Professional Documents
Culture Documents
ََ
فل ً
م طِ ْ
ْ ٌ كجٌ ر
ِ خ
ْ ٌ ن م
َ ٌ ث مى
ّ سَ مشاءٌ إَلى أ ٍ ٌ
ل ج
َ ما ن َ َ في ال َْر َ
حام ِ َ قَر ِ
و نُ ِ
'' َ
شدّك ٌ ْ
م '' غوا أ َ ٌ
م ل ِت َب ْل ٌ ٌثٌ ّ
تمهيد
لقد جاءت شريعة السلم بكل ما يصلح أحوالنا ولم تترك صغيرة ول كبيرة إل وأتت فيها بحكم
وتوجيه .جاءت شريعة السلم لسعاد المجتمع ،والطفال من ضمن المجتمع فالحمد الله الذي
رزقك زوجة ولودًا ،وجعل لك ذرية ،فكم من رجل عقيم ل يولد له ولد ،وكم من امرأة كذلك،
قال تعالى '' :يهب لمن يشاء أنثا ويهب لمن يشاء الذكور ،أو يزوجهم ذكرانا ً وأنثا ويجعل من
يشاء عقيما ً '' )الشورى .(50،49:ونحن في زمن -مع السف -غابت فيه الشريعة واندثر
العلم وانتشر الجهل.
إن حقوق الطفل في السلم تبدأ من قبل وجوده ،تبدأ من حين البحث عن أم و زوجة صالحة.
والحقوق أساسها منح من الله عز و جل عبر التشريعات اللهية في الكتب السماوية ،و عبر ما
أنعم به الله على عباده من إرشادهم لتقنين بعض الحقوق عبر التفاقيات و المواثيق الدولية..
الطفال زينة الحياة الدنيا تسر الفؤاد مشاهدتهم ،وتقر العين رؤيتهم ،وتبتهج النفس
بمحادثتهم ،هم شباب الغد الذي تنعقد عليهم آمال المستقبل.
و لهذا أصبح الطفل محور اهتمام العالم أجمع ،فبدأت تعقد المؤتمرات من أجله ،وفي التاسع
عشر من سبتمبر عام 2002م تعقد المم المتحدة مؤتمرا عالميا للطفل علي غرار مؤتمر
المرأة والسكان.
وقد سبقت هذه القمة ثلثة مؤتمرات تحضيرية انبثقت عنهم وثيقة هامة بحقوق الطفل يطلق
عليها )عالم جدير
بالطفال( ،ويذكر أن هذه الوثيقة تهدف إلي توجيه العالم كله تحت نظام أخلقي واجتماعي
واحد ،كما تسعي إلي عولمة الطفل علي النموذج الغربي دون ترك مساحات للخر ليحفظ
هويته.
وللسف فالعالم العربي والسلمي لن يفعل شيئا إزاء هذه البنود ،بل يسير علي النهج
الغربي في إعداده للطفل تربويا واجتماعيا ونفسيا ،تاركا خلفه الكنز النفيس من القواعد
والحقوق التربوية التي أرسي قواعدها السلم ،والتي بدورها تخرج رجال ً أسوياء قادرين علي
تحدي كل المستحدثات الحضارية.
ومهما كانت بنود هذه الوثيقة واهتمامها بالطفل ،فلن تضاهي رعاية السلم للطفل التي
فاقت كل النظمة والقوانين الوضعية قديمها وحديثها.
لقد اهتم السلم بالطفل في كل مراحل حياته :جنينا ،ورضيعا ،وصبيا ،ويافعا ،ثم شابا إلي
أن يصل إلي مرحلة الرجولة .
ويشير الدكتور رشاد موسي -أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الزهر -في بحثه
البناء النفسي للطفل لمواجهة التحدي الحضاري في ضوء السلم ،يشير إلي الحقوق التي
كفلها السلم للطفل ،حيث أوجب علي الم رعاية جنينها ،والمحافظة عليه ،بل أباح السلم
لها أن تفطر إذا شعرت أن صيامها خطرا علي جنينها أو رضيعها ،كما ينبهها إلي عدم تناول ما
يضر بالجنين من مأكل ومشرب ،وحرم علي الم الجهاض إل إذا كان خطرا علي حياتها ،
وحفظ للطفل حقه في النسب والحضانة والولية ورعاية شئونه قبل البلوغ ،كما حفظ للطفل
حقوقه المالية من النفقة عليه وعلي والديه في أثناء الحمل وبعده ،وحفظ له حق الوصية ،
والوقف وغيرها من الحقوق التي تتصل بالمولود حين ولدته مثل:
-استحباب البشارة والتهنئة عند الولدة.
-استحباب الذان في أذنه اليمني والقامة في أذنه اليسري.
-تحنيك المولود.
-حلق شعر المولود والتصدق بوزن شعره ذهبا علي الفقراء.
-عقيقة المولود.
-ختان المولود.
ويضيف الدكتور رشاد أن السلم اهتم بمرحلة الطفولة ؛ لنها اللبنة الساسية في بناء شخصية
الفرد إيجابا أو سلبا ،وفقا لما يلقيه من اهتمام ،وقد اعتني السلم بالطفل لما لهذا أبلغ الثر
في بنائه النفسي اليجابي الذي بدوره ينعكس علي تكوين المجتمع المسلم.
وهناك العديد من جوانب العناية التي أولها السلم للطفل:
أول -رعايته حضانة ورضاعة ،وهنا يقرر القرآن الكريم حقيقة فائدة الرضاع من حليب الم
المعقم ،والذي هو أصح غذاء من كل أنواع الحليب الصناعي ،وفائدته الغذائية والنفسية
المهمة للطفل والم معا.
ثانيا -رعايته جسديا :تلخص السنة النبوية رعاية الطفل جسديا فيما يلي:
-النفقة عليه :عن ثوبان بن مجدد مولي رسول الله )صلي الله عليه وسلم( قال) :أفضل
دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه علي عياله(.
-وقايته من المراض :من مقاصد الشريعة السلمية ،حفظ النفس وحاصله في ثلثة معان
هي :إقامة أصله بشرعية التناسل ،وحفظ بقائه من جهة المأكل والمشرب ،وذلك يحفظه من
الداخل ،والملبس والمسكن ،وذلك يحفظه من الخارج ،وحفظ ما يتغذي به أن يكون مما ل
يضر أو يقتل أو يفسد.
-رعايته وجدانيا :ذلك بالحسان إليهم ورحمتهم وملعبتهم وإدخال السرور عليهم ,والعدالة
بينهم.
-رعايته علميا وتعبديا :وهذه الرعاية من إيمان وقراء ،وحفظ لكتاب الله ،وتعليم القراءة
والكتابة ،والصلة والصيام ،وأعمال البر وآداب السنة ،إنما هي أسباب الحياة الحقيقية حياة
القلب والروح والسعادة البدية.
-رعايتهم سلوكيا واجتماعيا :وذلك بتعويدهم علي الفضائل ومكارم الخلق ،وحسن اختيار
صحبتهم ،والدعاء لهم وتجنب الدعاء عليهم ،وكذلك احترامهم وتشجيعهم علي الصراحة
بالحق .
وعليه نري أن القائمين علي إعداد الوثائق الدولية إذا التزموا بهذه المحددات التربوية
المستمدة من الكتاب والسنة النبوية المطهرة ،لدي هذا إلي وضع الركائز الساسية لمقومات
البناء النفسي السليم للطفل حتي يكون قادرا علي مواجهة التحدي الحضاري عبر الزمنة
المختلفة.
تميزت حقوق الطفل في السلم على حقوقه في القانون الدولي والوضعي بالعديد من
المميزات التي يجب علينا تعّرفها وتعّلمها وإدماجها في برامجنا التربوية والتعليمية والتدريبية
حتى نفعلها في حياتنا تفعيل ً عقليا ً شرعيًا ،وحتى ندافع عن ديننا في ظل التشويه العالمي
والمحلي لهذا الدين وشريعته السمحة الغراء ،ووسطيته العادلة الفريدة في عالم غابت فيه
الوسطية ومعايير العدالة المطلقة.
1ـ أن الحقوق المقررة في التشريعات الوضعية جاءت نتيجة لوضاع اجتماعية ظالمة ،أو
بسبب مشكلت يعاني منها المجتمع ومن ثم يحاول علجها والسيطرة عليها بدراسات
وتشريعات عرضة للخطأ والصواب والتعديل والتبديل.
ـ أما حقوق الطفل في الشريعة السلمية فهمي مقررة من رب العباد ،الذي ل يضل ول
ينسى ،وهو الخالق العليم بما يصلح للنفس البشرية التي خلقها وسواها ولهذا جاءت أحكام
الشريعة متخطية لحدود الزمان والمكان ،والمحاولة والخطأ عادلة عدالة مطلقة.
ـ فالله واهب البنين وواهب البنات وهو واهب الحياة من هنا كان احترام هذه التباينات
ل من الحوال ،وما والحقوق واجب شرعي ل يجوز العتداء عليها في أي زمان ومكان بأي حا ٍ
حدث في مؤتمرات السكان من محاولت إباحة الجهاض دليل قاطع على أن ديمومة الشريعة
أجب وأحفظ للحقوق.
ـ وعندما حفظت الشريعة حق المولود في النسب المعلوم والموثق والمشهود عليه والمعلن
وحرمت إنجاب الطفال خارج العلقة الزوجية الشرعية ،فقد حمت الطفال من المشكلت
المستقبلية التي يعاني منها المنجبون خارج إطار السرة الشرعية.
ـ حمت الشريعة السلمية حقوق الطفل من مصيبة التشريع بالهواء وعدد الصوات فلعن الله
نظاما ً يحل قتل الجنين بواحد وخمسين صوتا ً ول يستطيع منعه ،بتسع وأربعين صوتًا ،فهناك
ثوابت مثل حق الحياة ،وحق النسب ،وحق الرعاية البوية ،ل يمكن الخروج عليها شرعًا.
ـ أقرب الشريعة السلمية حقوقا ً للطفل عجزت القوانين الوضعية لحقوق الطفل التغلب
عليها كحقه في اختيار الم ذات الخلق الحميدة ،وحقه في السم الحسن ،وحقه في النجاب
داخل السرة ،وحقه في الرضاعة ،وحقه في بيئة رحمية أولية طاهرة ،وحقه في التربية
ذين خلقيا ً وجنسيًا.
اليمانية ،وحقه في الحماية من النار والشيطان والصيانة من الشا ّ
ـ كما حمت الشريعة السلمية حق الطفل في الرضاعة الطبيعية ،والوصية الحنونة الهادئة،
وحقه قبل الميلد في الميراث ،وحقه في الوصية والميراث الشرعي.
كما حمت الشريعة حق اليتيم في الرعاية الجتماعية ،وحفظ الموال ،والعطف من الجميع
والحنان ونشأته في أسرة كافلة سوية.
ـ كما أن حقوق الطفل في الشريعة حقوق كلية حرصت على الكليات والحقوق الساسية
وأجازت الجتهاد لوضع الليات والتفاصيل التي تحكمها المستجدات الجتماعية والقتصادية
والتربوية والسياسية.
ـ كما حمت الشريعة السلمية الطفل من التبني ،وتغيير العقيدة ،والسترقاق وحفظت حقوق
اللقيط والمريض وذوي الحتياجات الخاصة ،وحقه في الحياة وتحريم المتاجرة في أعضائه
البشرية تحريما ً أبديا ً قاطعًا.
فلماذا ل تبنى جمعيات المرأة والطفل في ديارنا هذه التشريعات الربانية وتناقشها مع
المنظمات العالمية بدل ً من الكتفاء بالتلقي والتبعية في تلك التشريعات التي تميزت بها
الشريعة السلمية.
أرشدتنا الشريعة إلى أهم السس التي يجب أن يرعاها كل من الزوجين عند اختيار الخر بهدف إيجاد النسل والذرية
السلمية لحفظ النوع النساني لعمارة الكون ،ووضعت الشريعة السلمية القواعد والسس التي تحمى هذه الذرية منذ
تكوينها في بطن الم حتى تخرج لنا إلى الحياة قوية مكتملة البنية ،ويتضح لنا هدف الشارع في المحافظة على الجنين من
جهة توجيه الباء باتخاذ كافة الوسائل والتدابير التي تكون بها حماية الطفل وصيانته من نزعات الشيطان وذلك عند وضعه
في الرحم ،حيث قال عليه الصلة والسلم " :أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله بسم ال اللهم جنبني الشيطان وجنب
".الشيطان ما رزقتنا ثم قدر أن يكون بينهما في ذلك وقضي ولد لم يضره شيطان أبدًا
أيضًا نلحظ من شدة حرص الشارع على الجنين والعناية به قبل أن يكتمل نموه أنه أباح للمرأة الحامل الفطر في رمضان
فقد روى عن النبي أنه قال " :إن ال وضع عن المسافر شطر الصلة وعن الحامل أو المرضعة الصوم ـ أو الصيام ـ وال
لقد قالها النبي كليهما أو أحدهما " و كذلك على الم أن تتناول الطعمة الغنية بالفيتامينات والعناصر الغذائية اللزمة لتكوين
.الجنين وحمايته ،واكتمال نموه
أيضا نلحظ من شدة حرص الشارع على تعهد الجنين أنه قرر تأجيل إقامة الحد على المرأة الحامل حتى تضع حملها وذلك
حماية له ،وقد أجمع فقهاء المسلمين على عدم جواز القصاص من الحامل قبل وضعها سواء كانت حامل وقت وقوع
الجناية أو حملت بعدها وسواء كان القصاص في النفس أو في طرف من أطرافها كل ذلك صيانة ووقاية لهذا المخلوق
.الضعيف الذي يقطن أحشاءها
ولقد أثبت الشرع أهلية الجنين غير أنها أهلية ناقصة فأثبت حقه في الرث إن خرج إلى الدنيا حيا وقد اتفق الفقهاء على
ذلك ،وعلى أن يوقف توزيع التركة قبل الولدة لحين ولدته حتى يتضح أهو ذكر أم أنثى ،وهل هو مفرد أم متعدد وذلك
.فيما إذا لم يكن معه وراث أصل أو كان معه وراث محجوب به
الخاتمة:
إن حقوق الطفل أمانة ومسؤولية لبد من القيام بها فكم ضيع المانة اليوم من
المسلمين! ! أضاعوهم صغارا ً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا ً -عاتب أحد الباء
ولده العاق فقال الولد ) :يا أبت إنك عققتني صغيرا ً فعققتك كبيرًا ،وأضعتني وليدا ً فأضعتك
شيخًا ،والجزاء من جنس العمل (.