Professional Documents
Culture Documents
الحسين فاتح
كان الحسين )ع( يعتقد في نهضته أّنه فاتح منصور ؛ ِلما في شهادته من إحياء دين
ق
مة أّنهم أح ّ رسول الله )ص( ،وإماتة البدعة ،وتفظيع أعمال المناوئين ،وتفهيم ال ُ ّ
حقَ بنا منكم من ل َ ِ
بالخلفة من غيرهم .وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم َ ) :
م يرد بالفتح إل ما يترتب على من تخّلف ل ْ
م يبلغ الفتح ( )) . (1فإّنه ل ْ استشهد ،و َ
نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلل ،وكسح أشواك الباطل عن صراط
مة القيامن الواجب على ال ُ ّ الشريعة المطّهرة ،وإقامة أركان العدل والتوحيد ،وأ ّ
في وجه المنكر .
ما قال
وهذا معنى كلمة المام زين العابدين)ع( لبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ،ل ّ
سجاد )ع( ) :إذا دخل وقت من الغالب ؟ فقال ال ّ له حين رجوعه إلى المدينة َ :
2
حى قق الغاية التي ض ّ ذن وأِقم ،تعرف الغالب) ) ،2فإّنه يشير إلى تح ّ الصلة ،فأ ّ
سّيد الشهداء )ع( بنفسه القدسّية لجلها ،وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور
الله تعالى ،وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسول )ص( ،وإماتة الشهادة له
ي
مة في الوقات الخمس العلن بالشهادة لنب ّ ن كان الواجب على ال ُ ّ بالرسالة بعد أ ْ
السلم ؛ ذلك الذي هدم صروح الشرك ،وأبطل العبادة للصنام .كما وجب على
ن الصلة عليه بدون دين ،وأ ّ ي وآله الطاهرين في الّتشهُ َ مة الصلة على النب ّ ال ُ ّ
الصلة على آله ،بتراء)).3
____________________________
) (1كامل الزيارات ، 75 /بصائر الدرجات . 141 / 10
)) 2أمالي الشيخ الطوسي . 66 /
مة ، 194 / 1ولحظ كتابنا )زين العابدين( )) 3الصواعق المحرقة ، 87 /كشف الغ ّ
ص . 371
سلم( ،أشارت إلى هذا الفتح بقولها ن العقيلة ابنة أمير المؤمنين )عليها ال ّ كما أ ّ
ليزيد :فكد كيدك ،واسع سعيك ،وناصب جهدك ،فوالله ل تمحو ذكرنا ،ول تميت
وحينا ،ول تدرك أمدنا ،ول يرحض عنك عارها وشنارها .
ن
ن هذه الشهادة أعظم من يوم بدر ،وإ ْ ف يتجّلى له ؛ أ ّ ن المتأمل في حادثة الط ّ إ ّ
ن المسلمين يومئذ خاضوا غمرات الموت تحت راية كان هو أول فتح إسلمي ؛ ل ّ
ومين ،وهتاف النبي )ص( بالنصر ف بهم ثلثة آلف من الملئكة مس ّ وة ،وقد احت ّ النب ّ
والظهور على العدوّ ملء مسامعهم ،فقابلوا طواغيت قريش مطمئنين بالغلبة .
ف ،فالمقاسات فيه أصعب ،والكرب أشد ّ .وقد التطمت فيه ما مشهد الط ّ وأ ّ
ي أقطار ُ
شرت الحرب عن نابها ،وأخذ بنو امّية على سبط النب ّ أمواج الحتوف ،وك ّ
سماء . الرض ،وآفاق ال ّ
ب طغياَنها عـشـيـة أنـهضها بغُيها فـجـاءتـه ترك ُ
طـى النجود وغيطاَنها بجمع من الرض سد ّ الفروج وغـ ّ
وطا الوحش إذ لم يجد مهربا ً ول زمـت الـطـير أوكاَنه
م يثن من عزمهم شيء ،فقابلوا تلك الخطار من غير مدد لكن عصبة الحقّ ل ْ
يأملونه ،أو نصرة يرقبونها .وقد انقطعت عنهم خطوط الوسائل الحيوّية حّتى الماء
الذي هو أوفر الشياء ،والناس فيه شرع سواء ،وضوضاء الحرم من الشر
قوا جبال المقبل ،وصراخ الطفال من الوام المبرح في مسامعهم ،إل أّنهم تل ّ
ل تلك النفوس الطاهرة إل على ل صدر رحيب ،وجنان طامن .ولم تس ُ الحديد بك ّ
فتل ُامّية المنقوض ،ول ُاريقت دماؤهم الزاكية إل على حبلهم المنتكث ؛ فكان
ملك آل حرب كلعقة الكلب أنفه حّتى اكتسحت معّرتهم عن أديم الرض .
سلم بقوله ولقد أجاد شاعر أهل البيت عليهم ال ّ
:
ف يكفينا ل الُعل فينا لـكان ما كان يوم الط ّ جمعت ك ّ م تكن ُ َلو ل ْ
َ
لسود به وأقـبلت كـالدبا زحفا ً أعادينا م نهضنا كأمثال ا ُ يـو ٌ
ل بقيَتهم هل قابلونا وقد جئنا بسبعينا )(1 س ْ ً
جاؤوا بـسبعين ألفا َ
____________________________
ور الله ضريحه . ) 1شعراء الغري ، 387 / 1والشاعر هو السّيد باقر الهندي ن ّ
لموّيين ، ف فتح أسلمي بعد الجاهلّية المستردة من جّراء أعمال ا ُ فيوم الط ّ
وة .ساطع ؛ نور التوحيد وشعاع النب ّ م يستضيئوا بذلك اللق ال ّ ولفيفهم الذين ل ْ
3
ض السلطنة ،والرئاسة ،وخفقان م يكن قاصدا ً في خروجه مح ّ ن الحسين ل ْ إ ّ
الرايات .فإّنه لو كان هذا غرضه ؛ لّتخذ الوسائل الموصلة إليه وهو أعرف بها ،
من معه ،واستسلم عائلته من كان معه من العراب قتله ،وهلك َ م يذع إلى َ ول ْ
دسة ـ وهكذا للسر ؛ فيتفّرق جيشه ،وتتضاءل قواه الصورّية .لكن نفسه المق ّ
الحرار ـ أبت كتمان المر وإيهام الحال حّتى أختبرهم بالذن في المفارقة ،فذهب
مه الطمع ،وأبى أولئك الصفوة إل مواساته ونصرته .فل الجبن من كان ه ّ عنه َ
ن ذلك شأن اليس من غايته ، يطرق ساحتهم ،ول النكسار يبين في مجاليهم ؛ ل ّ
والقوم كانوا على يقين من الظفر بالمنية ،كما تنم عنه كلماتهم التي أجابوا
ما أنبأهم ـ ليلة عاشوراء ـ بحراجة الموقف ،ورفع عنهم البيعة، الحسين)ع( بها ل ّ
وخّلى لهم السبيل ،فقالوا :الحمد لله الذي شّرفنا بالقتل معك .ولو كانت الدنيا
باقية ،وكّنا فيها مخّلدين ؛ لثرنا النهوض معك على القامة فيها .فوجدهم عليه
ب عن قدس الشريعة .وتل على المل سطرا ً سلم متفانين في الجهاد معه ،والذ ّ ال ّ
ً
من صحيفتهم البيضاء بقوله )) :إّني ل أجد أصحابا أوفى من أصحابي ،ول أهل بيت
أبّر وأوصل من أهل بيتي ). (1
ُ
سعوا في النقل ،فقذفوا اولئك وإّني لعجب من الرواة وحملة التاريخ ،حيث تو ّ
الطهار بما يندى منه وجه النسانّية ،ويأباه الوجدان الصادق ،فقيل :كان القوم
ن أسّرة ما اشتد الحال إل الحسين ،فإ ّ بحالة ترتعد فرائصهم ،وتتغير ألوانهم كل ّ
وجهه تشرق كالبدر المنير !!) .(2وهذا بعد أن أعوزتهم الوقيعة في شهيد العّز
م يجدوا للغمز فيه نصيبا ً ؛ فمالوا على صحبه وأهل بيته ! وليس هذا إل والباء ،فل ْ
م في الدسم إلى سذ ٍّج حسبوه حقيقة من الداء الدفين ،بين أضالع قوم دافوا الس ّ
وهوا وجه التاريخ . راهنة ،فش ّ
____________________________
) 1الكامل في التاريخ . 24 / 4
فس المهموم 135 /عن معاني الخبار ،وبحار النوار 134 / 3باب سكرات )) 2ن َ َ
الموت ،وكذلك في البحار 167 / 10عن معاني الخبار .
ن البصير الّناقد ل تخفى عليه نفسّية القوم ،ول ما جاؤوا به .وأعجب من غير أ ّ
ذلك ،قول زجر بن قيس الجعفي ليزيد :إّنا أحطنا بهم ،وهم يلوذون عّنا بالكام
م تشاهد والحفر ،لواذ الحمام من الصقر !! ) . (1بفيك الكثكث أّيها القائل ،كأّنك ل ْ
دين ذلك الموقف الرهيب ،فترى ما للقوم من بسالة وإقدام ،ومفاداة دون ال ّ
صفين وما شاكلها من حروب الحنيف حّتى أغفل يومهم مع ابن المصطفى أّيام ِ
دث إل بشجاعتهم . دامية ،وحّتى أخذت أندية الكوفة ل تتح ّ
قة بعدت عليك ن الش ّم تدرِ ما تقول ! أو أ ّ ن تلك الحوال أدهشتك فل ْ أجل ،إ ّ
فنسيت ما كان .ولكن هل غاب عن سمعك صراخ اليتام ،وعويل اليامى في دور
الكوفة حّتى طبق أرجاءها من جّراء ما أوقعه أولئك الصفوة بأعداء الله وأعداء
رسوله بسيوفهم الماضية ؟! .والعذر لك إّنك أدركت ساعة العافية ،فطفقت
وه مقامهم المشكور ؛ طلبا ً لمرضاة )يزيد الخمور( . تش ّ
ً
جاج ،محّرضا قومه : ولقد صّرح عن صدق نّياتهم عدّوهم اللد ،عمرو بن الح ّ
ً
من تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر ،وقوما مستميتين ل أتدرون َ
م ترموهم إل بالحجارة يبرز إليهم أحد منكم إل قتلوه على قلتهم .والله لو ل ْ
لقتلتموهم).(2
ف مع ابن سعد :ويحك أقتلتم ذرّية الرسول ؟! فقال : وقيل لرجل شهد الط ّ
عضضت بالجندل ،إّنك لو شهدت ما شهدنا ؛ لفعلت ما فعلنا .ثارت علينا عصابة ،
4
طم الفرسان يمينا ً وشمال ،تلقي لسود الضارية ،تح ّ أيديها على مقابض سيوفها كا ُ
نفسها على الموت ،ل تقبل المان ول ترغب في المال ،ول يحول حائل بينها وبين
المنية أو الستيلء على الملك .فلو كففنا عنها رويدا ً ؛ لتت على نفوس العسكر
م لك؟!)(.3 بحذافيرها ،فما كّنا فاعلين ل ا ُ ّ
ما قتل بريرا ً ؛ عتبت عليه زوجته وشهد لهم بذلك كعب بن جابر ،فانه ل ّ
____________________________
) 1العقد الفريد . 313 / 2
) (2تاريخ الطبري . 247 / 6
)) 3شرح نهج البلغة . 307 / 1
وقالت :أعنت على ابن فاطمة ! وقتلت سّيد القّراء ! لقد أتيت عظيما ً من المر !
والله ل ُاكّلمك من رأسي كلمة واحدة .فقال يخاطبها من أبيات
.
ع
م تـَر عيني مثلهم في زمانهم ول قـبلهم في الناس إذ أنا ياف ُ ولـ ْ
مـن يحمي الذمار مقارعُ ل َسيوف لدى الوغى أل كـ ّ أشـد ّ قراعا ً بال ّ
ن ذلك نافعُ )(1 سرا وقـد نـازلوا لو أ ّ وقد صبروا للضرب والطعن ح ّ
م أي فرد منهم أقلقه الحال حّتى ارتعدت فرائصه ؟ أهو زهير بن القين الذي وضع ث ّ
ً
يده على منكب الحسين ،وقال مستأذنا :
ااااااااا اااا اااا ااااااااااا اااااا اااا ا ا
أم ابن عوسجة الذي يوصي حبيب بن مظاهر بنصرة الحسين)ع( ،وهو في آخر
ل ما لقاه من جهد وبلء ؟ .أم م يقنعه في المفاداة ،ك ّ رمق من الحياة ،فكأّنه ل ْ
ل ما هنالك من سير إلى رّبه تعالى ،ك ّ مه في سبيل ال ّ أبو ثمامة الصائدي الذي لم يه ّ
فوادح وآلم ،إل الصلة التي دنا وقتها ؟ .أم سعيد الحنفي الذي اسُتهدف لهم عند
ت يابن رسول الله الصلة حّتى سقط ؛ لكثرة نزف الدم ،فيقول للحسين)ع( :أوفي ُ
؟ .أم ابن شبيب الشاكري الذي يلقي جميع لمته ؛ لتقرب منه الرجال فيموت ،
في حين نرى الكماة البطال المعروفين بالشجاعة والقدام ،يتدرعون للحرب ؛
كيل يخلص إليهم ما يزهق نفوسهم ؟ .أم جون الذي يأذن له الحسين)ع( في
ن لوني لسود ،وحسبي النصراف ،فيقع على قدميه يقّبلهما ،وهو يبكي ويقول :إ ّ
ض لوني ،ويشرف حسبي ،ويطيب ي بالجنة ؛ ليبي ّ لئيم ،وريحي منتن ،فتّنفس عل ّ
ريحي ؟ .
س
دي الحسين لم يجدوا ألم م ّ ن أصحاب ج ّ وإذا تأملنا قول أبي جعفر الباقر )ع( ) :إ ّ
ضح ما عليه أولئك الطايب من الثبات ،وأّنهم غير مكترثين بما لقوه الحديد ) ،2و ّ
من
____________________________
) 1تاريخ الطبري . 247 / 6
) )2الخرائج للراوندي . 138 /
ألم الجراح ؛ ولعا ً منهم بالغاية ،وشوقا ً إلى جوار المصطفى )ص( .
جه مشاعره نحو المحبوب من يعرف حالة العاشق ،وأّنه عند تو ّ ول تستغرب هذا ،ف َ
ً
ن كثّيرا الشاعر )(1ل يشعر بما يلقيه من عناء ونكد .ولقد حكى المؤّرخون :أ ّ
ما دخلت عليه عَّزة ونظر إليها أدهشه الحال ، كان في خبائة يبري سهاما ً له ،فل ّ
س باللم)).2فأخذ يبري أصابعه ،وسالت الدماء وهو ل يح ّ
ن شابا ً من النصار استقبل امرأة فأعجبته فأتبعها النظر ؛ دث الرواة :أ ّويتح ّ
5
فدخلت في زقاق وهو خلفها ينظر إليها ،فاعترضت وجهه زجاجة في حائط ؛
ما مضت المرأة رأى الدماء تسيل على ثوبه وصدره فشقت وجهه وهو ل يشعر ،فل ّ
ضوا من ن ي َغُ ّمؤمني َ ّ
،فأتى رسول الله )ص( وحكى له ،فنزل قوله تعالىُ) :قل لل ُ
م ).3 َ
صارِهِ ْ أب َ
س
ن الشهيد المقتول في سبيل الدعوة اللهّية ل يجد من م ّ دث النبي )ص( ،بأ ّ ويح ّ
س القرصة)( .4 القتل ،إل كما يجد النسان من م ّ
ما أخبره أمير المؤمنين ما دعاه ابن زياد ،وسأله ع ّ ما رشيد الهجري)) ،5فإّنه ل ّ وأ ّ
سلم ،قال :بلى ،دخلت عليه يوما ً وعنده أصحابه ،وكان في بستان ، علي عليه ال ّ
فدعا
____________________________
) (1الغاني . 37 / 2
ن
)) 2في الموشح للمرزباني 144 /عند ذكر الشاعر كثّير عّزة ،عن أبي عبيدة ،أ ّ
مد بن علي)ع( قال لكثّير ) :تزعم أنك من شيعتنا وتمدح آل مروان ؟!( فقال : مح ّ
إّنما أسخر منهم ،وأجعلهم حيات وعقارب وآخذ أموآله م .
) ) 3الكافي 511 / 3باب 160ما يحل النظر إليه من المرأة عن الباقر عليه
سلم ،وعنه في تفسير البرهان 731 / 3في تفسير الية 30من سورة النور . ال ّ
) ) 4تيسير الوصول لبن الديبع ، 129 / 1وكنز العمال 278 / 2فضل الشهادة .
) (5في الخلصة للعلمة الحّلي :رشيد بضم الراء المهملة ،وفي رجال أبي داود :
الهجري بفتحتين ،ومثله السيوطي في لب اللباب 277 /باب الهاء ،وفي أنساب
السمعاني :هجري بفتح الهاء والجيم وكسر الراء وفي اخره ياء ،النسبة إلى
هجر :بلد باليمن من أقصاها .والمشهور بهذه النسبة جماعة ذكرهم ومنهم :
رشيد من أهل الكوفة يروي عن أبيه .وفي تاريخ البخاري ج 1القسم الثاني ص
: 305يروي عن أبيه عن عبد الله ،وأّنهم تكّلموا فيه .وفي اللباب لبن الثير / 3
ما هجر التي قرب المدينة ، :285رشيد الهجري ،نسبة إلى بلد معروف باليمن .وأ ّ
فذكر ابن القيسراني في النساب المتفقة ، 223 /وتاج العروس ،ولسان العرب
دة هجر ،وابن الثير في النهاية ،واختلف في القلتين المنسوبة إلى هجر ؛ ففي ما ّ
وفاء الوفاء للسمهودي 386 / 2عن النووي :أنها هجر قرب المدينة ،ومثله في
مصباح المنير ،ولسان العرب ،وتاج العروس ،ونهاية ابن الثير .وفي آثار البلد
لزكريا بن محمود القزويني : 280 /نسب إلى هجر التي بالبحرين ،وسعتها
خمسمئة .وحكاه الزركشي عن الزهري كما في وفاء الوفاء مادة هجر .
برطب من نخلة ،فقلت له :يا أمير المؤمنين أطّيب هذا الرطب ؟ فعّرفه عليه
ديه ورجَليه ي عبيد الله سيحمله على البراءة منه ؛ وإل فيقطع ي َ دع ّ
ن ال ّ
سلم بأ ّ ال ّ
ولسانه ويصلبه على جذع من هذه النخلة .فقال رشيد :آخر ذلك إلى الجنة ؟ قال
)ع( ) :أنت معي في الدنيا والخرة ),قال :إذا ً والله ل أتبّرأ منك .
فكان رشيد يختلف إلى تلك الّنخلة في الّنهار ويسقيها الماء ،ويقول :لك غذيت
ما أخبره به ولي نبت ! وما دارت الّيام حّتى توّلى ابن زياد الكوفة ؛ فدعاه وسأله ع ّ
أمير المؤمنين ,قال :أخبرني خليلي أّنك تدعوني إلى البراءة منه فل أبرأ أبدا ً ؛
ديه
ن قوله .ثم أمر به فقطعوا ي َ فتقطع يدي ورجلي ولساني .قال ابن زياد :لكذب ّ
دثهم بما أطلعه حمل إلى أهله ؛ فاجتمع عليه الناس وهو يح ّ ورجَليه وتركوا لسانه ،و ُ
م قال :أّيها الناس ، أمير المؤمنين من علم المنايا والبليا وفضل أهل البيت ،ث ّ
م يقضوها .فأسرع رجل إلى ابن زياد وقال :ما طلبة ل ْ
ن للقوم عندي ِ سلوني إ ّ
6
دث الناس بالعظائم ! فأمر به بأن يقطع لسانه ديه ورجَليه وهو يح ّ صنعت ! قطعت ي َ
حريث)).2 صلب ) (1على باب دار عمرو بن ُ ؛ فمات من ليلته ،ثم ُ
ما يجده من اللم ،فقال :يا بنّية ،ل أجد إل تقول ابنته قنواء :سألت أبي ع ّ
كالزحام بين الّناس) ) .3واستفاد رشيد الهجري من صحبة أمير المؤمنين )ع( علم
ماه أمير المؤمنين )ع( المنايا والبليا) ,4وكان يخبر الرجل بما يجري عليه ؛ فس ّ
راشدًا)( .5
ل من اتجهت مشاعره نحو المولى سبحانه نك ّ مل بصيرة ؛ بأ ّ وهذا الحال يفيد المتأ ّ
وتعالى ،وتجّلت له المظاهر الربوبّية ،وشاهد ما أعد ّ له من الّنعيم الخالد في
كد ما قلنا من ذهول العاشق عندما دين ؛ هان عليه ألم الجراح .ويؤ ّ سبيل دعوة ال ّ
ل ما يرد عليه من الذى ؛ غفلة الّنسوة عن ألم قطع المدية يشاهد محبوبه عن ك ّ
ن؛ أيديه ّ
____________________________
) (1رجال الكشي . 51 /
) ) 2ميزان العتدال ، 339 / 2لسان الميزان . 461 / 2
) )3رجال الكشي ، 51 /بشارة المصطفى ، 113 /أمالي الطوسي 103 /مجلس
ميت في هذين الخيرين )أمة الله). س ّ ، 6وقد ُ
) )4بصائر الدرجات 73 / 6باب إن الئمة يعرفون حال شيعتهم ،وعنه في بحار
النوار 246 / 11في أحوال المام موسى بن جعفر ـ ط كمباني .
لولى . ) )5أمالي الطوسي 104 /المجلس السادس ـ الطبعة الحجرية ا ُ
َ
هما َرأين َ ُل شأنه )فَل َ ّ سلم كما حكاه ج ّ ديق يوسف عليه ال ّ لمحض مشاهدة جمال الص ّ
َ ً ّ طع َ َ
م( ). (1 ري ٌ َ ٌ
ملك ك ِ نه َ
ذا ِإل َ شرا إ ِ ْذا ب َ َ
ما ه َش للهِ َ حا َن َ ن وَُقل َن أيدِي َهُ ّه وَقَ ّ َ أكَبرن َ ُ
م تشعر الّنسوة ( (2بمضض الجراح ،فليس من الغريب أل يجد أصحاب )وإذا ل ْ
ّ
الحسين )ع( ـ وهم زبدة العالم كله ـ ألم مس الحديد عند نهاية عشقهم لمظاهر
الجمال اللهي ،ونزوع أنفسهم إلى الغاية القصوى من القداسة بعد التكهرب بولء
سّيد الشهداء )ع( :
الحسين مع أصحابه
تمهيد :
دسة أوجبت على الّناس الّنهضة ؛ لسد ّ باب المنكر ،والردع عن ن الشريعة المق ّ إ ّ
مة بمتابعة المام في رد ّ عادية الباغين على الخليفة المنصوب الفساد .وألزمت ال ُ ّ
ما هم فيه من معاندة الحقّ ,والرجوع ن يدعوهم إلى التوبة ع ّ علما ً للعباد ؛ بعد أ ْ
ن
مِني َمؤ ِ
ن ال ُ
م َ
ن ِ
فَتا ِ إلى ساحة الشرع العظم ،كما في قوله تعالى ) :وِإن َ
طائ ِ َ
داهُما عََلى ا ُ َ
فيَءحّتى ت َ ِ قات ُِلوا الِتي َتبِغي َ لخَرى فَ َ ت ِإح َ َ ما فَإ ِ ْ
ن ب َغَ ْ اقت َت َُلوا فَأصل ِ ُ
حوا َبين َهُ َ
7
َ
ه( ))،4ِإلى أمرِ الل ّ ِ
____________________________
) (1سورة يوسف . 31 /
)) 2في ديوان الصبابة )في هامش تزيين السواق : 39 /بلغ عدد اللئي قطعن
أيديهم أربعين امرأة ،منهن تسع شوقا ً ووجدًا( .
ذكرت بتمامها في طلب الحّلي ُ ) (3من قصيدة في الحسين )ع( للسّيد عبد الم ّ
شعراء الحلة . 214 / 3
) )4الحجرات /آية . 9
مة وقد نهض أمير المؤمنين )ع( أّيام خلفته ؛ للدفاع عن قدس الشريعة ،وتنبيه ال ُ ّ
عن رقدة الجهل .وكان الواجب على الناس الفيء إليه ؛ لّنه إمام الحقّ ،
المفروضة طاعته .وقد اعترف جمهور المسلمين بتمامّية البيعة لمير المؤمنين
ن قتاله لمن خرج عليه حقّ ،وهذه كلماتهم علي بن أبي طالب )ع( ،وحكموا بأ ّ
جلوها في صحفهم ،شواهد متقنة على هذه الدعوى المدعومة بالعقل التي س ّ
والّنقل .
فهذا أبو حنيفة يقول :ما قاتل أحد عليا ً إل وعلي أولى بالحقّ منه .ولول ما سار
ن علي ّا ً )ع( كأ ّسيرة في المسلمين .ول ش ّ علي )ع( فيهم ،لما علم أحد كيف ال ّ
ي )ع( إّنما قاتل طلحة والزبير بعد أن بايعاه وخالفاه ،وفي يوم الجمل سار عل ّ
سّنة في قتال أهل البغي ). (1 فيهم بالعدل وهو أعلم المسلمين ،فكانت ال ُ
م
مد بن الحسن الشيباني ،المتوفى سنة ) 87 (1فقال :لو ل ْ واقتفاه تلميذه مح ّ
يقاتل معاوية عليا ً )ع( ظالما له متعديا باغيا ؛ كّنا ل نهتدي لقتال أهل البغي)).2
ً ً ً
ي أولى بالحقّ منه).(3 ي )ع( أحدا ً إل كان عل ّ وقال سفيان الثوري :ما قاتل عل ّ
ق
ي )ع( أولى بالح ّ ن كان عل ّ ن ؛ وإ ْس ٌ ح َفين َسكوت عن قتلى ص ّ وقال الشافعي :ال ّ
من قاتله)( .4 ل َ من ك ّ
ي محقّا ً صاص ،المتوفى سنة : 370كان عل ّ ي الرازي الج ّ وقال أبو بكر أحمد بن عل ّ
م يخالف فيه أحد .وكان معه من كبراء الصحابة وأهل بدر في قتال الفئة الباغية ،ل ْ
من قد علم مكانهم)( .5 َ
ي إماما ً ؛ لّنهم ّ عل كان : 546 سنة المتوفى ، العربي ابن بكر أبو القاضي وقال
مة قهم بالبيعة ،فقب َِلها حوطة على ال ّ
ُ م يمكنه ترك الّناس ؛ لّنه أح ّ اجتمعوا عليه .ول ْ
ض عمود دين ،وانق ّ ن ل ُتسفك دماؤها بالتهارج فيتخّرق المر .ورّبما تغّير ال ّ أ ْ
____________________________
) (1مناقب أبي حنيفة للخوارزمي 83 / 2ـ 84ط حيدر آباد .
) )2الجواهر المضيئة . 26 / 2
) )3حلية الولياء . 31 / 7
) (4أدب الشافعي ومناقبه . 314 /
)) 5أحكام القرآن . 492 / 3
ي )ع( : السلم ,وطلب أهل الشام منه التمكين من قتلة عثمان ،فقال لهم عل ّ
دهم رأيا ً ي )ع( أس ّ )ادخلوا في البيعة ،واطلبوا الحقّ تصلوا إليه ( .وكان عل ّ
ة، ً
ت لهم قبائلهم فتكون حربا ثالث ً ود ؛ لتعصب ْ وأصوبهم قول ً ،لّنه لو تعاطى الق َ
مة ،ثم ينظر في مجلس الحكم فانتظر بهم أن يستوثق المر وتنعقد البيعة العا ّ
دى ذلك مة :أّنه يجوز للمام تأخير القصاص ،إذا أ ّ ويجري القضاء .ول خلف بين ال ُ ّ
إلى إثارة الفتنة وتشتيت الكلمة .
ل الباغي واجب حّتى يفيء إلى ي )ع( فهو باغ ،وقتا ُ من خرج على عل ّ ل َ وحينئذ فك ّ
8
ن قتاله لهل الشام الذين أبوا الدخول في البيعة ، الحقّ وينقاد إلى الصلح .وإ ّ
ن يصلوا إليه ، وأهل الجمل والّنهروان الذين خلعوا بيعته حقّ ،وكان حقّ الجميع أ ْ
ما تركوا ذلك بأجمعهم ،صاروا بغاة ، ديه ويطالبوه بما رأوا ،فل ّ ويجلسوا بين ي َ
ّ
مرِ الله ). (1 َ ّ ُ فتناولهم قوله تعالى ) :فَ َ
فيَء إلى أ ْ قات ِلوا الِتي ت َب ِْغي حّتى ت َ ِ
ولقد عتب معاوية على سعد بن أبي وّقاص)) ،2بعدم مشاركته في قتال علي )ع( ؛
منفرد ّ عليه سعد :بأّني ندمت على تأخيري عن قتال الفئة الباغية ،يعني معاوية و َ
تابعه)).3
مد الباقلني ،المتوفى سنة 403هـ بعد ذكر جملة من فضائل وقال أبو بكر مح ّ
ن عليا ً يصلح للخلفة ببعض هذه الخصال ،ودون هذه أمير المؤمنين )ع( :إ ّ
الفضائل ،ويستحقّ المامة .فهو حقيق بما نظر فيه وتوله ؛ فوجب النقياد له
بعقدِ
____________________________
) (1سورة الحجرات . 9 /
) (2في كامل ابن الثير 74 / 3عند ذكر البيعة لمير المؤمنين )ع( قال :لم يبايع
سان بن ثابت ،وكعب بن مالك ، سعد بن أبي وّقاص ،وعبد الله بن عمر ،وح ّ
مسلمة بن مخلد ،وأبو سعيد الخدري ،ومحمد بن مسلمة ،والنعمان بن بشير ، و َ
وزيد بن ثابت ،ورافع بن حديج ،وفضالة بن عبيد ،وكعب بن عجرة ،وعبد الله بن
سلم ،وصهيب بن سنان ،وسلمة بن سلمة بن وقش ،وُاسامة بن زيد ،وقدامة
بن مظعون ،والمغيرة بن شعبة .وتعّرض لهم أبو منصور عبد القاهر البغدادي في
ُاصول الدين ، 290 /والباقلني في التمهيد ، 233 /وابن تيمية في الفتاوى
المصرّية ، 226 / 4والطبري في تاريخه . 153 / 3وتعّرض لعتزال سعد بن أبي
وّقاص الذهبي في سير أعلم النبلء 79 / 1ـ ، 83وذكر اعتذاره غير المقبول عند
الله وعند رسوله ،وهو عدم اتباعه أحدا ً إل أن يعطيه سيفا ً له لسان وعينان يعرف
ن معاوية كتب إليه شعرا ً بهما المؤمن من الكافر! وفي ترجمته من الستيعاب :إ ّ
يستميله إليه ؛ فرد ّ عليه بأبيات يقول فيها :
ااااا اا اااا اااا ااااا ااا اا اا اااا اا ااااااا
اااااا اااا ااا ااا اااا ااااااا اااا ااااا ااااااا
اا اااا اااااا ااااا ااااا اااااا ااااا ااااااا ااا ا
)) 3أحكام القرآن 224 / 2ـ 225ط مصر 1331 /ه .
من عقدها له من وجوه المهاجرين والنصار ،عشّية اليوم الثالث من مقتل عثمان َ
من بقي ،وأفضلهم وأولهم بهذا بعد إمتناعه عليهم وإصرارهم عليه ؛ لّنه أعلم َ
مة ،وصيانة دار الهجرة ،فبايعوه قبل المر .وناشدوه الله تعالى في حفظ بقّية ال ُ ّ
خرا عن حضور طلحة والزبير ومبايعتهما له ؛ تبعا ً لغيرهما بعد وجوبها عليهما ،ولو تأ ّ
ي عليه مين .وقولهما له :بايعناك مكَرهين ) (1ل يضّر بإمامة عل ّ النقياد لكانا مأثو َ
ً
ل قتلة عثمان خطأ ، مت قبل مبايعتهما ،وطلبهما منه قَت ْ َ ن البيعة له ت ّسلم ؛ ل ّ ال ّ
ن كان المام ن َيقتل الجماعة بالواحد ل يصح ؛ بعد أ ْ ن عقد المامة لرجل على أ ْ ل ّ
دى إليه نأ ّدي إلى أّنه ل يجوز قَْتل الجماعة بالواحد ،وإ ْ ً
متعّبدا باجتهاده ،فقد يؤ ّ
ن عليا )ع( يرى جواز قْتل الجماعة ً اجتهاده فقد يجتهد ثانيا ً إلى عدمه ،ولو ثبت أ ّ
ن تقوم البّينة على القتلة ن يقتل جميع قتلة عثمان ؛ إل بعد أ ْ م يجز أ ْ بالواحد ،ل ْ
دي ن ل يؤ ّ دم مجلسه ويطالبون بدم أبيهم وولّيهم ،وأ ْ ن يحضر أولياء ال ّ بأعيانهم ،وأ ْ
هرج عظيم ٍ وفساد شديد ،قد يكون مثل قتلة عثمان أو أعظم منه . القتل إلى َ
مة وأنفى للفساد)).2 وتأخير إقامة الحد ّ إلى وقت إمكانه أولى وأصلح لل ُ ّ
9
مد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري ،المتوفى سنة وقال أبو عبد الله مح ّ
ّ
: 405الخبار الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلها صحيحة مجمع عليها ،وفيها
يقول خزيمة بن ثابت وهو واقف بين يدي المنبر :
ن
ما نخاف من الفت ْ إذا نـحن بـايعنا عـليا ً فـحسبنا أبـو حـسن مـ ّ
ن
سن ْب قـريش بـالكتاب وبال ّ وجـدناه أولـى الناس بالناس إنه أطـ ّ
ن قـريـشا ً مـا تـشق غـباَره إذا ما جرى يوما على الضمر البد ْ
ن ً وإ ّ
ن
حس ْ ل الذي فيه من َ مك ّ وفـيه الـذي فـيهم من الخير كّله ومـا فـيه ُ
قبه) ،3ثم حكى الحاكم وساق الذهبي جميعه في تلخيص المستدرك ولم يتع ّ
____________________________
) (1في مستدرك الحاكم : 114 / 3أول من بايعه طلحة فقال :هذه بيعة ُتنكث .
) )2التمهيد 229 /ـ . 232
) )3المستدرك ، 115 / 3وقد زاد عليها السيد المرتضى في الفصول المختارة / 2
67أبياتا ً أربعة ،هي :
ااااااااا اااا اا ااا ااااا اااااااا اا ااا اا اااا اااااا
ااا
اا اا ااااا ا اا ا ا ااا
ااااا ا
ااا اااا ااااااا ااااا اا اااااا
اااااا ااا ااااا اا اا ااااا اااا ااا ااا اااااا ااا اااااا
ااااا اا اااااا اا اااا ا ا اااا ااااااا ااااا اااا ا ااااا اااا ا
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أّنه قال :ما وجدت في نفسي من شيء من أمر
م ُاقاتل هذه َ
مرِ الّله )( ) 1إل أّني ل ْ فيَء ِإلى أ ْ حّتى ت َ ِ قات ُِلوا الِتي َتبِغي َ هذه الية ) :فَ َ
الفئة الباغية كما أمرني الله تعالى)).2
مد بن إسحاق بن خزيمة ،أّنه قال : وحكى الحاكم النيسابوري عن أبي بكر مح ّ
من نازع أمير المؤمنين علي بن أبي ل َ نك ّ عهدت مشايخنا يقولون :إّنا نشهد بأ ّ
طالب في خلفته ،فهو باغ .وبه قال ابن ادريس)).3
وقال أبو منصور عبد القاهر البغدادي ،المتوفى سنة : 429أجمع أهل الحقّ على
قا ً مصيبا ً في ي )ع( وقت انتصابه لها بعد قْتل عثمان ،وأّنه كان مح ّ حة إمامة عل ّ ص ّ
فين)( .4 التحكيم ،وفي قتال أصحاب الجمل ،وأصحاب معاوية بص ّ
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفيروز آبادي ،المتوفى سنة : 476
قا ً
ة من المسلمين ،ورأت خلعه بتأويل ،أو منعت ح ّ ت على المام طائف ٌ إذا خرج ْ
ت عليه بمنعة ،قاتلها المام ؛ ت عن قبضة المام ،وامتنع ْ جه عليها بتأويل ،وخرج ْ تو ّ
ن أبا بكر ّ ُ
قات ِلوا الِتي ت َب ِْغي )(5؛ ول ّ َ
خَرى ف َ ُ
ما عَلى ال َْ َ لقوله عّز وج ّ
داهُ َح َ
ت إِ ْن ب َغَ ْ
ل :فإ ِ ْ
فين ، ي أهل البصرة يوم الجمل ،وقاتل معاوية بص ّ قاتل مانعي الزكاة ،وقاتل عل ّ
ن قتال علي )ع( لهؤلء بحقّ ؛ لّنه إمام وقاتل الخوارج بالنهروان) ) .6وظاهره أ ّ
حقّ وجبت بيعته في أعناقهم ،وخروجهم عن طاعته ـ وإن كان بتأويل ـ ل يبّرر
عملهم .
وقال إمام الحرمين الجويني ،المتوفى سنة : 478كان علي بن أبي طالب إماما ً
قا ً في توليته ،ومقاتلوه بغاة)( .7 ح ّ
ي أهل دين الكاساني الحنفي ،المتوفى سنة : 587قاتل سّيدنا عل ٌ وقال علء ال ّ
حروراء بالّنهروان بحضرة الصحابة ؛ تصديقا ً لقوله )ص( لسّيدنا علي )ع( )) :إّنك
تقاتل على التأويل كما تقاتل على التنزيل ( ،والقتال على التأويل هو
____________________________
) (1سورة الحجرات . 9 /
10
) )2المستدرك . 463 / 2
) (3معرفة علوم الحديث . 84 /
)ُ (4اصول الدين 286 /ـ . 292
) (5سورة الحجرات . 9 /
ذب في الفقه الشافعي 234 / 2ط مصر 1343 /ه . ) (6المه ّ
) (7الرشاد في اصول العتقاد . 433 / ُ
ن النبي )ص( شّبه ي؛ل ّ
ل الحديث على إمامة سّيدنا عل ّ القتال مع الخوارج .ود ّ
قا في قتاله على ً ي بقتاله على التنزيل ،وكان رسول الله )ص( مح ّ قتال سّيدنا عل ّ
ق
م يكن إمام ح ّ ي محقا في قتاله بالتأويل .فلو ل ًْ ن يكون سّيدنا عل ّ التنزيل ،فلزم أ ْ
ن الدعوة قد بلغتهم لكونهم في دار السلم ومن قا ً في قتاله إّياهم ؛ ل ّ َلما كان مح ّ
ن يجيبه إلى ذلك ،ول يسعه من دعاه إلى قتالهم أ ْ ل َ المسلمين ،ويجب على ك ّ
ن طاعة المام فيما ليس بمعصية فرض ، ى وقدرة ؛ ل ّ ّ
التخلف إذا كان عنده غن ً
فكيف فيما هو طاعة ؟ وما روي عن أبي حنيفة :إذا وقعت الفتنة بين المسلمين ،
فينبغي للرجل أن يلزم بيته ،محمول على وقت خاص ؛ وهو أل يكون إمام يدعوه
ما إذا كان ،فدعاؤه يفترض عليه الجابة ِلما ذكرنا ). (1 إلى قتال ،وأ ّ
ق
مح ّ ي هو ال ُوقال يحيى بن شرف النووي الشافعي ،المتوّفى سنة : 677كان عل ّ
مة علماء السلم : المصيب في تلك الحروب .وقال معظم الصحابة والتابعين وعا ّ
يجب نصر المحقّ في الفتن ،والقيام معه بمقاتلة الباغين .قال الله تعالى :
قات ُِلوا ال ِّتي َتبِغي ،وهذا هو الصحيح)).2 )فَ َ
ي )ع( على الحقّ في قتال وقال ابن همام الحنفي ،المتوفى سنة : 681كان عل ّ
مار ) :تقتلك الفئة الباغية) وقد فين ،وقول النبي )ص( لع ّ الجمل وقتال معاوية بص ّ
قتله أصحاب معاوية ،صريح بأّنهم بغاة .ولقد أظهرت عائشة الّندم ـ كما ذكره أبو
عمرو في الستيعاب ـ وقالت لعبد الله بن عمر :يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن
تنهاني عن مسيري ؟ قال لها :رأيت رجل ً قد غلبك ،يعني ابن الزبير .فقالت :أما
ت).(3 لو نهيتني ،ما خرج ُ
ما ُقتل عثمان ،بايعوا أمير المؤمنين علي وقال ابن تيمية ،المتوّفى سنة : 728ل ّ
من بقي ،لكن كانت القلوب بن أبي طالب )ع( ،وهو أحقّ بالخلفة حينئذ وأفضل َ
كنم تنتظم الجماعة ،ولم يتم ّ م تّتفق الكلمة ول ْ متفّرقة ،ونار الفتنة موقدة ؛ فل ْ
الخليفة
____________________________
) 1بدائع الصنائع 140 / 7أحكام المرتدين .
) )2شرح صحيح مسلم )في هامش إرشاد الساري ). 338 ، 336 / 10
) )3فتح القدير 461 / 5كتاب القضاء ـ أدب القاضي ،وفي تاريخ الطبري / 5
ت قبل يوم الجمل بعشرين سنة .وفي العقد َ
221قالت عائشة :وددت أني م ّ
الفريد 288 / 2عند ذكر أصحاب الجمل ،ومعارف ابن قتيبة 59 /قيل لعائشة :
ندفنك مع رسول الله )ص( قالت :ل .
ن ظهرت الحرورّية المارقة ،فقاتلوا ل ما يرون من الخير ،إلى أ ْ مة من ك ّ وخيار ال ُ ّ
ة
من معه ،فقتلهم بأمر الله تعالى ورسول الله )ص( ؛ طاع ً أمير المؤمنين عليا ً و َ
ن الطائفة المارقة يقتلها أدنى الطائفتين إلى الحقّ ،فكان لقول الّنبي )ص( :إ ّ
ل كلم النبي )ص( على أّنهم من معه هم الذين قاتلوهم ؛ فد ّ علي بن أبي طالب و َ
من معه ). (1 أدنى إلى الحقّ من معاوية و َ
ي )ع( بالخلفة ، ً
ن معاوية ليس كفؤا لعل ّ مقّرة بأ ّ ل فرقة من المتشّيعين ُ وقال :ك ّ
11
ي وسابقته ن فضل عل ّ ي )ع( ؛ فإ ّ ن يكون خليفة مع إمكان استخلف عل ّ ول يجوز أ ْ
م يكن بقي وعلمه ودينه وشجاعته وسائر فضائله ،كانت عنده ظاهرة معروفة ،ول ْ
ممن أهل الشورى غيره وغير سعد ،وقد ترك سعد هذا المر ،وتوّفي عثمان فل ْ
ي)) .2وقال الزيلعي ،المتوّفى سنة : 762كان الحقّ بيد عل ّ
ي يبقَ لها معين إل عل ّ
مار )) :تقتلك الفئة الباغية( ،ول )ع( في نوبته ،فالدليل عليه ؛ قول الّنبي )ص( لع ّ
ن عليا ً م قال :أجمعوا على أ ّ خلف أّنه كان مع علي )ع( وقَتله أصحاب معاوية .ث ّ
من معهم ،وأهل كان مصيبا ً في قتال أهل الجمل ؛ وهم طلحة والزبير وعائشة و َ
ي )ع( الخلفة ،وكان معاوية ما ولي عل ّ م قال :ل ّ فين ؛ وهم معاوية وعسكره .ث ّ ص ّ
دم عليه).(3 بالشام قال :ل ألي له شيئا ً ،ول ُابايعه ،ول أق ِ
مةي في وقته سابق ال ُ ّ وقال ابن القّيم الجوزّية ،المتوّفى سنة : 751كان عل ّ
م يكن فيهم حين وليها أولى بها منه)( .4 وأفضلها ،ول ْ
ي )ع( ّ
مد بن مفلح الحنبلي ،المتوفى سنة : 763كان عل ّ وقال أبو عبد الله بن مح ّ
أقرب إلى الحقّ من معاوية ،وأكثر المنصفين في قتال أهل البغي يرى القتال من
ناحية علي )ع( ،ومنهم من يرى المساك .وقال ابن هبيرة في حديث أبي بكرة
م يكن لحد ما ما جرى بعده ،فل ْ في ترك القتال في الفتنة ،أي في قتل عثمان :فأ ّ
ما تخّلف عنه سعد وابن عمر واسامة
ُ ي )ع( ،ول ّ من المسلمين التخّلف عن عل ّ
ومحمد
____________________________
) 1مجموع فتاوى ابن تيمية . 251 / 2
) )2المصدر نفسه . 224 / 4
) (3نصب الراية 69 / 4في تخريج أحاديث الهداية ـ كتاب أدب القاضي .
) (4بدائع الفوائد 208 / 3لبن القّيم الجوزية .
ابن مسلمة ومسروق والحنف ندموا .وكان عبد الله بن عمر يقول عند الموت :
ي )ع( .وكذا روي إّني أخرج من الدنيا وليس في قلبي حسرة ،إل تخّلفي عن عل ّ
عن مسروق وغيره ؛ بسبب تخلفهم ). (1
وقال ابن حجر العسقلني ،المتوّفى سنة : 852كان المام علي بن أبي طالب
فين وغيرهما).(2 من قاتله في حروبه :الجمل وص ّ على الحقّ والصواب في قتال َ
ن عليا ً ويحكي محمود العيني ،المتوّفى سنة 855عن الجمهور :أّنهم صّرحوا بأ ّ
مني )ع( أحقّ الناس بالخلفة ،وأفضل َ )ع( وأشياعه كانوا مصيبين ؛ إذ كان عل ّ
على وجه الدنيا حينئذ).(3
ً
فين رموا عليا )ع( ن أهل الجمل وص ّ ّ
وقال ابن حجر الهيثمي ،المتوفى سنة : 974إ ّ
م قال :ويجب على بالمواطاة مع قتلة عثمان ،وهو بريء من ذلك وحاشاه) ) .4ث ّ
المام قتال البغاة ؛ لجماع الصحابة عليه ،ول يقاتلهم حّتى يبعث إليهم أمينا ً عدل ً
ي )ع( في بعثه سيا ً بعل ّ ما ينقمونه على المام ؛ تأ ّ فطنا ً ناصحا ً يسألهم ع ّ
____________________________
) (1الفروع 542 / 3ـ . 543
دين ـ باب ترك قتال الخوارج . ) )2فتح الباري 244 / 12كتاب استتابة المرت ّ
) (3عمدة القاري 346 / 11كتاب الفتن .
مد بن سيرين يقول :ما علمت أن ) (4في الكامل لبن الثير ، 240 / 2كان مح ّ
عليا ً اّتهم في قْتل عثمان حّتى بويع ،إّتهمه الناس .وفي التمهيد للباقلني ص 235
ن
كان علي )ع( يقول بالبصرة )) :والله ما قتلت عثمان ،ول مالت على قتله ،ولك ّ
ن قوم أنه أخبر عن نفسه بالقتل بقوله )) :وأنا معه( وإّنما الله قتله وأنا معه) فظ ّ
12
أراد الله أن أماته ويميتني معه ؛ لّنه حلف وهو الصادق :أّنه ما قتله ول مال عليه .
وفي العقد الفريد 274 / 2في باب براءة علي من دم عثمان :كان علي )ع( في
لباهلّنهم عند الكعبة خمسين يمينا ً ما بدأتالكوفة يقول ) :ولئن شاءت بنو ُامية ُ
في حقّ عثمان بشيء( .وفي مجموع الفتاوى المصرّية لبن تيمية 224 / 4كان
علي )ع( يحلف وهو البار الصادق بل يمين :أنه لم يقتل عثمان ،ول رضي بقتله .
وفي تاج العروس 141 / 8مادة )نفل ،النفل :الحلف ،ومنه حديث علي )ع( :
))لوددت أن بني ُامية رضوا ،ونفلنا خمسين من بني هاشم يحلفون ما قتلنا
ل( ،أي :حلفنا لهم خمسين يمينا ً على البراءة .وفي إصلح عثمان ،ول نعلم له قات ً
المنطق لبن السكيت ص 170باب ما ُيهمز وترك العامة همزه ،في مادة )مل( :
يروى عن علي بن أبي طالب أنه قال )) :والله ما قتلت عثمان ،ول مالت على
قتله ،والتمالؤ :الجتماع على المر .وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ، 60
ُقتل المغيرة بن الخنس يوم الدار مع عثمان ،فقال ابنه شعرا ً يعذر عليا ً عن
الشتراك مع القوم ،فقال من أبيات :
فل آمٌر فيها ولم يك ناهيا ما علي فاستغاث ببيتهفأ ّ
ولبن أبي الحديد كلمة في شرح النهج 112 / 1تدل على فقهه بالحوادث فقال :
كان معاوية شديد النحراف عن علي )ع( ؛ لنه يوم بدر قتل أخاه حنظلة ،وخاله
مه شيبة ،وقتل من أعيان بني عبد شمس ده عتبة أو ع ّ
الوليد ،وشرك في ج ّ
وأمثالهم نفرا ً كثيرا ً ؛ فمن هناك أشاع نسبة قتل عثمان إليه أو انضواء القتلة إليه .
وفي الكامل للمبرد 240 / 2كان عروة بن الزبير يقول :كان علي )ع( أتقى لله
من أن يعين على قتل عثمان .
13
والضاليل نتائج أعمال هؤلء المضلين ،
ن
دين ،وأ ّ وما يقصدونه من هدم ال ّ
الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم )ع(
ده ـ قتيل الحنيفّية ـ إحياء شريعة ج ّ
)ص( .
نوالعقائل من آل الرسول )ص( ( ،وإ ْ
استعرت أكبادهن بنار المصاب ،وتفاقم
ن السى ، الخطب عليهن ،وأشجاه ّ
ن على جانب عظيم من الخذ بالثأر لكنه ّ
دين . ،والدفاع عن قدس ال ّ
ن )العقيلةابنة أمير المؤمنين سلم وفيه ّ
الله عليها ،التي لم يرعها السر وذ ّ
ل
المنفى ،وفقد العزاء وشماتة العدوّ ،
وعويل اليامى وصراخ الطفال وأنين
المريض ،فكانت تلقي خواطرها بين
تلك المحتشدات الرهيبة ،أو فقل بين
المخلب والّناب غير متلعثمة ،وتقذفها
كالصواعق على مجتمع خصومها .
فوقفت أمام ابن مرجانة ،ذلك اللد ،
وهي امرأة عزلء ليس معها من حماتها
حمي ،ول من رجالها ولي غير المام
الذي أنهكته العّلة ،ونسوة مكتنفة بها ،
ظه العطش بين شاكية وباكية ،وطفل ك ّ
،إلى ُاخرى أقلقها الوجل ،وأمامها
رأس عّلة الكائنات ورؤوس صحبه وذويه
طعة في ،وقد تركت تلك الشلء المق ّ
البيداء تصهرها الشمس ،والواحدة من
هذه تهد ّ القوى ،وتبلبل الفكر .
لكن )ابنة حيدرة كانت على جانب
عظيم من الثبات والطمأنينة ،فأفرغت
سهم ، عن لسان أبيها بكلم أنفذ من ال ّ
حجرا ً ،إذ قالت وألقمت ابن مرجانة َ
له )) :هؤلء قوم كتب الله عليهم
القتل ؛ فبرزوا إلى مضاجعهم ،وسيجمع
ج وتخاصم ، الله بينك وبينهم ،فتحا ّ
مك يابن من الفلج .ثكلتك ا ُ ّ فانظر ل ِ َ
مرجانة ! (.
وأوضحت للمل المتغافل خبثه ولؤمه ،
وأّنه لن يرحض عنه عارها وشنارها ،
كما أّنها أدهشت العقول وحّيرت الفكر
كناسة الكوفة ،والّناس في خطبتها ب ُ
يومئذ حيارى يبكون ،ل يدرون ما
14
يصنعون ،وأّنى يرحض عنهم العار
بقتلهم سليل النبوة ،ومعدن الرسالة ،
وسّيد شباب أهل الجنة ؟ وقد خاب
سعي ،وتّبت اليدي ،وخسرت ال ّ
الصفقة ،وباؤوا بغضب من الله وخزي
في الخرة ،ولعذاب الله أكبر لو كانوا
يعلمون .
ن فرغت من خطابها اندفعت وبعد أ ْ
فاطمة ابنة الحسين)ع( بالقول الجزل ،
مع ثبات جأش وهدوء بال ،فكان
سنان في القلوب ،ولم خطابها كوخز ال ّ
ن ارتفعت أصواتهم يتمالك الّناس دون أ ْ
بالبكاء ،وعرفوا عظيم الجناية
والشقاء ،فقالوا لها :حسبك يا ابنة
الطاهرين ،فقد احرقت قلوبنا
وانضجعت نحورنا .
م كلثوم ، ُ
وما سكتت حّتى ابتدرت ا ّ
زينب بنت علي بن أبي طالب )ع( ،
فعّرفت الحاضرين عظيم ما اقترفوه ،
فولول الجمع وكثر الصراخ ،ولم يَر إذ
ذاك أكثر باك وباكية ). (1
ن أحدا ًفهل يا ترى يمكنك الجزم بأ ّ
يستطيع في ذلك الموقف الرهيب ،
فه سيوف الجور أن يتكّلم الذي تح ّ
بكلمة واحدة مهما بلغ من المنعة في
ن يعلن عشيرته ؟ وهل يقدر أحد أ ْ
بموبقات ابن هند وابن مرجانة غير بنات
ن على أمير المؤمنين )ع( ؟ كل .إ ّ
اللسن أوكية ،واليدي مغلولة ،
والقلوب مشفقة .
م
ن هذا ،إّنما يقّبح ويستهجن إذا ل ْ على أ ّ
يترّتب عليه إل فوائد دنيوّية مثارها
ما إذا ترّتبت مارة ،وأ ّ رغبات الّنفس ال ّ
مها :تنزيه دين عليه فوائد دينّية ،أه ّ
ما ألصقوه بساحته من الرسول )ص( ع ّ
الباطل ،فل قبح فيه عقل ً ،ول يستهجنه
العرف ،ويساعد عليه الشرع .
ن وضع الله عنها الجهاد والمرأة ،وإ ْ
ومكافحة العداء ،وأمرها سبحانه
ن تقّر في بيتها ؛ فذاك فيما إذا وتعالى أ ْ
قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال .
ما إذا توّقف إقامة الحقّ عليها فقط ؛ وأ ّ
15
بحيث لول قيامها لدرست ُاسس
الشريعة ،وذهبت
____________________________
لمور ) (1إقرأ الخطب الثلثة في ا ُ
المتأخرة عن الشهادة من هذا الكتاب .
تضحية ُاولئك الصفوة دونه أدراج
التمويهات ،كان الواجب عليها القيام به
.
ولذلك نهضت سّيدة نساء العالمين
سلم( للدفاع عن الزهراء )عليها ال ّ
ُ
خلفة الله الكبرى ؛ حين اخذ العهد على
سّيد الوصياء بالقعود ،فخطبت في
مسجد الّنبي )ص( الخطبة البليغة في
محتشد من المهاجرين والنصار .
ن الحسين )ع( كان على علم على أ ّ
ن
ن القوم وإ ْ ده المين )ص( ؛ بأ ّ بإخبار ج ّ
بلغوا الغاية ،وتناهوا في الخروج عن
دون إلى الّنساء يد سبيل الحمّية ،ل يم ّ
سوء ،كما أنبأ عنه سلم الله عليه ال ّ
ن ساعة الوداع الخيرة : بقوله له ّ
دوا للبلء ، ))البسوا أزركم ،واستع ّ
ن الله حاميكم وحافظكم ، واعلموا أ ّ
وسينجيكم من شّر العداء ،ويجعل
ذب أعاديكم عاقبة أمركم إلى خير ،ويع ّ
وضكم عن هذه بأنواع العذاب ،ويع ّ
البلّية بأنواع الّنعم والكرامة .فل تشكوا
ول تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم
(.
هذا كّله لو لم نقل بالمامة لسّيد
ما مع الخضوع لناموس الشهداء )ع( .وأ ّ
علم المام الشامل ِلما كان ويكون ،
وسيره حسب المصالح الواقعّية ،
وعصمته في أقوآله وأفعاله ،كما هو
الحقّ الذي ل محيص عنه ،فكان المحّتم
ن ما صدر منه ناشئ عن علينا الذعان بأ ّ
حك َم ٍ ربانّية ،ومصالح إلهّية ل يتطّرق ِ
ك ،وليس الواجب علينا إل إليها الش ّ
التصديق بجميع أفعاله ،من دون أن
يلزمنا العقل بمعرفة المصالح الباعثة
على تلك الفعال الصادرة منه .وهكذا
ل ما وجب على المكّلفين ، الحال في ك ّ
م يجب على العباد إل التسليم فإّنه ل ْ
16
ن تعرف والخضوع للمولى ،من دون أ ْ
الغراض الباعثة عليها .وهكذا الحال
ن العقل ل في العبيد مع مواليهم ،فإ ّ
يلزم العبد بأكثر من طاعة سّيده وموله
حينما يأمره وينهاه .
نهضات العلوّيين
دسة لقد كان من نتائج تلك الّنهضة المق ّ
ور في ومن ولئد ذلك )الفتح المبينتط ّ
من أخذ نظر العلويين نسبا ً أو مذهبا ً أو َ
مد ،لدعوته لونا ً من النتماء إلى آل مح ّ
ن كان مضمرا ً غير ما يتظاهر به ، وإ ْ
م يعدم التشييد لدعوة ل من هؤلء ل ْ وك ٌ
الحقّ ،والوهن في دولة الباطل ،
قا ً مغتصبا ً مد ح ّ ن لل مح ّ مة بأ ّ وتعريف ال ُ ّ
،
والواجب عليهم الّنهوض لقطع اليد
العادية .
فكانت تلكم الثورات المتتابعة باعثة إلى
فزها إلى تحّري الرشد الفئدة دواعي تح ّ
حّتى تقف على صراح الحقيقة .
مة تعتقد أّنه ليس من كانت ال ُ ّ
المستطاع الّنهوض في وجه ا
مة وإمرة لمستحوذين على أمر ال ُ ّ
ن القيام وة سلطانهم ،وإ ّ المسلمين لق ّ
سلطة القاسية ل يعقب إل أمام ال ّ
ن المحظور في الشريعة فشل ،بل إ ّ
القاء الّنفس في التهلكة من غير ما
جدوى هنالك .
لكن سّيد الباء والحمّية وسّيد شباب
ديني أهل الجنة أوحى إلى المل ال ّ
ف التي لم يزل بصرخته في مشهد الط ّ
دويّ صداها في مسامع القرون والجيال
ن الواجب في الشريعة الثورة أمام :إ ّ
م يكن ما يدحره غيرها . ل باطل ،إذا ل ْ ك ّ
ن في مستوى اليقين بلوغ الغاية وإ ّ
من يجعل طلب الحق عنوان خاة ل ِ َ المتو ّ
ن يفوز الّناهض ما أ ْ نهضته ،فإّنه إ ّ
من يتلوه في نهضته حّتى بالظفر أو َ
سد الماني بالفتح المبين . تتج ّ
وهذا ما نراه من تعاقب الّنهضات تجاه
لموّيين بالشريعة المطّهرة ، عبث ا ُ
فكانت دعوة المختار هي ثارات لل
17
مد .
مح ّ
وقام زيد بن علي بن الحسين )ع(
وولده يحيى داعَيين إلى الرضا من آل
مر مد ،وأظهر بقّية الهاشمّيين التذ ّ مح ّ
سيل جور ووثبوا لسد ّ َ من خلفاء ال َ
الضلل الجارف .
سَير المعصومين من آل مل في ِ ن التأ ّ وإ ّ
الرسول ،وما قيضهم المولى سبحانه
له من كسح أشواك المنكر وإرشاد
العباد إلى الطريقة المثلى تتجّلى له
سلم( في هاتيك رغبتهم ).عليهم ال ّ
ن الغايةالمحتشدات الدامية ،ل ّ
مة ُ
خاة لهم إّنما هي تعريف ال ّ المتو ّ
ن
أحقّيتهم بمنصب الرسول القدس ،وإ ّ
الدافع لهم عن هذا الحق المجعول لهم
من الباري عّز اسمه مائل عن الّنهج
القويم ،وهذا المعنى إّنما يتسّرب إلى
الدمغة وتلوكه الشداق ؛ بسبب هاتيك
جةح ّالثورات في مختلف الصقاع لتتم ال ُ
مة ،فل يسع أحدا ً العتذار على ال ُ ّ
بالجهل بالمام المنصوص عليه من
الّنبي العظم .
مة الهدى وإّنما نشاهد من بعض أئ ّ
النكار والتبّري من العلوّيين وغيرهم
جور ،فإّنما هو الخارجين على خلفاء ال َ
سلطة الغاشمة ؛ كيل للتقّية من ال ّ
تنسب إليهم الثورة فينالهم مال يحمد
عقباه .
نعم كان في الثائرين ُاناس اّتخذوا
خا ً يصطادون به مظلومّية أهل البيت ف ّ
البسطاء .فابن الزبير الذي كان يشيد
بذكر الحسين )ع( والظلم الذي جرى
ما حسب أّنه ملك المر تركه ، عليه ،ل ّ
فكان أشد ّ المناوئين لهل البيت ).عليهم
سلم( وأظهر ما انحنت عليه جوانحه . ال ّ
فترك الصلة على الّنبي )ص( أربعين
ن له جمعة فقيل له في ذلك ،قال :إ ّ
أهل بيت سوء ،إذا ذكرته ،اشرأبت
ن
بأ ْ نفوسهم إليه وفرحوا بذلك ،فل ُاح ّ
ُاقّر أعينهم ). (1
ولقد جّرأه على ذلك معاوية بن أبي
ذنما سمع المؤ ّ سفيان الذي يقول ل ّ
18
ن أخا هاشم يشهد بالرسالة ...) :وإ ّ
ل يوم خمس يصرخ باسمه في ك ّ
ن محمدا رسول الله ً مّرات :أشهد أ ّ
م لك ُ
)ص( ( ،فأيّ عمل يبقى مع هذا ل ا ّ
،والله إل دفنا ً دفنا ).2
ما سمع المأمون بهذا الحديث كتب ول ّ
إلى الفاق بلعنه على المنابر فأعظم
مة الّناس ذلك وأكبروه واضطربت العا ّ
ما كان فُاشير عليه بالترك فأعرض ع ّ
عليه).3
وأعطف عليه بني العّباس الذين ملوا
مدجوّ هتافا ً بالستياء ِلما أصاب آل مح ّ ال َ
ُ
ما حصلوا على المنية ، ف ،ول ّ يوم الط ّ
قلبوا لهم ظهر المجن وأبادوهم عن
جديد الرض ،وكان موسى بن عيسى
العباسي ،صاحب الوقعة )بفخيقول :لو
نازعنا الّنبي )ص( هذا المر لضربنا
سيف).4 خيشومه بال ّ
____________________________
) (1المقاتل لبي الفرج ص 165ط
ايران .
)2شرح النهج الحديدي ج 2ص . 537
)3مروج الذهب ج 2ص 343آخر أخبار
المأمون .
)4مقاتل الطالبيين لبي الفرج ص 158
ط ايران .
مة فهؤلء إلى أمثالهم برئت منهم الذ ّ
مة وانقطعت العصمة وإن استفادت ال ُ ّ
بنهضتهم من ناحية استئصال شأفة
أعدائها من آل حرب وُامّية :
طـمعت ابـناء حـرب ان تـرى
فـيه لـلضيم انـعطافا ً وانـكسارا
حـاولـت تـصطاد مـنه اجـدل
ل عـلى الوكر وطارا نـفض الـذ ّ
ورجــت لـلـخسف أن تـجذبه ارقـما ً
قـد ألـف الـعّز وجـارا
كـيف يـعطي بـيد الـهون إلى
طـاعة الـرجس عن الموت حذارا
فـأبـى إل الـتـي إن ذكــرت
هـّزت الـكون انـدهاشا ً وانذعارا
فـأتى مـن بـأسه فـي جـحفل زحـفه
سـد ّ عـلى الباغي القفارا
19
ولـيوث مـن بـني عـمرو العلى
لـبسوا الـصبر عـلى الطعن دثارا
أشـعـروا ضـربا ً بـهيجاء غـدا لـهم
فـي ضـنكها الموت شعارا
ق الـمعالي ومـضوا فـقضوا حـ ّ
طـاهري العراض لم يدنس عارا
بـذلـوهـا أنـفـسـا ً غـالـية
كبرت بالعّز أن ترضى الصغارا )( (1
____________________________
) (1من قصيدة للسيد عبد المطلب
الحلي ،ذكرت بتمامها بترجمته من
شعراء الحلة للخاقاني .
حديث كربلء
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله )ص( (:
ن لقتل الحسين حرارة في قلوب )إ ّ
ً
المؤمنين ل تبرد أبدا )
مستدرك الوسائل . 217 / 2
ل المحرم ه ّ
ل الـمحّرم فـاستهل مـكّبرا ً هـ ّ
وانـثر به درر الدموع على الثرى
وانـظر بـغرته الهلل إذا انجلى
كرا ً مـتف ّ جعا ً ُ مـسـترجعا ً ُ
مـتـف ّ
واخلع شعار الصبر منك وزّر من
سقام عـليك ثوبا ً أصفرا خـلع الـ ّ
فـثياب ذي الشـجان ألـقيها به مـا
حمر الثياب مزررا كـان من ُ
كمت شـهر بـحكم الـدهر فيه تح ّ
سود في ُاسد الشرى شـر الكلب ال ّ
لـّلـه أي مـصـيبة نـزلت بـه بـكت
سماء لـه نجيعا ً أحمرا الـ ّ
ب دهـى السلم عند وقوعه خـط ٌ َ
م القرى( ُ
لـبست عـليه حدادها )ا ّ
أو ما ترى الحرم الشريف تكاد من
زفـراته الـجمرات أن تـتسّعرا
)وأبـا قبيسفي حشاه تصاعدت قـبسات
وجد حرها يصلي )حرا(
طمه السى ودرى مبه فح ّ م )الـحطي ُ عـل ِ َ
َ
درا)الـصفابـمصابه فتك ّ
واسـتشعرت مـنه المشاعر بالبل
سرا ى وتح ّ وعـفا )مـحسرهاجو ً
ُقـتل الـحسين فـيا لها من نكبة
20
أضحى لها السلم منهدم الذرى )(1
شهر المحّرم
م والـحزن مـحّر ُ م فـيه الـهنا ُ مـحـّر ٌ ُ
م
محت ُّ
ُ والبكا ضٌ فـر
شـهٌر بـه اليـمان َثل عرشه
والـكفر بـالسلم بـان بطشه
هـلله قوس رمى قلب الهدى
دين في سهم الحتوف والردى وال ّ
قـد كـان عند الكفر والسلم
فـيـه الـقتال أعـظم الثـام
____________________________
) (1ديوان معتوق بن شهاب الموسوي
ط مصر سنة 1330ه .
سما فـيه ب ال ّ وآل حرب حاربوا ر ّ
وحـّللوا الدم المحّرما
وانتهكوا حرمة سادات الحرم وارتكبوا
سماء دم ما أمطر ال ّ
سَلما ً يـا آل حـرب ل لقيتم َ
ول وقـيتم مـن لـسان ذما
سماء عـلى م في الرض وال ّ ُلـعنت ُ ُ
لـسان جملة الحياء
م بـالويل والـثبون وبـالعذاب بـشراك ُ ُ
يوم َنفخ الصور
م
كـم حـرة للمصطفى هتكت ُ ُ
م
وكــم دم ِلـولـده سـفكت ُ ُ
يـا امـة الخذلن والكفران
وعـصبة الضلل والشيطان
جده بـأي عـين تبصرون َ
وقـد فـعلتم مـا فعلتم بعده
مم جزر الضاحي نسله وسـقت ُ ُ جزرت ُ ُ
سـوق الماء أهله
مم احـسان يـوم الفتح نـسيت ُ ُ نـسيت ُ ُ
فـيه جميل الصفح
م لول بدور هاشم قـد كـنت ُ ُ
سـرا ً يضيع في ضلوع كاتم
بـهم تـسنمتم ذرى المنابر
كما علوتم صهوة المفاخر )(1
يزيد بعد معاوية
ما هلك معاوية بدمشق للنصف من ل ّ
رجب سنة ستين هجرية ،كان ابنه يزيد
حاك بن قيس في حوران ،فأخذ الض ّ
أكفانه ورقى المنبر ،فقال بعد الحمد
21
لله والثناء عليه :كان معاوية سور
دهم ،قطع الله به العرب وعونهم وج ّ
الفتنة ومّلكه على العباد وفتح به البلد ،
إل أّنه قد مات وهذه أكفانه فنحن
ّ
مدرجوه فيها ،ومدخلوه قبره ومخلون
م هو البرزخ إلى يوم بينه وبين عمله ،ث ّ
ن يشهد من كان منكم يريد أ ْ القيامة ،ف َ
فليحضر .
حاك ،ودفنه بمقابر م صّلى عليه الض ّ ث ّ
باب الصغير وأرسل البريد إلى يزيد
يعّزيه بأبيه ،والسراع في القدوم ؛
ة مجددةً من الّناس) ،2وكتب ليأخذ بيع ً
في أسفل الكتاب):3
____________________________
) (1المقبولة الحسينية ص 9للحجة
آية الله الشيخ هادي كاشف الغطاء
دس سره . ق ّ
)2البداية والنهاية لبن كثير . 143 / 8
)3مقتل الخوارزمي ج 1ص . 178
ااا ااا ااا ااااا ااااا اااا
ا ااااا ااااا اااا ااا اااا
ااااا ااا ااااااا ااااا اااا
اااااااااا ااااااا ااا اااا
فلما قرأ يزيد الكتاب أنشأ يقول ):( (1
ب بهجـاء الـبريد بقرطاس يخ ّ
فـأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قـلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم قـال
الخليفة أمـسى مثقل وجعا
مادت بنا الرض أو كادت تميد بنا
كـأن مـا عـّز من أركانها انقلعا
من لم تزل نفسه توفي على وجل
تـوشك مقادير تلك النفس أن تقعا
لـما وردت وباب القصر منطبق
لـصوت رملة هُد ّ القلب فانصدعا
وسار إلى دمشق ،فوصلها بعد ثلثة
أيام من دفن معاوية )) ،2وخرج
ما حاك في جماعة لستقباله ،فل ّ الض ّ
حاك أول ً إلى وافاهم يزيد جاء به الض ّ
قبر أبيه ،فصّلى عند القبر .
م دخل البلد ورقى المنبر ،وقال :أّيها ث ّ
الّناس ،كان معاوية عبدا ً من عبيد الله ،
م قبضه إليه .وهو خير أنعم الله عليه ث ّ
22
كيه على من بعده ودون من قبله .ول أز ّ
ل ؛ فإّنه أعلم به ،إن عفا الله عّز وج ّ
عنه فبرحمته ،وإن عاقبه فبذنبه .وقد
ت آسى على ت المر من بعده ،ولس ُ وّلي ُ
طلب ،ول أعتذر من تفريط ،وإذا أراد
الله شيئا ً كان .ولقد كان معاوية يغزو
ت حامل ً أحدا ً بكم في البحر ،وإّني لس ُ
من المسلمين في البحر .وكان يشتيكم
ت مشتيا ً أحدا ً بأرض بأرض الروم ،ولس ُ
الروم .وكان يخرج عطاءكم أثلثا ً ،وأنا
أجمعه كّله لكم).3
فلم يقدم أحد على تعزيته حّتى دخل
سلولي ، عليه عبد الله بن همام ال ّ
فقال :يا أمير المؤمنين ،آجرك الله
على الرزّية ،وبارك لك في العطّية ،
وأعانك على الرعّية ،فقد رزئت عظيما ً
وُاعطيت جسيما ً ،فاشكر الله على ما
ُاعطيت ،واصبر على ما رزئت .فقد
ت خليفة الله وُاعطيت خلفة الله ، فقد ّ
ففارقت جليل ً ووهبت جزيل ً ،إذ قضى
____________________________
) (1الغاني ج 16ص 34طبعة دي
ساسي .
)2مقتل الخوارزمي ج 1ص 178وفي
الستيعاب على هامش الصابة بترجمة
معاوية عن الشافعي :أن معاوية لما
ثقل كتب إلى يزيد وكان غائبا ً يخبره
بحاله فأنشأ يزيد يقول وذكر أربع أبيات
الول والثالث واثنان لم يذكرا هنا .
)3البداية لبن كثير ج 8ص . 143
معاوية نحبه ،ووّليت الرياسة وُاعطيت
سرور سياسة ،فاورده الله موارد ال ّ ال ّ
م أنشأ : ووفقك لصالح المور ،ث ّ
إصـبر يـزيد فقد فارقت ذا كرم
واشـكر حباء الذي بالملك أصفاك
ل رزء أصبح في القوام قد علموا
كـما رزئـت ول عـقبى كعقباك
م
أصـبحت راعي أهل الدين كلهُ ُ
م والله يـرعاك فـأنـت تـرعاهُ ُ
وفـي مـعاوية الـباقي لنا خلف إذا
نـعيت ول نـسمع بـمنعاك
فانفتح بذلك للخطباء ) ، (1وقال له
23
سلم عليك يا أمير رجل من ثقيف :ال ّ
المؤمنين ورحمة الله وبركاته ،إّنك قد
ُفجعت بخير الباء ،وُاعطيت جميع
الشياء ،فاصبر على الرزّية ،واحمد
حسن العطّية ،فل أحد ُاعطي الله على ُ
كما ُاعطيت ول رزئ كما رزئت .
وأقبل الناس عليه يهّنئونه ويعّزونه فقال
دين ، يزيد :نحن أنصار الحقّ وأنصار ال ّ
ن الخير لم وأبشروا يا أهل الشام ،فإ ّ
يزل فيكم وستكون بيني وبين أهل
العراق ملحمة ؛ وذلك إّني رأيت في
ن بيني وبين منامي منذ ثلث ليال كأ ّ
طرد بالدم جريا ً شديدا ً أهل العراق نهرا ً ي ّ
ت أجهد نفسي لجوزه فلم أقدر ،وجعل ُ
حّتى جازه بين يدي عبيد الله بن زياد
وأنا أنظر إليه ! .
فصاح أهل الشام إمض بنا حيث شئت ،
معك سيوفنا التي عرفها أهل العراق
فين ،فجزاهم خيرا ً وفّرق فيهم في ص ّ
أموال ً جزيلة .
مال في البلدان يخبرهم وكتب إلى الع ّ
م
بهلك أبيه ،وأقّرهم على عملهم ،وض ّ
العراَقين إلى عبيد الله بن زياد ـ بعد أن
أشار عليه بذلك سرجون مولى معاوية ـ
،وكتب إلى الوليد بن عتبة وكان على
المدينة :
ً
ن معاوية كان عبدا من عباد ما بعد ،فإ ّ أ ّ
م ّ
الله أكرمه واستخلصه ومكن له ،ث ّ
قبضه إلى روحه و ريحانه ورحمته
وعقابه ،عاش بقدر ومات بأجل ،وقد
ي وأوصاني بالحذر من آل كان عَهَد َ إل ّ
أبي تراب ؛ لجرأتهم على سفك الدماء ،
ن الله تبارك وتعالى ت يا وليد أ ّ وقد علم َ
منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان ؛
لّنهم أنصار الحقّ وطلب العدل ،فإذا
ورد عليك كتابي هذا ،فخذ البيعة على
أهل المدينة .
____________________________
) (1البيان والتبيين للجاحظ ، 109 / 2
ط ، 2باب وصية معاوية ،وكامل المبرد
، 300 / 3والعمدة لبن رشيق / 2
، 148باب الرثاء )وبينهم اختلف
24
يسير ،والعقد الفريد لبن عبد رّبه / 2
، 309باب طلب معاوية البيعة ليزيد .
م أرفق الكتاب بصحيفة صغيرة فيها : ث ّ
خذ الحسين وعبد الله بن عمر وعبد ُ
الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير
بمن أبى فاضر ْ بالبيعة أخذا ً شديدا ً ،و َ
ي برأسه )! (1 عنقه ،وابعث إل ّ
مة ،فبعث على وقام العامل بهذه المه ّ
الحسين وابن الزبير نصف الليل ،رجاء
ن يغتنم الفرصة بمبايعتهما قبل أ ْ
الّناس ،فوجدهما رسوله عبد الرحمن
فان)2في بن عمرو بن عثمان بن ع ّ
مسجد الّنبي )ص( ( ،فارتاب ابن الزبير
من هذه الدعوة التي لم تكن في الوقت
جةح ّ الذي يجلس فيه للناس) ،3لكن ُ
الوقت )حسين الصلح أوقفه على أمر
غيبي ،وهو هلك معاوية ،وأّنه يطلب
منهم البيعة ليزيد وأّيده )ع( بما رآه في
المنام من اشتعال الّنيران في دار
ن منبره منكوس).4 معاوية ،وإ ّ
ورام ابـن ميسون على الدين امرة
فـعاثت بـدين الله جهرا ً جرائمه
نم ْ دين شبل َ فـقام مغيثا ً شرعة ال ّ
بـصمصامه بـدءا ً اقيمت دعائمه
س معشر نـمته ص النا َ ف به )إذ مح ّ وح ّ
إلى اوج الـمعالي مكارمه
فـمن اشوس ينميه للطعن )حيدر
وينميه جد في قرى الطير )هاشمه(
ورهط تفانى في حمى الدين لم تهن
لـقـلته بـين الـجموع عـزائمه
إلى أن قضوا دون الشريعة صّرعا ً
كما صرعت دون العرين ضراغمه
أراد ابن هند خاب مسعاه أن يرى
)حسينابأيدي الضيم تلوى شكائمه
ولـكن أبـى المجد المؤثل والبا لـه
ل ثـوبا ً والحسام ينادمه الـذ ّ
مه ُ ّ
أبـوه عـلي وابـنة الـطهر ا ّ
جـد ّ وجـبريل خادمه وطـه لـه َ
إلـى ابن سمي وابن ميسون ينثني
سيف في اليد قائمه يـمد ّ يـدا ً والـ ّ
____________________________
) (1مقتل الخوارزمي 178 / 1ـ
25
، 180طبع النجف ،وقد أشرنا في
سر في إنشاء هذا دمة إلى ال ّ المق ّ
الكتاب الصغير فاقرأه .
)2ابن عساكر . 327 / 4
)3الطبري . 189 / 6
)4مثير الحزان لبن نما ، 10 /ومقتل
الخوارزمي 182 / 1الفصل الثامن .ول
ن رؤيا المام )ع( مشاهدة يخفى أ ّ
لحقيقة الحال ،إبصار بنور المامة الذي
ل تمنعه الحواجز عن ادراك ما في
ونه الله من ك ّ الكون ،ول بدع في ذلك م ّ
جة على العالمين ،فهو )ع( في ح ّتعالى ُ
مقام الكناية عن نكوس منبره بانقلب
المر من يده وانقطاع شهواته بهلكه ،
واشتعال النيران كناية عن احتدام الفتن
ف ،و واقعة الحرة ، بمثل فاجعة الط ّ
وهدم البيت الحرام إلى أمثالها .
فصال عليهم صولة الليث مغضبا ً وعسا
له خصم النفوس وصارمه
كم فـي أعـناقهم نافذ القضا صقيل ً فـح ّ
فل يستأنف الحكم حاكمه
ضا ً ولم يكنالى أن أعاد الدين غ ّ
سبط تسقى معالمه )( (1 بغير دماء ال ّ
ضح لبن الزبير ما عزم عليه وو ّ
الحسين من ملقاة الوالي في ذلك
الوقت ،فأشار عليه بالترك حذار
الغيلة ،فعّرفه الحسين )ع( القدرة على
المتناع).2
وصار إليه الحسين في ثلثين)3من
مواليه وأهل بيته وشيعته ،شاكين
سلح ،ليكونوا على الباب فيمنعونه بال ّ
إذا عل صوته)4وبيده قضيب رسول الله
ما استقّر المجلس بأبي عبد )ص( .ول ّ
الله )ع( ،نعى الوليد إليه معاوية ،ثم
عرض عليه البيعة ليزيد ،فقال )ع( :
ت الّناس ))مثلي ل يبايع سّرا ً ،فإذا دعو َ
إلى البيعة دعوتنا معهم ،فكان أمرا ً
واحدا ً ).5
فاقتنع الوليد منه ،لكن مروان ابتدر
ساعة ولم يبايع ،لم قائل ً :إن فارقك ال ّ
تقدر منه على مثلها حّتى تكثر القتلى
بينكم ،ولكن احبس الرجل حّتى يبايع أو
26
تضرب عنقه .
فقال الحسين )) :يابن الزرقاء)6أنت
تقتلني أم هو ؟! كذبت وأثمت ).7
____________________________
مد) (1من قصيدة للعلمة الشيخ مح ّ
تقي آل صاحب الجواهر .
)2ابن الثير . 6 / 4
)3اللهوف للسّيد رضي الدين ابن
طاووس .
)4مقتل الخوارزمي 183 / 1الفصل
الثامن .
)5الطبري . 189 / 6
)6في تذكرة الخواص لسبط ابن
الجوزي ، 229 /طبع ايران ،والداب
دة السلطانية للفخري ، 88 /كانت ج ّ
مروان من البغايا .
وفي كامل ابن الثير ، 75 / 4كان
الناس يعّيرون ولد عبد الله بن مروان
بالزرقاء بنت موهب ؛ لّنها من
المومسات ومن ذوات الرايات .
وفي تاريخ ابن عساكر ، 407 / 7جرى
كلم بين مروان وعبد الله بن الزبير
فقال له عبد الله :وإنك لههنا يابن
الزرقاء .
وفي أنساب الشراف للبلذري 129 / 5
،قال عمرو بن العاص لمروان ـ في
كلم جرى بينهما ـ :يابن الزرقاء ،فقال
مروان :إن كانت زرقاء ،فقد أنجبت
وأدت الشبه إذا لم تؤده غيرها .
وفي تاريخ الطبري ، 16 / 8كان مروان
مد بن الشعث يقول :لم يزل بنو بن مح ّ
مروان يعّيرون بالزرقاء وان بني العاص
من أهل )ص( فورية.
ن أدب الشريعة وإن حرج غير خفي أ ّ
على المؤمن التنابز باللقاب والطعن
من تستفاد منه الحكم في النساب ،و َ
نوالداب اللهّية أحرى بالخذ بها ،إل أ ّ
جة على الخليفة العارف ح ّ
مة وال ُ إمام ال ُ ّ
دى هذه المقررات ، بالملبسات ل يتع ّ
وابتعادنا عن مقتضيات أحوال ذلك
الزمن يلزمنا بالتسليم للمام المعصوم
ل ما يصدر منه خصوصا ً مع )ع( في ك ّ
27
مطابقته للقرآن العزيز الذي هو مصدر
الحكام ،والتعيير الصادر من الحسين
لمروان صدر مثله من الجليل عّز شأنه
مع الوليد بن المغيرة المخزومي إذ
ليقول في سورة القلم ) : 13 /ع( ت ُ ّ
ك َزِنيم ٍ والزنيم ،في اللغة : ب َعْد َ ذ َل ِ َ
الدعي في النسب ،اللصيق به .
و ورد في حديث الّنبي )ص( كما في
كنز العمال )) : 156 / 1العتل الزنيم :
الفاحش اللئيم (.
ويروي اللوسي في روح المعاني / 29
دعاه بعد ثمان ن أباه المغيرة ا ّ : 28إ ّ
عشرة سنة من مولده .
فإذا كان )ينبوع الدب والسراريغمز في
مه بالقبيح في كتابه حقّ رجل معّين ويس ّ
ً ً
الذي يتلى في المحاريب ليل ونهارا ،فل
يستغرب من ابن النبوة إذا رمى مروان
بالشائنة ،وهو ذلك المترّبص بهم
الغوائل .
)7تاريخ الطبري ،وابن الثير ،والرشاد
،وإعلم الورى .
يتعقبها لسان ذرب ،وجنان ثابت
مة ضلل ابن ميسون ، يعّرفان ال ُ ّ
وطغيان ابن مرجانة باعتدائهما على
الذرّية الطاهرة ،الثائرة في وجه المنكر
،ودحض ما ابتدعوه في الشريعة
دسة . المق ّ
ي الضيم( خوف رجال كما عرف )أب ّ
دين من التظاهر بالنكار ،وخضوع ال ّ
ل للسلطة الغاشمة ،ورسوف الكثير الك ّ
منهم بقيود الجور ؛ بحيث ل يمكن لكبر
رجل العلن بفظاعة أعمالهم .وما
كد هذه جرى على ابن عفيف الزدي ،يؤ ّ
الدعوى المدعومة بالوجدان الصحيح .
وعرف سّيد الشهداء من حرائر الرسالة
الصبر على المكاره ،وملقاة الخطوب
والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ؛ فل
يفوتهن تعريف المل ،المغمور بالترهات
والضاليل نتائج أعمال هؤلء المضلين ،
ن
دين ،وأ ّ
وما يقصدونه من هدم ال ّ
الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم )ع(
دهـ قتيل الحنيفّية ـ إحياء شريعة ج ّ
28
)ص( .
نوالعقائل من آل الرسول )ص( ( ،وإ ْ
استعرت أكبادهن بنار المصاب ،وتفاقم
ن السى ، الخطب عليهن ،وأشجاه ّ
ن على جانب عظيم من الخذ بالثأر لكنه ّ
دين . ،والدفاع عن قدس ال ّ
ن )العقيلة( ابنة أمير المؤمنين وفيه ّ
سلم الله عليها ،التي لم يرعها السر
ل المنفى ،وفقد العزاء وشماتة وذ ّ
العدوّ ،وعويل اليامى وصراخ الطفال
وأنين المريض ،فكانت تلقي خواطرها
بين تلك المحتشدات الرهيبة ،أو فقل
بين المخلب والّناب غير متلعثمة ،
وتقذفها كالصواعق على مجتمع
خصومها .فوقفت أمام ابن مرجانة ،
ذلك اللد ،وهي امرأة عزلء ليس معها
من حماتها حمي ،ول من رجالها ولي
غير المام الذي أنهكته العّلة ،ونسوة
مكتنفة بها ،بين شاكية وباكية ،وطفل
ظه العطش ،إلى ُاخرى أقلقها ك ّ
الوجل ،وأمامها رأس عّلة الكائنات
ورؤوس صحبه وذويه ،وقد تركت تلك
طعة في البيداء تصهرها الشلء المق ّ
الشمس ،والواحدة من هذه تهد ّ
القوى ،وتبلبل الفكر .
لكن )ابنة حيدرة( كانت على جانب
عظيم من الثبات والطمأنينة ،فأفرغت
سهم ، عن لسان أبيها بكلم أنفذ من ال ّ
حجرا ً ،إذ قالت وألقمت ابن مرجانة َ
له )) :هؤلء قوم كتب الله عليهم
القتل ؛ فبرزوا إلى مضاجعهم ،وسيجمع
ج وتخاصم ، الله بينك وبينهم ،فتحا ّ
مك يابن من الفلج .ثكلتك ا ُ ّ فانظر ل ِ َ
مرجانة ! (.
وأوضحت للمل المتغافل خبثه ولؤمه ،
وأّنه لن يرحض عنه عارها وشنارها ،
كما أّنها أدهشت العقول وحّيرت الفكر
كناسة الكوفة ،والّناس في خطبتها ب ُ
يومئذ حيارى يبكون ،ل يدرون ما
يصنعون ،وأّنى يرحض عنهم العار
بقتلهم سليل النبوة ،ومعدن الرسالة ،
وسّيد شباب أهل الجنة ؟ وقد خاب
29
سعي ،وتّبت اليدي ،وخسرت ال ّ
الصفقة ،وباؤوا بغضب من الله وخزي
في الخرة ،ولعذاب الله أكبر لو كانوا
يعلمون .
ن فرغت من خطابها اندفعت وبعد أ ْ
فاطمة ابنة الحسين)ع( بالقول الجزل ،
مع ثبات جأش وهدوء بال ،فكان
سنان في القلوب ،ولم خطابها كوخز ال ّ
ن ارتفعت أصواتهم يتمالك الّناس دون أ ْ
بالبكاء ،وعرفوا عظيم الجناية
والشقاء ،فقالوا لها :حسبك يا ابنة
الطاهرين ،فقد احرقت قلوبنا
وانضجعت نحورنا .
م كلثوم ، ُ
وما سكتت حّتى ابتدرت ا ّ
زينب بنت علي بن أبي طالب )ع( ،
فعّرفت الحاضرين عظيم ما اقترفوه ،
فولول الجمع وكثر الصراخ ،ولم يَر إذ
ذاك أكثر باك وباكية ). (1
ن أحدا ًفهل يا ترى يمكنك الجزم بأ ّ
يستطيع في ذلك الموقف الرهيب ،
فه سيوف الجور أن يتكّلم الذي تح ّ
بكلمة واحدة مهما بلغ من المنعة في
ن يعلن عشيرته ؟ وهل يقدر أحد أ ْ
بموبقات ابن هند وابن مرجانة غير بنات
ن على أمير المؤمنين )ع( ؟ كل .إ ّ
اللسن أوكية ،واليدي مغلولة ،
والقلوب مشفقة .
م
ن هذا ،إّنما يقّبح ويستهجن إذا ل ْ على أ ّ
يترّتب عليه إل فوائد دنيوّية مثارها
ما إذا ترّتبت مارة ،وأ ّ رغبات الّنفس ال ّ
مها :تنزيه دين عليه فوائد دينّية ،أه ّ
ما ألصقوه بساحته من الرسول )ص( ع ّ
الباطل ،فل قبح فيه عقل ً ،ول يستهجنه
العرف ،ويساعد عليه الشرع .
ن وضع الله عنها الجهاد والمرأة ،وإ ْ
ومكافحة العداء ،وأمرها سبحانه
ن تقّر في بيتها ؛ فذاك فيما إذا وتعالى أ ْ
قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال .
ما إذا توّقف إقامة الحقّ عليها فقط ؛ وأ ّ
ُ
بحيث لول قيامها لدرست اسس
الشريعة ،وذهبت
____________________________
30
لمور ) (1إقرأ الخطب الثلثة في ا ُ
المتأخرة عن الشهادة من هذا الكتاب .
تضحية ُاولئك الصفوة دونه أدراج
التمويهات ،كان الواجب عليها القيام به
.
ولذلك نهضت سّيدة نساء العالمين
سلم( للدفاع عن الزهراء )عليها ال ّ
ُ
خلفة الله الكبرى ؛ حين اخذ العهد على
سّيد الوصياء بالقعود ،فخطبت في
مسجد الّنبي )ص( الخطبة البليغة في
محتشد من المهاجرين والنصار .
ن الحسين )ع( كان على علم على أ ّ
ن
ن القوم وإ ْ ده المين )ص( ؛ بأ ّ بإخبار ج ّ
بلغوا الغاية ،وتناهوا في الخروج عن
دون إلى الّنساء يد سبيل الحمّية ،ل يم ّ
سوء ،كما أنبأ عنه سلم الله عليه ال ّ
ن ساعة الوداع الخيرة : بقوله له ّ
دوا للبلء ، ))البسوا أزركم ،واستع ّ
ن الله حاميكم وحافظكم ، واعلموا أ ّ
وسينجيكم من شّر العداء ،ويجعل
ذب أعاديكم عاقبة أمركم إلى خير ،ويع ّ
وضكم عن هذه بأنواع العذاب ،ويع ّ
البلّية بأنواع الّنعم والكرامة .فل تشكوا
ول تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم
(.
هذا كله لو لم نقل بالمامة لسّيد ّ
ما مع الخضوع لناموس الشهداء )ع( .وأ ّ
علم المام الشامل ِلما كان ويكون ،
وسيره حسب المصالح الواقعّية ،
وعصمته في أقوآله وأفعاله ،كما هو
الحقّ الذي ل محيص عنه ،فكان المحّتم
ن ما صدر منه ناشئ عن علينا الذعان بأ ّ
حك َم ٍ ربانّية ،ومصالح إلهّية ل يتطّرق ِ
إليها الشك ،وليس الواجب علينا إل ّ
التصديق بجميع أفعاله ،من دون أن
يلزمنا العقل بمعرفة المصالح الباعثة
على تلك الفعال الصادرة منه .وهكذا
ل ما وجب على المكّلفين ، الحال في ك ّ
م يجب على العباد إل التسليم فإّنه ل ْ
ن تعرف والخضوع للمولى ،من دون أ ْ
الغراض الباعثة عليها .وهكذا الحال
ن العقل ل في العبيد مع مواليهم ،فإ ّ
31
يلزم العبد بأكثر من طاعة سّيده وموله
حينما يأمره وينهاه .
نهضات العلوّيين
دسة لقد كان من نتائج تلك الّنهضة المق ّ
ور في ومن ولئد ذلك )الفتح المبينتط ّ
من أخذ نظر العلويين نسبا ً أو مذهبا ً أو َ
مد ،لدعوته لونا ً من النتماء إلى آل مح ّ
ن كان مضمرا ً غير ما يتظاهر به ، وإ ْ
م يعدم التشييد لدعوة ل من هؤلء ل ْ وك ٌ
الحقّ ،والوهن في دولة الباطل ،
قا ً مغتصبا ً مد ح ّ ن لل مح ّ مة بأ ّ وتعريف ال ُ ّ
،
والواجب عليهم الّنهوض لقطع اليد
العادية .
فكانت تلكم الثورات المتتابعة باعثة إلى
فزها إلى تحّري الرشد الفئدة دواعي تح ّ
حّتى تقف على صراح الحقيقة .
مة تعتقد أّنه ليس من كانت ال ُ ّ
المستطاع الّنهوض في وجه ا
مة وإمرة لمستحوذين على أمر ال ُ ّ
ن القيام وة سلطانهم ،وإ ّ المسلمين لق ّ
سلطة القاسية ل يعقب إل أمام ال ّ
ن المحظور في الشريعة فشل ،بل إ ّ
القاء الّنفس في التهلكة من غير ما
جدوى هنالك .
لكن سّيد الباء والحمّية وسّيد شباب
ديني أهل الجنة أوحى إلى المل ال ّ
ف التي لم يزل بصرخته في مشهد الط ّ
دويّ صداها في مسامع القرون والجيال
ن الواجب في الشريعة الثورة أمام :إ ّ
م يكن ما يدحره غيرها . ل باطل ،إذا ل ْ ك ّ
ن في مستوى اليقين بلوغ الغاية وإ ّ
من يجعل طلب الحق عنوان خاة ل ِ َ المتو ّ
ن يفوز الّناهض ما أ ْ نهضته ،فإّنه إ ّ
من يتلوه في نهضته حّتى بالظفر أو َ
سد الماني بالفتح المبين . تتج ّ
وهذا ما نراه من تعاقب الّنهضات تجاه
لموّيين بالشريعة المطّهرة ، عبث ا ُ
فكانت دعوة المختار هي ثارات لل
مد .مح ّ
وقام زيد بن علي بن الحسين )ع(
وولده يحيى داعَيين إلى الرضا من آل
32
مر مد ،وأظهر بقّية الهاشمّيين التذ ّ مح ّ
سيل جور ووثبوا لسد ّ َ من خلفاء ال َ
الضلل الجارف .
سَير المعصومين من آل مل في ِ ن التأ ّ وإ ّ
الرسول ،وما قيضهم المولى سبحانه
له من كسح أشواك المنكر وإرشاد
العباد إلى الطريقة المثلى تتجّلى له
سلم( في هاتيك رغبتهم ).عليهم ال ّ
ن الغايةالمحتشدات الدامية ،ل ّ
مة خاة لهم إّنما هي تعريف ال ُ ّ المتو ّ
ن
أحقّيتهم بمنصب الرسول القدس ،وإ ّ
الدافع لهم عن هذا الحق المجعول لهم
من الباري عّز اسمه مائل عن الّنهج
القويم ،وهذا المعنى إّنما يتسّرب إلى
الدمغة وتلوكه الشداق ؛ بسبب هاتيك
جةح ّالثورات في مختلف الصقاع لتتم ال ُ
مة ،فل يسع أحدا ً العتذار على ال ُ ّ
بالجهل بالمام المنصوص عليه من
الّنبي العظم .
مة الهدى وإّنما نشاهد من بعض أئ ّ
النكار والتبّري من العلوّيين وغيرهم
جور ،فإّنما هو الخارجين على خلفاء ال َ
سلطة الغاشمة ؛ كيل للتقّية من ال ّ
تنسب إليهم الثورة فينالهم مال يحمد
عقباه .
ُ
نعم كان في الثائرين اناس اّتخذوا
خا ً يصطادون به مظلومّية أهل البيت ف ّ
البسطاء .فابن الزبير الذي كان يشيد
بذكر الحسين )ع( والظلم الذي جرى
ما حسب أّنه ملك المر تركه ، عليه ،ل ّ
فكان أشد ّ المناوئين لهل البيت ).عليهم
سلم( وأظهر ما انحنت عليه جوانحه . ال ّ
فترك الصلة على الّنبي )ص( أربعين
ن له جمعة فقيل له في ذلك ،قال :إ ّ
أهل بيت سوء ،إذا ذكرته ،اشرأبت
ب نفوسهم إليه وفرحوا بذلك ،فل ُاح ّ
ن ُاقّر أعينهم ). (1 أ ْ
ولقد جّرأه على ذلك معاوية بن أبي
ذن ما سمع المؤ ّ سفيان الذي يقول ل ّ
ن أخا هاشم يشهد بالرسالة ...) :وإ ّ
ل يوم خمس يصرخ باسمه في ك ّ
ن محمدا ً رسول الله مّرات :أشهد أ ّ
33
م لك )ص( ( ،فأيّ عمل يبقى مع هذا ل ا ُ ّ
،والله إل دفنا ً دفنا ).2
ما سمع المأمون بهذا الحديث كتب ول ّ
إلى الفاق بلعنه على المنابر فأعظم
مة الّناس ذلك وأكبروه واضطربت العا ّ
ما كان فُاشير عليه بالترك فأعرض ع ّ
عليه).3
وأعطف عليه بني العّباس الذين ملوا
مدجوّ هتافا ً بالستياء ِلما أصاب آل مح ّ ال َ
لمنية ، ما حصلوا على ا ُ ف ،ول ّ يوم الط ّ
قلبوا لهم ظهر المجن وأبادوهم عن
جديد الرض ،وكان موسى بن عيسى
العباسي ،صاحب الوقعة )بفخيقول :لو
نازعنا الّنبي )ص( هذا المر لضربنا
سيف).4 خيشومه بال ّ
____________________________
) (1المقاتل لبي الفرج ص 165ط
ايران .
)2شرح النهج الحديدي ج 2ص . 537
)3مروج الذهب ج 2ص 343آخر أخبار
المأمون .
)4مقاتل الطالبيين لبي الفرج ص 158
ط ايران .
مة فهؤلء إلى أمثالهم برئت منهم الذ ّ
مة وانقطعت العصمة وإن استفادت ال ُ ّ
بنهضتهم من ناحية استئصال شأفة
أعدائها من آل حرب وُامّية :
طـمعت ابـناء حـرب ان تـرى
فـيه لـلضيم انـعطافا ً وانـكسارا
حـاولـت تـصطاد مـنه اجـدل
ل عـلى الوكر وطارا نـفض الـذ ّ
ورجــت لـلـخسف أن تـجذبه ارقـما ً
قـد ألـف الـعّز وجـارا
كـيف يـعطي بـيد الـهون إلى
طـاعة الـرجس عن الموت حذارا
فـأبـى إل الـتـي إن ذكــرت
هـّزت الـكون انـدهاشا ً وانذعارا
فـأتى مـن بـأسه فـي جـحفل زحـفه
سـد ّ عـلى الباغي القفارا
ولـيوث مـن بـني عـمرو العلى
لـبسوا الـصبر عـلى الطعن دثارا
أشـعـروا ضـربا ً بـهيجاء غـدا لـهم
34
فـي ضـنكها الموت شعارا
ق الـمعالي ومـضوا فـقضوا حـ ّ
طـاهري العراض لم يدنس عارا
بـذلـوهـا أنـفـسـا ً غـالـية
كبرت بالعّز أن ترضى الصغارا )( (1
____________________________
) (1من قصيدة للسيد عبد المطلب
الحلي ،ذكرت بتمامها بترجمته من
شعراء الحلة للخاقاني .
حديث كربلء
بسم الله الرحمن الرحيم
ن لقتل قال رسول الله )ص( ) ):إ ّ
الحسين حرارة في قلوب المؤمنين ل
تبرد أبدا ً )
مستدرك الوسائل . 217 / 2
ل المحرم ه ّ
ل الـمحّرم فـاستهل مـكّبرا ً هـ ّ
وانـثر به درر الدموع على الثرى
وانـظر بـغرته الهلل إذا انجلى
كرا ً مـتف ّ جعا ً ُ مـسـترجعا ً ُ
مـتـف ّ
واخلع شعار الصبر منك وزّر من
سقام عـليك ثوبا ً أصفرا خـلع الـ ّ
فـثياب ذي الشـجان ألـقيها به مـا
حمر الثياب مزررا كـان من ُ
ّ
شـهر بـحكم الـدهر فيه تحكمت
سود في ُاسد الشرى شـر الكلب ال ّ
لـّلـه أي مـصـيبة نـزلت بـه بـكت
سماء لـه نجيعا ً أحمرا الـ ّ
ب دهـى السلم عند وقوعه خـط ٌ َ
م القرى( ُ
لـبست عـليه حدادها )ا ّ
أو ما ترى الحرم الشريف تكاد من
زفـراته الـجمرات أن تـتسّعرا
)وأبـا قبيسفي حشاه تصاعدت قـبسات
وجد حرها يصلي )حرا(
طمه السى ودرى مبه فح ّ م )الـحطي ُ عـل ِ َ
َ
درا)الـصفابـمصابه فتك ّ
واسـتشعرت مـنه المشاعر بالبل
سرا ى وتح ّ وعـفا )مـحسرهاجو ً
ُقـتل الـحسين فـيا لها من نكبة
أضحى لها السلم منهدم الذرى )(1
شهر المحّرم
م والـحزن مـحّر ُ م فـيه الـهنا ُ مـحـّر ٌ ُ
35
م
محت ّ ُض والبكا ُ فـر ٌ
شـهٌر بـه اليـمان َثل عرشه
والـكفر بـالسلم بـان بطشه
هـلله قوس رمى قلب الهدى
دين في سهم الحتوف والردى وال ّ
قـد كـان عند الكفر والسلم
فـيـه الـقتال أعـظم الثـام
____________________________
) (1ديوان معتوق بن شهاب الموسوي
ط مصر سنة 1330ه .
سما فـيه ب ال ّ وآل حرب حاربوا ر ّ
وحـّللوا الدم المحّرما
وانتهكوا حرمة سادات الحرم وارتكبوا
سماء دم ما أمطر ال ّ
سَلما ً يـا آل حـرب ل لقيتم َ
ول وقـيتم مـن لـسان ذما
سماء عـلى م في الرض وال ّ ُلـعنت ُ ُ
لـسان جملة الحياء
م بـالويل والـثبون وبـالعذاب بـشراك ُ ُ
يوم َنفخ الصور
م
كـم حـرة للمصطفى هتكت ُ ُ
م
وكــم دم ِلـولـده سـفكت ُ ُ
يـا امـة الخذلن والكفران
وعـصبة الضلل والشيطان
جده بـأي عـين تبصرون َ
وقـد فـعلتم مـا فعلتم بعده
م
م جزر الضاحي نسله وسـقت ُ ُ جزرت ُ ُ
سـوق الماء أهله
مم احـسان يـوم الفتح نـسيت ُ ُ نـسيت ُ ُ
فـيه جميل الصفح
م لول بدور هاشم قـد كـنت ُ ُ
سـرا ً يضيع في ضلوع كاتم
بـهم تـسنمتم ذرى المنابر
كما علوتم صهوة المفاخر )(1
يزيد بعد معاوية
ما هلك معاوية بدمشق للنصف من ل ّ
رجب سنة ستين هجرية ،كان ابنه يزيد
حاك بن قيس في حوران ،فأخذ الض ّ
أكفانه ورقى المنبر ،فقال بعد الحمد
لله والثناء عليه :كان معاوية سور
دهم ،قطع الله به العرب وعونهم وج ّ
الفتنة ومّلكه على العباد وفتح به البلد ،
36
إل أّنه قد مات وهذه أكفانه فنحن
ّ
مدرجوه فيها ،ومدخلوه قبره ومخلون
م هو البرزخ إلى يوم بينه وبين عمله ،ث ّ
ن يشهد من كان منكم يريد أ ْ القيامة ،ف َ
فليحضر .
حاك ،ودفنه بمقابر م صّلى عليه الض ّ ث ّ
باب الصغير وأرسل البريد إلى يزيد
يعّزيه بأبيه ،والسراع في القدوم ؛
ة مجددةً من الّناس) ،2وكتب ليأخذ بيع ً
في أسفل الكتاب):3
____________________________
) (1المقبولة الحسينية ص 9للحجة آية
دس الله الشيخ هادي كاشف الغطاء ق ّ
سره .
)2البداية والنهاية لبن كثير . 143 / 8
)3مقتل الخوارزمي ج 1ص . 178
ااا ااا ااا ااااا ااااا اااا
ا ااااا ااااا اااا ااا اااا
ااااا ااا ااااااا ااااا اااا
اااااااااا ااااااا ااا اااا
فلما قرأ يزيد الكتاب أنشأ يقول ): (1
ب بهجـاء الـبريد بقرطاس يخ ّ
فـأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قـلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم قـال
الخليفة أمـسى مثقل وجعا
مادت بنا الرض أو كادت تميد بنا
كـأن مـا عـّز من أركانها انقلعا
من لم تزل نفسه توفي على وجل
تـوشك مقادير تلك النفس أن تقعا
لـما وردت وباب القصر منطبق
لـصوت رملة هُد ّ القلب فانصدعا
وسار إلى دمشق ،فوصلها بعد ثلثة
حاك أيام من دفن معاوية) ،2وخرج الض ّ
ما وافاهم يزيد في جماعة لستقباله ،فل ّ
حاك أول ً إلى قبر أبيه ، جاء به الض ّ
فصّلى عند القبر .
م دخل البلد ورقى المنبر ،وقال :أّيها ث ّ
ً
الّناس ،كان معاوية عبدا من عبيد الله ،
م قبضه إليه .وهو خير أنعم الله عليه ث ّ
كيه على من بعده ودون من قبله .ول أز ّ
ل ؛ فإّنه أعلم به ،إن عفا الله عّز وج ّ
عنه فبرحمته ،وإن عاقبه فبذنبه .وقد
37
ت آسى على ت المر من بعده ،ولس ُ وّلي ُ
طلب ،ول أعتذر من تفريط ،وإذا أراد
الله شيئا ً كان .ولقد كان معاوية يغزو
ت حامل ً أحدا ً بكم في البحر ،وإّني لس ُ
من المسلمين في البحر .وكان يشتيكم
ت مشتيا ً أحدا ً بأرض بأرض الروم ،ولس ُ
ً
الروم .وكان يخرج عطاءكم أثلثا ،وأنا
أجمعه كّله لكم).3
فلم يقدم أحد على تعزيته حّتى دخل
سلولي ، عليه عبد الله بن همام ال ّ
فقال :يا أمير المؤمنين ،آجرك الله
على الرزّية ،وبارك لك في العطّية ،
وأعانك على الرعّية ،فقد رزئت عظيما ً
وُاعطيت جسيما ً ،فاشكر الله على ما
ُاعطيت ،واصبر على ما رزئت .فقد
ت خليفة الله وُاعطيت خلفة الله ، فقد ّ
ففارقت جليل ً ووهبت جزيل ً ،إذ قضى
____________________________
) (1الغاني ج 16ص 34طبعة دي
ساسي .
)2مقتل الخوارزمي ج 1ص 178وفي
الستيعاب على هامش الصابة بترجمة
معاوية عن الشافعي :أن معاوية لما
ثقل كتب إلى يزيد وكان غائبا ً يخبره
بحاله فأنشأ يزيد يقول وذكر أربع أبيات
الول والثالث واثنان لم يذكرا هنا .
)3البداية لبن كثير ج 8ص . 143
معاوية نحبه ،ووّليت الرياسة وُاعطيت
سرور سياسة ،فاورده الله موارد ال ّ ال ّ
م أنشأ : ووفقك لصالح المور ،ث ّ
إصـبر يـزيد فقد فارقت ذا كرم
واشـكر حباء الذي بالملك أصفاك
ل رزء أصبح في القوام قد علموا
كـما رزئـت ول عـقبى كعقباك
م
أصـبحت راعي أهل الدين كلهُ ُ
م والله يـرعاك فـأنـت تـرعاهُ ُ
وفـي مـعاوية الـباقي لنا خلف إذا
نـعيت ول نـسمع بـمنعاك
فانفتح بذلك للخطباء ) ، (1وقال له
سلم عليك يا أمير رجل من ثقيف :ال ّ
المؤمنين ورحمة الله وبركاته ،إّنك قد
ُفجعت بخير الباء ،وُاعطيت جميع
38
الشياء ،فاصبر على الرزّية ،واحمد
حسن العطّية ،فل أحد ُاعطي الله على ُ
كما ُاعطيت ول رزئ كما رزئت .
وأقبل الناس عليه يهّنئونه ويعّزونه فقال
دين ، يزيد :نحن أنصار الحقّ وأنصار ال ّ
ن الخير لم وأبشروا يا أهل الشام ،فإ ّ
يزل فيكم وستكون بيني وبين أهل
العراق ملحمة ؛ وذلك إّني رأيت في
ن بيني وبين منامي منذ ثلث ليال كأ ّ
طرد بالدم جريا ً شديدا ً أهل العراق نهرا ً ي ّ
ت أجهد نفسي لجوزه فلم أقدر ،وجعل ُ
حّتى جازه بين يدي عبيد الله بن زياد
وأنا أنظر إليه ! .
فصاح أهل الشام إمض بنا حيث شئت ،
معك سيوفنا التي عرفها أهل العراق
فين ،فجزاهم خيرا ً وفّرق فيهم في ص ّ
أموال ً جزيلة .
مال في البلدان يخبرهم وكتب إلى الع ّ
م
بهلك أبيه ،وأقّرهم على عملهم ،وض ّ
العراَقين إلى عبيد الله بن زياد ـ بعد أن
أشار عليه بذلك سرجون مولى معاوية ـ
،وكتب إلى الوليد بن عتبة وكان على
المدينة :
ً
ن معاوية كان عبدا من عباد ما بعد ،فإ ّ أ ّ
م ّ
الله أكرمه واستخلصه ومكن له ،ث ّ
قبضه إلى روحه و ريحانه ورحمته
وعقابه ،عاش بقدر ومات بأجل ،وقد
ي وأوصاني بالحذر من آل كان عَهَد َ إل ّ
أبي تراب ؛ لجرأتهم على سفك الدماء ،
ن الله تبارك وتعالى ت يا وليد أ ّ وقد علم َ
منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان ؛
لّنهم أنصار الحقّ وطلب العدل ،فإذا
ورد عليك كتابي هذا ،فخذ البيعة على
أهل المدينة .
____________________________
) (1البيان والتبيين للجاحظ ، 109 / 2
ط ، 2باب وصية معاوية ،وكامل
المبرد ، 300 / 3والعمدة لبن رشيق
، 148 / 2باب الرثاء )وبينهم اختلف
يسير ،والعقد الفريد لبن عبد رّبه / 2
، 309باب طلب معاوية البيعة ليزيد .
م أرفق الكتاب بصحيفة صغيرة فيها : ث ّ
39
خذ الحسين وعبد الله بن عمر وعبد ُ
الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير
ب
من أبى فاضر ْ بالبيعة أخذا ً شديدا ً ،و َ
ي برأسه )! (1 عنقه ،وابعث إل ّ
مة ،فبعث على وقام العامل بهذه المه ّ
الحسين وابن الزبير نصف الليل ،رجاء
ن يغتنم الفرصة بمبايعتهما قبل أ ْ
الّناس ،فوجدهما رسوله عبد الرحمن
فان)2في بن عمرو بن عثمان بن ع ّ
مسجد الّنبي )ص( ( ،فارتاب ابن الزبير
من هذه الدعوة التي لم تكن في الوقت
جةح ّ الذي يجلس فيه للناس) ،3لكن ُ
الوقت )حسين الصلح أوقفه على أمر
غيبي ،وهو هلك معاوية ،وأّنه يطلب
منهم البيعة ليزيد وأّيده )ع( بما رآه في
المنام من اشتعال الّنيران في دار
ن منبره منكوس).4 معاوية ،وإ ّ
ورام ابـن ميسون على الدين امرة
فـعاثت بـدين الله جهرا ً جرائمه
ن
م ْ دين شبل َ فـقام مغيثا ً شرعة ال ّ
بـصمصامه بـدءا ً اقيمت دعائمه
س معشر نـمته ص النا َ ف به )إذ مح ّ وح ّ
إلى اوج الـمعالي مكارمه
فـمن اشوس ينميه للطعن )حيدر
وينميه جد في قرى الطير )هاشمه(
ورهط تفانى في حمى الدين لم تهن
لـقـلته بـين الـجموع عـزائمه
إلى أن قضوا دون الشريعة صّرعا ً
كما صرعت دون العرين ضراغمه
أراد ابن هند خاب مسعاه أن يرى
)حسينابأيدي الضيم تلوى شكائمه
ولـكن أبـى المجد المؤثل والبا لـه
ل ثـوبا ً والحسام ينادمه الـذ ّ
طهر ا ُ ّ
مه أبـوه عـلي وابـنة الـ ّ
جـد ّ وجـبريل خادمه وطـه لـه َ
إلـى ابن سمي وابن ميسون ينثني
سيف في اليد قائمه يـمد ّ يـدا ً والـ ّ
____________________________
) (1مقتل الخوارزمي 178 / 1ـ
، 180طبع النجف ،وقد أشرنا في
سر في إنشاء هذا دمة إلى ال ّ المق ّ
الكتاب الصغير فاقرأه .
40
)2ابن عساكر . 327 / 4
)3الطبري . 189 / 6
)4مثير الحزان لبن نما ، 10 /ومقتل
الخوارزمي 182 / 1الفصل الثامن .ول
ن رؤيا المام )ع( مشاهدة يخفى أ ّ
لحقيقة الحال ،إبصار بنور المامة الذي
ل تمنعه الحواجز عن ادراك ما في
ونه الله من ك ّ الكون ،ول بدع في ذلك م ّ
جة على العالمين ،فهو )ع( في ح ّتعالى ُ
مقام الكناية عن نكوس منبره بانقلب
المر من يده وانقطاع شهواته بهلكه ،
واشتعال النيران كناية عن احتدام الفتن
ف ،و واقعة الحرة ، بمثل فاجعة الط ّ
وهدم البيت الحرام إلى أمثالها .
فصال عليهم صولة الليث مغضبا ً وعسا
له خصم النفوس وصارمه
كم فـي أعـناقهم نافذ القضا صقيل ً فـح ّ
فل يستأنف الحكم حاكمه
ضا ً ولم يكنالى أن أعاد الدين غ ّ
سبط تسقى معالمه )( (1 بغير دماء ال ّ
ضح لبن الزبير ما عزم عليه وو ّ
الحسين من ملقاة الوالي في ذلك
الوقت ،فأشار عليه بالترك حذار
الغيلة ،فعّرفه الحسين )ع( القدرة على
المتناع).2
وصار إليه الحسين في ثلثين)3من
مواليه وأهل بيته وشيعته ،شاكين
سلح ،ليكونوا على الباب فيمنعونه بال ّ
إذا عل صوته)4وبيده قضيب رسول الله
ما استقّر المجلس بأبي عبد )ص( .ول ّ
الله )ع( ،نعى الوليد إليه معاوية ،ثم
عرض عليه البيعة ليزيد ،فقال )ع( :
ت الّناس ))مثلي ل يبايع سّرا ً ،فإذا دعو َ
إلى البيعة دعوتنا معهم ،فكان أمرا ً
واحدا ً ).5
فاقتنع الوليد منه ،لكن مروان ابتدر
ساعة ولم يبايع ،لم قائل ً :إن فارقك ال ّ
تقدر منه على مثلها حّتى تكثر القتلى
بينكم ،ولكن احبس الرجل حّتى يبايع أو
تضرب عنقه .
فقال الحسين )) :يابن الزرقاء)6أنت
تقتلني أم هو ؟! كذبت وأثمت ).7
41
____________________________
مد) (1من قصيدة للعلمة الشيخ مح ّ
تقي آل صاحب الجواهر .
)2ابن الثير . 6 / 4
)3اللهوف للسّيد رضي الدين ابن
طاووس .
)4مقتل الخوارزمي 183 / 1الفصل
الثامن .
)5الطبري . 189 / 6
)6في تذكرة الخواص لسبط ابن
الجوزي ، 229 /طبع ايران ،والداب
دة السلطانية للفخري ، 88 /كانت ج ّ
مروان من البغايا .
وفي كامل ابن الثير ، 75 / 4كان
الناس يعّيرون ولد عبد الله بن مروان
بالزرقاء بنت موهب ؛ لّنها من
المومسات ومن ذوات الرايات .
وفي تاريخ ابن عساكر ، 407 / 7جرى
كلم بين مروان وعبد الله بن الزبير
فقال له عبد الله :وإنك لههنا يابن
الزرقاء .
وفي أنساب الشراف للبلذري / 5
، 129قال عمرو بن العاص لمروان ـ
في كلم جرى بينهما ـ :يابن الزرقاء ،
فقال مروان :إن كانت زرقاء ،فقد
أنجبت وأدت الشبه إذا لم تؤده غيرها .
وفي تاريخ الطبري ، 16 / 8كان مروان
مد بن الشعث يقول :لم يزل بنو بن مح ّ
مروان يعّيرون بالزرقاء وان بني العاص
من أهل )ص( فورية(.
ن أدب الشريعة وإن حرج غير خفي أ ّ
على المؤمن التنابز باللقاب والطعن
من تستفاد منه الحكم في النساب ،و َ
نوالداب اللهّية أحرى بالخذ بها ،إل أ ّ
جة على الخليفة العارف ح ّ
مة وال ُ إمام ال ُ ّ
دى هذه المقررات ، بالملبسات ل يتع ّ
وابتعادنا عن مقتضيات أحوال ذلك
الزمن يلزمنا بالتسليم للمام المعصوم
ل ما يصدر منه خصوصا ً مع )ع( في ك ّ
مطابقته للقرآن العزيز الذي هو مصدر
الحكام ،والتعيير الصادر من الحسين
لمروان صدر مثله من الجليل عّز شأنه
42
مع الوليد بن المغيرة المخزومي إذ
ليقول في سورة القلم ) : 13 /ع( ت ُ ّ
ك َزِنيم ٍ والزنيم ،في اللغة : ب َعْد َ ذ َل ِ َ
الدعي في النسب ،اللصيق به .
و ورد في حديث الّنبي )ص( كما في
كنز العمال )) : 156 / 1العتل الزنيم :
الفاحش اللئيم (.
ويروي اللوسي في روح المعاني / 29
دعاه بعد ثمان ن أباه المغيرة ا ّ : 28إ ّ
عشرة سنة من مولده .
فإذا كان )ينبوع الدب والسراريغمز في
مه بالقبيح في كتابه حقّ رجل معّين ويس ّ
ً ً
الذي يتلى في المحاريب ليل ونهارا ،فل
يستغرب من ابن النبوة إذا رمى مروان
بالشائنة ،وهو ذلك المترّبص بهم
الغوائل .
)7تاريخ الطبري ،وابن الثير ،والرشاد
،وإعلم الورى .
وة ،ومعدن ثم أقبل )ع( على الوليد وقال )) :أيها المير ،إّنا أهل بيت النب ّ
الرسالة ،ومختلف الملئكة ،بنا فتح الله وبنا يختم .ويزيد رجل شارب
الخمور ،وقاتل الّنفس المحّرمة ،معلن بالفسق ،ومثلي ل يبايع مثله ،ولكن
نصبح وتصبحون ،وننظر وتنظرون أّينا أحقّ بالخلفة ( ). (1
فأغلظ الوليد في كلمه ،وارتفعت الصوات ،فهجم تسعة عشر رجل ً قد انتضوا
خناجرهم وأخرجوا الحسين إلى منزله قهرًا).2
كنك على مثلها .قال الوليد :وَّبخ فقال مروان للوليد :عصيتني ،فولله ل يم ّ
ن قال ل ُابايع !غيرك يا مروان ! اخترت لي ما فيه هلك ديني ،أقتل حسينا ً أ ْ
والله ل أظن امرءا ً يحاسب بدم الحسين إل خفيف الميزان يوم القيامة) ،3ول
كيه ،وله عذاب أليم).4 ينظر الله إليه ،ول يز ّ
ما
وعتبت أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ،امرأة الوليد عليه ؛ ل ّ
ن
ب أباه إ ْ سب ،قالت :أتسّبه وتس ّ جرى منه مع الحسين ،فاعتذر بأّنه بدأه بال ّ
سّبك ! فقال :ل أفعل أبدًا).5
ده )ص( ( ،فسطع له نور من القبر)6فقال : وفي هذه الليلة زار الحسين قبر ج ّ
سلم عليك يا رسول الله ،أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك ، ))ال ّ
ي الله أّنهم خذلوني ولم متك ،فاشهد عليهم يا نب ّ وسبطك الذي خّلفتني في ا ُ ّ
____________________________
) (1مثير الحزان لبن نما الحّلي ،من أعلم القرن السادس .
)2مناقب ابن شهرآشوب . 208 / 2
)3تاريخ الطبري . 19 / 6
)4اللهوف . 13 /
)5ابن عساكر . 328 / 4
)6امالي الصدوق 93 /المجلس الثلثون .
يحفظوني ،وهذه شكواي إليك حّتى ألقاك ( ،ولم يزل راكعا ً وساجدا ً حّتى
43
الصباح ). (1
وأرسل الوليد من يتعّرف له خبر الحسين ،وحيث لم يصبه الرسول في منزله ،
اعتقد أّنه خارج من المدينة ،فحمد الله على عدم ابتلئه به .
وعند الصباح لقي مروان أبا عبد الله )ع( ،فعرفه النصيحة التي يدخرها
____________________________
) (1مقتل العوالم ص 54والبحار ج 10ص 172عن محمد بن أبي طالب إن
مسألة وجود النبياء والوصياء في قبورهم أو أنهم مرفوعون إلى السماء محل
الخلف لختلف الثار .ففي كامل الزيارات والتوحيد والمجالس والعيون
والخصال للصدوق والخرايجك للراوندي والبصائر ص 130أخبار دلت على
وجود نبينا )صّلى الله عليه وآله( وعلي والحسين ونوح وشعيب وخالد العبسي
ويوشع بن نون وعظام آدم وعظام يوسف وعظم النبي المذكور في خبر
الستسقاء في الرض وإنها أول ما تنشق عن نبينا )صّلى الله عليه وآله( ولهذه
الخبار اختار السيد محمود بن فتح الله الحسيني الكاظمي في رسالة كتبها في
المسألة انهم موجودون في قبورهم ،ولكن في كامل الزيارات ص 390باب
108وتهذيب الطوسي آخر المزار باب الزيارات ما من نبي أو وصي يبقى في
الرض أكثر من ثلثة أيام حتى ترفع روحه وعظمه إلى السماء ،وفي تهذيب
الشيخ الطوسي ل يبقى اكثر من أربعين يوما ً فيرفع إلى السماء .والختلف
بينهما أما لبيان الغاية في القلة والكثرة أو للختلف في مراتبهم ،وفي شرح
الربعين للمجلسي ص 76جمع آخر بين الخبرين وهو أن بعضهم يرفع بعد
الثلثة وبعضهم بعد الربعين .واحتمل أن تكون الخبار واردة لقطع طمع
الخوارج عن النبش .وممن وافق على رفع الجساد الصلية الشيخ المفيد في
المقالت ص 84والكراجكي في كنز الفوائد ص 258والمجلسي في مرآة
العقول ج 1ص 373والشيخ يوسف البحراني في الدرة النجفية ص 266
والمحدث النوري في دار السلم ج 2ص 331وذهب الفيض في )الوافيالى
أنهم يرتفعون بالجساد المثالية وتبقى العنصرية في الرض ،وفي مرآة العقول
ج 1ص 227أن جماعة ذهبوا الى رجوعهم الى ضرائحهم بعد الرفع .
ولما سأل ابن الحاجب شيخنا المفيد عن معنى حضور الوافدين الى هذه
الضرائح ؟ حينئذ أجابه الشيخ المفيد بأنه انما جاء العباد الى محال قبورهم وان
لم يكونوا فيها اكبارا ً لهم وتقديسا ً للمواضع التي حلوا فيها ثم ارتفعوا عنها وهذا
مثل تبعد الله العباد بالسعي الى بيته الحرام مع انه سبحانه ل يحويه مكان
وانما ذلك ذلك تعظيم له وتجليل لمقامه جل شأنه .
وفي الفتاوى الحديثية لبن حجر في 213عن ابن العربي ان النبياء ترد اليهم
أرواحهم في القبور ويؤذن لهم في الخروج والتصرف في الملكوت العلوي أو
السفلي فل مانع من أن يرى النبي )صّلى الله عليه وآله( الكثيرون لنه
كالشمس .وفي وفاء الوفاء للسمهودي ج 2ص 407الفصل الثاني في بنية
المزارات روى عنه انه )صّلى الله عليه وآله( قال :ما من نبي دفن ال وقد رفع
بعد ثلث غيري فاني سألت الله تعالى أن أكون بينكم إلى يوم القيامة وروى
عبد الرزاق ان سعيد بن المسيب رأى قوما ً يسلمون على النبي )صّلى الله
عليه وآله( فقال :ما مكث نبي في الرض أكثر من أربعين ...وفي روح
المعاني لللوسي ج 2ص 37سورة الحزاب آية )ما كان محمدا ًَ أبا أحد من
رجالكمأحاديث عن أنس قال )صّلى الله عليه وآله( ما من نبي يموت فيقيم في
قبره إل أربعين صباحا ً .وعن سعيد بن المسيب وأبي المقدم ثابت بن هرمز ما
44
مكث نبي في الرض أكثر من أربعين يوما ً ..ومن الخبار ما ذكره امام
الحرمين في النهاية والرافعي في الشرح ان النبي قال :أنا أكرم على ربي أن
يتركني في قبري بعد ثلث ..زاد امام الحرمين وروى أكثر من يومين ونقل عن
القاضي ابن العربي والروض :ان النبياء ترد اليهم أرواحهم بعد ما قبضوا
ويؤذن لهم في الخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي ،
ثم ذكر رأيه .
دين والدنيا ،فاسترجع الحسين ن فيها خير ال ّ لمثاله ،وهي البيعة ليزيد ؛ فإ ّ
مة براع مثل يزيد ،ولقد سمعت ُ
سلم ؛ إذا بليت ال ّ وقال )) :ع( لى السلم ال ّ
دي رسول الله )ص( يقول :الخلفة محّرمة على آل أبي سفيان ) ، (1فاذا ج ّ
رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه ،وقد رآه أهل المدينة على المنبر فلم
يبقروا فابتلهم الله بيزيد الفاسق ( ،وطال الحديث بينهما حّتى انصرف مروان
مغضبًا)).2
م، ده ،وصّلى ركعات ثم قال )) :الله ّ وفي الليلة الثانية جاء الحسين إلى قبر ج ّ
مد )ص( وأنا ابن بنت نبّيك ،وقد حضرني من المر ما قد ن هذا قبر نبّيك مح ّ إ ّ
كر المنكر ،وأسألك يا ذا الجلل والكرام ب المعروف وُان ِ م إّني ُاح ّ علمت ،الله ّ
ى ( ،وبكى . ى ولرسولك رض ً من فيه إل اخترت لي ما هو لك رض ً بحقّ القبر و َ
ما كان قريبا ً من الصبح وضع رأسه على القبر فغفا ،فرأى رسول الله )صّلى ول ّ
م
ديه ،فض ّ الله عليه وآله( في كتيبة من الملئكة عن يمينه وشماله وبين ي َ
الحسين إلى صدره وقّبل ما بين عينيه ،وقال :حبيبي يا حسين ،كأّني أراك
متي ،وأنت مع مل ً بدمائك ،مذبوحا ً بأرض كربل بين عصابة من ا ُ ّ عن قريب مر ّ
ذلك عطشان ل ُتسقى ،وظمآن ل تروى ،وهم بعد ذلك يرجون شفاعتي ،ل
مك وأخاك قدموا ن أباك وا ُ ّ أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ! حبيبي يا حسين ،إ ّ
ن يأخذه معه ويدخله في ده أ ْي وهم مشتاقون إليك .فبكى الحسين وسأل ج ّ عل ّ
قبره .
ن يمضي ولده على حال أربى في نيل الجزاء ولكن الرسول القدس أبى إل أ ْ
ن ترزق الشهادة ؛ وآثر عند الجليل سبحانه يوم الخصام فقال )ص( :لبد أ ْ
م أبيك مك وع ّ ليكون لك ما كتب الله فيها من الثواب العظيم ،فاّنك وأباك وع ّ
تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حّتى تدخلوا الجّنة .
ص رؤياه على أهل بيته فاشتد حزنهم وكثر بكاؤهم)3 فانتبه الحسين وق ّ
____________________________
) (1اللهوف ، 13 /ومثير الحزان . 10 /
)2مقتل الحوارزمي ، 185 / 1الفصل التاسع .
مر بيان لمقتضى مد بن أبي طالب ،وهذا التذ ّ )3مقتل العوام ، 54 /عن مح ّ
ن في مشاهدة تلكم الحوال من تداول المنكرات وإزهاق الحال وتعليم لل ُ ّ
مة بأ ّ
ما يستهان معه الموت ،وذلك بقضاء من الشهامة والتعّرق في المعروف م ّ
ً ً
الدين ،ولم يكن هذا من سّيد الشهداء نكوصا عن الفضل ول جزعا ـ وحاشاه ـ
كدة وهو جد ّ عليم بأّنه در له ورضى به ،وأخذ عليه العهد والمواثيق المؤ ّ ما ق ّ م ّ
ده )ص( ن دعاء ج ّ ن أبي الضيم حسب أ ّ لبد ّ من وقوع ما جرت به المقادير ،لك ّ
ن الله تعالى أجرى قضاءه بإعطائه دعوة اللهّية أ ّ بغير القضاء فعرفه صاحب ال ّ
سبط الشهيد ل حرف من قضّية ال ّ صل إل مع الشهادة .وفي ك ّ منازل ل تح ّ
من يعتبر بها أو يدرسها ؟ مة َ دروس راقية ،وهل في ال ُ ّ
وةوعلموا قرب الموعد الذي كان رسول الله يخبر به ،ولحرصهم على نور النب ّ
45
ن ل يحجب عنهم ول يفقدوا تلك الهبات العلوّية اجتمعوا عليه ،وطلبوا منه أ ْ
الموافقة ليزيد أو البتعاد عن هذه البلد .
وفون على الحسين جماعة يتخ ّ
1ـ رأي عمر الطرف
مد الحسن عن دثني أبو مح ّ فقال له عمر الطرف بن أمير المؤمنين ) : (1ح ّ
ً
أبيه أمير المؤمنين ،أّنك مقتول ،فلو بايعت لكان خيرا لك .قال الحسين :
ن تربته تكون بالقرب من ن رسول الله أخبره بقتله وقتلي ،وإ ّ دثني أبي أ ّ ))ح ّ
ن أّنك علمت ما لم أعلمه ؟ ،وإّني ل أعطي الدنّية من نفسي أبدا ً ، تربتي ،أتظ ّ
مته ،ول يدخل الجنة من ما لقيت ذرّيتها من ا ُ ّ ولتلقين فاطمة أباها شاكية م ّ
آذاها في ذرّيتها).2
وجاء عمر بن علي بن أبي طالب إلى المختار ـ حينما نهض بالكوفة ـ فقال له
مد بن الحنفّية ؟ فقال :ل .فطرده عنه .فسار إلى المختار :هل معك مح ّ
من ُقتل من الّناس).3 مصعب حّتى حضر الوقعة وُقتل في َ
اا
اا ااا اا اااا اااااااا اااا اااااااا اااا اااااا اا ا
اا ااااااا اااااا اااااا اا ااا ااااااا اااا)(4 ااااا اا ا
2ـ رأي ابن الحنفية
ي
ي وأعّزهم عل ّ ب الّناس إل ّ مد بن الحنفية) :5يا أخي أنت أح ّ وقال مح ّ
____________________________
) (1ذكرنا ترجمته في هامش كتابنا زيد الشهيد 100 /الطبعة الثانية .
)2اللهوف ، 15 /طـ صيدا .
)3الخبار الطوال للدينوري . 29 /
)4في مناقب ابن شهرآشوب : 91 / 2إّنها لمسعود بن عبد الله القايني .
ن له يوم البصرة عشرين سنة ، )5ذكرنا في كتابنا )قمر بني هاشم : 104 /أ ّ
فهو أكبر من العّباس بعشر سنين ،وكانت راية أمير المؤمنين معه في الجمل
والنهروان ،وذكرنا في كتابنا )زين العابدين 316 /بعض أحوآله .
وفي مقتل الخوارزمي 79 / 2كتاب يزيد إلى ابن الحنفية بعد قتل الحسين
ط من مقامه ،وإّني أقطع بالفتعال عليه ؛ لّنه ل ما يح ّ وحضوره عنده ؛ وهذا م ّ
يعقل صدوره من غيور موتور .
ح ببيعتك عن دخر الّنصيحة لحد من الخلق إل لك وأنت أحقّ بها ،تن ّ تأ ّ
ولس ُ
ن
يزيد بن معاوية وعن المصار ما استطعت ،ثم ابعث برسلك إلى الّناس ،فإ ْ
ن اجتمعوا على غيرك لم ينقص الله بذلك ت الله على ذلك ،وإ ْ بايعوك حمد َ
ن تدخل دينك ول عقلك ،ولم تذهب مروءتك ول فضلك ،وإّني أخاف عليك أ ْ
مصرا ً من هذه المصار فيختلف الّناس بينهم فطائفة معك وُاخرى عليك
ما ً ،
مة كّلها نفسا ً وأبا ً وا ُ ّ فيقتتلون ،فتكون لول السّنة غرضا ً ،فإذا خيُر هذه ال ُ ّ
أضيعها دما ً ،وأذّلها أهل ً .
ن اطمأّنت بك الدار ،وإل كة فإ ْ فقال الحسين )) :فأين أذهب ؟ ( ،قال :تنزل م ّ
لحقت بالرمال وشعب الجبال وخرجت من بلد إلى آخر حّتى تنظر ما يصير إليه
لمور أمر الّناس ،فإّنك أصوب ما تكون رأيا ً وأحزمه عمل ً حّتى تستقبل ا ُ
استقبال ً ول تكون المور أبدا ً أشكل عليك منها حين تستدبرها استدبارا ً ). (1
فقال الحسين )) :يا أخي ،لو لم يكن في الدنيا ملجأ ول مأوى َ ،لما بايعت يزيد
مد كلمه بالبكاء . ابن معاوية ( ،فقطع مح ّ
ً
فقال الحسين )) :يا أخي ،جزاك الله خيرا ،لقد نصحت وأشرت بالصواب ،
46
ت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي كة ،وقد تهّيأ ُ وأنا عازم على الخروج إلى م ّ
ن تقيم بالمدينة ، ما أنت فل عليك أ ْ وشيعتي أمرهم أمري ورأيهم رأيي ،وأ ّ
فتكون لي عينا ً عليهم ل تخفي عّني شيئا من امورهم ).2
ُ ً
وقام من عند ابن الحنفية ودخل المسجد ،وهو ينشد :
اا اااا اااااا اا ااا ااااا اااااااااا ااااا اااااا)(3
اااا اااااا ااااا اااا اااااااا ااااااا اا ااااا)(4 ااا ا
____________________________
) (1الطبري ، 191 / 6وكامل ابن الثير . 7 / 4
مد بن أبي طالب ،ولم يذكر أرباب المقاتل هذا العذر ،واعتذر )2مقتل مح ّ
العلمة الحّلي في أجوبة مسائل ابن مهنا بالمرض .
في )أخذ الثأرلبن نما الحلي ص : 81أصابته قروح من عين نظرت إليه ،فلم
كن من الخروج مع الحسين )ع( ،وجللة ابن الحنفية ومواقفه المشهودة ، يتم ّ
سجاد )ع( ل يدع لنا إل الذعان بمشروعّية تأخيره عن هذا واعترافه بإمامة ال ّ
المشهد على الجمال .
)3هو يزيد بن مفرغ .
)4في أنساب الشراف : 66 / 4تمثل بهما في مكة .
وسمعه أبو سعيد المقبري فعرف أّنه يريد أمرا ً عظيما ً ). (1
م سلمة 3ـ رأي ا ُ ّ
دك رسول م سلمة :ل تحزنني بخروجك إلى العراق ،فإّني سمعت ج ّ وقالت ا ُ ّ
الله يقول ُ)) :يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربل (،
ي الّنبي )ص( . وعندي تربتك في قارورة دفعها إل ّ
ً ً
ماه ،وأنا أعلم أّني مقتول مذبوح ظلما وعدوانا ،وقد شاء فقال الحسين )) :يا ا ُ ّ
ن يرى حرمي ورهطي مشّردين ،وأطفالي مذبوحين مأسورين لأ ْ عّز وج ّ
ً
مقّيدين ،وهم يستغيثون فل يجدون ناصرا (.
م سلمة :وآعجبا ً ! فأّنى تذهب وأنت مقتول ؟! . قالت ا ُ ّ
ن لم أذهب في غد ذهبت ت غدا ً ،وإ ْ ن لم أذهب اليوم ذهب ُ ماه ،إ ْ قال )ع( )) :يا ا ُ ّ
ساعة بعد غد ،وما من الموت والله بد ّ ،واني لعرف اليوم الذي ُاقتل فيه وال ّ
التي ُاقتل فيها والحفرة التي ُادفن فيها ،كما أعرفك ،وأنظر إليها كما أنظر
ن أريك مضجعي ومكان أصحابي ( ،فطلبت منه ماه أ ْت يا ا ُ ّن أحبب ِ إليك ،وإ ْ
ن تحتفظ بها م أعطاها من تلك التربة ،وأمرها أ ْ ذلك ،فأراها تربة أصحابه) ،2ث ّ
قنت قتله .وفي اليوم العاشر بعد الظهر ً
في قارورة ،فإذا رأتها تفور دما تي ّ
ً
نظرت إلى القارورتين فإذا هما يفوران دما).3
____________________________
) (1الطبري ، 191 / 6والغاني ، 68 / 17والمقتل للخوارزمي 186 / 1
الفصل التاسع ،وتهذيب تاريخ ابن عساكر . 339 / 4
مد)2مدينة المعاجز ، 244 /عن ثاقب المناقب لمؤّلفه الجليل أبي جعفر مح ّ
مد المشهدي الطوسي ،كما في دار السلم للنوري ، 102 / 1 بن علي بن مح ّ
وحكى في روضات الجنات : 593 /نسبة الكتاب إليه عن كامل البهائي ،وعلى
مد الدرويستي الراوي عن ما في دار السلم من ذكر روايته عن جعفر بن مح ّ
المفيد في سنة 401يكون من أعلم القرن الخامس .
)3الخرايج في باب معجزاته ومقتل العوالم . 47 /
الصفحة )(37 (1
47
الهاشمّيات :
ّ
وك َب َُر خروجه على نساء بني عبد المطلب فاجتمعن ؛ للنياحة ،فمشى إليه ّ
ن
ن تبدين هذا المر معصية لله ولرسوله ن الله أ ْكتهن وقالُ)) :انشدك ّالحسين وس ّ
من نستبقي الّنياحة والبكاء ؟! فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله ( ،فقلن :ول ِ َ
م كلثوم ،فننشدك الله ـ جعلنا الله فداك ـ ُ
وعلي وفاطمة والحسن وزينب وا ّ
ماته أّنها سمعتمن الموت يا حبيب البرار من أهل القبور .وأخبرته بعض ع ّ
هاتفا ً يقول ): (1
____________________________
) (1في كامل الزيارة ص 96ذكر بيتين ثم هذا البيت وورد في أربعة أبيات في
حماسة أبي تمام كما في شرحها للتبريزي ج 2ص ، 14ومروج الذهب ج 2
ص 92نقل ً عن انساب الزبير بن بكار ومناقب ابن شهر اشوب ج 2ص 228
ومثير الحزان عن المرزباني وتذكرة الخواص ص 124وورد في خمسة أبيات
في معجم البلدان ج 6ص 52ومقالت السلميين لبي الحسن الشعري ج 1
ص 142وفي ست أبيات في كامل ابن الثير ج 4ص 37وسير أعلم النبلء
للذهبي ج 2ص 215وفي سبع أبيات في مقاتل الطالبيين ص 19ط ايران
ونسب قريش لمصعب الزبيري ص 41وفي ثمان أبيات في البداية لبن كثير ج
8ص 211ومقتل الخوارزمي ج 2ص 149ومثير الحزان لبن نما .وتهذيب
تاريخ ابن عساكر ج 4ص . 343
)واختلفوا في قائلهاففي كامل ابن الثير ج 4ص 37انها للتيمي تيم مرة وكان
منقطعا ً لبني هاشم ،وفي الصابة ج 4ص 74ومقالت السلميين انها لبي
رمح الخزاعي وهي رواية ابن نما عن المرزباني ،وفي شرح التبريزي على
الحماسة ج 3ص 13انها لبي رمج الخزاعي بالجيم المعجمة وفي الستيعاب
انها لبي زميج الخزاعي وسماه البكري في المعجم مما استعجم ج 3ص 891
ابن رمح الخزاعي ولم يذكر ال هذا البيت الذي في روايته )اذل رقاب
المسلمين فذلت.
ويذهب الزبير بن بكار في أنساب قريش كما ذكره المسعودي في مروج
الذهب انها لسليمان بن قبه بالباء الموحدة وعند ابن عساكر في تاريخه ج 4
ص 342والذهبي في سير اعلم النبلء ج 3ص 215وابي عمرو في
الستيعاب )قنةبالنون بعد القاف ويضيف ابن شهر اشوب الى ذلك )الهاشمي.
وفي تهذيب كامل المبردج )2ص 235واعيان الشيعة ج 35ص 136ونسب
قريش لمصعب الزبيري ص 41سليمان بن قته ويضيف اليه ابو تمام في
الحماسة )العدويوفي شرح التبريزي منسوب الى عدي وفي وفي الحماسة
البصرية لصدر الدين بن أبي الفرج بن الحسين البصري المتوفى سنة 659هـ
ج 1ص 200رقم 10قال سليمان ابن قته العدوي مولى عمر بن عبد الله
التيمي :
اااا ااا ااااا اا اااا ااا اااا ااااااا ااا ااا ااا
وكتب المعلق عليه انها خمسة ولم يذكرها وقال مثلها في الستيعاب .وفي
تذكرة الخواص ص 154ط .ايران مر سليمان بن قته فنظر الى مصارع القوم
فبكى ثم قال :وان قتيل الطف ...الى أربعة أبيات .
وفي مقاتل أبي الفرج ص 49والبداية لبن كثير ج 8ص 211سليمان بن
)قتيبةبالتاء المثناة من فوق بعد القاف ثم الياء المثناة من تحت بعدها باء
موحدة ملحقه بهاء ،وفي مثير الحزان لبن نما ان سليمان بن قتيبة العدوي
48
مولى بني تميم مر بكربل بعد قتل الحسين بثلث فنظر الى مصارعهم فاتكأ
على قوس له عربية وانشأ البيات وفي اللهوف لبن طاووس ص 119ط صيدا
ولقد احسن ابن قتيبة رحمه الله ،وفي معجم البلدان ج 6ص 52انها لبي
دهبل الجمحي ،ووافقه في تاج العروس بمادة الطف مع القتصار على نفس
البيت )وابو = دهبلكما في الغاني ج 6ص 149وهب بن زمعة بن اسد مادح
معاوية وعبد الله بن الزبير والوالي على اليمن من قبله وهذا يضعف كون
الشعر له ،وفي الغاني ج 17ص 165دخل مصعب بن الزبير الكوفة وأخذ
يسأل عن الحسين وقتله وعروة بن المغيرة يحدثه فقال متمثل بقول سليمان
بن قته :
ااا اااااا ااااا اا اا اااا ااااا ااااا اااااا ااااااا
وفي طبقات القراء لبن الجزري ج 1ص 314سليمان بن قتة بفتح القاف
والمثناة من فوق المشددة ،وقته امه ،التيمي مولهم البصري ثقة عرض على
ابن عباس ثلث عرضات وعرض عليه عاصم الجحدري .
)ويمضيعلى اللسن ان التي سمعت الهاتف أم هاني ول يصح لنها ماتت أما في
أيام النبي )صّلى الله عليه وآله( كما في مناقب ابن شهر آشوب ج 1ص 110
أو أيام معاوية كما في تقريب التهذيب لبن حجر ص 620ط لكنهو .
اااااااا اااا ااااا اااا اااا اا اا اااا ااااا ااااا
فصّبرها الحسين وعّرفها أّنه أمر جارٍ وقضاء محتوم .
4ـ رأي عبد الله بن عمر
وطلب منه عبد الله بن عمر بن الخطاب البقاء في المدينة فأبى الحسين
ن رأس يحيى بن زكرّيا ن من هوان الدنيا على الله أ ّ وقال )) :يا عبد الله ،إ ّ
ن رأسي ُيهدى إلى بغي من بغايا بني ي من بغايا بني إسرائيل ،وأ ّ ُيهدى إلى بغ ّ
ن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الشمس سبعين ُامّية ،أما علمت أ ّ
جل الله عليهم بل م يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا ً ؟! فلم ُيع ّ نبيا ً ث ّ
أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ذي انتقام ( ). (1
ولما عرف ابن عمر من الحسين العزم على مغادرة المدينة والّنهضة في وجه
أتباع الضلل وقمع المنكرات وكسح أشواك الباطل عن صراط الشريعة
دسة ،قال له :يا أبا عبد الله أكشف لي عن الموضع الذي لم يزل رسول المق ّ
الله )صّلى الله عليه وآله( يقّبله منك ،فكشف له عن سّرته ،فقّبلها ثلثا ً
وبكى).2
ن نصرتي ).3 فقال له )) :اّتق الله يا أبا عبد الرحمن ،ول ت َد َعَ ّ
____________________________
) (1ابن نما واللهوف .
)2أمالي الصدوق مجلس . 93 / 30
)3اللهوف . 17 /
الوصّية
ة قال فيها : وكتب الحسين قبل خروجه من المدينة وصي ّ ً
))بسم الله الرحمن الرحيم ،هذا ما أوصى به الحسين بن علي )ع( إلى أخيه
ن
ن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأ ّ ن الحسين يشهد أ ْ مد بن الحنفّية ،إ ّ مح ّ
ن الجنة حقّ والّنار حقّ ، محمدا عبده ورسوله جاء بالحقّ من عنده ،وأ ّ ً
ن الله يبعث من في القبور . ساعة آتية ل ريب فيها ،وأ ّ وال ّ
ً ً ً
وإّني لم أخرج أشرا ول بطرا ول مفسدا ول ظالما ،وإّنما خرجت لطلب ً
49
ن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير دي )ص( (ُ ،اريد أ ْ مة ج ّ الصلح في ا ُ ّ
من قبلني بقبول الحقّ فالله أولى دي وأبي علي بن أبي طالب ،ف َ بسيرة ج ّ
ي هذا أصبر حّتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير من رد ّ عل ّ بالحقّ ،و َ
الحاكمين .
م ُ
كلت وإليه انيب ،ث ّ وهذه وصّيتي إليك يا أخي .وما توفيقي إل بالله عليه تو ّ
مد ( ). (1 طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى أخيه مح ّ
ف ظـلمة العمى ببهجته ع رايـة الـهدى بمهجته كـاش ٌ رافـ ٌ
بـه اسـتقامت هـذه الشريعة بـه عـلت أركـانها الرفيعة
بـنى الـمعالي بمعالي هممه ما اخضّر عود الدين إل بدمه
بـنفسه اشـترى حـياة الدين فـيا لـها مـن ثـمن ثـمين
أحـيا مـعالم الـهدى بروحه داوى جروح الدين من جروحه
جـفت ريـاض العلم بالسموم لـم يـروها إل دم الـمظلوم
فـأصبحت مـورقة الشجار يـانـعة زاكـيـة الـثـمار
أقـعـد كـل قـائم بـنهضته حّتى أقـام الدين بعد كبوته
قـامت بـه قـواعد التوحيد مـذ لـجأت بـركنها الشديد
____________________________
) (1مقتل العوام ، 54 /والمقتل للخوارزمي 188 / 1الفصل التاسع .
وغير خاف مغزى السبط المقدس من هذه الوصية ،فإّنه أراد الهتاف بغايته
سه ونفسيته ومبدأ أمره ومنتهاه الكريمة من نهضته المقدسة ،وتعريف المل نف َ
،ولم يبرح يواصل هذا بأمثاله إلى حين شهادته دحضا ً لما كان الموّيون
ق
ن الحسين خارج على خليفة الوقت يريد ش ّ ولفائفهم يموهون على الّناس بأ ّ
العصا وتفريق الكلمة واستهواء الّناس إلى نفسه ؛ لنهمة الحاكمية وشره
الرياسة ؛ تبريرا ً لعمالهم القاسية في استئصال آل الرسول ،ولم يزل )ع(
لكذوبة ، مترسل ً كذلك في جميع مواقفه هو وآله وصحبه حّتى دحروا تلكم ا ُ
ونالوا ُامنيتهم في مسيرهم ومصير أمرهم .
سـنة والـكتاب غـدت بـه سـامية الـقباب مـعـاهد الـ ّ
و ظام ٍ صادي أفـاض كـالحيا عـلى الوّراد مـاء الـحياة َوه َ
ي الحشا ريّ الورى والله يقضي ما يشا ظه الظما وفي ط ّ وكـ ّ
والـتهبت أحـشاؤه من الظما فأمطرت سحائب القدس دما )( (1
الخروج من المدينة
جها نحو مكة ليلة الحد ليومين بقيا من رجب ّ ً وخرج الحسين من المدينة متو ّ
خاِئفا ًمن َْها َ ج ِ خَر َ َ
ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه الحسن وأهل بيته) ،2وهو يقرأ ) :ف َ
ن ).(3 مي َ قوْم ال ّ
ظال ِ ِ م َ ْ ب َقا َ ي َت ََرقَ ُ
ن ال َ ِ جِني ِ ب نَ ّ
ل َر ّ
ّ
ولزم الطريق العظم ،فقيل له :لو تنكبت الطريق كما فعل ابن الزبير ؛ كيل
يلحقك الطلب ،قال )) :ل والله ،ل أفارقه حّتى يقضي الله ما هو قاض (.
ه ت ِل ْ َ
قاَء ج َما ت َوَ ّكة يوم الجمعة لثلث مضين من شعبان وهو يقرأ ) :وَل َ ّ ودخل م ّ
سِبيل ).5)4 َ ن َقا َ
واَء ال ّ س َ
ن ي َهْدِي َِني َ
سى َرّبي أ ْ ل عَ َ مد ْي َ َ
َ
من بها من َ و ّ
كة م أهل إليه واختلف 6 المطلب) عبد بن باس ّ الع دار فنزل
المعتمرين وأهل الفاق ،وابن الزبير ملزم جانب الكعبة ،ويأتي إلى الحسين
ل منه وأطوع في كة ؛ لكونه أج ّ من يأتيه وكان ثقيل ً عليه دخول الحسين م ّ في َ
الّناس ،فل يباَيع له ما دام الحسين فيها .
دته خديجة ،فصّلى هناك وابتهل إلى وخرج )ع( في بعض اليام إلى زيارة قبر ج ّ
50
الله كثيرًا).7
____________________________
دس الله سّره . مد حسين الصفهاني ق ّ ) (1للعلمة الحجة الشيخ مح ّ
)2تاريخ الطبري . 190 / 6
)3سورة القصص . 31 /
)4سورة القصص . 22 /
)5إرشاد المفيد .
)6تاريخ ابن عساكر . 328 / 4
)7الخصائص الحسينية للشيخ جعفر الشوشتري 35 /ط تبريز ،ومقتل
العوالم . 20 /
أفدي الولى للعلى أسرى بهم ظعن وراء حـادٍ مـن القـدار يزعجه
ب عـلى جنة الماوى معّرسه لـكن عـلى محن البلوى معّرجه َر ْ
كـ ٌ
مثل الحسين تضيق الرض فيه فل يـدري إلى أيـن ماواه ومولجه ِ
ويطلب المن بالبطحا وخوف بني سـفيان يـقلقه مـنها ويـخرجه
ف البيت الحرام به ولح بـعد الـعمى لـلناس منهجه شُر َوهـو الذي َ
يـا حـائرا ً ل وحاشا نور عزمته بـمن سواك الهدى قد شع مسرجه
وواسـع الـحلم والدنيا تضيق به سـواك ان ضاق خطب من يفّرجه
وجه )( (1 ويـا مـليكا ً رعـاياه عليه طغت وبـالـخلفة بـاريه مـت ّ
في م ّ
كة
كة كتب الحسين )ع( نسخة واحدة إلى رؤساء الخماس بالبصرة وهم ؛ وفي م ّ
مالك بن مسمع البكري) ،2والحنف بن قيس ،والمنذر بن الجارود) ،3ومسعود
بن عمرو ،وقيس بن الهيثم ،وعمرو بن عبيد بن معمر .وأرسله مع مولى له
ن الله اصطفى محمدا ً )ص( من خلقه ما بعد ،فإ ّ يقال له سليمان)4وفيه )) :أ ّ
ُ ّ
م قبضه إليه ،وقد نصح لعباده وبلغ ما ارسل وته واختاره لرسالته ،ث ّ وأكرمه بنب ّ
به )ص( وكّنا أهله وأولياءه وورثته وأحقّ الّناس بمقامه في الّناس ،فاستأثر
ق
علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية ،ونحن نعلم أّنا أح ّ
ت رسولي إليكم بهذا الكتاب من توله ،وقد بعث ُ بذلك الحقّ المستحقّ علينا م ّ
سّنة قد ُاميتت والبدعة قد ن ال ُ
وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسّنة نبّيه ،فإ ّ
ن تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرشاد (. ُاحييت ،فإ ْ
____________________________
دس سّره . مد حسين كاشف الغطاء ق ّ جة السلم الشيخ مح ّ ) (1لح ّ
لولى سنة : 38كان مالك بن مسمع مائل ً )2في تاريخ الطبري 63 / 6الطبعة ا ُ
إلى بني أمية وإليه لجأ مروان يوم الجمل .
)3في الصابة : 480 / 3كان المنذر بن الجارود مع علي )ع( يوم الجمل ،
مه ُامامة بنت النعمان ،ووله عبيد الله بن زياد الهند ، مره على اصطخر ،وا ُ ّ وأ ّ
فمات هناك سنة ، 61وعند خليفة :وله السند فمات به سنة . 62
ن مصعب بن الزبير قال وفي تاريخ الطبري 183 / 7الطبعة أولى سنة 71ه :أ ّ
ً
للحكم بن المنذر بن الجارود :كان الجارود علجا بجزيرة )ابن كاوانفارسيا ،
فقطع إلى ساحل البحر فانتمى إلى عبد القيس ،ول والله ما أعرف حيا ً أكثر
اشتمال على سوأة منهم ثم انكح اخته المكعبر الفارسي فلم يصب شرفا ً قط .
)4هذا في تاريخ الطبري ، 200 / 6وفي اللهوف : 21 /يكّنى أبا رزين ،وفي
مثير الحزان : 12 /أرسله مع ذراع السدوسي .
51
ل الحسين إلى ابن زياد فصلبه عشّية فسّلم المنذر بن الجارود العبدي رسو َ
الليلة التي خرج في صبيحتها إلى الكوفة ؛ ليسبق الحسين إليها ) . (1وكانت
ن يكون الرسول دسيسا ً من ابن ابنة المنذر ،بحرية زوجة ابن زياد فزعم أ ْ
ن وعد الله ما بعد ،فاصبر إ ّ ما الحنف فإّنه كتب إلى الحسين )ع( :أ ّ زياد ،فأ ّ
حقّ ول يستخفّنك الذين ل يوقنون).2
ما
ما يزيد بن مسعود)3فإّنه جمع بني تميم وبني حنظلة وبني سعد ،فل ّ وأ ّ
حضروا قال :يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم ؟ قالوا :بخ
دمت بخ ! أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر ،حللت في الشرف وسطا ً وتق ّ
ن ُاشاوركم فيه وأستعين بكم فيه فرطا ً ،قال :فإّني قد جمعتكم لمر أريد أ ْ
عليه ،فقالوا :إّنا والله نمنحك النصيحة ،ونجد لك الرأي ،فقل حّتى نسمع .
ن معاوية مات فأهون به والله هالكا ً ومفقودا ً ،إل وأّنه قد انكسر باب فقال :إ ّ
ن ً
جور والثم ،وتضعضعت أركان الظلم ،وكان قد أحدث بيعة عقد بها أمرا ظ ّ ال َ
أّنه قد أحكمه ،وهيهات الذي أراد اجتهد والله ففشل ،وشاور فخذل ،وقد قام
مر دعي الخلفة على المسلمين ،ويتأ ّ يزيد ـ شارب الخمور ورأس الفجور ـ ي ّ
ّ
ى منهم مع قصر حلم وقلة علم ،ل يعرف من الحقّ موطأ عليهم بغير رض ً
دين أفضل من جهاد ميه ،فُاقسم بالله قسما مبرورا لجهاده على ال ّ
ً ً قد َ َ
المشركين ،وهذا الحسين بن علي وابن رسول الله )ص( ذو الشرف الصيل
والرأي الثيل له فضل ل يوصف وعلم ل ينزف ،وهو أولى بهذا المر ؛ لسابقته
دمه وَقرابته ،يعطف على الصغير وُيحسن إلى الكبير ،فأكرم به وسّنه وقِ َ
جة ،وبلغت به الموعظة ،فل تعشوا ح ّ راعي رعّية وإمام قوم وجبت لله به ال ُ
عن نور الحقّ ،ول تسكعوا في وهد الباطل ،فقد كان
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 200 / 6
)2مثير الحزان . 13 /
)3هذا في مثير الحزان ،وعند الطبري وابن الثير :مسعود بن عمرو وقال ابن
حزم في جمهرة أنساب العرب : 218 /كان عّباد بن مسعود بن خالد بن مالك
النهشلي سيدا ً ،وُاخته ليلى بنت مسعود تحت علي بن أبي طالب ،ولدت له ابا
بكر ُقتل مع الحسين ،وعبد الله كان مع مصعب بن الزبير في خروجه على
المختار وُقتل يوم هزيمة أصحاب المختار ،وذكرنا في )زيد الشهيد ، 101 /
الطبعة الثاني نصوص المؤّرخين في قتله بالمذار من سواد البصرة ،ولم ُيعلم
جد مذبوحا ً فيقاتله ،وفي الخرايج للراوندي في معجزات علي )ع( :وُ ِ
فسطاطه ،ولم ُيعلم ذابحه .
صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل ،فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول
صر أحدكم عن نصرته ،إل أورثه الله تعالى الذ ّ
ل الله )ص( ونصرته ،والله ل يق ّ
ت لها ت للحرب لمتها وادرع ُ في ولده والقّلة في عشيرته ،وها أنا ذا قد لبس ُ
م يفت ،فأحسنوا رحمكم الله رد ّ من يهرب ل َ ْ م ُيقتل َيمت ،و َ من ل َ ْ بدرعها َ ،
الجواب .
ت
ن رمي َ فقالت بنو حنظلة :يا أبا خالد ،نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك ،إ ْ
ت ،ل تخوض والله غمرةً إل ّ خضناها ،ول تلقى ت بنا فتح َ
ن غزو َ ت وإ ْ بنا أصب َ
دة إل ّ لقيناها ،ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت . والله ش ّ
ت بنو عامر بن تميم فقالوا :يا أبا خالد ،نحن بنو أبيك وحلفاؤك ،ل وتكّلم ْ
ت ،والمر إليك فادعنا إذا شئت . ت ،ول نبقى إن ظعن َ ن غضب َ نرضى إ ْ
52
ن أبغض الشياء إلينا خلفك والخروج عن وقالت بنو سعد بن زيد :أبا خالد ،إ ّ
رأيك ،وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال يوم الجمل ،فحمدنا ما أمرنا
وبقى عّزنا فينا ،فأمهلنا نراجع المشورة ونأتيك برأينا .فقال لهم :لئن
سيف عنكم أبدا ً ،ول زال سيفكم فيكم . فعلتموها ل رفع الله ال ّ
ت ما ندبتني ي كتابك ،وفهم ُ ما بعد ،فقد وصل إل ّ م كتب إلى الحسين )ع( :أ ّ ث ّ
ن ّ
إليه ودعوتني له من الخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك ،وإ ّ
م يخل الرض قط من عامل عليها بخير ودليل على سبيل نجاة ،وأنتم الله ل ْ
جة الله على خلقه ووديعته في أرضه ،تفّرعتم من زيتونة أحمدّية هو أصلها ح ّ ُ
ت لك أعناق بني تميم ، ُ ذلل فقد ، طائر بأسعد ت
َ سعد دم ِ فأق ، فرعها وأنتم
ماء لورود الماء يوم خمسها ،وقد ّ الظ البل من طاعتك في ً وتركتهم أشد ّ تتابعا
لت درن قلوبها بماء سحاب مزن حين استه ّ ت لك رقاب بني سعد ،وغسل ُ ذلل ُ
برقها فلمع .
ما قرأ الحسين )ع( كتابه ،قال )) :مالك ،آمنك الله من الخوف وأعزك فل ّ
وأرواك يوم العطش الكبر (.
ما تجهز ابن مسعود إلى المسير ،بلغه قَْتل الحسين )ع( فاشتد ّ جزعه ،وكثر ول ّ
سعادة بالشهادة ). (1 ُ
أسفه لفوات المنية من ال ّ
وكانت مارية ابنة سعد أو منقذ أيما ،وهي من الشيعة المخلصين ،ودارها
دثون فيه فضل أهل البيت ،فقال يزيد بن نبيط وهو من عبد مألف لهم يتح ّ
القيس لولده ـ وهم عشرة ـ :أّيكم يخرج معي ؟ فانتدب منهم اثنان عبد الله
وعبيد الله .وقال له أصحابه ـ في بيت تلك المرأة ـ :نخاف عليك أصحاب ابن
ي طلب من طلبني)،2 زياد ،قال :والله لو استوت اخفافها بالجدد لهان عل ّ
وصحبه موله عامر وسيف بن مالك والدهم بن ّامّية)3فوافوا الحسين بمكة،
ّ
موا رحالهم إلى رحله حّتى وردوا كربل ،وُقتلوا معه . وض ّ
كتب الكوفّيين
كة وافته كتب أهل الكوفة من الرجل والثنين والثلثة والربعة ،يسألونه وفي م ّ
القدوم عليهم ؛ لّنهم بغير إمام ،ولم يجتمعوا مع الّنعمان بن بشير في جمعة
ول جماعة ،وتكاثرت عليه الكتب حّتى ورد عليه في يوم واحد ستمئة كتاب ،
ل ذلك يشددون واجتمع عنده من نوب متفّرقة إثنا عشر ألف كتاب وفي ك ّ
جار بن الطلب وهو ل يجيبهم .وآخر كتاب ورد عليه من شبث بن ربعي ،وح ّ
جاج ،ومحمد بن أبجر ،ويزيد بن الحارث) ،4وعزرة بن قيس ،وعمرو بن الح ّ
ن الّناس ينتظرونك ل رأي لهم غيرك ،فالعجل العجل مير ابن عطارد وفيه :إ ّ عُ َ
يابن رسول الله فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وأعشبت الرض وأورقت
الشجار .فأقدم إذا شئت ،فإّنما تقدم على جند لك مجّندة).5
بعثت بزور الكتب سر واقدم إلى نحو العراق بمكرها ودهاتها
____________________________
) (1مثير الحزان 13 /واللهوف . 21 /
)2تاريخ الطبري . 198 / 6
)3ذخيرة الدارين . 224 /
)4في أنساب الشراف للبلذري : 338 / 5كان حوشب بن يزيد بن رويم
يتبارى في اطعام الطعام مع عكرمة بن ربعي احد بني تيم الله بن ثعلبة فقال
مصعب :دعوهما ينفقا من خيانتهما وفجورهما .
)5إبن نماص . 11 /وذكر الخوارزمي 193 / 1وما بعدها الفصل العاشر ،
53
تفصيل اجتماع الكوفيين وكتبهم إلى الحسين .
ي لها ول كـفؤ وإّنـك مـن خـياركفاتها هـذي الـخلفة ل ولـ ّ
ج الـيعملت بـمعشر كـالسد والشـطان مـنغاباتها فـأتى يـز ّ
وحـصان ذيـل كـالهلة اوجها ً بـسـنائها وبـهـائها وصـفاتها
ل في عرصاتها مـا زال يـخترق الفل حّتى أتى أرض الطفوف وح ّ
وإذا بـه وقـف الـجواد فقاليا قـوم اخبروني عن صدوق رواتها
ما الرض قالوا ذي معالم كربل مـا بـال طرفك حاد َ عن طرقاتها
قـال انـزلوا فالحكم في أجداثنا ان ل تـشق سـوى على جنباتها
ماتها ط الرحال وقال يصلح عضبه الـماضي لقطع البيض في ق ّ حـ ّ
بـينا يـجيل الطرف إذ دارت به زمـر يـلوح الـغدر من راياتها
ن بـدور تـم بالعرا تمسي )بنو الزرقاء من هالتها )( (1 مـا خـلت أ ّ
جواب الحسين
ً ً
ما اجتمع عند الحسين ما مل خرجين ،كتب إليهم كتابا واحدا دفعه إلى هاني ول ّ
سل ،وصورته : بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكانا آخر الُر ُ
))بسم الله الرحمن الرحيم ،من الحسين بن علي إلى المل من المؤمنين
دم
من ق ِ ي بكتبكم ـ وكانا آخر َ ن هانئا ً وسعيدا ً قدما عل ّ ما بعد ،فإ ّوالمسلمين أ ّ
ل الذي قصصتم وذكرتم ،ومقالة جّلكم أّنه تك ّسلكم ـ وقد فهم ُ ي من ُر ُ عل ّ
ل الله يجمعنا بك على الهدى والحقّ ،وقد بعثت إليكم ليس علينا إمام فأقِبل لع ّ
ي بحالكم وأمركم ن يكتب إل ّ مي وثقتي من أهل بيتي ،وأمرته أ ْ أخي وابن ع ّ
ن كتب أّنه قد اجتمع رأي ملكم وذوي الفضل والحجى منكم على ورأيكم ،فإ ْ
ن شاء ً
دم عليكم وشيكا إ ْ ت في كتبكم ،أق ِ سلكم وقرأ ُ ي به ُر ُ دمت عل ّ مثل ما قَ ِ
ق ّ
الله ،فلَعمري ما المام إل العامل بالكتاب والخذ بالقسط والدائن بالح ّ
سلم ).(2 سه على ذات الله ،وال ّ والحابس نف َ
جهك إلى أهل م دفع الكتاب إلى مسلم بن عقيل ،وقال له )) :إّني مو ّ ث ّ
ن أكون أنا وأنت ب ويرضى ،وأنا أرجو أ ْ الكوفة ،وسيقضي الله من أمرك ما ُيح ّ
في
____________________________
مد بن اسماعيل البغدادي الحّلي ، ) (1من قصيدة في الحسين للشيخ مح ّ
الشهير بابن الخلفة ،المتوفى سنة ) 1247شعراء الحلة .174 / 5
)2الطبري ، 198 / 6والخبار الطوال . 238 /
ض ببركة الله وعونه ،فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها ( ) درجة الشهداء فام ِ
. (1
سفر مسلم
وبعث مع مسلم بن عقيل )ع( قيس بن مسّهر الصيداوي ،وعمارة بن عبد الله
السلولي ،وعبد الرحمن بن عبد الله الزدي وأمره بتقوى الله والنظر فيما
جل إليه اجتمع عليه أهل الكوفة ،فإن رأى الّناس مجتمعين مستوثقين ع ّ
بكتاب).2
فخرج مسلم من مكة للنصف من شهر رمضان)3على طريق المدينة ،فدخلها ّ
م استأجر رجلَين من قيس ليد ّ
له دع أهله) ،4ث ّ وصّلى في مسجد الّنبي )ص( وو ّ
حر ،على الطريق ،فضل ّ ذات ليلة وأصبحا تائهين ،وقد اشتد ّ بهما العطش وال َ
سمت فالزمه فقال لمسلم )ع( ـ وقد بان لهما سنن الطريق ـ :عليك بهذا ال ّ
لعّلك تنجو ،فتركهما ومضى على الوصف ومات الدليلن عطشا) ،5ولم يسعه
ً
54
حملهما ؛ لّنهما على وشك الهلك ،وغاية ما وضح للدليَلين العلئم المفضية إلى
الطريق ،ل الطريق نفسه .وَلم تكن المسافة بينهم وبين الماء معلومة ،
وليس لهما طاقة على الركوب بأنفسهما ول مردفين مع آخر ،وبقاء مسلم )ع(
من معه ،فكان الواجب الهم معهما إلى منتهى المر يفضي إلى هلكه و َ
فظ على الّنفوس المحترمة بالمسير لدراك الماء ؛ فلذلك تركهما في التح ّ
المكان .
ونجا مسلم ومن معه من خدمه بحشاشة النفس حّتى أفضوا إلى الطريق و
وردوا الماء فأقام فيه .
وكتب إلى الحسين )ع( مع رسول استأجره من أهل ذلك الماء يخبره بموت
الدليَلين وما لقاه من الجهد وإّنه مقيم بمنزله ،وهو المضيق من بطن الخبت
كة وأعطاه حّتى يعرف ما عنده من الرأي ،فسار الرسول ووافى الحسين بم ّ
الكتاب .
____________________________
) (1مقتل الحسين للخوارزمي ، 196 / 1الفصل العاشر .
)2إرشاد المفيد .
)3مروج الذهب . 86 / 2
)4الطبري . 198 / 6
)5الخبار الطوال . 232 /
فكتب الحسين )ع( يأمره بالمسير إلى الكوفة ول يتأخر .
ما قرأ مسلم الكتاب سار من وقته ،ومر بماء لطي فنزل عليه ثم ارتحل ،فإذا ول ّ
رجل يرمي ظبيا ً حين أشرف له فصرعه ،فتفأل بقتل عدّوه ). (1
دخول الكوفة
وال دخل الكوفة) ،2فنزل دار المختار بن أبي عبيد الثقفي) ولخمس خلون من ش ّ
مة مقداما ً مجّربا ً قويّ الّنفس ،شديدا ً ،3وكان شريفا ً في قومه ،كريما عالي اله ّ
ً
سلم( ( ،له عقل وافر ورأي مصيب ،خصوصا ً على أعداء أهل البيت ).عليهم ال ّ
بقواعد الحرب والغلبة على العدوّ ،كأّنه مارس التجارب فحنكته ،أو لبس
ما ً وأخلقا ًذبته ،انقطع إلى آل الرسول القدس فاستفاد منهم أدبا ً ج ّ الخطوب فه ّ
سر والعلنية . فاضلة ،وناصح لهم في ال ّ
البيعة
ووافت الشيعة مسلما في دار المختار بالترحيب وأظهروا له من الطاعة والنقيادً
ما زاد في سروره وابتهاجه ،فعندما قرأ عليهم كتاب الحسين ،قام عابس ابن
شبيب الشاكري وقال :إّني ل أخبرك عن الّناس ،ول أعلم ما في نفوسهم ،ول
طن عليه نفسي ،والله لجيبّنكم إذا ما أنا مو ّ أغّرك بهم ،والله إّني ُاح ّ
دثك ع ّ
ن بسيفي دونكم حّتى ألقى الله ل ُاريد ن معكم عدّوكم ،ولضرب ّ دعوتم ،و ُ
لقاتل ّ
بذلك إل ّ ما عند الله .
ت ما في نفسك بواجز من قولك ،وأنا والله وقال حبيب بن مظاهر :قد قضي َ
الذي ل إله إل ّ هو ،على مثل ما أنت عليه .
وقال سعيد بن عبد الله الحنفي مثل قولهما).4
____________________________
) (1ارشاد المفيد .
)2مروج الذهب . 86 / 2
)3الطبري . 199 / 6
55
)4الطبري . 199 / 6
وأقبلت الشيعة يبايعونه حّتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفا ً ) ، (1وقيل بلغ خمسا ً
من بايعه أربعين ألفًا) ،3فكتب مسلم وعشرين ألفًا) ،2وفي حديث الشعبي بلغ َ
إلى الحسين مع عابس بن شبيب الشاكري ،يخبره باجتماع أهل الكوفة على
طاعته وانتظارهم لقدومه وفيه يقول :الرائد ل يكذب أهله ،وقد بايعني من أهل
جل القبال حين يأتيك كتابي).4 الكوفة ثمانية عشر ألفا ً فع ّ
وكان ذلك قبل مقتل مسلم بسبع وعشرين ليلة) ،5وانظم إليه كتاب أهل الكوفة
ن لك بالكوفة مئة ألف سيف فل تتأخر) جل القدوم يابن رسول الله ،فا ّ وفيه :ع ّ
.6
ُ
من لهم هوى في بني امّية منهم ؛ عمر بن سعد بن أبي وّقاص فساء هذا جماعة م ّ
،وعبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي ،وعمارة بن عقبة بن أبي معيط ،
ن
فكتبوا إلى يزيد يخبرونه بقدوم مسلم بن عقيل وإقبال أهل الكوفة عليه وأ ّ
الّنعمان بن بشير ل طاقة له على المقاومة).7
فأرسل يزيد على سرجون)8موله يستشيره ـ وكان كاتبه وأنيسه ـ فقال سرجون
:عليك بعبيد الله بن زياد ،قال :إّنه ل خير عنده ،فقال سرجون :لو كان معاوية
حي ّا ً وأشار عليك به أكنت توليه ؟ قال :نعم ،فقال :هذا عهد معاوية إليه بخاتمه
ن أعلمك به إل معرفتي ببغضك له ،فانفذه إليه .وعزل الّنعمان بن ولم يمنعني أ ْ
ن المسبوب يوما ن الممدوح مسبوب يوما ً ،وإ ّ ما بعد فإ ّ بشير ،وكتب إليه :أ ّ
ممدوح ،وقد سمي بك إلى غاية أنت فيها كما قال الول .
____________________________
) (1تذكرة الخواص ، 138 /وتاريخ الطبري . 211 / 6
)2ابن شهرآشوب . 310 / 2
)3ابن نما . 11 /
)4الطبري . 210 / 6
)5الطبري . 224 / 6
)6البحار . 185 / 10
)7تاريخ الطبري 99 / 6إلى . 201
)8في السلم والحضارة العربية ، 158 / 2لمحمد كرد علي :كان سرجون بن
منصور من نصارى الشام ،استخدمه معاوية في مصالح الدولة ،وكان أبوه
منصور على المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح ،ساعد المسلمين على
قتال الروم ومنصور بن سرجون بن منصور :كانت له خدمة في الدولة كأبيه ،
وكان عمر بن الخطاب يمنع من خدمة النصارى إل ّ إذا أسلموا .
)( (1 ااااا
اااا ااااا ااااااااا ااااااااااا ا ااااااااااااا اا ااا
وأمره بالستعجال على الشخوص إلى الكوفة ؛ ليطلب ابن عقيل فيوثقه أو يقتله
أو ينفيه).2
جل ابن زياد المسير إلى الكوفة مع مسلم بن عمرو الباهلي والمنذر بن فتع ّ
الجارود وشريك الحارثي وعبد الله بن الحارث بن نوفل في خمسمئة رجل
انتخبهم من أهل البصرة ،فجد ّ في السير وكان ل يلوي على أحد يسقط من
ن شريك بن العور سقط أثناء الطريق ،وسقط عبد الله بن أصحابه حّتى أ ّ
ن َ
خر ابن زياد من أجلهم فلم يلتفت ابن زياد إليهم ؛ مخافة أ ْ ن يتأ ّالحارث ؛ رجاء أ ْ
ما ورد القادسّية سقط موله مهران فقال له ابن يسبقه الحسين إلى الكوفة .ول ّ
ن أمسكت على هذا الحال فتنظر القصر فلك مئة ألف ،فقال :والله ل زياد :إ ْ
56
أستطيع ،فتركه عبيد الله ولبس ثيابا ً يمانّية وعمامة سوداء وانحدر وحده ،وكّلما
مّر بالمحارس ظّنوا أّنه الحسين )ع( فقالوا :مرحبا ً بابن رسول الله ،وهو
ما يلي الّنجف).3 ساكت ،فدخل الكوفة م ّ
ً
واستقبله الّناس بهتاف واحد :مرحبا بابن رسول الله ،فساءه هذا الحال وانتهى
إلى قصر المارة ،فلم يفتح الّنعمان باب القصر ،وأشرف عليه من أعلى القصر
يقول :ما أنا بمؤد إليك أمانتي يابن رسول الله ،فقال له ابن زياد) :4افتح
____________________________
) (1أنساب الشراف للبلذري . 82 / 4
)2الطبري . 199 / 6
)3مثير الحزان لبن نما الحّلي .
)4لم ينص المؤرخون على ولدة ابن زياد على التحقيق ،وما ذكروه منه ل يصح ،
ومنه يصح على وجه التقريب والظن ؛ فالول ما يحكيه ابن كثير في البداية / 8
: 283عن ابن عساكر عن أحمد بن يونس الضبي أن مولد عبيد الله بن زياد سنة
ف أواخر سنة 60هـإحدى وعشرون سنة ،وله تسع وثلثين ،فيكون له يوم الط ّ
يوم موت أبيه زياد الواقع سنة 53هـأربع عشرة سنة ...وهذا ل يّتفق مع ما ذكره
ن معاوية وّلى عبيد الله بن زياد خراسان سنة ابن جرير في التاريخ : 166 / 6أ ّ
53هـفإّنه يبعد أن يتوّلى ابن أربع عشرة سنة بلدا كبيرا مثل خراسان ،وما ذكره
ً ً
ابن جرير يكون له وجه على الظن فإنه في 166 / 6من تاريخه يقول :في سنة
53هـوّلى معاوية عبيد الله بن زياد خراسان وله خمس وعشرون سنة ؛ وعليه
ف اثنتان وثلثون سنة ،وما ذكره يّتفق مع ما تكون ولدته سنة 28هـوله يوم الط ّ
ن لعبيد الله بن زياد حكاه ابن كثير في البداية : 283/ 8عن الفضل بن ركين إ ّ
يوم قتل الحسين 28سنة ؛ وعليه تكون ولدته سنة 32هـويوم موت زياد الواقع
في سنة 53هـله إحدى وعشرون سنة .
ن عبيد الله بن زياد وذكر ابن حجر في )تعجيل المنفعة 271 /طبعة حيدر آباد :أ ّ
ف الواقع أول عام )61هـسبع ولد سنة ) 32أو سنة 33هـفيكون له يوم الط ّ
وعشرون سنة أو ثمان وعشرون سنة .
مه مرجانة مجوسّية ،وعند ابن كثير في البداية ، 383 / 8 ل ،كانت ا ُ ّ
وعلى ك ّ
وعند العيني في )ع( مدة القاري شرح البخاري 656 / 7كتاب الفضائل في
مناقب الحسنين :أّنها سبّية من اصفهان وقيل مجوسّية .
ما ُقتل الحسين ـ لعبيد الله :ويلك ! وفي تاريخ الطبري : 6 / 7قالت مرجانة ـ ل ّ
ماذا صنعت ؟ وماذا ركبت ؟ .
وفي كامل ابن الثير 103 / 4في مقتل ابن زياد ،قالت مرجانة لعبيد الله :يا
خبيث ،قتلت ابن رسول الله ؟! والله ل ترى الجنة أبدا ً .
ت ابن رسول مه مرجانة َ :قتل َ سير أعلم النبلء للذهبي 359 / 3قالت له ا ُ ّ وفي ِ
الله ! ل ترى الجنة ،ونحو هذا .
ت أّنك حيظة ولم تأت إلى الحسين ما ويذكر بعض المؤرخين أّنها قالت له :ودد ُ
أتيت .
وفي تاريخ الطبري ، 268 / 6وكامل ابن الثير 34 / 4عليه مروج الذهب قال له
ن
ل رجل من بني زياد خزامة إلى يوم القيامة وأ ّ ت في أنف ك ّ أخوه عثمان :ودد ُ
الحسين لم ُيقتل ،فلم يرد عليه عبيد الله ،وكيف يرد عليه ؟! وقد شاهد حيطان
دس عليه ،كما في الصواعق قصر المارة تسيل دما ً حينما ُادخل الرأس المق ّ
المحرقة ، 116 /وتاريخ ابن عساكر . 339 / 4
57
وفي أنساب الشراف للبلذري : 77 / 4كان عبيد الله بن زياد جميل ً أرقطا ً .
وفي صفحة : 81كان مملوا ً شّرا ً ،وهو أول من وضع المثالب ؛ ليعارض بها
الّناس بمثل ما يقولون فيه .وفي صفحة : 86كان أكول ً ل يشبع ،يأكل في اليوم
أكثر من خمسين أكلة .
ً ً ً
وفي المعارف لبن قتيبة : 256 /كان طويل ً جد ّا ل يرى ماشيا إل ّ ظنوه راكبا .
وفي البيان والتبيين للجاحظ 75 / 1الطبعة الثانية :كان ألكنا ً ،يقلب الحاء هاًء
قال لهارون بن قبيصة ) :اهروري يريد )احروري ،ويقلب القاف كافا ً يقول )كلت
ن زيادا ً تزّوج له يريد )قلت له ،وفيه : 167 / 2جاءته اللكنة من الساورة ؛ فإ ّ
)مرجانة من شيرويه السواري ،وكان عبيد الله معها فنشأ بين الساورة ؛ تغّلبت
عليه لغتهم
وفي أنساب الشراف : 84 / 5كان ابن زياد إذا غضب على أحد ،ألقاه من فوق
قصر المارة واطمار كل مرتفع وفي صفحة : 82تزّوج عبيد الله هندا ً بنت أسماء
مد بن عمير بن عطارد ومحمد بن الشعث وعمرو بن بن خارجة ،فعاب عليه مح ّ
مد بن الشعث ،وزّوج أخاه عثمان م النعمان بنت مح ّ حريث ،فتزّوج عبيد الله ا ُ ّ
ابنة عمير بن عطارد ،وزّوج أخاه عبد الله ابنة عمرو بن حريث .
وفي النقود القديمة السلمية للتبريزي ، 50 /ضمن مجموعة النقود العربية ،
ش الدراهم وضربها زيوفا ً عبيد الله بن زياد ن أول من غ ّ جمع انستاس الكرملي :أ ّ
مةم فشت بالمصار .ومثله جاء في إغاثة ال ُ ّ ،حين فّر من البصرة سنة 64هـ ث ّ
مة للمقريزي ، 61 /والنقود السلمية القديمة للمقريزي ، 50 /وفي بكشف الغ ّ
مآثر الناقة للقلقشندي : 185 / 1في خلفة المهدي انه رد ّ نسب زياد بن أبيه
إلى عبيد الله الرومي .
ب الكعبة ) فقد طال ليلك ! فسمعها رجل وعرفه ،فقال للناس :انه ابن زياد ور ّ
. (1
فتفّرقوا إلى منازلهم ،وعند الصباح جمع ابن زياد الّناس في الجامع العظم ،
جد عنده أحد من بغية أمير ذرهم ومّناهم العطّية وقال :أّيما عريف وُ َ وخطبهم وح ّ
صِلب على باب داره).2 المؤمنين وَلم يرفعه إلينا ُ ،
____________________________
) (1الطبري ج 6ص . 201
)2الرشاد .
موقف مسلم
ن
ما بلغ مسلم بن عقيل خطبة ابن زياد ووعيده وظهر له حال الّناس ،خاف أ ْ ول ّ
ة ،فخرج من دار المختار بعد العتمة إلى دار هاني بن عروة المذحجي ، يؤخذ غيل ً
وكان شديد التشيع ) ، (1ومن أشراف الكوفة) ،2وقّرائها) ،3وشيخ مراد
وزعيمها ،يركب في أربعة آلف دارع وثمانية آلف راجل ،فإذا تلها أحلفها من
ص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) كندة ركب في ثلثين ألفًا) ،4وكان من خوا ّ
،5حضر حروبه الثلثة) ،6وأدرك الّنبي )ص( ( ،وتشّرف بصحبته ،وكان له يوم
قتله بضع وتسعون سنة).7
ونزل مع مسلم بن عقيل شريك)8بن عبد الله)9العور الحارثي
____________________________
) (1كامل ابن الثير . 10 / 4
)2الخبار الطوال . 235 /
)3الغاني . 95 / 14
58
)4مروج الذهب . 89 / 2
)5الصابة 616 / 3القسم الثالث .
)6ذخيرة الدارين ، 278 /وفي كامل ابن الثير : 10 / 4حارب في صفين مع
عمار بن ياسر .
)7الصابة 616 / 3القسم الثالث .
)8الصابة 616 / 3القسم الثالث .
)9مقتل الخوارزمي : 201 / 1لقد اشتبه المر على الحجة السيد المين في
ل من ؛ الخوارزمي التعريف عن شريك )بالهمداني ،والذي أوقعه في الشتباه ك ّ
في مقتل الحسين ،وابن نما في مثير الحزان ،مع ما ذكره ابن جرير في الذيل
ن سلسلة لمم والملوك .فإ ّ على تاريخه الملحق بالجزء الثاني عشر من تاريخ ا ُ
النسب المذكورة لشريك هي للحارث بن العور صاحب أمير المؤمنين ؛ ومنشأ
ن شريكا ً الشتباه قول المؤرخين )شريك بن العور الحارثي ،وذهب عليهم أ ّ
مذحجي والحارث العور همداني .
ص على مذحجية شريك ابن دريد في الشتقاق ، 401 /فإّنه قال :من من ن ّ وم ّ
رجال عبد المدان بن الحارث ،شريك بن العور الذي خاطب معاوية فقال :
ااااااا اااااا اا ااا ااااا اااا اااا ااااا
ً
مون مذحجا ،وهو مالك بن وفي صفحة 397وما بعدها :رجال سعد العشيرة يس ّ
أدد ،ومن رجالهم عبد المدان ،وبيت عبد المدان أحد بيوتات العرب الثلثة ؛ بيت
زرارة بن عدس في بني تميم ،وبيت خذيفة بن بدر في فزارة ،وبيت عبد المدان
في بني الحارث ،ومن رجالهم شريك بن العور الذي خاطب معاوية وله معه
حديث .
والمحاورة التي جرت بين معاوية وشريك ذكرها الهمداني في )الكليل 229 / 2
طبعة مصر سنة 1386هـ ،وذكر فيها أربعة أبيات لشريك .
وذكرها البشيهي في )المستطرف 55 / 1الباب الثامن في الجوبة المسكتة ،
وذكر ثلثة أبيات .
وذكرها ابن حجة في )ثمرات الوراق على هامش المستطرف ، 45 / 1وذكر
الجوبة الهاشمية ولم يذكر الشعر ،وذكر ستة أبيات فقط في )الحماسة البصرية
. 70 / 1
وفي مادة )ع( وى من تاج العروس الشارة إلى هذه المحاورة .
ً
وفي )ربيع البرار للزمخشري باب الجوبة المسكتة ذكر المحاورة وأبياتا أربعة .
ما يستأنس لمذحجيته ،نزوله بالكوفة في ] بيت [ هاني بن عروة ؛ فإّنه من وم ّ
ً
عشيرته ولحمته ،ولو كان ابن الحارث همدانيا لنزل في بيت والده ،مات الحارث
الهمداني سنة 65هـ .
سلم بالبصرة ، الهمداني البصري ،وكان من كبار شيعة أمير المؤمنين عليه ال ّ
فين وقاتل مع عمار بن ياسر) .2ولشرفه جليل القدر في أصحابنا ) ، (1شهد ص ّ
له عبيد الله بن زياد من قَِبل معاوية كرمان) ،3وكانت له مواصلة وصحبة وجاهه و ّ
مع هاني ابن عروة .
فمرض مرضا ً شديدا عاده فيه ابن زياد ،وقبل مجيئه قال شريك لمسلم )ع( :إ ّ
ن ً
ن عندي ،اخرج إليه غايتك وغاية شيعتك هلكه ،فأقم في الخزانة حّتى إذا اطمأ ّ
واقتله ،وأنا أكفيك أمره بالكوفة مع العافية).4
وبينا هم على هذا إذ قيل المير على الباب ،فدخل مسلم الخزانة ودخل عبيد الله
ما استبطأ شريك خروج مسلم ،جعل يأخذ عمامته من على على شريك ،ول ّ
59
م يضعها على رأسه فعل ذلك مرارا ً ،ونادى بصوت رأسه ويضعها على الرض ث ّ
عال ـ يسمع مسلما ً ـ :
ااا اااااا ااااا اا اااااا اااا ااااا ااااا اا اااااا
اا اااا اااا اااا ااا ااا اااا اااا ااااا ااااا اااا
ااا ااااا اا اااا اااااا ااااا اااا ااااا اا ااااااا
ً
م صاح بصوت رفيع ـ يسمع مسلما ـ : ولم يزل يكّرره وعينه رامقة إلى الخزانة ،ث ّ
مك اسقونيها ولو كان فيها حتفي) .5فالتفت عبيد الله إلى هاني وقال :ابن ع ّ
يخلط في عّلته ،فقال هاني :إن شريكا ً يهجر منذ وقع في عّلته ،وانه ليتكّلم بما
ل يعلم).6
لولى :حديث علي )ع( عن فقال شريك لمسلم :ما منعك منه ؟ قال خلتان ؛ ا ُ
____________________________
) (1ابن نما . 14 /
)2الطبري . 203 / 6
)3النجوم الزاهرة ، 153 / 1وكامل ابن الثير ، 206 / 3والغاني 60 / 17و 64
و 70طبعة ساسي .
)4ابن نما . 14 /
)5رياض المصائب ، 60 /وفي تاريخ الطبري : 204 / 6كان شريك يقول :ما
تنظرون بسلمى ل تحيوها ،اسقونيها ولو كان فيها حتفي .
)6ابن نما . 14 /
ن اليمان قيد الفتك ،فل يفتك مؤمن ( ). (1 رسول الله )ص( )) :إ ّ
ن ل أفعل هذا في ي بالله أ ْ ّ
والثانية :امرأة هاني ،فإّنها تعلقت بي وأقسمت عل ّ
دارها ،وبكت في وجهي فقال هاني :يا ويلها ! قتلتني وقتلت نفسها ،والذي
فّرت منه وقعت فيه).2
ما ّ
ولبث شريك بعد ذلك ثلثة أيام ومات فصلى عليه ابن زياد) ،3ودفن بالثوبة ،ول ّ
ن شريكا ً كان يحّرض على قتله ،قال :والله ل ُاصّلي على جنازة وضح لبن زياد أ ّ
ت شريكًا).4 ن قبر زياد فيهم لنبش ُ عراقي أبدا ً ولول أ ّ
وأخذت اليشعة تختلف إلى مسلم بن عقيل في دار هاني على تسّتر واستخفاء
من ابن زياد وتواصوا بالكتمان ؛ فخفي على ابن زياد موضع مسلم ،فدعا معقل ً
ن يلقى الشيعة ويعّرفهم أّنه من أهل الشام موله ،وأعطاه ثلثة آلف ،وأمره أ ْ
ب أهل بيت رسوله ،وبلغه قدوم رجل مولى لذي الكلع ،وقد أنعم الله عليه بح ّ
ة للحسين ،وعنده مال يريد أن يلقاه ويوصله منهم إلى هذا المصر داعي ً
____________________________
) (1ابن الثير ، 11 / 4وتاريخ الطبري ، 240 / 6وقد تكرر ذكر الحديث في
مال بهامشه ، 57 / 1 الجوامع ،ففي مسند أحمد ، 166 / 1ومنتخب كنز الع ّ
والجامع الصغير للسيوطي ، 123 / 4وكنوز الحقايق بهامشه ، 95 / 1ومستدرك
الحاكم ، 352 / 4ومقتل الخوارزمي 202 / 1الفصل العاشر ،ومناقب ابن شهر
آشوب ، 318 / 2والبحار الجزء الحادي عشر في معاجز الصادق )ع( ،و وقايع
اليام عن الشهاب في الحكم والداب .
)2ابن نما : 14 /وهذه الكلمة من عالم أهل البيت وخليفة سّيد الشهداء في
المور الدينية والمدنية تفيد المل الديني المقتفي آثارهم فقها ً بشريعة الرسول
منن يدخل ب َ ن النفوس الطاهرة تأبى للضيف أ ْ القدس المانعة من الغدر ،وأ ّ
مة لو كانوا يفقهون . دسة لل ُ ّ استضافهم ما يكرهون وهذه تعاليم مق ّ
60
وهناك سّر دقيق ومغزى آخر نظر إليه )شهيد القصر لمسناه جوهرة فريدة من
من قال له :أل تقتل ابن ملجم ؟ فقال )ع( : مه أمير المؤمنين في جواب َ قول ع ّ
م سلمة )) :إذا لم أمض إلى كربل ُ
من يقتلني ؟ ( ،ومن قول الحسين ل ّ ))إذن ف َ
ن مفاد ذلك فمن يقتلني ؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي ؟ وبماذا يختبرون ؟! ( ،فإ ّ
عدم قدرة أحد على تغيير المقادير اللهية المحّتمة ،وقد أجرى الله القضاء
بشهادة أمير المؤمنين والحسين على يد ابن ملجم ويزيد .
وإذا كان من الجائز أن يطلع أمير المؤمنين الخواص من أصحابه كميثم وحبيب
ن يوقف من يكون ،فمن القريب جدا ً أ ْ ورشيد وكميل على كيفية قتلهم وعلى يد َ
ن ابن عقيل سّيد الشهداء )ع( مسمل بن عقيل على ما يجري عليه حرفا ً حرفا ً ؛ ل ّ
ن الظرف لم يساعده على في السنام العلى من اليقين والبصيرة النافذة ،ولك ّ
مد مستصعب ،فأخذ يجمل في البيان ، ن سّر آل مح ّ إظهار هذه السرار ،فإ ّ
سطنا في إيضاح ذلك تحت وعليك بمراجعة كتابنا )الشهيد مسلم 134 /فقد تب ّ
عنوان )مسلم ل يغدر .
)3مقتل الحسين للخوارزمي 202 / 1الفصل العاشر ،وتاريخ الطبري . 202 / 6
)4تاريخ الطبري . 202 / 6
إليه ،فدخل معقل الجامع العظم ورأى مسلم بن عوسجة السدي يصّلي ،فل ّ
ما
ص عليه حاله ،فدعا له مسلم بالخير والتوفيق ،وأدخله على ابن فرغ دنا منه وق ّ
عقيل ،فدفع إليه المال وبايعه ) (1وسّلمه إلى أبي ثمامة الصائدي ،وكان بصيرا ً
شجاعا ً ومن وجوه الشيعة عّينه مسلم لقبض ما يرد عليه من الموال ؛ ليشتري
به سلحا ً .
ل يوم فل ُيحجب عنه ويتعّرف الخبار ، فكان ذلك الرجل يختلف إلى مسلم ك ّ
ويرفعها إلى ابن زياد عند المساء).2
موقف هاني
ن مسلما مختبئ في دار هاني بن عروة ،دعا ً ما وضح المر لبن زياد وعرف أ ّ ول ّ
جاج وسألهم عن انقطاع هاني ح ّ
أسماء بن خارجة ومحمد بن الشعث وعمرو بن ال َ
عنه ،قالوا :الشكوى تمنعه ،فلم يقتنع ابن زياد بعد أن أخبرته العيون بجلوسه
ل عشّية ،فركب هؤلء الجماعة إليه وسألوه المسير إلى على باب داره ك ّ
ما طلع عليه قال حوا عليه ،فركب بغلته ،ول ّ ن الجفاء ل يحتمله وأل ّ سلطان فإ ّ ال ّ
ابن زياد :أتتك بخائن رجله) ،3والتفت إلى شريح القاضي وقال):4
اااا ااااا ااااا اااا ااااا اا ااااا اا اااا ا
____________________________
) (1الخبار الطوال . 237 /
)2الرشاد للمفيد .
ما ظفر )3في مجمع المثال للميداني : 19 / 1قاله الحارث بن جبلة الغساني ل ّ
بالحرث بن عفيف العبدي حين هجاه .
ن البيت لعمرو بن معد )4في الصابة ) 274 / 2بترجمة قيس بن المكشوح :إ ّ
يكرب من أبيات قالها في ابن ُاخته وكانا متباعدين .
ما دخل عليه ابن ملجم ن أمير المؤمنين )ع( تمثل به ل ّ وفي الغاني : 32 / 14إ ّ
المرادي يبايعه .
ن أبا العّباس السفاح وفي تاريخ اليعقوبي 97 / 3المطبة الحيدرية بالنجف :أ ّ
مد بن عبد الله بالمدينة ،فكتب إلى أبيه عبد الله بذلك وكتب في بلغه تحرك مح ّ
الكتاب .
61
اااا ااااا ااااا اااا ااااا اا ااااا اا اااا ا
فكتب إليه عبد الله:
وكـيف يريد ذاك وأنت منه بـمنزلة الـنياط من الفؤاد
وكـيف يريد ذاك وأنت منه وزندك حين يقدح من زنادي
وكـيف يريد ذاك وأنت منه وأنـت لـهاشم رأس وهاد
سلح ؟! م التفت إلى هاني وقال :أتيت بابن عقيل إلى دارك ،وجمعت له ال ّ ث ّ
ن الخبر أتاه ً
فأنكر عليه هاني وإذ كثر الجدال ،دعا ابن زياد معقل ،ففهم هاني أ ّ
ب مكافأته ،فهل لك ن لبيك عندي بلًء حسنا ً وأنا ُاح ّ من جهته ،فقال لبن زياد :إ ّ
من هو في خير ؟ تمضي أنت وأهل بيتك إلى الشام سالمين بأموالكم ؛ فإّنه جاء َ
أحقّ بالمر منك ومن صاحبك ) ، (1فقال ابن زياد :وتحت الرغوة اللبن الصريح)
.2
فقال ابن زياد :والله ل تفارقني حّتى تأتيني به ،قال :والله لو كان تحت قدمي
دده بالقتل فقال هاني :إذا ً تكثر البارقة ما رفعتهما عنه ،فأغلظ له ابن زياد وه ّ
سيف ن مرادا ً تمعنه ،فأخذ ابن زياد بظفيرتيه وقنع وجهه بال ّ نأ ّ حولك ،وهو يظ ّ
ديه وجبينه على لحيته وحبسه عنده).3 حّتى كسر أنفه ونثر لحم خ ّ
ن هانيا ً قُِتل ـ وكانت ُاخته روعة تحت هاني ،وهي ا ُ ّ
م جاج أ ّ ح ّ
وبلغ عمرو بن ال َ
ما علم به ابن يحيى بن هاني ـ فأقبل في جمع من مذحج ،وأحاط بالقصر فل ّ
ما
زياد ،أمر شريح القاضي)4أن يدخل على هاني ويعلمهم بحياته ،قال شريح :ل ّ
ي عشرة أنقذوني .فلو ن دخل عل ّ رآني هاني صاح بصوت رفيع :يا للمسلمين ! إ ْ
ت أصحابه مقالته َلم يكن معي حميد بن أبي بكر الحمري وهو شرطي ،لبلغ ُ
جاج وانصرف بقومه).5 ح ّي ،فحمد الله عمرو بن ال َ ت :إّنه ح ّولكن قل ُ
نهضة مسلم
جل الخروج قبل الجل الذي ة فتع ّ ً
ما بلغ مسلما خبر هاني ،خاف أن يؤخذ غيل ً ول ّ
ن ينادي في أصحابه ،وقد مل بهم بينه وبين الّناس ،وأمر عبد الله بن حازم أ ْ
____________________________
) (1مروج الذهب . 88 / 2
)2المستقصى للزمخشري 15 / 1ط حيدر آباد .
)3مثير الحزان لبن نما .
)4ذكر خليفة بن عمرو في كتاب الطبقات 330 / 1رقم : 1037إّنه من )البناء
الذين باليمن وعداده في كندة ،مات سنة 76ه .
وفي التعليق على الطبقات لسهيل زكار 1 / 16قال :البناء ،هم ولد الفرس
الذين أتوا مع سيف بن ذي يزن لمساعدته على طرد الحباش ،والبناء في اليمن
صة فان آباءهم فرس وُامهاتهم عربيات . كلون طبقة خا ّ يش ّ
)5الطبري : 206 / 6وعند ابن نما وابن طاووس اسمها رويحة بنت عمرو بن
الحجاج .
الدور حوله فاجتمع إليه أربعة آلف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر ) :يا منصور
ت.أم ْ
م عقد لعبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة ،وقال :سر ث ّ
أمامي على الخيل .وعقد لمسلم بن عوسجة السدي على ربع مذحج وأسد ،
وقال :انزل في الرجال .وعقد لبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان .
وعقد للعّباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة .
َ
وأقبلوا نحو القصر فتحّرز ابن زياد فيه وغلق البواب ولم يستطع المقاومة ؛ لّنه
62
َلم يكن معه إل ّ ثلثون رجل ً من الشرطة وعشرون رجل ً من الشراف ومواليه ،
لكن نفاق الكوفة وما جبلوا عليه من الغدر لم يدع لهم علما ً يخفق ،فلم يبقَ من
الربعة آلف إل ّ ثلثمئة ). (1
ل يوم بع ً
ل).2 وقد وصفهم الحنف بن قيس بالمومسة تريد ك ّ
من في القصر يا أهل الكوفة اتقوا لله ول توردوا على أنفسكم خيول ما صاح َ ول ّ
ن الرجل يأتي الشام ،فقد ذقتموهم وجّربتموهم ،فتفّرق هؤلء الثلثمئة حّتى أ ّ
مه فيقول له :انصرف ،والمرأة تأتي زوجها فتتعلق به حّتى ابنه وأخاه وابن ع ّ
يرجع).3
م انصرف نحو سلم العشاء بالمسجد ومعه ثلثون رجل ً ث ّ فصّلى مسلم عليه ال ّ
من يدّله على الطريق)،6 كنده)4ومعه ثلثة ولم يمض إل قليل ً وإذا لم يشاهد َ
جه).5 فنزل عن فرسه ومشى متلددا ً في أزّقة الكوفة ل يدري إلى أين يتو ّ
ما تفرق الناس عن مسلم وسكن لغطهم ولم يسمع ابن زياد أصوات ول ّ
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 207 / 6
)2أنساب الشراف ، 338 / 5وفي الغاني : 162 / 17وصفهم بذلك إبراهيم بن
ده بأهل العراق . ن يم ّما أراد أ ْ
الشتر لمصعب ل ّ
)3تاريخ الطبري . 208 / 6
)4الخبار الطوال . 240 /
)5شرح مقامات الحريري للشريشي 192 / 1آخر المقامة العاشرة .
)6اللهوف . 29 /
ن يشرفوا على ظلل المسجد لينظروا هل من معه في القصر أ ْ مَر َالرجال ،أ َ
كمنوا فيها ،فكانوا يدلون القناديل ،ويشعلون الّنار في القصب ويدلونها بالحبال
ن
مَر مناديه أ ْ ن تصل إلى صحن الجامع فلم يروا أحدا ً ،فأعلموا ابن زياد ،وأ َ إلى أ ْ
ما امتل المسجد بهم ،رقى المنبر ينادي في الّناس ؛ ليجتمعوا في المسجد ،ول ّ
مةن ابن عقيل قد أتى ما قد علمتم من الخلف والشقاق ،فبرأت الذ ّ وقال :إ ّ
من رجل َوجدناه في داره ،ومن جاء به فله ديته ،فاتقواء الله عباد الله ،والزموا
طاعتكم وبيعتكم ول تجعلوا على أنفسكم سبيل ً .
سكك ،وح ّ
ذره ن يفّتش الدور وال ّ م أمر صاحب شرطته ،الحصين بن تميم أ ْ ث ّ
ن أفلت مسلم وخرج من الكوفة ). (1 بالفتك به إ ْ
سكك ،وتتّبع الشراف الّناهضين مع مسلم ، فوضع الحصين الحرس على أفواه ال ّ
م
فقبض على عبد العلى بن يزيد الكلبي وعمارة بن صلخب الزدي ،فحبسهما ث ّ
قتلهما ،وحبس جماعة من الوجوه ؛ استيحاشا ً منهم ،وفيهم الصبغ بن نباته ،
والحارث العور الهمداني).2
حبس المختار
وكان المختار عند خروج مسلم في قرية له تدعى )خطوانية ) ،3فجاء بمواليه
ة
كز المختار راي ً يحمل راية خضراء ،ويحمل عبد الله بن الحارث راية حمراء ،ور ّ
ن أمنع عمرًا) ،4ووضح لهما قتل مسلم على باب عمرو بن حريث وقال :أردت أ ْ
وهاني وُاشير عليهما بالدخول تحت راية المان عند عمرو بن حريث ففعل وشهد
ن شتم المختار لهما ابن حريث باجتنابهما ابن عقيل ،فأمر ابن زياد بحبسهما بعد أ ْ
ن
سجن إلى أ ْ واستعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه) ،5وبقيا في ال ّ
____________________________
) (1تاريخ الطبري 209 / 6و . 210
63
)2في طبقات ابن سعد 169 / 6طبعة صادر :كانت وفاة الحارث العور بالكوفة
أيام خلفة عبد الله بن الزبير وعامله عليها عبد الله بن يزيد النصاري الخطمي ،
فصّلى على جنازة الحارث بوصّية منه .
)3أنساب الشراف للبلذري ، 214 / 5وفي معجم البلدان : 449 / 3هي ناحية
في بابل العراق .
)4تاريخ الطبري . 215 / 6
)5في المعارف لبن قتيبة 253 /باب ذوي العاهات ،والمحبر لبن حبيب : 303 /
ضرب عبيد الله بن زياد وجه المختار بالسوط فذهبت عينه .
الصفحة )(58 (1
سلم ( ). (1 ُقتل الحسين عليه ال ّ
مد بن الشعث) ،2وشبث بن ربعي ،والقعقاع بن شور الذهلي) وأمر ابن زياد مح ّ
ن يرفعوا راية جار بن أبجر) ،4وشمر بن ذي الجوشن ،وعمرو بن حريث أ ْ ح ّ ،3و َ
من خّيم عليهم الفرق ،وآخرون جّرهم ذلوا الّناس) ،5فأجاب جماعة م ّ المان ويخ ّ
الطمع الموهوم ،واختفى الذين طُهرت ظمائرهم وكانوا يترّقبون فتح البواب
للحملة على صولة الباطل .
مسلم في بيت طوعة
سير إلى دور بني جبلة من كندة ،و وقف على باب امرأة وانتهى بابن عقيل ال ّ
م ولد كانت للشعث بن قيس أعتقها ،وتزّوجها أسيد الحضرمي يقال لها طوعة ا ُ ّ
مه واقفة على الباب تنتظره ،فاستسقاها فولدت له بلل ً ،كان مع الّناس ،وا ُ ّ
ن عّرفها أّنه ليس له في المصر أهل مسلم فسقته ،واستضافها فأضافته ،بعد أ ْ
ول عشيرة ،وأّنه من أهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب ،وهو مسلم بن عقيل
فأدخلته بيتا ً غير الذي ياوي إليه ابنها ،وعرضت عليه الطعام فأبى ،وأنكر ابنها
ن حلف لها كثرة الدخول والخروج لذلك البيت ،فاستخبرها فلم تخبره إل ّ بعد أ ْ
كتمان المر .
وعند الصباح أعلم ابن زياد بمكان مسلم ،فأرسل ابن الشعث في سبعين من
ما سمع مسلم وقع حوافر الخيل ،عرف أّنه قد ُاتي) قيس ليقبض عليه ،ول ّ
م لبس لمته وقال لطوعة جل دعاءه الذي كان مشغول ً به بعد صلة الصبح ،ث ّ 6فع ّ
ت نصيبك من شفاعة رسول الله ،ولقد رأيت ت ما عليك من الب ِّر ،وأخذ ِ دي ِ
:قد أ ّ
مي أمير المؤمنين في المنام وهو يقول لي :أنت معي غدًا).7 البارحة ع ّ
____________________________
) (1أنساب الشراف . 215 / 5
ُ
مه ام ُ
مد بن الشعث بن قيس ا ّ )2في الطبقات لخليفة 331 / 1رقم : 1043مح ّ
فروة بنت أبي قحافة قتل سنة 67مع مصعب أيام المختار ،الجرح والتعديل 3
القسم الثاني 206 /
)3في الطبقات لخليفة 328 / 1رقم : 1032القعقاع بن شور بن النعمان بن
غنال بن حارثة بن عباد ابن امرئ القيس بن عمرو بن شيبان بن ذهل ،نزل
الكوفة .الجرح والتعديل 3القسم الثاني . 137 /
)4في تاريخ الطبري : 84 / 6كان ابجر نصرانيا ً ،مات سنة أربعين .
)5كامل ابن الثير . 12 / 4
)6المقاتل لبي الفرج ،وتاريخ الطبري ، 210 / 6ومقتل الخوارزمي 208 / 1
الفصل العاشر .
)7نفس المهموم . 56 /
64
م عادوا إليه وخرج إليهم مصلتا ً سيفه ،وقد اقتحموا عليه الدار فأخرجهم منها ،ث ّ
وأخرجهم وهو يقول :
اا ااااا ااااا ااا اا ااا اااا ااااا ااااا ااااا اا اا اااا
اااااااا ااااا اااا ااااا اااااا
ااااا ااااا اااا ااا ااااا اااا
وته يأخذ الرجل بيده ويرمي به فقتل منهم واحدا ً وأربعين رجل ً ) ، (1وكان من ق ّ
فوق البيت).2
ده الرجال ،فبعث إليه اللئمة ،فأرسل وأنفذ ابن الشعث إلى ابن زياد يستم ّ
ي الكوفة أو جرمقاني من جرامقة قال ّ
قال من ب ّ ن أّنك أرسلتني إلى ب ّ إليه :أتظ ّ
ده
مد بن عبد الله ،فم ّالحيرة)3وإّنما أرسلتني إلى سيف من أسياف مح ّ
بالعسكر).4
َ
واشتد ّ القتال فاختلف مسلم وُبكير بن حمران الحمري بضربتين ،ضرب ُبكير فم
سفلى ونصلت لها ثنيتان ،وضربه سيف إلى ال ّ مسلم فقطع شفته العليا وأسرع ال ّ
ن تطلع إلى ة منكرةً وُاخرى على حبل العاتق حّتى كادت أ ْ مسلم على رأسه ضرب ً
جوفه ،فمات).5
م أشرفوا عليه من فوق ظهر البيت يرمونه بالحجارة ويلهبون الّنار في أطنان ث ّ
سكة ،وهو يرتجز بأبيات القصب)6ويلقونها عليه ،فشد ّ عليهم يقاتلهم في ال ّ
حمران بن مالك :
اااا ااااا ااااا اااا اا ااا ااااا ااا ااا اااااا اا ا
اا
اا اااااا ااااااا ااااا ا ا اااا اااا ااااا اااا ا ا
____________________________
) (1مناقب ابن شهر آشوب . 212 / 2
)2نفس المهموم . 57 /
)3في الصحاح :الجرامقة :قوم من العجم صاروا إلى الموصل ،وزاد في
القاموس )أوائل السلم ،والواحد جرمقاني ،وفي تاج العروس :إّنه كالسم
م الميم الخاص ،وفي اللسان :جرامقة الشام :أنباطها ،واحدهم جرمقاني )بض ّ
والجيم بينهما راء ،وفي جمهرة ابن دريد : 324 / 3وجرمق :غير عربي ،
والجرامق :جيل من الناس .
)4المنتخب 299 /الليلة العاشرة .
)5مقتل الخوارزمي 210 / 1الفصل العاشر .
م :حزمة القصب ،والقصبة الواحدة من )6في الصحاح والقاموس :الطن )بالض ّ
الحزمة طنة .
)( (1 اا
اااا ااااا اااااا اااا اا اااا اا اا ا اااا
دم ،فاستند إلى جنب تلك الدار ،فتحاملوا وأثخنته الجراحات ،وأعياه نزف ال ّ
فار
سهام والحجارة ،فقال :مالكم ترموني بالحجارة كما ترمى الك ّ عليه يرمونه بال ّ
،وأنا من أهل بيت النبياء البرار ،أل ترعون حقّ رسول الله في عترته ؟
متي ،قال مسلم :أُاوسر وبي فقال له ابن الشعث :ل تقتل نفسك وأنت في ذ ّ
طاقة ؟! ل والله ل يكون ذلك أبدا ً ،وحمل على ابن الشعث فهرب منه ،ث ّ
م
ل جانب وقد اشتد به العطش ،فطعنه رجل من خلفه فسقط حملوا عيه من ك ّ
إلى الرض وُاسر).2
ديه حّتى إذا م انكشفوا بين ي َوقيل :إّنهم عملوا له حفيرة وستروها بالتراب ،ث ّ
وقع فيها أسروه).3
65
سلمي من بكائه . جب عمرو بن عبيد الله ال ّ ما انتزعوه سيفه ،دمعت عينه فتع ّ ول ّ
مسلم وابن زياد
ّ
وجيء به إلى ابن زياد ،فرأى على باب القصر قلة مبّردة فقال :اسقوني من
____________________________
) (1هذه البيات ذكرها ابن طاووس في اللهوف 30/طبعة صيدا ،وابن نما في
ماه يوم )القرم ،وذكرها الخوارزمي في مثير الحزان بدون الشطر الخامس ،وس ّ
المقتل 209 / 1الفصل العاشر بزيادة شطرين ولم ينسبها ،وذكر ابن شهر
لولى ايران ستة أشطر . آشوب في المناقب 212 / 2الطبعة ا ُ
وهذا اليوم لم يذكره المؤلفون في أيام العرب الجاهلية ،نعم في معجم البلدان
ما استعجم للبكري ، 1062 / 3وتاج العروس : 310 / 9 ، 64 / 7والمعجم م ّ
قرن :اسم جبل كانت فيه واقعة على بني عامر ،وفي نهاية الرب للقلقشندي /
: 321بنو قرن :بطن من مراد ،ومنهم ُاويس القرني ،وكّله ل يرشدنا إلى
مد بن حبيب النسابة في رسالة المغتالين 243 / شيء صحيح ،نعم ذكر مح ّ
المدرجة في المجموعة السابعة من نوادر المخطوطات ،تحقيق عبد السلم
ن خثعما ً قتلت الصميل أخا ذي الجوشن الكلبي ؛ فغزاهم ذو الجوشن ، هارون :أ ّ
وسانده عيينة بن حصن على أن يكون له المغنم ،ولقوا خثعما بـ )الفزر ،وهو
جبل ،فقتل واثخنا وغنما ،قوتل بالجبل حمران بن مالك بن عبد الملك الخثعمي ،
فأمره أن يستأسر فأنشأ يقول :
اا اااا ااااا ااااااااا اا ا ااااا ااااا ا ااااا اا ا
اااا
اااا اا ا اااا اا ا
م ُقتل ،و رثته ُاخته فقالت : ث ّ
اااا ااااا ااا اااا اااا ااا ااااا ااا اااا
ااااااا ااااااا اااااا اااااا ااا اااا ااااا
)2مناقب ابن شهر آشوب ، 212 / 2ومقتل الخوارزمي 209 /1و . 210
)3المنتخب للطريحي 299 /المطبعة الحيدرية في النجف ،عند ذكر الليلة
العاشرة .
هذا الماء ،فقال له مسلم بن عمرو الباهلي ) : (1ل تذوق منها قطرة حّتى تذوق
الحميم في نار جهّنم ،قال مسلم )ع( :من أنت ؟ قال :أنا من عرف الحقّ إذ
مك الثكل ،ما أقساك أنكرته ،ونصح لمامه إذ غششته ،فقال له ابن عقيل :ل ُ ّ
م جلس وتساند إلى حائط القصر).2 ظك ،أنت ابن باهلة أولى بالحميم ،ث ّ وأف ّ
فبعث عمارة بن عقبة بن أبي معيط غلما ً له ُيدعى قيسًا)3فأتاه بالماء ،وكّلما
ن يشرب ،امتل القدح دما ً ،وفي الثالثة ذهب ليشرب فامتل القدح دما ً أراد أ ْ
وسقطت فيه ثناياه فتركه وقال :لو كان من الّرزق المقسوم لشربُته .
وخرج غلم ابن زياد فأدخله عليه ،فلم يسّلم ،فقال له الحرسي :أل تسلم على
ّ
سلم على من المير ؟ قال له :اسكت إّنه ليس لي بأمير) ،4ويقال أّنه قال :ال ّ
شي عواقب الردى وأطاع الملك العلى ،فضحك ابن زياد وقال : خ ِاتبع الهدى و َ
ن هو شّر ن قتلتني فلقد قََتل َ
م ْ م تسلم إّنك مقتول) ،5فقال مسلم :إ ْ ّ سّلمت أو ل َ ْ
ن هو خيرا ً مّني ،وبعد فإّنك ل تدع سوء القتلة ول قبح المثلة وخبث م ْمنك َ
السريرة ولؤم الغلبة لحد أولى بها منك .
ت عصا المسلمين ،والقحت ت على إمامك ،وشقق َ فقال ابن زياد :لقد خرج َ
الفتنة ،قال مسلم :كذبت إّنما شقّ العصا معاوية وابنه يزيد ،والفتنة ألقحها
ن يرزقني الله الشهادة على يد شّر برّيته).6 أبوك ،وأنا أرجوا أ ْ
66
ن يوصي إلى بعض قومه فأِذن له ونظر إلى الجلساء فرأى عمر م طلب مسلم أ ْ ث ّ
ن بيني وبينك قرابة ،ولي إليك حاجة ،ويجب عليك نجح بن سعد ،فقال له :إ ّ
ّ
حاجتي وهي سّر .فأبى أن يمكنه من ذكرها ،فقال ابن زياد :ل تمتنع أن تنظر
ن
مك ،فقام معه بحيث يراهما ابن زياد ،فأوصاه مسلم أ ْ في حاجة ابن ع ّ
____________________________
) (1في كامل ابن الثير 126 / 4حوادث سنة 71هـ :مسلم بن عمرو الباهلي ،
لولى حوادث سنة 71هـ :قتل والد قتيبة ،وفي تاريخ الطبري 185 / 7الطبعة ا ُ
ما التقى مع مسلم بن عمرو الباهلي )بدير الجاثليق وكان مع مصعب بن الزبير ل ّ
جيش عبد الملك ..
)2الرشاد للشيخ المفيد .
ن عمرو بن حريث بعث غلمه سليما فأتاه )3الطبري : 212 / 6وعند المفيد :أ ّ
بالماء .
)4اللهوف ، 30 /وتاريخ الطبري . 212 / 6
)5المنتخب . 300 /
)6ابن نما ، 17 /ومقتل الحوارزمي 211 / 1الفصل العاشر .
يقضي من ثمن سيفه ودرعه دينا ً استدانه منذ دخل الكوفة يبلغ ستمئة درهم )، (1
ن يكتب إلى الحسين بخبره .فقام ن يستوهب جّثته من ابن زياد ويدفنها ،وأ ْ وأ ْ
ل ما أسّره إليه فقال ابن زياد :ل يخونك عمر بن سعد إلى ابن زياد وأفشى ك ّ
المين ،ولكن قد يؤتمن الخائن ).(2
ً
م التفت ابن زياد إلى مسلم وقال :أيها يابن عقيل ،أتيت الّناس وهم جمع ث ّ
ن أباك قتل ت لذلك ،ولكن أهل المصر زعموا أ ّ ت أتي ُ ّ
ففّرقتهم ،قال :كل ،لس ُ
خيارهم وسفك دماءهم وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر ،فأتيناهم لنأمر بالعدل
وندعوا إلى حكم الكتاب .
ن اللهم نكن نعمل فيهم بالعدل ؟ فقال مسلم :إ ّ َ
قال ابن زياد :ما أنت وذاك أوَ ل ْ
ن ،فشمته َليعلم إّنك غير صادق ،وإّنك لتقتل على الغضب والعداوة وسوء الظ ّ
____________________________
) (1في الخبار الطوال : 241 /يبلغ ألف درهم .
)2الرشاد وتاريخ الطبري ج 6ص 212وهذه الجملة التي هي كالمثل وردت في
لسان أهل البيت )ع( ليهم السلم ،ففي الوسائل للحر العاملي ج 2ص 643باب
9عدم جواز ائتمان الخائن ،روى الكليني مسندا ً عن معمر بن خلد قال سمعت
أبا الحسن )ع( ليه السلميقول كان أبو جعفر )ع( ليه السلميقول :لم يخنك
المين ولكن ائتمنت الخائن .
ثم انه لم تخف على شهيد القصر مسلم )ع( ليه السلمنفسية عمر بن سعد ولم
يجهل دنس أصله ولكنه أراد ان يعرف الكوفيين مبلغه من المروءة والحفاظ كي
ل يغتر به احد ،وهناك سر آخر وهو ارشاد المل الكوفي إلى أن أهل البيت )ع(
ليهم السلموولتهم لم يقصدوا ال الصلح ونشر الدعوة اللهّية وهذا الوالي من
قبلهم لم يمد يده الى بيت المال وكان له ان يتصرف فيه كيف شاء غير انه قضى
أيامه البالغة أربعا ً وستين بالستدانة وهكذا ينبغي أن تسير الولة فل يتخذون مال
الفقراء مغنما ...ولقد ذكرني هذا )الخائنبقصة خالد القسري على كتمان السر
لنه من شيم العرب واخلق السلم مع ما يحمله من المباينة لنبي السلم )صّلى
الله عليه وآله( وشتم سيد الوصياء على المنابر وقوله فيه ما ل يسوغ لليراع ان
يذكره وذلك أن الوليد بن عبد الملك أراد الحج فعزم جماعة على اغتياله وطلبوا
67
من خالد المشاركة معه فأبى ،فقالوا له اكتم علينا ،فأتى خالد الوليد وقال له دع
مهم لي ، الحج هذا العام فاني خائف عليك قال الوليد من الذين تخافهم علي ؟ س ّ
فامتنع أن يسمهم وقال :اني نصحتك ولن اسمهم لك فقال اني ابعث بك الى
عدوك يوسف بن عمر قال :وان فعلت فلن اسمهم فبعث به الى يوسف فعذبه
ولم يسمهم فسجنه ثم وضع على صدره المضرسة فقتل سنة 126هـ عن ستين
سنة ودفن بناحية ،وعقر عامر بن سهل الشعري فرسه على قبره فضربه
يوسف سبعمائة سوط ولم يرثه احد من العرب على كثرة أياديه عندهم ال ابا
الشغب العبسي قال :
ااا اا اااا اااااا ااااا اااااا
ااااا ااااا ااااا اا ااااااا
اااااا اااا ااااا ااااا اااااا ااااااااااا
اااااا ااااااااا
ااا اااااا اااااا اا اااااا اااا ااا
ااااااا ااااااا اا ااااااا
تهذيب ابن عساكر ج 5ص . 79
ابن زياد وشتم عليا ً وعقيل ً والحسين ) ، (1فقال مسلم :أنت وأبوك أح ّ
ق
بالشتم ،فاقض ما أنت قاض يا عدوّ الله).2
ن يصعد به إلى أعلى القصر ويضرب عنقه ،ويرمي فأمر ابن زياد رجل ً شاميًا)3أ ْ
رأسه وجسده إلى الرض ،فأصعده إلى أعلى القصر ،وهو يسّبح الله ويهّلله
م احكم بيننا وبين قوم غّرونا وخذلونا وكذبونا ،وتوجه نحو ويكّبره)4ويقول :الله ّ
المدينة وسّلم على الحسين).5
وأشرف به الشامي على موضع الحذائين وضرب عنقه ورمى برأسه وجسده إلى
الرض) ،6ونزل مذعورا ً ،فقال له ابن زياد :ما شأنك ؟ قال :رأيت ساعة قتله
ت منه فقال ابن زياد : ضا ً على إصبعه ،ففزع ُ يء الوجه حذائي عا ّ رجل ً أسود َ
س ّ
دهشت).7 لعّلك ُ
م أخرج هاني إلى مكان من السوق ُيباع فيه الغنم وهو مكتوف ،فجعل يصيح ث ّ
ن
ما رأى أ ّوآمذحجاه ! ول مذحج لي اليوم ،وآمذحجاه ! وأين مّني مذحج ؟ فل ّ
أحدا ً ل ينصره جذب يده ونزعها من الكتاف وقال :أما من عصا أو سكين أو حجر
أو عظم يدافع رجل عن نفسه ؟ ووثبوا عليه وأوثقوه كتافا ً وقيل له :مد ّ عنقك ،
سيف مولى فقال :ما أنا بها سخي ،وما أنا بمعينكم على نفسي ،فضربه بال ّ
لعبيد الله ابن زياد تركي ُيقال له رشيد ،فلم يصنع فيه شيئا ً فقال هاني :إلى الله
م ضربه ُاخرى فقتله .وهذا العبد قتله عبد م إلى رحمتك ورضوانك ،ث ّ المعاد الله ّ
الرحمن بن الحصين المرادي رآه مع عبيد الله بـ )الخازر).8
وأمر ابن زياد بسحب مسلم وهاني بالحبال من أرجلهما في السواق)9
____________________________
) (1كامل ابن الثير 14 / 4والطبري . 213 / 6
)2اللهوف . 31 /
)3مقتل الخوارزمي . 213 / 1
)4تاريخ الطبري . 213 / 6
)5أسرار الشهادة . 259 /
)6ميثر الحزان . 18 /
)7مقتل الخوارزمي ، 312 / 1 /والملهوف .
68
)8تاريخ الطبري . 214 / 6
)9المنتخب ، 301 /وفي تاريخ الخميس 266 / 2عند ذكر أولد أبي بكر :أمر
مد بن أبي بكر في الطريق ويمّروا على دار عمرو بن معاوية ابن خديج بسحب مح ّ
م أمر بإحراقه ،فاحرقت جثته بعد ان وضع في ُ العاص ؛ لعلمه بكراهيته لقتله ،ث ّ
جوف حمار .
ما قتل وفي كامل ابن الثير 153 / 11حوادث سنة ، 555عليه مروج الذهب :ل ّ
ظهير الدين ابن العطار أمر فوضعوا حبل ً في مذاكيره وسحبوه في الشوارع ،و
لخرى وضعوا قلما ً وهم يصيحون : وضعوا في يده مغرفة فيها عذرة وفي يده ا ُ
وّقع لنا يا مولنا .
ن
مد بن تقي الدين اليوبي : 12 /أ ّ وفي مضمار الحقائق لصاحب حماة مح ّ
بعضهم قطع ُاذنه وذلك في 15ذي القعدة سنة 575هـ .
وصلبهما بالكناسة منكوسين ) ، (1وأنفذ الرأسين إلى يزيد ،فنصبهما في درب
من دمشق).2
قه وكفاه مؤنة ما بعد ،فالحمد لله الذي أخذ لمير المؤمنين بح ّ وكتب إلى يزيد :أ ّ
ن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هاني بن عدّوه ،أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أ ّ
عروة المرادي ،وإّني جعلت عليهما العيون ودسست إليهما الرجال وكدتهما حّتى
ت إليك برأسيهما مع ت أعناقهما ،وبعث ُ استخرجتهما ،وأمكن الله منهما فضرب ُ
هاني بن أبي حّية الوادعي الهمداني ،والزبير بن الروح التميمي ،وهما من أهل
ن عندهما ب ،فإ ّ ما أح ّ سمع والطاعة والنصيحة ،فليسألهما أمير المؤمنين ع ّ ال ّ
سلم . ً ً
علما وصدقا وفهما وورعا ،وال ّ ً ً
ب ،عملت عمل ُ
ت كما اح ّ ن كن َ َ
ما بعد ،فإّنك لم تعد أ ْ وكتب يزيد إلى ابن زياد :أ ّ
الحازم ،وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش ،فقد أغنيت وكفيت وصدقت ظّني
بك ورأيي فيك ،وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما ،فوجدتهما في رأيهما
ن الحسين بن علي قد ت فاستوص بهما خيرا ً ،وإّنه قد بلغني أ ّ وفضلهما كما ذكر َ
جه نحو العراق ،فضع المناظر والمسالح ،واحترس على الظن ،وخذ على تو ّ
التهمة) ،3وهذا الحسين قد ابتلي به زمانك من بين الزمان وبلدك من بين
البلدان ،وابتليت
____________________________
) (1مناقب ابن شهر آشوب ، 21 / 2ومقتل الخوارزمي : 215 / 1وهذه الفعلة
ل شيء من العطف ل يأتي بها إل ّ من خرج عن ربقة السلم ،ولم يحمل أق ّ
جاج بعبد الله بن الزبير ،كما في أنساب الشراف ح ّ والرّقة ،وبمثلها صنع ال َ
للبلذري ، 268 / 5وابن حبيب في المحبر . 481 /
وفي مختصر تاريخ الدول لبن العبري : 116 /إن الملك نارون صلب فطرسا
وبولسا منكوسين بعد أن قتلهما .
ُ
ن ابراهيم الفزاري ضبطت عليه امور منكرة وفي حياة الحيوان مادة الكلب :إ ّ
ُ ً
من الستهزاء بالله والنبياء فأفتى فقهاء القيروان بقتله وصلب منكسا ثم انزل
وُاحرق بالّنار .
جاج بن يوسف ح ّوفي المحبر لمحمد بن حبيب 481 /طبعة حيدر آباد :صلب ال َ
عبد َ الله بن الزبير بمكة منكسا ً .
)2تاريخ أبي الفدا ، 190 / 1والبداية لبن كثير . 157 / 8
)3تاريخ الطبري . 214 / 6
ن تحاربه ما أ ْمال ،وعندها تعتق أو تعود عبدا ً كما تعبد العبيد ) (1فأ ّ به من بين الع ّ
69
ي).2 أو تحمله إل ّ
سقتك دما ً يا ابن عم الحسين مـدامع شـيعتك الـسافحة
ول برحت هاطلت العيون تـحـييك غـادية رائـحة
لنـك لـم تـرِو من شربة ثـناياك فـيها غدت طائحة
مت فيك من جارحة سل ِ َ رموك من القصر إذ اوثقوك فهل َ
م الـبارحة جّر بـأسواقهم ألـست أمـيرهُ ُ وسـحـبا ً ُتـ َ
أتـقضي ولم تبكك الباكيات أمـالك في المصر من نائحة
ض نحبا ً فكم في زرود عليك العشية من صائحة)(3 ن تق ِ لئ ْ
سفر إلى العراق ال ّ
مره على ن يزيد انفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر ،وأ ّ ما بلغ الحسين إ ّ ل ّ
موسم ،وأوصاه بالفتك بالحسين أينما وجد) ،4عزم على ّ
الحاج ،و وله أمر ال َ
ن تستباح به كة قبل إتمام الحج ،واقتصر على العمرة ؛ كراهية أ ْ الخروج من م ّ
حرمة البيت).5
____________________________
) (1مقتل العوالم ، 66 /وتاريخ ابن عساكر . 332 / 4
)2مقتل الخوارزمي . 215 / 1
ن القوال في يوم شهادة مسلم ثلثة ؛ )3للسّيد باقر الهندي رحمه الله .ل يخفى أ ّ
جة ذكره في )الخبار الطوال ،ويظهر من ابن ح ّالول :يوم الثالث من ذي ال ِ
كة لثلث مضين من جه الحسين من م ّ طاووس في )اللهوف موافقته فإّنه قال :تو ّ
كة في اليوم الذي قتل فيه مسلم م قال بعد ذلك ،وكان خروجه من م ّ جة ث ّ ح ّذي ال ِ
جة ،ذكره الوطواط في )غرر الخصائص 210 / ح ّ .الثاني :يوم الثامن من ذي ال ِ
وهو الظاهر من )تاريخ أبي الفدا ، 19 / 2و )تذكرة الخواص 139 /قال :قتل
جة )وتذكير العدد يراد منه الليلة .الثالث :يوم ح ّمسلم لثمان مضين من ذي ال ِ
ص عيه المفيد في )الرشاد ،والكفعمي في )المصباح ،وهو الظاهر من عرفة ،ن ّ
ابن نما في )مثير الحزان ،و )تاريخ الطبري ، 215 / 6و )مروج الذهب 90 / 2
جة ،وقد قتل ثاني يوم ح ّ
قالوا :وكان ظهور مسلم بالكوفة يوم الثامن من ذي ال ِ
خروجه .ويحكي المسعودي في )مروج الذهب قول ً بخروجه يوم التاسع من ذي
جة ،واذا كان قتله ثاني يوم خروجه تكون شهادته يوم الضحى . ح ّ ال ِ
)4المنتخب 304 /الليلة العاشرة .
)5ابن نما ، 89 /وتاريخ الطبري . 177 / 6
كة خطبته )ع( في م ّ
وة إل ّ بالله وصّلى ن يخرج قام خطيبا ً فقال )) :الحمد لله وما شاء الله ول ق ّ وقبل أ ْ
خط القلدة على جيد الفتاة ،وما ّ م َ
خط الموت على ولد آدم َ ّ الله على رسوله ُ ،
خّير لي مصرعٌ أنا لقيه ،كأّني أولهني إلى أسلفي اشتياق يعقوب إلى يوسف ،و ُ
ً
طعها عسلن الفلة بين الّنواويس وكربلء ،فيملن مّني أكراشا جوفا بأوصالي تق ّ
ط بالقلم ،رضى الله رضانا أهل البيت ،نصبر خ ّ وأجربة سغبا ،ل محيص عن يوم ُ
ن تشذ عن رسول الله لحمته ،بل هي على بلئه ويوّفينا ُاجور الصابرين .ل ْ
من كان فينا مجموعة له في حضيرة القدس ،تقّر بهم عينه وينجز بهم وعده .أل َ
ن شاء ً
سه فليرحل معنا ،فإّني راحل مصبحا إ ْ طنا ً على لقاء الله نف َ باذل ً مهجته مو ّ
الله تعالى ( ). (1
جة ،ومعه أهل بيته ومواليه ح ّضين من ذي ال ِ كة لثمان م َ وكان خروجه )ع( من م ّ
كةموا إليه أيام إقامته بم ّ وشيعته من أهل الحجاز والبصرة والكوفة الذين انض ّ
70
ل واحد منهم عشرة دنانير وجمل ً يحمل عليه زاده)( .2
وأعطى ك ّ
71
)3تاريخ الطبري ، 219 / 6وكامل ابن الثير ، 17 / 4والبداية لبن كثير / 6
. 163
ف عليك في هذا وقال له ابن عّباس :يابن العم ،إّني أتصّبر وما أصبُر ،وأتخوّ ُ
غدرٍ فل تقربّنهم .أقم في هذا ن أهل العراق قوم َ الوجه الهلك والستئصال .إ ّ
ن كانوا يريدونك ـ كما زعموا ـ فلينفوا البلد فإّنك سّيد أهل الحجاز ،وأهل العراق إ ْ
ن
سر إلى اليمن ،فإ ّ ن تخرج ،ف ِ ّ
ت إل أ ْ ن أبي َم اقدم عليهم ،فإ ْ عاملهم وعدّوهم ث ّ
ت عن الّناس بها حصونا ً وشعابا ً وهي أرض عريضة طويلة ،ولبيك فيها شيعة وأن َ
ن يأتيك عند ذلك ث دعاتك ،فإّني أرجو أ ْ في عزلة ،فتكتب إلى الّناس وترسل وتب ّ
ب في عافية . الذي تح ّ
ت
فقال الحسين )ع( )) :يابن العم ،إّني والله لعلم أّنك ناصح مشفق ،وقد أزمع ُ
على المسير (.
ن ُتقتل سر بنسائك وصبيتك ،فإّني لخائف أ ْ ً
ت سائرا فل ت ِ ن كن َ فقال ابن عّباس :إ ْ
وهم ينظرون إليك ،فقال الحسين )) :والله ،ل يدعوني حّتى يستخرجوا هذه
ل من جوفي ،فإذا فعلوا ذلك سّلط الله عليهم من يذّلهم حّتى يكونوا أذ ّ العلقة من َ
فرام المرأة ( ). (1
سفر توجيه لدواعي ال ّ
سفر إلىهذه غاية ما وصل إليه إدراك من رغب في ترّيث الحسين )ع( عن ال ّ
ف عليه نفسّيات الكوفّيين وما شيبت به من الغدر م تخ َ العراق ،وأبو عبد الله ل َ ْ
والّنفاق ،ولكن ماذا يصنع بعد إظهارهم الولء والنقياد له والطاعة لمره ؟ وهل
مة في ترك ما يطلبونه من الرشاد والنقاذ من مخالب الضلل يعذر أمام ال ُ ّ
م يظهر منهم الشقاق ب العالمين ؟ مع أّنه ل َ ْ وتوجيههم إلى الصلح المرضي لر ّ
____________________________
) (1كامل ابن الثير ، 16 / 4وفي القاموس وتاج العروس :الفرام ككتاب دواء
تضيق به المرأة المسلك او حب الزبيب تحتشي به لذلك ،وكتب عبد الملك بن
مروان إلى الحجاج لما شكا منه أنس بن مالك :يابن المستفرمة بعجم الزبيب .
وكانت في احراح ثقيف سعة يتضيقن بعجم الزبيب .
والفرامة )ككتابة :هي الخرقة تحتشي بها المرأة عند الحيض كالفرام .وفيها
يقول الشاعر :
م الغلم متى ما تجد فارما ً تفترم وجدتك فيها كا ُ ّ
وفي مقاييس اللغة لبن فارس : 496 / 4أظنها غير عربية ،وقال الخليل :ليست
من كلم أهل البادية .
والخلف ،واعتذاره )ع( عن المصير إليهم بما جبلوا عليه من الخيانة كما فعلوا مع
من يبصر ظواهر الشياء ،والمام المقيض ل َأبيه وأخيه ُيسّبب إثارة اللوم من ك ّ
جة عليه ،والبلد التي أشار ح ّمة ال ُ ن يعمل عمل ً يكون لل ُ ّ ل من أ ْ لهداية البشر أج ّ
بها ابن عباس ) (1وغيره ل منعة فيها ،وما جرى من بسر بن أرطاة مع أهل اليمن
كد وهنهم في المقاومة والضعف عن رد ّ الباغي . تؤ ّ
____________________________
) (1هذا شيء يجب أن ننبه له وهو أن ابن عباس لم يكن بالمنزلة العالية ليكون
محل ً لتقي العلوم الغريبة كحبيب بن مظاهر ورشيد الهجري وعمر وبن الحمق
وحجر بن عدي وكميل بن زياد وميثم التمار ،فانهم كانوا على جانب كبير من
التبصر في المور ووصلوا الى حق اليقين ،فلم يعبأوا بكل ما يجري عليهم من
الفوادح والتنكيل لذلك لم يعدموا من امير المؤمنين )ع( الحبوة بايقافهم على
72
الحوادث والملحم وما تملكه الجبابرة والعلوم الغريبة!! نلمس ذلك من المحاورة
الدائرة بين حبيب بن مظاهر وميثم التمار من اخبار كل منهما الخر بما يجري
عليه من القتل ونصرة أهل البيت عليهم السلم ،فكذبهما من لم يفقه السرار
اللهية من بني اسد ولما جاء رشيد الهجري يسأل عنهما قيل له افترقا وكان من
امرهما كذا وكذا فقال رحم الله ميثما لقد نسي انه يزداد في عطاء الذي يأتي
برأس حبيب مئة درهم ثم ادبر! فقال القوم هذا والله اكذبهم ،ولم تذهب اليام
حتى وقع كل ذلك! صلب ميثم بالقرب من دار عمرو بن حريث وقتل حبيب مع
الحسين )ع( وقطع ابن زياد يدي رشيد الهجري ورجليه ولسانه كما أخبره أمير
المؤمنين )ع( ( راجع رجال الكشتئـ ص 51وما بعدها طبع الهند(.
وعلى هذا فابن عباس وغيره أقل رتبة من هؤلء الفذاذ ومن شهداء الطف ،مهما
نعترف له بالموالة الصادقة لمير المؤمنين وولده الطهار .فان حديثه مع ميثم
التمار يرشدنا الى عدم بلوغه تلكم المنازل العالية التي حواها ميثم وأمثاله ...ففي
رجال الكشي ص 54أن ابن عباس اجتمع مع ميثم بالمدنية ،فقال ميثم سل يا ابن
عباس ما شئت من تفسير القرآن فلقد قرأت تنزيله على امير المؤمنين )ع(
فعلمني تأويله ،فاخذ ابن عباس القرطاس ليكتب فقال له ميثم كيف بك لو رأيتني
مصلوبا ً على خشبة تاسع تسعة أقربهم من المطهرة فتعجب ابن عباس من هذا
ي ،فقالالعبد السدود المخبر عن الغيب ،فرمى القرطاس وقال انك تكهن عل ّ
ميثم يا ابن عباس احتفظ بما سمعت مني فان يكن حقا ً امسكته وان يكن باطل ً
خرقته فكتب ابن عباس عن ميثم ما وعاه عن أمير المؤمنين من تفسير القرآن.
وعلى هذا فما يتحدث بن ابن البار في تكملة الصلة ج 2ص 600طبع ثاني من أن
ابن عباس كان يقول له فسرت )الحمد الله رب العالمينعلى كنهم ما حملت ابل
الرض كتب تفسيرها ل نصيب له من الصحة وهو من موضوعات دعاة بني
العباس ،أرادوا به المقابلة لقول سيد الوصياء المروي في احياء العلوم للغزالي ج
1ص ) 260فصل القرآن الباب الرابعفي التفسير بالرأي ،وعلم القلوب لبي
طالب المكي ص 72والتقان للسيوطي ج 2ص 186النوع 28فيما يرجع الى
تفسير القرآن ،والمحجة البيضاء للفيض الكاشاني ج 1ص 251في التفسير
بالرأي :أن أمير المؤمنين قال لو شئت ل وقرت سبعين بعيرا ً من تفسير فاتحة
الكتاب.
وفي سعد السعود لبن طاووس ص 286نقل عن العلم اللدني للغزالي :انه )ع(
ل! وحكاه قال :لو اذن الله لي ورسوله لشرحت ألف الفاتحة حتى يبلغ أربعين جم ً
في البحار ج 9ص 277وص 463طبع كمبني ول غرابة ممن هو النقطة تحت باء
البسملة! ففي مقدمة تفسير القرآن للشيخ محمد حسين الصفهاني روى عن
أمير المؤمنين )ع( أنه قال :كل ما في القرآن في الحمد وكل ما في الحمد في
البسملة وما في البسملة في الباء وما في الباء في النقطة ،وانا النقطة تحتها..
وفي العنايات الرضوية تكلم في شرحه ص ..119
وبهذا يصّرح الشيخ الشوشتري أعلى الله مقامه فإّنه قال :كان للحسين تكليفان
واقعي وظاهري :
ما الواقعي الذي دعاه للقدام على الموت وتعريض عياله للسر وأطفاله للذبح أـأ ّ
ن ُ
ن عتاة بني امّية قد اعتقدوا أّنهم على الحقّ وأ ّ
مع علمه بذلك ،فالوجه فيه :أ ّ
عليا ً وأولده وشيعتهم على الباطل حّتى جعلوا سّبه من أجزاء صلة الجمعة ،وبلغ
سفر فقضاه . سي اللعن في خطبة الجمعة فذكره وهو في ال ّ الحال ببعضهم أّنه ن َ ِ
موه )مسجد الذكر ،فلو بايع الحسين يزيد وسّلم المر إليه ،ل ْ
م وبنوا مسجدا ً س ّ
73
ن المحالفة لبني ُامّية دليل ن كثيرا ً من الّناس يعتقد بأ ّ يبقَ من الحقّ أثر ،فإ ّ
ما بعد محاربة الحسين لهم وتعريض نفسه حسن سيرتهم ،وأ ّ استصواب رأيهم و ُ
دسة وعياله وأطفاله للفوادح التي جرت عليهم ،فقد تبّين لهل زمانه المق ّ
من بغى عليه . قيته بالمر وضلل َ والجيال المتعاقبة أح ّ
ل وجه ، ما التكليف الظاهري :فلّنه )ع( سعى في حفظ نفسه وعياله بك ّ ب ـ وأ ّ
نسر له وقد ضّيقوا عليه القطار حّتى كتب يزيد إلى عامله على المدينة أ ْ فلم يتي ّ
ن الخائف وكهف َ ً
يقتله فيها ،فخرج منها خائفا يترّقب فلذ بحرم الله الذي هو ام ُ
جد متعّلقا ً بأستار ة ولو وُ ِ دوا في إلقاء القبض عليه أو قتله غيل ً المستجير ،فج ّ
جه إلى ن يجعل احرامه عمرةً مفردةً وترك التمّتع بالحج ،فتو ّ الكعبة ،فالتزم بأ ْ
لموّيين ، كدوا المصير إليهم ؛ لنقاذهم من شرور ا ُ الكوفة ؛ لّنهم كاتبوه وبايعوه وأ ّ
جة عليهم ؛ لئل ّ ح ّ فألزمه التكليف بحسب ظاهر الحال إلى موافقتهم إتماما ً لل ُ
يعتذروا يوم الحساب بأّنهم لجأوا إليه واستغاثوا به من ظلم الجائرين ،فاّتهمهم
ن يتوجه وقد ضاقت عليه بالشقاق ولم يغثهم ،مع أّنه َلو َلم يرجع إليهم فإلى أي َ
جحر هامة ت في ُ الرض بما رحبت ؟ وهو معنى قوله )ع( لبن الحنفّية َ)) :لو دخل ُ
ن
من هذه الهوام ،لستخرجوني حّتى يقتلوني ( .وقال )ع( لبي هّرة السدي )) :إ ّ
بني ُامّية أخذوا مالي فصبرت ،وشتموا عرضي فصبرت ،وطلبوا دمي فهربت ( )
. (1
____________________________
) (1الخصائص الحسينية 32 /ط تبريز .
ما أكثروا القول عليه أنشد أبيات أخي كة أحد إل ّ حزن لمسيره ،ول ّ م يبق بم ّ ول ْ
مه من الجهاد مع رسول الله )ص( ما حذره ابن ع ّ الوس ل ّ
.
ااااا ااا اااااا ااا ااا ااااا ااا
ااا اااا ااااا ااااا ااااا
اااااا ااااااا اااااااا ااااا اااااا اااااااااااااا اااا
ا
َ
دوًرا ( ).2)) (1 ق ُ مُر الل ّهِ قَد ًَرا َ
م ْ نأ ْ كا َثم قرأ ) :وَ َ
74
الـى أن َثـوْوا تحت العجاج بمعرك هـو الحشر ل بل دون موقفه الحشر
ومـاتوا كـراما ً تـشهد الحرب اّنهم ُأبـاة إذا ألـوى بـهم حـادث نكر
دما حلل حمر ي بيض عصائب تـروق ومـن وشي ال ّ عـلهيم مـن الهند ّ
ضيم بـين عـداته ونـاصـره الـبّتار والرن الـمهر ي الـ ّ
وعـاد أبـ ّ
فـغّبر فـي يـوم الـكفاح بـاوجه الـكتائب والفـاق شـاحبة غـبر
____________________________
) (1سورة الحزاب 38 /
ذره الحر من مخالفة بني ُامية . ما ح ّ )2تذكرة الخواص : 137 /وأنشدها ل ّ
ه فـلـلسيف فـي أعـناق أعـدائه نـثر ب الـقـلوب قـنات ُ حــ ّ
إذا نـظـمت َ
فـل الـوتر وتـر حـين تقترع الظبى ول الـشفع شـفع حـين تـشتبك السمر
ولـو شـاء أن يـفني العـادي لزلزل الـوجـود بـهم لـكنما قـضي المـر
ي الـضيم شـيمتها الـصبر وآثـر أن يـسعى إلى الـموت صابرا ونـفس أبـ ّ
فـأضحى عـلى الرمضاء شلوا ً تناهبت حـشـاه الـعـوالي والـمـهندة الـبتر
حّر حـشى مـن دون غـلتها الـجمر سـنة ظـاميا ً ِبـ َ قـضى بـين أطـراف ال ّ
فـلـهفي عـليه فـوق صـالية الـثرى عـلى جـسمه تـجري المسومة الضمر
ج أشـجان يـجيش بـها الـصدر أبــا حـسـن شـكوى الـيك وانـها لـواع ُ
ف أبـناؤك الـغر أتـدري بـما لقـت مـن الكرب والبل ومـا واجـهت بـالط ّ
ُأعـزيـك فـيـهم انـهم وردوا الـردى بـأفـئدة مــا بــل غـّلـتها قـطر
ن فـي حـر الـهجيرة بـالعرا عـليهم سـوافي الـريح بـالترب تنجّر وثـاويـ َ
مـتـى أيـها الـموتور تـبعث غـارة تـعيد الـعدى والـبر مـن دمـهم بحر
أتـغضي وأنـت الـمدرك الثار عن دم بـرغم الـهدى أضـحى ولـيس له وتر
ت تـحت أطـراف الـقنا دمها هدر طف فـتيان هـاشم َثـوَ ْ وتـلـك بـجنب الـ ّ
ط ل يـلوي بـخرصانها كسر فــل صـبر حّتى تـرفعوها ذوابـل مـن الـخ ّ
وتـقـتـدحوها بـالـصوارم جــذوة من الحرب يصلى جمرها الجحفحل المجر
وتـبـتعثوها فــي الـمغار صـوأهل مـن الـخيل مـقرونا ً بـأعرافها النصر
فـكـم نـكـأت مـنـكم أمـية قـرحة إلى الـحشر ل يأتي على جرحها السبر
ن صـبـية قـد ارضـعتها أمـية ضــروع الـمـنايا والـدماء لـها دّر مـ ْ
فـ ِ
فـها هـي صـرعى والـسهام عواطف حـنـوا ً عـليها والـرمال لـها حـجر
حـّرة بـعد الـمقاصير أصبحت بـمـقفرة كـالـجمر يـوقـدها الـحّر ومـن ُ
وزاكـية لـم تـلف فـي الـنوح مسعدا ً سـوى انـها بـالسوط يـزجرها زجـر
ومـذعـورة أضـحـت وخـفاق قـلبها تـكـاد شـظـاياه يـطير بـها الـذعر
ومـذهولة مـن دهـشة الـخيل ابرزت عـشـّية ل كـهـف لـديها ول خـدر
ستر
تـجـاذبها أيــدي الـعـدو خـمارها فـتـستر بـاليـدي اذا أعـوز الـ ّ
ســرت تـتـراماها الـعداة سـوافرا ً يـروح بـها مـصر ويـغدو بها مصر
ن ما السهل والوعر طة الـموامي ول يـدري َ ن خـ ّ ربـيـبات خـدر أيـن مـنه ّ
مهٍ فـيـجذبها قـفـر ويـقـذفها قـفر )( (1 مه َتـطوف بـها العـداء فـي كـل َ
التنعيم
كة ومّر بالتنعيم) ،2فلقى عيرا ً عليها وََرس وحلل أرسلها إلى وسار الحسين من م ّ
يزيد بن معاوية واليه على اليمن ،بحير بن يسار الحميري ،فأخذها الحسين )ع(
ن ينصرف معنا إلى العراق أوفينا كراءه ب منكم أ ْ من أح ّ وقال لصحاب البل َ )) :
ب المفارقة أعطيناه من الكراء على ما قطع من من أح ّ وأحسّنا صحبته ،و َ
ب صحبته).3 من أح ّ الرض ( ،ففارقه بعضهم ومضى َ
75
ن هذا ماله الذي جعله الله تعالى له يتصّرف فيه كيف وكان الحسين )ع( يرى أ ّ
مة منصوب من المهيمن سبحانه ،وقد اغتصب يزيد وأبوه شاء ؛ لّنه إمام على ال ُ ّ
ن يحتوي على َفيء المسلمين قه وحقّ المسلمين ،فكان من الواجب عليه أ ْ ح ّ
لينعش المحاويج منهم ،وقد أفاض على العراب الذين صحبوه في الطريق
كن سّيد ن محتوم القضاء َلم يم ّ سهم من مضض الفقر ،غير أ ّ ورفعوا إليه ما م ّ
مة الّنبي العظم ُ
شباب أهل الجّنة من استرداد ما اغتصبه الجائرون من أموال ا ّ
دسة عن البصائر حجب التمويه ،وعرفوا ضلل ن ارتفعت بتضحيته المق ّ )ص( وإ ْ
المستعدين على الخلفة اللهّية .
____________________________
مد حسين الكيشوان ،طِبعت في مثير الحزان للعلمة ) (1للحجة السيد مح ّ
الشيخ شريف الجواهري .
)2في معجم البلدان : 416 / 2التنعيم )بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة
ن
وياء ساكنة وميم موضع :بمكة في الحل على فرسخين من مكة ؛ وسمى به ل ّ
عن يمينه جبل اسمه نعيم ،وآخر عن شماله اسمه ناعم ،والوادي نعيمان وبه
مساجد .
مد الخضراوي ، 60/ وفي العقد الثمين في فضائل البلد المين لحمد بن مح ّ
الفصل الثالث ،الطبعة الثانية :التنعيم يبعد عن مكة ثلثة أو أربعة أميال .
)3تاريخ الطبري ، 218 / 6ومقتل الخوارزمي ، 220 / 1والبداية ، 166 / 8
والرشاد للشيخ المفيد ،ومثير الحزان لبن نما . 21 /
ن هذا لولى بمصر :وإ ّ وفي شرح نهج البلغة لبن أبي الحديد 327 / 4الطبعة ا ُ
ن الحسين كتب إلى المال الذي أخذه الحسين حمل إلى معاوية بن أبي سفيان وإ ّ
ن عيرا ً مّرت بنا من اليمن تحمل مال ً وحلل ً وعنبرا ً إليك لتودعه في معاوية )) :أ ّ
خزائن دمشق وتعل بها بعد النهل بني أبيك ،وإّني احتجت إليها فأخذتها ( .فكتب
ن
ي؛ل ّ إليه معاوية وفيه :إّنك أخذت المال وَلم تكن جديرا ً به بعد أن نسبته إل ّ
ي لم م عليه الخرج .وأيم الله لو ترك ذلك حّتى صار إل ّ الوالي أحق بالمال ،ث ّ
دي أن يكون ذلك في زماني ظك منه ،ولكن في رأسك نزوة ،وبو ّ أبخسك ح ّ
وف أن تبلى بمن ل ينظرك فواق فأعرف قدرك وأتجاوز عنك ،ولكّني والله لتخ ّ
ناقة .
الصفاح
قي الحسين )ع( الفرزدق بن غالب الشاعر ،فسأله عن خبر الّناس وفي الصفاح ل َ ِ
خلفه ،فقال الفرزدق :قلوبهم معك والسيوف مع بني ُامّية ،والقضاء ينزل من
السماء .فقال أبو عبد الله )ع( )) :ص( دقت لله المر ،والله يفعل ما يشاء ،
ب فنحمد الله على نعمائه وهو ن نزل القضاء بما نح ّ ل يوم رّبنا في شأن ،إ ْ وك ّ
ق
من كان الح ّ المستعان على أداء الشكر ،وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد َ
م سأله الفرزدق عن نذور ومناسك ،وافترقا ). (1 نّيته والتقوى سريرته ( ،ث ّ
ً
ت عسكرا في ُ
ويروى عن الفرزدق أّنه قال :خرجت من البصرة اريد العمرة فرأي ُ
ق
نح ّ ت :لقضي ّ ت :عسكر من ؟ قالوا عسكر حسين بن علي ،فقل ُ البرية ،فقل ُ
من الرجل ؟ (قلت :الفرزدق بن ّ
رسول الله )ص( فأتيته وسلمت عليه ،فقال َ )) :
ً
غالب ،فقال :هذا نسب قصير ،قلت :أنت أقصر مّني نسبا أنت ابن بنت رسول
الله)( .2
ذات عرق
76
وسار أبو عبد الله )ع( ل يلوي على أحد ،فلقي في ذات عرق) )3ب ُ ْ
شَر
____________________________
) (1تاريخ الطبري ، 218 / 6وكامل ابن الثير ، 16 / 4والرشاد للمفيد .
وفي تذكرة الحفاظ للذهبي : 338 / 1كانت ملقاة الفرزدق معه بذات عرق .
وفي معجم البلدان :الصفاح :بين حنين وانصاب الحرم بسرة الداخل إلى مكة .
)2أنوار الربيع للسيد علي خان ،باب التكرار . 703 /
)3في البحر الرائق لبن نجيم الحنفي : 317 / 2بين ذات عرق ومكة مرحلتان .
وفي الفروع لبن مفلح : 216 / 2بينهما ليلتان ،وسمي بجبل صغير فيه ،كما في
تاج العروس ، 8 / 7وذات عرق عند أهل السنة ميقات أهل الشرق ومنه العراق
وخراسان ،و روايات المامية تحكي توقيت رسول الله للعراقيين العقيق ،
ن ذات عرق غير منصوص عليه واستحسنه الشافعي في الم 118 / 2؛ لعتقاده أ ّ
،وإّنما وّقته عمر ،كما في البخاري عن ابن عمر ،وفي المغني لبن قدامة / 3
ن كان ذات عرق ميقات أهل : 257عن ابن عبد البر الحرام من العقيق أولى ،وإ ْ
الشرق أجمع ،وفي فتح الباري : 250 / 3قطع الغزالي والرافعي والنووي
ن ذات عرق غير منصوص ،وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور والمدونة لمالك :أ ّ
الشافعية أّنه منصوص .
وفي معجم البلدان : 199 / 6يقع العقيق ببطن وادي ذي الحليفة ،وهو أقرب
كة ،واحتاط فقهاء المامّية بترك الحرام من ذات عرق ،وهو آخر منها إلى م ّ
العقيق .
ابن غالب وسأله عن أهل الكوفة قال :السيوف مع بني ُامّية والقلوب معك قال
)ع( )) :ص( دقت ( ). (1
من اجتمع مع الحسين )ع( في أثناء الطريق إلى الكوفة يقول دث الرياشي ع ّ وح ّ
ت
سف الطريق وحدي ،فبينا أسير إذ رفع ُ ت أتع ّت انطلق ُ ن حجج ُ الراوي :بعد أ ْ
من هذه الخبية ؟ قالوا : ت :لِ َت نحوها فقل ُ طرفي إلى أخبية وفساطيط فانطلق ُ
ت نحوه فإذا هو مّتكئ سلم( وانطلق ُ للحسين بن علي ،وابن فاطمة ).عليهم ال ّ
ت :يابن رسول الله )ص( بأبي أنت ديه فقل ُعلى باب الفسطاط يقرأ كتابا ً بين ي َ
مي ،ما أنزلك في هذه الرض القفراء التي ليس فيها ريف ول منعة ؟ قال عليه وا ُ ّ
ن هؤلء أخافوني ،وهذه كتب أهل الكوفة وهم قاتلي ،فإذا فعلوا ذلك سلم )) :إ ّال ّ
ل من وَلم يدعوا لله محرما ً إل ّ انتهكوه ،بعث الله إليهم من يقتلهم حّتى يكونوا أذ ّ
فرام المة ).(2
الحاجر
ما بلغ الحاجر) )3من بطن الرمة كتب إلى أهل الكوفة جواب كتاب مسلم ابن ول ّ
ي
ما بعد ،فقد ورد عل ّ عقيل وبعثه مع قيس بن مسّهر الصيداوي) )4وفيه ) :أ ّ
____________________________
) (1مثير الحزان لبن نما . 21 /
سر القرم بالمقنعة ل من قرم المة (وف ّ )2وفي البداية )) : 169 / 8حّتى يكونوا أذ ّ
حدة :دم )فرام المة بالفاء المو ّ ،ولم أجد هذا التفسير في اللغة ،والصحيح كما تق ّ
وهو عجم الزبيب ،تضّيق به المرآة مسلكها .
)3في معجم البلدان :الحاجز ما يمسك الماء من شفة الوادي وفيه : 290 / 4
بطن الرمة منزل لهل البصرة إذا أرادوا المدينة ،وفيه تجتمع أهل الكوفة
كة ،وفي تاريخ والبصرة ،وفي تاج العروس : 136 / 3الحاجر مكان بطريق م ّ
77
الدب العربي لعمر فروخ ، 195 / 1بترجمة زهير بن أبي سلمى قال :الحاجر
جنوب الرياض اليوم من أرض نجد .وفي معجم البلدان : 219 / 2بطن الرمة
)بتشديد الميم والراء وادٍ معروف بعالية نجد .ونقل رضا كحالة في هامش كتاب
جغرافية شبه جزيرة العرب ص 274عن ابن دريد ان الرمة قاع عظيم بنجد
تنصب فيه أوديه وعن ابن العرابي :الرمة طويلة عريضة تكون مسيرة يوم تنزل
أعاليها بنو كلب ثم تنحدر فتنزل عبس وغيرهم من غطفان ثم تنحدر فتنزل بنو
اسد .وقال الصمعي بطن الرمة واد عظيم يدفع عن يمين فلجع والدثينة حتى يمر
بين أبانين البيض والسود وبينهما ثلثة أميال ثم قال :الرمة تحييء من الغور
والحجاز فأعلى الرمة لهل المدينة وبني سليم ووسطها لبني كلب وغطفان
واسفلها لبني أسد وعبس ثم يقع في رمل العيون..
مد الفتال النيسابوري : 152 /يقال بعثه مع )4في روضة الواعظين لعلي بن مح ّ
عبد الله بن يقطر ،ويجوز أّنه أرسل اليهم كتابين أحدهما مع عبد الله بن يقطر
ن ذكر نسب قيس قال : والخر مع قيس بن مسهر .وفي الصابة 492 / 3بعد أ ْ
ن ابن زياد قتله بالكوفة .
ما قتل بالطف ،وهو اشتباه ؛ فإ ّ وكان مع الحسين ل ّ
ت اللهقنا ،فسأل ُكتاب مسلم بن عقيل يخبرني باجتماعكم على نصرنا والطلب بح ّ
كةن ُيحسن لنا الصنع ويثيبكم على ذلك أعظم الجر ،وقد شخصت إليكم من م ّ أ ْ
جة ،فإذا قدم عليكم رسولي ،فانكمشوا في ح ّيوم الثلثاء لثمان مضين من ذي ال ِ
أمركم ،فإّني قادم في أّيامي هذه (.
بعض العيون
ّ
وسار من الحاجر ،وكان ل يمّر بماء من مياه العرب إل اتبعوه ) ، (1فانتهى إلى
ن الحسين قاصد ما عرف أ ّ ماء من مياه العرب عليه عبد الله بن مطيع العدوي ،ول ّ
ُ
ن تنتهك ،انشدك كرك الله يابن رسول الله وحرمة السلم أ ْ للعراق قال له ُ :اذ ّ
ت ما في أيدي بني ُامّية ليقتلوك ،ولئن الله في حرمة العرب ،فوالله لئن طلب َ
ن يمضي).2 قتلوك ل يهابوا أحدا ً بعدك .فأبى الحسين إل ّ أ ْ
الخزيمية
ت إليه ُاخته زينب سلم في الخزيمية)3يوما ً وليلة فل ّ
ما أصبح أقبل ْ وأقام عليه ال ّ
ت هاتفا ً يقول :سلم( وقالت :إّني سمع ُ)عليها ال ّ
ااا ااا ااااا ااااااا اااا ااا اااا ااا ااااااا اااا
اااا اااا اااااااا ااااااا ااااااااااا اااااا اااا
____________________________
) (1البداية لبن كثير ج 8ص . 168
)2ارشاد المفيد .
)3بضم اوله وفتح ثانيه نسبة إلى خزيمة بن حازم تقع بعد زرود للذاهب من
الكوفة إلى مكة وما نذكره من ترتيب المنازل اخذناه من ))معجم البلدان(.
)4ابن نما ص . 23
زرود
ما نزل الحسين في زرود ) (1نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي) ،2وكان ول ّ
ن الماء جمعهم في المكان .وبينا زهير
غير مشايع له ،ويكره الّنزول معه ،لك ّ
ً
وجماعة على طعام صنع لهم إذ أقبل رسول الحسين يدعو زهيرا إلى سّيده أبي
78
ن امرأته دلهم بنت عمرو حّثته على عبد الله )ع( ،فتوّقف زهير عن الجابة غير أ ّ
المسير إليه وسماع كلمه)( .3
ً
فمشى زهير إلى الحسين )ع( ،وما أسرع أن عاد إلى أصحابه فرحا قد أسفر
ول إلى جهة سّيد شباب أهل الجّنة ،وقال وجهه وأمر بفسطاطه وثقله فح ّ
منم قال ل َ ن يصيبك بسببي إل ّ خير .ث ّ بأ ْ ُ
لمرأته :الحقي بأهلك ،فإّني ل اح ّ
ب منكم نصرة ابن الرسول )ص( وإل ّ فهو آخر العهد . من أح ّ معه َ :
جر)دثهم بما أوعز به سلمان الفارسي من هذه الواقعة فقال :غزونا ب ََلن َ مح ّ ث ّ
ما رأى سلمان الفارسي) )5ما نحن فيه 4ففتحنا وأصبنا الغنائم ،وفرحنا بذلك ،ول ّ
مد )صّلى الله عليه وآله( فكونوا من السرور قال :إذا أدركتم سّيد شباب آل مح ّ
____________________________
ما استعجم ) : 696 / 2بفتح أوله وبالدال المهملة في آخره ) (1في المعجم م ّ
وفي معجم البلدان : 327 / 4إنها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من
الكوفة ،وهي دون الخزيمية بميل وفيها بركة وحوض ،وفيها وقعة يقال لها يوم
زرود .
)2وفي جمهرة أنساب العرب لبن حزم ، 365 /عند ذكر قبائل بجيلة قال :زهير
بن القين بن الحارث بن عامر بن سعد بن مالك بن زهير بن عمرو بن يشكر بن
علي بن مالك بن سعد بن ت َُزين بن قسر بن عبقر بن أنمار بن أراش بن عمرو بن
الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلن بن سبأ .وفي صفحة 310قال :سبأ بن
يشجب بن يعرب بن قحطان .
) )3اللهوف . 40 /
ما استعجم ) :بالباء واللم المفتوحتين والنون ) (4في معجم البلدان والمعجم م ّ
الساكنة والجيم المفتوحة والراء المهملة مدينة الخزر عند باب البواب فتحت سنة
33على يد سلمان بن ربيعة الباهلي ،ولم أجد فيهما ول في غيرهما مدينة ُاخرى
ن ابن حجر في الصابة ، 274 / 3القسم الثالث ،ترجمة قيس مى بلنجر إل ّ أ ّ تس ّ
بن فروة بن زرارة بن الرقم قال :شهد فتوح العراق واستشهد في بلنجر من
دم ـ قال :وكان أمير الوقعة سلمان بن ربيعة م ذكر ضبطها كما تق ّ أرض العراق ـ ث ّ
.
ص عليه الشيخ المفيد في الرشاد ،والفتال في روضة الواعظين ، 153 / ) )5ن ّ
وابن نما في مثير الحزان ، 23 /والخوارزمي في المقتل 225 / 1الفصل
ما استعجم الحادي عشر ،وابن الثير في الكامل ، 17 / 4والبكري في المعجم م ّ
، 376 / 1ويؤّيده ما في تاريخ الطبري ، 77 / 5وابن الثير في الكامل 50 / 3
من وجود سلمان الفارسي في هذه الغزوة .
ما أنا فأستودعكم الله ). (1 أشد ّ فرحا ً بقتالكم معه بما أصبتم من الغنائم .فأ ّ
ن تذكرني يوم القيامة عند جد ّ الحسين عليه فقالت زوجته :خار الله لك وأسألك أ ْ
سلم ).2 ال ّ
ً
وفي زرود اخبر بقتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ،فاسترجع كثيرا وترحم ُ
ج الموضع عليهما مرارًا)3وبكى ،وبكى معه الهاشمّيون وكثر صراخ الّنساء حّتى ارت ّ
ل مسيل)( .4 لقتل مسلم بن عقيل وسالت الدموع ك ّ
فقال له عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل السدّيان :ننشدك الله يابن
رسول الله أل ّ انصرفت من مكانك هذا ؛ فإّنه ليس لك بالكوفة ناصر .
فقام آل عقيل وقالوا :ل نبرح حّتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا ،فنظر إليهم
الحسين وقال )) :ل خير في العيش بعد هؤلء )).(5
79
فـيا ابن عقيل فدتك النفو س لـعظم رزيتك الفادحة
ك لـها بـمذاب القلو ب فما قدر ادمعنا المالحة ِلـن َب ْ ِ
وكـم طفلة لك قد اعولت وجمرتها في الحشا قادحة
يـعززها السبط في حجره لتغدو في قربه فارحة )(6
م مني أبي فـمن لـيتيمته النائحة )(7 تقول :مضى ع ّ
ج وعن دارها نازحة ثـكول تبيت بليل اللسيع تـع ّ
ي بأحشائه تـركت زناد السى قادحه وكـم مـن كم ّ
____________________________
) (1تاريخ الطبري ، 224 / 6ومقتل الخوارزمي . 222 / 1
) )2مثير الحزان لبن نما ، 23 /واللهوف ، 40 /و ورد في تاريخ الطبري / 6
ن زهيرا ً قال لزوجته :أنت طالق ،ألحقي بأهلك ،فإّني ل لولى :إ ّ 224الطبعة ا ُ
ن يلحقك بسببي إل خيرا هـ .ول أعرف الغاية المقصودة له من هذا بأ ْ ُاح ّ
الطلق ؟ هل أراد طردها من الميراث ؟ أو أّنه أباح لها التزويج بعد انتهاء ثلثة
أشهر ؟ أو أّنه ل يرغب في أن تكون زوجة له في الخرة ؟ كما طّلق أمير
المؤمنين )ع( بعض نساء النبي )ص( وطّلق المام الرضا )ع( ُام فروة :زوجة
سعادة
ن هذه الحّرة لها فضل عليه بإرشاده إلى طريق ال ّ الكاظم )ع( ؟ مع إ ّ
سدي(.بالشهادة ،والذي يهون المر أن مصدر الحديث )ال ّ
) )3تاريخ الطبري ، 995 / 6وفي البداية لبن كثير : 168 / 8استرجع مرارا ً
ن الحسين أخذ بنت ص على أ ّم أقف على مصدر وثيق ين ّ ) )4اللهوف : 41 /ول ْ
ست بالشّر ،إلى آخره . ماة حميدة ومسح على رأسها فأح ّ مسلم المس ّ
سَير أعلم النبلء للذهبي . 208 / 2 ) )5كامل ابن الثير ، 17 / 4و ِ
ذكرت في كتاب الشهيد مسلم . 210 / ) (6من أبيات للشيخ قاسم المل الحّلي ُ
دربت ابن عمك يوم الطفو ف نـعاك باسرته الناصحة
م فـتية صـباح واحسابهم واضحة ف بـه مـنهُ ُ
تـح ّ
شبا والوغى وجـوه الـمنايا بها كالحة بكاك بماضي ال ّ
ً
أقـام بضرب الطلى مأتما عليك وبيض الظبى نائحة
ونـادى عشيرتك القربين خذي الثأر يا اسرة الفاتحة
وخاض بهم في غمار الحتو ف ولـكّنها بالظبى طائحة
الثعلبية
م) ُ عو ك ُ ّ
مه ِ ْ
ما ِ
س ب ِإ ِ َ
ل أَنا ٍ م ن َد ْ ُ
وفي الثعلبّية أتاه رجل وسأله عن قوله تعالى ) :ي َوْ َ
سلم )) :إمام دعا إلى هدى فأجابوا إليه ،وإمام دعا إلى ضللة 2فقال عليه ال ّ
ريقٌ ِفي فأجابوا إليها ،هؤلء في الجّنة وهؤلء في الّنار ،وهو قوله تعالى ) :فَ ِ
سِعيرِ ).4) 3
ريقٌ ِفي ال ّ ال ْ َ
جن ّةِ وَفَ ِ
وفي هذا المكان اجتمع به رجل من أهل الكوفة فقال له الحسين )) :أما والله ،لو
دي .يا أخا أهل لقيتك بالمدينة لريتك أثر جبرئيل في دارنا ونزوله بالوحي على ج ّ
ما ل يكون ).4 الكوفة ،من عندنا مستقى العلم ،أفَعَِلموا وجهلنا ؟! هذا م ّ
وحديث بجير من أهل الثعلبية ،قال مّر الحسين بنا وأنا غلم فقال له أخي :يابن
سوط إلى حقيبة لرجل وقال : بنت رسول الله أراك في قّلة من الّناس ،فأشار بال ّ
80
))هذه مملوءة كتبا ً ).5
____________________________
مد رضا الخزاعي ،راجع كتابنا الشهيد مسلم . ) (1للشيخ مح ّ
)2سورة السراء . 71 /
)3سورة الشورى . 7 /
)4أمالي الصدوق : 93 /الثعلبية )بفتح أوله سمي باسم رجل اسمه ثعلبة من بني
أسد نزل الموضع واستنبط عينًا ،وهي بعد الشقوق للذاهب من الكوفة إلى مكة،
معجم البلدان .
مى فيه ماء يقال له الثعلبية .وفي البلدان
وفي وفاء الوفاء للسمهودي :35 / 2ح ّ
لليعقوبي 311 /ملحق بالعلق النفسّية لبن رسته ،بالفست :الثعلبية مدينة
عليها سور .
ُ
)5بصائر الدرجات للصفار ، 3 /واصول الكافي باب مستقى العلم من بيت آل
مد .مح ّ
سَير أعلم النبلء للذهبي . 205 / 3 )ِ 6
الشقوق
ل)2مقبل ً من الكوفة فسأله عن أهل العراق وفي الشقوق ) (1رأى الحسين رج ً
ن المر لله ،يفعل ما يشاء ،
سلم )) :إ ّ فأخبره أّنهم مجتمعون عليه فقال عليه ال ّ
م أنشد . ورّبنا تبارك هو ك ّ
ل يوم في شأن ( ،ث ّ
ُزبالة
وفي زبالة اخبر بقتل عبد الله بن يقطر الذي أرسله الحسين من الطريق إلى ُ
مسلم بن عقيل ،فقبض عليه الحصين بن نمير في القادسّية وسّرحه إلى عبيد
ما أشرف على ذاب ،ول ّ ذاب ابن الك ّ
ن يصعد المنبر ويلعن الك ّ
الله بن زياد ،فأمره أ ْ
الّناس قال :أّيها الّناس أنا رسول الحسين بن فاطمة ؛ لتنصروه وتؤازروه على
سرت عظامه وبقي به ابن مرجانة ،فأمر به عبيد الله فُالقي من فوق القصر ،فتك ّ
ما عيب عليه مق ،فأتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه ،فل ّ َر َ
ن ُاريحه ،وقيل الذي ذبحه رجل طوال يشبه عبد الملك بن عمير قال :إّنما أردت أ ْ
..
ن لهم بالنصراف ،فتفّرقوا عنه يمينا ً وشمال ً ،وبقي في فأعلم بذلك الّناس وأذِ َ
ّ
أصحابه الذين جاؤا معه من مكة وإّنما تبعه خلق كثير من العراب ؛ لظّنهم أّنه
علم ٍ بما يقدمونسلم أن يسيروا معه إل ّ على ِ يأتي بلدا ً أطاعه أهله ،فكره عليه ال ّ
____________________________
) (1ابن شهر آشوب : 213 / 2الشقوق )بالضم :منزل بعد زبالة للذاهب من
الكوفة إلى مكة ،هو لبني أسد فيه قبر العبادي )معجم البلدان .
ماه الخوارزمي في المقتل : 233 / 1الفرزدق .وهو اشتباه . )2س ّ
81
)3لم يذكر الخوارزمي في المقتل 223 / 1البيت الخامس ،وجعلها من إنشائه
سلم . عليه ال ّ
من يريد مواساته علىن لهم بالنصراف َلم يصحبه إل ّ َ
عليه ،وقد عَِلم أّنه إذا أذِ َ
الموت ). (1
بطن العقبة
وسار من زبالة حّتى نزل بطن العقبة وفيها قال لصحابه )) :ما أراني إل ّ مقتول ً،
ي كلب أبقع ).2 فإّني رأيت في المنام كلبا ً تنهشني ،وأش ّ
دها عل ّ
وأشار عليه عمرو بن لوذان من بني عكرمة بالرجوع إلى المدينة ؛ ِلما عليه أهل
ي
سلم )) :ليس يخفى عل ّ الكوفة من الغدر والخيانة ،فقال أبو عبد الله عليه ال ّ
ن الله ل يغلب على أمره ).3 الرأي ،وإ ّ
جوفي ، َ
سلم )) :إّنهم لن يدعوني حّتى يستخرجوا هذه العلقة من َ ثم قال عليه ال ّ
لمم ).4 ل فَِرق ا ُ ّ
من يذلهم حّتى يكونوا أذ ّ ّ
فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم َ
شراف
ن يستقوا من سحر أمر فتيانه أ ْ وسار من بطن العقبة حّتى نزل شراف) ،5وعند ال ّ
الماء ويكثروا ،وفي نصف الّنهار سمع رجل ً من أصحابه يكّبر فقال الحسين )) :ل ِ َ
م
ن يكون بهذا الموضع نخل ،وإّنما من معه أ ْ كّبرت ؟ (قال :رأيت الّنخل فأنكر َ
____________________________
م الزاي المعجمة وتقع قبل الشقوق للذاهب ) (1الطبري ) : 226 / 6وهي بض ّ
مي الموضع باسم زبالة بنت من الكوفة إلى مكة فيها حصن وجامع لبني أسد ،س ّ
مسعر امرأة من العمالقة ،ويوم زبالة من أيام العرب ،ونسب إلى المكان جماعة
دثين )معجم البلدان . من المح ّ
)2كامل الزيارات . 75 /
)3تاريخ الطبري . 226 / 6
لولى ، دث القمي 98 /وما بعدها الطبعة ا ُ )4إرشاد المفيد ،ونفس المهموم للمح ّ
ايران .
مي باسم رجل يقال )5في معجم البلدان ) :بفتح أوله وآخره فاء وثانيه مخفف س ّ
ذب ،ومن شراف إلى م حدثت آبار كبار كثيرة ماؤها عَ ِ له شراف ،استخرج عينا ً ،ث ّ
ما كان سعد بن أبي وقاص بشراف ، واقصة ميلن ،وفي تأريخ الطبري : 87 / 4ل ّ
قدم عليه الشعث بن قيس بألف وسبعمئة من أهل اليمن ،فترك الجموع بشراف
ونهض إلى العراق .
م سألهم عن هو أسّنة الرماح وآذان الخيل ،فقال الحسين )) :وأنا أراه ذلك ( ،ث ّ
سم ( ) (1عن يسارك فهو كما تريد ،فسبق ملجأ يلجأون إليه ،فقالوا :هذا )ذو ح َ
إليه الحسين وضرب أبنيته .
وطلع عليهم الحّر الرياحي)2مع ألف فارس بعثه ابن زياد ؛ ليحبس الحسين عن
الرجوع إلى المدينة أينما يجده أو يقدم به الكوفة ،فوقف الحّر وأصحابه مقابل
حر الظهيرة).3 الحسين في َ
ن يسقوهم ويرشفوا ما رأى سّيد الشهداء ما بالقوم من العطش أمر أصحابه أ ْ فل ّ
م أخذوا يملون القصاع والطساس الخيل ،فسقوهم وخيولهم عن آخرهم ،ث ّ
ب فيها ثلثا ً أو أربعا أو خمسا عزلت ،وسقي آخر حّتى
ً ً ويدنونها من الفرس فإذا ع ّ
سقوا الخيل كّلها).4
82
وكان علي بن الطّعان المحاربي مع الحّر فجاء آخرهم وقد أضّر به العطش فقال
م يفهم مراده فقال له : الحسين )) :أنخ الراوية (ـ وهي الجمل بلغة الحجاز ـ فل ْ
سقاء ،فقال له ريحانة ن يشرب جعل الماء يسيل من ال ّ ما أراد أ ْ
))أنخ الجمل (ول ّ
دة العطش ،فقام )ع( بنفسه سقاء ( ،فلم يدرِ ما يصنع لش ّ الرسول )) :أخنث ال ّ
سقاء حّتى ارتوى وسقى فرسه . وعطف ال ّ
وهذا لطف وحنان من أبي الضيم على هؤلء الجمع في تلك البيداء المقفرة التي
ن غدا ً دونهتعّز فيها الجرعة الواحدة وهو عالم بحراجة الموقف ونفاد الماء ،وإ ّ
ن يحوزم يتركا صاحبهما إل ّ أ ْ ن العنصر النبوي والكرم العلويّ ل َ ْ تسيل الّنفوس ،ولك ّ
الفضل .
ح النبي الهادي ة ال ّ
كرار يا رو َ ة الزهراء بل يا مهج َ أحشاش َ
____________________________
) (1حسم )بضم الحاء المهملة وفتح السين بعدها ميم :جبل كان النعمان بن
المنذر يصطاد به ،وفيه للنابغة أبيات .
)2في جمهرة أنساب العرب لبن حزم : 215 /الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب
ن الملوك بن عتاب الردف بن هرمي بن رياح يربوع ،وقيل لعتاب الردف ؛ ل ّ
تردفه ،وفي صفحة 213قال ،يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم .
)3مقتل الخوارزمي 230 / 1الفصل الحادي عشر .
)4تاريخ الطبري ، 226 / 6والطساس :جمع طس ،طبقات النحويين للنبيذي /
ما طست فجمعه طسات . ، 50قال :وأ ّ
عـجبا ً لهذا الخلق هل أقبلوا كـل إلـيك بروحه لك فادي
س الذر بالطواد لـكّنهم مـا وازنـوك نفاسة أّنـى ُيـقا ُ
و بالمرصاد عـجبا ً لـحلم الله جل جلله هتكوا حجابك وَهْ َ
عجبا ً لل الله صاروا مغنما ً لـبني يزيد هدية وزياد )(1
ن الحسين استقبلهم فحمد الله وأثنى عليه وقال )) :إّنها معذرةً إلى الله عّز مإ ّ ث ّ
دمن اق ْ ِسلكم أ ْي ُر ُمت بها عل ّ َ
ل وإليكم ،وإّني لم آتكم حّتى أتتني كتبكم وقَدِ َ وج ّ
ن كنتم على ذلك معنا بك على الهدى ،فإ ْ ن يج َ
ل الله أ ْ علينا فإّنه ليس لنا إمام ولع ّ
مقدمي ن كنتم ل َ ن به من عهودكم ومواثيقكم ،وإ ْ فقد جئتكم ،فاعطوني ما أطمئ ّ
ت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم ( .فسكتوا جميعا ً . كارهين ،انصرف ُ
جاج بن مسروق الجعفي لصلة الظهر ،فقال الحسين للحّر )) :أتصّلي ح ّ
ن ال َ وأذ ّ َ
بأصحابك ؟ ( ،قال :ل ،بل نصّلي جميعا ً بصلتك ،فصّلى بهم الحسين .
ن فرغ من الصلة أقبل عليهم فحمد الله وأثنى عليه وصّلى على الّنبي وبعد أ ْ
ن تّتقوا الله وتعرفوا الحقّ لهله يكن أرضى لله ، مد وقال )) :أّيها الّناس إّنكم إ ْ مح ّ
دعين ما ليس لهم مد )ص( أولى بولية هذا المر من هؤلء الم ّ ونحن أهل بيت مح ّ
قنا وكان رأيكم ّ
ن أَبيتم إل الكراهّية لنا والجهل بح ّ والسائرين بالجور والعدوان ،وإ ْ
ت عنكم (. الن على غير ما أتتني به كتبكم ،انصرف ُ
فقال الحّر :ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها ،فأمر الحسين عقبة بن سمعان
جين مملوأين كتبا ً . فأخرج خر َ
____________________________
) (1من قصيدة طويلة للعلمة الشيخ أحمد النحوي ذكرت في شعراء الحّلة / 1
مد الكشميري ، 70وللسيد الحجة ثقة السلم السيد مح ّ
): (2
83
اااا اااااااااا اااااا ااا اا ا ااااا ا
ااااا اااا اا اااا ااااا
ااااا ااا ااااا اااااا اا اا ااااا اا ااااااا اا اااا اااا
ن ل ُافارقك إذا لقيتك حّتى أقدمك ت من هؤلء ،وإّني ُامرت أ ْ قال الحّر :إّني لس ُ
الكوفة على ابن زياد.
فقال الحسين )) :الموت أدنى إليك من ذلك ( ،وأمر أصحابه بالركوب ،و ركبت
الّنساء ،فحال بينهم وبين النصراف إلى المدينة فقال الحسين للحّر )) :ثكلتك
مك ما تريد منا ؟ (. اُ ّ
تقال الحّر :أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذا الحال ،ما ترك ُ
مك من سبيل إل ّ بأحسن ما مه بالثكل كائنا ً من كان ،والله ما لي إلى ذكر ا ُ ّ ذكر ا ُ ّ
دك إلى المدينة حّتى نقدر عليه .ولكن خذ طريقا ً نصفا ً بيننا ل يدخلك الكوفة ول ير ّ
ن يرزقني العافية ،ول يبتليني بشيء من أمرك . أكتب إلى ابن زياد ؛ فلع ّ
ل الله أ ْ
م قال للحسين :إّني ُاذكرك الله في نفسك ،فإّني أشهد لئن قاتلت لتقتل ّ
ن، َ َ ث ّ
ن تقتلوني ،فقال الحسين )) :أفبالموت تخوفني ؟! وهل يعدو بكم الخطب أ ْ
مه وهو يريد نصرة رسول الله صّلى الله عليه وسأقول ما قال أخو الوس لبن ع ّ
وآله
):2
سأمضي وما بالموت عار على الفتى إذا مـا نـوى حـقا ً وجـاهد مسلما
وواسـى الـرجال الصالحين بنفسه وفـارق مـثبورا ً وخـالف مجرما
ُ
ت لم أل َ ْ
م كـفى بـك ذ ّل ً ان تـعيش وت ُْرغما فـان عشت لم اندم وان م ّ
البيضة
ب الحر فقال بعد الحمد لله والثناء عليه )) :أّيها وفي البيضة) (3خطب أصحا َ
____________________________
دم استشهاده )ع( وتكّرر منه الستشهاد بها . ) (1تق ّ
)2ارشاد المفيد ،وزاد ابن شهر آشوب في المناقب 193 / 2بعد البيت الثاني :
اااا اااا اا اااا اااااا ااااا اااااااا اااااا اااااا
سلم بالبيت الول والثاني وما جرى بين الحر والحسين في دم تمثله عليه ال ّ تق ّ
الطريق )مقتل الخوارزمي 230 / 1وما بعدها .
)3البيضة ما بين واقصة إلى عذيب الهجانات وهي أرض واسعة لبني يربوع بن
حنظلة .
من رأى سلطانا ً جائرا ً ،مستحل ً لحرام الله ،ناكثا ً ن رسول الله قال َ : الّناس إ ّ
عهده ،مخالفا لسّنة رسول الله ،يعمل في عباد الله بالثم والعدوان ،فلم يغّير ً
ن هؤلء قد لزموا ن يدخله مدخله ،أل وإ ّ قا ً على الله أ ْ
عليه بفعل ول َقول ،كان ح ّ
طلوا الحدود واستأثروا الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ،وأظهروا الفساد ،وع ّ
من غير ،وقد أتتني كتبكم فيء ،وأحّلوا حرام الله وحّرموا حلله ،وأنا أحقّ م ّ بال َ
ي
ن أتممتم عل ّ ّ
سلكم ببيعتكم أّنكم ل تسلموني ول تخذلوني فإ ْ ي ُر ُت عل ّ وقدم ْ
84
بيعتكم تصيبوا رشدكم ،فأنا الحسين بن علي ،وابن فاطمة بنت رسول الله،
ن لَ ْ
م تفعلوا وَنقضتم ي ُاسوة ،وإ ْ
نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم ولكم ف ّ
عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فل ََعمري ما هي لكم بنكر ،لقد فعلتموها بأبي
ظكم أخطأتم ونصيبكم ضّيعتم مي مسلم ،فالمغرور من اغتّر بكم فح ّ وأخي وابن ع ّ
سلم عليكم ورحمة من نكث فإّنما ينكث على نفسه ،وسيغني الله عنكم ،وال ّ و َ
الله وبركاته ( ). (1
هيمة
الُر َ
وفي الرهيمة)2لقيه رجل من أهالي الكوفة يقال له أبو هرم فقال :يابن رسول
ن بني ُامّية شتموا
الله ما الذي أخرجك عن حرم جدك ؟ فقال :يا أبا هرم إ ّ
م الله ليقتلوني
عرضي فصبرت ،وأخذوا مالي فصبرت ،وطلبوا دمي فهربت ،وأي َ
فيلبسهم الله ذل ً شامل ً وسيفا ً قاطعا ً ويسّلط عليهم من يذّلهم)3حّتى يكونوا أذلّ
من قوم سبأ ،إذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموآله م ودمائهم ).4
القادسّية
وفي القادسّية) )5قبض الحصين بن نمير التميمي على قيس بن مسّهر
____________________________
) (1الطبري ، 229 / 6وكامل ابن الثير . 21 / 4
)2في معجم البلدان :الرهيمة )بالتصغير :عين تبعد عن خفية ثلثة أميال ،وتبعد
خفية عن الرحبة مغربا ً بضعة عشر ميل ً .وفي وفاء الوفاء لمسهودي : 236 / 2
من حمي فيدماء يقال له الرحيمة بالحاء المهملة .
)3أمالي الصدوق 93 /المجلس الثلثون .
)4في مقتل الخوارزمي ، 226 / 1ومثير الحزان لبن نما ،وفيه رواية الحديث
بتمامه .
)5في معجم البلدان : 451 / 3خفان :موضع قرب الكوفة فيه عين عليها قرية
لولد عيسى بن موسى الهاشمي .وفيه : 125 / 7القطقطانة تبعد عن الرهيمة
إلى الكوفة نيفا وعشرين ميل .
الصيداوي رسول الحسين إلى أهل الكوفة ،وكان ابن زياد أمره أن ينظم الخيل ما
ن يفّتشه أخرج ما أراد أ ْ
بين القادسّية إلى خفان ومنها إلى القطقطانة ) ، (1ول ّ
قيس الكتاب وخّرقه وجيء به إلى ابن زياد ،فقال له :لماذا خّرقت الكتاب ؟ قال
ن ُيخبره بما فيه ،فأبى قيس ،فقال :إذا ً طلع عليه ،فأصّر ابن زياد على أ ْ :لئل ّ ت ّ
طعتك إربا ً ،فصعد قيس المنبر ب الحسين وأباه وأخاه وإل ّ ق ّ اصعد المنبر وس ّ
حم على أمير ّ
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على الّنبي وآله وأكثر من التر ّ
ُ
المؤمنين والحسن والحسين ،ولعن عبيد َ الله بن زياد وأباه وبني امّية ،ثم قال :
أّيها الّناس أنا رسول الحسين إليكم ،وقد خّلفته في موضع كذا ،فأجيبوه .فأمر
سرت عظامه ومات) ،2ويقال كان ن ُيرمى من أعلى القصر ،فرمي وتك ّ ابن زياد أ ْ
ُ
مير اللخمي ،فعيب عليه قال :أردت أن اريحه).3 به رمق فذبحه عبد الملك بن ع َ
العذيب
وفي عذيب الهجانات)4وافاه أربعة نفر خارجين من الكوفة على رواحلهم ويجنبون
فرسا ً لنافع بن هلل يقال له )الكامل وهم ؛ عمرو بن خالد الصيداوي ،وسعد
ماح بن عدي موله ،ومجمع بن عبد الله المذحجي ،ونافع بن هلل ،ودليلهم الطر ّ
الطائي يقول :
85
مري قـبل طلوع الفجر يا ناقتي ل تذعري من زجري وشـ ّ
بـخير ركـبان وخـير سفر حّتى تـحلى بـكريم النجر
الـماجد الحر رحيب الصدر أتـى بـه الله لـخير أمـر
____________________________
) (1الرشاد ،و روضة الواعظين ،والبداية لبن كثير ، 118 / 8وإعلم الورى /
لولى ،ايران . 136الطبع ا ُ
وفي ميزان العتدال للذهبي : 151 / 1ولي عبد الملك بن عمير اللخمي قضاء
الكوفة بعد الشعبي ،وساء حفظه وكان يغلط ،وفي تهذيب السماء للنووي / 1
: 309توفي سنة 136وعمره مئة وثلث سنين .
)2الرشاد للشيخ المفيد وروضة الواعظين للفتال .
)3العذيب :واد لبني تميم ،وهو حد السواد ،وفيه مسلحة للفرس بينه وبين
ن خيل النعمان ملك الحيرة القادسية ست أميال ،وقيل له عذيب الهجانات ؛ ل ّ
ترعى فيه .
من )4في مقتل الخوارزمي : 23 / 1قال الحسين )ع( لصحابه )) :هل فيكم َ
ماح بن عدي الطائي :أنا يابن يعرف الطريق على غير الجادة ؟ (فقال الطر ّ
سر أمامنا ( ،فسار أمام الظعن يرتجز بالبيات . رسول الله ،فقال له ِ )) :
ن الحر سار أمام الحسين يرتجز بها ،وفي كامل وعند ابن نما صفحة : 24إ ّ
الزيارات لبن قولويه : 95 /عن الرضا )ع( )) :بينا الحسين يسير في جوف الليل
سمع رجل ً يرتجز بها ( ،وفي نفس المهموم : 153 /عن بعض المقاتل أ ّ
ن
ما وقع نظره على الحسين أنشأها . ماح ل ّالطر ّ
سلم )) :أما سلم أنشدوه البيات ،فقال عليه ال ّ ما انتهوا إلى الحسين عليه ال ّ فل ّ
ْ
ن يكون خيرا ما أراد الله بنا قُت ِلنا أم ظفرنا (. ً والله ،إّني لرجوا أ ْ
ن الشراف عظمت رشوتهم وقلوب وسألهم الحسين عن رأي الّناس ،فأخبروه بأ ّ
م أخبروه عن قتل قيس بن مسّهر سيوف عليك ،ث ّ سائر الّناس معك وال ّ
ُ
ما ب َد ّلوا
ن ي َن ْت َظ ُِر وَ َ
م ْم َ من ْهُ ْه وَ ِ
حب َ ُضى ن َ ْ ن قَ َم ْ
م َ سلم )):فَ ِ
من ْهُ ْ الصيداوي ،فقال عليه ال ّ
ديل ً ) .( (1اللهم اجعل لنا ولهم الجّنة ،واجمع بيننا وبينهم في مستقّر من ت َب ْ ِ
رحمتك ورغائب مذخور ثوابك (.
ت الّناس قبل خروجي من الكوفة مجتمعين في ظهر ماح :رأي ُ وقال له الطر ّ
ت عنهم ،قيل :إّنهم يعرضون ثم يسّرحون إلى الحسين ،فانشدك الكوفة فسأل ُ
ن ل تقدم عليهم ،فإّني ل أرى معك أحدا ً ،وَلو َلم يقاتلك إل ّ هؤلء الذين الله أ ْ
سر معنا لتنزل جبلنا الذي ُيدعى )أجا فقد امتنعنا به أراهم ملزميك لكفى ،ولكن ِ
سان وحمير ،ومن النعمان بن المنذر ومن السود والحمر ،فوالله ل من ملوك غ ّ
ً ً
يأتي عليك عشرة أيام حّتى تأتيك طيء رجال وركبانا وأنا زعيم لك بعشرين ألف
ن يستبين لك ما أنت صانع . طائي يضربون بين يديك بأسيافهم إلى أ ْ
ً ً
ن بيننا وبين القوم عهدا وميثاقا ولسنا نقدر فجزاه الحسين وقومه خيرا ً وقال )) :إ ّ
لمور في عاقبة (. على النصراف حّتى تتصّرف بنا وبهم ا ُ
جل المجيء لنصرته . ماح وحده بأن يوصل الميرة إلى أهله ،ويع ّ فاستأذنه الطر ّ
حبه الباقون . فأِذن له وص ِ
ما بلغ عذيب الهجانات ،بلغه ماح الميرة إلى أهله ورجع مسرعا ً ،فل ّ فأوصل الطر ّ
سلم فرجع إلى أهله ). (1 خبر قتل الحسين عليه ال ّ
____________________________
86
) (1سورة الحزاب . 23 /
) (1تاريخ الطبري . 230 / 6
قصر بني مقاتل
وسار من عذيب الهجانات حّتى نزل قصر بني مقاتل ) ، (1فرأى فسطاطا ً مضروبا ً
ورمحا ً مركوزا ً وفرسا ً واقفا ً ،فسأل عنه ،فقيل :هو لعبيد الله بن الحّر الجعفي)
ما وراءه قال :هدّية جاج بن مسروق الجعفي ،فسأله ابن الحّر ع ّ ح ّ
.2فبعث إليه ال َ
ديه
ت بين ي َن قاتل َن قِبلتها ،هذا الحسين يدعوك إلى نصرته فإ ْ إليك وكرامة إ ْ
ت من الكوفة ؛ إل ّ ن ُقتلت استشهدت فقال ابن الحّر :والله ،ما خرج ُ اُ ِ
جرت ،وإ ْ
ت أّنه مقتول ول أقدر على لكثرة ما رأيته خارجا ً لمحاربته وخذلن شيعته ،فعلم ُ
____________________________
سان بن ثعلبة ،وساق نسبه الحموي في ) (1ينسب القصر إلى مقاتل بن ح ّ
المعجم إلى امرىء القيس بن زيد بن مناة بن تميم ،يقع بين عين التمر
دده .والقطقطانة والقريات .خربه عيسى بن علي بن عبد الله بن العّباس ثم ج ّ
)2في تاريخ الطبري ج 7ص 168وجمهرة أنساب العرب لبن حزم ص 385كان
عثماني العقيدة ولجله خرج إلى معاوية وحارب عليا ً يوم صفين وفي ص 169من
تاريخ الطبري ج 7طبعة أولى ذكر أحاديث في تمرده على الشريعة بنهبه الموال
وقطعه الطرق وذكر ابن الثير ج 4ص 112انه لما أبطأ على زوجته في إقامته
بالشام زوجها اخوها من عكرمة بن الخبيص ولما بلغه الخبر جاء وخاصم عكرمة
الى علي بن أبي طالب فقال له ظاهرت علينا عدونا قال ابن الحر :ايمنعني
عدلك من ذلك فقال )ع( ليه السلم :ل ثم أخذ أمير المؤمنين المرأة وكانت حبلى
فوضعها عند ثقة حتى وضعت فألحق الولد بعكرمة ودفع المرأة الى عبيد الله فعاد
الى الشام الى ان قتل علي )ع( ليه السلم ،والى هذه القصة أشار محمد بن
الحسن في المبسوط ج 10ص 136باب الخوارج ولم يذكر اسم عبيد الله بن
الحر وفي أيام عبد الملك سنة 68قتل عبيد الله بالقرب من النبار وفي أنساب
الشراف ج 5ص 297قاتله عبيد الله بن العباس السلمي من قبل القباع ولما
اثخن بالجراح ركب سفينة ليعبر الفرات وأراد أصحاب عبيد الله أن يقبضوا
السفينة فاتلف نفسه في الماء خوفا ً منهم وجراحاته تشخب دما ً وفي رسالة
المغتالين لبن حبيب ص 268من المجموعة السابعة من نوادر المخطوطات
تحقيق هارون عبد السلم ان عبد الملك أرسل عبيد الله بن الحر الجعفي لمحاربة
مصعب في جيش كثيف ثم تخلف عنه الجيش حتى قتل من معه وعرض له عبيد
الله بن العباس السلمي فقاتله ففر منه ابن الحر وركب معبرة الفرات فصاح عبيد
الله السلمي بالملح لئن عبرت به لقتلنك فكربه راجعا ً فعانقه ابن الحر فغرقا
جميعا ً فاستخرجوا ابن الحر ونصبوه غرضا ً ورموه وهم يقولون امغازل تجدها حتى
قتلوه ويذكر ابن حبيب في )المحبرص 492أن مصعب بن الزبير نصب رأس عبيد
الله بن الحر الجعفي بالكوفة وفي جمهرة أنساب العرب لبن حزم ص 583أن
أولد عبيد الله بن الحر وهم :صدقة وبرة والشعر شهدوا واقعة الجماجم مع ابن
الشعث .وفي الخبار الطوال ص 289لما تجرد المختار للخذ بثأر الحسين كان
عبيد الله بن الحر الجعفي في الجبل يغير على اموال الناس فأرسل اليه المختار
للمشاركة معه في الطلب بدم الحسين فلم يجبه فهدم المختار داره ونهب جميع
ما فيها واخذ امرأته فسجنها بالكوفة اهـ ولو كان صحيح الندم على تأخره عن
نصرة المظلوم لناصر المختار على قتلة الحسين وكيف يتوفق للتوبة وقد امتنع
عن اجابة سيد الشهداء وقد مشى اليه بنفسه والنور اللهي يعلوه وصبيانه اقمار
87
الدجى من حوله .
نصره ،ولست أحب أن يراني وأراه ). (1
جاج كلمه على الحسين ،فقام صلوات الله عليه ومشى إليه في جماعة ح ّ
فأعاد ال َ
سع له عن صدر المجلس ،يقول من أهل بيته وصحبه ،فدخل عليه الفسطاط ،فو ّ
ابن الحّر :ما رأيت أحدا ً قط أحسن من الحسين ول أمل للعين منه ،ول رققت
على أحد قط رّقتي عليه حين رأيته يمشي والصبيان حوله ،ونظرت إلى لحيته
جل فرأيتها كأّنها جناح غراب ،فقلت له أسواد أم خضاب ؟ قال )) :يابن الحّر ع ّ
ما استقّر المجلس بأبي عبد الله ،حمد ت أّنه خضاب) .2ول ّ ي الشيب ( .فعرف ُ عل ّ
ي أّنهم مجتمعون على ن أهل مصركم كتبوا إل ّ الله وأثنى عليه وقال )) :يابن الحّر إ ّ
ن عليك ذنوبا ً نصرتي ،وسألوني القدوم عليهم ،وليس المر على ما زعموا) ،3وإ ّ
كثيرة ،فهل لك من توبة تمحو بها ذنوبك ؟ (قال :وما هي يابن رسول الله ؟
فقال )) :تنصر ابن بنت نبّيك وتقاتل معه ) .4فقال ابن الحّر :والله ،إّني لعلم
سعيد في الخرة ،ولكن ما عسى أن أغني عنك ،وَلم اخلف ن من شايعك كان ال ّ إ ّ
ن نفسي ل ملني على هذه الخطة ،فإ ّ ن تح ّ ً
لك بالكوفة ناصرا ،فانشدك الله أ ْ
ت عليها شيئا ً قط إل ّ تسمح بالموت ،ولكن فََرسي هذه )الملحقة والله ،ما طلب ُ
خذها فهي لك ). لحقته ،ول طلبني أحد وأنا عليها إل ّ سبقته ،ف ُ
ما إذا رغبت بنفسك عّنا ،فل حاجة لنا في فََرسك)) 5ول فيك ، قال الحسين ) :أ ّ
نل ت مّتخذ المضّلين عضدًا) ،(6وإّني أنصحك كما نصحتني ،إن استطعت أ ْ وما كن ُ
تسمع صراخنا ،ول تشهد وقعتنا فافعل .فوالله ،ل يسمع واعيتنا أحد ول ينصرنا
____________________________
) (1الخبار الطوال . 246 /
)2خزانة الدب للبغدادي ، 298 / 1طبعة بولق وأنساب الشراف . 291 / 5
)3نفس المهموم . 104 /
)4أسرار الشهادة . 233 /
)5الخبار الطوال . 249 /
)6أمالي الصدوق 94 /المجلس الثلثون .
إل ّ أكّبه الله في نار جهّنم ). (1
دم ابن الحّر على ما فاته من نصرة الحسين )ع( ،فأنشأ : ون ِ
88
قرى الطف
ما كان آخر الليل ،أمر فتيانه بالستقاء والرحيل من قصر بني مقاتل وبينا ول ّ
____________________________
) (1خزانة الدب . 298 / 1
دسة إلى ابن الحر تعرف الغاية الملحوظة لبي وفي مسير الحسين بنفسه المق ّ
الضيم ،فإّنه )ع( ليه السلمبصدد إعلم الناس بما يجب عليهم من الّنهوض لسد ّ
عني إلى نصرته .جة عليهم ؛ كيل يقول أحد :أنه لم يد ُباب المنكر ،وإلقاء الح ّ
)2مقتل الخوارزمي ، 228 / 1وذكر الدينوري في الخبار الطوال 258 /أربعة
منها ،وفي رواية للثالث :
89
الكتاب وقال :معناه ضّيق عليه .وقال الصمعي :الجعجعة :الحبس .وأراد ابن
جع به أي :احبسه .ومنه قول أوس بن حجر )إذا جعجعوا بين جع ِزياد بقوله َ :
ن جلود النمر جيبت عليهم . الناخة الحبس ،وفي هامش ديوانه صدر البيت )كأ ّ
)) 4ارشاد المفيد .
تسمى )العقر ) 1فقال )ع( )) :نعوذ بالله من العقر( .
ً
سر بنا قليل ً فساروا جميعا حّتى إذا وصلوا أرض والتفت الحسين إلى الحّر وقال ِ :
ن هذاكربلء وقف الحّر وأصحابه أمام الحسين )ع( ومنعوه عن المسير وقالوا :إ ّ
المكان قريب من الفرات .
ويقال :بيناهم يسيرون إذ وقف جواد الحسين ولم يتحّرك ،كما أوقف الله ناقة
سرالّنبي )ص( عند الحديبّية)2فعندها سأل الحسين عن الرض .قال له زهير ِ :
مى الطف . ن هذه الرض تس ّ راشدا ً ول تسأل عن شيء حّتى يأذن الله بالفَرج ،إ ّ
سلم )) :فهل لها اسم غيره ؟ (قال ُ :تعرف كربلء .فدمعت عيناه) فقال عليه ال ّ
ّ
م ،أعوذ بك من الكرب والبلء) ،4ههنا محط ركابنا وسفك دمائنا 3وقال )) :الله ّ
دي رسول الله ).5 دثني ج ّل قبورنا ،بهذا ح ّ ومح ّ
ف وقـفة مهره المتسّرع تالله ل أنـسى وإن نسي الورى بـالط ّ
جـواده هـل قـيدتك يد الردى حّتى وقـفت بـه وقوف تمّنع أ َ
قد كنت أسرع من وميض سحابة نـزل البل اسرعت ام لم تسرع
ت عن ذاك المضيق إلى الفضاء الوسع حد َكبت الطريق وَ ِ هـل تن ّ
____________________________
) (1الغاضرية :قرية منسوبة إلى غاضرة من بني أسد .وقيل :تقع في شمالي
قبر عون .
وفي مناهل الضرب للسّيد جعفر العرجي الكاظمي مخطوط في مكتبة
جة الشيخ آغا بزرگ الطهراني :هو عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي الح ّ
بن علي بن الحسن البنفسج بن ادريس بن داود بن أحمد المسود بن عبد الله
بن موسى الجون بن عبد الله بن المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن
أمير المؤمنين )ع( ،سكن الحائر المقدس وله ضيعة على فرسخ من كربلء ،
أدركه الموت بها فدفن فيها ،وعليه قبة ويقصد بالزيارة والنذور .
واشتبه على الّناس أّنه عون بن علي بن أبي طالب ،أو عون بن عبد الله بن
ن الخير دفن في حومة الشهداء بالحائر .
جعفر الطّيار ،فإ ّ
ما شفية :فهي بئر لبني أسد .والعقر :وهناك آثار قلعة تعرف بقلعة بني أسد .وأ ّ
كانت به منازل بخت نصر .ويوم العقر :قتل به يزيد بن المهّلب سنة 102هـ ،
وهذه قرى متقاربة .
ما استعجم : 95 / 3كانوا يقولون ضحى بنو حرب وقال البكري في المعجم م ّ
بالدين يوم كربلء وضحى بنو مروان بالمروءة يوم العقر ،يعنون قتل الحسين
بكربلء وقتل يزيد بن المهلب بالعقر .
وفي تاريخ الموصل لبن إياس المتوّفى سنة 334ص 16قال كثير بن عبد
الرحمن الخزاعي :فتك والله بالكرم يوم فتك بآل المهّلب .وفي ص : 16أ ّ
ن
الفرزدق رثى يزيد ابن المهّلب بأبيات منها :
ول حملت ُانثى ول وضعت بعد الغر اصيب بالعقر
)2منتخب الطريحي ، 308 /المطبعة الحيدرية ،سنة . 1369
90
)3تحفة الزهار لبن شدقم ـ مخطوط ـ ،وفي سير أعلم النبلء للذهبي / 3
: 209سأل الحسين عن الرض ،فقيل :كربلء .قال )) :كرب وبلء (.
) )4البحار . 188 / 10
) (5اللهوف .
كـيف اقتحمت به المهالك ل أبا لـك كـيف ذلك كيف لم تتمّنع
أعـظم بها من وقفة قامت بعر صـتها قيامة أهل ذاك المجمع
ي تضعضع اعظم بها من وقفة قد ضعضعت أركـان عرش الله أ ّ
هـي وقـفة لـيزيد َ منها وقفة يـوما يـقال لحمد َ :قم واشفع
صة لم تجرع هـي وقـفة قـد أعقبتها وقعة قـد جـّرعتنا غ ّ
دعي )(1 هـي وقـفة قـعدت بآل محمد احـزانها حّتى يقوم الم ّ
كربلء
وكان نزوله في كربلء في الثاني من المحّرم سنة إحدى وسّتين) ،2فجمع )ع(
مد قد م ،إّنا عترة نبّيك مح ّولده وإخوته وأهل بيته ونظر إليهم وبكى وقال )) :الله ّ
قنام فخذ لنا بح ّ دت بنو ُامّية علينا ،الله ّ
دنا ،وتع ّ
عجنا عن حرم ج ّ ردنا وُاز ِ
رجنا وط ُ ِ
ُاخ ِ
وانصرنا على القوم الظالمين ( .وأقبل على أصحابه فقال )) :الّناس عبيد الدنيا ،
حصوا بالبلء ،ق ّ
ل م ّ
والدين لعق على ألسنتهم ،يحوطونه ما درت معائشهم ،فإذا ُ
الديانون ).(3
____________________________
مد بن شريف بن فلح الكاظمي صاحب ) (1من قصيدة تبلغ 93بيتا ً للشيخ مح ّ
القصيدة الكرارية في مدح أمير المؤمنين وقد قرضها ثمانية عشر شاعرا ً من ادباء
عصره والقصيدتان في مكتبة الحجة المحقق الميني صاحب الغدير .
ص عليه الطبري في التاريخ ، 233 / 6وابن الثير في الكامل ، 20 / 4 )2ن ّ
والمفيد في الرشاد .
)3البحار ج 10ص ، 198والمقتل للخوارزمي ج 1ص 237ل تذهب على القارئ
النكتة في سؤال الحسين )ع( ليه السلمعن اسم الرض وكل قضايا سيد الشهداء
غامضة السرار والمام عندنا معاشر المامية عالم بما يجري في الكون من
حوادث وملحم عارف بما اودع الله تعالى في الكائنات من المزايا اقدارا ً له من
مبدع السماوات والرضين تعالى شأنه وقد ذكرنا في المقدمة ما يشهد له وكان
السر في سؤاله )ع( ليه السلمعن اسم الرض التي منعوا من اجتيازها أو ان الله
تعالى أوقف الجواد كما أوقف ناقة النبي )صّلى الله عليه وآله( عند )الحديبيةأن
يعترف أصحابه بتلك الرض التي هي محل التضحية الموعودين بها باخبار النبي أو
الوصي صّلى الله عليهما لتطمئن القلوب وتمتاز الرجال ،وتثبت العزائم ،وتصدق
المفاداة فتزداد بصيرتهم في المر والتأهب للغاية المتوخاة لهم حتى ل يبقى لحد
مجال للتشكيك في موضع كربل التي هي محل تربته ! ول جزاف في هذا النحو
من السئلة بعد أن صدر مثله من النبي )صّلى الله عليه وآله( فقد سأل عن اسم
الرجلين اللذين قاما لحلب الناقة وعن اسم الجبلين اللذين في طريقه الى )بدرالم
يكن النبي )صّلى الله عليه وآله( عالما ً بذلك ؟ بلى ،كان عالما ً ولكن المصالح
الخفية علينا دعته إلى السؤال وقد أشرنا اليها في كتاب )الشهيد مسلمص 90في
عنوان )مسلم ل يتطير ،وهذا باب من السئلة يعرف عند علماء البلغة )بتجاهل
العارفوإذا كان فاطر الشياء الذي ل يغادر علمه صغيرا ً ول كبيرا ً يقول لموسى )ع(
ليه السلم) :وما تلك بيمينك يا موسىويقول لعيسى )ع( ليه السلم) :أأنت قلت
91
للناس اتخذوني وأمي إلهينلضرب من المصلحة وقال سبحانه للخليل )ع( ليه
السلمأو لم تؤمن ؟ مع انه عالم بايمانه فالمام المنصوب من قبله أمينا ً على
شرعه ل تخفى عليه المصالح .
كما ان سيد الشهداء )ع( ليه السلملم يكن في تعوذه من الكرب والبلء عندما
سمع باسم كربلء متطيرا ً ،فان المتطير ل يعلم ما يرد عليه وإنما يستكشف ذلك
من الشياء المعروفة عند العرب انها سبب للشر ،والحسين )ع( ليه السلمعلى
يقين مما ينزل به في أرض الطف من قضاء الله ،فهو عالم بالكرب الذي يحل به
وباهل بيته وصحبه كما انبأ عنه غير مرة .
ما بعد ،فقد نزل من مد وآله وقال )) :أ ّ م حمد الله وأثنى عليه وصّلى على مح ّ ث ّ
َ ّ
ن الدنيا قد تغّيرت وتنكرت ،وأدبر معروفها ،ولم يبقَ منها المر ما قد ترون ،وإ ّ
إل صبابة كصبابة الناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ،أل ترون إلى الحقّ ل
مل به وإلى الباطل ل ي َُتناهى عنه ؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله .فإّني ل أرى ُيع َ
الموت إل ّ سعادة والحياة مع الظالمين إل ّ برما ( ). (1
فقام زهير وقال :سمعنا يابن رسول الله مقالتك ،ولو كانت الدنيا لنا باقية وكّنا
فيها مخّلدين لثرنا الّنهوض معك على القامة فيها .
طع ق ّديك ،ت ُ َ
ن نقاتل بين ي َ ن الله بك علينا ؛ أ ْ وقال بريد :يابن رسول الله ،لقد م ّ
دك شفيعنا يوم القيامة)).2 م يكون ج ّ فيك أعضاؤنا ،ث ّ
ن يشرب الّناس َ
دك رسول الله لم يقدر أ ْ نج ّ وقال نافع بن هلل :أنت تعلم أ ّ
ب ،وقد كان منهم منافقون يِعدونه بالنصر ن يرجعوا إلى أمره ما أح ّ محّبته ،ول أ ْ
مّر من الحنظل حّتى ّ
ويضمرون له الغدر ،يلقونه بأحلى من العسل ويخلفونه بأ َ
ن أباك عليا ً كان في مثل ذلك فقوم قد أجمعوا على نصره قبضه الله إليه ،وإ ّ
وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حّتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله
َ
من نكث عهده وخلع بيعته فلن ورضوانه ،وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ،ف َ
ن شئت أو سر بنا راشدا ً معافى مشّرقا إ ْ
ً يضّر إل ّ نفسه والله مغن عنه ،ف ِ
____________________________
) (1هذا في اللهوف ،وعند الطبري ج 6ص : 229انه خطب به بذي حسم ،
وفي العقد الفريد ج 2ص 312وحلية الولياء ج 3ص 39وابن عساكر ج 4ص
333مثل اللهوف ،وفي مجمع الزوائد ج 1ص 192وذخائر العقبى ص 149
والعقد الفريد ج 2ص : 312يظهر منه انه خطب ذلك يوم عاشوراء وفي سير
أعلم النبلء للذهبي ج 3ص : 209لما نزل عمر بن سعد بالحسين خطب أصحابه
.
) )2اللهوف ص . 44
مغّربا ً ،فوالله ما أشفقنا من قدر الله ،ول كرهنا لقاء رّبنا وإّنا على نّياتنا وبصائرنا
من والك ونعادي من عاداك ). (1 نوالي َ
92
لست أنسى من بعدهم طود عّز وأعـاديه مـثل سـيل البطاح
وهـو يحمي دين النبي بعضب بـسناه لـظلمة الـشرك ماحي
فـتطير الـقلوب منه ارتياعا ً كـلما شـد ّ راكـبا ً ذا الـجناح
دما وثـقل السلح م لما نال الظما منه والشمس ونـزف الـ ّ ُثـ ّ
ّ
اوقـف الـطرف يستريح قليل ً فـرماه الـقضا بـسهم مـتاح
مت بـرماد المصاب منها النواحي فـهوى العرش للثرى وادله ّ
ً
حـّر قـلبي لـزينب إذ رأته تـرب الـجسم مثخنا بالجراح َ
قها فدعته بـدموٍع بـما تـجن ِفـصاح ب نط َ
ُ الخط س
َ أخـر
يـا مـنار الظلل والليل داٍج وظلل الرميض واليوم ضاحي
ت لي يوم كنت كهفا ً منيعا ً سـجسج الـظل خافق الرواح كـن َ
أتـرى الـقوم إذ عليك مررنا مـنعونا مـن الـبكا والـنياح
إن يـكن هـينا ً عـليك هواني واغترابي مع الِعدى وانتزاحي
ومـسيري أسـيرةً لـلعادي وركـوبي على النياق الطلح
صفاحفـبرغمي أّنـي أراك مـقيما ً بـين سمر القنا وبيض ال ِ
لـك جسم على الرمال ورأس رفـعوه عـلى رؤوس الرماح
بـأبي الواردون حوض المنايا يـوم ذيدوا عن الفرات المباح
ن سافيات الرياح )(1 بـأبي الـلبسون حـمر ثياب طـرزتهُ ّ
____________________________
) (1مقتل العوالم . 76 /
دس سّره. مد الهندي )ق ّ
) )2للعلمة الطاهر السيد رضا ابن آية الله السيد مح ّ
سلم اشترى الّنواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرّية م إّنه عليه ال ّث ّ
ن يرشدوا إلى قبرهدق بها عليهم ،واشترط عليهم أ ْ بسّتين ألف درهم وتص ّ
من زاره ثلثة أيام ،وكان حرم الحسين )ع( الذي اشتراه أربعة أميال في ويضيفوا َ
أربعة أميال ،فهو حلل لولده ولمواليه وحرام على غيرهم ممن خالفهم وفيه
البركة ،وفي الحديث عن الصادق )ع( )) :إّنهم لم يفوا بالشرط ( ). (1
ما
ما نزل الحسين )ع( كربلء كتب إلى ابن الحنفية وجماعة من بني هاشم )) :أ ّ ول ّ
سلم ).(2 ن الخرة َلم تزل ،وال ّ
ن الدنيا َلم تكن وكأ ّ
بعد ،فكأ ّ
93
دعيا ً عدم وقوفه على ذلك في الحسين أربعة أميال من جهات قبره الشريف ،م ّ
ن أمير المؤمنين اشترى من الدهاقين ما بين الخبار وعلى كلمات العلماء .كما أ ّ
من اعترض عليه بأّنها الخورنق إلى الحيرة وإلى الكوفة بأربعين ألف درهم وقال ل ِ َ
أرض ل تنبت )) :إّني سمعت رسول الله يقول :كوفان يرد أولها على آخرها ،
ن يحشروا يحشر من ظهرها سبعون ألفا ً يدخلون الجّنة بغير حساب ،واشتهيت أ ْ
في ملكي (فرحة الغري لبن طاووس ، 29 /الباب الثاني ،المطبعة الحيدرية في
النجف .
)2كامل الزيارات 75 /الباب الثالث والعشرون ،وذكر أبو الفرج في الغاني / 8
ما
ن الحسن البصري كتب إلى عمر بن عبد العزيز بذلك ل ّ 151طبعة ساسي :أ ّ
وّلي الخلفة ،وفي مروج الذهب :أخبار عمر بن عبد العزيز أّنه كتب إلى أبي حازم
المدني العرج :اوصني واوجز ،فكتب إليه بذلك .وفي موضوعات على القاري
أول حرف الكاف ،قال السيوطي َ :لم أقف عليه مرفوعا ً وأخرجه أبو نعيم عن
عمر بن عبد العزيز .
فـإما ُيـرى مذعنا ً او تموت نـفس أبـ ّ
ي الـعّز إذعـانها
فـقال لـها اعتصمي بالبا فـنفس البـي ومـا زانـها
إذا لـم تجد غير لبس الهوان فـبالموت تـنزع جـثمانها
يرى القتل صبرا ً شعار الكرام وفـخرا ً يـزين لـها شـأنها
ت فرسانها ك المو ُعـر َ مر لـلحرب عن معرك بـه َ فـش ّ
سماء حـمـراء تـلـفح نـيرانها وأضـرمها لـعنان الـ ّ
ركـين وللرض تحت الكماة رجـيف يـزلزل ثهلنها )(1
وأخبر الرسول ابن زياد بما قاله أبو عبد الله )ع( فاشتد ّ غضبه)) ،2وأمر عمر بن
كرا ً )بحمام أعينفي أربعة آلف ليسير بهم سعد بالخروج إلى كربلء ،وكان معس ِ
ً
ن الديلم قد غلبوا عليها) ،3وكتب له ابن زياد عهدا بولية الري وثغر إلى دستبى ؛ ل ّ
ما استرد ّ منه العهد استمهله ليلته ،وجمعدستبى والديلم)4فاستعفاه ابن سعد ،ول ّ
ُ
عمر بن سعد نصحاءه فنهوه عن المسير لحرب الحسين ،وقال له ابن اخته حمزة
ن ل تسير لحرب الحسين ،فتقطع رحمك بن المغيرة بن شعبة ُ :انشدك الله أ ْ
وتأثم برّبك ،فوالله لئن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الرض كّله لو كان لك
ن تلقى الله بدم الحسين)).5 لكان خيرا ً لك من أ ْ
كرا ً في أمره و ُ
سمع يقول : ن شاء الله .وبات ليلته مف ّ فقال ابن سعد :أفعل إ ْ
ااااا ااا اااا ااااا ااااا اا ااااا اااااااااااا اااا
اااا اااا ااااا اااا ااا ااااا اااا اااا اااا ااا اااا)((6
____________________________
) (1للسيد حيدر الحلي رحمه الله .
)2البحار ، 189 / 10ومقتل العوالم . 76 /
)3في تجريد الغاني 277 / 1القسم الول ،لبن واصل الحموي المتوّفى سنة
697هـ في أول أخبار حنين قال :عرف هذا الحمام بأعين حاجب بشر بن مروان
بن الحكم .وفي معجم البلدان : 334 / 3مادة حمام أعين بالكوفة منسوب إلى
أعين مولى سعد بن أبي وقاص .
)4الطبري . 232 / 6
)5الخبار الطوال ، 251 /وفي معجم البلدان : 58 / 4دستبى )بفتح أّوله وسكون
ثانيه وفتح التاء المثناة من فوق والباء الموحدة المقصورة :كورة كبيرة بين همدان
94
والري ،فقسم يقال له دستبى الرازي وقسم دستبى همدان ،وبسعي أبي مالك
حنظلة بن خالد التميمي ُاضيفت إلى قزوين .
)6في أحسن التقاسيم للمقدسي : 385 /قال :وهذه المدينة أهلكت عمر بن
م اختارها مع الّنار حيث يقول أخزاه الله سعد الشقي حّتى قتل الحسين بن علي ،ث ّ
)وذكر البيتين كما هنا إل ّ قوله ) والري رغبتي .
وعند الصباح أتى ابن زياد وقال :إّنك وّليتني هذا العمل وسمع به الّناس ،فأنفذني
مى له ُاناسا ً من ت أغنى في الحرب منه .وس ّ من لس ُ له وابعث إلى الحسين َ
أشراف الكوفة .
ت استأمرك فيمن ُأريد أن أبعث ،فإن سرت بجندنا ،وإل ّ فقال ابن زياد :لس ُ
حا قال :إّني سائر ) ، (1فأقبل في أربعة آلف ً ما رآه مل ّ فابعث إلينا عهدنا ،فل ّ
م إليه الحّر فيمن معه .ودعا عمر بن سعد عزرة بن قيس الحمسي ،وأمره وانض ّ
من من كاتبه ،فسأل َ ما جاء به فاستحيا عزرة ؛ لّنه م ّ أن يلقى الحسين ويسأله ع ّ
ن يلقوه فأبوا ؛ لنهم كاتبوه . معه من الرؤساء أ ْ
ن أفتك ن شئت أ ْ فقام ك َُثير بن عبد الله الشعبي وكان جريئا ً فاتكا ً وقال :أنا له ،وإ ْ
به لفعلت .قال :ل ،ولكن سله ما الذي جاء به ؟ فأقبل ك َُثير وعرفه أبو ثمامة
سيفك وادخل على الحسين ،فأبى واستأبى الصائدي فقام في وجهه ،وقال :ضع َ
م انصرف . ث ّ
ما أبلغه رسالة ابن فدعا عمر بن سعد قّرة بن قيس الحنظلي ليسأل الحسين ،ول ّ
ما إذا
ن اقدم علينا ،فأ ّ يأ ْن أهل مصركم كتبوا إل ّ سعد :قال أبو عبد الله ))إ ّ
ت عنكم (. كرهتموني انصرف ُ
فرجع بذلك إلى ابن سعد ،وكتب إلى ابن زياد بما يقول الحسين ،فأتاه جوابه :
ن فعل رأينا رأينا).2 ما بعد ،فاعرض على الحسين وأصحابه البيعة ليزيد ،فإ ْ أ ّ
95
ن كنت في طاعتنا خلوا إلى شياطينهم قالوا إّنا معكم إّنما نحن مستهزؤن ،فإ ْ
فأقبل مسرعا ً ،فأتاه بعد العشاء ؛ لئل ينظر إلى وجهه فلم يجد عليه أثر العلة ،و
ّ
وافقه على ما يريد)).3
وجعل عبيد الله بن زياد زجر بن قيس الجعفي على مسلحة في خمسمئة فارس ،
من يخرج من الكوفة يريد الحسين )ع( ،فمّر به ن يقيم بجسر الصراة يمنع َ وأمره أ ْ
ت حيث عامر بن أبي سلمة بن عبد الله بن عرار الدالني فقال له زجر :قد عرف ُ
تريد فارجع ،فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى ،وليس أحد منهم يطمع
سلم حّتى ُقتل معه ،وكان قد في الدنوّ منه ،فوصل كربلء ولحق بالحسين عليه ال ّ
سلم ).4شهد المشاهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه ال ّ َ
الجيوش
فخرج الشمر)3في أربعة آلف ،ويزيد بن الركاب في ألفين ،والحصين بن نمير
التميمي في أربعة آلف ،وشبث بن ربعي في ألف ،وكعب بن طلحة في ثلثة
جار بن أبجر في ألف ،ومضاير بن رهينة المازني في ثلثة آلف ،ونصر
آلف ،وح ّ
ت خلون من المحرم عشرون بن حرشة في ألفين) ،4فتكامل عند ابن سعد لس ٍ
ألفًا) ،5وَلم يزل ابن زياد يرسل العساكر إلى ابن سعد حّتى تكامل عنده ثلثون
96
ألفا ً .
____________________________
) (1مقتل العوالم 15 /و .45
)2الخبار الطوال . 253 /
ماه بشر بن ذي الجوشن .وفي عجالة المبتدي )3في البدء والتاريخ : 10 / 6س ّ
مد بن أبي عثمان الحازمي الهمداني في الّنسب تأليف الحافظ أبي بكر مح ّ
المتوّفى سنة : 584اسمه شور بن ذي الجوشن ،ولبيه صحبة ورواية ،روى عنه
ابنه شور .
)4ابن شهر آشوب . 215 / 2
)5ابن نما واللهوف .
ن الحسين دخل على أخيه الحسن في سلم ) :إ ّ روى أبو عبد الله الصادق عليه ال ّ
ما رأى ما به بكى ،فقال له الحسن :ما يبكيك يا أبا مرضه الذي استشهد فيه فل ّ
ي ُ
ن الذي اوتي إل ّ سلم :إ ّعبد الله ؟ قال :أبكي لما صنع بك ،فقال الحسن عليه ال ّ
دعون م ُاقتل به ،ولكن ل يوم كيومك يا أبا عبد الله وقد ازدلف إليك ثلثون ألفا ً ي ّ س ّ
مد وينتحلون دين السلم فيجتمعون على قتلك وسفك دمك دنا مح ّ أّنهم من ا ُ ّ
مة ج ّ
ل ببني ُامّية وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك ،فعندها تح ّ
ل شيء حّتى الوحوش في سماء رمادا ً ودما ً ،ويبكي عليك ك ّاللعنة ،وتمطر ال ّ
الفلوات والحيتان في البحار ( ). (1
وكتب ابن زياد إلى ابن سعد :إّني َلم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال ،
ّ
فانظر ل تمسي ول تصبح إل ّ وخبرك عندي غدوة وعشية .وكان يستحّثه على
الحرب لست خلون من المحرم).2
المشرعة
ل أوجـهها الحيا ولو أّنه قـطع الـصفا ب ّ
ل الحيا ملساءها مـا بـ ّ
ذات الفجور حياءها ة سـكبت بـل ّ ه ُاموي ّ ٌمـن أيـن تـنجل أوجـ ٌ
قهرت بني الزهراء في سلطانها واسـتأصلت بـصفاحها امراءها
مـلكت عليها المر حّتى حّرمت في الرض مطرح جنبها وثواءها
____________________________
) (1أمالي الصدوق 71 /المجلس الثلثون ،وفي مطالب السؤول :إّنهم عشرون
ألفا ً .وفي هامش تذكرة الخواص :أّنهم مئة ألف .وفي تحفة الزهار لبن شدقم :
ثمانون ألفا ً .وفي أسرار الشهادة : 237 /سنة آلف فارس وألف ألف راجل .
ولم يذكر أبو الفدا في تأريخه : 190 / 2غير خروج ابن سعد في أربعة آلف والحر
في ألفين .وفي عمدة القارئ للعيني : 656 / 7كتاب المناقب كان جيش ابن زياد
ألف فارس رئيسهم الحر ،وعلى مقدمتهم الحصين بن نمير .
مد بن أبي طالب . سلم( ، 101 /ومقتل مح ّ )) 2تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
جهت رأت الـحتوف امـامها ووراءهـا ضـاقت بـها الدنيا فحيث تو ّ
ولت لـلعّز عـن ظـهر الهوان وطاءها حمام وح ّ فـاستوطأت ظـهر ال ِ
97
طـلعت ثـنّيات الـحتوف بعصبة كـان الـسيوف قضاءها ومضاءها
لـقلبوبها امـتحن اللـه بـموقف مـحضته فـيهِ صـبرها وبـلءها
مد وسـيوف نـجدتها على من ساءها كـانت سـواعد آل بـيت مح ّ
ب الله فـيه لـقاءها
ن أحــ ّ
كـره الـحمام لـقاءها فـي ضنكه لـكـ ْ
ل سـوى الردى أحشاءها فـثوت بـأفئدة صـواد لـم تـجد ريـا ً يـب ّ
وأراك تـنشىء يا غمام على الورى ظـل وتـروي مـن حياك ظماءها
طرت عـطشا ً بـقفر ارمـضت أشلءها وقـلـوب أبـناء الـنبي تـف ّ
ض ما جرعت من الغصص التي قـدحت بـجانحة الـهدى ايراءها وام ّ
مد حـجب الـنبوة خـدرها وخـباءها هـتك الـطغاة عـلى بـنات مح ّ
فـتنازعت احـشاءها حرق الجوى وتـجاذبت أيـدي الـعدوّ رداءهـا
عـجـبا ً لـحلم الله وهـي بـعينه بـرزت تـطيل عـويلها وبـكاءها
ويـرى مـن الـزفرات تجمع قلبها بـيـد وتـدفع فـي يـد اعـداءها
ض في كبد )البتولةداءها )(1 مـا كـان اوجـعها لمهجة )أحمد وامـ ّ
وأنزل ابن سعد الخيل على الفرات فحموا الماء وحالوا بينه وبين سّيد الشهداء ،
وَلم يجد أصحاب الحسين طريقا ً إلى الماء حّتى أضّر بهم العطش ،فأخذ الحسين
فأسا ً وخطا وراء خيمة الّنساء تسع عشرة خطوة نحو القبلة وحفر فنبعت له عين
م غارت العين وَلم يَر لها أثر ،فأرسل ابن زياد إلى ابن سعد : ماء عذب ،فشربوا ث ّ
ن الحسين يحفر البار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه فانظر إذا ورد بلغني أ ّ
عليك كتابي ،فامنعهم من حفر البار ما استطعت وضّيق عليهم غاية التضّييق .
جاج في خمسمئة فارس ونزلوا على الشريعة)،2 فبعث في الوقت عمرو بن الح ّ
وذلك قبل مقتل الحسين بثلثة أّيام)(.3
____________________________
) (1من قصيدة للسّيد حيدر الحّلي رضوان الله عليه .
)2نفس المهموم للمحدث القمي ، 116 /ومقتل الخوارزمي ، 244 / 1ومقتل
العوالم . 78 /
)3الطبري ، 234 / 6وإرشاد المفيد ،ومقتل الخوارزمي الجزء الول ،وكامل ابن
الثير . 22 / 4
سابعاليوم ال ّ
سد ّ عنهم باب من معه ،و ُسابع اشتد ّ الحصار على سّيد الشهداء و َ وفي اليوم ال ّ
ل واحد يعالج لهب العطش .وبطبع الحال الورود ونفد ما عندهم من الماء ،فعاد ك ّ
ل غّلتهكان العيال بين أنة وحنة وتضور ونشيج ومتطّلب للماء إلى متحر له بما يب ّ
ن يجدوا ل ذلك بعين أبي علي والغيارى من آله والكارم من صحبه ،وماعسى أ ْ وك ّ
لهم شيئا وبينهم وبين الماء رماح مشرعة وسيوف مرهفة ،لكن ساقي العطاشى ً
ل تلك الحالة .َلم يتطامن على تحم ّ
98
ن نفسه الكريمة تنازعه إليه قبل مة ،في حين أ ّ هنا قيض أخاه العّباس لهذه المه ّ
ً
م إليه عشرين راجل مع عشرين ن يستقي للحرائر والصبية ،وض ّ المطلب ،فأمره أ ْ
من وُكل بحفظ الشريعة ؛ لّنهم محتفون ّ قربة ،وقصدوا الفرات بالليل غير مبالين ب َ
من جاج َ :
ح ّ
دم نافع بن هلل الجملي باللواء ،فصاح عمرو بن ال َ مد وتق ّ بأسد آل مح ّ
الرجل ؟ قال :جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلتمونا عنه .فقال :اشرب هنيئا ً
ول تحمل إلى الحسين منه .قال نافع :ل والله ،ل أشرب منه قطرة والحسين
من معه من آله وصحبه عطاشى .وصاح نافع بأصحابه :املوا أسقيتكم .فشد ّ و َ
جاج فكان بعض القوم يمل القرب وبعض يقاتل وحاميهم ابن ح ّ
عليهم أصحاب ابن ال َ
بجدتها المترّبي في حجر البسالة الحيدرّية أبو الفضل ،فجاؤا بالماء .وليس في
أعدائهم من تحدثه
____________________________
ور الله ضريحه . ) (1من قصيدة للسّيد جعفر الحّلي ن ّ
نفسه بالدنوّ منهم فرقا ً من ذلك البطل المغوار ،فبلت غلة الحرائر والصبية الطّيبة
من ذلك الماء ). (1
ن تلك الكمّية القليلة من الماء ما عسى أن تجدي ُاولئك الجمع ولكن ل يفوتنا أ ّ
الذي هو أكثر من مئة وخمسين رجال ً ونساًء وأطفال ً أو أّنهم ينيفون على المئتين ،
ن عاد إليهم الظما ، ومن المقطوع به أّنه َلم ترو أكبادهم إل ّ مّرة واحدة فسرعان أ ْ
وإلى الله ورسوله المشتكى .
إذا كان ساقي الحوض في الحشر حيدر فـساقي عـطاشي كربلء أبو الفضل
ن الـناس فـي الـحشر قلبه مـريع وهـذا بـالظلما قـلبه يـغلي عـلى أ ّ
َ
ت عـلى مـاء الفرات ولم أزل أقـول لـه والـقول يـحسنه مـثلي وقـف ُ
ً
عـلمك تـجري ل جـريت لـوارد وأدركـت يـوما بعض عارك بالغسل
ل ول نـهل مد لـهـيبا ً ول ابـتّلت بـع ّ أمــا نـشـفت أكـبـاد آل مح ّ
ذبل م الـ ُى وحـياء مـن شـفاههِ ُ ن تـذوي غصونك ذّبل أسـ ً مـن الـحقّ أ ْ
ن عذلي ن قـابل عذري ول تكثر ْ ً
ن كنت سامعا وكـ ْ فـقال اسـتمع للقول إ ْ
م شغلي ن ذا دمـعي الـذي أنـت نـاظر غـداى جـعلت الـنوح بعدهُ ُ أل إ ّ
م بـه وهـم صرعي على عطش حولي بـرغـمي أرى مـائي يـلذ سـواه ُ
مهم أبـا الفضل خيرا ً لو شهدت أبا الفضل جـزى الله عـنهم في المواساة ع ّ
ي فـلم يـحتج شباه إلى الصقل لـقـد كـان سـيفا ً صـاغه بـيمينه عـل ّ
مد رآه أخـاهـم مـن رآه بـل فـضل ي محـ ّ إذا عــد ّ ابـنـاء الـنـب ّ
َ
م) )2حـوله الـماء قبله ولـم يـرو مـنه وهو ذو مهجة تغلي ولـم أَر ظـا ٍ
ً
ل مـا يـرى هـكذا خـل وفـي ّا مـع الخ ّ
ل ّ
ومـا خـطبه إل الـوفاء وقـ ّ
يـمـينا ً بـيـمناك الـقطيعة والـتي تـسمى شـمال وهـي جامعة الشمل
ً
ي بـكربل عـلى الـَهول امر ل يحيط به عقلي بـصبرك دون ابـن الـنب ّ
و وافــاك ل يـدري افـقدك راعـه أم الـعرش غـالته الـمقادير بـالثل
____________________________
مد بن أبي طالب .وعلى هذه الرواية يكون طلبهم للماء في ) (1مقتل مح ّ
السابع ،ولعّله هو المنشأ في تخصيص ذكر العّباس بيوم السابع .وفي أمالي
الصدوق ، 95 /المجلس الثالث :أرسل الحسين بن علي ولده عليا ً الكبر في
ثلثين فارسا ً وعشرين راجل ً ليستقوا الماء .
) )2كذا ورد في ديوان الشاعر أبي الحب .
99
ااا اااا )(1
ااا اااااا اااااااااا اااااا اااااااا اااا ااااا
100
ن يسير إلى ثغر من الثغور ،فيكون رجل ً من المسلمين له ما لهم وعليه أتى ،أو أ ْ
ن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه ما عليهم ،أو أ ْ
مة صلح)(.4 ُ
ى لكم ولل ّ رأيه ،وفي هذا رض ً
من علم الّناس الصبر على المكاره وملقاة الحتوف ـ ّ ن يكون ذلك البي و َ وهيهات أ ْ
ً
طوع ابن مرجانة ومنقادا لبن آكلة الكباد ! أليس هو القائل لخيه الطرف :
))والله ل أعطي الدنّية من نفسي ( .ويقول لبن الحنفّية َ)) :لو َلم يكن ملجأ لما
ن هناك مصرعي بايعت يزيد ( .وقال لزرارة بن صالح )) :إّني أعلم علما ً يقينا ً أ ّ
ومصارع أصحابي ،ول ينجو منهم إل ّ ولدي علي ( .وقال لجعفر بن
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 268 / 6
) )2العقد الفريد ،باب نهضة المختار .
) (3مروج الذهب ، 105 / 2في أخبار يزيد .
ب الشراف ، 15 /وتهذيب التهذيب . 253 / 2 ) (4التحاف بح ّ
الصفحة )(207
سليمان الضبعي )) :إّنهم ل يدعوني حّتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي (.
ي قد ركز بين اثنتين بين السلةّ ي ابن الدع ّ ن الدع ّ وآخر قوله يوم الطف )) :أل وإ ّ
والذّلة وهيهات مّنا الذّلة ،يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت
ن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام (. وطهرت وُانوف حمّية ونفوس أبّية من أ ْ
سر الحال التي كان عليها أبو عبد الله عليه ن حديث عقبة بن سمعان يف ّ وإ ّ
كة ومنها إلىكة ومنها إلى م ّ سلم ،قال :صحبت الحسين من المدينة إلى م ّ ال ّ
ت منه ما يتذاكر العراق وَلم ُافارقه حّتى ُقتل ،وقد سمعت جميع كلمه فما سمع ُ
ن يسيره إلى ثغر من الثغور ل في ن يضع يده في يد يزيد ول أ ْ فيه الّناس من أ ْ
المدينة ول في مكة ول في الطريق ول في العراق ول في عسكره إلى حين ّ
قتله ،نعم سمعته يقول )) :دعوني أذهب إلى هذه الرض العريضة ( ). (1
طغيان الشمر
ما قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد قال :هذا كتاب ناصح مشفق على قومه .وأراد ول ّ
ن نزل بأرضك ؟ والله ، أن يجيبه ،فقام الشمر) ،2وقال :أتقبل هذا منه بعد أ ْ
____________________________
) (1الطبري . 235 / 6
)2في البداية لبن كثير ج 8ص 188كان الحسين يحدث أصحابه في كربل بما
قاله جده )صّلى الله عليه وآله( :كأني انظر إلى كلب ابقع يلغ في دماء أهل بيتي
ولما رأى الشمر ابرص قال هو الذي يتولى قتلي ! وفي العلق النفيسة لبن
رسته ص 222كان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ابرص .وفي ميزان
العتدال للذهبي ج 1ص 449كان شمر بن ذي الجوشن احد قتلة الحسين )ع(
ليه السلمفليس للرواية بأصل ولما قيل له كيف اعنت على ابن فاطمة قال :ان
امراءنا امرونا فلو خالفناهم كنا أشد من الحمر الشقاء قال الذهبي وهذا عذر قبيح
فانما الطاعة في المعروف .وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 303وما
بعدها .طبع مصر :كان شمر بن ذي الجوشن مع أمير المؤمنين )ع( ليه
السلمفي صفين ،وخرج من أصحاب معاوية )أدهم بن محرزيطلب المبارزة
فخرج اليه شمر بن ذي الجوشن واختلفا بضربتين ،ضربه أدهم على جبينه فاسرع
السيف حتى خالط العظم وضربه شمر فلم يصنع فيه شيئا ً ،فرجع الشمر الى
عسكره يشرب الماء واخذ رمحا ً وقال :
101
)ااا اااا اااا ااااا ااااا اا اا ااا ااااا
ااااا ااا ااااا ااااا ااااا اااااا اا ااااا(
فحمل على أدهم وهو ثابت فطعنه فوقع عن فرسه وحمله أصحابه فانصرف شمر
...
وفي نفح الطيب للمقريزي ج 2ص 143مطبعة 1عيسى البابي مطبوعات دار
المأمون ان الصميل بن حاتم بن الشمر بن ذي الجوشن كان رأس المضرية
متحامل ً على اليمانية )وهذه العبارة واردة في طبعة بيروت ج 1ص = 222
تحقيق محمد محيي الدين.
وفي حاشية الكتاب ،كان حاتم بن الشمر مع أبيه في الكوفة ولما قتل المختار
شمر بن ذي الجوشن هرب ابنه الى قنسرين .وفي ص 145ذكر ان الصميل
كان واليا ً على سر قسطة ثم فارقها وتولى على طليطلة .وفي كتاب الحلة
السيراء لبن البار ج 1ص 67لما ظهر المختار بالكوفة فر الشمر بن ذي
الجوشن قاتل الحسين بن علي الى الشام بأهله وولده ،فاقام بها في عز ومنعة ،
وقيل قتله المختار وفر ولده إلى ان خرج كلثوم بن عياض القشيري غازيا ً الى
المغرب ،فكان الصميل ممن ضرب عليه البعث في اشراف أهل الشام ودخل
الندلس في طاعة بلج بن بشر وهو الذي قام بأمر المضرية في الندلس عندما
أظهر أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي العصبية لليمانية ومات الصميل في
سجن عبد الرحمن بن معاوية سنة 142وكان شاعرا ً .وفي تاريخ علماء الندلس
لبن الفوطي ج 1ص 234باب الشين ،شمر بن ذي الجوشن الكلعي من أهل
الكوفة هو الذي قدم برأس الحسين )ع( ليه السلمعلى يزيد بن معاوية ولما ظهر
المختار هرب بعياله منه ثم خرج كلثوم بن عياض غازيا ً المغرب ودخل الى
الندلس في طالعة بلج ،وهو جد الصميل بن حاتم بن شمر القيسي صاحب
الفهرى ا هـ والصح ما ذكره الدينوري في الخبار الطوال 296ان شمر بن ذي
الجوشن قتله أصحاب المختار بالمذار وبعث برأسه الى محمد ابن الحنفية وفي
العلق النفيسة لبن رسته ص 222كان الشمر بن ذي الجوشن ابرص وفي
تاريخ الطبري ج 7ص 122وكامل ابن الثير ج 4ص 92حوادث سنة 65كان
الشمر ابرص يرى بياض برصه على كشحه .
وة وتكون أولى لئن رحل من بلدك وَلم يضع يده في يدك ليكوّنن أولى بالق ّ
ما بعد ،إّني َلم أبعثك بالضعف والوهن ،فاستصوب رأيه وكتب إلى ابن سعد :أ ّ
سلمة ول لتكون له عندي شفيعا ً ، ف عنه ول لتطاوله ول لتمنيه ال ّ إلى الحسين لتك ّ
ن أبوا ً
سلما .وإ ْ ي ِن نزل حسين وأصحابه على حكمي ،فابعث بهم إل ّ ُانظر فإ ْ
ن ُقتل حسين قون ،فإ ْ فازحف إليهم حّتى تقتلهم وتمّثل بهم ؛ فإّنهم لذلك مستح ّ
ت أرى أّنه ُيضّر بعد الموت ،ولكن على قول فاوطىء الخيل صدره وظهره ،ولس ُ
سامعت لمرنا فيه جزيناك جزاء ال ّ ن أنت مضي َ قلته َ :لو قتلُته لفعل ُ
ت هذا به .فإ ْ
ل بين شمر بن ذي الجوشن وبين ت فاعتزل عملنا وجندنا وخ ّ ن أبي َ
المطيع ،وإ ْ
العسكر ،فإّنا قد أمرناه بذلك ). (1
ما جاء الشمر بالكتاب ،قال له ابن سعد :ويلك ل قرب الله دارك ،وقّبح الله فل ّ
ن يصلح ، ً
ن أّنك الذي نهيته وافسدت علينا أمرا رجونا أ ْ ما جئت به ،وإّني لظ ّ
ن نفس أبيه بين جنَبيه . والله ل يستسلم حسين فا ّ
ل بيني وبين فقال الشمر :أخبرني ما أنت صانع ،أتمضي لمر أميرك ؟ وإل ّ فخ ّ
العسكر .قال له عمر :أنا أتوّلي ذلك ،ول كرامة لك ،ولكن كن أنت على
جالة).2الر ّ
102
____________________________
) (1ابن الثير . 23 / 4
)2الطبري . 236 / 6
المان
وصاح الشمر بأعلى صوته :أين بنو ُاختنا ) (1؟ أين العّباس وإخوته ؟ ،فأعرضوا
عنه ،فقال الحسين )) :أجيبوه وَلو كان فاسقا ً ( ،قالوا :ما شأنك وما تريد ؟
قال :يا بني ُاختي أنتم آمنون ،ل تقتلوا أنفسكم مع الحسين ،والزموا طاعة أمير
المؤمنين يزيد .فقال العّباس :لعنك الله ولعن أمانك ،أتؤمننا وابن رسول الله ل
ن ندخل في طاعة اللعناء وأولد اللعناء)( .3 أمان له) ،2وتأمرنا أ ْ
ن هذا الجلف الجافي أن يستهوي رجل الغيرة والحمّية إلى الخسف وآله وان ، أيظ ّ
وة وينضوي إلى راية ابن َ
فيستبدل أبو الفضل الظلمة بالنور ،ويدع عَلم النب ّ
ميسون ؟! كل ّ .
دثك بحديث وعيته ؟ قال : ُ
ما رجع العّباس ،قام إليه زهير بن القين وقال :اح ّ ول ّ
ما أراد أبوك أن يتزّوج ،طلب من أخيه عقيل ـ وكان عارفا ً بأنساب بلى ،فقال :ل ّ
ن يختار له امرأةً ولدتها الفحولة من العرب ؛ ليتزّوجها فتلد غلما ً شجاعا ً العرب ـ أ ْ
صر عن نصرة ينصر الحسين بكربلء ،وقد اّدخرك أبوك لمثل هذا اليوم ،فل تق ّ
جعني يا زهير في مثل هذا اليوم ؟! أخيك وحماية أخواتك .فقال العّباس :أتش ّ
َ
دل أبطال ً ونكس رايات في حالة لم يكن من والله لريّنك شيئا ً ما رأيَته) ،4فج ّ
مه إيصال الماء إلى عيال أخيه . مه القتال ول مجالدة البطال ،بل ه ّ ه ّ
____________________________
) (1في جمهرة أنساب العرب لبن حزم 261 /و 265قال :أولد كلب بن
ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن
حفصة بن قيس عيلن بن مضر ،أحد عشر ولدا ً منهم ؛ كعب ،والضباب .فمن
م البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد ولد كعب بنو الوحيد الذين منهم ا ُ ّ
كانت تحت علي بن أبي طالب فولدت له محمدا ً الصغر وعثمان وجعفر
والعّباس ،وفي صفحة 270ذكر بني الضباب فقال :منهم الشمر بن ذي الجوشن
قاتل الحسين واسم ذي الجوشن جميل بن العور عمرو بن معاوية وهو الضاب .
ومن ولده الصميل بن حاتم بن شمر بن ذي الجوشن ساد بالندس وله بها عقب
ونزالتهم بالخشيل من شوذر من عمل جّيان .
وفي العقد الفريد 83 / 2عند ذكر مذحج قال :الضباب في بني الحارث بن كعب
ن الشمر من بني مفتوحة الضاد وفي بني عامر بن صعصعة مسكورة وحيث أ ّ
عامر بن صعصعة يكون الضباب بكسر الضاد .
)2تذكرة الخواص : 142 /حكاه عن جده أبي الفرج في المنتظم وإعلم الورى /
. 28
)3ابن نما . 28 /
)4أسرار الشهادة . 387 /
يـمثل الـكّرار فـي كـّراته بل في المعاني الغّر من صفاته
لـيس يـد الله سـوى أبـيه وقــدرة الله تـجـّلت فـيه
فـهو يـد الله وهـذا سـاعده تـغنيك عـن إثـباته مشاهده
و قلت جلت قدرته )(1 صـولته عـند النزال صولته لول الغل ّ
بنو أسد
103
ن يأتي بني أسد وكانوا نزول ً بالقرب واستأذن حبيب بن مظاهر من الحسين أ ْ
ما أتاهم وانتسب لهم عرفوه ،فطلب منهم نصرة ابن بنت منهم فأِذن له ،ول ّ
ً
ن معه شرف الدنيا والخرة ،فأجابه تسعون رجل ،وخرج من الحي رسول الله فإ ّ
م إلى الزرق أربعمئة رجل وعارضوا رجل أخبر ابن سعد بما صاروا إليه ،فض ّ
من سِلم منهم إلى قتل جماعة من بني أسد وفّر َ الّنفر في الطريق واقتتلوا ،ف ُ
ن يبغتهم ،ورجع حبيب ً
جوف الليل خوفا من ابن سعد أ ْ الحي فارتحلوا جميعا ً في َ
وة إل ّ بالله العظيم ).2
إلى الحسين وأخبره ،فقال )) :ل حول ول ق ّ
اليوم التاسع
ونهض ابن سعد عشّية الخميس لتسع خلون من المحّرم ،ونادى في عسكره
سلم جالسا ً أمام بيته محتبيا ً بسيفه ،وخفق بالزحف نحو الحسين ،وكان عليه ال ّ
برأسه فرأى رسول الله يقول :اّنك صائر إلينا عن قريب .وسمعت زينب أصوات
الرجال وقالت لخيها :قد اقترب العدوّ مّنا.
مافقال لخيه العّباس )) :اركب بنفسي أنت)3حّتى تلقاهم ،واسألهم ع ّ
____________________________
مد حسين الصفهاني قدس سره . جة آية الله الشيخ مح ّ ) (1للح ّ
مد بن أبي طالب الحائري ،ومقتل الخوارزمي . 243 / 1 )2البحار عن مقتل مح ّ
)3الطبري ، 137 / 6وروضة الواعظين ، 157 /والرشاد للمفيد ،والبداية لبن
كثير . 176 / 8
غير خاف ما في هذه الكلمة الذهبية من مغزى دقيق ،ترى الفكر يسف عن مداه
وأّنى له أن يحلق إلى ذروة الحقيقة من ذات طاهرة ُتفتدى بنفس المام عّلة
ن جربها الكائنات والفيض القدس للممكنات .نعم ،عرفها البصير الناقد بعد أ ْ
م أطلق عليها تلك الكلمة الغالية ،ول بمحك النزاهة فوجدها مشبوبة بجنسها ث ّ
يعرف الفضل إل ّ أهله .ول يذهب بك الوهم أّيها القارئ إلى القول بعدم الهمّية
في هذه الكلمة بعد قول المام )ع( في زيارة الشهداء من زيارة وارث )) :بأبي
ن المام )ع( في هذه مي ،طبتم وطابت الرض التي فيها دفنتم (؛ ل ّ أنتم وا ُ ّ
سلم في مقام تعليم صفوان الزيارة َلم يكن هو المخاطب لهم واّنما هو عليه ال ّ
جد
ص كما في مصباح المته ّ ن الرواية تن ّ ن يخاطبهم بذلك ،فإ ّ مال عند زيارتهم أ ْ الج ّ
ن يعّرفه ما ن صفوان استأذن الصادق في زيارة الحسين وأ ْ للشيخ الطوسي أ ّ
ن
يقوله ويعمل عليه فقال له )) :يا صفوان ،صم قبل خروجك ثلثة أّيام ـ إلى أ ْ
م
ن قال ـ :ث ّ م ساق الزيارة إلى أ ْ قل :الله أكبر ـ ث ّ م إذا أتيت الحائر ف ُ قال ـ :ث ّ
جه إلى الشهداء وُقل : َ
اخرج من الباب الذي يلي رجلي علي بن الحسين وتو ّ
سلم عليكم يا أولياء الله ( ...إلى آخرها .فالمام الصادق )ع( في مقام تعليم ال ّ
ل على سلم على الشهداء ذلك ،وليس في الرواية ما يد ّ ن يقول في ال ّ صفوان أ ْ
سلم على الشهداء . سلم كيف يقول لو أراد ال ّ أّنه عليه ال ّ
جاءهم وما الذي يريدون ؟ ( ،فركب العّباس في عشرين فارسا ً فيهم زهير وحبيب
ن نعرض عليكم الّنزول على حكمه ،أو ،وسألهم عن ذلك قالوا :جاء أمر المير أ ْ
ننازلكم الحرب .
فانصرف العّباس )ع( ُيخبر الحسين بذلك ،ووقف أصحابه يعظون القوم .فقال
لهم حبيب بن مظاهر :أما والله لبئس القوم عند الله غدا ً ،قوم يقدمون عليه
وقد قتلوا ذرّية نبّيه وعترته وأهل بيته وعّباد أهل هذا المصر المتهجدين بالسحار
كي نفسك ما استطعت . الذاكرين الله كثيرا ً .فقال له عزرة بن قيس :إّنك لتز ّ
104
كاها وهداها فاّتق الله يا عزرة ،فإّني لك من ن الله قد ز ّ فقال زهير :يا عزرة ،إ ّ
من يعين أهل الضللة على قتل ن ل تكون م ّ الّناصحين ُ ،انشدك الله يا عزرة أ ْ
ت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، م قال عزرة :يا زهير ما كن َ الّنفوس الزكّية .ث ّ
ل بموقفي هذا أّني منهم ،أما ت تستد ّ ت على غير رأيهم .قال زهير :أفلس َ إّنما كن َ
ّ
ت إليه كتابا قط ،ول أرسلت إليه رسول ً ،ول وعدته نصرتي ولك ّ
ن ً والله ما كتب ُ
ت مات به رسول الله ومكانه منه ،وعرف ُ ما رأيته ذكر ُالطريق جمع بيني وبينه ،فل ّ
ن أنصره وأن أكون من حزبه وأجعل نفسي دون نفسه يقدم عليه عدّوه ،فرأيت أ ْ
؛ لما ضّيعتم من حقّ رسوله .
وأعلم العّباس أخاه أباعبد الله بما عليه القوم فقال )ع( )) :ارجع إليهم ،
واستمهلهم هذه العشّية إلى غد ،لعّلنا نصّلي لرّبنا الليلة وندعوه ونستغفره ،فهو
ب الصلة له وتلوة كتابه وكثرة الدعاء والستغفار. يعلم أّني ُاح ّ
فرجع العّباس واستمهلهم العشّية .فتوّقف ابن سعد وسأل من الّناس فقال عمرو
ن
جاج :سبحان الله ! لو كانوا من الديلم وسألوك هذا لكان ينبغي لك أ ْ ح ّ
بن ال َ
تجيبهم إليه .وقال قيس بن الشعث :أجبهم إلى ما سألوك ،فَلعمري ليستقبلك
م
خرتهم العشية .ث ّ بالقتال غدوة .فقال ابن سعد :والله لو أعلم أّنه يفعل ما أ ّ
ن استسلمتم سرحنا بكم إلى المير جلناكم إلى غد ،فإ ْ بعث إلى الحسين :إّنا أ ّ
ن أبيتم فلسنا تاركيكم ). (1 ابن زياد ،وإ ْ
الضمائر الحّرة
وجمع الحسين أصحابه قرب المساء قبل مقتله بليلة) )3فقال ُ) :اثني على الله
ن أكرمتنا م إّني أحمدك على أ ْ أحسن الثناء وأحمده على السّراء والضّراء ،الله ّ
قهتنا في الدين ،وجعلت لنا أسماعا ً وأبصارا ً وأفئدةً ، وة ،وعّلمتنا القرآن وف ّ
بالنب ّ
ما بعد ،فإّني ل أعلم أصحابا ً أولى ول خيرا ً من وَلم تجعلنا من المشركين .أ ّ
أصحابي ،ول أهل بيت أبّر ول أوصل من أهل بيتي ،فجزاكم الله عّني جميعًا)).4
____________________________
) (1الطبري . 337 / 6
)2للكعبي رحمه الله .
)3اثبات الرجعة للفضل بن شاذان ،هكذا عرفه وهو بالغيبة أنسب فاّنه لو يوجد
فيه من أخبار الرجعة إل حديث واحد .
)4الطبري 238 / 6ـ ، 239وكامل ابن الثير . 34 / 4
ل أرضا ً يقال لها دي رسول الله )ص( بأّني سُاساق إلى العراق فأنز ُ وقد أخبرني ج ّ
ن يومنا من هؤلء ُ
عمورا وكربلء ،وفيها استشهد .وقد قرب الموعد .أل وإّني أظ ّ
ل ليس عليكم مّني ذمام . العداء غدا ً .وإّني قد أِذنت لكم فأنطلقوا جميعا ً في ح ّ
ل رجل منكم بيد رجل من أهل وهذا الليل قد غشيكم فاّتخذوه جمل ً ،وليأخذ ك ّ
105
ن القوم إّنما بيتي ،فجزاكم الله جميعا ً خيرا ً ! وتفّرقوا في سوادكم ومدائنكم ،فإ ّ
يطلبونني ،وَلو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري ( ). (1
م نفعل ذلك ؟ لنبقى فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر :ل ِ َ
بعدك ؟! ل أرانا الله ذلك أبدا ً .بدأهم بهذا القول العّباس بن علي وتابعه
الهاشمّيون .
والتفت الحسين إلى بني عقيل وقال )) :حسبكم من القتل بمسلم ،اذهبوا قد
أِذنت لكم ( .فقالوا :إذا ً ما يقول الّناس ،وما نقول لهم ؟ أّنا تركنا شيخنا وسّيدنا
م نضرب م نطعن برمح ول َ ْ م نرم ِ معهم بسهم ول َ ْ وبني عمومتنا خير العمام ؟! ول َ ْ
بسيف ،ول ندري ما صنعوا ؟! ل والله ل نفعل ،ولكن نفيدك بأنفسنا وأموالنا
وأهلينا ،نقاتل معك حّتى نرد موردك ،فقّبح الله العيش بعدك).2
ااااا اااا اااا اااا ااااا اااا اااا ااااا اااا ااااا
ااا اااا ااااااا اااا ااااا ااا اااا ااااااا اااااااا )(3
وقال مسلم بن عوسجة :أنحن نخّلي عنك ؟ وبماذا نعتذر إلى الله في أداء
قك ؟ أما والله ،ل ُافارقك حّتى أطعن في صدورهم برمحي وأضرب بسيفي ما ح ّ
م يكن معي سلح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة حّتى أموت ُ َ
ثبت قائمه بيدي ،ولو ل ْ
معك .
ّ
وقال سعيد بن عبدالله الحنفي :والله ل نخليك حّتى يعلم الله أّنا قد
____________________________
) (1إثبات الرجعة .
)2تاريخ الطبري ، 238 / 6والكامل ، 24 / 4والرشاد للمفيد ،وإعلم الورى /
سير أعلم النبلء للذهبي . 202 / 3 ، 141و ِ
)3مثير الحزان لبن نما . 17 /
م ً
م احرق حي ّا ث ّ ُ ُ
م احيا ث ّ ُ
ت أّني اقتل ث ّ حفظنا غيبة رسوله فيك ،أما و الله لو علم ُ
ُاذّرى ُ ،يفعل بي ذلك سبعين مّرة َ ،لما فارقتك حّتى ألقى حمامي دونك ،وكيف ل
م هي الكرامة التي ل انقضاء لها أبدا ً ؟! أفعل ذلك وإّنما هي قتلة واحدة ث ّ
م ُقتلت حّتى ُاقتل كذا ألف مّرة ، تث ّت أّني ُقتل ُ وقال زهير بن القين :و الله ودد ُ
ل يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلء الفتيان من أهل ن الله عّز وج ّوإ ّ
بيتك .
وتكّلم باقي الصحاب بما يشبه بعضه بعضا ً فجّزاهم الحسين خيرا ً ). (1
سر ابنك بثغر الري فقال :ما وفي هذا الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي قد ا ُ ِ
ل من بيعتي ، ن يؤسر و أنا أبقى بعده حي ّا ً فقال له الحسين )) :أنت في ح ّ بأ ْ ُاح ّ
سباع حي ّا ً إ ْ
ن فاعمل في فكاك ولدك ( ،قال :ل والله ل أفعل ذلك ،أكلتني ال ّ
سلم )) :إذا ً اعط ابنك هذه الثواب الخمسة ليعمل في فارقتك .فقال عليه ال ّ
فكاك أخيه (ـ وكان قيمتها ألف دينارـ ).2
106
وكـأّنهم مـستقبلون كـواعبا ً مـسـتقبلين أسـّنـة وكـعابا
مد عـذبا ً وبعدهم الحياة عذابا)(3وجدوا الردى من دون آل مح ّ
ما عرف الحسين منهم صدق النّية والخلص في المفاداة دونه ،أوقفهم على ول ّ
ّ ُ ً
غامض القضاء فقال )) :إّني غدا اقتل وكلكم تقتلون معي ول يبقى منكم أحد) )4
____________________________
) (1إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج 6ص . 239
) )2اللهوف ص . 53
) (3للعلمة السيد رضا الهندي رحمه الله .
) (4نفس المهموم ص . 122
م يقطع َ ً
حّتى القاسم وعبد الله الرضيع ،إل ّ ولدي عليا زين العابدين ؛ ل ّ
ن الله ل ْ
مة ثمانية ). (1 نسلي منه وهو أبو أئ ّ
فقالوا بأجمعهم الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشّرفنا بالقتل معك ،أول نرضى
ن نكون معك في درجتك يابن رسول الله ؟ ،فدعا لهم بالخير) ،(2وكشف عن أ ْ
أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان وعّرفهم منازلهم فيها)) ،3وليس
ن سحرة ذلك في القدرة اللهّية بعزيز ،ول في تصّرفات المام بغريب ،فإ ّ
ما آمنوا بموسى )ع( وأراد فرعون قتلهم أراهم الّنبي موسى منازلهم في فرعون ل ّ
الجّنة)).4
سلم قال لصحابه )) :أبشروا بالجّنة ،فوالله وفي حديث أبي جعفر الباقر عليه ال ّ
م يخرجنا الله وإّياكم حّتى يظهر قائمنا إّنا نمكث ماشاء الله بعد ما يجري علينا ث ّ
سلسل والغلل وأنواع العذاب ( فينتقم من الظالمين ،وأنا وأنتم نشاهدهم في ال ّ
مد بنسابع من ولد ابني مح ّ فقيل له :من قائمكم يابن رسول الله ؟ قال )) :ال ّ
مد بن علي بن موسى بن جة ابن الحسن بن علي بن مح ّ ح ّ
علي الباقر وهو ال ُ
م يظهر ويمل الرض دة طويلة ث ّ مد بن علي ،ابني وهو الذي يغيب م ّ جعفر بن مح ّ
ً ً
ملئت ظلما وجورا ).(5 قسطا ً وعدل ً كما ُ
ليلة عاشوراء
فت بالمكاره ح ّكانت ليلة عاشوراء أشد ّ ليلة مّرت على أهل بيت الرسالة ُ ،
والمحن وأعقبت الشّر وآذنت بالخطر وقد قطعت عنهم الحالة القاسية من بني
ل الوسائل الحيوّية وهناك ولولة النساء وصارخ الطفال من ُامّية وأتباعهم ك ّ
العطش المبرح وآله م المدلهم .
إذا ً فما حال رجال المجد من الصحاب وسروات الشرف من بني هاشم
____________________________
) (1أسرار الشهادة .
)2نفس المهموم . 122 /
)3الخرايج للراوندي .
)4أخبار الزمان للمسعودي . 247 /
)5إثبات الرجعة .
بين هذه الكوارث ،فهل أبقت لهم مهجة ينهضون بها أو أنفسا ً تعالج الحياة
والحرب في غد ؟!
ّ
نعم كانت ضراغمة آل عبد المطلب والصفوة من الصحاب عندئذ في أبهج حالة
وأثبت جأش ،فرحين بما يلقونه من نعيم وحبور ،وكّلما اشتد ّ المأزق الحرج
107
أعقب فيهم انشراحا ً بين ابتسامة ومداعبة إلى فرح ونشاط .
ااا اااا اا ااااا اااا ااااا اااا اااا اااااا ااا ااااااا
ااا اااااا ااااا اااا اااااااااا اااا اااااا ااا ااا ااا ا
هازل برير عبد الرحمن النصاري ،فقال له عبد الرحمن :ما هذه ساعة باطل ؟
فقال برير :لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهل ً ول شابا ً ،ولكّني مستبشر بما
ن يميل علينا هؤلء بأسيافهم ، نحن ل قون ،والله ما بيننا وبين الحور العين إل ّ أ ْ
ساعة ). (1
ت أّنهم مالوا علينا ال ّ
ولودد ُ
وخرج حبيب بن مظاهر يضحك ،فقال له يزيد بن الحصين الهمداني :ما هذه
ساعة ضحك .قال حبيب :وأي موضع أحقّ بالسرور من هذا ؟ ما هو إل ّ أ ْ
ن يميل
علينا هؤلء بأسيافهم فنعانق الحور)).2
ي
هب للقتال ،لهم دوي كدو ّ فكأّنهم نشطوا من عقال ،بين مباشرة للعبادة ،وتأ ّ
الّنحل ،بين قائم وقاعد وراكع وساجد .
حاك بن عبد الله المشرقي :مّرت علينا خيل ابن سعد فسمع رجل منهم قال الض ّ
َ َ
مِلي ما ن ُ ْ م إ ِن ّ َسهِ ْ
ف ِ
خي ٌْر لن ْ ُم َمِلي ل َهُ ْ ما ن ُ ْ ن كَ َ
فُروا أن ّ َ ذي َن ال ّ ِ سب َ ّ
ح َ الحسين )ع( يقرأ )وَل َ ي َ ْ
َ
م عَل َي ْ ِ
ه ما أن ْت ُ ْ ن عََلى َ مِني َ ه ل ِي َذ ََر ال ْ ُ
مؤْ ِ ن الل ّ ُ ما َ
كا َ ن* َ مِهي ٌ ب ُ ذا ٌ م عَ َ ما وَل َهُ ْدوا إ ِث ْ ً دا ُ ل َهُ ْ
م ل ِي َْز َ
ب ).4 ن الط ّي ّ ِ م ْث ِ خِبي َ ميَز ال ْ َ حّتى ي َ ِ
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 241 / 6
)2رجال الكشي ، 53 /طبعة الهند .
مد حسين الكيشوان رحمه الله . )3للعلمة السّيد مح ّ
)4سورة آل عمران 178 /ـ . 179
ب الكعبة الطّيبون مّيزنا منكم .قال له برير :يا فاسق ،أنت فقال الرجل نحن ور ّ
م إلينا وُتب من ذنوبك العظام ،فوالله لنحن يجعلك الله في الطّيبين ؟! هل ّ
الطّيبون وأنتم الخبيثون .فقال الرجل مستهزئا ً :وأنا على ذلك من الشاهدين )(1
.
ويقال :أّنه في هذه الليلة انضاف إلى أصحاب الحسين من عسكر ابن سعد اثنان
ل)2حين رأوهم متبّتلين متهجدين عليهم سيماء الطاعة والخضوع لله وثلثون رج ً
تعالى .
ت أبي في الليلة التي ُقتل في صبيحتها يقول ،وهو قال علي بن الحسين )) :سمع ُ
يصلح سيفه :
108
ت تجّر ت ذلك وثب ْ ما سمع ْ متي زينب ل ّ ما ع ّ ن البلء قد نزل .وأ ّ تأ ّ السكوت وعلم ُ
ت الموت أعدمني الحياة ! اليوم ماتت ذيلها حّتى انتهت إليه وقالت :وآثكله ! لي َ
ي وأخي الحسن) ،3يا خليفة الماضي وثمال الباقي ! فعّزاها مي فاطمة وأبي عل ٌ اُ ّ
ن أهل الرض الحسين وصّبرها وفيما قال :يا ُاختاه تعّزي بعزاء الله واعلمي أ ّ
ل مسلم ل شيء هالك إل ّ وجهه ،ولي ولك ّ سماء ل يبقون وك ّ يموتون ،وأهل ال ّ
ً
سلم( :افتغصب نفسك اغتصابا ، برسول الله ُاسوة حسنة .فقالت )عليها ال ّ
فذاك أقرح لقلبي وأشد ّ على نفسي)).4
____________________________
لولى . ) (1تاريخ الطبري ، 240 / 6الطبعة ا ُ
) )2اللهوف ،وتاريخ اليعقوبي ، 217 / 2طبعة النجف ،وسير أعلم النبلء
للذهبي . 210 / 3
) )3تايخ الطبري ، 240 / 4وكامل ابن الثير ، 24 / 4ومقتل الخوارزمي / 1
، 238الفصل الحادي عشر ،ومقاتل الطالبيين لبي الفرج ، 45 /طبعة ايران .
) )4اللهوف .
م كلثوم :وآ محمداه ! وآ علياه ! وبكت الّنسوة معها ولطمن الخدود ،وصاحت ا ُ ّ
م كلثوم ،يا ماه ! وآ حسيناه ! وآ ضيعتنا بعدك ! فقال الحسين :يا ُاختاه يا ا ُ ّ وآ ا ُ ّ
ي جيبا ً ول تخمشن وجها ً ول ن اذا ُقتلت فل تشققن عل ّ فاطمة ،يا رباب ،انظْر َ
تقلن هجرا ً ). (1
ن الحسين أوصى ُاخته زينب بأخذ الحكام من علي بن الحسين )ع( وإلقائها مإ ّ ث ّ
ت على حكيمة دث أحمد بن إبراهيم قال :دخل ُ ً
إلى الشيعة سترا عليه .وبذلك يح ّ
مد بن علي الرضا ُ ،اخت أبي الحسن العسكري )ع( سنة 282بالمدينة ، بنت مح ّ
م بهم ،وقالت :فلن مت من تأت ّ وكّلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها ،فس ّ
مد )ع( كتب به إلى ة أو خبرا ً ؟ قالت :خبر عن أبي مح ّ بن الحسن .قلت :معاين ً
من وصّيته إلى امرأة ؟! قالت :اقتداًء بالحسين بن علي مه .قلت لها :أقتدي ب َ اُ ّ
بن أبي طالب )ع( فإّنه أوصى إلى ُاخته زينب في الظاهر ،فكان ما يخرج من
علي بن الحسين )ع( من علم ينسب إلى زينب ؛ سترا ً على علي بن الحسين
ن التاسع من ولد الحسين يقسم م قالت :إّنكم قوم أخبار ،أما رويتم أ ّ )ع( .ث ّ
ميراثه في الحياة ؟ ).(2
ن يقاربوا البيوت بعضها من بعض ؛ ليستقبلوا سلم أمر أصحابه أ ْ م إّنه عليه ال ّ ث ّ
القوم من وجه واحد .وأمر بحفر خندق من وراء البيوت يوضع فيه الحطب ويلقى
عليه الّنار إذا قاتلهم العدو ؛ كيل تقتحمه الخيل ،فيكون القتال من وجه واحد) ).3
قد التلع والعقبات ،فتبعه سلم في جوف الليل إلى خارج الخيام يتف ّ وخرج عليه ال ّ
ما أخرجه قال :يابن رسول الله أفزعني نافع بن هلل الجملي ،فسأله الحسين ع ّ
قد التلع خروجك إلى جهة معسكر هذا الطاغي ،فقال الحسين )) :إّني خرجت أتف ّ
م رجع ن تكون مكمنا ً لهجوم الخيل يوم تحملون ويحملون ( .ث ّ والروابي ؛ مخافة أ ْ
سلم وهو قابض على يد نافع ويقول )) :هي هي والله ،وعد ل خلف فيه (. عليه ال ّ
م قال له )) :أل تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك ؟ ) ث ّ
____________________________
) (1الرشاد .
لولى )2إكمال الدين للصدوق ، 275 /الباب التاسع والربعون ،الطبعة الحجرية ا ُ
.
)3تاريخ الطبري . 240 / 6
109
ن سيفي بألف وفرسي مثله مي ،إ ّ ميه يقّبلهما ويقول :ثكلتني ا ُ ّ فوقع نافع على قد َ
ّ
ي ،ل فارقتك حّتى يكل عن فّري وجّري . ن بك عل ّ م ّ
،فوالله الذي َ
م دخل الحسين )ع( خيمة زينب ،ووقف نافع بإزاء الخيمة ينتظره فسمع زينب ث ّ
ن يسلموك عند الوثبة ّ تقول له :هل استعلمت من أصحابك نّياتهم ؟ فإّني أخشى أ ْ
.فقال لها )) :والله ،لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إل ّ الشوس القعس ،
ما
مه ( .قال نافع :فل ّ يستأنسون بالمنّية دوني استيناس الطفل إلى محالب ا ُ ّ
ت وأتيت حبيب بن مظاهر وحكيت ما سمعت منه ومن ُاخته ت هذا منه ،بكي ُ سمع ُ
زينب .قال حبيب :والله ،لو ل انتظار أمره لعاجلتهم بسيفي هذه الليلة .قلت :
ن تجمع ن الّنساء أفقن وشاركنها في الحسرة ،فهل لك أ ْ إّني خّلفته عند ُاخته وأظ ّ
ن بكلم يطّيب قلوبهن ؟ فقام حبيب ونادى :يا أصحاب الحمّية أصحابك وتواجهوه ّ
لسود الضارية ،فقال لبني هاشم : وليوث الكريهة .فتطالعوا من مضاربهم كا ُ
م التفت إلى أصحابه وحكى لهم ما ارجعوا إلى مقّركم ل سهرت عيونكم .ث ّ
ن علينا هذا الموقف ،لو ل م ّ شاهده وسمعه نافع ،فقالوا بأجمعهم :والله الذي َ
ً ً
ساعة ،فطب نفسا وقر عينا .فجّزاهم خيرا ، ً انتظار أمره لعاجلناهم بسيوفنا ال ّ
ن ،فجاء حبيب ومعه أصحابه موا معي لنواجه الّنسوة ونطّيب خاطره ّ وقال هل ّ
ّ ّ َ
وصاح :يا معشر حرائر رسول الله ،هذه صوارم فتيانكم آلوا أل يغمدوها إل في
سموا أل ّ يركزوها إل ّ في سوء فيكم ،وهذه أسّنة غلمانكم أق َ من يريد ال ّ رقاب َ
من يفّرق ناديكم .فخرجن الّنساء إليهم ببكاء وعويل وقلن :أّيها الطّيبون صدور َ
ن
ج القوم بالبكاء حّتى كأ ّ حاموا عن بنات رسول الله وحرائر أمير المؤمنين .فض ّ
الرض تميد بهم ). (1
____________________________
ن
) (1الدمعة الساكبة ، 325 /وتكّرر في كلمه )هلل بن نافع وهو اشتباه فإ ّ
المضبوط )نافع بن هلل كما في زيارة الناحية ،وتاريخ الطبري ،وكامل ابن الثير
.
م استيقظ وأخبر أصحابه بأّنه سحر من هذه الليلة خفق الحسين خفقة ث ّ وفي ال ّ
ّ
ن الذي يتولى دها عليه كلب أبقع ،وإ ّ دت عليه تنهشه وأش ّ ً
رأى في منامه كلبا ش ّ
قتله من هؤلء رجل أبرص ،وإّنه رأى رسول الله )ص( بعد ذلك ومعه جماعة من
سماوات مة ،وقد استبشر بك أهل ال ّ أصحابه وهو يقول له )) :أنت شهيد هذه ال ُ ّ
خر ،فهذا ملك قد جل ول تؤ ّ وأهل الصفيح العلى وليكن افطارك عندي الليلة ع ّ
سماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء)(2 نزل من ال ّ
110
أيـن الـحفاظ وهـذه أشـلؤكم بـقيت ثـلثا ً فـي هجير فلتها
ذبحت عطاشى في ثرى عرصاتها أيــن الـحفاظ وهـذه أبـناؤكم ُ
حـملت على القتاب بين عداتها أيــن الـحفاظ وهـذه فـتياتكم ُ
شجى زفراتها دد بـال ّ
حـملت بـرغم الدين وهي ثواكل عـبرى تـر ّ
من الـمعّزي بـعد أحمد فاطما ً فـي قـتل أبناها وسبي بناتها ((2 فـ َ
____________________________
) (1نفس المهموم ، 125 /عن الصدوق .
مد حسين الكيشوان ترجمته في شعراء الغري . 3 / 8 )) 2للعلمة السيد مح ّ
يوم عاشوراء
))إّني ل أرى الموت إل ّ سعادة والحياة مع الظالمين إل ّ برما (
سلم أبو عبد الله الحسين عليه ال ّ
يوم عاشوراء
َلو كان يدري يوم عاشوراء مـا كان يجري فيه من بلء
مـا لح فـجره ول استنارا ول أضـاءت شمسه نهارا
ود حـزنا ً أوجـه اليام وأوجـه الـشهور والعوام سـ ّ
الله مـا أعـظمه مـن يوم أزال صـبري وأطار نومي
الـيوم أهـل آيـة التطهير بـين صـريع فيه أو عفير
دين يقضي أسفا اليوم قد مات الحفاظ وُالوفا اليوم كاد ال ّ
دت عيون ذي الولء الـيوم نامت أعين العداء وسـه ّ
ن الـخيل َويلي وهل يجدي حزينا ً ويل لضـلع تـدوسه ّ
ضعوارؤس عـلى الرماح ترفع وجثث على الصعيد ُتو َ
ج بـالويل وبـالثبور
وثـاكل تـبدو من الخدور تـعـ ّ
ومـرضع ترنو إلى رضيع على التراب فاحص صريع
ونـسوة تـسبى على النياق حـسرى تـعاني ألم الفراق
م شـيء لـذوي الولء أن يـجلسوا للنوح و العزاء أهـ ّ
فـيه تـقام سـنن المصاب والترك للطعام والشراب )(1
مد )صّلى الله عليه وآله( وكّله شجاء مترامي لقد مّر هذا اليوم على آل مح ّ
الطراف ،أّثرت فجائعه في القلوب فأذابتها وفي المدامع فأدمتها ،فل تسمع فيه
ل أشعث قد أنهكه ألم إل ّ صرخة فاقد وزفرة ثاكل وحنة محزون ،ول تبصر إل ّ ك ّ
المصاب ،و مغبر يذري على رأسه التراب ،إلى لدم صدرا ً وصاك جبهته وقابض
لخرى ،وترى الّناس سكارى وما هم بسكارى ؛ لكن على فؤاد وصافق بيده ا ُ
لوعة المصاب أليمة وكوارثه عظيمة .وَلو يكشف لك عن المل العلى لسمعت
لعالم الملكوت صرخة وحنة ،وللحور في غرف الجنان نشيجا ً ونحيبا ً ولئ ّ
مة
الهدى بكاءا ً وعوي ً
ل.
ول بدع ؛ فالفقيد فيه عبق الرسالة وألق الخلفة وإكليل تاج المامة ،وهو سبط
سبطالمصطفى وبضعة فاطمة الزهراء وفلذة كبد الوصي المرتضى وشقيق ال ّ
____________________________
) (1المقبولة الحسينية ، 62 /لحجة السلم آية الله الشيخ هادي آل كاشف
الغطاء قدس الله سره .
جة الله على الورى ،نعم هو الية المخزونة والرحمة الموصولة المجتبى و ح ّ
111
والمانة المحفوظه والباب المبتلى به الّناس .
ل فيه البكاء ،ويعز عنه العزاء .فلو تطايرت شظايا القلوب وزهقت فمصابه يق ّ
ً
الّنفوس جزعا لذلك الحادث الجلل لكان دون واجبه .أو ترى للحياة قيمة
دى به هو ذلك العنصر الحيوي الزاكي .وما قدر الدمع المراق والموتور ثار والمؤ ّ
الله في الرض ؟ أو يهدأ الكون والذاهب مرساه ومنجاه في مسراه ؟ وهل ترقأ
مد مجّزرين على وجه الصعيد مبضعة العين وهي ترنو بالبصيرة إلى ضحايا آل مح ّ
أجسادهم بين ضريبة للسيوف ودرية للرماح ورمية للنبال ؟ وقد قضوا وهم رواء
الكون ظماء على ضفة الفرات الجاري ،تلغ فيه الكلب وتشرب منه وحش
ن لجام ،
ن آل محمد)ص( محلون عنه ؟ وللمذاكي عقرن فل يلوى له ّ الفل ،غير أ ّ
تجوال على تلك الصدور الزواكي ولصدر الحسين حديثه الشجي :
كر سي بالّنبي العظم الباكي على ولده بمجّرد تذ ّ فاللزم على الموالي المتأ ّ
من في داره بالبكاء عليه ،و ن يقيم المأتم على سّيد الشهداء ،و يأمر َ مصابه)2أ ْ
ُ ّ
ليعّز بعضهم بعضا بالحسين ،فيقول كما في حديث الباقر)ع( :عظم الله اجورنا ً
و ُاجوركم بمصابنا بالحسين ،و جعلنا و إّياكم من الطالبين بثأره مع ولّيه المهدي
سلم( )( .3 مد )عليهم ال ّ من آل مح ّ
سلم( في يوم دخل عبد الله بن سنان على أبي عبد الله الصادق ).عليهم ال ّ
ديه كاللؤلؤ عاشوراء ،فرآه كاسف اللون ظاهر الحزن و دموعه تنحدر على خ ّ
سلم )) :أَوفي غفلة أنت ؟! م بكاؤك يابن رسول الله ؟ قال عليه ال ّ م ّ فقال له ِ :
ن يكون كهيئة أرباب م أمره أ ْ ن الحسين اصيب في هذا اليوم ؟ ( ،ث ّ ُ أما علمت أ ّ
المصائب ،يحلل
____________________________
) (1للشيخ جعفر الخطي ،كما في الدر النضيد . 93 /
وة للماوردي . 83 / )2الخصائص للسيوطي ، 125 / 2وأعلم النب ّ
جد للشيخ الطوسي . 39 / )3كامل الزيارات ، 175 /ومصباح المته ّ
عيه ويكون حاسرا ً ،ول يصوم يوما ً كامل ً ،وليكن الفطار أزراره ويكشف عن ذرا َ
ّ
بعد العصر بساعة على شربة من ماء ؛ ففي ذلك الوقت تجلت الهيجاء عن آل
سلم َ)) :لو كان رسول الله حي ّا ً لكان هو المعّزى به ( )(1 مد .ثم قال عليه ال ّ مح ّ
.
ً َ
ما المام الكاظم )ع( فلم يَر ضاحكا أّيام العشرة وكانت الكآبه غالبة عليه ، وأ ّ
ويوم العاشر يوم حزنه ومصيبته .
ن يومسلم )) :فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ،إ ّ ويقول الرضا عليه ال ّ
ل عزيزنا بأرض كرب وبلء (. الحسين أقرح جفوننا وأذ ّ
جل الله فرجه )) :فلندبّنك صباحا ً مد ع ّ جة آل مح ّ وفي زيارة الّناحية يقول ح ّ
ن عليك بدل الدموع دما ً (. ومساًء ،ولبكي ّ
لنس ونتجلبب بجلباب الحزن والبكاء وبعد هذا فهل ّ يجب علينا أن نخرق ثوب ا ُ
ونعرف كيف يجب
112
أن نع ّ
ظم شعائر الله بإقامة المأتم للشهيد العطشان في العاشر من المحّرم ؟!
دت في تداعيها ق جـ ّ مه ومـّلة الـح ّ ن الهدى خّرت دعائ ُ الـيوم ديـ ُ
سـد ّ باب الرجا في وجه راجيها ل طريق العرف طالبه و ُ الـيوم ض ّ
ة الـيوم بـان العفا في وجه عافيها الـيوم عـادت بنو المال مترب ً
ق عـليه الـمجد حّلته الـيوم جـّزت له العليا نواصيها الـيوم شـ ّ
ل معاليها ْ
اليوم عقد المعالي أرفض جوهره الـيوم قد أصبحت عط ٌ
ف الردى أرسى بواديها الـيوم أظلم نادي العّز من مضر اليوم صْر ُ
ة الـيوم آسـية وافـت تواسيها الـيوم قامت به الزهراء نادب ً
الـيوم عـادت لدين الكفر دولُته الـيوم نـالت بـنو هـند أمانيها
مـا عذر ارجاس هند يوم موقفه والمصطفى خصمهم والله قاضيها
مـا عـذرها وِدمـا ابنائه جعلت خضاب أعيادها في راح ناديها)) 2
****
____________________________
) (1مزار ابن المشهدي من أعلم القرن السادس .
)2في شعراء الحّلة ، 540 / 5إّنها للشيخ هادي الّنحوي المتوفى سنة 1225ه .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحسين )ع( يوم عاشوراء
ّ
ما أصبح الحسين يوم عاشوراء وصلى قال ابن َقولويه و المسعودي ) : (1ل ّ
ن اللهم قال )) :إ ّ بأصحابه صلة الصبح ،قام خطيبا ً فيهم حمد الله وأثنى عليه ث ّ
فهم مص ّ تعالى أِذن في قتلكم و قتلي في هذا اليوم ،فعليكم بالصبر والقتال ( .ث ّ
ميمنة ، للحرب وكانوا اثنين وثمانين فارسا ً وراجل ً ،فجعل زهير بن القين في ال َ
سلم وأهل بيته في القلب)،2 ميسرة ،وثبت هو عليه ال ّ وحبيب بن مظاهر في ال َ
من معه لحملها ، وأعطى رايته أخاه العباس)3؛ لّنه وجد قمر الهاشميين أكفأ م ّ
وأحفظهم لذمامه وأرأفهم به ،وأدعاهم إلى مبدئه وأوصلهم لرحمه ،وأحماهم
دهم مراسًا)( .4 لجواره وأثبتهم للطعان ،وأربطهم جأشا ً وأش ّ
سلم في ثلثين ألفا ً وكان رؤساء وأقبل عمر بن سعد نحو الحسين عليه ال ّ
____________________________
) (1كامل الزيارات ، 73 /وإثبات الوصّية ، 139 /المطبعة الحيدرية .
)2مقتل الخوارزمي . 4 / 2
)3تاريخ الطبري ، 241 / 6وتذكرة الخواص 143 /الطبعة الحجرّية .
)4اختلف المؤّرخون في عدد أصحاب الحسين ؛
الول :أّنهم اثنان وثلثون فارسا ً وأربعون راجل ً ،ذكره الشيخ المفيد في
الرشاد ،والطبرسي في إعلم الورى ، 142 /والفتال في روضة الواعظين /
، 158وابن جرير في التأريخ ، 241 / 6وابن الثير في الكامل ، 24 / 4
والقرماني في أخبار الدول ، 108 /والدينوري في الخبار الطوال . 354 /
الثاني :إّنهم إثنان وثمانون راجل ً ،نسبه في الدمعة الساكبة 327 /إلى الرواية
وهو المختار .
الثالث :ستون راجل ً ،ذكره الدميري في حياة الحيوان في خلفة يزيد . 73 / 1
الرابع :ثلثة وسبعون رجل ً ،ذكره الشريشي في شرح مقامات الحريري / 1
. 193
الخامس :خمسة وأربعون فارسا ً ونحو مئة راجل ذكره ابن عساكر كما في
113
تهذيب تاريخ الشام . 337 / 4
ً ً
السادس :إثنان وثلثون فارسا وأربعون راجل ،ذكره الخوارزمي في المقتل / 2
.4
السابع :واحد وسّتون رجل ً ،ذكره المسعودي في إثبات الوصّية ، 35 /طبع
المطبعة الحيدرية .
ً
الثامن :خمسة وأربعون فارسا ومئة راجل ذكره ابن نما في مثير الحزان ، 28 /
سلم . وفي اللهوف : 56 /أّنه المروي عن الباقر عليه ال ّ
ب الشراف . 17 / التاسع :إثنان وسبعون رجل ً ،ذكره الشبراوي في التحاف بح ّ
سلم سار العاشر :ما في مختصر تاريخ دول السلم للذهبي : 31 / 1أّنه عليه ال ّ
في سبعين فارسا ً من المدينة .
الرباع بالكوفة يومئذ :عبد الله بن زهير بن سليم الزدي على ربع أهل المدينة ،
وعبد الرحمن بن أبي سبرة الحنفي على ربع مذحج وأسد ،وقيس بن الشعث
على ربع ربيعة وكندة ،والحّر بن يزيد الرياحي على ربع تميم وهمدان )، (1
وكّلهم اشتركوا في حرب الحسين إل ّ الحّر الرياحي .
ميسرة شمر بن جاج الزبيدي ،وعلى ال َ ح ّ
ميمنة عمرو بن ال َ ن سعد على ال َ وجعل اب ُ
جالةذي الجوشن العامري ،وعلى الخيل عزرة بن قيس الحمسي ،وعلى الر ّ
شبث بن ربعي ،والراية مع موله ذويد).2
وأقبلوا يجولون حول البيوت فيرون الّنار تضطرم في الخندق ،فنادى شمر بأعلى
من هذا جلت بالّنار قبل يوم القيامة ؟ فقال الحسين )ع( َ )) : صوته :يا حسين ،تع ّ
سلم )) :يابن راعية ؟ كأّنه شمر بن ذي الجوشن ( ،قيل نعم فقال عليه ال ّ
ن يرميه بسهم ، صلّيا ( .ورام مسلم بن عوسجة أ ْ المعزى ،أنت أولى بها مّني ِ
ن أبدأهم بقتال ).3 فمنعه الحسين و قال )) :أكره أ ْ
دعاء الحسين
ديه بالدعاء وقال : ما نظر الحسين )ع( إلى جمعهم كأّنه السيل ،رفع ي َ ول ّ
دة ،وأنت لي في ك ّ
ل أمر لش ّ ل كرب ،ورجائي في ك ّ م ،أنت ثقتي في ك ّ))الله ّ
ل فيه الحيلة ويخذل فيه م يضعف فيه الفؤاد وتق ّ دة ،كم من ه ّ
نزل بي ثقة وع ّ
منة مّني إليك ع ّ الصديق ويشمت فيه العدوّ ،أنزلته بك وشكوته إليك ،رغب ً
ل رغبة ).4 ل نعمة ومنتهى ك ّ سواك فكشفته وفّرجته ،فأنت ولي ك ّ
____________________________
) (1في شرح الّنهج لبن أبي الحديد ، 81 / 1الطبعة المصرية :كانت الكوفة
اسباعا ً .
)2تاريخ الطبري . 241 / 6
)3الرشاد للشيخ المفيد ،وتاريخ الطبري . 242 / 6
)4ابن الثير في الكامل ، 25 / 4وتاريخ ابن عساكر ، 233 / 4وذكر الكفعمي
ن النبي )ص( دعا به يوم بدر .واختصره في المصباح ، 158 /طبعة الهند :إ ّ
الذهبي في سير أعلم النبلء . 202 / 3
لولىالخطبة ا ُ
م دعا براحلته فركبها ،و نادى بصوت عال يسمعه جّلهم ) :أّيها الّناس اسمعوا ث ّ
ي ،وحّتى أعتذر إليكم من َقولي ،ول تعجلوا حّتى أعظكم بما هو حقّ لكم عل ّ
مقدمي عليكم ،فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني الّنصف من َ
مّني العذر َ
ن لم تقبلوا ِي سبيل .وإ ْ أنفسكم ،كنتم بذلك أسعد ،ولم يكن لكم عل ّ
114
م ل يكن أمركم وَلم تعطوا الّنصف من أنفسكم ،فأجمعوا أمركم و شركاءكم ث ّ
ي الله الذي نزل الكتاب وهو ن ولي ّ
ي ول تنظرون .إ ّم اقضوا إل ّ
مة .ث ّ
عليكم غ ّ
يتوّلى الصالحين (.
ن أخاه
ن ،فأرسل إليه ّن وارتفعت أصواته ّ ن وبكي َ
ن الّنساء هذا منه صح َ
ما سمع َفل ّ
ن(.
ن فلعمري ليكثر بكاؤه ّكتاه ّ ً
العّباس وابنه عليا الكبر وقال لهما )) :س ّ
مد وعلى الملئكة والنبياء ن ،حمد الله وأثنى عليه وصّلى على مح ّ ما سكت َ
ول ّ
وقال في ذلك ما ل يحصى ذكره وَلم ُيسمع متكّلم قبله ول بعده أبلغ منه في
ن
م قال )) :ع( باد الله ،اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر ؛ فإ ّ منطقه ) ، (1ث ّ
الدنيا َلو بقيت على أحد أو بقي عليها أحد لكانت النبياء أحقّ بالبقاء وأولى بالرضا
ل ونعيمها مضمحل ن الله خلق الدنيا للفناء ،فجديدها با ٍ وأرضى بالقضاء ،غير أ ّ
ن خير الزاد التقوى ، وسرورها مكفهر ،والمنزل تلعة والدار قلعة ،فتزّودوا فإ ّ
ن الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار واتقوا الله لعّلكم تفلحون ) .2أّيها الّناس إ ّ
فناء وزوال متصرفة بأهلها حال ً بعد حال ،فالمغرور من غّرته والشقي من فتنته ،
فل تغّرنكم هذه الدنيا ،فإّنها تقطع رجاء من ركن إليها وُتخّيب طمع من طمع فيها
.وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم
ب رّبنا وبئس العبيد أنتم ؛ أقررتم بالطاعة م الر ّ ل بكم نقمته ،فِنع َ عنكم وأح ّ
م إّنكم زحفتم إلى ذرّيته وعترته تريدون قتلهم ، مد )ص( ( ،ث ّ وآمنتم بالرسول مح ّ
لقد استحوذ عليكم
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 242 / 6
)2زهر الداب للحصري ، 62 / 1طبعة دار الكتب العربية ،سنة . 1372
الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ،فتب ّا ً لكم وِلما تريدون .إّنا لله وإّنا إليه
راجعون هؤلء قوم كفروا بعد إيمانهم فُبعدا ً للقوم الظالمين ) . (1أّيها الّناس
ل لكم قتلي م ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يح ّ من أنا ث ّ أنسبوني َ
مه وأول المؤمنين ت ابن بنت نبّيكم وابن وصّيه وابن ع ّ وانتهاك حرمتي ؟ ألس ُ
م
دق لرسوله بما جاء من عند رّبه ؟ أوَ ليس حمزة سّيد الشهداء ع ّ بالله والمص ّ
مي ،أوَ َلم يبلغكم قول رسول الله لي ولخي : أبي ؟ أوَ ليس جعفر الطّيار ع ّ
دقتموني بما أقول وهو الحقّ ـ والله ما نص ّ هذان سّيدا شباب أهل الجّنة ؟ فإ ْ
نن الله يمقت عليه أهله ويضّر به من اختلقه ـ وإ ْ ت الكذب منذ علمت أ ّ تعمد ُ
ن سألتموه عن ذلك أخبركم ،سلوا جابر بن عبد الله من إ ْ ن فيكم َ ذبتموني فإ ّ ك ّ
النصاري ،وأبا سعيد الخدري ،وسهل بن سعد الساعدي ،وزيد بن أرقم ،وأنس
بن مالك يخبروكم أّنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولخي ،أما في
هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟! (
ن كان يدري ما يقول . فقال الشمر :هو يعبد الله على حرف إ ْ
ً
فقال له حبيب بن مظاهر :والله إّني أراك تعبد الله على سبعين حرفا ،وأنا
أشهد أّنك صادق ما تدري ما يقول ،قد طبع الله على قلبك .
كون أّني ابن ك من هذا القول ،أفتش ّ ن كنتم في ش ّ م قال الحسين )ع( )) :فإ ْ ث ّ
بنت نبّيكم ،فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ول في
غيركم ،ويحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟! أو مال لكم استهلكته ؟! أو
بقصاص جراحة ؟! ( ،فأخذوا ل يكّلمونه !
جار بن أبجر ،ويا قيس بن الشعث ،ويا زيد ح ّ فنادى )) :يا شبث بن ربعي ،ويا َ
115
ن اقدم قد أينعت الثمار واخضّر الجناب ،وإّنما تقدم يأ ْ
بن الحارث ألم تكتبوا إل ّ
على جند لك مجّندة ؟ (
فقالو َ :لم نفعل .
م قال )) :أّيها الّناس ،إذا قال )) :سبحان الله ! بلى والله لقد فعلتم ( .ث ّ
كرهتموني
____________________________
مد بن أبي طالب الحايري . ) (1مقتل مح ّ
فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الرض .فقال له َقيس بن الشعث :أول
ب وَلن يصل إليك منهم مك ؟ فإّنهم َلن يروك إل ّ ما ُتح ّ تنزل على حكم بني ع ّ
مكروه .
سلم :أنت أخو أخيك ،أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من فقال الحسين عليه ال ّ
ُ
دم مسلم بن عقيل ؟ ل والله ل اعطيكم بيدي إعطاء الذليل ول أفّر فرار العبيد )
ن ترجمون ،أعوذ برّبي ورّبكم من ك ّ
ل ت برّبي ورّبكم أ ْ ، (1عباد الله إّني عذ ُ
م أناخ وأمر عقبة بن سمعان فعقلها)).2 متكّبر ل يؤمن بيوم الحساب ( .ث ّ
موا لـما عن قدس أنواره عموا وقـام لـسان الله يـخطب واعـظا ً فـص ّ
ل لـكم مـّني دمـي أم محّرم من أنا اليوم وانظروا حـل ٌ وقال انسبوني َ
قوم ً
سهام بـنحره تــراش جـوابا والـعوالي تـ ّ فـمـا وجـدوا إل ّ الـ ّ
ق بين الّناس في الرض مسلم ده وَلم يب َ ج ّ
سبط انمحى دين َ ومـذ أيـقن ال ّ
ً
فـدى نـفسه في نصرة الدين خائضا عـن الـمسلمين الـغامرات ليسلموا
وقـال خـذيني يا حتوف وهاك يا سـيوف فـأوصالي لـك اليوم مغنم
ضيم جاثما ً ولـو ل عـلى جـمر السـّنة مجثم وهـيهات أن أغدو على ال ّ
وكـّر وقد ضاق الفضا وجرى القضا وسـال بـوادي الـكفر سيل عرمرم
سيوف وعظموا ومـذ خـّر بـالتعظيم لله سـاجدا ً لـه كـّبروا بـين ال ّ
وم
سنان الـمق ّشمر يـرفع رأسه فـقـام بـه عـنه الـ ّ وجـاء إلـيه الـ ّ
ّ
عـزع عـرش الله وانـحط نوره فـأشرق وجه الرض والكون مظلم وُز ْ
____________________________
ما
حدة فيهما ،رواه ابن نما في مثير الحزان ، 26 /وهو أصح م ّ ) (1بالفاء المو ّ
يمضي على اللسن ،ويوجد في بعض المقاتل )بالقاف من القرار ؛ لّنه على هذا
تكون الجملة الثانية غير مفيدة ،إل ّ ما أفادته التي قبلها بخلفه على قراءة الفرار
ن الجملة الثانية تفيد أّنه ل يفّر من الشدة والقتل ،كما يصنعه العبيد .وهو ،فإ ّ
معنى غير ما تؤدي إليه الجملة التي قبلها ،على أّنه يوجد في كلم أمير المؤمنين
لولى وكامل ابن الثير / 3 ما يشهد له ،ففي تاريخ الطبري 76 / 6الطبعة ا ُ
ن أمير المؤمنين قال في ، 148ونهج البلغة ، 104 / 1المطبعة الميرّية :إ ّ
ما فّر إلى معاوية )) :ما َله فعل فعل السّيد ،وفّر فرار العبد ، مصقلة بن هبيرة ل ّ
صته على ما ذكرها ابن حزم في جمهرة أنساب وخان خيانة الفاجر ؟! ( ،وق ّ
ن أصحاب الحريث بن راشد من بني عبد البيت بن الحارث العرب : 164 /إ ّ
دوا أيام علي )ع( فحاربهم وقتلهم وسبى نساءهم وأبناءهم ،فابتاعهم مصقلة ارت ّ
م هرب إلى معاوية ،فأمضى علي )ع( عتقه لهم . الشيباني وأعتقهم ث ّ
) )2تاريخ الطبري . 243 / 6
ومذ مال قطب الكون مال وأوشك انـقلبا ً يـميل الـكائنات ويـعدم
سما وهي أعظم وحين ثوى في الرض قّر قرارها وعادت ومن أوج ال ّ
116
فـلهفي لـه فـردا ً عليه تزاحمت جـموع الـعدى تزداد جهل ً فيحلم
ولـهفي لـه ظـام ٍ يـجود وحوله الـفرات جـرى طام ٍ وعنه يحّرم
ى وللخيل حافر يـجول عـلى تلك الضلوع وينسم ولـهفي لـه مـلق ً
ولـهفي على أعضاك يابن محمد ُتــوّزع فـي أسـيافهم وتـسهم
سمسيوف موّزع ورحـلك مـا بـين العادي مق ّ فـجسمك مـا بين ال ّ
ل رجـيم بـالحجارة يرجم )(1 ّ
فـلهفي عـلى ريحانة الطر جسمه لـك ّ
كرامة وهداية
وأقبل القوم يزحفون نحوه ،وكان فيهم عبد الله بن حوزة التميمي)2فصاح :
أفيكم حسين ؟ وفي الثالثة قال أصحاب الحسين :هذا الحسين فما تريد منه ؟
ب غفور قال :يا حسين ،أبشر بالّنار ،قال الحسين )) :كذبت ،بل أقدم على ر ّ
ديه حّتىمن أنت ؟ (قال :أنا ابن حوزة .فرفع الحسين ي َ كريم مطاع شفيع .ف َ
م ،حزه إلى الّنار ،فغضب ابن حوزة وأقحم طيه وقال )) :الله ّ ن بياض اب َ با َ
الفرس إليه وكان بينهما نهر فسقط عنها وعلقت قدمه بالركاب ،وجالت به
الفرس وانقطعت قدمه وساقه وفخذه ،وبقي جانبه الخر معّلقا ً بالركاب ،
ل حجر وشجر) ،3وألقته في الّنار المشتعلة في وأخذت الفرس تضرب به ك ّ
ً ً ً
الخندق فاحترق بها ومات .فخّر الحسين )ع( ساجدا شاكرا حامدا على إجابة
م ،إّنا أهل بيت نبّيك وذرّيته وقرابته ، م إّنه رفع صوته يقول )) :الله ّ دعائه ،ث ّ
ي
مد بن الشعث أ ّ قنا إّنك سميع قريب (فقال له :مح ّ من ظلمنا وغصبنا ح ّ فاقصم َ
نمإ ّ
مد ؟ فقال الحسين )) :الله ّ قرابة بينك وبين مح ّ
____________________________
ذكرت مد حسين كاشف الغطاء ُ ، جة الشيخ مح ّ ) (1من قصيدة لية الله الح ّ
بتمامها في كتابنا )قمر بن هاشم .
) )2في مجمع الزوائد للهيثمي : 193 / 9ابن جويرة أو جويزة .
وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 248 / 1مالك بن جريرة .
لولى :يقال له :ابن أبي جويرة وفي روضة الواعظين للفتال 159 /الطبعة ا ُ
ن فرسه نفرت به وألقته في الّنار التي في الخندق . المزني ،وإ ّ
) )3كامل ابن الثير . 27 / 4
م أرني فيه هذا مد قرابة .الله ّ محمد بن الشعث يقول :ليس بيني و بين مح ّ
مد بن الشعث من العسكر ، اليوم ذل ً عاجل ً ( ،فاستجاب الله دعاءه ،فخرج مح ّ
وثا ً في ثيابهونزل عن فرسه لحاجته ،وإذا بعقرب أسود يضربه ضربة تركته متل ّ
ما به ) (1ومات باديَ العورة)).2 م ّ
دمت لحرب ت في أّول الخيل التي تق ّ قال مسروق بن وائل الحضرمي :كن ُ
ما رأيت ما ن ُاصيب رأس الحسين فأحظى به عند ابن زياد ،فل ّ الحسين ؛ لعّلي أ ْ
ن لهل هذا البيت حرمة ومنزلة عند الله ،وتركت الّناس صنع بابن حوزة عرفت أ ّ ُ
وقلت :ل ُاقاتلهم فأكون في الّنار)( .3
117
مد )ص( ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون .إّنا الله ابتلنا وإّياكم بذرّية نبّيه مح ّ
ندعوكم إلى نصرهم وخذلن الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ،فإّنكم ل تدركون
منهما إل ّ سوء عمر سلطانهما ،يسملن أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم
حجرويمّثلن بكم ،ويرفعانكم على جذوع الّنخل ،ويقتلن أماثلكم وقّراءكم أمثال ِ
بن عدي وأصحابه ،وهاني بن عروة وأشباهه .فسّبوه وأثنوا على عبيد الله بن
من معه أو نبعث به وبأصحابه زياد ودعوا له وقالوا :ل نبرح حّتى نقتل صاحبك و َ
إلى عبيد الله بن زياد سلما ً .
ن لم ن ولد فاطمة أحقّ بالود ّ والّنصر من ابن سمّية ،فإ ْ فقال زهير :عباد الله إ ّ
____________________________
) (1مقتل الحسين للخوارزمي ج 1ص 249فصل : 11واقتصر الصدوق في
مد بن الشعث . المالي على دعائه على مح ّ
)) 2روضة الواعظين للفتال ص 159طبع أول .
)) 3الكامل لبن الثير ج 4ص . 27
ن تقتلوهم ،فخّلوا بين هذا الرجل وبين يزيد ،فَلعمري تنصروهم ،فُاعيذكم بالله أ ْ
إّنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين )ع( .
فرماه الشمر بسهم وقال :اسكت أسكت الله نامتك ،أبرمتنا بكثرة كلمك .
وال على عقبيه ،ما إّياك ُاخاطب ،إّنما أنت بهيمة والله ما فقال زهير :يابن الب ّ
أظّنك تحكم من كتاب الله آيَتين ،فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الليم .
وفني فقال الشمر :إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة .فقال زهير :أفبالموت تخ ّ
م أقبل على القوم رافعا ً صوته ي من الخلد معكم .ث ّ ب إل ّ ؟ فوالله َللموت معه أح ّ
وقال :عباد الله ،ل يغّرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ،فوالله ل
من نصرهم مد )ص( قوما ً هرقوا دماء ذرّيته وأهل بيته ،وقتلوا َ تنال شفاعة مح ّ
ب عن حريمهم . وذ ّ
َ
ن أبا عبد الله يقول لك )) :أقِبل ،فلعمري لئن كان فناداه رجل من أصحابه ،إ ّ
َ
ت هؤلء وأبلغت لو نفع مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء ،فلقد نصح َ
الّنصح والبلغ ( ). (1
خطبة ُبرير
ن يكّلم القوم ،فأذن له ـ وكان شيخا ً ن برير بن خضير) )2في أ ْ واستأذن الحسي َ
تابعيا ً ناسكا ً قارئا للقرآن ومن شيوخ القّراء في جامع الكوفة ،وله في الهمدانّيين
ً
ن الله بعث محمدا ً شرف وقدر ـ فوقف قريبا ً منهم ونادى :يا معشر الّناس ،إ ّ
بشيرا ً ونذيرا ً وداعيا ً إلى الله وسراجا ً منيرا ً ،وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير
سواد وكلبه ال ّ
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 243 / 6
حدة ،وفتح الراء ) )2قال ابن الثير في الكامل : 37 / 4برير بالباء المو ّ
المهملة ،وسكون الياء المثناة من تحتها ،وآخره راء .وخضير )بالخاء والضاد
المعجمتين ).
مد هذا ؟! ) . (1فقالوا :يا وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله ،أفجزاء مح ّ
من ُبرير ،قد أكثرت الكلم ،فاكفف عّنا ،فوالله ليعطش الحسين كما عطش َ
مد قد أصبح بين أظهركم ،وهؤلء ذّريته ن ثقل مح ّكان قبله .قال :يا قوم ،إ ّ
ن تصنعوه بهم ؟ وعترته وبناته وحرمه ،فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أ ْ
118
ن منهم المير عبيد الله بن زياد ،فيرى فيهم رأيه .قال : ن نمك ّفقالوا :نريد أ ْ
ن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤا منه ؟ ويلكم يا أهل الكوفة ، أفل تقبلون منهم أ ْ
أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها وعليكم ؟! أدعوتم
أهل بيت نبّيكم وزعمتم أّنكم تقتلون أنفسكم دونهم حّتى إذا أتوكم أسلمتموهم
إلى ابن زياد وحلتموهم عن ماء الفرات ؟ بئسما خلفتم نبّيكم في ذرّيته ! ما لكم
؟ ل سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم ! فقال له نفر منهم :يا هذا ،ما
م إّني أبرأ إليك
ندري ما تقول ؟ قال :الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ،الله ّ
ق بأسهم بينهم حّتى يلقوك وأنت عليهم غضبان . م ال ِ
من فعال هؤلء القوم ،الله ّ
سهام ،فتقهقر).2 فجعل القوم يرمونه بال ّ
119
ما كانت الوقعة بين مراد وهمدان ،أنشأ أبياتا ً تسعة الروض النف : 344 / 2ل ّ
وَلم يكن فيها البيت الثالث والرابع .وفي اللهوف ذكر سبعة مع البيتين .وفي
الغاني : 49 / 19نسب الفرزدق إلى خاله العلء بن قرظة قوله :
إذا ما الدهر جر على اناس بكلكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين ...الخ
وذكر ابن عساكر في تاريخ الشام ، 334 / 4والخوارزمي في المقتل ، 7 / 2
الول والثاني وَلم ينسباهما إلى أحد .
ونسبهما المرتضى في المالي 181 / 1إلى ذي الصبع العدواني .وفي عيون
الخبار لبن قتيبة ، 114 / 3وشرح الحماسة للتبريزي : 191 / 3أّنها للفرزدق .
وفي الحماسة البصرّية : 30 /أّنهما من قصيدة فروة بن مسيك ،ويرويان لعمر
بن قعاس .
مـهّزمينا ً
فـإن نـهزم فـهّزامون قدما وإن نـهَْزم فـغير ُ
ومـا أن طبنا ) (1جبن ولكن مـنـايانا ودولــة آخـرينا
فـقل لـلشامتين بـنا أفيقوا سـيلقى الـشامتون كما لقينا
إذا مات الموت رّفع عن ُاناس بـكـلكله أنــاخ بـآخرينا
أما والله ،ل تلبثون بعدها إل ّ كريثما يركب الفرس ،حّتى تدور بكم دور الرحى
دي رسول الله ،فاجمعوا ي أبي عن ج ّ وتقلق بكم قلق المحور ،عهد ٌ عََهده إل ّ
ي ول تنظرون ،إّني م اقضوا إل ّ مة ث ّ
م ل يكن أمركم عليكم غ ّ أمركم وشركاءكم ،ث ّ
ن رّبي على صراط ّ
كلت على الله رّبي ورّبكم ،ما من داّبة إل هو آخذ بناصيتها إ ّ تو ّ
م ،احبس عنهم قطر سماء وقال )) :الله ّ ديه نحو ال ّ م رفع ي َ المستقيم ) .2ث ّ
ّ
ي يوسف ،وسلط عليهم غلم ثقيف يسقيهم سماء ،وابعث عليهم سنين كسن ّ ال ّ
ّ
كأسا مصبرة ،فإّنهم كذبونا وخذلونا ،وأنت رّبنا عليك توكلنا وإليك المصير ).3 ً
ة بضربة ،وإّنه لينتصر ة بقتلة وضرب ً والله ل يدع أحدا ً منهم إل ّ انتقم لي منه ،قتل ً
لي ولهل بيتي وأشياعي ).(4
120
الرؤوس وتطيح اليدي .قال :ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال ؟ فقال :
ي لقبلت ،ولكن أميرك أبى ذلك .فتركه ووقف مع الّناس ،وكان َلو كان المر إل ّ
إلى جنبه قّرة بن قيس فقال لقّرة :هل سقيت فرسك اليوم ؟ قال :ل ،قال :
ن قّرة من ذلك أّنه يريد العتزال ويكره أن يشاهده ، فهل تريد أن تسقيه ؟ فظ ّ
فتركه فأخذ الحّر يدنو من الحسين قليل ً ،فقال له المهاجر بن أوس :أتريد أن
تحمل ؟ فسكت وأخذته الرعدة ،فارتاب المهاجر من هذا الحال وقال له َ :لو
من أشجع أهل الكوفة ؟ َلما عدوتك ،فما هذا الذي أراه منك ؟ فقال قيل لي َ :
الحّر :إّني ُاخّير نفسي بين الجّنة والّنار ،والله ل أختار على الجّنة شيئا ً ولو
كسا ً رمحه قالبا ً ترسه)2وقد طأطأ م ضرب جواده نحو الحسين ) (1من ّ ُاحرقت .ث ّ
برأسه ؛ حياًء من آل الرسول بما أتى إليهم وجعجع بهم في هذا المكان على غير
ي ،فقد أرعبت قلوب أوليائك م إليك ُانيب فتب عل ّ ماء ول كل ،رافعا ً صوته :الله ّ
وأولد نبّيك .يا أبا عبدالله إّني تائب ،فهل لي من توبة ؟ فقال الحسين )ع( :
قن الحياة البدّية والّنعيم الدائم ، ))نعم يتوب الله عليك ) .3فسّره قوله وتي ّ
دث الحسين )ع( بحديث قال ما خرج من الكوفة ،فح ّ ووضح له قول الهاتف ل ّ
ل للحر ما خرجت من الكوفة ُنوديت :أبشر يا حّر بالجّنة .فقلت :وي ٌ فيه :ل ّ
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 244 / 6
)2في البداية لبن كثير : 63 / 7في واقعة اليرموك قال جرجه ،وهو من
من يدخل مّنا في هذا المر؟ قال خالد :له النصارى لخالد بن الوليد :ما منزلة َ
سماء ما لنا ؛ لنا صدقنا نبينا وهو حي بين أظهرنا يأتيه وحي ال ّ من الجر أفضل م ّ
من يسلم منكم وهو َلم يسمع ما سمعنا وَلم يَر ما رأينا من ونرى اليات ،و َ
العجائب والحجج وكان دخوله في هذا المر بّينة صادقة ،كان أفضل مّنا .فعند
ذلك قلب جرجه الترس ومال مع خالد وقال :عّلمني السلم . ...
وفي أنساب الشراف للبلذري ، 42 / 1طبعة دار المعارف ،مصر :كان العرب
إذا خافوا ووردوا على من يستجيرون به وجاؤا للصلح نكسوا رماحهم .وقال في
صفحة : 43وفد الحارث بن ظالم على عبد الله بن جدعان بـ )ع( كاظوهم يرون
م رفعه حين عرفوه وأمن . كس رمحه ث ّ حرب قيس ،فكذلك ن ّ
)3اللهوف ، 58 /وأمالي الصدوق 97 /المجلس الثلثون ،وروضة الواعظين /
. 159
شر بالجّنة وهو يسير إلى حرب ابن بنت رسول الله ؟! ). (1 ُيب ّ
ً ً
فقال له الحسين )ع( )) :لقد أصبت خيرا وأجرا ) .2وكان معه غلم تركي)( .3
121
لولى الحملة ا ُ
دم عمر بن سعد نحو عسكر الحسين ورمى بسهم وقال :اشهدوا لي عند وتق ّ
َ
م رمى الّناس) ،2فلم يبقَ من أصحاب الحسين أحد المير إّني أول من رمى .ث ّ
سلم لصحابه )) :قوموا رحمكم الله إلى إل ّ أصابه من سهامهم) ،3فقال عليه ال ّ
سهام رسل القوم إليكم ( .فحمل أصحابه ن هذه ال ّ الموت الذي ل بد ّ منه ،فإ ّ
ً
ة)4واقتتلوا ساعة ،فما انجلت الغبرة إل ّ عن خمسين صريعا).5 ة واحد ً حمل ً
____________________________
) (1أمالي الصدوق ، 93 /المجس الثلثون .
)2مثير الحزان لبن نما ، 31 /وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 9 / 2كان معه
غلم له تركي .
)3الهبل )بالتحريك :الثكل .والعبر )بالفتح :الحزن ،وجريان الدمعة كاستعبر ،
تاج العروس .
)4ابن الثير . 27 / 4
)5الخطط المقريزّية . 287 / 2
)6مقتل العوالم . 84 /
)7اللهوف . 56 /
مد بن أبي طالب . )8البحار عن مح ّ
قب سـطت ورحى الهيجاء تطحن شوسها ووجـه الـضحى فـي نقعها متن ّ
طبتـهـّلل بـشرا ً بـالقراع وجـوهها وكـم وجـه ضـرغام هناك مق ّ
سّلت لدى الضرب تطرب وتـلتذ ّ أن جـاءت لـها السمر تلتوي وللبيض ان ُ
أعـّزاء ل تـلوي الـرقاب لـفادح ول مـن ُالـوف في الكريهة ترهب
فـما لـسوى الـعلياء تـاقت نفوسهم وَلـم تك في شيء سوى العّز ترغب
شهم لـلمجد يطلب ن مـجدا ً في الـثّريا لـحلقت إلـيه وشـأن الـ ّ فـَلـو أ ّ
دما وأيـديهم مـن جودها الدهر مخضب فـأسيافهم يـوم الـوغى تمطر ال ّ
سمر العواسل تشرب ومـا برحت تقري المواضي لحومها ومـن دمـها ال ّ
ن تهاوت كالكواكب في الثرى ومـا بعدهم يا ليت ل لح كوكب )( (1 إلـى أ ْ
****
دم )(2 م الجبال ته ّ
تـهاووا فـقل زهـر الّنجوم تهافتت وأهـووا فـقل شـ ّ
وخرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد فطلبا البراز ،فوثب حبيب
وبرير ،فلم يأذن لهما الحسين )ع( .فقام عبد الله بن عمير الكلبي ،من بني
ساعدين بعيد ما بين المنكبين ، عليم ،وكنيته أبو وهب ،وكان طويل ً شديد ال ّ
شريفا ً في قومه شجاعا ً مجّربا ً ،فأذن له وقال )) :أحسبه للقران قّتال ً ( .فقال
من أنت ؟ فانتسب لهما ،فقال :ل نعرفك ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو له َ :
م
ة عن مبارزتي ؟ ث ّ ً
برير ،وكان يسار قريبا منه فقال له :يابن الزانية أَوبك رغب ً
شد ّ عليه بسيفه يضربه ،وبينا هو مشتغل به إذ شد ّ عليه سالم ،فصاح أصحابه
سيف فاتقاها عبد الله بيده اليسرى قد رهقك العبد فلم يعبأ به ،فضربه سالم بال ّ
فأطار أصابعه ،ومال عليه عبد الله فقتله .وأقبل إلى الحسين يرتجز وقد قتلهما
.
م وهب بنت عبد الله بن النمر بن قاسط ،عمودا ً ،وأقبلت نحوه وأخذت زوجته ا ُ ّ
مد صّلى الله عليه وآله مي قاتل دون الطّيبين ذرّية مح ّ تقول له :فداك أبي وا ُ ّ
دها إلى الخيمة ،فَلم تطاوعه وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول :لن ن ير ّوسّلم .فأراد أ ْ
122
ن أموت معك .فناداها الحسين )ع( )) :جزيتم عن أهل بيت نبيكم أدعك دون أ ْ
خيرا ً ،
____________________________
) (1من قصيدة للشيخ حسون الحلي ،شعراء الحلة . 104 / 2
مد حسين كاشف الغطاء قدس سره ،طبعت في )2من قصيدة للحجة للشيخ مح ّ
كتابنا )قمر بني هاشم .
ارجعي إلى الخيمة ،فإّنه ليس على الّنساء قتال ( .فرجعت ). (1
استغاثة و هداية
دسة من ُقتل من أصحابه ،قبض على شيبته المق ّ ما نظر الحسين إلى كثرة َ ول ّ
وقال )) :اشتد ّ غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ً ،واشتد ّ غضبه على
الّنصارى إذ جعلوه ثالث ثلثة ،واشتد ّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس
____________________________
) (1تاريخ الطبري ، 245 / 6وابن الثير . 37 / 4
)2ابن الثير . 29 / 4
)3في الصابة 94 / 3القسم الثالث :مجمع بن عبد الله بن مجمع بن مالك بن
ف،سلم بالط ّ أياس بن عبد مناة بن سعد ُ ،قتل مع الحسين بن علي عليه ال ّ
ولبيه إدراك .
)4تاريخ الطبري . 255 / 6
والقمر دونه ،واشتد ّ غضبه على قوم اّتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبّيهم .
م
ضب بدمي ،ث ّ ما يريدون حّتى ألقى الله وأنا مخ ّ أما والله ،ل ُاجيبهم إلى شيء م ّ
ب عن حرم رسول الله ! ( )(1 ب يذ ّ
صاح :أما من مغيث يغيثنا ! أما من ذا ّ
فبكت الّنساء وكثر صراخهن .
وسمع النصارّيان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار الحسين )ع(
واستغاثته وبكاء عياله ـ وكانا مع ابن سعد ـ فمال بسيفيهما على أعداء الحسين
)ع( وقاتل حّتى ُقتل).2
123
ثبات الميمنة
ل عددهم وبان الّنقص فيهم ـ يبرز الرجل وأخذ أصحاب الحسين )ع( ـ بعد أن ق ّ
جاج لصحابه : ح ّ بعد الرجل فأكثروا القتل في أهل الكوفة .فصاح عمرو بن ال َ
ً
من تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوما مستميتين ،ل أتدرون َ
َ َ ّ
يبرز إليهم أحد منكم إل ّ قتلوه على قلتهم ،والله لو لم ترموهم إل ّ بالحجارة
من سل في الّناس َ لقتلتموهم .فقال عمر بن سعد :صدقت ،الرأي ما رأيت ،ار ِ
ن ل يبارزهم رجل منهم ،وَلو خرجتم إليهم وحدانا ً لتوا عليكم).3 يعزم عليهم أ ْ
ميمنة الحسين )ع( ،فثبتوا له وجثوا على الركب جاج على َ ح ّم حمل عمرو بن ال َ ث ّ
ما ذهبت الخيل لترجع ،رشقهم أصحاب وأشرعوا الرماح ،فَلم تقدم الخيل .فل ّ
الحسين )ع( بالّنبل فصرعوا رجال ً وجرحوا آخرين)( .4
دين وفارق الجماعة مرق عن ال ّ من َ جاج يقول لصحابه :قاِتلوا َ ح ّ وكان عمرو بن ال َ
ي تحّرض الّناس ؟ أنحن مرقنا من .فصاح الحسين )ع( )) :ويحك يا عمرو ! أعل ّ
____________________________
) (1اللهوف . 57 /
)2الحدايق الوردّية مخطوط .
)3تاريخ الطبري . 249 / 6
)4كامل ابن الثير . 27 / 4
يمن أولى بصل ّ دين وأنت تقيم عليه ؟! ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا َ ال ّ
الّنار ( ). (1
مسلم بن عوسجة
جاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ،وفيها قاتل مسلم بن ح ّم حمل عمرو بن ال َ ث ّ
عوسجة ،فشد ّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي ،
دة الجلد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إل ّ ومسلم صريع وبه رمق . وثارت لش ّ
فمشى إليه الحسين )ع( ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين )ع( )) :رحمك
ديل ً ) .(2ودنا ما ب َد ُّلوا ت َب ْ ِ
ن ي َن ْت َظ ُِر وَ َ
م ْم َ
من ْهُ ْ
ه وَ ِ حب َ ُ
ضى ن َ ْن قَ َم ْ
م َ الله يا مسلم ! فَ ِ
من ْهُ ْ
شر بالجّنة .فقال بصوت ضعيف ي مصرعك يا مسلم ،أب ِ منه حبيب وقال :عّز عل ّ
ي
ن توصي إل ّ شرك الله بخير .قال حبيب َ :لو َلم أعلم أّني في الثر لحببت أ ْ :ب ّ
ن تموت دونه . مك .فقال مسلم ُ :اوصيك بهذا وأشار إلى الحسين )ع( أ ْ بما أه ّ
ب الكعبة .وفاضت روحه بينهما .وصاحت جارية له :وآ مسلماه ! قال :أفعل ور ّ
ً
يا سّيداه ! يابن عوسجتاه ! فتنادى أصحاب ابن الحجاج :قتلنا مسلما .
مهاتكم ! أيقتل مثل مسلم وتفرحون ! من حوله :ثكلتكم ا ُ ّ فقال شبث بن ربعي ل َ
ب موقف له كريم في المسلمين رأيته يوم آذربيجان ،وقد قتل ستة من َلر ّ
المشركين قبل تتام خيول المسلمين)).3
الميسرة
وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين )ع( فثبتوا لهم حّتى
كشفوهم ،وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي فقتل تسعة عشر فارسا ً واثني
عشر راجل ً ،وشد ّ عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى) ،4وقطع بكر
بن حي ساقه .
____________________________
) (1البداية لبن كثير . 182 / 8
124
)2سورة الحزاب . 23 /
)3تاريخ الطبري . 249 / 6
)4مناقب ابن شهر آشوب . 217 / 2
م وهب وجلست عند رأسه فُاخذ أسيرا ً وُقتل صبرا ً ) ، (1فمشت إليه زوجته ا ُ ّ
ن يصحبني تمسح الدم عنه وتقول :هنيئا ً لك الجّنة أسأل الله الذي رزقك الجّنة أ ْ
معك .فقال الشمر لغلمه رستم :اضرب رأسها بالعمود ،فشدخه وماتت مكانها
،وهي أول امرأة ُقتلت من أصحاب الحسين )ع( ).2
م
مه ومسحت الدم عنه ،ث ّ وقطع رأسه ورمى به إلى جهة الحسين فأخذته ا ُ ّ
دها الحسين )ع( وقال )) :ارجعي رحمك أخذت عمود خيمة وبرزت إلى العداء فر ّ
م ،ل تقطع رجائي .فقال ضع عنك الجهاد ( .فرجعت وهي تقول :الله ّ الله فقد و ِ
الحسين )ع( )) :ل يقطع الله رجاءك ).3
لحرقه ي بالّنار ُوحمل الشمر حّتى طعن فسطاط الحسين )ع( بالرمح وقال :عل ّ
على أهله .فتصايحت الّنساء وخرجن من الفسطاط ،وناداه الحسين )ع( :
))يابن ذي الجوشن ،أنت تدعو بالّنار لتحرق بيتي على أهلي ؟! أحرقك الله بالّنار
( .وقال له شبث بن ربعي :أمرعبا ً للّنساء صرت ؟ ما رأيت مقال ً أسوأ من
مقالك ،وموقفا ً أقبح من موقفك .فاستحى وانصرف .وحمل على جماعته زهير
بن القين في عشرة من أصحابه حّتى كشفوهم عن البيوت)).4
125
الطفال ،فقال الحسين )ع( )) :دعوهم يحرقونها ،فإّنهم إذا فعلوا ذلك َلم
يجوزوا إليكم ( .فكان كما قال).3
أبو الشعثاء
دوا الشروط ما ر ّوكان أبو الشعثاء الكندي ـ وهو يزيد بن زياد ـ مع ابن سعد ،فل ّ
دي الحسين على الحسين )ع( صار معه ،وكان راميا ً فجثا على ركبَتيه بين ي َ
دد رميته ،واجعل ثوابه مس ّ ورمى بمئة سهم و الحسين )ع( يقول )) :الله ّ
ما نفدت سهامه قام وهو يقول :لقد تبّين لي أّني قتلت منهم خمسة) الجّنة ( .فل ّ
م حمل على القوم فقتل تسعة نفر وُقتل).4 .5ث ّ
الزوال
والتفت أبو ثمامة الصائدي)6إلى الشمس قد زالت ،فقال للحسين )ع( :نفسي
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 251 / 6
)2إعلم الورى ، 145 /وابن الثير . 28 / 4
)3ابن الثير ، 28 / 4ومقتل الخوارزمي . 16 / 2
)4تاريخ الطبري . 255 / 6
)5أمالي الصدوق 17 /المجلس الثلثون ،وفي ذخيرة الدارين :قتل تسعة عشر
رجل ً .
)6في جمهرة أنساب العرب لبن حزم ، 373 /والكليل للهمداني : 97 / 10أبو
ثمامة :هو زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة بن دارم الصائدي ُ ،قتل مع
الحسين .
وفي تاريخ الطبري ، 151 / 6وزيارة الّناحية المقدسة أبو ثمامة عمرو بن عبد
الله الصائدي .
ة إلى صائد ،بطن من همدان ، وفي اللباب لبن الثير : 46 / 2الصائدي :نسب ً
واسم صايد كعب بن شرحبيل ...الخ .
ُ
لك الفداء ،إّني أرى هؤلء قد اقتربوا منك ،ل و الله ل ُتقتل حّتى اقتل دونك ،و
ن ألقى الله وقد صّليت هذه الصلة التي دنا وقتها .فرفع الحسين )ع( بأ ْ ُاح ّ
سماء وقال )) :ذكرت الصلة ،جعلك الله من المصّلين الذاكرين ، رأسه إلى ال ّ
فوا عّنا حّتى نصّلي ( .فقال الحصين :إّنها ل ن يك ّ
نعم هذا أول وقتها ،سلوهم أ ْ
ُتقبل ). (1
حبيب بن مظاهر
فقال حبيب بن مظاهر :زعمت أّنها ل ُتقبل من آل الرسول وُتقبل منك يا
سيف ،فشّبت به ووقع ب وجه فرسه بال ّ
حمار ؟! فحمل عليه الحصين فضرب حبي ُ
ً ً
عنه واستنقذه أصحابه فحملوه) ،2وقاتلهم حبيب قتال شديدا ،فقتل على كبره
اثنين وسّتين رجل ً ،وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه ،وطعنه آخر من
سيف على تميم برمحه فسقط إلى الرض ،فذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بال ّ
رأسه فسقط لوجهه ،ونزل إليه التميمي واحتّز رأسه فهد ّ مقتُله الحسين )ع(
فقال )) :ع( ند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي ) ،3واسترجع كثيرا ً .
الحّر الرياحي
وخرج من بعده الحّر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين ـ يحمي ظهره ـ فكان
ن فرس الحّر
إذا شد ّ أحدهما واستلحم شد ّ الخر واستنقذه ،ففعل ساعة)4وإ ّ
126
لمضروب على ُاذَنيه وحاجَبيه و الدماء تسيل منه ،وهو يتمّثل بقول عنترة :
____________________________
) (1في الوسائل ، 247 / 1الباب الواحد والربعون ،في مواقيت الصلة ،
طبعة عين الدولة :كان أمير المؤمنين )ع( مشتغل ً بالحرب ويراقب وقت
الصلة ،فقال له ابن عّباس ما هذا الفعل يا أمير المؤمنين قال ُ)) :اراقب
سلم : ن عندنا لشغل ً بالقتال عن الصلة .فقال عليه ال ّ الشمس ( .فقال له :إ ّ
))إّنما قاتلناهم على الصلة ( .وَلم يترك صلة الليل حّتى ليلة الهرير .
)2مقتل الحسين للخوارزمي . 17 / 2
)3ابن الثير ، 29 / 4وتاريخ الطبري ، 251 / 6وفي مقتل الحسين للخوارزمي
: 19 / 2قطع التميمي رأس حبيب ،ويقال بديل بن صريم ،وعّلق الرأس في
ما دخل الكوفة رآه ابن حبيب ابن مظاهر ـ وهو غلم غير مراهق عنق الفرس ،فل ّ
ـ فوثب عليه وقتله وأخذ رأسه .
)4تاريخ الطبري ، 252 / 6والبداية . 183 / 8
اا ااااا ااااا اا ااا اااااا ااااا اااا اااااا ا ا
فقال الحصين ليزيد بن سفيان :هذا الحّر الذي كنت تتمنى قتله ؟ قال :نعم .
م رمى أّيوب بن مشرح ن قتله الحّر ،ث ّ وخرج إليه يطلب المبارزة فما أسرع أ ْ
ب به الفرس فوثب عنه كأّنه ليث )(1 الخيواني فرس الحّر بسهم فعقره ،وش ّ
دت عليهمش ّ ً
سيف ،وجعل يقاتل راجل ً حّتى قتل نيفا وأربعين) ،2ث ّ وبيده ال ّ
جالة فصرعته .وحمله أصحاب الحسين )ع( ووضعوه أمام الفسطاط الذي الر ّ
ل قتيل إلى هذا الفسطاط ـ و الحسين )ع( يقول : يقاتلون دونه ـ وهكذا يؤتى بك ّ
م التفت إلى الحّر ـ وكان به رمق ـ فقال ))قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبّيين )3ث ّ
مك ،وأنت الحّر في الدنيا ُ
متك ا ّ له ،وهو يمسح الدم عنه )) :أنت الحّر كما س ّ
والخرة ( .ورثاه رجل من أصحاب الحسين ،وقيل :علي بن الحسين)4وقيل :
صة)5 إّنها من إنشاء الحسين خا ّ
ااااا اااااا ااا ااا اااا اااا ااا ااااا اااااا ا
اا اااا اااااا اااا ااااا ااا اااااا اااا اااااا
الصلة
خوف ، من بقي من أصحابه صلة ال َ وقام الحسين إلى الصلة ،فقيل إّنه صّلى ب َ
دم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي في نصف من أصحابه ) وتق ّ
ّ
،6ويقال إّنه صلى ،وأصحابه فرادى باليماء)):7
____________________________
) (1تاريخ الطبري 248 / 6ـ . 250
)2مناقب ابن شهر آشوب ، 217 / 2طبعة ايران .
سلم( ، 118 /والبحار ، 117 / 10و / 13 )3هذا في تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
، 135عن الغيبة للنعماني ، 113 /الطبع الحجرية ،باب ما يلحق الشيعة من
التمحيص .
وفي تاريخ الطبري ، 256 / 6وابن الثير ، 30 / 4وإرشاد المفيد :إّنه وضع
فسطاطا ً في الميدان .وَلم يذكروا كلمة الحسين )ع( المعربة عن قداسة
الموقف .
)4مقتل العوالم ، 85 /ومقتل الخوارزمي . 11 / 2
127
)5روضة الواعظين ، 160 /وأمالي الصدوق ، 97 /المجلس الثلثون .
)6مقتل العوالم ، 88 /ومقتل الخوارزمي : 17 / 2والذي أراه صلة الحسين
ده الرسول كانت قصرا ً ؛ لّنه نزل كربلء في الثاني من المحرم ،ومن أخبار ج ّ
)صّلى الله عليه وآله( وسّلممضافا ً إلى علمه بأّنه ُيقتل يوم عاشوراء َلم يستطع
من ل معرفة له بذلك أّنه أن ينوي القامة إذا َلم تكمل له عشرة أّيام وتخّيل َ
صّلى صلة الخوف .
)7مثير الحزان لبن نما . 44 /
وصـلة الخوف حاشاها فما روعت والموت منها كان قابا
دها الجيش ابتعادا ً واقترابادامي وما ص ّ مـا لواها الموقف ال ّ
حـّرها تلتهب الرض التهابا زحـفت ظامئة والشمس من َ
ّ
هّزت الجيش وقد ضاقت به عرصة الطف سهول وهضابا
سـائل الـميدان عنها سترى كـيف أرضته طعانا ً وضرابا
كـيف حـامت حرم الله فما خـدشت عّزا ً ول وّلت جنابا
دري بـهواديها سـهاما ً وكعابا )(1 كـيف دون الله راحت ت َ ّ
م العنهم لعن عادما ُاثخن سعيد بالجراح سقط إلى الرض وهو يقول :الله ّ ول ّ
سلم وابلغه ما لقيت من ألم الجراح ،فإّني أردت بذلك وثمود وابلغ نبّيك مّني ال ّ
ثوابك في نصرة ذرّية نبّيك )صّلى الله عليه وآله( وسّلم) ،2والتفت إلى الحسين
ل :أوفيت يابن رسول الله ؟ قال )) :نعم ،أنت أمامي في الجّنة )،3 )ع( قائ ً
وجد فيه ثلثة عشر سهما ً غير الضرب والطعن)( .4 وقضى نحبه ف ُ
ما فرغ الحسين )ع( من الصلة قال لصحابه )) :يا كرام ،هذه الجّنة قد فتحت ول ّ
أبوابها ،واتصلت أنهارها ،وأينعت ثمارها ،وهذا رسول الله والشهداء الذين ُقتلوا
مكم ويتباشرون بكم ،فحاموا عن دين الله ودين نبّيه في سبيل الله يتوّقعون قدو َ
،وذّبوا عن حرم الرسول ( .فقالوا :نفوسنا لنفسك الفداء ،ودماؤنا لدمك الوقاء
فوالله ل يصل إليك وإلى حرمك سوء وفينا عرق يضرب).5
الخيل تعقر
جه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب ن عمر بن سعد و ّ مإ ّ ث ّ
حاك بن الحسين وعقروا خيولهم) )6وَلم يبقَ مع الحسين فارس إل ّ الض ّ
____________________________
مد ابن آية الله السّيد جمال الكلبايكاني . ) (1للعلمة السّيد مح ّ
)2مقتل العوالم . 88 /
)3ذخيرة الدارين . 178 /
)4اللهوف . 62 /
)5أسرار الشهادة . 175 /
)6مثير الحزان لبن نما . 34 /
ت بفرسي وأدخلتها ما رأيت خيل أصحابنا ُتعقر أقبل ُ عبد الله المشرقي يقول :ل ّ
دعمن أراد الخروج و ّ ل َفسطاطا ً لصحابنا .واقتتلوا أشد ّ القتال ) . (1وكان ك ّ
سلم عليك يابن رسول الله .فُيجيبه الحسين )ع( : الحسين )ع( بقوله :ال ّ
ن
م ْم َمن ْهُ ْ
ه وَ ِحب َ ُ
ضى ن َ ْ َ
نق َ م ْ
م َ
من ْهُ ْ َ
م يقرأ )ف ِ
سلم ،ونحن خلفك ( ،ث ّ ))وعليك ال ّ
ديل )).2 ً ُ
ما ب َد ّلوا ت َب ْ ِ
ي َن ْت َظ ُِر وَ َ
128
أبو ثمامة
ُ
وخرج أبو ثمامة الصائدي فقاتل حّتى اثخن بالجراح ،وكان مع عمر بن سعد ابن
م له ،يقال له قيس بن عبد الله بينهما عداوة ،فشد ّ عليه وقتله .
ع ّ
فقال الحسين )ع( )) :وأنا ألقاهما على أثرك ( .وفي حملته يقول :
ااا اا اااا
ااا اااا اااا ااا ااااا اااااا ااا ا
م عطف عليه كثير بن عبد الله الصعبي والمهاجر بن أوس فقتل مئة وعشرين ،ث ّ
فقتله .فوقف الحسين )ع( وقال )) :ل يبعدّنك الله يا زهير ،ولعن قاتليك لعن
مسخوا قردةً وخنازير ).3 الذين ُ
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 255 / 6
)2مقتل العوالم ، 85 /ومقتل الخوارزمي . 25 / 2
)3تاريخ الطبري ، 253 / 6ومقتل الخوارزمي . 20 / 2
عمرو بن قرظة
وجاء عمرو بن قرظة النصاري ) (1ووقف أمام الحسين )ع( يقيه من العدو
ما كثر فيهسهام بصدره وجبهته فلم يصل إلى الحسين )ع( سوء ،ول ّ قى ال ّ ويتل ّ
الجراح التفت إلى أبي عبد الله وقال :أوفيت يابن رسول الله ؟ قال )) :نعم ،
سلم ،وأعِلمه أّني في الثر (. أنت أمامي في الجّنة ،فاقرأ رسول الله مّني ال ّ
وخّر مّيتًا)( .2
ذاب ،غررت أخي حّتى فنادى أخوه علي وكان مع ابن سعد :يا حسين ،يا ك ّ
ّ
ن الله هداه وأضلك (. سلم )) :إّني َلم أغر أخاك ،ولك ّ قتلته ؟ فقال عليه ال ّ
م حمل على الحسين ليطعنه ،فاعترضه نافع َ
ن لم أقتلك .ث ّ فقال :قتلني الله إ ْ
بن هلل الجملي فطعنه حّتى صرعه ،فحمله أصحابه وعالجوه وبرئ)( .3
نافع الجملي
ورمى نافع بن هلل الجملي المذحجي بنبال مسمومة ،كتب اسمه عليها)4وهو
يقول).5
ا
اااا ااا ااااا ااااااا اااااا اااا ااا ااااااا
ااااااااا اااااا اااااا ااااااا اا اااااا ااااااا
129
____________________________
) (1في جمهرة أنساب العرب لبن حزم : 345 /من ولد عمرو بن عامر بن زيد
مناة بن مالك الغر ،وهو الشاعر المعروف بابن الطنابة قرظة بن كعب بن
عمرو الشاعر ،له صحبة .كان لقرظة بن عمرو ابنان ؛ عمرو ُقتل مع الحسين
مه .)ع( ،وآخر مع ابن سعد وَلم يس ّ
)2مقتل العوالم . 88 /
)3ابن الثير . 27 / 4
)4تاريخ الطبري ، 252 / 6وكامل ابن الثير ، 29 / 4والبداية . 184 / 8
)5مقتل العوالم ، 90 /وذكر ابن كثير في البداية : 184 / 8الشطر الول
جاج . ح ّ
ماه هلل بن َوالرابع ،ومثله في رواية الصدوق في المالي ،وس ّ
)6مقتل الخوارزمي . 21 / 2
فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه ،فقال له ابن سعد :ما حملك على ما
ت .فقال له رجل وقد نظر إلى ن رّبي يعلم ما أرد ُ صنعت بنفسك ؟ قال :إ ّ
ت منكم الدماء تسيل على وجهه ولحيته :أما ترى ما بك ؟ فقال :والله لقد َقتل ُ
من جرحت ،وما ألوم نفسي على الجهد ،وَلو بقيت لي اثني عشر رجل ً سوى َ
عضد ما أسرتموني ) . (1وجّرد الشمر سيفه فقال له نافع :والله يا شمر َلو
ن تلقى الله بدمائنا ،فالحمد لله الذي جعل ت من المسلمين لعظم عليك أ ْ كن َ
دمه الشمر وضرب عنقه).2 مق ّ دي شرار خلقه .ث ّ منايانا على ي َ
واضح وأسلم
صرع واضح التركي مولى الحرث المذحجي استغاث بالحسين )ع( ،فأتاه أبو ما ُول ّ
ده علىمن مثلي وابن رسول الله )ص( واضع خ ّ عبد الله واعتنقه ،فقال َ :
دي ! ثم فاضت نفسه الطاهرة).3 خ ّ
سم وافتخر بذلكومشى الحسين إلى أسلم موله ،واعتنقه وكان به رمق فتب ّ
ومات)!4
برير بن خضير
ونادى يزيد بن معقل) ) :5يا برير كيف ترى صنع الله بك ؟ فقال :صنع الله بي
ذابا ،أتذكر يوم خيرا ً ،وصنع بك شّرا ً .فقال يزيد :كذبت وقبل اليوم ما كنت ك ّ
كنت ُاماشيك في بني لوذان)6وأنت تقول :كان معاوية ضال ً وإ ّ
ن إمام
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 253 / 6
)2البداية لبن كثير ، 84 / 8وتاريخ الطبري . 253 / 6
)3مقتل العوالم ، 91 /وأبصار العين . 85 /وفي مقتل الحسين للخوارزمي / 2
: 24كان الغلم التركي من موالي الحسين )ع( ،قارئا ً للقرآن ،عارفا ً بالعربية ،
سم . صرع فتب ّ
ده حين ُ ده على خ ّوقد وضع الحسين )ع( خ ّ
)4ذخيرة الدارين . 366 /
)5في تاريخ الطبري : 247 / 6إّنه من بني عمير بن ربيعة وهو حليف لبني
سليمة ابن بني عبد القيس .
)6في تاج العروس بمادة )لوذ ،لوذان بن عبد ود ّ بن الحرث بن زيد بن جشم بن
حاشد .
ن هذا رأيي .فقال يزيد : الهدى علي بن أبي طالب ؟ قال برير :بلى ،أشهد إ ّ
130
وأنا أشهد إّنك من الضاّلين .فدعاه برير إلى المباهلة فرفعا أيديهما إلى الله
دتم تضاربا فضربه برير على رأسه ق ّ سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله ،ث ّ
المغفر والدماغ ،فخّر كأّنما هوى من شاهق ،وسيف برير ثابت في رأسه .وبينا
ن يخرجه إذ حمل عليه رضي بن منقذ العبدي واعتنق بريرا ً واعتركا هو يريد أ ْ
فصرعه برير وجلس على صدره ،فاستغاث رضي بأصحابه ،فذهب كعب بن
جابر بن عمرو الزدي ليحمل على برير ،فصاح به عفيف بن زهير بن أبي
الخنس :هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرؤنا القرآن في جامع الكوفة ،
فَلم يلتفت إليه وطعن بريرا ً في ظهره ،فبرك برير على رضي وعض وجهه
وقطع طرف أنفه ،وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله .
ي يا أخا الزد نعمة ل وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وقال :لقد أنعمت عل ّ
أنساها أبدا ً .
ما رجع كعب بن جابر إلى أهله عتبت عليه امرأته النوار وقالت :أعنت على ول ّ
ّ ُ ً
ابن فاطمة وقتلت سّيد القّراء ،لقد أتيت عظيما من المر ،والله ل اكلمك من
رأسي كلمة أبدا ً .فقال :
ولـو شـاء ربي ما شهدت قتالهم ول جـعل النعماء عندي ابن جابر
لـقد كـان ذاك الـيوم عارا ً وسّبة تـعـيره البـناء بـعد الـمعاشر
فـيا لـيت إّني كنت من قبل قَت ِْله ويوم حسين كنت في رمس قابر )(1
حنظلة الشبامي
ونادى حنظلة بن سعد الشبامي :يا قوم ،إّني أخاف عليكم مثل يوم الحزاب
مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ،وما الله يريد ظلما ً للعباد .يا
قوم ،إّني أخاف عليكم يوم التناد يوم توّلون مدبرين ما لكم من الله من عاصم
ومن يضلل الله فما له من هاد .يا قوم ،ل تقتلوا حسينا ً فيسحتكم الله بعذاب
وقد خاب من افترى .فجزاه الحسين )ع( خيرا ً وقال )) :رحمك الله إنهم قد
استوجبوا العذاب حين رّدوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ،و نهضوا إليك
ليستبيحوك وأصحابك ،فكيف بهم الن وقد قتلوا إخوانك الصالحين ( .قال :
صدقت يابن رسول الله أفل نروح إلى الخرة ؟ فأذن له ،فسّلم على الحسين
دم حّتى ُقتل)( .2
)ع( وتق ّ
131
عابس
شوذب من شوذب)3مولى شاكر ـ وكان َ وأقبل عابس بن شبيب الشاكري على َ
الرجال المخلصين وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيت ـ فقال :يا
ن تصنع ؟ قال ُ :اقاتل معك حّتى ُاقتل .فجزاه خيرا ً شوذب ،ما في نفسك أ ْ َ
دي أبي عبد الله )ع( حّتى يحتسبك كما احتسب غيرك وحّتى دم بين ي َ وقال له :تق ّ
شوذب على ّ
ل ما نقدر عليه .فسلم َ ن هذا يوم نطلب فيه الجر بك ّ أحتسبك فإ ّ
الحسين ،وقاتل حّتى ُقتل .
فوقف عابس أمام أبي عبد الله )ع( وقال :ما أمسى على ظهر الرض
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 248 / 6
)2تاريخ الطبري . 254 / 6
ماه شودان ،وفي ارشاد المفيد كما هنا . )3في إعلم الورى : 145 /س ّ
ي
ن أدفع الضيم عنك بشيء أعّز عل ّ َ
ي منك ،ولو قدرت أ ْ قريب و ل بعيد أعّز عل ّ
سلم عليك ،أشهد أّني على هداك و هدى أبيك .ومشى من نفسي لفعلت ،ال ّ
نحو القوم مصلتا ً سيفه و به ضربة على جبينه فنادى :أل رجل ؟ فأحجموا عنه ؛
لّنهم عرفوه أشجع الّناس .فصاح عمر بن سعد :أرضخوه بالحجارة .فُرمي
ما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشد ّ على الّناس وإّنه ليطرد أكثر من بها ،فل ّ
قتل .فتنازع ذووا عدة في رأسه ،فقال ّ
م تعطفوا عليه من كل جانب ف ُ ّ مئتين ،ث ّ
َ
ابن سعد :هذا لم يقتله واحد .وفّرق بينهم بذلك ). (1
جون
سلم : ووقف جون)2مولى أبي ذّر الغفاري أمام الحسين يستأذنه فقال عليه ال ّ
))يا جون إّنما تبعتنا طلبا ً للعافية ،فأنت في إذن مّني ( .فوقع على قدميه يقّبلهما
ن ريحي لنتن ، دة أخذلكم ،إ ّ
ويقول :أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ،وفي الش ّ
ي بالجّنة ؛ ليطيب ريحي ويشرف فس عل ّ وحسبي للئيم ،ولوني لسود ،فتن ّ
حسبي ويبّيض لوني ،ل والله ل ُافارقكم حّتى يختلط هذا الدم السود مع
قتل خمسا ً وعشرين وُقتل .فوقف عليه الحسين دمائكم .فأذن له الحسين) ،3ف َ
مد )ص( وعّرف بينه م بّيض وجهه وطّيب ريحه ،واحشره مع مح ّ )ع( وقال )) :الله ّ
مد )ص( (. وبين آل مح ّ
ة طّيبة أذكى من المسك)).4 م منه رائح ً من يمّر بالمعركة يش ّفكان َ
أنس الكاهلي
ً ً ً ً
وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا صحابيا ،رأى النبي
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 254 / 6
م الياء )حوى .وفي)2في تاريخ الطبري : 239 / 6بالحاء المهملة وبعدها واو ث ّ
مناقب ابن شهر آشوب : 218 / 2برز جوين ابن أبي مالك مولى أبي ذر الغفاري
،وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 237 / 1جون مولى أبي ذر الغفاري ،وكان
عبدا ً أسود .
)3مثير الحزان لبن نما ، 33 /طبعة ايران .وفي اللهوف 61 /طبعة صيدا :
أفتنفس بالجّنة أترغب أن ل أدخل الجنة ؟
)4مقتل العوالم . 88 /
132
وسمع حديثه وشهد معه بدرا ً وحنينا ً ،فاستأذن الحسين )ع( وبرز شادا ً وسطه
بالعمامة رافعا ً حاجبيه بالعصابة ،ول ّ
ما نظر إليه الحسين )ع( بهذه الهيئة بكى
قتل على كبره ثمانية عشر رجل ً وُقتل ). (1وقال )) :شكر الله لك يا شيخ ( .ف َ
عمرو بن جنادة
ن ُقتل أبوه ـ وهو ابن إحدى عشرة سنة ـ وجاء عمرو بن جنادة النصاري بعد أ ْ
لولى ،ولع ّ
ل يستأذن الحسين )ع( فأبى وقال )) :هذا غلم ُقتل أبوه في الحملة ا ُ
ن ُقتل وُرمي
مي أمرتني .فأذن له فما أسرع أ ْ ن اُ ّ اُ ّ
مه تكره ذلك ( .قال الغلم :إ ّ
مه ومسحت الدم عنه ،وضربت به رجل ً برأسه إلى جهة الحسين )ع( فأخذته ا ُ ّ
قريبا ً منها فمات)2وعادت إلى المخّيم فأخذت عمودا ً وقيل سيفا ً وأنشأت :
ااا ااااا ااااااا ااااااا اااااا اا اااا اا اا ا ا ا
ااااااا اااااا ااااا ااا اااا ااااا ااااااا
دها الحسين )ع( إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجَلين)( .3 فر ّ
جاج الجعفي ح ّال َ
وقاتل الحجاج بن مسروق الجعفي حّتى خضب بالدماء ،فرجع إلى الحسين )ع(
يقول :
____________________________
) (1ذخيرة الدارين . 208 /وذكر ابن نما في مثير الحزان مبارزته ورجزه ،
وفي الصابة : 68 / 1له ولبيه صحبة ،وروى عنه حديث رسول الله )ص( ( :
))ُيقتل ولدي بأرض كربلء ،فمن شهد ذلك فلينصره ( .وذكره السيوطي في
الخصائص ، 125 / 2والجزري في ُاسد الغابة ، 123 / 1وأبو حاتم الرازي في
الجرح والتعديل . 287 / 1
)2ابن شهر آشوب ، 219 / 3ومقتل الخوارزمي : 22 / 2وليس هذا بالبعيد بعد
ن حكيم بن جبلة ما يحدث الشيخ المفيد في كتاب الجمل 137 /الطبعة الثانية :إ ّ
ما قطعت رجله ضرب بها الرجل فصرعه .وفي تاريخ الطبري 180/ 5 العبدي ل ّ
وكامل ابن الثير : 35 / 3بعد أن قتل الرجل قال :
وقال ابن الثير في الكامل : 140 / 2قطع رجل من أصحاب مسيلمة رجل ثابت
بن قيس فأخذها ثابت وضرب بها الرجل فقتله .
)3البحار ، 198 / 10ومقتل الخوارزمي . 22 / 2وفي الصابة ترجمة أسماء
بنت يزيد بن السكن أّنها يوم اليرموك أصابت بالعمود تسعة من الروم فقتلتهم .
سوار
حمير من ولد فهم بن جابر بن عبد الله بن قادم الفهمي
وقاتل سوار بن أبي ِ
133
الهمداني قتال ً شديدا ً حّتى ارتث بالجراح)2وُاخذ أسيرا ً ،فأراد ابن سعد قتله
ن توّفي على رأس سّتة أشهر).3 فع فيه قومه ،وبقي عندهم جريحا ً إلى أ ْ وتش ّ
سلم على الجريح المأسور ،سوار بن أبي دسة )) :ال ّ
وفي زيارة الّناحية المق ّ
حمير الفهمي الهمداني ،وعلى المرتث معه عمر بن عبد الله الجندعي (.
سويد
ما ُاثخن بالجراح سويد بن عمرو بن أبي المطاع سقط لوجهه ،وظ ُ ّ
ن أّنه ُقتل ، ول ّ
ة كانت معه ما ُقتل الحسين )ع( وسمعهم يقولون ُ :قتل الحسين .أخرج س ّ
كين ً فل ّ
من ُقتل من الصحاب بعد الحسين فقاتل بها ،وتعطفوا عليه فقتلوه ،وكان آخر َ
سلم . عليه ال ّ
هم عصمة اللجي إذا هو يختشي وهـم ديمة الراجي اذا هو يجتدي
إذا ما خبت نار الوغى شعشعوا لها سـيوفهم جـمرا وقـالوا توّقدي
دد
ن يخفون للوغى سـراعا بخرصان الوشيج المس ّ ثـقال الـخطا لك ّ
إذا أشـرعوا سمر الرماح حسبتها كـواكب فـي ليل من النقع أسود
أو اصطدمت تحت العجاج كتائب جـرى أصـيد منهم لها اثر أصيد
يـكّرون والبطال طائشة الخطى وشـخص المنايا بالعجاجة مرتدي
____________________________
) (1البحار ، 198 / 10عن مقتل الحائري .
)2الكليل للهمداني . 103 / 10والرتيث :من حمل من المعركة جريحا ً وبه رمق
.
)3الحدائق الوردية ـ مخطوط ـ ويوافقه ما في الكليل أّنه مات من جراحه غير
أّنه لم يذكر أسره .
ً
ضيم فانثنوا عـلى الرض صرعى سّيدا بعد سّيد لـووا جـانبا ً عن مورد ال ّ
سيوف جسومهم عــوار ولـكن بـالمكارم تـرتدي هـووا لـلثرى نهب ال ّ
كدوأضـحى يـدير السبط عينيه ل يرى سـوى جـثث منهم على الترب ر ّ
دها شــوارد امـثـال الـّنعام الـمشردأحـاطت بـه سـبعون ألـفا ً فـر ّ
وقـام عـديم الـّنصر بين جموعهم وحـيدا ً يـحامى عـن شـريعة أحمد
إلـى أن هـوى للرض شْلوا مبضعا ً وَلـم يـرِو من حّر الظما قلبه الصدي
حـّلت عـرى الدين الحنيف المشّيد هـوى فهوى التوحيد وانطمس الهدى و ُ
ّ ً
لـه الله مـقطور الـفؤاد مـن الظما صـريعا عـلى وجـه الثرى المتوقد
صد
فر تـظـلله سـمـر الـقـنا الـمتق ّثـوى فـي هجير الشمس وهو مع ّ
وأضحت عوادي الخيل من فوق صدره تـروح إلى كـّر الـطراد وتغتدي
وهـاتفة مـن جـانب الـخدر ثـاكل بـدت وهـي حسرى تلطم الخد ّ باليد
سياط فـتنثني تـحن فـيشجي صـوتها كـل جلمد يـؤَّلـمها قــرع الـ ّ
وسـيقت عـلى عجف المطايا أسيرة يـطاف بـها فـي مـشهد بعد مشهد
ســرت تـتـهاداها عـلوج ُامـّية فـمن مـلحد تـهدى إلى شر ملحد )( (1
شهادة أهل البيت )ع(
علي الكبر
ما َلم يبقَ مع الحسين إل ّ أهل بيته ،عزموا على ملقاة الحتوف ببأس شديد
ول ّ
دم أبو الحسن)
من تق ّ ً
دع بعضا)2وأول َ
وحفاظ مّر ونفوس أبّية ،وأقبل بعضهم يو ّ
134
3علي الكبر)4وعمره سبع وعشرون سنة ؛ فإّنه ولد في الحادي عشر من
شعبان سنة
____________________________
مد حسين الكيشوان رحمه الله . ) (1للحجة السيد مح ّ
)2مقتل لخوارزمي . 26 / 2
)3ذكرنا في رسالة )ع( لي الكبر 14 /الرواية عن أبي الحسن الرضا )ع( أّنه
ل الكنية بأبي الحسن من جهة ولد له منها اسمه م ولد ،فلع ّ كان متزّوجا ً من ا ُ ّ
ن زيارته المروّية في كامل الزيارات / م ولد مع أ ّ )الحسن كما يقتضيه التسمية با ُ ّ
كده .قال الصادق )ع( في تعليم أبي حمزة ))ُقل ،صّلى الله عليك وعلى 239تؤ ّ
مهاتك الخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس عترتك وأهل بيتك وآبائك وأبنائك وا ُ ّ
وطّهرهم تطهرا ً ( ،والبناء جمع أقّله إثنان .
سجاد )4في رسالتنا )ع( لي الكبر ذكرنا نصوص المؤّرخين على أّنه أكبر من ال ّ
)ع( وسيأتي في الحوادث بعد الشهادة ،اعتراف زين العابدين به في المحاورة
الجارية بينه وبين ابن زياد .
سامي خُلقه ال ّ
ثلث وثلثين من الهجرة ) ، (1وكان مرآة الجمال الّنبوي ومثال ُ
وُانموذجا ً من منطقه البليغ ،وإذا كان شاعر رسول الله )ص( يقول فيه :
اااا
اا ااا اااا اااا اااااا ااا اا ااا اا ا ااااا ااا ا
اااااا اااا ااا اااا اا اااا ااا ااا ا ااااااااا اا ا
فمادح الكبر يقول):2
ف يـمشي ومن ناعل ن نـظرت مـثله مـن مـحت ٍ لم َتـر عـي ٌ
يـغلي نـهيء الـلحم حّتى اذا انـضج لـم يـغل على الكل)(3
كـان اذا شـّبـت لــه نـاره اوقـدهـا بـالشرف الـقابل)(4
ي لـيس بـالهل كيـما يـراها بـائس مـرمل او فــرد ُ حـ ٍ
ق بـالـباطل
ل يؤثـر الـدنيا عـلى ديـنه وليـبـيع الـحـ ّ
سب الفاضل)((5 َ َ
ح َأعني ابن ليلى ذا الندى والسدى أعني ابن بنت ال َ
فعلي الكبر هو المتفّرع من الشجرة النبوّية ،الوارث للمآثر الطّيبة ،وكان حري ّا ً
جل سبحانه أسماءهم سماء .وقد س ّبمقام الخلفة َلول أّنها منصوصة من إله ال ّ
سلم على رسول الله )صّلى الله عليه في الصحيفة النازل بها جبرئيل عليه ال ّ
وآله( .
135
سدى ،وما يسقط آخره يقال له الندى .وفي مراتب النحويين ، 53 /لبي
ن الطيب عبد الواحد الحلبي المتوّفى : 351قال الصمعي :إ ّ
ن أبا زيد يزعم أ ّ
ً
سماء فقال :إذا فما يصنع الّندى ما كان في الرض ،والسدى ما يسقط من ال ّ
بقول الشاعر ؟
اااا اااا ااااا اااا اااا ااا ااااا اااااا ااا ااااا
سماء ؟!
أتراه سقط من الرض إلى ال ّ
ااااا اا ااا اااا ااااا ااااا ااا ااااااااااا )(1
درات المامة ؛ لّنه عماد أخبيتهن وحمى مم الحرب ،عّز فراقه على مخ ّ ما ي ّ
ول ّ
أمنهن ومعقد آمالهن بعد الحسين .فكانت هذه ترى هتاف الرسالة في وشك
وة في شفا الكسوف ،و ُاخرى النقطاع عن سمعها ،وتلك تجد شمس النب ّ
ّ
خلق المحمدي قد آذن بالرحيل ،فأحطن به و تعلقن بأطرافه وقلن : تشاهد ال ُ
جة الوقت ن ؛ لّنه يرى ح ّ ارحم غربتنا ،ل طاقة لنا على فراقك .فلم يعبأ به ّ
مكثورا ً قد اجتمع أعداؤه على إراقة دمه الطاهر ،فاستأذن أباه وبرز على فرس
مى لحقًا).2 للحسين تس ّ
م الكبر بنت ميمونة ابنة أبي سفيان)3صاح رجل من القوم : ن ليلى ا ُ ّومن جهة أ ّ
ن شئت ن نرعى الرحم ،فإ ْ ً
ن لك رحما بأمير المؤمنين يزيد ،ونريد أ ْ يا علي إ ّ
ن ّ
ن قرابة رسول الله )صلى الله عليه وآله( أحقّ أ ْ سلم :إ ّآمّناك .قال عليه ال ّ
سامية : ً
م شد ّ يرتجز معّرفا بنفسه القدسّية وغايته ال ّ ُترعى) .4ث ّ
136
)7مثير الحزان لن نما ، 35 /والرشاد للمفيد .
)8مقتل الخوارزمي . 30 / 2
خُلقا ً ومنطقا ً ) ، (1وكّنا إذا اشتقنا إلى رؤية َ
خلقا ً و ُ مد َ أشبه الّناس برسولك مح ّ
م فامنعهم بركات الرض ،وفّرقهم تفريقا ً ،ومّزقهم نبّيك نظرنا إليه ،الله ّ
ض الولة عنهم أبدا ً ،فإّنهم دعونا ً
تمزيقا ،واجعلهم طرائق قددا ،ول تر ِ
ً
م
فى آد َ َ صط َ َها ْ ن الل ّ َم تل قوله تعالى ) :إ ِ ّ دوا علينا يقاتلونا ( ،ث ّ مع َ لينصرونا ،ث ّ
ع
مي ٌ
س ِ ه َ ّ
ض َوالل ُ ن * ذ ُّري ّ ً َ ْ َ م َوآ َ وَُنوحا ً َوآ َ
من ب َعْ ٍ ضَها ِ ة ب َعْ ُ مي َن عَلى الَعال ِ مَرا َ ع ْل ِ هي َل إ ِب َْرا ِ
م ).3)2 عَِلي ٌ
َ
ميسرة ويغوص في الوساط ،فلم ميمنة ويعيدها على ال َ ولم يزل يحمل على ال َ
يقابله جحفل إل ّ رّده ،ول برز إليه شجاع إل قتله :
ّ
ااا ااا اااا ااااااا اااااا ا ا
ااا ااا اااااا ااا اااا ااااا ا
ااا ااااااا اااا ااا اااااا اااا ااااااا ااا ااا ا ا اااا ا
فقتل مئة وعشرين فارسا ً .وقد اشتد ّ به العطش فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر
ما أجهده من العطش)4فبكى الحسين )ع( وقال )) :وآ غوثاه ! ما أسرع الملتقى
صه ودفع إليه خاتمه ة ل تظمأ بعدها (وأخذ لسانه فم ّ دك فيسقيك بكأسه شرب ً بج ّ
ليضعه في فيه).5
ويـؤوب لـلتوديع وهـو مكابد لـظما الـفؤاد ولـلحديد المجهد
صـادي الحشا وحسامه رّيان من مـاء الـطل وغـليله لـم يبرد
يشكو لخير أب ظماه وما اشتكي ظمأ الحشا إل إلى الظامي الصدي
كـل حـشاشته كـصالية الغضا ولـسـانه ظـمأ كـشقة مـبرد
مة ريـقه لم يجمد فـانصاع يـؤثره عـليه بـريقه لـو كـان َثـ ّ
مـذ انـثنى يلقى الكريهة باسما ً والـموت مـنه بـمسمع وبمشهد وَ ُ
____________________________
) (1مثير الحزان لبن نما واللهوف ومقتل الخوارزمي .
)2سورة آل عمران 33 /ـ . 34
)3مقتل الخوارزمي . 30 / 2
)4مقاتل الطالبّيين لبي الفرج 47 /الطبعة الحجرية ،ومقتل العوالم ، 96 /
وروضة الواعظين ، 161 /ومناقب ابن شهر آشوب 222 / 2طبعة ايران ،ومثير
الحزان لبن نا ، 35 /واللهوف 64 /طبعة صيدا ،ومقتل الخوارزمي . 30 / 2
)5مقتل الخوارزمي ، 31 / 2ومقتل العوالم . 95 /
ما لحق ن يزيد بن مزيد الشيباني ل ّ جاء في معاهد التنصيص للعباسي : 51 / 2أ ّ
الوليد بن طريف وأجهده العطش ،وضع خاتمه في فمه وتبع الوليد حّتى طعنه
سلم أّنه ل بأس للصائم بالرمح .وروى الكليني في الكافي عن الصادق عليه ال ّ
ل من أسراره أّنه يسبب عمل ص الخاتم ،وبه أفتى العلماء بالجواز ولع ّ أن يم ّ
ل ما يسبب عمل الغدد في الغدد في الفراز ،وعليه فل خصوصّية للخاتم بل ك ّ
الفراز يوضع في الفم كالحصى ونحوهما .
قف مـن بـأسه ومـهّند ف الوغى وأجالها جول الرحى بـمث ّ ل ّ
يـلقى ذوابـلها بـذابل معطف ويـشيم أنـصلها بـجيد أجيد
ب اليـاطل اجرد حتى إذا ما غاص في اوساطهم بـمطّهم قـ ّ
صد
عـثر الزمان به فغودر جسمه نهب القواضب والقنا المتق ّ
137
سلم جة عليه ال ّ ورجع علي إلى الميدان مبتهجا ً بالبشارة الصادرة من المام الح ّ
ده المصطفى )صّلى الله عليه وآله( وسّلمفزحف فيهم زحفة العلوي بملقاة ج ّ
َ
سابق ،وغّبر في وجوه القوم ولم يشعروا أهو الكبر يطرد الجماهير من أعدائه ال ّ
ن الصواعق تترى في بريق سلم يزأر في الميدان ؟ أم أ ّ ن الوصي عليه ال ّ
أم أ ّ
سيفه فأكثر القتلى في أهل الكوفة حّتى أكمل المئتين ؟ ). (1
ن َلم أثكل أباه به) .3فطعنه ي آثام العرب إ ْ
فقال مّرة بن منقذ العبدي) :2عل ّ
سيف على رأسه ففلق هامته ،واعتنق فرسه بالرمح في ظهره)4وضربه بال ّ
طعوه بسيوفهم إربا ً إربًا)).5 فاحتمله إلى معسكر العداء ،وأحاطوا به حّتى ق ّ
ل دجـى وغرة فرقد ه الردى مـنه هـل ّ ل الل ُومـحا الردى يا قات َ
يـا نـجعة الحي ّْين هاشم والندى وحـمى الذمارْين العلى والسؤدد
كيف ارتقت همم الردى لك صعدة مـطرورة الـكعبين لـم تـتأّود
فت بـحّر طـما وحـّر مهّند أفـديـه مـن ريـحانة رّيـانة جـ ّ
بـكر الذبول على نضارة غصنه إن الـذبول لفـة الغصن الندي
لله بـدٌر مـن مـراق نـجيعه مـزج الـحسام لـجينه بالعسجد
مـاء الـصبا ودم الوريد تجاريا فـيه ولهـب قـلبه لـم يخمد
مما بـشباالظبى بـين الـكماة بـالسّنة مـرتدي لـم أنـسه مـتع ّ
خـضبت ولـكن من دم ٍ و فراته فـاخضر ريـحان العذار السود
____________________________
) (1مقتل الخوارزمي . 31 / 2
)2كامل ابن الثير ، 30 / 4والخبار الطوال ، 254 /وإرشاد المفيد ،ومثير
الحزان ،واللهوف .وفي تاريخ الطبري : 265 / 6مّرة بن منقذ بن النعمان
م الليثي .وفي مقاتل العوالم : 95 /منقذ بن مّرة . العبدي ث ّ
)3الرشاد للمفيد ،وتاريخ الطبري . 256 / 6
)4مناقب ابن شهر آشوب . 222 / 2
)5مقتل الخوارزمي ، 31 / 2ومقتل العوالم . 95 /
دي قد سقاني سلم أبا عبد الله ) ، (1هذا ج ّ ونادى رافعا ً صوته :عليك مّني ال ّ
ة) .(2فأتاه الحسين ن لك كأسا ً مذخور ً ة ل أظمأ بعدها ،وهو يقول :إ ّ بكأسه شرب ً
ده) )3وهو يقول )) :ع( لى الدنيا ده على خ ّ ب عليه واضعا ً خ ّ سلم وانك ّ عليه ال ّ
بعدك العفا ،ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول) ،4يعّز على
م أخذ ن تدعوهم فل يجيبونك ،وتستغيث بهم فل يغيثونك ) .5ث ّ دك و أبيك أ ْ ج ّ
سماء فلم يسقط منه قطرة ـ وفي هذا َ فه من دمه الطاهر ورمى به نحو ال ّ بك ّ
مي من مذبوح و مقتول من غير جرم ،بأبي أنت ُ
جاءت زيارته )) :بأبي أنت وا ّ
دي أبيكدم بين ي َ مي من مق ّ ُ
مي دمك المرتقى به إلى حبيب الله ،بأبي أنت وا ّ وا ُ ّ
سماء ل يرجع يحتسبك و يبكي عليك محترقا ً عليك قلُبه ،يرفع دمك إلى عنان ال ّ
ن يحملوه إلى منه قطرة ،ول تسكن عليك من أبيك زفرة )6ـ .وأمر فتيانه أ ْ
الخيمة ،فجاؤوا به إلى الفسطاط الذي يقاتلون أمامه ،وحرائر بيت الوحي
ينظرن إليه محمول ً قد جللته الدماء بمطارف العّز حمراء وقد وزع جثمانه
ك سمع الضرب والطعن ،فاستقبلنه بصدور دامية وشعور منشورة وعولةٍ تص ّ
ن عقيلة بني هاشم زينب الكبرى ابنة فاطمة بنت رسول الله الملكوت وأمامه ّ
م إليها جمام ة فألقت بنفسها عليه تض ّ ة نادب ً)ص( ) (7صارخ ً
____________________________
138
) (1رياض المصائب . 321 /
)2مقتل العوالم ، 95 /ومقتل الخوارزمي . 31 / 2
)3اللهوف . 64 /
)4تأريخ الطبري . 265 / 6
)5مقتل العوالم . 95 /
ّ
)6كامل الزيارات : 239 /هي صحيحة السند ،علمها الصادق )ع( أبا حمزة
الثمالي ،وسيأتي فيما يتعّلق بالليلة الحادية عشر نصوص أهل السّنة على
احتفاظ الّنبي )ص( بدم الصحاب وأهل بيته .
)7الرشاد للمفيد وتاريخ الطبري ، 256 / 6ومقتل الحسين للخوارزمي . 31 / 2
)8في تاريخ الطبري ، 256 / 6والبداية لبن كثير : 185 / 8قال حميد بن مسلم
ما ُقتل علي الكبر ،رأيت امرأةً خرجت من الفسطاط تصيح :وآ ابن أخاه ! :ل ّ
دها إلى الخيمة .فسألت عنها قيل : فجاءت وانكّبت عليه فأخذ الحسين بيدها ور ّ
هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله )صّلى الله عليه وآله( .
نفسها الذاهب ،وحمى خدرها المنثلم وعماد بيتها المنهدم ). (1
139
دس سره . مد حسين الصفهاني )ق ّ )2من ُارجوزة آية الله الشيخ مح ّ
)3من قصيدة للعلمة السيد مهدي البحراني رحمه الله .
عبد الله بن مسلم
وخرج من بعده عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ،وا ُ ّ
مه رقية الكبرى
بنت أمير المؤمنين )ع( ليه السلم) ) ، 1وهو يقول
:
ااااا اااا ااااااااا ااا ااااا ااااا ااا ااا ااااا
فقتل جماعة بثلث حملت) ) .2ورماه يزيد بن الرقاد الجهني)) ،3فاتقاه بيده
م اّنهم
ن يزيلها عن جبهته) )4فقال :الله ّ
فسمرها إلى جبهته ،فما استطاع أ ْ
استقلونا واستذلونا فاقتلهم كما قتلونا .وبينا هو على هذا إذ حمل عليه رجل
برمحه فطعنه في قلبه ومات) .5فجاء إليه يزيد بن الرقاد وأخرج سهمه من
جبهته وبقي الّنصل فيها وهو مّيت))6
140
.
ّ
مـا الـعرب إل سـماء لـلعلء وما أبـناء عـمرو الـعلى إل دراريـها ّ
وة تــاج فــي مـفارقها ولـلمـامة عـقـد فـي تـراقيها فـلـلنب ّ
حـليان لـيس سـواها تـحتلي بهما شـّتـان عـاطل أجـياد وحـاليها
دين ل كـبرا ً ول تـيها مـن شـيبة الحمد شّبان مشت مرحا لـنصرة الـ ّ
سامة الـثغر والبـطال عـابسة تـفّتر مـنها الـثنايا عـن لـئاليها بـ ّ
جـرت بـطوفان حرب في بواخرها ومـــا بـواخـرها إل مـذاكـيها
سعادة ما أبقت على الرض شخصا ً من أعاديها مها نيل ال ّ َلـو َلـم يـكن ه ّ
طـّبق سـّعـة الـغبراء داويـها لـيست تـبالي ولـلسياف صلصلة مـ ّ
ولـلرماح اصـطكاك فـي أسـّنتها ولـلسهام اخـتلف فـي مـراميها
ولـلرؤوس انـتثار عـن كـواهلها ولـلصدور انـتظام فـي مجانيها)(5
____________________________
) (1في سير أعلم النبلء للذهبي ُ : 217 / 2قتل مع الحسين عبد الله وعبد
الرحمن ابنا مسلم بن عقيل ابن أبي طالب .
)2في جمهرة أنساب العرب لبن حزم ، 118 /وصفوة الصفوة لبن الجوزي / 1
مه ليلى بنت مسعود ُقتل مع ن أبا بكر ا ُ ّ ، 119ومقتل الخوارزمي : 98 / 2إ ّ
سلم . الحسين عليه ال ّ
)3الرشاد وأعلم الورى عند ذكر أولد أمير المؤمنين )ع( .وفي مقتل
مد الخوارزمي 28 / 2اسمه عبد الله .وفي صفوة الصفوة : 119 / 1مح ّ
م ولد ُقتل مع الحسين )ع( . مه ا ُ ّ الصغر ا ُ ّ
)4مناقب ابن شهر آشوب . 221 / 2وفي مقتل الخوارزمي :زحر بن قيس
جد في ساقية ولم يعلم قاتله . النخعي .وفي مقاتل أبي الفرج :و ِ
)5للحجة الشيخ عبد الحسين صادق العاملي قدس الله سره وستأتي في القاسم
تتمتها .
القاسم وأخوه
مُ
مه ا ّ ُ
وخرج أبو بكر بن الحسن بن أمير المؤمنين )ع( ،وهو عبد الله الكبر ،وا ّ
ولد ) (1يقال لها رملة) ،2فقاتل حّتى ُقتل).3
ما نظر َ
مه وأبيه القاسم) ،4وهو غلم لم يبلغ الحلم ،فل ّ وخرج من بعده أخوه ل ُ ّ
قة قمر) ن وجهه ش ّ م أذن له ،فبرز كأ ّ سلم اعتنقه وبكى)5ث ّ إليه الحسين عليه ال ّ
َ
سيف وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلن ،فمشى يضرب بسيفه 6وبيده ال ّ
ّ
فانقطع شسع نعله اليسرى)7ـ وأنف ابن الّنبي العظم )صلى الله عليه وآله(
وسّلمأن يحتفي في الميدان ـ فوقف يشد ّ شسع نعله)8وهو ل يزن الحرب إل ّ
بمثله غير
____________________________
) (1تاريخ الطبري ، 269 / 6ومقاتل أبي الفرج . 34 /
م القاسم رملة ،وفي تذكرة الخواص ، 103 / مه وا ُ ّ )2في الحدائق الوردية :ا ُ ّ
م القاسم وأبي بكر وعبد الله .وفي مقاتل أبي عن طبقات ابن سعد :نفيلة ا ُ ّ
م ولد ل ُتعرف .وفي نسب قريش ، 50 /لمصعب الزبيري :القاسم الفرج ،ا ُ ّ
ف ول عقب لها . وأبو بكر قتل بالط ّ
)3في إعلم الورى الطبرسي ، 127 /والمجدي في النسب لبي الحسن العمري
،وإسعاف الراغبين على هامش نور البصار : 202 ،إّنه تزّوج من سكينة بنت
لولى نوادر الحسين )ع( .وفي المترادفات للمدائني 64 /في المجموعة ا ُ
141
المخطوطات :كان عبد الله بن الحسن أبا عذرها .وفي تاج العروس : 387 / 4
يقال :لله أبا عذرها ،إذا افترعها وافتضها .
ن الزواج ،ولم يرد ل ما ُيذكر في عرس القاسم غير صحيح ؛ لعدم بلوغه س ّ )4ك ّ
ص صحيح من المؤّرخين .والشيخ فخر الدين الطريحي عظيم القدر جليل به ن ّ
قه هذه الخرافة ،فثبوتها في كتابه ور في ح ّ ن يتص ّ
في العلم ،فل يمكن لحد أ ْ
كم الطريحي واضعها في كتابه .وما المنتخب ،مدسوسة في الكتاب ،وسيحا ِ
قب بـ )تاج مد اللكنهوي المل ّ أدري من أين أثبت عرسه فضيلة السّيد علي مح ّ
ماها )القاسمّية ،كما جاء في الذريعة العلماء فكتب رسالة في عرسه س ّ
للطهراني ، 4 / 17رقم . 19
ن يأذن
ن الحسين )ع( أبى أ ْ )5مقتل الخوارزمي . 27 / 2وذكر الخوارزمي :إ ّ
ديه ورجَليه حّتى أذن له .أقول :هذا الخبر ينافيه ،ما له ،فما زال الغلم يقّبل ي َ
ً
دم من إخبار الحسين )ع( ليلة عاشوراء أصحابه وأهل بيته بقتلهم جميعا حّتى تق ّ
حة له . القاسم والرضيع ،وهذا الحديث كحديث عرس القاسم ل ص ّ
)6تاريخ الطبري ، 256 / 6ومقاتل أبي الفرج ،والرشاد ،وإعلم الورى ، 146 /
ومقتل الخوارزمي . 27 / 2
)7تاريخ الطبري ، 256 / 6ومقاتل أبي الفرج ،ومقتل الخوارزمي ، 27 / 2
وفي الرشاد وإعلم الورى :شسع أحدهما .
)8ذخيرة الدارين ، 152 /وإبصار العين : 37 /أقول :ل غرو من ابن المصطفى
ن
دث في الغاني : 144 / 11أ ّ ن يحتفي في الميدان ،فهذا أبو الفرج يح ّ إذ أنف أ ْ
ما جيء به ؛ جعفر بن علية بن ربيعة بن عبد يغوث ،من بني الحارث بن كعب ،ل ّ
ليقاد مه ،فبينا هو يمشي إذ انقطع شسع نعله ،فوقف يصلحه .فقال له رجل :
أل يشغلك ما أنت فيه عن هذا ؟ فقال جعفر
:
اا ااااااا ااااااا اااااااا اااا اااااااا اا ا
للوف .مكترث بالجمع ول مبال با ُ
أهـوى يـشد ّ حـذاءه والحرب مشرعة لجله
لـيسومها مـا إن غلت هـيجاؤها بشراك نعله
فيئا ً بـظلل نصله مـتـقلدا ً صـمـصامه مـت ّ
ن لـفـعله فـالفرع مرتهن بأصله ل تـعـجب ّ
ب يـخلفها الحيا والليث منظور بشبله )(1 ح ُس ْالـ ّ
وبينا هو على هذا إذ شد ّ عليه عمرو بن سعد بن ُنفيل الزدي ،فقال له حميد بن
مسلم :وما تريد من هذا الغلم ؟ يكفيك هؤلء الذين تراهم احتوشوه .فقال :
سيف ،فوقع الغلم لوجهه ن عليه .فما وّلى حّتى ضرب رأسه بال ّ والله لشد ّ
سيف فاّتقاه ً
ماه ! فأتاه الحسين كالليث الغضبان ،فضرب عمرا بال ّ فقال :يا ع ّ
ة سمعها العسكر ،فحملت ة عظيم ً ساعد فأطّنها) )2من المرفق ،فصاح صيح ً بال ّ
خيل ابن سعد لتستنقذه ،فاستقبلته بصدرها ووطأته بحوافرها فمات .وانجلت
الغبرة وإذا الحسين )ع( قائم على رأس الغلم وهو يفحص برجليه .والحسين
م قال )) :ع( ّز )ع( يقول ُ)) :بعدا ً لقوم قتلوك ! خصمهم بوم القيامة ج ّ
دك ( ،ث ّ
ت والله كثرم ل ينفعك ،صو ٌ مك أن تدعوه فل يجيبك ،أو يجيبك ث ّوالله على ع ّ
م احتمله وكان صدره على صدر الحسين )ع( ورجله ل ناصره ( .ث ّواتره وق ّ
طان في الرض ،فألقاه مع علي الكبر وقتلى حوله من أهل بيته) ،3ورفع يخ ّ
142
م أحصهم عددا ً ،ول تغادر منهم أحدا ً ،ول تغفر
سماء وقال )) :الله ّ طرفه إلى ال ّ
لهم أبدا ً ،صبرا يا بني عمومتي ،صبرا يا أهل بيتي ،ل رأيتم هوانا بعد هذا اليوم
ً ً ً
أبدا ً ).(4
143
ما كان العّباس )ع( أنفس الذخائر عند من العطش ،فطلب من أخيه الرخصة ،ول ّ
ن العداء تحذر صولته وترهب إقدامه ،والحرم مطمئّنة سبط الشهيد )ع( ؛ ل ّال ّ
َ ً
بوجوده مهما تنظر اللواء مرفوعا ،فلم تسمح نفس أبي الضيم القدسّية
بمفارقته فقال له )) :يا أخي أنت صاحب لوائي ( ) . (1قال العّباس :قد ضاق
ن
ن آخذ ثأري منهم ،فأمره الحسين )ع( أ ْ صدري من هؤلء المنافقين وُاريد أ ْ
ذرهم غضب يطلب الماء للطفال ،فذهب العّباس إلى القوم ووعظهم وح ّ
ل :يا عمر بن سعد ،هذا الحسين ابن بنت الجّبار ،فَلم ينفع .فنادى بصوت عا ٍ
رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ،وهؤلء عياله وأولده عطاشى ،
فاسقوهم من الماء قد أحرق الظما قلوبهم ،وهو مع ذلك يقول :دعوني أذهب
إلى الروم أو الهند وُاخلي لكم الحجاز والعراق .فأّثر كلمه في نفوس القوم
ن الشمر صاح بأعلى صوته :يابن أبي تراب ،لو كان وجه حّتى بكى بعضهم ،ولك ّ
ن تدخلوا في بيعة الرض كّله ماء وهو تحت أيدينا ،لما سقيناكم منه قطرة ،إل أ ْ
ّ َ
يزيد.
َ
فرجع إلى أخيه يخبره ،فسمع الطفال يتصارخون من العطش)2فلم تتطامن
نفسه على هذا الحال ،وثارت به الحمّية الهاشمّية
:
يـوم أبـو الفضل تدعو الظاميات به والـماء تـحت شـبا الـهندّية الخذم
ك والزغف الدلص على فـرسانها قـد غـدت نارا ً على علم والخيل تصط ّ
و لـلنعم وأقـبل الـليث ل يـلويه خوف ردى بــادي الـبشاشة كـالمدع ّ
فين ما بين مطروح ومنهزم))(3 يـبدو فـيغدو صـميم الجمع منقسما ً نـص َ
____________________________
) (1البحار ، 251 / 10ومقاتل العوالم . 94 /
سلم( . 118 / )2تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
ذكرت في أعيان الشيعة بترجمته . )3من قصيدة للحاج هاشم الكعبي ُ ،
َ
م إّنه ركب جواده و أخذ القربة ،فأحاط به أربعة آلف ورموه بالّنبال فلم ترعه ث ّ
َ
ف على رأسه ،ولم ُ
كثرتهم ،وأخذ يطرد اولئك الجماهير وحده ولواء الحمد ير ّ
ن الوصي يزأر في الميدان ؟! فلم يشعر القوم أهو العّباس يجدل البطال أم أ ّ
تثبت له الرجال ،ونزل إلى الفرات مطمئن ّا ً غير مبال بذلك الجمع .
ودمـدم لـيث الـغاب يعطو بسالة إلى الـماء لم يكبر عليه ازدحامها
ف عبابه ضـبا ويـد القـدار جالت سهامها وخـاض بـها بـحرا ير ّ
حطف برقها الـبصائر من رعب و يعلو قتامها ألـمت بـه سـوداء ي ْ
ب بـه لـلدارعين حـمامهاجـلها بـمشحوذ الـغرارين أبلج يــد ّ
ل لـجامهافـحّلها عـن جـانب النهر عنوة ووّلـت هـواديها يـص ّ
ل السقاء همامها ثنى رجله عن صهوة المهر وامتطى قـرى الـنهر واحت ّ
ي عطاشى قد طواها اوامها )(1 مرا ً لـر ّ
ب إلى نـحو الخيام مش ّ
وهـ ّ
144
ااااا اا ااا اااا اااا)((3
ااااا اا اااااااا ااا اا ااا اااا ااااا ااا ااااا ااا) (4ا ا
____________________________
ذكرت في كتابنا )قمر بني هاشم . ) (1للشيخ حسن مصبح الحّلي ُ ،
)2المنتخب للطريحي ، 311 /الطبعة الثالثة ،المجلس التاسع ،الليلة العاشرة .
وعند المجلسي في البحار ، 201 / 10وعنه في مقتل العوالم ، 95 /وعنه في
سلم( ، 119 /وفي رياض المصائب . 313 / تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
مد مهدي الموسوي . )3رياض المصائب 313 /للسّيد مح ّ
ً
ن للموت طائرا يصيح ويسمونه )4زقا :بمعنى صاح ،وكانت العرب تزعم أ ّ
)الهامة ،ويقولون إذا ُقتل النسان وَلم يؤخذ بثأره ،زّقت هامته حّتى يثأر ،قال
الشاعر :
ااااااا ااااا اااا ااا ااااا اااااااا اااا
وسمعت العاِلم الفاضل الشيخ كاظم سبتي رحمه الله يقول :أتاني بعض العلماء
الثقات وقال :أنا رسول العّباس )ع( إليك ،رأيته في المنام يعتب عليك ويقول :
ت له :يا سّيدي ما زلت أسمعه يذكر َلم يذكر مصيبتي شيخ كاظم سبتي ،فقل ُ
ن الفارس إذا سقط من مصائبك ،فقال )ع( :قل له يذكر هذه المصيبة وهي ) :إ ّ
سهام في صدره ويداه مقطوعتان ،بماذا ديه فإذا كانت ال ّ قى الرض بي َ فرسه يتل ّ
يتلقى الرض؟ .
ااا اااا اااااا اااا اااا ااااااا ااااا ااا ااا ااا ااا ا
ااا ااااااا ااا اااا اااااا
من له زيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي
فك ِ
سلم :
،فضربه على يمينه فبرأها فقال عليه ال ّ
مه إيصال الماء إلى أطفال الحسين )ع( وعياله ، ن كان ه ّفَلم يعبأ بيمينه بعد أ ْ
ما مّر به ضربه على شماله
من له من وراء نخلة فل ّ ولكن حكيم بن الطفيل ك ِ
ُ
سهام كالمطر ،فأصاب القربة سهم واريق فقطعها ) (1وتكاثروا عليه ،وأتته ال ّ
ماؤها ،وسهم أصاب صدره)) ،2وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته
.
ااااا اااااااا اا اااا اااااا اااا اااا ااااااااا
145
الدماء وجللته الّنبال ،فل يمين تبطش ول منطق يرتجز ول صولة ترهب ول عين
ن الحسين )ع( ينظر إلى هذه تبصر ،ومرتكز الدماغ على الرض مبدد .أصحيح أ ّ
الفجائع ومعه حياة ينهض بها ؟ َلم يبقَ الحسين )ع( بعد أبي الفضل إل ّ هيكل ً
شاخصا ً معّرى عن لوازم الحياة ،وقد أعرب
____________________________
) (1مناقب ابن شهر آشوب . 221 / 1
)2رياض المصائب . 315 /
)3المنتخب للطريح ، 312 /المطبعة الحيدرية سنة ، 369ورياض المصائب /
. 315وفي مناقب ابن شهر آشوب : 222 / 2إن حكيم بن الطفيل ضربه بعمود
من حديد على رأسه .
ّ
سلم الله عليه عن هذا الحال بقوله )) :الن انكسر ظهري ،وقلت حيلتي
). (1
كت الجبال من حنينهوبـان النكسار في جبينه فـاند ّ
وكيف ل وهو جمال بهجته وفـي محياه سرور مهجته
كـافل أهله وساقي صبيته وحامل اللوا بعالي همته))(2
وتركه في مكانه ؛ لسّر مكنون أظهرته اليام ،وهو أن يدفن في موضعه منحازا ً
عن الشهداء ؛ ليكون له مشهد يقصد بالحوائج والزيارات ،وبقعة يزدلف إليها
سماء رفعة وسناء ، الّناس ،وتتزلف إلى المولى سبحانه تحت قّبته التي ضاهت ال ّ
سامية ومنزلته عند الله مة مكانته ال ّ فتظهر هنالك الكرامات الباهرة وتعرف ال ُ ّ
كد والزيارات المتواصلة ،ويكون ب المتأ ّ دي ما وجب عليهم من الح ّ تعالى ،فتؤ ّ
جة الوقت أبو عبد سلم حلقة الوصل فيما بينهم وبين الله تعالى .فشاء ح ّ عليه ال ّ
ن تكون منزلة أبي الفضل الظاهرّية شبيهة الله )ع( كما شاء المَهيمن سبحانه أ ْ
لخروّية ،فكان كما شاءا وأحّبا . بالمنزلة المعنوّية ا ُ
مه ،وقد ً ً ً
ورجع الحسين )ع( إلى المخّيم منكسرا حزينا باكيا يكفكف دموعه بك ُ ّ
تدافعت الرجال على مخّيمه فنادى )) :أما من مغيث يغيثنا ؟ أما من مجير
ب عّنا ؟ )3فأتته يجيرنا ؟ أما من طالب حقّ ينصرنا ؟ أما من خائف من الّنار فيذ ّ
مها ،فأخبرها بقتله .وسمعته زينب فصاحت :وآ أخاه ! وآ سكينة وسألته عن ع ّ
ن وقال )) :وآ عّباساه ! وآ ضيعتنا بعدك ! وبكين الّنسوة وبكى الحسين معه ّ
ضيعتنا بعدك ! (
146
ب مـنحنيا ً عـليه ودمعه صـبغ الـبسيط كأّنما هو عندم
فـأك ّ
ض السلح فيلثم )(1 َ ً
قـد رام يـلثمه فلم يَر موضعا لـم يدمه ع ّ
الرضيع
مه الرباب فأجلسه ُ
دعه ،فأتته زينب بابنه عبد الله) )3وا ّودعا بولده الرضيع يو ّ
دك المصطفى خصمهم في حجره يقّبله) )4ويقول ُ)) :بعدا ً لهؤلء القوم إذا كان ج ّ
م أتى به نحو القوم يطلب له الماء ،فرماه حرملة بن كاهل السدي بسهم ) .(5ث ّ
سماء .قال أبو جعفر فه ،ورمى به نحو ال ّ
قى الحسين )ع( الدم بك ّ فذبحه ،فتل ّ
147
جل الله مد )ع( ّ جة آل مح ّ الباقر )ع( )) :فَلم تسقط منه قطرة ) .6وفيه يقول ُ
ح ّ
سلم على عبد الله الرضيع ،المرمي الصريع المتشحط دما ً ، فرجه)) :ال ّ
سهم في حجر أبيه ،لعن الله راميه سماء ،المذبوح بال ّ والمصعد بدمه إلى ال ّ
حرملة بن كاهل السدي وذويه ).(7
ي وأنت تحمل طفلـ ـك الظامي وحّر أوامه) )8ل يبرد أعـزز عل ّ
ح من لفح الهجيرة صوته بـمرنة مـنها يـذوب الجلمد قد ب ّ
وقصدت نحو القوم تطلب منهم وردا ً ولـكن أين منك المورد
____________________________
) (1مجمع الزوائد لبن حجر الهيثمي ، 193 / 9والبحار . 205 / 10
)2اللهوف ، 69 /وتاريخ الطبري . 259 / 6
ماه ابن شهر آشوب في المناقب : 222 / 2علي الصغر . )3س ّ
وذكر السيد ابن طاووس في القبال زيارة للحسين )ع( يوم عاشوراء :وفيها
صّلى الله عليك وعليهم وعلى ولدك علي الصغر الذي ُفجعت به .
مه الرباب ،الشيخ المفيد في الختصاص ، 3 / ص على أّنه عبد الله وا ُ ّ والذي ن ّ
وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين ، 35 /ومصعب الزبيري في نسب قريش ، 59 /
مهسهم في حجر أبيه عبد الله .وّلم يذكر ا ُ ّ وفي سّر السلسلة : 30 /المقتول بال ّ
.
َ
)4اللهوف 65 /وفي تاريخ اليعقوبي 218 / 2طبعة النجف :أن الحسين لواقف
ذن في ُاذنه وجعل يحنكه ،إذ أتاه سهم وقع في ساعة أ ّإذ أتي بمولود له وُِلد ال ّ
طخه بدمه سهم من حلقه ،وجعل يل ّ حلق الصبي فذبحه ،فنزع الحسين )ع( ال ّ
ويقول )) :والله لنت أكرم على الله من الّناقة ،وَلمحمد أكرم على الله من
م أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه . صالح ( .ث ّ
)5البحار ، 23 / 10ومقتل الخوارزمي . 22 / 2
)6في مناقب ابن شهر آشوب َ : 222 / 2لم يرجع منه شيء وذكر ابن نما في
مثير الحزان ، 36 ،والسيد في اللهوف : 66 /رواية الباقر )ع( .
وذكر ابن كثير في البداية 186 /8والقرماني في أخبار الدول ، 108 /ومقتل
سهم سماء .قال ابن كثير :والذي رماه بال ّ الخوارزمي : 32 / 2رمى به نحو ال ّ
رجل من بني أسد يقال له )ابن موقد الّنار .
مد جواد شبر . )7زيارة الّناحية المقدسة .والبيات للخطيب الفاضل سّيد مح ّ
دة العطش .تاج العروس . 38 / 16 )8الوام :أن يضج العطشان ؛ وذلك عند ش ّ
وق نـحره فـكأنه خـيط الـهلل يـح ّ
ل فـيه الفرقد والـقـوس طـ ّ
وعـلى الـربية فـي الخيام نوائح تـومي لـطفلك بـالشجى وتـردد
****
ب رضـيـع أرضـعته قـسيهم مـن الـّنبل ثـديا دّره الثر فاطمه ور ّ
سهم جيده كـمـا زيـنته قـبل ذاك تـمائمهوق ال ّفـلهفي لـه مـذ ط ّ
سبط مبتسهم اللمى وداعـا وهـل غـير العناق يلئمه هـفا لـعناق الـ ّ
م الرضيع وقد دجى عـليها الدجى والدوح نادت حمائمه ولـهفي عـلى ا ُ ّ
تـسلل فـي الـظلماء ترتاد طفلها وقـد نـجمت بين الضحايا علئمه
دت لو أّنها تـشاطره سـهم الـردى وتـساهمه فـمذ لح سـهم الّنحر و ّ
أقـّلـته بـالكفين تـرشف ثـغره وتـلثم نـحرا قـبلها الـسهم لثمه
ً
وأدنـتـه لـلنهدين ولـهى فـتارة تـناغيه ألـطافا وُاخـرى تـكالمه
148
ي أفق من سكرة الموت وارتضع بـثدييك عـ ّ
ل الـقلب يـهدأ هائمه ُبن ّ
ّ
ي فـقد دًرا وقـد كـضك الظما فـعله يـطفي مـن غليلك ضارمهُبـن ّ
م غاشمه )(1 َ
ي لـقد كـنت النيس لو حشتي وسلواي إذ يسطو من اله ّ ُبـن ّ
م ل يكون ون ما نزل بي أّنه بعين الله تعالى)) ،2الله ّ م قال الحسين )ع( )) :ه ّ ث ّ
ت عّنا الّنصر فاجعله ِلما هو خير منه ، ن كنت حبس َ أهون عليك من فصيل ،إلهي إ ْ
ل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الجل) وانتقم لنا من الظالمين)) 3واجعل ما ح ّ
مد )صّلى الله عليه م أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الّناس برسولك مح ّ (4الله ّ
ن له مرضعا ً في سلم قائل ً يقول َ :دعه يا حسين ،فإ ّ وآله( )) ،5وسمع عليه ال ّ
مل ً بدمه
سلم عن فرسه وحفر له بجفن سيفه ودفنه مر ّ م نزل عليه ال ّ الجّنة) .6ث ّ
وصّلى عليه)) ،7ويقال وضعه مع قتلى أهل بيته)).8
____________________________
مد تقي آل صاحب الجواهر . ) (1للعلمة الشيخ مح ّ
)2اللهوف . 66 /
)3مثير الحزان لبن نما ، 26 /ومقتل الخوارزمي . 32 / 2
سلم( . 122 / )4تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
)5المنتخب . 313 /
)6تذكرة الخواص ، 144 /والقمقام لميرزا فرهاد . 385 /
وفي الصابة بترجمة إبراهيم بن رسول الله )ص( ( ،وتهذيب السماء للنووي / 1
ما توّفي إبراهيم 102وشرح المواهب اللدنّية للزرقاني ، 214 / 3باب أولده :ل ّ
ن له مرضعا ً في الجّنة (. ابن رسول الله )ص( ( ،قال الّنبي )) :إ ّ
)7مقتل الخوارزمي ، 32 / 2والحتجاج للطبرسي 163 /طبعة النجف .
)8الرشاد ومثير الحزان . 36 /
دة الـظما عيناه لـهـفي عـلى أبـيه إذ رآه غـارت لـش ّ
وَلـم يـجد شربة ماء للصبي فـساقه الـتقدير نـحو الطلب
وهـو على البي أعظم الكرب فكيف بالحرمان من بعد الطلب
ل لـطفه وأعـظما من دمه الزاكي رمي نحو السما فـما أجـ ّ
من عليها َلـو كـان َلـم يـرم به إليها لـساخت الرض بـ َ
سماء من فيض دمه ويـل مـن الله لـهم من نقمه فاحمّرت ال ّ
مه حيث ترى رضـيعها جرى عليه ما جرى وكـيف حـال ا ُ ّ
غـادرهـا كـالدّرة الـبيضاء وعــاد كـالياقوتة الـحمراء
حـّنت عـليه حـّنة الفصيل بـكته بـالشراق والصـيل
لـهفي لـها إذ تندب الرضيعا نـدبا ً يـحاكي قـلبها الوجيعا
تـقول يـا بـني يـا مؤملي يا منتهى قصدي وأقصى أملي
ف الرضاع حين عّز الماء أصـبحت ل مـاء ول كـلء جـ ّ
ي الردى كـأّنما رّيـك فـي سهم العدى فـساقك الظما إلى ر ّ
يـا مـاء عـيني وحياة قلبي مـن لـبلئي وعـظيم كربي
سلف رجوت أن تكون لي ِنعم الخلف وسلوة لي عن مصابي بال ّ
سهم للفطام حّتى أرتني جهرة أيامي )(1 ن الـ ّ خـلت أ ّ مـا ِ
دم الحسين )ع( نحو القوم مصلتا ً سيفه ،آيسا ً من الحياة ،ودعا الّناس إلى وتق ّ
م حمل على من برز إليه حّتى َقتل جمعا ً كثيرًا)2ث ّ البراز ،فلم يزل يقتل ك ّ
ل َ
149
الميمنة وهو يقول :
ااا))(3
ااااا اااا اا اااا ااااا اااااا اااا اا اااا اا ا
مار بن يغوث :ما رأيت مكثورا ً قط ،قد ُقتل ولده وأهل بيته قال عبد الله بن ع ّ
وصحبه ،أربط جأشا ً منه ول أمضى جنانا ً ول أجرأ مقدما ً ،ولقد كان الرجال
ديه إذا شد ّ فيها وَلم يثبت له أحد ). (1 تنكشف بين ي َ
فصاح عمر بن سعد بالجمع :هذا ابن النزع البطين ،هذا ابن قّتال العرب ،
ل جانب .فأتته أربعة آلف نبلة) ،2وحال الرجال بينه وبين احملوا عليه من ك ّ
ن لم يكن لكم دين وكنتم ول َ رحله ،فصاح بهم )) :يا شيعة آل أبي سفيان ،إ ْ
ً
ن كنتم عربا ، تخافون المعاد ،فكونوا أحرارا ً في دنياكم ،وارجعوا إلى أحسابكم إ ْ
كما تزعمون ( .فناداه شمر :ما تقول يابن فاطمة ؟ قال )) :أنا الذي ُاقاتلكم ،
ت حي ّا ً (.
ن جناح ،فامنعوا عتاتكم عن التعّرض لحرمي ما دم ُ والّنساء ليس عليه ّ
ااا ااااااا ااااا ا اااااا اااا اا ااا اااا ا اا اااا
اااااا
فقال الشمر :لك ذلك .
وقصده القوم واشتد القتال وقد اشتد ّ به العطش) ،3فحمل من نحو الفرات على
جاج ،وكان في أربعة آلف ،فكشفهم عن الماء وأقحم الفرس ح ّ عمرو بن ال َ
م الفرس ليشرب قال الحسين )ع( )) :أنت عطشان وأنا عطشان ، ما ه ّ الماء فل ّ
ما مد ّ الحسين فل أشرب حّتى تشرب ( .فرفع الفرس رأسه كأّنه فهم الكلم ،ول ّ
َ
هتكت حرمك ؟! فرمى الماء ولم )ع( يده ليشرب ناداه رجل :أتلتذ ّ بالماء وقد ُ
يشرب ،وقصد الخيمة)).4
____________________________
) (1مناقب ابن شهر آشوب . 223 / 2
)2الطبري . 259 / 6ونسبه الخوارزمي في مقتل الحسين 38 / 2إلى بعض من
شهد الوقعة .
)3مناقب ابن شهر آشوب . 223 / 2
)4اللهوف . 67 /
)5البحار ، 204 / 10ومقتل العوالم ، 98 /ونفس المهموم ، 188 /والخصائص
الحسينّية ، 46 /باب خصائص الحيوانات .
من ؛ لمتناع الفرس من الشرب ، حة هذا الحديث المتض ّ أقول :إّني ل أضمن ص ّ
150
ولرمي الحسين )ع( الماء من يده لمجّرد قول العداء ،وهو العالم بأّنه مكيدة ،
من معه على أن يقضوا صة بسّيد الشهداء و َلكن خصائص هذا اليوم المخت ّ
ن كان المام عليه ّ
ما نعرفه ،ول سبيل لنا إل التسليم بعد أ ْ عطاشى خارجة ع ّ
ده الذي ل ينطق عن قاه من ج ّ سلم حكيما ً في أفعاله وأقوآله ل يعمل إل ّ بما تل ّ ال ّ
ف محدودة الظرف والمكان ؛ لسرار ومصالح ل يعلمها ل قضايا الط ّ الهوى ،وك ّ
ب العالمين تعالى شأنه . إل ّ ر ّ
وهناك شيء آخر لحظه سّيد الشهداء وكانت العرب تتفانى دونه ،وهو حماية
الحرم بأنفس الذخائر ،وأبو عبد الله سّيد العرب وابن سّيدها فل تفوته هذه
ما ناداه الرجل هتكت الحرم َلم الخصلة التي يستهلك دونها الّنفس والّنفيس .ول ّ
يشرب الماء ؛ إعلما ً للجمع بما يحمله من الغيرة على حرمه ،وَلو َلم يبال بالنداء
قن الّناس فقدانه الحمّية العربّية ول يقدم عليه أبي الضيم حّتى لو علم بكذب لتي ّ
َ
الّنداء ،وفعل سّيد الباة من عدم شرب الماء ولو في آن يسير هو غاية ما يمدح
به الرجل .
الوداع الثاني
دوادع عياله ثانيا ً ،وأمرهم بالصبر ولبس الزر وقال )) :استع ّ سلم و ّ م إّنه عليه ال ّ ث ّ
ن الله تعالى حاميكم وحافظكم ،وسينجيكم من شّر العداء ، للبلء ،واعلموا أ ّ
وضكم عن هذه ذب عدّوكم بأنواع العذاب ،ويع ّ ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ،ويع ّ
البلّية بأنواع الّنعم والكرامة ،فل تشكوا ول تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم
).(2
ن هذا الموقف من أعظم ما ل قاه سّيد الشهداء في هذا اليوم)3؛ حقا ً لو قيل بأ ّ
وة تشاهد عماد أخبيتها وسياج صونها وحمى عّزها ومعقد شرفها ن عقائل النب ّ فإ ّ
منمن يعتصمن من عادية العداء ،وب َ مؤذنا بفراق ل رجوع بعده ،فل يدرين ب َ ً
____________________________
مد حسين كاشف الغطاء رحمه الله . ) (1من قصيدة لية الله الشيخ مح ّ
َ
)2جل العيون للمجلسي بالفارسّية ،وهنا شيء لم يتنّبه له أحد وهي إرادة بيان
ن تعليل لبس الزر بالحماية والمحافظة سلب .فإ ّ أمَرين ؛ عدم القتل ،وعدم ال ّ
ن اليد العادية ل تمد ّ إليهم ،يكون التيان بهما ف في التعريف بأ ّ ن أحدهما كا ٍ مع أ ّ
ن المقصود من أحدهما بيان مع بعد غرض بلوغه أعلى مراتب البلغة دليل على أ ّ
سلب ،ومن الثاني عدم القتل . عدم ال ّ
سلم( للمجلسي أعلى الله ديقة الزهراء )عليها ال ّ )3هذا هو الظاهر من وصّية الص ّ
سلم المجلدّ مقامه بقراءته مصيبة ولدها عند الوداع .كما ذكره النوري في دار ال ّ
الول .
العزاء بعد فقده .فل غرو إذا اجتمعن عليه وأحطن به وتعّلقن بأطرافه ،بين
ن ،ووآله ة أذهلها المصاب ،وطفلة تطلب المن ،وُاخرى تنشد الماء . ي يئ ّ صب ّ
إذا ً فما حال سّيد الغيارى ومثال الحنان وهو ينظر بعلمه الواسع إلى ودائع
151
ن ل يعرفن إل ّ سجف العّز وحجب الجلل ، الرسالة وحرائر بيت العصمة ،وه ّ
ّ
كيف يتراكضن في هذه البيداء المقفرة بعولة مشجية ،وهتاف يفطر الصخر
ن تباعدن
سلب ،وإ ْ
ن فررن فعن ال ّ م وزفرات متصاعدة من أفئدة حّرى ،فإ ْ الص ّ
فمن الضرب .ول محام لهن غير المام الذي أنهكته العلةّ
دين الوثقى
ما عقيلة بني هاشم زينب الكبرى فإّنها تبصر هذا وذاك فتجد عروة ال ّ أ ّ
وة آيل ً إلى النصرام ،ومنار الشريعة إلى الخمود ،عرضة للنفصام ،وحبل النب ّ
وشجرة المامة إلى الذبول
.
مت البأساء نع ّ
تنعى ليوث البأس من فتيانها وغـيوثها إ ْ
م بدم فقل بالمهجة الحرا تـسـيل الـعبرة الـحمراء تبكيهُ ُ
ن نوحها ايماء )(1ن الحنين بكا وقد ناحت ولك ّ حـّنت ولك ّ
ن الستغراق والتفت الحسين )ع( إلى ابنته سكينة ،التي يصفها للحسن المثّنى بأ ّ
مع الله غالب عليها ،فرآها منحازة عن الّنساء باكية نادبة ،فوقف عليها مصّبرا ً
ومسليا ً ،ولسان حاله يقول :
فقال عمر بن سعد :ويحكم اهجموا عليه ما دام مشغول ً بنفسه وحرمه ،والله
سهام حّتى ن فرغ لكم ل تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم .فحملوا عليه يرمونه بال ّ إ ْ
ن ُ ّ
سهام بين أطناب المخّيم وشك سهم بعض ازر الّنساء ،فدهش َ تخالفت ال ّ
ن وصحن ودخلن الخيمة ،ينظرن إلى الحسين )ع( كيف يصنع ،فحمل وارعب َ
عليهم
____________________________
) (1من قصيدة لكاشف الغطاء )قدس سره(.
مد علي الجابري النجفي )) 2للخطيب الشيخ مسلم ابن الخطيب الشيخ مح ّ
رحمهما الله تعالى .
لسهام تأخذه من ك ّ كالليث الغضبان فل يلحق أحدا ً إل ّ بعجه بسيفه فقتله ،وال ّ
ناحية وهو يّتقيها بصدره ونحره ). (1
ّ
ورجع إلى مركزه ُيكثر من قول ل حول ول قوة إل بالله العظيم) ) .2وطلب في
هذه الحال ماءا ً فقال الشمر :ل تذوقه حّتى ترد الّنار .وناداه رجل :ياحسين أل
ترى الفرات كأّنه بطون الحّيات ؟ فل تشرب منه حّتى تموت عطشا ً فقال
مته عطشا ً ( .فكان ذلك الرجل يطلب الماء فيؤتى به مأ ِ
الحسين )ع( )) :الله ّ
ً
فيشرب حّتى يخرج من فيه ،وما زال كذلك إلى ان مات عطشا)( .3
ورماه أبو الحتوف الجعفي بسهم في جبهته فنزعه وسالت الدماء على وجه فقال
م أحصهم عددا ً م إّنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلء العصاة ،الله ّ )) :الله ّ
واقتلهم بددا ً ،ول تذر على وجه الرض منهم أحدا ً ،ول تغفر لهم أبدا ً ( .وصاح
152
مدا ً في عترته ،أما إّنكم ل سوء ،بئسما خلفتم مح ّ بصوت عال )) :يا ا ُ ّ
مة ال ّ
م اللهتقتلون رجل ً بعدي فتهابون قتله ،بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إّياي .وأي َ
م ينتقم لي منكم من حيث ل تشعرون (. ،إّني َ
ن يكرمني الله بالشهادة ،ث ّ لرجو أ ْ
فقال الحصين :وبماذا ينتقم لك مّنا يابن فاطمة ؟ قال )ع( )) :يلقي بأسكم
ب عليكم العذاب صّبا ).4 م يص ّ بينكم ،ويسفك دماءكم ،ث ّ
ما ضعف عن القتال ،وقف يستريح ،فرماه رجل بحجر على جبهته ،فسال ول ّ
دد لهالدم على وجهه ،فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه ،رماه آخر بسهم مح ّ
ثلث شعب وقع على قلبه فقال )ع( ()) :بسم الله وبالله وعلى مّلة رسول الله (
سماء وقال )) :إلهي إّنك تعلم أّنهم يقتلون رجل ً ليس على وجه ورفع رأسه إلى ال ّ
ي غيري (. الرض ابن بنت نب ّ
____________________________
) (1مثير الحزان للعلمة الشيخ شريف آل صاحب الجواهر )قدس سره(.
)2اللهوف . 67 /
)3مقاتل أبي الفرج 47 /طبعة ايران ،وتهذيب تاريخ ابن عساكر . 338 / 4
وحكاه في البحار 254 / 10طبعة كمبني ،عن أبي الفرج .وفي البحار / 10
203نقل ً عن المفيد ،والسّيد ابن طاووس ،وابن نما :اشتد العطش بالحسين
)ع( فقصد الفرات ،فحالوا بينه وبين الماء .
)4مقتل العوالم ، 98 /ونفس المهموم ، 189 /ومقتل الخوارزمي . 34 / 2
سهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب ) ، (1فوضع يده تحت الجرح م أخرج ال ّ ث ّ
ي ما نزل بي ،أّنه بعين الله (. ون عل ّ سماء وقال )) :ه ّ ما امتلت رمى به نحو ال ّ فل ّ
ما امتلت ، ً
م وضعها ثانيا فل ّ فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الرض .2).ث ّ
دي رسول لطخ به رأسه ووجهه ولحيته وقال )) :هكذا أكون حّتى ألقى الله وج ّ
دي قتلني فلن وفلن ).(3 ضب بدمي ،واقول :يا ج ّ الله )ص( وأنا مخ ّ
153
وأعياه نزف الدم فجلس على الرض ينوء برقبته ،فانتهى إليه في هذا الحال
سيف على رأسه ،وكان عليه برنس فامتل م ضربه بال ّ
مالك بن الّنسر فشتمه ،ث ّ
____________________________
) (1نفس المهموم ، 189 /ومقتل الخوارزمي ، 34 / 2واللهوف . 68 /
)2تهذيب تاريخ ابن عساكر ، 338 / 4ومقتل الخوارزمي . 34 / 2
)3مقتل الخوارزمي ، 34 / 2واللهوف . 70 /
)4ديوان السيد حيدر الحّلي رحمه الله .
البرنس دما فقال الحسين )ع( )) :ل أكلت بيمينك ول شربت ،وحشرك الله مع
م على القلنسوة ). (1 م ألقى البرنس واعت ّ
الظالمين ( .ث ّ
نك ّ
ل قبيلة وبقي الحسين )ع( مطروحا ً ملي ّا ً وَلو شاؤوا أ ْ
ن يقتلوه لفعلوا ،إل ّ أ ّ
تّتكل على غيرها وتكره القدام)).3
154
دما مـنه مـّرانها وأصـبح مـشتجرا ً لـلرماح تـحّلي الـ ّ
عـفيرا ً مـتى عاينته الكماة يـختطف الـّرعب ألـوانها
فـما أجلت الحرب عن مثله صـريعا ً يـجّبن شـجعانها
ن عـلى الرض كيوانها ن السما بـأ ّ
تـريب الـمحيا تـظ ّ
ديـك كـثبانها غريبا ً أرى يا غريب الطفوف تـوسـد خـ ّ
ّ
وقـتلك صـبرا ً بـأيدٍ أبوك ثـنـاها وكـ ّ
سـر أوثـانها
أتقضي فداك حشا العالمين خـميص الحشاشة ظمآنها)((4
سهام والرماح ؟
فصاح الشمر :ما وقوفكم ؟ وما تنتظرون بالرجل ،وقد أثخنته ال ّ
احملوا عليه)( .5
وضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسر ،ورماه الحصين في حلقه)) ،7وضربه
م
م في بواني صدره ،ث ّ آخر على عاتقه ،وطعنه سنان بن أنس في ترقوته ،ث ّ
رماه بسهم في نحره) ،8وطعنه صالح بن وهب في جنبه)).9
____________________________
) (1الطبري ، 259 / 6ومثير الحزان ، 38 /واللهوف . 68 /
)2مثير الحزان ، 39 /واللهوف . 68 /
)3الخبار الطوال ، 255 /والخطط المقريزّية . 288 / 2
)4من قصيدة للسيد حيدر الحّلي رحمه الله .
)5مقتل الخوارزمي ، 35 / 2و مناقب ابن شهر آشوب . 222 / 2
)6المقبولة الحسنية ، 56 /للحجة الشيخ هادي كاشف الغطاء .
ب الشراف . 16 / )7التحاف بح ّ
)8اللهوف . 70 /
)9مقتل العوالم ، 110 /والخوارزمي في المقتل . 35 / 2
قال هلل بن نافع كنت واقفا ً نحو الحسين وهو يجود بنفسه ،فوالله ما رأيت قتيل ً
مخا ً بدمه أحسن منه وجها ً ول أنور ،ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة ط مض ّق ّ
في قتله .فاستقى في هذه الحال ماء فأبوا ان يسقوه .
وقال له رجل :ل تذوق الماء حّتى ترد الحامية فتشرب من حميمها .فقال عليه
دي رسول الله وأسكن معه في سلم )) :أنا أرد الحامية ؟! وإّنما أرد على ج ّ
ال ّ
داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر وأشكو إليه ما ارتكبتم مّني وفعلتم بي (.
ن الله َلم يجعل في قلب أحدهم من الرحمة شيئا ً ). (1 فغضبوا بأجمعهم حّتى كأ ّ
155
الدعاء
م متعال المكان عظيم سماء وقال )) :الله ّ ما اشتد ّ به الحال رفع طرفه إلى ال ّ ول ّ
الجبروت ،شديد المحال غني عن الخلئق ،عريض الكبرياء قادر على ما تشاء ،
دعيت محيط بما قريب الرحمة صادق الوعد سابغ النعمة ،حسن البلء قريب إذا ُ
من تاب إليك ،قادر على ما أردت تدرك ما طلبت ،شكور خلقت ،قابل التوبة ل َ َ
ذكرت ،أدعوك محتاجا ً وأرغب إليك فقيرا ً ،وأفزع إليك خائفا ً شكرت ذكور إذا ُ إذا ُ
م احكم بيننا وبين كل عليك كافيا ً ،الله ّوأبكي مكروبا ً ،واستعين بك ضعيفا ً وأتو ّ
قومنا فإّنهم غّرونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا ،ونحن عترة نبّيك وولد حبيبك
مد )ص( الذي اصطفيته بالرسالة وائتمنته على الوحي ،فاجعل لنا من أمرنا مح ّ
فَرجا ً ومخرجا ً ،يا أرحم الراحمين ).3
____________________________
) (1ابن نما . 39 /
مد حسين كاشف الغطاء . )2من قصيدة لحجة السلم الشيخ مح ّ
)3مصباح المتهجد والقبال وعنهما في مزار البحار ، 107 /باب زيارته يوم ولدته
.
ب
ب ،ل إله سواك يا غياث المستغيثين ) ، (1مالي ر ّ ))ص( برا ً على قضائك يا ر ّ
من ل غياث له يا دائما ً ل سواك ول معبود غيرك ،صبرا ً على حكمك ،يا غياث َ
ل نفس بما كسبت ،احكم بيني وبينهم نفاد له ،يا محيي الموتى ،يا قائما ً على ك ّ
وأنت خير الحاكمين ).2
الجواد
طخ ناصيته بدمه)4فصاح ابن سعد :دونكم الفرس ؛ وأقبل الفرس يدور حوله ويل ّ
فإّنه من جياد خيل رسول الله )ص( .فأحاطت به الخيل ،فجعل يرمح برجَليه
حّتى قتل أربعين رجل ً وعشرة أفراس .فقال ابن سعد :دعوه لننظر ما يصنع .
مه ويصهل صهيل ً من الطلب أقبل نحو الحسين )ع( يمّرغ ناصيته بدمه ويش ّ ما أ ِ فل ّ
مة ُ ً
عاليا) ،5قال أبو جعفر الباقر )ع( )) :كان يقول :الظليمة ،الظليمة ،من ا ّ
ما نظرن الّنساء إلى جه نحو المخّيم بذلك الصهيل) ،6فل ّت ابن بنت نبّيها ( .وتو ّ قتل ْ
سرج عليه ملوّيا خرجن من الخدور ناشرات الشعور ،على ً
الجواد مخزيا وال ّ
الخدود لطمات وللوجوه سافرات ،وبالعويل داعيات ،وبعد العّز مذللت ،وإلى
مصرع الحسين )ع( مبادرات)).7
اا
ااااااااا ااااا ااااا ااا ا
اا
ااااا اااااا اااااااا ااا ا ا ا
____________________________
) (1أسرار الشهادة . 423 /
156
)2رياض المصائب . 33 /
مد تقي آل صاحب الجواهر . )3من قصيدة للعلمة الشيخ مح ّ
ّ
)4أمالي الصدوق ، 98 /المجلس الثلثون ،ومقتل الخوارزمي ، 37 /وتظلم
سلم( . 128 / الزهراء )عليها ال ّ
سلم( ، 129 /والبحار . 205 / 10 )5تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
)6مقتل الخوارزمي . 37 / 2
)7زيارة الّناحية المقدسة .
ااا اااا ااااا اااا اااا اا ا ا ا
اا
ااااا ااا ا ااا ا ا ااااا ااا ا ا ا
ااا اا ااااا ااا اااا ) اااا ا ااااا اااا اااا اااا ااااا ا ا ا ا
( (1
ونادت ام كلثوم زينب العقيلة :وآ محمداه ! وآ أبتاه ! وآ علياه ! وآ جعفراه ! وآ ُ
سماء ُاطبقت م نادت :ليت ال ّ حمزتاه ! هذا حسين بالعراء صريع بكربلء) .2ث ّ
سهل) !4وانتهت نحو الحسين )ع( على الرض ) !3وليت الجبال تدكدكت على ال ّ
وقد دنا منه عمر بن سعد في جماعة من أصحابه ،والحسين يجود بنفسه .
فصاحت :أي عمر ،أُيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه ؟! فصرف بوجهه عنها
ودموعه تسيل على لحيته) .5فقالت :ويحكم أما فيكم مسلم ؟! فَلم ُيجبها أحد)
م صاح ابن سعد بالّناس :انزلوا إليه وأريحوه .فبدر إليه شمر فرفسه برجله .6ث ّ
سيف اثنتى عشرة دسة وضربه بال ّ ،وجلس على صدره وقبض على شيبته المق ّ
دس . ضربة)7واحتّز رأسه المق ّ
سلبه
وأقبل القوم على سلبه ؛ فأخذ إسحاق بن حوية قميصه ،وأخذ الخنس بن مرثد
بن علقمة الحضرمي عمامته ،وأخذ السود بن خالد نعَليه ،وأخذ سيفه جميع بن
الخلق الودي ،ويقال رجل من بني تميم اسمه السود بن حنظلة .وجاء بجدل
فرأى الخاتم في إصبعه والدماء عليه فقطع اصبعه وأخذ الخاتم ،وأخذ قيس بن
مي قيس قطيفة) ،9وأخذ ثوبه الخلق الشعث قطيفته) ،8وكان يجلس عليها فس ّ
جعونة بن حوية الحضرمي ،وأخذ القوس والحلل الرحيل بن
____________________________
) (1من قصيدة للحاج هاشم الكعبي .
)2البحار ، 206 / 10ومقتل الخوارزمي . 37 / 2
)3الطبري . 259 / 6
)4اللهوف . 73 /
ُ
)5كامل ابن الثير ، 32 / 4وتاريخ الطبري 259 / 6الطبعة الولى .
)6الرشاد .
)7مقتل العوالم ، 100 /ومقتل الخوارزمي 36 / 2وما بعدها .
)8اللهوف . 73 /
)9مقتل الخوارزمي ، 38 / 2وكامل ابن الثير . 32 / 4
خيثمة الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجرير بن مسعود الحضرمي )، (1
كة سروآله ـ وكان لها قيمة ـ وذلك بعدما سلبه الّناس وأراد رجل منهم أخذ ت ّ
ت
كة فوضع يده اليمنى عليها فلم أقدر على رفعها فقطع ُ يقول :أردت أن أنزع الت ّ
ت بنزع يمينه ،فوضع يده اليسرى عليها فلم أقدر على رفعها فقطعتها ،وهمم ُ
ي ،وفي هذه الحال رأيت ت وتركته وغشي عل ّ سروال فسمعت زلزة ،فخف ُ ال ّ
157
الّنبي وعليا ً وفاطة والحسن ،وفاطمة تقول )) :يا ُبني قتلوك ؟! قتلهم الله ،
ي وقالت )) :قطع الله يديك فقال لها :يا ُام قطع يدي هذا النائم ( .فدعت عل ّ
ورجَليك وأعمى بصرك وأدخلك الّنار ( .فذهب بصري وسقطت يداي ورجلي فلم
يبقَ من دعائها إل ّ الّنار)).2
158
الكمة جحفل الغدر تهّزهم نشوة الفتح طيش الظفر ولؤم الغلبة .وعلى هذا كّله
ل يدرين بماذا يندلع لسان الصباح ؟ وبماذا ترتفع عقيرة المنادي ؟ أبالقتل أم
ن غير المام العليل الذي ل يملك لنفسه نفعا ً ول يدفع بالسر ؟! ول من يدفع عنه ّ
ضّرا ً ،وهو على خطر من القتل !
ملك والملكوت ،وللحور في غرف الجنان م الستياء في هذه الليلة عاَلم ال ُلقد ع ّ
ن فيسماوات نشيج ونحيب ،وندبته الج ّ
صراخ وعويل ،وللملئكة بين أطباق ال ّ
مكانها)( .2
يقول ابن أبي الحديد :بنى عبيد الله بن زياد بالبصرة أربعة مساجد ،تقوم على
بغض علي بن أبي طالب )ع( )( .3
م سلمة)4في المنام ،أشعث مغبرا ً وعلى رأسه التراب ، ل الله )ص( ا ُ ُ
رأت رسو َ
فقالت له :يا رسول الله ما لي أراك أشعث مغبرا ً ؟ قال )ص( ُ)) :قتل ولدي
ت إلىت فزعة ونظر ُ ت أحفر القبور له ولصحابه ) ،5فانتبه ُ الحسين ،وما زل ُ
القارورة التي
____________________________
) (1من قصيدة في الحسين للعلمة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي .
مد بن عبد الله الشبلي الحنفي :المتوّفى سنة )2اكام الجان للشيخ بدر الدين مح ّ
769صفحة ، 146وتاريخ ابن عساكر ، 341 / 4ومجمع الزوائد لبن حجر / 9
، 199وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، 139 /والكواكب الدرية للمناوي . 56 / 1
للى مصر ،وفي سفينة البحار 1 )3شرح الّنهج لبن أبي الحديد 386 / 1الطبعة ا ُ
602 /الطبعة الحجر عن البحار . 729 / 8
)4قال ابن الثير في الكامل : 38 / 3يستقيم هذا بناًء على وفاتها بعد
الخمسين .
159
م سلمة سنة ، 61وقال وفي الصابة 460 / 4بترجمتها عن ابن حيان :ماتت ا ُ ّ
مهات المؤمنين ،وعند الواقدي :ماتت سنة أبو نعيم :ماتت سنة 62وهي آخر ا ُ ّ
. 59
وفي تهذيب السماء للنووي 362 / 2عن أحمد بن أبي خيثمة :ماتت في ولية
يزيد بن معاوية .
م المؤمنين سنة ، 61 ُ
م سملة ا ّ ُ
وفي مرآة الجنان لليافعي : 137 / 1توّفيت ا ّ
دمة في مقتل وابن كثير في البداية وان تبع الواقدي إل أّنه قال الحاديث المتق ّ
ل على أّنها عاشت إلى ما بعد مقتله . الحسين تد ّ
ن اُ ّ
م وفي عمدة القاري للعيني شرح البخاري 427 / 1آخر بحث القنوت :إ ّ
وال سنة تسع وخمسين . سلمة ماتت في ش ّ
م سلمة قبل مقتل وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر : 341 / 4عن الواقدي ماتت ا ُ ّ
ن الحسين )ع( الحسين بثلث سنين ،ولكن في ُاصول الكافي عن أهل البيت :إ ّ
أودعها ذخائر المامة وأوصاها أن تدفعها إلى زين العابدين )ع( .
م سلمة زوجة رسول الله )ص( آخر وفي سير أعلم النبلء للذهبي : 142 / 2ا ُ ّ
مرت حّتى بلغها مقتل الحسين الشهيد )ع( مهات المؤمنين ،ع ّ من مات من ا ُ ّ َ
ً ّ ً
فوجمت لذلك وغشي عليها وحزنت عليه كثيرا ،ولم تلبث بعده إل يسيرا ،
م سلمة ت اُ ّ وانتقلت إلى الله تعالى .وفي صفحة : 146عن شهر قال :أتي ُ
ُاعّزيها بالحسين )ع( .
)5أمالي الشيخ الصدوق ، 56 /وفي تهذيب التهذيب ، 356 / 2وذخائر العقبى
للمحب الطبري ، 148 /وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، 139 /وسير أعلم النبلء
م سلمة رأت رسول الله في المنام وأخبرها بقتل ن اُ ّ
للذهبي : 213 / 3إ ّ
سلم . الحسين عليه ال ّ
فيها تراب أرض كربلء فإذا به يفور دما ً ) (1وهو الذي دفعه الّنبي )ص( إليها
ن تحتفظ به ،وزاد على ذلك سماعها في جوف الليل هاتفا ً ينعى وأمرها أ ْ
الحسين )ع( فيقول :
ً
أّيـها الـقاتلون جهل ً حسينا أبـشروا بـالعذاب والتنكيل
قد ُلعنتم على لسان ابن داود وموسى وصاحب النجيل)(2
ي ومرسل وقتيل)(3 سماء يدعو عليكم مـن نب ّ ل أهل ال ّ كـ ّ
ً َ
جوف الليل أصوات نعي الحسين )ع( ولم تَر أحدا ،فمن ذلك : وكانت تسمع في َ
ااا ااا ااااا ااااااا ااااا اااا اااا ااا ااااااا اااا
اااا اااا ااااااا ااااااا ااا اااااااا ااا ااا)(4
ن ما في ما سمع ابن عّباس بكاءها ،أسرع إليها يسألها الخبر ،فأعلمته بأ ّ ول ّ
القارورتين يفور دمًا).5
وفي يوم عاشوراء رأى ابن عّباس رسول الله صّلى الله عليه وآله أشعث مغبرا ً
مي ما هذا ؟ قال )) :هذا دم الحسين وبيده قارورة فيها دم فقال له :بأبي أنت وا ُ ّ
وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم ).6
ولجل بقاء الحسين عاريا ً على وجه الصعيد ثلثا ،وهو علة الكائنات ؛
ّ ً
____________________________
) (1مرآة الجنان لليافعي ، 134 / 1كامل ابن الثير ، 38 / 4ومقتل الخوارزمي
. 95 / 2
)2إلى هنا في مقتل الخوارزمي 96 / 2الفصل الثاني عشر .
)3البيات الثلثة في تاريخ ابن عساكر . 341 / 4وفي تاج العروس ، 103 / 7
160
ذكر البيت الول والثالث ،وفي روايته لعجزه )من نبي ومالك ورسول .
)4تاريخ ابن عساكر ، 341 / 4والخصائص للسيوطي ، 127 / 2ومجمع الزوائد
ما نزلوا )الخزيمية سمعت زينب هاتفا ً يقول : 199 / 9وتقدم في : 207 /إّنهم ل ّ
أل يا عين . ...
)5حديث القارورتين في معالم الزلفى 91 /الباب التاسع والربعون ،ومدينة
المعاجز 244 /الباب التاسع والربعون :كلهما للسيد هاشم البحراني ومنتخب
الطريحي 235 /المطبعة الحيدرية الطبعة الثالثة .
)6تاريخ ابن عساكر ، 340 / 4والخصائص الكبرى ، 126 / 2وتاريخ الخلفاء /
: 139كلهما للسيوطي ،ومرآة الجنان لليافعي ، 134 / 1ومسند أحمد / 1
، 242والكواكب الدّرية للمناوي ، 56 / 1وذخائر العقبى للمحب الطبري /
، 148وتهذيب التهذيب لبن حجر 355 / 2وكامل ابن الثير ، 28 / 4والصواعق
المحرقة ، 116 /وطرح التثريب ، 22 / 1وتاريخ بغداد للخطيب ، 142 / 1
والخطط المقريزّية ، 285 / 2ومقتل الخوارزمي 94 / 2الفصل الثاني عشر
سير أعلم النبلء للذهبي . 212 / 3 و ِ
لشتقاقه من الّنبي )ص( الذي هو عّلة العلل المتفّرع من الشعاع الله ّ
ي
ن الّناس دت سوادا ً عظيمًا)2حّتى ظ ّ القدس ؛ أظلمت الدنيا ثلثة أيام ) (1واسو ّ
ن القيامة قامت)3وبدت الكواكب نصف الّنهار)4وأخذ بعضها يضرب بعضًا)،5 أ ّ
وَلم ي َُر نور الشمس) ،6ودامت الدنيا على هذا ثلثة أّيام)7ول غرابة في اضمحلل
دة التي كان فيها سّيد شباب أهل الجّنة عاريا ً على وجه نور الشمس في الم ّ
رفت من اشتقاقه من الحقيقة الصعيد ،إذ هو العّلة في مجرى الكون ِلما ع ِ
َ
مدّية التي هي عّلة العلل والعقل الول ،وحديث عرض الولية على المح ّ
ّ
من أبى عرى عن الفائدة ـ يؤكد ذلك . مت فائدته ،و َ من قَِبل ع ّالموجودات ـ ف َ
سماء ي من النبياء حّتى غامت ال ّ َ
ح الحديث بتغّير الكون لجل إبراز عظم نب ّ وإذا ص ّ
َ
من رأى)8مع أّنه لم يكشف ومطرت حين استقى به أحد علماء الّنصارى في سّر َ
طعة ،فاذا ً كيف ل يتغّير الكون ول
َ عن جسد ذلك الّنبي ول كانت أعضاؤه مق ّ
يمحى نور الشمس والقمر وقد ُترك سّيد شباب أهل الجّنة على وجه الصعيد
ل مثلة ؟! مجّردا ً ومّثلوا بذلك الهيكل القدسي ك ّ
اا
اااا اا ااا ااا اا ااا اااااا ااا ا اا ااااا اااا ا اا اا ا
____________________________
) (1تاريخ ابن عساكر ، 339 / 4والخصائص الكبرى ، 126 / 2والصواعق
المحرقة : 116 /فيما جرى على الحسين )ع( ،والخطط المقريزية ، 289 / 2
وتذكرة الخواص ، 155 /والمقتل للخوارزمي : 90 / 2ول ينبغي لغير المامي
ساري شرح البخاري ص القسطلني في إرشاد ال ّ كك في هذا بعدما يقرأ ن ّ ن ُيش ّ أ ْ
مت لموت عمر . ن الرض اظل ّ : 114 / 6أ ّ
ب الشراف ، 24 /وتهذيب التهذيب ، 354 / 2وتاريخ ابن عساكر )2التحاف بح ّ
دث ابن الجوزي في المنتظم / 7 ً
، 339 / 4ول يسع أحدا إنكار هذا ،بعدما يح ّ
مت 244حوادث سنة 399في شهر آب :أصاب الحاج بالثعلبية ريح سوداء اظل ّ
الدنيا حّتى َلم يَر بعضهم بعضا ً .
)3الصواعق المحرقة ، 116 /والتحاف . 24 /
)4تهذيب التهذيب ، 354 / 1والصواعق المحرقة ، 116 /والمقتل الخوارزمي 2
. 89 /
ب الشراف ، 24 /والصواعق المرحقة ، 116 /وتاريخ ابن عساكر )5التحاف بح ّ
161
339 / 4وتاريخ الخلفاء ، 138 /والكواكب الدرية . 56 / 1
)6مجمع الزوائد ، 197 / 9وتاريخ الخلفاء ، 138 /والمقتل للخوارزمي ، 89 / 2
والتحاف ، 24 /والصواعق المحرقة ، 116 /والكواكب الدّرية : 56 / 1ول
ص
كسفت الشمس يوم موت إبراهيم ابن رسول الله ،كما ن ّ ن ُ
غرابة فيه بعد أ ْ
ُ
عليه الزرقاني في شرح المواهب اللدنّية ، 212 / 3والجزري في اسد الغابة / 1
، 39والعيني في عمدة القاري شرح البخاري 472 / 3باب كيفّية صلة الكسوف
.
مت ثلثة أيام . ن الدنيا اظل ّ
دم من أ ّ )7كامل الزيارات ، 77 /وهذا معنى ما تق ّ
)8الخرايج للراوندي 64 /طبعة الهند في معجزات الحسن العسكري عليه
سلم . ال ّ
دجى َلـو َلـم يلح والشمس لو َلم تطلع إّنــي لعــذر بـعده الـ ّ
سحب لو هـي أقلعت والوحش لو لم ترتع َ والشهب َلو أفلت وهذي ال ّ
والـماء لو لم يصف والشجار لو لـم تـزه والطـيار لو لم تسجع
والـريح عـند هـبوبها لـو أّنها جـاءت عـواصفها بريٍح زعزع
ن أنا عنده لـم الـف مـكتئبا ً ولـم استرجع وحـرمت شرب الماء إ ْ
ت العدى قلبي بسهم الغدر إن لـم يـشجني رفع الكريم الرفع رمـ ِ
ه فوق الظ ّّلع )(1س حمل بني ِ ب عاٍر ظالٍع إن أن َ مْلت فـوق أج ّ حـ ِ
و ُ
بلى ،لقد تغّيرت أوضاع الموجودات ،واختلفت الكائنات ،فبكته الوحوش وجرت
مي الحسين المقتول بظهر ة له .قال أمير المؤمنين )ع( )) :بأبي وا ُ ّدموعها رحم ً
ً
الكوفة ،والله كأّني أنظر إلى الوحوش مادة أعناقها على قبره تبكيه ليل حّتى
ل شيء ملن سماء دمًا) )3فأصبحت الحباب والجرار وك ّ الصباح ) .(2ومطرت ال ّ
جد ّ َ
دة) ،5ولم ُيرفع حجر إل وُ ِ دمًا) )4وحّتى بقي أثره على البيوت والجدران م ّ
دس إلى قصر ما دخل الرأس المق ّ تحته دم عبيط)6حّتى في بيت المقدس) ) .7ول ّ
المارة سالت الحيطان دمًا) ،(8وخرجت نار من بعض جدران قصر المارة
وقصدت
____________________________
مد بن شريف بن فلح الكاظمي صاحب القصيدة الكّرارّية في ) (1للشيخ مح ّ
ظمها سنة 1166وقّرضها ثمانية عشر شاعرا ً من ُادباء مدح أمير المؤمنين ون َ
عصره ،والعينّية تبلغ 39بيتا ً في مجموعة عند الحجة الميني صاحب الغدير
دمت قطعة منها في عنوان )كربلء . وتق ّ
)2كامل الزيارات لبن قولويه . 80 /
)3الخصائص الكبرى ، 126 / 2وتاريخ ابن عساكر 339 / 4وتذكرة الخواص /
، 155و مقتل الحسين للخوارزمي ، 89 / 2والخطط المقريزّية ، 989 / 2
ب الشراف ، 255 /والصواعق المحرقة ، 116 /والمناقب لبن والتحاف بح ّ
ً
شهر آشوب المتوّفى سنة 206 / 2 588و : 182ومطر السماء دما ذكره ابن
الثير في الكامل 29 / 7حوادث سنة 246والّنجوم الزاهرة ، 322 / 2وكنز
مال 291 / 4رقم . 5868 الع ّ
)4الخصائص الكبرى . 126 / 2
)5تاريخ ابن عساكر ، 339 / 4والصواعق المحرقة . 116 /
)6تاريخ ابن عساكر ، 339 / 4والصواعق المحرقة . 116 /
)7مجمع الزوائد للهيثمي ، 196 / 9والخصائص الكبرى ، 125 / 2وتاريخ الخلفاء
162
للسيوطي ، 138 /والعقد الفريد ، 315 / 2في مقتل الحسين ،والكواكب
الدرّية للمناوي ، 56 / 1والمقتل للخوارزمي . 90 / 2
)8تاريخ ابن عساكر ، 339 / 4والصواعق المحرقة . 116 /
من حضر عنده :اكتمه ) . (1ووّلى هاربا ً منها .فتكّلم عبيد الله بن زياد فقال ل َ
الرأس الشريف بصوت جهوري )) :إلى أين تهرب يا ملعون ؟ فإن لم تنلك في
منالدنيا فهي في الخرة مثواك ( .وَلم يسكت الرأس حّتى ذهبت الّنار فُادهش َ
طخة بالدم ساعة في القصر) .2ومكث الّناس شهَرين أو ثلثة يَرون الجدران مل ّ
طخ بدم الحسين )ع( وقد تطلع الشمس وعند غروبها) .3وحديث الغراب المتل ّ
طار إلى المدينة ووقع على جدران فاطمة ابنة الحسين الصغرى ،ومنه
ما نعته إلى أهل المدينة قالوا :جاءت بسحر بني عبد استعلمت قْتل أبيها )ع( ،ول ّ
طلب .وما أسرع أن جاء الخبر بشهادته يرويه الموّفق أخطب خوارزم أحمد الم ّ
كي المتوّفى سنة 568في مقتل الحسين . 92 / 2ول غرابة فيه بعد بن م ّ
ن شهادته )ع( حفلت المصادقة على وجود ابنة للحسين غير فاطمة وسكينة فإ ّ
بالكثير من خوارق العادة .
مة الحاضرة والجيال المتعاقبة الواقفين على هذه أراد الجليل عّز شأنه إعلم ال ُ ّ
لموّيون مع أبي عبد ت الدهر بمثلها بالقساوة التي استعملها ا ُ الملحمة التي َلم يأ ِ
الله المستشهد في سبيل الدعوة اللهّية ،وفي ذلك توجيه النظار إلى كرامة
ن قتله سوف يكون مدحرة للضاليل وإحياء للدين الذي أراد الحسين عند الله وأ ّ
ب العالمين إلى يوم يبعثون . بقاءه ر ّ
مه سعدى بنت مالك الخزاعّية أدركت ُ
نا ّ ده :أ ّ دث دعبل الخزاعي عن ج ّ ويح ّ
م معبد الخزاعّية وهي يابسة وببركات وضوء النبي )ص( ُ
الشجرة التي كانت عند ا ّ
ما ُقتلل ثمرها ،ول ّ ما ُقبض الّنبي )ص( ق ّ ً
في أسفلها أورقت وأثمرت ،كثيرا .ول ّ
أمير المؤمنين )ع( تساقط ثمرها ،وكانوا يتداوون بورقها ،وبعد برهة نظروا إليها
ما اظلم وإذا ساقها ينبع دما ً ،فأفزعهم هذا الحادث الذي َلم ُيشاهد مثله ،ول ّ
الليل سمعوا بكاًء وعويل ً وَلم يَروا أحدا ً ،وقائل يقول
:
اا اااا اااااااا اااا ااااااا ااااا اااااا ااا اااااا ا ا
اا اا ااااا ااا ااا اااا ااااا ااااااااااااا ااااا ا ا
____________________________
) (1مجمع الزوائد ، 196 / 9وكامل ابن الثير ، 103 / 4ومقتل الخوارزمي / 2
، 87والمنتخب للطريحي . 338 /
)2شرح قصيدة أبي فراس . 149
)3كامل ابن الثير ، 37 / 6والكواكب الدرّية ، 56 / 1وتذكرة الخواص . 155 /
وبعد ذلك جاء الخبر بقتل الحسين )ع( في الوقت الذي شاهدوا منها هذه
دم دعبل الخزاعي ثلثة أبيات لهذين البيتين فقال الغريبة .وق ّ
:
ن نهاك حمار م ْ
عص الحمار ف َ ر بالعراق ُيزاُر وا ْ زْر خـير قـب ٍ
م ل ازورك يا حسين لك الفدى قـومي ومن عطفت عليه نزار لِ َ
ة ودمار )(1 ولك المودة في قلوب ذوي النهى وعـلى عـدوك مقت ٌ
ومعنى البيت الثاني من البيتين أخذه بعض شعراء الشيعة القدمين فنظمه في
ثلثة أبيات فقال :
163
ل علك فََرن ْد ُهُ يـوم الـهياج وقد علك غبار عـجبا ً لـمصقو ٍ
دك والدموع غزار جـ ّ
ولسـهم ٍ نـفذتك دون حـرائر يـدعون َ
هـّل تـكسرت الـسهام وعاقها عن جسمك الجلل والكبار))(2
س أحد من الزعفران الذي نهبوه إل احترق البدن ،وعاد الورس رمادا ً ، ولم يم ّ
والبل المنهوبة صار لحمها مثل العلقم وكانوا يرون الّنار تخرج منها).3
سماء إل ّ يوم قْتل الحسين )ع( ) ) .4قال ابن الجوزي : ولم ُتعرف الحمرة في ال ّ
ل شأنه ما تنّزه الحقّ ج ّ ل واحد من الّناس إذا غضب أثر الغضب في وجهه .ول ّ ك ّ
ُ
من قتل الحسين )ع( بحمرة الفق ؛ إظهارا ً على الجسمّية أظهر تأثير غضبه على َ
مه العّباس بن عبد م قال :لقد منع الّنبي )ص( من الّنوم أنين ع ّ لعظيم الجناية .ث ّ
ما ُاسر يوم بدر ،وأوثق كتافا ً ،فكيف به َلو يسمع أنين الحسين عليه المطلب ل ّ
سلم ؟ ال ّ
ما أسلم وحشي ،قاتل حمزة ،قال له الّنبي )ص( )) :غّيب وجهك عّني ؛ فإّني ول ّ
من ب ما قبله ،فكيف به لو يرى َ ج ّ
ن السلم ي ُ ن أرى قاتل الحّبة ( .مع أ ّ بأ ْل أح ّ
ذبح ولده و حمل أهله على أقتاب الجمال).5
____________________________
دث في إرشاد الساري ) (1مقتل الخوارزمي : 100 / 2وإذا كان القسطلني يح ّ
ن على عمر ،وابن كثير يذكر في البداية َ 298 / 10نوح 114 / 9عن َنوح الج ّ
ن على بشر الحافي ،فسّيد شباب أهل الجّنة وروح الّنبي )ص( أحرى بَنوحهم الج ّ
عليه .
)2مناقب ابن شهر آشوب . 380 / 2
)3الخصائص الكبرى ، 126 / 2وتاريخ ابن عساكر ، 339 / 4وتهذيب التهذيب 2
354 /ومجمع الزوائد ، 96 / 9والكواكب الدرّية ، 56 / 1ومقتل الخوارزمي / 2
. 90
)4الصواعق المحرقة . 116 /
)5تذكرة الخواص ، 154 /والصواعق المحرقة . 116 /
ّ
بلى ،لقد حضر رسول الله )ص( المعركة ،و شاهد ذلك الجمع المتألب على
استئصال أهله من جديد الرض ،و بمرأى منه عويل اليامى و نشيج الفاقدات و
صراخ الصبية من الظمأ .
وقد سمع العسكر صوتا ً هائل ً :ويلكم يا أهل الكوفة إّني أرى رسول الله )ص(
دسة . سماء ُاخرى ،و هو قابض على لحيته المق ّ ينظر إلى جمعكم مّرة و إلى ال ّ
لكن الهوى و الضلل المستحكم في نفوس ذلك الجمع المعمور بالطماع أوحى
إليهم :إّنه صوت مجنون .فصاح الجمع ل يهولّنكم ذلك .و كان أبو عبد الله
الصادق )ع( يقول )) :ل أراه إل ّ جبرئيل ). (1
مة المتحّيرة الضاّلة بعد نبّيها ،ل وّفقكم الله و صاح بعض الملئكة :أل أّيتها ال ُ ّ
لضحى و ل فطر ! قال المام الصادق )ع( )) :ل جرم والله ،ما وّفقوا و ل
يوّفقون حّتى يثور ثائر الحسين )ع( )).2
ن حسينا فـي القلوب غل دمـه ل في الثرى فـإ ّ ب دم يحيى قد غل قب ُ وه ْ
ت مظالمه ت ُنصر بـثـارات يحيي و اسُترد َ ْ خ ُن قُّر ِقدما مذ ْ دعا ب ُ ْ وإ ْ
سبط تهدأ قبل أن يـقـوم بـإذن الله لـلثأر قائمه))(3 فليست دماء ال ّ
164
ااا اا ا ااا اااااا اااا اااااا ااااا اا ا اااا اااا ااا ااا ا
ااا اااا اا اااااا اااااا اااااا اااا ااا اااااا)((4
____________________________
) (1كامل الزيارات .
)2من ل يحضرة الفقيه ،للشيخ الصدوق . 148 /
مد تقي الجواهري . )3من قصيدة للعلمة الشيخ مح ّ
)4كشكول الشيخ يوسف البحراني ، 17 /طبعة الهند ،عن كشكول الشيخ
البهائي .
الليلة الحادية عشرة عند الحسين )ع(
سلم( المبيت مة المعصومين ).عليهم ال ّ من يشايع الئ ّ كد على َ ن من الراجح المؤ ّ إ ّ
في الليلة الحادية عشرة عند قبر المظلوم )ع( وعليه ملمح الستياء وشعار
الحزن على ذلك الفادح الجلل بين أّنة وحّنة وصراخ وعولة كأّنه ينظر من كثب
مد مضّرجين بالدماء تسفي عليهم الريح بوغاء الثرى وهي إلى ضحايا آل مح ّ
طعة قد طعمتها سمر الرماح ونهلت من دمائها بيض الصفاح وطحنتها أشلء مق ّ
سنابك الخيل العادية .
م إلى عقائل بيت الوحي نذرف الدمع على تلك الجثث الزواكي ، ن أم ّ م ْ
ويرنو َ
فمن نادبة إلى صارخة ،ومن ناشجة إلى لطمة صدرها وناشرة شعرها )، (1
ور ببكائه المتواصل ،وعقيرته المرتفعة ،وعبرته الغزيرة . فيواسيها المتص ّ
ديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ن في هذه الحالة صلة للص ّ ومن المقطوع به أ ّ
سلم( على مة الهدى ).عليهم ال ّ سلم( ومواساة لها وفيها جلب رغبات أئ ّ )عليها ال ّ
ما يستأنس به من الثار الواردة في أمثال هذا في سائر الحوال .
مل منها هذه النظرّية ؛ ففي الحديث عن مالك وهناك أحاديث رّبما يستفيد المتأ ّ
ل عنده من زار الحسين )ع( يوم عاشوراء حّتى يظ ّ الجهني عن أبي جعفر )ع( َ )) :
في في ألف عمرة ،وأل َ جة ،وأل َ ح ّفي ألف َ باكيا ً ،لقى الله يوم القيامة بثواب أل َ
لن )ظ ّ مة الراشدين ) .2وقد أفاد علماء العربّية أ ّ ألف غزوة مع رسول الله والئ ّ
ن َلم من أقام في المكان نهارا ً إلى الليل)3والقامة إلى الليل ،إ ْ تستعمل في َ
يستلزم المبيت في الليلة المتعقبة للّنهار ،إل ّ أ ْ
ن
____________________________
) (1روى الشيخ الطوسي في التهذيب : 282 / 2آخر الّنذور عن الصادق )ع(
أّنه قال )) :ولقد شققن الفاطميات الجيوب على الحسين )ع( ،ولطمن الخدود ،
وعلى مثل الحسين فلتلطم الخدود ولتشقّ الجيوب (.
)2كامل الزيارات . 174 /
ل فعل نظ ّ ل :عن الشهاب الخفاجي :أ ّ دة )ظ ّ )3في تاج العروس ، 426 / 7ما ّ
ناقص يفيد ثبوت الخبر في جميع الّنهار .
ل زيد وفي شرح الكفاية ،للرضي ، 278 /مبحث الفعال الناقصة :معنى )ظ ّ
كر زيد بجميع كرا ً كان في جميع الّنهار كذلك ،فاقترن مضمون الجملة وهو تف ّ متف ّ
ً
الّنهار مستغرقا له ،ومعنى بات زيد مهموما أّنه في جميع الليل كذلك . ً
ل و )بات وفي شرح الصمدّية ،للسّيد علي خان ، 59 /طبعة ايران :تفيد )ظ ّ
ثبوت الخبر للسم في جميع الّنهار والليل ،وعلى ذلك جرى الزمخشري في
المفصل ، 267 /طبعة مصر :وقد يستعملن بمعنى صار مع القرينة .
من زار حديث جابر الجعفي عن أبي عبد الله )ع( رّبما يساعد عليه فإّنه قال َ )) :
165
ن
ديه ( ) . (1فإ ّ من استشهد بين ي َ الحسين )ع( يوم عاشوراء وبات عنده ،كان ك َ
سلم ّ
سابق عليه وإل لقال عليه ال ّ قب لليوم ل ال ّالظاهر منه إرادة المبيت المتع ّ
ً
ل باكيا كان له كذا وكذا . من بات ليلة عاشوراء عند الحسين )ع( وزار يومه و ظ ّ ) َ
ن المقيم عند قبر الذبيح العطشان في تمام اليوم ن العتبار يساعد على أ ّ على أ ّ
َ
ن ل يرتحل عنه في هذه الليلة التي لم يمّر مثلها على بنات رسول الله وودائع أ ْ
لباة الصفوة ، ن في تلك الفلة الجرداء قد فقدن البدور النّيرة وا ُ الخلفة ،وه ّ
ن في فرق سائد ل طعة بسيوف البغي والضلل ،وه ّ ن الشلء المق ّ وإلى جنبه ّ
ن من أعداء الله وأعداء رسوله ،فيكون الموالي لهم يدرين ماذا يصدر عليه ّ
خره عن الحضور البائت تلك الليلة عند قبره مشعرا ً بحزنه وبكائه إلى أسفه بتأ ّ
بالفوز الكبر فيكثر من قول :يا ليتنا كّنا معكم فنفوز فوزا ً عظيمًا) .2ويواسي
سّيدة الّنساء الباكية على مهجتها الممنوع من الورود .
نولقد رأتها في المنام ذّرة الّنائحة واقفة على قبر الحسين )ع( تبكي ،وأمرتها أ ْ
تنشد :
ن أبا الحسن دث القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي عن أبيه :أ ّ ويح ّ
من كان في المجلس من أهل الكاتب كان يسأل عن ابن النائح ،فَلم يعرفه َ
صة ؟ قال أبو الحسن الكاتب :عندي جارية كثيرة ت له :ما الق ّالكرخ غيري ،فقل ُ
جد ،وهي ل تقيم كلمة عربّية صحيحة فضل ً عن أن تروي شعرا ً و الصيام و الته ّ
الغالب على لسانها النبطّية ،انتبهت البارحة فزعة ترتعد و مرقدها قريب من
ت :ما أصابك ؟ قالت :إّني موضعي ،فصاحت بي :يا أبا الحسن الحقني ! قل ُ
ت ،فرأيت كأّني في درب من دروب الكرخ وإذا بحجرة نظيفة صّليت وردي ونم ُ َ
____________________________
) (1كامل الزيارات ، 137 /الباب الواحد والسبعون .
)2في عيون أخبار الرضا )ع( ،للشيخ الصدوق : 66 /من حديث عن الرضا )ع(
ن تسكن الغرف المبنّية في الجّنة مع الّنبي )ع( ، ن سّرك أ ْقال لبن شبيب )) :إ ْ
فالعن قتلة الحسين )ع( ،وقل متى ذكرته :يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا ً
عظيما ً (.
)3مناقب ابن شهر آشوب ، 189 / 2طبعة ايران ،عن أمالي المفيد
النيسابوري .
من مات ؟ ساج مفتوحة الباب ،و نساء وقوف عليه ،قلت لهم َ : بيضاء مليحة ال ّ
ت فإذا بدار نظيفة في نهاية أو ،ما الخبر ؟ فأومأوا إلى داخل الدار ،فدخل ُ
ط أحسن منها ول أبهى ول أجمل ، حسن ،وفي صحنها امرأة شاّبة َلم أَر ق ّ ال ُ
ً
حجرها رأس رجل يشخب دما ، وعليها ثياب حسنة ،وملتحفة بإزار أبيض ،وفي ِ
ك ،أنا فاطمة بنت رسول الله )ص( ( ،وهذا ت ؟ قالت :ل علي ِ من أن ِ تَ : فقل ُ
ن ينوح :رأس ابني الحسين )ع( ،قولي لبن أصدق عّني أ ْ
166
كن من ت فزعة ،وقالت العجوز َ :لم ُامّرطه )بالطاء المهملة ؛ لّنها ل تتم ّ فانتبه ُ
ّ
ضاد فسكنتها حّتى نامت . إقامة ال ّ
فقال أبوالحسن الكاتب ِلعلي التنوخي :يا أبا القاسم ،مع معرفتك بابن أصدق
ن تبّلغها له .فقال التنوخي :سمعا ً وطاعة لمر ملتك المانة وألزمتك أ ْ قد ح ّ
سلم( . سّيدة نساء العالمين )عليها ال ّ
ً ً
وكان هذا في شهر شعبان والّناس يومئذ يلقون جهدا جهيدا من الحنابلة إذا
طف إليهم حّتى خرجت فكنت في الحائر أرادوا الخروج إلى الحائر فلم أزل اتل ّ
ن فاطمة ليلة الّنصف من شعبان ،فسألت عن ابن أصدق حّتى رأيته وقلت له :إ ّ
ن تنوح بالقصيدة سلم( تأمرك أ ْ )عليها ال ّ
:
ااا ااااا اا ااا ااا ااااا اا ا
اا اا
وما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك ،فانزعج من هذا ،فقصصت عليه وعلى من
حضر الحديث ،فأجهشوا بالبكاء ،وما ناح تلك الليلة إل ّ بهذه القصيدة ،وأولها
:
اا ااااااا اااا ااااااا اا ااااا اا ا
وهي لبعض الشعراء الكوفيين .وعدت إلى أبي الحسن فأخبرته الخبر ). (1
سلب ال ّ
اااا اااااااا اااا ااا ااااا اااااااا ااااااا ااااا اااااا
____________________________
) (1نشوار المحاضرة . 8/218
دمع من بعض منطقي ونـاهيك فـي رِْزء تـفاقم وقـعه فأصبح فيه ال ّ
ل ذحل في حشاها مؤّرق اتـغضي ومـنك الـيوم آل ُامـّية شـفت ك ّ
وقطفوف نوادب يـنحن بـها نـوح الحمام المط ّ وكـم لك في أرض ٍال ّ
ودت من قبل غير الترقرق وكـم طـفلة قـد أرهـبوها بقسوة ومـا ع ّ
وق وق مـذعورا ً بـسهم مـف ّ وطـفل يـحّلي جيده طوق عسجد فـط ّ
وكـم حّرة حسرى بدت من خبا لها ولـيس لـديها سـاتر غير مرفق
شجى بـقلب مـن الوجد المبّرح محرق هـنالك لـو شاهدتها تنفث ال ّ
ل مشفق لـعّز أمـير الـمؤمنين خـروجها عـليك بـحال أحـزنت ك ّ
ّ
غ الزهراء عن أسر زينب وتـسيـيرها بـين العادي لجلق مْبـل ِ ُفـمن ُ
ولـيس لها بين العدى من يصونها حـمى غير مضنى بالحبال مرّبق
أفـاطم سـمعا ً عـّلني في تزفري أبـّثـك أشـجانا ً أخـذن بـمخنق
لولـى حّلوا بعرصة كربل هـووا في ثراها مشرقا ً بعد مشرق نا ُ
فـإ ّ
ً
قـضوا وجلل العّز يعلو وجوههم ومـاتوا كـراما مالووا جيد مطرق
فـل عذر حّتى تلفظي القلب حسرة بفيض دم من ماء عينيك مهرق )(1
167
م كلثوم وخَرم ُاذنها)( .5 رجلها) ) .4أخذ رجل قرطين ل ُ ّ
وجاء آخر إلى فاطمة ابنة الحسين )ع( فانتزع خلخالها ،وهو يبكي قالت له :
مالك ؟ فقال :كيف ل أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله ؟! قالت له :دعني ،قال
ن يأخذه غيري ( (.6 :أخاف أ ّ
ن يلذن بعضهن ببعض ،وقد أخذ ورأت رجل ً يسوق الّنساء بكعب رمحه ،وه ّ
____________________________
) (1من قصيدة للعلمة الثقة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي .
)2كامل ابن الثير . 32 / 4
)3تاريخ الطبري . 260 / 6
)4مثير الحزان لبن نما . 40 /
)5الدمعة الساكبة . 348 /
)6أمالي الصدوق 99 /المجلس الواحد والثلثون ،وسير أعلم النبلء للذهبي / 3
. 204
ما بصر بها قصدها ،ففّرت منه ،فأتبعها رمحه ما عليهن من أخمرة وأسورة ،ول ّ
م كلثوم عند رأسها تبكي متها ا ُ ّ
ما أفاقت رأت ع ّ فسقطت لوجهها مغشي ّا ً عليها ،ول ّ
). (1
جت مـن خدرها حاسرة كـالقطا رّوع مـن بعد هجود عـ َ
أز ِ
تـندب الصون الذي قد فقدت صـبرها فـيه إلى خير فقيد
فـقدت خـير عـماد فـدعت من بني عمرو العلى كل عميد
لـبـدورٍ بـدمـاها شـرقت وبـها أشـرق مـغبر الصعيد
بـين مـحزوز وريد وّزعت جـسمه البيض ومقطوع زنود
ي غـابا ً للسودط فهل قـصد الـخط ّ قـد تـواروا بـقنا الخ ّ
ح لهم كمصأبيح على الترب ركود))2 تـصدع الـظلماء اوضا ٌ
ونظرت امرأة من آل بكر بن وائل كانت مع زوجها إلى بنات رسول الله بهذه
الحال فصاحت :يا آل بكر بن وائل ،أُتسلب بنات رسول الله ! ل حكم إل ّ لله ،يا
دها زوجها إلى رحله)( .3لثارات رسول الله ! فر ّ
وانتهى القوم إلى علي بن الحسين )ع( ،وهو مريض)4على فراشه ل يستطيع
الّنهوض ،فقائل يقول :ل تدعوا منهم صغيرا ً ول كبيرا ً .وآخر يقول :ل تعجلوا
حّتى نستشير المير عمر بن سعد) .5وجّرد الشمر سيفه يريد قتله ،فقال له
حميد بن مسلم :يا سبحان الله ! أتقتل الصبيان ؟! إّنما هو صبي مريض) ).6
ن ابن زياد أمر بقتل أولد الحسين .وبالغ ابن سعد في منعه))،7 فقال :إ ّ
ُ
ما سمع العقيلة زينب ابنة أمير المؤمنين تقول :ل ُيقتل حّتى اقتل دونه خصوصا ً ل ّ
فوا عنه)( .8 .فك ّ
____________________________
سلم( . 130 / ّ
) (1رياض المصائب ، 341 /وتظلم الزهراء )عليها ال ّ
قق الشيخ عبد الحسين الحّلي رحمه الله ،من قصيدة في مولد جة المح ّ )2للح ّ
سلم .
الحسين عليه ال ّ
)3اللهوف ، 74 /ومثير الحزان لبن نما . 41 /
سجاد )ع( ذكره الطبري ، 260 / 6وكامل ابن الثير ، 33 / 4والبداية )4مرض ال ّ
لبن كثير ، 188 / 8ومرآة الجنان لليافعي ، 133 / 1والرشاد للشيخ المفيد ،و
168
مناقب ابن شهر آشوب ، 225 / 2وإعلم الورى للطبرسي ، 148 /وروضة
الواعظين ، 162 /لمحمد بن أحمد بن علي النيسابوري ،الفتال واثبات الوصية
للمسعودي . 140 /
)5تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
سلم( . 132 /
)6تاريخ الطبري . 260 / 6
فس المفهوم .)7ن َ
)8تاريخ القرماني . 108 /
ااااا ااااااا ااااا اااااا
ااا اااا ااااا ااااا :اااااا ااا
ااا اااااااا ااااا ااااا اا اا ا
ااااااا اااا ااااااا ااااااا
ن ،وقد
ما رأينه بكين في وجهه ،فمنع القوم عنه ّ
وأقبل ابن سعد إلى الّنساء ،فل ّ
ن ،وعاد إلى خيمتهكل جماعة بحفظه ّدوا شيئا ً ) ، (1فو ّ
ن ولم ير ّ
أخذوا ما عليه ّ
:
ااااااااا ااااا اااااا اااااا
اااااا ااااا اااا ااااا ااااا
ااا ااا اااا اااا ااااا ااااا اااا ااااااا ااااا اا ا ا
اا اااااااا ااااا اااا ااا ااااا ااا اااا اا اا اااا اا ا ا
ااااااا اا اااا ااااا ااااا ااااا اااا ااا اا ااا ااااا
اااا اااا ااااا اااااا ااااا ااااااا ااااااا ااااا اااا
اا ااا اا ااا ااااااا اااااا ا ا
ااااا اااااا اااا اا ااا ااا)((2
الخيل
ونادى ابن سعد :أل من ينتدب إلى الحسين فيوطىء الخيل صدره وظهره .فقام
عشرة)3منهم ؛ إسحاق بن حوية) ،4والحبش بن مرثد بن علقمة بن سلمة
الحضرمي ،وحكيم بن الطفيل السنبسي ،وعمرو بن صبيح الصيداوي ،ورجاء
بن منقذ العبدي ،وسالم بن خيثمة الجعفي ،وصالح بن وهب الجعفي ،وواخط
بن
____________________________
دث مصعب الزبيري بشيء غريب ،فيقول في ) (1كامل ابن الثير : 32 / 4ويح ّ
من كان في الجيش أخذ علي بن الحسين )ع( نسب قريش : 58 /ابن بعض َ
من جاء ما سمع المنادي يقول َ : وغّيبه عن الّناس وكان ُيكرمه وُيحسن إليه ،فل ّ
ديه إلى عنقه وأتى به إلى ابن زياد بعلي بن الحسين فله ثلثمئة درهم .جاء وقّيد ي َ
مته زينب وقعت عليه ،وقالت لبن نع ّ وأخذ الجائزة .وأراد ابن زياد قتله لول أ ّ
زياد :اقتلني قبله .انتهى .
ن زين العابدين )ع( مع ما به من المرض هو الكفيل والمحامي وأنت إذا عرفت أ ّ
ً
كن الله تعالى أحدا منه فيغيبه عن عياله لحرم رسول الله )ص( ( ،فل يم ّ
ن أحدا ً من ن إذا فقدن المحامي والمصّبر لهن ؟ مع أ ّ الفواقد ،كيف يكون حاله ّ
ودالمؤرخين َلم يذكره حّتى على الحتمال البعيد ،لكن الزبيري أراد أن يس ّ
صحيفته بالمفتريات .
169
)2للسّيد حيدر الحّلي نور الله ضريحه .
)3تاريخ الطبري ، 161 / 6وكامل ابن الثير ، 33 / 4ومروج الذهب ، 91 / 2
والخطط المقريزّية ، 288 / 2والبداية لبن كثير ، 189 / 8وتاريخ الخميس / 3
، 333والرشاد للشيخ المفيد ،وإعلم الورى للطبرسي ، 888 /وروضة
الواعظين ، 662 /و مناقب ابن شهر آشوب . 224 / 2
من قاتل الحسين حويزة كجهينة . )4في تاج العروس ، 31 / 4مادة حوز :م ّ
غانم ،وهاني بن ثبيت الحضرمي ،وأسيد بن مالك ،فداسوا بخيولهم جسد
ريحانة الرسول ،وأقبل هؤلء العشرة إلى ابن زياد يقدمهم اسيد بن مالك
يرتجز :
ااا ااااا ااااا ااا ااااا ااا ااااا اااا ااااا
فأمر لهم بجائزة يسيرة ). (1
لمم بأشرار الخلق ؛ قال البيروني :لقد فعلوا بالحسين ما َلم يفعل في جميع ا ُ
سيف ،والرمح ،والحجارة ،وإجراء الخيول)) ،3وقد وصل بعض هذه من القتل بال ّ
الخيول إلى مصر ،فقلعت نعالها وسمرت على أبواب الدور تبّركا ً ،وجرت بذلك
السّنة عنده ،فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعّلق على أبواب الدور)( .4
الرؤوس
وأمر ابن سعد بالرؤوس فقطعت واقتسمتها القبائل ؛ لتتقّرب إلى ابن زياد ،
____________________________
) (1اللهوف ، 75 /ومثير الحزان لبن نما . 41 /وفي مقتل الخوارزمي 39 / 2
زيادة بيت :
اا ااااا اااا اااااااا ااااا اا اااااا ااااا ا ا
)2من قصيدة للسّيد صالح ابن العلمة السّيد مهدي آل بحر العلوم .
)3الثار الباقية ، 329 /طبعة ليدن ،وطبعة الوفست .
جب للكراجكي 46 /ملحق بكنز الفوائد .)4كتاب التع ّ
)5لبي ذيب شيخ يوسف القطيفي المتوّفى )200 (1هـ .
فجائت كندة بثلثة عشر وصاحبهم قيس بن الشعث ،وجاءت هوازن باثني عشر
وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ،وجاءت تميم بسبعة عشر ،وبنو أسد بستة
عشر ،ومذحج بسبعة ،وجاء آخرون بباقي الرؤوس ) ، (1ومنعت عشيرة الحر
ض جسده)).2
الرياحي من قطع رأسه ور ّ
170
وسّرح ابن سعد في اليوم العاشر رأس الحسين )ع( مع خولى بن يزيد الصبحي
وحميد بن مسلم الزدي ،وسّرح رؤوس أهل بيته وصحبه مع الشمر وقيس بن
جاج).3ح ّ
الشعث وعمرو بن ال َ
وكان منزل خولي على فرسخ من الكوفة ،فأخفى الرأس عن زوجته النصارّية ؛
ما رأت من التّنور نورا ً
سلم( إل ّ أّنها ل ِّلما يعهده من موالتها لهل البيت ).عليهم ال ّ
ما قربت منه سمعت أصوات نساء يندبن راعها ذلك ؛ إذ لم تعهد فيه شيئا ً ،فل ّ
دثت زوجها وخرجت باكية)4وَلم تكتحل ولم تتطّيب الحسين )ع( بأشجى ندبة ،فح ّ
حزنا ً على الحسين )ع( وكان اسمها العيوف)( .5
وعند الصباح غدا بالرأس إلى قصر المارة ،وقد رجع ابن زياد في ليلته من
ديه وهو يقول
معسكره بالّنخيلة فوضع الرأس بين ي َ
:
ااا
اا اااا ا ااا اااا ااا ا اا اا اااا ا ا ااااا ااااا ا ا
اااا اااااا اا اااااا اااااا ااااا ااا ااااا اااا
م قتلته ؟ والله فساء ابن زياد قوله أمام الجمع فقال له :إذا علمت إّنه كذلك فل ِ َ
ل نلت مّني شيئًا)( .6
____________________________
) (1اللهوف ، 81 /وعمدة القاري في شرح البخاري للعيني ، 656 / 7وفيه
كان معهم عروة بن قيس .
)2الكبريت الحمر .
)3الرشاد للشيخ المفيد .
ن زوجته رأت النور يسطع )4روضة الشهداء ،وفي البداية لبن كثير : 190 / 8إ ّ
ُ
ن زوجته الخرى نوار سماء وطيورا ً بيضا ً ترفرف حولها ،وإ ّ من تحت الجانة إلى ال ّ
ّ
بنت مالك قالت له :أتيت برأس ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ! ل
م فارقته .يجمعني وإّياك فراش أبدا ً ،ث ّ
)5أنساب الشراف للبلذري . 238 / 5
َ
ن ابن زياد غضب عليه وقتله ،ولم ) (6في مرآة الجنان لليافعي : 133 / 1إ ّ
ماه خولي ابن يزيد الصبحي م حامل الرأس ،وفي العقد الفريد : 213 / 2س ّ يس ّ
من جاء بالرأس وقائل البيات ؛ ،وقتله ابن زياد لذلك .واختلف المؤّرخون في َ
فعند ابن جرير الطبري ، 261 / 6وابن الثير : 33 / 4سنان بن أنس أنشدها
على عمر بن سعد ،وفي تذكرة الخواص 144 /قال له عمر :أنت مجنون َلو
سمعك ابن زياد لقتلك .وفي شرح المقامات للشريثي : 193 / 1إّنه أنشدها
ن بشر مة للربلي ومقتل الخوارزمي : 40 / 2إ ّ على ابن زياد ،وفي كشف الغ ّ
بن مالك أنشدها على ابن زياد .
وفي مطالب السؤول لبن طلحة ، 76 /زاد عليهما )ومن يصّلي القبلتين في
ن الشمر الصبا ،فغضب عليه ابن زياد وقتله .وفي رياض المصائب : 437 /إ ّ
قائلها .
ن الشمر هو قاتل الحسين )ع( كما في زيارة الّناحية وعليه وأنت إذا عرفت إ ّ
جماعة من المؤّرخين ،تعرف أّنه المنشد لها ؛ إذ من البعيد أن يقتله ويأخذ
صة عن خولي مماشاةً الرأس غيره فيفوته التقّرب عند ابن زياد ،وإّنما ذكرنا الق ّ
ما استعجم ، 865 / 2ووفاء الوفاء للمسعودي مع أهل المقاتل .وفي المعجم م ّ
171
، 232 / 2عند ذكر حمي ضريه ،قال :ضريه من مياه الضباب في الجاهلّية لذي
الجوشن الضبابي والد الشمر قاتل الحسين بن علي )ع( .
سفر من كربلء ال ّ
ما سّير ابن سعد الرؤوس إلى الكوفة ،أقام مع الجيش إلى الزوال من اليومل ّ
الحادي عشر ،فجمع قتله وصّلى عليهم ودفنهم ،وترك سّيد شباب أهل الجّنة
من معه من أهل بيته وصحبه بل غسل ول كفن ول دفن وريحانة الرسول الكرم و َ
) ، (1تسفي عليه الصبا ،ويزورهم وحش الفل
.
ااا ااااا اا ااا ااا ااا اااا ااا اا ا
ااااااا اااااا اااا اااااا
ااااااااا اا ااا ااااا ااااا اااا ااا ااا اا ااااا ااااا
((2
وبعد الزوال ارتحل إلى الكوفة ومعه نساء الحسين )ع( وصبيته وجواريه وعيالت
ن على أقتاب الجمال بغير وطاء كما ن عشرين امرأة)3وسيروه ّ الصحاب وك ّ
سجاد علي بن ن ال ّ
ن ودائع خير النبياء ومعه ّ يساق سبي الترك والروم و ه ّ
الحسين )ع( وعمره ثلث وعشرون سنة)) ،4وهو على بعير ظالع بغير وطاء وقد
أنهكته العّلة)5ومعه ولده الباقر )ع( ) )6وله سنتان وشهور)) ،7ومن أولد المام
الحسن
____________________________
) (1مقتل الحسين للخوارزمي . 39 / 2
مد تقي آل صاحب الجواهر . )2للعلمة الشيخ مح ّ
)3نفس المهموم . 204 /
لولى :روى الشيخ المفيد وفي مستدرك الوسائل للنوري 234 / 2الطبعة ا ُ
ّ
والسّيد ابن طاووس بالسناد عن الصادق )ع( أّنه صلى في القائم المائل بطريق
جهوا منما تو ّ
دي الحسين )ع( ل ّ الغري ركعتين وقال )) :ههنا وضعوا رأس ج ّ
م ذكر دعاء ُيدعا به بعد الصلة ، م حملوه إلى عبيد الله بن زياد ( .ث ّ كربلء ،ث ّ
وقال ) :هذا الموضع يعرف بالحنانة ..
))4نسب قريش لمصعب الزبيري . 58 /
))5القبال لبن طاووس . 54 /
))6رياض الحزان ، 49 /وإثبات الوصّية للمسعودي . 143 /
))7إثبات الوصّية 143 /طبعة الّنجف .وفي تاريخ أبي الفداء : 203 / 1له ثلث
سنين .
ُ
ن َقتل سبعة المجتبى )ع( زيد وعمرو والحسن المثّنى ،فإّنه أخذ أسيرا ً بعد أ ْ
عشر رجل ً ،وأصابته ثمان عشرة جراحة وُقطعت يده اليمنى ،فانتزعه أسماء بن
م المثّنى فزارّية ،فتركه ابن سعد له ) . (1وكان معهم ن اُ ّخارجة الفزاري ؛ ل ّ
ما أخبر ابن زياد بأّنه مولى عقبة بن سمعان مولى الرباب زوجة الحسين )ع( ،ول ّ
ن المرقع بن ثمامة السدي نثر نبله وقاتل ، للرباب خّلى سبيله ،وأخبر ابن زياد بأ ّ
فآمنه قومه وأخذوه فأمر بنفيه إلى الزارة)( .2
172
فارقوها من بعد ما ثلم العضب ودّقـت مـن الـطعان القناة
وبـنوا فـي دم الشهادة عرشا ً لــم قـبـلهم بـنته الـبناة
أدهشتها من بعدهم هجمة الخي ل عـليها وأيـن عـنها الباة
ومت غـفوة بـهم وسباة ن بصرعي هـ ّ ن يستغث ْ َخ َفـتصار ْ
ي حــّرة تـسـتثيره وفـتـاة وتـرامت بـجنب كـ ّ
ل أب ّ
يـشتكين الـسياط قد ألمتهن و هـل حفزت بصرخى شكاة
ن عـن متون المطايا كـّلما أزعج النياق الحدادة))(3 يـتساقط ْ َ
ما نظرن إليهم فقلن الّنسوة :بالله عليكم إل ّ ما مررتم بنا على القتلى .ول ّ
____________________________
) (1البحار الجزء العاشر ،عند ذكر أولد الحسن )ع( ،وإسعاف الراغبين ، 28 /
على هامش نور البصار .
ما برأ حمله إلى المدينة . وفي اللهوف : 8 /عالجه بالكوفة ،فل ّ
)2تاريخ الطبري ، 261 / 6وكامل ابن الثير . 33 / 4
ُ
والزارة ،كما في معجم البلدان : 367 / 4قرية بالبحرين ،واخرى في طرابلس
الغرب ،وكورة بالصعيد .
ما استعجم للبكري : 692 / 2إّنها موضع بناحية البحرين جرت وفي المعجم م ّ
فيها حروب للنعمان بن المنذر المعروف بـ )الغرور مع الساورة ،ومدينة بفارس
فيها بارز البراء بن مالك مرزبانها فصرعه وقطع يده وأخذ منطقته وسواريه ،
خمسه عمر ،وهو أول سلب ُاخذ خمسه في وكان قيمته ثلثين ألفا ً ،فأخذ ُ
السلم .
دد أهل الكوفة بالّنفي إلى عمان ن ابن زياد ه ّ وفي كامل ابن الثير : 10 / 4إ ّ
ن علي بن يليق أمر بلعن معاوية الزارة .وفيه 86 / 8حوادث سنة 321هـ :إ ّ
مة ،وكان يثير الفتن البربهاري من وابنه يزيد على المنابر ببغداد ،فاضطربت العا ّ
الحنابلة ،فهرب منه وقبض على جماعته فأحدرهم في زورق إلى عمان .انتهى .
ن الزارة موضع في عمان . فيظهر من ذلك أ ّ
وفي الخبار الطوال ، 256 /سّير ابن زياد المرقع بن ثمامة السدي إلى الزبدة ،
فلم يزل بها حّتى هلك يزيد وهرب ابن زياد إلى الشام ،فانصرف المرقع إلى
الكوفة .
مد بن الحسن بن ّ
مد المهلبي أحدر مح ّ ن أبا مح ّوفي نشوار المحاضرة : 9 / 8إ ّ
عبد العزيز الهاشمي إلى عمان في زورق طبقه عليه ؛ لمر نقمه عليه .
)3للعلمة الثقة الشيخ عبد المهدي مطر النجفي .
طعي الوصال ،قد طعمتهم سمر الرماح ،ونهلت من دمائهم بيض الصفاح ، مق ّ
صحن ولطمن الوجوه ) (1وصاحت زينب :يا وطحنتهم الخيل بسنابكها ِ ،
ّ
مل بالدماء ،مقطع العضاء ،وبناتك سبايا ، مداه ! هذا حسين بالعراء ،مر ّ مح ّ
ل عدو وصديق))2حّتى جرت دموع الخيل على وذرّيتك مقّتلة .فأبكت ك ّ
سماء ،وقالت : دس ورفعته نحو ال ّ ديها تحت بدنه المق ّ م بسطت ي َ حوافرها)) ،3ث ّ
وئها عرش الجللة ،وقد ّ
إلهي تقّبل مّنا هذا القربان)) .4وهذا الموقف يدلنا على تب ّ
ن كاندسة كأخيها الحسين )ع( وإ ْ ُاخذ عليها العهد والميثاق بتلك الّنهضة المق ّ
ما خرج الحسين )ع( عن العهدة بإزهاق نفسه التفاوت بينهما محفوظا ً ،فل ّ
القدسّية ،نهضت العقيلة زينب بما وجب عليها ،ومنه تقديم الذبيح إلى ساحة
م طفقت )سلم الله عليها( ببقّية الشؤون ،ول الجلل الربوي والتعريف به ،ث ّ
173
استبعاد في ذلك بعد وحدة الّنور وتفّرد العنصر .
دث أّنها سمعته يقول واعتنقت سكينة))6جسد أبيها الحسين )ع( فكانت تح ّ
:
ااااا اا اااااااا ااااااا اااااااا
____________________________
) (1مثير الحزان لبن نما ، 41 /واللهوف لبن طاووس ، 74 /والمقتل
للخوارزمي ، 39 / 2والمقتل للطريحي . 332 /
)2الخطط المقريزّية . 280 / 2
وفي مقتل الخوارزمي واللهوف :كانت الندبة أوسع .
)3مقتل الخوارزمي ، 39 / 2والمنتخب للطريحي . 332 /
هب . )4الكبريت الحمر ، 13 / 3عن الطراز المذ ّ
ور الله ضريحه . مد علي الوردبادي )ن ّ )5للعلمة ميرز مح ّ
)6في تهذيب السماء للنووي ، 163 / 1والكواكب الدّرية للمناوي ، 58 / 1ونور
البصار للشبلنجي ، 160 /ووفيات العيان لبن خّلكان بترجمتها :توّفيت سكينة
بنت الحسين )ع( يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الول سنة ) 17 (1هـ .
وفي المجدي لبن الحسن العمري في الّنسب ،وإعلم الورى للطبرسي ، 127 /
مها عبدعند ذكر أولد الحسن )ع( ،والغاني : 163 / 12إّنها تزّوجت من ابن ع ّ
الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ُقتل عنها يوم الطف ،ولم تلد منه .انتهى
.
ف أكثر من عشر سنين وفي إعلم الورى ُ :قتل عنها قبل البناء بها ،ولها يوم الط ّ
سبع سنين ،وكلمة سّيد مها الحسن )ع( وعمرها يقارب ال ّ ،وولدتها قبل وفاة ع ّ
ن الغالب على سكينة الستغراق مع الله ( .على ما قها )) :أ ّالشهداء )ع( في ح ّ
ً ً
رواه الصبان في اسعاف الرغبين يفيدنا درسا دقيقا عن مكانة ابنته من الشريعة
المقدسة ـ لحظ كتابنا السيدة سكينة ـ الطبعة الثانية .
اا اااااا اااااا اا اااا اااااااا )(1
ومـذعورة بـاليتم قـد ربـع قلبها كـطير عليه الصقر قد هجم الوكرا
أهابت بها من هجمة الخيل صرخة عـلى ثكلها باليتم فاضطربت ذعرا
وفّرت إلى الثاوي على جمرة الثرى وقـد أرسـلت من جفنها فوقه نهرا
مها إلى صدره ما بين يمناه واليسرىوأهـوت على جسم الحسين فض ّ
تـلوذ بـه حـسرى القناع مروعة وعـّز عـليه أن يـشاهدها حسرى
فـما تـركتها تـستجير سـياطهم بجسم أبيها حينما انتزعت قسرى))(3
174
دا ،سماوات وتنشقّ الرض وتخّر الجبال ه ّ سلم( بحالة تنفطر لها ال ّ )عليها ال ّ
ما تبّينت ذلك منه زينب الكبرى بن علي )ع( ))4 عظم ذلك عليه واشتد ّ قلقه فل ّ
مها أمر المام فأخذت تسّليه وتصّبره وهو الذي ل توازن الجبال بصبره ،وفيما أه ّ
ن هذادي وأبي وإخوتي ،فوالله إ ّ قالت له :ما لي أراك تجود بنفسك يا بقّية ج ّ
ُ
دك وأبيك ،ولقد أخذ الله ميثاق اناس ل تعرفهم فراعنة هذه لعهد من الله إلى ج ّ
ّ
سماوات ،إّنهم يجمعون هذه العضاء المقطعة الرض ،وهم معروفون في أهل ال ّ
ف علما لقبر أبيك سّيد الشهداء ً والجسوم المضّرجة ،فيوارونها وينصبون بهذا الط ّ
مة الكفر ن أئ ّ
ل ُيدرس أثره ول ُيمحى رسمه على كرور الليالي والّيام ،وليجتهد ّ
وأشياع الضلل في محوه وتطميسه ،فل يزداد أثره إل ّ علوًّا)( .5
175
ض مـصابا ً هـتكها وابـتذالها
ومـا هـان ثـكل عـندها غير اّنه أمـ ّ
ً
دد غـّبه تـقف إهـابا حـين يطريه بالها))(3 وأمـسـين فـي أمـر يـه ّ
في الكوفة
ما ُادخلت بنات أمير المؤمنين إلى الكوفة ،اجتمع أهلها للنظر إليهم ول ّ
____________________________
جة آية الله الشيخ هادي كاشف الغطاء )قدس ) (1المقبولة الحسينية ، 61 /للح ّ
سره .
سلم( . 177 / )2تظّلم الزهراء )عليها ال ّ
مد طاهر آل فقيه الطائفة الشيخ راضي )قدس سره . )3للعلمة الثقة الشيخ مح ّ
ن تنظروا إلىم كلثوم :يا أهل الكوفة ،أما تستحون من الله ورسوله أ ْ فصاحت ا ُ ّ
حرم الّنبي )ص( ؟ ). (1
ن امرأة من الكوفّيات ورأتهن على تلك الحال التي تشجي العدّو وأشرفت عليه ّ
لسارى أنتم ؟ قلن :نحن ُاسارى آل محمد)).2 اللد فقالت :من أي ا ُ
م كلثوم وهي وأخذ أهل الكوفة يناولون الطفال التمر والجوز والخبز ،فصاحت ا ُ ّ
م رمت به إلى الرض)).3 صدقة علينا حرام .ث ّ ن ال ّ
زينب الكبرى :إ ّ
ف أمست تستر الوجه زينب أبـا حـسن تـغضي وتلتذ ّ بالكرى وبـالك ّ
سبا ونـسوة حـرب بالمقاصير تحجب أبـا حسن ترضى صفاياك في ال ّ
وتـلوي لـلين الـفرش جنبا ً وهذه بـناتك فـوق الـعيس للشام تجلب
سر إذا مـا بـكت بـالصبحية تضرب ويـهنيك عـيش والـعقائل حـ ّ
ً
تـشّرق فـيها تـارة عـصب الخنا وطـورا بـها نـحو الشئام تغّرب
بـل كـافل تـطوي الـمهامه لغبا ً ويـسمعها مـا يـشعب القب غيهب
حت و ذابـت قلوبها وأنـفاسها كـادت من الحزن تذهب فـأصواتها بـ ّ
جب عـجبت ومن في الدهر سّرح طرفه وفـ ّ
كـر فـيه لـم يـزل يـتع ّ
يـزيد الـخنا فـي دسـته مـتقّلب ويـمسي حـسين في الثرى يتقلب
ّ
و يحمل منه الرأس في الرمح جهرة وفي التاج رأس ابن الدعّية يعصب
هب)((4 ويـبـقى ثـلثا ً عـاريا ً ويـزيدها على جسمه يغدر الدمقس المذ ّ
خطبة زينب
خبث ابن زياد ولؤمه في خطبتها بعد ولقد أوضحت ابنة أمير المؤمنين )ع( للّناس ُ
ن على رؤوسهم ن أومأت إلى ذلك الجمع المتراكم ،فهدأوا حّتى كأ ّ أ ْ
____________________________
) (1الدمعة الساكبة . 364 /
)2ابن نما ، 84 /واللهوف . 81 /
سلم( . 150 / )3أسرار الشهادة ، 477 /وتظّلم الزهراء )عليها ال ّ
سون الحلي المتوفى سنة ) 305 (1هـ ، )4من قصيدة في الحسين )ع( للشيخ ح ّ
شعراء الحّلة . 155 / 2
ن يسكن ذلك اللغط أو يرد ّ تلك الضوضاء الطير .وليس في وسع العدد الكثير أ ْ
مد )ص( . ّ
مدي الذي جلل عقيلة آل مح ّ لول الهيبة اللهّية والبهاء المح ّ
ما أومأت زينب ابنة علي )ع( إلى الّناس ،فسكنت النفاس فيقول الراوي :ل ّ
والجراس ،فعندها اندفعت بخطابها مع طمأنينة نفس وثبات جأش ،وشجاعة
176
مد وآلهحيدرّية ،فقالت )ص( لوات الله عليها :الحمد لله والصلة على أبي مح ّ
الطّيبين الخيار .
ما بعد ،يا أهل الكوفة ،يا أهل الختل والغدر ،أتبكون ؟! فل رقأت الدمعة ،ول أ ّ
ً هدأت الرّنة ،إّنما مَثلكم كمَثل التي نقضت غزلها من بعد ق ّ
وة أنكاثا ،تّتخذون
أيمانكم دخل ً بينكم ،أل وهل فيكم إل ّ الصلف النطف ) (1والعجب والكذب
صةوالشنف))2وملق الماء)) ،3وغمز العداء))4؟! أو كمرعى على دمنة))5أو كق ّ
ن سخط الله عليكم ،وفي ت لكم أنفسكم أ ْ دم ْ
على ملحودة)) ،6أل بئس ما ق ّ
العذاب أنتم خالدون .
____________________________
) (1الصلف )بفتحتين :الذي يتمدح بما ليس عنده .والنطف :القذف بالفجور .
)2الشنف :المبغض بغير حق .
)3الملق :التذلل .
)4الغمز :الطعن بالشر .
ّ
ن زها ظاهرها بالنبت ،إل أّنه ل يفيد الحيوان ن الدمنة وإ ْ)5الغرض التعريف ،بأ ّ
سامة القاتلة ،فنتاج الدمنة ل يكون طّيبا . وة ؛ لّنها مجمع الوساخ والكثافات ال ّ ق ّ
ن الصدور انطوت على قلوب مظلمة ّ
ن زها ظاهرهم بالسلم إل أ ّ وأهل الكوفة وإ ْ
،ل يصدر منها إل ّ بما يقوم به أهل الجأهلّية واللحاد .
)6في رواية اللهوف وابن نما )فضةبالفاء الموحدة والضاد المعجمة ولم يتضح
المراد منه بعد عدم الترجيح على الذهب وغيره ،نعم رواية ابن شهر اشوب في
المناقب )قصةبالقاف المثناة والصاد المهملة وهي الجص تتناسب مع الملحودة
التي هي القبر ولم ينكر أهل اللغة هذا المعنى ففي الصحاح للجوهري قصص
داره أي جصصها وفي تاج العروس ج 4ص 423تقصيص الدار تجصيصها وكذلك
قبر مقصص ومنه الحديث نهى النبي )صّلى الله عليه وآله( عن تقصيص القبور
وهو بناؤها بالقصة وفيه ص 422قال القصة هي الجص بلغة الحجاز أو الحجارة
من الجص وعن ابن دريد ان ابا سعيد السيرافي يقول بكسر القاف وعند غيره
بفتحها وفي الفائق للزمخشري ج 2ص 173روى ان النبي )صّلى الله عليه
وآله( نهى عن تطيين القبور وتقصيصها اي تجصيصها فان القصة هي الجصة وفي
غريب الحديث لبي عبيد ج 1ص 277حيدر آباد التقصيص الجص يقال قصصت
القبور والبيوت اذا جصصتها وفي )لحن العوامص 145للزبيدي تقصيص القبور
تبييضها بالجص وفي نيل الوطار للشوكاني ج 4ص 73القصة بفتح القاف
وتشديد الصاد لمهملة هي الجص وفي مسند احمد ج 2صفحة 137عن عبد الله
بن عمر ان عثمان بنى جدار مسجد النبي )صّلى الله عليه وآله( بالحجارة
المنقوشة والقصة وفي تاريخ المدينة للمسعودي ج 2صفحة 105كان قبر حمزة
مبنيا ً بالقصة أي مجصص ل خشب عليه وفي البحار ج 18ص 374باب الدفن
عن معاني الخبار قال :تقصيص القبور تجصيصها لن الجص يقال له القصة وفي
النهاية لبن الثير مادة قصص في حديث زينب يا قصة على ملحودة شبهت
اجسامهم بالقبور المتخذة من الجص وانفسهم بجيف الموتى التي تشتمل عليها
القبور ،والذي أراه ان النكتة في هذه الستعارة ان القصة بلغة الحجاز الجص
والملحودة القبر لكونه ذا لحد فكأن القبر يتزين ظاهره ببياض الجص ولكن داخله
جيفة قذرة وأهل الكوفة وان تزين ظاهرهم بالسلم ال ان قلوبهم كجيف الموتى
بسبب قيامهم باعمال الجاهلية الوخيمة العاقبة من الغدر وعدم الثبات على
المبادي الصحيحة وقد انفردت )متممة الدعوة الحسينيةبهذه النكات البديعة التي
177
لم يسبقها مهرة البلغاء اليها لنها ارتضعت در )الصديقة الكبرىالتي اخرست
الفصحاء بخطابها المرتجل يوم أجمع القوم على غصبها حقها مع ما اكتنفها من
فوادح تبلبل فكر البليغ فعرفت الحاضرين ومن يأت من الجيال عظيم الجناية
وخسران الرضوان الكبر كما ان سيد الوصياء نسه عرف اولئك المتجمهرين
على غصب حقه المجعول له من الله سبحانه يوم الغدير ويوم المنزلة ويوم
العلن بالثقلين في خطبته المعروفة بالوسيلة التي خطبها في مسجد النبي
)صّلى الله عليه وآله( بعد وفاة النبي )صّلى الله عليه وآله( بسبعة أيام وقد فرغ
من جمع القرآن كما نص عليه الكليني في روضة الكافي .
أتبكون وتنتحبون ؟! إي والله فابكوا كثيرا ً ،واضحكوا قليل ً ؛ فلقد ذهبتم بعارها
وشنارها ،ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا ً ،وأّنى ترحضون قْتل سليل خاتم النب ّ
وة
جتكم ،وملذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ، ح ّ
جتكم ومنارم َ ومعدن الرسالة ،ومدرة ح ّ
وسّيد شباب أهل الجّنة ،أل ساء ما تزرون .
سعي وتّبت اليدي ،وخسرت فتعسا ً و نكسا ً وُبعدا ً لكم وسحقا ً ،فلقد خاب ال ّ
ضربت عليكم الذّلة والمسكنة . الصفقة ،وبؤتم بغضب من الله ورسوله ،و ُ
ويلكم يا أهل الكوفة ،أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم ؟ وأيّ كريمة له
أبرزتم ؟ وأيّ دم له سفكتم ؟ وأيّ حرمة له انتهكتم ؟ لقد جئتم شيئا ً إد ّا ً ،تكاد
طرن منه ،وتنشقّ الرض ،وتخّر الجبال هد ّا ً .ولقد أتيتم بها خرقاء سموات يتف ّ ال ّ
سماء . شوهاء كطلع الرض ) (1وملء ال ّ
سماء دما ً ولعذاب الخرة أخزى وهم ل ُينصرون ،فل ن مطرت ال ّ أفعجبتم أ ْ
ن رّبكم يستخفّنكم المهل ،فإّنه ل يحفزه البدار ،ول يخاف فوت الثار ،وإ ّ
ل َِبالمرصاد).2
____________________________
) (1في تهذيب اللغة ، 171 / 3ومقاييس اللغة ، 419 / 3والمغرب للمطرزي
، 17 / 2والفايق ، 125 / 1والّنهاية ،واللسان ،وتاج العروس كّلهم ما ّ
دة
)طلع .
وذكر في اللسان حديث النبي )ص( :رأى رجل ً به بذاذة تعلو عنه العين ،فقال :
ن طلع الرض ملؤها حّتى يسيل . ))هذا خير من طلع الرض ذهبا ً ( .إ ّ
ن لي طلع الرض ذهبا ً لفتديت به طاب عند موته :لو أ ّ وفي حديث عمر بن الخ ّ
هول المطلع .وهو يملؤها حّتى يطلع عنها ويسيل . من َ
ي
ب إل ّ وفي الفايق عن الحسن البصري قال :لئن أعلم أّني بريء من الّنفاق أح ّ
من طلع الرض ذهبا ً ،وهو ملؤها .
)2رّتبنا الخطبة من أمالي الشيخ الطوسي ،وأمالي ابنه ،واللهوف ،وابن نما ،
وابن شهر آشوب ،واحتجاج الطبرسي .
مة ،فأنت بحمد الله عالمة غير سجاد )ع( )) :اسكتي يا ع ّ فقال لها المام ال ّ
معّلمة ،وفِهمة غير مفّهمة ( ) . (1فقطعت العقيلة الكلم ،وأدهشت ذلك الجمع
المغمور بالتمويهات والمطامع ،وأحدث كلمها إيقاظا ً في الفئدة ولفتة في
البصائر ،وأخذت خطبتها من القلوب مأخذا ً عظيما ً ،وعرفوا عظيم الجناية ،فل
يدرون ما يصنعون
.
صت بها أعـيت بـرونقها البليغ الخطبا خ ّفـعن الـوصي بلغة ُ
ل من غرر الخطابة مقضبا ً مـا اسـترسلت إل ّ وتحسب أّنها تـست ّ
ي فـي يد باسل أخـلى بـه ظـهرا ً وأوهى منكبا أو أّنـها الـيزن ّ
178
أّنـهـا تـقـتاد مـنها فـيلقا ً وتـسوق من زمر الحقائق موكبا أو
ن فـي غـاب المـامة لبوة لـزئيرها عـنت الـوجوه تهّيبا أ ّ أو
ً ً
م تلطمت أمـواجه عـلما حـجى بأسا إبا أّنـها الـبحر الخض ّ أو
َ ً
ن مـن غضب الله صواعقا لـم تـلف عنها آل حرب مهربا أ ّ أو
ً
ضلل ثبا ثبا ن حـيدرة عـلى صـهواتها يـفني كـراديس ال ّ أ ّ أو
ً
أّنــه ضـمـته ذروة مـنبر فـأنار نـهجا لـلشريعة ألـحبا أو
ن فـي الـلوى عقيلة هاشم قد فّرقت شمل العمى ايدي سبا)((2 أ ّ أو
179
ن أقول عليك خلف ما أنزلت من أخذ ن أفتري عليك ،وأ ْ م إّني أعوذ بك أ ْ الله ّ
قه ،المقتول من غير ذنب كما العهود والوصّية لعلي بن أبي طالب المغلوب ح ّ
ُقتل ولده بالمس ،في بيت من بيوت الله تعالى ،فيه معشر مسلمة بألسنتهم ،
تعسا ً لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيما ً في حياته ول عند مماته ،حّتى قبضه الله
تعالى إليه محمود الّنقيبة طّيب العريكة ،معروف المناقب مشهور المذاهب َ ،لم
م للسلم صغيرا ً ، تأخذه في الله سبحانه َلومة لئم ول عذل عاذل ،هديته الله ّ
وحمدت مناقبه كبيرا ً ،وَلم يزل ناصحا ً لك ولرسولك ،زاهدا ً في الدنيا غير حريص
عليها ،راغبا ً في الخرة ،مجاهدا ً لك في سبيلك ،رضيته فاخترته وهديته إلى
صراط مستقيم .
ما بعد يا أهل الكوفة ،يا أهل المكر والغدر والخيلء ،فإّنا أهل بيت ابتلنا الله أ ّ
بكم ،وابتلكم بنا .فجعل بلءنا حسنا ً ،وجعل علمه عندنا وفهمه لدنيا ،فنحن
جته على الرض في بلده لعباده ،أكرمنا عيبة علمه ،ووعاء فهمه وحكمته ،وح ّ َ
من خلق الله مد )صلى الله عليه وآله( على كثير م ّ ّ ضلنا بنبّيه مح ّ الله بكرامته ،وف ّ
ً ً
فرتمونا ،ورأيتم قتالنا حلل ،وأموالنا نهبا ،كأّننا أولد ترك تفضيل ً ،فك ّ
ذبتمونا وك ّ
دنا بالمس ،وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد أو كابل ،كما قتلتم ج ّ
ً
دم ،قّرت لذلك عيونكم ،وفرحت قلبوكم افتراًء على الله ومكرا مكرتم متق ّ
والله خير الماكرين ،فل تدعوّنكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ،
ن ما أصابنا من المصائب الجليلة ،والرزايا العظيمة ونالت أيديكم من أموالنا ،فإ ّ
ن ذلك على الله يسير ؛ لكيل تأسوا على ما فاتكم في كتاب من قبل أن نبرأها ،إ ّ
ل مختال فخور . بك ّ ول تفرحوا بما آتاكم ،والله ل يح ّ
سماء نقمات ، ل بكم وتواترت من ال ّ ن قد ح ّ تب ّا ً لكم فانظروا اللعنة والعذاب ،فكأ ّ
م تخلدون في العذاب الليم يوم فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ،ث ّ
القيامة ؛ بما ظلمتمونا ،أل لعنة الله على الظالمين .
ويلكم ! أتدرون أّية يد طاعنتنا منكم ؟ وأّية نفس نزعت إلى قتالنا ؟ أم بأّية ِرجل
مشيتم إلينا ؟ تبغون محاربتنا ،قست قلوبكم وغلظت أكبادكم وطبع الله على
ول لكم الشيطان وأملى لكم ،وجعل أفئدتكم ،وختم على سمعكم وبصركم وس ّ
على بصركم غشاوة فأنتم ل تهتدون .
تب ّا ً لكم يا أهل الكوفة ،أيّ ترات لرسول الله ِقبَلكم ،وذحول له لديكم ؟ بما
دي وبنيه وعترته الطّيبين الخيار ،وافتخر عندتم بأخيه على بن أبي الطالب ج ّ
بذلك مفتخركم
.
اا ااااا ااا ااااا ااااا اااا ااا اااااا ااا ا
اااااا اااااا ااا ااا ااااااااا ااااا اااا
كاهم الله وطّهرهم بفيك أيها القائل الكثكث والثلب ) (1افتخرت بقتل قوم ز ّ
ل امرىء ما اكتسب وأذهب عنهم الرجس فأكضم وأقع كما أقعى أبوك فإّنما لك ّ
دمت يداه .وما ق ّ
من يشاءضلنا الله تعالى ،ذلك فضل الله يؤتيه َ حسدتمونا ويل ً لكم على ما ف ّ
من َلم يجعل الله له نورا ً فما له من نور .والله ذوالفضل العظيم .و َ
ك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت فارتفعت الصوات بالبكاء والّنحيب وقالوا :حسب ِ
قلوبنا وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا ،فسكتت .
____________________________
180
) (1في تاج العروس :الثلب )بكسر الهمزة واللم وفتحهم(ا ،والفتح أكثر :
جر ،وقيل دقاق الحجارة .وقال شمر الثلب )بلغة الحجاز :الحجارة .وبلغة الح َ
تميم التراب( وهو دعاء .وفي الحديث )) :الولد للفراش وللعاهر الثلب .
وفيه صفحة : 640الكثكث )كجعفر ،وزبرج( :دقائق التراب ،ويقال :التراب
عامة ،يقال بفيه الكثكث :أي التراب .
م كلثوم )(1خطبة ا ُ ّ
م كلثوم :صه يا أهل الكوفة ،تقتلنا رجالكم ،وتبكينا نساؤكم ،فالحاكم وقالت ا ُ ّ
بيننا وبينكم الله يوم فصل الخطاب .
يا أهل الكوفة ،سوأة لكم ،ما لكم خذلتم حسينا ً وقتلتموه وانتهبتم أموآله ،
وسبيتم نساءه ونكبتموه ؟! فتب ّا ً لكم وسحقا ً .
ويلكم ! أتدرون أيّ دواهٍ دهتكم ؟ وأيّ وزر على ظهوركم حملتم ؟ وأيّ دماء
سفكتم ؟ وأيّ كريمة أصبتموها ؟ وأيّ صبّية أسلمتموها ؟ وأيّ أموال انتهبتموها ؟
ن حزب الله هم قتلتم خير الرجالت بعد الّنبي ،وُنزعت الرحمة من قلوبكم ،أل إ ّ
المفلحون ،وحزب الشيطان هم الخاسرون .
ج الّناس بالبكاء ،ونشرن الّنساء الشعور ،وخمشن الوجوه ولطمن الخدود ، فض ّ
َ
ودعون بالويل والثبور .فلم يَر ذلك اليوم أكثر باك .
جاد )ع(
خطبة الس ّ
وجيء بعلي الحسين )ع( على بعير ضالع ،والجامعة في عنقه ،ويداه مغلولتان
إلى عنقه ،وأوداجه تخشب دما ً فكان يقول :
ما سكتوا ،حمد الله وأثنى عليه وذكر الّنبي ن اسكتوا ،فل ّوأومأ إلى الّناس أ ْ
من لم يعرفني َ من عرفني فقد عرفني ،و َ م قال :أّيها الّناس َ ، فصّلى عليه ،ث ّ
فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ،أنا ابن من انُتهكت حرمته ،
سلبت نعمته وانتهب ماله ، و ُ
____________________________
م كلثومدة مواضع من كتابنا هذا إلى :أن زينب العقيلة هي ا ُ ّ ) (1أشرنا في ع ّ
سابق ،ونذكر هذا الكلم هنا على عادة أهل وهذه الفقرات جزء من كلمها ال ّ
المقاتل .
ط الفرات من غير ذحل ول ترات ،أنا ابن من سبي عياله ،أنا ابن المذبوح بش ّ و ُ
ً ً
ُقتل صبرا ،وكفى بذلك فخرا .
أّيها الّناس ناشدتكم الله هل تعلمون أّنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه
من أنفسكم العهود والميثاق والبيعة ،وقاتلتموه ؟
دمتم لنفسكم ،وسوأة لرأيكم ،بأّية عين تنظرون إلى رسول فّتبا ً لكم ِلما ق ّ
متي (. الله ؟ إذ يقول لكم :قتلتم عترتي ،وانتهكتم حرمتي ،فلستم من ا ُ ّ
فارتفعت الصوات بالبكاء وقالوا :هلكتم وما تعلمون .
سلم )) :رحم الله امرءا ً قِبل نصيحتي ،وحفظ وصّيتي في الله م قال عليه ال ّ ث ّ
181
ن لنا في رسول الله ُاسوة حسنة(. وفي رسوله وأهل بيته ،فإ ّ
فقالوا بأجمعهم :نحن يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك ،غير
زاهدين فيك ،ول راغبين عنك ،فمرنا بأمرك يرحمك الله ،فإّنا حرب لحربك ،
من ظلمك وظلمنا . سلم لسلمك ،نبرأ م ّ و ِ
حيل بينكم وبين شهوات سلم )) :هيهات هيهات أّيها الغدرة المكرة ِ ، فقال عليه ال ّ
ب الراقصات ،ي كما أتيتم إلى أبي من قبل ؟ كل ّ ور ّ أنفسكم ،أتريدون أن تأتوا إل ّ
ما يندمل ُ ،قتل أبي بالمس وأهل بيته ،وَلم ينس ثكل رسول الله ن الجرح ل ّ
فإ ّ
ن وجده والله لبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي ، وثكل أبي وبني أبي ،إ ّ
صته تجري في فراش صدري )1 وغ ّ
سما لم يكتم مـهل ً بـني حرب فما قد نالنا فـبعين جـّبار الـ ّ
فـكأّنني يوم الحساب بأحمد بالرسل يقدم حاسرا ً عن معصم
ويـقول ويلكم هتكتم حرمتي وتركتم السياف تنطف من دمي
م في المغنمي خـود سـقت ُ ُ مأ ّ
ي دم أرقـتم في الثرى أ ْتـدرون أ ّ
أمـن الـعدالة صونكم فتياتكم وحـرائري تسبى كسبي الديلم
والـماء تـورده يـعافير الفل وكـبود أطـفالي ظماء تضرم
تالله لـو ظفرت سراة الكفر في رهطي لما ارتكبوا لذاك المعظم
مد ما فاتكم طـعن الحناجر بعد حّز الغلصم يـا لـيت شعر مح ّ
____________________________
) (1الخطب كّلها ذكرها السّيد ابن طاووس في اللهوف ،وابن نما في مثير
الحزان .
اااا اااااا ااااا ااااا اا ااااااا اااا ااااا ااااا )(1
الدفن
ن سّيد الشهداء )ع( أفرد خيمة في حومة الميدان)) ،2وكان ذكر أهل التاريخ أ ّ
ّ
من ُقتل من صحبه وأهل بيته إليها ،وكلما يؤتى بشهيد يقول عليه يأمر بحمل َ
سلم )) :قتلة مثل قتلة النبّيين وآل النبّيين )) .3إل ّ أخاه أبا الفضل العّباس عليه ال ّ
ط الفرات)( .4 ً
ل سقوطه قريبا ً من ش ّ سلم تركه في مح ّ ال ّ
ما ارتحل عمر بن سعد بحرم الرسالة إلى الكوفة ترك ُاولئك الذين وصفهم ول ّ
أمير المؤمنين )ع( بأّنهم سادة الشهداء في الدنيا والخرة َ ،لم يسبقهم سابق ول
يلحقهم لحق)5على وجه الصعيد تصهرهم الشمس ويزورهم وحش الفل .
دث رجل من بني أسد :أّنه أتى المعركة بعد ارتحال العسكر ،فشاهد من
وح ّ
182
____________________________
مد رضا الزري رياض المدح والرثاء ، 445 /مطبعة الداب ، ) (1للحاج مح ّ
النجف .
))2تاريخ الطبري ، 256 / 6وكامل ابن الثير ، 30 / 4وإرشاد الشيخ المفيد .
)(3حكاه في البحار ، 211 / 10و ، 125 / 13عن غيبة النعماني .
ص عليه جماعة من المؤّرخين .انظر كتابنا )قمر بني هاشم صفحة ، 115 )(4ن ّ
المطبعة الحيدرّية في الّنجف .
)(5كامل الزيارات . 219 /
)(6للحاج هاشم الكعبي .
تلك الجسوم المضّرجة أنوارا ً ساطعة ،وأرواحا ً طّيبة ،ورأى أسدا ً هائل المنظر
طعة حّتى إذا وصل إلى هيكل القداسة وقربان الهداية ، طى تلك الشلء المق ّ يتخ ّ
تمّرغ بدمه ولذ بجسده ،وله همهمة وصياح ،فأدهشه الحال إذ لم يعهد مثل
الحيوان المفترس يترك ما هو طعمة أمثاله فاختفى في بعض الكم ؛ لينظر ما
جبه أّنه عند ما زاد في بعض تحّيره وتع ّ يصنع فلم يظهر له غير ذلك الحال .وم ّ
انتصاف الليل رأى شموعا ً مسرجة ملت الرض بكاءا ً وعويل ً مفجعا ً ). (1
وفي اليوم الثالث عشر من المحّرم أقبل زين العابدين )ع( لدفن أبيه الشهيد
ن المام ل يلي أمره إل ّ إمام مثله ) .2يشهد له مناظرة الرضا سلم ؛ ل ّ عليه ال ّ
ن أبا الحسن )ع( قال له )) :اخبرني عن الحسين )ع( مع علي بن أبي حمزة فإ ّ
من ولي أمره ؟ (قال ابن بن علي كان إماما ً ؟ (قال :بلى ،فقال الرضا )ع( )) :ف َ
سجاد .فقال الرضا )ع( )) :فأين كان علي له علي بن الحسين ال ّ أبي حمزة :تو ّ
بن الحسين ؟ (قال ابن أبي حمزة :كان محبوسا ً بالكوفة عند ابن زياد ،ولكّنه
سجن .فقال الرضا م انصرف إلى ال ّ خرج وهم ل يعلمون به حّتى ولي أمر أبيه ،ث ّ
م ينصرف ، ن يأتي كربلء فيلي أمر أبيه ث ّ كن علي بن الحسين أ ْ من م ّ ن َ)ع( )) :إ ّ
ن ياتي بغداد فيلي أمر أبيه وليس هو في حبس ول إسار كن صاحب هذا المر أ ْ يم ّ
(.
____________________________
) (1مدينة المعاجز ، 263 /باب . 127
)2اثبات الوصية للمسعودي ص ، 173وقد ذكرنا في كتاب )زين العابدينص 402
الحاديث الدالة على ان المام ل يلي أمره إل امام مثله .
لم تكشف الحاديث هذا السر المصون ،ولعل النكتة فيه ان جثمان المعصوم
عند سيره الى المبدإ العلى بانتهاء امد الفيض اللهي يختص بآثار منها :ان ل
يقرب منه من لم يكن من أهل هذه المرتبة اذ هو مقام قاب قوسين او أدنى ،
ذلك المقام الذي تقهقر عنه الروح المين وعام النبي )صّلى الله عليه وآله( وحده
ونوا من في سبحات الملكوت وليست هذه الدعوى في الئمة بغريبة بعد ان تك ّ
الحقيقة المحمدية وشاركوا جدهم في المآثر كلها إل النبوة والزواج كما في
المحتضر للحسن بن سليمان الحلي ص 22طبع النجف وهذه اسرار ل تصل اليها
افكار البشر ول سبيل لنا الى النكار بمجرد بعدنا عن ادراكها ما لم تبلغ حد
الستحالة وقد نطقت الثار الصحيحة بأن للئمة احوال غريبة ليس لسائر الخلق
الشركة معهم كإحيائهم الموات بالجساد الصلية ورؤية بعضهم بعضا ً وصعود
أجسادهم الى السماء وسماعهم سلم الزائرين لهم وقد صادق على ذلك شيخنا
المفيد في المقالت ص 84ط طهران والكراجكي في كنز الفوائد والمجلسي
في مرآة العقول ج 1ص 373وكاشف الغطاء في منهج الرشاد ص ، 51
183
والنوري في دار السلم ج 1ص . 289
سجاد )ع( وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى ،متحّيرين ل يدرون ما ما أقبل ال ّ ول ّ
يصنعون ،وَلم يهتدوا إلى معرفتهم ؛ وقد فّرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم و
ما جاء إليه من سلم ع ّ رّبما يسألون من أهلهم وعشيرتهم .فأخبرهم عليه ال ّ
مواراة هذه الجسوم الطاهرة ،و أوقفهم على أسمائهم ،كما عّرفهم بالهاشمّيين
ل مسيل ،ونشرت من الصحاب ،فارتفع البكاء والعويل ،وسالت الدموع منهم ك ّ
السدّيات الشعور ولطمن الخدود .
ً ً
م مشى المام زين العابدين )ع( إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءا عاليا ،وأتى ث ّ
إلى موضع القبر ،ورفع قليل من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق ، ً
فبسط كفيه تحت ظهره وقال )) :بسم الله وفي سبيل الله وعلى مّلة رسول
وة إل ّ بالله العظيم ( .وأنزله الله ،صدق الله ورسوله ،ما شاء الله ،ل حول ول ق ّ
ما
من يعينني ( .ول ّ ن معي َ وحده َ ،لم يشاركه بنو أسد فيه ،وقال )ع( لهم )) :إ ّ
منت ده على منحره الشريف قائل ً )) :طوبى لرض تض ّ أقّره في لحده ،وضع خ ّ
ما الليل ن الدنيا بعدك مظلمة والخرة بنورك مشرقة ،أ ّ جسدك الطاهر ،فإ ّ
سهد والحزن سرمد ،أو يختار الله لهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم ،و فم ّ
سلم يابن رسول الله و رحمة الله وبركاته (. عليك مّني ال ّ
وكتب على القبر )) :هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتلوه عطشانا ً
غريبا ً (.
سلم فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملئكة مه العّباس عليه ال ّ م مشى إلى ع ّ ث ّ
دس سماء وأبكت الحور في غرف الجنان ووقع عليه يلثم نحره المق ّ بين أطباق ال ّ
سلم من شهيد قائل ً )) :ع( لى الدنيا بعدك العفا يا قمر هاشم ،وعليك مّني ال ّ
محتسب ورحمة الله وبركاته (.
ً
ن معي وشقّ له ضريحا ً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد ،وقال لبني أسد )) :إ ّ
من يعينني (. َ
نعم ،ترك مساغا لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء ،وعّين لهم موضعين ً
لولى بني هاشم ،وفي الثانية الصحاب ن يحفروا حفرتين ،ووضع في ا ُ وأمرهم أ ْ
). (1
مه كانت ُ
نا ّ ما الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الن وقيل :أ ّ وأ ّ
ما رأت ما ُيصنع بالجساد ،حملت الحر إلى هذا المكان).2 حاضرة فل ّ
سلم ،وفي ذلك يقول وكان أقرب الشهداء إلى الحسين ولده الكبر عليه ال ّ
ً
ماد البصري ُ)) :قتل أبو عبد الله غريبا بأرض غربة ،يبكيه المام الصادق )ع( لح ّ
من لم يشهده ،ويرحمه من نظر َ من لم يزره ،ويحترق له َ من زاره ،ويحزن له َ َ
م منع الحقّ وتوازر عليه ّ ث ، قربه حميم ول فلة أرض في ليه َ رج عند ابنه قبر إلى
سباع ومنعوه شرب ماء الفرات الذي دة حّتى قتلوه وضّيعوه وعرضوه لل ّ أهل الر ّ
يشربه الكلب وضّيعوا حقّ رسول الله )ص( ووصّيته به وبأهل بيته ،فأمسى
مجفوا ً في حفرته صريعا ً بين قرابته وشيعته ،قد اوحش قربه في الوحدة والبعد
من امتحن الله قلبه لليمان وعرف حقنا (. ده والمنزل الذي ل يأتيه إل ّ َ عن ج ّ
ّ ُ
دثني أبي :أّنه لم يخل مكانه منذ قتل من مصل عليه من الملئكة أو من َ ولقد ح ّ
سح ويرجو في ّ
ن والنس أو من الوحش ،وما من أحد إل ويغبط زائره ويتم ّ الج ّ
ن الله تعالى ليباهي الملئكة بزائريه . َ الّنظر إليه الخير لنظره إلى قبره ،وإ ّ
ل صباح ومساء . حم عليه ك ّ ما ما له عندنا فالتر ّ وأ ّ
ً
ن قوما من أهل الكوفة وناسا غيرهم من نواحيها يأتونه في ً ولقد بلغني أ ّ
184
____________________________
) (1الكبريت الحمر ،وأسرار الشهادة ،واليقاد .
)2الكبريت الحمر ،ونقل السّيد الجزائري في النوار الّنعمانية 344 /ما يشهد
ما
ن إسماعيل الصفوي نبش الموضع ،فظهر له رجل كهيئته ل ّ بذلك ،فإّنه نقل :أ ّ
دها ،فبنى َ
ما حلها انبعث الدم ولم ينقطع إل ّ بش ّّ ُقتل ،وعلى رأسه عصابة ،فل ّ
ً
على القبر قّبة ،وعّين له خادما .
وعليه فإنكار الّنوري في اللؤلؤ والمرجان دفَنه هنا َلم ُيدعم بقرينة .
ن حمد الله المستوفي ذكر وفي تحفة العالم للسّيد جعفر بحر العلوم : 37 / 1إ ّ
ده الثامنن في ظاهر كربلء قبر الحر تزوره الّناس وهو ج ّ في نزهة القلوب :إ ّ
عشر .وكان أحدهم يقول :
ااااا ااااااا اااااا اا ااا اااا ااااا اااااااااا
مد القزويني : جة السيد مح ّ فرد ّ عليه الح ّ
اا اااااا اااااا ااا اااا ااااااا ااا ااااااا ااا
ااا اااا ااااا اا ااااا اااا اااا اا ااا اااا
ص ونادب يندب ،ونساء يندبنه ، ص يق ّ
الّنصف من شعبان ،فبين قارئ يقرأ وقا ّ
ماد :قد شهدت بعض ما تصف . وقائل يقول المراثي ! فقال ح ّ
من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي سلم )) :الحمد لله الذي جعل في الّناس َ قال عليه ال ّ
ددونهم ويقّبح ما يصنعون ). (1 من يطعن عليهم ويه ّ لنا ،وجعل عدّونا َ
185
في قصر المارة )(1
ما رجع ابن زياد من معسكره بالّنخيلة ودخل قصر المارة)2ووضع أمامه الرأس ل ّ
ً
دس ،سالت الحيطان دما)3وخرجت نار من بعض نواحي القصر وقصدت المق ّ
ّ ً ّ
سرير ابن زياد)4فولى هاربا منها ودخل بعض بيوت القصر فتكلم الرأس الزهر
ن َلم تنلك
من حضر ـ )) :إلى أين تهرب فإ ْبصوت جهوري ـ سمعه ابن زيد وبعض َ
من في الدنيا فهي في الخرة مثواك ( ،وَلم يسكت حّتى ذهبت الّنار .وادهش َ
ُ
في القصر لهذا الحادث الذي َلم يشاهد مثله)5وَلم يرتدع ابن زياد لهذا الحادث
سبايا مجلسه ،فُادخلت عليه حرمما ً ،وأمر بإدخال ال ّ
بل أِذن للّناس إذنا ً عا ّ
رسول الله بحالة تقشّعر لها الجلود)( .6
ديه ،وجعل ينكت بالقضيب ثناياه سلم بين ي َ ووضع رأس الحسين عليه ال ّ
____________________________
ما دخل علي )ع( فين لنصر بن مزاحم ، 8 /طبعة مصر :ل ّ ) (1في كتاب ص ّ
الكوفة ،قيل :أي القصرين ننزلك ؟ قال )) :قصر الخبال ل تنزلونيه ( .فنزل
على جعدة بن هبيرة المخزومي .والخبال كما في الفائق للزمخشري والّنهاية
لبن الثير ومقاييس اللغة لبن فارس :مادة )خبل ،الخبل :الفساد ،وحراقة
جور والفساد . صديد أهل الّنار ،والمراد هنا منزل أهل ال َ
))2في لطائف المعارف للثعالبي ، 142 /الباب التاسع :روى عبد الملك بن
عمير اللخمي قال :رأيت في قصر المارة رأس الحسين بن علي بن أبي طالب
عند عبيد الله بن زياد على ترس ،ورأيت رأس عبيد الله بن زياد عند المختار
على ترس ،ورأيت رأس المختار عند مصعب بن الزبير على ترس ،ورأيت رأس
دثت بذلك عبد الملك ما ح ّدي عبد الملك بن مروان على ترس ،ول ّ مصعب بين ي َ
سيوطي في تاريخ الخلفاء ، 139 /وسبط ابن تطّير منه وفارق مكانه .ورواه ال ّ
الجوزي في تذكرة الخواص ، 148 /طبعة ايران .
))3تاريخ ابن عساكر ، 339 / 4والصواعق المحرقة ، 116 /وذخائر العقبى /
لولى . ، 145وابن طاووس في الملحم 128 /الطبعة ا ُ
))4كامل ابن الثير ، 103 / 4ومجمع الزوائد لبن حجر ، 196 / 9والمقتل
للخوارزمي ، 87 / 2والمنتخب للطريحي ، 339 /المطبعة الحيدرّية ،والبداية
لبن كثير . 286 / 8
))5شرح قصيدة أبي فراس . 149 /
))6أخبار الدول ، 8 / 1لبي العّباس أحمد بن يوسف بن أحمد القرماني .
طلب الحّلي ذكرت في شعراء الحّلة . 218 / 3 ))7من قصيدة للسّيد عبد الم ّ
ساعة ،فقال له زيد بن أرقم :ارفع القضيب عن هاتين الشفتين ؛ فوالله الذي ل
م بكى ، إله إل ّ هو لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقّبلهما .ث ّ
فقال له ابن زياد :أبكى الله عينيك ،فوالله َلول أّنك شيخ قد خرفت وذهب
عقلك لضربت عنقك .فخرج زيد من المجلس وهو يقول :ملك عبد عُُبدا ً
مرتمفاتخذهم تلدا ً ،أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ،قتلتم ابن فاطمة ،وأ ّ
186
من رضي ل فُبعدا ً ل َ ابن مرجانة ،يقتل خياركم ويستعبد شراركم ،فرضيتم بالذ ّ
ل ). (1 بالذ ّ
وة ّ
وانحازت زينب ابنة أمير المؤمنين )ع( عن الّنساء وهي متنكرة ،لكن جلل النب ّ
كرة ؟ وبهاء المامة المنسدل عليها استلفت نظر ابن زياد فقال :من هذه المتن ّ
ما جاء ن يحرق قلبها بأكثر م ّ قيل له :ابنة أمير المؤمنين زينب العقيلة .فأراد أ ْ
متا ً :الحمد لله الذي فضحكم ،وقتلكم وأكذب احدوثتكم .فقالت
ُ إليهم فقال متش ّ
مد وطّهرنا من الرجس تطهيرا ً ، سلم( :الحمد لله الذي أكرمنا بنبّيه مح ّ )عليها ال ّ
إّنما يفتضح الفاسق ،ويكذب الفاجر ،وهو غيرنا .قال ابن زياد :كيف رأيت فعل
سلم( :ما رأيت إل ّ جميل ً ،هؤلء قوم كتب الله الله بأهل بيتك ؟ قالت )عليها ال ّ
ج وُتخاصم) ) عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ،وسيجمع الله بينك وبينهم فُتحا ّ
مك يابن مرجانة) .3فغضب ابن زياد ، من الفلج يومئذ ،ثكلتك ا ُ ّ 2فانظر ل َ
م بها . واستشاط من كلمها معه في ذلك المحتشد وه ّ
فقال له عمرو بن حريث :إّنها امرأة ،وهل تؤاخذ بشيء من منطقها ،ول تلم
على خطل .
____________________________
) (1الصواعق المحرقة ، 118 /وفي تاريخ الطبري 262 / 6والبداية والنهاية
لبن كثير ، 190 / 8ومجمع الزوائد ، 195 / 9وتاريخ ابن عساكر ، 340 / 4
ذكروا وانكاره عليه ول ينافي كونه أعمى على تقدير صحته ؛ لجواز أّنه سمع بذلك
فأنكر عليه .وعبارة ابن عساكر )كان زيد حاضرا ً تؤّيده .
)2تاريخ الطبري . 262 / 6
)3اللهوف . 90 /
فالتفت إليها ابن زياد وقال :لقد شفى الله قلبي من طاغيتك والعصاة المردة
من أهل بيتك .فرّقت العقيلة وقالت َ :لعمري لقد قتلت كهلي ،وابرزت أهلي ،
ن يشفك هذا فقد اشتفيت ). (1 وقطعت فرعي ،واجتثثت أصلي ،فإ ْ
والتفت إلى علي بن الحسين )ع( وقال له :ما اسمك ؟ قال ) :أنا علي بن
سجاد )ع( ) :كان لي أخ أكبر الحسين ( .فقال له :أوََلم يقتل الله عليا ً ؟ فقال ال ّ
سجادن الله قتله .قال ال ّ مى عليا ً قتله الّناس ( .فرد ّ عليه ابن زياد بأ ّ مّني)ُ2يس ّ
ن تموت إل ّ بإذن الله (. )ع( ) :الله يتوّفى النفس حين موتها ،وما كان لنفس أ ْ
ن تضرب عنقه لكن عمّته العقيلة اعتنقته ن يرد عليه ،فأمر أ ْ فكبر على ابن زياد أ ْ
وقالت :حسبك يابن زياد من دمائنا ما سفكت ،وهل أبقيت أحدًا)3غير هذا ؟
ن القتل لنا تأ ّ سجاد )ع( )) :أما علم َ ن أردت قتله ،فاقتلني معه .فقال ال ّ فإ ْ
عادة ،وكرامتنا من الله الشهادة ؟! )4فنظر ابن زياد إليهما وقال :دعوه لها ،
دت أّنها ُتقتل معه)).5 عجبا ً للرحم ! و ّ
وأخذت الرباب زوجة الحسين )ع( الرأس ووضعته في حجرها وقّبلته وقالت :
____________________________
) (1كامل ابن الثير ، 33 / 4ومقتل الخوارزمي ، 42 / 2وتاريخ الطبري / 6
، 263وإرشاد المفيد ،وإعلم الورى للطبرسي . 141 /
وفي كامل المبّرد 145 / 3طبعة سنة ) : 347 (1لقد أفصحت زينب بنت علي
جة حاجتها فقال ابن من حمل إلى ابن زياد وأبلغت وأخذت من الح ّ ن َ وهي أس ّ
ك خطيبا ً شاعرا ً .فقالت جة حاجتك فقد كان أبو ِ ن تكوني بلغت من الح ّ زياد لها :إ ْ
:ما للّنساء والشعر .وكان ابن زياد ألكنا ً يرتضخ الفارسّية اهـ .
ص عيه ابن جرير الطبري في المنتخب من الذيل ، 89 /ملحق بالتاريخ 12 / ))2ن ّ
187
دة
،وأبو الفرج في المقاتل 49 /طبعة ايران ،والدميري في حياة الحيوان بما ّ
)بغل ،والمنتخب للطريحي 238 /المطبعة الحيدرّية ونسب قريش لمصعب
الزبيري ، 58 /وذكرنا في رسالة )ع( لي الكبر ، 17 /نصوص المؤرخين :على
ن المقتول هو الكبر .أ ّ
))3تاريخ الطبري . 263 / 6
))4اللهوف ، 91 /ومقتل الخوارزمي . 13 / 2
))5ابن الثير . 34 / 4
ااا اااااااا اا ااااااااااا اااا اااااا اااااااا ااا ا
ااااااا اااااااا اااااا اا ااا اااا ااااا اااااا )(1
ما تكّلمت معه ما وضح لبن زياد ولولة الّناس ولغط أهل المجلس خصوصا ً ل ّ ول ّ
لسارى في دار إلى جنب زينب العقيلة خاف هياج الّناس فأمر الشرطة بحبس ا ُ
سجن المسجد العظم) )2قال حاجب ابن زياد :كنت معهم حين أمر بهم إلى ال ّ
فرأيت الرجال والّنساء مجتمعين يبكون ويلطمون وجوههم)) .3فصاحت زينب
سبينا)).4
سبين كما ُ ن ُم ولد ؛ فإّنه ّبالّناس :ل تدخل علينا إل ّ مملوكة أو ا ُ ّ
ل فل يصدر منها غير ن المسبّية تعرف مضض عناء الذ ّ تشير الحوراء العقيلة إلى أ ّ
ساس نج ّ المحمود من شماتة وغيرها ،وهذا شيء معروف ل ينكر ،فقد ورد أ ّ
ساس زوجة كليب ،واجتمع نساء ما َقتل كليب بن ربيعة ،وكانت ُاخت ج ّ بن مّرة ل ّ
ن قيامها حلي جليلة عن مأتمك ؛ فإ ّ الحي للمأتم على كليب ،قلن لخت كليب :ر ّ
فيه شماتة وعار علينا عند العرب فإّنك ُاخت واترنا وقاتلنا ،فخرجت وهي تجّر
ما رحلت قالت ُاخت كليب :رحلة المعتدي وفراق الشامت)( .5 أذيالها ول ّ
ما ادخلوا عليه ،رأين الّنسوة رأس الحسين )ع( ُ ُ
ودعا بهم ابن زياد مّرة اخرى فل ّ
سماء ،فلم تتمالك ديه والنوار اللهّية تتصاعد من أساريره إلى عنان ال ّ بين ي َ
ن وقعت عليه تقّبله ،وقالت الرباب زوجة الحسين )ع( دون أ ْ
:
ن الذي كان نورا يستضاء به بـكربلء قـتيل غير مدفون ً إ ّ
ي جزاك الله صالحة عّنا وجنبت خسران الموازين سبط النب ّ
دينت تصحبنا بالرحم وال ّ ت لي جبل ً صعبا ألوذ به وكن َ قد كن َ
ل مسكين من يـعنى ويأوى إليه ك ّ من للسائلين و َ من لليتامى و َ َ
____________________________
) (1تذكرة الخواص : 148 /ومن الشتباه وعدم التدّبر ما جاء في الحماسة
البصرّية ، 214 / 1رقم ، 18باب المراثي ،نسبة هذين البيتين إلى عاتكة بنت
نفيل زوجة الحسين )ع( فإّنه َلم يذكر الثقات من المؤّرخين تزويج الحسين )ع(
منها .
)2اللهوف ، 91 /و المقتل الخوارزمي . 43 / 2
)3روضة الواعظين . 163 /
)4اللهوف ، 92 /ومقتل العوالم . 130 /
)5الغاني . 150 / 4
اا اااااااا ااااا اااااا )( (1 ااااا اا ااااا اااااااااااا ا ا
ابن عفيف
ن ينادى الصلة جامعة ،فاجتمعوا في الجامع
قال حميد بن مسلم :أمر ابن زياد أ ْ
188
العظم ،ورقى ابن زياد المنبر فقال :الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله ،ونصر
ذاب الحسين بن علي وشيعته) ذاب ابن الك ّ أمير المؤمنين يزيد وحزبه ،وقتل الك ّ
( .2
ُ
فلم ينكر عليه أحد من اولئك الجمع الذي غمره الضلل إل ّ عبد الله بن عفيف
ذاب ابنم الغامدي أحد بني والبة فإّنه قام إليه وقال :يابن مرجانة ،الك ّ الزدي ث ّ
لك وأبوه ،يابن مرجانة أتقتلون أبناء النبّيين ذاب أنت وأبوك والذي و ّ الك ّ
من هذا المتكّلم ؟ قال ابن عفيف ديقين ؟!)3فقال ابن زياد َ : وتتكّلمون بكلم الص ّ
:أنا المتكّلم يا عدوّ الله ! تقتلون الذرّية الطاهرة التي أذهب الله عنهم الرجس ،
وتزعم أّنك على دين السلم ؟! وا غوثاه ! أين أولد المهاجرين والنصار لينتقموا
ب العالمين .فازداد مد رسول ر ّ من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان مح ّ
ي به .فقامت إليه) )4الشرطة . غضب ابن زياد وقال :عل ّ
من حضر من فنادى ابن عفيف بشعار الزد ) :يا مبرور!( .فوثب إليه عدد كثير م ّ
الزد وانتزعوه وأَتوا به أهله .
وقال له عبد الرحمن بن مخنف الزدي :ويح غيرك لقد أهلكت نفسك وعشيرتك)
( .5
____________________________
) (1الغاني ، 158 / 14طبعة ساسي .
)2ابن الثير . 34 / 1
)3تاريخ الطبري . 263 / 6
)4اللهوف .
)5تاريخ الطبري . 263 / 6
م أمر ابن زياد بحبس جماعة من الزد ،فيهم عبد الرحمن بن مخنف الزدي )(1 ث ّ
ما بلغ الزدوفي الليل ذهب جماعة من ِقبل ابن زياد إلى منزله ؛ ليأتوه به ،فل ّ
معهم فأرسل مضر م إليهم أحلفهم من اليمن ،وبلغ ابن زياد تج ّ معوا وانض ّ ذلك تج ّ
قين جماعة ،ووصل مد بن الشعث)) ،2فاقتتلوا أشد ّ قتال وُقتل من الفري َ مع مح ّ
ابن الشعث إلى دار ابن عفيف واقتحموا الدار ،فصاحت ابنته :أتاك القوم .قال
ب به عن نفسه ،ويقول لها :ل عليك ،ناوليني سيفي .فجعل يذ ّ
:
اااا
ااا ااا اا ااااا اااااا اا ا
ااااا ااااا ااااا ااا اااا
ااااا ااااااا ااا ااااا ااا اااااا ااااا ااااااا اا ا
ديك هؤلء الفجرة قاتلي العترة وابنته تقول له :ليتني كنت رجل ً ،أذ ّ
ب َبين ي َ
البررة .
ن ابنته تقول له :أتاك القوم من جهة كذا .ن يدنو منه فإ ّ وَلم يقدر أحد منهم أ ْ
له ! ُيحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به .وهو ما أحاطوا به صاحت :وا ذ ّ ول ّ
يدور بسيفه ويقول
:
ااااااا اااا اا اا اااا ااا ااااا ااااا اااااا
ن تكاثروا عليه ،أخذوه وأتوا به إلى ابن زياد فقال له :الحمد لله الذي
وبعد أ ْ
أخزاك .قال ابن عفيف :وبماذا أخزاني ؟
189
ااااا اا ااا اا اا اااا ااا ااااا ااااا اااااا
قال ابن زياد :يا عدوّ الله ما تقول في عثمان ؟ فشتمه ابن عفيف وقال :ما
ي
ن الله تبارك وتعالى ول ّ أنت وعثمان ؟ أساء أم أحسن ،أصلح أم أفسد ،وإ ّ
خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحقّ ،ولكن سلني
____________________________
) (1رياض الحزان ، 57 /عن روضة الصفا .
مد بن الشعث ،وحيث ) )2في مثير الحزان لبن نما الحّلي :أرسل ابن زياد مح ّ
سلم أصابته عقرب فمات منها ، إّنه ُقتل يوم عاشوراء بدعاء الحسين عليه ال ّ
سل هذا أحد بني الشعث . فيكون المر َ
عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه .فقال ابن زياد :ل سألتك عن شيء ولتذوق
صة .صة بعد غ ّ الموت غ ّ
ن يرزقنيما إّني كنت أسأل رّبي أ ْ ب العالمين أ ّ
قال ابن عفيف :الحمد لله ر ّ
دي العن خلقه ن يجعلها على ي َ مك ،وسألت الله أ ْ ن تلدك ا ُ ّالشهادة من قبل أ ْ
ما الن والحمد لله الذي ف بصري يئست من الشهادة ،أ ّ ما ك ّ وأبغضهم إليه ول ّ
رزقنيها بعد اليأس منه ،وعّرفني الجابة في قديم دعائي .فأمر ابن زياد بضرب
سبخة ). (1 عنقه ،وصلبه في ال ّ
ً ً
ودعا ابن زياد بجندب بن عبد الله الزدي ،وكان شيخا كبيرا ،فقال له :يا عدّو
لحّبه وأفتخر به ،فين ؟ قال :نعم ،وإّني ُ الله ألست صاحب أبي تراب في ص ّ
َ
وأمقتك وأباك سّيما الن ،وقد قتلت سبط الرسول وصحبه وأهله ،ولم تخف من
ل حياًء من ذلك العمى وإّني ما العزيز الجّبار المنتقم .فقال ابن زياد :إّنك لق ّ
أراني إل ّ متقّربا ً إلى الله بدمك .فقال ابن جندب :إذا ل يقّربك الله .وخاف ابن
ً
زياد من نهوض عشيرته فتركه وقال :إّنه شيخ ذهب عقله وخرف .وخلي سبيله)
( .2
المختار الثقفي
سبايا في مجلسه ،أمر بإحضار المختار ،وكان محبوسا ً ما أحضر ابن زياد ال ّ
ل ّ
ما رأى المختار هيئة منكرة زفر زفرة عنده من يوم قَْتل مسلم بن عقيل ،فل ّ
شديدة وجرى بينه وبين ابن زياد كلم أغلظ فيه المختار فغضب ابن زياد وارجعه
سوط على عينه فذهبت)( .4 إلى الحبس) )3ويقال ضربه بال ّ
وبعد قَْتل ابن عفيف كان المختار بن أبي عبيد الثقفي مطلق السراح بشفاعة
عبد الله بن عمر بن الخطاب عند يزيد ؛ فإّنه زوج ُاخته صفّية بنت أبي
____________________________
) (1مثير الحزان لبن نما الحّلي ، 50 /واللهوف لبن طاووس ، 92 /ومقتل
صته في تاريخ الطبري ، 263 / 6والمحبر لبن الخوارزمي . 53 / 2واختصر ق ّ
حبيب ، 480 /والرشاد للشيخ المفيد ،والكل اّتفقوا على صلبه في الكناسة ،
مة . 116 / وذكره الربلي في كشف الغ ّ
))2مثير الحزان ، 51 /ومقتل الخوارزمي ، 55 / 2ورياض الحزان . 58 /
))3رياض الحزان . 52 /
))4العلق النفسّية لبن رسته . 224 /
ما خطب ابن زياد بعد قَْتل جله في الكوفة ثلثا ً ،ول ّ عبيد الثقفي ،ولكن ابن زياد أ ّ
190
ابن عفيف ونال من أمير المؤمنين )ع( ،ثار المختار في وجهه وشتمه وقال :
كذبت يا عدوّ الله وعدوّ رسوله ،بل الحمد لله الذي أعّز الحسين )ع( وجيشه
ل يزيد وجيشه بالّنار والخزي .فحذفه ابن زياد بعمود بالجّنة والمغفرة وأذّلك وأذ ّ
ن عمر بن سعد سجن ولكن الّناس عّرفوه بأ ّ حديد فكسر جبهته ،وأمر به إلى ال ّ
صهره على ُاخته وصهره الخر عبد الله بن عمر وذكروا ارتفاع نسبه ،فعدل عن
فع فيه ثانيا ً عبد الله بن عمر عند يزيد ،فكتب م تش ّ
سجن .ث ّقتله وأبقاه في ال ّ
إلى عبيد الله بن زياد بإطلقه ). (1
م أخذ المختار يخبر الشيعة بما علمه من خواص أصحاب أمير المؤمنين )ع( من ث ّ
نهضته بثأر الحسين )ع( وقتله ابن زياد والذين تألبوا على الحسين )ع( )( .2
ومن ذلك إّنه كان في حبس ابن زياد ،ومعه عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد
مار .فطلب عبد الله بن الحارث حديدة يزيل بها شعر بدنه المطلب ،وميثم الت ّ
وقال :ل آمن من ابن زياد القتل فأكون قد ألقيت ما على بدني من الشعر ،
فقال له المختار :والله ل يقتلك ول يقتلني ول يأتي عليك إل ّ القليل حّتى تلي
البصرة ،وميثم يسمع كلمهما فقال للمختار :وأنت تخرج ثائرا ً بدم الحسين )ع(
وتقتل هذا الذي يريد قتلنا وتطأ بقدميك على وجنتيه)) .3فكان المر كما قال .
مره أهل البصرة ،وبقي خرج عبد الله بن الحارث بالبصرة بعد هلك يزيد ،وأ ّ
على هذا سنة ،وخرج المختار طالبا ً بدم الحسين )ع( فقتل ابن زياد ،وحرملة بن
كاهل ،وشمر بن ذي الجوشن إلى العدد الكثير من أهل الكوفة الخارجين على
دث به ابن نما الحّلي ـ الحسين )ع( ،فبلغ من قتلهم ثمانية عشر ألفا ً ـ كما يح ّ
وهرب منهم إلى مصعب الزبيري زهاء عشرة آلف)4فيهم شبث بن ربعي جاء
سر بنا راكبا ً بغلة قد قطع ُاذنها وذنبها في قباء مشقوق وهو ينادي :وا غوثاه ! ِ
إلى محاربة هذا الفاسق الذي هدم دورنا وقتل أشرافنا).5
____________________________
) (1مقتل الخوارزمي 178 / 2ـ ، 179واختصره في رياض الحزان . 58 /
)2البحار ، 284 / 10عن أخذ الثأر لبن نما .
)3شرح الّنهج لبن أبي الحديد 210 / 1طبعة مصر ،والبحار ، 284 / 10
والرشاد للمفيد .
)4الخبار الطوال . 295 /
)5تاريخ الطبري . 146 / 7
الصفحة )(331
دس كلم الرأس المق ّ
اااا ااااا ااا ااااا ااااا اااااا ااا ااااااا اااااا
اااا ااااا ااا ااااا اا ااا اا ا اااا اا ا اااا اااااا ااا اا ا
)(1
سبط الشهيد حليف القرآن منذ أنشأ كيانه ؛ لّنهما ثقل رسول الله َلم يزل ال ّ
ص الرسول العظم )ص( بأّنهما لن يفترقا حّتى يردا مته .وقد ن ّوخليفتاه على ا ُ ّ
عليه الحوض ،فبذلك كان الحسين )ع( غير مبارح تلوته طيلة حياته في تهذيبه
ف بين ظهراني ُاولئك وإرشاده وتبليغه في حّله ومرتحله حّتى في موقفه يوم الط ّ
جة .هكذا كان ابن رسول ح ّ
جة ويوضح لهم الم َ م عليهم الح ّ
المتجمهرين عليه ليت ّ
ً ً
دسة سيرا حثيثا حّتى طفق يتلو القرآن رأسه المطّهر الله يسير إلى غايته المق ّ
نفوق عامل السنان ؛ عسى أن يحصل في القوم من يكهربه نور الحقّ ،غير أ ّ
191
داعية الهدى َلم يصادف إل ّ قصورا ً في الدراك وطبعا ً في القلوب وصمما في
َ
شاوَةٌ ).(2 م ِغ َ صارِهِ ْ م وَعََلى أب ْ َ معِهِ ْس ْ م وَعََلى َ ه عََلى قُُلوب ِهِ ْ م الل ّ ُخت َ َالذان ) َ
ن أوجب ن المولى سبحانه بعد أ ْ من يفقه السرار اللهّية ،فإ ّ ول يستغرب هذا َ
دد الظرف على سّيد الشهداء الّنهضة لسد ّ أبواب الضلل بذلك الشكل المح ّ
ن
ل شأنه ،فأوحى إلى نبّيه القدس أ ْ والمكان والكيفّية لمصالح أدركها الجليل ج ّ
يقرأ هذه الصفحة الخالصة على ولده الحسين )ع( ،فل سبيل إل ّ التسليم
ل وهم ي َ سأ َ ُ
ن ).(3 سأُلو َ فع َ ُ َ ُ ْ ُ ْ ما ي َ ْ
ل عَ ّ ب العالمين )ل َ ي ُ ْ والخضوع للصلح المرضي لر ّ
مة الحاضرة والجيال دسة تعريف ال ُ ّ وحيث أراد المهيمن تعالى بهذه الّنهضة المق ّ
بسوي العابثين بقداسة الشريعة ،أح ّ المتعاقبة ضلل الملتوين عن الصراط ال ّ
ل ما فيه توطيد ُاسس هذه الشهادة التي كتبت بدمها الطاهر صحائف التيان بك ّ
نّيرة من أعمال الثائرين في وجه المنكر ،فكانت هذه محفوفة بغرائب ل تصل
ظم باليات الكريمة ،والكلم من رأس إليها الفهام ،ومنها استشهاد الرأس المع ّ
من أعمته الشهوات عن إبصار الحقائق ،وفيه جة على َ مقطوع أبلغ في إتمام الح ّ
ب العالمين ّ
تركيز العقائد على أحقّية دعوته التي لم يقصد بها إل الطاعة لر ّ َ
منمة على ضلل َ سوء والعدوان ،كما نّبه ال ُ ّ من مد ّ عليه يد ال ّ ووخامة عاقبة َ
جّرأهم على
____________________________
) (1في الدّر الّنضيد ، 36 /للسيد محسن المين ،أّنهما للسيد رضا الهندي .
) )2سورة البقرة . 7 /
) )3سورة النبياء . 23 /
الطغيان .
ول بدع القدرة اللهّية إذا مكنت رأس الحسين )ع( من الكلم للمصالح التي نقصر ّ
وة الكلم مع نبي الله عن الوصول إلى كنهها بعد أن ُاودعت في الشجرة ) (1ق ّ
سلم عند المناجاة ،وهل تقاس الشجرة برأس المنحور موسى بن عمران عليه ال ّ
في طاعة الرحمن سبحانه ؟ ...كل ّ .
ت َ
سب ْ َ
ح ِ م َ ي بالرأس وهو يقرأ )أ ْ قال زيد بن أرقم :كنت في غرفة لي فمّروا عل ّ
أَ َ
جًبا ) (2فوقف شعري وقلت :والله ن آَيات َِنا عَ َ م ْ كاُنوا ِ ف َوالّرِقيم ِ َ ب ال ْك َهْ ِ حا َ ص َنأ ْ ّ
يابن رسول الله رأسك أعجب وأعجب).3
ما ُنصب الرأس القدس في موضع الصيارفة وهناك لغط الماّرة وضوضاء ول ّ
المتعاملين ،فأراد سّيد الشهداء توجيه الّنفوس نحوه ليسمعوا بليغ عظاته ،
فتنحنح الرأس تنحنحا ً عاليا ً فاّتجهت إليه الّناس واعترتهم الدهشة ؛ حيث َلم
يسمعوا رأسا ً مقطوعا ً يتنحنح قبل يوم الحسين )ع( ،فعندها قرأ سورة الكهف
دى )).4 م هُ ً م وَزِد َْناهُ ْ مُنوا ب َِرب ّهِ ْ ةآ َ م فِت ْي َ ٌإلى قوله تعالى :إ ِن ّهُ ْ
ساطع ،فأخذ يقرأ صلب على شجرة فاجتمع الّناس حولها ينظرون إلى الّنور ال ّ و ُ
ن ).(6) (5 َ َ َ َ ّ َ
قل ُِبو َ ب َين َ قل ٍ من َ موا أيّ ُ ن ظل ُ ذي َم ال ِ سي َعْل ُ )وَ َ
قال هلل بن معاوية :رأيت رجل يحمل رأس الحسين )ع( والرأس يخاطبه :
فّرقت بين رأسي وبدني فرق الله بين لحمك وعظمك وجعلك آية ونكال للعالمين
فرفع السوط واخذ يضرب الرأس حّتى سكت)).7
و
ه وَهُ َ م الل ّ ُفيك َهُ ْ سي َك ْ ِ وسمع سليمة بن كهيل الرأس يقرأ وهو على القناة )فَ َ
م ).9)8 ميعُ ال ْعَِلي ُ س ِ ال ّ
____________________________
ك .والبحار : 278 / 5نقل ً َ
ب أرِِني أنظ ُْر إ ِل َي ْ َ َ
) (1الدر المنثور : 119 / 2آية )َر ّ
192
عن المهج .وفي قصص النبياء للثعالبي 120 /الباب الثامن :خروج موسى من
مدين .
)2سورة الكهف . 9 /
)3إرشاد المفيد ،والخصائص الكبرى . 125 / 2
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 362 / 1كان زيد بن أرقم من المنحرفين
سلم فإّنه كتم الشهادة لمير المؤمنين بالولية عن أمير المؤمنين علي عليه ال ّ
ن مات .ف بصره إلى أ ْيوم الغدير ،فدعا عليه بالعمى ؛ فك ّ
وفي كامل ابن الثير : 24 / 4أمر ابن زياد ،فطيف برأس الحسين )ع( في
الكوفة .ومثله في البداية لبن كثير ، 191 / 8والخطط المقريزّية . 288 / 2
)4سورة الكهف . 13 /
)5سورة الشعراء . 227 /
)6ابن شهر آشوب . 188 / 2
)7شرح قصيدة أبي فراس . 148 /
)8سورة البقرة . 137 /
)9أسرار الشهادة . 488 /
ك في أّنه صوته أو دث ابن وكيدة أّنه سمع الرأس يقرأ سورة الكهف ،فش ّ ويح ّ
سلم القراءة والتفت إليه يخاطبه )) :يابن وكيدة أما علمت أّنا غيره فترك عليه ال ّ
ن يسرق الرأس ويدفنه . مة أحياء عند ربهم يرزقون ؟ ( .فعزم على أ ْ معشر الئ ّ
ن
وإذا الخطاب من الرأس الزهر )) :يابن وكيدة ،ليس إلى ذلك من سبيل ،إ ّ
سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييري على الرمح ،فذرهم فسوف يعلمون إذ
سلسل يسحبون ). (1 الغلل في أعناقهم وال ّ
قال المنهال بن عمرو :رأيت رأس الحسين )ع( بدمشق على رمح وأمامه رجل
يقرأ سورة الكهف حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى ) :أ َم حسبت أ َ َ
ب ال ْك َهْ ِ
ف حا َ
ص َ
نأ ْْ َ ِ ْ َ ّ ّ
جبا ) )2نطق الرأس بلسان فصيح )) :أعجب من ً ن آَيات َِنا عَ َ
م ْ َوالّرِقيم ِ َ
كاُنوا ِ
حملي ).3 أصحاب الكهف ،قتلي و َ
ما أمر يزيد بقتل رسول ملك الروم حيث أنكر عليه فعلته نطق الرأس بصوت ول ّ
وة إل ّ بالله ).4 رفيع ) :ل حول ول ق ّ
193
)4مقتل العوالم . 151 /
سد
مد كـقرآنه فـي سـبطه مـتج ّ ن روح مح ّألـم تـك تـدري أ ّ
ن الـذي تحت السنابك أحمد فـلو عـلمت تـلك الخيلول كاهلها بـأ ّ
لـثارت عـلى فـرسانها وتمّردت عـليهم كـما ثـاروا بها وتمّردوا
ي نحرا ً يغبط البدر نوره وفـي كـل عـرق منه للحق فرقد فـرى الغ ّ
ً ّ
شم أضلعا بها العطف مودع وقـطع أنـفاسابها الـلطف موجد ً وهـ ّ
وأعـظم مـا يشجي الّنفوس حرائر تـضام وحـاميها الـوحيد مقّيد
دد من يد ومـوثـقة تـبكي فـتلطمها الـيد فـمن مـوَثق يـشكو التش ّ
ددوا )(1ن رسـول الله قـال لـقومه خذوا وتركم من عترتي وتش ّ كـأ ّ
طغيان الشدق
شر سلمي إلى المدينة ليب ّ قال ابن جرير :أرسل ابن زياد عبد الملك بن الحارث ال ّ
عمرو بن سعيد الشدق)) 2بقتل الحسين ،فاعتذر بالمرض ،فلم يقبل منه ،
سير ،فإن قامت وكان ابن زياد شديد الوطأة ل يصطلى بناره ،وأمره أن يجد ّ ال ّ
به الراحلة يشتري غيرها ،ول يسبقه الخبر من غيره ،فسار مجد ّا ً حّتى إذا وصل
ماما عنده فقال له :الخبر عند المير .ول ّ المدينة لقيه رجل من قريش وسأله ع ّ
أعلم ابن سعيد بقتل الحسين ،فرح واهتّز بشرا ً وشماتة .
وأمر المنادي أن يعلن بقتله في أزّقة المدينة ،فلم يسمع ذلك اليوم واعية مثل
واعية نساء بني هاشم في دورهن على سّيد شباب أهل الجّنة واّتصلت الصيحة
بدار الشدق فضحك وتمّثل بقول عمرو بن معد يكرب :
ااا ااااا اااااا اااا اااااا ااااااا ااا اااا ا ا ا ا
م قال :واعية بواعية عثمان)( .3 ث ّ
____________________________
) (1من قصيدة للسيد صالح ابن العلمة السّيد مهدي بحر العلوم .
)) 2في مجمع الزوائد لبن حجر الهيثمي ، 240 / 5وتطهير الجنان على هامش
الصواعق المحرقة : 141 /عن أبي هريرة قال :سمعت رسول الله )صّلى الله
ن على منبري جّبار من جبابرة بني ُامّية فيسيل عليه وآله( يقول )) :ليرعف ّ
رعافه (وقد رعف عمرو بن سعيد وهو على منبره )ص( حّتى سال رعافه .
) (3تاريخ الطبري . 268 / 6
والتفت إلى قبر رسول الله وقال :يوم بيوم بدر يا رسول الله .فأنكر عليه قوم
من النصار ). (1
م رقى المنبر وقال :أّيها الّناس ،إّنها لدمة بلدمة وصدمة بصدمة ،كم خطبة ث ّ
بعد خطبة حكمة بالغة فما تغني الّنذر ،لقد كان يسّبنا ونمدحه ،ويقطعنا ونصله ،
ن ندفعه عن ل سيفه علينا يريد قتلنا إل ّ أ ْ من س ّ كعادتنا وعادته ،ولكن كيف نصنع ب َ
أنفسنا .
فقام إليه عبد الله بن السائب وقال َ :لو كانت فاطمة حّية ورأت رأس الحسين
لبكت عليه .
منا وزوجها أخونا فزجره عمرو بن سعيد وقال :نحن أحقّ بفاطمة منك ؛ أبوها ع ّ
مها ابنتنا ،وَلو كانت فاطمة حّية لبكت عينها وما لمت من قتله ودفعه عن وا ُ ّ
نفسه)( .2
ً
وكان عمرو فظا غليظا قاسيا ،أمر صاحب شرطته على المدينة عمرو بن الزبيرً ّ
ن يهدم دور بني هاشم ،ففعل وبلغ منهم بن العوام)3بعد قتل الحسين )ع( ( أ ْ
194
ل مبلغ وهدم دار ابن مطيع ،وضرب الّناس ضربا ً شديدا ً ،فهربوا منه إلى ابن ك ّ
الزبير)( .4
مي بالشدق ؛ لّنه أصابه اعوجاج في حلقه إلى الجانب الخر ؛ لغراقه في وس ّ
حمل إلى عبد شتم علي بن أبي طالب )ع( ( ) ) ،5وعاقبه الله شّر عقوبة حيث ُ
قتل)( .6 ن أكثر من عتابه أمر به ف ُ الملك بن مروان مقّيدا ً بالحديد ،وبعد أ ْ
وخرجت بنت عقيل بن أبي طالب في جماعة من نساء قومها حّتى انتهت إلى
م التفتت إلى المهاجرين والنصار قبر الّنبي )ص( ( ،فلذت به وشهقت عنده ،ث ّ
تقول :
____________________________
) (1نفس المهموم ، 222 /وشرح الّنهج لبن أبي الحديد . 361 / 1
)2مقتل العوالم . 131 /
م عمرو بن الزبير أمة بنت خالد ُ
)3في أنساب الشراف للبلذري : 23 / 4كانت ا ّ
بن سعد بن العاص ،وكان على جيش أرسله عمرو بن سعد الشدق إلى محاربة
كة ،فقبض جيش عبد الله على عمرو بن الزبير ،فأمر عبد عبد الله بن الزبير بم ّ
ل من له مظلمة عنده فمات من ذلك . سياط ك ّ ن يضربه بال ّالله أ ْ
)4الغاني . 155 / 4
)5معجم الشعراء للمرزباني . 231 /
ً
))6جمهرة المثال لبي هلل العسكري ، 9 /طبعة الهند ،مادة :أمكرا وأنت في
الحديد .
ن قال الّنبي لكم يوم الحساب وصدق القول مسموع مـاذا تـقولون إ ْ
ي المر مجموع ق عـند ول ّ خـذلتموا عـترتي أو كـنتم غيبا والـح ّ
اسـلمتموهم بـأيدي الظالمين فما مـنكم لـه اليوم عند الله مشفوع
ن مدفوعطف إذ حضروا تـلك الـمنايا ول عـنه ّ ما كان عند غداة ال ّ
م البنيناُ ّ
ف ،وما ل على حياة ا ُ ّ
م البنين يوم الط ّ َلم أعثر على ن ّ
ص ،يوثق به يد ّ
____________________________
ماها ابن شهر آشوب في المناقب / 2 ) (1أمالي ابن الشيخ الطوسي ، 55 /وس ّ
227أسماء .
)) 2البيات بهذا اللفظ في مثير الحزان لبن نماص 51واللهوف لبن
طاووس ص 96والكامل لبن الثير ج 4ص 36وعنده انها لبنت عقيل بن
أبي طالب ومثله أبو الريحان البيروني في الثار الباقية ص . 329وابن جرير
في التاريخ ج 6ص 268ال انه ذكر الول والثاني وفي رواية ابن قتيبة في
عيون الخبار ج 1ص 212للبيات خلف ،وفي مقتل الخوارزمي ج 2ص
: 76ان زينب بنت عقيل بن أبي طالب قالت البيتين الولين ،وفي رواية
195
اخرى ان بنت عقيل بن أبي طالب قالت وذكر أربعة أبيات والرابع منهما:
سلم(ونسب ابن شهر اشوب في المناقب الى زينب بنت امير المؤمنين )عليه ال ّ
انها انشأت البيات الثلثة بعد خطبتها بالكوفة .وفي تذكرة الخواص لسبط ابن
الجوزي ص : 151ان زينب بنت عقيل بن أبي طالب قالت قالت ،وذكر اربعة
ابيات وكان الرابع في روايته
ذريـتي وبنـو عمي بمضيعة منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم
ونسب ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9ص 200البيات الثلثة الى زينب
بنت عقيل بن أبي طالب ثم قال وقال أبو السود الدؤلي
أقول وزادني حنقا ً وغيظا ً ازال الله ملك بني زياد
وأبعدهم كما بعدوا وخانوا كما بعدت ثمود وقوم عاد
ول رجعت ركائبهم إليهم اذا وقفت الى يوم التناد
وفي الرشاد للشيخ المفيد ،لما سمعت أم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب نعي
الحسين خرجت تنعاه ومعها من اخواتها أم هاني واسماء ورملة وزينب وذكر
البيات الثلث .
.
ده أقوال ثلثة : يذكر لحياتها في ذلك اليوم مر ّ
ُ
مد حسن القزويني في رياض الحزان : 60 /اقيم العزاء الول :قول العلمة مح ّ
م العّباس وإخوته . ُ
م البنين زوجة أمير المؤمنين وا ّ والمصيبة في دار ا ُ ّ
سماوي في إبصار العين 31 /الطبعة الولى :وأنا أسترقّ جد ّا ً من الثاني :قول ال ّ
م البنين الذي أنشده أبو الحسن الخفش في شرح الكامل ، ُ
مه فاطمة ا ّ رثاء ا ُ ّ
ل يوم ترثيه وتحمل ولده عبد الله ،فيجتمع لسماع وقد كانت تخرج إلى البقيع ك ّ
جي الندبة )ا هـ) . رثائها أهل المدينة ،وفيهم مروان بن الحكم فيبكون لش ّ
مد بن الثالث :رواية أبي الفرج في مقاتل الطالبيين في مقتل العّباس :عن مح ّ
مار عن ماد بن عيسى الجهني عن معاوية بن ع ّ علي بن حمزة عن النوفلي عن ح ّ
م الخوة الربعة القتلى ـ تخرج إلى البقيع تندب بنيها م البنين ـ ا ُ ّ ن اُ ّ
جعفر :أ ّ
أشجى ندبة وأحرقها ،فيجتمع الّناس إليها ليسمعوا منها ،وكان مروان يجيء
من يجيء لذلك ،فل يزال يسمع ندبتها )ا هـ(. في َ
ف ،فالول ل دللة ً
ما يمكن أن يكون مصدرا لحياتها يوم الط ّ ل ما وجدناه م ّ هذا ك ّ
ما كونها موجودة ،فل صراحة م البنين ،وأ ّ ُ ُ
ن العزاء اقيم في دار ا ّ ن غايته أ ّ فيه فإ ّ
جلها أبو الفرج وأخذها قليل التفكير في فيه على أّنه ل يعدو الحكاية التي س ّ
ص )إبصار نن ّ التنقيب .والثاني :واضح الدللة على استقائه من أبي الفرج فإ ّ
العين( للسماوي مثل ما في مقاتل الطالبيين ،واذا ً فل يعد رأيا ً ثانيا ...
ً
صا ً عليه مع وشرح الكامل المنسوب للخفش َلم أجد واحدا ً من أرباب التراجم نا ّ
سماوي فكثيرا ً ما ما الشيخ ال ّ مي بالخفش .وأ ّ س ّ
من ُ ل َ فحصي الكثير لتراجم ك ّ
سكوت ،وقد صارحته بمعتقدي َ
سألته عن مصدر هذا الشرح فلم أجد منه إل ّ ال ّ
كون البيات له وأراد تمشية الكلم بهذا البيان ،فعلى المولى سبحانه في َ
أجره ...
ومثله المجلسي في البحار ، 201 / 10حاكيا ً عن أبي الفرج ،وحديث أبي الفرج
196
صة فيه ُامور : في هذه الق ّ
ن الّنوفلي وهو يزيد بن المغيرة بن نوفل بن ن رجال إسناده ل يعبأ بهم ،فإ ّ 1ـ إ ّ
طلب بن هاشم ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب / 11 الحرث بن عبد الم ّ
ن عنده مناكير ،وعند أبي زرعة ،ضعيف الحديث ، ، 347وحكي عن أحمد :إ ّ
مة ما يرويه غير محفوظ ،وقال أبو حاتم :منكر الحديث جدا ً ،وقال الّنسائي وعا ّ
:متروك الحديث ...
ومعاوية بن عمار بن أبي معاوية في تهذيب التهذيب ، 214 / 10قال أبو حاتم :
ن ُاريد غير هذا فمجهول . ج بحديثه ،وإ ْ ل يحت ّ
دي شباب أهل الجّنة المعارف م البنين اقتبست من سّيد الوصياء ومن سي ّ َ ُ
نا ّ 2ـ إ ّ
مدّية ما يأخذ بها إلى أسمى درجة من اليقين ،فل يصدر منها اللهّية والداب المح ّ
ً ً
ما ل يّتفق مع قانون الشريعة الّناهي عن تعّرض المرأة للجانب تحريما أو تنزيها ،
ن اللزم للمرأة عند ندبة فقيدها إذا َلم تكن ضرورة هناك ،ومن البديهي أ ّ
صن به عن رؤية الجانب لها ،وسماع صوتها الذي َلم تدع الجلوس في بيتها والتح ّ
سلم يقول لبي خالد الكابلي ـ حينما جاد عليه ال ّ الضرورة إليه ،وإذا كان الس ّ
ن جارة لنا خرجت ول علم لها بالتواء جب من فتح باب الدار ـ )) :يا أبا خالد ،إ ّ تع ّ
الباب ،ول يجوز لبنات رسول الله أن يخرجن فيصفقن الباب ). (1
وإذا ً من ترّبى في بيتهم وتأّدب بآدابهم ل يمرق عن طريقتهم .ول يمكن التشكيك
م البنين الحدود اللهّية التي وضعتها الشريعة في أعناق الّنساء . في تجاوز ا ُ ّ
سلم( فقد ألجأها شيوخ المدينة على الخروج إلى ديقة الزهراء )عليها ال ّ ما الص ّ وأ ّ
صن به من ً
البقيع لندبة أبيها )ص( فصنع لها أميرالمؤمنين بيتا من جريد الّنخل تتح ّ
ن الّناس يحضرون ماه )بيت الحزان) )) ،2وَلم ينقل المؤرخون إ ّ الجانب س ّ
____________________________
سادس والثمانون . ) (1مدينة المعاجز للسّيد هاشم البحراني ، 318 /الحيدث ال ّ
)2في الشارات لمعرفة الزيارات لبي محسن علي بن أبي بكر الهروي : 93 /
سلم( . بيت الحزان في البقيع لفاطمة )عليها ال ّ
وفي وفاء الوفاء للسمهودي ، 103 / 2طبعة مصر )سنة 1316هـ :عن ابن جبير
:بالقرب من قّبة العّباس بيت الحزن الذي تأوي إليه فاطمة عند وفاة أبيها
والتزمت الحزن فيه .
مد بن أحمد المقري النباري على وفي المختار من نوادر الخبار لبي عبد الله مح ّ
ن عليا ً لولى )سنة 1310هـ :إ ّ هامش العلوم لبي بكر الخوارزمي 191 /الطبعة ا ُ
)ع( صنع للزهراء بيتا ً من جريد الّنخل بظاهر المدينة تبكي فيه على أبيها .
وفي فتح القدير لبن همام الحنفي : 328 / 2يصّلي في مسجد فاطمة بنت
رسول الله بالبقيع وهو المعروف بـ )بيت الحزان( .
سماء ،وطموس وة وانقطاع وحي ال ّ لسماع ندبتها ،فيبكون على ُافول شمس النب ّ
النصائح اللهّية .
ن المرأة إّنما تبكي فقيدها في الجبانة إذا كان مقبورا ً هناك .وَلم ينقل أحد 3ـ إ ّ
خروج المرأة إلى المقبرة على حميمها وهو مدفون في غيرها والعادة متساوية
م البنين إلى البقيع فرية واضحة ؛ في جميع العصور ...ونسبة )أبي الفرج خروج ا ُ ّ
ن مروان بن الحكم رقيق القلب ،فاستدرار إذ ل شاهد عليها ،وغايته التعريف بأ ّ
تمن يم ّ ور العدوان الوارد على َ الدمعة إّنما يتسّبب من انفعال الّنفس بتص ّ
بحميمه بنحو من أسباب الصلة فيحتدم القلب وتهيج العاطفة فسريع الدمعة
في بقتل تهمل عينه وعصّيها تجيش نفسه بالبكاء ،ومروان بن الحكم هو المتش ّ
197
ما نظر إلى رأس الحسين )ع( :
الحسين )ع( وقد أظهر الفرح والشماتة بقوله ل ّ
ااا
ااا اااا اا اااااا اااااا اااااا اا ااا ا
ااا ا ا
اا اااا اااااااا اااا اااا اا اا اااااا
اااا ا
ن أبا الفرج في )المقاتل ناقض نفسه حيث قال في مقتل العّباس )ع( : 4ـ إ ّ
مه وأبيه فحاز مواريثهم )ا هـ .وروايته هذه ُ
وكان آخر من ُقتل من إخوته من ا ّ
جله مصعب الزبيري في نسب قريش 43 /فإّنه قال :ورث ص الذي س ّ توافق الن ّ
مدالعّباس إخوته إذ َلم يكن لهم ولد ،وورث العّباس ابنه عبيد الله ،وكان مح ّ
مد لعبيد الله ميراث عمومته وامتنع عمر حّتى صولح وعمر حّيين فسّلم مح ّ
ورضي من حقه )ا هـ .
وقال أبو نصر البخاري في سّر السلسلة العلوّية 89 /المطبعة الحيدرّية بالّنجف :
دم الحسين )ع( إخوة العّباس جعفرا ً وعثمان وعبد الله فق ّما كان يوم الط ّ ل ّ
ً
م ُقتل العّباس فورثهم جميعا ابنه عبيد الله بن ً
قتلوا جميعا ،فورثهم العّباس ،ث ّ ف ُ
َ
ف فإّنها لو كانت موجودة م البنين يوم الط ّ ُ ً
العّباس ،وهذا يفيدنا وثوقا بوفاة ا ّ
مهم ،ول يرثهم العّباس حّتى صا ً بها ؛ لكونها ا ّ
ُ لكان ميراث إخوة العّباس مخت ّ
مد بن الحنفّية لعبيد الله في ميراث ينتقل إلى ولده عبيد الله وعدم منازعة )مح ّ
ن العّباس يّتصل بإخوته الشهداء بسببين :الب عمومته على وفق الشريعة ؛ ل ّ
َ
دم في الميراث ،ولم سببين يق ّ مد يتصل بهم من جهة الب ،وذو ال ّ م ،ومح ّ وال ُ ّ
ن
يفقه عمر الطرف وجه المسألة ،وهو ابن علي باب مدينة العلم ،وكان عليه أ ْ
كي ل يقع في مة زين العابدين )ع( َ يراجع إمام ال ُ ّ
ل ما يذكر في عمدة ن كان ما ينسب إليه من المنازعة صحيحا ً ولع ّ الهلكة ،إ ْ
الطالب طبعة الّنجف يؤّيد هذه الّنسبة وذلك :إّنه خرج إلى الّناس في ثياب
معصفرة يقول :أنا الرجل الحازم ،حيث َلم أخرج فاقتل.
م البنين إلى البقيع ن تسجيل خروج )ا ُ ّ وقد وضح التناقض في كلم أبي الفرج فإ ّ
صه على ميراث العّباس لخوته من ّ ف،ث ّ ل على حياتها يوم الط ّ وندبتها أولدها يد ّ
يشهد بوفاتها ذلك اليوم ...وكم له من هفوات !
198
ل ) ))5فجاء عبد من َْها ال َذ َ ّن ال َعَّز ِ ج ّخرِ َدين َةِ ل َي ُ ْ جعَْنا إ َِلى ال ْ َ
م ِ الكتاب العزيز )ل َئ ِ ْ
ن َر َ
ي السلم وقال :لقد بلغتك هذه الكلمة من أبي ؟ الله إلى نب ّ
____________________________
مة للربلي : 194 /أبو السلسل . ) (1في الرشاد للشيخ المفيد ،وكشف الغ ّ
)2تاريخ الطبري . 218 / 6
)3أنساب الشراف . 3 / 4
)4المستجاد من فعلت الجواد . 22 /
)5سورة المنافقين . 8 /
ن أردت قتله قال )ص( )):نعم( فقال :إّنك تعلم ما أحد باّر بأبيه مثلي ،فإ ْ
ن أنظر إلى قاتل أبي فأعدو بأ ْ ن تأمر غيري ول ُاح ّ فأمرني به ؛ لّني أخاف أ ْ
ما عليه صة تعطينا صورة نّيرة ع ّ عليه فأقتله وأكون في الّنار ) ... (1وهذه الق ّ
البشر من احتدام أولياء المقتول على القاتل وترّبصهم الفرص للخذ بالثأر منه ،
وَلو كان القتل من جهة الشرك ...
ولهذه الغريزة المطبوعة عليها جبلة الّناس كان عمر بن الخطاب يقول لسعيد بن
العاص وقد اجتمع عنده في بعض الليالي هو وعثمان وعلي وابن عّباس :ما لك
معرضا ً عّني كأّني قتلت أباك ! إّني لم أقتله ولكن أبا حسن قتله ،فقال أمير
م غفرا ً ذهب الشرك بما فيه ،ومحا السلم ما قبله ،فلماذا المؤمنين )) :الله ّ
ي من أن ب إل ّ تهّيج القلوب يا عمر ؟ (فقال سعيد :لقد قتله كفؤ كريم ،وهو أح ّ
من ليس من عبد مناف)( .2 يقتله َ
ن كان كافرا وُقتل بسيف الدعوة ً لم يكن من الهّين على سعيد قْتل أبيه وإ ْ
ب ّ
فزه على إراقة دمه إل نداء الر ّ مدّية ،والقاتل شريف جم المناقب ولم يح ّ المح ّ
ن الخوف من صارم العدل حتم سماء ،غير أ ّ ل وعل الموحى به إلى رسول ال ّ ج ّ
ً
عليه التظاهر بالرضا مع انحناء أضالعه على أحّر من جمر الغضا مرتقبا الفرصة
في الخذ بثاره ،وقد ظهرت نار البغض على لسان ولده عمرو بن سعيد الشدق
يوم توّلى المدينة من قَِبل يزيد فلقد واجه ضريح الّنبي )ص( بلسان طويل مجاهر
ما سمع صراخ نساء بني هاشم على سّيد بقوله :يوم بيوم بدر يا رسول الله .ول ّ
شباب أهل الجّنة قال :واعية بواعية عثمان)).3
كنه الفرصة وتأخذ ود َلو تم ّ فعبد الله بن جعفر يّتقد قلبه نارا ً على ابن ميسون وي ّ
المقادير إلى تدميره والقضاء عليه وعلى أهله وذويه ،ومهما يكن ناسيا ً للشياء
طلب والبهاليل من صحبه فل ينسى قتله أبي الضيم ونجوم الرض من آل عبد الم ّ
كته بالقضيب ثنايا ريحانة رسول الله )ص( ،وهل يستطيع ابن جعفر والحالة من ْ ،ث ّ
ّ
هذه أن يبصر يزيد وسيفه يقطر من دمائهم وقد صك سمعه إظهاره الشماتة
ي السلم : بنب ّ
____________________________
)ُ (1اسد الغابة . 97 / 3
لولى المصرّية ،وتهذيب تاريخ )2شرح الّنهج لبن أبي الحديد ، 335 / 3الطبعة ا ُ
ابن عساكر 134 / 6ترجمة سعيد بن العاص .
دم بعنوان )ع( مرو الشدق من كتابنا هذا . )3راجع ما تق ّ
اا ااااا ااااا اا ااااااا اااااا ااا ااا اااااا
199
اااا اااا اااااا ااا ااا ااا ااا ااا ااا
فح وجوههاوة بحالة يتص ّ وهل ينسى ابن جعفر ليله ونهاره وقوف حرائر النب ّ
ن المرسل للحديثالقريب والبعيد وأهل المنأهل والمعاقل ..والذي يهون المر أ ّ
لمويّ الّنزعة والولء ،وكتابه مملوء بالحاديث الرافعة للبيت هو المدائني ا ُ
لموي والواضعة من كرامة البيت العلوي ،ل يلتفت إليها إل ّ العارف بأخبار ا ُ
الرجال وشخصّيات الرواة .
200
الرجس وطّهرهم تطهيرا ً ،ونحن كذلك ل كآبائك الجفاة أكباد الحمير ولقد علمت
أّنه كان أعّز أهل البطحاء قديما ً وأعّزه بها حديثا ً َ ،لو ثوى بالحرمين مقاما ً
ل به حرم الله وحرم ن يكون هو الذي يستح ّ ل بها قتل ً ،ولكّنه كره أ ْواستح ّ
الرسول وحرمة البيت الحرام ،فطلب الموادعة وسألكم الرجعة فطلبتم قلةّ
أنصاره واستئصال أهل بيته كأّنكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل .
ت بني أبي ،وسيفك يقطر من دك وتطلب نصري فقد قتل َ وكيف تجدني على و ّ
ن
ن شاء الله ل يطل إليك دمي ،ول تسبقني بثأري وإ ْ دمي وأنت طلبة ثأري ؟! فإ ْ
تسبقنا فقتلتنا ما قتلت به النبيون فطلب دمائهم في الدماء ،وكان الموعد الله
وكفى بالله للمظلومين ناصرا ً ،ومن الظالمين منتقما ً .
طلب ل العجب ما عشت يريك الدهر عجبا ً ،حملك بنات عبد الم ّ والعجب ك ّ
ة صغارا ً إليك بالشام ! ترى أّنك قهرتنا وأّنك تذّلنا وبهم والله وبي وأبناءهم ُاغيلم ً
سباء .
مك من ال ّ ن الله عليك وعلى أبيك وا ُ ّ م َّ
وأيم الله إّنك لتصبح وتمسي آمنا ً
ن جرحك بلساني ونقضي وإبرامي ،ل يستفزّنك الجدل فلن لجراح يدي وليعظم ّ
يمهلك الله بعد قْتل عترة رسول الله إل ّ قليل ً حّتى يأخذك الله أخذا ً عزيزا ً
ويخرجك من الدنيا آثما ً مذموما ً ،فعش ل أبا ً لك ما شئت ولقد أرداك عند الله ما
اقترفت ). (1
201
وإرشاد المفيد ،وإعلم الورى ، 149 /واللهوف . 97 /
)5الصابة ، 489 / 3بترجمة مّرة .
)6تاريخ الطبري ، 254 / 6والخطط المقريزّية . 288 / 2
حال تقشّعر منها البدان ). (1
وكان معهم شمر بن ذي الجوشن ،ومجفر بن ثعلبة العائدي) ،2وشبث بن
ن يلحقوا الرؤوس ويشّهروهم في جاج ،وجماعة ،وأمرهم أ ْ ح ّ
ربعي ،وعمرو بن ال َ
سير حّتى لحقوا بهم في بعض المنازل).4 دوا ال ّ ل بلد يأتونها)3فج ّ ك ّ
م يقول : ً ّ ً
دث ابن لهيعة :إّنه رأى رجل متعلقا بأستار الكعبة يستغيث برّبه ،ث ّ وح ّ
ن الله غفور رحيم ،ولوَ ة وقلت :إّنك لمجنون فإ ّ ً
ول أراك فاعل .فأخذُته ناحي ً
من سار برأس تم ّ كانت ذنوبك عدد القطر لغفرها لك .قال لي :اعلم كن ُ
الحسين إلى الشام ،فإذا أمسينا وضعنا الرأس وشربنا حوله ،وفي ليلة كنت
أحرسه ،وأصحابي رقود ،فرأيت برقا ً وخلقا ً أطافوا بالرأس ،ففزعت وُادهشت
نن الله أمرني أ ْ مد إ ّت بكاءا ً وعويل ً وقائل ً يقول :يا مح ّ سكوت ،فسمع ُ ولزمت ال ّ
ن ُازلزل بهؤلء الرض كما فعلت بقوم لوط ،فقال له ُاطيعك ،فَلو أمرتني أ ْ
دي رّبي سبحانه(). ن لي موقفا ً معهم يوم القيامة بين ي َ )ص( )) :يا جبرئيل ،إ ّ
فصحت :يا رسول الله المان ! فقال لي )) :اذهب فل غفر الله لك ( .فهل ترى
الله يغفر لي ؟).5
ّ
وفي بعض المنازل وضعوا الرأس المطّهر فلم يشعر القوم إل وقد ظهر قلم
حديد من الحائط وكتب بالدم).6
____________________________
) (1تاريخ القرماني . 108 /
وفي مرآة الجنان لليافعي : 134 / 1سيقت بنات الحسين بن علي ومعهم زين
لسارى )قاتل الله فاعل ذلك . العابدين )ع( وهو مريض كما تساق ا ُ
وخالف ابن تيمية ضرورة التاريخ ،فقال كما في المنتقى من منهاج العتدال
للذهبي : 288 /سّير ابن زياد حرم الحسين بعد قتله إلى المدينة .
)2في جمهرة أنساب العرب لبن حزم 165 /قال :بنو عائدة منهم مجفر بن
مّرة بن خالد بن عامر بن قبان بن عمرو بن قيس بن الحارث بن مالك بن عبيد
بن خزيمة بن لؤي ،وهو الذي حمل رأس الحسين بن علي )رضي الله عنهماإلى
الشام .
)3المنتخب للطريحي ، 339 /الطبعة الثانية .
)4الرشاد للمفيد .
)5اللهوف . 98 /
)6مجمع الزوائد لبن حجر ، 199 / 9والخصائص للسيوطي ، 127 / 2وتاريخ
ابن عساكر ، 342 / 4والصواعق المحرقة ، 116 /والكواكب الدرّية ، 57 / 1
ب الشراف . 23 / والتحاف بح ّ
ونسبه ابن طاووس في اللهوف 98 /إلى تاريخ بغداد لبن الّنجار .
دير في الطريق ،فنزلوا فيه ليقيلوا به ، وفي تاريخ القرماني : 108 /وصلوا إلى َ
فوجدوا مكتوبا ً على بعض جدرانه هذا البيت .
وفي الخطط المقريزّية : 285 / 2كتب هذا قديما ً ول يدرى قائله .
وفي مثير الحزان لبن نما : 53 /حفروا في بلد الروم حفرا ً قبل أن يبعث الّنبي
)ص( بثلثمئة سنة فأصأبوا حجرا ً مكتوب عليه بالمسند هذا البيت ،والمسند كلم
أولد شيث .
202
اا اااااااااا ا اا اااا ااااااااااااااا ااااا ااا
فلم يعتبروا بهذه الية ،وأرداهم العمى إلى مهوىً سحيق ،وِنعم الحكم الله
تعالى .
ن يصلوا الموضع بفرسخ ،وضعوا الرأس على صخرة هناك ،فسقطت وقبل أ ْ
ل سنة يوم عاشوراء ،ويجتمع الّناس منه قطرة دم على الصخرة ،فكانت تغلي ك ّ
هناك من الطراف فيقيمون المأتم على الحسين )ع( ويكثر العويل حولها ،وبقي
هذا إلى أّيام عبد الملك بن مروان ،فأمر بنقل الحجر فلم ي َُر له أثر بعد ذلك ،
ل الحجر قّبة سموها الّنقطة ). (1 ولكّنهم بنوا في مح ّ
دث وكان بالقرب من حماة في بساتينها مسجد يقال له مسجد الحسين )ع( ،ويح ّ
ن الحجر والثر والدم موضع رأس الحسين )ع( حين ساروا به إلى قومة :أ ّ ال َ
دمشق)).2
ن حرم سقط ))(3وذلك أ ّ وبالقرب من حلب مشهد يعرف بـ )مسقط ال ّ
____________________________
فس المهموم ، 228 /للشيخ الجليل الشيخ عّباس القمي . ) (1ن َ
سبايا ما جيء برأس الحسين )ع( مع ال ّ وفي نهر الذهب في تاريخ حلب : 23 / 3ل ّ
ووصلوا إلى هذا الجبل غربي حلب ،قطرت من الرأس الشريف قطرة دم ،
مر على أثرها مشهد عرف )بمشهد النقطة .وفيه ، 280 / 3نقل من تاريخ وعُ ّ
مر هذا المشهد وتوالي العمارات عليه . يحيى بن أبي طي من ع ْ
وفي كتاب الرشارات إلى معرفة الزيارات تأليف أبي الحسن علي بن أبي بكر
الهروي المتوّفى )سنة 611هـ : 66 /في مدينة نصيبين مشهد الّنقطة يقال أّنه
من دم رأس الحسين )ع( .وفي سوق النشابين مشهد الرأس فإّنه عّلق هناك
سبي إلى الشام . ما عبروا بال ّ ل ّ
دث الجليل الشيخ عّباس القمي ،في نفس المهموم شاهدت )2قال الشيخ المح ّ
هذا الحجر عند سفري إلى الحج ،وسمعت الخدم يتحدثون بذلك .
مى مشهد الطرح . )3في معجم البلدان ، 173 / 3وخريدة العجائب ُ : 128 /يس ّ
كة ،ومشهد الطرح ،يقع غربي حلب مي مشهد الد ّ وفي نهر الذهب : 278 / 2س ّ
.
ن مشهد الطرح ظهرت عمارته )سنة 351هـبأمر وحكى عن تاريخ ابن أبي طي إ ّ
من سيف الدولة .
ما جيء بسبي عيال ن إحدى نساء الحسين )ع( أسقطت هنا ل ّ وذكر بعضهم :إ ّ
سبي دعت عليهم ما فرحوا بال ّ الحسين )ع( والرؤوس وكان هنا معدن ،وأهله ل ّ
م ذكر توالي مره سيف الدولة ،ث ّ سلم( ففسد ذلك المعدن ،فع ّ زينب )عليها ال ّ
العمارات عليه .
ما وصلوا إلى هذا المكان ،أسقطت زوجة الحسين )ع( ( سقطا ً الرسول )ص( ل ّ
ً
كان ُيسمى )محسنا ).( (1
وفي بعض المنازل نصبوا الرأس على رمح إلى جنب صومعة راهب ،وفي أثناء
الليل سمع الراهب تسبيحا ً وتهليل ً ،ورأى نورا ً ساطعا ً من الرأس المطّهر وسمع
جب حيث َلم يعرف الحال .وعند سلم عليك يا أبا عبد الله .فتع ّ قائل ً يقول :ال ّ
مه الصباح استخبر من القوم ،قالو :إّنه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب وا ُ ّ
مد الّنبي )ص( فقال لهم :تب ّا ً لكم أّيتها الجماعة ،صدقت الخبار فاطمة بن مح ّ
ن يقّبل الرأس فَلم يجيبوه إل ّ سماء دما ً .وأراد منهم أ ْ في قولها )إذا ُقتل تمطر ال ّ
م أظهر الشهادتين وأسلم ببركة المذبوح دون الدعوة بعد أن دفع إليهم دراهم ،ث ّ
203
ما ارتحلوا عن هذا المكان نظروا إلى الدراهم وإذا مكتوب عليها :
اللهّية ،ول ّ
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)( .2
في الشام
ن يدخلهم في درب ما قربوا من دمشق ،أرسلت ا ُ ّ
م كلثوم إلى الشمر تسأله أ ْ ول ّ
ظار ،ويخرجوا الرؤوس من بين المحامل ؛ لكي يشتغل الّناس بالّنظر قليل الن ّ
إلى الرؤوس .
____________________________
) (1في معجم البلدان ، 173 / 3بمادة جوشن ،وخريدة العجائب لبن الوردي /
من يقطن ن بعض سبي الحسين )ع( طلب م ّ ، 128عند ذكر جبل جوشن :إ ّ
هناك من الصّناع خبزا ً وماًء ،فامتنع فدعا عليهم ؛ ومن ذلك ل يربح أهل ذلك
الموضع .
)2تذكرة الخواص . 150 /
)3للعلمة الشيخ عبد الحسين العسم النجفي )رحمه الله.
ل إنسان .فسلك بهم على حالة تقشّعر من ذكرها البدان وترتعد لها فرائص ك ّ
ن يجعلوا الرؤوس وسط المحامل ). (1 ن ُيسلك بهم بين الن ّ
ظار ،وأ ْ وأمر أ ْ
ساعات ))(3وقد وفي أول يوم من صفر دخلوا دمشق) )2فأوقفوهم على )باب ال ّ
خرج الّناس بالدفوف والبوقات ،وهم في فرح وسرور ،ودنا رجل من سكينة
مد )ص( )( .4 سبايا أنتم ؟ قالت :نحن سبايا آل مح ّ وقال :من أيّ ال ّ
سبايا والرؤوس على وكان يزيد جالسا ً في منظره على جيرون ،ول ّ
ما رأى ال ّ
أطراف الرماح ،وقد أشرفوا على ثنية جيرون ،نعب غراب ،فأنشأ يزيد يقول :
اا اااا ااا اااااا اااااا ااا اااااا ااا ااا ااااا))(5
اا ا
اااا اااااا ااااا اا اا اا ااا اااا اااااا اا اااااا ااااا
سيوطي ومن هنا حكم ابن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلل ال ّ
بكفره ولعنه).6
____________________________
) (1اللهوف ، 99 /ومثير الحزان لبن نما ، 53 /ومقتل العوالم . 145 /
لفست ، ص عليه كامل البهائي ،والثار الباقية للبيروني 331 /طبعة ا ُ )2ن ّ
والمصباح للكفعمي ، 269 /وتقويم المحسنين للفيض ، 15 /وبناًء على ما في
ن يأتي البريد من الشامسجن إلى أ ْتاريخ الطبري ، 266 / 6من حبسهم في ال ّ
ن المسافة بعيدة تستدعي زمنا ً يخبرهم ببعد وصولهم إلى الشام في أول صفر فإ ّ
ن يكون البريد من طريق الطير . م إل ّ أ ْ
طويل ً ،الله ّ
)3مقتل الخوارزمي 61 / 2روى :إّنهم ُادخلوا مدينة دمشق من باب )توما ،وهذا
الباب كما في ثمار المقاصد : 109 /أحد أبواب مدينة دمشق القديمة .
204
داد المتوّفى )سنة مد بن علي بن ابراهيم المعروف بابن ش ّ دث أبو عبد الله مح ّ ويح ّ
ساعات ؛ لّنه عمل مي بباب ال ّ 684هـ في أعلق الخطيرة 72 / 2قال :إّنما س ّ
ل ساعة تمضي من الّنهار عليها عصافير من ساعات ،يعلم بها ك ّ هناك بنظام ال ّ
ساعة خرجت الحّية فصفرت مت ال ّ نحاس وغراب وحّية من نحاس ،فإذا أت ّ
العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة في الطشت .
)4أمالي الصدوق 100 /المجلس الواحد والثلثون ،ومقتل الخوارزمي . 60 / 2
لفست في دمشق :ليس في )5في صورة الرض لبن حوقل 161 /طبعة ا ُ
م
ظمون فيه دينهم ،ث ّ م صار لليونان يع ّ السلم أحسن منه ،كان مصّلى الصابئين ث ّ
صلب مى باب جيرون ُ ، صار لليهود ،وملوك عبدة الصنام ،وباب هذا المسجد ُيس ّ
على هذا الباب رأس يحيى بن زكريا وصلب على جيرون رأس الحسين بن علي
ما كان أّيام الوليد بن صلب فيه رأس يحيى بن زكريا .ول ّ )ع( في الموضع الذي ُ
ن هذا المسجد هو الجامع ً
عبد الملك جعل وجه جدرانه رخاما ، ...ويظهر إ ّ
لموي . ا ُ
م قال اللوسي : ن ت َوَل ّي ْت ُ ْ م إِ ْ سي ْت ُ ْ ل عَ َ )6روح المعاني لللوسي ، 73 / 26آية )فَهَ ْ
أراد بقوله ) :فقد اقتضيت من الرسول ديون أّنه قتل بما قتله رسول الله )ص(
ده عتبة وخاله وغيرهما ،وهذا كفر صريح ،ومثله تمثله بقول ابن يوم بدر ،كج ّ
الزبعري قبل إسلمه )ليت أشياخي ...البيات .
ساعدي من سكينة بنت الحسين )ع( وقال :ألك حاجة ؟ ودنا سهل بن سعد ال ّ
ن يدفع لحامل الرأس شيئا فيبعده عن الّنساء ليشتغل الّناس بالّنظر ً فأمرته أ ْ
إليه ،ففعل سهل ). (1
سجاد )ع( وقال له :الحمد الله الذي أهلككم وأمكن المير منكم . ودنا شيخ من ال ّ
ها هنا أفاض المام من لطفه على هذا المسكين المغتّر بتلك التمويهات لتقريبه
سلم( تشرق سبيل ،وهكذا أهل البيت ).عليهم ال ّ من الحقّ وإرشاده إلى ال ّ
من يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية .فقال أنوارهم على َ
سلم : سلم له )) :يا شيخ أقرأت القرآن ؟ (قال :بلى ،قال عليه ال ّ عليه ال ّ
ْ ْ َ َ ُ َ َ
قْرَبى )2؟ وقرأت قوله تعالى : موَد ّةَ ِفي ال ُ جًرا إ ِل ّ ال َم عَلي ْهِ أ ْ سألك ُ ْ ل لَأ ْ ))أقرأت )قُ ْ
ن للهِّ شيٍء فَأ َ َ َ ذا ال ْ ُ
ّ من َ ْ مُتم ِ ما غَن ِ ْ موا أن ّ َ ه )3؟ وقوله تعالى َ) :واعْل ُ ق ُ ح ّقْرَبى َ ت َ )َوآ ِ
قْرَبى )4؟ (قال الشيخ :نعم ،قرأت ذلك .فقال )ع( : ذي ال ْ ُ ل وَل ِ ِ سو ِ ه وَِللّر ُ س ُ
م َ خ ُ ُ
))نحن والله القربى في هذه اليات (.
َ
س أه ْ َ
ل ج َ م الّر ْ عنك ُ ُ
ب َ ه ل ِي ُذ ْهِ َ ريد ُ الل ّ ُ ما ي ُ ِ م قال له المام )) :أقرأت قوله تعالى ) :إ ِن ّ َ ث ّ
سلم )) :نحن أهل البيت م ت َط ِْهيرا ً )5؟ (قال :بلى .فقال عليه ال ّ ت وَي ُط َهَّرك ُ ْ ال ْب َي ْ ِ
صهم الله بالتطهير ( .قال الشيخ :بالله عليك أنتم هم ؟ فقال عليه الذين خ ّ
ّ
دنا رسول الله إّنا لنحن هم ،من غير شك (. سلم )) :وحقّ ج ّ ال ّ
من قتلكم .وتاب على يد ميه يقّبلهما ويقول :أبرأ إلى الله م ّ فوقع الشيخ على قد َ
ما فّرط في القول معه .وبلغ يزيد فعل الشيخ وقوله ،فأمر بقتله)( .6 المام م ّ
اااا
اا ااااا اااااا اااااا ااااا اااااا اااااااا ا اااا ا
ااا اااا ااااا اا اا))(7
ااااا ااااا ااا اااااا اااا ااا ا ا
____________________________
) (1مقتل العوالم . 145 /
))2سورة الشورى . 23 /
))3سورة السراء . 26 /
205
))4سورة النفال . 41 /
)(5سورة الحزاب . 33 /
)(6اللهوف . 100 /وفي تفسير ابن كثير ، 112 / 4وروح المعاني لللوسي
سجاد )ع( قرأ على الشيخ آية ن ال ّ ، 31 / 25ومقتل الخوارزمي : 61 / 2إ ّ
دة فأذعن له .
المو ّ
))7روح المعاني لللوسي ، 31 / 25إّنهما للسّيد عمر الهيثمي )أحد أقاربه
المعاصرين( وقد استجودهما اللوسي .
ن يدخلوهم إلى مجلس يزيد ،أتوهم بحبال فربقوهم بها ،فكان الحبل في وقبل أ ْ
ّ
م كلثوم وباقي بنات رسول الله )ص( ( ،وكلما ُ
عنق زين العابدين )ع( إلى زينب ا ّ
دي يزيد ،وهو على سريره ، قصروا عن المشي ضربوهم حّتى أوقفوهم بين ي َ
َ
فقال على بن الحسين )ع( )) :ما ظّنك برسول الله لو يرانا على هذا الحال ؟ (
قطعت ). (1 فبكى الحاضرون ،وأمر يزيد بالحبال ف ُ
دي
دس بين ي َ سبي ،وُوضع الرأس المق ّ وُاقيموا على درج باب الجامع حيث يقام ال ّ
يزيد ،وجعل ينظر إليهم ويقول :
ت وطـاف عـن الدنيا الفناء أو النشر ق ْسما حقا ً على الرض ُاطب ِ َ فليت ال ّ
ي وهـي خير حرائر يـباح بـأيدي الدعـياء لها ستر بـنات عـل ّ
دعها مـصر ويـرقبها مـصر ً
جف المطايا حواسرا يـو ّ سـبايا على عَ ْ
صرت عـن الـمشي إعـياء مخدرة طهر ن عين وق ّ
ن دمـعت منه ّ فـإ ْ
____________________________
) (1النوار الّنعمانّية ، 341 /واللهوف ، 101 /وتذكرة الخواص . 49 /
))2مرآة الجنان لليافعي . 135 / 1
وفي كامل ابن الثير ، 35 / 4وعليه مروج الذهب :لما ُادخل الرأس عليه ،جعل
ينكته بقضيب ويتمّثل بقول الحصين بن حمام .
ااا ااااا اا ااااااا اااااا ااااا اا ااااااا اااا ااااا
اااااا اااا ااااااا ااااا ااااا ااااا ااا ااااا ااااا
ديه تمّثل
ما ُوضع الرأس بين ي َ وفي العقد الفريد ، 313 / 2في خلفة يزيد قال :ل ّ
يزيد بقول الحصين بن الحمام المزني وذكر البيت الثاني ،واقتصر ابن حجر
الهيثمي في مجمع الزوائد 198 / 9على البيت الثاني ،واقتصر الخوارزمي في
المقتل 61 / 2على وقوفهم على درج باب الجامع ،وهذان البيتان للحصين بن
ن الحصين بن حمام الحمام ذكرهما في المؤتلف والمختلف للمدي ، 91 /قال :إ ّ
بن ربيعة )إلى آخر نسبه قال من قصيدة طويلة وذكر ثلثة أبيات فيها البيتان .
وفي الشعر والشعراء ، 151 /ذكر ثلثة أبيات فيها البيت الثاني .
دمين والجاهلين للخالديين اقتصر على وفي الشباه والنظائر 4 /من أشعار المتق ّ
البيت الثاني .
206
وفي الغاني ، 120 / 12طبعة ساسي ذكر ثلثة عشر بيتا ً فيها البيتان .
))3مقتل الخوارزمي . 59 / 2
أهـاب بـها شـمر الخنا بقساوة وآمـلها فـي سوطه نقمة زجر
سه الضر ولـيس لـديها كـافل غير مدنف أضّرت به البلوى وقد م ّ
ل والسر ل في السرى ويـبدو عـلى سيمائه الذ ّ عليل يعاني القيد والغ ّ
طأ لها ظهر سـروا فـيه مـغلول اليدين مقّيدا إلى بطن حرف لم يو ّ
وقـد أكـل الـلحم الـحديد بجيده واّثـر حّتى فاض في دمه النحر
ج واكـبادا ً يـطير بها الذعر
يـلحظ أطـفال ً تـصيح ونـسوة تـع ّ
م الـسبايا تـستطيل به السمر ورأس أبـيه وهـو سـبط محمد أمـا َ
وقـد أدخـلوه الـشام ل مرحبا ً به وأفـراحه تـطغى بعيدٍ هو النصر
الـى مـجلس فيه ابن هند بنصره قـرير ومـروان يـطير به البشر
ي غـّره الزهو والكبر سبط في طست عسجد أمـام دعـ ّ ورأس أبيه ال ّ
وقـد كـان يخفي الكفر لكن بذكره ل شياخه في بدر قد ظهر الكفر )(1
يزيد مع السجاد
سجاد )ع( وقال :كيف رأيت صنع الله يا علي بأبيك الحسين ؟ والتفت يزيد إلى ال ّ
سموات والرض ( .وشاور ل قبل أن يخلق ال ّ قال )) :رأيت ما قضاه الله عّز وج ّ
يزيد من كان حاضرا ً عنده في أمره ،فأشاروا عليه بقتله .فقال زين العابدين )ع(
)) :يا يزيد ،لقد أشار عليك هؤلء بخلف ما أشار به جلساء فرعون عليه حين
خاهُ ول يقتل الدعياء أولد جهِ وَأ َ َ َ
شاورهم في موسى وهارون فإّنهم قالوا له ) :أْر ِ
النبياء وأبناءهم ( .فأمسك يزيد مطرقًا)( .2
َ
نم ْ م ِصاب َك ُ ْ ما أ َ ن قال يزيد لعلي بن الحسين )ع( ) :وَ َ ما دار بينهما من الكلم أ ْ وم ّ
ُ َ َ
م ) ،(3قال علي بن الحسين )ع( )) :ما هذه فينا نزلت ، ديك ْ ت أي ْ ِ سب َ ْ ما ك َ صيب َةٍ فَب ِ َ م ِ ُ
ن م ب تا ك في ّ ل إ م ُ كس ُ ف نَ أ في َ ل و ض ر َ ل ا في ة بصي م ن م ب صا َ أ ما ) فينا نزل نما إ
ْ ِ ٍ َ ِ ِ ْ ِ ِ ْ ِ ْ ِ َْ ِ ٍ َ ِ ْ ُ ِ َ َ َ ّ
َ ّ َ َ َ
ما
حوا ب ِ َ فَر ُ م وَل َ ت َ ْ ما َفات َك ُ ْ وا عَلى َ س ْ سيٌر * ل ِك َي ْل َ ت َأ َك عَلى اللهِ ي َ ِ ن ذ َل ِ َ ها إ ِ ّ ن ن َب َْرأ َ
لأ ْ قَب ْ ِ
م )5)4فنحن ل نأسى على ما فاتنا ول نفرح بما آتانا ( )(1 آَتاك ُ ْ
____________________________
) (1من قصيدة للعلمة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي .
)2اثبات الوصية صفحة 143ط نجف .
)3سورة الشورى . 30 /
)4العقد الفريد , 313 / 2وتاريخ الطبري . 267 / 6
)5سورة الحديد 22 /ـ . 23
فأنشد يزيد قول الفضل بن العّباس بن عتبة :
207
وأ مقعدك من الّنار ):(4
اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ،فتب ّ
ا
اا اااااا اااااااا ااااااا ااا ااااااا اااااا اا ا
ى ّ
وقال ليزيد )) :أتأذن لي أن أرقى هذه العواد ،فأتكلم بكلم لله تعالى رض ً
ح الّناس عليه فَلم يقبل ،فقال ابنه معاوية : ولهؤلء أجر وثواب ؟ (فأبى يزيد ،وأل ّ
ن هؤلء ورثوا العلم والفصاحة) ) ن يأتي به ؟ فقال يزيد :إ ّ إئذن له ،ما قدر أ ْ
5وزّقوا العلم زقًّا) ) .6وما زالوا به حّتى أِذن له .
فقال )ع( )) :الحمد لله الذي ل بداية له ،والدائم الذي ل نفاد له ،والول الذي ل
در الليالي والّيام ، أولّية له ،والخر الذي ل آخرّية له ،والباقي بعد فناء الخلق ،ق ّ
ن قال :أّيها الّناس لم ،إلى أ ْ سم فيما بينهم القسام ،فتبارك الله الملك الع ّ وق ّ
سماحة والفصاحة والشجاعة ضلنا بسبع ،اعطينا ؛ العلم والحلم وال ُّ ُاعطينا ست ّا وف ّ
ً
ديق والطّيار وأسد الله ن مّنا الّنبي والص ّ والمحّبة في قلوب المؤمنين ،وُفضلنا ؛ بأ ّ
من عرفني فقد مة .أّيها الّناس َ وأسد رسوله وسبطا هذه ال ُ ّ
____________________________
) (1العقد الفريد ، 313 / 2وتاريخ الطبري ، 267 / 6تفسير علي بن إبراهيم /
، 603في الشورى .
من يبجح بمعادات ذويه ،وهذا )2المحاضرات للراغب الصفهاني ، 775 / 1باب َ
البيت من أبيات خمسة للفضل بن العّباس بن عتبة بن أبي لهب ذكرها أبو تمام
في الحماسة راجع )شرح التبريزي . 223 / 1
)3مثير الحزان لبن نما ، 54 /وغيره .
فس المهموم . 242 / )4ن َ
)5كامل البهائي .
)6رياض الحزان . 148 /
منى ،أنا كة و ِ من َلم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي ،أّيها الّناس أنا ابن م ّ عرفني ،و َ
من ائتزر من حمل الركن بأطراف الردا ،أنا ابن خير َ ابن زمزم والصفا ،أنا ابن َ
مل على البراق وبلغ به ح ِ
من ُ ج ولّبى ،أنا ابن َ من طاف وسعى ،وح ّ وارتدى وخير َ
من صّلى جبرئيل سدرة المنتهى ،فكان من رّبه كقاب قوسين أو أدنى ،أنا ابن َ
من ضرب بين سماء ،أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ،أنا ابن َ بملئكة ال ّ
دي رسول الله ببدر وحنين ،ولم يكفر بالله طرفة عين ،أنا ابن صالح المؤمنين ي َ
ووارث النبّيين ،ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وقاتل الناكثين والقاسطين
سبطين ة ذاك أبو ال ّ والمارقين ،ومفّرق الحزاب ،أربطهم جأشا ً ،وأمضاهم عزيم ً
الحسن والحسين ،علي بن أبي طالب .أنا ابن فاطمة الزهراء ،وسّيدة الّنساء ،
من مل بالدماء ،أنا ابن ذبيح كربلء ،أنا ابن َ وابن خديجة الكبرى .أنا ابن المر ّ
ما بلغ إلى هذا ن في الظلماء ،وناحت الطير في الهواء ( .فل ّ بكى عليه الج ّ
ذن للصلة . ذن أن ُيؤ ّ ج الّناس بالبكاء ،وخشي يزيد الفتنة ،فأمر المؤ ّ الموضع ،ض ّ
ما
ل وأعلى وأكرم م ّ ذن :الله أكبر .قال المام )ع( )) :الله أكبر وأج ّ فقال المؤ ّ
ن ل إله إل ّ الله ،قال )ع( )) :نعم ، ذن :أشهد أ ْ ما قال المؤ ّ أخاف وأحذر ( .فل ّ
ن
ذن :أشهد أ ّ ما قال المؤ ّ ب سواه ( .فل ّ ن ل إله غيره ول ر ّ ل شاهد أ ْ أشهد مع ك ّ
ن تسكت حّتى مد أ ْ ذن )) :أسألك بحقّ مح ّ مدا ً رسول الله قال المام )ع( للمؤ ّ مح ّ
دي ؟ دك أم ج ّ ُاكّلم هذا ،والتفت إلى يزيد وقال :هذا الرسول العزيز الكريم ج ّ
مدي فل ِ َ تج ّ ن قل َ دك علم الحاضرون والّناس كّلهم إّنك كاذب ،وإ ْ تج ّ ن قل َ فإ ْ
208
ت أبي ظلما ً وعدوانا ً وانتهبت ماله وسَبيت نساءه ،فوي ٌ
ل لك يوم القيامة إذا قتل َ
دي خصمك. كان ج ّ
ّ
ذن :أقم للصلة .فوقع بين الّناس همهمة وصلى بعضهم ، فصاح يزيد بالمؤ ّ
وتفّرق الخر ). (1
____________________________
فس المفهوم ، 242 /والخطبة طويلة في مقتل الخوارزمي . 69 / 2 ) (1ن َ
الرأس الطهر
ودعا يزيد برأس الحسين )ع( ووضعه أمامه في طست من ذهب ) ، (1وكان
الّنساء خلفه ،فقامت سكينة وفاطمة يتطاولن للّنظر إليه ،ويزيد يستره عنهما ،
ما رأينه صرخن بالبكاء).2 فل ّ
ن يدخلوا) .3وأخذ يزيد القضيب وجعل ينكت ثغر الحسين)4ويقول م أِذن للّناس أ ْث ّ
:يوم بيوم بدر) .5وأنشد قول الحصين بن الحمام :
فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص ،أخو مروان ،وكان جالسا ً عنده :
209
مة لبن الصباغ : 205 /والبيت الول )6كامل ابن الثير ، 35 / 4والفصول المه ّ
عند اليافعي في مرآة الجنان . 135 / 1
اا اااااا اا اااااا اااااااا ااااا ا ا ااااا اااا ااااا ا ا
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ، 148 /مع تغيير في بعض ألفاظه .
وجماعة من المؤرخين اقتصروا على البيت الثاني ،منهم الشريشي في شرح
مقامات الحريري ، 193 / 1والندلسي في العقد الفريد 313 / 2وابن كثير في
البداية ، 197 / 8والشيخ المفيد في الرشاد ،وابن جرير الطبري في التاريخ 6
ص ، 267وقال :البيت للحصين بن الحمام المري .
م لك ). (1 فضربه يزيد على صدره وقال :اسكت ل ا ُ ّ
وقال أبو برزة السلمي :أشهد لقد رأيت الّنبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن
)ع( ويقول )) :أنتما سّيدا شباب أهل الجّنة َ ،قتل الله قاتلكما ،ولعنه وأعد ّ له
جهّنم وساءت مصيرا ً ( .فغضب يزيد منه وأمر به فُاخرج سحبًا)( .2
ن عندنا في بعض الجزائر حافر حمار والتفت رسول قيصر إلى يزيد وقال :إ ّ
ظمه كما ل عام من القطار ونهدي إليه الّنذور ونع ّ ج إليه في ك ّ عيسى ،ونحن نح ّ
ظمون كتبكم ،فأشهد إّنكم على باطل)) .3فأغضب يزيد هذا القول وأمر بقتله ، تع ّ
فقام إلى الرأس وقّبله ،وتشّهد الشهادتين ،وعند قتله سمع أهل المجلس من
وة إل ّ بالله )).(4 الرأس الشريف صوتا ً عاليا ً فصيحا ً ))ل حول ول ق ّ
ما رأت هند صلب على باب القصر ثلثة أّيام)) ،5فل ّ م ُاخرج الرأس من المجلس و ُ ث ّ
بنت عمرو بن سهيل ،زوجة يزيد ،الرأس على باب دارها) (6والّنور اللهي يسطع
ة) )7دخلت المجلس مهتوكة ة طّيب ً م منه رائح ً ف وُيش ّ منه ودمه طري َلم يج ّ
الحجاب وهي تقول :رأس ابن بنت رسول الله على باب دارنا ؟! فقام إليها
____________________________
) (1تاريخ الطبري ، 265 / 6وكامل ابن الثير . 37 / 4وعجز البيت الثاني في
مجمع الزوائد لبن حجر ، 198 / 9و مناقب ابن شهر آشوب ) : 226 / 2وبنت
رسول الله ليس لها نسل وفي البداية لبن كثير : 193 / 8كان الحصين ينشد
وذكر البيت الثاني موافقا ً لمجمع الزوائد .
مان الحسن بن الحسن ـ وهو المثّنى ـ ل ّ وفي مثير الحزان لبن نما : 54 /روى أ ّ
له !رأى يزيد يضرب رأس الحسين )ع( بالقضيب قال واذ ّ
اا اااا ااااا ااا ااااا اااا اااا اااا ااا ااا ااا اا ا
ّ
ما بلغ الحسن البصري فعلة يزيد بالرأس ،تمثل وفي تذكرة الخواص : 149 /ل ّ
بالبيت الثاني .
وفي الغاني : 71 / 12نسبهما إلى عبد الرحمن بن الحكم مع بيت ثالث .
وفي مقتل الخوارزمي : 56 / 2نسبهما إلى عبد الرحمن ابن الحكم أخي مروان .
مة ، 205 /وتاريخ الطبري )2اللهوف ، 102 /واختصر الحديث في الفصول المه ّ
، 267 / 6و مناقب ابن شهر آشوب . 26 / 2
)3الصواعق المحرقة . 119 /
)4مقتل العوالم ، 151 /ومثير الحزان لبن نما .
َ
وفي مقتل الخوارزمي ، 72 / 2ذكر محاورة الّنصراني مع يزيد وقْتله ولم يذكر
كلم الرأس الطهر .
ب الشراف ، 23 /ومقتل )5الخطط المقريزّية ، 289 / 2والتحاف بح ّ
سَير أعلم الّنبلء . 216 / 3 الخوارزمي ، 75 / 2والبداية لبن كثير ، 204 / 8و ِ
من دمة من هذا الكتاب تعريف أبيها وعند َ دم في المق ّ )6مقتل العوالم ، 151 /وتق ّ
210
كانت .
)7الخطط المقريزّية . 284 / 2
جل عليه يزيد وغ ّ
طاها وقال لها :اعولي عليه يا هند ،فإّنه صريخة بني هاشم ع ّ
ابن زياد ). (1
ن ُتصلب على أبواب البلد والجامع ا ُ
لموي ،ففعلوا بها ذلك) وأمر يزيد بالرؤوس أ ْ
.2
وفرح مروان بقتل الحسين )ع( فقال :
اااااااااا
اااا اااا اااا اااا ااااا ااااا ا
ااا
ااا ااااا اااااا اا ااا اا
ااا اااا اا ااا ا
ااا ا ا
ااا اا اااا
اااا اااااااا اااا ااا اا ا ااا
ااا اا
الشامي مع فاطمة
ن يهبها قال الرواة :نظر رجال شامي إلى فاطمة بنت علي)) 3فطلب من يزيد أ ْ
له لتخدمه ،ففزعت ابنة أمير المؤمنين وتعّلقت بُاختها العقيلة زينب وقالت :كيف
____________________________
) (1المقتل للخوارزمي . 74 / 2
فس المهموم . 247 / )2ن َ
)3تاريخ الطبري الجزء السادس ،والبداية لبن كثير ، 194 / 8وأمالي الشيخ
الصدوق 100 /المجلس الواحد والثلثون .
ويروي ابن نما في مثير الحزان ، 54 /والخوارزمي في المقتل : 62 / 2إّنها
فاطمة بنت الحسين )ع( .
ت.ت لفعل ُ ك إّنه َلن يكون أبدا ً .فقال يزيد َ :لو أرد ُأخدم ؟ قالت العقيلة ل علي ِ
ك.ك وأخو ِ دين أبو ِن تخرج عن ديننا .فرد ّ عليها :إّنما خرج عن ال ّ فقالت له :إل ّ أ ْ
ن كنت دي وأبي وأخي اهتديت أنت وأبوك إ ْ قالت زينب :بدين الله ودين ج ّ
سلم( وقالت :أنت أمير ت يا عدّوة الله .فرّقت )عليها ال ّ مسلما ً .قال :كذب ِ
مسّلط تشتم ظالما ً وتقهر بسلطانك ) . (1وعاود الشامي الطلب ،فزبره يزيد
ونهره وقال له :وهب الله لك حتفا ً قاضيًا)( .2
211
ب العالمين ،وصّلى الله على رسوله وآله سلم( :الحمد لله ر ّ قالت )عليها ال ّ
أجمعين ،صدق الله
____________________________
) (1ابن الثير . 35 / 4
)2تاريخ الطبري . 265 / 6
)ُ3ذكرت هذه الخطبة في )بلغات الّنساء 21 /طبعة الّنجف ،ومقتل الخوارزمي
. 64 / 2
مها فاطمة بنت رسول الله ن اُ ّ
)4عرفها الخوارزمي في مقتل الحسين )ع( :أ ّ
)ص( .
)5هذه البيات نسبها السّيد ابن طاووس في اللهوف 102 /طبعة صيدا :إلى ابن
ن الخوارزمي في مقتل الحسين )ع( ، 66 / 2وابن الزبعري وليست كّلها له ،فإ ّ
لولى ،وابن هشام في أبي الحديد في شرح الّنهج 383 / 3الطبعة المصرية ا ُ
ما ذكره ابن طاووس سيرة في واقعة ُاحد :ذكروا سّتة عشر بيتا ً وليس فيها م ّ ال ّ
ميل بدرٍ فاعتدل .وفي إل ّ الول والثالث ،وكان عجز الثالث في روايتهم )وعدلنا َ
رواية أبي علي القالي في المالي ، 142 / 1والبكري في شرحه : 378 / 1
ميل بدرٍ فاعتدل .وفي رسالة الجاحظ في بني ُامّية ضمن مجموعة )وأقمنا َ
رسائله :ابن الزبعري قال :ليت أشياخي إلى آخر ثلثة أبيات كما في اللهوف مع َ
لوفست :عدا البيت تغيير يسير .وذكرها البيروني في الثار الباقية 331 /طبعة ا ُ
الرابع .
َ َ
ت الل ّ ِ
ه سوءى أن ك َذ ُّبوا ِبآَيا ِ ساُءوا ال ّ نأ َ ذي َ ة ال ّ ِ عاقِب َ َن َ م َ
كا َ سبحانه حيث يقول ) :ث ُ ّ
ن ( ) . (1أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الرض ، ست َهْزُِئو َ كاُنوا ب َِها ي َ ْ وَ َ
ن بنا على الله هوانا ً وبك عليه لسارى أ ّ سماء ،فأصبحنا ُنساق كما ُتساق ا ُ وآفاق ال ّ
ن ذلك لعظم خطرك عنده ،فشمخت بأنفك ،نظرت في عطفك ، كرامة ،وإ ّ
لمور مّتسقة ،وحين صفا لك جذلن مسرورا ،حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ،وا ُ ً
فُروا ن كَ َ ذي َ ّ
ن ال ِسب َ ّ ح َ ملكنا وسلطاننا ،فمهل ً مهل ً ،أنسيت قول الله تعالى ) :وَل َ ي َ ْ ُ
ن )(2؟! هي م ب ذاَ ع م ه َ ل و ً ا ثم ْ إ دوا داز ي ل م هَ ل لي م ن ما ن إ م ه س ُ ف َ
ن ل ر ي خ م ه َ ل لي م َ
ٌ ُ ِ ٌ َ َ ُ ْ ُ ْ َْ َ ُ ِ ِ ِ ُ
ِ ْ ِ َ ْ ّ ِ ْ َ
ُ ْ ٌْ ِ أ َ ْ
ُ ن ما ّ ن
سوقك بنات رسول الله أمن العدل يابن الطلقاء ،تخديرك حرائرك وإماءك ،و َ
ن العداء من بلد إلى بلد ، ن ،تحدو به ّ ن ،وُابديت وجوهه ّ هتكت ستوره ّ سبايا ،قد ُ
ن القريب والبعيد والدني ن أهل المناهل والمعاقل ،ويتصفح وجوهه ّ ويستشرفه ّ
ن ولي ،وكيف يرتجي ن حمي ول من رجاله ّ ن من حماته ّ والشريف ،ليس معه ّ
من لفظ فوه أكباد الزكياء ،ونبت لحمه من دماء الشهداء ؟! وكيف مراقبة َ
من نظر إلينا بالشنف والشنآن ،والحن يستبطأ في بغضنا أهل البيت َ
م تقول غير متأثم ول مستعظم : والضغان ؟! ث ّ
ااا ااا ااااا اااااااا اا اااا اا ا ااا ااااا اا ااا ا
منحيا ً على ثنايا أبي عبد الله سّيد شباب أهل الجّنة تنكتها بمخصرتك ،وكيف ل
مد تقول ذلك ،وقد نكأت القرحة ،واستأصلت الشأفة ،بإراقتك دماء ذرّية مح ّ
طلب ،وتهتف بأشياخك )صّلى الله عليه وآله( ونجوم الرض من آل عبد الم ّ
ن أّنك شللت وبكمت وَلم تكن موردهم ،ولتود ّ ن وشيكا ً َ زعمت أّنك تناديهم فلترد ّ
ت ما فعلت . ت ما قلت وفعل َ قل َ
من سفك دماءنا وقتل من ظلمنا ،واحلل غضبك ب َ قنا ،وأنتقم م ّ خذ لنا بح ّ م ُ الله ّ
حماتنا .
ن على رسول الله )صّلى ت إل ّ جلدك ،ول حززت إل ّ لحمك ،ولترد ّ فوالله ما فري َ
212
ت من حرمته في عترته ملت من سفك دماء ذرّيته ،وانتهك َ الله عليه وآله( بما تح ّ
ن
سب َ ّ
ح َ َ
قهم ) ،وَل ت َ ْ
م شعثهم ،ويأخذ بح ّ ولحمته ،حيث يجمع الله شملهم ،ويل ّ
ال ّذين قُت ُِلوا في سبيل الل ّه أ َمواتا ً ب ْ َ
ن( ).(3 م ي ُْرَزُقو َ
عن ْد َ َرب ّهِ ْ
حَياٌء ِلأ ْ َ ِ ْ َ َ ِ ِ ِ ِ َ
____________________________
) (1سورة الروم . 10 /
)2سورة آل عمران . 178 /
)3سورة آل عمران . 169 /
مد )صّلى الله عليه وآله( خصيما ً ،وبجبرئيل ظهيرا ً ، وحسبك بالله حاكما ً ،وبمح ّ
كنك من رقاب المسلمين ،بئس للظالمين بدل ً ! وأّيكم ول لك وم ّ من س ّ وسيعلم َ
شّر مكانا ً وأضعف جندا .
ً
ي الدواهي مخاطبتك ،إني لستصغر قدرك وأستعظم تقريعك ، ولئن جّرت عل ّ
وأستكثر توبيخك ،لكن العيون عبرى ،والصدور حّرى .
ل العجب ،لقتل حزب الله الّنجباء ،بحزب الشيطان الطلقاء ! فهذه أل فالعجب ك ّ
اليدي تنطف من دمائنا ،والفواه تتحّلب من لحومنا ،وتلك الجثث الطواهر
مهات الفراعل ،ولئن اتخذتنا مغنما ً ،لتجدنا فرها ا ُ ّالزواكي تنتابها العواسل ،وتع ّ
دمت يداك ،وما رّبك بظّلم للعبيد ،وإلى الله وشيكا ً مغرما ،حين ل تجد إل ّ ما ق ّ
ول . المشتكى وعليه المع ّ
ب جهدك ،فوالله ل تمحو ذكرنا ،ول ُتميت فكد كيدك ،واسع سعيك ،وناص ْ
ّ ّ
وحينا ،ول يرحض عنك عارها ،وهل رأيك إل فند وأّيامك إل عدد ،وجمعك ال
بدد ؟ يوم ينادي المنادي :أل لعنة الله على الظالمين .
سعادة والمغفرة ولخرنا بالشهادة ب العالمين ،الذي ختم لولنا بال ّ والحمد لله ر ّ
والرحمة ،ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ،ويوجب لهم المزيد وُيحسن علينا
الخلفة ،إّنه رحيم ودود ،وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فقال يزيد :
من ومن جْهل يزيد وغّيه وضلله قوله بملء فمه غير متأّثم ول مستعظم ُيخاطب َ
حضر عنده من ذؤبان أهل الشام :أتدرون من أين أتى ابن فاطمة ،وما الحامل
ن أباه خير من له على ما فعل ،والذي أوقعه فيما وقع ؟ قالوا :ل ،قال :يزعم أ ّ
دي ،وإّنه خيٌر ج ّده خيٌر من َ ي ،وج ّ مه فاطمة بنت رسول الله خير من ُام ّ أبي ،وا ُ ّ
ج أبي أباه إلى الله ما قوله أبوه خيٌر من أبي فقد حا ّ مّني وأحقّ بهذا المر مّني ،فأ ّ
نمي فلعمري إ ّ َ ُ
مه خيٌر من ا ّ ُ
ما قوله ا ّ ل وعلم الّناس أّيهما حكم له ،وأ ّ عّز وج ّ
دي ،فلعمري ماَ ده خيٌر من ج ّ ما قوله ج ّ مي ،وأ ّ ُ
فاطمة بنت رسول الله خيٌر من ا ّ
ً ً
ن لرسول الله فينا عدل ول ن ِد ّا ،ولكّنه أحد يؤمن بالله واليوم الخر وهو يرى أ ّ
شاُء ن تَ َ
م ْك َ مل ْ َك ت ُؤِْتي ال ْ ُ
مل ْ ِ
ك ال ْ ُ
مال ِ َ م َل الل ّهُ ّ إّنما ُاتي من قّلة فقهه وَلم يقرأ ) :قُ ْ
شاُء ( ) (1وقوله تعالى ...) : ن تَ َ م ْ ل َشاُء وَت ُذِ ّن تَ َ م ْ شاُء وَت ُعِّز َ ن تَ َ
م ْم ّك ِ مل ْ َ
وَت َن ْزِعُ ال ْ ُ
شاُء .3)2)... من ي َ َ ه َمل ْك َ ُ
ه ي ُؤِْتي ُ َوالل ّ ُ
الخربة
دث جليسه ولقد أحدثت هذه الخطبة هّزة في مجلس يزيد ،وراح الرجل يح ّ
ّ ً
بالضلل الذي غمرهم وإّنهم في أي وادٍ يعمهون ،فلم يَر يزيد مناصا إل أن ُيخرج
213
الحرم من المجلس إلى خربة ل تكّنهم من حّر ول برد ،فأقاموا فيها ينوحون على
سجاد )ع( سلم )4ثلثة أّيام) .5وفي بعض الّيام خرج المام ال ّ الحسين عليه ال ّ
منها يترّوح ،فلقيه المنهال بن عمر وقال له :كيف أمسيت يابن رسول الله ؟
قال )ع( )) :أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون ،يذّبحون أبناءهم
مدا ً منها ،وأمست ن مح ّ
ويستحيون نساءهم ،أمست العرب تفتخر على العجم بأ ّ
مدا ً منها ،وأمسينا معشر أهل بيته
ن مح ّقريش تفتخر على سائر العرب بأ ّ
ّ
مقتولين مشّردين ،فإّنا لله وإّنا اليه راجعون ) .6قال المنهال :وبينا يكلمني إذ
امرأة خرجت خلفه تقول له :إلى أين يا ِنعم الخَلف ؟ فتركني وأسرع إليها ،
مته زينب)( .7
ت عنها قيل :هذه ع ّ فسأل ُ
إلى المدينة
ّ
سبي حريم رسول الله )صلى الله عليه من معه و َ ُ
لقد سّر يزيد َ قتل الحسين )ع( و َ
وآله( ))8
____________________________
) (1سورة آل عمران . 26 /
)2سورة البقرة . 247 /
)3تاريخ الطبري ، 266 / 6والبداية لبن كثير . 195 / 8
)4اللهوف ، 207 /وأمالي الصدوق 101 /المجلس الواحد والثلثون .
)5مقتل الخوارزمي . 34 / 2وهذه الخربة ـ أو فقل المحبس ـ كما جاء في ذيل
مرآة الزمان لليونيني ، 146 / 4حوادث )سنة 681هـقال :في ليلة الحد ،عاشر
شهر رمضان ،احترقت سوق اللبادين بدمشق بكمالها وجسر الكتبيين ،والفوارة
وسوق القماش المعروف بسوق عسا الله وسقاية جيرون ،ووصلت الّنار إلى
درب العجم وسط جيرون وجدار المسجد العمري الذي على درج بدرب الجامع
الملصق لسجن زين العابدين . ...
)6مثير الحزان لبن نما ، 58 /ومقتل الخوارزمي . 72 / 2
)7النوار الّنعمانّية . 340 /
)8تاريخ الخلفاء للسيوطي . 139 /
سرور في مجلسه ،فَلم يبال بإلحاده وكفره حين تمّثل بشعر ابن وظهر عليه ال ّ
ما كثرت مد )ص( ( ،ولكّنه ل ّ الزبعري ،وحّتى أنكر الوحي على رسول الله مح ّ
من لم اللئمة عليه ووضح له الفشل والخطأ في فعلته التي َلم يرتكبها حّتى َ
ن أهل ينتحل دين السلم وعرف المغزى من وصّية معاوية إّياه حيث قال له :إ ّ
ن له
دعوا الحسين حّتى يخرجوه ،فإذا خرج عليك فاصفح عنه ؛ فإ ّ العراق لن ي َ
ً
قا عظيما ). (1ً رحما ً ماسة وح ّ
صته وأهل بيته ونساؤه ،وكان بمرأى منه ومسمع كلم الرأس وعاب عليه خا ّ
ما أمر بقتل رسول ملك الروم )ل حول ول قوة إل بالله )2ولحديث الندية الطهر ل ّ
ما ارتكبه من هذه الجريمة الشائنة والقسوة الشديدة دوي في أرجاء دمشق ، ع ّ
َلم يجد مناصا من القاء التبعة على عاتق ابن زياد تبعيدا للسّبة عنه ،ولكن الثابت
ً ً
ل يزول .
سجاد )ع( والعيال جل بإخراج المام ال ّ ما خشى الفتنة وانقلب المر عليه ،ع ّ ول ّ
ما يريدون ،وأمر الّنعمان بن بشير كنهم م ّمن الشام إلى وطنهم ومقّرهم ،وم ّ
ن يسيروا معهم إلى المدينة مع الرفق)( .3 وجماعة معه أ ْ
مر بنا على طريق كربلء ،فوصلوا إلى مصرع ما وصلوا العراق قالوا للدليل ُ : فل ّ
214
الحسين )ع( فوجدوا جابر بن عبد الله النصاري وجماعة من بني هاشم ورجال ً من
آل رسول الله ـ قد وردوا لزيارة قبر الحسين )ع( ـ فتلقوا بالبكاء والحزن واللطم
،وأقاموا في كربلء ينوحون على الحسين)ع( )4ثلثة أّيام)).5
ً
ووقف جابر النصاري على القبر فأجهش بالبكاء وقال ) :يا حسين!( ثلثا ثم قال :
حبيب ل يجيب حبيبه ! وأّنى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك على
____________________________
) (1تاريخ الطبري . 180 / 6
)2مقتل العوالم . 150 /
)3إرشاد المفيد .
)4اللهوف ، 112 /ومثير الحزان لبن نما 79 /الطبعة الحجرّية .
)5رياض الحزان . 157 /
أثباجك ،وفّرق بين رأسك وبدنك ،فأشهد أّنك ابن خاتم النبيين ،وابن سّيد
المؤمنين ،وابن حليف التقوى ،وسليل الهدى ،وخامس أصحاب الكساء ،وابن
ذتكسّيد النقباء ،وابن فاطمة الزهراء سّيدة النساء ،وما َلك ل تكون كذلك وقد غ ّ
ف سّيد المرسلين ،وربيت في حجر المّتقين ،ورضعت من ثدى اليمان ، ك ّ
ن قلوب المؤمنين غير طّيبة وفطمت بالسلم ؟! فطبت حي ّا ً وطبت مّيتا ً غير أ ّ
بفراقك ،ول شاكة في الخيرة لك ،فعليك سلم الله ورضوانه ،وأشهد أّنك
مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكرّيا .
ّ
سلم عليكم أّيتها الروح التي حلت بفناء ثم أجال بصره حول القبر وقال :ال ّ
الحسين )ع( وأناخت برحله ،أشهد أّنكم أقمتم الصلة ،وآتيتم الزكاة وأمرتم
بالمعروف ،ونهيتم عن المنكر ،وجاهدتم الملحدين ،وعبدتم الله حّتى أتاكم
مدا ً )صّلى الله عليه وآله( بالحقّ نبي ّا ً ،لقد شاركناكم فيما اليقين .والذي بعث مح ّ
َ ً
ل جبل ولم َ ً َ
دخلتم فيه .فقال له عطّية العوفي :كيف ولم نهبط واديا ولم نع ُ
نضرب بسيف ،والقوم قد فُّرق بين رؤوسهم وأبدانهم وُاوتمت أولدهم وارملت
ُ
ب قوما ً ،كان من أح ّ الزواج ؟ فقال له :إني سمعت حبيبي رسول الله يقول َ )) :
مدا ً بالحقّ نبي ّا ً ب عمل قوم ُاشرك في عملهم ( .والذي بعث مح ّ من أح ّ معهم .و َ
ن نّيتي ونّية أصحابي على ما مضى عليه الحسين )ع( وأصحابه ). (1 إ ّ
الرأس مع الجسد
ما عرف زين العابدين )ع( الموافقة من يزيد ،طلب منه الرؤوس كّلها ليدفنها ل ّ
َ
في محلها ،فلم يتباعد يزيد عن رغبته ،فدفع اليه رأس الحسين )ع( مع رؤوسّ
أهل بيته وصحبه ،فألحقها بالبدان .
فس المهموم / ص على مجيئه بالرؤوس إلى كربلء في حبيب السير كما في ن َ ن ّ
، 253ورياض الحزان . 155 /
____________________________
ّ
) (1بشارة المصطفى ، 89 /المطبعة الحيدرّية ،مؤلفه ـ كما في روضات
مد بن علي الطبري الملي ،من مد بن أبي القاسم بن مح ّ الجّنات ـ أبو جعفر مح ّ
علماء القرن الخامس ،قرأ على ابن الشيخ الطوسي .
ما رأس الحسين )ع( ففي روضة الواعظين للفّتال ، 165 /وفي مثير الحزان
وأ ّ
215
ول عليه عند المامّية . لبن نما الحلي : 58 /إّنه المع ّ
وفي اللهوف لبن طاووس : 112 /عليه عمل المامّية .وفي إعلم الورى
للطبرسي ، 151 /ومقتل العوالم ، 154 /ورياض المصائب ،والبحار :إّنه
المشهور بين العلماء .
وقال ابن شهر آشوب في المناقب : 200 / 2ذكر المرتضى في بعض رسائله :
ن رأس الحسين )ع( ُاعيد إلى بدنه في كربلء .وقال الطوسي :ومنه زيارة إ ّ
الربعين .
لمة الحّلي ،وفي عجائب المخلوقات وفي البحار عن )العدد القوّية لخ الع ّ
للقزويني : 67 /في العشرين من صفر رد ّ رأس الحسين )ع( إلى جّثته .
وقال الشبراوي :قيل ُاعيد الرأس إلى جّثته بعد أربعين يوما ً ). (1
وفي شرح همزّية البوصيري لبن حجر ُاعيد رأس الحسين )ع( بعد أربعين يوما ً
من قتله .
وقال سبط ابن الجوزي :الشهر أّنه ُرد ّ إلى كربلء فدفن مع الجسد)).2
والمناوي في الكواكب الدرّية ، 57 / 1نقل اّتفاق المامّية على أّنه ُاعيد إلى
جحه وَلم يتعقبه ،بل نسب إلى بعض أهل الكشف ن القرطبي ر ّ كربلء ،وإ ّ
ُ ّ
والشهود أّنه حصل له اطلع على أّنه اعيد إلى كربلء .
وقال أبو الريحان البيروني :في العشرين من صفر رد ّ رأس الحسين )ع( إلى
جّثته حّتى د ُِفن مع جثته)).3
ل ما ورد بخلفه ،والحديث بأّنه عند قبر أبيه بمرأى من هؤلء وعلى هذا فل يعبأ بك ّ
َ
ن إسناده لم يتم ورجاله ّ
العلم ،فإعراضهم عنه يدلنا على عدم وثوقهم به ؛ ل ّ
غير معروفين .
وقال أبو بكر اللوسي ـ وقد سئل عن موضع رأس الحسين )ع( ـ :
يوم الربعين
ضين من وفاته بإسداء ً ّ
من الّنواميس المطردة العتناء بالفقيد بعد أربعين يوما م َ
البّر إليه وتأبينه ،وعد ّ مزاياه في حفلت ُتعقد وذكريات تدّون ،تخليدا ً لذكره على
ن تهمله ،فبذلك تعاد إلى ذكره حين إن الخواطر تكاد تنساه والفئدة أوشكت أ ْ
البائد صورة خالدة ،بشعر رائق تتناقله اللسن ،ويستطيع في القلوب ،فتمّر
216
منه الكتب والمدّونات حّتى جدته .أو خطاب بليغ تتض ّ الحقب والعوام وهو على ِ
ّ ً
يعود من أجزاء التاريح التي ل يبليها الملوان ،فالفقيد يكون حي ّا كلما ُتليت هاتيك
النتف من الشعر أو وقف الباحث على ما ُالقيت فيه من كلمات تأبينّية بين طّيات
ة كّلماسّنة الحسنة تزداد أهمي ّ ً ص أثره في فضائله وفواضله ،وهذه ال ُ الكتب ،فيقت ّ
ازداد الفقيد عظمة وكثرت فضائله ،وإّنها في رجالت الصلح ،والمقتدى بهم من
ن نشر مزاياهم وتعاليمهم يحدو إلى اّتباعهم واحتذاء مثالهم م وآكد ؛ ل ّ الشرائع أه ّ
في الصلح و تهذيب الّنفوس .
ن الرض لتبكي على وما ورد عن أبي ذر الغفاري وابن عّباس عن الّنبي )ص( )) :إ ّ
سماء بكت ن ال ّالمؤمن أربعين صباحا ً ) ،2وعن زرارة عن أبي عبد الله )ع( )) :إ ّ
سواد ، على الحسين )ع( أربعين صباحا ً بالدم ،والرض بكت عليه أربعين صباحا ً بال ّ
والشمس بكت عليه أربعين صباحا ً بالكسوف والحمرة ،والملئكة بكت عليه
أربعين صباحا ً ،وما اختضبت امرأة مّنا ول أدهنت ول اكتحلت ول رجلت حّتى أتانا
رأس عبيد الله بن زياد ،وما زلنا في عبرة من بعده ).(3
____________________________
) (1شعراء الحّلة ، 371 / 5إّنها للحاج مهدي الفلوجي .
ّ
))2مجموعة الشيخ ورام ، 276 / 2والبحار ، 679 / 2باب شهادة المام علي
)ع( عن مناقب ابن شهر آشوب .
))3مستدرك الوسائل للنوري ، 215 /الباب الرابع والتسعون .
كد هذه الطريقة المألوفة والعادة المستمّرة بين الّناس من الحداد على المّيت يؤ ّ
أربعين يوما ً ،فإذا كان يوم الربعين ُاقيم على قبره الحتفال بتأبينه يحضره أقاربه
ن الّنصارى يقيمون ص بها المسلمون ،فإ ّ صته وأصدقاؤه ،وهذه العادة َلم يخت ّ وخا ّ
حفلة تأبينّية يوم الربعين من وفاة فقيدهم يجتمعون في الكنيسة ويعيدون الصلة
سنة وعند تمامها ، ماة عندهم بصلة الجنازة ويفعلون ذلك في نصف ال ّ عليه المس ّ
ً
واليهود يعيدون الحداد على فقيدهم بعد مرور ثلثين يوما وبمرور تسعة أشُهر
ن كان ل ذلك إعادةً لذكراه ،وتنويها ً به وبآثاره وأعماله إ ْ وعند تمام السنة ) ، (1ك ّ
من العظماء ذوي الثار والمآثر .
قب ل يجد في الفئة الموصوفة بالصلح رجل ً اكتنفته ن المن ّ ل حال ،فإ ّ وعلى ك ّ
ل معانيها ،وكانت حياته وحديث نهضته وكارثة قتله دعوةً إلهّية ،ودروسا ً المآثر بك ّ
إصلحّية ،وأنظمة اجتماعّية ،وتعاليم أخلقّية ،ومواعظ دينّية ،إل ّ سّيد شباب أهل
سلم والوئام ،شهيد الخلق والتهذيب الحسين )ع( ، دين ،شهيد ال ّ الجّنة شهيد ال ّ
ّ
ن ُتقام له الذكريات في كل مكان ،وتشد ّ الرحال للمثول ّ
فهو أولى من كل أحد بأ ْ
ً
حول مرقده القدس في يوم الربعين من قتله ؛ حصول على تلكم الغايات
الكريمة .
ُ
وإّنما قصروا الحفلت الربعينّية الول في سائر الّناس من جهة كون مزايا اولئك
حد ّ ،
ن مزاياه ل ت ُ َ الرجال محدودة منقطعة الخر ،بخلف سّيد الشهداء ،فإ ّ
ذكر ،واقتصاص أثره يحتاجه ك ّ
ل وفواضله ل ت ُعَد ّ ،ودرس أحوآله جديد كلما ُ
ف
ل سنة إحياٌء لنهضته وتعري ٌ جيل ،فإقامة المآتم عند قبره في الربعين من ك ّ
لموّيون ولفيفهم ،ومهما أمعن الخطيب أو الشاعر في بالقساوة التي ارتكبها ا ُ
ّ
قضّيته تفتح له أبواب من الفضيلة كانت موصدة عليه قبل ذلك ؛ ولهذا اطردت
ل سنة ،ولع ّ
ل عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الحوال يوم الربعين من ك ّ
سماء بكت على الحسين أربعين صباحا ً تطلع ن ال ّ
رواية أبي جعفر الباقر )ع( )) :إ ّ
حمراء وتغرب حمراء )(2تلميح إلى هذه العادة المألوفة بين الّناس .
217
____________________________
) (1نهر الذهب في تاريخ حلب . 267 : 63 / 1
)) 2كامل الزيارات 90 /الباب الثامن والعشورن .
وحديث المام الحسن العسكري )ع( ) :علمات المؤمن خمس :صلة إحدى
وخمسين ،وزيارة الربعين ،والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ،والتخّتم في
ن
طردة المألوفة ،فإ ّ اليمين ،وتعفير الجبين) ) ، 1يرشدنا إلى تلك العادة الم ّ
ت به من يم ّ تأبين سّيد الشهداء وعقد الحتفالت لذكره في هذا اليوم إّنما يكون م ّ
ن الذين يمّتون به بالمشايعة هم المؤمنون بالولء والمشايعة ،ول ريب في أ ّ
المعترفون بإمامته ،إذا ً فمن علمة إيمانهم وولئهم لسّيد شباب أهل الجّنة
المنحور في سبيل الدعوة اللهّية المثول في يوم الربعين من شهادته عند قبره
الطهر لقامة المأتم ،وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من
الفوادح .
والتصّرف في هذه الجملة )زيارة الربعين ـ بالحمل على زيارة أربعين مؤمنا ـً
وه عن سليم ،مع خل ّ حل في الستنتاج يأباه الذوق ال ّ التواء في فهم الحديث وتم ّ
القرينة الداّلة عليه ،وَلو كان الغرض هو الرشاد إلى زيارة أربعين مؤمنا ً لقال )ع(
ن زيارة الربعين من ( زيارة أربعين ،فالتيان باللف واللم العهدّية للتنبيه على أ ّ
مة الثني ص عليها الحديث بأّنها من علئم اليمان والموالة للئ ّ سنخ المثلة التي ن ّ
عشر .
ن كانوا أبواب الّنجاة وسفن سلم( وإ ْمة من آل الرسول ).عليهم ال ّ ن الئ ّ
مإ ّث ّ
الرحمة وبولئهم ُيعرف المؤمن من غيره ،وقد خرجوا من الدنيا مقتولين في
ل شأنه طنين أنفسهم على القتل ؛ امتثال ً لمر بارئهم ج ّ سبيل الدعوة اللهّية مو ّ
مد الحسن ابن أمير دهم الرسول )ص( ( ،وقد أشار إليه أبو مح ّ الموحى به إلى ج ّ
ً
ن هذا المر يملكه مّنا اثنى عشر إماما ،ما سلمبقوله )) :إ ّ المؤمنين )ع( ليهما ال ّ
منهم إل ّ مقتول أو مسموم ).
ل واحد منهم .وحديث المام فالواجب إقامة المأتم في يوم الربعين من شهادة ك ّ
العسكري َلم يشتمل على قرينة لفظّية تصرف هذه الجملة )زيارة الربعين إلى
ن القرينة الحالّية أوجبت فهم العلماء العلم من هذه خصوص الحسين )ع( إل ّ أ ّ
ن قضّية سّيد الشهداء هي الجملة خصوص زيارة الحسين )ع( ؛ ل ّ
____________________________
) (1رواه الشيخ الطوسي في التهذيب ، 17 / 3في باب فضل زيارة الحسين
سلم .ورواه في مصباح المتهجد 551 / مد العسكري عليه ال ّ )ع( عن أبي مح ّ
طبعة الهند .
مدي وبقاؤه التي مّيزت بين دعوة الحقّ والباطل ؛ ولذا قيل :السلم بدؤه مح ّ
ن
حسيني .وحديث الرسول )ص( )) :حسين مّني وأنا من حسين (يشير إليه ؛ ل ّ
ما قاساه سّيد الشهداء إّنما هو لتوطيد ُاسس السلم واكتساح أشواك الباطل عن
ي
صراط الشريعة ،وتنبيه الجيال على جرائم أهل الضلل ،هو عين ما نهض به نب ّ
السلم لنشر الدعوة اللهّية .
ّ
دين من آل الرسول ندحة إل لفت النظار إلى فمن أجل هذا كّله َلم يجد أئ ّ
مة ال ّ
ن
م ،وعلموا أ ّ طر الصخر الص ّ هذه الّنهضة الكريمة ؛ لّنها اشتملت على فجائع تف ّ
المواظبة على إظهار مظلومّية الحسين )ع( تستفّز العواطف وتوجب استمالة
ن الحسين )ع( إمام عدل َلم يرضخ سامع لتلكم الفظائع يعلم أ ّ الفئدة نحوهم فال ّ
من ناوأه خارج عن ده وأبيه الوصي ،و َ ن إمامته موروثة له من ج ّ للدنايا ،وإ ّ
218
ن الحقّ في جانب الحسين )ع( وأبنائه المعصومين ، سامع أ ّ العدل ،وإذا عرف ال ّ
كان معتنقا ً طريقتهم وسالكا سبيلهم .
ً
مة على إقامة المأتم في يوم الربعين من ومن هنا َلم يرد التحريض من الئ ّ
ي السلم ؛ لكون تذكار كارثته عامل ً قوي ّا ً في إبقاء ل واحد منهم حّتى نب ّ شهادة ك ّ
س في إحياء أمر المعصومين المحبوب ن لفت النظار نحوها أم ّ الرابطة الدينّية وإ ّ
دث به ))أحيوا أمرنا وتذاكروا في أمرنا ). لديهم التح ّ
ل ،فالقارىء الكريم يتجّلى له اختصاص زيارة الربعين بالمؤمن حينما وعلى ك ّ
ص عليها الحديث . يعرف نظائرها التي ن ّ
شّرعت ليلة المعراج ، ن الول منها وهو )ص( لة إحدى وخمسين ركعة التي ُ فإ ّ
وبشفاعة الّنبي )ص( اقتصر فيها على خمس فرائض في اليوم والليلة ،عبارة عن
:سبع عشرة ركعة للصبح والظهرين والعشائين والّنوافل الموّقتة لها مع نافلة
الليل أربع وثلثون؛ ثمان للظهر قبلها ،وثمان للعصر قبلها ،وأربع بعد المغرب ،
دان بواحدة ،واثنان قبل الصبح ،وإحدى عشرة ركعة نافلة واثنان بعد العشاء تع ّ
الليل مع الشفع والوتر وبإضافتها إلى الفرائض يكون المجموع إحدى وخمسين
ن وافقوهم على عدد سّنة وإ ْ ن أهل ال ُ ص به المامّية ،فإ ّ ما اخت ّ ركعة ،وهذا م ّ
الفرائض إل ّ أّنهم افترقوا في الّنوافل ،ففي فتح القدير لبن همام الحنفي / 1
: 314إّنها ركعتان قبل الفجر ،وأربع قبل الظهر ،واثنان بعدها ،واربع قبل
ن شاء العصر ،وإ ْ
ن شاء ركعتين .فهذه ثلث ركعتين ،وركعتان بعد المغرب ،وأربع بعدها ،وإ ْ
وعشرون ركعة ،واختلفوا في نافلة الليل أّنها ثمان ركعات أو ركعتان أو ثلث
عشر أو أكثر ،وحينئذ فالمجموع من نوافل الليل والّنهار مع الفرئض ل يكون
صات المامّية . إحدى وخمسين فإذا ً تكون )إحدى وخمسون من مخت ّ
ن المامّية تدينوا إلى الله تعالى الثاني :مما تعّرض له الحديث )الجهر بالبسملة فإ ّ
ً
سكا بأحاديث به وجوبا ً في الصلة الجهرّية واستحبابا ً في الصلة الخفاتية ،تم ّ
ن منسلم( ،وفي ذلك يقول الفخر الرازي :ذهبت الشيعة أ ّ متهم )عليهم ال ّ أئ ّ
سّنة الجهر بالتسمية في الصلة الجهرّية والخفاتّية ،وجمهور الفقهاء يخالفون ، ال ُ
من اقتدى في دينه ن علي بن أبي طالب كان يجهر بالتسمية و ّ وقد ثبت بالتواتر أ ّ
م ،أدر الحقّ مع علي حيث بعلي فقد اهتدى والدليل عليه قوله )ص( )) :الله ّ
قبها بقوله َ :لو عمل دار ( ) . (1وكلمة الرازي َلم يهضمها أبو الثناء اللوسي ،فتع ّ
أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن المير كفر ،فليس إل ّ اليمان ببعض والكفر
نمن اقتدى في دينه بعلي فقد اهتدى مسلم ،لكن إ ْ ن َببعض .وما ذكره من أ ّ
سلم ودونه مهامه فيح)).2 سلم لنا خبر ما كان عليه علي عليه ال ّ
ن رسخت أقدامهم على الولء لسّيد جم اللوسي وغيره بعد أ ْ ول يضّر الشيعة ته ّ
ّ
الوصياء )ع( الذي يقول له رسول الله )ص( )):يا علي ،ما عرف الله تعالى إل أنا
وأنت ،وما عرفني إل ّ الله وأنت ،وما عرفك إل ّ الله وأنا ).(3
219
ما تعّرض له الحديث )التخّتم باليمين( وقد التزم به المامّية تدّينا ً الثالث :م ّ
____________________________
) (1مفاتيح الغيب . 107 / 1
)2روح المعاني . 47 / 1
)3المحتضر . 165 /
)4في شذرات الذهب لبن العماد : 140 / 4كان بعض الحنابلة ينشدهما على
المنبر ببغداد .
جاجح ّ سّنة ،قال ابن ال َ سلم( وخالفهم جماعة من ال ُ بروايات أئمتهم ).عليهم ال ّ
ل طاهر يتناول ل مستقذر يتناول بالشمال ،وك ّ سّنة أوردت ك ّ ن ال ُ المالكي :إ ّ
ن يكون التخّتم بالشمال ، ب في التخّتم أ ْ باليمين ؛ ولجل هذا المعنى كان المستح ّ
فإّنه يأخذ الخاتم بيمينه ويجعله في شماله ). (1
ن مالكا ً يكره التخّتم باليمين وإّنما يكون باليسار ،وبالغ الباجي ويحكي ابن حجر إ ّ
من المالكية بترجيح ما عليه مالك من التخّتم باليسار)( .2
سّنة في الصل التخّتم ن ال ُوقال الشيخ إسماعيل البروسوي ذكر في عقد الدرر :إ ّ
ن ُيجعل سّنة أ ْما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة ،صارت ال ُ في اليمين ،ول ّ
الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا ).3
الرابع :ما ذكره الحديث )التعفير ،والتعفير في اللغة :وضع الشيء على العفر ،
ن ُاريد منه الجبهة كما استظهره وهو التراب .والجبين في هذا الحديث الشريف إ ْ
دعيا ً كثرة الستعمال بذلك في لسان أهل الشيخ يوسف البحراني في الحدائق م ّ
ن الجبهة في مم ،فيكون الغرض بيان أ ّ سلم( ،وقد ورد في التي ّ البيت ).عليهم ال ّ
سّنة لم يلتزموا بوضعها على َ ن أهل ال ُ ن تكون على الرض ؛ ل ّ سجود ل بد ّ أ ْ ال ّ
سجود وزوا ال ّ ً
ن أبا حنيفة ومالكا وأحمد ـ في إحدى الروايتين عنه ـ ج ّ الرض ،فإ ّ
وز الحنفّية وضعها على على كور العمامة))4وفاضل الثوب))5والملبوس ،وج ّ
ف مع الك ّ
____________________________
) (1المدخل ، 46 / 1آداب الدخول في المسجد .
)2الفتاوى الفقهّية الكبرى ، 246 / 1في اللباس .
)3حكاه الحجة الميني في الغدير ج 10ص 211عن تفسير روح البيان ج 4ص
. 142
وليس هذا بأول مخالفة للمامية ففي المهذب لبي اسحاق الشيرازي ج 1ص
137والوجيز للغزالي ج 1ص 47والمنهاج للنووي ص 25وشرحه تحفة المحتاج
لبن حجر ج 1ص 560وعمدة القاري للعيني شرح البخاري ج 4ص 248
والفروع لبن مفلح ج 1ص 681والمغني لبن قدامة ج 2ص 505التسطيح
اشبه بشعار أهل البدع وفي رحمة المة باختلف الئمة على هامش الميزان
للشعراني ج 1ص 88ان السنة تسطيح القبور ولما صار شعار الرافضة كان
الولى مخالفتهم التسنيم )ومن ذلكالصلة على أهل البيت مستقل ففي الكشاف
للزمخشري في الحزاب ) 56ان الله وملئكته يصلونانه مكروه لنه يؤدي الى
التهام بالرفض وقد قال )صّلى الله عليه وآله( ل تقفن مواقف التهم )ومن ذلكما
في فتح الباري لبن حجر ج 11ص 135كتاب الدعوات باب هل يصلى على غير
النبي قال اختلف في السلم على غير النبياء بعد التفاق على مشروعيته في
تحية الحي فقيل يشرع مطلقا ً وقيل تبعا ً ول يفرد لواحد لكونه صار شعارا ً
للرافضة ا هـ )ومن ذلكما في شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج 5ص 13كان
220
بعض أهل العلم يرخي العذبة من قدام الجانب اليسر ولم ار ما يدل على تعيين
اليمن ال في حديث ضعيف عند الطبراني ولما صار شعارا ً للمامية ينبغي تجنبه
لترك التشبه بهم ا هـ .
)4الميزان للشعراني . 138 / 1
)5الهداية لشيخ السلم المرغيناني . 33 / 1
ل أمامه سرير وظهر مص ّ سجود على الحنطة والشعير وال ّ وزوا ال ّالكراهة ) ، (1وج ّ
ن
ن اريد نفسه فيكون الغرض من ذكره الرشاد إلى أ ّ ُ يصّلي بمثل صلته)) ،2وإ ْ
الراجع في سجدة الشكر تعفير الجبين ،وإّنه للتذليل والُبعد عن الكبرياء ،ومن
هذا الجملة في الحديث استظهر صاحب المدارك رجحان تعفير الجبيَنين أيضا ً ،
دس سّرهفي المنظومة ،قال في سجدة الشكر : وإليه أشار السّيد بحر العلوم )ق ّ
دين في سجدة الشكر)2وبه استحقّ موسى بن عمران عليه وقد ورد تعفير الخ ّ
سلم الزلفى من المناجاة)3وَلم يخالف المامّية في التعفير سواء ُاريد من ال ّ
سّنة َلم يلتزموا بالتعفير في الصلة أو سجدةالجبين الجبهة أو نفسه ،وأهل ال ُ
ن الّنخعي ومالكا ً وأبا حنيفة كرهوا سجدة الشكر ،وإن التزم بها
الشكر مع أ ّ
الحنابلة)4والشافعي)5عند حلول ك ّ
ل نعمة أو زوال نقمة .
221
سائرين على أثره .ويشهد له عدم تباعد العلماء العلم عن فهم زيارة الحسين ال ّ
مد بن الحسن في الربعين من صفر من هذا الحديث المبارك ،منهم أبو جعفر مح ّ
الطوسي في التهذيب 17 / 2باب فضل زيارة الحسين )ع( ،فإّنه بعد أن روى
صة ،ومنها يوم الحاديث في فضل زيارته المطلقة ،ذكر المقّيد بأوقات خا ّ
عاشوراء ،وبعده روى هذ الحديث .
جد 551 /طبعة بمبئي ،ذكر شهر صفر وما فيه من الحوادث ، وفي مصباح المته ّ
م قال :وفي يوم العشرين منه رجوع حرم أبي عبد الله )ع( من الشام إلى ث ّ
مدينة الرسول )ص( ( ،وورود جابر بن عبد الله النصاري إلى كربلء لزيارة أبي
عبد الله )ص( ( ،فكان أول من زاره من الّناس ،وهي زيارة الربعين ،فروي عن
سلم أّنه قال )) :علمات المؤمن خمس . ... مد الحسن العسكري عليه ال ّ أبي مح ّ
)
ّ
وقال أبو الريحان البيروني :في العشرين من صفر ُرد ّ الرأس إلى جثته فدفن
معها .وفيه زيارة الربعين ومجيء حرمه بعد انصرافهم من الشام ). (1
لمة الحّلي في المنتهى ،كتاب الزيارات بعد الحج :يستحب زيارة وقال الع ّ
سلم في العشرين من صفر . الحسين عليه ال ّ
مد الحسن العسكري )ع( أّنه قال ) :علمات المؤمن وروى الشيخ عن أبي مح ّ
خمس( ...إلى آخر الحديث .
دين علي بن طاووس ،عند ذكر زيارة الحسين )ع( ي ال ّ
وفي القبال للسّيد رض ّ
دي أبي جعفر فيما رواه بالسناد في العشرين من صفر قال :روينا بالسناد إلى ج ّ
إلى مولنا الحسن بن علي العسكري )ع( ( أنه قال )) :علمات المؤمن خمس ...
).
ونقل المجلسي )أعلى الله مقامه( في مزار البحار هذا الحديث عند ذكر فضل
____________________________
))2الثار الباقية . 331 /
زيارة الحسين )ع( يوم الربعين .
ج قال :وزيارة وفي الحدائق للشيخ يوسف البحراني ،في الزيارات بعد الح ّ
الحسين )ع( في العشرين من صفر من علمات المؤمن .
وحكى الشيخ عّباس القمي في المفاتيح هذه الرواية عن التهذيب ،ومصباح
جد في الدليل على رجحان الزيارة في الربعين ،من دون تعقيب باحتمال المته ّ
إرادة أربعين مؤمنا ً .
سلم واستبعاد بعضهم إرادة زيارة الربعين من جهة عدم تعّرض المام عليه ال ّ
ث
سلم( عند الح ّ ن أهل البيت ).عليهم ال ّ لخروّية المترّتبة على الزيارة مع أ ّ للثار ا ُ
سلم( يذكرون ما يترّتب مة الهدى ).عليهم ال ّ على زيارة المظلوم وغيره من أئ ّ
ن المام في هذا الحديث إّنما هو بصدد بيان عليها من الثواب ل ُيصغى إليه ؛ فإ ّ
علئم المؤمن التي يمتاز بها عن غيره ،وجعل منها زيارة الربعين على ما أوضحنا
بيانه ،وَلم يكن بصدد بيان ما يترّتب على الزيارة من الثر .
ص عليه الشيخ المفيد في )مسار واستحباب زيارته )ع( في العشرين من صفر ن ّ
لمة الحّلي في )التذكرة و )التحرير ،ومل ّ محسن الفيض في )تقويم الشيعة ،والع ّ
المحسنين .
وتفسير الشيخ البهائي في )توضيح المقاصد الربعين بالتاسع عشر من صفر ،
ي على حساب يوم العاشر من الربعين ،وهو خلف المتعارف . مبن ّ
222
وافـتك جـندا ً يـستثير ويزأر فـقد الـمواكب أّنها لك عسكر
ن إلى الـدنّية راحة مـا كـان أسـلمها لذل حيدر ل تـسلم ّ
فر ُ
وابـعث حياة الّناهضين جديدة فـيها البـاء مـؤّيد ومـظ ّ
مر طائشين تد ّ وارسـم لسير الفاتحين مناهجا ً فـيها عـروش ال ّ
مـت فـقد لّبت نداءك أعصر ن َلـم تـلّبك سـاعة محمومة ذ ّ إ ْ
ج أكبر ُ
قم وانظر البيت الحرام ونظرة اخـرى لقبرك فهو ح ّ
ق َلو فـخرت بـه فدم الشهادة مفخر أصبحت مفخرة الحياة وح ّ
دست مـا أعلى مقامك رفعة أخـفيه خوف الظالمين فيظهر قـ ّ
مروا ظها واستوحشت أعـوادها مـن عابثين تأ ّ ت المارة ح ّ شك ِ
وتـنكرت لـلمسلمين خـلفة فيها يصول على الصلح المنكر
وثتها النـمر سوداء فاحمة الجبين ترعرعت فـيها الـقرود ولـ ّ
ن وتعصر سكبت على نغم الذان كؤوسها وعلى الصلة تديره ّ
تـلك الـمهازل يـشتكيها مـسجد ذهـبت بـروعته ويـبكي مـنبر
فـشكت إلـيك وما شكت إل ّ إلى بـطل يـغار على الصلح ويثأر
ل عـام تـنشر م الـفـضائل كـ ّ تـطوى الفضائل ما عظمن وهذه ا ُ ّ
جـرداء ذابـلة الـغصون سقيتها بـدم الـوريد فطاب غرس مثمر
وعـلى الـكريهة تـستفّزك نخوة حـمـراء دامـية ويـوم أحـمر
ت فـيـها وأحـكـام هـناك تـغّير شـكت الـشريعة من حدود ب ُد ّل َ ْ
ورسـلبت مـحاسنها ُامّية فاغتدت صـورا ً كـما شاء الضلل تص ّ
عـصفت بـها الهواء فهي أسيرة تشكو وهل غير الحسين محّرر
دين قـربان اللـه فـجّزروا صباح فـساقهم لـل ّ وافـى بـفتيته الـ ّ
ل ويـهدر دى الـرسالة مـا اسـتطاع وإّنما تـبـليغها بــدم يـط ّ أ ّ
فرضـاح الـجبين يـع ّ مة الصـلح جـبهة مـاجد تـدمى وو ّ فـبذ ّ
ً
لـّبيك مـنفردا احيط بعالم تحصى الـحصى عـددا ومـا إن يحصر ُ ً
لـّبيك ظـام حـلوه عن الروى وبـراحتيه مـن الـمكارم أبـحر
طرهـذي دمـوع المخلصين فرّو من عـبـراتها كـبـدا ً تـكاد تـف ّ
دت َلـو أّنـك في الضالع تقبر واعـطف على هذي القلوب فإّنها و ّ
صفا والمشعر يـتزاحمون على استلم مشاعر مـن دون روعتها ال ّ
ف أو الـجماجم تنثر ركـبوا لها الخطار حّتى َلو غدت ُتـبرى الكـ ّ
طف إذ تستنصر وافـوك يـوم الربـعين وليتهم حـضروك يوم ال ّ
وجـدوا سـبيلكم الـّنجاة وإّنـما نـصبوا لـها جسر الولء ليعبروا
مـا الكوثر مـا الـحميم بـها وإ ّ ة مـرهوبةٍ إ ّ مـلوك لـسـاع ٍ وتـأ ّ
من يذاد ويصدر )(1 من يـرد المعين و َ ن وافوك َ وسـيعلم الخصمان إ ْ
في المدينة
ن أقام ثلثة أّيام ؛ ً َلم يجد الس ّ
جاد )ع( بد ّا من الرحيل من كربلء إلى المدينة بعد أ ْ
ماته ونساءه وصبيته نائحات الليل والّنهار ،يقمن من قبر ويجلسن عند لّنه رأى ع ّ
آخر .
____________________________
لمة الشيخ عبد المهدي مطر الّنجفي . ) (1للع ّ
ف الصبر مدرجه
تـشكو عـداها وتـنعي قومها فلها حـال من الشجو ل ّ
223
فـنعيها بـشجى الـشكوى تـؤّلفه ودمـعها بـدم الحـشاء تـمزجه
م لها تـزّفر من شظايا القلب تخرجه )(1
ويدخل الشجو في الصخر الص ّ
ما قربنا من المدينة ،نزل علي بن الحسين )ع( وح ّ
ط رحله قال بشير بن حذلم :ل ّ
وضرب فسطاطه ،وأنزل نساءه وقال )) :يا بشير ،رحم الله أباك لقد كان
شاعرا ً ،فهل تقدر على شيء منه ؟ (قلت :بلى يابن رسول الله ،إّني لشاعر .
فقال )ع( )) :ادخل المدينة وانع أبا عبد الله )ع( ( .قال بشير :فركبت فرسي
ما بلغت مسجد الّنبي )صّلى الله عليه وآله( رفعت صوتي حّتى دخلت المدينة فل ّ
بالبكاء وأنشأت :
ماته وأخواته قد حّلوا بساحتكم وأنا رسوله وقلت :هذا علي بن الحسين )ع( مع ع ّ
ّ
درة إل برزت ،تدعو إليكم ُاعّرفكم مكانه .فخرج الّناس يهرعون ولم تبقَ مخ ّ
ّ
ك أكثر من ذلك اليوم ، جت المدينة بالبكاء ،فلم يَر با ٍ بالويل والثبور ،وض ّ
واجتمعوا على زين العابدين )ع( يعّزونه ،فخرج من الفسطاط بيده خرقة يمسح
بها دموعه ،وخلفه مولى معه كرسي ،فجلس عليه ،وهو ل يتمالك من العبرة ،
وارتفعت الصوات بالبكاء والحنين .
سلم )) :الحمدلله ما سكتت فورتهم قال عليه ال ّ ن اسكتوا ،فل ّ فأومأ إلى الّناس أ ْ
ب العالمين ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم الدين ،بارئ الخلئق أجمعين ،الذي ر ّ
لمورسماوات العل ،وقُرب فشهد الّنجوى ،نحمده على عظائم ا ُ بُعد فارتفع في ال ّ
،وفجائع الدهور ،وألم الفجائع ،ومضاضة اللواذع ،وجليل الرزء ،وعظيم
المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة .
ن الله تعالى وله الحمد ابتلنا بمصائب جليلة ،وثلمة في السلم أّيها القوم ،إ ّ
سبيت نساؤه عظيمة ُ ،قتل أبو عبد الله الحسين )ع( وعترته ،و ُ
____________________________
دس سّره). مد حسين كاشف الغطاء )ق ّ ) (1لحجة السلم الشيخ مح ّ
سنان ،وهذه الرزّية التي ل وصبيته ،وداروا برأسه في البلدان ،من فوق عامل ال ّ
مثلها رزّية .
أّيها الّناس ،فأيّ رجالت منكم يسّرون بعد قتله ؟ أم أيّ فؤاد ل يحزن من أجله ؟
سبع الشداد ن عن انهمالها ؟ فلقد بكت ال ّ أم أّية عين منكم تحبس دمعها ،وتض ّ
سماوات بأركانها ،والرض بأرجائها ،والشجار لقتله ،وبكت البحار بأمواجها ،وال ّ
سماوات بأغصانها ،والحيتان في لجج البحار ،الملئكة المقّربون ،وأهل ال ّ
أجمعون .
ن إليه ؟ أم أيّ سمع يسمع أّيها الّناس ،أيّ قلب ل ينصدع لقتله ؟ أم أيّ فؤاد ل يح ّ
م؟ بهذه الثلمة التي ثلمت في السلم ول يص ّ
أّيها الّناس ،أصبحنا مشّردين مطرودين مذودين شاسعين عن المصار ،كأّننا أولد
ترك وكابل ،من غير جرم اجترمناه ،ول مكروه ارتكبناه ،ول ثلمة في السلم
ي ن هذا إل ّ اختلق ،والله لو أ ّ
ن الّنب ّ ثلمناها .ما سمعنا بهذا في آبائنا الولين ،إ ّ
دم إليهم في الوصّية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، دم إليهم في قتالنا كما تق ّ تق ّ
ظها وأمّرها ظها وأف ّ فإّنا لله وإّنا إليه راجعون ،من مصيبة ما أعظمها وأفجعها وأك ّ
224
وأفدحها ،فعند الله نحتسب ما أصابنا ،وما بلغ بنا ،فإّنه عزيز ذو انتقام ).
منا ً واعتذر بما عنده
فقام إليه صوحان بن صعصعة بن صوحان العبدي ،وكان َز ِ
من زمانة رجَليه .
حم على أبيه .حسن الظن فيه ،وشكر له وتر ّ سلم بقبول عذره و ُ فأجابه عليه ال ّ
م دخل زين العابدين )ع( المدينة بأهله وعياله ) (1وجاء إليه إبراهيم بن طلحة بن ث ّ
سلم )) :إذا دخل وقت إلى الصلة من الغالب ؟ فقال عليه ال ّ عبيد الله وقال َ :
ذن وأقم ،تعرف الغالب ).)(2 فأ ّ
م كلثوم فأنشأت تقول : ما زينب ا ُ ّ
فأ ّ
داه ،إّني
ج ّ
م أخذت زينب بنت أمير المؤمنين بعضادتي باب المسجد وصاحت :يا َ ث ّ
ناعية إليك أخي الحسين .
ما جرى علينا ،فوالله ما رأيت أقسى داه ! إليك المشتكى م ّ ج ّ
وصاحت سكينة :يا َ
ً ً ً
من يزيد ،ول رأيت كافرا ول مشركا شّرا منه ول أجفى وأغلظ ،فلقد كان يقرع
ثغر أبي بمخصرته وهو يقول :كيف رأيت الضرب يا حسين ). (1
سواد ،نائحات وأقمن حرائر الرسالة المأتم على سّيد الشهداء ولبسن المسوح وال ّ
ن الطعام)).2 جاد يعمل له ّ
الليل والّنهار ،والمام الس ّ
ُ
وفي حديث الصادق )ع( )) :ما اختضبت هاشمّية ول أدهنت ول اجيل مرود في
عين هاشمّية خمس حجج حّتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد ).)(3
فت دموعها فأعلمتها بعض جواريها وأما الرباب فبكت على أبي عبد الله حّتى ج ّ
سويق لستدرار الدموع).4 ن ُيصنع لها ال ّ سويق يسيل الدمعة ،فأمرت أ ْ ن ال ّ
بأ ّ
) وكان من رثائها في أبي عبد الله )ع( )( :5
ما علي بن الحسين )ع( فانقطع عن الّناس ؛ انحيازا ً عن الفتن وتفّرغا ً للعبادةوأ ّ
____________________________
) (1رياض الحزان . 163 /
)2محاسن البرقي ، 420 / 2باب الطعام للمأتم .
)3مستدرك الوسائل 215 / 2الباب الرابع والتسعون .
)4البحار 235 / 10عن الكافي .
)5الغاني . 158 / 2
ً
والبكاء على أبيه ،ولم يزل باكيا ليله ونهاره ،فقال له بعض مواليه :إّني أخاف
225
ن تكون من الهالكين .فقال )ع( )) :يا هذا ،إّنما أشكو بّثي وحزني إلى عليك أ ْ
ً ً
ن يعقوب كان نبي ّا فغّيب الله عنه واحدا من
الله ،وأعلم من الله ما ل تعلمون ،إ ّ
ضت عيناه من
ي فبكى عليه حّتى أبي ّ أولده وعنده اثنا عشر ،وهو يعلم أّنه ح ّ
الحزن ،وإّني نظرت إلى أبي وإخوتي وعمومتي وصحبي مقتولين حولي ،فكيف
ينقضي حزني ؟! وإّني ل أذكر مصرع بني فاطمة إل ّ خنقتني العبرة ،وإذا نظرت
ن من خيمة إلى خيمة ). ماتي وأخواتي ذكرت فراره ّ إلى ع ّ
226