Professional Documents
Culture Documents
قي ُ
ل ص ِ
ف ال ّ سي ُ ال ّ
ن َزِفيل َ
في الّرد ّ عَلى اب ِ
فتصني ُ
َ
المام الحافظ الحجة الصولي المجتهد الرباني الولي الصالح العَلم
سْبكي الخزرجي النصاري ي بن عبد الكافي ال ّ أبي الحسن تقي الدين عل ّ
رحمه الله تعالى
) 756 - 683هـ(
وبهامشه
ملة الّرد ّ على نونية ابن القيم ت َك ْ ِ
تبديد الظلم المخيم من نونية ابن القيم
بقلم
ّ ّ
المام العالم الفقيه المتكلم الن ّظار
هد بن الحسن الكوثري مد َزا ِ مح ّ
) 1371 – 1296هـ(
رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المام الكوثري
رحمه الله تعالى
َ ّ
الحمد لله القدوس المتعال ،المنزه عن النظير والمثال ،جلت ذاته وعَلت صفاته
ل عن إدراك تلك المطالب في م أو خيال ،والعقو ُ عن أن يحوم حول اكتناهها وهْ ٌ
عقال.
ً
والصلة والسلم على سيدنا محمد المبعوث للتتميم مكارم الخلل ،منقذا لهذه
المة من مخالب الوثنية وصنوف الضلل ،وهاديا ً إلى مراضي موله ذي الجلل
ب كرائم الخصال. والجمال ،وعلى آله خير الل ،وأصحابه أصحا ِ
] انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه ) [
وبعد...
ن الله سبحانه بعث خاتم رسله ّ أ السلمي الدين تاريخ س ر
ََ َ د من على يخفي فل
في بيئة عريقة في الوثنية ،وقد أحدقت بتلك البيئة أمم يدينون بالشراك
والتشبيه وأنواع من التخريف والتمويه ،فبمبعثه ) انقشعت تلك الظلمات
الجاهلية ،واستنارت بصائر الذين آمنوا به بأنوار التعاليم السلمية ،حتى داسوا
م أعداِء تحت أرجلهم تقاليد الوثنية ،ونبذوا تلك الساطير الهمجية ،وخمدت عزائ ُ
صلُتهم الَعداء إلى حين. موا َت ُالدين ،وفتر ْ
حّين العداء الفرص للكيد بالمسلمين [ ] تَ َ
لكنهم كانوا يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين ،وتشويه تعاليم هذا الدين
في الخلق والعمل والعتقاد ،حتى تذرعوا بعد وفاته ) بشتى الوسائل إلى ب َ ْ
ذر
بذور الفساد كّلما ظنوا أن الفرصة سانحة.
) (1/1
) (1/2
ولكن أبي الله إل أن يرد ّ كيدهم في نحرهم حيث أقام جهابذةً يسعون في إبعاد
ن في عقول الذينمختلقاتهم عن مرتبة العتداد في جميع الطبقات ،على أ ّ
أسلموا إسلما ً صحيحا ً من النور ما يشق لهم الطريق إلى تعرف دخائل
ة من طبقات الرواة من المرويات من نفس تلك الّروايات ،وإن لم تخل طبق ٌ
عوا في رواياتهم عقول هؤلء أغرار انخدعوا بها تعصبوا لها ،لن الفاتنين كانوا َرا َ
ومداركهم في جاهليتهم؛ تيسيرا ً لزلل أقدامهم وتدهورهم في هاوية إغوائهم.
] انخداع سذج الرواة [
فالّرواة السذج إذا انخدعوا بمثل هذا التمويه يكون عندهم بعض عذر ،ومن الذي
ل ينخلع قلبه إذا سمع السنة والدعوة إلى السنة من متقشف متظاهر بالورع
الكاذب على تقدير جهل السامع بما وراء الكمة ؟! فيجب أخذ هؤلء بالرفق
ل توّرطوا فيه باسم السنة.لتدريجهم إلى الحق من باط ٍ
ن العامي إذا بدر منه ما يوهم ظاهره ن محققي أهل السنة من يشير إلى أ ّ م ْ و ِ
ه من الجهة ونحوها التشبيه ُيرجى من فضل الله أن يسامحه حيث يعلو التنزي ُ
عن مداركه.
مه ،وأّلف في ذات الله وصفاته، ما من جمع بين الرواية والدراية على زع ِ وأ ّ
ل هذا ،فل يوجد بين علماء أهل السنة من يعذر مثله ،بل أطبقت وصدر منه مث ُ
كلماتهم على إلزامه مقتضى كلمه ،وليس لعالم عذٌر في الميل إلى شيء من
التشبيه والقرمطة؛ لظهور سقوطهما لكل ناظر.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم) :ما لقيت طائفة إل
وكانت لي معهم وقفة عصمني الله منها بالنظر -بتوفيقه -إل الباطنية والمشبهة
ت أنه ليس وراءهما معرفة ،فقذفت نفسي كلمهما من أول ة تحقق ُف ٌفإنهما َزعْن َ َ
مرة( اهـ.
) (1/3
بل ل يتصور أن يميل إلى أحدهما عاقل إل إذا كان له غاية إلحادية ،وأّنى
يستعجم على عال ِم ٍ باللسان العربي المبين ما في كتاب الله وسنة رسوله ) من
الدللة على تنزيه الله جل شأنه من الجسمية والجسمانيات والمادة والماديات،
بخلف العامي الذي هو قريب العهد من الجاهلية.
] فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين [
ن لهم فضل ً جسيما ً في صيانة جزى الله علماء أصول الدين عن السلم خيرًا ،فإ ّ
عقائد المسلمين بأدلة ناهضة مدى القرون أمام كل فرقة زائغة ،وإنما يكون
ْ ن من يكون إماما ً في ِ
علم ٍ من سواهم؛ ل ّ ن َ
التعويل في كل علم ٍ على أئمته دو َ
ل في العقائد إل على أئمة كثيرا ً ما يكون بمنزلة العامي في علم آخر ،فإذا ل ي ُعَوّ ُ
ً
أصول الدين ل على الرواة البعيدين عن النظر ،وكم بينهم من ي ُْرَثى لمداركه
حيث يقل عقله عن عقول الطفال ،وإن بلغ في السن مبلغ الرجال .ومن طالع
ما أّلفه بعض الرواة على طول القرون من كتب في التوحيد والصفات والسّنة
والردود على أهل النظر ،يشكر الله سبحانه على النور الذي أفاضه على عقله
طامات بأول نظرة.حتى نبذ مثل تلك ال ّ
] محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها [
وقد استمرت فتن المخدوعين من الرواة على طول القرون مجلبة لسخط الله
تعالى ولستسخاف العقلء ،من غير أن يخطر ببال عاقل أن يناضل عن
ي تجّرد َ
سخافات هؤلء ،إلى أن نبغ في أواخر القرن السابع بدمشق حّران ٌ
للدعوة إلى مذهب هؤلء الحشوية السخفاء ،متظاهرا ً بالجمع بين العقل والنقل
ب فهمه من الكتب ،بدون أستاذ يرشده في مواطن الزلل. س ِ
ح َ
على َ
وحاشا العقل الناهض والنقل الصحيح أن يتضافرا في الدفاع عن تخريف
السخفاء ،إل إذا كان العقل عقل صابئ والنقل نقل صبي !!
) (1/4
س ليسوا من التأهل للجمع بين الروية والدراية في وكم انخدع بخزعبلته أنا ٌ
شيء ،وله مع خلطائه هؤلء موقف في يوم القيامة ل يغبط عليه ،ومن درس
ظ بعقله غيُر مصاب في دينه. حياته يجدها كّلها فتنا ً ل يثيرها حا ٍ
جَهة والحركةح منقول ،أو برهان صحيح معقول يثبت ال ِ ص صري ٌوأّني يوجد ن ٌ
والّثقل والمكان ونحوها لله سبحانه !!؟
وسيمّر بك سرد ُ بعض مخازيه مع نقضها إن شاء الله تعالى.
ب ّ
ة جيدة ،قل َم سّيال ،وحافظ ٌ ل ما في الرجل أّنه كان له لسان طلق ،وقل ٌ وك ّ
ً
-بنفسه بدون أستاذ رشيد -صفحات كتب كثيرة جدا من كتب النحل التي كانت
دمشق امتلت بها بواسطة الجوافل من استيلء المغول على بلد الشرق ،فاغتر
بما فهمه من تلك الكتب من الوساوس والهواجس ،حتى طمحت نفسه إلى أن
تكون قدوة ً في المعتقد والحكام العملية ،ففاه في القبيلين بما لم يفه به أحد
من العالمين ،مما هو وصمة عار وأمارة مروق في نظر الناظرين ،فانفض من
حوله أناس كانوا تعجلوا في إطرائه بادئ بدء قبل تجريبه ،وتخلوا عنه واحدا ً إثر
واحد على تعاقب فتنه المدونة في كتب التاريخ) (.
ن أن علماء ولم يبق معه إل أهل مذهبه في الحشو من جهل َةِ المقلدة ،ومن ظ ّ
ّ
سدا ً من عند أنفسهم فليت ِّهم عقله وإدراكه ح َعصره صاروا كلهم إلبا ً واحدا ً ضده َ
قبل اتهام الخرين ،بعد أن درس مبلغ بشاعة شواذه في العتقاد والعمل وهو
لم يزل ُيستتاب استتابه إثر استتابة ،وينقل من سجن إلى سجن إلى أن أفضى
إلى ما عمل وهو مسجون ،فقبر هو وأهواؤه في البابين بموته وبردود العلماء
عليه وما هي ببعيدة عن متناول رواد الحقائق.
] مسايرة ابن القيم لبن تيمية في فتنته [
) (1/5
وكان ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيم يسايره في شواذه كلها حيا ً وميتًا،
ويقلده فيها تقليدا ً أعمى في الحق والباطل ،وإن كان يتظاهر بمظهر الستدلل
لكن لم يكن استدلله المصطنع سوى ترديد منه لتشغيب قدوته دائبا ً على إذاعة
شواذ شيخه ،متوخيا ً في غالب مؤلفاته تلطيف لهجة أستاذه في تلك الشواذ،
لتنطلي وتنفق على الضعفاء ،وعمله كله التلبيس والمخادعة والنضال عن تلك
الهواء المخزية حتى أفنى عمره بالدندنة حول مفردات الشيخ الحراني.
تراه يثرثر في كل واد ،ويخطب بكل ناد بكلم ل محصل له عند أهل التحصيل،
ولم يكن له حظ من المعقول ،وإن كان كثير السرد لراء أهل النظر ،ويظهر
مبلغ تهافته واضطرابه لمن طالع )شفاء العليل( له بتبصر ،ونونّيته وعزَوه من
الدلئل.
على أنه لم يكن ممن له علم بالرجال ول ينقد الحديث حيث أثنى فيهما على
أناس هلكى ،واستدل فيهما بأخبار غير صحيحة على صفات الله سبحانه ،وقد
ذكره في المعجم المختص بما فيه عبرة ،ولم يترجم له الحسيني ول ابن فهد ول
السيوطي في عداد الحفاظ في ذيولهم على طبقات الحفاظ.
وما يقع من القارئ بموقع العجاب من أبحاثه الحديثية في زاد المعاد وغيره
فمختزل مأخوذ مما عنده من كتب قيمة لهل العلم بالحديث) ،كالمورد الهني
شرح سير عبد الغني للقطب الحلبي( ونحوه .
ولول محلي ابن حزم وإحكامه ومصنف ابن أبي شيبة وتمهيد ابن عبد البر لما
تمكن من مغالطاته وتهويلته في أعلم الموقعين.
وكم استتيب وعزر مع شيخه وبعده على مخاز في العتقاد والعمل تستبين منها
ما ينطوي عليه من المضي على صنوف الزيغ تقليدا ً لشيخه الزائغ وسيلقي
جزاء عمله هذا في الخرة -إن لم يكن ختم له بالتوبة والنابة كما لقى بعض
ذلك في الدنيا.
نماذج من أقوال أصحاب
ابن القيم وأضاده والمتحايدين
) (1/6
عني بالحديث بمتونه قال الذهبي في المعجم المختص عن ابن القيم هذاُ :
وبعض رجاله ،وكان يشتغل في الفقه ويجيد تقريره ،وفي النحو ويدريه ،وفي
الصلين ،وقد حبس مدة لنكاره على شد الرحيل لزيارة قبر الخليل )إبراهيم
عليه السلم( ثم تصدر للشتغال ونشر العلم لكنه معجب برأيه جرئ على المور
اهـ.
ب ابن تيمية حتى كان ل يخرج عن قال ابن حجر في الدرر الكامنة :غلب عليه ح ّ
شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك ،وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه ..
واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروبا ً بالد ّّرة،
فلما مات أفرج عنه ،وامتحن مرة أخرى بسبب فتاوى ابن تيمية وكان ينال من
علماء عصره وينالون منه اهـ.
قال ابن كثير :كان يقصد للفتاء بمسألة الطلق حتى جرت له بسببها أمور
صل منها ما ل يطول بسطها مع ابن السبكي وغيره ..وكان جماعا ً للكتب فح ّ
يحصر حتى كان أولده يبيعون منها بعد موته دهرا ً طويل ً سوى ما اصطفوه منها
لنفسهم ..وهو طويل النفس في مصنفاته يتعاني اليضاح جهده ،فيسهب) (
جدًا ،ومعظمها من كلم شيخه يتصرف في ذلك ،وله في ذلك ملكة قوية ،ول
يزال يدندن حول مفرداته وينصرها ويحتج لها ..وجرت له محن مع القضاة منها
في ربيع الول طلبه السبكي بسبب فتواه بجواز المسابقة بغير محلل فأنكر
عليه وآل المر إلى أنه رجع عما كان يفتي به من ذلك .اهـ.
) (1/7
وقال التقى الحصني :كان ابن تيمية ممن يعتقد ويفتى بأن شد الرحال إلى قبور
النبياء حرام ل تقصر فيه الصلة ،ويصرح بقبر الخليل وقبر النبي صلى الله
عليهما وسلم ،وكان على هذا العتقاد تلميذه ابن قيم الجوزية الزرعي
وإسماعيل بن كثير الشركويني ،فاتفق أن ابن قيم الجوزية سافر إلى القدس
الشريف ورقى على منبر في الحرم ووعظ وقال في أثناء وعظه بعد أن ذكر
المسألة :وها أنا راجع ول أزور الخليل .ثم جاء إلى نابلس وعمل له مجلس
وعظ وذكر المسألة بعينها حتى قال :فل يزور قبر النبي ) فقام إليه الناس
وأرادوا قتله فحماه منهم وإلى نابلس ،وكتب أهل القدس وأهل نابلس إلى
دمشق يعرفون صورة ما وقع منه فطلبه القاضي المالكي فتردد وصعد إلى
الصالحية إلى القاضي شمس الدين بن مسلم الحنبلي وأسلم على يديه فقبل
توبته وحكم بإسلمه وحقن دمه ولم يعزره لجل ابن تيمية ..ثم أحضر ابن قيم
الجوزية وادعى عليه بما قاله في القدس الشريف وفي نابلس فأنكر ،فقامت
عليه البينة بما قاله فأدب وحمل على جمل ثم أعيد في السجن ثم أحضر إلى
مجلس شمس الدين المالكي وأرادوا ضرب عنقه فما كان جوابه أل أن قال إن
القاضي الحنبلي حكم بحقن دمي وبإسلمي وقبول توبتي ،فأعيد إلى الحبس
إلى أن أحضر الحنبلي فأخبر بما قاله فأحضر وعزر وضرب بالدرة وأركب حمارا ً
وطيف به في البلد والصالحية وردوه إلى الحبس – وجرسوا ابن القيم وابن كثير
وطيف بهما في البد وعلى باب الجوزية لفتواهم في مسألة الطلق اهـ.
قال ابن رجب :قد امتحن وأوذي مرات وحبس مع الشيخ تقي الدين في المدة
الخيرة بالقلعة منفردا ً ولم يفرج عنه إل بعد موت الشيخ اهـ.
وقد سقت هنا نماذج من كلمات أصحابه وأضداده والمتحايدين في حقه في هذا
الكتاب ،وأرجو أن الحق ل يتعدى ما دللت عليه في حقه فيما كتبناه.
أحق الناس بالرثاء
) (1/8
وأحق الناس بالرثاء وأجدرهم بالترحم من أفنى عمره في سبيل العلم منصاعا ً
لمبتدع يرديه من غير أن يتخير أستاذا ً رشيدا ً يهديه ،ومثله إذا دون أسفارا ً ل
يزداد بها إل بعدا ً عن الله وأوزارًا ،وهو الذي يصبح متفانيا ً في شيخه الزائغ بحيث
ل يسمع إل بسمعه ول يبصر إل ببصره في جميع شئونه ،ويبقى في أحط دركات
الجهل من التقليد العمى ،ولو فكر قليل ً لكان أدرك أن من السخف بمكان
كفتي الميزان ليوازن به جميع العلماء والفقهاء من هذه وضعه لشيخه في إحدى ِ
المة في كفته الخرى فيزنهم ويغالبهم به فيغلبهم في علومهم!
وهذا ما ل يصدر من حاظ بعقله ،ول سيما بعد التفكير في تلك المخازي من
شواذه.
نعم يمكن أن يكون عنده أو عند شيخه بعض تفوق في بعض العلوم على بعض
مشايخ حارته أو أهل خطته أو قريته أو مضرب خيام عشيرته ،لكن ل يوجب هذا
أن يصدق في ظنه في حق نفسه أو جو هذه يضيق عن واسع فهومه ،وعرض
هذه البحار ل يتسع لزاخر علومه.
أخطر ما يطغى من صنوف الستغناء
) (1/9
ومن الفات المردية التي تعتري النسان وتقذف به إلى هاوية الخسران طغيانه
حينما يرى نفسه على شيء من الستغناء بمال أو جاه أو علم ،لكن المال
عرض زائل والجاه الدنيوي قلما يدوم على حال ،وعلم النسان مهما اتسع فما
ل ،وتلك الخلل لو روعيت حدودها لكانت أكبر عون للمرء أوتى من العلم إل قلي ً
على إحراز مرضاة الله سبحانه ،وأما إذا اتخذها أداة طغيان فإذ ذاك تنقلب تلك
النعم مجلبة لسخط الله عز وجل ومقت الخلق ،فيصبح ذلك الطاغي من
الخسرين أعمال في الدارين ،وليعلم أن ضرر العلم -إذا زاغ صاحبه -دونه كل
ضرر ،فإن الطاغي بالمال يزول ضرره بزوال ماله ،كصاحب الجاه الذي ل يدوم
جاهه ،وأما صاحب العلم الذي لعب به الشيطان وخلد كتبا فيما طغى به فهمه
وطاش قلمه ،فيدوم ضرره ويتضاعف وزره ما دامت آثاره دارجة يضل بها
أناس ،فإذا هي أخطر تلك الفات ،ول يخفف عن مؤلفها العذاب إل بإعراض
الناس عن كتبه المغوية بتنبيه أهل العلم المهتدين على ما حوته من صنوف
الزيغ والضلل ،فكيون في الكشف عن مواطن الغواية من أمثال تلك الكتب
تخفيف لعذاب مؤلفيها ،وصون للمة عن الوقوع في مهاويها ،وقد عنى
الموفقون من علماء هذه المة بنقض أمثال تلك الكتب لتلك الغاية النبيلة قديما ً
وحديثا ً ومن هلك بعد ذلك فل يلومن إل نفسه.
ردود السبكي على ابن تيمية
والكلم في رده على نونية ابن القيم
ل مشكوٌر وعمل مبرور في الرد على ابن زفيل وللحافظ التقي السبكي فض ٌ
وشيخه في شواذهما المردية ،ومن جملة مؤلفاته في هذا الصدد )رده على
نونية ابن القيم(.
وقد نقل السيد محمد المرتضى الزبيدي في شرح الحياء عند الكلم على
إمامي أهل السنة عن هذا الرد المسمى )السيف الصقيل في الرد على ابن
وفيل( جملة نافعة من مقدمته.
) (1/10
ت النظر إلى كلمات الناظم الخطرة والتقي السبكي أوجز في رده مكتفيا ً بلف ِ
في الغالب بدون أن يناقشه فيها كثيرًا ،باعتبار أن الطلع عليها يكفي بمجرده
في نبذها وتضليل قائلها ،ولو كان السبكي يرى ابن القيم يستأهل المناقشة
لوسع في الرد عليه ،لنه كان أنظر أهل عصره -كما قال السنوي وغيره من
المحققين -لكنه كان يعده في غاية من الغباوة فاكتفى في غالب البحاث بلفت
نظر عامة العلماء إلى أهوائه البشعة.
ً
والتقي السبكي من ألطف أهل العلم لهجة وأنزههم لسانا مع من يرد عليهم،
لكن حيث إن الناظم أسرف في ضلله وإضلله اضطر التقي في رده عليه إلى
بعض إغلظ في يحقه صونا لمن عسى أن ينخدع بتلبيساته ،وقرعا ً للعبد بالعصا،
وهو معذور في ذلك بل إغلظه ليس بشيء في جنب ما تقول به ابن القيم في
حق جمهور أهل الحق.
ودونك نونيته التي رد عليها السبكي وهي أصدق شاهد لما قلنا.
ونونية ابن القيم هذه من أبشع كتبه وأبعدها غورا ً في الضلل وأشنعها إغراء
للحشوية ضد أهل السنة ،وأوقحها في الكذب على العلماء كما ترى إيضاح ذلك
في مقدمة )السيف الصقيل( فل نزاحم السبكي في شرح بشاعة طريقته فيها
إل أنا نشير هنا إلى أن ابن القيم كلما تراه يزداد تهويل وصراخا ً باسم السنة في
كتابه هذا يجب أن تعلم أنه في تلك الحالة متلبس بجريمة خداع خبيث وأنه في
تلك الحالة نفسها في صدد تلبيس ودس شنيعين ،وإنما تلك التهويلت منه
لتخدير العقول عن النتباه لما يريد أن يدسه في غضون كلمه من بدعه المخزية
كما يظهر من مطالعة النونية بتبصر ويقظة.
) (1/11
وإنما اختار طريق النظم في ذلك ليسهل عليه أن يهيم في كل واد ،ولول أنها
طبعت مرارا ً وتكرارا ً ممن ل بغية له من طبعها غير عدد من القرش يمل به
الكرش ,قام بذلك الدين أم قعد ،بدون أن يقوم أحد من العلماء المعاصرين
بالرد عليها ،لكان إهمال الرد عليها أنسب ،لكن لم يبق بعد تكرر طبعها مع
تقاعس أهل العلم عن ردها مساغ للهمال ،فوجب تقويض دعائمها بنشر كتاب
السبكي مع تعليق كلمات عليه في مواضع رأيناها في حاجة إلى التعليق ،وقد
سميت ما علقته )تكملة الرد على نونية ابن القيم(.
والله سبحانه ولي النفع وعليه توكلت وإليه أنيب…
محمد زاهد بن الحسن الكوثري
عفي عنهما
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب للمؤلف
قال المام الحجة أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي ):
يا عالما ً بكل شيء ،قادرا ً على كل شيء ،أرحم عبدا ً جاهل ً بكل شيء ،عاجزا ً
خِلق ضعيفا ً تنتوشه الفات من جميع الجهات ويستغرقه احتياجه عن كل شيءُ ،
على ممر النفاس واللحظات ،مدته في الدنيا قصيرة لو صرفها كلها في طاعة
ربه ،وعلم نافع به سلمة قلبه كان موفقا ً يقتصر على خويصة نفسه وهذا يحتاج
إلى مدد إلهي في دنياه في صحة جسمه وكفايته وكفاية من يتعلق به في
القوت وما يتعلق به ودفع الذى عنه ،وفي دينه بسلمة قلبه من العقائد
الفاسدة ،وإقباله على الله تعالى وسلمة جوارحه من المعاصي وقيامها بما
افترض الله عليها ،وسلمته في قلبه وجسمه من شياطين النس والجن ونفسه
وهواه وفي علمه فل يشتغل من العلوم إل بما ينفع وهو القرآن والسنة والفقه
وأصول الفقه والنحو ويأخذها عن شيخ سالم العقيدة ويتجنب علم الكلم
والحكمة اليونانية ،والجتماع بمن هو فاسد العقيدة أو النظر في كلمه.
وليس على العقائد أضر من شيئين :علم الكلم والحكمة اليونانية ،وهما في
الحقيقة علم واحد ،وهو العلم اللهي ،لكن اليونان طلبوه بمجرد عقولهم،
والمتكلمون طلبوه بالعقل والنقل معًا.
) (1/12
وافترقوا ثلث فرق إحداها غلب عليها جانب العقل وهم المعتزلة) ( والثانية
غلب عليها جانب النقل وهم الحشوية) ( والثالثة ما غلب عليها أحدهما بل بقى
المران مرعيين عندها على حد سواء وهم الشعرية وجميع الفرق الثلث في
كلمها مخاطرة إما خطأ في بعضه وإما سقوط هيبة ،والسالم من ذلك كله ما
كان عليه الصحابة والتابعون وعموم الناس الباقون على الفطرة السليمة .ولهذا
كان الشافعي ) ينهي عن الشتغال بعلم الكلم ويأمر بالشتغال بالفقه فهو
طريق السلمة ،ولو بقى الناس على ما كانوا عليه في زمن الصحابة كان الولى
للعلماء تجنب النظر في علم الكلم جملة ،لكن حدثت بدع أوجبت للعلماء النظر
فيه لمقاومة المبتدعين ودفع شبههم حذرا ً من أن تزيغ بها قلوب المهتدين.
]الشعرية أعدل الفرق[
والفرقة الشعرية هم المتوسطون في ذلك وهم الغالبون من الشافعية
والمالكية والحنفية وفضلء الحنابلة وسائر الناس.
وأما المعتزلة فكانت لهم دولة في أوائل المائة الثالثة ساعدهم بعض الخلفاء ثم
انخذلوا وكفى الله شرهم.
وهاتان الطائفتان الشعرية والمعتزلة هما المتقاومتان وهما فحولة المتكلمين
من أهل السلم ،والشعرية أعدلهما لنها بنت أصولها على الكتاب والسنة
والعقل الصحيح.
وأما الحكمة اليونانية فالناس مكفيون شرها ،لن أهل السلم كلهم يعرفون
فسادها ومجانبتها للسلم.
) (1/13
جّهال) ( ينتسبون إلى أحمد وأحمد مبرأ منهم.وأما الحشوية فهي طائفة رذيلة ُ
وسبب نسبتهم إليه أنه قام في دفع المعتزلة وثبت في المحنة ) ،نقلت عنه
كليمات ما فهمها هؤلء الجهال فاعتقدوا هذا العتقاد السيئ وصار المتأخر منهم
يتبع المتقدم ،إل من عصمه الله وما زالوا من حين نبغوا مستذلين ليس لهم
رأس ول من يناظر وإنما كانت لهم في كل وقت ثورات ويتعلقون ببعض أتباع
الدول ويكفي الله شرهم ،وما تعلقوا بأحد إل كانت عاقبته إلى سوء ,وأفسدوا
اعتقاد جماعة شذوذ من الشافعية) ( وغيرهم ول سيما بعض المحدثين الذين
نقصت عقولهم أو غلب عليها من أضلهم فاعتقدوا أنهم يقولون بالحديث .ولقد
كان أفضل المحدثين في زمانه بدمشق ابن عساكر) ( يمتنع من تحديثهم ول
يمكنهم أن يحضروا مجلسه وكان ذلك أيام نور الدين الشهيد وكانوا مستذلين
غاية الذلة.
) (1/14
ثم جاء في أواخر المائة السابعة رجل له فضل ذكاء وإطلع ولم يجد شيخا يهديه
وهو على مذهبهم وهو جسور متجرد لتقرير مذهبه ويجد أمورا ً بعيدة فبجسارته
يلتزمها فقال بقيام الحوادث بذات الرب سبحانه وتعالى) ( وأن الله سبحانه ما
زال فاعل وأن التسلسل ليس بمحال فيما مضى ما هو فيما سيأتي ,وشق
وش عقائد المسلمين وأغرى بينهم ,ولم يقتصر ضرره على العقائد العصا ،وش ّ
في علم الكلم حتى تعدى وقال إن السفر لزيارة النبي ) معصية) ( وقال إن
الطلق الثلث ل يقع وإن من حلف بطلق امرأته وحنث ل يقع عليه طلق.
منع من الكتابةواتفق العلماء على حبسه الحبس الطويل فحبسه السلطان) ( و ُ
في الحبس وأن يدخل إليه أحد بدواة ومات في الحبس .ثم حدث من أصحابه
شيع عقائده ويعلم مسائله ويلقي ذلك إلى الناس سرا ً ويكتمه) ( جهرا ً فعممن ي ُ ِ
الضرر بذلك ,حتى وقفت في هذا الزمان على قصيدة نحو ستة آلف بيت يذكر
ناظمها فيها عقائده وعقائد غيره ويزعم بجهله أن عقائده عقائد أهل الحديث) (
فوجدت هذه القصيدة تصنيفا ً في علم الكلم الذي نهى العلماء عن النظر فيه لو
كان حقًا ،فكيف وهي تقرير للعقائد الباطلة وبوح بها وزيادة على ذلك وهي حمل
العوام على تكفير كل من سواه وسوى طائفته فهذه ثلثة أمور هي مجامع ما
تضمنته هذه القصيدة.
فالول من الثلثة حرام لن النهي عن علم الكلم إن كان نهي تنزيه فيما تدعو
الحاجة إلى الرد على المبتدعة فيه فهو نهي تحريم فيما ل تدعو الحاجة إليه
فكيف فيما هو باطل.
والثاني من الثلثة :العلماء مختلفون في التكفير به إذا لم ينته إلى هذا الحد ,أما
مع هذه المبالغة ففي بقاء الخلف فيه نظر.
) (1/15
وأما الثالث فنحن نعلم بالقطع أن هؤلء الطوائف الثلثة الشافعية والمالكية
والحنفية وموافقيهم من الحنابلة مسلمون ليسوا بكافرين ،فالقول بأن جميعهم
كفار وحمل الناس على ذلك كيف ل يكون كفرا ً وقد قال )) :إذا قال المسلم
لخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما( فالضرورة أوجبت العلم بأن بعض من كفرهم
مسلم والحديث اقتضى أن يبوء بها أحدهما فيكون القائل هو الذي باء بها.
مجامع الزيغ في نونية ابن القيم
وها أنا أذكر مجامع ما تضمنته القصيدة ملخصا من غير نظم .وناظمها) ( أقل
من أن أذكر كلمه لكني تأسيت في ذلك بإمام الحرمين في كتابه المسمى
بنقض كتاب السجزي ،والسجزي هذا كان محدثا له كتاب مترجم بمختصر البيان
وجده إمام الحرمين حين جاور بمكة شرفها الله ،اشتمل كتاب السجزي هذا
على أمور منها أن القرآن حروف وأصوات .قال إمام الحرمين :وأبدي من
غمرات جهله فصول وسوى على قصبة سخافة عقله نصول ،ومخايل الحمق في
تضاعيفها مصقولة وبعثات الحقائق دونها معقولة .وقال إمام الحرمين أيضًا:
وهذا الجاهل الغر المتمادي في الجهل المصر ،يتطلع إلى الرتب الرفيعة بالدأب
في المطاعن في الئمة والوقيعة .وقال إمام الحرمين أيضًا :صدر هذا الحمق
ف له ولخرقه ,فقد والله سئمت البحث عن عواره الباب بالمعهود من شتمه فأ ّ
ً
شَناره ،وقال المام أيضا :وقد كسا هذا التيس الئمة صفاته .وقال المام وإبداء َ
أيضًا :أبدي هذا الحمق كلما ينقض آخره أوله في الصفات وما ينبغي لمثله أن
ً
يتكلم في صفات الله تعالى على جهله وسخافة عقله .وقال المام أيضًا :قد ذكر
هذا اللعين الطريد المهين الشريد فصول ,وزعم أن الشعرية يكفرون بها,فعليه
لعائن الله تترى واحدة بعد أخرى ،وما رأيت جاهل أجسر على التكفير وأسرع
إلى التحكم على الئمة من هذا الخرق ،وتكلم السجزي في النزول والنتقال
والزوال والنفصال والذهاب والمجئ فقال المام :ومن قال بذلك حل دمه ,
وتبّرم المام كثيرا ً من
) (1/16
) (1/17
ثم قال) :ومن قال ليس لله في الرض كلم فقد جحد رسالة محمد )( هذا
الكلم يحتمل وجهين) ( ل نطول بهما ،ثم قال) :إن الله فوق سمواته( يقول له:
أين قال الله أو رسوله إنه فوق سمواته؟ وأنت قلت في صدر كلمك )نقول ما
قاله ربنا( وأين قال ربنا :إنه بأئن من خلقه ,ليس في مخلوقاته شيء من ذاته
ول في ذاته شيء من مخلوقاته ،فقد نسبت إلى قول الله ما لم يقله ،ومن هو
المعطل الذي عنيته فإنا ل نعرف اليوم أحدا ً معطل يتظاهر بين المسلمين بل ول
معتزليا ول فيلسوفا يتظاهر بقول الفلسفة) ( فلعلك عنيت الشعرية فإنهم
القائمون اليوم من أكثر المذاهب ثم قال) () :فلما سمع المعطل منه ذلك
أمسك ثم أسرها في نفسه وخل بشياطينه وبنى جنسه وأوحى بعضهم إلى بعض
أصناف المكر والحتيال وراموا أمرا ً يستحمدون به إلى نظرائهم من أهل البدع
والضلل وعقدوا مجلسا ً بيتوا فيه ما ل يرضاه الله من القول وراموا استدعاء
المثبت ليجعلوا نزله ما لفقوه من الكذب وتمموه فلم يتجاسروا وخذلهم المطاع
فمزق ما كتبوه من المحاضر ،فسعى في عقد مجلس عند السلطان فلم يذعنوا
فطالبهم بإحدى ثلث :مناظرة فأبوا ،فدعاهم إلى مكاتبة فأبوا ،فدعاهم إلى
المباهلة) ( بين الركن والمقام فلم يجيبوا فحينئذ عقد المثبت لله مجلسا ً بينه
وبين خصمه وما كان أهل التعطيل أولياءه إن أولياؤه إل المتقون(.
هذا كله مقصوده به والله أعلم طوائف الشعرية الشافعية والمالكية والحنفية
الذين كانوا مقاومين لبن تيمية فهم الذين يسميهم المعطلة ،وكان مراده
بالمثبت ابن تيمية,والعاقد للمجلس فيما بينه وبين خصمه إما ابن تيمية وإما هذا
النحس المتشبع بما لم يعط.
فصل
أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد
قال) :وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد(.
) (1/18
مقصودة بالمعطل الجماعة الشعرية ،وبالموحد نفسه وطائفته ،والمشبه ل
وجود له عنده .ومقصود غرمائه بالمشبه هو وطائفته وبالموحد أنفسهم،
والمعطل ل وجود له الن عندهم ،لن المعطل هو المنكر للصانع ،والمشبه هو
الذي شبهه بخلقه وهذا على ظاهره ل يوجد من يقول به لكن بما يلزم عنه ،ول
شك أن لزوم التشبيه له أظهر من لزوم التعطيل لغرمائه ،وإذا امتحن النسان
نفسه قطع بأن الشعري ليس بمعطل وأن هذا النحس مشبه ول ينجيه إنكاره
باللسان وقد اعترف على نفسه بأن من شبه الله بخلقه فقد كفر.واندفع في
ضرب المثلة بما ل نطول به.
فصل
من قصيدته النونية
قال في قصيدته التي أهدت الجري إليه وفرقت سهام النبال عليه:
)إن كنت كاذبة الذي حدثتني
جهم) ( بن صفوان وشيعته اللى
بل عطلوا منه السماوات العلى
فعليك إثم الكاذب الفتان
جحدوا صفات الخالق الديان
والعرش أخلوه من الرحمن(
أما جهم فمضى من سنين كثيرة ول يعرف اليوم أحد على مذهبه فعلم أن مراد
هذا الناظم بالجهمية الشعرية من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلء
الحنابلة,فليعلم اصطلحه وكل ما ينسبه إلى الجهمية فمراده بها هؤلء،
والمعتزلة يشاركون الشعرية في ذلك,لكن ما منهم أحد موجود في هذه البلد
وإن كان موجودا ً فل ظهور له ،فكل ما قال هذا الناظم عن جهم في هذه
القصيدة فمراده ،الذي مذهبه مذهب الشعري.
فصل
تخيل الناظم في أفعال العباد ..الخ
قال:
والعبد عندهم فليس بفاعل بل فعله كتحرك الرجفان
) (1/19
كذب هذا الجاهل في قوله :إن العبد عندهم ليس بفاعل .ولكن مراده بذلك
قولهم :إنه ل يخلق فعله ،وليس بخالق والله سبحانه هو خالق أفعال العباد.
فاعتقد هذا الجاهل) ( بسبب ذلك أنهم يقولون إنه ليس بفاعل .وكون العبد
ليس بخالق حق ،وكونه ليس بفاعل باطل ،والفاعل من قام به الفعل والفعل
قائم بذات العبد ،والخالق من أوجد الفعل ول يوجده إل الله .وقوله :كتحرك
الرجفان جهل منه فإنه لم يفرق بين الجبر ومذهب الشعري ثم قال:
والله يصليه على ما ليس من أفعاله حر الحميم الن
استمر هذا الجاهل على جهله وكذبه .وكذلك قوله) :لكن يعاقبه على أفعاله( ثم
قال) :والظلم عندهم المحال لذاته( نعم إن الله ل يظلم مثقال ذرة )وما ربك
بظلم للعبيد) ) ( وكيف يتصور الظلم والكل ملكه ثم قال) :أني ينزه عنه ويكون
مدحا ً ذلك التنزيه( قلنا يا جاهل اجترأت على الله وعلى عباده فلم تفرق بين
الفعل والخلق وظننت بجهلك أنهما سواء وأنه ل يعاقب على فعله ،وقلت) :ما
هذا بمعقول لذي الذهان( وأي ذهن لك حتى تعقل به وأنت عن تعقل أحكام
الربوبية بمعزل؟ وهل مثلك ومثل من هو أكبر منك إل كمثل الخفاش بالنسبة
إلى ضوء النهار؟
فصل
قال :وكذاك قالوا ما له من حكمة) ( هي غاية للمر والتقان
انظر هذه الجراءة والكذب والبهت على العلماء وما قال إنهم نسبوه إلى الله ثم
قال:
)ما ثم غير مشيئة قد رجحت مثل على مثل بل رجحان(
أبصر هذا الفدم البليد الفهم ,ساء سمعا فساء إجابة ,كأنه سمع كلم الشعرية
فما فهمه وظن أنهم يقولون إن الفعال كلها سواء بالنسبة إلى كل شيء وإن
المشيئة رجحت بعضها على بعض مع تساويها وإنه ما ثم غير المشيئة وجعل
المشيئة هي المرجحة ولم يذكر القدرة والتبس عليه الرجحان الحاصل في
الفعل بالرجحان الذي هو موجب للفعل أو باعث عليه ،ومن ل يكون اشتغل
بشيء من العلوم كيف يتكلم في هذه الحقائق؟ ثم قال:
)هذا وما تلك المشيئة وصفه بل ذاته أو فعله قولن(
) (1/20
) (1/21
أجمع المسلمون على أن الله قادر على أن يعدم الخلق ثم يعيده وعلى أن إنكار
ذلك كفر وجمهور المسلمين على أن الواقع ذلك لقوله تعالى ) كل من عليها
فان )) ( و ) كل شيء هالك إل وجهه )) ( وقيل إن الجسام تتفرق ثم تعاد
وقوله )أفيشهد العدم( أنحن قلنا تشهد وهي عدم إنما تشهد بعد العادة فانظر
كلم هذا الجاهل وقوله )لم تقبل الذهان ذا( إن كان ينكر إمكانه )وكونه مقدورا ً
لله( فهو كافر وإن لم ينكر إل وقوعه فهو مذهب ضعيف .ثم قال )هذا الذي جاء
الكتاب وسنة الهادي به ،ما قال إن الله يعدم خلقه طرا ً كقول الجاهل الحيران(
أقول :قد قال تعالى ) كما بدأنا أول خلق نعيده )) ( ولو كانت العادة جمع
الجزاء بعد تفريقها أو التيان بغيرها لم تنطبق على الية ،فإن الية تقتضي أن
جميع ما بدأ به الخلق يعيده وإنما يكون كذلك إذا أعدمه ثم أعاده بعينه ،والله
قادر على ذلك وقال تعالى ) وهو أهون عليه )) ( وإنما كان أهون بالنسبة إلى
الشاهد لن العادة في الشاهد فعل على مثال وهو أهون من البتداء لنه فعل
على غير مثال مع اشتراكهما في الخراج من العدم إلى الوجود.
وعند هذا المتخلف ما أخرج المعاد من العدم إلى الوجود بل من صفة إلى صفة
يتعالى الله عن قوله ،فهذا القول منه بما دل عليه من أن البراز من العدم إلى
الوجود في العادة غير مقدور ،كفر إل إذا تأول على الوقوع مع الموافقة على
المكان وليس ظاهر الكلم ففي قبول قوله إذا ادعاه نظر لن هذا يتكرر وتكرير
هذه المور يشبه الزندقة.
فصل
زعم الناظم قيام الحوادث بالله
) (1/22
قال) :وقضى بأن الله ليس بفاعل فعل يقوم) ( به بل برهان( مقصود الناظم أن
الله يفعل فعل في ذاته فيكون محل للحوادث ،تعالى الله عن قوله ،فنسب إلى
جهم خلف قوله وأنه قول بل برهان ،وهذا الناظم ل يعرف حقيقة البرهان ثم
قال) :والجبر مذهبه( إن أراد نفس جهم فهو ليس بموجود والكلم معه ضياع،
وإن أراد الشعري فقد كذب في قوله )إن الجبر مذهبه( ثم قال) :لكنهم حملوا
ذنوبهم على رب العباد( هذا كذب أيضا ً عليهم فإن الجبرية يقولون إن الله تعالى
يعذب من يشاء بذنب وبغير ذنب ،له ذلك ) ل يسأل عما يفعل)) ( وقوله:
)وتبرأوا منها وقالوا إنها أفعاله ما حيلة النسان(
ما يتبرأ منها على هذه الصورة إل ملحد ،والذي يعتقد ذلك يقول إنه تعالى يفعل
ما يشاء وأطال الناظم في هذا كثيرا ً بجهل وصبية أو تقليد لمن هو مثله ثم قال:
)وكذاك أفعال المهيمن لم تقم
فإذا جمعت مقالتيه أنتجا
أيضا ً به خوفا ً من الحدثان(
كذبا ً )وزورا ً واضح البهتان(
يعني أن فعل العبد فعل الله وفعل الله ما هو في ذاته أنتجا بجهله ما يقوله وهو
قوله:
)فهناك ل خلق ول أمر ول وحي ول تكليف عبد فان(
ما هذه إل قحة وبلدة يأخذ ما يتوهمه لزما فيستنتج وينكر على الناس إلزامه
التجسيم اللزم ،ثم قال:
)فانظر إلى تعطيله الوصاف) ( والـ أفعال والسماء للرحمن(
يا جاهل من قال بحدوث الفعال كيف يلزمه التعطيل؟ ثم قال:
)ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل نفي ومن جحد ومن كفران(
إذا رجعنا إلى الخلف بينك وبينه وجدناك كاذبا ً عليه ليس في القول بحدوث
الفعال ل نفي ول جحود ول كفران ،ثم قال:
)لكنه أبدى المقالة هكذا
)وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه
في قالب التنزيه للرحمن(
عجل ليفتن أمة الثيران(
الله عند لسان كل قائل .الرجل إنما قال ذلك في قالب التنزيه ولم نعلم نحن
باطنه فمن أين لك أنه قصد خلفه وصاغ الكفر عجل ثم قال:
)فرآه ثيران الورى فأصابهم كمصاب إخوتهم قديم زمان(
) (1/23
إن أراد طائفة ل وجود لها فما في ذكرها من فائدة ،وإن أراد خصماءه من
الشعرية ونحوهم فيا لها من مصيبة جعلهم ثيرانا ً إخوة اليهود ثم قال:
)عجلن قد فتنا العباد بصوته إحداهما وبحرفه ذا الثاني(
وذكر أبياتا إلى آخرها ،والله أعلم أنه يقصد بها ربط قلوب الناس على أنه ل
مسلم إل هو وطائفته وسائر الناس كفار كاليهود الذين عبدوا العجل .فيا ترى
من أحق بشبه من عبد العجل؟ المجسم أم غيره؟
فصل
ثم قال:
)يا أيها الرجل المريد نجاته
واضرب بسيف الوحي كل معطل
)من ذا يبارز فليقدم نفسه
)اسمع مقالة ناصح معوان(
ضرب المجاهد فوق كل بنان
أو من يسابق يبد في الميدان(
ً
ويلك من أنت؟ .أو أنت تعرف المبارزة أو حضرت قط مبارزة أو ميدانا؟ ثم
قال:
)ل تخش من كيد العدو ومكرهم
فجنود أتباع الرسول ملئك
فقتالهم بالكذب والبهتان
وجنودهم فعساكر الشيطان(
م إنهم عساكر الشيطان وإن انظر كيف يقول عن خصومه وهم هداة العال َ
قتالهم بالكذب والبهتان ثم قال) :فإذا رأيت عصابة السلم قد وافت( يعني
عصابة طائفته فانظر دللته على كفر غيره )فإذا دعوك لغير حكمهما( يعني
الكتاب والسنة )فل سمعا لداعي الكفر والعصيان( فانظر إلى إيهامه العوام أن
خصومه يدعون إلى غير الكتاب والسنة .ثم قال:
)واسمع نصيحة من له خبر بما
ما عندهم والله خير غير ما
عند الورى من كثرة الجولن
أخذوه عمن جاء بالقرآن(
نعم ولكنهم فهموه وأنت ما فهمته ثم قال:
)والكل بعد فبدعة أو فرية أو بحث تشكيك ورأى فلن(
كأنه يصف طائفته.
فصل
عقد مجلس خيالي ..كلمه في وحدة الوجود
وهذا أول عقد مجلس التحكيم قال:
واحكم إذا ً في رفقة قد سافروا
فترافقوا في سيرهم وتفارقوا
فأتى فريق ثم قال وجدته
يبغون فاطر هذه الكوان
عند افتراق الطرق بالحيران
هذا الوجود بعينه وعيان
) (1/24
فهو السماء بعينها وهو الغمام بعينه وهو الهواء بعينه ،هذى بسائطه ومنه تركبت
هذى المظاهر) ( يلبسها ويخلعها وتكثر الموجود كالعضاء في المحسوس أو
كالقوى في النفس .هذه مقالة ،أو كتكثر النواع في جنس فيكون كليا ً وجزئياته
هذا الوجود) ( فهذان قولن الول نص الفصوص وما بعده قول ابن سبعين وما
القولن عند العفيف التلمساني الذي هو غاية في الكفر إل من الغلط في حس
وفي وهم وتلك طبيعة النسان والكل شيء واحد( وأطال في أقوالهم.
فصل
قال:
)وأتى فريق ثم قال وجدته
هو كالهواء بعينه ل عينه
والقوم ما صانوه عن بئر ول
وعليهم رد الئمة أحمد
فهم الخصوم لكل صاحب سنة
بالذات موجودا ً بكل) ( مكان
مل الخلء ول يرى بعيان
قبر ول حش ول أعطان
وصحابه من كل ذي عرفان
وهم الخصوم لمنزل القرآن(
فهؤلء أيضا ليس علينا منهم.
فصل
ثم قال:
)وأتى فريق) ( ثم قارب وصفه
فأسر قول معطل ومكذب
إذ قال ليس بداخل فينا ول
بل قال ليس ببائن عنها ول
كل ول فوق السموات العلى
والعرش ليس عليه معبود سوى
بل حظه من ربه حظ الثرى
لو كان فوق العرش كان كهذه الـ
هذا ولكن جد في الكفران
في قالب التنزيه للرحمن
هو خارج عن جملة الكوان
فيها ول هو عينها ببيان
والعرش من رب ول رحمان
العدم الذي ل شيء في العيان
منه وحظ قواعد البنيان
أجسام سبحان العظيم الشان(
يعني أن هذا من قولهم ،ثم قال:
ً
)ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ما قامه في الناس منذ زمان(
في قوله )) :ل تفضلوني على يونس( قد كان يونس في قرار البحر ومحمد
صعد السماء وجاوز السبع الطباق ،وكلهما في قربه من ربه سبحانه إذ ذاك
مستويان.
فاحمد إلهك أيها السني إذ
والله ما يرضى بهذا خائف
هذا هو اللحاد حقا ً بل
والله ما بلي المجسم قط ذى الـ
أمثال ذا التأويل أفسد هذه الـ
عافاك من تحريف ذي بهتان
من ربه أمسى على اليمان
هو التحريف محضا ً أبرد الهذيان
بلوى ول أمسى بذي الخذلن
أديان حين سرى إلى الديان
) (1/25
والفاضل الذي أشار إليه) (… وتفسيره للحديث المذكور بما قاله صحيح ،وقد
سبقه إليه إمام دار الهجرة نجم العلماء أمير المؤمنين في الحديث ،عالم
المدينة أبو عبد الله مالك بن أنس ؛حكى ذلك الفقيه المام العلمة قاضي قضاة
السكندرية ناصر الدين بن المنير المالكي) ( الفقيه المفسر النحوي الصولي
الخطيب الديب البارع في علوم كثيرة في كتابه )المقتفى في شرف
المصطفى( لما تكلم على الجهة وقرر نفيها؛ قال :ولهذا المعنى أشار مالك
رحمه الله في قوله )) :ل تفضلوني على يونس بن متى( فقال مالك :إنما خص
يونس للتنبيه على التنزيه لنه ) رفع إلى العرش ،ويونس عليه السلم هبط إلى
قابوس البحر ،ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلله نسبة
واحدة! ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلة والسلم أقرب من يونس بن
متى وأفضل مكانا ،ولما نهى عن ذلك .ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبدي أن
الفضل بالمكانة لن العرش في الرفيق العلى ،فهو أفضل من السفل ،فالفضل
بالمكانة ل بالمكان ،فانظر أن مالكا ) -وناهيك به -قد فسر الحديث بما قال هذا
المتخلف النحس ،إنه إلحاد ،فهو الملحد عليه لعنة الله) ( ما أوقحه وما أكثر
تجرأه ؟! أخزاه الله.
فصل
الفوقية الحسية … الخ
ثم قال:
)وأتى فريق ثم قارب وصفه
قال اسمعوا يا قوم ل تلهيكم
هذا وزاد عليه في الميزان
هذي الماني هن شر أماني
أتعبت راحلتي وفتشت ،ما دلني أحد عليه إل طوائف بالحديث تمسكت تعزي
مذاهبها إلى القرآن ،قالوا :الذي تبغيه فوق عباده) ( فوق السماء وفوق كل
مكان وهو الذي حقا على العرش استوى وإليه يصعد كل قول طيب وإليه يرفع
سعى ذي الشكران ،والروح والملك منه تنزلت وإليه تعرج وإليه أيدي السائلين
توجهت ،وإليه قد عرج الرسول ) وإليه قد رفع المسيح حقيقة وإليه يصعد روح
كل مصدق ،لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا مرضى بداء الجهل والخذلن.
تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكز خان
) (1/26
من هؤلء؟ قال مشبهة فسألت عنهم رفقتي أصحاب جهم حزب) ( جنكسخان َ
مجسمة) ( فل تسمع قولهم والعنهم وأحكم بسفك دمائهم فهم أضل من اليهود
والنصارى ،واحذر تجادلهم بـ )قال الله وقال الرسول( وهم أولى به ،فإذا ابتليت
بهم فغالطهم على التأويل للخبار والقرآن ،وعلى التكذيب للحاد.
هذان أصلن أوصى بهما أشياخنا أشياخهم ،وإذا اجتمعت بهم في مجلس فابدأ
بإيراد وشغل زمان؛ ل يملكوه عليك بالثار وتفسير القرآن ،فإن وافقت صرت
مثلهم ،وإن عارضت صرت زنديقا كافرًا ،وإن سكت يقال جاهل ،فابدأ ولو
بالفشر والهذيان هذا الذي – والله ( )-وصانا به أشياخنا فرجعت عن سفري
وقلت لصاحبي :عطل ركابك ما ثم شيء غير ذي الكوان ،لو كان للكوان رب
خالق كان المجسم صاحب البرهان أو كان رب بائن عن ذا الورى ،كان المجسم
صاحب اليمان .فدع التكاليف واخلع عذارك ما ثم فوق العرش من رب ،ولم
يتكلم الرحمن بالقرآن لو كان فوق العرش رب لزم التحيز ولو كان القرآن عين
كلمه حرفا ً وصوتًا) ( كان ذا جثمان ،فإذا انتفيا ما الذي يبقى من إيمان؟ فدع
الحلل مع الحرام لهله ،فهما السياج فاخرقه ثم أدخل واقطع علئقك التي قد
قيدت هذا الورى لتصير حرًا) ( لست تحت أوامر ول نهي ول فرقانا ،لكن جعلت
حجاب نفسك إذا ترى ،فوق السماء من ديان ،لو قلت ما فوق السماء مدبر
والعرش تخليه من الرحمن ،والله ليس متكلما بالقرآن لحلك طلسمه وفزت
بكنزه وعلمت أن الناس في هذيان ،لكن زعمت أن ربك بائن من خلقه وأنه
فوق العرش والكرسي وفوقه القدمان وأنه يسمع خلقه ويراهم من فوق وأن
كلمه منه بدا وإليه) ( يعود ووصفته بالسمع والبصر والرادة والقدرة وكراهة
ومحبة وحنان ،وأنه يعلم كل ما في الكون ،وأنه كلم موسى ،والنداء صوت
بإجماع النحاة ،وأن محمدا ً ) أسري به )ليل إليه( فهو منه داني وأنه يدنيه يوم
القيامة حتى يرى قاعدا ً معه على العرش وأن لعرشه أطيطا) ( وأن الله أبدى
بعضه للطور ،وأن له وجها
) (1/27
وله يمين ،بل زعمت يدان ،وأن يديه للسبع العلى والرض )يوم الحشر(
قابضتان) ( وأن يمينه ملى من الخير ،وأن العدل في الخرى وأن الخلق طرا
عنده يهتز فوق أصابع) ( الرحمن وأن قلب العبد بين اثنتين من أصابعه ،وأنه
يضحك عند تقابل الصفين من عبده أتي فيبدي نحره لعدوه ،ويضحك عندما يثب
الفتى من فرشه لقراءة القرآن ،ومن قنوط عباده إذا جدبوا ،وأنه يرضى
ويغضب ،وأنه ُيسمع صوته) ( ويشرق نوره يوم الفصل ويكشف ساقه) (
ويبسط كفه ويمينه تطوي السماء وينزل) ( في الدجى في الثلث الخير والثلث
الثاني وأن له نزول) ( ثانيا ً يوم القيامة للقضاء وأنه يبدو جهرة لعباده حتى يرونه
ويسمعون كلمه وأن له قدمًا) ( وأنه واضعها على النيران وأن الناس كل منهم
يخاصر) ( ربه ،بالخاء والصاد والحاء والضاد وجهان محفوظان في الترمذي
والمسند وغيرهما من كتب التجسيم ،ووصفته بصفات حي فاعل بالختيار ،وذلك
الصلن أصل التفرق في الباري فكن في النفي غير جبان أو ل فل تلعب بدينك
تثبت بعض الصفات وتنفي بعضها فأنكر الجميع أو فرق بين ما أثبته ونفيته،
فذروا المراء وصرحوا بمذاهب القدماء وانسلخوا من اليمان أو قاتلوا مع أمة
التشبيه والتجسيم تحت لواء ذي القرآن أو ل فل تتلعبوا بعقولكم وكتابكم
وبسائر الديان ،فجميعها قد صرحت بصفاته وكلمه وعلوه والناس بين مصدق
أو جاحد أو بين ذلك أو حمار ،فنزه وانف الجميع ولقب مذهب الثبات بالتجسيم
واحمل على القران ،فمتى سمحت لهم بوصف واحد حملوا عليك فصرعت
فلذاك أنكرنا الجميع مخافة التجسيم إن صرنا إلى القرآن ولذا خلعنا ربقة
الديان من أعنقانا ولنا ملوك قاوموا الرسل في آل فرعون وقارون وهامان
ونمروذ وجنكسخان ولنا الئمة أرسطو وشيعته ما فيهم من قال :إن الله فوق
العرش ،ول إن الله يتكلم بالوحي ،ولهذا رد فرعون على موسى إذ قال موسى
ربنا متكلم فوق السماء وأنه ناداني ،وكذا ابن سينا لم يكن منكم ول الطوسي
قتل
) (1/28
الخليفة والقضاء والفقهاء إذ هم مجسمة ،ولنا الملحدة الفحول أئمة التعطيل
ولنا تصانيف مثل الشفاء ورسائل إخوان الصفاء والشارات قد صرحت بالضد
مما جاء في التوراة والنجيل والفرقان ،وإذا تحاكمنا فإليهم ل إلى القرآن ،يا
ويح جهم وابن درهم ومن قال بقولهما ،بقيت من التشبيه فيه بقية ينفي
الصفات مخافة التجسيم ويقال :إن الله يسمع ويرى ويعلم ويشاء وإن الفعل
مقدور له والكون ينسبه إلى الحدوث ويصرخ بنفي التجسيم والله ما هذان
متفقان ،لكننا قلنا محال كل ذا حذرا ً من التجسيم والمكان( أهـ.
تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير
انتهى كلم هذا الملحد تب ّا ً له وقطع الله دابر كلمه ،انظر هذا الملعون كيف أقام
طوائف الشافعية والمالكية والحنفية الذين هم قدوة السلم وهداة النام في
صورة الملحدة والزنادقة المقرين على أنفسهم باتباع فرعون وهامان وأرسطو
وابن سينا ،المقدمين كلمهم على القرآن ،وأنهم أتباع أصحاب جنكسخان ،وأن
رائده ،لعنه الله ولعنه ،سألهم عما يقوله أهل الحديث فنسبوهم إلى ما نسبوهم
إليه ،وأنه لذلك انحل عن الديان وخلع ربقة اليمان؛ وأبرز ذلك في صورة مقامة
وخيال ليرتسم به في ذهن من يقف عليه من العوام والجهال أن الطوائف
المذكورة ،على هذه الصفة.
وإذا كانت علماء الشريعة وقادة المة بهذه الصفة كيف يقبل قولهم في الدين؟
أو ماذا تكون قيمة فتاويهم عند المسلمين؟ فما أراد هذا إل أن يقرر عند العوام
أنه ل مسلم إل هو وطائفته التي ما برحت ذليلة حقيرة ،وما أدري ما يكون وراء
ذلك من قصده الخبيث ،فإن الطعن في أئمة الدين طعن في الدين وقد يكون
هذا فتح باب الزندقة ونقض الشريعة ويأبى الله ذلك والمؤمنون.
وجماعة من الزنادقة يكون مبدأ أمرهم خفيا ً حتى تنتشر ناره ويشتعل شناره،
نسأل الله العافية.
) (1/29
فينبغي لئمة المسلمين وولة أمورهم أن يأخذوا بالحزم ويحسموا مادة الشر
في مبدئه قبل أن يستحكم فيصعب عليهم رفعه .ثم إن هذا الوقح ل يستحي من
الله ول من الناس ،ينسب إلى طوائف المسلمين ما لم يقولوه فيه وفي
طائفته ،وأن شيوخهم وصوهم بذلك ،وهو يزعم بكذبه أنه متمسك بالقرآن وأين
قال الله في القرآن )إنه فوق السماء( وأين قال )إنه بائن من خلقه( وأين قال
)إنه فوق العرش( بهذا اللفظ وأين قال )إن القدمين فوق الكرسي( وأين قال
)إنه يسمع خلقه ويراهم من فوق( وأين قال )إن محمدا ً قاعد معه على العرش(
إلى بقية ما ذكره جميعه.
والمتبع للقرآن ل يغيره ول يغير لفظه بل يتسمك به من غير زيادة ول نقصان،
وكذلك الحاديث الصحيحة يقف عند ألفاظها ول يزيد في معناها ول ينقص.
كذب الناظم على الله ورسوله )
وهكذا أكثر ما ذكره لم يجيء لفظه في قرآن ول سنة ،بل هو زيادة من عنده
قد كذب فيها على الله) ( وعلى رسوله ) وفهمها على خلف الحق ونسب إلى
علماء المسلمين البرآء من السوء كل قبيح ،وجعل ذلك طريقا للخروج من
الدين والنسلخ من اليمان وانتهاك الحرام ،وعدم اعتقاد شيء فهل وصلت
الزنادقة والملحدة والطاعنون في الشريعة إلى أكثر من هذا؟ بل هذا ،وإيهامه
الجهال أنه هو المتمسك بالقرآن والسنة ،لينفق عندهم كلمه ويخفي عنهم
سقامه.
فصل
قال) :في قدوم ركب اليمان وعسكر القرآن( قال) :وأتى فريق ثم قال :أل
اسمعوا قد جئتكم من مطلع اليمان.
من أرض طيبة ،من مهاجر أحمد .سافرت في طلب الله فدلني الهادي عليه،
ومحكم القرآن مع فطرة الرحمن وصريح عقل شهدوا بأن الله منفرد بالملك
والسلطان وهو الله الحق(.
هذا صحيح.
ثم قال) :ل معبود إل وجهه( هذا عندنا صحيح وأما عنده فالوجه غير الذات فكيف
يصح؟
ثم قال) :والناس بعد فمشرك أو مبتدع وكذلك شهدوا بأن اله ذو سمع وذو بصر
هما صفتان(.
) (1/30
هذا نحن نقوله لكن لو طولب بالشهادة بأنه ذو سمع وذو بصر أين يجدها) ( في
ألفاظ القرآن والسنة ولو كان كذلك لم يكن بيننا وبين المعتزلة نزاع فيه.
قال) :وعموم قدرته) ( يدل بأنه هو خالق الفعال للحيوان(.
اعتقادنا أنه سبحانه خالق أفعال الحيوان ولكن كيف يدل عموم القدرة على ذلك
بل لذلك أدلة أخر .واستدلل هذا الفدم بعموم القدرة من عدم شعوره.
ثم قال) :هي خلقه حقا ً وأفعال لهم حقا ول يتناقض المران(.
عجب قد تقدم إنكار على جهم وشيعته قولهم :إن العبد ليس بفاعل فما هذا
التناقض) ( ؟!ولعله نقل الكلمين تقليدا ً ولم يفهم معناهما فلذلك وقع التناقض
بينهما؛ ويكونان من كلمين.
ثم قال :فحقيقة القدر الذي حار الورى في شأنه هو قدرة الرحمن ،واستحسن
ابن عقيل ذا من أحمد وقال شفى القلوب بلفظه(.
وقال الناظم) :إن الجبرية والمكذبين بالقدر نظروا نظر العور( والكلم في ذلك
يطول ,وليس هذا من أهله) ( ,ول هو متعلق به؛ بل كلمه فيه فضول فيما ل
يعنيه.
فصل
قال) :أيكون أعطى الكمال وما له ذاك الكمال أيكون) ( إنسان سميع مبصر
متكلم وله الحياة والقدرة والرادة والعلم والله قد أعطاه ذاك وليس وصفه
فاعجب من البهتان بخلف نوم العبد وجماعه وأكله وحاجة بدنه إذ تلك ملزومات
كون العبد محتاجا ً وتلك لوازم النقصان وكذا لوازم كونه جسدا ً نعم ،ولوازم
الحداث والمكان يتقدس عنها وعن أعضاء ذي جثمان(.
]عدم تمييز الناظم بين اللزم والملزوم[
الجسدية والحدوث والمكان يلزم منها ثلثتها الحتياج والنقص ،فالنوم والجماع
والكل لوازم لذلك ل ملزومات) ( وتقديسه عن العضاء مع إثباته قدمين كيف
يجتمعان.
]تخبط الناظم في الصوت[
ً
قال) :والله ربي لم يزل متكلما ،هو قول ربي كله ل بعضه لفظا ومعنى ،ما هما
خلقان(.
ما كونه لم يزل متكلما وقوله مع ذلك إنه لفظ وإنه غير مخلوق فكلم من لأ ّ
يدري ما يقول) (.
) (1/31
قال) :لكن أصوات العباد مخلوقة ،فإذا انتفت الوساطة كتكلم الله لموسى
فالمخلوق نفس السمع) ( ل المسموع ،هذى مقالة أحمد )يعني ابن حنبل(
ومحمد )يعني البخاري((.
قلنا نعم نوافقه على ذلك على قول الشعري إن الكلم النفسي يسمع ول يلزم
أن يكون هناك حرف وصوت .ومن اعترف بكلم الله تعالى وأن موسى سمعه
ولم يقل إنه حرف أو صوت أو غير ذلك بل وقف عند حده وعجزه وجهله ونزه
سِلم.
الله تعالى عن صفات خلقهَ ،
ثم قال في بيت الخطل:
يا قوم قد غلط النصارى في الكلمة
ونظير هذا من يقول كلمه معنى قديم غير محدث والشطر مخلوق وتلك حروفه
ناسوته) (.
أبصر هذه الجراءة وتشبيهه أقوال العلماء بأقوال النصارى وجهله وكذبه بأن
الحروف كالناسوت .والمعنى قائم بذات الرب سبحانه وتعالى واللفاظ بالقارئ
ل يتحد أحدهما بالخر ول يحل فيه كما يقول النصارى تعالى الله عن قولهم.
فصل
قال) :الكلم قيل بغير مشيئة ،وإنه معنى إما واحد وإما خمسة معان ،وقيل :إنه
لفظ مقترن فالسين مع الباء ،والذين قالوا بمشيئة صنفان أحدهما جعله خارج
ذاته وهو قول الجهمية ومتأخري المعتزلة والثانية في ذاته وهم الكرامية ،وهم
نوعان أحدهما جعله مبدوءا ً به حذرا ً من التسلسل فلذلك قالوا له أول والخرون
كأحمد ومحمد قالوا :لم يزل متكلما) ( بمشيئة وإرادة وتعاقب) ( الكلمات(.
هذا هو الذي ابتدعه ابن تيمية والتزم به؛ حوادث ل أول لها ،والعجب قوله مع
ذلك إنه قديم ،وحين النطق بالباء لم تكن السين موجودة؛ فإن قال النوع قديم
وكل واحد من الحروف حادث عدنا إلى الكلم في كل واحد من حروف القرآن،
فيلزم حدوثها وحدوثه ،فالذي التزمه من قيام الحوادث بذات الرب ل ينجيه بل
يرديه؛ وهذا آفة التخليط ,والتطفل على العلوم ,وعدم الخذ عن الشيوخ.
]كلم واف في أحاديث الصوت[
ثم قال) :وأذكر حديثا في صحيح محمد ذاك البخاري فيه نداء الله) ( يوم معادنا
بالصوت(.
) (1/32
اللفظ الذي في البخاري )فينادى بصوت( وهذا محتمل لن يكون الدال مفتوحة
والفعل لم يسم فاعله وأن يكون مكسورة فيكون المنادي هو الله تعالى فنقله
عن البخاري نداء الله ليس بصحيح ،والعدالة في النقل أن ينقل المحتمل
محتمل ،وإذا ثبت أن الدال مكسورة فلم يقول إن الصوت منه؟ فقد يكون من
بعض ملئكته أو من يشاء الله.
ثم قال) :أيصح في عقل وفي نقل) ( نداء ليس مسموعا ً لنا(.
أما العقل فل مدخل له في ذلك وأما النقل فقد قال تعالى ) إذ نادى ربه نداء
خفيا ً ) ) (.
ثم قال) :والله موصوف بذاك حقيقة هذا الحديث ومحكم القرآن(.
ليس في الحديث ومحكم القرآن أنه حقيقة.
قال) :ورواه عندكم البخاري المجسم بل رواه مجسم فوقاني(.
هذا بهت لنا في أن البخاري مجسم عندنا والله ما اعتقدنا فيه ذلك ول في أحمد
الذي عناه بالفوقاني ولكن هذا بهت لنا وإساءة على البخاري ومن فوقه.
ثم قال) :واذكر حديثا لبن مسعود صريحا إنه ذو أحرف(.
هو حديث في الترمذي :من قرأ حرفا ً من كتاب الله فله به حسنة وقال حسن
صحيح؛ ووقفه بعضهم على ابن مسعود .وعلى كل تقدير الحرف في قراءة
القارئ ،وقد تقدم من هذا الناظم أن الصوت فعل القارئ فل وجه لحتجاجه هنا،
ولبن مسعود حديث آخر أنه على سبعة أحرف ،والمراد نزوله بها .ثم قال:
)وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها لم يأت قط بسورة إل أتى في أثرها
خبر عن القرآن(.
هذا منتقض بسورة )كهيعص( والعنكبوت والروم و )ن(.
فصل
قال) :إنه يلزم من نفي صفة الكلم نفي الرسالة) ((.
ن كنا ل ننفي صفة الكلم.وهو جهل منه وإ ْ
فصل
وقال) :إنه يلزمهم تشبيه الرب بالجماد الناقص(.
وهذا بلدة) (.
فصل
قال :في إلزامهم) ( أن كلم الخلق حقه وباطلة عين كلم الله سبحانه بخلقه
أفعال العباد(.
ما هذا إل…
فصل
في التفريق بين الخلق والمر قال) :وكلهما عند المنازع واحد(.
المنازع هم المعتزلة ،ولسنا منهم ،لكن قوله :إنهما عندهم) ( واحد ليس
بصحيح.
فصل
) (1/33
) (1/34
ثم قال :هذا الذي قد خالف المعقول والمنقول والفطرات للنسان ،أما الذي قد
قال إن كلمه ذو أحرف قد رتبت ببيان وكلمه بمشيئة وإرادة كالفعل منه
كلهما) ( سيان فهو الذي قد قال قول يعلم العقلء صحته بل نكران ،فلي شيء
كان ما قلتم أولى؟ ولي شيء كفرتم أصحاب هذا القول؟ فدعوا الدعاوي
وابحثوا معنا وارفوا مذاهبكم إن أمكن(.
ليت شعري من هو الذي من العقلء يعلم صحة كلم ذي أحرف مترتبة مفعول
قديم ولكن هذا صبي العقل غره ،هجام على الحقائق بهواه.
) (1/35
ثم قال) :فاحكم -هداك الله -بينهم ل تنصرن سوى الحديث وأهله هم عسكر
القرآن .فنقول هذا القدر قد أعيا على أهل الكلم وقاده أصلن ،أحدهما :هل
فعله) ( مفعوله أو غيره ،قولن والقائلون بأنه عينه فروا من الحدث في
الصفات وحقيقة قولهم تعطيل الخالق عن فعله إذ فعله مفعوله لكنه ما قام به
فعلى الحقيقة ما له فعل إذ المفعول منفصل عنه .والقائلون بأنه غيره طائفتان:
إحداهما قالت قديم قائم بالذات ،سموه تكوينا ،وهم الحنفية .والخرون رأوه
حادثا ً قام بالذات ،وهم نوعان :أحدهما جعله مفتتحا به حذرا ً من التسلسل وهو
قول الكرامية ،والخرون أهل الحديث كأحمد) ( بن حنبل قال :إن الله لم يزل
متكلما إن شاء ،جعل الكلم صفة فعل قائمة بالذات لم يفقد من الرحمن،
وكذاك نص على دوام الفعل وكذا ابن عباس وجعفر الصادق و)عثمان بن سعيد(
الدارمي وصدق فالحياة والفعل متلزمان وكل حي) ( فعال إل إذا عرضت آفة أو
قسر ،أولست تسمع قول كل موحد )يا دائم المعروف قديم الحسان( أو ليس
فعل الرب تابع وصفه وكماله؟ أفذاك ذو حدثان؟ وكماله سبب الفعال وخلقه
أفعالهم سبب الكمال الثاني ،أو ما فعال الرب عين كماله؟ أفذاك ممتنع على
المنان أزل إلى أن صار فيما لم يزل ممكنا؟ تالله قد ضلت عقول القوم إذ قالوا
بهذا .وتخلف التأثير بعد تمام موجبه محال؛ والله ربي لم يزل ذا قدرة ومشيئة
وعلم وحياة وبهذه الوصاف تمام الفعل فلي شيء تأخر فعله مع موجب) ( قد
تم والله عاب على المشركين عبادتهم ما ليس بخالق ول ينطق ،والله إله حق
دائمًا ،أفعنه الوصفان) ( مسلوبان أزل ،هذا المحال إن كان رب العرش لم يزل
إله الخلق ،فكذا لم يزل متكلما فاعل -والله -ما في العقل ما يقضي لذا بالرد
بل ليس في المعقول غير ثبوته ،وما دون المهيمن حادث ليس القديم سواه
والله سابق كل شيء ما ربنا والخلق مقترنان والله كان وليس شيء) ( غيره
لسنا نقول كما يقول اليوناني بدوام هذا العالم المشهود
) (1/36
والرواح في أزل وليس بفان( واندفع في ذكر النصير الطوسي لعنه الله فهو
معذور فيه ،لكنه ل فرق بينه وبين القائلين بقدم العالم إل أنه ل يقول بقدم هذه
الجسام المشاهدة والرواح .وهذه الجسام والرواح كالحوادث اليومية التي
أجمع كل عاقل على حدوثها ،فلو جاء زنديق وقال إنه لم يزل أجسام وأرواح
خلقا ً من قبل خلق وإنه كان قبل هذه السموات سموات غيرها ل إلى نهاية،
وأرواح غير هذه الرواح ل إلى نهاية لم يكن بينه وبين هذا الناظم فرق إل أن
هذه في غير ذاته تعالى؛ وما قاله الناظم ،بحدوثه في ذاته سبحانه وتعالى
والتسلسل عنده جائز؛ فبم ينكر على الزنديق الذي يدعي ذلك؟ وأي فرق بين
قوله وقوله؟ فإن التزم جوازهما فأي فرق بينهما وبين جرم هذه السماء؟) (
وقوله )تخلف التأثير بعد تمام موجبه( ففيه اعتراضان :أحدها أن المؤثر خلف
الفاعل بالختيار والله تعالى فاعل بالختيار والثاني قوله )بعد تمام موجبه( إن
أراد اليجاب الذاتي فهو قول الفلسفة والله فاعل بالختيار ،ومن ضرورة الفعل
بالختيار تأخر الفعل عن الختيار ،والتأخر يقتضي الحدوث فكيف يتخلص عن
هذه اللكنة] .وإن أراد الوجوب عن الله فسياق العبارة ينافيه[.
فصل
]القول في تجويز التسلسل في الماضي[
) (1/37
قال) :فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل قلنا صدقتم وهو ذو إمكان كتسلسل التأثير
في مستقبل ،وهل بينهما) ( فرق؟ وأبو على ] الجبائي [ وابنه ] أبو هاشم [
والشعري وابن الطيب ] الباقلني [ وجميع أرباب الكلم الباطل فرقوا وقالوا
ذلك فيما ل يزال حق وفي الزل ممتنع لجل تناقض الزلي والحداث ،فانظر
إلى التلبيس في ذا الفرق ترويجا ً على العوران والعميان ما قال ذو عقل بأن ذا
أزلي لذي ذهن ول أعيان بل كل فرد فهو مسبوق بفرد ونظيره كل فرد ملحوق
بفرد فالحاد تفنى والنوع) ( ل يفني أزل وأبدا ً وتعاقب النات ثابت في الذهن
كذا في العين ،فإن قلتم النات حادثة فيقال ماذا تعنون بالنات؟ هل تعنون مدة
من حين إحداث السموات؟ ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن قبلها شيء من
الكوان ،هل جاءكم في ذاك من أثر ومن نص ومن نظر ومن برهان؟ إنا
نحاكمكم إلى ما شئتم منها أو ليس خلق الكون في اليام أوليس ذلكم الزمان
بمدة ،فحقيقة الزمان) ( نسبة حادث لسواه ،وأذكر حديث السبق بخمسين ألف
سنة سابقة ،وعرش الرب فوق الماء من قبل السنين بمدة وزمان والحق أن
العرش كان قبل القلم والذين لم يقولوا بدوام فعله) ( عموا عن القرآن
والحديث ومقتضى العقول وفطرة الرحمن والبرهان وأسسوا أصل الكلم وبنوا
قواعدهم عليه وقادهم قسرا ً إلى التعطيل ،نفي القيام لكل أمر حادث بالرب
خوف تسلسل العيان فيسد ذاك عليهم بزعمهم إثبات الصانع إذا أثبتوه بخلف
الجسام ،هذى نهايات أقدام الورى في ذا المقام الضيق فمن يأتي بفتح ينجي
الورى من الحيرة( انتهى كلمه في هذا الفصل.
وقد صرح بقبائح منها إمكان التسلسل ومنها نسبة أكابر علماء الشعرية إلى
التلبيس ومنها نسبة ذلك إلى القرآن والسنة وأنه لم يجئ أثر ينص على العدم
المتقدم وقد جاء )كان) ( الله ول شيء معه( والشيء يشمل الجسم والفعل
والنوع والحاد.
فصل
) (1/38
قال) :هذا) ( الدليل هو الذي أرداهم ما زال أمر الناس معتدل إلى أن دار في
الوراق فرفعت لوازمه قواعد اليمان وتركوا حق الدلة وهي في القرآن
ودليلهم لم يأت به الله ول رسوله ) بل حدث على لسان جهم وحزبه(.
ينبغي أن يقال لهذا الردي انتصب للدليل حتى يرى ما عنده.
قال:
فصل
في الرد على الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد ول فوق
السموات إله ُيصَلى له ويسجد(.
هذا المدبر يأخذ الكلم يقلبه كما يقلب الحقائق ،فإنه جعل مصب كلم خصومه
إلى نفي الله وهم أثبتوا الله ونفوا كونه فوق العرش .وقوله )المعطلة( يوهم
به أنهم معطلة العالم من الصانع وهو يريد به معطلة الخالق من قيام الفعل
الحادث به فما أكثر تلبيسه) ( وتدليسه .ومراده بالجهمية )المعتزلة والشعرية(
وليس أحد من المعتزلة اليوم عندنا ظاهرا ً فل كلم له إل مع الشعرية الذين
أكثر الخلق يقتدون بهم ،يريد تنقيصهم والطعن فيهم ،ويأبى الله إل أن يتم نوره.
قال) :والله كان وليس شيء) ( غيره وخلق البرية ،فسل المعطل هل هي خارج
ذاته أو فيها أو هو عينها ل رابع ،ولذلك قال محقق القوم الذي رفع القواعد هو
عين الكون فهو الوجود بعينه إن لم يكن فوق الخلئق إذ ليس يعقل بعد إل أنه
فيها كمقالة النصراني فاحكم على من قال ليس بخارج ول داخل بأنه أوقع عليه)
( حد المعدوم ،فإن زعم أن ذلك في الجسم ،والرب ليس كذا فيقال هذا دعوى
واصطلح اليونان(.
إن أراد بالدعوى نفي الجسمية عن الرب وبالصطلح ذلك فقد أظهر ما في
نفسه ،وإن أراد أن النفي إنما يصدق في الجسام والظاهر أنه مراده فل يقال
فهي اصطلح.
) (1/39
قال) :والشيء يصدق نفيه عن قابل وسواه ولذا ينفي عنه الظلم المحال والنوم
والسنة والطعم والولدة والزوجة ،والله وصف الجماد بأنه ميت أصم ،ونفى عنه
الشعور والنطق والخلق وهو ل يقبل ،ولو سلم أن هذا شرط كان في الضدين ل
في النقيضين ونفيكم لقبولهما يزيل المكان وهو كنفي قيامه بالنفس أو بالغير
فإذا المعطل قال إن قيامه بالنفس أو بالغير باطل إذ ليس يقبلهما إل جسم أو
عرض فكلكما ينفي الله حقيقة ماذا يرد عليه من هو مثله في النفي صرفا ً
والفرق ليس بممكن لك والخصم يزعم أن ما هو قابل لهما كقابل لمكان فافرق
أو أعط القوس باريها وخل الفشرة وكثرة الهذيان(.
فهذا فشار كبير ممن ل يعرف الضدين ول النقيضين ول المكان ول المتناع ،يا
سبحان الله الدخول والخروج نقيضان أو نفي الوصف بهما يزيل المكان أو ينفي
الله؟ هذا خلط.
فصل
قال :في سياق هذا الدليل على وجه آخر إن نفي المعطل كون الله خارج
الذهان بالغ في الكفر وإن أقر ،فإن قال إنه عين الكوان قال بالتحاد وجحد
ربه ،وإن قال غيرها ،فإن قال الخلق في ذاته أو ذاته فيهم فهو قول النصارى،
وإن قال قائم بنفسه فهو وغيره مثلن أو ضدان أو غيران وعلى التقادير) (
الثلثة لول التباين لم يكن شيئان فلذا قلنا إنكم باب من التحاد(.
أسمع جعجعة ول أرى طحنا آخره مطالبة بأن ما ليس في حيز كيف يكون
موجودًا.
فصل
]نصوص عن ابن تيمية في الفوقية الحسية[
قال) :ولقد أتانا عشرة أنواع من المنقول في فوقية) ( الرحمن مع مثلها أيضا ً
يزيد بواحد ،ها نحن نسردها بل كتمان(.
خْلف السوء يذكر ما قاله شيخه في كتاب العرش وكأنه المقصود بهذا أخذ هذا ال َ
النظم فإنه أطال فيه.
قال) :هذا ومن عشرين وجها يبطل التفسير بـ )استولى( لذي العرفان قد
أفردت بمصنف لمام هذا الشأن بحر العالم) ( الحراني(.
]قول أبي حيان في ابن تيمية[
) (1/40
المصنف المذكور هو كتاب العرش لبن تيمية) ( وهو من أقبح كتبه ،ولما وقف
عليه الشيخ أبو حيان) ( ما زال يلعنه حتى مات بعد أن كان يعظمه .قال) :منا
استوى) ( في سبع آيات بغير لم ولو كانت بمعنى استولى لجاءت في موضع(.
وهذا الذي قاله ليس بلزم فالمجاز قد يطرد وحسنه أن لفظ استوى أعذب
وأخصر وليس هذا من الطراد الذي يجعله بعض الصوليين من علمة الحقيقة،
فإن ذلك هو الطراد في جميع موارد الستعمال والذي حصل هنا اطراد
استعمالها في آيات فأين أحدهما من الخر؟! ثم إن استوى وزنه افتعل فالسين
فيه أصلية واستولى وزنه استفعل فالسين فيه زائدة ومعناه من الولية فهما
مادتان متغايرتان في اللفظ والمعنى ،والستيلء قد يكون بحق وقد يكون بباطل
والستواء ل يكون إل بحق؛ والستواء صفة للمستوي في نفسه بالكمال
والعتدال ،والستيلء صفة متعدية إلى غيره فل يصح أن يقال استولى حتى
يقول على كذا ،ويصح أن يقول استوى ويتم الكلم .فلو قال استولى لم يحصل
المقصود ،ومراد المتكلم الذي يفسر الستواء بالستيلء التنبيه على صرف
اللفظ عن الظاهر الموهم للتشبيه واللفظ المجاز لو عبر عنه باللفظ الحقيقي
لختل المعنى؛ وقد يريد المتكلم أن الستواء من صفات الفعال كالستيلء
المتمحض للفعل من كل وجه ويكون السبب في لفظ الستواء عذوبتها
واختصارها فقط دون ما ذكرناه؛ ولكن ما ذكرناه أحسن وأمكن مع مراعاة
معنى الستيلء .وانظر قول الشاعر:
قد استوى قيس على العراق من غير سيف ودم مهراق
) (1/41
ولو أتى بالستيلء لم يكن له هذه الطلوة والحسن ،والمراد بالستواء كمال
الملك هو مراد القائلين بالستيلء ،ولفظ الستيلء قاصر عن تأدية هذا المعنى،
فالستواء في اللغة له معنيان أحدهما استيلء بحق وكمال فيفيد ثلثة معان
ولفظ الستيلء ل يفيد إل معنى واحدًا .فإذا قال المتكلم في تفسير الستواء
الستيلء مراده المعاني الثلثة وهو أكر يمكن في حق الله سبحانه وتعالى
فالمقدم على هذا التأويل لم يرتكب محذورا ً ول وصف الله تعالى بما ل يجوز
عليه والمفروض المنزه ل يقدم على التفسير بذلك لحتمال أن يكون المراد
خلفه وقصور أفهامنا عن وصف الحق سبحانه وتعالى مع تنزيهه عن صفات
الجسام قطعًا .والمعنى الثاني للستيلء في اللغة الجلوس والقعود ،ومعناه
مفهوم من صفات الجسام ل يعقل منه في اللغة غير ذلك والله تعالى منزه
عنها ،ومن أطلق القعود وقال إنه لم يرد صفات الجسام قال شيئا ً لم تشهد به
اللغة فيكون باطل وهو كالمقر بالتجسم) ( المنكر له فيؤاخذ بإقراره ول يفيد
إنكاره .واعلم أن الله تعالى كامل الملك أزل وأبدًا ،ولكن العرش وما تحته
حادث ،فإن قوله ) ثم استوى على العرش ) لحدوث العرش ل لحدوث الستواء.
فصل
قال) :وثانيها لفظ العلي والعلى) ( والعلو بمطلقه عام ونفيه نقص وعلوه فوق
الخليقة كلها فطرت عليه الخلق( فيقال أسماء الله قديمة فإن لزم من العلى
والعلى كونه فوق جسم لزم قدم العالم .والذي فطرت عليه والبديهة التعظيم
إلى أعلى غاية.
فصل
]كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه[
قال) :وثالثها صريح الفوق) ( مصحوبا بمن وبدونها أحدهما قابل للتأويل والصل
الحقيقة والمجرور ل يقبل التأويل وأصخ لفائدة جليل قدرها إن الكلم إذا أتى
بسياقه يبدي المراد أضحى كنص قاطع(.
) (1/42
وقد علم كل واحد اختلف المفسرين في قوله تعالى ) ثم دنا فتدلى ) ]النجم:
[8فكيف يستدل به؟ وعيسى في السماء الرابعة ليس على العرش ،ورفع
الصدقة والكلم وشبههما من المعاني ليس بالنتقال من مكان إلى مكان لن
المعاني ل تنتقل.
فصل
حديث النزول
قال) :وسادسها وسابعها النزول) ( والتنزيل(.
وتنزيل القرآن لنزول جبريل به من جهة العلو.
فصل
قال) :وثامنها رفيع الدرجات وفعيل بمعنى المفعول(.
ما بقي من تخلف هذا الّنحس إل أن يجعل لله سلما ً يصعد وينزل في درجاته،
تعالى الله عما يقول .يحمل على اللفظ فوقَ ما يحتمله ويفهم منه غير مراده
فسحقا ً له.
فصل
)وتاسعها فوق السماء) ((.
فصل
ُ
قال) :وعاشرها الملئكة الذين هم عند الرحمن وكّتاب رحمته عنده فوق العرش
وسائر الشياء ليست كذلك(.
من هم الملئكة الذين هم معه في المكان وجبريل يتأخر عن المكان الذي وصل
إليه النبي ) ؟.
فصل
الشارة إلى رفع اليدي إلى السماء
قال) :وحادي عشرها إشارة النبي ) بأصبعه في الموقف لله) ((.
جوابه :إن القلب متوجه إلى الرب العالي قدرًا ,وقهرا ً على كل شيء ؛ والشارة
إلى جهة العلو التي هي محل ملكه ,وسلطانه ,وملئكته ,والعليين عن خلقه،
وقبلة دعائه ,ومنزل وحيه؛ وهكذا رفع) ( اليدي في الدعاء.
فصل
قال) :وثاني عشرها وصفه تعالى بالظاهر وفسر في الحديث )أنت الظاهر
فليس فوقك شيء((.
يقال لهذا المدبر إن كان الظاهر يقتضي الفوقية الحسية فاسم الباطن يقتضي
التحتية الحسية -تعالى الله.
فصل
دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة
قال) :وثالث عشرها إخباره أنا نراه في الجنة وهل نراه إل من فوقنا) ( ودعوى
سواها مكابرة ولذا قال محقق منكم للمعتزلة ما بيننا خلف فاحملوا معنا على
المجسمة إذ قالوا يرى كما يرى القمران فيلزمهم العلو وليس فوق العرش رب
هذا الذي والله مودع كتبهم(.
) (1/44
ينبغي أن يحضر هذا النحس ويلزم بأن يخرج من كتبهم أنه ليس فوق العرش
رب ولن يجده في كتبهم أبدا ً وتوهمه أنه ل يرى إل من فوق لقصور عقله .ونقله
اتفاقنا مع المعتزلة لعدم فهمه؛ بل بيننا وبينهم وفاق ,وخلف؛ فقوله :ما بيننا
وبينكم خلف كذب علينا.
فصل
]بسط الكلم في السؤال بـ )أين( في حديث الجارية[
قال) :ورابع عشرها أين الله في كلم النبي ) في حديث معاوية بن الحكم وفي
تقريره لمن سأله رواه أبو رزين(.
أقول :أما القول فقوله ) للجارية )أين) ( الله؟ قالت في السماء( وقد تكلم
الناس عليه قديما ً وحديثًا؛ والكلم عليه معروف ول يقبله ذهن هذا الرجل لنه
مشاء على بدعه ل يقبل غيرها! وأما حديث أبي رزين) ( ففي سنن الترمذي عنه
قال :قلت :يا رسول الله ،أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال) :كان في
عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ,وخلق عرشه) ( على الماء( قال الترمذي:
قال أحمد يعني ابن منيع راوي الحديث قال يزيد يعني ابن هارون شيخ أحمد:
العماء أي ليس معه شيء .انتهى كلم الترمذي.
وفي رواية )كان في عما( بالقصر؛ ومعناه ليس معه شيء وقيل هو كل أمر ل
يدركه عقول بني آدم ول يبلغ كنهه الوصف والفطن .قال ابن الثير :ول بد في
قوله )أين كان ربنا( من مضاف محذوف فيكون التقدير أين كان عرش ربنا
ويدل عليه قوله تعالى ) وكان عرشه على الماء ) ]هود .[7:قال الزهري :نحن
نؤمن به ول نكيفه بصفة؛ أي نجري اللفظ على ظاهره من غير تأويل .وقوله من
غير أن نكيفه بصفة صريح في التنزيه؛ والعلماء في المتشابهات يؤمنون بها إما
بأن يتأولوها وإما بأن يسكتوا مع التنزيه .وهذا المدبر يصدق بعضها ببعض ليقوي
الشبهة ويمكن الريبة من قلوب الناس؛ لعنه الله) (.
فصل
قال) :وخامس عشرها الجماع من) ( رسل الله ،حكى إجماعهم
عبد القادر وأبو الوليد )ابن رشد الفيلسوف( وأبو العباس الحراني) ( )ابن تيمية(
وله اطلع ،لم يكن من قبله لسواه من متكلم(.
) (1/45
ونحن نقطع أيضا ً بإجماعهم )على التنزيه( أما يستحي من ينقل إجماع الرسل
على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى؟ وعلماء الشريعة ينكرونها؟ أما
تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبت على الرسل؟
فصل
قال) :وسادس عشرها إجماع أهل العلم) ( ابن عباس ومجاهد ومقاتل والكلبي
ورفيع وأبو عبيدة والشعري والبغوي ومالك والشافعي والنعمان ويعقوب وأحمد
وابن المبارك وابن خزيمة وقال يقتل من ينكره وحكي ابن عبد البر إجماع أهل
العلم أن الله فوق العرش وابن وهب وحرب الكرماني وحكى الجماع ابن أبي
زيد والكرجي في التصنيف الذي شرحه وتفسير عبد بن حميد والنسائي وعثمان
الدارمي وابن أصرم وعبد الله بن أحمد والثرم )وأبو حاتم وابنه ومحمد بن أبي
شيبة( وابن أبي داود وابن أسباط وسفيان وحماد بن زيد وحماد بن سلمة
والبخاري والطبري والللكائي الشافعي وإسماعيل التيمي والطبراني
والطلمنكي والطحاوي والباقلني وابن كلب والطبري في التفسير والداني وابن
سريج وأبو الخير العمراني صاحب البيان وسواهم والله قطاع الطريق أئمة
تدعو إلى النيران ما في الذين حكيت عنهم آنفا ً من حنبلي واحد بضمان ،بل
كلهم والله شيعة أحمد ،فأصوله وأصولهم سيان ،أتظنهم لفظية جهلية هم أهل
العقول فتقذفون أولء بل أضعافهم من سادة العلماء كل زمان بالجهل والتشبيه
والتجسيم والتبديع والتضليل والبهتان ،يا قومنا الله في إسلمكم ل تفسدوه
لنخوة الشيطان ،يا قومنا اعتبروا بمصارع من مضى في هذه الزمان لم يغن
عنهم كذبهم ومحالهم وقتالهم بالزور والتدليس عند الناس والحكام والسلطان
وبدا لهم أنهم على البطلن ما عندهم شكاية ما يشتكي إل عاجز ،لبستم معنى
النصوص وقولنا أسأتم الظن بأئمة السلم ما ذنبهم ما الذنب إل للنصوص لديكم
إذا جسمت(.
) (1/46
انتهى كلم هذا المدبر ،وقد تقدم النقل عن مالك رحمه الله بخلف ما قاله
ولكنه اغتر هنا بما رواه الحسن بن إسماعيل الضراب) ( في كتابه الذي صنفه
في فضائل مالك ) بأسانيده إلى مالك ) أنه أتاه رجل فقال :يا أبا عبد الله،
الرحمن على العرش استوى ،كيف استوى) ( ؟ فأمسك عنه مالك حتى عله
الرحضاء ثم قال :الكيف منه غير معقول والستواء فيه غير مجهول واليمان به
واجب والسؤال عنه بدعة وإني لحسبك ضال ،ثم أمر به فأخرج .وفي رواية :
فإني أخاف أن يكون شيطانا.
رد المصنف على الناظم في الفوقية
وهذا الكلم صحيح إن صح عن مالك ،فإنه ليس فيه إل اليمان بآية استوى على
العرش كما نطق به القرآن وأن كيفيته غير معقولة ،والسائل عنها ضال مبتدع
شيطان ،وفي ذلك قطع بأن الستواء ليس على ظاهره المعلوم عند الناس من
أنه القعود ،فإن ذلك معقول وليس فيه تصريح بفوقية الذات؛ ول يلزم من قولنا
استوى على العرش أن يكون هو على العرش إل بعد أن نثبت أن الستواء هو
القعود والجلوس كما في المخلوق ،وجل الله عن ذلك .فهذا الرجل لم يفهم
كلم غيره من العلماء الكثيرين الذي حكى عنهم كلهم .وإنما يؤثر عنهم كلم
مقتد بالكتاب يراد به معنى صحيح مع التنزيه ،وما ل يوهم التشبيه ول يقتضيه.
روايات الضراب عن مالك
) (1/47
وقد روى الضراب في هذا الكتاب قال حدثنا عمر بن الربيع ثنا أبو أسامة ثنا ابن
أبي زيد عن أبيه عن حبيب كاتب مالك قال :سئل مالك بن أنس عن قول النبي
) )ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء كل ليلة( قال :ينزل أمره كل سحر وأما
هو فهو دائم ل يزول وهو بكل) ( مكان .وروى الضراب أيضا ً في هذا الكتاب
بإسناده إلى عبد الرحمن بن القاسم قال سئل مالك عمن يحدث الحديث الذي
قالوا :إن الله خلق آدم على صورته ،وإن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة،
وإنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد ،فأنكر ذلك إنكارا ً شديدا ً ونهى أن
يتحدث بها أحد ،فقيل له :إن ناسا ً من أهل العلم يتحدثون بها ،فقال :من هم؟
قيل :ابن عجلن عن أبي الزناد ،فقال :لم يكن ابن عجلن يعرف هذا الشياء
ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال لم يزل عامل لهؤلء حتى مات وكان صاحب
عمل يتبعهم ،ورواه الضراب أيضا ً من طريق ابن وهب عن مالك .وروى أيضا ً
عن طريق الوليد بن مسلم قال سألت مالكًا ,والوزاعي وسفيان وليثا ً عن هذه
الحاديث التي فيها ذكر الرؤية فقالوا :ارووها كما جاءت! فانظر كلم مالك
وكلم غيره ،لم يصرحوا ولم يبيحوا إل روايتها؛ ل اعتقاد ظاهرها الموهم للتشبيه.
ومالك شدد) ( في روايتها إل ما يعلم صحته فيروى مع التنزيه كالقرآن .وهذا
النحس وأمثاله يروون في ذلك الجفلء لن لهم بدعة ل يبغون عنها حول ،وكل
هؤلء الذين نقل عنهم كلمه إما متأول أراد به قائله معنى صحيحا ً غير ما أراد
هذا المبتدع ،وإما مختلق عليه وحقه أن يسبر .فمن سمى من المتأخرين لم
يكن له بصر بالحقائق فزل كما زل شيوخ) ( هذا المبتدع وقادته ممن لم يكن
قدوة.
فصل
) (1/48
) (1/49
واذكر حديث حصين) ( بن المنذر الثقة الرضى أعنى أبا عمران إذ قال :ربي في
السماء لرغبتي ولرهبتي أدعوه كل أوان ،فأقره الهادي البشير ) ولم يقل أنت
المجسم قائل مكان واذكر شهادته لمن قال ربي في السماء) ( باليمان وشهادة
المعطل له بالكفران ،وحديث) ( الطيط ،وحديث النزول) ( وحديث) ( ابن
رواحة.
والمعراج) ( وقريظة) (.
وصعود الروح) ( عند الموت ،وسخط الله) ( على المرأة التي تهجر زوجها،
وحديث جابر في أهل الجنة إذا بنور) ( ساطع فإذا هو الرحمن.
وحديث فضل يوم الجمعة ) ( ،وأمين من في السماء ) ( ،واذكر حديث أبي
رزين) ( وبطوله ساقه ابن إمامنا والطبراني وأبو بكر بن زهير واذكر كلم
مجاهد في قوله تعالى ) أقم الصلة … ) في سبحان في ذكر تفسير المقام
لحمد) ( إن كان تجسيمًا ،فإن مجاهدا ً هو شيخهم بل شيخه الفوقاني وقد أتي
ذكر الجلوس به(.
هذه الحاديث كلها قد ذكرها الئمة وذكروا تأويلتها من قديم الزمان وإلى الن.
فصل
)في جناية التأويل) ( على ما جاء به الرسول(.
فذكر أن التأويل أصل كل بلية ثم قال) :والتأويل الصحيح هو تفسيره وظهور
معناه كقول عائشة يتأول القرآن وحقيقة التأويل معناه الرجوع إلى الحقيقة ل
خلف بني أئمة التفسير في هذا ،تأويله هو عندهم تفسيره بالظاهر) ( ما قال
منهم قط شخص واحد تأويله صرف عن الرجحان ول نفي الحقيقة(.
قال الله تعالى في المتشابه ) ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) ] آل عمران[7:
فكيف يكون تأويله تفسيره بالظاهر والمتشابه ل ظاهر له وقوله ما قال منهم
أحد إن التأويل صرف عن الرجحان :كذب بل خلق قالوا ذلك ويطلق التأويل
أيضا ً على تدبر القرآن وتفهم معناه.
)فصل(
فيما يلزم مدعي التأويل.
ثم قال) :دليل صارف واحتمال الفظ وتعيين المقصود(.
هذا كثرة كلم في أمر سهل مفروغ منه.
)فصل(
)في طريقة ابن سينا) ( وذويه من الملحدة في التأويل(.
) (1/50
ذكر ابن سينا والملحدة هنا للتنفير وإل لما جاء بابن سينا والملحدة معنا.
قال) :ويقول تأويلي كتأويل الفوقية والصفات والعلو تأويله أشد من تأويل
القيامة وحدوث العالم(.
ليس مقصود هذا الناظم إل أن يفظع مقالت خصومه من الفقهاء وأهل العلم
ويجعلها في قلوب العامة أقبح من مقالت الفلسفة لتشتد نفرتهم عنها؛ واندفع
في مخارق وسفه ودعاوى ل حقيقة لها.
)فصل(
م بلية مستورة ورث المحرف من اليهود وأتى إلى حزب الهدى قال) :هذا وث َ ّ
وأعطاهم شبه اليهود قال استوى استولى وذا من جهله عشرون) ( وجها تبطله
أفردت بتصنف حبر عالم رباني وشبه النون التي زادتها اليهود في حطة بلم
تعطيل الجهمية(.
وهذا من الخرافات.
)فصل(
قال) :ومن العجائب قولهم فرعون مذهبه العلو وفرعون قال إن موسى كاذب
إذ ادعى فوقية الرحمن(.
أين ادعى موسى فوقية الرحمن؟
)فصل(
قال) :تركيب استوى مع حرف الستعلء نص في العلو بوضع كل لسان(.
نص في العلو أما في الذات فل ،فقولك :استوى قيس على العراق ل يستلزم
أن يكون إذ ذاك في العراق بل ملكه فيها وعليها.
)فصل(
كله دعاوى وفقاقيع فارغة.
)فصل(
فيه إنكار المجردات) (.
)فصل(
سوى فيه بينهم وبين المنافقين والقرامطة وجعل المجسمة مقابل الجميع ،وأن
ما ثم إل التجسيم أو التعطيل وقد تقدم مثله ،وإنما زاد التكرير والتفظيع ليزرع
الريبة في القلوب.
)فصل(
قال) :الستواء ونحوه والمشيئة ونحوها كلهما من صفات الجسام -وطلب
الفرق بينهما -والله لو نشرت شيوخك كلها لم يقدروا أبدا ً على فرقان(.
انظر هذا الجلف الجاري على ما ل يعلم ،وكل عاقل يعلم أن الستواء بمعنى
القعود أقرب إلى صفات الجسام من المشيئة والقدرة.
قال) :قال زعيمهم في الفرق هذه الصفات بالعقل والقرآن فيقال إن نفى
العقل التجسيم فانفوها وانسلخوا من القرآن وإن أثبته فلم الفرار؟ وإن نفاه
في وصف وأثبته في وصف فما الفرق؟.
انظر هل بعد هذا الكلم شيء في التجسيم) (؟.
) (1/51
)فصل(
كله سفاهة.
)فصل(
حكى مذاهب خصومه بأقبح ما يكون ثم قال) :جربت هذا كله ووقعت في تلك
الشباك وكنت ذا طيران حتى أتاح لي الله بفضله من ليس تجزيه يدي ولساني
حبر أتى من أرض حران فيا أهل ً بمن قد جاء من حران( ) (.
)فصل(
قال) :ومن العجائب قولهم حشوية) ( سمى به ابن عبيد( فيه سفه.
)فصل(
قال) :كم ذا مجسمة ،وإذا سببتم بالمحال فسبنا بأدلة وحجاج ذي برهان فحقيقة
التجسيم إن يك عندكم وصف الله بصفاته العليا فتحملوا عنا الشهادة واشهدوا
في كل مجتمع وكل مكان أنا مجسمة بفضل الله وليشهد بذلك معكم الثقلن(.
) (1/52
نقول له أنت أبديت لنا اعتقادك ووصفت بأمور يمتحن فيها كل عاقل منصف إذا
عرضت على خال من العراض كلها من امرأة أو صبي أو أعجمي أو عربي
عامي وعموم الناس هل يفهمون من الستواء والقعود والنزول والمجئ والتيان
والوجه) ( واليد والساق والقدم والجنب والعين والنتقال في الدرجات وغير ذلك
مما قد ذكرته معنى الجسم ,ويرسم ذلك في نفسه أو ل؟ فإن قال إنه ل يفهم
منها إل معنى الجسم فيكفيك إثما ً عند الله إضلل مثل هؤلء وحملهم على
اعتقاد التجسيم الذي تزعم أنت بلسانك أنك ل تقول به .فالمحقق منك إضلل
أكثر العالم ،وأما أنت في نفسك فإن كذبت في إنكارك فقد جمعت إلى فساد
العتقاد الكذب ،وإن صدقت في زعمك فقد لبست عليك نفسك وخيلت لك
فرقا أو كان عندك فرق الله أعلم به ،هذا في الباطن الذي أمره إلى الله في
الخرة؛ وأما في الدنيا فإن في قبول قولك عندنا نظرا ً فإن قبل أو لم يقبل -وإن
كنا لم نقل بالتكفير ول بالقتل -فل أقل من القدر الذي ينكف به ضررك عن
المسلمين .وهذه الشياء التي ذكرناها هي عند أهل اللغة أجزاء ل أوصاف ،فهي
صريحة في التركيب؛ والتركيب للجسام .فذكرك لفظ الوصاف تلبيس وكل
أهل اللغة ل يفهمون من الوجه والعين) ( والجنب والقدم إل الجزاء؛ ول يفهم
من الستواء بمعنى القعود إل أنه هيئة وضع المتمكن في المكان ول من المجئ
والتيان والنزول إل الحركة الخاصة بالجسم .وأما المشيئة والعلم والقدرة
ونحوها فهي صفات ذات وهي فينا ذات أمرين أحدهما عرض قائم بالجسم،
والله تعالى منزه عنه ،والثاني المعاني المتعلقة بالمراد والمعلوم والمقدور وهي
الموصوف بها الرب سبحانه وتعالى وليست مختصة بالجسام فظهر الفرق.
فصل
قال) :يا وارد القلوط( ) (.
) (1/53
فأتى ببضعة عشر بيتا من هذا القبيل فهل سمع أحد بأن هذا كلم أهل العلم،
وما دعاني إلى الوقوف على هذا الوسخ؟ .ينبغي أن يأتي له )مجلى( مثله يتكلم
معه زيبق المشاعلي ,أو غرير المرقد ,أو أهل جعفر ,أو عماد فكيف بابن
حجاج؟.
)فصل(
فيه أكثر من تسعين بيتا… وقال في أواخره:
من قال بالتعطيل فهو مكذب
إن المعطل ل إله له
وكذا إله المشركين نحتته اليـ
لكن إله المرسلين هو الذي
بجميع رسل الله والفرقان
سوى المنحوت في الذهان
ــدي هما في نحتهم سيان
فوق السماء مكون الكوان
وهذا الرجل يسمي خصومه معطلة؛ لنهم نفوا الصانع الذي يقول هو به ويصفه
بتلك الصفات بزعمه؛ ويجعلهم يعبدون إلها ً آخر ويكفرهم كالمشركين العابدين
للصنام.
) (1/54
فياخيبة المسلمين إن كان يكفر بعضهم بعضًا ،ولم ل يقول هذا الجاهل إن الكل
يقرون بالله ووحدانيته ويغلط بعضهم في وصفه ول يخرجهم ذلك الغلط عن
السلم ؟ وإن كان ولبد من الخراج فمن أولى به ؟ ومن أولى بعبادة ما نحته
ذهنه ؟ من ركب أجزاء مقصودة معقولة أو من قال أعبد إلها ً واحدا ً أنا عاجز عن
معرفته وعن كنه ذاته فهو كما وصف به نفسه ،وفوق ما يصف به عباده ،وعقلي
يقصر عن سبحات وجهه وعلمي يضل في علمه ويتضاءل دون عظمته وملكوت
سلطانه وقدرته وقهره ل شريك له سبحانه وتعالى ) ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير ) ] الشورى [11:كل ما تصوره الذهن فالله بخلفه لو اجتمعت
عقول العالمين كلها لم تبلغ معرفة حقيقة ذاته ول كنه صفاته ،وإنما علموا منها
ما دلهم على التوحيد وأمر السيد العبيد وأنعم عليهم بالرسول أرشدهم إلى ما
فيه صلحهم وأنزل عليهم كتابا ً كلفهم فيه بتكاليف إن عملوا بها وصلوا إلى دار
السلم فل ينبغي لهم الشتغال بغيرها -فاشتغالهم بغيرها فضول -وإن فكروا
فكروا في آلئه ل في ذاته ،فإن هناك تضل العقول .وانظر إلى هذه الصفات
التي يثبتها هذا المبتدع لم تجئ قط في الغالب مقصودة وإنما في ضمن كلم
يقصد منه أمر آخر؛ وجاءت لتقرير ذلك المر ،وقد فهمها الصحابة ,ولذلك لم
يسألوا عنها النبي ) لنها كانت معقولة عندهم بوضع اللسان وقرائن الحوال
وسياق الكلم وسبب النزول؛ ومضت العصار الثلثة التي هي خيار القرون على
ذلك حتى حدثت البدع والهواء؛ فيجيء مثل هذا المتخلف يجمع كلمات وقعت
في أثناء آيات أو أخبار فهم الموفقون معناها بانضمامها مع الكلم المقصود
فجعلها هذا المتخلف في أمثاله مقصودة وبالغ فيها فأورث الريب في قلوب
المهتدين .وانظر إلى أكثرها ل تجده مقصودا ً بالكلم بل المقصود غيره ,إما
بسياق قبله أو بسياق بعده ،أو بأن يكون المحدث عنه معنى آخر والمحدث به
ويكون ذلك مذكورا ً على جهة الوصف المقوي لمعنى ما سبق
) (1/55
الكلم لجله .وما مثل المشتغلين بذلك وبالكلم إل مثل سرية أتاها كتاب
السلطان يأمرهم بما يعتمدونه في الغزاة التي ندبهم لها ويوصيهم بأمور مهمة
لما بين أيديهم وينهاهم عن أمور وينبههم على مكان لعدوهم وعدوه حتى
يحترزوا عن غوائلها فأخذوا يتأملون في ذلك الكتاب ويفكرون فيمن كتبه وفي
حروفه ومتى كتب وأين كان السلطان حين كتبه وعلم عليه ،وهل كان في
القلعة أو في غيرها وربما كان فيهم من لم ير السلطان قط فصار يسأل عن
صفته وشغلوا الزمان بذلك وبسؤال حامل الكتاب عنه وبالفكرة فيه واشتغلوا به
عما هم بصدده من الجهاد الذي أمرهم به وعن تلك المور التي وصاهم بها في
الكتاب وأمرهم بها ونهاهم عنها وما كفاهم ذلك حتى أداهم اختلفهم في صفة
ما كتب ,ومن كتب الكتاب عنه إلى أن قال كل فريق السلطان وفي أين كان ل ّ
منهم عن الخر الذي وصفه بخلف ما وصفه به رفيقه إنه أنكر السلطان وقال
إنه ل سلطان له فهل يكون لهؤلء عقل ،اللهم إنا نسألك أن ل تضل عقولنا ول
تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وتحفظ علينا ديننا يا مقلب القلوب يا مقلب القلوب
ثبت قلبي على دينك.
)فصل(
أكثر من مائة بيت كلها إغراء بخصومه والله ينتقم لهم منه .ثم إنه يناقض قوله
فينكر على خصومه تكفيره فلم ل ينكر على نفسه تكفيرهم بعين ما كفروه به.
)فصل(
مختصر في معناه.
)فصل(
قريب منه.
)فصل(
قال:
اسمع سرا ً عجيبا ً كا
جيم وجيم ثم جيم معها
فيها لدى القوام طلسم متى
فإذا رأيت الثور فيه تقارن الـ
دلت على أن النحوس جميعها سهـ
جبر وإرجاء وجيم تجهـ
فأحكم لطالعها لمن حصلت له
ن مكتوما ً منذ زمان) (
مقرونة مع أحرف بوزان
تحلله تحلل ذروة العرفان
جيمات بالتثليث شر قران
ـم الذي قد فاز بالخذلن
ـم فتأمل المجموع في الميزان
بخلصه من ربقة اليمان
) (1/56
وأخذ يذكر مفاسد المذاهب الثلثة )وقياد الجبر) ( إلى الكف والبهتان والرجاء
كذلك بالجد في العصيان وشتم الرسل ومن أتوا من عنده والسجود للصنم ،فإذا
أضفت إلى الجيمين جيم تجهم أين الصفات والجهم أصلها جميعا والوارثون له
أصحابها ل شيعة اليمان لكن نجا أهل الحديث المحض أتباع الرسول وتابعوا
القرآن(.
فصل
قال) :وسل المعطل ماذا يقول لربه(.
وساق ما يقولونه كله بقبح وأنهم يخاطبون به الله يوم القيامة ،وعن طائفته ما
يولونه ومخاطبتهم به وهاتان طائفتان من المسلمين يعرفون عظمة الله تعالى،
وكل أحد قد بذل جهده وطاقته فيما اعتقده ويخاف ويفرق .ويوم القيامة يكون
أشد خوفا ً يوم ل يتكلم إل الرسل ,ويود كل من دونهم أن ينجو كفافًا ،فتصوير
مخاطبة الله تعالى بذلك في ذلك الموقف العظيم إنما يصدر عن قلب فارغ.
)فصل(
في تحميل أهل الثبات للمعطلين شهادة تؤدي عند رب العالمين( قال) :يا أيها
الباغي على أتباعه قد حملوك شهادة فاشهد بها إن كنت مقبول لدى الرحمن
فاشهد عليهم إن سئلت بأنهم قالوا إله العرش والكوان فوق السموات العلى
حقا ً على العرش استوى والمر ينزل منه وإليه يصعد ما يشاء وإليه صعد
الرسول ) وعيسى ابن مريم والملك تصعد دائما ً من هنا إليه وروح العبد بعد
الموت وأنه متكلم بالقرآن سمع المين كلمه منه هو قول رب العالمين حقيقة
لفظا) ( ومعنى وأنهم وصفوا الله بكل ما جاء في القرآن وأن قول الرسول
) نص) ( يفيد علم اليقين(.
فمن ينازع في ذلك؟ وإن أراد الحاد أو الذي جوزت اللغة احتمال لفظه فحكمه
عليه بإفادة علم اليقين جهل منه.
) (1/57
) (1/58
) (1/59
قال) :هذي نهايات لقدام الورى في ذا المقام الضنك والحق فيه ليس تحمله
عقول بني الزمان لغلظة الذهان ولجهلهم بالروح هل في عقولهم أن الروح في
أعلى الرفيق مقيمة بجنان ،وترد أوقات السلم عليه وأجواف الطير الخضر
مسكنها لدى الجنات ،من ليس يحمل عقله هذا فاعذره على النكران للروح
شأن غير ذي الكوان ،وهو الذي حار الورى فيه فلم يعرفه غير الفرد في
الزمان ،هذا وأمر فوق ذا لو قلته بادرت بالنكار والعدوان فلذلك أمسكت
العنان ولو أرى ذاك الرفيق جريت في الميدان ،وقولي إنها مخلوقة وليست كما
قال أهل الفك ل داخلة فينا ول خارجة عنا – والله – ل الرحمن أثبتم ول
أرواحكم ،عطلتم البدان من أرواحها والعرش عطلتم من الرحمن(.
استشكال معرفة الروح صحيح؛ لكنه ما أظنه يفهمه وإنما قاله تقليدا ً وإنكاره
حياة النبياء ليس له عليه حامل صحيح) (.
فصل
قال) :ما معناه منجنيق المعطلة ما يدعونه من التركيب ،وللتركيب ستة معان
أحدها :التركيب من متباين كتركيب الحيوان من هذه العضاء وتركيب العضاء
من الركان الربعة ،الثاني :تركيب الجوار من اثنين يفترقان ،الثالث :التركيب
من متماثل يدعى الجواهر الفردة ،الرابع :الجسم المركب من هيولى وصورة
عند الفيلسوف والجواهر الفرد ليس ممكنا ،الخامس :التركيب من ذات
وأوصاف سموه تركيبا وليس بتركيب ،السادس :التركيب من ماهية ووجودها،
واختلفوا هل الذات الوجود أو غيره فيكون تركيبا ً محال ً أو يفرق بين الواجب
والممكن حتى أتى من أرض آمد ثور كبير) ( ،بل حقير الشأن قال الصواب
الوقف فقصاراه أن شك في الله(.
جوابه أنه لم يشك في الله وإنما شك في الوجود هل هو زائد أو ل .ول يجوز أن
يقال له ثور ول أنه حقير الشأن ،وقد اعترف في التركيبين الخيرين بالمتناع؛
فيسأل من أهل اللغة هل القدم واليد والجنب أعضاء) ( أو صفات.
فصل
) (1/60
قال) :ودللة السماء مطابقة وتضمن والتزام فالمطابقة يفهم منها ذات الله
والوصف والتضمن دللته على أحدهما واللزم دللته على الصفة التي اشتق
السم منها كالرحمن ،فالذات والرحمة مدلوله تضمنا ودللته على الحياة
باللتزام(.
مقصودة بهذا المبالغة في القول بالتركيب في المعنى) ( وإن أنكره باللفظ فيما
تقدم .ومدلول الرحمن في اللغة ذو الرحمة وهو شيء واحد ل مركب وإن كان
يقتضي أن له رحمة وكذا ضارب ،مدلول شيء له الضرب ول نقول بأن الضرب
بعض مدلوله وإن كان قاله بعض الصوليين من جهة تركيب العقل ما دل عليه
دم.ف ْ
اللفظ ل من جهة أن الواضع وضعه لهما كما أشعر به كلم هذا ال َ
واستعماله في السماء المقدسة جرأة جرأتها عقيدة سوء ميالة إلى معنى
التركيب.
فصل
قال) :الملحدون ثلثة :المشركون وإخوانهم التحادية ،والثاني :المعطلة يقولون
ما ثم غير السم عطل حرف ثم أول وافقها واقذف بتجسيم وبالكفران
للمثبتين ،فإن احتجوا عليك فقل مجاز فإن غلبت عن المجاز فقل اللفاظ ل تفيد
اليقين فإن غلبت عن تقريره فقل العقل مقدم على النقل ،والثالث :منكر
الخالق الصانع ل يوحشنك غربة بين الورى قل لي متى سلم الرسول وصحبه
وتظن أنك وارث لهم ول جاهدت في الله حق جهاده(.
هذا الرجل قال قبل ذلك إنه لم ينكر أحد الخالق وقد ناقض هنا وجعل القسم
الثاني من الملحدة خصماءه ووصفهم بما قال ،وهم هداة المة.
)فصل(
في النوع الثاني من توحيد المرسلين المخالف لتوحيد المعطلين والمشركين(.
) (1/61
قال) :وهو أن ل تعبد غير الله ،فالمشركون اتخذوا أندادا ً يحبونهم كحب الله،
ولقد رأينا من فريق يدعي السلم شركا جعلوا له شركاء سووهم به في الحب
بل زادوا لهم حبا -والله -ما غضبوا إذا انتهكت محارم ربهم حتى إذا ما قيل في
الوثن الذي يدعونه ما فيه من نقصان فأجارك الرحمن من غضب ومن حرب
ومن شتم ومن عدوان وضرب وتعزير وسب وتسجان ،قالوا تنقصت الكابر
والمر -والله العظيم -يزيد فوق الوصف ،وإذا ذكرت الله توحيدا ً رأيت وجوههم
مكسوفة اللوان ،وإذا ذكرت بمدحة شركاءهم يستبشرون – والله – ما شموا
روائح دينه( .انتهى ثناؤه على المسلمين قبحه الله.
)فصل(
في صفة العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول
القران(.
أبصر كيف يوقع الملعون العداوة بين المسلمين.
فذكر جماعة ثم قال) :وخيار عسكرهم فذاك الشعري الفدم( أو القرم )ذاك
مقدم الفرسان(.
سواء أقال الفدم أو القرم قد جعله من عسكر الملحدين.
قال) :لكنكم ما أنتم على إثباته صفوا الجيوش وعبئوها وابرزوا للحرب واقتربوا
من الفرسان فهم إلى لقياكم بالشوق كي يوفوا بنذرهم من القربان ،تبا ً لكم لو
تستحون لكنتم خلف الخدور كأضعف النسوان ،من أين أنتم والحديث وأهله ما
عندكم إل الدعاوي والشكاوي وشهادات على البهتان هذا الذي والله نلنا منكم
قبح الله مناصبا ومآكل قامت على البهتان والعدوان(.
أيكون أقبح من هذا الغراء.
فصل
في الهدنة بين المعطلة والتحادية حزب جنكسخان
قال) :يا قوم صالحتم نفاة الذات ولجل ذا كنتم مخانيثا ً لهم(.
ينبغي أن يعرض عن كلم هذا المتخلف.
فصل
في مصارع المعطلة بأسنة الموحدين
قال) :وإذا أردت ترى مصارع من خل من أمة التعطيل وترى وترى وترى فاقرأ
تصانيف المام حقيقة شيخ الوجود العالم الرباني أعني أبا العباس) ( واقرأ كتاب
العقل
) (1/62
والنقل ،والمنهاج) ( ،والتأسيس وغيرها وقرأت أكثرها عليه فزادني -والله -في
علم وفي إيمان ،هذا ولو حدثت أنه قبلي يموت لكان غير الشأن وله المقامات
الشهيرة أبدى فضائحهم) ( وبين جهلهم وأصارهم تحت نعال أهل الحق ،كانت
نواصينا بأيديهم فصارت نواصيهم بأيدينا وغدت ملوكهم مماليكا ً والفدم يوحشنا
وليس هنا كم فحضوره ومغيبه سيان(.
وهذا الفصل تسعون بيتا ماذا تضمن من الكذب الذي يدل على أن قائله خرق
جلباب الحياء.
)فصل(
يزيد على مائة وعشرين بيتا مما يهيج ويوقع العداوة وليس فيه قط إفادة.
)فصل(
]في كسر الطاغوت الذي نفوا به الصفات[
ثمانية وثمانون بيتا كلها تهييج وإشلء وسفاهة.
من جملتها:
فتعين اللزام حينئذ على قو
وجعلتم أتباعه مانسترا خو
ل الرسول ومحكم القرآن
فا ً من التصريح بالكفران
)والله – ما قلنا) ( سوى ما قاله فجعلتمونا جنة والقصد مفهوم فنحن وقاية
القرآن(.
ما يحسن أن يتخيل أحد في مسلم أنه يقصد الرد على القرآن والرسول.
ثم قال) :والله لو نشرت لكم أشياخكم عجزوا
إن كنتم فحول ً فابرزوا
وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى إلى
ودعوا الشكاوي حيلة النسوان
الوحيين) ( ل القاضي ول السلطان
)فصل(
في مبدأ العداوة بين الموحدين والمعطلين
قال) :يا قوم تدرون العداوة بيننا من أجل ماذا؟ إنا تحيزنا إلى القرآن والنقل
الصحيح والعقل الصريح فاشتد ذاك الحرب بين فريقنا وفريقكم وتأصلت تلك
العداوة من يوم أمر إبليس بالسجود فأتى التلميذ الوقاح فانظر إلى ميراثهم ذا
الشيخ هذا الذي ألقى العداوة بيننا(.
فصل
في أن التعطيل أساس الزندقة
ً
قال) :من قال إن الله ليس بفاعل فعل يقوم) ( به وليس أمره قائما به وليس
فوق عباده ،فثلثة ل تبقي من اليمان حبة خردل وقد استراح من القرآن
والرسول وشريعة السلم وتمام ذاك جحوده للصفات وتمامه الرجاء وتمامه
قوله في المعاد( ) (.
)فصل(
في بهت أهل الشرك والتعطيل
) (1/63
قال) :قالوا تنقصتم رسول الله ،واعجبا ،ونظيره قول النصارى إنا تنقصنا
المسيح(.
هذه الفصول كلها كما ترى.
فصل
قال) :ولنا الحقيقة من كلم إلهنا ونصيبكم منه المجاز الثاني وخيامنا مضروبة
بمشاعر الوحيين وخيامكم) ( مضروبة في التيه فالمكان كل ملدد حيران ،هذه
شهادتهم على محصولهم عند الممات والله يشهد أنهم أيضا ً كذا ولنا المسانيد
والصحاح ولكم تصانيف الكلم ونقول :قال الله قال رسوله في كل تصنيف وكل
مكان لكن تقولون :قال أرسطو وقال ابن الخطيب) ( وقال ذو العرفان شيخ
لكم يدعى ابن سينا ،وخيار ما تأتون قال :الشعري وتشهدون) ( عليه بالبهتان،
والكفر عندكم خلف شيوخكم ووفاقهم فحقيقة اليمان(.
انتهى ،يكفيه أن ينسب القائلين عند موتهم بالعجز عن حقيقة الدراك إلى الكفر
ديق الكبر )إن العجز عن حقيقة الدراك إدراك(. ص ّ
وهي كلمة ال ّ
)فصل(
أنكر فيه على خصومه تكفيرهم إياه وقال) :اسمع إذن يا منصفا حكميهما وانظر
إذن هل يستوي الحكمان ،هم عندنا قسمان أهل جهالة ومعاند فالمعاند كافر
والجاهل نوعان أحدهما متمكن من العلم فهو فاسق وفي كفره قولن ،والوقف
عندي فيهم لست الذي بالكفر أنعتهم ول اليمان ،والله أعلم بالبطانة منهم
لكنهم مستوجبون عقابه قطعا ً لجل البغي والعدوان ،والنوع الثاني عاجز عن
بلوغ الحق مع قصد وإيمان وهم ضربان أحدهما قوم دهاهم حسن ظنهم
بشيوخهم فمعذورون إن لم يظلموا أو يكفروا والخرين طالبون للحق لكن
صدهم عن علمه شيئان أحدهما طلب الحقائق من سوى أبوابها فأولء بين
الذنب والجرين فانظر إلى أحكامنا فيهم وأحكامهم فينا(.
انتهى كلمه ،وهو كلم من يعتقد أن خصومه خارجون بتكفيره .وخصومه يقولون
ل نكفر أحدا ً من أهل القبلة.
فصل
ً
في أذان أهل السنة بصريحها جهرا على رءوس منابر السلم.
) (1/64
قال) :شبهتم الرحمن بالوثان) ( في عدم الكلم هم أهل تعطيل وتشبيه معا ً
بالجامدات تسعون وجها يبطل المعنى الذي قلتم هو النفس) ( للقرآن(.
ول وجه واحد) .وتسعون إلى آخره ساقطة من المطبوع(.
قال) :وإليه قد عرج الرسول حقيقة(.
أين في القرآن إليه؟.
ً
)قال والله أكبر من أشار رسوله حقا إليه بأصبع وبنان(.
أين في الحديث إليه؟
)قال والله فوق العرش والكرسي(.
أين في القرآن إن الله فوق العرش ؟.
فصل
في تلزم التعطيل والشرك
ً
)قال :واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ كانا هما ل شك مصطحبان أبدا فكل
معطل هو مشرك(.
سواء أراد بالتعطيل النكار للذات أو إنكار الصفات أو بعضها هو مباين للشرك.
قال) :والناس في ذا ثلث طوائف :إحدى الطوائف مشرك بإلهه فإذا دعاه دعا
إلها ً ثاني ،وثانيها :جاحد يدعو سوى الرحمن ،هو جاحد للرب يدعو غيره شركا
وتعطيل له قدمان(.
هذا ما يستقيم يا هذا.
قال) :وثالث هذه القسام خير الخلق فمعطل الوصاف ذو شرك كذا ذو الشرك
فهو معطل الرحمن(.
فصل
قال:
)لكن أخو التعطيل شر من أخي الشراك بالمعقول والبرهان(
والله ل معقول ول برهان وأخذ يبينه بما ل يصح وإن كان فيه شيء كثير من
الصحيح ل يحصل به مقصوده بل يلبس به.
ثم قال:
)لكن أخو التعطيل ليس لديـ ـه إل النفي أين النفي من إيمان(
فصل
في مثل المشرك والمعطل
قال:
"أين الذي قد قال في ملك عظيـ ـم لست فينا قط ذا سلطان"
فذكر ثمانية أبيات من هذا الخطاب الذي قد خرق حجاب الهيبة ثم قال) :هذا
وثان قال أنت مليكنا إذ حزت أوصاف الكمال ولقد جلست على سرير الملك
متصفا بتدبير عظيم الشان(.
هذا تصريح بالجلوس) () .وفي المطبوع وقد استويت(.
قال) :إن المعطل بالعداوة معلن والمشركون أخف في الكفران(
ما لمن يعتقد في المسلمين هذا إل السيف) (.
فصل
في أسبق الناس دخول إلى الجنة
قال) :وروى ابن ماجه أن أولهم يصافحه) ( إله العرش ذو الحسان فاروق دين
الله(.
فصل
في عدد الجنات
) (1/65
قال :سبحانه من غرست يداه) ( جنة الفرودس ويداه أيضا ً أتقنت لبنائها ،هي
في الجنان كآدم لكنما الجهمي ليس لديه من ذا الفضل شيء فهو ذو نكران(
إنما ينكر العضو والجارحة فإن كنت أنت تثبتها فاعرف.
قال":ولد عقوق عق والده ولم يثبت بذا فضل عن الشيطان".
ما يستحيي يكذب على الناس.
ً
قال) :ولقد روى حقا أبو الدرداء ذاك عويمر أثرا عظيم الشأن يهتز قلب العبد
عند سماعه طربا بقدر حلوة اليمان ما مثله أبدا ً يقال برأيه فيه النزول) ( ثلث
ساعات :فإحداهن ينظر في الكتاب ،الثاني :يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة،
والساعة الخرى إلى عدن أهله هم صفوة الرحمن والساعة الخرى إلى هذه
السماء يقول هل من تائب ندمان(.
الظاهر أنه ما ساق أبوابا ً في صفة الجنة إل ليذكر هذا الحديث؛ وأيضا ً ليسكت
الناس بسماع صفات الجنة؛ فيقبلون على هذه القصيدة ,ويعكفون عليها
فيفتنهم .أسأل الله العافية ويحق له اسم الحشوي لن الباطل محشو في هذه
القصيدة اللحناء.
ً
قال) :وروى ابن ماجه مسندا عن جابر بينا هم في عيشهم إذا بنور ساطع رفعوا
رءوسهم فرأوه نور الواحد وإذا بربهم تعالى فوقهم) ( قد جاء للتسليم وقال
السلم عليكم جهرًا ،ومصداقه)سلم قول من رب رحيم)] يس [58 :من رد ذا
فعلى رسول الله رد( .الذي يحمله على محمل صحيح ل يرده ,والذي يحمله
على صفات الجسام هو الذي يرد ما يجب.
فصل
في يوم المزيد) (
قال) :فيرون ربهم تعالى جهرة ويحاضر الرحمن واحدهم محاضرة الحبيب يقول
يا بن فلن ،هل تذكر اليوم الذي قد كنت فيه مبارزا ً بالذنب قالوا يحق لنا وقد
كنا إذا ً جلساء رب العرش(.
فصل
ً
كله فيما للعبد عند ربه في الخرة .ولو كان مفردا بالتصنيف كان حسنا ،ولكن
إدخاله في قصيدة انتصب فيها للحكم بين الحشوي وخصومه وإسعار الحرب
بينهم لي معنى؟
فصل
رجع فيه إلى ما كان عليه مما في نفسه ,وذكر خصومه؛ وفصول معه ذكر فيها
فرق المعادين له.
فصل
) (1/66
ختم به الكتاب؛ فيه شيء يسير؛ ولكن هذا آخر كلمنا في ذلك والله المستعان.
قال المؤلف شرعت فيه يوم السبت الرابع والعشرين من صفر سن 749
وفرغت منه يوم السبت مستهل ربيع الول من السنة) ( والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .حسبنا الله ونعم الوكيل.
)تم السيف الصقيل(
نص الرسالة
ول تخلو قراءة هذا الخط من بعض صعوبة على بعض القراء فإليك الرسالة
الحروف المعتادة مع عنوانها:
رسالة كتب) ( بها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي إلى الشيخ تقي
الدين ابن تيمية كتبتها) ( من خط قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة رحمه
الله وكتبها هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد بن العلئي وهو كتبها من خط
مرسلها الشيخ شمس الدين.
) (1/67
ي إيماني.
الحمد لله على ذلتي ،يا رب ارحمني وأقلني عثرتي .واحفظ عل ّ
واحزناه على قلة حزني ،واأسفاه على السنة وذهاب أهلها .واشوقاه إلى إخوان
مؤمنين يعاونونني على البكاء .واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل
التقوى وكنوز الخيرات .آه على وجود درهم حلل وأخ مونس .طوبى لمن شغله
عيبه عن عيوب الناس ،وتبا ً لمن شغله عيوب الناس عن عيبه .إلى كم ترى
القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك! .إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك
وعباراتك ,وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؛ مع علمك بنهي الرسول ) )ل
تذكروا موتاكم إل بخير ،فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا( بل أعرف أنك تقول لي
لتنصر نفسك :إنما الوقيعة في هؤلء الذين ما شموا رائحة السلم ول عرفوا ما
جاء به محمد ) وهو جهاد .بلى -والله -عرفوا خيرا ً كثيرا ً مما إذا عمل به العبد
فقد فاز ,وجهلوا شيئا ً كثيرا ً مما ل يعنيهم ،ومن حسن إسلم المرء تركه ما ل
يعنيه .يا رجل بالله عليك كف عنا فإنك محجاج عليم اللسان ل تقر ول تنام.
إياكم والغلوطات في الدين كره نبيك ) المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال
وقال) :إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان( وكثرة الكلم
بغير زلل تقسي القلوب إذا كان في الحلل والحرام ،فكيف إذا كان في عبارات
حكة
ض ْ
اليونسية ,والفلسفة ,وتلك الكفريات التي تعمي القلوب .والله قد صرنا ُ
في الوجود فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية لنرد بعقولنا ؟ يا رجل قد
بلعت )سموم( الفلسفة وتصنيفاتهم مرات .وكثرة استعمال السموم يدمن عليه
الجسم وتكمن والله في البدن .واشوقاه إلى مجلس فيه تلوة بتدبر ,وخشية
بتذكر ,وصمت بتفكر؛ وآها لمجلس يذكر فيه البرار فعند ذكر الصالحين تنزل
الرحمة .بلى عند ذكر الصالحين يذكرون بالزدراء واللعنة .كان سيف الحجاج
ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما .بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل
الحبوب وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلل
) (1/68
قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار،
ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون .وتعد النصارى مثلنا ،والله في القلوب
شكرك إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد .يا خيبة من اتبعك فإنه
معرض للزندقة والنحلل ل سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا.
لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه .فهل
معظم أتباعك إل قعيد مربوط خفيف العقل ,أو عامي كذاب بليد الذهن ,أو
غريب واجم قوي المكر أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم
وزنهم بالعدل .يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك ،إلى كم تصادقها
وتعادى الخيار .إلى كم تصادقها وتزدري البرار .إلى كم تعظمها وتصغر العباد.
إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد .إلى متى تمدح كلمك بكيفية ل تمدح -والله -بها
أحاديث الصحيحين .يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير
عليها بالتضعيف والهدار أو بالتأويل والنكار .أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك
أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل .بلى -والله – ما
أذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت؛ فما أظنك تقبل على قولي,
ول تصغي إلى وعظي؛ بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجدات وتقطع
لي أذناب الكلم ول تزال تنتصر حتى أقول :وألبتة سكت .فإذا كان هذا حالك
عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك .وأعداؤك – والله-
فيهم صلحاء وعقلء وفضلء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة
وعور وبقر .قد رضيت منك بأن تسبني علنية وتنتفع بمقالتي سرا ً )فرحم الله
امرءا ً أهدى إل ّ
ي عيوبي( فإني كثير العيوب غزير الذنوب .الويل لي إن أنا ل
أتوب ،ووافضيحتي من علم الغيوب ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه
وهدايته والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين
وعلى آله وصحبه أجمعين.
) (1/69
وهنا انتهت صورة رسالة الذهبي إلى ابن تيمية وفيها عبر بالغة .وليكن هذا آخر
تكملة الرد على نونية ابن القيم وبها يكون إن شاء الله تعالى )تبديد الظلم
المخيم من نونية ابن القيم(.
لماذا يقال للناظم ابن القيم
وقد عرف الناظم بابن القيم حيث كان أبوه قيم المدرسة الجوزية الحنبلية التي
أنشأها محيى الدين ابن الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي بسوق القمح
المعروفة اليوم بالبزورية بدمشق.
والغالب أن يقال له ابن قيم الجوزية لئل يلتبس بابن القيم الكبير المصري
الراوي عن الفخر الفارسي فإنه معمر مقدم.
وبذلك يعلم أن من يقول عنه) :ابن القيم الجوزي( واهم وهما ً قبيحا ً وإنما هو
)ابن قيم الجوزية( كما قلنا.
ويجد القارئ الكريم في كتابنا هذا الرد على ابن تيمية كما يجد فيه الرد على
ابن القيم باعتبار أن الثاني إنما يردد صدى الول في أبحاثه كلها دون أن تكون
له شخصية خاصة؛ بل هو ظل الول في كل آرائه وجميع أهوائه فانتظمهما الرد.
ولعل فيما رددنا به عليهما كفاية للمنصف وقطعا ً لعذر كل متعسف .وأما من
تعود أن يقول) :عنزة وإن طارت( ،فليس خطابي معه )والله يقول الحق ويهدي
السبيل).
وكان فراغي من إعادة النظر في الكتاب بمنزلي في آخر العباسية بمصر
القاهرة -حرسها الله تعالى -ضحوة يوم الخميس المصادف لليوم الثالث من
رجب سنة .1356
ً
وأسأل الله سبحانه أن ينفع به المسلمين ,وأن يجعله ذخرا لي يوم الدين يوم ل
ينفع مال ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم؛ إنه المجيب البر التواب الرحيم،
وأنا الفقير إلى عفو الله ومسامحته محمد زاهد بن الحسن بن علي الكوثري،
خادم العلم بدار السلطنة العثمانية سابقا ً عفا الله عن سيئاته ,ورفع منزلته,
ومنازل ذويه في الخرة ,وأغدق عليه ,وعلى قرابته ,ومشايخه سحب رحمته,
ورضوانه ,وغفر لهم ,ولسائر المسلمين أجمعين..
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فهرس الكتاب
) (1/70
الموضوع
الصفحة
التعريف بموضوع الكتاب
مقدمة المعلق
انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه )
تحين العداء الفرص للكيد بالمسلمين
انخداع سذج الرواة
فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين
محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها
مسايرة ابن القيم لبن تيمية في فتنته
نماذج من أقوال أصحاب ابن القيم وأضاده والمتحايدين
أخطر ما يطغى من صنوف الستغناء
ردود السبكي على ابن تيمية والكلم في رده على نونية ابن القيم
مقدمة الكتاب للمؤلف
الشعرية أعدل الفرق
مجامع الزيغ في نونية ابن القيم
تأسي السبكي بإمام الحرمين في الرد على بعض جهلة أهل الحديث
مناظرة خيالية بين المشبه والمنزه
فصل :أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد
فصل :في قصيدته النونية
فصل :تخيل الناظم في أفعال العباد
فصل :استنكار الناظم إعادة المعدوم
فصل :زعم الناظم قيام الله تعالى بالحوادث
فصل :عقد مجلس خيالي ..كلمه في وحدة الوجود
فصل :الفوقية الحسية
تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكزخان
فتاوى في الرد على القائلين بالحرف والصوت
رد حديث الوعال
الصابع في كلم الحبر
الكلم على الساق والنزول والمجيء ووضع القدم
تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير
كذب الناظم على الله ورسوله )
فصل :قال :في قدوم ركب اليمان وعسكر القرآن
عدم تمييز الناظم بين اللزم والملزوم
تخبط الناظم في الصوت
كلم واف في أحاديث الصوت
فصل :قوله :إنه يلزم من نفي صفة الكلم نفي الرسالة
فصل :وقيعة الناظم وشيخه في ابن حزم
الخلف بين أحمد والبخاري رضي الله عنهما في اللفظ
فصل :في مقالة الفلسفة والقرامطة
فصل :في التحادية
الرد على عثمان بن سعيد في إثباته الحركة
الرد على قول الناظم باليجاب
فصل :في تجويز التسلسل في الماضي
الرد على كلم الناظم في الزمان
فصل :في الرد على الجهمية
فصل :نصوص ابن تيمية في الفوقية الحسية
قول أبي حيان في ابن تيمية
صيغة استتابة ابن تيمية في الستواء والصوت وخطوط كبار العلء
) (1/71
) (1/72
) (1/73