You are on page 1of 10

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الولء والبراء‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بالله تعالى من شرور‬
‫أنفسنا وسيئات أعمالنا‬
‫من يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل هادى له‬

‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ..‬وأشهد أن محمد عبده‬


‫ورسوله اللهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه‬
‫وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم‬
‫الدين ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫أما بعد‬

‫فحياكم الله جميعا أيها الحبة الكرام وطبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم‬
‫من الجنة منزل ‪ .‬وأسأل الله جل وعل أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا‬
‫دائما وأبدا ً على طاعته وفى الخرة مع سيد الدعاة المصطفى )ص( في‬
‫جنته ودار كرامته إنه ولى ذلك والقادر عليه ‪.‬‬

‫)) الولء والبراء ((‬ ‫‪:‬‬


‫أحبتي في الله‬
‫هذا هو موضوعنا اليوم بإذن الله تعالى ‪ ،‬وحتى ل ينسحب بساط الوقت‬
‫من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث مع حضراتكم في العناصر التالية ‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬انفصام نكد ‪.‬‬


‫ثانياً ‪ :‬الدلة القرآنية والنبوية على تحريم موالة الكافرين ووجوب موالة‬
‫المؤمنين ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬صور مشرقة من التطبيق العملي لمفهوم الولء والبراء ‪.‬‬
‫ض أصل البراء ‪.‬‬
‫ت ل تنق ُ‬ ‫رابعاً ‪ :‬استثناءا ُُ‬
‫وأخيرا ً ل تهنوا ول تحزنوا ‪..‬‬
‫‪30‬‬ ‫خطب الشيخ محمد حسان‬

‫فأعيروني القلوب والسماع فإن هذا الموضوع من الهمية بمكان ‪.‬‬

‫أوًل ‪ :‬إنفصام ُ َنِكد‬


‫أحبتي في الله ‪:‬‬
‫ض نورهُ إلى يومنا هذا – لزال‪-‬‬ ‫لزال السلم منذ أن بزغ فجرهُ واستفا َ‬
‫محاربا من قَِبل أعداء السلم الذين لم يتفقوا على شيء قدر اتفاقهم‬
‫على السلم واستئصال شأفة المسلمين!!‬
‫ولقد علم أعداء السلم يقينا أن أعظم أسباب القوة في الدين السلمي‬
‫يتمثل في العقيدة الصحيحة ‪ ،‬فراحوا بخبث ودهاء يشوهون نقاءها ‪،‬‬
‫ويعكرون صفوها ‪ ،‬ويضعون الحواجز والسدود بين المة وبين عقيدتها‬
‫الخالصة !!‬
‫ولقد أعلنوا ذلك صراحة إذ يقول اللورد كرومر ‪ :‬لبد من المحافظة على‬
‫المظاهر الزائفة للسلم منعا ًَ من إثارة الشكوك وحتى ل ينتسب‬
‫المسلمون إلى الكيد المدبر لهم ويظلوا في اطمئنان خادع إلى أن‬
‫إسلمهم ما زال بخير فل يهبوا لنجدة العقيدة التي ُتقتلع من جذورها ‪.‬‬
‫مس جانبها سمعت‬ ‫نعم أيها الحبة … إن العقيدة كانت بالمس إذا ُ‬
‫ديق يتوعد ‪ ،‬ويتوعد عمر ويهدد ‪ ،‬وخالد يزمجر ‪ ،‬ورأيت المؤمنين‬ ‫الص ّ‬
‫الصادقين يبذلون من أجلها النفس والولد والمال !!‬
‫أما اليوم فإن العقيدة ُتقتلع من الجذور بمسخها وتشويهها وتنحيتها عن‬
‫الواقع المر الليم !!‬
‫إن العقيدة تذبح شر ذبحة على أيدي الكثيرين ممن ينتسبون إليها !!!‬
‫ممن ل يعرفون معناها ‪ ،‬ول يحققون مقتضاها فوقعوا في هذا النفصام‬
‫النكد والخلط العجيب والواقع الكئيب ‪.‬‬
‫فكم من الناس يردد كلمة التوحيد ‪ ،‬وهو ل يعرف لها معنى ‪ ،‬ول يفهم لها‬
‫مضمونا ‪ ،‬ول يحقق لها مقتضى ‪ ،‬بل وقد صرف كثيرا ً كثيرا ً من صور‬
‫العبادة لغير الله جل وعل ‪!! ..‬‬
‫وكم من الناس اليوم يردد كلمة التوحيد وقد انطلق حرا غير مكره ليختار‬
‫لنفسه من القوانين الوضعية والنظم الرضية والمناهج البشرية ما يناقض‬
‫منهج رب البرية ‪.‬‬
‫وكم من الناس اليوم يردد كلمة التوحيد وهو يوالى أعداء الله ويخذل‬
‫أولياء الله !!!‬
‫وكم من الناس اليوم يردد كلمة التوحيد بلسانه !! وقد ترك الصلة وضّيع‬
‫الزكاة ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬وشرب الخمر ‪ ،‬ومارس الزنا ‪ ،‬بل ويأمر بالمنكر‬
‫وينهى عن المعروف ‪ ،‬ومع ذلك فهو يعتقد أنه مؤمن كامل اليمان مادام‬
‫يردد كلمة التوحيد ‪.‬‬
‫انفصام نكد ‪ ..‬وتناقض رهيب ‪ ..‬وواقع كئيب‬

‫وكم يعتصر القلب كمدا ً وغيظا ً على غياب المفهوم الصحيح الكامل لعقيدة‬
‫التوحيد عن حس كثير من المسلمين ومن ثم غاب معها هذا الصل الكبير‬
‫وهذا المفهوم الضخم أل وهو مفهوم الولء والبراء ‪.‬‬
‫فلقد تبدلت المعايير ‪ ..‬وانقلبت الموازين ‪ ..‬وانتكست القلوب – إل من‬
‫رحم علم الغيوب – فصار الولء والحب لعداء الله عز وجل ‪ ،‬ووضع كثير‬
‫من المسلمين أيديهم بأيدي الكفار ومنحوهم غاية المحبة ‪ ،‬والمودة ‪،‬‬
‫والموالة ‪ ،‬ودافعوا عنهم وعن مناهجهم ‪ ،‬وأفكارهم ‪ ،‬وقوانينهم في الوقت‬
‫الذي خذلوا فيه أهل التوحيد واليمان ‪ ،‬ومع ذلك فهم يعتقدون أنهم حماة‬
‫السلم وخاصته !!!‬
‫ك في المكان‬ ‫حبا له ما ذا َ‬ ‫دعى‬ ‫أتحب أعداء الحبيب وت ّ‬
‫أين المحبة يا أخل الشيطان‬ ‫وكذا تعادى جاهدا ً أحبابه‬
‫على محبته بل نقصان‬ ‫ب‬‫ط المحبة أن توافق من تح ّ‬ ‫شر ُ‬
‫ب فأنت ذو بهتان‬ ‫خلفك ما يح ُ‬ ‫فإن اّدعيت له المحبة مع‬
‫لعاديت من بالله ويحك يكفر‬ ‫نعم ‪ .‬لو صدقت الله فيما زعمته‬
‫ولما تهاجيهم وللكفر تنصر‬ ‫وواليت أهل الحق سرا ً وجهرة‬
‫ط هنا لك تذكر‬‫ولكن بأشرا ٍ‬ ‫فما كل من قال ما قلت مسلم‬
‫بذا جاءنا النص الصحيح المقرر‬ ‫مباينة الكفار في كل موطن‬
‫وتضليلهم فيما أتوه وأظهرو‬ ‫وتكفيرهم جهرا ً وتسفيه رأيهم‬
‫وتدعو هموا سرا ً لذاك وتجهُر‬ ‫وتصدعُ بالتوحيد بين ظهورهم‬
‫وملة إبراهيم لو كنت تشعُر‬ ‫فهذا هو الدين الحنيفى والهدى‬

‫وقد انقسم الناس في هذا الزمان في تعاملهم مع الكفار إلي ثلثة‬


‫أقسام ‪ ..‬وهي ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬قسم ناص ُُر لدين الله مجاهد ُُ في سبيل الله يحب الله‬
‫ورسوله والمؤمنين ‪ ،‬ويعادى الشرك والمشركين وهؤلء هم القلون عددا ً‬
‫العظمون أجرا ً عند الله جل وعل‬
‫القسم الثاني ‪ :‬قسم خاذل لهل السلم تارك لمعونتهم وإن كان معتزل‬
‫عن الكفار ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬قسم خارج عن السلم بموالة الكفار ومناصرتهم بالقول‬
‫والعمل والعتقاد ومعاداة أهل الخير ومحاربتهم !!‬
‫ولخطورة المر فلقد تضافرت الدلة القرآنية والنبوية على تجليته‬
‫وتوضيحه بصورة حاسمة وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر هذا اللقاء‬
‫ثانيا ‪ :‬الدلة القرآنية والنبوية على تحريم موالة‬
‫الكافرين‬
‫وسأكتفي بذكر بعض الدلة لكمل الحديث عن بقية العناصر إن شاء الله‬
‫جل وعل‬
‫الدليل الول ‪ :‬قول الله تعالي ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ول َِياءَ‬
‫صاَرى أ ْ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫هودَ َ‬ ‫ذوا ال ْي َ ُ‬ ‫خ ُ‬‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫)َيا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫ن ي َت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ض َ‬
‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫ن(‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫م ال ّ‬ ‫و َ‬
‫ق ْ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫)المائدة‪(51:‬‬
‫يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه معلقا ً على هذه الية ‪ ..‬فيحذر‬
‫أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو ل يشعر بهذه الية ‪.‬‬
‫ويعلق شيخ المفسرين المام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى‬
‫‪32‬‬ ‫خطب الشيخ محمد حسان‬

‫فيقول ‪ )) :‬إن من تولهم ونصرهم علي المؤمنين فهو من أهل دينهم‬


‫وملتهم ‪(( ..‬‬
‫ه‬ ‫م َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن ي َت َ َ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫وقال المام القرطبي في قوله سبحانه ) َ‬
‫م(‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫قال‪ :‬أي من يناصرهم على المسلمين فحكمه حكمهم في الكفر والجزاء‬
‫ول‬ ‫ك ال ْي َ ُ‬
‫هودُ َ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ضى َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن ت َْر َ‬ ‫الدليل الثاني ‪ :‬قال تعالي ‪َ ) :‬‬
‫دى‬‫ه َ‬‫و ال ْ ُ‬‫ه َ‬‫ه ُ‬ ‫دى الل ّ ِ‬‫ه َ‬‫ن ُ‬ ‫ق ْ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫مل ّت َ ُ‬
‫ع ِ‬ ‫حّتى ت َت ّب ِ َ‬ ‫صاَرى َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ما ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫عل ْم ِ َ‬
‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ك ِ‬‫جاءَ َ‬‫ذي َ‬ ‫عدَ ال ّ ِ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫واءَ ُ‬ ‫ه َ‬‫تأ ْ‬ ‫ع َ‬‫ن ات ّب َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ولئ ِ ِ‬
‫ر(‬‫صي ٍ‬‫ول ن َ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫)البقرة‪(120:‬‬
‫انتبه أيها الحبيب ‪ :‬فإن الذي يخبر بذلك هو الله رب العالمين الذي يعلم‬
‫خائنة العين وما تخفى الصدور ‪ ،‬والذي يعلم ما كان وما هو كائن وما‬
‫ف ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫خِبيُر(‬ ‫و الل ّ ِ‬
‫طي ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫خل َ َ‬
‫ق َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫سيكون )أل ي َ ْ‬
‫)الملك‪(14:‬‬
‫والية كما تري أيها الحبيب ‪ :‬حاسمة واضحة ل تحتاج إلي أن نعلق عليها‬
‫بكلمات هزيلة من عند أنفسنا ‪.‬‬
‫وتحت هذا المعنى الواضح وردت آيات كثيرة ‪ :‬كقول الله جل وعل في‬
‫سورة البقرة ‪:‬‬
‫مان ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫د ِإي َ‬‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫دون َك ُ ْ‬ ‫و ي َُر ّ‬ ‫ب لَ ْ‬
‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه ِ‬‫ن أَ ْ‬‫م ْ‬ ‫ودّ ك َِثيٌر ِ‬‫) َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫س‬‫ف ِ‬‫د أن ْ ُ‬‫عن ْ ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سدا ً ِ‬ ‫ح َ‬ ‫فارا ً َ‬‫كُ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬‫ر ِ‬‫م ِ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬‫ي الل ّ ُ‬ ‫حّتى ي َأت ِ َ‬ ‫حوا َ‬ ‫ف ُ‬‫ص َ‬ ‫وا ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ع ُ‬‫فا ْ‬‫ق َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫ديٌر(‬ ‫ق ِ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫َ‬

‫)البقرة‪(109:‬‬
‫وتدبر معي جيدا ً قول الله جل وعل في سورة آل عمران ‪:‬‬
‫ذوا ب ِ َ‬ ‫َ‬
‫مل‬ ‫دون ِك ُ ْ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫طان َ ً‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫)َيا أي ّ َ‬
‫ت ال ْب َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ضاءُ ِ‬ ‫غ َ‬ ‫قدْ ب َدَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عن ِت ّ ْ‬
‫ما َ‬ ‫دوا َ‬‫و ّ‬ ‫خَبال ً َ‬ ‫م َ‬ ‫ي َأُلون َك ُ ْ‬
‫م اْليا ِ‬
‫ت‬ ‫قدْ ب َي ّّنا ل َك ُ ُ‬ ‫م أ َك ْب َُر َ‬
‫ه ْ‬‫دوُر ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ت ُ ْ‬‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬‫وا ِ‬ ‫ف َ‬‫أَ ْ‬
‫ن(‬‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬‫م تَ ْ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫إِ ْ‬
‫)آل عمران‪(118:‬‬
‫وتدبر معي جيدا ً قول الله تعالى في سورة آل عمران ‪:‬‬
‫ن ُأوُتوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ريقا ً ِ‬ ‫ف ِ‬‫عوا َ‬ ‫طي ُ‬‫ن تُ ِ‬ ‫مُنوا إ ِ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫)َيا أي ّ َ‬
‫ف‬‫وك َي ْ َ‬ ‫ن )‪َ (100‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬
‫كا ِ‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫عدَ ِإي َ‬‫م بَ ْ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫ب ي َُر ّ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫فرون َ‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه‬ ‫م َر ُ‬ ‫فيك ُ ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م آَيا ُ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫م ت ُت َْلى َ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ت َك ْ ُ ُ‬
‫م(‬
‫قي ٍ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ي إ َِلى ِ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬
‫قدْ ُ‬ ‫ف َ‬‫ه َ‬‫م ِبالل ّ ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫عت َ ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬‫َ‬
‫)آل عمران‪(101:‬‬
‫الدليل الثالث ‪ :‬هو قول الله جل وعل في سورة النفال ‪:‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫فت ْن َ ٌ‬ ‫عُلوهُ ت َك ُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ض إ ِّل ت َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ع ٍ‬
‫ول َِياءُ ب َ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬‫فُروا ب َ ْ‬‫ن كَ َ‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫) َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ر(‬‫سادٌ ك َِبي ٌ‬‫ف َ‬ ‫و َ‬
‫ض َ‬‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫)لنفال‪(73:‬‬
‫أي إن لم تجانبوا الكفار وتتميزوا عن المشركين وتوالوا المؤمنين تقع فتنة‬
‫في الرض بالتباس المر على كثير من الناس فيقعون في حيرة التمييز‬
‫بين الحق والباطل ‪.‬‬
‫الدليل الرابع ‪ :‬هو قول الله تعالي في سورة آل عمران ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬
‫ول َِياءَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫كا ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ذ ال ْ ُ‬ ‫خ ِ‬‫)ل ي َت ّ ِ‬
‫َ‬
‫قوا‬‫ن ت َت ّ ُ‬‫ء إ ِّل أ ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫فل َي ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫صيُر(‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫ه ال َ‬ ‫ّ‬
‫وإ ِلى الل ِ‬‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫حذُّرك ُ ُ‬‫وي ُ َ‬‫قاةً َ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫)آل عمران‪(28:‬‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫في َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫م َ‬ ‫فل َي ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫يقول ابن جرير في قوله تعالي ‪) :‬ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬
‫( يعني قد بريء من الله وبريء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في‬
‫الكفر ‪.‬‬
‫َ‬
‫م تُ َ‬
‫قاةً ( أي إل إذا كان المسلم مغلوبا ً على‬ ‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫قوا ِ‬ ‫) إ ِّل أ ْ‬
‫ن ت َت ّ ُ‬
‫أمره مقهورا ً لهم ل يقدر علي إظهار عداوتهم فيضطر إلي أن يظهر لهم‬
‫الرضا بلسانه أما قلبه فهو مطمئن باليمان ‪ ..‬ممتلئ بالعداوة والبغضاء‬
‫لعداء الرحمن ‪.‬‬

‫وأختم بقول الله تعالي في سورة الممتحنة ‪:‬‬


‫عدوك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ول َِياءَ‬
‫مأ ْ‬ ‫و َ ُ ّ ْ‬ ‫وي َ‬ ‫عدُ ّ‬
‫ذوا َ‬ ‫خ ُ‬
‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫) َيا أي ّ َ‬
‫ق(‬
‫ح ّ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬
‫م ِ‬‫جاءَك ُ ْ‬
‫ما َ‬
‫فُروا ب ِ َ‬‫قدْ ك َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬
‫ودّ ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قو َ َ‬
‫ن إ ِلي ْ ِ‬ ‫ت ُل ْ ُ‬
‫)الممتحنة‪ :‬من الية‬
‫‪(1‬‬
‫ومن الدلة النبوية علي تحريم موالة الكافرين ووجوب موالة المؤمنين‬
‫عن ابن عباس أن النبي )ص( قال ‪ )) :‬أوثق عَُرى اليمان الموالة في الله‬
‫‪1‬‬
‫والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله ((‬
‫وعن أبى أمامة مرفوعًا‪)):‬من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله‬
‫‪2‬‬
‫فقد استكمل اليمان ((‬
‫وفي الحديث الصحيح أن جريرا ً رضى الله عنه قال ‪ )) :‬أتيت النبي )ص(‬
‫ى‬
‫وهو يبايع فقلت ‪ :‬يا رسول الله أبسط يدك حتى أبايعك واشترط عل ّ‬
‫فأنت أعلم ‪ ،‬فقال النبي )ص( ‪ :‬أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلة‬
‫‪3‬‬
‫المكتوبة وتؤتى الزكاة وتنصح لكل مسلم ‪ ،‬وتبرأ من الشرك((‬
‫ولقد كان مفهوم الولء والبراء ناصعا ً واضحا ً في حس أصحاب النبي‬
‫وحولوه على أرض الواقع إلى صورة مشرقة ل مثيل لها ‪ ،‬بل وقد تقف‬
‫الكلمات أما وصفها خجلي !!‬
‫‪ -1 1‬رواه الطبري في الكبير وصححه شيخنا اللباني في الصحيحة رقم )‪ (1728‬وهو في صحيح الجامع رقم )‪(2539‬‬
‫‪- 2‬رواه أبو داود رقم )‪ (4681‬في السنة ‪ ،‬باب الدليل على زيادة اليمان ‪ ،‬وأخرجه أحمد في المسند )‪ (3/440,438‬وصححه شيخنا‬
‫اللباني في الصحيحة رقم ‪ 380‬وهو في صحيح الجامع رقم )‪(5665‬‬
‫‪ -3‬رواه أحمد والنسائي وصححه شيخنا اللباني في الرواء رقم )‪ (1207‬وهو في صحيح الجامع رقم )‪. (25‬‬
‫‪34‬‬ ‫خطب الشيخ محمد حسان‬

‫وهذا هو العنصر الثالث من عناصر اللقاء ‪.‬‬


‫ثالثا ‪ :‬صو ُُر مشرقة في التطبيق العملي لمفهوم الولء والبراء‬
‫أيها الحبة ‪ ..‬إذا كانت الحكمة العربية القديمة تقول ‪ :‬من أخصب تحير‬
‫حّير ‪.‬‬
‫ى !! فمن أخصب ت َ َ‬ ‫فإنى أجدها في هذا العنصر تنقلب عل ّ‬
‫فالمواقف المشرقة أكثر من أن تحصى ويكفى أن نستشهد ببعضها ليتضح‬
‫ول أصحاب النبي )ص( مفهوم الولء والبراء إلي واقع‬ ‫ح ّ‬
‫لنا إلى أى مدى َ‬
‫ً‬
‫عملي مشرق يتألق سموا وروعة وجلل ‪.‬‬
‫من تلك الصور الرائعة ما حصل من المغيرة بن شعبة رضى الله عنه‬
‫عندما نزل رسول الله )ص( بالحديبية ومنعته قريش من دخول مكة‬
‫وأرسلت إليه رسل ً للمفاوضة وكان بينهم عروة بن مسعود الثقفي وكان‬
‫م المغيرة فلما أقبل عروة وكان سيد ثقيف كان يمد يده خلل حديثه مع‬ ‫ع ّ‬
‫رسول الله )ص( ليتناول لحية رسول الله )ص( وهو يكلمه ‪.‬‬
‫فلما رأى المغيرة أن يد عروة تمتد إلى لحية الحبيب )ص( ماذا قال‬
‫المغيرة ؟!‬
‫لقد ضرب المغيرة يد عمه عروة بمؤخرة السيف ونظر إليه وهو يقول ‪:‬‬
‫اكفف يدك عن لحية رسول الله )ص( قبل أل تصل إليك !! الله أكبر‬
‫إنه الولء ‪ ..‬إنه الولء لله ولرسوله وللمؤمنين ‪ ..‬إنه البراء من الشرك‬
‫ن‬ ‫مُنوا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫و ّ‬ ‫ن ي َت َ َ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫والمشركين ) َ‬
‫ن(‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غال ُِبو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب الل ّ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫حْز َ‬
‫ِ‬
‫)المائدة‪(56:‬‬
‫ولما عاد عروة بعدما رأى هذه الصورة إلى قومه من قريش ‪..‬‬
‫قال عروة ‪ :‬يا معشر قريش والله لقد أتيت كسري في ملكه ‪ ،‬وقيصر في‬
‫ملكه ‪ ،‬والنجاشي في ملكه ‪ ،‬فما رأيت أحدا ً في ملكه كما رأيت محمد ً‬
‫ومن أروع هذه الصور ما رواه ابن جرير الطبري وغيره بسند صحيح أن‬
‫النبي )ص( قال ‪ :‬أدعوا لي عبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول ‪.‬‬
‫فلما جاء قال له رسول الله )ص(‬
‫)) أل ترى ما يقول أبوك يا عبد الله (( ؟‬
‫فقال عبد الله ‪ :‬وماذا يقول أبى ‪ ،‬بأبى أنت وأمي يا رسول الله ؟‬
‫فقال رسول الله )ص(‬
‫بقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل ‪ .‬فقال عبد الله ‪:‬‬
‫لقد صدق والله يا رسول الله فأنت والله العز وهو الذل ‪.‬‬
‫أما والله لقد قدمت المدينة يا رسول الله وإن أهل يثرب ل يعلمون أحدا ً‬
‫قُر به عيُنك ‪.‬‬
‫أب َّر بأبيه منى ‪ ،‬أما وقد قال فلتسمعن ما ت َ َ‬
‫فلما قدموا المدينة قام عبد الله على بابها بالسيف لبيه ثم قال ‪ :‬أنت‬
‫القائل لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل ؟!‬
‫أما والله لتعرفن هل العزة لك أم لرسول الله ‪ ،‬والله ل يأويك ظلها ‪ ،‬ول‬
‫تبيتن الليلة فيها إل بإذن من الله ورسوله )ص(‬
‫ى ‪ :‬يا للخزرج ابني يمنعني بيتي ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فصرخ عبد الله بن أب ّ‬
‫فقال ‪ :‬والله ل يدخل بيته إل بأذن من الله ورسوله ‪.‬‬
‫فأتوا النبي فأخبروه فقال ‪ :‬اذهبوا إليه فقولوا له يقول لك رسول الله خلهّ‬
‫مسكنه ‪.‬‬
‫فأتوه فقالوا له ذلك فقال ‪ :‬أما وقد جاء المر من رسول الله )ص( فنعم‬
‫ليعلم من العز ومن الذل !!!‬
‫إنه الولء لله ولرسوله‬
‫د‬
‫حا ّ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ن َ‬
‫دو َ‬
‫وا ّ‬
‫ر يُ َ‬ ‫وم ِ اْل ِ‬
‫خ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫وما ً ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫جدُ َ‬
‫ق ْ‬ ‫)ل ت َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و أ َب َْناءَ ُ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫مأ ْ‬‫ه ْ‬
‫وان َ ُ‬
‫خ َ‬
‫و إِ ْ‬
‫مأ ْ‬‫ه ْ‬ ‫مأ ْ‬‫ه ْ‬
‫كاُنوا آَباءَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫م(‬
‫ه ْ‬‫شيَرت َ ُ‬‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫)المجادلة‪ :‬من الية ‪(22‬‬
‫الله أكبر هؤلء هم الذين حققوا الية وحولوها إلى أرض الواقع إلى منهج‬
‫حياة ‪.‬‬
‫ً‬
‫وأختم بهذا المشهد الذي يتألق سموا وروعة وجلل ً ‪.‬‬
‫إنه مشهد الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة السهمي رضى الله عنه‬
‫الذي وقع أسيرا ً في بلد الروم فقالوا لملكهم ‪ :‬ها هو رجل من أصحاب‬
‫محمد ‪.‬‬
‫ى فدخل عبد الله بن حذافة على ملك الروم فعرض عليه‬ ‫قال أدخلوه عل ّ‬
‫ضت على كثير من الساقطين المجرمين المتآمرين في هذه‬ ‫ة لو عُرِ َ‬ ‫صفق ً‬
‫اليام لباع الرض والعرض كما باعوا العقيدة فماذا عرض ملك الروم ؟!‬
‫عرض على عبد الله بن حذافة نصف ملكه ويتنصر !!‬
‫فقال عبد الله ‪ :‬والله لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب‬
‫على أن أتخلى عن ديني طرفة عين ما فعلت !!‬
‫قال ملك الروم ‪ :‬إذن أقتلك ‪ ،‬قال أنت وذاك !!‬
‫قِتل أمام عبد الله بن‬ ‫فأمر ملك الروم بأسيرين من أسرى المسلمين فَ ُ‬
‫حذافة لتختل قوته ‪ ،‬ويختل يقينه ‪ ،‬ولكن أنا ّ للقلوب التي امتلت بالخوف‬
‫من علم الغيوب وحده أن تخشى طواغيت الرض ولو اجتمعوا ‪.‬‬
‫ثم قال له الملك ‪ :‬تتنصر ؟‬
‫قال عبد الله ‪ :‬ل ‪ ، .‬قال الملك ‪ :‬اقتلوه‬
‫ى لعله بكى خوفا ً من الموت‬ ‫فأخذوه ليقتلوه فبكى !! قال الملك ردوه عل ّ‬
‫ويريد أن يقبل ما عرضته عليه ‪ ،‬ثم سأله لماذا بكيت ؟!‬
‫قال عبد الله ‪ :‬والله ما بكيت خوفا من الموت ‪ ،‬ولكنني علمت يقينا ً أنني‬
‫سأقتل الن وكنت أتمنى أن تكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تقتل‬
‫في سبيل الله ‪.‬‬
‫عليا وقدوات طيبة ‪ ..‬والله لو رأى العداء من أهل‬ ‫مُثل ُ‬ ‫ماء ‪ُ ..‬‬
‫مش ّ‬ ‫م ُُ‬
‫قِ َ‬
‫العقيدة الستعلء والعزة لتوا إليهم في غاية الذلة والصغار ولكنهم رأو‬
‫أهل السلم في غاية المهانة والذلة والصغار فأذلوهم وساموهم سوء‬
‫العذاب ‪.‬‬
‫قّبل رأسي وأعفوا عنك ؟!‬ ‫قال ملك الروم ‪ :‬هل ت ُ َ‬
‫ل رأسك بشرط أن تعفوا عنى وعن جميع أسرى‬ ‫قال عبد الله ‪ :‬أ ُقَب ّ ُ‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫فقال ملك الروم أفعل ‪ .. :‬فقام عبد الله بن حذافة فقّبل رأس ملك الروم‬
‫فعفى عنه وعن جميع أسرى المسلمين وانطلق عبد الله بالسرى إلى‬
‫المدينة فقابلهم فاروق المة عمر ‪ ،‬فلما علم عمر بالمر قال رضى الله‬
‫عنه ‪ :‬حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أولكم ‪..‬‬
‫‪36‬‬ ‫خطب الشيخ محمد حسان‬

‫فقام عمر فقّبل رأس عبد الله وقام أصحاب رسول الله رضوان الله‬
‫ً‪1‬‬
‫عليهم جميعا‬
‫أيها الحبة ‪:‬‬
‫ول أصحاب النبي )ص(‬ ‫ح ّ‬
‫هذا العنصر قد يحتاج إلى لقاءات لنتعرف كيف َ‬
‫مفهوم الولء والبراء إلى واقع عملي يتألق سموا وروعة وجلل ‪.‬‬
‫بقى أن أتحدث عن عنصرين آخريين من عناصر هذا اللقاء فأرجأ الحديث‬
‫عنهما إلى ما بعد جلسة الستراحة وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم‬
‫لي ولكم ‪.‬‬

‫الخطبة الثانية ‪:‬‬


‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره … ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادى له ‪..‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله وبعد ‪.‬‬
‫مع عنصرنا الرابع من عناصر هذا اللقاء وهو ‪:‬‬
‫)) استثناءات ل تنقض أصل البراء ((‬
‫وهذا عنصر هام أضيفه من باب المانة العلمية والنصاف في تحرير‬
‫المسألة وحتى ل يتعامل بعض أحبابنا مع النصوص تعامل خاطئا ً بوضعها‬
‫في غير موضعها أو بالستشهاد لها في غير محلها دون تحقيق المناطات‬
‫الخاصة أو العامة ‪ ،‬للربط ربطا ً صحيحا ً بين دللة النصوص وحركة الواقع ‪.‬‬
‫أهمها أول ً ‪ :‬اللين عند عرض الدعوة إلى السلم ‪.‬‬
‫فالسلم يوجب على أهله أن يدعوا الناس جميعا ً إلى اليمان بالله جل‬
‫وعل وهدايتهم إلى الخير ‪ .‬ولما كان هذا ل يمكن أن يتم إل بالدخول إلى‬
‫النفوس واستمالتها وجلب رضاها فإن السلم من أجل ذلك قد جعل‬
‫السبيل لدعوة الكفار وغيرهم هو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال‬
‫ل َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ع إ َِلى َ‬
‫سِبي ِ‬ ‫بالتي هي أحسن ‪ .‬كما قال سبحانه ‪ ) :‬ادْ ُ‬
‫َ‬
‫ن(‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫يأ ْ‬ ‫م ِبال ِّتي ِ‬
‫ه َ‬ ‫جاِدل ْ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫ة َ‬
‫سن َ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫عظ َ ِ‬
‫و ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬
‫م ِ‬ ‫ِبال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬
‫)النحل‪ :‬من الية ‪(125‬‬
‫وهذا ل يعارض قول الله تعالى ‪:‬‬
‫غل ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ظ‬ ‫وا ْ‬
‫ن َ‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬ ‫د ال ْك ُ ّ‬
‫فاَر َ‬ ‫ه ِ‬
‫جا ِ‬
‫ي َ‬
‫ها الن ّب ِ ّ‬
‫) َيا أي ّ َ‬
‫م(‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫)التوبة‪ :‬من الية ‪(73‬‬ ‫علي ْ ِ‬
‫فهذا مقام قتال والول مقام الدعوة ‪ ،‬وعدم التفريق بين المقامين أوقع‬
‫كثيرا ً من الشباب في الخطأ أو الحرج فانتبه لهذا التأصيل فإنه هام ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ل ينقض أصل البراء كذلك الزواج من أهل الكتاب أو أكل طعامهم ‪.‬‬
‫والنص القرآني في ذلك واضح صريح في قول الله تعالى في سورة‬
‫ن ُأوُتوا‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وط َ َ‬
‫عا ُ‬ ‫م الطّي َّبا ُ‬
‫ت َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫م أُ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫المائدة ‪ ) :‬ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صَنا ُ‬‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ل لَ ُ‬‫ح ّ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬‫عا ُ‬ ‫وط َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صَنا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫حي َ‬‫ف ِ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬‫غي َْر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫صِني َ‬
‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫جوَر ُ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ه ّ‬‫مو ُ‬ ‫ذا آت َي ْت ُ ُ‬ ‫م إِ َ‬‫قب ْل ِك ُ ْ‬
‫َ‬
‫‪ – 1‬قال الشيخ شعيب الرناؤوط في تخريجه لسير أعلم النبلء )‪ : (14/2‬أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق البيهقى ‪ ،‬وكذا‬
‫الحافظ في الصابة ‪ ،‬وله شاهد من حديث ابن عباس ‪ ،‬موصول عند ابن عساكر ‪ ،‬وابن الثير في أسد الغابة ‪3/212‬‬
‫مل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ع َ‬ ‫حب ِ َ‬
‫ط َ‬ ‫ف َ‬
‫قدْ َ‬ ‫ن َ‬
‫ما ِ‬ ‫فْر ِبا ْ ِ‬
‫لي َ‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬‫م ْ‬‫و َ‬‫ن َ‬‫دا ٍ‬ ‫ذي أ َ ْ‬
‫خ َ‬ ‫خ ِ‬
‫مت ّ ِ‬
‫ول ُ‬ ‫َ‬
‫ن(‬‫ري َ‬‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬‫ة ِ‬‫خَر ِ‬ ‫ْ‬
‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫)المائدة‪(5:‬‬
‫وأخيرا ً ‪ :‬ل تهنوا ول تحزنوا‬
‫مع كل هذه المؤامرات ‪ ..‬ومع كل هذه العقبات ‪ .‬أقول ‪ :‬إنني لعلى يقين‬
‫عل َي َْنا‬
‫قا ً َ‬‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫جازم بموعود الله جل وعل في قوله سبحانه ) َ‬
‫ن()الروم‪ :‬من الية ‪(47‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن(‬‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬‫ه َ‬
‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬
‫عّزةُ َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬
‫ول ِل ّ ِ‬
‫وقال جل وعل ) َ‬
‫)المنافقون‪ :‬من الية ‪(8‬‬
‫مُلوا‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬
‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وقال جل وعل ) َ‬
‫ف ال ّ ِ‬
‫خل َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ض كَ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫خل ِ َ‬
‫فن ّ ُ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬
‫ال ّ‬
‫)النور‪ :‬من الية ‪(55‬‬ ‫م (‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل ِ ِ‬‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ِ‬
‫أحبتي في الله ‪ ..‬إن هذا الدين ل يمكن أبدا ً أن يقوم بآلف الكتب تكتب‬
‫عن السلم ول بالخطب الرنانة والمواعظ المؤثرة فحسب ‪.‬‬
‫وإنما يقوم على واقع حي متحرك تراه العيون وتلمسه اليدي وتلحظ‬
‫آثاره جميع العقول ‪ ..‬ول يمكن أن يتم هذا أبدا ً إل على أيدي المؤمنين‬
‫الصادقين الذين يتعلمون السلم ويفهمونه بشموله وكماله ‪ .‬ثم يحولونه‬
‫في جميع شئون الحياة إلى واقع عملي وإلى منهج حياة ثم يتحركون بعد‬
‫ذلك في خطوة ثالثة حتما ً أل وهى الدعوة إلى هذا السلم بشموله‬
‫وتكامله وهم على يقين جازم بموعود الله جل وعل في قوله سبحانه‬
‫م اْل َ ْ‬ ‫) ول ت َهُنوا ول ت َحزُنوا َ‬
‫ن(‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬‫و َ‬‫عل َ ْ‬ ‫وأن ْت ُ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫)آل عمران‪(139:‬‬
‫ة ك َِثيَرةً ب ِإ ِذْ ِ‬
‫ن‬ ‫فئ َ ً‬‫ت ِ‬ ‫غل َب َ ْ‬‫ة َ‬ ‫قِليل َ ٍ‬ ‫ة َ‬ ‫فئ َ ٍ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وقال تعالى ‪ ) :‬ك َ ْ‬
‫ن(‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫)البقرة‪ :‬من الية‬
‫‪(249‬‬
‫دوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ّ‬
‫ص ّ‬‫م ل ِي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫فُروا ي ُن ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫وقال سبحانه ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫سَرةً ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫ح ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫م تَ ُ‬‫ها ث ُ ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫قون َ َ‬ ‫سي ُن ْ ِ‬
‫ف َ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ن(‬ ‫شُرو َ‬ ‫ح َ‬‫م يُ ْ‬‫هن ّ َ‬ ‫فُروا إ َِلى َ‬
‫ج َ‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ن َ‬ ‫غل َُبو َ‬
‫يُ ْ‬
‫)لنفال‪(36:‬‬
‫ن‬ ‫مُنوا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫و ّ‬‫ن ي َت َ َ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫وقال سبحانه ‪َ ) :‬‬
‫ن(‬‫غال ُِبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ه ُ‬ ‫ب الل ّ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫حْز َ‬
‫ِ‬
‫)المائدة‪(56:‬‬
‫َ‬
‫ق‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫وِدي ِ‬
‫دى َ‬‫ه َ‬‫ه ِبال ْ ُ‬‫سول َ ُ‬‫ل َر ُ‬‫س َ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫وقال سبحانه ‪ُ ) :‬‬
‫ن(‬
‫كو َ‬‫ر ُ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬‫رهَ ال ْ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و كَ ِ‬ ‫ه َ‬‫ن ك ُل ّ ِ‬ ‫دي ِ‬‫عَلى ال ّ‬‫هَرهُ َ‬ ‫ْ‬
‫ل ِي ُظ ِ‬
‫)التوبة‪(33:‬‬
‫وأختم بحديث الحبيب المحبوب )ص( الذي رواه البخاري ومسلم من‬
‫حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال )ص( )) ل تقوم الساعة حتى يقاتل‬
‫المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر‬
‫‪38‬‬ ‫خطب الشيخ محمد حسان‬

‫والشجر ‪ ،‬فيقول الحجر والشجر ‪ :‬يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫تعال فاقتله ‪ ،‬إل الغرقد ‪ ،‬فإنه من شجر اليهود ((‬
‫هذا وعد الله وإننا على ثقة جازمة ويقين مطلق بموعود الله مهما انتفش‬
‫الباطل في فترة من الفترات وظن أهل الحق أن الحق قد مات فليعلموا‬
‫ق‬
‫ه َ‬
‫وَز َ‬
‫ق َ‬ ‫جاءَ ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ل َ‬‫ق ْ‬ ‫و ُ‬
‫جميعا ً أن الجولة في النهاية للحق ) َ‬
‫ا( )السراء‪(81:‬‬ ‫هوق ً‬ ‫ن َز ُ‬
‫كا َ‬ ‫ن ال َْباطِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ال َْباطِ ُ‬
‫ل إِ ّ‬
‫اللهم أقر أعيننا بنصرة السلم والمسلمين …‪..‬‬
‫…‪ ..‬الدعاء‬

‫‪ – 1‬رواه البخارى )‪ (6/75‬فى الجهاد ‪ ،‬باب قتال اليهود ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ (2922‬فى الفتن ‪ ،‬باب ل تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر‬
‫الرجل ‪ ،‬فيتمنى أن يكون الميت من البلء ‪.‬‬

You might also like