .‬اهم‬
‫وبقيت مسألة المصالح والمفاسد في قتال الصليبيين في جزيرة‬
‫العرب‪ ،‬أورد فيها ما كتبه الشيخ الفاضل عبد العزيز العنزي فك الله‬
‫أسره‪ ،‬وقممد ذكممر فممي البدايممة قواعممد نافعممة فيممما يتعلممق بالمفاسممد‬

‫)‪(394‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والمصالح فقال‪:‬‬
‫من القواعد في المفاسد والمصالح‪:‬‬
‫ص‬ ‫ل )مممن نم ّ‬ ‫ن المفسدة التي ثبت الحكم مع وجودها بدلي ٍ‬ ‫أول ً‪ :‬أ ّ‬
‫س( غير معتبرة‪.‬‬ ‫أو تقريرٍ أو إجماع أو قيا ٍ‬
‫ن المفسدة التي ُتلِغي الحكم‪ ،‬هي الخارجة عممن المعتمماد‬ ‫ثانمًيا‪ :‬أ ّ‬
‫في مثِله‪ ،‬الزائدة عن المفسدة اللزمة لصله‪.‬‬
‫ن المفسدة التي ُيفضي اعتبارها إلى تعطيل شعيرةٍ مممن‬ ‫ثالمًثا‪ :‬أ ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫شعائر الدين لغي ٌ‬
‫ن الضرر الخاص ُيحتمل لدفع الضرر العام‪.‬‬ ‫رابمًعا‪ :‬أ ّ‬
‫ن الّناظر في المصالح والمفاسد في أمر يكون نظممره‬ ‫سا‪ :‬أ ّ‬ ‫خام ً‬
‫فيه لكل من يناله هذا المر من المسلمين‪.‬‬
‫شممرك أعظممم المفاسممد‬ ‫دين ووقمموع ال ّ‬ ‫ن ترك أصول ال ّ‬ ‫سا‪ :‬أ ّ‬ ‫ساد ً‬
‫على الطلق‪.‬‬
‫ي‬
‫شممرع ّ‬ ‫ر‪ ،‬يكون لهل العلممم ال ّ‬ ‫ن تقدير المفسدة في أم ٍ‬ ‫سابًعا‪ :‬أ ّ‬
‫والمعرفة الدنيوّية به‪.‬‬
‫ن اجتهاد المير في تقدير المصالح والمفاسد ما لم يكن‬ ‫ثاممًنا‪ :‬أ ّ‬
‫م على غيره‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬مقد ّ ٌ‬ ‫مفسدةً محض ً‬
‫ن الّناظر في المصالح والمفاسد ُيحاسب على ما كانت‬ ‫تاسًعا‪ :‬أ ّ‬
‫ر‪ ،‬إذ ل‬ ‫س المم ِ‬ ‫أماراته ظاهرةً وقت نظره‪ ،‬ل علممى ممما وقممع فممي نفم ِ‬
‫در الّنبي صلى الله عليه وسلم أممموًرا مممن‬ ‫ب إل ّ الله‪ ،‬وقد ق ّ‬ ‫يعلم الغي َ‬
‫ن‬ ‫أمر الجهاد وكذا من بعده من المجاهدين‪ ،‬فوقعت على غير ممما ظم ّ‬
‫در‪.‬‬
‫وق ّ‬
‫ونأتي إلى شرح مبسط لتلك القواعد فنقول‪:‬‬
‫ص‬‫ل )مممن نم ّ‬ ‫ن المفسدة التي ثبت الحكم مع وجودها بممدلي ٍ‬ ‫أول ً‪ :‬أ ّ‬
‫س( غير معتبرة‪.‬‬ ‫أو تقريرٍ أو إجماع أو قيا ٍ‬
‫ما القاعدةُ الولى‪ :‬فُتخرج إيراد َ من ُيورد وجممود مفسممدةٍ فممي‬ ‫فأ ّ‬
‫ي‬ ‫ن هذه المفسدة بعينها كانت موجودةً زمممن الن ّممب ّ‬ ‫الجهاد مع العلم بأ ّ‬
‫طاقممات الدعوي ّممة‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كممإيراد مممن ي ُممورِد ُ ذهمماب ال ّ‬
‫ي‬ ‫ونحوه ويقول‪ :‬لو كانوا عندنا ممما ممماتوا وممما قتلمموا‪ ،‬وقممد كممان الن ّممب ّ‬
‫ق‪ ،‬وكممذا‬ ‫ل أح مدٍ دون تفري م ٍ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ُيخرج في الجهاد ك م ّ‬
‫جة‬ ‫ح ّ‬
‫ت من الُقّراء‪ ،‬وهذه ال ُ‬ ‫صحابة حّتى ُقتل في حرب مسيلمة مئا ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪(395‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ة بوجود المفسدة المذكورة زمن الّنبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬ ‫باطل ٌ‬
‫ص علممى بطلنهمما‪ ،‬والممرد عليهمما فممي‬ ‫طل الحكم لها‪ ،‬وبممالن ّ ّ‬ ‫دون أن ُيع ّ‬
‫اليات‪” :‬قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت“‪” ،‬قل لو كنتم في بيوتكم‬
‫ل إلى مضاجعهم(‪.‬‬ ‫لبرز الذين كتب عليهم القت ُ‬
‫رج إيراد َ من ُيورد جّر العدوّ إلممى بلد المسمملمين‪ ،‬لوجممود‬ ‫كما ُتخ ِ‬
‫شمما بالقتممال‪،‬‬ ‫ي صلى اللممه عليممه وسملم‪ ،‬حيممن بممادأ قري ً‬ ‫ذلك زمن الّنب ّ‬
‫د‪ ،‬والحزاب‪.‬‬ ‫وجاؤوا للمدينة في غزوة بدٍر‪ ،‬وأح ٍ‬
‫ر‬
‫ن أبمما بك م ٍ‬ ‫ن‪ ،‬وزعزعة البلد‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ضا‪ :‬من ُيورد ذهاب الم ِ‬ ‫رج أي ً‬ ‫وُتخ ِ‬
‫ديق أخرج الجيوش‪ ،‬وقال‪ :‬واللممه لممو جمّرت الكلب أرجممل أزواج‬ ‫ص ّ‬‫ال ّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ما تركت إخممراج الجيمموش‪ ،‬أو كممما قممال‬
‫ص‪،‬‬‫ما بإخراج جيممش أسممامة بممالن ّ ّ‬ ‫رضي الله عنه‪ ،‬مع أّنه إن كان ملز ً‬
‫ن بعض العممراب حممول‬ ‫دين ليسوا كذلك‪ ،‬مع علمه بأ ّ‬ ‫ن قتال المرت ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫المدينةِ كانوا يترّبصون‪.‬‬
‫ن المفسدة التي ُتلِغي الحكم‪ ،‬هي الخارجممة عممن المعتمماد‬ ‫ثانًيا‪ :‬أ ّ‬
‫في مثِله‪ ،‬الزائدة عن المفسدة اللزمة لصله‪.‬‬
‫ن من الحكام ما ُبني علممى نمموِع ضممرٍر‪،‬‬ ‫ما القاعدة الثانّية‪ :‬فل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ت إن ترّتب على واجب المر المعممروف والنهممي عممن المنكممر‪،‬‬ ‫فالمو ُ‬
‫ن‬
‫ممما إن ترت ّممب علممى القتممال فل‪ ،‬ل ّ‬ ‫كان ضرًرا يسقط بممه الوجمموب‪ ،‬أ ّ‬
‫القتال مبناه على تلف النفس والموال‪.‬‬
‫م منه رد ّ العدّو‪ ،‬وانتقامه‪ ،‬ومحاولة النيممل مممن‬ ‫ن القتال يلز ُ‬ ‫كما أ ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬وحصول شيٍء من مآربه هذه لمه ول محالمة‪ ،‬وقمد سممبى‬
‫المشركون في أحدٍ امرأة من المسلمين‪ ،‬فهممذه المفاسممد ل ُيعط ّممل‬
‫ة لكممل‬ ‫الجهاد لها‪ ،‬لّنها لم تخرج عن المعتاد فممي مثلممه‪ ،‬وهممي ملزمم ٌ‬
‫قتال وجهاٍد‪.‬‬
‫طرد ٌ في سائر الحكام‪ ،‬فالّزكاة ُيدفع فيها المال الكممثيُر‪،‬‬ ‫وهذا م ّ‬
‫ن رجل ً ثري ّمما احتمماج الممماء لطهممارة‬‫ة لها‪ ،‬ولو أ ّ‬ ‫ول تكون كثرُته مسقط ً‬
‫صلة‪ ،‬فلم يحصل له إل ّ بأكثر من ثمممن المثممل‪ ،‬لممم يجممب عليممه أن‬ ‫ال ّ‬
‫ف‬‫مم‪ ،‬وإن كان يدفع في الّزكمماة أضممعاف أضممعا ِ‬ ‫يشتريه وجاز له التي ّ‬
‫ثمن المال‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ن المفسدة التي ُيفضي اعتبارها إلى تعطيل شممعيرةٍ مممن‬ ‫ثالمًثا‪ :‬أ ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫شعائر الدين لغي ٌ‬

‫)‪(396‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫ن الستدلل بالمفسدة على إلغمماء حكمم ٍ‬ ‫ما القاعدة الثالثة‪ :‬فإ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن‪،‬‬‫ن دون مكمما ٍ‬ ‫ة‪ ،‬أو في مكا ٍ‬ ‫من الحكام‪ ،‬إن أريد به إلغاؤه لمدةٍ قليل ٍ‬
‫ح‪ ،‬بخلف ما إذا ُأريد به تعطيل أصل الحكم‪ ،‬كما يفعممل مممن يريممد‬ ‫ص ّ‬
‫ل بشميٍء ممن أدّلتهمم المعروفمة‪ ،‬والمتي لمو‬ ‫تعطيمل الجهماد‪ ،‬فيسمتد ّ‬
‫طردت لغلق باب شعيرة الجهاد بالكل ّّية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ن الضرر الخاص يحتمل لدفع الضرر العام‪.‬‬ ‫رابمًعا‪ :‬أ ّ‬
‫ة‪ :‬تفيممد احتمممال ضممرر قتممل الت ّممرس مثل ً لممدفع‬ ‫والقاعممدة الرابعم ُ‬
‫الضرر عن عممموم المسمملمين‪ ،‬كممما تفيممد احتمممال وقمموع شمميٍء مممن‬
‫ت في شيءٍ من‬ ‫ص من الموال والنفس والثمرا ِ‬ ‫الخوف والجوع ونق ٍ‬
‫مة بلد المسلمين‪.‬‬ ‫بلد السلم‪ ،‬لدفع الضرر عن عا ّ‬
‫ن الّناظر في المصالح والمفاسد في أمر يكممون نظممره‬ ‫سا‪ :‬أ ّ‬ ‫خام ً‬
‫فيه لكل من يناله هذا المر من المسلمين‪.‬‬
‫ة‪ :‬ترد ّ على من يقيس المصالح والمفاسد في‬ ‫والقاعدة الخامس ُ‬
‫ة‪ ،‬دون أن يكممون فممي‬ ‫بلدٍ من بلد السلم‪ ،‬ويجممزم بترجيممح المفسممد ِ‬
‫صله من مصالح في بلد المسلمين الخرى‪ ،‬فجهاد‬ ‫ل‪ ،‬ما تح ّ‬ ‫ره أص ً‬ ‫نظ ِ‬
‫الك ُّفار ُيحّقق مصلحة النكاية التي هي السممبيل إلممى دفعهممم عممن بلد‬
‫ة‪ ،‬من‬ ‫سع ميدان القتال ازدادت النكاية أضعاًفا كثير ً‬ ‫السلم‪ ،‬وكّلما و ّ‬
‫جهة الخوف والرعب‪ ،‬ومن جهة تكاليف المن المرهقة لقتصممادهم‪،‬‬
‫م يخشممونه‪ ،‬ومممن‬ ‫ل بلدٍ فيممه مسممل ٌ‬ ‫ومن جهة توّقعهم للعملّيات في ك ّ‬
‫ب لله ورسوله في كل بلد‪.‬‬ ‫طل مصالحهم التي هي حر ٌ‬ ‫جهة تع ّ‬
‫صممله لمجممموع‬ ‫ي‪ ،‬مح ّ‬ ‫ومشروعُ القاعممدة مشممروعٌ جهمماديّ عممالم ّ‬
‫المة‪ ،‬وهؤلء ينظرون للجبهة الداخلّية وحدها‪ ،‬وُيغفلممون عنممد النظممر‬
‫بلد المسلمين الخرى‪ ،‬ول يلتفتون إليها‪ ،‬ول يوردون ذكرها‪ ،‬ول هممم‬
‫يسعون في دفع العدوان عنها بمما ينمدفع بمثلمه‪ ،‬ول يحّرضمون علمى‬
‫ذلك‪.‬‬
‫شممرك أعظممم المفاسممد‬ ‫دين ووقمموع ال ّ‬ ‫ن ترك أصول ال م ّ‬ ‫سا‪ :‬أ ّ‬ ‫ساد ً‬
‫على الطلق‪.‬‬
‫ة في المّرد ّ علمى ممن والمى الك ُّفممار‪ ،‬أو‬ ‫م ٌ‬‫والقاعدة السادسة‪ :‬مه ّ‬
‫صمملوا‬‫جممة المصملحة‪ ،‬فمإّنهم لمن يح ّ‬ ‫وغ ذلك‪ ،‬أو اعتذر لمن فعله بح ّ‬ ‫س ّ‬
‫وتوه من التوحيد‪ ،‬ولن يّتقوا مفسدةً أعظم مما‬ ‫ة أعظم مما ف ّ‬ ‫مصلح ً‬
‫شرك‪.‬‬ ‫وقعوا فيه من ال ّ‬

‫)‪(397‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م قتال كل كافرٍ على الفور‪ ،‬والخروج علممى‬ ‫ول ُيورد على هذا لزو ُ‬
‫ن حديثنا عممن الموازنممة‬ ‫وة والقدرة‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل حاكم ٍ مرتد ّ مهما كانت الق ّ‬ ‫ك ّ‬
‫بين فعل الرجممل للشممرك وركمموبه المفسممدة‪ ،‬وبيممن حفظممه للتوحيممد‬
‫شممرك الممذي يفعلممه‬ ‫وتحصمميله المصمملحة‪ ،‬ل عممن تممأخير إزالممة ال ّ‬
‫المشركون‪.‬‬
‫ي‬
‫شممرع ّ‬ ‫ر‪ ،‬يكون لهممل العلممم ال ّ‬ ‫ن تقدير المفسدة في أم ٍ‬ ‫سابًعا‪ :‬أ ّ‬
‫والمعرفة الدنيوّية به‪.‬‬
‫ن ممن ل يعمرف جنمس المصمالح‬ ‫ومن القاعمدة السمابعة تعلمم أ ّ‬
‫الواقعة في الجهاد‪ ،‬ول بصر له به من تجربةٍ أو دراسةٍ ومعرفةٍ تقوم‬
‫مقام التجربة‪ ،‬ل يمكنه النظر في عين المفسدة هل هي من المعتاد‬
‫ة عممن‬ ‫في الجهاد الذي ل يكممون جهمماد ٌ بممدونه أم هممي طممارئة وخارج م ٌ‬
‫طاقة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي ونظمٌر صمحيح‪ ،‬ل يمكنمه وإن‬ ‫م شمرع ّ‬ ‫ن من ليس لمه علم ٌ‬ ‫كما أ ّ‬
‫عرف المفسدة‪ ،‬أن ُيوازن بين المفاسد الدنيوّية التي تقمع والضمرار‬
‫مّية ممما ُيح مّرم علممى‬ ‫ل من الجانبين له من اله ّ‬ ‫الدينّية‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وك ّ‬
‫جاهله الحديث في المسألة‪.‬‬
‫ن اجتهاد المير في تقدير المصالح والمفاسد ما لم يكممن‬ ‫ثاممًنا‪ :‬أ ّ‬
‫م على غيره‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬مقد ّ ٌ‬ ‫مفسدةً محض ً‬
‫ش‪ ،‬كتنظيممم القاعممدة‪ُ :‬يقممدم‬ ‫ل جي ٍ‬ ‫والقاعدة الّثامنة‪ ،‬تكون في ك ّ‬
‫ن آحاد الجيش قممد يختلممف تقممديرهم للمصممالح‬ ‫ي‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل جهاد ّ‬ ‫على عم ٍ‬
‫د‪ ،‬ول يمكن أن ُيخالف الواحد منهم أميرهُ وقد فعممل الميممر‬ ‫والمفاس ِ‬
‫ة‪ ،‬واختار ما أمرهم به‪.‬‬ ‫حا في المسأل ِ‬ ‫ما أمر به‪ ،‬فنظر نظًرا صحي ً‬
‫والمجاهدون الممذين قمماموا بهممذا العمممل المبممارك‪ ،‬ائتمممروا بممأمر‬
‫ة‪،‬‬
‫مره عليهم أسامة فممي الجزيممر ِ‬ ‫أميرهم‪ ،‬سواء كان أسامة‪ ،‬أو من أ ّ‬
‫دهم‪.‬‬ ‫دره أح ُ‬‫وصدروا عنه‪ ،‬وليس لهم أن يتركوا الجهاد لتقديرٍ ُيق ّ‬
‫ي‪ ،‬فممإن أرادوا ممما هممو‬ ‫ن الّتقدير للمصممالح أمممر نسممب ّ‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫ممما ممما مصمملحته ظمماهره‬ ‫حض المفسدةِ ل مصلحة فيه‪ ،‬فنعممم‪ ،‬وأ ّ‬ ‫متم ّ‬
‫ة‪ ،‬كتفجيممرات الّريمماض فيممما‬ ‫ة غير معتممبر ٍ‬ ‫دعاة فيه لغي ٌ‬ ‫والمفاسد الم ّ‬
‫ل معهم‪ ،‬وإن ألغينا كممونه‬ ‫ي على التنّز ِ‬ ‫سترى بإذن الله‪ ،‬فهو أمٌر نسب ّ‬
‫ل مممن أن‬ ‫ن المصمملحة فيممه أظهمُر والمفسممدةَ المعتممبرةَ أقم ّ‬ ‫نسبّيا فل ّ‬
‫ُيحكم بحرمة العمل بناًء عليها‪.‬‬

‫)‪(398‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ما من يقول‪ :‬ل يكاد ُينازع أحد ٌ من أهل العلم في مفسممدةِ ممما‬ ‫وأ ّ‬
‫ث‪ ،‬فالجواب عنه من ثلثة أوجه‪:‬‬ ‫حد َ‬
‫ل للقيممام‬ ‫ب مسممتق ّ‬ ‫ح‪ ،‬وسممب ٌ‬ ‫ب صممحي ٌ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن المر بالجهاد مو ِ‬ ‫الّول‪ :‬أ ّ‬
‫بالّتفجيرات‪ ،‬ولم يذكر المنازعون مفسممدةً معتممبرةً البت ّممة ُتقمماِوم هممذا‬
‫ل ما أوردوا سبق الجواب عنه وبيان فساد اعتبمماره‬ ‫المر وتدفعه‪ ،‬وك ّ‬
‫م فَمماقْت ُُلوا‬ ‫حمُر ُ‬ ‫شمهُُر ال ْ ُ‬ ‫خ اْل َ ْ‬ ‫س مل َ َ‬
‫ذا ان ْ َ‬ ‫عا‪ ،‬وقد قممال اللممه تعممالى‪) :‬فَمإ ِ َ‬ ‫شر ً‬
‫ل‬ ‫م ُ‬
‫كم ّ‬ ‫دوا ل َُهم ْ‬ ‫م َواقُْعم ُ‬ ‫صمُروهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ذوهُ ْ‬ ‫خ ُ‬‫م وَ ُ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫جد ْت ُ ُ‬ ‫ث وَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ة(‪.‬‬ ‫م َ‬
‫كافّ ً‬ ‫ما ي َُقات ُِلون َك ُ ْ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫كافّ ً‬ ‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫د(‪) ،‬وََقات ُِلوا ال ْ ُ‬ ‫ص ٍ‬ ‫مْر َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ن هذه العملّية ليست بيضة ديك‪ ،‬بممل هممي حلق م ٌ‬ ‫الوجه الثاني‪ :‬أ ّ‬
‫ة ُفرضممت‬ ‫في سلسلة‪ ،‬وغارةٌ فممي معركمةٍ مسممتمّرة‪ ،‬وهممذه المعركم ُ‬
‫ي علممى‬ ‫ض شممرع ّ‬ ‫ة‪ ،‬لتيّقن أّنهمما فممر ٌ‬ ‫ن‪ ،‬ومصلحتها متيّقن ٌ‬ ‫على المسلمي َ‬
‫صالح كلها في امتثال أحكام الشممرع‪ ،‬والحممديث عممن‬ ‫المسلمين‪ ،‬والم َ‬
‫مصلحة الغارة المعّينة يجب أن ل يفصممل عممن مصمملحة الحممرب فممي‬
‫ب مصلحةٍ في رحم الغارة الولى‪ ،‬ل ُتظهرهمما إل ّ الغممارة‬ ‫مجملها؛ فر ّ‬
‫الثانية‪.‬‬
‫ث عممن ميادينهمما وممما‬ ‫م من فروع الحديث عممن الحممرب‪ ،‬الحممدي ُ‬ ‫ث ّ‬
‫سن‪.‬‬ ‫يحسن نقل المعركة إليه وما ل يح ُ‬
‫ن في التفجيرات من المصالح العظيمةِ كثيًرا مما‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬أ ّ‬
‫لم يشاؤوا الحديث عنه فمنها‪:‬‬
‫‪ - 1‬خروج عددٍ كبيرٍ من الصليبيين‪ ،‬من الجزيرة العربية‪ ،‬كما ذكممرت‬
‫جميع وسائل العلم وقتها‪ ،‬بل ذكروا أّنه لم يبق إل ّ مممن ل ب مد ّ لممه‬
‫من البقاء‪ ،‬وتطهير جزيمرة العممرب ممن همؤلء النجماس‪ ،‬والعممل‬
‫بوصّية محمد ٍ صلى الله عليه وسلم وإنفاذها من أعظم المقاصممد‪،‬‬
‫ث همي بلمد إسملم ٍ وهمم‬ ‫وتخليصمها ممن المعتمدين عليهما ممن حيم ُ‬
‫ة‪.‬‬‫ة عظيم ٌ‬ ‫حربّيون مصلح ٌ‬
‫ة‪ ،‬وهذا من مقاصممد‬ ‫‪ - 2‬الرعب والرهاب الذي وقع في قلوب الكفر ِ‬
‫ط‬‫ن رِب َمما ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ن قُ موّةٍ وَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫الجهاد المستقّلة‪) :‬وَأ َ ِ‬
‫مل‬ ‫دون ِِهمم ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ممم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ريمم َ‬ ‫خ ِ‬ ‫م َوآ َ‬ ‫عممد ُوّك ُ ْ‬‫عممد ُوّ الّلممهِ وَ َ‬ ‫ن ِبممهِ َ‬ ‫ل ت ُْرهُِبممو َ‬ ‫خْيمم ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م(‪.‬‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫مون َهُ ُ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫ث دل ّممت‬ ‫‪ - 3‬ظهور حجممم الوجممود الصممليبي فممي جزيممرة العممرب‪ ،‬حيم ُ‬
‫الحراسات المكّثفة على مواطن سكنى المريكان‪ ،‬فممإذا هممم فممي‬
‫دثنا الّثقممات مممن أهممل الريمماض وذكممرت بعممض‬ ‫ن كممما حم ّ‬ ‫ل مكمما ٍ‬ ‫كم ّ‬
‫)‪(399‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وكالت أنباء الصليبيين أن عددهم أربعون ألًفا في الّرياض وحدها‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع دائرة الحرب مع الصليبّيين وإشممغالهم عممن كم ّ‬
‫ل بلمدٍ لهممم‬ ‫‪4‬‬
‫ة‪.‬‬‫ة ببلدٍ آخر يتوّقعون فيه هجم ً‬‫فيه مصلح ٌ‬
‫‪ -‬تمحيص الله الذين آمنوا واّتخمماذه منهممم شممهداء‪ ،‬والشممهادة مممن‬ ‫‪5‬‬
‫مقاصد الجهاد‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليممه وسمملم‪” :‬مممن خيممر‬
‫ة‬
‫معاش الناس لهم‪ ،‬وذكر‪ :‬مممؤمن علممى فرسمه‪ ،‬كلممما سمممع هيعم ً‬
‫طار إليها يطلب الموت مظاّنه“‪.‬‬
‫‪ -‬شممفاء صممدور قمموم ٍ مممؤمنين‪ ،‬وإذهمماب غيممظ قلمموبهم )قمماتلوهم‬ ‫‪6‬‬
‫ذبهم الله بأيديكم‪ ،‬ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم ٍ‬ ‫يع ّ‬
‫مؤمنين(‪.‬‬
‫‪ -‬جريان سّنة الله الكونّية‪ ،‬بتمييز الخممبيث مممن الطيممب‪ ،‬واسممتبانة‬ ‫‪7‬‬
‫ن حرص كثيرٍ من المنتسبين إلى العلم المشتغلين بالُفتيمما‬ ‫الناس أ ّ‬
‫م وأكبر مممن‬ ‫ي‪ ،‬أعظ ُ‬‫على المن في بلدهم‪ ،‬والرفاه والعيش الرخ ّ‬
‫حرصممهم علممى دممماء المسمملمين وأعراضممهم‪ ،‬فلممم يحصممل منهممم‬
‫لشمميء مممن مآسممي المسمملمين ممما حصممل فممي تممأّلمهم لممما وقممع‬
‫بالصليبّيين‪ ،‬وكذا أصول الدين والتوحيد‪ ،‬فهم إذا ك ُّلموا عن تحكيم‬
‫الطواغيت وتوّلي الكافرين‪ ،‬والمستهزئين بالممدين مممن الصممحفيين‬
‫والعلمانيين وأمثالهم اكتفوا بكلمات ل تخرج مممن المجلممس الممذي‬
‫غم الله أنف أمريكا وأوليائهما احممّرت منهممم‬ ‫ما ر ّ‬
‫ُيخاطبون فيه‪ ،‬ول ّ‬
‫ف‪.‬‬
‫أنو ٌ‬
‫والمممر كممما قممال ابممن القيممم رحمممه اللممه فممي )إعلم الممموقعين‬
‫ر‪ ،‬فيمممن يممرى محممارم اللممه تنتهممك‪،‬‬‫ن‪ ،‬وأي خيم ٍ‬
‫‪) :(2/121‬وأي ديم ٍ‬
‫وحدوده تضاع‪ ،‬ودينه يترك‪ ،‬وسممنة رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يرغب عنهمما‪ ،‬وهممو بممارد القلممب‪ ،‬سمماكت اللسممان‪ ،‬شمميطان‬
‫أخرس‪ ,‬كممما أن المتكلممم بالباطممل شمميطان نمماطق؟!‪ ,‬وهممل بليممة‬
‫الدين إل من هؤلء الذين إذا سلمت لهممم مممآكلهم ورياسمماتهم فل‬
‫مبالة بما جرى على الممدين؟‪ ,‬وخيممارهم المتحممزن المتلمممظ‪ ,‬ولممو‬
‫نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل‪،‬‬
‫وجممد واجتهممد‪ ,‬واسممتعمل مراتممب النكممار الثلثممة بحسممب وسممعه‪،‬‬
‫وهؤلء ‪ -‬مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم ‪ -‬قد ُبلوا في‬
‫الدنيا بأعظم بلية تكممون وهممم ل يشممعرون‪ ,‬وهممو ممموت القلمموب ;‬

‫)‪(400‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فإنه القلب كلما كانت حياته أتم كان غضممبه للممه ورسمموله أقمموى‪,‬‬
‫وانتصاره للدين أكمل(‬
‫سموء المذين يتكّلممون فمي صمغير‬ ‫‪ - 8‬معرفة الناس حقيقة علمماء ال ّ‬
‫المور وكبيرها‪ ،‬ما علموا حقيقته منها وما لم يعلمموه ممتى وافممق‬
‫هذا هوى الولة‪ ،‬ويسكتون عن نظائرها مممتى سممكت الممولة‪ ،‬فلممم‬
‫ن الممولة‬ ‫م‪ ،‬ل ّ‬ ‫ينكروا ما فعله الباطنّية في نجران‪ ،‬وهو أكبر وأعظم ُ‬
‫ر‪ ،‬وبممادروا‬ ‫شاؤوا السكوت عنه‪ ،‬ول ما فعله البريطانيون من تفجي ٍ‬
‫معات الصليبيين في الّرياض‪.‬‬ ‫بإنكار تفجير مج ّ‬
‫شممرعّية عنممد المنتسممبين للعلممم‬ ‫‪ - 9‬ظهور حقائق القيممم والثمموابت ال ّ‬
‫ة‬
‫دق تهم م ً‬ ‫والدين‪ ،‬فأسقط من كان ينادي بالتثبت هذا الصل‪ ،‬وصمم ّ‬
‫تشهد على نفسها بالكذب‪ ،‬كتهمة التسعة عشر الساقطة‪ ،‬مع أّنها‬
‫ق على أحسن أحواله‪ ،‬وزاد فرّتمب الحكمام‬ ‫ما جاءته إل بخبر فاس ٍ‬
‫على أناس غائبين ما يدري أفي الموات هم أم في الحيمماء‪ ،‬ولممم‬
‫دعى عليه حرًفا ول اشترط بّينة‪.‬‬ ‫يسمع من الم ّ‬
‫ُ‬
‫‪ - 10‬معرفة حقيقة الجيش والغرض اّلذي أعد ّ من أجله‪ ،‬فلم يتحّرك‬
‫ض‪ ،‬وإّنممما تح مّرك حيممن‬ ‫ّ‬
‫قط لستنقاذ بلد مسلم‪ ،‬أو للدفاع عن عر ٍ‬
‫تحّرك في خدمة مصالح المريكان‪.‬‬
‫وغير ذلك من المصالح العظيمة‪ ،‬وأكثر منها ما ل تعلمونه واللممه‬
‫دخرت في‬ ‫ن سعادة الدارين‪ ،‬ومصلحة الدنيا والخرة‪ ،‬إّنما ا ّ‬ ‫ه‪ ،‬فإ ّ‬‫يعلم ُ‬
‫شرعّية‪ ،‬ووقفت عليها‪ ،‬وجمعت فيها‪ ،‬وما أوتيُتم من العلم‬ ‫الحكام ال ّ‬
‫إل ّ قليل ً‪ .‬انتهى كلم الشيخ عبد العزيز العنزي فك الله أسره‪.‬‬
‫أما قول المؤلف‪]:‬تقدم في هذا الكتاب بيان بالدليل الشممرعي ل‬
‫العاطفي الحماسي أن كل دولة لها حاكم هي مستقلة بحكمها[‪.‬‬
‫هذا القول بإطلق باطل؛ لن الخوة السلمية ووجوب النصممرة‬
‫ن‬‫بين المسلمين ل يحجبها أو يمنعها تفرق الدول وتعممدد الحكممام‪ ،‬فممإ ّ‬
‫نصرة المسلمين والدفاع عن دينهم وعرضممهم وأرضممهم مممن أوجممب‬
‫الواجبات‪ ،‬ومتى دهم العدو أرضا ً من أراضي المسلمين وجممب علممى‬
‫أهل تلك البلد أن يدفعوه فإن عجزوا وجب علممى مممن جمماورهم مممن‬
‫المسلمين أن ينفروا لغاثتهم والممدفاع عنهممم ولممو كممان حمماكم أولئك‬
‫غير حاكم هؤلء‪ ،‬لن وجوب النصرة ل يسقطه تعدد الحكام‪ ،‬والولية‬
‫ت أن اعتممداء‬ ‫اليمانيممة ل يزيلهمما تقسمميم الحممدود‪ ،‬وقممد سممبق أن بينم ُ‬
‫الكفار على أي أرض من أراضي المسلمين يعتممبر ناقض ما ً للعهممد لن‬
‫)‪(401‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أراضي المسلمين بمنزلة الرض الواحدة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم بن تيمية رحممه اللمه‪ :‬فأمما إذا أرادوا الهجموم‬
‫على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلممى‬
‫غير المقصودين لعممانتهم كممما اللممه تعممالى‪} :‬وإن استنصممروكم فممي‬
‫الدين فعليكم النصر إل على قموم بينكمم وبينهمم ميثماق{ وكمما أممر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وإذا دخل العدو بلد السلم فل ريب أنه يجب دفعه‬
‫على القرب فالقرب إذ بلد السلم كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه‬
‫يجب النفير إليه بل إذن والد ول غريم ونصوص أحمممد صممريحة بهممذا‪.‬‬
‫اهم‬
‫قال القرطبي في تفسيره‪ :‬إذا تعيممن الجهمماد بغلبممة العممدو علممى‬
‫قطر من القطار أو بحلوله بالعقر فإذا كان ذلممك وجممب علممى جميممع‬
‫أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافمما وثقممال شممبابا وشمميوخا‬
‫كل على قدر طاقته مممن كممان لممه أب بغيممر إذنممه ومممن ل أب لممه ول‬
‫يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر فإن عجز أهل تلك‬
‫البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجمموا‬
‫على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن فيهم طاقة علممى‬
‫القيام بهم ومدافعتهم وكممذلك كممل مممن علممم بضممعفهم عممن عممدوهم‬
‫وعلممم أنممه يممدركهم ويمكنممه غيمماثهم لزمممه أيضمما الخممروج إليهممم‬
‫فالمسلمون كلهم يد على من سواهم حتى إذا قام بدفع العممدو أهممل‬
‫الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عممن الخريممن‬
‫ولو قارب العدو دار السلم ولم يدخلوها لزمهم أيضمما الخممروج إليممه‬
‫حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ول‬
‫خلف في هذا‪ .‬اهم‬
‫فهذا شيخ السلم ابن تيميمة والممام القرطمبي قمد أفتموا بوجموب‬
‫ن الدولة السلمية في عهدهم كممانت‬ ‫الخروج لنصرة المسلمين مع أ ّ‬
‫مقسمة ومتعددة الحكام‪ ،‬ولم يشترطوا إذنهم‪.‬‬
‫وقممول المؤلممف‪]:‬أن فممي نقممض العهممد بيممن المسمملمين والكفممار‬
‫مطلقا ً إضرارا ً بالمسلمين في شرق الرض وغربها[‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن المسلمين ليسوا هم الذين نقضوا العهد‪ ،‬ولكن الممذين‬
‫ح‪ -‬هم الكفار أنفسممهم وذلمك بقماتلهم المسملمين‬ ‫نقضوا العهد‪-‬إن ص ّ‬

‫)‪(402‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫واحتللهم ديار المسلمين‪ ،‬وكذلك نقضوا العهد بإهانة القرآن الكريم‪،‬‬
‫والسخرية من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫إذا ً ماذا يريد المؤلف من المسلمين؟‬
‫هل يريد منهم أن يلتزموا بالعهد الذي نقضه الكفار؟ وهل العهد‬
‫ق مستقر حتى نلتزم به؟‬ ‫بعد أن نقضوه با ٍ‬
‫وأصل ً لم يصطنع الكفار هذه العهود إل لهذا المقصممود‪ :‬وهممو أن‬
‫ُتلزم المسلمين بها دون أن تلتزم هي بها‪ ،‬فكل اعتممداء يحصممل مممن‬
‫الكفار مهما كان حجمه ومبرراته فهو ليس نقضا ً للعهد‪ ،‬وممما يحصممل‬
‫من المسلمين في مقابلة العدوان يعتبر نقضا ً للعهد‪ ،‬يا سبحان اللممه‬
‫ما هذا الفقه العصممري الجديممد الممذي طممرأ علممى أمممة السمملم علممى‬
‫م إل رفاهيممة العيممش‬ ‫ألسنة المخذلين المترفين الممذين ليممس لهممم هم ّ‬
‫والمن ولو تحت نظام الكفر‪ ،‬وقد قال ذلك كبير أدعياء السلفية في‬
‫المغرب المدعو المغراوي قال‪ :‬يحكمنا يهودي أو نصراني المهممم أن‬
‫نعيش بأمان‪.‬‬
‫وقال كبيرهم في الردن المدعو محمد شممقره‪ :‬أرى أن مقولممة‪:‬‬
‫]دع ما لقيصر لقيصر‪ ،‬وما لله لله[ تصلح لزماننا‪.‬‬
‫فممأي عهممد يتكلممم عنممه المؤلممف الممذي يعتممبر نقضممه إضممراٌر‬
‫بالمسلمين‪ ،‬وهل بقي عهد للكفار بعد كل ما فعلوه‪.‬‬
‫وقول المؤلف‪]:‬أن الذي يحدد نقض العهممد وبقمماءه ولممي المممر ل‬
‫عامة الناس‪ ،‬وإل صار المر فوضممى‪ ،‬والفوضممى محرمممة وممما ل يتممم‬
‫ترك المحرم إل به فهو واجب[‪.‬‬
‫هذا قول ضعيف والصحيح أن الكفار متى فعلوا ما ينقض العهممد‬
‫فإنه ينتقض ول يلزم أن ُيعلمهم الحاكم‪ ،‬إنما يجممب علممى الحمماكم أن‬
‫ينبذ إليهم عهدهم إذا خاف منهم النقض‪ ،‬أما إن وقع وحصل النقممض‬
‫فل يجب على الحاكم أن يعلمهم‪.‬‬
‫قال ابن القّيم‪” :‬وعقد الذمة ليس هو حّقا للمام بل هو حقّ لله‬
‫ل‪:‬‬‫ن فإذا خال َُفوا شمميًئا مممما شممرط عليهممم‪ ،‬فقممد قي م َ‬ ‫مة المسِلمي َ‬ ‫ولعا ّ‬
‫جممه‬ ‫حَقه بمأمنه ويخر َ‬ ‫ه أن ُيل ِ‬‫خ ُ‬
‫خ العَْقد وفس ُ‬‫س َ‬
‫ب على المام ِ أن يف َ‬ ‫يج ُ‬
‫ب‬‫مخالفممة بممل يجم ُ‬ ‫سممخ بمجمّرد ال ُ‬ ‫سلم ِ ظّنا أن العقد ل ينف ِ‬ ‫دار ال ْ‬‫من َ‬
‫ط إذا كممانت حّقمما للممه ل للعاقممد‬ ‫شممرو َ‬
‫ن ال ّ‬
‫ف؛ ل ّ‬‫فسممخه‪ ،‬وهممذا ضممعي ٌ‬
‫مممة‬‫ط على أهممل الذ ّ ّ‬ ‫شرو ُ‬ ‫خ‪ .‬وهذه ال ّ‬ ‫انفس َ‬
‫خ العقد ُ بفواته من غيرِ فس ٍ‬
‫)‪(403‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كنهُممم‬ ‫ة ويم ّ‬ ‫جزيم َ‬ ‫خذ منهممم ال ِ‬ ‫ن ول لغيرِهِ أن يأ ُ‬ ‫سلطا ِ‬ ‫حقّ لله ل يجوز لل ّ‬
‫ص‬ ‫جب عليه قتاُلهم بنمم ّ‬ ‫موها وإل ّ وَ َ‬ ‫مقام ِبدار السلم إل ّ إذا الت ََز ُ‬ ‫من ال ُ‬
‫مة )‪.(3/1355‬‬ ‫القرآن “ أحكام أهل الذ ّ ّ‬
‫ن‬ ‫كممو ُ‬ ‫ف يَ ُ‬ ‫ة فممي هممذا‪ ،‬قممال تعممالى‪) :‬ك َْيمم َ‬ ‫وأدّلممة القممرآن صممريح ٌ‬
‫جدِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عن ْد َ ال ْ َ‬‫م ِ‬ ‫عاهَد ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫سول ِهِ إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫عن ْد َ َر ُ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ وَ ِ‬ ‫ن عَهْد ٌ ِ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ِل ْ ُ‬
‫م(‪ .‬فممأنكر اللممه عهممود‬ ‫موا ل َُهمم ْ‬ ‫م َفا ْ‬
‫س مت َِقي ُ‬ ‫موا ل َك ُم ْ‬ ‫س مت ََقا ُ‬ ‫ممما ا ْ‬ ‫ح مَرام ِ فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫كي َ‬ ‫شممرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ممم َ‬ ‫م ِ‬ ‫عاهَد ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫المشركين‪ ،‬إل ّ ما استثنى‪ ،‬وقال‪) :‬إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫َ‬ ‫ظاهروا عَل َيك ُ َ‬
‫م‬ ‫م عَْهممد َهُ ْ‬ ‫موا إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫حدا ً فَأت ِ ّ‬ ‫مأ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫م يُ َ ِ ُ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صوك ُ ْ‬ ‫م ي َن ُْق ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن( فاسممتثنى اللممه مممن الممبراءة مممن‬ ‫مت ِّقيم َ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫حم ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مد ّت ِهِ ْ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫دا‪،‬‬ ‫العهود من لم ينقصوا المسمملمين شمميًئا ولممم ُيظمماهروا عليهممم أحم ً‬
‫ن‬ ‫ض عهممده‪ ،‬وقممال )وَإ ِ ْ‬ ‫دا منتق م ٌ‬ ‫ن من نقص شيًئا أو ظمماهَر أح م ً‬ ‫فعلم أ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة ال ْك ُْفمم ِ‬
‫ر‬ ‫ممم َ‬‫م فََقات ُِلوا أئ ِ ّ‬ ‫م وَط َعَُنوا ِفي ِدين ِك ُ ْ‬ ‫ن ب َعْدِ عَهْدِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫ن َك َُثوا أي ْ َ‬
‫َ‬
‫ن( فحكم الله في أمثممال هممؤلء بممأن ل‬ ‫م ي َن ْت َُهو َ‬ ‫م ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م ل أي ْ َ‬ ‫إ ِن ّهُ ْ‬
‫أيمان لهم‪ ،‬وأمممر بقتممالهم‪ ،‬والحكممم باسممتمرار عهممدهم ينممافي المممر‬
‫بقتالهم‪.‬‬

‫)‪(404‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الثامنة‪:‬‬
‫يجوز نقض العهد الذي التزمناه عند دخول بلد الكفار‬
‫حين ختم الجواز‬

‫قال المؤلف]بدليل أنه روى جممابر وأبممو هريممرة أن رسممول اللممه‬


‫صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬الحرب خدعة " متفق عليه‬
‫الجواب من وجهين‪:‬‬
‫أ‪ -‬فرق كممبير فممي الشممرع بيممن نقممض العهممد )الخيانممة( والخدعممة‪،‬‬
‫فالول محرم بالجماع‪ .‬أما الثاني‪ :‬جائز فممي الحممرب بالجممماع فممإن‬
‫الخدعة ليس فيها نقض للعهد‪ ،‬وإنما إبداء أمر وفعل خلفه مخادعممة‬
‫للمحاربين‪ ،‬ومن سوى بينهما فقد سوى بين ما فرقت الشريعة بينها‬
‫فقياسه فاسد لكونه خطأ من حيممث الصممل ولمخممالفته الشممرع مممن‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فاليات القرآنية والحاديث النبويممة متممواترة فممي اليفمماء‬
‫َ‬
‫ل{ وقممال‬ ‫ؤو ً‬
‫سم ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ال ْعَهْمد َ ك َمما َ‬
‫ن َ‬ ‫بالعهد قممال تعممالى }وَأوْفُمموا ِبال ْعَهْمدِ إ ِ ّ‬
‫}أ َوُْفوا ِبال ْعُُقوِد{ بل وجاء النهي عن الغدر في الحممرب بأدلممة خاصممة‬
‫منها ممما خممرج مسمملم عممن بريممدة أن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ":‬اغزوا باسم الله‪ ،‬قاتلوا مممن كفممر بممالله اغممزوا ول تغلمموا ول‬
‫تغدروا"‪،‬‬
‫ومن أبلغ ما نحن بصدده الحديث الذي خرج مسمملم عممن حذيفممة‬
‫قال‪ :‬ما منعني أن أشهد بدرا ً إل أني خرجت أنمما وأبممي حسمميل قممال‪:‬‬
‫فأخذنا كفار قريش قالوا‪ :‬إنكم تريدون محمدًا؟ فقلنا‪ :‬ما نريممده‪ ،‬ممما‬
‫نريد إل المدينة‪ .‬فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلممى المدينممة‬
‫ول نقاتل معه‪ .‬فأتينا رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم فأخبرنمماه‬
‫الخبر‪ .‬فقال‪ ":‬انصرفا‪ ،‬نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم " وفي‬
‫لفظ " تفيا لهم بعهدهم "‬
‫أرأيتم كيف اليفاء بالعهد عند رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم‬
‫وأصحابه‪ ،‬قارن واقع هؤلء المبطلين بهذه النصوص!!‬
‫أ‪ -‬أن هذه الفعممال لممو جممازت جممدل ً ‪ -‬وهممذا مممن المحممال شممرعا ً ‪-‬‬
‫لحرم فعله لما يترتب عليه من المفاسد العظيمممة كممما تقممدم بيممانه‪،‬‬
‫ودين الله قائم على جلب المصالح ودرء المفاسد[‪.‬‬
‫ن الصل فيمممن دخممل‬ ‫أقول‪ :‬ل شك أن الغدر محرم في ديننا‪ ،‬وأ ّ‬

‫)‪(405‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ديار الكفار بعهدٍ أو أمان أنه ل يجوز أن يخونهم أو يغدر بهممم‪ ،‬ولكممن‬
‫هل الذي وقع من المجاهدين هو من الغدر؟‬
‫إن الذي وقع من المجاهدين في أمريكا وبريطانيمما ل يعتممبر مممن‬
‫الغدر لمور‪:‬‬
‫ن شيخ المجاهدين الشيخ أسامة بن لدن حفظه الله قد‬ ‫الول‪ /‬أ ّ‬
‫نبذ إليهم عهدهم بعد أن عرض عليهم الهدنة بشرط أن ينسحبوا من‬
‫دة أشممهر‪ ،‬فلممما‬ ‫جميع الممدول السمملمية الممتي احتلوهمما‪ ،‬وأمهلهممم ع م ّ‬
‫استخفوا بعرضه أعلن الجهاد عليهم ونبذ إليهم عهدهم‪ ،‬والذين دكمموا‬
‫صروح الكفر هم من جنوده‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أن هذه الدول الكافرة نقضت عهممدها مممع مممن يعيشممون‬
‫في أرضها من المسملمين المجاهمدين قبمل الحمداث‪ ،‬حيمن داهممت‬
‫بيوتهم واعتقلت العديد منهم قبل أن يصدر منهم أي عمل ضممد هممذه‬
‫الدول‪ ،‬وبذلك تكممون قممد نقضممت عهممدها وعلممى نفسممها جنممت‪ ،‬فممإن‬
‫المان لبد ّ أن يكون من الطرفين فإذا خان أحدهما فقد زال المان‪.‬‬
‫الثممالث‪ /‬أن هممذه الممدول نقضممت عهممدها مممع المسمملمين عامممة‬
‫بالساءة إلى ديممن السمملم‪ ،‬وإهانممة القممرآن الكريممم‪ ،‬والسمماءة إلممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫الرابع‪ /‬أن الذي حصل من المجاهدين هو من باب الخدعة وليس‬
‫من باب الغدر‪ ،‬وهو ما عّرفه المؤلف نفسه بقمموله]وإنممما إبممداء أمممر‬
‫وفعل خلفه مخادعة للمحاربين[ وهذا هو عيمن مما وقمع ممن أبطمال‬
‫السلم التسعة عشر الذين قصم الله بهم ظهر أمريكا‪ ،‬فإنهم كممانوا‬
‫في حالممة حممرب مممع أمريكمما‪ ،‬لن أمريكمما حاصممرت أفغانسممتان قبممل‬
‫الحداث بثلث سنوات ومات بسبب الحصار أكممثر مممن سممبعين ألممف‬
‫مسلم‪ ،‬فهي إذا ً في حالة حرب‪ ،‬فممدخل هممؤلء البطممال إلممى أمريكمما‬
‫م انقلبمموا عليهمما ودمروهمما‪ ،‬وهممذا‬ ‫مظهرين لهم ما يشعرهم بالمان ثم ّ‬
‫ليس من الغدر بل هو من الخدعة في الحرب‪ ،‬ومن المعلوم أن من‬
‫المواطن التي يجوز فيها الكذب)الحرب( والذي يدل على ذلك قصة‬
‫مقتل كعمب ابمن الشمرف‪ ،‬وقصمة اغتيمال السمود العنسمي‪ ،‬وقصمة‬
‫اغتيال خالد الهذلي‪.‬‬
‫م فقصة قتل كعب بن الشرف رواها البخاري فقال‪ :‬حممدثنا علممي‬
‫بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي‬

‫)‪(406‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله تعالى عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬مممن‬
‫لكعب بن الشرف فإنه قد آذى الله ورسمموله؟!«‪ ،‬فقممام محمممد بممن‬
‫مسلمة فقال‪) :‬يما رسمول اللمه‪ :‬أتحممب أن أقتلمه؟!(‪ ،‬قمال‪» :‬نعمم«‪،‬‬
‫)فائذن لي أن أقول شيئا!(‪ ،‬قال‪» :‬قل!«‪ ،‬فأتاه محمممد بممن مسمملمة‬
‫فقال‪) :‬إن هذا الرجل قد سألنا صدقة‪ ،‬وإنه قد عنانا‪ ،‬وإني قد أتيتممك‬
‫أستسلفك(‪ ،‬قال‪) :‬وأيضا والله لتملنه(‪ ،‬قال‪) :‬إنا قد اتبعناه فل نحب‬
‫أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه‪ ،‬وقد أردنمما أن تسمملفنا‬
‫وسقا أو وسقين(‪ ،‬وحدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر وسقا أو وسمقين‬
‫أو فقلت له فيه وسقا أو وسقين فقممال أرى فيممه وسممقا أو وسممقين‪،‬‬
‫فقال‪) :‬نعم‪ ،‬ارهنوني!(‪ ،‬قالوا‪) :‬أي شميء تريمد؟!(‪ ،‬قمال‪) :‬ارهنموني‬
‫نساءكم!(‪ ،‬قالوا‪) :‬كيف نرهنك نساءنا‪ ،‬وأنت أجمل العرب؟!(‪ ،‬قال‪:‬‬
‫)فارهنوني أبناءكم!(‪ ،‬قالوا‪) :‬كيف نرهنممك أبناءنمما؟! فيسممب أحمدهم‪،‬‬
‫فيقال‪ :‬رهن بوسق أو وسقين‪ ،‬هذا عار علينا‪ ،‬ولكنا نرهنممك اللمممة(‪،‬‬
‫)قال سفيان‪ :‬يعني السلح(‪ ،‬فواعده أن يأتيه فجمماءه ليل‪ ،‬ومعممه أبممو‬
‫نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة‪ ،‬فدعاهم إلى الحصن‪ ،‬فنزل إليهممم‬
‫فقالت له امرأته‪) :‬أين تخرج هذه الساعة؟!(‪ ،‬فقال‪) :‬إنما هو محمد‬
‫بن مسلمة‪ ،‬وأخي أبو نائلة(‪) ،‬وقال غير عمممرو قممالت‪ :‬أسمممع صمموتا‬
‫كأنه يقطر منه الدم‪ ،‬قال إنما هو أخي محمد بممن مسمملمة ورضمميعي‬
‫أبو نائلة‪ ،‬إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليممل لجمماب(‪ ،‬قممال‪ :‬ويممدخل‬
‫محمد بن مسلمة معه رجليممن‪) ،‬قيممل لسممفيان سممماهم عمممرو قممال‬
‫سمى بعضهم(‪ ،‬قال عمرو‪ :‬جاء معه برجلين‪) ،‬وقال غير عمممرو‪ :‬أبممو‬
‫عبس بن جبر‪ ،‬والحارث بن أوس‪ ،‬وعباد بن بشر(‪ ،‬قال عمممرو‪ :‬جمماء‬
‫معه برجلين‪ ،‬فقال‪) :‬إذا ممما جمماء فممإني قممائل بشممعره فأشمممه‪ ،‬فممإذا‬
‫رأيتموني استمكنت من رأسه‪ ،‬فممدونكم فاضممربوه(‪ ،‬وقممال مممرة ثممم‬
‫أشمكم‪ ،‬فنزل إليهم متوشحا‪ ،‬وهو ينفح من ريح الطيب‪ ،‬فقال‪) :‬ممما‬
‫رأيت كاليوم ريحا أي أطيب(‪ ،‬وقال غيممر عمممرو قممال‪ :‬عنممدي أعطممر‬
‫نساء العرب وأكمل العرب‪ ،‬قال عمرو فقال له‪) :‬أتأذن لي أن أشممم‬
‫رأسك؟!(‪ ،‬قال‪) :‬نعم(‪ ،‬فشمه‪ ،‬ثممم أشمم أصممحابه‪ ،‬ثمم قممال‪) :‬أتممأذن‬
‫لي؟!(‪ ،‬قال‪) :‬نعم(‪ ،‬فلما استمكن منه قال‪) :‬دونكممم!(‪ ،‬فقتلمموه‪ ،‬ثممم‬
‫أتوا النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأخبروه‪ .‬اهم‬
‫ففي هذه القصة يلحظ أن محمممد بممن مسمملمة رضممي اللممه عنممه‬
‫كذب على كعب بن الشرف وأظهر له مما يشمعره بالممان مخادعمة‬
‫)‪(407‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫منه لكي يتمكممن مممن الوصممول إليممه وقتلممه وعنممدما شممعر كعممب بممن‬
‫الشرف بالمان أدخله في حصنه فلما تمكن منه محمد بممن مسمملمة‬
‫ومن معه اغتالوه وأجهزوا عليه‪ ،‬وهذا هو ما حصل في أمريكمما‪ ،‬فممإن‬
‫الشباب المجاهدين دخلوهمما وهممم محمماربون لهمما وهممي محاربممة لهممم‬
‫ولكن خدعوها بإظهممار قبممول المممان لكممي يسممتطيعوا الممدخول إليهمما‬
‫وتدميرها في أعظم مفصل اقتصادي تخنق العالم به‪.‬‬
‫م وأما قصة قتل العنسي فقد رواها بن كثير في البدايممة والنهايممة‬
‫وأصلها بإسنادها عند ابن جرير الطبري‪ ،‬قال ابن كممثير فممي »البدايممة‬
‫والنهاية«‪) ،‬ج‪ 6 :‬ص‪ 308 :‬وما بعدها( بعد ذكر تفاصيل تنبممؤ السممود‬
‫العنسممي الكممذاب‪ ،‬واسممتيلئه علممى مقاليممد المممور‪] :‬واشممتد ملكممه‬
‫واستغلظ أمره وارتد خلق من أهل اليمن وعامله المسمملمون الممذين‬
‫هناك بالتقية وكان خليفته على مذحج عمرو بن معدي كممرب واسممند‬
‫أمر الجند إلى قيس بن عبممد يغمموث وأسممند أمممر البنمماء إلممى فيممروز‬
‫الديلمي وداذويه وتزوج بامرأة شهر بن باذان وهممي ابنمة عمم فيمروز‬
‫الديلمي واسمها زاذ وكانت امرأة حسناء جميلة وهي مع ذلك مؤمنة‬
‫بالله ورسوله محمد ومن الصالحات‪ .‬قال سمميف بممن عمممر التميمممي‬
‫وبعث رسول الله كتابه حين بلغه خبر السود العنسي مع رجل يقال‬
‫له وبممر بممن يحنممس الممديلمي يممأمر المسمملمين الممذين هنمماك بمقاتلممة‬
‫السود العنسي ومصاولته وقام معاذ بن جبل بهذا الكتاب أتم القيام‬
‫وكان قد تممزوج امممرأة مممن السممكون يقممال لهمما رملممة فحزبممت عليممه‬
‫السكون لصبره فيهم وقاموا معه في ذلك وبلغمموا هممذا الكتمماب إلممى‬
‫عمال النبي ومن قدروا عليه من الناس واتفق اجتماعهم بقيممس بممن‬
‫عبد يغوث أمير الجند وكان قد غضب عليه السود واستخف به وهممم‬
‫بقتله‪ ،‬وكذلك كان أمر فيروز الممديلمي قممد ضممعف عنممده أيضمما وكممذا‬
‫داوذيه فلما أعلم وبر بن نحيس قيس بن عبد يغوث وهممو قيممس بممن‬
‫مكشوح كان كأنممما نزلمموا عليممه مممن السممماء ووافقهممم علممى الفتممك‬
‫بالسود وتوافق المسلمون على ذلك وتعاقدوا عليه فلما أيقممن ذلممك‬
‫في الباطن اطلع شيطان السود للسود على شيء من ذلممك فممدعا‬
‫قيس بن مشكوح فقال له يا قيس ما يقول هذا قال وما يقممول قممال‬
‫يقول عمدت إلى قيس فأكرمته حتى إذا دخل منك كل مدخل وصار‬
‫في العز مثلك مال ميل عدوك وحاول ملكك وأضمر على الغدر إنممه‬
‫يقول يا أسود يا أسود يا سوآه يا سمموآه فطممف بممه وخممذ مممن قيممس‬
‫)‪(408‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أعله وإل سلبك وقطف قلبك فقال له قيس وحلف لممه فكممذب وذي‬
‫الخمار لنت أعظم في نفسي وأجل عندي من أن أحدث بك نفسممي‬
‫فقال له السود ما إخالك تكذب الملك فقد صدق الملك وعرف الن‬
‫أنك تائب عما اطلع عليه منك ثم خرج قيس من بين يديه فجاء إلممى‬
‫أصحابه فيروز وداوذيه وأخبرهم بما قال له ورد عليه فقالوا إنمما كلنمما‬
‫علممى حممذر فممما الممرأي فبينممما هممم يتشمماورون إذ جمماءهم رسمموله‬
‫فأحضرهم بين يديه فقال ألم أشرفكم على قومكم قممالوا بلممى قممال‬
‫فماذا يبلغني عنكم فقممالوا أقلنمما مرتنمما هممذه فقممال ل يبلغنممي عنكممم‬
‫فأقيلكم قال فخرجنا من عنده ولم نكد وهو فممي ارتيمماب مممن أمرنمما‬
‫ونحن على خطر فبينما نحن في ذلك إذ جاءتنا كتممب مممن عممامر بممن‬
‫شهر أمير همممدان وذي ظليممم وذي كلع وغيرهممم مممن أمممراء اليمممن‬
‫يبذلون لنا الطاعة والنصر على مخالفة السممود وذلممك حيممن جمماءهم‬
‫كتاب رسول الله يحثهم على مصاولة السود العنسممي فكتبنمما إليهممم‬
‫أل يحدثوا شيئا حتى نبرم المر قال قيس فممدخلت علممى امرأتممه زاذ‬
‫فقلت يا ابنة عمي قد عرفت بلء هذا الرجل عند قومك قتل زوجممك‬
‫وطأطأ في قومك القتل وفضح النساء فهل عندك ممالة عليه قالت‬
‫على أي أمر قلت إخراجممه قممالت أو قتلممه قلممت أو قتلممة قممالت نعممم‬
‫والله ما خلق الله شخصا هو أبغض إلي منه فما يقوم لله علي حممق‬
‫ول ينتهي له عن حرمة فإذا عزمتم أخممبروني أعلمكممم بممما فممي هممذا‬
‫المر قال فأخرج فإذا فيروز وداوذيه ينتظراني يريممدون أن يناهضمموه‬
‫فما استقر اجتماعه بهما حتى بعث إليه السممود فممدخل فممي عشممرة‬
‫من قومه فقال ألممم أخممبرك بممالحق وتخممبرني بالكذابممة إنممه يقممال يمما‬
‫سوأة يا سوأة إن لم تقطع من قيس يده يقطممع رقبتممك العليمما حممتى‬
‫ظن قيس أنه قاتله فقال إنه ليس من الحق أن أهلك وأنممت رسممول‬
‫الله فقتلي أحب إلي مممن موتممات أموتهمما كممل يمموم فممرق لممه وأمممره‬
‫بالنصراف فخرج إلى أصحابه فقال اعملوا عملكم فبينما هم وقوف‬
‫بالباب يشتورون إذ خرج السود عليهم وقممد جمممع لممه مممائة ممما بيممن‬
‫بقرة وبعير فقام وخط وأقيمت ممن ورائه وقمام دونهما فنحرهما غيمر‬
‫محبسة ول معلقة ما يقتحم الخط منها شيء فجالت إلى أن زهقممت‬
‫أرواحها قال قيس فما رأيت أمرا كان أفظع منه ول يوما أوحش منه‬
‫ثم قال السود أحق ما بلغني عنك يا فيروز لقممد هممممت أن أنحممرك‬
‫فألحقمك بهممذه البهيمممة وأبممدى لمه الحربممة فقممال لمه فيممروز اخترتنمما‬
‫)‪(409‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لصهرك وفضلتنا على البناء فلو لممم تكممن نبيمما ممما بعنمما نصمميبنا منممك‬
‫بشيء فكيف وقد اجتمع لنا بمك أمممر الخممرة والمدنيا فل تقبمل علينمما‬
‫أمثال ما يبلغك فأنا بحيث تحب فرضي عنه وأمره بقسم لحوم تلممك‬
‫النعام ففرقها فيروز في أهل صنعاء ثم أسرع اللحاق به فممإذا رجممل‬
‫يحرضه على فيروز ويسعى إليه فيه واستمع له فيممروز فممإذا السممود‬
‫يقول أنا قاتله غدا وأصحابه فاغد علي به ثم التفت فإذا فيروز فقال‬
‫مه فأخبره فيروز بما صنع من قسم ذلك اللحم فممدخل السممود داره‬
‫ورجع فيروز إلى أصممحابه فممأعلمهم بممما سمممع وبممما قممال وقيممل لممه‬
‫فاجتمع رأيهم على أن عاودوا المرأة في أمممره فممدخل أحممدهم وهممو‬
‫فيروز إليها فقالت إنه ليس من الدار بيت إل والحرس محيطممون بممه‬
‫غير هذا البيت فإن ظهممره إلممى مكممان كممذا وكممذا مممن الطريممق فممإذا‬
‫أمسيتم فانقلبوا عليه من دون الحرس وليس مممن دون قتلممه شمميء‬
‫وإني سأضع في البيت سراجا وسلحا فلممما خممرج مممن عنممدها تلقمماه‬
‫السود فقال لمه مما أدخلمك علمى أهلمي ووجمأ رأسمه وكمان السمود‬
‫شديدا فصاحت المرأة فأدهشته عنمه ولمول ذلمك لقتلمه وقمالت ابمن‬
‫عمي جاءني زائرا فقال اسكتي ل أبالك قد وهبتممه لممك فخممرج علممى‬
‫أصحابه فقال النجمماء النجمماء وأخممبرهم الخممبر فحمماروا ممماذا يصممنعون‬
‫فبعثت المرأة إليهم تقول لهم ل تنثنوا عما كنتم عازمين عليه فدخل‬
‫عليها فيروز الديلمي فاستثبت منها الخممبر ودخلمموا إلممى ذلممك الممبيت‬
‫فنقبوا داخله بطائن ليهون عليهم النقب من خارج ثممم جلممس عنممدها‬
‫جهرة كالزائر فدخل السممود فقممال وممما هممذا فقممالت إنممه أخممي مممن‬
‫الرضاعة وهو ابن عمي فنهره وأخرجه فرجع إلى أصحابه فلما كممان‬
‫الليل نقبوا ذلك البيت فدخلوا فوجدوا فيه سراجا تحت جفنة فتقممدم‬
‫إليه فيروز الديلمي والسود نائم علممى فممراش مممن حريممر قممد غممرق‬
‫رأسه في جسده وهو سكران يغط والمرأة جالسة عنممده فلممما قممام‬
‫فيروز على الباب أجلسه شيطانه وتكلم على لسممانه وهممو مممع ذلممك‬
‫يغط فقال مالي ومالك يا فيروز فخشي إن رجع يهلك وتهلك المرأة‬
‫فعاجله وخالطه وهممو مثممل الجمممل فأخممذ رأسممه فممدق عنقممه ووضممع‬
‫ركبتيه في ظهره حتى قتلمه ثمم قمام ليخمرج إلمى أصمحابه ليخمبرهم‬
‫فأخذت المرأة بذيله وقالت أين تذهب عن حرمتممك فظنممت أنهمما لممم‬
‫تقتله فقال أخرج لعلمهم بقتله فدخلوا عليه ليحتزوا رأسممه فحركممه‬
‫شيطانه فاضطرب فلم يضبطوا أمره حتى جلس اثنان علممى ظهممره‬
‫)‪(410‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأخذت المرأة بشعره وجعل يبربر بلسانه فاحتز الخممر رقبتممه فخممار‬
‫كأشد خوار ثور سمع قط فابتدر الحرس إلى المقصممورة فقممالوا ممما‬
‫هذا ما هذا فقالت المرأة النممبي يمموحي إليممه فرجعمموا وجلممس قيممس‬
‫داذويه وفيروز يأتمرون كيف يعلمون أشياعهم فاتفقوا علممى أنممه إذا‬
‫كان الصباح ينادون بشعارهم الذي بينهم وبين المسلمين فلممما كممان‬
‫الصباح قام أحدهم وهو قيس علممى سممور الحصممن فنممادى بشممعارهم‬
‫فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن فنادى قيس ويقممال وبممر‬
‫بممن يحنممش الذان اشممهد أن محمممدا رسممول اللممه وأن عبهلممة كممذاب‬
‫وألقممى إليهممم رأسممه فممانهزم أصممحابه وتبعهممم النمماس يأخممذونهم‬
‫ويرصدونهم في كل طريق يأسرونهم وظهر السمملم وأهلممه وتراجممع‬
‫نواب رسول الله إلى أعمالهم وتنازع أولئك الثلثممة فممي المممارة ثممم‬
‫اتفقوا على معاذ ابن جبل يصلي بالناس وكتبمموا بممالخبر إلممى رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وقد أطلعه الله على الخبر من ليلتممه كممما‬
‫قال سيف بن عمر التميمي عن أبي القاسم الشنوي عممن العلء بممن‬
‫زيد عن ابن عمر أتى الخبر إلى النبي من السممماء الليلممة الممتي قتممل‬
‫فيها العنسي ليبشرنا فقال قتل العنسي البارحممة قتلممه رجممل مبممارك‬
‫من أهل بيت مباركين قيل ومن قال فيروز وقد قيممل إن مممدة ملكممه‬
‫منذ ظهر إلى أن قتل ثلثة أشهر ويقال أربعة أشهر فالله أعلم وقال‬
‫سيف بن عمر عن المستنير عن عروة عن الضحاك عن فيروز قممال‬
‫قتلنا السود وعاد أمرنا في صنعاء كما كان إل أنا أرسمملنا إلممى معمماذ‬
‫بن جبل فتراضينا عليه فكان يصلي بنا في صنعاء فوالله ما صلى بنا‬
‫إل ثلثة أيام حمتى أتانما الخممبر بوفماة رسمول اللمه فانتقضمت الممور‬
‫وأنكرنا كثيرا مما كنا نعممرف واضممطربت الرض وقممد قممدمنا أن خممبر‬
‫العنسي جاء إلى الصديق في أواخر ربيمع الول بعمد مما جهمز جيمش‬
‫أسامة وقيل بل جاءت البشارة إلممى المدينممة صممبيحة تمموفي رسممول‬
‫الله والول أشهر والله أعلم[‪.‬‬
‫ومهما أدرت الرواية على وجوهها المختلفممة فإنممك سممتجد فممي‬
‫جوهرها أن فيروزا ً وصحبه‪:‬‬
‫قد تظاهروا بالولء للسود العنسي الكممذاب‪ ،‬وعملمموا عنممده فممي‬
‫مناصب الدولة‪ ،‬مثل قيادة الجيوش‪ ،‬وحكم المناطق‪ ،‬وغير ذلممك‪ ،‬أي‬
‫أنهم أصبحوا من رجالت الدولة والجيش وأصبح هو منهم في مأمن‪.‬‬
‫وفي أثناء هذه العملية خادعوه كما يخممادع العممدو الحربممي‪ ،‬وتلفظمموا‬
‫)‪(411‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عنممد اللممزوم بألفمماظ الكفممر‪ ،‬فتظمماهروا بممالردة‪ ،‬وأقسممموا لممه علممى‬
‫صدقهم‪ ،‬وإخلصهم له‪ ،‬وحسن نصيحتهم له‪ ،‬كل ذلممك تطممبيق دقيممق‬
‫للحديث‪» :‬الحرب خدعة«‪ ،‬ولم يعتبر ذلك غدرًا‪.‬‬
‫وتدل مجموع الروايات على أن النبي صلى الله عليه وعلى آلممه‬
‫شر بمقتل العنسي قبيل وفاته صمملى اللممه عليممه وعلممى آلممه‬ ‫وسلم‪ ،‬ب ّ‬
‫وسلم‪ ،‬بساعات‪ ،‬وأثنى على منفذ العملية فوصفه بالصلح والبركممة‪.‬‬
‫ول شك أن أخبممار العمليممة أصممبحت حممديث المجممالس‪ ،‬وسممارت بهمما‬
‫الركبان على عهممد الصممحابة‪ ،‬وهممم مجمعممون علممى إقرارهمما‪ ،‬والثنمماء‬
‫العاطر على منفذيها‪ ،‬ولم يسمع في تاريخ السلم معممترض أو ناقممد‬
‫لها من أهل القبلة‪ .‬هذا إجماع يقيني قاطع مممن الصممحابة ومممن جمماء‬
‫بعدهم من أهل السلم على مشروعية العملية‪ ،‬بل علممى اسممتحبابها‬
‫والثناء على فاعليها‪.‬‬

‫م وأما قصة عبد الله بن أنيس فقد رواها أبممو داود وأحمممد وابممن‬
‫حبان وغيرهم‪:‬‬
‫عن عبد الله بن أنيس رضي اللممه عنممه قممال‪ :‬بعثنممي رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي وكممان نحممو عرنممة‬
‫وعرفات فقال اذهب فاقتله قال فرأيته وحضرت صلة العصر فقلت‬
‫إني لخاف أن يكون بيني وبينه ما أن أؤخر الصلة فانطلقت أمشممي‬
‫وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه فلما دنوت منه قال لي من أنت؟ قلممت‬
‫رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجممل فجئتممك فممي ذاك قممال‬
‫إني لفي ذاك فمشيت معه سمماعة حممتى إذا أمكننممي علمموته بسمميفي‬
‫حتى برد‪ .‬أخرجه أبو داود وحسنه الحافظ بن حجر‪.‬‬
‫ورواية أحمد عن عبد الله بممن أنيممس قممال‪ :‬دعمماني رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬أنه قد بلغنممي أن خالممد بممن سممفيان بممن‬
‫نبيح يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعرنة فممأته فمماقتله قممال قلممت يمما‬
‫رسول الله انعته لي حتى أعرفه قال إذا رأيته وجدت له اقشممعريرة‬
‫قال فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعممن‬
‫يرتاد لهن منزل وكان وقت العصر فلما رأيته وجممدت ممما وصممف لممي‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم مممن القشممعريرة فممأقبلت نحمموه‬
‫وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشممغلني عممن الصمملة فصممليت‬
‫وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع والسممجود فلممما انتهيممت إليممه‬
‫)‪(412‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال من الرجل قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجممل‬
‫فجاءك لهذا قال أجل أنا في ذلك قال فمشمميت معممه شمميئا حممتى إذا‬
‫أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته ثممم خرجممت وتركممت ظعممائنه‬
‫مكبات عليه فلما قدمت على رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫فرآني فقال أفلح الوجه قال قلت قتلته يا رسول الله قممال صممدقت‪.‬‬
‫رواه أحمد في مسنده‪.‬‬
‫ففي هذه القصة أظهر عبد الله بن أنيس لخالد الموافقممة علممى‬
‫دينه وعلى قتال النبي صلى الله عليه وسلم وهممذا أكممثر مممن إظهممار‬
‫ن عبد الله منه قتلممه ولممم يعتممبر فعلممه‬‫م لما أمنه العدو وتمك ّ‬
‫المان ث ّ‬
‫غدرا ً بل هو من الجهاد‪ ،‬والحرب خدعة‪.‬‬
‫ومع هذا فإن المجاهدين وعلى رأسممهم شمميخهم الشمميخ أسممامة‬
‫حفظه الله قد أعذروا إلى الكفار وعرضوا عليهم الهدنممة ولكممن أبممى‬
‫أهل الكفر إل أن يذوقوا بأس عباد الله المجاهدين‪ ،‬والمريكان ومن‬
‫على شاكلتهم نقضمموا أمممانهم مممع مممن فممي ديممارهم مممن المسمملمين‬
‫بالعتداء عليهم‪ ،‬ومممن العتممداء الصممريح الممذي يعتممبر ناقض ما ً لعممدهم‬
‫وأمانهم مع كل مسلم في بلدهممم وغيممر بلدهممم )إهانممة كتمماب اللمه(‬
‫و)الطعن في رسول الله( و)الطعن في دين السلم(‪.‬‬
‫وبهذا تعلم أن المجاهممدين بحمممد اللممه وفضممله لممم يغممدروا ولممم‬
‫يخونوا‪.‬‬
‫وأما حديث حذيفة رضي الله عنه الذي ذكره المؤلف فقد ذهممب‬
‫بعض العلماء إلى أن العهد الذي ُأخذ منهم غير معتبر لنه ُأخممذ حممال‬
‫الكراه‪ ،‬ولكن النبي صلى الله عليممه وسمملم حمايممة لسمممعة الممدعوة‬
‫أمرهم أن يرجعوا ول يقاتلوا‪ ،‬قال المممام النممووي رحمممه اللممه‪ :‬وأممما‬
‫قضية حذيفة وأبيه فإن الكفار استحلفوهما ل يقاتلن مع النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في غزاة بدر فأمرهما النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫بالوفاء وهذا ليممس لليجمماب فممإنه ل يجممب الوفمماء بممترك الجهمماد مممع‬
‫المام ونائبه ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ل يشمميع عممن‬
‫أصحابه نقض العهد وإن كممان ل يلزمهممم ذلممك لن المشمميع عليهممم ل‬
‫يذكر تأويل‪) .‬شرح النووي على مسلم‪/‬ج ‪/12‬ص ‪.(144‬‬
‫فممإن قيممل‪:‬إن الممبرجين كممان فيهممما نسمماء وأطفممال وربممما بعممض‬
‫المسلمين‪ ،‬وهؤلء ل يجوز قتلهم‪.‬‬

‫)‪(413‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالجواب من وجوه‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن المجاهدين استهدفوا ثلثة أماكن هي مفاصل القوة فممي‬
‫أمريكا‪ ،‬والماكن التي استهدفوها هي‪:‬‬
‫‪ -‬مبنى البنتاغون ‪-‬وزارة الممدفاع المريكيممة‪ -‬الممتي تخطممط لجممرائم‬
‫أمريكا‪.‬‬
‫‪ -‬البيت البيض مقر طواغيت أمريكا‪.‬‬
‫‪ -‬البرجين التجاريين الذين تغسل فيهما أموال العالم والممذين لهممما‬
‫أثر كبير في قيام أمريكا وقيام اقتصادها الذي خنقت به العالم‪.‬‬
‫والعجيب أن الذين استنكروا ضرب البرجين لم يتعرضمموا لضممرب‬
‫وزارة الدفاع لنهم يعلمون أنهممم إن اسممتنكروا ذلممك فسمموف تظهممر‬
‫كزوا استنكارهم على ضرب البرجين‪.‬‬ ‫حقائقهم للقريب والبعيد فر ّ‬
‫والمجاهدون عندما استهدفوا البرجين لم يكممن مقصممودهم قتممل‬
‫النساء والطفال ونحوهم ولكن كان مقصودهم ضرب أعظم مفصل‬
‫اقتصادي لمريكا‪ ،‬والذين قتلوا في البرجين قتلوا تبعا ً ل قصدًا‪.‬‬
‫والجهاد القتصادي لمه أصمل فمي ديننما فمالنبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم خرج إلى غزوة بممدر وأصممل قصممده التعممرض لقافلممة قريممش‪،‬‬
‫وضرب قريش في اقتصادها‪.‬‬
‫كذلك كانت كثير من السرايا يبعثها النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫للتعرض لقوافل المشركين كما في قصة سرية عبد الله بن جحممش‬
‫رضي الله عنه‪.‬‬
‫وجهمماد العممدو فممي اقتصمماده كممما يكممون بضممربه فممي مفاصممله‬
‫القتصادية‪ ،‬يكون كذلك بمقاطعته وحصاره ويدل على ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬قصممة محاصممرة يهممود بنممي النضممير وهممي مممذكورة فممي صممحيح‬
‫مسلم‪ :‬أنهم لما نقضمموا العهممد حاصممرهم الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وقطممع نخيلهممم وحرقممه فأرسمملوا إليممه أنهممم سمموف يخرجممون‬
‫فهزمهم بالحرب القتصادية وفيها نزل قوله تعالى )ممما قطعتممم مممن‬
‫لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسممقين(‪.‬‬
‫فكانت المحاصرة وإتلف مزارعهم ونخيلهم الممتي هممي عصممب قمموة‬
‫اقتصادهم من أعظم وسائل الضغط عليهم وهزيمتهم وإجلئهممم ممن‬
‫المدينة‪.‬‬
‫‪ -‬قصة حصار الطائف بعد فتح مكة وأصل قصتهم ذكرها البخمماري‬

‫)‪(414‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صمل قصمتهم ابمن القيمم فمي زاد‬ ‫في المغازي ومسلم في الجهاد وف ّ‬
‫المعماد وذكرهما ابمن سمعد فمي الطبقمات ‪ ،2/158‬قمال‪ :‬فحاصمرهم‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بقطممع أعنمماب ثقيممف وتحريقهمما‬
‫فوقع المسلمون فيها يقطعون قطعا ذريعا‪ ،‬قال ابن القيم في فوائد‬
‫ذلك‪ :‬وفيه جواز قطع شجر الكفار إذا كان ذلممك يضممعفهم ويغيظهممم‬
‫وهو أنكى فيهم‪.‬‬
‫‪ -‬قصة المقاطعة القتصممادية للصممحابي ثمامممة بممن أثممال الحنفممي‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬وقد جاءت قصته في السممير والمغممازي‪ ،‬ذكرهمما ابممن‬
‫إسحاق في السيرة وابن القيم في زاد المعاد والبخاري في المغازي‬
‫ومسلم في الجهاد‪ ،‬وقصته كانت قبل فتح مكة لممما أسمملم ثممم قممدم‬
‫مكة معتمرا وبعد عمرته أعلن المقاطعة القتصادية لقريش قائل‪ :‬ل‬
‫والله ل تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن في ذلك رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسمملم )وكممانت اليمامممة ريممف مكممة( ثممم خممرج إلممى‬
‫اليمامة فمنع قومه أن يحملوا إلى مكمة شميئا حمتى جهمدت قريمش‪،‬‬
‫وقممد أقممره الرسممول صملى اللمه عليممه وسمملم علممى هممذه المقاطعممة‬
‫القتصادية وهي من مناقبه رضي الله عنه‪.‬‬
‫وأورد هنا ما كتبه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شأن‬
‫المقاطعة‪:‬‬
‫بيان في فضل الجهاد في سبيل الله وان المقاطعة القتصاديه ركممن‬
‫من أركان الجهاد‬
‫لفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي ‪ -‬رحمه الله‪:‬‬
‫فضل الجهاد في سبيل الله أخبر الله في كتممابه أن الجهمماد سممبب‬
‫الفلح وطريق العز والرفعة والنجاح‪ ،‬وأنه أفضل التجارات الرابحممة‪،‬‬
‫وأن أهله أرفع الخلق درجات في الدنيا والخرة‪ ..‬وأخبر النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم أن بالجهاد تتم النعم الباطنممة والظمماهرة‪ .‬وهممو ذروة‬
‫سنام الدين وأحب العمال إلى رب العالمين‪ ،‬وأن الروحممة والغممدوة‬
‫واليوم والليلة في الجهاد ومصابرة العداء خير من الدنيا وما عليهمما‪،‬‬
‫وأنه خير من استيعاب الليل والنهار بالصيام والقيممام وأنممواع التعبممد‪،‬‬
‫ت له الجنة وأجري له عمله الذي‬ ‫جب َ ْ‬
‫وأن المجاهد المصابر إذا مات وَ َ‬
‫كان يعمله في الدنيا إلى يوم القيامة‪ ،‬وأمن من فتن القممبر وعممذابه‪،‬‬
‫وأن ذنوبه صغارها وكبارها يغفرها الله ما عدا ديون العبمماد‪ ،‬وأن فممي‬
‫الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السممماء والرض أعممدها‬
‫)‪(415‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله للمجاهدين في سبيله‪ ،‬وممما اغممبرت قممدما عبممد فممي سممبيل اللمه‬
‫فتمسه النار‪ .‬ومن مات لم يغُز ولم يحدث نفسه بممالغزو مممات علممى‬
‫شعبة من النفاق‪..‬‬
‫أي ومن غزا في سبيل الله أو استعد للغزو عند الحاجة إليه فقد‬
‫كمل إيمانه وبممرئ مممن النفمماق‪ .‬وفضممائل الجهمماد ل تعممد ول تحصممى‪،‬‬
‫وثمراته العاجلة والجلة ل تحد ول تستقصى‪ ،‬وكيف ل يكممون الجهمماد‬
‫في سبيل الله يحتوي علممى هممذه الفضممائل الجليلممة وفيممه عممز الممدنيا‬
‫وسممعادتها وفيممه سممعادة الخممرة وكرامتهمما مممما ل عيممن رأت ول أذن‬
‫سمعت ول خطر على قلب بشر‪ .‬كيف ل يكممون بهممذه المثابممة وفيممه‬
‫عز السلم والمسلمين‪ ،‬وفيه إقامة شعائر وشرائع الدين‪ ،‬وفيه قمع‬
‫الطاغين والمعتممدين‪ ..‬فالمجاهممد قممد اسممتعد وتصممدى أن يكممون مممن‬
‫أنصار الله الممذابين عممن ديممن اللممه‪ ،‬والمجاهممد قممد سمملك كممل سممبيل‬
‫يوصممله إلممى اللممه‪ ،‬والمجاهممد قممد شممارك المصمملين فممي صمملتهم‬
‫والمتعبدين في عباداتهم والعاملين في كل خير في أعمممالهم لنممه ل‬
‫سبيل لقيام هذه المممور إل بالجهمماد والممذب عممن الوطممان والديممان‪،‬‬
‫فلممول المجاهممدون لهممدمت مواضممع العبممادات‪ ،‬ولممول دفممع اللممه بهممم‬
‫لتصممدع شمممل الممدين واسممتولت العممداء مممن الكممافرين الطمماغين‪..‬‬
‫فالجهاد سور الدين وحصنه‪ ،‬وبه يتممم قيممامه وأمنممه‪ ،‬ولممول دفممع اللممه‬
‫الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيممع وصمملوات ومسمماجد يممذكر‬
‫فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز‪.‬‬
‫فيا أنصار الدين‪ ..‬ويا حماة المسلمين‪.‬‬
‫ويا خيرة المجاهدين‪..‬‬
‫هذه أيامكم قد حضرت‪ ،‬وهذه أمم الكفر والطغيان قممد تجمعممت‬
‫على حربكم وتحزبت‪ ،‬فقد أتوكم في عقر داركم‪ ..‬غرضممهم القضمماء‬
‫التام على دينكم وأقطاركم‪ ،‬فانفروا لجهادهم خفافا وثقممال وجاهممدوا‬
‫بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلك خير لكممم إن كنتممم تعلمممون‪..‬‬
‫}يا أيها الممذين هممل أدلكممم علممى تجممارة تنجيكممم مممن عممذاب أليممم *‬
‫تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بممأموالكم وأنفسممكم‬
‫ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويممدخلكم جنممات‬
‫تجري من تحتها النهار ومساكن طيبة فممي جنممات عممدن ذلممك الفمموز‬
‫العظيممم * وأخممرى تحبونهمما نصممر مممن اللممه وفتممح قريممب وبشممر‬
‫المؤمنين{‪ .‬ألم تروا كيف جعل الله الجهاد أربح التجممارات‪ ،‬وطريقمما‬
‫)‪(416‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إلى المساكن الطيبة في جنات النعيم‪ ،‬ووعممدهم بالنصممر منممه وفتممح‬
‫قريب‪ ،‬والله تعالى ل يخلف الميعاد‪} .‬يا أيها الذين آمنمموا إن تنصممروا‬
‫الله ينصركم ويثبت أقدامكم{‬
‫قوموا بالجهاد مخلصين للممه قاصممدين أن تكممون كلمممة اللممه هممي‬
‫العليا وكلمة الذين كفروا السممفلى‪ ..‬حممافظوا علممى الوحممدة الدينيممة‪،‬‬
‫والخممموة اليمانيمممة‪ ،‬والحمايمممة العربيمممة‪ ..‬ولتكمممن كلمتكمممم واحمممدة‬
‫وأغراضكم متحمدة ومقاصممدكم متفقمة وسمعيكم نحوهما واحمد‪ ،‬فممإن‬
‫الجتماع أساس القوة المعنويممة‪ ،‬ومممتى اجتمممع المسمملمون واتفقمموا‬
‫وصابروا أعداءهم وثبتوا على جهادهم ولم يتفرقوا وعملمموا السممباب‬
‫النافعة واستعانوا بربهم‪ ..‬مممتى كممانوا علممى هممذا الوصممف فليبشممروا‬
‫بالعز والرفعة والكرامة‪.‬‬
‫}يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطمموا واتقمموا اللممه لعلكممم‬
‫تفلحون{‪.‬‬
‫}يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم‬
‫تفلحمممون * ول تنمممازعوا فتفشممملوا وتمممذهب ريحكمممم إن اللمممه ممممع‬
‫الصابرين{‪.‬‬
‫إخواني‪:‬‬
‫اعلموا أن الجهاد يتطور بتطور الحوال‪ ،‬وكممل سممعي وكممل عمممل‬
‫فيه صلح المسلمين وفيه نفعهم وفيه عزهم فهو مممن الجهمماد‪ ،‬وكممل‬
‫سعي وعمل فيه دفع لضرر على المسلمين وإيقمماع الضممرر بالعممداء‬
‫الكافرين فهو من الجهاد‪ ،‬وكل مساعدة للمجاهدين ماليمما فإنهمما مممن‬
‫الجهاد‪ ..‬من جهز غازيا فقد غزى‪ ،‬ومممن خلفممه فممي أهلممه بخيممر فقممد‬
‫غزى‪ ،‬وإن الله دخل بالسهم الواحد ثلثة الجنة‪ :‬صانعه يحتسب فيممه‬
‫الجر‪ ،‬والذي يساعد به المجاهدين‪ ،‬والذي يباشر به الجهاد‪.‬‬
‫ومممن أعظممم الجهمماد وأنفعممه السممعي فممي تسممهيل اقتصمماديات‬
‫المسمملمين والتوسممعة عليهممم فممي غممذائياتهم الضممرورية والكماليممة‪،‬‬
‫وتوسيع مكاسبهم وتجاراتهم وأعمممالهم وعمممالهم‪،‬كممما أن مممن أنفممع‬
‫الجهاد وأعظمه مقاطعة العداء في الصادرات والواردات فل يسمح‬
‫لوارداتهم وتجاراتهم‪ ،‬ول تفتح لها أسواق المسلمين ول يمكنون مممن‬
‫جلبها على بلد المسلمين‪ ..‬بل يستغني المسلمون بممما عنممدهم مممن‬
‫منتوج بلدهم‪ ،‬ويوردون ما يحتاجونه من البلد المسممالمة‪ .‬وكممذلك ل‬

‫)‪(417‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تصدر لهم منتوجات بلد المسمملمين ول بضممائعهم وخصوصمما ممما فيممه‬
‫تقوية للعداء‪ :‬كالبترول‪ ،‬فإنه يتعين منع تصديره إليهم‪ ..‬وكيف يصدر‬
‫لهم من بلد المسلمين ما به يستعينون على قتالهم؟؟! فإن تصديره‬
‫إلى المعتدين ضرر كبير‪ ،‬ومنعه من أكبر الجهاد ونفعه عظيم‪.‬‬
‫فجهاد العداء بالمقاطعة التامة لهم من أعظم الجهمماد فممي هممذه‬
‫الوقات‪ ،‬وقد نفع الله بهذه المقاطعة نفعا كممبيرا‪ ..‬وأضممرت العممداء‬
‫وأجحفت باقتصادياتهم‪ ،‬وصاروا من هذه الجهة محصورين مضطرين‬
‫إلى إعطاء المسلمين كثيرا من الحقمموق الممتي لممول هممذه المقاطعممة‬
‫لمنعوها‪ ،‬وحفظ الله بذلك ما حفظ من عز المسلمين وكرامتهم‪.‬‬
‫ومن أعظممم الخيانممات وأبلممغ المعمماداة للمسمملمين تهريممب أولممي‬
‫الجشع والطمع الذين ل يهمهممم الممدين ول عممز المسمملمين ول تقويممة‬
‫العداء نقود البلد أو بضائعها أو منتوجاتها إلى بلد العممداء‪ ! ..‬وهممذا‬
‫من أكبر الجنايات وأفظع الخيانات‪ ،‬وصاحب هذا العمل ليس له عند‬
‫الله نصيب ول خلق‪.‬‬
‫فواجب الولة الضرب على أيدي هممؤلء الخونممة‪ ،‬والتنكيممل بهممم‪،‬‬
‫فإنهم ساعدوا أعداء السمملم مسمماعدة ظمماهرة‪ ،‬وسممعوا فممي ضممرار‬
‫المسلمين ونفمع أعممدائهم الكمافرين‪ ..‬فهمؤلء مفسمدون فممي الرض‬
‫يستحقون أن ينزل بهم أعظم العقوبات‪.‬‬
‫والمقصود أن مقاطعة العداء بالقتصاديات والتجارات والعمممال‬
‫وغيرها ركن عظيم من أركممان الجهمماد ولممه النفممع الكممبر وهممو جهمماد‬
‫سلمي وجهاد حربي‪.‬‬
‫وفق الله المسلمين لكل خير وجمع كلمتهم وألممف بيممن قلمموبهم‬
‫وجعلهممم إخوانمما متحممابين ومتناصممرين‪ ،‬وأيممدهم بعممونه وتمموفيقه‪،‬‬
‫وساعدهم بمدده وتسديده إنه جواد كريم رؤوف رحيم‪..‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫قال ذلك وكتبه‪:‬‬
‫عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي ‪ -‬رحمه الله‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬أن قتممل النسمماء والطفممال جمماء تبعما ً ل قصممدا ً ولممو أراد‬
‫المجاهدون قتل الناس لكان ذلك أسهل عليهم مممن ضممرب الممبرجين‬
‫والبنتاغون فإن استهداف الماكن السكنية المأهولممة بالنمماس أسممهل‬
‫من ضرب الماكن المحروسة والمراقبة‪.‬‬

‫)‪(418‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مع أنه يجوز لنا أن نستهدف نساءهم وأطفالهم معاقبممة بالمثممل‬
‫صممد‬ ‫فكما يتقصممدون قتممل نسمائنا وأطفالنمما فكممذلك يجمموز لنمما أن نتق ّ‬
‫نساءهم وأطفالهم‪ ،‬ومن عاقب بالمثل فما ظلم‪.‬‬
‫دة مممواطن يجمموز فيهمما قتممل نسمماء الكفممار‬ ‫وقممد ذكممر العلممماء عم ّ‬
‫وأطفالهم وقد جمعها الشمميخ الشممهيد يوسممف العييممري ‪-‬تقبلممه اللممه‪-‬‬
‫حيث قال‪:‬ل شك في حرمة قتل النساء والصبيان والشيوخ ومن في‬
‫حكمهم من غير المقاتلة من الكفممار‪ ،‬إل أن هممؤلء المعصممومين مممن‬
‫الكفار ليست عصمتهم مطلقة‪ ،‬بل إن هناك حالت يجوز فيها قتلهممم‬
‫سواًء قصدا ً أو تبعا ً وسنذكر تلك الحالت بالتفصيل‪.‬‬
‫الحالة الولى‪:‬‬
‫من الحالت التي يجمموز فيهمما قتممل أولئك المعصممومين قصممدا ً أن‬
‫يعاقب المسمملمون الكفممار بنفممس ممما عوقبمموا بممه فممإذا كممان الكفممار‬
‫يستهدفون النساء والطفال والشيوخ مممن المسمملمين بالقتممل‪ ،‬فممإنه‬
‫يجوز في هذه الحالة أن يفعل معهم الشيء نفسه‪ ،‬لقول الله تعالى‬
‫م( )البقممرة‪:‬‬ ‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬ ‫ما اعْت َم َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫دوا عَل َي ْهِ ب ِ ِ‬ ‫م َفاعْت َ ُ‬ ‫دى عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن اعْت َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫)فَ َ‬
‫َ‬
‫س مي ّئ َ ٍ‬
‫ة‬ ‫ج مَزاءُ َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ص مُرو َ‬ ‫م ي َن ْت َ ِ‬ ‫ي هُ م ْ‬ ‫م ال ْب َغْ ُ‬ ‫صاب َهُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا أ‬‫ن إِ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ (194‬وقوله )َوال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ب الظ ّممال ِ ِ‬ ‫حم ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫جُرهُ عََلى الل ّهِ إ ِن ّم ُ‬ ‫ح فَأ ْ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ن عََفا وَأ ُْ‬ ‫م ْ‬ ‫مث ْل َُها فَ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ل عََلى‬ ‫سِبي ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫مهِ فَأول َئ ِ َ‬ ‫صَر ب َعْد َ ظ ُل ْ ِ‬ ‫ن ان ْت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫وَل َ َ‬
‫م‬
‫م‬‫ك ل َهُم ْ‬ ‫حمقّ ُأول َئ ِ َ‬ ‫ض ب ِغَي ْمرِ ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن فِممي اْل َْر‬ ‫س وَي َب ْغُممو َ‬ ‫ن الن ّمما َ‬ ‫مممو َ‬ ‫ن ي َظ ْل ِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ممموِر( وقمموله )وَإ ِ ْ‬ ‫ن عَْزم ِ اْل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫صب ََر وَغََفَر إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَل َ َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عَ َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬ ‫خي ْمٌر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُوَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ممما‬ ‫م ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ضمي ْ ٍ‬ ‫ك فِممي َ‬ ‫م َول ت َم ُ‬ ‫ن عَل َي ْهِم ْ‬ ‫حمَز ْ‬ ‫ك إ ِّل ِبالل ّهِ َول ت َ ْ‬ ‫صب ُْر َ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر وَ َ‬ ‫َوا ْ‬
‫ن( وهممذه اليممات‬ ‫سمُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وا َوال ّ ِ‬ ‫ن ات َّق ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫مع َ ا ل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫عامممة فممي كممل شمميء‪ ،‬وأسممباب نزولهمما ل يخصصممها‪ ،‬لن القاعممدة‬
‫الشرعية تقول )العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب(‪.‬‬
‫ه‪ ( ..‬نزلممت فممي‬ ‫م ب ِم ِ‬ ‫ممما عُمموقِب ْت ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْم ِ‬ ‫م فَعَمماقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫ن عَمماقَب ْت ُ ْ‬ ‫فآية )وَإ ِ ْ‬
‫المثلة‪ ،‬روى الترمذي في سننه بسند صحيح عن أبي بن كعب رضي‬
‫ل‪،‬‬ ‫الله عنه لما كان يوم أحد أصمميب مممن النصممار أربعممة وسممتون رج ً‬
‫ومن المهاجرين ستة‪ ،‬منهم حمزة بن عبد المطلب رضي اللممه عنممه‪،‬‬
‫فمثلوا بهم‪ ،‬فقالت النصار‪ ،‬لئن أصبنا منهممم يومما ً مثممل هممذا لنربيممن‬
‫م‬ ‫ن عَمماقَب ْت ُ ْ‬ ‫عليهم في التمثيل‪ ،‬فلما كان يوم فتح مكممة أنممزل اللممه )وَإ ِ ْ‬
‫ن( فقممال‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬
‫خي ْمٌر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُموَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫)‪(419‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫رجل‪ :‬ل قريش بعد اليوم فقال النبي رضي الله عنه كفوا عن القوم‬
‫إل أربعة(‪.‬‬
‫وروى ابن هشام في السيرة ”أن رسول صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫قال حين رأى ما رأى ‪ -‬أي من التمثيل بعمه حمزة رضي الله عنممه ‪-‬‬
‫)لول أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حممتى يكممون فممي‬
‫بطون السباع وحواصل الطير‪ ،‬ولئن أظهرني الله على قريممش‪ ،‬فممي‬
‫موطن من المواطن لمثلن بثلثين رجل ً منهم( فلما رأى المسلمون‬
‫حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعممل بعمممه‬
‫ما فعل‪ ،‬قالوا والله لئن أظفرنا الله بهم يوما ً من الدهر لنمثلن بهممم‬
‫مثلة لم يمثلها أحد من العرب‪ ..‬قممال ابممن إسممحاق‪ ..‬وحممدثني مممن ل‬
‫أتهم عن ابن عباس‪ :‬أن الله عز وجل أنزل في ذلك من قول رسول‬
‫ل‬‫مْثمم ِ‬ ‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه )وَإ ِ ْ‬
‫ك إ ِّل‬ ‫ص مب ُْر َ‬‫ممما َ‬ ‫صب ِْر وَ َ‬ ‫ن‪َ ،‬وا ْ‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬‫خي ٌْر ِلل ّ‬‫م ل َهُوَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬‫ما ُ‬‫َ‬
‫ن( فعفمما رسممول‬ ‫مك مُرو َ‬ ‫ُ‬ ‫ممما ي َ ْ‬‫م ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫م َول ت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ضي ْ ٍ‬‫ك ِفي َ‬ ‫ن عَلي ْهِ ْ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ِباللهِ َول ت َ ْ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ونهى عن المثلة“‪.‬‬
‫روى بممن أبممي شمميبة ‪ 7/366‬قممال لممما كممان يمموم أحممد وانصممرف‬
‫المشركون فرأى المسلمون بممإخوانهم مثلممة سمميئة جعلمموا يقطعممون‬
‫آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم فقممال أصممحاب رسممول اللممه صمملى‬
‫عمماقَب ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫الله عليه وسلم لئن أنالنا الله منهم لنفعلن فأنزل الله )وَإ ِ ْ‬
‫ن( فقممال‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬
‫خي ْمٌر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُموَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬‫ن َ‬‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬‫مث ْ ِ‬‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )بل نصبر(‪.‬‬
‫فالمثلة منهممي عنهمما ومحرمممة لقممول الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم كما جاء عند البخاري عن عبد الله يممن يزيممد رضممي اللممه عنممه‬
‫)أنه نهممى عممن النهممبى والمثلممة( قممال ابممن حجممر فممي الفتممح ‪5/120‬‬
‫”المثلة‪ :‬تشويه خلقة القتيل‪ ،‬كجممدع أطرافممه‪ ،‬وجممب مممذاكره ونحممو‬
‫ذلك“‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث بريممدة أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم كان يوصي قادة جيوشه وسممراياه بقمموله )اغممزوا باسممم اللممه‪،‬‬
‫قمماتلوا مممن كفممر بممالله‪ ،‬اغممزوا‪ ،‬ول تغلمموا ول تغممدروا‪ ،‬ول تمثلمموا‪ ،‬ول‬
‫تقتلوا وليدًا‪.( ..‬‬
‫إل أن العدو إذا مثل بقتلى المسلمين جاز للمسمملمين أن يمثلمموا‬

‫)‪(420‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بقتلى العدو وترتفع الحرمة في هممذه الحالممة‪ ،‬والصممبر وتممرك المثلممة‬
‫أفضل للمسلمين‪ ،‬أما الرسول صلى الله عليه وسلم فالصممبر وتممرك‬
‫المثلة في حقه على الوجوب لن الله سبحانه وتعالى أمممره بالصممبر‬
‫م(‬‫صممب َْرت ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه( وقال للمؤمنين )وَل َئ ِ ْ‬ ‫ك إ ِّل ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬
‫ما َ‬ ‫صب ِْر وَ َ‬
‫وقال له )َوا ْ‬
‫ندبا ً علممى الصممبر‪ ،‬فالشمماهد مممن اليممة أن المثلممة محرمممة وارتفعممت‬
‫الحرمة فممي حممال المعاقبممة بالمثمل‪ ،‬واليمة عامممة فيجمموز أن يعاممل‬
‫المسلمون عدوهم بالمثل في كممل شمميء ارتكبمموه ضممد المسمملمين‪،‬‬
‫فإذا قصد العدو النساء والصبيان بالقتل‪ ،‬فإن للمسمملمين أن يعمماقبوا‬
‫بالمثل ويقصدوا نساءهم وصبيانهم بالقتل‪ ،‬لعموم الية‪.‬‬
‫قال ابن مفلح في الفممروع ‪ 6/218‬نقل ً عممن شمميخ السمملم ابممن‬
‫تيمية ”إن المثلة حق لهم‪ ،‬فلهم فعلها للسممتيفاء وأخممذ الثممأر‪ ،‬ولهممم‬
‫تركها‪ ،‬والصبر أفضل‪ ،‬وهذا حيث ل يكون في التمثيل بهم زيادة فممي‬
‫الجهاد‪ ،‬ول يكون نكال لهم عممن نظيرهمما‪ ،‬فأممما إذا كممان فممي التمثيممل‬
‫الشائع دعاًء لهم إلى اليمان أو زجرا ً لهم عن العدوان‪ ،‬فإنه هنا مممن‬
‫بمماب إقامممة الحممدود والجهمماد المشممروع“ وانظممر الختيممارات لشمميخ‬
‫السلم ‪.5/521‬‬
‫وقال ابن القيممم فممي حاشمميته ‪” 12/180‬وقممد أبمماح اللممه تعممالى‬
‫للمسلمين أن يمثلوا بالكفار إذا مثلمموا بهممم وإن كممانت المثلممة منهيمما‬
‫ه( وهممذا‬ ‫م ب ِم ِ‬‫ممما عُمموقِب ْت ُ ْ‬
‫ل َ‬ ‫م فَعَمماقُِبوا ب ِ ِ‬
‫مث ْم ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫عنها فقال تعالى )وَإ ِ ْ‬
‫دليل على جدع النف وقطع الذن وبقر البطن ونحو ذلك هي عقوبة‬
‫بالمثل ليست بعدوان والمثل هو العدل‪ ،‬وأما كون المثلة منهيا عنهمما‬
‫فلما روى أحمد في مسنده من حديث سمرة بن جندب وعمران بن‬
‫حصين قال ما خطبنا رسول الله خطبة )إل أمرنا بالصدقة ونهانا عن‬
‫المثلة(‪.‬‬
‫فإن قيل فلو لم يمت إذا ُفعل به نظير ممما َفعممل فممأنتم تقتلممونه‬
‫وذلك زيادة على ما فعل فأين المماثلممة؟‪ ،‬قيممل هممذا ينتقممض بالقتممل‬
‫بالسيف‪ ،‬فإنه لو ضربه في العنق ولم يوجبه كان لنا أن نضربه ثانيممة‬
‫وثالثة حتى يمموجبه اتفاقمما‪ ،‬وإن كمان الول إذا ضمربه حصممول واحممدة‬
‫واعتبار المماثلة له طريقان إحمداهما اعتبمار الشميء بنظيمره ومثلمه‬
‫وهو قياس العلة الممذي يلحممق فيممه الشمميء بنظيممره‪ ،‬والثمماني قيمماس‬
‫الدللة الذي يكون الجمع فيه بين الصل والفرع بدليل العلة ولزمهمما‬
‫فإن انضاف إلى واحد من هذين عموم لفظي كان من أقمموى الدلممة‬
‫)‪(421‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لجتممماع العمممومين اللفظممي والمعنمموي وتضممافر الممدليلين السمممعي‬
‫والعتباري فيكون موجب الكتاب والميزان والقصمماص فممي مسممألتنا‬
‫هو من هذا الباب كممما تقممدم تقريممره وهممذا واضممح ل خفمماء بممه وللممه‬
‫الحمد والمنة“‪ .‬اهم‬
‫وكلم العلمة ابن القيم المتقدم رد على من قال‪ :‬وكيف تقتلون‬
‫نساء وصممبيان المقاتلممة إذا فعلمموا هممذا بنسمماء وصممبيان المسمملمين؟‬
‫وكيف تأخذون ثأركم من غيممر الفاعممل؟ واللممه يقممول )َول ت َمزُِر َوازَِرةٌ‬
‫وِْزَر أ ُ ْ‬
‫خَرى(‪.‬‬
‫وهذا اليراد باطل وينتقض حتى لو قلنمماه علممى المقاتلممة فكيممف‬
‫يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم مقاتلة قريش والذي نقممض العهممد‬
‫هم بني بكر بن وائل أو قادة قريش‪.‬‬
‫وكيف يقتل النبي صلى الله عليه وسلم رجممال وشمميوخ وأجممراء‬
‫بني قريظة وهم لم ينقضوا العهد بممل نقضممه كممبراؤهم وأهممل الممرأي‬
‫منهم فقتل بجريرتهم سبعمائة نفس‪ ،‬واسترق من بقي‪.‬‬
‫وأيض ما ً كيممف يجيممز العلممماء المثلممة مطلق ما ً برجممال العممدو ولممم‬
‫يشترطوا أن تكون المثلة بالفاعل؟‪.‬‬
‫ولو أن رجل ً قتل آخر فلماذا تتحمل عاقلته الدية ويغرمون والذي‬
‫ارتكممب الجنايممة فممرد منهممم وهممم لممم يشمماركوه ورغممم ذلممك تحملمموا‬
‫جريرته؟‬
‫وفي مسألة القسامة أيضا ً كيف يجيز الشرع لخمسين رجل ً من‬
‫أولياء المقتول الذين لم يشهدوا القتل‪ ،‬على أن يقسموا علممى رجممل‬
‫مشتبه به بأنه قتل وليهم ثم يدفع لهم برمته ليقتلوه؟ كيف ُيقتل في‬
‫هذه الحالة والدانة هنا لم تكممن مؤكممدة بممالطبع كممما هممي فممي حالممة‬
‫القرار أو الشهود؟‬
‫وجاء في الصحيحين كذلك من حديث رافع بن خديج رضممي اللممه‬
‫عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة مممن تهامممة‬
‫فأصبنا غنما وإبل فعجل القوم فأغلوا بها القممدور فجمماء رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم )فأمر بهمما فممأكفئت(‪ ،‬فكيممف يعمماقب الرسممول‬
‫صلى الله عليه وسلم هؤلء بإتلف اللحم وهو من الغنممائم الممتي لممم‬
‫تقسم بعد وللجيش جميعا ً حق فيه‪ ،‬والذي اعتدى هم الذين أغلوا بها‬
‫القدور فقط‪ ،‬فلم تكون العقوبة جماعية؟‪.‬‬

‫)‪(422‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابن حجر في الفتح ”وحمل البخاري الكفمماء علممى العقوبممة‬
‫بالمال وإن كان ذلك المال ل يختص بأولئك الممذين ذبحمموا‪ ،‬لكممن لممما‬
‫تعلق به طمعهم‪ ،‬كانت النكاية حاصلة لهم“‪.‬‬
‫وأيضا ً يرد على اليراد المتقدم بعموم قممول اللممه تعممالى )َوات ُّقمموا‬
‫َ‬ ‫خاصة‪ ..‬الية( وقوله )وإ َ َ‬
‫ن‬ ‫ذا أَرد َْنا أ ْ‬ ‫َِ‬ ‫م َ ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫موا ِ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫صيب َ ّ‬ ‫ة ل تُ ِ‬ ‫فِت ْن َ ً‬
‫حقّ عَل َي ْهَمما ال َْق موْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ُهْل ِ َ‬
‫ها‬ ‫مْرَنا َ‬ ‫ل فَ مد َ ّ‬ ‫سُقوا ِفيَها فَ َ‬ ‫مت َْرِفيَها فََف َ‬ ‫مْرَنا ُ‬ ‫ةأ َ‬ ‫ك قَْري َ ً‬
‫ميرًا(‪.‬‬ ‫ت َد ْ ِ‬
‫والشريعة جاءت بمثل همذه العقوبمات لمثمل تلمك الحمالت ممن‬
‫الجرائم‪ ،‬لن هذه الجرائم التي حمل الشارع عقوبتها غير الجناة هي‬
‫معاص تعتبر جماعية بإمكان الجماعة إذا علموا أنهممم سمميعاقبون بهمما‬
‫أن يجبروا الجاني على أن يكف عن ذلك‪ ،‬لذا جاءت الشريعة بعقاب‬
‫الجماعة من أجل الفرد‪ ،‬حثا ً للجماعة وتحريضا ً لهم علممى أن يأخممذوا‬
‫على يد الجاني قبل أن يفعل ذلك والله أعلم‪.‬‬
‫وراجع كلم ابن القيم المتقدم ليتضح لك المعنى‪..‬‬
‫واليات المتقدمة ل تقتصر على المماثلة في القصاص فقط بل‬
‫هي عامة لكل عقوبة أو حد سممواًء مممع مسمملم أو ذمممي أو معاهممد أو‬
‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬
‫م‬ ‫ن اعْت َم َ‬ ‫حربممي قممال القرطممبي ‪” 2/357‬قمموله تعممالى )فَ َ‬
‫مم ِ‬
‫م‬‫عماقَب ْت ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫م( وقموله تعمالى )وَإ ِ ْ‬ ‫دى عَل َي ْ ُ‬
‫كم ْ‬ ‫مما اعَْتم َ‬ ‫ل َ‬ ‫مْثم ِ‬‫دوا عَل َْيمهِ ب ِ ِ‬ ‫َفاعْت َ ُ‬
‫ه( قالوا وهذا عموم في جميع الشياء كلها‬ ‫م بِ ِ‬‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫وعضممدوا هممذا بممأن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم )حبممس القصممعة‬
‫المكسورة في بيت المتي كسمرتها ودفمع الصمحيحة وقمال إنماء بإنماء‬
‫وطعام بطعام( أخرجه أبو داود‪ ،‬ثم قممال‪ ...‬ل خلف بيممن العلممماء أن‬
‫هذه الية أصل في المماثلممة فممي القصمماص فمممن قتممل بشمميء قتممل‬
‫بمثل ما قتل به وهو قممول الجمهممور ممما لممم يقتلممه بفسممق كاللوطيممة‬
‫وإسقاء الخمر فيقتل بالسيف‪ ،‬وللشافعية قول أنه يقتل بذلك فيتخذ‬
‫عودا ً على تلك الصفة ويطعن به في دبره حتى يموت ويسممقى عممن‬
‫الخمر ماًء حتى يموت‪ ،‬وقال ابن الماجشممون إن مممن قتممل بالنممار أو‬
‫بالسم ل يقتل به لقول النبي صلى الله عليه وسلم )ل يعممذب بالنممار‬
‫إل الله( والسم نار باطنه وذهب الجمهور إلى أنه يقتل بذلك لعممموم‬
‫الية“‪.‬‬
‫وأفتى شيخ السلم بمقتضى عموم الية في رد سؤال ورد عليه‬

‫)‪(423‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فقال في الفتاوى ‪” 362 /30‬عن رجل أخممذ ممماله ظلممما بغيممر حممق‬
‫وانتهك عرضه أو نيل منه في بدنه فلم يقتص في الدنيا وعلم أن ممما‬
‫عند الله خير وأبقى فهل يكون عفوه عن ظممالمه مسممقطا لممما عنممد‬
‫الله أم نقصا له أم ل يكون‪ ،‬أو يكون أجره باقيمما كممامل ممموفرا وأيممما‬
‫أولى مطالبة هذا الظالم والنتقام منه يوم القيامة وتعممذيب اللممه لممه‬
‫أو العفو عنه وقبول الحوالة على الله تعالى؟‪.‬‬
‫فأجمماب‪ :‬ل يكممون العفممو عممن الظممالم ول قليلممه مسممقطا لجممر‬
‫المظلوم عند الله ول منقصا له بل العفممو عممن الظممالم يصممير أجممره‬
‫على الله تعالى فممإنه إذا لممم يعممف كممان حقممه علممى الظممالم فلممه أن‬
‫يقتص منه بقدر مظلمته وإذا عفا وأصمملح فممأجره علممى اللممه وأجممره‬
‫مث ْل ُهَمما‬‫ة ِ‬ ‫سمي ّئ َ ٌ‬ ‫سمي ّئ َةٍ َ‬ ‫جمَزاُء َ‬ ‫الذي هو على الله خير وأبقى قال تعالى )وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن( فقممد أخممبر‬ ‫مي َ‬ ‫ب الظ ّممال ِ ِ‬ ‫حم ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫جُرهُ عََلى الل ّهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ح فَأ ْ‬ ‫صل َ َ‬
‫ن عََفا وَأ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫م ْ‬
‫أن جزاء السيئة سيئة مثلها بل عدوان وهذا هو القصاص في الممدماء‬
‫جُرهُ عََلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح فَأ ْ‬ ‫صل َ َ‬
‫ن عََفا وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫والموال والعراض ونحو ذلك ثم قال )فَ َ‬
‫ممما‬
‫ل َ‬ ‫مث ْم ِ‬‫م فَعَمماقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫ن عَمماقَب ْت ُ ْ‬ ‫ه(‪ ..‬ثممم قممال‪ ..‬وقممد قممال تعممالى )وَإ ِ ْ‬ ‫الل ّم ِ‬
‫ن( وأبمماح لهممم سممبحانه‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬ ‫خي ْمٌر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُموَ َ‬ ‫صمب َْرت ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ب ِمهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عُمموقِب ْت ُ ْ‬
‫ه‬
‫وتعالى إذا عاقبوا الظالم أن يعاقبوه بمثل ما عاقب به ثممم قممال )ب ِم ِ‬
‫ن( فعلم أن الصبر عن عقمموبته بالمثممل‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫خي ٌْر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُوَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وَل َئ ِ ْ‬
‫خير من عقمموبته فكيممف يكممون مسممقطا للجممر أو منقصمما لممه؟“ أهمم‬
‫مختصر ًَا‪.‬‬
‫وإذا كممانت المماثلممة جممائزة فممي حممق المعتممدي المسمملم فممي‬
‫القصاص فكيف بها فممي حمق المعتمدي الحربممي؟‪ ،‬قمال النممووي فممي‬
‫المهذب ‪” 2/186‬فصل إذا قتل بالسيف لم يقتممص منممه إل بالسمميف‬
‫دى‬ ‫ممما اعْت َم َ‬ ‫ل َ‬‫مث ْم ِ‬ ‫دوا عَل َي ْمهِ ب ِ ِ‬ ‫م َفاعْت َم ُ‬ ‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬ ‫ن اعْت َم َ‬ ‫مم ِ‬ ‫لقوله تعممالى )فَ َ‬
‫م( ولن السيف أرجى اللت فإذا قتممل بممه واقتممص بغيممره أخممذ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫فوق حقه لن حقه في القتل‪ ،‬وقد قتل وعذب فإن أحرقممه أو غرقممه‬
‫أو رماه بحجر أو رماه من شاهق أو ضربه بخشممب أو حبسممه ومنعممه‬
‫ن‬‫الطعام والشراب فمات فللولي أن يقتص بممذلك لقمموله تعممالى )وَإ ِ ْ‬
‫ه( ولما روى البراء رضي اللممه عنممه‬ ‫م بِ ِ‬‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫مث ْ ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال )من حممرق حرقنمماه ومممن غممرق‬
‫غرقناه( ولن القصاص موضوع على المماثلة والمماثلة ممكنة بهذه‬
‫السباب فجاز أن يستوفى بها القصاص وله أن يقتص منممه بالسمميف‬
‫)‪(424‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لنه قد وجب له القتل والتعذيب فإذا عممدل إلممى السمميف فقممد تممرك‬
‫بعض حقه فجاز“‪.‬‬
‫سي ّئ َةٍ‬ ‫جَزاءُ َ‬ ‫قال الشوكاني في نيل الوطار ‪” 6/39‬قوله تعالى )وَ َ‬
‫ه(‬ ‫م ِبم ِ‬ ‫عموقِب ْت ُ ْ‬ ‫مما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مث ْل َُها( وقوله تعالى )وَإ ِ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬‫َ‬
‫دى‬ ‫ممما اعْت َم َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْم ِ‬‫دوا عَل َي ْمهِ ب ِ ِ‬ ‫م َفاعْت َم ُ‬ ‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬ ‫ن اعْت َم َ‬ ‫مم ِ‬ ‫وقوله تعالى )فَ َ‬
‫م( والحاصممل أن الدلممة القاضممية بتحريممم مممال الدمممي ودمممه‬ ‫عَل َي ْك ُم ْ‬
‫وعرضه عمومها مخصص بهذه الثلث اليات“ أهم مختصرا ً‬
‫دوا عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫قال ابن القيم في إعلم الموقعين ‪” 1/328‬قوله )َفاعْت َ ُ‬
‫ن‬ ‫مث ْل َُها( وقوله )وَإ ِ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬
‫سي ّئ َةٍ َ‬
‫جَزاُء َ‬ ‫م( وقوله )وَ َ‬ ‫دى عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ما اعْت َ َ‬‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ه( يقتضي جواز ذلممك ‪ -‬إي العقوبممة‬ ‫م بِ ِ‬‫عوقِب ْت ُ ْ‬
‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫بالمثل في النفس والعراض والموال ‪ -‬وقممد صممرح الفقهمماء بجممواز‬
‫إحراق زروع الكفار وقطع أشجارهم إذا كانوا يفعلون ذلمك بنما وهمذا‬
‫عين المسألة وقد أقر الله سبحانه الصحابة على قطممع نخممل اليهممود‬
‫لما فيه من خزيهم وهذا يدل على أنممه سممبحانه يحممب خممزي الجمماني‬
‫الظالم ويشممرعه‪ ،‬وإذا جمماز تحريممق متمماع الغممال بكممونه تعممدى علممى‬
‫المسلمين في خيانتهم في شيء من الغنيمة فلن يحرقمموا ممماله إذا‬
‫حرق مال المسلم المعصوم أولممى وأحممرى‪ ،‬وإذا كممانت الماليممة فممي‬
‫حق الله الذي مسامحته به أكثر من استيفائه فلن تشممرع فممي حممق‬
‫العبد الشحيح أولى وأحرى‪ ،‬ولن الله سبحانه شرع القصمماص زجممرا‬
‫للنفوس عن العدوان وكان من الممكممن أن يمموجب الديممة اسممتدراكا‬
‫لظلمة المجني عليه بالمال ولكممن ممما شممرعه أكمممل وأصمملح للعبمماد‬
‫وأشفى لغيظ المجني عليه وأحفممظ للنفمموس والطممراف‪ ،‬وإل فمممن‬
‫كان في نفسه من الخر من قتله أو قطع طرفه قتله أو قطع طرفه‬
‫وأعطى ديته والحكمممة والرحمممة والمصمملحة تممأبى ذلممك وهممذا بعينممه‬
‫موجود في العدوان على المال“‪.‬‬
‫وبعد هذه النصوص المنقولة عممن أهممل العلممم وبيممان أن العقوبممة‬
‫بالمثل الواردة في اليممات ليسممت خاصممة بالمثلممة الممتي كممانت سممببا ً‬
‫لنزول أحدها‪ ،‬بل همي عاممة فمي القصماص والحمدود والمعاملمة ممع‬
‫الكفممار ومممع فسمماق المسمملمين الظلممة‪ ،‬فممإذا جمماز القتصمماص مممن‬
‫المسمملم بمثممل جريمتممه‪ ،‬فلن يجمموز معاملممة الكممافر الحربممي بمثممل‬
‫معاملته للمسلمين من باب أولى‪.‬‬
‫هد أن الكفممار اليمموم ل سمميما أمريكمما تقتممل أبنمماء‬ ‫ومممن المشمما َ‬
‫)‪(425‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسلمين ونساءهم وشيوخهم بغير ذنب اقترفوه‪ ،‬فهاهم يحاصرون‬
‫العراق منذ عقد من الزمممان ولممم يقتممل إل الشممعب المسمملم‪ ،‬وفممي‬
‫قصفهم للعراق لم يضروا الحكومة العراقية بضممرر بممالغ بممل أضممروا‬
‫المسمملمين فقتلمموا مئات اللف منهممم‪ ،‬ولممو أن المسمملمين عمماملوا‬
‫أمريكمما بالمثممل لجمماز لهممم أن يقتلمموا بضممعة عشممر مليممون مممدني‪،‬‬
‫فبصاروخ واحد قتلت أمريكا ما يربوا على خمسممة آلف مسمملم فممي‬
‫ملجأ العامرية ببغداد أثناء حممرب الخليممج‪ ،‬لممو كممان الفاعممل لعمليممات‬
‫أمريكا مسلما لكانت هذه العمليات فقط رد دين مقابل حادثة ملجممأ‬
‫العامرية الممتي فجعممت المسمملمين‪ ،‬ناهيممك عممن الحصممار الممذي أودى‬
‫بحياة أكثر من مليون ومئتي ألف مسمملم‪ ،‬وأيض ما ً فعممدوان أمريكمما ل‬
‫زال مستمرا ً على البرياء فممي العممراق‪ ،‬فممإن آثممار السمملحة الفتاكممة‬
‫الممتي أصممابت أرض المسمملمين بالفسمماد وأصممابت مئات اللف مممن‬
‫البرياء بأمراض غريبة أشهرها سرطان الدم ل زالت ظاهرة للعيان‪،‬‬
‫ضمب وقمد بلغمت وفيمات الطفمال فقمط خلل‬ ‫بسبب اليورانيوم المن ّ‬
‫هممذه السممنوات بسممبب ضممربات أمريكمما مممع الحصممار أكممثر مممن‬
‫‪750000‬طفل )ثلثة أرباع مليون!(‪،‬‬
‫وإذا نظرت إلممى حصممار أمريكمما لفغانسممتان فإنممك تممرى العجممب‬
‫العجاب فضحايا الحصار يصل إلممى سممبعين ألممف مسمملم‪ ،‬أممما الوبئة‬
‫والمراض والفقر فإنه ارتفع إلى نسبة ‪ %95‬فمي الشمعب الفغماني‬
‫المسلم كل هذا تسمببت بمه أمريكمما بالدرجمة الولمى‪ ،‬وقمد ُأمطممرت‬
‫أرض المسلمين بسبعين صاروخ فلم نجد من يسممتنكر هممذا الرهمماب‬
‫ول قتل البرياء‪.‬‬
‫وأدر طرفك إلى فلسطين لممترى منممذ أكممثر مممن خمسممين عامما ً‬
‫حرب أمريكا للمسلمين من خلل اليهممود‪ ،‬نتممج عنهمما خمسممة ملييممن‬
‫مشرد و ‪ 262‬ألف شهيد بإذن اللممه و ‪ 186‬ألممف جريممح و ‪ 161‬ألممف‬
‫معمموق‪ ،‬ول زال الحصممار علممى إخواننمما فممي فلسممطين بعممون أمريكمما‬
‫مشددا ً منذ أكممثر مممن عشممرة أشممهر قتممل خللممه مممن جممراء الحممرب‬
‫الصهيوأمريكية على المسلمين أكثر من ألف ومممائتي مسمملم وجممرح‬
‫ما يزيد على واحد وعشرين ألف مسلم‪.‬‬
‫وفي الصومال تدخلت أمريكا بحجج إنسانية لتفسممد فممي الرض‬
‫فقتلت ثلثة عشر ألف مسلم وحرقت أبناء المسلمين‪ ،‬وفعل الجنود‬
‫المريكيون بأبنمماء المسمملمين وبنسممائهم الفممواحش‪ ،‬ودفنمموا نفيمماتهم‬
‫)‪(426‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫النوويممة فممي أرض الصممومال المسمملمة‪ ،‬ول زالممت أرض المسمملمين‬
‫تعاني من العدوان المريكي عليها‪.‬‬
‫والسودان حاصرتها أمريكا سنين ول زالممت وضممربتها بالصممواريخ‬
‫عازمة على قتل أهل الخرطوم جميعًا‪ ،‬لنها ضربت ممما كممانت تزعممم‬
‫أنه مخزون أسلحة كيماوية ولو كممان توقعهمما صممحيحا ً لتسممربت تلممك‬
‫الغازات من جراء الضربات الجوية ولقتلت أهل الخرطوم جميعًا‪ ،‬ول‬
‫زالت أمريكا تقف بشكل علني وراء الصليبيين في جنمموب السممودان‬
‫وتسعر الحرب التي راح ضحيتها أبناء المسلمين واقتصادهم‪.‬‬
‫هذه بعض قضايا المسلمين التي دخلت أمريكا فيها بشكل علني‬
‫ومباشر لقتممل البريمماء والفسمماد فممي أرض المسمملمين‪ ،‬ناهيممك عممن‬
‫القضممايا الممتي تقممف وراءهمما أمريكمما كممما هممو الحممال فممي الفلممبين‬
‫وإندونيسيا وكشمير ومقدونيا والبوسنة وغيرها‪ ،‬وبإمكان المسلم أن‬
‫يقول كل مصيبة تحصل للمسلمين فإن لمريكا يممد طممولى فيهمما إممما‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫فهممذه أمريكمما ل تممأبه بشممعب ول بشممعوب ل إسمملمية ول غيممر‬
‫إسملمية بممل ل تحممرص إل علمى مصمالحها حمتى علمى حسماب قتمل‬
‫البشرية جميعًا‪ ،‬فضحاياها عشرات الملييممن منممذ أن تسمملطت علممى‬
‫العالم منذ نصف قرن‪ ،‬فكيف ُتوقف أمريكا عنممد حممدها وكيممف تكممف‬
‫يدها عن العدوان ضد المسلمين؟‪ ،‬إن الشممريعة السمملمية لممم تكممن‬
‫ناقصة أبدا ً ففي الشريعة حكم بالقصاص من كل معتدٍ أثيم‪ ،‬فأمريكا‬
‫تقتل المسلمين بأسلوب بطيء ول يمكممن للضممعفاء مممن المسمملمين‬
‫أن يعاقبوها لنها ل تواجه أحدا ً بل تضرب عن بعد أو تحاصر‪ ،‬فالحممل‬
‫المثل لهؤلء الطغاة أن يعاقبوا بمثل ما عمماقبوا المسملمين واعتمدوا‬
‫عليهم به‪ ،‬فكيممف ُتطلممق يممد أمريكمما لقتممل نسممائنا وصممبياننا وتشممريد‬
‫المسلمين وضربهم متى شاءت وكيف شاءت وأين شمماءت؟ ويحممرم‬
‫على المسلمين أن يعاملوها بالمثل؟ إن الذي يقول بهممذا إممما جاهممل‬
‫أو جائر ظالم للمسلمين‪ ،‬يسعى لحمايممة أمريكمما لتزيممد مممن التقتيممل‬
‫والتشريد في المسلمين‪.‬‬
‫ونقول نحن معاملة بالمثل‪ :‬بسممبب ذنممب )الحكومممة المريكيممة(‬
‫وطريقتهمما فممي )معاقبممة الشممعوب( بسممبب )الفممراد(‪ ،‬سممنطبق هممذا‬
‫القانون فنعاقب شعبها بسبب )الحكومة(!‪.‬‬

‫)‪(427‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ثم ما الذي يغضب أمريكمما وأذنابهمما إذا عاقبنمما بالمثممل فهممذا هممو‬
‫قانونها‪ ،‬أليست هي التي تصمدر الحكمم علمى ممن تشماء ثمم تضمربه‬
‫بحجممة أنممه إرهممابي أو داعممم للرهمماب؟ وتقتممل غيممر الفاعممل وتهلممك‬
‫البرياء ول ترى في فعلها هذا أدنى حرج‪.‬‬
‫نعم نحن سممنعمل بقانونهمما هممذا وسممنتخذ مبممدأها غطماًء‪ ،‬اليهممود‬
‫إرهابيون وأمريكا تدعم الرهاب الصهيوني في فلسطين‪ ،‬أليس مممن‬
‫حقنا أن نصدر عليها حكما ً بضربها وفقا ً لمبدئها؟! بل شممك نعممم مممن‬
‫حقنا ذلك‪.‬‬
‫إذا ً ما الذي يغضبها ويغضب العالم؟! فإن أردنا أن نعاملها بالمثل‬
‫جازت العمليات شرعًا‪ ،‬وإن أردنا أن نعاملها وفقا ً لقانونهمما جمماز هممذا‬
‫الفعل في نظامها العالمي الجديد!!!‪.‬‬
‫الحالة الثانية‬
‫لقد قدمنا بأن معصممومي الممدم مممن النسمماء والصممبيان والشمميوخ‬
‫الكفار ل يجوز استهدافهم وقتلهم قصدا ً إل عقوبة بالمثل‪ ،‬أما قتلهممم‬
‫تبعا ً من غير قصد فهو جائز بشرط أن يكون في استهداف المقاتلين‬
‫أو الحصممون قتل ً لهممم بسممبب أنهممم لممم يتميممزوا عممن المقاتلممة أو‬
‫الحصون‪ ،‬فيجوز قتلهم والدليل ما جاء في الصممحيحين عممن الصممعب‬
‫بن جثامة رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عممن‬
‫الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال‬
‫)هم منهم(‪ ،‬وهذا يدل على جواز قتل النساء والصممبيان تبع ما ً لبممائهم‬
‫إذا لم يتميزوا‪ ،‬وفي رواية مسلم قال )هم من آبائهم(‪.‬‬
‫ورأي الجمهور أن نساء الكفار وذراريهممم ل يقتلممون قصممدا ً ولكممن‬
‫إذا لم يتوصل إلى قتل الباء إل بإصابة هؤلء جاز ذلك‪.‬‬
‫يقول ابن حجر في الفتممح ‪” 6/146‬قمموله )عممن أهممل الممدار( أي‬
‫المنزل‪ ،‬وقوله )هم منهم( أي‪ :‬فممي الحكممم فممي تلممك الحالممة وليممس‬
‫المراد إباحة قتلهم بطريق القصممد إليهممم‪ ،‬بممل المممراد إذا لممم يمكممن‬
‫الوصول إلى الباء إل بوطء الذرية‪ ،‬فإذا أصيبوا لختلطهم بهممم جمماز‬
‫قتلهم“‪.‬‬
‫ويقول النووي في شرحه لصحيح مسلم ‪” 7/325‬وهذا الحممديث‬
‫الذي ذكرناه من جواز بياتهم‪ ،‬وقتل النساء والصبيان في البيات‪ :‬هممو‬
‫مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور‪ ،‬ومعنى البيات‪ ،‬ويبيتون‪:‬‬

‫)‪(428‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أن ُيغار عليهم بالليل بحيث ل يعممرف الرجممل مممن المممرأة والصممبي‪..‬‬
‫وفي هذا الحديث دليل لجواز البيات وجواز الغارة على مممن بلغتهممم‬
‫الدعوة من غير إعلمهم بذلك“‪.‬‬
‫ويقول ابن الثير فممي جممامع الصممول ‪” 2/733‬يممبيتون‪ :‬التممبييت‬
‫ل‪ ،‬على غفلة للغارة والنهب‪ ،‬وقمموله )هممم منهممم( أي‬ ‫ُ‬
‫طروق العدو لي ً‬
‫حكمهممم وحكممم أهلهممم سممواء‪ ،‬وكممذلك قمموله فممي روايممة )هممم مممن‬
‫آبائهم(“‪.‬‬
‫قال ابممن قدامممة فممي المغنممي والشممرح ‪” 10/503‬ويجمموز قتممل‬
‫النساء والصبيان في البيممات )الهجمموم ليل( وفممي المطمممورة إذا لممم‬
‫يتعمد قتلهم منفردين‪ ،‬ويجوز قتل بهممائمهم ليتوصممل بممه إلممى قتلهممم‬
‫وهزيمتهم‪ ،‬وليس في هذا خلف“‪.‬‬
‫وقال فممي المغنممي ‪” 9/231‬فصممل ويجمموز تممبييت الكفممار وهممو‬
‫كبسهم ليل وقتلهم وهم غارون قال أحمد ل بأس بالبيات وهممل غممزو‬
‫الروم إل البيات قال ول نعلم أحدا كره بيات العدو وقرأ عليه سفيان‬
‫عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قممال‬
‫سمعت رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم يسممأل عممن الممديار مممن‬
‫المشركين نبيتهم فنصمميب مممن نسممائهم وذراريهممم فقممال هممم منهممم‬
‫فقال إسناد جيد فإن قيل فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عممن‬
‫قتل النساء والذرية قلنا هذا محمول على التعمد لقتلهم قممال أحمممد‬
‫أما أن يتعمد قتلهممم فل‪ ،‬قممال وحممديث الصممعب بعممد نهيممه عممن قتممل‬
‫النساء لن نهيه عن قتل النسمماء حيممن بعممث إلممى ابممن أبممي الحقيممق‬
‫وعلى أن الجمع بينهما ممكن يحمل النهي على التعمد والباحة على‬
‫ما عداه“‪.‬‬
‫ومعلوم هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن قتل‬
‫الذراري في حال الغارة والبيات لم يستفصل عن مدى الحاجة التي‬
‫ألزمت المقاتلة بهذه الغارة حتى يبيح لهم قتل معصممومي الممدم مممن‬
‫الكفممار وهممم النسمماء والصممبيان‪ ،‬والقاعممدة الشممرعية تقممول )تممرك‬
‫الستفصال في مقممام الحتمممال ينممزل منزلممة العممموم فممي المقممال(‬
‫فعموم مقال النبي صلى الله عليممه وسمملم )هممم منهممم( بل ضمموابط‪،‬‬
‫يجيز للجيش السلمي إذا رأى أنه بحاجة إلى الغارة فممإنه يجمموز لممه‬
‫فعلها حتى لو ذهب ضحيتها النساء والصبيان والشيوخ وغيرهم‪ ،‬ولممو‬
‫من غير ضرورة ملحة للغارة‪.‬‬
‫)‪(429‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فالعلة التي جاز من أجلها قتل النساء والصبيان في حال البيات‬
‫هي الحاجة إلى إضعاف قوة العمدو وضممرب قمدرته علمى المقاومممة‪،‬‬
‫بقتل رجاله وهدم حصونه حتى لو ذهب غيمر المقاتلمة ضمحية لمذلك‪،‬‬
‫فإذا كانت العلة المبيحة لقتل النساء والصممبيان هممي إضممعاف العممدو‬
‫عن المقاومة‪ - ،‬كما يتضح ذلك من مجموع النصوص المبيحممة لقتممل‬
‫النسمماء والصممبيان وسممتأتي ‪ ،-‬فممإن قتممل النسمماء والصممبيان بسممبب‬
‫استهداف مراكز قوى العدو الستراتيجية هو بمثابة الغارة لن العلممة‬
‫التي جاز من أجلها قتل النساء والصبيان من الكفار في الغممارة هممي‬
‫متوفرة بشكل أكبر في المواقع الستراتيجية للعممدو بممما يزيممد علممى‬
‫مصلحة قتل المقاتلة فقط‪ ،‬فمن أجاز قتل معصومي الدم لنهممم لممم‬
‫يتميزوا عن المقاتلة فإنه يجيز قتلهم لنهم لم يتميممزوا عممن المواقممع‬
‫الستراتيجية التي هي أهم من المقاتلة من باب أولى وفقا ً للصول‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‬
‫ويجمموز قتممل مممن يحممرم قتلممه مممن النسمماء والصممبيان والشمميوخ‬
‫وغيرهم من معصومي الدم وذلك في حال لممو حملمموا السمملح علممى‬
‫المسمملمين أو قمماموا بأعمممال تعيممن علممى العمممال القتاليممة سممواًء‬
‫بالتجسس أو المداد أو الممرأي أو غيرهمما وهممذا واضممح بسممبب تعليممل‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم فممي الحممديث الممذي رواه أحمممد وأبممو‬
‫داود عن رباح بن ربيع رضي الله عنه قال كنا مع رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شمميء فبعممث‬
‫رجل فقال )انظر علم اجتمع هؤلء؟( فجاء فقال علممى امممرأة قتيممل‬
‫فقال )ما كانت هذه لتقاتممل( قممال وعلممى المقدمممة خالممد بممن الوليممد‬
‫فبعث رجل فقال )قل لخالد ل يقتلن امرأة ول عسيفًا(‪.‬‬
‫قال ابن حجر في الفتح ‪) 6/148‬فممإن مفهممومه أنهمما لممو قمماتلت‬
‫لقتلت( وقال النووي في شرح صحيح مسلم ‪) 7/324‬أجمع العلممماء‬
‫علممى العمممل بهممذا الحممديث وتحريممم قتممل النسمماء والصممبيان إذا لممم‬
‫يقاتلوا‪ ،‬فإن قاتلوا قال جماهير العلماء يقتلممون( وقممال )وكممذلك كممل‬
‫من لم يكن من أهل القتال ل يحل قتله إل إذا قاتل حقيقة أو معنممى‬
‫بالرأي والطاعة والتحريض وأشباه ذلك( وتأمل قمموله )قاتممل حقيقممة‬
‫أو معنى بالرأي والطاعة والتحريض وأشباه ذلك(‪.‬‬
‫قال شيخ السلم في السياسة الشممرعية ‪) 133-132‬وأممما مممن‬
‫لم يكن من أهممل الممانعممة والمقاتلممة كالنسمماء والصممبيان والراهممب‪،‬‬
‫)‪(430‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من ونحوهم فل ُيقتل عند جمهور العلممماء‬ ‫والشيخ الكبير والعمى الّز ِ‬
‫إل أن يقاتل بقوله أو فعله‪ ،‬وإن كان بعضهم يرى إباحة قتممل الجميممع‬
‫لمجرد الكفر والول هو الصممواب( فتأمممل أيضمما قمموله )إل أن يقاتممل‬
‫بقوله أو فعله( وهذا الكلم وكلم النووي السابق‪ ،‬يدل علممى أن مممن‬
‫يحرم قتلهم قصدا ً إذا أعانوا بأقوالهم أو أفعالهم لمحاربة المسمملمين‬
‫جاز استهدافهم بالقتل‪.‬‬
‫قممال صمماحب العممون فممي شممرح قمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫)انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملممة رسممول اللممه ول تقتلمموا شمميخا ً‬
‫فانيا ً ول طفل ً ول صغيرا ً ول امرأة ول تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا‬
‫وأحسنوا إن الله يحب المحسنين(‪ ،‬قوله )ل تقتلوا شيخا ً فانيًا( أي إل‬
‫إذا كان مقاتل ً أو ذا رأي‪ ،‬وقد صح أمره صلى الله عليه وسمملم بقتممل‬
‫دريد بن الصمة‪ ،‬وكان عمره مائة وعشرين عاما أو أكثر‪ ،‬وقممد جيممء‬
‫به في جيش هوازن للرأي‪ ،‬قوله )ول طفل ً ول صغيرًا( واستثنى منممه‬
‫ما إذا كان ملكا ً أو مباشرا ً للقتال )ول امرأة(‪ :‬أي إذا لم تكن مقاتلممة‬
‫أو ملكة‪.‬‬
‫وقممال الفقهمماء بجممواز قتممل المممرأة إذا أعممانت المقاتلممة ضممد‬
‫المسلمين بأي نمموع مممن العانممة الماديممة أو المعنويممة علممى القتممال‪،‬‬
‫واستدلوا بما رواه ابن ماجمة بمأن الرسمول صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫عنممدما حاصممر الطممائف صممعدت امممرأة علممى الحصممن وكشممفت‬
‫للمسلمين عن قبلها فقال النبي صلى الله عليممه وسمملم )همما دونكممم‬
‫فارموها( فرموها فقتلوهمما وإن كممان الحممديث ضممعيفا ً إل أن الفقهمماء‬
‫استدلوا به على جواز قتل المرأة حتى لو لم تقاتممل إذا أعممانت أهممل‬
‫الحرب بأي فعل أو قول حل قصدها بالقتل‪.‬‬
‫قال ابن قدامة في المغني ‪” 9/232‬فصل ولو وقفت امرأة في‬
‫صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز‬
‫رميها قصدا لما روى سعيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة‬
‫قال لما حاصممر رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم أهممل الطممائف‬
‫أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها فقال )ها دونكم فارموها( فرماهمما‬
‫رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منهمما ويجمموز النظممر إلممى فرجهمما‬
‫للحاجة إلى رميها لن ذلك من ضرورة رميها وكذلك يجوز رميهمما إذا‬
‫كانت تلتقط لهم السهام أو تسقيهم الماء أو تحرضممهم علممى القتممال‬
‫لنها في حكم المقاتل وهكذا الحكم فيها وسائر مممن منممع مممن قتلممه‬
‫)‪(431‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫منهم“‪.‬‬
‫قال ابن عبممد الممبر فممي السممتذكار ‪” 14/74‬لممم يختلممف العلممماء‬
‫فيمن قاتل من النساء والشيوخ أنه مباح قتله‪ ،‬ومن قدر على القتال‬
‫من الصبيان وقاتل قتل“‪.‬‬
‫وقال ابممن عبممد الممبر فممي التمهيممد ‪” 16/142‬وأجمعمموا علممى أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصمة يوم حنين لنه‬
‫كان ذا رأي ومكيدة في الحرب‪ ،‬فمن كممان هكممذا مممن الشمميوخ قتممل‬
‫عند الجميع“‪.‬‬
‫ونقل الجماع أيضا ابن قدامة رحمه الله في إباحة قتممل النسمماء‬
‫والصبيان وكبار السن إذا أعانوا أقوامهم على القتممال بممأي نمموع مممن‬
‫العانة‪.‬‬
‫ونقل النووي في شرح مسلم في كتمماب الجهمماد الجممماع ”علممى‬
‫أن شيوخ الكفار إن كان فيهم رأي قتلوا“‪.‬‬
‫ونقل ابن قاسم في الحاشية‪ ،‬قال ”وأجمعوا على أن حكم الردء‬
‫حكم المباشممر فممي الجهمماد‪ ،‬ونقممل عممن ابممن تيميممة رحمممه اللممه هممذا‬
‫الجممماع‪ ،‬ونقممل عممن ابممن تيميممة أيضمما أن أعمموان الطائفممة الممتنعممة‬
‫وأنصارها منها فيما لهم وعليهم“‪.‬‬
‫هذا حكم من أعان على القتال من معصومي الممدم مممن النسمماء‬
‫والصبيان والشيوخ ومن فممي حكمهممم ممممن يسمممى اليمموم )مممدنيًا(‪،‬‬
‫والشعب المريكي اليوم هو شعب معين على القتال برأيه‪ ،‬حيث إن‬
‫القرارات في أمريكا ل تتخذ من قبل الرئيس وحممده بممل تخممرج مممن‬
‫خلل مجلس الشيوخ الذي يمثممل أعضمماءه الشممعب المريكممي فكممل‬
‫عضو فيه يمثل شريحة كبيرة من الناس هممي الممتي قممدمته وانتخبتممه‬
‫إلى هذا المنصب‪ ،‬وبإمكان الشعب المريكي أن يمنع تنفيذ أي قممرار‬
‫يصدره الرئيس كما بإمكانه أيضا ً أن يضغط لصدار أي قرار يرى أنه‬
‫محتاج إليه‪ ،‬كما ضممغط الشممعب المريكممي علممى الحكومممة وأجبرهمما‬
‫على سحب قواتها من الصومال‪ ،‬والشعب المريكي أيضا ً هممو الممذي‬
‫انتخب الرئيس بالغالبية وهو على علم بتوجهات وخطط الرئيس من‬
‫خلل إعلنه لخططممه المسممتقبلية أثنمماء الحملمة النتخابيممة‪ ،‬فانتخمماب‬
‫الشعب المريكي للرئيس عن علم مسبق بخططه يعد مشمماركة لممه‬
‫بهذه القرارات‪ ،‬ومن خطط بوش النتخابية التي أعلنها أنه قممال فمي‬

‫)‪(432‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حملته ”سممأدع ملممف البلقممان لهممل البلقممان وسممأركز علممى الشممرق‬
‫الوسط وآسيا الوسطى بالردع العسكري“ ويقصد بالشرق الوسط‬
‫العراق وإيران‪ ،‬فالشعب المريكي انتخب الحممزب الجمهمموري‪ ،‬وهممو‬
‫يعلم أن الحزب الجمهوري هممو بطممل أمريكمما العسممكري وهممو الممذي‬
‫خاض الحروب لمريكا ومصانع السلح والطائرات والمعدات الحربية‬
‫معظمها تحت ملك أعضاء الحممزب الجمهمموري لنممه حممزب عسممكري‬
‫وسياسته هممي إشممعال الحممروب ليربممح ويتسمملط‪ ،‬فانتخمماب الشممعب‬
‫المريكي لهذا الحزب مع علمه ببرنممامجه وتمماريخه مممن غيممر قيممد أو‬
‫شممرط يمموحي برضممى الشممعب عممن تلممك البرامممج والتاريممخ السممود‪،‬‬
‫فالشعب المريكي يعد مممن أهممل القممرار والممرأي سممواًء كممان الممرأي‬
‫عسكريا ً أو سياسمميًا‪ ،‬والسممتطلعات الممتي تممدرس الدارة المريكيممة‬
‫قراراتها بناًء عليها تشير إلى أن الشممعب المريكممي هممو الممذي يقممرر‬
‫بصموته مباشمرة وبصموت نموابه فمي مجلمس الشميوخ بطريقمة غيمر‬
‫مباشرة‪ ،‬فتشير الستطلعات إلى أنممه صمماحب النصمميب الكممبر فممي‬
‫تقرير السياسة المريكية المعادية للسلم في كل مكان وزمان‪.‬‬
‫فاستهداف الشعب المريكي في كل مكان سواًء ممن يقاتل بيممده‬
‫أو يعين على القتال برأيه‪ ،‬أمر تجيزه الشريعة‪ ،‬وهذا هو الغالب فممي‬
‫الشعب المريكي والحكم للعم الغلب‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‬
‫ومن حمالت جمواز قتمل النسماء والصمبيان والشميوخ‪ ،‬إذا احتماج‬
‫المسلمون إلى حرق الحصون أو إغراقهما أو تسمميمها أو تمدخينها أو‬
‫إرسمال الحيممات والعقممارب والهمموام عليهمما‪ ،‬لفتحهمما حممتى لمو سممقط‬
‫المعصومون ضحية لذلك‪.‬‬
‫قال البخاري )باب حرق الدور والنخيل( عن ابن عمر رضي اللممه‬
‫عنهما قال )حّرق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير( قممال‬
‫الحافظ في الفتح ‪” 6/154‬قوله‪ :‬باب حرق الدور والنخيل‪ :‬أي الممتي‬
‫للمشركين وقد ذهب الجمهور إلى جواز التحريق‪ ،‬والتخريب في بلد‬
‫العدو وكرهه الوزاعي والليث وأبو ثور‪ ،‬واحتجوا بوصممية )أبممي بكممر(‬
‫لجيوشه أن ل يفعلوا شمميئا ً مممن ذلممك‪ ،‬وأجمماب الطممبري‪ :‬بممأن النهممي‬
‫محمول علممى القصممد لممذلك‪ ،‬بخلف ممما إذا أصممابوا ذلممك‪ ،‬فممي خلل‬
‫القتال‪ ،‬كما وقع فممي نصممب المنجنيممق علممى الطمائف‪ ،‬وهممو نحممو ممما‬
‫أجاب به في النهي عن قتل النساء والصبيان‪ ،‬وبهذا قممال أكممثر أهممل‬
‫)‪(433‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العلم‪ ،‬ونحو ذلممك القتممل بممالتغريق‪ ،‬وقممال غيممره إنممما نهممى أبممو بكممر‬
‫جيوشه عن ذلك لنه علم أن تلك البلد ستفتح‪ ،‬فممأراد إبقاءهمما علممى‬
‫المسلمين والله أعلم‪.‬‬
‫ويقول الشوكاني في نيل الوطار ‪ 7/266‬بعد كلم ابن حجر هممذا‬
‫”ول يخفى أن ما وقع من أبي بكر ل يصمملح لمعارضممة ممما ثبممت عممن‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم لممما تقممرر مممن عممدم حجيممة قممول‬
‫الصحابي“‪ .‬أي حجية قول الصحابي إذا عارض النص كما هو مممذهب‬
‫الشوكاني في أول عمره‪.‬‬
‫وروى أبو داود في سننه قال )باب في الحممرق فممي بلد العممدو(‬
‫عن عروة قال حدثني أسامة رضي الله عنه أن الرسول صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم كان عهد إليه فقال )أغر على ُأبنى صباحا ً وحّرق(‪.‬‬
‫قال ابن الثير فممي جممامع الصممول ‪ُ” 2/617‬أبنممى وُيبنممى‪ :‬اسممم‬
‫موضع بين عسقلن والرملة من أرض فلسطين“‪.‬‬
‫فتحريق بلد العدو هي من أساليب النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫في الحرب ومعلوم أن التحريق يوقممع عممددا ً مممن المعصممومين قتلممى‬
‫وكذلك يقتل الحيوانات والزروع‪ ،‬وكل هذا مصمملحة إبقمماءه أقممل مممن‬
‫مصملحة تركمه لن مصملحة قتمل العمدو الممتنمع بمالقوة أعظمم ممن‬
‫مصلحة ترك غيره‪.‬‬
‫قممال ابممن قدامممة فممي المغنممي ‪” 9/230‬وإذا حممورب العممدو لممم‬
‫يحرقوا بالنار أما العدو إذا قممدر عليممه فل يجمموز تحريقممه بالنممار بغيممر‬
‫خلف نعلمه وقد كان أبو بكر رضي الله عنه يأمر بتحريق أهل الردة‬
‫بالنار وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره فأما اليوم فل أعلممم فيممه بيممن‬
‫الناس خلفا‪ ،‬وقد روى حمزة السمملمي أن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫مره على سممرية قممال فخرجممت فيهمما فقممال )إن أخممذتم‬ ‫عليه وسلم أ ّ‬
‫فلنا فأحرقوه بالنار فوليت فناداني فرجعممت فقممال إن أخممذتم فلنمما‬
‫فاقتلوه ول تحرقوه فإنه ل يعذب بالنممار إل رب النممار( رواه أبممو داود‬
‫وسعيد وروى أحاديث سواه في هذا المعنممى وروى البخمماري وغيممره‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسمملم نحممو‬
‫حديث حمزة‪ ،‬فأما رميهم قبل أخذهم بالنار فإن أمكن أخذهم بدونها‬
‫لم يجز رميهم بها لنهم في معنممى المقممدور عليممه وأممما عنممد العجممز‬
‫عنهممم بغيرهمما فجممائز فممي قممول أكممثر أهممل العلممم وبممه قممال الثمموري‬

‫)‪(434‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والوزاعي والشافعي وروى سعيد بإسممناده عممن صممفوان بممن عمممرو‬
‫وجرير بن عثمممان أن جنممادة بممن أميممة الزدي وعبممد اللممه بممن قيممس‬
‫الفزاري وغيرهما من ولة البحرين ومن بعدهم كممانوا يرمممون العممدو‬
‫من الروم وغيرهم بالنار يحرقونهم هؤلء لهؤلء وهممؤلء لهممؤلء قممال‬
‫عبد الله بن قيس لم يزل أمر المسلمين على ذلك“ وقممال ”وكممذلك‬
‫الحكم في فتح البثوق عليهم ليغرقهم إن قدر عليهم بغيمره لمم يجمز‬
‫إذا تضمن ذلك إتلف النساء والذرية الذين يحرم إتلفهم قصممدا وإن‬
‫لم يقدر عليهم إل به جاز كما يجوز البيات المتضمن لذلك“‪.‬‬
‫قال النووي في المنهاج وفي شرح مغني المحتمماج ‪” 9/72‬يجمموز‬
‫حصار الكفار في البلد والِقلع وإرسال الماء عليهممم‪ ،‬ورميهممم بنممار‪،‬‬
‫ومنجنيق وتبييتهم في غفلة“ ويقممول صمماحب مغنممي المحتمماج تعليقما ً‬
‫على كلم المام النووي في نفس المصدر ”وما في معنى ذلك مممن‬
‫هدم بيوتهم‪ ،‬وقطع الماء عنهم وإلقاء حيات‪ ،‬أو عقارب عليهممم‪ ،‬ولممو‬
‫م(‪ ،‬وفممي‬ ‫صممُروهُ ْ‬
‫ح ُ‬
‫م َوا ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوهُ ْ‬ ‫كان فيهم نساء وصبيان‪ ،‬لقوله تعالى )وَ ُ‬
‫الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم حاصممر الطممائف وروى الممبيهقي‬
‫أنه نصب المنجنيق‪ ،‬وقيس به ما في معناه مما يُعم الهلك بممه‪ ..‬ثممم‬
‫يقول‪ ..‬وظاهر كلمهم أنه يجوز إتلفهم بممما ُذكممر‪ ،‬وإن قمدرنا عليهمم‬
‫بدونه“‪.‬‬
‫وقد استخدم الصحابة هذه الساليب مع أعدائهم جاء فممي سممنن‬
‫سعيد بن منصور ‪) 2/244‬أن جنادة بن أبي أميرة الزدي وعبممد اللممه‬
‫بن قيس الفزاري وغيرهما من ولة البحر من بعممدهم كممانوا يرمممون‬
‫العدو من الروم وغيرهممم بالنممار‪ ،‬ويحّرقممونهم هممؤلء لهممؤلء‪ ،‬وهممؤلء‬
‫لهؤلء( وعن عبد الله بن قيس الفزاري )أنه كان يغممزو علممى النمماس‬
‫فممي البحممر علممى عهممد معاويممة وكممان يرمممي العممدو بالنممار ويرمممونه‪،‬‬
‫ويحرقهم ويحرقونه وقال‪ :‬لم يزل أمر المسلمين على ذلك(‪.‬‬
‫ورأي الجمهور أن التحريق والتغريق والهدم والتسميم والتممدخين‬
‫وغيرها من الوسائل التي ل تفممرق بيممن مقاتممل ومعصمموم‪ ،‬أنممه جممائز‬
‫استخدامها متى كانت الحاجة إليها ول يمكن الظفر بالعممدو وهزيمتممه‬
‫إل بها‪ ،‬فإذا أمكن بغيرها لم يجز استخدامها‪ ،‬والشافعية يجيزون ذلك‬
‫مطلقا ً سواًء قدر عليهم بهذه الطريقة أو بغيرها والله أعلم‪.‬‬
‫وبناًء على ما تقدم فإن الذي أفتى وقممال ل يجمموز قتممل البريمماء‬
‫بحممال حممتى المريكييممن هممذا مجممازف قممائل بممما ل يعلممم‪ ،‬وقتلهممم‬
‫)‪(435‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بممالتحريق والتغريممق والهممدم مممن أجممل فتممح الحصممون أو تخريبهمما أو‬
‫إرهاب العدو أمر اتفق عليه الجمهور وعليه عمل الصحابة‪ ،‬فسبحان‬
‫الله كيف يعمي الدفاع عن المريكييممن عممما صممحت بممه الخبممار مممن‬
‫الكتاب والسنة؟‪.‬‬
‫الحالة الخامسة‬
‫ومن الحالت التي يجوز فيها قتل المعصومين من أهممل الحممرب‬
‫هي ما إذا احتاج المسلمون إلى رميهم بالسلحة الثقيلة التي ل تميز‬
‫بين المعصوم وغيره‪ ،‬كالمدافع والدبابات وقذائف الطائرات وما في‬
‫حكمها‪.‬‬
‫ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على‬
‫أهممل الطممائف ورممماهم بممه قممال صمماحب المبممدع ‪” 3/319‬ورميهممم‬
‫بالمنجنيق نمص عليممه ‪ -‬أحمممد ‪ -‬لنمه صملى اللمه عليمه وسملم نصممب‬
‫المنجنيق على أهل الطائف رواه الترمذي مرسل ً ونصممبه عمممرو بممن‬
‫العاص على السكندرية ولن الرمي به معتاد كالسهام وظمماهره مممع‬
‫الحاجة وعدمها وفممي المغنممي هممو ظمماهر كلم المممام وقطممع الميمماه‬
‫عنهم وكذا السابلة وهدم حصونهم وفممي المحممرر والمموجيز والفممروع‬
‫هدم عامرهم وهو أعم لن القصد إضعافهم وإرهابهم ليجيبمموا داعممي‬
‫الله“‪.‬‬
‫قال ابن قدامممة فممي المغنممي ‪” 9/231‬ويجمموز نصممب المنجنيممق‬
‫عليهم وظاهر كلم أحمد جوازه مع الحاجة وعدمها لن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف وممممن رأى ذلممك‬
‫الثوري والوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي قممال ابممن المنممذر جمماء‬
‫الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنممه نصممب المنجنيممق علممى‬
‫أهل الطائف وعن عمرو بن العاص أنممه نصممب المنجنيممق علممى أهممل‬
‫السكندرية ولن القتال به معتاد فأشبه الرمي بالسهام“‪.‬‬
‫قال النووي في المهذب ‪” 2/219‬فصل ول يجموز قتمالهم بالنمار‬
‫والرمي عن المنجنيق إل لضرورة لنه ل يجوز أن يقتل إل من يقاتممل‬
‫والقتل بالنار أو المنجنيق يعم من يقاتل ومن ل يقاتل وإن دعت إليه‬
‫الضرورة جاز كما يجوز أن يقتل من ل يقاتل إذا قصد قتله للدفع“‪.‬‬
‫وفي هممذه الحالممة أجمماز العلممماء قتممل المعصممومين مممن النسمماء‬
‫والصبيان إذا دعت الحاجممة إلممى رميهممم بممالمنجنيق وهممي آلممة كممانت‬

‫)‪(436‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تستخدم في السابق ترمى بها الحجارة الكبار وأحيانا ً تكون الحجارة‬
‫مشممتعلة بالنممار‪ ،‬فإممما أن تحممرق أو تهممدم الممبيوت وتقتممل مممن فيهمما‪،‬‬
‫وإجازتهم لهذا السلوب إنما كان من باب المصلحة التي ترجممى مممن‬
‫فتممح هممذا الحصممن حممتى لممو قتممل النسمماء والصممبيان نتيجممة لممذلك‪،‬‬
‫فالمصلحة التي تموفرت فمي فتمح حصمن واحمد وذلمك بقصمف أهلمه‬
‫بممالمنجنيق‪ ،‬أل توجممد هممذه المصمملحة فممي تممدمير مقممر قمموة أمريكمما‬
‫القتصممادية والعسممكرية والسياسممية لتكممف عممن حصممار المسمملمين‬
‫وقتلهم حتى لو ذهممب ضممحية ذلممك النسمماء والصممبيان؟ بلممى إن هممذا‬
‫أعظم مصلحة‪ ،‬وإن كان مثل هذا ل ينال إل بهذه الطريقة فقد تأكد‪.‬‬
‫الحالة السادسة‬
‫ويجوز قتل معصوم الدم من الكفار في حال تترس الكفار بهممم‬
‫أي إذا تترس الكفار بنسائهم وصبيانهم جاز رميهممم ويقصممد المقاتلممة‬
‫حتى لو هلك النساء والصبيان جاز ذلك‪ ،‬بشرطين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن تدعو الحاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن يكون القصد القلبي للمسلمين موجه إلى المقاتلة ل‬
‫إلى المعصومين‪.‬‬
‫قال ابممن قدامممة فمي المغنممي ‪” 9/233‬فصممل وإن تترسموا فممي‬
‫الحرب بنسائهم وصممبيانهم جمماز رميهممم ويقصممد المقاتلممة لن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم رممماهم بممالمنجنيق ومعهممم النسمماء والصممبيان‬
‫ولن كف المسلمين عنهممم يفضممي إلممى تعطيممل الجهمماد لنهممم مممتى‬
‫علموا ذلك تترسوا بهم عنممد خمموفهم فينقطممع الجهمماد وسممواء كممانت‬
‫الحرب ملتحمة أو ل‪ ،‬لن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتحين‬
‫بالرمي حال التحام الحرب“‪.‬‬
‫قال النصاري في فتممح الوهمماب ‪” 2/301‬وحممرم إتلف لحيمموان‬
‫محترم لحرمته وللنهي عن ذبح الحيوان لغير مأكله إل لحاجممة كخيممل‬
‫يقاتلون عليها فيجوز إتلفها لدفعهم أو للظفممر بهممم كممما يجمموز قتممل‬
‫الذراري عند التترس بهم بل أولى“‪.‬‬
‫قال الشربيني في مغني المحتاج ‪ 4/227‬بعدما ذكر جممواز قتممل‬
‫الحيوان الذي يعينهم وذكر منها ”ما يقاتلونا عليه أو خفنا أن يركبمموه‬
‫للغد كالخيل فيجوز إتلفه لدفعهم أو للظفر بهم لنهمما كاللممة للقتممال‬
‫وإذا جاز قتل النساء والصبيان عند التترس بهم‪ ،‬فالخيممل أولممى وقممد‬

‫)‪(437‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ورد ذلك في السير من فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم“‪.‬‬
‫قال صاحب قواعد الحكام في مصالح النممام ‪” 1/82‬لنمما نجمموز‬
‫قتل أولد الكفار عند التترس بهم حيث ل يجوز مثل ذلك في أطفال‬
‫المسلمين“‪.‬‬
‫قال ابن تيميمة فمي الفتماوى ‪” 20/52 - 546 /28‬وقمد اتفمق‬
‫العلماء على أن جيش الكفممار إذا تترسمموا بمممن عنممدهم مممن أسممرى‬
‫المسمملمين وخيممف علممى المسمملمين الضممرر إذا لممم يقمماتلوا فممإنهم‬
‫يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم“‪.‬‬
‫وقال ابن قاسم في حاشية الروض ‪” 4/271‬قال في النصاف‪:‬‬
‫وإن تترسوا بمسملم لممم يجممز رميهممم إل أن نخمماف علممى المسملمين‬
‫فيرميهم ويقصد الكفار‪ ،‬وهذا بل نزاع“‪.‬‬
‫فهذه هي الحالت التي أجاز الفقهاء فيها قتل المعصممومين مممن‬
‫الكفار كالنساء والصبيان والشيوخ ومممن فممي حكمهممم ممممن يسمممى‬
‫اليوم )مدنيًا(‪ .‬اهم‬
‫الثالث‪ :‬يجمموز تممبييت الكفممار والهجمموم عليهممم علممى حيممن غمّرة أو‬
‫قصفهم بالسلحة الثقيلة ولو كان بينهم بعض المسلمين‪.‬‬
‫قال شيخ السمملم ابمن تيميمة رحممه اللمه‪) :‬فمالله تعمالى أهلممك‬
‫الجيش الذي أراد أن ينتهك حرماته وفيهم المكره وغير المكره‪ ،‬مممع‬
‫قدرته تعالى على التمييز بينهم مممع أنممه يبعثهممم علممى نيمماتهم فكيممف‬
‫يجب على المؤمنين المجاهدين أن يميزوا بين المكره وغيره وهم ل‬
‫يعلمون ذلك‪ ،‬بل لو ادعى مدع أنه خرج مكرها لم ينفعه ذلك بمجرد‬
‫دعواه كما روى أن العباس ابن عبد المطلب قال للنممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لما أسره المسلمون يوم بدر يا رسممول اللممه إنممي كنممت‬
‫مكرها فقال‪) :‬أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فممإلى اللممه( بممل‬
‫لو كان فيهم قوم صالحون مممن خيممار النمماس ولممم يمكممن قتممالهم إل‬
‫بقتل هممؤلء لقتلمموا أيضمما‪ ،‬فممإن الئمممة متفقممون علممى أن الكفممار لممو‬
‫تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن‬
‫نرميهم ونقصد الكفار ولو لم نخف على المسلمين جاز رمممى أولئك‬
‫المسمملمين أيضمما فممي أحممد قممولي العلممماء(]مجممموع الفتمماوى )‬
‫‪[ .(28/537،539،538‬‬
‫قال الكاساني رحمه الله‪) :‬ول بأس بالغارة والبيات عليهممم؛ ول‬

‫)‪(438‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بأس )بقطع( أشممجارهم المثمممرة وغيممر المثمممرة‪ ،‬وإفسمماد زروعهممم‬
‫لقوله تبارك وتعالى )ما قطعتممم مممن لينممة أو تركتموهمما قائمممة علممى‬
‫أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين(‪ ،‬أذن سبحانه وتعالى )بقطممع(‬
‫النخيل في صدر الية الشريفة ونبه فممي آخرهمما أن ذلممك يكممون كبتمما‬
‫وغيظا للعدو بقوله تبارك وتعالى وليخزي الفاسقين ول بأس بإحراق‬
‫حصممونهم بالنممار وإغراقهمما بالممماء وتخريبهمما وهممدمها عليهممم ونصممب‬
‫المنجنيق عليها لقوله تبارك وتعالى )يخربون بيمموتهم بأيممديهم وأيممدي‬
‫المؤمنين(‪ ،‬ولن كل ذلك من بمماب القتممال لمما فيممه مممن قهممر العممدو‬
‫وكبتهممم وغيظهممم ولن حرمممة الممموال لحرمممة أربابهمما ول حرمممة‬
‫لنفسهم حتى يقتلون فكيف لموالهم ول بممأس برميهممم بالنبممال وإن‬
‫علموا أن فيهم مسلمين من السارى والتجار لما فيه مممن الضممرورة‬
‫إذ حصممون الكفممرة قلممما تخلممو مممن مسمملم أسممير أو تمماجر(‪] .‬بممدائع‬
‫الصنائع )‪[ .(7/100‬‬
‫وقال المرغيناني رحمه الله‪) :‬ول بمأس برميهممم‪ ،‬وإن كمان فيهمم‬
‫مسلم أسير أو تاجر‪ ،‬لن في الرمي دفممع الضممرر العممام بالممذب عممن‬
‫بيضة السلم وقتل السير والتاجر ضرر خاص ولنه قلما يخلو حصن‬
‫مممن مسمملم فلممو امتنممع باعتبمماره لنسممد بممابه وإن تترسمموا بصممبيان‬
‫المسمملمين أو بالسممارى لممم يكفمموا عممن رميهممم لممما بينمما ويقصممدون‬
‫بالرمي الكفار لنه إن تعذر التمييز فعل فلقد أمكمن قصمدا والطاعممة‬
‫بحسب الطاقة وما أصابوه منهم ل دية عليهم ول كفممارة لن الجهمماد‬
‫فرض والغرامات ل تقممرن بممالفروض‪] .( ...،‬الهدايممة شممرح البدايممة )‬
‫‪[ .(2/137‬‬
‫وقممال الجصمماص رحمممه اللمه فممي أحكممام القممرآن‪) :‬بمماب‪ :‬رمممي‬
‫حصممون المشممركين وفيهممم أطفممال المسمملمين وأسممراهم‪ .‬قممال أبممو‬
‫حنيفة وأبممو يوسممف وزفممر ومحمممد والثمموري ل بممأس برمممي حصممون‬
‫المشركين‪ ،‬وإن كان فيها أسارى وأطفممال مممن المسمملمين ول بممأس‬
‫بأن يحرقوا الحصون ويقصدوا به المشركين وكذلك إن تترس الكفار‬
‫بأطفال المسلمين رمي المشركون وإن أصابوا أحدا من المسمملمين‬
‫في ذلك فل دية ول كفارة‪ .‬اهم]أحكام القرآن )‪[ .(5/273‬‬
‫وأما قول المؤلف]أن هممذه الفعممال لممو جممازت جممدل ً ‪ -‬وهممذا مممن‬
‫المحال شرعا ً ‪ -‬لحرم فعله لما يترتب عليمه مممن المفاسممد العظيممة‬
‫كما تقدم بيانه‪ ،‬ودين الله قائم على جلب المصالح ودرء المفاسد[‪.‬‬
‫)‪(439‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أقول‪ :‬إن المسلمين اليوم في حالة جهاد دفع وجهمماد الممدفع قممد‬
‫سبق أن ذكرت كلم شيخ السلم أنه ل يترك بل يجب القيام به ولو‬
‫ذهبت في ذلك النفس والمهج‪ ،‬والذي حصممل فممي أمريكمما كممان مممن‬
‫المجاهمممدين العمممرب الفغمممان المممذين اسمممتقروا فمممي أفغانسمممتان‪،‬‬
‫وأفغانستان قد حوصرت مممن أمريكمما قبممل الحممداث بثلث سممنوات‪،‬‬
‫وبالتالي فهي في حالممة حممرب مممع أمريكمما وحلفائهمما‪ ،‬والممذي أصمماب‬
‫أمريكمما ل يسمماوي عشممر ممما تفعلممه بالمسمملمين‪ ،‬وكممانت أمريكمما قممد‬
‫قررت ضرب أفغانستان قبل الحداث ببضعة أشهر كما صممرح بممذلك‬
‫أحد الوزراء الباكستانيين‪ ،‬إذا ً فالمر ليس من أجل تلك الحداث وإن‬
‫كممانت أمريكمما قممد اتخممذت تلممك الحممداث كمممبرر لهمما علممى ضممرب‬
‫المسلمين‪ ،‬والواجب على المسلمين أن يقفوا مممع المسمملمين ل أن‬
‫يبرروا ما يفعله الكفار بالمسلمين‪.‬‬
‫مم والممواجب علممى المسمملمين بممدل أن يشممجبوا ويسممتنكروا تلممك‬
‫الفعممال أن يممبينوا لمريكمما أن ممما حصممل لهمما هممو بسممبب سياسممتها‬
‫الظالمة تجاه المسلمين‪ ،‬وأنها هي التي جنت على نفسها‪.‬‬
‫م ونحن ل يجوز أن نلوم المجاهدين‪ ،‬لن المممة لممم تقممف معهممم‬
‫وهم محاصرون مظلومون‪ ،‬بل خذلتهم وأسلمتهم إلى عدوهم‪ ،‬فلممما‬
‫قام أولئك الباة لكمي ينتقمموا لنفسمهم‪ ،‬صماح المنمافقون ومرضمى‬
‫القلوب وقالوا‪ :‬إنكم تسببتم في إضرار المسلمين‪.‬‬
‫ثم هل يستسلم المظلومون للقتل والهلك حممتى ل يتضممرر مممن‬
‫لم يراِع فيهم أخوة السلم‪ ،‬ولم ينهضوا لرفع الظلم عنهم؟‬
‫ل المجاهدين مع بقية المة مثل عدد من الخوة قام العدو‬ ‫ن مث َ َ‬
‫إ ّ‬
‫بضممرب أحممدهم وتعممذيبه وتقطيممع أعضممائه‪ ،‬وإخمموته يممرون ذلممك ول‬
‫يحركون ساكنا ً ول يقومون بالدفاع عن أخيهم أو مساعدته‪ ،‬فما كان‬
‫من ذلك المظلوم إل أن قام وضرب الذي اعتدى عليممه‪ ،‬فحينئذٍ قممام‬
‫إخوته وأنكروا عليه وقالوا‪ :‬لماذا ضربت العدو وأنممت ضممعيف ونحممن‬
‫ت معتمدٍ ظممالم تسممتحق‬ ‫مستضعفون نخاف أن يتسلط علينا‪ ،‬إذا ً فممأن َ‬
‫العقوبة‪ ،‬فقال لهم أخوهم‪ :‬يا سبحان الله‪ ،‬عندما كان العدو يضربني‬
‫ويعذبني لم تقفوا معي‪ ،‬ولم ُتنكروا علممى العممدو ظلمممه لممي وعنممدما‬
‫ي‪ ،‬إذا ً فممماذا أفعممل؟ هممل أتركممه‬‫ت بالخذ ببعض ثأري أنكرتم عل م ّ‬ ‫قم ُ‬
‫م هل تظنون أنه إن قتلنممي أنكممم سمموف تسمملمون‬ ‫إلى أن يقتلني؟ ث ّ‬
‫منه؟ ل فإنه إن قتلني فسينتقل بعدي إلى أحدكم ويقتله وهكممذا‪ ،‬إذا ً‬
‫)‪(440‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فلماذا ل نتوحد ونتكاتف ونجتمع على قتاله؟‬
‫سرت آحادا‬ ‫سرا ً وإذا افترقن تك ّ‬
‫تأبى الرماح إذا اجتمعن تك ّ‬
‫دة‬‫وإخواننا المسلمون في بلد الفغان حوصممروا مممن أمريكمما م م ّ‬
‫ثلث سنوات مات بسبب الحصار أكثر من سبعين ألف وبلغت نسممبة‬
‫الفقر أكثر من خمسة وتسممعين فممي المممائة‪ ،‬والمسمملمون حممولهم ل‬
‫يعبهون بهم بل هم مشغولون بالفلم والمباريممات والسممهم وتشممييد‬
‫البنايات‪ ،‬قد خذلوا إخوانهم وأسلموهم إلممى عممدوهم يسممومهم سمموء‬
‫العذاب‪ ،‬فلما قام عممدد مممن المجاهممدين ليأخممذوا ببعممض ثممأرهم مممن‬
‫ذلون المممترفون الراكنممون إلممى الممدنيا المنشممغلون‬ ‫أمريكا صاح المخ ّ‬
‫بحطامها وأعلنوا إنكممارهم لتلممك العمليممات قبممل أن يظهممر لهممم مممن‬
‫نفذها وبكوا على قتلى المريكان‪.‬‬
‫م إنه يلزم من ذلك أن يممترك المسمملمون جهمماد الممدفع بالكليممة‬ ‫ث ّ‬
‫لكي ل يتضرر المسلمون المترفون الذين خذلوا دينهممم وأمتهممم؛ لن‬
‫جهادهم الكفار جهاد الدفع سوف يسمملط الكفممار علممى أولئك الممذين‬
‫ركنوا إلى الدنيا وبذلك يفقدون الكثير مممن أسممباب الممترف ورفاهيممة‬
‫العيش!!‬
‫م والواجب على هذه الدول التي خذلت المسلمين‪ ،‬بدل أن تتهم‬
‫المجاهدين‪ ،‬كان يكفيها أن تقول لسيادها في البيت البيض‪ :‬إننا لممم‬
‫ض فعلهم‪ ،‬فلماذا تؤاخذينا بما لم نفعل‪.‬‬ ‫ن ُِعنهم على ضربك ولم نر َ‬
‫م ولكن مع ذلك كله قد ظهممرت مصممالح تلممك الحممداث المباركممة‬
‫لكل بصير موفق‪ ،‬ومن تلك المصالح‪:‬‬
‫م انقسام العالم إلى ثلثة أقسام‪ ،‬قسم الكفر وهي أمريكمما وكممل‬
‫من دخل معها في حرب السلم والمسمملمين‪ ،‬وقسممم اليمممان وهممم‬
‫المجاهدون ومن وقف معهم‪ ،‬وقسم المخذلين الخممائفين الممذين قم ّ‬
‫ل‬
‫نصيبهم من التوكل والثقة بما عند الله‪.‬‬
‫والحال كما قال شيخ السلم‪ :‬فهذه الفتنة قد افترق الناس فيها‬
‫ثلث فرق‪:‬‬
‫الطائفة المنصورة‪ :‬وهم المجاهدون لهؤلء القوم المفسدين‪.‬‬
‫والطائفة المخالفة‪ :‬وهم هؤلء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة‬
‫المنتسبين إلى السلم‪.‬‬
‫والطائفممة المخذلممة‪ :‬وهممم القاعممدون عممن جهممادهم‪ ،‬وإن كممانوا‬

‫)‪(441‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صحيحي السلم‪.‬‬
‫فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصممورة أم مممن الخاذلممة أم‬
‫من المخالفة فما بقي قسم رابع( الفتاوى ‪.14/495‬‬
‫م ظهور خيانة الحكام‪ ،‬وانكشاف عمالتهم لمريكا والغرب‪.‬‬
‫م ظهور حقيقة علماء السوء الذين قاموا باستنكار تلممك الحممداث‬
‫قبل أن يتبين لهم الفاعل‪ ،‬مع سكوتهم عن مآسممي المسمملمين الممتي‬
‫تفوق تلك الحداث مئات المرات‪.‬‬
‫م معرفة الناس بحقيقة أمريكا وحقيقة قوتها التي تفتخر بها أمام‬
‫العالم‪ ،‬حيث استطاع فتية من شباب السلم دك أكبر صروحها فممي‬
‫عقر دارها‪ ،‬وأنها ليست إل كالكرة المنتفخة مع أن باطنها أجوف‪.‬‬
‫م أظهممر اللمه علممى لسممان كلمب الممروم بمموش حقيقممة حربممه مممع‬
‫المسلمين وأنها حرب صليبية كما أنطقه الله بها‪.‬‬
‫م استنمزاف القتصاد المريكي الممذي علممى أساسممه قممامت هبممل‬
‫العصر‪ ،‬حيث أن اقتصادها من تلك الحداث إلممى يومنمما هممذا ل يممزال‬
‫فممي هبمموط ونزيممف‪ ،‬ونممذكر بعممض الخسممائر الممتي حصمملت لهمما بعممد‬
‫الحداث مباشرة‪:‬‬
‫‪ 11‬سبتمبر‪ ..‬بداية مسلسل الخسائر‬
‫استهدفت الضربات التي وقعت في أماكن متفرقة مممن الوليممات‬
‫المتحدة المريكية أكممبر رممموز الهيمنممة المريكيممة العسممكرية )وزارة‬
‫الدفاع(‪ ،‬والقتصادية )مركز التجارة العالمي(‪.‬‬
‫ولذلك فإن آثار هذا العمل غير المسبوق من نوعه تتنوع بين آثممار‬
‫سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية‪ ،‬ونركز هنمما علممى الثممار الممتي‬
‫بدأت في الظهور مع بداية دوي هممذه التفجيممرات المباركممة‪ ،‬وأخممذت‬
‫وما زالت تتفاعل داخل مختلف أركان القتصاد الغربي مممع العممدوان‬
‫على أفغانستان ثم العراق‪.‬‬
‫ل‪ :‬آثار الغزوة اقتصاديًا‪:‬‬
‫أو ً‬
‫لحقت الضرار بأسواق المال‪ ،‬سواء في الوليات المتحدة أو في‬
‫أسواق المال العالمية؛ جراء وقوع ضربات المجاهممدين فممي الحممادي‬
‫عشر من سبتمير قبل بدء التعامل في بورصة نيويورك‪ ،‬وهو ما منممع‬
‫فتح التعامل في هممذه البورصممة‪ ،‬وأجممبر ذلممك معظممم أسممواق المممال‬

‫)‪(442‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العالمية على الغلق؛ خوًفا من حممدوث انهيممار فممي أسممعار السممهم‪،‬‬
‫بسبب القيام بعمليات بيع جماعية مممن جممانب حملممة السممهم؛ خوفًمما‬
‫من تحمل خسائر أكبر في المستقبل‪.‬‬
‫وكانت خطورة إغلق أسممواق المممال فممي أمريكمما علممى أسممواق‬
‫المال الخرى بسبب تتابع توقيتات الفتتاح في هذه السممواق‪ ،‬حيممث‬
‫تبدأ التعمماملت فممي طوكيممو عقممب إغلق بورصمة نيويممورك‪ ،‬ثممم تبممدأ‬
‫بورصة لندن بعد الغلق في طوكيممو‪ ،‬وهممو ممما أثممار مخمماوف انتقممال‬
‫الهزات إلممى هممذه السممواق بالتتممابع؛ ولممذلك كممان الغلق هممو الحممل‬
‫الفضل‪.‬‬
‫ولحقممت الضممرار بأسممواق " نيويممورك " التجاريممة "نممايمكس"‬
‫وبورصة السلع الولية "نايبوت"؛ حيث تممم تعليممق التممداول فممي هممذه‬
‫السواق على بعض أهم السلع في العالم‪ ،‬وهي السكر الخام والبممن‬
‫والكاكاو والقطن وعصير البرتقال‪.‬‬
‫وتأثرت أسواق الصرف فممي جميممع أنحمماء العممالم وخاصممة سممعر‬
‫صرف الدولر الذي تراجع أمام اليورو والين؛ حيث قفممز اليممورو إلممى‬
‫‪ 5 .97‬سنًتا مقابل الدولر‪ ،‬وهبط الدولر مقابل الين الياباني ليصل‬
‫إلى حوالي ‪ 121‬يًنا‪.‬‬
‫وحدثت قفزة في سوق السندات المريكية وفي أسواق الذهب‬
‫العالمية‪ ،‬حيث تعتبر سندات الخزانة المريكية والذهب الملذ المممن‬
‫للمستثمرين في حالة حدوث الزمات‪ ،‬وقد زاد سممعر أوقيممة الممذهب‬
‫فممي السمموق العممالمي بحمموالي ‪ 20‬دولًرا دفعممة واحممدة‪ ،‬ثممم أعقبهمما‬
‫تذبذبات في السعر عاد بعدها السعر للستقرار ولكمن عنمد مسمتوى‬
‫مرتفع‪.‬‬
‫وتأثرت أسواق النفط وخاصة بالنسبة للعقمود الجلمة )تعاقمدات‬
‫أكتوبر ‪(2001‬؛ حيممث وصممل سممعر البرميممل إلممى حمموالي ‪ 31‬دولًرا‪،‬‬
‫ولكن هذا السعر أخذ في التراجع التمدريجي عقممب إعلن دول أوبمك‬
‫بممما فيهمما دول الخليممج اسممتعدادها لزيممادة إمممدادات النفممط‪ ،‬وبسممبب‬
‫تراجع الطلب العالمي على النفط في أعقاب توقف حركة الطيممران‬
‫التجارية في الوليات المتحدة المريكية إل أنه بصيغة عامة ظل في‬
‫معدلت عالية‪.‬‬
‫وتعرضممت شممركات التممأمين العالميممة وشممركات إعممادة التممأمين‬

‫)‪(443‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫للزمممات‪ ،‬خاصممة فممي الوليممات المتحممدة المريكيممة؛ وذلممك بسممبب‬
‫التزامها بضرورة دفع التعويضات للشركات وجميع الجهمات والفممراد‬
‫الذين تأثروا بهذا الحادث‪ ،‬ويقدر الخممبراء هممذه المبممالغ بقيمممة أوليممة‬
‫تصل إلى حوالي ‪ 15‬مليار دولر‪ ،‬متمثلة فممي المطالبممات المطلمموب‬
‫دفعها من قبل شركات التأمين فقط‪ ،‬ويضاف إلى ذلك تعممرض هممذه‬
‫الشركات إلى مزيد من الخسائر في المستقبل؛ بسبب التحول مممن‬
‫شراء أسهم هذه الشممركات بعممد تأثرهمما إلممى شمراء أسممهم شمركات‬
‫أخرى‪ ،‬وخاصة شركات البترول الذي يرجح البعض احتمالت ارتفمماع‬
‫أسممعاره فممي ظممل هممذه الظممروف‪ ،‬وكممذلك ارتفمماع أسممعار منتجممات‬
‫البترول في السواق المريكية‪ ،‬ويدللون علممى ذلممك بممما حممدث مممن‬
‫ارتفاع في أسمعار البنزيمن المذي ارتفمع بمعمدل ‪ 5‬دولرات للجمالون‬
‫الواحد فممي الوليممات المتحممدة المريكيممة‪ ،‬ويرجحممون اسممتمرار هممذا‬
‫الرتفاع لفترة قادمة‪.‬‬
‫وتعرضت شركات الطيران والسياحة حول مختلممف دول العممالم‬
‫لثار سلبية‪ ،‬وتراجع أعداد المسافرين لفممترة قممد تطممول حممتى يعممود‬
‫الطمئنان والهدوء إلى العالم‪ ،‬وهذه الثار تتفاقم في ظمل وجممود رد‬
‫عسكري أمريكي واسع النطاق على بعض الدول‪ ،‬كما تأثرت معظممم‬
‫الشممركات والمصممالح الممتي يرتبممط عملهمما بعمممل شممركات الطيممران‬
‫والسياحة وخدماتها‪.‬‬
‫في أمريكا وحممدها تراجممع قطمماع الطيممران بنحممو ‪ %2 .32‬فممي‬
‫السممبوع التممالي للحممداث‪ ،‬وهممذا يعنممي خسممارة ‪ 60‬مليممون راكممب‬
‫بالنسبة لسنة ‪.2001‬‬
‫ومممع أن التبمماطؤ بممدأ قبممل ‪ 11‬سممبتمبر‪ ،‬إل أن الهجمممات علممى‬
‫نيويورك وواشنطن والخمموف مممن ركمموب الطممائرات يفسممر الهبمموط‬
‫الحاد في الشهور الخيرة من العام الماضي‪.‬‬
‫واستمر الضغط على الدولر المريكي‪ ،‬خاصة مع طممرح التحمماد‬
‫الوروبي اليورو في التعاملت اليومية للمواطنين‪ ،‬ومع اتجاه اليممورو‬
‫للتحسن أمام الدولر والقبال على اتخاذ اليورو كعملة للحتياط فممي‬
‫العديممد مممن دول العممالم خشممية تأثرهمما بسممبب تراجممع سممعر صممرف‬
‫الدولر‪.‬‬
‫وشهدت بورصة " وول ستريت " في السبوع الخير من نوفمبر‬

‫)‪(444‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ 2001‬هبوطا ً حادا ً ونزيفا ً مستمرا ً لخسائر السهم لم تشهد له مثيل‬
‫منذ إنشائها قبل ‪ 210‬أعوام مع معاناة السممهم الممتممازة مممن أكممبر‬
‫هبوط منذ الكساد الكبير في الثلثينيات من القرن الماضي وذلك مع‬
‫تزايد المخاوف من حرب طويلة على الرهاب وعلمات علممى مزيممد‬
‫من التباطؤ للقتصاد المريكي‪.‬‬
‫قدرت الخسممائر القتصممادية للوليممات المتحممدة عقممب الحممداث‬
‫بقيمة ‪ 100‬مليار دولر إضافة إلى إلغمماء ممما يقممارب مممن ‪ 100‬ألممف‬
‫وظيفة‪ ،‬حيث ألغت الشركات الجوية الساسية السممت ممما مجممموعه‬
‫‪ 58‬ألف وظيفممة فممي السمبوعين التمماليين للعتمداءات فقممط‪ ،‬ولهمذا‬
‫تفشت البطالة لتبلغ نسبة ‪ %6‬من مجمل القوى العاملة‪ ،‬ويعتبر هذا‬
‫أيضا ً رقما ً قياسيا ً لم يسبق له مثيل منذ ‪ 20‬عاما‪.‬‬
‫كما حدثت فوضى إدارية عارمة جعلت جميع المرتبطيممن بعقممود‬
‫مع مركز التجارة العالمي يلجأون إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه والفممرار‬
‫ببقية أموالهم وبيع كل أسهمهم المالية لتوقعهم أن هذه السهم آيلة‬
‫للسقوط‪.‬‬
‫لحقت الخسمائر كمذلك بقطماع السمياحة حيمث انحسمرت وفمود‬
‫السائحين في أمريكا‪ ،‬وشغرت أكممثر مممن ‪ %50‬مممن غممرف الفنممادق‬
‫الكبرى رغم أنها خفضت أسعارها بنسبة ‪ %40‬ثم جاء وبمماء الجمممرة‬
‫الخبيثة فألغى كثيرا ً مممن المممؤتمرات واللقمماءات التجاريممة وأصممبحت‬
‫الفنادق تواجه مأزقا إضافيا ليس في " نيويورك " وحدها وإنممما فممي‬
‫كل المدن الكبرى من " شمميكاغو " إلممى " لمموس أنجلمموس " إلممى "‬
‫هيوستون " و" ميامي "‪.‬‬
‫وتضاعفت خسائر البريد بمؤشرات أعلى إلممى أن بلغممت مليممارا ً‬
‫ونصف المليار دولر حيممث تناقصممت خممدمات البريممد بنسممبة ‪%5 .6‬‬
‫وهي أدنى نسبة تهبط إليها خدمات البريد منذ الكسمماد الكممبير الممذي‬
‫شهدته الثلثينيات‪.‬‬
‫بلغ العجز التجاري ‪ 504‬مليار دولر‪ ،‬فممي حيممن كممان متوقعما ً أن‬
‫يصل العجز في الميزانية عام ‪ 2002‬إلى ‪ 158‬مليار دولر فقط‪.‬‬
‫بمعنى أن العجز المزدوج )عجز فمي ميزانيمة الدولمة الفيدراليمة‬
‫وعجز في الميزان التجاري بين أمريكمما والعممالم( وصممل إلممى الرقممم‬
‫القياسممي ‪ 662‬مليممار دولر عممام ‪ ،2002‬أي ممما يعممادل ‪ %6،4‬مممن‬

‫)‪(445‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الناتممج الجمممالي المحلممي‪ ،‬وهممذا يممبين أن التجمماه العممام يميممل إلممى‬
‫الركود‪.‬‬
‫كما حدث تغير كبير في الميزانية الفيدرالية من فائض بلغ ‪127‬‬
‫مليار دولر عممام ‪ ،2001‬وصممل فممي عممام ‪ 2003‬إلممى عجممز قياسممي‬
‫قيمته ‪ 300‬مليار دولر‪ ،‬يعادل ‪ %2,75‬من الناتج الجمالي المحلي‪.‬‬
‫كذلك تقلصت البرامج الخدماتية المختلفممة لعممدد مممن الوليممات‪،‬‬
‫حيث نقل تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" صورة قاتمممة للوضممع فممي‬
‫الوليات المريكية‪ ،‬عندما أشار إلممي أن "حمماكم وليممة " ميسمموري "‬
‫أمر بإزالة ثلث المصابيح الكهربائية توفيرا ً في النفقات‪.‬‬
‫ولكن تراجع الدولر أمام اليورو هو ما تنظر إليه أوروبا بقلق‪ ،‬إذ‬
‫أن اقتصادها يعتممد علمى التصمدير لمريكما‪ ،‬وكمل هبموط فمي قيممة‬
‫الدولر يرفع أسعار البضائع المنتجة في أوروبا‪ .‬وكل زيادة في قيمممة‬
‫اليورو مقابل الدولر بنسبة ‪ %10‬تضرب أرباح الشممركات الوروبيممة‬
‫بنسبة ‪.%4‬‬
‫بممما مضممى يتضمح أنمه بعممد الغممزوة المباركمة دخمل رأس الممال‬
‫المريكي إلى طريق مسدود بعد أن فقد مصداقيته أمام العالم مممن‬
‫جهة ‪ -‬وسمميأتي تفصمميله ‪ ،-‬وبعممد أن أصممبحت الحكومممة عمماجزة عممن‬
‫استعادة زمام المبادرة لنعاش القتصاد من جهة أخرى‪.‬‬
‫تراجع الستثمارات الجنبية في الوليات المتحدة المريكية‪:‬‬
‫اعممترفت إحصممائية لمموزارة التجممارة المريكيممة فممي ‪26/6/2003‬‬
‫بتراجع الستثمارات الجنبية للعام الثاني علممي التمموالي بنسممبة تزيممد‬
‫علي النصف‪ ،‬حيث تراجع إجمالي الستثمارات العالمية في الوليات‬
‫المتحدة بنسبة ‪ % 64‬لتصل إلى ‪ 147 .1‬مليار دولر أمريكي‪.‬‬
‫وأشارت الحصائية إلى أن " التراجع في النفاق في عام ‪2002‬‬
‫يجسد الضعف المستمر في القتصمماد المريكممي وفممي القتصمماديات‬
‫الجنبية والتراجع في عمليات الندماج والشممراء فممي مختلممف أنحمماء‬
‫العالم"‪.‬‬
‫وأشارت كذلك إلى أن اليابان احتفظت العام الماضممي بمركزهمما‬
‫كممأكبر مسممتثمر آسمميوي فممي الوليممات المتحممدة تليهمما بفممارق كممبير‬
‫اسممتراليا ثممم سممنغافورة وأوضممحت الحصممائية أن اليابممان كممانت قممد‬
‫ضخت نحو ‪43‬ر ‪ 3‬مليار دولر أمريكي العام الماضي ‪ 2002‬مقارنممة‬

‫)‪(446‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بنحو ‪34‬ر ‪ 5‬مليار دولر في عام ‪ ،200‬أي بفممارق يزيممد عممن المليممار‬
‫ونصف‪.‬‬
‫فيممما ضممخت اسممتراليا ‪65‬ر ‪ 1‬مليممار دولر فممي عممام ‪ 2002‬م‬
‫مقارنة بنحو ‪84‬ر ‪ 4‬مليار دولر في عام ‪2001‬م أي بفارق يزيد عن‬
‫الثلثة مليارات دولر‪.‬‬
‫وتزايممدت عمليممات بيممع سممندات الخزانممة المريكيممة‪ ،‬وتزايممدت‬
‫احتمالت انزلق القتصاد المريكي نحو الركود في أعقمماب التقممارير‬
‫التي أشارت إلى تراجع جميع القطاعات القتصادية رغممم قيممام بنممك‬
‫الحتياط الفيدرالي بخفض معدل الفائدة أكثر من ‪ 12‬مرة من تاريخ‬
‫‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬وبالرغم من ضخ الحكومة بمزيمد ممن المموال لتحقيمق‬
‫السيولة في السواق‪.‬‬
‫انعكست خسائر القتصاد المريكي سلبا ً علممى منمماخ السممتثمار‬
‫في الوليات المتحدة وتراجعت معممدلت النفمماق السممتهلكي نتيجممة‬
‫إحجام المستهلكين عن إنفاق أموالهم ولجوئهم إلى الدخار في ظل‬
‫الوضاع القتصادية غير المستقرة‪ ،‬وانعكس تراجع الثقممة فممي منمماخ‬
‫العمممال والنفمماق السممتهلكي سمملبا ً علممى أربمماح وأسممعار أسممهم‬
‫الشركات المريكية الكبرى‪.‬‬
‫كما شهدت شركات التكنولوجيمما المريكيممة تراجع ما ً حممادا ً نتيجممة‬
‫تقلص معدلت الطلب والنفاق الستهلكي‪.‬‬
‫إفلس الشركات المريكية‪:‬‬
‫فممي الفممترة مممن ‪ 11‬سممبتمبر ‪ 2001‬وحممتى ‪11‬سممبتمبر ‪2002‬‬
‫انهارت وأفلست مجموعة كبيرة من الشركات المريكية‪ ،‬قممدرت بممم‬
‫‪ 60‬ألممف شممركة وقممد تممم تسممريح مممال يقممل عممن ‪ 140‬ألممف عامممل‬
‫أمريكممي فممي نفممس الفممترة‪ ،‬وفق ما ً لتقريممر صممحيفة " وول سممتريت‬
‫جورنال" وممما زال مسلسممل النهيممارات والفلسممات مسممتمرا ً حيممث‬
‫يسجل قطاعي الطيران المريكي‪ ،‬والتأمين أعلى معممدلت الفلس‬
‫والتسريح للعمال‪.‬‬
‫انهيار " إنرون "‪:‬‬
‫استعمل ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا السبق عبارة الغممرق‬
‫حين تحدث في مقاله السبوعي الصممادر يمموم ‪ 19‬ينمماير ‪ 2002‬عممن‬
‫إفلس الشركة العملقة المريكية المتحكمة فممي الطاقممة" إنممرون "‬

‫)‪(447‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والتي تربعت على عرشها في ولية تكساس لتدير دفممة النفممط وممما‬
‫يتبع النفط من طاقممة كهربائيممة هممي عصممب الصممناعة المريكيممة بممل‬
‫القتصاد المريكي‪.‬‬
‫وكان إفلس " إنرون " هممو أول ضممربة كممبرى وموجعممة يتلقاهمما‬
‫النظام الرأسمالي المتعاظم في الوليات المتحممدة فممي مطلممع هممذا‬
‫القرن الجديد‪ ،‬بل تتلقاها آلة العولمة المريكية كطعنة في هيبتها‪.‬‬
‫فالعملق " إنرون " هو الذي كان وراء رفض الحكومة المريكية‬
‫التوقيع على إعلن " كيوتو " الخاص بحماية فضاء العالم من التلوث‬
‫في عهد كلينتممون‪ ،‬مممما فتممح البمماب أمممام فوضممى التصممنيع والطاقممة‬
‫وتوسيع أخطار التلوث إلى ظاهرة كونية تنشأ فممي أمريكمما ويتحملهمما‬
‫العالم بأسره‪.‬‬
‫" وورلد كوم " أكبر عملية إفلس‪:‬‬
‫تقدمت شركة " وورلد كوم " المريكية للتصالت بطلب رسمممي‬
‫إلى المحكمة لعلن إفلسها لتصممبح بممذلك أكممبر عمليممة إفلس فممي‬
‫التاريخ المريكي ‪ ,‬متجاوزةً بذلك فضمميحة إفلس شممركة " إنممرون "‬
‫لخدمات الطاقة ‪.‬‬
‫وجاء إفلسها في الوقت الذي تشهد فيه بورصة " وول سممتريت‬
‫" سلسلة من فضائح المحاسممبات الماليممة الممتي تممورطت فيهمما عممدة‬
‫شركات أمريكية خاصممة فممي قطمماع التصممالت فممي محاولممة لخفمماء‬
‫خسائرها ‪.‬‬
‫إفلس شركة " كاربت إنك " في أمريكا‬
‫أعلنممت مجموعممة " كمماربت جولممف " الكنديممة لصممناعة أرضمميات‬
‫ملعب الجولف عن تقديم الشركة التابعة لها في الوليات المتحممدة‬
‫المريكيممة والمعروفممة باسممم " كمماربت إنممك " طلبما ً إلممى السمملطات‬
‫المريكية لعلن إفلسها وحمايتها من الدائنين‪.‬‬
‫ميديكال ليندر " تعلن إفلسها‬
‫تقدمت شركة " ميممديكال لينممدر " المريكيممة للخممدمات الماليممة‬
‫للمؤسسات الصحية بطلب إلى السلطات المريكية لعلن إفلسها‪.‬‬
‫و يمثل إفلس هذه الشركة تهديدا ً خطيممرا ً لعممدد مممن مؤسسممات‬
‫الرعاية الصحية التي لها مستحقات كبيرة لدى الشركة المفلسة‪.‬‬
‫كانت " ميديكال لينممدر " قممد عجممزت خلل الفممترة الخيممرة عممن‬

‫)‪(448‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سداد مستحقات عدد كبير من العملء لديها المر الذي دفع عدد من‬
‫هؤلء العملء إلى المطالبة بتصفيتها‪.‬‬
‫" أوكوود هومز " تعلن إفلسها‬
‫أعلنممت شممركة " أوكمموود هممومز " المريكيممة أنهمما سممتتقدم إلممى‬
‫السلطات المريكيمة بطلب إعملن إفلسها‪،‬‬
‫وتعد " أوكوود هممومز " ثمماني أكممبر شممركة للمبمماني الجمماهزة فممي‬
‫الوليات المتحدة المريكية‪.‬‬
‫تبلغ ديون الشركة حاليا ً حمموالي ‪ 570‬مليممون دولرا فممي المموقت‬
‫الذي تتعرض فيه للخسائر المستمرة منذ ثلث سنوات‪.‬‬
‫إعلن إفلس شركة البرامج " برجراين سيستمز " المريكية‬
‫أعلنت شركة البرامج " برجراين سيسممتمز " المريكيممة إفلسممها‪،‬‬
‫وتقدمت بطلب إلى السلطات المريكية لحمايتها من الدائنين‪.‬‬
‫في الوقت نفسه قالت الشركة أنها ستقيم دعمموى تطممالب فيهمما‬
‫شركة " آرثر أندرسن " للمراجعممة المحاسممبية بتعممويض قممدره ‪250‬‬
‫مليون دولر باعتبار الشركة مسئولة عن الظروف المالية التي تمممر‬
‫بها " برجراين " حاليا ً بسبب المخالفات التي ارتكبها محاسبوا " آرثر‬
‫" في حساباتها‪.‬‬
‫استمرار موجة الفلس بين الشركات المريكية‬
‫سممجلت حممالت الفلس فممي الوليممات المتحممدة ارتفاعهمما خلل‬
‫النصف الول مممن العممام الحممالي لتسممجل رقم ما ً قياسمميا ً جديممدا ً فممي‬
‫حالت الفلس‪.‬‬
‫وقد أدت حممالت الفلس الممتي شممهدها النصممف الول مممن العممام‬
‫الحالي والذي تضمن شركات كبرى مثل " إنرون " إلى وضع أصممول‬
‫قيمتها ‪ 260‬مليار دولر تحت الحراسة القضائية لسلطات التفليسممة‬
‫والتصفية وبلغ عدد الشركات المسممجلة فممي بورصممة نيويممورك الممتي‬
‫أشهرت إفلسها خلل الشهور الستة الماضية ‪ 255‬شركة‪.‬‬
‫ومما نطمالعه كمل يموم ممن أخبمار عمن إفلس كمبرى الشمركات‬
‫المريكية‪ ،‬إنما هو بسبب تلعب هذه الشركات فممي بياناتهمما‪ ،‬والممذي‬
‫تمثل في تقليل النفقات الحقيقية وتضخيم اليرادات الحقيقيممة ومممن‬
‫ثم إظهار أرباح وهمية وبالتالي يستفيد مديروا هذه الشركات نتيجممة‬
‫تضخيم مكافآتهم السنوية ومكافآت نهاية الخدمة ‪ ,‬في الوقت الممذي‬

‫)‪(449‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل يبممالون فيممه بالخسممائر الممتي تلحممق بحملممة السممهم وأصممحاب‬
‫المعاشات من جراء إفلس الشركات أو هبوط أسممعار السممهم فممي‬
‫البورصة‪.‬‬
‫وقد تمموفرت ظممروف عممدة سمممحت لهممذه الشممركات بممالتلعب مممن‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬المفهوم الخاص للقتصاد الحممر الممذي طبقتممه الوليممات المتحممدة‬
‫في السممنوات الخيممرة ‪ -‬بعممد مجممئ بمموش‪ -‬بصممفة خاصممة حيممث‬
‫ضعفت إلى حد بعيد نظم الرقابة الحكومية الفعالة فممي المجممال‬
‫المالي تحممت حجممة تحريممر الشممركات مممن القيممود الممتي تعطلهمما‬
‫وتعوق سرعة تقدمها لمواجهة المنافسممة العالميممة ل سمميما بعممد‬
‫توقيع اتفاقية " الجات " الجديدة عام‪1994‬‬
‫‪ -‬الدور الخطير الذي قامت به بعض مكاتب المحاسبة والمراجعممة‬
‫في الوليات المتحدة وبصفة خاصة ما لجممأت إليممه مممن أسمماليب‬
‫ملتوية لللتفاف حول قواعد الشفافية والمكاشفة‪.‬‬
‫‪ -‬التقارير غير الدقيقة التي نشرتها بعض بيوت السمسرة ومكاتب‬
‫التحليل المالي عن شركات معينة وإعطائها درجات تقممويم أكممثر‬
‫مما تستحق حيث إن كبار العاملين في هذه المكاتب يستثمرون‬
‫أموالهم في هذه الشركات ومن ثم يحققون أرباحا خيالية ‪.‬‬
‫‪ -‬القرارات المحفوفة بالمخاطر التي اتخذها مديرو هذه الشركات‬
‫بهدف تضخيم الرباح كما سبق وأن أوضحنا‪.‬‬
‫انهيار شركات الطيران المريكية‪:‬‬
‫بحلول نهاية العام الجاري أعلنت شركتا طيممران عملقتممان وهممما‬
‫"يو‪ .‬أس‪ .‬إيرويممز" و"يونايتممد إيرلينممز" إفلسممهما‪ ،‬ومممن المتوقممع أن‬
‫تليهما شركات أخرى في عام ‪.2003‬‬
‫إفلس " يونايتد إيرلينز "‪:‬‬
‫" يو‪ .‬ايه‪ .‬إل " الشركة الم لشركة " يونايتد إيرلينممز " للطيممران‬
‫قدمت ملف الطلب الخاص بإشممهار الفلس لم م " يونايتممد إيرلينممز "‬
‫إلى السلطات المريكية المختصة ‪.‬‬
‫وجاء إقرار إشهار إفلس " يونايتد ايرلينممز " بعممد رفممض مجلممس‬
‫استقرار الطيران الجوي طلب ما ً لتمموفير قممرض فيممدرالي قممدره ‪8 .1‬‬
‫مليممار دولر مممما أدي إلممى تراجممع شممديد فممي قيمممة أسممهم الشممركة‬
‫بالبورصة ووصول سعر أسهمها إلى‪ 92‬سنتا فقط ‪.‬‬
‫)‪(450‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إفلس " يو اس إيروايز " الجوية المريكية‪:‬‬
‫طلبت مجموعة الخطوط الجويممة المريكيممة " يممواس ايروايممز "‬
‫حمايتهمما مممن الممدائنين بممموجب الفصممل الحممادي عشممر مممن قممانون‬
‫الفلس المريكي وذلك بعد أن قدمت الشركة طلبا ً رسممميا ً بإشممهار‬
‫إفلسها إلى محكمة الفلس في مدينة الكسندريا بولية فيرجينيا‪.‬‬
‫وتعد شركة " يواس ايروايز " سابع شركة طيران أمريكيممة ‪ ,‬كممما‬
‫في قائمة كبرى شركات الطيران العالمية‬ ‫أنهمما تشممغل رقم‪14‬‬
‫وتخدم أكثر من‪ 200‬موقع داخل الوليات المتحدة‪.‬‬
‫شركات طيران أخرى تعلن إفلسها‪:‬‬
‫شهد العام ‪ 2002‬توقف الكثير من الشممركات عممن العمممل‪ ،‬فقممد‬
‫توقفت شركة طيران أمريكية صغيرة هي " ميممدواي إيرلينممز " عممن‬
‫العمل وسرحت جميع موظفيها البالغ عددهم ألفا وسبعمائة موظف‪.‬‬
‫وقال مسئولوا شركة " دلتا إيرلينز "‪ ،‬ثالث أكممبر شممركة طيممران‬
‫في العالم إنه من المحتمل أن تستمر الشركات فممي تسممريح أعممداد‬
‫من الموظفين‪ ،‬وتوقع " جوردون بيتون " رئيس شممركة " كونتيننتممال‬
‫" أن يفقممد مممابين مممائة ومممائتي ألممف موظممف يعملممون بشممركات‬
‫الطيران حول العالم وظائفهم بسبب الكارثممة ويعتقممد المحللممون أن‬
‫خسائر قطاع النقل الجوي في الوليات المتحدة قد تبلغ سبعة عشر‬
‫مليار دولر في ‪.2001‬‬
‫وأما ما يذكره بعض الناس من المفاسد المترتبة على مثل أعمال‬
‫سبتمبر المباركة فقد قام الشيخ الشهيد يوسف العييري‪ -‬تقبله الله‪-‬‬
‫بالرد على بعض تلك المفاسد التي أثيرت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫”الرد على المفسدة الولى“‬
‫المفسممدة الولممى‪ :‬قممالوا بممأن هممذه العمليممات يمكممن أن تتسممبب‬
‫بسعي جاد لتصفية البؤر الجهادية في العالم خشية أن تفرز مثل هذا‬
‫العمممل‪ ،‬وهممذا ربممما ينعكممس علممى فلسممطين والشيشممان وكشمممير‬
‫وغيرها من المناطق السلمية‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫وهذه المصلحة هي من جنس المصممالح الملغمماة الممتي تهمممل‪ ،‬ول‬
‫تصلح أن تسمى من المفاسد الممتي تمنممع القيممام بهممذا العمممل‪ ،‬ويممرد‬
‫عليها بما يلي‪-:‬‬
‫يقال هذه مفسدة ل يمكن أن تحصل أبدا ً لن الرسول صلى اللممه‬

‫)‪(451‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عليه وسلم يقول كممما فممي الصممحيحين وغيممره )ل تممزال طائفممة مممن‬
‫أمتي يقاتلون على الحق حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك(‪ ،‬ويقممول‬
‫صلى الله عليه وسلم أيضا ً كما عند أبي داود )الجهاد ماض إلى يمموم‬
‫القيامة( فل يمكن أبدا ً أن يصفي الكفار الرايات الجهادية ولو اجتمممع‬
‫النس والجن جميعا ً فإن هذا الدين ممماض والجهمماد ممماض إلممى قيممام‬
‫الساعة‪ ،‬فممما بيممن الشمرع أنمه لممن يحصممل أبممدا ً كيمف بنما أن نجعلمه‬
‫مفسدة تفضي إلى تعطيل الدليل والنكاية بالكفار؟!‪.‬‬
‫إن الواقع يشهد أن الكفممار وأذنممابهم لممم يممألوا جهممدا ً فممي تصممفية‬
‫الرايات الجهادية فكلما قامت راية جهمماد اجتمعمموا جميعما ً لسممقاطها‬
‫بكل ما يملكون‪ ،‬فالعارف بأحوال المجاهممدين يعلممم علممم اليقيممن أن‬
‫دول الكفر وعلى رأسها أمريكا وأذنابهم قممد بممذلوا قصممارى جهممدهم‬
‫لضرب رايات الجهاد وقتل واعتقال رموزه‪ ،‬فهذا العمل لممن يزيممدهم‬
‫إل أن يصرحوا بالعداوة بعد أن كانوا يسممرون بهمما‪ ،‬بممل إن تصمريحهم‬
‫بالعممداوة أيضما ً يعمد مصملحة حصمملت ممن همذه العمليمات‪ ،‬فهممم قمد‬
‫استنفدوا وسعهم في القضاء على الجهاد بكل السمماليب ول يتصممور‬
‫أن عندهم زيادة مهمة على ما قدموا‪.‬‬
‫وحتى لو قيل إن العالم بعد هممذه العمليممات سمموف يمنممع تحريممك‬
‫الموال والشخاص إلى سماحات الجهماد‪ ،‬نقمول‪ :‬إن همذا مما عزمموا‬
‫عليه قبل عمليات الثلثاء‪ ،‬ففي اجتماع للتحمماد الوربممي قبممل ثمانيممة‬
‫أشممهر قممدمت فرنسمما وروسمميا مشممروع قممرار محاصممرة الحركممات‬
‫الجهادية بشكل أكبر‪ ،‬وكان المشروع المقدمة توصممياته فممي مممذكرة‬
‫تبلغ أربعين صفحة‪ ،‬أعدها خبير فرنسممي فممي مكافحممة الرهمماب فممي‬
‫الشرق الوسط‪ ،‬وتممم التفمماق علممى البممدء بخطمموات عمليممة ودوليممة‬
‫لمحاصممرة الحركممات الجهاديممة ماليمما ً وبشممريًا‪ ،‬ثممم اجتمعممت دول‬
‫)الكومنولث( وطرحت نفس المشروع وقررت أول ً حصار أفغانستان‬
‫والشيشان بشكل مكثف‪ ،‬فممإذا علمنمما ممما أعلنمموه فقممط مممن خطممط‬
‫اسممتطعنا أن نحكممم بممأن هممذه العمليممات لمن تزيممد الوضمع سموءً لن‬
‫السمموء حاصممل قبلهمما‪ ،‬وكممذلك نسممتطيع القممول إن الهممامش الضمميق‬
‫المعطى للحركات الجهادية قبل العمليات لن يدوم أكثر من شمهرين‬
‫على أحسن الحوال‪ ،‬فمن نظر إلى الواقع عرف خطممأ القممول بهممذه‬
‫المفسدة المطروحة‪.‬‬
‫وإن هذه المفسدة أيضا ً تردها السمميرة‪ ،‬فممالنبي صمملى اللممه عليممه‬
‫)‪(452‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسملم بقتماله للكفمار فمي بممدر وأحمد وتعرضمه لقمموافلهم وتجممارتهم‬
‫جمعوا له الحزاب من كل جانب‪ ،‬وحاصروه حتى وصفهم الله بقوله‬
‫َ‬ ‫)إذ ْ جاُءوك ُم من فَوقك ُم وم َ‬
‫ت‬ ‫صمماُر وَب َل َغَ م ِ‬
‫ت اْلب ْ َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م وَإ ِذ ْ َزاغَ ِ‬ ‫سَف َ‬
‫ل ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ ْ ِ ْ َ ِ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫ن ِباللهِ الظُنوَنا(‪ ،‬فجاء كفار قريش مممن فمموق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جَر وَت َظّنو َ‬
‫حَنا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُْقُلو ُ‬
‫ب ال َ‬
‫المدينة‪ ،‬ونقض اليهود العهد أسممفل المدينممة‪ ،‬وصممرح بالنفمماق داخممل‬
‫المدينممة حممتى قممال أحممد الصممحابة )كممان أحممدنا ل يممأمن أن يممذهب‬
‫لحاجته(!!! وعلى مقياس هذه المصالح يقممال‪ :‬إن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أخطأ وأثار الحزاب عليمه والمذين همم أقموى منمه عمددا ً‬
‫وعدة ‪-‬وحاشاه ‪ -‬وذلك بالتعرض للكفار وجرهم لحربه فممي المدينممة‪،‬‬
‫فطبيعة الجهاد أنه يثير العدو‪ ،‬وكيف بالنبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بعدما فتح الجزيرة وهو ضعيف القوة بالنسبة لفارس والممروم ورغممم‬
‫ذلممك يممثيرهم عليممه بممدعوتهم وإرسممال الجيمموش لهممم كجيممش مؤتممة‬
‫وغزوته هو إلى تبوك؟‪.‬‬
‫”الرد على المفسدة الثانية“‬
‫المفسدة الثانية‪ :‬قال المفتون بمنع العمليات إن مفسدة تصفية‬
‫البؤر الجهادية قد تمتد إلممى كممثير مممن العمممال السمملمية والدعويممة‬
‫والثقافية والخيرية والتعليمية التي قد يصنفونها على أنها البيئة الممتي‬
‫تضع القوالب‪ ،‬وتهيئ المناخ‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫نقول لهم‪ :‬إن هذه المفسدة حاصلة منذ القدم قبل أن يتنبه لها‬
‫هؤلء المفتممون‪ ،‬فنظمرة إلمى العممالم وخاصمة العممالم السمملمي أيمن‬
‫العمال الدعوية الحرة فيممه؟ أيممن العلممماء والممدعاة؟ ل يوجممد عمممل‬
‫دعوي حر‪ ،‬والعلممماء فممي السممجون‪ ،‬وأحسممن أحمموالهم فممي القامممة‬
‫الجبريممة أو موقوفممون عممن الممدعوة إل بممإذن السمملطات‪ ،‬والشممريط‬
‫والكتاب الذي يوزع ل يوزع إل على نطاق ضيق جدا ً وأيضمما ً ل بممد أن‬
‫يفسح جنمد الطمماغوت هممذه الممادة أو تلمك لتكممون قابلمة للتوزيممع أو‬
‫الطباعة‪ ،‬فالعمل الدعوي الذي ترون أن ضربه مفسدة هو مضروب‬
‫منذ عقود‪ ،‬أين أنتم عن الواقع؟‪.‬‬
‫وكذلك العمال الخيرية محاصرة أشد المحاصممرة بممل إن روسمميا‬
‫وأمريكا قد طالبتا أكثر من مرة بإغلق بعض المؤسسممات السمملمية‬
‫بحجة أنها تدعم الجهاد‪ ،‬وفي الصيف الماضي نشرت جريدة الشرق‬
‫الوسط تصريحات وزيرة الخارجة المريكية )أولبرايت( التي تطالب‬

‫)‪(453‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بممإغلق بعممض الهيئات السمملمية ومنهمما مؤسسممة الحرميممن فممي‬
‫السعودية وبعض الهيئات الخرى بتهمة تمويل العمليات الرهابية‪.‬‬
‫بل إن مؤتمر وزراء الخارجية العرب المعقود في الجممزائر عممام‬
‫‪1414‬هم كان موضوع الجتممماع الممذي جمماءوا مممن أجلممه هممو تجفيممف‬
‫الموارد المالية للرهمماب ‪ -‬أي الجهمماد ‪ -‬ومنممع وصممول أممموال الزكمماة‬
‫والصدقات إلى الرهابيين‪ ،‬وأنشأت كممل دولممة عربيممة لجنممة حكوميممة‬
‫تدخل تحتها جميع الهيئات الغاثية ليمكنها أن تسيطر على نشمماطاتها‬
‫وتراقب حساباتها الصادرة والواردة‪ ،‬ثم بعدها اجتمع روؤساء الممدول‬
‫العربية في تونس لمعالجة مشكلة الرهاب وقممرروا قممرارات حممرب‬
‫على السلم حتى إن صحيفة القدس العربية القومية قممالت بعنمموان‬
‫كبير في صفحتها الولى )الدول السلمية تجتمع لحرب السلم(‪ ،‬ثم‬
‫وقعت الدول العربية تحت مظلة الجامعة العربية قرار التعمماون فممي‬
‫مجال مكافحممة الرهمماب ‪)-‬الجهمماد(‪ -‬وتممم التوقيممع قبممل سممتة أشممهر‪،‬‬
‫ونحت دول مجلس التعاون الخليجيممة المنحممى نفسممه ووقعممت علممى‬
‫التعاون فيما بينها في مجال مكافحة الرهاب )الجهمماد( ولممم ترفممض‬
‫التوقيع إل الكويت وقطر‪ ،‬لمصالح سياسية تم إعلنها‪.‬‬
‫فزعمكممم أن العمليممات فممي أمريكمما سممتحدث مفسممدة ضممرب‬
‫المؤسسات الخيرية هي مفسدة حاصلة منذ القدم أيها الفقهاء‪.‬‬
‫أما العمال التعليمية التي بكيتم على ضربها‪ ،‬فإننا نقممول أقيممموا‬
‫لنا دليل ً واحدا ً أنمه يوجممد أعممال تعليميممة مسممتقلة ومثمممرة لمدى أي‬
‫جماعة إسلمية ونسّلم لكم؟ أم أنكم تبكون على خيال وأوهام؟‪.‬‬
‫”الرد على المفسدة الثالثة“‬
‫المفسدة الثالثة‪ :‬زعم المستنكرون للعمليممات أنمه ربمما تحصممل‬
‫مفسدة وذلك باضطهاد الشعوب السلمية أو بعضها من الظممالمين‪،‬‬
‫ويخشون على الشعب الفغاني أن يغزى من قبل أمريكا‪.‬‬
‫نقول لهم أثبتوا لنا أن شعبا ً من الشعوب السلمية لم يضممطهد‬
‫الن مممن قبممل الظممالمين؟ بممل أثبتمموا لنمما أن شممعبا ً مممن الشممعوب‬
‫السلمية يمكن له أن يقول ما يعتقد؟ ويمكن له أن يعبممد اللممه بكممل‬
‫حرية؟ بل أثبتوا لنمما أن شممعبا ً مممن الشممعوب السمملمية تحك ّممم عليممه‬
‫شريعة الله كاملة في كل مجالت الحياة؟‪.‬‬
‫ل يمكن لهم أبدا ً أن يجيبوا بالثبات على أي سؤال سبق سمموى‬

‫)‪(454‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ما يحصل في أفغانستان‪ ،‬فإذا كنتم ل تجدون شعبا ً ُيحكممم بالشممريعة‬
‫ول تجدون شعبا ً غير مضطهد‪ ،‬فكيف جاز لكم أن تحكموا على عمل‬
‫مشروع أنه مفسدة لنه يسبب اضطهادا ً للمسمملمين؟‪ ،‬سممبحان اللممه‬
‫واعجبًا!! مفسدة حاصلة كيف زعمتم حصولها الن؟‪.‬‬
‫أما عن الشعب الفغاني وبكاؤكم عليممه‪ ،‬فإننمما نقممول لكممم اليمموم‬
‫تنتصممف المممارة السمملمية فممي سممنتها السادسممة قائمممة بممأمر اللممه‬
‫مدافعة عن الجهاد والمجاهدين‪ ،‬ولم نر ممممن تبمماكى عليهمما مجهممودا ً‬
‫يذكر لتقويتهمما أو نصممحها أو إرشممادها‪ ،‬فمفسممدة اضممطهاد الظممالمين‬
‫للفغمان حاصملة بسمبب خمذلنكم لهمم‪ ،‬وبسمبب عمدم وقموفكم ممع‬
‫المارة السلمية‪ ،‬لم يتطوع عالم واحد أو طالب علم حتى بممالنزول‬
‫عند المارة والشد على عضدهم‪ ،‬حوصرت المارة من أجممل الجهمماد‬
‫والمجاهدين من قبل كل الدول قاطبممة ولممم نسمممع صمموتا ً مسممتنكرا ً‬
‫واحدا ً كالذين استنكروا قتل البريمماء )الشممقر(‪ ،‬وضممربت أفغانسممتان‬
‫بالصواريخ ولممم نسمممع مممن يسمماند أو يشممجب أو حممتى يعممزي‪ ،‬أنتممم‬
‫خذلتم الفغان وتركتموهم يواجهون الحصار والضرب والتكممالب‪ ،‬ثممم‬
‫دوا إن ‪ -‬صممح اتهممامهم ‪ -‬علممى كممل ممما يحصممل لهممم قلتممم إن‬ ‫لممما ر ّ‬
‫مفسدة ردهممم أعظممم مممن مفسممدة سممكوتهم!‪ ،‬سممبحان الممذي رزق‬
‫الفقه للفقهاء!‪.‬‬
‫كما أنه ل يحق لحممد أن يتبمماكى علممى أفغانسممتان وهممو أول مممن‬
‫خممذلها‪ ،‬فأيضما ً ل يحممق لحممد أن يحكممم علممى الفغممان بممأنهم أحممدثوا‬
‫مفسدة بهذه العمليات إن كانوا هم إل أن يكون عارفا ً بواقعهم‪.‬‬
‫الممارة السملمية تمواجه حربما ً عسمكرية يمدعم أعمداءهم فيهما‬
‫أمريكا وروسمميا وإيممران والهنممد والصممين وطاجكسممتان وأوزبكسممتان‬
‫وتركيا‪ ،‬وأخيرا ً التحاد الوربي بعد زيارة الهالك أحمممد شمماه مسممعود‬
‫لهم‪ ،‬وأيضا ً المارة السمملمية تممواجه حصممارا ً محكم ما ً مممن قبممل دول‬
‫العالم كلها بالجماع ولم تمتنع عن التصممويت إل ثلثممة دول شمميوعية‬
‫ووثنية‪.‬‬
‫والخيارات التي أمام المارة السلمية خيممارات محممددة لكممي تخممرج‬
‫من هذا الحصار وتخرج من هذه الحرب‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن تخضع للنظام العالمي الجديد وللشرعية الدوليممة وتنفممذ‬ ‫أو ً‬
‫قرارات المم المتحدة وقممرار مجلممس المممن رقممم ‪ ،1333‬وتشممكل‬

‫)‪(455‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كم الطاغوت‪.‬‬‫حكومة إئتلفية كفرية وتح ّ‬
‫ثانيًا‪ :‬أن تصممر علممى موقفهمما وتتمسممك بممدينها ويسممتمر الحصممار‬
‫ويسممتمر العمممل العسممكري الموحممد ضممدها‪ ،‬وإن لممم توافهمما منيتهمما‬
‫وتسقط هذا العام فستسقط العام القادم وتموت موتا ً بطيئًا‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬أن تبذل وسعها وتدافع عن نفسها وتحاول أن تجر قدم مممن‬
‫تولى كبر حصارها إلى أرضها لتسحق هامته وينصممر اللممه جنممده كممما‬
‫نصرهم مرتين على البريطانيين وعلى التحاد السوفييتي‪.‬‬
‫فهذه الخيارات الثلث التي ل رابع لها حقا ً خيارات محيرة أحلها‬
‫مر‪ ،‬ويكفي المرء أن يموت على دينه ليعلن للناس أجمعين ويصممرخ‬
‫بها مدوية ويقول )فزت ورب الكعبمة(‪ ،‬فمأي مصملحة يمكمن للممارة‬
‫السلمية أن تحافظ عليهمما وهممي الممتي تشممعر أن العممالم يحيممط بهمما‬
‫ويناصبها العداء ويرميها عن قوس واحدة ويهلك المسلمين فيها‪ ،‬كل‬
‫ذلك مع خذلن المسلمين لها وأولهممم العلممماء بممل مممع تكفيممر بعممض‬
‫العلماء لهم‪ ،‬فلم يكن خيارهم هذا إل خيارا ً مبنيما ً علممى ثقتهممم بنصممر‬
‫الله يوم أن يدخل العدو أرضهم‪.‬‬
‫ثم إن المارة السلمية تعلم علم اليقيممن أن أمريكمما تعممد خطممة‬
‫عسكرية لجتياح أراضيها وضربها ضربة عسكرية جوية قاصمة لنممزع‬
‫حكومة المارة وتنصيب حكومة ظاهر شاه المنفي في روما حتى لو‬
‫لم تحصل العمليات أي قبل العمليات بشهرين‪ ،‬فقممد نقلممت صممحيفة‬
‫)ضرب مؤمن( السلمية الباكستانية عن وزير الخارجية الباكسممتاني‬
‫السبق نياز زينك أن مسؤولين كبارا ً في الحكومة المريكيممة أبلغمموه‬
‫في منتصف شهر يوليو تموز من عام ‪2001‬م بأن الوليات المتحدة‬
‫سممتتخذ إجممراءات عسممكرية ضممد أفغانسممتان بحلممول منتصممف شممهر‬
‫أكتمموبر تشممرين أول ‪2001‬م‪ ،‬وقممال المموزير الباكسممتاني السممابق إن‬
‫المسممؤولين المريكييممن أبلغمموه بالخطممة أثنمماء انعقمماد مممؤتمر لممدول‬
‫مجموعة التصال الخاصة بأفغانستان الذي عقد تحممت رعايممة المممم‬
‫المتحدة في برلين‪.‬‬
‫وقال نواز إن المسؤولين المريكيين أبلغوه أنه إذا لم يتم تسليم‬
‫بن لدن على الفور فإن الوليات المتحممدة سممتقوم بعمممل عسممكري‬
‫لعتقمماله أو قتلممه هممو والمل عمممر زعيممم حركممة طالبممان‪ ،‬ويشممير‬
‫المسممؤول الباكسممتاني إلممى أن الهممدف الوسممع مممن تلممك العمليممة‬

‫)‪(456‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سيكون إسقاط حكومة طالبان وتنصيب حكومة انتقالية من الفغممان‬
‫المعتدلين من الممكن أن يتزعمها ملممك أفغانسممتان السممابق ظمماهر‬
‫شاه‪.‬‬
‫وأوضممح المسممؤول الباكسممتاني السممابق أن واشممنطن ستشممن‬
‫عملياتهممما ممممن قواعمممد فمممي طاجكسمممتان حيمممث يقيمممم عمممدد ممممن‬
‫المستشارين المريكيين بالفعل‪.‬‬
‫وقال إن أوزبكستان ستشارك فممي العمليممات وأن سممبعة عشممر‬
‫ألممف جنممدي روسممي يقفممون فممي حالممة اسممتعداد‪ ،‬مشمميرا ً إلممى أن‬
‫العمليات العسكرية ستتم قبيل سقوط الثلوج في أفغانستان بحلول‬
‫منتصف أكتوبر تشرين أول على أكثر تقدير‪.‬‬
‫وشكك المسؤول الباكستاني السابق في إمكانية تراجع الوليات‬
‫المتحدة عن خططها حتى إذا تم تسليم بن لدن على الفور من قبل‬
‫المارة السلمية‪.‬‬
‫وقد نقلت )البي بي سي( هذا التقرير عن دبلوماسي باكسممتاني‬
‫سابق قوله‪ ،‬بأن الوليات المتحدة كانت تخطممط لعمليممات عسممكرية‬
‫ضد أسامة بن لدن وحركة طالبان حتى قبل وقمموع هجمموم السممبوع‬
‫الماضي‪.‬‬
‫فإذا كان هذا الخبر قد وصل إلى المارة السلمية فإن مبادرتها‬
‫بالهجوم ‪ -‬إن كانت هي ‪ -‬يعد سبقا ً عسممكريا ً رائعمًا‪ ،‬لممذا فقممد قممامت‬
‫بناًء على هذه المعلومات بعملية رائعة خلطت الوراق وذلك باغتيال‬
‫الهالممك أحمممد شمماه مسممعود‪ ،‬فخلطممت أوراق المعارضممة وشممتت‬
‫أفكارها‪ ،‬فإن كانت هي التي قامت أيضا ً بعمليمات أمريكما فمإن همذه‬
‫هي الحنكة السياسية والعسكرية المطلوبممة‪ ،‬فمممن الغبمماء أن تنتظممر‬
‫المارة المريكيين وأعمموانهم حممتى يجهممزوا عليهمما‪ ،‬بممل إن العمليممات‬
‫التي حصلت في أمريكمما رأينمما أنهمما فرقممت التحممالف المريكممي ضممد‬
‫المممارة فكممان التحممالف فممي أول يمموم بلممغ أوجممه وذروتممه‪ ،‬ثممم رأينمما‬
‫التصريحات المتخاذلة والخائفة والمتعقلممة تظهممر خلل أول أسممبوع‪،‬‬
‫فكيف ستكون المواقف بعد شهر؟ بل كيف سممتكون بعممد شممهر مممن‬
‫الحرب ل قدر الله؟‪.‬‬
‫المهم من الكلم السابق هو أن نبين أن المارة السلمية كانت‬
‫بين خيارات أفضلها أن تدخل الحرب هممي بفعلهمما ولممو أنهمما خسممرت‬

‫)‪(457‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقتلوا جميعا ً فيكفي أنهم ماتوا على السلم وهم قائمين بممأمر اللممه‬
‫ولم يحنوا لغير الله هامة‪ ،‬وكما قال الشيخ عمممر عبممد الرحمممن فممك‬
‫الله أسره في كتابه أصناف الحكم والحكام ”لن يقوم الناس جميعا ً‬
‫ويطالبوا بتحكيم الشريعة عليهممم فيقتلمموا جميع مًا‪ ،‬خيممر لهممم مممن أن‬
‫يعيشوا جميعا ً في رغد تحت حكم الطاغوت‪ ،‬فإن الذين ماتوا جميعما ً‬
‫م( كممما‬ ‫ك ال َْفوُْز ال ْعَ ِ‬
‫ظي ُ‬ ‫من أجل الدين هم الذين سمى الله فعلهم )ذ َل ِ َ‬
‫فعل أصممحاب الخممدود“ فالفغممان حقيقممة لممم يخسممروا وإن خسممروا‬
‫الدنيا وقتلوا‪ ،‬ولكن المسلمين فممي بقمماع الرض هممم الممذين خسممروا‬
‫يمموم أن اسممتكانوا وآثممروا السمملمة ورضمموا بممأن تحكمهممم القمموانين‬
‫الوضعية‪ ،‬وظنموا أن همذه همي المصملحة‪ ،‬فحسمبوا أن المصملحة أن‬
‫يعيش المرء والمفسدة أن يقتل بغممض النظممر هممل يعيممش كممافرا ً أو‬
‫يموت مؤمنًا‪ ،‬فالمصلحة المطلقة هي أن يعيش العبد مؤمنا ً ويممموت‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫ثممم إن الممذين يقولممون إن العممالم بأسممره سمموف يممواجه الفغممان‬
‫ويقتلهم جميعا ً بعد العمليات التي حصلت‪ ،‬نقول إن هممؤلء يحكمممون‬
‫بناًء على ظنون وتخمينات وتوقعات فقط‪ ،‬ولكن الفغان حينما قاموا‬
‫بالعمليات فإنه من المؤكد لديهم أن حالهم سيتغير إلى الحسن‪ ،‬إذا‬
‫نصرهم الله على عدوهم‪ ،‬فهم يحسنون بالله الظممن وأنممه ناصممرهم‪،‬‬
‫وفعلوا المأمور وسلكوا جميممع السممبل لقامممة دولتهممم واسممتمرارها‪،‬‬
‫فكيف بغيرهم من الذين ل يحسنون الظن بالله يحكمون بخطأ هممذه‬
‫العمليممات لنهممم يتوقعممون أن يخممذل اللممه عبمماده وينتصممر الصممليب‬
‫عليهم!! والقاعدة الشرعية تقول )الشك ل يبطممل اليقيممن( فمماليقين‬
‫أن الله ناصممر عبمماده ولممو بعممد حيممن واليقيممن أن اللممه سمميعلي رايممة‬
‫السلم ويهممزم الكفممر‪ ،‬فكيممف بشممك أولئك وسمموء ظنهممم بممالله‪ ،‬أن‬
‫يبطل يقين الفغان بالله؟!‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإن المفسدة التي زعم المسممتنكرون للعمليممات‬
‫أنها ستحصل من العمليات‪ ،‬هي مفاسد حاصلة ومتحققة‪ ،‬والعمليات‬
‫ل تزيدها شيئا ً إل أنها جعلتها علنية فقط بعممدما كممانت سممرية‪ ،‬وهممذه‬
‫في حقيقتها مصلحة ظاهرة ليتبين المسلمون ويعرفون عداء الكفممار‬
‫لهم‪ ،‬فالمصالح المزعومة ل يعتد بها شرعا ً وهي مصالح ملغاة‪.‬‬
‫”الرد على المفسدة الرابعة“‬

‫)‪(458‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المفسدة الرابعة‪ :‬قال المستنكرون للعمليات إن مممن المفاسممد‬
‫التي ستحدثها العمليممات أن يممواجه المسمملمون فممي الغممرب تضممييقا ً‬
‫ويعرضممون لبعممض المضممايقات والعتممداءات‪ ،‬بعممد اسممتغلل اليهممود‬
‫إعلميا ً هذا الحممدث ضممدهم‪ ،‬وهممذا يفقممدهم مصمملحة ظمماهرة إذ يعممد‬
‫الغرب متنفسا لكثير من المسلمين المضطهدين في بلدهم‪.‬‬
‫نقول‪ :‬إن هذه المفسدة ليست كليه وقد قدمنا إن المصالح التي‬
‫تعتبر لبد أن تكون كليه أي للمسلمين جميعا ً أو علممى أقممل الحمموال‬
‫لغلب المسلمين أو للكثر عددا ً على القل‪ ،‬والمسلمون في أمريكا‬
‫يبلغ تعدادهم كممما تشممير آخممر إحصممائيات المراكممز السمملمية ثمانيممة‬
‫مليين مسلم‪ ،‬يرتاد المساجد والمراكز السلمية مليممون مممن هممؤلء‬
‫على أكثر الحول كما تشير الحصائية‪ ،‬وعدد الذين يسممكنون أمريكمما‬
‫باعتبارها مهجرا ً لهم يهربون فيها من ملحقة الطواغيت قد ل يتجاوز‬
‫عدد من هذا حالهم خمسمائة مسلم بعد المبالغة‪ ،‬هؤلء الذين يمكن‬
‫القول بأن أمريكا تعتبر بالنسبة له المكان الوحيد الذي يأمن فيه من‬
‫الفتنة‪ ،‬والبقية الباقية من المسلمين المهاجرين أغلبهممم جمماء للقمممة‬
‫العيش والبحث عن الدنيا‪.‬‬
‫وإذا كان كذلك فكيف نغلب مصلحة خمسمائة مسلم أو مليممون‬
‫أو حتى ثمانية مليين على مصلحة أكثر مممن ثلثمممائة مليممون مسمملم‬
‫على أقل الحمموال تضممطهدهم أمريكمما‪ ،‬فالشممعب العراقممي المسمملم‬
‫والبالغ عدده عشرين مليون مسلم محاصر من قبل أمريكا منذ عقد‬
‫من الزمان وقتل من جراء الحصار مليون ومئتي ألف مسلم أغلبهممم‬
‫مممن الطفممال وانتشممرت المممراض الفتاكممة فيهممم بشممكل مممذهل‪،‬‬
‫والشعب الفغاني المسلم البالغ عدده ثلثين مليون مسلم محاصرة‬
‫من قبل أمريكا منذ عامين تقريبما ً وقتممل فممي الحصممار سمبعون ألمف‬
‫مسملم‪ ،‬وانتشممرت المممراض والفقممر بنسممبة ‪ %95‬بيممن المسملمين‪،‬‬
‫والشعب الفلسممطيني المسمملم محاصممر ومشممرد ومقتممول مممن قبممل‬
‫أمريكمما منممذ أكممثر مممن خمسممين سممنة‪ ،‬والشممعب الندونيسممي البممالغ‬
‫صممرته ول‬ ‫عددهم مائتين وخمسممين مليممون مسمملم مزقتممه أمريكمما ون ّ‬
‫زالت تحاصره بخطط تهدف إلى تفممتيت دولتممه وتفممتيت المسمملمين‪،‬‬
‫والفلبين كذلك مثلهم وغيرها من دول العممالم السمملمي‪ ،‬وكممل هممذه‬
‫القضايا التي تقف أمريكا وراء مآسي المسمملمين فيهمما‪ ،‬ل يوجممد لهمما‬
‫حل واضح لممدى المسملمين بممل الجميممع يقممف ليتفممرج كيممف يسممقط‬
‫)‪(459‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شعب من بعد شعب وكيف تنتهك حرمممة مممن بعممد حرمممة‪ ،‬فممالتريث‬
‫والتأني ليس فيه مصلحة ظاهرة ول حتى فيممه مصمملحة متوقعممة بممل‬
‫المفسدة فيه أظهر‪ ،‬فإذا لم يكن هناك حل لدى المنكرين للعمليممات‬
‫فلماذا يغضبون إن بادر أحد لصناعة حل قد يؤدي إلى خطوة تهممدف‬
‫لتحرير هذه الشعوب السلمية من الظلم المريكي؟‪.‬‬
‫إن مراعاة مصلحة عدد قليل من المسلمين يعيشون في الغرب‬
‫لنوفر لهم عيشا ً هنيئا ً وإهمال عشرات الملييممن مممن المسمملمين لممم‬
‫نفكر قط بمراعمماة مصممالحهم أو رفممع الظلممم عنهممم‪ ،‬يعممد ذلممك مممن‬
‫أعظممم الظلممم والعممدوان علممى الشممعوب السمملمية‪ ،‬وإل فكيممف لنمما‬
‫بالسممكوت عممن نصممرة ملييممن مممن المسمملمين وأقربهممم لنمما شممعب‬
‫فلسطين والعراق أقصد نصرة حقيقية فعالة ثم إذا ارتكب أي عمممل‬
‫فعال لنصرتهم‪ ،‬قلنمما ليممس مممن الحكمممة؟!‪ ،‬فممما هممي الحكمممة الممتي‬
‫ستؤدي إلى النصرة الفعالة عندكم؟!‪.‬‬
‫فلو أن الفغان فقط قماموا بهمذا العممل مممن أجممل فمك الحصمار‬
‫عنهم أو مممن أجممل الثممأر لسممبعين ألممف مسمملم ممماتوا تحممت الحصممار‬
‫ولخمسة مليين مشرد من بلدهم لكفى بها مصمملحة تبيممح لهممم هممذا‬
‫الفعل حتى لمو تضمرر مليمون ممن المسملمين فمي أمريكما‪ ،‬وإن كنما‬
‫نعتقد أن الضرر وهمي إل بنسبة ل تكاد تذكر‪.‬‬
‫”الرد على المفسدة الخامسة“‬
‫المفسدة الخامسة‪ :‬ومن حجج المستنكرين لهذه العمليات قالوا‬
‫بأن الغرب سيصور المسلم بصورة السممفاح الممذي لممو تمكممن لثخممن‬
‫في الناس وصادر حقوقهم‪ ،‬وهممذا التصممور يحممول دون تقبممل الغممرب‬
‫للسلم أو التفكير فيه ويعّقد مهمة المؤسسات الدعوية في الغممرب‬
‫ويبني جدارا ً عازل ً يصعب هدمه أو تجاوزه‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫وا أسفا ً على منطق فقهائنا‪ ،‬إننا لنأسف أن تكون هممذه مفسممدة‬
‫تعارض بها النصوص الشرعية المرة بالثخان في العدو والتربص به‬
‫في كل مكان‪ ،‬ونحن نقول لهم لو أن الغرب بسممبب تطممبيق الحممدود‬
‫لدى المسلمين تصوروا أن ديننا دين دماء وقتل وتشويه‪ ،‬فهل يعقممل‬
‫أن يقول أحد ل تطبقمموا الحممدود حممتى ل يتصممور الغممرب عنمما صممورة‬
‫السممفاحين؟ إن النظممر إلممى الحكممام الشممرعية مممن منظممور غربممي‬
‫والعمل بها من منطلق ما يقبله رعاع الصليب وما ل يقبله‪ ،‬ل يصممدر‬

‫)‪(460‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إل عن شخصيات انهزامية ترى في السلم الدونية وأنه ديممن ينبغممي‬
‫أن يحور ليعجب الغرب ليدخلوا فيه‪ ،‬وهذه النظر من أبطل الباطممل‪،‬‬
‫فالسلم نصوص شرعية وسنة محمدية فما جاء في النصوص وفعله‬
‫الرسول صلى الله عليمه وسملم ل يكمون إل خيمرًا‪ ،‬وممن المذي قمال‬
‫للغرب إن السلم ليس فيه سفك دماء؟ إن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال لقريش وهو يطوف بالبيت كما عنممد أحمممد )تسمممعون يمما‬
‫معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكممم بالذبممح( ومممن‬
‫أسمائه صلى الله عليه وسلم )الضحوك القت ّممال( وهممو نممبي الرحمممة‬
‫ونبي الملحمة‪ ،‬فلم يممأت صمملى اللممه عليممه وسمملم إل بالذبممح للكفممار‬
‫المعاندين‪ ،‬فقال كما عند أحمد عن ابن عمر رضي الله عنممه )بعثممت‬
‫بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحممده ل شممريك لممه وجعممل‬
‫رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خممالف أمممري‬
‫ومممن تشممبه بقمموم فهممو منهممم( فللكفممار أن يأخممذوا هممذه النصمموص‬
‫ويقولوا عن نبينا صلى الله عليه وسلم إنه سممفاح وإنممه بعممث ليقتممل‬
‫الناس وإن دينه دين مرتزقة ل يكسممبون المممال إل بالقتممال والنهممب‪،‬‬
‫وإنهم يسبون النساء ويسترّقون الطفال‪ ،‬نعممم وبكممل فخممر هممذا هممو‬
‫ديننمما مهممما أطلممق الغممرب علينمما مممن نعمموت نحممن نذبممح كممل معانممد‬
‫للشريعة‪ ،‬نأخذ ماله ونسممبي نسمماءه ونسممترق أبنمماءه‪ ،‬هممذا ممما فعلمه‬
‫رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ممن بعمده رضممي اللمه عنهمم‬
‫أجمعين‪ ،‬ويوم أن حرصنا على أن يأخذ الغممرب عنمما صممورة المسمملم‬
‫المعتدل الذي يتبرأ من فعل نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه من‬
‫بعده‪ ،‬أذلنا الله وجعلنا عبيدا ً لهم وأصبحوا هم الذين يقتلوننا ويسبون‬
‫نساءنا ويستعبدون أبناءنا ودفعنا لهم الجزية عن يد ونحن صمماغرون‪،‬‬
‫ولماذا يحرص أولئك المنتسبون للعلممم علممى أل يأخممذ الغممرب عنهممم‬
‫صممورة السممفاح؟‪ ،‬ول يحممرص الغممرب واليهممود علممى أل يأخممذ عنهممم‬
‫الشرق صورة السفاح؟ إنهم يعملون بمعتقدهم الخرافي ول يبممالون‬
‫بأحد‪ ،‬ونحن ل نعمل بمعتقدنا الحق خوفا ً من تغير صورتنا عندهم!‪.‬‬
‫نحن نعلنها وبكل وضوح إننا ل نريد من الغرب إل إحدى ثلث إما‬
‫أن يسلموا ولهم ما لنا وعليهم ما علينا‪ ،‬أو يدفعوا لنا الجزية عن يممد‬
‫وهم صاغرون‪ ،‬فإن أبوا هذه وتلك فليس لهم عندنا إل السمميف‪ ،‬ولممو‬
‫تمكنا منهم جميعا ً بعممد رفضممهم السمملم والجزيممة‪ ،‬لبممدنا خضممراءهم‬
‫ولقتلناهم عن بكرة أبيهم‪ ،‬هذا ديننا ولنمما العممزة ول عممز لهممم‪ ،‬وأيضما ً‬

‫)‪(461‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يوم ينزل المسيح صمملى اللممه عليممه وسمملم فممإن الجزيممة سممترفع ول‬
‫يبقى إل السلم أو السيف‪ ،‬فرفقا ً بديننا رفقا ً بديننا يا دعمماة تحسممين‬
‫الصورة‪ ،‬ول تحسنوا صورتكم عند الغرب إل بما فعله الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم!!‬
‫ثم إننا لو جاريناكم على مرادكم الباطل الذي تريدون من وراءه‬
‫تعطيممل الشممرائع حممتى ل يقممول الغممرب إننمما أشممرار‪ ،‬هممل صممورة‬
‫المسلمين عند الغرب صورة حسنة؟ هل عند الغرب صورة للمسلم‬
‫غير صورة السفاح الشرير القذر؟ أبدا ً ل يتصممورون عممن المسملم إل‬
‫ذلممك ودعايمماتهم وأفلم هوليممود شمماهدة علممى ذلممك‪ ،‬فمممن عاشممر‬
‫المستحيلت أن تجد في أفلمهم صممورة للمسمملم أنممه نبيممل وصممادق‬
‫ومحبوب أبدًا‪ ،‬إنما المسلم في إعلمهم وفممي عقممول النمماس جميعما ً‬
‫أنه شر من وطيء الحصى‪ ،‬حممتى المسملم الممذي ُيقتممل وُيشممرد فمي‬
‫فلسممطين يصممفونه بالرهمماب رغممم أنهممم يهضمممون حقمموقه كلهمما‬
‫ويضطهدونه‪ ،‬ول يمكممن أن تتحسممن صممورة المسمملم عنممد الغممرب إل‬
‫ك ال ْي َُهممود ُ َول‬ ‫ضى عَن ْ َ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫بشيء واحد فقط بينه الله تعالى بقوله )وَل َ ْ‬
‫م( وسيسممتمرون بالكيممد والقتممال لنمما مهممما‬ ‫مل ّت َهُم ْ‬
‫حّتى ت َت ّب ِمعَ ِ‬ ‫صاَرى َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ن‬ ‫حسممنا الصممورة وطأطأنمما الممرؤوس لقممول اللممه تعممالى )َول ي ََزال ُممو َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُم ْ‬
‫ن ي َْرت َمدِد ْ ِ‬ ‫مم ْ‬
‫عوا وَ َ‬ ‫طا ُ‬ ‫س مت َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫م إِ ِ‬‫ن ِدين ِك ُ ْ‬
‫م عَ ُْ‬ ‫دوك ُ ْ‬‫حّتى ي َُر ّ‬ ‫م َ‬ ‫ي َُقات ُِلون َك ُ ْ‬
‫م ِفي الد ّن َْيا َواْل ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫خ مَر ِ‬ ‫مال ُهُ ْ‬
‫ت أعْ َ‬ ‫حب ِط َ ْ‬
‫ك َ‬ ‫كافٌِر فَأول َئ ِ َ‬ ‫ت وَهُوَ َ‬ ‫ن ِدين ِهِ فَي َ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫ن( فإن اتبعنمما ملتهممم رضمموا عنمما‬ ‫وُأول َئ ِ َ َ‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫َ‬
‫وسالمونا وأحبونا‪ ،‬وهذا ما يسعى له الكثير وذلك بممالتبرؤ مممن بعممض‬
‫ف لرضممائهم‬ ‫الشرائع السلمية التي ل يرتضيها الغرب وهذا غيممر كمما ٍ‬
‫حتى نتبرأ من الدين كله‪.‬‬
‫فالمتناع عن فعل المأمور به شرعا ً معهممم مممن أجممل أل نشمموه‬
‫صورتنا عندهم بزعم الدعوة لهم‪ ،‬هذا أمر ل يقممره الشممرع أبممدًا‪ ،‬ثممم‬
‫لماذا ينظر إلى مصلحة دعمموة الغممرب ودخممولهم فممي ديممن اللممه‪ ،‬ول‬
‫ينظر في مصلحة حفظ دين وأنفس ملييممن مممن المسمملمين بسممبب‬
‫العدوان المريكي عليهم‪ ،‬ولماذا يغلب الول على الثاني؟‪.‬‬
‫ونقمول إن لمسمتنكري العمليمات خيمال ً واسمعا ً يسمتوردون منمه‬
‫المفاسد الوهمية المزعومة التي يطول المقام بتتبعها والممرد عليهمما‪،‬‬
‫إل أننا قد قدمنا ضوابط العمممل بالمصممالح المرسمملة فكلممما ظفممرت‬
‫منهم بما يسمونه مفسدة أو مصلحة فاعرضممه علممى تلممك الضمموابط‬
‫)‪(462‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فإن استقام وإل فإنها تعد من المصالح الملغاة‪.‬‬
‫والمهممم الممذي نريممد أن نوصممله إلممى المسمملمين هممو أن المممة‬
‫السلمية تعيش في زمانها هذا أسمموأ فممترات تاريخهمما ذل ً وتشممرذما ً‬
‫وقهرًا‪ ،‬ل من ناحية الحكومممات ول الحكممام ول الفممراد بممل مممن كممل‬
‫النواحي وفي كل المجالت‪ ،‬فالكفر والفسق والفجممور والظلممم فممي‬
‫ازديمماد عظيممم‪ ،‬ول نظممن أن هنمماك مصممالح حقيقيممة ملحممة يمكممن أن‬
‫نعطل العمل ببعض النصوص من أجلها‪ ،‬فأعظم مصلحة وهي الممدين‬
‫رغم ذلك ل نجده يحكم فممي شممؤون حيمماة أي شممعب مممن الشممعوب‬
‫السلمية بالكامل‪.‬‬
‫ولقد عشنا حتى رأينا من ل يحفظ أدلة الحكام ول يحسن الفقه‬
‫ينبري للقول بأن هذه مصلحة وهذه مفسدة ويبني على ذلك تعطيل‬
‫ما أمر الله به من الجهاد أو المر بالمعروف والنهممي عممن المنكممر أو‬
‫الصدع بالحق‪ ،‬أو تحكيم الشرع‪ ،‬كل ذلك من أجل مصممالح مظنونممة‪.‬‬
‫اهم‬
‫فالحمد لله الذي قصم ظهر أمريكا ومّرغ أنفها في التراب على‬
‫يد فتية من شباب السلم‪.‬‬

‫)‪(463‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة التاسعة‪:‬‬
‫يجوز في الشرع قتل الكفار وتدمير دورهم‪ ،‬ولو قتل‬
‫في ذلك بعض المسلمين‬

‫قال المؤلف‪]:‬كما جوز العلماء التممترس بإجممماع‪ ،‬قممال القرطممبي‪:‬‬


‫قد يجوز قتممل الممترس وذلممك إذا كممانت المصمملحة ضممرورّية كليممة ول‬
‫يتأتى لعاقل أن يقول ل يقتل الترس فممي هممذه الصممورة بمموجه‪ ،‬لنممه‬
‫‪1‬‬
‫يلزم منه ذهاب الترس والسلم والمسلمين ا‪ .‬هم‬
‫قال ابن تيمية‪ :‬ولهذا اتفق الفقهاء على أنه مممتى لممم يمكممن دفممع‬
‫الضرر عن المسلمين إل بما يفضي إلممى قتممل أولئك المتممترس بهممم‬
‫‪2‬‬
‫جاز ذلك ا‪ .‬هم‬
‫الجواب من أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن قتل المسلمين الذين تممترس بهممم جممائز بالتفمماق الممذي‬
‫نقله ابن تيمية‪ ،‬أما تدمير دور الكفار وقتممل أنفسممهم فهممو محممرم إذا‬
‫كممانوا فممي بلدنمما معاهممدين أو بممدخولنا بلدهممم‪ ،‬وقممد أخممذوا العهممود‬
‫والمواثيق على من دخل عليهممم بممالتزام المممن وذلممك بتخممتيم جممواز‬
‫الدخول ‪ -‬كما تقدم بيانه ‪ -‬فعلى هذا ل يصح قياس ما حرم اللمه بمما‬
‫أجاز‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬أن حالممة التممترس اضممطرارية‪ ،‬وذلممك بممأن تممترس الكفممار‬
‫بمسلمين لقتل مسلمين أكثر أو إفساد مفسدة أكبر؛ لذا جازت مممن‬
‫درء المفسدة الكبرى بما هو أخف‪ ،‬وواقع هؤلء المفجريممن العكممس‬
‫تمامًا‪ ،‬فإنهم فممي غيممر حالممة الضممطرار‪ ،‬وأيضما ً يفسممدون أكممثر مممما‬
‫يصلحون إن كانوا يصلحون شيئًا‪[ .‬‬
‫أقول‪ :‬ل شك أن تبييت الكفار ‪ -‬وهممو الهجمموم عليهممم فممي الليممل‪-‬‬
‫جائز كما في حديث الصعب ابن جثامة رضي اللممه عنممه قممال‪ :‬سممئل‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عن تبييت الكفار وما ُيصاب من نسائهم‬
‫وذراريهم‪ ،‬فقال‪) :‬هم منهم( متفق عليه‪ ،‬وكممذلك رمممى النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم أهل الطائف بالمنجنيق‪ ،‬والمؤلف ل يخالفنا في هذا‬
‫الحكم‪ ،‬ولكن يخالفنا في استهداف وتدمير أممماكن تواجممد الصممليبيين‬
‫في بلده السعودية‪ ،‬وفيمن دخل ديار الكفار بعهد أمان‪.‬‬
‫الجامع لحكام القرآن )‪.(16/287‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪(20/52‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(464‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولتحريممر المسممألة قممد سممبق وأن بينمما حكممم دخممول ديممار الكفممار‬
‫وإظهار المان لهم مخادعة من أجل النكاية بهم ممما داممموا محمماربين‬
‫لنا كما في الرد السابق فل نحتاج إلى العادة‪.‬‬
‫وأما استهداف الصليبيين المتواجدين في جزيرة العرب فإنه جائز‬
‫بل هو من الجهاد في سبيل الله‪ ،‬وبيان ذلك بأمور‪:‬‬
‫ن الصليبيين في الجزيرة غير معاهدين‪ ،‬وليس بيننمما وبيممن دولهممم‬ ‫مأ ّ‬
‫أي عهد‪ ،‬لمور‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن الذي عقد العهود معهم فاقد الصلحية من وجهين‪:‬‬
‫الول‪ /‬لنه كافر مرتد‪ .‬الثاني‪ /‬لنه خائن عميل للكفار‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن العهود لم تقم على أساس الشممريعة السمملمية‪ ،‬وإنممما علممى‬
‫أساس الشرعية الدولية الطاغوتيممة‪ ،‬ومممن بنودهمما تحريممم الجهمماد‬
‫وتجريم أهله ومحاربتهم‪ ،‬وتمزيممق الممدول السمملمية‪ ،‬فهممي عهممود‬
‫باطلة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن الكفممار نقضمموا عهممودهم ‪ -‬لممو صممحت ‪ -‬بمحاربممة السمملم‬
‫والمسلمين‪.‬‬
‫إذا ً فدعوى أن الكفار الصليبيين في الجزيممرة معاهممدون دعمموى‬
‫باطلة‪.‬‬
‫كذلك دعوى أنهم مستأمنون دعوى باطلة‪ ،‬لمور‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنهم دخلوا الجزيممرة بالسمملحة والقمموات وليممس هممذا شمأن مممن‬
‫يطلب المان‪.‬‬
‫ن يد الصليبيين في الجزيرة فوق يد أهلهمما‪ ،‬ومممن كممانت هممذه‬ ‫ب‪ -‬أ ّ‬
‫حاله فليس بمستأمن بل محارب‪.‬‬
‫ج‪ -‬أنهم يقوممون بقتمال المسملمين ممن أرض الجزيمرة‪ ،‬ويمديرون‬
‫حروبهم منها‪ ،‬ومن هذا شأنه فليس بمستأمن‪.‬‬
‫د‪ -‬أنهم يقومون بوظيفممة السممتخبارات والتجسممس فممي الجزيممرة‪،‬‬
‫ومن هذه شأنه ينتقض أمانه لو كان مستأمنًا‪.‬‬
‫ط‪ -‬أنهم ُيصّرحون بأن دخمولهم ليمس بمإذن حكمام الجزيمرة وإنمما‬
‫بقرار الشرعية الدولية‪ ،‬فهم بذلك غير مستأمنين‪.‬‬
‫هم‪ -‬أنهم يقومون بسرقة نفط المسلمين ونهب ثرواتهم‪ ،‬وهل مممن‬
‫يفعل ذلك يكون مستأمنًا؟‬
‫وقد سبق الرد على من زعم أنهم معاهدون أو مستأمنون‪ ،‬فممي‬
‫الرد على الشبهة السابعة فلتراجع‪.‬‬
‫)‪(465‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إذا علمنا أنهم ليسوا معاهممدين ول مسممتأمنين‪ ،‬تممبين لنمما حقيقممة‬
‫وجودهم في الجزيرة‪ ،‬وأنهم محتلون لها على صورتين‪:‬‬
‫الولى‪ /‬احتلل مباشممر‪ ،‬وهممي منممابع النفممط والقواعممد العسممكرية‬
‫التي ينطلقون منها لضرب المسلمين‪ ،‬مجمعاتهم السكنية التي بنمموا‬
‫فيها الكنائس‪.‬‬
‫الثانيممة‪ /‬احتلل بالوكالممة‪ ،‬وهممي الجزيممرة كاملممة‪ ،‬فممإنهم أقمماموا‬
‫عملءهممم مممن الحكممام مقممامهم‪ ،‬ينفممذون مخططمماتهم‪ ،‬ويحمممون‬
‫مشاريعهم في المنطقة‪ ،‬وقد بات هذا المر أوضح من الشمس فممي‬
‫رابعة النهار‪.‬‬
‫فممإذا كممانوا محتليممن فممإن المشممروع فممي حقهممم الجهمماد والقتممال‬
‫لخراجهم من أرض السمملم‪ ،‬وهمذا همو المذي قمام بمه شممباب الممة‬
‫كماة البواسل‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫ن المقصود الول‬ ‫وبعد ذلك أقول‪ :‬أول ً وقبل كل شيء أنبه على أ ّ‬
‫للمجاهدين في هذا الوقت هم المريكممان واليهممود‪ ،‬فممإن المجاهممدين‬
‫أعلنوهمما حرب ما ً عليهممم علممى المممدى البعيممد وعلممى جميممع الميممادين‪،‬‬
‫فالمجاهدون يستهدفونهم كأفراد وجماعات لنهممم قتلمموا المسمملمين‬
‫وأعانوا على قتلهم في كل مكان‪.‬‬
‫والمجاهدون وإن كانوا يممرون كفممر النظممام إل أنهممم يسممتهدفون‬
‫أسيادهم الذين يحمونهم فإذا تخلصوا من أسيادهم تفرغوا لهم‪ ،‬وهم‬
‫في كل ذلك قائمين بأمر الله بالجهاد في سبيله لممدحر الكفممر وأهلممه‬
‫واستنقاذ أراضي المسلمين من أيدي الكفار والمرتدين حفاظا ً علممى‬
‫دين المسلمين ودنياهم‪ ،‬وأمريكا هي داعمممة الرهمماب العممالمي ضممد‬
‫المسلمين؛ لنها بعد سقوط النظام الشيوعي لممم يبممق عممدو يقابلهمما‬
‫ويعك ّممر عليهمما مشممروعها الجديممد المسمممى بممالقرن المريكممي مثممل‬
‫المسمملمين فلممذلك تسممعى لبممادتهم ومسمماعدة كممل مممن يحممارب‬
‫المسلمين حتى ولو كان عممدوا ً لهمما كممما سمماعدت الممروس والصممرب‬
‫علممى المسمملمين فممي الشيشممان وكوسمموفا والبوسممنة والهرسممك‪،‬‬
‫وأمريكا رأس قيامها وقوتها ونفوذها هو القتصاد لممذلك كممانت خطممة‬
‫المجاهدين ضرب مفاصلهم القتصادية ومشاريعهم الحيوية فممي كممل‬
‫مكان يقدرون عليه وبذلك يتممم استنمممزافهم تممدريجيا ً حممتى السممقوط‬
‫والنهيار‪.‬‬

‫)‪(466‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن مممن الميممادين الممتي يسممعى المجاهممدون لسممتنزاف أمريكمما‬ ‫وإ ّ‬
‫وتدمير مخططاتهم فيها جزيرة العرب وذلك لسباب منها‪:‬‬
‫م استنمزافهم اقتصمماديا ً وبشممريا ً وذلمك بتممدمير منشممآتهم السممكنية‬
‫بمن فيها ومن عامل بالمثل فما ظلم‪ ،‬وسيأتي بحممث فممي حكممم‬
‫مداهمة الكفار وتبييتهم على ِغّرة‪.‬‬
‫م خلط أوراقهممم وتشممتيت مخططمماتهم؛ فممإن ثكنمماتهم العسممكرية‬
‫مليئة بالضباط والمفكرين الذين يخططون ضرب المسلمين في‬
‫المناطق المحيطة بالجزيرة‪.‬‬
‫م استهداف المنشآت السممكنية المتخصصممة للمخممابرات والكمموادر‬
‫المريكيممة والممتي تتجسممس علممى المسمملمين وتنفممذ مخططممات‬
‫الغرب‪.‬‬
‫م إشغال العدو بنفسه؛ لن الحرب على العراق وأفغانستان إنممما‬
‫تدار من هذه المراكز وبقتالهم ينشغلون ولو جزئيا ً عممن الممتركيز‬
‫في مهامهم الساسية‪.‬‬
‫م إطلع المة وخاصة أهل الجزيرة علممى خيانممة الطممواغيت حيممن‬
‫زعممموا أن الجيمموش الكممافرة خرجممت مممن الجزيممرة بعممد حممرب‬
‫الخليج‪.‬‬
‫ولغير ذلك من الهداف والمقاصد‪.‬‬
‫ومن يعارض هذا العمل في الجزيرة يعترض بأمور منها‪:‬‬
‫م أن المريكان معاهدين‪.‬‬
‫م أنه يقتل في تلك العمليات نساء الكفار وأطفالهم‪.‬‬
‫م أنه يقتل بسبب تلك العمليات أناس من المسلمين‪.‬‬
‫فأممما ممما يتعلممق بحكممم المريكممان ونحمموهم ممممن غممزوا ديممار‬
‫المسلمين هممل هممم معاهممدون أم ل قممد سممبق بيممانه فممي الممرد علممى‬
‫الشبهة السابعة‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق بحكم قتل نساء الكفار وأطفالهم فقد سبق بيممان‬
‫الحالت التي يجوز فيها قتل نساء الكفار وأطفالهم فلتراجع‪.‬‬
‫وأممما ممما يحصممل نتيجممة لعمليممات المجاهممدين مممن قتممل بعممض‬
‫ن هؤلء الصممليبيين المجرميممن‬ ‫المسلمين من غير قصد‪ ،‬فإننا نقول‪:‬إ ّ‬
‫ما تجرؤوا على ضممرب المسمملمين مممن أرض المسمملمين إل بعممد ممما‬
‫ن قواعممدهم محروسممة وظهممورهم محمّيممة‪ ،‬وبحمممايتهم‬ ‫شممعروا أ ّ‬
‫من حرسهم وحماهم فهو‬ ‫وحراستهم يتسنى لهم ضرب المسلمين‪ ،‬و َ‬
‫)‪(467‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫معين لهم على قتل المسلمين شاء أم أبى‪ ،‬ول ينفعه أن يقول إننممي‬
‫ن هذا ل حجة فيه أبدًا؛‬ ‫عبد مأمور أفعل ما أمرت به من السلطان فإ ّ‬
‫لن النبي صلى الله عليه وسلم قيد الطاعة في المعروف وهل قتل‬
‫المسلمين أو المعونة على ذلك من المعروف؟!‬
‫ول تنفعه الفتاوى الهزيلة العميلة التي تجيز له حماية الصممليبيين‬
‫ن حرمة دم المسمملم‬ ‫الذين يقتلون المسلمين أو يديرون حروبهم؛ فإ ّ‬
‫ن المجاهممدين ل‬ ‫مما هو معلوم من الممدين بالضممرورة‪ ،‬ومممع ذلممك فممإ ّ‬
‫ُيكفرون كل من حماهم وحرسهم بعينه لحتمممال وجممود شممبهة تمنممع‬
‫من لحاق حكم الكفر به‪ ،‬خاصة مع الفتاوى الممتي خممذلت المسملمين‬
‫كنت لعباد الصليب‪.‬‬ ‫وم ّ‬
‫دعي السمملم أن يحممرس قواعممد الصممليبيين‬ ‫فكيممف يصممح لعاقممل يم ّ‬
‫دم نحره دون نحورهم ليقتلوا أهل السلم؟‬ ‫ويحمي ظهورهم ويق ّ‬
‫ذر المجاهدون المسمملمين مممن قربممان أممماكن تواجممد‬ ‫هذا وقد ح ّ‬
‫الصممليبيين وحممذروا رجممال المممن مممن حراسممتهم وحمايممة ثكنمماتهم‬
‫ومستوطناتهم‪ ،‬وأل يكونوا درعا ً للقوات الصليبية واسممتخباراتهم‪ ،‬ث م ّ‬
‫م‬
‫من يقف منهم بعد ذلك ليحول بينهم وبين الوصممول إلممى المجرميممن‬
‫فإنهم سوف يقاتلونه‪ ،‬وهذا من الحممزم الممذي ل منمماص مممن اتخمماذه‪،‬‬
‫دعون السمملم‬ ‫فلو أننا كلما حمى وحرس قواعممد المعتممدين رجممال يم ّ‬
‫سلط علينا الكفار وأوغلوا في دمائنا‪ ،‬ولكممن إذا علممموا أن‬ ‫تركناهم ل َت َ َ‬
‫هذا المر لن يوقف زحف المجاهدين خافوا واضطربوا‪ ،‬وإننا نسممعى‬
‫لقتلهم وإشغالهم بأنفسهم عن ضرب المسلمين‪.‬‬
‫ن أي اعتداء على المسلمين في أي بقعة‬ ‫وُنعلنها صيحة مدوية‪ :‬إ ّ‬
‫من الرض هو اعتداء علينا ولن نرضممى ولممن نسممكت حممتى نسممقيهم‬
‫مممن الكممأس الممذي سممقونا منممه‪ ،‬ولممن يقممر لنمما قممرار ونحممن نشمماهد‬
‫طائراتهم تنطلق من أرضنا لتقصف وتقتل إخواننا‪.‬‬
‫ن الممدول الغربيممة إذا حصممل اعتممداء علممى أحممد مممن‬ ‫والعجيممب أ ّ‬
‫رعاياها أو أحد ممن يدينون بدينها ولو في غير أرضها تجدها تسممتنكر‬
‫وتضغط على الدولة التي حصل فيها العتداء‪ ،‬بل ربما تعلن الحممرب‬
‫من أجل صليبي واحد أو يهودي واحممد‪ ،‬بينممما المسمملمون الممذين هممم‬
‫على الدين الحق تجد كثيرا ً منهم ل يكترث بما يحصل لخوانه ما دام‬
‫أنه ليس من جنسيته ودولته!‬

‫)‪(468‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأما هذه الجغرافيا والحدود التي رسمتها الدول الكافرة ل ُِتمّزق‬
‫المسلمين وُتشتتهم وتشغلهم بأنفسهم عن غيرهم ل نعترف بهمما بممل‬
‫نسعى لزالتها لتكون دولة السلم واحدة تحت خليفممة مسمملم واحممد‬
‫وبذلك تشتد أواصر المحبة والخوة وتزول التفرقة والعنصممرية الممتي‬
‫بين المسلمين ويكونون يدا ً واحدة وجسممدا ً واحممدا ً كممما أمرهممم اللممه‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ن‬
‫أما المسمملمون الممذين يوجممدون فممي المجمعممات الصممليبية فممإ ّ‬
‫وجودهم هو خلف الصل لن هممذه المجمعممات مخصصممة للصممليبيين‬
‫ولهم فيها كنائس‪ ،‬ول يجمري عليهما حكمم السملم‪ ،‬فهممي مسممتوطنة‬
‫صليبية ُتدير وتنظم حرب المسلمين وتحرس مصالح دولهمما المتي مما‬
‫زالت تنهب بترول المسلمين بحماية لصوص الحكم‪ ،‬وتتجسس على‬
‫المسلمين‪ ،‬وإذا كانت الدار للكفار وأراد المجاهدون مباغتتهم فإنه ل‬
‫ن هذا غيممر مسممتطاع‪ ،‬وإذا كممان اللممه‬ ‫يجب عليهم التحري والتمييز فإ ّ‬
‫عز وجل وهو القادر على التمييز ُيهلك من قصد الكعبممة لهممدمها مممع‬
‫من معه من السوقة ونحوهم ممن ليس قصده العتممداء علممى بيممت‬
‫م يبعثهم على نياتهم‪ ،‬فالمجاهدون الذين ل يعلمون الغيب مممن‬ ‫الله ث ّ‬
‫باب أولى‪ ،‬والشريعة أنزلت أحكامها علممى الغممالب‪ ،‬فمممن قتممل فيهمما‬
‫من المسلمين قتل تبعا ً ليس قصدا ً ويبعث على نيته‪.‬‬
‫قال شمميخ السمملم ابمن تيميممة رحممه اللمه‪) :‬فمالله تعممالى أهلممك‬
‫الجيش الذي أراد أن ينتهك حرماته وفيهم المكره وغير المكره‪ ،‬مممع‬
‫قدرته تعالى على التمييز بينهم مممع أنممه يبعثهممم علممى نيمماتهم فكيممف‬
‫يجب على المؤمنين المجاهدين أن يميزوا بين المكره وغيره وهم ل‬
‫يعلمون ذلك‪ ،‬بل لو ادعى مدع أنه خرج مكرها لم ينفعه ذلك بمجرد‬
‫دعواه كما روى أن العباس ابن عبد المطلب قال للنممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لما أسره المسلمون يوم بدر يا رسممول اللممه إنممي كنممت‬
‫مكرها فقال‪) :‬أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فممإلى اللممه( بممل‬
‫لو كان فيهم قوم صالحون مممن خيممار النمماس ولممم يمكممن قتممالهم إل‬
‫بقتل هممؤلء لقتلمموا أيضمما‪ ،‬فممإن الئمممة متفقممون علممى أن الكفممار لممو‬
‫تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن‬
‫نرميهم ونقصد الكفار ولو لم نخف على المسلمين جاز رمممى أولئك‬
‫المسمملمين أيضمما فممي أحممد قممولي العلممماء(]مجممموع الفتمماوى )‬
‫‪[ .(28/537،539،538‬‬
‫)‪(469‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال الكاساني رحمه الله‪) :‬ول بأس بالغارة والبيات عليهممم؛ ول‬
‫بأس )بقطع( أشممجارهم المثمممرة وغيممر المثمممرة‪ ،‬وإفسمماد زروعهممم‬
‫لقوله تبارك وتعالى )ما قطعتممم مممن لينممة أو تركتموهمما قائمممة علممى‬
‫أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين(‪ ،‬أذن سبحانه وتعالى )بقطممع(‬
‫النخيل في صدر الية الشريفة ونبه فممي آخرهمما أن ذلممك يكممون كبتمما‬
‫وغيظا للعدو بقوله تبارك وتعالى وليخزي الفاسقين ول بأس بإحراق‬
‫حصممونهم بالنممار وإغراقهمما بالممماء وتخريبهمما وهممدمها عليهممم ونصممب‬
‫المنجنيق عليها لقوله تبارك وتعالى )يخربون بيمموتهم بأيممديهم وأيممدي‬
‫المؤمنين(‪ ،‬ولن كل ذلك من بمماب القتممال لمما فيممه مممن قهممر العممدو‬
‫وكبتهممم وغيظهممم ولن حرمممة الممموال لحرمممة أربابهمما ول حرمممة‬
‫لنفسهم حتى يقتلون فكيف لموالهم ول بممأس برميهممم بالنبممال وإن‬
‫علموا أن فيهم مسلمين من السارى والتجار لما فيه مممن الضممرورة‬
‫إذ حصممون الكفممرة قلممما تخلممو مممن مسمملم أسممير أو تمماجر(‪] .‬بممدائع‬
‫الصنائع )‪[(7/100‬‬
‫وقال المرغيناني رحمه الله‪) :‬ول بمأس برميهممم‪ ،‬وإن كمان فيهمم‬
‫مسلم أسير أو تاجر‪ ،‬لن في الرمي دفممع الضممرر العممام بالممذب عممن‬
‫بيضة السلم وقتل السير والتاجر ضرر خاص ولنه قلما يخلو حصن‬
‫مممن مسمملم فلممو امتنممع باعتبمماره لنسممد بممابه وإن تترسمموا بصممبيان‬
‫المسمملمين أو بالسممارى لممم يكفمموا عممن رميهممم لممما بينمما ويقصممدون‬
‫بالرمي الكفار لنه إن تعذر التمييز فعل فلقد أمكمن قصمدا والطاعممة‬
‫بحسب الطاقة وما أصابوه منهم ل دية عليهم ول كفممارة لن الجهمماد‬
‫فرض والغرامات ل تقممرن بممالفروض‪] .( ...،‬الهدايممة شممرح البدايممة )‬
‫‪[ .(2/137‬‬
‫وقممال الجصمماص رحمممه اللمه فممي أحكممام القممرآن‪) :‬بمماب‪ :‬رمممي‬
‫حصممون المشممركين وفيهممم أطفممال المسمملمين وأسممراهم‪ .‬قممال أبممو‬
‫حنيفة وأبممو يوسممف وزفممر ومحمممد والثمموري ل بممأس برمممي حصممون‬
‫المشركين‪ ،‬وإن كان فيها أسارى وأطفممال مممن المسمملمين ول بممأس‬
‫بأن يحرقوا الحصون ويقصدوا به المشركين وكذلك إن تترس الكفار‬
‫بأطفال المسلمين رمي المشركون وإن أصابوا أحدا من المسمملمين‬
‫في ذلك فل دية ول كفارة‪ .‬اهم]أحكام القرآن )‪[ .(5/273‬‬
‫كذلك ُيستدل على جممواز مداهمممة الكفممار وقصممفهم ونحممو ذلممك‬
‫بمسألة التترس‪ ،‬فإذا جاز قتل الممترس مممن المسمملمين دفع ما ً لضممرر‬
‫)‪(470‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫س بهممم‬‫العدو مع كوننا نرى الترس ونشاهد إخواننا المسلمين المتتر ِ‬
‫فلن يجوز في حالة عدم معرفتنا بوجود المسلمين‪ ،‬أو عدم تمييزنمما‬
‫بينهم وبين الكفار من باب أولى‪.‬‬
‫قال السرخسي رحمه الله‪) :‬وقد روينا أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم نصب المنجنيق على الطائف وأمر أسامة بن يزيد رضي اللممه‬
‫عنه بأن يحرق وحممرق حصممن عمموف بممن مالممك‪ .‬وكممذلك أن تترسمموا‬
‫بأطفال المسلمين فل بأس بالرمي إليهم وإن كان الرامي يعلممم أنممه‬
‫ن القتال معهم فممرض وإذا تركنمما ذلممك لممما فعلمموا‬ ‫يصيب المسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫أدى إلى سممد بمماب القتممال معهمممم ولنمممه يتضمممرر المسمملمون بممذلك‬
‫فممإنهم يمتنعممون مممن الرمممي لممما أنهممم تترسمموا بأطفممال المسمملمين‬
‫فيجترؤون بذلك على المسلمين وربما يصيبون منهم إذا تمكنمموا مممن‬
‫الدنو من المسلمين والضرر مدفوع إل أن على المسمملم الرامممي أن‬
‫يقصد به الحربي لنه لو قدر على التمييز بين الحربي والمسمملم فعل‬
‫كان ذلك مستحقا عليه فإذا عجز عن ذلك كان عليه أن يميز بقصده‬
‫لنه وسع مثله ول كفارة عليه ول دية‪ .‬اهم]المبسوط )‪[ .(10/65‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪”:‬وكذلك مسألة التترس‬
‫ن الجهاد هو دفع فتنة الكفر‪ ،‬فيحصل فيها من‬ ‫التي ذكرها الفقهاء فإ ّ‬
‫المضّرة ما هو دونها‪ ،‬ولهذا اّتفق الفقهاء على أّنه متى لم يمكن دفع‬
‫الضرر عن المسلمين إل ّ بما يفضي إلممى قتممل أولئك المتممترس بهممم‬
‫جاز ذلك‪ ،‬وإن لم يخف الضرر لكن لم يمكممن الجهمماد إل بممما يفضممي‬
‫وغ ذلك يقول‪ :‬قتلهم لجممل مصمملحة‬ ‫إلى قتلهم ففيه قولن‪ ،‬ومن يس ّ‬
‫الجهاد مثل قتل المسلمين المقاتلين يكونون شممهداء‪- 20/52) “ ..‬‬
‫‪(53‬‬
‫ن جيش الكفممار‬ ‫وقال في موضٍع آخر‪” :‬وقد اتفق العلماء على أ ّ‬
‫إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين‬
‫الضممرر إذا لممم يقمماتلوا‪ ،‬فممإنهم يقمماتلون وان أفضممى ذلممك إلممى قتممل‬
‫المسلمين الذين تترسوا بهم‪ ،‬وإن لممم يخممف علممى المسمملمين ففممي‬
‫جواز القتال المفضي إلى قتممل هممؤلء المسمملمين قممولن مشممهوران‬
‫للعلماء‪ .‬وهؤلء المسلمون إذا قتلوا كممانوا شممهداء‪ ،‬ول يممترك الجهمماد‬
‫ن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن‬ ‫دا‪ ،‬فإ ّ‬
‫الواجب لجل من يقتل شهي ً‬
‫دا‪ ،‬ومممن قتممل ‪ -‬وهمو فممي البمماطن ل‬ ‫قتل من المسلمين يكممون شمهي ً‬
‫دا‪ ،‬وقممد ثبمت فممي‬ ‫يستحق القتل ‪ -‬لجل مصملحة السملم كمان شمهي ً‬
‫)‪(471‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الصحيحين عن النبي أّنه قال‪” :‬يغمزو همذا المبيت جيمش ممن النماس‬
‫فبينما هم ببيداء من الرض إذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم‬
‫المكره فقال يبعثون على نياتهم“ فإذا كان العذاب الذي ينزلممه اللممه‬
‫بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزلممه بممالمكره وغيممر المكممره فكيممف‬
‫بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين؟! كممما قممال تعممالى‪:‬‬
‫ل تربصممون بنمما إّل إحمدى ال ْحسمنيين ونحمن نتربمص بك ُم َ‬ ‫)قُم ْ‬
‫ن‬
‫مأ ْ‬ ‫ُ ْ ََْ ِ ََ ْ ُ َََ ّ ُ ِ ْ‬
‫َ‬
‫َ َِ ِ ِ ْ َ‬ ‫ل هَ م ْ َ َ ّ ُ‬
‫َ‬
‫ديَنا( ونحممن ل نعلممم المكممره ول‬ ‫عن ْمدِهِ أوْ ب ِأي ْم ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ب ِ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ب ِعَ َ‬ ‫صيب َك ُ ُ‬‫يُ ِ‬
‫نقدر على التمييز‪ ،‬فممإذا قتلنمماهم بمأمر اللمه كنما فمي ذلممك ممأجورين‬
‫ومعممذورين‪ ،‬وكممانوا هممم علممى نيمماتهم فمممن كممان مكرهًمما ل يسممتطيع‬
‫المتناع فانه يحشر على نيته يوم القيامة‪ ،‬فإذا قتل لجل قيام الدين‬
‫لم يكن ذلك بأعظم ممن يقتل من عسكر المسلمين“‪ .‬ا‪ .‬هم مجموع‬
‫الفتاوى )‪.(28/547‬‬
‫دث عممن صممورتين لمسممألة الت ّممترس‪،‬‬ ‫ن ابن تيمّية تح ّ‬ ‫تأ ّ‬ ‫فقد رأي َ‬
‫الولى اتفاقية‪ ،‬والثانية خلفّية فيهمما قممولن مشممهوران‪ ،‬وفممي كلمممه‬
‫ل إلى ترجيح الجواز في الصورة المختلف فيها من الّتممترس‪” ،‬ول‬ ‫مي ٌ‬
‫دا“‪ ،‬والصورتان هما‪:‬‬ ‫يترك الجهاد الواجب لجل من يقتل شهي ً‬
‫الولى‪ :‬أن ُيخاف على المسلمين الضمرر‪ ،‬إذا لمم ُيقاتمل الكمافر‬
‫المتتّرس بمسلمين‪ ،‬فهذه الصورة اّتفاقّية عند شيخ السمملم وغيممره‬
‫كما يأتي‪ ،‬والمقطع الذي نقلوه من كلم ابن تيمّية والذي فيه حكايممة‬
‫دث عنها‪ ،‬هو في هذه الصورة‪.‬‬ ‫الّتفاق على صورةٍ من التترس يتح ّ‬
‫ضممرر مممن تممرك قتممال‬‫الثانيممة‪ :‬أن ل ُيخمماف علممى المسمملمين ال ّ‬
‫ة تغتفُر لجلها مفسدة قتل المسلمين‪،‬‬ ‫المتترسين‪ ،‬فليس فيه مصلح ٌ‬
‫ة استمرار الجهاد‪ ،‬وامتثال المممر بممه‪ ،‬فهممذه المسممألة فيهمما‬ ‫إل ّ مصلح ُ‬
‫ن‪.‬‬
‫قولن مشهورا ِ‬
‫فاستدلل المجاهدين بمسمألة الّتمترس‪ ،‬ل يخمرج عمن أن يكمون‬
‫ن لهل السلم‪.‬‬ ‫ل إجماِع‪ ،‬أو أحد القولين المشهوَري ِ‬ ‫مح ّ‬
‫وما يشاع عن المجاهدين أنهم يقصدون المسلمين بالقتممل فهممو‬
‫كلم باطل ل يصدقه مممن عممرف المجاهممدين‪ ،‬وإذا كممان المجاهممدون‬
‫يخرجون من بلدهم وأهليهم ويتركون ما هممم فيممه مممن رغممد العيممش‬
‫ن لهم قد يكون كثير منهم ل يعممرف مممن الممدين إل‬ ‫ليدافعوا عن إخوا ٍ‬
‫القليممل‪ ،‬كممما خرجمموا للجهمماد فممي البوسممنة وكوسمموفا والشيشممان‬

‫)‪(472‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وداغسممتان والفلممبين‪ ،‬أفُيعقممل بعممد هممذا أن يممأتوا ليقتلمموا إخمموانهم‬
‫المصلين الموحدين؟!‬
‫ن أكثر الناس يأخذون الخبار عن القنوات المأجورة العميلة‬ ‫ولك ّ‬
‫ويصدقونها ول يلتفتون إل ممما يصممدره المجاهممدون مممن بيانممات تممبين‬
‫ن المجاهدين ل يقومممون بعمممل إل بعممد‬ ‫مقاصد عملياتهم ونتائجها‪ ،‬فإ ّ‬
‫حّر وترصد ومتابعة دقيقة قد تسممتمر لشممهر وبعممد تقممدير المصممالح‬ ‫تَ َ‬
‫م بعممد ذلممك يقممررون ممما يرونممه‬‫والمفاسممد المترتبممة علممى عملهممم ثم ّ‬
‫مناسبًا‪.‬‬

‫)‪(473‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة العاشرة‪:‬‬
‫ثبت في البخاري ومسلم عن ابن عباس عن ابن عمر أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬أخرجوا‬
‫المشركين من جزيرة العرب" فبقاؤهم منكر يجب إزالته‬

‫قال المؤلف ]والجواب من أوجه ‪/‬‬


‫أن غاية ما يفيممد الحممديث وجمموب إخراجهممم ل قتلهممم‪ ،‬والمنكممر ل‬
‫يزال بمنكر أكبر منممه وهممو قتمل المعاهمد‪ ،‬فقممد أخمرج البخماري عمن‬
‫عبدالله بن عمرو بن العاص قال‪ :‬قال رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ":‬من قتل معاهدا ً لم يرح رائحة الجنة "‬
‫أن قتلهممم يجممر علممى المسمملمين مفاسممد عظمممى علممى مسممتوى‬
‫الفراد والجماعات والدول‪ ،‬وما ترتب عليه مفسدة أكبر حممرم فعلممه‬
‫كما تقدم بيانه‪.‬‬
‫أن العلماء اختلفمموا فممي حممدود جزيممرة العممرب الممتي يحممرم علممى‬
‫المشركين دخولها على أقوال‪:‬‬
‫قال ابن عبدالبر‪ :‬أما قوله‪ :‬أرض العرب وجزيرة العرب‪ ،‬في هذا‬
‫الحديث‪ ،‬فذكر ابن وهب عن مالك قال‪ :‬أرض العرب مكممة والمدينممة‬
‫واليمن‪ ،‬وذكر أبو عبيد القاسم بن سلم عن الصمعي قممال‪ :‬جزيممرة‬
‫العرب من أقصى عدن إلى أبين إلى ريف العراق في الطممول‪ ،‬وأممما‬
‫في العرض فمن جدة وما والها من سائر البحر إلى إطرار الشام‪.‬‬
‫قال أبو عبيد‪ ،‬وقال أبو عبيدة‪ :‬جزيرة العمرب مما بيمن حفمر أبمي‬
‫موسى إلى أقصى اليمن في الطول‪ ،‬وأما في العممرض فمممن يممبرين‬
‫إلى منقطع السماوة ‪ -‬ثم قال ‪ -‬قال مالك بن أنس‪ :‬جزيممرة العممرب‬
‫المدينة ومكة واليمامة واليمن‪ .‬قال‪ :‬وقال المغيرة بن عبممدالرحمن‪:‬‬
‫جزيرة العرب المدينة ومكة واليمن وقرياتها‪.‬‬
‫وذكر الواقدي عن معاذ بن محممد النصمماري أنمه حممدثه عممن أبممي‬
‫وجزة يزيد بن عبيد السعدي أنه سمعه يقول‪ :‬القرى العربيممة الفممرع‬
‫وينبع والمروة ووادي القرى والجار وخيبر‪ .‬قال الواقممدي‪ :‬وكممان أبممو‬
‫وجزة السعدي عالما ً بذلك‪ .‬قال أبو وجزة وإنما سميت قممرى عربيممة‬
‫لنها من بلد العرب‪ .‬وقال أحمد بن المعذل‪ :‬حدثني بشممر بممن عمممر‬
‫قممال‪ :‬قلممت لمالممك‪ :‬إننمما لنرجممو أن تكممون مممن جزيممرة العممرب يريممد‬

‫)‪(474‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫البصرة لنه ل يحول بيننمما وبينكممم نهممر‪ ،‬فقممال‪ :‬ذلممك أن كمان قومممك‬
‫تبوؤا الدار واليمان‪.‬‬
‫قال أبو عمر رضي الله عنه‪ :‬قال بعض أهممل العلممم‪ :‬إنممما سمممي‬
‫الحجاز حجازا ً لنه حجممز بيممن تهامممة ونجممد‪ ،‬وإنممما قيممل لبلد العممرب‬
‫جزيرة لحاطة البحر والنهار بها من أقطارها وأطرارها فصاروا فيها‬
‫‪1‬‬
‫مثل جزيرة من جزائر البحر ا‪ .‬هم‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬ول يجوز لحد منهم سممكنى الحجمماز‪ .‬وبهممذا قممال‬
‫مالك والشافعي إل أن مالكا ً قممال‪ :‬أرى أن يجلمموا مممن أرض العممرب‬
‫كلها لن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬ل يجتمع دينان في‬
‫جزيرة العرب " ‪ -‬ثم قال ‪ -‬وجزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى‬
‫اليمن‪ .‬قاله سعيد بن عبدالعزيز‪ .‬وقال الصمعي وأبو عبيد‪ :‬هي مممن‬
‫ل‪ ،‬ومممن تهامممة وممما وراءهمما إلممى أطممراف‬‫ريف العراق إلى عدن طو ً‬
‫الشام عرضًا‪ .‬وقال أبو عبيدة‪ :‬هي من حفر أبي موسى إلممى اليمممن‬
‫ل‪ ،‬ومن رمل يبرين إلى منقطممع السممماوة عرض مًا‪ .‬قممال الخليممل‪:‬‬ ‫طو ً‬
‫إنمما قيمل لهما جزيمرة لن بحمر الحبمش وبحمر فمارس والفمرات قمد‬
‫أحاطت بها‪ ،‬ونسبت إلى العرب لنها أرضها ومسكنها ومعدنها‪ .‬وقال‬
‫أحمممد‪ :‬جزيممرة العممرب المدينممة وممما والهمما‪ .‬يعنممي أن الممنمموع مممن‬
‫سكنى الكفار به المدينة وما والها‪ ،‬وهو مكة واليمامة وخيبر والينبممع‬
‫وفدك ومخاليفها وما والها‪ .‬وهذا قول الشافعي لنهم لم يجلوا مممن‬
‫تيماء ول من اليمن‪.‬‬
‫وقد روي عن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال‪ :‬إن آخر ما تكلممم بمه‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أن قال‪ ":‬أخرجوا اليهممود مممن الحجمماز "‬
‫فأممما إخممراج أهممل نجممران منممه فلن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫صالحهم على ترك الربا‪ ،‬فنقضوا عهممده‪ .‬فكممأن جزيممرة العممرب فممي‬
‫تلك الحاديث أريد بها الحجمماز‪ ،‬وإنممما سمممي حجممازا ً لنممه حجممز بيممن‬
‫تهامممة ونجممد‪ .‬ول يمنعممون أيضما ً مممن أطممراف الحجمماز‪ ،‬كتيممماء وفيممد‬
‫‪2‬‬
‫ونحوهما لن عمر لم يمنعهم ا‪ .‬هم‬
‫وقال القرطممبي فممي تفسمميره‪ :‬وأممما جزيممرة العممرب وهممي مكممة‬
‫والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها‪ .‬فقممال مالممك‪ :‬يخممرج مممن هممذه‬
‫المواضممع كممل مممن كممان غيممر السمملم‪ ،‬ول يمنعممون مممن الممتردد بهمما‬
‫التمهيد )‪.(1/172‬‬ ‫‪1‬‬

‫المغني )‪.(13/242‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(475‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مسافرين‪ .‬وكذلك قال الشافعي ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬غير أنه اسممتثنى مممن‬
‫ذلك اليمن‪ .‬ويضرب لهم أجل ثلثة أيام كما ضربه لهم عمر ‪ -‬رضممي‬
‫‪1‬‬
‫الله عنه ‪ -‬حين أجلهم‪ .‬ول يدفنون فيها ويلجئون إلى الحل ا‪ .‬هم‬
‫قال الحافظ‪ :‬لكن الذي يمنع المشركون من سكناه منها الحجمماز‬
‫خاصة وهو مكة والمدينة واليمامة‪ ،‬وما والها‪ ،‬ل فيما سوى ذلك مما‬
‫يطلق عليمه اسمم جزيمرة العمرب لتفماق الجميمع علمى أن اليممن ل‬
‫يمنعون منها مع أنها من جملة جزيرة العرب‪ ،‬هذا مممذهب الجمهممور‪،‬‬
‫وعن الحنفية يجوز مطلقما ً إل المسممجد‪ ،‬وعممن مالممك يجمموز دخممولهم‬
‫الحممرم للتجممارة‪ ،‬وقممال الشممافعي‪ :‬ل يممدخلون الحممرم أصمل ً إل بممإذن‬
‫‪2‬‬
‫المام لمصلحة المسلمين خاصة ا‪ .‬هم‬
‫قال ابن مفلح‪ :‬ويمنعون القامة بالحجاز قيل‪ :‬هو ما بين اليمامة‬
‫والعروض‪ ،‬وبين اليمن ونجد‪ ،‬وسمي به لنه حجممز بيممن تهامممة ونجممد‬
‫كالمدينة‪ ،‬وقيل‪ :‬نصممفها تهممامي ونصممفها حجممازي‪ ،‬واليمامممة وسمممي‬
‫العروض‪ ،‬وكان اسمها حجرًا‪ ،‬فسميت اليمامممة باسممم امممرأة‪ .‬وقممال‬
‫ابن الثير‪ :‬اليمامة‪ :‬الصقع المعروف شممرقي الحجمماز‪ .‬وهممذا يقتضممي‬
‫أن ل يكون من الحجاز‪ ،‬وفيه تكلف‪ ،‬وخيبر شرقي المدينممة لممما روى‬
‫أبو عبيدة بن الجراح أن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫قال‪ ":‬أخرجوا اليهود من الحجاز " رواه أحمد‪ .‬وقممال عمممر‪ :‬سمممعت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪ ":‬لخرجممن اليهممود والنصممارى مممن‬
‫جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلما ً " رواه الترمذي‪ .‬وقال‪ :‬حسن‬
‫صحيح‪.‬‬
‫والمراد الحجاز بدليل أنه ليس أحد من الخلفاء أخممرج أحممدا ً مممن‬
‫اليمن وتيماء قال أحمممد‪ :‬جزيممرة العممرب المدينممة وممما والهمما‪ ،‬وكممذا‬
‫الينبع وفدك‪ ،‬ومخاليفها معروف باليمن‪ ،‬تسمى بها القرى المجتمعممة‬
‫كالرستاق في غيرها‪.‬‬
‫وقال الشيخ تقي المدين‪ :‬تبموك ونحوهما ومما دون المنحنمى وهمو‬
‫عقبة الصوان من الشام كمعان‪ ،‬ولهممم دخمموله‪ ،‬والصممح بممإذن إمممام‬
‫لتجارة‪ .‬فإن دخلوا لتجارة لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعممة‬
‫أيام‪ ،‬قاله القاضي لن الزائد على الربعة حد يتم به المسافر فصممار‬
‫كالمقيم‪ ،‬والمذهب أنهم ل يقيمون فوق ثلثة أيام لن عمر أذن لمن‬
‫)‪.(8/104‬‬ ‫‪1‬‬

‫فتح الباري )‪.(7/616‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(476‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪1‬‬
‫دخل تاجرا ً إقامة ثلثة أيام فدل على المنع في الزائد ا‪ .‬هم‬
‫قال ابن القيم‪ :‬ثم اختلف الفقهاء بعد ذلممك فقممال مالممك‪ :‬أرى أن‬
‫يجلوا من أرض العرب كلها لن رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫قال‪ ":‬ل يجتمع دينان في جزيرة العممرب " وفممي صممحيح مسمملم مممن‬
‫حديث عمر رضي الله عنه أنممه سمممع رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يقول‪ ":‬لخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العممرب‪ ،‬حممتى ل‬
‫أدع فيها إل مسلما ً " وقال الشافعي‪ :‬يمنعون من الحجاز‪ ،‬وهو مكممة‬
‫والمدينة واليمامة ومخاليفها وهي قراها‪ .‬أما غير الحممرم منممه فيمنممع‬
‫الكتابي وغيره من الستيطان والقامة به‪ ،‬وله الدخول بممإذن المممام‬
‫لمصلحة كأداء رسالة أو حمل متاع يحتاج إليه المسلمون‪ ،‬ومن دخل‬
‫لتجارة ليس فيها كممثير حاجممة لممم يممأذن لممه إل بشممرط أن يأخممذ مممن‬
‫تجارته شيئًا‪ ،‬ول يمكن من القامة أكثر من ثلث‪ .‬وقممد أدخممل بعممض‬
‫أصحاب الشافعي اليممن فمي جزيمرة العممرب‪ ،‬ومنعهمم ممن القاممة‬
‫فيها‪ ،‬وهذا وهم‪ ،‬فإن النبي صلى الله عليممه وسملم بعممث معمماذا ً قبممل‬
‫موته إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كممل حممالم دينممارًا‪ ،‬وأقرهممم فيهمما‬
‫وأقرهم أبو بكر بعده وأقرهم عمر وعثمان وعلي رضي اللممه عنهممم‪،‬‬
‫ولم يجلوهم من اليمن مع أمر رسول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب‪ ،‬فلم يعرف عن إمام أنممه‬
‫أجلهم من اليمن‪.‬‬
‫وإنما قال الشافعي وأحمد‪ :‬يخرجون من مكة والمدينة واليمامممة‬
‫وخيبر وينبع ومخاليفها‪ ،‬ولم يذكرا اليمن‪ ،‬ولم يجلوا من تيممماء أيض مًا‪،‬‬
‫وكيف يكون اليمن من جزيرة العرب وهي وراء البحر‪ ،‬فممالبحر بينهمما‬
‫وبين الجزيرة؟ فهذا القممول غلممط محممض‪ .‬حكممم دخممول أهممل الذمممة‬
‫الحرم‪ :‬وأما الحرم فإن كان حممرم مكممة فممإنهم يمنعممون مممن دخمموله‬
‫بالكلية‪ ،‬فلو قدم رسول لم يجز أن يأذن له المام في دخوله ويخرج‬
‫الوالي أو من يثق به إليه‪ ،‬ول يختممص المنممع بخطممة مكممة بممل الحممرم‬
‫كله‪ .‬وأما حمرم المدينمة فل يمنمع ممن دخمولهم لرسمالة أو تجمارة أو‬
‫حمل متاع‪.‬‬
‫فصل‪ /‬فهذا تفصيل مذهب أحمممد ‪ -‬رحمممه اللممه تعممالى ‪ -‬فعنممده‪:‬‬
‫يجوز لهم دخممول الحجمماز للتجممارة لن النصممارى كممانوا يتجممرون إلممى‬
‫المدينة في زمممن عمممر ‪ -‬رضممي اللمه عنممه ‪ -‬كممما تقممدم‪ .‬وحكممى أبممو‬
‫المبدع )‪.(3/381‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(477‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عبدالله بن حمممدان عنممه روايممة‪ :‬أن حممرم المدينممة كحممرم مكممة فممي‬
‫امتناع دخوله‪ .‬والظاهر أنها غلممط علمى أحممد‪ ،‬فممإنه لمم يخمف عليممه‬
‫دخولهم بالتجارة في زمن عمر رضي الله عنه وبعده وتمكينهممم مممن‬
‫ذلك‪ .‬ول يأذن لهم في القامة أكثر مممن ثلثممة أيممام‪ .‬وقممال القاضممي‪:‬‬
‫أربعة‪ ،‬وهي حد ما يتم المسافر للصلة ‪ -‬ثم قال ‪-‬‬
‫فصل‪ /‬وأما تفصمميل مممذهب مالممك ‪ -‬رحمممه اللممه تعممالى ‪ -‬فممإنهم‬
‫يقرون عنده في جميع البلد إل جزيرة العرب‪ :‬وهممي مكممة والمدينممة‬
‫وما والهما‪ .‬وروى عيسى بن دينار عنه دخول اليمن فيها‪ .‬وروى ابن‬
‫حبيب أنها من أقصى عدن وما والها من أرض اليمن كلها إلى ريممف‬
‫العراق في الطول‪ ،‬وأما في العرض فمن جدة وما والها من ساحل‬
‫البحر إلى أطراف الشام‪ ،‬مصممر فممي المغممرب والمشممرق‪ ،‬وممما بيممن‬
‫المدينة إلى منقطع السماوة‪ ،‬ول يمنعون من الجتياز بها مسممافرين‪،‬‬
‫ولكن ل يقيمون‪ .‬فصل‪ /‬وأما أبو حنيفة ‪ -‬رحمه الله تعممالى ‪ -‬فعنممده‪:‬‬
‫لهم دخول الحرم كله حتى الكعبة نفسممها‪ ،‬ولكممن ل يسممتوطنون بممه‪.‬‬
‫وأما الحجاز فلهم الدخول إليه والتصرف فيممه والقامممة بقممدر قضمماء‬
‫حوائجهم‪ ،‬وكأن أبا حنيفة ‪ -‬رحمه الله تعممالى ‪ -‬قمماس دخممولهم مكممة‬
‫على دخولهم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول يصح هذا‬
‫القياس‪ ،‬فإن لحرم مكة أحكاما ً يخالف بها المدينة‪ ،‬على أنها ليسممت‬
‫‪1‬‬
‫عنده حرما ً ا‪ .‬هم‬
‫قال النووي‪ :‬وفي هذا دليل على أن مراد النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم بإخراج اليهممود والنصممارى مممن جزيممرة العممرب إخراجهممم مممن‬
‫بعضها وهو الحجاز خاصة لن تيماء من جزيرة العممرب لكنهمما ليسممت‬
‫من الحجاز ا‪ .‬هم‪ 2‬والذي يظهر أن جزيرة العرب هي الحجمماز وحممدها‬
‫لن رسول الله صلى الله عليه وسمملم وخلفمماءه لممم يخرجمموهم مممن‬
‫اليمن‪ ،‬ولن عمممر لممم يخممرج إل يهممود خيممبر إلممى تيممماء‪ ،‬فقممد أخممرج‬
‫البخاري عن عمر أنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز‪ ،‬وذكر‬
‫يهود خيبر إلى أن قال‪ :‬أجلهم عمر إلى تيممماء وأريحمماء‪ .‬فممإن قيممل‪:‬‬
‫ألم يخرج المام أحمد عممن أبممي عبيممدة بممن الجممراح أن رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهممل نجممران‬
‫من جزيرة العرب "؟ فيقال‪ :‬لعله عند ممن يصمححه يحممل علمى أن‬
‫أحكام أهل الذمة )‪.(1/392‬‬ ‫‪1‬‬

‫شرح مسلم )‪.(213-10/212‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(478‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إخراجهم لمر خارجي ل لكونهم كفار بدللة أنه لم يخرج غيرهم من‬
‫الكفار في بقية جزيرة العرب كاليمن مث ً‬
‫ل‪.‬‬
‫هذا ما رجحه أبو عبيد في كتاب الموال فقال‪ :‬وإنممما نممرى عمممر‬
‫استجاز إخراج أهل نجران ‪ -‬وهم أهل صلح ‪ -‬لحديث يروى عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فيهم خاصة‪ .‬يحدثونه عن إبراهيم بممن ميمممون‬
‫مولى آل سمرة عن ابن سمرة عن أبي عبيدة عن النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم أنه كان آخر ما تكلممم بممه أن قممال‪ ":‬أخرجمموا اليهممود مممن‬
‫الحجاز‪ ،‬وأخرجوا أهل نجران مممن جزيممرة العممرب " قممال أبممو عبيممد‪:‬‬
‫وإنما نراه قال ذلك صلى الله عليه وسلم لنكث كان منهممم‪ ،‬أو لمممر‬
‫أحدثوه بعد الصلح‪ ،‬وذلك بين في كتاب كتبه عمر إليهممم قبممل إجلئه‬
‫‪1‬‬
‫إياهم منها ا‪ .‬هم‬
‫فإذا كانت المسألة اجتهادية فل يجوز لحد أن يلمزم غيممره بقمموله‬
‫بالجماع كما حكاه ابن تيمية فقال‪ :‬وإما إلزام السلطان في مسائل‬
‫ل بل حجة من الكتاب والسنة‪ ،‬فهذا ل يجمموز باتفمماق‬ ‫النزاع التزام قو ٍ‬
‫المسلمين ول يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول فممي مثممل ذلممك‬
‫إل إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليهمما فيكممون كلمممه قبممل الوليممة‬
‫وبعدها سواء‪ ،‬وهذا بمنزلة الكتب التي يصنفها في العلم‪ .‬نعم الولية‬
‫تمكنه من قول حق ونشممر علمم ٍ قممد كممان يعجممز عنممه بممدونها‪ ،‬وبمماب‬
‫القدرة والعجز غير باب الستحقاق وعممدمه‪ .‬نعممم للحمماكم إثبممات ممما‬
‫قال زيد وعمرو ثم بعد ذلك إن كان ذلك القول مختصا ً به كممان مممما‬
‫يحكم فيه الحكام‪ ،‬وإن كان من القوال العامة كان من باب مممذاهب‬
‫‪2‬‬
‫الناس‪ ...‬ا‪ .‬هم‬
‫أن المممراد بالحممديث السممتيطان ل القامممة لحاجممة أو غيممر دائمممة‬
‫بدللة أن كفارا ً كممانوا موجممودين فممي المدينممة‪ ،‬فمممن هممو أبممو لؤلممؤة‬
‫المجوسي القاتل لعمممر؟ وتقممدم ممما يممدل علممى هممذا مممن كلم أهممل‬
‫العلم‪[ .‬‬
‫أقول‪ :‬لبد ّ قبل الرد على هذه الشبهة من تحرير مسألتين‪:‬‬
‫الولى‪ /‬حدود جزيرة العرب‪.‬‬
‫الثانية‪ /‬حقيقة وجود الصليبيين في الجزيرة‪.‬‬
‫أما حدود جزيرة العرب فقد قال الشيخ العلمة بكر بن عبد الله‬
‫كتاب " الموال " ص ‪.100‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموع الفتاوى )‪:(3/240‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(479‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أبو زيد رحمه الله‪:‬حدود جزيرة العرب على العموم‪:‬‬
‫كما أن شبه جزيرة العممرب أكممبر شممبه جزيممرة فممي العممالم‪ ،‬فقممد‬
‫حماهمما اللممه تعممالى بثلثممة أبحممر مممن جهاتهمما الثلث‪ :‬غربمما‪ ،‬وجنوبمما‪،‬‬
‫وشرقا‪.‬‬
‫فيحممدها غربمما‪ :‬بحممر الُقْلممُزم ‪ -‬و)القلممزم(‪ :‬مدينممة علممى طرفممه‬
‫الشمالي‪ ،-‬ويقال‪ :‬بحر الحبشممة‪ ،‬وهممو المعممروف الن باسممم‪ :‬البحممر‬
‫الحمر‪.‬‬
‫ويحدها جنوبا‪ :‬بحر العرب‪ ،‬ويقال‪ :‬بحر اليمن‬
‫وشرقا‪ :‬خليج البصرة؛ الخليج العربي‪.‬‬
‫والتحديد من هذه الجهات الثلث بالبحر المممذكورة محممل اتفمماق‬
‫بين المحدثين‪ ،‬والفقهاء‪ ،‬والمؤرخين‪ ،‬والجغرافيين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫حوْقَممل ‪-‬و أطلممق علممى‬‫وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص‪ :‬ابن َ‬
‫البحر الثلثة اسم‪ :‬بحر فارس‪ ،-‬والصطخري‪ ،‬والهمداني‪ ،‬والبكري‪،‬‬
‫ك‪ ،‬وتفيده الرواية عممن‬ ‫وياقوت‪ ،‬وهو منصوص الرواية عن المام مال ٍ‬
‫المام أحمد؛ رحم الله الجميع‪.‬‬
‫ي‬
‫ل البحمرِ الحمممر الشممرق ّ‬ ‫الحد الشمممالي‪ :‬ويحممدها شمممال سمماح ُ‬
‫ي وما على مسامتته شممرقا؛ مممن مشممارف الشممام وأطممراره‬ ‫الشمال ّ‬
‫من َْقط َعُ السماوةِ من ريف العراق‪ ،‬والحد ّ غيممر داخممل‬‫)الردن حاليا( و ُ‬
‫في المحدود هنا‪.‬‬
‫وبهذا قال الصمعي‪ ،‬وأبو عبيدة‪.‬‬
‫وهذا هو ما حرره شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى‪ ،‬فقال‬
‫‪:1‬‬
‫"جزيرة العرب‪ :‬هي مممن بحممر الُقلممزم إلممى بحممر البصممرة‪ ،‬ومممن‬
‫جرِ اليمامة إلى أوائل الشام‪ ،‬بحيث كانت تدخل اليمممن فممي‬ ‫ح ْ‬‫أقصى ِ‬
‫دارهم‪ ،‬ول تدخل فيها الشام‪ ،‬وفمي هممذه الرض كمانت العممرب حيمن‬
‫البعث وقبله‪ " ...‬انتهى مختصرا‪.‬‬
‫هذه هي الحدود الطبيعية بمعالمهمما الظمماهرة ‪-‬ثلثممة أبحممر‪ -‬غربمما‬
‫وجنوبا وشرقا؛ وهي تحديد جغرافي يلتقي فيه الفقهاء مع غيرهم‪.‬‬
‫م مد ّ مسمممى جزيممرة العممرب شمممال إلممى ِدجلممة‬ ‫وقممد وهممم مممن َ‬
‫والفرات وعَن َقَ النيل؛ فإن المضمماف إليممه‪) :‬العممرب( ‪-‬فممي تسممميتها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫"اقتضاء الصراط المستقيم" ص ‪.166‬‬

‫)‪(480‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دد المراد‪ ،‬إذ قد علم في امتممداد العممرب‪ ،‬ومنممازل‬ ‫ب‪ -‬يح ّ‬ ‫جزيرةِ العر ِ‬
‫القبائل‪ ،‬واضطرابهم بين الظعن والقامة‪ ،‬ومواقع الخفارة‪ :‬أنهم لممم‬
‫يتجاوزوا ما تقدم رسمه في الحد شمال‪.‬‬
‫ق؛ ليسممت فممي محممدود أرض‬ ‫ن‪ ،‬وسممورّيا‪ ،‬والعممرا ُ‬ ‫وعليممه؛ فممالرد ُ ّ‬
‫العرب )جزيرة العرب( التي عرفت بهم في ظعنهم وإقامتهم‪.‬‬
‫خريّ ‪:1‬‬‫ولذا قال الصط َ ْ‬
‫ضَر‪ -‬الجزيرة‪ ،‬حتى‬ ‫م َ‬
‫"وقد سكن طوائف من العرب ‪-‬من ربيعة و ُ‬
‫ع‪ ،‬ولممم أر أحممدا عممزى الجزيممرة إلممى ديممار‬‫صارت لهم بها دياٌر ومزار ُ‬
‫العرب لن نزولهم بها ‪-‬وهي ديار لفارس والروم‪ -‬في أضعاف قممرى‬
‫معمممورة‪ ،‬ومممدن لهمما أعمممال عريضممة‪ ،‬فنزلمموا علممى خفممارة فممارس‬
‫والروم حتى إن بعضهم تنصر بدين النصرانية مع الروم مثممل‪ :‬تغلممب‬
‫من ربيعة بأرض الجزيممرة‪ ،‬وغسممان وبممراء وتنمموخ مممن اليمممن بمأرض‬
‫الشام" انتهى‪.‬‬
‫وهممذا نممص يفيممد بممرد اليقيممن علممى أن مممن نممزح مممن العممرب‬
‫‪-‬كالغساسنة إلى الشام‪ ،‬وربيعة ومضر في جزيرة ابن عمر التغلممبي‬
‫خل مضارب نزوحهم إلى مسممى‬ ‫)الجزيرة الفراتية(‪-‬؛ فإن ذلك ل ُيد ِ‬
‫منابت أصولهم )جزيرة العرب(‪ ،‬وهذا واضح‪.‬‬
‫وبحكم المدلول اللفظي في هذه الضممافة إلممى )العممرب(‪ ،‬فهممي‬
‫تعني منممابتهم ومرجممع أصممولهم‪ ،‬ل مممواطن رحلتهممم إلممى المشممارق‬
‫والمغارب‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫وقد حصل من وراء ذلك خلف في هذا الحد الشمالي‪ ،‬والسممبب‬
‫‪-‬والله أعلم‪ -‬عدم وجود فواصل )تضاريسية( تقطممع القممول بالتحديممد‬
‫بمعلم ظاهر كالشأن في الجهات الثلث إذا أحاطت بها البحار‪.‬‬
‫وإذا نظرت في الختلف ‪ -‬بعد ُ ‪ -‬رأيته يرجع إلى أحد سببين‪:‬‬
‫الول‪ :‬المدلول الولئي )السياسي(‪ ،‬فجزيرة العرب عنممده‪ :‬مممالم‬
‫م‪.‬‬
‫س والرو ِ‬ ‫يبلغه ملك فار َ‬
‫الثاني‪ :‬المدلول العمراني فيممما بلغتممه العممرب بسممكناها ومنازلهمما‬
‫خَفارتها على ديارها وأقاليمها‪.‬‬ ‫ومرعاها و َ‬
‫ومن هذه القوال مممالو أخممذ علممى ظمماهره لكممان سممبيله الرفممض‬
‫‪1‬‬
‫عن "أقاليم الجزيرة العربية" للغنيم‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫)‪(481‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ة وما والها"‪ ،‬وهكممذا‪...‬‬ ‫وعدم القبول؛ كقول‪" :‬جزيرة العرب‪ :‬المدين ُ‬
‫وسنعلم توجيه هذه الخلفات في هذين التنبيهين‪:‬‬
‫التنبيه الول‪ :‬في المروي عن بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى ما‬
‫ظاهره التعارض في مسمممى )جزيممرة العممرب(؛ مممن حيممث الدخممال‬
‫والخراج في أقاليم هذا المحدود‪.‬‬
‫‪ -‬فعن المام مالك رحمه الله تعالى ثلث روايات‪:‬‬
‫رواية ابن وهمب عنمه‪ :‬أنمه قمال‪" :‬أرض العمرب‪ :‬مكممة‪ ،‬والمدينممة‪،‬‬
‫واليمن " ومثله قال المغيرة بن عبدالرحمن‪.‬‬
‫رواية الزهري عن مالك قممال‪" :‬جزيممرة العممرب‪ :‬المدينممة‪ ،‬ومكممة‪،‬‬
‫واليمامة‪ ،‬واليمن"‪ .‬واليمامة كانت داخلمة فمي عممل المدينمة‪ ،‬وكمان‬
‫أمرهمما مضممطربا حسممب الوليممة فممي العصممرين الممموي والعباسممي‪،‬‬
‫فأحيانا تضاف إلى المدينة‪ ،‬وأحيانا تفرد برأسها‪.‬‬
‫ما ذكره الباجي؛ قال‪ :‬قال مالك‪" :‬جزيرة العممرب‪ :‬منبممت العممرب‬
‫قيل لها‪ :‬جزيرة العرب؛ لحاطة البحور والنهار بها "‪.‬‬
‫وما في هذه الرواية الثالثة يلتقي مع التحديد المذكور‪.‬‬
‫وما في الروايتين قبلها؛ يعنمي‪ :‬مما كمان عمامًرا‪ ،‬مشممول الوليمة‬
‫بالجملة وهذا يلتقي مع مفهوم من سبق من السلف لمسمى جزيرة‬
‫العرب‪.‬‬
‫وفممي "صممفة جزيممرة العممرب" للهمممداني عممن ابممن عبمماس‪ ،‬وفممي‬
‫"المسالك والممالك" للبكري عن شرقي ابن القطامي وغيره‪:‬‬
‫"كانت أرض الجزيرة خاوية‪ ،‬ليس فممي تهامتهمما ونجممدها وحجازهمما‬
‫صممر وإجلئهمما مممن أهلهمما؛ إل مممن‬ ‫خت ُن َ ّ‬
‫وعروضها كممبير أحممد؛ لخممراب ب ُ ْ‬
‫اعتصم برؤوس الجبال وشعابها"‪.‬‬
‫‪ -‬وهكذا الشأن في الرواية عن المام أحمد رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫ففي رواية بكر بن محمد عن أبيه؛ قال‪ :‬سألت أبا عبدالله ‪-‬يعني‪:‬‬
‫المام أحمد‪ -‬عن جزيرة العرب؟‬
‫فقال‪" :‬إنما الجزيرة موضع العرب‪ ،‬وأي موضع يكممون فيممه أهممل‬
‫السواد والفرس؛ فليممس هممو جزيممرة العممرب‪ ،‬موضممع العممرب‪ :‬الممذي‬
‫يكونون فيه"‪.‬‬
‫وفي رواية ابنه عبدالله عنه؛ قال‪" :‬سمعت أبي يقول في حديث‪:‬‬
‫"ل يبقى دينان في جزيممرة العممرب"‪ :‬تفسمميره‪ :‬ممما لممم يكممن فممي يممد‬
‫)‪(482‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فارس والروم‪ .‬قيل له‪ :‬ما كان خلف العرب؟ قال‪ :‬نعم"‪.‬‬
‫ورواية ثالثة في المغني؛ قال‪" :‬قال المام أحمد‪ :‬جزيرة العممرب‪:‬‬
‫المدينة وما والها"‪.‬‬
‫فالروايتان الولى والثانية تلتقيان في محدود جزيرة العممرب؛ لن‬
‫العرب كانت منتشرة فممي الظعممن والقامممة والرعممي والخفممارة فممي‬
‫َ‬
‫ه بحارها الثلثة‪.‬‬ ‫حل َت ْ ُ‬ ‫س َ‬‫قلب هذه الرقعة‪ ،‬وما أ ْ‬
‫والقول في الرواية الثالثة؛ كالشأن في توجيه الرواية عممن مالممك‬
‫رحمه الله تعالى‪ ،‬وتقدم‪.‬‬
‫وعليه؛ فإن من عد اختلف الروايممة عممن هممذين المممامين اختلفمما‬
‫يوجب تكوين رأي في مسمى )جزيرة العرب( من قصرها على مكة‬
‫والمدينة فقد أبعد‪.‬‬
‫وبهذا يتضح بجلء التقاء الفقهاء مع الجغرافييممن والمممؤرخين فممي‬
‫حدود جزيرة العرب‪ .‬اهم‬
‫وقال الشيخ الفاضل عبد العزيز العنزي فك الله أسره‪ :‬وجزيرةُ‬
‫ممما الجزيممرةُ‬ ‫ن‪ :‬جزيممرة‪ ،‬والعممرب‪ ،‬فأ ّ‬ ‫ي من جزأيم ِ‬ ‫ب إضاف ّ‬ ‫العرب مرك ّ ٌ‬
‫ة‪ ،‬ومنه جزيممرة العممراق‪،‬‬ ‫ط بها الماُء من كل جه ٍ‬ ‫م لرض ُيحي ُ‬ ‫فهي اس ٌ‬
‫ٍ‬
‫وهي ما بين دجلة والفرات‪ ،‬وجزيرة العرب المذكورة فممي الحممديث‪،‬‬
‫وهي‪ :‬ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام‪ ،‬ثم دجلة والفرات‪ ،‬كما هي‬
‫عبارة القاموس‪ ،‬وبحممر الشممام هممو المسمممى اليمموم بممالبحر الحمممر‪،‬‬
‫وبحر الهند هو المحيممط الهنممدي وكممأّنه ألحممق بممه بحممر فممارس ال ّممذي‬
‫مى اليوم الخليج العربي‪ ،‬ولم يذكر اللغويون غير هذا القممول وإن‬ ‫يس ّ‬
‫تفاوتت عباراتهم في بيانه‪ ،‬وتسميتهم جزيرة العرب باسممم الجزيممرة‬
‫وز لحاطة الماء بها من أغلب جهاتهمما‪ ،‬علممى عممادة العممرب‬ ‫إما أّنه تج ّ‬
‫دوا دجلة والفممرات بحمًرا‬ ‫ما أّنهم ع ّ‬ ‫في التوسع في مثل هذا الباب‪ ،‬وإ ّ‬
‫ذا‬‫ن ه َم َ‬ ‫ج ال ْب َ ْ‬
‫حَري ْم ِ‬ ‫ممَر َ‬ ‫كما جاء بهذه التسمية قوله تعممالى‪) :‬وَهُموَ ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬
‫ذا مل ْ ُ‬
‫ن العذب الفرات هو النهر‪.‬‬ ‫ج( ومعلوم أ ّ‬ ‫جا ٌ‬ ‫حأ َ‬ ‫ت وَهَ َ ِ ٌ‬ ‫ب فَُرا ٌ‬‫عَذ ْ ٌ‬
‫ض بالجزيرة مع كون الماء ل ُيحيط‬ ‫ول يصح تسمية جزٍء من الر ِ‬
‫به‪ ،‬وليس بقربه بحٌر إل ّ من جهةٍ واحدةٍ مممن جهمماته‪ ،‬ليممس هممذا فممي‬
‫م‬‫ور أن تشتهر جزيرةٌ باسم جزيرة العرب ث ّ‬ ‫ب‪ ،‬وإّنما ُيتص ّ‬ ‫ن العر ِ‬ ‫لسا ِ‬
‫ض أجزاِئهمما لخصوص مي ّةٍ فيممه‪ ،‬وإذا كممان هممذا‬ ‫ُيطلق السم وُيراد به بع ُ‬
‫جحممه علممى‬ ‫فهممو مجمماٌز نممادٌر فممي السممتعمال ل ُيصممار إليممه إل ّ أن ُتر ّ‬

‫)‪(483‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سر جزيرة العممرب بممأرض‬ ‫ة‪ ،‬ولعل هذا هو مستند من ف ّ‬ ‫الحقيقة قرين ٌ‬
‫ض مممن‬ ‫عا على جللةِ بع ِ‬ ‫ة وشر ً‬ ‫ل عقل ً ونقل ً ولغ ً‬ ‫ل باط ٌ‬ ‫الحجاز وهو قو ٌ‬
‫قال به‪.‬‬
‫ض هي جزيممرةٌ ل‬ ‫ث ورد َ على أر ٍ‬ ‫واسم الجزيرة الوارد في الحدي ِ‬
‫يعرف أكثر المخاطبين أو بعضهم جزيرةً غيُرها‪ ،‬وهي جزيرة العرب‪،‬‬
‫ش‬
‫ب‪ :‬قحطانّيهم في اليمن منها‪ ،‬وقري م ٌ‬ ‫ض العر ِ‬‫وهذه الجزيرةُ هي أر ُ‬
‫متهم مممن مضممر فممي‬ ‫وهوازن وغطفان ومن جاورهم من العرب وعمما ّ‬
‫م في نج مدٍ وهجممر والبحريممن وأطممراف العممراق‪،‬‬ ‫ة وتمي ٌ‬ ‫الحجاز‪ ،‬وربيع ُ‬
‫وليس في الجزيرة غيرهم‪.‬‬
‫وليس من العرب أحد خارج هممذه الجزيممرة إل ّ شمميًئا مممن ربيعممة‬
‫س‪ ،‬ولممم تكممن ديمماًرا لهممم‪ ،‬وبعممض العممرب‬ ‫ومضر ممن دخل بلد فار ٍ‬
‫م‪.‬‬
‫ف الرو ِ‬‫ل في أكنا ِ‬ ‫ممن دخل الشام كالغساسنة من الزدِ وهم قلي ٌ‬
‫ح في هذه الجزيرة‪ :‬أّنمه ل يسممكنها غيمُر العممرب‪ ،‬ول يسممكن‬ ‫فص ّ‬
‫ن‬‫حأ ّ‬ ‫ة‪ ،‬وصم ّ‬‫س والمشماهد ِ‬ ‫ب بمالح ّ‬ ‫العرب غيَرهما؛ فهمي جزيمرةُ العمر ِ‬
‫ن اسمها عند العرب جزيرة‬ ‫اسم الجزيرة مطابقٌ لها في اللسان‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن‪.‬‬
‫العرب في البلدا ِ‬
‫ن جزيرة العرب هي الحجاز‪ ،‬فقد استند إلى إبقاء‬ ‫ما من قال إ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض المشممركين فممي غيممر الحجمماز‬
‫ف يصممرف‬ ‫ن ذلممك صممار ٌ‬ ‫كنصارى نجران‪ ،‬وبقايا يهود اليمممن‪ ،‬فممرأى أ ّ‬
‫دها‪.‬‬‫ض الحجازِ وح َ‬ ‫ِ‬ ‫اسم الجزيرةِ إلى أر‬
‫ح هذا السمتدلل‪ ،‬فمإن كمان قمد ُأبقمي بعمض المشمركين‬ ‫ول يص ّ‬
‫خارج الحجاز‪ ،‬فقد أبقي بعض المشركين في الحجاز مد ّةَ خلفةِ أبي‬ ‫ُ‬
‫ر‪ ،‬والجممواب عممن هممذا يممأتي بممإذن اللممه‪ ،‬والحممديث علممى ظمماهره‬ ‫بكم ٍ‬
‫مه‪ .‬اهم‬‫وعمو ِ‬
‫وبهذا يتبين لك أن جزيرة العرب هي الجزيرة العربية المحاطممة‬
‫بثلثة أبحر‪ ،‬وبأطراف العراق والردن من الشمال‪ ،‬وأن المممراد مممن‬
‫الحديث هذه الجزيرة‪.‬‬
‫م وأما حقيقة وجود الصليبيين في جزيرة العرب فأمٌر بات في غايممة‬
‫الوضوح‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫‪ -‬أنهم دخلوها محتلين لمنابع النفط فيها‪.‬‬

‫)‪(484‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -‬أنهم دخلوها وأسسوا قواعدهم فيها استعدادا ً للحممرب الصممليبية‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬أنهم دخلوها ليتجسسوا على المسلمين فيها‪ ،‬خاصة أهممل الحممق‬
‫والجهاد‪.‬‬
‫‪ -‬أنهممم دخلوهمما لحمايممة عملئهممم طممواغيت الجزيممرة‪ ،‬مممن المممد‬
‫الجهادي القادم‪.‬‬
‫وهم مع هذا لو دخلوها بغير ما سبق لكان إخراجهم منها واجب مًا‪،‬‬
‫فإن أبوا الخروج كان قتالهم مشروعا ً لتطهير الجزيرة منهم كما أمر‬
‫بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال فضيلة الشمميخ العلمممة بكممر أبممو زيممد فممي كتممابه )خصممائص‬
‫الجزيرة العربية‪ ،‬ص ‪ 35‬م ‪ (36‬بعدما ساق الحاديث التي تنص على‬
‫وجوب إخراج المشركين من جزيرة العرب‪ ،‬قمال‪)) :‬فهذه الحمماديث‬
‫ص على أن الصل شرعا منع أي ّ كافر م م مهممما كممان‬ ‫في الصحاح ن ّ‬
‫دينه أو صفته م من الستيطان والقرار في جزيممرة العممرب‪ ،‬وأن هممذا‬
‫الحكم من آخر ما عَِهده النبي م صلى الله عليه وسمملم مم إلممى أمتممه‬
‫وبناًء على ذلك‪ :‬فليس لكافر دخول جزيرة العممرب للسممتيطان بهمما‪،‬‬
‫وليس للمام عقد الذمة لكافر بشرط القامة لكافر بهمما فممإن عقممده‬
‫فهو باطل!‪ ،‬وليس للكافر المرور والقامة المؤقتة بها إل لعدة ليال‬
‫لمصلحة كاستيفاء دين وبيع بضاعة ونحوهما‪) ،‬إلى أن قال(‪ :‬ولنممه ل‬
‫ل منهم‬ ‫يجوز إقرار ساكن وهو على الكفر‪ ،‬فإن ُوجد بها كفاٌر فل يقب ُ‬
‫إل السلم أو السيف!( اهم‪.‬‬
‫وللرد على بعض الشممبهات فممي المسممألة أورد ممما كتبممه الشمميخ‬
‫الفاضممل عبممد العزيممز العنممزي فممك اللممه أسممره حيممث قممال‪ :‬وإخممراج‬
‫المشركين من جزيرة العرب‪ ،‬أمٌر من النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫جهُممم‬ ‫لم يقّيده بوسيلةٍ من الوسائل‪ ،‬بل هممو مطل مقٌ والمقصممود خرو ُ‬
‫من الجزيرة‪ ،‬فإن كان أمٌر بإخراجه من جزيرة العرب ولم يخممرج إل‬
‫بالقتل كان قتله من امتثال ذلك المر‪ ،‬وإذا كان له شوكة ومنعة في‬
‫بلد المسمملمين كممان معتممدًيا عليهمما يجممب قتمماله وجوب ًمما وليممس علممى‬
‫ة أو‬ ‫ت أن إخراج المشركين بالقتال وسيلة مباحمم ٌ‬ ‫ب‪ ،‬فثب َ‬‫الباحةِ فحس ُ‬
‫ة‪ ،‬وهي من أنفع الوسائل لما يحصل بها مممن الممردع للمشممركين‬ ‫واجب ٌ‬
‫والتخويف لهم من دخول جزيرة العرب‪ ،‬وهذا ما رأيناه بعد تفجيرات‬
‫ضمما بممالخروج وطلممب‬ ‫الريمماض‪ ،‬حممتى صممار بعممض الصممليبيين يممأمر بع ً‬
‫)‪(485‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مسؤولوهم ممن ليس لوجوده ضرورة أن يخرج‪.‬‬
‫ب‬ ‫وإخراج المشركين من جزيرة العرب بالجهاد يكون جهمماد َ طلم ٍ‬
‫ممما جهمماد الطلممب فممإذا ورد المممر علممى مشممركين‬ ‫وجهمماد َ دفممٍع‪ ،‬فأ ّ‬
‫موجممودين مقّريممن بالشممرع أو مممتروكين علممى ممما كممانوا عليممه فممي‬
‫جاهليتهم قبل ذلك‪ ،‬وأما جهاد الدفع فإذا دخممل المشممركون الجزيممرة‬
‫ة لصريح النهي‪ ،‬ل داخل ً في‬ ‫بعد ورود المر وكان دخول ُُهم فيها مخالف ً‬
‫المسكوت عنه قبل ورود النص‪ ،‬وذلك مثممل قتممالهم فممي أرضممهم إن‬
‫ضا تحت أيديهم قبل السلم‪ ،‬كان قتالهم عنها وجهادهم فيها‬ ‫كانت أر ً‬
‫ضمما دخلوهمما بعممد أن كممانت بأيممدي‬ ‫مممن جهمماد الطلممب‪ ،‬وإن كممانت أر ً‬
‫المسلمين كان جهممادهم فيهمما مممن جهمماد الممدفع‪ ،‬وأحكممام السممتدامة‬
‫والبقاء تختلف عن أحكام النشاء والبتداء‪ ،‬ويثبت تبًعا واستمراًرا‪ ،‬ما‬
‫ت أصل ً واستقل ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل يثب ُ‬
‫ت هذا التفريقَ بين حالي إخراج المشركين من جزيرة‬ ‫وإذا استبن َ‬
‫ب كممما‬‫العرب‪ ،‬ما يكون جهاد دفٍع كما هو اليوم‪ ،‬وما يكون جهاد طل م ٍ‬
‫كان زمن عمر بممن الخطماب رضمي اللمه عنممه‪ ،‬ظهممر لمك بمإذن اللمه‬
‫جهممم مممن الجزيممرة العربيممة‪،‬‬ ‫السبب في تأخير عمممر وأبممي بكمرٍ إخرا َ‬
‫عا لهممما جممائًزا‪ ،‬لن جهمماد الطلممب يجمموز تممأخيره‬ ‫وكممون ذلمك مشممرو ً‬
‫للمصمملحة والحاجممة مممع الممتزامه والعممزم عليممه‪ ،‬وعممدم جمموازه لمممن‬
‫وجدهم وقد دخلوا ابتداًء لممدخوله فممي جهمماد الممدفع‪ ،‬وجهمماد الممدفع ل‬
‫ل من الحوال‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫يجوز تأخيره بحا ٍ‬
‫وإخراج الصليبيين من جزيرة العرب اليمموم‪ ،‬اجتمعممت فيممه عممدة‬
‫موجبات‪ ،‬فمع خصوصية الجزيممرة بوجمموب إخممراج المشممركين منهمما‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اجتمعت الموجبات العامة لجهاد الدفع‪ ،‬فدخول المشركين بقوة لهم‬
‫وشوكة موجب للجهاد في كل بلد‪ ،‬وأفرادهم إذا دخلمموا ولممو بل قمموة‬
‫ة‬
‫وشمموكة بل إذن مممن المسمملمين فممي أي بل مدٍ غيممر الجزيممرة مباح م ٌ‬
‫دماؤهم‪ ،‬أما الجزيرة فيجب قتالهم فيها حتى يخرجوا‪ ،‬وتخلية أجممزاء‬
‫من أرض المسلمين لهم ُيقيمون فيها شعائر كفرهم موجب لقتممالهم‬
‫وإخراجهم‪ ،‬وقتالهم للمسلمين من هذه الرض واتخاذهم لهمما قواعممد‬
‫عسكرية موجب لجهادهم‪ ،‬وكل من هذه يغلممظ ويشممتد إذا كممان فممي‬
‫جزيرة العرب‪.‬‬
‫حجمماُز‪ ،‬إّنممما جنممح إلممى تأويممل‬‫ن جزيرة الَعرب هي ال ِ‬ ‫م ومن قال إ ّ‬
‫ن مممن المشممركين مممن بقممي خممارج‬ ‫ممما رأى أ ّ‬
‫الحديث بهممذا المعنممى ل ّ‬
‫)‪(486‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ف عممن أبممي‬ ‫الحجازِ ولم ُيخرج‪ ،‬وقد ُيستأنس له بما ُروي بسند ضممعي ٍ‬
‫ن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬أخرجمموا‬ ‫عبيدة عامر بن الجراح أ ّ‬
‫يهود أهل الحجاز من جزيرة العرب‪ ،‬ولكن الحممديث ضممعيف السممناد‬
‫والحاديث الصحاح على خلفه‪ ،‬ولو سلم بصحته فممذكر بعممض أفممراد‬
‫ل إفمراده‬ ‫العام بحكم يوافق العمام ل يسمتلزم التخصميص‪ ،‬بمل يحتمم ُ‬
‫ث أصلح في الدللممة علممى نقيممض ممما‬ ‫ن الحدي َ‬ ‫لهميته وشرفه‪ ،‬على أ ّ‬
‫استدل به المستدل‪ ،‬فقد فرق بين الحجاز وجزيرة العرب‪ ،‬ولم يقمل‬
‫أخرجوا يهود أهل الحجاز من الحجاز‪ ،‬بل قال من جزيرة العرب‪ ،‬ثممم‬
‫إنه قد جاء في الحديث بالسناد نفسممه‪ :‬أخرجمموا يهممود أهممل الحجمماز‬
‫وأهل نجران من جزيرة العرب‪ ،‬وأهل نجران خارج الحجاز‪.‬‬
‫وأما من بقي في الجزيرة في غير الحجاز‪ ،‬فالقول فيهم كالقول‬
‫فيمن بقي في الحجاِز‪:‬‬
‫إذا كان وجودهم قبل المر بإخراجهم‪ ،‬وكان الشارع قممد أقّرهممم‬
‫من قبل؛ فإخراجهم من جنس جهاد الطلب‪.‬‬
‫وإذا كان وجودهم بعد المر بإخراجهم‪ ،‬ودخلوا مخالفين أمر الله‬
‫ووصية رسوله صلى الله عليه وسمملم؛ فممإخراجهم مممن جنممس جهمماد‬
‫الدفع‪.‬‬
‫جهممم بغيممر‬ ‫ن فعممل الصممحابة كممان إخرا َ‬ ‫م ول ُيشّغب علممى هممذا بممأ ّ‬
‫الجهمماد؛ فممإن المممراد إيضمماح التفريممق بيممن أحكممام البتممداء وأحكممام‬
‫ن العلة الموجبة للجهاد موجودة وقت الصحابة وهممي‬ ‫مإ ّ‬ ‫الستدامة‪ ،‬ث ّ‬
‫ن الجهمماد‬ ‫إخراج عدو يجب إخراجه من بلد المسلمين‪ ،‬ولم ُيقاتلوا ل ّ‬
‫طلًبا ودفًعا قد يسقط ويكفي اللممه المممؤمنين القتممال إذا رجممع العممدو‬
‫عما ُقوتل لجله‪ ،‬فيسممقط تعيممن جهمماد الممدفع إذا رجممع الصممائل عممن‬
‫صياله‪ ،‬ويسقط وجوب الطلب إذا أسلم الكافر أو بذل الجزيممة علممى‬
‫تفاصيل في الفروع ليس هذا محّلها‪.‬‬
‫ن إبقاء الصحابة لمن ُأبقي من المشممركين كممان مممن‬ ‫فإذا تقرر أ ّ‬
‫ن جهاد الطلب ل يجب على الفور كممما يجممب‬ ‫جنس جهاد الطلب‪ ،‬فإ ّ‬
‫ف مفسممدةٍ ُيرجممى أن‬ ‫جهاد الدفع‪ ،‬بل يجوز تممأخيره لمصمملحة أو خممو ِ‬
‫ح‪ ،‬أو‬‫تزول قريًبا‪ ،‬كما يجوز تأخيره لنشغال عسمكر المسملمين بفتمو ٍ‬
‫لنشغال إمام المسلمين بممأمرٍ نممزل بممه‪ ،‬أو نازلمةٍ حل ّممت بالمسمملمين‬
‫ل له‪ ،‬ويجوز تممأخيره لمصمملحةٍ للمسمملمين فممي بقمماء ذلممك‬ ‫دون تعطي ٍ‬

‫)‪(487‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ة‬
‫رهما ممع المتزام قتماله وعمدم اسمتدام ِ‬ ‫العدوّ سواء كان بهدنمةٍ أو بغي ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الهدن ِ‬
‫وأبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه كان فترةَ خلفت ِهِ مشغول ً بقتال‬
‫دين والروم‪ ،‬ولم يلبث بعد استقرار المر حتى قبضه اللممه‪ ،‬أممما‬ ‫المرت ّ‬
‫عمر فلما جاءه الثبت عن رسمول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم أنمه‬
‫قال‪ :‬أخرجوا المشركين من جزيرة العممرب أجلممى اليهممود مممن خيممبَر‬
‫في القصة المعروفة‪.‬‬
‫فل يحتج أحد بترك الصديق لليهود في خيبر‪ ،‬ول بممترك الفمماروق‬
‫ث كمانت الحمال واحمدة بمأن كمانوا‬ ‫لهم أو لغيرهم في غيرهما‪ ،‬إل حيم ُ‬
‫مستوطني الرض يسممكنون الممديار مممن أول المممر‪ ،‬بخلف مممن وََرد‬
‫كا لرض الجزيرة واعتداءً عليها‪.‬‬ ‫عليها بعد النهي‪ ،‬وكان دخول ُ ُ‬
‫ه انتها ً‬
‫وإذا استبان هذا الصل من التفريق بين الموجودين قبل النهممي‪،‬‬
‫ومن دخلوا بعد النهي؛ زالممت الشممبهة فممي احتجمماج مممن احتممج ببقمماء‬
‫بعض المشركين في الجزيرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫م م وأممما مممن احتممج بمممن دخممل الجزيممرة مممن بعممد كممأبي لؤلممؤة‬
‫كا؛ فأبو لؤلممؤة‬ ‫المجوسي اّلذي ثبت بالسانيد الصحيحةِ أّنه كان مشر ً‬
‫كان رقيًقا‪ ،‬والرقيق من جملممة أممموال المسمملمين وليسمموا كممالحرار‬
‫في الحكام‪ ،‬ولذا أجاز كثيٌر من أهل العلم وطممأ المممة غيممر الكتابيممة‬
‫حها‪ ،‬وجوزوا الستعانة بممالرقيق المشممرك واختلفمموا‬ ‫جز أحد ٌ نكا َ‬‫ولم ي ُ ِ‬
‫في الستعانة بالمشرك الحر‪ ،‬ودية الرقيق المشرك والمؤمن واحدةٌ‬
‫ه‪ ،‬وغيممر ذلممك مممن‬ ‫ل تزيد دية المسلم منهما على الكافر وهممي قيمت ُم ُ‬
‫الحكام الممتي ُيعامممل فيهمما الرقيممق مممن جهممة كممونه مممال ً مممن جملممة‬
‫دا من هؤلء ُأعت مقَ بعممد أن‬ ‫الموال ول ُينظر لدينه‪ ،‬ولو ُفرض أ ّ‬
‫ن واح ً‬
‫دخل المدينة كانت حاله كحال اليهود الذين كانوا في خيبر وغيرهممم‪،‬‬
‫ة لمما كمان‬ ‫مباٍح‪ ،‬فبقماؤه بعمده اسمتمراٌر واسمتدام ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫ممن دخل بسب ٍ‬
‫عا‪ ،‬وليس إنشاًء وابتداًء للقامة كما ل يخفى‪.‬‬ ‫أصله مشرو ً‬
‫ه التي أوردت على هذا الحديث المحكم البّين من‬ ‫ُ‬ ‫ومن أبردِ ال ّ‬
‫شب َ ِ‬
‫ن الحديث ل يقتضي قتالهم بل أمر بالخراج‪ ،‬وزعموا بعد ذلك‬ ‫زعم أ ّ‬
‫ن‬‫ن الحديث ل يممدل علممى القتممال ل بممالمنطوق ول المفهمموم! مممع أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ل‪ ،‬ومممن‬ ‫المر بإخراجهم مطلقٌ لم ُيقّيد بوسيلةٍ ل بالنممذار ول بالقتمما ِ‬
‫ط بين المنطوق والمفهوم‪ ،‬والنممص والظمماهر؛‬ ‫خل َ َ‬
‫كتب هذا العتراض َ‬

‫)‪(488‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل عليممه بمنطمموقِهِ ال ّممذي هممو‬ ‫ه‪ ،‬ولكن ّممه دا ّ‬‫ص ِ‬
‫ل على القتال بن ّ‬ ‫فهو ل يد ّ‬
‫ة‬
‫جمما لهممم كممان مممن دلل م ِ‬ ‫مطل مقٌ فممي الخممراج‪ ،‬فكممل ممما كممان إخرا ً‬
‫ن المخالفين في معنى هممذا‬ ‫ق‪ ،‬سواء النذار أو القتال‪ ،‬على أ ّ‬ ‫المنطو ِ‬
‫ف‪ ،‬ولكنهممم يممرون أن‬ ‫ن خروجهم بالنذار كا ٍ‬ ‫الحديث ل يخالفون في أ ّ‬
‫ن مناط قتممال‬ ‫ضأ ّ‬ ‫القتال لمن لم يكن له النذار كافًيا‪ ،‬وهذا على فر ِ‬
‫المشركين في الجزيرة اليوم هو مجرد دخولهم جزيرة العرب بقطع‬
‫لخرى‪.‬‬ ‫النظر عن بقية العلل ا ُ‬
‫ة التي ُأورَدت على السممتدلل بهممذا الحممديث‪،‬‬ ‫ومن الشبه الواهي ِ‬
‫ض بها من نهض لمتثممال أمممر محمممد صمملى اللممه عليممه وسمملم‬ ‫واعُتر َ‬
‫ث أخرجمموا المشممركين المحمماربين‬ ‫ن المراد بالحممدي ِ‬ ‫والقيام بوصيته‪ :‬أ ّ‬
‫للمسلمين من جزيرة العرب‪.‬‬
‫ض‪،‬‬ ‫ن وكممل أر ٍ‬ ‫والمشركون المحاربون ُيؤمر بقتاِلهم في كل مكا ٍ‬
‫ن‪ ،‬فممأي خصوصمي ّةٍ لجزيممرة‬ ‫وُيؤمر بإخراجهم مممن كممل بلمدٍ للمسمملمي َ‬
‫العرب في هذا الحكمم؟! ممع اتفماق العلمماء وغيرهمم ممن الموافمق‬
‫ب دون‬ ‫ل على خصوصي ّةٍ لجزيرة العممر ِ‬ ‫ن الحديث دا ّ‬ ‫والمخالف على أ ّ‬
‫دعى‬ ‫صممص لهمما‪ ،‬وممما ي ُم ّ‬‫مممة ل مخ ّ‬ ‫ة عا ّ‬ ‫ث الصحيح ُ‬ ‫سائر البلد‪ ،‬والحادي ُ‬
‫دم الجواب عنه‪ .‬اهم‬ ‫تخصيصها به من بقاء بعض المشركين تق ّ‬
‫وأما قول المؤلف]أن قتلهم يجر على المسلمين مفاسد عظمى‬
‫على مستوى الفراد والجماعات والدول‪ ،‬وممما ترتممب عليممه مفسممدة‬
‫أكبر حرم فعله كما تقدم بيانه[‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إن إخراجهم من الجزيرة أمر من النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم يجب العمل به‪ ،‬هذا لممو كممان وجممودهم بغيممر اعتممداء وتسمملط‪،‬‬
‫فكيف إذا صاحب ذلك التسلط والعتداء؟‬
‫م على المؤلف وأمثاله أن ل ينظروا إلى محيطهم ودولهم فقط‬ ‫ث ّ‬
‫بل عليهم أن ينظممروا إلممى مصمملحة المممة عامممة‪ ،‬فهممؤلء الصممليبيين‬
‫ينطلقون من الجزيرة لضممرب المسمملمين فممي أفغانسممتان والعممراق‬
‫وغيرها‪ ،‬وهم يديرون حربهم منها‪ ،‬ولو لم يممرد المممر بممإخراجهم مممن‬
‫الجزيرة لكان قتالهم وإخراجهم منها من أوجب الواجبات‪ ،‬لنه حينئذٍ‬
‫يكممون جهمماد دفممع إذ بلد السمملم بمنزلممة البلممد الواحممد‪ ،‬وقتممالهم‬
‫م‬ ‫للمسلمين قتال لنا‪ ،‬فكيف وقد اجتمع مع ذلك المممر بممإخراجهم‪ ،‬ث م ّ‬
‫ما الذي ينتظره المؤلف وأمثاله هممل ينتظممر أن تضممرب أرضممه الممتي‬

‫)‪(489‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يعيش فيها لكي يسعى بعد ذلك في قتالهم وإخراجهم؟‬
‫أوَ ل يكفيه أن أراضي المسلمين تحارب من وطنممه‪ ،‬أوَ ل يكفيممه‬
‫أن نفط المسلمين يسرقه الصليبيون بحماية ولة أمره؟‬
‫ن حربنمما مممع الصممليبيين حممرب شمماملة لسممتنقاذ أراضممي‬ ‫مإ ّ‬‫ثم ّ‬
‫المسلمين ودفع العدو الصائل الذي استباح البلد والعباد‪ ،‬وحربنا لهم‬
‫في الجزيرة آكد لجتماع المر بممإخراجهم منهمما‪ ،‬والعممدوان الصممليبي‬
‫عليها‪ ،‬وقتالنا لهم داخل ضمن سلسلة جهادهم في كل الميادين‪.‬‬
‫وقتالهم في الجزيرة كانت فيه مصالح عديدة منها‪:‬‬
‫م تكبيد العدو الصليبي خسائر فادحة في رجممالهم مممن المخممابرات‬
‫والمفكرين والمديرين لحرب المسلمين‪.‬‬
‫م خروج عدد كبير منهم بعد العمليات المباركة‪.‬‬
‫م بقاء من بقي منهم في رعب وخوف‪.‬‬
‫م خلط أوراقهم وتشتيت مخططاتهم؛ فممإن قواعممدهم العسممكرية‬
‫ومسمممتوطناتهم السمممكنية مليئة بالضمممباط والمفكريمممن المممذين‬
‫يخططون ويديرون ضرب المسلمين‪.‬‬
‫م إشغال العدو بنفسه؛ لن الحرب على العراق وأفغانستان إنممما‬
‫تدار من هذه المراكز وبقتالهم ينشغلون ولو جزئيا ً عممن الممتركيز‬
‫في مهامهم الساسية‪.‬‬
‫م إطلع المة وخاصة أهل الجزيرة علممى خيانممة الطممواغيت حيممن‬
‫زعممموا أن الجيمموش الكممافرة خرجممت مممن الجزيممرة بعممد حممرب‬
‫الخليج‪.‬‬
‫م توسيع دائرة الحرب مع الصليبّيين وإشغالهم عن ك م ّ‬
‫ل بل مدٍ لهممم‬
‫ة ببلدٍ آخر يتوّقعون فيه هجم ً‬
‫ة‪.‬‬ ‫فيه مصلح ٌ‬
‫م تمحيص الله الذين آمنوا واّتخاذه منهمم شمهداء‪ ،‬والشمهادة ممن‬
‫مقاصد الجهاد‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬مممن خيممر‬
‫ة‬
‫معاش الناس لهم‪ ،‬وذكر‪ :‬مؤمن على فرسممه‪ ،‬كلممما سمممع هيع م ً‬
‫طار إليها يطلب الموت مظاّنه“‪.‬‬
‫مم شممفاء صممدور قمموم ٍ مممؤمنين‪ ،‬وإذهمماب غيممظ قلمموبهم )قمماتلوهم‬
‫ذبهم الله بأيمديكم‪ ،‬ويخزهمم وينصمركم عليهمم ويشمف صمدور‬ ‫يع ّ‬
‫قوم ٍ مؤمنين(‪.‬‬
‫م جريان سّنة الله الكونّية‪ ،‬بتمييز الخبيث مممن الطيممب‪ ،‬واسممتبانة‬
‫ن حممرص كممثيرٍ مممن المنتسممبين إلممى العلممم المشممتغلين‬‫النمماس أ ّ‬
‫)‪(490‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م‬‫ي‪ ،‬أعظ م ُ‬ ‫بالُفتيا على المن في بلدهم‪ ،‬والرفمماه والعيممش الرخم ّ‬
‫وأكبر من حرصهم على دماء المسلمين وأعراضهم‪ ،‬فلم يحصممل‬
‫منهم لشيء من مآسي المسلمين ما حصل في تأّلمهم لما وقممع‬
‫بالصممليبّيين‪ ،‬وكممذا أصممول الممدين والتوحيممد‪ ،‬فهممم إذا ك ُّلممموا عممن‬
‫تحكيم الطممواغيت وتمموّلي الكممافرين‪ ،‬والمسممتهزئين بالممدين مممن‬
‫الصممحفيين والعلمممانيين وأمثممالهم اكتفمموا بكلمممات ل تخممرج مممن‬
‫غم الله أنف أمريكا وأوليائها‬ ‫ما ر ّ‬‫المجلس الذي ُيخاطبون فيه‪ ،‬ول ّ‬
‫ف‪.‬‬
‫احمّرت منهم أنو ٌ‬
‫شممرعّية عنممد المنتسممبين للعلممم‬ ‫م ظهور حقائق القيم والثمموابت ال ّ‬
‫ة‬
‫دق تهم م ً‬‫والدين‪ ،‬فأسقط من كان ينادي بالتثبت هذا الصل‪ ،‬وص ّ‬
‫تشهد على نفسها بالكذب‪ ،‬كتهمة التسمعة عشمر السماقطة‪ ،‬ممع‬
‫ق علممى أحسممن أحممواله‪ ،‬وزاد فرت ّممب‬ ‫أّنها ما جاءته إل بخبر فاس م ٍ‬
‫الحكام على أناس غائبين ممما يممدري أفممي الممموات هممم أم فممي‬
‫دعى عليه حرًفا ول اشترط بّينة‪.‬‬ ‫الحياء‪ ،‬ولم يسمع من الم ّ‬
‫ُ‬
‫م معرفة حقيقة الجيش والغرض اّلذي أعد ّ من أجله‪ ،‬فلمم يتحمّرك‬
‫ض‪ ،‬وإّنما تحّرك حيممن‬ ‫ّ‬
‫قط لستنقاذ بلد مسلم‪ ،‬أو للدفاع عن عر ٍ‬
‫تحّرك في خدمة مصالح المريكان‪.‬‬

‫)‪(491‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الشبهة الحادية عشرة‪:‬‬
‫أن بعض حكام المسلمين يحمي صروح الشرك من‬
‫أضرحة وأوثان تعبد من دون الله‬

‫قال المؤلف]وهذا فعل شنيع وإثم وجرم كبير سبب لذهاب الممدنيا‬
‫والدين وتغلب الكفرة الكافرين على المسلمين‪ ،‬لكن التأثيم الشديد‬
‫شيء غير التكفير‪ ،‬ومن كفر بمثل هذا فالرد عليه من أوجه‪:‬‬
‫أن هناك فرقا ًَ بين تكفير النوع والعين فل يلزم من تكفيممر الفعممل‬
‫تكفير الفاعل‪ ،‬وهذا ما عليه محققون مبرزون كالئمممة أبممي العبمماس‬
‫ابن تيمية إذ قال‪ ::‬فإنا بعد معرفة ما جاء الرسممول نعلممم بالضممرورة‬
‫أنه لم يشرع لمته أن تدعو أحدا ً من الموات ل النبياء ول الصالحين‬
‫ول غيرهممم ل بلفممظ السممتغاثة ول بغيرهمما ول بلفممظ السممتعاذة ول‬
‫بغيرها كما أنه لم يشرع لمتمه السمجود لميمت ول لغيمر ميمت ونحمو‬
‫ذلك‪ ،‬بل إنه نهى عن كل هممذه المممور وأن ذلممك مممن الشممرك الممذي‬
‫حرمه الله تعالى لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير‬
‫من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بممذلك حممتى يتممبين لهممم ممما جمماء بممه‬
‫‪1‬‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه ا‪ .‬هم‬
‫أن من حمى الكفر لذاته فهو كافر لن لزمه رضاه وإقممراره لممه‪،‬‬
‫أما إذا حماه لدافع آخر فهذا مع كونه إثمما ً وجرمما ً كممبيرا ً لكنممه ليممس‬
‫كفرا ً إذ ليس لزمه الرضا ثم ل دليل يدل على التكفير بحماية الكفر‬
‫لغيممر ذاتممه‪،‬كممما تبقممى الكنممائس شممرعا ً فممي الرض الممتي فتحهمما‬
‫المسلمون صلحا ً ‪2‬كما يدل على هذا فعممل الخلفمماء الراشممدين وهممم‬
‫بذلك ل يسمحون لحد أن يعتدي عليها ولو كان هذا محرما ً لما فعله‬
‫الخلفاء الراشدون فضل ً عن أن يكون كفممرا ً فيتجلممى لنمما بهممذا أنممه ل‬
‫يلزم من حماية الشرك كفر الحاكم بل لبد من النظمر إلمى المدوافع‬
‫لذا لم يلزم من حماية الكنيسة التي يزاول فيها الشرك الكممبر كفممر‬
‫الحاكم فممإذا وجممدت كنيسمة فممي أرض مسملمين فحماهمما السملطان‬
‫لدوافع غير الرضا‪ ،‬فإن فعله ل يوصف بالكفر فضل ً عن أن يكفر لنه‬
‫لم يحمها لذاتها وإنما لمر آخر[‪.‬‬
‫ت أن الحكم في الدنيا مبني على الظاهر‪،‬‬ ‫أقول‪ :‬قد سبق أن بين ُ‬
‫الرد على البكري ص ‪.377‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحكام أهل الذمة للمام ابن القيم)‪(3/1202‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(492‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن من علم حكم الشيء ولم يعلم عقوبته فإن ذلك ل يسقط‬ ‫تأ ّ‬ ‫وبين ُ‬
‫عنه العقوبة‪.‬‬
‫وحمايمة القبماب والقبمور المتي يشمرك بهما والمدفاع عنهما وعمن‬
‫المشركين الذين يطوفون حولها كفر في حد ّ ذاته ل ُينظممر فيممه إلممى‬
‫نية فاعله؛ لنه حماية للشرك والكفر‪ ،‬وحماية لماكن الشممرك وأهممل‬
‫ل علممى‬ ‫الشرك‪ ،‬وانحياز إلى المشركين والممدخول فممي صممفهم‪ ،‬ويممد ّ‬
‫دة‬‫ن الصحابة رضي الله عنهم حكموا على مانعي الزكمماة بممالر ّ‬ ‫ذلك أ ّ‬
‫مع وجود أناس بينهم لم يمنعوها جحودًا‪ ،‬ولكممن لممما قمماتلوا الصممحابة‬
‫وانحازوا إلى معسكر المرتدين كان حكمهم واحد‪ ،‬وهذا إذا كان فممي‬
‫الزكاة فكيف بحماية الضرحة التي تعبد من دون الله والتي تنمماقض‬
‫ل إله إل الله من أصلها‪ ،‬والنحياز إلى المشركين وحمممايتهم وحمايممة‬
‫شركهم ومعبوداتهم؟‬
‫وحماية الضرحة الشركية وأهلها وإقرارهم على شركهم وعممدم‬
‫منعهم داخل في حكم الطائفة الممتنعة عممن بعممض شممرائع السمملم‬
‫الظاهرة‪ ،‬وقد حكى شيخ السلم اتفاق العلممماء علممى كفممر الطائفمة‬
‫الممتنعة عن بعض شرائع السلم الظاهرة فقال رحمه اللممه‪ :‬فأّيممما‬
‫طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات‪ ،‬أو الصيام‪ ،‬أو الحج‪،‬‬
‫أو عن التزام تحريم الدماء‪ ،‬والموال‪ ،‬والخمر‪ ،‬والزنمما‪ ،‬والميسممر‪ ،‬أو‬
‫عن نكاح ذوات المحارم‪ ،‬أو عن التزام جهاد الكفار‪ ،‬أو ضرب الجزية‬
‫على أهل الكتاب‪ ،‬وغير ذلك مممن واجبممات الممدين ومحرممماته الممتي ل‬
‫عذر لحممد فممي جحودهمما وتركهمما الممتي يكفممر الجاحممد لوجوبهمما‪ ،‬فممإن‬
‫الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقّرة بها‪ ،‬وهذا مما ل أعلممم‬
‫فيه خلفا ً بين العلماء‪ ،‬وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا‬
‫سممنن كركعممتي الفجممر ]أي سممنة الفجممر[‬ ‫أصرت علممى تممرك بعممض ال ُ‬
‫والذان والقامة‪ ،‬عند من ل يقول بوجوبها ونحو ذلممك مممن الشممعائر‪،‬‬
‫ممما الواجبممات‬ ‫هممل ُتقاتممل الطائفممة الممتنعممة علممى تركهمما أم ل؟ فأ ّ‬
‫والمحرمات المذكورة ونحوهمما فل خلف فممي القتممال عليهمما‪ ،‬وهممؤلء‬
‫عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة‪ ...‬فهم خممارجون عممن‬
‫السلم‪ .‬اهم‬
‫فإذا كان هذا في بعض المحرمات التي هي أخف مممن الشممرك‪،‬‬
‫فكيف الحكم في الشرك وأماكن الشممرك وأهممل الشممرك‪ ،‬وإذا كممان‬
‫هذا حكم الممتنع من إزالتها وإنكارها فكيف بمن زاد على ذلممك بممأن‬
‫)‪(493‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حماها وحمى المشركين بها وشركهم؟‬
‫م هل يلتزم المؤلف بلزم قوله فيمن يحمي ويحممرس الصممنام‬ ‫ث ّ‬
‫والوثان ويحارب من يسعى في أزالتها؟‬
‫م بممذل جهممده ووقتممه لحمايممة أصممنام‬ ‫فمممن زعممم أنممه مسمملم ث م ّ‬
‫الهنممدوس وأوثممانهم وحراسممتها وقممال إنممما أريممد بممذلك المممال فهممل‬
‫ن الضممرحة‬ ‫ص وليممس بكممافر؟ أم أ ّ‬ ‫سمميحكم عليممه المؤلممف بممأنه عمما ٍ‬
‫والقباب لها حكم آخر؟!‬
‫م ينبغي أن ُيعلم أن الحكام وغيرهممم الممذين يحمممون الضممرحة‬ ‫ث ّ‬
‫والقباب التي يشرك بها أو عندها أنهم ل يحمون فقط تلك الضممرحة‬
‫بل هم أيضا ً يحمون المشركين الذين يشركون بها ويحمممون الشممرك‬
‫الذي يحصل عندها‪ ،‬فما حكم من يحمي الشرك وأهله ومكانه؟‬
‫ولو سألنا المؤلف ما حكم من يحمي الماكن التي ُيستهزأ فيهمما‬
‫بالله ورسوله وكتابه ويحمي المستهزئين فيها حين يسممتهزؤون وهممو‬
‫بذلك يحمي الكفر وأهله ومكانه؟‬
‫وما الفرق بين من يحمي الضرحة الشممركية والمشممركين حيممن‬
‫يشركون‪ ،‬وبيممن مممن يحمممي المسممتهزئين حيممن يسممتهزؤون ويحمممي‬
‫ب له أعظم مممن الشممرك بممه‪،‬‬ ‫أماكنهم‪ ،‬وهل هناك استهزاء بالله وس ّ‬
‫وإنزال المخلوق النمماقص منمممزلة الخممالق العظيممم الكامممل مممن كممل‬
‫الوجوه؟‬
‫ولكن هذا التخبط ليس غريبا ً علممى المؤلمف فمإنه جمماء بمالطوام‬
‫والضلل في بعض مؤلفاته الخرى‪ ،‬وسأرفق في نهاية هذا الرد كتابا ً‬
‫في الرد على بعض ضللته الشنيعة ليعلم من اغتّر به حقيقة منهجه‬
‫وعقيدته‪ ،‬نسأل الله أن يردنا وإياه إلى الحق ردا ً جمي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بن عبد الوهمماب فممي رسممائله الشخصممية‪ ،‬ص‬
‫‪ :60‬وكذلك نكفر من قام بسمميفه دون هممذه المشمماهد الممتي يشممرك‬
‫بالله عندها‪ ،‬وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها ا‪ -‬هم‪.‬‬
‫وقال الشيخ حمد بن عتيق رحممه اللمه فمي كتمابه سمبيل النجماة‬
‫دين وأهل الشراك‪ :‬وفي أجوبة آل الشمميخ‬ ‫والفكاك من موالة المرت ّ‬
‫رحمهم الله لما سئلوا عن هذه الية‪] :‬إنكم إذا ً مثلهم{‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الجواب‪ :‬أن معنى الية على ظاهرها‪ ،‬وهو‪ :‬أن الرجممل إذا‬
‫سمممع آيممات اللممه ُيكفممُر بهمما وُيسممتهزأ بهمما فجلممس عنممد الكممافرين‬

‫)‪(494‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المستهزئين بآيات الله من غير إكراه ول إنكار ول قيممام عنهممم حممتى‬
‫ن‬
‫يخوضوا في حديث غيره فهو كافر مثلهم وإن لم يفعممل ِفعلهممم؛ ل ّ‬
‫ذلك يتضمن الرضا بالكفر‪ ،‬والرضا بممالكفر كفممر‪] .‬سممبيل النجمماة‪/‬ص‬
‫‪.[96‬‬
‫فإذا كان هذا حكم من يجلس مع المشركين والمسممتهزئين مممن‬
‫دون إكممراه ول إنكممار ول قيممام عنهممم‪ ،‬فكيممف الحممال بمممن يحممرس‬
‫شركهم واستهزاءهم ويحممرس مكممان شممركهم ويحممرس المشممركين‬
‫حال شركهم؟!‬
‫وأما قول المؤلف]كممما تبقممى الكنممائس شممرعا ً فممي الرض الممتي‬
‫فتحها المسلمون صلحا ً ‪1‬كما يدل على هذا فعممل الخلفمماء الراشممدين‬
‫وهم بذلك ل يسمحون لحد أن يعتدي عليها ولو كان هذا محرما ً لممما‬
‫فعله الخلفاء الراشدون فضل ً عن أن يكون كفرا ً فيتجلى لنا بهذا أنه‬
‫ل يلزم مممن حمايممة الشممرك كفممر الحمماكم بممل لبممد مممن النظممر إلممى‬
‫الدوافع لذا لم يلزم من حمايممة الكنيسممة الممتي يممزاول فيهمما الشممرك‬
‫الكبر كفر الحاكم فإذا وجممدت كنيسممة فممي أرض مسمملمين فحماهمما‬
‫السلطان لدوافع غير الرضا‪ ،‬فإن فعله ل يوصممف بممالكفر فضمل ً عممن‬
‫أن يكفر لنه لم يحمها لذاتها وإنما لمر آخر[‪.‬‬
‫هذا قياس مع الفارق فالكنائس التي كانت موجودة قبممل دخممول‬
‫الدولممة تحممت حكممم المسمملمين يجمموز إبقاؤهمما ول ُيتع مّرض لهمما بعممد‬
‫ن الصممحابة حيممن أبقوهمما كممانوا‬‫دخولهم تحت حكم المسمملمين‪ ،‬مممع أ ّ‬
‫يعلمممون أن النصممارى يمارسممون فيهمما الشممرك ومممع ذلممك أبقوهمما ل‬
‫ن الكفار دخلوا تحت حكم المسلمين صلحا ً علممى أن‬ ‫يتعرضون لها ل ّ‬
‫يبقوا علممى دينهممم‪ ،‬ومحممل عبمماداتهم هممي كنائسممهم لممذلك كممان مممن‬
‫الشروط العمرية أل يظهروا شيئا ً من عباداتهم خارج كنائسهم‪ ،‬وهذا‬
‫هو حكم الشرع فل يقاس ما أذن فيه الشرع بممما منممع منممه الشممرع‪،‬‬
‫فالشريعة أذنت في إبقاء الكنائس والب َِيع لهممل الذمممة الممذين دخلمموا‬
‫تحت حكم المسلمين ودفعوا لهم الجزيممة‪ ،‬بينممما الضممرحة والقبمماب‬
‫التي على القبور ل يجوز بناؤها ابتممدءا ً ول إبقاؤهمما‪ ،‬بممل الشممرع نهممى‬
‫عنها وحّرمها أشد ّ التحريم حتى كان من آخر ما قال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قبل موته‪) :‬لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبممور‬
‫أنبيائهم مساجد( وفي حديث جابر في صحيح مسلم نهى رسول الله‬
‫أحكام أهل الذمة للمام ابن القيم)‪(3/1202‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(495‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صص القبر أو ُيبنممى عليممه‪ ،‬وفممي صممحيح‬ ‫صلى الله عليه وسلم أن يج ّ‬
‫ي أل أبعثممك علممى ممما‬ ‫مسلم عن أبي الهّياج السدي قال‪ :‬قال لي عل ٌ‬
‫بعثني عليه رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ :‬أل تممدع تمثممال ً إل‬
‫ويته‪.‬‬‫طمسته ول قبرا ً مشرفا ً إل س ّ‬
‫فالذي يحمي الكنائس الجائز بقاؤها ليس كالذي يحمممي القبمماب‬
‫ن هذا من باب قياس الجممائز بممالمحرم‪،‬‬ ‫والضرحة الواجب إزالتها‪ ،‬فإ ّ‬
‫والمشروع بالممنوع‪ ،‬فيا سبحان الله كممم يجمّر الهمموى علممى صمماحبه‬
‫من الزلل والعمى‪.‬‬
‫ن أهلها دخلمموا تحممت حكممم‬ ‫هذا في الكنائس التي يجوز إبقاؤها ل ّ‬
‫دوا الجزية‪ ،‬أما الكنائس التي تبنممى الن فممي بلد‬ ‫المسلمين صلحا ً وأ ّ‬
‫المسلمين فإنه يجب إزالتها وهدمها ول يجوز إبقاؤهمما‪ ،‬ومممن يحميهمما‬
‫ويحرسها فهو كافر مرتد‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله‪ :‬وقال في الهممدي ‪-‬‬
‫فممي غممزوة الطممائف ‪ -‬ومنهمما‪ :‬أنممه ل يجمموز إبقمماء مواضممع الشممرك‬
‫والطواغيت‪ ،‬بعد القممدرة علممى هممدمها‪ ،‬وإبطالهمما يوممما واحممدا; فإنهمما‬
‫شعائر الكفر والشرك‪ ،‬وهي من أعظم المنكرات‪ ،‬فل يجمموز القممرار‬
‫عليها بعد القدرة البتة‪.‬‬
‫وهكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخممذت أوثانمما‪،‬‬
‫وطواغيت تعبد من دون الله‪ ،‬والحجار التي تقصد بالتعظيم والتبرك‬
‫والنذر والتقبيل‪ ،‬فل يجموز إبقماء شميء منهما علمى وجمه الرض‪ ،‬ممع‬
‫القدرة على إزالتها‪ ،‬وكثير منها ِبمْنزلة اللت والعممزى‪ ،‬ومنمماة الثالثممة‬
‫الخرى‪ ،‬بل أعظم‪ ،‬والله المستعان‪] .‬الدرر السنية‪،‬ج ‪،12‬ص ‪.[90‬‬
‫إلى هنا انتهى كتاب عبد العزيز الريس والرد عليه‬

‫شبهات لم يوردها المؤلف أوردناها للهمية‬

‫ولكن هناك مسائل لم يذكرها المؤلف وهمي مممن الهميمة بمكمان‬


‫ت أن أوردها‪،‬مبالغة في اليضاح والتبيين وهذه المسائل هي‪:‬‬ ‫فأحبب ُ‬
‫الولى‪ /‬حكم قتال رجال المباحث أو قمموات المممن الممتي تممداهم‬
‫المجاهممدين أو تصممول عليهممم لكممي تقتلهممم أو تأسممرهم وتسمملمهم‬
‫للطواغيت‪.‬‬

‫)‪(496‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الثانية‪ /‬حكم اغتيال الزنادقة والمرتدين والعلمانيين ونحوهم‪.‬‬
‫الثالثة‪ /‬حكم العمليات الستشهادية‪.‬‬
‫الرابعة‪ /‬حكم الستعانة بالكفار‪.‬‬
‫الخامسة‪ /‬اشتراط الراية في جهاد الدفع‪.‬‬

‫)‪(497‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫المسألة الولى‪ :‬حكم قتال رجال المباحث أو قوات‬


‫المن التي تداهم المجاهدين أو تصول عليهم لكي‬
‫تقتلهم أو تأسرهم وتسلمهم للطواغيت‪.‬‬
‫ولبيان حكم هذا المر أورد ما كتبه الشيخ الفاضممل عبممد العزيممز‬
‫العنزي فك الله أسره حيث قال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬وطممواغيت‬ ‫ل فضل ً عن دفعِهِ إذا صمما َ‬ ‫الكافر يجوز ابتداؤه بالقتا ِ‬
‫دون بأدلةٍ ل يستطيع المخممالف دفعهمما أو الجممواب‬ ‫الجزيرة كفرةٌ مرت ّ‬
‫عنها‪ ،‬وعلى التنزل بإسلمهم‪ ،‬فإن جنود السلطان المسلم يعمماملون‬
‫معاملة الصائل إن أرادوا العتداء على النفس أو المممال أو العممرض‪،‬‬
‫ودليل ذلك‪ :‬ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضممي اللممه عنممه قممال‪:‬‬
‫جاء رجل إلى النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فقممال‪ :‬يمما رسممول اللمه‬
‫أرَأيت إن جاء رجل يريد أخذ مممالي؟‪ ،‬قممال‪) :‬فل تعطممه مالممك(‪ ،‬قممال‬
‫أرَأيت إن قاتلني؟ قال‪) :‬قاتله(‪ ،‬فال‪ :‬أرأيت إن قتلني؟ قال‪) :‬فممأنت‬
‫ل‬ ‫شهيد(‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن قتلته؟ قال‪) :‬هو فممي النممار(‪” ،‬والحممديث دا ّ‬
‫ل فممي مقممام الحتمممال‪،‬‬ ‫ه‪ ،‬منها ترك الستفصمما ِ‬ ‫على العموم من وجو ٍ‬
‫ل نكرةٌ فممي‬ ‫ن قوله رج ٌ‬ ‫ل منزلة العموم في المقال‪ ،‬ومنها أ ّ‬ ‫وهذا منّز ٌ‬
‫م‪ ،‬وكل هممذين مفي مد ٌ‬ ‫ضا نكرةٌ في سياق اسممتفها ٍ‬ ‫ط‪ ،‬وهو أي ً‬ ‫سياق شر ٍ‬
‫للعموم“‪.‬‬
‫ما أراد َ عنبسة بن أبي سفيان وكان والًيا لمعاوية رضي‬ ‫وكذلك ”ل ّ‬
‫الله عنه أن يجري عين ماٍء في أرض عبممد اللممه بممن عمممرو ليوصمملها‬
‫إلى أرض عنبسة‪ ،‬أبى عبد الله‪ ،‬وركممب هممو وغلمممانه وقممال واللممه ل‬
‫ما كّلمه خالد بن سممعيد بممن‬ ‫تخرقون حائطنا حتى ل يبقى مّنا أحد‪ ،‬ول ّ‬
‫ج عليمه بمما سممعه ممن النمبي صملى اللمه عليمه‬ ‫العاص في ذلك احت ّ‬
‫ي وعملممه‬ ‫د(‪ ،‬فهممذا فهممم صممحاب ّ‬ ‫وسلم‪) :‬من ُقتل دون ماله فهو شممهي ٌ‬
‫صص لممه ولممم ُينقممل خلفُممه‬ ‫مخ ّ‬ ‫بالحديث وهو موافقٌ لعمومه اّلذي ل ُ‬
‫ره من الصحابة“‪.‬‬ ‫عن غي ِ‬
‫وقد أراد بعض الناس التشكيك في حديث عبممد اللممه بممن عمممرو‬
‫وأّنه لم يكن في مواجهة سلطان‪ ،‬والطعن في القصة واللفظ الممذي‬
‫أوردُته‪.‬‬
‫ع‪ ،‬وقد ثبت من القصة في‬ ‫ص مرفو ٌ‬ ‫ة‪ ،‬ون ّ‬ ‫ص ٌ‬
‫ث‪ ،‬ففيه ق ّ‬ ‫ما الحدي ُ‬ ‫فأ ّ‬
‫مسلم وغيره قول الراوي‪ :‬لما كان بين عبد الله بن عمممرو وعنبسممة‬

‫)‪(498‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بن أبي سفيان ما كان تيسرا للِقتال‪ ،‬فذكر الحممديث واسممتدلل عبممد‬
‫ض‬‫الله بن عمرو به في هذا الموضع‪ ،‬وقوله ما كان‪ :‬اختصار ممن بعم ِ‬
‫ت غيممر هممذه الروايممة‬ ‫ة‪ ،‬وقد جاء مفصل ً في روايا ٍ‬ ‫ث للقص ِ‬
‫رواةِ الحدي ِ‬
‫تأتي بإذن الله‪.‬‬
‫ن عنبسمة أراد‬ ‫ومن اللفمظ الثمابت فمي صمحيح مسملم‪ :‬يظهمر أ ّ‬
‫العدوان على شيٍء من مال عبد الله بن عمرو‪ ،‬فممأراد عبممد اللممه أن‬
‫ة‬
‫ي معاوي َ‬ ‫ل بالحديث‪ ،‬وعنبسة كان وال َ‬ ‫ُيقاتل دونه‪ ،‬وحين حوجج استد ّ‬
‫كة‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر في فتح البمماري‪” :‬وأشممار‬ ‫على الطائف وم ّ‬
‫بقوله‪) :‬ما كان( إلى ما بّينه حيوة في روايته المشار إليها؛ فإن أولها‬
‫أن عامل ً لمعاوية أجرى عيًنا مممن ممماء ليسممقي بهمما أرضمًا‪ ،‬فممدنا مممن‬
‫حائط لل عمرو بن العاص فأراد أن يخرقه ليـجري العيممن منممه إلممى‬
‫الرض؛ فأقبل عبد الله بن عمرو ومممواليه بالسمملح وقممالوا‪ :‬واللممه ل‬
‫تخرقممون حائطنمما حممتى ل يبقممى منمما أحممد‪ ،‬فممذكر الحممديث‪ ،‬والعامممل‬
‫المذكور هو عنبسة بن أبي سفيان كما ظهر من رواية مسلم‪ ،‬وكممان‬
‫عامل ً لخيه على مكة والطائف‪ ،‬والرض المذكورة كممانت بالطممائف‪،‬‬
‫وامتناع عبد الله بن عمرو من ذلك لما يدخل عليه من الضرر“‪.‬‬
‫ورواية حيوة ‪ -‬وهو ابن شريح المصري ‪ -‬المشار إليها هي روايته‬
‫الحديث عن أبي السود عممن عكرمممة عممن عبممد اللممه بممن عمممرو بممن‬
‫العاص التي أخرجها الطبري فيما ذكر الحافظ في الفتممح‪ ،‬وإسممنادها‬
‫ة‪.‬‬
‫ح إلى حيو َ‬‫على شرط الصحيح إن ص ّ‬
‫سممعير بممن الخمممس عممن‬ ‫وقد أخرج المّزي الحديث بإسناده إلى ُ‬
‫عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عممن عكرمممة‬
‫ن‬ ‫مولى ابن عباس عن عبد الله بن عمممروٍ بممه‪ ،‬وذكممر فممي القصممة‪ :‬أ ّ‬
‫معاوية )بدل عنبسممة(‪ ،‬وقممد أخطممأ سممعيٌر فممي إسممناد هممذا الحممديث‪،‬‬
‫وصوابه ما رواه الثوري وغيره عن عبد الله بن الحسممن عممن عمممه ‪-‬‬
‫أخي أبيه لمه ‪ -‬إبراهيم بن عبممد اللممه بممن طلحممة عممن عبممد اللمه بممن‬
‫عمرو بن العاص‪.‬‬
‫ن معاوية رضي الله عنه أراد أن يأخذ‬ ‫وظاهٌر من هذه الروايات أ ّ‬
‫الرض‪ ،‬وأمر أخاه عنبسة وهو واليه على مكة بأخذها‪ ،‬فكان من عبد‬
‫حا‬ ‫الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ما كان‪ ،‬وهو ما جاء صممري ً‬
‫فيما رواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلبة قال‪ :‬أرسل‬
‫معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلممى عامممل لممه ليأخممذ المموهط‬
‫)‪(499‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو فلبممس سمملحه‪ ..‬فممذكر الحممديث‪ ،‬وهممذا‬
‫مرسل جيد السناد‪.‬‬
‫ث بغيممر‬ ‫ة من روى الحدي َ‬ ‫ة رواي ُ‬ ‫ول ُيورد على ثبوت القصة مفصل ّ ً‬
‫ن مممن عممادة كممثيرٍ مممن رواة الحممديث‪ ،‬ومممن صمّنف فممي‬ ‫صممة‪ ،‬فممإ ّ‬ ‫الق ّ‬
‫ة الختصمار‪ ،‬والقتصمار علمى المتمن المرفموع ممن‬ ‫صم ً‬‫المسمندات خا ّ‬
‫الحديث فممي الغممالب‪ ،‬وقممد اشمُتهر بهممذا بعممض الحفمماظ كشممعبة بممن‬
‫ل‬‫الحجاج‪ ،‬فكانوا ل يروون من الحديث إل ّ المرفوع‪ ،‬ومثل هممذا ل ي ُعِم ّ‬
‫صمما والقصممة مشمماٌر إليهمما فممي المتممن‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬خصو ً‬ ‫ذاق في الصناع ِ‬ ‫به الح ّ‬
‫ه‪ ،‬ورواياتهمما‬ ‫مشتهرةٌ ول بد ّ في ذلك الوقت‪ ،‬وقد ُرويت من غيممر وج م ٍ‬
‫ة‪.‬‬
‫ة غير متعارض ٍ‬ ‫متوافق ٌ‬
‫قال ابن حزم في المحلى‪ :‬فهذا عبد الله بن عمرو بممن العمماص‪،‬‬
‫بقية الصحابة‪ ،‬وبحضرة سائرهم يريد قتال عنبسممة بممن أبممي سممفيان‬
‫عامل أخيه معاوية أمير المؤمنين إذ أمره بقبض المموهط‪ ،‬ورأى عبممد‬
‫الله بن عمرو أن أخذه منه غير واجب‪ ،‬وما كان معاويممة رضممي اللممه‬
‫ك‪ ،‬ورأى‬ ‫حا‪ ،‬لكن أراد ذلمك بمموجهٍ تمأّوله بل شم ّ‬ ‫ما صرا ً‬ ‫عنه ليأخذه ظل ً‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ق‪ ،‬ولبممس السمملح للقتمما ِ‬ ‫عبد الله بن عمرو أن ذلممك ليممس بح م ّ‬
‫مخالف له في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم‪.‬‬
‫ن‬ ‫مم َ‬
‫ن ِ‬ ‫طائ َِفت َمما ِ‬‫ن َ‬‫ل ابن حزم ٍ للمسألة بقمموله تعممالى‪) :‬وَإ ِ ْ‬ ‫ثم استد ّ‬
‫َ‬
‫خمَرى‬ ‫ما عَل َممى اْل ُ ْ‬ ‫داهُ َ‬‫حم َ‬
‫ت إِ ْ‬‫ن ب َغَم ْ‬ ‫ممما فَمإ ِ ْ‬ ‫حوا ب َي ْن َهُ َ‬
‫صل ِ ُ‬ ‫ن اقْت َت َُلوا فَأ ْ‬‫مِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫َ‬
‫ه( ولممم يف مّرق بيممن حمماكم ٍ‬ ‫مرِ الل ّم ِ‬ ‫حّتى ت َِفيَء إ َِلى أ ْ‬ ‫فََقات ُِلوا ال ِّتي ت َب ِْغي َ‬
‫ن من خممرج علممى السمملطان ُيسممأل‬ ‫م‪ ،‬مع نص الفقهاء على أ ّ‬ ‫ومحكو ٍ‬
‫ة أزيلت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فإن ذكر مظلمة كشفت‪ ،‬أو شبه ً‬
‫ي‪ ،‬من جهة عممموم الحكممم ول مخصممص‪ ،‬ومممن‬ ‫ل قو ّ‬ ‫وهو استدل ٌ‬
‫ن الصورة التي ورد فيها العموم يكثر أن تكون مع سبق وليممة‬ ‫جهة أ ّ‬
‫لمير فئةٍ على الفئتين جميًعا؛ فل ُيمكن أن ُتخرج هممذه الصممورة مممن‬
‫لفظ العموم مع كثرة وقوعهمما‪ ،‬ومممن أقمموى الوجمموه فممي هممذا فعممل‬
‫عائشة وطلحة والزبير ‪ -‬مخطئين ‪ -‬في قتالهم لعلي بن أبممي طممالب‬
‫رضوان الله عليهم جميًعا‪ ،‬وقد أخطؤوا في ظنهم أن علّيا فممي الفئة‬
‫الباغية ل في كونهم رأوا قتممال الفئة الباغيممة‪ ،‬وقممد قمماتلوا السمملطان‬
‫في خروجهم ذلك‪ ،‬وكذلك فعل معاوية في قتاله لعلي ومن كان مممع‬
‫معاوية من الصحابة رضممي اللممه عممن الجميممع‪ ،‬فهممؤلء الصممحابة رأوا‬
‫ف فممي حكممم‬ ‫قتال ولي المر لما ظنوه هو البمماغي‪ ،‬ولممم ي ُممذكر اختل ٌ‬
‫)‪(500‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قتال ولي المر الباغي‪ ،‬وإّنما كان الخلف في الحممق مممع مممن هممو؟‪،‬‬
‫ولو كانت مقاتلة ولي المر ل تجوز ولو كان باغًيا لنتهى الخلف بين‬
‫ما‬‫ي مصيًبا فيلزمهم النزول لحكمه‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ما أن يكون عل ّ‬ ‫الصحابة بهذا‪ :‬إ ّ‬
‫أن يكون مخطًئا فل يجوز لهم مقماتلته‪ ،‬ولكنهممم مما فهمموا همذا ممن‬
‫دين الله‪ ،‬ول نسبوه ‪-‬فيما نعلم‪ -‬إلممى رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ما حديث‪” :‬تسمممع وتطيممع وإن أخممذ مالممك وضممرب ظهممرك“‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ح‪ ،‬وليس فيه إل ّ أن السمممع والطاعممة للمممام ل تسممقط‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫فحدي ٌ‬
‫بجوره وظلمه‪ ،‬وإن بلغ ذلك أخممذ المممال وضممرب الظهممر‪ ،‬فممإن كممان‬
‫ل وضممربه‬ ‫ن المراد السمع والطاعة فممي أخممذه للممما ِ‬ ‫المخالف يفهم أ ّ‬
‫للظهممر‪ ،‬فممأول ممما يلممزم علممى هممذا أن ّممه يجممب عليممه إن طلممب منممه‬
‫ن عليممه المتثممال وجوب ًمما‪،‬‬
‫ما وجوًرا أ ّ‬‫السلطان ما طلب من المال ظل ً‬
‫وأن يسعى بنفسه إلى السلطان ويناوله ماله‪ ،‬لمر النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم بالسمع والطاعة للمام في هممذا المممر خاصممة‪ ،‬وكممذا إن‬
‫طلبممه ليضممربه‪ ،‬فليممس لممه المتنمماع عنممه بشمميٍء‪ ،‬ول الفممرار منممه أو‬
‫ق‪ ،‬ويكون واجًبا عليه‬ ‫التهرب عن طاعته والخروج عن أمره بأيّ طري ٍ‬
‫إعانممة السمملطان علممى ظلمممه لممه‪ ،‬ويحممرم عليممه أن يفممر ول يمكممن‬
‫السلطان من ماله أو ظهره‪.‬‬
‫ك في كتاب‬ ‫وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مال ٍ‬
‫أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى عماله في الصدقات‪:‬‬
‫”بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬هممذه فريضممة الصممدقة‪ ،‬الممتي فممرض‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسمملمين‪ ،‬والممتي أمممر اللممه‬
‫سئلها من المسلمين علممى وجههمما فلُيعطهمما‪ ،‬ومممن‬ ‫بها رسوله‪ ،‬فمن ُ‬
‫سئل فوقها فل يعط“‪.‬‬
‫ن المراد في الحديث السمع والطاعة‬ ‫فإن كان المخالف ل يرى أ ّ‬
‫في أن يأخذ السلطان ماله بغيممر وجممه حممق‪ ،‬وأن يجلممد ظهممره لغيممر‬
‫ف لممما‬ ‫ن مج مّرد مدافعممة السمملطان خل ٌ‬ ‫موجب شرعي‪ ،‬ولكممن رأى أ ّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫أمر به من طاعته‪ ،‬بخلف الفرار منه وتغييب المال عنه؛ فيلزمممه أ ّ‬
‫حرمممات البت ّممة‪ ،‬ولممو أراد عممرض‬ ‫سلطان ل ُيداَفع عن شمميٍء مممن ال ُ‬ ‫ال ّ‬
‫الرجل لم يكن له أن يدفعه ول بيده‪ ،‬بل ولو أرادت المرأة الشممريفة‬
‫العفيفة أن تمتنع منممه لممم يكممن لهمما ذلممك إل بممالفرار‪ ،‬وليممس لهمما أن‬
‫ي أمر المسلمين‪ ،‬وإذا التزم هذا فممي السمملطان‪،‬‬ ‫تدفعه بيدها لّنه ول ّ‬
‫)‪(501‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صمما بإمممام المسمملمين‪ ،‬والسمملطان الممذي ليممس‬ ‫فلُيعلم أّنه ليس مخت ّ‬
‫ب وليمةٍ علممى وليتممه‪،‬‬ ‫فوقه سلطان لبشر‪ ،‬بل هو يشمممل كممل صمماح ِ‬
‫لمور‪ ،‬باعتبار نيابتهم للسلطان‪ ،‬وكون‬ ‫وكل وكيل لمير في أمر من ا ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫مقاتلة الواحد منهم كمقاتلة السلطان الممذي أنممابه‪ ،‬فيحممرم أن يممدفع‬
‫ه‪ ،‬والمرؤوس رئيسه عن عرضه‪ ،‬ول يجوز له أن يزيد‬ ‫ظف مدير ُ‬ ‫المو ّ‬
‫عن نهيه بالكلم‪ ،‬أو الفرار منه إن استطاع‪ ،‬فإن لم يسممتطع الفممرار‪،‬‬
‫سممها‪،‬‬‫لم يجز له أن يدفع عن عرضه بيده‪ ،‬وكذلك الموظفممة عنممد رئي ِ‬
‫متى كان الرئيس والمرؤوس فممي كممل ذلمك موظًفمما حكومي ّمما‪ ،‬وإّنممما‬
‫ت في هذا اللزم لبيممان شممناعة هممذا القممول الممذي اجتمعممت‬ ‫استطرد ُ‬
‫أدلة الشرع والعقل والفطرة السوّية في دفعه‪.‬‬
‫ل عليممه الكتمماب فيممما ُيفهممم مممن آيممة‬ ‫والقول اّلذي ُقلناه هو ما د ّ‬
‫ة‪ ،‬وممما دلممت عليممه السممنة فممي الحممديث‬ ‫ت كممثير ٍ‬‫ة‪ ،‬وفي عموممما ٍ‬ ‫البغا ِ‬
‫ث عبممد‬ ‫المتفق عليه‪” :‬وإن جلد ظهرك وأخذ مالك“‪ ،‬وبه فهم الحممدي َ‬
‫ي‪ ،‬بممل مممن‬ ‫ث‪ ،‬وهو صممحاب ّ‬‫الله بن عمرو بن العاص‪ ،‬وهو راوي الحدي ِ‬
‫علماء الصحابة وكان غزير العلم كما قممال الممّزي فممي ترجمتممه مممن‬
‫تهذيب الكمال‪ ،‬واشتهرت الواقعة ولم ُينكرها أحممد مممن الصممحابة ول‬
‫التابعين‪ ،‬وفقهاء الصحابة يومئذٍ متوافرون‪.‬‬
‫ف في فهم الحديث‪ ،‬فحسممبك بعبممد اللممه بممن‬ ‫فمن سأل عن سل ٍ‬
‫عمرو ومن وافقه من الصحابة والتابعين في ذلك العصر‪ ،‬ومن سأل‬
‫عن عالم ٍ فحسبه عبد الله بن عمممرو ومممن وافقممه مممن العلممماء فممي‬
‫وقته‪.‬‬
‫ت‪ :‬والمقصود من حممديث )اسمممع وأطممع وإن ضممرب ظهممرك‬ ‫]قل ُ‬
‫وأخذ مالك( جمعا ً مع حديث )من قتل دون ماله فهو شهيد‪ ،‬من قتل‬
‫دون دمه فهو شهيد(‪:‬‬
‫ن ذلك‬ ‫ل أو ضرب ظهره فإ ّ‬ ‫ن الحاكم أخذ مال رج ٍ‬ ‫أنه لو حصل أ ّ‬
‫ل ُيبيح للرجل أن يخرج عليه وينزع يده مممن طمماعته فممي المعممروف‪،‬‬
‫هذا فيما قد حصل وانتهى‪ ،‬فإنه صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‪) :‬وإن‬
‫ض‪ ،‬ولمم يقمل‪ :‬إن أراد أخمذ‬ ‫ل مما ٍ‬‫ضرب ظهرك وأخذ مالك( وهذا فع ٌ‬
‫مالك أو أراد ضرب ظهرك‪.‬‬
‫أما إن كان الحاكم يريد أخذ ماله أو ضرب ظهره فلممه أن يمتنممع‬
‫ل عليه حديث أبي هريرة السابق‪ :‬أرأيت‬ ‫ويدفع عن نفسه وماله‪ ،‬ويد ّ‬

‫)‪(502‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬فل تعطممه‬
‫مالك( قال أرأيت إن قاتلني؟ قال‪) :‬فقاتله( قال‪ :‬أرأيممت إن قتلنممي؟‬
‫ت إن قتلته؟ قال‪) :‬هممو فممي النممار( رواه‬ ‫قال‪) :‬فأنت شهيد( قال أرأي ّ‬
‫مسلم‪ ،‬فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل مممن السممائل عممن‬
‫الذي يريد أخذ ماله هل هو حاكم أم ل‪ ،‬وترك الستفصال فممي مقممام‬
‫الحتمال ينزل منزلة العموم في المقال‪ ،‬كذلك لم يقّيد النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم مشروعية مقاتلة الصائل بممأن ل يكممون حاكم مًا‪ ،‬وإذا‬
‫جازت مقاتلة من يريد العتداء على المال على الرغم من جواز بذل‬
‫المممال ابتممداًء‪ ،‬فكيممف بمممن يصممول علممى المجاهممدين لتسممليمهم‬
‫للطواغيت ليفتنوهم عن دينهم فجواز هذا من باب أولى[‬
‫خر الحممديث عنهمما مممع تعّلقهمما‬ ‫ت أن ل ُيؤ ّ‬ ‫شبهة مشهورة رأي ُ‬ ‫وهنا ُ‬
‫ل البعض على منع دفممع الصممائل مممن‬ ‫بمسألةِ دفِع الصائل؛ فقد استد ّ‬
‫ث‪ ،‬بممما ذكممره ابممن المنممذر حيممن قممال‪ :‬وأهممل العلممم‬ ‫رجممال المبمماح ِ‬
‫معين على استثناء السلطان مما جاء في دفع الصائل‪.‬‬ ‫كالمج ِ‬
‫ل كلم ابممن المنممذر‬ ‫ن مح م ّ‬ ‫ل ممما ُيقممال فممي هممذه الشممبهة‪ :‬أ ّ‬ ‫وأو ُ‬
‫ل فضل ً عممن‬ ‫السلطان المسلم ل الكافر‪ ،‬والكافر يجوز ابتداؤه بالقتا ِ‬
‫دون بأدل مةٍ ل يسممتطيع‬ ‫ل‪ ،‬وطواغيت الجزيرة كفممرةٌ مرت م ّ‬ ‫دفعِهِ إذا صا َ‬
‫المخالف دفعها أو الجواب عنها‪.‬‬
‫ن ابممن المنممذرِ متسمماهل فممي حكايممة الجممماِع‪،‬‬ ‫وُيقال بعد ذل َ‬
‫ك‪ :‬إ ّ‬
‫ف ممما يحكيممه مممن إجماعممات‪،‬‬ ‫م نصم ُ‬ ‫ف عنه فل يكاد يسممل ُ‬ ‫وذلك معرو ٌ‬
‫ف مشهوٌر‪ ،‬ول ُيمكن تقممديم‬ ‫ومن الجماعات التي يحكيها ما فيه خل ٌ‬
‫ل إلممى‬ ‫إجماٍع يحكيه ابن المنذرِ على عممموم الحممديث حيممن جمماء رج م ٌ‬
‫ل يريممد أخممذ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬أرأيت إن جاءني رجم ٌ‬
‫ل‬ ‫مالي؟ قال‪ :‬فل تعطه‪ ،‬قال‪ :‬فإن قاتلني؟ قال‪ :‬فقاتله‪ ،‬والحديث دا ّ‬
‫ل فممي مقممام الحتمممال‪،‬‬ ‫ه‪ ،‬منها ترك الستفصمما ِ‬ ‫على العموم من وجو ٍ‬
‫ل نكرةٌ فممي‬ ‫ن قوله رج ٌ‬ ‫ل منزلة العموم في المقال‪ ،‬ومنها أ ّ‬ ‫وهذا منّز ٌ‬
‫م‪ ،‬وكل هممذين مفي مد ٌ‬ ‫ضا نكرةٌ في سياق اسممتفها ٍ‬ ‫ط‪ ،‬وهو أي ً‬ ‫سياق شر ٍ‬
‫للعموم‪.‬‬
‫ة‪ ،‬ل ُيعترض عليممه بإجممماع‬ ‫فالعموم الظاهر اّلذي هو بهذه المنزل ِ‬
‫ف بتساهله في حكاية الجماع‪ ،‬هذا لو‬ ‫ابن المنذر‪ ،‬وابن المنذر معرو ٌ‬
‫مجمعين‪ ،‬ولم يجعلممه‬ ‫حا‪ ،‬فكيف وهو يقول كال ُ‬ ‫كان حكى الجماع صري ً‬
‫عا؟‬‫إجما ً‬
‫)‪(503‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن الستثناء ال ّممذي ذكممره ابممن‬ ‫ولو ُتنّزل مع الخصم وُفرض جدل ً أ ّ‬
‫ن‬ ‫ن قمموله كالجممماع كحكممايته الجممماع الصممريح‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ح‪ ،‬وأ ّ‬ ‫المنذر صحي ٌ‬
‫ن اسممم‬ ‫ث‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ل بهمما علممى تخصمميص الحممدي ِ‬ ‫ة ُيسممتد ّ‬ ‫إجماعمماته مقبول م ٌ‬
‫ل هممذا وأعرضممنا عممن‬ ‫سّلم بك م ّ‬ ‫السلطان يشمل المسلم والكاِفر‪ ،‬لو ُ‬
‫عموم الحديث‪ ،‬وعن عمل عبد الله بن عمروٍ رضي اللممه عنممه ال ّممذي‬
‫لم ُيخالفه أحد ٌ من الصحابة‪.‬‬
‫ب من أراد السلطان العدوان‬ ‫ل هذا؛ فمحّله ول ري َ‬ ‫لو ُتنّزل في ك ّ‬
‫ه‪ ،‬وأهممل العلممم حيممن‬ ‫ضم ِ‬‫ه‪ ،‬ول يقول أحد ٌ بمثل ذلممك فممي عر ِ‬ ‫على مال ِ ِ‬
‫فّرقوا بين العرض والمال في وجوب المدفع فمي الّول وجمموازه فممي‬
‫ه‬‫ن المممال يجمموز بممذل ُ ُ‬ ‫ح‪ ،‬عّللمموا ذلممك بممأ ّ‬ ‫ب على الصم ّ‬ ‫الثاني دون وجو ٍ‬
‫س‪ ،‬فممإن‬ ‫ّ‬
‫ابتداًء بخلف العرض‪ ،‬وهذه العلة بعينها موجممودةٌ فممي النف م ِ‬
‫ض ال ّممذي ل يجمموز بممذله ولممو كممان الصممائل‬ ‫جمماَز لممه الممدفعُ عممن العِممر ِ‬
‫س جممائٌز لّنهمما كممالعرض ل يجمموُز بممذُلها‬ ‫ن الدفع عن النف م ِ‬ ‫سلطاًنا‪ ،‬فإ ّ‬
‫س كممما‬ ‫ب الدفع عن النف ِ‬ ‫ل بوجو ِ‬ ‫ابتداًء‪ ،‬ولول النصوص في الباب لقي َ‬
‫ن النصوص فّرقت بينهممما فممي حكممم الوجمموب‬ ‫ُيدفع عن العرض‪ ،‬ولك ّ‬
‫لعل ّةٍ أطال الفقهاء الكلم فيها‪.‬‬
‫ن كلم ابممن المنممذر فممي السمملطان‬ ‫دم أ ّ‬ ‫هممذا والصممواب كممما تق م ّ‬
‫المسلم دون الكافر‪ ،‬وهو غيُر مسل ّم ٍ حّتى في السلطان المسلم بل‬
‫ل على مشروعّية دفع الصائل ولممو‬ ‫عمل الصحابي وعموم الحديث دا ّ‬
‫كان سلطاًنا‪.‬‬
‫ممما‬‫ن كممافرٍ علممى رعّيتممه‪ ،‬أ ّ‬ ‫ل سمملطا ٍ‬ ‫ض فممي صمميا ِ‬ ‫وهذا كّله مفرو ٌ‬
‫ل مممن الصممليبيين‬ ‫الحال في بلد الحرمين مع المجاهممدين‪ ،‬فهممو صمميا ٌ‬
‫ب‬ ‫ث دؤو ٌ‬ ‫م‪ ،‬وعمل حممثي ٌ‬ ‫وة السل ِ‬ ‫وعملئهم على شوكةِ المسلمين وق ّ‬
‫ل أحممواِله اعتقممالهم سممنين‬ ‫مت ِهِممم‪ ،‬وأق م ّ‬ ‫ن بر ّ‬ ‫على استئصال المجاهممدي َ‬
‫ن الصليبيين في بلد الحرمين‪.‬‬ ‫ة لرعايةِ أم ِ‬ ‫طويل ً‬
‫ل من كافرٍ على‬ ‫كما أّنه في حقّ المجاهدين العاملين خاصة‪ ،‬صيا ٌ‬
‫سه وجزٌء من الدفاع عمن خرج المجاهدون‬ ‫ل اللهِ نف ِ‬ ‫الجهادِ في سبي ِ‬
‫ق‬
‫ل‪ ،‬وجمعوا ما جمعوا لقامة أحكام اللممه فيممه‪ ،‬فممما الفممر ُ‬ ‫لجهادِهِ أص ً‬
‫معمماِتهم‪،‬‬ ‫ل مج ّ‬ ‫بين الصائل عليه ليحول بينه وبين الصليبيين إذا استقب َ‬
‫ل عليهِ وهو يعد ّ العد ّةَ لممذلك؟ أو للممذهاب للجهمماد فممي سممبيل‬ ‫والصائ ِ‬
‫رها من ثغور السلم؟‬ ‫ق وغي ِ‬ ‫الله في العرا ِ‬

‫)‪(504‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقد يقول البعض إن عددا ً من الئمة حين ط ُِلبوا مممن السمملطان‬
‫لم يقاتلوه‪:‬‬
‫مة حين سيقوا إلى السجون فنحن‬ ‫فنقول‪ :‬من لم ُيقاتل من الئ ّ‬
‫ل‪ ،‬فض مل ً عممن الحمماكم‬ ‫م في الص م ِ‬ ‫ن الستئسار للكافر محّر ٌ‬ ‫ل نقول إ ّ‬
‫ب‪ ،‬وقتمماله‬ ‫ن الستسمملم لممه غيممر واج م ٍ‬ ‫الجائر وقتذاك‪ ،‬وإّنممما نقممول إ ّ‬
‫مشروعٌ جائٌز‪.‬‬
‫ت فبممابهم غيممر هممذا‪،‬‬ ‫ممما الطممواغي ُ‬
‫وهذا فممي السمملطان المسمملم‪ ،‬أ ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ل‪ ،‬وتشممهد بممه ك م ّ‬
‫ل بّين م ٍ‬ ‫ل عليه ك ّ‬
‫ل دليم ٍ‬ ‫ف‪ ،‬وقتالهم يد ّ‬ ‫وأمرهم مختل ٌ‬
‫ما‪،‬‬ ‫وما ذكرناه هنا لبيان حكم دفع الصائل حيممن يكممون سمملطاًنا مسممل ً‬
‫كممم شممريعته‪ ،‬فكيممف بالصممائل الكممافر المرتممد ّ رد ّةً‬ ‫يوحممد اللممه ويح ّ‬
‫غليظة؟!‬

‫)‪(505‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫المسألة الثانية‪ :‬حكم اغتيال الزنادقة والمرتدين‬


‫والعلمانيين ونحوهم‬
‫الغتيال‪ :‬هو عمليممة قتممل مفمماجئ تنفممذ ضممد هممدف معيممن معمماد‬
‫بغرض كف أذاه عن المسلمين أو بغرض ردع غيره من المجرمين‪.‬‬
‫وقد أمر الله سبحانه المؤمنين أن يترصدوا الكافرين المحاربين‬
‫ويقتلوهم‪ ،‬وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باغتيال عدد من رؤوس‬
‫الكفر الذين آذوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫واغتيال رؤوس الكفر والنفاق والزندقممة أنفممع وأقممل ضممررا ً مممن‬
‫إعلن الحرب والصطفاف للقتال وفيما يلي نذكر بعض الدلممة علممى‬
‫جواز الغتيال ومشروعيته‪.‬‬
‫الدليل الول‪:‬‬
‫م‬ ‫خم ُ‬
‫ذوهُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫موهُ ْ‬ ‫ج مد ْت ُ ُ‬
‫ث وَ َ‬‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬‫كي َ‬‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫قول الله تعالى‪َ) :‬فاقْت ُُلوا ال ْ ُ‬
‫د( ففي هذه الية إشارة إلى ذلممك‬ ‫ص ٍ‬‫مْر َ‬ ‫ل َ‬‫م كُ ّ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬
‫م َواقْعُ ُ‬‫صُروهُ ْ‬
‫ح ُ‬‫َوا ْ‬
‫د( أي اقعمدوا لهمم‬ ‫صم ٍ‬‫مْر َ‬‫ل َ‬ ‫م كُ ّ‬‫دوا ل َهُ ْ‬ ‫قال القرطبي رحمه الله‪َ) :‬واقْعُ ُ‬
‫في موضع الغّرة حيث ُيرصدون وهذا دليل على جواز اغتيممالهم قبممل‬
‫الدعوة( أ هم‪،‬‬
‫وقول القرطبي “قبل الدعوة” أي لمن بلغته الدعوة العامة مممن‬
‫قبل بمعنى أنه ل يشترط دعوته على الخصوص فممإذا بلغتممه الممدعوة‬
‫م ك ُم ّ‬
‫ل‬ ‫دوا ل َهُم ْ‬‫إلى السلم فلم يستجب جاز اغتياله وهذه اليممة )َواقْعُم ُ‬
‫د( فيها دليممل علممى مشممروعية الرصممد والسممتطلع والتجسممس‬ ‫ص ٍ‬
‫مْر َ‬‫َ‬
‫على العدو‪.‬‬
‫قال ابن العربي رحمه الله‪) :‬المسألة السممابعة‪ :‬قمموله )واقعممدوا‬
‫لهم كل مرصد( قال علماؤنا‪ :‬في هذا دليل على جواز اغتيالهم قبممل‬
‫الدعوة(أ‪ .‬هم‪.‬‬
‫والمقصود من قوله‪ :‬قبل الدعوة أي الدعوة الخاصة‪ ،‬بمعنى أنممه‬
‫إذا بلغته الدعوة العامة ولم يستجب جاز اغتياله ول يلزم دعمموته لن‬
‫الدعوة قد بلغته‪.‬‬
‫وقال ابن كثير رحمه الله‪) :‬وقوله واحصروهم واقعدوا لهممم كممل‬
‫مرصد( أي ل تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم بل اقصدوهم بالحصار فممي‬
‫معاقلهم وحصونهم والرصد فممي طرقهممم ومسممالكهم حممتى تضمميقوا‬
‫عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو السلم(أ‪ .‬هم‬
‫)‪(506‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدليل الثاني‪ :‬قصة مقتل كعب بن الشرف‬
‫فعن جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم من لكعب بممن‬
‫الشرف فإنه آذى الله ورسمموله فقممام محمممد بممن مسمملمة فقممال يمما‬
‫رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم قال‪ :‬فأذن لي أن أقول شيئا‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم قل‪ :‬فأتاه محمد بن مسلمة فقال من‬
‫هذا الرجل )يقصد النبي صلى الله عليه وسلم(قد سألنا صممدقة وقممد‬
‫عنانا وإني قد أتيتك استحلفك‪ ..‬قال‪ :‬وأيضا ً والله لتمّلنه قال‪ :‬إنا قممد‬
‫ه حتى ننظر إلى أي شيء يصممير شممأنه وقممد‬ ‫ب أن ندعَ ُ‬
‫اتبعناه فل نح ّ‬
‫أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين فقال كعب نعم‪ :‬ارهنوني‪ ،‬قالوا أي‬
‫شيء تريد؟ قال ارهنوني نساءكم‪ ..‬قالوا كيف نرهنك نسمماءنا وأنممت‬
‫أجممل العمرب؟ قمال ارهنمموني أبنمماءكم‪ ..‬قمالوا كيممف نرهنمك أبناءنما‬
‫فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عممار علينمما‪ ..‬ولكننمما‬
‫نرهنك اللمة )أي السلح( قال‪:‬نعم وواعده أن يممأتيه بممالحرب فجممأة‬
‫ليل ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصممن‬
‫فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة؟! فقال إنما هو‬
‫محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلممة وقممال غيممر عمممرو‪ :‬فقممالت اسمممع‬
‫صوته كأنه يقطر وفي بعض الروايات إني لسمع صمموتا كممأنه صمموت‬
‫دم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريممم‬
‫لو دعي إلمى طعنممة بليمل لجماب ويمدخل محممد بمن مسملمة ومعممه‬
‫رجلين سماهم عمرو قال )أبو عبس بن حممبر وعبمماد بممن بشممر( قممال‬
‫عمرو فقال محمد بن مسلمة‪ :‬إذا جاء فسوف أمد يممدي إلممى رأسممه‬
‫فإذا رأيتمموني اسمتمكنت ممن رأسمه فمدونكم فاضمربوه)وتلمك همي‬
‫طريقة للتمكن من قتله حيث انه كان ضخم الجثة قوي البنية( فلممما‬
‫نزل نزل وهو متوشح قالوا‪:‬نجد منممك ريممح الطيممب قممال‪:‬نعممم تحممتي‬
‫فلنة أعطر نساء العرب قال‪ :‬أفتمأذن لمي أن أشمم منمه؟ قمال‪:‬نعمم‬
‫فشم ثم قممال‪ :‬أتممأذن لممي أن أعممود؟ قممال‪:‬فاسممتمكن منممه ثممم قممال‪:‬‬
‫دونكم فقتلوه‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وقد جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقتمل كعمب‬
‫ابن الشرف فقالوا يا محمد‪ :‬قد طرق أي قتممل صمماحبنا الليلممة وهممو‬
‫سيد من سادتنا قتل غيلة بل جرم ول حدث علمناه‪ ...‬قال صلى الله‬
‫عليه وسلم إنه لو فر كما فر غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل‪،‬‬
‫ولكنه آذانا وهجانا بالشعر ولم يفعل هذا أحد منكم إل كان للسيف‪.‬‬
‫)‪(507‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فكعب بن الشرف كان يحرض المشركين على المسلمين وكان‬
‫يهجو النبي صلى الله عليممه وسمملم بشممعره وتشممبب )تغممزل( بنسمماء‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪) :‬وفي مرسل عكرممة فأصمبحت يهمود‬
‫مذعورين فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‪ :‬قتل سميدنا غيلمة‬
‫فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه وممما كممان يحممرض عليممه‬
‫ويؤذي المسلمين زاد سممعد فخممافوا فلممم ينطقمموا إلممى أن قممال ابممن‬
‫حجر‪ :‬وفيه جواز قتل المشرك بغير دعوة إذا كممانت الممدعوة العامممة‬
‫قد بلغته‪ .‬وفيه جواز الكلم الذي يحتاج إليه في الحرب ولو لم يقصد‬
‫قائله إلى حقيقته(‪ .‬وقد أخرج البخاري هذا الحديث في كتاب الجهاد‬
‫)باب الكذب في الحرب( و)باب الَفْتك بأهل الحرب(‪.‬‬
‫قال النووي رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث‪) :‬وكان كعب قد‬
‫نقض عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنه محمد بممن مسمملمة‬
‫ورفقته ولكنه استأنس بهم فتمكنوا منه من غير عهد ول أمممان وأممما‬
‫ترجمة البخاري على هذا الحممديث ببمماب الفتممك فممي الحممرب فليممس‬
‫معناه الحرب بل الفتك هو القتل على غرة وغفلة والغيلة نحوه وقممد‬
‫استدل بهذا الحديث بعضهم على جواز اغتيال من بلغته الدعوة مممن‬
‫الكفار وتبييته من غير دعاء إلى السلم(أ‪ .‬هم‪.‬‬
‫وقد قال النووي رحمه الله أيضا‪) :‬قممال م م القاضممي عيمماض م م ول‬
‫يحل لحد أن يقول إن قتلممه كممان غممدرا وقممد قممال ذلممك إنسممان فممي‬
‫مجلس علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمر به فضرب عنقه(‪.‬‬
‫ف اغتيال الكافرين المحاربين لله ورسوله صلى‬ ‫ص َ‬
‫قلت‪ :‬فمن وَ َ‬
‫الله عليه وسلم بأنه غدر ونحو ذلمك أو أن السملم يحمرم ذلمك فهمو‬
‫ضال مكذب بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله بعممد ذكممره لحممديث كعممب‬
‫هذا حول لفظة آذى الله ورسوله‪ :‬الذى اسم لقليممل الشممر وخفيممف‬
‫المكروه بخلف الضرر فلذلك أطلق على القول لنه ل يضر المؤذي‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫وأيضا فإنه جعل مطلمق أذى اللمه تعمالى ورسموله موجبما لقتمل‬
‫رجل معاهد ومعلوم أن سب الله وسممب رسمموله أذى للممه ولرسمموله‬
‫ل على أن ذلك الوصف‬ ‫وإذا ُرّتب الوصف على الحكم بحرف الفاء د ّ‬

‫)‪(508‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫علة لذلك الحكم لسيما إذا كان مناسبا وذلك يدل على أن أذى اللممه‬
‫ورسمموله علممة لنممدب المسمملمين إلممى قتممل مممن يفعممل ذلممك مممن‬
‫المعاهدين وهذا دليل ظاهر على انتقاض عهممده بممأذى اللممه ورسمموله‬
‫ب من أذى الله ورسوله باتفاق المسلمين بل هممو أخممص أنممواع‬ ‫والس ّ‬
‫الذى( أ‪ .‬هم‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬قصة مقتل ابن أبي الحقيق أبي رافع اليهودي‬
‫وهو يهودي من خيبر وهو تاجر الحجاز كان قممد ذهممب إلممى مكممة‬
‫غرى قريشا بالنبي صلى اللممه عليممه وسمملم حممتى حزب ّمموا الحممزاب‬ ‫وأ َ ْ‬
‫وكانت غزوة الحزاب هو موقد نارها‪ .‬روى البخمماري عممن الممبراء بممن‬
‫عازب قال‪ :‬بعث رسول الله صلى الله عليممه وسمملم إلممى أبممي رافممع‬
‫َ‬
‫مر عليهم عبد الله بمن عتيمك وكمان أبممو‬ ‫اليهودي رجال ً من النصار فأ ّ‬
‫رافع يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه وكممان فممي‬
‫حصن له بأرض الحجار قال ابن إسحاق رحمه الله‪) :‬حدثني الزهري‬
‫عن عبد الله بن كعب بن مالك قال مما صنع الله لرسوله صلى الله‬
‫عليممه وسمملم أن هممذين الحييممن مممن النصممار الوس والخممزرج كانمما‬
‫يتصاولن معه تصاول الفحلين ل يصنع أحممدهما شمميئا إل صممنع الخممر‬
‫دون ذلك فضل علينا في السلم وعند رسول الله‬ ‫مثله يقولون‪ :‬ل يع ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم فلما قتممل الوس كعممب بممن الشممرف تممذكرت‬
‫الخزرج رجل هو في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثله‬
‫فتذاكروا ابن أبي الحقيق بخيممبر فأسممتاذنوا رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم في قتله فأذن لهم‪ ...‬الخ القصة(‪ .‬وكان ذلممك بعممد فممراغ‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر الخنممدق وشممأن بنممي قريظممة‬
‫فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر وهم‪ :‬عبد الله بممن‬
‫عتيك ومسعود بن سنان عبد الله بن أنيس وأبممو قتممادة الحممارث بممن‬
‫ربقي وخزاعي بن أسود من أسلم وهو حليممف بنممي سمملمة فخرجمموا‬
‫وأمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عتيممك وخممرج‬
‫هؤلء النفر نحو خيبر إذ كان هناك حصن أبي رافع فلما دنو منه وقممد‬
‫غربممت الشمممس وراح النمماس بسممرحهم قممال عبممد اللممه بممن عتيممك‬
‫لصحابه‪ :‬اجلسوا مكانكم فإني منطلممق ومتلطممف للبممواب لعلممي أن‬
‫أدخل فأقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد‬
‫دخل الناس فهتف بممه البممواب‪ :‬ياعبممد اللممه إن كنممت تريممد أن تممدخل‬
‫فادخل فإني أريد أن أغلق الباب‪.‬‬
‫)‪(509‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال عبد الله بن عتيك‪ :‬فدخلت فكمنت فلما دخممل النماس أغلممق‬
‫الباب ثم علق الغاليق على وتد قال‪ :‬فقمممت إلممى القاليممد فأخممذتها‬
‫ففتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده وكان فممي عللممي لممه فلممما‬
‫ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلممما فتحممت بابمما أغلقممت‬
‫على من داخل قلت‪ :‬عن القوم لو نذروا بي لممم يخلصمموا إلممي حممتى‬
‫أقتله فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عيمماله ل أدري أيممن‬
‫هو من البيت قلت‪ :‬أبمما رافمع قممال‪ :‬مممن هممذا فممأهويت نحممو الصمموت‬
‫فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنيممت شمميئا وصمماح فخرجممت‬
‫من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت‪ :‬ما هممذا الصمموت يمما‬
‫أبا رافع؟ قال‪ :‬لمك الويل إن رجل في البيت ضربني قبممل بالسمميف‬
‫قال‪ :‬فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله‪ .‬ثم وضعت ضبيب السيف فممي‬
‫بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلتممه فجعلممت أفتممح البممواب‬
‫بابا ً بابا ً حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلممي وأنمما أرى أنممي قممد‬
‫انتهيممت إلممى الرض فمموقعت فممي ليلممة مقمممرة فانكسممرت سمماقي‬
‫فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت‪ :‬ل أخرج‬
‫الليلة حتى أعلم أقتلته؟ فلما صاح الديك صاح النمماعي علممى السممور‬
‫فقال‪ :‬أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلت‪:‬‬
‫النجاء فقد قتل الله أبما رافمع فممانتهيت إلممى النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم فحدثته فقال‪ :‬ابسط رجلك فبسطت رجلي فمسممحها فكأنممما‬
‫لم أشتكها‪.‬‬
‫هذا عند البخاري أما عند ابن إسحاق فجميع الخمسة دخلوا على‬
‫أبي رافع واشتركوا في قتله وأن الممذي تحامممل عليممه بالسمميف حممتى‬
‫قتله هو عبد الله بن أنيس وفيه أنهم لما قتلوه ليل وانكسممرت سمماق‬
‫عبد الله بن عتيك حملوه وأتوا منهرا من عيونهم فدخلوا فيممه وأوقممد‬
‫اليهود النيمران واشمتدوا فمي كمل وجمه حمتى إذا يئسموا رجعموا إلمى‬
‫صاحبهم وإنهم حين رجعوا احتملوا عبد اللممه بممن عتيممك حممتى قممدموا‬
‫على الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪) :‬وفي هذا الحديث من الفمموائد‪ :‬جممواز‬
‫اغتيال المشرك الممذي بلغتممه الممدعوة وأصممر وقَت ْممل مممن أعممان علممى‬
‫رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم بيممده أو ممماله أو لسممانه وجممواز‬
‫التجسيس علممى أهممل الحممرب وتطلممب غرتهممم والخممذ بالشممدة فممي‬
‫محاربة المشركين وجواز إبهام القول للمصلحة وتعرض القليممل ممن‬
‫)‪(510‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسلمين للكثير من المشركين(‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله عند ذكره لمراتب‬
‫ن(‬
‫س مت َِعي ُ‬ ‫ك ن َعْب ُمد ُ وَإ ِي ّمما َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫العبودية في تفسيره لقول الله تعالى‪) :‬إ ِي ّمما َ‬
‫قممال‪) :‬ثممم إن إعممداد القمموة حسممب المسممتطاع مممن واجبممات الممدين‬
‫ولوازم إقامته فالعابد الصحيح لله ل ي َعْت َوُِره التسويف في هذا فضممل‬
‫عن تركه أو التساهل فيه وأيضا فالعابد لله المصمم على الجهاد في‬
‫ذاته يكون منفذا للغيلة في أئمة الكفممر مممن دعمماة اللحمماد والباحيممة‬
‫وكل طماعن فمي وحمي اللمه أو مسمخر قلممه أو دعمايته ضمد المدين‬
‫الحنيف لن هذا مؤذٍ للممه ورسمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم ل يجمموز‬
‫دعوه على قيممد‬ ‫للمسلمين في بقاع الرض من خصوص وعموم أن ي َ َ‬
‫الحياة لنه أضر من ابن الحقيق وغيره ممن ندب رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم إلى اغتيالهم فترك اغتممال ورثتهممم فممي هممذا الزمممان‬
‫تعطيممل لوصممية المصممطفى صمملى اللممه عليممه وسمملم وإخلل فظيممع‬
‫بعبودية الله وسماح صارخ شنيع للمعاول الهدامة فممي ديممن اللممه ول‬
‫يفسر صدوره إل من عدم الغيرة لدين الله والغضب لمموجهه الكريممم‬
‫وذلك نقص عظيم في حب اللممه ورسمموله وتعظيمهممما ل يصممدر مممن‬
‫محقق لعبودية الله بمعناها الصحيح المطلوب( أ هم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله‪) :‬فهذه الحاديث كلها تدل‬
‫على أن من كان يسممب النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم ويممؤذيه مممن‬
‫الكفار فإنه كان يقصد قتله ويحض عليه لجل ذلك(‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪ :‬قصة مقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي‬
‫وكان قد جمع الجموع لغمزو النمبي صملى اللمه عليمه وسملم فمي‬
‫المدينة وتمام الحديث كما أخرجممه أحمممد وغيممره عممن عبممد اللممه بممن‬
‫أ ُن َْيس قال دعاني رسول الله صلى الله عليمه وسملم فقمال‪ :‬إنمه قمد‬
‫بلغني أن خالد بن سفيان الهمذلي يجممع لمي النماس ليغزونمي فمائته‬
‫مممن‬‫فاقتله‪ .‬وفي رواية‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم َ‬
‫لسفيان الهذلي يهجوني ويشتمني ويؤذيني قال‪ :‬قلت يا رسول اللممه‬
‫انعتممه لممي حممتى أعرفممه قممال إذا رأيتممه وجممدت لممه قشممعريرة قممال‪:‬‬
‫فخرجت متوشحا ً سيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتمماد‬
‫لهن منزل وحين كان وقت العصر فلما رأيتممه وجممدت ممما وصممف لممي‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم مممن القشممعريرة فممأقبلت نحمموه‬
‫وخشيت أن يكون بينممي وبينممه محاولممة فصممليت وأنمما أومممئ برأسممي‬
‫)‪(511‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الركوع والسجود فلما انتهيت إليه قال من الرجل؟ قلت‪ :‬رجل سمع‬
‫بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك في ذلك‪ .‬قال‪ :‬أجل أنا في ذلك قال‬
‫فمشيت معه شيئا ً حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف حممتى قتلتممه‬
‫ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه وفممي لفممظ )قممال عبممد اللممه‪:‬‬
‫فجلست معه حتى إذا مد الناس وناموا اغتلته فقتلته وأخذت رأسممه(‬
‫فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال‪ :‬أفلح‬
‫الوجه‪ .‬قلت‪ :‬قتلته يا رسول الله‪ .‬قال‪ :‬صدقت ثم قام معي رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسمملم فممدخل بممي بيتممه فأعطمماني عص ما ً فقممال‪:‬‬
‫أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس آية بيني وبينممك يمموم القيامممة‬
‫ذ‪ .‬قال‪ :‬فقرنها عبد الله بسيفه فلممم‬ ‫إن أقل الناس المتخصرون يومئ ٍ‬
‫ضمت معه في كفنه ثم دفنا جميعًا‪.‬‬ ‫تزل معه حتى إذا مات أمر بها ف ُ‬
‫الدليل الخامس‪ :‬قصة اليهودية‬
‫ما رواه الشعبي عن علي أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله‬
‫ل )أي‪ :‬أهمدر ولمم‬ ‫عليه وسلم وتقع فيه فخنقها رجل حتى ماتت فأط ّ‬
‫يجعل فيه دية( رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم رحمه الله تعالى‪) :‬وهممذا الحممديث جيممد وقممد‬
‫رأى الشعبي عليا ً وروى عنه وحتى لو كان فيه إرسال فممإن الشممعبي‬
‫عند أهل العلم صحيح المراسيل ل يعرفون له مرسل ً إل صحيحا ً وهو‬
‫من أعلم الناس بحديث علي وبثقات أصحابه والحديث له شاهد مممن‬
‫حديث ابن عباس فالقصة إما أن تكون واحدة أو يكون المعنى واحدا‬
‫وقد عمل به عوام أهل العلم وجمماء ممما يمموافقه عممن أصممحاب النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم ومثممل هممذا المرسممل لممم يممتردد الفقهمماء فممي‬
‫الحتجاج به‬
‫وهذا الحديث نص في جواز قتل المرأة إذا شتمت النممبي صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم ودليممل علممى قتممل الرجممل الممذمي وقتممل المسمملم‬
‫والمسلمة إذا سمّبا بطريممق الولممى لن هممذه المممرأة كممانت موادعممة‬
‫مهادنة لن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينممة وادع جميممع‬
‫اليهود والذين كانوا بها موادعة مطلقة ولممم يضممرب عليهممم الجزيممة(‬
‫اهم‪.‬‬
‫وقال أيضا‪) :‬أن نشد النبي صلى اللممه عليممه وسمملم النمماس فممي‬
‫أمرها ثم إبطال دمها دليل على أنها كانت معصممومة وأن دمهمما كممان‬
‫قد انعقد سبب ضمانه وكان مضمونا لو لم يبطلممه النممبي صمملى اللممه‬
‫)‪(512‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عليه وسلم لنها لو كانت حربية لم ينشد الناس فيهمما ولممم يحتممج أن‬
‫يبطل دمها ويهدره لن البطال والهدار ل يكون إل لدم قد انعقد لممه‬
‫سبب الضمان أل ترى أنه لما رأى امرأة مقتولممة فممي بعممض مغممازيه‬
‫أنكر قتلها ونهى عن قتل النساء ولم يبطله ولم يهدره فممإنه إذا كممان‬
‫فممي نفسممه بمماطل هممدرا والمسمملمون يعلمممون أن دم الحربيممة غيممر‬
‫مضمون بل هو هدر لم يكن لبطاله وإهداره وجه وهذا وللممه الحمممد‬
‫ظاهر‪.‬‬
‫الدليل السادس‪ :‬قصة عين المشركين‬
‫حديث سلمة بن الكوع قال‪) :‬أتى النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫عين من المشركين ]أي‪ :‬جاسمموس أو مخممابرات للكفممار المحمماربين‬
‫لدين الله والمسلمين[ فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انتقممل‪ .‬فقممال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬اطلبوه واقتلوه(‪ .‬قممال سمملمة‪ :‬فقتلتممه‬
‫فنفلممه رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم سمملبه( فهممذا قممد قتلممه‬
‫الصحابي وأخذ سلبه ل في معركة ول حرب بل كما فممي روايممة عنممد‬
‫غير البخاري‪ :‬أنه لحقه وأناخ ناقته فقتله ثم جاء بها يقودها‪.‬‬
‫الدليل السابع‪ :‬قصة العصماء بنت مروان‬
‫ما روي عن ابن عباس قال‪ :‬هجت امرأة من خطمة النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪ :‬ممن لمي بهما فقمال رجمل ممن قومهما‪ :‬أنما يما‬
‫رسول الله فنهض فقتلها فأخبر النبي صلى الله عليه وسمملم فقممال‪:‬‬
‫ل ينتطح فيها عنزان‪.‬‬
‫وقد ذكر بعض أصحاب المغازي وغيرهممم قصممتها مبسمموطة قممال‬
‫الواقدي‪ :‬حدثني عبدالله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه أن عصممماء‬
‫بنت مروان من بني أمية بن زيد كانت تحت يزيد بن حصن الخطمي‬
‫لسمملم وتحممرض‬ ‫وكانت تؤذي النبي صلى الله عليممه وسمملم وتعيممب ا ٌ‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت‪:‬‬
‫فباست بني مالك والنبيت وعموف وباست بني الخزرج‬
‫أطعتم أتاوى من غميركم فمل ممن مراد ول مذحج‬
‫ترجونه بعد قمتل الرؤوس كمما ترتجى ممرق المنمضج‬
‫وقال عمير بن عدي الخطمى حين بلغه قولها وتحريضممها اللهممم‬
‫إن لك علي نذرا لئن رددت رسول الله صلى الله عليممه وسمملم إلممى‬
‫المدينة لقتلنها ورسول الله صلى الله عليه وسمملم ببممدر فلممما رجممع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر جاء عميممر بممن عممدي فممي‬
‫)‪(513‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جوف الليل حتى دخل عليها في بيتهمما وحولهمما نفممر مممن ولممدها نيممام‬
‫منهم من ترضممعه فممي صممدرها فحسممها بيممده فوجممد الصممبي ترضممعه‬
‫فنحاه عنها ثم وضع سيفه على صدرها حممتى أنفممذه مممن ظهرهمما ثممم‬
‫خرج حتى صلى الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما انصرف‬
‫النمبي صملى اللمه عليمه وسملم نظممر إلممى عميمر فقمال‪:‬أقتلمت بنممت‬
‫مروان؟ قال‪:‬نعم بأبي أنت يا رسممول اللممه وخشممي عميممر أن يكممون‬
‫أفتات على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها فقال‪ :‬هل علممي‬
‫في ذلك شيء يا رسول الله؟ قال‪ :‬ل ينتطح فيها عنزان فإن أول ما‬
‫سمعت هذه الكلمة مممن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‬ ‫ُ‬
‫عمير‪ :‬فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى من حمموله فقممال‪ :‬إذا‬
‫أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فممانظروا إلممى‬
‫عمير بن عدي فقال عمر بن الخطاب‪ :‬انظروا إلى هذا العمى الذي‬
‫تسرى في طاعة الله فقال‪ :‬ل تقل العمى ولكنه البصير‪.‬‬
‫فلما رجع عمير من عند رسول الله صلى الله عليه وسمملم وجممد‬
‫بنيها في جماعة يدفنونها فممأقبلوا إليممه حيممن رأوه مقبل مممن المدينممة‬
‫فقالوا‪ :‬ياعمير أنت قتلتها؟ فقال‪ :‬نعم فكيدوني جميعا ثم ل تنظرون‬
‫والذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسمميفي هممذا‬
‫حتى أموت أو أقتلكم فيومئذ ظهممر السمملم فممي بنممي خطمممة وكممان‬
‫منهم رجال يتخفون بالسلم خوفا من قومهم فقال حسان بن ثممابت‬
‫يمدح عمير بن عدي‪.‬‬
‫قال الواقدي‪ :‬أنشدنا عبد الله بن الحارث‪:‬‬
‫بمني وائمل وبمني واقمف وخطمة دون بمني الخزرج‬
‫متى ما ادعمت أختكم ويحها بعمولتمها والمنمايا تجمي‬
‫فهمزت فمتى ماجدا عمرقه كريم الممداخل والممخرج‬
‫فضرجها من نجميع المدمما قبميل الصمباح ولم تخرج‬
‫فمأورده اللمه بمرد الجمنان جمذلن في نمعمة الممولج‬
‫وروى هذه القصة أخصر من همذا أبمو أحممد العسمكري ثمم قمال‪:‬‬
‫كانت هذه المرأة تهجو النبي صلى الله عليه وسلم وتؤذيه‪.‬‬
‫وذكر هذه القصة مختصرة محمد بن سعد في الطبقات‪.‬‬
‫قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله بعد سياقه للقصة‪) :‬وإنما‬
‫خص النبي صلى الله عليممه وسملم العنمز لن العنمز تشمام العنممز ثمم‬

‫)‪(514‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تفارقها وليس كنطاح الكباش وغيرها‪.‬‬
‫وقال أبو عبيممد رحمممه اللممه فممي الممموال‪) :‬وكممذلك كممانت قصممة‬
‫عصماء اليهودية إنما قتلممت لشممتمها النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫وهذه المرأة ليست هي التي قتلها سيدها العمى ول اليهوديممة الممتي‬
‫قتلت لن هذه المرأة من بني أمية بن زيد أحد بطممون النصممار ولهمما‬
‫زوج من بني خطمة ولهذا والله أعلم نسبت في حممديث ابممن عبمماس‬
‫إلى بني خطمة والقاتل لها غير زوجها وكان لهمما بنممون كبممار وصممغار‬
‫نعم كان القاتل من قبيلة زوجها كما في الحديث(‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪) :‬وإنما سقنا القصة مممن‬
‫رواية أهل المغممازي مممع ممما فممي الواقممدي مممن ضممعف لشممهرة هممذه‬
‫القصة عندهم مع أنه ل يختلف اثنممان أن الواقممدي مممن أعلممم النمماس‬
‫بتفاصيل أمور المغازي واخبرهم بأحوالها وقد كان الشممافعي وأحمممد‬
‫وغيرهما يستفيدون علم ذلك من كتبه نعم هممذا البمماب يممدخله خلممط‬
‫الروايات بعضها ببعممض حممتى يظهممر أنممه سمممع مجممموع القصممة مممن‬
‫شيوخه وإنما سمع من كل واحد بعضها ولم يميزه ويدخله أخممذ ذلممك‬
‫من الحديث المرسل والمقطوع وربما حممدس الممراوي بعممض المممور‬
‫لقرائن استفادها من عدة جهات ويكثر من ذلك إكثارا ينسممب لجلممه‬
‫إلى المجازفة في الروايمة وعممدم الضممبط فلمم يمكممن الحتجمماج بمما‬
‫يتفرد به فأما الستشهاد بحديثه والعتضاد به فمما ل يمكن المنازعة‬
‫فيه ل سيما قصة تاممة يخمبر فيهما باسمم القاتمل والمقتمول وصمورة‬
‫الحال فإن الرجل وأمثاله أفضممل ممممن ارتفعمموا فممي مثممل هممذا فممي‬
‫كذب ووضع على أنا لم نثبت قتل الساب بمجرد هذا الحممديث وإنممما‬
‫ذكرناه للتقوية والتوكيد وهذا مما يحصل ممن هو دون الواقدي(أ‪ .‬هم‬
‫وقال أيضمما رحمممه اللممه‪) :‬وقممد كممان أصممحابه إذا رأوا مممن يممؤذيه‬
‫أرادوا قتله لعلمهم بأنه يستحق القتل فيعفو هو عنه صلى الله عليممه‬
‫وسلم ويبين لهم أن عفوه أصلح مع إقراره لهم على جواز قتله ولممو‬
‫قتله قاتل قبل عفو النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرض لممه النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لعلمه بأنه قد انتصر للممه ورسمموله بممل يحمممده‬
‫على ذلك ويثني عليه كما قتل عمر رضي الله عنه الرجل لممم يممرض‬
‫ة فممإذا تعممذر‬
‫ة السمماب َ‬
‫بحكمه وكما قتل رجل بنت مروان وآخُر اليهودي َ‬
‫عفوه بموته صلى الله عليه وسمملم بقممي حقمما محضمما للممه ولرسمموله‬
‫وللمؤمنين لم يعف عنه مستحقه فيجب إقامته(‪.‬‬
‫)‪(515‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدليل الثامن‪ :‬قصة أبي عفك اليهودي‬
‫وقد ذكرها أهل المغممازي والسممير قممال الواقممدي‪ :‬ثنمما شممعبة بممن‬
‫محمد عن عمارة بن غزية وحدثناه أبو مصعب إسماعيل بن مصممعب‬
‫بن إسماعيل بن زيد بن ثابت عن أشممياخه قممال‪ :‬إن شمميخا مممن بنممي‬
‫عمرو بن عوف يقال له أبو عفك وكان شيخا كبيرا قممد بلممغ عشممرين‬
‫ومائة سنة حيممن قممدم النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم المدينممة كممان‬
‫يحرض على عداوة النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم ولممم يممدخل فممي‬
‫السلم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر ظفممره‬
‫الله بما ظفره فحسده وبغى فقال وذكر قصيدة تتضمن هجممو النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وذم من اتبعه أعظم ما فيها قوله‪:‬‬
‫فيسملبهم أممرهم راكب حمراما حملل لشتى ممعا‬
‫قال سالم بن عمير‪ :‬علي نذر أن أقتل أبمما عفممك أو أممموت دونممه‬
‫فأمهل فطلب له غرة حتى كانت ليلة صائفة فنام أبممو عفممك بالفنمماء‬
‫في الصيف في بني عمرو بن عوف فأقبممل سمالم بممن عميمر فوضمع‬
‫ش في الفراش وصاح عدو الله فثاب إليممه‬ ‫السيف على كبده حتى خ ّ‬
‫أناس ممن هم على قوله فأدخلوه منزله وقبروه وقالوا‪ :‬مممن قتلممه؟‬
‫والله لو نعلم من قتله لقتلناه‪.‬‬
‫وذكر محمد بن سعد أنه كان يهوديا وقد ذكرنمما أن يهممود المدينممة‬
‫كلهم كانوا قد عاهدوا ثم إنه لما هجا وأظهر الذم قتل‪.‬‬
‫قال الواقدي عن ابن رقش‪ :‬قتل أبو عفك في شوال على رأس‬
‫عشرين شهرا‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله بعد ذكممره لهممذه القصممة‪:‬‬
‫)وهذا قديم قبل قتل ابن الشرف وهذا فيممه دللممة واضممحة علممى أن‬
‫المعاهد إذا أظهر السب ينقض عهده ويقتل غيلة لكن هو في روايممة‬
‫أهل المغازي وهو يصلح أن يكون مؤيدا مؤكدا بل تردد(أ‪ .‬هم‬
‫قال ابن العربي رحمممه الله‪) :1‬وأمرهممم بقتلهممم حيممث وجممدوهم‬
‫وأينما ثقفوهم وفي هممذا دليممل علممى أن الزنممديق يقتممل ول يسممتتاب‬
‫لقوله تعالى )ول تتخذوا منهم وليا ول نصيرا(( أ‪ .‬هم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله‪) :2‬ويدل علممى جممواز قتممل‬
‫أحكام القرآن )‪ (1/469‬عند تفسير قول الله )فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ول تتخذوا منهممم‬ ‫‪1‬‬

‫وليا ول نصيرا( سورة النساء آية )‪.(89‬‬


‫الصارم المسلول )‪.(351-350‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪(516‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الزنديق المنافق من غير استتابة ما خرجاه في الصحيحين عن علي‬
‫في قصة حاطب بن أبي بلتعة فقال عمر‪ :‬دعنممي أضممرب عنممق هممذا‬
‫المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬إنه قممد شممهد بممدرا وممما‬
‫يدريك لعل الله اطلع علممى أهممل بممدر فقممال اعملمموا ممما شممئتم فقممد‬
‫غفرت لكم( فدل علممى أن ضممرب عنممق المنممافق مممن غيممر اسممتتابة‬
‫مشروع إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمممر اسممتحلل‬
‫ضرب عنق المنافق ولكن أجاب بأن هممذا ليممس بمنممافق ولكنممه مممن‬
‫أهل بدر المغفور لهم فإذا ظهر النفمماق الممذي ل ريممب أن نفمماق فهممو‬
‫مباح الدم( أ‪ .‬هم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن الغتيال ل يجوز أن يكون إل بإذن المام‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬هذا العتراض يرد ّ عليه بعض الدلة السابقة في قتممل‬
‫الصحابي المرأة التي كانت تشتم النبي صلى الله عليمه وسملم قبمل‬
‫أن يستأذنه‪ ،‬كذلك قتممل الصممحابي الخممر لليهممودي الممذي كممان يهجممو‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يستأذن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬وهذا في وقت وجممود أعظممم إمممام علممى الطلق‪ ،‬فكيممف إذا‬
‫كان الحال وجود حكام خونممة ل يقيممون شممرع اللمه علممى المرتمدين‬
‫والزنادقممة الممذين يجمماهرون بالسممتهزاء بالممدين وأهلممه فممي القنمموات‬
‫والصحف والمجلت‪ ،‬فإن سقوط إذن هؤلء الطواغيت ل يشممك فيممه‬
‫عاقل‪ ،‬وكيف نسممتأذن مممن هممو فممي الحقيقممة يسممتحق القتممل لردتممه‬
‫وموالته للكفار على المسلمين وإباحة أرض المسلمين للكفار‪.‬‬
‫ولو سلمنا جدل ً بإسلمهم ووجوب طاعتهم فإن الذي يغتال مممن‬
‫ن في فعله وإذا كان فعله افتيممات علممى‬ ‫عرف بالكفر والزندقة محس ٌ‬ ‫ُ‬
‫ن ولي المر ُيسقط حّقه في ذلك لن الفاعل ناصٌر لله‬ ‫ولي المر فإ ّ‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪) :‬ثم أكثر ما في قتل الساب دون إذن المممام‬
‫أنه افتئات على المام والمممام لممه أن يعفممو عمممن أقممام حممدا ً واجبما ً‬
‫دونه(أهم‪.‬‬
‫واعلم أن عموم الحديث الول يقتضي أيضا ً إطلق ذلممك الحكممم‬
‫عدم المام المسلم‪ ..‬ويدل عليه أيضا ً فعل أبي بصير حين كممان‬ ‫وإن ُ‬
‫عيرهممم إذ لمم يكمن دخمل بعممد فمي تبعي ّممة‬ ‫يغير على قوافل قريمش و ِ‬
‫الدولة المسلمة رسميا ً أنذاك ولم يقممدر علممى ذلممك بسممبب الشممرط‬

‫)‪(517‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الذي كان في العهد الذي جمرى بيمن النمبي صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫وكفار قريش بممدليل أن قريشما ً لممم تطممالب النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم بدية الرجل العامري الذي قتله أبو بصير ول بضمممان ممما كممان‬
‫عيرهم فقد كممانوا آنممذاك بالنسممبة للنممبي صمملى‬ ‫يسلبه من قوافلهم و ِ‬
‫الله عليه وسلم كفممارا ً معاهممدين لكنهممم بالنسممبة لبممي بصممير كفممارا ً‬
‫محاربين إذ هو لزال مطلوبا ً لهم ولو قدروا عليه لسروه أو قتلمموه‪..‬‬
‫وخبره في البخاري مختصرا ً ضمن قصة صلح الحديبية‪ ..‬تجممدها فممي‬
‫كتمماب الشممروط بمماب )الشممروط فممي الجهمماد والمصممالحة مممع أهممل‬
‫الحرب‪.[5/329]( ..‬‬
‫ض يقمموم العلممماء فيمه‬ ‫وإقامة الجهاد عند عدم وجممود المممام ممما ٍ‬
‫مقام المام‪.‬‬
‫قممال الشمميخ علممي الخضممير فممك اللممه أسممره‪ :‬الحمماكم أنيممط بممه‬
‫مسممئولية الجهمماد وإقامممة الشممعائر الظمماهرة والحقمموق والواجبممات‬
‫الشممرعية لنممه وكيممل عممن المسمملمين فممإذا لممم يممأذن فيممه أو عطلممه‬
‫مراعاة لمصلحة حكمه ودنياه أو مراعاة لمصالح فاسدة سقط حقممه‬
‫في الذن وانتقل المر إلى النوع الثاني من أولي المر وهم العلممماء‬
‫يفتون فيه ويأذنون في ذلك لن فعممل الحمماكم السياسممي عمماد علممى‬
‫المور السابقة بالبطال والنقص فانتقممل إلممى الحمماكم الممديني‪ ،‬فهممو‬
‫ممما ضمميعوا أو عمماد‬‫تماما مثل أهممل الوليممات السممابقة الممتي ذكرنمما‪ ،‬ل ّ‬
‫فعلهم على ذات الولية التي تولها بالبطممال‪ .‬ول يملكممون ممما تول ّمموا‬
‫عليه ملك رقبة ل تتعداهم إلى غيرهم وإن ضّيعوا وأفسدوا فهممذا ممما‬
‫تتنزه عنه الشريعة المحكمة ويأباه العقلء وأهل الفطر السليمة‪.‬‬
‫وليس تعليق الجهاد والشعائر الظاهرة بالمام هو أمر تعبدي غير‬
‫معلوم المعنى حتى ُيقال ل يتعممداه إلممى غيممره‪ ،‬بممل هممو أمممر معلمموم‬
‫المعنى لممه علممة معقولممة وهممي مممن بمماب ضممبط إقامممة هممذه المممور‬
‫وتسهيل أمرها ومراعاة مصممالحها وقطممع الفوضمماء فيهمما‪ ،‬فممإذا كممان‬
‫تعليق الذن بهم أدى إلى نقيض ذلك لم ُيقر هذا‪.‬‬
‫الصل الثالث‪ :‬إن الجهاد والفتوى وشعائر المدين الظماهرة همذه‬
‫مطلوب فعلها لذاتها مثممل صمملة الجمممع والجماعممات والعيممد والذان‬
‫والحج وغيرها وأنيطت بالحكام من باب إقامتها وتنفيذها ولذا مذهب‬
‫أهل السنة والجماعة إقامتها مممع كممل إمممام بممرا كممان أم فمماجرا‪ ،‬لن‬
‫عممدم إقامتهمما لفجممورهم يممؤدي إلممى ضممياع تلممك الشممعيرة الظمماهرة‬
‫)‪(518‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المقصودة لذاتها فعل وظهورا‪ .‬فإذا كان من أنيطت بهم منعمموا ذلممك‬
‫وفوا فيه تسويفا يؤدي إلى إبطالها أو راعوا فممي ذلممك‬ ‫وعطلوه أو س ّ‬
‫عوا فممي‬ ‫مقاصد فاسدة أو عطلوها لرضاء جهات معينة‪ ،‬عندئذ ل ُيرا َ‬
‫ذلك ويصبح تعليق المر بإذنهم مع أنهم يسعون في عممدم إقامتهمما أو‬
‫إقامتها متى ما خدمت أغراضهم‪ ،‬هذا إعانة على ضياعها‬
‫}ول تعاونوا على الثم والعدوان{ مثل لو قلنا مثل أن الجمعممة أو‬
‫صلة الجماعة ل تقام إل بإذن المام أو الحج أو الذان للصمملوات ثممم‬
‫وف فممي إقامتهمما وقممد وجبممت أو منممع مممن إقامتهمما مراعمماة‬ ‫المام س ّ‬
‫لهواء معينة له أو لغيره فهل يقول عاقل فضل عن مسلم أنممه ل بممد‬
‫من إذنهم ول ُتفعل حممتى يممأذنوا‪ ،‬بممل ُيقممال تقممام بممإذن العلممماء أحممد‬
‫طرفي ولة المر‪ ،‬والصل مراعاة إقامة الشعائر أولى مممن مراعمماة‬
‫الحكام وهؤلء عكسوا القضية‪.‬‬
‫عفممي عممن الطممواف أو‬ ‫بل إنه من أجل إقامة الشممعائر الظمماهرة ُ‬
‫السعي في أماكنها ولو كان فيها أصنام أو شرك أو نجاسة كما قيممل‬
‫في سبب نزول قموله تعمالى }إن الصمفا والمممروة ممن شمعائر اللمه‬
‫فمن حج البيت أو اعتمر فل جناح عليه أن يطمموف بهممما{ وأذن فممي‬
‫إقامة الحج ولو كان بمخالطة المشركين كممما حممج أبممو بكممر بالنمماس‬
‫وقد حضر الموسم كفار بعد فتح مكة‪ ،‬بممل كمان المسملمون يحجمون‬
‫ويعتمرون قبل صلح الحديبية كما في قصة ثمامة بن أثال‪.‬‬
‫أما الدلة الخاصة‪:‬‬
‫‪ 1‬م م مممن الدلممة قمموله تعممالى }فقاتممل فممي سممبيل اللممه ل تكلممف إل‬
‫نفسك{‪ .‬ومثل قول ابن حزم يقاتل ولو وحده( قال القرطبي في‬
‫تفسيره ج ‪ 293 / 5‬فقاتل كأن هذا المعنمى ل تمدع جهماد العمدو‬
‫والستنصار عليهم للمستضعفين مممن المممؤمنين ولممو وحممدك لنممه‬
‫وعده بالنصر قال الزجاج أمر الله تعالى رسوله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده لنه قد ضمن له النصمرة قمال ابممن‬
‫عطية هذا ظاهر اللفظ إل أنه لم يجممئ فممي خممبر قممط أن القتممال‬
‫فرض عليه دون المة مدة ما فالمعنى والله أعلم أنه خطمماب لممه‬
‫في اللفظ وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه أي أنممت‬
‫يا محمد وكل واحد من أمتك القول له فقاتممل فممي سممبيل اللممه ل‬
‫تكلف إل نفسك ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده اهممم‪.‬‬
‫ونقله عنه الشوكاني في فتح القدير مقررا له‪.‬‬
‫)‪(519‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال ابن حزم في المحلى كتاب الجهاد المسألة رقم ‪ :929‬كممما‬
‫يغزي مع المام ويغزو المرء أهل الكفر وحده إن قدر اهم‬
‫‪ 2‬م قصة أبي بصير فإنه أقام الجهاد بدون إذن المام‪.‬‬
‫‪ 3‬م قصة سلمة بن الكوع فإنه دافع وجاهممد بممدون إذن المممام وهممي‬
‫في صحيح مسلم‪ :‬قال سلمة بن الكوع كممانت لقمماح رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم ترعممى بممذي قممرد قممال فلقينممي غلم لعبممد‬
‫الرحمن بن عوف فقال أخذت لقاح رسول الله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم فقلت من أخذها قال غطفان قال فصرخت ثلث صممرخات‬
‫يا صباحاه قال فأسمعت ما بين ل بتي المدينة ثممم انممدفعت علممى‬
‫وجهي حتى أدركتهم بذي قرد )وهذا الشاهد أنه فعممل ذلممك بممدون‬
‫إذن المام( فجعلممت أرميهممم بنبلممي وكنممت راميمما وأقممول أنمما ابممن‬
‫الكوع واليوم يوم الرضممع فممأرتجز حممتى اسممتنقذت اللقمماح منهممم‬
‫واستلبت منهم ثلثين بردة قال وجاء النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫والناس فقلت يا نبي الله إني قد حميت القوم الماء وهم عطاش‬
‫فابعث إليهم الساعة فقال يا بن الكوع ملكت فأسجح ثممم رجعنمما‬
‫ويردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته حتى دخلنمما‬
‫المدينة‪.‬‬
‫‪ 4‬م قال صاحب المغني في كتاب الجهاد‪ :‬إذا عممدم المممام لممم يممؤخر‬
‫الجهاد وإن حصلت غنيمة قسمها أهلها على ممموجب الشممرع‪ .‬اهم م‬
‫‪ .10/374‬وقال البهوتي في كتاب الجهاد في كشاف القناع‪ :‬فممإن‬
‫عدم المام لم يؤخر الجهمماد لئل يسممتولي العممدو علممى المسملمين‬
‫وتظهممر كلمممة الكفممر وإن حصمملت غنيمممة قسممموها علممى ممموجب‬
‫الشرع كما يقسمها المام علممى ممما يممأتي بيممانه فممي بمماب قسمممة‬
‫الغنيمة‪ .‬اهم وفي كتاب التاج والكليل )في فقه المالكيممة ‪(2/381‬‬
‫قال ابن الماجشون‪ :‬إذا كان الناس مع إمام يضيع أمممر الهلل فل‬
‫يدعوا ذلك من أنفسهم فمن ثبممت عنممده برؤيمة مممن يثممق بصمدقه‬
‫صام عليه وأفطر وحمل عليه من يقتدي به‪.‬‬
‫وبعد قتل المستعصم رحمه اللممه وهممو آخممر خليفممة عباسممي فممي‬
‫بغداد على يد التتار بقي الناس مدة طويلة )ثلث سممنوات( ل خليفممة‬
‫لهممم ومممع ذلممك بقممي النمماس يقيمممون الجهمماد والشممعائر الظمماهرة‬
‫والحقوق والواجبات الشرعية كما كانوا من قبل ولم يعطلوها بحجممة‬
‫عدم وجود خليفة أو عدم إذنه‪.‬‬
‫)‪(520‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن فممي الممدرر السممنية ‪:8/199‬‬
‫بأي كتاب أم بأي حجة أن الجهاد ل يجب إل مع إمام متبع؟! هذا مممن‬
‫الفرية في الدين والعدول عن سبيل المؤمنين والدلممة علممى إبطممال‬
‫هذا القول أشهر من أن تذكر من ذلك عموم الجهمماد والممترغيب فيممه‬
‫والوعيد في تركه‪ .‬اهم‬

‫)‪(521‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬حكم العمليات الستشهادية‬


‫العملية الستشهادية هي‪ :‬أن ُيلّغم النسان نفسه بحممزام ناسممف‪،‬‬
‫م يقتحممم مكممان العممدو ويفجممر‬ ‫أو يفخممخ سمميارته بممالمتفجرات ثمم ّ‬
‫المتفجرات فيهم لحداث النكاية البالغة في صفوفهم وتتلممف نفسممه‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫إن الذي نعتقده في هذه العمليات أنهمما مشممروعة بممل هممي مممن‬
‫أفضممل أسمماليب الجهمماد فممي هممذا العصممر ومممن أعظمهمما نكايممة فممي‬
‫صفوف العداء‪.‬‬
‫ويعترض بعض الناس على هذه العمليات ويعتبرها من النتحممار‪،‬‬
‫والحقيقة أن بين النتحار وبين العمليات الستشهادية فروقا ً منها‪:‬‬
‫ن المنتحر يقتل نفسممه قاصممدا ً قتلهمما‪ ،‬وصمماحب العمليممة‬ ‫الول‪ :‬أ ّ‬
‫الستشهادية في الحقيقة هممو ل يريممد قتممل نفسممه ولكممن يريممد قتممل‬
‫العداء‪ ،‬ولو أراد قتل نفسه لفعل ذلك وهو في مكانه ولممم يحتممج أن‬
‫يقتحم المخاطر للوصول إلى العداء‪ ،‬فهو عندما يفجر المتفجرات ل‬
‫يقصد بذلك قتل نفسه أصل ً وإنما يريد قتل عدوه‪ ،‬وذهاب نفسه هنمما‬
‫تبعا ً وليس قصدًا‪ ،‬وعند العلماء قاعدة تقممول‪ :‬يجمموز تبع ما ً مممال يجمموز‬
‫قصدًا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن المنتحر يقتل نفسه اسممتعجال ً للممموت وجمممزعا ً علممى‬
‫قمدر الله‪ ،‬وأما صاحمب العملية الستشهادية ُيقمدم عليها مممن أجمممل‬
‫إعممملء كلمممة اللممه ونصممرة المستضممعفين والمممدفاع عمممن أعمممراض‬
‫المسلمين ودمائهم وديارهم‪.‬‬
‫الثممالث‪ :‬أن المنتحممر يقتممل نفسممه دون مصمملحة شممرعية وإنممما‬
‫سخطا ً وجزعًا‪ ،‬وأما صاحب العملية الستشممهادية ُيقممدم علممى فعلممه‬
‫من أجل مصلحة شرعية وهي النكايممة فممي صممفوف العممداء وقممذف‬
‫الرعب في قلوبهم‪.‬‬
‫قال الشيخ حسن عمر محفوظ حفظه الله‪:‬‬
‫جاء في مختار الصحاح باب )ن ح ر(‪) :‬النحر( و)المنحممر( بمموزن‬
‫المذهب موضع القلدة من الصدر‪ .‬والمنحر أيضا ً موضع نحممر الهممدي‬
‫طمع‪ ...‬و)انتحممر(‬ ‫وغيره‪ .‬و)النحر( في اللّبة كالذبح في الحلق وبمابه قَ َ‬
‫الرجل )نحر( نفسه‪ .‬أهم‪ ،‬فقوله )نحر نفسه( أي قتلها‪.‬‬
‫ولقد استدل العلماء في النهي عممن قتممل النسممان نفسممه بقمموله‬
‫)‪(522‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َ‬
‫ما( ]النساء‪.[29 :‬‬ ‫حي ْ ً‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬
‫م َر ِ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫تعالى‪) :‬وَل َ ت َْقت ُُلوا أن ُْف َ‬
‫قال ابن عطية الندلسي في المحرر الوجيز في تفسير الكتمماب‬
‫م(‪ ،‬قرأ الحسن‪) :‬وَل َ ت َُقت ُّلوا( علممى‬ ‫َ‬
‫سك ُ ْ‬‫العزيز )‪) :(4/28‬وَل َ ت َْقت ُُلوا أن ُْف َ‬
‫التكثير‪ ،‬فأجمع المتأولون أن المقصد بهذه الية النهي عممن أن يقتممل‬
‫بعض الناس بعضًا‪ ،‬ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه‬
‫للقتل‪ ،‬أو بأن يحملها علممى غممرر ربممما مممات منممه‪ ،‬فهممذا كلممه يتنمماول‬
‫النهي(‪.‬أهم‬
‫وزاد المممام القرطممبي فممي تفسمميره الجممامع لحكممام القممرآن )‬
‫‪ (3/5/103‬فقال‪ ...) :‬ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصممد‬
‫منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلممب المممال بممأن يحمممل نفسممه‬
‫علممى الغممرر المممؤدي إلممى التلممف‪ .‬ويحتمممل أن يقممال‪) :‬وَل َ ت َْقت ُُلمموا‬
‫َ‬
‫م( في حال ضجر وغضب؛ فهذا كله يتناوله النهي(‪ .‬أهم‬ ‫سك ُ ْ‬‫أن ُْف َ‬
‫وقال المام أبو بكر الجصاص فممي أحكممام القممرآن )‪ (3/141‬ممما‬
‫َ‬
‫م( فممي طلممب المممال وذلممك بممأن‬ ‫سمك ُ ْ‬ ‫نصه‪) :‬ويحتمممل )وَل َ ت َْقت ُل ُمموا أن ُْف َ‬
‫يحمل نفسممه علممى الغممرر المممؤدي إلممى التلممف ويحتمممل )وَل َ ت َْقت ُل ُمموا‬
‫َ‬
‫م( في حال غضب أو ضجر‪.(...‬أهم‬ ‫سك ُ ْ‬‫أن ُْف َ‬
‫وفي كتاب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للعلمة نظام‬
‫الدين الحسن بن محمد بممن حسممين القمممي النيسممابوري والمطبمموع‬
‫صممه‪ ...) :‬ل‬ ‫بهامش تفسير المام ابن جرير الطممبري )‪ (4/5/27‬ممما ن ّ‬
‫م أو خوف‬ ‫يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة حينما يعرضه غ ّ‬
‫أو مرض شديد يرى قتل نفسه أسهل عليه(‪ .‬أهم‬
‫قلت‪ :‬النتحار المنهي عنه هو أن يقتل النسان نفسه بقصد منه‬
‫للقتل في الحرص على الدنيا أو طلب المال بأن يحمل نفسممه علممى‬
‫الغرر المؤدي إلى التلف والهلك أو كان في حال غضب أو ضممجر أو‬
‫م أو خوف أو مرض شممديد فيممرى قتممل نفسممه‬ ‫يفعله حينما يعرضه غ ّ‬
‫أهون عليممه‪ ،‬أو يسممتعجل الممموت لكممونه جممرح جرحما ً شممديدا ً كقصمة‬
‫الرجل الذي قتل نفسه يمموم أحممد وهممو مممن حممديث سممهل بممن سممعد‬
‫ن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬ ‫الساعدي رضي الله عنممه‪ :‬أ ّ‬
‫التقى هو والمشركون فاقتتلوا‪ ،‬فلما مال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم إلى عسمكره وممال الخمرون إلمى عسمكرهم‪ ،‬وفمي أصمحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم رجممل ل يممدع شمماذةً ول فمماذةً إل ّ‬

‫)‪(523‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اتبعها يضر بها بسيفه‪ .‬فقيل‪ :‬ما أجزأ منا اليوم كما أجزأ فلن‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬أممما إنممه مممن أهممل النممار(‪ ،‬فقممال‬
‫رجل من القوم‪ :‬أنا صاحبه‪ .‬قال‪ :‬فخرج معه كلما وقف وقممف معممه‪،‬‬
‫وإذا أسرع أسرع معه‪ .‬قال‪ :‬فجرح الرجل جرح ما ً شممديدًا‪ ،‬فاسممتعجل‬
‫الموت‪ ،‬فوضع سيفه بالرض وذبابه بين ثدييه‪ ،‬ثم تحامل على سيفه‬
‫فقتممل نفسممه‪ ...‬الحممديث )رواه البخمماري فممي كتمماب المغممازي مممن‬
‫صحيحه(‪) .‬الفتح‪/7/471 ،‬ح ‪(4202‬‬
‫وفي روايممة أبممي هريممرة رضممي اللممه عنممه )ح ‪ ...) :(4203‬فلممما‬
‫حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كممثرت بممه الجراحممة فكمماد‬
‫بعض الناس يرتاب‪ ،‬فوجمد الرجمل ألمم الجراحمة‪ ،‬فمأهوى بيمده إلمى‬
‫كنانته فاستخرج منها أسهما ً فنحر بها نفسه‪ ( ...‬الحديث‪.‬‬
‫وفمي روايمة )فمانتحر بهما( رواه البخماري فمي كتماب القمدر بماب‬
‫العمل بالخواتيم )الفتح‪ 11/498 ،‬ح ‪.(6606‬‬
‫فالنتحار إذا كان للسباب النفة الذكر فل شك في حرمته وهممو‬
‫من كبائر الذنوب وصمماحبه معممرض للوعيممد‪ ،‬ول يجمموز للمسمملم بممأي‬
‫حال قتل نفسه أو تعريضها للتلف أو الهلك بسبب الضرر الدنيوي‪.‬‬
‫بل ورد النهي عن تمنممي المريممض الممموت مممن ضممر أصممابه فقممد‬
‫أخرجه البخمماري فممي صممحيحه كتمماب المرضممى بمماب تمنممي المريممض‬
‫الموت )الفتح‪ 10/127 ،‬ح ‪) 5671‬عن أنممس بممن مالممك رضممي اللممه‬
‫ن أحدكم الموت‬ ‫عنه قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬ل يتمني ّ‬
‫م أحينممي ممما كممانت‬‫من ضر أصابه‪ ،‬فإن كان ل بد فاعل ً فليقممل‪ :‬الله م ّ‬
‫الحياة خيرا ً لي وتوّفني إذا كانت الوفاة خيرا ً لي(‪.‬‬
‫قال الحافظ في الفتممح )‪) :(10/128‬وقمموله‪) :‬مممن ضممر أصممابه(‬
‫حمله جماعممة مممن السملف علمى الضممر الممدنيوي‪ ،‬فمإن وجمد الضمرر‬
‫الخروي بأن خشي فتنة في دينه لممم يممدخل فممي النهممي‪ ،‬ويمكممن أن‬
‫ن أحدكم الموت لضر نزل بممه‬ ‫يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان )ل يتمّني ّ‬
‫ن )في( في هذا الحديث سببية أي بسبب أمممر مممن‬ ‫في الدنيا( على أ ّ‬
‫الدنيا‪ ،‬وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة‪ :‬ففي )الموطأ( عممن عمممر‬
‫وتي وانتشممرت رعي ّممتي‪،‬‬ ‫م كممبرت س مّني وضممعفت ق م ّ‬ ‫أنممه قممال‪) :‬الله م ّ‬
‫فاقبضني إليك غير مضيع ول مفرط(‪ .‬وأخرجه عبد الرزاق مممن وجممه‬
‫آخر عن عمر وأخرج أحمد وغيره مممن طريممق عبممس ويقممال عممابس‬

‫)‪(524‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الغفاري أنه قال‪ :‬يا طاعون خذني‪ ،‬فقال له عليم الكندي‪ :‬لم تقممول‬
‫ن أحممدكم‬ ‫هذا؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪) :‬ل يتمّني م ّ‬
‫الممموت(‪ ،‬فقممال‪ :‬إن ّممي سمممعته يقممول‪) :‬بممادروا بممالموت سممتًا‪ :‬إمممرة‬
‫السفهاء‪ ،‬وكثرة الشرط‪ ،‬وبيع الحكم( الحممديث‪ .‬وأخممرج أحمممد أيضما ً‬
‫من حديث عوف بن مالك نحوه وأنه قيل له‪ :‬ألممم يقممل رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬ما عمر المسلم كان خيرا ً له( الحديث‪ ،‬وفيه‬
‫الجواب نحوه‪ .‬وأصرح منه في ذلممك حممديث معمماذ الممذي أخرجممه أبممو‬
‫ححه الحاكم في القول في دبر كل صمملة وفيممه )وإذا أردت‬ ‫داود وص ّ‬
‫ة فتوّفني إليك غير مفتون(‪ .‬أهم‬ ‫بقوم فتن ً‬
‫فإذا كممان تمنممي الممموت ‪ -‬مجممرد التمنممي ‪ -‬حممرام بسممبب الضممر‬
‫ن الضممرر‬ ‫الدنيوي‪ ،‬بخلف تمنيه إن وجد الضرر الخممروي‪ ،‬دل ذلممك أ ّ‬
‫الخروي ل يدخل صاحبه في النهي الوارد في هذا الحديث‪.‬‬
‫وهكذا في مسألتنا هذه‪ ،‬وهي ما تسمى بالعمليات الستشهادية‪،‬‬
‫ك ‪ -‬إن كممان الممذين‬ ‫مت في أمريكا هي منها بل ش ّ‬ ‫‪ -‬والعمليات التي ت ّ‬
‫قاموا بها مجاهدين في سبيل الله ‪ -‬فل يمكن حملهمما بالدلممة الناهيممة‬
‫ن تلك الدلة وردت فيمن قتل نفسه بسممبب ضممرر‬ ‫عن النتحار ذلك أ ّ‬
‫دنيوي ل أخروي أو بسبب الحرص على الدنيا والمال فيحمممل نفسممه‬
‫على الغرر المؤدي إلى تلف النفممس وهلكهمما أو كممان بسممبب مممرض‬
‫م أو جممزع أو عممدم‬ ‫شديد أو في حال غضب أو ضممجر أو خمموف أو غ م ّ‬
‫صبر‪ ،‬فيستعجل الموت فيقتل نفسه‪.‬‬
‫أما من قتل نفسه مجاهدا ً في سبيل اللممه يهممدف مممن وراء ذلممك‬
‫النكاية في أعداء السمملم وإثخممان الجممراح بهممم وتكبيممدهم الخسممائر‬
‫الباهظة‪ ،‬أو إدخال الرعممب فممي قلمموبهم‪ ،‬أو علممم أنممه يكسممر قلمموب‬
‫الكفار حين يشاهدون جرأة المسمملم وشممجاعته فممي سممبيل اللممه‪ ،‬أو‬
‫كان قصده تجرأة المسمملمين عليهممم حممتى يصممنعوا مثممل صممنيعه‪ ،‬أو‬
‫يكون قصده إرهاب أعداء الله ليعلموا صلبة المسلمين فممي الممدين‪،‬‬
‫أو نحو ذلك من المقاصد الحسنة‪ ،‬فل يتناوله عموم النهي الوارد في‬
‫حرمة قتل النفس لختلف المقاصممد والنيممات‪ ،‬فمقصممد الممذي يقمموم‬
‫بالعمليات الستشهادية همو مقصمد أخمروي يبتغمي بمذلك وجمه اللمه‪،‬‬
‫وإنما يفعل ذلك طلبا ً للشهادة وللقتال في سبيل الله‪ ،‬مع غلبة ظنممه‬
‫على تحقق المصلحة الشرعية من مثل هذه العمليات‪ ،‬فتلف النفس‬
‫لعزاز الدين ولهلك الكافرين مقام شريف مدح الله بممه المممؤمنين‬
‫)‪(525‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫َ‬ ‫شترى م من ال ْم مؤْمِني َ‬
‫م‬‫وال َهُ ْ‬
‫مم َ‬
‫م وَأ ْ‬
‫س مه ُ ْ‬
‫ن أن ُْف َ‬
‫ُ ِ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ها ْ ََ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫في قوله تعالى‪) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ة‪ ( ...‬الية ]التوبة‪.[111 :‬‬ ‫جن ّ َ‬‫م ال ْ َ‬
‫ن ل َهُ ُ‬
‫ب ِأ ّ‬
‫ن المحافظمة علمى منممافع الخلممق وفمق‬ ‫ن مما قرره الشمرع أ ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫مراد الشرع مصلحة‪ ،‬والشرع إنما )قصممد بالتشممريع إقامممة المصممالح‬
‫ل لهما بمه نظمام ل بحسمب‬ ‫الخروية والدنيوية وذلك على وجه ل يختم ّ‬
‫الكممل ول بحسممب الجممزء‪ ،‬وسممواء فممي ذلممك ممما كممان مممن قبيممل‬
‫ة‬
‫الضروريات أو الحاجيات أو التحسممينيات‪ .‬فإنهمما لممو كممانت موضمموع ً‬
‫ل أحكامهمما‪ ،‬لممم يكممن التشممريع‬ ‫ل نظامهمما أو تخت م ّ‬ ‫بحيث يمكن أن يخت ّ‬
‫موضوعا ً لها‪ ،‬إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونهمما مفاسممد‪.‬‬
‫ن الشممارع قاصممد بهمما أن تكممون مصممالح علممى الطلق‪ ،‬فل بممد أن‬ ‫لك ّ‬
‫يكون وضعها على ذلممك المموجه أبممديا ً وكليما ً وعامما ً فممي جميممع أنممواع‬
‫التكليف والمكلفين وجميع الحوال‪ .‬وكذلك وجدنا المر فيها والحمممد‬
‫لله(‪) .‬الموافقات للشاطبي‪ ،(2/37 ،‬وهذا المعنى بعينه موجممود فممي‬
‫العمليات الستشهادية‪ ،‬لن القيام بهمما دفممع لمضممرة اسممتيلء الكفممار‬
‫ن دفممع المضممرة مصمملحة‪ ،‬وأي‬ ‫على بلد المسمملمين ومممن المعلمموم أ ّ‬
‫مضممرة هممي أعظممم مممن اسممتيلء الكفممار علممى بلد المسمملمين‬
‫واستباحتهم لبيضة السلم‪ ،‬وقد قضت الشريعة بوجوب إحراز مرتبة‬
‫حفظ الدين وجعلها في أول سلم الكليات الخمس حممتى وإن قضممت‬
‫الضرورة بالتضحية ببقية الكليات والتي هي دون حفظ الدين )فيجب‬
‫المحافظة على مصلحة الدين وتقويم شرعته حتى وإن استلزم ذلك‬
‫فوات ما دونها وهو مصلحة المحافظة على النفس‪ ،‬ومن أجممل ذلممك‬
‫شرع الجهاد(‪) .‬ضوابط المصلحة في الشممريعة السمملمية‪ ،‬ص ‪،(57‬‬
‫فإذا كان الحفاظ على نفس المجاهد وعدم تعريضممه للتلممف والهلك‬
‫مصلحة‪ ،‬فإن الحفاظ على السلم أعظم مصلحة من الحفاظ علممى‬
‫ن‬ ‫مة‪ ،‬فعند الموازنة بين المصلحتين نجد أ ّ‬ ‫أرواح أفراد من مجموع ال ّ‬
‫دة أفراد مممن‬ ‫مة كلها أولى من مصلحة فرد أو ع ّ‬ ‫مصلحة السلم وال ّ‬
‫مة‪ ،‬فالضرورة قد تحمل المسلمين على القيام بالعمليات‬ ‫مجموع ال ّ‬
‫الستشهادية للتضحية بمصلحة القائمين بهذه العمليات الستشهادية‬
‫في سبيل بقاء الدين وإنقاذ المسلمين‪ .‬وهذا الذي عنمماه الصمموليون‬
‫ن )نظرية الضرورة في حقيقتها تئول‬ ‫بحقيقة الضرورة فهم يقولون إ ّ‬
‫إلممى تمموارد مصمملحتين ومفسممدتين علممى أمممر واحممد‪ ،‬وبيممن همماتين‬
‫المصملحتين وهماتين المفسمدتين تعمارض‪ ،‬فنرجمح أكمبر المصملحتين‬
‫)‪(526‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فنحصمملها‪ ،‬وأشممد المفسممدتين فنممدفعها(‪) .‬انظممر‪ :‬نظريممة الضممرورة‬
‫الشرعية حدودها وضمموابطها للسممتاذ‪/‬جميممل محمممد بممن مبممارك‪ ،‬ص‬
‫‪.(204‬‬
‫وقد تقاس العمليات الستشهادية بحالة تترس الكفار بالمسمملمين‪،‬‬
‫والفقهاء يقولون بالتضحية بالمسلمين المتممترس بهممم إذا لممم يمكممن‬
‫التوصل إلممى الكفممار إل ّ بممذلك وكممان الكممف عممن قتممل الكفممار لجممل‬
‫المتترس بهم من المسلمين يفضممي إلممى تعطيممل الجهماد وانقطمماعه‬
‫لنهم متى علموا ذلممك يتترسممون بالمسمملمين عنممد خمموفهم فينقطممع‬
‫الجهاد‪ ،‬أو كممان الكممف عممن قتممال الكفممار لجممل المتممترس بهممم مممن‬
‫المسمملمين يممؤدي إلممى اسممتيلء الكفممار ببلد المسمملمين أو تقويممة‬
‫شوكتهم أو استباحتهم لبيضة السلم‪ ،‬ففي هذه الحالممة يجمموز رمممي‬
‫الكفار مع وجود الترس البشري من المسلمين ولكن نقصد الكفممار‪،‬‬
‫ومن قتل من المسمملمين المتممترس بهممم بالخطممأ لجممل الجهمماد فممي‬
‫سبيل الله‪ ،‬كان شهيدا ً ‪ -‬إن شاء اللممه تعممالى ‪ -‬ويبعممث يمموم القيامممة‬
‫على نيته‪ ،‬ولم يكن قتله أعظم فسادا ً من قتل المجاهدين في سبيل‬
‫الله وإزهاق أنفسهم وهم يحرسون ثغممور السمملم ويمنعممون الكفممار‬
‫من استباحة دار السلم‪ .‬فإذا كانت الضممرورة دفعتنمما إلممى التضممحية‬
‫بمصلحة الترس البشري من المسلمين في سبيل الله إعزازا ً للدين‬
‫مممة السمملمية‪ ،‬فكممذلك يقممال فممي العمليممات‬ ‫وإنقمماذا ً لمجممموع ال ّ‬
‫الستشهادية‪ ،‬إذا كان ل يمكن التوصل إلممى قتممال العممداء إل ّ بممذلك‪،‬‬
‫ففممي مثممل هممذه الحالممة تممدعو الضممرورة إلممى القيممام بالعمليممات‬
‫الستشهادية ول بأس بالتضحية بفرد أو عدة أفراد يقومون بعمليممات‬
‫استشهادية يضعون فيها مواد متفجرة فممي سممياراتهم أو حقممائبهم أو‬
‫يحيطون أنفسهم بحزام صاعق متفجممر ثممم يقتحمممون مواقممع العممدّو‬
‫وتجمعمماته أو يسممتخدمون الطممائرات المدنيممة كأهممداف عسممكرية‬
‫يضربون بها المراكز الحيوية للعدوّ ‪ -‬كالحالة التي حصلت في أمريكا‬
‫جرونها بتلك المواد الناسفة لقصد النكاية بالعدوّ أو القضاء‬ ‫مثل ً ‪ -‬فيف ّ‬
‫عليه أو إرهابه أو إضعاف قوته أو غير ذلممك مممن المقاصممد الشممرعية‬
‫لقصممد دفممع الضممرر الكممبر عممن المسمملمين إذا لممم ينتممدبوا لمواجهممة‬
‫الكفار‪ .‬ومعلوم أنه في حالة المسلمين الذين تترس بهم الكفار جاز‬
‫ن قتممل المسمملم لغيممره‬ ‫للمسلم أن يقتل غيره من المسمملمين‪ ،‬مممع أ ّ‬
‫من المسلمين جريمة كبرى في السلم‪ ،‬وهو أعظم جرما ً مممن قتممل‬
‫)‪(527‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسلم لنفسه )لنه إذا كان قاتل نفسه الذي لممم يتعممد ظلممم نفسممه‬
‫ثبت فيه الوعيد الشديد فأولى من ظلم غيره بإفاتة نفسممه(‪) .‬الفتممح‬
‫‪.(3/227‬‬
‫)فإذا كان ما هو أعظم جرما ً ل حرج في القدام عليممه‪ ،‬ل بحكممم‬
‫استباحة قتل المسلم لغيره من المسمملمين‪ ،‬وإنممما بحكممم الضممرورة‬
‫التي ل بد منها في حالممة الحممرب‪ ،‬تفادي ما ً لضممرر أشممد ‪ -‬فممإنه ينبغممي‬
‫بطريق الولى أن ل يكون هناك حرج في القدام علممى ممما هممو أق م ّ‬
‫ل‬
‫جرمًا‪ ،‬ل بحكم استباحة النتحار‪ ،‬أو قتل المسلم لنفسه‪ ،‬وإنما بحكم‬
‫الضرورة التي ل بممد منهمما فممي حالممة الحممرب ‪ -‬تفاديما ً لضممرر أشممد(‪.‬‬
‫)القتممال والجهمماد فممي السياسممة الشممرعية‪ ،‬د‪ /‬محمممد خيممر هيكممل‪،‬‬
‫‪ .(1403 - 2/1402‬اهم‬
‫فإن قيل‪ :‬إنه في الحالة الولى يكون احتمال نجاته واردا ً بخلف‬
‫الحالة الثانية فإن موته محقق ل محالة‪ .‬فيقال‪ :‬احتمال نجاة القممائم‬
‫بالعمليات الستشهادية أيضا ً قائمة‪ ،‬فكم من مجاهد في سممبيل اللممه‬
‫ل؛ وقممد حصمملت عشممرات‬ ‫ل ول َ ي ُْقت َم ُ‬‫يقمموم بعمليممة استشممهادية في َْقت ُم ُ‬
‫الحوادث من هممذا النمموع فمي أفغانسممتان والشيشممان وفممي البوسمنة‬
‫ن أحد الذين قمماموا بتفجيممر سممفارتي أمريكمما‬ ‫والهرسك وغيرها‪ ،‬بل إ ّ‬
‫في نيروبي ودار السمملم نفممذ العمليممة بنجمماح ولممم يمممت ولممم تتلممف‬
‫نفسه وخرج من المبنى المهدم سالما ً‪ .‬انتمهى كملممه‪.‬‬
‫ولتوضيح المسألة أقول‪ :‬إن قتل النفس يكون على صورتين‪:‬‬
‫الولى‪ /‬أن يباشر النسان قتل نفسه‪ ،‬وذلك كأن يشممنق نفسممه‪،‬‬
‫مًا‪ ،‬أو يلقممي نفسممه مممن شمماهق‬ ‫أو يطعنهمما بسممكين‪ ،‬أو يشممرب س م ّ‬
‫فيموت‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫الثانية‪ /‬أن يتسبب فممي قتممل نفسمه‪ ،‬وذلممك بممأن يعرضممها للقتممل‬
‫ويكون المباشر للقتل غيره‪ ،‬سواء كان الذي باشممر قتلممه متعمممدا ً أو‬
‫مخطئًا‪ ،‬مثاله‪ :‬أن ينغمس بين المقمماتلين حاسممرا ً فيقتلممونه‪ ،‬أو ُيلقمي‬
‫نفسه بيمن السمباع أو الحيمات فتقتلمه‪ ،‬أو ُيلقمي بنفسمه فمي طريمق‬
‫فتدهسه السيارات فتقتله‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫فالول المباشر قتل نفسه الصل في حكمه أنه منتحممر‪ ،‬والثمماني‬
‫المتسبب في قتل نفسممه الصممل فممي حكمممه أنممه منتحممر أيض ما ً لنممه‬
‫تسبب بما يفضي إلى الموت وزهمموق النفممس‪ ،‬وهممذه الصممورة الممتي‬

‫)‪(528‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دت إلممى ممما‬‫يسميها العلماء بالسببّية التي لها حكم المباشرة؛ لنهمما أ ّ‬
‫دي إليه المباشرة‪ ،‬وهو الموت‪.‬‬ ‫تؤ ّ‬
‫ن قتل النفس سواء كان بالمباشرة أو‬ ‫تأ ّ‬‫إذا تبين هذا فقد علم َ‬
‫بتعريضها لما يتلفها هو داخل في باب النتحار مممع أنممه عنممد تعريممض‬
‫نفسه للتلف لم يباشر هو قتل نفسه وإنما تسممبب فممي ذلممك‪ ،‬ولكممن‬
‫لما كان التسبب هنا يفضي إلى ما تفضي إليه المباشرة وهو زهمموق‬
‫النفس كان حكمهما واحد‪.‬‬
‫إذا علمت هذا فإنه ل يخفى عليك حرمة قتممل النفممس فممي ديننمما‬
‫سواء كان قتلها بالمباشممرة أو بالسممببّية‪ ،‬ولكممن جمماء فممي السممنة ممما‬
‫يستثني من هذا الحكم بعض صور القتل‪.‬‬
‫فقد جاءت السنة بمدح مممن يعمّرض نفسممه للتلممف والقتممل فممي‬
‫سبيل الله للتنكيل بأعداء الله‪ ،‬كما في قوله صلى الله عليه وسمملم‪:‬‬
‫ك بعنممان فرسممه فممي سممبيل‬ ‫ل ممسم ٌ‬ ‫)من خير معاش الناس لهم رج ٌ‬
‫الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار إليها يبتغي القتممل‬
‫والموت مظاّنه‪ ( ..‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وقد قام بعض الصحابة رضي الله عنهم باقتحام مواضممع الهلكمة‬
‫حاسرين حتى قُِتلوا ومع ذلك مدحهم الله في كتممابه ومممدحهم النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كعمير بن الحمام رضي الله عنممه فممي غممزوة‬
‫بدر‪ ،‬وأنس بن النضر رضي الله عنه فممي غممزوة أحممد حيممن انكشممف‬
‫المسلمون عن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬وشمماع بينهممم أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قد مات‪ ،‬فلقي أنس بن النضر عمر بممن‬
‫الخطاب وسعد بن معماذ فسممألهما عمن سمبب توقفهممما عممن القتممال‬
‫فقال أحدهم لقد ُقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال أنممس‬
‫وماذا تفعلون بعد مقتله قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللهم إني أبرأ إليك ممما صمنع همؤلء‬
‫‪-‬يعني المشركين‪ -‬وأعتذر إليك مما صنع هؤلء ‪ -‬يعنممي أصممحابه‪ -‬ثممم‬
‫انطلق فانغمس في صفوف المشركين حتى قتلوه ومثلمموا بممه‪ ،‬قممال‬
‫أنس بمن مالمك رضمي اللمه عنمه فكنما نقمول إن قموله تعمالى‪] :‬ممن‬
‫المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم مممن قضممى نحبممه‬
‫ومنهم من ينتظر{ نزلت في أنس بن النضر وأصحابه‪.‬‬
‫فتعلم حينئذٍ أن التسبب في قتمل النفمس إذا كمان للثخممان فمي‬

‫)‪(529‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب ُيفضممي‬ ‫صفوف الكفار ليس داخل في حكم النتحممار مممع أنممه تسممب ٌ‬
‫جممر‬‫إلى القتل‪ ،‬والفرق في المقاصد هو الذي أّثر في الحكم‪ ،‬فمن ف ّ‬
‫المتفجرات بين العداء لقتلهم والنكاية بهم وتلفت نفسممه فممي ذلممك‬
‫ليس كمن قتل نفسه جزعا ً من غير مصلحة شرعية‪ ،‬ومن دخل فممي‬
‫صفوف العداء حاسرا ً للنكاية بهم ولتجريممء المسمملمين عليهممم مممع‬
‫تيقنه أو غلبة ظنه أنه مقتول ليممس كمممن ألقممى نفسممه بيممن الحيممات‬
‫والحيوانات المفترسة فقتلته‪ ،‬مع كون جميع الصور مؤدية إلى تلممف‬
‫النفس‪ ،‬ولكن فرقّ بينها المقاصد‪.‬‬
‫وإذا كان تعريض النفس للتلممف فممي سممبيل اللممه جممائزا ً فكممذلك‬
‫ن كل الصمورتين مفضمية إلمى الزهمموق‬ ‫المباشرة فمي ذلممك جمائزة ل ّ‬
‫فحكمهما واحد‪ ،‬فكما أن قتل النفس جزعا ً أو تعريضها للموت جزعا ً‬
‫يعتبر حكمهما واحممدا‪ ،‬فكممذلك قتممل النفممس أو تعريضممها للقتممل فممي‬
‫سبيل الله لعلء كلمة اللممه والثخممان فممي الكممافرين يعتممبر حكمهممما‬
‫واحدا‪ ،‬فإذا تغّير حكم التعريض بسبب المقصممد فكممذلك يتغيممر حكممم‬
‫المباشرة من أجل المقصد‪.‬‬
‫فمممإن قيمممل‪ :‬إن مباشمممرة قتمممل النفمممس يقينمممي متحقمممق‬
‫الزهوق‪،‬والتعريض ظّني محتمل النجاة‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن الظني هنا حكمه حكم اليقيني‪ ،‬فكما أن من ُيلقي‬
‫نفسممه بيممن السممباع قاصممدا ً مختممارا ً فتقتلممه يعتممبر منتحممرا ً وإن ُوجممد‬
‫احتمال لنجاته‪ ،‬ويكون حكمه كحكم المباشر قتل نفسه‪ ،‬مممع اختلف‬
‫صورتي القتل‪ ،‬فالسممببية ظنيممة والمباشممرة يقينيممة ومممع ذلممك يعتممبر‬
‫كلهما منتحرًا‪ ،‬ولم يختلف الحكم بالظن أو اليقين‪.‬‬
‫فكذلك الحكم فيمن باشر قتل نفسه تنكيل ً بأعداء الله وتحريضا‬
‫وتجريئا ً للمؤمنين علممى الكممافرين حكمممه حكممم مممن اقتحممم مممواطن‬
‫الهلكة وتلفت نفسه بذلك‪ ،‬فإذا خرج المقتحم لمواطن الهلكة لعلء‬
‫كلمة الله عن حكم النتحار بسبب المقصد‪ ،‬فكذلك يخرج من باشممر‬
‫قتل نفسه لعلء كلمة الله والتنكيممل بالكممافرين عممن حكممم النتحممار‬
‫بسبب المقصد‪.‬‬
‫ن صاحب العملية الستشهادية تلفت نفسه تبعما ً‬ ‫مع التنبيه على أ ّ‬
‫ل قصدا ً وهو بذلك ُيفارق من باشر قتل نفسه جزعا ً قاصدًا‪ ،‬فل يصح‬
‫اعتبممار الصممورتين صممورة واحممدة‪ ،‬لختلفهممما فممي النيممة والقصممد‪،‬‬

‫)‪(530‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولختلفهما في الحقيقة فالمنتحر باشَر قتل نفسه قاصدا ً قتلها‪ ،‬وأما‬
‫صاحب العملية الستشهادية فإن نفسه تلفت تبعما ً وهممو فممي الصممل‬
‫قاصد ٌ قتل الكفار‪.‬‬
‫فل يصممح قيمماس فعممل المنتحممر علممى فعممل صمماحب العمليممة‬
‫الستشهادية لمرين‪:‬‬
‫الول‪ /‬اختلف المقصد‪ ،‬والشممريعة فّرقممت فممي الحكممم لختلف‬
‫المقاصد‪.‬‬
‫الثاني‪ /‬أن المنتحر يقتل نفسممه قاصممدا ً قتلهمما‪ ،‬وصمماحب العمليممة‬
‫الستشهادية قاصد قتل الكفار وتتلف نفسه في ذلك تبعا ً ل قصدًا‪.‬‬
‫روى مسلم في صحيحه قصة أصحاب الخدود وفيها من الدللة‪،‬‬
‫قوله )ثم جيء بالغلم فقيل له ارجع عن دينممك‪ ،‬فممأبى‪ ،‬فممدفعه إلممى‬
‫نفر من أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬اذهبوا به إلممى جبممل كممذا وكممذا فاصممعدوا بممه‬
‫الجبل‪ ،‬فإذا بلغتم ذروته‪ ،‬فإن رجع عن دينه وإل فاقذفوه‪ ،‬فذهبوا بممه‬
‫فصعدوا به إلى الجبل فقال اللهم اكفنيهممم بممما شممئت‪ ،‬فرجممف بهممم‬
‫الجبل فسقطوا‪ ،‬وجاء يمشي إلى الملك فقال له‪ :‬ما فعل أصحابك؟‬
‫قال كفانيهم الله‪ ،‬فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال‪ :‬اذهبوا فاحملوه‬
‫في قرقور‪ ،‬فتوسطوا بممه البحممر‪ ،‬فممإذا رجممع عممن دينممه وإل فاقممذفوه‬
‫فذهبوا به‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم اكفنيهم بممما شممئت‪ ،‬فانكفممأت بهممم السممفينة‬
‫فغرقوا‪ ،‬وجاء يمشي إلى الملك‪ ،‬فقال له الملك‪ ،‬ما فعل أصممحابك؟‬
‫قال‪ :‬كفانيهم الله فقال للملممك‪ :‬إنممك لسممت بقمماتلي حممتى تفعممل ممما‬
‫آمرك به‪ ،‬قال‪ :‬وما هو؟ قال تجمع الناس في صعيد واحممد وتصمملبني‬
‫على جذع‪ ،‬ثم خذ سهما ً من كنانتي‪ ،‬ثم ضع السهم في كبممد القمموس‬
‫ثم قل‪ :‬بسممم اللممه رب الغلم ثممم ارمنممي‪ ،‬فإنممك إذا فعلممت قتلتنممي‪،‬‬
‫فجمع الناس في صعيد واحد‪ ،‬وصلبه على جذع‪ ،‬ثم أخممذ سممهما ً مممن‬
‫كنانته‪ ،‬ثم وضممع السممهم فممي كبممد القمموس‪ ،‬ثممم قممال بسممم اللممه رب‬
‫الغلم‪ ،‬ثم رماه‪ ،‬فوقع السهم في صدغه فوضع يممده فممي صممغه فممي‬
‫موضع السهم فمات‪ ،‬فقال الناس آمّنا برب الغلم‪ ،‬آمّنا برب الغلم‪،‬‬
‫آمّنا برب الغلم‪ ،‬فأتي الملك فقيممل لممه‪ :‬أرأيممت ممما كنممت تحممذر‪ ،‬قممد‬
‫والله نزل بممك حممذرك‪ ،‬قممد آمممن النمماس‪ ،‬فممأمر بالخممدود فممي أفممواه‬
‫السكك‪ ،‬فخدت وأضرمت النيممران‪ ،‬وقممال‪ :‬مممن لممم يرجممع عممن دينممه‬
‫فأقحموه فيها‪ ،‬أو قيل له اقتحم‪ ،‬ففعلوا حتى أتوا على امرأة ومعهمما‬
‫مه اصبري إنممك‬ ‫صبي لها فتقاعست أن تقع فيها‪ ،‬فقال لها الغلم يا أ ّ‬
‫)‪(531‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫على الحق(‪.‬‬
‫فهذا الغلم تسبب في قتل نفسه وذلك بممأن بي ّممن للملممك كيفيممة‬
‫قتله ولو لم يخبره لما استطاع قتله وهممذه القصممة مممن الدلممة الممتي‬
‫استدل بها العلماء على أن السبب قد يكون له حكم المباشرة‪ ،‬وهذا‬
‫ن رجل ً أمسمك بممالفعى ووجههمما إلممى جسمده فقتلتممه فمإنه‬ ‫كمما لمو أ ّ‬
‫ن حكمممه حكممم المباشممر‬ ‫تسبب في قتل نفسه ولم يباشر قتلها ولك م ّ‬
‫جممه‬‫لنه تسبب في قتل نفسه بما ُيفضي إلى هلكها‪ ،‬كذلك لممو أنممه و ّ‬
‫ل فقتلته فإنه يعتبر هو القاتل وإن كان فممي الحقيقممة‬ ‫الفعى إلى رج ٍ‬
‫ن الذي قتل هي الفعى ولكنه تسبب في ذلك سببا ً لوله لما حصل‬ ‫أ ّ‬
‫الهلك‪ ،‬وهكذا في قصة الغلم فإنه تسبب فممي قتممل نفسممه بالدللممة‬
‫على طريقة قتله التي لو لم يذكرها لما حصل القتل‪ ،‬ولكن لما فعل‬
‫ذلك من أجل مصلحة الدين لم يعتبر منتحرًا‪.‬‬
‫وروى أحمد في مسنده ‪ 1/310‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم )لما كانت الليلة التي أسري بي فيها أتت‬
‫علي رائحة طيبة‪ ،‬فقلت‪ :‬يا جبريل ممما هممذه الرائحممة الطيبممة؟ فقممال‬
‫هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولدها‪ ،‬قال‪ :‬قلت ما شأنها؟ قممال‪:‬‬
‫بينا هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقطت المممدرى مممن يممدها‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬بسم الله‪ ،‬فقالت لها ابنة فرعون‪ :‬أبي؟ قالت‪ :‬ل ولكن ربي‬
‫ورب أبيك الله‪ ،‬قممالت‪ :‬أخممبره بممذلك قممالت نعممم‪ :‬فممأخبرته فممدعاها‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا فلنة‪ ،‬وإن لك رب ّا ً غيري؟ قالت نعم ربي وربممك اللممه‪ ،‬فممأمر‬
‫ببقرة من نحاس فأحميت ‪ -‬أي قدر كبير ‪ ،-‬ثم أمر بها أن ُتلقى هممي‬
‫وأولدها فيها‪ ،‬قالت له‪ :‬إن لي إليك حاجة‪ ،‬قال‪ :‬وما حاجتك؟ قممالت‪:‬‬
‫أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثموب واحمد وتمدفننا‪ ،‬قمال‪:‬‬
‫ذلك لك علينا من الحق‪ ،‬قال‪ :‬فأمر بأولدها فألقوا بين يممديها واحممدا ً‬
‫واحدا ً إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع‪ ،‬وكأنها تقاعسممت مممن‬
‫أجله‪ ،‬قال‪ :‬يا أمه اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الخممرة‬
‫فاقتحمت‪ ( ..‬رجاله ثقات إل أبا عمر الضرير قال فيممه الممذهبي وأبممو‬
‫حاتم الرازي هو صدوق وقد وثقه ابن حبان‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث أنطق اللمه الطفمل ليمأمر أمممه بالقتحممام فممي‬
‫النار‪ ،‬وهذا كطفل المرأة من أصحاب الخدود‪ ،‬فهذه المرأة اقتحمت‬
‫النار وألقت بنفسها في موضممع الهلك مممع ذلممك فقممد أثنممى الشممارع‬
‫عليها وعلى فعلها وإنما ذكممر النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم القصممة‬
‫)‪(532‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن مصمملحة‬ ‫لبيان فضلها وفضل ما أقدمت عليه من أجل دينهمما‪ ،‬مممع أ ّ‬
‫فعلها قاصرة عليها والذي ُيقدم على العملية الستشممهادية مصمملحته‬
‫متعدية والمتعدي أفضل من اللزم‪.‬‬
‫وروى أبو داود ‪3/27‬والترمذي ‪ 4/280‬وصححه واللفظ له‪ ،‬عممن‬
‫أسلم أبي عمران قال‪ :‬كنا بمدينة الروم فممأخرجوا لنمما صممفا ً عظيم ما ً‬
‫من الروم فخرج إليهم من المسلمين مثله‪ ،‬وعلى أهممل مصممر عقبممة‬
‫بن عامر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد‪ ،‬فحمل رجل من المسلمين‬
‫على صف الروم حتى دخل بينهم‪ ،‬فصاح الناس وقالوا‪ :‬سبحان اللممه‬
‫يلقي بيده إلى التهلكة‪ ،‬فقممام أبممو أيمموب النصمماري رضممي اللممه عنممه‬
‫فقال‪ :‬أيها الناس‪ :‬إنكم لتؤولون هذا التأويل‪ ،‬وإنما نزلممت هممذه اليممة‬
‫فينا معشر النصار لما أعز الله السلم وكثر ناصممروه‪ ،‬فقممال بعضممنا‬
‫لبعض سرا ً دون رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬إن أموالنمما قممد‬
‫ضاعت وإن الله قد أعز السلم وكثر ناصروه‪ ،‬فلو أقمنا في أموالنمما‬
‫وأصلحنا ما ضاع منها‪ ،‬فأنزل الله تعالى على نبيه يرد علينمما ممما قلنمما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة( وكانت التهلكة‬ ‫م إ َِلى الت ّهْل ُك َ ِ‬ ‫ل الل ّهِ َول ت ُل ُْقوا ب ِأي ْ ِ‬
‫ديك ُ ْ‬ ‫سِبي ِ‬
‫فُقوا ِفي َ‬
‫)وَأن ْ ِ‬
‫القامة علممى الممموال وإصمملحها وتركنمما الغممزو‪ ،‬فممما زال أبممو أيمموب‬
‫شاخصا ً حتى دفن بأرض الروم‪ .‬صممححه الحمماكم وقممال علممى شممرط‬
‫الشيخين ووافقه الذهبي‪ ،‬ورواه النسائي وابن حبان‪ ،‬وقممال الممبيهقي‬
‫في السنن‪ :‬باب جواز انفراد الرجل والرجال بالغزو فممي بلد العممدو‪،‬‬
‫استدلل ً بجواز التقدم على الجماعة وإن كان الغلب أنها ستقتله ثممم‬
‫روى حديث أبي عمران المذكور وغيره‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث فسر أبو أيوب رضي الله عنه بأن هذه اليممة ل‬
‫تنطبق على من اقتحم وحده على العدو‪ ،‬حتى لممو ظهممر للنمماس أنممه‬
‫مهلك لنفسه‪ ،‬وأقره على ذلك التفسممير الصممحابة رضممي اللممه عنهممم‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫وروى أحمد في مسنده ‪ 6/22‬عن ابن مسعود رضممي اللممه عنممه‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬عجب ربنا من رجليممن‪ ،‬رجممل‬
‫ثار عن وطأته ولحافه من بيممن أهلمه وحبممه إلممى صمملته فيقممول اللمه‬
‫عز وجل‪ :‬انظروا إلى عبدي ثار عممن فراشممه ووطممأته مممن بيممن حبممه‬
‫وأهله إلى صلته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي‪ ،‬ورجل غزا في‬
‫سبيل الله فانهزم أصحابه وعلممم ممما عليممه فممي النهممزام وممماله فممي‬
‫الرجوع‪ ،‬فرجع حتى يهريق دمه فيقول الله‪ :‬انظروا إلى عبممدي رجممع‬
‫)‪(533‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫رجاء فيما عندي وشفقة مممما عنممدي حممتى يهريمق دمممه( قممال أحممد‬
‫شاكر إسناده صحيح‪.‬‬
‫وروى الممبيهقي فممي السممنن الكممبرى أيض ما ً ‪ ،9/100‬قممال‪ :‬قممال‬
‫الشافعي رضي الله عنه تخلف رجممل مممن النصممار عممن أصممحاب بئر‬
‫معونة‪ ،‬فرأى الطير عكوفما ً علممى مقتلممة أصممحابه‪ ،‬فقممال لعمممرو بممن‬
‫أمية‪ ،‬سأقدم على هؤلء العدو‪ ،‬فيقتلوني‪ ،‬ول أتخلف عن مشهد قتل‬
‫فيه أصحابنا ففعل‪ ،‬فقتل‪ ،‬فرجع عمرو بن أمية‪ ،‬فذكر ذلممك لرسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فقال فيه قول ً حسنًا‪ ،‬ويقال‪ :‬قممال لعمممرو‬
‫)فهل تقدمت؟(‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث لم ينكر الرسول صلى الله عليه وسمملم علممى‬
‫من تقدم وعلم أنه يقتل‪ ،‬بل إنه حممث مممن رجممع علمى القممدام حممتى‬
‫يقتل مثل أصحابه‪.‬‬
‫وروى البيهقي في سننه الكبرى كتاب السير ‪ 9/44‬وغيره‪ ،‬قممال‬
‫وفي يوم اليمامة لما تحصن بنو حنيفة في بستان مسيلمة الذي كان‬
‫يعرف بحديقة الرحممن أو المموت‪ ،‬قمال المبراء بمن مالمك لصمحابه‪:‬‬
‫ضعوني في الجفنة ‪ -‬وهي ترس من جلممد كممانت توضممع بمه الحجممارة‬
‫وتلقى على العدو ‪ -‬وألقوني‪ ،‬فألقوه عليهم فقاتل وحده وقتل منهممم‬
‫عشرة وفتح الباب‪ ،‬وجممرح يممومئذ بضممعا ً وثمممانين جرح مًا‪ ،‬حممتى فتممح‬
‫الباب للمسلمين‪ ،‬ولم ينكر ذلك عليه أحد مممن الصممحابة رضممي اللممه‬
‫عنهم أجمعين‪.‬‬
‫ففي هذه الثار جواز بل مدح من يقدم على الممموت فممي سممبيل‬
‫الله واقتحام مواطن الهلكة في سبيل الله ولو تيقن أنه مقتول‪.‬‬

‫)‪(534‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫وبعد هذا أنقل فتاوى بعض العلماء توضح حكم المسألة‬


‫حكم العمليات الستشهادية‬
‫لفضيلة الشيخ‪ :‬حامد بن عبدالله العلي‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وبعد‪:‬‬
‫يجد الناظر في مسألة حكم اقتحام المجاهد على العدو إذا كممان‬
‫ل يرجو نجاة‪ ،‬يجدها تنقسم إلى قسمين‪ ،‬غيمر أنهممما ينممدرجان تحمت‬
‫حكم واحد بحسب الستدلل والنظر‪ ،‬كما سيتبين إن شاء الله‪:‬‬
‫أما أحد القسممين‪ :‬فهمو حكمم القتحمام علمى العمدد الكمبير ممن‬
‫العداء إذا علم أنهم سيقتلونه ل محالة‪ ،‬لن فرصة النجاة تكاد تكون‬
‫معدومة‪ ،‬كأن يحمل على ألممف مممن العممداء فينغمممس فيهممم وحممده‪،‬‬
‫ومن صوره العصرية أن يدخل فممي معسممكر للعممداء لعمليممة تفجيممر‬
‫وهو يعلم أن احتممممال الخممروج مممن المعسممكر معممدوم لن التممدابير‬
‫المنية محكمة‪ ،‬وبسبب كثرة الجند والحرس مثل‪ ،‬غير أنه فممي هممذه‬
‫الحالة تكون مباشرة القتل من العداء فهم الذين يباشرون قتلممه‪ ،‬ل‬
‫من نفسه‪ ،‬لكنه كان السبب غير المباشر في قتل نفسه لنه اقتحممم‬
‫بها إلى موضع يعلم أنه سيقتل فيه‪ ،‬غير أنه فعل ذلممك لنممه ل سممبيل‬
‫في هذه المثال إلى إحداث التفجيممر فممي ذلممك المعسممكر إل بإدخممال‬
‫عنصر بشري إلى داخله ‪0‬‬
‫وأما الثاني فهو‪ :‬حكم مباشرة المجاهد قتممل نفسممه إذا علممم أن‬
‫ذلك سيؤدي إلى أن يقتل معممه عممددا كممبيرا مممن العممداء‪ ،‬ول يمكنممه‬
‫قتلهم بل قتل نفسه معهم‪ ،‬أو تدمير مركممز حيمموي لقيممادة العممدو أو‬
‫لقوته العسكرية ونحو ذلك‪ ،‬ول يمكن إل بتلف العنصر البشممري فممي‬
‫تلممك العمليممة‪ ،‬ويتحقممق هممذا فممي العصممر الحممديث بوسممائل التفجيممر‬
‫الحديثة‪ ،‬أو إسقاط طائرته على موقمع مهمممم يلحممق بالعمدو خسمائر‬
‫عظيمة ونحو ذلك ‪0‬‬
‫والفرق بين هذين الفرعين‪ ،‬هو نفس الفممرق بيممن التسممبب فممي‬
‫القتل ومباشرة القتل‪ ،‬غير أنه في هذه الحالممة قتممل النفممس وليممس‬
‫قتل الغير‪ ،‬وعامة العلماء ل يفرقممون بيممن التسممبب والمباشممرة فممي‬
‫الحكم‪ ،‬ومعنى التسبب كما لو شهد شاهدان كذبا على مسلم فُقِتممل‬
‫ن عليهما القصاص إذا أقمّرا بكذبهما في الشهادة ‪0‬‬ ‫حدًا‪ ،‬فإ ّ‬
‫)‪(535‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله )النمموع السممابع أن‬
‫يتسبب إلى قتله بما يقتل غالبا‪ ،‬وذلك علممى أضممرب‪ :‬ثممم ذكممر الول‬
‫وهممو أن يكممره رجل علممى قتممل آخممر فيقتلممه فيجممب القصمماص علممى‬
‫كره جميعا‪ ،‬ثم ذكممر الثمماني وهممو أن يشممهد رجلن علممى‬ ‫كره والم َ‬
‫الم ِ‬
‫رجل بما يوجب قتله فقتل بشهادتهما ثم رجعا واعترفا بتعمممد القتممل‬
‫ظلما‪ ،‬وكذبهما في شهادتهما فعليهما القصاص‪ ،‬ثم ذكر الثممالث وهممو‬
‫إذا حكم الحاكم على رجل بالقتل عالما بذلك متعمدا فقتله واعترف‬
‫بمذلك وجمب القصمماص‪،‬والكلم فيمه كمالكلم فمي الشماهدين‪ .‬انتهممى‬
‫المقصود المغنى )‪(7/646‬‬
‫وبهذا يعلم أّنه إذا جاز للمجاهد أن يتسبب بقتل نفسه بالنغماس‬
‫في صف العدو وهو ل يرجو النجاة‪ ،‬فالحكم ل يتغيممر فيممما لممو باشممر‬
‫قتل نفسه في صف العدو وبين ظهرانيهممم‪ ،‬وذلممك بقصممد قتممل أكممبر‬
‫عدد منهم ل قتممل نفسممه‪ ،‬وإنممما جعممل نفسممه وسيلممممة وسممببا لممذلك‬
‫فحسب‪ ،‬ل فرق بين الصورتين في الحكم الشرعي‪ ،‬لن التسبب لممه‬
‫نفس حكم المباشرة فممي القصمماص‪ ،‬فكممذلك لممه نفممس الحكممم فممي‬
‫مسألتنا هذه إذ ل فرق بينهما ‪0‬‬
‫هذا وقد دلت الدلة‪ ،‬وفتاوى أهل العلم على جواز ممما ذكممر فممي‬
‫القسم الول بشرط أن يحقق المجاهد مصلحة شرعية كالنكاية فممي‬
‫العممدو‪ ،‬أو تجممرئة المسمملمين علممى أعممدائهم‪ ،‬أو إضممعاف روح العممدو‬
‫القتالية وإلحاق الهزيمة النفسية بهم‪ ،‬ونحو ذلممك وأنممه ل يجمموز بغيممر‬
‫مصلحة لنه يعرض نفسه للتلممف لغيمر منفعممة‪ ،‬والقممول فمي القسمم‬
‫الثاني ينبغي أن يكون كالول كما بينا في إلحاق التسبب بالمباشممرة‬
‫في الحكم‪ ،‬وفيما يلي ما يدل علممى ممما ذكممر مممن النقممول عممن أهممل‬
‫العلم‪:‬‬
‫‪1‬م ذكر المام القرطبي عن محمد بن الحسن الشيباني قوله )لممو‬
‫حمل رجل واحد على ألف من المشركين وهو وحده فل بأس بممذلك‬
‫إذا كان يطمع في نجاة‪ ،‬أو نكاية فممي عممدو وان كممان قصممده إرهمماب‬
‫العدو‪ ،‬وليعلم صلبة المسلمين في الدين فل يبعد جمموازه‪ ،‬وان كممان‬
‫فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لعزاز الممدين وتمموهين الكفممر‪ ،‬فهممو‬
‫المقام الشممريف الممذي مممدح اللممه تعممالى المممؤمنين بقمموله )إن اللممه‬
‫اشترى مممن المممؤمنين أنفسممهم وأممموالهم بممأن لهممم الجنممة( تفسممير‬
‫القرطبي ‪2/364‬‬
‫)‪(536‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال القرطبي رحمه اللممه )وعلممى ذلممك ينبغممي أن يكممون حكممم‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعا فممي ديممن اللممه‬
‫فبذل نفسه فيه حتى قتل كان في أعلى درجات الشهداء‪ ،‬قمال اللمه‬
‫تعالى }وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علممى ممما أصممابك إن‬
‫ذلك من عزم المور{ ‪0‬‬
‫‪2‬م قال المام أبو بكر ابن العربي بعد أن ذكر خلف العلماء في‬
‫اقتحممام المجاهممد علممى العسمماكر الكممثيرة الممتي ل طاقممة لممه بهممم‬
‫)والصحيح عندي جواز القتحام على العساكر لمن ل طاقة لممه بهممم‪،‬‬
‫لن فيه أربعة وجوه‪:‬‬
‫أ م طلب الشهادة‬
‫ب م وجود النكاية‬
‫ج م تجرئة المسلمين عليهم‬
‫د م ضعف نفوسهم ليممروا أن هممذا صممنع واحممد فممما ظنممك بممالجمع‬
‫أحكام القرآن لبن العربي ‪.116 /1‬‬
‫‪3‬م قال ابن خممويز منممداد مممن علممماء المالكيممة )فأممما أن يحمممل‬
‫الرجممل علممى مممائة أو علممى جملممة العسممكر أو جماعممة اللصمموص‬
‫والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان‪ :‬إن علم وغلممب علممى ظنممه أنممه‬
‫سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن‪ ،‬وكممذلك لممو علممم وغلممب علممى‬
‫ظنه أنه يقتل ولكن سينكى نكايممة أو سمميبلى أو يممؤثر أثممرا ينتفممع بممه‬
‫المسلمون فجائز أيضا‪ ،‬وقد بلغنممي أن عسممكر المسمملمين لممما لقممي‬
‫الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة‪ ،‬فعمممد رجممل منهممم فصممنع‬
‫فيل مممن طيممن وأنممس بممه فرسممه حممتى ألفممه‪ ،‬فلممما أصممبح لممم ينفممر‬
‫فرسمممه من الفيل‪ ،‬فحمل على الفيل الذي كان يقممدمها‪ ،‬فقيممل لممه‪:‬‬
‫انه قاتلك‪ :‬فقال ل ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين( تفسير القرطممبي‬
‫‪2/363‬‬
‫فذاك المجاهد الذي آثر إهلك نفسه في سبيل الله تعالى ليقتل‬
‫في عملية اقتحام استشهادية ذلك الفيل المقممدم الممذي تتبعممه سممائر‬
‫الفيلة التي يتخذها جيش العدو وسيلة لصد هجوم الجيش السلمي‪،‬‬
‫وتشتيت خيل المسلمين لنهمما تنفممر مممن هيئة الفيممل‪ ،‬قممد أنقممذ آلف‬
‫النفس التي تقتل تحت أقدام الفيلة‪ ،‬ثم يقتلها العدو مممن وراء تلممك‬
‫الفيلة كما أنه بهذه العملية الستشهادية أنهممى الحممرب الممتي تطحممن‬

‫)‪(537‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الجند طحنا أنهاها لصالح المسلمين‪ ،‬وإنممما تمكممن مممن ذلممك بعمليممة‬
‫استشمهادية قمدم فيهما نفسمه فمداء للمسملمين ابتغماء مرضماة اللمه‬
‫تعمالى‪ ،‬فكيممف ليممت شمعري يسممتقيم فممي النظممر تحريممم مثممل هممذه‬
‫العمليممة الستشممهادية‪ ،‬أليممس هممذا فممي الحقيقممة ترجيحمما لسممتمرار‬
‫الحرب ليهلك آلف الجند ويتكبد المسلمون مال يحصى من الخسائر‬
‫المادية والبشرية‪ ،‬أليس هو ترجيحا لهممذه المفاسممد العظيمممة‪ ،‬علممى‬
‫عملية استشهادية واحدة يقتل فيها واحد أو عدد قليل من الفدائيين‪،‬‬
‫قد تكون سببا رئيسا لحسم المعارك لصالح المجاهدين‪ ،‬لسيما فممي‬
‫هذه اليام التي أصبحت فيه العمليات الستشهادية أشد قممدرة علممى‬
‫التأثير الواسع والحاسم في سير المعارك‪.‬‬
‫‪4‬م وقال المام العز بن عبدالسلم رحمه الله )لن التغريممر فممي‬
‫النفوس إنما جمماز لممما فيمه مممن مصمملحة إعممزاز الممدين بالنكايممة فممي‬
‫المشركين( كتاب قواعد الحكام ‪1/111‬‬
‫ومعنمى قموله )التغريمر فمي النفموس( القتحمام بهما علمى مموارد‬
‫الهلكة في سبيل الله تعالى‪ ،‬بغية الثخان في العدو والنتصار للممدين‬
‫‪0‬‬
‫‪5‬م وقال المام الشاطبي رحمه الله )ما جاء في نصوص اليثممار‬
‫في قصة أبي طلحة في تتريسه على رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم بنفسممه وقمموله )نحممري دون نحممرك يمما رسممول اللممه( م م رواه‬
‫البخاري وغيره م ووقايته له حتى شلت يده‪ ،‬ولممم ينكممر ذلممك رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإيثار النبي صلى الله عليه وسمملم غيممره‬
‫في مبادرته للقاء العدو دون الناس ليتقممى بممه فهممو إيثممار راجممع إلممى‬
‫تحمل أعظم المشقات عن الغيممر‪ ،‬ووجمه عممموم المصملحة هنما فمي‬
‫مبممادرته صمملى اللممه عليممه وسمملم بنفسممه ظمماهر‪ ،‬لنممه كممان كالجنممة‬
‫للمسلمين‪ ،‬وفي قصة أبي طلحة أنه كان وقى بنفسه من يعم بقاؤه‬
‫مصالح الدين وأهله وهو الرسول صلى الله عليه وسلم( الموافقممات‬
‫‪2/280‬‬
‫وما ذكره المام الشاطبي هنا استدلل دقيق وغاية في التحقيق‪،‬‬
‫لن تعريض أبي طلحة رضي الله عنه نفسه للسهام هو بقصد إتلف‬
‫النفس فداء لنفس رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‪ ،‬لن مصمملحة‬
‫بقاء الرسول صلى اللمه عليمه وسملم أرجمح ممن مفسمدة قتمل أبمي‬
‫طلحة نفسه رضي الله عنممه‪ ،‬فممدل علممى جممواز أن يعممرض النسممان‬
‫)‪(538‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مممة مممن المسمملمين أو مممن‬ ‫نفسه للموت المحقق إذا نوى اسممتبقاء أ ّ‬
‫يقوم بالمة‪ ،‬وبهذا يعلم أنه متى تحققت هممذه القاعممدة وهممي ترجممح‬
‫مصلحة عظيمة في الجهاد يحصل بها اسممتبقاء نفمموس العممدد الكممبير‬
‫من المسلمين بإلحاق الهزيمممة السممريعة والحاسمممة بالعممدو بعمليممة‬
‫استشهادية فان ذلك مشروع بل هو داخممل فممي معنممى قمموله تعممالى‬
‫)ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله( ‪0‬‬
‫)‪ (6‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى )فممان الئمممة‬
‫متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسمملمين‬
‫إذا لم ُيقاتلوا‪ ،‬فانه يجوز أن نرميهممم ونقصممد الكفممار‪ ،‬ولممو لممم نخممف‬
‫على المسملمين جماز رممي أولئك المسملمين أيضما فمي أحمد قمولي‬
‫العلماء‪ ،‬ومن قتل لجل الجهاد الذي أمر الله به ورسوله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم هو في الباطن مظلوم م كان شهيدا وبعث على نيته ولم‬
‫يكن قتله أعظم فسادا من قتل من يقتل من المؤمنين المجاهممدين‪،‬‬
‫وإذا كان الجهاد واجبا وان قتل من المسمملمين ممما شمماء اللممه‪ ،‬فقتممل‬
‫من يقتل في صفهم من المسلمين لحاجة الجهمماد ليممس أعظممم مممن‬
‫هذا( مجموع الفتاوى ‪.28/538‬‬
‫وقد تبين فيما ذكره هذا المام أن الجهاد مبني أصل علمى تعممد‬
‫وقوع القتل القليل لتحصيل المصممالح العظيمممة‪ ،‬سممواء وقمموعه فممي‬
‫الكفار ليسلم باقيهم ويدفع خطر الكفر على البشرية‪ ،‬ووقمموعه فممي‬
‫المسلمين جراء تعرضممهم للحممرب لتحصمميل ظهممور ديممن المسمملمين‬
‫على الدين كله ‪0‬‬
‫ولهذا قال من قال من العلماء‪ ،‬أن الكفار لو جعلمموا المسمملمين‬
‫دروعا بشرية كما تسمى هذه اليام‪ ،‬وخيف وقمموع مفسممدة عظيمممة‬
‫كخوفنا على باقي المسلمين مممن صممولة الكفممار علممى بلد السمملم‪،‬‬
‫فيما لو ترك قتال الكفار المتخذين لهذه الدروع البشرية‪ ،‬فانه يجمموز‬
‫رميهم ولو تيقنا أننا سنصيب بعض المسلمين‪ ،‬وأنهمم لمو قتلموا فهمم‬
‫شهداء في سممبيل تحصمميل مصمملحة أعظممم‪ ،‬وكممذلك قممد قممال بعممض‬
‫العلماء حتى لو لم نخف على المسلمين من صممولة وشمميكة للكفممار‬
‫علممى المسملمين‪ ،‬فممانه يجمموز رمممي الكفممار المتترسممين بالمسملمين‬
‫ونقصد الكفار لتحصيل مصالح الجهمماد ولئل يفضممي هممذا الفعممل مممن‬
‫الكفار وهممو التممترس بالمسمملمين إلممى حمممل المسمملمين علممى تممرك‬
‫الجهاد ‪0‬‬
‫)‪(539‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وإذا كممان الجهمماد مبنممي علممى هممذا الصممل‪ ،‬فقممد علممم أن قتممل‬
‫المجاهد نفسممه بقصممد تحصمميل مصممالح عظيمممة‪ ،‬كإنقمماذ المسمملمين‬
‫بتعجيل النصر على عدوهم مثل م ل بقصد النتحممار يأسمما مممن الحيمماة‬
‫ومن روح الله تعالى م فانه قد فعل ما هو مطابق تماما للصل الذي‬
‫بني عليه الجهاد فكيف يكون فعله حراما ‪0‬‬
‫ولهذا قال شيخ السلم ابن تيمية أيضا مبينا أن قتل النفممس إذا‬
‫لم يكن يأسا من الحياة‪ ،‬وإنما لتحصيل مصلحة شرعية‪ ،‬أنه مشممروع‬
‫بل هو من أفضل القرب لنه من بذل النفس لله تعالى‪ ،‬قممال رحمممه‬
‫الله تعالى )وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قصة أصحاب الخدود‪ ،‬وفيها‪ :‬أن الغلم أمر بقتل نفسه لجممل‬
‫مصلحة ظهور الدين‪ ،‬ولهذا جوز الئمة الربعممة أن ينغمممس المسمملم‬
‫في صف الكفار وان غلب على ظنه أنهم يقتلونه‪ ،‬إذا كان فممي ذلممك‬
‫مصلحة للمسلمين( ‪28/540‬‬
‫فهذا الغلم م في قصة الغلم والملك المشهورة م م أرشممد الملممك‬
‫إلى كيفية قتله‪ ،‬فكأنه قتل نفسه عمدا‪ ،‬لجل تحصيل مصلحة ظهور‬
‫المدين‪ ،‬فمدل علمى جمواز قتمل النسمان نفسمه إذا كمان ذلمك بقصمد‬
‫تحصيل مصلحة دينية ل طلبا للموت يأسا من الحياة وتعجل للجل ‪0‬‬
‫)‪ (7‬وفي فتمموى مممن كتمماب مجممموع فتمماوى العلمممة محمممد بممن‬
‫إبراهيم آل الشيخ جمممع الشمميخ العلمممة محمممد بممن عبممدالرحمن بممن‬
‫قاسم‪ ،‬وقد وضع بن قاسم عنوانا للفتوى هممذه نصممه )جممواز النتحممار‬
‫في حالة( وكان السؤال إبان الجهاد ضد الحتلل الفرنسي للجممزائر‪،‬‬
‫جاء ممما يلممي‪ :‬الفرنسمماويون فممي هممذه السممنين تصمملبوا فممي الحممرب‬
‫ويسممتعملون الشممرنقات‪ ،‬إذا اسممتولوا علممى واحممد مممن الجزائرييممن‪،‬‬
‫ليعلمهم بالذخائر والمكممامن‪ ،‬ومممن يأسممرونه قممد يكممون مممن الكممابر‬
‫فيخبرهم أن في المكان الفلني كذا وكذا ‪0‬‬
‫وهذه البرة تسممكره إسممكارا مقيممدا‪ ،‬ثممم هممو مممع هممذا كلمممه ممما‬
‫يختلط‪ ،‬فهو يختص بما يبينه بما كان حقيقة وصدقا‪ ،‬جاءنا جزائريممون‬
‫يقولون‪ :‬هل يجوز للنسان أن ينتحر مخافممة أن يضممربون بالشممرنقة‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬أموت أنا وأنا شهيد‪ ،‬مع أنهم يعمذبونه بمأنواع العمذاب‪ ،‬فقلنما‬
‫لهم‪ :‬إذا كان كما تذكرونه فيجوز‪ ،‬ومن دليله‪ :‬آمنا برب الغلم‪ ،‬وقول‬
‫بعض أهل العلم أن السفينة الخ( ‪6/208‬‬

‫)‪(540‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومعنممى السممؤال الممذي وجممه إلممى العلمممة ابممن إبراهيممم مفممتي‬
‫المملكة العربية السعودية السبق‪ ،‬هو هل يجموز للمجاهممد أن ينتحمر‬
‫إذا خشي أن يعطممى دواء يحملممه علممى الخبممار بأسممرار الجهمماد مممما‬
‫يؤدي إلى مفاسد عظيمممة علممى المجاهممدين‪ ،‬فممأفتى أن ذلممك يجمموز‬
‫وليس هو من النتحار المحرم‪ ،‬واستدل بقصة الغلم‪ ،‬وبممأن العلممماء‬
‫أفتوا بجواز إلقاء بعض أهل السفينة لنقاذ البقية كما ورد فممي قصممة‬
‫النبي يونس عليه السلم ‪0‬‬
‫هذه سبعة نقول من أئمة العلممم تممدل دللممة واضممحة أو بطريممق‬
‫اللزوم على جواز العمليممات الستشممهادية بشممرط حصمممول مصمملحة‬
‫النكايممة فممي العممدو أو تجممرئة المسمملمين عليهممم أو إلحمماق الهزيمممة‬
‫المعنوية بالعدو بغية تحقيق النصر عليهم ‪0‬‬
‫وقد استدل بعضهم بقصة الغلم وبفعل بعض الصممحابة‪ ،‬وبعممادة‬
‫المجاهدين من أهل السلم في كل عصر من غير نكير‪ ،‬وبأن الجهاد‬
‫أصل مبني على وقوع القتل في المسلمين لتحصيل مصالح شرعية‪،‬‬
‫أرجح عمل بقاعدة فعل الرجح عند التعارض بيممن المصممالح‪ ،‬أو بينهمما‬
‫وبين المفاسد‪ ،‬أو بقاعدة دفع المفسدة العلى بارتكاب الدنى وهممو‬
‫مجمع عليه‪ ،‬واللممه أعلممم وصمملى اللممه علممى نبينمما محمممد وعلممى آلممه‬
‫وصحبه وسلم تسلميا كثيرا ‪0‬اهم‬

‫)‪(541‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فتوى الشيخ العلمة سليمان العلوان‬
‫في‬
‫حكم العلميات الستشهادية‬
‫فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى‬

‫ذكر بعض أهل العلم أن العمليات الفدائية القائمة فممي فلسممطين‬


‫والشيشان محرمة وسماها بالعمليات النتحارية فما هو قممولكم فممي‬
‫ذلك؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫حين نرجع إلى كتب اللغة وعلممماء الشممريعة وننظممر فممي تعريممف‬
‫المنمتحر لغة وشرعا ً ل نرى تشابها ً بيممن المنتحممر الممذي يقتممل نفسممه‬
‫طلبما ً للمممال أو جزعما ً مممن الممدنيا‪ ،‬وبيممن الفممدائي الممذي بممذل نفسممه‬
‫وتسبب في قتلها من أجل دينه وحماية عرضه‪.‬‬
‫والتسوية بين النتحار المحرم شرعا ً بالكتاب والسممنة والجممماع‬
‫وبين العمليات الستشهادية تسوية جائرة وقسمة ضيزى‪ .‬ومعاذ الله‬
‫دم نفسممه‬ ‫أن يستوي رجل قتل نفسه في سممبيل الشمميطان وآخممر قم ّ‬
‫ودمه في طاعة الرحمن‪ ،‬فو الله ما استويا ولممن يتسمماويا‪ ،‬فممالمنتحر‬
‫يقتل نفسه من أجل نفسه وهواه نتيجممة للجممزع وعممدم الصممبر وقلممة‬
‫اليمان بالقضمماء والقممدر ونحممو ذلممك‪ ،‬وذاك الفممدائي يقتممل نفسممه أو‬
‫يتسبب في قتلها بحثا ً عن التمكيممن للممدين وقمع ما ً للعممداء وإضممعافا ً‬
‫لشوكتهم وزعزعة لسلطانهم وكسرا ً لباطلهم‪.‬‬
‫وأيّ فرق في الشرع بين العمليات الستشهادية وبيممن القتحممام‬
‫على العدو مع غلبة الظن بالموت وقد تواترت الدلة عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في فضل القتحممام والنغممماس فممي العممدو وقتممالهم‬
‫وظاهر هذا ولو تحقق أنهم يقتلونه ويريقون دمه‪.‬‬
‫فإن قيل هذا المنغمس في العدو ُقتل بيد العممدو وذاك الفممدائي‬
‫بفعلممه فيقممال ثبممت فممي الشممرع أن المتسممبب فممي قتممل النفممس‬
‫والمشارك في ذلك حكمه حكم المباشر لقتلها‪ ،‬وهذا قول أكثر أهممل‬
‫العلممم وإليممه ذهممب مالممك والشممافعي وأحمممد فكلهممم قممالوا بوجمموب‬
‫القصاص على المتسبب بالقتل قصدا ً كأن يحفر بئرا ً ليقع فيها فلن‪،‬‬
‫فوقع فمات‪ .‬وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقال بتحريم التسبب‬

‫)‪(542‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بالقتل ووجوب الديممة ولكنممه ل يمموجب قصاصمًا‪ ..‬وفيممه نظممر‪ .‬فقممول‬
‫الجمهور أقوى دللة وأظهر حجة وهو الذي أفتى بممه أميممر المممؤمنين‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأدلته كممثيرة يمكممن مراجعتهمما فممي‬
‫كتب الفقهاء فليس هذا مجال الستطراد في تقريرها فالقليل يرشد‬
‫إلى الكثير والصل دليل على الفرع‪.‬‬
‫وخلصة المر أن من ألقى بنفسه في أرض العدو أو اقتحم في‬
‫جيوش الكفممرة المعتممدين أو لغممم نفسممه بمتفجممرات بقصممد التنكيممل‬
‫بالعدو وزرع الرعب في قلوبهم ومحو الكفر ومحممق أهلممه وطردهممم‬
‫من أراضي ومقدسات المسلمين فقد نممال أجممر الشممهداء الصممابرين‬
‫ن‬ ‫النبي صلى اللممه عليممه وسمملم )مم ْ‬ ‫والمجاهدين الصادقين‪ .‬وقد قال‬
‫عن َممان فرسممه فممي سممبيل اللممه‬ ‫ُ‬ ‫مَعاش الناس لهم رجل ممس م ُ‬
‫ك ِ‬ ‫خير َ‬
‫يطير على متنه كلما سممع هيعممة أو فزعمة طممار عليمه يبتغممي القتمل‬
‫والموت مظاّنه‪ .( ..‬رواه مسلم )‪ (1889‬من طريق عبد العزيممز بممن‬
‫أبي حازم عن أبيه عن بعجة بن عبد الله عن أبي هريرة رضممي اللممه‬
‫عنه‪.‬‬
‫فيا أهل الجهاد ويا أهل الستشهاد ويا أهل الغيرة على حرمممات‬
‫المسلمين ومقدساتهم صبرا ً فهي موتة واحدة فلتكن في سبيل الله‬
‫حي َمماءٌ‬ ‫قال تعالى }وَل تحسبن ال ّذين قُت ُِلوا في سبيل الل ّه أ َمواتمما ب م ْ َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ِ ْ َ ً َ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ّ‬
‫ضممل ِهِ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫ممم ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الّلمم ُ‬ ‫ممما َءاَتمماهُ ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حيمم َ‬ ‫ن )‪ (169‬فَرِ ِ‬ ‫م ي ُْرَزُقممو َ‬ ‫عْنممد َ َرب ِّهمم ْ‬ ‫ِ‬
‫م وََل‬ ‫َ‬
‫ف عَل َي ْهِ م ْ‬ ‫خ مو ْ ٌ‬ ‫م أّل َ‬ ‫خل ِْفهِ م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حُقوا ب ِهِ ْ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ِبال ّ ِ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫وَي َ ْ‬
‫ه َل‬ ‫َ‬
‫ن الل ّم َ‬ ‫ل وَأ ّ‬ ‫ضم ٍ‬ ‫ن الل ّمهِ وَفَ ْ‬ ‫مم َ‬ ‫م مة ٍ ِ‬ ‫ن ب ِن ِعْ َ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬‫ن )‪ (170‬ي َ ْ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫هُ ْ‬
‫َ‬
‫ن )‪.{(171‬‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫جَر ال ْ ُ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫وروى المام مسلم في صحيحه )‪ (1915‬من طريممق سممهيل بممن‬
‫أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضممي اللممه عنممه أن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال )من قتل في سبيل الله فهو شممهيد ومممن مممات‬
‫في سيل الله فهو شهيد‪.( ...‬‬
‫والمقصممود أن العمليممات الستشممهادية القائمممة فممي فلسممطين‬
‫والشيشممان وبلد كممثيرة مممن بلد المسمملمين هممي نمموع مممن الجهمماد‬
‫المشروع وضرب مممن أسمماليب القتممال والنكايممة بالعممدو قممال تعممالى‬
‫ن ب ِهِ عَد ُّو‬ ‫ل ت ُْرهُِبو َ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬ ‫ن رَِبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن قُوّةٍ وَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫}وَأ َ ِ‬
‫فُقوا‬ ‫ما ت ُن ْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬
‫مه ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مون َهُ ُ‬ ‫م َل ت َعْل َ ُ‬ ‫دون ِهِ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬
‫م وََءا َ‬ ‫الل ّهِ وَعَد ُوّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن )‪.{(60‬‬ ‫مو َ‬ ‫م َل ت ُظ ْل َ ُ‬ ‫م وَأن ْت ُ ْ‬ ‫ف إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل الل ّهِ ي ُوَ ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫يٍء ِفي َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫)‪(543‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ت مصمملحتها‬ ‫وقد أثبتت هذه العمليات فوائدها وآتت ثمارها وعم ّ‬
‫وأصممبحت ويل ً وثبممورا ً علممى اليهممود المغتصممبين وإخمموانهم النصممارى‬
‫المفسدين‪ ،‬وهي أكثر نكاية بالكفممار مممن البنممادق والرشاشممات وقممد‬
‫زرعت الرعب في قلوب الذين كفروا حتى أصبح اليهود وأعداء اللممه‬
‫يخافون من كل شيء وينتظرون الموت من كل مكممان‪ ،‬زيممادة علممى‬
‫هذا هي أقل الساليب الشرعية خسائر وأكثر فّعالية‪.‬‬
‫وقد ذكرت بعض الدراسات أن هذه العمليممات كممانت سممببا ً فممي‬
‫رحيل بعض اليهود من أراضي المسلمين فممي فلسممطين وأدت هممذه‬
‫العمليات إلى تقليل نسبة الهجرة إلى أرض فلسطين والقامة فيها‬
‫وهممذا دليممل علممى تحقممق المصممالح الكممثيرة فممي هممذه العمليممات‬
‫الشريفة‪.‬‬
‫وقد بحثت هذه المسألة في غير موضع وذكرت عشرات الدلممة‬
‫على جواز مثل هممذه العمليممات ومشممروعيتها فل حممرج فممي القممدام‬
‫عليهمما فممي سممبيل قهممر اليهممود والنصممارى ول سمميما السممرائيليون‬
‫المعتدون الذين يعتقدون أنهم ل يقهرون وأن دولتهم خلقممت لتبقممى‪.‬‬
‫اهم‬

‫فتوى الشيخ اللباني رحمه الله‬

‫قال الشيخ اللباني رحمه الله]في الشريط الرابع والثلثيممن بعممد‬


‫سئل رحمه اللممه سممؤال ً قممال‬ ‫المائة من سلسلة الهدى والنور[ حيث ُ‬
‫صاحبه‪ :‬هناك قوات تسمممى بالكومانممدوز‪ ،‬يكممون فيهمما قمموات للعممدو‬
‫تضايق المسلمين‪ ،‬فيضعون ‪ -‬أي المسمملمون‪ -‬فرقممة انتحاريممة تضممع‬
‫القنابل ويدخلون على دبابات العدو‪،‬و يكون هناك قتل فهل يعممد هممذا‬
‫انتحارًا؟‬
‫ن النتحممار هممو‪ :‬أن يقتممل‬ ‫فأجمماب بقمموله‪) :‬ل يعممد هممذا انتحممارًا؛ ل ّ‬
‫المسلم نفسه خلصا ً من هذه الحيمماة التعيسممة‪ ...‬أممما هممذه الصممورة‬
‫التي أنت تسأل عنهمما‪ ...‬فهممذا جهمماد فممي سممبيل الل ّممه‪ ...‬إل أن هنمماك‬
‫ملحظة يجب النتبمماه لهمما‪ ،‬وهممي أن هممذا العمممل ل ينبغممي أن يكممون‬
‫فرديا ً شخصيًا‪ ،‬إنما يكون بأمر قائد الجيش‪ ...‬فإذا كان قممائد الجيممش‬
‫يستغني عن هذا الفدائي‪ ،‬ويرى أن في خسارته ربح كممبير مممن جهممة‬

‫)‪(544‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أخرى‪ ،‬وهو إفناء عممدد كممبير مممن المشممركين والكفممار‪ ،‬فممالرأي رأيممه‬
‫ض هذا النسان فعليه الطاعة‪.( ...‬‬ ‫وتجب طاعته‪ ،‬حتى ولو لم َير َ‬
‫إلى أن قال رحمه الله‪:‬النتحار من أكبر المحرمات في السلم؛‬
‫لّنه ل يفعله إل غضبان على ربه ولمم يمرض بقضماء الّلمه‪ ...‬أمما همذا‬
‫فليس انتحارًا‪ ،‬كما كان يفعله الصحابة يهجم الرجل على جماعة من‬
‫مل فيهم السيف حتى يأتيه الموت وهو صابر‪ ،‬لنه‬ ‫الكفار بسيفه‪ ،‬وُيع ِ‬
‫يعلم أن مآله إلى الجنة‪ ...‬فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة‬
‫الجهادية وبين من يتخلص من حياته بالنتحار‪ ،‬أو يركب رأسه ويجتهد‬
‫بنفسه‪ ،‬فهذا يدخل في باب إلقاء النفس في التهلكة(‪.‬‬

‫قال الشيخ الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب‬


‫ن الحرص على الشممهادة‬ ‫ومن منظار المصالح والمفاسد‪ :‬نرى أ ّ‬
‫وض نقممص العممدة والعممدد‪ ،‬ويممؤثر فممي العممدو أبلممغ الثممر المممادي‬ ‫يع م ّ‬
‫والمعنوي‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ما نشهده في بيت المقدس وأكناف بيت‬
‫المقدس‪ ،‬وما شهدناه فممي جنمموب السممودان مممن عمليممات الممدبابين‬
‫سممك الكممافر‬ ‫ب المسلم للشهادة يفمموق تم ّ‬ ‫نح ّ‬ ‫التي ترجمت واقعيا ً أ ّ‬
‫بالحياة‪.‬‬
‫و يترّتب على هذه العملّيات إرهاب العدو وإرعممابه‪ ،‬وهممذا مقص مد ٌ‬
‫ممما‬
‫ب بِ َ‬‫ن ك ََفمُروا الّرعْم َ‬ ‫ب ال ّم ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سن ُل ِْقى فممي قُل ُممو ِ‬‫شرعي‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ه( وقال سبحانه‪) :‬فإما تثقفّنهم في الحممرب فش مّرد بهممم‬ ‫كوا ِبالل ّ ِ‬
‫شَر ُ‬‫أَ ْ‬
‫من خلفهم لعلهم يذكرون( ]النفال‪.[57 :‬‬
‫ن رسول الله صمملى‬ ‫وروى البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله أ ّ‬
‫شهْرٍ «‪ ،‬ول أبلغ في‬ ‫سيَرةَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ت ِبالّرعْ ِ‬ ‫صْر ُ‬‫الله عليه وسّلم قال‪ » :‬ن ُ ِ‬
‫ة‬
‫إيقاع الرعب في صفوف العدو من القممدام علممى الممموت بطمأنين م ِ‬
‫من باع نفسه لله‪.‬‬
‫رهمما فممي‬ ‫وكفى مثال ً على جدوى العملّيات الستشهادّية وبالِغ أث َ ِ‬
‫العصر الحديث‪ ،‬أّنها أرغمت أنوف القادةِ الروس على إنهمماء حربهممم‬
‫دة سممنوات‪ ،‬وأتمت بهممم صماغرين إلمى‬ ‫عم ّ‬‫الولى على الشيشان قبل ِ‬
‫خضت المفاوضات يومئذٍ عممن هدنممة‬ ‫التفاوض مع المجاهدين‪ .‬وقد تم ّ‬
‫السنوات الخمس‪ ،‬التي رّدت الروس علممى أدبممارهم‪ ،‬وقََلبتهممم علممى‬
‫أعقابهم‪ ،‬ل يلوون على شيء‪ ،‬ول يتطّلعون إلى أكثر من حقن دممماء‬

‫)‪(545‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب الّرعممب فممي صممفوفهم‪ ،‬وف مّرق‬ ‫من تبّقى من جهممودهم‪ ،‬بعممد أن د ّ‬
‫الذعر رأيهم‪ ،‬وأطاش َرمَيهم‪.‬‬
‫ن واحدة‪ ،‬من همجي ّممة الممرد‪،‬‬ ‫ول يمنع من ذلك ما يراه الناظر بعي ٍ‬
‫ن هذه سّنة الله في عباده‪ ،‬ولنا العممزاء فممي قمموله‬ ‫وعنجهّية العدو‪ ،‬فإ ّ‬
‫م‬ ‫ك الي ّمما ُ‬‫ه وت ِل ْم َ‬ ‫مث ْل ُم ُ‬ ‫م قَمْر ٌ‬
‫ح ّ‬ ‫س ال َْقموْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ح فََقد ْ َ‬ ‫م قَْر ٌ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫تعالى‪ِ) :‬إن ي َ ْ‬
‫ل‬ ‫ن قَمما َ‬ ‫ذي َ‬ ‫س( ]آل عمران‪ [140 :‬وقوله سممبحانه‪) :‬ال ّم ِ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫داوِل َُها ب َي ْ َ‬ ‫نُ َ‬
‫مانا ً وََقاُلوا ْ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫م فََزاد َهُ ْ‬ ‫شوْهُ ْ‬ ‫خ َ‬‫م َفا ْ‬ ‫مُعوا ْ ل َك ُ ْ‬‫ج َ‬‫س قَد ْ َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ل َهُ ُ‬
‫ن‬ ‫ل شممأنه‪) :‬إ ِ ْ‬ ‫ل( ]آل عمران‪ ،[173 :‬وقوله جم ّ‬ ‫كي ُ‬‫م ال ْوَ ِ‬ ‫ه وَن ِعْ َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ممما َل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن الل ّمهِ َ‬ ‫مم َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جممو َ‬‫ن وَت َْر ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ممما ت َمأل َ ُ‬ ‫ن كَ َ‬‫مو َ‬ ‫م ي َمأل َ ُ‬ ‫ن فَمإ ِن ّهُ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ت َأل َ ُ‬ ‫تَ ُ‬
‫ن( ]النساء‪.[104 :‬‬ ‫جو َ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫ونحن نعذر من لم يَر فمي العملّيمات الستشمهادّية جمدوى‪ ،‬ولمم‬
‫ُيعّلق عليها بعد الله أمل ً وإن كممان صممغيرًا‪ ،‬لن الثمممرة اليانعممة الممتي‬
‫ة علممى غيرهممم‪،‬‬ ‫عيانا ً في عملّياتهم‪ ،‬قد تكممون خافي ّم ً‬ ‫رآها المجاهدون َ‬
‫ن )الخفمماء والظهممور مممن‬ ‫صة أولئك الذين قعدوا مع القاعدين‪ ،‬ل ّ‬ ‫وخا ّ‬
‫ره‪ ،‬وَيظَهر‬ ‫غي ِ‬‫المور النسبّية‪ ،‬فرّبما ظهر ل َِبعض الناس ما حفي على َ‬
‫ل أخممرى‪ ،‬وأيضما ً‬ ‫ي عليممه فممي حمما ٍ‬ ‫خفم َ‬ ‫ل ممما َ‬ ‫للنسان الواحد فممي حمما ٍ‬
‫ة فقد ُيسّلمها بعض الناس‪ ،‬وُيجممادل فيممما‬ ‫دمات وإن كانت خفي ّ ً‬ ‫فالمق ّ‬
‫هو أجلى منها‪ ،‬وَقد تفَرح النفس بما عِلمته من البحث والنظممر ممما ل‬
‫مته من المور الظاهرة( ]شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬لبممن‬ ‫َتفَرح بما عَل ِ َ‬
‫حَنفي‪ ،‬ص‪ .[112 :‬اهم‬ ‫أبي العّز ال َ‬
‫فإن قيل‪ :‬إنه يقتل في بعض هذه العمليات أناس أبرياء‪.‬‬
‫ن في هذا العتراض إجمال لبد ّ من توضيحه‬ ‫فالجواب أن يقال‪ :‬إ ّ‬
‫فإن بعض الناس ُيطلق كلمة أبرياء ويريد بها حقا ً وبمماطل ً فلب مد ّ مممن‬
‫م ذكر الحكم‪.‬‬ ‫تمييز الحق من الباطل ث ّ‬
‫ن لفظ البرياء يطلق عند بعض الناس ويقصدون به‪:‬‬ ‫إ ّ‬
‫‪ -‬الكافر الذي ل يحمممل السمملح كممالطبيب والمهنممدس ونحوهممما‬
‫وهو ما يسمونه بالمدنيين‪.‬‬
‫‪ -‬نساء الكفار وأطفالهم‪.‬‬
‫‪ -‬أفراد الجيش الوطني الذي يكون درعا ً للغزاة‪.‬‬
‫‪ -‬أفراد من المسلمين‪.‬‬
‫مممن كممان مممن الكفممار قممادرا ً علممى‬ ‫م فإن كان المقصود بالبريمماء َ‬
‫)‪(546‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫حمل السلح ولكنه لم يحمله ولم يقاتممل فممإن وصممفه بممالبريء خطممأ‬
‫وغلط‪ ،‬فإن سنة النبي صلى اللمه عليمه وسملم مضمت علمى أن ممن‬
‫كممان مممن العممدو قممادرا ً علممى حمممل السمملح والقتممال فممإنه ُيلحممق‬
‫بالمحاربين حتى لو لم يحمل السلح ويدل على ذلك فعله صلى الله‬
‫عليه وسلم في بني قريظة عندما نقضوا العهد فإنه قتل كل من بلغ‬
‫ن الذين نقضوا العهد هم رؤساؤهم ولكن لما سكتوا علممى‬ ‫منهم مع أ ّ‬
‫ل ذلممك علممى رضمماهم فغزاهممم‬ ‫ما فعله رؤساؤهم من نقض العهممد د ّ‬
‫جميعا ً وقتل جميع رجالهم ففي الترمذي وابن ماجة وصححه اللباني‬
‫عن عطية القرظي قال‪]:‬عرضنا على رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يوم قريظة‪ .‬فكان من أنبت قتل‪ ،‬ومن لم ينبت خلممى سممبيله‪.‬‬
‫فكنت فيمن لم ينبت فخلي سبيلي[‪.‬‬
‫وقد علق ابن حزم رحمه الله على هممذا الحممديث بقمموله‪” :‬فهممذا‬
‫ق منهممم عسمميفا ً ول‬ ‫سمت َب ْ ِ‬
‫م من النبي صلى الله عليه وسلم لممم ي َ ْ‬ ‫عمو ٌ‬
‫ح منهممم رضممي اللممه‬ ‫تاجرا ً ول فلحا ً ول شيخا ً كبيرا ً وهذا إجماعٌ صممحي ٌ‬
‫ن لنهم في عرض من أعراض المدينة لم يخف ذلك على‬ ‫مت َي َّق ٌ‬
‫عنهم ُ‬
‫أحد من أهلها“‪ .‬اهم المحلى ‪.799 /7‬‬
‫وقال ابن القيم ‪-‬رحمه الله تعالى‪ -‬في ذكر فوائد هممذه الغممزوة‪:‬‬
‫”وفيها انتقمماض عهممد جميعهممم بممذلك‪ ،‬ردئهممم ومباشممريهم إذا رضمموا‬
‫بذلك‪ ،‬وأقّروا عليممه ولممم ينكممروه‪ ،‬فممإن الممذين أعممانوا بنممي بكممر مممن‬
‫قريش بعضهم‪ ،‬لم يقاتلوا كلهم معهم‪ ،‬ومع هذا فغزاهم رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم كلهم‪ ،‬وهذا كما أنهم دخلمموا فممي عقممد الصمملح‬
‫ل واحدٍ منهم بصلح‪ ،‬إذ قد رضموا بمه وأقمروا عليمه‪،‬‬ ‫تبعًا‪ ،‬ولم ينفرد ك ّ‬
‫فكذلك حكم نقضهم للعهد‪ ،‬هذا هدي رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫ن هذا الحكم ِ علممى‬ ‫وسلم الذي ل شك فيه كما ترى‪ ،‬وطرد ُ هذا جريا ُ‬
‫ناقضي العهد من أهل الذمة إذا رضي جماعتهم بممه‪ ،‬وإن لممم يباشممر‬
‫كل واحد منهم ما ينقض عهده‪ ،‬كما أجلى عمر يهممود خيممبر لممما عممدا‬
‫بعضهم على ابنه‪ ،‬ورممموه ممن ظهمر دار ففمدعوا يممده‪ ،‬بممل قممد قتمل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم جميممع مقاتلممة بنممي قريظممة‪ ،‬ولممم‬
‫يسأل عن كل رجل منهم هل نقض العهممد أم ل؟ وكممذلك أجلممى بنممي‬
‫م بالقتممل رجلن‪ ،‬وكممذلك فعممل ببنممي‬ ‫النضير كلهم‪ ،‬وإنما كان الذي ه ّ‬
‫قينقاع حتى استوهبهم منه عبد اللممه بممن أبممي‪ ،‬فهممذه سمميرته وهممديه‬
‫الذي ل شك فيه‪ ،‬وقد أجمع المسمملمون علممى أن حكممم الممردء حكممم‬
‫)‪(547‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المباشر في الجهاد“‪ .‬اهم من زاد المعاد ‪.421 -3/420‬‬
‫ن بعض أولئك الكفار كاره لسياسة دولته‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫فالجواب‪ :‬أن الصل أن يحكم على الكافر حكممم دولتممه فكممما أن‬
‫حكم العهد يشمله مع دولته فكذلك حكم النقض كما سبق بيان ذلك‬
‫في كلم ابن القيم السابق‪ ،‬ونحممن نعمماملهم علممى هممذا السمماس ول‬
‫نسممتطيع أن نفممرق بيممن الراضممي والكمماره‪ ،‬وإذا كممان اللممه سممبحانه‬
‫يخسف بالذين يغممزون الكعبممة جميعهممم مممع وجممود مممن ليممس منهممم‬
‫وليس قصده قصدهم مع علمه سبحانه بما في القلوب فنحن الممذين‬
‫ل نعلم الغيب من باب أولى أن ل نؤمر بالتفريق‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وقد ثبت في الصحيحين‬
‫عن النبي أّنه قال‪” :‬يغزو هممذا الممبيت جيممش مممن النمماس فبينممما همم‬
‫ببيداء من الرض إذ خسف بهم فقيل يا رسول اللممه وفيهممم المكممره‬
‫فقال يبعثون على نياتهم“ فإذا كان العذاب الذي ينزله الله بممالجيش‬
‫الذي يغزو المسلمين ينزله بممالمكره وغيممر المكممره فكيممف بالعممذاب‬
‫ل‬‫ل هَ م ْ‬‫الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين؟! كما قال تعممالى‪) :‬قُ م ْ‬
‫تربصون بنا إّل إحدى ال ْحسنيين ونحن نتربمص بك ُم َ‬
‫م الل ّم ُ‬
‫ه‬ ‫صمميب َك ُ ُ‬
‫ن يُ ِ‬
‫مأ ْ‬‫ُ ْ ََْ ِ ََ ْ ُ َََ ّ ُ ِ ْ‬ ‫ََ ّ ُ َ َِ ِ ِ ْ َ‬
‫ديَنا( ونحممن ل نعلممم المكممره ول نقممدر علممى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ِعَ َ‬
‫عن ْمدِهِ أوْ ب ِأي ْم ِ‬
‫ن ِ‬
‫مم ْ‬
‫ب ِ‬
‫ذا ٍ‬
‫التمييز‪ ،‬فإذا قتلناهم بأمر اللممه كنمما فممي ذلممك مممأجورين ومعممذورين‪،‬‬
‫وكانوا هم على نيمماتهم فمممن كممان مكرهًمما ل يسممتطيع المتنمماع فممانه‬
‫يحشر على نيته يوم القيامة‪ ،‬فإذا قتل لجل قيام الدين لم يكن ذلك‬
‫بأعظم ممن يقتل من عسكر المسلمين“‪ .‬ا‪ .‬هم م مجممموع الفتمماوى )‬
‫‪.(28/547‬‬
‫*************‬
‫مم وإن كممان المقصممود بالبريمماء نسمماء الكفممار وأطفممالهم‪ ،‬فنحممن‬
‫نقول‪ :‬نعم في الصممل ل يجمموز قتممل نسمماء الكفممار وأطفممالهم لنهممم‬
‫ليسوا من أهل القتال‪ ،‬ولكن لو حصل منهم القتال أو المعاونة عليممه‬
‫ن علممة‬ ‫بالمال أو الرأي فإنهم يقتلون فممي قممول عامممة أهممل العلممم ل ّ‬
‫ذ‪ ،‬وعلى هذا فالمجنممدات اللتممي يقمماتلن مممع‬ ‫ترك قتالهم منتفية حينئ ٍ‬
‫دولهم ل شك في مشروعية قتالهن وقتلهن‪.‬‬
‫ولكن النساء والطفال الذين لم يحصل منهمم شميء ممن ذلمك ل‬
‫يجوز استهدافهم ابتممداًء‪ ،‬ول تقصممدهم بالقتممل‪ ،‬إل إذا كممان مممن بمماب‬

‫)‪(548‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫معاقبتهم بالمثل‪ ،‬وذلك إذا تقصد العدو قتل نسائنا وأطفالنا جمماز لنمما‬
‫صد قتل نسائهم وأطفالهم ويممدل علممى ذلممك‬ ‫أن نعاملهم بالمثل فنتق ّ‬
‫دى‬ ‫ممما اعْت َم َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْم ِ‬ ‫دوا عَل َي ْمهِ ب ِ ِ‬ ‫م َفاعْت َ ُ‬ ‫دى عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن اعْت َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قول الله تعالى )فَ َ‬
‫م( )البقرة‪(194:‬‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫وقوله )وال ّذين إ َ َ‬
‫سي ّئ َ ٌ‬
‫ة‬ ‫سي ّئ َةٍ َ‬ ‫جَزاُء َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ي َن ْت َ ِ‬ ‫ي هُ ْ‬ ‫م ال ْب َغْ ُ‬ ‫صاب َهُ ُ‬ ‫ذا أ َ َ‬ ‫َ ِ ََ ِ‬
‫ن‬ ‫ممم ِ‬ ‫ن وَل َ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ظممال ِ ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫جُرهُ عََلى الل ّهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ح فَأ ْ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ن عََفا وَأ ُْ‬ ‫م ْ‬ ‫مث ْل َُها فَ َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ل عََلى ال ّ ِ‬ ‫سِبي ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫سِبي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫مهِ فَأول َئ ِ َ‬ ‫صَر ب َعْد َ ظ ُل ْ ِ‬ ‫ان ْت َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ب أِلي م ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ك ل َهُ ْ‬ ‫حقّ أول َئ ِ َ‬ ‫ض ب ِغَي ْرِ ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِفي اْلْر‬ ‫س وَي َب ُْغو َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ي َظ ْل ِ ُ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫عماقَب ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مموِر( وقموله )وَإ ِ ْ‬ ‫عمْزم ِ اْل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مم ْ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ن ذ َِلم َ‬ ‫صمب ََر وَغََفمَر إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَل َ َ‬
‫صمب ِْر‬ ‫ن‪َ ،‬وا ْ‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬
‫خي ْمٌر ِلل ّ‬ ‫م ل َهُوَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫ن‬ ‫مك ُمُرو َ‬ ‫ممما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ض مي ْ ٍ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫م َول ت َ ُ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ْ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ك إ ِّل ِبالل ّهِ َول ت َ ْ‬ ‫صب ُْر َ‬ ‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن(‪.‬‬‫سُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وا َوال ّ ِ‬ ‫ن ات َّق ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫مع َ ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫فالعقوبة بالمثل جائزة في الشريعة‪ ،‬ولكن هنمماك فممرق بيممن ممما‬
‫حّرم لذاته‪ ،‬وما حّرم لغيره‪:‬‬ ‫ُ‬
‫فما حّرم لذاته ويسميه بعض العلماء ما حّرم بنوعه فهذا ل يجوز‬
‫القصاص فيه بالمثل لنه محّرم لذاته كمممن زنممى بممامرأة ل يجمموز أن‬
‫يقتص منه بفعل ذلك في أهله‪ ،‬كذلك من سقى غيممره خمممرا ً فمممات‬
‫فإنه ل يجوز أن نسقيه خمرا ً لنه محرم لذاته‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وما حّرم لغيره فإنه يجوز القصاص فيه بالمثل‪ ،‬وفي مسألتنا لم‬
‫ُيحّرم قتل نساء الكفممار وأطفممالهم لممذاته وإنممما لغيممره‪ ،‬وهممو كممونهم‬
‫ليسوا ما أهل القتال غالبًا‪ ،‬بدليل أنه يجوز قتلهم إذا قاتلوا أو أعممانوا‬
‫على القتال‪ ،‬كذلك يجمموز قتلهممم تبع ما ً كممما فممي تممبييت الكفممار ففممي‬
‫الصحيحين عن الصعب ابن جثامة رضي الله عنه قال‪ :‬سئل رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسمملم عممن أهممل الممدار مممن المشممركين ي ُممبيتون‬
‫فيصاب من نسائهم وذراريهم فقال‪) :‬هم منهم(‪.‬‬
‫صمد الكفممار قتممل أطفالنما ونسماءنا جمماز لنما أن‬ ‫فعلى هممذا إذا تق ّ‬
‫نعاقبهم بالمثل فنتقصد قتل نسائهم وأطفالهم‪.‬‬
‫روى بممن أبممي شمميبة ‪ 7/366‬قممال لممما كممان يمموم أحممد وانصممرف‬
‫المشركون فرأى المسلمون بممإخوانهم مثلممة سمميئة جعلمموا يقطعممون‬
‫آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم فقممال أصممحاب رسممول اللممه صمملى‬
‫م‬ ‫عمماقَب ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫الله عليه وسلم لئن أنالنا الله منهم لنفعلن فأنزل الله )وَإ ِ ْ‬

‫)‪(549‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ن( فقممال‬ ‫ري َ‬ ‫صمماب ِ ِ‬ ‫خي ْمٌر ِلل ّ‬‫م ل َهُموَ َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫م ب ِهِ وَل َئ ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫عوقِب ْت ُ ْ‬
‫ما ُ‬
‫ل َ‬ ‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫مث ْ ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )بل نصبر(‪.‬‬
‫فالمثلة منهممي عنهمما ومحرمممة لقممول الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم كما جاء عند البخاري عن عبد الله يممن يزيممد رضممي اللممه عنممه‬
‫)أنه نهممى عممن النهممبى والمثلممة( قممال ابممن حجممر فممي الفتممح ‪5/120‬‬
‫”المثلة‪ :‬تشويه خلقة القتيل‪ ،‬كجممدع أطرافممه‪ ،‬وجممب مممذاكره ونحممو‬
‫ذلك“‪.‬‬
‫قال ابن مفلح في الفممروع ‪ 6/218‬نقل ً عممن شمميخ السمملم ابممن‬
‫تيمية ”إن المثلة حق لهم‪ ،‬فلهم فعلها للسممتيفاء وأخممذ الثممأر‪ ،‬ولهممم‬
‫تركها‪ ،‬والصبر أفضل‪ ،‬وهذا حيث ل يكون في التمثيل بهم زيادة فممي‬
‫الجهاد‪ ،‬ول يكون نكال لهم عممن نظيرهمما‪ ،‬فأممما إذا كممان فممي التمثيممل‬
‫الشائع دعاًء لهم إلى اليمان أو زجرا ً لهم عن العدوان‪ ،‬فإنه هنا مممن‬
‫بمماب إقامممة الحممدود والجهمماد المشممروع“ وانظممر الختيممارات لشمميخ‬
‫السلم ‪.5/521‬‬
‫وقال ابن القيممم فممي حاشمميته ‪” 12/180‬وقممد أبمماح اللممه تعممالى‬
‫للمسلمين أن يمثلوا بالكفار إذا مثلمموا بهممم وإن كممانت المثلممة منهيمما‬
‫ه( وهممذا‬‫م ب ِم ِ‬‫ممما عُمموقِب ْت ُ ْ‬‫ل َ‬ ‫م فَعَمماقُِبوا ب ِ ِ‬
‫مث ْم ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫عنها فقال تعالى )وَإ ِ ْ‬
‫دليل على جدع النف وقطع الذن وبقر البطن ونحو ذلك هي عقوبة‬
‫بالمثل ليست بعدوان والمثل هو العدل‪ ،‬وأما كون المثلة منهيا عنهمما‬
‫فلما روى أحمد في مسنده من حديث سمرة بن جندب وعمران بن‬
‫حصين قال ما خطبنا رسول الله خطبة )إل أمرنا بالصدقة ونهانا عن‬
‫المثلة(‪ ،‬فإن قيمل فلمو لمم يممت إذا ُفعمل بمه نظيمر مما َفعمل فمأنتم‬
‫تقتلونه وذلك زيادة على ما فعل فأين المماثلممة؟‪ ،‬قيممل هممذا ينتقممض‬
‫بالقتل بالسيف‪ ،‬فإنه لمو ضممربه فممي العنممق ولممم يمموجبه كمان لنمما أن‬
‫نضممربه ثانيممة وثالثممة حممتى يمموجبه اتفاقمما‪ ،‬وإن كممان الول إذا ضممربه‬
‫حصول واحدة واعتبار المماثلة له طريقممان إحممداهما اعتبممار الشمميء‬
‫بنظيره ومثله وهو قيمماس العلممة الممذي يلحممق فيممه الشمميء بنظيممره‪،‬‬
‫والثاني قياس الدللممة الممذي يكممون الجمممع فيممه بيممن الصممل والفممرع‬
‫بدليل العلة ولزمها فإن انضاف إلى واحد مممن هممذين عممموم لفظممي‬
‫كان من أقوى الدلة لجتماع العمومين اللفظممي والمعنمموي وتضممافر‬
‫الممدليلين السمممعي والعتبمماري فيكممون ممموجب الكتمماب والميممزان‬
‫والقصاص في مسألتنا هو مممن هممذا البمماب كممما تقممدم تقريممره وهممذا‬
‫)‪(550‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫واضح ل خفاء به ولله الحمد والمنة“‪ .‬اهم‬
‫وكلم العلمة ابن القيم المتقدم رد على من قال‪ :‬وكيف تقتلون‬
‫نساء وصممبيان المقاتلممة إذا فعلمموا هممذا بنسمماء وصممبيان المسمملمين؟‬
‫وكيف تأخذون ثأركم من غيممر الفاعممل؟ واللممه يقممول )َول ت َمزُِر َوازَِرةٌ‬
‫خَرى(‪.‬‬ ‫وِْزَر أ ُ ْ‬
‫وهذا اليراد باطل وينتقض حتى لممو قلنمماه علممى المقاتلممة فكيممف‬
‫يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم مقاتلة قريش والذي نقممض العهممد‬
‫هم بني بكر بن وائل أو قادة قريش‪.‬‬
‫وكيف يقتل النبي صلى الله عليه وسمملم رجممال وشمميوخ وأجممراء‬
‫بني قريظة وهم لم ينقضوا العهد بممل نقضممه كممبراؤهم وأهممل الممرأي‬
‫منهم فقتل بجريرتهم سبعمائة نفس‪ ،‬واسترق من بقي‪.‬‬
‫وأيضمما ً كيممف يجيممز العلممماء المثلممة مطلقمما ً برجممال العممدو ولممم‬
‫يشترطوا أن تكون المثلة بالفاعل؟‪.‬‬
‫ولو أن رجل ً قتل آخر فلماذا تتحمل عاقلته الدية ويغرمون والذي‬
‫ارتكممب الجنايممة فممرد منهممم وهممم لممم يشمماركوه ورغممم ذلممك تحملمموا‬
‫جريرته؟‬
‫واليات المتقدمة ل تقتصر على المماثلة في القصاص فقط بل‬
‫هي عامة لكل عقوبة أو حد سممواًء مممع مسمملم أو ذمممي أو معاهممد أو‬
‫م‬‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬‫ن اعْت َم َ‬ ‫حربممي قممال القرطممبي ‪” 2/357‬قمموله تعممالى )فَ َ‬
‫مم ِ‬
‫م‬ ‫عماقَب ْت ُ ْ‬
‫ن َ‬
‫م( وقموله تعمالى )وَإ ِ ْ‬ ‫دى عَل َي ْ ُ‬
‫كم ْ‬ ‫مما اعَْتم َ‬ ‫ل َ‬ ‫دوا عَل َْيمهِ ب ِ ِ‬
‫مْثم ِ‬ ‫َفاعْت َ ُ‬
‫ه( قالوا وهذا عموم في جميع الشياء كلها‬ ‫م بِ ِ‬
‫عوقِب ْت ُ ْ‬‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬
‫وعضممدوا هممذا بممأن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم )حبممس القصممعة‬
‫المكسورة في بيت المتي كسمرتها ودفمع الصمحيحة وقمال إنماء بإنماء‬
‫وطعام بطعام( أخرجه أبو داود‪ ،‬ثم قممال‪ ...‬ل خلف بيممن العلممماء أن‬
‫هذه الية أصل في المماثلممة فممي القصمماص فمممن قتممل بشمميء قتممل‬
‫بمثل ما قتل به وهو قممول الجمهممور ممما لممم يقتلممه بفسممق كاللوطيممة‬
‫وإسقاء الخمر فيقتل بالسيف‪ ،‬وللشافعية قول أنه يقتل بذلك فيتخذ‬
‫عودا ً على تلك الصفة ويطعن به في دبره حتى يموت ويسممقى عممن‬
‫الخمر ماًء حتى يموت‪ ،‬وقال ابن الماجشممون إن مممن قتممل بالنممار أو‬
‫بالسم ل يقتل به لقول النبي صلى الله عليه وسلم )ل يعممذب بالنممار‬
‫إل الله( والسم نار باطنه وذهب الجمهور إلى أنه يقتل بذلك لعممموم‬

‫)‪(551‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الية“‪.‬‬
‫سي ّئ َ ٍ‬
‫ة‬ ‫جَزاءُ َ‬ ‫قال الشوكاني في نيل الوطار ‪” 6/39‬قوله تعالى )وَ َ‬
‫ه(‬ ‫م ِبم ِ‬ ‫عموقِب ْت ُ ْ‬ ‫مما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مث ْل َُها( وقوله تعالى )وَإ ِ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬‫َ‬
‫دى‬ ‫ممما اعْت َم َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْم ِ‬‫دوا عَل َي ْمهِ ب ِ ِ‬ ‫م َفاعْت َم ُ‬ ‫دى عَل َي ْك ُم ْ‬ ‫ن اعْت َم َ‬ ‫مم ِ‬ ‫وقوله تعالى )فَ َ‬
‫م( والحاصممل أن الدلممة القاضممية بتحريممم مممال الدمممي ودمممه‬ ‫عَل َي ْك ُم ْ‬
‫وعرضه عمومها مخصص بهذه الثلث اليات“ أهم مختصرا ً‬
‫دوا عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫قال ابن القيم في إعلم الموقعين ‪” 1/328‬قوله )َفاعْت َ ُ‬
‫مث ْل َُها( وقوله )وَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬
‫سي ّئ َةٍ َ‬
‫جَزاُء َ‬ ‫م( وقوله )وَ َ‬ ‫دى عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ما اعْت َ َ‬‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ه( يقتضي جواز ذلممك ‪ -‬إي العقوبممة‬ ‫م بِ ِ‬‫عوقِب ْت ُ ْ‬
‫ما ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫م فََعاقُِبوا ب ِ ِ‬ ‫عاقَب ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫بالمثل في النفس والعراض والموال ‪ -‬وقممد صممرح الفقهمماء بجممواز‬
‫إحراق زروع الكفار وقطع أشجارهم إذا كانوا يفعلون ذلمك بنما وهمذا‬
‫عين المسألة وقد أقر الله سبحانه الصحابة على قطممع نخممل اليهممود‬
‫لما فيه من خزيهم وهذا يدل على أنممه سممبحانه يحممب خممزي الجمماني‬
‫الظالم ويشممرعه‪ ،‬وإذا جمماز تحريممق متمماع الغممال بكممونه تعممدى علممى‬
‫المسلمين في خيانتهم في شيء من الغنيمة فلن يحرقمموا ممماله إذا‬
‫حرق مال المسلم المعصوم أولممى وأحممرى‪ ،‬وإذا كممانت الماليممة فممي‬
‫حق الله الذي مسامحته به أكثر من استيفائه فلن تشممرع فممي حممق‬
‫العبد الشحيح أولى وأحرى‪ ،‬ولن الله سبحانه شرع القصمماص زجممرا‬
‫للنفوس عن العدوان وكان من الممكممن أن يمموجب الديممة اسممتدراكا‬
‫لظلمة المجني عليه بالمال ولكممن ممما شممرعه أكمممل وأصمملح للعبمماد‬
‫وأشفى لغيظ المجني عليه وأحفممظ للنفمموس والطممراف‪ ،‬وإل فمممن‬
‫كان في نفسه من الخر من قتله أو قطع طرفه قتله أو قطع طرفه‬
‫وأعطى ديته والحكمممة والرحمممة والمصمملحة تممأبى ذلممك وهممذا بعينممه‬
‫موجود في العدوان على المال“‪ .‬اهم‬
‫ومع هذا نقممول‪ :‬إن المجاهمدين ل يتقصممدون قتممل نسمماء الكفممار‬
‫وأطفالهم مع جواز ذلك لهم وإنما المقصود في عملياتهم في الصل‬
‫هم رجال الكفار وما ُيقتل من النساء والطفال إنممما يقتلممون تبع ما ً ل‬
‫قصدّا‪.‬‬
‫ومن الحالت التي يجوز لنا أن نقتل فيها نساء الكفار وأطفالهم‬
‫ما يكون في حال التبييت والهجوم على الكفار على حين ِغّرة ويممدل‬
‫على ذلك ما رواه الصممعب بممن جثامممة رضممي اللممه عنممه قممال‪ :‬سممئل‬
‫رسول الله صلى الله عليممه وسمملم عممن أهممل الممدار مممن المشممركين‬
‫)‪(552‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ُيبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم فقال‪) :‬هم منهم( متفق عليه‪.‬‬
‫والعمليات الستشهادية التي يقوم بها المجاهدون هي مممن هممذا‬
‫الباب فإنها تكون على حين ِغّرة من العدو‪.‬‬
‫كذلك يجمموز قتممل نسمماء الكفممار وأطفممالهم تبعما ً إذا احتجنمما إلممى‬
‫استخدام السلحة الثقيلة كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫عندما ضرب أهل الطائف بالمنجنيق‪.‬‬
‫ومن أراد السممتزادة فليراجممع ممما كتبممه الشمميخ الشممهيد يوسممف‬
‫العييري في هذه المسألة‪ ،‬وهو موجود فممي هممذا الممرد علممى الشممبهة‬
‫التاسعة‪.‬‬
‫م وإن كان المقصود بالبرياء الجيش الذي نصممبه العممدو المحتممل‬
‫ليكون درعا ً له‪ ،‬فإن الجواب على هذا نقول‪ :‬إن هممؤلء الممذين بمماعوا‬
‫دينهم بحفنة من الدنيا ورضوا لنفسهم أن يكونوا درعما ً للعممدو الممذي‬
‫مر ديارهم وقتل إخوانهم‪ ،‬ورضوا لنفسهم أن يكونوا مطايمما للعممدو‬ ‫د ّ‬
‫يركبهمما ليصممل إلممى مممراده‪ ،‬هممؤلء أولممى بالقتممل مممن العممدو‪ ،‬لنهممم‬
‫بوقوفهم مع العدو ضد ّ المجاهدين قد ارتدوا عن دينهم ووالوا أعممداء‬
‫الله على المسلمين‪ ،‬والله تعالى يقممول‪} :‬ومممن يتممولهم منكممم فممإنه‬
‫منهم{‪.‬‬
‫قال شيخ السلم في اختياراته‪) :‬مممن قفمز إلمى معسممكر التمتر‪،‬‬
‫ولحق بهم ارتد‪ ،‬وحل ماله ودمه( نقله الشيخ عبد اللطيممف بممن عبممد‬
‫الرحمممن بممن حسممن آل الشمميخ‪ ،‬الممدرر السممنية ‪ ،8/338‬مجموعممة‬
‫الرسائل النجدية ‪ ،3/35‬وعلق الشيخ رشيد رضا في الحاشية بقوله‪:‬‬
‫)وكذا كل من لحق بالكفممار المحمماربين للمسمملمين وأعممانهم عليهممم‪،‬‬
‫وهو صريح قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم"(‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وإذا كان السمملف قممد سممموا مممانعي‬
‫الزكاة مرتدين مممع كممونهم يصممومون ويصمملون ولممم يكونمموا يقمماتلون‬
‫جمماعة المسلمين فكيف بممن صمار مع أعممداء اللممه ورسمموله قاتمممل‬
‫للمسلمين؟‪) .‬مجموع الفتاوى‪28/‬ج‪/‬ص ‪(530‬‬
‫وقال‪ :‬فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير مممن‬
‫التتار فإن التتار فيهم المكره وغير المكره وقد استقرت السنة بممأن‬
‫عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الصلي‪) .‬مجممموع الفتمماوى‪/‬ج‬
‫‪/28‬ص ‪.(534‬‬

‫)‪(553‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال‪ :‬وقتال التتار ولو كانوا مسلمين هممو قتممال الصممديق رضممي‬
‫الله عنه مانعي الزكاة ويأخذ مالهم وذريتهم وكذا المقفز إليهممم ولممو‬
‫ادعى إكراها‪) .‬الفتاوى الكبرى‪/‬ج ‪(5/528‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪) :‬إن الدلممة علممى‬
‫كفر المسلم إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين علممى المسمملمين‬
‫‪-‬ولو لم يشرك‪ -‬أكثر من أن تحصر من كلم الله وكلم رسوله وكلم‬
‫أهل العلم المعتمدين(‪ .‬الرسائل الشخصية ص ‪.272‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمممه اللممه‪) :‬ولممه نواقمممض‬
‫ومبطلت تنافي ذلك التوحيمد‪ :‬فمن أعظمها أمور ثلثة‪:‬‬
‫المر الثالث‪ :‬موالة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد‬
‫أو اللسان أو المال‪ ،‬كمما قمال تعمالى " فل تكمونن ظهيمرا للكمافرين‬
‫"]القصممص‪ … [86:‬وقممال تعممالى" تممرى كممثيرا منهممم يتولممون الممذين‬
‫كفروا لبئس ممما قممدمت لهممم أنفسممهم أن سممخط اللممه عليهممم وفممي‬
‫العذاب هو خالدون‪ .‬ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليممه ممما‬
‫اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون" ]المائدة‪ [80،81:‬فتأمممل‬
‫ما في هذه اليات وما رتب الله سبحانه على هذا العمل من سخطه‬
‫والخلود في عذابه وسلب اليمان وغير ذلك‪ .‬وقال شيخ السلم في‬
‫معنى قوله تعالى "ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وممما أنممزل إليممه ممما‬
‫اتخذوهم أولياء" فثبوت وليتهم يوجب عدم اليمممان(‪ .‬الممدرر السممنية‬
‫‪ ،304-11/300‬مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ‪.4/291‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن الشرطة ل تعين العدو ولكن تريد أن يخممرج العممدو‬
‫لكي تدير هي أمور البلد‪:‬‬
‫فالجواب نقول‪ :‬من المستحيل أن يغزو العممدو أرض المسمملمين‬
‫م هو مممن يؤسممس الجيممش‬ ‫ويبذل في ذلك الموال الطائلة والجنود ث ّ‬
‫ويقوم بتدريبه والشراف على ذلك‪ ،‬فهممل ُيعقممل بعممد هممذا أن يخممرج‬
‫ويممدع المممر للجيممش اسممتقلل ً هممذا أم مٌر ُيكممذبه الواقممع‪ ،‬وهممم إنممما‬
‫يؤسسون الجيش الوطني ليكون درعا ً لهم ولكي يكممون وكيل عنهممم‬
‫دمية يحركها العدو كيفممما‬ ‫في تنفيذ مخططاتهم فهم في الحقيقة كال ّ‬
‫شاء وإذا خالفه فسرعان ما يقوم بتغييره وإقامة غيره مقامه‪.‬‬
‫م انظر إلى الواقع يتبين لك المر‪ ،‬انظر إلى الحكومات العميلة‬ ‫ث ّ‬
‫التي وضعها العدو في الشيشان وأفغانستان والعراق وغيرهمما انظممر‬

‫)‪(554‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ماذا تصنع‪ ،‬إنها وقبمل خمروج العمدو بعمدما تتمدرب علمى يمديه تقموم‬
‫م تقوم هي بمفردهمما بقتممال المجاهممدين‬ ‫بقتال المجاهدين مع العدو ث ّ‬
‫ومداهمات البيوت تحممت نظممر العممدو لكممي ُتثبممت لممه صممدق العمالممة‬
‫والتفاني في تنفيذ مخططه وهمذا همو عيممن مما حصمل ويحصممل فمي‬
‫أفغانستان والعراق‪ ،‬فالشرطة العميلة فممي العممراق تقمموم بمداهمممة‬
‫بيوت أهل السنة وقتل رجممالهم بممل ويقومممون باغتصمماب نسمماء أهممل‬
‫السنة‪.‬‬
‫م نقول‪ :‬هذه الحكومات العميلة التي يضعها العدو بماذا تحكممم‬ ‫ث ّ‬
‫المسلمين؟‬
‫دة‬ ‫هل تحكمهم بكتاب الله أم بشريعة الكفممار وقمموانينهم المضمما ّ‬
‫لشرع الله وحكمه؟‬
‫فهل بعد هذا يجوز لعاقل أن يدخل تحممت رايممة هممذه الحكومممات‬
‫العميلة‪ ،‬وهل يجمموز لعاقممل أن يعتممذر لهممم ويممدافع عنهممم وهممم اليممد‬
‫الحديدية التي يضرب بها العدو أهل السلم؟‬
‫م إن العدو قد أعلنها حربا ً صليبية ‪-‬وهي كذلك وإن لممم يعلنهمما‪-‬‬ ‫ث ّ‬
‫فكل من وقف معه أصممالة أو وكالممة فهممو داخممل فممي عسممكر الكفممر‬
‫المحارب للسلم‪ ،‬وإذا كان الدخول مع التتار كفممر ورّدة مممع كممونهم‬
‫يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ولكنهممم يمتنعممون عممن كممثير‬
‫من شعائر السلم الظاهرة‪ ،‬فكيف الحكممم فيمممن دخممل مممع الكفممار‬
‫الذين يعلنون عداءهم للسلم وأهله؟‬
‫كر من يجممادل عممن هممؤلء وأمثممالهم بقممول اللممه تعممالى‪] :‬ول‬ ‫وُنذ ّ‬
‫وان ما ً‬‫ن اللممه ل يحممب مممن كممان خ ّ‬
‫ُتجادل عن الذين يختانون أنفسهم إ ّ‬
‫أثيمًا{‪ ،‬وقول الله سبحانه‪] :‬ها أنتم هؤلء جادلتم عنهممم فممي الحيمماة‬
‫من يكون عليهم وكيل{‪.‬‬ ‫الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أ ّ‬
‫م وإن كان المقصود بالبرياء المسلمين الذين يقتلون في بعممض‬
‫تلك العمليات‪ ،‬فنقول‪ :‬ل شك في حرمممة دم المسمملم وعصمممته‪ ،‬ول‬
‫يجوز قتل مسلم بغير حق‪ ،‬والمجاهدون بحمممد اللممه حريصممون أش مد ّ‬
‫الحرص على دممماء المسمملمين‪ ،‬بممل هممم لممم يخرجمموا إلممى لجهمماد إل‬
‫للدفاع عن دين المسلمين ودمائهم وأعراضهم‪ ،‬وكممم مممن العمليممات‬
‫دها المجاهدون ُألِغيت بسبب وجود بعض المسلمين حول‬ ‫التي قد أع ّ‬
‫خرت بسبب وجود بعض المسلمين‪ ،‬بممل‬ ‫ُ‬
‫الموقع‪ ،‬وكم من العمليات أ ّ‬

‫)‪(555‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قبل بدء بعض العمليات ينتشممر عممدد مممن المجاهممدين حممول الموقممع‬
‫لخراج المسلمين الذين داخل موقع العملية ومنع المسمملمين الممذين‬
‫خارج الموقع من الدخول‪ ،‬وهذا يعلمه كل من له علقة بالمجاهممدين‬
‫ويطالع إصداراتهم‪ ،‬ولكن فممي بعممض الحيممان تنّفممذ العمليممة وبسممبب‬
‫قوتها قد يحصل ضرٌر لبعض المسلمين أو يقتل فيها مممن المسمملمين‬
‫ن‬
‫بغيممر قصممد أو عممدم العلممم بوجممودهم فممي موقممع العمليممة‪ ،‬مممع أ ّ‬
‫المجاهدين ل يممألون جهممدا ً فممي تحممذير المسمملمين مممن القممرب مممن‬
‫أماكن تواجد العداء‪ ،‬خاصة وأن العمليات الستشهادية تعتمممد علممى‬
‫السرعة وأخذ العدو على ِغّرة‪.‬‬
‫فمن ُقتل من المسلمين في بعض هذه العمليات فإنه بإذن الله‬
‫شهيد‪ ،‬والمجاهدون ل يمكن أن يوقفوا جميع عملياتهم إذا حصل في‬
‫ن العدو إذا رأى أن المجاهدين يوقفون كل عملية‬ ‫بعضها نوع ضرر ل ّ‬
‫بمجرد وجود بعض المدنيين فإنه سوف يتخذ في كمل مكمان يتمركمز‬
‫م يوغل بعممد ذلممك فممي إجرامممه‪ ،‬ولكممن إذا‬ ‫فيه عددا ً من المسلمين ث ّ‬
‫ن مثل ذلك ل يفيده وأن ضربات المجاهدين لن تتوقممف بمثممل‬ ‫علم أ ّ‬
‫هذا سعى لطريقة أخرى تحميه من ضربات المجاهدين‪.‬‬
‫وإذا كان العلماء أجازوا قتممل الممترس مممن المسمملمين إذا خمماف‬
‫المسلمون من فوات مصلحة أعظم أو حصول مفسممدة أكممبر وذلممك‬
‫في جهاد الطلب فلن يجوز ذلك في جهاد الممدفع الممذي هممو ضممرورة‬
‫من باب أولى‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪”:‬وكذلك مسألة التممترس‬
‫ن الجهاد هو دفع فتنة الكفر‪ ،‬فيحصل فيها من‬ ‫التي ذكرها الفقهاء فإ ّ‬
‫المضّرة ما هو دونها‪ ،‬ولهذا اّتفق الفقهاء على أّنه متى لم يمكن دفع‬
‫الضرر عن المسلمين إل ّ بما يفضي إلممى قتممل أولئك المتممترس بهممم‬
‫جاز ذلك‪ ،‬وإن لم يخف الضرر لكن لم يمكممن الجهمماد إل بممما يفضممي‬
‫وغ ذلك يقول‪ :‬قتلهم لجممل مصمملحة‬ ‫إلى قتلهم ففيه قولن‪ ،‬ومن يس ّ‬
‫الجهاد مثل قتل المسلمين المقاتلين يكونون شممهداء‪- 20/52) “ ..‬‬
‫‪(53‬‬
‫ن جيش الكفممار‬ ‫وقال في موضٍع آخر‪” :‬وقد اتفق العلماء على أ ّ‬
‫إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين‬
‫الضممرر إذا لممم يقمماتلوا‪ ،‬فممإنهم يقمماتلون وان أفضممى ذلممك إلممى قتممل‬
‫المسلمين الذين تترسوا بهم‪ ،‬وإن لممم يخممف علممى المسمملمين ففممي‬
‫)‪(556‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جواز القتال المفضي إلى قتممل هممؤلء المسمملمين قممولن مشممهوران‬
‫للعلماء‪ .‬وهؤلء المسلمون إذا قتلوا كممانوا شممهداء‪ ،‬ول يممترك الجهمماد‬
‫ن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن‬ ‫دا‪ ،‬فإ ّ‬ ‫الواجب لجل من يقتل شهي ً‬
‫دا‪ ،‬ومممن قتممل ‪ -‬وهمو فممي البمماطن ل‬ ‫قتل من المسلمين يكممون شمهي ً‬
‫دا‪ ،‬وقممد ثبمت فممي‬ ‫يستحق القتل ‪ -‬لجل مصملحة السملم كمان شمهي ً‬
‫الصحيحين عن النبي أّنه قال‪” :‬يغمزو همذا المبيت جيمش ممن النماس‬
‫فبينما هم ببيداء من الرض إذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم‬
‫المكره فقال يبعثون على نياتهم“ فإذا كان العذاب الذي ينزلممه اللممه‬
‫بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزلممه بممالمكره وغيممر المكممره فكيممف‬
‫بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين؟! كممما قممال تعممالى‪:‬‬
‫ل تربصممون بنمما إّل إحمدى ال ْحسمنيين ونحمن نتربمص بك ُم َ‬ ‫)قُم ْ‬
‫ن‬
‫مأ ْ‬ ‫ُ ْ ََْ ِ ََ ْ ُ َََ ّ ُ ِ ْ‬
‫َ‬
‫َ َِ ِ ِ ْ َ‬ ‫ل هَ م ْ َ َ ّ ُ‬
‫َ‬
‫ديَنا( ونحممن ل نعلممم المكممره ول‬ ‫عن ْمدِهِ أوْ ب ِأي ْم ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ب ِ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ب ِعَ َ‬ ‫صيب َك ُ ُ‬‫يُ ِ‬
‫نقدر على التمييز‪ ،‬فممإذا قتلنمماهم بمأمر اللمه كنما فمي ذلممك ممأجورين‬
‫ومعممذورين‪ ،‬وكممانوا هممم علممى نيمماتهم فمممن كممان مكرهًمما ل يسممتطيع‬
‫المتناع فانه يحشر على نيته يوم القيامة‪ ،‬فإذا قتل لجل قيام الدين‬
‫لم يكن ذلك بأعظم ممن يقتل من عسكر المسلمين“‪ .‬ا‪ .‬هم مجموع‬
‫الفتاوى )‪.(28/547‬‬
‫دث عممن صممورتين لمسممألة الت ّممترس‪،‬‬ ‫ن ابن تيمّية تح ّ‬ ‫تأ ّ‬ ‫فقد رأي َ‬
‫الولى اتفاقية‪ ،‬والثانية خلفّية فيهمما قممولن مشممهوران‪ ،‬وفممي كلمممه‬
‫ل إلى ترجيح الجواز في الصورة المختلف فيها مممن الت ّممترس كممما‬ ‫مي ٌ‬
‫دا“‪،‬‬‫يشير إليه قوله ”ول يترك الجهاد الواجب لجممل مممن يقتممل شممهي ً‬
‫والصورتان هما‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن ُيخاف على المسلمين الضمرر‪ ،‬إذا لمم ُيقاتمل الكمافر‬
‫المتتّرس بمسلمين‪ ،‬فهذه الصورة اّتفاقّية عند شيخ السلم وغيره‪.‬‬
‫ضممرر مممن تممرك قتممال‬ ‫الثانيممة‪ :‬أن ل ُيخمماف علممى المسمملمين ال ّ‬
‫ة تغتفُر لجلها مفسدة قتل المسلمين‪،‬‬ ‫المتترسين‪ ،‬فليس فيه مصلح ٌ‬
‫ة استمرار الجهاد‪ ،‬وامتثال المممر بممه‪ ،‬فهممذه المسممألة فيهمما‬ ‫إل ّ مصلح ُ‬
‫ن‪.‬‬
‫قولن مشهورا ِ‬
‫فاسممتدلل المجاهممدين بمسمألة الّتمترس‪،‬ل يخممرج عمن أن يكممون‬
‫ن لهل السلم‪.‬‬ ‫ل إجماِع‪،‬أو أحد القولين المشهوَري ِ‬ ‫مح ّ‬
‫قال الكاساني رحمه الله‪) :‬ول بأس بالغارة والبيات عليهممم؛ ول‬

‫)‪(557‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بأس )بقطع( أشممجارهم المثمممرة وغيممر المثمممرة‪ ،‬وإفسمماد زروعهممم‬
‫لقوله تبارك وتعالى )ما قطعتممم مممن لينممة أو تركتموهمما قائمممة علممى‬
‫أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين(‪ ،‬أذن سبحانه وتعالى )بقطممع(‬
‫النخيل في صدر الية الشريفة ونبه فممي آخرهمما أن ذلممك يكممون كبتمما‬
‫وغيظا للعدو بقوله تبارك وتعالى وليخزي الفاسقين ول بأس بإحراق‬
‫حصممونهم بالنممار وإغراقهمما بالممماء وتخريبهمما وهممدمها عليهممم ونصممب‬
‫المنجنيق عليها لقوله تبارك وتعالى )يخربون بيمموتهم بأيممديهم وأيممدي‬
‫المؤمنين(‪ ،‬ولن كل ذلك من بمماب القتممال لمما فيممه مممن قهممر العممدو‬
‫وكبتهممم وغيظهممم ولن حرمممة الممموال لحرمممة أربابهمما ول حرمممة‬
‫لنفسهم حتى يقتلون فكيف لموالهم ول بممأس برميهممم بالنبممال وإن‬
‫علموا أن فيهم مسلمين من السارى والتجار لما فيه مممن الضممرورة‬
‫إذ حصون الكفرة قلما تخلو مممن مسمملم أسممير أو تمماجر(‪ .‬اهممم]بممدائع‬
‫الصنائع )‪[ .(7/100‬‬
‫وقال المرغيناني رحمه الله‪) :‬ول بمأس برميهممم‪ ،‬وإن كمان فيهمم‬
‫مسلم أسير أو تاجر‪ ،‬لن في الرمي دفممع الضممرر العممام بالممذب عممن‬
‫بيضة السلم وقتل السير والتاجر ضرر خاص ولنه قلما يخلو حصن‬
‫مممن مسمملم فلممو امتنممع باعتبمماره لنسممد بممابه وإن تترسمموا بصممبيان‬
‫المسمملمين أو بالسممارى لممم يكفمموا عممن رميهممم لممما بينمما ويقصممدون‬
‫بالرمي الكفار لنه إن تعذر التمييز فعل فلقد أمكمن قصمدا والطاعممة‬
‫بحسب الطاقة وما أصابوه منهم ل دية عليهم ول كفممارة لن الجهمماد‬
‫فرض والغرامات ل تقممرن بممالفروض‪] .( ...،‬الهدايممة شممرح البدايممة )‬
‫‪[ .(2/137‬‬
‫وقممال الجصمماص رحمممه اللمه فممي أحكممام القممرآن‪) :‬بمماب‪ :‬رمممي‬
‫حصممون المشممركين وفيهممم أطفممال المسمملمين وأسممراهم‪ .‬قممال أبممو‬
‫حنيفة وأبممو يوسممف وزفممر ومحمممد والثمموري ل بممأس برمممي حصممون‬
‫المشركين‪ ،‬وإن كان فيها أسارى وأطفممال مممن المسمملمين ول بممأس‬
‫بأن يحرقوا الحصون ويقصدوا به المشركين وكذلك إن تترس الكفار‬
‫بأطفال المسلمين رمي المشركون وإن أصابوا أحدا من المسمملمين‬
‫في ذلك فل دية ول كفارة‪ .‬اهم]أحكام القرآن )‪[ .(5/273‬‬
‫كذلك يستدل على جممواز مداهمممة الكفممار وقصممفهم ونحممو ذلممك‬
‫بمسألة التترس‪ ،‬فإذا جاز قتل الممترس مممن المسمملمين دفع ما ً لضممرر‬
‫س بهممم‬‫العدو مع كوننا نرى الترس ونشاهد إخواننا المسلمين المتتر ِ‬
‫)‪(558‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فلن يجوز في حالة عدم معرفتنا بوجود المسلمين‪ ،‬أو عدم تمييزنمما‬
‫بينهم وبين الكفار من باب أولى‪.‬‬
‫قال السرخسي رحمه الله‪) :‬وقد روينا أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم نصب المنجنيق على الطائف وأمر أسامة بن يزيد رضي اللممه‬
‫عنه بأن يحرق وحممرق حصممن عمموف بممن مالممك‪ .‬وكممذلك أن تترسمموا‬
‫بأطفال المسلمين فل بأس بالرمي إليهم وإن كان الرامي يعلممم أنممه‬
‫ن القتال معهم فممرض وإذا تركنمما ذلممك لممما فعلمموا‬ ‫يصيب المسلم‪ ،‬ل ّ‬
‫أدى إلى سممد بمماب القتممال معهمممم ولنمممه يتضمممرر المسمملمون بممذلك‬
‫فممإنهم يمتنعممون مممن الرمممي لممما أنهممم تترسمموا بأطفممال المسمملمين‬
‫فيجترؤون بذلك على المسلمين وربما يصيبون منهم إذا تمكنمموا مممن‬
‫الدنو من المسلمين والضرر مدفوع إل أن على المسمملم الرامممي أن‬
‫يقصد به الحربي لنه لو قدر على التمييز بين الحربي والمسمملم فعل‬
‫كان ذلك مستحقا عليه فإذا عجز عن ذلك كان عليه أن يميز بقصده‬
‫لنه وسع مثله ول كفارة عليه ول دية‪ .‬اهم]المبسوط )‪[ .(10/65‬‬
‫وأما التفجيرات التي تحصل في الوساط السممكنية أو السممواق‬
‫ونحوهمما فممإن الممذي ينّفممذها هممم المريكممان والجيممش العميممل‪ ،‬وهممذا‬
‫ت رجل ً‬ ‫بشهادة عدد من أهل العراق من مناطق مختلفة‪ ،‬فقممد سممأل ُ‬
‫من الكراد‪ ،‬ورجل ً من أهل الفلوجة‪ ،‬ورجل ً من أهل بغممداد متفرقيممن‬
‫في أوقات متفاوتة عن التفجيرات التي تحصل فممي الممماكن العامممة‬
‫فاتفق جوابهم على أن الذي يقوم بها هو العدو المحتل وأذنابه وذلك‬
‫بأن يضعوا سيطرة تفممتيش‪ ،‬فيوقفممون إحممدى السمميارات ويخرجممون‬
‫سممائقها ويسممألونه بعممض السممئلة ويقمموم بعضممهم بوضممع بعممض‬
‫م يتركونه فيركب سمميارته فممإذا‬ ‫المتفجرات في سيارته وهو ل يعلم ث ّ‬
‫توسط الماكن العامة قام العممدو بتفجيممر تلممك المتفجممرات بجهمماز ل‬
‫ن الممذي فعممل ذلممك هممم المجاهممدون‬ ‫م بعد ذلممك يقولممون‪ :‬إ ّ‬
‫سلكي‪ ،‬ث ّ‬
‫ليشوهوا صورتهم‪.‬‬
‫ولقد أصبح هذا المر واضحا ً لهل العراق ل يختلف فيه اثنان‪.‬‬

‫)‪(559‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬حكم الستعانة بالكفار‬

‫لقد كثر الحديث عن هذه المسألة عندما أفتت هيئة كبار العلماء‬
‫بجواز الستعانة بالمريكان في الحرب الخليجية الثانية عنممدما غممزت‬
‫العراق الكويت‪.‬‬
‫ن واقعية يرى أنها في الحقيقممة لممم‬ ‫والناظر إلى تلك الحرب بعي ٍ‬
‫تكن حربا ً مستقّلة عن تخطيممط خفممي‪ ،‬فبعممد الحممرب الفغانيممة ضممد‬
‫در إليهمما أصممبح معّرضما ً‬ ‫ن النفممط الممذي ُيصم ّ‬‫الروس شعرت أمريكا بأ ّ‬
‫للخطر‪ ،‬فأرادت أن تأتي وتحمي هذا النفط بنفسها‪ ،‬وكذلك ما كانت‬
‫تخططه من السممتيلء علممى الممدول المجمماورة خاصممة العممراق لقمموة‬
‫جيشه إذا قارناه بالجيوش الخليجية‪.‬‬
‫وتعلم أمريكا أنها إذا دخلت بقواتها إلى أرض الجزيممرة مممن غيممر‬
‫مبرر فإن شممبابها لممن يسممكتوا وسمموف يقومممون بممدفعها ومحاربتهمما‪،‬‬
‫دة بممأس المجاهممدين العممرب فممي أفغانسممتان‪،‬‬ ‫ة بعممدما رأت شم ّ‬ ‫خاص ً‬
‫فأرادت أن ُتحدث أمرا ً يبرر دخولها إلى الجزيرة‪ ،‬فاصطنعت الحرب‬
‫الخليجية‪ ،‬ولما كانت الدول الخليجية ل تملك الجيوش التي بإمكانهمما‬
‫صد ّ الجيمش العراقمي اسمتعانت بمالجيش المريكمي وبمذلك حصملت‬
‫أمريكا على مبرر لدخولها أرض الجزيرة‪.‬‬
‫وفي تلك الحداث قام عدد من العلماء بالستنكار علممى الدولممة‬
‫ن الحرب مصطنعة وأنها خطة أمريكية لكي‬ ‫استعانتها بالكفار وبينوا أ ّ‬
‫تدخل أرض الجزيرة وتقيم قواعدها فيها‪ ،‬فحينئذٍ أخرجممت هيئة كبممار‬
‫العلماء بيانا ً ُتجيز فيه السممتعانة بالكفممار‪ ،‬وقممد كممان الشمميخ ابممن بمماز‬
‫رحمه الله قبل تلك الحداث أفتى بحرمة الستعانة بالكفممار مطلق مًا‪،‬‬
‫في رسالته التي وجهها إلى جمممال عبممد الناصممر وقممال فيهمما بحرمممة‬
‫السممتعانة بالكفممار مطلقمما ً ولممو عنممد الضممرورة‪ ،‬وعنممدما اسممتعانت‬
‫السممعودية بالمريكممان أفممتى ومعممه هيئة كبممار العلممماء بممأنه يجمموز‬
‫الستعانة بالكفار بل ربما يجب‪.‬‬
‫وفي تلك الحداث قام الشيخ حمود بن عقل الشعيبي رحمه الله‬
‫بتأليف رسالة لطيفة بين فيهمما حكممم السممتعانة بالكفممار‪ ،‬وفممي هممذه‬
‫المسألة أورد من الرسالة ما يختص بموضوعنا‪.‬‬
‫قال الشيخ رحمه اللممه فممي المقدمممة‪ :‬الحمممد للممه رب العممالمين‬

‫)‪(560‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والعاقبة للمتقين ول عدوان إل على الظممالمين‪ ،‬وأشممهد أن ل إلممه إل‬
‫الله وحده ل شممريك لممه‪ ،‬إلمه الوليممن والخريممن‪ ،‬وأشممهد أن محمممدا ً‬
‫عبممده ورسمموله صمملى اللممه عليممه وعلممى سممائر إخمموانه مممن النممبيين‬
‫والمرسلين وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن الله سبحانه وتعالى لما أراد بأهل الرض خيممرا ً أرسممل إليهممم‬
‫محمدا ً )بالهدى ودين الحق وأممره أن يبلمغ هممذا الممدين لمتممه‪ ،‬فقممام‬
‫صلوات الله وسلمه عليه بهذا المر أتم قيام فما ترك خيرا ً وصمملحا ً‬
‫إل دل المة عليه وأمرهم به وبيممن لهممم أسممباب الوصممول إليممه‪ ،‬وممما‬
‫ترك شرا ً إل وحذر المة منه ونهاهم عنه وبين لهم الطرق الموصمملة‬
‫إليه ليجتنبوه‪ ،‬فما توفي عليه الصلة والسلم إل وقد بين لمتممه كممل‬
‫ما تحتاج إليه ويصلحها في دنياها وأخراها‪.‬‬
‫قال تعالى‪] :‬اليموم أكملمت لكمم دينكمم وأتمممت عليكمم نعممتي‬
‫ورضيت لكم السلم دينًا{‪ ،‬وقال عليممه الصمملة والسمملم‪ " :‬تركتكممم‬
‫على البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها بعدي إل هالك "‪.‬‬
‫وقال أبو ذر‪" :‬ما تموفى رسممول اللمه )وطمائر يقلمب جنمماحيه فمي‬
‫الهواء( إل وذكر لنا منه علمًا"‪.‬‬
‫وإن مما حذر منه عليه الصلة والسلم ونهى عنه في آخر حياته‬
‫وفي مرض موته )إقامة اليهممود والنصممارى والمشممركين فممي جزيممرة‬
‫العممرب واسممتعانة المسمملمين بالكفممار فممي القتممال وفممي غيممره‪،‬‬
‫والمستقرئ لكتاب الله العزيز يجد فيه النصوص الكثيرة في تحريممم‬
‫الركون إلى الكفار وموالتهم والستعانة بهم‪ ،‬وكذلك في سنة النمبي‬
‫)نصوص كثيرة متضافرة تنهى نهيا ً مؤكدا ً عن إقامة اليهود والنصارى‬
‫والمشركين في جزيممرة العممرب‪ ،‬وعممن السممتعانة بالكفممار والركممون‬
‫إليهم وموالتهم كذلك‪ ،‬وهذا ثابت عنممه )فممي الصممحيحين والمسممانيد‬
‫والسنن وغيرها كما ستقف عليه إن شاء الله في أثنماء همذا البحمث‪،‬‬
‫ولما رأيت بعممض الحكومممات ‪ -‬الممتي تممدعي السمملم ‪ -‬فممي الجزيممرة‬
‫العربية قد تجاهلت مدلول هذه النصوص فسممهلت الطريممق لممدخول‬
‫اليهود والنصارى إلى الجزيرة ومكنتهممم مممن القامممة فيهمما وتكممديس‬
‫ترسانات أسلحتهم المتنوعة فيها لرهاب المسلمين وتهديد استقرار‬
‫الشعوب العربية المسلمة ومهاجمتهم بالسمملحة الفتاكممة واسممتمرار‬
‫الهجمات والضربات العسكرية عليهم من وقت لخر‪ ...‬رأيممت لزام ما ً‬
‫ي أن أبين هذه الحقيقة وفق ما يفهم من كتاب الله وسنة رسوله‬ ‫عل ّ‬
‫)‪(561‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عليه الصلة والسلم فكتبت هذا البحث المختصر وضمنته بعضا ً مممن‬
‫النصوص الواردة في القرآن الكريم وفي السنة المطهممرة فممي هممذا‬
‫الشأن كما ذكرت فيه جملة من أقوال علماء المة الذين أدوا المانة‬
‫ووفوا بالعهود الممتي أخممذها اللممه عليهممم فجزاهممم اللممه عممن السمملم‬
‫والمسلمين خيرًا‪.‬‬
‫ولقد عزمت على كتابة هذا البحممث إبممراءا ً للذمممة وأداءا ً للمانممة‬
‫واتقاءا ً للوعيد الذي تضمنه قوله تعالى‪] :‬إن الذين يكتمون ما أنزلنمما‬
‫من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهممم‬
‫الله ويلعنهم اللعنون{‪.‬‬
‫والله أسأل أن ينفع به ويجعله خالصا ً لوجهه الكريم‪.‬‬

‫م قممال‪:‬‬
‫ث ّ‬
‫استعانة المسلمين بالدولة الكافرة على دولة كافرة‬
‫اتفق جمهور فقهاء المة وعلمائها على تحريم هذا النوع تحريما ً‬
‫عاما ً ل يستثنى منه شيء واستدل أصحاب هذا المذهب بأمور منها‪:‬‬
‫الكتاب العزيز‬
‫حيث شدد سبحانه وتعالى في النهي عن موالة الكفار والركون‬
‫إليهم واتخاذهم أولياء وأصدقاء فممي كممثير مممن آيممات الكتمماب العزيممز‬
‫فمن ذلك قوله‪} :‬ول تركنوا إلى الممذين ظلممموا فتمسممكم النممار وممما‬
‫لكم من دون الله من أولياء ثم ل تنصممرون{ )‪ ،(132‬وقممال سممبحانه‬
‫وتعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم‬
‫أولياء بعض ومن يتممولهم منكممم فممإنه منهممم إن اللممه ل يهممدي القمموم‬
‫الظالمين{ )‪ .(133‬وقال سممبحانه وتعممالى‪} :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل‬
‫ل{ )‪ .(134‬وقممال سممبحانه‬ ‫تتخذوا بطانة مممن دونكممم ل يممألونكم خبمما ً‬
‫وتعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعممدوكم أوليمماء تلقممون‬
‫إليهممم بممالمودة{ )‪ ،(135‬فهممذه اليممات وأمثالهمما كممثيرة فممي الكتمماب‬
‫العزيز‪ ،‬كلها تحذر ممن الركمون إلمى الكمافرين ومموالتهم واتخماذهم‬
‫أصدقاء‪ ،‬والستعانة بالكفار ل تتم إل بموالتهم والركون إليهم‪.‬‬
‫من السنة المطهرة‬
‫فمنها ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها‬
‫قالت‪ :‬خرج رسول الله )قَِبل بدر فلما كان بحمّرة الوََبره أدركه رجل‬

‫)‪(562‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جدة ففرح أصحاب رسول الله )حيممن رأوه‬ ‫جرأة ون َ ْ‬
‫قد كان يذكر منه ُ‬
‫فلما أدركه قال لرسول الله )‪ :‬جئت لتبعك وأصمميب معممك‪ ،‬قممال لممه‬
‫رسممول اللممه )‪ :‬تممؤمن بممالله ورسمموله؟ قممال‪ :‬ل‪ .‬قممال‪ :‬فممارجع فلممن‬
‫استعين بمشرك قالت‪ :‬ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل‬
‫فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي )كما قممال أول مممرة قممال‪:‬‬
‫فارجع فلن أستعين بمشرك‪ ،‬قال ثم رجع فأدركه بالبيممداء فقممال لممه‬
‫كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له رسول الله‪:‬‬
‫)انطلق(‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما أخرجه الطحاوي )‪(137‬والحاكم )‪ (138‬عن أبي حميد‬
‫الساعدي أن رسول الله )خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا‬
‫هو بكتيبة خشناء )‪ ،(139‬فقال من هؤلء؟ فقالوا‪ :‬هذا عبممدالله ابممن‬
‫أبي بن سلول في ستمائة من مواليه مممن اليهممود أهممل قينقمماع وهممم‬
‫رهط عبدالله بن سلم قال‪ :‬وقد أسمملموا؟ قممالوا‪ :‬ل يمما رسممول اللممه‬
‫قممال‪ :‬قولمموا لهممم فليرجعمموا فإنمما ل نسممتعين بالمشممركين علممى‬
‫المشركين "‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما رواه المام أحمد والحاكم عن خبيب بن أسمماف قممال‪:‬‬
‫خرج رسول الله )في بعض غزواته فأتيته أنمما ورجممل قبممل أن نسمملم‬
‫فقلنا إنا نستحي أن يشهد قومنمما مشممهدا ً ول نشممهده معهممم‪ ،‬فقممال‪:‬‬
‫أأسلمتما قلنا‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فإنا ل نستعين بالمشممركين علممى المشممركين‬
‫"‪.‬‬
‫فهذه النصوص كما ترى غاية في الصحة والصراحة علممى تحريممم‬
‫الستعانة بالمشركين في الحممرب والقتممال‪ ،‬فل يحممل لمسمملم يممؤمن‬
‫بالله واليوم الخر أن يستعين بكافر أو يجيز الستعانة بهم وهو يعلممم‬
‫هذه النصوص الصحيحة الصريحة‪ .‬وكممما ثبممت بالكتمماب والسممنة منممع‬
‫الستعانة بالكفار كما ترى فكذلك الصحابة رضوان الله عليهم ذهبوا‬
‫إلى منع الستعانة بالكفار ومن ذلك ما ثبت عن أمير المؤمنين عمممر‬
‫ابن الخطاب رضي الله عنه إنكاره على أبي موسى حينممما اسممتعمل‬
‫كاتبا ً نصممرانيا ً ذكممر ذلممك الممبيهقي عممن أبممي موسممى‪ " :‬أنممه اسممتكتب‬
‫نصرانيا ً فانتهره عمر وقممرأ‪} :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل تتخممذوا اليهممود‬
‫والنصارى أولياء‪ ..‬الية{‪ .‬فقال أبو موسى والله ما توليته وإنما كممان‬
‫يكتب فقال‪ :‬أما وجدت في أهل السلم من يكتب؟ فقمال‪ :‬ل تمدنهم‬
‫إذ أقصاهم الله ول تأمنهم إذ خممونهم اللممه ول تعزهممم بعممد أن أذلهممم‬
‫)‪(563‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله "‪.‬‬
‫مة )‪ (144‬عن عمر رضي الله عنه غير هذا‬ ‫وقد ذكر صاحب المذ ّ‬
‫الخممبر فقممال‪ :‬وكتممب إليممه بعممض عممماله )أي عمممر( ليستشمميره فممي‬
‫استعمال الكفار فقممال‪ " :‬إن المممال قممد كممثر وليممس يحصمميه إل هممم‬
‫فاكتب إلي بما ترى فكتب إليه‪ :‬ل تدخلوهم في دينكم ول تسمملموهم‬
‫ما منعهم الله منممه ول تؤمنمموهم علممى أممموالكم وتعّلممموا فإنممما هممي‬
‫الرجال "‪ ،‬وكتب )إلى عماله أما بعد‪ " :‬فإنه من كان قَِبله كاتب مممن‬
‫المشركين فل يعاشره ول يوادده ول يجالسممه ول يعتضممد برأيممه فممإن‬
‫رسول الله )لم يأمر باستعمالهم ول خليفته من بعده(‪.‬‬
‫وورد عليه كتاب معاويممة بممن أبممي سممفيان‪ " :‬أممما بعممد‪ :‬يمما أميممر‬
‫المؤمنين فممإن فممي عملممي كاتبما ً نصممرانيا ً ل يتممم أمممر الخممراج إل بممه‬
‫فكرهت أن أقلده دون أمرك فكتب إليممه‪ :‬عافانمما اللممه وإيمماك قممرأت‬
‫كتابك في أمر النصراني‪ " :‬أما بعد‪ :‬فإن النصراني قد مات والسمملم‬
‫"‪ ،‬وكان لعمر عبد نصراني فقال له‪ :‬أسلم حممتى نسممتعين بممك علممى‬
‫بعض أمور المسلمين فإنه ل ينبغي لنا أن نستعين على أمورهم بمن‬
‫ليس منهم فأبى فأعتقه وقال‪ :‬اذهب حيث شئت " وكتممب إلممى أبممي‬
‫هريرة‪ :‬أما بعد‪ :‬فللناس نفره على سلطانهم فأعوذ بالله أن تدركني‬
‫وإياك أقم الحدود ولو ساعة من النهار فإذا حضرك أمممران أحممدهما‪:‬‬
‫أمر لله والخر للدنيا فآثر الله على نصيبك من الدنيا فإن الدنيا تفقد‬
‫والخرى تبقى عد مرضى المسمملمين واشممهد جنممائزهم وافتممح بابممك‬
‫وباشرهم وأبعد أهل الشرك وأنكر أفعالهم ول تستعن فممي أمممر مممن‬
‫أمور المسلمين بمشممرك وسمماعد علممى مصممالح المسمملمين لنفسممك‬
‫فإنما أنت رجل منهم غير أن الله سبحانه جعلك حامل ً لثقالهم‪.‬‬
‫كما ذكر أيضا ً عن عمر بن عبدالعزيز أنه كتب إلى جميممع عممماله‬
‫في الفاق‪ " :‬أما بعد فإن عمر بن عبدالعزيز يقرأ عليكم مممن كتمماب‬
‫س{‪ ،‬جعلهم نجسا ً حزب‬ ‫الله }يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نج ٌ‬
‫الشيطان وجعلهم الخسرين أعمال ً الذين ضممل سممعيهم فممي الحيمماة‬
‫الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ً واعلموا أنه لم يهلممك هالممك‬
‫قبلكم إل بمنعه الحق وبسممط يمد الظلممم وقمد بلغنمي عمن قموم مممن‬
‫المسمملمين فيممما مضممى أنهممم إذا قممدموا بلممدا ً أتمماهم أهممل الشممرك‬
‫فاسممتعانوا بهممم فممي أعمممالهم وكتممابتهم لعلمهممم بالكتابممة والجبايممة‬
‫والتدبير ول خير ول تدبير فيما يغضب الله ورسوله وقد كان لهم في‬
‫)‪(564‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ذلك مدة وقد قضاها الله‪ ،‬فل أعلم أن أحممدا ً مممن العمممال أبقممى فممي‬
‫كلممت بممه فممإن محممو‬‫عمله رجل ً متصرفا ً على غيممر ديممن السمملم إل ن ّ‬
‫عمالكم كمحو دينهم وأنزلوهم منزلتهممم الممتي خصممهم اللممه بهمما مممن‬
‫الذل والصغار " اهم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬هذه النصوص التي أوردتموهمما كلهمما فممي رفضممه عليممه‬
‫الصلة والسلم الستعانة بالفراد أما عدم الستعانة بالدولة الكافرة‬
‫فلم يرد فيه نص يمنعه فالجواب أن يقال‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬قوله‪ " :‬لن أستعين بمشرك " مشرك هنا نكرة جاءت في‬
‫سياق النفي واتفق علماء الصول على أن النكرة في سممياق النفممي‬
‫صيغة من صيغ العموم فيكون قوله " لن استعين بمشرك "يعم كممل‬
‫مشرك فردا ً كان أو دولة‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬الضرر المتوقممع والخطممر المحتمممل مممن السممتعانة بممالفرد‬
‫الكافر أخف من الضرر المترتب علممى السممتعانة بالدولممة لن الفممرد‬
‫يكون تحت سيطرة المسلمين ومراقبتهم له أما الدولممة فممإن قوتهمما‬
‫وقدرتها على إيقاع الضرر بالمسلمين أكثر من قدرة الفممرد المتوقممع‬
‫حصولها ضد المسلمين فعلمى همذا يكمون تحريممم السمتعانة بالدولمة‬
‫الكافرة أولى مممن تحريممم السممتعانة بممالفرد الكممافر وبهممذا يتممبين أن‬
‫الستعانة بالكفار ل تجوز مطلقا ً أفرادا ً كانوا أو دو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫أما من جوز السممتعانة بالكفممار مممن العلممماء فقممد اسممتدل بأدلممة‬
‫دعى لنهمما إممما ضممعيفة أو غيممر صممريحة فممي‬ ‫واهية ل توصل إلى المم ّ‬
‫الدللة أو متناقضة وإليك ما استدل به والجواب عنه‪:‬‬
‫‪ - 1‬عن أبي هريرة قال‪ " :‬شممهدنا مممع رسممول اللممه )حنينما ً فقممال‬
‫لرجل ممن يدعى بالسمملم‪ " :‬هممذا مممن أهممل النممار "‪ .‬فلممما حضممرنا‬
‫القتال قاتل الرجل قتال ً شديدا ً فأصابته جراحة فقيل‪ :‬يا رسول اللممه‬
‫الرجل الذي قلت له آنفا ً " إنه من أهل النار " فإنه قاتل اليوم قتممال ً‬
‫شديدا ً وقد مات‪ .‬فقال النبي )" إلى النار "‪ .‬فكمماد بعممض المسمملمين‬
‫أن يرتاب‪ ،‬فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت‪ ،‬ولكن به جراحمما ً‬
‫شديدًا‪ ،‬فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه‪ .‬فأخبر‬
‫النبي )بذلك فقال " الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله "‪ ،‬ثم أمممر‬
‫بلل ً فنادى في الناس‪ " :‬إنه ل يدخل الجنة إل نفس مسلمة وإن الله‬
‫يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر "‪ .‬قالوا‪ :‬فهذا الذي قاتممل مممع رسممول‬

‫)‪(565‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله )قد مات إلى النار فربما أنه كان في حقيقة أمره كممافرا ً أو أنممه‬
‫ارتاب وشك في اليمان فمات كافرا ً قالوا ويؤيد ذلممك آخممر الحممديث‬
‫وهو‪ " :‬الرجل الفاجر " فالفجور عام ويشمل الفسق والكفر‪.‬‬
‫‪ - 2‬واشتهر عند أهل السير أن صفوان بممن أميممة شممهد حنينما ً مممع‬
‫النبي )وكان مشركا ً قال ابن حجممر )‪ " :(150‬وقصممته مشممهورة فممي‬
‫المغازي "‪.‬‬
‫‪ - 3‬وجاء عممن بعممض أهممل السممير أن النممبي )اسممتعان بنمماس مممن‬
‫اليهود ولم يسهم لهم قال المام الترمذي )‪ (152‬يروى عن الزهري‬
‫أن النبي )أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه(‪.‬‬
‫خبر‬‫م ْ‬
‫‪ - 4‬روى أبو داود بسنده قال‪ :‬قال جبير‪ :‬انطلق بنا إلى ذي ِ‬
‫‪ -‬رجل من أصحاب النبي‪ -‬فأتيناه‪ ،‬فسمأله جمبير عمن الهدنمة‪ ،‬فقمال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله يقول‪ " :‬ستصالحون الروم صلحا ً آمنممًا‪ ،‬وتغممزون‬
‫أنتم وهم عدوّا ً من ورائكم"‪.‬‬
‫‪ - 5‬وروى البيهقي أن سعد بن مالك غزا بقوم من اليهمود فرضمخ‬
‫لهم "‪.‬‬
‫وهذه الدلة كما ترى ل تفيد جواز الستعانة بالكفار لنها ضعيفة‬
‫ل توصل إلى المدعى إما في دللتهمما وإممما فممي ثبوتهمما فحممديث أبممي‬
‫هريرة ليس صريحا ً في أن الرجل الذي قاتل مع النممبي )كممان كممافرا ً‬
‫بل فيه عكس ذلك حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه أنممه " يممدعي‬
‫السلم " كما أن القصة ل تفيد أن النبي )استعان بممه وإنممما أذن لممه‬
‫فقط في الحضور والقتال‪ ،‬وكذلك الشأن في قصممة صممفوان فممالنبي‬
‫)لم يطلب منه أن يقاتل بل إنه هو بنفسممه الممذي شممهد الوقعممة ولممم‬
‫يثبت أنه قاتل وإنما كان خروجه مع المسلمين للتفرج والنظممر فيممما‬
‫يحصل ولهذا لما انهزم المسلمون فممي أول وهلممة فممرح أبممو سممفيان‬
‫بذلك وقال‪ " :‬والله ل يرد هزيمتهم البحر " فقال له صفوان‪ :‬اسكت‬
‫فض الله فاك فو الله لن يربني رجل من قريش أحب إلممي مممن أن‬
‫يربني رجل من هوازن " اهم‪.‬‬
‫ثم إن الخبر الوارد في قصممة صممفوان علممى الرغممم مممن أنممه لممم‬
‫يتضمن الدللة على أن صفوان قاتل مع النبي فإنه ل تثبت به حجممة‪،‬‬
‫وهو غير ثابت وفيه اضطراب شديد بمتنه وسنده‪ ،‬قال أبو عمممر بممن‬
‫عبدالبر‪ :‬حدثنا عبدالله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بممن بكممر‬

‫)‪(566‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن محمممد وسمملمة بممن شممبيب‬
‫قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن عبدالعزيز ابممن رفيممع‬
‫عن أمية ابن صفوان ابن أمية عن أبيه أن النبي )استعار منه دروعمما ً‬
‫يوم حنين فقال‪ :‬اغصب يا محمد‪ .‬فقال‪ :‬بل عارية مضمونة‪ .‬ثم قممال‬
‫ابن عبممد الممبر قممال أبممو داود‪ :‬هممذه روايممة يزيممد ببغممداد وفممي روايتممه‬
‫بواسط غير هذا قال أبو داوود وكان أعاره قبل أن يسلم ثممم أسمملم‪:‬‬
‫قال أبو عمر‪ :‬حديث صمفوان هممذا اختلمف فيمه علمى عبممدالعزيز بمن‬
‫رفيع اختلفا ً يطممول ذكممره فبعضممهم يممذكر فيممه الضمممان وبعضممهم ل‬
‫يذكره وبعضهم يقول عن عبمدالعزيز عمن ابمن أبمي مليكمة عمن ابمن‬
‫صفوان قال‪ " :‬استعار النبي‪ ،‬ل يقول عن أبيه ومنهم من يقول عممن‬
‫عبدالعزيز بن رفيع عن أناس من آل صفوان أو مممن آل عبممدالله بممن‬
‫صفوان مرسل ً أيضا ً وبعضهم يقول فيه عن عبدالعزيز بن رفيممع عممن‬
‫عطاء عممن أنمماس مممن آل صممفوان ول يممذكر فيممه الضمممان ول يقممول‬
‫مؤداه بل عارية فقط والضطراب فيه كثير ول يجب عنممدي بحممديث‬
‫صفوان هذا حجة من تضمين العارية والله أعلم‪.‬‬
‫وقال أبو محمد علي بن حزم‪ :‬أما خبر دروع صفوان فإنا روينماه‬
‫من طريق أحمد بن شعيب أنبأنمما عبممدالرحمن بممن محمممد بممن سمملم‬
‫أنبأنا يزيممد بممن هممارون أنبأنمما شممريك هممو ابممن عبممدالله القاضممي عممن‬
‫عبدالعزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيممه أن رسممول‬
‫الله )استعار منه يوم حنين أدرعا ً فقال‪ :‬غصممب يمما محمممد‪ .‬قممال بممل‬
‫عارية مضمونة " شريك مممدلس للمنكممرات إلممى الثقممات‪ ،‬وقممد روى‬
‫البليا والكذب الذي ل شك فيه عن الثقات "‪.‬‬
‫وقال أيضا ً رحمه الله‪ :‬ومن طريق مسدد أنبأنا أبو الحوص حدثنا‬
‫عبدالعزيز بن رفيع عن عطاء بن أبي رباح عن ناس من آل صممفوان‬
‫بن أمية استعار رسول اللممه )مممن صممفوان سمملحا ً فقممال‪ :‬أعاريممة أم‬
‫غصب؟ قال‪ :‬بل عاريممة ففقممدوا منهمما درع ما ً فقممال رسممول اللممه )إن‬
‫شئت غرمناها لك فقال يا رسول الله إن في قلممبي مممن اليمممان ممما‬
‫لم يكن يومئذ‪ .‬هذا عند ناس لم يسموا‪.‬‬
‫ومن طريق أحمد بن شعيب أنبأنا أحمد بن سليمان حممدثنا عبيممد‬
‫الله ابن موسى أنبأنا إسرائيل عن عبدالعزيز بن رفيع عممن ابممن أبممي‬
‫مليكة عن عبدالرحمن بن صفوان بن أمية أن رسممول اللممه )اسممتعار‬
‫من صفوان بن أميممة دروعما ً فهلممك بعضممها فقممال رسممول اللممه )‪ :‬إن‬
‫)‪(567‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شئت غرمناها لك فقال‪ :‬ل يا رسول اللممه " إسممرائيل ضممعيف وقممال‬
‫في ص ‪ 17‬وقد روينمما مممن طريممق ابممن أبممي شمميبة حممدثنا جريممر بممن‬
‫عبدالحميد عن عبدالعزيز بن رفيع عن إياس بن عبدالله بن صممفوان‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أراد حنينا ً قال لصممفوان هممل‬
‫عندك سلح‪ .‬قال‪ :‬عارية أم غصبًا؟ قال ل بل عارية فأعمماره ممما بيممن‬
‫الثلثيممن إلممى الربعيممن درع ما ً فلممما هممزم المشممركون جمعممت دروع‬
‫صفوان ففقد منها فقال له رسول الله )إنا فقدنا من أدرعممك أدرع ما ً‬
‫فهل نغرم لك فقال‪ :‬ل يا رسول الله إن في قلبي اليوم ما لممم يكممن‬
‫" فهذا مرسل " اهم‪.‬‬
‫أما خبر خروج يهود بني قينقاع مع الرسممول وأنممه أسممهم لهممم أو‬
‫رضخ لهم فهالك لسباب‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬أن الخممبر مممن مراسمميل الزهممري ومعلمموم أن مراسمميل‬
‫الزهري ضعيفة‪.‬‬
‫ثانيما ً‪ :‬أنممه ورد ممما يعارضممه فقممد روى الطحمماوي والحمماكم‪ :‬هممذا‬
‫الحديث من طريق الفضل ابن موسممى السمميناني شمميخ إسممحاق بممن‬
‫راهويه قال الطحاوي حمدثنا عبيمد بمن رجمال قمال حمدثنا محممد بمن‬
‫عمممرو عممن سممعد ابممن المنممذر بممن أبممي حميممد السمماعدي عممن جممده‬
‫الساعدي قال‪ :‬خرج رسول الله )يوم أحد حتى إذا خلف ثنية المموداع‬
‫إذا هو بكتيبة خشناء فقال‪ :‬من هؤلء فقالوا بنممو قينقمماع وهممم رهممط‬
‫عبدالله بن سلم وقوم عبدالله بن أبممي بممن سمملول فقممال‪ :‬أسمملموا‪.‬‬
‫فممأبوا قممال‪ :‬قممل لهممم فليرجعمموا فإنمما ل نسممتعين بالمشممركين علممى‬
‫المشركين(‪.‬‬
‫قال ممليه عفا الله عنه‪ :‬والعجب ممن ذهممب مممن العلممماء إلممى‬
‫جواز الستعانة بالكفار معتمدا ً في ذلك على هذه الثممار والمراسمميل‬
‫خّرج في صحيح مسلم والسنن‬ ‫الضعيفة والمضطربة ويعرض عن ما ُ‬
‫ومسند المام أحمد وغيره من رفضه )الستعانة بالمشركين‪ ،‬إننا إذا‬
‫سلكنا طريق الترجيح وجدنا أن حديث عائشة رضي الله عنهمما الممذي‬
‫رواه مسلم في صحيحه وما وافقه من آثممار أخممرى أرجممح يقين ما ً مممن‬
‫تلك المراسيل المضطربة السند والمتن كما أسلفنا‪.‬‬
‫قال ابن عبدالبر‪ " :‬وأما شهود صفوان بن أمية مع رسول الله حنينا ً‬
‫والطائف وهو كافر فإن مالكا ً قال لممم يكممن ذلممك بممأمر رسممول اللممه‬

‫)‪(568‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال مالممك‪ :‬ول أرى أن يسممتعين بالمشممركين‬
‫على قتال المشركين إل أن يكونوا خدما ً أو نوتيه‪.‬‬
‫وقد ناقش الشيخ عبداللطيف بممن عبممدالرحمن بممن حسممن أدلممة‬
‫القائلين بالجواز فتكلم على مرسل الزهري وبين عدم صممحة دللتممه‬
‫على المسألة فقال رحمه الله ما نصه‪ " :‬أما مسألة الستنصمار بهمم‬
‫فمسألة خلفية والصممحيح الممذي عليممه المحققممون منممع ذلمك مطلقما ً‬
‫وحجتهم حديث عائشممة وهممو متفممق عليممه‪ ،‬وحممديث عبممدالرحمن بممن‬
‫حبيب وهو حديث صحيح مرفمموع اطلبهممما تجممدهما فيممما عنممدك مممن‬
‫النصوص والقائل بالجواز احتج بمرسل الزهري وقد عرفممت ممما فممي‬
‫المراسيل إذا عارضت كتابا ً أو سنة ثم القائل به قد شرط أن يكممون‬
‫فيه نصح للمسلمين ونفع لهم‪ ،‬وهذه القضية فيها هلكهمم ودمممارهم‪،‬‬
‫ط أيضا ً أن ل يكون للمشركين صولة ودولة يخشى منهمما‪ ،‬وهممذا‬ ‫شَر َ‬
‫و َ‬
‫مبطل لقوله في هذه القضية واشترط كذلك أل يكون لمه دخمل فممي‬
‫رأي ول مشورة بخلف ما هنا كل هذا ذكره الفقهاء وشراح الحممديث‬
‫ونقله في شرح المنتقى وضعف مرسل الزهري جدا ً وكممل هممذا فممي‬
‫قتال المشرك للمشرك مع أهل السلم‪.‬‬
‫سمك بهمما مممن قممال بجممواز‬ ‫قال أيضا ً ما نصممه‪ " :‬الشممبهة الممتي تم ّ‬
‫الستعانة هي ما ذكرها بعض الفقهاء من جواز السممتعانة بالمشممرك‬
‫عند الضرورة وهو قول ضعيف مردود مبني على آثار مرسمملة تردهمما‬
‫النصوص القرآنية‪ ،‬والحاديث الصحيحة الصريحة النبويممة‪ ،‬ثممم القممول‬
‫بها على ضعفها مشروط بشممروط نبممه عليهمما شممراح الحممديث ونقممل‬
‫الشوكاني منها طرفا ً في المنتقى‪ ،‬منها‪ :‬أمن الضرر والمفسممدة وأل‬
‫يكون لهم شوكة وصولة وأن ل يدخلوا في الرأي والمشممورة وأيضمما ً‬
‫ففرضممها فممي النتصممار بالمشممرك علممى المشممرك‪ ،‬وأممما النتصممار‬
‫بالمشرك على الباغي عند الضرورة فهو قممول فاسممد ل أثممر فيممه ول‬
‫دليل عليممه إل أن يكممون محممض القيمماس وبطلنممه أظهممر شمميء فممي‬
‫الفرق بين الصل والفرع وعدم الجتماع في مناط الحكم " اهم‪.‬‬
‫قال ممليه عفا الله عنه‪ :‬والضممرورة الممتي تممرد فممي بعممض كلم‬
‫الفقهاء المجيزين الستعانة بالكافر هي الضرورة التي تتعلق بالممدين‬
‫ومصلحة السلم والمسلمين‪ .‬أما الضرورة التي تتعلق بحكم الحاكم‬
‫وحماية كرسيه وسلطته فإنهمما ل تبيممح السممتعانة بالكفممار حممتى عنممد‬
‫القائلين بجواز الستعانة بهم للضرورة‪.‬‬
‫)‪(569‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمممه اللممه تعليق ما ً علممى كلمممة‬
‫الضرورة التي جاءت في كلم الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن‬
‫حسن‪ " :‬غلط صاحب الرسالة ‪ -‬يقصد بصاحب الرسالة من رد عليه‬
‫الشيخ عبداللطيف ‪ -‬في معرفة الضرورة فظنها عائدة إلممى مصمملحة‬
‫ولي المر من رياسته وسلطانه وليس المر كما زعم ظنممه بممل هممي‬
‫ضرورة الدين وحاجته إلى من يعين عليممه وتصمملح بممه مصمملحته كممما‬
‫صرح به من قال بالجواز وقد تقدم ما فيه والله أعلم " اهم‪.‬‬
‫ومن الئمة الكبار الذين ذهبوا إلى عدم جواز السمتعانة بالكفمار‬
‫في جميع الحوال الشيخ ابن مفلح في الداب الشممرعية حيممث ذكممر‬
‫كلما ً طويل ً في هذا الباب ضمنه مقتطفمات ممن كلم شميخ السملم‬
‫ابن تيمية من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم حيث قال‪ :‬فصل فممي‬
‫الستعانة بأهل الذمة‪ .‬قال بعض أصحابنا‪ :‬ويكره أن يسممتعين مسمملم‬
‫بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج‬
‫وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك ونقله إل ضرورة قال فممي الرعايممة‬
‫الكبرى ول يكون بوابا ً ول جلدا ً ونحوها‪ .‬وعن أبي موسممى الشممعري‬
‫أنه اتخذ كاتبا ً نصرانيا ً فانتهره عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫وعن عمر أيضا ً أنه قال‪ :‬ل ترفعوهم إذ وضعهم الله‪ ،‬ول تعزوهم‬
‫إذ أذلهم الله‪ .‬ولن في الستعانة بهم في ذلممك مممن المفسممدة ممما ل‬
‫يخفى وهممي ممما يلممزم عممادة أو ممما يفضممى إليممه مممن تصممديرهم فممي‬
‫المجالس‪ ،‬والقيام لهم وجلوسهم فوق المسلمين وابتدائهم بالسمملم‬
‫أو ما في معناه ورده عليهم على غير المموجه الشممرعي وأكلهممم مممن‬
‫أموال المسلمين ما أمكنهم لخيممانتهم واعتقممادهم حلهمما وغيممر ذلممك‪.‬‬
‫ولنه إذا منع من السممتعانة بهممم فممي الجهمماد مممع حسممن رأيهممم فممي‬
‫المسلمين والمن منهم وقوة المسلمين على المجممموع لسمميما مممع‬
‫الحاجة إليهم على قول فهذا في معناه وأولى للزومه وإفضممائه إلممى‬
‫ما تقدم من المحرمات بخلف هذا‪ ،‬وبهذا يظهر التحريم هنا وإن لممم‬
‫تحرم الستعانة بهممم علممى القتممال‪ ،‬وقممد نهممى اللممه سممبحانه وتعممالى‬
‫المؤمنين أن يتخذوا الكفار بطانة لهم فقممال تعمالى‪} :‬يمما أيهما المذين‬
‫آمنوا ل تتخذوا بطانة مممن دونكممم{‪ .‬وبطانممة الرجممل تشممبيهه ببطانممة‬
‫الثوب الذي يلي بطنه لنهم يستبطنون أمره ويطلعممون عليممه بخلف‬
‫غيرهم‪ ،‬وقوله }من دونكم{ أي من غير أهل ملتكم‪ .‬ثم قال تعممالى‪:‬‬
‫ل{‪ .‬أي ل يبقممون غايممة فممي إلقممائكم فيممما يضممركم‬ ‫}ل يممألونكم خبمما ً‬
‫)‪(570‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والخبال الشر والفساد‪} ،‬ودوا ما عنتم{‪ .‬أي يودون ما يشق عليكممم‬
‫ت فلنمما ً أي‬‫من الضر والشر والهلك‪ ،‬والعنت المشقة يقال فلن ُيعن ِ ُ‬
‫يقصد إدخال المشقة والذى عليه‪} .‬قد بدت البغضاء من أفواههم{‪.‬‬
‫قيل بالشتم والوقيعة في المسلمين ومخالفة دينكممم‪ ،‬وقيممل بمماطلع‬
‫المشركين على أسرار المسلمين‪} .‬وما تخفي صممدورهم أكممبر{ أي‬
‫أعظم‪} ،‬قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون{‪.‬‬
‫قال القاضي أبو يعلى من أئمممة أصممحابنا وفممي هممذه اليممة دليممل‬
‫على أنه ل يجمموز السممتعانة بأهممل الذمممة فممي أمممور المسمملمين مممن‬
‫العمالت والكتبة ولهذا قال المام أحمد رضمي اللمه عنمه ل يسمتعين‬
‫المام بأهل الذمة على قتال أهل الحرب‪ ،‬وقممد جعممل الشمميخ موفممق‬
‫الدين رحمه الله هذه المسألة أصل ً في اشتراط السلم فممي عامممل‬
‫الزكاة فدل على أنها محل وفاق‪.‬‬
‫وقال المام أحمد رحمه الله في روايممة أبممي طممالب وقممد سممأله‬
‫يستعمل اليهودي والنصراني فممي أعمممال المسمملمين مثممل الخممراج؟‬
‫فقال‪ :‬ل يستعان بهم في شيء‪ .‬فانظر إلى هذا العممموم مممن المممام‬
‫أحمد نظرا ً منه إلى رديء المفاسممد الحاصملة بممذلك وإعمدامها وهمي‬
‫وإن لم تكن لزمة مممن وليتهممم ول ريممب فممي لزومهمما فل ريممب فممي‬
‫إفضائها إلى ذلك‪ ،‬ومممن مممذهبه اعتبممار الوسممائل والممذرائع وتحصمميل ً‬
‫للمأمور به شرعا ً مممن إذللهممم وإهممانتهم والتضممييق عليهممم وإذا أمممر‬
‫الشارع عليه الصلة والسلم بالتضييق عليهم في الطريق المشتركة‬
‫فما نحن فيه أولى هذا مما ل إشكال فيه‪ ،‬ولن هذه وليات بل شك‪،‬‬
‫ولهذا ل يصح تفويضها مع الفسق والخيانة‪ ،‬والكافر ليممس مممن أهلهمما‬
‫بدليل سائر الوليممات وهممذا فممي غايممة الوضمموح‪ ،‬ولنهمما إذا لممم يصممح‬
‫تفويضها إلى فاسق فإلى كافر أولي بل نزاع ولهممذا قممد نقممول يصممح‬
‫تفويضها إلى فاسق إما مطلقا ً أو مممع ضممم أميممن إليممه يشممارفه كممما‬
‫نقول في الوصية ولنه إذا لمم تصمح وصمية المسملم إلمى كمافر فمي‬
‫النظر في أمر أطفاله أو تفريق ثلثه مع أن الوصي المسلم المكلف‬
‫العدل يحتاط لنفسه وماله وهي مصلحة خاصة يقممل حصممول الضممرر‬
‫فيها فمسألتنا أولى هذا مممما ل يحتمماج فيممه إلممى تأويممل ونظممر واللممه‬
‫أعلممم‪ .‬وقممال تعممالى‪} :‬ولممن يجعممل اللممه للكممافرين علممى المممؤمنين‬
‫سبي ً‬
‫ل{‪.‬‬
‫وهذا من أعظم السبيل استدل الشيخ وجيممه الممدين وغيممره مممن‬
‫)‪(571‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الصحاب بهذه الية على أنه ل يجوز أن يكون عامل ً في الزكاة وقممد‬
‫قال أصحابنا فممي كمماتب الحمماكم ل يجمموز أن يكممون كممافرا ً واسممتدلوا‬
‫بقوله تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنمموا ل تتخممذوا بطانممة{‪ .‬وبقضممية عمممر‬
‫على أبي موسى‪.‬‬
‫وقال الشيخ تقي الدين فمي أول الصمراط المسمتقيم فمي أثنماء‬
‫كلم له‪ :‬ولهذا كان السلف يستدلون بهذه الية على تممرك السممتعانة‬
‫بهم في الوليات فروى المام أحمد بإسناد صحيح عممن أبممي موسممى‬
‫قال قلت لعمر إن لي كاتبا ً نصرانيا ً قال مالك قاتلك الله أما سمعت‬
‫الله يقول‪} :‬يا أيهمما الممذين آمنمموا ل تتخممذوا اليهممود والنصممارى أوليمماء‬
‫بعضهم أولياء بعض{‪.‬‬
‫أل اتخذت حنيفيًا؟ قال قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه‪،‬‬
‫قال ل أكرمهم إذ أهانهم الله ول أعزهم إذ أذلهممم اللممه ول أدنيهممم إذ‬
‫أقصاهم الله‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬
‫ورواه البيهقي وعنده فانتهرني وضرب على فخذي وعنممده أيضما ً‬
‫فقال أبو موسى والله ما توليته إنما كان يكتب‪ .‬فقممال عمممر لممه أممما‬
‫وجدت في أهل السمملم مممن يكتممب؟ ل تممدنهم إذا أقصمماهم اللممه ول‬
‫تأمنهم إذا أخانهم الله ول تعزهم بعد إذ أذلهم الله‪.‬‬
‫وروى المممام أحمممد عممن عمممر )أنممه قممال‪ :‬ل تسممتعملوا اليهممود‬
‫والنصارى فإنهم يستحلون الّرشاء في دينهم ول تحل الّرشاء‪.‬‬
‫وقال سعيد بن منصممور فممي سممننه ثنمما هشمميم عممن العمموام عممن‬
‫إبراهيممم الممتيمي قممال‪ :‬قممال عمممر ل ترفعمموهم إذا وضممعهم اللممه ول‬
‫تعزوهم إذ أذلهم الله يعني أهل الكتاب كلهم أئمة لكممن إبراهيممم لممم‬
‫يلق عمر‪ ،‬وقطع الشيخ تقي الدين في موضع آخممر بممأنه يجممب علممى‬
‫ولي المر منعهم من الوليات في جميع أرض السمملم‪ ،‬وقممال أيض ما ً‬
‫الولية إعزاز وأمانة وهم يستحقون للذل والخيانة‪ ،‬والله يغني عنهممم‬
‫المسلمين‪ ،‬فمن أعظم المصائب على السلم وأهله أن يجعلوا فممي‬
‫دواوين المسلمين يهوديا ً أو سامريا ً أو نصرانيًا‪ ،‬وقال أيضممًا‪ :‬ل يجمموز‬
‫استعمالهم على المسلمين فإنه يوجب من إعلئهم علمى المسملمين‬
‫خلف ما أمر الله ورسوله‪ ،‬والنبي )قد نهى أن ُيبدأوا بالسمملم وأمممر‬
‫إذا لقيهممم المسمملمون أن يضممطروهم إلممى أضمميق الطممرق‪ ،‬وقممال‬
‫السمملم يعلممو ول يعلممى عليممه‪ ،‬وقممد منعمموا مممن تعليممة بنممائهم علممى‬

‫)‪(572‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المسلمين فكيف إذا كانوا ولة علممى المسمملمين فيممما يقبممض منهممم‬
‫ويصرف إليهم وفيما يؤمرون به من المور المالية ويقبل خبرهم في‬
‫ذلك فيكونون هم المرين الشاهدين عليهم؟ هذا من أعظم ما يكون‬
‫من مخالفة أمر الله ورسوله‪ ،‬وقد قدم أبو موسى على عمممر رضممي‬
‫الله عنهما بحساب العراق فقال ادع من يقممرؤه فقممال إنممه ل يممدخل‬
‫المسجد فقممال لممم؟ قممال لنممه نصممراني‪ ،‬فضممربه عمممر بالممداوة فلممو‬
‫أصابته لوجعته وقال ل تعزوهم إذ أذلهم الله ول تصدقوهم إذ كذبهم‬
‫الله ول تأمنوهم إذ خونهم الله‪ ،‬وكتب إليه خالد بن الوليد إن بالشام‬
‫كاتبا ً نصمرانيا ً ل يقمموم خمراج الشممام إل بمه‪ ،‬فكتمب إليمه ل تسممتعمله‬
‫فأعاد عليه السؤال وإنا محتاجون إليه‪ ،‬فكتممب إليممه مممات النصممراني‬
‫در موته‪ ،‬فمن ترك لله شيئا ً عوضه الله خيممرا ً منممه‪،‬‬ ‫والسلم‪ ،‬يعني قَ ّ‬
‫إلى أن قال وقد يشيرون عليهمم بمالرأي المتي يظنمون أنهما مصملحة‬
‫ويكون فيها من فساد دينهم ودنياهم ما ل يعلمه إل اللممه وهممو يتممدين‬
‫بخممذلن الجنممد وغشممهم يممرى أنهممم ظممالمون‪ ،‬وأن الرض مسممتحقة‬
‫للنصارى ويتمنى أن يمتلكها النصارى‪.‬‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬كان صلح الممدين وأهممل بيتممه يممذلون النصممارى ولممم‬
‫يكونوا يستعملون منهم أحدًا‪ ،‬ولهممذا كممانوا مؤيممدين منصممورين علممى‬
‫العداء مع قلة المال والعدد‪ ،‬وإنما قويت شوكة النصارى والتتار بعد‬
‫موت العادل حتى قام بعض الملوك أعطاهم بعض مدائن المسلمين‬
‫وحدثت حوادث بسبب التفريط فيما أمر الله بمه ورسموله فمإن اللمه‬
‫تعالى يقول‪} :‬ولينصرن الله من ينصره{‪ .‬إلى أن قال‪ :‬وهم إلى ممما‬
‫في بلد المسمملمين أحمموج مممن المسمملمين إلممى ممما فممي بلدهممم بممل‬
‫مصممملحة دينهمممم ودنيممماهم ل تقممموم إل بمممما فمممي بلد المسممملمين‪،‬‬
‫والمسلمون ولله الحمد مستغنون عنهم فممي دينهممم ودنيمماهم‪ ،‬ففممي‬
‫ذمة المسلمين من علماء النصارى ورهبانهم من يحتاج إليهممم أولئك‬
‫النصارى وليس عند النصارى مسملم يحتماج إليمه المسملمون ممع أن‬
‫افتداء السرى من أعظم الواجبات وكل مسلم يعلم أنهم ل يتجرون‬
‫إلممى بلد المسمملمين إل لغراضممهم ل لنفممع المسمملمين‪ ،‬ولممو منعهممم‬
‫ملوكهم من ذلممك لكممان حرصممهم علممى المممال يمنعهممم مممن الطاعممة‬
‫فإنهم ارغب الناس في المممال ولهممذا يتقممامرون فممي الكنممائس وهممم‬
‫طوائف كل طائفة تضاد الخرى ول يشير على ولممي المممر بممما فممي‬
‫إظهار شعارهم في دار السلم أو تقوية أيديهم بوجه من الوجمموه إل‬
‫)‪(573‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫رجل منافق أو له غرض فاسد أو في غاية الجهل ل يعرف السياسممة‬
‫الشرعية التي تنصر سلطان المسلمين على أعممدائه وأعممداء الممدين‪.‬‬
‫وليعتبر المعتممبر بسمميرة نممور الممدين وصمملح الممدين ثممم العممادل كيممف‬
‫مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلد وأذل لهم العداء لممما قمماموا مممن‬
‫ذلك بما قاموا وليعتبر بسيرة من والي النصارى كيف أذله وكبته إلى‬
‫أن قال‪ :‬وثبت في الصحيح عن النبي )أن مشركا ً لحقه ليقاتممل معممه‬
‫فقممال لممه‪ " :‬إنممي ل اسممتعين بمشممرك "‪ ،‬وكممما أن اسممتخدام الجنممد‬
‫المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مؤمنين فكذلك الذين يعمماونون الجنممد‬
‫في أموالهم وأعمالهم إلى أن قال‪} :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل تتخممذوا‬
‫بطانة من دونكم{‪ .‬وقال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود‬
‫والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم{‪.‬‬
‫وذكر سبب نزولها ثم قال وقد عرف أهل الخممبرة أن أهممل الذمممة‬
‫مممن اليهممود والنصممارى والمنممافقين يكمماتبون أهممل دينهممم بأخبممار‬
‫المسلمين وربما يطلعون على ذلك مممن أسممرارهم وعمموراتهم وغيممر‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقد قيل‪:‬‬
‫كل العداوات قد ترجى مودتها إل عمداوة من عاداك في الدين‬
‫انتهى كلمه‪.‬‬
‫وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ ":‬ل تستضيئوا‬
‫بنار المشركين ول تنقشوا في خممواتيمكم عربيمًا" رواه المممام أحمممد‬
‫والنسائي وعبد ابن حميد وغيرهم‪ ،‬ومعنى قوله‪) :‬ول تستضيئوا بنممار‬
‫مْثل‬
‫المشركين" أي ل تستشيروهم ول تأخذوا آراءهم‪ .‬جعممل الضمموء ِ‬
‫الرأي عند الحيرة هذا معنى قول الحسن رواه عبد بن حميد‪ ،‬واحتممج‬
‫الحسممن بقمموله تعممالى‪} :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل تتخممذوا بطانممة مممن‬
‫دونكممم{‪ .‬وكممذا فسممره غيممره‪ ،‬وفسممر الحسممن‪ " :‬ول تنقشمموا فممي‬
‫خواتيمكم عربيا ً " أي ل تنقشمموا فيهمما محمممدا ً وفسممره غيممره محمممد‬
‫رسول الله لنه كان نقش خاتم النبي‪ ،‬وفي حديث عمر‪ " :‬ل تنقشوا‬
‫في خواتيمكم العربية " وعن ابن عمر أنه كان يكممره أن ينقمش فممي‬
‫الخاتم القرآن‪.‬‬
‫وقال ابن عبد البر قال ابن القاسم سممئل مالممك عممن النصممراني‬
‫يستكتب؟ قممال ل أرى ذلممك‪ ،‬وذلممك أن الكمماتب يستشممار‪ ،‬فيستشممار‬
‫النصراني في أمر المسلمين؟ ممما يعجبنممي أن يسممتكتب‪ ،‬وذكممر ابممن‬
‫)‪(574‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عبدالبر أنه استأذن على المأمون بعض شيوخ الفقهاء فأذن له‪ ،‬فلما‬
‫دخل عليه رأى بيممن يممديه رجل ً يهوديما ً كاتبما ً لممه عنممده منزلممه وقربممه‬
‫لقيامه بما يصرفه فيه ويتوله من خدمته فلما رآه الفقيه قممال‪ :‬وقممد‬
‫كان المأمون أومأ إليه بالجلوس‪ ،‬فقال‪ :‬أتأذن لي يا أميممر المممؤمنين‬
‫في إنشاد بيت حضر قبل أن أجلس؟ قال نعم‪ ،‬فأنشده‪:‬‬
‫ت من أجله يزعمم همذا أنه كماذب‬ ‫إن الذي ُ‬
‫شّرف َ‬
‫وأشار إلى اليهودي‪ ،‬فخجل المأمون ووجم ثم أمر حاجبه بممإخراج‬
‫اليهودي مسحوبا ً علممى وجهممه فأنفممذ عهممدا ً بممإطراحه وإبعمماده وأن ل‬
‫يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من أعماله‪ .‬قال ابن عبممدالبر‬
‫كيف يؤتمن على سر‪ ،‬أو يوثق به في أمممر‪ ،‬ومممن وقممع فممي القممرآن‪،‬‬
‫ذب النبي عليه السلم؟‬ ‫وك ّ‬
‫وقد أمر الناصر لدين الله أن ل يستخدم في الممديوان بأحممد مممن‬
‫أهل الذمة‪ ،‬فكتب إليه عن أبي منصور بن رطينا ً النصراني إنا ل نجد‬
‫در أن رطين ما ً مممات هممل كممان يتعطممل‬ ‫كاتب ما ً يقمموم مقممامه‪ ،‬فقممال نق م ّ‬
‫الديوان؟ فحينئذ أسلم وحسن إسلمه اهم‪.‬‬

‫الستعانة بالكفار على الدولة المسلمة‬


‫حكممم السممتعانة بالكفممار علممى الدولممة المسمملمة أو الطائفممة‬
‫المسلمة كأهل البغي‪.‬‬
‫أهل البغي طائفممة مممن المسمملمين تخممرج علممى المممام الشممرعي‬
‫بتأويل سائغ ول يكونون كفارا ً بمجرد خروجهممم لنهممم ممما خرجمموا إل‬
‫بتأويل سائغ بل ول يكونون فساقا ً عند بعض العلماء‪.‬‬
‫قال المام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله ممما نصممه‪ " :‬وأممما إذا‬
‫كان الباغي مجتهدا ً ومتأول ً ولم يتبين له أنه باغ بمل اعتقمد أنمه علمى‬
‫الحق وإن كان مخطئا ً في اعتقاده‪ .‬لممم تكممن تسممميته)باغيمًا( موجبممة‬
‫لثمممه‪ ،‬فضمل ً عممن أن تمموجب فسممقه‪ .‬والممذين يقولممون بقتممال البغمماة‬
‫المتأولين يقولون‪ :‬مع المر بقتالهم قتالنا لهممم لممدفع ضممرر بغيهممم ل‬
‫عقوبة لهم بل للمنع من العدوان ويقولون إنهم باقون علممى العدالممة‬
‫ل يفسقون " اهم‪.‬‬
‫ومما استدل به القائلون بعدم تفسيق أهممل البغممي قمموله تعممالى‬

‫)‪(575‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫}وإن طائفتممان مممن المممؤمنين اقتتلمموا فأصمملحوا بينهممما فممإن بغممت‬
‫إحداهما على الخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن‬
‫فاءت فأصلحوا بينهما بالعممدل وأقسممطوا إن اللممه يحممب المقسممطين‬
‫إنممما المؤمنممون إخمموة فأصمملحوا بيممن أخممويكم واتقمموا اللممه لعلكممم‬
‫ترحمون{‪ .‬وجه الدللة من اليمات أنمه قمال }إنمما المؤمنممون إخمموة‬
‫فأصلحوا بين أخويكم{‪.‬‬
‫ثم إن البغاة إذا خرجوا على المام والحالة هذه وجممب عليممه أن‬
‫يدعوهم ويسممألهم ممما ينقمممون منممه فممإن ذكممروا مظلمممة أزالهمما وإن‬
‫ذكروا شبهة كشفها‪ ،‬فإن اسممتمروا فممي الخممروج بعممد ذلممك اسممتعان‬
‫بالله وقاتلهم‪ ،‬ول يجوز له أن يسممتعين بالكفممار علممى قتممالهم كممما ل‬
‫يجوز الستعانة بالكفار على قتال الدولة المسلمة الممتي حصممل بينممه‬
‫وبين حاكمها نزاع أو خلف لن في الستعانة بالكافرين تسليطا ً لهم‬
‫على المسلمين ول يجوز لحد أن يسملط كممافرا ً علممى مسملم }ولممن‬
‫يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبي ً‬
‫ل{‪.‬‬
‫وقد اتفق من يعتد بقوله من علماء الممة وفقهائهما علمى أنمه ل‬
‫يجوز للحاكم المسلم أن يستعين بالدولممة الكممافرة علممى المسمملمين‬
‫بأي حال من الحوال وذلك للمور التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬ما قدمناه من النصوص من الكتاب والسممنة وأقمموال العلممماء‬
‫من منع الستعانة بالكفار على الكفممار فممإن كممان هممذا هممو الراجممح ‪-‬‬
‫أعني منع استعانة المسلمين بالكفار على الدولة الكافرة فمن بمماب‬
‫أولى منع الستعانة بهم على الدولة المسلمة‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكفممار أعممداء للمسمملمين عممداوة عقيممدة وديممن‪ ،‬ومعلمموم أن‬
‫الكفممار إذا مكنمموا مممن قتممال المسمملمين انتقممموا منهممم واستأصمملوا‬
‫شأفتهم لما يضمرون لهممم مممن البغضمماء والعممداء‪ .‬قممال تعممالى‪} :‬إن‬
‫يثقفوكم يكونوا لكم أعداءا ً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسمموء‬
‫وودوا لو تكفرون{‪ .‬وقال سممبحانه‪} :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل تتخممذوا‬
‫بطانة من دونكم ل يألونكم خبال ً ودوا ما عنتم قد بدت البغضمماء مممن‬
‫أفواههم وما تخفممي صممدورهم أكممبر ‪ -‬إلممى قمموله ‪ -‬وإذا خلمموا عضمموا‬
‫عليكممم النامممل مممن الغيممظ{‪ ،‬وقممال تعممالى‪} :‬ود الممذين كفممروا لممو‬
‫تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة{‪.‬‬
‫‪ - 3‬وبالنسبة لهممل البغممي فالعلممة فممي جممواز قتممالهم هممي كفهممم‬

‫)‪(576‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وردهم إلى الطاعة ل قتلهم وإبممادتهم وبهممذا يعلمم أنمه ل حاجمة إلممى‬
‫الكفار فلم تجز الستعانة بهم‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن الستعانة بالكفار في تلك الحال موالة لهم وركون إليهممم‬
‫وقد قال تعالى‪} :‬ول تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار "‪.‬‬
‫‪ - 5‬ثم إن في الستعانة بهم تعزيزا ً وتقوية لبعض المسلمين على‬
‫بعض وإشعال ً للحروب بينهم ودافعا ً لهم على التنممازع علممى الرئاسممة‬
‫والملك وذلك مال يقره الشرع بحال بل إنه يدعو المسلمين في تلك‬
‫الحال إلى الصلح فيما إذا كانوا جميعا ً طلب حق أو ملك أو رئاسممة‬
‫فإذا كانت إحدى الطائفتين المتحاربتين هي المحقممة فالمقصمود ممن‬
‫قتالها للخممرى دفممع بغيهمما ل إبادتهمما وذلمك يتحقممق بممدون الستنصممار‬
‫بالكفار‪.‬‬
‫‪ - 6‬والستعانة بالكفار تمكين لهممم فممي كسممر شمموكة المسمملمين‬
‫والقضاء عليها بممل ربممما إبممادتهم أو طردهممم مممن بلدهممم والسممتيلء‬
‫عليها وكفى بالتاريخ شاهدا ً على ما نقول فالمسلمون فممي النممدلس‬
‫مثل ً وقعت بينهم الفتن العظيمة واستنصممر بعضممهم بالنصممارى علممى‬
‫إخوانهم المسلمين حتى هلكوا جميعا ً وزال سلطان المسلمين هناك‬
‫والمر لله من قبل ومن بعد‪.‬‬
‫‪ - 7‬والستعانة بهم كذلك سلم لهم للتدخل في شؤون المسلمين‬
‫الخاصة والطلع على عورات المسمملمين ومكممامن الضممعف والقمموة‬
‫فيهم المر الذي قد يجعلهم سادات وحكام يحتكم إليهم المسمملمون‬
‫بل ربممما آل المممر بممأولئك إلممى حشممد جيوشممهم وسمملحهم فممي بلد‬
‫المسمملمين باسممم المحافظممة علممى المممن وفممض النممزاع ونصممرة‬
‫المستضعفين والمظلومين وذلك بمجممرد تمموجيه أدنممى إشممارة إليهممم‬
‫للنجدة والنصرة من بعض من في قلوبهم مرض من المسلمين اهم‪.‬‬
‫وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من صور الستعانة بالكفار على‬
‫أهل البغي ما يكون كفرا ً‪.‬‬
‫قال المام أبو محمد علممي بممن حممزم فممي المحلممى‪ " :‬وأممما مممن‬
‫حملته الحمية من أهل الّثغممر مممن المسمملمين فاسممتعان بالمشممركين‬
‫الحربيين وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين أو علممى‬
‫أخذ أموالهم أو سبيهم فإن كانت يمده همي الغالبمة وكمان الكفمار لمه‬
‫كأتباع فهو هالك في غاية الفسوق ول يكون بذلك كافرا ً لنه لم يمأت‬

‫)‪(577‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شيئا ً وجب به عليه كفٌر قرآن أو إجماع وإن كان حكم الكفممار جاري ما ً‬
‫عليه فهو بذلك كافر على ما ذكرنا فإن كانا متساويين ل يجري حكم‬
‫أحدهما على الخر فما نراه بذلك كافرا ً والله أعلم "‪.‬‬
‫وهذا الحكم أعني منع الستعانة بالكفار شامل للكفار الحربييممن‬
‫وأهل الذمة والمرتدين‪.‬‬
‫قال المام أبو محمد علي بن حزم أيض مًا‪ " :‬هممل يسممتعان علممى‬
‫أهل البغي بأهل الحرب أو بأهل الذمة أو بأهل بغي آخرين قممال أبممو‬
‫محمد رحمه الله‪ :‬اختلف الناس في همذا فقمالت طائفمة ل يجموز أن‬
‫يستعان عليهمم بحربمي ول بمذمي ول بممن يسمتحل قتمالهم ممدبرين‬
‫وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وقد ذكرنا في كتاب الجهاد قممول‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬إنا ل نسممتعين بمشممرك " وهممذا‬
‫عموم ممانع ممن أن يسمتعان بهمم فمي وليمة أو قتمال أو شميء ممن‬
‫الشياء إل ما صح الجممماع علممى جممواز السممتعانة بهممم فيممه كخدمممة‬
‫الهداية أو الستئجار أو قضاء الحاجة وغير ذلك ممممال يخرجممون فيممه‬
‫عن الصغار والمشرك يقع على الذمي والحربي " اهم‪.‬‬
‫أما من قال من المنتسبين للعلم بجواز الستعانة بالكفممار علممى‬
‫قتال أهل البغي عند الضرورة فليس له حجة ول دليل من كتمماب ول‬
‫سنة ول أثر صحيح‪.‬‬
‫قال الشيخ عبممداللطيف بممن عبممدالرحمن بممن حسممن آل الشمميخ‬
‫رحمه الله‪ " :‬أما استنصار المسلم بالمشرك على الباغي فلممم يقممل‬
‫بهذا إل من شذ واعتمد على القيماس ولمم ينظمر إلمى منماط الحكمم‬
‫والجامع بين الصل وفرعه ومن هجم على مثل هذه القوال الشاذة‬
‫واعتمدها في نقله وفتواه فقد تتبع الرخص ونبذ الصل المقممرر عنممد‬
‫سلف المة وأئمتها المستفاد من حديث الحسن وحديث النعمان بممن‬
‫بشير " اهم )‪.(218‬‬

‫)‪(578‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫المسألة الخامسة‪ :‬اشتراط الراية في جهاد الدفع‬


‫ن مقصممود‬ ‫ن جهاد الدفع جهاد ضممرورة ول يشممترط لممه شممرط ل ّ‬ ‫إ ّ‬
‫الشممارع هممو إخممراج العممدو المحتممل الصممائل علممى ديممار المسمملمين‪،‬‬
‫والواجب قتاله حتى يخممرج‪ ،‬وجهمماد المسمملمين اليمموم همو مممن قبيممل‬
‫حرب العصابات الذي يعتمد على السرايا الصغيرة وسممرعة الحركممة‬
‫وهممي مممن أشمد ّ أنممواع الحممرب علممى العممداء‪ ،‬وأممما كممثرة الفصممائل‬
‫ن قصممد جميممع الفصممائل‬ ‫الجهاديممة فإنهمما ل تعنممي تعممدد المقاصممد فممإ ّ‬
‫المجاهدة هو إخراج العدو الصائل‪ ،‬ولكن رأى إخواننا المجاهممدون أن‬
‫تعدد الفصائل وأسماءها يرعب العدو كثيرًا‪ ،‬فالعدو عندما يسمممع أ ّ‬
‫ن‬
‫الذي قاتله هنا من جيش كذا والذي قاتله هناك من جيممش كممذا فممإنه‬
‫سوف يشعر أنه يواجه جيوشا ً وليممس جيش ما ً واحممدا ً وهممذا يزيممد فممي‬
‫رعبممه وخمموفه‪ ،‬وقممد أخبرنمما بعممض إخواننمما المجاهممدون بممأن أغلممب‬
‫الفصائل المجاهدة في العراق متعاونة وتستفيد من بعض وكم هناك‬
‫دة فصائل مجتمعة متعاونة‪.‬‬ ‫من العمليات الجهادية التي نفذتها ع ّ‬
‫وأما ما يحصل أحيانا ً من الخلف بينهم في وجهات النظر وتقدير‬
‫ن هذا أمر ل مناص منه فإنه طبيعة البشممر‪ ،‬وقممد حصممل‬ ‫الولويات فإ ّ‬
‫بين الصحابة وهم خير البشر بعد النبياء ما حصل من قتال وفتنة مع‬
‫تقواهم وغزارة علمهم وقربهم من عهممد النبمموة‪ ،‬فكيممف المممر بمممن‬
‫جاء بعدهم؟‬
‫نسأل الله أن يوحد صفوف المجاهممدين ويجمممع كلمتهممم ويجعممل‬
‫ن وعميممل‬ ‫بأسهم على عدوهم‪ ،‬ويخممرج مممن بيممن صممفوفهم كممل خممائ ٍ‬
‫ل ومريدٍ للفتنة‪.‬‬ ‫ومخذ ّ ٍ‬
‫قال ابن تيمية رحمه اللمه فمي الفتماوى الكمبرى‪ :‬فأمما إذا هجمم‬
‫العدو فل يبقى للخلف وجه فإن دفممع ضممررهم عممن الممدين والنفممس‬
‫والحرمة واجب إجماعا‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضا ً‪ :‬وأمما قتال الدفع فهو أشمد أنواع دفممع الصمائل عمن‬
‫الحرمة والدين فواجب إجماعمما فالعممدو الصممائل الممذي يفسممد الممدين‬
‫والدنيا ل شيء أوجب بعد اليمان من دفعه فل يشترط له شرط بل‬
‫يدفع بحسب المكان‪ .‬اهم‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله فممي كتماب الفروسمية‪ :‬فقتممال الممدفع‬
‫أوسع من قتال الطلب وأعم وجوبمما ولهممذا يتعيممن علممى كممل أحممد أن‬

‫)‪(579‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقوم ويجاهد فيه‪ ،‬العبد بممإذن سمميده وبممدون إذنممه والولممد بممدون إذن‬
‫أبممويه والغريممم بغيممر إذن غريمممه وهممذا كجهمماد المسمملمين يمموم أحممد‬
‫والخندق ول يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي‬
‫المسلمين فما دون فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين‬
‫فكان الجهمماد واجبمما عليهممم لنممه حينئذ جهمماد ضممرورة ودفممع ل جهمماد‬
‫اختيار ولهذا تباح فيه صلة الخوف بحسب الحال‪ .‬اهم‬
‫وقال أيضما ً‪ :‬فجهمماد الممدفع يقصممده كممل أحممد ول يرغممب عنممه إل‬
‫الجبان المذموم شرعا وعقل‪ .‬اهم‬
‫وأنقل هنا فتوى للشيخ حامد العلي تتعلق بمسألة الراية‬
‫قال الشيخ الفاضل حامد ابن عبد الله العلي حفظه الله‪:‬‬
‫الرد على من زعم اشتراط الراية للجهاد‬
‫ي‬
‫ويقال هنا‪ :‬بأيّ كتاب أم بأيـة سنة جيء بهذا الشممرط‪ ،‬وفممي أ ّ‬
‫مذهب ذكر‪ ،‬وما معناه‪ ،‬وما ضابطه‪ ،‬أل لو كان هذا المتخبممط القممائل‬
‫باشتراط الراية‪ ،‬يفقه في الدين لم يطلق لفظا غير منضبط فيجعلممه‬
‫شرطا في عبادة هي ذروة سنام السلم‪ ،‬فمن أين أتوا بهذا الشرط‬
‫)الراية(‪ ،‬فعلى هذه الراية العفمما‪ ،‬وصممفع القفمما‪ ،‬وعلممى كممل شممريعة‬
‫شرعت بها‪.‬‬
‫غير أنه من المعلوم‪ ،‬أنه يجب أن يكون للجهمماد هممدف شممرعي‪،‬‬
‫ولعمري أي هدف شرعي أوضح من قتال المحتل الصليبي الذي حل‬
‫بعقر دارنا‪ ،‬وأي هدف شرعي أوضح مممن قتممال مممن أعلممن أنممه يريممد‬
‫تغيير بلد المسلمين كلها‪ ،‬ليحقق أطماعه وأطماع الصهاينة فممي بلد‬
‫السلم‪ ،‬أي هدف أوضح وأكثر شرعية من قتال الذين يقاتلوننمما فممي‬
‫كل العالم‪ ،‬ويحاربون السلم في أنحاء المعمورة‪.‬‬
‫فلم يعد يخفى علممى مسمملم‪ ،‬أن جميممع الحركممات الجهاديممة مممن‬
‫فلسطين‪ ،‬إلى جنوب شرق آسيا‪ ،‬من كشمممير إلممى الفلممبين تحاربهمما‬
‫أمريكا‪ ،‬وجميع المجاهدين في أفغانستان وما حولها وفي الشيشان‪،‬‬
‫بممل ل ترفممع رايممة جهمماد فممي أي بقعممة مممن الرض لعلء كلمممة اللممه‬
‫واسترداد حقوق المسلمين إل والمريكيون الصليبيون يتصممدون لهمما‪،‬‬
‫ويستعملون من وافقهم من المنافقين مممن مطايمماهم الممذين يفتممون‬
‫بتحريم جهادهم‪.‬‬

‫)‪(580‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أل يعلم هؤلء المفتون الضمماّلون المض مّلون‪ ،‬أن البطممال الممذين‬
‫يقمماتلون المريكييممن فممي العممراق إنممما يحمممون هممؤلء المفتممونين‬
‫أنفسهم‪ ،‬ويحمون دينهم‪ ،‬وأعراضهم‪ ،‬من بقمماء هيمنممة أمريكممما علممى‬
‫العالم وعلى شعوبنا السلمية‪.‬‬
‫هممذا ول أحسممب هممؤلء الممذين يفتممون بإبطممال الجهمماد‪ ،‬ووجمموب‬
‫الدخول في طاعة الحكومات التي ينصبها المحتل فممي بلد السمملم‪،‬‬
‫إل ّ يعلمون في قرارة أنفسهم بطلن ما يقولون‪.‬‬
‫ذلك أن الرايات المتواجهة في العراق اليموم‪ ،‬إنممما هممي رايتمان‪،‬‬
‫راية الحتلل ومن يؤّيده‪ ،‬وراية رفض الحتلل ومن يقف معها‪.‬‬
‫الراية الولمى همي رايمة الصمليبيين والرافضمة وممن معهمم ممن‬
‫مرتزقتهم وزنادقة العلمانيين العرب الذين اتخذوا أمريكا ربا وإلها‪.‬‬
‫والراية الثانيممة هممي رايمة المقاوممة وهممو اسمم عمام يشممل كمل‬
‫رافض لبقاء القوات الصليبية المحتلة في العراق‪ ،‬وهي في أوسمماط‬
‫أهل السنة عامة‪ ،‬ويتقدم هذه الراية المجاهدون‪.‬‬
‫والهدف واضح وضوح الشمممس فممي رابعممة النهممار‪ ،‬وهممو إخممراج‬
‫المحتممل الصمليبي مممن بلد السمملم‪ ،‬وحمايممة المسملمين مممن بقمماءه‬
‫ن كممل يمموم جديممد يبقممى المحتممل فممي العممراق‪ ،‬فممإنه‬
‫وتمكنه فيهمما‪ ،‬ل ّ‬
‫يتمكن من إنجاح مخططه الواسع الشد خطرا على أمتنا السمملمية‬
‫ل ما مضى منذ عقمود‪ ،‬وهمو مشمروع القمرن المريكمي‪ ،‬المذي‬ ‫من ك ّ‬
‫صيغ ليعيد تشكيل المنطقة كّلهمما وفممق متطلبممات الهيمنممة المريكيممة‬
‫على النظام الدولي الجديد‪.‬‬
‫ومن المعلوم أنه حتى في الجهاد الفغاني الماضي‪ ،‬ض مد ّ الغممزو‬
‫السوفيتي في أفغانستان م مع أن الحتلل السوفيتي لم يممدخل فممي‬
‫حرب أطاح فيهما بنظمام الحكممم وأصممبح قموة احتلل‪ ،‬بمل بنمماء علمى‬
‫مي هممؤلء‬ ‫طلب " نجيب الله " وفق معاهدة من حكومته‪ ،‬الممتي يس م ّ‬
‫المفتون المضلون‪ ،‬مثلها في العراق " حكومة ولي المر "!!‬
‫م قد كانت الجبهات الجهادية كلها تقاتل ضد نظممام " نجيب الله‬
‫" الموالي للسوفيت‪ ،‬وضد الجيش السوفيتي في أفغانسممتان‪ ،‬علممى‬
‫حد سواء‪.‬‬
‫كممما يحممدث فممي العممراق تماممما‪ ،‬وكممانت الجبهممات فممي الجهمماد‬
‫الفغاني‪ ،‬متعددة التجاهات‪ ،‬مختلفة العقائد‪ ،‬ففيهم حممتى مممن كممان‬

‫)‪(581‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يعبد القبور‪ ،‬وغلة أهل الشرك والتصوف الفلسفي‪ ،‬غير أن الفتاوى‬
‫كلهمما‪ ،‬كممانت تممدعوا إلممى توحيممد المواجهممة مممع العممدو‪ ،‬وأن اختلف‬
‫الجبهات ل ينبغي أن يشتت الهدف المشترك‪ ،‬وهو طرد الروس مممن‬
‫أفغانستان‪.‬‬
‫ولم يكن أحد في ذلك اليوم‪ ،‬يتحدث عن تحريم قتال جنود ولمي‬
‫المر " نجيب الله " الذي كان يظهر مم كممما أذكممر ذلممك مم فممي صممور‬
‫تنشرها بعض صحفنا الشتراكية آنذاك م فممي الكممويت مم وهممو يصمملي‬
‫ويدعو رافعا يديه‪ ،‬وتصور تلك الصحف الخارجين عليه بممأنهم خمموارج‬
‫بغاة‪ ،‬يرضون سادتهم المريكيين بالقتال ضد مممن اسممتنجد بممالروس‬
‫حلفاءه ليقمع المتمردين الرهابيين الخوارج!!‬
‫وكان الحكم الشرعي في الجهاد الفغاني ل يختلف فيممه اثنممان‪،‬‬
‫فالحتلل الكممافر‪ ،‬احتلل يجممب جهمماده‪ ،‬ول يغيممر هممذا الحكممم‪ ،‬كممونه‬
‫نصب حكومممة مواليممة لممه‪ ،‬ول تعممدد جبهممات القتممال ضممده‪ ،‬واختلف‬
‫الرايات‪.‬‬
‫وكذلك كان المر في احتلل القرن الماضممي لبلدنمما السمملمية‪،‬‬
‫كان الحتلل ينصب الحكومات‪ ،‬ويتخذ من أهل البلد الجند والشرط‬
‫من المسلمين م أو كانوا مسلمين قبل أن يوالوا المحتل م ولممم يكممن‬
‫في علماء المسلمين من ينكر جهاد المحتل ومن واله‪.‬‬
‫بل كان كل من يقوم بالجهاد ومقاومة المحتل محمود في المة‪،‬‬
‫وجهاده مشكور‪ ،‬ومن يحرض على قتال المحتلين من العلماء يعظم‬
‫دما‪ ،‬رغممم كممون الرايممات‬ ‫في نفوسممهم مكّرممما‪ ،‬وينصممبونه بينهممم مقم ّ‬
‫المحاربة لحتلل القرن الماضي‪ ،‬أشمد اختلفما‪ ،‬وأعظممم تباينمما‪ ،‬فقممد‬
‫كان فيها الرايات السلمية‪ ،‬والعلمانية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫كما أن الجهاد اليوم في فلسطين‪ ،‬تختلف فيه الرايات أيضا‪ ،‬غير‬
‫أن القتال كله يتوجه إلى هممدف واضممح‪ ،‬هممو دحممر الصممهاينة عممن بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬وإفشال مخططهم الخبيث واجتثاث سرطانهم المممزروع‬
‫مة السلمية‪ ،‬مع احتمال أن يستفيد‬ ‫في بلد السلم‪ ،‬وذلك لنقاذ ال ّ‬
‫من بعض ثمرات الجهاد‪ ،‬بعض الرايات العلمانية‪.‬‬
‫ولم يقل عاقل قط‪ ،‬فضممل عممن عممالم بالشممرع‪ ،‬أن الجهمماد فممي‬
‫فلسطين حجر محجور‪ ،‬وعمل محظور‪ ،‬ويحرم علممى المسمملمين أن‬
‫يقاتلوا اليهود المحتلين‪ ،‬حتى يأتي اليوم الممذي يتوحممد الفلسممطينيون‬

‫)‪(582‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تحت راية إسلمّية سنّية واحدة‪ ،‬ولو قال هذا مغفل لقدم أكبر خدمة‬
‫للحتلل‪.‬‬
‫والحاصل أن اتفاق المسلمين مع غيرهم علمى قتمال عمدوّ يمراه‬
‫الطرفان خطرا عليهما‪ ،‬وفي دحره وإفشال مخططمماته‪ ،‬دفممع خطممر‬
‫عام على أمة السلم‪ ،‬ل ينكره إل ّ جاهل‪ ،‬وقد صممح فممي الحممديث أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسلمين يقاتلون والروم عدوا‬
‫من وراءهم فممي آخممر الزمممان‪ ،‬فليممس فممي هممذا ممما يخممالف الشممرع‬
‫مادامت المصلحة في عاقبة القتال أرجح‪.‬‬
‫ومعلوم أن المريكيين أشد ّ ما يخافون مممما يفشممل مشممروعهم‬
‫في العراق‪ ،‬هو دخول المقاتلين عليهم من خارجها‪ ،‬فهم يريممدون أن‬
‫يسممتفردوا بممالعراق‪ ،‬ويحولمموه إلممى سممجن كممبير‪ ،‬يفعلممون فيهمما ممما‬
‫كمممر خممارجي حممتى إذا انتهمموا مممن‬‫يشاؤون وهم في أمن مممن أي مع ّ‬
‫الستقرار التام فيه‪ ،‬وباضوا وفرخوا في ربوعه‪ ،‬انتقلوا إلى ممما يليممه‬
‫من بلد السلم‪ ،‬ولهذا فهم يفرضون اليوم حتى على بعض العلماء م‬
‫بواسطة حكومات المنطقةم أن يخممدموا العلممم المريكممي‪ ،‬ويسمميروا‬
‫مممة‬ ‫في ركابه‪ ،‬حتى تحط رحال الصليب في ك ّ‬
‫ل العواصممم‪ ،‬فُتنممزل بأ ّ‬
‫ل قاصم‪.‬‬‫السلم ك ّ‬
‫ويبممدو واضممحا ً لكممل ذي بصمميرة أن الضممغط المريكممي علممى‬
‫جه بعض الفتاوى الشرعية المنكوسة الممتي‬ ‫حكوماتنا هو الذي بات يو ّ‬
‫أشبه بهذيان المنافقين والزنادقة‪ ،‬أو أقوال الفئات الضالة المارقة‪.‬‬
‫وهذا وإن كان ل يحدث دائما بأسمملوب مباشممر‪ ،‬غيممر أنممه يمممر عممبر‬
‫مراحل تنتهي بتوجيه الفتوى لصالح السياسممة المريكيممة المفروضممة‬
‫على دولنا شاءت أم أبت‪.‬‬
‫وكأّنمك ترى لو كان الروس هم الذين احتلوا العراق أو أي دولممة‬
‫مسين اليوم للفتاوى المخذلممة‬ ‫أخرى تنافس أمريكا‪ ،‬كأنك ترى المتح ّ‬
‫لخوانهم المجاهدين في العراق‪ ،‬متجاوزين كل المعوقات‪ ،‬متعممامين‬
‫عن كل شبهة‪ ،‬يفتون بل خمموف مممن سمملطان‪ ،‬ول جممزع مممن جلد أو‬
‫سجان‪ ،‬بوجوب الجهاد كما كانوا يفتممون أيممام الجهمماد الفغمماني‪ ،‬فممي‬
‫سبيل إرضاء السياسة المريكية‪ ،‬ولصبح الجهاد فممي العممراق أعظممم‬
‫من كل جهاد‪ ،‬والمحرضون عليه جهابذة العلممماء‪ ،‬ليسمموا خمموارج ول‬
‫بغاة‪.‬‬

‫)‪(583‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فسبحانك اللهم‪ ،‬سبحانك مقلب القلوب والبصممار‪ ،‬ثبممت قلوبنمما‬
‫على دينك‪ ،‬وثبت عقولنا‪ ،‬ونجنا من الفتن ممما ظهممر منهمما وممما بطممن‪،‬‬
‫وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين " إن هي إل فتنتك‬
‫تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينمما فاغفممرنا لنما وارحمنمما‬
‫وأنت غير الغافرين‪.‬‬
‫هذا وينبغي أن يعلم أن ما ينتشر هذه اليام من إضممافة شممروط‬
‫للجهاد‪ ،‬ما أنزل الله بها من سمملطان‪ ،‬ول دل عليهمما سممنة ول قممرآن‪،‬‬
‫سممببه هممذا النهممزام الممذي يمل أرجمماء صممدور المنهزميممن فممي حالممة‬
‫الغثائية التي تعيشها المة المستولّيه عليها أمم الكفر‪ ،‬وأولياؤهم‪.‬‬
‫ب أن هؤلء المنهزمين عكسوا المر الذي دلممت‬ ‫ب فعج ٌ‬ ‫وإن تعج ْ‬
‫عليممه شممريعة العممزة‪ ،‬لتحصمميل أسممباب العممزة‪ ،‬بينممما أقممامه أعممداء‬
‫السلم!‬
‫فالشريعة السلمية وضعت شروطا لمن يتوّلى أمر المسلمين‪،‬‬
‫وقّيدت سلطانه‪ ،‬وجعلته نائبا عن المة يقوم بأمرين أساسين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬إقامة الشرع في ديار السلم‪ ،‬إذ هو لم ُينصب إماما إل‬
‫لهذا الغرض العظيم‪ ،‬كما قال تعالى " الذين إن مك ّّنماهم فمي الرض‬
‫أقاموا الصلة وآتوا الزكاة وأمممروا بممالمعروف ونهمموا عممن المنكممر "‪،‬‬
‫فذكر قيامهم بالدين في أنفسهم بالصمملة الممتي هممي رأس العبممادات‬
‫البدنّية‪ ،‬والزكاة التي هي رأس العبادات المالّية‪ ،‬وإقامتهم للدين في‬
‫بلدهم وأرضهم بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حماية أرض المسلمين من دخول جيوش الكفممار إليهمما‪،‬‬
‫بإقامة الثغممور وهممي كلمممة عامممة تشمممل امتلك سمملح الممردع الممذي‬
‫يخيف الكفار من الطمع في بلد السمملم‪ ،‬كممما دل علممى ذلممك قمموله‬
‫تعالى )وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن ربمماط الخيممل ترهبممون‬
‫ميه الكّفار اليوم‬ ‫به عدو الله وعدوكم(‪ ،‬وإقامة جهاد الطلب الذي يس ّ‬
‫الحرب الوقائّية‪ ،‬وتعنممي منممع أي قمموة تطلممب السممتعلء فممي الرض‬
‫غيرهم‪ ،‬لتبقى لهم الهيمنة على جميع المم‪.‬‬
‫هكممذا قي ّممدت الشممريعة منصممب " ولممي المممر "‪ ،‬ولممم تجعلممه بل‬
‫م‬
‫شروط كما هو لسان حال المفترين على السلم‪ ،‬هذه اليمام‪ ،‬فلمم ْ‬
‫ل من تسّلط على رقاب المسلمين‪ ،‬فلممه الحممق‬ ‫تجعله بحيث يكون ك ّ‬
‫ل اعتراض عليه فتنة هي اشد من فتنة‬ ‫المطلق أن يفعل ما شاء‪ ،‬وك ّ‬

‫)‪(584‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫علو الكفار على بلد السلم‪ ،‬فهذا من أبطل الباطل!!‬
‫بينما م من جهة أخرى م قممد خففت الشريعة المطهّممرة شممروط‬
‫وفا ً لمصالحه الكثيرة التي يثمرها‪ ،‬ولهذا أباحته مع كل بر‬ ‫الجهاد‪ ،‬تش ّ‬
‫وفاجر‪ ،‬حتى أباحت ما يذكر في مسالة التترس ونحوهمما مممما يوسممع‬
‫فيه الفقهاء الباب مراعاة لتحقيق مصالح الجهاد العظيمة النفع على‬
‫المة‪ ،‬وأباحت فيه الكممذب‪ ،‬والخيلء‪ ،‬ولبممس الحريممر‪ ،‬ومنعممت إقامممة‬
‫الحدود في الجهاد‪ ،‬بينما كان منعهمما فممي غيممره مممن أعظممم الجممرائم‬
‫التي يرتكبها المام‪ ،‬بل هي سبب الهلك‪ ،‬بل إقامتها علممى الضممعيف‬
‫دون الشريف هو سبب الهلك كما في الحممديث " إنممما أهلممك الممذين‬
‫من قبلكم أنهم إذا سممرق فيهممم الشممريف تركمموه‪ ،‬وإذا سممرق فيهممم‬
‫الضعيف أقاموا عليه الحد "‪.‬‬
‫كما جعلت الشريعة‪ ،‬جهاد الدفع بل شروط أصل‪ ،‬حتى إن المرأة‬
‫لها أن تنفر فيه‪ ،‬وجعلت جهمماد الطلمب قائمما ل يسمقطه عمدم قيمام‬
‫المام به كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫كل ذلك تحقيقا للقاعدة القرآنية العظيمة‪) :‬وأنفقوا فممي سممبيل‬
‫الله ول تلقوا بأيديكم للتهلكة( ومعلمموم أن معناهمما‪ ،‬أنفقمموا أرواحكممم‬
‫وأموالكم في الجهاد‪ ،‬وإل فسوف تكون الهلكة عليكم‪ ،‬كما دل علممى‬
‫هذا المعنى الحق‪ ،‬نصوص كثيرة‪ ،‬والواقع‪ ،‬وسنن الله الكونيممة الممتي‬
‫أقام عليها الحياة الدنيا‪.‬‬
‫أما هؤلء المنهزمون‪ ،‬فقد عكسوا المر‪ ،‬فقد أزالوا كل الشروط‬
‫التي وضعتها الشريعة لمممن يتممولى أمممر المسمملمين‪ ،‬وقي ّممدوا الجهمماد‬
‫بشروط ما أنزل الله بها من سلطان‪.‬‬
‫وبعد هذا‪ ،‬فل يخفى أن ذلك إنما وقع منهم‪ ،‬بسبب داء النهزامية‬
‫ق‬
‫الذي استولى عليهم‪ ،‬وتحت وطأة الشعور بهذا الممرقّ العصممري‪ ،‬ر ّ‬
‫النظمة المستبدة التي غدت تفرض على العالم والمفك ّممر‪ ،‬حممتى ممما‬
‫ينطق به لسانه‪ ،‬وفق ما يطلبه أعممداء السمملم ول حممول ول قمموة إل‬
‫بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫بينما تجد الكفار الذين حّلوا ديممار السمملم غممازين‪ ،‬واستباحوهممما‬
‫مفسدين‪ ،‬وأعلنوا فيممه الكفممر المسممتبين‪ ،‬تجممدهم قممد أقمماموا هممذين‬
‫المرين بما يحقق لهم الظهور والستعلء‪.‬‬
‫فقد وضعوا لمن يتوّلى عليهم شروطمما‪ ،‬تضمن تحققيه لمصالح‬

‫)‪(585‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شعوبهم‪ ،‬وقوة دولهم‪ ،‬فإن حاد عنها‪ ،‬استبدلوا غيره به‪.‬‬
‫أما حروبهم وأسباب قوتهم العسكرّية‪ ،‬فقد خففوا من شروطها‪،‬‬
‫ليضمنوا تحقيقها لستعلئهم‪ ،‬فإن عارضمت حروبهمم الممم المتحممدة‬
‫المزعومة‪ ،‬نبذوها وراء ظهورهم‪ ،‬ومضوا فممي الحممرب‪ ،‬وإن اقتضممت‬
‫حربهم إبادة البرياء‪ ،‬لم يلتفتمموا إلممى إهممراق دممماءهم ولممو أهرقوهمما‬
‫أنهارا تجري‪ ،‬كما فعلوا فممي العممراق‪ ،‬وإن اقتضممت أن يكممذبوا كممذبوا‬
‫مر‪ ،‬أو‬‫وزّورا الحقائق‪ ،‬وإن اقتضت أن يمتلكوا السمملح النممووي المممد ّ‬
‫يملئوا الرض من الشعاعات المضرة‪ ،‬فل يبممالون بممما تممأتي بممه مممن‬
‫دمار للبشرية‪.‬‬
‫ذلك أنهم يعلمون أن التفوق على المم‪ ،‬والعممزة فممي الرض‪ ،‬ل‬
‫تأتي إل بإقامممة السمملطان الممذي تتمموفر فيممه شممروط إقامممة التفمموق‬
‫والعّزة‪ ،‬وبالقوة الضاربة التي تضمن ذلك‪.‬‬
‫فنسأل الله تعالى أن يرزقنا البصيرة في الدين‪ ،‬وأن يعيد لهممذه‬
‫مة العظيمممة‪ ،‬المموعي الصممحيح بشممريعتها الممتي تحمّلهمما مسممؤولّية‬‫ال ّ‬
‫عالمية‪ ،‬والعزيمة على القيام بواجبها العالمي‪ .‬اهم‬

‫)‪(586‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تنبيه مهم‬

‫بعد بيان حكم الحاكم بغير ما أنزل الله‪ ،‬وحكممم مظمماهرة الكفممار‬
‫على المسلمين‪ ،‬وحكم التحاكم إلى هيئة المم الملحدة‪ ،‬وحكم منممع‬
‫الجهمماد المتعيممن‪ ،‬وحكممم حمايممة القبممور والضممرحة والمشممركين‬
‫وشركهم‪ ،‬لبد ّ من توضيح أمرٍ مهم قد زّلت قيه أقدام وأخطأت فيممه‬
‫ك في كفره‬ ‫أفهام‪ ،‬وهو حكم من لم يكّفر الكافر أو ش ّ‬
‫ك فممي‬‫ن من لم يكّفر الكافر أو ش ّ‬ ‫لقد بّين العلماء رحمهم الله أ ّ‬
‫ن في المسألة تفصممي ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫كفره فإنه يكفر وهذا ليس على إطلقه بل إ ّ‬
‫ومن لم يفقه ضوابط هذا الناقض أّدى به عدم فهمه إلممى التسلسممل‬
‫فممي التكفيممر‪ ،‬وهممذا ممما وقممع لجماعممات مممن الغلة أبرزهمما الجماعممة‬
‫السلمية المسلحة في الجزائر بعد انحراف مسيرتها‪ ،‬والتي هممادنت‬
‫الطواغيت لتتفرغ لقتال المجاهدين في سبيل الله‪.‬‬
‫ن‬
‫ومن لم يكّفر الكافر فقد يكون ل يعرف حاله‪ ،‬كمن لم يعلم أ ّ‬
‫المدعوّ تركّيا الحمد تلّفظ بما تلّفظ به من الكفر‪ ،‬فهذا معذوٌر وليس‬
‫داخل ً في القاعدة‪.‬‬
‫ما إذا كان يعرف حاله‪ ،‬فُينظممر فيممه بحسممب الكممافر الممذي لممم‬ ‫وأ ّ‬
‫يكّفره أو شك في كفره أو صحح مذهبه‪ ،‬وهذا على أقسام‪:‬‬
‫الّول‪ :‬أن يكون كفر هذا الكافر من المعلوم بالممدين بالضممرورة‪،‬‬
‫ومن لم يعرفه فليس من أهل السمملم‪ ،‬كمممن شممك فممي كفممر عبمماد‬
‫الوثان والبوذيين واليهود والنصارى على العموم‪ ،‬فمن شك في كفر‬
‫ن كفر هؤلء وأمثممالهم معلمموم‬ ‫بعض هؤلء الكفار فهو كافر مثلهم‪ ،‬ل ّ‬
‫ذبا ً للكتماب‬
‫من الدين بالضرورة فالذي ل يكّفرهمم إمما أن يكمون مكم ّ‬
‫والسنة وإما أن يكون غيممر عممارف بأصممل السمملم وحقيقتممه وهممذا ل‬
‫ح إسلمه لنممه تممرك ركنما ً مممن أركممان ل إلممه إل اللممه وهممو الكفممر‬ ‫يص ّ‬
‫بالطاغوت‪.‬‬
‫قال شيخ السلم محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪) :‬صفة الكفر‬
‫بالطمماغوت‪ :‬أن تعتقممد بطلن عبممادة غيممر اللممه‪ ،‬وتتركهمما‪ ،‬وتبغضممها‪،‬‬
‫وتكفر أهلها‪ ،‬وتعاديهم(‪.‬‬
‫قال العلمة عبد الله أبا بطين‪ ":‬أجمع المسلمون على كفر مممن‬
‫لممم يكفممر اليهممود والنصممارى أو يشممك فممي كفرهممم ونحممن نممتيقن أن‬

‫)‪(587‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أكثرهم جهال "‪] .‬رسالة النتصار[‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون كفره ليس من المعلوم من الممدين بالضممرورة‪،‬‬
‫ولكن النصوص تدل عليه دللة قطعية‪ ،‬فمن شك في كفره ب ُّينت لممه‬
‫النصوص فإن لم يقبلها كفر‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬عباد القبور الذين يممدعونها‬
‫وينذرون لها ويحجون إليها من المنتسبين إلممى السمملم‪ ،‬فمممن شممك‬
‫في كفرهم ب ُّينت له الدّلة على ذلك فإن لم يكفرهم كفر‪.‬‬
‫قال العلمة سليمان بممن عبممدالله فيمممن توقممف أوشممك أو كممان‬
‫جاهل في كفر القبمموريين‪ ":‬فممإن كممان شمماكا فممي كفرهممم أو جمماهل‬
‫بكفرهم بينت له الدلة من كتاب الله وسنة رسوله على كفرهم فإن‬
‫شك بعد ذلك وتردد فأنه كافٌر بإجماع العلماء على أن من شممك فممي‬
‫كفر الكفار فهو كافٌر"‪] .‬أوثق عري اليمان ضمن مجموعة التوحيممد‪:‬‬
‫‪.[160 / 1‬‬
‫وقال بعض علماء نجد‪ :‬مما يوجب الجهاد لمن اتصممف بممه عممدم‬
‫تكفير المشركين أو الشك في كفرهم فإن ذلك من نواقض السمملم‬
‫ومبطلته فمن اتصف به فقد كفر وحل دمه وماله ووجب قتاله حتى‬
‫يكفر المشركين والدليل على ذلك قوله ‪)) :‬من قال ل إله إل الله‬
‫وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمممه(( فعلممق عصمممة المممال‬
‫والدم بأمرين المر الول قول‪ :‬ل إله إل الله الثاني‪ :‬الكفر بممما يعبممد‬
‫من دون الله‪ .‬فل يعصم دم العبد وممماله حممتى يممأتي بهممذين المريممن‬
‫الول قوله‪ :‬ل إله إل الله والمراد معناها ل مجرد لفظها ومعناها هممو‬
‫توحيد الله بجميع أنواع العبادة المر الثاني‪ :‬الكفر بما يعبد مممن دون‬
‫الله والمراد بذلك تكفير المشركين والبراءة منهم ومما يعبممدون مممع‬
‫الله‪ .‬فمن لم يكفر المشركين من الدولة التركية وعباد القبور كأهل‬
‫مكة وغيرهم ممن عبد الصالحين وعدل عن توحيد الله إلى الشممرك‬
‫وبدل سنة رسوله ‪ ‬بالبدع فهو كافر مثلهممم وإن كممان يكممره دينهممم‬
‫ويبغضهم ويحب السلم والمسلمين فمإن الممذي ل يكفممر المشممركين‬
‫غير مصدق بالقرآن فإن القرآن قد كفر المشركين وأمممر بتكفيرهممم‬
‫وعداوتهم وقتالهم‪ .‬قال الشيخ‪ :‬محمد بممن عبممد الوهمماب رحمممه اللممه‬
‫في نواقض السلم‪ .‬الثالث‪ :‬من لممم يكفممر المشممركين أو شممك فممي‬
‫كفرهم أو صحح مذهبهم كفر‪ ،‬وقال شيخ السمملم ابممن تيميممة رحمممه‬
‫الله‪ :‬من دعا علي بن أبي طالب فقد كفر ومن شك في كفره فقممد‬
‫كفر"‪] .‬الدرر السنية‪.[291 /9 :‬‬
‫)‪(588‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال الشيخ محمد بممن عبممد اللطيممف آل الشمميخ‪ ":‬مممن خصممص‬
‫بعض المواضع بعباده أو اعتقد أن من وقف عندها سقط عنممه الحممج‬
‫كفره ل يستريب فيه من شم رائحة السلم ومن شك في كفره فل‬
‫بد من إقامة الحجة عليه وبيان أن هذا كفر وشممرك وأن اتخمماذ هممذه‬
‫الحجار مضاهاة لشعائر الله التي جعل الله الوقوف بهمما عبممادة للممه‬
‫فإذا أقيمت الحجة عليه وأصر فل شك في كفره "‪] .‬الممدرر السممنية‪:‬‬
‫‪[443 / 10‬‬
‫هذا إذا امتنع من تكفيرهم مطلقًا‪ ،‬أما إن اعتقممد أن فعلهممم كف مٌر‬
‫ن من بلغته الحجة منهم وأصر على شركه فهو كافر‪ ،‬ولكن امتنممع‬ ‫وأ ّ‬
‫ن‬‫من تكفير الجهلممة منهممم فممإنه حينئذٍ ل يكفممر وإن كممان مخطئًا‪ ،‬فممإ ّ‬
‫ن من دعا غير الله وأشرك بالله فإننا نحكم بكفممره وإن كممان‬ ‫الحقّ أ ّ‬
‫جاهل ً فإنه ل يجتمع التوحيد والشرك الكبر‪ ،‬ول اليمان والكفر الكبر‬
‫ده ول يجتمعان‪ ،‬فالممذي‬ ‫في قلب عبدٍ أبدا ً بل إن ُوجد أحدهما زال ض ّ‬
‫يشرك بالله نحكم عليه في الدنيا أنه كافر مشرك وأما مصمميره فممي‬
‫الخرة فإلى الله إن كان معذورا ً بجهلمه لمم يعمماقبه اللمه حممتى يقيممم‬
‫عليه الحجة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله‪) :‬ولهذا كان كل مممن لممم يعبممد اللممه‬
‫وحده فلبد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكممون مشممركا‪ ,‬وليممس‬
‫في بني آدم قسممم ثممالث ‪ -‬إلممى أن قممال‪ -:‬فكممل مممن لممم يعبممد اللممه‬
‫مخلصا له الدين فل بد أن يكون مشممركا عابممدا ً لغيممر اللممه وهممو فممي‬
‫الحقيقة عابد ٌ للشيطان(‪] .‬مجموع الفتاوى ج ‪.[284 -282 /14‬‬
‫وقال العلمة أبا بطين رحمه الله تعالى‪ :‬وأما ما سألت عنه من‬
‫أنممه هممل يجمموز تعيممن إنسممان بعينممه بممالكفر إذا ارتكممب شمميئا ً مممن‬
‫المكفرات؟ فالمر الذي دل الكتاب والسنة وإجماع العلماء عليه أنه‬
‫كفر مثل الشرك بعبادة غير الله سبحانه فمن ارتكب شيئا ً مممن هممذا‬
‫النوع أو حسنه فهذا ل شك فممي كفممره ول بممأس بمممن تحققممت منممه‬
‫شيئا ً من ذلك أن تقول كفر فلن بهذا الفعممل‪] .‬الرسممائل والمسممائل‬
‫النجدية‪ [523 /4 :‬مم و]الدرر السنية‪.[416 / 10:‬‬
‫وقال الشيخ عبممد الرحمممن بممن حسممن آل الشمميخ رحمهممم اللممه‪:‬‬
‫)وعبادة أصحاب القبور تنافي السلم فإن أساسه التوحيد والخلص‬
‫ول يكون الخلص إل بنفي الشرك والممبراءة منممه كممما قممال تعممالى‪(:‬‬
‫فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسممك بممالعروة المموثقى)‪.‬‬
‫)‪(589‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وهذه العمال مع الشرك تكون[ كرماد اشممتدت بممه الريممح فممي يمموم‬
‫عاصف)وتكون هباء منثورًا( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا ً حتى‬
‫إذا جاءه لم يجده شيئا ً)‪ - .‬إلى أن قال‪ -:‬وأجمع العلماء سلفا وخلفمما‬
‫من الصحابة والتابعين والئمة وجميع أهل السممنة أن المممرء ل يكممون‬
‫مسمملما إل بممالتجرد مممن الشممرك الكممبر والممبراءة منممه وممممن فعلممه‬
‫وبغضهم ومعاداتهم حسب الطاقة والقدرة وإخلص العمال كلها لله‬
‫كما في حديث معمماذ ‪ τ‬الممذي فممي الصممحيحين‪ «:‬إن حممق اللممه علممى‬
‫العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا ً »‪ .‬والقرآن كلممه فممي بيممان هممذا‬
‫التوحيد وما ينافيه من الشرك والتنديد‪] .‬الدرر السممنية ‪- 545 /11‬‬
‫‪.[546‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسممن آل الشمميخ )وذلممك لن مممن‬
‫فعل الشرك فقد ترك التوحيد‪ ،‬فإنهما ضدان ل يجتمعان فمتى وجممد‬
‫الشرك انتفى التوحيد(‪.‬‬
‫وقال ابنه الشيخ عبد اللطيف رحمه الله‪) :‬إن السلم والشممرك‬
‫نقيضان ل يجتمعان ول يرتفعان(‪.‬‬
‫وقال رحمه الله في منهاج التأسيس عند كلمه على من أشرك‬
‫وهو يشهد الشهادتين‪ :‬أما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم‬
‫وأي إسلم يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن ل إلممه‬
‫إل الله‪ .‬اهم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إنه يشهد أن ل إله إل الله‪.‬‬
‫ن ل إله إل الله تقتضي أن يوحد الله ويفممرده بجميممع‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫أنواع العبادة ول يصرف شيئا منها لغيممر اللممه‪ ،‬فمممن شممهد أل إلممه إل‬
‫الله وأشرك بالله فإنه نقض شهادته بشركه‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إنه ل يعلم معناها‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬ل يصممح لممه الممدخول فممي السمملم حممتى يعلممم معنممى‬
‫الشهادتين إذ هما أصل السلم وعليهما ينبني الدين كّله‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫دم سممبحانه العلممم‬ ‫)فمماعلم أنممه ل إلممه إل اللممه واسممتغفر لممذنبك( فقم ّ‬
‫بالشهادة على العمل الذي هو ثمرة معرفمة الشهادة‪ ،‬وقممال تعممالى‪:‬‬
‫)إل من شهد بالحق وهم يعلمون( فمن شهمد بالحمممق وهمممو ل يعلممم‬
‫معنى هذه الشهادة ل تصح شهادته لنه شهد بما ل يعلم معناه‪ ،‬ولن‬
‫الشهادة يترتب عليها اعتقاد قلبي فكيف يعتقد ما ل يعرف معناه‪.‬‬

‫)‪(590‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫روى مسلم رحمه الله عن طممارق بممن أشمميم أن النممبي ‪ ρ‬قممال‪:‬‬
‫)من قال ل إله إل الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ممماله ودمممه‬
‫وحسابه على الله(‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في‪) :‬مسائله( بعممد‬
‫ذكر هذا الحديث‪) :‬وهذا من أعظم ما يبين معنى ل إله إل الله‪ ،‬فممإنه‬
‫لم يجعل التلفممظ بهمما عاصممما ً للممدم والمممال‪ ،‬بممل ول معرفممة معناهمما‬
‫ولفظها‪ ،‬بممل ول القممرار بهمما بممل ول كممونه ل يممدعو إل اللممه وحممده ل‬
‫شريك له‪ ،‬بل ل يحرم ماله ودمه حتى يضمميف إلممى ذلممك الكفممر بممما‬
‫يعبد من دون الله فإن شك أو توقف لم يحرم ممماله ول دمممه‪ ،‬فيالهمما‬
‫من مسألة ما أعظمها وأجلها وياله ممن بيممان ممما أوضمحه وحجممة مما‬
‫أقطعها للمنازع(‪.‬‬
‫وقال العلمة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشمميخ فمي تيسمير‬
‫العزيز الحميد‪) :‬أن النطق بها‪ -‬أي الشهادة ‪ -‬من غير معرفة معناهمما‬
‫ول عمل بمقتضاها فإن ذلك غير نافع بالجماع(‪.‬‬
‫وقال ابن هبيرة في الفصاح‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله تقتضي أن‬
‫يكون الشاهد عالما ً بأن ل إله إل الله‪ ،‬قال تعالى‪} :‬فاعلم أنه ل إلممه‬
‫إل الله{ وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدا ً فيها فقد قال تعممالى ممما‬
‫أوضح به أن الشاهد بالحق إذا لم يكن عالما ً بما شممهد بممه فممإنه غيممر‬
‫بالغ من الصدق به مع من شهد لك بما يعلمه فممي قمموله تعممالى‪] :‬إل‬
‫من شهد بالحق وهم يعلمون{ قممال واسممم اللمه مرتفممع بعممد إل مممن‬
‫حيث أنه الواجب له اللوهيه فل يستحقها غيره سبحانه قال واقتضى‬
‫القرار بها أن تعلم أن كل ما فيه أمممارة للحممدث فممإنه ل يكممون إلهما ً‬
‫فإذا قلت ل إله إل الله اشتمل نطقممك هممذا علممى أن ممما سمموى اللممه‬
‫ليس بإله فيلزمك إفراده سبحانه بممذلك وحممده قممال وجملممة الفممائدة‬
‫في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة هى مشتملة على الكفر بالطاغوت‬
‫واليمان بالله فإنك لما نفيت اللهية وأثبت اليجاب للممه كنممت ممممن‬
‫كفر بالطاغوت وآمن بالله‪.‬‬
‫ن الجهلممة الممذين يممدعون غيممر اللممه يعتقممدون أنهممم‬ ‫فممإن قيممل‪ :‬إ ّ‬
‫مسلمون‪.‬‬
‫ن كفار قريش كانوا يعتقدون أنهم على ملة إبراهيممم‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫وكممان أكممثرهم جهلمة ومممع ذلممك حكممم اللممه عليهممم بممأنهم مشممركون‬

‫)‪(591‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسماهم في كتابه بالمشركين‪ ،‬ولم ينفعهم اعتقادهم أنهم على ملة‬
‫إبراهيم‪ ،‬ولم يمنع ذلك من وصفهم بالمشركين وتسميتهم بالكافرين‬
‫لنهممم نقضمموا أصممل دعمموته‪ ،‬وكممذلك هممؤلء ل يمنممع اعتقممادهم أنهممم‬
‫مسلمون من تسميتهم بحقيقة فعلهم وهممو الشممرك لنهممم بشممركهم‬
‫قد نقضوا أصل السلم‪.‬‬
‫ن هؤلء الذين يدعون غيممر اللممه يعتقممدون أن فعلهممم‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫جائز وأنه ليس شركًا‪.‬‬
‫ن كفار قريش وغيرهممم مممن مشممركي العممرب كممانوا‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫يعتقدون أن فعلهم جائز وأن ما يفعلممونه مممن الشممرك هممو مممن بمماب‬
‫ووا‬‫تعظيم الله‪ ،‬وكانوا يعتقدون أن فعلهم ليس بشرك وأنهم لم ُيسمم ّ‬
‫الخالق بالمخلوق‪ ،‬وكانوا يعتقدون أن الخممالق والممرازق والمممدبر هممو‬
‫الله وحده‪ ،‬ومع ذلك سماهم الله مشركين وكافرين‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ل نحكم عليهم بالكفر ول نسميهم مشركين حتى نقيم‬
‫عليهم الحجة‪.‬‬
‫ن الله تعالى سمى كفار قريممش مشممركين قبممل قيممام‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫ن حقيقة فعلهم هو الشممرك‪ ،‬فكممون الحجممة لممم تقممم‬ ‫الحجة عليهم ل ّ‬
‫عليهم ل يعني ذلك عممدم وصممفهم بحقيقممة فعلهممم وإنممما عممدم قيممام‬
‫الحجة يمنع من تعذيبهم حتى تقام عليهم الحجة‪.‬‬
‫وقممد وصممف اللممه سممبحانه ملكممة سممبأ وقومهمما بممالكفر وسممماهم‬
‫دها ممما كممانت‬‫كافرين قبل قيام الحجة عليهم كما قممال تعممالى‪) :‬وص م ّ‬
‫تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين(‪.‬‬
‫قال ابن جرير الطبري رحمه الله‪ :‬يقول أي هممذه المممرأة كممانت‬
‫كافرة من قوم كافرين‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله بعممد كلم ٍ لممه‪:‬أخممبر اللممه‬
‫عن هود عليه السلم أنه قال لقومه‪:‬‬
‫( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إل مفممترون)‪ .‬فجعلهممم‬
‫مفترين قبل أن يحكم بحكم يخالفونه لكونهم جعلوا مع الله إلها آخر‬
‫فاسم المشممرك ثبممت قبممل الرسممالة‪ ،‬فممإنه يشممرك بربممه ويعممدل بممه‬
‫ويجعل معه آلهة أخرى ويجعل له أندادا قبل الرسول ويثبت أن هممذه‬
‫السماء مقدم عليها‪ ،‬وكممذلك اسممم الجهممل والجاهليممة يقممال‪:‬جاهليممة‬
‫وجاهل قبممل مجيمء الرسمول‪ ،‬وأممما التعممذيب فل‪] .‬مجممموع الفتمماوى‬

‫)‪(592‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪.[38-20/37‬‬
‫وقال ابن القيم رحمممه اللممه‪ :‬والسمملم هممو توحيممد اللممه وعبممادته‬
‫وحده ل شريك له واليمان بما جاء به رسوله ‪ ρ‬واتباعه فيما جاء به‪،‬‬
‫فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معانممدا فهممو‬
‫كافر جاهل‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله‪) :‬وجميع العلممماء فممي‬
‫كتب الفقه يذكرون أن من أشرك بالله كفر ولممم يسممتثنوا الجاهممل ‪-‬‬
‫إلى أن قال‪ -:‬ويذكرون أنواعا ً كثيرةً مجمعا ً علممى كفممر صماحبها ولممم‬
‫يفرقوا بين المعين وغيره…‪ .‬ثم نقل عن شمميخ السمملم رحمممه اللممه‬
‫في مسألة الوسائط قموله‪ :‬فممن جعمل الملئكمة أو النبيماء وسمائط‬
‫يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثممل أن‬
‫يسممألهم غفممران الممذنوب وهدايممة القلمموب وتفريممج الكربممات وسممد‬
‫الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين(‬
‫وخلصة المسألة‪ :‬أن الذين يدعون غير الله ويشركون به في أي‬
‫نوع من أنواع العبادة هم في حقيقة فعلهم مشركون ونحكم عليهممم‬
‫بحقيقة فعلهم ولكن ل نقيم عليهم حد ّ الردة ول نجزم بحكمهممم فممي‬
‫الخرة إل بعد قيام الحجة عليهم‪.‬‬
‫جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتمماء ممما يلممي‪:‬‬
‫)كل من آمن برسالة نبينا محمد ‪ ρ‬وسائر ما جاء به في الشريعة إذا‬
‫سجد بعد ذلك لغير الله من ولي‪ ،‬وصاحب قبر أو شيخ طريق يعتممبر‬
‫كافرا ً مرتدا ً عن السلم مشركا ً مع الله غيره في العبادة ولممو نطممق‬
‫بالشهادتين وقت سجوده لتيانه بممما ينقممض قمموله مممن سممجود لغيممر‬
‫الله‪ ،‬ولكنه قد يعذر لجهله فل تنزل به العقوبة حتى يعلم وتقام عليه‬
‫الحجة ويمهل ثلثة أيام إعذارا ً إليه ليراجممع نفسممه عسممى أن يتمموب‪،‬‬
‫فإن أصر على سمجوده لغيمر اللمه بعمد البيمان قتمل لردتمه‪ ..‬فالبيمان‬
‫وإقامة الحجة للعذار إليه قبل إنزال العقوبممة ل ليسمممى كممافرا ً بعممد‬
‫البيان فإنه يسمى كافرا ً بما حدث منه‪ .‬اهم‬
‫ومن أشرك بالله ممن ينتسب إلى السلم ل يخلو من حالتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إن كان عالما ً بمعنى الشهادة وعالما ً بحكم الشرك ومع‬
‫ك في كفممره‬ ‫ذلك أشرك بالله فإنه يحكم بكفره ومن لم يكفره أو ش ّ‬
‫كفر‪.‬‬

‫)‪(593‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون جاهل ً فإن كان يستطيع رفع الجهل عممن نفسممه‬
‫صر فإنه يكفر‪.‬‬ ‫ولكنه أعرض أو ق ّ‬
‫قال المام القرافي رحمه الله‪ :‬القاعدة الشممرعية دلممت علممى أن‬
‫كل جهل يمكن المكلف دفعه‪ ،‬ل يكون حجة للجاهل‪ ،‬فإن الله تعالى‬
‫بعث رسله إلى خلقه برسائله‪ ،‬وأوجب عليهم كافة أن يعلموهمما‪ ،‬ثممم‬
‫يعملوا بها‪ ،‬فالعلم والعمل بهمما واجبممان‪ ،‬فمممن تممرك التعلممم والعمممل‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فقد عصى معصيتين لتركه واجبين‪ .‬اهم‬ ‫وبقي جاه ً‬
‫وقال بن اللحام رحمه الله‪ :‬جاهل الحكم إنما يعذر إذا لممم يقصممر‬
‫ويفرط في تعلم الحكم‪ ،‬أما إذا قصر أو فرط فل يعذر جزمًا‪ .‬اهم‬
‫وقال المام السيوطي رحمه الله‪ :‬كممل مممن جهممل تحريممم شمميء‬
‫مما يشترك فيممه غممالب النمماس لممم يقبممل‪ ،‬إل أن يكممون قريممب عهممد‬
‫بالسلم‪ ،‬أو نشأ بباديممة بعيممدة يخفممى فيهمما مثممل ذلممك‪ .‬اهممم]الشممباه‬
‫والنظائر‪،‬ج ‪،1‬ص ‪[357‬‬
‫وقال المام ابن قدامة رحمه الله أثناء كلمه عن تممارك الصمملة "‬
‫فإن كان جاحدا ً لوجوبها )أي الصلة( نظر فيه‪ ،‬فممإن كممان جمماهل ً بممه‪،‬‬
‫وهمو مممن يجهمل ذلمك كالحمديث السملم‪ ،‬والناشمئ بباديمة‪ ،‬عمرف‬
‫وجوبها وعلم ذلك‪ ،‬ولم يحكم بكفره لنه معذور‪ ،‬فإن لم يكممن ممممن‬
‫يجهل ذلك كالناشئ من المسلمين فمي المصممار والقمرى‪ ،‬لمم يعممذر‬
‫ولم يقبل منه إدعاء الجهل‪ ،‬وحكم بكفره؛ لن أدلة الوجوب ظمماهرة‬
‫في الكتاب والسممنة‪،‬و المسمملمين يفعلونهمما علممى الممدوام‪ ،‬فل يخفممى‬
‫وجوبها على من هذا حاله‪ ،‬ول يجحدها إل تكذيبا ً لله تعالى‪ ،‬ورسمموله‬
‫وإجماع المة‪ ،‬وهو يصير مرتدا ً عن السلم‪ ،‬ول أعلم في هذا خلف مًا‪.‬‬
‫]المغني‪،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.[297‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬إن الممذي لممم تقممم‬
‫عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالسلم والذي نشأ ببادية‪ ،‬أو يكون‬
‫ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فل يكفممر حممتى يعممرف‪،‬‬
‫وأما أصول الدين التي أوضحها الله فممي كتممابه فممإن حجممة اللممه هممي‬
‫القرآن‪ ،‬فمن بلغه فقد بلغته الحجة‪] .‬مجموع مؤلفات الشيخ محمممد‬
‫بن عبد الوهاب[‬
‫وقال الشيخ محمممد بممن عبممد الوهمماب‪ " :‬ومسممألة تكفيممر المعيممن‬
‫مسألة معروفة‪ ،‬إذا قال قول ً يكون القول به كفرًا‪ ،‬فيقممال مممن قممال‬

‫)‪(594‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بهذا القول فهو كافر‪ ،‬لكن الشممخص المعيممن إذا قممال ذلممك ل يحكممم‬
‫بكفره حتى تقوم عليه الحجمة التي يكفمر تاركها‪ ،‬وهذا في المسممائل‬
‫الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس‪ ...‬وأما ممما يقممع منهممم‬
‫في المسائل الظاهرة الجلمية‪ ،‬أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهممذا‬
‫ل يتوقف في كفر قائله‪ .‬اهم ]الدرر السنية ‪.[8/244‬‬
‫وإن كان ل يستطيع رفع الجهل عن نفسه أو أغواه دعماة الشمرك‬
‫وأضلوه فإنه يحكم عليه في الدنيا بممأنه مشممرك ويكممون حكمممه يمموم‬
‫القيامة حكم أهل الفترة يقيم الله سبحانه عليهم حجته‪.‬‬
‫ذكر أبناء شيخ السلم محمد بن عبد الوهاب الشمميخان عبممد اللممه‬
‫وحسين رحمهم اللممه فممي بعممض أجمموبتهم أن‪) :‬مممن مممات مممن أهممل‬
‫الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة فالذي يحكم عليه‪ :‬أنه إذا كان معروفا‬
‫بفعل الشرك ويدين به‪ ،‬ومات على ذلك فهذا ظاهره أنه مات علممى‬
‫الكفر‪ ،‬فل يدعى له ول يضحى له‪ ،‬ول يتصدق عنه‪ ،‬وأما حقيقة أمره‬
‫فإلى الله تعالى فإن قامت عليه الحجة في حياته وعانممد فهممذا كممافر‬
‫في الظمماهر والبمماطن‪ ،‬وإن لممم تقممم عليممه الحجممة فممأمره إلممى اللممه‬
‫تعالى(‪] .‬الدرر السنية ‪.[10/142‬‬
‫ن المشرك الجاهل إن مات على شركه فإنه ل‬ ‫وثمرة الخلف‪ :‬أ ّ‬
‫يغسل ول يصلى عليه ول يدفن في مقابر المسلمين ول ُيستغفر لممه‬
‫لنه مات على الشرك المنمماقض لصممل التوحيممد كممما هممو حكممم مممن‬
‫مات على الشرك من أهل الفترة‪ ،‬ولكن ل نحكم عليهم بجنة ول نار‬
‫والله سبحانه ل يعذبهم يوم القيامة حتى يقيم عليهم الحجة‪.‬‬
‫وأما من قال‪:‬نحكم بإسلمه ول نكفره فإنه يرى أنه يغسممل ويكفممن‬
‫ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويستغفر له‪.‬‬
‫والحق مع الول‪ ،‬ولكن مممن لممم يكفممر الجاهممل مممن المشممركين‬
‫ك فممي‬ ‫بحجة الجهل فإنه ل يدخل في حكم من لم يكفر الكافر أو ش ّ‬
‫كفره؛ لوجود التأويل‪ .‬والله أعلم‬
‫جمماء فممي فتمموى اللجنممة الدائمممة قممولهم‪ ...":‬ل يجمموز لطائفممة‬
‫الموحممدين الممذين يعتقممدون كفممر عبمماد القبممور أن يكفممروا إخمموانهم‬
‫الموحدين الذين توقفوا فممي كفرهممم حممتى تقمموم عليهممم الحجممة لن‬
‫توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقاد أنه لبد من إقامة الحجممة‬
‫على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلف مممن ل شممبهة فممي كفممره‬

‫)‪(595‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم فهؤلء ل شبهة في كفرهم‬
‫ول في كفر من لم يكفرهم "‪.[99 /2] .‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون تكفيره محتمل ً للشبهة‪ ،‬كالحكام الحاكمين بغير‬
‫ما أنزل الله ونحوهم‪ ،‬فهؤلء وإن كان كفرهم قطعّيا عند مممن حقممق‬
‫ن ورود الشبهة محتمل فل يكّفر من لم يكّفرهممم‪ ،‬إل ّ إن‬ ‫المسألة‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن حكمم‬ ‫كشفت عنه الشبهة وأزيلمت‪ ،‬وعمرف أ ّ‬ ‫ُأقيمت عليه الحجة‪ ،‬و ٌ‬
‫الله فيهم هو تكفيرهم‪.‬‬
‫ة فيهمما خلف بيممن‬ ‫ة اجتهادّيمم ً‬ ‫الرابممع‪ :‬أن يكممون تكفيممره مسممأل ً‬
‫ن هممذه المسممائل ل يكّفممر‬ ‫المسلمين‪ ،‬كحكم تارك الصلة ونحمموه فممإ ّ‬
‫ن أصوله أصول أهممل‬ ‫دع مادام أ ّ‬ ‫فيها من لم ير كفر مرتكبها بل ول يب ّ‬
‫السنة والجماعة‪.‬‬

‫)‪(596‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وبعد هذا نقول‬
‫لقد تبين لك أيها الموحد في هذا الممرد كفممر الحكومممة السممعودية‬
‫وغيرها مممن الحكومممات الممتي هممي مثلهمما أو أشممد منهمما فممي الضمملل‬
‫والنحراف‪ ،‬ومن المكّفرات التي ذكرت في هذا الرد‪:‬‬
‫م كفرها في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من جهتين‪:‬‬
‫الولى‪ /‬التشريع مع الله ومنازعته سبحانه في ربوبيته وحكمه‪.‬‬
‫دة لحكم الله‪.‬‬ ‫الثانية‪ /‬الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة والمضا ّ‬
‫م كفرها في مسألة التحاكم إلى هيئة المم الطاغوتية‪.‬‬
‫م كفرها بمظاهرة الكفار على المسلمين‪.‬‬
‫م كفرها في مسألة الربا من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬المتناع من التزام تحريمه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التشريع مع الله بتحليل ما حرم الله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬استحلل ما حّرم الله‪.‬‬
‫وعلى من يريد أن ُيبّرئ هذه الحكومة أو غيرها من الكفر أن ينقض‬
‫هممذه المممور بالدلممة الشممرعية‪ ،‬وإن قممدر علممى نقممض أحممد هممذه‬
‫المكفممرات فل يسممتعجل فينفممي الكفممر عممن تلممك الحكومممة فممإن‬
‫المكفرات عديدة وليس مكّفرا ً واحدًا‪.‬‬
‫دة‬‫وأيضا ً قد استبانت لممك أيهمما الموحممد فممي هممذا الممرد أمممور ع م ّ‬
‫ومسائل شتى في بعض ما يحصل فممي السمماحة وهنمماك مسممائل لممم‬
‫رد في هذا الرد تتعلق بمنهج المجاهدين ووجهة نظرهممم وعقيممدتهم‬ ‫ت ِ‬
‫تجدها في مؤلفات أخرى كإصدارات صوت الجهاد‪ ،‬ومؤلفات الشمميخ‬
‫يوسممف العييممري والشمميخ عبممد العزيممز العنممزي والشمميخ أبممي بصممير‬
‫الطرطوسي والشيخ أبو محمد المقدسي والشيخ فممارس آل شممويل‬
‫الزهراني والشيخ أبو عبد الرحمن الثري وغيرهم‪ ،‬ومن طلب الهدى‬
‫وبذل جهده يوفق بإذن الله‪.‬‬

‫)‪(597‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شبهة والرد عليها‪:‬‬
‫هناك من يقول‪ :‬مالفائدة من تكفير الطواغيت‬

‫قال الشيخ الفاضل عبد الحكيم حسان‪:‬‬


‫قال بعضهم‪ :‬ثم قلت ‪ -‬وممما أزال أقممول ‪ -‬لهممؤلء الممذين يدنممدنون‬
‫حول تكفير حكام المسلمين‪ :‬هبوا أن هؤلء الحكممام كفمار كفمر ردة‪،‬‬
‫وهبوا ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أن هناك حاكما ً أعلى على هؤلء‪ ،‬فالواجب ‪ -‬والحالممة‬
‫هذه ‪ -‬أن يطبق هممذا الحمماكم العلممى فيهممم الحممد‪ ،‬ولكممن الن‪ :‬ممماذا‬
‫تسممتفيدون أنتممم مممن الناحيممة العمليممة إذا سمّلمنا ‪ -‬جممدل ً ‪ -‬أن هممؤلء‬
‫الحكام كفار كفر ردة؟! ماذا يمكممن أن تصممنعوا وتفعلمموا؟ إذا قممالوا‪:‬‬
‫ولء وبراء؛ فنقممول‪ :‬الممولء والممبراء مرتبطممان بممالموالة والمعمماداة ‪-‬‬
‫قلبيممة وعمليممة ‪ -‬وعلممى حسممب السممتطاعة‪ ،‬فل يشممترط لوجودهممما‬
‫إعلن التكفير وإشهار الردة‪ ،‬بممل إن الممولء والممبراء قممد يكونممان فممي‬
‫مبتدع أو عاص أو ظالم‪ ،‬ثممم أقممول لهممؤلء‪ :‬همماهم هممؤلء الكفممار قممد‬
‫احتلوا من بلد السلم مواقع عدة‪ ،‬ونحن مع السف ابتلينمما بمماحتلل‬
‫اليهود لفلسطين‪ ،‬فما الذي نستطيع نحممن وأنتممم فعلممه مممع هممؤلء؟!‬
‫حتى تقفوا أنتم ‪ -‬وحدكم ‪ -‬ضد أولئك الحكام الذين تظنون أنهم مممن‬
‫الكفار؟!‬
‫وقال آخر فممي تعليقممه علممى الكلم السممابق‪ :‬همممذا الكلم جيمممد‪،‬‬
‫يعني أن همؤلء الذين يحكمون علممى الممولة المسمملمين بممأنهم كفممار‬
‫ممماذا يسممتفيدون إذا حكممموا بكفرهمممم؟ أيسممتطيعون إزالتهممم؟ ل‬
‫يستطيعون‪ ،‬وإذا كان اليهود قمد احتلوا فلسطين قبل نحمممو خمسممين‬
‫عامًا‪ ،‬ومع ذلك ما استطاعت الممة السلمية كلها عربها وعجمها أن‬
‫يزيحوهمما عممن مكانهمما‪ ،‬فكيممف نممذهب ونسمملط ألسممنتنا علممى ولة‬
‫يحكموننا؟ ونعلممم أننمما ل نسممتطيع إزالتهممم‪ ،‬وأنممه سمموف تممراق دممماء‬
‫وتستباح أموال وربممما أعممراض أيضمما ولممن نصممل إلممى نتيجممة‪ ،‬إذا ممما‬
‫الفائدة؟ حتى لو كان النسان يعتقد فيما بينه وبين ربه أن من هؤلء‬
‫الحكام من هو كافر كفر مخرجمما عممن الملممة حقمما فممما الفممائدة مممن‬
‫إعلنه وإشاعته إل إثارة الفتن‪.‬‬
‫وقال بعضهم إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم )إن‬
‫عليك إل البلغ( وما قال لممه عليممك بتكفيممر النمماس‪ ،‬فل علينمما إن لممم‬
‫نكفر الكافر‪ ،‬بل علينا إبلغ الدعوة فقط‪.‬‬
‫)‪(598‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ ......‬الجممممممواب‪........‬‬
‫أول‪ :‬يجب أن ُيعلم أن طمرق تغييمر النظممة والوضماع الجاهليمة‬
‫وأسلوب التعامل مع الناس جميعا مؤمنهم أو كافرهم لم يتركها الله‬
‫تعالى للهمموى والستحسممان أو لمجممرد الفكممر أو الختيممار الشخصممي‬
‫العاري من الدليل الشرعي‪ ،‬بل إن الله تعالى قد بينها وأوضحها في‬
‫شريعته أحسن بيان‪ ،‬قال تعالى )قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على‬
‫بصيرة أنمما ومممن اتبعنممي(‪ ،‬وقممال تعممالى )اليمموم أكملممت لكممم دينكممم‬
‫وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا(‬
‫وقد سن الله تعالى لنا سنة حسممنة فممي إمممام الحنفمماء إبراهيممم‬
‫عليه وعلى جميع النبياء الصلوات والتسليم‪ ،‬فقد أرسله اللممه تعممالى‬
‫فممي بيئة جاهليممة تشممبه إلممى حممد كممبير هممذه الجاهليممة الحديثممة وإن‬
‫اختلفت معها في بعض الصممور‪ ،‬فقممد كممانت أهممواء البشممر ‪ -‬وخاصممة‬
‫المل ‪ -‬هممي الحاكمممة والموجهممة لحيمماة النمماس‪ ،‬سممواء فممي المممور‬
‫العتقاديممة أو العمليممة أو الداب والشممرائع‪ ،‬تماممما كممما يحممدث فممي‬
‫عالمنا المعاصر‪.‬‬
‫وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ‪ -‬والمة تبممع لممه ‪-‬‬
‫أن يتبع سنة خليله إبراهيم‪ ،‬فقال تعالى )ثم أوحينا إليك أن اتبع ملممة‬
‫إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين(‪ ،‬وقال تعالى )قل صدق اللممه‬
‫فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ً وما كان من المشركين(‪.‬‬
‫وقد قال تبارك وتعالى في بيان أصول هذه الملة )قد كانت لكممم‬
‫أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برؤاء منكم‬
‫ومما تعبمدون ممن دون اللمه كفرنما بكمم وبمدا بيننما وبينكمم العمداوة‬
‫والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده(‪ ،‬وقوله تعممالى )والممذين معممه(‬
‫قال المفسرون فيها‪ :‬أي المرسمملين الممذين علممى طريقتممه وأنصمماره‬
‫الذين كانوا معه‪ ،‬فملة إبراهيم عليه السلم هي طريق الممدعوة عنممد‬
‫جميممع المرسمملين‪ ،‬وهممي الطريقممة المثلممى فممي التعامممل مممع الواقممع‬
‫الجمماهلي‪ ،‬ومممن تممدبر آيممات القممرآن يجممد أن اللممه تعممالى قممد وصممف‬
‫أصممحاب هممذه الممدعوة بممأنهم أعقممل النمماس وأحكمهممم وأرشممدهم‬
‫وأحلمهم‪ ،‬فقال تبارك وتعالى )ولقممد آتينمما إبراهيممم رشممده مممن قبممل‬
‫وكنا به عالمين(‪ ،‬وقال تعالى )إن إبراهيم لحليم أواه منيب(‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نستبين أهم أسممس هممذه الممدعوة والملممة الحنيفيممة‬

‫)‪(599‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فسنرى أن أهم معالم هذا المنهج هممو الممبراءة التامممة والمعلنممة مممن‬
‫الشرك والمشركين‪ ،‬وتسفيه أوثممانهم وعبادتهمما‪ ،‬والتصممريح بكفرهممم‬
‫وعداوتهم‪.‬‬
‫وقد بين عز وجل أن السفاهة كمل السمفاهة فمي العمراض عمن‬
‫أسس هذه الدعوة واختيار غيرها مممن الطممرق المبتدعممة والمعوجممة‪،‬‬
‫والتي يقوم ساقها على إرضاء أصحاب السلطان بأي حجج فارغة أو‬
‫مزاعممم جوفمماء‪ ،‬كمصمملحة الممدعوة الممتي اتخممذها الفجممار مطيممة‬
‫لمصالحهم الدنيوية‪ ،‬قال تعالى )ومن يرغب عن ملة إبراهيم إل مممن‬
‫سممفه نفسممه ولقممد اصممطفيناه فممي الممدنيا وإنممه فممي الخممرة لمممن‬
‫الصالحين(‬
‫وقد فصل اللممه تعممالى وجلممى لنمما حقيقممة هممذه الملممة العظيمممة‬
‫وثوابت هذه الدعوة الكريمممة وأسسممها‪ ،‬كممما قممال تعممالى فممي آيممات‬
‫الممتحنة )قد كانت لكم أسمموة حسممنة فممي إبراهيممم والممذين معممه إذ‬
‫قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنمما بكممم‬
‫وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ً حتى تؤمنوا بالله وحممده( إلممى‬
‫قوله تبارك تعالى )لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمممن كممان يرجممو‬
‫الله واليوم الخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميممد(‪ ،‬وفممي هممذه‬
‫اليممات المفصمملة بيممان واضممح أن طريممق الممدعوة فممي هممذه الملممة‬
‫العظيمة ينقسم إلى موقفين ثابتين‪:‬‬
‫الول‪ :‬موقف من القوام المشركين العابممدين لغيممر اللممه تبممارك‬
‫وتعالى‪ ،‬وهذا مقدم على الثاني‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬موقف من معبوداتهم وأوثانهم وشركياتهم‪.‬‬
‫أما البراءة من اللهة المعبودة مممن دون اللممه والشممرك بصمموره‬
‫المختلفة سواًء كانت أوثانا ً وأصناما ً تعبد من دون الله بممأي نمموع مممن‬
‫أنواع العبادة كانت‪ ،‬أو كانوا حكاما ً وأمراء أو أحبارا ورهبانا ً يشرعون‬
‫للناس ما لم يأذن به الله تعالى‪ ،‬وسواء كان ذلك الشرك قمموانين أو‬
‫دساتير أو مناهج أو أديممان كالديمقراطيممة والشمميوعية أو غيرهمما مممن‬
‫زبالت أفكار البشر‪ ،‬فالواجب على كل مسلم حريص على اتباع ملة‬
‫أبيه إبراهيم وعلى تحقيق أحد أصلي الدين وهو الكفر بالطاغوت أن‬
‫يتبرأ من ذلك كلممه ومنممذ اللحظممة الولممى الممتي يممدخل بهمما إلممى هممذا‬
‫الدين‪ ،‬فينزع ذلك كلمه علمى عتبممة السمملم‪ ،‬ول يحمل تممأخير ذلمك أو‬

‫)‪(600‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تأجيله أو تسويغه بحجة المصلحة أو الحكمة أو غيرها‪ ،‬فممإنه السممبب‬
‫الذي هلك به من هلك ونجا به من نجا‪ ،‬وأقل ذلك أن يبرأ منه ويكفر‬
‫به بقلبه‪ ،‬ويجتنبه بأعماله وأقواله‪.‬‬
‫والملحممظ مممن آيممات القممرآن أن صممفة إبراهيممم عليممه السمملم‬
‫الظاهرة والتي عرفها به المشركون هي البراءة من دينهم وأوثممانهم‬
‫ومعبوداتهم الباطلة وتسفهها حتى قالوا عنممه )سمممعنا فممتى يممذكرهم‬
‫يقال له إبراهيم(‪ ،‬وقال لهم )أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفل‬
‫تعقلون(‪ ،‬وفي صفة نبينا صلى الله عليه وسلم قال تعالى )وإذا رآك‬
‫الذين كفروا إن يتخذونك إل هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم( أي يعيبهمما‪،‬‬
‫قال ابن جريج‪) :‬يذكرهم(‪ :‬يعيبهم‪ ،‬وقال ابن إسممحاق‪) :‬سمممعنا فممتى‬
‫يذكرهم( سمعناه يسبها ويعيبها ويستهزىء بهمما‪ ،‬وقممال الفممراء‪ :‬يريممد‬
‫يعيب آلهتكم)‪ ،(1‬أي يسفههم ويتنقصهم ويتبرأ منهم‪.‬‬
‫وكذلك وصف المشركون نبينا صمملى اللممه عليممه وسمملم كممما ورد‬
‫في الحديث أنهم قالوا عنممه‪ :‬عمماب آلهتنمما وسممفه أحلمنمما‪ ،‬فقممد روى‬
‫أحمد والبزار والطممبري فممي التاريممخ وابممن هشممام فممي السمميرة عممن‬
‫عروة قال‪ :‬قلت لعبد الله بن عمرو بممن العمماص‪ :‬ممما أكممثر ممما رأيممت‬
‫قريشا أصابت من رسول الله فيما كانت تظهممر مممن عممداوته؟ قممال‪:‬‬
‫حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر‪ ،‬فذكروا رسممول اللممه‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط‪ ،‬سفه أحلمنا‬
‫وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا‪ ،‬لقد صممبرنا منممه‬
‫على أمر عظيم ‪ -‬أو كمما قممالوا ‪ -‬فبينمما همم كممذلك إذا طلمع عليهممم‬
‫رسول الله فأقبممل يمشممي حممتى اسممتلم الركممن ثممم مممر بهممم طائفمما‬
‫بالبيت‪ ،‬فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ممما يقممول‪ ،‬فعرفممت ذلممك فممي‬
‫وجهه ثم مضى‪ ،‬فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلممك فممي‬
‫وجهه ثم مضى‪ ،‬ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها‪ ،‬فقال )تسمعون يا‬
‫معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكممم بالذبممح‪ ...‬إلممى‬
‫قوله‪ :‬فأطافوا به يقولون أنت الذي تقول كذا وكذا‪ ،‬لما كان يبلغهممم‬
‫من عيب آلهتهم ودينهم‪ ،‬فيقممول رسممول اللممه‪ :‬نعممم أنمما الممذي أقممول‬
‫ذلك‪( ...‬الحديث وهو من رواية ابن إسحاق وقد صرح فيممه بالسممماع‬
‫وبقية رجاله رجال الصحيح وإسناده صحيح‬
‫‪1‬‬
‫(( راجممع‪ :‬تفسممير الطممبري ج ‪ ،17/39‬تفسممير البغمموي ج ‪ ،248 /3‬تفسممير البيضمماوي ج ‪ ،4/99‬زاد‬
‫المسير لبن الجوزي ج ‪ ،385 /5‬تفسير أبي السعود ج ‪ ،74 /6‬لسان العرب ج ‪.4/310‬‬

‫)‪(601‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال أبو محمد المقدسممي حفظممه اللممه‪ :‬تنممبيه‪ :‬قممد يشممكل علممى‬
‫البعض هذا المر مع قوله تعالى )ول تسبوا الممذين يممدعون مممن دون‬
‫الله فيسبوا الله عدوا بغير علم( فيقممال كلم اللممه كلممه حممق وصممدق‬
‫ويكمل ويبين بعضه ول يعارض بعضه بعضا‪ ،‬فمطلوب الرسل وأصمل‬
‫دعوتهم هو البراءة من الوثان والطواغيت والمناهج الممتي تعبممد مممن‬
‫دون الله وتسفيهها ببيان نقائصها وعيوبها للنمماس‪ ،‬لمدعوتهم مممن ثممم‬
‫للكفممر بهمما واجتنابهمما‪ ،‬فهممذا كلممه مطلمموب مشممروع وإن أغضممب‬
‫المشركين وإن سموه سمبا ً وإن ترتمب عليمه ممما ترتممب مممن مفاسمد‬
‫مزعومممة‪ ،‬لن أعظممم مفسممدة فممي الوجممود هممي الشممرك‪ ،‬فل يقممر‬
‫الشرك الحقيقي الموجود أو يسكت عنه لمفسدة ظنية محتملة‪ ،‬أما‬
‫المنهي عنه في الية فهو السب المجرد الذي ليس وراءه دعمموة ول‬
‫يعقل منه الخصم إل الستثارة المجردة‪ ،‬فيكون ردة فعلممه أن يسممبنا‬
‫ويسب الذي أمرنا بسب أوثانهم كممما يظنمون‪ ،‬وهمذه هممي المفسمدة‬
‫مستجلبة مممن غيممر مصمملحة‪ ،‬ويجممب أن‬ ‫التي نهينا عنها لنها مفسدة ُ‬
‫يتنبممه الموحممد لهممذا المممر فيفممرق بيممن مسممبة المشممركين أو مسممبة‬
‫معبوداتهم المجردة خصوصا ً إذا كانت تلك المسممبة باللفمماظ البممذيئة‬
‫التي هي من نضح أفواههم وآنيتهم المنتنة ول تليق بآنيتنا المطهممرة‪،‬‬
‫فالواجب على الموحد أن يجتنب ذلممك‪ ،‬ويسممتعلي عليممه لنممه يحمممل‬
‫دعوة غالية عظيمة مطهرة اصطفى الله لها خيرة خلقه مممن أنبيممائه‬
‫واتباعهم الذين رباهم واصطفاهم على عينه بأخلق حميممدة وصممفات‬
‫مجيدة‪ ،‬فل بد من التفريق بين هذا وبين البراءة مممن الشممرك وأهلممه‬
‫وتعرية آلهتهم وقوانينهم ودساتيرهم وكشف زيوفهمما وبيممان تناقضممها‬
‫وتهافتها لدعوة الناس إلى البراءة منهمما والكفممر بهمما واجتنابهمما ببيممان‬
‫أنها ل تستحق أن تعبد ول تصلح أن تشممرع أو تحكممم‪ ،‬فممإن هممذا مممن‬
‫أهم المهمات ول يترك أبداً‪ ،‬وأخيرا ً يجب أن يعرف الموحد أن هنمماك‬
‫فرق بين ما نهي عنه للمفسدة وما نهي عنه نهيا ً مطلقا‪ ،‬فممإن الول‬
‫يزول النهي عنه بزوال المفسممدة بخلف الثمماني‪ ،‬فعلممم مممن هممذا أن‬
‫مسبة الوثان والدساتير والمناهج الفاسدة ليس بمنكر وإنما المنكممر‬
‫هو ما يترتب عليها من مفسدة‪ .‬انتهى‬
‫وهكذا ينبغي أن يكون حال العلممماء والممدعاة والمصمملحين تجمماه‬
‫الدسماتير والقموانين الجاهليمة الوضمعية والمناهمج الباطلمة‪ ،‬فيمبينون‬
‫زيفها ويظهرون للناس نقائصها وعيوبها ليحذروها ويهجروها ويكفروا‬
‫)‪(602‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بها ويعلنون البراءة منها‪ ،‬فهذا أول ما يجممب تجمماه هممؤلء الطممواغيت‬
‫وهذه هي الفائدة الولى من تكفيرهم وإظهار ذلك‪.‬‬
‫وإذا كانت البراءة ممن الوثمان والتشمريعات الشممركية الجاهليممة‬
‫المعاصرة المعبودة من دون الله أصل من أصممول الممدين والتوحيممد‪،‬‬
‫فإن البراءة من عابديها كممذلك ل يقممل عنممه أهميممة ومنزلممة‪ ،‬بممل هممو‬
‫مقدم على البراءة من الوثان نفسها‪ ،‬ولذلك فإن الله عز وجل قدم‬
‫البراءة من المشركين على البراءة من الشرك نفسه‪ ،‬فقممال تعممالى‬
‫في آية الممتحنممة )إنمما بممرءاؤا منكممم ومممما تعبممدون مممن دون اللممه(‪،‬‬
‫ولذلك فقد قال إبراهيم لقومه )أف لكم ولما تعبدون( فتأمل تقممديم‬
‫البراءة منهم على البراءة من معبوداتهم‪ ،‬وتدبر قول المشركين عن‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم‪ :‬سممفه أحلمنمما وشممتم آباءنمما وعمماب ديننمما‬
‫وفرق جماعتنا وسب آلهتنا‪ ،‬وتأمل ما ورد في قوله تعالى عن الفتية‬
‫من أهل الكهف أنهم قممالوا )وإذ اعممتزلتموهم وممما يعبممدون مممن دون‬
‫الله( فقدموا اعتزال العابدين للوثان علممى اعممتزال الوثممان نفسممها‪،‬‬
‫وكم من إنسان يتبرأ من الشرك ويعتزله ويجتنبه ولكنه ل يتممبرأ مممن‬
‫عابديها وأربابهمما وأنصممارها فل يكممون بممذلك قممد حقممق أصممول الممدين‬
‫وأسس ملة إبراهيم‪ ،‬فلبممد مممن الممبراءة مممن العابممدين للوثممان قبممل‬
‫البراءة من الوثان نفسها‪ ،‬وقد صدق من قال‪:‬‬
‫يظنون أن الدين لبيمممممممك فممي الفل وفعممل صممممملة والسممكوت عممن‬
‫المل‬
‫وسالم وخالط ممن لذا المدين قمد قل وما الممدين إل الحممب والبغمممض‬
‫والول‬
‫كذاك البرا من كل غاو وآثم‬
‫إذا عرفت هذا عرفت بطلن قول من يقول‪ :‬ماذا تستفيدون من‬
‫الناحية العملية إذا سّلمنا ‪ -‬جدل ً ‪ -‬أن هؤلء الحكام كفار كفممر ردة؟!‬
‫ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا؟ وقول من يقول‪ :‬ليممس مهممم معرفممة‬
‫الذي كفر ومن هو الذي ارتد عن دين الله‪ ،‬وقل لي بالله عليك كيف‬
‫يحقق العداوة والبراءة من الوثان ومن عابديها من ل يعرف ما هممي‬
‫الوثان ومن هممم عابممدوها؟ وهممل هممم كفممار أم مسمملمون؟ والجابممة‬
‫واضحة لكل ذي عينين ولكن )من يضلل الله فل هادي لممه(‪ ،‬وإذا لممم‬
‫يعرف النسان من هو المسلم ومن هو الكافر‪ ،‬ومن الذي كفر ومن‬
‫الذي ارتد‪ ،‬ومن يعادي ومن يوالي‪ ،‬فكيف يحقق أصل الدين‪ ،‬وكيممف‬
‫)‪(603‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يكون من أتباع ملة الخليل إبراهيم؟ وكيف يكفر بالطمماغوت ويحقممق‬
‫أحد أصلي الدين من ل يعرفممه؟ وإليممك بعممض أقمموال العلممماء فيمممن‬
‫ي إن لممم أكفممر المشممركين‬ ‫حقق التوحيد في نفسه ولكن قال‪ :‬ل عَل َ ّ‬
‫وأتعرض لهم‪:‬‬
‫ن‬
‫قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‪ :‬وأنت يمما مممن م م ّ‬
‫الله عليه بالسلم‪ ،‬وعرف أن ممما مممن إلممه إل اللممه؛ ل تظممن أنممك إذا‬
‫قلت‪ :‬هذا هو الحق‪ ،‬وأنا تارك ما سواه‪ ،‬لكممن ل أتعممرض للمشممركين‬
‫ول أقول فيهم شمميئًا‪ ،‬ل تظممن أن ذلممك يحصممل لممك بمه الممدخول فممي‬
‫السمملم‪ ،‬بممل ل بممد ّ مممن بغضممهم‪ ،‬وبغممض مممن يحبهممم ومسممبتهم‬
‫ومعاداتهم‪ ،‬كما قال أبوك إبراهيم والذين معه )إنا برءاء منكم ومممما‬
‫تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكممم العممداوة والبغضمماء‬
‫أبدا حتى تؤمنوا بالله وحمده(‪ ،‬وقمال تعمالى )فمممن يكفمر بالطماغوت‬
‫ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى()‪ ،(1‬وقممال تعممالى )ولقممد‬
‫بعثنا في كل أمة رسول ً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت()‪.(2‬‬
‫ولو يقول رجل‪ :‬أنا اتبع النبي صلى الله عليممه وسمملم وهممو علممى‬
‫الحق‪ ،‬لكن ل أتعرض اللت والعزى ول أتعرض أبا جهممل وأمثمماله ممما‬
‫علي منهم‪ ،‬لم يصح إسلمه‪ .‬اهم)‪.(3‬‬
‫وقال أيضا‪ :‬اعلم رحمك الله‪ :‬أن فرض معرفة شهادة أن ل إلممه‬
‫إل الله قبل فرض الصلة والصوم؛ فيجب على العبممد أن يبحممث عممن‬
‫معنى ذلك أعظم مممن وجمموب بحثممه عممن الصمملة والصمموم‪ ،‬وتحريممم‬
‫الشممرك واليمممان بالطمماغوت أعظممم مممن تحريممم نكمماح المهممات‬
‫والعمات؛ فأعظم مراتب اليمان بالله شهادة أن ل إله إل الله‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن يشهد العبد أن اللهية كلها لله ليس منهمما شمميء‬
‫لنبي ول لملك ول لولي‪ ،‬بل هي حق الله على عبادة‪ ،‬واللوهيممة هممي‬
‫التي تسمى في زماننا السر؛ والله في كلم العرب هو الذي يسمى‬
‫في زماننا‪ :‬الشيخ والسيد الممذي يممدعى بممه ويسممتغاث بممه‪ ...‬إلممى أن‬
‫قال‪ :‬ومعنى الكفر بالطاغوت‪ :‬أن تبرأ مممن كممل ممما يعتقممد فيممه غيممر‬
‫الله‪ ،‬من جنى أو أنسى أو شجر أو حجر أو غيممر ذلممك؛ وتشممهد عليممه‬
‫بالكفر والضلل وتبغضه‪ ،‬ولو كان أنه أبوك أو أخوك‪ ،‬فأممما مممن قممال‬

‫(( سورة البقرة‪ ،‬الية‪.256 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( سورة النحل‪ ،‬الية‪.36 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( الدرر السنية في الجوبة النجدية ج ‪.2/109‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(604‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أنا ل أعبد إل الله وأنا ل أتعرض السادة والقباب على القبور وأمثممال‬
‫ذلك‪ ،‬فهذا كاذب في قول ل إله إل الله ولم يممؤمن بممالله ولممم يكفممر‬
‫بالطاغوت‪ ،‬وهذا كلم يسممير يحتمماج إلممى بحممث طويممل واجتهمماد فممي‬
‫معرفة دين السلم ومعرفة ما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم والبحث عما قال العلممماء فممي قمموله )فمممن يكفممر بالطمماغوت‬
‫ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة المموثقى(‪ ،‬ويجتهممد فممي تعلممم ممما‬
‫علمه الله رسوله صلى الله عليه وسمملم وممما علمممه الرسممول صمملى‬
‫الله عليه وسلم أمته من التوحيد؛ ومن أعرض عممن هممذا فطبممع اللممه‬
‫على قلبه وآثر الدنيا على الدين‪ ،‬لم يعذره الله بالجهالة والله أعلممم‪.‬‬
‫اهم)‪(1‬‬
‫وقال حسين وعبد الله ابنا محمد بن عبد الوهمماب رحمهممم اللممه‬
‫جميعا‪ :‬فمن قال ل أعممادي المشممركين أو عمماداهم ولممم يكفرهممم‪ ،‬أو‬
‫قال ل أتعرض أهل ل إله إل الله ولو فعلمموا الكفممر والشممرك وعممادوا‬
‫دين الله‪ ،‬أو قال ل أتعرض للقباب‪ ،‬فهذا ل يكون مسلما بل هو ممن‬
‫قال الله فيهم )ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض( إلى قوله تعممالى‬
‫)أولئك هم الكافرون حقا()‪.(2‬‬
‫والله أوجب معاداة المشركين ومنابذتهم وتكفيرهم )ل تجد قوما‬
‫يؤمنون بالله واليوم الخر يوادون من حاد الله ورسوله(الية‪ .‬اهم)‪(3‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بممن حسممن رحمممه اللممه‪ :‬فل يتممم لهممل‬
‫التوحيد توحيدهم إل باعتزال أهل الشرك وعداوتهم وتكفيرهم‪.‬‬
‫وقال أيضا‪ :‬ولول التغليظ لما جرى على النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وأصحابه ما جرى من الذى العظيم كما هو مذكور في السممير‬
‫مفصل‪ ،‬فإنه بادأهم بسب دينهم وعيب آلهتهم‪ .‬اهم)‪(4‬‬
‫وقال أيضا رحمه الله‪ :‬أجمع العلماء سمملفا وخلفمما مممن الصممحابة‬
‫والتابعين والئمة وجميممع أهممل السممنة أن المممرء ل يكممون مسمملما إل‬
‫بالتجرد من الشرك الكبر والبراءة منه‪ .‬اهم)‪(5‬‬
‫فهذه نصوص أقوال العلماء ناطقة وشاهدة علممى بطلن دعمموى‬
‫ي مممن تكفيممر المشممركين ول فممائدة مممن تكفيممر‬ ‫مممن قممال ممما علمم ّ‬
‫الدرر السنية في الجوبة النجدية ج ‪.122 - 2/121‬‬ ‫((‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬الية‪.152 - 151 :‬‬ ‫((‬ ‫‪2‬‬

‫الدرر السنية ج ‪ ،10/139‬والية الخيرة من سورة الممتحنة‪.22/‬‬ ‫((‬ ‫‪3‬‬

‫الدرر السنية ج ‪.11/434‬‬ ‫((‬ ‫‪4‬‬

‫الدرر السنية ج ‪.11/545‬‬ ‫((‬ ‫‪5‬‬

‫)‪(605‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الطواغيت وإظهار ذلك‪ ،‬وخطورة هذا القممول‪ ،‬ورِقّممة ديممن مممن قمماله‬
‫كائنا من كان‪ ،‬ومنها يظهر لك مسألة هامة نشممير إليهمما هنمما إشممارة‪،‬‬
‫وهي أن الطواغيت يقدمون من يقولون هذه القوال وينصبونهم في‬
‫أعلممى مناصممب الممدول ويسمملمونهم دور الفتمماء والرشمماد ووزارات‬
‫الوقمماف لنهممم يعلمممون يقينمما أن ل ضممرر مهممم علممى عروشممهم‬
‫وكراسيهم ومنمماهجهم وقمموانينهم وهممذا واضممح مشمماهد‪ ،‬بممل هممؤلء ‪-‬‬
‫المشايخ ‪ -‬هم حائط الصد أمام هجمات المجاهدين‪ ،‬فإنهم يسارعون‬
‫بعد كل عملية جهادية بالفتاء أن من قام بها خممارجي ضممال محممارب‬
‫لله ورسوله وللمؤمنين سفاك لدماء البرياء والمسممتأمنين مسممتحق‬
‫للعقوبة في الدنيا ويوم الدين‪ ،‬فتنبه أيها الموحد لتعلم من هم أئمتك‬
‫ومن قطاع الطريق إلى الله‪ ،‬لتكن على بينة وبصمميرة مممن دينممك ول‬
‫تغتر بكثرة الهالكين‪.‬‬
‫ويظهر مما تقدم كذلك أن قوله تعالى )إنما عليك البلغ( ل يعني‬
‫ترك البراءة من الكفار ومعبوداتهم وإنممما يعنممي أنممك ل تسممتطيع أن‬
‫تهدي القلوب ‪ -‬هداية التوفيق ‪ -‬وإنما الذي يهديها هو ربهمما وخالقهمما‪،‬‬
‫فما عليك إل أن تبلغ ما أنزل إليك ‪ -‬هداية الدللممة والرشمماد ‪ -‬واللممه‬
‫تعالى يتولى هداية القلوب‪ ،‬هذا هو قول المفسرين والعلماء ولممذلك‬
‫فقد قال الله تعالى )إنك ل تهدي مممن أحببممت لكممن اللممه يهممدي مممن‬
‫يشاء()‪ ،(1‬ول يجوز أن يفهم من قوله تعالى )وممما علممى الرسممول إل‬
‫البلغ( أي ليس عليك شيئا ً مطلق ما ً غيممر البلغ‪ ،‬فليممس عليممك تكفيممر‬
‫المشممركين أو الممبراءة منهممم ومممن أديممانهم الباطلممة وليممس عليممك‬
‫معاداتهم‪ ،‬ولزم هذا أن يقال أيضمما‪ :‬وليممس عليممك الجهمماد ول عليممك‬
‫إقامممة الحممدود والشممرائع‪ ،‬ول عليممك أمممر بممالمعروف ول نهممي عممن‬
‫المنكر‪ ،‬فإن قالوا هذا غير صحيح لن الله تعالى أمر نبيه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم وأمرنا بهذه الواجبات‪ ،‬فهذا هو عين جوابنا علممى قممولهم‬
‫وبالله تعالى التوفيق والسداد‪.‬‬
‫ثم إنا نقول لهؤلء‪ :‬ألم يحكممم الرسممل حممال استضممعافهم علممى‬
‫أقوامهم المكذبين بالكفر‪ ،‬بل وأعلنوا لهم ذلك؟ أفلم يكن لهممم فممي‬
‫هذا فائدة وفعلوا ذلك عبثا وسدى؟ وما كانوا يسممتطيعون قتلهممم ول‬
‫جهادهم‪ ،‬أ َوَ َ‬
‫كان النبيمماء فممي إظهممارهم هممذا التكفيممر مممثيري فتنممة بل‬
‫فائدة؟‬
‫(( سورة القصص‪ ،‬الية‪.56 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪(606‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وهل كان قول سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسمملم لقممومه‬
‫)قل يا أيها الكافرون ل أعبد ما تعبدون ول أنتم عابون ما أعبد ول أنا‬
‫عابد ما عبدتم ول أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين()‪ (1‬قممول‬
‫بل فائدة؟ وهذه آية مكية ولم يكن الجهاد قد فرض حين نزولهمما بممل‬
‫كان ممنوعا‪.‬‬
‫وهل كان حكمه تعالى على من أظهر الكفر ممممن ينتسممب إلممى‬
‫القبلة بالردة وذكره ذلممك فممي القممرآن بل فممائدة‪ ،‬قممال تعممالى )ولئن‬
‫سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزءون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم()‪(2‬‬
‫وهل كان حكم خليل الرحممن إبراهيمم صملى اللمه عليمه وسملم‬
‫على أبيه وقومه الذين عبدوا الصنام بالضلل والكفر بل فائدة حينما‬
‫قال لهم )إني أراك وقومك في ضلل مبين()‪(3‬‬
‫وهل كان حكم رسول الله نوح عليه السلم على قومه بالجهالة‬
‫والضلل وإعلن ذلك لهم بل فائدة وإثارة للفتنة وهو الضممعيف الممذي‬
‫ل يستطيع قتلهم؟‬
‫ولو ذهبنا نتتبع ما ورد من هذا في سيرة نبينمما صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وصحابته الكرام قبل فرض القتممال لطممال بنمما المقممام‪ ،‬ولكممن‬
‫المقصود مممما ذكرنمماه بطلن قممول مممن قممال‪ :‬ممماذا تسممتفيدون مممن‬
‫الناحية العملية إذا سّلمنا ‪ -‬جدل ً ‪ -‬أن هؤلء الحكام كفار كفممر ردة؟!‬
‫ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا؟‬
‫هذا ولقد أوجب الله عز وجل على المسلمين واجبات كثيرة غير‬
‫ما ذكرنا تتوقف على تمييز المسلم من الكافر نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬في أبواب المامة والقضاء‪ :‬حيث تجممب ممموالة الحمماكم المسمملم‬
‫ونصممرته وطمماعته وتحممرم معصمميته‪ ،‬ول يجمموز الخممروج عليممه أو‬
‫منازعته ما لم يظهر كفرا ً بواحًا‪ ،‬وتجب الصلة خلفه والجهاد معه‬
‫برا ً كان أو فاجرا ً ما دام محكما ً لشرع الله‪ ،‬وهو ولي مممن ل ولممي‬
‫له‪ ،‬ويسن الدعاء له وتبجيلممه وتممأليف القلمموب عليممه‪ ،‬أممما الحمماكم‬
‫الكافر فل تجوز بيعته ول تحل نصرته ول مموالته أو الخمروج معمه‬
‫أو أن يكون مسلما فممي جنممده وعسممكره‪ ،‬ول يحممل القتممال تحممت‬
‫(( سورة الكافرون كاملة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة‪ ،‬الية‪.66 - 65 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( سورة النعام‪ ،‬الية‪.74 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫)‪(607‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫رايته ول الصلة خلفممه ول التحمماكم إلممى ممما يسممنه مممن قممانون أو‬
‫شممريعة‪ ،‬ول تصممح وليتممه علممى مسمملم البتممة‪ ،‬بممل تجممب منممازعته‬
‫والسعي في خلعه والعمل على تغييره‪ ((2‬وإقامة حمماكم المسمملم‬
‫مكانه‪ ،‬ومن نصره على أهل السمملم وكممان مممن جنممده وعسممكره‬
‫ونصر كفره فهو كافر مرتد مثله‪ ،‬ول يصممح تممولي الكممافر للقضمماء‬
‫وفصل الخصومات بين المسلمين‪ ،‬ول يحل التحمماكم إلممى قمموانين‬
‫الكفار التي يشرعونها من دون الله تعالى‪ ،‬بل التحاكم إليهمما كفممر‬
‫مخرج من الملة لنها باطلة أصل وموضوعا‪ ،‬ول تقبل شهادة كافر‬
‫على مسلم‪..‬‬
‫‪ -‬وفي أحكام الولية‪ :‬ل تصح ولية الكافر علممى المسمملم‪ ،‬فل يصممح‬
‫أن يكون الكافر واليا ً أو قاضيا ً للمسلمين ول إمام ما ً للصمملة بهممم‪،‬‬
‫ول تصممح وليتممه أو حضممانته لبنمماء المسمملمين‪ ،‬ول وصممايته علممى‬
‫أموال اليتام منهم ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أبواب النكاح‪ :‬ل يجوز نكاح المسلم للكافرة ول الكممافر مممن‬
‫مسلمة‪ ،‬ول يكون الكافر وليا علممى مسمملمة فممي النكمماح‪ ،‬ويبطممل‬
‫النكاح ويفرق بين الزوجين بردة أحدهما‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أحكام المواريث‪ :‬ل يرث المسلم الكافر ول الكافر المسلم‪،‬‬
‫فإن الختلف فممي الممدين مممانع مممن التمموارث علممى الصممحيح عنممد‬
‫جماهير العلماء‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أحكام الدماء‪ :‬ل يقتل مسلم بكافر بنممص الحممديث الصممحيح‬
‫لن دماءهما غير متكافأة‪ ،‬وليس في قتل الكافر أو المرتد دية ول‬
‫كفارة بخلف المسلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أحكام الجنائز‪ :‬ل يصلى على كافر ول يغسل ول يممدفن فممي‬
‫مقابر المسلمين‪ ،‬ول يجوز الستغفار له بعد موته‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أحكام القتال‪ :‬فالصل في المسلم أنه معصوم الدم والمال‬
‫في دار السلم أو دار الكفر عند تميزه‪ ،‬بخلف الكافر فممإن دمممه‬
‫وماله مهدر غير محترم‪ ،‬وهنمماك فمموارق كممبيرة بيممن قتممال الكفممار‬
‫والمرتدين وقتال المسمملمين مممن البغمماة‪ ،‬فالكفممار يجمموز أن ُيتبممع‬
‫مدبرهم ويجهمز علمى جريحهمم وتغنمم أمموالهم وتسممبى نسماؤهم‬
‫‪ (2‬راجممع فممي ذلممك‪ :‬شممرح صممحيح مسمملم للنممووي ج ‪ ،12/229‬فتممح البمماري ج ‪ ،13/10:11‬الصممارم‬ ‫)‬

‫المسلول لبن تيمية‪ ،216 ،13/‬الدواء العاجل في دفع العدو الصائل للشوكاني‪ 35 :33 /‬وهو ضمن‬
‫الرسائل السلفية‪ ،‬سممبيل النجمماة والفكمماك مممن ممموالة المرتممدين وأهممل الشممراك لحمممد بممن عممتيق‬
‫النجدي‪ 412/‬وهو ضمن كتاب مجموعة التوحيد‪.‬‬

‫)‪(608‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ويسترق أبناؤهم بخلف البغمماة مممن المسمملمين‪ ،‬أفيصممح أن ُيقممال‬
‫بعد هذا ماذا تسممتفيدون مممن تكفيممر الطممواغيت؟ وأتممرك الجممواب‬
‫للقارئ الكريم‪ .‬اهم‬

‫)‪(609‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وبعد هذا أذكر بعض الصممور مممن كممذب العلم السممعودي فممي تهمممه‬
‫التي وجهها ضد المجاهدين فمنها‪:‬‬
‫‪ -‬زعمهم أن المجاهدين أرادوا إفساد موسم الحج وقتممل الحجمماج‪،‬‬
‫ن قتل الحجاج أسهل من قتممل‬ ‫وهذا هراء واستخفاف بالعقول فإ ّ‬
‫أمريكي واحد‪ ،‬ولكن هل يصدق عاقل بمثممل هممذا الكممذب‪ ،‬كيممف‬
‫يقتممل المسمملمين مممن خممرج مممن بلده للممدفاع عنهممم وحمممايتهم‬
‫والقتال دونهم؟‬
‫‪ -‬زعمهممم أن المجاهممدين أرادوا تممدمير بعممض الممماكن المقدسممة‪،‬‬
‫مر المجاهدون الماكن المقدسممة وهممم إنممما‬ ‫سبحان الله كيف يد ّ‬
‫يجاهدون لحمايتها واستنقاذها من أيدي المرتدين؟‬
‫‪ -‬زعمهم أن المجاهدين يتقصممدون قتممل المسمملمين‪ ،‬والمجاهممدون‬
‫إنما يجاهممدون لممدفع العممدو الصممائل عممن المسمملمين وأراضمميهم‪،‬‬
‫م هو يقتلهم؟‬ ‫أفُيعقل أن يدفع عنهم العدو الصائل ث ّ‬
‫وأحب أن ورد بيانا ً كتبممه المجاهممدون فممي جزيممرة العممرب حممول‬
‫بعض افتراءات وزارة الداخلية والعلم السعودي‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف المرسمملين‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫طلعنمما علممى الممدجل والتلممبيس الممذين جمماءت بهممما وزارة‬ ‫فقممد ا ّ‬
‫دعمموا أّنهممم عممثروا عليهمما‪ ،‬وأوهممموا‬ ‫خًرا‪ ،‬والمممواد الممتي ا ّ‬ ‫الداخلية مممؤ ّ‬
‫ب‬ ‫ف الكمماذي ِ‬ ‫س‪ ،‬وكشم ِ‬ ‫ِ‬ ‫صمما علممى إزالمةِ اللبم‬ ‫ك‪ ،‬وحر ً‬ ‫تحقيقَ إنجازٍ بممذل َ‬
‫ُ‬
‫مممة؛‬ ‫ب اّلتي قامت بها وزارة الداخلية‪ ،‬وعلى بيان الحقيقةِ لل ّ‬ ‫واللعي ِ‬
‫فإّننا نبّين ما يلي‪:‬‬
‫مة‪ ،‬أمر الله به‬ ‫ي على ال ّ‬ ‫ب شرع ّ‬ ‫وة والسلح واج ٌ‬ ‫أول ً‪ :‬إعداد الق ّ‬
‫ل‬ ‫ط الخي م ِ‬ ‫دوا لهم ما استطعُتم من قوّةٍ ومن ربا ِ‬ ‫ل فقال‪) :‬وأع ّ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ُترهبون به عدوّ الله وعدّوكم وآخريممن مممن دونهممم ل تعلمممونهم اللممه‬
‫ف إليكممم وأنتممم ل‬ ‫يعلمهم وما تنفقوا من شمميٍء فممي سممبيل اللممه يممو ّ‬
‫ح‪ ،‬ول نصر ول عممّزةٌ إل‬ ‫ة إل ّ بالسل ِ‬ ‫ُتظلمون( وليس للمة قوةٌ ول هيب ٌ‬
‫بالجهاد في سبيل الله‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬اشتمل بيان وزارة الداخلية على الكاذيب التالية‪:‬‬
‫جمماِر‬
‫ة لحمدِ ت ّ‬ ‫ن فممي مكممة‪ ،‬تابعم ٌ‬ ‫‪ -‬المواد التي عُممثر عليهمما فممي خممزا ٍ‬
‫ن‪ ،‬وهي معد ّةٌ للبيع والّتجار بها‪ ،‬ولم تعد ّ لشيٍء‬ ‫ح المعروفي َ‬ ‫سل ِ‬‫ال ّ‬
‫ة لهم‪.‬‬ ‫ة للمجاهدين ول مملوك ً‬ ‫من العمال الجهادّية‪ ،‬وليست تابع ً‬
‫)‪(610‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عمثر عليهما فمي شمقراء كمذلك لحمد المشمتغلين‬ ‫ة اّلمتي ُ‬ ‫‪ -‬السملح ُ‬
‫سلح‪ ،‬وليس للمجاهدين منها شيٌء‪.‬‬ ‫بتجارةِ ال ّ‬
‫م‪ ،‬وإّنممما‬ ‫ة للتنظي ِ‬ ‫عثر عليها في ”تمير“ لم تكن تابع ً‬ ‫ة التي ُ‬ ‫‪ -‬السلح ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫ة لتلفيق تهمةٍ علممى مجموعمةٍ مممن الشممباب الملممتز ِ‬ ‫هي محاول ٌ‬
‫ي‪.‬‬‫عثر عليها معهم ل تزيدِ عن التسليح الشخص ّ‬ ‫والسلحة التي ُ‬
‫ة لكذبممة‬ ‫ة لها‪ ،‬وهي تابع ٌ‬ ‫ة ل حقيق َ‬ ‫ي السويدي كذب ٌ‬ ‫ل اّلذي بح ّ‬ ‫‪ -‬المح ّ‬
‫ة مممن‬ ‫مداهمممة السممويدي قبممل شممهرين‪ ،‬فقممد دوهممم خمسمم ٌ‬
‫المجاهدين في السويدي ونجوا بعد أن ُأصمميب أحممد المجاهممدين‪،‬‬
‫ضمما‬ ‫ُ‬ ‫وُقتل أربع ٌ‬
‫ب آخرون‪ ،‬وكانوا ينقلون أغرا ً‬ ‫ة من المعتدين وأصي َ‬
‫منيممت الداخليممة بهممذه‬ ‫ممما ُ‬‫ة على سيارة بيممك أب صممغيرة‪ ،‬فل ّ‬ ‫عادي ّ ً‬
‫ل مممواد ّ‬ ‫ة‪ ،‬وأّنها كانت ُتق ّ‬ ‫دعت أّنها كانت شاحن ً‬ ‫الهزيمة المنكرة‪ ،‬ا ّ‬
‫ة أخممرى‪ ،‬واّدعمموا أّنهممم وجممدوا‬ ‫ُ‬ ‫ة‪ ،‬وقد ألحقوا بها الن كذبم ً‬ ‫متفجر ً‬
‫ي‪ ،‬والمجاهدون ليسوا أغبياَء فيضممعوا‬ ‫ل تجار ّ‬ ‫ت في مح ّ‬ ‫جرا ِ‬ ‫المتف ّ‬
‫أسلحتهم في مثل هذه الماكن المكشوفة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬ومممن رآه علممم أن ّممه‬ ‫ح عمماد ّ‬ ‫دة‪ ،‬عبارةٌ عممن سممل ٍ‬ ‫م ما ُوجد في ج ّ‬
‫ل أن تجممد بيت ًمما فممي‬ ‫دس‪ ،‬وقم ّ‬ ‫ش ومس ّ‬ ‫شا ٍ‬ ‫ي ل يزيد عن ر ّ‬ ‫ح شخص ّ‬ ‫سل ٌ‬
‫ه‬ ‫ل أن ُيسممافر أحمد ٌ ول يحمممل معم ُ‬ ‫بلدِ الحرمين يخلو من سمملٍح‪ ،‬وقم ّ‬
‫ت الطوارئ‪.‬‬ ‫ضه في حال ِ‬ ‫حا يدافع به عن نفسه وماله وعر ِ‬ ‫سل ً‬
‫مقبممل عليهمما‪،‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬بعممد حممرب العممراق‪ ،‬وإدرا ِ ُ‬
‫ممةِ الخطمَر ال ُ‬ ‫ك ال ّ‬
‫س‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن وانتباهتهمما‪ ،‬تسملح كممثيٌر مممن الن ّمما ِ‬ ‫والذي ل تأمنه بين غمضمةِ عيم ٍ‬
‫دا مممن التجممار فممي أنحمماٍء‬ ‫وحاولت الحكومة منع ذلممك‪ ،‬واعتقلممت عممد ً‬
‫ة‪ ،‬واسممتمّرت الحملممة بعممد‬ ‫متفرقممة‪ ،‬وازدادت ُنقمماط التفممتيش بكثافم ٍ‬
‫ة‬‫ت الحكوم ُ‬ ‫ما أدرك ِ‬ ‫حرب العراق تحت شعار "حملة نزع السلح"‪ ،‬فل ّ‬
‫ن المسمملمين لممن يممتركوا‬ ‫تأ ّ‬ ‫م وفشمملها الممذريع‪ ،‬وعلم م ْ‬ ‫عجزهمما الت ّمما ّ‬
‫ت لرهاب الناس وتخممويفهم مممن اقتنمماء‬ ‫ت بهذه الحمل ِ‬ ‫سلحهم‪ ،‬قام ْ‬
‫دس‬ ‫السلح أو الحتفاظ به‪ ،‬وأظهرت اقتناء الرشاش‪ ،‬بل حّتى المس ّ‬
‫ي‪ ،‬في صورةِ الجريمة‪.‬‬ ‫الشخص ّ‬
‫ل‪) :‬ود ّ اّلذين كفروا لو تغفلون عن أسمملحتكم‬ ‫وصدق الله عّز وج ّ‬
‫ة(‪ ،‬ومما الحملت المتي تشمّنها‬ ‫ة واحمد ً‬ ‫وأمتعتكم فيميلون عليكمم ميلم ً‬
‫ح من الناس من‬ ‫سل ِ‬ ‫ف إلى نزِع ال ّ‬ ‫الداخلية إل ّ من هذا الباب‪ ،‬ول يهد ُ‬
‫مةِ خيًرا‪.‬‬ ‫ُيريد ُ بال ّ‬
‫دة‪،‬‬ ‫دون بفضممل اللمه العم ّ‬ ‫رابعا ً‪ :‬المجاهدون في جزيرة العرب ُيع ّ‬
‫)‪(611‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ت القتالّيممةِ اّلممتي‬‫ة إلى الخبرا ِ‬ ‫ة‪ ،‬إضاف ً‬ ‫ويجمعون ما استطاعوا من قوّ ٍ‬
‫دة‪ ،‬ول حملمموا‬ ‫دوا هذه الع م ّ‬ ‫اكتسبوها في شّتى ميادين الجهاد‪ ،‬ولم ُيع ّ‬
‫ة الجهمماد إل ّ لتكممون كلمممة اللممه هممي العليمما‪ ،‬وحممتى ل تكممون فتنم ٌ‬
‫ة‬ ‫راي َ‬
‫دا بمحاربةِ أمريكا فممي‬ ‫ويكون الدين لله‪ ،‬وقد أخذوا على أنفسهم عه ً‬
‫ة في بلد الحرمين التي اتخممذها الصممليبيون قاعممدةً‬ ‫ن‪ ،‬وخاص ً‬ ‫ل مكا ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫غزيممت أفغانسممتان‬ ‫لنطلق الحملممة الصممليبية وقيادِتهمما وإدارتهمما‪ ،‬و ُ‬
‫سها قاعدةُ سلطان‪.‬‬ ‫دها المتفّرقة‪ ،‬وعلى رأ ِ‬ ‫والعراق من قواع ِ‬
‫ب وسائل إعلم الدولة العميلة‬ ‫خامسًا‪ :‬بّين المجاهدون مراًرا كذ َ‬
‫التي ل ندري ما في جعبتها من جديدٍ في حرب السلم والمسلمين‪،‬‬
‫وأوضممحوا أّنهممم لممو كممانوا يكّفممرون عممموم المسمملمين ويسممتحّلون‬
‫عما عمن المسملمين فمي أفغانسمتان‬ ‫دمماءهم‪ ،‬مما ذهبموا لُيقماتلوا دفا ً‬
‫والشيشان والبوسنة والصومال وكشمير والعممراق والفلّبيممن‪ ،‬ومنهممم‬
‫من ل يعرف من السلم إل ّ اسمه‪ ،‬ولكّنهم يكّفرون مممن كّفممره اللممه‬
‫ه في اليات المحكمممة والحمماديث الصمحيحة‪ ،‬وأجمعمت عليممه‬ ‫ورسول ُ‬
‫كمممة اليمموم فممي بلد‬ ‫المممة‪ :‬مممن تحكيممم القمموانين الوضممعّية المح ّ‬
‫الحرمين‪ ،‬وجميع بلد المسمملمين‪ ،‬ومممن تحمماكم ٍ إلممى المممم المّتحممدة‬
‫واّتخاذها رّبا له الطاعة المطلقة‪ ،‬حّتى في حصار المسلمين وقتال ِِهم‬
‫والعانممة علممى قتلهممم‪ ،‬ومممن ممموالةٍ للكممافرين وإعانممةٍ لهممم علممى‬
‫المسلمين‪ ،‬ومن حماية المشركين الذين يسبون الله ورسوله ودينه‪،‬‬
‫ن ويسممتغيثونهم مممن دون اللممه‪ ،‬مممع‬ ‫والذين يدعون الولياَء والصممالحي َ‬
‫ن وسجنه والتنكيممل بممه‪،‬‬ ‫معاقبةِ من يدعو إلى الّتوحيد ولو كان باللسا ِ‬
‫ومممن الممدخول فممي الكفري ّممات العظيمممة؛ كالمسمماهمة فممي الحملممة‬
‫م‪ ،‬وغير ذلك من النواقض المجمع عليها‪.‬‬ ‫الصليبية على السل ِ‬
‫ه‪ ،‬وإّنا لممن نتوقّممف‬ ‫م كل ّ ُ‬‫ن حربنا مع أمريكا مجاُلها العال ُ‬ ‫سادسًا‪ :‬إ ّ‬
‫ن اللمه علينما بالشممهادة‪ ،‬ونقممول‬ ‫بإذن اللمه حّتمى نممرى النصممر‪ ،‬أو يمم ّ‬
‫لعممدائنا مممن المريكممان‪ ،‬ومممن حممالفهم كالبريطممانيين‪ ،‬وعملئهممم‪:‬‬
‫حكومة كرزاي‪ ،‬وحكومة برويز مشرف‪ ،‬وجميع الحكومممات العميلممة‪:‬‬
‫ص بكممم أن‬ ‫حسممنيين؟ ونحممن نممترب ّ ُ‬ ‫)ُقل هل ترّبصممون بنمما إل ّ إحممدى ال ُ‬
‫ب مممن عنممدهٍ أو بأيممدينا فترّبصمموا إّنمما معكممم‬ ‫ُيصمميبكم اللممه بعممذا ٍ‬
‫مترّبصون(‪.‬‬
‫سابعا ً‪ :‬ندعو المسلمين جميًعا إلى العمل بقوله تعالى‪) :‬يمما أيهمما‬
‫الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتممبّينوا(‪ ،‬وإلممى العمممل لممدين اللممه‪،‬‬
‫)‪(612‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال واللسان‪.‬‬
‫ل الشمممرك‬ ‫نسمممأل اللمممه أن يعمممّز السممملم والمسممملمين‪ ،‬ويمممذ ّ‬
‫مر أعداء الدين‪ ،‬وأن ُيبرم لهذه المة أمر رشدٍ ُيعممّز‬ ‫والمشركين‪ ،‬ويد ّ‬
‫ة‪ ،‬وُيؤمُر فيه بالمعروف وُينهى فيه عن المنكر‪ ،‬وتكون‬ ‫به أهل الطاع ِ‬
‫ة الله هي العليا‪.‬‬ ‫كلم ُ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله وسلم على إمام المرسملين‪ ،‬وقمائد الغمّر‬
‫جلين‪ ،‬محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين‪.‬‬ ‫المح ّ‬
‫وكتبه‬
‫إخوانكم المجاهدون في جزيرة العرب‬
‫الثلثاء ‪25/8/1424‬هم‬

‫م ومن كذبهم قائمة المطلوبين التسعة عشر وما حمماكوه حممولهم‬


‫من تهم رخيصة وقصص كاذبممة‪ ،‬وأورد هنمما ممما كتبممه الشمميخ الشممهيد‬
‫يوسف العييري تقبله الله‪ ،‬وكان أحممد المطلمموبين فممي تلممك القائمممة‬
‫يبين في رسالته كذب الحكومة‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسمملم علمى إمممام المجاهمدين‬
‫وقممائد الغممر المحجليممن‪ ،‬أفضممل مممن صممابر وصممبر وخيممر مممن جاهممد‬
‫فانتصر‪ ،‬فعليه أفضل الصلة وأتم التسليم وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫ثم أما بعد‪:‬‬
‫من عبد الله‪ :‬يوسف بن صالح العييري إلى عامة المسلمين‪.‬‬
‫لقد تلقيت نبأ التهمممة الممتي نسممجتها وزارة الداخليممة لممي ولبعممض‬
‫إخواني‪ ،‬يوم الربعاء السادس من شهر ربيممع الول لعممام ‪1424‬هممم‪،‬‬
‫حيث عرضت صورتي مع بعض الشباب‪ ،‬وقالوا بأننا كنمما نعممزم علممى‬
‫ارتكاب عمل إجرامي على حد تعبيرهم‪ ،‬لقمد تلقيمت تلمك التهممة بل‬
‫ذهول ول استغراب‪ ،‬فقد تعودت على مثل هممذه التهممم الباطلممة فممي‬
‫قضايا سابقة‪ ،‬وبصفتي أحممد المتهميممن ظلم ما ً وزورا ً مممن قبممل وزارة‬
‫الداخلية بالقضية المنسوبة لعدد من الشممباب‪ ،‬أكتممب هممذه الرسممالة‬
‫أوضح فيها ما آمل أن يسهم في بيان الحق ورد الظلم‪ ،‬وإيقاف مممن‬
‫ولغ في أعرضنا أو سب الممدين والجهمماد‪ ،‬اسممتنادا ً علممى تلممك التهمممة‬

‫)‪(613‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الباطلمة‪ ،‬ولمما رأيممت الربمط بل بينممة بيممن صمورنا وبيممن التفجيمرات‪،‬‬
‫واتهامنا مقدما ً وإصدار حكم العدام ضدنا من قبممل القضمماء العلممى‬
‫وهيئة كبار العلمماء ووزارة الداخليمة‪ ،‬رأيمت أن أكتمب همذه الرسمالة‬
‫أبين فيها كذب التهمة‪ ،‬وعدم علقتنا فيها ل من قريب ول مممن بعيممد‪،‬‬
‫لعل هذا المر ينبه الغافل أو يرد الضال أو يردع الظالم‪.‬‬
‫ل‪ :‬لقممد سممرني وسممر إخممواني تلقممي عممموم المسمملمين لهممذه‬ ‫أو ً‬
‫التهمة بالتكذيب‪ ،‬واكتشافهم لبعض جوانب الكممذب فممي بيممان وزارة‬
‫الداخلية الذي رمانا بهذه التهمة العظيمة‪ ،‬فقد أثلممج صممدورنا جميع ما ً‬
‫ما رأيناه من مظاهر الرفض لدى عممموم المسمملمين لهممذا السمملوب‬
‫الرخيص الذي تهدف من ورائه السلطات إلى تحقيق ما هو أكبر من‬
‫القبض علينا‪ ،‬كتصفية بعض المجاهدين لممديها‪ ،‬أو اسممتهداف شممريحة‬
‫أكبر من المجاهدين وأهل الخير‪ ،‬فهذه التهمة وهذه الحملة العلمية‬
‫التي أعقبت البيان دبرت بليل ولها ما بعدها‪ ،‬وليس ببعيممد أن تفتعممل‬
‫حادثة أخرى لتدخل البلد في دوامة دموية تأكل الخضر واليابس ول‬
‫تستثني أحدًا‪ ،‬ولذا فإننا نحذر المسلمين من مغبممة هممذه التهمممة وممما‬
‫بعدها إذا لم يعلنوا رفضها واستنكارها‪ ،‬بدل ً من شجب المتهمين قبل‬
‫أن تثبت التهمة عليهم ويسمعوا منهم‪ ،‬فالواجب هو شجب واستنكار‬
‫أفعممال المبمماحث العامممة‪ ،‬الممتي تجممر البلد إلممى فتنممة بمثممل هممذه‬
‫المؤامرات المكشوفة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬لقد بان لكل مطلع حجم التزوير والكذب فممي بيممان وزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬مما يؤكد براءتنا مممما نسممب إلينمما‪ ،‬وعلممى سممبيل المثممال ل‬
‫الحصر‪ ،‬زعم البيممان أنهممم وجممدوا داخممل الشممقة )قمموالب مممن مممواد‬
‫عجينية شديدة النفجار وعددها ‪ 391‬قالبًا(‪ ،‬وعرضوا علممى الشاشممة‬
‫مادة داخل الصناديق هي مادة )تي إن تي( ومن المعلمموم لممدى مممن‬
‫لديه أقل قدر من المعلومممات بممالمتفجرات أن مممادة )الممتي إن تممي(‬
‫مادة صلبة وليست عجينية‪ ،‬فهناك فرق بين العجيني والصلب!!‪.‬‬
‫ثم صمرح مصمدر مسمئول ممن وزارة الداخليمة للصمحف‪ ،‬ومنهما‬
‫صحيفة الشرق الوسط في نفس اليوم أن المادة شممديدة النفجممار‬
‫التي ذكرها البيان هي مادة )أر دي إكس(‪ ،‬وأنا أقول إن هذه المممادة‬
‫معروفة بأنها مادة بلورية بيضاء صلبة‪ ،‬فزيادة على أنهمما صمملبة فهممي‬
‫معروفة بأنها أشد المواد المتفجرة بياضًا‪ ،‬والمادة الممتي تممم عرضممها‬
‫كانت ذات لون أصفر‪ ،‬فهناك فرق بين اللون الصفر والبيممض وبيممن‬
‫)‪(614‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المادة العجينية والصلبة!! فتنبه‪ ،‬فإن دل هممذا علممى شمميء دل علممى‬
‫أن البيان قد أعد بعيدا ً عن عين المخرج‪ ،‬فهممو أمممر دبممر بليممل‪ ،‬ومممن‬
‫أراد التأكد من ذلك فما عليه إل أن يتمعممن بهممذا البيممان وبتصممريحات‬
‫المسئولين التي وردت بعممده ليتأكممد أنممه ل علقممة للمطلمموبين بهممذه‬
‫الحادثة والله المستعان‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬من الغريممب أن اكتشمماف الشممقة‪ ،‬أو ممما عممبروا عنممه بممأنه‬
‫إحباط عملية إرهابية كبيرة‪ ،‬حصلت فممي يمموم الثلثمماء عصممرًا‪ ،‬وجمماء‬
‫العلن عنها بعد أقل من أربع وعشرين ساعة‪ ،‬ولم تكن هممذه عممادة‬
‫السلطات بإصدار بيان مفصمل ومصمور لي حادثمة قبمل ممرور أربمع‬
‫وعشرين ساعة من حصولها‪ ،‬فإن دلت هذه السرعة فإنها تدل على‬
‫أن المممر معممد مممن قبممل‪ ،‬والغممرب مممن هممذا أن البيممان قممال )وأكممد‬
‫المصدر عزم هؤلء الرهابيين على القيام بأعمال تخريبية كبيرة وقد‬
‫تم تحديد أسمائهم وصممورهم كالتممالي(‪ ،‬فنعجممب مممن سممرعة تحديممد‬
‫أسماء وصور المتهمين جميعًا‪ ،‬فكيف تم تحديد السماء والصور أثناء‬
‫المطاردة؟ وإذا كانوا يزعمممون بممأنهم وجممدوا السممماء والصممور فممي‬
‫الشقة المزعومة فهذا كممذب‪ ،‬فل يتصممور عاقممل أن شخصما ً مطماردا ً‬
‫منممذ أكممثر مممن عممام يمكممن أن يممترك فممي شممقة مليئة بممالمتفجرات‬
‫والسلحة صورته أو اسمه‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬بالنسبة لي شخصيا ً فالصور التي تم عرضها مع صورتي ل‬
‫تربطني بهم علقة عمل على الواقع‪ ،‬العلقة التي بيني وبينهممم هممي‬
‫علقة التوحيد والجهاد‪ ،‬ل أظن إل أن هذه هي العلقة الحقيقية‪ ،‬فهم‬
‫قد عرضوا صورا ً لشباب ل تربطهم علقة عمل إرهابي كممما زعممموا‪،‬‬
‫ولكن تربطهم صفة واحدة هي جهاد اليهممود والنصممارى‪ ،‬وأنهممم علممى‬
‫قائمة وكالة الستخبارات المريكية منذ أكثر من سنة‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬ويمكن للبعض أن يسأل إذا لم يكن هؤلء وراء العمليممة‬
‫الرهابية التي ألصقتها بهم الدولة‪ ،‬فما سممبب مطمماردتهم؟ أقممول إن‬
‫سممبب مطاردتنمما هممي أن أمريكمما تريممدنا‪ ،‬وقممد أرسمملت أمريكمما بعممد‬
‫سقوط كابل مباشرة طلبا ً للسمملطات السممعودية بالفممادة عممن ‪141‬‬
‫إسما ً وكنية‪ ،‬تم الحصول عليهمما مممن أسممرى غوانتنممامو‪ ،‬ضمممن إطممار‬
‫التحقيقممات معهممم‪ ،‬والممتي أشممرف عليهمما لممواء سممعودي مممن إدارة‬
‫المباحث العامة كان رئيس الوفد المنتدب إلى غوانتنممامو لمسمماعدة‬
‫المريكيين على التحقيقممات‪ ،‬وتمكنممت السمملطات مممن القبممض علممى‬
‫)‪(615‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫البعممض‪ ،‬وعلممم البعممض الخممر بأصممل الطلممب فقممرروا التممواري عممن‬
‫النظار‪ ،‬وكنت من ضمن من قرر ذلك‪ ،‬وكان هذا الطلب لي ولكممثير‬
‫ل‪ ،‬وبعممدما عجممزت السمملطات عممن‬ ‫من الخوة قبل عممام أو يزيممد قلي ً‬
‫تحديد أماكن تواجدنا وتحقيق المطلممب المريكممي‪ ،‬الممذي زاد ضممغطا ً‬
‫بعد سقوط بغداد‪ ،‬قررت السلطات أن تستعين بالناس ليسمماعدوها‪،‬‬
‫فلفقت لنا هذه التهمة لتكون مبررا ً لنشر صممورنا وأسمممائنا والعلن‬
‫عن مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنا‪ ،‬فهذا الطلب لبد وأن يكون له‬
‫سبب مقنع أمام الناس‪ ،‬فتم افتعممال هممذه القضممية وتضممخيم حجمهمما‬
‫وإطلق العنممان للعلم بتعظيممم هممذه الجريمممة‪ ،‬ليكممون دافع ما ً قوي ما ً‬
‫للناس للعانة على ملحقتنا والدلء بأي معلومات عنا‪ ،‬مع العلممم أن‬
‫القائمة طويلة وسوف يعلن عن مشايخ وتجار في اليام القادمممة إذا‬
‫تم النتهاء من هذه الدفعة وهذا ما أشممار إليممه بيممان الداخليممة بقمموله‬
‫بعد أن عد أسماءنا )إضمافة إلمى آخريممن سميلعن عنهممم فمي المموقت‬
‫المناسب(‪ ،‬فإذا كممان الخممرون اشممتركوا مممع هممؤلء المجرميممن كممما‬
‫وصفهم البيان‪ ،‬فلماذا يتم تأخير العلن عنهم وهم خطر عظيم على‬
‫أمممن البلد والعبمماد كممما وصممفهم البيممان؟ هممذا ل يممدل إل علممى أن‬
‫السماء معدة منذ مدة والحادثة مفتعلة والقائمة طويلة‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬لقد اطلعت على ما سطره بعد التهمة بيوم أخي علممي‬
‫بن عبد الرحمن الفقعسي الغامممدي‪ ،‬وهممو أحممد المتهميممن فممي هممذه‬
‫الكذبة المكشوفة‪ ،‬وتأكدت من صحة نسبة الرسالة إليه‪ ،‬وإني أؤكممد‬
‫فممي رسممالتي هممذه علممى ممما قمماله فممي رسممالته‪ ،‬وأن هممذه الكذبممة‬
‫المكشوفة لن تشغلنا عن جهاد اليهود والصممليبيين‪ ،‬ولممن تجرنمما إلممى‬
‫مواجهة مع رجال المن‪ ،‬إل أننا نحتفظ بحممق دفممع الصممائل المعتممدي‬
‫علينمما مهممما كممان شممكله وهيئتممه وانتممماؤه ودينممه‪ ،‬فمممن أراد إيصممالنا‬
‫لمريكا‪ ،‬أو تنفيذ ما تريده بنا فسنعامله كما لو كان أمريكيًا‪ ،‬وسندفع‬
‫عن أنفسنا الظلم والعدوان بكل الوسائل‪ ،‬ومن أراد السلمة منا فل‬
‫يتعرض لنا‪ ،‬ولن نتعرض لحد سوى العممدو الممذي وضممعناه أص مل ً فممي‬
‫مشروع جهادنا وهو العدو الصليبي واليهودي‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬كما أؤكد أيضا ً على ما قاله أخي علي في رسممالته‪ ،‬بأننمما‬
‫لم نرفع راية الجهاد لنقتل المؤمنين‪ ،‬إن العقول السليمة تنفي هممذه‬
‫التهمة عنا فضل ً عن الدلة الشرعية‪ ،‬إذ كيف نخرج ونكابممد المشمماق‬
‫ونعالج المخاطر والفتن‪ ،‬نخرج من بلدنا ومن رغد العيش والسلمة‪،‬‬
‫)‪(616‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لنصل إلممى بلد الفغممان والشيشممان والبوسممنة والصممومال وكشمممير‬
‫وغيرها من ديار السلم‪ ،‬لماذا ذهبنا إلى هناك وتجاوزنا كل المشمماق‬
‫والمخاطر؟ لقد ذهبنا إلى هناك لندافع عن أعراض المسمملمين وعممن‬
‫دينهم وعن أمنهم ونحفظ أرواحهم ونضع دماءنمما دون دمممائهم‪ ،‬فهممل‬
‫يعقل أن نفدي البعدين بدمائنا‪ ،‬ونضع نحورنا دون نحورهم‪ ،‬ثم نقرر‬
‫ترويع القربين من أهلنا وسفك دمائهم؟!! هذا ل يقبله عقممل سممليم‪،‬‬
‫فضل ً عن مسلم يعرف شرع الله وأدلممة الكتمماب والسممنة‪ ،‬إننمما لسممنا‬
‫من أهل الضملل والزيمغ حمتى نموجه سملحنا لي مسملم‪ ،‬فمإن كمان‬
‫يزعم زاعم بأننا نكفر عموم المسلمين ونستبيح قتلهم‪ ،‬فنعمموذ بممالله‬
‫من هذا الضلل‪ ،‬ولو كنا نكفر عموم المسمملمين لممماذا ذهبنمما للممدفاع‬
‫عممن إخواننمما فممي البوسممنة أو فممي الشيشممان الممذين ل يعرفممون مممن‬
‫السلم إل الشهادة؟‪ ،‬فإن كنا نفدي بدمائنا من ل يعرف من السلم‬
‫إل الشهادة‪ ،‬ونحكم بإسلمه ونرى أنه مممن الممواجب علينمما أن نفممديه‬
‫بدمائنا‪ ،‬أيعقل أن نفدي بدمائنا مممن نممراه كممافرًا؟ ثممم نقتممل مسمملما ً‬
‫يعيش في مجتمع يعمل بأصول الدين كلها‪ ،‬نحممن ل نكفممر أحممدا ً مممن‬
‫أهل القبلة بذنب ما لم يستحله‪ ،‬ومنهجنا في ذلك منهج أهممل السممنة‬
‫والجماعة ولسنا بحاجة إلى عرضه فهو معلوم لكل مسلم‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬نقول لخواننا المسلمين في كل مكان‪ ،‬أن جريمتنا واللممه‬
‫ليست أكثر من جهمماد الصممليبيين‪ ،‬فقممد أقلقهممم وقوفنمما ضممدهم فممي‬
‫أفغانستان وغيرها‪ ،‬وهم يخشون أن نقف ضدهم في العراق وهذا ما‬
‫فعلنمماه بفضمل اللمه تعممالى‪ ،‬فنحمن نعلنهما أننما لمن نممتراجع عمن هممذا‬
‫الطريممق‪ ،‬وسمموف ننممازل الصممليبيين حممتى النصممر أو الشممهادة‪ ،‬فلممن‬
‫تخيفنا هذه المؤامرات‪ ،‬ولن تريعنمما هممذه الكمماذيب‪ ،‬وسمموف نمضممي‬
‫على طريق الجهاد وقممد وضممعنا رؤوسممنا علممى أكفنمما ولبسممنا أكفاننمما‬
‫وفارقنا الهل والولد رغبة بما عند الله تعالى‪ ،‬ونسأل الله أن يثبتنمما‬
‫على هذا الطريق حتى نلقاه‪ ،‬ولكننا نطلب من إخواننا المسلمين أن‬
‫يكونوا سندا ً وعونا ً لهل الجهمماد بكممل وسمميلة وسممبيل‪ ،‬فاحممذروا مممن‬
‫الوشاية بهم‪ ،‬واحذروا من العانة عليهم‪ ،‬فمن فعل همذا فليعلمم أنمه‬
‫معين للصممليبيين علممى إخمموانه المسمملمين‪ ،‬وممما أعظممم جممرم إعانممة‬
‫الكافر على المسلم‪ ،‬فاعلموا أن خصمممنا همم الصممليبيون‪ ،‬فهمم مممن‬
‫يطالب بنا منذ مدة أحياًء أو أمواتا‪ ،‬فل تكونمموا دليل ً للصممليبيين علممى‬
‫أبنائكم وأهل دينكم‪ ،‬فما طالبوا بنا إل لشممعيرة الجهمماد الممتي أقلقممت‬
‫)‪(617‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫راحتهم ونكدت عيشهم‪ ،‬وسنواصل الدرب شممم النمموف‪ ،‬ل نمممل ول‬
‫نكل بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫تاسعا ً‪ :‬لقد بلغ بي الحزن مبلغا ً عندما رأيت عددا ً ممن ينتسممبون‬
‫للدعوة والعلم‪ ،‬ممن ولغ في أعراضممنا‪ ،‬وتهجممم علينمما ورمانمما بأبشممع‬
‫الوصمماف‪ ،‬وكممال لنمما السممباب والشممتم‪ ،‬ودليلهممم ضممدنا بيممان وزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬وكأن بيان وزارة الداخلية ل يأتيه الباطل من بيممن يممديه ول‬
‫من خلفه‪ ،‬والعظم من ذلك أنهم وقبممل أن يعرفمموا مممن الممذي فجممر‬
‫في الريمماض‪ ،‬اتهمونمما وأصممدروا الحكممم ضممدنا‪ ،‬ول حممول ول قمموة إل‬
‫بالله‪ ،‬إن الواجب على كل مسلم أن يتثبت قبل أن يتهممم أحممدا ً قممال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صمميُبوا‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫سمقٌ ب ِن َب َمأ ٍ فَت َب َي ّن ُمموا أ ْ‬‫م َفا ِ‬ ‫جمماَءك ُ ْ‬ ‫ن َ‬‫من ُمموا إ ِ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى )َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫ن(‪ .‬وقممال )ي َمما أي ّهَمما ال ّم ِ‬ ‫مي َ‬‫م ن َممادِ ِ‬ ‫ما فَعَل ْت ُ ْ‬‫حوا عََلى َ‬ ‫جَهال َةٍ فَت ُ ْ‬
‫صب ِ ُ‬ ‫وما ً ب ِ َ‬‫قَ ْ‬
‫م‬
‫كم ُ‬‫ن أ َل َْقمى إ ِل َي ْ ُ‬‫مم ْ‬ ‫ل الل ّهِ فَت َب َي ُّنموا َول ت َُقوُلموا ل ِ َ‬ ‫سِبي ِ‬‫م ِفي َ‬ ‫ضَرب ْت ُ ْ‬
‫ذا َ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬‫آ َ‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا(‪ ،‬فالصل هممي بممراءة‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫منا ً ت َب ْت َُغو َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫س َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ال ّ‬
‫ذممنا من كل ما نسب إلينا من قبل وزارة الداخلية‪ ،‬فكيممف إذا كممان‬
‫المتهم لنا قد اشتهر ظلمه وجوره‪ ،‬ومممن أراد أن يضممعنا فممي موضممع‬
‫المجرميممن فيحتمماج إلممى أدلممة وبينممات وشممهود تقبممل أمممام القضمماء‬
‫الشرعي‪) ،‬والبينة على المدعي واليمين على من أنكر(‪ ،‬ولكننا والله‬
‫ل نحلل من وقع فممي أعراضممنا‪ ،‬ول مممن تهجممم علينمما‪ ،‬ول مممن أعممان‬
‫علينا‪ ،‬أو قدح بنا تصريحًا‪ ،‬أو تلميحًا‪ ،‬وسوف نلتقي يوم القيامة وعند‬
‫الله تجتمع الخصوم‪ ،‬يوم أن يؤخذ للشاة الجلحمماء حقهمما مممن الشمماة‬
‫القرناء‪ ،‬عند من ل يظلم عنده أحد سبحانه هو أهل الحق والعممدل ل‬
‫إله إل هو‪ ،‬فموعدنا مع من نممال منمما بممأي شممكل كممان‪ ،‬موعممدنا يمموم‬
‫العرصات يوم تممذهل كممل مرضممعة عممما أرضممعت‪ ،‬يمموم تممرى النمماس‬
‫سكارى وما هم بسكارى‪ ،‬يوم يقممول النبيمماء اللهممم سمملم سمملم مممن‬
‫هول الموقف‪ ،‬لنا لقاء يا من شغلتم منممابركم بلمزنمما وتجريحنمما‪ ،‬لنمما‬
‫لقاء يمما مممن أطلقتممم ألسممنتكم فينمما‪ ،‬ل تقولمموا غرنمما بيممان الداخليممة‪،‬‬
‫فسوف تقفون أمام من يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور‪.‬‬
‫أتخوضون في أعراضنا تكفيرا ً وتفسيقا ً وتبديعا ً وتضممليل ً قبممل أن‬
‫تتثبتوا مما نسب إلينا؟ وقبل أن تعلممموا حقيقممة أي شمميء‪ ،‬بممدل ً مممن‬
‫الوقوف معنمما ورفممع الظلممم عنمما‪ ،‬تقفممون هممذا الموقممف ضممدنا‪ ،‬لقممد‬
‫طاردونمما‪ ،‬وشممردونا مممن ديارنمما‪ ،‬واسممتحلوا أموالنمما‪ ،‬وداهممموا بيوتنمما‪،‬‬
‫وفرقوا بيننا وبين آبائنا وأمهاتنا وأبنائنا ونسائنا‪ ،‬لقد اسممتحلوا دماءنمما‬
‫)‪(618‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهم يطلقون النار علينا أينما ثقفونا‪ ،‬لقد قعدوا لنا كل مرصد‪ ،‬وكممأن‬
‫الله أمرهم بجهادنا بدل ً من جهاد أمريكمما‪ ،‬كممل شممنيعة ارتكبوهمما فممي‬
‫حقنا‪ ،‬وكل ظلممم أوقعمموه علينمما‪ ،‬بممدءوا بتكفيرنمما واتهامنمما بممالخوارج‪،‬‬
‫واستباحوا أموالنا فداهموا بيوتنا وصادروا كل ممما فيهمما‪ ،‬ثممم اسممتحلوا‬
‫ظلمنا فمن وجدوه منا أخذوه ول حسيب لهممم ول رقيممب إل اللممه‪ ،‬ل‬
‫يرقبون في أحد منا إل ً ول ذمة‪ ،‬ومن عجزوا عن أخذه طاردوه‪ ،‬فإن‬
‫ظفروا به أخذوه فغلوه‪ ،‬فإن لم يظفممروا بممه فأينممما أدركمموه أطلقمموا‬
‫عليه النار فإما قتيل أو جريح‪ ،‬وما هي التهمة إنه الجهاد ول حول ول‬
‫قوة إل بالله‪ ،‬فبدل ً من رفع الظلم عنا والدفاع عنا‪ ،‬نجد من أصممحاب‬
‫المنابر وأصممحاب الفضمميلة هممذه العانممة الظالمممة علينمما‪ ،‬فيصممدرون‬
‫أحكاما ً ضدنا‪ ،‬لم يصدروها في حق الرافضة الذين فجروا الخممبر‪ ،‬ول‬
‫فممي حممق البريطممانيين الممذين فجممروا فممي كممل مكممان‪ ،‬ول فممي حممق‬
‫إسماعلية نجمران‪ ،‬لمم يصمدروا الحكمام ولمم يطلقموا ألسممنتهم ضممد‬
‫المجرمين‪ ،‬لم يصدروا الحكام حتى ضد أمريكا التي قتلت خلقا ً مممن‬
‫المسلمين ل يحصيهم إل الله تعالى‪ ،‬سممكتوا عممن اليهممود والنصممارى‪،‬‬
‫سكتوا عن أهل الشرك بين أظهرهم‪ ،‬سكتوا عن أهل البممدع والكفممر‬
‫والعلمنة والزندقة والنفاق والردة‪ ،‬فلم يجممدوا إل أعراضممنا ولحومنمما‬
‫ليأكلوا منها‪ ،‬وكأن المباحث العامة قصممرت فممي ظلمنمما أو اسممتحلل‬
‫أموالنا وأعراضنا ودمائنا‪ ،‬فقرروا أن يعينوها علينا تبرعا ً منهم‪ ،‬ولكممن‬
‫ل نقول إل حسبنا الله نعم الوكيل عليكم جميعًا‪.‬‬
‫ومن استنكر دفاعنا بالسلح عن أنفسنا‪ ،‬فليعلم أننا لم نصل إلى‬
‫هذه المرحلة اختيارًا‪ ،‬بل ألجئنا إليها واضطررنا لها بأفعممال المبمماحث‬
‫العامة‪ ،‬وبعون أصحاب الفضيلة‪ ،‬وليعلم كل مممن أطلممق كلمممة ضممدنا‬
‫بأي شكل من الشكال من صحفي أو طالب علم أو داعية أو عممالم‪،‬‬
‫فإنه معين علينا شعر أم لم يشعر‪ ،‬نعممم معيممن علممى ظلمنمما وإراقممة‬
‫دمائنا واستباحتنا لهؤلء الظلمة‪ ،‬فليتق الله كل شممخص منكممم‪ ،‬فممإن‬
‫أقوالكم ل تزيد الظالم إل ظلما ً ول تزيد حقوق المظلوم إل ضياعًا‪.‬‬
‫ولكن ليس لنا حيلة إل أن نرفع أكف الضراعة إلى الله في كممل‬
‫وقت‪ ،‬وننتظر منه الجابة كل حين فنقممول )اللهممم اجعممل ثأرنمما علممى‬
‫من ظلمنا‪ ،‬وانصرنا على من عادانا‪ ،‬ول تجعل مصيبتنا في ديننمما‪ ،‬ول‬
‫تجعل الدنيا أكبر همنا ول مبلغ علمنا‪ ،‬ول تسلط علينا من ل يرحمنا(‪،‬‬
‫اللهممم عليممك بمممن ظلمنمما أو أعممان علممى ظلمنمما‪ ،‬اللهممم حممول عنممه‬
‫)‪(619‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عافيتممك‪ ،‬وأزل عنممه نعمتممك‪ ،‬وفمماجئه بنقمتممك‪ ،‬واحلممل عليممه جميممع‬
‫سخط‪ ،‬واجعل الموت أعز أمانيه‪ ،‬اللهم جمد الدم في عروقه‪ ،‬اللهم‬
‫اشدد عليه وطأتك‪ ،‬وأرنا فيه ممما يشممفي صممدورنا‪ ،‬اللهممم مزقممه كممل‬
‫ممزق‪ ،‬واحلل عليه من المصائب والقوارع في مماله ونفسمه وولمده‬
‫ودينه‪ ،‬ما يشغله عنا إنك أنت القوي العزيز‪ .‬اهم‬

‫)‪(620‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫م بعد هذا أورد ما كتبه الشيخ الفاضل أحمد بممن حمممود الخالممدي‬‫ث ّ‬
‫‪-‬فك الله أسره‪ -‬ردا ً على بعض ضممللت عبممد العزيممز الريممس ليهلممك‬
‫ي عن بينة‪ ،‬وقد سمى كتابه‪:‬‬ ‫من هلك عن بينة ويحيى من ح ّ‬

‫التنبيهات على ما في كلم الرّيس‬


‫من الغلطات والورطات‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫وبه نستعين ول حممول ول قمموة إل بممالله العلممي العظيممم وأصمملى‬
‫وأسلم علممى النممذير المممبين والرحمممة المهممداة للعممالمين محمممد بممن‬
‫عبدالله وعلى آله وصممحبه أجمعيممن ومممن تبعهممم بإحسممان إلممى يمموم‬
‫الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فاعلم أيها الطالب للسلمة الساعي في أسباب تحصيل‬
‫الفوز والكرامة أنه كان يبلغنا ويرفع إلينمما منممذ زمممن عممن رجممل مممن‬
‫منطقة الرياض من أهالي السويدي يقال لممه عبممد العزيممز بممن ريممس‬
‫الريس وأنه تصدى لجمع الشبه من أماكنها وتتبعها من مظانها فصار‬
‫يبدي من الشبهات والترهات ما ُيمج سماعه ول يممروج إل علممى مممن‬
‫هو من أمثاله ويكفي الناقد في رده نظره واطلعممه ويظهممر بطلنممه‬
‫ببدائه العقول ول يتوقف الحكممم بفسمماده علممى نظممر فممي المعقممول‬
‫والمنقول وقد رفع إلي ثلث رسائل وبعض أجوبة كتبها بيممده الولممى‬
‫بعنوان‪]:‬مهمات ومسائل متفرقممات[ والثانيممة‪]:‬الممرد الول[ والثالثممة‪:‬‬
‫]الرد الثاني[ وفيها من تحريف الكلم عن مواضعه والكذب على أهل‬
‫العلم وعدم الفقه فيما ينقله ويحكيه من كلمهم ما ل يحصيه إل الله‬
‫ورأيته قد زاد على من قبله من المعارضين بزيادات وضممللت تليممق‬
‫بتلك الفهوم والقلوب المقفلت‪}) :‬أفمن زين لمه سموء عملمه فممرآه‬
‫حسنا ً فإن الله يضل من يشآء ويهممدي مممن يشمماء فل تممذهب نفسممك‬
‫عليهم حسرات({ والمؤمن إذا وقممف علممى كلم هممذا الرجممل عممرف‬
‫قدر ما هو فيه من نعمة السمملم وممما اختممص بممه مممن حلممل اليمممان‬
‫والكرام فازداد تعظيما ً لربه وتمجيدا ً وإخلصا ً في معاملته وتوحيدًا‪.‬‬
‫لو شاء ربك كنت أيضا ً مثلهم *** *** فالقلب بين أصابع الرحمن‪.‬‬
‫ن لممي أول ً أن أضممرب عنهمما صممفحا وأطمموي عممن جوابهمما‬ ‫وقد ع ّ‬
‫)‪(621‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كشحا فممأطرح هممذر كلمممه ول أعممرج علممى رد إفكممه وآثممامه لظهممور‬
‫هجنته في نفسه وأنه مما يتنزه العاقممل عممن إفكممه وحدسممه ومجممرد‬
‫حكايته يكفي في بيان بطلنه وأن في ذلك تحقيرا لشانه ثم بدا لممي‬
‫أن لكل ساقطة لقطة وقد قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫لصحابه لما قال أبو سفيان يوم أحممد‪:‬أفيكممم محمممد أفيكممم أبممو بكممر‬
‫أفيكم ابن الخطاب))ل تجيبوه(( تهاونا ً به وتحقيرا ً لشأنه فلممما قممال‪:‬‬
‫هبل‪ :‬قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬قولوا‪ :‬اللممه‬ ‫أع ُ‬
‫ل ُ‬
‫عزى لكم قال لهممم‪)) :‬قولمموا‪:‬‬ ‫ل(( ولما قال‪ :‬لنا العزى ول ُ‬ ‫أعلى وأج ّ‬
‫اللممه مولنمما ول مممولى لكممم(( والبلغممة كممما قيممل‪ :‬مطابقممة الكلم‬
‫لمقتضممى الحممال‪ .‬فوجممدت فيممما أبممداه مممن المخالفممات الكممثيرة‬
‫والورطممات العظيمممة القبيحممة لممما فيهمما مممن التحريفممات الجممريئة‬
‫الصريحة لعتقمماد أهممل السممنة والجماعممة‪ :‬وقممد تضمممنت لمممور مممن‬
‫الباطل ل يسممع مسمملما ً السممكوت عليهمما خشممية أن يفتممن بهمما بعممض‬
‫الجاهلين فيعتمد عليها وقد مضت سنة الله في خلقه أن كل عصر ل‬
‫يخلو من قائل بل علم ومتكلم بغير إصممابة ول فهممم مصممداقا لقمموله‬
‫تعالى‪)] :‬وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النممس والجممن يمموحي‬
‫بعضهم إلى بعض زخرف القول غممرورا * ولممو شمماء ربممك ممما فعلمموه‬
‫فذرهم وما يفترون* ولتصممغى إليممه أفئدة الممذين ل يؤمنممون بممالخرة‬
‫وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون{( ولكن في الزوايا خبايمما وفممي‬
‫الرجال بقايا وقد جعل الله في كل زمان فترة بقايا مممن أهممل العلممم‬
‫كما قال المام أحمد رحمه الله في كتاب الرد على الجهمية‪:‬‬
‫))الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايمما مممن‬
‫أهل العلم يدعون من ضل إلى الهممدى ويصممبرون منهممم علممى الذى‬
‫ويبصرون بدين الله أهل العمى ويحيون بكتاب الله الموتى فكم مممن‬
‫قتيل لبليس قد أحيوه وتائه ضال قد هدوه فما أحسممن أثرهممم علممى‬
‫ن لممي الجممواب لتمييممز‬ ‫الناس وما أقبح أثممر النمماس عليهممم(( وقممد عم ّ‬
‫الخطأ من الصواب رجاء أن يكون ذلك سببا ً موصل ً إلى رضوان الله‬
‫وليستبصر طالب الهدى من عباد الله وذلك بتوفيق الله ول حول ول‬
‫ب سواه فقد كنت عزمممت علممى‬ ‫قوة إل بالله الذي ل إله إل هو ول ر ّ‬
‫أن أتتبع كلمه وأجيب عنه تفصيل ً ثم إنه عرض لي ما يجب أن يكون‬
‫هو المقصود بالذات حماية لجانب التوحيد وصمميانة للشممريعة ثممم بممدا‬
‫لي أن أقتصر في جواب الرجل لما في القتصممار مممن رعايممة الصممبر‬
‫)‪(622‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والصطبار وما ل يدرك كله ل يترك كله فأحببت التنبيه على أهم ممما‬
‫فيها من تلك المخالفات وأعظم المجازفات لنمما لممو أجبنمماه بكممل ممما‬
‫يليق في الجواب لم نسلم من أمثاله ممن نسج على منواله كما هو‬
‫الواقع من أكثر البشر قديما ً وحديثا ً مع كممل مممن قممام بممالحق ونطممق‬
‫بالصدق فكل من كان أقوم في دين الله كان أذى الناس إليه أسممرع‬
‫والعداوة له أشد وأفظع ولو أن كل كلب نبممح ألقمتممه حجممرا لصممبح‬
‫مثقال الحجر بعدله ذهب"‪] .‬مقتبس من كلم بعض أئمة الدعوة[‪.‬‬
‫كفينا مؤونة الرد علممى هممذا المفتممون إذ الممواجب‬ ‫فالحمد لله قد ُ‬
‫علينا التباع وترك البتداع فما من مسألة إل وقد تكلم فيها وما علينا‬
‫إل أن ننقل الكلم من مظانه والفضل فممي ذلممك للمتقممدم بعممد اللممه‬
‫فالحق قديم وكتاب الله واضح حتى عند العامي البليد والنممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قد بلغ البلغ المبين فما على النسان إل أن يطلممب‬
‫الحق ويلتمس الدليل‪ :‬قال الشيخ سليمان بن سحمان‪:‬‬
‫ل رمانا بجهله فعاد حسيرا خائبا نائل شمممرا‬ ‫وكم من أخا جه ً‬
‫بمحكم آيات وسنة أحمممد نصول على العداء فنأطرهم أطمرا‬
‫فمن تلك المجازفات التي سطرها بخطه وسود بها صحائفه‪ :‬أن‬
‫مممن قتممل نبيمما أو أهممان المصممحف ل يكفممر إل بعممد ثبمموت الشممروط‬
‫وانتفاء الموانع‪ .‬وأيضا ً سمموء أدبممه مممع أبينمما آدم عليممه السمملم حيممث‬
‫جعل ظاهر فعله الكفر لول ما أبان عما في بمماطنه مممع أن كليهممما مم‬
‫ل كممل منهممما‬ ‫أي آدم عليه السلم وإبليس اللعين م عصى اللممه وفَِْعم م ُ‬
‫ُيتصور أن يأتي على وجه كفري ووجه غير كفري‪.‬‬
‫وأن من طعن في النبي صلى الله عليه وسمملم ووصممفه بالريمماء‬
‫والظلم والجور في القسممة ومحابماة قرابتمه ل يكفمر إل بعمد ثبموت‬
‫الشروط وانتفاء الموانع‪ ..‬كما يزعم‪.‬‬
‫وأيضا ً أن قول الرجل‪ :‬أن كان ابن عمتك وقول الخممر اعممدل يمما‬
‫محمد ليممس مممن السممب الممذي يكفممر صمماحبه وتشممبيه قممول أمهممات‬
‫المؤمنين بأقوال المنممافقين مممع أن القممائل طمماعن فممي حكممم النممبي‬
‫صلى الله عليه وسمملم وراميمما لممه بممالجور والمحابمماة والظلممم وبيممان‬
‫وهمه على شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫وأيضا نفيه وجود نممص شممرعي فممي تكفيممر مممن سممجد للصممنام‬
‫والوثان والشمس والصلبان إن لم يرد الساجد التقممرب إليهمما وأنهمما‬

‫)‪(623‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من المور المحتملة‪.‬‬
‫ثم عاد فناقض نفسه بنفسه فقال‪ ":‬إن الجماعات المحكية ممما‬
‫بين أمرين‪ :‬إما أنهمما إجماعممات منقوضممة مخرومممة أو محمولممة علممى‬
‫السجود له على وجه الستحقاق الذي يلزم منه تقرب القلب للمموثن‬
‫"‪.‬‬
‫وجعله الجماعات المحكية في كفر من سممجد للوثممان والصممنام‬
‫وغيرها منقوضة ومخرومممة أو محمولممة علممى السممجود بنيممة التقممرب‬
‫القلبي وأن هذا ل يعارض مذهب أهل السنة‪ ...‬كما زعم‪.‬‬
‫وأن السجود للصنم والوثن من ]عابده[مم هكذا قال كما سمميأتي‬
‫نص كلمه مم على غير وجه التقرب ل ينافي الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫وأيضمما زعممم أن مممن سممجد للصممنام وطمماف بالوثممان وتمسممح‬
‫بالصلبان إذا اعتقد بطلن عبادتها يكون ممن كفر بما يعبممد مممن دون‬
‫الله مع المخالفة الظاهرة في العمال ولو اعترف بلسممانه وقممال‪- :‬‬
‫ت غير الله ‪ -‬ل يحكم على باطنه بالكفر وإذا علم أنه كممأن كاذبما ً‬ ‫عبد ُ‬
‫ت غير الله " يتراجع عن تكفيره‪ .‬وأن منممزع التكفيممر‬ ‫عبد ُ‬
‫في قوله‪َ " :‬‬
‫وعلته في الساجد للصممنم والمموثن هممي نيممة التقممرب بممالقلب وقصممد‬
‫العبادة للمسجود له دون الفعل الظاهر‪.‬‬
‫وأيضا ادعاؤه عدم التلزم بين الظاهر والباطن إذا كممان السمماجد‬
‫للصنام والصلبان ل يريد التقرب القلبي لها وإنما يريد المال أو أمرا‬
‫ً دنيويا فل يكفر بذلك‪.‬‬
‫وكذلك من سجد للصنام وطاف بالوثان أو سجد لنسان وذبممح‬
‫للبوذا وتمسح بالصلبان وهو يعتقد ذمها ولم يقصد تعظيمهمما بقلبممه ل‬
‫يكفر حتى يقصد ذلك بقلبه أو فعل ذلك لمر دنيوي كالرياسة والجاه‬
‫والمال أو فعل ذلك مداهنة لقومه وخوف الملمة والعيب أو خوفمما‬
‫من الكفار وعنده ولو أن قريشا فعلت ذلممك أن رسممول صمملى اللممه‬
‫ت‬‫عليه وسلم ل يكفرهم ويقبل منهم مع كونهم آثمين أو قممال "عبممد ُ‬
‫غير الله كاذبا "‪ :‬من غير إكراه ل يكفر ويبقى مسلما موحدا ‪.‬‬
‫وسيأتي التنبيه على كل مسألة من هذه المسائل على حممدة إن‬
‫شاء الله تعالى وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وهذا أوان الشروع في المقصود فالله المسممؤول أن يعيننمما علممى‬
‫حصول المطلوب‪ :‬فنقول سبحانك اللهم ل علم لنا إل ما علمتنا‪-:‬‬

‫)‪(624‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫)‪(625‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله وكفى وسلم على عباده الذين اصطفى‪.‬‬
‫فصل في بيان فحممش غلطممه وبطلن قمموله‪ :‬أن قاتممل النممبي أو مممن‬
‫أهان المصحف‬
‫ل يكفر إل بعد ثبوت الشروط وانتفاء الموانع‬
‫قال‪ :‬في]مهمممات ومسممائل متفرقممات وتنبيهممات متممممات تتعلممق‬
‫بالتكفير‪:[1 :‬‬
‫)المسألة الولممى ‪ /‬أن مممن المهمممات والضممروريات التفريممق بيممن‬
‫العمال الظاهرة التي ل تحتمل إل الكفر الكبر م )تضاد اليمان مممن‬
‫كل وجه( م كقتل النبي وإهانة المصحف ونحو ذلممك‪ ،‬والعمممال الممتي‬
‫تحتمل الكفر وغيره م )ل تضاد اليمان من كممل وجممه( ممم‪ .‬فممإن النمموع‬
‫الول يكفر صاحبه مطلقمما إذا تمموفرت فممي حقممه الشممروط وانتفممت‬
‫الموانع(‪.‬‬
‫************************************‬
‫الجواب‪ :‬ل يخفى ما في هذا الكلم من الخطأ الفاحش والغلممط‬
‫الواضح الذي تنفر منه الطبائع والنفوس وتقشعر منممه الجلممود حيممث‬
‫جعممل صمماحب الرسممالة أن قتممل النممبي وإهانممة المصممحف متوقممف‬
‫التكفير فيهما على ثبوت الشروط وانتفاء الموانمع فل أدري أي ممانع‬
‫يمنع من تكفير قاتل النبي وأي شرط ُيحتاج إلى ثبوته في ذلك‪ .‬وممما‬
‫نقله هنا مقتبس بعضه من كتاب الصلة لبن القيم رحمه الله تعمالى‬
‫ولكنه أضاف عبارة وهي قوله‪ ":‬فإن النوع الول يكفر صاحبه مطلقا‬
‫ً إذا توفرت في حقه الشروط وانتفت الموانممع(‪ .‬وابممن القيممم رحمممه‬
‫الله أطلق ولم يقيد تكفير من قتممل نبيمما أو أهممان المصممحف بثبمموت‬
‫شرط أو انتفاء مانع ل كما زعم مورد هذا الكلم الذي ليس له حممظ‬
‫من الحق والصواب إل المعاندة والشقاق ولنورد نممص كلمممه رحمممه‬
‫م‪ " :‬الكفر نوعان‪ :‬كفر عمل‪ ،‬وكفممر جحممود وعنمماد‪.‬‬ ‫الله قال ابن القي ّ‬
‫فكفر الجحود‪ :‬أنه يكفر بما علم أن الرسول جمماء بممه مممن عنممد الل ّممه‬
‫جحودا ً وعنادا ً من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه‪ ،‬وهذا الكفر‬
‫يضاد اليمان من كل وجه‪ ،‬وأما كفر العمل‪ ،‬فينقسممم إلممى ممما يضمماد‬

‫)‪(626‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اليمان‪ ،‬وإلى مال يضاده‪ ،‬فالسجود للصممنم‪ ،‬والسممتهانة بالمصممحف‪،‬‬
‫وقتل النبي وسبه يضاد اليمان "‪] .‬كتاب الصلة‪.[53 :‬‬
‫فأين ذكر الشروط والموانع ولو بالشارة إليها من قريب أو بعيد‬
‫في كلمه رحمه الله وأهل العلم لم يستثنوا فيمن قال أو فعل كفرا‬
‫ً إل المكره بشرط طمأنينة القلب ولو كان هنالك ثمممة عممذر أو مممانٍع‬
‫لذكروه ولم يغفلوا أمره لعظم شأنه وكثرة الوقمموع فيممه وممما ذكممره‬
‫ابن القيم أمٌر مجممعٌ عليممه بيممن أهممل الملممل مممن اليهممود والنصممارى‬
‫وغيرهم ممن يقرون بأصل النبوات‪ ،‬والجماع فيه ضممروري لممما فممي‬
‫ذلك من الستخفاف والهانة والذلل والمتهان وفي ذلك يقول ابممن‬
‫تيمية‪ " :‬إن النقياد إجلل وإكرام والسمتخفاف إهانمة وإذلل وهممذان‬
‫ضممدان فمممتى حصممل فممي القلممب أحممدهما انتفممى الخممر فعلممم أن‬
‫الستخفاف والستهانة بالرسول ينافي اليمان منافاة الضممد للضممد "‬
‫]الصارم المسلول‪ = 499 :‬تحقيق خالد العلمي[‪.‬‬
‫دق الرسول ولم ينقد لممه ويطيعممه فكيممف‬ ‫فكلم الشيخ فيمن ص ّ‬
‫ل دمممه كممما جمماء‬ ‫ي من النبياء كفر وح ّ‬ ‫م بقتل نب ّ‬ ‫بمن قتله‪ .‬بل من ه ّ‬
‫عن الضحاك في سبب نزول قوله تعالى‪)] :‬وهموا بممما لممم ينممالوا({‬
‫أن نفرا من المنافقين هموا بالفتك بممالنبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫وهو في غزوة تبوك في بعض تلك الليممالي فممي حممال السممير وكممانوا‬
‫بضعة عشر رجل ففيهم نزلت هذه الية‪.‬‬
‫قال ابن كثير في تفسيره‪ :‬وهذا بّين فيما رواه الحافظ الممبيهقي‬
‫في كتاب دلئل النبوة من حديث محمد بن إسحاق عن العمش عن‬
‫عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه‬
‫الحديث وفيه‪) :‬هل عرفتم هؤلء القوم(( قلنمما ل يمما رسمول اللمه قمد‬
‫كانوا متلثمين ولكنا قد عرفنا الركاب قال‪)) :‬هممؤلء المنممافقون إلممى‬
‫يمموم القيامممة وهممل تممدرون ممما أرادوا(( قلنمما ل‪ ،‬قممال‪)) :‬أرادوا أن‬
‫يزاحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها(( قلنا يا رسول اللممه أفل‬
‫نبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم بمرأس صماحبهم قمال‪:‬‬
‫))ل‪ ،‬أكممره أن يتحممدث العممرب بينهمما أن محمممدا قاتممل بقمموم حممتى‬
‫أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم‪ (( ...‬الحديث‬
‫ويقممول القاضممي عيمماض‪ " :‬اعلممم أن مممن اسممتخف بممالقرآن‪ ،‬أو‬
‫المصحف أو بشممئ منممه‪ ....‬فهممو كممافٌر عنممد أهممل العلممم بالجممماع "‪.‬‬
‫]الشفا‪ 1101 / 2 :‬م ‪.[1076 /2‬‬
‫)‪(627‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال المام إسحاق بن راهويه‪ ":‬أجمع المسلمون على أن مممن‬
‫سب الله أو سب رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم أو دفممع شمميئا‬
‫مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل أنه كافر‬
‫بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله"‪] .‬الصارم‪ 32 :‬م ‪[33‬‬
‫والمر أشد من ذلممك وأفظممع لن العلممماء لممم يتكلممموا فممي كفممر‬
‫م فيممه مفممروغ منممه ويعممدونه مممن بممديهيات‬ ‫ن ذلك أمٌر مسل ّ ٌ‬
‫القاتل ل ّ‬
‫الدين والعقيدة وهذا مما ل يخفى على العامي البليد فضل عن أهل‬
‫العلم والتحقيق وإنما بحثوا كفر مممن توقممف أو شممك فممي كفممره بممل‬
‫وعذابه كما قال محمد بن سحنون القيرواني‪ ":‬أجمممع العلممماء علممى‬
‫أن شاتم النبي صلى الله عليه وسمملم والمتنقممص لممه كممافٌر والوعيممد‬
‫جار عليه بعذاب الله وحكمه عند المة القتل ومممن شممك فممي كفممره‬
‫وعذابه كفر"‪] .‬الصارم‪ 32 :‬م ‪.[33‬‬
‫فقف هنا أيها الطالب للهدى والرشاد وتأمل ما فممي هممذا الكلم‬
‫تارة بعد تارة واسأل اللممه أن يعيممذك مممما وقممع فيممه هممذا المسممكين‬
‫الذي يلقي بالكلم ول يدري أنه مؤاخذ بما يقول وعليه مسؤول وهذا‬
‫من القول على اللممه بل علممم ول هممدىّ ول كتمماب منيممر قممال تعممالى‪:‬‬
‫م إن السمع والبصر والفؤاد كممل أولئك‬ ‫})ول تقف ما ليس لك به عل ٌ‬
‫كان عنه مسؤول({‬
‫وقال إسحاق بن راهويه‪ " :‬ومما أجمعوا علممى تكفيممره وحكممموا‬
‫عليه كما حكموا على الجاحد‪ ،‬فالمؤمن الذي آمن بالّله تعالى‪ ،‬ومممما‬
‫جاء من عنده‪ ،‬ثم قتل نبيًا‪ ،‬أو أعان على قتلممه‪ ،‬ويقممول قتممل النبيمماء‬
‫محرم‪ ،‬فهو كافر‪] .‬تعظيم قممدر الصمملة لمحمممد بممن نصممر المممروزي‪:‬‬
‫‪[2/930‬‬
‫فإذا كان من أعمان القاتمل يكفمر فكيمف بممن قتلمه وقمد تكمون‬
‫ذى‬ ‫العانة بالدعاء عليه قال شمميخ السمملم ابممن تْيمي َممة‪ ..." :‬الممدعاء أ َ‬
‫ب له‪ ،‬ولو قمماله المسمملم لصممار بممه‬ ‫س ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬و َ‬ ‫للنب ّ‬
‫دعاء على رسول الّله صلى الله عليممه وسمملم فممي حيمماته‬ ‫مرتدًا‪ ،‬لنه ُ‬
‫بأنه يموت "‪] .‬الصارم‪.[245 :‬‬
‫وأيضا ًل يخفى ما في قصة بلعام وأنه دعا على موسى موافقممة‬
‫ًلقمومه وسمبب نمزول اليمآت‪ 175]:‬مم ‪ [176‬فمي شمأنه ممن سمورة‬
‫العراف ونصوص الكتاب طافحة بذلك لكل من قرأ الكتاب وآمن به‬

‫)‪(628‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وصدق خبره واتبع أمممره ونهيممه كقمموله تعممالى‪)] :‬إن الممذين يكفممرون‬
‫بآيات الله ويقتلون النممبيين بغيممر حممق مم إلممى قمموله مم أولئك حبطممت‬
‫أعمالهم في الدنيا والخرة وما لهممم مممن ناصممرين{( وقمموله تعممالى‪:‬‬
‫])وقتلهممم النبيمماء بغيممر حممق ونقممول ذوقمموا عممذاب الحريممق{( وفممي‬
‫الحديث الصحيح‪)) :‬شر الناس مممن قتممل نبيمما أو قتلممه نممبي(( فممالمر‬
‫واضح جدا ول يحتاج إلى دليل أو تعليممل ول يقممال إن هممذا مممن قبممل‬
‫الفرضيات وضرب المثال كأن يقول‪ :‬من قتل نبيمما بالخطممأ أو أهممان‬
‫المصحف وهو ل يعلم أنه مصممحف‪ .‬إذ ل مجممال لممذلك فممافهم هممداك‬
‫الله وانتبممه لسممر المسممألة إذ الكلم فممي المممور القطعيممة ل الظنيممة‬
‫وهمة وهذا أصله الذي يرجع إليه ويعول عليممه كممما‬ ‫مت َ َ‬
‫والمحتملة أو ال ُ‬
‫سيأتي بيانه إن شاء الله أثناء الممرد‪ .‬وخصوصمما قتممل النممبي ل يجمموز‬
‫حتى في حال الكراه بل هو كفر إذ فممي حممق غيممره محممرم ل يجمموز‬
‫وكبيرة من كبائر الممذنوب كممما هممو مقممرر ومسممتقٌر عنممد أهممل العلممم‬
‫والثر فكيف بقتل النبياء والرسل ثم يقال من الممذي ذكممر مممن أهممل‬
‫العلم أن قاتل النبي ل يكفممر حممتى تثبممت الشممروط وتنتفممي الموانممع‬
‫ب وجدت ذلك‪)] :‬قل هل عندكم من علم فتخرجمموه لنمما‬ ‫وفي أيّ كتا ٍ‬
‫إن تتبعون إل الظن وإن أنتم إل تخرصون{(‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬قتل النبي أعظم أنممواع المحاربممة‬
‫والسعي في الرض فسادًا‪ ....‬وإذا كان من قاتممل علممى خلف أمممره‬
‫محاربما ً سمماعيا ً فممي الرض فسممادا ً فمممن قمماتله أو قتلممه فهممو أعظممم‬
‫محاربة وأشد سعيا ً فممي الرض فسممادا ً وهممو مممن أكممبر أنممواع الكفممر‬
‫ونقض العهد وإن زعم أنه لم يقتله مسممتحل ً كممما ذكممره إسممحاق بممن‬
‫راهويه من أن هذا إجماع من المسلمين وهو ظمماهر‪ ....‬فممإن أعظممم‬
‫الذنوب الكفر وبعممده قتممل النفممس وهممذا أقبممح الكفممر وقتممل أعظممم‬
‫النفمموس قممدرًا‪ .....‬وأقبممح بهممذا مممن قممول ممما أنكممره وأبشممعه! وإنممه‬
‫ليقشعر منه الجلد أن تطل دماء النبيماء فمي موضمع تثمأر فيمه دمماء‬
‫غيرهممم وقممد جعممل اللممه عامممة ممما أصمماب بنممي إسممرائيل مممن الذلممة‬
‫والمسكنة والغضب حتى سفك منهم من الدماء ما شاء الله ونهبممت‬
‫الموال وزال الملك عنهم وسبيت الذرية وصاروا تحت أيدي غيرهممم‬
‫إلى يوم القيامة إنما هممو بممأنهم كممانوا يكفممرون بآيممات اللممه ويقتلممون‬
‫النبيين بغير الحق وكل من قتل نبيا ً فهذا حاله‪ .....‬وكذلك كممان قتممل‬
‫النبي كفرا ً باتفاق العلماء‪ .‬فالمرتد‪ :‬كممل مممن أتممى بعممد السمملم مممن‬
‫)‪(629‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القول أو العمل بما يناقض السلم بحيث ل يجتمع معممه "‪] .‬الصممارم‬
‫المسلول ‪.[450- 446‬‬

‫)‪(630‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل في بيان جرأته الصريحة على آدم عليه السلم‬


‫وتشبيه فعله بفعل إبليس اللعين‬
‫قال في حق أبينا آدم عليممه السمملم ‪) :-‬أن القممول الظمماهر دليممل‬
‫معتمد على الباطن ما لم يتبين أن الباطن بخلفه‪ ،‬ألممم تممر كيممف أن‬
‫الله سبحانه كفر إبليس لما أبان بقوله سممبب امتنمماعه عممن السممجود‬
‫ولم يكفر آدم عليه السلم لما أبان بقوله سممبب أكلممه مممن الشممجرة‬
‫ل كممل منهممما يتصممور أن يممأتي علممى وجممه‬ ‫مع أن كليهما عصاه وفَِْعم م ُ‬
‫كفري ووجه غير كفري(‪ .‬الرد الول ]ص‪[27 :‬‬
‫****************************************‬
‫فالمتأمل في هذا الكلم يجد فيه من الوحشة والغلظة والنفممرة‬
‫مما ل يخفى على عوام المسلمين فضل عن العلماء من حماة الدين‬
‫إذ كيممف ُيجعممل عمممل إبليممس اللعيممن فممي الظمماهر كخطممأ آدم عليممه‬
‫السلم وُيتصور من ذلك الفعل الكفر الظاهر عياذا بممالله ثممم يصممبح‬
‫فعله الظاهر دليل ً معتمدا ً على الباطن ما لم يتبين أن الباطن بخلفه‬
‫حتى ُيبين آدم عن فعله ويخبر عن باطنه وقد عصم الله أنبيمماءه عممن‬
‫الكبائر والقممرار علممى الصممغائر فضممل عممن الكفممر كممما قممرره شمميخ‬
‫السمملم ونقممل الجممماع علممى ذلمك قممال رحممه اللممه‪ ":‬فممإن النبيمماء‬
‫معصومين عممن الكبممائر دون الصممغائر‪ ...‬بممل لممم ينقممل عممن السمملف‬
‫والئمممة والصممحابة والتممابعين وتممابعيهم إل ممما يوافممق هممذا القممول‪...‬‬
‫وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم معصومين عن القرار علممى‬
‫الصغائر ول يقرون عليها "‪] .‬مجموع الفتاوى‪ 4/319 :‬م ‪[320‬‬
‫وهذا أمٌر معلوم من الدين بالضرورة ومما ل ينازع فيه أحد ألبته‬
‫وبالجانب الخر ُيجعل امتناع إبليس الرجيم يتصور منه أن يأتي علممى‬
‫وجه غير كفري ومثل هذا حكايته تكفي في رده وبيان عواره وظهور‬
‫سوأته وبطلنه‪} : ..‬سبحانك هذا بهتان عظيم{‪.‬‬

‫)‪(631‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل‬
‫في الرد على قوله‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر من قممال‪:‬أن كممان‬
‫ابن عمتك ومن قال اعدل يا محمد وتشبيهه قممول أمهممات المممؤمنين‬
‫بأقوال المنافقين مع أن القائل طمماعن فممي حكممم النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم وراميا له بالجور والمحابمماة والظلممم وبيممان وهمممه علممى‬
‫ابن تيمية‪.‬‬
‫فقد وََردت عليه أسئلة فأجاب عليها فكان منها هذا السؤال‪-:‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ممما الحكممم فممي رجممل يشممهد أل إلمه إل اللمه وأن‬
‫محمدا رسول الله‪ :‬لكنه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كممان‬
‫مرائيا ‪ ،‬وكان يظلم الناس‪ ،‬ويجور في قسمته‪ ،‬ويحابي قرابته م م وإذا‬
‫كان مثل هذا مسلما ‪ ،‬فما حد السممب الممذي يضمماد اليمممان مممن كممل‬
‫وجه‪ ،‬والذي يعتبر كفرا يخرج به صاحبه من السلم‪.‬‬
‫فقال‪ ":‬جواب السؤال الثاني ‪ /‬القائل لحد هذه المممور كممافٌر ول‬
‫يعذر بجهله‪ ،‬إذا توافرت في حقه الشروط وانتفت عنه الموانع‪ .‬لكن‬
‫أرجو أن تفرق بين هذه اللفاظ وقول البممدري‪ :‬أن كممان ابممن عمتممك‬
‫وقول الرجل‪ :‬اعدل يا محمد‪ ،‬ومناشدة أزواجه إياه العدل إذ هممذه ل‬
‫تكون سبا إل مممن بمماب اللزم ولزم المممذهب ليممس لزممما لممذا لممم‬
‫يكفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سممبق فممي الوريقممات‬
‫الولى" م يريد رسالته]مهمات ومسائل متفرقات وتنبيهات متممممات‬
‫تتعلق بالتكفير[‪.‬‬
‫وقال‪ :‬بعد ذكره لقول النبي صلى الله عليه وسمملم )وممما يممدريك‬
‫لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم(‬
‫قال ابن تيميممة عممن حممديث حماطب فممي المنهمماج ]‪ :[331 :4‬وهممذه‬
‫القصة مما أجمممع أهممل العلممم علممى صممحتها وهممي متممواترة عنممدهم‪،‬‬
‫معروفة عند علماء التفسير وعلماء الحديث وعلماء المغازي والسير‬
‫والتواريخ وعلماء الفقه وغير هؤلء‪ .‬ا‪ .‬هم م وهممذا خلف صممنيعه الول‬
‫في الصارم إذ حاول التشكيك في صحة زيادة " وما يممدريك أن اللممه‬
‫اطلع على أهل بدر"‪] .‬مهمات ومسائل متفرقات وتنبيهات متممممات‬
‫تتعلق بالتكفير[‪] .‬ص‪.[5 :‬‬

‫)‪(632‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫*******************************************‬
‫فنقول‪ :‬سبحان اللممه ول حممول ول قمموة إل بممالله لممو تصممور هممذا‬
‫القائل ما يخرج من فيه لحجم ولم يتكلممم والمممر كممما قممال تعممالى‪:‬‬
‫ط تلك الممتي تريممدها‬ ‫})تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم{( أية شرو ٍ‬
‫تثبت في حق من طعن في حكممم النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أو‬
‫اتهمه بالظلم والجور والعياذ بالله والمحاباة في دين الله وأي مممانع‬
‫ي‬ ‫يمنع من تكفيره بل قتله من غير استتابة كما فعل عمر وخالد رض ّ‬
‫الله عنهما ول نكثر الكلم في هذا فقد كفانا شيخ السلم ابن تيميممة‬
‫ذلك قال رحمه الله‪ " :‬بعد ذكره لقوله تعالى‪)] :‬فل وربك ل يؤمنممون‬
‫حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسممهم حرج ما ً مممما‬
‫قضيت ويسلموا تسليما{(‪ .‬فأقسم سبحانه بنفسممه أنهممم ل يؤمنممون‬
‫حتى يحكموه ثم ل يجدوا في نفوسهم حرجا ً من حكمه؛ فمن شمماجر‬
‫غيره في حكم وحرج لذكر رسول الله صلى الله عليممه وسمملم حممتى‬
‫أفحش في منطقه فهو كافر بنص التنزيل‪ ،‬ول يعذر بأن مقصوده رد ّ‬
‫الخصم؛ فإن الرجل ل يؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليممه مممما‬
‫سواهما‪ ،‬وحتى يكون الرسول أحب إليه مممن ولممده ووالممده والنمماس‬
‫أجمعين ومن هذا الباب قول القائل‪ :‬إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه‬
‫الله وقول الخر‪ :‬اعدل فإنك لم تعدل‪ .‬وقول ذلك النصاري‪ :‬أن كان‬
‫ابن عمتك فإن هذا كفر محض‪ ،‬حيث زعم أن النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم إنما حكم للزبير لنه ابن عمته‪ ،‬ولذلك أنزل اللممه تعممالى هممذه‬
‫الية‪ ،‬وأقسم أنهم ل يؤمنون حتى ل يجدوا فممي أنفسممهم حرج ما ً مممن‬
‫حكمه‪ ،‬وإنما عفا عنه النبي عليه الصلة والسلم كما عفا عممن الممذي‬
‫قال‪ :‬إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله‪ .‬وعممن الممذي قممال‪ :‬اعممدل‬
‫فإنك لم تعدل وقد ذكرنا عن عمر رضي الله عنه أنممه قتممل رجل ً لممم‬
‫يرض بحكم النبي عليممه الصمملة والسمملم‪ ،‬فنممزل القممرآن بممموافقته‪،‬‬
‫فكيف بمن طعن في حكمه‪ ....‬فإن قيممل‪ :‬ففممي روايممة صممحيحة أنممه‬
‫كان من أهل بدر‪ .‬وفي الصحيحين عن علممي عممن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال‬
‫اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم(( ولو كان هذا القول كفرا ً للممزم أن‬
‫يغفر الكفر والكفر ل يغفر‪ ،‬ول يقال عن بدري‪ :‬إنه كفر‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬هذه الزيادة ذكرها أبممو اليمممان عممن شممعيب ولممم يممذكرها‬
‫أكثر الرواة‪ ،‬فيمكن أنها وهم‪ ،‬كما وقع فممي حممديث كعممب وهلل بممن‬
‫)‪(633‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أمية أنهما لم يشهدا بدرا ‪ ،‬وكذلك لم يذكره ابن اسحاق فممي روايتممه‬
‫عن الزهري‪ ،‬ولكن الظاهر صحتها‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬ليس في الحديث أن هذه القصة كانت بعممد بممدر‪ ،‬فلعلهمما‬
‫دث بالقصممة‬ ‫قبل بدر‪ُ ،‬وسمي الرجل بدريا لن عبدالله بن الزبيممر ح م ّ‬
‫بعد أن صار بدريا ‪ ,‬فعن عبممدالله بممن الزبيممر عممن أبيممه أن رجل مممن‬
‫شممراج‬‫النصار خاصم الزبير عند النبي صمملى اللممه عليممه وسملم فممي ِ‬
‫الحرة التي يسقون بها النخل‪ ....‬إلى أن قال‪ :‬وهذا يقوي أن القصممة‬
‫متقدمة قبل بدر‪ ،‬لن النبي صلى الله عليه وسمملم قضممى فممي سمميل‬
‫مهزور أن العلى يسقي ثم يحبممس حممتى يبلممغ الممماء الكعممبين‪ ،‬فلممو‬
‫علممم وجممه الحكممم فيممه‪،‬‬ ‫كانت قصة الزبير بعد هذا القضاء لكممان قممد ُ‬
‫م النممبي صمملى اللممه عليممه‬ ‫وهذا القضاء الظاهر المتقدم من حيث قَدِ َ‬
‫م‪ ،‬ولعممل قصممة الزبيممر‬ ‫وسلم لن الحاجة إلى الحكم فيه من حين قَدِ َ‬
‫أوجبت هذا القضاء‪ ....‬وإن كانت همذه القصمة بعممد بمدر فمإن القممائل‬
‫لهذه الكلمة يكون قد تاب واستغفر وقممد عفمما لممه النممبي صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم عممن حقممه‪ ،‬فغفممر لممه‪ ،‬والمضمممون لهممل بممدر إنممما هممو‬
‫المغفرة‪ :‬إما بأن يسغفروا إن كان الذنب مما ل يغفر إل بالسممتغفار‬
‫أو لم يكن كذلك‪ .‬وإممما بممدون أن يسممتغفروا‪ ،‬أل تممرى أن قدامممة بممن‬
‫مظعون وكان بدريا تأول فممي خلفممة عمممر ممما تممأول فممي اسممتحلل‬
‫الخمر من قوله تعالى‪)} :‬ليس على الذين آمنوا وعملمموا الصممالحات‬
‫جناح فيما طعموا‪ ({...‬الية حتى أجمع رأى عمر وأهممل الشممورى أن‬
‫يستتاب هو وأصحابه‪ ،‬فإن أقروا بالتحريم جلممدوا‪ ،‬وإن لممم يقممروا بممه‬
‫كفروا‪ ،‬ثم إنه تاب وكاد ييأس لعظم ذنبه في نفسه‪ ،‬حتى أرسل إليه‬
‫عمر بأول غافر‪ ،‬فعلممم أن المضمممون للبممدريين أن خمماتمتهم حسممنة‪،‬‬
‫وأنهم مغفور لهم وإن جاز أن يصدر عنهممم قبممل ذلممك ممما عسممى أن‬
‫يصدر‪ ،‬فإن التوبة تجب ما قبلها‪ .‬وإذا ثبت أن كممل سممب تصممريحا أو‬
‫تعريضا موجب للقتل فالذي يجمب أن يعتنمى بمه الفمرق بيمن السمب‬
‫الذي تقبل منه التوبة والكفر الممذي تقبممل منممه التوبممة‪]" ....‬الصممارم‪:‬‬
‫‪[508 -505‬‬
‫وأما رميه شيخ السلم بمحاولة التشكيك في صحة زيادة " وما‬
‫يدريك أن الله اطلع على أهل بدر" يريد قول الشيخ الممذي تممم نقلممه‬
‫آنفا ]‪ ":‬فإن قيل‪ :‬ففي رواية صحيحة أنه كممان مممن أهممل بممدر‪ .‬وفممي‬
‫الصحيحين عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬وممما‬
‫)‪(634‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يدريك لعل الله اطلع علممى أهممل بممدر فقممال اعملمموا ممما شممئتم فقممد‬
‫غفرت لكم(( ولو كان هذا القول كفرا ً للزم أن يغفر الكفر والكفر ل‬
‫يغفر‪ ،‬ول يقال عن بدري‪ :‬إنه كفر‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬هذه الزياة ذكرها أبو اليمان عممن شممعيب ولممم يممذكرها أكممثر‬
‫الرواة‪ ،‬فيمكن أنها وهم‪ ،‬كما وقع في حممديث كعممب وهلل بممن أميممة‬
‫أنهما لم يشهدا بدرا ‪ ،‬وكذلك لم يذكره ابن اسحاق فممي روايتممه عممن‬
‫الزهري‪ ،‬ولكن الظاهر صحتها[‪.‬‬
‫وهذا مما يدل على وفور جهله وقلة علمه فإن الشيخ رحمه الله‬
‫تكلم على حديث اختصام الزبير والنصمماري فممي شممراج الحممرة ولممم‬
‫يتكلم على حديث حاطب ابممن أبممي بلتعممه كممما ظنممه هممذا المتحممذلق‬
‫المفتون ولكن ذكممر حممديث حمماطب مممن بمماب اليممراد وأن أهممل بممدر‬
‫غفرت لهم ذنوبهم فكيف يصدر الكفر من بدري كما هممو واضممح فممي‬
‫تتمة النقل السابق ولو أمعن النظر لراح واستراح ولكن المممر كممما‬
‫قيل حبك الشئ يعمي ويصم فبهت الشيخ ونسب إليه ما لم يقل ثم‬
‫ذهب يبني على هذا الوهم تخطئة الشيخ وأنممه حمماول التشممكيك فممي‬
‫صممحة زيممادة الحممديث وظممن نفسممه قممد أتممى بغايممة التحقيممق ونهايممة‬
‫التدقيق فيا محنة الدين من هذا الجنس قاتممل اللممه الجهممل ممما فعممل‬
‫بأهله‬
‫فبين الشيخ رحمه الله أن أبا اليمان تفرد بهذه الزيادة م أنه كان‬
‫من أهل بدرم عن شعيب ولم يذكرها غيره ممن روى عنه ثم إنه بين‬
‫في آخر كلمه رحمه الله أن ظاهرها الصحة كما فممي قمموله‪ ":‬ولكممن‬
‫ة فممي‬‫الظاهر صحتها "‪ .‬لتوفر شروط الصحة وانتفاء وجود علة قادح ً‬
‫الظاهر تدل على ضعف تلك الزيادة وما ذكره شمميخ السمملم بشممأن‬
‫هذه الزيادة هي مسألة معروفة عند أهل الدرايممة فممي الحممديث فممي‬
‫قبول زيادة الثقة إذا انفرد بهمما عممن غيممره ممممن رووا ذلممك الحممديث‬
‫وممن اعتنى بجمعها ومعرفتها أبو بكر عبد الله بن زياد النيسممابوري‬
‫وأبو نعيم الجرجاني وأبو الوليد حسان بن محمممد القرشممي وغيرهممم‬
‫من أهل الحديث وقد اختلف العلممماء فممي قبممول تلممك الزيممادة علممى‬
‫ثلثة أقوال كمما ذكممره ابمن الصمملح القمول الول‪ :‬زيمادة ليمس فيهمما‬
‫منافاة لما رواه الثقات أو الوثق فهذه حكمها القبول والقول الثاني‪:‬‬
‫زيممادة منافيممة لممما رواه الثقممات أو الوثممق فهممذه حكمهمما الممرد وهممو‬
‫الحديث الشاذ والقول الثالث‪ :‬زيادة فيها نوع منافاة لما رواه الثقات‬
‫)‪(635‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أو الوثق كتقيد المطلق أو تخصيص العام وهممذا القسمم سمكت عممن‬
‫حكمه ابن الصلح وقال عنه النووي‪ " :‬والصحيح قبول هممذا الخيممر"‪.‬‬
‫وهذا مذهب الشافعي ومالك وأما أبممو حنيفممة فقممد ذهممب إلممى عممدم‬
‫قبولها‪] .‬علوم الحديث‪- 77 :‬والكفاية‪ -424 :‬والتقريب مع التدريب‪:‬‬
‫‪[247 / 1‬‬
‫وما ذكر هنا يعرفه كل طالب ودارس إذ هممو مممن أولويممات علممم‬
‫مصطلح الحديث وكأن الرجل أجنممبي لممم يمممارس شمميئا مممن فنممون‬
‫العلم وأبوابه ثمم أتمى ممن بعمد التقصمير بالمعرفمة والتحقيمق فليتمه‬
‫سكت لوسعنا السكوت عنه وعدم التعممرض لممه ولكنممه كعنممز السمموء‬
‫تبحث عن حتفها بظلفها‪.‬‬
‫وأما كون النبي ترك قتممل هممؤلء وإقامممة الحممدود عليهممم فلعممدة‬
‫أسباب ذكرها شيخ السلم قال رحمه الله تعالى‪ ":‬الجممواب الرابممع‪:‬‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يعفممو عممن شممتمه وسممبه‬
‫في حياته وليس للمة أن يعفوا عن ذلك‪ .‬يوضح ذلك أنه ل خلف أن‬
‫مممن سممب النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أو عممابه بعممد ممموته مممن‬
‫المسلمين كان كافرا ً حلل الدم وكذلك من سب نبيا ً من النبياء ومع‬
‫هذا فقد قال الله تعالى‪)} :‬يا أيها الذين آمنوا ل تكونمموا كالممذين آذوا‬
‫موسى فممبرأه اللممه مممما قممالوا{( وقممال تعممالى‪}) :‬وإذ قممال موسممى‬
‫لقومه‪ :‬يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمممون أنممي رسممول اللممه إليكممم{(‪،‬‬
‫فكان بنوا إسرائيل يؤذون موسى في حياته بما لممو قمماله اليمموم أحممد‬
‫من المسلمين وجب قتله ولم يقتلهم موسى عليه السلم وكان نبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم يقتدي به في ذلك فربما سمع أذاه أو بلغه فل‬
‫يعاقب المؤذي على ذلك قال تعالى‪)} :‬ومنهممم الممذين يممؤذون النممبي‬
‫ويقولون هو أذن{(‪ ،‬وقال تعالى‪)} :‬ومنهم من يلمزك في الصدقات‬
‫فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسممخطون(‪ .‬وعممن‬
‫الزهري عن أبي سعيد قال‪ ":‬بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسممم‬
‫إذ جاء عبدالله بن ذي الخويصرة التميمي فقال‪ :‬اعدل يا رسول الله‬
‫" وذكر الحديث وفيه نزلت‪)} :‬ومنهم من يلمزك فممي الصممدقات(‪...‬‬
‫فهذا الرجل الذي قد نص القرآن أنه من المنممافقين بقمموله‪) :‬ومنهممم‬
‫من يلمزك فممي الصمدقات( أي يعيبمك ويطعممن عليممك‪ ،‬وقموله للنمبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬اعدل واتق اللممه بعممد ممما خممص بالمممال أولئك‬
‫الربعة نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه جار ولم يتممق اللممه‬
‫)‪(636‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫"‪ ...‬ومن هذا الباب قول الرجل‪ :‬والله إن هذه لقسمة ما عدل فيهمما‬
‫أو ما أوريد بها وجه الله‪ ...‬وذكر الواقدي أن المتكلم بهذا كان معتب‬
‫بن قشير وهو معدود من المنافقين‪ .‬فهذا الكلم مممما يمموجب القتممل‬
‫بالتفاق لنه جعل النبي صلى اللممه عليممه وسمملم ظالم ما ً مرائي ما ً وقممد‬
‫صرح النبي صلى الله عليه وسلم بممأن هممذا مممن أذى المرسمملين ثممم‬
‫اقتدى في العفو عممن ذلممك بموسممى عليممه السمملم ولممم يسممتتب لن‬
‫القول لم يثبت فإنه لم يراجع القائل ول تكلم في ذلك بشئ‪ ...‬ومممن‬
‫ذلك قول النصاري الذي حاكم الزبير في شراج الحرة لما قممال‪ :‬لممه‬
‫صلى الله عليه وسلم ))اسق يا زبير ثم سرح إلى جارك(( فقال‪ :‬أن‬
‫كان ابن عمتك((‪ .‬وحديث الرجل الذي قضى عليممه فقممال‪ :‬ل أرضممى‬
‫ثم ذهب إلى أبي بكر ثم إلى عمر فقتله‪ .‬فهذا الباب كله مما يوجب‬
‫القتل ويكون به الرجل كافرا ً منافقا ً حلل الدم كان النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم وغيره من النبياء يعفون ويصممفحون عمممن قمماله امتثممال ً‬
‫لقوله تعالى‪) :‬خذ العفو وأممر بممالعرف وأعمرض عمن الجماهلين{(‪...‬‬
‫فالكلم الذي يؤذيهم يكفر بممه الرجممل فيصممير بممه محاربما ً إن كممان ذا‬
‫عهد ومرتدا ً أو منافقا ً إن كان ممن يظهر السلم‪ ...‬ومما يوضح ذلك‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفو عن المنافقين الممذين‬
‫ل يشك في نفاقهم حتى قال‪)) :‬لو أعلم أني لو زدت على السممبعين‬
‫غفر له لزدت(( حتى نهاه الله عممن الصمملة عليهممم والسممتغفار لهممم‬
‫وأمره بالغلظ عليهم فكثير مما يحتملممه مممن المنممافقين مممن الكلم‬
‫وما يعاملهم من الصفح والعفو والستغفار كان قبممل نممزول )بممراءة(‬
‫لما قيل له‪) :‬ول تطع الكافرين والمنممافقين ودع أذاهممم( لحتيمماجه إذ‬
‫ذاك إلى استعطافهم‪ ،‬وخشية نفور العرب عنه إذا قتممل أحمدا منهمم‬
‫ي‪)] :‬لئن‬ ‫وقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال ابن أب ّ‬
‫رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل( ولما قال ذو الخويصممر‪:‬‬
‫اعدل فإنك لم تعدل وعند غير هذه القصة أنما لم يقتلهم لئل يتحدث‬
‫الناس أن محمدا ً يقتل أصحابه فإن الناس ينظرون إلى ظاهر المممر‬
‫فيرون واحدا من أصممحابه قممد قتممل فيظممن الظممان أنممه يقتممل بعممض‬
‫أصحابه على غرض أو حقد أو نحو ذلك‪ ،‬فينفممر النمماس عممن الممدخول‬
‫في السلم وإذا كممان مممن شممريعته أن يتممألف النمماس علممى السمملم‬
‫بالموال العظيمة‪ ،‬ليقوم دين الله وتعلو كلمته‪ ،‬فلن يتألفهم بممالعفو‬
‫أولممى وأحممرى فلممما أنممزل اللممه )بممراءة( ونهمماه عممن الصمملة علممى‬
‫)‪(637‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫المنافقين والقيام على قبورهم‪ ،‬وأمره أن يجاهد الكفار والمنممافقين‬
‫ويغلظ عليهم‪ ،‬نسخ جميع ما كان المنافقون يعاملون به مممن العفممو‪،‬‬
‫كما كان الكفار يعاملون به من الكف عمن سالم‪ ،‬ولم يبق إل إقامة‬
‫الحدود‪ ،‬وإعلء كلمة الله في حق كل إنسان "‪.‬‬
‫]الصارم‪.[259 - 250 :‬‬
‫وأما تشبيهه لقول أمهات المؤمنين بمناشممدة النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم العدل في المحبة بأقوال القممائلين اعممدل يمما محمممد وأن‬
‫كان ابن عمتك كما في قمموله‪ "]:‬أرجممو أن تفممرق بيممن هممذه اللفمماظ‬
‫وقول البدري‪ :‬أن كان ابممن عمتممك وقممول الرجممل‪ :‬اعممدل يمما محمممد‪،‬‬
‫ومناشدة أزواجه إياه العدل إذ هذه ل تكون سبا إل مممن بمماب اللزم‬
‫ولزم المذهب ليس لزما لذا لممم يكفرهممم رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم "[‪.‬‬
‫فهذه زلة عظيمة وورطة كبيرة وسوء أدب مع أمهات المؤمنين‬
‫ن بهن إذ كيف يتصور أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وسوء ظ ّ‬
‫يطعن في حكمه ويرمينه بممما ل يليممق بمقممامه الشممريف‪ .‬وكممل ذلممك‬
‫نصرة للمذهب وتقوية الحجة بما ل يزيدها إل وهنا ول يزيد قمموله إل‬
‫شناعة وقبحا ومثل هذا القائل ل يعذر لطلعه على القصة ووقمموفه‬
‫على الخبر ولنذكر الشاهد من الحديث الذي وردت فيه القصممة لنممه‬
‫أشار إليه إشارة موهمة ظنا منه أنهمما تخممدمه وتنصممر ممما ذهممب إليممه‬
‫وانتحله نسأل الله العافية فقد جاء في صحيح البخمماري عممن عائشممة‬
‫رضي الله عنها‪ :‬أن نساء رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم كممن‬
‫حزبين‪ :‬فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الخر أم‬
‫سمملمة وسممائر نسمماء رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم وكممان‬
‫المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسمملم عائشممة‬
‫فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهممديها إلممى رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم أخرها حممتى إذا كممان رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم في بيت عائشة فكلم حممزب أم سمملمة أم سمملمة فقلممن‬
‫لها‪ :‬كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول‪ :‬من‬
‫أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليممه وسمملم هديممة فليهممدها‬
‫إليه حيث كان من بيوت نسائه فكلمته أم سمملمة بممما قلممن لهمما فلممم‬
‫يقل لها شيئًا‪ ...‬فقال لهمما‪) :‬ل تممؤذيني فممي عائشممة فممإن المموحي لممم‬
‫)‪(638‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يأتني وأنا في ثوب امرأة إل عائشة(‪ .‬قالت‪ :‬فقالت‪:‬أتمموب إلممى اللممه‬
‫من أذاك يا رسول الله ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫تقول‪ :‬إن نساءك ينشممدنك اللممه العممدل فممي بنممت أبممي بكممر فكلمتممه‬
‫فقال‪) :‬يا بنية أل تحبين ما أحب(‪ ..‬الحمديث مختصمرا ‪] .‬كتماب الهبمة‬
‫وفضلها[‬
‫ولو ساق هذا المفتون الحديث علمى وجهمه لكمان كافيما فمي رد‬
‫خطئه وبيان تهوره وتعسفه فمعناه واضح لكممل مممن قممرأه أو سمممعه‬
‫فضل عمن رجع إلى بيان مفرداتممه وشممرحه وجمممع أطرافممه وتتبعممه‬
‫ولنذكر اللفاظ الدالة على سوء فهمه وتمحله فمنهمما قولهمما‪ ":‬وكممان‬
‫المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسمملم عائشممة‬
‫" ومنها " إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشممة‬
‫بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فممي بيممت‬
‫عائشة " ومنها " كلممي رسمول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم يكلمم‬
‫الناس فيقول‪ :‬من أراد أن يهدي إلممى رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم هدية فليهدها إليه حيث كممان مممن بيمموت نسممائه " ومنهمما " إن‬
‫نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر فكلمته فقممال‪ :‬يمما بنيممة‬
‫أل تحبين ما أحب "‪.‬‬
‫فالنبي صلى الله عليممه وسمملم أعممدل النمماس علممى الطلق فممي‬
‫قسمه بين نسائه لكن كان يحب عائشة ويميل إليها أكثر مممن غيرهمما‬
‫وكان أصحابه يعلمون ذلك منه فيتحرون يومها بهداياهم طلبا لرضى‬
‫النبي صملى اللمه عليمه وسملم وموافقمة لمما يحبمه ولدخمال الفمرح‬
‫والمسرة عليه فكان أمهات المؤمنين يغممرن مممن ذلممك والغيممرة فممي‬
‫النساء غريزة خلقية ل يمكن دفعهمما ولممو بلغممت المممرأة مهممما بلغممت‬
‫فلذا أردن من النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أن يسمموي بينهممن فممي‬
‫المحبة القلبية التي ل يملكها النبي صلى الله عليه وسلم وليس فممي‬
‫مقدوره ووسعه وأيضا ل يستطيع صمملى اللممه عليممه وسمملم أن يقممول‬
‫ب للهممداء‬ ‫ي لن هممذا الطلممب كممأنه طلم ٌ‬‫للناس من أراد أن يهممدي إلم ّ‬
‫وتشوفا للهدية وقد نهي عن أن يهدي الهدية وينتظر الثابة عليهمما أو‬
‫التماس خيرا منها كما جاء عن ابن عباس وغيممره فممي معنممى قمموله‬
‫تعالى‪)] :‬ول تمنن تستكثر( قال رضممي اللممه عنممه‪ :‬ل تعطممي العطيممة‬
‫تلتمس أكثر منهمما‪ .‬وأمهممات المممؤمنين أعظممم صمميانة لجنمماب النبمموة‬
‫)‪(639‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والرسالة وتوقير النبي صلى الله عليه وسلم من غيرهن ولم ينسبن‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم الجور في الحكم أو المحاباة في القسم‬
‫والعياذ بالله وليس في ذلممك مسممبة لممه أو قممدح فيممه كممما ظنممه هممذا‬
‫المأفون فأرداه سوء ظنه في مهاوي الردى وقد جمماء عممن ابممن أبممي‬
‫مليكة في سبب نزول هذه الية‪}) :‬ولممن تسممتطيعوا أن تعممدلوا بيممن‬
‫النساء ولو حرصممتم فل تميلمموا كممل الميممل فتممذروها كالمعلقممة* وإن‬
‫تصمملحوا وتتقمموا فممإن اللممه كممان غفممورا رحيممما وكممان اللممه واسممعا‬
‫ًحكيما{(أنها نزلت في عائشة رضي الله عنها قاله ابن كثير ثم قال‪:‬‬
‫يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرهمما كممما‬
‫جاء في الحديث الذي رواه المممام أحمممد وأهممل السممنن مممن حممديث‬
‫حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلبة عممن عبممدالله بممن يزيممد عممن‬
‫عائشة قالت كان رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم يقسممم بيممن‬
‫نسائه فيعدل ثم يقول‪)) :‬اللهممم هممذا قسمممي فيممما أملممك فل تلمنممي‬
‫فيما تملك ول أملك(( يعني القلب هممذا لفممظ أبممي داود وهممذا إسممناد‬
‫صحيح لكن قال الترمذي‪ :‬رواه حماد بن زيد وغيممر واحممد عممن أيمموب‬
‫عن أبي قلبة مرسل قال وهذا أصح وقوله )فل تميلوا كل الميل( أي‬
‫فإذا ملتم إلى واحدة منهن فل تبمالغوا فممي الميمل بالكليممة )فتمذروها‬
‫كالمعلقة( أي فتبقى هذه الخرى معلقة‪ ...‬وإن أصلحتم في أموركم‬
‫وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله فممي جميممع الحمموال غفممر‬
‫الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعممض "‪] .‬باختصممار[‬
‫فبين الله أن العدل في المحبة القلبية والميممل إلممى بعممض النسمماء ل‬
‫يمكن ولو حرص النسممان علممى ذلمك كممل الحمرص ولكممن نهمى عممن‬
‫الجحاف والميل التام الذي تتضممرر بممه المممرأة فتصممبح كأنهمما أيممم ل‬
‫مطلقة ول ذات زوج وعلى الممزوج أن يتقمي ويصملح ومما حمدث مممن‬
‫خلل أو زلل فممالله يغفممره وليممس بعممد كلم اللممه كلم ول بعممد بيممانه‬
‫بيان‪) :‬ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور(‪.‬‬

‫)‪(640‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل‬
‫في بيان فساد قوله‬
‫أن الساجد للصنم والوثن والبوذا والشمس والمتمسح بالصلبان‬
‫ل يكفر إل إذا نوى بقلبممه عبادتهمما وقصممد التقممرب لهمما وأن ذلممك هممو‬
‫منزع التكفير وعلته وأن ذلك ل ينافي الكفر بالطاغوت‬
‫قال‪ :‬في السجود للصنم والوثن‪) ...‬إن قممدر أن أحممدا سممجد لممه‬
‫على غير وجه التقرب فهو غيممر كممافر إذ منممزع التكفيممر هممو التقممرب‬
‫للمسجود له ل لذات السجود‪ ..‬إلى أن قال‪ : ...‬لذا من سجد لصممنم‬
‫غير متقرب له فهو في الواقممع سمماجدا أمممامه وقممدامه ل لممه‪ ...‬ثممم‬
‫قال‪ : ..‬فيلخص مما سبق أن ل يلزم من السجود لشئ عبادته فمممن‬
‫ثممم مممن سممجد لشممئ فل يلممزم منممه عبممادته لممه بممل المممر محتمممل‬
‫فُيستفصل منه فإن كان عابممده متقربمما لممه فهممو كفممر وإن لممم يكممن‬
‫كذلك فليس كفرا ‪ ....‬إلى أن قال‪ : ..‬قال بعض الفضلء‪ :‬بلى يكفممر‬
‫من جهة أخرى وهي أن هذا الفاعل لم يكفممر بالطمماغوت إذ لممو كممان‬
‫كممافرا بالطمماغوت لممما سممجد للمموثن‪ .‬واليمممان ل يصممح إل بممالكفر‬
‫بالطاغوت‪ .‬فيقال‪ :‬هذا غير صحيح إذ لممو لممم يكممن كممافرا بالطمماغوت‬
‫لتقرب إليه‪ .( ...‬نقل قوله من رسالته ]مهمممات ومسممائل متفرقممات‬
‫وتنبيهات متممات تتعلق بالتكفير[‪] .‬ص‪ [5-1 :‬وقال في الممرد الول‪:‬‬
‫]ص‪) :[41 :‬نحمممن ل نختلمممف فمممي أن اليممممان ل يصمممح إل بمممالكفر‬
‫بالطاغوت لكن الخلف بيننا هل السجود للصممنم علممى غيممر التقممرب‬
‫منافي للكفر بالطاغوت أم ل‪ ....‬وأنا أزعم أنه غير منافي له مطلقا‬
‫مع اتفاقنا أيضا أنه آثم لكن الثم شممئ والكفممر شممئ آخممر‪ ( ..‬وقممال‬
‫في ]الرد الول‪ :‬ص‪ [13 :‬إجابة العتراض الثالث ‪ /‬أن يقال‪ :‬إن مممن‬
‫المعلوم أن المتلزمين ل ينفكان وما كان هذا ليخفى على مثممل هممذا‬
‫المام الفحل الذي نقلت عنه ما يدل على أن المتلزمين ل ينفكممان‪،‬‬
‫لذا هذا التلزم فيمن سجد له على وجه السممتحقاق فالسممجود مممراد‬
‫لذاته ل لمر دنيوي من مال ونحمموه‪ ،‬إذ ممما مممن عمممل إل ولممه دافممع‪،‬‬
‫سجود بدون أي دافع هذا ل يكون إل تقربما وتعظيمما للمسمجود‪ .‬أمما‬
‫عنممد وجممود دوافممع كالمممال ونحمموه فممإن التلزم ينفممك إذ هممو ل يريممد‬
‫التقرب القلبي وإنما يريد المال وهذا هو السجود إليممه‪ ،‬والقلممب هممو‬

‫)‪(641‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الملك والعضاء جنوده كما قال أبو هريرة ‪-‬رضي الله عنممه‪ .(-‬وقممال‬
‫في مذكرة له بعنوان )الرد الثاني(‪]:‬ص‪) :[8 3:‬وهممذا مثممل السمماجد‬
‫للصنم فقممد تكممون اللم بمعنممى إلممى السممتحقاق فإننمما نكفممره علممى‬
‫ظاهره لكن ل نقطع بباطنه(‪.‬‬
‫وقال في مذكرة له بعنوان‪) :‬الرد الول(‪:‬م أخممي الفاضممل ‪ /‬مممن‬
‫المهم غاية الهمية أن نفرق بين أمرين‪:‬‬
‫أ‪ -‬السجود لصنم )واللم( بمعنممى السممتحقاق‪ ،‬فهممو سمماجد لممذات‬
‫م له وتعظيمه هذا دليل على عدم‬ ‫الصنم ل لمر آخر فمثل هذا معظ ٌ‬
‫إنكاره له وبغضه إياه وعلى إقراره به وهذا كفر في الشممرع وفمماعله‬
‫لم يستمسك بالعروة الوثقى‪.‬‬
‫ب‪ -‬السممجود للصممنم واللم بمعنممى )إلممى(‪ .‬فهممو سمماجد ل لممذات‬
‫الصنم لكن لمر آخر‪ ،‬وإنما الصمنم قمدامه وأممامه‪ .....‬فهمذا يختلمف‬
‫حكمه باختلف المسجود إليه فقد يكون واجبمما كالصمملة إلممى القبلممة‬
‫في الفريضة وقد يكون مستحبا‪ ،‬وقممد يكممون محرممما كالسممجود إلممى‬
‫الصنم لما فيه من المشابهة بعباد الوثان وهكذا‪ .‬فمممن ثممم يعلممم أن‬
‫السجود للصنم أمر محتمل‪ ،‬إن أراد السجود لذاته فاللم للستحقاق‬
‫فهذا كفممر‪ ،‬وإن أراد السممجود لمممر آخممر فمماللم بمعنممى )إلممى( فهممذا‬
‫محرم وليس شركا(‪] .‬ص‪[3 ,2:‬‬
‫ت إليه أسئلة في هذا الصدد تبين حقيقة قوله فممي كممل‬ ‫جه ْ‬
‫وقد وُ ّ‬
‫مسألة بعينها لئل ُيقال فهممم مممن كلمممه كممذا وكممذا ثممم يممدخل الكلم‬
‫الحتمال في اختلف المفاهيم فنسوق كل سممؤال مممع إجممابته ليعلممم‬
‫الناظر فيها موقع الخلل ومواطن الزلل‪:‬‬
‫السؤال الول‪:‬م ما الحكم في رجل يشهد أن ل إله إل اللممه‪ ،‬وأن‬
‫محمدا رسول الله‪ ،‬لكنه طمعمما فممي دنيمما‪ ،‬أو مجمماراة للمشممركين‪،‬‬
‫يسجد للشمس‪ ،‬ويذبممح لبمموذا‪ ،‬ويتمسممح بالصمملبان‪،‬غيممر أنممه لممم يممرد‬
‫التقرب لهذه الشياء‪ ،‬وإنما مقصوده الدنيا ول شئ غيرها‪.‬‬
‫فقال في إجابته‪) :‬وإنك م أيها الخ المبارك م سألت فممي السممؤال‬
‫الول عن أشياء ثلثة‪.‬‬
‫الول ‪ /‬السجود للشمس‪ :‬قد بينت لك فممي الوريقممات الولممى مم‬
‫يريد مهمات ومسائل متفرقممات وتنبيهممات متممممات تتعلممق بممالتكفير‬
‫المذكورة أعله م أنه ل يلزم مممن السممجود للشممئ عبممادته فمممن مممن‬

‫)‪(642‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سجد سجودا على غير وجه التعبد والتقرب للشمممس فممإنه ل يكفممر‬
‫بخلف من سجد تقربا وتعبدا إذ المعول في التكفيممر بالسممجود هممو‬
‫التقرب القلبي‪ .‬وما ذكرت من السجود ل يعد كفرا (‪.‬‬
‫الثاني ‪ /‬الذبح لبوذا‪ :‬قد نقلت لك في الوريقات الولى أن الذبممح‬
‫من المور المحتملة فل يكفر الذابح إل إذا كممان علممى وجممه التقممرب‬
‫والتعبد‪.( ...‬‬
‫الثالث ‪ /‬التمسح بالصلبان‪ :‬القول فيه كسابقه‪ .‬وأعيد مكررا إن‬
‫عدم التكفير بهذه العمال مباشرة لعدم وجود نص شممرعي مم فيممما‬
‫أعلم م يكفر بها مباشممرة فمممن ثممم صممارت مممن العمممال المحتملممة‪.‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ما الحكم في رجل يشهد أن ل إله إل اللممه وأن‬
‫محمدا رسول الله‪ :‬لكنه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كممان‬
‫مرائيا ‪ ،‬وكان يظلم الناس‪ ،‬ويجور في قسمته‪ ،‬ويحابي قرابته م م وإذا‬
‫كان مثل هذا مسلما ‪ ،‬فما حد السممب الممذي يضمماد اليمممان مممن كممل‬
‫وجه‪ ،‬والذي يعتبر كفرا يخرج به صاحبه من السلم‪.‬‬
‫جواب السؤال الثاني ‪ /‬القائل لحد هممذه المممور كممافٌر ول يعممذر‬
‫بجهله‪ ،‬إذا توافرت في حقه الشروط وانتفت عنه الموانع‪ .‬لكن أرجو‬
‫أن تفرق بين هذه اللفاظ وقول البدري‪ :‬أن كان ابممن عمتممك وقممول‬
‫الرجل‪ :‬اعدل يامحمد‪ ،‬ومناشدة أزواجه إياه العممدل إذ هممذه ل تكممون‬
‫سبا إل من باب اللزم ولزم المذهب ليس لزممما لممذا لممم يكفرهممم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق في الوريقممات الولممى م م‬
‫رسممالته]مهمممات ومسممائل متفرقممات وتنبيهممات متممممات تتعلممق‬
‫بالتكفير[‪] .‬ص‪ 1 :‬مم ‪[5‬‬
‫السؤال الثالث ‪ /‬ما معنى الكفر بممما يعبممد مممن دون اللممه‪ ،‬وهممل‬
‫يكفي اعتقاد بطلنه‪ ،‬مع ظهور أعمال تخالف ذلك‪.‬‬
‫جواب السؤال الثالث ‪ /‬قد تم بإجابة السؤال الثاني‪.‬‬

‫)‪(643‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫** المسألة الولى‪ :‬صفة الكفر بالطاغوت **‬


‫فنقول الجمواب‪ :‬إن السماجد للصممنم والمموثن والبموذا والشمممس‬
‫ن بالطاغوت كافٌر بممالله وإن لممم ين موِ بقلبممه‬‫والمتمسح بالصلبان مؤم ٌ‬
‫عبادتها وقصد التقرب لها بنص القرآن والسنة والجماع فمممن وافممق‬
‫الكفار في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن ومممدح ممما هممم عليممه‬
‫م عليممه بمقتضممى‬ ‫حك ِم َ‬
‫من الكفر أو أثنى علممى أصممنامهم وطممواغيتهم ُ‬
‫ذلك وإذا وافق الحكم المحمل فل اعمتراض علممى ممن حكممم بالممدليل‬
‫لقول تعالى‪)} -:‬ألم تر إلى الذين أوتمموا نصمميبا ً مممن الكتمماب يؤمنممون‬
‫بالجبت والطاغوت‪ ({...‬فقد روى ابن أبي حمماتم عممن عكرمممة‪ :‬قممال‬
‫جاء حيي بن أخطب وكعب بن أشرف إلى أهل مكة فقالوا‪:‬أنتم أهل‬
‫الكتاب وأهل العلم فأخبرونا عّنا وعن محمممد‪ ،‬فقممالوا‪ :‬ممما أنتممم وممما‬
‫محمد فقالوا نحن نصل الرحام وننحر الكومماء ونسمقي المماء علمى‬
‫اللبن ونفك العاني ونسممقي الحجيممج‪ ،‬ومحمممد صممنبور قطممع أرحامنمما‬
‫واتبعه سراق الحجيج من غفار فنحممن خيممر أم هممو فقممالوا أنتممم خيممر‬
‫وأهممدى سممبيل‪ :‬فنزلممت اليممة وقممال المممام المجممدد محمممد بممن عبممد‬
‫الوهاب رحمه الله في المسألة الرابعة‪ .‬م وهي أهمها م معنى اليمان‬
‫بالجبت والطاغوت في هممذا الموضممع هممل هممو اعتقمماد القلممب أو هممو‬
‫موافقة أصحابها مع بغضها ومعرفة بطلنها‪] .‬بمماب ممما جمماء أن بعممض‬
‫هذه المة يعبد الوثان[‪.‬‬
‫وقد أجمع العلماء على أن من قال أو فعممل كفممرا ً يكفممر بالحممال‬
‫لنشراح صدره بممذلك ممما لممم يكممن مكرهما ً لن ]الرضمما بممالكفر كفممر‬
‫والعزم على الكفر كفٌر بالحال وكذا لو تردد هممل يكفممر كفمَر بالحممال‬
‫وكذا تعليق الكفر بممأمرٍ مسممتقبل كفمٌر بالحممال[ قمماله صمماحب كفايمة‬
‫الخيار‪]:‬ص ‪ [220‬ولقوله تعالى‪)} :‬إن الذين ارتدوا على أدبممارهم‪...‬‬
‫إلى قموله سممنطيعكم فممي بعمض الممر واللمه يعلممم إسمرارهم{( أي‬
‫إسرارهم الكذب والمخالفة فإذا كان من وعد بالكفر وإن لممم يفعلممه‬
‫يكفر وإن عقد النية على المخالفة في الباطن فكيف بمن فعله وإن‬
‫اعتقممد بطلنممه‪ ،‬وأيضمما قمموله تعممالى})يريممدون أن يتحمماكموا إلممى‬
‫الطاغوت{(والرادة هي عمممل القلممب وعزمممه علممى الفعممل والرادة‬
‫الجازمة تستلزم وجود المقدور عليه ل محالة وقمموله تعممالى‪}) :‬ألممم‬
‫تر إلى الذين نافقوا يقولون لخوانهم الذين كفروا مممن أهممل الكتمماب‬

‫)‪(644‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لئن ُأخرجتم لنخرجن معكم ول نطيع فيكمم أحمدا أبمدا* وإن قموتلتم‬
‫لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لن أخرجوا ل يخرجون معهممم‬
‫ولن قوتلوا ل ينصرونهم‪( ...‬الية{ فقد شهد الله على كذبهم وأخممبر‬
‫بباطنهم من إضمار عدم الخروج معهم ونصرتهم على المؤمنين‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬فإن أهل الملل متفقون علممى أن‬
‫الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الصنام وكفروا ممن يفعمل ذلمك وأن‬
‫المؤمن ل يكون مؤمنا حتى يتممبرأ مممن عبممادة الصممنام وكممل معبممود‬
‫سوى الله كما قال تعالى‪ (:‬قد كانت لكم أسوة حسممنة فممي إبراهيممم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكمم وممما تعبمدون ممن دون‬
‫الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضمماء أبممدا حممتى تؤمنمموا‬
‫بالله وحده)وذكر آيات ثم قال‪ :‬فإن اليهود والنصممارى يكفممرون عبمماد‬
‫الصنام "‪] .‬مجموع الفتاوى‪.[128 / :‬‬
‫حصني الشممافعي‬ ‫حسيني ال ُ‬ ‫وقال الشيخ العلمة أبو بكر محمد ال ُ‬
‫في كتابه "كفايمة الخيمار" ]‪) :[494‬وأمما الكفمر بالفعمل فكالسمجود‬
‫للصنم والشمس والقمر وإلقاء المصممحف فممي القمماذورات والسممحر‬
‫الذي فيه عبادة الشمس وكذا الذبح للصنام والسممخرياء باسممم مممن‬
‫أسماء الله تعالى أو بأمره أو وعيممده أو قممراَءة القممرآن علممى ضممرب‬
‫الدف‪.( ...‬‬
‫وقال في موضع آخر أثناء كلمه على وقوع بعض الطوائف فممي‬
‫الكفر‪ ":‬لكن يقممع ذلممك فممي طمموائف منهممم فممي أمممور يعلممم العامممة‬
‫والخاصة بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمدا بعث بها وكفر مممن‬
‫خالفها مثل عبادة الله وحده ل شريك له ونهيه عن عبادة غيره فممإن‬
‫هذا أظهر شعائر السلم‪ ...‬وهذه ردة عن السلم إجماعا "‪.‬‬
‫فقال العلمة عبد الله أبابطين معلقا عليه‪ ":‬فقوله رحمممه اللممه‪:‬‬
‫بل اليهود والنصارى يعلمون ذلك هو كما قال فقممد سمممعنا مممن غيممر‬
‫واحد من اليهود أنهم يعيبممون علممى المسمملمين ممما يفعممل عنممد هممذه‬
‫المشاهد يقولون إن كان نممبيكم أمركممم بهممذا فليممس بنممبي وإن كممان‬
‫نهاكم عنه فقد عصيتموه "‪] .‬النتصار[‬
‫وقال المام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمممه اللممه تعممالى‪" :‬‬
‫اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فممرض اللممه علممى ابممن آدم الكفممر‬
‫بالطاغوت واليمان بالله‪ ...‬فأمما صمفة الكفمر بالطماغوت‪ :‬أن تعتقمد‬

‫)‪(645‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بطلن عبادة غير الله‪ ،‬وتتركها‪ ،‬وتبغضممها‪ ،‬وتكفممر أهلهمما وتعمماديهم "‪.‬‬
‫]مجموعة التوحيممد‪ [1/14 :‬وقممال فممي موضممع آخممر‪ ":‬ومعنممى الكفممر‬
‫بالطاغوت أن تبرأ من كل ما ُيعتقد فيه غير الله من جنممي أو أنسممي‬
‫أو شجر أو حجر أو غير ذلك وتشهد عليممه بممالكفر والضمملل وتبغضممه‬
‫ولو كان أباك أو أخاك فأما من قال أنا ل أعبد إل الله وأنا ل أتعممرض‬
‫السادة والقباب على القبور وأمثال ذلك فهذا كاذب في قممول ل إلممه‬
‫إل اللممه ولممم يممؤمن بممالله ولممم يكفممر بالطمماغوت"‪] .‬الدررالسممنية‪/1:‬‬
‫‪،[121‬‬
‫وقال المجدد الثاني الشيخ عبممد الرحمممن بممن حسممن آل الشمميخ‬
‫رحمممه اللممه‪ ":‬أجمممع العلممماء سمملفا وخلفمما مممن الصممحابة والتممابعين‬
‫والئمة وجميع أهل السنة‪ :‬أن المرء ل يكون مسلما إل بالتجرد مممن‬
‫الشرك الكبر والبراءة منه وممن فعله وبغضهم ومعمماداتهم بحسممب‬
‫الطاقة والقدرة وإخلص العمال كلها للممه "‪] .‬الممدرر السممنية‪/ 11 :‬‬
‫‪[545‬‬
‫ت فممي بيممان‬‫وقممال العلمممة سممليمان بممن سممحمان‪" :‬هممذه كلممما ٍ‬
‫الطاغوت ووجوب اجتنابه قال تعالى‪} :‬فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن‬
‫بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لهمما{ فممبين تعممالى أن‬
‫المستمسك بالعروة الوثقى هو الذي يكفر بالطمماغوت وقممدم الكفممر‬
‫به على اليمان بالله لنه قد يدعي المدعي أنممه يممؤمن بممالله وهممو ل‬
‫يجتنب الطاغوت وتكون دعواه كاذبة قال تعالى‪] :‬ولقد بعثنا في كل‬
‫أمةٍ رسول ً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهممم مممن هممدى اللممه‬
‫ومنهم من حقت عليه الضللة{ فأخبر أن جميع المرسلين قممد بعثمموا‬
‫باجتناب الطاغوت فمن لم يجتنبه فهو مخالف لجميع المرسلين قال‬
‫تعالى‪} :‬والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبممدوها وأنممابوا إلممى اللمه لهممم‬
‫البشرى{‪ .‬ففي هذه اليات من الحجممج علممى وجمموب اجتنممابه وجمموه‬
‫كثيرة والمراد من اجتنابه هو بغضه وعداوته بممالقلب وسممبه وتقممبيحه‬
‫باللسان وإزالتممه باليممد عنممد القممدرة ومفممارقته فمممن ادعممى اجتنمماب‬
‫الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق "‪] .‬الدرر السنية‪[502 / 1 :‬‬
‫وفي الحديث‪]:‬من قال ل إله إل الله وكفر بما يعبد من دون الله‬
‫فقد حرم ماله ودمممه وحسممابه علممى اللممه[ رواه مسمملم مممن حممديث‬
‫طارق بن أشيم"‬
‫وهذا من أعظمم مما يمبين معنمى ل إلمه إل اللمه فمإنه لمم يجعمل‬
‫)‪(646‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫التلفظ بها عاصما ً للدم والمال بل ول معرفة معناها مممع لفظهمما بممل‬
‫ول القرار بذلك بل ول كونه ل يدعو إل الله وحده ل شريك له بممل ل‬
‫م ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبممد مممن دون اللمه‬ ‫حُر ُ‬
‫يَ ْ‬
‫فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه فيالها من مسألة ما أعظمهمما‬
‫وأجلها وياله من بيان ما أوضحه وحجة ممما أقطعهمما للمنممازع "‪ .‬قمماله‬
‫المام المجدد محمد بن عبد الوهاب‪] -:‬في مسائل البمماب السممادس‬
‫من كتاب التوحيد[‪.‬‬
‫ب رسوله كفٌر‬ ‫س َ‬‫ب الله أو َ‬ ‫س ّ‬‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬إن َ‬
‫ظمماهرا وباطنمما سممواء كممان السمماب يعتقممد أن ذلممك محممرم أو كممان‬
‫مستحل له أو كان ذاهل عن اعتقاده هذا مذهب الفقهاء وسممائر أهممل‬
‫السنة القائلين بأن اليمان قول وعمل"‪] .‬الصارم‪[492 :‬‬
‫وقال رحمممه اللممه‪ ":‬فأممما إن سممب نبيما ً غيممر معتقممد لنبمموته فممإنه‬
‫يستتاب من ذلك‪ ،‬إذا كان مممن علممت نبموته بالكتماب والسمنة‪ ،‬لن‬
‫هذا جحد لنبوته‪ ،‬إن كان ممن يجهل أنه نبي؛ فممإنه سممب محممض‪ ،‬فل‬
‫يقبل قوله‪ :‬إني لم أعلم أنه نبي "‪] .‬الصارم‪.[538 :‬‬
‫وكلم شيخ السلم ابن تيمية هنا أبلغ من قول غيره فممي الحكممم‬
‫على الجاهل وعممامله بمقتضمى الظماهر كممما يمبينه قمموله‪ ":‬فل يقبمل‬
‫قوله‪ :‬إني لم أعلم أنه نبي"‪.‬‬
‫** المسممألة الثانيممة‪ :‬الحكممام يعمممل فيهمما بممالظواهر واللممه يتممولى‬
‫السرائر**‬
‫والقاعدة المعروفة أن الحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتممولى‬
‫السرائر والظاهر فرع ٌ للباطن ودليل عليه ولم يكلفنا اللمه بمالتنقيب‬
‫عن الناس ومعرفة ما تنطوي عليه الضمممائر إذ ل سممبيل عليممه ألبتممه‬
‫فل تعلق الحكام الشرعية في أمور غير مقممدور عليهمما قممال تعممالى‪:‬‬
‫}يأيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتممبينوا ول تقولمموا لمممن‬
‫ألقى إليكممم السمملم لسممت مؤمنمما‪ ،{...‬أمممر بممالتبين لن الصممل هممو‬
‫الحكم بالظاهر وقال النبي للعباس لما أسر يمموم بممدر‪]:‬أممما ظمماهرك‬
‫فعلينا وأما سريرتك فإلى الله‪ [ ..‬وقال ابممن القيممم‪ ":‬وأحكممام الممدنيا‬
‫فهي جارية على ظاهر المممر"‪] .‬طريممق الهجرتيممن‪:‬الطبقممة السممابعة‬
‫عشرة[‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجممدي‬

‫)‪(647‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في رده على قول الجزائري‪) :‬يحاسب عباده على ما يعتقدونه على‬
‫نياتهم‪ ،‬تصديقا ً على ما في الحديث‪ « :‬إنما العممال بالنيمات…‪ .‬إلمخ‬
‫» قال رحمه الله ‪ -‬عبد الرحمن بن محمممد‪ ":‬ل يمنممع القممول بشممرك‬
‫من جعل مع الله إلها ً آخر‪،‬فإن الخممذ فممي الممدنيا بممالظواهر‪ ،‬وممما دل‬
‫عليه اللفظ صريحًا‪ ،‬وهممذه قاعممدة معروفممة أن الحكممام يعمممل فيهمما‬
‫بالظواهر والله يتولى السممرائر ونممص العقلء‪ :‬علممى أن مممن الحمممق‬
‫المتنمماهي تكممذيب العيممن‪ ،‬وتصممديق الظممن‪ ،‬فكيممف نقبممل منممك هممذه‬
‫الدعوى‪ ،‬وقد قال عمر رضي الله عنه‪ ":‬إن الوحي قد انقطممع وإنممما‬
‫نؤاخذكم الن بما ظهر لنا‪ ،‬فمن أظهر لنا خيرا ً أمناه وقربناه‪ ،‬وليممس‬
‫لنا من سريرته شيء واللممه يحاسممبه فممي سممريرته‪ ،‬ومممن أظهممر لنمما‬
‫سوءا ً لم نؤمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة(‪ ،‬وعلى هممذا‬
‫إجماع المسلمين"‪] .‬السيف المسلول على عابد الرسول‪[136 :‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله‪ ":‬وقد ذكر العلماء من‬
‫أهل كل مذهب أشياء كثيرة ل يمكن حصرها مممن القمموال والفعممال‬
‫والعتقادات أنه يكفر صاحبها‪ ،‬ولم يقيممدوا ذلممك بالمعانممد‪ .‬فالمممدعي‬
‫دا أو جمماهل‬ ‫أن مرتكممب الكفممر متممأول ً أو مجتهمم ً‬
‫دا أو مخطًئا أو مقلمم ً‬
‫معذور مخالف للكتمماب والسممنة والجممماع بل شممك مممع أنممه ل بممد أن‬
‫ينقض أصله فلو طرد أصله كفر بل ريب كما لو توقف في تكفير من‬
‫شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم"‪] .‬النتصار[‬
‫وقمال شميخ السملم ابمن تيميمة ‪ ":‬اليممان والنفماق أصمله فمي‬
‫ل عليه؛ فإذا‬ ‫القلب‪ ،‬وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرعٌ له ودلي ٌ‬
‫ظهر من الرجل شئ من ذلك ترتب الحكم عليه فلما أخممبر سممبحانه‬
‫أن الذين يلمزون النبي صلى الله عليممه وسمملم والممذين يممؤذونه مممن‬
‫ل على النفاق وفممرعٌ لممه‪ ،‬ومعلمموم أنممه إذا‬ ‫المنافقين ثبت أن ذلك دلي ٌ‬
‫حصل فرع الشيء ودليله حصل أصله المدلول عليه‪ ،‬فثبت أنه حيثما‬
‫وجد ذلك كان صاحبه منافقا ً "]الصارم‪[66 :‬‬
‫وقال أيضا ‪ ":‬أن اليمان قول وعمل؛ فمن اعتقد الوحدانية فممي‬
‫اللوهية لله سبحانه وتعالى‪ ،‬والرسالة لعبممده ورسمموله‪ ،‬ثممم لممم يتبممع‬
‫هذا العتقاد موجبة من الجلل والكرام‪ -‬الذي هو حممال فممي القلممب‬
‫يظهر أثره على الجوارح‪ ،‬بل قارنه السممتخفاف والتسممفيه والزدراء‬
‫بالقول أو بالفعل‪ -‬كان وجود ذلك العتقاد كعدمه‪ ،‬وكان ذلك موجبمما ً‬
‫لفساد ذلك العتقاد‪ ،‬ومزيل لما فيه من المنفعة والصلح‪ ...‬هذا فيما‬
‫)‪(648‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بينه وبين الله‪ ،‬وأما في الظاهر فتجري الحكام على ما يظهممره مممن‬
‫القول والفعل كما تجرد كفر إبليممس عممن قصممد التكممذيب بالربوبيممة‪،‬‬
‫وإن كان عدم هذا القصد ل ينفعه‪ ،‬كما ل ينفع من قممال‪ :‬الكفممر أن ل‬
‫يقصد أن يكفر "‪] .‬الصارم‪ 377 :‬م ‪[378‬‬
‫** المسألة الثالثة‪ :‬ملزمة الظاهر للباطن **‬
‫فمممن ظهممر منممه شممرك أكممبر كالسممجود لغيممر اللممه مممن الصممنام‬
‫والوثان أو البوذا والشمس والصلبان فإنه يحكم عليه بما ظهممر منممه‬
‫وكان ذلك دال ً على انتفاء اليمان من قلبه لنتفاء لوازمه قممال شمميخ‬
‫السلم‪ ":‬ولهذا ينفي اللممه اليمممان عمممن انتفممت عنممه لمموازمه‪ ،‬فممإن‬
‫انتفاء اللزم يقتضي انتفاء الملزوم كقوله تعالى‪ (:‬ولو كانوا يؤمنممون‬
‫بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء )‪ ،‬وقوله‪(:‬ل تجممد قومما ً‬
‫يؤمنون بالله واليموم الخمر يموادون ممن حماد اللمه ورسموله )‪ .‬اليمة‬
‫ونحوها فالظاهر والباطن متلزمان ل يكون الظاهر مسممتقيما ً إل مممع‬
‫اسممتقامة البمماطن‪ ،‬وإذا اسممتقام البمماطن فل بممد أن يسممتقيم الظمماهر‬
‫ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أل إن في الجسد مضغة إذا‬
‫صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسممد أل‬
‫وهي القلب(‪ ، .‬وقال عمر رضي الله عنه لمن رآه يعبث في صمملته‪:‬‬
‫لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه وفي الحديث‪) :‬ل يستقيم إيمممان‬
‫عبمممد حمممتى يسمممتقيم لسمممانه ول يسمممتقيم لسمممانه حمممتى يسمممتقيم‬
‫قلبه"]مجموع الفتاوى‪[18/372:‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬فيما نقلممه عنممه الشمميخ سممعد بممن‬
‫حمد بن عتيق رحمهما الله‪ ":‬ومن ذبح للشيطان ودعاه‪ ،‬واستعاذ بممه‬
‫وقرب إليه ما يحب‪ ،‬فقد عبده وإن لممم يسممم ذلممك عبممادة "‪] .‬الممدرر‬
‫السنية‪[459 / 10 :‬‬
‫وجاء في فتمماوى اللجنممة الدائمممة للبحمموث العلميممة والفتمماء فممي‬
‫السؤال الثاني من الفتوى رقم )‪ (4400‬ما يلي‪:‬‬
‫س‪ :‬هناك من يقول كل من يتقيد برسالة محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم واستقبل القبلة بالصلة ولو سجد لشيخه لم يكفر ولم يسمممه‬
‫مشممركا حممتى قممال إن محمممد بممن عبممد الوهمماب الممذي تكلممم فممي‬
‫المشركين في خلودهم في النار إذا لم يتوبوا قد أخطأ وغلممط وقممال‬
‫إن المشركين في هذه المة يعذبهم ثم يخرجهم إلى الجنة وقال إن‬

‫)‪(649‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أمة محمد لم يخلد فيهم أحد في النار‪.‬‬
‫جم‪ ":‬كل من آمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسائر‬
‫ما جاء بممه فممي الشممريعة‪ ،‬إذا سممجد بعممد ذلممك لغيممر اللممه مممن ولممي‪،‬‬
‫وصاحب قبر‪ ،‬أو شيخ طريق يعتبر كافرا ً مرتدا ً عن السمملم مشممركا ً‬
‫مع الله غيره في العبادة ولو نطق بالشهادتين وقت سممجوده لتيممانه‬
‫بما ينقض قوله من سجود لغير الله‪ ،‬لكنه قد يعممذر لجهلممه فل تنممزل‬
‫به العقوبة حتى يعلم وتقام عليه الحجة ويمهل ثلثة أيام إعذارا ً إليممه‬
‫ليراجع نفسه عسى أن يتوب‪ ،‬فإن أصّر على سجوده لغير اللممه بعممد‬
‫البيان ُقتل لردته لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من بدل دينممه‬
‫فاقتلوه(( أخرجه البخاري في صممحيحه عممن ابممن عبمماس رضممي اللممه‬
‫عنهممما فالبيممان وإقامممة الحجممة للعممذار إليممه قبممل إنممزال العقوبممة ل‬
‫ليسمى كافرا ً بعد البيان فإنه يسمى كافرا ً بما حدث منه من سممجود‬
‫لغير الله أو نذره قربة أو ذبحه شاة مثل لغير اللممه وقممد دل الكتمماب‬
‫والسنة على أن من مات على الشرك ل يغفممر لممه ويخلممد فممي النممار‬
‫لقوله تعالى }‪:‬إن الله ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمممن‬
‫يشاء{ وقوله‪} :‬ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شمماهدين‬
‫على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالممدون{‬
‫"‪] .‬فتاوى اللجنة الدائمة‪[220 / 1:‬‬
‫** المسألة الرابعة‪ :‬أن المنزع في التكفير هو الفعل الظاهر ونفس‬
‫الناقض **‬
‫وأيضا هنا مسألة عظيمة وهي أن المنزع في التكفير هو الفعل‬
‫الظاهر ونفس الناقض ل أمٌر غامض ل يمكن الوصول إليممه كتعليقممه‬
‫بالعتقاد أو إرادة التقرب والعبادة أو بأمر خارج عن الفعل أو القول‬
‫الظاهر المحسوس المشمماهد ومممن خممالف هممذا فقممد خممرق الجممماع‬
‫ونقض التفاق مم كما هو حال صاحب هذه الورقات مم كجعل السجود‬
‫للصنام والشمس والصلبان أممٌر غيممر مممؤثٌر فممي الكفممر وعلممى هممذا‬
‫فقممس جميممع النممواقض والمكفممرات وهممذا ظمماهر البطلن وفسمماده‬
‫معلوم بل نكران عند جميع أهل العلم واليمان‪.‬‬
‫ب كفمر سمواء‬ ‫ل السم ّ‬‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬أن اعتقاد ح ً‬
‫ب فممي التكفيممر‬ ‫اقترن به وجود السب أو لم يقترن فممإذا ً ل أثممر للس م ً‬
‫وجودا ً وعدما وإنما المؤثر هممو العتقمماد وهممو خلف ممما أجمممع عليممه‬

‫)‪(650‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العلماء‪ .‬الوجه الرابع‪ :‬أنه إذا كان المكفر هو اعتقاد الحل فليس في‬
‫ب مستحل فيجب أن ل يكفر ل سيما إذا‬ ‫السب ما يدل على أن السا ّ‬
‫قال‪)) :‬أنا أعتقد أن هذا حرام وإنممما أقممول غيظ ما ً وسممفها ً أو عبث ما ً أو‬
‫لعبًا(( كما قال المنافقون‪} :‬إنما كنما نخموض ونلعمب وكمما إذا قمال‪:‬‬
‫إنما قذفت هذا وكذبت عليه لعبا ً وعبثا "‪] .‬الصارم‪.[496 -495 :‬‬
‫ب أنممه لب ُمد ّ أن يكممون لكممل‬ ‫وقال أيضا رحمه الله تعالى‪ " :‬ل َري ْ َ‬
‫ق‬
‫م التممأثير ل يجمموز تعليم ُ‬ ‫ف العممدي ُ‬ ‫ة تأثير في الحكممم‪ ،‬وإل ّ فالوصم ُ‬ ‫صف ً‬
‫ل صممفة‬ ‫جل ِمد َ ثممم قممد يكممون كم ّ‬ ‫َ‬
‫ن َزن َممى وأك َم َ‬
‫ل ُ‬ ‫م ْ‬‫الحكم به‪ ،‬كمن قال‪َ :‬‬
‫مرتد زان ‪ ،‬وقممد‬ ‫مستقلة بالتأثير لو انفردت كما يقال‪ :‬يقتل هذا لنه ُ‬
‫ف تممأثيٌر فممي‬ ‫يكون مجموعُ الجزاء مرتبا على المجممموع ولكممل وص م ٍ‬
‫خ مَر{‪ ،‬وقممد تكممون‬ ‫معَ الل ّهِ إله ما ً آ َ‬
‫عون َ‬ ‫ن ل ي َد ْ ُ‬‫البعض كما قال‪} :‬واّلذي َ‬
‫ت متلزمة كل منهمما لممو فممرض تجمّرد ُهُ لكممان مممؤثرا ً علممى‬ ‫تلك الصفا ُ‬
‫سبيل السممتقلل أو الشممتراك فيممذكر إيضمماحا وبيانما ً للممموجب‪ ،‬كممما‬
‫صى الّله ورسوله‪ ،‬وقد يكون بعضممها‬ ‫يقال‪ :‬ك ََفُروا بالّله وبرسوله‪ ،‬وعَ َ‬
‫ت‬ ‫ن بآيمما ِ‬‫ن َيكُفُرو َ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫مستلزما ً للبعض من غير عكس كما قال‪} :‬إ ّ‬
‫حق{ ]الصارم‪ 45 :‬م ‪، .[46‬‬ ‫ن ب ِغَي ْرِ َ‬ ‫الل ّهِ ويْقت ُُلو َ‬
‫ن الن ّب ِّيي َ‬
‫وقال المام محمممد بممن عبممد الوهمماب‪ " :‬فممأعلم أن تصممور هممذه‬
‫المسممألة تصممورا حسممنا يكفممي فممي إبطالهمما مممن غيممر دليممل خمماص‬
‫لوجهين‪ :‬الول‪ :‬أن مقتضى قولهم أن الشرك بالله وعبممادة الصممنام‬
‫ل تأثير لها في التكفير لن النسان إن انتقل عممن الملممة إلممى غيرهمما‬
‫وكذب الرسول والقرآن فهو كافر وإن لم يعبد الوثان كمماليهود فممإذا‬
‫كان من انتسب إلى السلم ل يكفر إذا أشممرك الشممرك الكممبر لنممه‬
‫مسلم يقول ل إله إل الله ويصلي ويفعل كذا وكذا لممم يكممن للشممرك‬
‫وعبادة الوثان تأثير بل يكون ذلك كالسواد في الخلقممة أو العمممى أو‬
‫العرج فإذا كان صاحبها يدعي السمملم فهممو مسمملم وإن ادعممى ملممة‬
‫غيرها فهو كافر وهذه فضيحة عظيمممة كافيممة فممي رد هممذا "‪] .‬مفيممد‬
‫المستفيد في كفر تارك التوحيد[‪.‬‬
‫* المسألة الخامسة‪ :‬الفعال واللفاظ الصممريحة يجممري حكمهمما وممما‬
‫تقتضيه *‬
‫وإن زعم المتكلم أو الفاعل قصد ما يخالف ظاهرها وبيممان خطممأ‬
‫من قال ل يكفر إل من قصد الكفر‬
‫وبعد هذا نسمموق الدلممة علممى أن النسممان يكفممر وإن لممم يقصممد‬
‫)‪(651‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الكفر إذا صدر منه كفر مخرج من الملة قال تعالى‪ (:‬قل هل ننبئكم‬
‫بالخسرين أعمال ً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسممبون‬
‫أنهممم يحسممنون صممنعا ً )‪ .‬قممال ابممن جريممر الطممبري رحمممه اللممه فممي‬
‫تفسيره لهذه الية‪) :‬والصواب من القول فممي ذلممك عنممدنا أن يقممال‪:‬‬
‫ل)كممل‬‫إن الله عز وجل عنممى بقمموله‪ (:‬هممل ننممبئكم بالخسممرين أعممما ً‬
‫عامل عمل ً يحسبه فيه مصيبا ً وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض‪ ،‬وهممو‬
‫بفعله ذلك لله مسخط وعن طريق أهل اليمممان لمه جممائر كالرهابنممة‬
‫والشمامسة وأمثالهم من أهل الجتهاد في ضممللتهم وهممم مممع ذلممك‬
‫من فعلهم واجتهادهم بالله كفره مممن أهممل أيّ ديممن كممانوا ‪ -‬إلممى أن‬
‫قال ‪ -‬وقوله‪ (:‬الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا )يقول هممم الممذين‬
‫لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هممدى واسممتقامة‪،‬‬
‫بل كان على جور وضللة وذلك أنهم عملوا بغير ممما أمرهممم بممه‪ ،‬بممل‬
‫على كفر منهم به وهم يحسبون أنهمم يحسمنون صمنعا ً وهمم يظنمون‬
‫أنهم بفعلهم ذلك لله مطيعون‪ ،‬وفي ما نممدب عبمماده إليممه مجتهممدون‬
‫وهذا من أدل الدلئل على خطأ قول من زعم أنه ل يكفر بممالله أحممد‬
‫إل من حيث يقصد إلممى الكفممر بعممد العلممم بوحممدانيته وذلممك أن اللممه‬
‫تعالى ذكره أخبر عن هؤلء الذين وصف صممفتهم فممي هممذه اليممة أن‬
‫سعيهم الذين سعوا في الدنيا ذهب ضلل ً وقت كانوا يحسممبون أنهممم‬
‫محسنون في صنعهم ذلك وأخبر عنهم أنهم هم الممذين كفممروا بآيممات‬
‫ربهم ولو أن القول ما قال الذين زعموا أنه ل يكفر بالله أحد إل من‬
‫حيث يعلم‪ ،‬لوجب أن هؤلء القوم في عملهم الذي أخبر اللممه عنهممم‬
‫أنهم كممانوا يحسممبون أنهممم يحسممنون صممنعه‪،‬كممانوا مثممابين مممأجورين‬
‫عليها‪ ،‬ولكن القول بخلف ما قممالوا أنهممم بممالله كفممرة وأن أعمممالهم‬
‫حابطة وعنى بقوله‪ :‬أنهم يحسنون صنعًا‪ .‬أي عمل ً "‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم رحمه الله‪ ":‬الدليل السمادس‪ :‬قموله سمبحانه‪:‬‬
‫)ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النممبي ول تجهمروا لمه بمالقول كجهممر‬
‫بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتممم ل تشممعرون(‪ ،‬ووجممه الدللممة‬
‫أن الله سبحانه نهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته‪ ،‬وعن الجهممر لممه‬
‫كجهر بعضهم لبعض‪ ،‬لن هذا الرفع والجهممر قممد يفضممي إلممى حبمموط‬
‫العمل وصاحبه ل يشممعر‪ ،‬فممإنه علممل نهيهممم عممن الجهممر وتركهممم لممه‬
‫بطلب سلمة العمل عن الحبوط وبين أن فيممه مممن المفسممدة جممواز‬
‫حبوط العمل وانعقاد سبب ذلك‪ ،‬وما قد يفضممي إلممى حبمموط العمممل‬
‫)‪(652‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يجب تركه غاية الوجوب‪ ،‬والعمل يحبط بالكفر قال سممبحانه‪) :‬ومممن‬
‫يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم( اليممة‬
‫‪ -‬وذكر آيات إلى أن قال‪ -:‬وكما أن رفممع الصمموت قممد يشممتمل علممى‬
‫أذى له‪ ،‬واستخفاف به وإن لممم يقصممد الرافممع ذلممك‪،‬فممإذا كممان الذى‬
‫والستخفاف الذي يحصممل فممي سمموء الدب مممن غيممر قصممد صمماحبه‬
‫مممد كٌفممر بطريقممة‬‫يكون كفرًا‪ ،‬فالذى والسممتخفاف المقصممود واُلمتع ّ‬
‫الولى "‪] .‬الصارم‪[87 :‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه‪]:‬منهمماج التأسمميس‬
‫والتقديس‪ ":- [134 :‬وقد قرر الفقهاء وأهل العلممم فممي بمماب الممردة‬
‫وغيرها أن اللفاظ الصممريحة يجممري حكمهمما وممما تقتضمميه وإن زعممم‬
‫المتكلم بها أنه قصد ما يخممالف ظاهرهمما‪ .‬وهممذا صممريح فممي كلمهممم‬
‫يعرفه كل ممارس "‪.‬‬
‫وقال الصممنعاني رحممه اللمه ]فمي تطهيممر العتقمماد[‪ ":‬قمد صممرح‬
‫الفقهاء في كتب الفقه في باب الممردة‪ :‬أن مممن تكلممم بكلمممة الكفممر‬
‫يكفر وإن لم يقصد معناها "‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم محمد عبد الوهاب ‪ -‬رحمه اللممه ‪ -‬فممي جمموابه‬
‫على عدة مسائل ومنها‪ ":‬الرابعة‪ ":‬إذا نطق بكلمة الكفر‪ ،‬ولم يعلممم‬
‫معناها صريحا ً واضحا ‪ :‬أنممه نطممق بممما ل يعممرف معنمماه‪ ،‬أممما كممونه ل‬
‫يعرف أنها تكفره‪،‬فيكفي فيه قوله تعالى‪ (:‬ل تعتذروا فقد كفرتم بعد‬
‫إيمانكم )فهم يعتذرون من النبي صلى الله عليه وسلم ظانين أنها ل‬
‫تكفرهم‪ ،‬والعجب ممن يحملها علممى هممذا وهممو يسمممع قمموله تعممالى‪:‬‬
‫)وهم يحسممبون أنهممم يحسممنون صممنعًا(‪ -‬إلممى أن‪ -‬قممال أيظممن هممؤلء‬
‫ليسوا كفارا "‪] .‬الدرر السنية‪[125 /10:‬‬

‫)‪(653‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل في نقض قوله‬


‫أن مممن سممجد للصممنام وطمماف بالوثممان وذبممح للبمموذى وتمسممح‬
‫بالصلبان لجل أمممر دنيمموي كالرياسممة والجمماه والمممال أو فعممل ذلممك‬
‫مداهنة لقومه وخوف الملمة والعيب أو خوفمما مممن الكفممار أو قممال‬
‫ت غير الله كاذبا من غير إكراه ل يكفر‪.‬‬ ‫عبد ُ‬
‫قال في الرد الول ]ص‪ :[17:‬إذ الساجد للصليب والوثممان مممن‬
‫غير أي دافع كالمال ونحموه وإكممراه همو سمجود لمه وفمي مثممل هممذه‬
‫الحالة ل يمكن أن يكون إل لتعظيم قلبه للمسممجود وإل لممماذا سممجد‬
‫له إذ ل أحد يفعممل فعل ً إل لممدافع‪ .‬فممإن خلممت الممدوافع الدنيويممة مممن‬
‫جلب نفع أو دفع ضر فلم تبق إل الدوافع التعبدية كالتعظيم لها ونحو‬
‫ذلك‪ .‬وقد سبق نحو هذا الكلم وأن في مثل هممذا يكممون التلزم بيممن‬
‫السجود والتقرب بالقلب‪ ،‬لجل هذا دخله الكراه(‪.‬‬
‫وقممال فممي ]ص‪ :[18:‬الثمماني ‪ /‬السممجود الشممركي‪ :‬وهممذا علممى‬
‫حالتين‪:‬م‬
‫‪ -1‬السجود التعبدي لغير الله وهذا كفر‪.‬‬
‫‪ -2‬السجود للوثان والصليب بممدون أي دافممع مممن مممال ونحمموه أو‬
‫احترام في حق الصالحين والعلماء أو إكراه وهو السجود له ل إليممه‪.‬‬
‫فهذا كفر إذ يلزم منه تعظيم هذا المسجود له وإل لم سجد له؟ إذ ل‬
‫أحد يفعل فعل ً إل لدافع أما إذا خلممت الممدوافع فلممم يبممق إل تعظيمممه‬
‫التعظيم التعبدي‪ .‬وفي مثل هذا السجود قرر التلزم في الكفممر بيممن‬
‫الباطن والظاهر وفي مثله يتصور الكراه‪.‬‬
‫‪ -3‬السممجود المحممرم ‪ -‬ممما عممدا الشممركي والبممدعي ‪ -‬كالسممجود‬
‫للوثان أو غيرها على غير نيمة التقممرب لممدافع مممن الممدوافع الدنيويمة‬
‫كالمال ونحوه وهو السجود إليه ل له(‪.‬‬
‫وقال في الرد الول‪] :‬ص‪ [42 :‬رآدا على قول من قال‪ :‬ولو أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه للسلم وأقروا له بما جاء‬
‫به‪ ،‬لكنهم مداهنة لقممومهم وخوفمما مممن الملمممة والعيممب يسممجدون‬
‫طوعمما لوثممان قريممش‪ ،‬ويممذبحون لهمما‪ ،‬ويطوفممون بهمما ويظهممرون‬
‫تعظيمها ول يصرحون بالبراءة منها‪ ،‬فهل كان يقبل منهم هممذا‪ ،‬وهممل‬
‫يجوز أن أيكون أمثال هؤلء مؤمنون في الباطن‪.‬‬

‫)‪(654‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فأجاب بقوله‪) :‬وجواب هذا ما يلي‪:‬‬
‫أن هذا استدلل بمورد النمزاع فهو مبني على نتيجممة هممذا البحممث‬
‫فعندك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفرهم ول يقبل منهممم‬
‫وعندي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يكفرهم ويقبل منهممم‬
‫مع كونهم آثمين‪.‬‬
‫وقال في مذكرة له بعنوان )الرد الثاني(‪:‬م]ص‪) :[50 :‬فمثل هذا‬
‫يقول‪ :‬أيها الناس أنا لم أسجد له ول أراه يستحق شيئا من التعظيممم‬
‫ت‪،‬‬‫وإنما سجدت من أجل المال‪ ،‬ودليل ذلك أنه لول المال لما سجد ُ‬
‫ت السجود َ لكممن لممم أقصممده‬ ‫ت به لحطمته‪ ،‬وأنا وإن تعمد ُ‬
‫بل لو خلو ُ‬
‫ت إلممى‬ ‫للصنم‪ ،‬وإنما غاية المر أنني لممما طمعممت فممي المممال سممجد ُ‬
‫جهته ل له‪ ،‬وان ظممن صمماحب المممال أننممي سمماجد لممه‪ ،‬فظنممه شمميء‬
‫والواقع شيء آخر‪ ،‬فلماذا تلحون على أن سجودي له ل إليه‪0 ( ..‬‬
‫وقممال فممي الممرد الثمماني‪] :‬ص‪) :[52 :‬فالخلصممة المعتصممرة أن‬
‫الساجد إلى الصنم لجل المال‪ ،‬ويدور معه حيث دار ولول المال لما‬
‫فعل ساجد إليه ل لمه‪ ،‬وأرجمو أل تعمود وتقمول‪ :‬بلمى‪ .‬يكفمر لن ممن‬
‫استهزأ من أجل المال فهو كافر إذ أقول لك‪ :‬ل أسمملم ألبتممه أن مممن‬
‫حاله كهممذا يكممون كالمسممتهزئ بالممدين إذ المسممتهزئ وقممع فممي أمممر‬
‫محكوم بكفره بدليل‪ ،‬فهو مضاد لليمان من كل وجه‪ ،‬ول دليل معك‬
‫مستقيم يحكم بكفر من فعل مثل هذا الفعل ويجعله مضادا ً لليمممان‬
‫من كل وجه(‪ .‬وقال فممي الممرد الثمماني‪] :‬ص‪) :[71 :‬إن السمماجد إلممى‬
‫الصنم ل لذاته يستوي ظاهرا ً في صممورته مممع السمماجد للصممنم علممى‬
‫وجه الستحقاق‪ ،‬فلو أن رجل سجد إلى صنم أمامه‪ ،‬وقال مم كذبا مم‪:‬‬
‫سجودي هذا له ل إليه مم وواقع حاله الذي ل يعلمه إل الله أنه سمماجد‬
‫إليه ل له مم فنحن بناًء على قوله الممذي قمماله نكفممره وإن كممان كاذبما ً‬
‫لنه ليس لنا إل ما أظهر والسرائر أمرها إلى الله‪ ،‬فهو مم في الواقع‬
‫ت غيممر‬‫مم لم يفعل الكفر‪ ،‬وذلك مثل‪ :‬أن يقول رجل مم كاذبا ً ممم‪ :‬عبمد ُ‬
‫الله‪ .‬فمثل هذا نكفره‪ ،‬لنه ليس لنا إل الظاهر‪ ،‬وإن كان واقممع حمماله‬
‫غير كافر‪ ،‬إذ لم يفعل ذلك‪ ،‬بل كان كاذبًا‪ ،‬فمثممل هممذا ل نحكممم علممى‬
‫كفر باطنه‪ ،‬ل لكونه فعل الكفر بل لكونه كاذبا ً في فعل الكفر(‪.‬‬
‫وقال في الرد الثاني‪]:‬ص‪) :[78 :‬فلو أن رجل سجد أمام صممنم‬
‫وواقع حاله أنه ساجد له ل إليه لكفرته‪،‬لنه ليس لي إل الظاهر لكممن‬
‫لو تبين لي أنه كاذب تراجعت عن تكفيره(‪.‬‬
‫)‪(655‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقال في الرد الثاني‪:‬م]ص‪ [98 :‬فيمن‪) :‬تعمممد السممجود للصممنم‬
‫من أجل المال‪ ،‬ولول المال لما فعل‪ ،‬لما في قلبه مممن اعتقمماد ذمممه‬
‫وأنه لو استطاع تحطيمه لحطمه(‪.‬‬
‫***********************************‬
‫فالجواب على كل ممما تقممدم قممد كفانمماه المممام محمممد بممن عبممد‬
‫الوهاب وحفيده الشيخ سليمان بن عبد الله رحمهممم اللممه وهممو عيممن‬
‫جوابنا عن هذه المسألة في كلم لهما على قوله تعممالى‪) :‬مممن كفممر‬
‫بالله من بعد إيمانه إل من أكره وقلبه مطمئن باليمان(‪.‬‬
‫قال المام محمد رحمه الله‪ ":‬لم يعذر الله إل من أكره مع كون‬
‫قلبه مطمئنا ً باليمان وأما غير هذا فقد كفر بعممد إيمممانه سممواءً فعممل‬
‫خوفا ً أو مداراة أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله أو فعممل‬
‫على وجه المزاح أو لغير ذلممك مممن الغممراض إل المكممره "‪] .‬كشممف‬
‫الشبهات[‪،‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ رحمه اللممه‪ ":‬الممدليل‬
‫الرابع عشر قوله تعالى‪ (:‬مممن كفممر بممالله ممن بعمد إيمممانه )اليمة …‬
‫فحكم تعالى حكما ً ل يبممدل أن مممن رجممع مممن دينممه إلممى الكفممر فهممو‬
‫ل أم ل وسواًء‬ ‫س أو مال أو أه ٍ‬ ‫ً‬
‫كافر‪ ،‬سواًء كان له عذر خوفا على نف ٍ‬
‫كفر بباطنه أم بظاهره دون بمماطنه وسممواًء كفممر بفعمماله أو مقمماله أو‬
‫بأحدهما دون الخر‪ ،‬وسواًء كان طامعا ً في دنيا ينالها من المشركين‬
‫أم ل‪ ،‬فهو كافر على كل حال إل المكره وهممو فممي لغتنمما المغصمموب‬
‫فإذا أكره النسان على الكفر وقيل له اكفر وإل قتلناك أو ضممربناك‪،‬‬
‫أو أخذه المشركون فضربوه ولم يمكنه التخلص إل بممموافقتهم جمماز‬
‫له موافقتهم في الظاهر بشرط أن يكون قلبمه مطمئنما ً باليممان أي‬
‫ثابتا معتقدا له وأما إن وافقهم بقلبه فهممو كممافر ولممو كممان مكرهمما "‪.‬‬
‫]حكم موالة أهل الشراك[‪.‬‬
‫والعلماء لم يغفلوا هذا الباب بل بسطوا الكلم فيمه بمما يشممفي‬
‫ويكفي لن المر واقع ل محالة فل تزال الحممداث فممي المممة تجممري‬
‫في كل عصر ومصر من زمممن النممبي إلممى قيممام السمماعة وقممد عقممد‬
‫الفقهاء من كل مممذهب بابمما مسممتقل وأسممموه )بمماب حكممم المرتممد(‬
‫وبحثه في أهل القبلة ممن يصدر منه ممما يمموجب الكفممر والممردة مممن‬
‫القوال والفعال والعتقادات أخذا بكتاب اللممه وعمل بسممنة رسمموله‬
‫وقد تقدم نقل الجماع الممذي حكمماه الشمميخ عبممد اللطيممف وأبممابطين‬
‫)‪(656‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والصنعاني وغيرهم وأيضا موافقممة الكممافرين فممي الظمماهر ل تخممرج‬
‫عما ذكره العلماء ولنتبع ذلك بما ذكممره حمممد بممن عممتيق قممال رحمممه‬
‫اللممه‪ ":‬المسممألة الثالثممة‪ :‬وهممي ممما يعممذر الرجممل بممه علممى موافقممة‬
‫المشممركين وإظهممار الطاعممة لهممم‪ ،‬فمماعلم أن إظهممار الموافقممة‬
‫للمشركين له ثلث حالت‪:‬‬
‫الحالة الولى‪ :‬أن يمموافقهم فممي الظمماهر والبمماطن‪ ،‬فينقمماد لهممم‬
‫بظاهره ويميل إليهم ويوادهم بباطنه فهذا كممافر خممارج مممن السمملم‬
‫سواًء كان مكرها ً على ذلك أو لم يكن مكرهًا‪ ،‬وهممو ممممن قممال اللممه‬
‫تعالى فيه‪(:‬ولكن من شمرح بمالكفر صمدرا ً فعليهمم غضمب ممن اللمه‬
‫ولهم عذاب عظيم(‪.‬‬
‫الحالممة الثانيممة‪ :‬أن يمموافقهم أو يميممل إليهممم مممع مخممالفتهم فممي‬
‫الظاهر‪ ،‬فهذا كافر أيضا ً إذا عمل بالسلم ظاهرا ً عصممم ممماله ودمممه‬
‫وهو المنافق‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أن يمموافقهم فممي الظمماهر مممع مخممالفته لهممم فممي‬
‫الباطن وهو من وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم مع ضربهم وتقييدهم‬
‫له‪ ،‬ويتهددونه بالقتل فيقولون له‪ :‬إما أن توافقنا وتظهممر النقيمماد لنمما‬
‫وإل قتلناك‪ ،‬فإنه والحالة هذه يجمموز لممه ممموافقتهم فممي الظمماهر مممع‬
‫كون قلبه مطمئنا ً كما جرى لعمار رضممي اللممه عنممه حيممن أنممزل اللممه‬
‫تعالى‪) :‬من كفر بممالله مممن بعممد إيمممانه إل مممن أكممره وقلبممه مطمئن‬
‫باليمان(‪ ، .‬وكما قال تعالى‪) :‬إل أن تتقوا منهم تقاة(‪ .‬فاليتممان دّلتمما‬
‫على الحكم كما نبه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل عمران‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن يمموافقهم فممي الظمماهر مممع مخممالفته لهممم فممي‬
‫الباطن‪ ،‬وهو ليس في سلطانهم وإنما حمله على ذلك إما طمع فممي‬
‫رئاسة أو مال أو مشحة في وطن أو عيال أو خوف مما يحممدث فممي‬
‫المال‪ ،‬فإنه في هذه الحالة يكممون مرتممدا ً ل تنفعممه كراهتممه لهممم فممي‬
‫الباطن وهو ممن قال الله فيهم‪) :‬ذلك بأنهم اسممتحبوا الحيمماة الممدنيا‬
‫على الخرة وأن الله ل يهدي القوم الكافرين(‪ .‬فأخبر أنه لم يحملهم‬
‫على الكفر الجهل أو بغضهم للممدين ول محبممة الباطممل وإنممما هممو أن‬
‫لهم حظا ً من حظوظ الدنيا فآثروه على الدين‪ ،‬هذا معنى كلم شمميخ‬
‫السلم محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ]سبيل النجاة والفكاك[‬

‫)‪(657‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأيضا ما ذكره العلمة سليمان بن سحمان قممال رحمممه اللممه‪":‬‬
‫هذه كلمات في بيان الطاغوت ووجوب اجتنابه ‪ -‬وذكر المقام الثاني‬
‫فقال‪ :‬أن يقال إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر‪ ،‬فقممد ذكممر‬
‫الله في كتممابه أن الكفممر أكممبر مممن القتممل قممال‪) :‬والفتنممة أكممبر مممن‬
‫القتل(‪ ،‬وقال‪) :‬والفتنة أشمد ّ مممن القتممل( والفتنممة‪ :‬هممي الكفممر‪ ،‬فلممو‬
‫اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا فممي‬
‫الرض طاغوتما ً يحكممم بخلف شممريعة السمملم‪ ،‬الممتي بعمث اللممه بهمما‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫المقام الثالث‪ :‬أن تقول‪ :‬إذا كان هذا التحاكم كفرًا‪ ،‬والنزاع إنممما‬
‫يكون لجل الدنيا فكيف يجوز لك أن تكفر لجل ذلك؟ فإنه ل يممؤمن‬
‫النسان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وحتى يكون‬
‫الرسول أحب إليه مممن ولممده ووالممده والنمماس أجمعيممن‪ .‬فلممو ذهبممت‬
‫دنياك كلها لما جاز لك المحاكمة إلى الطاغوت لجلها ولممو اضممطرك‬
‫مضطر وخيرك بين أن تتحاكم إلى الطاغوت‪ ،‬أو تبذل دنيمماك لمموجب‬
‫عليك البذل‪ ،‬ولم يجز لك المحاكمممة إلممى الطمماغوت‪ .‬واللممه أعلممم "‪.‬‬
‫]الدرر السنية‪.[502 /10 :‬‬
‫ومن المعلوم أن الردة ل تكون إل بسبب رغبة أو رهبممة أو نحممو‬
‫ن هما الشهوة والشبهة‪.‬‬ ‫ذلك من الغراض وجماع ذلك شيئي ٍ‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬النتقال عن الممدين ل يقممع إل عممن‬
‫شبهة قادحة في القلب أو شهوة قامعة للعقل "‪] .‬الصارم‪.[347 :‬‬
‫وقال أيضا رحمممه اللممه تعممالى‪ ":‬مممن تعمممد الكممذب عليممه مم أي‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم م فإنه إنما يقصد تحصيل غرض له إن‬
‫ل أو شرف كممما‬ ‫لم يقصد الستهزاء به‪ ،‬والغراض في الغالب إما ما ٌ‬
‫أن المسيء إنما يقصد إذا لم يقصد مجرد الضلل إما الرياسة بنفاذ‬
‫المر وحصول التعظيم‪ ،‬أو تحصيل الشهوات الظاهرة وبالجملة فمن‬
‫قال أو فعل ما هو كفٌر كـفـَر وإن لممم يقصممد أن يكممون كممافرا ‪ ,‬إذ ل‬
‫يقصد الكفر أحد ٌ إل ما شاء الله "‪] .‬الصارم‪.[204:‬‬
‫وقممال أيضمما رحمممه اللممه‪ ":‬أن مممن تممولى عممن طاعممة الرسممول‬
‫وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن وأن المؤمن هو‬
‫الذي يقول‪)) :‬سمعنا وأطعنا(( فإذا كان النفاق يثبت ويممزول اليمممان‬
‫بمجرد العراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيممره مممع أن‬

‫)‪(658‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ك محض وقد يكون سببه قوة الشهوة "‪] .‬الصارم‪.[69 :‬‬ ‫هذا تر ٌ‬
‫وقال الشيخ سعد رحمه الله‪ ":‬فصل‪:‬الذبح للجن يفعله كثير من‬
‫أهل الجهل والضملل فمي البمموادي والبلممدان‪ ،‬إذا مممرض الشمخص أو‬
‫أصابه جنون أو داء مزمن ذبحوا عنممده كبش ما ً أو غيممره‪ ،‬وكممثير منهممم‬
‫يصرحون‪ :‬بأنهم ذبحوا للجن ويزعمون أن الجن أصابته بسبب حممدث‬
‫منه فيذبحون عنده ذبيحة للجممن يقصممدون تخليصممه مممما أصممابه مممن‬
‫ذلك الداء "‪] .‬الدرر السنية‪،[10/460 :‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ":‬لو نقدر أن السلطان ظلم‬
‫أهل المغرب ظلمما ً عظيمما ً فممي أممموالهم وبلدهممم ومممع هممذا خممافوا‬
‫اسممتيلءهم علممى بلدهممم ظلمما ً وعممدوانا ً ورأوا أنهممم ل يممدفعونهم إل‬
‫باستنجاد الفرنج وعلموا أن الفرنج ل يوافقممونهم إل أن يقولمموا نحممن‬
‫معكم على دينكممم ودنيمماكم ودينكممم هممو الحممق وديممن السمملطان هممو‬
‫الباطل وتظاهروا بذلك ليل ً ونهارا ً مع أنهم لم يدخلوا في دين الفرنج‬
‫ولم يتركوا السلم بالفعل لكن لما تظاهروا بما ذكرنا ومرادهم دفممع‬
‫الظلم عنهم هل يشك أحد أنهم مرتدون في أكبر ما يكون من الكفر‬
‫والردة‪ .‬إذا صرحوا أن دين السلطان هو الباطل مع علمهم أنممه حممق‬
‫وصرحوا أن دين الفرنج هو الصممواب وأنممه ل يتصممور أنهممم ل يممتيهون‬
‫لنهم أكثر من المسلمين ولن الله أعطمماهم مممن الممدنيا شمميئا ً كممثيرا ً‬
‫ولنهم أهل الزهد والرهبانية‪ .‬فتأمل هذا تأمل ً جيدا ً وتأمل ما صممدرتم‬
‫به الوراق من موافقتهم فيما ينقض به السلم ومعرفتكم بالنمماقض‬
‫فإذا تحققتموه وأنه يكون بكلمة ولو لم تعتقد ويكون بفعممل ولممو لممم‬
‫يتكلم ويكون في القلب من الحب والبغض ولو لم يتكلم ولممم يعمممل‬
‫تبين لك المر"‪] .‬الدررالسنية‪ 116 / 10 :‬م ‪،[117‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبممد الوهمماب‪ ":‬ولكممن أود أن تفكممر فيممما‬
‫تعلم لما اختلف الناس بعد مقتل عثمان وبإجماع أهل العلم‪ :‬أنهممم ل‬
‫يقال فيهم إل الحسنى مع أنهم عثوا في دمائهم ومعلمموم أن كل ً مممن‬
‫الطائفتين أهل العراق وأهل الشام معتقدة أنها على الحق والخممرى‬
‫ظالمة ونبع من أصحاب علي من أشرك بعلي وأجمع الصحابة علممى‬
‫كفرهم وردتهم وقتلهم لكن حرقهم علممي وابممن عبمماس يممرى قتلهممم‬
‫بالسيف‪ .‬أترى أهل الشام لو حملهم مخالفة علي على الجتماع بهم‬
‫والعتذار عنهم والمقاتلة معهم لو امتنعوا أتممرى أحممدا ً مممن الصممحابة‬
‫يشك في كفر من التجأ إليهم؟ ولو أظهر البراءة من اعتقادهم وإنما‬
‫)‪(659‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫التجأ إليهم وزين مذهبهم لجل القتصاص من قتلممه عثمممان؟ فتفكممر‬
‫في هذه القضية فإنها ل تبقى شبهة إل علممى مممن أراد اللممه فتنتممه "‪.‬‬
‫]الدرر السنية ‪،[79 /10‬‬
‫ن الله عليه بالسمملم‪ ،‬وعممرف‬ ‫م ّ‬‫من َ‬‫وقال رحمه الله‪ " :‬وأنت يا َ‬
‫أن ما من إله إل الله‪ ،‬ل تظن أنك إذا قلت‪ :‬هذا هو الحق‪ ،‬وأنا تارك‬
‫ما سواه‪ ،‬لكن ل أتعرض للمشركين‪ ،‬ول أقول فيهم شمميئا ‪ ،‬ل تظممن‪:‬‬
‫أن ذلك يحصل لك به الدخول فممي السمملم‪ ،‬بممل‪ :‬لبممد مممن بغضممهم‪،‬‬
‫وبغض من يحبهممم‪ ،‬ومسممبتهم‪ ،‬ومعمماداتهم‪ ،‬كممما قممال أبمموك إبراهيممم‬
‫والذين معه‪) :‬إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون اللممه كفرنمما بكممم‬
‫وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبد حتى تؤمنوا بالله وحده( وقال‬
‫تعالى‪) :‬فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بممالله فقممد استمسممك بممالعروة‬
‫الوثقى( الية‬
‫وقال تعالى‪) :‬ولقد بعثنمما فممي كممل أمممة رسممول أن اعبممدوا اللممه‬
‫واجتنبوا الطاغوت( ولو يقول رجل‪ :‬أنا اتبممع النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وهو على الحق‪ ،‬لكن‪ :‬ل أتعرض اللت والعزى‪ ،‬ول أتعرض أبا‬
‫جهل‪ ،‬وأمثاله‪ ،‬ما علي منهم‪ ،‬لم يصح إسلمه "‪] .‬الدرر السنية‪/ 2 :‬‬
‫‪[109‬‬
‫وقال في موضٍع آخر‪ ":‬فما الذي فرق بين رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وبين قريش؟ هل هو عند الممالممك والرياسممة والتطمماول‬
‫أو عند ل إله إل الله محمد رسممول اللممه فتفرقمموا عنممد ذلممك وقممالوا‪:‬‬
‫)أجعل اللهة إلها ً واحدا ً إن هذا لشيء عجاب( أتظن أن قريشممًا‪ :‬لممو‬
‫يعلمون أن هذا الكلم مجرد قول بل عمممل وأنهممم يقولممون ل إلممه إل‬
‫الله وينشمأون علمى دينهممم ول يضممرهم وأن النممبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم يرضى منهممم بممذلك وأنممه ل يحمماربهم ول يكفرهممم ول يقمماتلهم‬
‫أتراهممم يممتركون التلفممظ بل إلممه إل اللممه كممما هممو اعتقممادكم أو ديممن‬
‫السلم لفظ ل إله إل الله وأن من قالها فهو المسلم‪ .‬وتأثرون عليها‬
‫حديث جبريل وحديث ))بني السمملم علممى خمسممة أركممان(( ]الممدرر‬
‫السنية ‪.[106 /10‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية في أثناء رده علممى مممن قممال‪ ":‬أن‬
‫من تكلم بالتكذيب والجحد وسائر أنواع الكفر مممن غيممر إكممراه علممى‬
‫وز‬‫ذلك فإنه يجوز أن يكون مع ذلك في نفس الممر مؤمنمًا‪ ،‬وممن جم ّ‬
‫هذا فقد خلع ربقة السلم من عنقه‪ ...‬فمممن قممال كلمممة الكفممر مممن‬
‫)‪(660‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫غير حاجة عامدا لها عالما بأنها كلمة كفر فإنه يكفمر بمذلك ظماهرا‬
‫وباطنا ]ولنا نجوز[ م هكذا جاء في المطبوع ولعلممه]ول نجمموز[ م م أن‬
‫يقال‪ :‬إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا ومن قال ذلك فقد مرق‬
‫من السلم قال سبحانه وتعالى‪)} :‬من كفر بالله من بعممد إيمممانه إل‬
‫ن باليمممان ولكممن مممن شممرح بممالكفر صممدرا‬ ‫مممن أكممره وقلبممه مطمئ ٌ‬
‫ب عظيم({ معلوم أنه لممم يممرد هنمما‬ ‫ب من الله ولهم عذا ٌ‬ ‫فعليهم غض ٌ‬
‫بالكفر اعتقاد القلب فقط‪ ،‬لن ذلك ل يكممره الرجممل عليممه‪ ،‬وهممو قممد‬
‫استثنى من أكره ولم يرد من قال واعتقد‪ ،‬لنه استثنى المكره وهممو‬
‫ل يكره على العقد والقول‪ ،‬وإنما يكره على القول فقمط‪ ،‬فَعُِلمم أنممه‬
‫ب من اللممه ولممه عممذاب عظيممم‬ ‫أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غض ٌ‬
‫وإنه كافر بذلك إل من أكره وهو مطمئن باليمان‪ ،‬ولكن من شممرح‬
‫بالكفر صدرا من المكرهين فإنه كافر أيضا ‪ ,‬فصار من تكلم بممالكفر‬
‫ن‬‫كممافرا إل مممن أكممره فقممال بلسممانه كلمممة الكفممر وقلبممه مطمئ ٌ‬
‫باليمان"‪] .‬الصارم‪.[500 :‬‬
‫وقال الشيخ محمد بمن عبمد الوهماب‪ ":‬اعلمموا‪ :‬أن الدلمة علمى‬
‫تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله أو صممار مممع المشممركين علممى‬
‫الموحدين ولو لم يشممرك أكممثر مممن أن تحصممر مممن كلم اللممه وكلم‬
‫رسوله وكلم أهل العلم كلهم‪ .‬وأنا أذكر لكم آية مممن الكتمماب أجمممع‬
‫أهل العلم على تفسيرها وأنها في المسلمين وأن من فعل ذلك فهو‬
‫كافر في أي زمان كان قال تعالى‪(:‬من كفر بالله من بعممد إيمممانه إل‬
‫من أكره وقلبه مطمئن باليمان( إلى آخر اليممة وفيهمما‪) :‬ذلممك بممأنهم‬
‫استحبوا الحياة المدنيا علمى الخمرة( فمإذا كمان العلمماء ذكمروا‪ :‬أنهما‬
‫نزلت في الصممحابة لممما فتنهممم أهممل مكممة وذكممروا‪ :‬أن الصممحابي إذا‬
‫تكلم بكلم الشرك بلسانه مع بغضه لذلك وعداوة أهلممه لكممن خوف ما ً‬
‫منهم أنه كافر بعد إيمانه فكيممف بالموحممد فممي زماننمما إذا تكلممم فممي‬
‫البصرة أو الحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا ً منهم لكن قبممل الكممراه‬
‫"‪] .‬الدرر السنية ‪.[8 /10‬‬
‫وقال رحمه اللمه تعمالى بعمد أن ذكممر نمواقض السمملم العشممرة‬
‫المجمع على كفر من فعل أحدها‪ ":‬ول فرق في جميع هذه النواقض‬
‫بين الهازل والجاد‪ ،‬والخائف إل المكره"‪.‬‬
‫فتحصل من جميع ما تقدم أن الله لم يعذر من قال أو فعل كفرا‬
‫ً ظاهرا لي سبب أو دافممع كممان إل المكممره بنممص القممرآن والجممماع‬
‫)‪(661‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وكلم العلماء رحمهم الله وبعد هذا يظهر عظممم خطممأ صمماحب هممذه‬
‫الورقات ويتضح مخالفته للجماع ولنصوص السنة والقرآن فممي غيممر‬
‫موضع كما مّر بنا وكذلك ما ستقف عليه أيها المحممب أثنمماء الرسممالة‬
‫وفيما ذكر من الدلة وكلم العلماء قرة عين للموحممدين وشممفاء لممما‬
‫في الصدور من كل شك وريب كما ل يخفى على الناقممد البصممير إذا‬
‫سلم من الغراض وكان ممن يطلب الحق بممدليله وعافمماه اللممه مممن‬
‫التعصب والهوى‪....‬‬

‫)‪(662‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فصل‪ :‬في بيان مخالفته الصريحة للجماع بالنقض تارة‬
‫وبالتأويل أخرى‬

‫وقال فممي الممرد الول ]ص‪ - :[13 :‬إجابممة العممتراض الثمماني‪ /‬أن‬
‫يقمال‪ :‬إن الجماعممات المحكيممة مما بيمن أمريمن‪ :‬إممما أنهمما إجماعمات‬
‫منقوضة مخرومة ‪ -‬كما سبق ‪ -‬أو محمولممة علممى السممجود لممه علممى‬
‫غير وجه الستحقاق الذي يلزم منه تقرب القلب للوثن ‪ -‬كما سيأتي‬
‫بيانه‪ -‬وهذا الكلم ل يعارض مذهب أهل السنة‪( ..‬‬
‫******************************************************‬
‫***************‬
‫الجواب‪ :‬هذه مصادمة للنصمموص الشممرعية ممن الكتماب والسمنة‬
‫وخرقٌ لجماع المة المحمدية من غير مبرر سوى الدعوى العريضممة‬
‫العارية والستحسانات الهابطة بمجرد الظنون والتممأويلت السمماقطة‬
‫ف ظمماهر‬ ‫الباردة ولكن كما قيل آفة العلم الفهم السقيم وهممذا تحريم ٌ‬
‫وتفسيٌر بالمفهوم الباطل وقد تقممدم نقممل الجممماع فممي غيممر موضممع‬
‫ونعيده هنا من باب التذكر والستصحاب له‬
‫قال المام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعد أن ذكر نواقض‬
‫السلم العشممرة‪ ":‬ول فممرق فممي جميممع هممذه النممواقض بيممن الهممازل‬
‫والجاد‪ ،‬والخائف إل المكره"‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه‪]:‬منهمماج التأسمميس‬
‫والتقديس‪ ":- [134 :‬وقد قرر الفقهاء وأهل العلممم فممي بمماب الممردة‬
‫وغيرها أن اللفاظ الصممريحة يجممري حكمهمما وممما تقتضمميه وإن زعممم‬
‫المتكلم بها أنه قصد ما يخممالف ظاهرهمما‪ .‬وهممذا صممريح فممي كلمهممم‬
‫يعرفه كل ممارس "‪.‬‬
‫وقال الصممنعاني رحمممه اللممه فممي]تطهيممر العتقمماد[‪ ":‬قممد صممرح‬
‫الفقهاء في كتب الفقه في باب الممردة‪ :‬أن مممن تكلممم بكلمممة الكفممر‬
‫يكفر وإن لم يقصد معناها‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيميممة‪ ":‬المموجه الثممالث‪ :‬أن اعتقمماد ح م ً‬
‫ل‬
‫ب كفر سواء اقترن بممه وجممود السممب أو لممم يقممترن فممإذا ً ل أثممر‬ ‫الس ّ‬
‫ب في التكفيممر وجممودا ً وعممدما وإنممما المممؤثر هممو العتقمماد وهممو‬
‫للس ً‬
‫خلف ما أجمع عليه العلماء‪ .‬الوجه الرابع‪ :‬أنممه إذا كممان المكفممر هممو‬

‫)‪(663‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب مسممتحل‬ ‫اعتقاد الحل فليس فممي السممب ممما يممدل علممى أن السمما ّ‬
‫فيجب أن ل يكفر ل سيما إذا قال‪)) :‬أنا أعتقممد أن هممذا حممرام وإنممما‬
‫أقول غيظا ً وسفها ً أو عبثا ً أو لعبًا(( كمما قمال المنمافقون‪} :‬إنمما كنما‬
‫نخوض ونلعب{ وكما إذا قممال‪ :‬إنممما قممذفت هممذا وكممذبت عليممه لعبما ً‬
‫وعبثًا"‪] .‬الصارم‪.[496 - 495 :‬‬
‫وقممال الشمميخ عبممد الرحمممن بممن محمممد بممن قاسممم العاصمممي‬
‫النجدي‪ ":‬ل يمنع القول بشرك من جعل مع الله إلها ً آخر‪،‬فإن الخممذ‬
‫فممي الممدنيا بممالظواهر‪ ،‬وممما دل عليممه اللفممظ صممريحًا‪ ،‬وهممذه قاعممدة‬
‫معروفة أن الحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السممرائر ونممص‬
‫العقلء‪ :‬على أن من الحمق المتناهي تكذيب العين‪ ،‬وتصديق الظمن‪،‬‬
‫فكيف نقبل منك هذه الدعوى‪ ،‬وقد قال عمممر رضممي اللممه عنممه‪ ":‬إن‬
‫الوحي قد انقطع وإنما نؤاخذكم الن بما ظهممر لنمما‪ ،‬فمممن أظهممر لنمما‬
‫خيرا ً أمناه وقربناه‪ ،‬وليس لنا من سريرته شيء واللممه يحاسممبه فممي‬
‫سريرته‪ ،‬ومن أظهر لنما سموءا ً لمم نمؤمنه ولمم نصمدقه وإن قمال إن‬
‫سريرته حسنة(‪,‬وعلى هممذا إجممماع المسملمين"‪] .‬السمميف المسمملول‬
‫على عابد الرسول‪.[136 :‬‬
‫وقال المجدد الثاني الشيخ عبممد الرحمممن بممن حسممن آل الشمميخ‬
‫رحمممه اللممه‪ ":‬أجمممع العلممماء سمملفا وخلفمما مممن الصممحابة والتممابعين‬
‫والئمة وجميع أهل السنة‪ :‬أن المرء ل يكون مسلما إل بالتجرد مممن‬
‫الشرك الكبر والبراءة منه وممن فعله وبغضهم ومعمماداتهم بحسممب‬
‫الطاقة والقدرة وإخلص العمممال كلهمما للممه "‪] .‬الدررالسممنية‪/ 11 :‬‬
‫‪[545‬‬
‫وقال أيضا رحمهم الله‪) :‬ول ريب‪:‬أن الكفر ينافي اليمان ويبطله‬
‫ويحبط العمال بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين‪ ،‬قال الله تعممالى‪:‬‬
‫}ومممن يكفممر باليمممان فقممد حبممط عملممه وهممو فممي الخممرة مممن‬
‫الخاسرين{‪- .‬ثم قال‪ -‬وكل كافر قد أخطأ والمشركون ل بد لهم من‬
‫تأويلت‪ ،‬ويعتقدون أن شركهم بالصالحين تعظيم لهم ويممدفع عنهممم‪،‬‬
‫فلم يعذروا بذلك الخطأ‪ ،‬ول بذلك التأويل بممل قممال تعممالى‪} :‬والممذين‬
‫اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إل ليقربونا إلى الله زلفممى إن اللممه‬
‫يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفممون إن اللممه ل يهممدي مممن هممو كمماذب‬
‫كفار{ ‪ -‬ثم ذكر آيات في ذلك ثم قال‪ -:‬أين ذهب عقل هذا عن هذه‬
‫اليات وأمثالها من اليات المحكمات! والعلممماء رحمهممم اللممه تعممالى‬
‫)‪(664‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫سلكوا منهج السممتقامة وذكممروا بمماب حكممم المرتممد‪ ،‬ولممم يقممل أحممد‬
‫منهممم‪ :‬أنممه إذا قممال كف مًرا‪ ،‬أو فعممل كف مًرا‪ ،‬وهممو ل يعلممم أنممه يضمماد‬
‫الشمهادتين أنمه ل يكفمر بجهلمه‪ .‬وقمد بيمن اللمه فمي كتمابه أن بعمض‬
‫المشركين جهال مقلدون فلم يرفع عنهممم عقمماب اللممه بجهلهممم كممما‬
‫قال تعالى‪:‬ومن النمماس مممن يجممادل فممي اللممه بغيممر علممم ويتبممع كممل‬
‫شيطان مريد{‪ -‬إلى قوله‪ -:‬إلى عذاب السعير{ ]الدرر السنية‪/11 :‬‬
‫‪،[487‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله‪ ":‬وقد ذكر العلماء مممن‬
‫أهل كل مذهب أشياء كثيرة ل يمكن حصرها مممن القمموال والفعممال‬
‫والعتقادات أنه يكفر صاحبها‪ ،‬ولم يقيممدوا ذلممك بالمعانممد‪ .‬فالمممدعي‬
‫دا أو جمماهل‬‫دا أو مخطًئا أو مقلمم ً‬ ‫أن مرتكممب الكفممر متممأول ً أو مجتهمم ً‬
‫معذور مخالف للكتمماب والسممنة والجممماع بل شممك مممع أنممه ل بممد أن‬
‫ينقض أصله فلو طرد أصله كفر بل ريب كما لو توقف في تكفير من‬
‫شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم "‪] .‬النتصار[‪.‬‬
‫وقال العلمة سليمان بن سحمان‪ ":‬قد يدعي المدعي أنه يؤمن‬
‫بالله وهو ل يجتنب الطاغوت وتكون دعواه كاذبة قال تعممالى‪] :‬ولقممد‬
‫بعثنا في كل أمةٍ رسول ً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من‬
‫هدى الله ومنهم من حقت عليه الضللة{ فأخبر أن جميع المرسلين‬
‫قد بعثمموا باجتنمماب الطمماغوت فمممن لممم يجتنبممه فهممو مخممالف لجميممع‬
‫المرسلين "‪] .‬الدرر السنية‪[501 / 10 :‬‬
‫ويقممول القاضممي عيمماض‪ " :‬اعلممم أن مممن اسممتخف بممالقرآن‪ ،‬أو‬
‫المصحف أو بشممئ منممه‪ ....‬فهممو كممافٌر عنممد أهممل العلممم بالجممماع "‪.‬‬
‫]الشفا‪ 1101 / 2 :‬م ‪.[1076 /2‬‬
‫وقال المام إسحاق بن راهويه‪ ":‬أجمع المسلمون على أن مممن‬
‫سب الله أو سب رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم أو دفممع شمميئا‬
‫مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل أنه كافر‬
‫بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله"‪] .‬الصارم‪32 :‬م ‪[33‬‬
‫وقال أيضا رحمه الله تعالى‪":‬ومما أجمعوا على تكفيره وحكموا‬
‫عليه كما حكموا على الجاحد‪ ،‬فالمؤمن الذي آمن بالّله تعالى‪ ،‬ومممما‬
‫جاء من عنده‪ ،‬ثم قتل نبيًا‪ ،‬أو أعان على قتلممه‪ ،‬ويقممول قتممل النبيمماء‬
‫محرم‪ ،‬فهو كافر‪.‬‬

‫)‪(665‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫]تعظيم قدر الصلة لمحمد بن نصر المروزي‪[2/930:‬‬
‫وقال محمد بن سحنون القيرواني‪ ":‬أجمع العلماء على أن شاتم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم والمتنقص لممه كممافٌر والوعيممد جممار عليممه‬
‫بعذاب الله وحكمه عند المممة القتممل ومممن شممك فممي كفممره وعممذابه‬
‫كفر"‪] .‬الصارم‪ 32 :‬م ‪.[33‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪ ":‬فإن أهل الملل متفقون على أن‬
‫الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الصنام وكفممروا مممن يفعممل ذلممك‪....‬‬
‫وأن المؤمن ل يكون مؤمنا حتى يتبرأ من عبادة الصنام وكل معبود‬
‫سوى الله كما قال تعالى‪) :‬قد كانت لكم أسوة حسممنة فممي إبراهيممم‬
‫والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكمم وممما تعبمدون ممن دون‬
‫الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضمماء أبممدا حممتى تؤمنمموا‬
‫بالله وحده( وذكر آيات ثم قال‪:‬فإن اليهود والنصممارى يكفممرون عبمماد‬
‫الصنام "‪] .‬مجموع الفتاوى‪.[128 / 2 :‬‬
‫ب رسوله كفٌر ظاهرا‬ ‫س َ‬‫ب الله أو َ‬ ‫س ّ‬‫وقال أيضا رحمه الله‪ ":‬إن َ‬
‫وباطنا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحل له أو‬
‫كان ذاهل عن اعتقاده هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين‬
‫بأن اليمان قول وعمل"‪] .‬الصارم‪[492 :‬‬
‫ب كفر سواء اقترن به‬ ‫ل الس ّ‬ ‫وقال في موضع آخر‪ ":‬أن اعتقاد ح ً‬
‫ب في التكفير وجودا ً وعدما‬ ‫وجود السب أو لم يقترن فإذا ً ل أثر للس ً‬
‫ً وإنممما المممؤثر هممو العتقمماد وهممو خلف ممما أجمممع عليممه العلممماء "‪.‬‬
‫]الصارم‪.[496 :‬‬
‫وبعد هذا يتبين تهافت قوله‪) :‬وهذا الكلم ل يعارض مذهب أهممل‬
‫السنة( كما زعم هذا القائل الذي ل يممدري ممما يخممرج مممن رأسممه ول‬
‫يدري أنه ل يدري ويظن كل سوداء تمرة وكممل بيضمماء شممحمة واللممه‬
‫المستعان وعليه التكلن فأين الممدعوى مممن البينممة وهممذه جممرأة فممي‬
‫ركوب الباطل وإصرار في النزلق في المخمماطر وإذا تأمممل العاقممل‬
‫ن الله عليه من نعمة العقل فحمممد‬ ‫ما في هذا الكلم عرف قدر ما م ّ‬
‫الله وأثنى عليه بما هو أهلمه وسمأله المعافماة مممن هممذه الغلوطممات‬
‫والورطات التي ل يقضي منها الريب العجب والله المسممتعان وفممي‬
‫هذا القدر كفاية إن شاء الله لمن أراد اللممه هممدايته وأممما مممن صمممم‬
‫على الباطل فل حيلة فيه‪.‬‬

‫)‪(666‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وقد تم المقصود مما أردناه وصلى الله على محمد وآلممه وصممحبه‬
‫وسلم‬
‫تم الفراغ منها بعون الله في مساء يوم الجمعة لثمان خلون من‬
‫شممهر جمممادى الولممى لسممنة ألممف وأربعمممائة وثلثممة وعشممرون مممن‬
‫الهجرة النبوية‬
‫وكتبه‪ :‬أحمد بن حمود الخالدي‬
‫الحساء مم الهفوف‬

‫)‪(667‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأورد هنا حوارا ً كتبه الشيخ حامد العلي فيه فائدة وعبرة‬
‫حوار بين شيخ وطالب علم‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫دخل شاب يعلو وجهه الحياء‪ ،‬عليه أثار الطاعممة‪ ،‬أحممد المسمماجد‬
‫الكبيرة فوجد حلقة علم كبيرة‪ ،‬يتوسطها شيخ قارب الخمسممين مممن‬
‫عمره أو تجاوزها بقليل‪ ،‬وهو يشرح في أحد الكتممب‪ ،‬وحمموله الطلب‬
‫يكتبون عنه ما يقول‪ ،‬فوقف علممى الحلقممة فأشممار عليممه الشمميخ بممأن‬
‫يجلس‪..‬‬
‫فقال الشاب‪ :‬لم آتي لجلس‪..‬‬
‫فقال الشيخ‪ :‬ماذا تريد‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬أريد أن أسألك سؤا ً‬
‫ل‪..‬‬
‫فقطع الشيخ درسه‪ ،‬وقال‪ :‬تفضل أسئل‪..‬‬
‫فقال الشاب‪ :‬ما الحل؟‪..‬‬
‫فقال الشيخ‪ :‬أي حل؟‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬حل ما نحن فيه من الممذل والهمموان الممذي نعيشممه‪،‬‬
‫والمآسي والجراح التي فممي كممل بقمماع السمملم‪ ،‬وجممموع الصممليبيين‬
‫نزلت في بلد المسلمين‪ ،‬وبدأت الحرب الصليبية الجديدة‪..‬‬
‫فتفاجأ الشيخ بهذا السؤال‪ ،‬فسكت برهة ثم قال‪ :‬اعلم أن اللممه‬
‫أرسل محمد صلى الله عليه وسلم رحمممة للعممالمين‪ ،‬وأعطمماه نممورا ً‬
‫يهدي بممه مممن يشمماء‪ ،‬وقممد أمممره أن يبلممغ دينممه بالحكمممة والموعظممة‬
‫الحسنة‪ ،‬وأن يدفع بالتي هممي أحسممن‪ ،‬لكممي يكسممب قلمموب أعممداءه‬
‫فيدخلون في هذا الدين وفعلينا أن نسير علممى طريقممه فممي الممدعوة‬
‫وإيجاد طرق كثيرة ليصال الدين لغير المسلمين‪..‬‬
‫فقال الشاب‪ :‬فأين الجهاد؟‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬الجهاد فريضة وشعيرة مممن شممعائر الممدين عظيمممة‬
‫ومن أنكرها فهو كافر‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إذا ً لماذا ل نجاهد في سبيل الله ونممدفع العممدو عممن‬
‫بلد المسلمين‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬لكن الجهماد لمه شمروط‪ ،‬إذا تحققممت بممدأنا الجهمماد‪،‬‬
‫وأيضا ً لبد من التكافؤ بيننا وبين أعدائنا‪..‬‬
‫)‪(668‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال الشاب‪ :‬ل أعرف أحدا مممن أهممل العلممم قممال أنممه يجممب أن‬
‫يكون للجهاد شممروط إذا كممان الجهمماد دفعمما للعممدو الصممانل المفسممد‬
‫للدين والدنيا‪ ،‬بل قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله‪ " :‬أما العممدو‬
‫الصانل الذي يفسد الدين والدنيا ليس أوجب بعد اليمممان ممن دفعمه‬
‫"‪ ،‬وحالنا الن هي جهمماد دفممع ومممن وضممع الشممروط فعليممه أن يثبممت‬
‫بالدليل أن جهاد اليوم ليس جهاد دفع‪ ،‬والشروط الممتي وضممعت الن‬
‫هي في جهاد الطلب فقط‪ ،‬ثم من قال أنه يجب أن يكون بيننا وبيممن‬
‫الكفار تكافؤ في العدد والعدة هذا القممرآن بيممن أيممدينا‪ ،‬قممال تعممالى‪:‬‬
‫))وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتيممن‪ ،‬وإن‬
‫يكن منكم ألفا ً يغلبوا ألفين بإذن اللممه واللممه مممع الصممابرين((‪ ،‬وقممال‬
‫تعالى‪)) :‬قد كان لكمم فمي فئتيمن التقتما فئة تقاتمل فمي سمبيل اللمه‬
‫وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رئي العين والله يؤيد بنصره من يشمماء‬
‫إن في ذلك لعبرة لولى البصار((‪ ،‬وقال تعالى‪)) :‬كم من فئة قليلممة‬
‫غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين((‪ ،‬وهممذه سممرايا النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وغزواته لم يتحقق فيها التكافؤ الذي ذكممرت‪،‬‬
‫فهذه بدر وأحد والخندق ومؤتة‪ ،‬وغيرها شاهدة أنه ل يجممب التكممافؤ‪،‬‬
‫بل إن الكثرة كانت أحد أسباب الهزيمة في غزوة حنين‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫))ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا(( فنحن نقاتل‬
‫العدو باليمان الذي في صدورنا‪ ،‬وثقتنا بنصر الله لجنده‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫))إن تنصممروا اللممه ينصممركم((‪ ،‬وقممال تعممالى‪)) :‬وإن جنممدنا لهممم‬
‫الغالبون(( فمن أين أتت مقولة أنه لبد من التكافؤ‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬لكن نحن ل يوجد عندنا أسمملحة متطممورة‪ ،‬ول يوجمد‬
‫لدينا أماكن للتدريب‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬وهل من الضروري للجهاد أن يكممون لممدينا أسمملحة‬
‫متطورة‪ ،‬والله يقول‪)) :‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط‬
‫الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم(( فالله لم يكلفنا مال نطيق‪ ،‬بممل‬
‫أمرنا أن نعد للجهاد مما نسمتطيع‪ ،‬ولمو كنما ل نسمتطيع أن نتمدرب إل‬
‫على رمي الحجارة لعذرنا الله في ذلك‪ ،‬فالله كفيل بممأن ينصممرنا إذا‬
‫قمنا بما أمرنا به على أكمل وجه‪ ،‬والله نصممر موسممى عليممه السمملم‬
‫بعصا‪ ،‬ونصر النمبي صملى اللمه عليمه وسملم فمي بمدر بحفنمة تمراب‪،‬‬
‫ونصره في الخندق بالريح‪ ،‬المهم أن يكون عندنا صممدق وإعممداد بممما‬
‫نستطيع‪ ،‬ثم إذا قمنا بما نستطيع ولم نفرط فممي شممي فالنتيجممة بيممد‬
‫)‪(669‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله إن شاء نصرنا وإن شاء غيممر ذلممك‪ ،‬ثممم وللممه الحمممد كممل شمميء‬
‫متوفر لك للعداد من السمملحة وغيرهمما‪ ،‬وأممماكن التممدريب موجممودة‬
‫فالصحاري والجبال كثيرة‪ ،‬ول يشممترط أن يكممون التممدريب جممماعي‪،‬‬
‫بل كل يقوم بما أمره الله حسب استطاعته‪..‬‬
‫قممال الشمميخ‪ :‬طيممب‪ ..‬إذا تممدربت واقتنيممت السمملح كممما تقممول‬
‫فستتعرض للعتقال والسجن‪ ،‬ومنع الدروس وتتعطل الدعوة وتضيع‬
‫جهود سنوات‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬من يعتقلك ويسجنك ويمنع الدروس؟‪..‬‬
‫فسكت الشيخ قليل ً ثم قال‪ :‬الحكومة‪..‬‬
‫فقال الشاب‪ :‬أي حكومة‪ :‬هل هي الحكومة المريكية؟‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬ل بل هي حكومة بلدنا الذي نحن فيه‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬لماذا؟‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬لنها ل تريد أحدا يتدرب على هذه المور‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬وهل لها طاعة في هذا المر‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬طاعة ولي المر واجبة‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬في غير معصية الله‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬نعم في غير معصية الله‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إذا أمرك الله بأمر‪ ،‬وأمرتممك الحكومممة بممأمر فمممن‬
‫تطيع؟‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬أطيع الله‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إذا ً لماذا ل تطيع الله في مسألة العداد وقد أمرك‬
‫الله به‪ ،‬ونهتك الحكومة عنه‪ ،‬والحكومة معطلة للجهاد فهممي جمعممت‬
‫بين المنع والتعطيل‪..‬‬
‫فسممكت الشمميخ‪ ،‬ثممم قممال‪ :‬لكممن المصمملحة تقتضممي عممدم إثممارة‬
‫الحكومة على الشباب المتدين‪..‬‬
‫ل‪ ،‬إذا هم قاموا بما أمممر اللممه بممه‪ ،‬أم‬ ‫قال الشاب‪ :‬لماذا تثور أص ً‬
‫أنها تنفذ مخططات الصليبيين في منع الجهاد وتعطيله‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬ليس لهذا الكلم داعي‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬هذا المر ليس سرا ً نخشى من إذاعته‪ ،‬وهو معلممن‬
‫للجميع‪ ،‬فهذه الصحف والمجلت والقنوات الرسمية وغيممر الرسمممية‬

‫)‪(670‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تجاهر به بل تفتخر به أيضا‪ ،‬فلماذا نخاف من إعلنه‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬نحن نحتمماج أن نسممير بخممط متمموازي مممع الحممداث‪،‬‬
‫والبتعاد عن أسملوب المواجهمة‪ ،‬والحفماظ علمى مكتسمبات المدعوة‬
‫التي بنيت منممذ سممنين طويلممة‪ ،‬فلممو أثيممرت هممذه المممور فسممتتعطل‬
‫حلقممات تحفيممظ القممرآن‪ ،‬ودروس العلممم فممي المسمماجد‪ ،‬وتغلممق‬
‫التسجيلت السلمية‪ ،‬ويمنع الدعاة من إلقمماء الخطممب‪ ،‬وبهممذا نمنممع‬
‫الخير من أمر ل نعلم ما هي عاقبته‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬أسمح لي أن أبين لك كل نقطة على حدة‪..‬‬
‫أما قولك‪ :‬أن نسير مع الحداث في خط متوازي‪ ،‬فهمذا ل يمكمن‬
‫بحال لنه مخالف لدين اللممه‪ ،‬ومخممالف لسممنن اللممه فممي الرض مممن‬
‫المواجهة بين الحق والباطل‪ ،‬قال الله تعالى‪)) :‬وكممذلك جعلنمما لكممل‬
‫نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصمميرا((‪ ،‬وفممي الحمديث‬
‫الصحيح حينما قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسمملم‪" :‬ممما‬
‫جاء رجل بمثل ما جئت به إل عودي"‪ ،‬فل يمكن أن يسير أولياء اللممه‬
‫الداعين إلى الخير والهدى مع أهل الردة والفجور والفسق والزندقة‬
‫بحمال‪ ،‬إل أن يمبيع أهمل الخيمر دينهمم لهمؤلء‪ ،‬ويميعموا قضمية المولء‬
‫والبراء ويرون التعايش مممع أمممم الكفممر النصممرانية‪ ،‬وهممذا هممو الممذي‬
‫يجعل الدعوة تسير بخط متوازي مع الحداث‪ ،‬حيممث ل ولء ول بممراء‬
‫ول جهاد ول نبذ للمعبودات من دون الله ول مفاصلة مع الطممواغيت‪،‬‬
‫وهذا ل أعتقد يقوله مسلم إل من أعمى الله بصيرته‪.‬‬
‫أما قولك‪ :‬البتعاد عن المواجهة‪ ،‬إذا ً ما هي فممائدة القممرآن إذا لممم‬
‫يكن هناك صمدع بمالحق وتسمفيه لحلم الطمواغيت‪ ،‬وعيمب آلهتهمم‪،‬‬
‫وبيان ما هم فيه من ضلل والله يقول لنبيه صلى الله عليممه وسمملم‪:‬‬
‫))واصدع بما تؤمر(( ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمممر أن‬
‫يصدع ُُبالتوحيد وأن يأمر قومه بنبذ عبادة الصنام وعبادة الله وحده‪،‬‬
‫خرج النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من ديممارهم إل‬ ‫ولماذا أ ُ ُ‬
‫بسبب المواجهة والصدع بالتوحيد‪ ،‬فلم يرضى منهم الكفار ذلك ولن‬
‫يرضى الطواغيت إل بالطرد والسجن والقتل لكل مممن عمماب آلهتهممم‬
‫وسفه أحلمهممم‪ ،‬ولسممت أقصممد هنمما المواجهممة المسمملحة فهممذه لهمما‬
‫شروطها‪ ،‬ولكن بيان العقيدة الصحيحة في الحممداث وعممدم الخمموف‬
‫ودس الرؤوس في الممتراب وتحمممل الذى فممي سممبيل اللممه والصممدع‬
‫بالحق‪ ،‬لن السكوت رضا بالباطممل وتلممبيس علممى المممة فممي دينهمما‪،‬‬
‫)‪(671‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والعلماء هم أولى من يصدع بالحق لنهم هم ورثة النبوة‪..‬‬
‫أما قولك‪ :‬والمحافظة على مكتسبات الدعوة‪ ،‬والله أني لعجممب‬
‫كأن أهل العلم لم يقرؤوا القرآن‪ ،‬ولم يعلموا سيرة النبي صلى اللممه‬
‫عليه وسلم فممي العهممد المكممي وكيممف كممان يصممدع بالتوحيممد‪ ،‬وبيممان‬
‫بطلن عبادة الصنام‪ ،‬وغالب ما نزل في العهممد المكممي مممن القممرآن‬
‫الكريم كان حول العقيممدة والصممبر علممى الممدعوة وتحمممل الذى فممي‬
‫سبيل الله‪ ،‬وبيان سير النبياء في الصدع بالحق‪ ،‬وقممد تكمررت قصمة‬
‫موسى عليه السلم مع فرعون لبيان منهج الطغاة في التعامممل مممع‬
‫الدعاة والمصلحين‪ ،‬فكيف نترك طريقه النبيمماء ونحكممم عقولنمما‪ ،‬ثممم‬
‫ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم منكم في كيفيممة مممواجهه‬
‫الحداث التي مرت عليه‪ ،‬وهو يقدر علممى أن يجعممل لممه تحممت ظلل‬
‫الكعبة حلقه علم‪ ،‬ويغض الطرف عن الصنام حممول الكعبممة‪ ،‬ويممدعو‬
‫صناديد قريش الصادين عن ذكر الله والقامعين للصالحين والمممؤذين‬
‫للمممؤمنين بالحكمممة وتغليممب جممانب المصمملحة والمحافظممة علممى‬
‫مكتسبات الدعوة ولم يضطر إلى المواجهة حتى ضرب وجهه ووضع‬
‫سل الجممزور علممى ظهممره وخنممق بممردائه حممتى كممادت تزهممق نفسمه‪،‬‬
‫وعممذب أصممحابه بصممنوف العممذاب والذى وعنممدما وقفممت قوافممل‬
‫الممداخلين فممي السمملم أمممر مممن ربممه بممالهجرة والمفاصمملة وعنممد‬
‫استقراره في المدينة سل السيف على قومه وأرغم أنوفهم‪..‬‬
‫وهؤلء الصحابة رضوان الله عليهم بعممد وفمماة النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم هل قممالوا نبقممى فممي المدينممة ونحممافظ علممى مكتسممبات‬
‫الدعوة وقد جاهدنا مع النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬بممل إنهممم بعممد‬
‫وفاة النبي صلى اللممه عليممه وسمملم دخلمموا أعظممم دولممتين فممي ذلممك‬
‫الوقت‪ ،‬ووصلوا إلى حدود الصين وأطراف فرنسا فممأين نحممن منهممم‬
‫إذا كنا ندعي أنا أتباع السلف الصالح‪ ،‬أم أنا نتبعهم في كل شمميء إل‬
‫في هذا المر‪ ،‬والله تعالى يقول‪)) :‬لقد كممان لكممم فممي رسممول اللممه‬
‫أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الخر(( فالذين يرجممون اللممه‬
‫واليوم الخر وما فيه من نعيم للمتقين هم الذين يضحون بكممل شممي‬
‫في سبيل الله والجهاد في سبيله ويتحملون صنوف الذى لتبليغ دين‬
‫الله وإخراج العباد من عبمادة غيمر اللمه لعبمادة اللمه وحمده‪ ،‬وأعظمم‬
‫مكسب للدعوة إنقاذ الناس من عممذاب اللممه وفممي الحممديث‪ " :‬يممأتي‬
‫النبي ومعه الرجلن ويأتي النبي وليس معه أحد " أليس إنقاذ هممذين‬
‫)‪(672‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الرجلين من النار مكسب مع أن الداعي نممبي وليممس شممخص عممادي‬
‫أي أنه مؤيد بالوحي ولم يسلم غيرهما من أمة ذلممك النممبي المممذكور‬
‫في الحديث‪..‬‬
‫ثم إن مكتسبات الدعوة ليست بأهم مممن الصممدع بالتوحيممد فممأي‬
‫فائدة في شريط أو كتيب أو مجلممة ل تممذكر توحيممد اللممه خالص ما ً وإن‬
‫دعت إليه فمن طرف خفي‪ ،‬وتنظيرا ً ل تطبيقًا‪ ,‬ثم إني سائلك بممالله‬
‫هل مكتسبات الدعوة التي تتحدث عنهمما فممي ازديمماد أم فممي تنمماقص‬
‫والواقع يشهد كل يوم انتكاسة جديممدة لمكتسممبات الممدعوة‪ ،‬وقلممت‪:‬‬
‫نمنع الخير لمر ل ندري ما عاقبته‪ ،‬أقممول إن اللممه لممما أمممر بالجهمماد‬
‫والعداد ومواجهة طواغيت الرض‪ ،‬يعلم النتيجة مسبقا ً وما سممتؤول‬
‫عدنا بالنصر إذا قمنا بأمر الله‪ ،‬أما النتيجة فبيد‬ ‫إليه الحداث‪ ،‬ونحن وُ ِ‬
‫الله ينصر مممن يشمماء ويممذل مممن يشمماء‪ ،‬واللممه يعلممم أن فممي الجهمماد‬
‫ومواجهممة الطممواغيت‪ ،‬القتممل والممدمار والسممر والسممجن والتعممذيب‪،‬‬
‫والمممر بيممده وحممده‪ ،‬ونحممن لسممنا مطممالبون بالنتيجممة بممل مممأمورون‬
‫بالقيام بما نسممتطيع‪ ،‬واللممه يقممول لنممبيه‪)) :‬وإممما نرينممك بعممض الممذي‬
‫نعممدهم أو نتوفينممك فإنممما عليممك البلغ وعلينمما الحسمماب((‪ ،‬وهممؤلء‬
‫أصحاب الخممدود احرقمموا جميعما ً بالنممار لممما أمنمموا وجعممل اللممه ذلممك‬
‫العذاب فوزا ً كبيرًا‪ ،‬فنحن علينا القيام بالمر والله المتصممرف بملكممه‬
‫ثم نحن موعودون بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬يبدو أنك متحمس ول تدرك المور جيدًا‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إذا كان حماسي منضبط بالضوابط الشممرعية فهممو‬
‫محمود‪ ،‬وماذا تقول في حماس عمر بمن الخطماب وحممزة بمن عبمد‬
‫المطلب‪ ،‬حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في دار الرقممم‬
‫بن أبي الرقم أخرج بنا نطوف بالبيت‪ ،‬فخرجمموا فممي صممفين والنممبي‬
‫دعي أنممه‬ ‫صلى الله عليه وسلم بينهما‪ ،‬فأممما إدراك المممور فكممل سممي ّ‬
‫مدرك للمور كما تممدعي ولكممن الضممابط فممي ذلممك ممما وافممق الدلممة‬
‫الشرعية وكان اتقى لله وأنفع للخلق‪..‬‬
‫قال الشمميخ‪ :‬أنممت تطالبنمما أن نخممرج للجهمماد‪ ،‬فمممن يربممي النمماس‬
‫ويعلمهم دينهم إذا خرجنا وتركنا الساحة للمنافقين والعلمانيين؟‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم فمي كمثير ممن‬
‫غزواته ولم يقل كما قلت لمن نترك تربيممة النمماس علمما ً أن المدينممة‬

‫)‪(673‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في وقتممه كممانت مليئة بالمنممافقين والمتممآمرين علممى الممدين الجديممد‪،‬‬
‫وكان فيها أيضا ً اليهود وهم يحيكممون المممؤامرات ضممد السمملم فهممل‬
‫أنتم أحرص على الدين من النبي صلى اللممه عليممه وسمملم والصممحابة‬
‫ل لممم يقلممه‬‫الكرام وهم أتقى لله ممن جاء بعدهم فكيف تقولون بقو ٍ‬
‫ظ ديَنه‪ ،‬والجهاد متعين في هممذا المموقت‬ ‫خير القرون‪ ،‬ثم إن الله حاف ٌ‬
‫ول ُيعَقل أن تجلس تدّرس والمة ُتباد وُتقَتل وُتنت ََهك أعراض الحرائر‬
‫من المسلمات‪ ،‬والسلم جاء لحفظ الضرورات الخمس‪ ،‬والبلد هنمما‬
‫مليممء بالعلممماء وطلبممة العلممم وديممار المسمملمين تنتشممر فيهمما البممدع‬
‫والخرافات والشركيات خصوصا ً ما كان تحممت السممتعمار الشمميوعي‬
‫ول يوجد بها إل القلة من العلماء‪..‬‬
‫فلماذا ل تخرج وتعلم الناس هناك وتجاهد بنفسك وعلمك فيكممون‬
‫لك الجر مضمماعف أم أن التعليممم ل يكممون إل فممي بلممدك والصممحابة‬
‫تفرقوا بعد وفاة النممبي صمملى اللمه عليممه وسمملم فممي أطممراف الممدنيا‬
‫يعلمون الناس أمور دينهم‪ ،‬أم أنهممم قممدوة لنمما إل فممي هممذه والجهمماد‬
‫ومعلوم أنه من المتعذر قدوم أولئك المسلمين لطلب العلم في بلد‬
‫الحرمين لسباب ل تخفى عليك‪ ،‬وأهل تلك البلد متعطشممون للعلممم‬
‫ومعرفة أمور دينهم وهذا مشاهد من واقعهممم‪ ،‬فممالنفع هنمماك أعظممم‬
‫وفي هذه الحالة التعين على العلماء أوجب من غيرهم‪..‬‬
‫قال الشمميخ‪ :‬ولكنممي ل أسممتطيع أن أذهممب لنممي مرتبممط بممدروس‬
‫ومحاضرات في الجامعة ولي نشاط في مكتب الدعوة وُأفتي الناس‬
‫عن طريق الهاتف يوميًا‪ ،‬وأنا مشرف علممى أحممد المواقممع السمملمية‬
‫في النترنت‪ ،‬فبذهابي للجهاد ستتعطل هذه العمال ويحممرم النمماس‬
‫الخير وغيري يقوم بالجهمماد مممع علمممي بفضممل الجهمماد ومنزلتممه فممي‬
‫السلم‬
‫قال الشاب‪ :‬لم أجد في ممما ذكممرت مممن العممذار أنهمما وردت فممي‬
‫القرآن الكريم من العممذار الشممرعية المقعممدة عممن الجهمماد‪ ،‬والمممر‬
‫بسيط جدا فبإمكانك إذا ذهبت للجهاد أن تقيممم دروس ومحاضممرات‪،‬‬
‫وتبدأ الدعوة في بلد المسلمين المنكوبة‪ ،‬وهناك الحرية أعظمم مممن‬
‫بلدك التي تعد عليك النفمماس‪ ،‬ثممم هممذه حجممج مممن ل يريممد الممذهاب‬
‫للجهاد فهل أنت أفضل من النبي صلى الله عليمه وسملم‪ ،‬فمإنه كمان‬
‫المعلم‪ ،‬والمربي‪ ،‬وإمممام الصمملة وخطيممب المسممجد‪ ،‬والفاصممل بيممن‬
‫المتخاصمين‪ ،‬وعاقد النكحممة‪ ،‬والداعيممة‪ ،‬والقاضممي‪ ،‬وقممائد الجيممش‪،‬‬
‫)‪(674‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والمكاتب للملوك‪ ،‬والراد على حجج اليهود‪ ،‬وإذا نادى داعممي الجهمماد‬
‫يكون في المقدمة‪ ،‬وهل أنت أفضل من أبممي بكممر وعمممر والصممحابة‬
‫الكرام‪ ،‬فإنهم إذا سمعوا داعي الجهاد نفروا ولم يلتفتوا إلممى المموراء‬
‫وتضحياتهم معروفة‪ ،‬أم أن سيرتهم فقط للقممراءة والمتعممة وتقطيممع‬
‫الوقات وتسلية شباب الصحوة المخممدر بالحكمممة والمصمملحة‪ ،‬وهممل‬
‫العلماء المتعذرين بهممذه العممذار يرغبممون بأنفسممهم عممن طريممق لممم‬
‫يرغب به النبي صلى الله عليممه وسمملم والصممحابة رضممي اللممه عنهممم‬
‫بأنفسهم‪ ،‬بل بذلوا النفس والنفيس في هذا الطريق‪.‬‬
‫قال الشيخ ‪-‬وقد بدأ الغضب عليه وبدأ العرق يتصبب مممن جممبينه‬
‫وهو يرى أنه أحرج أمام طلبه‪ :-‬أنت مجادل‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬حق أم باطل؟‪..‬‬
‫م من كلمك أنك تنتقممص العلممماء وتعيممب عليهممم‬ ‫قال الشيخ‪ :‬أشت ّ‬
‫القعود‪..‬‬
‫قال الشماب بلهجمة الواثممق بممالله‪ :‬معمماذ اللمه أن أنتقممص العلممماء‬
‫الصادقين المجاهدين المضحين لدينهم‪.‬‬
‫أما قولك أني أنتقص العلماء فليس لحد قدسية ول عصمة ماعدا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم أممما غيممره فمممن أصمماب فلممه منمما‬
‫الحترام والتقدير‪ ،‬ومن أخطأ منهم فينظر إن كممان عممن اجتهمماد منممه‬
‫ولم يخالف نصمما شمرعيا فهممو معممذور ممأجور‪ ،‬أمما ممن أخطمأ منهممم‬
‫وحمممرف النصممموص الشمممرعية لخدممممة أغراضمممه والتلمممبيس علمممى‬
‫المسلمين‪ ،‬وترسيخ حكم الطغاة والمتجبرين في الرض‪ ،‬وأصر بعممد‬
‫المناصحة وإقامة الحجة فل نعمت عينيه ول كرامة‪ ،‬فهو مثل علممماء‬
‫اليهود الذين يكتمون الحق وهم يعلمون‪..‬‬
‫أما قولك أني أعيب على العلماء القعود عن الجهمماد‪ ،‬فممأين أنممت‬
‫من قول الله عز وجل للصحابة الكرام وهم خيممر القممرون‪)) :‬يمما أيهمما‬
‫الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا فممي سممبيل اللممه اثمماقلتم إلممى‬
‫الرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الخرة فما متمماع الحيمماة الممدنيا فممي‬
‫الخرة إل قليل‪ ،‬إل تنفروا يعذبكم عذابا ً أليما ً ويستبدل قوممما غيركممم‬
‫ول تضروه شيئا ً والله على كممل شمميء قممدير(( فممأي الفريقيممن أحممق‬
‫بالعذاب هل هم الممذين خرجمموا مممن ديممارهم وهمماجروا وجاهممدوا فممي‬
‫سبيل الله وبذلوا كل شيء لنصرة هذا الدين مممن الصممحابة الكممرام‪،‬‬

‫)‪(675‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أم العلماء الذين تركوا الجهاد وقعدوا مممع الخوالممف ورضمموا بالحيمماة‬
‫الدنيا الفانية‪ ،‬وهم يرون العدو الصليبي يلتهم بلد المسلمين بلدا تلو‬
‫بلد وهم ل يحركون ساكنا حتى النصرة باللسان لم يقومموا بهما كمأن‬
‫المر ل يعنيهم إذا سلمت لهم دنياهم‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬هذا أنتم أيها المجاهدون متسرعون‪ ،‬وليس عنممدكم‬
‫علم وأعمالكم ردود أفعمال خرجتممم للجهمماد هربما ً مممن واقممع الحيماة‪،‬‬
‫وكثير منكم لم ينجح في حياته العملية‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬هب أننا متسرعون وليس عندنا علم فأين أنممت يمما‬
‫صاحب العلم والمعرفة والحكمة لما لم تأتي إلينا وتعلمنا وتقيممم لنمما‬
‫الدروس‪ ،‬ووالله لو جئت إلينا أنت والعلماء‪ ،‬لوضعناكم فوق رؤوسممنا‬
‫بشممرط أن تممأتوا إلينمما فممي سمماحات المعممارك وحومممة المموغى ل أن‬
‫تنتقدوننا وأنتم على الرائك‪..‬‬
‫إن تخلي أهل العلم عن قيادة المة هو من أسباب هوانها‪ ،‬وأنا ل‬
‫أدعي أن المجاهدين ليس عندهم أخطاء ولكن هي مغمورة في بحر‬
‫دمائهم التي سالت على الرض لتروي شجرة العقيدة والممدفاع عممن‬
‫العراض المستباحة‪ ،‬أما قولك أن أعمالنا همي ردود أفعمال فأعممال‬
‫المجاهممدين هممم أعلممم بهمما مممن القاعممدين لنهممم يممرون ممما ل يممراه‬
‫الخرون‪ ،‬وهم الذين يقدرون المصالح والمفاسد فممي العمممل وليممس‬
‫لكل قاعد أن ينتقدهم بحسب ممما يممرى هممو أنممه مفسممدة وهممي عنممد‬
‫المجاهدين من المصالح والتقدير لهم دون غيرهم‪ ،‬وللمعلوميممة فممإن‬
‫أكثر البحوث الفقيهة في مسائل الجهاد هي من تممأليف المجاهممدين‪،‬‬
‫ثم إن أكثر عمليات المجاهدين التي يقومون بها في كمل مكمان همي‬
‫محاولة لصد العدو من الزحف على باقي ديار المسلمين‪ ،‬فهي جهممد‬
‫المقل‪ ،‬ولو وضعت المة يدها في يد المجاهدين لمكن كسر شمموكة‬
‫خممذل المجاهممدون مممن المممة المتخاذلممة أصممبحت‬ ‫العدو‪ ،‬ولكممن لممما ٌ‬
‫ضرباتهم ُتستنكر ويلمزون بها‪ ،‬وما درت المة أن هذه الضربات هي‬
‫من أجلها وفي سبيل رفعتها‪ ،‬وهي أيضا انتقام لخواننا المستضعفين‬
‫في الرض ومحاولة تخفيف الضغط عليهم‪.‬‬
‫وقل لي بربك عن غزوات النبي صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬هممل هممي‬
‫ردود أفعال أم ل‪ ,‬فقد غزى صلى الله عليه وسلم بني لحيان وعضل‬
‫والقارة لما غدروا بالقراء من أصحابة وقتلوا منهم سبعين رج ً‬
‫ل‪ ،‬ألممم‬
‫يكممن فعلممه صمملى اللممه عليممه وسمملم انتقام ما ً لصممحابه وتأديبمما لهممذه‬
‫)‪(676‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القبائل‪ ،‬ألم يكن قتله لكعب بممن الشممرف‪ ،‬ورافممع بممن أبممي الحقيممق‬
‫لنهم حرضوا علممى المسمملمين وتشممبيب ابممن الشممرف بالصممحابيات‬
‫الفاضلت‪ ،‬فقد أرسل لهم من يقتلهم في بيمموتهم وحصممونهم دفاعمما‬
‫عن السلم وأعممراض المسمملمات فهممل التغممزل والتشممبيب ووصممف‬
‫المسلمات‪ ،‬أشد في نظرك مممن الغتصمماب والقتممل واسممتباحة ديممار‬
‫المسلمين‪ ،‬وقصة قتل النبي صلى الله عليممه وسملم للعرنييممن الممذي‬
‫اخذوا لقاح النبي وقتلوا الراعممي وسممملوا عينيممه‪ ،‬هممي رد فعممل منممه‬
‫صلى الله عليمه وسمملم للممدفاع عممن أصممحابه‪ ،‬بممل إن أغلممب الحممدود‬
‫الشرعية هي ردود أفعال وعلى المنكر لهذه الفعال أن يأتي بالدليل‬
‫على حرمتها‪ ،‬ل أن ينتقدها بدون علم‪ ،‬فأفعال المجاهدين مممن قبيممل‬
‫النتقام للمسلمات والذب عن بيضممة السمملم بممما يسممتطيعون‪ ،‬وإن‬
‫أخطأنا في شيء فهو خطأ مغفور بإذن الله لننا عملنا الجهد والمممر‬
‫لله من قبل ومن بعد‪..‬‬
‫أما قولك أننا هربنا من واقع الحياة ولم ننجح في حياتنمما العمليممة‪،‬‬
‫فنعم نحن هربنا مممن حيمماة الممذل والخنمموع إلممى حيمماة العممز والرفعممة‬
‫والتعالي عن رغبات النفس‪ ،‬وهل هذه الممدنيا الممتي تممدعي أن ّمما هربنمما‬
‫منها هي دار قرار أم دار ارتحال‪ ،‬وإذا كان اللممه لممم يرتضمميها لخليلممه‬
‫وصفيه من خلقه‪ ،‬فهل نرضاها نحممن لنفسممنا‪ ،‬وهممي سممجن المممؤمن‬
‫وجنة الكافر‪ ،‬وقد أمرنا حبيبنا صلى اللممه عليممه وسمملم أن نقلممل مممن‬
‫الدنيا وأن نكون فيها كعابر السممبيل‪ ،‬وأي فممرح وسممرور بهممذه الممدنيا‬
‫والذل مضروب على رقابنا والعدو يصول ويجول في ديار المسلمين‬
‫ويسممومنا سمموء العممذاب كأننمما عبيممد لمه‪ ،‬ل يرفممع سمموطه عنمما‪ ،‬وهممل‬
‫متع الدنيا أم رغبة فممي الخممرة‬ ‫طموحات المؤمن في الحصول على ُ‬
‫ونعيمها وقد قال تعالى‪)) :‬فليقاتممل فممي سممبيل اللممه الممذين يشممرون‬
‫الحياة المدنيا بمالخرة وممن يقاتمل فمي سمبيل اللمه فيقتمل أو يغلمب‬
‫فسوف نؤتيه أجرا عظيما((‪..‬‬
‫وعندما دل الله المؤمنين على التجارة لممم يممدلهم علممى تجممارات‬
‫الدنيا بل دلهم على طريق الجهاد الذي فيه التجارة مع رب العالمين‬
‫))يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكممم مممن عممذاب أليممم‬
‫تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بممأموالكم وأنفسممكم‬
‫ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون(( فهل الذي يبحث عن الطريق الذي‬
‫دل الله عليه عباده المؤمنين يعتبر لم ينجح فممي حيمماته وهممارب مممن‬
‫)‪(677‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحياة‪،‬هل الهارب من الله إليه من الفاشمملين فممي حيمماتهم العمليممة‪،‬‬
‫متممع الممدنيا علممى الجهمماد مممن‬ ‫وقد سمممى اللممه عممز وجممل الممذين قممد ُ‬
‫متع وان كممانت مممن المباحممات مممن المقعممدات‬ ‫الفاسقين وعد ّ هذه ال ُ‬
‫والمثبطات عن الجهاد قممال تعممالى‪)) :‬قممل إن كممان أبمماؤكم وأبنممائكم‬
‫وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشممون‬
‫كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسمموله وجهمماد فممي‬
‫سممبيله فتربصمموا حممتى يممأتي اللممه بممأمره واللممه ل يهممدي القمموم‬
‫الفاسقين(( فأي خير في دنيا تقعد عن الفوز بالشهادة والرفعة فممي‬
‫الممدنيا والخممرة‪ ،‬ثممم أي نجمماح تتكلممم عنممه هممل هممو أن تحصممل علممى‬
‫الدكتوراه وأن تكون في وظيفة مرموقة‪ ،‬فقل لممي بربممك ممماذا قممدم‬
‫الناجحون في دنياهم لدينهم فكم نرى مممن النمماجحين مممن لممم ينجممح‬
‫في التعامل مع رب العلمين‪ ،‬فالميزان عند الله ليس بشممهادة تعلممق‬
‫في إطار جميل في مدخل المنمزل‪ ،‬بمل بمالتقوى ورب أشممعث أغمبر‬
‫مدفوع بالبواب ذو طمريممن لممو أقسممم علممى اللممه لبممره‪ ،‬والصممحابة‬
‫رضوان اللممه عليهممم سممطروا الملحممم فممي التاريممخ بممدمائهم وليممس‬
‫بشممهاداتهم‪ ،‬بممل بحثمموا عممن الشممهادة الحقيقيممة وهممي دمممائهم الممتي‬
‫يعبرون بها عن صدقهم مع الله‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬هذا أنتم تبحثون عن ما يؤيد أفعالكم وتنسممون الدلممة‬
‫الخرى‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬وهل أفعال المجاهدين خارجة عممن إطممار الشممرع أم‬
‫أنها أصل من أصوله‪ ،‬ثم ما هي الدلة التي غفل المجاهدون عنها؟‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬أنتم توردون أحاديث الجهاد وتنسون أو تتغافلون عن‬
‫الحاديث التي تأمر بلزوم الجماعة وطاعة ولة المر؟‪..‬‬
‫قممال الشمماب‪ :‬هممل خرجنمما نحممن عممن جماعممة المسمملمين وحملنمما‬
‫السيف على أهل السلم‪ ،‬ثم نحممن ل نطممالبكم بممالخروج علممى أهممل‬
‫السلم‪ ،‬بل نقول لكم دافعوا عن أهممل السمملم وذبمموا عممن أعممراض‬
‫المسلمات وأقيموا الجهاد حتى ينكف العدو عن بلد المسلمين‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬الذي يبلغنا عنكم أنكم تكفرون العلماء والحكام‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬قولك يحتاج إلى بينممه واللممه يقممول‪)) :‬يمما أيهمما الممذين‬
‫آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوممما بجهالممة فتصممبحوا‬
‫على ما فعلتم نادمين(( فهل ناقل الخبر لكم ثقة ثبت ول أعلم أحدا ً‬

‫)‪(678‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫من أهل الجهاد يكفر المسلمين‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬ل‪ ..‬إنه يوجد من يكفر المسلمين‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إن وجد فهو عدد قليل فالنادر ل حكم لممه‪ ،‬ول يعمممم‬
‫الحكم على طائفة بسبب خطأ أحد أفرادها‪ ،‬وعليك أول أن تثبت هل‬
‫هؤلء من المجاهدين أم ل‪..‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬أنتم تكفرون الحكممام‪ ،‬وتممتركون كممل أحمماديث طاعممة‬
‫ولة المر‪..‬‬
‫قال الشمماب‪ :‬أممما الحكممام عليممك أول ً أن تثبممت أنهممم بمماقين علممى‬
‫السلم ولم يكفروا‪ ،‬فهم قد ارتدوا بأدلة كثيرة‪ ،‬حتى هممم قممد أثبتمموا‬
‫ردتهم بألسنتهم فلم نتقول عليهم كذبا أو رجما ً بممالغيب فالمظمماهرة‬
‫على المسلمين وتبديل شرع الله‪ ،‬وتشريع أنظمممة طاغوتيممة وضممعية‬
‫في جميممع بلد المسمملمين‪ ،‬والتحمماكم إلممى المممم المتحممدة الكممافرة‪،‬‬
‫ومحكمة العدل الدولية‪ ،‬وإباحممة الربمما والزنمما‪ ،‬وممما تركممت أكممثر مممما‬
‫ذكرت‪ ،‬فممالواقع يشممهد بكفرهممم وارتكمماب واحممد مممما ذكممرت يكفممي‬
‫لكفرهم فكيف وقد ارتكبوها جميعًا‪ ،‬وعاقبوا مممن أنكممر عليهممم ذلممك‪،‬‬
‫ووسائل إعلمهم تنضح بما ذكرت وزيادة إل إذا كنتممم أيهما العلمماء ل‬
‫ترون ما ذكرت من الكفر‪ ،‬وحاشا العلماء الربانيين من ذلك‪..‬‬
‫ت بحاكم مسلم ولو كممان‬ ‫أما بالنسبة لحاديث طاعة ولة المر َفأ ِ‬
‫جائرا ً ونحن نطيعه فنحن لم نجممد حاكمما ً مممن الحكممام اليمموم تنطبممق‬
‫عليه هذه الحاديث‪ ،‬وأنتممم أنزلتممم أحمماديث أئمممة الجممور الممتي تجممب‬
‫طاعتهم وإن ضرب ظهرك واخذ مالك على الحكام المرتممدين‪ ،‬فهممل‬
‫تطيع أنت القذافي الذي وضع كتابا يضاهي بممه القممرآن‪ ،‬أم النصمميري‬
‫بشار السد أم العلماني رئيس اليمممن وحكممام الخليممج الممذين قمعمموا‬
‫أهل الخير والصلح وزجوا بهم في السجون من أجممل إرضمماء اليهممود‬
‫وعطلوا الجهاد واتخذوا اليهود والنصارى أوليمماء مممن دون المممؤمنين‪،‬‬
‫والله يقول‪)) :‬ومن يتولهم منكم فممإنه منهمم(( وهممم يعمترفون يوميمما‬
‫فممي إعلمهممم أنهممم وقفمموا مممع أمريكمما والتحممالف الصممليبي ضممد‬
‫المسلمين في أفغانستان والعراق والفلبين‪ ،‬ودعموا روسيا الملحدة‬
‫على إخواننا فممي الشيشممان وفتحمموا مطمماراتهم وممموانئهم وأجمموائهم‬
‫وبنمموا القواعممد الصممليبية علممى أرض السمملم‪ ،‬فهممل ممما ذكممرت ردة‬
‫صريحة فيها عندنا من الله برهان أم أنها جور وظلم‪..‬‬

‫)‪(679‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فسكت الشيخ ولم يحر جوابًا‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬إن المام الذي ذكرت أنه يجب طاعته يمنع الجهاد‬
‫ويا ليته اكتفى بالمنع بل يعاقب كل من ذهممب إلممى الجهمماد أو يممدعوا‬
‫إليه بالسجن والجلد‪ ،‬والحجاج بن يوسف على ظلمه وجوره وعسفه‬
‫للرعية كان قائما ً بالجهاد آمرا ً به معاقب من تخلف عنه‪ ،‬فهممل أحممق‬
‫بالطاعة إماممك أم الحجماج بمن يوسمف‪ ،‬وقمد خمرج عليمه جلمة ممن‬
‫العلماء من السلف الصالح مثل سعيد بن جممبير والشممعبي وغيرهممم‪،‬‬
‫وأين الدليل في أنممه لبممد مممن اسممتئذان المممام فممي الجهمماد إذا كممان‬
‫الجهاد فرض عين وكممان المممام معطل للجهمماد‪ ،‬فل إمممام إل بالجهمماد‬
‫وممما أعطمماه المسمملمين بيعتهممم وطمماعتهم إل ليممدفع عنهممم عممدوهم‬
‫ويقسم بينهم فيئهم ويقيم لهم أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬وهذا سمملمة بممن‬
‫الكوع رضي اللممه عنممه عنممدما ُأخممذت لقمماح النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬خرج وحده في أثر القوم ولم يستأذن النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬بل مدحه النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه أن أردفه خلفه‬
‫علممى نمماقته‪ ،‬وهممذا أبممو بصممير رضممي اللممه عنممه عنممدما هممرب مممن‬
‫المشركين التجأ إلى الجبال على سماحل البحممر وبممدأ يهمماجم قوافممل‬
‫قريش التجارية ولم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المممام‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬والمر في هذا الوقت ل يلزم فيممه إذن المممام وقممد‬
‫قال الفقهاء إذا فوت الستئذان المقصود فل يسممتأذن المممام فكيممف‬
‫ى أعداء الله‪ ،‬والحكام فممي هممذا‬ ‫من عطل الجهاد ووال َ‬ ‫من َ‬‫الستئذان ِ‬
‫الزمان قد جمعوا بين التعطيل والمنع فهممم أحممق مممن تسممل عليهممم‬
‫السيوف حتى يستقيموا على أمر الله‬
‫قال الشيخ‪ :‬إن الرايات التي تطالبنا أن نممذهب للجهمماد معهمما غيممر‬
‫واضحة‪..‬‬
‫قال الشاب‪ :‬قال تعالى‪)) :‬وليعلم الذين نافقوا وقيممل لهممم تعممالوا‬
‫قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتممال ً لتبعنمماكم(( فهممذه‬
‫حجة من ل يريد الجهاد ول الخروج في سممبيل اللممه واللممه هممو أعلممم‬
‫بخفايا النفوس ولذلك أنزل هذه الية لعلمه أنه سيأتي أقوام يقولون‬
‫مثل مقولة المنافقين السابقين وهل يذبح من ُيذبح مممن البشممر فممي‬
‫الديار التي تزعم أن الراية فيها غير واضحة إل لنهم مسلمون واللممه‬
‫يقول‪)) :‬وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر(( فرابط النصممرة‬
‫هو الدين وليس الدم أو اللون أو البلد‪..‬‬
‫)‪(680‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قممال الشمميخ‪ :‬الممذهاب للجهمماد فممي هممذه اليممام محرقممة ومهلكممة‬
‫للشباب‪ ،‬والشباب هم ثممروة المممة الحقيقيممة فكيممف تريممدنا أن نممزج‬
‫بالشباب في محارق رهيبة‪ ،‬والحرب اليوم ليست بسمميف ورمممح بممل‬
‫بطائرات وقاذفات وقنابل‪ ،‬ثم أل ترى المجاهممدين يبمماعون كممما يبمماع‬
‫الرقيممق‪ ،‬ويوضممعون فممي أقفمماص الحديممد كالحيوانممات فهممل نقممول‬
‫للشباب أذهبوا كي يكون مصيركم مثل هؤلء‪..‬‬
‫قال الشاب ‪-‬بعد أن زفممر زفممرة ممن صمدره‪ :-‬واللمه إنممي أعجممب‬
‫منك‪ ،‬هل إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لسراياه وفيهمما صممفوة‬
‫المة وخير القرون محرقة ومهلكة‪ ،‬فمعلوم لمن عنممده مسممكه مممن‬
‫عقل أن الحرب ليس فيها إل القتل والجممراح والسممر‪ ،‬واللممه يقممول‪:‬‬
‫))فيقتلون ويقتلون وعدا ً عليه حقا ً في التمموراة والنجيممل والقممرآن((‬
‫فممأخبر المجاهممدين أنهمم إذا أتممموا بيعهممم لمه فممإن الثمممن هممو قبممض‬
‫أرواحهم ومهجهم بالقتل في سبيل الله‪..‬‬
‫غدر بالصممحابة وقتلمموا وقممد أرسمملهم‬ ‫وهذه سرية بئر معونة حيث ُ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فهل قال النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫انتهينا نوقف الجهاد لن إرسال السرايا محرقممة للصممحابة وصممحابتي‬
‫هم ثروة المة‪ ،‬بل بعدها مباشرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫سبعين من القراء من صفوة المة فلما نزلوا بمكان أسمممه الرجيممع‪،‬‬
‫أحاط بهم الكفار وقتلوهم عن بكرة أبيهم‪ ،‬فهل توقممف النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم عن إرسال السرايا‪ ،‬ومعلوم من سيرة النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم والخلفاء من بعده أنهم ما توقفوا عن الجهاد بسبب‬
‫ما ذكرت‪ ،‬فكم قتل من الصممحابة بيمن يمدي النمبي صملى اللمه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬وهو قد جرح وأدمي وجهه وكسرت ربمماعيته‪ ،‬وهممذا عمممر بممن‬
‫الخطاب رضي الله عنه لما أصيب جيشممه فممي معركممة الجسممر فممي‬
‫العراق وقد قتل منهم أربعممة ألف علممى رأسممهم قممائد الجيممش أبممي‬
‫عبيد الثقفي‪ ،‬لم يتوقف ويقول كما قلت بل شد العزم وأخذ بالحزم‪،‬‬
‫وأرمممل الجيمموش تلممو الجيمموش حممتى فتممح اللممه علممى يممديه مملكممة‬
‫كسرى‪..‬‬
‫أما قولك أن المجاهدين يباعون في السواق كالرقيق‪ ،‬فهممل هممم‬
‫المجاهدين اليوم أكرم على الله من صحابة رسول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فهذا خبيب بن عدي وزيممد بممن الدثنممة رضممي اللممه عنهممم‬
‫يباعون في أسواق مكة‪ ،‬فخبيب أشتراه أبناء الحارث بن عممامر لنممه‬
‫)‪(681‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قتل أباهم يوم بدر‪ ،‬أما زيد فقد أشتراه صفوان بن أمية‪ ،‬ليقتله بأبيه‬
‫أمية بن خلف‪ ،‬وقد خرجوا بهم إلى خارج حدود الحممرم وقتلمموهم ثممم‬
‫صلبوهم على العواد فماذا تقول؟ أم أن القتل والسر محممرم علممى‬
‫شباب المة في هذا المموقت‪ ،‬وهمل هنماك جهماد بمدون دممماء وأشملء‬
‫وأسممر وتعممذيب‪ ،‬وكيممف وصممل لنمما هممذا الممدين‪ ،‬أوصممل علممى الرائك‬
‫والقصور الفارهة ومجالسة النساء والقعود مممع الخوالممف‪ ،‬أم وصممل‬
‫إلينا بالدماء والشلء والتضحيات وبذل المهج رخيصة في سبيل اللممه‬
‫نصرة للحق والجهاد في سبيله‪..‬‬
‫أما قولك أن الحرب اليوم ليسمت بالسميف والرممح‪ ،‬فموالله إنمي‬
‫لجزم أنه لو كانت الحرب اليمموم بالسميف والرمممح مما خرجمت أنمت‬
‫ومن يقول مقالتك‪ ،‬فالوسائل ل تغيممر الحقممائق‪ ،‬واللممه يمموم افممترض‬
‫الجهاد على المة علم أنه ستأتي هذه السلحة الفتاكة‪ ،‬ولممم يقممل ل‬
‫تجاهممدوا إذا لممم يكممن معكممم طممائرات وقنابممل ذريممة بممل أمممر عبمماده‬
‫الموحدين ببذل جهدهم والنصر بيده سبحانه‪ ،‬وكل شيء يتغير بتغيممر‬
‫الزمممان ماعممدا التكمماليف الشممرعية فهممي ثابتممة ل تتغيممر‪ ،‬ولممو قلنمما‬
‫بمقالتك لعطلنا الجهاد حتى نملك هذه السلحة الفتاكة‪ ،‬وهممذا الممذي‬
‫يريده العداء حتى يلتهمون بلد المسلمين بلدا ً تلو بلد ونحممن ننتظممر‬
‫اليوم الذي نملك فيه هذه السلحة وقد انتهكت العراض واستبيحت‬
‫علق الصليب على رقاب كثير من أبناء المسلمين‪ ،‬فهممل‬ ‫الحرمات‪ ،‬و ُ‬
‫يرضى الله بكلمك وهل هو حجة لك عند الله بتركك للجهاد والقعود‬
‫والتخممذيل عنممه فل يعقممل إذن أن نقاتممل الكفممار بسمميف ورمممح وهممم‬
‫بالطائرات والقنابل‪ ،‬بل نذهب ونعد العممدة ونتعلممم ممما نسممتطيع مممن‬
‫السلحة حتى نحممارب أعممداء الممدين‪ ،‬واليممام بيممن النمماس دول واللممه‬
‫يقول‪)) :‬وتلك اليام نداولها بين الناس((‪..‬‬
‫والمعارك ل تقوم على قوه السلح بممل علممى قمموه العقيممدة حممتى‬
‫ولو كانت الطائفتان المتحاربتان كافرتين فالفيتنمماميون مرغمموا أنممف‬
‫المريكان في التراب وهم شعب وثنممي جاهممل بممدائي‪ ،‬والمريكيممون‬
‫كانوا يمتلكون أضخم ترسانة أسلحة في ذلك المموقت‪ ،‬حممتى خرجمموا‬
‫يجرون أذيال الهزيمة وهممم أذلممة صمماغرون‪ ،‬والعهممد قريممب بممالحرب‬
‫الفغانية الولى وكيف يقوم شعب جاهل أممي بمدائي بحمرب أعظمم‬
‫دولممة فممي الثمانينممات ويممدمرونها ويفككونهمما‪ ،‬ويجعلونهمما أذل دولممة‪،‬‬
‫والخوة الشيشانيون يواجهون مئات اللف من الجنود الروس وهممم‬
‫)‪(682‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ل يتجاوز عددهم سبعة آلف مجاهد‪ ،‬ومع ذلممك لممم يسممتطع الجيممش‬
‫الروسي القضاء عليهم مع قوته الحربية الضخمة وهو كل يوم يتكبممد‬
‫الخسائر تلو الخسائر‪..‬‬
‫والمجاهدون في فلسطين والفلبين وكشمير وكردسمتان وإرتيريمما‬
‫والصومال وأوجادين وبورما وغيرها كثير يقمماومون أعممداء اللممه وهممم‬
‫قلة ومع ذلك لم يستطع العدو الكافر القضاء عليهممم‪ ،‬والتعلممم علممى‬
‫أحممدث السمملحة موجممود فممي سمماحات المعممارك والمجاهممدون وللممه‬
‫الحمد اليوم أتقنموا كمثير ممن السملحة المتطمورة بمل وصمل ببعمض‬
‫الجماعات أن بدأت بتصنيع السمملحة مممع ممما يؤخممذ مممن الكفممار مممن‬
‫الغنائم وهى كثيرة ولله الحمد‪ ،‬والذي يريد أن يعممد العممدة ل يجلممس‬
‫مع النساء ويتباكى على واقع المسلمين بل ينفض عنممه غبممار الخممور‬
‫والجبن ويشمر عن ساعد الجد ويلحق بركب المجاهممدين ويممرى بممأم‬
‫عينيه كيف تسطر البطولت على صفحات التاريخ‪..‬‬
‫ثم أيها الشيخ أين عقيممدة التوكممل والثقممة بنصمر اللمه أيممن اليمات‬
‫والحاديث الدالة على أنه لن يصيبك إل ما كتب الله لك أم أنها فقط‬
‫للتلوة والتدريس في حلق العلم وليس لهمما علممى أرض الواقممع مممن‬
‫نصيب أين قوله تعالى‪)) :‬قل لن يصمميبنا إل ممما كتمب اللممه لنمما(( أيممن‬
‫قوله تعالى‪)) :‬قل لو كنتم قي بيوتكم لبرز الذين كتب عليهممم القتممل‬
‫إلى مضاجعهم(( وأين ))أينما تكونوا يدرككم الممموت ولممو كنتممم فممي‬
‫بروج مشيده(( وأين قوله تعالى‪)) :‬قل إن الموت الذي تفممرون منممه‬
‫فإنه ملقيكم((‪ ،‬وأين حديث النبي صلى الله عليه وسمملم‪ " :‬يمما غلم‬
‫إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك "‪..‬‬
‫ثم ألم تقرأ قصممة الممبراء بممن مالممك رضممي اللممه عنممه‪ ،‬يمموم ألقممى‬
‫بنفسه في حديقة الموت وفيها خمسون ألف مقاتل فقمماتلهم وحممده‬
‫حتى فتح باب الحديقة للصحابة ومع ذلك لم يقتممل بممل أصمميب بعممدة‬
‫إصابات شفي منها بعد مدة فعاد إلى ساحات الجهاد حتى قتممل فممي‬
‫فتح تستر‪ ،‬وهذا خالد بن الوليد سيف الله المسلول خمماض عشممرات‬
‫المعارك ولم يقتل بل مات على فراشه وهو يبكممي علممى نفسممه أنممه‬
‫لم يمت في ساحات المعارك وقال قولته المشممهورة‪" :‬لقممد خضممت‬
‫مئة معركة ول يوجد في جسمي موضع شبر إل فيه ضربة بسمميف أو‬
‫طعنة برمح‪ ،‬وها أنا أموت على فراشي كما يمموت البعيمر فل نمامت‬
‫أعين الجبناء"‪ ،‬فالتوكل على الله من أجل العبادات القلبية‪ ،‬ولممو لممم‬
‫)‪(683‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫نؤمن بالقضاء والقدر لم يخرج الواحد منا مممن بيتممه لقضمماء حمموائجه‬
‫وطلب رزقه‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪-‬وقد أخممذ منمه الغضممب كمل مأخمذ‪ :-‬اذهمب عنما فقمد‬
‫عطلت درسنا وأضعت وقتنا‪..‬‬
‫قال الشاب ‪ -‬صمموت مبحمموح قممد خنقتممه العممبرة‪ :-‬اسمممع كلمممتي‬
‫وانقلها للعلماء القاعدين عن الجهاد المخذلين بقعممودهم غيرهممم‪ ،‬إن‬
‫التاريخ ل ُيكتب على الرائك‪ ،‬والمجاد ل تسممطر بالدعمماء‪ ،‬والحممق ل‬
‫يؤخذ بالدعوات السلمية‪ ،‬والقنوات الفضائية‪ ،‬والبيانممات البلغيممة‪ ،‬إن‬
‫التاريخ ل يكتب إل بدماء الشهداء ول يضيء صفحاته إل بالتضممحيات‪،‬‬
‫والحق المسمملوب ل يسممترجع إل بحممد السمميف وإن جممماجم الرعيممل‬
‫الول هي السلم الذي ارتقى عليه الدين‪ ،‬واللممه ثممم واللممه لممن تعممود‬
‫حقوقنا المسمملوبة وُتكممف أيممدي الغممزاة عممن أعممراض المسمملمين إل‬
‫بدماء البطال من جيل اليمموم‪ ،‬الممذين بمماعوا الممدنيا يمموم رغبتممم بهمما‪،‬‬
‫وركلوها بأقدامهم يوم احتضمنتموها بأجسمادكم‪ ،‬ونفمروا يموم قعمدتم‬
‫وصدقوا مع الله يوم كذبتم‪ ،‬وضحوا بكل شيء يوم بخلتم‪ ،‬والله لممن‬
‫تثنيهم ترهماتكم ودعمواتكم السملمية وحملتكمم العلميمة النبطاحمة‬
‫التي ما هي إل طعنات فممي خاصممرة المممة‪ ،‬والشممجرة ل يقطعهمما إل‬
‫أحد أغصانها‪..‬‬
‫أيها العلماء القاعدين المخذلين عن الجهاد‪ :‬اتقمموا اللممه فممي أمممة‬
‫محمد‪ ،‬اتقوا يوما ً ترجعون فيه إلى الله‪ ،‬اتقوا يوما ً تسألون فيممه عممن‬
‫علمكم ماذا فعلتم به وهممل بلغتممم ديممن اللممه كممما يحممب اللممه‪ ،‬وعممن‬
‫أعماركم بما أفنيتموها‪ ،‬وهل نصرتم أخوة لكم في الدين وهل رديتم‬
‫معتدي‪ ،‬وأعنتم مجاهد‪ ،‬وقمعتم مرتد‪ ،‬وفضحتم دخيل زنديق‪ ،‬أم أنممه‬
‫سلم منكم الطغاة والمتجبرين والمرتدين والمبممدلين لشممريعة اللممه‪،‬‬
‫وسليتم سيوفكم على المجاهدين أهممل التوحيممد والتضممحية والصممدق‬
‫مع الله‪ ،‬أهل العزة والجهاد‪ ،‬ورميتموهم عن قوس واحممدة‪ ،‬وأجلبتممم‬
‫عليهم بخيلكم ورجلكم ولم تنصفوهم‪ ،‬فهل إذا لممم تعينمموهم أو تممذبوا‬
‫عن أعراضهم سكتم عنهم وتركتموهم يعملون في طريقهم يحملون‬
‫أحزانهم في صدورهم يبذلون دمائهم لمليكهم‪..‬‬
‫وأنتممم إن كنتممم كممما تزعمممون تقممدمون لهممذا الممدين‪ ،‬فممدعوا‬
‫المجاهممدين يقممدمون للممدين علممى طريقهممم ول تنتقممدونهم‪ ،‬دعمموهم‬
‫يكتبون التاريخ بممدمائهم ويسممطرون المجمماد بتضممحياتهم‪ ،‬ويغسمملون‬
‫)‪(684‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫العار عن أمتهم بأجسادهم‪ ،‬دعوهم يرحلون بهمومهم علممى أكتممافهم‬
‫يلقون بها ربهم‪ ،‬دعمموهم يمسممحون جممراح أمتهممم بهجرهممم للممذاتهم‬
‫وأهليهم‪ ،‬دعوهم يقيمون الحجة علممى المتخمماذلين والقاعممدين‪ ،‬فهممم‬
‫أمل المة‪ ،‬ومشاعل الهداية‪ ،‬ونجوم الدجى‪ ،‬وتيجان الفخار‪..‬‬
‫دعوهم يكتبون للجيال القادمة قصممة رجممال رفضمموا أن يعيشمموا‬
‫كما تعيش النعم‪ ،‬مطممأطئي الممرؤوس‪ ،‬خممانعي الرقمماب‪ ،‬فهممم الممذين‬
‫سمميكتبون التاريممخ للجيممال ويسممطرون أحرفممه بممدمائهم وسممتترحم‬
‫عليهم الجيال القادمة وتتخذهم قدوة لها كما اتخذوا هم البطال من‬
‫الجيال السابقة قدوة لهممم‪ ،‬أممما العلممماء القاعممدين عممن ركممب العممز‬
‫والفخار فسمميكتبون علممى همموامش صممفحات التاريممخ‪ ،‬وقممد ل يجممدوا‬
‫مكممان لهممم علممى صممفحاته‪ ،‬فالتاريممخ ل يسممجل بمممداده إل قصممص‬
‫البطال‪..‬‬
‫وإني أقولها لكم إن العدو قادم وهو ل يفممرق بيممن عممالم وجاهممل‬
‫وإن لم تتحركمموا الن والعممدو علممى أطممراف بلدكممم فسمميأتي إليكممم‬
‫ويستبيح أعراضكم كما سكتم عممن أعممراض المسمملمات‪ ،‬وسمميبيعكم‬
‫أنتممم وأبنممائكم فممي السممواق كممما تركتممم أبنمماء المسمملمين يبمماعون‬
‫للنصارى ولم تحركوا ساكنا ً وقممد سممقطت بغممداد وسيسممقط غيرهمما‪،‬‬
‫وليس خبر التتار عنكم ببعيد‪ ،‬فاستعدوا للتتممار الجممدد‪ ،‬وموتمموا أعممزة‬
‫وذبوا عن أعراضممكم كالرجممال‪ ،‬أو موتمموا أذلممة صمماغرين‪ ،‬كممما مممات‬
‫العلماء الذين كانوا فممي بغممداد يمموم سممقطت بيممد التتممار‪ ،‬اللهممم هممل‬
‫بلغت‪ ،‬اللهممم هممل بلغممت فاشممهد‪ ،‬اللهممم إنممي أبممرء إليممك مممن هممؤلء‬
‫المتخاذلين القاعدين عممن الجهمماد‪ ،‬السمماكتين عممن الحممق‪ ،‬الملبسممين‬
‫على الناس دينهم الكلين بآياتك ثمنا قليل‪..‬‬
‫واستدار الشاب وتوجه إلى باب المسجد‪ ،‬وهو يحمل جراح أمتممه‬
‫في صدره‪ ،‬تتسابق العبرات على خده‪ ،‬واللم يعتصر فممؤاده أنممه لممم‬
‫يجد من يعينه على طريقه المحفوف بالمخاطر‪ ،‬وزادت مرارة اللممم‬
‫أن يخون المة علماؤها‪ ،‬ويكونون عقبة على طريق رفعتها وعزتهمما‪..‬‬
‫اهم‬

‫)‪(685‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫شبهة تولية الكافر للمسلم ولية العراق‬

‫الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بممالله مممن‬


‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضممل لممه ومممن‬
‫يضلل فل هاد له ونشهد أن ل اله إل الله وحده ل شريك لممه ونشممهد‬
‫صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن سار‬ ‫أن محمدا عبده ورسوله َ‬
‫على هديه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪.‬‬
‫فإن خير الكلم كلم الله وخير الهدي هممدي محمممد وشممر المممور‬
‫محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫ينبغي أن يعلم أنه قد اختلف أهل العلم في صحة تممولي الوليممة‬
‫من الكافر‪ :‬فمنهممم مممن منعممه‪ ،‬لممما فممي ذلممك مممن تممولي الظممالمين‬
‫بالمعونة لهم‪ ،‬وأجاب عن تولي يوسف عليه السلم ممن الملمك بمأن‬
‫الملك كان صالحا ً ولم يكن كافرا ً كفرعون موسممى‪ ،‬وعلممى افممتراض‬
‫كونه كافرا ً فممإن يوسممف قممد تممولى النظممر فممي أملكممه دون أعممماله‬
‫فزالت عنه التبعة فيه‪.‬‬
‫قال الماوردي‪) :‬واختلف لجل ذلك في جممواز الوليممة مممن قبممل‬
‫الظالم‪ ،‬فذهب قوم إلممى جوازهمما إذا عمممل بممالحق فيممما يتمموله‪ ،‬لن‬
‫يوسف عليممه السمملم تممولى مممن قبممل فرعممون ليكممون بعممدله دافعما ً‬
‫لجوره‪ .‬وذهبت طائفة أخرى إلى حظرها والمنع من التعرض لها‪ ،‬لما‬
‫فيهمما مممن تممولي الظممالمين والمعونممة لهممم وتزكيتهممم بتقلممد أمرهممم‪،‬‬
‫وأجابوا عن ولية يوسف عليه السلم من قبل فرعون بجوابين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن فرعون يوسممف كممان صممالحا وإنممما الطمماغي فرعممون‬
‫موسى‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنممه نظممر فممي أملكممه دون أعممماله‪ .‬الحكممام السمملطانية‬
‫)ص‪(145 /‬‬
‫وهناك من أهل العلم من أجاز تولي الولية من الكممافر ولكنهممم‬
‫اشترطوا لهذا‪ :‬أن يكون مصلحا على وفق الشرع ول يعارضه الكافر‬
‫في عمله‪ ،‬أما إذا كان الكافر يتدخل في عمله ويوجهه إلى ما يخممدم‬
‫مصالحه وشهواته فل يجوز تولي هذه الوليممة لممما فيممه مممن الضممرر‪،‬‬
‫واستدلوا بقصة يوسف عليه السلم‪ ،‬فقد تولى هذه الولية للصمملح‬

‫)‪(686‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومكنه الملك من الحكممم بشممريعة اللممه دون أن يعممترض عليممه أحممد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫من ْهَمما‬
‫ض ي َت َب َموّأ ِ‬
‫ف ِفي الْر ِ‬ ‫س َ‬‫مك ّّنا ل ُِيو ُ‬ ‫ولذلك قال الله تعالى‪)) :‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫ك َ‬
‫ث يَ َ‬
‫شاُء((‪.‬‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫خ مَزائ ِ ِ‬ ‫جعَل ْن ِممي عَل َممى َ‬
‫لا ْ‬‫قال القرطبي في تفسيره عند آية ))قَمما َ‬
‫م(( قال بعض أهل العلممم‪ :‬فممي هممذه اليممة ممما‬ ‫حِفي ٌ‬ ‫اْل َ‬
‫ظ عَِلي ٌ‬ ‫ض إ ِّني َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫يبيح للرجممل الفاضممل أن يعمممل للرجممل الفمماجر‪ ،‬والسمملطان الكممافر‬
‫بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل ل يعارضه فيه‪ ،‬فيصمملح منممه‬
‫ما شاء‪ ،‬وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشممهواته وفجمموره‬
‫فل يجوز ذلك‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إن هذا كان ليوسممف خاصممة‪ ،‬وهممذا اليمموم‬
‫غير جائز‪ ،‬والول أولمى إذا كمان علمى الشمرط المذي ذكرنماه‪ ،‬واللمه‬
‫أعلم " تفسير القرطبي )‪ ،(215/9‬وينظر للستزادة‪ :‬الهداية مع فتح‬
‫القدير)‪ (264/7-263‬تبيين الحقممائق )‪ ،(177/4‬شممرح أدب القاضممي‬
‫للصدر الشهيد )‪.(131/1‬‬
‫فكيف يطلق من يستدل بالية القممول بممالجواز دون النممص علممى‬
‫هذا الشممرط الممذي يعلممم يقينمما عممدم تحققممه‪ ،‬وهممو يممرى مممن هممؤلء‬
‫المولين التنازل عن تحكيم الشريعة وإظهار العداوة على أهل السنة‬
‫وتأليب الكفار على قتلهم واستئصالهم‪.‬‬
‫ثم يجب التنبه إلى فارق جوهري في المسممألة يجعممل السممتدلل‬
‫في غير موضعه وهو أن حال يوسف عليه السلم مع الملك لم تكممن‬
‫حال قتال وحرب‪ ،‬فقد كمان يوسمف فمي غيمر بلمده ولمم يعتمد عليمه‬
‫الملك بسلب أرضه وقتل أهله‪ ،‬فهو ليس كافرا حربيا بل يحكممم فممي‬
‫أرضه التي استتب له الحكم فيها‪ ،‬ولهذا نجد أن من استدل من أهل‬
‫العلم بولية يوسف عليه السلم‪ ،‬إنما يستدل بهمما علممى جممواز تممولي‬
‫المسلم ولية في بلد الكفر ينتفع بهمما المسمملمون بشممرط أن يقمموم‬
‫المسمملم بالعممدل ول يخممالف شممريعة اللمه فممي وليتممه‪ ،‬فمثممال قصممة‬
‫ما ولية لممديها وتعطيممه‬ ‫يوسف في واقعنا أن تولي بريطانيا مثل ً مسل ً‬
‫صلحيات مطلقة‪.‬‬
‫فأين هذا من واقع العراق الذي جاء الكافر إليه محارًبا‪ ،‬فاجتمماح‬
‫البلد وعمماث فممي الرض الفسمماد‪ ،‬فقتممل المسمملمين وشممردهم مممن‬
‫دورهم ومدنهم‪ ،‬وسفك الدماء وأتلف الممموال والممتلكممات‪ ،‬ودنممس‬
‫المسممماجد والمقدسمممات‪ ،‬وانتهمممك الحرممممات والعمممراض‪ ،‬وعمممذب‬
‫المسمملمين والمسمملمات‪ ،‬وممما يممزال مسممتمرا ً فممي هممذا الفسمماد‬
‫)‪(687‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫والجرام‪ ،‬وتآمر معه في هذا عدد من أصحاب المممذاهب المنحرفممة‪،‬‬
‫فأعممانوه علممى المسمملمين الممذين يممدافعون عممن أنفسممهم وأهليهممم‬
‫وممتلكاتهم‪،‬ومع ذلك لم يسممتتب لممه المممر بعممد فممما زالممت الحممرب‬
‫قائمة‪ ،‬وهو في قتال مع المسلمين‪ ،‬ولهذا لم يلجأ المحتل إلى هؤلء‬
‫العوان إل عندما واجه هؤلء الذين يقومون بجهاد الدفع عممن دينهممم‬
‫وبلدهم‪ ،‬فأراد أن يجعل هممؤلء فممي الواجهممة لكممي يممدفع عممن جنممده‬
‫القتل‪ ،‬ومن أجل ضرب البلد بعضها ببعض‪.‬‬
‫إن هذا الستدلل يلغى معنى الحتلل والستعمار فيسممتطيع أي‬
‫محتممل أن يضممع بعممض عملئه فممي الواجهممة ويممأمر الشممعب بالسمممع‬
‫ظا مصاًنا بمثل هذه الفتمموى‪،‬‬ ‫والطاعة لهم ويبقى احتلله للبلد محفو ً‬
‫وهل سنقول نفس المقولة لو أن شارون أمر بعممض العملء بتكمموين‬
‫حكومة فلسطينية فهل سممنأمر الفلسممطينيين بالسمممع والطاعممة لهمما‬
‫في المنشط والمكره وعلى أثرة عليهم؟!‬
‫كما أن الرد علممى مممن اسممتدل بقصممة يوسممف علممى مشممروعية‬
‫حكومة نصبها المحتل‪:‬‬
‫أن يوسف عليه السلم نبي كريم مؤيممد مممن اللممه فل يمكممن أن‬
‫يقارن برجل عادي فضل عن رافضي خائن فإن يوسف عليه السمملم‬
‫كان عبدا ً أسيرا ً مسجونا وحيدا ً في بلد غير بلده وغير ممأمور بقتمال‪،‬‬
‫لم يعتد عليه الملك ولم يسلب أرضه ويقتل أهله وينتهك عرضممه ثممم‬
‫وله الملك لثبوت صلحه وعلمه وخوله ليحكممم بشممريعة اللممه كيفممما‬
‫مك ّن ّمما‬‫ك َ‬‫شاء دون سلطان مممن أحممد عليممه كممما قممال تعممالى‪)) :‬وَك َمذ َل ِ َ‬
‫شمماُء‬ ‫ن نَ َ‬ ‫ث يَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ف ِفي اْل َ‬
‫مم ْ‬ ‫مت ِن َمما َ‬
‫ح َ‬
‫ب ب َِر ْ‬
‫صممي ُ‬
‫شاءُ ن ُ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫من َْها َ‬
‫ض ي َت َب َوّأ ِ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫س َ‬‫ل ُِيو ُ‬
‫َ‬
‫ن(( )يوسف‪.(56:‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫جَر ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬
‫َول ن ُ ِ‬
‫فالية تبين أن الله تعالى مكن له في الرض‪ ،‬فله اليد العليا فيما‬
‫تحت يده‪ ،‬بتمكين الله تعالى‪ ،‬ليحكم بالشرع والعدل والحسان‪ ،‬وأن‬
‫هذا التمكين رحمة من الله‪ ،‬وأنه كان في ذلك مممن المحسممنين‪ .‬وأي‬
‫أمر أعظم من التمكين في الرض؟‬
‫فأقام يوسف عليه السلم العدل وحكم بالقسط ولم يكممن ثمممة‬
‫قتال وحرب ول دماء‪.‬‬
‫وأما الحالة التي عليها العراق اليوم فعجيب أن يأتي من يستدل‬
‫بالية على مشروعية ولية علوي؛ فإن جيش الكفار مسممتكبر أهلممك‬

‫)‪(688‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحرث والنسل وتعاون معه الخونة ومتاجرو العممراض‪ ،‬فهممؤلء أمممر‬
‫الله سبحانه بقتالهم ودفعهم وحرم الفرار من إمامهم فقممال تعممالى‪:‬‬
‫م اْل َد ْب َممار *‬ ‫َ‬
‫حفا ً َفل ت ُوَّلوهُ ُ‬ ‫ن ك ََفُروا َز ْ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ذا ل َِقيت ُ ُ‬
‫مُنوا إ ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫))َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫حّيزا ً إ َِلى فِئ َةٍ فََقممد ْ َبمماَء‬ ‫ومن يول ّهم يومئ ِذ دبره إّل متحرفا ً ل ِقتا َ‬
‫مت َ َ‬
‫ل أوْ ُ‬‫ِ َ ٍ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ِ ْ َ ْ َ ٍ ُْ ُ َ ُ ِ ُ َ َ ّ‬
‫صيُر(( )لنفال‪(16-15:‬‬ ‫م ِ‬‫س ال ْ َ‬
‫م وَب ِئ ْ َ‬ ‫جهَن ّ ُ‬
‫مأَواهُ َ‬ ‫ن الل ّهِ وَ َ‬‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ب ِغَ َ‬
‫إن البعض قد نقل نقولت عن العلماء السابقين وهي ليست لها‬
‫علقة من قريب أو بعيد مما هو حال العراق اليمموم لنهمما تتكلممم عممن‬
‫تولية حاكم ظالم أو كممافر فممي دولتممه )أي دولممة ذلممك الكممافر( رجل ً‬
‫مسلما ً في ولية فهل يجوز أم ل؟ يعني يعطيه ولية في أمريكمما مثل‬
‫أو فرنسا أو غيرها هل يجوز للمسمملم أن يعمممل لممدى تلممك الحكومممة‬
‫الكافرة؟ولم يتعرضوا البتة لجيش كافر اجتاح ديمار المسملمين وهمم‬
‫في جهاد معه وأراد أن ينصب عليهم عميل له عليهم ليوقف جهادهم‬
‫لنهم متفقون بداهة وبالجماع الذي ل يعرف أحد في تأريخ السمملم‬
‫يخالفه على قتاله ودفعه بكل ما يمكن من الوسائل‪ ،‬ثممم نقممول هممل‬
‫طبممق هممؤلء المَنصممبون للحكممم شممريعة اللممه؟ وهممل أقمماموا العممدل‬
‫والقسط؟ وهممل هممؤلء المنصممبون للحكممم مسممتقلون فممي أوامرهممم‬
‫وحتى كلمهم أم أنهم يعملون ويتكلمممون بممأمر مممن أسمميادهم الممذين‬
‫نصبوهم؟؟ اعتقد أن الثاني هو الجواب عند كل ذي بصيرة‪.‬‬
‫فأين هذا مممن حكومممة احتلل مكممن لهمما الصممليبيون والصممهاينة‪،‬‬
‫لتحارب المجاهدين الذين يريدون طرد المحتل مممن بلدهممم‪ ،‬ولتقيممم‬
‫أحكام الطاغوت‪ ،‬وهممي فممي عملهمما تسممعى فممي بلد السمملم سممعي‬
‫الكافرين الظالمين ثم هذه الحكومات التي ينصبها المحتل‪ ،‬دمية لم‬
‫ُيمكن لها المحتل‪ ،‬وإنمما يسمتعملها ليمتطمى ظهرهما‪ ،‬ليحقمق همدف‬
‫الكفار في بلد السلم‪.‬‬

‫)‪(689‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فتوى مهمة ونافعة للشيخ الخضير‬

‫فضيلة الشيخ علي الخضير حفظه الله‪ :‬نحن مجموعة من طلبممة‬


‫العلم من بلدان شتى من العراق وتونس وفلسممطين واليمممن حصممل‬
‫بيننا نقاش حاد في مسالة إذا أمر الحاكم بأمر فبعضهم يقول يحممرم‬
‫مخالفته ويوجب اتباع مذهب الحاكم‪ ،‬وبعضهم يقول بممل يجممب اتبمماع‬
‫الدليل وينسبون إليكم قول في هذه المسالة وهم من طلبكم‪ ،‬ولقد‬
‫طال النقاش بيننا وخشينا مممن الفرقممة والتبمماغض‪ .‬واتفقنمما أن نرفممع‬
‫إليكم المر ولذا فإننا نسألك بالله أيها الشيخ أن تبين الحق في هذه‬
‫المسالة‪ ،‬واتق الله في كتمان هذا المر؟ كما أنهم ذكروا عن الشيخ‬
‫حمود العقلء رحمه الله انه ل يرى التقيد بفتمموى الحمماكم وقممد أفممتى‬
‫بوجوب الجهاد والقنوات بدون إذن الحاكم؟‬
‫الجمواب‬
‫ما دام أنك سألتنا بالله وحممذرتنا مممن الكتمممان ونظممرا لحمماجتكم‬
‫ودفعا للشقاق بينكم ثم بيانمما وتوضمميحا لغيركممم وإبممراء للذمممة فإننمما‬
‫نجيب إن شاء الله على هذا السؤال وهو رأينما ورأي شميخنا العلممة‬
‫حمود بن عقلء الشعيبي رحمه اللممه رحمممة واسممعة وأسممكنه فسمميح‬
‫جناته بل المسألة إجماعية كما سوف ترى مممن نقممول الجممماع عممن‬
‫ابممن تيميممة وغيممره فممي أنممه ل يجمموز إلممزام النمماس بمممذهب الحمماكم‬
‫المخالف للدلة فنقول وبالله التوفيق‪.‬‬
‫الحمد لله رب العالمين والصمملة والسمملم علممى أشممرف النبيمماء‬
‫والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫قبل الجابة على هذا السؤال يحسن بنمما أن نممذكر مقدمممة تممبين‬
‫مقصودنا في هذه الرسالة‪ ،‬ثم نعرف السرد التاريخي والواقعي في‬
‫هذه المسألة ثم نعرج على الجابة‪.‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫وإجابتنا هنا المقصود منها الرد على طائفتين‪:‬‬
‫‪ -1‬علممى مممن أوجممب اتبمماع مممذهب الحكممام المخممالف للنصمموص‬
‫الصريحة‪ ،‬وعاقب على ذلك وسممجن ومنممع مممن الفتمماء والتعليممم‬
‫ونشر الخير ونحوه لمن خالف مذهب الحاكم‪.‬‬
‫‪ -2‬وأيضا الرد على الغلة في الحكام الممذين يوجبممون اتبمماع أهممواء‬
‫الحكام‪ ،‬لن الحاكم إذا اختار شيئا لنه ُيوافق هواه فهذا ل يجمموز‬
‫)‪(690‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أصل ولو وافق الحق‪ ،‬كالذي يفسر القرآن أو يفتى عن جهل ثممم‬
‫يوافق الحممق فممي تفسمميره أو ُفتيمماه فممإنه آثممم وضممال ومنحممرف‬
‫وعلى غير سبيل المؤمنين‪ ،‬وإن وافق الحق‪ .‬ومن الغلة جماعممة‬
‫أيضمما ت ُمموجب اتبمماع الحكممام المعطلممة للجهمماد والمممر بممالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر والصممدع بممالحق والقيممام بهممذا الممدين وأمثممال‬
‫ذلك فيوجبون اتباعهم على هذا التعطيل‪.‬‬
‫وسوف نزيدكم فائدة في تضمين ردنمما هممذا إن شمماء اللممه الممرد‬
‫على العصرانيين والنهزامييممن‪ ،‬لنهممم التقمموا مممع الحكممام فممي اتبمماع‬
‫الهوى في الخذ بالحكام الشرعية‪.‬‬
‫ومن أهدافنا في هذه الرسالة أيضا أن نشرح ونبين حتمية ربممط‬
‫المور بالكتاب والسنة فما وافقها فهو المقبول وما خالفها فيرد ولممو‬
‫كان قول العالم أو الحاكم‪.‬‬
‫العممرض التمماريخي والممواقعي لهممذا التيممار‪ ،‬وفيممه ذكممر الناحيممة‬
‫الشرعية والناحية الواقعية‬
‫نحن اليوم أمام تيار جديد وهو ربط الحكام والحقمموق الشممرعية‬
‫وشعائر الدين الظاهرة بالحكممام وبالمممام فممي المموقت الممذي لهممؤلء‬
‫الئمة والحكام توجهات تخممالف الشممريعة فيممؤدي إلممى تعطيممل هممذه‬
‫الشعائر أو جعلها أداة للسياسة فبدل أن تكون السياسة تابعة للدين‬
‫أصبح العكس حتى قال بعضهم الدين يخدم السياسة‪.‬‬
‫فإن أول ظهور هذا التيار في عصر المويين عند بعض رعايا بني‬
‫أمية وعند الرافضة‪ ،‬ولذا أنكر ابن تيمية رحمه الله )كما فممي منهمماج‬
‫السنة النبوية ‪ (487 / 3‬على طائفة مممن أهممل الشممام كممانوا يممرون‬
‫الطاعة المطلقة للمام فذكر أنه موجود في بعممض رعايمما بنممي أميممة‬
‫الذين كانوا يوجبون طاعممة أئمتهممم طاعممة مطلقما ويقولممون إن ذلمك‬
‫يوجب النجاة‪ ،‬وكانوا يعتقدون أن طاعة الئمة واجبة في كممل شمميء‬
‫وأن المام ل يؤاخذه الله بذنب وأنه ل ذنممب لهممم فيممما أطمماعوا فيممه‬
‫المام اهم )بتصرف قليل غيممر مخممل( ورد أيضمما علممى الرافضممة ذكممر‬
‫ذلك في رده على الرافضة الذين يممرون لئمتهممم الطاعممة المطلقممة‪،‬‬
‫وذكر أن كل الطائفتين مخطئ وأن خطأ الرافضة أعظم‪.‬‬
‫ووجد هذا التيار وهذا التوجه أيضا في عصر ابن تيمية رحمه الله‬
‫فقاومه وسجن من أجل مقاومته عدة مرات وكانوا يريممدون منممه أن‬

‫)‪(691‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يخضع لمذهب الحكام المخالف للشريعة سواء أكممان الحكمام علممماء‬
‫ضلل أو أمراء ضمملل‪ ،‬وقممد ألممف فيهممم ثلث رسممائل سمموف ننقلهمما‬
‫باختصار كما في الفتاوى‪ ،‬وفي الفتاوى الكبرى‪ ،‬فبعد تأليفه لرسممالة‬
‫العقيممدة الواسمطية عمماقبوه عليهمما بالسممجن والطمرد‪ ،‬وألمف رسمالة‬
‫أخرى لما سجنوه على فتياه في منع السممفر لمجممرد زيممارة القبممور‪،‬‬
‫ورسممالة لممما منعمموه أن يفممتى فممي مسممائل السممماء والصممفات للممه‬
‫تعالى‪ ،‬سوف ننقلها إن شاء الله بنصها مع اختصار قليل‪.‬‬
‫وقاومهم بعده تلميذه ابن القيممم‪ ،‬وكممل مممن عظممم الدلممة ورأى‬
‫وجوب النقياد لها وحدها‪.‬‬
‫ثم عادوا للظهور بشكل فردي في عصر الشيخ محمممد بممن عبممد‬
‫الوهاب رحمه الله لما قام لله يقيم الحدود والشعائر الظاهرة‪ ،‬أنكممر‬
‫عليه بعض العلماء المعاصرين له وقالوا لممه ل يجمموز فعلممك لنممه لممم‬
‫يأذن لك المام فرد عليهم وقال في كتمماب تاريممخ نجممد ص ‪ :454‬ول‬
‫يعرف أن أحممدا مممن العلممماء ذكممر أن شمميئا مممن الحكممام ل يصممح إل‬
‫ما أمرت برجممم الزانيممة قممالوا ل‬ ‫بالمام العظم … ثم قال كما أني ل ّ‬
‫بد من إذن المام‪ ،‬فممإن صممح كلمهممم لممم يصممح وليتهممم القضمماء ول‬
‫المامة ول غيرها‪ .‬اهم‪ ،‬ورد عليهم أيضا في عموم قنوت النوازل في‬
‫كتمماب التوحيممد فممي مسممائل بمماب }أيشممركون ممما ل يخلممق{‪ ...‬فممي‬
‫المسألة الثامنة والثالثة‪.‬‬
‫ثم ظهر في عصر الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله حيث‬
‫قال ابن نبهان ل جهاد إل بالمام فرد عليه عبممد الرحمممن بممن حسممن‬
‫وقال في الدرر السنية‪ 199/8 :‬بأي كتاب أم بأي حجمة أن الجهماد ل‬
‫يجب إل مع إمام متبع؟! هممذا مممن الفريممة فممي الممدين والعممدول عممن‬
‫سبيل المؤمنين والدلة على إبطال هذا القممول أشممهر مممن أن تممذكر‬
‫من ذلك عمموم الجهماد والمترغيب فيمه والوعيمد فمي تركمه ثمم ذكمر‬
‫اليات في ذلك إلى أن ذكر قصممة أبممي بصممير ثممم قممال إن أبمما بصممير‬
‫استقل بالحرب دون رسول الله )أي أن أبا بصير قاتل مممن دون إذن‬
‫المام(‪.‬‬
‫مممن‬‫ثم تصدى لذلك الشيخ عبد الله أبابطين رحمه الله لما جاء َ‬
‫ربممط إقامممة الحجممة بالمممام أو نممائبه ولممذا قممال فممي الممدرر السممنية‬
‫‪) 10/394‬وقولك حتى تقوم عليه الحجة السلمية من إمام أو نممائبه‬
‫معناه‪ :‬أن الحجة السلمية ل تقبل إل من إمممام أو نممائبه وهممذا خطممأ‬
‫)‪(692‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فاحش لم يقل به أحد من العلماء …( اهم‪ .‬وهو مذهب الشيخ محمد‬
‫بن إبراهيم في مسألة إحياء الموات المنفكة من الختصاص أو ملك‬
‫معصوم ولم تممدل القممرائن علممى النممزاع والشممقاق فيهمما‪ ،‬فقممد أنكممر‬
‫الشيخ الستئذان فيها وأنكر أن يكون مممن حقمموق المممام الذن فيهمما‬
‫بل إذن الرسول صلى الله عليه وسلم كاف شاف في ذلممك )فتمماويه‬
‫‪ (207,201,196 /8‬وقال‪ :‬نحيطكم علما أن الرض الموات ل تملك‬
‫إل بالحياء فمن أحياها ملكها سواء كان ذلممك بممإذن المممام أو ل‪ .‬اهمم‬
‫بنصه‪.‬‬
‫ثم عاد هذا التيار في الونة الخيرة حتى أصبح اليوم يشكل تيارا‬
‫له رموزه وقياداته‪.‬‬
‫وإذا كان السلف رحمهم الله قممد سممموا الفقهمماء الممذين أخرجمموا‬
‫العمال من اليمان سموهم مرجئة الفقهاء‪ ،‬فهؤلء وافقوا الماميممة‬
‫في همذا الصمل بربمط الممور بالممام‪ ،‬ولمذا يسممون اليموم إماميمة‬
‫الفقهاء أو المامية المتفقه )و أو هنا للتنويممع(‪ .‬أو الماميممة الجممدد أو‬
‫المامية المعاصرة أو الحكامية المعاصرة )و أو هنا ليست للتنويع(‪.‬‬
‫وليس معنى ذلك أنهم ُيلحقون بالمامية فممي الحكممام والتكفيممر‬
‫فل‪ ،‬ولكن قلنا ذلك فيهم تشبها بطريقة بعض السلف الذين يسمممون‬
‫من وافق أهل البدع في أصل من أصولهم‪ ،‬أنهم يسمممونهم باسمممهم‬
‫وإن لممم ُيلحقمموهم بهممم فممي الحكممام‪ ،‬كممما سممموا مممن قممال لفظممي‬
‫بالقرآن مخلوق أمثال الكرابيسي سممموهم جهميممة‪ ،‬وأحيانمما السمملف‬
‫كابن تيمية وغيممره يسمممون الشمماعرة أحيانمما بالجهميممة أو الحلوليممة‪،‬‬
‫والعلماء في زمن أحمممد كممانوا يسمممون المعتزلممة بالجهميممة‪ ،‬وهكممذا‬
‫فالسماء غير الحكام‪.‬‬
‫قال القرطبي فممي تفسمميره عنممد قمموله تعممالى }ول يتخممذ بعضممنا‬
‫بعضا أربابا من دون الله{‪ 00 .‬قال وفيممه رد علممى الروافممض الممذين‬
‫يقولون يجب قبول قول المام دون إبانة مستند شرعي‪ .‬اهم فممانظر‬
‫إلى هذا الكلم ثم اعرضه علممى كلم هممؤلء تممرى التشممابه فممي هممذه‬
‫المسألة‪.‬‬
‫وإذا كان المعطلة من جهمية ومعتزلة وأشعرية وغيرهم قد أولوا‬
‫آيات وأحاديث الصفات وحرفوها إلى أصممولهم الباطلممة‪ ،‬فممإن هممؤلء‬
‫أولوا وحرفوا اليات والحمماديث المتعلقمة بالجهمماد والقيمام بالشممعائر‬

‫)‪(693‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الظاهرة والحقوق والواجبات الشرعية وخصوها بالحكام مع تعطيممل‬
‫الحكام لها‪ .‬قال ابن تيميممة فممي الفتماوى ‪ 28/508‬عممن الممراء‪ :‬بمل‬
‫يطيعهم فممي طاعممة اللممه ول يطيعهممم فممي معصممية اللممه إذ ل طاعممة‬
‫لمخلوق في معصية الخممالق وهممذه طريقممة خيممار هممذه المممة قممديما‬
‫وحممديثا وهممي واجبممة علممى كممل مكلممف وهممي متوسممطة بيممن طريممق‬
‫الحرورية ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشئ عممن قلممة العلممم‪،‬‬
‫وبين طريقة المرجئة وأمثممالهم ممممن يسمملك مسملك طاعممة المممراء‬
‫مطلقا وأن لم يكونوا أبرارا‪ .‬اهم‪ .‬واليوم مممذهب الماميممة المعاصممرة‬
‫قممائم علممى أنهممم يوجبممون علممى النسممان اتبمماع المممذهب الفقهممي‬
‫السياسممي المناسممب للحكممام أو المممذهب المموطني أو القليمممي أو‬
‫الدولي أو العالمي‪ ،‬وهو جممزء مممن تمموجه المنهزميممن والمتخمماذلين ل‬
‫كثرهم الله‪ ،‬وجزء من توجه المرجئة المعاصرة المصانعين للحكام‪.‬‬
‫وتصدى لهم في الوقت الحاضر شيخنا العلمة حمممود بممن عقلء‬
‫الشعيبي رحمه الله في ثلث فتاوى هي‪ :‬فتمموى فممي وجمموب الجهمماد‬
‫وفرضيته وفتوى في القنوت للنوازل وفتوى في شروط الفتاء وذكر‬
‫في هذه المور الثلثة أنها ل تربط بإذن المام إذا وجبت ولزم البيان‬
‫وكان قبل وفاته رحمه الله أعد مسودة بيممان للكلم عممن هممذا التيممار‬
‫الجديد وهو تيار المامية المعاصرة‪ ،‬لكن وافته المنية قبل أن يخممرج‬
‫ذلك رسميا رحمه الله رحمممة واسممعة‪ .‬وهممذه الرسممالة تحتمموي علممى‬
‫كثير من تقريراته في مسودة بحثه‪.‬‬
‫وإذا كان العلماء حرموا بالجماع اتبمماع عممالم معيممن بعينممه يأخممذ‬
‫بكممل قمموله ويحممرم مخممالفته‪ ،‬لنممه أنزلممه منزلممة الرسممول ومنزلممة‬
‫المعصمموم؟ فكيممف يوجبممون متابعممة الحكممام فممي كممل ممما يقولممون‬
‫ويحرمون مخالفتهم مطلقا مع أن الكلم في العالم العارف بالكتمماب‬
‫والسنة فكيف بالحكام الجهلة في الحكام الشرعية‪ ،‬هل يسممتوون؟!‬
‫وهذا مخالف للجماع‪.‬‬
‫قال ابن القيممم رحمممه اللممه إن العممالم قممد يممزل ول بممد إذ ليممس‬
‫بمعصوم فل يجوز قبول كل ما يقوله وينممزل منزلممة المعصمموم فهممذا‬
‫الذي ذمه كل عالم على وجه الرض وحرموه وذموا أهله‪ .‬اهممم إعلم‬
‫الموقعين ‪.173‬‬
‫فانظر إلى حكاية الجماع وهو في العلماء فكيف بالحكام الجهلة‬
‫بالشرعية‪ .‬وقال ابن القيم رحمه اللممه )إذا عممرف أن العممالم زل لممم‬
‫)‪(694‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يجز له أن يتبعه باتفاق المسلمين فإنه اتبمماع للخطممأ علممى عمممد اهمم‬
‫إعلم الموقعين صم ‪173‬م‪ ،‬ونحن نقول إذا عممرف أن الحمماكم زل لممم‬
‫يجز له أن يتبعه باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد‪.‬‬
‫وهذا في العلماء فكيف يوجبون على من عرف خطأ الحكام أن‬
‫يتبعه؟ قال ابن مسعود رضي الله عنممه‪ :‬ل يقلممدن أحممدكم دينممه رجل‬
‫إن آمن آمن وإن كفر كفر فإنه ل أسوة في الشر‪ .‬اهم‬
‫وهؤلء يريدون منك أن تتبع سياسة الحكام إن رضي فعليممك أن‬
‫ترضى إن شجب فعليك أن تشممجب وإن أنكممر فعليممك أن تنكممر‪ ،‬وإن‬
‫قام بحملة ضد المجاهدين فعليك أن تساعده في هذه الحملة‪ ،‬وأقل‬
‫شمميء أن تسممكت عممن بيممان الحممق‪ ،‬وإل فممأنت خممارجي وتكفيممري‬
‫وصاحب فتنة ومستعجل ومتحمممس وإرهممابي‪ ،‬وأشممد مممن ذلممك مممن‬
‫جارى الحكام ُيلّبس على الناس كما فعل علممماء بنممي إسممرائيل }ول‬
‫تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون{‪.‬‬
‫والحكام الشرعية والشعائر الظاهرة التي ربطت بالذن السياسممي‬
‫هي‪:‬‬
‫‪1‬م الجهاد‪ :‬حيث قالوا ل جهاد دفع ول يرد العدوان ول ترد الراضي‬
‫المغتصبة ويدفع الصائل الذي صال على بلد المسمملمين وأفسممد‬
‫الدين والدنيا إل بإذن إمام )خلفا ً لجماع السلف والخلف الممذين‬
‫قالوا بدفع الصائل بل هذا الشرط(‪.‬‬
‫‪ 2‬م القنوت للنوازل‪ :‬حيث قالوا ل يقنممت للنمموازل إل بممأمر تراعممى‬
‫فيه السياسة الدولية )خلفا ً لسنة المصطفى عليه أفضل الصلة‬
‫وأتم التسليم(‪.‬‬
‫‪ 3‬م الفتاء‪ :‬حيث قالوا ل يتصدر للفتاء إل صمماحب منصممب‪ ،‬ويمنممع‬
‫مممن ل يملممك منصممبا ً مممن الفتمماء ولممو كممان عالم مًا‪ ،‬ول بممد مممن‬
‫الجماعية في صحة الفتوى ومشروعيتها والعمل بها‬
‫‪ 4‬م المر بالمعروف والنهي عن المنكممر‪ :‬حيممث قممالوا ل ينكممر مممن‬
‫رأى المنكر ولو كان مؤهل ول بلسانه إل من كان موظفا ً )خلفمما ً‬
‫لمر النبي صلى الله عليه وسلم(‪.‬‬
‫‪ 5‬م الوعظ والنصح والرشاد‪ :‬حيث قالوا ل يعظ ويرشممد ولممو كممان‬
‫مؤهل إل من صممرح لممه بممالوعظ والرشمماد‪ ،‬وأيضما ً فممي إطممارات‬
‫وضوابط محدودة لما يقال وما يترك‪) ،‬خلفا ً لمر اللممه ورسمموله‬
‫صلى الله عليه وسلم لهل العلم‬
‫)‪(695‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪6‬م قول الحق والصدع به‪ :‬حيث قالوا ل صدع بممما أمممر اللممه بممه إل‬
‫أن يوافق السياسة المحلية أو الدولية‪.‬‬
‫‪ 7‬م التعليم الديني‪ :‬حيث قالوا ل يشممرع فتممح المممدارس الدينيممة إل‬
‫وفق نظام التعاليم الخاضممع لنظمممة منظمممة اليونسممكو للثقافممة‬
‫التابعة للمم المتحدة‪ ،‬وكل تعليم ل يخضممع لهممذه النظمممة فممإنه‬
‫ممنوع‪ ،‬وإن وجد فل مستقبل لخريجيه‪.‬‬
‫‪ 8‬م الدروس العلمية الشريعة الصحيحة في المساجد‪ :‬حيث قممالوا‬
‫ل يجوز إلقاء الدروس في المساجد إل لمن أذن لممه بممذلك تحممت‬
‫ضوابط ما أنزل الله بها من سلطان )خلف ما ً لمممر اللممه ورسمموله‬
‫صلى الله عليه وسلم(‪.‬‬
‫‪ 9‬م تأليف الكتب السلمية التي في معنى الجهاد مثل كتب الردود‬
‫والفتاء‪ :‬حيث وضعوا شروطا ً لفسح التأليف ل يستند كممثير منهمما‬
‫على أي دليل ل من الكتاب ول من السنة‪.‬‬
‫وأشد من ذلك‪:‬‬
‫‪ 10‬م ربط تقدير المصالح بقرارات الدول والحكومات وأن هذا هممو‬
‫الشرع‪ :‬حيث قرروا بأن المصلحة الولى والهممم هممي المصمملحة‬
‫السياسية للحكام‪.‬‬
‫‪ 11‬م ربط تقدير المفاسد بقرارات الدول والحكومات وأن هذا هممو‬
‫الشرع‪ :‬حيث قرروا بأن المصلحة الولى والهممم هممي المصمملحة‬
‫السياسية للحكام‪.‬‬
‫‪ 12‬م ربط العلقات الخارجية بقرارات الدول والحكومات وأن هذا‬
‫هو الشرع‪ :‬مع إهمال لحقيقة الولء والبراء والمظاهرة ونحوهمما‪،‬‬
‫ومنع كل من أظهر حقيقة هذه المعاني إبطال ً لملة أبينا إبراهيممم‬
‫عليه السلم‪.‬‬
‫‪ 13‬م عدم نصرة المسلمين إل بإذن الحاكم‪ :‬حيث قممالوا إن نصممرة‬
‫المسلمين الذين اجتاح العممدو بلدهممم مممن غيممر إذن يعممد افتيات ما ً‬
‫على الحاكم والمناصرة معلقة بالمصالح السياسية‪.‬‬
‫‪ 14‬م عممدم جمممع التبرعممات والغاثممة للمسمملمين إل بممإذن الحمماكم‪:‬‬
‫حيث قالوا ل إغاثة إل بما وافق المصالح السياسية لنهمما الصممل‬
‫والهم‪.‬‬

‫)‪(696‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ 15‬م عدم تبني قضممايا الجهمماد للمسمملمين إل بممإذن الحمماكم‪ :‬حيممث‬
‫قالوا إن الشريعة تنيط مثل هذه المور برضا الحاكم من عممدمه‬
‫)خلفا ً لله ورسوله(‪.‬‬
‫‪ 16‬ممم عممدم إصممدار التصممريحات الممتي فيهمما تأييممد المسمملمين‬
‫والمجاهممدين إل بممإذن‪ :‬حيممث قممالوا إن الشممريعة ل تؤيممد صممدام‬
‫الحضارات‪ ،‬والتأييد للمجاهدين يصادمنا مع المممم‪ ،‬تناسمميا ً لواقممع‬
‫الرسول ‪ e‬وأصحابه رضي الله عنهم‪.‬‬
‫‪ 17‬م عدم إصممدار فتمماوى جماعيممة مممن علممماء وافقمموا الحممق فممي‬
‫الكتاب والسنة إل بإذن‪ :‬حيث قالوا إن هذا منازعممة للحمماكم فممي‬
‫سلطانه‪ ،‬وتعديا على حق السيادة‪ ،‬وهو محرم شرعًا‪.‬‬
‫‪ 18‬م دفممع الصممائل‪ :‬حيممث قممالوا ل يممدفع الصممائل إل بممإذن )خلفما ً‬
‫للدلة(‪.‬‬
‫وغير ذلك كثير؟!‬
‫ربط كل ذلك بالسياسة وبالحكام وبالدول‪.‬‬
‫ومن معالم هذه الطائفممة أيضمما‪ :‬أنهممم يطممالبون بعممدم التعممرض‬
‫لمسألة الولء والبراء وعدم نشر ملة إبراهيم عليه الصمملة والسمملم‬
‫التي من أعظمها الولء والبراء والكفر بالطاغوت والبراءة منه ومممن‬
‫أهله وتكفيرهم وعداوتهم‪ .‬وعدم التعرض لعداء الله مممن الصممليبيين‬
‫واليهممود وملممل الكفممر‪ ،‬وعممدم التعممرض لمسممائل الجهمماد والمممر‬
‫بممالمعروف والنهممي عممن المنكممر ومقاومممة المبتدعممة والمنممافقين‬
‫والمرتممدين والحكممام المبممدلين والمعاهممدات والنصممرة‪ ...‬الممخ وأن ل‬
‫يتعرض لذلك إل علماء معينين ويمنع بقية علماء المة من نشر ذلممك‬
‫مع عدم قيام هؤلء العلماء المعينين بالبيان‪ ،‬ومع حاجة المة الماسة‬
‫لذلك البيان‪.‬‬
‫وهذا التوجه الجديد في الونة الخيرة مّر بمراحل‪:‬‬
‫فأولا‪ :‬كانت بدعة تقليد الحكام ثم تطورت إلى بدعممة تقليممد أهممواء‬
‫الحكام ثم هذه تدرجت إلى‬
‫‪ 1‬م لوم من خالف مذهب الحاكم أو الدولة المخالفة للشريعة‪.‬‬
‫‪ 2‬م إلزام الناس به‪.‬‬
‫‪ 3‬م معاقبة من خالفه‪.‬‬
‫‪ 4‬م واتهامه بالخروج أو الفتنة أو الشذوذ أو التكفير أو الحممماس أو‬
‫الستعجال‪.‬‬
‫)‪(697‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ول يعني سردنا لتلك المسائل أننا ندعو لن تكون هذه المسممائل‬
‫وما شابهها متاحة لكل جاهل يقرر فيها ما شاء‪ ،‬بل المقصد ضممبطها‬
‫بالضوابط الشرعية التي نص عليها الله ورسوله أو جاءت إجماعما ً أو‬
‫قياسًا‪ ،‬وإعتاقها من قيود السياسممة والهممواء والجهممل لتكممون متاحممة‬
‫لكل عالم مؤهل شرعا ً موقع عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وحتى ل يكون هنالك ارتباط وسيادة إل للكتاب والسنة‪.‬‬
‫وهذا التيار موجود على مستوى محيط العالم العربي والسلمي‬
‫شمرقا وغربما وشممال وجنوبما يقمل ويكمثر‪ ،‬وأول تجمدد ظهموره فمي‬
‫محيط العالم العربي بعد حرب الخليج الخيممرة ثممم بممدأ ينتشممر بقموة‬
‫بعد أن تبنى الصليبيون حرب السلم بشكل سافر ظمماهر‪ ،‬فهممو تيممار‬
‫قديم وقد جدد في هذا العصر‪.‬‬
‫وقد أشار عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في فتح المجيممد ص‬
‫‪ 348‬م إلى هذا التيار فقال‪ :‬أما طاعة المراء ومتابعتهم فيما يخالف‬
‫ما شرعه الله ورسوله فقد عمت بها البلوى قديما وحديثا فممي أكممثر‬
‫الولة بعد الخلفاء الراشدين وهلم جممرا وقممد قممال تعممالى }فممإن لممم‬
‫يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممممن اتبممع هممواه‬
‫بغير هدى من الله إن الله ل يهممدي القمموم الظممالمين{‪ ...‬وكممان فممي‬
‫القديم يوجد على شكل طائفة قليلة ظهرت في الشام ثم زاد ذلممك‬
‫حتى تبناه أهل البدع والضلل من الرافضممة الماميممة‪ ،‬ثممم عمماد علممى‬
‫شكل مبادرات فردية وشخصممية ليممس لهمما طممابع العممموم‪ ،‬ثممم ظهممر‬
‫اليوم على شكل تيار له رموزه وقياداته‪.‬‬
‫وقبل أن نذكر الدلة على مخالفة هذا التيار نذكر الرسالة الممتي‬
‫سطرها ابن تيمية رحمه الله في هذا الموضمموع فإنهمما كافيممة شممافية‬
‫في الموضوع‪:‬‬
‫وهممي موجممودة فممي الفتمماوى ‪/35‬مممن ص ‪ 357‬إلممى ص ‪388‬م م‬
‫بعنوان ما للحاكم أن يحكم فيه وما ليممس لممه أن يحكممم بممه )ويقصممد‬
‫رحمه الله في رسالته هذه بالحاكم أي القاضي‪ .‬فإذا كممان هممذا فممي‬
‫القاضي الشرعي فكيف بالحاكم السياسي؟ ل يستوون(‪.‬‬
‫ملحظة مهمة‪ :‬أحب أن أنبه قبل أن أدخل في ذكر رسممالة ابممن‬
‫تيمية وقبل ذكري للدلة فممي خطممأ هممذا التيممار‪ ،‬أقممول أن ممما سمموف‬
‫أذكره من أدلة أقصد بذكرها هدف واحممد وهممو أن مممن ألممزم النمماس‬

‫)‪(698‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بمذهب الحكام الذي بنوه على أهوائهم وفرضوا مممذهبهم عليممه لنممه‬
‫يصمملح لهممم ويحقممق مممآربهم‪ ،‬أو يخممدم جهممات معينممة إممما وطنيممة أو‬
‫إقليمية أو عالمية‪ ،‬لهذا السبب فل ينساق معهم فيممه ول يجمموز لحممد‬
‫إلمزام النماس بهمذا‪ ،‬ويممدخل فمي همذه المسمألة العصممرانيون وأيضما‬
‫النهزاميون الجدد‪ ،‬الذين لهم نفس التوجه فهم يختارون ممن أقموال‬
‫أهل العلم ما يناسممب العصممر ورغبممات النمماس‪ ،‬ويقصممدون الرخممص‪،‬‬
‫وفقه التيسير‪ ،‬فيختارون بعض أقوال أهممل العلممم المرجوحممة والممتي‬
‫خالفت صريح الدلة من الكتاب أو السنة أو الجماع‪ ،‬أو القوال التي‬
‫شذوا فيها‪) ،‬خصوصا ما يتعلق بالمرأة وكشف الوجه للمرأة والغنمماء‬
‫والفضائيات وحرية الرأي وتسهيل الربمما والبنمموك والتصمموير والزيمماء‬
‫واللباس واللحية وتسهيلت جديدة في الحج والسياسة وأمثممال ذلممك‬
‫مممن أطروحممات العصممرانيين والنهزامييممن الجممدد( فيتبنونهمما بقمموة‬
‫ويتسترون خلف ستار أنها قول عالم ثم يحمماولون أن يسممتفيدوا مممن‬
‫نصوص هذا البحث لخدمة أغراضهم وأهوائهم كممما اسممتخدموا بعممض‬
‫أقوال أهل العلم لهوائهم‪ ،‬فهؤلء ل يمكنممون مممن تحقيممق أغراضممهم‬
‫بهذه الطريقة‪ .‬فكما أن الحاكم ل يجوز لممه أن يلممزم النمماس بممأهوائه‬
‫وإن غلفها بلفتة أنها قول بعض العلماء‪ ،‬فكذلك هؤلء النهزامييممن ل‬
‫يجوز لهم أن يبثوا وينشروا في النمماس اختيمماراتهم الفقهيممة الجديممدة‬
‫الشهوانية التي تخممدم منهجهممم وإن غلفوهمما بلفتممة أنهمما قممول بعممض‬
‫العلماء‪ .‬فكل الفريقين في خطأ مشين وفي ظلل مبين‪.‬‬
‫والن نعود إلى ذكر رسالة ابن تيمية رحمه الله فيها‪:‬‬
‫فصل‬
‫فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه وممما لممم يجعممل لواحممد مممن‬
‫المخلوقين الحكم فيه بل الحكم فيه علممى جميممع الخلممق للممه تعممالى‬
‫ولرسوله صلى الله عليه وسلم ليس لحد من الحكام أن يحكم فيممه‬
‫على غيره ولو كان ذلك الشخص من آحاد العامة‪.‬‬
‫ثم بين رحمه اللمه القاعمدة فمي ذلمك فقمال‪ :‬وهمذا مثمل الممور‬
‫العامة الكلية التي أمر الله جميع الخلق أن يؤمنمموا بهمما ويعملمموا بهمما‬
‫وقد بينها في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بممما أجمعممت‬
‫عليه المة‪ ،‬أو تنازعت المة فيه إذا وقع فيه نزاع بيممن الحكممام وبيممن‬
‫آحاد المسلمين من العلممماء أو الجنممد أو العامممة أو غيرهممم لممم يكممن‬
‫للحاكم أن يحكم فيها علممى مممن ينممازعه ويلزمممه بقمموله ويمنعمه مممن‬
‫)‪(699‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫القول الخر فضل عن أن يؤذيه أو يعاقبه‪.‬‬
‫ثم ذكر رحمه الله أمثلة لهذه المور الكلية التي ليممس للقاضممي‬
‫)أي الحاكم( أن يلزم الناس بقوله فكيف بالمام أو المير أو غيره؟!‬
‫وهذه المثلة هي‪:‬‬
‫‪ .1‬فممي مممس المممرأة هممل ينقممض الوضمموء أم ل؟ وفممي قمموله }أو‬
‫لمستم النساء{‪ 00 .‬هل المراد به الجماع أو المراد به اللمس‪.‬‬
‫‪ .2‬وذلك تنازع المسلمون في الوضمموء مممن خممروج الممدم بالفصمماد‬
‫والحجامممة والجممرح والرعمماف وفممي القيممء وفممي مممس الممذكر‬
‫والوضوء من القهقهة ومما مست النار‪.‬‬
‫‪ .3‬وكذلك تنازعوا في كثير من مسائل الفرائض كالجد والمشممركة‬
‫وغيرهما‬
‫‪ .4‬وفي كثير من مسائل الطلق‪.‬‬
‫‪ .5‬وفي كثير من مسائل اليلء‪.‬‬
‫‪ .6‬وفي كثير من مسائل العبادات في الصلة والصيام والحج‪.‬‬
‫‪ .7‬وفي مسائل زيارات القبور منهم من كرهها مطلقا ومنهممم مممن‬
‫أباحها ومنهم من استحبها إذا كانت على الوجه المشروع‪.‬‬
‫‪ .8‬وتنازعوا في السلم علممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم هممل‬
‫يسلم عليه في المسجد وهو مستقبل القبلة أو مستقبل الحجرة‬
‫وهل يقف بعد السلم يدعو له أم ل؟‪.‬‬
‫‪ .9‬وتنممازعوا أي المسممجدين أفضممل؟ المسممجد الحممرام أو مسممجد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .10‬وتنازعوا فيما إذا نذر السفر إلى المسجدين؟‬
‫‪ .11‬وتنازعوا في تفسير بعض اليات‪.‬‬
‫‪ .12‬وتنازعوا في بعض الحاديث هل تثبممت عممن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أو لم تثبت؟‪.‬‬
‫وهذه المثلة ليست للحصر بل للتوضيح‪ ،‬وإنما الضابط فيها كما‬
‫قال سابقا في أول الرسممالة‪ :‬المممور العامممة الكليممة الممتي أمممر اللممه‬
‫جميع الخلق أن يؤمنوا بها ويعملمموا بهمما وقممد بينهمما فممي كتممابه وسممنة‬
‫رسوله صلى الله عليه وسمملم بممما أجمعممت عليممه المممة‪ ،‬أو تنممازعت‬
‫المة فيه‪) .‬وتعقيبا على ذلك نقول‪ :‬ومثلها مسممألة الجهمماد والشممعائر‬
‫الظاهرة والواجبات والحقوق الشرعية هل هي مرتبطة بإذن المممام‬
‫أم ل؟ ثم إذا عطلها أو تلعب بها هل يلزم إذنه أم ل؟‪.‬‬
‫)‪(700‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ثم بعد ذكره لهممذه المثلممة عقممب بقاعممدة فقممال‪ :‬فهممذه المممور‬
‫الكلية ليس لحاكم من الحكام كائنا من كان ولممو كممان مممن الصممحابة‬
‫أن يحكم فيها بقوله على من نازعه فممي قمموله فيقممول ألزمتممه أن ل‬
‫يفعل ول يفتي إل بالقول الذي يوافق لمذهبي‪ ،‬بل الحكممم فممي هممذه‬
‫المسائل لله ورسوله)وتنبه لهذا القيد( والحاكم واحد من المسلمين‬
‫فإن كان عنده علم تكلم بما عنده وإذا كان عند منازعه علم تكلم به‬
‫فإن ظهر الحمق فمي ذلمك وعمرف حكمم اللمه ورسموله وجمب علمى‬
‫الجميع اتباع حكم الله ورسوله وإن خفي ذلمك أقمر كمل واحمد علممى‬
‫قوله‪ ،‬أقر قائل هذا القول على مذهبه وقائل هذا القول على مممذهبه‬
‫ولم يكن لحدهما أن يمنممع الخممر إل بلسممان العلممم والحجممة والبيممان‬
‫فيقول ما عنده من العلم‪.‬‬
‫وأما باليد والقهر فليس لممه أن يحكممم إل فممي )القضممية( المعينممة‬
‫التي يتحاكم فيها إليه مثل ميممت مممات وقممد تنممازع ورثتممه فممي قسممم‬
‫تركته فيقسمممها بينهممم إذا تحمماكموا إليممه وإذا حكممم هنمما بأحممد قممولي‬
‫العلماء ألزم الخصم بحكمه ولم يكن له أن يقول أنا ل أرضممى حممتى‬
‫يحكم بالقول الخممر وكممذا إذا تحمماكم إليممه اثنممان فممي دعمموى يممدعيها‬
‫صل بينهما كما أمر الله ورسوله وألزم المحكوم عليممه بممما‬ ‫أحدهما فَ َ‬
‫حكم به وليس له أن يقول أنت حكمت علي بالقول الذي ل أختاره‪.‬‬
‫ثم قال رحمه الله‪ :‬وقد يقول كثير مممن علممماء المسمملمين أهممل‬
‫العلم والدين من الصحابة والتابعين وسائر أئمممة المسمملمين الربعممة‬
‫وغيرهم أقوال باجتهادهم فهذا يسوغ القمول بهما ول يجمب علمى كمل‬
‫مسلم أن يلتزم إل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وليس المراد بالشرع اللزم لجميع الخلق حكم الحمماكم‬
‫ولو كان الحاكم أفضل أهل زمممانه بممل حكممم الحمماكم العممالم العممادل‬
‫يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة ل يلزم جميع الخلممق‬
‫ول يجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكما ل في قليممل‬
‫ول في كثير إذا كان قد عرف ما أمممر اللمه بمه ورسمموله بممل ل يجممب‬
‫على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء بل له أن يستفتي من يجوز‬
‫له استفتاؤه وإن لم يكن حاكما ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب‬
‫الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخممالف لحكممم اللممه ورسمموله‬
‫كان مرتدا كممافرا يسممتحق العقوبممة فممي الممدنيا والخممرة قممال تعممالى‬
‫}المص كتاب أنزل إليممك فل يكممن فممي صممدرك حممرج منممه لتنممذر بممه‬
‫)‪(701‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وذكرى للمؤمنين‪ ،‬اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونممه‬
‫أولياء قليل ما تذكرون{ ولو ضرب وحبس وأوذي بممأنواع الذى ليممدع‬
‫ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبممع حكممم غيممره‬
‫كان مستحقا لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله فهممذه‬
‫سنة الله في النبياء وأتباعهم ثم ذكر آيات في ذلك‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وهذا إذا كان الحاكم قد حكم في مسممألة اجتهاديممة قممد‬
‫تنازع فيهمما الصممحابة والتممابعون فحكممم الحمماكم بقممول بعضممهم وعنممد‬
‫بعضهم سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخالف ممما حكممم بممه‬
‫فعلى هذا أن يتبع ما علم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ويأمر بذلك ويفتي به ويدعوا إليه ول يقلممد الحمماكم هممذا كلممه باتفمماق‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫وإن ترك المسلم عالما كان أو غير عالم ما علم مممن أمممر اللممه‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم لقول غيره كان مستحقا للعذاب قال‬
‫تعالى }فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصمميبهم‬
‫عذاب أليم{‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬فالشرع الذي يجب علممى كممل مسمملم أن يتبعممه ويجممب‬
‫على ولة المر نصره والجهاد عليمه همو الكتماب والسمنة وأمما حكمم‬
‫الحاكم فذاك يقال له قضاء القاضي ليممس هممو الشممرع الممذي فممرض‬
‫الله على جميع الخلق طاعته بل القاضي العالم العادل يصمميب تممارة‬
‫ويخطئ تارة ولو حكم الحاكم لشخص بخلف الحق في البمماطن لممم‬
‫يجممز لممه أخممذه ولممو كممان الحمماكم سمميد الوليممن والخريممن كممما فممي‬
‫الصحيحين عن أم سمملمة قممالت قممال رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫ي ولعل بعضكم ألحممن بحجتممه مممن بعممض‬ ‫وسلم " إنكم تختصمون إل ّ‬
‫فأقضي له بنحو مما أسمع فمن قضيت لمه مممن حممق أخيممه شمميئا فل‬
‫يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار " فهممذا سمميد الحكممام والمممراء‬
‫والملوك يقول إذا حكمت لشممخص بشمميء يعلممم أنممه ل يسممتحقه فل‬
‫يأخذه وقد أجمع المسلمون على أن حكم الحاكم بالملك المرسمملة‬
‫ل ينفذ في الباطن‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وقد فرض الله على ولة أمر المسمملمين اتبمماع الشممرع‬
‫الذي هو الكتاب والسنة وإذا تنازع بعض المسمملمين فممي شمميء مممن‬
‫مسائل الدين ولو كان المنازع من آحاد طلبممة العلممم لممم يكممن لممولة‬
‫المور أن يلزموه باتباع حكم حاكم‪ ،‬بل عليهم أن يبينوا له الحق كما‬
‫)‪(702‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يبين الحق للجاهل المتعلم فإن تممبين لممه الحممق الممذي بعممث اللمه بمه‬
‫رسوله وظهر وعانده بعد هممذا اسممتحق العقمماب وأممما مممن يقممول إن‬
‫الذي قلته هو قولي أو قول طائفة من العلماء المسلمين وقممد قلتممه‬
‫اجتهادا أو تقليدا )ل همموى وفقممه تيسممير( فهممذا باتفمماق المسمملمين ل‬
‫تجوز عقوبته ولو كان قممد أخطممأ خطممأ مخالفمما للكتمماب والسممنة ولممو‬
‫عوقب هذا لعوقب جميع المسلمين فإنه ممما منهممم مممن أحممد إل ولممه‬
‫أقوال اجتهد فيهمما أو قلممد فيهمما وهممو مخطممئ فيهمما فلممو عمماقب اللممه‬
‫المخطئ لعاقب جميع الخلق بممل قممد قممال اللممه تعممالى فممي القممرآن‬
‫}ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنمما ول تحمممل علينمما إصممرا كممما‬
‫حملته على الذين من قبلنا ربنا ول تحملنا ممال طاقمة لنما بمه واعمف‬
‫عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين{‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن اللممه‬
‫استجاب هذا الدعاء "‪ ،‬وقال النبي صلى الله عليممه وسملم " إن اللمه‬
‫تجاوز لمتي عن الخطمأ والنسميان ومما اسمتكرهوا عليمه " فمالمفتي‬
‫والجندي والعامي إذا تكلممموا بالشمميء بحسممب اجتهممادهم اجتهممادا أو‬
‫تقليدا قاصدين لتباع الرسمول بمبلمغ علمهمم )ل هموى وفقمه تيسمير‬
‫وعصرانية‪ ،‬لن من صادف الحق هوى وشممهوانية وعصممرانية ل يكممن‬
‫مصيبا وإن وافق الحق‪ ،‬بل مخطئا ضال‪ ،‬لنه مثل من فسممر القممرآن‬
‫هوى أوعصرانية ل يكن مصيبا وإن وافق الحق( ل يستحقون العقوبة‬
‫بإجماع المسلمين وإن كانوا قد أخطئوا خطأ مجمعا عليممه وإذا قممالوا‬
‫إنا قلنا الحق واحتجوا بالدلة الشرعية لم يكن لحممد مممن الحكممام أن‬
‫يلزمهم بمجرد قوله ول يحكم بأن الذي قمماله هممو الحممق دون قممولهم‬
‫بل يحكم بينه وبينهممم الكتمماب والسممنة‪ ،‬والحممق الممذي بعممث اللممه بممه‬
‫رسوله ل يغطى بل يظهر فإن ظهر رجع الجميع إليه وإن لممم يظهممر‬
‫سكت هذا عن هذا وسكت هذا عن هذا كالمسائل الممتي تقممع يتنممازع‬
‫فيها أهل المذاهب ل يقول أحد إنه يجب على صاحب مذهب أن يتبع‬
‫مذهب غيره لكونه حاكما فإن هممذا ينقلممب فقممد يصممير الخممر حاكممما‬
‫فيحكم بأن قوله هو الصواب فهذا ل يمكن أن يكممون كممل واحممد مممن‬
‫القولين المتضادين يلزم جميع المسمملمين اتبمماعه‪ .‬وعلممى ولة المممر‬
‫أن يمنعمموهم مممن التظممالم فممإذا تعممد بعضممهم علممى بعممض منعمموهم‬
‫العدوان‪.‬‬
‫ثم ضرب مثل لذلك‪ :‬بأن الحكام قد ألزموا بمنع ظلم أهل الذمة‬
‫)‪(703‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وأن يكممون اليهممودي والنصممراني فممي بلدهممم إذا قممام بالشممروط‬
‫المشروطة عليهم ل ُيلزمه أحد بترك دينه مع العلم بأن دينممه يمموجب‬
‫العذاب فكيف يسوغ لولة المور أن يمكنوا طوائف المسمملمين مممن‬
‫اعتداء بعضهم على بعض وحكم بعضهم علممى بعممض بقمموله ومممذهبه‬
‫هذا مما يوجب تغير الدول وانتقاضها فإنه ل صلح للعبمماد علممى مثممل‬
‫هذا‪ .‬وهذا إذا كان الحكام قد حكموا في مسممألة فيهمما اجتهمماد ونممزاع‬
‫معروف فإذا كان القول الذي قد حكموا به لم يقل به أحد من أئمممة‬
‫المسمملمين )كممما هممو مسمملك النهزامييممن والعصممرانيين فممي فقممه‬
‫التيسير( ول هو مذهب أئمتهم الذين ينتسبون إليهم ول قاله أحد من‬
‫الصحابة والتابعين ول فيه آية من كتاب الله وسنة رسوله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم بل قولهم يخالف الكتاب والسنة وإجممماع الئمممة فكيممف‬
‫يحل مع هذا أن يلزم علماء المسلمين باتباع هممذا القممول وينفممذ فيممه‬
‫هذا الحكم المخالف للكتاب والسنة والجماع وأن يقال القول الممذي‬
‫دل عليه الكتماب والسمنة وأقموال السملف ل يقمال ول يفمتي بمه بمل‬
‫يعاقب يؤذى من أفتى به ومن تكلم به وغير ويؤذى المسمملمون فممي‬
‫أنفسهم وأهليهم وأموالهم لكونهم اتبعوا ما علموه من ديمن السملم‬
‫وإن كان قد خفي على غيرهم وهم يعذرون من خفي عليممه ذلممك ول‬
‫يلزمون باتباعهم ول يعتدون عليه فكيف يعان من ل يعرف الحق بممل‬
‫يحكم بالجهل والظلم ويلزم من عرف ما عرفه من شريعة الرسول‬
‫أن يترك ما علمه من شرع الرسول صلى الله عليه وسلم لجل هذا‬
‫ل ريب أن هذا أمممر عظيممم عنممد اللممه تعممالى وعنممد ملئكتممه وأنبيممائه‬
‫وعباده والله ل يغفل عن مثل هذا وليس الحممق فممي هممذا لحممد مممن‬
‫الخلق فإن الذين اتبعوا ما علموه من شرع الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يظلموا أحممدا فممي دم ول مممال ول عممرض ول لحممد عليهممم‬
‫دعوى بل هم قالوا نحن نتبع ما عرفناه من دين السلم وما جماء بمه‬
‫الكتاب والسنة‪.‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬بل لو كان مخطأ مع اجتهاده لممم يسممتحق العقوبممة‬
‫بإجماع المسلمين ول يجب عليه إتباع حكم أحممد بإجممماع المسمملمين‬
‫وليس للحاكم أن يحكم بأن هذا أمر به رسول الله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم وأن هذا العمل طاعة أو قربة أو ليس بطاعة أو قربة ول بممأن‬
‫السفر إلى المسمماجد والقبممور وقممبر النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يشرع أو ل يشرع ليس للحاكم فممي هممذا مممدخل إل كممما يممدخل فيممه‬
‫)‪(704‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫غيرهم من المسلمين بل الكلم في هذا لجميع أمة محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم فمن كان عنده علم تكلممم بممما عنممده مممن العلممم وليممس‬
‫لحد أن يحكم على عالم بإجماع المسلمين بل يبين له أنه قد أخطممأ‬
‫فإن بين له بالدلة الشرعية التي يجب قبولهمما أنممه قممد أخطممأ وظهممر‬
‫خطؤه للناس ولم يرجممع بممل أصممر علممى إظهممار ممما يخممالف الكتمماب‬
‫والسنة والدعاء إلى ذلممك وجممب أن يمنممع مممن ذلممك ويعمماقب إن لممم‬
‫يمتنع وأما إذا لم يبين له ذلك بالدلة الشرعية لم تجز عقوبته باتفاق‬
‫المسلمين ول منعه من ذلك القول ول الحكم عليه بممأنه ل يقمموله إذا‬
‫كان يقول أن هذا هو الذي دل عليه الكتمماب والسممنة كممما قمماله فلن‬
‫وفلن من علماء المسلمين فهذا إذا أجتهد فأخطأ لم يحكم عليممه إل‬
‫بالكتاب والسنة والمنازع له يتكلم بل علم والحكم الذي حكم بممه لممم‬
‫يقله أحد من علماء المسمملمين فعلممماء المسمملمين الكبممار لممو قممالوا‬
‫بمثل قول الحكام لم يكن لهم إلزام الناس بذلك إل بحجة شرعية ل‬
‫بمجرد حكمهم‪.‬‬
‫ثم ضرب مثل آخر في ذلك فقال‪ :‬وعمر بن الخطمماب قممد قممال‬
‫النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فيممه إنممه قممد كممان فممي المممم قبلكممم‬
‫محدثون فأن يكن في أمتي أحد فعمر وروى أنه ضممرب الحممق علممى‬
‫لسانه وقلبه وقال لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر ومممع هممذا فممما‬
‫كان يلزم أحدا بقوله ول يحكممم فممي المممور العامممة بممل كممان يشمماور‬
‫الصحابة ويراجع فتارة يقول قول فترد عليه امرأة فيرجع إلمى قولهمما‬
‫وقال امرأة أصابت ورجل أخطأ‪.‬‬
‫المثال الثاني من فعل عمر قال فيه رحمه اللممه‪ :‬ففممي مسممائل‬
‫النزاع مثل مسائل الفرائض والطلق يرى رأيا ويرى علي بن طممالب‬
‫رأيا ويرى عبد الله بن مسعود ويرى زيد بن ثابت رأيا فلم يلزم أحدا‬
‫أن يأخذ بقوله بل كل منهم يفتي بقوله‪ ،‬وعمر رضي الله عنممه إمممام‬
‫المة كلها وأعلمهم وأدينهم وأفضلهم فكيف يكون واحد من الحكممام‬
‫خيرا من عمر هذا إذا كان قد حكم في مسألة اجتهاد فكيف إذا كممان‬
‫ما قاله لم يقله أحد من أئمة المسلمين ل الربعة ول من قبلهم مممن‬
‫الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬وقال إن الله لم يرض بحكم واحممد بيممن الزوجيممن إذا‬
‫خيف الشقاق بينهما فإنه ل يعلم أيهما الظالم وليس بينهما بينممة بممل‬
‫أمر بحكميممن وأن ل يكونمما متهميممن قممال تعممالى }وإن خفتممم شممقاق‬
‫)‪(705‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريممدا إصمملحا ‪ -‬أي‬
‫الحكمين ‪ -‬يوفق الله بينهممما ‪ -‬أي بيممن الزوجيممن ‪ (-‬فهنمما لممما اشممتبه‬
‫الحق لم يجعل الله الحكم لواحد وهو في قضية معينممة بيممن زوجيممن‬
‫ولو حكم حاكم واحد بين الزوجيممن فممي أمممر ظمماهر لممم ينفممذ حكمممه‬
‫باتفاق المسلمين فكيف بممأمر الممدين والعبممادات الممتي يشممترك فيهمما‬
‫جميع المسلمين وقممد اشممتبهت علممى كممثير مممن النمماس هممذا بإجممماع‬
‫المسلمين ل يحكم فيه إل الله ورسوله عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬وولي المر إن عرف ممما جمماء بممه الكتمماب والسممنة‬
‫حكم بين الناس به وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هممذا وممما‬
‫يقول هذا حتى يعرف الحق )بصممدق ل بشممهوانية( حكممم بممه وإن لممم‬
‫يمكنه ل هذا ول هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كممل يعبممد اللممه‬
‫على حسب اجتهاده وليس له أن يلزم أحممدا بقبممول قممول غيممره وإن‬
‫كان حاكما وإذا خرج ولة المور عن هذا فقد حكمموا بغيمر مما أنمزل‬
‫الله‪ ،‬ووقع بأسهم بينهم قال النبي صلى اللممه عليممه وسمملم ممما حكممم‬
‫قوم بغير ما أنزل الله إل وقع بأسهم بينهم وهذا ممن أعظمم أسمباب‬
‫تغيير الدول كما قد جرى مثل هذا مممرة بعممد مممرة فممي زماننمما وغيممر‬
‫زماننا‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬فإن الحاكم إذا كان دينا لكنه حكم بغير علممم كممان مممن‬
‫أهل النار وإن كان عالما لكنه حكممم بخلف الحمق المذي يعلممه كمان‬
‫من أهل النار وإذا حكم بل عدل ول علم )كالسياسمميين والعصممرانيين‬
‫والنهزاميين( كان أولى أن يكون من أهل النممار وهممذا إذا حكممم فممي‬
‫قضية معينة لشخص‪ .‬وأما إذا حكم حكما عاما فممي ديممن المسمملمين‬
‫فجعممل الحممق بمماطل والباطممل حقمما والسممنة بدعممة والبدعممة سممنة‬
‫والمعروف منكرا والمنكر معروفا ونهى عممما أمممر اللممه بممه ورسمموله‬
‫وأمر بممما ينهممى اللممه عنممه ورسمموله فهممذا لممون آخممر يحكممم فيممه رب‬
‫العالمين واله المرسلين مالك يوم الدين الذي له الحمد فممي الولممى‬
‫وفي الخرى وله الحكم وإليممه ترجعممون‪ .‬والحمممد للممه رب العممالمين‬
‫وصلى اللمه علمى محممد وآلمه وصمحبه وسملم‪ .‬اهمم انتهمت الرسمالة‬
‫وانتهى المقصود من النقل‪ .‬الفتاوى ‪.35/388‬‬
‫والن نعود إلى تكملة موضوعنا فنقول‪:‬‬
‫الدلة على مخالفة هذا التيار )المامي والعصراني والنهزامي(‪:‬‬
‫‪ 1‬م قال تعالى }وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله‬
‫)‪(706‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم{‪ .‬وقال تعالى }يمما أيهمما الممذين‬
‫آمنوا ل تقدموا بين يدي الله ورسوله{ أي ل تقدموا حاكما ول غيره‪.‬‬
‫وقال تعالى }إنما كان قممول المممؤمنين إذا دعمموا إلممى اللممه ورسمموله‬
‫ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وألئك هممم المفلحممون{‪ ،‬وقممال‬
‫تعالى }واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكممم ول تتبعمموا مممن دونممه أوليمماء‬
‫قليل ما تذكرون{ وقال تعالى }إنا أنزلنا إليك الكتاب بممالحق لتحكممم‬
‫بين الناس بما أراك اللممه{ ولممم يقممل بممما يممرى الحكممام والمممراء أو‬
‫السياسة الدولية؟!‬
‫وقممال تعممالى }إن الحكممم إل للممه{ وليممس للحكومممات أو الممدول‪،‬‬
‫وقال تعالى }ول يشرك في حكمه أحدا{ وقممال تعممالى }وأن احكممم‬
‫بينهم بما أنزل الله ول تتبع أهوائهم{ ولم يقل احكممم بينهممم بالنظممام‬
‫أو حسب التعليمات‪.‬‬
‫‪ 2‬م عموم اليات والحمماديث الدالمة علممى وجمموب الجهمماد ونصممرة‬
‫المسلمين ووجوب إظهار الحق والبيممان والفتمماء والممدعوة والتعليممم‬
‫والمر والنهي ولم يتقيد ذلممك بالحكممام وهممي كممثيرة جممدا يطممول بنمما‬
‫المقام لو سردناها‪.‬‬
‫‪ 3‬مم أنممه مخممالف لهممدي الصممحابة فكممانوا يفتممون وإن خممالف رأي‬
‫المام ومن المثلة على ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬قال ابن القيم رحمممه اللممه‪ :‬وعمممر رضممي اللممه عنممه لممما أفممتى‬
‫بمسائل مثل بيع أمهات الولد وألزم بالطلق الثلث وتبعه الصممحابة‬
‫خمالفه فممي ذلمك ابممن مسمعود رضمي اللمه عنممه فممي أمهمات الولد‪،‬‬
‫وخالفه ابن عباس رضي الله عنممه فممي اللممزام بممالطلق الثلث‪ .‬اهمم‬
‫إعلم الموقعين ص ‪.230‬‬
‫ب‪ -‬قال ابن تيمية‪ :‬وعمر بن الخطاب قد قممال النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم فيه إنه قد كان في المم قبلكم محدثون فممإن يكممن فممي‬
‫أمتي أحد فعمر وروى أنه ضرب الحق على لسانه وقلبه وقال لو لم‬
‫أبعث فيكم لبعث فيكم عمر ومع هذا فما كان يلممزم أحممدا بقمموله ول‬
‫يحكم في المور العامة بل كان يشاور الصحابة ويراجع فتارة يقممول‬
‫قول فترد عليه امرأة فيرجع إلى قولهما وقمال اممرأة أصمابت ورجمل‬
‫أخطأ‪ .‬الفتاوى ‪.35/384‬‬
‫ج‪ -‬قال ابن تيمية أيضا رحمه الله عن عمر رضي الله عنه‪ :‬ففممي‬

‫)‪(707‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫مسائل النزاع مثل مسائل الفرائض والطلق يممرى رأيمما ويممرى علممي‬
‫بن أبي طالب رأيا ويرى عبد الله بن مسعود رأيا ويرى زيد بن ثممابت‬
‫رأيا فلم يلزم أحدا أن يأخذ بقوله بل كممل منهممم يفممتي بقمموله وعمممر‬
‫رضي الله عنه إمام المة كلهمما وأعلمهممم وأدينهممم وأفضمملهم فكيممف‬
‫يكون واحد من الحكام خيممرا مممن عمممر هممذا إذا كممان قممد حكممم فممي‬
‫مسألة اجتهاد‪ .‬الفتاوى ‪.35/385‬‬
‫د‪ -‬وعلي بن أبمي طمالب رضمي اللمه عنمه خمالف عثممان الحماكم‬
‫رضي الله عنه في أمر الفتاء بجواز متعة الحج‪.‬‬
‫هم‪ -‬قال ابن القيم في إعلم الموقعين ص ‪218‬م وقمد خمالف ابمن‬
‫مسعود رضي الله عنه عمر رضي الله عنه في نحو من مائة مسمألة‬
‫ثم عد ابن القيم منها خمسة‪.‬‬
‫و‪ -‬قصة أبي ذر رضي الله عنه في عدم استئذانه في الفتمماء بممل‬
‫كان يرى أن من الواجب عليه الفتاء ولو بمدون إذن الحماكم وقصمته‬
‫مذكورة فممي سممنن الممدارمي وعلقهمما البخمماري فممي صممحيحه بصمميغة‬
‫الجزم‪.‬‬
‫ز‪ -‬وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه ومن معه خالفوا رأي المير‬
‫دم الخطبة على صلة العيد حيممث خممالف السممنة رواهمما مسمملم‬ ‫لما ق ّ‬
‫في صحيحه‪ ،‬ولم ُيقل هذا رأي المير فل يجوز مخالفته؟!‬
‫ح‪ -‬ونقل ابن القيم فممي إعلم الممموقعين ص ‪219‬مم أن ابممن عمممر‬
‫كان يدع قول أبيه عمر إذا ظهرت له السنة‪ .‬اهم فلحظ أنه يدع قول‬
‫الحاكم إذا ظهرت له السنة‪.‬‬
‫ط‪ -‬وقال ابن عباس رضي الله عنه‪ :‬أقول لكم قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر وهؤلء يقممال لهممم‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون قممال الميممر الفلنممي‬
‫وقال الحاكم الفلني وقالت سياسة الدولة؟! قال سممليمان بممن عبممد‬
‫الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهممم اللممه فممي التيسممير ص ‪483‬م م‬
‫وفيه كان ابن عباس رضي الله عنه يممأمر بالمتعمة فممي الحمج فاحتمج‬
‫عليه المناظر بنهي أبي بكر وعمر رضي اللممه عنهممما )أي هممما أعلممم‬
‫منك( فاحتجوا عليه بمذهب الحاكم فأنكر عليهم ذلك‪ .‬قممال سممليمان‬
‫رحمه الله‪ :‬فماذا تظنه يقول لمن يعارض سنن الرسول صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم بإمامة وصاحب مذهبه الذي ينتسمب إليمه؟ ونحمن نقمول‬

‫)‪(708‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فماذا تظنه يقول لمن يعارض سنن الرسول صلى الله عليممه وسمملم‬
‫بمذهب حاكمه أو دولته‪.‬‬
‫ي‪ -‬من ذلك موقف الصحابة وعلماء السلف من المسائل الفقهية‬
‫التي أحدثها بنو أمية وتأولوا فيها لكممن لممما كممانت مخالفممة للنصمموص‬
‫أنكرها العلماء وخالفوها ورووا الحاديث المخالفة لذلك ولممم يقولمموا‬
‫هذا مذهب الحاكم ويجب اتباعه‪ ،‬كممما أن بنممي أميممة لممم يتهممموا مممن‬
‫خالف فممي ذلممك بممأنه مممن الخمموارج أو صمماحب فتنممة أو متحمممس أو‬
‫عاطفي أو متطممرف أو إرهممابي أو غيممر ذلممك‪ .‬بممل اعتممبر العلممماء أن‬
‫حكام بني أمية هم الذين شذوا‪.‬‬
‫‪ 1‬م قال ابن عبد البر )إن بني أمية أحدثوا الذان مم في العيدين مم‬
‫ولممم يكممن يعرفممونه قبممل( السممتذكار ‪ .10/12‬قممال ابممن حممزم فممي‬
‫المحلى ‪ 3/140‬رقم ‪) 322‬إل شيئا كممان بنممو أميممة قممد أحممدثوه مممن‬
‫الذن والقامة لصلة العيدين وهممو بدعممة اهم م وقممال الدمشممقي فممي‬
‫اختلف الئمة ص ‪ 60‬إن ابن الزبير رضى الله عنه أذن لصلة العيممد‬
‫اهم ومع ذلك خالفه الصحابة وغيرهم ولم يقولوا هممذا مممذهب المممام‬
‫يجممب اتبمماعه‪ ،‬ويعمماقب مممن خممالفه ويسممجن ويمنممع مممن الفتمموى‬
‫والتدريس‪.‬‬
‫‪ 2‬م ونقل ابن قدامة ما رواه أبو داود وابن ماجممة مممن إنكممار عبممد‬
‫الله بن بسر الصحابي على المام لممما أبطممأ‪ .‬قممال ابممن قممدامه وأممما‬
‫حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه فممإنه أنكممر أبطممأ المممام عممن‬
‫وقتها المجمع عليه اهم المغني والشرح ‪.2/235‬‬
‫‪ 3‬م قال ابن عبد البر إن عليا رضي الله عنه صمملى العيممد بالنمماس‬
‫وعثمان محصور‪ ..‬وقال‪ :‬وقد صلى بالناس فممي حيممن حصممار عثمممان‬
‫رضي الله عنه جماعة من الفضلء الجلة منهممم أبممو أيمموب النصمماري‬
‫وطلحة وسهل بن حنيف وأبو أماممة بمن سمهل وغيرهمم رضمي اللمه‬
‫عنهم وصلى بهم علي بن أبي طالب صلة العيد وقال يحيى بممن آدم‬
‫صلى بهم رجل بعد رجل‪ ...‬وذكر عن الخطيب البغدادي في التاريممخ‬
‫بسنده عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال لم يزل طلحة يصلي بالنمماس‬
‫وعثمان محصور أربعين ليلممة حممتى إذا كممان يمموم النحممر صمملى علممي‬
‫بالناس اهم الستذكار ‪ ،10/36،35،32‬والتمهيد ‪10/29‬‬
‫‪ 4‬م قال ابن عبد البر أما تقديم الصلة قبل الخطبة فممي العيممدين‬

‫)‪(709‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فعل ذلك جماعة أهل العلم ول خلف في ذلك بين الفقهمماء المصممار‬
‫من أهل الرأي والحديث وهو الثابت عن رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم وأصحابه والتابعين وعلى ذلك علماء المسلمين إل ما كان من‬
‫بني أمية في ذلك اهم التمهيد ‪ .10/254‬وقال ابن قدامة‪ :‬إن خطبتي‬
‫صلة العيدين بعد الصلة ل نعلم خلفمما بيممن المسمملمين إل عممن بنممي‬
‫أمية‪ ...‬ثم قال ول يعتد بخلف بني أمية لنه مسممبوق بالجممماع وقممد‬
‫ُأنكر عليهم فعلهم اهم المغنممي والشممرح ‪) 2/243‬ومعلمموم إنكممار أبممو‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه عليهم(‪.‬‬
‫‪ 5‬م وكذا مما أحدثه المممراء فممي زمممن أبممي هريممرة وابممن عبمماس‬
‫رضي الله عنهما أحدثوا ترك الجهر بالتكبير إذا انحطوا إلى السممجود‬
‫من الركوع وإذا أراد أن يسجد السجدة الثانية من كل ركعممة‪ .‬فممأنكر‬
‫ذلك أبو هريرة وابن عباس ورويا أحاديث رفع الصمموت بممالتكبير فممي‬
‫كممل خفممض ورفممع كممما ذكممر ذلممك ابممن عبممد الممبر فممي السممتذكار‬
‫‪ .4/116،119‬وأشار إليه ابن تيمية في الفتاوى ‪.22/592‬‬
‫ما ألزم الناس بمذهب الحاكم المخالف للشممريعة‬ ‫ك م والمأمون ل ّ‬
‫خالفه علماء أهل السنة‪.‬‬
‫الرابممع مممن الدلممة أن هممذا المسمملك مخممالف هممدي أهممل السممنة‬
‫والجماعة فإن مذهبهم ومعتقممدهم أن الجهمماد ممماض وقممائم مممع كممل‬
‫إمام بممرا كممان أو فمماجرا‪ ،‬وكممذلك الفتمماء بممالحق ونصممرة المسمملمين‬
‫والممدعاء لهممم والقنمموت فممي نمموازلهم والممدعوة إلممى اللممه والمممر‬
‫بالمعروف والنهممي عممن المنكممر والتعليممم الممديني وإغاثممة المسمملمين‬
‫وجمع التبرعات لهم كل ذلك ماض إلى يوم القيامة مع كل إمام بممرا‬
‫كان أو فاجرا‪ ،‬لن هذه المور السابقة فرع الجهمماد وجممزء منممه فلهمما‬
‫حكمه في المضي إلى يوم القيامممة‪ .‬وهممذه الشمعائر مطلمموب فعلهمما‬
‫لذاتها ولم تربط هذه المممور بالمممام علممى أنهمما حممق لممه حممق تملممك‬
‫يستأثر به ويأخذه أخذ الملك إن شاء أقامه وإن شمماء منعممه أو قللممه‬
‫كما يفعل في ملكه وماله وأرضه!‬
‫بل جعل في يده جعل أمانممة وتكليممف ل تشممريف‪ ،‬فممإذا فممرط أو‬
‫تكاسل أو خان لم يسقط بذلك‪ ،‬لنه حق للسمملم وللمسمملمين إنممما‬
‫شرع لكمي يبقمى إلمى يمموم القياممة فيقيمممه حينئذ بمدله‪ ،‬وبممدله همم‬
‫العلماء لنهم أحد طرفي أولي المر‪ ،‬قال ابن تيمية )الفتمماوى كتمماب‬
‫الحدود ج ‪34‬ص ‪176‬م‪ :‬وقوله من قال ل يقيم الحممدود إل السمملطان‬
‫)‪(710‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ونوابه إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل كما يقول الفقهاء‪ :‬المممر إلممى‬
‫الحاكم إنما هو العممادل القممادر فممإذا كممان مضمميعا لممموال اليتممامى أو‬
‫عاجزا عنها لم يجب تسليمها إليه مممع إمكممان حفظهمما بممدونه وكممذلك‬
‫المير إذا كان مضيعا للحدود أو عاجزا عنها لممم يجممب تفويضممها إليممه‬
‫مع إمكان إقامتها بدونه(‪.‬‬
‫والصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه فمتى أمكن‬
‫إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين ومتى لم يقم إل بعدد ومممن غيممر‬
‫سلطان أقيمت إذا لم يكممن فممي إقامتهمما فسمماد يزيممد علممى إضمماعتها‬
‫فإنها من باب المر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن كان في ذلممك‬
‫من فساد ولة المر أو الرعية مما يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد‬
‫بأفسد منممه واللممه أعلممم‪ .‬اهمم بنصممه‪ .‬وقممال ابممن تيميممة فممي المنهمماج‬
‫‪ :1/141‬قال أئمة السلف من صار لممه قممدرة وسمملطان يفعممل بهممما‬
‫مقصود الولية فهو من أولي المر الذين أمر اللممه بطمماعتهم ممما لممم‬
‫يأمروا بمعصية‪ .‬اهم‪.‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله في إعلم الموقعين ص ‪10‬م‪ :‬إن قيام‬
‫السلم بطائفتي العلماء والمراء‪ .‬قال تعالى }يمما أيهمما الممذين آمنمموا‬
‫أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي المر منكممم{‪ ،‬وقممال فممي إعلم‬
‫الممموقعين ص ‪10‬م م والتحقيممق أن المممراء إنممما يطمماعون إذا أمممروا‬
‫بمقتضى العلم‪ ،‬فطاعتهم تبع لطاعة العلماء‪.‬‬
‫ومن الدلة على ذلك قوله تعالى }فليحذر الممذين يخممالفون عممن‬
‫أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليممم{ قممال ابممن تيميممة‪ :‬مممن‬
‫علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعممه علممى خطممأه وعممدل‬
‫عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الممذي ذمممه اللممه ل‬
‫سيما إن اتبع في ذلك هممواه ونصممره باللسممان واليممد مممع علمممه بممأنه‬
‫مخممالف للرسممول فهممذا شممرك يسممتحق صمماحبه العقوبممة عليممه‪ .‬اهمم‬
‫الفتاوى ‪ 7/17,70‬وقال أيضا‪ :‬إن من رد قول الله ورسمموله وخممالف‬
‫أمره لقول أبي حنيفه أو مالك أوغيره له نصمميب كامممل وحممظ وافممر‬
‫من هذه الية)تيسير العزيز الحميمد ص ‪488‬مم( ونحمن نقمول ممن رد‬
‫قول الله ورسوله وخالف أمره لقول الحاكم أو الدولة أو الميممر لممه‬
‫نصيب كامل وحظ وافر من هذه الية‪.‬‬
‫الخامس مممن الدلممة‪ :‬وإذا كممانت الحيممل محرمممة بالجممماع نقممل‬
‫الجماع ابن بطة رحمه الله في كتاب إبطال الحيل والبخاري رحمممه‬
‫)‪(711‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الله في صحيحه عقد له بابا كامل وهو فعل ما ظاهره حق المقصود‬
‫به باطل فكذلك الحيل السياسية وهي تسمية أوضمماعهم طاعممة ولة‬
‫المممر وهممي فممي البمماطن إسممقاط للحقمموق والواجبممات الشممرعية‬
‫الظاهرة‪) .‬وكذلك الحيل التيسيرية التي هي من صناعة العصممرانيين‬
‫والنهزاميين(‪.‬‬
‫السادس من الدلة‪ :‬ثم العبرة بالمقاصد والمممآل وفممي الحممديث‬
‫"إنما العمال بالنيات" وهؤلء بربطهم هذه الشممعائر بالحكممام يممؤول‬
‫بهم المر إلى إبطالها ومنع نصرة المسملمين والقضمماء علممى الجهمماد‬
‫وإماتة الشعائر الدينية الظاهرة‪.‬‬
‫السابع من الدلة‪ :‬ثممم الفتمماء لهممل الشممر بممما يسمماعدهم علممى‬
‫شرهم كما يفعل أهل هذا التوجه هم مثل من باع السلح فممي زمممن‬
‫الفتنة وهو محرم بالجماع‪ ،‬قممال النممووي رحمممه اللممه فممي المجممموع‬
‫‪ :9/360‬بيع السمملح لهممل الحممرب حممرام بالجممماع‪ ،‬ومثممل مممن بمماع‬
‫العصممير لمممن يشممرب الخمممر قممال تعممالى }ول تعمماونوا علممى الثممم‬
‫والعدوان{ قال ابن هبيرة في الفصاح ‪ :1/353,352‬واتفممق الئمممة‬
‫الربعة على كراهية أن يباع العنب لمن يتخذه خمرا‪ ،‬وعلممى كراهيممة‬
‫الممبيع بعممد النممداء الثمماني يمموم الجمعممة اهممم‪) .‬وهممذا فيممه رد علممى‬
‫العصرانيين والنهزاميين الذين يختارون للنمماس ممما يحقممق رغبمماتهم(‬
‫وسبب ذلك سدا للذريعة فكيف تربممط هممذه الشممعائر الظمماهرة مممن‬
‫الجهاد وغيره بأناس ل يهتمون بها ول يسعون إلممى إقامتهمما بممل إلممى‬
‫إماتتها فربط ذلك بهم سبب إلى تعطيلها‪.‬‬
‫الثامن من الدلة‪ :‬والمفممتي وفممق الرغبممات والهممواء السياسممية‬
‫باسم الطاعة أو الذي سلط الحكممام علممى إماتممة الشممعائر الظمماهرة‬
‫مثممل القاضممي الجممائر ومثممل القاضممي هموى وقممد جمماء فممي الحممديث‬
‫"القضاة ثلثة واحد في الجنة واثنان في النار ثم ذكر القاضي الجائر‬
‫والقاضي الجاهل" رواه أبو داود عممن بريممدة رضممي اللممه عنممه‪ .‬وكممذا‬
‫المفتون والعلممماء ثلثممة‪ ،‬والجممائر هممو الممذي يجمماري رغبممات الحكممام‬
‫والمراء أو يسلط الحكام على إماتة الشعائر الظاهرة‪.‬‬
‫أما مخالفته للجماع ففي النقولت التالية‪:‬‬
‫أ م نقولت الجماع الكممثيرة الممتي نقلناهمما مممن رسممالة ابممن تيميممة‬
‫السابقة فارجع إليها أعله‪.‬‬

‫)‪(712‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ب م م قممال الشممافعي رحمممه اللممه‪) :‬أجمممع النمماس علممى أن مممن‬
‫استبانت له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لممم يكممن لممه‬
‫أن يدعها لقول أحمد ممن النماس( وكلممة النماس عاممة فمي الحكمام‬
‫وغيرهم!‬
‫ج م قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن من أمر بمنكر ل تلزم‬
‫طاعته‪ .‬اهم التمهيد ‪ 23/277‬والمر باتباع مذهب الحكممام منكممر كممما‬
‫سبق من الدلة‪.‬‬
‫د م ونقل تيسير العزيز الحميممد ص ‪490‬م م عممن ابممن تيميممة‪ :‬اتفممق‬
‫العلماء على أنه إذا عرف الحق ل يجوز تقليد أحد في خلفه‪ .‬اهم‬
‫هم م وقال ابن تيمية أيضا‪ :‬أهل السنة ل يجوزون طاعة المام في‬
‫كل ما يأمر به بل ل يوجبون طاعته إل فيما يسمموغ طمماعته فيممه فممي‬
‫الشريعة‪ .‬اهم المنهاج ‪ .2/76‬وقال ابن تيمية أيضا رحمه الله‪ :‬المممام‬
‫العدل وجبت طاعته فيما لم يعلم أنممه معصممية‪ ،‬وإذا كممان غيممر عممدل‬
‫فتجب طاعته فيما علم أنممه طاعممة كالجهمماد‪ .‬اهمم الفتمماوى ‪,29/196‬‬
‫وانظر إلى تفريقه بين العدل وبين غيره في مسممألة الطاعممة‪ .‬وقممال‬
‫أيضا‪ :‬فليس لحد إذا أمره الرسول صلى الله عليممه وسمملم بممأمر أن‬
‫ينظر هل أمممر اللممه بممه أم ل بخلف أولممي المممر فممإنهم قممد يممأمرون‬
‫بمعصية الله‪ ،‬فليس كل من أطاعهم مطيعا لله بل لبد فيما يأمرون‬
‫به أن يعلم أنه ليس بمعصية لله وينظر هممل أمممر اللممه بممه أم ل‪ .‬اهم م‬
‫الفتاوى ‪ .10/267‬ثم وازن بين كلم هذا المام رحمه الله وبين كلم‬
‫هؤلء‪.‬‬
‫م وقال عبد الرحمن بن حسن رحمه الله‪ :‬إن من خالف الكتمماب‬
‫والسممنة فيجممب الممرد عليممه كممما قممال ابممن عبمماس رضممي اللممه عنممه‬
‫والشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله وذلك مجمع عليه‪ .‬اهم في فتممح‬
‫المجيد ص ‪344‬م‪ .‬وقال عبد الرحمن بن حسن رحمه اللممه فممي فتممح‬
‫المجيد ص ‪ 346‬والئمة رحمهم الله نهوا عممن تقليممدهم إذا اسممتبانت‬
‫السنة‪ .‬اهم وعليه ينهى عن تقليد الدولة إذا استبانت السنة‪.‬‬
‫ز م وقد اتفق الئمة الربعة رحمهم الله على أنه إذا خالف قولهم‬
‫الكتاب والسنة أنه يضرب به عرض الحائط‪ ،‬وكذلك يقال في مذهب‬
‫الحمماكم إذا خممالف الشممريعة‪ .‬ويقممال أيضمما فممي مسمملك ومنهممج‬
‫العصرانيين والنهزاميين‪.‬‬

‫)‪(713‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الدلة من القياس على مخالفة هذا التيار‪:‬‬
‫ووجه الدللة هو تحريم السمملف للتعصممب المممذموم فممي مسممألة‬
‫تقليد المذاهب الربعة‪ :‬إما تقليدهم في الخطأ أو نصب عممالم معيممن‬
‫يتبعه مطلقا وُيمَنع من غيره‪ .‬ومثل ذلك فممي تقليممد البلممدان‪ ،‬فقسممنا‬
‫عليه تقليد الحكام‪ .‬وكممان السمملف والئمممة السممابقون قمماوموا بدعممة‬
‫تقليممد العلممماء والتعصممب لهممم ثممم بدعممة تقليممد البلممدان علممى وجممه‬
‫التعصب ثم تطور المر في الوقت الحاضر إلى بدعممة تقليممد المممراء‬
‫والحكام‪ .‬وتوضيح القياس يكون في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تقاس على مسألة تقليد المذاهب الربعة المعروفة على وجممه‬
‫التعصب قال ابن القيم رحمه الله في مقلدة العلماء حيث تكلم عن‬
‫فرقة ضالة كانت إذا نزلت نازلة لم يجز عندهم أن ينظر في الكتاب‬
‫ول السنة ول أقوال الصحابة بل ينظر إلى ماذا قال مقلده ومتبمموعه‬
‫وجعله معيارا للحق‪ .‬اهم إعلم الموقعين ص ‪257‬م م ونحممن نقممول ممما‬
‫قممال ابممن القيممم فممي مقلممدة العلممماء نقممول مثلهممم مقلممدة المممراء‬
‫والحكام يجعلونهم معيارا على الحق وقد ناقش بدعة تقليممد العلممماء‬
‫التقليد المحرم ابن عبد البر رحمه الله في جامعه عن العلم‪،‬‬
‫وابن حزم رحمه الله في كتبه وابن تيمية رحمه اللممه وابممن القيممم‬
‫رحمه الله في إعلم الموقعين في ثلثين صفحة من ص ‪227‬م م إلممى‬
‫ص ‪260‬ممم‪ ،‬والخطيممب رحمممه اللممه فممي كتممابه الفقيممه والمتفقممه‬
‫والشوكاني رحمه الله والصنعاني رحمه الله وجمع مممن أهممل العلممم‪،‬‬
‫حتى أصبح مبحثا ُيبحث في أصول الفقه بعنوان التقليد‪.‬‬
‫وإذا كان الله قد حرم تقديم أقوال العلماء بين يدي الله ورسوله‬
‫قال تعالى }يا أيها الذين آمنمموا ل تقممدموا بيممن يممدي اللممه ورسمموله{‬
‫فكيف بالحكام قليلي العلم الشرعي بل عادميه؟‪.‬‬
‫‪ .2‬تقاس على مسممألة تقليممد البلممدان‪ :‬مثممل مسممألة إجممماع أهممل‬
‫المدينة‪ .‬وناقش ابن القيم رحمه الله من أوجب عمل أهممل المدينممة‪،‬‬
‫في إعلم الموقعين‪ :‬وقال‪ :‬ومالك على تعظيمه أهل المدينة ما كان‬
‫يرى أنه واجب على غيرهم العمل به وقصته مع الرشيد شاهد علممى‬
‫ذلك‪ .‬وذكر ابن القيم فممي إعلم الممموقعين قصممة مالممك مممع الرشمميد‬
‫فقال‪ :‬بل مالك رحمه الله نفسه منع الرشمميد رحمممه اللممه مممن ذلممك‬
‫وقد عزم عليه وقال له قد تفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه‬

‫)‪(714‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسلم في البلد وصار عند كل طائفة منهم علم ليممس عنممد غيرهممم‪.‬‬
‫اهم مختصرا والقصة معروفة‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪) :‬وعمر رضي الله عنه ومن بعده مممن‬
‫الخلفاء لم يأمر أحد منهم أهل المصممار أل يعملمموا بممما عرفمموه مممن‬
‫السنة وعلمهم إياه الصحابة إذا خممالف عمممل أهممل المدينممة وأنهممم ل‬
‫يعملون إل بعمل أهل المدينة(‪.‬‬
‫وما يقال فيمن أوجب مذهب الحاكم هو مثل من أوجب مممذهب‬
‫المدينة أو مذهب عالم معين‪ .‬ووصف من خممالف مممذهب الحمماكم أو‬
‫الدولة بالخروج والفتنة أو بالحرورية والتكفير هو مثل من وصف من‬
‫خالف مذهب أهل المدينة أو مممذهب عممالم معيممن بممالخروج والفتنممة‪،‬‬
‫وهذا أتى بما لم تأت به الوائل‪ ،‬وخالف إجممماعهم فممي هممذا‪ ،‬وابتممدع‬
‫وخالف هدي الصحابة والقرون المفضلة‪.‬‬
‫‪ .3‬تقاس المسائل السابقة على مسممألة دفممع الصممائل فممإن ذلممك‬
‫ُيفعل ول يربط بإذن المام بالجماع‪.‬‬
‫‪ .4‬على قول الفقهاء أنه تجوز عقد مدة في العهد مممع الكفمار مما‬
‫لم ُتؤد إلى تعطيل الجهاد‪ ،‬فإن عطلته لممم يجممز‪ ،‬ونحممن نقممول الذن‬
‫جائز ما لم ُيؤد إلى تعطيل الجهاد‪ ،‬فإن عطلته لم يجز‪.‬‬
‫‪ .5‬تقاس على مسألة أن الجمعة أو صلة الجماعممة أو الصمميام أو‬
‫وف المام‬ ‫الحج أو الذان للصلوات ل تقام إل بإذن المام لكن إن س ّ‬
‫في إقامتها وقد وجبت أو منع من إقامتها مراعاة لهواء معينة لممه أو‬
‫لغيره فهل يقول عاقل فضل عن مسلم أنه ل بد من إذنهم ول ُتفعل‬
‫حتى يممأذنوا‪ ،‬بممل ُيقممال تقممام بممإذن العلممماء أحممد طرفممي ولة المممر‪،‬‬
‫والصل مراعاة إقامممة الشممعائر أولممى مممن مراعمماة الحكممام وهممؤلء‬
‫عكسوا القضية‪.‬‬
‫وقائع تاريخية في ذلك‪:‬‬
‫أنه بعد قتل المستعصم رحمه الله وهو آخر خليفة عباسممي فممي‬
‫بغداد على يد التتار بقي الناس مدة طويلة )ثلث سممنوات( ل خليفممة‬
‫لهممم ومممع ذلممك بقممي النمماس يقيمممون الجهمماد والشممعائر الظمماهرة‬
‫والحقوق والواجبات الشرعية كما كانوا من قبل ولم يعطلوها بحجممة‬
‫عدم وجود خليفة أو عدم إذنه‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬أما لو احتج محتج بأن هذا فعل بعض العلماء المتأخرين‬

‫)‪(715‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫رحمهم الله؟ قلنا له لم تفهم صورة المسألة التي عملها بعض أهممل‬
‫العلم وهي‪:‬‬
‫أ م أن العمل المباح )لحظ قيد الباحة( الذي تعددت صوره وكممل‬
‫صورة مباحة فهذا ل مانع من جمع الناس على أحد الصممور لمصمملحة‬
‫الجمممع وعممدم التفممرق كممما فعممل عثمممان فممي جمممع المصممحف فممإن‬
‫القراءات كانت كلهمما مباحممة علممى سممبعة أحممرف كلهما شماف كمماف‪،‬‬
‫ومثله تنوع صور الذان للصلة وغير ذلك‪.‬‬
‫ب م وكذلك إذا كان الصور متعددة والتعدد تخيير للشخص)لحممظ‬
‫للقيد أنه تخيير تشهي أو اختيار مصلحة( ثم ظهر تلعب فللحاكم أن‬
‫ُيعزر بالقتصار على بعض الصور ما لم ُيمؤد إلمى مفسمدة كمما فعمل‬
‫عمر رضي الله عنه في جعل الثلث فممي الطلق حيممث أمضمماه ثلثمما‬
‫ممما ظهممر التحايممل‬ ‫تعزيرا وعقوبة لمن تعجل في أمر له فيممه أنمماة‪ ،‬ول ّ‬
‫ونكاح التحليل في زمن ابممن تيميممة وابممن القيممم رحمهممما اللممه أفتيمما‬
‫بعودة المر إلى العتيق الول )ذكر ذلممك الشمميخ محمممد بممن إبراهيممم‬
‫رحمه الله في فتاويه ‪(11/28‬‬
‫ج م أما ما كان مممن المسممائل الجتهاديممة ورأى الحمماكم العممادل أو‬
‫الحاكم حسممن النيممة الخممذ بأحممد القمموال وكممان ملحظمما فممي أمممره‬
‫مصلحة المسلمين ما لم يعارض ذلك مفسدة أخرى وقصممد مصمملحة‬
‫المسمملمين لممم يقصممد مصمملحته الخاصممة أو مصمملحة بقمماء ملكممه أو‬
‫مصلحة إرضاء جهات أخرى معاديمة للسملم والمسملمين‪ ،‬فمإن همذا‬
‫أجازه بعض أهل العلم )وهنا أحب أن أقف لحظة لتبيين ممماذا ُيقصممد‬
‫بالمصلحة‪ ،‬وأنقل هنا كلما جميل لبن سحمان رحمه الله‪ :‬في جامع‬
‫الرسائل والمسائل النجدية ‪ 3/165‬ردا على مممن فهممم فهممما خمماطئا‬
‫من كلم بعض الفقهاء أنه يجوز الستعانة بالمشرك عنممد الضممرورة‪،‬‬
‫وظن هذا المستدل أن الضرورة عائدة لمصمملحة الحمماكم فقممال ابممن‬
‫سممحمان ردا علممى ذلممك قممال‪ :‬غلممط صمماحب الرسممالة فممي معرفممة‬
‫الضرورة فظنها عائدة إلى مصلحة ولي المر في رياسممته وسمملطانه‬
‫وليس المر كما زعم ظنه بل هي مممن ضممرورة الممدين وحمماجته إلممى‬
‫من يعين عليه وتصلح به مصلحته كما صرح به من قال بالجواز وقممد‬
‫تقدم ما فيه والله أعلم‪ .‬اهم )وهذه قاعدة عامة وقيد مهم فممي فهممم‬
‫ماذا يقصد العلماء إذا قيدوا فعل الحاكم بالمصلحة أو الضرورة أنهمما‬
‫مصلحة وضرورة الدين والمسمملمين وليممس مصمملحة ضممرورة أهممواء‬
‫)‪(716‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحكام والمحافظة على كراسمميهم ودنيمماهم( فممإذا كممان المممر بهممذه‬
‫الطريقة فهذا الذي أجازه بعض أهل العلم وقالوا يسمموغ اتبمماعه مممن‬
‫باب مراعاة المصالح‪ ،‬بعد مراجعة العلماء المعتممبرين‪ .‬علممى أن هممذا‬
‫القول فيه خلف فل ُيسّلم به بعض أهل العلم ويمنعونه ول يجيممزون‬
‫حتى هذه المسألة ولهممم سمملف فممي ذلممك مممن الصممحابة كممما سممبق‬
‫ذكره! وعلى كل ليس مسلكهم مسلك هؤلء المتممأخرين فيسممتغلون‬
‫هذا القول الذي قيل به من أجل نفع الحكممام وتحقيممق رغبمماتهم مممن‬
‫خلل هذا القول فيكون منهجا عندهم ويعممونه في كل مسممألة‪ ،‬مممع‬
‫أن من قال به جعله من باب الستثناء والطمارئ ل ممن بماب الصمل‬
‫والمنهج‪ !!.‬والعلممماء السممابقين الممذين قممالوا بهممذا القممول أحيانمما لممم‬
‫يكونوا يضممللون مممن خممالفهم ويتهمممونه بالسممتعجال والحممماس غيممر‬
‫المنضبط أو بالخروج أو الفتنة أو يسجن أو يضيق عليه ويطلممب منممه‬
‫أن يعتذر أو يتبرأ من الحق الذي قاله أو يتعهد بعدم التكرار فهذا من‬
‫الظلم والعتداء وعند الله تجتممع الخصموم }ول تحسمبن اللمه غمافل‬
‫عما يفعل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيممه البصممار{ علممما‬
‫بأننا لو سلمنا بهذه المسألة فإنه يكممون للحاجممة ل منهجمما مطممردا أو‬
‫عكممازة فممي وجممه العمماملين والمجاهممدين‬ ‫مسلكا عاما وُيتخممذ عصمما و ُ‬
‫والعلماء الربانيين فُيمنعون بذلك ثم ُيجعل هممو الصممل‪ ،‬واللممه غممالب‬
‫علممى أمممره ول حممول ول قمموة إل بممالله العزيممز القمموي‪ .‬ومعلمموم أن‬
‫الحاجة تقدر بقدرها ول ُتنزل منزلة الدوام‪ .‬ثم هناك فرق بين المنممع‬
‫العام كمنهج عام وبين المنممع الخمماص فممي مسممائل خاصممة لمصمملحة‬
‫المسلمين هذا كله على فرض التنزل والمجاراة‪.‬‬
‫وعلى كل فإن القاعدة المجمع عليها أن ما كان فيه اختلف ممما‬
‫بين مجيز ومانع فهذا الحاكم فيه الكتاب والسنة ل لحد من العلممماء‬
‫ول لحد من الحكام )وقد مضى في رسالة ابممن تيميممة الممتي نقلناهمما‬
‫ذكر الجماع فراجعه( قال تعالى }وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى‬
‫الله والرسول{ ولم يقل إلى حاكم أو دولة‪ ..‬قممال ابممن القيممم أجمممع‬
‫النمماس أن الممرد إلممى اللممه سممبحانه هممو الممرد إلممى كتممابه والممرد إلممى‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسممه وإلممى سممنته بعممد‬
‫وفاته‪.‬‬
‫قال الشافعي رحمه الله‪) :‬أجمع الناس على أن من استبانت له‬
‫سنة عن رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم لمم يكمن لمه أن يممدعها‬
‫)‪(717‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫لقول أحد مممن النمماس( وكلممة النمماس عامممة فممي الحكممام وغيرهممم!‬
‫وروى ابن أبي شيبة بسنده عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قممال‪:‬‬
‫ل أرى لحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وهذا التوجه الجديد في الونة الخيرة مر بمراحل‪:‬‬
‫فكانت أول بدعة تقليد الحكام ثممم تطممورت إلممى بدعممة تقليممد أهممواء‬
‫الحكام ثم هذه تدرجت إلى‪:‬‬
‫‪ 1‬م لوم من خالف مذهب الحاكم أو الدولة المخالف للشريعة‪.‬‬
‫‪ 2‬م إلزام الناس به‪.‬‬
‫‪ 3‬م معاقبة من خالفه‪.‬‬
‫‪ 4‬م واتهامه بالخروج أو الفتنة أو الشممذوذ أو التكفيممر أو الحممماس‬
‫أو الستعجال‪.‬‬
‫والخلصة‪:‬‬
‫أن ربط شمعائر المدين الظماهرة ممن الجهماد وفروعمه أو الفتماء‬
‫وربط الحكام الفقهيممة كممالقنوت والهجممرة وغيرهمما‪ ،‬وربممط الحقمموق‬
‫الشرعية كالنصرة ودفع الظلممم والممدعم للمسمملم وغيممر ذلممك بقممول‬
‫إمام معين أو حماكم معيمن أو استشمارة علمماء معينيمن أو أهمل بلمد‬
‫معين أو بالتربية أو التكافؤ مع العممدو أو بالتممدرج ونحمموه فهممذا ربممط‬
‫بشيء ما أنزل الله به مممن سملطان؟ فممأين الممدليل علممى ذلممك‪ ،‬قممل‬
‫هاتوا برهانكم إن كنتممم صممادقين‪ ،‬بممل هممو مممن المممور المحدثممة فممي‬
‫الدين وخلف هدي القرون المفضلة كما سبق توضيحه‪ .‬فكيممف ُيعماد‬
‫التعصب المذموم من جديد بصورة أخممرى‪ .‬وبممدل أن ُيعلممق بالعلممماء‬
‫علق بالحكام والمراء‪ .‬وكذا بالعصرانيين والنهزاميين‪.‬‬ ‫ُ‬

‫)‪(718‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل‬
‫وهذا الفصل يتناول قضية الذن بشكل خاص فنقول‪:‬‬
‫المسألة مبنية على أصول ترد إليها وعلى أدلة خاصة‪:‬‬
‫الصل الول‪ :‬أن الخطاب للمسلمين لكممن ُأنيممط الحكممم بممالولة‬
‫من أجل العمل لن إناطته بجميع أفممراد المممة يممؤدي إلممى الفوضممى‬
‫فممأنيط برؤوسممهم وسممادتهم للتنفيممذ ولضممبط المممور وإقامتهمما علممى‬
‫الوجه الكمل‪ ،‬لنه وكيل عن المسلمين‪ ،‬ل أنه حممق لهممم يصممير فممي‬
‫أيديهم كالملك له يتصرفون فيه كممما شمماؤا بممل هممو تكليممف للتنفيممذ‬
‫وليس تمليكا‪ ،‬فإذا قصروا أو سعوا في إبطممال ممما أنيممط بهممم انتقممل‬
‫إلمممى القمممرب فمممالقرب كالعلمممماء وأهمممل الحمممل والعقمممد وأهمممل‬
‫الشوكة‪..‬الخ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪ :‬في الفتمماوى كتمماب الحممدود ج ‪ 34/175‬خمماطب‬
‫الله المؤمنين بالحممدود والحقمموق خطابمما مطلقمما كقمموله }والسممارق‬
‫والسممارقة فمماقطعوا أيممديهما{ وقمموله }الزانيممة والزانممي فاجلممدوا{‬
‫وقمموله }والممذين يرمممون المحصممنات ثممم لممم يممأتوا بأربعممة شممهداء‬
‫فاجلدوهم{ وكذلك قوله }ول تقبلوا لهم شهادة أبدا{ لكن قممد علممم‬
‫أن المخاطب بالفعل ل بد أن يكون قادرا عليممه والعمماجزون ل يجممب‬
‫عليهم وقد علم أن هذا فرض على الكفاية وهو مثل الجهمماد بممل هممو‬
‫نوع من الجهاد فقوله }كتممب عليكممم القتممال{ وقمموله }وقمماتلوا فممي‬
‫سبيل الله{ وقوله }إل تنفروا يعذبكم{ ونحو ذلممك هممو فممرض علممى‬
‫الكفاية ممن القمادرين‪ ،‬والقممدرة همي السملطان فلهمذا وجمب إقاممة‬
‫الحدود على ذي السلطان ونوابه‪.‬‬
‫والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوابه فإذا فرض‬
‫أن المة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجممز مممن البمماقين أو‬
‫غير ذلك فكان لها عدة أئمممة‪ :‬لكممان يجممب علممى كممل إمممام أن يقيممم‬
‫الحدود ويستوفي الحقوق ولهذا قال العلماء إن أهل البغي ينفذ مممن‬
‫أحكامهم ما ينفذ من أحكام أهل العدل وكممذلك لممو شمماركوا المممارة‬
‫وصاروا أحزابا لوجب على كل حممزب فعممل ذلممك فممي أهممل طمماعتهم‬
‫فهذا عند تفرق العلماء وتعددهم وكذلك لو لم يتفرقوا لكن طمماعتهم‬
‫للميممر الكممبير ليسممت طاعممة تامممة فممإن ذلممك أيضمما إذا أسممقط عنممه‬
‫إلزامهم بذلك لم يسقط عنهم القيام بذلك بل عليهم أن يقيموا ذلك‬
‫)‪(719‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وكذلك لو فرض عجز بعض المراء عممن إقامممة الحممدود والحقمموق أو‬
‫إضاعته لذلك لكان ذلك الفرض على القادر عليه‪.‬‬
‫وقمول ممن قمال ل يقيمم الحمدود إل السملطان ونموابه إذا كمانوا‬
‫قادرين فاعلين بالعدل كما يقول الفقهاء‪ :‬المر إلى الحاكم إنممما هممو‬
‫العادل القادر فإذا كان مضيعا لموال اليتامى أو عاجزا عنها لم يجب‬
‫تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه وكمذلك الميمر إذا كمان مضميعا‬
‫للحدود أو عاجزا عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه‪.‬‬
‫والصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه فمتى أمكن‬
‫إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين ومتى لم يقم إل بعدد ومممن غيممر‬
‫سلطان أقيمت إذا لم يكممن فممي إقامتهمما فسمماد يزيممد علممى إضمماعتها‬
‫فإنها من باب المر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن كان في ذلممك‬
‫من فساد ولة المر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها لم يممدفع فسمماد‬
‫بأفسد منه والله أعلم‪ .‬اهم بنصه‪.‬‬
‫وفي كتاب التاج والكليل )في فقه المالكيممة ‪ (2/381‬قممال ابممن‬
‫الماجشون إذا كان الناس مع إمام يضيع أمر الهلل فل يدع ذلك من‬
‫أنفسهم فمن ثبت عنده برؤية مممن يثممق بصممدقه صممام عليممه وأفطممر‬
‫وحمل عليه من يقتدي به اهم‪.‬‬
‫الصل الثمماني‪ :‬مبنممي علممى قاعممدة أهممل الوليممات المنمموط بهممم‬
‫الوليات أن عملهم مبني على الوكالة وليس على التملك وتصممرفهم‬
‫فيها تصرف الوكيل المراعي للمصلحة وليس تصرف المالك حسممب‬
‫رغبته‪.‬‬
‫والوليممات مثممل المممام وممما دونممه مممن الميممر ونحمموه والقاضممي‬
‫والولي في النكاح كالب وغيره من العصبات وكالنمماظر فممي الوقممف‬
‫وكالوصي في الوصية وولية الملتقممط فممي اللقطممة ووليممة الم فممي‬
‫مدة الحضانة والمام في الصلة والوكيل فممي الممبيع والشممراء ونحممو‬
‫ذلك‪ .‬فالقاعدة في هؤلء‪:‬‬
‫أ‪ -‬إنهم يتصرفون حسب المصلحة والحظ للعمل المنوط بهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن من فسد منهم في عمله ل يقر عليه بممل ينتقممل إلممى مممن‬
‫بعممده إن كممان فيممه تسلسممل وترتيممب وإل انتقممل إلممى بممديل شممرعي‬
‫مناسب‪.‬‬
‫ج‪ -‬أنهم ليسوا ملكا لما ولوا عليه يتصممرفون فيممه تصممرف الملك‬

‫)‪(720‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أو هو ملزم لهم ل ينفك عنهم ملزمة العضاء للنسان‪.‬‬
‫د‪ -‬أن تصممرفهم فممي مصمملحة العمممل المنمموط بهممم أممما إذا عمماد‬
‫تصرفهم على العمل المنوط بالفساد والبطال لم ُيقروا عليه‪.‬‬
‫وفروع هذا القاعدة كثيرة وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬قيمماس المامممة الكممبرى علممى المامممة الصممغرى وهممي إمامممة‬
‫الصلة فإن إمام الصلة إذا تأخر عممن المموقت المعتمماد أو شممق علممى‬
‫الناس جاز لهم أن يقيموا غيره وسقط حقممه فممي الذن وحممل محلممه‬
‫الهل للمامة في الصلة‪ ،‬خصوصا إذا تأخر تأخرا يؤدي إلممى مقاربممة‬
‫خروج الوقت فإنه يعود علممى العبممادة بالبطممال فل ُيقممر علممى عملممه‬
‫فضل أن يوجب أخذ إذنه‪ ،‬فقد جاء في الصحيح أن عبد الرحمممن بممن‬
‫عوف صلى بالناس في غممزوة لممما تممأخر الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وب الرسول فعله وأثنى عليه‪.‬‬ ‫وسلم وقد ص ّ‬
‫‪ 2‬م وكذا الصيام وفممي كتمماب التمماج والكليممل )فممي فقممه المالكيممة‬
‫‪ (2/381‬قال ابممن الماجشممون إذا كممان النمماس مممع إمممام يضمميع أمممر‬
‫الهلل فل يدعوا ذلك من أنفسهم فمممن ثبممت عنممده برؤيممة مممن يثممق‬
‫بصدقه صام عليه وأفطر وحمل عليه من يقتدي به اهم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ولي المرأة إذا تقدم لها الكفء ثم تأخر عن تزويجها بدون‬
‫عذر شرعي فإنه يسمى عاضل وتسقط وليته بذلك قال تعممالى }يمما‬
‫أيها الذين آمنوا ل يحل لكممم أن ترثمموا النسمماء كرهمما ول تعضمملوهن{‬
‫وتنتقل إلى من بعده من العصبات خصوصا إذا تأخر تأخرا يؤدي إلى‬
‫طاب وهجرهم للمرأة‪ ،‬قال ابن تيمية في الختيممارات ص‬ ‫خ ّ‬
‫عزوف ال ُ‬
‫‪205‬م وتزويج اليامى فرض كفاية إجماعا فإن أبمماه حمماكم إل بظلممم‪،‬‬
‫كطلبه جعل ل يستحقه صار وجوده كعدمه‪ .‬اهم‬
‫‪ 4‬م الوصي إذا تأخر في نفع ما أنيط بممه مممما يممؤدي إلممى تعطيممل‬
‫ذلك ُتنزع منه الوكالة والوصاية‪ ،‬وكذا ناظر الوقف كالوصية‪.‬‬
‫‪ 5‬م والم لها حق الحضانة بعد الطلق وفممق الشممروط المعروفممة‬
‫فإن كانت مضّيعة للمحضون أو معطلة له ونحمموه سممقط حقهمما فممي‬
‫ذلك مراعاة لمصلحة المحضون وانتقلت الولية إلى من بعده‪.‬‬
‫‪ 6‬م السيد مع عبده فإن العبممد ليممس لمه أن ينكممح إل بممإذن سمميده‬
‫للحديث المرفوع " أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه وأهله فهو عاهر "‬
‫صححه الترمذي‪ .‬ولكن لو امتنممع السمميد أجممبر علممى بيعممه أو تزويجممه‬

‫)‪(721‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وسقط حقه في الذن‪.‬‬
‫وهكذا والشاهد من هذه المثلممة أن الحمماكم أنيممط بممه مسممئولية‬
‫الجهاد وإقامة الشعائر الظاهرة والحقوق والواجبممات الشممرعية لنممه‬
‫وكيل عن المسلمين فإذا لممم يممأذن فيممه أو عطلممه مراعمماة لمصمملحة‬
‫حكمه ودنياه أو مراعاة لمصالح فاسدة سقط حقه في الذن وانتقل‬
‫المر إلممى النمموع الثمماني مممن أولممي المممر وهممم العلممماء يفتممون فيممه‬
‫ويممأذنون فممي ذلممك لن فعممل الحمماكم السياسممي عمماد علممى المممور‬
‫السابقة بالبطال والنقص فانتقل إلى الحاكم الديني‪ ،‬فهو تماما مثل‬
‫ما ضيعوا أو عاد فعلهم على ذات‬ ‫أهل الوليات السابقة التي ذكرنا‪ ،‬ل ّ‬
‫الولية التي تولها بالبطال‪ .‬ول يملكون ما توّلوا عليممه ملممك رقبممة ل‬
‫تتعداهم إلى غيرهم وإن ضّيعوا وأفسدوا فهذا ما تتنزه عنه الشريعة‬
‫المحكمة ويأباه العقلء وأهل الفطر السليمة‪.‬‬
‫وليس تعليق الجهاد والشعائر الظاهرة بالمممام هممو أمممر تعبممدي‬
‫حتى ُيقال ل يتعداه إلى غيره‪ ،‬بممل همو أمممر معلموم المعنمى لمه علمة‬
‫معقولممة وهممي مممن بمماب ضممبط إقامممة هممذه المممور وتسممهيل أمرهمما‬
‫ومراعاة مصالحها وقطع الفوضى فيها‪ ،‬فممإذا كممان تعليممق الذن بهممم‬
‫أدى إلى نقيض ذلك لم ُيقر هذا‪.‬‬
‫الصل الثالث‪ :‬إن الجهاد والفتوى وشعائر المدين الظماهرة همذه‬
‫مطلوب فعلها لذاتها مثممل صمملة الجمممع والجماعممات والعيممد والذان‬
‫والحج وغيرها وأنيطت بالحكام من باب إقامتها وتنفيذها ولذا مذهب‬
‫أهل السنة والجماعة إقامتها مممع كممل إمممام بممرا كممان أم فمماجرا‪ ،‬لن‬
‫عممدم إقامتهمما لفجممورهم يممؤدي إلممى ضممياع تلممك الشممعيرة الظمماهرة‬
‫المقصودة لذاتها فعل وظهورا‪ .‬فإذا كان من أنيطت بهم منعمموا ذلممك‬
‫وفوا فيه تسويفا يؤدي إلى إبطالها أو راعوا فممي ذلممك‬ ‫وعطلوه أو س ّ‬
‫عوا فممي‬ ‫مقاصد فاسدة أو عطلوها لرضاء جهات معينة‪ ،‬عندئذ ل ُيرا َ‬
‫ذلك ويصبح تعليق المر بإذنهم مع أنهم يسعون في عممدم إقامتهمما أو‬
‫إقامتهمما مممتى ممما خممدمت أغراضممهم‪ ،‬هممذا إعانممة علممى ضممياعها }ول‬
‫تعاونوا على الثم والعدوان{ مثل لممو قلنمما مثل أن الجمعممة أو صمملة‬
‫الجماعة ل تقام إل بإذن المام أو الحج أو الذان للصلوات ثم المممام‬
‫وف في إقامتهمما وقممد وجبممت أو منممع مممن إقامتهمما مراعمماة لهممواء‬ ‫س ّ‬
‫معينة له أو لغيره فهل يقول عاقل فضل عممن مسمملم أنممه ل بممد مممن‬
‫إذنهم ول ُتفعل حتى يأذنوا‪ ،‬بل ُيقال تقام بإذن العلممماء أحممد طرفممي‬
‫)‪(722‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ولة المر‪ ،‬والصل مراعاة إقامة الشعائر أولى من مراعمماة الحكممام‬
‫وهؤلء عكسوا القضية‪.‬‬
‫عفممي عممن الطممواف أو‬ ‫بل إنه من أجل إقامة الشعائر الظمماهرة ُ‬
‫السعي في أماكنها ولو كان فيها أصنام أو شرك أو نجاسة كما قيممل‬
‫في سبب نزول قموله تعمالى }إن الصمفا والمممروة ممن شمعائر اللمه‬
‫فمن حج البيت أو اعتمر فل جناح عليه أن يطمموف بهممما{ وأذن فممي‬
‫إقامة الحج ولو كان بمخالطة المشركين كممما حممج أبممو بكممر بالنمماس‬
‫وقد حضر الموسم كفار بعد فتح مكة‪ ،‬بممل كمان المسملمون يحجمون‬
‫ويعتمرون قبل صلح الحديبية كما في قصة ثمامة بن أثال‪.‬‬
‫أما الدلة الخاصة‪:‬‬
‫‪ 1‬م من الدلة قمموله تعممالى }فقاتممل فممي سممبيل اللممه ل تكلممف إل‬
‫نفسك{‪ .‬ومثل قول ابن حزم يقاتل ولو وحده( قممال القرطممبي فممي‬
‫تفسيره ج ‪ 293 / 5‬فقاتممل كممأن هممذا المعنممى ل تممدع جهمماد العممدو‬
‫والستنصار عليهم للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك لنه وعده‬
‫بالنصر قال الزجاج أمر الله تعممالى رسمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بالجهاد وإن قاتل وحده لنه قد ضمن له النصرة قال ابن عطية هممذا‬
‫ظاهر اللفظ إل أنه لم يجئ في خبر قط أن القتال فرض عليممه دون‬
‫المة مدة ما فالمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ وهو مثال‬
‫ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه أي أنت يا محمد وكل واحد مممن‬
‫أمتك القول له فقاتل في سبيل الله ل تكلف إل نفسك ولهذا ينبغممي‬
‫لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده اهم‪ .‬ونقله عنممه الشمموكاني فممي فتممح‬
‫القدير مقررا له‪.‬‬
‫وقال ابن حزم في المحلى كتاب الجهاد المسألة رقم ‪ :929‬كما‬
‫يغزي مع المام ويغزو المرء أهل الكفر وحده إن قدر اهم‬
‫‪ 2‬م قصة أبي بصير فإنه أقام الجهاد بدون إذن المام‪.‬‬
‫‪ 3‬م قصة سلمة بن الكوع فإنه دافع وجاهد بدون إذن المام وهي‬
‫في صحيح مسلم‪ :‬قال سمملمة بممن الكمموع كممانت لقمماح رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم ترعى بذي قرد قال فلقيني غلم لعبد الرحمن‬
‫بن عوف فقال أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلممت‬
‫من أخذها قال غطفان قال فصرخت ثلث صرخات يا صممباحاه قممال‬
‫فأسمممعت ممما بيممن ل بممتي المدينممة ثممم انممدفعت علممى وجهممي حممتى‬

‫)‪(723‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أدركتهم بذي قرد )وهممذا الشمماهد أنممه فعممل ذلممك بممدون إذن المممام(‬
‫فجعلت أرميهم بنبلي وكنت راميا وأقول أنا ابن الكمموع واليمموم يمموم‬
‫الرضع فأرتجز حتى اسممتنقذت اللقماح منهممم واسممتلبت منهممم ثلثيممن‬
‫بردة قال وجاء النبي صلى الله عليه وسمملم والنمماس فقلممت يمما نممبي‬
‫الله إني قد حميت القوم الماء وهم عطمماش فممابعث إليهممم السمماعة‬
‫فقال يا بن الكوع ملكت فأسممجح ثممم رجعنمما ويردفنممي رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم على ناقته حتى دخلنا المدينة‪.‬‬
‫‪ 4‬م قصة الشجعي رضي الله عنه‪ ،‬قال الطبري في تفسير قمموله‬
‫}ومن يتق الله يجعل له مخرجا{ حدثنا محمد قال ثنا أحمد قمال ثنمما‬
‫أسباط عن السدي في قوله }ومن يتق الله يجعل له مخرجا{ زعممم‬
‫أن رجل من أصحاب النبي يقال له عوف الشجعي كان لممه ابممن وأن‬
‫المشركين أسروه فكان فيهم فكان أبوه يأتي النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم فيشكوا إليه مكان ابنه وحممالته الممتي هممو بهمما وحمماجته‪ ،‬فكممان‬
‫رسول الله يأمره بالصبر ويقول له إن الله سيجعل لممه مخرجمما فلممم‬
‫يلبث بعد ذلك إل يسيرا إذ انفلت ابنه من أيدي العدو فمر بغنممم مممن‬
‫أغنام العدو فاستاقها )وهذا هو الشاهد أنه فعممل ذلممك مممن دون إذن‬
‫المام( فجاء بها إلى أبيه وجاء معه بغنى قد أصابه من الغنم فنزلممت‬
‫هذه الية }ومممن يتممق اللممه يجعممل لممه مخرجمما ويرزقممه مممن حيممث ل‬
‫يحتسب{ ثم ذكر الرواية مممن طريقيممن آخريممن‪ .‬اهممم‪ .‬وسمماقها أيضمما‬
‫القرطبي في تفسيره ‪)18/160‬وقال‪ ،‬قممال‪ :‬أكممثر المفسممرين فيممما‬
‫ذكره الثعلبي إنها نزلت في عوف بن مالك الشجعي عن أبي صممالح‬
‫عن ابن عباس ثممم ذكممر القصممة‪ .‬وذكممر القصممة أيضمما ابممن كممثير فممي‬
‫تفسيره عند آية }ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل‬
‫يحتسب{‪.‬‬
‫‪ 5‬م مثل إقامة الجمعة زمن حصار عثممان رضمي اللمه عنمه‪ .‬قمال‬
‫ابن عبد البر أن عليا رضممى اللممه عنممه صمملى العيممد بالنمماس وعثمممان‬
‫محصور‪ ...‬وقال‪ :‬وقد صلى بالناس فممي حيممن حصممار عثمممان رضممى‬
‫الله عنه جماعة من الفضلء الجّلة منهم أبو أيوب النصاري وطلحممة‬
‫وسهل بن حنيف وأبممو أمامممة بممن سممهل وغيرهممم رضممى اللممه عنهممم‬
‫وصلى بهم علي بن أبي طالب صلة العيد وقال يحيى بن آدم صمملى‬
‫بهم رجل بعد رجل‪ ...‬وذكر عن الخطيب البغدادي في التاريخ بسنده‬
‫عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال لم يزل طلحة يصلي بالناس وعثمان‬
‫)‪(724‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫محصور أربعين ليلة حتى إذا كان يوم النحر صلى علممي بالنمماس اهم م‬
‫الستذكار ‪ ،10/36،35،32‬والتمهيد ‪.10/29‬‬
‫‪ 6‬م فعل خالد بن الوليد في غزوة مؤتة )زاد المعمماد ‪ (3/383‬لممما‬
‫ُقتل الولة الثلثة أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني عجلن فقممال يمما‬
‫معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم قالوا‪ :‬أنت‪ ،‬قال ممما أنمما‬
‫بفاعل فاصطلح الناس على خالد بمن الوليمد فلمما أخمذ الرايمة دافمع‬
‫القوم وحاش بهم ثم انحماز بالمسملمين وانصمرف بالنمماس‪ .‬اهمم مممن‬
‫أجل المصلحة والضرورة ولم يقل أحد منهم ل بد من إذن ولي المر‬
‫في هذا التنصيب لن أخذ إذنه غير متيسر وُيفضي إلى الضياع‪.‬‬
‫‪ 7‬م قال صاحب المغني في كتاب الجهاد‪ :‬إذا عدم المام لم يؤخر‬
‫الجهاد وإن حصلت غنيمممة قسمممها أهلهمما علممى ممموجب الشممرع‪ .‬اهمم‬
‫‪ .10/374‬وقال البهوتي في كتاب الجهمماد فممي كشماف القنمماع‪ :‬فممإن‬
‫عدم المممام لممم يممؤخر الجهمماد لئل يسممتولي العممدو علممى المسمملمين‬
‫وتظهر كلمة الكفر وإن حصلت غنيمة قسموها على ممموجب الشممرع‬
‫كما يقسمها المام على ما يأتي بيانه في بمماب قسمممة الغنيمممة‪ .‬اهم م‬
‫وفممي كتمماب التمماج والكليممل )فممي فقممه المالكيممة ‪ (2/381‬قممال ابممن‬
‫الماجشون‪ :‬إذا كان الناس مع إمام يضيع أمر الهلل فل يممدعوا ذلممك‬
‫من أنفسهم فمن ثبت عنده برؤية من يثق بصدقه صام عليه وأفطر‬
‫وحمل عليه من يقتدي به‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬انتهى مقصودنا من البحث‪ ،‬ولكن تتميما للفائدة فإننا ننقل‬
‫رسالتين لبن تيمية مناسبة لبحثنا هذا جعلناه بمثابة مسك الختام‪:‬‬

‫)‪(725‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل‬
‫الرسالة الولى‪:‬‬
‫لما رد )فممي الفتمماوى ‪ (214 /27‬علممى سممؤال حكممم مممن سممافر‬
‫لمجرد زيارة قبور النبياء والصالحين‪ ،‬وأفتى بالمنع كما هممو الجممماع‬
‫وساق كلم أهل العلم‪ ،‬ووافقه على ذلك علماء عصره‪ .‬لكن عارضه‬
‫ذكرت أسماؤهم فممي الفتمماوى ‪.289 /2‬‬ ‫في ذلك أربعة من القضاة‪ُ ،‬‬
‫وأصدروا في حقه بيانا‪ ،‬وأفتوا بحبسه وزجره وأن ُيشهر أمره ويمنممع‬
‫من الفتوى!‬
‫فرد ابن تيمية رحمه الله على ممما عارضمموا بممه فتممواه‪ ،‬وبيممن أن‬
‫ردهم باطل مخالف للجماع‪ ،‬ورد عليهم من وجوه كثيرة بلغت )‪(42‬‬
‫وجها‪ :‬سننقل منها إن شاء الله ما يتعلق بموضوعنا فقط‪ :‬فمن ذلك‬
‫‪ -1‬قال في الوجه الثامن أن ما تنازع فيه العلماء يجممب رده إلممى‬
‫الله والرسول وهؤلء لم يردوه إلى الله ول إلى الرسممول بممل قممالوا‬
‫إنه كلم باطل مردود على قممائله بل حجممة مممن كتمماب اللممه ول سممنة‬
‫رسوله وهذا باطل بالجماع‪.‬‬
‫‪ -2‬الوجه الثاني عشر أن ما تنممازع فيممه العلممماء ليممس لحممد مممن‬
‫القضاة أن يفصل النزاع فيه بحكم وإذا لم يكن لحد من القضمماة أن‬
‫يقول حكمت بأن هذا القمول همو الصمحيح وأن القمول الخمر ممردود‬
‫على قائله بل الحاكم فيما تنممازع فيممه علممماء المسمملمين أو أجمعمموا‬
‫عليه قوله في ذلك كقول آحاد العلماء إن كان عالما وإن كان مقلممدا‬
‫كان بمنزلة العامة المقلدين والمنصمب والوليمة ل يجعمل ممن ليمس‬
‫عالما مجتهدا عالما مجتهدا ولو كان الكلم في العلم والدين بالولية‬
‫والمنصب لكان الخليفة والسلطان أحق بممالكلم فممي العلممم والممدين‬
‫وبأن يستفتيه النمماس ويرجعمموا إليممه فيممما أشممكل عليهممم فممي العلممم‬
‫والدين فإذا كان الخليفة والسلطان ل يممدعى ذلممك لنفسممه ول يلممزم‬
‫الرعية حكمه في ذلك بقول دون قول إل بكتاب اللممه وسممنة رسمموله‬
‫فمن هو دون السلطان في الولية أولى بأن ل يتعدى طوره ول يقيم‬
‫نفسه في منصب ل يستحق القيام فيه أبو بكر وعمر وعثمان وعلممي‬
‫وهم الخلفاء الراشدون فضل عمن هو دونهم فإنهم رضي الله عنهممم‬
‫إنما كانوا يلزمون الناس بإتباع كتاب ربهم وسممنة نممبيهم وكممان عمممر‬
‫رضي الله عنه يقول إنما بعثممت عمممالي أي نمموابي إليكممم ليعلممموكم‬
‫)‪(726‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫كتاب ربكم وسنة نبيكم ويقسموا بينكم فيئكم‪ ،‬بل هممذه يتكلممم فيهمما‬
‫من علماء المسلمين من يعلم ما دلت عليه الدلة الشممرعية الكتمماب‬
‫والسنة فكل من كان أعلم بالكتاب والسنة فهممو أولممى بممالكلم فيهمما‬
‫من غيره وإن لم يكن حاكما والحاكم ليس له فيها كلم لكونه حاكما‬
‫بل إن كان عنده علم تكلم فيها كآحمماد العلممماء فهممؤلء حكممموا فيممما‬
‫ليس لهم فيه الحكم بالجماع وهذا من الحكم الباطل بالجماع‪.‬‬
‫‪ -3‬المموجه الثممالث عشممر أن الحكممام الكليممة الممتي يشممترك فيهمما‬
‫المسلمون سواء كانت مجمعا عليهما أو متنازعما فيهما ليمس للقضماة‬
‫الحكم فيها بل الحاكم العالم كآحاد العلماء يذكر ما عنده مممن العلممم‬
‫وإنما يحكم القاضي في أمور معينة وأما كممون هممذا العمممل واجبمما أو‬
‫مستحبا أو محرما فهذا من الحكام الكلية التي ليس لحد فيها حكمم‬
‫إل اللممه ورسمموله‪ .‬وعلممماء المسمملمين يسممتدلون علممى حكممم اللممه‬
‫ورسوله بأدلة ذلك وهؤلء حكموا في الحكممام الكليممة وحكمهممم فممي‬
‫ذلك باطل بالجماع‪.‬‬
‫‪ -4‬الوجه الخامس عشر ذكر أن القاضي ليس لمه حمق أن يحكمم‬
‫على علممماء المسمملمين فممي الحكممام الكليممة الممتي ل حكممم لممه فيهمما‬
‫بالجماع‪.‬‬
‫‪ -5‬الوجه السابع عشر قال في المسائل العلمية إذا تنممازع حمماكم‬
‫وغيره من العلماء في تفسير آية أو حديث أو بعض مسائل العلم لم‬
‫يكن للحاكم أن يحكم عليه بالجماع فإنهما خصمان فيما تنازعمما فيممه‬
‫والحاكم ل يحكم على خصمه بالجماع‪.‬‬
‫‪ -6‬الوجه التاسع عشر أنه لو كان أحدهم عارفا بمممذهبه لممم يكممن‬
‫له أن يلزم علماء المسمملمين بمممذهبه ول يقممول يجممب عليكممم أنكممم‬
‫تفتون بمذهبي وأي مذهب خالف مذهبي كان باطل من غير استدلل‬
‫على مذهبه بالكتاب والسنة ولو قال من خالف مذهبي فقوله مردود‬
‫ويجب منع المفممتى بممه وحبسممه لكممان مممردودا عليممه وكممان مسممتحقا‬
‫العقوبة على ذلك بالجماع‬
‫‪ -7‬المموجه العشممرون مممن منممع عالممما مممن الفتمماء مطلقمما وحكممم‬
‫بحبسه لكونه أخطأ في مسممائل كممان ذلممك بمماطل بالجممماع فممالحكم‬
‫بالمنع والحبس حكم باطل بالجماع فكيف إذا كان المفتى قد أجاب‬
‫بما هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول علماء أمته‪.‬‬

‫)‪(727‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫‪ -8‬الوجه الحادي والعشرون أن المفممتى لممو أفممتى فممي المسممائل‬
‫الشرعية مسائل الحكام بما هو أحد قولي علماء المسلمين )بصدق‬
‫وليس همموى وتشممهيا وعصممرانية وفقممه تيسممير( واسممتدل علممى ذلممك‬
‫بالكتاب والسنة وذكممر أن هممذا القممول هممو الممذي يممدل عليممه الكتمماب‬
‫والسنة دون القول الخر في أي باب كان ذلممك مممن مسممائل الممبيوع‬
‫والنكاح والطلق والحج والزيارة وغير ذلك لممم يكممن لحممد أن يلزمممه‬
‫بالقول الخر بل حجة من كتاب أو سنة ول أن يحكم بلزومه ول منعه‬
‫من القول الخر بالجماع فكيف إذا منعه منعمما عاممما وحكممم بحبسممه‬
‫فإن هذا من أبطل الحكام بإجماع المسلمين‪.‬‬
‫‪ -9‬الوجه الثامن والعشرون إنهم قالوا يمنع من الفتمماوى الغريبممة‬
‫المردودة عند الئمة الربعة وغيرهم من أئمة المسلمين والحكم بممه‬
‫باطل بالجماع فإن الئمة الربعة متفقون على أنه إنما ينقمض حكمم‬
‫الحاكم إذا خالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو معنى ذلك )ولم يقممل إذا‬
‫خالف رأى الساسة أو المراء فإنه ينقض( فأما ما وافق قممول بعممض‬
‫المجتهدين في مسائل الجتهاد فممإنه ل ينقممص لجممل مخممالفته قممول‬
‫الربعة وما يجمموز أن يحكممم بممه الحمماكم يجمموز أن يفممتى بممه المفممتى‬
‫بالجماع بل الفتيا أيسر فإن الحاكم يلزم والمفتى ل يلزم فما سمموغ‬
‫الئمة الربعة للحاكم أن يحكم به فهم يسوغون للمفتى أن يفتى بممه‬
‫بطريق الولى والحرى ومممن حكممم بمنممع الفتمماء بممذلك فقممد خممالف‬
‫الئمة الربعة وسائر أئمة المسلمين فما قالوه هو المخالف للربعممة‬
‫وسائر أئمة المسلمين فهو باطل بالجماع‪.‬‬
‫‪ -10‬الوجه التاسع والثلثون أنه لو قدر أن العالم الكممثير الفتمماوى‬
‫أفتى في عدة مسائل بخلف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫الثابتة عنه وخلف ما عليه الخلفاء الراشدون لم يجز منعه من الفتيا‬
‫مطلقا بل يبين له خطؤه فيما خالف فيه‪ ،‬فما زال في كل عصر من‬
‫أعصار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين مممن هممو‬
‫كذلك فابن عباس رضي الله عنهما كان يقول في المتعممة والصممرف‬
‫بخلف السنة الصحيحة وقد أنكر عليه الصحابة ذلك ولم يمنعوه مممن‬
‫الفتيا مطلقا بل بينوا له سممنة رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫المخالفة لقوله فعلي رضي الله عنه روى له عممن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أنمه حمرم المتعمة وأبمو سممعيد الخمدري رضمي اللمه عنمه‬
‫وغيره رووا له تحريمه لربا الفضل ولممم يممردوا فتيمماه لمجممرد قممولهم‬
‫)‪(728‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وحكمهم ويمنعوه من الفتيا مطلقا ومثل هذا كثير فالمنع العام حكم‬
‫بغير ما أنزل الله وهو باطل باتفاق المسلمين لو كان ما نازعوه فيه‬
‫مخالفا للسنة فكيف إذا كانت معه بل ومعه إجماع علماء المسلمين‬
‫فيما أنكروه من مسائل الزيارة وهذا مممما يممبين أن هممذا الحكممم مممن‬
‫أبطل حكم في السلم ومممن أعظممم التغييممر لممدين السمملم بإجممماع‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫)‪(729‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬

‫فصل‬
‫الرسالة الثانية‪:‬‬
‫ذكر في آخر الفتاوى الكممبرى المجلممد السممادس فممي كتمماب الممرد‬
‫على الطوائف الملحدة والزنادقة والجهمية والمعتزلة والرافضة ذكر‬
‫أنه في سنة ست وعشرين وسبعمائة‪ ،‬اجتمع المل عليه من المممراء‬
‫والقضاة ومممن معهممم‪ ،‬وبعممد مراسمملت لممه وهممو فممي السممجن وبعممد‬
‫سنوات طلبوا منه أن يعتقد أشياء من كلم أهل البدع‪ ،‬وطلبمموا منممه‬
‫أيضا أن ل يتعرض لحاديث الصفات لله تعالى وآياتها عند العوام‪ ،‬ول‬
‫يكتب بها إلى البلد‪ ،‬ول في الفتاوى المتعلقة بها‪.‬‬
‫)والشاهد منها لواقعنا المعاصر أنهم يطلبون اليوم عدم التعممرض‬
‫لمسألة الولء والبراء وعدم نشر ملة إبراهيم عليه الصمملة والسمملم‬
‫التي من أعظمها الولء والبراء والكفر بالطاغوت والبراءة منه ومممن‬
‫أهله وتكفيرهم وعداوتهم‪ .‬وعدم التعرض لعداء الله مممن الصممليبيين‬
‫واليهود وملل الكفر‪ ،‬وعدم التعرض لمسائل الجهمماد والفتمماء والمممر‬
‫بممالمعروف والنهممي عممن المنكممر ومقاومممة المبتدعممة والمنممافقين‬
‫والمرتممدين والحكممام المبممدلين والمعاهممدات والنصممرة‪ ...‬الممخ وأن ل‬
‫يتعرض لذلك إل علماء معينين ويمنع بقية علماء المة من نشر ذلممك‬
‫مع عدم قيام هؤلء العلماء المعينين بالبيان‪ ،‬ومع حاجة المة الماسة‬
‫لذلك البيان‪ ،‬فما أشبه اليوم بالبارحة‪.‬‬
‫فرد عليهم من وجمموه كممثيرة واعتممبره مممن حكممم الجاهليممة ومممن‬
‫الحكم بغير ما أنزل الله وننقل منها ما يخدم موضوعنا فقط‪.‬‬
‫الوجه الول وفيه قال‪ :‬إن من نهى عن الكلم في آيات الصفات‬
‫وأحاديث الصممفات‪ ،‬فممأمر بممأن ل يفممتي بهمما‪ ،‬ول يكتممب بهمما‪ ،‬ول تبل ّممغ‬
‫لعممموم المممة‪ ،‬أن هممذا مممن أعظممم العممراض عنهمما والنبممذ لهمما وراء‬
‫الظهر‪) .‬ومثلممه اليمموم مممن منممع مممن آيممات وأحمماديث الممولء والممبراء‬
‫والكفر بالطاغوت والجهاد وغيره مما ذكرنا(‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬إن قول القائل‪ :‬نطلب منه أن ل يتعرض لحمماديث‬
‫الصفات وآياتها عند العوام ول يكتب بهمما إلممى البلد ول فممي الفتمماوى‬
‫المتعلقة بها‪ ،‬يتضمن إبطال أعظم أصول الدين ودعائم التوحيد‪ ،‬فإن‬
‫من أعظمم آيمات الصمفات آيمة الكرسمي المتي همي أعظمم آيمة فمي‬
‫القرآن‪ ،‬وكذلك فاتحة الكتاب وقل هو اللممه أحممد وكممذلك أول سممورة‬
‫)‪(730‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحديد وكذلك آخر سورة الحشر‪ .‬كل ذلك من آيات الصفات باتفمماق‬
‫المسمملمين‪ ،‬وهممذا يقتضممي أن ممما كممان صممفة للممه مممن اليممات فممإنه‬
‫يستحب قراءته‪ ،‬ول خلف بين المسلمين في استحباب قراءة آيممات‬
‫في الصفات للصلة الجهرية التي يسمعها العامي وغيره‪ ،‬فهل يممأمر‬
‫من آمن بالله ورسوله بأن يعرض عن هذا كله‪ ،‬وأن ل يبّلغ المؤمنين‬
‫من أمممة محمممد صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬هممذه اليممات ونحوهمما مممن‬
‫الحمماديث‪ ،‬وأن ل يكتممب بكلم اللممه وكلم رسمموله الممذي هممو آيممات‬
‫الصفات وأحاديثها إلى البلد ول يفتي في ذلك‪.‬‬
‫)واليوم يطلبون عدم التعرض لمسألة الولء والممبراء وعممدم نشممر‬
‫ملة إبراهيم عليه الصلة والسلم الممتي مممن أعظمهمما الممولء والممبراء‬
‫والكفر بالطمماغوت والممبراءة منممه ومممن أهلممه وتكفيرهممم وعممداوتهم‪.‬‬
‫وعدم التعرض لعداء الله من الصليبيين واليهود وملل الكفر‪ ،‬وعممدم‬
‫التعممرض لمسممائل الجهمماد والفتمماء والمممر بممالمعروف والنهممي عممن‬
‫المنكر ومقاومة المبتدعة والمنافقين والمرتممدين والحكممام المبممدلين‬
‫والمعاهدات والنصرة‪ ...‬الخ وهذا يتضمن إبطال أعظم أصول الممدين‬
‫ودعائم التوحيد‪ ،‬فمإن ممن أعظمم مما جماء فمي القمرآن آيمات المولء‬
‫والبراء والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬إن كتب الصحاح والسنن والمسانيد هي المشتملة‬
‫على أحاديث الصفات بل قد بوب فيها أبواب‪ ،‬ثم سرد البممواب فممي‬
‫ذلك‪) .‬والشاهد أن الصحاح والسنن والمسانيد المشتملة على آيممات‬
‫وأحاديث الولء والبراء والكفر بالطاغوت والجهاد وغيره(‪.‬‬
‫فهل امتنع الئمة من قراءة هذه الحاديث على عامة المؤمنين‪،‬‬
‫أو منعوا من ذلممك‪ .‬أم ممما زالممت هممذه الكتممب يحضممر قراءتهمما ألمموف‬
‫مؤلفة من عوام المؤمنين قديما ً وحديثًا‪ ،‬وأيضا ً فهممذه الحمماديث لممما‬
‫حدث بها الصحابة والتابعون ومممن اتبعهممم مممن الخممالفين‪ ،‬هممل كمانوا‬
‫يخفونها عن عموم المؤمنين ويتكاتمونها ويوصون بكتمانها‪ ،‬أم كممانوا‬
‫يحدثون بها كما كانوا يحدثون بسممائر سممنن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإن نقل عن بعضهم أنممه امتنممع مممن روايممة بعضممها فممي‬
‫بعض الوقات فهذا كما قد كان هذا يمتنع عممن روايممة بعممض أحمماديث‬
‫في الفقه والحكام وبعض أحاديث القدر والسماء والحكام والوعيد‬
‫وغير ذلك في بعض الوقات ليس ذلك عنده مخصوصما ً بهممذا البمماب‪،‬‬
‫وهذا كان يفعله بعضهم ويخالفه فيه غيممره‪ ،‬وذلممك لنممه قممد يممرى أن‬
‫)‪(731‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫روايتها تضر بعض الناس في بعض الوقات‪ ،‬ويممرى الخممر أن ذلممك ل‬
‫يضر بل ينفع‪ ،‬فكان هذا مما قد يتنممازعون فيممه فممي بعممض الوقممات‪،‬‬
‫فأما المنع من تبليغ عموم أحاديث الصممفات لعممموم المممة‪ ،‬فهممذا ممما‬
‫ذهب إليه من يؤمن بالله واليوم الخر‪.‬‬
‫وإنما هذا ونحوه رأي الخارجين المارقين مممن شممريعة السمملم‪،‬‬
‫كالرافضة والجهمية والحرورية ونحوهم وهو عادة أهممل الهممواء‪ ،‬ثممم‬
‫الحاديث التي يتنازع العلماء في روايتهمما‪ ،‬أو العمممل بهمما ليممس لحممد‬
‫المتنازعين أن يكره الخر على قوله بغير حجة مممن الكتمماب والسممنة‬
‫باتفاق المسلمين‪ .‬لن الله تعممالى يقممول }فممإن تنممازعتم فممي شمميء‬
‫فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بممالله واليمموم الخممر ذلممك‬
‫خير وأحسن تأويل{‪.‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬إنه إذا قدر في ذلك نزاع فقممد قممال اللممه تعممالى‬
‫}فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول{ فأمر الله المممة‬
‫عند التنازع بممالرد إليممه وإلممى رسمموله ووصممف المعرضممين عممن ذلممك‬
‫بالنفاق والكفر‪ ،‬فقال تعالى }ألم تر إلى الذين يزعمون أنهممم آمنمموا‬
‫بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‬
‫وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضمملل بعيممدا وإذا‬
‫قيل لهم تعالوا إلى ممما أنممزل اللممه وإلممى الرسممول رأيممت المنممافقين‬
‫يصدون عنك صدودا{ فوصف سبحانه من دعي إلى الكتاب والسنة‪،‬‬
‫فأعرض عن ذلك‪ ،‬بالنفاق‪.‬‬
‫المموجه السممادس‪ :‬إن اللممه تعممالى يقممول فممي كتممابه }إن الممذين‬
‫يكتمون ما أنزل الله ممن الكتماب ويشمترون بمه ثمنما قليل أولئك مما‬
‫يأكلون في بطونهم إل النار ول يكلمهم الله يوم القيامممة ول يزكيهممم‬
‫ولهم عذاب أليم{ فمن أمر بكتم ما وصف الله به نفسه ووصفه بممه‬
‫رسوله فقد كتم ما أنزل الله من البينممات والهممدى مممن بعممد ممما بينممه‬
‫للناس في الكتاب‪ ،‬وهممذا مممما ذم اللممه بممه علممماء اليهممود‪ .‬وهممو مممن‬
‫صفات الزائغين من المنتسبين إلى العلم من هذه المة‪ .‬وقال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم " من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمممه اللممه‬
‫يوم القيامة بلجام من نار "‪.‬‬
‫الوجه التاسع‪ :‬فقد ذكر محمد بن الحسن الجماع علممى وجمموب‬
‫الفتاء في باب الصفات بما في الكتاب والسنة‪ ،‬دون قول المعطلة‪،‬‬
‫فمن قال ل يتعرض لحاديث الصفات وآياتها عنممد العمموام‪ ،‬ول يكتممب‬
‫)‪(732‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫بها إلى البلد‪ ،‬ول فممي الفتمماوى المتعلقممة‪ ،‬فقممد خممالف هممذا الجممماع‬
‫)ومثلمه اليمموم ممن منممع مممن آيمات وأحماديث الممولء والممبراء والكفمر‬
‫بالطاغوت والجهاد وغيره مما ذكرنا فقد خالف هذا الجماع(‪.‬‬
‫الوجه العاشر‪ :‬إن قول القائل‪ :‬ل يتعرض لحاديث الصفات آياتها‬
‫عند العوام‪ ،‬ول يكتب بها إلى البلد‪ ،‬ول في الفتاوى المتعلقة بها‪ .‬إما‬
‫أن يريد بمذلك أنمه ل تتلمى همذه اليمات وهمذه الحماديث عنمد عموام‬
‫المؤمنين فهذا مما يعلم بطلنه بالضطرار من ديممن المسمملمين‪ ،‬بممل‬
‫هذا القول إن أخذ على إطلقه‪ ،‬فهو كفر صممريح فممإن الممة مجمعمة‬
‫على ما علموه بالضطرار من تلوة هذه اليات في الصلوات فرضها‬
‫ونفلهمما‪ ،‬واسممتماع جميممع المممؤمنين لممذلك‪ ،‬وكممذلك تلوتهمما وإقرائهمما‬
‫واسممتماعها خممارج الصمملة هممو مممن الممدين الممذي ل نممزاع فيممه بيممن‬
‫المسلمين‪ ،‬وكذلك تبليغ الحاديث فممي الجملممة هممو مممما اتفممق عليممه‬
‫المسمملمون‪ ،‬وهممو معلمموم بالضممطرار مممن ديممن المسمملمين‪ .‬وكممذلك‬
‫قوله‪ :‬ول يكتب بها إلى البلد ول في الفتمماوى المتعلقممة بهمما‪ .‬إن أراد‬
‫أنها نفسها ل تكتب ول يفتى بها‪ ،‬فهذا مما يعلممم فسمماده بالضممطرار‬
‫من دين السلم كما تقدم‪) .‬ومثله اليوم من منع من آيات وأحمماديث‬
‫الولء والبراء والكفر بالطاغوت والجهاد وغيره مما ذكرنا(‪.‬‬
‫الوجه الحادي عشر‪ :‬إن سلف المة وأئمتهمما ممما زالمموا يتكلمممون‬
‫ويفتممون ويحممدثون العامممة والخاصممة بممما فممي الكتمماب والسممنة مممن‬
‫الصفات‪.‬‬
‫الوجه الرابع عشر‪ :‬ليس لحد من الناس أن يلزم الناس ويوجب‬
‫عليهم إل ما أوجبه الله ورسوله ول يحظر عليهم إل ممما حظممره اللممه‬
‫ورسوله‪ ،‬فمن وجب ما لم يوجبه الله ورسوله‪ ،‬وحرم ما لم يحرمممه‬
‫الله ورسوله‪ ،‬فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله‪.‬‬
‫ولهذا كان من شعار أهممل البممدع‪ ،‬أحممداث قممول أو فعممل‪ ،‬وإلممزام‬
‫الناس به وإكراههم عليه‪ ،‬والموالة عليه والمعاداة على تركه‪.‬‬
‫فممإن العقمماب ل يجمموز أن يكممون إل علممى تممرك واجممب‪ ،‬أو فعممل‬
‫محرم‪،‬ول يجوز إكراه أحد إل على ذلك‪ ،‬واليجاب والتحريم ليممس إل‬
‫لله ولرسوله‪ ،‬فمن عاقب على فعل أو تممرك بغيممر أمممر اللممه وشممرع‬
‫ذلك دينًا‪ ،‬فقد جعل لله ندا ً ولرسوله نظيرًا‪.‬‬
‫ولهذا كممان أئمممة أهممل السممنة والجماعممة‪ ،‬ل يلزمممون النمماس بممما‬

‫)‪(733‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقولممونه مممن ممموارد الجتهمماد‪ ،‬ول يكرهممون أحممدا ً عليممه‪ ،‬ولهممذا لممما‬
‫استشار هارون الرشيد مالك بن أنس في حمل الناس على موطئه‪،‬‬
‫قال له‪ :‬ل تفعل يا أمير المؤمنين‪ ،‬فممإن أصممحاب رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬تفرقمموا فممي المصممار‪ ،‬فأخممذ كممل قمموم عمممن كممان‬
‫عندهم‪ ،‬وإنما جمعت علم أهل بلدي‪ ،‬أو كما قال‪ .‬وقال مالممك أيض مًا‪:‬‬
‫إنما أنا بشر أصيب وأخطئ‪ ،‬فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة‬
‫وقال أبو حنيفة‪ :‬هذا رأي‪ ،‬فممما جاءنمما بممرأي أحسممن منممه قبلنمماه‪،‬‬
‫وقمال الشمافعي‪ :‬إذا صمح الحمديث فاضمربوا بقمولي الحمائط‪ .‬وقمال‬
‫المام أحمد‪ :‬ما ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه‪ ،‬ول يشدد‬
‫عليهم قال‪ :‬ل تقلد دينك الرجال‪ ،‬فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا‪.‬‬
‫فممإذا كممان هممذا قممولهم فممي الصممول العلميممة وفممروع الممدين ل‬
‫يسممتجيزون إلممزام النمماس بمممذاهبهم مممع اسممتدللهم عليهمما بالدلممة‬
‫الشرعية‪ ،‬فكيف بإلزام الناس وإكراههممم علممى أقمموال ل توجممد فممي‬
‫كتاب الله‪ ،‬ول في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬ول‬
‫تؤثر عن الصحابة والتابعين‪ ،‬ول عن أحد من أئمة المسلمين‪.‬‬
‫الوجه الخامس عشر‪ :‬إن القممول الممذي قممالوه إن لممم يكممن حق ما ً‬
‫يجب اعتقاده لم يجز اللزام به‪ .‬وإن كان حقا ً يجب اعتقمماده‪ ،‬فل بممد‬
‫مممن بيممان دللتممه‪ ،‬فممإن العقوبممة ل تجمموز قبممل إقامممة الحجممة باتفمماق‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫الوجه السادس عشر‪ :‬إنهم لو بينوا صواب ما ذكممروه مممن القممول‬
‫لم يكن ذلك موجبا ً لعقوبة تاركه‪ ،‬فليممس كممل مسممألة فيهمما نممزاع إذا‬
‫أقام أحد الفريقين الحجة على صواب قمموله مممما يسمموغ لممه عقوبممة‬
‫مخالفه‪ ،‬بل عامة المسائل الممتي تنممازعت فيهمما المممة ل يجمموز لحممد‬
‫الفريقيممن المتنممازعين )بصممدق ل همموى وعصممرانية وتشممهي وتيسممير‬
‫زعموا!( أن يعاقب الخر على ترك إتباع قوله‪ .‬فكيف إذا لم يممذكروا‬
‫حجة أصل ً ولم يظهروا صواب قولهم اهم ملخصا‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ .‬اهم‬

‫)‪(734‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قنوت النوازل‬

‫ن القنمموت ل‬ ‫لقد انتشرت عند كثير طلبة العلممم فتمماوى تقممول بممأ ّ‬
‫يجوز إل بإذن ولي المر وقممد قمام الشمميخ المجاهممد الصممبور الصممادع‬
‫بالحق العلمة حمود بن عقل الشعيبي بالرد على هذه الشبهة جممزاه‬
‫الله خيرا ً وأسبغ عليه رحمته‪.‬‬
‫قال الشيخ رحمه الله‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين والصمملة والسمملم علممى اشممرف النبيمماء‬
‫والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪..‬‬
‫إلى فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‬
‫سبب الكتابة إليكم التوضيح والبيممان وإبممراء للذمممة‪ ،‬وذلممك أننممي‬
‫قرأت أوراقا لكم فرغت مممن شممريط منسمموب لمعمماليكم عممن حكممم‬
‫القنوت في النوازل وقممد لحظممت عليممه عممدة ملحظممات‪ ،‬فممإن كممان‬
‫صدر عن معاليكم فأرجو إعممادة النظممر فيممما قلتممموه وعرضممه علممى‬
‫كلم العلماء وموافاتي بذلك وإل فسوف أضطر إلى نشره‪ ،‬ل سمميما‬
‫وأنكم أظهرتم أن هممذا القممول لكممم سمموف تلزمممونه أئمممة المسمماجد‬
‫ت إنممك لممن‬ ‫ت ذلممك مرتيممن‪ ،‬بممل قلم َ‬ ‫باعتبارهم تحت وليتكم كممما قل م َ‬
‫تتركهم يمضون على ماكان سابقا وهذا ينبئ عممن خطممر عظيممم فممي‬
‫مسألة القنمموت للمسمملمين فممي نمموازلهم ومصممائبهم‪ ،‬إذ هممو تقليممص‬
‫عظيم لهذه المسألة إن لم يكن محوا ً لذلك‪ ،‬كممما سمموف تممرون فممي‬
‫مناقشة ما ذهبتم إليه‪ ،‬وهو أمر لم تسبقوا إليه في هممذه البلد الممتي‬
‫تبنى أهلها مساندة المسلمين في كل مكان‪ ،‬ومن أقل ذلك القنمموت‬
‫لهم في نوازلهم وما أكثرها‪.‬‬
‫وقد نقممل ابممن القيممم فممي كتمماب الصمملة فممي فصممل فممي صممفة‬
‫القنوت‪ :‬قال إسحاق الحربي‪ :‬سمعت أبا ثممور يقممول لبممي عبممد اللممه‬
‫احمد بن حنبل‪ :‬ما تقول في القنوت في الفجر‪ ،‬فقال أبو عبممد اللممه‪:‬‬
‫إنما القنوت في النوازل‪ ،‬فقال له أبو ثور‪ :‬أي نوازل أكممثر مممن هممذه‬
‫النوازل التي نحن فيها؟ قال‪ :‬فإذا كان كذلك فالقنوت‪.‬‬
‫ضمميق أمممر‬ ‫ونحن نقول اليوم‪ :‬ما أكثر نوازل المسلمين فكيممف ي ّ‬

‫)‪(735‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫جم أو ُيسّيس والله تعالى يقول‪:‬‬ ‫القنوت لهم ويح ّ‬
‫)والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض( وقال تعالى )والممذين‬
‫آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض(‪.‬‬
‫علما بأن القنوت له مقاصمد عظيممة كمثيرة يختلمف عمن مجمرد‬
‫الدعاء لهم في السجود أو الخطب أو غيرهمما‪ ،‬حيممث إن مممن أهممدافه‬
‫ومقاصده المشمماركة المعنويممة وحفممز الهمممم والهتمممام بالمسمملمين‬
‫وإظهار التعاطف والتعاون‪ ،‬ويتقوى بذلك المجاهممدون وهممذا مشمماهد‬
‫وملممموس وسمممعناه كممثيرا مممن المجاهممدين أنهممم يفرحممون بممدعاء‬
‫إخوانهم المسلمين إذا كان علنا في القنوت بل إنهم دائممما يطممالبون‬
‫بذلك‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري في فصل‬
‫القنوت‪) :‬وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في العتممدال‬
‫دون السجود مع أن السجود مظنة الجابة أن المطلمموب مممن قنمموت‬
‫م المام في الدعاء ولممو بالتممأمين ومممن ثممم‬
‫النازلة أن يشارك المأمو ُ‬
‫اتفقوا على أن يجهَر به( والقنوت نوع استنصار ونصرة وقد صح عن‬
‫علي بن أبي طالب لما قنت في حروبممه قممال‪ :‬إنممما استنصممرنا علممى‬
‫عدونا‪ .‬رواه ابن أبى شيبه ‪ 2/103‬رقم ‪.6981‬‬
‫بل إن هناك من أهل العلم من قال بوجوب قنوت النوازل وقال‬
‫إنه فعل الئمة‪ ،‬فقد ذكر ابن عبد البر في الستذكار ‪ 6/202‬بسممنده‬
‫عن يحي بن سعيد انه كان يقول‪ :‬يجممب الممدعاء إذا وغلممت الجيمموش‬
‫في بلد العدو )يعني القنوت( قال‪ :‬وكذلك كانت الئمة تفعل‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫فسنذكر إن شاء الله تعالى المآخذ عليكم فيما ذهبتممم إليممه فممي‬
‫مسألة القنوت‪.‬‬
‫أول‪:‬في المسألة الثالثة من كلمكم قلت‪ :‬إنه ليس مممن مفهمموم‬
‫قنوت النازلة عند الصحابة والسلف إذا وقعت نازلة في طممرف مممن‬
‫بلد المسلمين قنت الجميع‪ ....‬وقلت أيضما‪ :‬والصمحابة رضموان اللمه‬
‫عليهممم لممم يكممن مممن هممديهم أنممه إذا وقعممت نازلممة فممي طممرف بلد‬
‫المسلمين قنت جميع المسلمين‪ ...‬وأن من تمام بحممث المسممألة أن‬
‫قنوت النوازل لكل أهل بلد بحسبه‪ .‬إهم‬
‫ومقتضى هذا الكلم أنه إذا وقعت نازلة في المسمملمين فممي أي‬

‫)‪(736‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫طرف من أطراف البلد السلمية أنه ل يقنت إل أهممل تلممك النازلممة‪،‬‬
‫لن القنوت لكل أهل بلد بحسبه!!‬
‫وَيرد ُ على كلمكم هذا عدة أدلة‪:‬‬
‫صمممص‬ ‫مخ ّ‬ ‫أ ‪ -‬أين دليممل التخصمميص ومنممع ماعممدا أهممل النازلممة‪ ،‬وال ُ‬
‫مطالب بالدليل‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ي َُرد ّ عليكم باستدللكم نفسه‪ ،‬حيممث اسممتدللتم بقصممة قنمموت‬
‫النبي صلى الله عليممه وسملم للقممراء لمما قتلموا‪ ،‬والقممراء قتلمموا فمي‬
‫أطراف الدولة السلمية‪ ،‬بممل قتلمموا فممي مكممان خممارج وليممة الدولممة‬
‫السلمية‪ ،‬مما يدل انه ُيقنت لما هو ليس بأطراف الدولة السمملمية‬
‫فحسب بل ما هو خارجها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬قصة قنوته صلى اللممه عليممه وسمملم للمستضممعفين فممي مكممة‬
‫)وكان ذلك بعد صلح الحديبية وفتح خيممبر كممما قمماله ابممن تيميممة فممي‬
‫الفتاوى )‪ (23/105‬فقد روى أبو هريرة رضي الله عنممه قممال‪ :‬وكممان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول‪ :‬سمممع اللممه‬
‫لمن حمده يدعو لرجال فيسمَيهم بأسمائهم فيقول‪ :‬اللهم انج الوليد‬
‫بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من‬
‫المؤمنين‪ ،‬اللهم اشممدد وطأتممك علممى مضممر‪ ،‬واجعلهمما عليهممم سممنين‬
‫كسني يوسف‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫قاله رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم ومكممة حينئذ دار كفممر‪،‬‬
‫فقنت لناس ليسوا في أطراف الدولة السلمية بل في بلد الكفر‪.‬‬
‫د ‪ -‬قصة الخرمية‪ ،‬وكانوا في أطراف الدولة السلمية في شمال‬
‫فارس قرب أذربيجان‪ ،‬فقد جاء في كتاب المغنممي لبممن قدامممة فممي‬
‫فصل القنوت وقت النوازل قال الثرم سمعت أبمما عبممد اللممه )أحمممد‬
‫بن حنبل( سئل عن القنوت في الفجر فقال‪ :‬لو قنممت أياممما معلومممة‬
‫ثم يترك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬قممال أحمممد‪ :‬أو قنممت‬
‫على الخرمية‪ ،‬وذكر هذه الرواية ابن القيم في كتمماب الصمملة فقممال‬
‫قال الثممرم‪ :‬سمممعت أبمما عبممد اللممه يقممول‪ :‬القنمموت فممي الفجممر بعممد‬
‫الركوع‪ ،‬وسمعته قال لما سئل عن القنوت في الفجر فقال إذا نممزل‬
‫من من خلفه‪ ،‬ثم قممال‪ :‬مثممل ممما نممزل‬ ‫بالمسلمين أمر قنت المام وأ ّ‬
‫بالناس من هذا الكافر‪ ،‬يعني بابك الخرمي الخارجي إهم‪.‬‬
‫وقد قاتلهم المأمون ثم المعتصم فقضى عليهم‪ .‬فهذه واقعة في‬

‫)‪(737‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أطراف الدولة السلمية‪ .‬والقنوت كان في بلد المام احمد‪.‬‬
‫ومما يممدل علممى العممموم وأنممه لكممل نازلممة فممي أي بلممد مممن بلد‬
‫المسلمين أن الصحابة الذين رووا أحمماديث قنمموت النمموازل‪ ،‬وأشممهر‬
‫من روى ذلك أنممس وأبممو هريممرة أنهممما فعل القنمموت بأنفسممهما‪ ،‬بممل‬
‫وحثوا الناس على القتداء بهما كما فعل أبو هريرة وسوف يممأتي إن‬
‫شاء الله بعد قليل‪ ،‬بل إنهما رويا أحاديث القنوت بألفاظ عامممة تممدل‬
‫على العموم‪ ،‬وقد جاء عن أنس فيما روى عنه ابممن خزيمممة قممال إن‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم كممان ل يقنممت إل إذا دعمما لقمموم أو دعمما‬
‫على قوم‪ ،‬وهذه ألفاظ عموم‪ ،‬وفي الصحيح عن أبممي هريممرة رضممي‬
‫الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يممدعو‬
‫على أحد أو يدعو لحد قنت وهذه الفظ عموم‪.‬‬
‫هم‪ -‬كلم أئمة المذاهب الفقهية المعروفة فإنهم كلهم يذكرون أنه‬
‫إذا وقع نازلة بالمسلمين ويذكرون كلمة )بالمسلمين( بمماللف واللم‬
‫الدالة على العموم في أي طرف أو جزء من بلد المسمملمين وإليممك‬
‫نصوصهم‪:‬‬
‫‪ - 1‬الحنابلة‪:‬‬
‫قال ابن قدامة في المغني‪ :‬فصل فممإن نممزل بالمسمملمين نازلممة‬
‫فللمام أن يقنت في صلة الصبح نص عليه أحمد‪ .‬وتممابعه علممي هممذا‬
‫صاحب الشرح الكبير‪ :‬المغني والشرح الكبير ‪.1/788‬‬
‫وقال في زاد المستقنع‪ :‬ويكره قنوت في غير الوتر إل أن تنمزل‬
‫بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت المام فممي الفممرائض‪ ،‬وجميممع‬
‫كتب الحنابلة تنص علممى لفظممة )المسمملمين( فممي النازلممة ثممم تممذكر‬
‫الروايات عن المام احمد فيمن يقنت وهي أربع روايات‪.‬‬
‫‪ -2‬المالكية‪:‬‬
‫ذكر ابن عبد البر في السمتذكار ‪ 6/201‬فمي بمماب القنمموت فمي‬
‫الصبح مذهب مالك وانه يرى القنوت‪.‬‬
‫وقال ابن رشد في بداية المجتهد في فصل أقمموال الصمملة فممي‬
‫المسألة التاسعة‪ ،‬قال‪ :‬ومذهب مالك أن القنمموت فممي صمملة الصممبح‬
‫مستحب ‪.1/131‬‬
‫وذكر الزرقاني في شرح الموطأ في باب القنوت في الصبح أن‬
‫هذا معتقد مالك القنوت في الصبح ‪.1/223‬‬

‫)‪(738‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وجاء في المدونة الكبرى ‪ 1/103‬وذكر مذهب مالك القنوت في‬
‫الصبح بالدعاء على الكفار والستعانة بالله عليهم‪.‬‬
‫بل إن مالكا يرى دوام قنوت النوازل في الفجممر كممما قممال ابممن‬
‫العربي في شرحه للموطأ في كتممابه القبممس ‪ 1/348‬فممي ذكممر رأي‬
‫مالك في قنوت النوازل‪ ،‬قال ابن العربي‪ :‬ورأي احممد بممن حنبممل أن‬
‫قنوت النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لسممبب فيممما كممان ينممزل‬
‫بالمسلمين والحكام إذا كانت معلقة بالسممباب زالممت بزوالهمما ورأي‬
‫مالك والشافعي أن ذلك من كَلب العدو ومقارعته معنممى دائم فممدام‬
‫القنوت بدوامه إهم‪.‬‬
‫وقال ابن تيميه في الفتاوى ‪:23/106‬قممول مالممك القنمموت فممي‬
‫النوازل مشروع دائما والمداومة سنة وان ذلك يكون في الفجر قبل‬
‫الركوع بعد القراءة سرا‪ .‬وهذا يممدل أن المالكيممة يممرون قنوتمما دائممما‬
‫ولكممل إمممام جماعممة فممي صمملة الفجممر فممما بالممك بمموقت النازلممة‬
‫بالمسلمين‪.‬‬
‫‪ -3‬الشافعية‪:‬‬
‫قال في المهذب‪ :‬وأما غير الصبح مممن الفممرائض فل يقنممت فيممه‬
‫من غير حاجة فإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الفرائض‪.‬‬
‫قال النووي في المجموع شممرح المهممذب علممى الكلم السممابق‪،‬‬
‫قال‪ :‬والصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور إن نزلت بالمسلمين‬
‫نازلة كخوف أو قحط أو وباء أو جراد ونحو ذلممك قنتمموا فممي جميعهمما‬
‫وإل فل‪.3/493 .‬‬
‫وذكر النووي نفس كلمممه السممابق فممي شممرح مسملم فممي بماب‬
‫استحباب القنوت بجميع الصلة إذا نزلممت بالمسمملمين نازلممة والعيمماذ‬
‫بالله اهم‪.‬‬
‫وقال الغزالي في الوسيط ‪ 2/133‬وإذا نزلت بالمسلمين نازلممة‬
‫وأرادوا القنمموت فممي الصمملوات الخمممس جمماز‪ ،‬وقمماله الشمميرازي‬
‫الشافعي في التنبيه ‪.1/33‬‬
‫وقاله الشربيني الشافعي في القناع ‪.1/141‬‬
‫بل إن الشافعية من أوسع المذاهب في القنوت كالمالكية يرونه‬
‫دائما في النوازل وغير النوازل‪.‬‬
‫‪ -4‬الحنفية‪:‬‬

‫)‪(739‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قال ابممن عابممدين فممي حاشمميته ‪ 2/11‬فممي مطلممب القنمموت فممي‬
‫النازلممة‪ ،‬قممال‪ :‬إن نممزل بالمسمملمين نازلممة قنممت المممام فممي صمملة‬
‫الجهر‪ ....‬ونقل عن الطحاوي في القنوت إن وقعت فتنة أو بليممة فل‬
‫بأس به )وراجع إعلء السنن ‪(6/95‬‬
‫وقال في حاشية الطحاوي على مراقي الفلح ‪ :1/252‬إذا نممزل‬
‫بالمسلمين نازلة قنت في صلة الفجر‪ ،‬وهو قول الثوري وأحمد‪.‬‬
‫وقال اللكنوي في كتابه التعليق الممجد ‪ ،1/636‬قممال‪ :‬إن قممول‬
‫أبى حنيفة وأصحابه ل قنوت في شيء مممن الصمملوات إل فممي المموتر‬
‫وإل في نازلة‪.‬‬
‫وقال في البحر الرائق للحنفية ‪ :2/48‬وإن نزل فممي المسمملمين‬
‫نازلة قنت المام في صلة الجهر‪.‬‬
‫وذكممر التهممانوي فممي إعلء السممنن ‪ ،6/84‬م ‪ 95‬أن عيممن مممذهب‬
‫الحنفية والجمهور هو القنوت في النوازل مؤقتا‪.‬‬
‫وبعض الحنفية يرى أن القنوت للنوازل منسوخ كالطحمماوي فممي‬
‫شرح معاني الثار وينقله عن بعض أئمة الحنفية ‪ 1/254‬مع أن كلم‬
‫الطحاوي هذا ناقشه التهانوي فممي إعلء السممنن ‪ 6/96‬وبيممن اختيممار‬
‫المذهب وهو القنوت‪.‬‬
‫والخلصة من هذا النقل مممن أقمموال المممذاهب التممدليل علممى أن‬
‫القنوت لكل نازلة تحصل فممي المسمملمين أن يقنممت الجميممع‪ ،‬وليممس‬
‫القنوت لكل بلد بحسبه‪ ،‬وقد مر بك ألفاظ كلم العلماء الدالة علممى‬
‫العموم وليس فيها أدنى كلم في تخصيص كل بلد بنازلته‪.‬‬
‫أما كلم العلماء المستقلين فقد قال ابممن حممزم فممي المحلممى ‪/4‬‬
‫‪138‬وما بعدها‪ ،‬المسألة رقم ‪ :459‬إن القنوت فعل حسن‪.‬‬
‫وقال الشوكاني في نيل الوطممار ‪ :2/345‬القنمموت عنممد النمموازل‬
‫مشروع عند النازلة‪.‬‬
‫وقال في السيل الجرار ‪ :1/229‬إن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كان يفعله إذا نزلت في المسلمين نازلة فيدعو لقوم أو على قوم‪.‬‬
‫أممما كلم ابممن تيميممه وبممن القيممم فكممثير فمنممه ممما فممي الفتمماوى‬
‫‪ :23/111‬والقنمموت فيهمما إذا كممان مشممروعا كممان مشممروعا للمممام‬
‫والمأموم والمنفرد‪.‬‬
‫بل إن ابن تيميه له رسالة مستقلة في القنوت فممي مشممروعيته‬
‫)‪(740‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وعموميته‪ ،‬وكذا ابن القيم في زاد المعمماد جعممل فصممل مسممتقل فممي‬
‫هديه صلى الله عليه وسلم في قنوت النوازل‪.‬‬
‫وقال الصنعاني في السبل ‪ 1/378‬رقم ‪ 288‬قال‪ :‬فالقول بممأنه‬
‫يسن القنوت في النوازل قول حسن‪.‬‬
‫ومما يجمع خلصة كلم المذاهب قول اللكنوي في كتابه التعليق‬
‫الممجد ‪ :1/636‬ول نزاع بين المة فممي مشممروعية القنمموت ول فممي‬
‫مشروعيته للنازلة إنممما النمممزاع فممي بقمماء مشممروعيته لغيممر النازلممة‪،‬‬
‫ونقل ابن عبد الممبر فممي السممتذكار ‪ 6/202‬عممن يحممي بممن سممعيد أن‬
‫القنوت إذا دخلت جيوش المسلمين هو فعل الئمة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬ذكرتم في المسألة الثانية أن النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫لما قنت لم يأمر مسمماجد المدينممة بممالقنوت ‪ -‬قنمموت النمموازل ‪ -‬ولممم‬
‫يأمر مسجد قباء ومسجد )زريق( ومسجد العالية‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬نْفيكم هذا يحتاج إلى إثبممات خمماص فهممل هنمماك دليممل‬
‫صريح انممه قممال لهممم ل تقنتمموا أو أنهممم قنتمموا فنهمماهم‪ ،‬فممالنفي مثممل‬
‫الثبات يحتاج إلى دليل لن النفممي قضممية سمملبية تحتمماج إلممى برهممان‬
‫كالقضية الموجبممة وكممون المسممتدل ليممس لممديه دليممل علممى القضممية‬
‫المعينة ل يلزم منه انتفاء تلك القضية إذ قممد تكممون ثابتممة بممدليل لممم‬
‫يعلمه المسممتدل كهممذه القضممية إذ مممن المعلمموم قطعمما أن الصممحابة‬
‫رضي الله عنهم ل يخالفون قول الرسول ول فعله‪ ،‬وقد ثبت عنه انه‬
‫قنت فل بد أن يقتممدوا بممه فممي ذلممك القنمموت‪ ،‬يممدل علممى هممذا قصممة‬
‫استدارة أهل مسجد قباء حينما أبلغوا أن الرسممول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم استقبل الكعبة ففعلوا ذلك عندما علموا من غيممر أن يممأمرهم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك‪.‬‬
‫ويقال أيضا لكم على وجه التنزل إذ لم يأت حممديث بمالمر فأيضمما‬
‫لم يأت حديث بالنهي إنما هو شيء مسكوت عنممه والمسممكوت عنممه‬
‫يرجع فيه للقواعد والصول‪ ،‬والصل أن الصممحابة يقتممدون بالرسممول‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال تعالى )لقممد كممان لكممم فممي رسممول اللممه‬
‫مَتبع‪ ،‬وما فعله شرع يعمل به‬ ‫أسوة حسنة( والصل في الرسول انه ُ‬
‫مالم يدل دليل على خصوصيته به وإل على كلمكم يلزم منممه لمموازم‬
‫باطلة تؤدي إلى تعطيل بعض الشرائع فيقممال صمملة التراويممح فعلهمما‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده بعض الليممالي وفعلهمما‬

‫)‪(741‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫عمر رضي الله عنه في مسجد الرسول صلى اللممه عليممه وسمملم ول‬
‫تفعل في المساجد الخرى لنه لممم يممرد دليممل أن المسمماجد الخممرى‬
‫أمرت بذلك‪ ،‬ومثلها صلة الكسوف صلها الرسول صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم والخلفاء بعده ولم يأت دليل انه َأمر المسمماجد الخممرى وكممذا‬
‫صلة الخوف‪ ،‬فعلها رسول الله صلى الله عليه وسمملم فممأين الممدليل‬
‫أنه أمر السرايا والجيوش الخممرى بصمملتها‪ ،‬ويقممال أيضمما البلد الممتي‬
‫فتحهمما رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم أيممن الممدليل أنممه أمممر‬
‫مساجدهم بإقامة الجمعة وغيرها من الشعائر الظاهرة‪ ،‬وهكممذا مممن‬
‫اللوازم الباطلة التي ليس المخرج منها إل أن يقممال الصممل القتممداء‬
‫بفعله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والصل أن الصحابة والمسلمين فعلمموا‬
‫ما فعله صلى الله عليه وسلم إل إذا جاء دليل خاص بالمنع أو النهممي‬
‫ل مجرد السكوت وعدم النقل‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬ذكرتم في المسألة الثانية قولكم إنما قنت هو عليه الصلة‬
‫والسلم شهرا‪ ،‬ولهذا استدل به عدد من الئمممة منهممم المممام أحمممد‬
‫أنه إنما يقنت المممام العظممم فممي المسممجد العظممم ممما يقنممت كممل‬
‫مسجد‪ ،‬وقلت أيضمما إن السممنة ظمماهرة فممي انممه ل يقنممت فممي البلممد‬
‫الواحد إل مسجد واحد فقط وهو المسجد العظم في البلد‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬ما هو الدليل أنه ل يقنت إل المام العظم؟!! وأنممه ل‬
‫يقنت إل مسجد المام العظم فقمط!! بمل إن فقمه الصمحابة رضمي‬
‫اللممه عنهممم علممى أن القنمموت ليممس مممن خصممائص المممام العظممم‬
‫ومسجده فقط‪ ،‬بل ثبت عن أنس بن مالك وأبى هريرة وابن عبمماس‬
‫والبراء بن عازب ومعاوية وأبى موسى أنهممم قنتمموا‪ ،‬وليسمموا بالمممام‬
‫العظم ومسجدهم ليس بمسجد المام العظمم كممما سموف نممذكره‬
‫إن شاء الله بعد قليل‪:‬‬
‫أ ‪ -‬فقد صمح عن انس بن مالك رضي اللممه عنممه انممه كممان يقنممت‬
‫في صلة الفجر رواه ابن المنذر في الوسمط ‪ 209 /5‬وغيره‪ ،‬علما‬
‫بأن أنسا ممن روى أحاديث قنوت النازلة فكان بفعله هذا يممرى أنهمما‬
‫ليست من خصائص المام العظم ول مسجده‪ ،‬بل صممح عنممه رضممي‬
‫الله عنه أن بعض أصحاب رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم قنتمموا‬
‫في صلة الفجر فذكر هنمما انممه فعممل جمممع مممن الصممحابة والمقصممود‬
‫بذلك قنوت النازلة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وجاء عن أبمي هريمرة رضممي اللمه عنمه انمه كمان يقنممت فممي‬
‫)‪(742‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الظهر والعشاء الخرة وصلة الصبح رواه الطبراني في تهذيب الثار‬
‫مسند ابن عباس ‪ 1/345‬رقم ‪ 576‬فيدعوا للمؤمنين ويلعن الكفممار‪،‬‬
‫وقال لقّربن بكم صلة رسمول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم متفمق‬
‫عليه‪ ،‬وفي رواية عند الطحاوي في شممرح الثممار ‪) 1/241‬لرينكممم(‪،‬‬
‫فصلى بهم وقنت حتى يعّلمهم أن القنمموت مشممروع لكممل إمممام فممي‬
‫النازلة ولذا قال‪ :‬لرينكم‪ ،‬مممع انممه ليممس بالمممام العظممم ومسممجده‬
‫ليس بالمسجد العظم‪ ،‬علما بأن أبمما هريممرة رضممي اللممه عنممه ممممن‬
‫روى أحاديث القنوت للنازلة‪ ،‬فهذا فهمهم رضي الله عنهم‪ ،‬بل فعلممه‬
‫هو بنفسه تدريبا لصحابه عليها‪ .‬قال ابمن القيمم فمي زاد المعماد‪ :‬ول‬
‫ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك )أي القنوت( ثم‬
‫تركه‪ ،‬فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة‪ .‬اهم‬
‫ج ‪ -‬صح عن البراء بن عازب انه كان يقنممت‪ .‬رواه بممن أبممي شمميبة‬
‫‪2/106‬رقممم ‪ 7016‬وصممفحة ‪ 108‬رقممم ‪ ،7034‬وعبممدالرزاق فممي‬
‫مصنفه ‪3/109‬وابن المنذر في الوسط ‪ 5/209‬والبيهقي في سممننه‬
‫‪ 2/206‬مع أن البراء ممن روى أحاديث قنوت النازلة‪.‬‬
‫د ‪ -‬صح عن ابن عباس رضي الله عنه انه صلى الغداة في إمارته‬
‫علممى البصممرة فقنممت‪ .‬رواه بممن أبممي شمميبه ‪ 2/105‬رقممم ‪7003‬‬
‫وعبدالرزاق في مصممنفه ‪ 3/113‬وبممن المنممذر فممي الوسممط ‪5/209‬‬
‫علما بأن ابن عباس في البصرة كان أميرا لعلي بن أبي طالب‪ ،‬فلما‬
‫قنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما حارب أهل الشممام قنممت‬
‫ابن عباس تبعا له ذكر ذلك الطحاوي في شرح معاني الثممار ‪1/252‬‬
‫في باب القنوت‪ ،‬وذكره التهانوي في إعلء السنن ‪ /6‬بمماب القنمموت‪،‬‬
‫وقال الكاندهلوي في كتممابه أوجممز المسممالك ‪ 3/175‬نقل عممن الممدار‬
‫قطني عن سعيد بن جبير‪ ،‬قال أشهد أني سمعت بن عبمماس يقممول‪:‬‬
‫أن القنوت فممي صمملة الفجممر بدعممة‪ .‬إل إذا نممزل بالمسمملمين نازلممة‪،‬‬
‫فانظر إلى كلم بن عباس هذا وما فيه من عمومية القنوت للنوازل‪،‬‬
‫بل ل َيبعد أن يكون هذا الكلم له حكم الرفع‪.‬‬
‫هم‪ -‬جاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قنت في صفين وما بعدها‪،‬‬
‫يقنت هو ومن معه مع أنمه ليمس الممام العظمم فمي ذلمك الموقت‪،‬‬
‫وذكر قنوته الطحاوي فممي معمماني الثممار وكممذا الطممبري فممي تمماريخه‬
‫‪ ،3/113‬قال البيهقي في كتابه معرفممة السممنن فممي فصممل القنمموت‪:‬‬
‫وقنت معاوية في الشام يدعو فممي صممفين‪ ،‬فأخممذ أهممل الشممام عنممه‬
‫)‪(743‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ز‪ -‬وروى الطحمماوي فممي شممرح معمماني الثممار عممن أبممي موسممى‬
‫الشعري أنه قنت وذكره عنه ابن القيم في زاد المعاد ورواه بن أبي‬
‫شيبة ‪ 2/105‬رقم ‪ 7001‬بسنده عن عبد الله بن معقل قممال‪ :‬قنممت‬
‫في الفجر رجلن من أصحاب رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫علي وأبو موسى‪.‬‬
‫فهؤلء ستة مممن أصممحاب رسممول اللمه صملى اللمه عليممه وسملم‬
‫بعضهم ممن روى أحمماديث قنمموت النازلممة وفعلهمما‪ ،‬وكلهممم يممرون أن‬
‫لغير المام العظم فعله‪ ،‬فأين المخالف لهم من الصحابة ممن منممع‬
‫قنوت النوازل أو رأى انه خاص بالمام العظم أو مسجده‪.‬‬
‫أما الخلفاء الراشدون فقممد صممح عممن أبممي بكممر وعمممر وعثمممان‬
‫وعلي رضي الله عنهم أنهم قنتوا في النوازل فعن العوام بن حمممزة‬
‫سألت أبا عثمان عن القنوت فقال بعد الركوع قلت عمن؟ قال عممن‬
‫أبي بكر وعمر وعثمان‪ .‬رواه بن أبي شيبة ‪ 2/106‬رقم ‪ 7011‬وابن‬
‫المنممذر فممي الوسممط ‪ 5/210‬وحسممنه الممبيهقي فممي معرفممة السممنن‬
‫‪2/79‬وقال ابن تيميه فممي الفتمماوى ‪ 23/108‬أن النممبي عليممه الصمملة‬
‫والسلم قنت لسبب نزل به ثم تركه عند عدم ذلك السممبب النممازل‪،‬‬
‫فيكون القنوت مسممنونا عنممد النمموازل‪ ،‬وهممذا القممول هممو الممذي عليممه‬
‫فقهاء أهل الحديث وهو المأثور عممن الخلفمماء الراشممدين رضممي اللممه‬
‫عنهم‪ ..‬ثم قال‪ :‬فسنة رسول الله صمملى اللممه عليممه وسمملم وخلفممائه‬
‫الراشدين تدل على شيئين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن دعاء القنوت مشممروع عنممد السممبب الممذي يقتضمميه‪،‬‬
‫وقال ابن القيممم فممي الممزاد فممي هممديه صملى اللمه عليمه وسمملم فممي‬
‫القنوت‪ :‬إن المروي عن الصحابة في قنوت النوازل قنمموت الصممديق‬
‫رضي الله عنه في محاربة مسيلمة وعند محاربة أهل الكتاب‪) ،‬راجع‬
‫كتاب إعلء السنن ‪ (6/83‬أما قنوت عمر فقد ذكممره ابممن تيميممه فممي‬
‫الفتاوى ‪ 23/108‬وابن القيم في الزاد انه قنت لما حارب النصممارى‪.‬‬
‫وقال ابن تيميه في الفتاوى ‪ 23/108‬وكان عمر إذا أبطأ عليممه خممبر‬
‫جيمموش المسمملمين قنممت‪ ،‬ونقممل الكانممدهلوي فممي أوجممز المسممالك‬
‫‪ 3/176‬عن كتاب الثار لمحمد بن حسن قال‪ :‬كان عمر رضممي اللممه‬
‫عنه إذا حارب قنت وإذا لم يحارب لم يقنت رواه الطحاوي وإسممناده‬
‫حسن‪.‬‬
‫)‪(744‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫وكذا علي بن أبي طممالب رضممي اللممه عنممه قنممت لممما حممارب مممن‬
‫حارب من الخوارج‪ ،‬قمماله ابممن تيميممه فممي الفتمماوى ‪ ،23/103‬وقنممت‬
‫ل الشام في صفين‪ ،‬قال البيهقي في كتابه معرفة‬ ‫أيضا لما حارب أه َ‬
‫السنن في فصل القنوت أن عليا قنت فممي حممرب يممدعو فأخممذ أهممل‬
‫الكوفة ذلك عنه‪.‬‬
‫فهذا هدي الخلفاء الراشدين والصحابة المرضمميين‪ ،‬بممل لممو قممال‬
‫قائل انه ل يعرف لهم مخالف لكان هو عيممن الصممواب‪ ،‬وهممو مممذهب‬
‫الناس في زمن علي بن أبي طالب وعليه أهل الكوفة تبعا له‪ ،‬وأهل‬
‫البصرة تبعا لبن عباس‪ ،‬وأهل الشام تبعا لمعاويممة فقممد روى محمممد‬
‫بن الحسن في الثار عن إبراهيم النخعي بسند صحيح‪ ،‬قال‪ :‬إن أهل‬
‫الكوفة إنما اخذوا القنوت من علي حينما حارب وأهل الشممام اخممذوا‬
‫القنوت عممن معاويممة‪ ،‬ذكممره صمماحب إعلء السممنن ‪،6/88‬وهممو فعممل‬
‫المراء زمن انس رضي الله عنه كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلى‬
‫‪ 4/141‬رقم ‪ 459‬وقال‪ :‬فإن قيل فقد روي عن انس انه سممئل عممن‬
‫القنوت‪ :‬أقبل الركوع أم بعده؟ فقال‪ :‬قبل الركوع‪ ،‬قممال ابممن حممزم‪:‬‬
‫إنما اخبر بذلك انس رضي الله عنه عن أمراء عصممره اهم م والشمماهد‬
‫أن فعل القنوت للنوازل من فعل أمراء عصر انس رضممي اللممه عنممه‬
‫وليس خاصا بالمام العظم‪.‬‬
‫وقبل ذلك هو فعل الناس زمن عمر حيث قنت عدة مرات‪،‬وهممو‬
‫فعل الناس زمن أبي بكر حيث فعله فيهم‪ ،‬فممأي إجممماع أعظممم مممن‬
‫هذا وجاء في الستذكار ‪ 5/170‬أن أبا عبدالرحمن السلمي قنت في‬
‫الفجر يدعو على قطري بن الفجاءة الخارجي )وأبو عبدالرحمن هممذا‬
‫مقرئ الكوفة من أولد الصحابة اخذ القرآن عن عثمان وعلي رضي‬
‫الله عنهما‪ ،‬ورواه ابن أبي شيبة ‪ 2/109‬رقم ‪.7047‬‬
‫وقنت من التابعين أيضا نفر كثير ليسوا بأئمة ومساجدهم ليست‬
‫بمسجد المام العظم‪ ،‬وقممال ابممن عبممدالبر فممي السممتذكار ‪:5/172‬‬
‫من فعل الصحابة وجلممة التممابعين بالمدينممة فممي لعممن الكفممرة فممي‬ ‫)و ِ‬
‫القنوت أخذ العلماء لعممن الكفممرة فممي الخطبممة الثانيممة مممن الخطبممة‬
‫والدعاء عليهم(‪.‬‬
‫وممن نقل الجماع الكاندهلوي في أوجممز المسممالك فممي شممرح‬
‫موطأ مالك ‪ 177 /3‬قال النيموي‪ :‬تدل الخبار على أن النبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم واصحابه لم يقنتوا في الفجر إل في النوازل‪ ،‬وقممال‬
‫)‪(745‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫اللكنوي في كتابه التعليق الممجممد ‪ 1/636‬ول نممزاع بيممن المممة فممي‬
‫مشروعية القنوت ول في مشروعيته للنازلممة إنممما النممزاع فممي بقمماء‬
‫مشروعيته لغير النازلة‪.‬‬
‫ونقل بن عبدالبر في الستذكار ‪ 6/202‬عن يحممي بممن سمعيد أن‬
‫القنوت فعل الئمة‪ ،‬وذكر ابن أبي شيبة برقم ‪ 7006‬بسنده عن ابن‬
‫أبي ليلى قال‪ :‬القنوت سنة ماضية‪.‬‬
‫وقال ابن تيميه في الفتاوى ‪ 23/108‬أن القنمموت مسممنون عنممد‬
‫النوازل وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحممديث وهممو المممأثور‬
‫عن الخلفاء الراشدين‪.‬‬
‫وقال التهانوي في إعلء السنن ‪ 6/96‬وأما دعوى نسخ القنمموت‬
‫في الفجر مطلقا فتردها آثار الصحابة وقنوتهم بعد وفاته صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أحيانا‪ ،‬ونقممل عممن صمماحب كتمماب الحجممة البالغممة‪ :‬وكممان‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه إذا نابهم أمر دعمموا للمسمملمين‬
‫وعلى الكافرين بعد الركوع أو قبله اهم‪.‬‬
‫وبعممد هممذا يقممال أيضمما لممماذا يخصممص القنمموت بالمممام العظممم‬
‫ومسجده مع أن أصل القنوت دعاء واستنصار‪ ،‬فتكثير من يدعو مممن‬
‫المقاصد الشرعية‪ ،‬ومن أسباب قبول الدعاء ل سيما وانه قممد يوجممد‬
‫في غير مسجد المام من هو اقرب للجابة وأفضل‪ ،‬وقد قال صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬وهل تنصرون إل بضعفائكم‪ ،‬بل قد يكون المممام أو‬
‫وت الهممدف مممن القنمموت‬ ‫مسجده فيه من موانع قبول الدعاء ممما يف م ّ‬
‫وهو تحري الستجابة‪ ،‬ثم يقال ليس في تعدد مساجد القنمموت ضممرر‬
‫في ذلك‪ ،‬وليس هممو مثممل إقامممة الحممدود ونحوهمما الممتي فممي تعممددها‬
‫مفاسد‪ ،‬ولذا تخصص بالمام أو نائبه لمنع المفاسد‪.‬‬
‫ويقال أيضا‪ :‬لو كان قنوت النازلة خاص لكان النبي عليه الصلة‬
‫والسلم لما قنت في قصة القراء لقال للصحابة بعد الصلة إن هممذا‬
‫الدعاء خاص بالمام أو نحو ذلك لن تأخير البيان عن وقت الحاجة ل‬
‫يجوز‪ ،‬فلو كان هناك مخصص لبينه المصممطفى المبلممغ عليممه الصمملة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫ومن أعجب المور أنكم تقولون عند النوازل‪ :‬ادعوا في الخطب‬
‫والمحاضرات ول تدعوا في الصلة إل بإذن المام فتمنع النمماس مممما‬
‫هو مشروع لهم بالجماع ثممم تحثهممم علممى أمممر آخممر وإن كممان جيممدا‬

‫)‪(746‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ومطلوبا لكن المشروع أولى منه‪ ،‬وأخشممى أن يجيممء وقممت ل قممدر‬
‫الله فيقال‪ :‬وأيضا الخطب والمحاضرات ل يدعى إل بإذن المممام‪ ،‬أو‬
‫انه خاص بالمام ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قلتم في المسالة الثانية‪:‬إن القنوت للمام العظم اسممتدل‬
‫به عدد من الئمممة منهممم المممام احمممد علممى أنممه إنممما يقنممت المممام‬
‫العظم في المسجد العظم!‬
‫ويقال لكم إن المام احمد له عدة روايممات فممي المسممألة‪ ،‬فقممد‬
‫قال المرداوي في النصاف ‪ 2/175‬لممما ذكممر عممن احمممد انممه يقنممت‬
‫المام قال‪ :‬وعنه يقنت نائبه بإذنه‪ ،‬وعنه يقنممت إمممام جماعممة‪ ،‬وعنممه‬
‫كل مصل‪ .‬اختاره تقي الدين‪ ،‬وقال في المحرر وهممل يشممرع لسممائر‬
‫الناس؟ على روايتين‪.‬‬
‫واللممه تعممالى يقممول )وان تنممازعتم فممي شمميء فممردوه إلممى اللممه‬
‫والرسممول( ومممن البحممث السممابق وعمممل الصممحابة يتضممح اقممرب‬
‫الروايات للسنة وهممدي الرسممول صمملى اللممه عليممه وسمملم وصممحابته‬
‫العموم‬
‫ونفيد فائدة هنا وهي أن المتتبع لقوال أهل العلم حسب اطلعنا‬
‫في الكتب المتيسرة بين أيدينا وحسب البحث السابق أن القول بأن‬
‫قنوت النوازل خاص بالمام العظم انمه ممن مفمردات الحنابلمة فمي‬
‫إحدى الروايات‪.‬‬
‫ثم اختياركم لهذا القول على خلف مراد المام احمد‪ ،‬فإن معنممى‬
‫المام العظمم عنمد احممد وغيممره هممو الخليفممة الواحمد الممذي يحكممم‬
‫المسلمين جميعا‪ ،‬وهذه هي فائدة صفة العظم‪ ،‬واليوم ليممس إمممام‬
‫أعظم يحكممم المسمملمين كلهممم‪ ،‬فعلممى هممذا القممول الممذي اخممترتموه‬
‫وأردتم تطبيقه هذا اليوم على غير مراد المممام احمممد الممذي اخممترت‬
‫قوله وهو إحدى الروايممات يممؤدي إلممى تعطيممل القنمموت تماممما‪ ،‬وهممذا‬
‫القول لم تسبقوا إليه ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫وأخيرا‪..‬‬
‫نحن اليوم نعرف اختلف أهواء الحكام وما هي توجهاتهم فربط‬
‫القنمموت للنمموازل بهممم يجعممل قضممايا المسمملمين خاضممعة للسياسممة‬
‫ومصالح الحكام‪ ،‬وأنت ترى في الواقع اليوم تخاذل كثير من الحكممام‬
‫وعدم نصرتهم للمسلمين في نوازلهم بممل إنهممم يخجلممون مممن دعممم‬

‫)‪(747‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫قضايا الجهاد والمجاهدين‪ ،‬فكيف ينتظر منهم أن يأذنوا بالقنوت لهم‬
‫إل أن وافق مصالحهم وأهواءهم‪.‬‬
‫كتبت هذا لكم لكي تراجعمموا أنفسممكم فيممما قلتممم وتعممودوا إلممى‬
‫هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء بعده وتعلنوا‬
‫للناس ذلك وإل سوف نعلن هذا الرد للناس لبيان ما هممو الحممق فممي‬
‫المسألة ونحن بالنتظار‪..‬‬
‫نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(748‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫دعاة التربية‬
‫أبو عبد الله التونسي‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وأصممحابه‬
‫ومن واله‪ .‬وبعد‪،،،،‬‬
‫فقد كثر الحممديث عممن التربيممة وعممن العممداد اليممماني كمرحلممة‬
‫تسبق الجهاد‪ ،‬حتى صارت هممذه التربيممة شممرطا جديممدا مممن شممروط‬
‫الجهاد وركنا من أركانه التي لم يسمبق إليمه فقهمماء الممة مممع طممول‬
‫شروحهم وغزارة كتاباتهم!‬
‫ولما كنا في ظرف عصيب صارت فيه المة في أشد الحاجة إلى‬
‫إقامة هذه الشعيرة حق القامة‪ ،‬لدفع من تكممالب عليهمما مممن أعممداء‬
‫هذا الدين‪ ،‬من الكفار والطواغيت المرتدين وأذنابهم‪ ،‬محاولممة منهممم‬
‫لطمس معممالمه وتمييعممه عنممد أهلممه‪ ،‬لتصممبح خيراتهممم لقمممة سممائغة‬
‫لعدائهم‪ ،‬أردت أن نقممف علممى حقيقممة هممذا المممذهب ونممبين بطلنممه‬
‫وفساد ما عليه أصحابه‪ ،‬فنقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫مممن تممدبر هممذا الفهممم السممقيم للتربيممة يلحممظ‪ ،‬مممع مصممادمته‬
‫للنصوص الصريحة الدالة على عدم تممأخير واجممب الجهمماد إل لعممذار‬
‫محدودة‪ ،‬تطابقا بينه وبين عقيدة الرجاء التي تجعل اليمممان عقيممدة‬
‫قلبية ل ترتبط بالعمل‪ ،‬فالتربية اليمانية عند أصحابها مسائل باطنيممة‬
‫وعقائد خبرية يتعلمها المسلم قبل العمل وبالتحديد قبل الجهاد!‬
‫أو هي شعب عملية ل تعلق لها بالجهاد ول بإعممداد العممدة للقيممام‬
‫به!‬
‫أما عند أهل السنة فالجهاد شممعبة مممن شممعب اليمممان والتربيممة‬
‫والمتخلف عمن الجهماد نماقص اليممان علمى ممذهبهم وإن كمان ممن‬
‫أصحاب العذار لحديث نقصان العقل والدين‪ ،‬كما هو ناقص التربيممة‬
‫خاصة إذا كان مفرطا في القيام بهذا الفرض الذي صممار عينيمما علممى‬
‫كل مسلم‪.‬‬
‫ولسائل أن يسأل لماذا خصوا الجهاد بهذا الشرط دون غيره من‬
‫الشرائع العملية كالصلة والزكاة والصيام والحج؟‬
‫فالناظر إلى حال الكثير من حجاج المسلمين اليمموم يممرى أسمموأ‬
‫مظاهر سوء الخلق والجهل بأحكام الدين وشرائعه بل وحتى بأصول‬
‫التوحيد‪...‬‬

‫)‪(749‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫فهل يقول عاقل لهؤلء‪ :‬ل تحجوا حتى تتربوا!‬
‫قطعا الجواب‪ :‬ل!‬
‫وقل مثل ذلك في صلة الجماعممة وغيرهمما مممن شممرائع السمملم‬
‫العملية الفردية والجماعية والتي ل تكاد تخلو من مثل هذه المظاهر‬
‫فعلى ما تخصيص الجهاد دون غيره؟‬
‫وبأي دليل؟‬
‫ومن جهة أخرى فقد دلت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه كان يخرج معه للجهاد من هم حديثو عهد بالسلم لممم يسممتوعبوا‬
‫التوحيد بعد‪ ،‬كما حدث في غزوة حنين لما طلب منه مسمملمو الفتممح‬
‫أن يجعل لهم ذات أنواط كما للمشركين!‬
‫فهل قال لهم الرسول عليه الصلة والسلم ارجعوا ول تجاهممدوا‬
‫حتى تتعلموا التوحيد‪ ،‬مع أنه من أوجب الواجبات؟‬
‫قطعا؛ ل! إنما اكتفى عليه الصلة والسلم بزجرهم وتعليمهم أن‬
‫طلبهم هذا مناف للتوحيد الذي بعث به‪ .‬ولم يمنعهم هذا من متابعممة‬
‫المسير للقتال‪.‬‬
‫ومثل ذلك فعل مع الرجل الممذي سمأله عممن السمملم أو القتممال‪،‬‬
‫فدله عليه الصلة والسلم على السلم الذي تقبل بممه العمممال‪ ،‬ثممم‬
‫أمره بالقتال لنه تعيمن فمي حقمه للتقماء الجمعمان‪ ،‬فاستشمهد ولمم‬
‫يسجد لله سجدة‪ ،‬وأجر كثيرا على قتاله كما روى البراء رضممي اللممه‬
‫عنه‪.‬‬
‫وأخبر عليممه الصمملة والسمملم أن اللممه يؤيممد هممذا الممدين بالرجممل‬
‫الفاجر‪...‬‬
‫وأخبار السلف في جهاد العصاة وحسن البلء فيممه مممما يصممعب‬
‫حصره‪ ،‬حمتى أنهمم جعلموا ممن عقمائدهم أن الجهماد مماض ممع المبر‬
‫والفاجر إلى قيام الساعة‪.‬‬
‫فالتربيممة الصممحيحة علممى هممذا الممدين تكممون بالعمممل بأحكممامه‬
‫وشرائعه والمتثال لوامر الرحمن سبحانه‪ ،‬وبالسير على هدي نممبيه‪،‬‬
‫مممع وجمموب تعلممم ممما تصممح بممه هممذه العمممال مممن أحكممام عمليممة أو‬
‫اعتقادية‪ ،‬فالمسلم يتربى بالجهاد وبالصلة والزكمماة والصمميام والحممج‬
‫والصدقة وحلقات الدروس وغير ذلك مممن أعمممال الممبر الممتي تزكممي‬
‫النفس وتربيها على المعالي‪ .‬وهو في تربية كلما حممافظ علممى ذلممك‬

‫)‪(750‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫واجتهد فيه‪.‬‬
‫وتنقص تربيته كلما قصر وفرط في ما كلفه اللممه بممه‪ ،‬فكيممف إذا‬
‫كان المر متعلقا بذروة سنام الدين؟‬
‫وساحات الجهاد قد جمعت من صنوف التربية وشعب اليمان ما‬
‫ل يحصيه إل الله‪ ،‬لهذا ترى المجاهدين على مر الزمان مممن أحسممن‬
‫الناس أخلقا وأعلهم تربية وتمسكا بهذا الدين‪ ،‬كيممف ل وقممد تكفممل‬
‫الله سبحانه بهدايتهم سبله لجهادهم بأنفسهم وأممموالهم فممي سممبيله‬
‫ولعلء كلمته‪ ،‬مع ما وعدهم من الفوز والنجاة في الخرة‪.‬‬
‫ثم إن المقصر ل يكافأ على تقصيره بإسقاط التكاليف عنه! إنما‬
‫يدعى لجبر تقصيره وللجتهاد في بقية وجوه الطاعممة‪ .‬فممأي حرمممان‬
‫هذا الذي يحرم به المقصرون مممن تكفيممر السمميئات ورفممع الممدرجات‬
‫عند الله عند تخلفهم عن الجهاد في سبيله؟‬
‫فمن غرائب هذا الزمان أن تصنف الصحوة اليوم إلممى صممنفين‪:‬‬
‫صنف جهادي وصنف تربوي كأنهما مذهبان مختلفممان ل يجتمعممان ول‬
‫يلتقيان أو كأن التربية تدرك بغير جهاد!!!‬
‫فالحال أنها شبهات يلقيها الشيطان على القاعممدين ليزيممن لهممم‬
‫بها قعودهم عن الجهاد بالنفس والمال وليثبطهم عن نصرة إخمموانهم‬
‫القائمين بهذه الشعيرة العظيمة التي هي مقيمماس حيمماة هممذه المممة‬
‫ومقياس تمسكها بهممدي ربهمما وسممنة نبيهمما‪ ،‬فكيممف إذا أضمماف هممؤلء‬
‫القعدة المعطلة على قعممودهم ذم المجاهممدين وتنقصممهم والتعريممض‬
‫بتربيتهم اليمانية‪ ،‬على قول المثل‪" :‬رمتني بدائها وانسلت"‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫)‪(751‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫تنبيه مهم‬

‫لقد شاع عند كثير من الناس‪ ،‬ويعتقد كثير مممن الممذين يخممالفون‬
‫ن المجاهدين علممى منهممج جماعممة الخمموان المسمملمين‪،‬‬ ‫المجاهدين أ ّ‬
‫ن‬
‫والحقيقة أن منهج المجاهدين مخالف ومعارض لمنهج الخوان‪ ،‬فممإ ّ‬
‫منهممج المجاهممدين وللممه الحمممد منهممج مبنممي علممى عقيممدة السمملف‬
‫والتوحيممد والصممدع بممالحق والرسمموخ علممى ثمموابت الشممريعة وعممدم‬
‫التنازل عنها‪ ،‬وهذا خلف ما عليه جماعممة الخمموان مممن التنممازل عممن‬
‫أصممول الممدين والممدخول فممي المجممالس التشممريعية الشممركية وتممرك‬
‫الجهاد بالسلح والتفاوض مع الطواغيت وغيرها‪.‬‬
‫ن هذه الفترة هي فترة نضج للمنهج الجهادي حيث تطّهر مممن‬ ‫وإ ّ‬
‫أفكممار الخمموارج الغلة ومنهجهممم وانشممقت عممن الجماعممات الغاليممة‬
‫وقامت على منهممج السمملف بعممد تجربممة مضممنية فممي طريممق الجهمماد‬
‫والصلح فهذه جماعممة الجهماد المصمرية الممتي تركممت منهمج جماعمة‬
‫الهجممرة والتكفيممر الغاليممة والممتزمت منهممج السمملف وتلممك الجماعممة‬
‫السلفية للممدعوة والقتممال فممي الجممزائر والممتي أصممبحت الن تنظيممم‬
‫القاعممدة فممي بلد المغممرب السمملمي قممد انشممّقت عممن الجماعممة‬
‫السلمية المسملحة بعمد انحمراف مسميرتها وتبنيهمما لمنهمج الخموارج‬
‫والتزمت منهج السلف‪.‬‬
‫ن المجاهدين هم جماعة‬ ‫ن ما يظنه كثير من الناس أ ّ‬ ‫والمقصود أ ّ‬
‫ن بين منهج المجاهدين ومنهج‬ ‫ن ظنه خاطئ فإ ّ‬ ‫الخوان المسلمين فإ ّ‬
‫جماعة الخوان فرقا ً عظيما ً وبونا ً شاسعًا‪.‬‬
‫ن المجاهدين ينقلون من كلم سيد قطممب وهممو مممن‬ ‫فإن قيل‪ :‬إ ّ‬
‫جماعة الخوان‪ ،‬ويعظمون الشيخ عبد الله عزام وهو منهم‪.‬‬
‫ن سّيد قطب هو من الذين وقفوا وقفة حازمممة فممي‬ ‫فالجواب‪ :‬أ ّ‬
‫وجه طاغوت مصر الحاكم بشريعة الطاغوت والموالي لعممداء اللممه‪،‬‬
‫كر لديه حق وخطأ وكونه أخطأ فممي بعممض المسممائل ل‬ ‫وهو رجل مف ّ‬
‫يمنع ذلك من أخذ ما أصاب فيه‪ ،‬كما ينقل العلماء مممن كلم الممرازي‬
‫وكان من الفلسفة ومن كلم الزمخشري وكان من رؤوس المعتزلة‬
‫ولكنهم ينقلون من كلمه ما وافق فيه الحق‪ ،‬وقد بين شيخ السمملم‬
‫ن الواجب علممى مممن أراد‬ ‫ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله أ ّ‬

‫)‪(752‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحق أن يأخذ من كل جماعة ما وافقت فيه الحق ويترك ما أخطأت‬
‫فيه‪ ،‬كما قيل‪ :‬خذ ما صفا واترك ما كدر‪.‬‬
‫وأما الشيخ عبد اللممه عممزام رحمممه اللممه فممإنه كممان مممن جماعممة‬
‫الخوان ولكنه ترك متابعتهم في الباطممل والتخمماذل ونفممر إلممى أرض‬
‫الجهاد وخالفهم في منهجهم الستسلمي وجاهد وحّرض على الجهاد‬
‫وبقي في باكستان يدرس ويخطب محرضا ً للمة علممى الجهمماد حممتى‬
‫اغتالته اليدي الثمة‪.‬‬
‫ده‬‫وأنقل هنا كلما ً نفيسا ً من كتاب الحوار مع الطواغيت الذي أع ّ‬
‫جماعة الجهاد المصرية بإشممراف الشمميخ الفاضممل أيمممن الظممواهري‬
‫حفظه اللممه والممذي يممبين حقيقممة منهممج جماعممة الخمموان المسمملمين‬
‫وبراءة المجاهدين من فكرهم ومنهجهم‪ ،‬جاء في الكتاب‪]:‬إن الناظر‬
‫في تاريممخ الحركممة السمملمية القريممب يممري كيممف أن ممما تسمممي بمم‬
‫"كبرى الحركممات السمملمية المعاصممرة" وهممم الخمموان المسمملمون‪،‬‬
‫يرى كيف سقطت هذه الجماعة في فخ الحمموار مممع الحكومممة بدايممة‬
‫من مرشدهم الول البنا وإلى الن‪.‬‬
‫فالبنا كان ل يكّفر الملك فاروق الحاكم بغيممر ممما أنممزل اللمه بممل‬
‫سير مظاهرة من عشرين ألفا من الخمموان لمبايعممة الملممك الكممافر‪،‬‬
‫ج الملك بممالخوان فممي السممجون عممام ‪ ،1948‬لجممأ البنمما إلممي‬ ‫ولما َز ّ‬
‫السترحام والستعطاف ل الحوار‪ ،‬فالتقي بممالوزير النصممراني كريممم‬
‫ثابت باشا رجل الملك ‪ -‬بوساطة الصحافي مصممطفي أميممن ‪ -‬وقممال‬
‫البنا إن الجماعممة انحرفممت باشممتغالها بالسياسممة وأنهمما تعممرض علممى‬
‫الملك أن تعود هيئة دينيممة ل صمملة لهمما بالسياسممة وأن تؤيممد العممرش‬
‫وتحارب الشيوعية‪ ،‬ولم يتم للبنا ما أراده‪ ،‬والنهاية معلومة‪.‬‬
‫ثممم جمماء جمممال عبممد الناصممر فمماحتوى بعممض قممادة الخمموان‬
‫كعبدالرحمن السندي وغيره‪ ،‬وضربهم بعضهم ببعض وفّرق الجماعة‪،‬‬
‫ثم ضربها بعد ما قضى منها حاجته إذ أيدت ثمورته فممي البدايمة حمتى‬
‫ذبهم‬ ‫طد أقدامه في البلد فاستغنى عنهم فضربهم وقتل قادتهم وع ّ‬ ‫و ّ‬
‫عذابا يفوق التصور‪.‬‬
‫وظل الخوان في السجون حتى جاء أنور السممادات إلممى الحكممم‪،‬‬
‫وهنا يقول عبدالحليم خفمماجي ‪-‬أحممد الخمموان‪ -‬فممي كتممابه‪ ،‬قممال‪) :‬إن‬
‫عمر التلمساني أراد أن يسد ّ فجوة عدم الثقة بيننا وبين المسممئولين‬

‫)‪(753‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫في الدولة‪ ،‬وأن يفتح طريقا للتفاهم لطممرد هممذه الصممفحة السمموداء‪،‬‬
‫فرفع إلي المسئولين عن طريق إدارة السممجن مممذكرة كممبيرة حممول‬
‫أهمية اللقاء المباشر مممع مممن يهمهممم المممر كبممديل لهممذه السمماليب‬
‫مل بعض العنت من قلة من‬ ‫البربرية‪ ،‬فعل ذلك إعذارا ً إلى الله‪ ،‬وتح ّ‬
‫الخوان أبوا هذه الخطوة عليه( اهم‪.‬‬
‫ثم خرج الخوان من السجن وهنا يقول التلمساني‪) :‬جاءني في‬
‫عام ‪1973‬م فضيلة الشمميخ سمميد سممابق وأخممبرني أن السمميد أحمممد‬
‫طعيمة وكان وزيرا فممي عهممد السممادات جمماءه وأخممبره أن السممادات‬
‫على استعداد للقاء بعض الخموان المسملمين المعروفيمن لزالمة مما‬
‫في النفوس والتعاون علي خدمة الوطن‪ ،‬وكممان ذلممك قبممل اسممتبعاد‬
‫الخممبراء السمموفيت بقليممل فرحبممت بممالفكرة‪ ،‬وذهبممت إلممي فضمميلة‬
‫المرشد حسن الهضيبي الذي كان في السممكندرية وأخممبرته بحممديث‬
‫الشيخ سيد سابق معي‪ ،‬فقال لي إن الفكرة ل بممأس بهمما إن صممحت‬
‫النوايا عند أصحابها‪ ،‬وكّلفني أن أستمر في المفاوضات(‪.‬‬
‫وهكذا يا أخي حمموار‪ ...‬فمفاوضممات‪ ...‬فتنممازلت عممن المبمماديء‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن أسبغ الخوان الشرعية علي الحكومة الكافرة‪:‬‬
‫يقول مرشدهم أبو النصر‪) :‬ل نضع أيدينا أبدا في أيممدي القممائلين‬
‫بتكفير الحاكم(‪.‬‬
‫وأصدر الشممعراوي والغزالممي بيممانهم المشممئوم فممي ‪،1/1/1989‬‬
‫يقولون فيه إنهم يعتقدون‪) :‬فممي إيمممان المسممئولين بمصممر وأنهممم ل‬
‫دون علي الله حكما ول ينكرون للسلم مبدًأ( وقد رددنا علي هممذا‬ ‫ير ّ‬
‫دوا البيممان‬‫البيان في نشرتنا الرابعممة فراجعهمما‪ ،‬أممما الخمموان فقممد أيم ّ‬
‫الذي يعترف بإيمان الحكممام‪ ،‬ولبممد أن يؤيممدوه‪ ،‬كيممف ل وقممد بممايعوا‬
‫الحاكم المرتد عام ‪1987‬؟‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وأسبغ الخوان الشرعية علي الوسائل الكفرية التي تدين بهمما‬
‫الحكومة‪:‬‬
‫فاعترفوا بشرعية الديمقراطية الممتي تسمملب حممق التشممريع مممن‬
‫اللممه وتمنحممه للشممعب‪ ،‬ودخلمموا مجلممس الكفممر المسمممى بمجلممس‬
‫الشعب‪ ،‬مجلس الرباب الذين يشرعون للناس‪.1‬‬
‫انظر نشرتنا الخامسة وفيها نقد الديمقراطية وفيها رد علي فتوى الشيخ عبممدالعزيز بممن بمماز بجممواز‬ ‫‪1‬‬

‫دخول مجلس الشعب‪.‬‬

‫)‪(754‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫يقول مرشدهم أبو النصممر‪) :‬نريممدها ديمقراطيممة شمماملة وكاملممة‬
‫للجميع(‪ ،‬وقال‪) :‬إن النتخابات الوسميلة المشممروعة للتغييمر( وقالهما‬
‫من قبله عمر التلمساني‪.‬‬
‫ولن الديمقراطية تقضمي بحمق الجميمع فمي إبمداء المرأي ‪ -‬دون‬
‫تفريق بسبب الدين والعقيدة كما يقضي بذلك الدسممتور فممي المممواد‬
‫‪ 40‬و ‪ - 47‬فقد قال أبو النصر‪) :‬ل مانع من وجود حممزب شمميوعي أو‬
‫علماني في ظل الحكم السلمي(‪ ،‬وأين حد ّ الممردة الممواجب إقممامته‬
‫علي الشيوعي؟ وأي إسلم هذا الذي يتحدث عنه الخوان؟‪.‬‬
‫ج ‪ -‬وترتب علي الحوار والمفاوضات إنكار الخوان للجهاد‪:‬‬
‫قال التلمساني‪) :‬العنممف وسمميلة العمماجزين عممن القنمماع(‪ ،‬وقممال‬
‫أيضمما‪) :‬الخمموان يؤمنممون بممأن التحممول عممن القمموانين الوضممعية إلممي‬
‫القمموانين السمملمية لبممد أن يأخممذ طريقممه المشممروع دون عنممف أو‬
‫إرهاب(‪.‬‬
‫ويقول حامد أبو النصممر‪) :‬لممم يحممدث أن أق مّر الخمموان اسممتخدام‬
‫العنف ضد الحكم(‪ ،‬ويقول أبو النصممر‪) :‬لممن نممأتي إلممي الحكممم إل إذا‬
‫استدعينا لهذا عن طريق النتخابات(‪.‬‬
‫وشباب الخوان المخدوع يعتبر هذه القوال من بمماب " التقيممة "‬
‫دل اليهمود‬ ‫ول يدري أن همذا تبمديل لحكمام المدين المسمتقرة كمما بم ّ‬
‫والنصارى دينهم‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬لتتبعن سنن من كان‬
‫قبلكم(‪ .‬وننصح الشباب بقراءة نشرتنا الخامسة‪.‬‬
‫ول الخمموان إلممي عملء‬ ‫د ‪ -‬وت ََرّتممب علممي المفاوضممات أن تحمم ّ‬
‫للحكومة الكافرة‪:‬‬
‫يسبغون الشرعية علي حكمها وديمقراطيتها وينكرون علممي مممن‬
‫ول الخموان إلمي طممابور خممامس يممّزق جسمد‬ ‫ينادي بجهممادهم‪ ،‬وتحم ّ‬
‫الحركة السملمية بمصمر ويصميب الحركمة بالتخمدير والشملل‪ ،‬وهمذا‬
‫ليس مممن عنممدنا بممل هممو كلمهممم‪ ،‬قممال مممأمون الهضمميبي‪) :‬إن جممود‬
‫الجماعة يمثل مصلحة للحكومة لنها تلجممأ إلينمما كممثيرا لضممبط التيممار‬
‫الديني المتطرف(‪ ،‬وقال التلمساني‪) :‬أنا علممي اتصممال دائم بممأجهزة‬
‫الداخلية لمساعدتها فممي ترسمميخ المممن ‪ -‬إلممي أن قممال ‪ -‬وكممان مممن‬
‫ي ما ذهبت إلي كلية ثائرة لمر مممن المممور إل وعممدت‬ ‫فضل الله عل ّ‬
‫موفقا وكان جهدي موضع شكر المسئولين في وزارة الداخلية ‪-‬إلممى‬

‫)‪(755‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫أن قال‪ -‬وكنت ألتزم الموضوعية البحتة وأدعو إلي ضممبط العصمماب‬
‫عند الحداث المثيرة حتى قال لي أحد المعتقلين من أحممد الحممزاب‬
‫في سبتمبر ‪ -‬أيلول ‪ -‬إننممي جمممدت أعصمماب الشممباب ووضممعتها فممي‬
‫ثلجة(‪.‬‬
‫أي أمن هذا الذي يساعد التلمساني فممي ترسمميخه؟ أهممو المممن‬
‫الذي يستحل دماء المسلمين ويمّزق أجسادهم؟ أم هو المممن الممذي‬
‫يسبي النساء المسمملمات ويسممتبيح أعراضممهن؟ أم هممو المممن الممذي‬
‫يضع العصي في أدبار الرجال؟ أم هو المن الذي يدّرب الكلب على‬
‫فعل الفاحشة بالرجال؟‬
‫وكل هذا يحدث يا أخي المسلم في سجون فرعون بمصر وعلي‬
‫أيممدي جنممد فرعممون‪ ،‬وأول مممن حممدث لهممم كممل هممذا هممم الخمموان‬
‫المسلمون باعترافهم في كتبهم‪.‬‬
‫هذه يا أخي هي نهاية سلسلة الحوار والمفاوضات والتنازلت‪.‬‬
‫وما حدث مع الخوان يحدث اليمموم مممع بعممض المسممجونين فممي‬
‫قضية الفنية العسكرية إذ يعممرض بعضممهم اليمموم التنممازلت والخيانممة‬
‫ويطلب ود الحكومة‪ ،‬فقد طالعتنا الصممحف المصممرية الصممادرة هممذه‬
‫اليام بخبر يقول‪) :‬أربعة سجناء من قضية الفنية العسممكرية يعلنممون‬
‫أسفهم وهاجموا التطرف والعنممف‪ ،‬وهممم حسممن السممحيمي ومحمممد‬
‫ياسممر السممعيد وهمماني الغزنممواني الممذين ينفممذون أحكاممما بالشممغال‬
‫الشاقة المؤبدة‪ ،‬وقالوا إننمما نحممذر الشممباب مممن خطممر المجموعممات‬
‫الصولية ول تكرروا أخطاءنا‪ ،‬استشيروا الفقهاء والعلماء ول تختماروا‬
‫أي منظمممة أصممولية‪ .‬وقممال السممحيمي‪ :‬إن الحمماكم الممذي يمممارس‬
‫الشعائر الدينية ويصوم ويعلن ممارسة الحكم طبقا لتعمماليم السمملم‬
‫ل يكون هدفا للجرم( اهم‪.‬‬
‫وهذا الذي حدث في مصر يحدث في بلدان أخري‪ ،‬ومن هذا ممما‬
‫فعلته حركة التجاه السلمي بتونس من إسباغ الشرعية علي نظام‬
‫الحكممم الكممافر‪ ،‬وخممداعهم للمسمملمين بتممونس بإيهممامهم أن عممداء‬
‫السلميين كان عداًء نحو شممخص بعينممه " بممو رقيبممة " ل نحممو نظممام‬
‫كافر‪.‬‬
‫قالت مجلة المختار السمملمي‪) :‬والمجلممة ماثلممة للطبممع طيممرت‬
‫وكالت النباء خبرا كان لمه أطيمب الثممر علممي نفمموس أبنماء الحركممة‬

‫)‪(756‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫السمملمية‪ ..‬لقممد أطلممق سممراح الشمميخ الجليممل والداعيممة السمملمي‬
‫الفاضل الستاذ راشد الغنوشي رائد حركة التجاه السلمي بتممونس‬
‫عشية عيد الفطر المبارك وكان العيد عيدين والفرحة فرحتين‪.‬‬
‫لقممد جمماء هممذا التطممور بعممد وصممول رسممالة نقلممت عممن الشمميخ‬
‫عبدالفتاح مورو المين العام للحركة والمقيم فممي الخممارج أكممد فيهمما‬
‫علي ثلث نقاط‪:‬‬
‫الولي‪ :‬أن حركة التجمماه السمملمي ترفممض العنممف قطعيمما فممي‬
‫برنامجها السياسي وتتمسك بالعمل في إطممار الشممرعية الدسممتورية‬
‫وترغب في المشمماركة فممي الحيمماة السياسممية ضمممن ميثمماق وطنممي‬
‫شامل يسع مختلف وجهات النظر علي أساس من الحترام المتبادل‬
‫والتقيد بالقانون‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن حركة التجاه السلمي تعتبر أن تناقضها مع السلطة‬
‫قد انتهي مع نهاية الرئيس السابق بسبب عداوته الشممديدة للسمملم‬
‫وللحرية كما أنه ليس لديها تحفظات للتعاون مع الرئيممس ابممن علممي‬
‫لجاز شعارات تحممول نوفمممبر وضمممان السممتقرار المموطني الشممامل‬
‫كشممرط رئيسممي لمواجهممة المشممكلت القتصممادية والجتماعيممة فممي‬
‫البلد‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن الحركممة ل تممدعي أبممدا أنهمما النمماطق الرسمممي باسممم‬
‫السلم ول تطمع أن ينسب إليها هذا اللقب يوما ممما لنهمما تممؤمن أن‬
‫السلم دين التونسيين جميعا ولكنها تعتقد أن ذلك ل يمنممع اعتمادهمما‬
‫الرضية السلمية في بلورة برامجهمما الثقافيممة والسياسممية علممي أن‬
‫يظل الشعب حكما رئيسيا بين البرامج المختلفة مثلما يقع الن فممي‬
‫بعض الدول العربية‪.‬‬
‫وقد درس الرئيس ابن علي الرسالة التي وصلته قبل أكممثر مممن‬
‫شهر عن طريق شخصية سياسية مهمممة دخلممت الحكومممة فممي آخممر‬
‫تغيير وزاري‪ ،‬ويبدو أن محاولت بذلت للتحاور في شأنها في تممونس‬
‫مباشرة مممع الشمميخ الغنوشممي‪ ،‬ولكممن هممذا الخيممر اعتممذر عممن عممدم‬
‫الحمموار مممن داخممل السممجن لتعممذر الحاطممة بالمعطيممات الضممرورية‬
‫واستحالة التصال ببقية أعضاء قيادة الحركة فممي الممداخل والخممارج‪.‬‬
‫لذلك قرر الرئيس ابممن علممي إطلق سممراح السمميد راشممد الغنوشممي‬
‫ويتوقع أن تنطلق في القريب العاجل جولة من المباحثات بينه وبيممن‬

‫)‪(757‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫ممثلين للرئيس شخصيا(‪.‬‬
‫وكما تري يا أخي فهي نفس القصة حوار فمماعتراف بالشممرعية‪،‬‬
‫وإنكار للجهاد ‪ -‬العنف ‪ -‬وتمييع أهم قضايا الدين والعقيدة في نفوس‬
‫المسلمين‪ ،‬ليطول بالمسلمين عصر التيه والذل تحت هيمنممة النظممم‬
‫الحاكمة الكممافرة‪ ،‬تلممك النظممم الممتي أفلحممت فممي احتممواء كممثير مممن‬
‫القيادات السلمية‪.‬‬
‫يقول الستاذ محمود شاكر صاحب كتمماب "التاريممخ السمملمي"‪:‬‬
‫)فقد تمكن العداء في الونة الخيرة وفي أشد الوقات حاجممة إلممي‬
‫المنظمات السلمية وإلممي القيممادات السمملمية الممرائدة الممتي تمثممل‬
‫السلم وتحمله بصفاء تمكنوا من احتوائها والسير بها فممي طريقهممم‬
‫المنحرف‪ ،‬وأعلنوا ذلك كممي تسممقط القيممادات‪ ،‬وتسممقط المنظمممات‬
‫وبالتالي تسقط المفاهيم التي يحملونها والتي ل تزال معروفة نظريا‬
‫لقد احتوي أكثر زعماء منظممة إسملمية فمي المنطقمة العربيمة‪ ،‬بمل‬
‫بقوا في جعجعة دائمة يظهرون العمممل للسمملم زيممادة فممي التمممويه‬
‫علي شباب السلم والعاملين له‪ ،‬حتى أن أحدهم قد زعم أن الحكم‬
‫اللحادي في بلد يعمل للسلم‪ ،‬ويضم أبنمماءه‪ ،‬ويحمممي حممماه وذلممك‬
‫بسبب ارتباطه به‪ ،‬وعمل عدد من الزعماء المنتفعين جبهة من ذلممك‬
‫الحكم الملحد‪ ،‬فأعيد العتبار لمن لفظهم الشعب‪ ،‬وأفتي المنتفعون‬
‫بشرعية العمل ممع الملحمدين أو ادعموا أن بعمض العلمماء قمد أفمتي‬
‫بذلك زورا وبهتانا‪ .‬وأعلن بعض المغفلين الذين يبممدو عليهممم الصمملح‬
‫عدم صحة مثل هذا العمل فلما تم إصدار نشرة بصممحة ذلممك شممرعا‬
‫مقتبسا بعض النصمموص الشممرعية‪ ،‬واستشممهد بهمما فممي غيممر مكانهمما‪،‬‬
‫وإيهاما للشباب ودجل‪ ،‬وهذا التصرف سواء أكان من العداء أم مممن‬
‫الدعياء ليستمر الخداع‪ ،‬ثم تهوي المنظمممات والممدعاة معمما‪ ،‬ويصممفو‬
‫الجممو للعممداء‪ .‬وليممس الحتممواء غايممة ولكنممه وسمميلة لنممه سممتظهر‬
‫منظمات جديممدة وقيممادات جديممدة وستسممتمر الفكممرة فممي طريقهمما‬
‫ولكن الغاية تهديم الفكممار وفضممح حامليهمما مممع اسممتمرارية قيممادتهم‬
‫والمناداة بفكرتهم رغم احتوائهم وانقيادهم لغيرهم(‪.‬‬
‫هذه يا أخي هي بعض آثار الحوار والمفاوضممات مممع الطممواغيت‪،‬‬
‫صفقة متبادلة تحصل بعض القيادات السلمية علي حريتها بممالخروج‬
‫من السجون مع السماح لها بشيء من النشاط في مقابل بيع قضية‬
‫السلم للطواغيت إذ تقوم هذه القيادات السلمية المفتونممة بلبممس‬
‫)‪(758‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬
‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫الحممق بالباطممل وتقممول للنمماس إن هممذه الحكومممات مسمملمة وإن‬
‫الديمقراطية هي الشرعية وهي وسيلة التغييممر المشممروعة الوحيممدة‬
‫وأن السلم ينكر العنف ‪ -‬أي الجهاد ‪ -‬وكان هذا ضلل مبينا‪.‬‬
‫وعن تمييع حقائق الدين يقول الستاذ سميد قطمب رحمممه اللمه‪:‬‬
‫)وهذا التمييع هو أخطر ما يعممانيه هممذا الممدين فممي هممذه الحقبممة مممن‬
‫التاريخ‪ ،‬وهو أفتك السلحة التي يحاربه بها أعداؤه‪ ،‬الممذين يحرصممون‬
‫علي تثبيت لفتة " السلم " علي أوضاع‪ ،‬وعلي أشخاص‪ ،‬يقرر الله‬
‫سبحانه فممي أمثممالهم أنهممم مشممركون ل يممدينون ديممن الحممق‪ ،‬وأنهممم‬
‫يتخذون أربابا من دون اللمه‪ ..‬وإذا كمان أعمداء همذا المدين يحرصمون‬
‫علممي تثممبيت لفتممة السمملم علممي تلممك الوضمماع وهممؤلء الشممخاص‪،‬‬
‫داعممة‪ ،‬وأن‬‫فممواجب حممماة هممذا الممدين أن ينزعمموا هممذه اللفتممات الخ ّ‬
‫يكشفوا ما تحتها من شرك وكفر واتخاذ أرباب من دون الله‪} ..‬وممما‬
‫أمروا إل ليعبدوا إلها واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون{‪.( ..‬‬
‫وبعد ذكر النماذج السممابقة للحمموار وبيممان آثمماره المممدمرة علممي‬
‫السلم وعلي مستقبل المسلمين‪ ،‬نقول إن الحكومة الكافرة بمصر‬
‫قد حصلت علي اعتراف بشرعيتها من كافة الجبهات المعارضممة لهمما‬
‫بممما فممي ذلممك الخمموان المسمملمون باسممتثناء جبهممة واحممدة وهممي‬
‫الجماعات الجهادية ‪ -‬المتطرفة بزعمهم ‪ -‬هممذه هممي الجبهممة الممتي ل‬
‫مها بممالكفر والممردة‪ ،‬وقممد حمماربت‬ ‫صم ُ‬
‫تعممترف بشممرعية الحكومممة وت َ ِ‬
‫الحكومممة جماعممات الجهمماد بكممل ممما تملممك مممن السممجن والتعممذيب‪،‬‬
‫والقتل والتشريد‪ ،‬وسبي النساء واغتصابهم‪ ،‬وقطع الرزاق‪ ،‬ونممدوات‬
‫الرأي التي حشدت فيها الحكومة عشممرات مممن عمممائم السمموء ‪ -‬ول‬
‫نقول علماء ‪ -‬بدًءا من شمميخ الزهممر إلممي أئمممة المسمماجد‪ ،‬وأطلقممت‬
‫الحكومة الحرية للخوان للمشاركة في النتخابات لسممباغ الشممرعية‬
‫علي الحكومة وأنظمتها‪.‬‬
‫إل أن كل هذا لم يفلح في وقف المد الجهادي‪.‬‬
‫ولم يبق أمممام الحكومممة إل اتبمماع سياسمة الحمموار والمفاوضممات‬
‫والحتواء لبعض قيممادات الجهمماد سمماعية فممي هممذا بممالمكر والخديعممة‬
‫واللين تارة وبالرهاب تارة أخري‪.‬‬
‫فهل ستنجح الحكومممة فممي هممذا وهممل ستسممقط بعممض قيممادات‬
‫الجهاد كما سقط غيرها من قبل؟‬

‫)‪(759‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬


‫عون الحكيم الخبير فههي الههرد علههى كتههاب "البرهههان المنيههر فههي دحههض شههبهات أهههل‬
‫التكفير والتفجير" جمع وإعداد ‪ :‬أبي المنذر الحربي‬
‫نعوذ بالله تعالى من الخذلن‪ ،‬ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وسممائر‬
‫دلين‬ ‫المسلمين علي صراطه المستقيم حتي نلقمماه سممبحانه غيممر مبم ّ‬
‫ول مفّرطين‪[.‬اهم‬
‫وبهذا يكون قد تم المقصود من هذا الرد‪ ،‬وأنصح من أراد معرفممة‬
‫الحق والتبصر بمنهج المجاهدين وعقيممدتهم أن يقممرأ كتبهممم ويسممتمع‬
‫لصوتياتهم ويتجرد للحق ويصبر على الذى في هذا السبيل‪.‬‬
‫نسأل الله العظيم رب العمرش الكريمم أن يهممدينا للحمق ويرزقنمما‬
‫اتباعه والتمسك به والثبات عليه‪ ،‬وأن يزيدنا هدىً وصلحا ً واستقامة‬
‫إنه سميع قريب مجيب‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬
‫وصلى اللمه وسملم وبممارك علممى نبينمما محممد وعلمى آلمه وصممحبه‬
‫أجمعين‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬

‫)‪(760‬‬ ‫دار الجبهة للنشر والتوزيع‬

You might also like