You are on page 1of 378

‫كتاب الذكار‬

‫والدعية‬

‫‪5‬‬
6
‫‪ -1‬تحفة الخيار ببيان جملة نافعة مما ورد‬
‫في الكتاب والسنة من الدعية والذكار‬

‫مقدمة‪:1‬‬

‫الحمد لله نحمممده‪ ،‬ونسممتعينه‪ ،‬ونسممتغفره‪ ،‬ونعمموذ بممالله مممن‬


‫شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اللممه فل مضممل‬
‫له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن من أفضممل ممما يتخلممق بممه النسممان وينطممق بممه‬
‫اللسممان الكثممار مممن ذكممر اللممه سممبحانه وتعممالى‪ ،‬وتسممبيحه‪،‬‬
‫وتحميده‪ ،‬وتلوة كتابه العظيم‪ ،‬والصلة والسلم على رسوله‬
‫محمد صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬مع الكثممار مممن دعمماء اللممه‬
‫سبحانه‪ ،‬وسؤاله جميع الحاجات الدينية والدنيوية‪ ،‬والستعانة‬
‫ص وخضمموع‪ ،‬وحضممور‬ ‫ن صممادق وإخل ٍ‬ ‫به‪ ،‬واللتجاء إليه بإيممما ٍ‬
‫قلب يستحضر به الذاكر والداعي عظمة اللممه وقممدرته علممى‬
‫كل شيء‬

‫‪ 1‬كتاب )تحفة الخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من‬
‫الدعية والذكار( لسماحته رحمه الله‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وعلمه بكل شيء واستحقاقه للعبادة‪.‬‬
‫وقد ورد في فضل الذكر والدعاء والحث عليهما آيات كممثيرة‬
‫وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫هللا ال ّل ِ‬ ‫ما تيسر منها‪ ،‬قال الله سممبحانه وتعممالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ة‬
‫كللَر ً‬ ‫حوهُ ب ُ ْ‬ ‫سللب ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫كللًرا ك َِثيللًرا * َ‬ ‫ه ِذ ْ‬ ‫كللُروا الّللل َ‬ ‫مُنللوا اذْ ُ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫كلل ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ه ل ِي ُ ْ‬ ‫ملئ ِك َت ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫صّلي َ‬ ‫ذي ي ُ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صيًل * ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫مللا{ ‪،‬‬‫‪1‬‬
‫حي ً‬ ‫ن َر ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ب ِللال ُ‬ ‫وكا َ‬ ‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫ت إ ِلى الّنو ِ‬ ‫َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ُ‬
‫ن الظل َ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫ش لك ُُروا ل ِللي َ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُل ْ‬ ‫وقال تعممالى‪َ } :‬‬
‫ت‬‫ما ِ‬ ‫س لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫س لِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن{‪ ،2‬وقال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫ت َك ْ ُ‬
‫ت{ إلى أن‬ ‫قان َِتا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قان ِِتي َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫وال ل ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬
‫عل ّ‬ ‫تأ َ‬ ‫ذاك َِرا ِ‬ ‫ه كِثي لًرا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ري َ‬ ‫ذا َك ِ ِ‬ ‫قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬ ‫مللا{‪ ،3‬وقممال تعممالى‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةً َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ْ َ‬
‫ر‬‫ها ِ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬ ‫خِتل ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ِ‬
‫خل ْ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مللا‬ ‫قَيا ً‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫ن ي َلذْك ُُرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب * ال ّل ِ‬ ‫ت ِلول ِللي اْلل ْب َللا ِ‬ ‫َلَيا ٍ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫م{ ‪ ،‬وقال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫‪4‬‬
‫ه ْ‬ ‫جُنوب ِ ِ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫و َ‬ ‫دا َ‬ ‫عو ً‬ ‫ق ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ه ك َِثيللًرا‬ ‫ّ‬
‫كللُروا الللل َ‬ ‫واذْ ُ‬ ‫فللاث ْب ُُتوا َ‬ ‫ة َ‬ ‫فئ َ ً‬ ‫م ِ‬ ‫قيُتلل ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ل ِ‬ ‫مُنللوا إ ِ َ‬ ‫آ َ‬
‫م‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫لَ َ‬

‫الحزاب اليات ‪.43-41‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫البقرة الية ‪.152‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫الحزاب الية ‪.35‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫آل عمران اليتان ‪.191-190‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫‪8‬‬
‫م‬ ‫س لك َك ُ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ض لي ْت ُ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ف لإ ِ َ‬ ‫ن{‪ ،1‬وقممال تعممالى‪َ } :‬‬ ‫حللو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫كللًرا{‪ ،2‬وقممال‬ ‫شدّ ِذ ْ‬ ‫و أَ َ‬ ‫مأ ْ‬
‫فاذْك ُروا الل ّه ك َذك ْرك ُم آباءَك ُ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ ِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬ ‫مل َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫هك ُل ْ‬ ‫ِ‬
‫من ُللوا ل ت ُل ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هللا ال ّل ِ‬ ‫تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ف لأول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫هل ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ن ِذك ِْ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ولدُك ُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ة‬
‫جللاَر ٌ‬ ‫م تِ َ‬ ‫هل ْ‬ ‫ْ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ال ْ َ‬
‫هي ِ‬ ‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ن{ ‪ ،‬وقال تعممالى‪ِ } :‬‬ ‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬
‫‪3‬‬

‫ة‬ ‫ء الّزك َللا ِ‬ ‫وِإيت َللا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صللل ِ‬ ‫قللام ِ ال ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِذك ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ب َي ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫صللاُر{ ‪ ،‬وقممال‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ه ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫ما ت َت َ َ‬ ‫خا ُ‬
‫والب ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫قلو ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫قل ُ‬ ‫و ً‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫يَ َ‬
‫‪4‬‬

‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ف ً‬ ‫خي َ‬ ‫و ِ‬ ‫عا َ‬ ‫ضّر ً‬ ‫ك تَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫واذْك ُْر َرب ّ َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‬ ‫مل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول ت َك ُل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫صللا ِ‬ ‫واْل َ‬ ‫و َ‬ ‫غ لد ُ ّ‬ ‫ل ِبال ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫قل ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مل َ‬ ‫ر ِ‬ ‫هل ِ‬ ‫ج ْ‬‫ال ْ َ‬
‫ة‬
‫صللل ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضللي َ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فللإ ِ َ‬ ‫ن{‪ ،5‬وقممال تعممالى‪َ } :‬‬ ‫فِلي َ‬ ‫غللا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬ ‫ل الّللل ِ‬ ‫ضلل ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ملل ْ‬ ‫غللوا ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫فللي اْل َْر‬ ‫شللُروا ِ‬ ‫فان ْت َ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{‪.6‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه ك َِثيًرا ل َ َ‬ ‫واذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫َ‬
‫والكثار من ذكر الله تبارك وتعالى ودعاءه سبحانه مسممتحب‬
‫في جميع الوقات والمناسبات‪ ،‬وفي الصباح والمسمماء وعنممد‬
‫النوم واليقظة ودخول المنزل‬

‫النفال الية ‪.45‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫البقرة الية ‪200‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫المنافقون الية ‪.9‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫النور الية ‪.37‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫العراف الية ‪.205‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫الجمعة الية ‪.10‬‬ ‫سورة‬ ‫‪6‬‬

‫‪9‬‬
‫والخروج منه‪ ،‬وعند دخول المسجد والخروج منه؛ لممما سممبق‬
‫د‬
‫مل ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫من اليات الكريمات‪ ،‬ولقوله تعممالى أيضممًا‪َ } :‬‬
‫د‬‫ملل ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ر{ ‪ ،‬وقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫‪1‬‬
‫كا ِ‬ ‫واْل ِب ْ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك ِبال ْ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ب{‪ ،2‬وقمموله‬ ‫غ لُرو ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫قب ْ ل َ‬ ‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫م ِ‬ ‫شل ْ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫ل طلو ِ‬
‫قب ْ َ ُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ة‬ ‫دا ِ‬ ‫غلل َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫هلل ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيللدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫طللُرِد اّللل ِ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫تعممالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫حى‬ ‫و َ‬ ‫ف لأ ْ‬ ‫ه{ ‪ ،‬وقمموله تعممالى‪َ } :‬‬ ‫‪3‬‬
‫هل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ل ُ‬ ‫ي يُ ِ‬ ‫ش َّ‬ ‫ع ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫شللّيا{ ‪ ،‬وقمموله تعممالى‪:‬‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫حوا ب ُكللَرةً َ‬ ‫ْ‬ ‫سللب ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫هلل ْ‬ ‫َ‬
‫إ ِلي ْ ِ‬
‫‪4‬‬

‫ه‬ ‫ح ُ‬ ‫سلب ّ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّي ْل ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫م‪َ .‬‬ ‫قو ُ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫د َرب ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫} َ‬


‫ن‬ ‫حي ل َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّل ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م{‪ ،5‬وقوله تعممالى‪َ } :‬‬ ‫جو ِ‬ ‫وإ ِدَْباَر الن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫مد ُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال َ‬‫ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫حو َ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫و ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ن{ ‪ ،‬وقممال تعممالى‪:‬‬ ‫هللُرو َ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫َ‬
‫واْلْر‬
‫ظ ِ‬ ‫حيلل َ‬ ‫و ِ‬ ‫شللّيا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬
‫‪6‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫بل ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َرب ّ ُ‬ ‫قللا َ‬ ‫و َ‬
‫ذي َ‬ ‫ن اللل ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫كلل ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫سللت َ ِ‬ ‫عللوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫كلل ُ‬ ‫} َ‬
‫ن{‪،7‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫س ي َدْ ُ‬ ‫عَبادَِتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫س ت َك ْب ُِرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ب‬ ‫فلإ ِّني َ‬ ‫عن ّللي َ‬ ‫سأل َ َ‬‫َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ريل ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ع‬ ‫ُ‬
‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب دَ ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫أ ِ‬

‫غافر الية ‪.55‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫ق‪ ،‬الية ‪.39‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫النعام الية ‪.52‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫مريم الية ‪.11‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫الطور اليتان ‪.49 ،48‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫الروم اليتان ‪18 ،17‬‬ ‫سورة‬ ‫‪6‬‬

‫غافر الية ‪.60‬‬ ‫سورة‬ ‫‪7‬‬

‫‪10‬‬
‫عا‬‫ض لّر ً‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا َرب ّك ُل ْ‬ ‫ن{‪ 1‬اليممة‪ ،‬وقممال تعممالى‪} :‬ادْ ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫إِ َ‬
‫فللي‬ ‫دوا ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ول ت ُ ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫دي َ‬ ‫عت َل ِ‬
‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫حل ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ة إ ِن ّ ل ُ‬ ‫في َ ل ً‬‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ملل َ‬ ‫َ‬ ‫و ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬‫عا إ ِ ّ‬‫م ً‬ ‫وط َ‬ ‫فا َ‬ ‫خ ْ‬‫عوهُ َ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ح َ‬ ‫صل ِ‬ ‫عد َ إ ِ ْ‬ ‫ض بَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫الْر‬
‫َ‬
‫ن‬‫مل ْ‬ ‫ن{ ‪ ،‬وقممال سممبحانه‪} :‬أ ّ‬ ‫س لِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫مل َ‬‫ب ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫‪2‬‬

‫ء‪ 3{..‬الية‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬ ‫عاهُ َ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫يُ ِ‬


‫وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضي اللممه عنممه قممال‪:‬‬
‫خرج رسول الله صلى اللمه عليمه وسملم ونحمن فممي الصممفة‬
‫فقال‪)) :‬أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلللى بطحللان أو‬
‫إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كومللاوين فللي غيللر‬
‫إثم ول قطع رحم(( فقلنا‪ :‬يا رسول الله نحب ذلك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫))أفل يغللدو أحللدكم إلللى المسللجد فيعلللم أو يقللرأ‬
‫آيتين من كتاب الله عز وجل خيللر للله مللن نللاقتين‪،‬‬
‫وثلث خير له مللن ثلث‪ ،‬وأربللع خيللر للله مللن أربللع‪،‬‬
‫ومن أعدادهن من البل((‪.4‬‬

‫‪ 1‬سورة البقرة الية ‪.186‬‬


‫‪ 2‬سورة العراف‪ ،‬اليتان ‪.56-55‬‬
‫‪ 3‬سورة النمل الية ‪.62‬‬
‫‪ 4‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب فضل قراءة القرآن في‬
‫الصلة برقم ‪.803‬‬

‫‪11‬‬
‫وفي صحيح البخاري عن عثمان رضممي اللممه عنممه عممن النممبي‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬خيركللم مللن تعلللم‬
‫القرآن وعلمه((‪.1‬‬
‫وفي صحيح مسمملم عممن أبممي أمامممة البمماهلي قممال‪ :‬سمممعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬اقرءوا القللرآن‬
‫فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا ً لصحابه((‪.2‬‬
‫وفي صحيح مسلم أيضا ً من حديث النواس بن سمعان رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬سمعت النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم يقممول‪:‬‬
‫))يؤتى بللالقرآن يللوم القيامللة وأهللله الللذين كللانوا‬
‫يعملللون بلله تقللدمه سللورة البقللرة وآل عمللران((‪،‬‬
‫وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثة أمثال ما‬
‫نسممميتهن بعمممد‪ ،‬قمممال‪)) :‬كأنهمللا غمامتللان أو ظلتللان‬
‫ر‬
‫سوداوان بينهما شرق‪ ،‬أو كأنهما حزقان مللن طي ل ٍ‬
‫صواف تحاجان عن صاحبهما((‪.3‬‬
‫وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب خيركم من تعلم القرآن‬


‫وعلمه‪ ،‬برقم ‪.5027‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين باب فضل قراءة القرآن وسورة‬
‫البقرة برقم ‪.804‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب فضل قراءة القرآن وسورة‬
‫البقرة برقم ‪.805‬‬

‫‪12‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬من قللرأ حرف لا ً‬
‫مللن كتللاب الللله فللله بلله حسللنة‪ ،‬والحسللنة بعشللر‬
‫أمثالها ل أقول )أللم( حرف ولكللن )ألللف( حللرف و‬
‫)لم( حللرف و )ميللم( حللرف((‪ 1‬رواه الترمممذي بسممند‬
‫حسن‪.‬‬
‫وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسمملم أحمماديث كممثيرة‬
‫تدل على فضل الذكر والتحميد والتهليممل والتسممبيح والممدعاء‬
‫والستغفار كل وقت وفي طرفي الليل والنهممار‪ ،‬وفممي إدبممار‬
‫الصلوات الخمس بعد السلم‪ ،‬نذكر بعضها‪:‬‬
‫فممممن ذلمممك قممموله صممملى اللمممه عليمممه وسممملم‪)) :‬سلللبق‬
‫المفردون(( قالوا يمما رسممول اللممه‪ :‬مممن المفممردون؟ قممال‪:‬‬
‫))الذاكرون الله كللثيرا ً والللذكرات((‪ 2‬رواه مسمملم فممي‬
‫صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللممه عنممه‪ .‬وقممال صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬أحب الكلم إلى الله أربع ل يضرك‬
‫بأيهن بدأت‪ :‬سبحان الللله‪ ،‬والحمللد لللله‪ ،‬ول إللله إل‬
‫الله‪ ،‬والله أكبر((‪ 3‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه الترمذي في كتاب فضل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء فيمن قرأ حرفا ً من‬
‫القرآن ماله من الجر برقم ‪.2910‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب الحث على‬
‫ذكر الله تعالى برقم ‪.2676‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب الدب‪ ،‬باب كراهة التسمية بالسماء القبيحة وبنافع‬
‫برقم ‪.2137‬‬

‫‪13‬‬
‫وفي صحيح مسلم أيضا ً عن سعد بن أبي وقاص رضممي اللممه‬
‫عنه قال‪ :‬جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسمملم‬
‫فقممال‪ :‬علمنممي كلم ما ً أقمموله‪ ،‬قممال‪)) :‬قل ل إللله إل الللله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬الله أكبر كبيرا ً والحمد لله كثيرا ً‬
‫وسبحان الللله رب العللالمين‪ ،‬ول حللول ول قللوة إل‬
‫بالله العزيز الحكيم(( فقال‪ :‬يا رسول الله إن هؤلء لربي‬
‫فممما لممي؟ قممال‪)) :‬قللل اللهللم اغفللر لللي وارحمنللي‬
‫واهدني وارزقني((‪.1‬‬
‫وقال أيضا ً عليه الصلة والسلم‪)) :‬الباقيللات الصللالحات‪:‬‬
‫سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‬
‫ول حول ول قوة إل بالله((‪ 2‬أخرجه النسممائي‪ ،‬وصممححه‬
‫ابن حبان‪ ،‬والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللممه‬
‫عنه‪.‬‬
‫وقال عليممه الصمملة والسمملم‪)) :‬ما عمللل ابللن آدم عمل ً‬
‫أنجا له من عذاب الله‪ ،‬من ذكر الله((‪ 3‬أخرجه ابن أبي‬
‫شيبة‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب فضل التهليل‬
‫والتسبيح والدعاء برقم ‪.2696‬‬
‫‪ 2‬أخرجه المام أحمد في مسند المكثرين‪ ،‬مسند أبي سعيد الخدري برقم‬
‫‪.11316‬‬
‫‪ 3‬أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج ‪ 2‬ص ‪.166‬‬

‫‪14‬‬
‫والطبراني بإسناد حسن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه‪.‬‬
‫وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬أل أخبركم بخير أعمللالكم وأزكاهللا‬
‫عند مليككم وأرفعها في درجاتكم‪ ،‬وخيللر لكللم مللن‬
‫إنفللاق الللذهب والفضللة‪ ،‬وخيللر لكللم مللن أن تلقللوا‬
‫عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعنللاقكم‪ .‬قممالوا‪:‬‬
‫بلممى يمما رسممول اللممه قممال‪ :‬ذكر الله((‪ 1‬رواه المممام أحمممد‬
‫والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وقال صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬ل يقعد قللوم يلذكرون‬
‫الله عز وجل إل حفتهم الملئكة وغشيتهم الرحمة‬
‫‪2‬‬
‫ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنللده((‬
‫رواه مسلم من حديث أبممي هريممرة وأبمي سمعيد رضمي اللمه‬
‫عنهما‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسمملم‪)) :‬من قللال ل إللله إل الللله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمللد وهللو علللى‬
‫كل شيء قدير عشر‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي كتاب الدعوات‪ ،‬باب منه برقم ‪ 3377‬وابن ماجه في كتاب‬
‫الدب‪ ،‬باب فضل الذكر برقم ‪ 3780‬والمام أحمد في مسند النصار‪ ،‬حديث‬
‫معاذ بن جبل برقم ‪.21065‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب فضل الجتماع على تلوة‬
‫القرآن وعلى الذكر برقم ‪.2700‬‬

‫‪15‬‬
‫مللرات كللان كمللن أعتللق أربعللة أنفللس مللن ولللد‬
‫إسماعيل((‪ 1‬متفق عليه من حديث أبممي أيمموب رضممي اللممه‬
‫عنه‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضممي اللممه عنممه عممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من قال ل إللله إل الللله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمللد وهللو علللى‬
‫كل شيء قدير في يوم مائة مللرة‪ ،‬كللانت للله عللدل‬
‫عشر رقاب‪ ،‬وكتبت للله مللائة حسللنة‪ ،‬ومحيللت عنلله‬
‫مائة سيئة‪ ،‬وكانت له حرزا ً من الشيطان يومه ذلك‬
‫حتى يمسي‪ ،‬ولم يأت أحد بأفضللل ممللا جللاء بلله إل‬
‫رجل عمل أكثر من ذلك‪ ،‬ومللن قللال‪ :‬سللبحان الللله‬
‫وبحمده فللي يللوم مللائة مللرة‪ ،‬حطللت خطايللاه ولللو‬
‫كانت مثل زبد البحر((‪.2‬‬
‫وفي الصحيحين أيضا ً عن رسول الله صلى الله عليمه وسملم‬
‫أنه قال‪)) :‬كلمتان خفيفتللان علللى اللسللان حبيبتللان‬
‫إلى الرحمن‪ ،‬ثقيلتللان فللي الميللزان‪ ،‬سللبحان الللله‬
‫وبحمده‪،‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التهليل برقم ‪ ،5925‬ومسلم‬


‫في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح برقم ‪.2693‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التهليل رقم ‪ 5924‬ومسلم‬
‫في كتاب الذكر والدعاء والتوبة‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم‬
‫‪.2691‬‬

‫‪16‬‬
‫سبحان الله العظيم((‪.1‬‬
‫وخرج الترمذي وغيره بإسممناد حسممن عممن أبممي سممعيد وأبممي‬
‫هريرة رضي الله عنهممما عممن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ما قعد قوم مقعدا ً لللم يللذكروا الللله‬
‫فيه عز وجل ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم إل كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء‬
‫غفر لهم((‪.2‬‬
‫وقالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬كممان النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يذكر الله على كل أحيانه‪ 3‬خرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ما اجتمع قوم فللي بيللت مللن بيللوت‬
‫الله يتلون كتاب الللله ويتدارسللونه بينهللم إل نزلللت‬
‫عليهللم السللكينة‪ ،‬وغشلليتهم الرحمللة‪ ،‬وحفتهللم‬
‫الملئكة‪ ،‬وذكرهم الله في من عنده‪ ،‬ومن بطللأ بلله‬
‫عمله‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التسبيح برقم ‪،6406‬‬


‫ومسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح برقم ‪.2694‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في القوم يجلسون ول‬
‫يذكرون الله‪ ،‬برقم ‪ 3308‬وأبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب كراهية أن يقوم‬
‫الرجل من مجلسه ول يذكر الله برقم ‪.4215‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب الحيض‪ ،‬باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها‬
‫برقم ‪.373‬‬

‫‪17‬‬
‫لم يسرع به نسبه((‪ 1‬خرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي بكر الصديق رضممي‬
‫الله عنه أنه قال‪ :‬يا رسول الله علمنممي دعمماء أدعممو بممه فممي‬
‫صلتي وفي بيتي قال‪)) :‬قل اللهم إني ظلمت نفسللي‬
‫ظلما ً كللثيرا ً ول يغفللر الللذنوب إل أنللت فللاغفر لللي‬
‫مغفللرة مللن عنللدك وارحمنللي إنللك أنللت الغفللور‬
‫الرحيم((‪.2‬‬
‫وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬الدعاء هللو العبللادة((‪ 3‬أخرجممه‬
‫أصحاب السنن الربعة بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪)) :‬اللهم إني أعوذ بك مللن زوال‬
‫نعمتك‪،‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب فضل‬


‫الجتماع على تلوة القرآن وعلى الذكر برقم ‪.2699‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب الدعاء قبل السلم برقم ‪،834‬‬
‫ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب استحباب خفض‬
‫الصوت بالذكر برقم ‪.2705‬‬
‫‪ 3‬أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن‪ ،‬باب ومن سورة البقرة برقم‬
‫‪ 2969‬وأبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب الدعاء برقم ‪ ،1479‬وابن ماجه كتاب‬
‫الدعاء‪ ،‬باب فضل الدعاء برقم ‪.3828‬‬

‫‪18‬‬
‫‪1‬‬
‫وتحول عافيتك‪ ،‬وفجاءة نقمتك‪ ،‬وجميع سللخطك((‬
‫رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وعنه رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم يقول‪)) :‬اللهم إني أعللوذ بللك مللن غلبللة الللدين‬
‫وغلبة العدو وشماتة العداء((‪ 2‬رواه النسممائي وصممححه‬
‫الحاكم‪.‬‬
‫وعن بريدة رضي الله عنه قال‪ :‬سمع النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم رجل ً يقول‪ :‬اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله‬
‫ل إله إل أنت الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له‬
‫كفوا ً أحد‪ ،‬فقال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬لقد‬
‫سأل الللله باسللمه الللذي إذا سللئل بلله أعطللى‪ ،‬وإذا‬
‫دعي به أجاب((‪ 3‬أخرجه الربعة وصححه ابن حبان‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة‪ ،‬باب أكثر أهل الجنة الفقراء‬
‫برقم ‪.2739‬‬
‫‪ 2‬أخرجه النسائي في كتاب الستعاذة‪ ،‬باب الستعاذة من غلبة الدين برقم‬
‫‪.5475‬‬
‫‪ 3‬أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب الدعاء برقم ‪ 1493‬والترمذي في‬
‫كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪ 3475‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب اسم الله العظم برقم‬
‫‪.3857‬‬

‫‪19‬‬
‫صلى الله عليه وسمملم يقممول‪)) :‬اللهم أصلللح لللي دينللي‬
‫الذي هو عصمة أمري‪ ،‬وأصلح لي دنياي التي فيهللا‬
‫معاشللي‪ ،‬وأصلللح لللي آخرتللي الللتي فيهللا معللادي‪،‬‬
‫واجعل الحياة زيادة لي في كل خير‪ ،‬واجعل الموت‬
‫راحة لي من كل شر((‪ 1‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي موسى الشعري رضي الله عنممه قممال‪ :‬كممان النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يدعو‪)) :‬اللهم اغفر لي خطيئتللي‬
‫وجهلي‪ ،‬وإسلرافي فلي أملري وملا أنلت أعللم بله‬
‫مني‪ ،‬اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي‬
‫كل ذلك عندي‪ ،‬اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت‬
‫وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني‪ ،‬أنللت‬
‫‪2‬‬
‫ء قللدير((‬ ‫المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شي ٍ‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم يقممول‪)) :‬اللهللم انفعنللي بمللا علمتنللي‬
‫وعلمني‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب التعوذ من‬
‫شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل برقم ‪.2720‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب قول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت‪ ،‬برقم ‪ 6398‬ومسلم في كتاب الذكر‬
‫والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل‬
‫برقم ‪.2719‬‬

‫‪20‬‬
‫ما ينفعني وارزقنللي علمللاً ينفعنللي((‪ 1‬رواه النسممائي‬
‫والحاكم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنممه قممال‪ :‬سمممعت رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬والله إني لسللتغفر الللله‬
‫وأتوب إليه في اليوم أكثر من سللبعين مللرة((‪ 2‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما قمال‪ :‬كنما نعمد لرسمول اللمه‬
‫صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مممائة مممرة ))رب‬
‫ي إنك أنت التواب الغفللور((‪ 3‬رواه‬ ‫اغفر لي وتب عل ّ‬
‫أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وعن شداد بن أوس رضي اللممه عنممه عممن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬سيد الستغفار أن يقللول العبللد‬
‫اللهم أنت ربي ل إله إل أنللت خلقتنللي وأنللا عبللدك‬
‫وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك مللن‬
‫ي‬‫شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عل ّ‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب العفو والعافية برقم ‪.3599‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب استغفار النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪.6307‬‬
‫‪ 3‬أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب في الستغفار برقم ‪ ،1516‬والترمذي‬
‫في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما يقول إذا قام من المجلس برقم ‪.3434‬‬

‫‪21‬‬
‫وأبوء بللذنبي فللاغفر لللي فللإنه ل يغفللر الللذنوب إل‬
‫أنت((‪ 1‬رواه البخاري في صحيحه‪.‬‬
‫واليات والحاديث في فضل الذكر والدعاء والستغفار كثيرة‬
‫معلومة‪.‬‬
‫وقد رأيت جمع ما يسر الله تعالى مما صح عن النممبي صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم مممن الذكممار والدعيممة المشممروعة عقممب‬
‫الصمملوات الخمممس‪ ،‬وفممي الصممباح والمسمماء‪ ،‬وعنممد النمموم‬
‫واليقظة‪ ،‬وعند دخممول المنممزل والخممروج منممه‪ ،‬وعنممد دخممول‬
‫المسجد والخروج منه‪ ،‬وعند الخروج للسممفر والقفممول منممه‪.‬‬
‫وقد سميتها "تحفة الخيار ببيان جملة نافعة مما ورد‬
‫في الكتاب والسنة الصحيحة من الدعية والذكللار"‬
‫مقتصرا ً على ما صحت به الخبار عن النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم دون؛ غيره لتكون زادا ً للمسلم وعونا ً له بمشيئة اللممه‬
‫تعالى في المناسبات المذكورة مع أحاديث أخرى في فضممل‬
‫الذكر والدعاء‪ ،‬مممع نصمميحتي لكممل مسمملم ٍ ومسمملمة بالعنايممة‬
‫بالذكر والدعاء في جميع الوقات عمل ً بما تقدم مممن اليممات‬
‫والحمماديث فممي ذلممك‪ ،‬واللممه أسممأل أن ينفعنممي بهمما وجميممع‬
‫المسلمين إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمممد‬
‫وآله وصحبه‪.‬‬

‫أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل الستغفار برقم ‪.6306‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -2‬فصل في بيان الذكار المشروعة بعد‬
‫السلم في الصلوات الخمس‬

‫لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسمملم أنممه كممان إذا‬
‫سلم من صلة الفريضة اسممتغفر اللممه ثلث ما ً وقممال‪)) :‬اللهم‬
‫أنللت السلللم ومنللك السلللم تبللاركت يللا ذا الجلل‬
‫والكللرام‪ ،1‬ل إللله إل الللله وحللده ل شللريك للله‪ ،‬للله‬
‫الملك وله الحمد وهو على كل شيء قللدير‪ ،‬اللهللم‬
‫ل مانع لما أعطيت ول معطي لما منعللت ول ينفللع‬
‫ذا الجد منك الجد‪ ،2‬ل حول ول قوة إل بللالله ل إللله‬
‫إل الله ول نعبد إل إياه له النعمة وللله الفضللل وللله‬
‫الثناء الحسن‪ ،‬ل إله إل الله مخلصين له الدين ولللو‬
‫كره الكافرون‪ ،3‬ويسبح الله ثلثا ً وثلثيللن‪ ،‬ويحمللده‬
‫مثل ذلك‪ ،‬ويكبره مثل ذلللك‪ ،‬ويقللول تمللام المللائة‪:‬‬
‫))ل إله إل الله وحده ل شللريك للله‪ ،‬للله الملللك وللله‬
‫الحمد‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلة‪ ،‬باب استحباب الذكر بعد‬
‫الصلة وبيان صفته برقم ‪.591‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب الذكر بعد الصلة برقم ‪ ،844‬ومسلم‬
‫في كتاب المساجد‪ ،‬باب استحباب الذكر بعد الصلة وبيان صفته برقم ‪.593‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب المساجد‪ ،‬باب استحباب الذكر بعد الصلة وبيان‬
‫صفته برقم ‪.594‬‬

‫‪23‬‬
‫وهو على كل شيء قدير((‪ ،1‬ويقرأ آية الكرسممي و"قل‬
‫هو الله أحد" و "قل أعوذ برب الفلق" و "قللل أعللوذ‬
‫برب الناس" بعد كل صلة‪.‬‬
‫ويستحب تكرار هممذه السممور الثلث ثلث مممرات‪ :‬بعممد صمملة‬
‫الفجر‪ ،‬وصلة المغممرب لممورود الحممديث الصممحيح بممذلك عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كما يستحب أن يزيد بعد الممذكر‬
‫المتقدم بعد صلة الفجر وصلة المغرب قممول‪)) :‬ل إللله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وللله الحمللد يحيللي‬
‫ويميت وهو على كللل شلليء قللدير((‪ ،2‬عشممر مممرات؛‬
‫لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإن كان إماممما ً‬
‫انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلث مًا‪ .‬وبعممد‬
‫قوله‪ :‬اللهم أنت السلم ومنك السمملم تبمماركت يمما ذا الجلل‬
‫والكممرام ثممم يممأتي بالذكممار المممذكورة‪ ،‬كممما دل علممى ذلممك‬
‫أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسمملم منهمما حممديث‬
‫عائشة رضي الله عنها في صحيح مسمملم‪ .‬كممل هممذه الذكممار‬
‫سنة وليست فريضة‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب المساجد‪ ،‬باب استحباب الذكر بعد الصلة وبيان‬
‫صفته برقم ‪.593‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أحمد في باقي مسند النصار‪ ،‬حديث أبي أيوب النصاري رضي الله‬
‫عنه برقم ‪.23007‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -3‬فصل في أذكار الصباح والمساء‬

‫عن أبي هريرة رضي الله عنممه عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم قممال‪)) :‬مللن قللال حيللن يصللبح وحيللن يمسللي‬
‫سبحان الله وبحمده مللائة مللرة‪ ،‬للم يلأت أحللد يلوم‬
‫القيامة بأفضل مما جاء به إل أحد قال مثل ما قال‬
‫أو زاد عليه((‪ 1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي الله عنه قممال‪ :‬كممان نممبي اللممه صملى‬
‫الله عليه وسلم إذا أمسى قال‪)) :‬أمسينا وأمسى الملك‬
‫لله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ل إله إل الله وحللده ل شللريك للله‪،‬‬
‫له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قللدير‪ ،‬رب‬
‫أسألك خيللر مللا فللي هللذه الليلللة وخيللر مللا بعللدها‪،‬‬
‫وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها‪،‬‬
‫رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر رب أعللوذ بللك‬
‫من عذاب في النار‪ ،‬وعذاب في القللبر((‪ ،‬وإذا أصممبح‬
‫قممال ذلممك أيضممًا‪)) :‬أصبحنا وأصللبح الملللك لللله((‪ 2‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب فضل التهليل‬
‫والتسبيح والدعاء برقم ‪.2692‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتابا لذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب التعوذ من شر‬
‫ما عمل ومن شر ما لم يعمل برقم ‪.2723‬‬

‫‪25‬‬
‫وعن شداد بن أوس رضي اللممه عنممه عممن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬سيد الستغفار‪ :‬اللهم أنت ربي‪ ،‬ل‬
‫إله إل أنت‪ ،‬خلقتني وأنا عبللدك‪ ،‬وأنللا علللى عهللدك‬
‫ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شللر مللا صللنعت‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وأبوء لك بذنبي‪ ،‬فللاغفر لللي‬ ‫أبوء لك بنعمتك عل ّ‬
‫فإنه ل يغفر الللذنوب إل أنلت((‪ ،‬قممال‪)) :‬ومللن قالهلا‬
‫مللن النهللار موقن لا ً بهللا فمللات مللن يللومه قبللل أن‬
‫يمسي فهو من أهل الجنللة ومللن قالهللا مللن الليللل‬
‫وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو مللن أهللل‬
‫الجنة((‪ 1‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن حبيب قال‪ :‬خرجنا فممي ليلممة مطممر وظلمممة‬
‫شممديدة نطلممب النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم ليصمملي لنمما‬
‫فأدركناه فقال‪)) :‬قل‪ ،‬فلم أقل شلليئًا‪ ،‬ثللم قللال‪ :‬قللل‬
‫فلم أقل شيئًا‪ ،‬ثم قال‪ :‬قل‪ :‬فقلت‪ :‬يا رسول الللله‬
‫ملللا أقلللول؟ قلللال‪ :‬قلللل‪} :‬قلللل هلللو اللللله أحلللد{‬
‫والمعوذتين حين تمسللي وحيللن تصللبح ثلث مللرات‬
‫تكفيللك مللن كللل شلليء((‪ 2‬رواه أبممو داود‪ ،‬والترمممذي‪،‬‬
‫والنسائي بإسناد حسن‪.‬‬

‫‪ 1‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب في انتظار الفرج وغير ذلك برقم‬
‫‪ 3575‬وأبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪.5082‬‬

‫‪26‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم أنه كممان يعلممم أصممحابه يقممول‪)) :‬إذا أصبح أحللدكم‬
‫فليقل‪ :‬اللهم بلك أصلبحنا وبلك أمسلينا وبلك نحيلا‬
‫وبك نموت وإليك النشور‪ ،‬وإذا أمسى فليقل اللهم‬
‫بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليللك‬
‫المصير((‪ 1‬رواه أبو داود والترممذي والنسمائي وابمن ماجمة‪،‬‬
‫وإسناده عند أبي داود وابن ماجة صحيح‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬أن أبمما بكممر الصممديق رضممي‬
‫الله عنممه قممال‪ :‬يمما رسممول اللممه‪ ،‬مرنممي بكلمممات أقممولهن إذا‬
‫أصبحت وإذا أمسيت قال‪ :‬قل‪)) :‬اللهم فاطر السللموات‬
‫والرض‪ ،‬عللالم الغيللب والشللهادة رب كللل شلليء‬
‫ومليكه أشهد أن ل إله إل أنت‪ ،‬أعللوذ بللك مللن شللر‬
‫نفسي وشر الشلليطان وشللركه وأن أقللترف علللى‬
‫نفسي سللوءً أو أجللره إلللى مسلللم‪ ،‬قللال‪ :‬قلهللا إذا‬
‫أصللبحت وإذا أمسلليت وإذا أخللذت مضللجعك((‪ 2‬رواه‬
‫المام‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪،5068‬‬
‫والترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى‬
‫برقم ‪.3391‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪،5067‬‬
‫والترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب منه برقم ‪ 3529‬وأحمد في مسند‬
‫العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه برقم ‪.82‬‬

‫‪27‬‬
‫أحمممد وأبممو داود والترمممذي والنسممائي والبخمماري فممي الدب‬
‫المفرد بإسناد صحيح‪ ،‬وهذا لفظ أحمد والبخاري‪.‬‬
‫وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما من عبللد يقللول فللي صللباح‬
‫كل يوم ومساء كل ليلة‪ :‬بسم الله الذي ل يضر مع‬
‫اسللمه شلليء فللي الرض ول فللي السللماء وهللو‬
‫السميع العليم ثلث مرات لللم يضللره شلليء((‪ 1‬رواه‬
‫المام أحمد والترمذي وابممن ماجممة‪ ،‬وقممال الترمممذي‪ :‬حسممن‬
‫صحيح وهو كما قال رحمه الله‪.‬‬
‫وعن ثوبان خادم النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬أن رسممول‬
‫الله صلى اللممه عليممه وسمملم قممال‪)) :‬ما ملن عبلد مسللم‬
‫يقول حين يصبح وحين يمسي ثلث مللرات رضلليت‬
‫د صلللى الللله عليلله‬‫بالله ربا ً وبالسلم دين لا ً وبمحم ل ٍ‬
‫وسلم نبيا ً إل كان حق لا ً علللى الللله أن يرضلليه يللوم‬
‫القيامة((‪ 2‬رواه المام أحمد وأبو داود وابن ماجة‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا‬
‫أمسى برقم ‪ ،3388‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب ما يدعو به الرجل إذا‬
‫أصبح وإذا أمسى برقم ‪.3869‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا‬
‫أمسى برقم ‪ 3389‬وأبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم‬
‫‪.5072‬‬

‫‪28‬‬
‫بإسناد حسن‪ ،‬وهذا لفظ أحمد‪ ،‬ولكنه لم يسم ثوبان وسممماه‬
‫الترمذي في روايته‪ ،‬وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة‬
‫بلفظ أحمد‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من رضللي بللالله رب لا ً‬
‫وبالسلم دينا ً وبمحمد نبيا ً وجبت له الجنة((‪.1‬‬
‫وروى مسلم في صحيحه أيضا ً عن العباس بن عبد المطلممب‬
‫رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسمملم قممال‪)) :‬ذاق‬
‫طعم اليمان من رضللي بللالله رب لا ً وبالسلللم دين لا ً‬
‫وبمحمد رسول ً((‪.2‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫قال‪)) :‬من قال حيللن يصللبح أو يمسللي‪ :‬اللهللم إنللي‬
‫أصبحت أشللهدك وأشللهد حملللة عرشللك‪ ،‬وملئكتللك‬
‫وجميع خلقك بأنك أنت الله ل إله إل أنت وحللدك ل‬
‫شريك لك‪ ،‬وأن محمدا ً عبللدك ورسللولك أعتللق الللله‬
‫ربعه من النار‪ ،‬ومن قالها مرتين أعتق الله‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب المارة‪ ،‬باب بيان ما أعده الله للمجاهد في الجنة‬
‫برقم ‪.1884‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب الدليل على أن من رضي بالله ربا ً‬
‫ل" فهو مؤمن وإن ارتكب‬ ‫وبالسلم دينا ً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسو ً‬
‫المعاصي الكبائر برقم ‪.34‬‬

‫‪29‬‬
‫نصفه من النار‪ ،‬ومن قالهللا ثلث لا ً أعتللق الللله ثلثللة‬
‫أرباعه من النار‪ ،‬فإن قالها أربع لا ً أعتقلله الللله مللن‬
‫النار((‪ 1‬رواه أبو داود بإسناد حسن‪ ،‬وأخرجممه النسممائي فممي‬
‫عمل اليوم والليلة بسند حسن‪ ،‬ولفظه‪)) :‬مللن قللال حيللن‬
‫يصلبح‪ :‬اللهلم إنلي أشللهدك وأشلهد حملللة عرشلك‬
‫وملئكتك وجميع خلقك أنك أنت الله ل إله إل أنللت‬
‫وحدك ل شللريك لللك‪ ،‬وأن محمللدا ً عبللدك ورسللولك‬
‫أعتق الله ربعه ذلك اليوم من النار‪ ،‬فإن قالها أربع‬
‫مرات أعتقه الله ذلك اليوم من النار((‪.2‬‬
‫وعن عبد الله بن غنام رضي الله عنه أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال‪)) :‬من قال حين يصبح‪ :‬اللهللم مللا‬
‫أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحللدك‬
‫ل شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شللكر‬
‫يومه‪ ،‬ومن قال ذللك حيلن يمسلي فقللد أدى شلكر‬
‫ليلته((‪ 3‬رواه أبممو داود والنسممائي فممي عمممل اليمموم والليلممة‬
‫بإسناد ٍ حسن‪ ،‬وهذا لفظه لكنه لممم يممذكر ))حين يمسللي((‬
‫وأخرجه ابممن حبممان بلفممظ النسممائي مممن حممديث ابممن عبمماس‬
‫رضي الله عنهما‪.‬‬

‫أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪.5069‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه النسائي في كتاب عمل اليوم والليلة‪ ،‬ج ‪.138 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪.5073‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪30‬‬
‫وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‪) :‬لم يكللن النللبي‬
‫صلى الله عليلله وسلللم يللدع هللؤلء الللدعوات حيللن‬
‫يمسي وحين يصبح‪ :‬اللهم إني أسألك العافية فللي‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬اللهم إنللي أسللألك العفللو والعافيللة‬
‫فللي دينللي ودنيللاي وأهلللي ومللالي‪ ،‬اللهللم اسللتر‬
‫عوراتي وآمن روعللاتي‪ ،‬اللهللم احفظنللي مللن بيللن‬
‫يدي ومن خلفي وعللن يمينللي وعللن شللمالي ومللن‬
‫فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحللتي(‪ 1‬خرجممه‬
‫المام أحمد فممي المسممند‪ ،‬وأبممو داود والنسممائي وابممن ماجممة‬
‫وصححه الحاكم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللممه صمملى‬
‫اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬من قال ل إللله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شلليء‬
‫قدير‪ ،‬من قالها عشر مرات حين يصبح كتب الله له‬
‫مائة حسنة‪ ،‬ومحا عنه مائة سيئة‪ ،‬وكللانت للله عللدل‬
‫رقبة‪ ،‬وحفظ بها يومئذ حللتى يمسللي‪ ،‬ومللن قالهللا‬
‫مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك((‪ 2‬رواه‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪ ،5074‬وأحمد‬
‫في مسند المكثرين من الصحابة‪ ،‬مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي‬
‫الله عنهما برقم ‪.4770‬‬
‫‪ 2‬أخرجه المام أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬حديث أبي هريرة برقم‬
‫‪.8502‬‬

‫‪31‬‬
‫المام أحمد في مسنده بإسنادٍ حسن‪.‬‬
‫وعنه رضي الله عنه أيضا ً قال‪ :‬قممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم‪)) :‬مللن قللال إذا أمسللى ثلث مللرات‪ :‬أعللوذ‬
‫بكلمات الله التامللات مللن شللر مللا خلللق لللم تضللره‬
‫حلمة تلك الليلة((‪ 1‬رواه المممام أحمممد والترمممذي بإسممنادٍ‬
‫حسممن‪ .‬والحمممة‪ :‬سممم ذوات السممموم كممالعقرب والحيممة‬
‫ونحوهما‪.‬‬
‫وأخرج مسلم في صحيحه عن خولة بنممت حكيممم رضممي اللممه‬
‫عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قممال‪)) :‬مللن نللزل‬
‫منزل ً فقال‪ :‬أعوذ بكلمات الله التامات من شللر مللا‬
‫خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك((‪.2‬‬
‫وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيممه رضممي اللممه‬
‫عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصممبح وإذا‬
‫أمسى‪)) :‬أصبحنا على فطرة السلللم‪ ،‬وعلللى كلمللة‬
‫الخلص‪ ،‬وعلى دين نبينللا محمللد صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا ً‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب الستعاذة برقم ‪ ،3966‬والمام‬


‫أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند أبي هريرة برقم ‪.7838‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب التعوذ من‬
‫سوء القضاء برقم ‪.2708‬‬

‫‪32‬‬
‫مسلماً وما كان من المشركين((‪ 1‬خرجممه المممام أحمممد‬
‫في مسنده بإسنادٍ صحيح‪.‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن أبي بكممر أنممه قممال لبيممه‪ :‬يمما أبممت إنممي‬
‫أسمعك تدعو كل غداة )اللهم عافني في بدني اللهللم‬
‫عافني في سمعي اللهم عافني في بصللري ل إللله‬
‫إل أنت( تعيدها ثلثا ً حين تصبح وثلثا ً حين تمسممي‪ ،‬وتقممول‪:‬‬
‫)اللهم إني أعوذ بك من الكفلر والفقللر وأعلوذ بلك‬
‫من عذاب القبر ل إله إل أنللت‪ ،‬تعيللدها حيللن تصللبح‬
‫ثلث لا ً وحيللن تمسللي ثلث لا ً قللال‪ :‬نعللم يللا بنللي إنللي‬
‫سمعت النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم يللدعو بهللن‬
‫فأحب أن أستن بسنته(‪ 2‬رواه المام أحمد والبخاري في‬
‫الدب المفرد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن‪.‬‬
‫ويشرع لكل مسلم ومسلمة أن يقول في صممباح كممل يمموم ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على‬

‫‪ 1‬أخرجه أحمد في مسند المكيين‪ ،‬حديث عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي‬


‫برقم ‪.14935‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪ ،5090‬وأحمد‬
‫في أول مسند البصريين‪ ،‬حديث أبي بكرة برقم ‪.19917‬‬

‫‪33‬‬
‫كل شيء قدير مائة مرة حتى يكون في حرز مممن الشمميطان‬
‫يومه ذلك حتى يمسي؛ لما تقدم في الصحيحين مممن حممديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫أنه قال‪)) :‬من قال‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪،‬‬
‫له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قللدير فللي‬
‫يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب‪ ،‬وكتبت للله‬
‫مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة‪ ،‬وكانت له حرزا ً‬
‫من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يللأت أحللد‬
‫بأفضل مما جاء بلله إل رجللل عمللل أكللثر مللن ذلللك‪،‬‬
‫ومن قال سبحان الله وبحمده في يللوم مللائة مللرة‬
‫حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر((‪.1‬‬

‫سبق تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -4‬فصل فيما يقال عند دخول المنزل‬

‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪ :‬سمممعت رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬إذا دخل الرجللل بيتلله‬
‫فذكر الله تعللالى عنللد دخللوله‪ ،‬وعنللد طعللامه‪ ،‬قللال‬
‫الشيطان‪ :‬ل مبيت لكم ول عشللاء‪ ،‬وإذا دخللل فلللم‬
‫يذكر الله تعالى عند دخوله‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬أدركتم‬
‫المبيت‪ ،‬وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعللامه قللال‪:‬‬
‫أدركتم المبيت والعشاء((‪ 1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي مالك الشعري رضي الله عنممه قممال‪ :‬قممال رسممول‬
‫اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬إذا ولللج الرجللل بيتلله‬
‫فليقللل‪ :‬اللهللم إنللي أسللألك خيللر المولللج‪ ،‬وخيللر‬
‫المخرج‪ ،‬بسم الله ولجنا‪ ،‬وبسم الله خرجنا‪ ،‬وعلللى‬
‫الله ربنا توكلنا‪ ،‬ثم ليسلم علللى أهللله((‪ 2‬خرجممه أبممو‬
‫داود بإسناد حسن‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه مسلم في كتاب الشربة‪ ،‬باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما برقم‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ 2‬رواه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول الرجل إذا دخل بيته برقم‬
‫‪.5096‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -5‬فصل فيما يقال عند الخروج من المنزل‬
‫إلى المسجد أو غيره‬

‫عن أنس بن مالك رضممي اللممه عنممه قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسمملم‪)) :‬من قللال إذا خللرج مللن بيتلله‪:‬‬
‫بسم الله‪ ،‬تللوكلت علللى الللله‪ ،‬ل حللول ول قللوة إل‬
‫بللالله‪ ،‬يقللال للله حينئذ‪ :‬كفيللت ووقيللت وهللديت‪،‬‬
‫وتنحى عنه الشيطان‪ ،‬فيقول لشيطان آخللر‪ :‬كيللف‬
‫لك برجللل قللد هللدي وكفللي ووقللي((‪ 1‬رواه أبممو داود‬
‫والنسائي بإسناد حسن‪.‬‬
‫وقالت أم سلمة رضي الله عنها‪ :‬ما خرج رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم من بيممتي قممط إل رفممع طرفممه إلممى السممماء‬
‫ضللل‪ ،‬أو‬ ‫ضللل أو أ ُ َ‬ ‫َ‬
‫وقممال‪)) :‬اللهم إنللي أعللوذ بلك أن أ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أَ‬
‫هللل‬ ‫زل أو أَزل‪ ،‬أو أظِلم أو أظل َللم‪ ،‬أو أجهللل أو ُيج َ‬ ‫ِ‬
‫ي((‪ 2‬رواه المام أحمد وأبو داود‬
‫عل ّ‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته‬
‫برقم ‪ ،3429‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب ما يدعو به الرجل إذا خرج‬
‫من بيته برقم ‪.3886‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم‬
‫‪ ،5094‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته‬
‫برقم ‪ ،3884‬والمام أحمد في باقي مسند النصار‪ ،‬حديث أم سلمة زوج‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم برقم ‪.26076‬‬

‫‪36‬‬
‫والترمذي وابن ماجة‪ ،‬وهذا لفظ أبي داود وإسناده صحيح‪.‬‬

‫‪ -6‬فصل فيما يشرع عند دخول المسجد‬


‫والخروج منه‬

‫عن أبممي حميممد أو أبممي أسمميد رضممي اللممه عنهممما قممال‪ :‬قممال‬
‫رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬إذا دخل أحدكم‬
‫المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلللم‬
‫وليقل‪ :‬اللهم افتللح لللي أبللواب رحمتللك‪ ،‬وإذا خللرج‬
‫فليقل‪ :‬اللهم إني أسألك من فضلللك((‪ 1‬رواه مسمملم‬
‫وأبو داود‪ ،‬واللفظ لبي داود‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بممن العمماص رضممي اللممه عنهممما عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسممجد قممال‪:‬‬
‫))أعللوذ بللالله العظيللم وبللوجهه الكريللم‪ ،‬وسلللطانه‬
‫القديم‪ ،‬من الشيطان الرجيم قال‪ :‬فإذا قللال ذلللك‬
‫قال الشيطان حفظ مني سللائر اليللوم((‪ 2‬خرجممه أبممو‬
‫داود بإسناد حسن‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب ما يقول إذا دخل‬
‫المسجد برقم ‪ ،713‬وأبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب فيما يقوله الرجل عند‬
‫دخول المسجد برقم ‪.465‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب فيما يقول الرجل عند دخوله المسجد‬
‫برقم ‪.466‬‬

‫‪37‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي اللممه عنممه أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال‪)) :‬إذا دخل أحدكم المسجد فليسلللم علللى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وليقل‪ :‬اللهم افتح لي‬
‫أبواب رحمتك‪ ،‬وإذا خرج فليسلم على النبي صلللى‬
‫الللله عليلله وسلللم وليقللل‪ :‬اللهللم اعصللمني مللن‬
‫الشيطان الرجيم((‪ 1‬أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح‪.‬‬

‫‪ -7‬فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند‬


‫النوم واليقظة‬

‫عن حذيفة رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضممع يممده تحممت خممده‬
‫ثم يقول‪)) :‬اللهم باسمك أموت وأحيللا((‪ ،‬وإذا اسممتيقظ‬
‫قممال‪)) :‬الحمد لللله الللذي أحيانللا بعللدما أماتنللا وإليلله‬
‫النشور((‪ 2‬رواه البخاري‪ .‬وأخرج عن أبي ذر رضي الله عنه‬
‫مثله‪ .‬وأخرج مسلم‬

‫‪ 1‬أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات‪ ،‬باب الدعاء عند دخول‬
‫المسجد برقم ‪.773‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب وضع اليد اليمنى تحت الخد اليمن‬
‫برقم ‪.6312‬‬

‫‪38‬‬
‫عن الممبراء بممن عممازب رضممي اللممه عنممه مثممل حممديث حذيفممة‬
‫المذكور‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫ة جمللع كفيلله ثللم‬ ‫)كان إذا أوى إلى فراشه كللل ليلل ٍ‬
‫قل ْ‬
‫ل‬ ‫د{‪ُ } ،‬‬ ‫هو الل ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫نفث فيهما فقرأ فيهما } ُ‬
‫حل ٌ‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬
‫س{ ‪ ،‬ثللم‬ ‫ب الن ّللا ِ‬ ‫عللوذُ ب ِلَر ّ‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫ق{ ‪ُ }،‬‬
‫ق ْ‬ ‫ب ال ْ َ َ‬
‫فل ِ‬ ‫عوذُ ب َِر ّ‬‫أَ ُ‬
‫يمسح بهما ما استطاع من جسده يبللدأ بهمللا علللى‬
‫رأسه ووجهه‪ ،‬وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلث‬
‫مرات((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫ت يحثممو مممن‬ ‫وعن أبي هريممرة رضممي اللممه عنممه‪) :‬أنممه أتمماه آ ٍ‬
‫الصدقة وكان قد جعله النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم عليهمما‬
‫ة بعد ليلة‪ ،‬فلما كان في الليلة الثالثة قممال‪ :‬لرفعنممك إلممى‬ ‫ليل ً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬دعني أعلمك كلمممات‬
‫ينفعك الله بها قلت ما هممي؟ فقممال‪ :‬إذا أويممت إلممى فراشممك‬
‫م{‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫قي ّللو ُ‬ ‫حل ّ‬ ‫و ال ْ َ‬‫هل َ‬‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫فاقرأ آية الكرسي }الل ّ ُ‬
‫حممتى تختممم اليممة‪ .‬فممإنه ل يممزال عليممك مممن اللممه حممافظ ول‬
‫يقربنك شيطان حممتى تصممبح( فقممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم ))صللدقك وهللو كللذوب ذاك شلليطان((‪ 2‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب فضل المعوذات برقم ‪.5018‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب فضل سورة البقرة برقم‬
‫‪.5010‬‬

‫‪39‬‬
‫وعن أبي مسعود النصاري رضي الله عنه عممن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال‪)) :‬من قرأ اليتين من آخر سللورة‬
‫البقرة في ليلة كفتاه((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬إذا أتيللت مضللجعك فتوضللأ‬
‫وضللوءك للصلللة ثللم اضللطجع علللى شللقك اليمللن‬
‫وقل‪ :‬اللهم أسلمت نفسللي إليللك ووجهللت وجهللي‬
‫إليك‪ ،‬وفوضت أمري إليللك‪ ،‬وألجللأت ظهللري إليللك‪،‬‬
‫ة إليك‪ ،‬ل ملجللأ ول منجللا منللك إل إليللك‪،‬‬ ‫ة ورهب ً‬
‫رغب ً‬
‫آمنت بكتابك الذي أنزلت‪ ،‬ونبيك الذي أرسلت‪ ،‬فإن‬
‫مت من ليلتك مت على الفطرة واجعلهللن آخللر مللا‬
‫تقللول((‪ 2‬متفممق عليممه‪ ،‬وفممي روايممة لمسمملم ٍ رحمممه اللممه‬
‫))واجعلهن من آخر كلمك((‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب فضل سورة البقرة برقم‬
‫‪ ،5010‬ومسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب فضل الفاتحة‬
‫وخواتيم سورة البقرة برقم ‪.807‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الوضوء‪ ،‬باب فضل من بات على الضوء‪ ،‬برقم‬
‫‪ 247‬ومسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع‬
‫برقم ‪.2710‬‬

‫‪40‬‬
‫أنمممه كمممان يقمممول إذا أوى إلمممى فراشمممه‪)) :‬اللهلللم رب‬
‫السموات‪ ،‬ورب الرض ورب العرش العظيللم‪ ،‬ربنللا‬
‫ورب كل شيء‪ ،‬فالق الحب والنوى‪ ،‬ومنزل التوراة‬
‫ء‬
‫والنجيل والفرقان‪ ،‬أعوذ بللك مللن شللر كللل شللي ٍ‬
‫أنت آخذ بناصلليته‪ ،‬اللهللم أنللت الول فليللس قبلللك‬
‫شلليء‪ ،‬وأنللت الخللر فليللس بعللدك شلليء‪ ،‬وأنللت‬
‫الظاهر فليس فوقك شيء‪ ،‬وأنللت البللاطن فليللس‬
‫‪1‬‬
‫دونك شيء‪ ،‬اقض عنا الللدين وأغننللا مللن الفقللر((‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده‬
‫اليمممن ثممم يقممول‪)) :‬اللهللم قنللي عللذابك يللوم تبعللث‬
‫عبادك((‪ ،2‬ثلث مرات‪ .‬رواه المام أحممد وأبممو داود بإسمناد‬
‫حسن‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه أن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫كان إذا أوى إلى فراشه قال‪)) :‬الحمد لله الذي أطعمنللا‬
‫وسقانا‪ ،‬وكفانا‪ ،‬وآوانا‪ ،‬فكم ممن ل كافي للله‪ ،‬ول‬
‫مؤوي((‪ 3‬خرجه مسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب ما يقول عند النوم وأخذ‬
‫المضجع برقم ‪.2713‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أحمد في مسند المكثرين‪ ،‬مسند عبد الله بن مسعود برقم ‪،3786‬‬
‫وأبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقال عند النوم برقم ‪.5045‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب ما يقال عند النوم وأخذ المضجع برقم‬
‫‪.2715‬‬

‫‪41‬‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أمر رجلً إذا أخذ مضجعه‬
‫أن يقول‪)) :‬اللهم خلقت نفسي وأنللت تتوفاهللا‪ ،‬لللك‬
‫مماتها ومحياها‪ ،‬إن أحييتهلا فاحفظهلا‪ ،‬وإن أمتهلا‬
‫فاغفر لها‪ ،‬اللهم إنللي أسللألك العافيللة((‪ ،1‬قممال ابممن‬
‫عمر سمعته من رسول الله صملى اللمه عليمه وسمملم خرجمه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنممه أن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬إذا أوى أحدكم إلى فراشه‪ ،‬فليأخذ‬
‫م الله فللإنه‬ ‫داخلة إزاره فلينفض بها فراشه‪ ،‬وليس ّ‬
‫ل يعلم ما خلفلله بعللده علللى فراشلله‪ ،‬فللإذا أراد أن‬
‫يضللطجع فليضللطجع علللى شللقه اليمللن وليقللل‪:‬‬
‫سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنللبي‪ ،‬وبللك أرفعلله‬
‫إن أمسللللكت نفسللللي فارحمهللللا‪ ،‬وإن أرسلللللتها‬
‫فاحفظها بما تحفظ بلله عبللادك الصللالحين((‪ 2‬متفممق‬
‫عليه واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫وعن علي رضي الله عنه أن فاطمممة رضممي اللممه عنهمما أتممت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما ً فلم تجده‪ ،‬ووجدت‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب ما يقال عند النوم وأخذ‬
‫المضجع برقم ‪.2712‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب السؤال بأسماء الله تعالى‬
‫والستعاذة بها برقم ‪ ،7393‬ومسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب ما يقال‬
‫عند النوم وأخذ المضجع برقم ‪.2714‬‬

‫‪42‬‬
‫ي‪) :‬فجاءنمما النممبي‬
‫عائشة رضي الله عنها فأخبرتها‪ ،‬قممال عل م ّ‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم وقممد أخممذنا مضمماجعنا فقممال‪)) :‬أل‬
‫أدلكما على ما هو خير لكمللا مللن خللادم؟ إذا أويتملا‬
‫إلى فراشللكما فسلّبحا ثلثلا ً وثلثيللن واحمللدا ثلثلا ً‬
‫وثلثين وكبرا أربعلا ً وثلثيللن‪ ،‬فللإنه خيللر لكمللا مللن‬
‫ي‪) :‬فما تركتهن منذ سمعتهن مممن رسممول‬ ‫خادم(( ‪ ،‬قال عل ّ‬
‫‪1‬‬

‫الله صلى الله عليه وسلم( متفق عليه‪.‬‬


‫وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬من تعاّر من الليل فقال‪ :‬ل إللله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملللك وللله الحمللد وهللو‬
‫على كل شيء قدير‪ ،‬الحمد لله وسللبحان الللله‪ ،‬ول‬
‫إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬ول حول ول قللوة إل بللالله‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬اللهم اغفر لي‪ ،‬أو دعا استجيب للله‪ ،‬فللإن‬
‫توضأ وصلى قبلت صلته((‪ 2‬رواه البخاري ومعنى قوله‪:‬‬
‫" من تعار " أي استيقظ‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب التكبير والتسبيح عند المنام برقم‬
‫‪ ،6318‬ومسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب التسبيح أول النهار وعند النوم‬
‫برقم ‪.2728‬‬
‫ّ‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الجمعة‪ ،‬باب فضل من تعار من الليل فصلى برقم‬
‫‪.1154‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -8‬فصل في الذكار والدعية المشروعة في‬
‫ابتداء الشراب والكل والفراغ منهما‬
‫عن عمر ابن أبمي سملمة رضممي اللمه عنهمما قمال‪ :‬قممال لمي‬
‫رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬يا غلم سللم الللله‬
‫ل مما يليك((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ل بيمينك وك ُ ْ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قممال رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أكل أحللدكم فليللذكر اسللم الللله‬
‫تعالى في أوله‪ .‬فإن نسي أن يذكر الله تعالى فللي‬
‫أوله فليقل‪ :‬بسم الله أوللله وآخللره((‪ 2‬رواه أبممو داود‬
‫والنسائي والترمذي وقال‪ :‬حسن صممحيح‪ .‬وصممححه الحمماكم‪،‬‬
‫وأقره الذهبي‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل أكلة‬
‫فيحمده‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الطعمة باب التسمية على الطعام والكل باليمين‬
‫برقم ‪ 5376‬ومسلم في كتاب الشربة‪ ،‬باب آدم الطعام والشراب وأحكامهما‬
‫برقم ‪.2202‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الطعمة‪ ،‬باب التسمية على الطعام برقم ‪،3767‬‬
‫والترمذي في كتاب الطعمة‪ ،‬باب ما جاء في التسمية على الطعام برقم‬
‫‪.1858‬‬

‫‪44‬‬
‫عليهللا أو يشللرب الشللربة فيحمللده عليهللا((‪ 1‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وعن معاذ بن أنس رضي اللممه عنممه قممال‪ :‬قممال رسممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من أكل طعاما ً فقللال‪ :‬الحمللد‬
‫لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حللول منللي‬
‫ول قوة غفر له مللا تقللدم مللن ذنبلله((‪ 2‬رواه أبممو داود‬
‫والترمذي وابن ماجة بإسناد حسن‪.‬‬
‫وعن أبي أمامة رضمي اللمه عنممه أن النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم كان إذا فرغ من طعممامه قممال‪)) :‬الحمد لللله حمللدا ً‬
‫كثيرا ً طيب لا ً مبارك لا ً فيلله غيللر مكفللي ول مللودع ول‬
‫مستغنى عنه ربنا((‪ 3‬رواه البخاري في صحيحه‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب استحباب حمد الله تعالى بعد‬
‫الكل والشرب برقم ‪.2734‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب اللباس برقم ‪ ،4023‬والترمذي في كتاب‬
‫الدعوات‪ ،‬ما يقول إذا فرغ من الطعام برقم ‪ ،3258‬وابن ماجه في كتاب‬
‫الطعمة‪ ،‬باب ما يقال إذا فرغ من الطعام برقم ‪.3258‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب الطعمة‪ ،‬باب ما يقول إذا فرغ من طعامه برقم‬
‫‪.5458‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -9‬فصل فيما يشرع من الذكار والدعاء عند‬
‫رؤية البلدة أو القفول منها‬

‫عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫لم ير قرية يريد دخولهمما إل قممال حيممن يراهمما‪)) :‬اللهم رب‬
‫السموات السبع وما أظللن‪ ،‬ورب الرضللين السللبع‬
‫ومللا أقللللن‪ ،‬ورب الشللياطين ومللا أضللللن‪ ،‬ورب‬
‫الرياح وما ذريللن‪ ،‬أسللألك خيللر هللذه القريللة وخيللر‬
‫أهلها وخير ما فيهللا‪ ،‬وأعللوذ بللك مللن شللرها وشللر‬
‫أهلها وشر ما فيها((‪ 1‬رواه النسائي بإسناد حسن‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬أقبلنمما مممع النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم حتى إذ كنا بظهر المدينة قال‪)) :‬آيبون تائبون‬
‫عابدون لربنا حامللدون((‪ ،2‬فلممم يممزل يقممول ذلممك حممتى‬
‫قدمنا المدينة رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه النسائي في السنن الكبرى ج ‪ 5‬ص ‪ 256‬برقم ‪.8827‬‬


‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الحج‪ ،‬باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره‬
‫برقم ‪.1345‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -10‬فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند‬
‫الذان وبعده‬

‫عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قال‪)) :‬إذا سمعتم النداء فقولللوا مثللل‬
‫ما يقول المؤذن((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسممول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم قممال‪)) :‬من قللال حيللن يسللمع النللداء‪:‬‬
‫اللهم رب هذه الدعوة التامة‪ ،‬والصلة القائمللة‪ ،‬آت‬
‫محمدا ً الوسيلة‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬وابعثلله مقام لا ً محمللودا ً‬
‫الذي وعدته‪ ،‬جلت له شفاعتي يوم القيامللة((‪ 2‬رواه‬
‫البخمماري‪ ،‬وزاد الممبيهقي فممي آخممره بإسممناد حسممن ))إنك ل‬
‫تخلف الميعاد((‪.3‬‬
‫وعن سعد بن أبي وقاص رضممي اللمه عنممه عممن رسممول اللمه‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم قممال‪)) :‬من قللال حيللن يسللمع‬
‫المؤذن‪ :‬أشهد أن ل إله‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب ما يقول إذا سمع المنادي برقم ‪،611‬‬
‫ومسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب استحباب القول‪ ،‬مثل قول المؤذن لمن سمعه‬
‫برقم ‪.383‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب الدعاء عند النداء برقم ‪.614‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج ‪ 1‬ص ‪ 410‬برقم ‪ 410‬برقم ‪.1790‬‬

‫‪47‬‬
‫إل اللللله وحلللده ل شلللريك لللله وأن محملللدا ً عبلللده‬
‫ورسلللوله‪ ،‬رضللليت بلللالله ربلللًا‪ ،‬وبمحملللد رسلللو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وبالسلم دينًا‪ ،‬غفر له ذنبه((‪ 1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا قال المؤذن‪ :‬الله أكبر الله‬
‫أكبر‪ ،‬فقال أحدكم‪ :‬الله أكبر الللله أكللبر‪ ،‬ثللم قللال‪:‬‬
‫أشهد أن ل إللله إل الللله‪ ،‬قللال‪ :‬أشللهد أن ل إللله إل‬
‫الله‪ ،‬ثم قال‪ :‬أشللهد أن محمللدا ً رسللول الللله قللال‪:‬‬
‫ي عللى‬ ‫أشهد أن محمدا ً رسلول اللله‪ ،‬ثلم قلال‪ :‬حل ّ‬
‫ي‬
‫الصلة قال‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬ثم قال‪ :‬ح ّ‬
‫علللى الفلح قللال‪ :‬ل حللول ول قللوة إل بللالله‪ ،‬ثللم‬
‫قال‪ :‬الله أكبر الله أكبر قال‪ :‬الله أكللبر الللله أكللبر‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬قال‪ :‬ل إله إل الله من قلبه‬
‫دخل الجنة((‪ 2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬إذا سلمعتم الملؤذن‬
‫ي فإنه من صّلى‬ ‫فقولوا مثل ما يقول‪ ،‬ثم صلوا عل ّ‬
‫ي صلةً صلى الله عليه‬ ‫عل ّ‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن‬
‫سمعه برقم ‪.386‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب استحباب ا لقول مثل قول المؤذن‬
‫لمن سمعه برقم ‪.385‬‬

‫‪48‬‬
‫بها عشرًا‪ ،‬ثم سلوا الله لي الوسلليلة فإنهللا منزلللة‬
‫د من عباد الله‪ ،‬وأرجو أن‬ ‫في الجنة ل تنبغي إل لعب ٍ‬
‫أكون أنا هو‪ ،‬فمن سأل الله لي الوسلليلة حلللت للله‬
‫الشفاعة((‪ 1‬رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬

‫‪ -11‬فصل في مشروعية السلم بدءا ً وإجابة‬


‫وتشميت العاطس إذا حمد الله وعيادة‬
‫المريض‬

‫عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللممه عنهممما أن رجل‬


‫سأل النبي صلى اللممه عليممه وسمملم أي السمملم خيممر؟ قممال‪:‬‬
‫))تطعم الطعللام‪ ،‬وتقللرأ السلللم علللى مللن عرفللت‬
‫ومن لم تعرف((‪ 2‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللممه صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬ل تدخلون الجنة حللتى تؤمنللوا‪ ،‬ول‬
‫ء إذا‬‫ول أدلكللم علللى شللي ٍ‬ ‫َ‬
‫تؤمنللوا حللتى تحللابوا‪ ،‬أ َ‬
‫فعلتموه تحاببتم؟‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة باب استحباب القول مثل قول المؤذن برقم‬
‫‪.384‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب اليمان‪ ،‬باب إطعام الطعام من السلم برقم ‪،12‬‬
‫ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان تفاضل السلم‪ .‬وأي أموره أفضل برقم‬
‫‪.39‬‬

‫‪49‬‬
‫أفشوا السلم بينكم((‪ 1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي اللممه عنممه أن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم قممال‪)) :‬خمس تجللب للمسلللم علللى أخيلله‪ :‬رد‬
‫السلم‪ ،‬وتشميت العاطس‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وعيادة‬
‫المريض‪ ،‬واتباع الجنائز((‪ 2‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعنه رضي الله عنه عن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أنممه‬
‫قال‪)) :‬حق المسلللم علللى المسلللم سللت‪ :‬إذا لقيتلله‬
‫فسلللم عليلله‪ ،‬وإذا دعللاك فللأجبه‪ ،‬وإذا استنصللحك‬
‫فانصحه‪ ،‬وإذا عطس فحمد الله فشمته‪ ،‬وإذا مرض‬
‫فعده‪ ،‬وإذا مات فاتبعه((‪ 3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم قال‪)) :‬إن الله يحب العطاس ويكللره التثللاؤب‪،‬‬
‫فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم ٍ‬
‫سمعه أن يشمته‪ .‬وأما‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان أنه ل يدخل الجنة إل المؤمنون‬
‫برقم ‪.54‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الجنائز‪ ،‬باب المر باتباع الجنائز‪ ،‬برقم ‪،1240‬‬
‫ومسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب حق المسلم على المسلم رد السلم برقم‬
‫‪.2162‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب من حق المسلم على المسلم رد‬
‫السلم برقم ‪.2162‬‬

‫‪50‬‬
‫التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع‪،‬‬
‫فإذا قال‪ :‬هاء‪ ،‬ضحك منه الشيطان((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعنه أيضا ً أن النبي صلى الله عليه وسلم قممال‪)) :‬التثللاؤب‬
‫مللن الشلليطان فللإذا تثللاءب أحللدكم فليكظللم مللا‬
‫استطاع((‪ 2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬إذا تثاءب أحللدكم فليمسللك‬
‫بيده على فيه فإن الشيطان يدخل((‪ 3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أبممي هريممرة رضممي اللممه عنممه أنممه قممال‪)) :‬إذا عطس‬
‫أحللدكم فليقللل‪ :‬الحمللد لللله‪ ،‬وليقللل للله أخللوه أو‬
‫صللاحبه‪ :‬يرحمللك الللله‪ ،‬فللإذا قللال للله يرحمللك الللله‬
‫فليقل‪ :‬يهديكم الله ويصلح بالكم((‪ 4‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يستحب من العطاس وما يكره من‬
‫التثاؤب برقم ‪.6223‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب تشميت العاطس وكراهية‬
‫التثاؤب برقم ‪.2994‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب تشميت العاطس وكراهة‬
‫التثاؤب برقم ‪.2995‬‬
‫‪ 4‬أخرجه البخاري في كتاب الدب‪ ،‬باب إذا عطس كيف يشمت برقم ‪.6224‬‬

‫‪51‬‬
‫وقال أبو موسى الشعري رضممي اللممه عنممه سمممعت رسممول‬
‫الله صلى اللممه عليممه وسمملم يقممول‪)) :‬إذا عطس أحللدكم‬
‫فحمللد الللله فشللمتوه فللإن لللم يحمللد الللله فل‬
‫تشمتوه((‪ 1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ -11‬فصل ولنختم هذه الرسالة بما ورد في‬


‫النصيحة لمسيس الحاجة إلى ذلك‬

‫عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قممال‪)) :‬اللدين النصليحة‪ ،‬قيلل‬
‫لمن يا رسول الله؟ قال‪ :‬لللله‪ ،‬ولكتللابه‪ ،‬ولرسللوله‪،‬‬
‫ولئمللة المسلللمين‪ ،‬وعللامتهم((‪ 2‬رواه مسممملم فمممي‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫وعممن جريممر بممن عبممد اللممه البجلممي رضممي اللممه عنممه قممال‪:‬‬
‫))بايعت رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم علللى‬
‫‪3‬‬
‫إقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والنصللح لكللل مسلللم((‬
‫رواه البخاري ومسلم في الصحيحين‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب تشميت العاطس وكراهة‬


‫التثاؤب برقم ‪.2992‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان أن الدين النصيحة برقم ‪.55‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب اليمان‪ ،‬باب الدين النصيحة لله ولرسوله ولئمة‬
‫المسلمين برقم ‪ ،57‬ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان أن الدين النصيحة‬
‫برقم ‪.56‬‬

‫‪52‬‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيلله مللا‬
‫يحب لنفسه((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أبي مسعود النصاري رضي الله عنه عممن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من دل على خيللر فللله مثللل‬
‫أجر فاعله((‪ 2‬رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وهذا آخر ما تيسر جمعه‪ ،‬وأسأل الله أن ينفع به عباده إنه‬
‫سميع قريب‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين‪.‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب اليمان‪ ،‬باب من اليمان أن يحب لخيه ما يحب‬


‫لنفسه برقم ‪ ،13‬ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب الدليل على أن من خصال‬
‫اليمان أن يحب لخيه المسلم ما يحب لنفسه برقم ‪.45‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتابا لمارة‪ ،‬باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله‬
‫بمركوب أو غيره برقم ‪.1893‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -13‬فضل الذكر‬

‫س‪ :‬توجد بعض الذكار في بعض الحاديث النبوية‬


‫ن من المرات كانت‬ ‫الشريفة من يقولها بعدٍد معي ٍ‬
‫له عتق عدٍد من الرقاب‪ ،‬كما جاء في الحديث‬
‫النبوي‪)) :‬من يقول ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد هو على كل شيء قدير((‬
‫من يقول ذلك مائة مرة في ليوم كانت كعتق عشر‬
‫رقاب‪ ،‬فهل يمكن لمسلم أن يكفر عما يرتكبه من‬
‫أخطاء عن طريق قول هذه الحاديث الشريفة‪ ،‬إذا‬
‫كان إثمه يكفر بعتق عدد من الرقاب قد يكون أقل‬
‫من عشر رقاب‪ ،‬وهل يقصد في قوله في الحديث‬
‫مائة مرة في اليوم أيقولها في يوم واحد فقط أم‬
‫ينبغي أن يردد هذا الحديث طوال حياته في كل‬
‫يوم مائة مرة‪ ،‬أفيدونا أفادكم الله؟‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث من جملممة الحمماديث الصممحيحة عممن رسممول‬
‫الله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬فقممد رواه الشمميخان البخمماري‬
‫ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ملن قلال فلي‬
‫يوم ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله‬
‫الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كللانت للله‬
‫عدل عشر رقاب‪ ،‬وكتب له مائة‬

‫‪54‬‬
‫حسنة‪ ،‬ومحا عنه مائة سلليئة‪ ،‬وكللان فللي حللرز مللن‬
‫الشيطان في يومه ذلك حتى يمسي‪ ،‬ولم يأت أحللد‬
‫بأفضل مما جاء به إل رجل عمل أكثر مللن عمللله((‪،‬‬
‫وهذا فضل عظيم وخير كثير من الله عز وجل‪ ،‬وإذا كان هذا‬
‫ق وإخلص حصممل لممه هممذا الخيممر‬ ‫ن وصممد ٍ‬ ‫الممذكر عممن إيممما ٍ‬
‫العظيم‪ ،‬والرسول صلى الله عليه وسملم بّيمن عمن اللمه أنمه‬
‫يمحو به مائة سيئة ويكتب به مائة حسنة ويكون عدل عشممر‬
‫رقاب‪ ،‬يعني‪ :‬يعتقها‪ ،‬لكن ذكر جمع مممن أهممل العلممم أن هممذا‬
‫جت َن ُِبلوا ْ‬
‫في غير الكبائر مممن الممذنوب؛ لقمموله تعممالى‪ِ} :‬إن ت َ ْ‬
‫كم‬ ‫خل ْ ُ‬
‫ون ُ لدْ ِ‬ ‫س لي َّئات ِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ن ُك َ ّ‬
‫فْر َ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬
‫ما ت ُن ْ َ‬ ‫ك ََبآئ َِر َ‬
‫ما{‪ ،1‬فالعبممد إذا اجتنممب الكبممائر؛ كممانت صمملته‬ ‫ري ً‬ ‫خل ً ك َ ِ‬
‫مد ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫وطهوره ودعواته وأذكاره كفارةً لسيئاته الصغائر‪ ،‬وقممد يم م ّ‬
‫الله جل وعل على العبد بالكثار مممن الممذكر فيمحممو اللممه بممه‬
‫عنه حتى الكبائر‪ ،‬ولسيما إذا اقترنت بممذلك التوبممة النصمموح‪.‬‬
‫فينبغي للمؤمن أن تكون له نيمة صمالحة وقصمد صمالح بهمذه‬
‫الذكار وإخلص لله وصدق في قولهمما‪ ،‬مممع التوبممة إلممى اللممه‬
‫سبحانه‪ ،‬مع الصممدق فممي توحيممد اللممه والخلص لممه وعبممادته‬
‫وحممده دون كممل ممما سممواه‪ ،‬ثممم يحملممه هممذا اليمممان وهممذا‬
‫الخلص على أداء الفرائض‪ ،‬وترك المحارم‪ ،‬والوقمموف عنممد‬
‫حدود الله‪ ،‬حتى تكفر خطاياه كلها متى قال ذلك‬

‫سورة النساء الية ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪55‬‬
‫ن صادق وتوبمةٍ نصمموح‪ ،‬وبكممل حممال‬ ‫ق وإخلص وإيما ٍ‬ ‫عن صد ٍ‬
‫هممذه بشممرى مممن اللممه عممز وجممل وخيممر عظيممم للمممؤمنين‬
‫والمؤمنات‪ ،‬والمقصود من الحديث‪ :‬أن هممذا الثممواب يحصممل‬
‫للمؤمن بهذا الذكر كل يوم إذا قال ذلممك صممادقا ً مخلصمًا‪ ،‬ول‬
‫يجمموز لممه أن يقيممم علممى المعاصممي‪ ،‬ويتعلممق بهممذا الحممديث‬
‫وأمثاله؛ لن ذلك من أسباب حرمانه من هممذا الثممواب؛ لليممة‬
‫السابقة‪ ،‬وقول النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬الصللوات‬
‫الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان‬
‫كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر((‪ ،1‬وفي لفممظ‪:‬‬
‫))إذا اجتنبت الكبائر(( خرجه المام مسلم فممي صممحيحه‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات الخمس والجمعة إلى‬


‫الجمعة برقم ‪.233‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -14‬شرح حديث‪)) :‬لله ملئكة سياحون((‬

‫س‪ :‬ورد في حديث‪) :‬إن لللله ملئكللة سلليارة تسللير‬


‫فللي الرض تحللف الجماعللة الللذين يللذكرون الللله(‬
‫ويقال إن بعللض الصللوفية يسللتدلون بهللذا الحللديث‬
‫‪1‬‬
‫على بعض أعمالهم‪ ،‬فكيف ترد عليهم؟‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث صحيح وهممو قمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫))إن لله ملئكة سياحين يلتمسللون مجللالس الللذكر‪،‬‬
‫موا إلللى حللاجتكم فيحيطللون‬ ‫فإذا وجدوها تنادوا هل ّ‬
‫بهم إلى عنان السماء‪ ،‬ويسللمعون منهللم أذكللارهم‬
‫وأعمالهم الطيبة‪ ،‬ثم إذا عرجللوا سللألهم الللله عمللا‬
‫وجدوا‪ ،‬وهو أعلم سللبحانه وتعللالى‪ ،‬فيخللبرونه بمللا‬
‫شاهدوا((‪ ،2‬ول حجة في هذا للصوفية‪،‬‬

‫‪ 1‬من ضمن السئلة الموجهة لسماحته بعد محاضرة ألقاها في جامع الملك‬
‫خالد بتاريخ ‪16/7/1411‬هم‪ ،‬ونشر في هذا المجموع ج ‪ 6‬ص ‪.126‬‬
‫‪ 2‬أخرجه المام أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند أبي هريرة‪ ،‬برقم‬
‫‪.7376‬‬

‫‪57‬‬
‫فالصوفية مبتدعة‪ ،‬عليهممم أن يلممتزموا بالشممريعة ويسممتقيموا‬
‫عليها ويذكروا الله بما شرع‪ ،‬وإذا ذكروا الله بما شممرع فهممذا‬
‫طيب‪ ،‬ولهم أجر ذلك عنممد اللممه سممبحانه إذا اسممتقاموا علممى‬
‫التوحيممد‪ ،‬ومممن ذكممر اللممه تعليممم القممرآن الكريممم والسممنة‬
‫المطهرة وأنواع العلممم النممافع الممذي ينفممع العبمماد فممي دينهممم‬
‫ودنيمماهم مممع الخلص للممه فممي ذلممك وطلممب الثممواب منممه‬
‫سبحانه‪ .‬وبذلك ُيعلم أن وجود الملئكة في مجالس الممذكر ل‬
‫حجة للصوفية فيه‪ ،‬ول في اختراعهم البدع التي ما أنزل الله‬
‫بها مممن سمملطان وعبممادات ممما شممرعها اللممه لعبمماده‪ ،‬كعبممادة‬
‫بعضهم لهل القبممور بالسممتغاثة بهممم والنممذر لهممم والطممواف‬
‫بقبورهم وغير ذلك مممن أنممواع العبممادات‪ ،‬وكإحممداثهم أذكممارا ً‬
‫وعبممادات ممما أنممزل اللممه بهمما مممن سمملطان‪ ،‬وغيممر ذلممك مممما‬
‫اخترعوه من الطرق الباطلة‪ ،‬نسأل اللممه لنمما ولهممم الهدايممة‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -15‬الذكر بالقلب مشروع في كل زمان‬
‫ومكان‬

‫س‪ :‬مطلوب من النسان ذكر الله فللي كللل وقللت‪،‬‬


‫وعلى كل حال إل في أمللاكن نهللي عللن ذكللر الللله‬
‫ل‪ ،‬فهل يقطع النسان ذكللر الللله‬ ‫فيها‪ ،‬كالحمام مث ً‬
‫‪1‬‬
‫في الحمام بتاتًا‪ ،‬حتى ولو في قلبه؟‬

‫ج‪ :‬الذكر بالقلب مشروع في كل زمان ومكان‪ ،‬فممي الحمممام‬


‫وغيره‪ ،‬وإنما المكروه في الحمام ونحوه‪ :‬ذكر الله باللسممان؛‬
‫تعظيما ً لله سبحانه‪ ،‬إل التسمية عند الوضوء‪ ،‬فممإنه يممأتي بهمما‬
‫إذا لم يتيسر الوضوء خارج الحمممام؛ لنهمما واجبممة عنممد بعممض‬
‫أهل العلم‪ ،‬وسنة مؤكدة عند الجمهور‪.‬‬

‫‪ -16‬قراءة القرآن في أوقات العمل‬

‫س‪ :‬أنا موظف وفللي العمللل أقللرأ القللرآن الكريللم‬


‫في أوقات الفللراغ‪ ،‬ولكللن المسللؤول ينهللاني عللن‬
‫ذلك بقوله‪ :‬إن هللذا الللوقت للعمللل وليللس لقللراءة‬
‫ً ‪2‬‬
‫القرآن‪ ،‬فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا؟‬

‫نشر في مجلة الدعوة‪ ،‬العدد ‪ 1548‬في ‪18/2/1417‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫نشر في مجلة الدعوة‪ ،‬العدد ‪ 1652‬في ‪17/4/1419‬هم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪59‬‬
‫ج‪ :‬إذا لم يكن لديك عمل فل حرج في قراءة القرآن‪ ،‬وهكذا‬
‫التسبيح والتهليل والممذكر‪ ،‬وهممو خيممر مممن السممكوت‪ ،‬أممما إذا‬
‫كانت القراءة تشغلك عن شيء يتعلق بعملممك فل يجمموز لممك‬
‫ذلك؛ لن الوقت مخصص للعمل فل يجوز لك أن تشغله بممما‬
‫يعوقك عن العمل‪.‬‬

‫‪ -17‬ما صحة حديث‪)) :‬من أراد أن يتقابل منع‬


‫الله ويناجيه‪((....‬‬

‫س‪ :‬سماحة الشيخ قرأت أن هناك حديثا ً قللال فيلله‬


‫الرسللول صلللى الللله عليلله وسلللم‪)) :‬مللن أراد أن‬
‫يتقابل مع الله ويناجيه فعليلله بتلوة القللرآن(( مللا‬
‫‪1‬‬
‫مدى صحة هذا الحديث؟‬

‫ج‪ :‬ل أعلم لهذا الحديث أص ً‬


‫ل‪ ،‬والله ولي التوفيق‪..‬‬

‫سؤال شخصي أجاب عنه سماحته بتاريخ ‪14/1/1420‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -18‬ما صحة قول‪)) :‬رب قارئ للقرآن‪،‬‬
‫والقرآن يلعنه((‬

‫س‪ :‬أرجللو أن تتفضلللوا بشللرح الجمللل التاليللة‪ :‬رب‬


‫ئ للقرآن والقللرآن يعلنلله‪ ،‬كيللف يعلللن القللرآن‬ ‫قار ٍ‬
‫‪1‬‬
‫قارئه ولماذا؟‬

‫ج‪ :‬ل أعلم صحة الحديث عن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫ول حاجة إلى تفسيره‪ 2.‬ولو صح لكان المعنى أن في القرآن‬
‫ما يقتضي ذمه ولعنه؛ لكونه يقرأ القرآن وهو يخالف أوامممره‬
‫أو يرتكب نواهيه‪ ،‬فهو يقرأ كتمماب اللممه وفممي كتمماب اللممه ممما‬
‫يقتضي سب وسممب أمثمماله؛ لنهممم خممالفوا الوامممر وارتكبمموا‬
‫النواهي هذا هو القرب في معناه إذا صممح عممن النممبي صمملى‬
‫الله عليه وسلم؛ ولكني ل أعلم صحته عن النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط السابع عشر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الظاهر أنه من قول بعض العلماء‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -19‬حكم سؤال العبد في صلته إذا مر بآية‬
‫ة أو آية عذاب‬
‫رحم ٍ‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلممى حضممرة الخ المكممرم‬
‫سعادة رئيس تحرير جريدة البلد وفقه الله لكل خير آمين‪.‬‬
‫م عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد‪:‬‬ ‫سل ٌ‬
‫فقد جاء في جريدة البلد العدد )‪ (11030‬الصادر يوم الحممد‬
‫‪ 20‬ربيع الخر سنة ‪1415‬هم م فممي صممفحة )روضممة السمملم(‬
‫تحممت عنمموان )فتمماوى العلممماء( السممؤال التممالي مممع جمموابه‬
‫المنسوب إلي وهو‪:‬‬
‫س‪ :‬سمعت بعضا لمصلين أثناء قراءته القرآن فللي‬
‫الصلة يقطع القراءة ويدعو بأدعية مناسبة فيقول‬
‫عند ذكر الجنة‪ :‬اللهم إني أسألك الجنة‪ ،‬وعند ذكللرا‬
‫لنللار‪ :‬اللهللم أجرنللي مللن النللار‪ ،‬فهللل ذلللك جللائز‬
‫ً ‪1‬‬
‫شرعا؟‬
‫ن لكل من قرأ في الصلة أو غيرها إذا مر بآية‬ ‫الجواب‪ :‬يس ّ‬
‫ب أن‬‫رحمةٍ أن يسأل الله تعالى من فضله‪ ،‬وإذا مر بآية عذا ٍ‬

‫أجاب عنه سماحته برقم ‪ 1508/1‬بتاريخ ‪12/5/1415‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫يستعيذ به من النار‪ .‬وإذا مممر بآيممة تنزي مهٍ للممه سممبحانه نزهممه‬
‫فقال‪ :‬سبحانه وتعالى‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬فيستحب لكل مممن قممرأ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{‪ ،1‬أن يقممول‪ :‬بلممى وأنمما‬ ‫مي َ‬ ‫حك َم ِ ال ْ َ‬
‫حللاك ِ ِ‬ ‫ه ب ِلأ ْ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫}أل َي ْ َ‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫لا‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫س‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫على ذلك مممن السمماهدين‪ ،‬وإذا قممرأ‪} :‬أ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫وَتى{‪ ،2‬قممال‪ :‬بلممى أشممهد‪ ،‬وإذا قممرأ‪:‬‬ ‫مل ْ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫حي ِ َ‬ ‫عَلى أن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪ ،‬قممال‪ :‬آمنممت بممالله‪ ،‬وإذا‬ ‫عدَهُ ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫} َ‬
‫‪3‬‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬‫ي َ‬‫فب ِأ ّ‬
‫ن{‪ ،4‬قممال‪ :‬ل نكممذب شمميئا ً‬ ‫قرأ‪َ َ } :‬‬
‫ما ت ُك َذَّبا ِ‬ ‫ي آَلء َرب ّك ُ َ‬ ‫فب ِأ ّ‬
‫عل َللى{‪،5‬‬ ‫ك اْل َ ْ‬ ‫م َرب ّل َ‬ ‫س َ‬
‫حا ْ‬ ‫سب ّ ِ‬ ‫من آيممات ربنمما‪ ،‬وإذا قممرأ‪َ } :‬‬
‫قال‪ :‬سبحان ربي العلممى‪ ،‬ويسممتحب هممذا للمممام والمممأموم‬
‫والمنفرد؛ لنه دعمماء فهممو مطلمموب منهممم كالتممأمين‪ ،‬وكممذلك‬
‫الحكم في القراءة في غير الصلة‪ .‬أ هم‪.‬‬
‫ول أدري من أين نقلتم هذا السؤال مع جوابه‪ ،‬وقد سممبق أن‬
‫كتبنا لكم برقممم ‪ 40/1‬وتاريممخ ‪6/1/1415‬هم م نستوضممح عممن‬
‫المصدر الذي تأخذون من هذه الفتاوى‪.‬‬

‫التين‪ ،‬الية ‪.8‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫القيامة الية ‪.40‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫المرسلت الية ‪.50‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫الرحمن الية ‪.13‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫العلى‪ ،‬الية ‪.1‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫‪63‬‬
‫وهذا السؤال وجوابه فيه أشياء لست أفتي بها منها‪:‬‬
‫ممما يقممال عنممد آخممر قممراءة سممورة الممتين‪ ،‬وآخممر سممورة‬
‫المرسلت؛ لن الحديث في ذلك ضعيف‪ .‬ومنها ما ذكرتم أنه‬
‫يقال عند قراءة‪َ َ } :‬‬
‫ن{‪ ،‬ل شمميء‬ ‫كللذَّبا ِ‬ ‫ي آَلء َرب ّك ُ َ‬
‫مللا ت ُ َ‬ ‫فب ِأ ّ‬
‫من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد‪.‬‬
‫فاصلة‪ :‬فأرجو الفادة عن أي كتاب نقلتم عممن هممذا السممؤال‬
‫وجوابه‪ ،‬وأرجو أن ترسلوا إلي السئلة التي تحبممون الجممواب‬
‫عنها حتى أجيب عنها إن شاء الله‪ ،‬ول أسمح لكممم أن تنقلمموا‬
‫الجممواب إل مممن كتمماب آذن لكممم بالنقممل منممه‪ ،‬حممذرا ً مممن‬
‫الخطاء‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما يرضيه‪ ،‬وأعاننمما وإيمماكم علممى كممل خيممر‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪...‬‬
‫مفتي عام المملكة العربية السعودية‬
‫ورئيس هيئة كبار العلماء‬
‫وإدارة البحوث العلمية والفتاء‬

‫‪64‬‬
‫‪ -20‬دعاء الصباح والمساء‬

‫س‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلللم‪)) :‬مللن قللال‬


‫حين يصبح وحين يمسي‪ :‬حسبي الله ل إللله إل هللو‬
‫عليه توكلت‪ ،‬وهو رب العرش العظيللم سللبع مللرات‬
‫كفاه الله تعالى ما أهمه من أمور الدنيا والخللرة((‬
‫‪1‬‬
‫هل هذا الحديث صحيح أم ل؟‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث جاء موقوفا ً على أبي الدرداء رضي الله عنه‬
‫من رواية أبي داود فممي سممننه بإسممنادٍ جيممد‪ ،‬ولفظممه‪)) :‬من‬
‫قال إذا أصبح وإذا أمسى‪ :‬حسبي الله ل إله إل هللو‬
‫عليه توكلت وهو رب العللرش العظيللم سللبع مللرات‬
‫كفاه الله ما أهمه((‪ 2‬انتهى‪.‬‬
‫وليسممت فيممه الزيممادة المممذكورة وهممي‪) :‬مممن أمممور الممدنيا‬
‫والخرة(‪ .‬وهو حديث موقوف على أبي الدرداء وليس حديثا ً‬
‫مرفوعا ً إلى النبي صلى اللممه عليممه وسمملم ولكنممه فممي حكممم‬
‫المرفمموع؛ لن مثلممه ممما يقممال مممن جهممة الممرأي‪ ،‬واللممه ولممي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬من برنامج نور على الدرب شريط رقم ‪ 7‬ونشر في المجموع ج ‪ 9‬ص‬
‫‪.294‬‬
‫‪ 2‬رواه أبو داود في كتاب الدب‪ ،‬باب ما يقول إذا أصبح برقم ‪.5081‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -21‬أذكار تقال بعد صلة الفجر والمغرب‬

‫س‪ :‬ما هي الدعيللة الللتي تكللون بعللد صلللة الفجللر‬


‫ً ‪1‬‬
‫والمغرب أوجزوها لنا جزاكم الله خيرا؟‬

‫ج‪ :‬يستحب للمؤمن والمؤمنة الشتغال بالذكر والممدعاء فممي‬


‫أوائل الليمل وأوائل النهمار‪ .‬فيتسمحب للممؤمن أن يكمثر ممن‬
‫ذكر الله فممي هممذه الوقممات؛ لن اللمه جممل وعل أمممر بممذكره‬
‫وتسبيحه بكممرة وعشمميًا‪ .‬والعشممي آخممر النهممار‪ .‬والبكممرة أول‬
‫النهار‪ .‬فيشتغل بما يسر الله له من الذكر مثممل‪) :‬ل إللله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وللله الحمللد وهللو‬
‫على كل شيء قدير( )سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول‬
‫إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬ول حول ول قللوة إل بللالله‪.‬‬
‫وسبحان الله وبحمده‪ ،‬سبحان الله العظيللم( وهكممذا‬
‫الدعية المناسممبة الممتي جمماءت عممن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم إذا تيسرت له وحفظها ودعا بها‪ ،‬وهي طيبة يدعو بهمما‬
‫في أول الليل وأول النهار كل ذلك مما ينبغي فعله‪.‬‬
‫وإذا تيسر له مراجعة الكتب المؤلفة فممي هممذا مثممل‪ :‬الذكممار‬
‫للنووي‪ ،‬ورياض الصالحين‪ ،‬والترغيب والترهيب والوابل‬

‫من برنامج نور على الدرب الشريط ‪.14‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫الصيب لبن القيم‪ ،‬وغيرها من الكتممب الممتي تنفعممه ويسممتفيد‬
‫منها فهذا أحسن‪.‬‬
‫وأنا أذكر لك فممي ذلممك أن يقممول فممي أول الليممل‪) :‬أمسينا‬
‫وأمسللى الملللك لللله‪ ،‬والحمللد لللله‪ ،‬ول إللله إل الللله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد وهللو علللى‬
‫كل شيء قدير‪ ،‬اللهم إني أسالك خيللر هللذه الليلللة‬
‫وخير ما فيها وخير ما بعدها‪ ،‬وأعوذ بك مللن شللرها‬
‫وشر ما فيها وشر ما بعدها‪ ،‬اللهللم إنللي أعللوذ بللك‬
‫من الكسل ومن سوء الكبر ومللن عللذاب فللي النللار‬
‫ومللن عللذاب فللي القللبر‪ ،‬اللهللم بللك أمسللينا وبللك‬
‫أصبحنا وبك نحيللا وبللك نمللوت وإليللك المصللير( وممما‬
‫أشبه ذلك مما ورد؛ وهكممذا يقممول فممي الصممباح لكممن يقممول‪:‬‬
‫)أصبحنا وأصبح الملك لله‪ ،‬ول إله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شلليء‬
‫قدير‪ ،‬اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه‬
‫وخير ما بعده‪ ،‬وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما‬
‫فيه وشر ما بعده‪ ،‬رب أعوذ بك من الكسللل وسللوء‬
‫الكبر‪ ،‬وأعوذ بك من عذاب فللي النللار وعللذاب فللي‬
‫القبر‪ ،‬اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا‪ ،‬وبك نحيا وبك‬
‫نمللوت وإليللك النشللور‪ ،‬اللهللم إنللي أصللبحت علللى‬
‫فطرة السلم‪ ،‬وكلمة الخلص‪ ،‬ودين نبينا‬

‫‪67‬‬
‫محمد صلى الللله عليلله وسلللم وملللة أبينللا إبراهيللم‬
‫عليه الصلة والسلم حنفي لا ً مسلللما ً ومللا كللان مللن‬
‫المشركين(‪.‬‬
‫كل هذه جاءت بها السنة‪ ،‬ومن ذلك‪) :‬اللهم إنللي أسللألك‬
‫العافية في الدنيا والخرة‪ ،‬اللهم إني أسألك العفو‬
‫والعافيللة فللي دينللي ودنيللا وأهلللي ومللالي‪ ،‬اللهللم‬
‫استر عوراتي وآمللن روعللاتي واحفظنللي مللن بيللن‬
‫يدي ومن خلفي وعللن يمينللي وعللن شللمالي ومللن‬
‫فوقي‪ ،‬وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي(‪.‬‬
‫فيدعو بهذا الدعاء صممباحا ً ومسمماًء‪ ،‬وهكممذا قممرأ الكتممب الممتي‬
‫ذكرناها آنفا ً يستفيد منها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -22‬فضل الجلوس للذكر بعد صلة الصبح‬

‫س‪ :‬حديث ))من جلس بعد صلة الصللبح يللذكر الللله‬


‫حتى تطلع الشمس ثم صّلى ركعتين كان للله كللأجر‬
‫‪1‬‬
‫ة وعمرة تامة تامة((؟‬
‫حج ٍ‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث له طرق ل بأس بهمما فيعتممبر بممذلك مممن بمماب‬
‫الحسن لغيره‪ ،‬وتسممتحب هممذه الصمملة بعممد طلمموع الشمممس‬
‫وارتفاعها قيد رمح‪ ،‬أي بعممد ثلممث أو ربممع سمماعة تقريب ما ً مممن‬
‫طلوعها‪.‬‬

‫‪ -23‬حكم تكرار بعض الذكار بعد صلة‬


‫المغرب والفجر‬

‫س‪ :‬ورد الحث على قول‪) :‬ل إللله إل الللله وحللده ل‬


‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شلليء‬
‫قدير(‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة‪ ،‬باب ما ُيستحب من الجلوس في‬


‫المسجد بعد صلة الغداة‪ ،‬برقم ‪.586‬‬

‫‪69‬‬
‫عشر مرات بعد صلة الفجللر وبعللد صلللة المغللرب‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فهل ما ورد صحيح؟‬

‫ج‪ :‬ورد في هذا أحاديث صحيحة عن النممبي صمملى اللممه عليممه‬


‫وسلم كلها تدل على شرعية الذكر المذكور بعد صلة الفجممر‬
‫وبعد صلة المغرب‪ ،‬وهو أني قول‪) :‬ل إله إل الللله وحللده‬
‫ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو‬
‫ن‬
‫على كل شيء قدير( عشر مممرات‪ ،‬فُيشممرع لكممل مممؤم ٍ‬
‫ومؤمن مةٍ المحافظممة علممى ذلممك بعممد الصمملتين المممذكورتين‪.‬‬
‫وذلك بعد الذكر المشروع بعد السمملم مممن جميممع الصمملوات‬
‫الخمس‪ ،‬وهو أن يقول بعد السلم أستغفر الله‪ ،‬ثلثمًا‪ ،‬اللهممم‬
‫أنت السلم ومنك السمملم تبمماركت يمما ذا الجلل والكممرام‪ ،‬ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على‬
‫كل شيٍء قدير‪ ،‬ل حول ول قمموة إل بممالله‪ ،‬ل إلممه إل اللممه ول‬
‫نعبد إل إياه له النعمة وله الفضل وله الثنمماء الحسممن‪ ،‬ل إلممه‬
‫إل الله مخلصين له الين ولو كممره الكممافرون‪ ،‬اللهممم ل مممانع‬
‫لما أعطيت ول معطي لما منعت ول ينفع ذا الجد‬

‫نشر في هذا المجموع‪ ،‬ج ‪ 11‬ص ‪192‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪70‬‬
‫منك الجد‪ .‬وإن كان إمامما ً شممرع لممه النصممراف إلممى النمماس‬
‫ويعطيهممم وجهممه بعممد قمموله أسممتغفر اللممه ثلث مًا‪ ،‬اللهممم أنممت‬
‫السلم ومنممك السمملم تبمماركت يمما ذا الجلل والكممرام تأسمميا ً‬
‫بممالنبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي ذلممك‪ .‬وللمممام عنممد‬
‫النصراف أن ينصرف عممن يمينممه أو عممن شممماله؛ لن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا‪.‬‬
‫وُيستحب للمصلي أيضا ً بعد كل صلةٍ من الصلوات الخمممس‬
‫بعد الذكر المذكور أن يقول‪ :‬سبحان الله والحمممد للممه واللممه‬
‫أكبر‪ ،‬ثلثا ً وثلثين مممرة‪ .‬فتلمك تسممع وتسمعون‪ ،‬ويقممول تممام‬
‫المائة‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمممد‬
‫وهو على كل شيء قدير؛ لنه قد صح عن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم الترغيب في ذلك وبيان أنه من أسباب المغفرة‪.‬‬
‫وُيشرع للمصلي أيضا ً بعد كل صلةٍ مممن الصمملوات الخمممس‪:‬‬
‫أن يقرأ آية الكرسي بعد هذه الذكار‪ ،‬وأن يقرأ‪ :‬قل هو اللممه‬
‫أحد‪ ،‬وقل أعوذ برب الفلق‪ ،‬وقل أعوذ برب النمماس‪ ،‬وُيشممرع‬
‫أن يكرر هذه السور الثلث بعد المغممرب وبعممد الفجممر وعنممد‬
‫النوم ثلث مرات؛ لورود الحاديث الصحيحة في ذلك‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -24‬مسألة في أذكار المساء‬

‫س‪ :‬هل يجوز لللي قللراءة أذكلار المسلاء قبللل أذان‬


‫المغللرب بللدقائق لنشللغالي بعللد صلللة المغللرب‬
‫‪1‬‬
‫بتدريس القرآن الكريم؟‬

‫ج‪ :‬نعممم يجمموز أن تقممرأ أذكممار المسمماء بعممد العصممر؛ لن ورد‬


‫المساء يبدأ من بعد الزوال‪ ،‬فالذكممار فممي هممذا المموقت كلهمما‬
‫أذكار المساء وأذكار العشي‪.‬‬

‫‪ -25‬حكم إذا تأخرت الذكار عن أوقاتها‬

‫س‪ :‬هل تزول الفائدة مللن قللراءة الوراد والذكللار‬


‫الصباحية والمسائية متأخرةً عن وقتهللا كللالظهر أو‬
‫ً ‪2‬‬ ‫بعد العشاء مث ً‬
‫ل؟ جزاكم الله خيرا ‪.‬‬

‫ج‪ :‬بسم اللممه والحمممد للممه‪ .‬السممنة المحافظممة علممى الذكممار‬


‫والدعوات الصباحية والمسائية في أوقاتها‪ ،‬وإذا ذهممب وقتهمما‬
‫ذهب‬

‫سؤال بعد درس ألقاه سماحته في المسجد الحرام بتاريخ ‪26/12/1418‬هم‬ ‫‪1‬‬

‫من ضمن أسئلة أجاب عنها سماحته في حج ‪1415‬هم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪72‬‬
‫ثوابها المتعلق بوقتها‪ ،‬أما التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير‬
‫والستغفار والدعاء‪ ،‬وقول‪ :‬ل حممول ول قمموة إل بممالله‪ ،‬فهممذا‬
‫مشروع في جميع الوقات‬
‫‪.‬‬

‫‪ -26‬مسألة في التسبيح‬

‫ة سللبحانك‬ ‫س‪ :‬قرأت في كتاب أن من قرأ مئة مللر ٍ‬


‫اللهم وبحمدك‪ ،‬سبحانك الللله اللهللم العظيللم غفللر‬
‫الللله للله ذنللوبه ولللو كللانت كزبللد البحللر‪ ،‬هللل هللذا‬
‫‪1‬‬
‫صحيح؟‬

‫ج‪ :‬جاء في الحاديث الصحيحة قريب من هممذا‪ ،‬يقممول النممبي‬


‫صلى الله عليممه وسمملم‪)) :‬من قلال حيللن يصللبح وحيلن‬
‫ة غفللرت‬ ‫يمسللي سللبحان الللله وبحمللده مئة مللر ٍ‬
‫خطاياه وإن كانت مثل زبد البحللر(( التسممبيح والتهليممل‬
‫والتحميممد والتكممبير مممن أسممباب حممط الخطايمما‪ .‬وقممال عليممه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬أحب الكلم إلى الله أربع‪ :‬سللبحان‬
‫الله والحمد لله ول إللله إل الللله والللله أكللبر((‪ .‬قممال‬
‫عليممه الصمملة والسمملم‪)) :‬الباقيات الصللالحات سللبحان‬
‫الله والحمد لله ول إله إل الله والله أكلبر ول حلول‬
‫ول قوة إل بالله((‪.‬‬

‫من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط السابع عشر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫ن ومؤمن مةٍ الكثممار مممن التسممبيح والتحميممد‬
‫فينبغي لكل مممؤم ٍ‬
‫والتهليل والتكبير‪ ،‬وقول‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله ففممي ذلممك‬
‫خير عظيم وهو من أسممباب تكفيممر الخطايمما وحممط السمميئات‬
‫ومضاعفة الحسنات‪ .‬وقد قال عليه الصلة والسمملم‪)) :‬مللن‬
‫سّبح الله دبر كل صلة مكتوبة ثلثا ً وثلثيللن وحمللد‬
‫الله ثلثا ً وثلثين وكبر الله ثلثا ً وثلثين فتلك تسللع‬
‫وتسعون‪ ،‬وقال تمام المائة ل إله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد وهو على كل شيء‬
‫قدير‪ ،‬غفرت خطاياه وإن كانت مثللل زبللد البحللر((‪،‬‬
‫ن ومؤمنمةٍ بعممد كممل‬‫فهذا فضل عظيم‪ .‬فيسممتحب لكممل مممؤم ٍ‬
‫فريضة من الصلوات الخمس بعد السلم والذكر المتقدم أن‬
‫يقول‪) :‬سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلثا ً وثلثين مممرة(‬
‫ثم يختم تمام المائة بقوله‪) :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪،‬‬
‫له الملك‪ ،‬وله الحمد وهو علممى كممل شمميٍء قممدير(؛ للحممديث‬
‫السابق؛ ولحاديث أخرى صحت عن النممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم في ذلك‪ ،‬وإن قال‪ :‬سبحان الله والحمد لله ول إلممه إل‬
‫الله والله أكبر خمسا ً وعشرين مرةً بعد كل صلة في بعممض‬
‫الحيان كفى ذلك؛ لن كل ً منهما سنة إذا أتى به هذا أو بهممذا‬
‫فكله طيب‪ ،‬وينبغي أن يعلم أن تكفير السيئات بهذه الذكممار‬
‫وغيرها‬

‫‪74‬‬
‫مشروط باجتناب الكبائر وعدم الصرار على الذنوب؛ لقممول‬
‫فلْر‬ ‫ه ن ُك َ ّ‬ ‫عْنل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ت ُن ْ َ‬ ‫جت َن ُِبوا ْ ك ََبآئ َِر َ‬ ‫الله عز وجل‪ِ} :‬إن ت َ ْ‬
‫مللا{ وقمموله‬ ‫‪1‬‬
‫ري ً‬ ‫ِ‬ ‫خل ً ك َ‬ ‫مللدْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫وُنللدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سللي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عن ُ‬
‫كلل ْ‬ ‫َ‬
‫ملللوا ْ‬ ‫َ‬
‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫شللل ً‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عل ُلللوا ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّللل ِ‬ ‫سمممبحانه‪َ } :‬‬
‫فُر‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م ذَك َُروا ْ الل ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫م‬ ‫هل ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عل ُللوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫مللا َ‬ ‫عل َللى َ‬ ‫صلّروا ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ول َل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ب إ ِل ّ الل ّل ُ‬ ‫الذُّنو َ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫جن ّللا ٌ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫هل ْ‬ ‫ِ‬ ‫مللن ّرب ّ‬ ‫فلَرةٌ ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هللم ّ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫جَزآ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ج لُر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مأ ْ‬ ‫عل َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫هللا َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِل ِ‬ ‫هللاُر َ‬ ‫هللا الن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬
‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن{‪ 2‬وقمممول النمممبي صممملى اللمممه عليمممه وسممملم‪:‬‬ ‫مِلي َ‬ ‫علللا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫))الصلوات الخمس‪ ،‬والجمعة إلى الجمعة‪ ،‬ورمضان‬
‫إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر((‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬الية ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة آل عمران اليتان ‪.136 ،135‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -27‬ما صحة حديث‪)) :‬سبحان الله عدد خلق‬
‫وسبحان الله مثل ما خلق((‬

‫س‪ :‬حديث‪)) :‬أل أخبرك بأكثر من ذكرك الله الليللل‬


‫والنهار‪ ..‬سبحان الله عللدد مللا خلللق وسللبحان الللله‬
‫مثل ما خلق وسبحان الله علدد مللا فللي السلماوات‬
‫‪1‬‬
‫وما في الرض‪ ((...‬الحديث ما صحة ذلك؟‬

‫ج‪ :‬ل أعرف هذا الحديث‪ ،‬ول أذكر حاله‪ ،‬ول حممال مممن رواه‪.‬‬
‫والمحفوظ الذي رواه مسلم فممي الصمحيح قمموله صملى اللمه‬
‫عليه وسلم لجويرية لمّما دخل عليها وهي في مصلها بعممدما‬
‫ك‪ ،‬قللالت‪ :‬نعللم‪،‬‬ ‫ت في مكان ِ‬ ‫اشتد الضحى‪ ،‬قال‪)) :‬ل زل ِ‬
‫قال‪ :‬لقد قلت بعللدك أربللع كلمللات ثلث مللرات لللو‬
‫وزنت بما قلت منللذ اليللوم لللوزنتهن‪ ،‬سللبحان الللله‬
‫وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشلله ومللداد‬
‫‪2‬‬
‫كلماته((‪.‬‬

‫‪ 1‬من ضمن أسئلة شخصية مقدمة لسماحته‪ ،‬وقد أجاب عنه سماحته في يوم‬
‫الجمعة ‪24/8/1416‬هم‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب التسبيح أول النهار وعند النوم‪ ،‬برقم‬
‫‪.2726‬‬

‫‪76‬‬
‫وفيه حديث آخر رواه أبو داود وهو‪)) :‬سبحان الله عدد ما‬
‫خلق في السماء‪ ،‬وسبحان الله عللدد مللا خلللق فللي‬
‫الرض‪ ،‬وسللبحان الللله عللدد مللا خلللق بيللن ذلللك‪،‬‬
‫وسبحان الله عدد ما هللو خللالق‪ ،‬والحمللد لللله مثللل‬
‫ذلك‪ ،‬ول إله إل الله مثل ذلك‪ ،‬والله أكبر مثل ذلك‪،‬‬
‫ول حول ول قوة إل بالله مثل ذلك((‪ 1‬لكن في إسناده‬
‫رجل غير معروف‪ ،‬فيكون ضعيفا ً من أجل هذه العلة‪.‬‬
‫ويكفي عنه حديث جويرية السابق‪.‬‬

‫‪ -28‬أسماء الله وفضل من أحصاها‬

‫س‪ :‬مللا المقصللود بكلمللة )أحصللاها( فللي حللديث‬


‫الرسللول الكريللم عللن أسللماء الللله الحسللنى ))مللن‬
‫‪2‬‬
‫أحصاها دخل الجنة((؟‬

‫ج‪ :‬الحصمماء يكممون بممالحفظ ويكممون بتممدبر وتعقممل معانيهمما‬


‫والعمل بمقتضى ذلك؛ ولهذا قال عليه الصلة والسلم‪)) :‬إن‬
‫الله‬

‫أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب التسبيح بالحصى برقم ‪.1282‬‬ ‫‪1‬‬

‫من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم ‪.1500‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪77‬‬
‫ة وتسعين اسما ً من أحصاها دخل الجنة((‪ 1‬وفي‬ ‫تسع ً‬
‫ظ‪)) :‬من حفظها دخللل الجنللة(( والمعنممى‪ :‬إحصمماؤها‬
‫‪2‬‬
‫لف ٍ‬
‫بتدبر المعاني‪ ،‬والنظر في المعاني مع حفظها؛ لما في ذلممك‬
‫من الخير العظيم‪ ،‬والعلم النافع‪ ،‬ولن ذلك من أسباب صلح‬
‫القلب‪ ،‬وكمال خشيته لله والقيام بحقه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫س‪ :‬سماحة الشيخ قد يتكل الناس على بعض مثللل‬


‫هذه الحاديث فيعتقد أن حفظ أسماء الله الحسنى‬
‫‪3‬‬
‫دون عمل يكفيه لدخول الجنة؟‬

‫ج‪ :‬هممذا مممن الفهممم الخطممأ؛ فأحمماديث الممترغيب والممترهيب‬


‫مقصودها حث العباد على العمل بما شممرعه الرسممول صمملى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ودعمماء إليممه مثممل‪)) :‬من أحصللاها دخللل‬
‫الجنة(( في السماء‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الشروط‪ ،‬باب ما يجوز من الشتراط والثنيا في‬


‫القرار برقم ‪ ،2736‬ومسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب في أسماء الله تعالى‬
‫وفضل من أحصاها برقم ‪.2677‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب‪ :‬إن لله مائة اسم إل واحد برقم‬
‫‪.7392‬‬
‫‪ 3‬سؤال من برنامج نور على الدرب‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الحسنى ومثل‪)) :‬من صام عرفة كفر الللله بلله السللنة‬
‫التي قبلهللا والسللنة الللتي بعللدها(( ))والصللوم يللوم‬
‫عاشوراء يكفر السنة التي قبله(( وأشبه ذلك كله مممن‬
‫باب الترغيب في طاعة الله عز وجممل وأن هممذا مممن أسممباب‬
‫المغفرة مع توافر السممباب الخممرى الممتي ل تمنممع المغفممرة‪،‬‬
‫فإذا تعاطى المؤمن أسباب المغفرة‪ ،‬وليس هناك موانع مممن‬
‫إصراره على الكبائر أثرت أثرها‪ ،‬وإذا كان موانممع صممار ذلممك‬
‫من أسباب عممدم المغفممرة؛ لقمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫))الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعللة ورمضللان‬
‫إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر((‬
‫ظ‪)) :‬ما لم تؤت الكبائر(( ولهذا ذهب جمهور أهل‬ ‫وفي لف ٍ‬
‫العلم‪ ،‬أي أكثر أهل العلم إلى أن هذه الحاديث الممتي جمماءت‬
‫في فضل كذا‪ ،‬وفضل كذا‪ ،‬فضل الصلة وأنها تكفر الممذنوب‪،‬‬
‫أو الوضوء‪ ،‬أو صوم عرفة‪ ،‬أو صوم يوم عاشمموراء أو إحصمماء‬
‫أسماء الله الحسنى‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬كل ذلك مقيد باجتناب‬
‫الكبائر‪ ،‬بالستقامة على ما أوجب اللممه‪ ،‬وتممرك الكبممائر‪ ،‬وأن‬
‫هممذه الفضممائل وهممذه العمممال‪ ،‬مممن أسممباب المغفممرة مممع‬
‫السباب الخرى التي شرعها اللمه عمز وجمل‪ ،‬وممع السملمة‬
‫من الموانع التي تمنع المغفرة وذلك هو الصرار على‬

‫‪79‬‬
‫عل ُللوا ْ‬‫ف َ‬‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ل ِ‬‫الكبممائر كممما قممال اللممه عممز وجممل‪َ } :‬‬
‫فُروا ْ‬ ‫غ َ‬‫سللت َ ْ‬‫فا ْ‬ ‫ه َ‬‫م ذَك َُروا ْ الّللل َ‬ ‫ه ْ‬
‫س ُ‬
‫ف َ‬ ‫موا ْ أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬
‫ش ً َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬‫َ‬
‫عَلى‬ ‫صّروا ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬‫ول َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ب إ ِل ّ الل ّ ُ‬
‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫ل ِذُُنوب ِ‬
‫ن{‪ 1‬فشرط في هذا عدم الصممرار‪،‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫والصرار هو القامة على المعصممية وعممدم التوبممة منهمما وهممو‬
‫من أسباب عدم المغفرة ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫والخلصة‪ :‬أن هذه الفصائل وهذا الوعد الذي وعد اللممه بممه‬
‫من أحصى أسماءه الحسنى بدخول الجنة‪ ،‬ووعممد مممن صممام‬
‫يوم عاشوراء أن يكفر السنة الممتي قبلممه‪ ،‬وهكممذا فممي صمموم‬
‫عرفممة وهكممذا غيممر ذلممك كلممه مقيممد بعممدم الصممرار علممى‬
‫المعاصي‪ ،‬وهكذا ما جاء في أحاديث التوحيد وأن )من شممهد‬
‫أن ل إله إل الله صادقا ً من قلبه دخل الجنة( كمل ذلمك مقيمد‬
‫بعدم إقامته على المعاصي‪ ،‬فأممما إذا أقممام علممى المعاصممي‪،‬‬
‫فهو تحت مشيئة الله قد يغفر لممه‪ ،‬وقممد يممدخل النممار بممذنوبه‬
‫التي أصر عليها ولم يتب‪ ،‬حتى إذا ط ُّهر وُنقي منها أخرج من‬
‫النار إلى الجنة‪ .‬فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحممذر‬
‫التكممال علممى أحمماديث الممترغيب والوعممد‪ ،‬والعممراض عممن‬
‫أحاديث الوعيد وآيات الوعيد‪ ،‬بل يجممب أن يأخممذ بهممذا وهممذا‪،‬‬
‫يجب أن يحذر مما حرمه الله من‬

‫سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪.135‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪80‬‬
‫المعاصي‪ ،‬وأن تكون على باله الحاديث واليممات الممتي فيهمما‬
‫الوعيد‪ ،‬لمن تعممدى حممدود اللممه وانتهممك محممارمه‪ ،‬ومممع ذلممك‬
‫يحسن ظنه بربه ويرجوه‪ ،‬ويتذكر وعممده بممالمغفرة والرحمممة‬
‫لمن يعمل العمال الصالحات‪ ،‬فيجمع بيممن هممذا وهممذا‪ ،‬وبيممن‬
‫الرجاء والخوف‪ ،‬فل يقنمط ول يمأمن‪ ،‬وهمذا همو طريمق أهمل‬
‫م ك َللاُنوا‬ ‫هل ْ‬‫العلم واليمان كما قال جل وعل عن أنبيائه‪} :‬إ ِن ّ ُ‬
‫هب ًللا{ أي‬ ‫وَر َ‬‫غب ًللا َ‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َلدْ ُ‬‫ت َ‬ ‫خي ْلَرا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫ن{‪ 1‬وقممال سممبحانه‪:‬‬ ‫عي َ‬ ‫شل ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫وك َللاُنوا ل َن َللا َ‬ ‫رجمماًء وخوف ما ً } َ‬
‫سلليل َ َ‬
‫ة‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫هل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن إ ِل َللى َرب ّ‬ ‫غللو َ‬ ‫ن ي َب ْت َ ُ‬
‫عو َ‬‫ن ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬‫ك ال ّ ِ‬ ‫}ُأول َئ ِ َ‬
‫ه{‪،2‬‬ ‫عل َ‬
‫ذاب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خللا ُ‬ ‫وي َ َ‬
‫ه َ‬ ‫مت َل ُ‬
‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫جللو َ‬
‫وي َْر ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ق لَر ُ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫هل ْ‬
‫َ‬
‫أي ّ ُ‬
‫وهكذا أهل اليمان من أبتاع الرسل‪ ،‬هممم علممى هممذا السممبيل‬
‫يوحدون الله ويخشونه ويممؤدون فرائضممه ويممدعون محممارمه‪،‬‬
‫ويرجونه ويخافونه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫سورة النبياء‪ ،‬الية ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة السراء‪ ،‬الية ‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -29‬ل حول ول قوة إل بالله كنز من كنوز‬
‫الجنة‬

‫س‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬يقول الللله‬


‫عز وجل‪ :‬قللل لمتللك يقولللوا‪ :‬ل حللول ول قللوة إل‬
‫بللالله عشللرا ً عنللد الصللباح وعشللرا ً عنللد المسللاء‪،‬‬
‫وعشرا ً عنللد النللوم‪ ،‬يلدفع عنهلم عنللد النللوم بللوى‬
‫الدنيا وعند المساء مكائد الشلليطان‪ ،‬وعنللد الصللباح‬
‫‪1‬‬
‫أسوأ غضبه(( ما مدى صحة هذا الحديث؟‬

‫ج‪ :‬ل أعرف لهممذا الحممديث أص مل ً ول أذكممره فممي شمميءٍ مممن‬


‫الكتممب المعتمممدة‪ ،‬ولكممن كلمممة )ل حممول ول قمموة إ ل بممالله(‬
‫كلمة عظيمة قال فيهمما النمبي صملى اللمه عليمه وسمملم لبممي‬
‫موسى الشعري رضي الله عنه‪)) :‬أل أدلك على كنز من‬
‫كنوز الجنة‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله((‪ 2‬رواه البخمماري‬
‫في الدعوات‪ ،‬ومسلم في الذكر‪ ،‬فينبغي الكثار منها‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في جريدة الندوة العدد ‪ 12250‬بتاريخ ‪1/11/1419‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب الدعاء إذا عل عقبة‪ ،‬برقم ‪،6384‬‬
‫ومسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب استحباب خفض الصوت بالذكار برقم ‪.2704‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -30‬حكم من رأى رؤيا يكرهها‬

‫س‪ :‬أنا فتاة أبلغ الثامنة عشرة مللن عمللري وأحمللد‬


‫الله أنني مستقيمة فللي حيللاتي وملتزمللة بللديني‪..‬‬
‫وكثيرا ً ما أرى في منامي رؤيا غالبا ً ما تكللون هللذه‬
‫الرؤيا مزعجة ول يمضي عليها إل أيام معللدودة ثللم‬
‫تتحقق وتأتي كفلق الصللبح وتنللزل المصلائب علللى‬
‫أهلي وأسرتي‪ ..‬وإذا رأيت هذه الرؤيا فللإنني أخللبر‬
‫بها أهلي ويسللتعيذون بللالله منهللا‪ ..‬أرجللوا إفتللائي‬
‫‪1‬‬
‫ر يذهب عني هذه المصائب؟‬ ‫في أم ٍ‬

‫ج‪ :‬المشروع لمن رأى في منامه شيئا ً يكرهه أن ينفممث عممن‬


‫يساره إذا استيقظ ثلث مرات‪ ،‬ويستعيذ بالله من الشمميطان‬
‫ومن شر ما رأى ثلث مرات‪ ،‬ثممم ينقلممب علممى جنبممه الخممر‪،‬‬
‫فإنها ل تضره‪ ،‬ول يخبر بها أحدًا؛ لن النبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم أمممر ممن رأى فمي منمامه شمميئا ً يكرهممه‪ ،‬أن يفعمل مما‬
‫ذكر‪ ..‬أما إن رأى في منامه ما يسّره‪ ،‬فإنه يحمممد اللممه علممى‬
‫ذلك‪ ،‬ول يخبر به إل من يحب كممما صممح بممذلك الحممديث عممن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في كتاب فتاوى إسلمية‪ ،‬جمع محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪،340 ،329‬‬
‫ونشر أيضا ً في جريدة عكاظ‪ ،‬العدد ‪ ،1077‬بتاريخ ‪7/1/1417‬هم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -31‬الحلم المزعجة‬

‫س‪ :‬يراودني حلم مخيف مزعج ومتكللرر وهللو أنللي‬


‫وأنا نائم أحلم وكأن شيئا ً في فمي يشللبه العجيللن‬
‫ويضللايقني فللي التنفللس والكلم‪ ،‬وكلمللا حللاولت‬
‫نزعه باليد‪ ،‬أو الخذ منه يتجدد غيللره‪ ،‬وهكللذا حللتى‬
‫أصحو من النوم‪ ،‬وأنا خللائف جللدا ً مللن هللذا الحلللم‪،‬‬
‫ي حياتي وأصبحت أفكر فيه دائمللًا‪ ،‬ول‬ ‫وقد عكر عل ّ‬
‫أدري ما سبب ذلك؟ علما ً أني أصلللي وأصللوم وقللد‬
‫قمت بالحج‪ ،‬وأنا اسللتغفر الللله دائملا ً وأتللوب إليلله‪،‬‬
‫ي من شهرين إلى أربعللة أو خمسللة‬ ‫ولكنه يتكرر عل ّ‬
‫ويعاودني‪ ،‬أسأل الله تعللالى أن أجللد لكللم تفسلليرا ً‬
‫بهذا الحلم المخيف‪ .‬والللله أسللأل أن يللوفقكم لمللا‬
‫فيه خيرا الدنيا والخرة والللله فللي عللون العبللد مللا‬
‫‪1‬‬
‫دام العبد في عون أخيه؟‬

‫ج‪ :‬هذا الحلم من الشمميطان‪ ،‬والمشممروع لممك ولكممل مسمملم ٍ‬


‫ومسلمةٍ إذا رأى ما يكره أن ينفث عممن يسمماره ثلث مممرات‬
‫وأن يتعوذ بالله مممن الشمميطان ومممن شممر ممما رأى ثلث مًا‪ ،‬ثممم‬
‫ينقلب على جنبه الخر فإنه ل يضره ول يخبر بذلك أحدًا؛ لما‬
‫ثبممت عممن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم أنممه قممال‪:‬‬
‫))الرؤيا الصالحة‬

‫نشر في كتاب فتاوى إسلمية‪ ،‬جمع محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.340‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪84‬‬
‫من الله‪ ،‬والحلم من الشيطان‪ ،‬فإذا رأى أحدكم مللا‬
‫يكره فلينفث عن يسللاره ثلثللاً‪ ،‬وليتعللوذ بللالله مللن‬
‫الشيطان ومن شر مللا رأى ثلثلًا‪ ،‬ثللم ينقلللب علللى‬
‫جنبه الخر‪ ،‬فإنها ل تضره ول يخبر بها أحلدا ً(( فهممذا‬
‫الحديث الصحيح فيه راحة للمؤمن إذا رأى ما يكممره‪ ،‬وهكممذا‬
‫المؤمنة إذا رأت ما تكره‪ ،‬وهو بحمد الله دواء عظيم ميسممر‪،‬‬
‫فعليك يا أخي أن تعمل بذلك‪ ،‬وعليك أن تطمئن وتريح قلبك‬
‫ونفسك بهذا الدواء النبوي العظيم‪ .‬وفق الله الجميع‪.‬‬

‫‪ -32‬من رأى في المنام ما يكره‬

‫س‪ :‬لقللد كللان لللي قريللب يكرهنللي فللي حيللاته ول‬


‫يطيقني وكان يضربني وقد توفاه الله‪ ..‬وفي هذه‬
‫اليام أحلم أحلما ً مزعجة‪ ،‬أراه يلحقني أنا وابنتي‬
‫الصللغيرة لكنللي أهللرب منلله ول يسللتطيع المسللاك‬
‫‪1‬‬
‫بي‪ ،‬أرجو إرشادي إلى ما يريحني؟‬

‫ج‪ :‬هذه الرؤيا وأشباهها مممن المممرائي المكروهممة‪ ،‬كلهمما مممن‬


‫الشيطان‪ ،‬والمشروع للمسلم إذا رأى ما يكره أن ينفث عن‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة العدد ‪ 1651‬في ‪29/3/1419‬هم‪ .‬ونشر في المجموع‬


‫ج ‪ 8‬ص ‪.359‬‬

‫‪85‬‬
‫يساره ثلث مرات‪ ،‬وأن يتعوذ بالله من الشيطان ومممن شممر‬
‫ممما رأى ثلث مممرات‪ ،‬ثممم ينقلممب علممى جنبممه الخممر فإنهمما ل‬
‫تضره‪ ،‬ول يخبر بها أحدًا؛ لقول النبي صلى الله عليممه وسمملم‬
‫فممي الحممديث الصممحيح‪)) :‬الرؤيللا الصللالحة مللن الللله‪،‬‬
‫والحلم مللن الشلليطان‪ ،‬فللإذا رأى أحللدكم مللا يكللره‬
‫فلينفث عن يساره ثلث مللرات وليتعللوذ بللالله مللن‬
‫الشيطان ومن شر ما رأى ثلث مرات‪ ،‬ثم لينقلللب‬
‫على جنبه الخر فإنها ل تضره‪ ،‬ول يخبر بهللا أحللدًا‪،‬‬
‫وإذا رأى مللا يحللب فليحمللد الللله‪ ،‬وليخللبر بهللا مللن‬
‫يحب((‪.‬‬

‫‪ -33‬مسألة في الدعاء بعد الفراغ من الصلة‬


‫المكتوبة‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلممى حضممرة الخ المكممرم‬
‫ع‪ .‬م‪ .‬ص‪ .‬سلمه الله‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والفتاء‬

‫صدر من سماحته برقم ‪ 523/2‬بتاريخ ‪9/3/1408‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪86‬‬
‫برقم ‪ 499‬وتاريخ ‪6/2/1408‬هم‪ .‬الذي تسأل فيممه عممن عممدد‬
‫من السئلة‪ ...‬وأفيدك بأن سؤال العبد ربمه بعمد الفمراغ ممن‬
‫الصلة المكتوبة أن يوسع عليه رزقه ويصلح لمه ذريتمه ونحمو‬
‫ذلممك‪ ،‬ل بممأس بممه فيممما بينممه وبيممن ربممه‪ ،‬دون رفممع الصمموت‬
‫واليدين‪ .‬وأما الرجل الذي تزوج بامرأةٍ تصلي وهو ل يصمملي‪،‬‬
‫ي وشاهدي عدل‪،‬‬ ‫ثم تاب بعد ذلك فإنه يجب تجديد العقد بول ٍ‬
‫إذا رضيت المرأة بذلك في أصممح قممولي العلممماء‪ .‬وفممق اللممه‬
‫الجميع لممما فيممه رضمماه إنمه سممميع مجيممب‪ .‬والسمملم عليكممم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫الرئيس العام لدارات البحوث‬


‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‬

‫‪87‬‬
‫‪ -34‬صفة التكبير أيام التشريق‬

‫س‪ :‬ما هي صفة التكبير أيللام التشللريق وهللل هللي‬


‫‪1‬‬
‫مقيدة بعد الصلة أو مطلقة؟‬

‫ج‪ :‬التكممبير فممي أيممام التشممريق مطلقمما ً ومقيممدا ً فممي أدبممار‬


‫الصلوات وفي بقية الوقات جميعًا‪ ،‬إن شمماء شممفع وإن شمماء‬
‫ثّلث‪ :‬الله أكبر الله أكبر ل إله إل اللممه‪ ،‬اللممه أكممبر اللممه أكممبر‬
‫ولله الحمد‪ ،‬ويكثر من ل إله إل اللممه‪ ،‬فيقممول‪ :‬ل إلممه إل اللممه‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد يحيممي ويميممت وهممو‬
‫على كل شيٍء قدير‪ ،‬سبحان الله والحمد لله ول إله إل اللممه‬
‫والله أكبر ول حول ول قوة إل بالله‪ .‬ومن رواية أحمد رحمممة‬
‫الله عليه‪ ،‬وحديث ابن عمر‪)) :‬ما مللن أيللام أعظللم عنللد‬
‫الله ول أحب للعمل فيهن مللن هللذه اليللام العشللر‬
‫فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد((‪.‬‬
‫وكان عمر رضي الله عنه يكبر في خيمته في أيام منى حتى‬
‫ترتج منى تكبيرًا‪ ،‬كما كان ابن عمر وأبممو هريممرة رضممي اللممه‬
‫عنهما يخرجان أيام العشر فيكّبران فيكممبر النمماس بتكبيرهممما‬
‫في السواق‪ ،‬يعّلمون الناس‪.‬‬

‫من أسئلة حج عام ‪1415‬هم‪ ،‬شريط رقم ‪.49/6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -35‬التكبير المطلق والمقيد أيام التشريق‬

‫س‪ :‬هل يشرع التكبير المطلق فللي أيللام التشللريق‬


‫‪1‬‬
‫أم يقتصر على المقيد فقط؟‬

‫ج‪ :‬التكبير مشروع مطلقًا‪ ،‬المقيد والمطلق جميعا ً فممي هممذه‬


‫اليام‪ ،‬وكممان الصممحابة يكممبرون مطلقما ً ومقيممدًا‪ ،‬وهممو ظمماهر‬
‫َ‬
‫ت{‪،2‬‬ ‫دا ٍ‬
‫دو َ‬
‫عل ُ‬‫م ْ‬
‫فللي أي ّللام ٍ ّ‬ ‫واذْك ُُروا ْ الل ّل َ‬
‫ه ِ‬ ‫قمموله تعممالى‪َ } :‬‬
‫وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أيام التشللريق أيللام‬
‫ر((‪.3‬‬ ‫ب وذك ٍ‬ ‫ل وشر ٍ‬ ‫أك ٍ‬

‫‪ -36‬مسألة في التكبير أيام التشريق ومدته‬

‫س‪ :‬هل التكبير مقتصر علللى مللا بعللد الصلللوات أو‬


‫‪4‬‬
‫في جميع الوقات وكم مدته بعد يوم العيد؟‬

‫ج‪ :‬التكبير مطلق ومقيممد‪ ،‬عممام بعممد الصمملوات ومطلممق فممي‬


‫جميع‬

‫‪ 1‬من أسئلة حج عام ‪1418‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬سورة البقرة الية ‪.203‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب تحريم صوم أيام التشريق برقم‬
‫‪.1141‬‬
‫‪ 4‬من أسئلة حج عام ‪1415‬هم‪ ،‬الشريط رقم ‪.49/7‬‬

‫‪89‬‬
‫الوقممات‪ ،‬مممن صممباح الفجممر مممن يمموم عرفممة إلممى غممروب‬
‫الشمس يمموم الثممالث عشممر؛ خمسممة أيممام التاسممع والعاشممر‬
‫والحادي عشر والثاني عشر إلى الثمالث عشمر‪ ،‬إلمى غمروب‬
‫الشمس مطلق ومقيد‪.‬‬

‫‪ -37‬فضل الستغفار‬

‫س‪ :‬ما صللحة هللذا الحللديث‪)) :‬مللن لللزم السللتغفار‬


‫ق‬ ‫ً‬
‫جعل الللله للله مللن كللل هلم ٍ فرجلا ومللن كللل ض‪1‬للي ٍ‬
‫مخرجا ً ورزقه من حيث ل يحتسب(( وما معناه؟‬

‫ج‪ :‬الحديث المذكور رواه أبو داود‪ 2‬وابن ماجه‪ 3‬وهذا ضعيف؛‬
‫لن في إسناده الحكم بن مصعب وهو مجهول‪ ،‬ولكن الدلممة‬
‫الكممثير مممن اليممات والحمماديث تممدل علممى فضممل السممتغفار‬
‫فُروا‬‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫والترغيب فيه مثممل قممول اللممه سممبحانه‪َ } :‬‬
‫نا ْ‬‫وأ ْ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ل‬
‫جل ٍ‬‫سللنا إ ِلللى أ َ‬ ‫مَتاع لا ً َ‬
‫ح َ‬ ‫عك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مت ّ ْ‬ ‫م ُتوُبوا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه يُ َ‬ ‫م ثُ ّ‬‫َرب ّك ُ ْ‬
‫ل ِذي‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ؤ ِ‬‫وي ُ ْ‬
‫مى َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬

‫‪ 1‬من السئلة الموجهة لسماحته من مجلة الدعوة‪ ،‬وقد أجاب عنه سماحته‬
‫بتاريخ ‪20/6/1419‬هم‪.‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة‪ ،‬باب في الستغفار‪ ،‬برقم ‪.1518‬‬
‫‪ 3‬أخرجه ابن ماجه في كتاب الدب‪ ،‬في باب الستغفار‪ ،‬برقم ‪.3819‬‬

‫‪90‬‬
‫ه{‪ 1‬الية من سورة هممود‪ ،‬وقمموله سممبحانه فممي‬ ‫ضل َ ُ‬ ‫ل َ‬
‫ف ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫َ‬
‫ف ْ‬
‫م{‬
‫حي ٌ‬ ‫غ ُ‬
‫فوٌر ّر ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فُروا الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫وا ْ‬‫آخر المزمل‪َ } :‬‬
‫‪2‬‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -38‬مسألة في فضل الستغفار‬

‫س‪ :‬هللل الزيللادة فللي السللتغفار فللي اليللوم عللن‬


‫سبعين أو مائة مرة جلائز؟ وهلل الزيلادة فلي ذكلر‬
‫سبحان الله وبحمده عن مائة مرة جائز‪ ،‬حيللث إنللي‬
‫ما زلت أذكر الللله وأسللتغفره أي وقللت فللي ذلللك؟‬
‫لعل الله أن يقبل توبتي‪.‬‬

‫ج‪ :‬هذا مستحب ولو سمّبحت ألممف مممرة أو ألفيممن أو عشممرة‬


‫آلف‪ ،‬لكن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم بي ّممن للمممة قممال‪:‬‬
‫))من قال حين يمسللي وحيللن يصللبح سللبحان الللله‬
‫وبحمده مائة مرة غفللرت خطايللاه وإن كللانت مثللل‬
‫زبد البحر((‪ ،3‬يعنممي إذا لممم يصممر علممى الكبممائر فهممذه مممن‬
‫أسباب المغفرة‪ ،‬ويسبح الله مائة مرة في‬

‫‪ 1‬سورة هود‪ ،‬الية ‪.3‬‬


‫‪ 2‬سورة المزمل‪ ،‬الية ‪.20‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التسبيح برقم ‪،6405‬‬
‫ومسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم ‪.2691‬‬

‫‪91‬‬
‫المساء ومائة مرة فممي الصممباح‪ ،‬هممذه ممن أسمباب المغفمرة‬
‫لمن وفقه الله لمترك الكبمائر‪ ،‬وهكمذا قمال صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم‪)) :‬من قللال فللي يللوم ل إللله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد يحيي ويميللت وهللو‬
‫على كل شيء قدير مائة مرة كانت له عللدل عشللر‬
‫رقاب وكتب الله له مللائة حسللنة ومحللي عنلله مللائة‬
‫سيئة وكان في حرز من الشيطان يومه ذلللك حللتى‬
‫يمسي ولم يأت أحدٌ بأفضللل ممللا جللاء بلله إل رجللل‬
‫عمل أكللثر مللن عمللله((‪ 1‬أخرجممه البخمماري ومسمملم فممي‬
‫الصحيحين‪ ،‬وهذا يدل على أن من زاد فل بأس‪ ،‬أو يذكر الله‬
‫مائتين أو ألف مممرة كلممه خيممر لممه مزيممد مممن الجممر والخيممر‪،‬‬
‫المقصود أن التسبيح ل حد له‪ ،‬والذكر ل حد له يكثر من ذكر‬
‫الله وتسبيحه في اليوم والليلة ما يسر الله له‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب صفة إبليس وجنوده برقم ‪،3293‬‬
‫ومسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم ‪.2691‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -39‬حكم القتصار في الصلة على رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بكلمة )ص( أو‬
‫)صلعم(‬

‫الحمممد للممه والصمملة والسمملم علممى مممن ل نممبي بعممده وآلممه‬


‫‪1‬‬
‫وصحبه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد أرسل الله رسوله محمدا ً صمملى اللممه عليممه وسمملم إلممى‬
‫جميع الثقلين بشيرا ً ونذيرًا‪ ،‬وداعيا ً إلممى اللممه بممإذنه وسممراجا ً‬
‫منيرًا‪ ،‬أرسله بالهدى والرحمممة وديممن الحممق‪ ،‬وسممعادة الممدنيا‬
‫والخرة لمن آمممن بممه وأحبممه واتبممع سممبيله صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬ولقد بّلغ الرسالة وأدى المانممة ونصممح المممة‪ ،‬وجاهممد‬
‫فممي اللممه حممق جهمماده‪ ،‬فجممزاه اللممه عممن ذلممك خيممر الجممزاء‬
‫وأحسنه وأكمله‪.‬‬
‫وطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه من أهم فرائض السمملم‬
‫وهي المقصود من رسالته‪ ،‬والشممهادة لممه بالرسممالة تقتضممي‬
‫محبته واتباعه والصلة عليه في كل مناسبة وعند ذكممره؛ لن‬
‫في ذلك أداًء لبعض حقه صلى الله عليه وسمملم وشممكرا ً للممه‬
‫على نعمته عليه‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة البحوث السلمية العدد )‪ (12‬ص ‪ .9-7‬ونشر في ج ‪ 2‬من‬


‫مجموع الفتاوى لسماحته ص ‪.396‬‬

‫‪93‬‬
‫بإرساله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وفي الصلة عليه صلى الله عليه وسلم فوائد كثيرة منها‪:‬‬
‫امتثال أمر الله سبحانه وتعممالى‪ ،‬والموافقممة لممه فممي الصمملة‬
‫عليه صلى الله عليه وسمملم‪ ،‬والموافقممة لملئكتممه أيض ما ً فممي‬
‫عل َللى‬ ‫ن َ‬‫ص لّلو َ‬
‫ه يُ َ‬ ‫مَلئ ِك َت َ ل ُ‬
‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ذلك قال الله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫س لل ّ ُ‬
‫و َ‬ ‫عل َي ْ ل ِ‬
‫ه َ‬ ‫ص لّلوا َ‬ ‫من ُللوا َ‬‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫هللا ال ّ ل ِ‬
‫ي ي َللا أي ّ َ‬
‫الن ّب ِ ل ّ‬
‫ما{ ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫سِلي ً‬‫تَ ْ‬
‫ومنها أيضًا‪ :‬مضاعفة أجر المصلي عليه ورجمماء إجابممة دعممائه‬
‫وسبب لحصول البركة ودوام محبته صلى اللممه عليممه وسمملم‬
‫وزيادتها وتضاعفها وسممبب هدايممة العبممد وحيمماة قلبممه‪ .‬فكلممما‬
‫أكثر الصلة عليه وذكره استولت محبته علممى قلبممه‪ ،‬حممتى ل‬
‫يبقى في قلبه معارضة لشيٍء من أوامره ول شك في شيء‬
‫مما جاء به‪.‬‬
‫كما أنه صلوات الله وسلمه عليممه رغّممب فممي الصمملة عليهمما‬
‫بأحاديث ثبتت عنه‪ ،‬منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبممي‬
‫هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم‬
‫ي واحللدة صللّلى الللله عليلله‬ ‫قممال‪)) :‬مللن صلللى عللل ّ‬
‫عشرا ً((‪ ،2‬وعنه رضي الله عنه‬

‫‪ 1‬سورة الحزاب الية ‪.56‬‬


‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪.408‬‬

‫‪94‬‬
‫أيضا ً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬ل تجعلوا‬
‫بيوتكم قبورًا‪ ،‬ول تجعلوا قبري عيدًا‪ ،‬وصلللوا عللل ّ‬
‫ي‬
‫فإن صلتكم تبلغني حيثما كنتللم((‪ ،1‬وقممال صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪)) :‬رغم أنف رجل ذكرت عنده فلللم يصللل‬
‫ي((‪.2‬‬
‫عل ّ‬
‫وبما أن الصلة على النبي صلى الله عليممه وسمملم مشممروعة‬
‫في الصلوات في التشهد‪ ،‬ومشروعة فممي الخطممب والدعيممة‬
‫والستغفار‪ ،‬وبعد الذان وعند دخول المسجد والخممروج منممه‪،‬‬
‫وعند ذكره وفي مواضع أخرى‪ ،‬فهي تتأكد عنممد كتابممة اسمممه‬
‫في كتاب أو مؤلف أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك؛ لما تقممدم‬
‫من الدلة‪ .‬والمشروع أن تكتب كاملة؛ تحقيقا ً لما أمرنا اللممه‬
‫تعالى به‪ ،‬وليتذكرها القارئ عند مروره عليها‪ ،‬ول ينبغي عنممد‬
‫الكتابة القتصار في الصلة على رسول الله صلى الله عليممه‬
‫وسلم على كلمة )ص( أو )صلعم( وممما أشممبهها مممن الرممموز‬
‫التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين؛ لما في ذلممك مممن‬
‫مخالفة أمر اللمه سمبحانه وتعمالى فممي كتمابه العزيمز بقمموله‪:‬‬
‫موا‬‫سل ّ ُ‬
‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلوا َ‬
‫} َ‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب المناسك‪ ،‬باب زيارة القبور برقم ‪.2042‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب قول رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم رغم أنف رجل برقم ‪.3545‬‬

‫‪95‬‬
‫ما{‪ ،1‬مممع أنممه ل يتممم بهمما المقصممود وتنعممد الفضمملية‬ ‫سلِلي ً‬
‫تَ ْ‬
‫الموجودة في كتابة صلى الله عليه وسلم كاملة‪ .‬وقد ل ينتبه‬
‫لها القارئ أو ل يفهم المممراد بهمما‪ ،‬علم ما ً بممأن الرمممز لهمما قممد‬
‫كرهه أهل العلم وحذروا منه‪.‬‬
‫فقد قممال ابممن الصمملح فممي كتممابه علمموم الحممديث المعممروف‬
‫)مقدمة ابن الصلح( في النوع الخامس والعشرين من كتابة‬
‫الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده قال ما نصه‪:‬‬
‫)التاسع‪ :‬أن يحافظ على كتابة الصلة والتسليم على رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عند ذكممره‪ ،‬ول يسممأم مممن تكريممر‬
‫ذلك عند تكرره؛ فممإن ذلممك مممن أكممبر الفمموائد الممتي يتعجلهمما‬
‫طلبة الحديث وكتبته‪ ،‬ومن أغفل ذلك فقد حرم حظا ً عظيمًا‪،‬‬
‫وقد رأينا لهل ذلك منامات صالحة‪ ،‬وما يكتبه من ذلممك فهممو‬
‫دعاء يثبتممه ل كلم يرويممه؛ فلممذلك ل يتقيممد فيممه بالروايممة‪ ،‬ول‬
‫يقتصر فيه على ما في الصل‪.‬‬
‫وهكذا المر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحممو‬
‫عز وجل‪ ،‬وتبارك وتعالى‪ ،‬وما ضاهى ذلك‪ ،‬إلى أن قممال‪ :‬ثممم‬
‫لتجنممب فممي إثباتهمما نقصممين‪ :‬أحللدهما‪ :‬أن يكتبهمما منقوصممة‬
‫صورة‬

‫سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪96‬‬
‫رامممزا ً إليهمما بحرفيممن أو نحممو ذلممك‪ ،‬والثللاني‪ :‬أن يكتبهمما‬
‫منقوصة معنى بأل يكتب )وسلم(‪ .‬وروي عن حمممزة الكنمماني‬
‫رحمه الله تعالى أنه كان يقول‪ :‬كنممت أكتممب الحممديث وكنممت‬
‫أكتممب عنممد ذكممر النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬ول أكتممب‬
‫)وسلم( فرأيت النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي المنممام‪،‬‬
‫ي؟ قال‪ :‬فما كتبت بعد ذلك‬ ‫فقال لي‪ :‬مالك ل تتم الصلة عل ّ‬
‫صلى الله عليه وسمملم إل كتبممت )وسمملم( إلممى أن قممال ابممن‬
‫الصلح‪ :‬قلت‪ :‬ويكره أيضا ً القتصار على قوله )عليه السلم(‬
‫والله أعلم( انتهممى المقصممود مممن كلمممه رحمممه اللممه تعممالى‬
‫ملخصًا‪.‬‬
‫وقال العلمة السخاوي رحمه الله في كتممابه‪" :‬فتممح المغيممث‬
‫شرح ألفية الحديث للعراقي" ما نصه‪) :‬واجتنب أيها الكمماتب‬
‫الرمز لها ‪ -‬أي الصلة والسلم على رسول الله ‪ -‬صلى اللممه‬
‫عليه وسلم في خطك بأن تقتصممر منهمما علممى حرفيممن ونحممو‬
‫ذلك‪ ،‬فتكون منقوصة صممورة كمما يفعلمه )الكتمماني( والجهلمة‬
‫من أبناء العجم غالبا ً وأعوام الطلبة‪ ،‬فيكتبون بدل ً من )صلى‬
‫الله عليه وسلم( )ص( أو )صم( أو )صمملعم( فممذلك لممما فيممه‬
‫من نقص الجر لنقص الكتابة خلف الولى(‪.‬‬
‫وقال السيوطي رحمه الله في كتابه‪" :‬تدريب الراوي‬

‫‪97‬‬
‫في شرح تقريب النواوي"‪:‬‬
‫)ويكممره القتصممار علممى الصمملة أو التسممليم هنمما‪ ،‬وفممي كممل‬
‫موضع شرعت فيه الصمملة‪ ،‬كممما فممي شممرح مسمملم وغيممره؛‬
‫ما{‪ ،1‬إلممى أن‬ ‫سلِلي ً‬ ‫سلل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلوا َ‬
‫لقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫قال‪ :‬ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحممرف أو حرفيممن‪ ،‬كممم‬
‫يكتب )صلعم( بل يكتبهما بكمالها( انتهى المقصود من كلمه‬
‫رحمه الله تعالى ملخصًا‪.‬‬
‫هذا ووصيتي لكل مسلم ٍ وقارئ وكمماتب أن يلتمممس الفضممل‬
‫ويبحث عممما فيممه زيمادة أجممره وثموابه ويبتعممد عمما يبطلمه أو‬
‫ينقصه‪.‬‬
‫نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعما ً لممما فيممه رضمماه‪،‬‬
‫إنه جواد كريم‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلممه‬
‫وصحبه‪.‬‬

‫‪ -40‬الدعاء يشرع في كل وقت وليس من‬


‫شرط الطهارة‬

‫س‪ :‬هللل يجللوز الللدعاء فللي غيللر أوقللات الصلللة‪،‬‬


‫والنسان على غير طهارة‪ ،‬وهللو فللي العمللل مث ً‬
‫ل‪،‬‬
‫هل يستجاب له في هذه الحالة‪.‬‬

‫سورة الحزاب الية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪98‬‬
‫ج‪ :‬الدعاء يشرع في كل وقت‪ ،‬وليس من شمرطه الطهمارة‪،‬‬
‫يدعو في جميممع الحمموال‪ ،‬سممواء كمان علممى طهممارةٍ أو علممى‬
‫ض أو في‬ ‫ث أصغر‪ ،‬أو كانت المرأة في حي ٍ‬ ‫جنابة‪ ،‬أو على حد ٍ‬
‫نفاس‪ ،‬الدعاء مطلوب وهكممذا الممذكر‪ ،‬ومممن الممذكر‪ :‬سممبحان‬
‫الله والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر‪ ،‬يذكر الله على كل‬
‫حاله حتى المرأة في حيضها ونفاسممها‪ ،‬حممتى الجنممب‪ ،‬قممالت‬
‫عائشة رضي الله عنها‪) :‬كان النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫سل َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫خل ْل‬‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫يذكر الله علممى كممل أحيممانه( }إ ِ ّ‬
‫ف الل ّْيلللل والن ّهلللار لَيلللا ٍ ُ‬ ‫وال َْر‬
‫وِللللي‬ ‫ت ّل ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫خت ِل َ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن اللل َ‬ ‫ُ‬
‫ن َيلذْكُرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ب{ ‪ ،‬والله يقول جل وعل‪} :‬الل ِ‬ ‫‪1‬‬
‫اللَبا ِ‬‫ْ‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ِ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫و َ‬‫دا َ‬‫عو ً‬ ‫ق ُ‬‫و ُ‬ ‫ما َ‬ ‫قَيا ً‬
‫‪2‬‬
‫ِ‬
‫فالمؤمن مشروع له الذكر في جميع الحوال‪ ،‬إنما ُينهى عممن‬
‫قممراءة القممرآن خاصممة فممي حممال الجنابممة‪ ،‬ويقممول سممبحانه‬
‫ض‬ ‫ْ َ‬ ‫صلَلةُ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫وتعالى‪َ } :‬‬
‫فإ ِ َ‬
‫فللي الْر ِ‬ ‫شلُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬ ‫ق ِ‬
‫م‬ ‫عل ّك ُل ْ‬‫ه ك َِثي لًرا ل ّ َ‬‫واذْك ُلُروا الل ّل َ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّل ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫غوا ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫والمؤمن مأمور بالذكر دائمًا‪ ،‬قائما ً وقاعدا ً وعلى جنبه‪ ،‬على‬
‫طهارة إل حال قممراءة القممرآن فممإنه يمنممع فممي حممال الجنابممة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫سورة آل عمران الية ‪.190‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪.191‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الجمعة الية ‪.10‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -41‬مسألة في الوراد الشرعية والدعوات‬
‫الواردة عن النبي وكيفية الصلة عليه صلى‬
‫الله عليه وسلم‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخت‪ :‬ن‪ .‬ع‪.‬‬
‫م‪ .‬س‪ .‬زادها الله من العلم واليمان وبارك لهمما فممي المموقت‬
‫والعمل آمين‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد وصلني كتابك الكريم وصلك الله بحبل الهدى والتوفيق‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وجميع ما تضمنه من السئلة كان معلومًا‪ ،‬وهذا جوابها‪..‬‬
‫وأممما الوراد الشممرعية مممن الذكممار والممدعوات الممواردة عممن‬
‫النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬فالفضممل أن يممؤتى بهمما فممي‬
‫طرفي النهار بعد صلة الفجر وصمملة العصممر‪ ،‬وذلممك أفضممل‬
‫من قراءة القرآن؛ لنها عبادة مؤقتة تفوت بفوات وقتها‪ ،‬أما‬
‫قراءة القرآن فوقتها واسع‪ ،‬ومن اشتغل بقراءة القرآن فممي‬
‫طرفي النهار وترك الورد فل بأس؛ لنها‬

‫‪ 1‬نشر الجواب على السئلة المذكورة في ج ‪ 8‬ص ‪ 316-309‬من هذا‬


‫المجموع‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫كلها نافلة‪ ،‬والمر فممي ذلممك واسممع‪ ،‬ول حممرج علممى الحممائض‬
‫والنفساء في أصح قولي العلماء في قراءة القرآن عن ظهر‬
‫قلب‪ ،‬سواء كان في الورد أو غيره‪ ،‬أما الجنب فل يقرأ شيئا ً‬
‫من القرآن حتى يغتسل؛ لن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫كممان ل يحجممزه شمميء عممن القممرآن إل الجنابممة‪ ،‬أممما مممس‬
‫المصحف فل يجوز للحائض والنفساء والجنب‪ ،‬ول يجوز أيضا ً‬
‫للمحممدث حممدثا ً أصممغر كالريممح والنمموم حممتى يتوضممأ الوضمموء‬
‫الشرعي؛ لحاديث وردت في ذلك عن النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬أما تثويب الورد للغير ‪،‬فالفضل تركممه؛ لعممدم الممدليل‬
‫عليه‪ ،‬وهكذا تثويب قراءة القرآن للغيممر الفضممل تركممه‪ ،‬كممما‬
‫تقدم بيان ذلك؛ لنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫ول عن الصحابة رضي الله عنهم ‪-‬فيما نعلممم‪ -‬ممما يممدل علممى‬
‫تثممويب القممرآن أو الذكممار للغيممر‪ ،‬أممما الممدعاء والصممدقات‬
‫فأمرهما واسع‪ ،‬كما تقدم أيضا ً الكلم في ذلك‪.‬‬
‫أما حديث أبي بن كعب رضي الله عنه الذي فيه أنه قال‪) :‬يا‬
‫رسول الله‪ ،‬كم أجعل لممك مممن صمملتي؟‪ (..‬إلممى آخممره‪ ،‬فهممو‬
‫حديث في إسناده ضعف‪ ،‬وعلى فرض صحته فقد ذكر شمميخ‬
‫السلم ابممن تيميممة رحمممه اللممه وغيممره مممن أهممل العلممم‪ ،‬أن‬
‫المراد بذلك‪ :‬الدعاء؛ لن الدعاء يسمممى‪ :‬صمملة‪ ،‬قممالوا‪ :‬كممان‬
‫ُأبي قد‬

‫‪101‬‬
‫خصص وقتاً للدعاء‪ ،‬فسأل النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬كم‬
‫يجعل له من ذلك؟‪ (...‬إلى أن قال‪) :‬أجعل لك صلتي كلها(‪،‬‬
‫المعنى‪ :‬أجعل دعائي كله صلةً عليك‪ ،‬يعني‪ :‬في ذلك الوقت‬
‫الذي خصصه للدعاء‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬
‫وما دام الحديث ليس صممحيح السممناد فينبغممي‪ :‬أن ل يتكلممف‬
‫فممي تفسمميره‪ ،‬ويكفينمما أن نعلممم أن اللممه سممبحانه شممرع لنمما‬
‫الصلة والسلم على رسوله محمد صلى اللممه عليممه وسمملم‪،‬‬
‫عل َللى‬ ‫ن َ‬ ‫صلّلو َ‬
‫ه يُ َ‬ ‫ملئ ِك َت َل ُ‬‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫كما قممال عممز وجممل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫س لل ّ ُ‬
‫و َ‬ ‫عل َي ْ ل ِ‬
‫ه َ‬ ‫ص لّلوا َ‬ ‫من ُللوا َ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫هللا ال ّ ل ِ‬
‫ي ي َللا أي ّ َ‬
‫الن ّب ِ ل ّ‬
‫ما{ ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫سِلي ً‬ ‫تَ ْ‬
‫وجاءت الحاديث الكثيرة عن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫ة على مشروعية الكثار من الصلة والسمملم عليممه‪ ،‬عليممه‬ ‫دال ً‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وأن من صّلى عليه واحدةً صّلى اللممه عليممه‬
‫بها عشممرًا‪ ،‬فهممذا كلممه يكفممي فممي بيممان شممرعية الكثممار مممن‬
‫الصلة والسلم عليه في سممائر الوقممات مممن الليممل والنهممار‬
‫خصوصا ً أمام الممدعاء‪ ،‬وبعممد الذان‪ ،‬وفممي آخممر الصمملة قبممل‬
‫السلم‪ ،‬وكلما مر ذكره صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ي يوم الجمعللة مللائة مللرة‬ ‫وأما حديث‪)) :‬من صلى عل ّ‬
‫جاء‬

‫سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪102‬‬
‫يوم القيامة ومعه نور لو قسللم بيللن الخلللق كلهللم‬
‫ل‪ ،‬بل هو من كذب الكذابين‪.‬‬ ‫لوسعهم((‪ ،‬فل نعلم له أص ً‬
‫وأما كيفية الصلة على النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ :‬فقممد‬
‫جاء في الحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم بيانها‪،‬‬
‫ل وسلم على رسممول اللممه‪ ،‬أو‪:‬‬ ‫وأقل ذلك أن يقول‪ :‬اللهم ص ّ‬
‫اللهم ص ّ‬
‫ل وسلم على نبينمما محم مدٍ وآلممه وصممحبه‪ ،‬أو‪ :‬اللهممم‬
‫ل وسلم على سيدنا محمممد وآلممه وصممحبه‪ ،‬أو‪ :‬صمملى اللممه‬ ‫ص ّ‬
‫عليك يا رسول الله‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ومن ذلممك قمموله صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم لما سئل عن كيفية الصلة عليه‪ ،‬قال‪)) :‬قولللوا‬
‫د وعلى آل محمد‪ ،‬كمللا صللليت‬ ‫ل على محم ٍ‬ ‫اللهم ص ّ‬
‫على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد‬
‫كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد‬
‫ل علللى‬ ‫مجيد((‪ ،‬وفي لفظ آخر قال‪)) :‬قولوا‪ :‬اللهم ص ل ّ‬
‫محمد وعلللى آل محمللد كمللا صللليت علللى إبراهيللم‬
‫ظ عنممه‬‫وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد((‪ ،‬وفممي لفمم ٍ‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم لما أخبرهم بكيفية الصلة‬
‫قال‪)) :‬والسلم كما علمتم((‪ ،1‬يشير بذلك إلى ما علمهم‬
‫إياه‬

‫ه‬‫خذَ الل ّ ُ‬
‫وات ّ َ‬
‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب أحاديث النبياء‪ ،‬باب قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ل{‪ ،‬برقم ‪ ،3370‬ومسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على‬ ‫خِلي ً‬
‫م َ‬
‫هي َ‬
‫إ ِب َْرا ِ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم برقم ‪.405‬‬

‫‪103‬‬
‫فممي التحيممات وهممو قمموله‪)) :‬السلللم عليللك أيهللا النللبي‬
‫ظ آخر عنه صلى الله عليه‬ ‫ورحمة الله وبركاته(( وفي لف ٍ‬
‫د‬
‫ل علللى محمل ٍ‬ ‫وسلم‪ :‬أنه قال لهممم‪)) :‬قولوا اللهللم صل ّ‬
‫وعلى أزواجه وذريته كما صللليت علللى آل إبراهيللم‬
‫د وعلى أزواجه وذريته كما بللاركت‬ ‫وبارك على محم ٍ‬
‫على آل إبراهيم إنك حميد مجيد(( ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهذه الكيفيات المذكورة هي أصح ما ورد عنه عليممه الصمملة‬


‫والسلم فممي كيفيممة الصمملة عليممه‪ ،‬وهممي كافيممة عممما أحممدثه‬
‫الناس من أنواع الصلة والسلم عليه‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وهي أفضل مما أحدثوا‪.‬‬
‫ي فللي يللوم ٍ مللائة مللرة‪،‬‬ ‫وأما حممديث‪)) :‬من صلللى علل ّ‬
‫قضى الللله للله مللائة حاجللة‪ ،‬سللبعون منهللا لخرتلله‪،‬‬
‫ل‪ ،‬بل هو من كذب‬ ‫وثلثون منها لدنياه((‪ ،‬فل نعلم له أص ً‬
‫الكذابين‪.‬‬
‫وأسأل الله أن يمنحنمما وإيمماك وسممائر المسمملمين الفقممه فممي‬
‫الدين والثبات عليه‪ ،‬وأن يصلح قلوبنمما وأعمالنمما‪ ،‬وأن يتوفانمما‬
‫جميعا ً على السلم‪ ،‬إنه جواد كريم‪ ،‬وصلى الله وسملم علممى‬
‫نبينمما محمممد وآلممه وصممبحه‪ ،‬والسمملم عليكممم ورحمممة اللممه‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪.407‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -42‬ما صحة حديث‪)) :‬إن الله حرم على‬
‫الرض أن تأكل أجساد النبياء((‬

‫س‪ :‬سللمعت المللذيع وكللان يتكلللم فللي فضللل يللوم‬


‫الجمعة وذلك يوم الجمعة ‪ 12‬مللن ربيللع الول وقللد‬
‫ي مللن الصلللة فيلله‬ ‫أورد حديثا ً يقول‪)) :‬فأكثروا عل ّ‬
‫ي قللالوا‪ :‬يللا رسللول الللله‬ ‫فإن صلتكم معروضة علل ّ‬
‫كيف تعرض عليللك صلللتنا وقللد أرمللت؟ فقللال‪ :‬إن‬
‫الله عللز وجللل حللرم علللى الرض أن تأكللل أجسللاد‬
‫النبيللاء((‪ 1‬رواه الخمسللة إل الترمللذي أفليللس هللذا‬
‫يتعارض مع الية الكريمللة الللتي يقللول الللله فيهللا‪:‬‬
‫وإ ِّنللا‬
‫م{ ‪ ،‬وقوله سللبحانه‪َ } :‬‬
‫‪2‬‬
‫مث ْل ُك ُ ْ‬
‫شٌر ّ‬‫ما أ ََنا ب َ َ‬ ‫ق ْ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫} ُ‬
‫ج لُرًزا{‪ ،3‬وأنلله لمللا دخللل‬
‫دا ُ‬‫عي ً‬ ‫صل ِ‬ ‫ها َ‬‫عل َي ْ َ‬
‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫عُلو َ‬ ‫جا ِ‬‫لَ َ‬
‫عليه العباس عمه حين مات‪ ،‬ومكث ثلثة أيام قبللل‬
‫أن يدفن‬

‫‪ 1‬أخرجه النسائي في كتاب الجمعة‪ ،‬باب إكثار الصلة على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬برقم ‪ ،1374‬وأبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب فضل الجمعة‬
‫وليلة الجمعة‪ ،‬برقم ‪ ،1047‬وابن ماجه في كتاب إقامة الصلة‪ ،‬باب فضل‬
‫الجمعة‪ ،‬برقم ‪ ،1085‬وأحمد في أول مسند المكثرين‪ ،‬حديث أوس بن أبي‬
‫أوس الثقفي‪ ،‬برقم ‪.15729‬‬
‫‪ 2‬سورة الكهف‪ ،‬الية ‪ ،110‬سورة فصلت‪ ،‬الية ‪.6‬‬
‫‪ 3‬سورة الكهف‪ ،‬الية ‪.8‬‬

‫‪105‬‬
‫وكان واضعا ً يديه لى أنفه‪ ،‬وقال له‪)) :‬عجلوا بدفن‬
‫صاحبكم والله إنه ليأسن كما يأسن سائر البشر((‪،‬‬
‫وهذا الحديث الذي سمعته موجود فللي كتللاب )نيللل‬
‫الوطار شرح منتقى الخبار( والحديث أيضا ً أخرجه‬
‫ابللن حبللان فللي صللحيحه والحللاكم فللي مسللتدركه‬
‫وقال‪ :‬صللحيح علللى شللرط البخللاري ولللم يخرجللاه‪،‬‬
‫حكللي عللن أبيلله‬ ‫وذكره ابن أبي حاتم فللي العلللل‪ ،‬و ُ‬
‫بأنه حديث منكر؛ لن في إسناده عبللد الرحمللن بللن‬
‫يزيد بن جابر وهو منكر الحديث‪ ،‬وقال ابن العربللي‬
‫إن الحديث لم يثبت‪ .‬وأسأل الله تعالى أن يوفقني‬
‫‪1‬‬
‫وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه؟‬
‫ج‪ :‬الحديث المذكور معروف عند أهل العلم ول بأس به عنممد‬
‫أهل العلم ول نكارة في ذلك‪ ،‬فإن الله جل وعل له أن يخص‬
‫من يشاء ممن عبمماده بمما يشمماء سمبحانه وتعمالى فممإذا خمص‬
‫النبياء بتحريم أجسادهم على الرض فل غرابة في ذلك لممما‬
‫لهم لديه من الكرامة‪.‬‬
‫والصمملة والسمملم عليممه مشممروعة مطلق مًا‪ ،‬ولممو فرضممنا أن‬
‫الجسد قد أكلته الرض كما تأكل أجساد الناس الخرين فممإن‬
‫هذا ل يمنع مممن الصمملة والسمملم عليممه‪ ،‬ول يمنممع أيض ما ً مممن‬
‫تخصيص‬

‫أجاب عنه سماحته بتاريخ ‪28/9/1414‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪106‬‬
‫الجمعة بالمزيد من ذلك؛ لما جاء فممي الحممديث فممإن الصمملة‬
‫والسلم عليه مشممروعان دائم ما ً عليممه الصمملة والسمملم فممي‬
‫حياته وبعد وفاته عليه الصلة والسلم؛ لقول الله عز وجممل‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ها اّللل ِ‬ ‫عَلى الن ّب ِ ّ‬
‫ي َيا أي ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صّلو َ‬
‫ه يُ َ‬‫مَلئ ِك َت َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ل وسمملم‬ ‫ما{‪ ،‬اللهممم صم ّ‬ ‫سِلي ً‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫صّلوا َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫آ َ‬
‫عليه صلةً وسلما ً دائمين إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسمملم كممما رواه مسمملم فممي الصممحيح‪:‬‬
‫))من صّلى علي واحدة صّلى الله عليه بها عشرا ً((‪.‬‬
‫وبذلك ُيعلم أن الصلة والسلم مشممروعان فممي حيمماته وبعممد‬
‫وفاته‪ ،‬أممما كممون جسممده يبقممى فقممد جمماء فممي هممذا الحممديث‬
‫وسنده ل بأس به عند أهل العلم‪ ،‬أما قول العبمماس فل أعلمم‬
‫إلى يومي هذا صحته ولم أتتبممع أسممانيده‪ ،‬ولممو فرضممنا صممحة‬
‫قول العباس فإنه ل ينافي ما جاء به هذا الحديث من تحريممم‬
‫أجساد النبياء على الرض؛ لنه قد يعتري الجسد ممما يعممتريه‬
‫ق لمم تمأكله الرض‪ ،‬فمإن اللمه علممى كممل‬ ‫من التغيير وهمو بمما ٍ‬
‫شيء قدير سبحانه وتعالى‪ ،‬فمإذا وضممع فمي القممبر أمكمن أن‬
‫تزول هممذه الرائحممة علممى فممرض صممحة أثممر العبمماس ويبقممى‬
‫الجسد سليما ً طريًا‪ ،‬وليس في الشرع ول في العقل ما يمنع‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫والمقصود أن الصلة والسلم عليه مشروعان مطلقا ً سممواء‬
‫بقي الجسد أم لم يبق الجسد وكونه تعرض عليه صلة أمتممه‬
‫ل تعلق له بالجسد‪ ،‬وإنما ذلك على الروح وهي فممي الرفيممق‬
‫ن روحه باقية‪ ،‬وهكذا الرواح باقية عند أهل السنة‬ ‫العلى‪ ،‬فإ ّ‬
‫والجماعممة‪ ،‬أرواح المممؤمنين فممي الجنممة‪ ،‬وأرواح الكفممار فممي‬
‫النار‪ ،‬روحه صلى اللمه عليمه وسملم فمي أعلمى علّييمن عليمه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وأرواح المؤمنين في صفة طيور تعلممق فممي‬
‫شجر الجنة‪ ،‬وأرواح الشهداء في أجواف طيممر خضممر تسممرح‬
‫في الجنة حيث شماءت ثممم ترجممع إلممى قناديممل معلقمة تحممت‬
‫العرش كما صحت بذلك الحاديث عن النبي صلى الله عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -43‬مسألة في الصلة والسلم على النبياء‬
‫والرسل‬

‫س‪ :‬الخ ع‪ .‬ص‪ .‬ح‪ .‬من القاهرة يقول فللي سللؤاله‪:‬‬


‫عندما أقرأ فللي بعللض الكتللاب الدينيللة ويللأتي ذكللر‬
‫نبينا محمد صلى الله عليه وسلللم‪ ،‬فللإنهم يقولللون‬
‫بعد اسمه صلى الللله عليلله وسلللم أو عليلله الصلللة‬
‫والسلم‪ ،‬وعنللدما يللأتي ذكللر غيللره مللن النبيللاء أو‬
‫الرسل‪ ،‬فللإنهم يقولللون عليلله الصلللة والسلللم أو‬
‫عليه السلم‪ ،‬وعندما سألت أحللد الخللوة عللن ذلللك‬
‫قال‪ :‬إن )صلى الله عليه وسلم( خاصة بيننا محمللد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأن )عليه الصلة والسلللم(‬
‫خاصة بأولي العزم من الرسل‪ ،‬وأن )عليه السلم(‬
‫خاصة بمن عداهم‪ ،‬وحيث ورد في القللرآن الكريللم‬
‫على لسان عيسى ابن مريم عليه الصللة والسللم‬
‫عل َل ّ‬
‫ي‬ ‫سلَل ُ‬
‫م َ‬ ‫وال ّ‬
‫وهو من أولي العزم قوله تعللالى‪َ } :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حّيا{‪ 1‬فقد كنللت‬ ‫ث َ‬‫ع ُ‬
‫م أب ْ َ‬
‫و َ‬
‫وي َ ْ‬
‫ت َ‬
‫مو ُ‬
‫مأ ُ‬‫و َ‬
‫وي َ ْ‬
‫ت َ‬
‫وِلد ّ‬
‫م ُ‬
‫و َ‬
‫يَ ْ‬
‫ك مللن قللول هللذا الخ‪ ،‬فللأرجو الفللادة هللل‬ ‫في ش ٍ‬
‫ً ‪2‬‬
‫هناك فرق؟ جزاكم الله خيرا؟‬

‫‪ 1‬سورة مريم الية ‪.33‬‬


‫‪ 2‬سؤال موجه لسماحته من المجلة العربية‪ ،‬وقد أجاب عنه سماحته بتاريخ‬
‫‪21/9/1419‬هم‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ل أعلم فرقا ً في هذا المقام بين جميع النبياء والرسل‪ ،‬وقممد‬
‫ب‬‫ك َر ّ‬‫ن َرّبلل َ‬‫حا َ‬‫سب ْ َ‬
‫قال الله جل وعل في آخر الصممافات‪ُ } :‬‬
‫د‬
‫ملل ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ن َ‬‫سللِلي َ‬‫مْر َ‬‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫سَل ٌ‬
‫م َ‬ ‫و َ‬
‫ن َ‬
‫فو َ‬‫ص ُ‬‫ما ي َ ِ‬ ‫ع ّ‬
‫ة َ‬‫عّز ِ‬‫ال ْ ِ‬
‫ن{‪ 1‬وفق الله الجميع‪.‬‬ ‫مي َ‬‫عال َ ِ‬
‫ب ال ْ َ‬‫ه َر ّ‬‫ل ِل ّ ِ‬

‫‪ -44‬الدعية المستجابة والوقات التي يتحرى‬


‫فيها المسلم الدعاء‬

‫س‪ :‬ما هو الدعاء الذي أدعو به ليستجاب لي؟ وهل‬


‫الدعاء كطلب الزواج وغيره جائز في السللجود فللي‬
‫الفريضللة؟ ومللا هللي الوقللات الللتي يتحللرى فيهللا‬
‫‪2‬‬
‫المسلم الدعاء‪.‬؟‬

‫قا َ‬
‫ل‬ ‫و َ‬
‫ج‪ :‬الله شرع لعباده الدعاء‪ ،‬فقال سبحانه وتعمممالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ذا‬‫وإ ِ َ‬‫م{ ‪ ،‬وقممال عممز وجممل‪َ } :‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫َرب ّك ُ ُ‬
‫‪3‬‬

‫ع‬ ‫ُ‬ ‫فإ ِّني َ‬ ‫عّني َ‬ ‫سأ َل َ َ‬


‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ل ّ‬
‫عل َ‬
‫ب دَ ْ‬
‫جي ل ُ‬
‫بأ ِ‬‫ري ل ٌ‬
‫ق ِ‬ ‫عَباِدي َ‬‫ك ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫عا ِ‬
‫ذا دَ َ‬ ‫إِ َ‬

‫سورة الصافات‪ ،‬اليات ‪.182 -180‬‬ ‫‪1‬‬

‫نشر في ج ‪ 8‬من هذا المجموع ص ‪.386‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة غافر‪ ،‬الية ‪.60‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة البقرة الية ‪.186‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪110‬‬
‫والسجود محل للدعاء في الفرض والنفل‪ ،‬وأحممرى الوقممات‬
‫لجابة الدعاء‪ :‬آخر الليل‪ ،‬وجوف الليل‪ ،‬وهكمذا السمجود فمي‬
‫فرضا أو نفل ً يستجاب فيه الدعاء‪ ،‬وهكذا آخر الصمملة‬
‫ً‬ ‫الصلة‬
‫قبل السلم بعد التشهد والصلة على النبي صلى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬وهكذا الدعاء يوم الجمعة حين يجلس الخطيب علممى‬
‫المنبر إلى أن تقضى الصلة‪ ،‬وبعد صلة العصر إلممى غممروب‬
‫الشمس يوم الجمعة‪.‬‬
‫فينبغي لمن أراد أن يدعو أن يتحرى هذه الوقات‪ ،‬وهكذا ممما‬
‫بين الذان والقامة الدعاء فيه ل يرد‪ ،‬ومن أهمها آخر الليممل؛‬
‫لقممول النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬ينزل ربنللا إلللى‬
‫السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليللل الخللر‬
‫فيقول مللن يللدعوني فأسللتجيب للله؟ مللن يسللألني‬
‫ظ‬
‫فأعطيه؟ من يستغفرني فللأغفر للله((؟‪ ،1‬وفممي لف م ٍ‬
‫ع فيسللتجاب للله؟ هللل مللن‬ ‫آخر فيقممول‪)) :‬هل مللن دا ٍ‬
‫ب فيتللاب عليلله‪،‬‬ ‫ل فيعطى سؤله؟ هل مللن تللائ ٍ‬ ‫سائ ٍ‬
‫حتى يطلع الفجر((‪.2‬‬

‫ن َأن‬
‫دو َ‬
‫ري ُ‬
‫أخرجه البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب قول الله تعالى‪} :‬ي ُ ِ‬
‫‪1‬‬

‫ه{ برقم ‪ ،7494‬ومسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب‬ ‫م الل ّ ِ‬


‫ي ُب َدُّلوا ك ََل َ‬
‫الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل برقم ‪.758‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب الترغيب في الدعاء والذكر‬
‫في آخر الليل برقم ‪.758‬‬

‫‪111‬‬
‫وهذا وقت عظيم ينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يكون لهما فيه‬
‫حظ من التهجممد والممدعاء والسممتغفار‪ .‬وهممذا النممزول اللهممي‬
‫نزول يليق بالله عز وجل ل يشابهه نممزول خلقممه‪ ،‬فهممو ينممزل‬
‫سبحانه نممزول يليممق بجللممه ل يعلممم كيفيتممه إل اللممه سممبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬ول يشابه الخلق في شيء مممن صممفاته‪ ،‬كالسممتواء‪،‬‬
‫والرحمممة‪ ،‬والغضممب‪ ،‬والرضمما وغيممر ذلممك؛ لقمموله سممبحانه‪:‬‬
‫صيُر{‪ ،1‬ومن ذلك‬ ‫ع ال ْب َ ِ‬
‫مي ُ‬‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫يء ٌ َ‬‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫}ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫وى{‪.2‬‬ ‫ست َ َ‬
‫شا ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬‫ح َ‬‫قوله تعالى‪} :‬الّر ْ‬
‫فالستواء يليق بجلله سبحانه‪ ،‬ومعناه‪ :‬العلو والرتفاع فوق‬
‫العرش‪ ،‬لكنه استواء يليق بالله ل يشابه فيه خلقممه ول يعلممم‬
‫كيفيتممه إل اللممه سممبحانه وتعممالى‪ ،‬كممما قممال تعممالى‪} :‬ل َي ْ َ‬
‫س‬
‫صيُر{‪.3‬‬ ‫ع ال ْب َ ِ‬
‫مي ُ‬‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫يء ٌ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫كَ ِ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫وكما قالت أم سلمة رضي الله عنها‪) :‬الستواء غير مجهول‪،‬‬
‫والكيف غير معقول‪ ،‬والقرار به إيمان‪ ،‬وإنكاره كفر(‪.‬‬
‫وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ المام مالك أحد‬

‫سورة الشورى‪ ،‬الية ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة طه‪ ،‬الية ‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الشورى الية ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪112‬‬
‫التابعين رضي الله عنه لما سممئل عممن ذلممك قممال‪) :‬السممتواء‬
‫غير مجهول‪ ،‬والكيف غير معقول‪ ،‬ومن الله الرسالة‪ ،‬وعلممى‬
‫الرسول التبليغ‪ ،‬وعلينا التصديق(‪.‬‬
‫ولما سئل المممام مالممك رحمممه اللممه ‪-‬إمممام دار الهجممرة فممي‬
‫زمانه في القرن الثاني‪ -‬عن الستواء قال‪) :‬الستواء معلوم‪،‬‬
‫والكيف مجهول‪ ،‬واليمان به واجب‪ ،‬والسؤال عنه بدعة(‪ ،‬ثم‬
‫قال للسائل‪) :‬ما أراك إل رجل سوء(‪ ،‬ثم أمر بإخراجه‪.‬‬
‫وهذا الذي قاله المام مالك‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وربيعممة رضممي اللممه‬
‫عنهم‪ ،‬هممو قممول أهممل السممنة والجماعممة كافممة‪ ،‬يقولممون فممي‬
‫أسماء الله وصممفاته‪ :‬إنهمما يجممب إثباتهمما للممه عممز وجممل علممى‬
‫الوجه اللئق به سبحانه وتعالى‪ ،‬فاليمان والقرار بها واجب‪،‬‬
‫والتكييف منفي ل يعلم كيفيتها إل الله عز وجل‪ ،‬ولهذا يقممول‬
‫َ‬
‫د{‪ ،1‬ويقممول سممبحانه‪:‬‬ ‫حل ٌ‬‫وا أ َ‬ ‫ه كُ ُ‬
‫فل ً‬ ‫ن ل َل ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬‫ول َ ْ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫صلليُر{ ‪ ،‬ويقممول‬
‫‪2‬‬
‫ع ال ْب َ ِ‬‫مي ُ‬‫سل ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫يء ٌ َ‬‫ْ‬ ‫ه َ‬
‫ش‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫س كَ ِ‬‫}ل َي ْ َ‬
‫ل إن الل ّه يعل َم َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫وأن ْت ُ ْ‬
‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫مَثا َ ِ ّ‬ ‫ه اْل ْ‬ ‫رُبوا ل ِل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬‫فل ت َ ْ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،3‬وهو سبحانه يغضب‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ل تَ ْ‬

‫سورة الخلص‪ ،‬الية ‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الشورى الية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النحل‪ ،‬الية ‪.74‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪113‬‬
‫على أهممل معصمميته والكفممر بممه‪ ،‬ويرضممى عممن أهممل طمماعته‪،‬‬
‫ويحب أولياءه‪ ،‬ويبغض أعداءه‪ ،‬وهذا الحب والبغممض والرضمما‬
‫والغضب وغيرها من صفاته سممبحانه كلهمما ثابتممة لممه سممبحانه‬
‫على الوجه الذي يليق بجلله عز وجل‪ ،‬وهو قول أهل السممنة‬
‫والجماعة‪ ،‬فالواجب التزام هذا القول‪ ،‬والثبات عليممه‪ ،‬والممرد‬
‫على من خالفه‪.‬‬
‫ومن أدلة الدعاء في السجود‪ :‬قول الرسول صلى الله عليممه‬
‫وسمملم‪)) :‬فأمللا الركللوع فعظمللوا فيلله الللرب‪ ،‬وأمللا‬
‫ن أن يسلتجاب‬ ‫قمل ٌ‬ ‫ف َ‬
‫السجود فاجتهدوا فلي اللدعاء َ‬
‫لكم((‪ ،1‬وقال صلى الله عليممه وسمملم‪)) :‬أقرب مللا يكللون‬
‫العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء((‪ 2‬أخرجهمممما‬
‫مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫فإذا سممألت المممرأة زوجما ً صممالحا ً فممي السممجود أو فممي آخممر‬
‫ل‪ ،‬وكممذلك الرجممل إذا سممأل ربممه أن يعطيممه‬ ‫الليل‪ ،‬أو مال ً حل ً‬
‫ل‪ ،‬فكل ذلك طيب‪.‬‬ ‫ة صالحة‪ ،‬أو مال ً حل ً‬ ‫زوج ً‬
‫والنكاح عبادة‪ ،‬وفيه مصالح كثيرة للرجل والمرأة‪،‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع‬


‫والسجود برقم ‪.479‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما يقال في الركوع والسجود برقم‬
‫‪.482‬‬

‫‪114‬‬
‫وهكممذا بقيممة الحاجممات الخاصممة‪ ،‬كممأن يقممول‪" :‬اللهممم أغننممي‬
‫بفضلك عمن سواك‪ ،‬اللهم أغنني عممن سممؤال خلقممك‪ ،‬اللهممم‬
‫ة صالحة" ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ارزقني ذري ً‬

‫‪ -45‬حكم الدعاء جماعة بعد الصلة‬

‫س‪ :‬الدعاء جماعة بعد الصلة في اليام العادية‪ ،‬ما‬


‫‪1‬‬
‫حكمه إذا استمر عليه البعض من الناس؟‬

‫ج‪ :‬هذا من البدع‪ ،‬النسان يدعو ربه وحده‪ ،‬ما يحتمماج يتجمممع‬
‫مع مجموعمة ويمدعو بهمم واحمد‪ ،‬ل‪ ،‬كمل واحمد إذا فمرغ ممن‬
‫الصلة يأتي بالذكار الشرعية ويدعو بينه وبين ربه‪ ،‬أما يكون‬
‫لهم إماما ً يدعو بهم‪ ،‬يرفع يديه ويدعون‪ ،‬ليس له أصممل‪ ،‬هممذا‬
‫من المحدثات‪ .‬والله يهدينا وإخواننا المسلمين‪.‬‬

‫نشر في جريدة الرياض‪ ،‬العدد ‪ 10763‬وتاريخ ‪12/8/1418‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -46‬أفضل الدعية التي يجب على المسلم‬
‫أن يرددها‬

‫س‪ :‬نختم هذا اللقاء سماحة الشلليخ بسللؤال وهللو‪:‬‬


‫أفضل الدعية التي يجب على المسلللم أن يرددهللا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫سواءٌ في الصلة أو في غيرها؟‬

‫ج‪ :‬أفضل الذكر‪ ،‬ل إله إل الله‪ ،‬أفضل الدعاء ل إلممه إل اللممه‪،‬‬
‫لكن هنا دعوات مخصوصممة‪ .‬وأحسممن الممدعاء )ربنمما آتنمما فممي‬
‫الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النممار( يممردد هممذا‬
‫في آخر الصلة‪ ،‬في سجوده‪ ،‬في أوقاته الخمرى؛ لنمه دعمماء‬
‫جامع‪ ،‬وكذلك‪) :‬اللهم اغفر لي ذنبي كله‪ ،‬دقّممه وجل ّممه‪ ،‬وأولممه‬
‫وآخر‪ ،‬وعلنيته وسره‪ ،‬اللهم إني أسالك رضاك والجنة وأعوذ‬
‫بك من سخطك والنار ‪ -‬دعوات جامعة ‪ -‬اللهم أسألك الجنممة‬
‫وما قرب إليها من قول وعمل‪ ،‬وأعوذ بك من النار وما قرب‬
‫إليها من قول وعمل‪ .‬وفي سممجوده يقممول‪ :‬اللهممم اغفممر لممي‬
‫ذنبي واغفر لي وارحمني واهممدني وارزقنممي وعممافني‪ ،‬اللهممم‬
‫اغفر لي ذنبي كله‪ ،‬دّقه وجّله‪ ،‬وأوله وآخره‪ ،‬وعلنيته وسره‪،‬‬
‫اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع‬

‫نشر في جريدة الرياض‪ ،‬العدد ‪ 10763‬وتاريخ ‪12/8/1418‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪116‬‬
‫ة وقنمما‬
‫ة وفي الخرة حسن ً‬ ‫المسلمين‪ ،‬ربنا آتنا في الدنيا حسن ً‬
‫عذاب النممار؛ لقمموله صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬أقرب مللا‬
‫يكللون العبللد مللن ربلله وهللو سللاجد فللأكثروا مللن‬
‫الدعاء((‪ ،‬والحممديث الخممر‪)) :‬وأمللا السللجود فاجتهللدوا‬
‫ن أن يستجاب لكم((‪.‬‬ ‫في الدعاء فقم ٌ‬
‫فينبغي أن يكثر من الدعوات الطيبممة‪ ،‬سممؤال الجنممة‪ ،‬التعمموذ‬
‫بالله من النار‪ ،‬سممؤال العفممو‪ :‬اللهممم إنممك عفممو تحممب العفممو‬
‫فمماعف عنممي‪ ،‬اللهممم أصمملح قلممبي وعملممي‪ ،‬اللهممم اغفممر لممي‬
‫ولوالدي‪ .‬يتحرى الدعوات المناسبة‪.‬‬

‫‪ -47‬حكم الدعاء جهرا ً‬

‫س‪ :‬الخ أ‪ .‬ع‪ .‬ح‪ .‬ق‪ .‬مللن سللبت العليلا يقللول فللي‬
‫سؤاله‪ :‬بعض الناس يجهر بالدعية جهرا ً يشوش به‬
‫على من حوله‪ ،‬فما حكم فعله هللذا؟ نرجللو التكللرم‬
‫‪1‬‬
‫والفادة‪.‬‬

‫ج‪ :‬السنة السرار بالدعية في الصلة وغيرها‪ ،‬لقول الله‬

‫من أسئلة المجلة العربية‪ ،‬ونشر في هذا المجموع ج ‪ 9‬ص ‪.397‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪117‬‬
‫ة{‪ ،1‬ولن ذلممك‬ ‫خ ْ‬
‫في َل ً‬ ‫و ُ‬
‫عا َ‬
‫ض لّر ً‬ ‫عللوا ْ َرب ّك ُل ْ‬
‫م تَ َ‬ ‫سممبحانه‪} :‬ادْ ُ‬
‫أكمل في الخلص‪ ،‬وأجمممع للقلممب علممى الممدعاء‪ ،‬ولممما فممي‬
‫ذلكممم مممن عممدم التشممويش علممى مممن حمموله مممن المصمملين‬
‫والقراء‪ ،‬إل إذا كان الدعاء مممما يممؤمن عليممه كممدعاء القنمموت‬
‫والستسقاء فإن المام يجهممر بممه حممتى يممؤمن المسممتمعون‪،‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -48‬من شروط الدعاء‬

‫قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام‬
‫المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبممار العلممماء وإدارة‬
‫البحوث العلمية والفتمماء‪ :‬مممن أعظممم شممروط الممدعاء الثقممة‬
‫بالله والتصديق له ولرسوله‪ ،‬واليمان بأن الله هو الحممق‪ ،‬ول‬
‫يقممول إل الحممق‪ ،‬والخلص للممه سممبحانه والمتابعممة لرسمموله‬
‫صلى الله عليه وسلم مع اليمان بأن الرسممول عليممه الصمملة‬
‫والسلم بلغ الحق وهو الصادق فيما يقول‪.‬‬

‫‪ 1‬سورة العراف الية ‪.55‬‬


‫‪ 2‬نشر في جريدة الرياض بتاريخ ‪25/12/1416‬هم‪ .‬وفي هذا المجموع ج ‪ 9‬ص‬
‫‪.359‬‬

‫‪118‬‬
‫ن وثقمةٍ بمالله‬‫وأضماف سمماحته‪) :‬وأن يمأتي بمذلك عمن إيمما ٍ‬
‫ة فيممما عنممده‪ ،‬وأنممه سممبحانه مممدبر المممور ومصممرف‬ ‫ورغبمم ً‬
‫الشياء‪ ،‬وأنه القادر على كل شميء سمبحانه وتعمالى‪ ،‬ل عمن‬
‫ن بالله وثقةٍ به‪ ،‬وأنه‬ ‫شك ول عن سوء ظن بل عن حسن ظ ٍ‬
‫متى تخلف المطلوب فلعلةٍ من العلل‪ ،‬فالعبد عليممه أن يممأتي‬
‫بالسباب‪ ،‬والله مسبب السباب‪ ،‬وهو الحكيم العليم(‪.‬‬
‫وقممال سممماحته‪ :‬وقممد يحصممل الممدواء ولكممن ل يممزول الممداء‬
‫ب أخرى جهلها العبد ولله فيهمما حكممم سممبحانه وتعممالى‪،‬‬ ‫لسبا ٍ‬
‫وهذا يشمل الدواء الحسي والمعنوي؛ الحسي الذي يقوم به‬
‫الطبمماء مممن أدوي مةٍ وعمليممات ونحممو ذلممك‪ ،‬والمعنمموي الممذي‬
‫يحصل بالدعاء والقراءة ونحو ذلممك مممن السممباب الشممرعية‪،‬‬
‫ب كممثيرة‪ ،‬منهمما‪:‬‬‫ومع هممذا كلممه قممد يتخلممف المطلمموب لسممبا ٍ‬
‫الغفلة عممن اللممه سممبحانه‪ ،‬ومنهمما‪ :‬المعاصممي ول سمميما أكممل‬
‫الحرام(‪.‬‬
‫واستشهد سماحة مفتي عام المملكة العربية السممعودية بممما‬
‫صح عن رسول الله صلى الله عليممه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬ما‬
‫د يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ول قطيعللة‬ ‫من عب ٍ‬
‫رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث‪ :‬إما أن تعجل له‬
‫دعوته في الدنيا‪ ،‬وإما أن تدخر له في الخرة وإمللا‬
‫أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك((‪ ،‬قالوا‪:‬‬

‫‪119‬‬
‫‪1‬‬
‫يا رسول الله‪ :‬إذا نكثر قال ))الله أكثر((‪.‬‬
‫واختتم سماحته إجابته بقوله‪ :‬وبذلك يعلم المؤمن أن إجممابته‬
‫ب اقتضممتها حكمممة اللممه سممبحانه‪،‬‬ ‫قد تؤجل إلى الخرة لسبا ٍ‬
‫ب الدعاء شٌر كثير بدل ً مممن أن يعطممى‬ ‫وقد يصرف عنه بأسبا ِ‬
‫طلبه‪ ،‬والله سبحانه وتعمالى هممو الحكيمم العليممم فممي أفعماله‬
‫م‬‫عِلي ل ٌ‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫وأقواله وشرعه وقدره كما قال عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫‪2‬‬
‫م{‪.‬‬
‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬

‫‪ -49‬الوقات التي تجاب فيها الدعوات‬


‫‪3‬‬
‫س‪ :‬ما هي الوقات التي تجاب فيها الدعوات؟‪.‬‬

‫ج‪ :‬أوقات الجابة عديدة جاء في السنة بيانها منها‪:‬‬


‫‪ -1‬ما بين الذان والقامة‪ ،‬فقد قال عليه الصلة والسلم‪:‬‬

‫‪ 1‬رواه المام أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند أبي سعيد الخدري رضي‬
‫الله عنه برقم ‪.10749‬‬
‫‪ 2‬سورة يوسف الية ‪.6‬‬
‫‪ 3‬من برنامج نور على الدرب شريط رقم ‪ 12‬ونشر في المجموع ج ‪ 9‬ص‬
‫‪.353‬‬

‫‪120‬‬
‫))الدعاء ل يرد بين الذان والقامة((‪.1‬‬
‫‪ -2‬منها جوف الليل وآخر الليل‪ ،‬فالليل فيه ساعة ل يرد فيها‬
‫سائل أحراها جوف الليل وآخر الليل‪-‬الثلث الخير‪ -‬وقد ثبممت‬
‫عنه صلى اللممه عليممه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬ينزل ربنللا إلللى‬
‫سماء الدنيا كل ليلة‪ ،‬حين يبقى ثلللث الليللل الخللر‬
‫فيقول‪ :‬مللن يللدعوني فأسللتجيب للله مللن يسللألني‬
‫فأعطيه‪ ،‬مللن يسللتغفرني فللأغفر للله حللتى ينفجللر‬
‫الفجر‪ ،2((...‬ينبغي للمؤمن والمؤمنة تحري هممذه الوقممات‪،‬‬
‫والحرص على الدعوة الطيبة الجامعة في وسط الليل‪ ،‬وفي‬
‫آخر الليممل‪ ،‬وفممي أي سمماعة مممن الليممل‪ ،‬لكممن الثلممث الخيممر‬
‫وجوف الليل أحرى بالجابة مع‬

‫‪ 1‬رواه الترمذي في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما جاء في أن الدعاء ل يرد بين الذان‬
‫والقامة برقم ‪ 212‬وأبو داود في كتاب الصلة برقم‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء‬
‫بين الذان والقامة ‪ 521‬وأحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند أنس بن‬
‫مالك رضي الله عنه‪ .‬برقم ‪.11790‬‬
‫‪ 2‬رواه البخاري في كتاب الجمعة باب الدعاء في الصلة من آخر الليل برقم‬
‫‪ 1145‬ومسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب الترغيب في الدعاء‬
‫والذكر في آخر الليل والجابة برقم ‪ ،758‬والترمذي في الصلة‪ ،‬باب ما جاء‬
‫في نزول الرب عز وجل إلى السماء الدنيا برقم ‪.446‬‬

‫‪121‬‬
‫سممؤال اللممه بأسمممائه الحسممنى وصممفاته العلممى‪ ،‬أن يجيممب‬
‫الدعوة مع اللحاح وتكرار الدعاء‪ ،‬فاللحاح في ذلك وحسممن‬
‫الظن بالله وعدم اليأس‪ ،‬من أعظممم أسممباب الجابممة‪ ،‬فعلممى‬
‫المرء أن يلح في الدعاء‪ ،‬ويحسن الظن بالله عز وجل ويعلم‬
‫أنه حكيم عليم‪ ،‬قد يعجل الجابة لحكمة وقد يؤخرها لحكمة‪،‬‬
‫وقد يعطي السائل خيرا ً مما سأل‪ ،‬كما ثبت عن النبي صمملى‬
‫الله عليه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬ما مللن مسلللم ٍ يللدعو اللله‬
‫ة ليس فيهللا إثللم ول قطيعللة رحللم إل أعطللاه‬ ‫بدعو ٍ‬
‫الله بها إحلدى ثلث‪ :‬إمللا أن تعجلل لله دعلوته فلي‬
‫الللدنيا‪ ،‬وإمللا أن يللدخرها للله فللي الخللرة‪ ،‬وإمللا أن‬
‫يصرف عنه من السوء مثلها‪ ،‬قممالوا يمما رسممول اللممه إذا ً‬
‫نكثر؟ قال‪)) :‬الله أكثر((‪.1‬‬
‫وعليه أن يرجو من ربه الجابة‪ ،‬ويكثر مممن توسممله بأسمممائه‬
‫وصفاته سممبحانه وتعممالى‪ ،‬مممع الحممذر مممن الكسممب الحممرام‪،‬‬
‫والحممرص علممى الكسممب الطيممب؛ لن الكسممب الخممبيث مممن‬
‫أسباب حرمان الجابة‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه المام أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند أبي سعيد الخدري رضي‬
‫الله عنه برقم ‪.10749‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ -3‬السجود‪ ،‬ترجى فيه الجابة‪ ،‬يقول عليه الصمملة والسمملم‪:‬‬
‫))أقرب ما يكون العبد من ربه وهو سللاجد فللأكثروا‬
‫الدعاء((‪ ،1‬ويقول صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬أما الركللوع‬
‫فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا‬
‫ن أن يسللتجاب لكللم((‪ 2‬أي حممري أن‬ ‫في الللدعاء فقمل ٌ‬
‫يستجاب لكم‪ ،‬رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫‪ -4‬حين يجلس المام يوم الجمعة على المنممبر للخطبممة إلممى‬
‫أن تقضي الصلة‪ ،‬فهو محل إجابة‪.‬‬
‫‪ -5‬آخممر كمل صملة قبمل السملم‪ ،‬يشممرع فيمه الممدعاء‪ ،‬وهممذا‬
‫الوقت ترجى فيه الجابة؛ لن النبي صمملى اللمه عليممه وسمملم‬
‫لما علمهم‬

‫‪ 1‬رواه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما يقال في الركوع والسجود برقم ‪482‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬والنسائي في كتاب التطبيق‪ ،‬باب أقرب ما يكون العبد من الله‬
‫عز وجل برقم ‪ 1137‬وأبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب في الدعاء في الركوع‬
‫والسجود برقم ‪ 875‬وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم ‪.9165‬‬
‫‪ 2‬رواه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع‬
‫والسجود برقم ‪ 479‬واللفظ له‪ ،‬ورواه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب في‬
‫الدعاء في الركوع السجود برقم ‪ 876‬وأحمد في مسند بني هاشم‪ ،‬بداية‬
‫مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما برقم ‪.1903‬‬

‫‪123‬‬
‫التشممهد قممال‪)) :‬ثللم ليخللتر مللن الللدعاء أعجبلله إليلله‬
‫فيدعو((‪.1‬‬
‫‪ - 6‬آخر نهار الجمعة بعد العصر إلى غروب الشمس‪ ،‬هو من‬
‫أوقات الجابة في حق من جلس علممى طهممارة ينتظممر صمملة‬
‫المغرب‪ ،‬فينبغي الكثار مممن الممدعاء بيممن صمملة العصممر إلممى‬
‫غممروب الشمممس يمموم الجمعممة‪ ،‬وأن يكممون جالسمما ً ينتظممر‬
‫الصلة؛ لن المنتظر في حكم المصلي‪ .‬وقد صح عممن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬في يوم الجمعة سللاعة‬
‫ل يسأل الله أحد فيهللا شلليئا وهللو قللائم يصلللي إل‬
‫أعطاه الله إياه((‪ ،2‬وأشار إلممى أنهمما سماعة قليلممة‪ ،‬فقمموله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يسأل الله فيها شلليئا وهللو‬
‫قائم يصلللي((‪ ،‬قممال العلممماء‪ :‬يعنممي ينتظممر الصمملة‪ ،‬فممإن‬
‫المنتظممر لممه حكممم المصمملي‪ ،‬لن وقممت العصممر ليممس وقممت‬
‫صلة‪.‬‬
‫فالحاصل أن المنتظممر لصمملة المغممرب فممي حكممم المصمملي‪،‬‬
‫فينبغي أن يكثر من الدعاء قبل غروب الشمس‪ ،‬إن كان في‬

‫‪ 1‬رواه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد برقم‬
‫‪.835‬‬
‫‪ 2‬رواه البخاري في كتاب الجمعة‪ ،‬باب الساعة التي في يوم الجمعة برقم‬
‫‪.935‬‬

‫‪124‬‬
‫المسجد ففي المسجد‪ ،‬وإن كان امرأةً أو مريضا ً فممي الممبيت‬
‫شممرع لممه أن يفعممل ذلممك‪ ،‬وذلممك بممأن يتطهممر وينتظممر صمملة‬
‫المغرب‪ ،‬هذه الوقات كلها أوقات إجابممة ينبغممي فيهمما تحممري‬
‫الدعاء‪ ،‬والكثار منه مع الخلص للممه‪ ،‬والضممراعة والنكسممار‬
‫بين يدي الله‪ ،‬والفتقار بيممن يممديه سممبحانه وتعممالى‪ ،‬والكثممار‬
‫من الثناء عليممه‪ ،‬وأن يبممدأ الممدعاء بحمممد اللممه والصمملة علممى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإن البداءة بالحمد للممه والثنمماء‬
‫عليه والصلة على النبي صلى الله عليه وسمملم مممن أسممباب‬
‫الستجابة‪ ،‬كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى اللممه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -50‬حكم قول‪ :‬أدعو فل يستجاب لي‬

‫س‪ :‬عنللدما ل يتحقللق لللي شلليء أغضللب‪ ،‬وأقللول‬


‫أقوال ً في حق نفسي وفي حق الله‪ ،‬مثل ً أقول‪ :‬يا‬
‫رب لماذا ل تستجيب لي الدعاء‪ ،‬وأقللوال أخللرى إذا‬
‫شعر النسان أن دعاءه لم يستجب؟‬

‫ج‪ :‬عليك أيها الخ إذا تممأخرت الجابممة أن ترجممع إلممى نفسممك‬
‫وتحاسبها‪ ،‬فإن الله سبحانه وتعالى حيكم عليم قد يؤخر‬

‫‪125‬‬
‫الجابة لحكم ٍ بالغة‪ ،‬ليكثر دعاؤك‪ ،‬ويكممثر إبممداء حاجتممك إلممى‬
‫ربك‪ ،‬وتتضرع إليه وتخشع بين يممديه‪ ،‬فيحصممل لممك بهممذا مممن‬
‫الخير العظيم‪ ،‬والفوائد الكثيرة‪ ،‬وصلح قلبممك‪ ،‬ورقممة قلبممك‪،‬‬
‫ب أخممرى سممبحانه‬ ‫وهو خير لك من الحاجة‪ ،‬وقد يؤجلها لسبا ٍ‬
‫وتعالى‪ ،‬وقد يؤجلها لحكممةٍ بالغممة‪ ،‬فممإذا تممأجلت الحاجممة‪ ،‬فل‬
‫تلم ربك ول تقل لماذا‪ ،‬لماذا يا ربي‪ .‬ارجع إلى نفسك وانظر‬
‫ل عندك شيئا ً من الممذنوب والمعاصممي هممي السممبب فممي‬ ‫فلع ّ‬
‫تأخير الجابة‪ ،‬ولعل هناك أمرا ً آخر تأخرت الجابة مممن أجلممه‬
‫يكون فيه خير لك فأنت ل تتهم ربممك‪ ،‬ولكممن عليممك أن تتهممم‬
‫نفسك وعليك أن تنظر في أعمالك وسيرتك حتى تصلح مممن‬
‫شأنك‪ ،‬وحممتى تسممتقيم علممى أمممر ربممك‪ ،‬وحممتى تعبممده علممى‬
‫بصيرة‪ ،‬وحتى تمتثل أوامره وحتى تنتهي عن نممواهيه‪ ،‬وحممتى‬
‫تقف عند حدوده‪ ،‬ثم اعلم أنه سبحانه حكيم عليم‪ ،‬قد يممؤخر‬
‫الجابمة لممدة طويلمة‪ ،‬كمما أخمر إجابمة يعقموب فمي رد ابنمه‬
‫يوسف عليممه‪ ،‬وهممو نممبي عليممه الصمملة والسمملم‪ ،‬فقممد يممؤخر‬
‫الجابممة لحكممةٍ بالغممة وقممد يعطيممك خيممرا ً مممما سممألت‪ ،‬وقممد‬
‫يصرف عنك من الشر أفضل مما سألت‪ ،‬كممما جمماء الحممديث‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬ما مللن‬
‫د يدعو الللله بللدعوة ليللس فيهللا إثللم ول قطيعللة‬ ‫عب ٍ‬
‫رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث‪ :‬إما أن‬

‫‪126‬‬
‫تعجللل دعللوته فللي الللدنيا‪ ،‬وإمللا أن تللدخر للله فللي‬
‫الخرة‪ ،‬وإما أن يصرف عنلله مللن الشللر مثللل ذلللك‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول الله إذا ً نكثر؟ قال‪ :‬الله أكللثر((‪ ،‬تممبين فممي‬
‫هذا الحديث أن الله قد يؤخر الجابة إلى الخممرة‪ ،‬ول يعجلهمما‬
‫في الدنيا لحكمةٍ بالغة؛ لن ذلك أصمملح لعبممده وأنفممع لعبممده‪،‬‬
‫وقد يصرف عنه شرا ً عظيما ً خيٌر له من إجابممة دعمموته‪ ،‬وقممد‬
‫يعجلها له‪ .‬فعليك بحسن الظن بالله وعليك أن تسممتمر وتلممح‬
‫في الدعاء‪ ،‬فإن في الدعاء خيرا ً لك كممثيرًا‪ ،‬وعليممك أن تتهممم‬
‫نفسك وتنظر في حالك‪ ،‬وأن تستقيم على طاعممة ربممك‪ ،‬وأن‬
‫تعلم أن ربك حكيم عليم وقممد ُيعجلهمما لحكمممة‪ ،‬وقممد يعطيممك‬
‫خيرا ً من دعوتك‪ ،‬وفي الحديث الصمحيح يقممول عليمه الصملة‬
‫والسلم‪)) :‬يستجاب لحدكم ما لللم يعجللل((‪ ،1‬فيقممول‪:‬‬
‫دعوت ودعوت فل أراه يستجاب لممي‪ ،‬فيستحسممر عنممد ذلممك‬
‫ويذهب الدعاء‪ ،‬فل ينبغي لك أن تستحسر‪ ،‬ول ينبغي لممك أن‬
‫تممدع الممدعاء‪ ،‬الممزم الممدعاء وألممح علممى ربممك‪ ،‬واضممرع إليممه‬
‫وحاسممب نفسممك‪ ،‬واحممذر أسممباب المنممع مممن المعاصممي‬
‫والسيئات‪ ،‬وتحّر أوقات‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب يستجاب للعبد ما لم يعجل برقم‬


‫‪ ،6340‬ومسلم في كتاب الذكر والستغفار‪ ،‬باب بيان أنه يستجاب للداعي ما‬
‫لم يعجل برقم ‪.2735‬‬

‫‪127‬‬
‫الجابة كآخر الليل وبين الذان والقامة‪ ،‬وفي آخر الصمملوات‬
‫قبل السلم‪ ،‬وفي السممجود‪ ،‬كممل هممذه مممن أسممباب الجابممة‪،‬‬
‫ب‬‫وعليك بإحضار قلبك عند الدعوة حتى تلح وحتى تدعو بقل م ٍ‬
‫حاضر‪ ،‬وعليك بالمكسممب الطيممب فممإن كسممب الخممبيث مممن‬
‫أسباب عدم الجابة‪.‬‬

‫‪ -51‬دعوة الوالد على الولد‬

‫س‪ :‬رجللل للله ثلثللة أولد ل يقصللرون فللي طللاعته‬


‫‪1‬‬
‫وبره وهو يدعو عليهم‪ ،‬هل يضرهم دعاؤه؟‬
‫ج‪ :‬ل ينبغي للمممرء أن يممدعو علممى أولده‪ ،‬بممل ينبغممي لممه أن‬
‫يحذر ذلك؛ لنه قد يوافق ساعة الجابة فينبغممي لممه أل يممدعو‬
‫عليهم‪ ،‬وإذا كانوا صالحين كان المر أشد في تحريممم الممدعاء‬
‫عليهم‪ ،‬أما إذا كانوا مقصرين فينبغي أيض ما ً أل يممدعو عليهممم‪،‬‬
‫بل يدعو لهممم بالهدايممة والصمملح والتوفيممق‪ ،‬هكممذا ينبغممي أن‬
‫يكون المؤمن‪ ،‬وجاءت النصوص عن النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسلم تحذر المسلم من الدعاء على ولده‪ ،‬أو على أهلممه‪ ،‬أو‬
‫على ماله‪ ،‬لئل‬

‫سبق نشره في المجموع ج ‪ 6‬ص ‪.386‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪128‬‬
‫يصادف ساعة الجابة‪ ،‬فيضممر نفسممه أو يضممر أهلممه‪ ،‬أو يضممر‬
‫ولده‪ ،‬فينبغي لك أيها السممائل أن تحفممظ لسممانك‪ ،‬وأن تؤكممد‬
‫على من تعلمه يتعمماطى هممذا الممر بممأن يحفممظ لسمانه‪ ،‬وأن‬
‫يتقي الله في ذلك‪ ،‬حتى ل يدعو على ولممده‪ ،‬ول علممى غيممره‬
‫من المسلمين‪ ،‬بل يدعو لهم بالخير والسداد والستقامة‪.‬‬

‫‪ -52‬مسألة في الدعاء‬

‫س‪ :‬قال محمد بن واسع رحمه الللله‪) :‬كنللت أقللول‬


‫صباحا ً ومساء‪ :‬اللهم إنك سلطت علينا عدوا ً بصيرا ً‬
‫بعيوبنا‪ ،‬مطلعا ً على عوراتنا‪ ،‬يرانا هللو وقللبيله مللن‬
‫حيث ل نراهم‪ ،‬اللهللم فأيسلله منللا كمللا آيسللته مللن‬
‫رحمتك‪ ،‬وقّنطه منا كما قّنطته مللن عفللوك‪ ،‬وباعللد‬
‫بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين جنتك(‪ .‬قال محمد‬
‫بن واسلع‪) :‬فرأيلت إبليللس فلي المنلام‪ ،‬فقلال‪ :‬ل‬
‫تعلم هذا الدعاء لحللد‪ ،‬فقلللت‪ :‬والللله ل أمنعلله مللن‬
‫مسلم!( فما رأي سماحتكم بهذا الدعاء وهل يجللوز‬
‫‪1‬‬
‫الدعاء به؟‬

‫ج‪ :‬محمد بن واسع الزدي البصري من صغار التابعين‪ ،‬ومن‬

‫أجاب عنه سماحته بتاريخ ‪18/12/1414‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪129‬‬
‫الثقات العّباد رحمه الله‪ ،‬وهذا الدعاء ل بأس بممه‪ ،‬ولممم أقممف‬
‫عليه في ترجمة محمد المذكور في البداية لبن كثير‪ .‬ويكفي‬
‫عن ذلك التعوذ بالله مممن الشمميطان الرجيممم‪ ،‬كممما قممال اللممه‬
‫ع ْ‬
‫ذ‬ ‫سلت َ ِ‬
‫فا ْ‬ ‫ن ن َلْز ٌ‬
‫غ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شلي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مل َ‬‫ك ِ‬‫غن ّ َ‬
‫ما َينَز َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫م{‪ ،1‬وقال سبحانه في سورة النحل‪:‬‬ ‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬‫ِبالل ّ ِ‬
‫ش لي ْ َ‬ ‫ذا َ ْ‬
‫ن‬‫طا ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫مل َ‬ ‫ه ِ‬‫عذْ ب ِللالل ّ ِ‬
‫س لت َ ِ‬ ‫ن َ‬
‫فا ْ‬ ‫ت ال ْ ُ‬
‫ق لْرآ َ‬ ‫قَرأ َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫} َ‬
‫م{‪ ،2‬وكان النبي صلى الله عليممه وسمملم يتعمموذ بممالله‬ ‫جي ِ‬ ‫الّر ِ‬
‫من الشيطان فممي صمملته وغيرهمما بقمموله‪)) :‬أعمموذ بممالله مممن‬
‫الشيطان الرجيم((‪ ،‬وربما قال‪)) :‬أعوذ بالله السممميع العليممم‬
‫سممر‬ ‫من الشيطان الرجيم من همزه ونفثممه ونفخممه((‪ ،‬وقممد ف ّ‬
‫أهل العلم الهمممز بالصممرع والنفممخ بممالكبر والنفممث بالشممعر‪..‬‬
‫يعنون بذلك الشعر المذموم‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -53‬حكم الدعاء للفاسقين‬

‫س‪ :‬الخ ع‪ .‬م‪ .‬ح مللن السللكندرية فللي جمهوريللة‬


‫مصر العربيللة يقللول فللي سللؤاله‪ :‬مللا حكللم الللدعاء‬
‫للفاسقين خاصة من‬

‫سورة العراف‪ ،‬الية ‪.200‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النحل الية ‪.98‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪130‬‬
‫الهل والقارب والصللدقاء علم لا ً بللأنهم مسلللمون‬
‫‪1‬‬
‫ولله الحمد؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬

‫ج‪ :‬الدعاء لهممم طيممب ومسممتحب أن اللممه يهممديهم ويمموفقهم‬


‫ويصلح حالهم والدعاء لهم مشممروع‪ ،‬قيممل للنممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪ :‬يا رسول الله‪ :‬إن دوسا ً عتت وطغت فادع اللممه‬
‫عليهم‪ ،‬فقال النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬اللهم اهللد‬
‫دوسا ً وأت بهم((‪.2‬‬
‫فهداهم الله وأسلموا‪ ،‬فإذا دعي للكفار أو الفسمماق بالهدايممة‬
‫أن الله يمن عليهم بالهداية وبالتوبة فهذا من باب الحسممان‪،‬‬
‫ومن باب المعروف‪ ،‬لكن من ظلم منهم ودعي عليه لظلمممه‬
‫له‪ ،‬أن الله يكفيه شره‪ ،‬وأن الله يسلط عليه‪ ،‬فهممذا ل حممرج‬
‫فيه؛ لنه ممن ظلم‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في المجلة العربية جمادى الولى عام ‪1413‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب الدعاء للمشركين بالهدى‬
‫ليتألفهم برقم ‪ 2937‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل‬
‫غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة برقم ‪.2524‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -54‬الستثناء في الدعاء‬

‫س‪ :‬ما حكم القللول‪)) :‬فللي الجنللة نلتقللي إن شللاء‬


‫ً ‪1‬‬
‫الله(( جزاكم الله خيرا؟‬

‫ج‪ :‬هممذا القممول طيممب ول بممأس بممه‪ .‬نسممأل اللممه أن يجمعنمما‬


‫بإخواننا في الجنة وأن نلتقممي فممي الجنممة‪ ،‬لكممن ل يقممول‪ :‬إن‬
‫شاء الله‪ ،‬فل يستثني‪ ،‬بل يقممول‪ :‬نسمأل اللمه أن نلتقممي فممي‬
‫الجنة بفضله‪ ،‬الله يجمعنا في الجنة‪ ،‬فل يقول‪ :‬إن شاء اللممه‪،‬‬
‫ول يستثني في الدعاء‪.‬‬

‫‪ -55‬حكم السجع في الدعاء‬

‫س‪ :‬مللا حكللم السللجع فللي الللدعاء؟ والتوسللع فللي‬


‫‪2‬‬
‫وصف الجنة أو النار من أجل ترقيق القلوب؟‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة العدد ‪ 1677‬في ‪ 4‬شوال ‪1419‬هم‪ ،‬وفي كتاب‬


‫فتاوى إسلمية لمحمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.173‬‬
‫‪ 2‬من ضمن السئلة الموجهة إلى سماحته المنشورة في رسالة الجواب‬
‫الصحيح من أحكام صلة الليل والتراويح ونشر في المجموع ج ‪ 12‬ص ‪.362‬‬

‫‪132‬‬
‫ج‪ :‬ل أعلم في هذا شيئا ً إذا كان ليس فيه تكلف‪ ،‬أما السمجع‬
‫المتكلف فل ينبغي‪ ،‬ولهذا ذم النبي عليه الصلة والسلم من‬
‫سجع وقال‪)) :‬هذا سجع كسجع الكهللان((‪ ،1‬فممي حممديث‬
‫حمل ابن النابغة الهذلي‪ ،‬لكممن إذا كمان سممجعا ً غيممر متكلممف‪،‬‬
‫فقد وقع في كلم النبي عليه الصلة والسلم وكلم الخيممار‪،‬‬
‫فالسجع غير المتكلف ل حرج فيه‪ ،‬إذا كان في نصر الحق أو‬
‫في أمر مباح‪ ،‬وتكرار الممدعوات فيممما يتعلممق بالجنممة أو النممار‬
‫وتحريك القلوب‪ ،‬كل ذلك مطلوب شرعًا‪.‬‬

‫‪ -56‬حكم الدعاء على غير وضوء‬

‫س‪ :‬فللي بعللض الليللالي أقللوم مللن النللوم السللاعة‬


‫الثانيللة ليل ً وأدعللو الللله بمللا فللي نفسللي دون أن‬
‫أتوضأ ولم أصل نافلة فهل هذا جللائز أم ل بللد مللن‬
‫ً ‪2‬‬
‫الوضوء والصلة معا؟‬

‫ج‪ :‬ل حرج في الدعاء ولو على غير وضوء بل ولو كنت‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب القسامة‪ ،‬باب دية الجنين برقم ‪ 1682‬ولفظه‪:‬‬


‫))إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع((‪.‬‬
‫‪ 2‬نشر في كتاب فتاوى إسلمية لمحمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪ 175‬وفي مجلة‬
‫الدعوة العدد ‪ 1674‬بتاريخ ‪13/9/1419‬هم‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫جنبًا؛ لن الدعاء ل تشترط له الطهارة وهذا ممن رحممة اللمه‬
‫سبحانه؛ لن العبد محتاج للدعاء في كل وقت ولكن حصمموله‬
‫مممع الطهممارة والصمملة أقممرب إلممى الجابممة ول سمميما فممي‬
‫السجود؛ لقول النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬أقرب مللا‬
‫‪1‬‬
‫يكون العبد من ربه وهللو سللاجد فللأكثروا الللدعاء((‬
‫خرجه المام مسلم في صحيحه وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪ -57‬معنى‪)) :‬وهب المسيئين منا للمحسنين((‬

‫س‪ :‬مللا معنللى هللذا الللدعاء‪ :‬وهللب المسلليئين منللا‬


‫‪2‬‬
‫للمحسنين؟‬

‫ج‪ :‬معنمماه الطلممب مممن اللممه سممبحانه وتعممالى أن يعفممو عممن‬


‫المسيئين من المسلمين بأسباب المحسنين منهم‪ ،‬ول حممرج‬
‫في ذلك؛ لن صحبة الخيار ومجالسممتهم مممن أسممباب العفممو‬
‫عن المسيء‪ ،‬فهم القوم ل يشقى بهممم جليسممهم‪ ،‬وقممد صممح‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬مثللل الجليللس‬
‫الصالح كحامل‬

‫‪ 1‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪ 2‬نشر في كتاب فتاوى إسلمية لمحمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪ ،175‬وفي مجلة‬
‫الدعوة العدد ‪ 1674‬بتاريخ ‪13/9/1419‬هم‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫المسك‪ ،‬إما أن يحذيك‪ ،‬وإما أن تبتاع منه‪ ،‬وإمللا أن‬
‫تجد منه ريحا ً طيبة‪ ،‬ومثللل الجليللس السللوء كنافللخ‬
‫الكير‪ ،‬إما أن يحرق ثيابك‪ ،‬وإمللا أن تجللد منلله ريح لا ً‬
‫خبيثة((‪ 1‬ولكن ل يجوز للمسمملم أن يعتمممد علممى مثممل هممذه‬
‫المور لتكفير سيئاته‪ ،‬بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائما ً من‬
‫سائر الذنوب‪ ،‬وأن يحاسب نفسه ويجاهدها فممي اللممه‪ ،‬حممتى‬
‫يؤدي ما أوجب الله عليه ويحذر ما حممرم اللممه عليممه‪ ،‬ويرجممو‬
‫مع ذلك من الله سبحانه العفممو والغفممران‪ ،‬وأن ل يكلممه إلممى‬
‫نفسه ول إلى عمله‪ ،‬ولهذا صح عن رسممول اللممه صمملى اللممه‬
‫عليممه وسمملم أنممه قممال‪)) :‬سللددوا وقللاربوا وأبشللروا‬
‫واعلموا أنه لن يدخل الجنة أحدٌ منكم بعمللله‪ ،‬قممالوا‪:‬‬
‫ول أنت يا رسول الله؟ قال‪ :‬ول أنا إل أن يتغمدني الله‬
‫برحمة منه وفضل((‪ 2‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الذبح والصيد‪ ،‬باب المسك برقم ‪ 5543‬ومسلم‬


‫في كتاب البر والصلة والداب‪ ،‬باب استحباب مجالسة الصالحين برقم‬
‫‪.2628‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب القصد والمداومة على العمل‪ ،‬برقم‬
‫‪ 6467‬ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار‪ ،‬باب لن يدخل أحد الجنة‬
‫بعمله برقم ‪.2818‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ -58‬دعاء ختم القرآن‬

‫س‪ :‬بعض الناس ينكرون على أئمة المساجد الللذين‬


‫يقللرؤون ختمللة القللرآن فللي نهايللة شللهر رمضللان‬
‫ويقولون‪ :‬إنه لم يثبت أن أحدا ً من السلللف فعلهللا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فما صحة ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك؛ لنه ثبممت عممن بعممض السمملف أنممه فعممل‬
‫ذلك‪ ،‬ولنه دعاء وجد سببه في الصمملة‪ ،‬فتعمممه أدلممة الممدعاء‬
‫في الصلة‪ ،‬كالقنوت في الوتر والنوازل‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -59‬حكم قراءة الدعاء من الورقة أثناء‬


‫الصلة‬

‫س‪ :‬الخلت هل‪ .‬م‪ .‬من الدار البيضللاء فللي المغللرب‬


‫تقول في سؤالها‪ :‬إننللي ل أحفللظ مللن الدعيللة إل‬
‫القليللل‪ ،‬فهللل يجللوز أن أكتللب بعللض الدعيللة فللي‬
‫‪2‬‬
‫ورقة وأقرأها خارج الصلة وأثناءها؟‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة العدد ‪ 1658‬في ‪19/5/1419‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬نشر في المجلة العربية وفي كتاب فتاوى إسلمية من جمع الشيخ محمد‬
‫المسند ج ‪ 4‬ص ‪.176‬‬

‫‪136‬‬
‫ج‪ :‬ل مانع أن يقرأ النسممان الممدعاء مممن الورقممة‪ ،‬إذا كممان ل‬
‫يحفظ‪ ،‬وكتب الدعاء في ورقة وقرأه في الوقات التي يحب‬
‫أن يمدعو فيهما مثمل آخمر الليمل‪ ،‬وأثنماء الليمل أو غيرهما ممن‬
‫الوقات‪ ،‬ولكن لو تيسر حفظ ذلممك‪ ،‬وأن يقممرأه عممن حضممور‬
‫ب وعن خشوع‪ ،‬كان ذلك أكمل‪ ،‬أما فممي الصمملة فممالولى‬ ‫قل ٍ‬
‫أن يكممون عممن ظهممر قلممب‪ ،‬وأن تكممون دعمموات مختصممرة‬
‫ممموجزة‪ ،‬ولممو قممرأت مممن ورقممة فممي التشممهد مثل ً أو بيممن‬
‫السجدتين فل حرج في ذلك‪ ،‬لكن كون الداعي يحفظ الدعاء‬
‫فإنه يكون أقرب إلى الخشوع‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -60‬الدعاء للمتصدق‬

‫س‪ :‬بعض الشخاص الذين يجتمعللون عنللد الصللدقة‬


‫التي يلراد تفريقهلا عليهلم يضلعون أيلديهم عليهلا‬
‫ت‬‫من البللاقون بأصللوا ٍ‬
‫ويدعو أحدهم للمتصللدق ويللؤ ّ‬
‫‪1‬‬
‫مرتفعة‪ .‬فما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل تنبغي هذه الكيفية لنها بدعة‪ ،‬أما الدعاء للمتصدق من‬
‫غير وضع اليدي على المال المتصدق به‪ ،‬ومن دون‬

‫نشر في كتاب فتاوى إسلمية من جمع محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.176‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪137‬‬
‫اجتممماٍع علممى رفممع الصمموات علممى الكيفيممة المممذكورة فهممو‬
‫مشروع؛ لقول النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬ملن صللنع‬
‫إليكم معروفا ً فكافئوه فإن لللم تجللدوا مللا تكللافئوه‬
‫فادعوا له حتى تروا أنكللم قللد كافللأتموه((‪ 1‬رواه أبممو‬
‫داود والنسائي بإسناد صحيح‪.‬‬

‫‪ -61‬حكم مسح الوجه بعد الدعاء‬


‫‪2‬‬
‫س‪ :‬عن حكم امسح الوجه بعد الدعاء؟‬

‫ج‪ :‬المسح للوجه لم يرد فيه أحاديث صحيحة‪ ،‬وإنما ورد فيممه‬
‫أحاديث ل تخلو من ضعف؛ فلهذا الرجح والصح أن ل يمسح‬
‫وجهه بيديه‪ ،‬وذكر بعض أهل العلم أنه ل بأس بذلك؛ لنه فيه‬
‫وي‬ ‫أحاديث يشد بعضها بعضا ً وإن كانت ضعيفة‪ ،‬لكممن قممد يق م ّ‬
‫سن لغيممره‪ ،‬كممما ذكممر ذلممك‬ ‫بعضها بعضا ً فتكون من قبيل ال َ‬
‫ح َ‬
‫الحافظ ابن حجر في كتابه )بلوغ المرام( في الباب الخير‪.‬‬
‫فالمقصود أن المسح ليس فيه أحاديث صحيحة‪ ،‬فلممم يفعلممه‬
‫النبي‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة‪ ،‬باب عطية من سأل بالله برقم ‪،1672‬‬
‫والنسائي في كتاب الزكاة‪ ،‬باب من سأل بالله عز وجل برقم ‪.2567‬‬
‫‪ 2‬من كتاب فتاوى إسلمية جمع محمد المسند ج ‪.4‬‬

‫‪138‬‬
‫صلى الله عليه وسلم فممي صمملة الستسممقاء ول فممي غيرهمما‬
‫من المواقف التي رفع يممديه‪ ،‬كممموقفه عنممد الصممفا والمممروة‬
‫وفي عرفات وفي مزدلفة وعند الجمار لم يذكروا أنه مسممح‬
‫وجهه بيديه لما دعا‪ ،‬فدل ذلك علممى أن الفضممل تممرك ذلممك‪،‬‬
‫وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪ -62‬حكم رفع اليدين في الدعاء‬

‫س‪ :‬هل كان النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم يرفللع‬


‫‪1‬‬
‫يديه في الدعاء في جميع الحوال؟‬

‫ج‪ :‬كممان صمملى اللممه عليممه وسمملم يرفممع يممديه فممي مواضممع‬
‫محدودة وعند الدعاء العارض‪ ،‬وهناك مواضع يدعو فيها ولممم‬
‫يرفع يديه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقد ثبت أنه رفممع يممديه فممي‬
‫الستسممقاء‪ ،‬لممما استسممقى للمسمملمين يمموم الجمعممة فممي‬
‫الخطبة رفممع يممديه‪ ،‬وهكممذا لممما خممرج إلممى الصممحراء وصمملى‬
‫ركعتين وخطب الناس ودعا‪ ،‬رفع يديه عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وكذلك إذا دعا لحدٍ رفع يديه عليممه الصمملة والسمملم‪ ،‬وثبممت‬
‫هذا في أحمماديث كممثيرة رفممع اليممدين وهممو مممن السممنة ومممن‬
‫أسباب الستجابة‪ ،‬ومن‬

‫من برنامج نور على الدرب رقم ‪ 7‬ونشر في المجمع ج ‪ 9‬ص ‪.292‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪139‬‬
‫ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬إن الللله طيللب‬
‫ول يقبل إل طيبًا‪ ،‬وإن الله أمر المؤمنين بمللا أمللر‬
‫َ‬
‫من ُللوا‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫هللا ال ّل ِ‬‫به المرسلين فقللال تعللالى‪} :‬ي َللا أي ّ َ‬
‫ه{‪ 1‬وقللال‬ ‫شك ُُروا ل ِّللل ِ‬ ‫وا ْ‬‫م َ‬‫قَناك ُ ْ‬
‫ما َرَز ْ‬
‫ت َ‬‫ن طَي َّبا ِ‬ ‫ك ُُلوا ِ‬
‫م ْ‬
‫مُلوا‬ ‫َ‬
‫ع َ‬ ‫وا ْ‬
‫ت َ‬ ‫ن الطّي َّبا ِ‬ ‫م َ‬‫ل ك ُُلوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ها الّر ُ‬
‫سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫حا{‪ ،2‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشللعث أغللبر‬ ‫صال ِ ً‬
‫َ‬
‫يمد يديه إلى السماء يا رب‪ ،‬يا رب‪ ،‬ومطعمه حرام‪،‬‬
‫ومشللربه حللرام‪ ،‬وملبسلله حللرام‪ ،‬وغللذي بللالحرام‪،‬‬
‫فأنّلى يستجاب لذلك((‪.3‬‬
‫فذكر عليممه الصمملة والسمملم أن مممن أسممباب السممتجابة مممد‬
‫اليدين إلى السماء‪ ،‬ولكن لما أن الداعي تلبس بالحرام مممن‬
‫وجوهٍ كثيرة استبعد عليه الصمملة والسمملم أن يسممتجاب لممه‪،‬‬
‫بسبب تعاطيه الحرام‪ ،‬فعلم بهذا أن رفع اليدين من أسممباب‬
‫الستجابة‪.‬‬
‫وفي الحديث الخر يقول عليه الصلة والسلم‪)) :‬إن ربكم‬
‫تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع‬
‫يديه‬

‫‪ 1‬سورة البقرة الية ‪.172‬‬


‫‪ 2‬سورة المؤمنون الية ‪.51‬‬
‫‪ 3‬رواه مسلم في كتاب الزكاة باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها‬
‫برقم ‪.1015‬‬

‫‪140‬‬
‫إلى السماء أن يردهما صفرا ً((‪ ،1‬أي‪ :‬خاليتين‪.‬‬
‫فهذا يمدل علمى شممرعية رفمع اليممدين فمي الممدعاء وأنممه ممن‬
‫أسباب الستجابة لكن ثبت في مواضع أخممرى أنممه لممم يرفممع‬
‫فيها عليه الصلة والسلم يديه‪ ،‬مثل الدعاء بيممن السممجدتين‪،‬‬
‫والممدعاء فممي آخممر الصمملة قبممل السمملم‪ ،‬هكممذا الممدعاء بعممد‬
‫الفممرائض الخمممس )الظهممر‪ -‬والعصممر‪ -‬والمغممرب‪ -‬والعشمماء‪-‬‬
‫والفجر( ما كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه بعممد شمميء‬
‫منها‪ ،‬فالسنة في مثل هذا أل ترفع اليدي‪ ،‬بل الرفع في هذا‬
‫بدعة؛ لنه لم يثبت عنه عليه الصلة والسلم ول عن أصحابه‬
‫رضي الله عنهم‪ ،‬ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم ل خير إل‬
‫دل المة عليه‪ ،‬ول شر إل حذرها منه‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫لكن إذا قنت في النوازل شرع له رفممع اليممدين بعممد الركمموع‬
‫في الركعة الخيرة‪ ،‬فإن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم فعممل‬
‫ذلك لما دعا على القبائل التي اعتدت علممى المسمملمين مممن‬
‫القراءة؛ ولنه صلى الله عليممه وسمملم دعمما بعممد الركمموع مممن‬
‫الركعة الخيرة على‬

‫‪ 1‬رواه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫برقم ‪ ،3556‬وأبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب الدعاء برقم ‪ ،1488‬واللفظ‬
‫له‪ ،‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب رفع اليدين في الدعاء برقم ‪.3865‬‬

‫‪141‬‬
‫كفار قريش قبل الفتح‪ ،‬وهكذا رفع اليدين في قنمموت المموتر‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -63‬مسألة في حكم المداومة على رفع‬


‫اليدين أثناء الدعاء‬

‫س‪ :‬بيللن الذان والقامللة‪ .‬مللا حكللم رفللع اليللدين‬


‫‪1‬‬
‫للدعاء؟‬
‫ج‪ :‬إذا دعمما النسممان ورفممع يممديه ل بممأس‪ ،‬رفممع اليممدين مممن‬
‫أسباب الجابممة لكممن ممما يكممون علممى سممبيل المداومممة تممارةً‬
‫وتارة؛ لنه لم يحفظ عن النبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أنممه‬
‫كان يرفع يديه بين الذان والقامممة‪ ،‬لكممن جنممس الرفممع مممن‬
‫جنس الدعاء مطلوب‪ ،‬وهممو مممن أسممباب الجابممة وإذا رفعهمما‬
‫النسان بعض الحيان بين الذان والقامة والوقممات الخممرى‬
‫يدعو ربه‪ ،‬كله ل بأس به ولكن بعد الفريضة؛ لن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه بعد الفريضممة‪ ،‬ولكممن بيممن‬
‫الذان والقامممة‪ ،‬أو بعممد النوافممل‪ ،‬أو فممي بعممض الحيممان إذا‬
‫صّلى أو رفع يديه ودعا وكل هذا ل بأس به‪.‬‬

‫من أسئلة حج عام ‪1418‬هم‪ ،‬الشريط السادس‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ -64‬مسألة في رفع اليدين في دعاء خطبة‬
‫الجمعة‬

‫س‪ :‬أرى بعض الناس يرفع يللديه فللي دعللاء خطبللة‬


‫الجمعة والبعض ل يفعل ذلللك‪ ،‬كمللا أن مللن النللاس‬
‫مللن يرفللع يللديه فللي دعللاء القنللوت فللي الللوتر‪،‬‬
‫وبعضللهم ل يفعللل شلليئا ً مللن ذلللك‪ ،‬أرجللو إفللادتي‬
‫جزاكم الله خيرا ً عن السللنة فللي رفللع اليللدين فللي‬
‫‪1‬‬
‫الدعاء؟‬

‫ج‪ :‬السنة في رفع اليدين في الدعاء وهو من أسباب الجابة؛‬


‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن ربكم حيي كريم‬
‫يسللتحي مللن عبللده إذا رفللع يللديه إليلله أن يردهمللا‬
‫صفرا ً(( أخرجممه أبممو داود والترمممذي وابممن ممماجه وصممححه‬
‫الحاكم‪ .‬ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسمملم فممي‬
‫الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬إن الله تعالى طيب ل يقبللل إل‬
‫طيبا ً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر بلله المرسلللين‬
‫فقال‬

‫من كتاب فتاوى إسلمية‪ ،‬إعداد محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.174‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪143‬‬
‫َ‬
‫مللا‬
‫ت َ‬ ‫ن طَي ّب َللا ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫مُنوا ك ُل ُللوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ن{‪،1‬‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُل ُ‬‫م إ ِي ّللاهُ ت َ ْ‬ ‫ه ِإن ُ‬
‫كنت ُل ْ‬ ‫ش لك ُُروا ْ ل ِل ّ ل ِ‬ ‫وا ْ‬‫م َ‬‫قن َللاك ُ ْ‬
‫َرَز ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ن الطّي َّبللا ِ‬ ‫ملل َ‬ ‫ل ك ُُلللوا ِ‬ ‫س ُ‬‫ها الّر ُ‬ ‫وقال سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫حا{‪ ،2‬ثللم ذكللر الرجللل يطيللل السللفر‬ ‫صللال ِ ً‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع َ‬ ‫وا ْ‬‫َ‬
‫أشعث أغبر يمد يديه إلللى السللماء‪ :‬يللا رب‪ ،‬يللا رب‪،‬‬
‫ومطعملله حللرام‪ ،‬ومشللربه حللرام‪ ،‬وملبسلله حللرام‪،‬‬
‫وغذي بالحرام‪ ،‬فأنى يستجاب لذلك((‪.‬‬
‫وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم فممي أحمماديث كممثيرة أنممه‬
‫رفع يديه في الدعاء فممي خطبممة الستسممقاء‪ ،‬وعنممد الجمممرة‬
‫الولى والثانية فممي أيممام التشممريق فممي حجممة المموداع‪ ،‬وفممي‬
‫مواضع كثيرة‪ ،‬ولكن كل عبادة جمدت فمي عهمده صملى اللمه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ولم يرفع فيها يديه فممإنه ل يشممرع لنمما أن نرفممع‬
‫أيدينا فيها؛ تأسيا ً به صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كخطبممة الجمعممة‪،‬‬
‫وخطبممة العيممد‪ ،‬والممدعاء بيممن السممجدتين‪ ،‬والممدعاء فممي آخممر‬
‫الصلة‪ ،‬والدعاء أدبار الصلوات الخمس؛ لن ذلممك لممم يثبممت‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والمشروع لنا التأسممي بممه صمملى‬
‫الله عليمه وسملم فممي الفعممل والمترك‪ ،‬كممما قمال عممز وجمل‪:‬‬
‫ل‬ ‫سو ِ‬ ‫في َر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫}ل َ َ‬

‫سورة البقرة الية ‪.172‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المؤمنون الية ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪144‬‬
‫سَنة‪ 1{.ٌ.‬الية‪ ..‬والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ح َ‬
‫وةٌ َ‬
‫س َ‬
‫هأ ْ‬‫ِ‬

‫‪ -65‬مسألة رفع اليدين عند الدعاء‬

‫ة‬‫س‪ :‬هل رفع اليدين فللي الللدعاء مشللروع‪ ،‬وخاص ل ً‬


‫فلللي السلللفر بالطلللائرة أو السللليارة أو القطلللار‬
‫‪2‬‬
‫وغيرها؟‬
‫ج‪ :‬رفع اليدي في الدعاء من أسباب الجابممة فممي أي مكممان‬
‫يقممول صمملى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬إن ربكم حيللي كريللم‬
‫يسللتحي مللن عبللده إذا رفللع يللديه إليلله أن يردهمللا‬
‫صفرا ً((‪ ،‬ويقول صلى الله عليه وسمملم‪)) :‬إن الللله طيللب‬
‫ل يقبل إل طيبا ً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر بلله‬
‫مُنلوا ك ُُللوا‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها اّلل ِ‬ ‫المرسلين فقال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ه‬
‫م إ ِّيلا ُ‬ ‫ه ِإن ُ‬
‫كنُتل ْ‬ ‫شك ُُروا ْ ل ِّلل ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫قَناك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ما َرَز ْ‬‫ت َ‬ ‫ن طَي َّبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ن الطّي َّبللا ِ‬ ‫ل ك ُُلللوا ِ‬
‫ملل َ‬ ‫سلل ُ‬ ‫هللا الّر ُ‬‫ن{ ‪َ} ،‬يللا أي ّ َ‬
‫‪3‬‬
‫دو َ‬ ‫عُبلل ُ‬
‫تَ ْ‬
‫حا{ ‪ ،‬ثم ذكر الرجل‬ ‫مُلوا َ‬
‫صال ِ ً‬ ‫ع َ‬
‫وا ْ‬
‫‪4‬‬
‫َ‬

‫‪ 1‬سورة الحزاب الية ‪.21‬‬


‫‪ 2‬من ضمن السئلة التي طرحت على سماحته بعد المحاضرة التي ألقاها في‬
‫جامع الملك خالد يوم الخميس ‪16/7/1411‬هم ونشر في المجموع ج ‪ 6‬ص‬
‫‪ ،124‬ونشر في كتاب فتاوى إسلمية جمع محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.174‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة الية ‪.172‬‬
‫‪ 4‬سورة المؤمنون الية ‪.51‬‬

‫‪145‬‬
‫يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السللماء‪ :‬يللا‬
‫رب‪ ،‬يلللا رب‪ ،‬ومطعمللله حلللرام‪ ،‬ومشلللربه حلللرام‪،‬‬
‫وملبسلله حللرام‪ ،‬وغللذي بللالحرام‪ ،‬فللأنى يسللتجاب‬
‫لذلك(( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫فجعل من أسباب الجابممة رفممع اليممدين‪ .‬ومممن أسممباب المنممع‬
‫وعدم الجابة‪ :‬أكل الحرام والتغذي بممالحرام‪ ،‬فممدل علممى أن‬
‫رفع اليدين من أسمباب الجابمة‪ ،‬سمواء فمي الطمائرة أو فمي‬
‫القطار أو في السيارة أو في المراكب الفضائية‪ ،‬أو في غيمر‬
‫ذلك‪ ،‬إذا دعا ورفع يممديه‪ ،‬فهممذا مممن أسممباب الجابممة‪ ،‬إل فممي‬
‫المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليممه وسمملم فل‬
‫نرفع فيها‪ ،‬مثل خطبة الجمعة‪ ،‬فلم يرفع فيها صلى الله عليه‬
‫وسمملم‪ ،‬إل إذا استسممقى فهممو يرفممع يممديه فيهمما‪ .‬كممذلك بيممن‬
‫السجدتين وقبل السلم في آخر التشهد لم يكممن يرفممع يممديه‬
‫صلى الله عليه وسلم فل نرفع أيدينا في هذا الممموطن الممتي‬
‫لم يرفع فيها صلى الله عليه وسمملم؛ لن فعلممه حجممة وتركممه‬
‫حجة‪ .‬وهكذا بعد السلم من الصمملوات الخمممس؛ كممان صمملى‬
‫الله عليه وسمملم يممأتي الذكممار الشممرعية ول يرفممع يممديه‪ ،‬فل‬
‫نرفع في ذلك أيدينا اقتداء بممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬أممما‬
‫المواضع التي رفع صلى الله عليه وسلم فيهمما يممديه فالسممنة‬
‫فيها رفع اليدين تأسيا ً به صلى اللممه عليممه وسمملم؛ ولن ذلممك‬
‫من أسباب الجابة‪ ،‬وهكذا المواضع التي يدعو فيهمما المسمملم‬
‫ربه ولم يرد فيها عن النبي‬

‫‪146‬‬
‫صلى الله عليه وسلم رفع ول ترك فإنا نرفع فيها؛ للحمماديث‬
‫الدالة على أن الرفع من أسباب الجابة كما تقدم‪.‬‬

‫‪ -66‬مسألة في رفع اليدين في الدعاء‬

‫س‪ :‬الخ ع‪ .‬ع‪ .‬م‪ .‬مللن بريللدة يقللول فللي سللؤاله‪:‬‬


‫سمعت المام يقرأ حديثا ً عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم عن صلة الستسقاء‪ ،‬ويقول الصحابي‬
‫رضي الله عنه في آخللر الحللديث‪) :‬إن رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم لللم يكللن يرفللع يللديه إل فللي‬
‫الدعاء للستسقاء( وسبق أن قرأت أنه كللان يرفللع‬
‫يديه صلى الله عليه وسلم في غيره‪ .‬نرجو البيللان‪.‬‬
‫ً ‪1‬‬
‫جزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫ج‪ :‬قد رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في الممدعاء فممي‬
‫مواضع كثيرة‪ ،‬ولكنه في خطبته فممي صمملة الستسممقاء بممالغ‬
‫في الرفع‪ .‬والله الموفق‪.‬‬

‫سؤال شخصي أجاب عنه سماحته في ‪18/10/1419‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ -67‬حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء‬

‫سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬


‫مفتي عام المملكة حفظه الله من كل سوء‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫لدي سؤال أرغللب تكللرم سللماحتكم بالجابللة عليلله‬
‫والسؤال هو‪:‬‬
‫ة بعللد‬‫ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء وخاص ً‬
‫دعاء القنوت وبعد النوافل؟ حفظكم الله وأثللابكم‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬بعده‪:‬‬
‫حكمه أنه مستحب؛ لما ذكره الحافظ فممي البلمموغ فممي بمماب‬
‫الذكر والدعاء‪ ،‬وهو آخر باب فممي البلمموغ‪ ،‬أنممه ورد فممي ذلممك‬
‫عدة أحاديث مجموعها يقضي بأنه حديث حسممن‪ ،‬وفممق اللممه‬
‫الجميع والسلم عليكم‪.‬‬

‫سؤال شخصي أجاب عنه سماحته بتاريخ ‪12/9/1419‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -68‬القراءة على المريض‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلممى حضممرة الخ المكممرم‬
‫ب‪ .‬م‪ .‬ع‪ .‬سلمه الله‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلميممة والفتمماء‬
‫برقم ‪ 2610‬وتاريخ ‪4/7/1407‬هم الذي تذكر فيمه ممما أصمماب‬
‫والدتك من النسيان بعد إجرائها عمليممة المممرارة وطلبممك أن‬
‫ندلك على علج لشرعي لما أصابها‪.‬‬
‫وأفيممدك بممأن ممما حصممل علممى والممدتك إنممما هممو بقضمماء اللممه‬
‫وقدره‪ ،‬وعلى المسلم أن يرضى بذلك ويصممبر ويحتسممب ممما‬
‫ن‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫عند الله من الجر؛ عمل ً بقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫* ال ّذين إ َ َ‬
‫وإ ِن ّللا إ ِل َْيلل ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِّللل ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫ُ‬
‫ة‬‫مل ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫هل ْ‬ ‫ِ‬ ‫مللن ّرب ّ‬ ‫ت ّ‬ ‫وا ٌ‬‫صل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬‫ك َ‬ ‫ن * أول َئ ِ َ‬ ‫جعو َ‬ ‫َرا ِ‬
‫َ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬
‫ب‬ ‫صللا َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن{ ‪ ،‬وقمموله سممبحانه‪َ } :‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬
‫‪1‬‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ْ‬
‫د قلَبلل ُ‬ ‫َ‬ ‫هلل ِ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫من ِبالل ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫ة إ ِل ب ِإ ِذْ ِ‬‫ّ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ِ‬
‫م{ ‪ ،‬وقممال النممبي صمملى اللممه عليممه‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬‫والل ّ ُ‬
‫‪2‬‬
‫َ‬
‫وسلم‪)) :‬إن عظم الجزاء مع عظم البلء وإن الله إذا‬
‫أحب قوما ً‬

‫سورة البقرة اليات ‪.157 -155‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة التغابن‪ ،‬الية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪149‬‬
‫ابتلهم فمللن رضللي فللله الرضللا ومللن سللخط فللله‬
‫السخط((‪ 1‬حسنه الترمذي‪.‬‬
‫ونوصيك بأن تقرأ عليها بفاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل هو‬
‫الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس‪ ،‬وغيممر‬
‫ذلك من آيات وسور القرآن العزيز وتكرر ذلك في كممل ليل مةٍ‬
‫وفي كممل صمباح ومسماء ممع المدعاء الصمحيح الممأثور مثمل‪:‬‬
‫))اللهم رب الناس أذهممب البممأس‪ ،‬واشممف أنممت الشممافي‪ ،‬ل‬
‫شفاء إل شفاءك‪ ،‬شفاًء ل يغادر سقما‪ ،‬وباسممم اللممه أرقيممك‪،‬‬
‫س أو عين حاسد‪ ،‬الله‬ ‫من كل شيء يؤذيك‪ ،‬ومن شر كل نف ٍ‬
‫يشفيك بسم الله أرقيك((‪ ،‬تكرر هذين الدعائين ثلث مرات‪،‬‬
‫وتدعو لها أيضا ً بما أحببت من الدعاء سوى ذلك‪ ،‬وكونه مممما‬
‫ورد عن النبي صلى اللممه عليممه وسمملم أفضممل‪ ،‬كممما نوصمميك‬
‫بعرضها على الطباء المختصممين‪ ،‬ولسمميما الممذين أجممروا لهما‬
‫العملية‪ ،‬لعلهم يجدون لها علجًا‪ .‬وفق اللمه الجميممع لممما فيممه‬
‫رضمماه وشممفى والممدتك مممما أصممابها ومت ّممع الجميممع بالصممحة‬
‫والعافيممة إنممه سممميع مجيممب‪ ،‬والسمملم عليكممم ورحمممة اللممه‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫الرئيس العام لدارات البحوث‬


‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الزهد‪ ،‬باب ما جاء في الصبر على البلء برقم‬
‫‪ 2396‬وابن ماجه في كتاب الفتن‪ ،‬باب الصبر على البلء برقم ‪.4031‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ -69‬في القرآن والسنة علج لجميع المراض‬
‫‪1‬‬
‫الحسية والمعنوية‬

‫بين سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬ورئيس هيئة كبار العلماء‪ ،‬وإدارة‬
‫البحوث العلمية والفتمماء‪ :‬أن اللممه جممل وعل ممما أنممزل داءً إل‬
‫وأنزل له شفاء‪ ،‬علمه من علمه‪ ،‬وجهله من جهله‪.‬‬
‫وقال سماحته‪ :‬إن الله سبحانه وتعالى جعل فيما أنزل علممى‬
‫نبيه صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسممنة العلج لجميممع‬
‫ض حسيةٍ ومعنوية وقد نفع الله‬ ‫ما يشكو منه الناس من أمرا ٍ‬
‫بذلك العباد‪ ،‬وحصل به من الخيممر ممما ل يحصمميه إل اللممه عممز‬
‫وجل‪.‬‬
‫وأوضح سماحته‪ :‬أن النسان قد تعرض له أمممور لهما أسممباب‬
‫فيحصل من الخوف والذعر ما ل يعرف له سببا ً بّينًا‪.‬‬
‫وأكد سماحته‪ :‬أن الله جعممل فيممما شممرعه علممى لسممان نممبيه‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم مممن الخيممر والمممن والشممفاء ممما ل‬
‫يحصيه إل الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في جريدة الجزيرة يوم ‪20/12/1416‬هم‪ ،‬ونشر في هذا المجموع ج ‪9‬‬


‫ص ‪.411‬‬

‫‪151‬‬
‫وكممان سممماحته‪ :‬يممرد بممذلك علممى سممائل يقممول‪):‬زوجللتي‬
‫ن‪ ،‬وأصللبحت تخللاف مللن كللل‬ ‫أصلليبت بمللرض معي ل ٍ‬
‫شيء‪ ،‬ول تستطيع البقاء وحدها‪ ،‬وآخر يقللول‪ :‬أنلله‬
‫يشكو نفس الحالة‪ ،‬وذلللك أنلله ل يسللتطيع الللذهاب‬
‫إلللى المسللجد للصلللة مللع الجماعللة‪ ،‬ويسللأل عللن‬
‫العلج حتى ل يلجأ إلي الكهان والمشعوذين(‪.‬‬
‫ونصح سماحته السممائلين وغيرهممما أن يسممتعملوا ممما شممرعه‬
‫اللممه تعممالى مممن الوراد الشممرعية‪ ،‬الممتي يحصممل بهمما المممن‬
‫والطمأنينة‪ ،‬وراحة النفوس والسلمة مممن مكممائد الشمميطان‪،‬‬
‫ومن ذلك كما قال سماحته‪ :‬قراءة آية الكرسي‪ ،‬وهممي قمموله‬
‫م‪ 1{..‬إلممى آخممر‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫قي ّللو ُ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬
‫ه ِإل ُ‬ ‫تعالى‪} :‬الل ّ ُ‬
‫الية‪ .‬ووصممف سممماحة الشمميخ ابممن بمماز آيممة الكرسممي‪ :‬بأنهمما‬
‫أعظم وأفضل آية في كتاب الله عز وجل لما اشتملت عليممه‬
‫من التوحيد والخلص لله تعالى‪ ،‬وبيان عظمتممه‪ ،‬وأنممه الحممي‬
‫القيوم المالك لكل شيء‪ ،‬ول يعجزه شيء سبحانه وبحمده‪.‬‬
‫واسترسل سماحته يقول‪ :‬فإذا قرأ هذه الية خلف كل صمملة‬
‫كانت له حرزا من كل شر‪ ،‬وهكذا قراءتها عند النوم‪.‬‬

‫سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.255‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪152‬‬
‫واستشهد بما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صملى اللمه‬
‫عليه وسلم‪)) :‬أن من قرأها عند النللوم ل يللزال عليلله‬
‫من الله حافظ ول يقربه شيطان حتى يصبح((‪.1‬‬
‫ودعا سماحته الشخص الخائف إلى قراءة آية الكرسي عنممد‬
‫النوم وبعد كل صلة‪ ،‬وقال‪ :‬ليطمئن قلبه وسوف ل يرى ممما‬
‫دق الرسول عليه الصلة والسلم‬ ‫يسوؤه إن شاء الله‪ ،‬إذا ص ّ‬
‫فيما قال‪ ،‬واطمأن قلبممه لممذلك‪ ،‬أيقممن أن ممما قمماله الرسممول‬
‫صلى الله عليه وسلم هو الحق والصدق الذي ل ريب فيه‪.‬‬
‫وأكد سماحته‪ :‬أن الله سبحانه وتعالى شرع أن يقرأ المسلم‬
‫والمسلمة بعد كل صلة قل هو الله أحد والمعوذتين‪.‬‬
‫وقممال سممماحته‪ :‬إن هممذا أيضما ً مممن أسممباب العافيممة والمممن‬
‫والشفاء من كل سوء‪ ،‬وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن‪.‬‬
‫وأشار سماحة الشيخ عبد العزيز بممن بمماز إلممى أن السممنة أن‬
‫يقرأ النسان هذه السور الثلث بعد صلة الفجر وبعممد صمملة‬
‫المغرب ثلث مممرات‪ ،‬وهكممذا إذا أوى إلممى فراشممه يقرؤهممن‬
‫ثلث مرات؛ لصحة الحاديث عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بذلك‪.‬‬
‫ودل سماحته على أن مما يحصل به المن والعافية‬

‫رواه البخاري في كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب صفة إبليس وجنوده برقم ‪.3275‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪153‬‬
‫والطمأنينممة والسمملمة مممن كممل شممر أن يسممتعيذ النسممان‬
‫بكلمات الله التامممات مممن شممر ممما خلممق ثلث مممرت صممباحاً‬
‫ومساء )أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق( موضحا ً‬
‫ة علممى أنهمما مممن أسممباب‬ ‫سممماحته أن الحمماديث جمماءت دال م ً‬
‫العافية‪.‬‬
‫ودعا سماحته إلى قراءة )بسلم اللله اللذي ل يضلر ملع‬
‫اسللمه شلليء فللي الرض ول فللي السللماء وهللو‬
‫السميع العليم( ثلث مممرات صممباحا ً ومسمماء‪ ،‬وقممال‪ :‬لقممد‬
‫أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ))أن من قالها ثلث مممرات‬
‫صباحا ً لم يضره شيء حممتى يمسممي‪ ،‬ومممن قالهمما مسمماءً لممم‬
‫يضره شيء حتى يصبح((‪.‬‬
‫وأفاد سماحته فممي إجممابته‪ :‬أن هممذه الذكممار والتعمموذات مممن‬
‫القرآن والسنة كلها من أسباب الحفظ والمن والسلمة من‬
‫كل سوء‪.‬‬
‫ن ومؤمنممة التيممان بهمما فممي أوقاتهمما‬‫ودعا سممماحته كممل مممؤم ٍ‬
‫والمحافظة عليها‪ ،‬وهما مطمئنممان وواثقممان بربهممما سممبحانه‬
‫وتعالى القائم على كل شيء‪ ،‬والعممالم بكممل شمميء‪ ،‬والقممادر‬
‫على كل شيء‪ ،‬ل إله غيممره ول رب سممواه‪ ،‬وبيممده التصممرف‬
‫والمنع والضر والنفع‪ ،‬وهو المالك لكل شيء عز وجل‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ -70‬مسألة في الذكار‬

‫س‪ :‬لي بعض الوراد من الذكلار واليلات القرآنيللة‬


‫أواظب عليهللا لكللي تعللم الفللائدة ووجهللت زملئي‬
‫لقراءتها مثلي‪ ،‬هللل فللي ذلللك شلليء جزاكللم الللله‬
‫ً ‪1‬‬
‫خيرا؟‬

‫ج‪ :‬إذا كممانت أذكممارا ً شممرعية ودعمموات شممرعية تنصممحهم‬


‫وتوجههم إليها فهذا من التعاون على البر والتقوى‪ ،‬وقد كتب‬
‫العلممماء فممي ذلممك كصمماحب الممترغيب والممترهيب‪ ،‬وريمماض‬
‫الصالحين‪ ،‬وأذكار النووي‪ ،‬والكلممم الطيممب والوابممل الصمميب‪،‬‬
‫ولي أيضا ً رسالة في الموضمموع سممميتها‪ :‬تحفممة الخيممار فممي‬
‫الدعية والذكار‪ ،‬فإذا أخذ النسان من هممذه الكتممب واسممتفاد‬
‫مما فيها بعممض الممدعوات الشممرعية والذكممار الشممرعية فهممو‬
‫طيب فإذا أوصى إخموانه بممذلك‪ ،‬ونصممحهم فكممل ذلمك طيممب‬
‫وهو من التواصي بالحق‪.‬‬

‫من برنامج نور على الدرب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ -71‬كيفية علج المرضى النفسي‬

‫س‪ :‬كان لنا أخ كبير ملللتزم بللأمور دينلله مللن صلللة‬


‫وصيام وأداء عمرة‪ ،‬وتلوة قرآن‪ ،‬والمحافظة على‬
‫صلة الجماعة في المسجد‪ ،‬وحضور حلقات الللذكر‪،‬‬
‫وفجللأةً انقلبللت حللاله وأصللبح ل يصلللي ول يقللرأ‬
‫القللرآن ول يحضللر حلقللات الللذكر‪ ،‬وأصللبح يجلللس‬
‫وحيدا ً في غرفته حتى إنه ل يذهب إلى عمله‪.‬‬
‫أفيللدوني مللاذا علللي أن أعمللل تجللاه أخللي الكللبر‬
‫ً ‪1‬‬
‫جزاكم الله خيرا؟‬

‫ج‪ :‬المشروع أن يعالج بالطب النبوي‪ ،‬وبالعلج الممذي يعرفممه‬


‫خواص الطباء مما ل يخممالف الشممرع المطهممر؛ لقممول النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما أنزل الله داءً إل وأنللزل للله‬
‫ء دواء‬ ‫شفاء((‪ ،2‬وقوله صلى الله عليممه وسمملم‪)) :‬لكللل دا ٍ‬
‫فإذا ُأصيب دواء الداء برأ بإذن الللله((‪ 3‬أخرجممه مسمملم‬
‫في صحيحه‪ ،‬وقوله‬

‫‪ 1‬من أسئلة المجلة العربية ونشر في المجموع ج ‪ 9‬ص ‪.410‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري في كتاب الطب‪ ،‬باب ما أنزل الله داًء إل أنزل له شفاء برقم‬
‫‪.5678‬‬
‫‪ 3‬رواه مسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب لكل داٍء دواء‪ ،‬برقم ‪ ،2204‬وأحمد في‬
‫باقي مسند المكثرين‪ ،‬مسند جابر بن عبد الله برقم ‪.14187‬‬

‫‪156‬‬
‫صلى الله عليممه وسمملم‪)) :‬عباد الللله تللداووا ول تللداووا‬
‫بحرام((‪ ،1‬ومن الدواء الشرعي القراءة عليه من أهل العلم‬
‫واليمان لعل الله ينفعه بذلك‪.‬‬
‫ومممن السممباب النافعمة لهممذا وأمثمماله‪ :‬عرضممه علممى الطبمماء‬
‫المتخصصين من أهل اليمان والتقوى؛ لعلهم يعرفون سممبب‬
‫مرضه وعلجه‪ ،‬شفاه الله مما أصابه‪ ،‬وأعممانكم علممى علجممه‬
‫بما ينفعه‪ ،‬ويكشف الله به مرضه‪ .‬إنه جواد كريم‪.‬‬

‫‪ -72‬علج صرع الجن للنس‬

‫س‪ :‬ما هو المس وما هللي أعراضلله؟ وكيللف يعالللج‬


‫ً ‪2‬‬
‫شرعا؟‬

‫ج‪ :‬المس هو‪ :‬صرع الجن للنس‪ ،‬كممما قممال اللممه عممز وجممل‪:‬‬
‫ْ‬
‫ذي‬‫م اّللل ِ‬ ‫ن إ ِل ّ ك َ َ‬
‫ما ي َ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫مو َ‬‫قو ُ‬ ‫ن الّرَبا ل َ ي َ ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫}ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫س{‪ ،3‬وعلجممه بممالقرآن‬ ‫ملل ّ‬‫ن ال ْ َ‬‫ملل َ‬ ‫ن ِ‬‫طا ُ‬‫شللي ْ َ‬
‫ه ال ّ‬ ‫خب ّ ُ‬
‫طلل ُ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫الكريم‬

‫‪ 1‬رواه أبو داود في الطب‪ ،‬باب في الدوية المكروهة برقم ‪.3874‬‬


‫‪ 2‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية في ‪19/12/1416‬هم‪ ،‬ونشر‬
‫في المجموع ج ‪ 9‬ص ‪.414‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة الية ‪.275‬‬

‫‪157‬‬
‫وبالدعية النبوية‪ ،‬وبممالوعظ والتممذكير‪ ،‬والممترغيب والممترهيب‪،‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫‪ -73‬حكم علج السرطان بالقرآن‬

‫س‪ :‬هللل التللداوي والعلج بللالقرآن يشللفي مللن‬


‫المراض العضوية كالسرطان كما هللو يشللفي مللن‬
‫المراض الروحية كالعين والمللس وغيرهمللا؟ وهللل‬
‫ً ‪1‬‬
‫لذلك دليل؟ جزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫ج‪ :‬القرآن والدعاء فيهما شفاء من كل سوء بإذن الله‪ ،‬والله‬


‫سبحانه هو الشممافي‪ ،‬والدلممة علممى ذلممك كممثيرة‪ ،‬منهمما قمموله‬
‫فاء{‪ ،2‬وقمموله‬ ‫شل َ‬
‫و ِ‬‫دى َ‬‫هل ً‬‫مُنلوا ُ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫و ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫تعالى‪ُ } :‬‬
‫ة‬
‫مل ٌ‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬‫فاء َ‬‫شل َ‬‫و ِ‬‫هل َ‬
‫مللا ُ‬
‫ن َ‬‫ق لْرآ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ون ُن َّز ُ‬‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‪.3‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا ً قرأ في‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة العدد ‪ 1637‬في ‪ 19‬ذي الحجة ‪1418‬هم وفي‬


‫المجموع ج ‪ 8‬ص ‪.364‬‬
‫‪ 2‬سورة فصلت الية ‪.44‬‬
‫‪ 3‬سورة السراء الية ‪.82‬‬

‫‪158‬‬
‫كفيه عند النوم سورة )قل هو الله أحد( و )المعوذتين( ثلث‬
‫مرات‪ ،‬ثم يمسح في كل مرة على ما استطاع مممن جسممده‪،‬‬
‫فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند النوم‪ ،‬كما صح‬
‫الحديث بذلك عن عائشة رضي الله عنها‪.1‬‬

‫‪ -74‬يجوز التداوي بالدعية المباحة شرعا ً‬

‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسممول اللممه‪ ،‬وعلممى‬


‫آله وصحبه‪.‬‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه مممن إخواننمما‬
‫المسلمين سلك الله بي وبهم سبيل أهممل اليمممان‪ ،‬وأعمماذني‬
‫وإياهم من مضلت الفتن نزغات الشيطان آمين‪.‬‬
‫سلم الله عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فالموجب لهذا هو النصيحة والتذكير؛ عمل ً بقول الله تعممالى‪:‬‬
‫ن{‪ ،2‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن الذّك َْرى َتن َ‬
‫ف ُ‬ ‫وذَك ّْر َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫} َ‬

‫‪ 1‬صدر ضمن مطوية معدلة بتاريخ ‪1413‬هم وقف الله تعالى بعنوان‪)) :‬رسالة‬
‫في حكم السحر والكهانة(( جعلها سماحته بعد التعديل باسم النصيحة‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة الذاريات الية ‪.55‬‬

‫‪159‬‬
‫وُنوا ْ َ َ‬ ‫ول َ ت َ َ‬ ‫عَلى اْلبّر َ‬
‫والت ّ ْ‬ ‫وُنوا ْ َ‬
‫على ال ِث ْم ِ‬ ‫عا َ‬ ‫وى َ‬‫ق َ‬ ‫عا َ‬ ‫وت َ َ‬‫} َ‬
‫ن{ ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وا ِ‬‫عد ْ َ‬‫وال ْ ُ‬
‫َ‬
‫وقول النبي صلى اللممه عليممه وسمملم‪)) :‬الدين النصلليحة((‬
‫ثلث مممرات‪ ،‬قيممل‪ :‬لمممن يمما رسممول اللممه؟ قممال‪)) :‬لللله‪،‬‬
‫ولرسوله‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولئمة المسلمين وعامتهم((‪.2‬‬
‫دعون‬ ‫ونظرا ً لكثرة المشمعوذين فمي الونمة الخيمرة مممن يم ّ‬
‫الطب ويعالجون عن طريق السممحر أو الكهانممة‪ ،‬وانتشممارهم‬
‫ذج من النمماس ممممن يغلممب‬ ‫في بعض البلد‪ ،‬واستغللهم للس ّ‬
‫عليهم الجهل رأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن بيممن ممما‬
‫في ذلك من خطرٍ عظيم على السلم والمسلمين؛ لما فيممه‬
‫من التعلق بغير الله تعالى ومخالفة أمره وأمر رسوله صملى‬
‫الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فأقول مستعينا ً بالله تعالى يجمموز التممداوي اتفاقمًا‪ ،‬وللمسمملم‬
‫ض باطنية أو جراحيممة أو عصممبية أو‬ ‫أن يذهب إلى دكتور أمرا ٍ‬
‫نحو ذلك؛ ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الدويممة‬
‫المباحة شرعًا‪ ،‬حسبما يعرفه في علم الطب؛ لن ذلممك مممن‬
‫باب الخذ بالسباب العادية المباحة‪ ،‬ول ينمافي التوكمل علمى‬
‫الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫سورة المائدة الية ‪.2‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه مسلم في كتاب اليمان باب بيان أن الدين النصيحة برقم ‪.55‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪160‬‬
‫وقد أنزل الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء‪ ،‬عرف‬
‫ذلك من عرفه وجهله مممن جهلممه‪ ،‬ولكنممه سممبحانه لممم يجعممل‬
‫شفاء عباده فيما حرمه عليهم‪ ،‬فل يجوز للمريممض أن يممذهب‬
‫دعون معرفممة الغيبيممات؛ ليعممرف‬ ‫إلى الكهنة ونحوهم‪ ،‬ممن ي ّ‬
‫منهم مرضه‪ ،‬كما ل يجوز له أن يصممدقهم فيممما يخممبرونه بممه‪،‬‬
‫فإنهم يتكلمون رجما ً بالغيب أو يستحضرون الجن؛ ليستعينوا‬
‫بهم على ما يريدون‪ ،‬وهؤلء شأنهم الكفر والضمملل؛ لكممونهم‬
‫دعون أمور الغيب‪ ،‬وقد روى مسلم في صممحيحه‪ ،‬أن النممبي‬ ‫ي ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من أتى عرافا ً فسأله عن‬
‫شيء لم تقبل للله صلللة أربعيللن ليلللة((‪ ،1‬وعممن أبممي‬
‫هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليممه وسمملم أنممه‬
‫قال‪)) :‬من أتى كاهنا ً فصدقه بمللا يقللول فقللد كفللر‬
‫بما أنزل على محمد صلى الله عليلله وسلللم((‪ 2‬رواه‬
‫أبو داود‪ ،‬وخرجه أهممل السممنن الربممع‪ ،‬وصممححه الحمماكم عممن‬
‫النبي صلى الله عليه وسمملم بلفممظ‪((:‬ملن أتلى عرافلا ً أو‬
‫كاهنا ً وصدقه‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان برقم‬
‫‪.2230‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أبو داود في كتاب الطب‪ ،‬باب في الكاهن برقم ‪ 3904‬إل أنه قال‪:‬‬
‫))فقد برئ(( بدل ))فقد كفر((‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫بما يقول فقد كفلر بملا أنلزل علللى محملد((‪ ،‬وعممن‬
‫عمران بن حصين رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬ليس منا من تطير أو تطيللر للله‪ ،‬أو‬
‫تكهن أو تكهن له‪ ،‬أو سحر أو سحر للله‪ ،‬ومللن أتللى‬
‫كاهنا ً فصدقه بما يقول فقد كفللر بمللا أنللزل علللى‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم((‪ 1‬رواه البزار بإسناد جيد‪.‬‬
‫ففممي هممذه الحمماديث الشممريفة النهممي عممن إتيممان العرافيممن‬
‫والكهنممة والسممحرة وأمثممالهم وسممؤالهم وتصممديقهم والوعيممد‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫فالواجب على ولة المور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهممم‬
‫قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحمموهم‪ ،‬ومنممع‬
‫من يتعاطى شيئا ً مممن ذلممك فممي السممواق وغيرهمما‪ ،‬والنكممار‬
‫عليهم أشد النكار‪ ،‬والنكار على من يجيء إليهممم‪ ،‬ول يجمموز‬
‫أن يغتر بصدقهم في بعض المور ول بكثرة مممن يممأتي إليهممم‬
‫ممن ينتسب إلى العلم فإنهم غير راسممخين فممي العلممم‪ ،‬بممل‬
‫من الجهال؛ لما في إتيانهم من المحذور؛ لن الرسول صملى‬
‫الله عليه وسلم قد نهممى عممن إتيممانهم وسمؤالهم وتصممديقهم؛‬
‫لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر‬

‫‪ 1‬أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين برقم ‪ 9252‬والطبراني في المعجم‬


‫الكبير ج ‪ 1‬ص ‪ 162‬برقم ‪.355‬‬

‫‪162‬‬
‫الجسيم والعواقب الوخيمة ولنهم كذبة فجرة‪.‬‬
‫كما أن في هذه الحاديث دليل ً على كفممر الكمماهن والسمماحر؛‬
‫لنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر؛ ولنهما ل يتوصلن إلممى‬
‫مقصودهما إل بخدمة الجمن وعبمادتهم ممن دون اللمه‪ ،‬وذلمك‬
‫كفر بالله وشرك به سبحانه‪ ،‬والمصممدق لهممم بممدعواهم علممم‬
‫الغيممب يكممون مثلهممم‪ ،‬وكممل مممن تلقممى هممذه المممور عمممن‬
‫يتعاطاها فقد برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ول‬
‫ً‬
‫يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علجا‪ ،‬كتمتمتهم بكلم ٍ‬
‫ل يفهم‪ ،‬وكتابة الطلسممم وهممي الحممروف المقطعممة أو صممب‬
‫الرصاص‪ ،‬ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونهمما‪ ،‬فممإن هممذا‬
‫من الكهانة والتلبيس علممى النمماس‪ ،‬ومممن رضممي بممذلك فقممد‬
‫ساعدهم على باطلهم وكفرهم‪.‬‬
‫كما ل يجمموز أيض ما ً لح مدٍ مممن المسمملمين الممذهاب لحممد مممن‬
‫الكهان ونحوهم‪ ،‬لسؤاله عمن سيتزوج ابنه أو قريبه‪ ،‬أو عممما‬
‫يكممون بيممن الزوجيممن وأسممرتيهما مممن المحبممة والوفمماء‪ ،‬أو‬
‫العداوة والفممراق‪ ،‬ونحممو ذلممك؛ لن هممذا مممن الغيممب الممذي ل‬
‫يعلمه إل الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله عممز وجممل فممي‬
‫َ‬
‫د‬‫حل ٍ‬
‫نأ َ‬ ‫مل ْ‬
‫ن ِ‬ ‫عل ّ َ‬
‫مللا ِ‬ ‫ما ي ُ َ‬
‫و َ‬
‫شأن الملكين في سورة البقرة‪َ } :‬‬
‫حّتى‬
‫َ‬

‫‪163‬‬
‫مللا‬ ‫مللا َ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫في َت َ َ‬‫فْر َ‬ ‫فل ت َك ْ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬‫ن ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫قول إ ِن ّ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ه‬
‫ن ِبلل ِ‬ ‫ضللاّري َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫هلل ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وَز ْ‬ ‫ء َ‬ ‫مْر ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫قو َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض لّر ُ‬ ‫مللا ي َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مللو َ‬ ‫عل ّ ُ‬‫وي َت َ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّل ِ‬ ‫د ِإل ب ِلإ ِذْ ِ‬ ‫حل ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‬ ‫فللي اْل ِ‬
‫خ لَر ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫شت ََراهُ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫موا ل َ َ‬
‫م‬ ‫عل ِ ُ‬
‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ي َن ْ َ‬
‫و ك َللاُنوا‬ ‫م ل َل ْ‬ ‫ه ْ‬‫سل ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه أ َن ْ ُ‬ ‫وا ب ِل ِ‬ ‫ش لَر ْ‬ ‫مللا َ‬ ‫س َ‬ ‫ول َب ِئ ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪1‬‬

‫نسأل الله العافية والسلمة من شر السحرة والكهنة وسائر‬


‫المشعوذين‪ ،‬كما نسأله سبحانه وتعممالى أن يقممي المسمملمين‬
‫شرهم‪ ،‬وأن يوفق حكام المسلمين للحذر منهم وتنفيذ حكممم‬
‫الله فيهم حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثممة‬
‫إنه جواد كريم‪.‬‬
‫وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شممر السممحر قبممل‬
‫ة‬
‫وقوعه‪ ،‬وأوضح لهم سبحانه ما يعالجونه به بعد وقوعه رحم ً‬
‫منه لهم‪ ،‬وإحسانا ً منه إليهم‪ ،‬وإتماما ً لنعمته عليهم‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان للشممياء الممتي يتقممى بهمما خطممر السممحر قبممل‬
‫وقوعه والشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من المور المباحة‬
‫شرعًا‪:‬‬

‫سورة البقرة الية ‪.102‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪164‬‬
‫أما النوع الول‪ :‬وهو الممذي يتقممى بممه خطممر السممحر قبممل‬
‫وقوعه‪ ،‬فأهم ذلممك وأنفعممه هممو التحصممن بالذكممار الشممرعية‪،‬‬
‫والدعوات والتعوذات المأثورة‪ ،‬ومن ذلك قراءة آية الكرسي‬
‫خلف كل صلةٍ مكتوبة بعد الذكممار المشممروعة بعممد السملم‪،‬‬
‫ومن ذلك قراءتها عند النوم‪ ،‬وآية الكرسي‪ :‬هممي أعظممم آيممة‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫في القرآن الكريم وهي قوله سبحانه‪} :‬الل ّ ُ‬
‫فللي‬ ‫مللا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م ل َل ُ‬ ‫و ٌ‬‫ول ن َل ْ‬ ‫ة َ‬ ‫س لن َ ٌ‬‫خ لذُهُ ِ‬ ‫م ل ت َأ ْ ُ‬ ‫قي ّللو ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫حل ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬
‫عْنللدَ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض َ‬‫َِ‬ ‫في اْل َْر‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫هلل ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫مللا َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ن أْيلل ِ‬ ‫مللا ب َْيلل َ‬ ‫م َ‬ ‫عَللل ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ِإل ِبللإ ِذْن ِ ِ‬
‫ه‬‫سللي ّ ُ‬ ‫ع ك ُْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫شاءَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه ِإل ب ِ َ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫طو َ‬ ‫حي ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫و ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫عِللل ّ‬ ‫هل َ‬ ‫و ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫فظُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ول ي َُئودُهُ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫د{‪ ،‬و‬ ‫حل ٌ‬‫هأ َ‬ ‫و الل ّل ُ‬ ‫هل َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫م{‪ ،1‬ومن ذلممك قممراءة‪ُ } :‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫س{‪،‬‬ ‫ب الن ّللا ِ‬ ‫عوذُ ب َِر ّ‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ق{‪ ،‬و} ُ‬ ‫فل ِ‬
‫ب ال ْ َ َ‬ ‫عوذُ ب َِر ّ‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫} ُ‬
‫خلمف كمل صمملةٍ مكتوبمة وقممراءة هممذه السممور الثلث )ثلث‬
‫مرات( في أول النهار بعد صلة الفجر‪ ،‬وفي أول الليممل بعممد‬
‫صلة المغرب‪.‬‬
‫ومن ذلك قراءة اليتين من آخر سورة البقرة في أول الليممل‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل إ ِل َي ْل ِ‬ ‫ز َ‬ ‫مللا أن ْل ِ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سللو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫وهما قوله تعالى‪} :‬آ َ‬
‫ه‬
‫َرب ّ ِ‬

‫سورة البقرة الية ‪.255‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪165‬‬
‫هل‬ ‫س لل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وك ُت ُب ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ملئ ِك َت ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫لآ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عن َللا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫نُ َ‬
‫وأط ْ‬ ‫عَنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫قللالوا َ‬ ‫ه َ‬ ‫س لل ِ ِ‬ ‫ن ُر ُ‬ ‫مل ْ‬ ‫د ِ‬ ‫حل ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬
‫سا إ ِل ّ‬ ‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫صيُر * ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫وإ ِل َي ْ َ‬ ‫ك َرب َّنا َ‬ ‫فَران َ َ‬ ‫غ ْ‬ ‫ُ‬
‫ت َرب ّن َللا ل َ‬ ‫س لب َ ْ‬ ‫مللا اك ْت َ َ‬ ‫هللا َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫س لب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ها ل َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ُ‬
‫عل َي ْن َللا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫خطَأن َللا َرب ّن َللا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سلليَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا ِإن ن ّ ِ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫تُ َ‬
‫ول َ‬ ‫قب ْل ِن َللا َرب ّن َللا َ‬ ‫مللن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫عل َللى ال ّل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ْت َل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مللا َ‬ ‫صلًرا ك َ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ف لْر ل َن َللا‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫عن ّللا َ‬ ‫ف َ‬ ‫عل ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ل َن َللا ب ِل ِ‬ ‫قل َ‬ ‫طا َ‬ ‫مللا ل َ َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تُ َ‬
‫عَللللى ال ْ َ‬ ‫ول ََنلللا َ‬ ‫َ‬
‫وم ِ‬ ‫قللل ْ‬ ‫صلللْرَنا َ‬ ‫فان ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنلللآ أنللل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وقد صح عن رسول الله أنه قال‪)) :‬من قرأ آية الكرسي‬
‫ة لم يللزل عليلله مللن الللله حللافظ ول يقربلله‬ ‫في ليل ٍ‬
‫شيطان حتى يصبح((‪ ،2‬وصح عنه أيض ما ً صمملى اللممه عليممه‬
‫وسمملم أنممه قممال‪)) :‬من قللرأ اليللتين مللن آخللر سللورة‬
‫ة كفتاه((‪ ،3‬والمعنممى واللممه أعلممم‪ :‬كفتمماه‬ ‫البقرة في ليل ٍ‬
‫من كل سوء‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬الكثار من التعوذ بمكلمات الله التامات من شر‬

‫‪ 1‬سورة البقرة اليتان‪.285،286 :‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب صفة إبليس وجنوده برقم ‪.3275‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب فضل سورة البقرة برقم‬
‫‪ .5010‬ومسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب فضل الفاتحة‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫ما خلق في الليل والنهار‪ ،‬وعند نزول أي منزلٍ في البناء‪ ،‬أو‬
‫الصحراء‪ ،‬أو الجو‪ ،‬أو البحر؛ لقول النبي‪)) :‬من نزل منزل ً‬
‫فقال‪ :‬أعوذ بكلمات الله التامات من شللر مللا خلللق‬
‫لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك((‪.1‬‬
‫ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل )ثلث‬
‫مرات((‪)) :‬بسم الله الللذي ل يضللر مللع اسللمه شلليء‬
‫في الرض ول في السماء وهو السللميع العليللم((‪2‬؛‬
‫لصحة الترغيب في ذلك عممن رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬وأن ذلك سبب للسلمة من كل سوء‪.‬‬
‫وهذه الذكار والتعوذات من أعظم السممباب فممي اتقمماء شممر‬
‫ق وإيمممان‬‫السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليهمما بصممد ٍ‬
‫وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليممه‪ .‬وهممي‬
‫أيضا ً من أعظم السلح لدفع السحر بعد وقوعه‪ ،‬مممع الكثممار‬
‫من الضراعة إلى الله‪ ،‬وسؤاله سممبحانه‪ :‬أن يكشممف الضممرر‬
‫ويزيل البأس‪.‬‬
‫ومن الدعية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في علج‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر‪ ،‬باب في التعوذ من سوء القضاء‪ ،‬ودرك‬


‫الشقاء وغيره برقم ‪.2708‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوة‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا‬
‫أمسى برقم ‪.3388‬‬

‫‪167‬‬
‫المراض من السحر وغيممره‪ ،‬وكممان صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫يرقي بها أصحابه‪)) :‬اللهم رب النللاس‪ ،‬أذهللب البللأس‪،‬‬
‫واشف أنت الشافي‪ ،‬ل شفاء إل شفاؤك‪ ،‬شللفاء ل‬
‫يغادر سقما((‪ ،1‬ومن ذلك الرقية الممتي رقممى بهمما جبرائيممل‬
‫النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم وهممي قمموله‪)) :‬بسللم الللله‬
‫أرقيك‪ ،‬من كل شيء يؤذيك‪ ،‬ومن شر كل نفس أو‬
‫عين حاسد‪ ،‬الله يشفيك‪ ،‬بسم الله أرقيك((‪ 2‬وليكممرر‬
‫ذلك ثلث مرات‪.‬‬
‫ومن علج السحر بعد وقوعه أيضًا‪ ،‬وهو علج نافع للرجل إذا‬
‫حبمس ممن جمماع أهلمه‪ ،‬أن يأخممذ سمبع ورقممات مممن السممدر‬
‫الخضر‪ ،‬فيدقها بحجرٍ أو نحوه‪ ،‬ويجعلها في إناٍء ويصب عليه‬
‫مممن الممماء ممما يكفيممه للغسممل‪ ،‬ويقممرأ فيممه‪) :‬آيممة الكرسممي(‪،‬‬
‫ق{‪،‬‬ ‫ب ال ْ َ َ‬
‫فل ل ِ‬ ‫عللوذُ ب ِلَر ّ‬ ‫ل أَ ُ‬‫قل ْ‬‫د{‪ ،‬و} ُ‬‫حل ٌ‬
‫هو الل ّل َ‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬ ‫ق ْ‬‫و} ُ‬
‫س{‪ ،‬وآيات السحر التي في سورة‬ ‫ِ‬ ‫ب الّنا‬‫عوذُ ب َِر ّ‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫ق ْ‬‫و} ُ‬
‫َ‬ ‫العراف‪ ،‬من قوله سممبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫سللى أ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫حي َْنا إ ِل َللى ُ‬‫و َ‬‫وأ ْ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ك{‪ 3‬إلى قوله تعالى‪َ} :‬ر ّ‬ ‫صا َ‬ ‫ع َ‬‫ق َ‬ ‫أ َل ْ‬
‫ِ‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب المرضى‪ ،‬باب دعاء العائد للمريض برقم ‪5675‬‬
‫ومسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب استحباب رقية المريض برقم ‪.2191‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب الطب والمرض والرقى برقم ‪.2186‬‬
‫‪ 3‬سورة العراف‪ ،‬الية ‪.117‬‬

‫‪168‬‬
‫ن{‪ ،1‬واليات في سورة يممونس‪ ،‬مممن قمموله‬ ‫هاُرو َ‬ ‫و َ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫م{ ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫عِليلل ٍ‬ ‫ر َ‬ ‫ح ٍ‬
‫سا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ائ ُْتوِني ب ِك ُ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ع ْ‬
‫فْر َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{ ‪ ،‬واليممات فممي‬ ‫مللو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ج‬‫م ْ‬‫رهَ ال ْ ُ‬ ‫و كَ‬ ‫ول َ ْ‬‫إلى قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫‪3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬‫مللا أ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫ي َ‬ ‫قل َ‬ ‫ن ت ُل ْ ِ‬
‫مللا أ ْ‬ ‫سللى إ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قاُلوا َيا ُ‬ ‫سورة طه‪َ } :‬‬
‫ح‬
‫فل ِل ُ‬‫ول ي ُ ْ‬ ‫قى{ ‪ ،‬إلممى قمموله تعممالى‪َ } :‬‬
‫‪4‬‬
‫ن أ َل ْ َ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫نأ ّ‬ ‫كو َ‬ ‫نَ ُ‬
‫ث أ ََتى{‪.5‬‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫حُر َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وبعد قممراءة ممما ذكممر فممي الممماء يشممرب منممه بعممض الشمميء‬
‫ويغتسل بالباقي‪ ،‬وبذلك يزول الداء إن شاء الله‪ ،‬وإذا دعممت‬
‫الحاجة لستعماله أكثر من مرةٍ فل بأس‪ ،‬حممتى يممزول الممداء‬
‫بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫ومن علجه أيضا ً إتلف ما فعله الساحر من عقدٍ أو غيرهممما‪،‬‬
‫فيما يعتقد أنه من أعمال الساحر‪.‬‬
‫أما علجه بعمل السحرة ونحوهم‪ ،‬مممما يتقربممون إلممى الجممن‬
‫بالذبح أو غيره من القربممات‪ ،‬فهممذا ل يجمموز؛ لنممه مممن عمممل‬
‫الشيطان‪ ،‬بل من الشرك الكبر‪ ،‬كما ل يجوز علجممه بسممؤال‬
‫الكهنة والعرافين والمشعوذين‪ ،‬واستعمال ما يقولون؛ لنهممم‬
‫ل يؤمنون‪ ،‬ولنهم كذبة فجرة‬

‫العراف‪ ،‬الية ‪.122‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫يونس الية ‪.79‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫يونس الية ‪.82‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫طه الية ‪.65‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫طه الية ‪.69‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫‪169‬‬
‫يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس‪ ،‬وقد حذر الرسممول‬
‫صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصممديقهم‪ ،‬كممما‬
‫سبق بيان ذلك‪.‬‬
‫والله سبحانه وتعالى المسئول أن يوفق المسمملمين للعافيممة‬
‫من كل سوء‪ ،‬وأن يحفظ عليهم دينهم‪ ،‬ويرزقهم الفقه فيممه‪،‬‬
‫والعافية من كل ما خالف شمرعه‪ .‬وصملى اللمه وسملم علمى‬
‫عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان‪.‬‬

‫‪ -75‬مسألة في التداوي قبل وقوع الداء‬

‫س‪ :‬ما هو الحكللم فللي التللداوي قبللل وقللوع الللداء‬


‫‪1‬‬
‫كالتطعيم؟‬

‫ج‪ :‬ل بأس بالتممداوي إذا خشممي وقمموع الممداء؛ لوجممود وبمماء أو‬
‫أسممباب أخممرى يخشممى مممن وقمموع الممداء بسممببها‪ ،‬فل بممأس‬
‫بتعاطي الدواء لممدفع البلء الممذي يخشممى منممه؛ لقممول النممبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في الحممديث الصممحيح‪)) :‬ملن تصلبح‬
‫ت من‬ ‫بسبع تمرا ٍ‬

‫‪ 1‬ضمن السئلة التي طرحت على سماحته بعد المحاضرة التي ألقاها في‬
‫مستشفى الملك فيصل بالطائف في محرم ‪1410‬هم ونشر في هذا المجموع‬
‫ج ‪ 6‬ص ‪.21‬‬

‫‪170‬‬
‫تمر المدينة لم يضره سحر ول سم((‪ ،1‬وهذا مممن بمماب‬
‫ض وطعممم‬ ‫دفع البلء قبل وقوعه‪ ،‬فهكممذا إذا خشممي مممن مممر ٍ‬
‫ن ل بأس بذلك مممن‬ ‫ضد الوباء الواقع في البلد أو في أي مكا ٍ‬
‫باب الدفاع كما يعالج المرض النازل‪ ،‬يعالج بالممدواء المممرض‬
‫الذي يخشى منه‪ ،‬لكن ل يجوز تعليق التمممائم والحجممب ضممد‬
‫المرض أو الجن أو العين؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسمملم‬
‫عممن ذلممك‪ .‬وقممد أوضممح عليمه الصمملة والسمملم أن ذلممك مممن‬
‫الشرك الصغر‪ ،‬فالواجب الحذر من ذلك‪.‬‬

‫‪ -79‬حكم استعمال بخور لطرد الشياطين‬

‫س‪ :‬يقوم بعض النللاس باسللتخدام بخللور يبللاع عنللد‬


‫العطللارين يسللمى )نقللض( يللدعون أنهللا تطللرد‬
‫الشياطين‪.2‬‬

‫ج‪ :‬ل أعلم لهذا العمل أصل ً شممرعيًا‪ .‬والممواجب تركممه؛ لكممونه‬
‫مممن الخرافممات الممتي ل أصممل لهمما‪ ،‬وإنممما تطممرد الشممياطين‬
‫بالكثار من ذكر الله وقممراءة القممرآن‪ ،‬والتعمموذ بكلمممات اللممه‬
‫التامات من شر ما خلق‪ .‬وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪:‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الشربة‪ ،‬باب فضل تمر المدينة برقم ‪ 2047‬بلفظ‬
‫))عجوة(( بدل ))تمر المدينة((‪.‬‬
‫‪ 2‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪/237‬خ في ‪7/1/1419‬هم‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫))من نزل منزل ً فقال‪ :‬أعوذ بكلمللات الللله التامللات‬
‫من شر ما خلق لم يضللره شلليء حللتى يرتحللل مللن‬
‫منزله ذلك((‪ ،‬وقال لممه رجممل‪ :‬يمما رسممول اللممه ممماذا لقيممت‬
‫البارحة من لدغة عقرب‪ ،‬فقال له صمملى اللممه عليممه وسمملم‪:‬‬
‫))أما إنك لو قلت أعوذ بكلمات الله التامات من شر‬
‫ما خلق لم تضرك((‪ ،‬وقال عليه الصمملة والسمملم‪)) :‬مللن‬
‫قال حين يصبح‪ :‬بسم الله الذي ل يضللر مللع اسللمه‬
‫شلليء فللي الرض ول فللي السللماء وهللو السللميع‬
‫العليم‪ ،‬ثلث مرات لللم يضللره شليء حلتى يمسلي‪،‬‬
‫ومللن قالهللا حيللن يمسللي لللم يضللره شلليء حللتى‬
‫أصبح((‪.‬‬

‫‪ -77‬حكم إحضار أكثر من قارئ للقراءة على‬


‫المريض‬

‫س‪ :‬ما قولكم فيمن ُيحضر أكثر من قارئ ليقللرؤوا‬


‫‪1‬‬
‫على المريض؟‬

‫ج‪ :‬ل أعلم حرجا ً فممي ذلممك إذا كممان القممراء مممن المعروفيممن‬
‫بحسممن العقيممدة والسمميرة‪ .‬وأسممال اللممه أن يوفقنمما وإيمماكم‬
‫وسائر‬

‫‪ 1‬سؤال مقدم من صاحب السمو المير ع‪ .‬م‪ .‬س أجاب عنه سماحته برقم‬
‫‪/237‬خ في ‪7/1/1419‬هم‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫إخواننا للعلم النافع والعمل به‪ ،‬إنممه سممميع قريممب‪ .‬والسمملم‬
‫عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫‪ -78‬مسألة في الرقية‬

‫سماحة الشيخ‪ :‬انتشرت بين الطلبة هذه الورقة‪،‬‬


‫مكتوب عليها علج ضيق الصدر أيام المتحانات‪:1‬‬
‫نضع اليد على الصدر ونقرأ الفاتحة ثلث مرات‪،‬‬
‫يقرأ آية الكرسي ثلث مرات‪ ،‬يقرأ من قوله‬
‫تعالى‪) :‬آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه( من‬
‫سورة البقرة إلى آخر اليات‪ ،‬ثلث مرات‪ ،‬ويقول‬
‫آخر آيتين من سورة الحشر ثلث مرات‪ ،‬ويقرأ أول‬
‫عشر آيات من سورة الصافات‪ ،‬آخر آيتين من‬
‫سورة القلم سورة الكافرون والصمد والمعوذتين‬
‫كل واحدة ثلث مرات‪ ،‬ويقرأ الدعاء‪)) :‬أذهب‬
‫البأس رب الناس واشف أنت الشافي ل شفاء إل‬
‫شفاؤك شفاءً ل يغادر سقمًا(( سبع مرات‬
‫والدعاء‪)) :‬أسأل الله العظيم رب العرش العظيم‬
‫أن يشفيني(( لمدة ثلثة أيام‪ ،‬هذه الدعوات وهذه‬
‫‪2‬‬
‫المور هل هي واردة يا شيخ؟‬

‫تخصيص هذا الدعاء بأيام المتحانات ل أصل له فهو من البدع‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫نشر في جريدة الرياض العدد ‪ 10763‬في ‪12/8/1418‬هم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪173‬‬
‫ج‪ :‬الترتيب ليس على هذا الترتيب‪ ،‬لكن يسأل ربه الشفاء‪،‬‬
‫والحمد لله‪ ،‬يسأل ربه‪ ،‬الذي ورد ))رب الناس أذهب‬
‫البأس واشف أنت الشافي ل شفاء إل شفاؤك ل‬
‫يغادر سقما ً((‪ ،‬يكرر ثلث مرات‪)) :‬بسم الله أرقيك‬
‫من كل شيء يؤذيك‪ ،‬من شر كل نفس أو عين‬
‫حاسد‪ ،‬الله يشفيك‪ ،‬بسم الله أرقيك((‪ ،‬إذا كررها‬
‫د{‪ ،‬والمعوذتين‪،‬‬ ‫هو الل ّ َ‬ ‫ثلث مرات ل بأس } ُ‬
‫ق ْ‬
‫ح ٌ‬
‫هأ َ‬‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬
‫يكررها ثلث مرات صباحا ً ومساًء وعند النوم‪ ،‬هذا وارد‬
‫طيب‪ ،‬المقصود أنه يتحرى الوارد فقط أما من كيسه‪ ،‬يرتب‬
‫أشياء من كيسه‪ ،‬ما عليها دليل‪ ،‬لكن إذا تحرى الوارد بالدلة‬
‫الشرعية في كتب الذكار وكتب الدعية‪ ،‬فالحمد لله‪.‬‬

‫‪ -79‬ما قال عن قراءة سورة الزلزلة على‬


‫المريض والحامل‬

‫س‪ :‬توجد امرأة مريضة بمرض نفسي وقال لها‬


‫الناس‪ :‬إن المريض إذا أصابه مرض صعب تقرأ‬
‫سورة الزلزلة عليه‪ ،‬ثم إنه إما أن يشفى وإما أن‬
‫يموت‪ ،‬وطلبت من يقرأ لها وشربت من القراءة‪،‬‬
‫وبعد فترة حملت وشربت من القراءة فولد الطفل‬
‫سليمًا‪ ،‬وبعد فطامه حملت بآخر‪ ،‬وفي الشهر‬

‫‪174‬‬
‫التاسع جاءها المرض مرةً أخرى‪ ،‬وشربت من‬
‫القراءة‪ ،‬ولكن في نفس اليوم ولدت طفل ً ميتًا‪،‬‬
‫د آخر‪ ،‬وعاودها المرض‬ ‫ة حملت بواح ٍ‬ ‫وبعد فتر ٍ‬
‫وشربت من نفس القراءة‪ ،‬وفي الشهر الثامن‬
‫شربت من القراءة وولدت الولد ميتًا‪ ،‬وبعد فتر ٍ‬
‫ة‬
‫حملت في شهرها السابع أحست بمرض وشربت‬
‫ة حية‪،‬‬ ‫منها‪ ،‬وفي الليلة التي بعدها ولدت طفل ً‬
‫وقد سمعت من الناس أن سورة الزلزلة تسقط‬
‫الطفال‪ ،‬وفي القراءة حبة سوداء وأن الحبة‬
‫السوداء تسقط الطفل وهي ل تعلم هذا‪ .‬فهل‬
‫‪1‬‬
‫يحلقها شيء من الطفال الذي ماتوا؟‬
‫ج‪ :‬أول ً‪ :‬ما يقول الناس عن سورة الزلزلة أنها تشفي‬
‫المريض أو يموت وما قالوه أنها تسقط الولد كله ل أصل‬
‫له‪ ،‬بل هو من خرافات العامة الباطلة‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬ليس على المرأة المذكورة فدية ول كفارة؛ لن‬
‫عملها ليس سببا ً لموتهما‪.‬‬

‫‪ 1‬سؤال من الخت م‪ .‬ع‪ .‬ق أجاب عنه سماحته برقم ‪ 1318/1‬في‬


‫‪15/5/1410‬هم عندما كان رئيسا ً لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة‬
‫والرشاد‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ -80‬مسألة في حكم تكرار بعض سور القرآن‬
‫والذكار بل عدد معين‬

‫س‪ :‬بعض الناس يجعلون الورد )بسم الله الرحمن‬


‫الرحيم( ‪ 786‬مرة‪ ،‬ويقرؤون الواقعة ‪ 42‬مرة‪،‬‬
‫وسورة الذاريات ‪ 60‬وسورة يس ‪ 41‬مرة عند‬
‫الميت وغيره‪ ،‬ويقرؤون في الورد )يا لطيف(‬
‫‪1‬‬
‫‪ 16641‬مرة فهل هذا جائز أم ل؟‬

‫ج‪ :‬ل أعلم لهذا العمل أصل ً بهذا العدد المعين‪ ،‬بل التعبد‬
‫بذلك واعتقاد أنه سنة بدعة‪ ،‬وهكذا فعل ذلك على هذا‬
‫الوجه عند الميت وقت الموت‪ ،‬أو بعد الموت‪ ،‬كل ذلك ل‬
‫أصل له على هذا الوجه‪ ،‬ولكن يشرع للمؤمن الستكثار من‬
‫قراءة القرآن ليل ً ونهارًا‪ ،‬وأن يسمي الله سبحانه عند ابتداء‬
‫القراءة‪ ،‬وعند الكل والشرب‪ ،‬وعند دخول المنزل‪ ،‬وعند‬
‫جماع أهله‪ ،‬وغير ذلك من الشؤون التي وردت بها السنة‪،‬‬
‫وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬كل‬
‫ل ل يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر((‪.2‬‬ ‫ر ذي با ٍ‬‫أم ٍ‬
‫وهكذا استعمال )يا لطيف أو يا الله أو نحو ذلك( بعددٍ‬
‫معلوم يعتقد أنه سنة ل أصل لذلك‪،‬‬

‫نشر في مجلة البحوث السلمية‪ ،‬العدد ‪ 24‬عام ‪1409‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجه المام أحمد في باقي مسند المكثرين برقم ‪.8495‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪176‬‬
‫بل هو بدعة‪ ،‬ولكن يشرع الكثار من الدعاء بل عددٍ معين‪.‬‬
‫كقوله‪ :‬يا لطيف ألطف بنا‪ ،‬أو اغفر لنا‪ ،‬أو ارحمنا‪ ،‬أو اهدنا‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪ .‬وهكذا يا الله يا رحمن يا رحيم‪ ،‬يا غفور يا حكيم‪،‬‬
‫يا عزيز اعف عنا‪ ،‬وانصرنا وأصلح قلوبنا وأعمالنا وما أشبه‬
‫َ‬
‫ب‬‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫ذلك‪ ،‬لقول الله سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫سأل َ َ‬
‫عّني‬ ‫عَباِدي َ‬‫ك ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫م{ ‪ ،‬وقوله عز وجل‪َ } :‬‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫‪1‬‬

‫ن{‪ ،2‬ولكن‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫فإ ِّني َ‬‫َ‬


‫عا ِ‬‫ذا دَ َ‬ ‫دا ِ‬
‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬
‫ب دَ ْ‬
‫جي ُ‬
‫بأ ِ‬‫ري ٌ‬‫ق ِ‬
‫بدون تحديد عددٍ ل يزيد عليه ول ينقص؛ إل ما ورد فيه تحديد‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قول‪)) :‬ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على‬
‫ء قدير((‪ ،‬في كل يوم ٍ مائة مرة‪ ،‬فهذا ثابت عن‬ ‫كل شي ٍ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬وهكذا قول‪ :‬سبحان الله‬
‫وبحمده مائة مرة في الصباح والمساء‪ .‬وهكذا‪ :‬سبحان الله‬
‫والحمد لله والله أكبر ثلثا ً وثلثين مرة بعد كل صلة من‬
‫الفرائض الخمس‪ ،‬الجميع تسع وتسعون بعد كل صلة ويختم‬
‫المائة بقول‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫الحمد وهو على كل شيٍء قدير‪ .‬كل هذا قد صح عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهكذا كل ما جاء في معناه‪ ،‬وإن قرأ‬
‫عند المحتضر قبل أن يموت سورة يس‬

‫سورة غافر الية ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة الية ‪.186‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪177‬‬
‫أو غيرها من القرآن فل بأس؛ وروي عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ما يدل على ذلك‪ .‬ويستحب تلقينه ل إله إل الله‬
‫حتى يختم له بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))لقنوا موتاكم ل إله إل الله((‪ 1‬رواه مسلم في‬
‫صحيحه‪ .‬والمراد بالموتى هنا المحتضرون في أصح قولي‬
‫العلماء ولنهم الذين ينتفعون بالتلقين‪.‬‬

‫‪ -81‬بيان أوراد شركية وبدعية‬

‫سؤل من الخ‪ :‬ع‪ .‬م‪ .‬ح من اليمن يقول فيه‪:‬‬


‫يوجد في بلدنا أناس متمسكون بأوراد ما أنزل‬
‫الله بها من سلطان‪ ،‬منها ما هو بدعي ومنها‬
‫ما هو شرك‪ ،‬وينسبون ذلك إلى أمير المؤمنين‬
‫علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره‪،‬‬
‫ويقرءون تلك الوراد في مجالس الذكر أو في‬
‫المساجد بعد صلة المغرب‪ ،‬زاعمين أنها قربة إلى‬
‫الله‪ ،‬كقولهم‪ :‬بحق الله رجال الله أعينونا بعون‬
‫الله وكونوا عوننا بالله‪ ،‬وكقولهم‪ :‬يا أقطاب ويا‬
‫أوتاد ويا أسياد أجيبوا يا ذوي المداد فينا واشفعوا‬
‫لله هذا‬

‫أخرجه مسلم في كتاب الجنائز‪ ،‬باب تلقين الموتى ل إله إل الله برقم ‪.917‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪178‬‬
‫عبدكم واقف وعلى بابكم عاكف‪ ،‬ومن تقصيره‬
‫خائف‪ ،‬أغثنا يا رسول الله وما لي غيركم مذهب‪،‬‬
‫ومنكم يحصل المطلب‪ ،‬وأنتم خير أهل الله بحمزة‬
‫سيد الشهداء‪ ،‬ومن منكم لنا مددًا‪ ،‬أغثنا يا رسول‬
‫الله‪ ،‬وكقولهم‪ :‬اللهم صل على من جعلته سببا ً‬
‫لنشقاق أسرارك الجبروتية‪ ،‬وانفلقا ً لنوارك‬
‫الرحمانية‪ ،‬فصار نائبا ً عن الحضرة الربانية‪،‬‬
‫وخليفة أسرارك الذاتية‪ ،‬نرجو بيان ما هو بدعة وما‬
‫هو شرك‪ ،‬وهل تصح الصلة خلف المام الذي يدعو‬
‫‪1‬‬
‫بهذا الدعاء؟‬

‫ج‪ :‬الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪،‬‬


‫وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فاعلم وفقك الله أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق‬
‫وأرسل الرسل عليهم الصلة والسلم ليعبد وحده ل شريك‬
‫ن‬
‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬
‫و َ‬
‫له دون ما سواه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ,2‬والعبادة هي طاعته سبحانه‬ ‫دو ِ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫واْل ِن ْ َ‬
‫س ِإل ل ِي َ ْ‬ ‫َ‬
‫وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بفعل ما أمر‬
‫الله به ورسوله‪ ،‬وترك ما نهى الله عنه‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‪ ،‬عندما كان سماحته‬


‫رئيسا ً للجامعة‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة الذاريات‪ ،‬الية ‪.56‬‬

‫‪179‬‬
‫ص لله في الفعل‪،‬‬ ‫إيمان بالله ورسوله َ وإخل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورسوله‪ ،‬عن‬
‫ه{ ‪ ،‬أي‬ ‫‪1‬‬
‫دوا ِإل إ ِّيا ُ‬ ‫عب ُ ُ‬‫ك أل ت َ ْ‬ ‫ضى َرب ّ َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ب‬
‫ه َر ّ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬‫أمر وأوصى بأن يعبد وحده‪ ،‬وقال تعالى‪} :‬ال ْ َ‬
‫ن*‬ ‫دي ِ‬ ‫وم ِ ال ّ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫حيم ِ * َ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ح َ‬ ‫ن * الّر ْ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن{‪ ،2‬أبان الله سبحانه بهذه‬ ‫عي ُ‬
‫ست َ ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫وإ ِّيا َ‬‫عب ُدُ َ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫إ ِّيا َ‬
‫اليات أنه هو المستحق لن يعبد وحده ويستعان به وحده‪،‬‬
‫َ‬
‫ن * أل ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫صا ل َ ُ‬ ‫خل ِ ً‬ ‫م ْ‬
‫ه ُ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫عب ُ ِ‬‫فا ْ‬ ‫وقال عز وجل‪َ } :‬‬
‫عوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ص{‪ ،3‬وقال سبحانه‪َ } :‬‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن{‪ ،4‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫رهَ ال ْ َ‬‫ِ‬ ‫و كَ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫دا{ ‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫ح ً‬‫هأ َ‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫عوا َ‬ ‫فل ت َدْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جدَ ل ِل ّ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫} َ‬
‫واليات في هذا المعنى كثيرة‪ ،‬وكلها تدل على وجوب إفراد‬
‫الله بالعبادة‪ ،‬ومعلوم أن الدعاء بأنواعه من العبادة‪ ،‬فل‬
‫يجوز لحدٍ من الناس أن يدعو إل ربه ول يستعين ول‬
‫يستغيث إل به عمل ً بهذه اليات الكريمات‪ ،‬وما جاء في‬
‫معناها‪ ،‬وهذا فيما عدا المور العادية والسباب الحسية التي‬
‫يقدر عليها المخلوق الحي‬

‫السراء الية ‪.23‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫الفاتحة اليات ‪.5-2‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫الزمر اليتان ‪.3 ،2‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫غافر الية ‪.14‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫الجن‪ ،‬الية ‪.18‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫‪180‬‬
‫الحاضر‪ ،‬فإن تلك ليست من العبادة‪ ،‬بل يجوز بالنص‬
‫والجماع أن يستعين النسان بالنسان الحي القادر في‬
‫المور العادية التي يقدر عليها‪ ،‬كأن يستعين به أو يستغيث‬
‫به في دفع شر ولده‪ ،‬أو خادمه‪ ،‬أو كلبه‪ ،‬وما أشبه ذلك‪،‬‬
‫وكأن يستعين النسان بالنسان الحي الحاضر القادر أو‬
‫الغائب بواسطة السباب الحسية‪ ،‬كالمكاتبة ونحوها في بناء‬
‫بيته‪ ،‬أو إصلح سيارته‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬ومن هذا الباب قول‬
‫الله عز وجل في قصة موسى عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫ه{‪،1‬‬ ‫و ِ‬‫عد ُ ّ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ذي ِ‬‫عَلى ال ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي ِ‬ ‫غاث َ ُ‬
‫ست َ َ‬ ‫} َ‬
‫فا ْ‬
‫ومن ذلك استغاثة النسان بأصحابه في الجهاد والحرب‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬فأما الستغاثة بالموات والجن والملئكة‬
‫والشجار والحجار فذلك من الشرك الكبر‪ ،‬وهو من جنس‬
‫عمل المشركين الولين مع آلهتهم‪ ،‬كالعزى واللت وغيرهما‪،‬‬
‫وهكذا الستغاثة والستعانة بمن يعتقد فيهم الولية من‬
‫الحياء فيما ل يقدر عليه إل الله‪ ،‬كشفاء المرضى وهداية‬
‫القلوب ودخول الجنة والنجاة من النار وأشباه ذلك‪ ،‬واليات‬
‫السابقات وما جاء في معناها من اليات والحاديث كلها تدل‬
‫على وجوب توجيه القلوب إلى الله في جميع المور‬
‫وإخلص العبادة لله وحده؛ لن‬

‫سورة القصص الية ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪181‬‬
‫العباد خلقوا لذلك وبه أمروا كما سبق في اليات‪ ،‬وكما في‬
‫شي ًْئا{‪،1‬‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ب ِ ِ‬‫ر ُ‬
‫ش ِ‬‫ول ت ُ ْ‬ ‫ه َ‬‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬‫وا ْ‬‫قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ُ‬
‫ن‬‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬‫عب ُ ُ‬
‫مُروا ِإل ل ِي َ ْ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬‫وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‪ 2{..‬الية‪ ،‬وقول النبي صلى الله عليه وسلم في‬ ‫دي َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ال ّ‬
‫حديث معاذ رضي الله عنه‪)) :‬حق الله على العباد أن‬
‫يعبدوه ول يشركوا به شيئا ً((‪ 3‬متفق على صحته‪،‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي‬
‫‪4‬‬
‫الله عنه‪)) :‬من مات وهو يدعو لله ندا ً دخل النار((‬
‫رواه البخاري‪ ،‬وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا ً‬
‫إلى اليمن قال له‪)) :‬إنك تأتي قوما ً أهل كتاب فليكن‬
‫أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إله إل الله((‬
‫وفي لفظ‪)) :‬فادعهم إلى أن يشهدوا أن ل إله إل‬
‫الله وأني رسول الله((‪ ،‬وفي رواية للبخاري‪:‬‬
‫))فادعهم إلى أن‬

‫‪ 1‬سورة النساء الية ‪.36‬‬


‫‪ 2‬سورة البينة الية ‪.5‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب اسم الفرس والحمار برقم‬
‫‪ 2856‬ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب الدليل على أن مات على التوحيد دخل‬
‫الجنة برقم ‪.30‬‬
‫من‬
‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬
‫‪ 4‬أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن‪ ،‬باب قوله تعالى‪} :‬وَ ِ‬
‫دادًا{ برقم ‪.4497‬‬ ‫َ‬
‫ن الل ّهِ أن َ‬
‫دو ِ‬ ‫خذ ُ ِ‬
‫من ُ‬ ‫ي َت ّ ِ‬

‫‪182‬‬
‫يوحدوا الله((‪ 1‬وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم‬
‫الشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪)) :‬من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله‬
‫حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل((‪،2‬‬
‫والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪ ،‬وهذا التوحيد هو أصل دين‬
‫السلم وهو أساس الملة وهو رأس المر وهو أهم الفرائض‬
‫وهو الحكمة في خلق الثقلين والحكمة في إرسال الرسل‬
‫جميعا ً عليهم الصلة والسلم كما تقدمت اليات الدالة على‬
‫س ِإل‬‫واْل ِن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫ذلك‪ ،‬ومنها قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‪.3‬‬ ‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬‫ل ِي َ ْ‬
‫عث َْنا‬
‫قد ْ ب َ َ‬‫ول َ َ‬
‫ومن الدلة على ذلك أيضا ً قوله عز وجل‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬
‫جت َن ُِبوا‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬‫ن اُ ْ‬ ‫سوًل أ ِ‬‫ة َر ُ‬‫م ٍ‬‫لأ ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫قب ْل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬‫ت{ ‪ ،‬وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫‪4‬‬
‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫حي إل َي َ‬
‫ه ِإل‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ل ِإل ُنو ِ‬‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم برقم ‪ 7372‬ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب الدعاء إلى‬
‫الشهادتين وشرائع السلم برقم ‪.19‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب المر بقتال الناس حتى يقولوا ل إله إل‬
‫الله برقم ‪.23‬‬
‫‪ 3‬سورة الذاريات‪ ،‬الية ‪.56‬‬
‫‪ 4‬سورة النحل الية ‪.36‬‬

‫‪183‬‬
‫ن{‪ ،1‬وقال عز وجل عن نوح وهود وصالح‬ ‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫أ ََنا َ‬
‫دوا‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وشعيب عليهم الصلة والسلم أنهم قالوا لقومهم‪} :‬ا ْ‬
‫ه{‪ ،2‬وهذه دعوة الرسل جميعا ً‬ ‫ه َ‬
‫غي ُْر ُ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫كما دلت على ذلك اليتان السابقتان‪.‬‬
‫وقد اعترف أعداء الرسل بأن الرسل أمروهم بإفراد الله‬
‫بالعبادة وخلع اللهة المعبودة من دونه‪ ،‬كما قال عز وجل‬
‫جئ ْت ََنا‬ ‫َ‬
‫في قصة عاد أنهم قالوا لهود عليه الصلة والسلم‪} :‬أ ِ‬
‫ؤَنا{‪ ،3‬وقال‬ ‫عب ُدُ آَبا ُ‬‫ن يَ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ون َذََر َ‬‫حدَهُ َ‬ ‫و ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عب ُدَ الل ّ َ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫سبحانه وتعالى عن قريش لما دعاهم نبينا محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى إفراد الله بالعبادة وترك ما يعبدون من دونه‬
‫ل‬‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫من الملئكة والولياء والصنام والشجار وغير ذلك‪} :‬أ َ‬
‫ب{‪ ،4‬وقال عنهم‬ ‫جا ٌ‬‫ع َ‬
‫يءٌ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ذا ل َ َ‬ ‫ه َ‬
‫ن َ‬ ‫دا إ ِ ّ‬ ‫ح ً‬ ‫وا ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ة إ ِل َ ً‬‫ه َ‬ ‫اْلل ِ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫كاُنوا إ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سبحانه في سورة الصافات‪} :‬إ ِن ّ ُ‬
‫َ‬
‫كو‬ ‫ر ُ‬‫ن أئ ِّنا ل ََتا ِ‬‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬‫ن* َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ه ِإل الل ّ ُ‬ ‫ل إ ِل َ َ‬
‫ن{‪ 5‬واليات الدالة‬ ‫جُنو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫شا ِ‬ ‫هت َِنا ل ِ َ‬ ‫آل ِ َ‬

‫النبياء‪ ،‬الية ‪.25‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫العراف الية ‪.85‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫العراف الية ‪.70‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫ص الية ‪.5‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫الصافات اليتان ‪.36 ،35‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫‪184‬‬
‫على هذا المعنى كثيرة‪ ،‬ومما ذكرناه من اليات والحاديث‬
‫يتضح لك وفقني الله وإياك للفقه في الدين والبصيرة بحق‬
‫رب العالمين‪ :‬أن هذه الدعية وأنواع الستغاثة التي بينتها‬
‫في سؤالك كلها من أنواع الشرك الكبر؛ لنها عبادة لغير‬
‫الله وطلب لمور ل يقدر عليها سواه من الموات والغائبين‪،‬‬
‫وذلك أقبح من شرك الولين؛ لن الولين إنما يشركون في‬
‫حال الرخاء‪ ،‬وأما في حال الشدائد فيخلصون لله العبادة؛‬
‫لنهم يعلمون أنه سبحانه هو القادر على تخليصهم من‬
‫الشدة دون غيره‪ ،‬كما قال تعالى في كتابه المبين عن أولئك‬
‫وا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬ ‫فل ْ ِ‬
‫ك دَ َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫المشركين‪َ } :‬‬
‫فإ ِ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جا ُ‬ ‫ما ن َ ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن َ‬‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ن{ ‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى يخاطبهم في آية أخرى‬ ‫‪1‬‬
‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ض ّ‬
‫ل‬ ‫ر َ‬ ‫ح ِ‬‫في ال ْب َ ْ‬ ‫ضّر ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫سك ُ ُ‬‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫في سورة سبحان‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫م إ َِلى ال ْب َّر أ ْ‬
‫م‬‫ضت ُ ْ‬‫عَر ْ‬ ‫جاك ُ ْ‬ ‫ما ن َ ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن ِإل إ ِّياهُ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫فوًرا{ ‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫َ‬
‫نك ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ِن ْ َ‬ ‫وكا َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫فإن قال قائل من هؤلء المشركين المتأخرين‪ :‬إنا ل نقصد‬
‫أن أولئك ينفعون بأنفسهم ويشفون مرضانا أو يعينونا‬
‫بأنفسهم أو يضرون عدوا بأنفسهم وإنما نقصد شفاعتهم‬
‫إلى الله في ذلك‪.‬‬

‫سورة العنكبوت‪ ،‬الية ‪.65‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة السراء‪ ،‬الية ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪185‬‬
‫فالجواب أن يقال لهم‪ :‬إن هذا هو مقصد الكفار الولين‬
‫ومرادهم‪ ،‬وليس مرادهم أن آلهتهم تخلق أو ترزق أو تنفع أو‬
‫تضر بنفسها فإن ذلك يبطله ما ذكره الله عنه في القرآن‪،‬‬
‫وإنما أرادوا شفاعتهم وجاههم وتقريبهم إلى الله زلفى‪ ،‬كما‬
‫قال سبحانه وتعالى في سورة يونس عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول ي َن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ما ل ي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫} َ‬
‫ه{ ‪ ،‬فرد الله عليهم‬ ‫‪1‬‬
‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫ؤَنا ِ‬ ‫عا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ش َ‬ ‫ء ُ‬ ‫ؤل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ذلك بقوله سبحانه‪ُ } :‬‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫عل ُ‬ ‫ما ل ي َ ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ل أت ُن َب ُّئو َ‬ ‫ق ْ‬
‫ما‬ ‫عاَلى َ‬ ‫ْ َ‬
‫ع ّ‬ ‫وت َ َ‬‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ض ُ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن{ ‪ ،‬فأبان سبحانه أنه ل يعلم في السموات ول‬ ‫‪2‬‬
‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫في الرض شفيعا ً عنده على الوجه الذي يقصده‬
‫المشركون‪ ،‬وما ل يعلم الله وجوده ل وجود له؛ لنه سبحانه‬
‫ل‬‫زي ُ‬ ‫سورة الزمر‪} :‬ت َن ْ ِ‬ ‫ل يخفى عليه شيء‪ ،‬وقال تعالى في‬
‫َ‬
‫كيم ِ * إ ِّنا أن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ح ِ‬‫ز ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫زي‬
‫ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ع‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫َ‬
‫ن * أل ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دي َ‬‫ه ال ّ‬ ‫صا ل َ ُ‬ ‫خل ِ ً‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫عب ُ ِ‬‫فا ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ص{‪ ،3‬فأبان سبحانه أن العبادة له وحده وأنه‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫يجب على العباد إخلصها له جل وعل؛ لن أمره للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بإخلص العبادة له أمر للجميع‪ ،‬ومعنى‬
‫الدين‬

‫سورة يونس‪ ،‬الية ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة يونس الية ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الزمر‪ ،‬اليات ‪.3-1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪186‬‬
‫هنا هو العبادة‪ ،‬والعبادة هي طاعته وطاعة رسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم كما سلف‪ ،‬ويدخل فيها الدعاء والستغاثة‬
‫والخوف والرجاء والذبح والنذر‪ ،‬كما يدخل فيها الصلة‬
‫والصوم وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله‪ ،‬ثم قال عز‬
‫ذوا من دون ِ َ‬
‫ما‬
‫ول َِياءَ َ‬‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫وجل بعد ذلك‪َ } :‬‬
‫فى{ ‪ ،‬أي يقولون ما‬ ‫‪1‬‬
‫ه ُزل ْ َ‬‫قّرُبوَنا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ِإل ل ِي ُ َ‬ ‫ه ْ‬‫عب ُدُ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫نعبدهم إل ليقربونا إلى الله زلفى‪ ،‬فرد الله عليهم بقوله‬
‫ه‬
‫في ِ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫ما ُ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫حك ُ ُ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫فاٌر{‪،2‬‬ ‫ب كَ ّ‬ ‫كاِذ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫فو َ‬ ‫خت َل ِ ُ‬‫يَ ْ‬
‫فأوضح سبحانه في هذه الية الكريمة أن الكفار ما عبدوا‬
‫الولياء من دونه إل ليقربوهم إلى الله زلفى‪ ،‬وهذا هو‬
‫مقصد الكفار قديما ً وحديثًا‪ ،‬وقد أبطل الله ذلك بقوله‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫هل‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ن إِ ّ‬ ‫فو َ‬ ‫خت َل ِ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫فاٌر{‪.‬‬ ‫ب كَ ّ‬ ‫كاِذ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫فأوضح سبحانه كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى‬
‫الله زلفى وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة‪ ،‬وبذلك يعلم‬
‫كل من له أدنى تمييز أن الكفار الولين إنما كان كفرهم‬
‫باتخاذهم النبياء والولياء والشجار والحجار وغير ذلك من‬
‫المخلوقات شفعاء بينهم وبين الله‪ ،‬واعتقدوا أنهم يقضون‬
‫حوائجهم من دون‬

‫سورة الزمر‪ ،‬الية ‪.3‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الزمر الية ‪.3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪187‬‬
‫إذنه سبحانه ول رضاه‪ ،‬كما تشفع الوزراء عند الملوك‪،‬‬
‫فقاسوه عز وجل على الملوك والزعماء‪ ،‬وقالوا كما أنه من‬
‫له حاجة إلى الملك والزعيم يشفع إليه بخواصه ووزرائه‬
‫فهكذا نحن نتقرب إلى الله بعبادة أنبيائه وأوليائه‪ ،‬وهذا من‬
‫أبطل الباطل؛ لنه سبحانه ل شبيه له ول يقاس بخلقه‪ ،‬ول‬
‫يشفع أحد عنده إل بإذنه ول يأذن في الشفاعة إل لهل‬
‫التوحيد‪ ،‬وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وبكل‬
‫شيء عليم وهو أرحم الراحمين‪ ،‬ل يخشى أحدا ً ول يخافه؛‬
‫لنه سبحانه هو القاهر فوق عباده والمتصرف فيهم كيف‬
‫يشاء‪ ،‬بخلف الملوك والزعماء فإنهم ما يقدرون على كل‬
‫شيء ول يعلمون كل شيء‪ ،‬فلذلك يحتاجون إلى من يعينهم‬
‫على ما قد يعجزون عنه من وزرائهم وخواصهم وجنودهم‪،‬‬
‫كما يحتاجون إلى تبليغهم حاجات من ل يعلمون حاجته‪ ،‬ولن‬
‫الملوك والزعماء قد يظلمون ويغضبون بغير حق فيحتاجون‬
‫إلى من يستعطفهم ويسترضيهم من وزرائهم وخواصهم‪ ،‬أما‬
‫الرب عز وجل فهو سبحانه غني عن جميع خلقه وهو أرحم‬
‫بهم من أمهاتهم‪ ،‬وهو الحاكم العدل يضع الشياء في‬
‫مواضعها على مقتضى حكمته وعلمه وقدرته‪ ،‬فل يجوز أن‬
‫يقاس بخلقه بوجه من الوجوه‪ ،‬ولهذا أوضح سبحانه في‬
‫كتابه أن المشركين قد‬

‫‪188‬‬
‫أقروا بأنه الخالق الرازق المدبر‪ ،‬وأنه هو الذي يجيب‬
‫المضطر ويكشف السوء ويحيي ويميت إلى غير ذلك من‬
‫أفعاله سبحانه‪ ،‬وإنما الخصومة بين المشركين وبين الرسل‬
‫ن‬‫ول َئ ِ ْ‬‫في إخلص العبادة لله وحده‪ ،‬كما قال عز وجل‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ه{‪ ،1‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫قول ُ ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سأل ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ء َ ْ‬
‫ك‬‫مل ِ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ضأ ّ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ن ي َْرُز ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫} ُ‬
‫َ‬
‫ت‬
‫مي ّ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫صاَر َ‬ ‫واْلب ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن ي ُدَب ُّر اْل ْ‬
‫مَر‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ي َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫مي ّ َ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪ ،‬واليات في هذا‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فل ت َت َ ُ‬ ‫لأ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫سي َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬

‫المعنى كثيرة‪ ،‬وسبق ذكر اليات الدالة على أن النزاع بين‬


‫الرسل وبين المم إنما هو في إخلص العبادة لله وحده‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬
‫ن‬‫سوًل أ ِ‬ ‫ة َر ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫لأ ّ‬ ‫عث َْنا ِ‬ ‫قد ْ ب َ َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫كقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ت{‪ 3‬الية‪ ،‬وما جاء في‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫جت َن ُِبوا ال ّ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫اُ ْ‬
‫معناها من اليات‪ .‬وبين سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫الكريم شأن الشفاعة‪ ،‬فقال تعالى في سورة البقرة‪َ } :‬‬
‫ه{‪ ،4‬وقال في سورة‬ ‫عن ْدَهُ ِإل ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ك ِ‬ ‫مل َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وك َ ْ‬ ‫النجم‪َ } :‬‬

‫الزخرف الية ‪.87‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫يونس الية ‪.31‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫النحل الية ‪.36‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫البقرة الية ‪.255‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫‪189‬‬
‫شيًئا إل من بع َ‬ ‫ش َ‬
‫ن‬‫دأ ْ‬ ‫ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عت ُ ُ‬‫فا َ‬ ‫غِني َ‬ ‫ت ل تُ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ْ‬
‫ضى{ ‪ ،‬وقال في سورة النبياء‬ ‫وي َْر َ‬ ‫شاءُ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه لِ َ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫ي َأذَ َ‬
‫‪1‬‬

‫ضى‬ ‫ن اْرت َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ن ِإل ل ِ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ف ُ‬‫ش َ‬ ‫ول ي َ ْ‬ ‫في وصف الملئكة‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،2‬وأخبر عز وجل أنه ل‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه ُ‬‫شي َت ِ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫يرضى من عباده الكفر وإنما يرضى منهم الشكر‪ ،‬والشكر‬
‫هو توحيده والعمل بطاعته‪ ،‬فقال تعالى في سورة الزمر‪:‬‬
‫ه‬‫عَباِد ِ‬
‫ضى ل ِ ِ‬ ‫ول ي َْر َ‬ ‫م َ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬‫ي َ‬ ‫غن ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫فُروا َ‬ ‫ن ت َك ْ ُ‬ ‫}إ ِ ْ‬
‫م{‪ 3‬الية‪.‬‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫شك ُُروا ي َْر َ‬
‫ض ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫فَر َ‬ ‫ال ْك ُ ْ‬
‫وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫أنه قال‪) :‬يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟(‪ ،‬قال‪:‬‬
‫))من قال ل إله إل الله خالصا ً من قلبه((‪ ،‬أو قال‪:‬‬
‫))من نفسه((‪ ،4‬وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬لكل نبي دعوة‬
‫مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت‬
‫دعوتي شفاعة لمتي يوم القيامة فهي نائلة إن‬
‫شاء الله‬

‫سورة النجم الية ‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النبياء الية ‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الزمر الية ‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب الحرص على الحديث برقم ‪.99‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪190‬‬
‫من مات من أمتي ل يشرك بالله شيئاً((‪ ،1‬والحاديث‬
‫في هذا المعنى كثيرة‪ ،‬وجميع ما ذكرنا في اليات والحاديث‬
‫كلها تدل على أن العبادة حق الله وحده وأنه ل يجوز صرف‬
‫شيء منها لغير الله ل للنبياء ول لغيرهم‪ ،‬وأن الشفاعة ملك‬
‫ة‬‫ع ُ‬‫فا َ‬ ‫ش َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬‫ق ْ‬‫الله عز وجل كما قال سبحانه‪ُ } :‬‬
‫عا{‪ 2‬الية‪.‬‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ول يستحقها أحد إل بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع‬
‫فيه‪ ،‬وهو سبحانه ل يرضى إل التوحيد كما سبق‪ ،‬أما‬
‫ما‬‫ف َ‬‫المشركون فل حظ لهم في الشفاعة كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ما‬
‫ن{ ‪ ،‬وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫‪3‬‬
‫عي َ‬
‫ف ِ‬
‫شا ِ‬ ‫ة ال ّ‬‫ع ُ‬
‫فا َ‬ ‫ش َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت َن ْ َ‬
‫ع{‪ 4‬الية‪ ،‬والظلم‬ ‫طا ُ‬ ‫فيع ي ُ َ‬ ‫ول َ‬ ‫ِلل ّ‬
‫ش ِ ٍ‬ ‫ميم ٍ َ‬‫ح ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬‫ظال ِ ِ‬
‫م‬
‫ه ُ‬ ‫ن ُ‬‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عند الطلق هو الشرك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫م‬‫ك ل َظُل ْ ٌ‬ ‫شْر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن{‪ ،5‬وقال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫م{‪.6‬‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب اختبارا لنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫دعوته لمته‪ ،‬برقم ‪.199‬‬
‫‪ 2‬سورة الزمر الية ‪44‬‬
‫‪ 3‬سورة المدثر الية ‪48‬‬
‫‪ 4‬سورة غافر الية ‪18‬‬
‫‪ 5‬سورة البقرة الية ‪254‬‬
‫‪ 6‬سورة لقمان الية ‪13‬‬

‫‪191‬‬
‫أما ما ذكرته في السؤال من قول بعض الصوفية في‬
‫المساجد وغيرها‪) :‬اللهم صل على من جعلته سبباً لنشقاق‬
‫أسرارك الجبروتية وانفلقا ً لنوارك الرحمانية فصار نائبا ً عن‬
‫الحضرة الربانية وخليفة أسرارك الذاتية‪ (..‬الخ‪ ،‬فالجواب‪:‬‬
‫أن ُيقال إن هذا الكلم وأشباهه من جملة التكلف والتنطع‬
‫الذي حذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه‬
‫مسلم في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬هلك‬
‫المتنطعون((‪ 1‬قالها ثلثًا‪.‬‬
‫قال المام الخطابي رحمه الله‪) :‬المتنطع المتعمق في‬
‫الشيء المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلم‬
‫الداخلين فيما ل يعنيهم الخائضين فيما ل تبلغه عقولهم(‪.‬‬
‫وقال أبو السعادات بن الثير‪) :‬هم المتعمقون المغالون في‬
‫الكلم المتكلمون بأقصى حلوقهم مأخوذ من النطع وهو‬
‫الغار العلى من الفم ثم استعمل في كل تعمق قول ً وفع ً‬
‫ل(‪.‬‬
‫وبما ذكره هذان المامان وغيرهما من أئمة اللغة يتضح لك‬
‫ولكل من له أدنى بصيرة أن هذه الكيفية في الصلة‬
‫والسلم على نبينا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫من جملة التكلف والتنطع المنهي عنه‪ ،‬والمشروع للمسلم‬
‫في هذا الباب أن يتحرى الكيفية الثابتة عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في‬

‫أخرجه مسلم في كتاب العلم‪ ،‬باب هلك المتنطعون برقم ‪.2670‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪192‬‬
‫صفة الصلة والسلم عليه وفي ذلك غنية عن غيره‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما روى البخاري ومسلم في الصحيحين واللفظ‬
‫للبخاري عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن الصحابة‬
‫رضي الله عنهم قالوا‪) :‬يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي‬
‫عليك‪ ،‬فكيف نصلي عليك(؟ فقال‪)) :‬قولوا‪ :‬اللهم صل‬
‫على محمد وعلى آل محمد كما صليت على‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك‬
‫على محمد وعلى آل محمد كما باركت على‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد((‪.1‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم‬
‫قالوا‪) :‬يا رسول الله‪ :‬كيف نصلي عليك(؟ قال‪)) :‬قولوا‬
‫اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما‬
‫صليت على آل إبراهيم‪ ،‬وبارك على محمد وأزواجه‬
‫وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد((‪ 2‬وفي صحيح مسلم عن أبي‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب أحاديث النبياء‪ ،‬باب قول الله تعالى‪)) :‬واتخذ الله‬
‫ل(( برقم ‪ 3370‬ومسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي‬ ‫إبراهيم خلي ً‬
‫صلى الله عليه وسلم برقم ‪.406‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب أحاديث النبياء‪ ،‬باب قول الله تعالى‪)) :‬واتخذ الله‬
‫ل(( برقم ‪ 3369‬ومسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي‬ ‫إبراهيم خلي ً‬
‫صلى الله عليه وسلم برقم ‪.407‬‬

‫‪193‬‬
‫مسعود النصاري رضي الله عنه قال‪ :‬قال بشير بن سعد‪:‬‬
‫)يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك‪ ،‬فكيف نصلي‬
‫عليك؟( فسكت ثم قال‪)) :‬قولوا اللهم صل على محمد‬
‫وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم‪ ،‬وبارك‬
‫على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل‬
‫إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد‪ ،‬والسلم كما‬
‫علمتم((‪.‬‬
‫فهذه اللفاظ وأشباهها وغيرها مما ثبت عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم هي التي ينبغي للمسلم أن يتعلمها ويستعملها‬
‫في صلته وسلمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛‬
‫لن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بما يليق‬
‫أن يستعمل في حقه‪ ،‬كما أنه هو أعلم الناس بما ينبغي أن‬
‫يستعمل في حق ربه من اللفاظ‪ ،‬أما اللفاظ المتكلفة‬
‫والمحدثة واللفاظ المحتملة لمعنى غير صحيح كاللفاظ‬
‫التي ذكرت في السؤال فإنه ل ينبغي استعمالها لما فيها من‬
‫التكلف ولكونها قد تفسر بمعان باطلة مع كونها مخالفة‬
‫لللفاظ التي اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وأرشد إليها أمته وهو أعلم الخلق وأنصحهم وأبعدهم عن‬
‫التكلف‪ ،‬عليه من ربه أفضل الصلة والتسليم‪.‬‬
‫وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الدلة في بيان حقيقة‬
‫التوحيد وحقيقة الشرك‬

‫‪194‬‬
‫والفرق بين ما كان عليه المشركون الولون والمشركون‬
‫المتأخرون في هذا الباب‪ ،‬وفي بيان كيفية الصلة‬
‫المشروعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية‬
‫ومقنع لطالب الحق‪.‬‬
‫أما من ل رغبة له في معرفة الحق فهذا تابع لهواه وقد قال‬
‫َ‬
‫ما‬‫م أن ّ َ‬ ‫عل َ ْ‬‫فا ْ‬‫ك َ‬ ‫جيُبوا ل َ َ‬ ‫ست َ ِ‬‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫فإ ِ ْ‬‫الله عز وجل‪َ } :‬‬
‫ر‬‫غي ْ ِ‬
‫واهُ ب ِ َ‬ ‫ه َ‬
‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م َ‬‫م ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن أَ َ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫واءَ ُ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ه َ‬ ‫عو َ‬‫ي َت ّب ِ ُ‬
‫ن{‪.1‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫م ال ّ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬‫ه ل يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫دى ِ‬ ‫ه ً‬ ‫ُ‬
‫فبين سبحانه في هذه الية الكريمة أن الناس بالنسبة إلى‬
‫ما بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى‬
‫ودين الحق قسمان‪ :‬أحدهما‪ :‬مستجيب لله ولرسوله‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬تابع لهواه‪ ،‬وأخبر سبحانه أنه ل أضل ممن اتبع هواه‬
‫بغير هدى من الله‪ ،‬فنسأل الله عز وجل العافية من اتباع‬
‫الهوى‪ ،‬كما نسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا‬
‫من المستجيبين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫والمعظمين لشرعه والمحذرين من كل ما يخالف شرعه‬
‫من البدع والهواء إنه جواد كريم‪ ،‬وصلى الله وسلم على‬
‫عبده ورسوله نبينا محمد وآله وأصحابه وأتباعه بإحسان‪.‬‬

‫‪ - 11‬سورة القصص الية ‪.50‬‬

‫‪195‬‬
‫‪ -82‬مسألة في الدعاء‬

‫س‪ :‬حكم من قال‪ :‬اللهم احشرني مع صاحب‬


‫‪1‬‬
‫النقب؟‬

‫ج‪ :‬هذا الدعاء ل أعلم له أصل ً في الشرع‪ ،‬وإنما يذكر أنه‬


‫من كلم بعض المراء لما رأى بعض الجنود نقب في بعض‬
‫أسوار العدو نقبا ً صار سببا ً للفتح على المسلمين‪ ،‬ومثل هذا‬
‫ل يكون كلمه شرعا ً للناس‪ ،‬وإنما المشروع أن يقال‪ :‬اللهم‬
‫احشرني في زمرة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو في‬
‫زمرة عبادك الصالحين ونحو ذلك‪ ،‬وأسأل الله أن يوفقنا‬
‫وإياكم في دينه والثبات عليه إنه خير مسؤول‪.‬‬

‫‪ -83‬دعاء ركوب الدابة‬

‫س‪ :‬الخ ع‪ .‬ع‪ .‬ع‪ .‬من بريدة يقول في سؤاله‬


‫سمعت أن هناك دعائين بصيغتين مختلفتين‬
‫أحدهما‪ :‬للركوب على الدابة‪ ،‬والثاني‪ :‬للسفر فهل‬
‫هذا صحيح وما صيغة كل منهما‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الجامعة السلمية بالمدينة المنورة عندما كان سامحته‬


‫رئيسا ً للجامعة‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫‪1‬‬
‫أفتونا جزاكم الله خيرًا؟‬

‫ج‪ :‬يشرع للمسلم إذا ركب دابته للسفر أن يقول ما كان‬


‫يقوله النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو‪)) :‬بسم الله‬
‫خَر‬ ‫س ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫والحمد لله ويكبر ثلثا ً ويقول‪ُ } :‬‬
‫ن{‬ ‫قل ُِبو َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫وإ ِّنا إ َِلى َرب َّنا ل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫رِني َ‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما ك ُّنا ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ََنا َ‬
‫اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى‪،‬‬
‫ومن العمل ما ترضى‪ ،‬اللهم هون علينا سفرنا هذا‬
‫واطو عنا بعده‪ ،‬اللهم أنت الصاحب في السفر‬
‫والخليفة في الهل‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من وعثاء‬
‫السفر‪ ،‬ومن كآبة المنظر‪ ،‬وسوء المنقلب في‬
‫المال والهل((‪.2‬‬
‫وقد ذكر المفسرون رحمهم الله ومنهم الحافظ ابن كثير ما‬
‫كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم عند السفر حين‬
‫ذي‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫يركب دابته عند قوله سبحانه في سورة الزخرف‪َ ) :‬‬
‫ما‬‫عام ِ َ‬ ‫واْل َن ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫ج ك ُل ّ َ‬ ‫وا َ‬ ‫َ‬
‫ق اْلْز َ‬ ‫خل َ َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫م َ‬‫ع َ‬ ‫م ت َذْك ُُروا ن ِ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬‫ر ِ‬‫هو ِ‬ ‫عَلى ظُ ُ‬ ‫ووا َ‬ ‫ست َ ُ‬ ‫ن * ل ِت َ ْ‬ ‫ت َْرك َُبو َ‬
‫خَر‬ ‫س ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫قوُلوا ُ‬ ‫وت َ ُ‬
‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬‫م َ‬ ‫وي ْت ُ ْ‬‫ست َ َ‬‫ذا ا ْ‬ ‫م إِ َ‬ ‫َرب ّك ُ ْ‬
‫وإ ِّنا إ َِلى َرب َّنا‬ ‫ن َ‬ ‫رِني َ‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما ك ُّنا ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ََنا َ‬

‫‪ 1‬من أسئلة المجلة العربية وأجاب عنه سماحته بتاريخ ‪18/2/1418‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الحج‪ ،‬باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره‬
‫برقم ‪.1342‬‬

‫‪197‬‬
‫ن{‪ .1‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫قل ُِبو َ‬ ‫لَ ُ‬
‫من ْ َ‬

‫‪ -84‬حول دعاء الركوب في المصعد‬

‫س‪ :‬الخت س‪ .‬م‪ .‬أ‪ .‬من مكة المكرمة تقول في‬


‫سؤالها‪ :‬هل يسن أن نقول دعاء الركوب عندما‬
‫نركب في المصعد الموجود في المباني والذي‬
‫يصعد بالناس من طابق إلى طابق وهل هناك حصر‬
‫للحالت التي يقال فيها هذا الدعاء؟ أرشدونا‬
‫جزاكم الله خيرا ً‪.2‬‬

‫ج‪ :‬دعاء الركوب إنما يستحب عند ركوب العبد للدابة أو‬
‫السيارة أو الطائرة أو الباخرة أو غيرها لقصد السفر‪ ،‬أما‬
‫الركوب العادي في البلد أو في المصعد فل أعلم في الدلة‬
‫الشرعية ما يدل على شرعية قراءة دعاء السفر‪.‬‬
‫ومعلوم عند أهل العلم أن العبادات كلها توقيفية‪ ،‬ل يشرع‬
‫منها إل ما دل عليه الدليل من الكتاب أو السنة أو الجماع‬
‫الصحيح‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫سورة الزخرف‪ ،‬اليات ‪.14-12‬‬ ‫‪1‬‬

‫سؤال من المجلة العربية ونشر في المجموع ج ‪ 9‬ص ‪.306‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ -85‬حكم السلم بالشارة باليد‬
‫‪1‬‬
‫س‪ :‬ما حكم السلم بالشارة باليد؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز السلم بالشارة‪ ،‬وإنما السنة بالسلم بالكلم‬
‫بدءا ً وردًا‪ .‬أما السلم بالشارة فل يجوز؛ لنه تشبه ببعض‬
‫الكفرة في ذلك‪ ،‬ولنه خلف ما شرعه الله‪.‬‬
‫لكن لو أشار بيده إلى المسّلم عليه ليفهمه السلم‪ ،‬لبعده‬
‫مع تكلمه بالسلم فل حرج في ذلك؛ لنه قد ورد ما يدل‬
‫عليه‪ ،‬وهكذا لو كان المسّلم عليه مشغول ً بالصلة فإنه يرد‬
‫بالشارة كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪ -86‬ما يقال عند العطاس‬

‫س‪ :‬هل من عطس أو تثاءب وهو يصلي‪ ،‬يحمد الله‬


‫أو يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟‬

‫ج‪ :‬أما العطاس إذا عطس وهو في الصلة فإنه يحمد الله‪،‬‬
‫كما جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإذا‬
‫عطس‬

‫نشر في جريدة الرياض العدد ‪ 10910‬بتاريخ ‪12/1/1419‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪199‬‬
‫يحمد الله ول يضره ذلك بينه وبين نفسه‪ ،‬أما التثاؤب فل‬
‫يقول شيئا ً وإنما يكظم ما استطاع‪ ،‬ويضع يده على فمه‪،‬‬
‫كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يرد التعوذ‪ ،‬إنما‬
‫هو من فعل الناس‪ ،‬فإن الناس لما عرفوا أن التثاؤب من‬
‫الشيطان‪ ،‬صاروا يتعوذون منه‪ ،‬وإل فل نعلم أنه ورد نص‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم في شرعّية التعوذ عند‬
‫التثاؤب‪ ،‬وإنما شرع الله عند التثاؤب الكظم ووضع اليد على‬
‫الفم‪ ،‬ول يقول هاه‪ ،‬فإن الشيطان يضحك منه إذا قالها‪،‬‬
‫وإنما الذي عليه أن يضع يده على فمه‪ ،‬ولكن ل يتعوذ؛ لنه‬
‫ليس عليه دليل‪ ،‬أما في غير الصلة فالمر أوسع‪ .‬وفق الله‬
‫الجميع وتقبل من الجميع‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ -87‬السنة في وضع اليد في الصلة وما‬
‫يقال بعد الرفع من الركوع‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم‬
‫ب‪ .‬أ‪ .‬غ‪ .‬وفقه الله‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫فقد وصلتني رسالتك المؤرخة في ‪27/4/1994‬م‪.‬‬


‫المتضمنة الفادة عن قراءتك لكتب السلف الصالح ومن ثم‬
‫السؤال عن بعض الشياء التي ظهرت لك أثناء القراءة‪...‬‬
‫وأخبرك بأن السنة وضع اليمين على الشمال على الصدر؛‬
‫لحديث وائل ابن حجر وقبيصة بن هلب الطائي عن أبيه‪.‬‬
‫وأبعث لك نسخة مما كتبنا في ذلك تعقيبا ً على الشيخ‬
‫اللباني‪.‬‬
‫وأما الجواب عن سؤالك الثاني‪ ،‬فإن المحفوظ من الحاديث‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرفع من الركوع أربع‬
‫صفات‪ ،‬إحداها‪ :‬ربنا لك الحمد‪ .‬والثانية‪ :‬ربنا ولك الحمد‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬اللهم ربنا لك الحمد‪ .‬والرابعة‪ :‬اللهم ربنا ولك‬
‫الحمد‪.‬‬

‫صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 594/1‬في ‪24/2/1415‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪201‬‬
‫وأما عن سؤالك الثالث‪ ،‬فإن الناشيد فيها تفصيل‪ ،‬فإن‬
‫ة مما يخالف الشرع المطهر فل بأس بها كسائر‬ ‫كانت سليم ً‬
‫شعْرِ السليم‪ .‬ول أذكر أن أفتيت بتحريمها مطلقًا‪ .‬وأسأل‬
‫ال ِ‬
‫الله سبحانه أن يمنحك المزيد من التوفيق والمزيد من‬
‫العلم النافع والعمل الصالح‪ .‬وقد عمدت الجهة المختصة‬
‫لدينا بإرسال نسخة من مجموع فتاوينا ونسخة من بعض‬
‫الكتاب النافعة إليك‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫مفتي عام المملكة العربية‬


‫السعودية‬
‫ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية‬
‫والفتاء‬

‫‪202‬‬
‫كتاب الحاديث‬
‫الضعيفة‬

‫‪203‬‬
204
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله والصلة والسلم‬
‫على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫هذه رسالة مستقلة من‬
‫إعداد سماحة الشيخ عبد‬
‫العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫رحمه الله بعنوان‪:‬‬
‫)التحفة الكريمة في بيان‬
‫بعض الحاديث الموضوعة‬
‫والسقيمة(‪.‬‬

‫‪205‬‬
206
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪ :‬الحمد لله الذي أكرمنا بدين‬
‫السلم‪ ،‬وجعله أكمل الديان وحفظ كتابه الكريم بقوله عز‬
‫ن{‪،1‬‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫وجل‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ويسر له جهابذة نقادا ً ينفون عنه تحريف الغالين‪ ،‬وتأويل‬
‫الجاهلين‪ ،‬وانتحال أهل الزيغ والعدوان‪ ،‬وحفظ علينا سنة‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم بجهود أهل العلم واليمان‪،‬‬
‫والصدق والتقان‪ .‬أوضحوا للمة صحيح الحاديث وسقيمها‪،‬‬
‫وحسنها من ضعيفها‪ ،‬وبرزوا في هذا الميدان‪ ،‬ودرسوا‬
‫أحوال الرجال من نقلة الخبار‪ ،‬حتى عرفوا الثقات الثبات‪،‬‬
‫والصادقين من الرواة‪ ،‬من ذوي الحفظ والمانة‪ ،‬والرواية‬
‫والدراية‪ ،‬ومن قد يلتبس بهم من المتهمين والكذابين‬
‫وغيرهم‪ ،‬ممن ساء حفظه‪ ،‬وفحش غلطه للختلط أو غيره‬
‫من السباب‪ ،‬فبينوا جميع ذلك نصحا ً للمة‪ ،‬وقياما ً بواجب‬
‫البلغ والبيان‪ ،‬فرضي الله عنهم وجزاهم الله عن عملهم‬
‫المشكور‪ ،‬وجهادهم العظيم أحسن ما جزى به أهل اليمان‬
‫والحسان‪ ،‬وجعلنا من أتباعهم‪ ،‬والمهتدين بهداهم بمنه‬
‫وفضله‪ ،‬وهو الكريم المنان‪.‬‬

‫سورة الحجر‪ ،‬الية ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪207‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذه رسالة لطيفة‪ ،‬في بيان بعض الحاديث‬
‫الموضوعة والضعيفة‪ ،‬قصدت أن أجمع فيها ما تيسر لي؛‬
‫وذلك لكون فيها على بصيرة‪ ،‬ولنتفع بها أو ً‬
‫ل‪ ،‬ولينتفع بها‬
‫من شاء الله من الخوان‪ .‬ومن الله أستمد المعونة‬
‫والتوفيق‪ ،‬وأسأله العون على كل ما يرضيه‪ ،‬وينفع عباده‪،‬‬
‫إنه جواد كريم‪.‬‬
‫وقد رأيت أن أجمع ما وقفت عليه من الحاديث الضعيفة‬
‫والمكذوبة‪ ،‬مرتبا ً على حروف المعجم أسوة بأهل العلم في‬
‫ذلك‪ ،‬وتيسيرا ً لمعرفة الحاديث المطلوبة‪.‬‬
‫وهذا أوان الشروع في المقصود‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‬
‫العلي العظيم‪.‬‬

‫‪ -88‬أفضل وأشر الناس عند الله منزلة يوم‬


‫القيامة‬

‫ة يوم القيامة إمام عادل‬


‫‪)) -1‬أفضل الناس عند الله منزل ً‬
‫ة يوم القيامة إمام جائر(( رواه‬
‫رفيق‪ ،‬وشر عباد الله منزل ً‬
‫الطبراني في الوسط من رواية ابن لهيعة ذكره المنذري‬
‫في الترغيب‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫وابن لهيعة ضعيف‪ ،‬ول شك أن المام العادل الرفيق من‬
‫أفضل الناس؛ لما في عدله من النفع العظيم‪ ،‬والمصالح‬
‫الكثيرة للمسلمين وغيرهم‪.‬‬
‫ول شك أيضا ً أن المام الجائر من شّر الناس؛ لما في جوره‬
‫وظلمه من المضار الكثيرة على المسلمين‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫ة يظلهم الله في ظله يوم ل ظل إل‬ ‫قال‪)) :‬سبع ٌ‬
‫ظله‪ 1((...‬وبدأ بالمام العادل‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أيضا ً عن معقل بن يسار رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬ما‬
‫د يسترعيه الله رعية‪ ،‬يموت يوم يموت‪ ،‬وهو‬ ‫من عب ٍ‬
‫غاش لرعيته إل حّرم الله عليه الجنة((‪.2‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الذان‪ ،‬باب من جلس في المسجد ينتظر الصلة‪،‬‬


‫برقم ‪ ،660‬ومسلم في كتاب الزكاة‪ ،‬باب فضل إخفاء الصدقة برقم ‪.1031‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الحكام‪ ،‬باب من استرعى رعية فلم ينصح برقم‬
‫‪ ،7150‬ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار‬
‫برقم ‪.142‬‬

‫‪209‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬اللهم من ولي من‬
‫أمر أمتي شيئا ً فرفق بهم فارفق به‪ ،‬اللهم من‬
‫ولي من أمر أمتي شيئا ً فشق عليهم فاشقق‬
‫عليه((‪.1‬‬
‫بهذه الحاديث الصحيحة‪ ،‬يعلم أن المام العادل الرفيق من‬
‫خير الناس‪ ،‬وأن المام الجائر الغاش للمة من شر الناس‪.‬‬
‫وهكذا كل من ولي من أمر المة شيئا ً من أمير قرية‪ ،‬أو‬
‫مدينة أو وزير أو أي موظف على شيء من أمور المسلمين‪،‬‬
‫له هذا الحكم‪ .‬فالواجب الحذر والنصح وأداء المانة‪ ،‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب المارة‪ ،‬باب فضيلة المام العادل وعقوبة الجائر‬
‫برقم ‪.1828‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ -89‬حديث‪)) :‬أخروهن من حيث أخرهن الله((‬
‫يعني النساء‬

‫‪ -2‬حديث‪)) :‬أخروهن من حيث أخرهن الله(( يعني النساء‪.‬‬


‫ذكر صاحب كشف الخفاء ص ‪ 67‬جلد أول عن المقاصد‪،‬‬
‫وعن الزركشي‪ ،‬أنه موقوف على ابن مسعود‪ ..‬أخرجه عبد‬
‫الرزاق والطبراني من طريقه‪ ،‬وليس بمرفوع‪ ...‬انظر تمامه‬
‫في الكشف‪ .‬وله شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))خير صفوف الرجال أولها‪ ،‬وشرها آخرها‪ ،‬وخير‬
‫صفوف النساء آخرها‪ ،‬وشرها أولها((‪.1‬‬

‫‪ -90‬حديث‪)) :‬أفضل طعام الدنيا والخرة‬


‫اللحم((‬

‫‪ -3‬حديث‪)) :‬أفضل طعام الدنيا والخرة اللحم((‪ ،‬ضعيف أو‬


‫موضوع‪ ،‬وقد ذكره في كشف الخفاء ص ‪ 154‬ج ‪ ،1‬وقال‪:‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الول‪،‬‬
‫فالول برقم ‪.440‬‬

‫‪211‬‬
‫روه أبو نعيم والعقيلي من طريق عمرو السكسكي عن‬
‫ربيعة بن كعب رفعه‪ ،‬قال‪ :‬وعمرو المذكور ضعيف جدًا‪،‬‬
‫وقال العقيلي‪ :‬ل يعرف هذا الحديث إل به‪ ،‬ول يصح فيه‬
‫شيء‪.‬‬
‫وذكر في الكشف له طرقا ً أخرى‪ ،‬ونقل عن ابن الجوزي أنه‬
‫أدخله في الموضوعات فراجع كلمه فيه إن شئت‪ ،‬والله‬
‫الموفق‪.‬‬

‫‪ -91‬حديث‪)) :‬أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم((‬

‫س ‪ :4‬هل يرى سماحتكم صحة حديث‪)) :‬أقيلوا‬


‫ذوي الهيئات عثراتهم((؟‬

‫ج‪ :‬أما الحديث‪ :‬وهو قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أقيلوا‬
‫ذوي الهيئات عثراتهم(( فهو حديث جيد رواه المام‬
‫أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي عن عائشة رضي الله‬
‫عنها‪ ،‬ونصه‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬أقيلوا‬
‫ذوي الهيئات عثراتهم إل الحدود((‪.1‬‬

‫‪ 1‬أخرجه أحمد في باقي مسند النصار‪ ،‬باب المسند السابق برقم ‪،24946‬‬
‫وأبو داود في كتاب الحدود‪ ،‬باب في الحسد يشفع فيه برقم ‪.4375‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -92‬حديث‪)) :‬فضل علي وسلمان وأبي ذر‬
‫والمقداد رضي الله عنهم((‬
‫‪ -5‬حديث‪)) :‬إن الله يحب من أصحابي أربعة‪ :‬عليا ً‬
‫وسلمان وأبا ذر والمقداد ابن السود الكندي((‬
‫أخرجه المام أحمد في المسند في المجلد الخامس‪ ،‬ص‬
‫‪.356 ،351‬‬
‫والترمذي في المجلد الرابع من الطبعة الهندية بشرح‬
‫المباركفوري صفحة ‪ ،327‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل‬
‫من طريق شريك‪ ،‬يعني به شريكا ً القاضي‪.‬‬
‫وأخرجه ابن ماجه في المجلد الول صفحة ‪ ،66‬وأخرجه‬
‫الحاكم صفحة ‪ 130‬من المجلد الثالث كلهم من طريق‬
‫شريك القاضي عن أبي ربيعة اليادي عن ابن بريدة عن أبيه‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلهم رووه عن شريك عن‬
‫أبي ربيعة بالعنعنة ما عدا أحمد في إحدى روايتيه‪ ،‬فإن‬
‫شريكا ً صرح فيها بأن أبا ربيعة حدثه بذلك‪.‬‬
‫وإسناده ضعيف من أجل أبي ربيعة المذكور فإنه انفرد به‬
‫وهو منكر الحديث‪ .‬قاله أبو حاتم الرازي‪ ،‬وصححه الحاكم‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫وزعم أنه على شرط مسلم‪ ،‬وأنكر الذهبي عليه ذلك‪ .‬وقال‪:‬‬
‫إن مسلما ً لم يخرج عن أبي ربيعة المذكور‪ ..‬انتهى‪.‬‬
‫وكثيرا ً ما يصحح الحاكم رحمه الله أحاديث ضعيفة‬
‫وموضوعة‪ ،‬فل ينبغي أن يغتر بتصحيحه‪ ،‬وقد أغرب الحافظ‬
‫ابن حجر في ترجمة المقداد‪ ،‬فحسن هذا الحديث‪ ،‬وليس‬
‫ذلك بجيد؛ لضعف إسناده بانفراد أبي ربيعة به‪ ،‬ونكارة متنه؛‬
‫ولن هذا الحديث لو كان صحيحا ً لم يخف على الحفاظ من‬
‫أصحاب بريدة‪.‬‬
‫وعلى فرض صحته فإنه ل مفهوم له؛ لن الله جل وعل يحب‬
‫جميع صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم‬
‫ن ومؤمنة من سائر الثقلين‪ ،‬كما‬ ‫ٍ‬ ‫وأرضاهم‪ ،‬ويحب كل مؤم‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫والل ّ ُ‬ ‫ن{ ‪َ } ،‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫قال عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫‪1‬‬

‫ب‬‫ح ّ‬ ‫وي ُ ِ‬‫ن َ‬ ‫واِبي َ‬ ‫ب الت ّ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬


‫ه يُ ِ‬ ‫ن{‪} ،2‬إ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ال ْ ُ‬‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن{ ‪ ،‬وقوله عز وجل‪َ } :‬‬ ‫ري َ‬ ‫مت َطَ ّ‬
‫ه‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪3‬‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها الن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ها{ ‪ ،‬وقوله عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫‪4‬‬
‫في َ‬ ‫ِ‬

‫التوبة الية ‪.4‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫آل عمران الية ‪.146‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫البقرة الية ‪.222‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫التوبة‪ ،‬الية ‪.72‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫‪214‬‬
‫ت{‪..‬‬‫مَنا ِ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ت َ‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ِ َ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬‫ن َ‬‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬
‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ه ك َِثيًرا‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ري َ‬ ‫ذاك ِ ِ‬ ‫وال ّ‬
‫إلى أن قال عز وجل‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ت أَ َ‬
‫ما{ ‪،‬‬‫ظي ً‬
‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةً َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫ه لَ ُ‬‫عدّ الل ّ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ذاك َِرا ِ‬
‫‪1‬‬
‫َ‬
‫واليات في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬

‫تنبيه آخر‪:‬‬
‫نقل الحافظ الذهبي كلم أبي حاتم المذكور في شأن أبي‬
‫ربيعة في الميزان في ترجمة عمر بن ربيعة ص ‪ 257‬الجلد‬
‫رقم ‪.2‬‬

‫‪ -93‬وقت القيام للصلة عند القامة‬

‫‪ -6‬خرج البيهقي في السنن من طريق الحجاج بن فروج‬


‫الواسطي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬كان بلل إذا قال‪ :‬قد قامت الصلة‪،‬‬
‫نهض النبي صلى الله عليه وسلم وكبر‪.‬‬
‫وأعله بالحجاج المذكور وذكر أن ابن معين ضعفه‪ .‬وذكره‬
‫صاحب الميزان‪ :‬أعني الحافظ الذهبي رحمه الله من طريق‬
‫الحجاج المذكور وذكر ابن معين‪ ،‬والنسائي ضعفاه‪ ....‬انتهى‬
‫المقصود‪.‬‬

‫سورة الحزاب الية ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪215‬‬
‫قلت‪ :‬وفي السند المذكور علة أخرى‪ .‬وهي النقطاع بين‬
‫العوام‪ ،‬وبين عبد الله بن أبي أوفى؛ لن العوام لم يسمع‬
‫منه‪ ،‬ول من غيره من الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬كما يعلم‬
‫ذلك من تهذيب التهذيب وغيره‪.‬‬
‫وبذلك يكون الحديث المذكور ضعيفًا؛ لعلتين وهما‪ :‬النقطاع‬
‫وضعف الحجاج‪ ...‬وقد ذكره كثير من الفقهاء في أول باب‬
‫صفة الصلة‪ ،‬محتجين به على استحباب قيام المأموم عند‬
‫قول المؤذن‪ :‬قد قامت الصلة‪ .‬ولم يعزه كثير منهم إلى‬
‫أحد‪ ،‬ول حجة فيه لضعفه‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أنه ل تحديد في وقت قيام المأموم للصلة إذا‬
‫أخذ المؤذن في القامة فهو مخير في القيام في أول‬
‫القامة‪ ،‬أو في أثنائها أو آخرها‪ .‬وهو قول أكثر أهل العلم‪،‬‬
‫وأما التكبير فلم يكن صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيرة‬
‫الحرام إل بعد الفراغ من القامة‪ ،‬وبعد أن يأمر الناس‬
‫بتسوية الصفوف‪ ،‬وسد الخلل‪ ،‬كما استفاضت بذلك‬
‫الحاديث الصحيحة عنه عليه الصلة والسلم‪ ،‬وذلك يدل‬
‫على بطلن هذا الحديث‪ ،‬وعدم صحته‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ -94‬حديث‪)) :‬إذا كثرت ذنوبك فاسق‬
‫الماء‪((...‬‬

‫‪ -7‬حديث‪)) :‬إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء على الماء‪ .‬تتناثر‬


‫ذنوبك(( رواه أبو بكر الخطيب البغدادي عن إسحاق بن‬
‫محمد التمار‪ ،‬وقال‪ :‬كان ل بأس به‪ .‬قال‪ :‬حدثنا هبة الله‬
‫بهذا‪ ،‬قال الذهبي رحمه الله في الميزان ج ‪ 4‬ص ‪ :293‬وهبة‬
‫الله هو ابن موسى المزني الموصلي‪ .‬عرف بابن قتيل ل‬
‫يعرف‪ .‬أ هم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وبذلك يكون هذا الحديث ضعيفا ً بهذا السناد؛ ولكن‬
‫يعلم فضل سقي الماء من أدلةٍ أخرى؛ لكون ذلك من‬
‫أعمال البر والخير‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -95‬حديث‪)) :‬حبك الشيء يعمي ويصم((‬

‫‪ -8‬حديث‪)) :‬حبك الشيء يعمي ويصم(( ل يصح عن النبي‬


‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى‪:‬‬
‫ل{‪ ،1‬قال المام أحمد‪:‬‬ ‫ج َ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫رُبوا ْ ِ‬ ‫وأ ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫} َ‬
‫حدثنا عصام بن خالد‪ ،‬حدثني أبو بكر بن عبد الله بن‬

‫سورة البقرة الية ‪.93‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪217‬‬
‫أبي مريم الغساني‪ ،‬عن خالد بن محمد الثقفي عن بلل بن‬
‫أبي الدرداء‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬حبك‬
‫الشيء يعمي ويصم(( رواه أبو داود عن حيوة بن شريح‪،‬‬
‫عن بقية عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به‪ .‬انتهى‬
‫قلت‪ :‬هذا الحديث المذكور ضعيف؛ لن في إسناده أبا بكر‬
‫بن عبد الله بن أبي مريم‪ ،‬وهو ضعيف ل يحتج به‪ .‬ولكن‬
‫معناه صحيح نسأل الله العافية‪.‬‬

‫‪ -96‬حديث علي رضي الله عنه أنه تصدق‬


‫بخاتمه وهو راكع‬

‫ه‬‫سول ُ ُ‬
‫وَر ُ‬
‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬‫ول ِي ّك ُ ُ‬
‫ما َ‬
‫‪ -9‬حديث‪ :‬إن قوله تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ة‬
‫كا َ‬‫ن الّز َ‬
‫ؤُتو َ‬‫وي ُ ْ‬
‫صلةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫مُنوا ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن{ ‪ ،‬نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله‬ ‫‪1‬‬
‫عو َ‬‫م َراك ِ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫عنه تصدق بخاتمه وهو راكع ليس بصحيح‪ ،‬ذكره الحافظ ابن‬
‫كثير في التفسير‪ ،‬وحكم عليه بالضعف؛ لضعف رجال‬
‫أسانيده‪ ،‬وجهالة بعضهم‪ ..‬وذكر أنه لم يقل أحد من أهل‬
‫العلم فيما يعلم بفضل الصدقة حال‬

‫سورة المائدة الية ‪.55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪218‬‬
‫الركوع‪ .‬أ هم‪ .‬المقصود‪.‬‬
‫وذكر شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في المنهاج المجلد‬
‫الول ص ‪ 165‬الطبعة التي حققها الدكتور محمد رشاد‬
‫سالم‪ :‬أن الحديث المذكور موضوع‪ ..‬وبهذا يعلم أن قوله‬
‫ن{‪ ،‬معناها وهم خاضعون‪ ،‬ذليلون لله‬ ‫عو َ‬
‫م َراك ِ ُ‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫تعالى‪َ } :‬‬
‫تعالى؛ لن الركوع والسجود يمثلن غاية الذل لله‬
‫والستكانة‪ ،‬فالمؤمن يتصدق وهو خاضع لله‪ ،‬ل متكبر ول‬
‫مدل بعمله ول مراء ول مسمع‪ ..‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -97‬حديث‪)) :‬دفن عيسى عليه السلم مع‬


‫النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزوله آخر‬
‫الزمان((‬

‫‪ -10‬الحاديث الواردة في دفن عيسى ابن مريم عليه‬


‫السلم في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بعد نزوله‬
‫آخر الزمان وموته كلها ضعيفة‪ ،‬وهكذا ما روى الترمذي عن‬
‫عبد الله بن سلم أنه مكتوب في التوراة أن عيسى عليه‬
‫الصلة والسلم يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ضعيف‪ .‬انظر ص ‪ 81‬من المجلد‬

‫‪219‬‬
‫العاشر من تحفة الحوذي شرح جامع الترمذي‪ ،‬الطبعة‬
‫المصرية‪.‬‬

‫‪ -98‬حديث‪)) :‬عقوبة تارك الصلة بخمس‬


‫عشر عقوبة‪ ...‬الخ((‬

‫‪ -11‬حديث‪)) :‬عقوبة تارك الصلة بخمس عشرة عقوبة((‬


‫الخ‪ ،‬من الحاديث الباطلة المكذوبة على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬كما بين الحفاظ من العلماء رحمهم الله‬
‫كالحافظ الذهبي في الميزان‪ ،‬والحافظ ابن حجر وغيرهما‪.‬‬
‫قال ابن حجر في كتابه لسان الميزان في ترجمة محمد بن‬
‫كب على أبي بكر بن‬ ‫علي بن العباس البغدادي الع ّ‬
‫طار‪ ،‬إنه ر ّ‬
‫زياد النيسابوري حديثا ً باطل ً في تارك الصلة‪.‬‬
‫وروى عنه محمد بن علي الموازيني شيخ لبي النرسي زعم‬
‫المذكور أن ابن زياد أخذه عن الربيع عن الشافعي عن‬
‫ي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله‬ ‫سم ْ‬
‫مالك عن ُ‬
‫عنه رفعه‪)) :‬من تهاون بصلته عاقبه الله بخمس عشرة‬
‫خصلة‪ ((..‬الحديث‪ ،‬وهو ظاهر البطلن من أحاديث الطرقية‪.‬‬
‫أ هم‪.‬‬
‫فكيف يرضى مؤمن لنفسه بترويج حديث موضوع‪ ،‬وقد‬

‫‪220‬‬
‫صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من‬
‫روى عني حديثا ً وهو يرى أنه كذب فهو أحد‬
‫الكاذبين((‪ 1‬خرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وفيما جاء عن الله وعن رسوله في شأن الصلة عقوبة‬
‫ت‬‫كان َ ْ‬‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫تاركها ما يكفي ويشفي‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫قوًتا{‪ ،2‬وقال تعالى عن أهل‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬‫ن ك َِتاًبا ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م نَ ُ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬ ‫قَر{ * َ‬ ‫س َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬‫سل َك َك ُ ْ‬
‫ما َ‬ ‫النار‪َ } :‬‬
‫ن{‪ 3‬اليات‪.‬‬ ‫صّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫فذكر سبحانه من صفاتهم التي دخلوا بسببها النار ترك‬
‫ن‬
‫ع ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫صّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫الصلة‪ ،‬قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫من َ ُ‬‫وي َ ْ‬‫ن* َ‬ ‫ءو َ‬ ‫م ي َُرا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫صلت ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪4‬‬

‫وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بني السلم على خمس‬


‫شهادة أن ل إله إل الله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول الله‪،‬‬
‫وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج‬
‫البيت((‪.5‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في المقدمة‪ ،‬باب وجوب الرواية عن الثقات برقم ‪.1‬‬


‫‪ 2‬سورة النساء‪ ،‬الية ‪.103‬‬
‫‪ 3‬سورة المدثر‪ ،‬اليتان ‪.43 ،42‬‬
‫‪ 4‬سورة الماعون اليات ‪.7-4‬‬
‫‪ 5‬أخرجه البخاري في كتاب اليمان‪ ،‬باب بني السلم على خمس برقم ‪،8‬‬
‫ومسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان أركان السلم ودعائمه العظام‪ ،‬برقم‬
‫‪.16‬‬

‫‪221‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر((‪ ،1‬واليات والحاديث‬
‫الصحيحة في هذا كثيرة معلومة‪..‬‬

‫‪ -99‬حديث‪)) :‬إذا سألتم الله فاسألوه‬


‫بجاهي‪((.....‬‬

‫‪ -12‬حديث التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم‬


‫موضوع‪ ،‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في مجموع‬
‫الفتاوى ج ‪ 1‬ص ‪) :319‬وروى بعض الجهال عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪ :‬إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي‪،‬‬
‫فإن جاهي عند الله عظيم(‪.‬‬
‫وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي‬
‫يعتمد عليها أهل الحديث‪ ،‬ول ذكره أحد من أهل العلم‬
‫بالحديث‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء في ترك الصلة برقم ‪،2621‬‬
‫والنسائي في كتاب الصلة‪ ،‬باب الحكم في تارك الصلة برقم ‪ ،463‬وابن‬
‫ماجه في كتاب إقامة الصلة والسنة فيه‪ ،‬باب ما جاء فيمن ترك الصلة برقم‬
‫‪.1079‬‬

‫‪222‬‬
‫‪ -100‬حديث‪)) :‬يا علي ليلة أسري بي إلى‬
‫السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب‬
‫شديد((‬

‫‪ -13‬حديث عن علي رضي الله عنه قال‪ :‬دخلت أنا وفاطمة‬


‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يبكي بكاء‬
‫شديدًا‪ ،‬فقلت‪ :‬فداك أبي وأمي يا رسول الله‪ ،‬ما الذي‬
‫أبكاك؟ فقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬يا علي ليلة أسري‬
‫بي إلى السماء‪ ،‬رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد‬
‫فأنكرت شأنهن‪ ،‬لما رأيت شدة عذابهن‪ ،‬رأيت امرأة معلقة‬
‫بشعرها يغلي دماغ رأسها‪ ،‬ورأيت امرأة معلقة بلسانها‬
‫والحميم يصب في حلقها‪ ،‬ورأيت امرأة معلقة بثديها‪ ،‬ورأيت‬
‫امرأة تأكل لحم جسدها‪ ،‬والنار توقد من تحتها‪ ،‬ورأيت امرأة‬
‫قد شدت رجلها إلى يديها‪ ،‬وقد سلط عليها الحيات‬
‫والعقارب‪ .‬ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من‬
‫نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها‪ ،‬فتقطع من الجذام‬
‫والبرص‪ ،‬ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمتها‬
‫ومؤخرتها بمقارض من نار‪ ،‬ورأيت امرأة تحرق وجهها ويديها‬
‫وهي تأكل أمعاءها‪ ،‬ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير‬

‫‪223‬‬
‫وبدنها بدن الحمار‪ ،‬وعليها ألف ألف لون من العذاب‪ ،‬ورأيت‬
‫امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من‬
‫فيها‪ ،‬والملئكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار‪ .‬فقالت‬
‫فاطمة رضي الله عنها‪ :‬حبيبي وقرة عيني‪ ،‬أخبرني ما كان‬
‫عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬يا ابنتي‪ :‬أما المعلقة بشعرها فإنها‬
‫كانت ل تغطي شعرها من الرجال‪ ،‬وأما المعلقة بلسانها‬
‫فإنها كانت تؤذي زوجها‪ ،‬وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت‬
‫تمتنع من فراش زوجها‪ ،‬وأما المعلقة برجليها فإنها كانت‬
‫تخرج من بيتها بغير إذن زوجها‪ ،‬وأما التي كانت تأكل‬
‫جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس‪ ،‬وأما التي شدت يداها‬
‫إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قذرة‬
‫الوضوء‪ ،‬قذرة الثياب‪ ،‬وكانت ل تغتسل من الجنابة والحيض‪،‬‬
‫ول تتنظف‪ ،‬وكانت تستهين بالصلة‪ .‬وأما العمياء الصماء‬
‫الخرساء‪ ،‬فإنها كانت تلد من الزنا‪ ،‬فتعلقه في عنق زوجها‪،‬‬
‫وأما التي كانت يقرض لحمها بالمقارض‪ ،‬فإنها كانت تعرض‬
‫نفسها على الرجال‪ ،‬وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها‪،‬‬
‫وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قواده‪ ،‬وأما التي كان رأسها‬
‫رأس خنزير‪ ،‬وبدنها بدن الحمار‪ ،‬فإنها كانت نمامة‬

‫‪224‬‬
‫كذابة‪ ،‬وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في‬
‫واحة‬
‫دبرها‪ ،‬وتخرج من فيها‪ .‬فإنها كانت قينة ‪ -‬مغنية ‪ -‬ن ّ‬
‫حاسرة‪ .‬ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ويل لمرأة‬
‫أغضبت زوجها‪ ،‬وطوبى لمرأة رضي عنها زوجها((‪ .‬انتهى‪..‬‬
‫هذا خبر مكذوب‪ ،‬ومتنه منكر‪ ،‬وبعد البحث التام لم نجد إل‬
‫أن بعض الناس عزاه إلى كتاب‪ :‬بحار النوار‪ ..‬وبمراجعة‬
‫إيضاح المكنون‪ ،‬ذيل كتاب كشف الظنون وجدنا في حرف‬
‫الباء‪ ،‬أن الكتاب المذكور من مؤلفات بعض الشيعة‪ ،‬وهو‬
‫محمد بن باقر بن محمد تقي الشهير بالمجلسي الشيعي‬
‫المتوفى عام ‪1111‬هم‪.‬‬
‫ي‬
‫كذا في الكتاب المذكور‪ ،‬وقد ذكر في البطاقة الموجهة إل ّ‬
‫المتضمنة السؤال عن هذا الحديث‪ ،‬أن صاحب البحار ذكره‬
‫في الجزء ‪ 18‬ص ‪ ،351‬وقد حدثني من ل أتهم عن بعض‬
‫من له عناية بكتب الشيعة‪ ،‬أن هذا الكتاب أعني‪ :‬بحار‬
‫النوار‪ ،‬مملوء من الحاديث المكذوبة الموضوعة‪ ،‬والله ولي‬
‫التوفيق‪ .‬أ‪.‬هم‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ -101‬حديث‪)) :‬يا أسماء إن المرأة إذا بلغت‬
‫المحيض لم يصلح أن يرى منها إل هذا‪((....‬‬

‫‪ -14‬حديث‪ :‬الرخصة للمرأة في كشف وجهها وكفيها لغير‬


‫محارمها‪ ...‬ضعيف جدا ً ل يصح عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهو ما رواه أبو داود في سننه‪ :‬حدثنا يعقوب بن‬
‫كعب النطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫الوليد عن سعيد عن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك‪ ،‬عن‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ ،‬أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها‬
‫وقال‪)) :‬يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن‬
‫يرى منها إل هذا وهذا(( وأشار إلى وجهه وكفيه‪.‬‬
‫قال أبو داود‪ :‬هو مرسل وكذا قال أبو حاتم الرازي‪.‬‬
‫قلت هذا الحديث ضعيف جدًا‪ ،‬ول تقوم به حجة للعلة‬
‫المذكورة‪ ،‬وهي النقطاع بين خالد وعائشة‪ ،‬وهو مراد أبي‬
‫داود وأبي حاتم بقولهما مرسل‪ ،‬ولضعف سعيد بن بشير‪،‬‬
‫وتدليس قتادة وقد عنعن‪.‬‬
‫وبذلك يتضح أن هذا الحديث بهذا السناد في غاية الضعف‬
‫ح لكان محمول ً‬ ‫والسقوط؛ لهذه العلل الثلث‪ ،‬ولو ص ّ‬

‫‪226‬‬
‫على ما كانت عليه الحال‪ ،‬قبل نزول آية الحجاب‪ ،‬وهناك‬
‫علة خامسة وهي نكارة متنه فإنه ل يظن بأسماء رضي الله‬
‫عنها مع تقواها وإيمانها أن تدخل على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في ثياب رقاق ول تستر عورتها‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -102‬حديث‪ :‬احتجاب المرأة عن العمى‬

‫‪ -15‬حديث الحتجاب عن العمى ضعيف شاذ‪ ..‬وهو ما روى‬


‫أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن نبهان مولى أبي‬
‫سلمة‪ ،‬حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وميمونة قالت‪ :‬فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم‬
‫فدخل عليه‪ ،‬وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬احتجبن منه(( فقلت‪ :‬يا رسول‬
‫الله أليس هو أعمى ل يبصرنا ول يعرفنا؟ فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أوعمياوان أنتما؟ ألستما‬
‫تبصرانه؟((‪ ،‬ثم قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫قلت في تحسين الترمذي وتصحيحه لهذا الحديث نظر؛ لن‬
‫نبهان ليس مشهورا ً بالحفظ والعدالة‪ ،‬وإن وّثقه ابن حبان‪،‬‬

‫‪227‬‬
‫كما في تهذيب التهذيب‪.‬‬
‫والصواب أنه ضعيف شاذ مخالف للحاديث الصحيحة الدالة‬
‫على عدم وجوب الحجاب عن العمى كحديث فاطمة بنت‬
‫قيس المخرج في صحيح مسلم‪ ،‬وحديث إنما جعل‬
‫الستئذان من أجل النظر المخرج في الصحيحين‪ ،‬والله‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ي بابها((‬
‫‪ -103‬حديث‪)) :‬أنا مدينة العلم وعل ّ‬
‫‪ -16‬حديث‪)) :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها(( قال العجلوني‬
‫في كشف الخفاء‪ ،‬وهذا حديث مضطرب غير ثابت‪ ،‬كما قال‬
‫الدار قطني في العلل‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬منكر‪ ،‬وقال البخاري‪:‬‬
‫ليس له وجه صحيح‪ .‬ونقل الخطيب البغدادي عن يحيى بن‬
‫معين أنه قال‪ :‬إنه كذب ل أصل له‪.‬‬
‫وذكره ابن الجوزي في الموضوعات‪ ،‬ووافقه الذهبي وغيره‪،‬‬
‫وقال أبو زرعة كم خلق افتضحوا فيه‪ ،‬وقال أبو حاتم ويحيى‬
‫بن سعيد‪ :‬ل أصل له‪ ،‬وقال ابن دقيق العيد‪ :‬لم يثبتوه‪.‬‬
‫وروى الديلمي بل إسناد عن ابن مسعود ورفعه‪)) :‬أنا مدينة‬
‫العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي‬
‫بابها((‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫روي أيضا ً عن أنس مرفوعًا‪)) :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها‬
‫ومعاوية حلقتها((‪ .‬قال في المقاصد‪ :‬وبالجملة فكلها ضعيفة‬
‫وألفاظ أكثرها ركيكة‪ .‬وقال النجم‪ :‬كلها ضعيفة واهية‪ .‬قلت‪:‬‬
‫بل هي موضوعة بل شك‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -104‬حديث‪ :‬صلة التسبيح‬

‫‪ -17‬حديث صلة التسبيح موضوع‪.‬‬


‫في سنن أبي داود الجزء الثاني ص ‪ :30-29‬باب صلة‬
‫التسبيح‪ ،‬وعند ابن ماجه ج ‪ 1‬ص ‪.419‬‬
‫حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري‪ ،‬ثنا‬
‫موسى بن عبد العزيز‪ ،‬ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن‬
‫ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس‬
‫بن عبد المطلب‪)) :‬يا عباس يا عماه أل أعطيك‪ ،‬أل أمنحك‪،‬‬
‫أل أحبوك‪ ،‬أل أفعل بك‪ ،‬عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك‬
‫غفر الله لك ذنبك‪ ،‬أوله وآخره‪ ،‬قديمه وحديثه‪ ،‬خطأه‬
‫وعمده‪ ،‬صغيره وكبيره‪ ،‬سره وعلنيته‪ ،‬عشر خصال‪ :‬أن‬
‫تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة‪،‬‬
‫فإذا فرغت من القراءة في‬

‫‪229‬‬
‫أول ركعة وأنت قائم قلت‪ :‬سبحان الله والحمد لله ول إله‬
‫إل الله والله أكبر خمس عشرة مرة‪ ،‬ثم تركع فتقولها وأنت‬
‫راكع عشرًا‪ ،‬ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا‪ ،‬ثم‬
‫تهوي ساجدا ً فتقولها وأنت ساجد عشرًا‪ .‬ثم ترفع رأسك‬
‫فتقولها عشرًا‪ ،‬فذلك خمس وسبعون في كل ركعة‪ ،‬تفعل‬
‫ذلك في أربع ركعات‪ ،‬إن استطعت أن تصليها في كل يوم‬
‫مرة فافعل‪ ،‬فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة‪ ،‬فإن لم‬
‫تفعل ففي كل شهر مرة‪ .‬فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة‪.‬‬
‫فإن لم تفعل ففي عمرك مرة(( أ‪.‬هم‪.‬‬
‫هذا الحديث ذكر ابن الجوزي رحمه الله أنه موضوع على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫وضعفه الترمذي والعقيلي‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص ما نصه‪ :‬والحق أن‬
‫طرقه كلها ضعيفة‪ ،‬وإن كان حديث ابن عباس يقرب من‬
‫شرط الحسن‪ ،‬إل أنه شاذ لشدة الفردية فيه‪ ،‬وعدم المتابع‬
‫والشاهد من وجه معتبر‪ ،‬ومخالفة هيئتها لهيئة باقي‬
‫الصلوات‪ ،‬وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقا ً صالحا ً فل‬
‫يحتمل فيه هذا التفرد‪ ،‬وقد ضعفها ابن تيمية والمّزي‪،‬‬
‫وتوقف الذهبي‪.‬‬
‫حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه‪ ،‬وقد اختلف كلم‬

‫‪230‬‬
‫الشيخ محيي الدين النووي‪ ،‬فوهاها في شرح المهذب فقال‪:‬‬
‫حديثها ضعيف‪ .‬وفي استحبابها عندي نظر؛ لن فيها تغييرا ً‬
‫لهيئة الصلة المعروفة‪ ،‬فينبغي أن ل تفعل‪ ،‬وليس حديثها‬
‫بثابت‪ ،‬انتهى‪.‬‬

‫‪ -105‬حديث‪)) :‬كيف أنتم إذا غدي عليكم‬


‫بجفنة‪((...‬‬

‫‪ -18‬حديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬


‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬كيف أنتم إذا‬
‫غدي عليكم بجفنة‪ ،‬وريح عليك بأخرى؟(( قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ :‬إنا يومئذٍ لخير؟! فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬بل أنتم اليوم خير((‪ 1‬رواه أبو يعلى وفيه‬
‫من لم أعرفهم‪ ،‬انظر مجمع الزوائد ج ‪ 1‬ص ‪.267‬‬

‫ذكره الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ج ‪ 10‬ص ‪.237‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪231‬‬
‫‪ -106‬حديث‪)) :‬إذا مشت أمتي المطيطاء((‬

‫‪ -19‬حديث‪ :‬مشي المطيطا‪...‬‬


‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪)) :‬إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم‬
‫فارس والروم تسلط بعضهم على بعض((‪ 1‬رواه‬
‫الطبراني وإسناده حسن‪..‬‬
‫وفي رواية‪)) :‬إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمها أبناء‬
‫فارس والروم سلط شرارها على خيارها((‪ 2‬حديث‬
‫حسن‪.‬‬
‫وانظر كتاب إتحاف الجماعة للشيخ حمود بن عبد الله‬
‫التويجري فقد خرجهما مع أحاديث أخرى‪.‬‬

‫‪ -107‬حديث‪)) :‬سب أصحابي ذنب ل يغفر((‬

‫‪ -20‬حديث‪)) :‬سب أصحابي ذنب ل يغفر(( ل يصح‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه الطبراني في الوسط‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ ،48‬برقم ‪.132‬‬


‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الفتن‪ ،‬باب ما جاء في النهي عن سب الريح‬
‫برقم ‪.2261‬‬

‫‪232‬‬
‫وذكر شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج ‪ 3‬ص‬
‫‪ 290‬ما نصه بعد كلم سبق‪ :‬كما أن طائفة أخرى زعموا أن‬
‫من سب الصحابة ل يقبل الله توبته وإن تاب‪ ...‬ورووا عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬سب أصحابي ذنب ل‬
‫يغفر((‪.‬‬
‫وهذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫لم يروه أحد ٌ من أهل العلم‪ ،‬ول هو في شيء من كتب‬
‫المسلمين المعتمدة‪ ،‬وهو مخالف للقرآن الكريم؛ لن الله‬
‫فُر‬
‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬‫ه َ‬‫ك بِ ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫فُر َأن ي ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫جل وعل قال‪} :‬إ ِ ّ‬
‫شاء{ ‪ ،‬هذا في حق من لم يتب‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫فوا‬ ‫سَر ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫وقال في حق التائبين‪ُ } :‬‬
‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ِ‬ ‫عَباِد َ‬‫ل َيا ِ‬
‫عَلى َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬‫ح َ‬
‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫م َل ت َ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫َ‬
‫م{‪.2‬‬ ‫حي ُ‬‫فوُر الّر ِ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫فثبت بالكتاب من الله سبحانه‪ ،‬وبالسنة عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أن كل من تاب تاب الله عليه‪.‬‬
‫ومعلوم أن من سب الرسول من الكفار المحاربين‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫سورة النساء الية ‪.116‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الزمر‪ ،‬الية ‪.53‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪233‬‬
‫هو ساحر أو شاعر أو مجنون أو معلم أو مفتر‪ ،‬وتاب تاب‬
‫الله عليه‪ ،‬وقد كان طائفة يسبون النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من أهل الحرب ثم أسلموا‪ ،‬وحسن إسلمهم‪ ،‬وقبل‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم منهم‪.‬‬
‫منهم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعبد الله بن أبي سرح‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫ويؤيد ما ذكره شيخ السلم رحمه الله أن الشرك هو أعظم‬
‫الذنوب‪ ،‬ومن تاب منه تاب الله عليه بنص اليات‬
‫المحكمات‪ ،‬والحاديث الصحيحة وإجماع أهل العلم‪.‬‬
‫وسب الصحابة رضي الله عنهم دون ذلك‪ ،‬فمن تاب منه‬
‫ة نصوحا ً تاب الله عليه من باب أولى‪ ،‬والله ولي‬‫توب ً‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪ -108‬حديث‪)) :‬الناس نيام فإذا ماتوا‬


‫انتبهوا((‬

‫‪ -21‬حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه‬


‫قال‪)) :‬الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا((‪.‬‬
‫هذا كلم ليس بحديث بل هو من كلم علي بن أبي طالب‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬وقيل من كلم سهل بن عبد الله التستري‪،‬‬
‫حسب ما ذكره العجلوني في كشف الخفاء‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫‪ -109‬حديث‪)) :‬إن الله تعالى ل يقبل صلة‬
‫رجل مسبل إزاره((‬

‫‪ -22‬الحديث الذي أخرجه أبو داود برقم )‪ (638‬ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ 172‬ورقم )‪ (4086‬ج ‪ 4‬ص ‪ 57‬عن موسى بن إسماعيل‬
‫عن أبان عن يحيى عن أبي جعفر عن عطاء عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬بينما رجل يصلي مسبل ً إزاره إذ قال له‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬اذهب فتوضأ((‬
‫فذهب فتوضأ ثم جاء‪ ،‬فقال له‪)) :‬اذهب فتوضأ(( فذهب‬
‫فتوضأ ثم جاء‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬يا رسول الله ما لك أمرته أن‬
‫يتوضأ ثم سكت عنه؟!‪ ..‬فقال‪)) :‬إنه كان يصلي وهو‬
‫مسبل إزاره‪ ،‬وإن الله تعالى ل يقبل صلة رجل‬
‫مسبل إزاره((‪.‬‬
‫قال النووي في رياض الصالحين‪ :‬رواه أبو داود على شرط‬
‫مسلم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬هذا وهم من النووي رحمه الله فليس إسناده على‬
‫شرط مسلم‪ ،‬بل هو ضعيف لعلتين‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬أنه من رواية أبي جعفر غير منسوب وهو‬
‫مجهول‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫والعلة الثانية‪ :‬أنه من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي‬
‫جعفر المذكور بالعنعنة‪ ،‬ويحيى مدّلس‪ ،‬والمدلس إذا لم‬
‫يصرح بالسماع لم يحتج به‪ ،‬إل ما كان في الصحيحين‪.‬‬
‫ولو صح فمعناه التغليظ والتشديد؛ ليحذر العود إلى‬
‫السبال‪ ..‬أما صلته فصحيحة؛ لن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يأمره بإعادتها‪ ،‬وإنما أمره بإعادة الوضوء‪ ،‬ونفي‬
‫القبول في الصلة ل يلزم منه بطلن الصلة في جميع‬
‫موارده؛ لنه صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من أتى عرافا ً‬
‫‪1‬‬
‫فسأله عن شيء لم تقبل له صلة أربعين ليلة((‬
‫رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وقد حكى النووي الجماع أنه ل يؤمر بالعادة‪ ،‬وإنما فاته‬
‫الثواب للزجر والتحذير‪ ،‬وله نظائر في أحاديث أخرى‪ .‬ويدل‬
‫على أن نفي القبول في حديث المسبل‪ ،‬ل يلزم منه بطلن‬
‫الصلة؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمره‬
‫بالعادة‪ .‬وهكذا في حديث ابن مسعود لم يأمره بالعادة‪،‬‬
‫فدل ذلك على أن مراده صلى الله عليه وسلم بأمره بإعادة‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب السلم‪ ،‬باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان برقم‬
‫‪.2230‬‬

‫‪236‬‬
‫الوضوء هو الزجر والتحذير‪ ..‬ولعل وضوءه يخفف عنه الثم‪.‬‬
‫وهذا كله على تقدير صحة الحديث المذكور‪ ،‬وقد يستدل‬
‫بنفي القبول على عدم الصحة؛ لعدم وجود ما يقتضي خلف‬
‫ذلك‪ ،‬مثل قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يقبل الله‬
‫صلة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ((‪ 1‬متفق عليه‪.‬‬
‫وحديث ابن مسعود المشار إليه آنفا ً خرجه أبو داود برقم )‬
‫‪ (637‬ج ‪ 1‬ص ‪ 172‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن ابن مسعود رضي‬
‫الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪)) :‬من أسبل إزاره في صلته خيلء فليس من‬
‫الله في حل ول حرام((‪.‬‬
‫ثم ذكر أبو داود رحمه الله أنه رواه جماعية موقوفا ً على‬
‫ابن مسعود‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا الموقوف له حكم الرفع؛ لنه ل يقال من جهة الرأي‪،‬‬
‫كما يعلم ذلك من كلم أهل العلم في أصول الفقه‪.‬‬
‫ومصطلح الحديث‪ ،‬وبالله التوفيق‪..‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الوضوء‪ ،‬باب ل يقبل صلة بغير طهور برقم‬
‫‪ ،6954‬ومسلم في كتاب الطهارة للصلة برقم ‪.225‬‬

‫‪237‬‬
‫‪ -110‬حديث‪)) :‬إن أكثر شهداء أمتي أصحاب‬
‫الفرش‪((....‬‬

‫‪ -23‬حديث‪)) :‬إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش‪،‬‬


‫ل بين الصفين الله أعلم بنيته(( أخرجه‬ ‫ورب قتي ٍ‬
‫المام أحمد رحمه الله في المسند مجلد واحد ص ‪ 367‬من‬
‫طريق عبد الله بن لهيعة‪ ،‬وهو ضعيف لختلطه‪ ،‬فيكون هذا‬
‫الحديث ضعيفا ً بهذا السند‪.‬‬
‫وفي السند أيضا ً أبو محمد الراوي؛ للحديث المذكور عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يصرح بسماعه منه عليه‬
‫ل‪ ،‬والمرسل ل يحتج‬‫الصلة والسلم‪ ،‬فيحتمل أن يكون مرس ً‬
‫به‪ ،‬إل أن يكون له شواهد تدل على صحته أو حسنه‪ ،‬إن لم‬
‫يثبت سماع أبي محمد المذكور من النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقد ذكر في السند أنه من أصحاب ابن مسعود‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫شوا ولو بكف من‬‫‪ -111‬حديث‪)) :‬تع ّ‬
‫حشف‪((...‬‬

‫‪ -24‬حديث‪)) :‬تعشوا ولو بكف من حشف‪ ،‬فإن ترك العشاء‬


‫مهرمة(( خرجه الترمذي في جامعه رحمه الله حيث قال‪:‬‬
‫حدثنا يحيى بن موسى حدثنا محمد بن يعلى الكوفي‪ ،‬حدثنا‬
‫عنبسة بن عبد الرحمن القرشي‪ ،‬عن عبد الملك بن علق‬
‫عن أنس بن مالك‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ...‬فذكره‪ .‬ثم قال رحمه الله هذا حديث منكر ل‬
‫نعرفه إل من هذا الوجه‪ .‬وعنبسة يضعف في هذا الحديث‪.‬‬
‫وعبد الملك بن علق مجهول‪ ...‬انتهى كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫وقال الحافظ في التقريب‪ :‬محمد بن يعلى السلمي أبو ليلى‬
‫الكوفي لقبه زنبور‪ ،‬ضعيف من التاسعة‪..‬‬
‫وقال الحافظ أيضا ً في عنبسة عن عبد الرحمن المذكور‪:‬‬
‫متروك رماه أبو حاتم بالوضع من الثامنة‪ ،‬وقال الحافظ أيضا ً‬
‫في عبد الملك بن علق المذكور‪ :‬مجهول من الخامسة‪.‬‬
‫وبهذا يتضح أن هذا الحديث بهذا السناد ضعيف جدًا‪،‬‬
‫ويحتمل أنه موضوع والحمل فيه على عنبسة‪..‬‬

‫‪239‬‬
‫أما شيخ المام الترمذي‪ ،‬وهو يحيى بن موسى فثقةٍ‬
‫معروف‪ ،‬روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي كما‬
‫في التقريب‪ .‬وقال العجلوني في كشف الخفاء‪ ،‬بعد ما عزاه‬
‫للترمذي‪ ،‬وذكر أن فيه ضعيفا ً ومجهول ً ما نصه‪ .‬ورواه أبو‬
‫نعيم عن أنس بلفظ‪)) :‬ل تدعوا عشاء الليل‪ ،‬ولو بكف من‬
‫حشف فإن تركه مهرمة(( ورواه ابن ماجه عن جابر مرفوعا ً‬
‫ف من تمر‪ ،‬فإن تركه‬ ‫بلفظ‪)) :‬ل تدعوا العشاء ولو بك ٍ‬
‫مهرمة(( ورواه في الللئ معزوا ً لبن ماجه عن جابر بلفظ‪:‬‬
‫))ل تتركوا العشاء ولو على كف تمر‪ ،‬فإن تركه يهرم((‪.‬‬
‫قال‪ :‬وفي سنده إبراهيم بن عبد السلم ضعيف يسرق‬
‫صنعاني‪.‬‬
‫الحديث‪ ،‬وقال في المقاصد‪ :‬وحكم عليه ال ّ‬

‫‪ -112‬حديث‪)) :‬اطلبوا العلم ولو في الصين((‬

‫‪ -25‬حديث‪)) :‬اطلبوا العلم ولو في الصين((‪ ،‬جمهور أهل‬


‫العلم بالحديث قد حكموا على هذا الحديث بأنه ضعيف من‬
‫جميع طرقه‪ ،‬وقد بسط الكلم في ذلك الشيخ إسماعيل بن‬

‫‪240‬‬
‫محمد العجلوني رحمه الله في كتابه )كشف الخفاء ومزيل‬
‫اللباس عما اشتهر من الحاديث على ألسنة الناس( في‬
‫حرف الهمزة مع الطاء‪ ،‬وعزاه إلى البيهقي والخطيب‬
‫البغدادي وابن عبد البر والديلمي وغيرهم‪ ،‬عن أنس رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬وجزم بضعفه‪ ،‬ونقل عن الحافظ ابن حبان صاحب‬
‫الصحيح أنه باطل‪ ،‬كما نقل عن ابن الجوزي أنه ذكره في‬
‫الموضوعات‪ ،‬ونقل عن المزي أن له طرقا ً كثيرة‪ ،‬ربما يصل‬
‫بمجموعها إلى الحسن‪ ،‬وعن الذهبي أنه روي من عدة طرق‬
‫واهية‪ ،‬وبعضها صالح‪ ،‬وبهذا يتضح لطالب العلم حكم هذا‬
‫الحديث‪ ،‬وأنه من الحاديث الضعيفة عند جمهور أهل العلم‪،‬‬
‫وقد حكم عليه ابن حبان بأنه باطل‪ ،‬وابن الجوزي بأنه‬
‫موضوع‪.‬‬
‫أما قول الحافظ المزي رحمه الله‪ :‬إنه له طرقا ً ربما يصل‬
‫بمجموعها إلى الحسن‪ ،‬فليس بجيد في هذا المقام؛ لن‬
‫كثرة الطرق المشتملة على الكذابين والمتهمين بالوضع‬
‫وأشباههم‪ ،‬ل ترفع الحديث إلى الحسن‪.‬‬
‫وأما قول الحافظ الذهبي رحمه الله‪ :‬إن بعض طرقه صالح‪،‬‬
‫فيحتاج إلى بيان ذلك الطريق الصالح حتى ينظر رجاله‪،‬‬
‫والجرح في هذا المقام مقدم على التعديل‪ ،‬والتضعيف‬

‫‪241‬‬
‫مقدم على التصحيح‪ ،‬حتى يتضح من السانيد وجه التصحيح‪،‬‬
‫وذلك بأن يكون الرواة كلهم عدول ً ضابطين‪ ،‬مع اتصال‬
‫السند وعدم الشذوذ‪ ،‬والعلة القادحة‪ ،‬كما نبه عليه أهل‬
‫العلم في كتب المصطلح والصول‪ ،‬ولو صح لم يكن فيه‬
‫حجة على فضل الصين وأهلها؛ لن المقصود من هذا اللفظ‪:‬‬
‫))اطلبوا العلم ولو بالصين(( لو صح‪ :‬الحث على طلب العلم‬
‫ولو كان بعد المكان غاية البعد؛ لن طلب العلم من أهم‬
‫المهمات لما يترتب عليه من صلح أمر الدنيا والخرة‪ ،‬في‬
‫حق من عمل به‪ ،‬وليس المقصود ذات الصين‪.‬‬
‫ولكن لما كانت الصين بعيدة بالنسبة إلى أرض العرب‪ ،‬مّثل‬
‫بها النبي صلى الله عليه وسلم لو صح الخبر‪ .‬وهذا بّين‬
‫واضح لمن تأمل المقام‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -113‬حديث‪)) :‬إذا فعلت أمتي خمس عشرة‬


‫خصلة ح ّ‬
‫ل بها البلء‪((...‬‬

‫‪ -26‬روى الترمذي في آخر جامعه في كتاب الفتن‪ ،‬عن‬


‫علي رضي الله عنه ما نصه‪ :‬حدثنا صالح بن عبد الله‬
‫الترمذي حدثنا الفرج بن فضالة‪ :‬أبو فضلة الشامي عن‬
‫يحيى بن سعيد‪ ،‬عن‬

‫‪242‬‬
‫محمد بن عمر بن علي‪ ،‬عن علي بن أبي طالب رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا‬
‫ل بها البلء‬‫فعلت أمتي خمس عشرة خصلة‪ ،‬ح ّ‬
‫فقيل وما هن يا رسول الله؟ قال‪ :‬إذا كان المغنم‬
‫ل‪ ،‬والمانة مغنمًا‪ ،‬والزكاة مغرمًا‪ ،‬وأطاع الرجل‬ ‫دو ً‬
‫زوجته‪ ،‬وعق أمه‪ ،‬وبر صديقه‪ ،‬وجفا أباه وارتفعت‬
‫الصوات في المساجد‪ ،‬وكان زعيم القوم أرذلهم‪،‬‬
‫وأكر الرجل مخافة شره‪ ،‬وشربت الخمور‪ ،‬ولبس‬
‫الحرير‪ ،‬واتخذت القينات والمعازف‪ ،‬ولعن آخر هذه‬
‫المة أولها‪ ،‬فليرتقبوا عند ذلك ريحا ً حمراء أو‬
‫خسفا ً ومسخا ً((‪ ،1‬قال أبو عيسى‪ :‬هذا حديث غريب ل‬
‫نعرفه من حديث علي بن أبي طالب‪ ،‬إل من هذا الوجه ول‬
‫نعلم أحدا ً رواه عن يحيى بن سعيد النصاري غير الفرج بن‬
‫فضالة‪ ،‬والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث‬
‫وضعفه من قبل حفظه‪ ،‬وقد رواه عنه وكيع وغير واحد من‬
‫الئمة‪ ...‬أ هم‪.‬‬
‫وهو بهذا السند ضعيف لعلتين‪ :‬إحداهما‪ :‬ضعف فرج‬
‫المذكور كما ذكر المؤلف‪ ،‬وقد جزم الحافظ في التقريب‬
‫بضعفه ونقل في تهذيب التهذيب ضعفه‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الفتن‪ ،‬باب ما جاء في علمة حلول المسخ‬


‫والخسف برقم ‪.2210‬‬

‫‪243‬‬
‫عن جماعة من الئمة‪ ،‬ونقل عن البرقاني أنه سأل الدار‬
‫قطني رحمه الله عن حديثه هذا‪ ،‬فقال‪ :‬باطل‪.‬‬
‫والعلة الثانية‪ :‬انقطاعه؛ لن محمدا ً بن عمر عن علي رحمه‬
‫الله لم يسمع من جده علي رضي الله عنه‪ ،‬ولم يدرك زمانه‬
‫كما يعلم ذلك من تهذيب التهذيب والتقريب‪ ،‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪ -114‬حديث‪)) :‬إذا اتخذ الفيء دول ً والمانة‬


‫مغنما ً والزكاة مغرمًا‪((...‬‬

‫‪ -27‬وقد أخرجه الترمذي رحمه الله من طريق أخرى عن‬


‫أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال في جامعه بعد روايته‬
‫حديث علي المذكور‪ :‬حدثنا علي بن حجر‪ ،‬حدثنا محمد بن‬
‫يزيد الواسطي‪ ،‬عن المستلم بن سعيد‪ ،‬عن رميح الجذامي‪،‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫ل‪ ،‬والمانة‬‫الله عليه وسلم‪)) :‬إذا اتخذ الفيء دو ً‬
‫مغنمًا‪ ،‬والزكاة مغرمًا‪ ،‬وتعلم لغير الدين‪ ،‬وأطاع‬
‫ق أمه‪ ،‬وأدنى صديقه‪ ،‬وأقصى‬ ‫الرجل امرأته‪ ،‬وع ّ‬
‫أباه‪ ،‬وظهرت الصوات في المساجد‪،‬‬

‫‪244‬‬
‫وساد القبيلة فاسقهم‪ ،‬وكان زعيما لقوم أرذلهم‪،‬‬
‫وُأكرم الرجل مخافة شره‪ ،‬وظهرت القينات‬
‫والمعازف‪ ،‬وشربت الخمور‪ ،‬ولعن آخر هذه المة‬
‫أولها‪ .‬فليترقبوا عند ذلك ريحا ً حمراء وزلزلة‬
‫ل‬‫وخسفا ً ومسخا ً وقذفا ً وآيات تتابع كنظام با ٍ‬
‫قطع سلكه فتتابع((‪ ،‬قال أبو عيسى‪ :‬وفي الباب‬
‫عن علي‪ ،‬وهذا حديث غريب ل نعرفه إل من هذا‬
‫الوجه‪ ،‬انتهى كلمه رحمه الله‪ .‬ومراده بقوله‪:‬‬
‫وفي الباب عن علي هو الحديث السابق‪.‬‬
‫وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة ضعيف جدًا‪ ،‬لن رميحا ً‬
‫الجذامي مجهول‪ ،‬كما في التقريب وتهذيب التهذيب‪ ،‬ويقال‬
‫له‪ :‬الحّزامي بالميم المهملة‪ ،‬والزاي‪ ،‬ول يتوجه الحكم على‬
‫الحديث بالحسن لغيره؛ لكونه جاء من طريقين؛ لن ضعف‬
‫كل واحد منهما شديد فل يصلح الحكم على متنهما بالحسن؛‬
‫لما عرف في الصول وعلم مصطلح الحديث ولهذا لم‬
‫سن الترمذي واحدا ً منهما للعلة المذكورة والله ولي‬
‫يح ّ‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫‪ -115‬حديث‪)) :‬السخي قريب من الله قريب‬
‫من الجنة‪((..‬‬

‫‪ -28‬روى الترمذي‪ :‬حدثنا الحسن بن عرفة‪ ،‬حدثنا سعيد بن‬


‫محمد الوّراق‪ ،‬عن يحيى بن سعيد عن العرج‪ ،‬عن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫))السخي قريب من الله‪ ،‬قريب من الجنة‪ ،‬قريب‬
‫من الناس‪ ،‬بعيد من النار‪ ،‬والبخيل بعيد من الله‪،‬‬
‫بعيد من الجنة‪ ،‬بعيد من الناس‪ ،‬قريب من النار‪،‬‬
‫ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد‬
‫بخيل((‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ذكر الحافظ في التقريب ضعف سعيد المذكور‪ ،‬ونقل‬
‫في تهذيب التهذيب من أئمة الحديث تضعيف سعيد‬
‫المذكور‪ ،‬وعن الدار قطني أنه متروك وشذ ابن حبان فذكره‬
‫في الثقات‪ ،‬وهو متساهل فل يعول على توثيقه‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫‪ -116‬حديث‪)) :‬من دخل السوق فقال‪ :‬ل إله‬
‫إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له لملك‪((...‬‬

‫‪ -29‬خرج الترمذي في جامعه ج ‪ 9‬ص ‪ 386‬في الطبعة‬


‫المصرية طبعة المكتبة السلفية في المدينة رقم الحديث )‬
‫‪ (3489 ،3488‬عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من دخل‬
‫السوق فقال‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك‪ ،‬وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو‬
‫على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة‬
‫ومحي عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف‬
‫درجة((‪ ،1‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪.‬‬
‫وقد روى عمرو بن دينار وهو قهرمان آل الزبير عن سالم‬
‫بن عبد الله هذا الحديث نحوه ثم ساقه مسنده مثل الول‪،‬‬
‫لكن قال فيه بدل ))ورفع له ألف ألف درجة(( ما نصه‪:‬‬
‫))وبني له بيتا ً في الجنة((‪ ،‬وهذا الحديث ضعيف من‬
‫الطريقين جميعًا؛ أما الطريق الول ففيه أزهر بن سنان وهو‬
‫ضعيف‪ ،‬كما في التقريب‪ ،‬ورمز له بعلمة الترمذي‪.‬‬
‫وقال في تهذيب التهذيب‬

‫‪ 1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما يقول إذا دخل السوق برقم‬
‫‪.3428‬‬

‫‪247‬‬
‫عن ابن معين‪ :‬ليس بشيء‪ ،‬ونقل عن أبي غالب الزدي عن‬
‫علي ابن المديني أنه ضعفه جدا ً بسبب حديثه هذا‪ ،‬ونقل عن‬
‫الساجي أن فيه ضعفًا‪ ،‬وعن ابن شاهين أنه ذكره في‬
‫الضعفاء‪ ،‬ونقل عن المروذي عن أحمد أنه لّينه‪ ،‬وذكره أنه‬
‫روى حديثا ً منكرا ً في الطلق‪ ،‬أما ابن عدي فنقل عنه‬
‫الحافظ في تهذيب التهذيب ما نصه‪ :‬أحاديثه صالحة ليست‬
‫بالمنكرة جدا ً وأرجو أن ل يكون به بأس‪ .‬أ هم‪.‬‬
‫ضعفوه‪ ،‬والقاعدة أن الجرح‬ ‫وبما ذكرنا يعلم أن غالب الئمة ّ‬
‫مقدم على التعديل‪ ،‬وفي هذا السند على أخرى‪ ،‬وهي أن‬
‫أزهر رواه عن محمد بن واسع‪ ،‬وفي سماعه منه نظر‪ ،‬كما‬
‫يعلم ذلك من تذهيب التهذيب‪ ،‬أما السند الثاني ففيه عمرو‬
‫بن دينار البصري قهرمان آل الزبير‪ ،‬وهو ضعيف جدا ً وهو‬
‫أضعف من أزهر المذكور‪ ،‬وقد ذكر الحافظ في تهذيب‬
‫التهذيب ما يدل على إجماع أئمة الحديث على ضعفه‪ ،‬وقد‬
‫جزم في التقريب بضعفه‪ ،‬ورمز عله بعلمة الترمذي وابن‬
‫ماجه؛ وبذلك يعلم ضعف هذا الحديث من الطريقين جميعًا‪،‬‬
‫وي ضعفه غرابة متنه ونكارته؛ لن من قواعد أئمة‬ ‫ومما يق ّ‬
‫الحديث أن الثواب العظيم على العمل اليسير يدل على‬
‫ضعف الحديث‪ ،‬ول شك أن ما ذكر في المتن غريب جدا ً من‬
‫حيث الكمية فيما يعطى من الحسنات‬

‫‪248‬‬
‫ويمحى من السيئات ويرفع من الدرجات‪ ،‬ولكن هذا‬
‫التضعيف والنكارة في المتن ل يمنع من شرعية الذكر في‬
‫السواق؛ لنها محل غفلة فالذكر فيها له فضل عظيم‪ ،‬وفيه‬
‫سوا بالذاكر فيذكروا الله‪ .‬والله ولي‬
‫تنبيه للغافلين ليتأ ّ‬
‫التوفيق‪..‬‬

‫‪ -117‬حديث‪)) :‬من اغتسل يوم عاشوراء لم‬


‫يمرض ذلك العام‪((...‬‬

‫جميع الحاديث الواردة في الغتسال يوم عاشوراء والكحل‬


‫والخضاب وغير ذلك مما يفعله أهل السنة يوم عاشوراء ضد‬
‫الشيعة فهو موضوع ما عدا الصيام‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج ‪ 4‬ص‬
‫‪ 513‬ما نصه‪) :‬وقوم من المتسننة رووا ورويت لهم أحاديث‬
‫موضوعة بنوا عليها ما جعلوه شعارا ً في هذا اليوم ‪ -‬يعني‬
‫يوم عاشوراء ‪ -‬يعارضون به شعار ذلك القوم ‪-‬يعني‬
‫الرافضة‪ -‬فقابلوا باطل ً بباطل وردوا بدعة ببدعة‪ ،‬وإن كانت‬
‫إحداهما ‪-‬يعني بدعة الرافضة‪ -‬أعظم في الفساد وأعون‬
‫لهل اللحاد مثل‪ :‬الحديث الطويل الذي روي فيه‪)) :‬من‬
‫اغتسل عاشوراء لم يمرض ذلك العام‪ ،‬ومن اكتحل يوم‬
‫عاشوراء لم يرمد‬

‫‪249‬‬
‫ذلك العام(( وأمثال ذلك من الخضاب يوم عاشوراء‬
‫والمصافحة فيه ونحو ذلك‪ ،‬فإن هذا الحديث ونحوه كذب‬
‫مختلق باتفاق من يعرف علم الحديث‪ ،‬وإن كان قد ذكره‬
‫بعض أهل الحديث‪ ،‬وقال‪ :‬إنه صحيح وإسناده على شرط‬
‫الصحيح‪ ،‬فهذا من الغلط الذي ل ريب فيه كما هو مبين في‬
‫غير هذا الموضع‪ ،‬ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين‬
‫الغتسال يوم عاشوراء ول الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك‬
‫ول ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع‬
‫إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه‪ ،‬ول فعل ذلك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ول أبو بكر ول عمر ول‬
‫عثمان ول علي رضي الله عنهم‪ ،‬ول ذكر مثل هذا الحديث‬
‫في شيء من الدواوين التي صنفها علماء الحديث ل في‬
‫المسندات كمسند أحمد وإسحاق وأحمد بن منيع الحميدي‬
‫والدالني‪ 1‬وأبي يعلى الموصلي وأمثالها‪ ،‬ول في المصنفات‬
‫على البواب كالصحاح والسنن‪ ،‬ول في الكتب المصنفة‬
‫الجامعة للمسند والثار مثل موطأ مالك ووكيع وعبد الرزاق‬
‫وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأمثالها(‬

‫كذا في الصل ولعله الدولبي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪250‬‬
‫انتهى المقصود من كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه )لطائف‬
‫المعارف( عند الكلم على صوم عاشوراء ما نصه‪ :‬وكل ما‬
‫روي في فضل الكتحال في يوم عاشوراء والختضاب‬
‫والغتسال فيه فموضوع ل يصح‪ ،‬وأما الصدقة فيه فقد روي‬
‫عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال‪)) :‬من صام عاشوراء‬
‫فكأنما صام السنة ومن تصدق فيه كان كصدقة السنة((‬
‫أخرجه أبو موسى المديني‪.‬‬
‫وأما التوسعة فيه على العيال‪ ،‬فقال حرب‪ :‬سألت أحمد عن‬
‫سع على أهله يوم عاشوراء(( فلم‬ ‫الحديث الذي جاء ))من و ّ‬
‫يره شيئًا‪ .‬وقال ابن منصور‪ :‬قلت لحمد‪ :‬هل سمعت في‬
‫سع على أهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه‬ ‫الحديث ))من و ّ‬
‫سائر السنة((‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ .‬رواه سفيان بن عيينة عن جعفر‬
‫الحمر‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر‪ ،‬وكان من أفضل‬
‫أهل زمانه أنه بلغه أنه ))من وسع على عياله يوم عاشوراء‬
‫أوسع الله عليه سائر سنته((‪ ،‬قال ابن عيينة جربناه منذ‬
‫خمسين سنة أو ستين سنة فما رأينا إل خيرًا‪ ،‬وقول حرب‪:‬‬
‫إن أحمد لم يره شيئا ً إنما أراد به الحديث الذي يروى‬
‫مرفوعا ً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ل‬

‫‪251‬‬
‫يصح إسناده‪.‬‬
‫وقد روي من وجوهٍ متعددة ل يصح منها شيء‪ ،‬وممن روى‬
‫ذلك محمد بن عبد الله بن عبد الحكم‪ ،‬وقال العقيلي‪ :‬هو‬
‫غير محفوظ‪ ،‬وقد روي عن عمر من قوله وفي إسناده‬
‫مجهول ل يعرف‪ ،‬وأما اتخاذه مأتما ً كما تفعله الرافضة لجل‬
‫قتل الحسين رضي الله عنه فيه‪ ،‬فهو من عمل من ضل‬
‫سعيه في الحياة الدنيا‪ ،‬وهو يحسب أنه يحسن صنعا ً ولم‬
‫يأمر الله ول رسوله باتخاذ أيام مصائب النبياء وموتهم مأتما ً‬
‫فكيف بمن دونهم‪ ...‬أ هم‪ .‬كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫وبما ذكرنا من كلم شيخ السلم ابن تيمية والحافظ ابن‬
‫رجب رحمهما الله يعلم أن الحاديث الواردة في تخصيص‬
‫يوم عاشوراء بالكتحال أو الغتسال أو الختضاب موضوعة‪،‬‬
‫وهكذا أحاديث التوسعة على العيال كلها غير صحيحة‪ ،‬وأما‬
‫ما نقله إبراهيم بن محمد المنتشر وهو من صغار التابعين‬
‫عن غيره ولم يسمه وهكذا عمل سفيان بن عينية المام‬
‫المشهور فل يجوز الحتجاج بذلك على شرعية التوسعة على‬
‫العيال؛ لن الحجة في الكتاب والسنة ل في عمل التابعين‬
‫ومن بعدهم؛ وبذلك يعتبر أمر التوسعة على العيال يوم‬
‫عاشوراء بدعة غير مشروعة؛ لقول‬

‫‪252‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من عمل عمل ً ليس عليه‬
‫أمرنا فهو رد((‪ ،1‬خرجه مسلم في صحيحه وعلقه‬
‫البخاري جازما ً به؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد((‪ 2‬متفق‬
‫عليه من حديث عائشة رضي الله عنها‪.‬‬
‫وأما الصدقة فيه‪ :‬ففيها حديث عبد الله بن عمرو المذكور‬
‫آنفا ً في كلم الحافظ ابن رجب وهو موقوف عليه رواه عنه‬
‫أبو موسى المديني‪ ،‬ولم يتكلم الحافظ ابن رجب رحمه الله‬
‫على سنده والغالب على أبي موسى المديني الضعف وعدم‬
‫الصحة فل يشرع الخذ به إل بعد صحة سنده عن عبد الله‬
‫بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‪ ،‬ومتى صح عنه وهو‬
‫في حكم الرفع؛ لن مثله ل يقال من جهة الرأي‪ ،‬وأما اتخاذ‬
‫يوم عاشوراء مأتما ً فهو من البدع المنكرة التي أحدثها‬
‫الرافضة‪ ،‬وخالفوا بها أهل السنة والجماعة‪ ،‬وما درج عليه‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فل يجوز التشبه بهم‬
‫في ذلك والله المستعان‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب القضية‪ ،‬باب نقض الحكام الباطلة ورد محدثات‬
‫المور برقم ‪.1718‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الصلح‪ ،‬باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح‬
‫مردود برقم ‪ ،2697‬ومسلم في القضية‪ ،‬باب نقض الحكام الباطلة ورد‬
‫محدثات المور برقم ‪.1817‬‬

‫‪253‬‬
‫ش العرب لم يدخل في‬
‫‪ -118‬حديث‪)) :‬من غ ّ‬
‫شفاعتي‪((...‬‬

‫ش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم‬ ‫‪ -31‬حديث‪)) :‬من غ ّ‬


‫تنله مودتي(( خرجه المام أحمد في مسند عثمان رقم )‬
‫‪ (519‬بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله‪ .‬قال أبو عبد‬
‫الرحمن عبد الله بن أحمد‪ ،‬وجدت في كتاب أبي حدثنا‬
‫محمد بن بشر حدثني عبد الله بن عبد الله بن السود عن‬
‫حصين بن عمر عن مخارق بن عبد الله بن جابر الحمسي‬
‫عن طارق بن شهاب عن عثمان بن عفان مرفوعا ً فذكره‪.‬‬
‫ورواه الترمذي في المناقب في فضل العرب ج ‪ 10‬ص‬
‫‪ 429‬الطبعة المصرية بشرح تحفة الحوذي من طريق‬
‫حصين المذكور‪ ،‬وقال هذا حديث غريب ل نعرفه إل من‬
‫حديث حصين بن عمر الحمس عن مخارق وليس حصين‬
‫عند أهل الحديث بذاك القوي‪ ...‬أ هم‪.‬‬
‫وقال العلمة أحمد شاكر رحمه الله في حاشيته على هذا‬
‫الحديث‪ :‬إسناده ضعيف‪ ،‬وحصين بن عمر الحمس ضعيف‬
‫جدا ً رماه أحمد بالكذب‪ ،‬وقال البخاري والساجي وأبو زرعة‬

‫‪254‬‬
‫منكر الحديث‪ .‬أ هم‪ .‬ملخصًا‪.‬‬
‫وذكر الحافظ في تهذيب التذهيب تضعيفه عن جماعة من‬
‫أئمة الحديث‪ ،‬وبعضهم رماه بالكذب‪ ،‬وشذ العجلي فوثقه‬
‫وقال الحافظ في التقريب‪ :‬متروك في الثامنة‪ ،‬وبذلك يعلم‬
‫أن هذا الحديث بهذا السناد ضعيف جدا ً أو موضوع‪ ،‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫صبحة تمنع الرزق((‬


‫‪ -119‬حديث‪)) :‬ال ّ‬
‫‪ -32‬حديث ))الصبحة تمنع الرزق((‪ ،‬ضعيف خرجه عبد الله‬
‫بن المام أحمد في مسند عثمان رقم )‪ (530‬بتحقيق الشيخ‬
‫أحمد شاكر رحمه الله وهذا سنده‪:‬‬
‫قال عبد الله بن أحمد حدثنا أبو إبراهيم الترجماني‪ ،‬حدثنا‬
‫إسماعيل بن عياش عن ابن أبي فروة عن محمد بن‬
‫يوسف‪ ،‬عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صبحة تمنع‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ال ّ‬
‫الرزق((‪.‬‬
‫ثم رواه عبد الله بسند آخر برقم )‪ (533‬وهذا نصه‪ :‬قال عبد‬
‫الله بن أحمد حدثني يحيى بن عثمان يعني الحربي أبو‬
‫زكريا‪،‬‬

‫‪255‬‬
‫ل قد سماه عن محمد بن‬ ‫حدثنا إسماعيل بن عياش عن رج ٍ‬
‫يوسف عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال‪ :‬قال‬
‫صبحة تمنع‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ال ّ‬
‫الرزق((‪.‬‬
‫قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تحت السند الول‪ :‬إسناده‬
‫ضعيف جدًا‪ ،‬ابن أبي فروة هو إسحاق بن عبد الله بن أبي‬
‫فروة قال البخاري في التاريخ الكبير ‪) 1/1/396‬مديني‬
‫تركوه( ثم قال‪ :‬نهى ابن حنبل عن حديثه‪ ،‬وفي التهذيب عن‬
‫أحمد ل تحل عندي الرواية عنه‪ ،‬ورماه بعضهم بالكذب‪،‬‬
‫واتهمه أهل المدينة في دينه‪ ،‬وقال ابن معين‪ :‬بنو أبي فروة‬
‫ثقات إل إسحاق‪.‬‬
‫صبحة بفتح الصاد‪ ،‬وضمها نوم الغداة‪ ،‬وفي‬ ‫إلى أن قال‪ :‬وال ّ‬
‫اللسان‪ :‬وفي الحديث أنه نهي عن الصبحة‪ ،‬وهي النوم أول‬
‫النهار؛ لنه وقت الذكر‪ ،‬ثم وقت طلب الكسب‪ .‬وقال الشيخ‬
‫أحمد شاكر أيضًا‪ :‬والحديث ذكره السيوطي في الجامع‬
‫الصغير رقم )‪ (5129‬ونسبه أيضا ً لبن عدي في الكامل‪،‬‬
‫والبيهقي في الشعب أيضا ً من حديث أنس ورمز له بالصحة‬
‫وهو خطأ؛ لن أسانيده تدور على ابن أبي فروة؛ وبذلك‬
‫تعقبه المناوي في الشرح الكبير ج ‪ 4‬ص ‪ ،232‬وقد‬
‫استدركه قاضي الملك المدراسي في ذيل القول المسدد )‬
‫‪ (65/67‬وأطال القول فيه‬

‫‪256‬‬
‫وتكلف في بعض ما قال‪ ،‬حتى لقد قال في ابن أبي فروة‬
‫تكلموا فيه لكن لم يتهم بالكذب‪ ،‬وهذا غير جيد‪ ،‬فإن إسحاق‬
‫اتهم بالكذب‪ ،‬كما نقلناه آنفًا‪ .‬ثم قال الشيخ أحمد تحت‬
‫السند الثاني )‪ (533‬إسناده ضعيف جدا ً وهو مكرر )‪(530‬‬
‫ل‪ ،‬وقد زاده ضعفا ً إبهام الرجل‬ ‫وقد سبق الكلم عليه مفص ً‬
‫الذي روى عنه إسماعيل بن عياش وهو إسحاق بن أبي‬
‫فروة وهو علة الحديث‪ ..‬أ هم‪.‬‬
‫المقصود من كلم الشيخ أحمد شاكر رحمه الله‪ ،‬والمر كما‬
‫قال فالحديث المذكور ضعيف جدًا‪ ،‬من الطريقتين جميعا ً‬
‫وقد جزم الحافظ في التقريب بأن إسحاق لمذكور متروك‬
‫الحديث‪ ،‬وذلك يدل على اقتناعه رحمه الله بأنه متهم‬
‫بالكذب‪ ،‬ويزيده ضعفا ً أنه من رواية إسماعيل بن عياش عن‬
‫إسحاق المذكور وهو مدني‪ ،‬ورواية إسماعيل المذكور عن‬
‫غير الشاميين ضعيفة ل يحتج بها‪ ،‬كما يعلم ذلك من التهذيب‬
‫والتقريب وغيرهما‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫‪ -120‬حديث‪)) :‬من لزم الستغفار جعل الله‬
‫له من كل هم فرجًا((‬

‫‪ -33‬روى عبد الله ابن المام أحمد أنه وجد بخط أبيه‪ ،‬وأبو‬
‫داود وابن ماجه والنسائي في عمل اليوم والليلة‪ ،‬عن الوليد‬
‫ابن مسلم قال‪ :‬أخبرني الحكم بن مصعب المخزومي أنه‬
‫سمع محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن‬
‫جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬من لزم الستغفار جعل الله له من كل هم‬
‫ق مخرجا ً ورزقه من حيث ل‬ ‫فرجا ومن كل ضي ٍ‬
‫ً‬
‫يحتسب((‪.‬‬
‫وأخرجه الحاكم من طريق الوليد المذكور عن الحكم بن‬
‫مصعب المذكور قال أبو حاتم الرازي‪ :‬الحكم مجهول‬
‫وتناقض ابن حبان رحمه الله فذكره في الثقات والضعفاء‪،‬‬
‫وجزم الحافظ في المخزومي الدمشقي مجهول من‬
‫السابعة ورمز له بعلمة أبي داود والنسائي وابن ماجه أما‬
‫الحاكم فصححه‪ ،‬واعترض عليه الذهبي بقوله‪ :‬الحكم فيه‬
‫جهالة‪ ،‬وذكره البخاري في التاريخ الكبير‪ ،‬وذكر أنه روى عن‬
‫محمد بن علي‪ ،‬وروى عنه الوليد بن مسلم‪ ،‬وسكت فلم‬
‫يوثقه ولم يجرحه‪ ،‬وجزم الشيخ العلمة أحمد شاكر في‬

‫‪258‬‬
‫حاشيته على المسند بأنه صحيح بناًء على سكوت البخاري‬
‫عنه‪ ،‬وهو دليل عند الشيخ أحمد على ثقته عند البخاري‪،‬‬
‫وهذا فيه نظر إل يثبت بالنص أو الستقراء ما يدل على أن‬
‫البخاري أراد ذلك‪ ،‬ومن تأمل حاشية العلمة أحمد شاكر‬
‫اتضح له منها تساهله في التصحيح لكثيرٍ من السانيد التي‬
‫فيها بعض الضعفاء كابن لهيعة وعلي بن زيد بن جدعان‬
‫وأمثالهما‪ ،‬والله يغفر له ويشكر له سعيه ويتجاوز له عما زل‬
‫به قلمه أو أخطأ فيه اجتهاده إنه سميع قريب‪.‬‬
‫وعلى كل حال فالحديث المذكور يصلح ذكره في الترغيب‬
‫والترهيب؛ لكثرة شواهده الدالة على فضل الستغفار؛ ولن‬
‫أكثر أئمة الحديث قد سهلوا في رواية الضعيف في باب‬
‫الترغيب والترهيب لكن يروى بصيغة التمريض كيروى‪،‬‬
‫ويذكر‪ ،‬ونحوهما ل بصيغة الجزم‪ ،‬قال الحافظ العراقي في‬
‫ألفيته‪ ،‬رحمه الله‪:‬‬
‫يشك فيه ل بإسمنادهمما‬ ‫وإن ترد نقل ً لواهٍ أو لمممما‬
‫بنقمل ما صح كقال‬ ‫فأت بتمريض كيروى واجزم‬
‫فاعلم‬
‫من غير تبيين لضعمف‬ ‫وسهلوا في غير موضوع رووا‬
‫ورأوا‬
‫عن ابن مهدي وغير‬ ‫بيانمه في الحكمم والعقائد‬
‫واحمد‬
‫تكميل‪ :‬وقع في بعض روايات هذا الحديث‪)) :‬من لزم‬
‫الستغفار((‪ ،‬وفي بعضها ))من أكثر الستغفار(( والمعنى‬
‫المتقارب‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫‪ -121‬حديث‪)) :‬يا علي أسبغ الوضوء وإن شق‬
‫عليك ول تأكل الصدقة‪((...‬‬

‫‪ -34‬روى المام الحافظ عبد الله ابن المام أحمد في مسند‬


‫أبيه عفا الله عنهما عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال له‪)) :‬يا علي أسبغ الوضوء وإن‬
‫شق عليك ول تأكل الصدقة‪ ،‬ول ُتنز الحمير على‬
‫الخيل‪ ،‬ول تجالس أصحاب النجوم(( أ هم‪ .‬ج ‪ 2‬ص ‪28‬‬
‫رقم )‪ (582‬وهذا سنده‪ ،‬قال عبد الله ابن المام أحمد‬
‫حدثني محمد بن أبي بكر المقدسي حدثنا هارون بن مسلم‬
‫حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه‬
‫عن علي فذكره‪ :‬قال الشيخ العلمة أحمد شاكر في تعليقه‬
‫عليه‪ :‬إسناده ضعيف؛ لن علي بن الحسين لم يدرك جده‬
‫عليا ً رضي الله عنه‪ ،‬وهو كما قال‪ ،‬وفي سنده أيضا ً هارون‬
‫بن مسلم قال فيه أبو حاتم فيه لين ويعرف هارون المذكور‬
‫بصاحب الحناء‪ ،‬ووثقه الحاكم وابن حبان كما في تهذيب‬
‫التذهيب لكن لمتنه شواهد تدل على صحته‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫‪ -122‬حديث‪)) :‬إذا أكل أحدكم طعاما ً فليقل‪:‬‬
‫اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا ً منه‪((....‬‬

‫‪ -35‬روى أبو داود قال‪ :‬حدثنا مسدد قال أخبرنا حماد يعني‬
‫ابن زيد‪ ،‬وحدثنا موسى بن إسماعيل قال أخبرنا حماد يعني‬
‫ابن سلمة عن علي بن زيد عن عمر بن حرملة عن ابن‬
‫عباس قال‪ :‬كنت في بيت ميمونة‪ ،‬فدخل رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ومعه خالد بن الوليد فجاءوا بضبين مشويين‬
‫على ثمامتين فَت َب َّزقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‬
‫خالد‪ :‬إخالك تقذره يا رسول الله‪ ،‬قال‪ :‬أجل‪ ،‬ثم ُأتي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب‪ ،‬فقال رسول الله‬
‫ل‪:‬‬‫ق ْ‬‫فْلي ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أكل أحدكم طعاما ً َ‬
‫سقي‬ ‫اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا ً منه‪ ،‬وإذا ُ‬
‫لبنا ً فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس‬
‫شيء يجزي من الطعام والشراب إل اللبن(( قال أبو‬
‫داود هذا لفظ مسدد‪.‬‬
‫وهذا الحديث بهذا السناد ضعيف من أجل علي بن زيد ابن‬
‫جدعان؛ لنه ضعيف عند جمهور أهل العلم‪ .‬قال الحافظ في‬
‫التقريب‪ :‬ضعيف في الرابعة‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫وقال في تهذيب التهذيب عن ابن سعد‪ :‬فيه ضعف ول يحتج‬
‫به‪ .‬وعن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه‪ :‬ليس بالقوي‪.‬‬
‫وعن حنبل عن أحمد‪ :‬ضعيف الحديث‪.‬‬
‫وعن معاوية بن صالح عن يحيى‪ :‬ضعيف‪ .‬وعن عثمان‬
‫الدارمي عن يحيى‪ :‬ليس ذلك بالقوي‪.‬‬
‫وعن ابن أبي خيثمة عن يحيى‪ :‬ضعيف في كل شيء‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى عنه‪ :‬ليس بذاك‪ ،‬وفي رواية الدوري‪ :‬ليس‬
‫بحجة‪ ،‬وقال مرة‪ :‬ليس بشيء‪ ،‬وعن الجوزجاني‪ :‬واهي‬
‫الحديث ضعيف‪ ،‬وفيه ميل عن القصد ل يحتج به‪.‬‬
‫وعن أبي زرعة‪ :‬ليس بقوي‪ .‬وعن أبي حازم ليس بقوي‬
‫يكتب حديث ول يحتج به‪ ،‬وعن النسائي ضعيف‪ ،‬وعن ابن‬
‫خزيمة‪ :‬ل أحتج به لسوء حفظه‪ ،‬وعن ابن عدي لم أر أحدا ً‬
‫من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه‪ ،‬وكان يغلو في‬
‫التشيع ومع ضعفه يكتب حديثه‪.‬‬
‫وعن الحاكم أبي أحمد‪ :‬ليس بالمتين عندهم‪.‬‬
‫ونقل عن آخرين غير هؤلء تضعيفه‪ ،‬ونقل عن جماعة قليلة‬
‫توثيقه والصواب أنه ضعيف كما قال الكثر؛ لن الجرح‬

‫‪262‬‬
‫مقدم على التعديل عند أهل الحديث‪.‬‬
‫فإذا كان الجرح من الكثر تأكد ذلك وتعين‪ ،‬ولم يلتفت إلى‬
‫التوثيق‪ .‬ومن تأمل رواياته عرف ضعفه وسوء حفظه‪.‬‬
‫وفي سند الحديث علة أخرى وهي أنه من رواية علي‬
‫المذكور عن عمر بن حرملة‪ ،‬وعمر هذا مجهول كما في‬
‫التقريب‪.‬‬
‫وقال الحافظ في تهذيب التهذيب قال أبو زرعة‪ :‬ل أعرفه إل‬
‫في هذا الحديث‪ ،‬يعني حديث الضب وهو الحديث المذكور‬
‫هنا‪ .‬ونقل الحافظ عن ابن حبان توثيقه‪.‬‬
‫وجزم الحافظ رحمه الله في التقريب بأنه مجهول يدل على‬
‫عدم التفاته لتوثيق ابن حيان‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫‪ -123‬حديث‪)) :‬أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم عق عن نفسه بعد النبوة((‬

‫‪ -36‬حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه‬


‫بعد النبوة ضعيف أو موضوع‪.‬‬
‫قال النووي رحمه الله في شرح المهذب ج ‪ 8‬ص ‪ 330‬ما‬
‫نصه‪ :‬وأما الحديث الذي ذكره في عَقّ النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم عن نفسه فرواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن‬
‫محرر بالحاء المهملة والراء المكررة عن قتادة عن أنس‬
‫بأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة‬
‫وهذا حديث باطل‪.‬‬
‫قال البيهقي‪ :‬هو حديث منكر‪ .‬وروى البيهقي بإسناده عن‬
‫عبد الرزاق‪ ،‬قال‪ :‬إنما تركوا عبد الله بن محرر بسبب هذا‬
‫الحديث‪ .‬قال البيهقي‪ :‬وقد روي هذا الحديث من وجه آخر‬
‫عن قتادة‪ ،‬ومن وجه آخر عن أنس ليس بشيء فهو حديث‬
‫باطل‪ ،‬وعبد الله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه‪ ،‬قال‬
‫الحافظ‪ :‬هو متروك‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة في المغني ج ‪ 8‬ص ‪ 646‬ما نصه‪ :‬وإن لم‬
‫يعق عنه أصل ً فبلغ الغلم وكسب فل عقيقة عليه‪ ،‬وسئل‬
‫أحمد عن هذه المسألة‪ ،‬فقال‪ :‬ذلك على الوالد؛ يعني ل‬

‫‪264‬‬
‫يعق عن نفسه؛ لن السنة في حق غيره‪.‬‬
‫وقال عطاء والحسن‪ :‬يعق عن نفسه؛ لنها مشروعة عنه‬
‫ولنه مرتهن بها‪ ،‬فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه‪ ،‬ولنا أنها‬
‫مشروعة في حق الوالد فل يفعلها غيره‪ ،‬كالجنبي كصدقة‬
‫الفطر‪ ..‬أ‪.‬هم‪.‬‬
‫وقال المام ابن القيم رحمه الله في )ُتحفة المودود في‬
‫أحكام المولود( ما نصه‪ :‬الفصل التاسع عشر‪ :‬حكم من لم‬
‫يعق عنه أبواه هل يعق عن نفسه إذا بلغ‪ ،‬قال الخلل‪ :‬باب‬
‫ما يستحب لمن يعق عنه صغيرا ً أن يعق عن نفسه كبيرًا‪ ،‬ثم‬
‫ذكر من مسائل إسماعيل بن سعد الشالنجي قال‪ :‬سألت‬
‫أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه‪ ،‬هل يعق عن‬
‫نفسه؟ قال‪ :‬ذلك على الب‪.‬‬
‫ومن مسائل الميموني قال‪ :‬قلت لبي عبد الله‪ :‬إن لم يعق‬
‫عنه هل يعق عنه كبيرًا؟ فذكر شيئا ً يروى عن الكبير ضّعفه‬
‫ورأيته يستحسن إن لم يعق عنه صغيرا ً أن يعق عنه كبيرًا‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إن فعله إنسان لم أكرهه‪ ،‬قال‪ :‬وأخبرني عبد الملك‬
‫في موضع آخر أنه قال لبي عبد الله‪ :‬فيعق عنه كبيرًا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لم أسمع في الكبير شيئا ً قلت‪ :‬أبوه معسر ثم أيسر فأراد‬
‫أل يدع ابنه حتى عق عنه‪ ،‬قال‪ :‬ل أدري ولم أسمع في‬
‫الكبير شيئًا‪ ،‬ثم قال لي‪ :‬ومن فعله فحسن‬

‫‪265‬‬
‫ومن الناس من يوجبه‪.‬‬
‫والقول الول أظهر وهو أنه يستحب أن يعق عن نفسه؛ لن‬
‫العقيقة سنة مؤكدة‪ ،‬وقد تركها والده فشرع له أن يقوم بها‬
‫إذا استطاع؛ ذلك لعموم الحاديث ومنها‪ :‬قوله صلى الله‬
‫ن بعقيقته تذبح عنه‬ ‫عليه وسلم‪)) :‬كل غلم مرته ٌ‬
‫يوم سابعه ويحلق ويسمى(( أخرجه المام أحمد‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وأصحاب السنن عن سمرة ابن جندب رضي الله عنه بإسناد‬


‫صحيح‪ ،‬ومنها‪ :‬حديث أم كرز الكعبية عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬أنه أمر أن يعق عن الغلم بشاتين‬
‫وعن النثى شاة((‪ 2‬أخرجه الخمسة‪ ،‬وخرج الترمذي‬
‫وصحح مثله عن عائشة وهذا لم يوجه إلى الب فيعم‬

‫‪ 1‬أخرجه أحمد في أول مسند البصريين‪ ،‬ومن حديث سمرة بن جندب عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم برقم ‪ ،19676‬والترمذي في كتاب الضاحي‪،‬‬
‫باب العقيقة بشاة برقم ‪ 1522‬وابن ماجه في كتاب الذبائح‪ ،‬باب العقيقة‬
‫برقم ‪.3165‬‬
‫‪ 2‬أخرجه أحمد في باقي مسند النصار‪ ،‬باقي المسند السابق برقم ‪25603‬‬
‫والترمذي في كتاب الضاحي‪ ،‬باب ما جاء في العقيقة برقم ‪ 1516‬وأبو داود‬
‫في كتاب الضحايا‪ ،‬باب في العقيقة برقم ‪ 2834‬وابن ماجه في كتاب الذبائح‪،‬‬
‫باب في العقيقة برقم ‪.3163‬‬

‫‪266‬‬
‫الوالد والم وغيرهما من أقارب المولود‪.‬‬
‫قال الحافظ في التقريب‪ :‬بمهملت‪ ،‬الجزري‪ :‬القاضي‬
‫متروك الحديث من السابعة‪.‬‬
‫ويتلخص من ذلك أقوال ثلثة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه يستحب أن يعق عن نفسه لن العقيقة مؤكدة‬
‫وهو مرتهن بها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ل عقيقة علية ول يشرع له العق عن نفسه؛ لنها‬
‫سنة في حق أبيه فقط‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ل حرج عليه أن يعق عن نفسه وليس ذلك‬
‫بمستحب؛ لن الحاديث إنما جاءت موجهة إلى الوالد‪ ،‬ولكن‬
‫ل مانع من أن يعق عن نفسه؛ أخذا ً بالحيطة‪ ،‬ولنها قربة‬
‫إلى الله سبحانه‪ ،‬وإحسانه إلى المولود وفك لرهانه فكانت‬
‫مشروعة في حقه وحق أمه عنه وغيرهما من أقاربه‪ ،‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫مر ميسرة المسجد كتب‬‫‪ -124‬حديث‪)) :‬من ع ّ‬
‫له كفلن من الجر‪((....‬‬

‫‪ -37‬حديث رقم )‪ (993‬في سنن ابن ماجه‪.‬‬


‫حدثنا محمد بن أبي الحسن أبو جعفر قال‪ :‬حدثنا عمرو ابن‬
‫عثمان الكلبي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن‬
‫الليث بن أبي سليم عن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬قيل للنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن ميسرة المسجد تعطلت‪،‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬من عمر‬
‫ميسرة المسجد كتب له كفلن من الجر((‪.1‬‬
‫قال في مصباح الزجاجة‪ :‬هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ليث بن‬
‫أبي سليم‪ ،‬وهو كما قال من أجل ليث المذكور‪ ،‬وهو مخالف‬
‫للحاديث الصحيحة الدالة على فضل ميامن الصفوف‪ ،‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلة‪ ،‬باب فضل ميمنة الصف برقم‬
‫‪.1007‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ -125‬حديث‪)) :‬اللهم إني أسألك بمعاقد العز‬
‫من عرشك((‬

‫‪ -38‬حديث ابن مسعود ))اللهم إني أسألك بمعاقد‬


‫العز من عرشك(( ل يصح عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫نقل الزيلعي في نصب الراية ص ‪ 272‬ج ‪ :4‬عن البيهقي‬
‫رحمه الله أنه رواه في كتاب الدعوات الكبير‪ ،‬من طريق‬
‫عامر بن خداش‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عمر ابن هارون البلخي عن ابن‬
‫جريح عن داود بن أبي عاصم عن ابن مسعود عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬اثنتا عشر ركعة‬
‫تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين‬
‫فإذا تشهدت في آخر صلتك فأثن على الله عز‬
‫ل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ‬ ‫وجل وص ّ‬
‫وأنت ساجد فاتحة الكتاب‪ ،‬سبع مرات وآية‬
‫الكرسي سبع مرات‪ ،‬وقل‪ :‬ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء‬
‫قدير عشر مرات‪ ،‬ثم قل‪ :‬اللهم إني أسألك بمعاقد‬
‫العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك‬
‫العظم وكلماتك التامة‪ ،‬ثم سل حاجتك‪ ،‬ثم ارفع‬
‫رأسك ثم سلم يمينا ً وشمال ً ول تعلموها السفهاء‬
‫فإنهم يدعون بها فيستجاب((‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫ثم قال‪ :‬ورواه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات من‬
‫طريق أبي عبد الله الحاكم حدثنا محمد بن القاسم بن عبد‬
‫الرحمن العتكي‪ ،‬حدثنا محمد بن أشرس‪ ،‬حدثنا عامر بن‬
‫خداش به سندا ً ومتنا ً وقال ابن الجوزي‪ :‬هذا الحديث‬
‫موضوع بل شك وإسناده مخبط كما ترى وفي إسناده عمر‬
‫بن هارون‪ ،‬قال ابن معين فيه‪ :‬كذاب‪ ،‬وقال ابن حبان‪ :‬يروي‬
‫عن الثقات المعضلت ويدعي شيوخا ً لم يرهم‪ ،‬وقد صح عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود‬
‫انتهى ما ذكره الزيلعي‪ ،‬وما نقله عن ابن الجوزي رحمة الله‬
‫عليهما جميعًا؛ وبذلك يعلم أن الحديث المذكور من الحاديث‬
‫الموضوعة ولفظ )المعاقد( لفظ مجمل ومحتمل فل يجوز‬
‫التوسل به‪ ،‬وذكر شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ص ‪50‬‬
‫من القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة‪ :‬أن أباح حنيفة‬
‫رحمه الله كره التوسل بمعاقد العز من العرش‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وأما التوسل برحمة الله واسمه العظم وكلماته التامة فهو‬
‫توسل شرعي قد دل عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة‬
‫ه‬ ‫سَنى َ‬ ‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫عو ُ‬
‫فادْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬
‫ه ال ْ‬ ‫في قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ها{‪.1‬‬
‫بِ َ‬

‫سورة العراف‪ ،‬الية ‪.180‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪270‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من نزل منزل ً فقال‬
‫أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره‬
‫شيء حتى يرتحل من منزله ذلك((‪ 1‬رواه مسلم في‬
‫صحيحه من حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها‪.‬‬
‫وهكذا التوسل بتوحيد الله واليمان به وبالعمال الصالحات‬
‫كل ذلك قد جاءت به السنة الصحيحة كحديث أصحاب الغار‬
‫وهو مخرج في الصحيحين‪ ،‬وكحديث عائشة رضي الله عنها‬
‫أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده‬
‫بقوله‪)) :‬اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك‬
‫وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك ل أحصي‬
‫ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك((‪ 2‬خرجه مسلم‬
‫في صحيحه‪.‬‬
‫ومن المنكرات في هذا الخبر الموضوع‪ :‬المر بقراءة‬
‫الفاتحة وآية الكرسي في السجود‪ ،‬وقد صح عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم من حديث علي وابن عباس رضي‬
‫الله عنهما النهي عن ذلك خرجه مسلم في صحيحه عنهما‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار‪ ،‬باب في التعوذ‬


‫من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره‪ ،‬برقم ‪.2708‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما يقال في الركوع والسجود برقم‬
‫‪.486‬‬

‫‪271‬‬
‫‪ -126‬حديث‪)) :‬إذا تزوج أحدكم فكان ليلة‬
‫البناء فليصل ركعتين‪((....‬‬

‫‪ -39‬حديث سلمان الفارسي قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬


‫الله عليه وسلم‪)) :‬إذا تزوج أحدكم فكان ليلة البناء‬
‫فليصل ركعتين‪ ،‬وليأمرها فلتصل خلفه فإن الله‬
‫جاعل في البيت خيرا ً((‪.‬‬
‫ذكره الحافظ الذهبي في الميزان ص ‪ 464‬ج ‪ 1‬في ترجمة‬
‫حجاج بن فروخ الواسطي وقال ما نصه‪ :‬هذا حديث منكر‬
‫جدًا‪ .‬وذكر أن ابن معين والنسائي ضعفا ً حجاجا ً المذكور‬
‫انتهى كلم الذهبي‪..‬‬
‫وقال الحافظ في اللسان ما نصه‪ :‬قال العقيلي ص ‪ 177‬ج‬
‫دثت أن سلمان‬ ‫ح ّ‬‫‪ 1‬رواه عبد الرزاق عن ابن جريح قال ُ‬
‫قال‪ :‬فذكر نحوه‪ ،‬انتهى المقصود‪.‬‬
‫قال الحافظ في اللسان أيضا ً في ترجمة حجاج المذكور عبد‬
‫كلم العقيلي المذكور آنفا ً قال أبو حاتم شيخ مجهول وذكره‬
‫ابن حبان في الثقات وذكره الساجي في الضعفاء‪ .‬وقال ابن‬
‫الجاورد في الضعفاء‪ :‬ليس بشيء انتهى كلمه‪.‬‬
‫وبهذا يعلم ضعف‬

‫‪272‬‬
‫حديث سلمان المذكور؛ لضعف الحجاج‪ ،‬ولجهالة في رواية‬
‫عبد الرزاق؛ لن ابن جريح لم يذكر من حدثه‪ ،‬أما توثيق ابن‬
‫حبان فل يعول عليه؛ لكونه معروفا ً بالتساهل في ذلك‪.‬‬

‫‪ -127‬حديث‪)) :‬إذا طنت أذن أحدكم‬


‫فليذكرني‪((....‬‬

‫‪ -40‬حديث‪)) :‬إذا طنت أذن أحدكم‪.1((...‬‬


‫قال ابن علن في الفتوحات الربانية شرح الذكار النواوية ج‬
‫‪ 6‬ص ‪ :198‬قال السخاوي في القول البديع‪ :‬رواه الطبراني‬
‫وابن عدي وابن السني في اليوم والليلة‪ ،‬والخرائطي في‬
‫المكارم‪ ،‬وأبو موسى المديني وابن بشكوال‪ ،‬وسنده‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫وفي رواية بعضهم‪)) :‬إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني‬
‫ي وليقل ذكر الله من ذكرني بخير((‪.‬‬ ‫وليصل عل ّ‬
‫قلت‪ :‬وهي رواية ابن السني‪ .‬قال السخاوي‪ :‬وقد أخرجه‬
‫ابن خزيمة في صحيحه‪ ،‬ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر‬
‫وذلك عجيب؛ لن إسناده غريب كما صرح به أبو اليمن‬
‫وغيره‪ .‬وفي ثبوته نظر‪ .‬وقال أبو جعفر العقيلي‪ :‬إنه ليس له‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي‬
‫صّلى فيه المكتوبة برقم ‪.1006‬‬

‫‪273‬‬
‫أصل‪ ...‬أ‪.‬هم‪.‬‬
‫وأخرجه ابن أبي عاصم أيضًا‪ ،‬كما نقله القسطلني في‬
‫مسالك الخفاء‪ :‬قال ابن حجر الهيتمي في الدر المنظور‪.‬‬
‫الحديث أخرجه جميع بسند ضعيف‪.‬‬
‫وإخراج ابن خزيمة له في صحيحه متعجب منه فإن إسناده‬
‫غريب‪ ،‬بل قال العقيلي‪ :‬ليس له أصل‪ .‬أ‪.‬هم‪.‬‬

‫‪ -128‬حديث‪)) :‬أيعجز أحدكم أن يتقدم أو‬


‫يتأخر‪ ...‬في الصلة((‬

‫‪ -41‬حديث‪)) :‬أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن‬


‫‪1‬‬
‫يمينه أو عن شماله في الصلة((‬
‫أخرجه أبو داود في الصلة في باب الرجل يتطوع في مكانه‬
‫الذي صّلى فيه وهذا سنده ج ‪ 1‬ص ‪.246‬‬
‫حدثنا مسدد أخبرنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج‬
‫بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الصلة‪ ،‬باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي‬
‫صّلى فيه المكتوبة برقم ‪.1006‬‬

‫‪274‬‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬رسول الله صلى الله عليه وسلم‪...‬‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وهذا الحديث ضعيف؛ لن في إسناده الحجاج بن عبيد‬
‫مجهول كما في التقريب‪ ،‬وقال أبو حاتم‪ :‬مجهول‪.‬‬
‫وفي إسناده أيضا ً إبراهيم بن إسماعيل وهو أيضا ً مجهول‬
‫الحال‪ ،‬كما في التقريب‪ ،‬وبهذا يتضح ضعف الحديث‬
‫المذكور‪.‬‬

‫‪ -129‬حديث‪)) :‬إن حسنات الصبي لوالديه أو‬


‫أحدهما((‬

‫‪ -42‬ذكر ابن مفلح في الفروع ج ‪ 1‬ص ‪ 291‬ما نصه‪:‬‬


‫ولحمد وغيره بإسناد ضعيف عن أنس مرفوعًا‪)) :‬إن‬
‫حسنات الصبي لوالديه أو أحدهما(( وذكره ابن‬
‫الجوزي في الموضوعات‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫‪ -130‬حديث‪)) :‬عق رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عن الحسن والحسين وختنهما‪((....‬‬

‫‪ -43‬نقل ً عن البيهقي‪ :‬ج ‪ 8‬ص ‪ ،324‬كتاب الشربة والحد‬


‫فيها‪ ،‬باب السلطان يكره على الختتان أو الصبي‪ ،‬وسيد‬
‫المملوك يأمران به وما ورد في الختان‪:‬‬
‫أخبرنا أبو سعيد الماليني أنبانا أبو أحمد بن عدي الحافظ‬
‫حدثنا الحسن بن سفيان حدثني محمد بن المتوكل حدثنا‬
‫الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد المكي عن محمد ابن‬
‫المنكدر عن جابر قال‪ :‬عقّ رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام‪ .‬أ‪.‬هم‪.‬‬
‫هذا السند ضعيف لمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه من رواية الشاميين عن زهير هذا‪ ،‬وروايتهم‬
‫عنه غير مستقيمة‪ ،‬كما في التقريب‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬عنعنة الوليد وهو كثير التدليس والتسوية‪.‬‬
‫وفيه علة ثالثة وهي‪ :‬أن محمد بن المتوكل الراوي عن‬
‫الوليد ذو أوهام كثيرة فيخشى أن هذا منها‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫وفيه علة رابعة وهي‪ :‬أن الختان في السابع غير معروف في‬
‫شيء من الحاديث الصحيحة المروية في شأن الحسن‬
‫والحسين والعقيقة عنهما ول في غير ذلك فيما نعلم‪ ،‬وإنما‬
‫المعروف في السنة الختان بعد الكبر على عادة العرب‪ ،‬كما‬
‫قال ابن عباس لما سئل عن سنه حين مات النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪) :‬توفي رسول الله وأنا مختون(‪ ،‬وكانت‬
‫سنه إذ ذاك حول الحتلم‪.‬‬

‫‪ -131‬حديث عائشة رضي الله عنها أنها أمت‬


‫نسوة في المكتوبة فقامت بينهن‬

‫مت نسوة في المكتوبة فقامت‬ ‫‪ -44‬روي عن عائشة أنها أ ّ‬


‫بينهن وسطًا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن إدريس‬
‫عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم‬
‫النساء فتقوم وسطهن‪ .‬انتهى‪ ،‬وسكت عنه‪.‬‬
‫انظر نصب الراية ج ‪ 2‬ص ‪ 30‬قلت هذا السند ضعيف؛ لن‬
‫فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف‪ ،‬ولن ذكر الذان فيه‬
‫منكر؛ لنه ليس للنساء أن يؤذن‪ ،‬ول أن يقمن‪ ،‬وإنما ذلك‬
‫من‬

‫‪277‬‬
‫خصائص الرجال‪.‬‬
‫ولهذا لم تذكر هذه الزيادة في الروايات الخرى التي ذكرها‬
‫المؤلف ول في الروايات التي ذكرها الحافظ في التخليص‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -132‬حديث‪)) :‬صلة النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم عند قبر الخليل وقبر موس عليهما‬
‫السلم((‬

‫‪ -45‬حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صّلى في المدينة‬


‫وعند قبر موسى وعند قبر الخليل في ليلة السراء كذب‬
‫موضوع‪ .‬ذكره شيخ السلم ابن تيمية في ‪ 27‬من مجموع‬
‫الفتاوى ص ‪.9‬‬
‫وقد قال ابن كثير في تفسيره في روايته لحديث شداد بن‬
‫أوس الطويل نقل ً عن الترمذي‪ :‬هكذا رواه البيهقي من‬
‫طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي‪ ،‬ثم بعد تمامه قال‪ :‬هذا‬
‫إسناد صحيح ولم يأت فيه أنه صّلى عند قبر موسى بل جاء‬
‫فيه‪ ،‬ثم بلغنا أرضا ً قال‪ :‬انزل ثم قال‪ :‬صل فصليت ثم ركبنا‬
‫فقال‪ :‬أتدري أين صليت؟ قلت‪ :‬الله أعلم‪ .‬قال‪ :‬صليت‬
‫بمدين عند شجرة موسى‪ ،‬ثم انطلقت تهوى بنا يقع حافرها‬
‫حيث أدرك طرفها‪ ،‬ثم بلغنا أرضا ً بدت لنا‬

‫‪278‬‬
‫قصورا ً فقال‪ :‬انزل فنزلت‪ ،‬فقال صل فصليت‪ ،‬ثم ركبنا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أتدري أين صليت؟ قلت‪ :‬الله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬صليت‬
‫ببطن لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم‪ ،‬ثم انطلق‬
‫بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني‪ ،‬فأتى قبلة المسجد‬
‫فربط فيه دابته‪ ،‬ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس‬
‫والقمر‪ ،‬فصليت من المسجد حيث شاء الله الحديث‪....‬‬
‫تفسير ابن كثير ج ‪ 3‬ص ‪.14‬‬

‫‪ -133‬حديث‪)) :‬كان الله ولم يكن شيء‬


‫غيره((‬

‫‪ -46‬حديث‪)) :‬كان الله ولم يكن شيء غيره(( حديث‬


‫صحيح رواه البخاري رحمه الله‪.‬‬
‫أخرجه البخاري رحمه الله في كتاب )بدء الخلق ص ‪ 286‬ج‬
‫‪ (6‬في الفتح بلفظ‪)) :‬كان الله ولم يكن شيء غيره‬
‫وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء‬
‫وخلق السماوات والرض(( وأخرجه البخاري رحمه الله‬
‫في )كتاب التوحيد ص ‪ 403‬ج ‪ (13‬في الفتح بلفظ‪)) :‬كان‬
‫الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم‬
‫خلق السماوات والرض‬

‫‪279‬‬
‫وكتب في الذكر كل شيء((‪ .‬وأما الزيادة التي زادها‬
‫بعض الملحدين في هذا الحديث وهي ))وهو ألن على ما‬
‫عليه كان((‪.‬‬
‫فهي زيادة باطلة موضوعة ل أصل لها في شيء من‬
‫الروايات نبه على ذلك شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‬
‫في مجموع الفتاوى ج ‪ 2‬ص ‪ .272‬قال رحمه الله‪ :‬وهذه‬
‫الزيادة وهي قوله‪)) :‬وهو الن على ما عليه كان(( كذب‬
‫مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفق أهل‬
‫العلم على أنه موضوع مختلق‪ ،‬وليس هو في شيء من‬
‫دواوين الحديث ل كبارها ول صغارها‪ ،‬ول رواه أحد من أهل‬
‫العلم بإسناد صحيح ول ضعيف ول مجهول‪ ،‬وإنما تكلم بهذه‬
‫الكلمة بعض متأخري متكلمة الجهمية‪ ،‬وتلقاها منهم هؤلء‬
‫الذين وصلوا إلى آخر التجهم وهو التعطيل واللحاد‪ ،‬إلى أن‬
‫قال رحمه الله‪ :‬وهذه الزيادة اللحادية وهي قولهم‪)) :‬وهو‬
‫الن على ما عليه كان(( قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي‬
‫الصفات التي وصف الله بها نفسه من استوائه على العرش‬
‫ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك‪ .‬أ‪.‬هم‪ .‬المقصود‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫‪ -134‬حديث‪)) :‬من قرأ قل هو الله أحد عشر‬
‫مرات بنا الله له بيتا ً في الجنة‪((...‬‬

‫‪ -47‬حديث‪)) :‬من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات‬


‫بنا الله له بيتا ً في الجنة(( ضعيف‪ ،‬وقد رواه المام‬
‫أحمد وهذا سنده ج ‪ 3‬ص ‪.437‬‬
‫حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة قال‪،‬‬
‫وحدثنا يحيى بن غيلن‪ ،‬حدثنا رشدين‪ ،‬حدثنا زّبان بن فائد‬
‫الحبراني عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه معاذ‬
‫ابن أنس الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن‬
‫ه‬‫و الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ق ْ‬
‫ل ُ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من قرأ } ُ‬
‫د{ أحد حتى يختمها عشر مرات بنا الله له قصرا ً‬ ‫َ‬
‫ح ٌ‬ ‫أ َ‬
‫في الجنة‪ ،‬فقال عمر بن الخطاب‪ :‬إذا ً أستكثر يا رسول‬
‫الله‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬الله أكثر‬
‫وأطيب((‪ ،‬وهذا السناد ضعيف لضعف ابن لهيعة ورشدين‬
‫بن سعد وزبان بن فائد‪.‬‬
‫وقال في مجمع الزوائد ما لفظه ج ‪ 7‬ص ‪ 145‬عن معاذ بن‬
‫أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من قرأ‬
‫د{ عشر مرات بنا الله بيتا ً في الجنة‪،‬‬ ‫هو الل ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫} ُ‬
‫ح ٌ‬
‫هأ َ‬‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬
‫فقال عمر بن الخطاب‪ :‬إذا ً نستكثر‬

‫‪281‬‬
‫يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬الله‬
‫أكثر وأطيب(( رواه الطبراني وأحمد وقال‪ :‬عن سهل بن‬
‫معاذ بن أنس الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ولم يقل عن أبيه والظاهر أنها سقطت‪ ،‬وفي إسناده‬
‫رشدين بن سعد وزّبان كلهما ضعيف وفيهما توثيق لين‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والحديث مداره على زّبان بن فائد وقد سبق أنه‬
‫ضعيف كما في التقريب‪ ،‬وقال الحافظ في تهذيب التهذيب‬
‫في ترجمة زبان المذكور‪ :‬قال أحمد أحاديثه مناكير‪ ،‬وقال‬
‫ابن معين شيخ ضعيف وقال ابن حبان منكر الحديث جدا ً‬
‫يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة عنده مناكير‪ ،‬وقال أبو‬
‫حاتم‪ :‬شيخ صالح‪ ،‬وقال‪ :‬عنده مناكر‪ ،‬انتهى ملخصًا‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أن هذا الحديث ضعيف جدا ً لتضعيف الئمة‬
‫المذكورين لزبان‪ ،‬وينبغي أن يعلم أن هذه السورة عظيمة‬
‫وفضلها كبير وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪)) :‬إنها تعدل ثلث القرآن(( وصح في فضلها أحاديث‬
‫كثيرة‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫‪ -135‬حديث‪)) :‬من حج أو اعتمر فليكن آخر‬
‫عهده بالبيت((‬

‫‪ -48‬حديث الحارث بن عبد الله بن أوس عن النبي صلى‬


‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من حج أو اعتمر فليكن آخر‬
‫عهده بالبيت((‪ 1‬ضعيف‪.‬‬
‫أخرجه المام أحمد والترمذي بإسناد ضعيف؛ لن في إسناده‬
‫عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف‪ ،‬كما في التقريب‪.‬‬
‫وقال العلمة المباركفوري في تحفة الحوذي ج ‪ 2‬ص ‪118‬‬
‫ما نصه‪ :‬وليست هذه الزيادة بمحفوظة يعني قوله أو اعتمر‬
‫وهو كما قال وإنما المحفوظ قوله صلى الله عليه وسلم‬
‫للحجاج‪)) :‬ل ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده‬
‫بالبيت((‪ ،‬وكانوا يتفرقون في كل وجه‪ ،‬خرجه مسلم في‬
‫صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وأخرجه‬
‫الشيخان عنه بلفظ‪)) :‬أمر الناس أن يكون آخر عهدهم‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الحج‪ ،‬باب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض‬


‫برقم ‪.1327‬‬

‫‪283‬‬
‫بالبيت إل أنه خفف عن المرأة الحائض((‪ ،1‬ومن تأمل‬
‫الحاديث الواردة في هذا الباب اتضح له أن العمرة ل يجب‬
‫لها وداع؛ لنها مشروعة في جميع العام‪ ،‬ولنه صلى الله‬
‫عليه وسلم لم يأمر المتمتعين بالعمرة بالوداع‪ ،‬إذا أرادوا‬
‫الخروج من مكة لم يأمر المتمتعين بالعمرة بالوداع‪ ،‬إذا‬
‫أرادوا الخروج من مكة لما حلقوا صبيحة الرابعة من ذي‬
‫الحجة في حجة الوداع‪ ،‬وقياس العمرة على الحج ليس‬
‫بوجيه؛ لعدم مساواة الفرع للصل‪.‬‬
‫أما الحديث المذكور فضعيف؛ لنه من طريق عبد الرحمن‬
‫بن البيلماني‪ ،‬وهو ضعيف كما سبق عند التقريب‪.‬‬
‫وقال الحافظ في تهذيب التهذيب‪ :‬قال أبو حاتم‪ :‬لين‪،‬‬
‫وذكره ابن حبان في الثقات‪ .‬وقال الدار قطني‪ :‬ضعيف ل‬
‫تقوم به حجة‪ .‬وقال الزدي منكر الحديث يروي عن ابن‬
‫عمر بواطيل‪ .‬وقال صالح جزرة‪ :‬حديثه منكر وبهذا يعلم أن‬
‫حديثه ل يعول عليه‪ ،‬ول يحتج به؛ لتضعيف الئمة المذكورين‬
‫له‪.‬‬
‫أما توثيق ابن حبان له فل يعول عليه؛ كما عرف من تساهله‬
‫رحمه الله؛ ولن الجرح مقدم على التعديل إذا صدر مبينا ً‬
‫من إمام عارف بأسبابه‪ ،‬وإذا كان الجارحون أكثر كما هنا‬
‫صار الضعف أشد‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الحج‪ ،‬باب طواف الوداع برقم ‪ ،1755‬ومسلم‬


‫في كتاب الحج‪ ،‬باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم‬
‫‪.1328‬‬

‫‪284‬‬
‫‪ -136‬حديث‪)) :‬من صّلى في مسجدي هذا‬
‫أربعين صلة ل تفوته صلة دخل الجنة((‬

‫س‪ :‬أفيدونا جزاكم الله خيرا ً عن صحة هذا‬


‫الحديث‪)) :‬من صّلى في مسجدي هذا أربعين صلة‬
‫‪1‬‬
‫ل تفوته صلة دخل الجنة((؟‬

‫ج‪ :‬بسم الله والحمد لله‪ ..‬هذا الحديث ضعيف وقد جاء فيه‪:‬‬
‫))من صّلى في مسجدي أربعين صلة ل تفوته تكبيرة الولى‬
‫كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب وبراءة من‬
‫النفاق((‪ ،‬وهو حديث ليس بصحيح وإن صححه بعضهم فهو‬
‫حديث ضعيف‪ ،‬لكن الصلة في مسجد النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فيها خير عظيم‪ ،‬يقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))صلة في مسجدي هذا خير من ألف صلة فيما‬
‫سواه إل المسجد الحرام((‪.2‬‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة بتاريخ ‪12/6/1414‬هم‪.‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب الجمعة‪ ،‬باب فضل الصلة في مسجد مكة‬
‫والمدينة برقم ‪ ،1190‬ومسلم في كتاب الحج باب فضل الصلة بمسجدي‬
‫مكة والمدينة برقم ‪.1395‬‬

‫‪285‬‬
‫فالصلة في المسجد النبوي مضاعفة‪ ،‬لكن هذا اللفظ الذي‬
‫فيه براءة من النار والعذاب والنفاق ليس بصحيح‪.‬‬

‫‪ -137‬حديث‪)) :‬من طاف بالبيت خمسين مرة‬


‫خرج من ذنوبه‪((....‬‬

‫حدثنا سفيان بن وكيع أخبرنا يحيى بن اليمان عن شريك عن‬


‫أبي إسحاق عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن‬
‫عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم‬
‫ولدته أمه((‪ ،‬قال‪ :‬وفي الباب عن أنس وابن عمر‪.‬‬
‫قال أبو عيسى‪ :‬حديث ابن عباس غريب سألت محمدا ً عن‬
‫هذا الحديث‪ ،‬فقال‪ :‬إنما يروى هذا عن ابن عباس ضعيف؛‬
‫لن في إسناده سفيان بن وكيع وهو ل يحتج به بسبب ما‬
‫فعله وراقه كما في التهذيب‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫‪ -138‬حديث‪)) :‬فضل الستغفار عند النوم((‬

‫قال الترمذي رضي الله عنه‪ :‬حدثنا صالح بن عبد الله أخبرنا‬
‫أبو معاوية عن الوصافي عن عطية عن أبي سعيد عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬من قال حين يأوي إلى‬
‫فراشه أستغفر الله الذي ل إله إل هو الحي‬
‫القيوم وأتوب إليه ثلث مرات غفر الله له ذنوبه‬
‫وإن كانت مثل زبد البحر‪ ،‬وإن كانت عدد ورق‬
‫الشجر‪ ،‬وإن كانت عدد رمل عالج‪ ،‬وإن كانت عدد‬
‫أيام الدنيا((‪.‬‬
‫ثم قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن غريب ل نعرفه إل من‬
‫هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي‪ .‬انتهى‬
‫من جامع الترمذي بشرح حديث رقم ‪ 3406‬ج ‪.9‬‬
‫قلت‪ :‬هذا الحديث ضعيف؛ لن في إسناده عبيد الله بن‬
‫الوليد الوصافي وهو ضعيف‪ ،‬كما في التقريب؛ ولن في‬
‫إسناده أيضا ً عطية بن سعد العوفي وهو صدوق يخطئ كثيرا ً‬
‫وكان شيعيا ً مدلسًا‪ ،‬كما في التقريب ثم متنه منكر‪ ،‬ولو صح‬
‫لكان ذلك في حق من أتى بهذا الستغفار تائبا ً توبة نصوحًا؛‬
‫لن التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب كلها‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫‪ -139‬حديث‪)) :‬ركعتان بسواك خير من‬
‫سبعين ركعة بدون سواك((‬

‫س‪ :‬ما معنى حديث‪)) :‬ركعتان بسواك خير من‬


‫‪1‬‬
‫سبعين ركعة بدون سواك((؟‬

‫ج‪ :‬السواك سنة وطاعة عند الصلة أو عند الوضوء؛ لقول‬


‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪)) :‬السواك مطهرة للفم‬
‫مرضاة للرب((‪ 2‬خرجه النسائي بإسناد صحيح عن عائشة‬
‫رضي الله عنها؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬لول أن‬
‫‪3‬‬
‫أشق على أمتي لمرتهم بالسواك عند كل صلة((‬
‫متفق على صحته‪ ،‬وفي لفظ‪)) :‬لول أن أشق على أمتي‬
‫لمرتهم بالسواك مع كل وضوء((‪ 4‬خرجه المام‬
‫النسائي بإسناد صحيح‪ ،‬أما حديث‪)) :‬صلة بسواك خير‬
‫من سبعين صلة بل سواك(( فهو حديث‬

‫‪ 1‬سؤال من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪ 2‬أخرجه النسائي في كتاب الطهارة‪ ،‬باب الترغيب في السواك برقم ‪.5‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب الجمعة‪ ،‬باب السواك يوم الجمعة برقم ‪،887‬‬
‫ومسلم في كتاب الطهارة باب السواك برقم ‪.252‬‬
‫‪ 4‬أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين‪ ،‬باقي المسند السابق برقم‬
‫‪.25808‬‬

‫‪288‬‬
‫ضعيف ليس بصحيح وفي الحاديث الصحيحة ما يغني عنه‬
‫والحمد لله‪.‬‬

‫‪ -140‬حديث‪)) :‬ل تصلوا خلف النائم ول‬


‫المتحدث((‬

‫حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪)) :‬ل تصلوا خلف النائم ول المتحدث(( ضعيف‬
‫من جميع طرقه كما نبه على ذلك الخطابي وغيره‪ ،‬ومما‬
‫يدل على ضعفه أيضا ً ما ثبت في الصحيحين عن عائشة‬
‫رضي الله عنها )أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي‬
‫من الليل وهي معترضة بين يديه( والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -141‬أثر عمر رضي الله عنه في أن الدعاء‬


‫موقوف بين السماء والرض حتى تصلي على‬
‫نبيك‬

‫أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪) :‬الدعاء موقوف بين‬


‫السماء والرض حتى تصلي على نبيك محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم(‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫هكذا رواه الترمذي رحمه الله موقوفًا‪ ،‬ورواه السماعيلي‬
‫بلفظ‪ :‬ذكر لنا أن الدعاء يكون بين السماء والرض ل يصعد‬
‫منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو‬
‫موقوف ذكر ذلك العلمة ابن القيم رحمه الله في كتابه‪:‬‬
‫)جلء الفهام( ص ‪ 135‬الطبعة المنبرية الصادرة عام‬
‫‪1357‬هم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وفي السندين جميعا ً أو قرة السدي وهو من رجال‬
‫البادية مجهول كما في التقريب‪ ،‬وهو الراوي له عن سعيد‬
‫بن المسيب عن عمر رضي الله عنه‪...‬؛ وبذلك يعتبر هذا‬
‫الثر ضعيفا ً من أجل جهالة أبي قرة‪ ...‬والله أعلم‪.‬‬

‫مر مياسر الصفوف فله‬


‫‪ -142‬حديث‪)) :‬من ع ّ‬
‫أجران((‬

‫س‪ :‬أقيمت صلة العشاء واكتمل الجانب اليمن‬


‫من الصف الول والجانب اليسر فيه قليل في‬
‫الناس‪ ،‬فقلنا‪ :‬اعدلوا الصف من اليسار‪ ،‬فقال أحد‬
‫قب‬‫المصلين‪ :‬اليمين أفضل‪ ،‬لكن أحد الناس ع ّ‬
‫عليه وجاء بحديث‪)) :‬من عمر مياسر الصفوف‬

‫‪290‬‬
‫فله أجران(( أفتونا ما هو الصواب في هذه‬
‫‪1‬‬
‫المسألة؟‬
‫ج‪ :‬قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن‬
‫يمين كل صف أفضل من يساره‪ ،‬ول يشرع أن يقال للناس‪:‬‬
‫اعدلوا الصف‪ ،‬ول حرج أن يكون يمين الصف أكثر‪ ،‬حرصا ً‬
‫على تحصيل الفضل‪ .‬أما ما ذكره بعض الحاضرين من‬
‫مر مياسر الصفوف فله أجران(( فهو‬
‫‪2‬‬
‫حديث‪)) :‬من ع ّ‬
‫حديث ضعيف خرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف‪.‬‬

‫‪ -143‬حديث‪)) :‬ل صلة لجار المسجد إل في‬


‫المسجد((‬

‫س‪)) :‬ل صلة لجارا لمسجد إل في المسجد(( هل‬


‫هو حديث صحيح أم قول مأثور‪ ،‬وهو قول فيه‬
‫تشدد فالدين يسر وليس بعسر‪ ،‬فما قول‬
‫‪3‬‬
‫سماحتكم؟‬

‫‪ 1‬نشر في كتاب الدعوة ج ‪ 1‬ص ‪ ،60‬ونشر في المجموع ج ‪ 12‬ص ‪.207‬‬


‫‪ 2‬أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلة‪ ،‬باب فضل ميمنة الصف برقم‬
‫‪.1007‬‬
‫‪ 3‬نشر في كتاب الدعوة لسماحته ج ‪ 2‬ص ‪ ،104‬وفي كتاب فتاوى إسلمية‬
‫محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.105‬‬

‫‪291‬‬
‫ج‪)) :‬ل صلة لجار المسجد إل في المسجد(( هذا‬
‫اللفظ رواه المام أحمد والدار قطني والحاكم والطبراني‬
‫والديلمي كلهم بأسانيد ضعيفة‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر رحمه الله‪) :‬ليس له إسناد‬
‫ثابت وإن اشتهر بين الناس(‪.‬‬
‫فهو حديث ضعيف عند أهل العلم‪ ،‬وعلى فرض صحته‬
‫فمعناه محمول على أنه ل صلة كاملة لجار المسجد إل في‬
‫المسجد؛ لن الحاديث الصحيحة قد دلت على صحة صلة‬
‫المنفرد‪ ،‬لكن مع الثم إن لم يكن له عذر شرعي؛ لن‬
‫الصلة في المسجد مع جماعة المسلمين واجبة؛ لحاديث‬
‫أخرى غير الحديث المسؤول عنه‪ ،‬مثل قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من سمع النداء فلم يأته فل صلة له إل‬
‫من عذر((‪ 1‬خرجه ابن ماجه والدار قطني وابن حبان‬
‫والحاكم وإسناده على شرط مسلم‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم للعمى الذي استأذنه أن يصلي في بيته واعتذر بأنه‬
‫ليس له قائد يقوده إلى المسجد‪)) :‬هل تسمع النداء‬
‫بالصلة(( قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪)) :‬فأجب((‪ 2‬خرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات‪ ،‬باب التغليظ في التخلف‬


‫عن الجماعة برقم ‪.793‬‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلة‪ ،‬باب وجوب إتيان‬
‫المسجد على من سمع النداء برقم ‪.653‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ -144‬حديثك ))نتر الذكر عند البول((‬

‫عن عيسى بن يزيد عن أبيه رضي الله عنهما قال‪ :‬قال‬


‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا بال أحدكم‬
‫فلينتر ذكره ثلث مرات((‪ 1‬رواه ابن ماجه بسند ضعيف‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫قاله الحافظ في البلوغ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وأخرجه أحمد وهو ضعيف‪ ،‬كما قال الحافظ؛ لن‬
‫عيسى وأباه مجهولن‪ ،‬قاله ابن معين‪ ،‬وجزم بذلك الحافظ‬
‫في التقريب ومما يدل على ضعفه أن هذا العمل يسّبب‬
‫الوسوسة والصابة بالسلس‪ ،‬فالواجب ترك ذلك‪.‬‬

‫‪ -145‬حديث‪)) :‬اقرؤوا على موتاكم سورة‬


‫يس((‬

‫س‪ :‬هل قراءة سورة يس عند الحتضار جائزة؟‬


‫‪3‬‬

‫ج‪ :‬قراءة سورة يس عند الحتضار جاءت في حديث معقل‬


‫ابن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬اقرؤوا‬
‫على موتاكم‬

‫‪ 1‬أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها‪ ،‬باب الستبراء بعد البول برقم‬
‫‪.326‬‬
‫‪ 2‬أجاب عنه سماحته بتاريخ ‪2/7/1413‬هم‪.‬‬
‫‪ 3‬من ضمن مذكرة لسماحته جمع فيها فوائد في مختلف العلوم‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫يس((‪ 1‬صححه الشيخ اللباني وجماعة‪ ،‬وظنوا أن إسناده‬
‫جيد وأنه من رواية أبي عثمان النهدي عن معقل بن يسار‪،‬‬
‫وضعفه آخرون وقالوا‪ :‬إن الراوي له ليس هو أبو عثمان‬
‫النهدي ولكنه شخص آخر مجهول‪ ،‬فالحديث المعروف فيه‬
‫أنه ضعيف لجهالة أبي عثمان‪ ،‬فل يستحب قراءتها على‬
‫الموتى‪ ،‬والذي استحبها ظن أن الحديث صحيح فاستحبها‪،‬‬
‫لكن قراءة القرآن عند المريض أمر طيب‪ ،‬ولعل الله ينفعه‬
‫بذلك‪ ،‬أما تخصيص سورة يس فالصل أن الحديث ضعيف‪،‬‬
‫فتخصيصها ليس له وجه‪.‬‬

‫‪ -146‬حديث‪)) :‬ل صلة بعد العصر حتى تغرب‬


‫الشمس‪ ((...‬الحديث‬

‫س‪ :‬ما درجة صحة هذا الحديث‪)) :‬ل صلة بعد‬


‫العصر حتى تغرب الشمس ول صلة بعد الصبح‬
‫‪2‬‬
‫حتى تطلع الشمس إل بمكة‪ ،‬إل بمكة‪ ،‬إل بمكة((؟‬

‫‪ 1‬أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز‪ ،‬باب القراءة عند الموت برقم ‪،3121‬‬
‫وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز‪ ،‬باب ما جاء فيما يقال عند المريض‬
‫إذا حضر برقم ‪.1448‬‬
‫‪ 2‬نشر في كتاب فتاوى إسلمية‪ ،‬جمع محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.120‬‬

‫‪294‬‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث بهذه الزيادة ))إل بمكة(( ضعيف‪.‬‬
‫أما أصل الحديث فهو ثابت في الصحيحين وغيرهما عن‬
‫جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل صلة بعد الصبح حتى تطلع‬
‫الشمس ول صلة بعد العصر حتى تغيب‬
‫الشمس((‪ ،1‬لكن هذا العموم يستثنى منه الصلة ذات‬
‫السبب في اصح قولي العلماء كصلة الكسوف وصلة‬
‫الطواف وتحية المسجد‪ ،‬فإن هذه الصلوات يشرع فعلها ولو‬
‫في وقت النهي؛ لحاديث صحيحة وردت في ذلك تدل على‬
‫استثنائها من العموم والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -147‬الكلم على أثر‪)) :‬إن من صّلى لله أربع‬


‫ركعات ثم دعا الله فإنه يستجاب له‪((...‬‬

‫س‪ :‬ما حكم استدلل المام ابن القيم رحمه الله‬


‫في كتابه )الجواب الكافي( يقول‪ :‬من قال إن من‬
‫صّلى لله أربع‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلة‪ ،‬باب ل تتحرى الصلة قبل غروب‬
‫الشمس برقم ‪ ،588‬ومسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب الوقات التي‬
‫نهي عن الصلة فيها برقم ‪.826‬‬

‫‪295‬‬
‫ركعات ثم دعا الله فإنه يستجاب له سواء كان‬
‫مكروبا ً أو غير مكروب أخذا ً من قصة الصحابي‬
‫‪1‬‬
‫النصاري التاجر الذي هجم عليه النص؟‬

‫ج‪ :‬ما وقفت على هذا الكلم الذي فيه أربع ركعات‪ ،‬وأما‬
‫خبر اللص فخبر فيه ضعف‪.‬‬
‫ولكن دعاء الله والتضرع إليه من أسباب الجابة بنص‬
‫عّني َ‬
‫فإ ِّني‬ ‫عَباِدي َ‬
‫ك ِ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫ذا َ‬‫وإ ِ َ‬
‫القرآن‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،2‬وقال سبحانه‪:‬‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عا ِ‬‫ذا دَ َ‬ ‫دا ‪ِ3‬‬‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬
‫ب دَ ْ‬ ‫جي ُ‬
‫بأ ِ‬‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫َ‬
‫م{ ‪ ،‬فنص القرآن وعد الله الدائم‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫}ادْ ُ‬
‫بالستجابة‪ ،‬فعلى المؤمن أن يدعو الله ويجتهد في الدعاء‪،‬‬
‫وأن يقبل على الله بقلبه سواء كان بعد صلة أو في غير‬
‫صلة‪ ،‬متى أقبل على الله واجتهد في الدعاء وتجنب أسباب‬
‫الحرمان من أكل الحرام والمعاصي فهو حريّ بالجابة‪ ،‬لكن‬
‫قد يمنع النسان الجابة لسباب عديدة‪ ،‬إما لنه أصّر على‬
‫ص‪ ،‬أو لنه يستعمل الكسب الحرام‪ ،‬أو لنه يدعو بقلب‬ ‫معا ٍ‬
‫غافل معرض أو لسباب أخرى‪ ،‬فالدعاء له موانع كما قال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما من‬

‫من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة الية ‪.186‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة غافر الية ‪.60‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪296‬‬
‫عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ول قطيعة‬
‫رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث‪ :‬إما أن تجعل له‬
‫دعوته في الدنيا‪ ،‬وإما أن تدخل له في الخرة‪،‬‬
‫وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول الله إذا ً نكثر؟ قال‪ :‬الله أكثر((‪.1‬‬
‫فالله سبحانه قد يعجلها وقد يؤخرها؛ لحكمة بالغة وقد‬
‫يعطيه خيرا ً منها أو أكثر منها‪ ،‬قد يصرف عنه منا لشر ما هو‬
‫خير له من إعطائه دعوته‪ ،‬قد يحرم الجابة في ذنوبه‬
‫وأعماله السيئة‪ ،‬بإصراره على المعاصي بأكل الحرام‪،‬‬
‫بغفلته عن الله إلى غير ذلك‪ ،‬السباب كثيرة ول حول ول‬
‫قوة إل بالله‪.‬‬

‫‪ -148‬حديث‪)) :‬من قرأ بعض سور القرآن‬


‫عدة مرات لم يتفلت منه((‬

‫س‪ :‬يقول السائل‪ :‬سمعت من بعض الناس أن‬


‫رجل ً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال‬
‫له‪ :‬يا رسول الله إن القرآن ليتفلت مني‪ ،‬فأوصاه‬
‫عليه السلم بقراءة بعض السور القرآنية كل‬
‫سورة لعدة مرات‪ ،‬ففعل فلم يتفّلت منه القرآن‬
‫فهل هذا صحيح؟‬

‫أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج ‪ 6‬ص ‪ 22‬برقم ‪.2917‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪297‬‬
‫ما هي هذه السور إذا كان المر كذلك؛ لنني‬
‫أعاني من هذه المشكلة وهي تفلت القرآن مني‬
‫عندما أنتقل بالحفظ من سورة إلى أخرى‬
‫ً ‪1‬‬
‫وجهوني جزاكم الله خيرا؟‬

‫ج‪ :‬ليس ذلك بصحيح ول بمحفوظ عن النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم فيما نعلم‪ ،‬ولكن يستحب للمؤمن أن يجتهد في تلوة‬
‫القرآن وتكراره حتى يستقر‪ ،‬ويسأل ربه أن يعينه على ذلك‪،‬‬
‫فيقول اللهم أعني على حفظ كتابك‪ ،‬اللهم يسر لي حفظ‬
‫كتابك‪ ،‬يرجع إلى الله ويسأله العون ويجتهد في الكثار من‬
‫التلوة في الوقات المناسبة التي فيها راحته‪ ،‬في أول النهار‬
‫أو في الليل أو في غير ذلك من الوقات التي يرى أنه‬
‫مستريح فيها؛ وبذلك يعينه الله‪ ،‬والله يقول جل وعل‪:‬‬
‫جا{‪ ،2‬ويقول سبحانه‪:‬‬ ‫خَر ً‬‫م ْ‬
‫ه َ‬‫عل ل ّ ُ‬‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬‫من ي َت ّ ِ‬‫و َ‬‫} َ‬
‫َ‬
‫سًرا{ ‪ ،‬فاستعن‬‫ه يُ ْ‬
‫ر ِ‬
‫م ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫عل ل ّ ُ‬‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬‫من ي َت ّ ِ‬‫و َ‬‫} َ‬
‫‪3‬‬

‫بربك وأسأله العون والتوفيق وأبشر بالخير‪.‬‬

‫من برنامج نور على الدرب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الطلق‪ ،‬الية ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الطلق الية ‪.4‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪298‬‬
‫‪ -149‬حديث‪)) :‬السبعة الذين ل يكلمهم‬
‫الله‪ ....‬منهم ناكح يده((‬
‫س‪ :‬أنا شاب أبلغ من العمر أربعة وعشرين عاما ً‬
‫تقريبا ً أفعل العادة السرية وأنا ليس عندي قدرة‬
‫على الزواج‪ ،‬وكلما عزمت على التوبة عن هذه‬
‫الفعلة رجعت إليها مرة ثانية ونحن قد وقعنا‬
‫فريسة لهذه الفعلة الخبيثة‪ ،‬من فضلكم أوضحوا‬
‫لنا هذا المر؟ وهل هي محرمة أم ماذا‪ ،‬وهل‬
‫الحديث الذي يقول‪)) :‬سبعة ل يكلمهم الله يوم‬
‫القيامة ول يزكيهم‪ ...‬إلخ(( الحديث‪ ،‬ومنهم الناكح‬
‫ليده فهل هذا صحيح نرجو التوضيح جزاكم الله‬
‫خيرًا؟‬

‫ج‪ :‬العادة السرية منكر‪ ،‬ل تجوز‪ ،‬وأن الواجب على المسلم‬
‫تركها والتوبة إلى الله منها؛ لنها خلف قوله جل وعل‪:‬‬
‫عَلى‬‫ن * إ ِّل َ‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫ج‬‫فُرو ِ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫} َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مُلو ِ‬
‫مي َ‬ ‫غي ُْر َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فإ ِن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫وا ِ‬ ‫أْز َ‬
‫ك َ ُ‬
‫ن{‪ ،1‬ولما‬ ‫دو َ‬ ‫عا ُ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬
‫فأ ْ‬ ‫وَراء ذَل ِ َ‬ ‫غى َ‬ ‫ن اب ْت َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫ذكر أهل العلم والطباء عنها من مضار كثيرة‬

‫سورة المؤمنون اليات ‪.7-5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪299‬‬
‫يجب توقيها‪ ،‬والله حرم على المؤمن ما يضره في دينه‬
‫ودنياه‪ .‬أما الحديث الذي فيه السبعة الذين منهم ناكح يده‬
‫فهو ضعيف غير صحيح عند أهل العلم‪.‬‬

‫‪ -150‬حديث‪)) :‬اختلف أمتي رحمة((‬

‫س‪ :‬ما مدى صحة حديث‪)) :‬اختلف أمتي رحمة((؟‬

‫ج‪ :‬ليس بصحيح هذا من كلم بعض السلف من كلم القاسم‬


‫بن محمد في اختلف أصحاب لنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬ما أظنه إل رحمة‪ ،‬وليس بحديث‪.‬‬

‫‪ -151‬حديث‪)) :‬إقامة حد بأرض خير لهلها‬


‫من مطر أربعين ليلة((‬

‫حديث‪)) :‬حد يعمل في الرض‪.((...‬‬


‫روى النسائي في سننه الصغرى )‪ (8/68‬فقال‪ :‬أخبرنا سويد‬
‫ابن نصر‪ ،‬قال‪ :‬أنبأنا عبد الله عن عيسى بن يزيد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثني جرير‬

‫‪300‬‬
‫ابن يزيد أنه سمع أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث أنه‬
‫سمع أبا هريرة يقول‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬حد يعمل في الرض خير لهل الرض من‬
‫أن يمطروا ثلثين صباحا ً((‪ ،‬أخبرنا عمرو بن زرارة‪ ،‬قال‬
‫أنبأنا إسماعيل‪ ،‬قال حدثا يونس بن عبيد عن جرير بن يزيد‬
‫عن أبي زرعة قال‪ :‬قال أبو هريرة رضي الله عنه‪)) :‬إقامة‬
‫حد بأرض خير لهلها من مطر أربعين ليلة((‪ ،‬أ‪.‬هم‪.‬‬
‫وروى المام أحمد في مسنده )‪ (2/362‬فقال‪ :‬حدثنا عبد‬
‫الله حدثني أبي حدثنا زكريا بن عدي ابن المبارك عن‬
‫عيسى بن يزيد عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي‬
‫هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬حد ٌ يقام في‬
‫الرض خير للناس من أن يمطروا ثلثين أو أربعين صباحًا((‪.‬‬
‫ثم قال في )‪ :(2/402‬حدثنا عبد الله حدثني أبي‪ ،‬ثنا عتاب‪،‬‬
‫ثنا عبد الله‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا عيسى بن يزيد‪ ،‬قال‪ :‬حدثني جرير‬
‫دث أنه‬‫بن يزيد‪ ،‬أنه سمع أبا زرعة ابن عمرو بن جرير يح ّ‬
‫سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬حدٌ يعمل في الرض خير لهل‬
‫الرض من أن يمطروا ثلثين صباحا ً((‪.‬‬
‫وقال ابن ماجه‪ :(2/848) :‬حدثنا هشام بن عمار‪ ،‬حدثنا‬
‫الوليد ابن مسلم‪ ،‬ثنا سعيد بن سنان‪ ،‬عن أبي الزاهرية عن‬
‫أبي شجرة كثير‬

‫‪301‬‬
‫ابن مرة‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬أن رسول الله‬
‫د من حدود الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬إقامة ح ٍ‬
‫خير من مطر أربعين ليلة في بلد الله عز وجل((‪،‬‬
‫قال في الزوائد‪ :‬في إسناده‪ :‬سعيد بن سنان ضعفه ابن‬
‫معين وغيره‪.‬‬
‫وقال الدار قطني يضع الحديث‪ :‬حدثنا عمرو بن رافع‪ ،‬ثنا‬
‫عبد الله بن المبارك أنبأنا عيسى بن يزيد ‪ -‬أظنه عن جرير‬
‫بن يزيد ‪ -‬عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))حدٌ يعمل به في الرض خير لهل الرض من أن‬
‫يمطروا أربعين صباحا ً((‪.‬‬
‫وقال في مجمع الزوائد )‪ :(6/263‬عن ابن عباس رضي الله‬
‫م‬‫عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬يو ٌ‬
‫د‬
‫من إمام ٍ عادل خير من عبادة ستين سنة‪ ،‬وح ٌ‬
‫يقام في الرض بحقه أزكى من مطر أربعين‬
‫صباحا ً(( رواه الطبراني في الوسط‪ ،‬وقال‪ :‬ل يروى عن‬
‫ابن عباس إل بهذا السناد‪ ،‬وفيه زريق بن السخت ولم‬
‫أعرفه‪.‬‬
‫وفي إسناد أبي هريرة في جميع طرقه المذكورة جرير بن‬
‫يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وهو ضعيف‪ ،‬كما في‬
‫التقريب‪.‬‬
‫وفي إسناد حديث ابن عمر‪ :‬سعيد بن سنان وهو ضعيف‪،‬‬
‫كما‬

‫‪302‬‬
‫قال الهيثمي‪ ،‬وقال الحافظ في التقريب‪ :‬متروك‪ ،‬ورماه‬
‫الدار قطني وغيره بالوضع‪ ..‬أ‪.‬هم‪.‬‬

‫‪ -152‬حديث‪)) :‬من غسل ميتا ً فليغتسل‪ ،‬ومن‬


‫حمله فليتوضأ((‬

‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬ص من الرياض يقول‪ :‬ما صحة‬


‫حديث‪)) :‬من غسل ميتا ً فليغتسل‪ ،‬ومن حلمه‬
‫فليتوضأ‪ ((..‬وهل المر على الوجوب أم على‬
‫‪1‬‬
‫الستحباب‪ ،‬ولماذا؟‬

‫ج‪ :‬الحديث المذكور ضعيف‪ ،‬وقد ثبت عن النبي صلى الله‬


‫عليه وسلم في أحاديث أخرى ما يدل على استحباب الغسل‬
‫من تغسيل الميت‪.‬‬
‫أما حمله فلم يصح في الوضوء منه شيء‪ ،‬ول يستحب‬
‫الوضوء من حمله؛ لعدم الدليل على ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬نشر في مجلة الدعوة في العدد ‪ 1557‬بتاريخ ‪22/4/1417‬هم‪ ،‬وفي هذا‬


‫المجموع ج ‪ 10‬ص ‪.180‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ -153‬إيراد الحديث الضعيف في المواعظ‬
‫والرقائق‬

‫س‪ :‬ما رأي فضيلة الشيخ في إيراد الحديث‬


‫الضعيف في المواعظ والرقائق؟‬

‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك‪ ،‬فقد ذكر العلماء أنه ل بأس بذكر‬
‫الحديث الضعيف في المواعظ والكتب‪ ،‬على سبيل‬
‫الستشهاد والتذكير‪ ،‬ل على سبيل العتماد‪ ،‬لكن مع صيغة‬
‫التمريض‪ ،‬فل يجزم النبي صلى الله عليه وسلم إل‬
‫بالحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫وإذا كان الحديث ضعيفا ً يقول‪ :‬يروى عن النبي صلى الله‬
‫ذكر عن‬‫عليه وسلم‪ ،‬أو يذكر أو روي عن الرسول‪ ،‬أو ُ‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لنه قد يستفاد من الضعيف‬
‫في الترغيب والترهيب‪ ،‬هكذا ذكر جمهور أهل العلم هذا‬
‫المعنى‪ ،‬وذكر هذا الحافظ العراقي رحمه الله في كتابه‬
‫المعروف باللفية حيث قال‪:‬‬
‫من غير تبيين لضعف‬ ‫وسهلوا في غير موضوع رووا‬
‫ورأوا‬
‫عنا بن مهمدي وغير واحد‬ ‫بيانه في الحكمم والعقائد‬
‫يشك فيه ل بإسناد هممما‬ ‫وإن ترد نقل ً لواه أو لممما‬
‫بنقل ما صح كقال‬ ‫فأت بتمريض كيروى واجزم‬
‫فاعلمم‬

‫‪304‬‬
‫ومعنى سهلوا يعني تسامحوا في رواية الضعيف‪ ،‬من غير‬
‫بيان ضعفه‪ ،‬إذا كان فيه وعظ وترغيب وترهيب‪.‬‬
‫أما ما يوافق الحاديث الصحيحة في الحكام كالحلل‬
‫والحرام والواجب والسنة‪ ،‬فهذا ل يحتج فيه إل بالصحيح‪.‬‬

‫‪ -154‬أخلق طلب العلم مع علمائهم‬

‫س‪ :‬صدر من بعض طلبة العلم كتيب ينقد فيه‬


‫الحافظ ابن حجر في الفتح‪ ،‬فما رأيكم في هذا‪،‬‬
‫وهل عند سماحتكم وقت لكمال تحقيق هذا‬
‫الكتاب العظيم‪ ..‬جزاكم الله خيرًا؟‬

‫ج‪ :‬ما أعرف هذا الكتاب ولم أقف عليه‪ ،‬فيما أعتقد‪،‬‬
‫والحافظ ابن حجر رحمه الله وغيره من أهل العلم ليس‬
‫معصوما ً عن الخطأ‪ ،‬ولم يعصم أي واحد منهم‪ .‬ولقد كتبت‬
‫على الفتح بعض الشيء من أوله إلى كتاب الحج‪ ،‬ولحظت‬
‫عليه بعض الشيء من أوله إلى كتاب الحج‪ ،‬ولحظت عليه‬
‫بعض الملحظات رحمه الله‪.‬‬
‫فالمقصود أنه ليس معصومًا‪ ،‬ولم يعصم من هو أكبر منه‪،‬‬
‫فإذا ظهر الحق‪ ،‬فالحق هو ضالة المؤمن‪ ،‬فإذا قام الدليل‬
‫على مسألة من المسائل‪ ،‬وجب الخذ بما قام عليه الدليل‬
‫من كتاب‬

‫‪305‬‬
‫الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإن خالف إماما ً‬
‫كبيرًا‪ ،‬أكبر من الحافظ ابن حجر‪ ،‬بل وإن خالف بعض‬
‫ه‬
‫دو ُ‬ ‫فُر ّ‬ ‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫فِإن ت ََناَز ْ‬‫الصحابة‪ ،‬فالله يقول‪َ } :‬‬
‫ل{‪ ،1‬ولم يقل سبحانه ردوه إلى فلن‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫م‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬‫ه َ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫فُر ّ‬‫أو فلن‪ ،‬بل قال‪َ } :‬‬
‫خير َ‬
‫ن‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬‫ك َ ْ ٌ َ‬ ‫ر ذَل ِ َ‬
‫خ ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫خت َل َ ْ‬ ‫وي ً‬ ‫ْ‬
‫ش ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬‫م ِ‬‫فت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬‫ل{‪ ،‬وقال سبحانه‪َ } :‬‬ ‫ت َأ ِ‬
‫ه{‪.2‬‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬‫حك ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫لكن ل بد من التثبت واحترام أهل العلم‪ ،‬والتأدب معهم‪،‬‬
‫فإذا وجد المرء قول ً ضعيفا ً عن أحد الئمة أو العلماء أو‬
‫المحدثين المعتبرين‪ ،‬فإن ذلك ل ينقص من قدرهم‪ ،‬وعليه‬
‫أن يحترم أهل العلم‪ ،‬والتأدب معهم‪ ،‬ويتكلم بالكلم الطيب‪،‬‬
‫ول يسبهم ول يحتقرهم‪ ،‬ولكن يبّين الحق بالدليل مع دعائه‬
‫للعالم‪ ،‬والترحم عليه‪ ،‬وسؤال الله أن يعفو عنه‪.‬‬
‫هكذا يجب أن تكون أخلق أهل العلم مع أهل العلم‪ ،‬يقدرون‬
‫أهل العلم لمكانتهم‪ ،‬ويعرفون لهم قدرهم ومحلهم وفضلهم‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬الية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الشورى الية ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪306‬‬
‫ولكن ل يمنعهم هذا من أن ينبهوا على الخطأ إذا وجدوا خطأ ً‬
‫ظاهرًا‪ ،‬سواء كان من العلماء المتقدمين أو المتأخرين‪ ،‬ولم‬
‫يزل أهل العلم يرد بعضهم على بعض إلى يومنا هذا‪ ،‬وإلى‬
‫يوم القيامة‪ ،‬يقول المام مالك رحمه الله‪) :‬ما منا إل راد ّ‬
‫ومردود عليه‪ ،‬إل صاحب هذا القبر(‪ ،‬يعني رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وقال المام الشافعي رحمه الله‪) :‬أجمع الناس على أن من‬
‫استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لم يكن‬
‫له أن يدعها لقول أحد من الناس(‪.‬‬
‫وقال المام أحمد رحمه الله‪) :‬عجبت لقوم عرفوا السناد‬
‫وصحته ‪ -‬يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يذهبون‬
‫إلى رأي سفيان‪ ،‬يعني الثوري(‪ ،‬وسفيان رحمه الله‪ :‬إمام‬
‫عظيم‪ ،‬ومع هذا أنكر أحمد على من يترك الحديث‪ ،‬ويذهب‬
‫إلى رأيه‪ ،‬ثم قرأ المام أحمد رحمه الله قوله تعالى‪:‬‬
‫عن أ َمر َ‬
‫ة‬
‫فت ْن َ ٌ‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬
‫ه أن ت ُ ِ‬
‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬‫فو َ‬‫خال ِ ُ‬‫ن يُ َ‬
‫ذي َ‬‫ر ال ّ ِ‬‫ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫حذ َ‬ ‫} َ‬
‫م{‪.1‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫وقال المام أبو حنيفة رحمه الله‪) :‬إذا جاء الحديث عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس‪ ،‬وإذا‬
‫جاء عن الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬فعلى العين والرأس‪ ،‬وإذا‬
‫جاء عن‬

‫سورة النور‪ ،‬الية ‪.63‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪307‬‬
‫التابعين فنحن رجال وهم رجال(‪ .‬وكلم أهل العلم في هذا‬
‫‪1‬‬
‫الباب كثير‪ ،‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫س‪ :‬هل نأخذ بالحاديث الضعيفة والحاديث‬


‫الموضوعة في العبادة؟‬
‫ج‪ :‬أما الحاديث الموضوعة فل يجوز ذكرها ول الستدلل بها‬
‫إل على سبيل التنبه على كذبها والتحذير منها‪.‬‬
‫أما الحاديث الضعيفة فل بأس بذكرها في الترغيب‬
‫والترهيب‪ ،‬ولكن ل يحتج بها‪ ،‬والستغناء عنها بالحاديث‬
‫الصحيحة أولى وأفضل‪.‬‬

‫‪ -155‬أنواع الحديث الضعيف‬

‫س‪ :‬كم أنواع الحديث الضعيف؟‬


‫ج‪ :‬الضعيف من الحديث له أنواع؛ قسمها الحافظ ابن حبان‬
‫إلى أنواع كثيرة‪ ،‬وذكر أنها تسعة وأربعون نوعًا‪ ،‬ولكن في‬

‫‪ 1‬هذان السؤالن ضمن أسئلة محاضرة سماحة الشيخ بمسجد الراجحي‬


‫بالرياض في شهر ذي القعدة من عام ‪1411‬هم‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫الحقيقة تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫ضعيف يعتبر به حسن عند الترمذي وجماعة‪ .‬وضعيف ل‬
‫يعتبر به ول تقوم به الحجة لشدة ضعفه وذلك بأن يكون فيه‬
‫متهم بالكذب‪ ،‬أو من هو فاحش الغلط‪ ،‬أو لن فيه انقطاعا ً‬
‫أو إرسال ً ول متابع له ول شاهد أو ما أشبه ذلك‪.‬‬
‫والحسن في اصطلح أبي عيسى الترمذي رحمه الله هو‪ :‬ما‬
‫خف الضبط في رواته وجاء من طريقين فأكثر وليس فيه‬
‫من هو متهم بالكذب وليس شاذا ً ول منقطعا ً ول معلول ً بعلة‬
‫قادحة‪ ،‬فهذا يحتج به كالصحيح عند أهل العلم‪.‬‬
‫وكان الولون يقسمون الحديث إلى قسمين‪ :‬صحيح وضعيف‬
‫ويدخل الحسن في الصحيح‪ ،‬ثم رأى الترمذي وجماعة بعد‬
‫ذلك تقسيمه إلى القسام الثلثة‪ :‬صحيح‪ ،‬وضعيف‪ ،‬وحسن‪،‬‬
‫فصار الحسن عندهم ما خف الضبط في رواته إذا استقامت‬
‫الحوال الخرى من عدالة واتصال وعدم شذوذ وعلة‪ ،‬فهذا‬
‫يحتج به وهو خير من الراء والقياس‪ ،‬كما قاله المام أحمد‬
‫رضي الله عنه‪.‬‬
‫والحديث الضعيف المتماسك يصلح للحتجاج وهو خير من‬
‫الراء البشرية؛ لنه متصل السند غير معلل ول شاذ إل أن‬
‫رواته أو بعضهم ليس بكامل الحفظ‪ ،‬بل عندهم في الحفظ‬
‫نقص وليسوا بفاحشي الغلط لكن لهم أوهام وأخطاء‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫‪ -156‬حديث‪)) :‬من جلس بعد صلة الصبح‬
‫يذكر الله حتى تطلع الشمس‪((...‬‬

‫س‪ :‬حديث‪)) :‬من جلس بعد صلة الصبح يذكر الله‬


‫حتى تطلع الشمس ثم صّلى ركعتين كان له كأجر‬
‫حجة وعمرة تامة تامة((؟‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث له طرق ل بأس بها‪ ،‬فيعتبر بذلك من باب‬
‫الحسن لغيره‪ ،‬وتستحب هذه الصلة بعد طلوع الشمس‬
‫وارتفاعها قيد رمح‪ ،‬أي بعد ثلث أو ربع ساعة تقريبا ً من‬
‫طلوعها‪.‬‬

‫‪ -157‬حديث‪)) :‬من زارني بالمدينة محتسبا ً‬


‫كنت له شفيعًا‪((...‬‬

‫س‪ :‬سائل يسأل عن صحة حديث‪)) :‬من زارني‬


‫بالمدينة محتسبا ً كنت له شفيعا ً شهيدا ً يوم‬
‫القيامة((؟‬

‫‪310‬‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا عن طريق أنس بن‬
‫مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ‪ ،‬وفي‬
‫إسناده سليمان بن زيد الكعبي وهو ضعيف الحديث‪ ،‬ورواه‬
‫أبو داود الطيالسي عن طريق عمر وفي إسناده مجهول‪،‬‬
‫هذا وقد وردت أحاديث صحيحة في الحث على زيارة القبور‬
‫عامة؛ للعبرة و التعاظ والدعاء للميت‪ ،‬أما الحاديث الواردة‬
‫في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬خاصة فكلها‬
‫ضعيفة‪ ،‬بل قيل إنها موضوعة‪ ،‬فمن رغب في زيارة القبور‬
‫أو في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم زيارة‬
‫شرعية للعبرة والتعاظ والدعاء للموات‪ ،‬والصلة على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والترضي عن صاحبيه دون أن‬
‫يشد الرحال أو ينشئ سفرا ً لذلك فزيارته مشروعة ويرجى‬
‫له فيها الجر‪ ،‬ومن شد لها الرحال أو أنشأ لها سفرا ً أو زار‬
‫يرجو البركة والنتفاع به أو جعل لزيارته مواعيد خاصة‪،‬‬
‫فزيارته مبتدعة لم يصح فيها نص ولم ُتعرف عن سلف هذه‬
‫المة‪ ،‬بل وردت النصوص بالنهي لحديث‪)) :‬ل تشد‬
‫الرحال إل إلى ثلثة مساجد‪ ،‬المسجد الحرام‪،‬‬
‫ومسجدي هذا‪ ،‬والمسجد‬

‫‪311‬‬
‫القصى((‪ 1‬رواه البخاري ومسلم‪ ،‬وحديث‪)) :‬ل تتخذوا‬
‫قبري عيدا ً ول بيوتكم قبورا ً وصلوا علي فإن‬
‫تسليمكم يبلغني أين كنتم((‪ 2‬رواه محمد بن عبد‬
‫الواحد المقدسي في )المختارة(‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب الجمعة‪ ،‬باب فضل الصلة في مسجد مكة‬


‫والمدينة برقم ‪ ،1189‬ومسلم في كتاب الحج باب ل تشد الرحال إل إلى‬
‫ثلثة مساجد برقم ‪.1397‬‬
‫‪ 2‬رواه المقدسي في الحاديث المختارة ج ‪ 2‬ص ‪ 49‬برقم ‪.428‬‬

‫‪312‬‬
‫كتاب الحاديث‬
‫الموضوعة‬

‫‪313‬‬
314
‫‪ -158‬التحذير من الكذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬والتنبيه على بعض الحاديث‬
‫الموضوعة‬

‫فقد ثبت في الصحيحين عن علي رضي الله عنه عن النبي‬


‫ي فإنه من‬ ‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل تكبوا عل ّ‬
‫ي يلج النار((‪ ،1‬وفيهما أيضا ً عن أبي هريرة‬‫يكذب عل ّ‬
‫رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار((‬ ‫))من كذب عل ّ‬
‫وفيهما أيضا ً عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعًا‪:‬‬
‫ي ليس ككذب على أحد‪ ،‬فمن كذب‬ ‫))إن كذبا ً عل ّ‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار((‪ ،3‬وفي صحيح‬ ‫عل ّ‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم برقم ‪ ،106‬ومسلم في المقدمة‪ ،‬باب تغليظ الكذب على رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم برقم ‪.1‬‬
‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم برقم ‪ ،107‬ومسلم في المقدمة باب تغليظ الكذب على رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم برقم ‪.3‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب الجنائز‪ ،‬باب ما يكره من النياحة على الميت برقم‬
‫‪ ،1291‬ومسلم في المقدمة‪ ،‬باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم برقم ‪.4‬‬

‫‪315‬‬
‫مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪)) :‬من حدث عني بحديث وهو‬
‫يرى أنه كذب هو أحد الكاذبين((‪ ،1‬وقد ضبط قوله‪:‬‬
‫))يرى(( بالضم والفتح فعلى الضم يكون معناه‪ :‬يظن‪ ،‬وعلى‬
‫الفتح يكون معناه يعلم‪ .‬كما نبه عليه النووي رحمه الله‬
‫تعالى في شرح مسلم‪.‬‬
‫وهذه الحاديث تدل على تحريم الكذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وتحريم رواية ما يعلم أو يظن أنه كذب على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم إل مع التنبيه عليه‪ .‬وقد جاء في‬
‫هذا المعنى أحاديث كثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وإن الكذب عليه من الكبائر العظيمة‪ .‬وقد ذهب بعض‬
‫أهل العلم إلى كفر من تعمد الكذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ولكن الكثر من أهل العلم على خلف ذلك إل‬
‫أن يستحله‪ ،‬فإن استحله كفر بالجماع‪ .‬وعلى كل تقدير‬
‫فالكذب عليه صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر؛ لعظم‬
‫ما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة وما صاحبه عن الكفر‬
‫ببعيد‪ ،‬أسأل الله العافية والسلمة‪.‬‬

‫أخرجه مسلم في المقدمة‪ ،‬باب وجوب الرواية عن الثقات برقم ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪316‬‬
‫وقد صرح أهل العلم رحمهم الله تعالى بأنه ل تجوز رواية‬
‫الحديث الموضوع إل مقرونا ً ببيان حاله‪ ،‬فإن كان ضعيفا ً‬
‫وليس بموضوع لم يجز الجزم بأن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قاله‪ ،‬ولكن يروى بصيغة التمريض كيروى عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو يذكر ونحو ذلك‪.‬‬
‫وإنما قال ذلك أهل العلم حذرا ً من الكذب على النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ورواية ما يخشى أنه كذب‪.‬‬
‫ي بعض طلبة العلم نبذة مشتملة‬ ‫وفي هذه اليام عرض عل ّ‬
‫على حديث مطول في السراء والمعراج في أربعين صحيفة‬
‫قد نسبها جامعها إلى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولما قرأتها وتدبرت ما فيها تحققت‬
‫أنها مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعلى ابن‬
‫عباس‪ ،‬وليس فيها من الحاديث الصحيحة المرفوعة إلى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إل الشيء اليسير أراد واضعها‬
‫شبه بذلك على ضعفاء البصيرة‬ ‫أن يرّوج بذلك باطله وأن ي ّ‬
‫كالعامة والمنتسبين إلى العلم بدون تحقيق وعناية‪.‬‬
‫وأحاديث السراء والمعراج محفوظة بحمد الله تعالى ليس‬
‫فيها ما يدل على صحة ما افتراه هذا الواضع في هذه النبذة‪،‬‬
‫وكل من تدبرها‬

‫‪317‬‬
‫من أهل البصيرة والعلم بأسلوب كلم النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وأحاديثه الصحيحة الثابتة في قصة المعراج والسراء‬
‫يعلم قطعا ً أنها موضوعة ليس فيها كلم رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم المعروف إل الشيء اليسير‪.‬‬
‫والنبذة المذكورة قد طبعت على نفقة المكتبة العربية ببغداد‬
‫لصاحبها سلمان نعمان العظمي وإنني لسف كثيرا ً لصاحب‬
‫هذه المكتبة كيف استساغ طبع هذه النبذة وتغرير‬
‫المسلمين بها ولم ينبه على بطلن ما فيها؛ طاعة لله‬
‫سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ونصحا ً للمسلمين‪،‬‬
‫وإنها لمصيبة عظيمة ونكبة كبيرة للمسلمين من هذا وأمثاله‬
‫ممن ينتسب إلى العلم‪ ،‬ونشره بدون تمحص وعناية‪ ،‬وتمييز‬
‫بين الغث والسمين والصحيح والسقيم‪ ،‬وما يصلح نشره وما‬
‫دي لنشر العلم من أهل‬ ‫ل يصلح نشره‪ .‬والواجب على المتص ّ‬
‫المكاتب وغيرهم التحري والتثبت والحذر من نشر ما يضر‬
‫المسلمين من حيث يظن أنه ينفعهم‪.‬‬
‫وقد عمت البلوى بنشر الكتب والصحف المشتملة على‬
‫الخرافات والحاديث الموضوعة والمقالت الضارة والصور‬
‫الفاتنة‪ .‬فالواجب على أهل العلم التحذير من ذلك وإنكاره‬
‫والتنبيه‬

‫‪318‬‬
‫على ما يعثرون عليه من ذلك؛ ليكون المسلمون على‬
‫بصيرة‪ ،‬وليسلموا من دسائس أهل الغراض السيئة‬
‫المشغوفين بنشر كل ما يشوه سمعة السلم ويصد عن‬
‫الحق ويقتل الفضيلة ويحيي الرذيلة‪ ،‬كبتهم الله وأعاذ‬
‫المسلمين من شرهم إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫ثم إني بعد الطلع على هذه النبذة‪ ،‬رأيت الحافظ الذهبي‬
‫رحمه الله في كتابه‪) :‬الميزان( ص ‪ 230‬من المجلد الرابع‬
‫في ترجمة ميسرة بن عبد ربه الفارسي التّراس على أنه‬
‫الواضع لهذا الحديث‪ :‬وهذا نص كلمه‪) :‬ميسرة بن عبد ربه‬
‫كال‪ ،‬قال ابن أبي حاتم‪:‬‬ ‫الفارسي ثم البصري التّراس ال ّ‬
‫ميسرة بن عبد ربه هو التّراس روى عن ليث بن أبي سليم‬
‫وابن جريج وجماعة‪ ،‬قال محمد بن عيسى الطباع‪ :‬قلت‬
‫لميسرة بن عبد ربه‪ :‬من أين جئت بهذه الحاديث؟ من قرأ‬
‫غب الناس‪ ،‬قال ابن حبان‪:‬‬ ‫كذا كان له كذا‪ ،‬قال‪ :‬وضعته أ َُر ّ‬
‫كان ممن يروي الموضوعات عن الثبات ويضع الحديث‪ ،‬وهو‬
‫صاحب حديث فضائل القرآن الطويل‪ ،‬وقال أبو داود‪ :‬أقر‬
‫بوضع الحديث‪ .‬وقال الدار قطني‪ :‬متروك‪ .‬وقال أبو حاتم‪:‬‬
‫كان يفتعل الحديث‪ ،‬روى‬

‫‪319‬‬
‫في فضل قزوين والثغور‪ .‬وقال أبو زرعة‪ :‬وضع في فضل‬
‫قزوين أربعين حديثا ً وكان يقول‪ :‬إني أحتسب في ذلك‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬ميسرة بن عد ربه يرمى بالكذب‪ ،‬وقال داود‬
‫بن المحّبر‪ :‬ثنا ميسرة بن عبد ربه عن موسى بن عبيدة عن‬
‫الزهري عن أنس مرفوعًا‪)) :‬من كانت له سجية من‬
‫عقل وغريزة يقين لم تضره ذنوبه(( قيل‪ :‬وكيف ذاك‬
‫يا رسول الله؟ قال‪)) :‬لنه كلما أخطأ لم يلبث أن‬
‫يتوب((‪ ،‬وقال ابن حبان‪ :‬روى ميسرة بن عبد ربه عن عمر‬
‫بن سليمان الدمشقي عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعًا‪:‬‬
‫))لما أسري بي إلى السماء الدنيا رأيت فيها ديكا ً‬
‫له زغب أخضر وريش أبيض ورجله في التخوم‬
‫ورأسه عند العرش((‪ ،‬وذكر حديثا ً في المعراج نحو‬
‫عشرين ورقة‪ .‬رواه حميد بن زنجويه‪ ،‬عن محمد بن أبي‬
‫خداش الموصلي‪ ،‬عن علي بن قتيبة عن ميسرة بن عبد ربه‬
‫فذكره‪ (...‬أ‪.‬هم‪ .‬المقصود منه‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة‬
‫ميسرة نقل ً عن ابن حبان رحمه الله دليل ظاهر على أن‬
‫ميسرة المذكور هو الواضع لهذا الحديث المطول‪ ،‬عامله‬
‫الله بما يستحق؛ وبهذا يعلم القراء أن هذه النبذة يتعين‬
‫إتلفها‬

‫‪320‬‬
‫وإراحة المسلمين منها؛ لن وجودها منكر ظاهر تجب إزالته؛‬
‫ولوجوب البيان والنصح للمسلمين‪ ،‬حررنا هذه الكلمة في‬
‫‪21/12/1370‬هم‪.‬‬

‫أمله الفقير إلى عفو ربه‬


‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫قاضي الخرج‬

‫‪ -159‬الكلم على حديث خالد بن الوليد في‬


‫سؤاله للنبي عليه الصلة والسلم عن بضع‬
‫وعشرين مسألة‬

‫س‪ :‬ما رأيكم في الحديث المنسوب عن خالد بن‬


‫الوليد‪ ،‬ويشتمل على بضع وعشرين سؤال ً ويوزع‬
‫على الناس لترقيق القلوب وهذا نصه‪:‬‬
‫عن خالد بن الوليد قال‪ :‬جاء أعرابي إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال يا رسول الله‪:‬‬
‫جئت أسألك عما يغنيني في الدنيا والخرة‪ ،‬فقال‬
‫له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل عما بدا‬
‫لك‪ ،‬قال‪)) :‬أريد أن أكون أعلم الناس؟ فقال صلى‬
‫الله عليه‬

‫‪321‬‬
‫وسلم‪ :‬اتق الله تكن أعلم الناس‪ .‬قال‪ :‬أريد أن‬
‫أكون أغنى الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬كن‬
‫قانعا ً تكن أغنى الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون أخص‬
‫الناس إلى الله؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬أكثر‬
‫ذكر الله تكن أخص الناس إلى الله‪ .‬قال‪ :‬أحب أن‬
‫يكمل إيماني؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬حسن‬
‫خلقك يكمل إيمانك‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون من‬
‫المحسنين؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬اعبد الله‬
‫كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‪ .‬قال‪ :‬أحب‬
‫أن أكون من المطيعين؟ قال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬أدّ فرائض الله تكن من المطيعين‪ .‬قال‪:‬‬
‫أحب أن ألقى الله نقيا ً من الذنوب؟ قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬اغتسل من الجنابة متطهرا ً تلقى الله‬
‫نقيا ً من الذنوب‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أحشر يوم القيامة‬
‫في النور؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل تظلم‬
‫نفسك ول تظلم الناس تحشر يوم القيامة في‬
‫النور‪ .‬قال‪ :‬حب أن يرحمني ربي يوم القيامة‪ ،‬قال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬ارحم نفسك وارحم خلق‬
‫الله‪ ،‬يرحمك ربك يوم القيامة‪ .‬قال‪ :‬أحب أن تقل‬
‫ذنوبي؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬أكثر من‬
‫الستغفار تقل ذنوبك‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون أكرم‬
‫الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل تشك‬

‫‪322‬‬
‫في أمرك شيئا ً تكن من أكرم الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب‬
‫أن أكون أقوى الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫توكل على الله تكن أقوى الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب أن‬
‫ي في الرزق؟ قال صلى الله عليه‬ ‫يوسع الله عل ّ‬
‫وسلم‪ :‬أدم على الطهارة يوسع الله عليك في‬
‫الرزق‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون من أحباب الله‬
‫ورسوله؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬أحبب أمة‬
‫الله ورسوله تكن من أحبابهما‪ .‬قال‪ :‬أحب أن‬
‫أكون آمنا ً من سخط الله يوم القيامة؟ قال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬ل تغضب على أحد من خلق الله‬
‫تكن آمنا ً من سخط الله يوم القيامة‪ .‬قال أحب أن‬
‫تستجاب دعوتي؟ قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫اجتنب أكل الحرام تستجب دعوتك‪ .‬قال‪ :‬أحب أن‬
‫ل يفضحني ربي يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬احفظ فرجك من الزنا كيل يفضحك ربك‬
‫بين الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب أن يسترني ربي يوم‬
‫القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬استر عيوب‬
‫إخوانك يسترك الله يوم القيامة‪ .‬قال‪ :‬ما الذي‬
‫ينجيني من الذنوب أو قال من الخطايا؟ قال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬الدموع والخضوع والمراض‪.‬‬
‫قال‪ :‬أي حسنة أعظم عند الله تعالى؟ قال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬حسن الخلق والتواضع‬

‫‪323‬‬
‫والصبر على البلء‪ .‬قال‪ :‬أي سيئة أعظم عند الله‬
‫تعالى؟ قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬سوء الخلق‬
‫والشح المطاع‪ .‬قال‪ :‬ما الذي يسكن غضب الرب‬
‫في الدنيا والخرة؟ قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫الصدقة الخفية وصلة الرحم‪ .‬قال‪ :‬ما الذي يطفئ‬
‫نار جهنم يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫الصبر في الدنيا على البلء والمصائب((‪.‬‬
‫قال المام المستغفري‪ :‬ما رأيت حديثا ً أجمع‬
‫وأشمل لمحاسن الدين أنفع من هذا الحديث جمع‬
‫فأوعى‪ ،‬رواه المام أحمد بن حنبل‪.1‬‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث جاء في )كنز العمال( باختلف عما جاء هنا‬
‫ونصه‪ :‬كما جاء في الجزء ‪ 16‬من كتاب )كنز العمال( تحت‬
‫الرقم ‪ 44154‬قال الشيخ جلل الدين السيوطي رحمه الله‬
‫تعالى‪ :‬وجدت بخط الشيخ شمس الدين بن القماح في‬
‫مجموع له عن أبي العباس المستغفري قال‪ :‬قصدت مصر‬
‫أريد طلب العلم من المام أبي حامد المصري والتمست‬
‫منه حديث خالد بن الوليد فأمرني بصوم سنة ثم عاودته في‬
‫ذلك فأخبرني بإسناده عن مشايخه إلى خالد بن الوليد قال‪:‬‬
‫))جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه‬

‫أجاب عليه سماحته بتاريخ ‪4/1413‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪324‬‬
‫وسلم فقال‪ :‬إني سائلك عما في الدنيا والخرة فقال له‪:‬‬
‫سل عما بدا لك‪ ،‬قال‪ :‬يا نبي الله أحب أن أكون أعلم الناس‬
‫قال‪ :‬اتق الله تكن أعلم الناس‪ .‬فقال‪ :‬أحب أن أكون أغنى‬
‫الناس قال‪ :‬كن قنعا ً تكن أغنى الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون‬
‫خير الناس فقال‪ :‬خير الناس من ينفع الناس فكن نافعا ً‬
‫لهم‪ .‬فقال‪ :‬أحب أن أكون أعدل الناس قال‪ :‬أحب للناس ما‬
‫تحب لنفسك تكن أعدل الناس‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون أخص‬
‫الناس إلى الله تعالى قال‪ :‬أكثر ذكر الله تكن أخص العباد‬
‫إلى الله تعالى‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون من المحسنين قال‪:‬‬
‫اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‪ .‬قال‪ :‬أحب‬
‫أن يكمل إيماني قال‪ :‬حسن خلقك يكمل إيمانك‪ .‬فقال‪:‬‬
‫أحب أن أكون من المطيعين‪ ،‬قال‪ :‬أد فرائض الله تكن‬
‫مطيعًا‪ .‬فقال‪ :‬أحب أن ألقى الله نقيا ً من الذنوب‪ ،‬قال‬
‫اغتسل من الجنابة متطهرا ً تلقى الله يوم القيامة وما عليك‬
‫ذنب‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أحشر يوم القيامة في النور قال‪ :‬ل‬
‫تظلم أحدا ً تحشر يوم القيامة في النور‪ .‬قال‪ :‬أحب أن‬
‫يرحمني ربي قال‪ :‬ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمك‬
‫الله‪ .‬قال‪ :‬أحب أن تقل ذنوبي قال‪ :‬استغفر الله تقل‬
‫ذنوبك‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون أكرم الناس قال‪ :‬ل تشكون الله‬
‫سع علي في‬ ‫إلى الخلق تكن أكرم الناس‪ .‬فقال‪ :‬أحب أن يو ّ‬
‫الرزق‪ ،‬قال‪ :‬دم على الطهارة يوسع عليك في الرزق‪ .‬قال‪:‬‬
‫أحب أن أكون من‬

‫‪325‬‬
‫أحباء الله ورسوله‪ ،‬قال‪ :‬أحب ما أحب الله ورسوله وأبغض‬
‫ما أبغض الله ورسوله‪ .‬قال‪ :‬أحب أن أكون آمنا ً من سخط‬
‫الله‪ ،‬قال‪ :‬ل تغضب على أحد تأمن من غضب الله وسخطه‪.‬‬
‫قال‪ :‬أحب أن تستجاب دعوتي‪ ،‬قال‪ :‬اجتنب الحرام تستجب‬
‫دعوتك‪ .‬قال‪ :‬أحب ل يفضحني الله على رؤوس الشهاد‪،‬‬
‫قال‪ :‬احفظ فرجك كيل تفتضح على رؤوس الشهاد‪ .‬قال‪:‬‬
‫أحب أن يستر الله على عيوبي قال‪ :‬استر عيوب إخوانك‬
‫يستر الله عليك عيوبك‪ .‬قال‪ :‬ما الذي يسكن غضب‬
‫الرحمن؟ قال‪ :‬إخفاء الصدقة وصلة الرحم‪ .‬قال‪ :‬ما الذي‬
‫يطفئ نار جهنم؟ قال‪ :‬الصوم((‪ .‬كتاب كنز العمال ص ‪-127‬‬
‫‪.129‬‬
‫والحديث المذكور موضوع ورواته مجاهيل وكأن واضعه جمع‬
‫متنه من الحاديث الصحيحة ومن بعض كلم أهل العلم‬
‫وبعض ألفاظه منكرة ل توافق الدلة الشرعية‪.‬‬
‫ول ريب أن العمدة فيما ذكره في هذا الحديث هو ما دلت‬
‫عليه الحاديث الصحيحة‪ ،‬أما هذا المتن فل يعتمد عليه ول‬
‫يحتج به؛ لنه ليس له إسناد صحيح‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫‪ -160‬ما صحة حديث‪)) :‬لول محمد ما‬
‫خلقتك((‬

‫س‪ :‬ما رأي سماحتكم في حديث‪)) :‬لول محمد ما‬


‫خلقتك((‪ ،‬وهو في البداية والنهاية لبن كثير ج ‪2‬‬
‫ص ‪ .348‬رواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬لما اقترف آدم‬
‫الخطيئة قال‪ :‬يا رب أسألك بحق محمد إل غفرت‬
‫لي‪ ،‬فقال الله‪ :‬يا آدم كيف عرفت محمدا ً ولم‬
‫أخلقه بعد؟ فقال‪ :‬يا رب لنك لما خلقتني بيدك‬
‫ي روحك رفعت رأسي فرأيت على‬ ‫ونفخت ف ّ‬
‫قوائم العرش مكتوبا ً ل إله إل الله محمدا ً رسول‬
‫الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إل أحب‬
‫الخلق إليك‪ ،‬فقال الله‪ :‬صدقت يا آدم إنه لحب‬
‫الخلق إلي‪ ،‬وإذ قد سألتني بحقه فقد غفرت لك‪،‬‬
‫ولول محمد ما خلقتك((‪ ،‬قال البيهقي‪ :‬تفرد به‬
‫عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف الحال‬
‫‪1‬‬
‫والله أعلم؟‪.‬‬

‫أجاب عليه سماحته بتاريخ ‪14/5/1414‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪327‬‬
‫ج‪ :‬قلت‪ :‬هذا الحديث موضوع كما أوضح ذلك شيخ السلم‬
‫ابن تيمية رحمه الله؛ لن الله سبحانه إنما خلق الجن‬
‫والنس ليعبد وحده ل شريك له‪ ،‬ومن جملة النس آدم عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -161‬نشرة تتضمن أحاديث مكذوبة‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد‬


‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:1‬‬
‫فقد اطلعت على نشرة مصدرة بما نصه‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬يا علي ل تنم إل أن تأتي بخمسة‬
‫أشياء وهي قراءة القرآن كله‪ ،‬والتصدق بأربعة آلف درهم‪،‬‬
‫وزيارة الكعبة‪ ،‬وحفظ مكانك في الجنة‪ ،‬وإرضاء الخصوم‪،‬‬
‫قال علي‪ :‬وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬أما تعلم أنك‪ :‬إذا قرأت قل هو الله أحد‬
‫ثلث مرات فقد قرأت القرآن كله‪ ،‬وإذا قرأت الفاتحة أربع‬
‫مرات فقد تصدقت بأربعة‬

‫أجاب عنها سماحته بتاريخ ‪25/1/1414‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪328‬‬
‫آلف درهم‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير‬
‫عشر مرات فقد ُزرت الكعبة‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬ل حول ول قوة إل‬
‫بالله العي العظيم عشر مرات فقد حفظت مكانك في‬
‫الجنة‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬أستغفر الله العظيم الذي ل إله إل هو‬
‫الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت‬
‫الخصوم((‪ ،‬ولكون ما تضمنته هذه النشرة لم يرد في كتاب‬
‫من كتب الحديث المعتمدة‪ ،‬بل هو من الحاديث الموضوعة‬
‫المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم وقد نص بعض‬
‫أهل العلم رحمهم الله تعالى على أن الوصايا المنسوبة إلى‬
‫در‬
‫ل ما ص ّ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بها عليًا‪ ،‬وك ّ‬
‫بياء النداء من الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي كلها‬
‫ي‬‫موضوعة‪ ،‬ما عدا قوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬يا عل ّ‬
‫أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه ل نبي‬
‫بعدي((‪ ،1‬وممن نص على ذلك الشيخ مل علي القاري في‬
‫كتاب‪) :‬السرار المرفوعة في الخبار الموضوعة( المعروف‬
‫بالموضوعات الكبرى‪ ،‬والشيخ إسماعيل العجلوني في كتابه‪:‬‬
‫)كشف الخفاء ومزيل اللباس(‪.‬‬

‫أخرجه البخاري في كتاب المغازي‪ ،‬باب غزوة تبوك برقم ‪.4416‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪329‬‬
‫ولذلك فإني أحذر إخواني المسلمين من الغترار بهذا‬
‫الحديث وأمثاله من الخبار الموضوعة أو العمل على طبعها‬
‫أو نشرها بين المسلمين؛ لما في ذلك من تضليل العامة‬
‫والتلبيس عليهم والكذب على رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم الذي وعد المتعمد له بالوعيد العظيم‪ ،‬كما قال صلى‬
‫الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‪)) :‬إن كذبا ً عل ّ‬
‫ي‬
‫ي متعمدا ً‬ ‫ليس ككذب علي غيري‪ ،‬من كذب عل ّ‬
‫دث عني‬ ‫فليتبوأ مقعده من النار((‪ ،‬وقال‪)) :‬من ح ّ‬
‫بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين((‪.‬‬
‫وفي الخبار الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫المدونة في كتب الحديث المعتمدة من الصحاح والسنن‬
‫والمسانيد غنية لمن وفقه الله إلى الخير عن اللجوء إلى‬
‫أخبار الكذابين والوضاعين‪ ،‬أسأل الله أن يرزق الجميع العلم‬
‫النافع والعمل الصالح ويجنب الجميع طرق الضلل‬
‫والنحراف إنه سميع قريب‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪..‬‬

‫مفتي عام المملكة العربية السعودية‬


‫ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية‬
‫والفتاء‬

‫‪330‬‬
‫‪ -162‬حديث في الخذ من اللحية‬

‫حديث رواه الترمذي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها‪.‬‬
‫هذا الحديث باطل عند أهل العلم ل يصح عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وقد تشبث به بعض الناس‪ .‬وهو خبر ل‬
‫يصح؛ لن في إسناده عمر بن هارون البلخي وهو متهم‬
‫بالكذب‪ .‬فل يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل‪،‬‬
‫ول أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم أو يفعله من‬
‫تخفيف اللحية أو أخذ ما زاد عن القبضة؛ لن ذلك مخالف‬
‫للحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بالمر بإعفاء اللحى وتوقيرها وإرخائها وقص‬
‫الشوارب وإخفائها‪ ،‬كما جاء في الصحيحين من حديث ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما‪ ،‬وكما في صحيح مسلم من حديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه؛ لن السنة حاكمة على الجميع‬
‫ع‬
‫طا َ‬‫قد ْ أ َ َ‬ ‫ف َ‬
‫ل َ‬ ‫سو َ‬‫ع الّر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬
‫م ْ‬
‫والله سبحانه يقول‪ّ } :‬‬
‫عوا‬‫طي ُ‬
‫وأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬‫طي ُ‬
‫لأ ِ‬ ‫ق ْ‬‫ه{‪ ،1‬ويقول سبحانه‪ُ } :‬‬ ‫الل ّ َ‬
‫ل‬‫سو َ‬
‫الّر ُ‬

‫سورة النساء الية ‪.8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪331‬‬
‫مل ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬
‫و َ‬‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ما َ‬ ‫وّلوا َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫فِإن ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ل إ ِّل ال ْب ََل ُ‬
‫غ‬ ‫سو ِ‬ ‫عَلى الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫دوا َ‬ ‫هت َ ُ‬‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬‫وِإن ت ُ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫ن يُ َ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ر ال ِ‬ ‫حذ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫فلي َ ْ‬ ‫ن{ ‪ ،‬ويقول سبحانه‪َ } :‬‬ ‫‪1‬‬
‫مِبي ُ‬ ‫ْ‬
‫ال ُ‬
‫م{‪،2‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫ه أن ت ُ ِ‬ ‫ر ِ‬‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪ :‬قرأت في كتاب‪) :‬درة الناصحين في الوعظ‬


‫والرشاد( من علماء القرن التاسع الهجري اسمه‬
‫عثمان بن حسن بن أحمد الخوبري قرأت ما نصه‪:‬‬
‫عن جعفر بن محمد عن أبي عن جده أنه قال‪) :‬إن‬
‫الله تعالى نظر إلى جوهرة فصارت حمراء‪ ،‬ثم‬
‫نظر إليها فذابت وارتعدت من هيبة ربها‪ ،‬ثم نظر‬
‫إليها ثالثة فصارت ماء‪ ،‬ثم نظر إليها رابعة فجمد‬
‫نصفها‪ ،‬فخلق من النصف العرش‪ ،‬ومن النصف‬
‫الماء‪ ،‬ثم تركه على حاله‪ ،‬ومن ثم يرتعد إلى يوم‬
‫القيامة‪ .‬وعن علي رضي الله عنه‪ :‬إن الذين‬
‫يحملون العرش أربعة ملئكة لكل ملك أربعة وجوه‬
‫أقدامهم في الصخرة التي تحت الرض السابعة‬
‫‪3‬‬
‫مسيرة خمسمائة عام( أرجو الفادة؟‬

‫سورة النور الية ‪.54‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النور الية ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫أجاب عليه سماحته في ‪14/9/1412‬هم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪332‬‬
‫ج‪ :‬هذا الكتاب ل يعتمد عليه وهو يشتمل على أحاديث‬
‫موضوعة وأحاديث ضعيفة ل يعتمد عليها‪ ،‬ومنها هذان‬
‫الحديثان فإنهما ل أصل لهما‪ ،‬بل هما حديثان موضوعان‬
‫مكذوبان على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فل ينبغي أن‬
‫يعتمد على هذا الكتاب وما أشبهه من الكتب التي تجمع‬
‫الغث والسمين‪ ،‬والموضوع والضعيف‪ ،‬فإن أحاديث الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم قد قدمها العلماء من أئمة السنة‬
‫وبينوا صحيحها من سقيمها‪ ،‬فينبغي للمؤمن أن يعتني‬
‫بالكتب الجيدة المفيدة مثل الصحيحين‪ ،‬وكتب السنن الربع‪،‬‬
‫ومنتقى الخبار لبن تيمية‪ ،‬ورياض الصالحين للنووي‪ ،‬وبلوغ‬
‫المرام للحافظ ابن حجر‪ ،‬وعمدة الحديث للحافظ عبد الغني‬
‫بن عبد الواحد المقدسي‪ ،‬ونصب الراية للزيلعي‪ ،‬وتلخيص‬
‫الحبير للحافظ ابن حجر وأمثالها من الكتب المفيدة‬
‫المعتبرة عند أهل العلم‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫‪ -163‬رد على أخبار باطلة ومكذوبة على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫دعي‬ ‫س‪ :‬ذات يوم في مسجدنا خطب علينا أحد م ّ‬


‫العلم بعد أن صلى بنا صلة الظهر‪ ،‬بدأ الحديث‬
‫ل‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما‬ ‫قائ ً‬
‫توفيت زوجته خديجة ذبح عليها ناقة وأقام عليها‬
‫الفراش لمدة ثلثة أيام‪ ،‬وقال‪ :‬إن ذلك جاء في‬
‫حديث رواه قتادة الصحابي‪ .‬ثم ساق حديثا ً آخر‬
‫رفض راويه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬أنا شجرة وعلي ساقها وفاطمة فروعها‬
‫والحسن والحسين ثمارها‪ .‬ثم أورد حديثا ً آخر قال‬
‫فيه‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادفه‬
‫يوما ً بأحد جبال مكة رجل يهودي‪ ،‬فقال له‪ :‬ألم‬
‫تؤمن بي؟ قال اليهودي‪ :‬ل أومن بك‪ .‬فقال له‪:‬‬
‫ادع تلك الشجرة‪ .‬فقال إن محمدا ً يدعوك فجاءت‬
‫إليه تظله بأغصانها وتجر جذورها‪ ،‬فقال لها من‬
‫أنا؟ قالت‪ :‬إنك محمد رسول الله‪ ،‬فنطق اليهودي‬
‫بالشهادتين بعد مشاهدة هذه المعجزة‪ ،‬ثم صعدت‬
‫الشجرة إلى السماوات وطافت حول العرش‬
‫والكرسي واللوح والقلم‬

‫‪334‬‬
‫وطلبت من الله الذن بالصلة على النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬أيها اليهودي قبل كفي‬
‫وقدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬ثم ساق‬
‫قصة أخرى فقال‪ :‬إن عثمان بن عفان رضي الله‬
‫عنه وجد رجل ً يطوف بالكعبة‪ ،‬فقال له‪ :‬إنك زا ً‬
‫ن‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬كيف عرفت ذلك‪ ،‬قال‪ :‬عرفته في‬
‫ن‪ ،‬ولكن نظرت إلى‬ ‫عينيك‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬أنا لم أز ِ‬
‫يهودية‪ ،‬فقال الرجل لعثمان رضي الله عنه‪ :‬وهل‬
‫عرفت ذلك بالوحي‪ ،‬قال‪ :‬ل ولكنها فراسة‬
‫المؤمن‪ .‬ولما طلبناه بالدلة كاد أنصاره أن يفتكوا‬
‫بنا‪.‬‬
‫نرجو أن نعرف رأي الشرع‪ ،‬فيما قاله هذا الرجل‬
‫وعن هذه القصة التي جعلها موعظة يعظ بها‬
‫الناس مفضل ً إياها على سواها من المواعظ‬
‫ً ‪1‬‬
‫المفيدة والنافعة‪ ،‬جزاكم الله خيرا؟‬
‫ج‪ :‬هذه الخبار التي ذكرها هذا الواعظ كلها باطلة‪ ،‬وكلها‬
‫مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكلها ل أصل لها‪،‬‬
‫فلم يفعل عزاء لما توفيت خديجة رضي الله عنها ولم يذبح‬
‫ناقة‪ ،‬ولم يدع الناس إلى العزاء كما يفعل بعض الناس‬
‫اليوم‪ ،‬كل هذا ل أصل له‪ .‬رضي الله عن خديجة وأرضاها‬
‫فقد كان يدعو لها كثيرًا‪ ،‬وكان في بعض الحيان يذبح الشاة‬
‫ويوزعها على صديقاتها من‬

‫نشر في هذا المجموع ج ‪ 6‬ص ‪.357‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪335‬‬
‫باب الهدية والحسان ليدعوا لها ويحسنوا إليها بدعائهم‪.‬‬
‫أما أنه فعل عزاء لما ماتت وذبح ناقة أو نحو ذلك فهذا كله‬
‫ل أصله له وكله كذب‪ .‬وهكذا قوله‪ :‬أنا شجرة وعلي ساقها‬
‫إلى آخره‪ ،‬كل هذا باطل ول أصل له وليس بصحيح‪ .‬وهكذا‬
‫ما ذكر من اليهودي وعن الشجرة التي نطقت‪ ،‬وقالت‪ :‬إنه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله أنطقها وأنها‬
‫عرجت إلى السماء وطافت حول العرش كل هذا ل أصل له‬
‫وكله باطل وكله كذب من كذب المفترين المجرمين‪ .‬وهكذا‬
‫ن وعرف هذا من‬ ‫ما يروى عن عثمان أنه قال لرجل‪ :‬إنك زا ٍ‬
‫عينيه كله باطل ول أساس له من الصحة‪ .‬وقتادة ليس‬
‫بصحابي بل هو تابعي‪ ،‬فالمقصود‪ :‬أن هذه الخبار الربعة‬
‫كلها باطلة ول صحة لها‪ ،‬لكن صح عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من أحاديث أخرى أنه دعا بعض الشجرة فجاء وهو‬
‫من علمات النبوة‪ .‬كان ذات يوم أراد أن يقضي حاجة له‬
‫فدعاء شجرتين فجاءتا والتأمتا وجلس بينهما حتى قضى‬
‫حاجته ثم رجعت كل واحدة إلى محلها‪ .‬وجاء نحو هذا من‬
‫أحاديث أخرى أنه دعا بعض الشجر فجاء إليه وكان هذا من‬
‫آيات النبوة ومن دلئل صدقه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لكن‬
‫هذا غير ذلك الخبر‬

‫‪336‬‬
‫الذي ذكره هذا المفتري على أنها كملت‪ ،‬وأنها قالت‪ :‬أنت‬
‫محمد وإنما أجابت دعوته لما دعاها عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وأما أنها تكلمت وقالت‪ :‬أنت محمد أو أشهد أن محمدا ً‬
‫رسول الله‪ ،‬أو أنها عرجت إلى السماء وطافت حول‬
‫العرش فكل هذا ل أصل له وكله باطل‪.‬‬
‫فينبغي التحرز من هؤلء الوضاعين‪ ،‬وينبغي للواعظ إذا‬
‫وعظ أن يتقي الله وأن يذكر الناس بما ينفعهم في دينهم‬
‫من الحاديث الصحيحة ومن آيات القرآن الكريم‪ ،‬فيذكر‬
‫الناس بكتاب الله عز وجل ويعظهم بذكر اليات التي فيها‬
‫وعظهم وتذكيرهم بما ينفعهم وبما يتعلق بما أوجب الله‬
‫وبما حرم الله عليهم‪ ،‬ويذكر لهم الحاديث الصحيحة التي‬
‫رواها البخاري أو رواها مسلم أو رواها أهل السنن أو غيرهم‬
‫من أهل الكتب المعتمدة بالسانيد الصحيحة‪ ،‬فهذا طالب‬
‫العلم إذا وعظ إخوانه يجب أن يتحرى الحاديث الصحيحة‪،‬‬
‫يذكر اليات التي فيها وعظ للناس وتذكير لهم بما ينفعهم‪،‬‬
‫أما أن ينظر في الخبار الموضوعة والمكذوبة التي ل زمام‬
‫لها ول خطام‪ ،‬فل يجوز له ذلك‪ ،‬ول ينبغي أن يتكلم بها ول‬
‫ينبغي أن يعظ الناس بها‪ ،‬بل يجب الحذر منها والبتعاد عنها؛‬
‫لما فيها من الغدر والكذب‪،‬‬

‫‪337‬‬
‫يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‬
‫))من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد‬
‫ي‬
‫الكاذبين(( ‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬من قال عل ّ‬
‫‪1‬‬

‫ما لم أقل فليتبوأ معقده من النار((‪ ،2‬والحاديث في‬


‫هذا الباب كثيرة‪.‬‬
‫فل يجوز للمؤمن أن يحدث بأحاديث يعلم أنها كذب أو يغلب‬
‫على ظنه أنها كذب‪ ،‬بل عليه أن يجتنبها‪ ،‬إل إذا أراد التبيين‬
‫واليضاح أنها باطلة فل حرج في ذلك؛ ليبين بطلنها وأنها‬
‫مكذوبة؛ لن المر خطير وجدير بالعناية فليس الكذب عليه‬
‫صلى الله عليه وسلم مثل الكذب على غيره وإن كان‬
‫الكذب كله محرمًا‪ ،‬إل ما استثناه الشرع المطهر‪ ،‬لكن‬
‫الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من الكذب‬
‫على غيره ومن أعظم الكبائر ومن أعظم المعاصي‬
‫والسيئات‪ ،‬نسأل الله السلمة‪..‬‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في المقدمة‪ ،‬باب وجوب الرواية عن الثقات برقم ‪.1‬‬


‫‪ 2‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم برقم ‪.109‬‬

‫‪338‬‬
‫‪ -164‬الكلم على حديث موضوع حول صيحة‬
‫تحدث في رمضان‬

‫بسم الله والحمد لله‪ ،‬وصّلى الله وسلم على رسوله وعلى‬
‫آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه‪ ،‬أما بعد‪:1‬‬
‫فقد بلغني أن بعض الجهال يوزع نشرة مشتملة على حديث‬
‫مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن هذا‬
‫الحديث المكذوب ما نصه‪:‬‬
‫عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إذا كان صيحة في رمضان‪ ،‬فإنه يكون معمعة في شوال‪،‬‬
‫وتميز القبائل في ذي القعدة‪ ،‬وتسفك الدماء في ذي الحجة‬
‫والمحرم‪ ،‬وما المحرم؟ يقولها ثلث مرات‪ ،‬هيهات هيهات‬
‫يقتل الناس فيه هرجا ً هرجًا‪ ،‬قلنا‪ :‬وما الصيحة يا رسول‬
‫الله؟ قال‪ :‬هذه في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون‬
‫هذه توقظ النائم‪ ،‬وتقعد القائم‪ ،‬وتخرج العواتق من‬
‫خدورهن في ليلة الجمعة‪ ،‬في سنة كثيرة الزلزل والبرد‪،‬‬
‫فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة‪ ،‬فإذا‬
‫صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان‬
‫فادخلوا بيوتكم‪ ،‬وأغلقوا‬

‫‪ 1‬صدرت هذه الكلمة من سماحته في تاريخ ‪12/9/1414‬هم ونشرت في‬


‫الصحف المحلية‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم‪ ،‬وسدوا آذانكم‪ ،‬فإذا‬
‫أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدًا‪ ،‬وقولوا‪ :‬سبحان‬
‫القدوس‪ ،‬سبحان القدوس‪ ،‬ربنا القدوس‪ ،‬فإنه من فعل ذلك‬
‫نجا ومن لم يفعل هلك((‪.‬‬
‫فهذا الحديث ل أساس له من الصحة‪ ،‬بل هو باطل وكذب‪،‬‬
‫وقد مر على المسلمين أعوام كثيرة صادفت فيها ليلة‬
‫الجمعة ليلة النصف من رمضان فلم تقع فيها بحمد الله ما‬
‫ذكره هذا الكذاب من الصيحة وغيرها مما ذكر؛ وبذلك يعلم‬
‫كل من يطلع على هذه الكلمة أنه ل يجوز ترويج هذا‬
‫الحديث الباطل‪ ،‬بل يجب تمزيق ذلك وإتلفه والتنبيه على‬
‫بطلنه‪ .‬ومعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يتقي الله في‬
‫جميع الوقات‪ ،‬وأن يحذر ما نهى الله عنه حتى يتم أجله‪،‬‬
‫د‬
‫عب ُ ْ‬
‫وا ْ‬‫كما قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،1‬والمراد باليقين‪ :‬الموت‪،‬‬ ‫قي ُ‬ ‫ك ال ْي َ ِ‬‫حّتى ي َأ ْت ِي َ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ك َ‬
‫َ‬
‫ق‬‫ح ّ‬‫ه َ‬‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وقال سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫قات ِه ول َ ت َموت ُن إل ّ َ‬
‫ن{‪ ،2‬وقال النبي‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وأنُتم ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫تُ َ ِ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه‪)) :‬اتق الله‬
‫حيثما كنت وأتبع السيئة‬

‫سورة الحجر‪ ،‬الية ‪.99‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة آل عمران الية ‪102‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪340‬‬
‫الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن((‪ ،1‬واليات‬
‫والحاديث في وجوب لزوم التقوى والستقامة على الحق‬
‫والحذر من كل ما نهى الله عنه في جميع الوقات في‬
‫رمضان وفي غيره كثيرة معلومة‪.‬‬
‫وفق الله المسلمين لما يرضيه‪،‬ومنحهم الفقه في الدين‪،‬‬
‫وأعاذنا وإياهم من مضلت الفتن‪ ،‬ومن شر دعاة الباطل إنه‬
‫جواد كريم‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬

‫مفتي عام المملكة العربية السعودية‬


‫ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية‬
‫والفتاء‬

‫‪ -165‬ما صحة حديث‪)) :‬إن الشيطان يلعب‬


‫بالميت((‬

‫س‪ :‬يروى حديث‪)) :‬أن الشياطين تلعب بالميت((‬


‫‪2‬‬
‫هل هذا صحيح؟‬

‫ج‪ :‬هذا باطل ول أصل له فيما نعلم من الشرع المطهر‪.‬‬

‫‪ 1‬أخرجه أحمد في مسند النصار رضي الله عنهم‪ ،‬حديث معاذ بن جبل رضي‬
‫الله عنه برقم ‪.20847‬‬
‫‪ 2‬نشر في كتاب أحكام الجنائز إصدار الجمعية الخيرية بشقراء ص ‪.30 ،29‬‬

‫‪341‬‬
‫‪ -166‬ما صحة حديث‪)) :‬من صّلى عل ّ‬
‫ي يوم‬
‫الجمعة مائتي مرة غفر الله ذنبه مائتي عام((‬

‫س‪ :‬قرأت في أحد الكتب الدينية حديثا ً عن النبي‬


‫صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما معناه‪ :‬أنه من‬
‫صّلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنبه‬
‫مائتي عام‪ .‬فما درجة صحة هذا الحديث؟ وكيف‬
‫تكون المغفرة مائتي عام مع أن النسان قد ل‬
‫‪1‬‬
‫يعيش إلى هذه السنة؟‬

‫ج‪ :‬هذا الخبر ل صحة له‪ ،‬بل هو موضوع مكذوب على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ول أصل له ‪-‬عامل الله واضعه بما‬
‫يستحق‪ -‬وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث‬
‫على الصلة وقال‪)) :‬من صلى علي واحدة صلى الله‬
‫عليه وسلم الله عليه بها عشرا ً((‪ ،2‬وقد قال الله عز‬
‫َ‬
‫ها‬ ‫عَلى الن ّب ِ ّ‬
‫ي َيا أي ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صّلو َ‬ ‫ه يُ َ‬‫مَلئ ِك َت َ ُ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬
‫وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ما{‪.3‬‬ ‫سِلي ً‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫صّلوا َ‬
‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫‪ 1‬من برنامج نور على الدرب شريط ‪.517‬‬


‫‪ 2‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪.408‬‬
‫‪ 3‬سورة الحزاب الية ‪.56‬‬

‫‪342‬‬
‫فيستحب لكل مؤمن ومؤمنة الكثار من الصلة والسلم‬
‫عليه في كل وقت للية المذكورة والحديث المذكور‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -167‬ما صحة حديث‪)) :‬من صّلى علي في‬


‫يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة((‬

‫س‪ :‬ما صحة هذا الحديث‪)) :‬من صّلى عل ّ‬


‫ي في يوم ٍ‬
‫ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة((‪1‬؟‬

‫ل‪ ،‬وفي القرآن الكريم‬ ‫ج‪ :‬ل أعلم لهذا الحديث أص ً‬


‫والحاديث الصحيحة كفاية وغنية عنه‪ ،‬ومنها قول الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫عَلى الن ّب ِ ّ‬
‫ي َيا أي ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صّلو َ‬
‫ه يُ َ‬‫مَلئ ِك َت َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ما{ ‪ ،‬وقوله صلى الله‬ ‫سِلي ً‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫صّلوا َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫آ َ‬
‫‪2‬‬

‫عليه وسلم لما سألوه عن كيفية الصلة عليه؟ قال‪:‬‬


‫))قولوا‪ :‬اللهم صل على محمد وعلى آله محمد كما‬
‫صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد‪ ،‬اللهم بارك على محمد وعلى آل محمدكما‬

‫‪ 1‬نشر في جريدة المسلمون العدد )‪ (711‬السبت ‪ 28‬جمادى الولى عام‬


‫‪1419‬هم‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة الحزاب الية ‪.56‬‬

‫‪343‬‬
‫باركت على إبراهيم وعلى إبراهيم إنك حميد‬
‫‪1‬‬
‫مجيد((‬
‫والية المذكورة عامة‪ ،‬وهكذا الحديث المذكور وما جاء في‬
‫معناه عام في الصلة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلة‬
‫وخارجها‪ ،‬وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من‬
‫ي واحدة صّلى الله عليه بها عشرا ً((‪،2‬‬ ‫صّلى عل ّ‬
‫وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان‪ ،‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -168‬ما صحة حديث‪)) :‬إذا تحيرتم في المور‬


‫فاستعينوا بأهل القبور((‬

‫س‪ :‬يقول بعض الناس إن الطلب من الميت في‬


‫القبر جائز بدليل ))إذا تحيرتم في المور‬
‫فاستعينوا بأهل القبور(( فهل هذا الحديث صحيح‬
‫‪3‬‬
‫أم ل؟‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب الصلة‪ ،‬باب الصلة على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برقم ‪.405‬‬
‫‪ 2‬أخرجه الترمذي في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما جاء في صفة الصلة على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم برقم ‪.384‬‬
‫‪ 3‬نشر في هذا المجموع ج ‪ 4‬ص ‪ 327‬ومجلة البحوث السلمية العدد ‪،28‬‬
‫وفي مجلة الدعوة العدد ‪ 939‬في ‪24/7/1404‬هم‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث من الحاديث المكذوبة على رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كما نبه على ذلك غير واحد من أهل‬
‫العلم منهم شيخ السلم ابن تيمية رحمة الله عليه حيث‬
‫قال رحمه الله في )مجموع الفتاوى( ج ‪ 1‬ص ‪ 356‬بعدما‬
‫ذكره ما نصه‪) :‬هذا الحديث كذب مفترى على النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بإجماع العارفين بحديثه‪ ،‬لم يروه أحد من‬
‫العلماء بذلك ول يوجد في شيء من كتب الحديث‬
‫المعتمدة( انتهى كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫وهذا المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مضاد‬
‫لما جاء به الكتاب والسنة من وجوب إخلص العبادة لله‬
‫وحده وتحريم الشراك به‪ ،‬ول ريب أن دعاء الموات‬
‫والستغاثة بهم والفزع إليهم في النائبات والكروب من‬
‫أعظم الشرك بالله عز وجل‪ ،‬كما أن دعاءهم في الرخاء‬
‫شرك بالله سبحانه‪.‬‬
‫وقد كان المشركون الولون إذا اشتدت بهم الكروب‬
‫أخلصوا لله العبادة‪ ،‬وإذا زالت الشدائد أشركوا بالله‪ ،‬كما‬
‫وا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬
‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫في ال ْ ُ‬‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫قال الله عز وجل‪َ } :‬‬
‫فإ ِ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ذا ُ‬‫م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ‬‫ه ْ‬‫جا ُ‬ ‫فل َ ّ‬
‫ما ن َ ّ‬ ‫ن َ‬‫دي َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬‫ُ‬
‫ن{ ‪ ،‬واليات في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬
‫ركو َ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫أما المشركون المتأخرون فشركهم دائم في الرخاء‬

‫سورة العنكبوت الية ‪.65‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪345‬‬
‫والشدة بل يزداد شركهم في الشدة‪ ،‬والعياذ بالله‪ ،‬وذلك‬
‫يبين أن كفرهم أعظم وأشد من كفر الولين من هذه‬
‫ُ‬
‫دوا‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫مُروا إ ِّل ل ِي َ ْ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫الناحية‪ ،‬وقد قال الله عز وجل‪َ } :‬‬
‫فاء{‪ ،1‬وقال سبحانه‪:‬‬ ‫حن َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫} َ‬
‫صا ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫خل ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫عب ُ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن{‪ ،2‬وقال عز وجل‪َ } :‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ص{ ‪ ،‬وقال سبحانه‪} :‬ذَل ِك ُ ُ‬
‫‪3‬‬
‫خال ِ ُ‬ ‫دي ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن أَل ل ِل ّ ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ه َرب ّك ُ ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫عوا‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ر * ِإن ت َدْ ُ‬ ‫مي ٍ‬ ‫قطْ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ة‬
‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫جاُبوا ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫عوا َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫م َ‬ ‫عاءك ُ ْ‬ ‫دُ َ‬
‫ر{ ‪ ،‬وهذه الية‬ ‫‪4‬‬
‫خِبي ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫وَل ي ُن َب ّئ ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫شْرك ِك ُ ْ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫تعم جميع من يعبد من دون الله من النبياء والصالحين‬
‫وغيرهم‪ ،‬وقد أوضح سبحانه أن دعاء المشركين لهم شرك‬
‫به سبحانه كما بين أن ذلك كفر به سبحانه في قوله تعالى‪:‬‬
‫ما‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫خَر َل ب ُْر َ‬ ‫ها آ َ‬ ‫ه إ ِل َ ً‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َدْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫} َ‬
‫ن{‪.5‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫ه َل ي ُ ْ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ساب ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬

‫البينة الية ‪.5‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫غافر الية ‪.14‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫الزمر اليتان ‪.3 ،2‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫فاطر اليتان ‪.14 ،13‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫المؤمنون الية ‪.117‬‬ ‫سورة‬ ‫‪5‬‬

‫‪346‬‬
‫واليات الدالة على وجوب إخلص العبادة لله وحده وتوجيه‬
‫الدعاء إليه دون كل ما سواه‪ ،‬وعلى تحريم عبادة غيره‬
‫سبحانه من الموات والصنام والشجار والحجار ونحو ذلك‬
‫كثيرة جدًا‪ ،‬يعلمها من تدبر كتاب الله وقصد الهتداء به‪ ،‬وقد‬
‫جاء في الحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في تحريم الشرك والتحذير منه ما يوافق‬
‫ما ذكرنا من اليات الكريمات‪ .‬والله المستعان ول حول ول‬
‫قوة إل بالله‪.‬‬

‫‪ -169‬ما صحة حديث ))من كان اسمه محمدا ً‬


‫فل تضربه‪((....‬‬

‫س‪ :‬قرأت حديثا ً فما مدى صحته؟ وهو‪)) :‬من كان‬


‫اسمه محمدا ً فل تضربه ول تشتمه((‪1‬؟‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث مكذوب وموضوع على الرسول صلى الله‬


‫عليه وسلم‪ ،‬وليس لذلك أصل في السنة المطهرة‪ ،‬وهكذا‬
‫قول من قال‪ :‬من سمى محمدا ً فإنه له ذمة محمد ويوشك‬
‫أن‬

‫من برنامج نور على الدرب ونشر في هذا المجموع ج ‪ 6‬ص ‪.370‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪347‬‬
‫يدخله بذلك الجنة‪ .‬وهكذا من قال‪ :‬من كان اسمه محمدا ً‬
‫فإن بيته يكون لهم كذا وكذا‪ .‬فكل هذه الخبار ل أساس لها‬
‫من الصحة‪ ،‬فالعتبار باتباع محمد‪ ،‬وليس باسمه صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فكم ممن سمي محمدا ً وهو خبيث؛ لنه لم يتبع‬
‫محمدا ً ولم ينقد لشريعته‪ ،‬فالسماء ل تطهر الناس‪ ،‬وإنما‬
‫تطهرهم أعمالهم الصالحة وتقواهم لله جل وعل‪ ،‬فمن‬
‫تسمى بأحمد أو بمحمد أو بأبي القاسم وهو كافر أو فاسق‬
‫لم ينفعه ذلك‪ ،‬بل الواجب على العبد أن يتقي الله ويعمل‬
‫بطاعة الله ويلتزم بشريعة الله التي بعث بها نبيه محمدًا‪،‬‬
‫فهذا هو الذي ينفعه‪ ،‬وهو طريق النجاة والسلمة‪ ،‬أما مجرد‬
‫السماء من دون عمل بالشرع المطهر فل يتعلق به نجاة ول‬
‫عقاب‪ ،‬ولقد أخطأ البوصيري في بردته حيث قال‪:‬‬
‫محمدا ً هو أوفى الخلق‬ ‫فإن لي ذمة منه بتسميتي‬
‫بالذمم‬
‫ً‬
‫وأخطأ خطأ أكبر من ذلك بقوله‪:‬‬
‫سواك عند حلول‬ ‫يا أكر الخلق مالي من ألوذ به‬
‫الحادث العمم‬
‫إن لم تكن في معادي آخذا ً بيدي فضل ً وإل فقل يا زلة‬
‫القممدم‬
‫ومن علومك علم اللموح‬ ‫فإن من جودك الدنيا وضرتها‬
‫والقلم‬
‫فجعل هذا المسكين لياذه في الخرة بالرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم دون الله عز وجل‪ ،‬وذكر أنه هالك إن لم يأخذ‬
‫بيده‪،‬‬

‫‪348‬‬
‫ونسي الله سبحانه الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع‬
‫وهو الذي ينجي أولياءه وأهل طاعته‪ ،‬وجعل الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم هو مالك الدنيا والخرة‪ ،‬وأنها بعض جوده‪،‬‬
‫وجعله يعلم الغيب‪ ،‬وأن من علومه علم ما في اللوح‬
‫والقلم‪ ،‬وهذا كفر صريح وغلو ليس فوقه غلو‪ ،‬نسأل الله‬
‫العافية والسلمة‪.‬‬
‫فإن كان مات على ذلك ولم يتب فقد مات على أقبح الكفر‬
‫والضلل‪ ،‬فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا الغلو‪ ،‬وأل‬
‫يغتر بالبردة وصاحبها والله المستعان ول حول ول قوة إل‬
‫بالله‪.‬‬

‫‪ -170‬ما صحة حديث‪)) :‬تعلموا السحر ول‬


‫تعملوا به((‬

‫س‪ :‬ما صحة حديث سمعته عن النبي صلى الله‬


‫‪1‬‬
‫عليه وسلم‪)) :‬تعلموا السحر ول تعملوا به((؟‬

‫ج‪ :‬هذا الحديث باطل ل أصل له‪ ،‬ول يجوز تعلم السحر ول‬
‫العمل به‪ ،‬وذلك منكر بل كفر وضلل‪ ،‬وقد بين الله إنكاره‬
‫عوا ْ َ‬
‫ما‬ ‫وات ّب َ ُ‬
‫السحر في كتابه الكريم في قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‬‫طي ُ‬ ‫ت َت ُْلوا ْ ال ّ‬
‫شَيا ِ‬

‫من برنامج نور على الدرب ونشر في المجموع ج ‪ 6‬ص ‪.317‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪349‬‬
‫ن‬‫ول َك ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مل ْ ِ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫ز َ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬ ‫حَر َ‬ ‫س ْ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫فُروا ْ ي ُ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫طي َ‬ ‫شْيا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫ماُرو َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ب َِباب ِ َ‬ ‫ملك َي ْ ِ‬
‫عَلى ال ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫فل َ ت َك ْ ُ‬ ‫َ‬
‫فْر‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫قول َ إ ِن ّ َ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ج ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وَز ْ‬ ‫ء َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫قو َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫في َت َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي َت َ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫د إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ضآّري َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫شت ََراهُ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫ول َين َ‬ ‫َ‬
‫م ِ‬ ‫موا ل َ‬ ‫عل ِ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫وا ب ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ولب ِئ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫ٍ‬ ‫خل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫مُنوا ْ وات ّ َ‬ ‫كاُنوا ْ يعل َمون * ول َ َ‬ ‫َأن ُ‬
‫وا‬ ‫ق ْ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫و َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬
‫ن{‪ ،1‬فأوضح‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫خي ٌْر ل ّ ْ‬ ‫د الّله َ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫مُثوب َ ٌ‬ ‫لَ َ‬
‫سبحانه في هذه اليات‪ :‬أن السحر كفر وأنه من تعليم‬
‫الشياطين‪ ،‬وقد ذمهم الله على ذلك وهم أعداؤنا‪ ،‬ثم بين أن‬
‫تعليم السحر كفر؛ وأنه يضر ول ينفع‪ ،‬فالواجب الحذر منه؛‬
‫لن تعليم السحر كله كفر‪ ،‬ولهذا أخبر عن الملكين أنها ل‬
‫يعلمان الناس حتى يقول للمتعلم‪ :‬إنما نحن فتنة فل تكفر‪،‬‬
‫َ‬
‫ه{‪،‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫د إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ضآّري َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫ثم قال‪َ } :‬‬
‫فعلم أنه كفر وضلل وأن السحرة ل يضرون أحدا ً إل بإذن‬
‫الله‪ ،‬والمراد بذلك إذنه سبحانه الكوني القدري ل الشرعي‬
‫الديني؛ لنه سبحانه لم يشرعه ولم يأذن فيه شرعا ً بل‬
‫حرمه ونهى عنه‪ ،‬وبين أنه كفر ومن تعليم الشياطين‪،‬‬

‫سورة البقرة اليتان ‪.103 ،102‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪350‬‬
‫كما أوضح سبحانه أن من اشتراه أو اعتاضه وتعلمه ليس له‬
‫في الخرة من خلق‪ ،‬أي من حظ ول نصيب‪ ،‬وهذا وعيد‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫س ُ‬
‫ف َ‬‫ه َأن ُ‬ ‫وا ْ ب ِ ِ‬
‫شَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ول َب ِئ ْ َ‬‫عظيم‪ ،‬ثم قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،‬والمعنى باعوا أنفسهم للشياطين بهذا‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬‫و َ‬ ‫لَ ْ‬
‫وا‬ ‫مُنوا ْ وات ّ َ‬ ‫السحر‪ ،‬ثم قال سبحانه‪} :‬ول َ َ‬
‫ق ْ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬‫و أن ّ ُ‬‫َ ْ‬
‫ن{‪ ،‬فدل ذلك‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫ْ‬
‫و كاُنوا ي َ ْ‬‫َ‬ ‫خي ٌْر ل ّ ْ‬
‫د الّله َ‬‫عن ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫لَ َ‬
‫مُثوب َ ٌ‬
‫ف‬
‫على أن تعلم السحر والعمل به ضد اليمان والتقوى منا ٍ‬
‫لهما‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬

‫‪ -171‬حكم كل ما صدر بياء النداء من الرسول‬


‫صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله‬
‫عنه‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم‬
‫معالي المين العام لرابطة العالم السلمي سلمه الله‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:1‬‬
‫أشفع لمعاليكم نشرة صادرة من الرابطة أرسلها بعض‬

‫‪ 1‬خطاب من سماحته رحمه الله إلى معالي المين العام لرابطة العالم‬
‫السلمي بتاريخ ‪1407‬هم‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫الناصحين ذكر فيها خبر موضوع عن علي رضي الله عنه‪.‬‬
‫وأفيد معاليكم بأن العلماء رحمهم الله تعالى نصوا على أن‬
‫الوصايا المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأنه‬
‫أوصى بها عليا ً وكل ما صدر بياء النداء من الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم لعلي كلها موضوعة‪ ،‬ما عدا قوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬يا علي أنت مني بمنزلة هارون من‬
‫موسى غير أنه ل نبي بعدي((‪ ،‬وممن نص على ذلك‬
‫مل على القاري في كتابه‪) :‬السرار المرفوعة في الخبار‬
‫الموضوعة( المعروف بالموضوعات الكبرى طبعة دار المانة‬
‫ص ‪ 393‬وفي صفحة ‪ 405‬من نفس الكتاب‪ .‬وكذلك الشيخ‬
‫إسماعيل العجلوني في كتابه‪) :‬كشف الخفاء ومزيل‬
‫اللباس( جزء ‪ 2‬ص ‪ 406‬طبعة دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫والحديث الذي تضمنته هذه النشرة ذكره المنذري في‬
‫الترغيب والترهيب‪ ،‬والذهبي في الكبائر ولم يعزواه لحد‪.‬‬
‫وبعد مراجعتنا للحاديث الصحيحة الواردة في السراء لم‬
‫نجده فيها بهذا النص ولم يرو علي شيئا ً منها‪.‬‬
‫فعليه نرجو من معاليكم التأكيد على المسئولين في الرابطة‬
‫أن ل ينشروا شيئا ً عن الرسول صلى الله عليه وسلم في‬
‫المجلة وأخبار العالم السلمي وغيرها إل بعد التأكد من‬
‫صحته‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وأعانكم على كل خير‪،‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫الرئيس العام لدارات البحوث‬


‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‬

‫‪ -172‬ما صحة حديث‪)) :‬اثنتا عشر ركعة‬


‫تصليها من الليل والنهار‪((....‬‬

‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬إنها معذبة‪ ...‬لها سؤال لقد روي‬


‫عن رسول اله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬اثنتا عشر ركعة تصليها من‬
‫الليل أو النهار وتتشهد بين كل ركعتين‪ ،‬فإذا‬
‫تشهدت في آخر صلتك فاثن على الله عز وجل‪،‬‬
‫ل على النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬واقرأ وأنت‬ ‫وص ّ‬
‫ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات‪ ،‬وآية الكرسي سبع‬
‫مرات‪ ،‬وقل‪ :‬ل إ له إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر‬
‫مرات‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللهم إني أسألك بمعاقد العز من‬
‫عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك العظم‬
‫وجدك‬

‫‪353‬‬
‫العلى وكلمتك التامة‪ ،‬ثم سل حاجتك‪ ،‬ثم ارفع‬
‫رأسك ثم سلم يمينا ً وشمال ً ول تعلموها السفهاء‬
‫فإنهم يدعون بها فيجابون(( رواه الحاكم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫قال أحمد بن حرب قد جربته فوجدته حقًا‪ ،‬وقال‬
‫إبراهيم بن علي الديبلي‪ :‬قد جربته فوجدته حقًا‪،‬‬
‫وقال أبو زكريا‪ :‬قد جربته فوجدته حقًا‪ ،‬قال‬
‫الحاكم‪ ،‬قد جربته فوجدته حقًا‪ ،‬تفرد به عامر بن‬
‫خداش وهو ثقة مأمون‪ ،‬قال المصنف عامر‪ :‬هذا‬
‫شيخنا أبو الحسين هو نيسابوري صاحب مناكير‪،‬‬
‫وقد تفرد به عمر بن هارون البلخي وهو متروك‬
‫منهم أثنى عليه ابن مهدي وحده فيما أعلم انتهى‪.‬‬
‫والسؤال هل هذا الحديث صحيح فإني معذبة للشك‬
‫‪1‬‬
‫فيه؟‬

‫ج‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪،‬‬


‫وصلى الله وسلم على رسوله المين وعلى آله وأصحابه‬
‫ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد‪:‬‬
‫فإن هذا الحديث ليس بصحيح بل هو موضوع ومكذوب على‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم‪ ،‬وقد نبهنا على ذلك من مدة‬
‫طويلة‪ ،‬وكان صاحب كتاب )الدعاء المستجاب( قد ذكره في‬
‫كتابه وهو كتاب ل يجوز العتماد عليه وصاحبه ليس من أهل‬
‫العلم؛ ولهذا نبهنا على هذا من مدة طويلة‪ ،‬وبّينا أن هذا‬
‫الكتاب ل يجوز العتماد عليه‬

‫من برنامج نور على الدرب الشريط ‪.842‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪354‬‬
‫م الله في ذلك‪.‬‬ ‫وأن هذا الحديث موضوع‪ ،‬وقد كتبنا ما أت ّ‬
‫فيجب تنبيه القراء على كذب هذا الخبر وعلى عدم العتماد‬
‫على هذا الكتاب‪ ،‬وهو كتاب الدعاء المستجاب؛ لما فيه من‬
‫الحاديث الضعيفة والموضوعة‪ ،‬ول ينبغي لحد أن يظن أن‬
‫هذا الحديث صحيح‪ ،‬بل هو مكذوب وليس بصحيح عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪،‬وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود‪ ،‬وهذا فيه قراءة‬
‫في الركوع والسجود‪ ،‬وعمر بن هارون الراوي كذاب ل‬
‫يعتمد على روايته‪ ،‬وهكذا من قبله عامر بن خداش‪،‬‬
‫المقصود‪ :‬أن الحديث موضوع ومكذوب ل يعتمد عليه‪ ،‬وقد‬
‫ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من صّلى ثنتي‬
‫عشر ركعة بنا الله له بيتا ً في الجنة(( ثم بينها في‬
‫رواية الترمذي رحمه الله قال‪)) :‬أربعا ً قبل الظهر‬
‫وثنتين بعدها وثنتين قبل المغرب وثنتين بعد‬
‫العشاء وثنتين قبل صلة الصبح((‪ ،1‬وهذه الرواتب‬
‫التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن‬
‫حافظ عليها بنا الله له بيتا ً في الجنة‪ ،‬يصلي أربعا ً قبل الظهر‬
‫بتسليمتين‪ ،‬وثنتين بعدها‪ ،‬وثنتين بعد المغرب‪ ،‬وثنتين‬

‫‪ 1‬أخرجه مسلم في كتاب صلة المسافرين‪ ،‬باب فضل السنن الراتبة قبل‬
‫الفرائض وبعدها برقم ‪ 728‬والترمذي في كتاب الصلة‪ ،‬باب ما جاء فيمن‬
‫صّلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة برقم ‪.414‬‬

‫‪355‬‬
‫بعد صلة العشاء‪ ،‬وثنتين قبل صلة الصبح‪ .‬هؤلء الركعات‬
‫هي التي شرعها الله عز وجل‪ ،‬ورّتب عليها ما رّتب من‬
‫الخير العظيم‪.‬‬
‫أما هذه الركعات التي جاءت في حديث عمر بن هارون عند‬
‫الحاكم فقد عرفت أيتها السائلة أنه حديث موضوع مكذوب‪،‬‬
‫ول ينبغي لك أن تكوني معذبة‪ ،‬بل كوني مطمئنة‪ ،‬اتقي الله‬
‫وراقبي الله واعملي بشرع الله ودعي عنك الوساوس‬
‫والتعلق بالحاديث الموضوعة والمكذوبة والضعيفة‪ ،‬ففي ما‬
‫شرع الله كفاية وغنية‪ ،‬أما ما ابتدعه الناس وما كذبه بعض‬
‫الناس فيجب الحذر منه والتمسك بالدين ليس بعذاب‪ ،‬بل‬
‫التمسك بالدين هو الراحة وهو الطمأنينة وهو الخير العظيم‬
‫المعجل وفي الخرة أعظم وأعظم؛ لن الراحة في الخرة‬
‫هي أكبر وهي الفوز العظيم‪ .‬فل ينبغي أن تكوني معذبة‪ ،‬بل‬
‫كوني مطمئنة وكوني مرتاحة بفعل ما شرع الله وترك ما‬
‫حرم الله والكثار من ذرك الله وتسبيحه وتهليله واستغفاره‬
‫والتوبة إليه وأبشري بالخير ودعي عنك الوساوس والتحرج‬
‫الذي يوقعك في التعذيب والتعب ولكن اشرحي صدرك‬
‫لدين الله وتمسكي بشرع الله‪ ،‬وأكثري من قراءة القرآن‪،‬‬
‫ومن ذكر الله وستبيحه وتحميده واستغفاره والتوبة إليه‪،‬‬
‫واعملي بما شعر الله من العبادات‪ ،‬وأبشري بالخير‬
‫وأبشري بالراحة والسعادة في الدنيا والخرة والسعادة‬
‫والراحة في الخرة أكبر‪ ،‬رزقني الله وإياك الستقامة‬
‫والبصيرة في الدين مع حسن الختام‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ -173‬ما صحة حديث‪)) :‬من تهاون بالصلة‬
‫عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة‪ ((...‬الخ‬

‫س‪ :‬الخ‪ :‬خ‪ .‬ن‪ .‬ن‪ .‬من الرياض أرسل إلينا رسالة‬
‫ومعها نسخة من ورقة توزع بين الناس‪ ،‬وتتضمن‬
‫حديثا ً منسوبا ً للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه‪:‬‬
‫))من تهاون بالصلة عاقبه الله بخمس عشرة‬
‫عقوبة‪ ((...‬إلى آخر ما جاء في الورقة‪ ،‬ويسأل عن‬
‫‪1‬‬
‫صحة ذلك الحديث؟‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ل‬
‫أساس له من الصحة‪ ،‬كما بين ذلك الحافظ الذهبي رحمه‬
‫الله في الميزان‪ ،‬والحافظ ابن حجر في لسان الميزان‪،‬‬
‫فينبغي لمن وجد هذه الورقة أن يحرقها‪ ،‬وينبه من وجده‬
‫يوزعها؛ دفاعا ً عن النبي صلى الله عليه وسلم من كذب‬
‫الكذابين‪.‬‬
‫وفيما ورد في القرآن العظيم والسنة الصحيحة عنا لنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في تعظيم شأن الصلة‪ ،‬والتحذير من‬
‫التهاون بها‪ ،‬ووعيد من فعل ذلك ما يشفي ويكفي ويغني‬
‫عن‬

‫‪ 1‬سبق نشرها في هذا المجموع ج ‪ 10‬ص ‪ ،277‬ونشرت في مجلة الدعوة‬


‫في العدد ‪ 929‬بتاريخ ‪12/5/1404‬هم‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫عَلى‬ ‫ظوا ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫كذب الكذابين‪ ،‬مثل قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{ ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫ه َ‬ ‫موا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫طى َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫صل َ ِ‬ ‫ت وال ّ‬ ‫وا ِ‬‫صل َ َ‬‫ال ّ‬
‫عوا‬‫ضا ُ‬ ‫فأ َ‬ ‫َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه ْ‬‫د ِ‬ ‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ف َ‬
‫غّيا{‪،2‬‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫ف ي َل ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬‫عوا ال ّ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫وات ّب َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫عن‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫صّلي َ‬ ‫م َ‬‫ل ل ّل ْ ُ‬ ‫وي ْ ٌ‬‫ف َ‬ ‫وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‪ ،3‬واليات في هذا المعنى كثيرة‪ .‬وقول‬ ‫هو َ‬‫سا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫صلت ِ ِ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر((‪ 4‬خرجه المام أحمد‬
‫وأهل السنن بإسناد صحيح‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫))بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة((‬
‫أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الصلة يوما ً بين‬

‫‪ 1‬سورة البقرة الية ‪.238‬‬


‫‪ 2‬سورة مريم‪ ،‬الية ‪.59‬‬
‫‪ 3‬سورة الماعون‪ ،‬اليتان ‪.5 ،4‬‬
‫‪ 4‬أخرجه أحمد في باقي مسند النصار‪ ،‬حديث بريدة السلمي برقم ‪،22428‬‬
‫والترمذي في كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء في ترك الصلة برقم ‪،2621‬‬
‫والنسائي في كتاب الصلة‪ ،‬باب الحكم في تارك الصلة برقم ‪ ،463‬وابن‬
‫ماجه في كتاب إقامة الصلة والسنة فيها برقم ‪.1079‬‬
‫‪ 5‬أخرجه مسلم في كتاب اليمان‪ ،‬باب إطلق الكفر على من ترك الصلة‬
‫برقم ‪.82‬‬

‫‪358‬‬
‫أصحابه‪)) :‬من حافظ عليها كانت له نورا ً وبرهانا ً‬
‫ونجاة يوم القيامة‪ ،‬ومن لم يحافظ عليها لم تكن‬
‫ة‪ ،‬وحشر يوم القيامة مع‬ ‫له نورا ً ول برهانا ً ول نجا ً‬
‫فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف(( رواه المام‬
‫أحمد بإسناد حسن‪.‬‬
‫قال بعض العلماء في شرح هذا الحديث‪ :‬وإنما يحشر يوم‬
‫القيامة من ضيع الصلة من هؤلء الكفرة؛ لنه إن ضيعها‬
‫بسبب الرئاسة شابه فرعون‪ ،‬ومن ضيعها بسبب الوزارة‬
‫والوظائف الخرى شابه هامان وزير فرعون‪ ،‬فيحشر معه‬
‫يوم القيامة إلى النار‪ ،‬ومن ضيعها بسبب المال والشهوات‬
‫شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الرض؛ بسبب‬
‫استكباره عن اتباع الحق‪ ،‬من أجل ماله الكثير واتباعه‬
‫الشهوات فيحشر معه إلى النار‪ ،‬وإن ضيعها بسبب التجارة‬
‫وأنواع المعاملت شابه أبي بن خلف ‪-‬تاجر أهل مكة‪ -‬من‬
‫الكفرة‪ ،‬فحشر معه يوم القيامة إلى النار‪ .‬نسأل الله العافية‬
‫من حالهم وحال أمثالهم‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ -174‬التنبيه على بطلن نشرتين يتداولهما‬
‫الناس حول حديث فيمن تهاون بالصلة‬

‫الحمد لله ر ب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد‬


‫‪1‬‬
‫وآله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت على نشرة بعنوان‪) :‬عقوبة تارك الصلة( جاء‬
‫فيها ما نصه‪ :‬روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))من تهاون في الصلة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة((‬
‫ثم عدها‪ ،‬وجاء آخرها‪ :‬كل من يتفضل بقراءة هذه النسخة‬
‫الرجاء نسخها وتوزيعها على المسلمين جميعًا‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫الفاتحة لفاعل الخير‪.‬‬
‫كما اطلعت على نشرة أخرى صدرت بثلث آيات من القرآن‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫كن ّ‬‫و ُ‬
‫عب ُدْ َ‬
‫فا ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫الكريم أولها قوله سبحانه‪} :‬ب َ ِ‬
‫ن{‪ ،2‬ثم ذكر بعدها‪ :‬أنها تجلب الخير بعد أربعة‬ ‫ري َ‬ ‫ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬
‫أيام‪ ،‬وطلب إرسال خمس وعشرين نسخة منها إلى من هو‬
‫في حاجة‪،‬‬

‫‪ 1‬تم إبلغ الصحف المحلية لنشر هذا التنبيه برقم ‪ 2373/1‬في ‪7/9/1401‬هم‬
‫الصادر من مكتب سماحته‪ ،‬كما نشر في كتاب فتاوى إسلمية من إعداد‬
‫محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.133‬‬
‫‪ 2‬سورة الزمر الية ‪.66‬‬

‫‪360‬‬
‫وأتَب ْعَ ذلك بذكر عقوبات يزعم وقوعها بمن أهملها‪.‬‬
‫وحيث إن هاتين النشرتين من الباطل والمنكرات ورأيت‬
‫التنبيه على ذلك‪ ،‬حتى ل يغتر بهما من تخفى عليهم أحكام‬
‫الشرع المطهر‪ ،‬فأقول وبالله التوفيق‪.‬‬
‫ل شك أن هذه الطريقة من المور المبتدعة في الدين‪ ،‬ومن‬
‫القول على الله بل علم‪ ،‬وقد بين الله سبحانه وتعالى في‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫كتابه العزيز‪ :‬أن ذلك من أعظم الذنوب فقال تعالى‪ُ } :‬‬
‫ن‬‫ما ب َطَ َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬
‫هَر ِ‬‫ما ظَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬
‫ف َ‬ ‫ي ال ْ َ‬‫َ‬ ‫م َرب ّ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ما ل َ ْ‬
‫م‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫وَأن ت ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ر ال ْ َ‬‫غي ْ َِ‬‫ي بِ َ‬
‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬
‫م َ‬ ‫وال ِث ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما ل َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫على الل ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأن ت َقولوا َ‬ ‫سلطاًنا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫ي ُن َّز ْ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫تَ ْ‬
‫‪1‬‬

‫فليتق الله عبد يسلك هذه الطريقة المنكرة‪ ،‬وينسب إلى‬


‫الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يصدر‬
‫عنهما‪ ،‬فإن تحديد العقوبات وتعيين الجزاءات على العمال‬
‫إنما هو من علم الغيب‪ ،‬ول علم لحد به إل من طريق‬
‫الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يرد في‬
‫الكتاب والسنة شيء من ذلك البتة‪.‬‬
‫أما الحديث الذي نسبه صاحب النشرة إلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في عقوبة تارك الصلة‪ ،‬وأنه يعاقب بخمس‬

‫سورة العراف‪ ،‬الية ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪361‬‬
‫عشرة عقوبة‪ ...‬الخ‪ ،‬فإنه من الحاديث الباطلة على النبي‬
‫حّفاظ من العلماء‬ ‫صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك ال ُ‬
‫رحمهم الله؛ كالحافظ الذهبي في الميزان رحمه الله‪،‬‬
‫والحافظ ابن حجر رحمه الله وغيرهما‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في كتابه )لسان الميزان( في ترجمة‬
‫كب على‬ ‫محمد بن علي بن العباس البغدادي العطار‪ :‬أنه ر ّ‬
‫أبي بكر ابن زياد النيسابوري حديثا ً باطل ً في تارك الصلة‪.‬‬
‫روى عنه محمد ابن علي الموازيني شيخ لبي النرسي‪ ،‬زعم‬
‫المذكور‪ :‬أن ابن زياد أخذه عن الربيع‪ ،‬عن الشافعي‪ ،‬عن‬
‫مي‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله‬ ‫س َ‬
‫مالك‪ ،‬عن ُ‬
‫عنه ورفعه‪)) :‬من تهاون بصلته عاقبه الله بخمس عشرة‬
‫خصلة(( الحديث‪ ،‬وهو ظاهر البطلن من أحاديث الطرقية‪.‬‬
‫أ‪.‬هم‪.‬‬
‫وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء فتوى‬
‫ببطلن ذلك الحديث بتاريخ ‪10/6/1401‬هم‪ ،‬فكيف يرضى‬
‫عاقل لنفسه بترويج حديث موضوع‪ ،‬وقد صح عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من روى عني‬
‫حديثا ً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين((‪ ،‬وإن‬
‫فيما جاء عن الله وعن رسوله في شأن الصلة وعقوبة‬
‫تاركها ما يكفي ويشفي‪ ،‬قال‬

‫‪362‬‬
‫ن ك َِتاًبا‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫سل َك َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قوًتا{ ‪ ،‬وقال تعالى عن أهل النار‪َ } :‬‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫ن{ اليات‪ .‬فذكر من‬ ‫‪2‬‬
‫صلي َ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م نَ ُ‬ ‫َ‬
‫قالوا ل ْ‬ ‫ُ‬ ‫قَر * َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫صلي َ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ل ل ِل ُ‬ ‫وي ْ ٌ‬‫ف َ‬ ‫صفاتهم ترك الصلة‪ ،‬وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫ؤو َ‬ ‫م ي َُرا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫صَلت ِ‬ ‫عن َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن{‪ ،3‬وقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫عو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عو َ‬ ‫من َ ُ‬
‫وي َ ْ‬‫* َ‬
‫))بني السلم على خمس‪ :‬شهادة أن ل إله إل‬
‫الله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول الله‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء‬
‫الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج البيت((‪ ،‬وقال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر((‪ .‬واليات والحاديث الصحيحة في هذا‬
‫كثيرة معلومة‪.‬‬
‫وأما النشرة الثانية التي صدرت باليات التي أولها قوله‬
‫ن{‪ ،4‬وذكر‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫عب ُدْ َ‬‫فا ْ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ َ‬ ‫سبحانه‪} :‬ب َ ِ‬
‫كاتبها أن من وزعها يحصل له كذا من الخير‪ ،‬ومن أهملها‬
‫يعاقب بكذا من العقاب فإنها من أبطل الباطل‪ ،‬وأعظم‬
‫الكذب‪،‬‬

‫النساء الية ‪.103‬‬ ‫سورة‬ ‫‪1‬‬

‫المدثر‪ ،‬اليتان ‪.43 ،42‬‬ ‫سورة‬ ‫‪2‬‬

‫الماعون اليات ‪.7-4‬‬ ‫سورة‬ ‫‪3‬‬

‫الزمر الية ‪.66‬‬ ‫سورة‬ ‫‪4‬‬

‫‪363‬‬
‫وإنها من أعمال الجهلة والمبتدعة الذين يريدون إشغال‬
‫العامة بالحكايات والخرافات والقاويل الباطلة‪ ،‬ويصرفونهم‬
‫عن الحق الواضح الب َّين الذي جاء في كتاب الله وسنة‬
‫رسوله‪ ،‬وأن ما يحدث للناس من خير أو شر هو من الله‬
‫عل َ ُ‬
‫م‬ ‫قل ّل ي َ ْ‬ ‫سبحانه‪ ،‬وهو العالم به وحده‪ ،‬قال سبحانه‪ُ } :‬‬
‫ْ َ‬
‫ه{‪ ،1‬ولم يرد‬ ‫ب إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫من ِ‬
‫َ‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كتب ثلث‬
‫آيات‪ ،‬أو أكثر منها يكون له كذا‪ ،‬ومن تركها يصيبه كذا‪،‬‬
‫وادعاء هذا كذب وبهتان‪ ،‬إذا علم هذا‪ ،‬فإنه ل يجوز كتابة‬
‫النشرتين‪ ،‬ول توزيعها‪ ،‬ول المشاركة في ترويجها بأي وجه‬
‫من الوجوه‪ ،‬وعلى من سبق له شيء من ذلك أن يتوب إلى‬
‫الله سبحانه‪ ،‬ويندم على ما حصل منه‪ ،‬ويعزم على عدم‬
‫العودة إلى ذلك مطلقًا‪.‬‬

‫سورة النمل‪ ،‬الية ‪.65‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪364‬‬
‫‪ -175‬ما صحة حديث‪)) :‬التمس لخيك سبعين‬
‫عذرًا((‬

‫سائل يقول‪ :‬ما صحة هذا الحديث‪)) :‬التمس لخيك‬


‫‪1‬‬
‫سبعين عذرًا((؟‬

‫ل‪ ،‬والمشروع للمؤمن أن يحترم أخاه إذا‬‫ج‪ :‬ل أعلم له أص ً‬


‫اعتذر إليه ويقبل عذره إذا أمكن ذلك ويحسن به الظن حيث‬
‫أمكن ذلك حرصا ً على سلمة القلوب من البغضاء ورغبة في‬
‫جمع الكلمة والتعاون على الخير‪ ،‬وقد روي عن عمر رضي‬
‫الله عنه أنه قال‪) :‬ل تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا ً‬
‫وأنت تجد لها فيه الخير محم ً‬
‫ل(‪.‬‬

‫نشر في جريدة المسلمون العدد ‪ 530‬في تاريخ ‪30/1/1415‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪365‬‬
‫‪ -176‬رد على ما كتبه أحد الكتاب في حق‬
‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫عنه‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على رسوله‬


‫المين وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:1‬‬
‫فقد اطلعت على القصة التي نقلها الكاتب من تاريخ ابن‬
‫جرير الطبري رحمه الله عن أمير المؤمنين عمر بن‬
‫الخطاب رضي الله عنه حيث قال ما نصه‪:‬‬
‫)فاتبعته فدخل دارا ً ثم دخل حجرة فاستأذنت وسلمت فأذن‬
‫لي فدخلت عليه‪ ،‬فإذا هو جالس على مسح )بساط( متكئ‬
‫ي بإحداهما‬‫على وسادتين من أدم محشوتين ليفا ً فنبذ إل ّ‬
‫فجلست عليها وإذا بهو في صفة فيها بيت عليه ستير‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا أم كلثوم أل تخرجين إلينا تأكلين معنا من هذا‪ .‬قالت‪ :‬إني‬
‫أسمع عندك حس رجل‪ ،‬قال‪ :‬نعم ول أراه من أهل البلد‪.‬‬
‫قالت‪ :‬لو أردت أن أخرج إلى الرجال لكسوتني كما كسى‬
‫ابن جعفر امرأته‪ .‬وكما كسى الزبير امرأته‪ .‬وكما كسى‬
‫طلحة امرأته‪ .‬قال‪ :‬أو ما‬

‫نشر في مجلة اليمامة العدد ‪ 684‬وتاريخ ‪2/3/1402‬هم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪366‬‬
‫يكفيك أن يقال أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وامرأة‬
‫ة لطعمتك‬ ‫أمير المؤمنين عمر‪ .‬فقال‪ :‬كل فلو كانت راضي ً‬
‫أطيب من هذا( أ‪.‬هم‪.‬‬
‫وهذه القصة باطلة ل تثبت رواية ول دراية‪ .‬أما الرواية‪ ،‬فلن‬
‫مدارها على جماعة من الضعفاء وبعضهم متهم بالكذب‬
‫وتنتهي القصة إلى مبهم ل يعرف من هو ول تعرف حاله وهو‬
‫الذي رواها عن عمر؛ وبذلك يعلم بطلنها من حيث الرواية‪.‬‬
‫وأما من حديث الدراية فمن وجوه‪:‬‬
‫شذوذها ومخالفتها كما هو معلوم من سيرة‬ ‫‪-1‬‬
‫عمر رضي الله عنه وشدته في الحجاب وغيرته‬
‫العظيمة وحرصه على أن يحجب النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم نساءه حتى أنزل الله آية‬
‫الحجاب‪.‬‬
‫مخالفتها لحكام السلم التي ل تخفى على‬ ‫‪-2‬‬
‫عمر ول غيره من أهل العلم‪ ،‬وقد دل القرآن‬
‫والسنة النبوية على وجوب الحتجاب وتحريم‬
‫الختلط بين الرجال والنساء على وجه يسبب‬
‫الفتنة ودواعيها‪.‬‬
‫ما في متنها من النكارة الشديدة التي تتضح‬ ‫‪-3‬‬
‫لكل من تأملها‪ ،‬وبكل حالة فالقصة موضوعة‬
‫على عمر بل شك؛ للتشويه‬

‫‪367‬‬
‫من سمعته أو للدعوة إلى الفساد بسفور النساء للرجال‬
‫الجانب واختلطهن بهم أو لمقاصد أخرى سيئة‪ ،‬نسأل الله‬
‫العافية‪.‬‬
‫ولقد أحسن الشيخ أبو تراب الظاهري والشيخ محمد أحمد‬
‫حساني والدكتور هاشم بكر حبشي فيما كتبوه في رد هذه‬
‫القصة‪ ،‬وبيان بطلنها‪ ،‬وأنه ل يصح مثلها عن أمير المؤمنين‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬جزاهم الله خيرا ً وضاعف‬
‫مثوبتهم وزادنا وإياهم علما ً وتوفيقا ً وجعلنا وإياهم وسائر‬
‫إخواننا من أنصار الحق‪.‬‬
‫وللمشاركة في بيان الحق وإبطال الباطل رأيت تحرير هذه‬
‫الكلمة الموجزة؛ ليزداد القراء علما ً ببطلن هذه القصة وأنها‬
‫في غاية السقوط للوجوه السالف ذكرها وغيرها‪.‬‬
‫والله المسئول أن يهدينا جميعا ً إلى سواء السبيل وأن يعيذنا‬
‫وسائر إخواننا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه سميع‬
‫قريب‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬

‫الرئيس العام لدارات البحوث العلمية‬


‫والفتاء والدعوة والرشاد‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫‪368‬‬
‫‪ -177‬ما صحة حديث‪)) :‬يوم صومكم يوم‬
‫نحركم((‬

‫س‪ :‬الخ و‪ .‬ع‪ .‬ح‪ .‬من الرياض يقول في سؤاله‪:‬‬


‫هناك قول يتردد على ألسنة بعض الناس وهو )يوم‬
‫صومكم يوم نحركم( وبعضهم يقول إنه أثر فهل‬
‫هذا صحيح يا سماحة الوالد نرجو الفادة وفقكم‬
‫‪1‬‬
‫الله وأطال عمركم على طاعته؟‬

‫ج‪ :‬ل أعلم له أصل شرعي‪ ،‬ول أعلم أنه ورد في ذلك حديث‬
‫يعتمد عليه‪ ،‬والله الموفق‪.‬‬

‫‪ -178‬ما صحة حديث‪)) :‬من زار أهل بيتي بعد‬


‫وفاتي كتبت له سبعون حجة((‬

‫س‪ :‬زيارة القبور أمثال المام علي رضي الله عنه‬


‫والحسين والعباس وغيرهم‪ .‬وهل الزيارة إليهم‬
‫تعدل سبعين‬

‫‪ 1‬من ضمن السئلة المقدمة من المجلة العربية وأجاب عنه سماحته في‬
‫‪19/12/1415‬هم‪..‬‬

‫‪369‬‬
‫حجة من بيت الله الحرام؟ وهل قال الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬من زار أهل بيتي بعد وفاتي‬
‫كتبت له سبعون حجة((؟ نرجو أن تفيدونا جزاكم‬‫ُ‬
‫ً ‪1‬‬
‫الله خيرا؟‬

‫ج‪ :‬زيارة القبور سنة وفيها عظة وذكرى‪ ،‬وإذا كانت القبور‬
‫من قبور المسلمين دعا لهم‪ ،‬وكان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم يزور القبور ويدعو للموتى‪ ،‬وكذا أصحابه رضي الله‬
‫عنهم‪ .‬ويقول الرسول عليه الصلة والسلم‪)) :‬زوروا‬
‫القبور فإنها تذكركم الخرة((‪ ،2‬وكان ُيعلم أصحابه إذا‬
‫زاروا القبور أن يقولوا‪)) :‬السلم عليكم أهل الديار من‬
‫المؤمنين والمسلمين‪ ،‬وإنا إن شاء الله بكم‬
‫لحقون‪ ،‬نسأل الله لنا ولكم العافية((‪ ،3‬وفي حديث‬
‫عائشة‪)) :‬يرحم الله المستقدمين منا‬
‫والمستأخرين((‪.4‬‬

‫‪ 1‬من برنامج نور على الدرب شريط رقم ‪ 8‬ونشر في هذا المجموع ج ‪ 9‬ص‬
‫‪.283‬‬
‫‪ 2‬رواه ابن ماجه في الجنائز‪ ،‬باب ما جاء في زيارة القبور برقم ‪.1569‬‬
‫‪ 3‬رواه مسلم في الجنائز‪ ،‬باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لهلها برقم‬
‫‪ ،975‬وابن ماجه في الجنائز‪ ،‬باب فيما يقال فإذا دخل المقابر برقم ‪.1547‬‬
‫‪ 4‬رواه النسائي في كتاب الجنائز‪ ،‬باب المر بالستغفار للمؤمنين برقم‬
‫‪.2037‬‬

‫‪370‬‬
‫وفي حديث ابن عباس‪)) :‬يغفر الله لنا ولكم‪ ،‬أنتم‬
‫سلفنا ونحن الثر((‪ 1‬فالدعاء لهم بهذا وأشباهه كله‬
‫طيب‪ ،‬وفي الزيارة ذكرى وعظة؛ ليستعد المؤمن لمن نزل‬
‫بهم وهو الموت‪ ،‬فإنه سوف ينزل به ما نزل بهم‪ ،‬فليعد‬
‫العدة ويجتهد في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم ويبتعد عما حرم الله ورسوله من سائر المعاصي‬
‫ويلزم التوبة عما سلف من التقصير‪ ،‬هكذا يستفيد المؤمن‬
‫من الزيارة‪.‬‬
‫أما ما ذكرت من زيارة القبور لعلي رضي الله عنه والحسن‬
‫والحسين أو غيرهم أنها تعدل سبعين حجة فهذا باطل‬
‫ومكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له أصل‪،‬‬
‫وليست الزيارة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو‬
‫أفضل الجميع تعدل حجة‪ ،‬الزيارة لها حالها وفضلها لكن ل‬
‫تعدل حجة‪ ،‬فكيف بزيارة غيره عليه الصلة والسلم؟ هذا‬
‫من الكذب‪ ،‬وهكذا قولهم‪)) :‬من زار أهل بيتي بعد وفاتي‬
‫كتبت له سبعون حجة((‪ ،‬كل هذا ل أصل له وكله باطل‪،‬‬
‫وكله مما كذبه الكذابون‪ ،‬فيجب على المؤمن الحذر من هذه‬
‫الشياء الموضوعة المكذوبة على الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه الترمذي في كتاب الجنائز‪ ،‬باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر‬
‫‪.1053‬‬

‫‪371‬‬
‫وإنما تسن الزيارة للقبور سواء كانت قبور أهل البيت أو من‬
‫غيرهم من المسلمين‪ ،‬يزرهم ويدعو لهم ويترحم عليهم‬
‫وينصرف‪.‬‬
‫أما إن كانت القبور للكفار فإن زيارتها للعظة والذكرى من‬
‫دون أن يدعو لهم‪ ،‬كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر‬
‫أمه ونهاه ربه سبحانه أن يستغفر لها‪ ،‬زارها للعظة والذكرى‬
‫ولم يستغفر لها‪ ،‬وهكذا القبور الخرى ‪-‬قبور الكفرة‪ -‬إذا‬
‫زارها المؤمن للعظة والذكرى فل بأس ولكن ل يسلم عليهم‬
‫ول يستغفر لهم؛ لنهم ليسوا أهل ً لذلك‪.‬‬

‫‪ -179‬ما صحة حديث‪)) :‬من حد البيت ولم‬


‫يزرني فقد جفاني((‬

‫أرجو الفادة عن صحة الحاديث التية‪ 1:‬الول‪:‬‬


‫))من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني((‪ .‬الثاني‪:‬‬
‫))من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي((‪.‬‬
‫الثالث‪)) :‬من زارني بالمدينة محتسبا ً كنت له‬
‫شفيعا ً‬

‫نشر في كتاب فتاوى إسلمية من إعداد محمد المسند ج ‪ 4‬ص ‪.100‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪372‬‬
‫شهيدا ً يوم القيامة((؛ لنها وردت في بعض الكتب‬
‫وحصل منها إشكال واختلف فيها على رأيين‬
‫أحدهما يؤيد هذه الحاديث‪ ،‬والثاني ل يؤيدها‪.‬‬

‫ج‪ :‬أما الحديث الول‪ :‬فقد رواه ابن عدي والدار قطني من‬
‫طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بلفظ‪)) :‬من حج ولم يزرني فقد‬
‫جفاني((‪ ،‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬بل قيل عنه‪ :‬إنه موضوع‪،‬‬
‫أي‪ :‬مكذوب‪ ،‬وذلك أن في سنده محمد بن النعمان بن‬
‫بشبل الباهلي عن أبيه وكلهما ضعيف جدًا‪ ،‬وقال الدار‬
‫قطني‪ :‬الطعن في هذا الحديث علي ابن النعمان ل النعمان‪،‬‬
‫وروى هذا الحديث البزار أيضا ً وفي إسناده إبراهيم الغفاري‬
‫وهو ضعيف‪ ،‬ورواه البيهقي عن عمر‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده مجهول‪.‬‬
‫أما الحديث الثاني‪ :‬فقد أخرجه الدار قطني عن رجل من آل‬
‫حاطب عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ‪ ،‬وفي‬
‫إسناده الرجل المجهول‪ ،‬ورواه أبو يعلى في مسنده‪ ،‬وابن‬
‫عدي في كامله‪ ،‬وفي إسناده حفص بن داود‪ ،‬وهو ضعيف‬
‫الحديث‪.‬‬
‫أما الحديث الثالث‪ :‬فقد رواه ابن أبي الدنيا عن طريق‬

‫‪373‬‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم بهذا اللفظ‪ ،‬وفي إسناده سليمان بن زيد الكعبي وهو‬
‫ضعيف الحديث‪ ،‬ورواه أبو داود الطيالسي من طريق عمر‪،‬‬
‫وفي إسناده مجهول‪.‬‬
‫هذا وقد وردت أحاديث صحيحة للعبرة والتعاظ والدعاء‬
‫للميت‪ .‬أما الحاديث الواردة في زيارة قبر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم خاصة فكلها ضعيفة‪ ،‬بل قيل‪ :‬إنها موضوعة‪.‬‬
‫فمن رغب في زيارة القبور أو في زيارة قبر الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم زيارة شرعية للعبرة والتعاظ والدعاء‬
‫للميت والصلة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي‬
‫عن صاحبيه دون أن يشد الرحال‪ ،‬أو ينشئ سفرا ً لذلك‬
‫فزيارته مشروعة ويرجى له فيها الجر‪.‬‬
‫ومن شد لها الرحال أو أنشأ لها سفرا ً فذلك ل يجوز؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تتخذوا قبري عيدًا‪ ،‬ول‬
‫ي فإن تسليمكم يبلغني‬ ‫بيوتكم قبورًا‪ ،‬وصلوا عل ّ‬
‫أينما كنتم(( رواه محمد بن عبد الواحد المقدسي في‬
‫المختارة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪374‬‬
‫‪ -180‬ما صحة حديث‪)) :‬الغناء زاد الراكب((‬

‫س‪ :‬سمعت كلما ً ل أدري أهو حديث أم ماذا‬


‫))الغناء زاد الراكب(( بينوا لنا جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬ليس بحديث بل هو كلم باطل‪ ،‬والغناء هو رقية‬
‫الشيطان‪ ،‬وهو في الحقيقة من لهو الحديث الذي نهى الله‬
‫س‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬‫و ِ‬‫عنه وحذر منه وذم أهله في قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ر‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه بِ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬‫ض ّ‬‫ث ل ِي ُ ِ‬‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ري ل َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪ ،‬وهو‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وا أولئ ِ َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ْ‬
‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬
‫ب ّ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬‫كل ُ‬ ‫هُز ً‬‫ها ُ‬ ‫وي َت ّ ِ‬‫علم ٍ َ‬
‫‪1‬‬
‫ِ‬
‫مما يصد عن سبيل الله ومما يشغل القلوب عن التلذذ‬
‫بقراءة كلم الله وسماعه‪.‬‬
‫أما الشعر باللغة العربية واللحون العربية فل بأس به إذا‬
‫كان يشتمل على ما يرضي الله وينفع عباده‪ ،‬وهكذا كل‬
‫شعر في الدعوة إلى الله وفي الترغيب إلى مكارم الخلق‬
‫ومحاسن العمال والترهيب من مساوئ الخلق وسيئ‬
‫العمال باللحون العربية والشعر العربي ل بلحون الغناء‪،‬‬
‫فهذا ل بأس به كما قال‬

‫سورة لقمان الية ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪375‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ))إن من الشعر حكمة((‪،1‬‬
‫وقد سمع شعر كعب بن زهير وشعر عبد الله بن رواحة‬
‫وشعر كعب ابن مالك وحسان بن ثابت رضي الله عنهم‪.‬‬

‫‪ -181‬ما حكم صلة التسابيح‬

‫س‪ :‬الخ ف‪ .‬ك‪ .‬من )أبو ظبي( من المارات‬


‫العربية المتحدة يقول في سؤاله‪ :‬قرأت فتوى‬
‫لسماحتكم قبل مدة في المجلة العربية أن الحديث‬
‫الوارد عن صلة التسابيح غير صحيح وأنها ل تجوز‪،‬‬
‫وبعد مدة وقع نظري على حديث في سنن ابن‬
‫ماجه عن أبي رافع قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫حبوك‪ ،‬أل‬
‫الله عليه وسلم للعباس‪)) :‬يا عم أل أ ْ‬
‫أنفعك‪ ،‬أل أصلك(( الخ الحديث‪ ،‬وقد صححه الشيخ‬
‫محمد ناصر اللباني‪ ،‬وقد ورد في المشكاة وفي‬
‫صحيح الترغيب‪ ،‬أرجو التكرم من سماحتكم بإزالة‬
‫‪2‬‬
‫اللبس‪.‬‬

‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الدب‪ ،‬باب الشعر برقم ‪.2844‬‬ ‫‪1‬‬

‫من أسئلة المجلة العربية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪376‬‬
‫ج‪ :‬الصواب أنه موضوع‪ ،‬كما صرح بذلك العلمة ابن الجوزي‬
‫في الموضوعات‪ ،‬وضعفه الترمذي والعقيلي‪ ،‬وقال الحافظ‬
‫ابن حجر في التلخيص‪) :‬الحق أن طرقه كلها ضعيفة(‪،‬‬
‫وضعفه شيخ السلم ابن تيمية والمزي‪ ،‬والحق أنه موضوع‬
‫كما قدمنا‪ ،‬وكما صرح بذلك ابن الجوزي في الموضوعات؛‬
‫لضعف أسانيده ونكارة متنه ومخالفته للحاديث الصحيحة‬
‫المتواترة في بيان صفة الصلة الشرعية‪ ،‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪ -182‬ما صحة حديث‪)) :‬من عصاني وهو‬


‫يعرفني سلطت عليه من ل يعرفني((‬

‫س‪ :‬إذا كان ينبغي للمسلم أل ينسب قول ً لرسول‬


‫الله صلى الله عليه وسلم إل ما صحت وثبتت‬
‫نسبته إليه‪ ،‬أفل يكون المر أولى وألزم عندما‬
‫يكون قول ً منسوبا ً لله عز وجل؟ وماذا عن هذه‬
‫العبارة وأمثالها المصدرة عن الله سبحانه‪)) :‬ومن‬
‫عصاني وهو يعرفني سلطت عليه من ل يعرفني((‬
‫أفيدونا مشكورين؟ والسلم‪.‬‬

‫ج‪ :‬ل يجوز لي أحد أن ينسب إلى الله أو إلى رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم إل ما علم صحته‪ ،‬فإن شك في ذلك‬

‫‪377‬‬
‫فالواجب أل يجزم‪ ،‬بل يقول‪ :‬روي عن الله سبحانه أنه قال‪،‬‬
‫أو يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪،‬‬
‫وهكذا ما أشبه هذه الصيغة من صيغ التمريض التي ليس‬
‫فيها جزم عن الله ول عن رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد صرح أهل العلم بذلك‪ ،‬ومن ذلك هذا الثر الذي ذكرتم‬
‫المنسوب إلى الله عز وجل أنه قال‪)) :‬ومن عصاني وهو‬
‫يعرفني سلطت عليه من ل يعرفني((‪ ،‬وهذا الثر ل‬
‫نعلم له أصل ً وإنما هو مشهور في كتب الوعظ والتذكير‪،‬‬
‫كرين ول يجوز الجزم به‬‫وعلى ألسنة بعض الوعاظ والمذ ّ‬
‫عن الله عز وجل‪ ،‬وإنما الواجب أن يحكى بصيغة التمريض‬
‫آنفا ً وأشباهها‪ ،‬وفق الله المسلمين لك ما فيه رضاه‪.‬‬

‫‪ -183‬ما صحة حديث‪)) :‬ما رفع مسلم منزله‬


‫فوق سبعة أذرع إل قيل له‪ :‬إلى أين يا‬
‫فاسق((‬

‫س‪ :‬ما صحة حديث‪)) :‬ما رفع مسلم منزله فوق‬


‫‪1‬‬
‫سبعة أذرع إل قيل له‪ :‬إلى أين يا فاسق((؟‬

‫‪ 1‬من أسئلة محاضرة في الجامع الكبير بالرياض في ‪15/2/1400‬هم‪ ،‬ونشرت‬


‫في مجلة البحوث السلمية‪ ،‬العدد ‪ 46‬ص ‪.194‬‬

‫‪378‬‬
‫ج‪ :‬هذا ليس بحديث ولعله من قول بعض السلف‪ ،‬ولكن‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر التطاول في‬
‫البنيان من أشراط الساعة‪ ،‬ولكن ليس فيه النهي عن ذلك‬
‫من الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكذلك من أشراط‬
‫الساعة أن تلد المة ربتها‪ ،‬والمراد بذلك التسري حتى تلد‬
‫المة ربتها يعني سيدتها‪ ،‬وفي لفظ آخر‪ :‬ربها سمي بذلك؛‬
‫لن ولدها سيدها سيد ٌ لها في المعنى‪ ،‬ومعلوم أن التسري‬
‫جائز ولو كانت كثرته من أشراط الساعة‪ ،‬ول يمنع ذلك كونه‬
‫من أشراط الساعة‪ ،‬وقد تسرى النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫جاريته مارية‪ ،‬فولدت له ابنه إبراهيم‪ ،‬وهكذا الصحابة رضي‬
‫الله عنهم تسروا‪ ،‬وهكذا من بعدهم من السلف الصالح‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -184‬حديث‪)) :‬ل ربا بين المسلم والحربي((‬

‫حديث‪)) :‬ل ربا بين المسلم والحربي(( ذكره العيني في‬


‫البناية على الهداية‪ ،‬وقال غريب ليس له أصل مسند‪ ،‬ونقل‬
‫عنه المبسوط أنه مروي عن مكحول مرس ً‬
‫ل‪ .‬أ هم‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫‪ -185‬حديث‪)) :‬أنا أفصح من نطق بالضاد بيد‬
‫‪1‬‬
‫أني من قريش((‬

‫حديث‪)) :‬أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش((‪،‬‬


‫قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسره لخر سورة‬
‫الفاتحة‪) :‬ل أصل له(‪.‬‬
‫وقال العجلوني في كشف الخفاء ج ‪ 1‬ص ‪ 200‬ما نصه‪:‬‬
‫)قال في الللئ معناه صحيح ولكن ل أصل له( كما قال ابن‬
‫كثير وغيره من الحافظ وأورده أصحاب الغريب‪ ،‬ول يعرف‬
‫له إسناد‪.‬‬

‫‪ -186‬حديث‪)) :‬فقيه واحد أشد على‬


‫‪2‬‬
‫الشيطان من ألف عابد((‬

‫حديث‪)) :‬فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد((‬


‫أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما‪،‬‬
‫وفي إسناده روح بن جناح وهو ضعيف كما في التقريب‪.‬‬

‫‪ 1‬من ضمن الحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض‬


‫الحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله‪.‬‬
‫‪ 2‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫‪ -187‬حديث‪)) :‬رجعنا من الجهاد الصغر إلى‬
‫‪1‬‬
‫الجهاد الكبر((‬

‫حديث‪)) :‬رجعنا من الجهاد الصغر‪ ،‬إلى الجهاد الكبر(( رواه‬


‫البيهقي بسند ضعيف‪ ،‬قاله الحافظ العراقي في شرح‬
‫الحياء‪ ،‬نقله عنه العجلوني في كشف الخفاء‪ ،‬وقال الحافظ‬
‫بن حجر رحمه الله‪) :‬هو من كلم إبراهيم بن أبي عبلة‬
‫وليس بحديث(‪ ،‬نقله أيضا ً العجلوني عن الحافظ في‬
‫الكشف‪ ،‬هذا ملخص ما ذكره العجلوني‪.‬‬
‫وفي رواية البيهقي‪) :‬قالوا وما الجهاد الكبر؟ قال‪ :‬جهاد‬
‫القلب(‪.‬‬
‫ورواه الخطيب البغدادي بلفظ‪)) :‬رجعنا من الجهاد الصغر‬
‫إلى الجهاد الكبر‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الجهاد الكبر؟ قال‪ :‬جهاد‬
‫القلب(( ورواه الخطيب البغدادي بلفظ‪)) :‬رجعنا من الجهاد‬
‫الصغر إلى الجهاد الكبر‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الجهاد الكبر؟ قال‪:‬‬
‫مجاهدة العبد هواه((‪ ،‬وقد روياه جميعا ً عن جابر كذا في‬
‫كشف الخفاء‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج ‪11‬‬
‫ص ‪) :197‬أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة‬
‫تبوك‪)) :‬رجعنا من الجهاد الصغر‪ ،‬إلى الجهاد الكبر(( فل‬
‫أصل له‪ ،‬ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وأفعاله‪.‬‬

‫‪ 1‬من ضمن الحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض‬


‫الحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫‪ -188‬حديث‪)) :‬لعن الله الناظر والمنظور‬
‫‪1‬‬
‫إليه((‬

‫عن الحسن مرسل ً قال‪ :‬بلغني أن رسول الله صلى الله‬


‫عليه وسلم قال‪)) :‬لعن الله الناظر والمنظور إليه(( رواه‬
‫البيهقي في شعب اليمان‪ ،‬قلت مرسلت الحسن ضعيفة‪،‬‬
‫ول نعلم لهذا المتن أصل ً يعضده‪ ،‬ثم رأيت في كشف الخفاء‬
‫للعجلوني رحمه الله ص ‪ 408‬نسبة هذا الحديث إلى وضع‬
‫إسحاق الملطي عامله الله بما يستحق‪.‬‬

‫انتهى الجزء السادس‬


‫والعشرون ويليه بمشيئة الله‬
‫تعالى الجزء السابع والعشرون‬
‫ويحتوي على كتاب الدعوة إلى‬
‫الله والمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر‬

‫‪ 1‬من ضمن الحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض‬


‫الحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله‪.‬‬

‫‪382‬‬

You might also like