Professional Documents
Culture Documents
إن رفع مستوى التعاون بين الدول في المقاضاة الجنائية للشخاص المذنبين بمخالفة القانون الدولي ومعاقبتهم من شأنه أن يساعد على
تفعيل الكفاح في سبيل درء أخطر أصناف الجرائم الدولية ووضع حد لها.
ـــــــــــ
أستاذ القانون الدولي
إن مصادر القانون الجنائي الدولي شأنها شأن مصادر القانون الدولي يجب فهمها بمعنى مزدوج ،أول ،بمعنى ذلك الساس الذي يؤثر تأثيرا
ً
ًا ،بمعنى أسلوب أول شكل يظهر هذا الساس من خلله .وفي الحالة الولى يجب أن نفهم بمصدر
ً على القانون الجنائي الدولي ،ثاني
حاسما
ً مادية بما في ذلك نضال الدول وتعاونها ومصلحتها المشتركة وتعلقها المتبادل في الكفاح ضد الجرائم
القانون الجنائي الدولي أسبابا
الدولية .وفي الحالة الثانية ينبغي أن نفهم مصدر القانون الجنائي الدولي بالمعنى القانوني أي بمعنى ذلك الشكل الذي يتجلى من خلله
هذا الغرض أو ذاك وبمعنى ذلك الشكل الذي تتخذه قاعدة من قواعد القانون الجنائي الدولي.
ولدى الحديث عن مصادر القانون الجنائي الدولي بالمعنى القانوني يجب أل يغيب عن بالنا أن المادة 38من نظام المحكمة الدولية
ً منها خلفات
ً ل يتجزأ من ميثاق المم المتحدة تحدد المصادر التي يتوجب على المحكمة أن تسوي انطلقا
الساسي الذي يشكل جزءا
محالة عليها على قاعدة القانون الدولي على الشكل التالي:
وكان الحق مع الحقوقيين الدوليين أ .بولتوراك ول .سافينسكي حين كتبا أنه لدى تقييم تطور قواعد القانون الدولي في المجال قيد
ً أن ما يسمى بـ "قانون نورنبرغ" أي مجموعة من القواعد الخاصة بالمسؤولية الجنائية عن الجرائم ضد
ً صائبا
البحث يستخلصون استنتاجا
السلم والنسانية وجرائم الحرب قد تشكل ويمارس فعله وذلك على أساس مبادئ نورنبرغ التي تم تطويرها واستكمالها في اتفاقيات جنيف
بشأن حماية ضحايا الحرب وفي اتفاقية لهاي لعام 1954حول حماية القيم الثقافية في حالة نشوب نزاع مسلح وكذلك )الضافة من
المؤلف( البروتوكولين الضافيين 1و 2الملحقين باتفاقيات جنيف لعام 1977والتفاقية حول عدم تطبيق مبدأ مضى المدة على جرائم
حرب والجرائم ضد النسانية لعام 1968والتفاقية بشأن البادة بالجملة والتمييز العنصري.
1
لعلن حكومات التحاد السوفيتي والوليات المتحدة وبريطانيا الصادر في 2نوفمبر عام 1943حول مسؤولية الهتلريين عن الجرائم
الوحشية المقترفة ولقرارات مؤتمري القرم وبودسنام ،تعتبر في حقيقة المر أول قوانين جنائية دولية إجرائية لنها بصفتها وثائق
ل لجراءات مقاضاة المجرمين والنظر في الدعاوى الخاصة
ً دولية تتضمن لول مرة عناصر للجرائم الدولية وكذلك ترتيبها مفص
بالجرائم التي تشملها دائرة اختصاص المحكمة الدولية .على وجه الخصوص .نص نظام محكمة نورنبرغ العسكرية الدولية على عناصر
لثلثة أصناف من الجرائم التي تجر المسؤولية الجنائية إلى الشخاص الطبيعيين أل وهي الجرائم ضد السلم وجرائم الحرب والجرائم
ضد النسانية(1).
والحق مع العضو االمراسل لكاديمية العلوم الروسية غ .تونكين حين كتب يقول إنه "يجري إحداث قواعد من خلل التوفيق بين إرادة
الدول المختلفة أو غيرها من ذوات )أو أهال( القانون الدولي .وتعتبر المعاهدة الدولية والعرف الدولي مشكلين أساسيين من التوفيق.
ًا ،التوفيق بين إرادات الدول بصدد
ل ،التوفيق بين إرادات الدول بصدد قواعد السلوك بحد ذاته ،ثاني
ً وتجري عملية التوفيق عبر مرحلتين ،أو
العتراف المتبادل بهذه القاعدة كقاعدة ملزمة من الناحية القانونية .وتجدر الشارة إلى أن عملية التوفيق بين إرادات الدول ل سيما عند
إحداث القواعد العادية من القانون الدولي قد تكون طويلة بما فيه الكفاية وتدريجية لذا وفي كل حالة من الحالت يمكن أن نتعاطى مع
ً في توسيع مجال
بداية هذه العملية أو أطوارها المرحلية أو نهاياتها .وتكمن ميزة هامة لعملية إحداث القواعد في القانون الدولي أيضا
هذه العملية بواسطة إما المعاهدة الدولية إما العرف الدولي).(2
وبين الدلة التي تثبت وجود قواعد القانون الجنائي الدولي يجب بالدرجة الولى ذكر قرار الجمعية العامة للمم المتحدة رقم ) 95د(1 /
الذي تم اقراره بالجماع في 11ديسمبر عام .1946وأكد هذا القرار أن مبادئ نورنبرغ تعتبر مبادئ للقانون الدولي .وصاغت لجنة
القانون الدولي التابعة للمم المتحدة مبادئ القانون الدولي المعترف بها في نظام محكمة نورنبرغ والحكم الصادر عنها وناقشت في عام
ً للمادة 6من ذلك المشروع تشكل الجرائم ضد السلم وجرائم حرب جرائم في نظر القانون
ً للمادة بهذا الخصوص .ووفقا
1950مشروعا
ً من حيث القانون الدولي عليه أن يتحمل المسؤولية
ل إجراميا
ً الدولي .أما المادة 1من نفس المشروع فنصت على أن أي شخص يرتكب عم
عنه ويخضع للعقاب(3).
كما نص مشروع لئحة الجرائم ضد السلم وأمن النسانية الذي أعدته لجنة القانون الدولي وقدمته للجمعية العامة للمم المتحدة في
ً من حيث القانون الدولي يعاقب من يقترفها من الشخاص .ورغم
عام 1954على أن الجريمة ضد السلم وأمن البشرية تعتبر جريمة أيضا
ً بصدد كل من الوثيقتين وتم إرجاء بحثها إلى ما بعد ،إل أنها لم تقدم اعتراضات على مبدأ
ً نهائيا
أن الجمعية العامة لم تصدر قرارا
ً للقانون الجنائي الدولي .وينبغي هنا
المسؤولية الجنائية للشخاص الطبيعيين عن الجرائم الدولية وبذلك أصبحت هذه الوثائق مصدرا
ً بأن مشروع القرار قد طرح من قبل 14دولة
القول أن الجمعية العامة في قرارها المتعلق بلئحة الجرائم ضد السلم وأمن البشرية )علما
بما فيها التحاد السوفيتي( كلفت المين العام للمم المتحدة بالتوجه إلى الدول أعضاء المنظمة بطلب تقديم تعليقاتها وملحظاتها حول
ً ليقدم إلى الدورة الجديدة للجمعية
ً مناسبا
مشروع لجنة القانون الدولي حتى 31ديسمبر عام 1979على أن تعد السكرتاريا تقريرا
العامة.
وتعتبر التفاقية الخاصة بعدم تطبيق مبدأ مضي المدة على مجرمي الحرب والجرائم ضد النسانية التي أقرتها الجمعية العامة للمم
المتحدة في 26نوفمبر عام ) 1968في قرارها رقم (2391وثيقة أخرى تدخل في دائرة مصادر القانون الجنائي الدولي.
ويجب أل يغيب عن البال أن ثمة اتفاقيات أخرى مثل التفاقية بشأن درء جرائم البادة بالجملة والمعاقبة عليها والتفاقية الدولية حول
ً بأن المادة 4منها تحدد
القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري والتفاقية بشأن درء جرائم التمييز العنصري والمعاقبة عليها علما
بوضوح مسؤولية الشخاص الطبيعيين عن ارتكاب جرائم البادة بالجملة أمام المجتمع الدولي .وجاء فيها أن "الشخاص الذين اقترفوا
ً مسؤولين بموجب الدستور أو
جرائم البادة بالجملة وأية من الجرائم المسرودة في المادة 3تخضع للعقاب بغض النظر عن كونهم حكاما
ً غير رسميين")(4
موظفين أو أشخاصا
2
يمكن مواصلة قائمة القوانين والوثائق والتفاقيات التي تضبط بصورة مباشرة القانون الجنائي الدولي وتعتبر مصادر له (5).مع ذلك
يمكن استخلص استنتاج من الن مؤداه أنه رغم كون هذه التفاقيات تثبت المبادئ الساسية للقانون الدولي بصورة عامة .إل أنها تضبط
المسؤولية الجنائية للشخاص الطبيعيين في الزمن والمجال وبهذا تصبح هذه المبادئ مصادر للقانون الجنائي الدولي.
وتنص التفاقيات والمعاهدات العديدة على التزام الدول المشاركة فيها بتمرير عبر هيئاتها التشريعية وفي حالة نقص القوانين الجنائية
الوطنية إجراءات ضرورية لمقاضاة الجرائم المنصوص عليها في هذه القوانين .وجاء في بعض التفاقيات أن الحكومة تتعهد بمعاقبة من
يخالف تنفيذ اللتزامات وذلك بحرمان المسؤولين من الحرية وغيرها من أصناف العقاب.
ويشير غ .تونكين بحق إلى أن "مشكلة القواعد العرفية للقانون الدولي تعتبر إحدى أكثر القضايا النظرية في القانون الدولي أهمية
ً في الوقت ذاته (6).وبالفعل ،ثمة كثير من النظريات في روسيا وفي الدبيات الجنبية التي ل يضع صاحب هذه السطور تحليلها
وتعقيدا
نصب عينيه لن مثل هذا التحليل يخرج عن نطاق الطروحة .مع ذلك ينبغي التنويه بأن أغلبية الحقوقيين يعترفون بضرورة العتراف
بين العوامل الخرى بما يسمى بقاعدة عرفية في القانون الدولي pinion junisمن قبل الدول أي توفيق إرادتها حسب قول غ .تونكين(7).
وفي القرن التاسع عشر أدى تطور العلقات بين الدول على قاعدة الرأسمالية الصناعية إلى وجوب خوض النضال المشترك ضد "الجرائم
الدولية" مثل القرصنة وتجارة العبيد.
في رأينا ،كان القانون الجنائي الدولي الذي نشأ في نهاية القرن التاسع عشر ،ما زال في "حالة الجنين" في مطلع القرن العشرين.
3
ً للعتداء مما يجعل هذا التشريع
بالتالي ،يمكن أن ينص التشريع الجنائي الوطني على نشوء حالت حين تصبح أسس المعاشرة الدولية هدفا
ً للقانون الجنائي الدولي.
مصدرا
أم جهاد
4