You are on page 1of 17

‫كاتبات الروايات‬

‫الغرامية يخجلن‬
‫‪20‬‬ ‫منها!‬
‫مياو‬
‫النا عبد الستار ‪19‬‬ ‫جائزة البوكر لعام ‪ 2009‬تذهب‬

‫‪3‬‬
‫الى هيالري منتل عن روايتها‬
‫قصر الذئب‬
‫"حتشبسوت" ‪9-8‬‬ ‫ق��ص��ة ح��ب ب��ي��ن ال��م��ل��ك��ة‬
‫والمهندس "سنموت"‬
‫رئيس مجلس االدارة‬ ‫‪32‬‬ ‫العدد(‪ 15 )8‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪500‬‬ ‫جريدة ثقافية شهرية تصدر عن مؤسسة‬
‫فخري كريم‬ ‫صفحة‬ ‫‪No.(7) 15 October 2009‬‬ ‫دينار‬ ‫المدى لالعالم والثقافة والفنون‬

‫يوسف بزي‪ :‬ثمة عطب اخالقي في نفوس معظم المثقفين العرب ‪25‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫‪3‬‬ ‫انباء‬ ‫انباء‬ ‫‪2‬‬

‫جائزة البوكر لعام ‪ 2009‬تذهب الى‬ ‫طاهر الحمود‪:‬وقعنا مذكرة تفاهم مع الوايبو‬
‫هيالري منتل عن روايتها قصر الذئب‬ ‫ندوة عن‬ ‫كوادر المركز الوطني لحماية حق المؤلف‪.‬‬ ‫في حقل حماية حق المؤلف والمعلوماتية ( تقنية‬ ‫‪ ‬بغداد ـ تاتو‬
‫على قدميك اتساقط‬ ‫التراث الشعبي‬
‫واشار الى ان الوفد ارسل طلبا للمشاركة كمبادرة‬
‫اولى للتدريب والحصول على مكتبة خاصة بحقوق‬
‫المعلومات) اضافة الى حصول العراق على اهتمام‬
‫كبير من قبل المنظمة اذ وضع في جدول ميزانية‬ ‫قال وكيل وزارة الثقافة طاهر الحمود ان العراق وقع‬
‫" تلك القصة الحيوية والتي اثبتت فيها أنها تستحق جائز البوكر في‬ ‫الملكية الفكرية قدمها المكتب العربي للمنظمة الى‬ ‫‪ 2010‬واهتمام المنظمة برعاية نشاطات المركز‬ ‫مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية‬
‫الرواية ‪ .‬فبعد اجتماع لجنة التحكيم لمدة ثالث ساعات انقسم فيها‬
‫القضاة بثالثة ضد اثنين لصالح رواية هيالري التي تتحدث عن مؤامرة‬ ‫في المحمودية‬ ‫العراق (المركز الوطني) فضال عن رفد المركز بكل ما‬
‫تم اصداره من كتب ومنشورات ومجالت ومعلومات‬
‫الوطني لحماية حق المؤلف في العراق ‪.‬‬
‫واكد وكيل الوزارة طاهر الحمود ان الوفد العراقي اجرى‬
‫(الوايبو) بناء على دعوة وجهت من المنظمة‪.‬‬
‫واوضح وكيل الوزارة ان المذكرة التي وقعها العراق مع‬
‫توماس كروم ويل في عهد الملك هنري الثامن ‪.‬‬ ‫رقمية صدرت عن المنظمة منذ تأسيسها وحتى‬ ‫سلسلة من االجتماعات على هامش توقيع المذكرة‬ ‫المنظمة تضمنت عددا من النقاط الخاصة بالتدريب‬
‫وعلى الرغم من أن الترشيح لم يكن بقرار جماعي لكن جيم نافتي مذيع‬ ‫‪ ‬بغداد ـ تاتو‬ ‫االن‪.‬‬ ‫مع المكتب العربي في الوايبو المعني بشؤون الدول‬ ‫والدورات والدراسات العليا وورش العمل والمستلزمات‬
‫البي بي سي والذي ترأس لجنة الحكام لهذه السنة قال " أن الجميع في‬ ‫يذكر ان توقيع هذه المذكرة يعد االول من نوعه بعد‬ ‫العربية التي تضمنت النقاش بشكل تفصيلي حول‬ ‫التقنية والعلمية فضال عن اشراك العراق من خالل‬
‫لجنة التحكيم كانوا سعيدين بتسمية الفائز "‬ ‫اقام البيت الثقافي في مدينة المحمودية‬ ‫فترة دامت اكثر من ثالثة عقود بسبب سياسات‬ ‫نقاط المذكرة موضحا ان هذه االجتماعات اسفرت‬ ‫المركز الوطني لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة‬
‫مضيفا " ان قرارنا كان يستند على الشفافية الكبيرة للكتاب وصراحة وجرأة‬ ‫التاب��ع ل��وزارة الثقافة ن��دوة خاصة عن‬ ‫النظام السابق‪.‬‬ ‫عن عدد من النتائج االيجابية والتي اهمها تدريب‬ ‫في دورات حقوق المؤلف مع الدول العربية المتقدمة‬
‫الرواية واألجواء المتألقة في تفاصيل الرواية "‪.‬‬ ‫(التراث الشعبي) وذلك في بناية المتحف‬
‫وقالت هيالري مانتل بعد فوزها بالجائزة " في الحقيقة كنت مترددة لوقت‬ ‫البغدادي‬
‫طويل قبل أن اباشر في كتابة هذه الرواية وقد استمر هذا التردد لعشرين‬
‫عاما تقريبا " مضيفة " لقد اردت االستحواذ على انتباه القراء عموما"‬
‫وق��دم مدي��ر المتح��ف ش��رحا تفصيليا‬
‫ع��ن المقتني��ات التراثي��ة والفولكلورية‬
‫إطالق مكتبة الدوريات الرقمية للوثائق العراقية خالل القرن الماضي‬
‫وشكرت موزعي الكتاب لدعمهم لها ‪.‬‬ ‫التي يحتويه��ا المتح��ف وماتحمله هذه‬
‫وقالت هيالري " اذا كان الفوز بجائزة البوكر اشبه بقطار يتحطم فانني اليوم‬ ‫المقتنيات م��ن قصص وحكاي��ا الهالي‬ ‫ته��دف إلى التعريف بطبيعة المطبوعات والمواضيع التي تعود الى القرن العش��رين‪،‬‬ ‫‪ ‬بغداد ـ تاتو‬
‫اطير من السعادة " وقد مدح جيم نافتي تخطيط وطموح تلك الرواية قائال‬ ‫هيالري منتل‬ ‫بغداد قديما وقد ش��ارك في الندوة كادر‬ ‫حي��ث ان أغل��ب المطبوع��ات تحوي صورا ن��ادرة تعتبر أرش��يفا ثمينا لتاري��خ العراق‬
‫" جميعنا شعرنا أن هناك فقرات وصفحات يجب أن نعيد قراءتها مرة‬ ‫البي��ت الثقاف��ي اضاف��ه الى ع��دد من‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫أطلق المركز الوطني لإلعالم بالتعاون مع دار الكتب والوثائق المكتبة األرشيفية الرقمية‬
‫أخرى فلدينا كتاب هو قطعة من االبداع الروائي فهو استثنائي في تقنيته‬ ‫‪‬ترجمة ‪ :‬تاتو‬ ‫مثقفي القضاء‪.‬‬ ‫وأضاف حويط‪ ،‬بحس��ب البيان الذي تلقت تاتو نس��خة منه ان “المركز قام بأرش��فة‬ ‫الخاص��ة بالوثائق التي كانت تصدر بالعراق خالل القرن الماضي‪ .‬بحس��ب بيان صدر‬
‫وجرأته فحينما تبدأ في قرائته لن تتوقف " ‪ .‬‬ ‫عدد من الوثائق التي تش��مل مجالت الخزانة العراقية‪ ،‬وابرزها العالم المصور‪ ،‬وتعديل‬ ‫عن المركز‪.‬‬
‫لقد كانت المفضلة لدى الناشرين ومفضلة لدى الناس واليوم أصبحت‬ ‫األحكام العدلية‪ ،‬واإلصالح‪ ،‬والكشاف العراقي‪ ،‬والمعرض‪ ،‬والمعلمين‪ ،‬ومرآة العراق‪.‬‬ ‫وقال مس��ؤول الموقع االلكتروني للمركز الوطني لإلعالم هش��ام حويط ان هذه الخطوة‬
‫عن ‪ :‬الغارديان‬ ‫هيالري مانتل المفضلة لدى قضاة التحكيم بسبب روايتها " قصر الذئب‬

‫يستضيف نخبة من شعراء العراق‬


‫"األذن العصية واللسان المقطوع" للناقد مقداد‬
‫تعالي‬
‫‪...‬‬ ‫مسعود في جلسة ادباء البصرة الثقافية األسبوعية‬ ‫الشعر والتراجيديا في مهرجان المتنبي الشعري‬
‫العالمي التاسع‬
‫اقتربي اكثر‬
‫‪...‬‬ ‫مثمرة مع بعض األصدقاء ‪ ،‬وفي مقدمتهم‬ ‫بـ"االتصالية" وكيفية اشتغاله عليها‪ ،‬ومراجعه‬ ‫‪ ‬البصرة ‪ -‬تاتو‬
‫مدي قدميك‬ ‫علي‬‫األستاذ محمود عبد الوهاب الذي لم يبخل َّ‬ ‫في ذلك؟‪ .‬وما هي دوافعه في اعتمادها؟‪.‬‬
‫بالمشورة وتوجيهاته المضيئة وجديته في‬ ‫مؤكدا أن كل مَنْ يعمل في الحقل النقدي‪،‬‬ ‫جريدة ثقافية شهرية‬
‫انا الورد‬
‫قراءته المخلصة لما أَكتب"‪ .‬وقدم الشاعر علي‬ ‫عليه أن يقف خلف فلسفة ورؤى ‪ ،‬تنير له سبل‬ ‫تصدر عن مؤسسة المدى لالعالم‬
‫الماء‬ ‫االمارة مداخلة عن الكتاب ذاكرا انه يتمركز حول‬ ‫الوصول‪ ،‬لفك شفرات النص وعوالمه المكونة‬ ‫والثقافة والفنون‬
‫امنحيني هبة ان تتبللي بي‬ ‫التلقي كوظيفة جمالية ‪ ،‬وعمد الناقد مسعود في‬ ‫من رموز النص ذاته ‪ ،‬والمغتنية بالواقع وحراكه‪،‬‬
‫دراسته عن "الف ليلة وليلة" للكشف عن شبكة‬ ‫وأقنعة النص المتغيرة المتجددة‪ ،‬والحقيقة‬ ‫رئيس مجلس االدارة‬
‫ان اتعطر ببصمة االبهام‬ ‫فخري كريم‬
‫المجسات في النص ومنها تحوالت الخطاب‬ ‫التي تتغير عبر المكان والزمان ‪ ،‬وذكر العطوي‪ :‬ان‬
‫و بعرق ما مشينا من خطوات الينا‬ ‫الحكائي النسوي لدى شهرزاد ‪ ،‬بمواجهة سلطة‬ ‫مَنْ يعمل ‪،‬حاليا‪ ،‬في المجال النقدي ‪،‬وفي ضوء‬
‫اريد ان انال رضا اظافرك‬ ‫الذكورة التي يمثلها شهريار‪ ،‬وفعالية الخطاب‬ ‫النظريات النقدية الحديثة ‪ ،‬يتميز من الكاتب‬ ‫المدير العام‬
‫وان اعصر غيومي على بشرتك الجورية‬ ‫النسائي الحكائي ‪ ،‬في تجريد شهريار من سلطته‬ ‫والقاص والشاعر ‪ ،‬كونه يقع في المنطقة‬ ‫كتاب الناقد مقداد مسعود "األذن العصية‬ ‫غادة العاملي‬

‫حتى اتطهر‬ ‫الذكورية‪ ،‬القامعة ‪ .‬وقدم الكاتب جاسم العايف‬ ‫الوسطى بين العالم والنص‪ُ ،‬مدعما بالمفاهيم‬ ‫واللسان المقطوع" الصادر مؤخر ًا عن دار‬
‫قراءة مغايرة لقراءة الناقد مسعود‪ ،‬الواردة في‬ ‫وال��رؤى المتجددة ‪ ،‬والمتناسقة لفك مغاليق‬ ‫مديرا التحرير‬
‫الينابيع ‪ /‬دمشق‪.‬كان موضوع جلسة ادباء‬
‫حلمت كثيرا بقدميك حتى صرت الماء‬ ‫كتابه‪ ،‬حول"كاردينا" كتاب الشاعر فوزي كريم‬ ‫النصوص ‪ ،‬والكشف عن جمالياتها ‪ ،‬التي قد‬ ‫البصرة الثقافية المعتادة ‪،‬على قاعة‬
‫نزار عبد الستار ‪ -‬عالء المفرجي‬
‫خذيني بكفك‬ ‫إذ قرأه الناقد قراءة تاريخي ًة‪ ،‬بينما كانت قراءة‬ ‫تخضع للغياب ‪،‬أو سوء الفهم‪ ،‬أو التعالي على‬
‫الكاتب العايف مكاني ًة‪ ،‬وقد نشرها العايف في‬ ‫المرسل اليه‪ ،‬ومن هنا فأن النقد بات يقع في‬ ‫القاص محمود عبد الوهاب‪.‬‬ ‫االخراج الفني‬
‫اعيديني قطرات‬ ‫الصحف العراقية بالتزامن مع قراءة مسعود‬ ‫منطقة إبداعية دون ان يكون ملحقا للنص‪ .‬وقال‬ ‫ماجد الماجدي‬
‫باركيني بالرعشة الصافية‬ ‫للكتاب ذاته ‪ .‬كما تحفظ على ما أبداه الناقد‬ ‫الناقد مقداد مسعود ان كتابه جزء من مشروع‬ ‫عبد الكريم قاصد‬ ‫فينوس فائق‬ ‫عبدالزهرة زكي‬
‫وبنغمة ان اتساقط على قدميك‬ ‫في كتابه عن مهيمنة "االتصالية" بين كتاب‬ ‫لدراسات قادمة‪ ،‬يسعى فيها لمتابعة المنجز‬ ‫‪ ‬بغداد ـ تاتو‬
‫الشاعر مهدي محمد علي"البصرة ‪..‬جنة البستان"‬ ‫السردي والشعري والفني‪ ،‬ضمن حقل "االتصالية"‬ ‫وتوس��ع ًا عام ًا بعد آخرعل��ى الرغم من توقف فعاليات‬ ‫س��هام جب��ار‪ ,‬فينوس فائ��ق‪ ,‬عبدالرحم��ن الماجدي‪,‬‬ ‫تنفيذ الغالف‬
‫جعلتيني منك‬ ‫وكتاب األستاذ القاص محمد خضير" بصرياثا"‪،‬‬ ‫التي تعني له‪ ":‬ان كل نص يمثل معنى في‬ ‫عربية كبرى في اوربا كربيع الش��عراء الذي كان يقيمه‬ ‫اضافة الى الموس��يقار احمد مختار في حين سيشارك‬ ‫اعلن الدكت��ور علي الش�لاه رئيس مهرج��ان المتنبي‬ ‫احمد نعيمة‬
‫وجعلتك مني‬ ‫انطالق ًا من ان األول هو استذكاري‪،‬ورؤيا طفل‪،‬‬ ‫عالقته بالنصوص األخرى"‪ ،‬وان تجربته الثقافية‬ ‫المعه��د العالم��ي العربي ف��ي باريس‪ ،‬وقد ش��ارك‬ ‫من مختلف دول العالم االدباء‪ :‬ابراهيم المصري (مصر)‪،‬‬ ‫الشعري العالمي عن قيام الدورة التاسعة من المهرجان‬
‫لواقع مدينة البصرة في العقد الخمسيني فقط‬ ‫دعته للتفتيش عن‪" :‬أواصر التعايش السلمي‬ ‫َعرف مقدم الجلسة الناقد عبد الغفار العطوي‬ ‫بمهرجان المتنبي العالمي حتى اآلن مئات المثقفين‬ ‫خال��د البدور (االم��ارات)‪ ،‬س��ليمان توفيق (س��وريا)‪،‬‬ ‫للفترة من ‪ 16‬الى ‪ 22‬تشرين االول ‪ 2009‬في خمس‬ ‫الغالف االخير‬
‫آن ان نبدأ الحياة‬ ‫عدسة‪ :‬علي طالب‬
‫‪ ،‬وقد ذكر ذلك الشاعر في مقدمته لكتابه الذي‬ ‫بين النصوص" ‪ ،‬من خالل الكشف عن السمات‬ ‫بالناقد مقداد مسعود ذاكر ًا تعدد اهتماماته‬ ‫م��ن مختلف دول العالم بينهم اس��ماء كبيرة جد ًا في‬ ‫أناهيد كبيري (ايران)‪ ،‬س��لفيا هوب��رز (هولندا)‪ ،‬اكنس‬ ‫مدن سويس��رية هي زيورخ‪ ,‬بازل‪ ,‬بيرن‪ ,‬جنيف‪ ,‬لوكانو‬
‫انا الماء‬ ‫أصدرته "دار المدى" في دمشق‪ ،‬والثاني كتاب‬ ‫االتصالية الكامنة فيها ‪ .‬وأضاف‪":‬االتصالية‬ ‫األدبية ‪ ،‬وإشرافه على الصفحات الثقافية‬ ‫المشهد الثقافي العالمي مثل ادونيس ومظفر النواب‬ ‫ميدوس (بريطانيا)‪ ،‬التا سماديني‪ ،‬فابيانو البورغاتي‪،‬‬ ‫وس��تخصص الحلقة الدراس��ية المصاحب��ة للمهرجان‬
‫والورد‬ ‫عمل فيه القاص محمد خضير‪،‬على طبقات‬ ‫تكون أحيان ًا (جواني ًة) تكمن بين مكونات النص‬ ‫لبعض الصحف التي تصدر في البصرة ‪ ،‬وجهده‬ ‫وس��ميح القاس��م والش��عراء الس��ويدي ترانز ترانتومر‬ ‫ميشائيل ش��تاوفر (سويس��را)‪ ،‬روديغر فيشر‪ ,‬توبياس‬ ‫لموضوعة (الشعر والتراجيديا) في الوقت الذي سيكون‬ ‫االشراف اللغوي‪:‬محمود شاكر‬
‫متعددة ‪،‬من األشكال والرؤى والمشاهد ‪ ،‬موظف ًا‬ ‫الواحد ذاته‪ ،‬وفي األخرى (برانية)‪ ،‬تظهر بين‬ ‫النقدي في متابعة النتاجات األدبية البصرية‬ ‫والفرنسي االن جفوا والروسي اجنادي ايجي والمغربي‬ ‫بورغارت (المانيا)‪ ،‬خوانا بورغارت (االرجنتين)‪ ،‬اضافة‬ ‫العراق ضيف ش��رف المهرجان حيث سيشارك تسعة‬
‫فيها قدراته السردية‪ ،‬الفنية المتميزة للحفر‬ ‫مكونات نصين يختلفان في االجناسية‪ ،‬لكنهما‬ ‫والعراقية والعربية‪ ،‬ونشره بعض دراساته عنها‬ ‫محم��د بني��س والسويس��ري البرتو نيس��ي والعراقيان‬ ‫الى االدباء والفنانين في اسرة المهرجان علي الشاله‪،‬‬ ‫ش��عراء منه اضافة ال��ى االدباء العراقيي��ن المقيمين‬ ‫المراسالت ‪:‬‬
‫‪tattoo_215@yahoo.com‬‬
‫تاتو‬ ‫في تاريخ المدينة ‪ ،‬والميثلوجيا التي اتسمت‬
‫بها ومتابعة اندثارها وانبعاثها المتواصل‪،‬‬
‫يتصالن بمهيمنة واحدة ‪ ،‬أجهد للكشف عنها‬
‫وأحيانا تغدو االتصالية (هندسية) بين نصين‬
‫في كتابه ‪ ،‬الذي وضع له عنوانا فرعيا هو‪":‬قراءة‬
‫إتصالية في السرد والشعر" ‪ .‬وسجل العطوي‬
‫محمد س��عيد الصكار وف��وزي كريم‪ ،‬وأدولف موش��ك‬
‫اش��هر االدباء السويسريين األحياء وغيرهم ‪ ،‬وقد عدت‬
‫فوزي الدليمي‪ ،‬خاالت احمد‪ ،‬اس��امة الش��حماني‪ ،‬علي‬
‫طوفان‪ ،‬واث��ق العامري‪ ،‬هادي العبودي‪ ،‬س��عاد دنخا‪،‬‬
‫في سويس��را الذين سيشاركون في الترجمة والحوارات‬
‫النقدية وادارة الجلسات ‪.‬‬ ‫بغداد ‪-‬شارع ابو نؤاس ‪ -‬محلة ‪ 102‬زقاق‬
‫وحاضرها خالل العقد الثمانيني من القرن‬ ‫يشتركان في مكان واحد‪ ،‬لكنهما يختلفان في‬ ‫على الناقد مسعود بأنه لم يطرح مهادا نظريا‬ ‫دائرة اليونس��كو في سويسرا مهرجان المتنبي الشعري‬ ‫وآخرون‪.‬‬ ‫يذكر ان من بين االس��ماء العراقية المشاركة الشعراء‪:‬‬ ‫‪ - 13‬بناية ‪141‬‬
‫المنصرم‪ ،‬والذي تحولت فيه إلى مسرح للحرب‬ ‫الزمن‪ ،‬وحدود رؤيا المرسل‪ ،‬وقدراته اإلبداعية‪.‬‬ ‫في مقدمته الصغيرة جدا لكتابه ‪ ،‬والتي ال‬ ‫العالم��ي من أه��م فعاليات حوار الحض��ارات لألعوام‬ ‫ومهرج��ان المتنب��ي العالم��ي ب��رز كفعالي��ة عراقية‬ ‫عبدالرحمن طهمازي‪ ,‬عريان الس��يد خل��ف‪ ,‬عبدالكريم‬
‫العراقية اإليرانية‪ .‬‬ ‫وأكد ان‪" :‬كتاباته هذه خضعت لحوارات جادة‬ ‫تنسجم مع متون دراساته‪ ،‬لتبيان‪ ،‬ما المقصود‬ ‫‪ .2008 ،2007 ،2006‬‬ ‫عربي��ة دولية هامة منذ عام ‪ 1999‬م واس��تمر نجاح ًا‬ ‫كاصد‪ ,‬يحيى الس��ماوي‪ ,‬فريد زام��دار‪ ,‬عبدالزهرة زكي‪,‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫‪5‬‬ ‫متابعات‬ ‫متابعات‬ ‫‪4‬‬

‫"حين نكون في بغداد"‬


‫وبالتأكيد بحياته المفعمة بحب الوطن والفناء في‬
‫سبيله‪ ،‬وليس بموته"‪.‬‬
‫عدد رابع من مجلة‬ ‫أما أصدقاءه في إيطاليا فقد أختاروا الصورة‪ ،‬بكل‬
‫أجناسها وتقنياتها‪ ،‬لتقديم تحيتهم الى من قاسمهم‬
‫الغربة حين ًا وترك فيهم األثر الكبير‪ .‬إذ قدم الفنان‬
‫"جسد"‬ ‫الكردي آزاد نانه كلي فيديو تركيبيا حمل عنوان "عالم‬
‫جميل"‪ ،‬سبق وان عرض في بينالة البندقية األخير‪،‬‬
‫وفيه معالجة فنية بصرية لمفهومي الزمن والتاريخ‪،‬‬
‫قصر الفنون الجميلة في بروكسل يحتضن الذكرى السنوية األولى الغتيال كامل شياع‬
‫‪ ‬بيروت ـ تاتو‬ ‫ورصده للهجرات التي تصاعدت أرقامها في السنوات‬
‫األخير وما سيترتب عليها عبر كلماته " لم تتوقف أو‬ ‫لبيتك الصغير‪ .‬فأنا‪ ،‬منذ ثالثين شهر ًا‪ ،‬أختفي هناك‪...‬‬ ‫األوربيين والعراقيين والعرب كان حاضر ًا في تفاصيل‬ ‫في احتفال مهيب وحضور حاشد اختلطت فيه اللغات‬ ‫‪ ‬بروكسل‪ -‬فيصل عبداهلل‬
‫صدر حديث ًا العدد الرابع (أيلول‪ /‬سبتمبر ‪ ،)2009‬من‬ ‫تهدأ أب��د ًا‪ .‬إنها حاضرة وتتفاقم باستمرار بسبب‬ ‫هرب ًا من البرد والمطر‪ ،‬واحتجاب ًا عن عيون أهل لويفن‬ ‫تلك التظاهرة‪ ،‬إذ جمعت أسماء وثقافات وسحنات‬ ‫األوربية واللهجات العربية‪ ،‬احتضن قصر الفنون‬
‫مجلة "جسد" الثقافية الفصلية‪ ،‬المتخصصة في آداب‬ ‫الحروب والكوارث البيئية والمجاعة والفقر تلك هي‬ ‫الذين م ّلوا رؤية األجانب بينهم‪ .‬من ذلك البيت أخرج‬ ‫مختلفة جاءت لتحتفى بقامة ثقافية وشخصية وطنية‬ ‫الجميلة ( البوزار) وسط العاصمة البلجيكية بروكسل‬
‫الجس��د وعلومه وفنونه‪ .‬يتضمن العدد محور ًا مس��هب ًا‬ ‫ظاهرة الهجرة‪ .‬إذ حاولت دراسات وإحصائيات وعلى‬ ‫من وقت آلخر أللقاك حام ًال حقائب السفر‪ ،‬متظاهر ًا‬ ‫عراقية بهذا الثقل وعلى مسرح عريق مثل البوزار وألول‬ ‫وبالتعاون مع عائلته تظاهرة كامل شياع الثقافية‬
‫عن القبلة في التاريخ واألدب والفنون والدين والجنس‬ ‫مدى عقود تحديد طبيعتها ومعرفة تداعياتها‪ ،‬إ ّال أن‬ ‫بالقدوم من بغداد‪ .‬وما هي إال أيام حتى يحين موعد‬ ‫مرة‪ .‬وكانت كريستينا غاالش‪ ،‬الناطقة الرسمية باسم‬ ‫والفنية بمناسبة الذكرى السنوية األولى الغتياله‪ .‬ووقع‬
‫والس��ينما العربي��ة واألجنبية‪...‬الخ‪ ،‬وملف�� ًا عن حضور‬ ‫تطور هذه الظاهرة في السنوات األخيرة جعل من‬ ‫سفري‪ ،‬فيرشح في النفس حزن ثقيل‪ ،‬وأختفي من‬ ‫منسق السياسات الخارجية األوربية خافيير سوالنا‪ ،‬الى‬ ‫اختيار اللجنة المنظمة على نص رسالة مؤثرة حملت‬
‫الجس��د في الفن العربي المعاصر‪ ،‬وريبورتاج ًا ش��ائق ًا‬ ‫شبه المستحيل إخضاعها ألية عملية حسابية‪ .‬إنسان‬ ‫جديد‪ .‬إنها لعبة مش ّوقة‪ ،‬جربتها وأنت تلعب مع‬ ‫جانب سفيري جمهورية العراق في المملكة البلجيكية‬ ‫"حين نكون في بغداد"‪ ،‬كان المحتفى به قد كتبها‬
‫عن العالم الس��فلي لش��ارع المعاملتين وبناته‪ .‬أما أبرز‬ ‫المستقبل سيكون بالضرورة‪ ،‬نتاج ًا لموجات الهجرة‪،‬‬ ‫أقرانك لعبة اإلستغماية‪ .‬أي قلق يحمل اإلختباء؟ أي‬ ‫واليونيسكو على رأس الحضور‪ ،‬فض ًال عن عدد كبير من‬ ‫الى ابنه في العام ‪ ،2006‬ليكون عنوان التظاهرة‪.‬‬
‫العناوي��ن فـ "قبلة من فوق قبلة من تحت"‪" ،‬درس في‬ ‫وتالق بين الثقافات والتقاليد المختلفة‪ .‬إنه إنسان‬ ‫وبعدها كل في عمله‪ ،‬وحملت حسرة كبيرة على مثل‬ ‫حماس يثير إعالن الظهور؟ هذه هي لعبتي المتواصلة‬ ‫األوربيين وجمع غفير من أبناء الجالية العراقية المقيمة‬ ‫ظل كامل وتأثيره القوي في نفوس من عرفه من‬ ‫ُ‬
‫مص الشفتين"‪" ،‬ش��بهة االيقاع بالجسد"‪" ،‬تسلل الى‬ ‫ّ‬ ‫جديد‪ ،‬وسيقع على عاتقه‪ ،‬في نهاية المطاف‪ ،‬ان‬ ‫هذه الخسارة الوطنية‪ .‬وفيها يقول "أدعوكم لالحتفال‬ ‫معك منذ أن أوهمتك بأنني عائد إلى بغداد‪ .‬لكنها‬ ‫في بلجيكا وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا‪ ،‬وبحضور‬
‫شبكات االنترنت الجنسية العربية"‪" ،‬الجنس والرائحة‬ ‫واقع ما كان يعتبر حلم ًا قديم ًا وطموح ًا‬
‫يترجم الى ِ‬ ‫معي بالشهيد كامل‪..‬بنضاله‪ ،‬بثقافته‪ ،‬بأبحاثه‬ ‫ليست اللعبة الوحيدة بيننا‪ ،‬فأثناء اإلختفاء ال أكف عن‬ ‫مكثف من قبل وسائل اإلع�لام المرئية والمسموعة‬
‫في رواية "العط��ر"‪" ،‬علوية صبح تنتفض على التابو"‪،‬‬ ‫كبير ًا‪ ،‬أي تأسيس عالم مكتمل ومثالي"‪ .‬والى جانبه‬ ‫ومؤلفاته‪ ،‬ودراساته النقدية‪ ،‬بأخالقه السامية النادرة‪..‬‬ ‫مراقبتك من ثقب صغير في الجدار‪ .‬كل مرة أكلمك‬ ‫والمكتوبة‪.‬‬
‫"إبحثوا عن المؤخرة!"‪" ،‬المثليات في لبنان بين جهنم‬ ‫جاء عمل الفنان علي عساف الفيديوي "أنا هي‪..‬أنا‬ ‫بشجاعته وصراحته برفض ثقافة الموت والظالم‬ ‫بالهاتف‪ ،‬تتسلل نظراتي إليك من ذلك الثقب‪ ،‬فأراك‬ ‫بعد كلمة قصيرة تناوب شقيقه و توني فان ديريكن‪،‬‬
‫التميي��ز وجهنم االقصاء"‪" ،‬من هي مي��م؟"‪" ،‬المناطق‬ ‫هو" (مهرجان الخليج السينمائي ‪ )2009‬والذي أهداه‬ ‫وإلغاء اآلخ��ر‪ ،‬بدفاعه عن أبناء شعبنا المسحوقين‬ ‫وأنت تسرد لي أخبار يومك‪ ،‬أو تستمع إلى حكايات‬ ‫مدير القسم الموسيقي في البوزار‪ ،‬تقديم فقرات‬
‫الرطبة وفضالت الجس��د"‪" ،‬حوار مع قضيب"‪" ،‬حكاية‬ ‫الفنان الى كامل ش ّياع‪ ،‬وفيه متابعة فنية لصعود‬ ‫والمغيبين والالجئين في وطنهم وخارجه‪ ،‬بالتزامه الال‬ ‫الجنون في بغداد"‪ .‬وبعد ان يشرح لولده إسم بغداد‪،‬‬ ‫التظاهرة بالعربية واإلنكليزية والفرنسية والفالمية‪،‬‬
‫ثق��ب"‪" ،‬لهو الكاميرا"‪" ،‬اغتص��اب"‪" ،‬خذوا الجنس من‬ ‫النعرات الطائفية بعد الغزو األمريكي للعراق في العام‬ ‫محدود بقضايا الوطن وجراحاته‪ ،‬بمحاوالته المضنية‬ ‫والمشتق حسب رأي المؤرخين من الفارسية وتعني‬ ‫وأسباب اختيار كامل وكأنها بمثابة رد دين ووفاء‬
‫افواه الفراعنة"‪" ،‬س��ينما المثليات في قرن"‪" ،‬عاهرات‬ ‫‪ .2003‬ومثلهما قدم الناقد السينمائي والصحافي‬ ‫الستعادة الثقافة العراقية صحتها وريادتها اإلقليمية‪،‬‬ ‫البستان‪..‬وقد عرفت بدار السالم‪..‬لكنها تحولت الى دار‬ ‫لرهان ثقافي وحضاري كان المحتفى به قد عمل عليه‬
‫ولكن"‪" ،‬الوشم لغة الجسد"؛ فض ًال عن المحطات الثابتة‬ ‫المقيم في فلورنسا عرفان رشيد مقابلة توثيقية‬ ‫حرب هذه األيام‪ ،‬حيث الموت العشوائي وأزيز الطائرات‬ ‫جاهد ًا لتنفيذه‪ ،‬إال ان أغتياله من قبل قوى الظالم‬
‫من مث��ل "الم ّرة األولى" (بقلم الروائية الفلس��طينية‬ ‫عرضت ألول مرة سبق وان سجلها مع كامل ش ّياع عند‬ ‫وأصوات المفخخات وهدير المولدات الكهربائية‪ ،‬يعد‬ ‫والجهل والقتلة قد أوقف الكثير من مشاريعه داخل‬
‫حزامة حبايب)‬ ‫زيارة األخير لمدينة ميسينا اإليطالية ومشاركته في‬ ‫أبنه بأمنية أبوية عزيزة بقوله "بين جسر باب المعظم‬ ‫العراق وخارجه‪ ،‬مثلما أوقف حياته قبل اآلوان‪ .‬وكان‬
‫و"رادار الجس��د"‬ ‫النقاشات الحرة على هامش مهرجان "بحر السينما‬ ‫وجسر الشهداء تمتد على جانب الرصافة بغداد‬ ‫شريط "في رثاء رجل نبيل" مفتتح التظاهرة‪ ،‬وهو عبارة‬
‫و"جس��د دوت‬ ‫العربية"‪ .‬تأثير كامل لم يقتصر على مجايليه من جيله‪،‬‬ ‫القديمة‪ .‬تحت ظاللها األنيسة سنجلس يوم ًا لنسمع‬ ‫عن لقاءات تلفزيونية مقتضبة مع احدى الفضائيات‬
‫ك��وم" و"إيروس‬ ‫إنما أمتد الى الجيل األصغر‪ ،‬فها هو الشاب حيدر رشيد‬ ‫دقات ساعة القشلة‪ ،‬ونراقب اللقالق تحرس أعشاشها‪،‬‬ ‫العراقية‪ .‬وفيه إستعادة ألبرز أفكار كامل شياع الثقافية‪،‬‬
‫ف��ي المطب��خ"‬ ‫يساجل عبر شريطه "متشابك باألزرق" مفاهيم كبيرة‪.‬‬ ‫ونتحسس حجارة مبانيها الصفراء‪ .‬وتحت وهج الشمس‬ ‫الذي ظل يعمل بصمت وحرص كبيرين‪ ،‬ورؤيته في‬
‫و " للر ا ش��د ين‬ ‫وفيه يمتحن المخرج الشاب معاني الهوية‪ ،‬المنفى‪،‬‬ ‫البيضاء سنخطو نحو دجلة المتعب‪ ،‬المتأجج ابد ًا‪......‬‬ ‫التركيز على بناء األساس الصلب للمثقف العراقي بعد‬
‫فق��ط" (م��ع‬ ‫الحب‪ ،‬الصداقة والوحدة من خالل باكورته السينمائية‪.‬‬ ‫حينها سندرك س ّر بغداد دون صورة أو خبر‪ ."....‬ويذكر‬ ‫ان غيب دوره على مدى أكثر من ثالثة عقود من عمر‬
‫الش��اعر والناقد‬ ‫في حين أختار التشكيليون المقيمون في إيطاليا‬ ‫ولشدة تأثيرها وقوتها‪ ،‬ولقدرة الحمداني في تجسيد‬ ‫الدكتاتورية‪ .‬وتوقفه عند اإلنجاز األكبر لوزارة الثقافة‬
‫اللبناني اسكندر‬ ‫طريقتهم في تكريم كامل‪ ،‬وعبر كاتلوغ لمعرض‬ ‫معانيها عبر إلقاء متميز قد أضفى على الرسالة مشاعر‬ ‫في إستقطاب عدد كبير من المثقفين والتي تكللت‬
‫حبش)‪ ،‬وتحقيق‬ ‫مفترض قدم فيه ‪ 17‬فنان ًا عملين لكل منهم وأطلقوا‬ ‫مؤثرة مما حدا باقتراح تبنيها ضمن البرنامج الدراسي‬ ‫بمؤتمرهم في العام ‪ ،2004‬وتناوله قضية مكافأة‬
‫يتن��اول خمس��ة‬ ‫عليه "فنانون في ضيافة كامل"‪.‬‬ ‫لطلبة المدارس‪.‬‬ ‫المؤلف بما يضمن حقوقه الفكرية والمادية‪.‬‬
‫كتّاب شباب عرب‬ ‫وكان للموسيقى نصيب مهم‪ ،‬إذ قدم أستاذ آلة العود‬ ‫فيما ج��اءت شهادة السيد محي الخطيب‪ ،‬سفير‬ ‫فيما جاء نصه "حين نكون في بغداد" والذي قرأه‬
‫ح��ول تجربته��م‬ ‫البارز أحمد مختار مقتطفات من مقامات موسيقية‬ ‫جمهورية العراق في اليونيسكو‪ ،‬بمثابة تعداد لخصال‬ ‫الشاعر والممثل صالح الحمداني بالفرنسية‪ ،‬وعلى شكل‬
‫الصريحة مع "أول‬ ‫مختلفة كان بعضها بمثابة آصرة ربطت الفنان‬ ‫وسجايا المحتفى به النضالية والثقافية‪ ،‬إذ تعرف عليه‬ ‫منولوغ مسرحي ليخطف ألباب الحضور‪ .‬يقول في تلك‬
‫بوسة"‪.‬‬ ‫بالمحتفى به‪.‬‬ ‫ُبعيد العودة من المنافي الى بغداد في العام ‪،2003‬‬ ‫الرسالة المؤثرة الى أبنه " أكتب إليك من البيت المجاور‬ ‫كامل شياع‬
‫م��ن المس��اهمين‬
‫في العدد الرابع نذكر (بحس��ب تسلس��ل ورودهم في‬
‫المجلة)‪ ،‬باتريك الهاني‪ ،‬يوس��ف ليم��ود‪ ،‬محمد رضا‪،‬‬
‫هوفيك حبشيان‪ ،‬ابراهيم محمود‪ ،‬عقل العويط‪ ،‬محمد‬
‫لوحات قيس عيسى بانها تستحدث مفردات قديمة‬
‫كالمالحم والمسالت واالختام االسطوانية وتوظفها‬
‫الحقيقة عن توثيقها لمظاهر ازاحة اآلخر التي يطالعها‬
‫الفنان فيما يحيط به‪..‬‬ ‫الوان قيس عيسى‪..‬معرض انزياحات‪ :‬ظل الكتابة وصوتها المكبوت‬
‫صالح الع��زب‪ ،‬رامي األمين‪ ،‬س��امر أبو هواش‪ ،‬بش��ير‬ ‫بمهارة وفق ًا لفضاءات معاصرة‪ .‬مضيف ًا بان قيس‬ ‫بينما يفضل الفنان التشكيلي طاهر حبيب ان يتناول‬
‫مفتي‪ ،‬طه عدنان‪ ،‬عبده وازن‪ ،‬فيديل س��بيتي‪ ،‬حزامة‬ ‫عيسى يدخلك الى حقل ملغم بااللوان الجاذبة التي‬ ‫شخصية الفنان و اهمية‬ ‫عيسى الذي ينشغل بمراقبة عملية التدحرج واالنزياح‬ ‫‪ ‬تاتو‪ -‬البصرة‬
‫حبايب‪ ،‬حس��ن عباس‪ ،‬رفيف صيداوي‪ ،‬مازن معروف‪،‬‬ ‫تجعل المتلقي يستمتع او ًال قبل ان يدخل الى الفهم‬ ‫تجربته بعد ان عدّها بصمة‬ ‫على مساحة لوحة اليسعها إطار‪ ،‬ويتلقى مفاجآتها‬
‫مني��رة أبي زيد‪ ،‬س��مير جري��س‪ ،‬خال��د الجبيلي‪ ،‬علي‬ ‫المعمق للعمل‪ .‬ليكتشف ما اخفاه الرسام من فضح‬ ‫فريدة في االبداع التشكيلي‬ ‫على مستوى التحليل والتركيب‪ ،‬يؤكد بأن مفهوم‬ ‫قدمت قاعة معارض نقابة الفنانين التشكيليين‬
‫الجالوي‪ ،‬بثينة سليمان‪ ،‬جورج يرق‪ ،‬صخر الحاج حسين‪،‬‬ ‫للعنف والقسوة واالقصاء‪ ،‬ربما كي اليحرم المتلقي من‬ ‫ال��ع��راق��ي المعاصر‪ ،‬الفت ًا‬ ‫هذه اللوحات نابع من إنتاج بنيتها األنعكاسية‬ ‫العراقيين في البصرة ؛ المعرض الشخصي الرابع للفنان‬
‫باسكال عساف‪ ،‬فيصل القاق‪ ،‬حنين األحمر‪ ،‬نينار اسبر‬ ‫االستمتاع ‪ ،‬انها باختصار تجربة ليس لها مثيل في‬ ‫الى ان لوحاته من الوجهة‬ ‫ببعدي الكتابة والصوت‪ .‬وهي تستطيع ان توسع‬ ‫التشكيلي قيس عيسى‪ ،‬الذي حمل عنوان "انزياحات"‪،‬‬
‫واس��كندر حبش‪ .‬أما الغالف فللمص ّور االردني الش��اب‬ ‫االبداع التشكيلي العراقي المعاصر‪.‬‬ ‫النقدية تحمل لمسات في فن‬ ‫مدى رؤيتها الى حدود المحيط االجتماعي الذي يستعد‬ ‫وضم ما يقرب من عشرين لوحة باحجام مختلفة‪ ،‬مع‬
‫طارق دجاني‪ ،‬وه��و فنان هذا العدد‪ ،‬علم ًا أن صفحات‬ ‫وفي حواره مع تاتو تعرض قيس عيسى (‪)1975‬‬ ‫التصميم مع ان عالم الرسم‬ ‫الستقبالها‪...‬‬ ‫جدارية لعدد من صور اللوحات التي تصف التحوالت‬
‫المجل��ة تتز ّين بأعم��ال مجموعة كبيرة م��ن الفنانين‬ ‫الحاصل على جوائز وش��ه��ادات تقديرية عديدة‪،‬‬ ‫مسيطر بشكل بليغ ومعبر عن‬ ‫صباح نوري السبهان الفنان والناقد واالكاديمي؛ تحدث‬ ‫االبداعية التي مر بها منجزه االبداعي‪ ،‬وحسب ماكتبه‬
‫اللبنانيي��ن والعرب والعالميين‪ ،‬ومن العرب نذكر‪ :‬ماهر‬ ‫رسام المعرض الى مشكالت الفنان العراقي الحرفية‬ ‫التناول االب��داع��ي للموروث‬ ‫الى تاتو عن المعرض قائال"‪ :‬يتميز قيس عيسى عن‬ ‫الناقد والباحث االكاديمي عاصم عبد االمير في فولدر‬
‫قريطم‪ ،‬مارون الحكيم‪ ،‬جب��ر علوان‪ ،‬هيلين كرم‪ ،‬عايدة‬ ‫وصعوبات جلب المواد الخام وتهيئتها للعمل ‪ ،‬تلك‬ ‫العراقي القديم‪.‬‬ ‫سواه من الفنانين بانه يمتلك رؤى تشكيلية جمالية‬ ‫المعرض فان لوحات قيس عيسى "تجريدات احتفالية‬
‫س��لوم‪ ،‬رلى الحسين‪ ،‬ماريا س��ركيس‪ ،‬نزير نبعة‪ ،‬نديم‬ ‫التحضيرات التي يتحمل عناءها وتكاليفها بنفسه ‪،‬‬ ‫المعرض الذي احتضنته قاعة‬ ‫يستطيع ان يوظفها بعناية فائقة في مشروعه‬ ‫تسعى لخلق بيئة جمالية للسطح التصويري"‪ .‬واصف ًا‬
‫كوف��ي‪ ،‬طالل المعال‪ ،‬ش��يماء عزيز‪ ،‬س��مر دي��اب‪ ،‬دينا‬ ‫موضح ًا بان تجربة االعداد الى هذا المعرض امتدت الى‬ ‫المعارض في نقابة الفنانين‬ ‫االب��داع��ي ويمتلك وح��دة موضوعية في معرضه‬ ‫مشاغله البصرية بأنها تبدأ من اللحظة الحرجة في‬
‫الغريب‪ ،‬غ��ادة عامر‪ ،‬حمدي عطية‪ ،‬حام��د ندا‪ ،‬محمود‬ ‫ثالثة اعوام ‪ "..‬استغرقت فيها في التحقيق بادبيات‬ ‫التشكيليين بالبصرة واستمر‬ ‫الشخصي‪ ،‬بحيث يالحظ المتلقي المعنوي المتفقه‬ ‫الرسم التي تجعل من فرشاته حاملة الشارات شعورية‬
‫مختار‪ ،‬يوسف نبيل‪ ،‬عاصم شرف ومحمود سعيد‪.‬‬ ‫وخطوط ورموز الشعوب القديمة وما حملت من مالمح‬ ‫لخمسة ايام يأتي ضمن ما‬ ‫بصري ًا ان هناك وحدة موضوعية مترابطة مستقاة من‬ ‫والشعورية وهكذا يكون للتراكيب الشكلية فع ًال بصري ًا‬
‫"الجمانة للنش��ر والترجمة‬ ‫تصدر "جس��د" ع��ن ش��ركة ُ‬ ‫ايحائية كالصينية واليابانية واللغة الهيروغليفية التي‬ ‫اقترحته النقابة واسمته "عام‬ ‫تجارب ومرجعيات تاريخية ترجع الى الفترة السومرية‪،‬‬ ‫ي��ؤدي مهمة تكثيف الجمال ال��ذي ال يكلفنا مشقة‬
‫واالستش��ارات األدبي��ة"‪ ،‬وت��رأس تحريرها الش��اعرة‬ ‫نقبت عنها كثير ًا‪ ،‬فض ًال عن التراث العراقي القديم‬ ‫التشكيل االب��داع��ي"‪ ،‬الذي‬ ‫مضيف ًا بأن ‪ :‬عنوان المعرض يحمل قصدية تقترب من‬ ‫االستدالل عليه‪.‬‬
‫والصحافية اللبنانية جمانة حداد‪.‬‬ ‫الذي يمكن مالحظة هيمنته على معظم لوحات المعرض‬ ‫سيتضمن معارض شخصية‬ ‫المفهوم النحوي حول ادوات النفي بما يشبه االثبات‪،‬‬ ‫القاص والناقد محمد خضير الذي كتب ايض ًا ‪"..‬اللوحة‬
‫في مكررات الختم االسطواني الذي يصف ديمومة الحياة‬ ‫وجماعية وعروض مسرحية وموسيقية ‪ ،‬كما صرح بذلك‬ ‫فالمنجز هنا يظهر جماليات ممتعة ولكنها تفصح في‬ ‫بمفهوم الكتابة" ‪ ،‬مسج ًال فكرته عن قارئ قيس‬
‫ويعبر عن حركتها"‪ .‬‬ ‫نائب رئيس الجمعية الفنان حامد السعد‪ ،‬الذي وصف‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫‪7‬‬ ‫متابعات‬ ‫متابعات‬ ‫‪6‬‬

‫جواد سليم ونصب الحرية‬


‫للجملة المكتوبة من خالل الرسم بالحجر (النحت البارز)‪.‬‬ ‫ان يترك بصمته على سطح الطين الطري‪ ،‬والبيت الشعري‬
‫اس�����ت�����دراك‬ ‫لقد تتبع شاكر حسن آل سعيد خطوط الفعل المتجه‬ ‫العربي الكالسيكي (شطر و عجز)‪ ،‬لكنه برأيي اقرب إلى‬
‫متتبعا بذلك خطى الكسندر بابادوبولو في رسم‬ ‫البيت الشعري العربي الكالسيكي المدور و الجملة العربية‬
‫المتجهات الخفية في الرسم اإلسالمي‪.‬‬ ‫التي تقرأ من اليمين والتي تشكلها أجزاء فرعية هي‬
‫قائمة سبيلبيرغ‬ ‫الكلمات التي تناظرها في النصب المنحوتات المنفردة‬

‫ع��ن��اص��ر ال���وج���ود ال��ش��ي��ئ��ي ل��م��ح��ي��ط ج�����واد سليم‬


‫‪ .10‬متجهات النصب البنائية‪:‬‬ ‫وتجمعات الوحدات لتشكيل موضوعات مستقلة‪ ،‬وقد‬
‫واوغاد تارانتينو‬ ‫كانت معظم منحوتات النصب جانبية وأنجزها النحات‬ ‫تجاورت في هذا البيت الشعري المفترض وحدات من‬
‫بأسلوب النحت البارز (=الريليف)‪ ،‬بينما هنالك منحوتة‬ ‫الشطر إلى العجز‪ ،‬هذا إذا اتفق القارئ معي إن وضعي‬
‫واحدة تصور طفال يقف بمواجهة المتلقي وأيضا الجزء‬ ‫لنقطة الفصل بين الشطر و العجز هي الشمس التي‬
‫األمامي من منحوتة الثور‪ ،‬وهما المنحوتتان اللتان‬ ‫تتوسط النصب وتقوم مقام النقطة‪ ،‬أو الفارزة في النثر‬
‫أنجزهما النحات بأسلوب النحت المجسم‪ ،‬وذلك راجع‬ ‫(= انتهاء الشطر و بداية العجز) ‪.‬إال أننا نعتقد‪ ،‬استنادا‬
‫برأيي إلى انه كان يهدف‪ ،‬كما كانت تهدف الرسوم‬ ‫إلى هذه النقطة‪ ،‬إن مستويين ممكنين في (تقسيم)‬
‫والمنحوتات العراقية والفرعونية القديمة إلى إبراز‬ ‫وحدات النصب‪ :‬أوال ‪ ،‬اعتبار النقطة (= الشمس) ذروة‬
‫‪ ‬عالء المفرجي‬ ‫الوضع األمثل‪ ،‬فكانت المنحوتة التي ال تحقق هذا‬ ‫الموجة الجيبية في ارتفاعها‪ ،‬حيث تبلغ دراما الحدث‬
‫الوضع يضطر إلى انجازها بأسلوب النحت المدور‪.‬‬ ‫أقصى شحنتها عند تلك النقطة‪ ،‬بينما يحدث تحول‬
‫ارى من الطبيعي ان يكون لليهود حضور مؤثر في‬ ‫درامي بعدها فيميل الفعل إلى االستقرار‪ ،‬ويحدث تحول‬
‫السينما‪ ،‬صناعة‪ ،‬وترويج ًا وحتى موضوع ًا‪ ..‬صناعة‬ ‫‪ .11‬مستوى نمط النحت‪:‬‬ ‫في طبيعة البناء والتصميم وكبح للخشونة اإلنجازية‬
‫بسبب الحس التجاري العالي لهم‪ ..‬انهم ادركوا مبكر ًا‪،‬‬ ‫النحت البارز هو (نحت ببعدين)‪ ،‬بمادة نحتية (مجسمة)‬ ‫التي عمد جواد سليم إلى انتهاجها في القسم األول‬
‫اهمية احتكار السينما بوصفها الشكل االهم واالمثل‬ ‫أي إنهاء البعد الثالث في النحت‪ ،‬أذ أنجز جواد النصب‬ ‫من النصب‪ ،‬وكذلك تبدأ المتجهات والحركة الفيزيائية‬
‫من بين وسائل الترفيه التي تستطيع من خاللها ان‬ ‫نحتا بارزا‪ ،‬فإنما قام باستلهام قيم الرسم ببعدين‬ ‫بالخفوت‪ ،‬وتستقر الشخوص وتنعم بالهدوء‪ ،‬فقد بدأت‬
‫تجني ارباح ًا عالية ومضمونة كما يذهب الناقد احمد‬ ‫وتطبيقها في النحت‪ ،‬فبينما يكون النحت البارز نحتا‬ ‫مرحلة أخرى‪ .‬بينما يحتم تقسيم آخر إلى اعتبار النقطة‬
‫رأفت بهجت في كتابه (اليهود والسينما في مصر)‪..‬‬ ‫ببعدين أو رسما بمادة مجسمة‪ ،‬أي انه نحت تم إنهاء‬ ‫تلك نقطة وهمية تجاوزها جواد سليم عند التنفيذ‪،‬‬
‫وتبع ًا لذلك فأنها‪ ،‬أي السينما‪ ،‬الوسيلة المضمونة‬ ‫البعد الثالث فيه بدرجة ما‪ ،‬أو ربما هو رسم أضيف له‬ ‫لذا فقد فسم الباحثون وحدات النصب حسب ما يحلو‬ ‫أدرك جواد سليم إن التعارض القائم بين األيديولوجي‬ ‫منحوتة الطفل‪ ،‬وبذلك كان النصب ساحة لمؤثرات‬ ‫وكذلك بعض البنى التي هيمنت عليه من خالل تشبعه‬ ‫‪ ‬بغداد ‪ -‬تاتو‬
‫لترويج االيديولوجية اليهودية‪ ..‬اما موضوع ًا فيكفي‬ ‫البعد الثالث بدرجة ما‪ ،‬وبذلك كان جواد سليم‪ ،‬بإنجازه‬ ‫لهم (ويمكن العودة لهذه التقسيمات إلى كتاب شاكر‬ ‫والبصري يجد له جانبا مختلفا في أهداف‪ ،‬ومن ثم‬ ‫أسلوبية بدرجات متنوعة‪ ،‬كما كان تجربة تطبيقية لروح‬ ‫الثقافي بمعطيات الواقع المعيش‪ ،‬إنما تشكل (عناصر‬
‫تعداد آالف االفالم التي عالجت قضيتهم وباساليب‬ ‫النصب نحتا بارزا فإنما كان يستلهم قيم الرسم في‬ ‫حسن آل سعيد عن‬ ‫في كيفية صياغة الرسالة‪ ،‬فبينما يصب األيديولوجي‬ ‫محلية جماعة بغداد في النحت‪.‬‬ ‫الوجود الشيئي لمحيط ج��واد سليم) والتي وجدت‬
‫مختلفة‪.‬‬ ‫انجاز اثر ينتمي للنحت‪.‬‬ ‫ج��واد سليم)‪ .‬إن‬ ‫جل اهتمامه على (سلب المتلقي أية فعالية نقدية)‬ ‫طريقها (كعناصر تكوين) في النصب متتبعين مرجعية‬
‫ولست في صدد الحديث عن الدور اليهودي في ارساء‬ ‫‪ .12‬جمع وجهتي النظر في الفن السومري‪:‬‬ ‫تقسيمي لوحدات‬ ‫يهتم البصري بنقاء الرسالة وهيمنة عناصرها غير‬ ‫‪ .3‬المحاور النصبية‪:‬‬ ‫كل منها قدر استطاعتنا‪.‬‬
‫اسس هذه الصناعة الحديثة ابتد ًء من شارل باتيه‬ ‫تجمع صياغة الثور وجهتي نظر مزدوجتين (= منظورين‬ ‫النصب تنبع من‬ ‫النثرية‪ ،‬أي أن أهداف األيديولوجي تنحصر في (تحميل)‬ ‫استخدم جواد القضبان في منحوتات عديدة منها‬ ‫يحتم جزء من العرفان الذي تدين به الثقافة‬
‫في فرنسا وليس انتهاء باصحاب االستوديوهات‬ ‫معا) فقد جمع النحت البارز للجانبين والنحت المجسم‬ ‫أس��ب��اب بصرية‬ ‫الرسالة بأهدافه التي ال تعدو أن تكون نمطا من الوعي‬ ‫األمومة (معدن وخشب) و (السجين السياسي) وكانت‬ ‫‪ .1‬البنى اللغوية العربية‪:‬‬ ‫العراقية والفن التشكيلي العراقي نحو الراحل‬
‫والشركات العمالقة في هوليوود امثال وارنر وغولدين‬ ‫للمواجهة‪ ،‬وهو ما استدعى تغيير قوانين المنظور ومنح‬ ‫وأخ������رى تخص‬ ‫بالتعارض مع مصالح اآلخر‪.‬‬ ‫قد ظهرت بذورها األولى منذ لوحة (الشجرة القتيل)‬ ‫لقد ظهرت البنى اللغوية العربية كهيكل بنائي‬ ‫شاكر حسن آل سعيد إكمال مشروعه في بلورة‬
‫وفوكس وغيرهم‪.‬‬ ‫الثور القدرة على التفاتة كتلك التي في النصب‪.‬‬ ‫ال��دالل��ة بتقسيم‬ ‫لقد كان اهتمام جواد سليم منصبا على جانبي (الشفرة)‬ ‫و (زفاف في الشارع ‪ )1957‬و (نساء في االنتظار‬ ‫للنصب من خالل تكوينه من وحدات كبرى (= كلمات)‬
‫والفترة التي اعقبت الحرب الكونية الثانية‪ ،‬وبسبب‬ ‫النحت وفق‪:‬‬ ‫و (المتلقي)‪ ،‬لذلك احتوى النصب في طياته رسالة‬ ‫‪ ،)1943‬وهي تضاف للمحور التعاقبي الذي تحدثنا‬ ‫تضم عددا من الوحدات الصغرى (= حروف) وبشكل‬ ‫نقد تشكيلي عراقي حديث وذلك بالبحث‬
‫ما تعرض له اليهود في اوروبا على وجه الخصوص‬ ‫‪ .13‬شظايا الحضارة الشخصية‪:‬‬ ‫واجبة الوصول إلى متلق كان يحرص جواد سليم على‬ ‫عنه‪ ،‬فأننا يمكن أن نستشف المحورين اللذين يبنى‬ ‫يجعل طوبولوجيا التكوين مماثلة للبيت الشعري العربي‬ ‫فيما تركه من‪ :‬مدونات‪ ،‬ورسائل‪ ،‬ومقابالت‪،‬‬
‫من حمالت ابادة منظمة على ايدي النازية وحلفائها‪..‬‬ ‫‪.7‬ال��ت��ق��س��ي��م‬ ‫إيصال الرسالة إليه‪ ،‬فقد كانت هنالك درجة من الرسالة‬ ‫عليهما النصب وقد كانا كرستهما منحوتة (السجين‬ ‫الكالسيكي ذي الصدر والعجز‪ ،‬وتجسدت بنية الجملة‬ ‫الكتشاف المزيد من األفكار منها‪ ،‬وحولها‪،‬‬
‫هي الفترة التي ذهب فيها الكثير من صناع االفالم‬ ‫‪ .14‬من شظايا حضارته الشخصية يدخل جواد سليم‬ ‫الثيمي‪:‬‬ ‫النثرية باعتبار النصب (حكاية) تحكي كفاح الشعب‬ ‫السياسي) حيث يتمثل فيهما بعدا التجريد والتجسيد‬ ‫العربية من خالل اتجاه القراءة التي يشترطها النصب‬ ‫استعارة وإضافة‪ ،‬وقد جاءت مقاالتنا حول‬
‫الى معالجة هذه الموضوعة من وجهات نظر مختلفة‪،‬‬ ‫العديد من اللقى التي ظهرت في بعض لوحاته‬ ‫أوال‪ ،‬التظاهرة‬ ‫العراقي لنيل حريته‪ ،‬ولكنه حرص على عدم التضحية‬ ‫بشكل مذهل من خالل االختزال الشديد في عناصره‪.‬‬ ‫أن تكون بذات االتجاه فال يمكن أن يقرأ النصب من‬ ‫مدوناته بهذا الهدف‪ ،‬فنحن هنا ال نستعير‬
‫وان لم تختلف في تأكيد حقيقة هذه الواقعة‬ ‫السابقة وهي في الواقع من مقتنياته الشخصية في‬ ‫والشهداء‪ ،‬ثانيا‪،‬‬ ‫بالخصائص البصرية للشفرة مقابل ذلك‪ .‬لكن نصب‬ ‫ويتمثل المحور العمودي ويحدد اتجاهه في النصب‬ ‫اليسار إلى اليمين مطلقا‪ ،‬وهذه خصيصة زمنية تنتمي‬ ‫عنواننا من مدونات آل سعيد فقط بل وننغمس‬
‫التاريخية‪ ،‬جنح بعضها الى المبالغة فيما التزم‬ ‫حياته اليومية‪ ،‬وقد رصد منها آل سعيد الديكة الخزفية‬ ‫ال���ث���ورة‪ ،‬ث��ال��ث��ا‪،‬‬ ‫الحرية‪ ،‬كأي اثر ثري بالدالالت‪ ،‬يتصف (بالتعددية‬ ‫كما كان في منحوتة (السجين السياسي) بالقضبان‬ ‫للتابع الحكائي الذي هو من خصائص اللغوي‪ ،‬وذلك‬
‫البعض اآلخرصدقية الوثيقة التاريخية‪ ،‬وبموضوعية‪،‬‬ ‫التي سبق وظهرت في لوحة (زفة في شارع ‪.)1956‬‬ ‫البناء‪.‬‬ ‫النصية)‪ ،‬فهو غني بدالالته‪ ،‬فتعددت مستويات التلقي‬ ‫والخطوط الشاقولية كالسجن في مركز النصب‪،‬‬ ‫النمط من القراءة يفرضه بناء النصب على إفريز (سطح)‬ ‫كليا في محاولة تطوير فكرة بناء نصب الحرية‬
‫كان من اثارها الواضحة سيل التعاطف المتزايد مع ما‬ ‫و القراءات‪ ،‬لقد كان (فيه) مكان لمتلق عام‪ ،‬هو المتلقي‬ ‫وامتدادات الشخوص أو السنابل‪ ،‬وارتفاعات الحدث من‬ ‫يخالف النحت المدور الذي يفرض نمطا من التلقي‬ ‫من (عناصر الوجود الشيئي) التي كانت تؤلف‬
‫وقع لليهود خالل فترة التسلط النازي منتصف القرن‬ ‫‪ .15‬القواعد االرسطو طاليسية (بداية ‪ ،‬ووس��ط ‪،‬‬ ‫‪ .8‬مستوى العالقة‬ ‫عابر السبيل الذي يمر تحت الفتة النصب‪ ،‬كل يوم‪ ،‬بينما‬ ‫ناحية الوجود المادي وارتفاع وانخفاض يماثل الموجة‬ ‫الحسي الملمسي الذي يستوعب الجهات األربع‪ ،‬إن تلقي‬ ‫المحيط البصري ـ الفضائي للرسام ـ النحات‬
‫الماضي‪..‬‬ ‫ونهاية)‪:‬‬ ‫(األيديولوجي _‬ ‫يكمن متلق متخف وهو الرقيب أو بمعنى أدق الدولة‪،‬‬ ‫الجيـبـية‪ ،‬وكذلك يقابله الهبوط (المتجه نحو األسفل)‬ ‫النصب بهذه الكيفية قد يكون تجسيدا لنزعة وظيفية‬ ‫جواد سليم وتوسيع هذه الفكرة بهدف‬
‫ولعل فيلم قائمة تشاندلر – برأيي المتواضع –‬ ‫حرص جواد سليم على البعد الحكائي إال أن ذلك لم‬ ‫البصري)‪:‬‬ ‫وهي الجهة الممولة لمشروع النصب والتي كان بذهنها‬ ‫الذي تجسد في منحوتة السجين السياسي باحتمال‬ ‫تستخدم النحت بمثابة وسط صالح للتواصل اللغوي‬ ‫إغنائها‪.‬‬
‫للمخرج الفذ ستيفن سبيلبيرغ هو الفيلم االهم من بين‬ ‫يؤثر على البنية الشيئية للنصب فبدا النصب مبنيا بناء‬ ‫رغم هيمنة فكرة‬ ‫تصورات وأهداف تختلف بدرجة أو بأخرى عن تصورات‬ ‫سقوط (الكتلة الطائرة) التي ربما هي طائر و سنونو‪،‬‬ ‫بما يتضمنه من بنية تعاقبية لغوية تتضمنها اللوحة‬
‫مئات االفالم التي عالجت المحرقة او الهولوكوست‪،‬‬ ‫أرسطيا من‪ :‬بداية ووسط ونهاية‪.‬‬ ‫(خارج بصرية) على‬ ‫جواد سليم‪ ،‬وأخيرا توجد فسحة لمتلق ثالث هو المتلقي‬ ‫وهي تعبر عن مظاهر اإلخفاق والخيبة‪.‬‬ ‫الجدارية والنصب النحتية لمناخ الساحة أو الشارع‬
‫واستطاعت ان تنقل بأمانة حقيقة ما حدث في تلك‬ ‫جواد سليم حينما‬ ‫الفعال المنتج للخطاب الواعي لدالالته بفضل امتالكه‬ ‫حيث تنبثق الجداريات من صميم لغة الخطاب في‬
‫الفترة‪.‬‬ ‫‪ .16‬الجمع بين الرسم والنحت ‪:‬‬ ‫أراد عمل النصب‪،‬‬ ‫ألدوات منتجة للمعاني‪ .‬وقد ظهرت خطابات بنَت‬ ‫‪ .4‬بنية الثمرة والبذرة (الضام والمضموم)‪:‬‬ ‫الحياة اليومية‪ ،‬على عكس اللوحة التي تماثل خطاب‬
‫المخرج االشكالي كوانتين تارانتينو والذي يحلو لبعض‬ ‫حيث ادخل جواد سليم مؤثرات تنتمي إلى بنية الرسم‬ ‫هي تجسيد نضال‬ ‫هوامشها المتراكمة على نصب الحرية تمثلت بعشرات‬ ‫وهي تجسيد شكلي لسلسلة منحوتات األمومة التي‬ ‫القصيدة أو الرواية‪.‬‬ ‫يقول شاكر حسن آل سعيد إن األعمال الفنية إذا لم‬
‫النقاد تسميته بشاعر العنف بسبب ارتباط اسمه‬ ‫المسطحة كالخطوط والحزوز وآثار الوشم التي كانت‬ ‫الشعب العراقي‬ ‫المقاالت التي نشرت عنه طوال العقود التي مضت‬ ‫أنجزها ج��واد بعدة تنفيذات‪ ،‬كان بعضها يحمل‬ ‫تكن تسعفنا في مجال البحث عن الطبقات التحتانية‬
‫بأهم افالم العنف في السنوات االخيرة‪ ..‬حاول في‬ ‫تعمق الفعل الدرامي في النصب‪ ،‬هذا إضافة إلى أن‬ ‫لتحقيق ال��ث��ورة‪،‬‬ ‫على انجازه‪ ،‬إال أن اهمها كان ثالثة كتب هي قراءات‬ ‫تأثيرات النحات البريطاني هنري مور‪ ،‬وكانت تتجه‬ ‫‪ .2‬خصائص الفن الرافديني‪:‬‬ ‫فستسعفنا المعرفة في إرج��اع المدونة الفنية إلى‬
‫فيلمه الجديد (اوغاد مشينون) ان يقترب من هذه‬ ‫النحت البارز رسم بالحجر‪.‬‬ ‫فقد ك��ان الحس‬ ‫النقاد جبرا إبراهيم جبرا وعباس الصراف وأخيرا شاكر‬ ‫حثيثا نحو االختزال الشديد الذي وصل حد التجريد‬ ‫ظهور مالمح محتويات المتحف العراقي بالهيكل‬ ‫عناصرها األولى من خالل التعامل مع تلك المدونة‬
‫الموضوعة على طريقته العنفية‪ ،‬حيث مجموعة من‬ ‫الفني (= البصري)‬ ‫حسن آل سعيد‪ ،‬بينما كانت قراءة آل سعيد هي القراءة‬ ‫أخيرا بكتلة ضخمة بشكل هالل هي األم وهي تحتضن‬ ‫العام للرؤية الفنية التي قال بها آل سعيد‪ ،‬وكذلك في‬ ‫مثل موقع آثاري مليء باللقى‪ ،‬والشظايا‪ ،‬ويستلزم‬
‫المقاتلين اليهود يجري تدريبهم وارسالهم الى فرنسا‬ ‫‪ .17‬البعد الديني‪:‬‬ ‫قد هيمن على بنائية النصب من ناحية األشكال المفردة‬ ‫الوحيدة التي تتمتع بتوظيف آليات قراءة فعالة في‬ ‫كرة هي الطفل‪ .‬وقد تجسدت في النصب بامرأة مكتنزة‬ ‫البنية المعمارية المطابقة لمعمارية األختام االسطوانية‬ ‫اكتشاف طبقاته التحتية‪ ،‬وامتالك قدرة على الغوص‬
‫إبان احتالل المانيا لها‪ ،‬لالنتقام من قتلة شعبهم‪..‬‬ ‫حيث تعتقد نزيهة سليم إن لقيام جواد سليم بتقطيع‬ ‫ومن ناحية توزيعها على مساحة النصب‪.‬‬ ‫إنتاج المعنى‪ ،‬وقد توجهت قراءت َـي جبرا إبراهيم جبرا‬ ‫تـتكور على طفل يظهر منه وجهه فقط‪.‬‬ ‫المتجهة‪ ،‬وكذلك بعض البنى الشكلية المهمة وأهمها‪:‬‬ ‫في أعماقه‪ ،‬وبذلك يكون رصد عالماته السطحية‬
‫واالنتقام هنا حسب تارنتينو يأخذ طابعا سادي ًا‪،‬‬ ‫أقدام منحوتات النصب عالقة بتحريم التشبيه بالجسد‬ ‫وعباس الصراف إلى قارئ افتراضي هو صنو المتلقي‬ ‫ويمكن مقارنة بنية األمومة بالشكل الحلزوني‪ ،‬وما‬ ‫الوضع األمثل وجمع زاويتي نظر في لقطة واحدة‪ ،‬فقد‬ ‫الخطوة األولى في عملية االكتشاف‪ ،‬وينتهي آل سعيد‬
‫ربما ليوازي به حجم العنف المسلط‪ ،‬االمر الذي جعل‬ ‫اإلنساني في الدين اإلسالمي‪ ،‬إال أن هذا األمر ليس‬ ‫‪ .9‬مستوى البنى الهيكلية‪:‬‬ ‫العابر الذي يبحث عن ما يبحثه ذلك المتلقي‪ ،‬فغلبت‬ ‫ينطوي عليه من معنى التكور (= الرحم) الذي يضم‬ ‫كان كل شكل يتخذ أفضل أوضاعه بغض النظر عن‬ ‫إلى أن "كل ما يطرحه الفنان عبر العمل الفني هو جزء‬
‫مثل هذا الموضوع ينال رفض ًا من قطاع واسع من‬ ‫مؤكدا برأينا حيث لم يتحقق لدينا فاعلية الجانب‬ ‫استعار جواد سليم بنى هيكلية (خطوط الفعل المتجه)‬ ‫عليها لغة العواطف والتجميع الوثائقي ومجمل الفهم‬ ‫البذرة ويحضن(الطفل)‪ ،‬وقد تكون تجسيدا ألنثوية‬ ‫زاوية النظر (ثيران مجنحة بخمسة أطراف وعيون أمامية‬ ‫من تجربة الفنان الكاملة" وبذلك يجب أن تكون دراسة‬
‫اليهود‪ ،‬ذلك انه يظهرهم بمظهر المتوحش المتعطش‬ ‫الديني في رؤية جواد سليم‪.‬‬ ‫خفية أسس عليها تركيب وح��دات النصب‪ ،‬منها‬ ‫الرسمي األيديولوجي للنحت وألهداف نصب الحرية‪،‬‬ ‫الدائرة مقابل ذكورية المربع كما قال بذلك بعض‬ ‫في وجوه جانبية)‪ ،‬و ظهرت الموجودات وهي منظورة‬ ‫الفنان من خالل دراسة سيل ضخم من اللقى التي ابتدأ‬
‫للدماء‪ ،‬خالف ًا للمظلومية التي طبعت جانب ًا مهم ًا من‬ ‫وخطوط دائرية تؤلف بنية حلزونية و بنية أرتفاعية‬ ‫بينما اتجهت قراءة آل سعيد لتنوير المتلقي الفعال‬ ‫الكتاب في مقارنتهم بين الشكلين الهندسيين‪.‬‬ ‫من زاويتي نظر معا‪ ،‬فكانت تعيش حياتها الخاصة‪،‬‬ ‫بثها منذ أولى مراحل منجزه وحتى آخر عمل أنجزه‪ ،‬إنها‬
‫تاريخهم‪ ،‬والذي انتزعوا من خاللها مكاسب تاريخية‬ ‫‪ .18‬اللغات الثانوية ‪:‬‬ ‫شاقولية (المربع واألقفاص) وظهرت في عدة منحوتات‬ ‫الذي يهدف طوال الوقت الى تطوير آلياته في اكتشاف‬ ‫حيث تتلفت‪ ،‬أو تستدير‪ ،‬فكانت بعض هذه اإلزاحات‬ ‫تشكل (متحفه الخاص من العناصر التكوينية) التي‬
‫ال تحصى‪.‬‬ ‫حيث ادخل جواد سليم العديد من المؤثرات الفرعية‬ ‫للفنان دخلت في بنائها القضبان بشكل رئيس‬ ‫وخلق المعاني‪.‬‬ ‫‪ .5‬هيمنة األيديولوجيا‪:‬‬ ‫الشكلية ضاربة في القدم‪ ،‬تعود إلى فن الفراعنة والفن‬ ‫قد تـتحور‪ ،‬وقد تـتطور‪ ،‬وربما تقع تحت طائلة الكمون‬
‫قائمة سبيلبيرغ واوغاد تارانتينو نموذجان لمعالجة‬ ‫التي أسميناها (اللغات الثانوية) ومنها‪ :‬مستوى‬ ‫وأهمها السجين السياسي‪ ،‬وقد دخلت تلك القضبان‬ ‫رغم إن جواد سليم كان ج��زء ًا من عصر هيمنت فيه‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬كالعين األمامية في الوجه الجانبي‪ .‬إن كل‬ ‫واالختفاء المؤقت‪ .‬فإضافة إلى ظهور عناصر تكوينية‬
‫حدث تاريخي ما زالت السينما تنهل منه‪ ..‬وربما هما‬ ‫التنفيذ (= خشونة و نعومة التنفيذ)‪ ،‬الحركة والسكون‪،‬‬ ‫في تكوينات النصب في تكوين الثورة وفي الجزء‬ ‫‪ .6‬مستوى وحدات النصب‪:‬‬ ‫األيديولوجيا بقوة على الفنون وعلى تنظيراتها‪ ،‬إال‬ ‫هذه السمات وغيرها كثير قد هضمها جواد سليم ضمن‬ ‫مادية كانت جزء ًا من (الوجود الشيئي لمحيط جواد‬
‫ايض ًا ايذان ًا بال جدوى العزف على هذه النغمة التي‬ ‫الشاقولي والمدور‪ ،‬المدركات الشكلية (البروفيل‬ ‫األيسر (تكوين البناء) حيث ترتفع األشجار والسنابل‪،‬‬ ‫يتصف نصب الحرية بكونه مبنيا من وحدات (أجزاء‬ ‫انه وهو يهم بإنجاز نصب الحرية‪ ،‬كان يحاول أن‬ ‫(متحف أشكاله) الشخصي‪ ،‬ونحن نعتقد إن اإلزاحات‬ ‫سليم) مثل الديكة الخزفية التي رصدها شاكر حسن في‬
‫استهلكت‪ ،‬في االقل في السينما‪.‬‬ ‫واألمامي‪ ،‬الريليف والمدور‪ ،‬التحوير ومماثلة الواقع)‪،‬‬ ‫وحيث تفتقد الحركة‪ ،‬ونجدها حتى في تكوين العامل‬ ‫منفردة)‪ ،‬ووحدات (أجزاء مجتمعة)‪ ،‬فقد قسم شاكر‬ ‫يتخطى المحلية ذات الحلول الفجة التي كانت تظهر‬ ‫األهم قد دخلت أشكال نصب الحرية من خالل الرسم‬ ‫لوحة (زفة في شارع ‪ )1956‬وفي نصب الحرية ذاته‪،‬‬
‫وكل الفقرات التي لم نفصل الحديث فيها ستكون‬ ‫الذي هو في لحظة استرخاء واتساق قامته المديدة‪،‬‬ ‫حسن آل سعيد النصب إلى أربع وحدات ‪( ...‬وهو ما يقرره‬ ‫وتصرف‬‫في نتاجات جماعة بغداد للفن الحديث‪ّ ،‬‬ ‫اإلسالمي والنحوت البارزة (= الرسم بالحجر) الرافدينية‬ ‫إال أننا نفترض أن عناصر تكوينية أخرى‪ ،‬أهمها عناصر‬
‫موضوعا الحقـــــا سنكتبه عن نصب الحرية إنشاء‬ ‫والمزارعون وهم يتجولون بين مزروعاتهم التي ارتفعت‬ ‫آل سعيد) تؤكد معمارية النصب‪ ،‬وقد تنبه العديد من‬ ‫كفنان معني بدرجة كبيرة بالجانب البصري‪ ،‬رغم كل‬ ‫القديمة‪ ،‬وقد كان جواد يراوح في معالجاته بين الحزوز‬ ‫أعماله خارج نصب الحرية‪ ،‬أي اللوحات‪ ،‬والتخطيطات‪،‬‬
‫الله‪ .‬‬ ‫من األرض وأينعت‪ ،‬واستعار جواد سليم البنية المسطحة‬ ‫الدارسين‪ ،‬إلى أنها تستعير بنية الختم األسطواني بعد‬ ‫األهداف األيديولوجية التي يعنيها في النصب‪ ،‬فقد‬ ‫التي يضعها على السطوح وبين النحت المدور في‬ ‫والسكيجات التي أنجزها كدراسات ألشكال النصب‪،‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫‪9‬‬ ‫تحقيق‬ ‫تحقيق‬ ‫‪8‬‬


‫والكهنة وكبار الموظفين‪.‬‬ ‫وه��و أكب��ر دار عبادة وجدت عل��ى األرض ؛ وكان كل ملك‬ ‫ِ‬
‫م��ن الملوك المتعاقبين يحاول جع��ل معبده األكثر إبهار ًا‬ ‫ْ‬
‫"سنموت"‬ ‫قصة حب بين الملكة "حتشبسوت" والمهندس‬
‫مقبرة توت عنخ آمون ومقابر أخرى‬ ‫وتميز ًا حتى صار موطن ًا يحك��ي مراحل تطور الفن النحتي‬
‫المصري القديم والهندس��ة المعمارية التي تش��ي بعظمة‬
‫اكتش��ف الباح��ث األثري االنكلي��زي "ه��وارد كارتر" هذه‬
‫المقبرة عام ‪ 1922‬بعد حفائر امتدت لس��ت س��نوات ‪،‬‬
‫وقد عثر على هذه المقبرة س��ليمة وكامل��ة وذاع صيتها‬
‫في العالم لكثرة الكنوز التي وجدت فيها الس��يما األثاث‬
‫روادها األوائل ويضم العدي��د من المعابد الى ال نظير لها‬
‫م��ن بينها معبد لإلله أمون وزوجته اإللهة (موت ) وأبنهما‬
‫اإلله ( خنس��و ) اله القمر وعرف منذ الفتح العربى باس��م‬
‫الكرنك بمعنى القرية المحصنة‪ ،‬لكن ثمة رأي يرى ان معبد‬
‫األقصر ‪ ..‬متحفٌ تحت السماء ومخزن للقبور الملكية‬ ‫ُ‬
‫الجنائزي المقدس ‪ ،‬وتوت عنخ آمون جلس على عرش مصر‬ ‫الكرنك يش��به قصر النعم��ان بن المنذر ف��ي العراق الذي‬
‫في العاش��رة من عمره بعد زواجه من ابنة اخناتون ومات‬ ‫كان يعرف بـ "الخورنق" وح ّرف االس��م الى كورنك ثم الى‬ ‫الش��هيرة ‪ ،‬معبد األقص��ر الذي ش��يده امينوفيس الثالث‬ ‫الش��مال ووحدت األرضين‪ ،‬مصر العليا والس��فلى‪ ،‬وانتقل‬ ‫األقصر وما فيها مدينة تعيش حياتين ؛ ماضية وحاضرة؛‬
‫دون العشرين من عمره ‪.‬‬ ‫كرنك‪.‬‬ ‫ومعب��د الكرنك ومعب��د الدير البحري ومعبد حتشبس��وت‬ ‫بعدها مقر الحكم إلى طيبة وظل بها ما يزيد على األربعة‬ ‫وف��ي كليهم��ا ه��ي مدين��ة التاري��خ العمي��ق بتجلياته‬ ‫‪ ‬وارد بدر السالم‬
‫يب��دأ المعبد بطري��ق الكباش ممثال لإلله أم��ون وهنا يرمز‬ ‫وتمث��اال ممنون ومعب��د دير المدينة ومدين��ة هابو ومعبد‬ ‫قرون من الزمان‪ .‬وظلت األقصر قرية صغيرة تابعة لمدينة‬ ‫األس��طورية وش��واخصه األثي��رة ؛ وه��ي مدين��ة الحاضر‬ ‫كاتب من العراق‬
‫األعمال السيئة للملوك‬ ‫لق��وة الخصب والنم��اء وقد نحت تحت رؤوس��ها تماثيل‬ ‫الرمسيوم ومعبد سيتي األول بالقرنة ومقابر وادي الملوك‬ ‫(قوص) عاصمة الصعيد بعد الفتح اإلس�لامي لمصر‪ ،‬ولم‬ ‫بتضاعيفها الجمالية ومس��حتها الريفي��ة األليفة ونيلها‬
‫الملك رمسيس الثانى وقد أطلق المصري القديم على هذا‬ ‫وم��ن أهم الملوك في هذا ال��وادي مقابر الملك توت عنخ‬ ‫يتوق��ف الع��دوان والتخريب عل��ى تراثه��ا إال عندما جاء‬ ‫الذي يش��طرها الى شطرين لتنقس��م الى حياتين أخريين‬
‫هناك مقابر كثيرة تم اكتش��افها بلغت ‪ 62‬مقبرة حتى‬ ‫الطريق اس��م " وات نث��ر ‪ . " WAt-nTr‬بمعنى طريق اإلله‪،‬‬ ‫آمون ومقبرة سيتي األول ومقبرة رمسيس الثالث ومقبرة‬ ‫(نابلي��ون بونابرت) فانبه��ر بآثاره��ا وحضارتها وروعة‬ ‫‪ ،‬الب��ر الغربي وهو مدينة الموتى والمقابر واألش��باح الحية‬
‫اآلن أهمها مقبرة الملك رمس��يس الثال��ث الضخمة التي‬ ‫أم��ا طريق الكباش في معبد الكرنك فقد عرف باس��م " تا‬ ‫رمس��يس الس��ادس ومقبرة حور محب‪ .‬ويوجد أيضا غربي‬ ‫فنونها‪ ،‬بعدما تمكن العالم الفرنسي (شامبليون) من فك‬ ‫في تجليات الزمان ‪ ،‬والبر الش��رقي حيث يتعاشق الحاضر‬
‫يصل طولها الى ‪ 125‬مترا ومقبرة رمس��يس الرابع التي‬ ‫ـ مي��ت ـ رهنت " يوصل طريق الكباش إلى داخل المعبد ‪،‬‬ ‫األقص��ر مقابر وادي الملكات‪ .‬وم��ن أهم ما فيها من مقابر‬ ‫طالس��م الكتابة الهيروغليفية ومنذ تلك اللحظة اتجهت‬ ‫على أكت��اف الماضي لتجري الحياة خض��راء كمزارع الموز‬
‫كتب على جدرانها فصل من كتاب الموتى وهو ما يعرف‬ ‫والمدخل هنا عبارة عن بوابة ضخمة عالية تتوسط صرحا‬ ‫مقبرة الملكة نفرتاري‪.‬بم��ا يعني أن هناك أكثر من ‪800‬‬ ‫األنظار إلى مدينة األقصر‪.‬‬ ‫ومستعمرات قصب الس��كر المتكاتفة حد االلتحام ‪ .‬وبين‬
‫باالعتراف��ات اإلنكاري��ة وتعني ان الملك يح��اول تبرئة‬ ‫ضخما ‪ ،‬ش��يد م��ن الحجر وأطل��ق عليه ابتداء من األس��رة‬ ‫موقع ومزار اثري صار مطمح الس��ياح من شتى أرجاء العالم‬ ‫ه��ذا وذاك تظل األقصر قبلة الس��ياح القادمين إليها من‬
‫نفسه من الذنوب واالعمال السيئة التي عملها في حياته‬ ‫الثامنة عش��رة "بخنت " بمعنى الصرح ‪ ،‬وابتداء من األسرة‬ ‫وعلى م��دار بضعة أيام تمكنا من زيارة الكثير من المواقع‬ ‫متحف تحت السماء‬ ‫شتى بقاع العالم لقراءة المدينة من آثارها وثرائها ونيلها‬
‫ومقبرة رمس��يس الس��ادس التي تقع ف��وق مقبرة توت‬ ‫العشرين عرف باسم "روتى ورتى " وأطلق اليونانيون عليه‬ ‫األثرية والتاريخية في البرين الش��رقي والغربي ‪ ،‬فالشرقي‬ ‫األزرق وهو يجري بين الحياتين هادئ ًا وصامت ًا كشاهد أزلي‬
‫عن��خ آمون ومقبرة تحتمس الثالث ومقبرة الملكة نفرتاري‬ ‫اس��م " بيلون "‪ .‬ويبدأ المعبد بالمرور من الصرح األول الذي‬ ‫منها هو بر الحياة حيث النيل يس��بغ على المدينة عافيته‬ ‫تع��د األقصر متحف�� ًا كبي��ر ًا مفتوح ًا على مدار الس��نوات‬ ‫لتحوالت األقصر كونها مخزن الحضارة المصرية‪..‬‬
‫وامنوفيس الثاني ومقبرة حور محب وغيرها ‪....‬‬ ‫يرج��ع إل��ى الملك نختبو ( األس��رة ‪ ) 30‬ومنه إلى الفناء‬ ‫المس��تديمة وحيث الشمس تشرق بصباحات أكثر جاذبية‬ ‫وس��احة عمالقة غنية باآلثار النحتية والمقابر المهندس��ة‬
‫لغزا حتى اآلن ‪ ،‬وقام س��نموت بتصمي��م المعبد الجنائزى‬ ‫هيئة حزم��ه البردي المدعم ‪ .‬وباقي أجزاء المعبد ش��يدها‬ ‫الكبي��ر ويوجد عل��ى يمين الداخل ثال��ث مقاصير لثالوث‬ ‫‪ ،‬أم��ا الغربي فهو بر الموتى حي��ث المقابر الملكية وحيث‬ ‫بي��ن الجبال ف��ي حفائر غريبة تش��ي بعظمة الهندس��ة‬ ‫دخول الى التاريخ‬
‫فن ونقش ونحت‬ ‫لحتشبسوت بالدير البحري بالقرب من مدخل وادى الملوك‬ ‫أمنحتب الثالث‪ ،‬ويبدأ بقاعة األعمدة الضخمة ذات األربعة‬ ‫طيب��ة من عهد س��يتى الثانى‪ ،‬وعلى اليس��ار ي��رى معبد‬ ‫تغرب الشمس لتحكي قصة األفول الغريب لمدينة كانت‬ ‫األقصرية ‪،‬والمدينة جامعة للتاريخ اإلنساني منذ عصر ما‬
‫على ش��كل ثالثة طواب��ق ‪ ،‬وتص��ور جدران ه��ذا المعبد‬ ‫عش��ر عمود ًا ثم إل��ى الفناء الكبير المفت��وح ويحيط به من‬ ‫رمس��يس الثالث ‪ .‬تلي ذلك بقايا الصرح الثانى ومنه إلى‬ ‫زاهي��ة بعظمة تاريخها وما زالت تزهو به ‪.‬والتس��اع رقعة‬ ‫قبل التاريخ ثم العصر الفرعوني وحتى العصر اإلس�لامي‬ ‫الدخول ال��ى األقصر هو الدخ��ول الى التاري��خ من بوابة‬
‫ف��ي كل المعاب��د والحفائر والقبور هناك فن اس��تثنائي‬ ‫تفاصي��ل حياة حتشبس��وت مثل قص��ة ميالدها وكيف‬ ‫ثالثة جوانب صفان من األعمدة – ثم بهو األعمدة ويضم‬ ‫صالة األعم��دة الكبرى التي تحتوى عل��ى‪ 134‬عمود ًا من‬ ‫آثارها الحضارية س��نتوقف عند ثالثة معابد ومقبرة وادي‬ ‫م��رورا بالعص��ر اليونان��ي فالروماني فالقبط��ي ‪ ،‬وبهذا‬ ‫الحاض��ر والعودة الى أكثر من س��تة آالف س��نة يومها لم‬ ‫األقصر مدينة ذات نكهة فريدة ‪ .‬يعيش‬
‫ُ‬
‫ولمس��ات جمالي��ة غاية ف��ي الدقة واإلده��اش ‪،‬فمعابد‬ ‫ول��دت من اآلله آم��ون ‪ ،‬وأيضا نقل مس��لتيها إلى المعبد‬ ‫‪ 32‬عم��ود ًا بعده غرف��ة القارب المقدس ‪ ،‬وقد اس��تطاع‬ ‫الحجر الرملي واس��تغرق بناؤه��ا ‪ 92‬عام ًا ويفضى المكان‬ ‫الملوك فهي االبرز في هذا الس ْفر العظيم ‪.‬‬ ‫الثراء الحضاري نمت األقص��ر وتعاقبت عليها الحضارات‬ ‫تك��ن األقصر إال "طيبة" مدينة ما قب��ل التاريخ و" أيونو –‬
‫الكرن��ك واألقصر والدير البحري وغيره��ا فيها نحت ُمعجز‬ ‫والبعث��ة التى قامت به��ا إلى بالد بونت ‪ ،‬وقد س��محت‬ ‫اإلسكندر األكبر أن يش��يد مقصورة صغيرة له تحمل أسمه‬ ‫إلى بقايا الصرح الثالث الذي بناه " أمنحتب الثالث" حيث‬ ‫اإلنس��انية ‪ ،‬حيث كانت جزءا م��ن طيبة القديمة وكانت‬ ‫ش��مع" مدينة الش��مس الجنوبية و" واست" وهو الصولجان‬ ‫فيها التاريخ منذ آالف السنوات وترقد على‬
‫لكت��ل صخرية جب��ارة ال ُيعرف كيف ت��م جلبها عبر نهر‬ ‫حتشبسوت لس��نموت بأن يضع اسمه وصورته خلف أحد‬ ‫داخل مقصورة أمنحتب الثالث ‪.‬وأخيرا إلى قدس األقداس‬ ‫تقف أمامه مسلة تحتمس األول العمالقة ومنه إلى بقايا‬ ‫البر الشرقي ‪ ..‬حكاية من األمس‬ ‫معمرة بقوتها لمدة ‪ 1350‬عاما متتالية من عام ‪2100‬‬ ‫عالم��ة الحكم الملكي و" نو آمون" وهو االس��م الذي ُذكرت‬ ‫ترابها حضارة عريقة لما تزل شاخصة‬
‫النيل ‪ ،‬وهي مزينة بالرس��م والحفريات والنقوش بش��كل‬ ‫األبواب الرئيس��ية لمعبدها وربما ه��ذا دليل ما على حب‬ ‫حيث حجرة التمثال المقدس وبها أربعة أعمدة ‪.‬كما توجد‬ ‫الصرح الرابع وتتقدمه مسلة حتشبسوت ثم تشاهد بقايا‬ ‫ق‪.‬م إل��ى ‪ 750‬ق‪.‬م وخ�لال ه��ذه الحق��ب الطويلة قام‬ ‫ب��ه في الت��وراة و" ني��وت " أي المدينة و"إب��ت " الثنائية‬ ‫بقوامها األسطوري ؛ وهو قوام أشبه‬
‫يثي��ر اإلعجاب بما يعن��ي ازدهار الف��ن بأنواعه في مصر‬ ‫حتشبسوت لهذا المهندس الفذ الذي كان من عامة الناس‬ ‫البحيرة المقدس��ة وكانت تس��تخدم للتنقية وتقع خارج‬ ‫الص��رح الخامس الذي اقامه الملك تحتمس االول ‪ ،‬ثم الى‬ ‫البعيد‬ ‫المصري��ون ببناء العديد م��ن األعمال الفني��ة المعمارية ‪،‬‬ ‫كإش��ارة ال��ى قس��مي المدين��ة ‪ ،‬لكن تس��مية األقصر لم‬
‫القديمة ‪ ،‬وحتى الجدران تم اس��تغاللها للرس��م بوصفها‬ ‫ولم يكن له جذر ملوكي كي تتزوجه ‪.‬‬ ‫القاعة الرئيسية من معبد األقصر حيث يوجد هناك تمثال‬ ‫الصرح السادس ومنه إلى قدس األقداس الخاص بالكهنة‬ ‫لتتحول المدين��ة إلى مدينة غنية بالتاري��خ الثر واألماكن‬ ‫تك��ن إال مع الفتوحات اإلس�لامية عندما انبهر بها العرب‬ ‫بالخرافة منه الى الحقيقة رغم أنه حقيقة‬
‫أس��طح ًا يمكن اس��تثمار مس��احاتها ‪ ،‬وفي عم��وم هذه‬ ‫كبير للجعران وكان هذا التمثال إهداء إلى الملك أمنحتب‪.‬‬ ‫ث��م إلى الفناء الذي يرجع إلى عهد الدولة الوس��طى ومنه‬ ‫الكرنك من أه��م المعابد العمالقة التي خ ّلفها أهل طيبة‬ ‫العظيمة واآلث��ار والمعابد والمقابر ‪ ،‬وتعتبر األقصر األثرية‬ ‫لفخامة قصورها وش��واخصها التاريخي��ة العمالقة ؛ وقد‬ ‫ماثلة تعيدنا الى عصور دارسة وحياة‬
‫التجرب��ة الغنية نج��د أن الفن كان مرتبط�� ًا بما هو ديني‬ ‫البر الغربي ‪ ..‬حكاية الموتى األحياء‬ ‫إلى صال��ة االحتفاالت الضخمة وترجع إلى عهد تحتمس‬ ‫في البر الشرقي من المدينة ومن عالماتها البارزة والمميزة‬ ‫من أهم الم��دن األثرية في العالم حتى اليوم ‪ .‬ومن آثارها‬ ‫ذكره��ا الش��اعر اليونان��ي هوميروس بقول��ه " هناك في‬ ‫ملوكية تقترب من اإلعجاز بتوصيفها‬
‫وقد اهتم الفنان بتصوير األرب��اب وتعظيمهم؛ من خالل‬ ‫معبد الدير البحري ‪...‬حتشبسوت‬ ‫الثال��ث وتم البناء على امتداد عش��رين قرن�� ًا فهو يمثل‬ ‫طيبة المصرية حيث تلمع أكوام الذهب‪ ،‬طيبة ذات المائة‬
‫تقديم األنواع المختلفة من القرابين‪ ،‬وتس��جيل الصلوات‬ ‫اذا كان البر الشرقي غني ًا بالمعابد الفخمة التي تشي بقدرة‬ ‫مجموع��ة معابد أقيمت ليمارس فيه��ا القدماء المصريون‬ ‫باب‪ ،‬حيث يمر في مش��ية عس��كرية‪ ،‬أربعمائة من الرجال‬ ‫الدقيق ‪ ،‬ولو لم تكن الشواخص التاريخية‬
‫و األناش��يد‪ .‬كما صور في نفس الوقت‪ ،‬األوجه المختلفة‬ ‫معمارية نادرة وغني ًا بالحياة المتحركة والطقوس واألعياد‬ ‫وسَنْموت‬ ‫بعض الطقوس والشعائر الدينية حسب معتقداتهم‪ .‬وقد‬ ‫بخيله��م ومركباتهم‪ ،‬من كل باب م��ن أبوابها الضخمة"‬ ‫األقصر ‪ ،‬تُبقي على نبض‬
‫نابتة على أرض ُ‬
‫م��ن الحياة اليومية؛ والتي قد يس��تمتع بها المتوفى في‬ ‫‪ ،‬ف��إن البر الغربي هو مدينة المقاب��ر والموتى بامتياز ‪ ،‬أذ‬ ‫أقيم أول بناء في الكرنك‪ ،‬أيام الدولة الفرعونية الوس��طى‬ ‫وكان��ت العاصمة اإلداري��ة لمصر العليا في عهد األس��رة‬ ‫الحياة القديمة فيها ‪ ،‬لكان من الصعب‬
‫مقبرت��ه ويحمله��ا معه إلى ال��دار اآلخرة‪ .‬ول��م تكن تلك‬ ‫ج��رت العادة أن ُيدفن الملوك والمل��كات في البر الغربي‬ ‫هذا معبد فذ بتصميمه وانسفاحه على واجهة جبل وكأنه‬ ‫ثم تعاقبت األبنية منذ مطل��ع الدولة الحديثة وحتى في‬ ‫السادس��ة الفرعونية في الفترة م��ا بين ‪2100-3000‬‬
‫المش��اهد تمثل وقائع محددة أو مراحل خاصة ذات داللة‬ ‫بعيد ًا عن فيضان النيل الموسمي ‪ ،‬تحت الجبال الصخرية‬ ‫جز ٌء من الجبل ‪.‬يسمونه معبد "الدير البحرى" ألن المسيحيين‬ ‫سجل في تضاعيفه‬ ‫العصر الروماني‪.‬وال ش��ك إن الكرنك ّ‬ ‫ق‪.‬م ولم تتبوأ مكانتها الرفيعة إال في أواخر القرن الحادي‬ ‫تخيل شكل المدينة الماضي وهي تتقصى‬
‫أو أهمي��ة‪ ،‬وإنما كانت مش��اهد تمثل أنش��طة مختلفة ؛‬ ‫وبعيد ًا عن لصوص المقابر ‪ ،‬فقد جرت العادة أن تُدفن مع‬ ‫اس��تخدموه دير ًا في القرن الس��ابع بعد الميالد ؛ ويس��مى‬ ‫النحتية فنون الهندس��ة والعمارة والنقش السيما النقوش‬ ‫والعش��رين قبل الميالد‪ ،‬عندما تمكن أمراء طيبة من توحيد‬ ‫المستقبل بعناد كبير‪..‬‬
‫كالزراعة والصيد والرعي ‪..‬‬ ‫الملك كل اشيائه الخاصة وممتلكاته ‪ ،‬ظن ًا من المصريين‬ ‫معب��د الملكة حتشبس��وت ‪ ،‬وه��ذه الملك��ة التي حكمت‬ ‫الهيروغليفية على المس��لة العمالقة التي تتوسط المعبد ‪،‬‬ ‫البالد من البحر األبيض ش��ما ًال حتى الش�لال األول جنوب ًا‪،‬‬
‫القدماء أن الميت سيحتاجها في رحلته الى العالم اآلخر ؛‬ ‫عش��رين عام ًا هي خامسة ملوك األسرة الثامنة عشرة التي‬ ‫فيما سرقت المس��لة الثانية وهي اآلن موجودة في ساحة‬ ‫وعندما تعرض��ت مصر لغزوات الهكس��وس القادمين من‬
‫احتفاالت األقصر‬ ‫كما ان صالبة التربة تكفل حفظ اجساد الموتى وخلودها‬ ‫ينتس��ب إليها أيض�� ًا الملك "توت عنخ آم��ون" وهى ابنة‬ ‫الكونكورد في باريس‪.‬‬
‫باعتقادهم ‪ ،‬ثم أن الغرب كان المكان المقدس للمصريين‬ ‫"تحتم��س األول" وزوج��ة "تحتمس الثانى" وقد تس��لمت‬
‫تحتف��ل مدين��ة األقصر بعيده��ا القومي ف��ي الرابع من‬ ‫القدام��ى ‪ ،‬إلعتقادهم أن مغيب الش��مس ما هو اال طريق‬ ‫الحكم مع "تحتمس الثالث" الذي كان ابن زوجها من إحدى‬ ‫معبد األقصر‬
‫ش��هر تش��رين الثاني كل عام وهذا التاريخ يوافق ذكرى‬ ‫ال��ى العالم اآلخر عالم إله الموتى " أوزريس" ‪.‬وكانت للقبر‬ ‫الجاري��ات‪ ،‬وكان في نفس الوقت زوج ابنتها وظلت لحين‬
‫اكتشاف مقبرة الملك ( توت عنخ آمون ) احد ملوك األسرة‬ ‫عقيدة عندهم تتلخص بأنه صورة مصغرة للعالم اآلخر ؛‬ ‫موتها عام ‪ 1484‬قب��ل الميالد قابضة على زمام الحكم‪،‬‬ ‫تم تشييد معبد األقصر في عهد ملوك األسرة الثامنة عشرة‬
‫الفرعوني��ة‪ .‬على يد األثري االنجليزي هاورد كارتر حيث تم‬ ‫فالملك بنظرهم سيقوم برحلته الجنائزية مع إله الشمس‬ ‫فكان��ت الحاكمة اآلمرة طوال حياته��ا وأبعدت "تحتمس‬ ‫والتاسعة عشرة وكان يعد مركز عبادة للعديد من الديانات‬
‫اكتشاف المقبرة فى‪ 1922/11/4‬كاملة المحتويات لم‬ ‫في القارب الشمس��ي الى العال��م اآلخر ‪ ،‬لذلك حرص كل‬ ‫الثال��ث" ع��ن الحكم ‪ ،‬وم��ع أنها كانت أنث��ى فقد مثلت‬ ‫منذ عهد الفراعنة حتى العهد المس��يحي واإلسالمي‪.‬وشيد‬
‫تعبث بها أيدي لصوص القبور‪.‬‬ ‫ملك أن يعد لنفسه مقبرة قبل موته !‬ ‫نفس��ها على التماثيل على هيئة رجل له صدر منبسط بال‬ ‫لعبادة آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو وهي األرباب‬
‫والبر الغربي كتلة ص ّماء من الصخور والتالل الصلبة ‪ ،‬وقد‬ ‫ثديين وله لحية مستعارة ‪.‬‬ ‫الت��ي يطلق عليها أيض��ا لقب الثال��وث الطيبي (ثالوث‬
‫حتشبسوت الملكة‬ ‫برع المهندسون براعة فائقة في اختيار وهندسة المدافن‬ ‫ق��ام بتصميم وتنفي��ذ بناء المعبد المهندس "س��نموت"‬ ‫طيب��ة)‪ .‬وأه��م األبنية القائم��ة بالمعبد ه��ي تلك التي‬
‫لتضلي��ل اللصوص ‪ ،‬وس��مي هذا الم��كان " وادي الملوك‬ ‫مستش��ار الملكة وأح��د المقربين إليها‪ .‬وهو ينتس��ب إلى‬ ‫ش��يدها الملكان أمنحوتب الثالث ورمس��يس الثاني الذي‬
‫الملكة ماعت كا رع حتشپس��وت ( ‪ 1482 -‬ق‪.‬م‪ ).‬أحدى‬ ‫" وجاءت التس��مية للمنطقة التي تحوي مقابر األس��رات‬ ‫أس��رة متواضعة من "أرمنت" ولكنه أصبح بجهده الرئيس‬ ‫س��جل انتصاراته العس��كرية الس��يما معركة قادش على‬
‫أشهر الملكات في التاريخ وخامس فراعنة األسرة الثامنة‬ ‫الثامنة عش��رة وحتى نهاية األس��رة العش��رين المنحوتة‬ ‫األول الس��تقبال العائل��ة المالكة‪ ،‬ورئيس اس��تقبال اإلله‬ ‫البرج األول في مدخل المعبد‪.‬كما سجلت الحق ًا انتصارات‬
‫عش��ر ‪ .‬إس��مها األصلي "غنمت آمون حتشبسوت" ويعني‬ ‫في الصخر‪ .‬ويبلغ عدد المقابر المنقوشة في الوادي‪ ،‬ستة‬ ‫"آمون" والمسؤول عن جميع اإلنش��اءات‪ ،‬ولهذا فقد حقق‬ ‫األسرة النوبية في الساللة الخامسة والعشرين‪.‬‬
‫بالفرعونية أميز النس��اء‪ ،‬وحكمت من ‪ 1503‬ق‪.‬م‪ .‬حتى‬ ‫وعش��رين قبرا لمل��وك تلك الفترة البال��غ عددهم االثنين‬ ‫أعظ��م النجاحات المهنية فى تاريخ مص��ر القديمة ؛ لكن‬ ‫يقع على الضفة الش��رقية لنه��ر النيل في مدينة األقصر‬
‫‪ 1482‬ق‪.‬م‪ .‬وه��ى االبن��ة الكبرى لفرع��ون مصر الملك‬ ‫والثالثي��ن‪ .‬وه��و واد طبيع��ي صغير‪ ،‬يبعد حوالي س��تة‬ ‫المؤرخين يش��يرون الى أن هذه الملكة تركت وراءها ألغازا‬ ‫وتأس��س ف��ي ‪ 1400‬قب��ل المي�لاد‪ .‬وكان اإلل��ه أمون‬
‫تحوتمس األول وأمها الملكة أحمس وكان أبوها الملك قد‬ ‫كيلومت��رات أو أربع��ة أميال م��ن الضفة الغربي��ة للنيل‪،‬‬ ‫كثيرة وأس��رارا وربما يكون أكثر تلك األلغاز إثارة شخصية‬ ‫رع يحتف��ل بعيد زفافه إلى زوجت��ه ‪ -‬موت‪ -‬مرة كل عام‬
‫أنجب ابنا غير شرعى هو تحتمس الثانى وقد قبلت الزواج‬ ‫ويصل ارتفاع الجبل إلى س��بعين مترا فوق س��طح النيل‪.‬‬ ‫" س��نموت " ذلك المهندس الذى بنى لها معبدها الشهير‬ ‫فينتقل موك��ب اإلله من معبد الكرن��ك بطريق النيل إلى‬
‫منه على عادة األس��ر الملكية ليشاركا معا في الحكم بعد‬ ‫يرجح أن موقع وادي الملوك اختير لعدة أسباب‪ ،‬لعل أولها‬ ‫ف��ي الدير البحري والذي منحته ‪ 80‬لقبا وكان مس��ؤوال عن‬ ‫معبد األقصر وهو ما كان يعرف بعيد " االوبت" ويرجع بناء‬
‫موته‪ ،‬وذلك حال لمش��كلة وجود وريث ش��رعى له‪ .‬وتعتبر‬ ‫يرجع لموقعه الجيولوجي المتصل بالوادي الذي كان يغمر‬ ‫رعاي��ة ابنتها الوحيدة وقد بلغ من حب��ه لمليكته أن حفر‬ ‫المعبد إل��ى الفرعونين أمنحتب الثالث ورمس��يس الثانى‬
‫الملكة حتشبسوت الملكة المصرية الوحيدة التي حكمت‬ ‫أي��ام الفيضان‪ ،‬كما أن الجبل الذي يطل عليه له الش��كل‬ ‫نفقا بين مقبرتها ومقبرته‪ .‬وإذا جاءت تلميحات المؤرخين‬ ‫يبدأ مدخل المعبد بالصرح الذي شيده رمسيس الثانى وبه‬
‫مصر في ظروف سياسية واقتصادية مستقر ‏ة ‪ ،‬وهو عصر‬ ‫الهرمي أو ش��كل القرن‪ ،‬ويصل ارتفاعه إلى ثالثمائة مترا‬ ‫لتش��ير إلى وج��ود حالة حب قد جمعت االثنين س��نموت‬ ‫ً‬
‫جالس��ا ‪ .‬وتتقدم المعبد مسلتان‬ ‫تمثاالن ضخمان يمثالنه‬
‫اإلمبراطوري��ة المصرية التي تكونت في األس��رة ‪18‬‏ من‬ ‫ولعله اعتبر رمزا لرب الش��مس رع‪ .‬ولقد تم اكتشاف مقابر‬ ‫وحتشبس��وت فإنهما الملكة وخادمها أيضا قد شاركا في‬ ‫إحداهم��ا مازال��ت قائمة ‪ ،‬يلي هذا الصرح فناء رمس��يس‬
‫الدولة الحديثة ‪..‬‬ ‫لملوك ولغي��ر الملوك من بعض أعض��اء العائلة الملكية‬ ‫"حياة أسطورية " وانتهى كل منهما نهاية غامضة ال تزال‬ ‫الثان��ى المحاط من ثالثة جوانب بصفين من األعمدة على‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫مراجعات ‪11‬‬ ‫‪ 10‬مراجعات‬

‫كتاب "تهافت األصولية" جديد‬ ‫قراءة الحياة اليومية في (جناحان من ذهب)‬


‫شاكر النابلسي‬ ‫النار فيه ولكن الجرذ يهرب باتجاه مزرعة القصب‬
‫المحيط��ة بمنزله‪ ،‬بل هو القاص ذاته الذي يعمد‬
‫أفق��ي‪ -‬كان معروف��ا بالحلم‪ ،-‬خمس��ة عمودي‪-‬‬
‫من أس��لحة المسلمين‪ -‬عش��رة أفقي‪ -‬من شهداء‬
‫ويعتم��د أيضا الق��اص تقنية التالع��ب بالزمن‬
‫‪،‬وتراكم األحداث ‪ ،‬مستخدما عناصر التشويق في‬
‫‪ ‬جاسم العايف‬
‫كاتب من العراق‬
‫هنا إلزاحة الس��ارد ‪ ،‬والحلول مكانه وإقصائه عن‬ ‫الحب‪ -‬ثمانية عمودي‪ -‬س�لاح معكوسة‪،-‬خمس��ة‬ ‫محاولة لكس��ر رتابة السرد ‪ ،‬و يلجأ في بعض من‬
‫‪ ‬بيروت وعمان – تاتو‬ ‫عملية الس��رد التي تجري عبر رؤية الطفل إذ يعمد‬ ‫عش��ر أفقي‪ -‬وس��ن‪ " -‬وهي تقني��ة متقدمة في‬ ‫قصصه إلى تقنية الـ" س��يناريو السينمائي" كما‬
‫القاص للتداعي بقدرته القولية واللغوية الذاتية‬ ‫أس��لوب القاص وكان يمكن استثمارها في شكل‬ ‫في المشهد والحوار الذي يجري بين المرأة وكاتب‬
‫صدر قبل أس��بوع الكتاب الجديد لش��اكر النابلس��ي بعنوان "تهافت األصولية" عن المؤسس��ة العربية‬ ‫المتقدم��ة على وعي الطفل ‪/‬الس��ارد‪ /‬دون قدرة‬ ‫قصصي جديد ومتق��دم ‪ .‬وقد احتوت مجموعة‬ ‫العرائض‪ ،‬ويتم عرض المش��هد السردي هذا من‬
‫للدراسات والنشر في بيروت وعمان‪ .‬والكتاب من (‪ 267‬صفحة)‪.‬‬ ‫الطفل ذاته وإمكاناته مع انه في القصة ‪/‬الراوي‬ ‫"جناحان من ذه��ب" بعض القصص التي يمكن‬ ‫خالل طفل األرملة‪ ،‬في قصة "محرقة القصب"‪:‬‬
‫فلماذا هذا الكتاب اآلن؟‬ ‫العلي��م‪ /‬كما في الصفح��ة الثامنة"الحل الوحيد‬ ‫إدراجها ضم��ن " القصة القصيرة ج��دا " ومنها‬ ‫((‪..‬في الورقة التي أمامه بدأ يسمعنا ما يكتب‪:‬‬
‫وما هو خطر هذه السلفية‪/‬األصولية على الدين والواقع العربي‪ ،‬حاضر ًا ‪ ،‬ومستقب ًال؟‬ ‫ال��ذي يجعلك تكتش��ف اآلخري��ن دون ان تجرح‬ ‫"المهد‪،‬الطي��ر‪ ،‬الضيف"وكذل��ك قص��ة "حقائق‬ ‫‪-‬أني المواطنة‪...‬‬
‫ويجيب الكتاب بأن خطر السلفية‪/‬األصولية اإلسالمية على الحاضر والمستقبل العربي‪ ،‬يتمثل في اإليمان‬ ‫مشاعرهم" و" عسى ان يتعرف المرء على حقيقة‬ ‫متقاطع��ة" إذ يمكن اعتبار مش��اهدها المتعددة‬ ‫قالت أمي‪ :-‬زكية هادي جابر ‪..‬‬
‫المطلق بالحقائق المطلقة‪ ،‬ومنع النقاش‪ ،‬والجدل‪ ،‬واإلبداع الفكري فيها‪ .‬وفي هذا تكبيل تام‪ ،‬للنشاط‬ ‫ال طائ��ل م��ن البوح به��ا‪ ،‬اعتقد إنه��ا مبررات‬ ‫نوات��ات لث ّيم وبناءات القص��ة القصيرة جدا‪ ..‬و‬ ‫‪ -‬أرج��و التفضل بالموافقة عل��ى تعييني عاملة‬
‫الفك��ري‪ ،‬واالجتهاد‪ ،‬وازدهار ال��رأي اآلخر‪ .‬فالحقيقة المطلقة‪ ،‬مرتبطة دائم ًا بالعقائد الدينية‪ ،‬وليس��ت‬ ‫مغ��دورة يعيش على تخومها التيه‪ ،‬خاصة حين‬ ‫في قص��ص "جناحان من ذه��ب" تراكم لهموم‬ ‫خدمة في مدرسة ‪..‬‬
‫باألفكار‪ .‬فاألفكار تغيير‪ ،‬أما العقائد الدينية فهي عابرة للتاريخ‪ ،‬ال تتغير‪ ،‬وال تتبدل‪ .‬ويتمثل هذا الخطر‬ ‫ترى بعين واحدة من خالل ش��ق في جدار بيتك‬ ‫اجتماعي��ة مضني��ة من خ�لال الق��راءة اليومية‬ ‫‪ -‬الشهامة االبتدائية‪.‬‬
‫في ارتباط ظاهرة اإلرهاب بالس��لفية‪/‬األصولية الدينية‪ .‬واعتبار الس��لفية‪/‬األصولية الدينية هي الثدي‬ ‫وأنت تش��عر بغربة عنه" أو " كنت مضطرا للبحث‬ ‫ألوضاع شخصيات تنتمي إلى عالم القاع العراقي‬ ‫‪ -‬وذلك لحاجتي الماسة للعمل كوني‪..‬‬
‫الدافئ ال ُمرضع ألفكار عناصر ميلش��يات السلفية الجهادية‪ .‬وعندما تُط َّبق ال َع ْلمانية في العالم العربي‪،‬‬ ‫عن فس��حة االضطرار المرة‪ ،‬واكتشاف آلية التيه‬ ‫وهمومه‪ ،‬مع االهتمام والكشف‪ ،‬بحنو واضح‪ ،‬عن‬ ‫‪ -‬أرملة‪)).‬‬
‫فس��ينتهي اإلرهاب كتحصيل حاصل‪ .‬فنحن نعلم ‪ -‬ومن واقع نهايات القرن العشرين‪ ،‬وبدايات القرن‬ ‫والغرب��ة" وكذلك " ه��ادرا في الخط��وة العجول‬ ‫البيئة الجنوبية العراقية‪ ،‬ومكوناتها ّ‬
‫المخربة عبر‬ ‫كم��ا يعمد‪-‬القاص‪ -‬الس��تخدام "الف�لاش باك"‪،‬‬ ‫عن وزارة الثقافة ‪ /‬دار الشؤون الثقافية العامة‬
‫الحادي والعشرين ‪ -‬أن وتيرة اإلرهاب قد ارتفعت في هاتين الفترتين مع بروز السلفية‪/‬األصولية الدينية‬ ‫مس��افة ال تنقضي للخالص" وكذلك في قصة"‬ ‫اإلهمال و الح��روب المتعاقبة ‪،‬محاوال التعبير عن‬ ‫بصفت��ه مكمال من المكمالت األساس��ية لتقنية"‬ ‫ببغداد صدرت "جناحان من ذهب" المجموعة‬
‫في هاتين الفترتين أيض ًا‪ .‬كما نالحظ أن من يغذي ميليشيات اإلرهاب فكري ًا وديني ًا في العالم العربي‪،‬‬ ‫صورة الرئيس" التي يعمد لتقطيعها إلى مقاطع‬ ‫ذلك في سرد متنام مع انه يحدث أن يحتوي على‬ ‫الس��يناريو الس��ينمائي" ‪ ،‬إلس��قاط وعي الصبي‬ ‫القصصية الجديدة للقاص احمد إبراهيم‬
‫هي الس��لفية‪/‬األصولية الدينية‪ ،‬التي تُعتبر الخط الثاني لإلره��اب‪ .‬أما الخطر الكبير لألصولية فيتمثل‬ ‫منها"اط��ار‪ - -1‬و‪ -‬الصورة‪ -‬واطار – ‪ "2-‬وتقديم‬ ‫نصائح وحك��م‪ ،‬تضمنتها الجمل الس��ردية‪ ،‬بما‬ ‫المبكر على ذلك المشهد حينما يالحظ ‪-‬الصبي‪-‬‬ ‫السعد‪ ،‬وضمت خمس عشرة قصة قصيرة‪..‬‬
‫بع��زل ومن��ع العقل من العمل في النص الديني‪ .‬وهذا موجود في كافة األصوليات الدينية الس��ماوية‬ ‫ص��ورة مقصودة عن المعل��م ومالمحه الخارجية‪،‬‬ ‫يش��به "الكوالج" في الفنون التشكيلية‪ ،‬واذا كان‬ ‫أن كات��ب العرائض قد ضغط عل��ى إصبع أمه‪-‬‬ ‫يسعى القاص السعد في مجموعته هذه‪ ،‬لبناء‬
‫واألرضي��ة عموم ًا‪ ،‬ما دفع اإلرهابيين إلى قتل كل م��ن يحاول إعمال العقل في النصوص الدينية‪ ،‬على‬ ‫ومتابع��ة حتى الرائحة الزنخ��ة التي تنبعث من‬ ‫"الكوالج" في بعض األعمال التش��كيلية‪ ،‬يشكل‬ ‫أألرمل��ة‪ -‬وه��و يبصمه��ا على الطلب‪ ،‬ويش��كك‬ ‫سردي يتشكل في الغالب بطريقة درامية من‬
‫مختلف أشكالها وطوائفها‪،‬‬ ‫جس��مه والتي تنتشر في الصف‪ ،‬الى خارجه‪ ،‬من‬ ‫بعض ًا من نسيج العمل ذاته وبنيته الفنية ‪ ،‬وربما‬ ‫بنواياه لـ"استباحتها" بـ"شراهة عينيه " ووجهه‬ ‫اجل تحفيز وعي المتلقي معتمدا تقنية السارد‬
‫باعتبار أن من يحاول إعمال‬ ‫خالل حرك��ة المعلم داخل الص��ف ‪ ،‬مع اإلصرار‬ ‫يقول ما ال تقوله كلية اللوحة التش��كيلية‪ ،‬فأنه‬ ‫ال��ذي يتح��ول " قرصا م��ن المغناطيس تش��كه‬ ‫(العليم) المحيط بكلية وتفاصيل المشهد‬

‫( عزيزي غابرييل )‬
‫العقل ف��ي النص الديني‪،‬‬ ‫عل��ى تبيان"بنطلونه الزيتوني" وم��ا يعنيه لون‬ ‫في الق��ص يبدو غريبا وغي��ر متجانس ‪ ،‬و يخلق‬ ‫مجموع��ة ال ترحم من الدبابيس" تج��اه ‪ -‬أرملة‪-‬‬ ‫القصصي والتي تجري على وفق صفاء السرد‬
‫ُيعتبر كافر ًا‪ ،‬وزنديق ًا‪.‬‬ ‫البنطل��ون‪ ،‬و َمنْ يرتديه في ذلك الزمن‪ .‬وثمة في‬ ‫فجوات وفراغات نفس��ية و ش��عورية في عملية‬ ‫ش��ابة تس��عى لتجاوز مصاعب حياتها الراهنة‬ ‫لدى القاص‪ ،‬ومباشرته في محاولة قراءة‬
‫وقال الكتاب‪ ،‬إن السلفية‪/‬‬ ‫"جناحان من ذهب" لغة سردية واضحة يعتمدها‬ ‫تلقي المس��رود القصصي‪ ،‬والتي تبدو ال عالقة‬ ‫ووضعه��ا العائل��ي الثقيل للعمل في مدرس��ة‬ ‫الحياة اليومية وتأثيراتها المدمرة في حياة‬
‫األصولية الدينية اإلسالمية‬ ‫القاص‪،‬عب��ر اش��تغاله الدائ��م‪ ،‬ف��ي قصص��ه‬ ‫لها بسياقات وعي السارد ذاته كما في‪ ":‬غرفت‬ ‫تدعى " الش��هامة"‪ -‬نالحظ ه��ذه المفارقة بين‬ ‫الشخصيات ‪ ،‬والكشف عن ظروفها ومصاعبها‬

‫رواية نرويجية عن التوحد‬


‫تس��عى إلى الس��لطة‪ ،‬كما‬ ‫وتش��ذيبها من بعض الزوائد والسعي لالقتصاد‬ ‫حروف كلماته في زبد يطفو في فمي‪ ".‬و "لتفتح‬ ‫اس��م المدرس��ة وتع��رض األرملة ال��ى مغريات‬ ‫الحياتية اليومية ‪ ،‬ونوازعها الذاتية وردود‬
‫كان الح��ال ف��ي األصولية‬ ‫في لغته من دون التفريط بالضروري منها‪ ،‬لخلق‬ ‫حبات الوش��م عنقود عنب في وس��ط صدرها‪- ".‬‬ ‫واق��ع حياته��ا القاس��ي‪ .‬وفي قص��ة " حقائق‬ ‫أفعالها تجاه الواقع ال ُمعطى و التي تنكشف‬
‫المس��يحية واليهودي��ة‪.‬‬ ‫دالالت وبؤر محددة تتبلور عبر زمان ومكان القص‪.‬‬ ‫يمك��ن اإلتيان بنماذج أخر‪ . -‬كم��ا و يتضح في "‬ ‫متقاطع��ة" يبني القاص قصت��ه إليصال الرؤى‬ ‫بوضوح أمام المتلقي من خالل محددات البيئة‬
‫وه��ذه الس��لطة‪ ،‬تم��ارس‬ ‫وس��بق أن صدر للق��اص احمد الس��عد‪( ،‬الجرح)‬ ‫قصة محرقة القصب " ومن خالل اللغة ‪،‬إن السارد‬ ‫واألفكار باستثمار تسلية‪" ،‬الكلمات المتقاطعة"‪،‬‬ ‫و المكان والزمان في القصة‪.‬‬
‫حقها ف��ي إدانة المفكرين‬ ‫مجموعت��ه القصصية األولى ع��ن وزارة الثقافة ‪/‬‬ ‫ليس‪ /‬الطفل‪/‬الذي كان يله��و في بداية القصة‬ ‫من خ�لال تقطيع القص��ة إلى مشاهد‪،‬س��ردية‪،‬‬
‫والعقالنيين‪ ،‬الذين يحاولون‬ ‫دار الشؤون الثقافية العامة‪ -‬بغداد‪ ./‬‬ ‫بس��كب النفط مع زميله على جرذ لغرض إشعال‬ ‫أفقي��ة وعمودية كـ ‪ " :‬واحد عم��ودي‪ -‬ود‪ ،-‬اثنان‬
‫تفس��ير النصوص الدينية‬
‫وهي ال تتناول‬ ‫المقدس��ة‪ ،‬عل��ى عكس ما‬

‫ذاكرة كركوك ‪ ...‬حديقة للغمام‬


‫بشكل ٍ يومي‬ ‫فقط الحياة مع التوحد‬ ‫‪ ‬ترجمة‪ :‬تاتو‬ ‫فس��ره فقه��اء الس��لفية‪/‬‬
‫بل تتناول ضروب الخوف والقلق حين يتم توجيه‬ ‫األصولي��ة الدينية‪ .‬وتكون‬
‫أسئلة بريئة ‪ .‬ومن أجدر هذه األسئلة بالذكر ‪ ،‬ومعذرة‬ ‫أحكامه��م ف��ي بع��ض‬
‫ً على إعادة الصياغة ‪ ،‬هي حينما يسأل غابرييل ما‬ ‫األحي��ان ناف��ذة المفعول‪،‬‬
‫الذي سيحدث حين ينتقل أبواه إلى العالم اآلخر ‪ ،‬ومَن‬ ‫بم��ا فيه��ا ح�� ُّد القت��ل‪.‬‬ ‫للقاء اهل رفقته ‪ .‬لكنهم تشتتوا بالمنافي ‪ ،‬والهجرة من المدينة ‪ .‬ذهب‬ ‫وكشباب تلك االيام تكون السينما ولعا ينقل الفرد من عالم خبره الى آخر‬ ‫‪ ‬ضياء الخالدي‬
‫الذي سيتولى العناية به ‪ .‬أما جواب والده فلن يكون‬ ‫فقتلت السلفية‪/‬األصولية‬ ‫لحي عرفة فلم يجد جان دمو ‪ ،‬وقالوا انه رحل لبغداد ‪ .‬سأل عن صالح‬ ‫فيه الغرابة ‪ ،‬واللهفة ‪ ،‬والبطولة ‪ .‬هنا االكتشاف والخيال ‪ .‬اخذت الحروف‬ ‫كاتب من العراق‬
‫سوى ‪ " :‬ال أعرف يا ولدي " ‪.‬‬ ‫الدينية المفكر المصري فرج‬ ‫فائق فتشابه الرد ‪ .‬بينما سركون ومؤيد انطلقا " في ارض الله الواسعة "‬ ‫التي يقرأها في الكتب والروايات تتجسد الى حركة ‪ .‬سينما العلمين‬ ‫المكان كائن له صورة ‪ ،‬وايقوناته ليست مجرد مسميات ينطقها اللسان‬
‫في ما يتعلق باللمحات في حياة غابرييل ‪ .‬يا للهول‬ ‫فوده‪ ،‬وحاولت قتل نجيب‬ ‫االول الى سان فرانسسكو والثاني الى بيروت ليعمل محررا في مجلة " الى‬ ‫تعرض فلم " لمن تقرع االجراس " وسينما سندباد " االخوة كرامازوف "‬ ‫‪ .‬الذاكرة تحاول دائما ان تضفي على الماضي رشقة من حنين ‪ ...‬عندما‬
‫‪ .‬إن لديه حب استطالع ‪ ،‬طريقة في الوصول إلى‬ ‫تعد ( عزيزي غابرييل ) واحدة ً من أجمل الروايات‬ ‫محفوظ ف��ي مصر‪ .‬وقتلت‬ ‫االمام " الصادرة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ‪ .‬يوسف الحيدري‬ ‫وسينما اطلس " موبي ديك " ‪ .‬تولد حس بالمقارنة بين الكتاب والشريط‬ ‫نمضي مع صفحات كتاب " كركوك بيت للدفلى وحديقة للغمام " للشاعر‬
‫الحياة واإلمساك بها بكل تماميتها وهي ببساطة‬ ‫المكتوبة بالنرويجية ‪ ،‬ومن اليسير أن نعرف السبب‬ ‫حسين مروة‪ ،‬ومهدي عامل‬ ‫نقل وظيفته الى الحلة ‪ .‬لم يبق اال جليل القيسي ‪ ،‬الراهب في مدينة النار‬ ‫‪ ،‬فكان التوق للوصول الى وجهة النظر الخاصة ‪ ،‬التي ارتقت حالما وصل‬ ‫فاروق مصطفى نمسك بفاصلة من عمر مدينة ارتبطت بحياة انسان حاور‬
‫طريقة مُعدية ‪ .‬إن قراءة هذه اللمحات مُلهمة حقيقة‬ ‫حالما نشرع في قراء تها ‪ .‬ترجمت هذه الرواية إلى‬ ‫في لبنان‪ .‬وش��نقت محمود‬ ‫االزلية حتى مات فيها عام ‪. 2006‬‬ ‫الى بغداد عام ‪ 1963‬للدراسة بكلية االداب ‪ ،‬واقترب اكثر من سينمات‬ ‫الوجود بشفافية ‪ ،‬وبقي خجال ‪ ،‬ومتواطئا مع العزلة حد المرض ‪.‬‬
‫ً ‪ .‬سفحت ُ دموع الضحك ‪ ،‬وكذلك دموع الفرح ‪ ،‬وقد‬ ‫إثنتي عشرة لغة ‪ .‬ترجمها إلى اإلنجليزية روبرت‬ ‫طه (غاندي الس��ودان) في‬ ‫اقترب من الجيل الجديد في المدينة ‪ ،‬ويذكر اهم اسمين فيه ‪ ،‬هما الناقد‬ ‫العاصمة " الخيام ‪ ،‬وغرناطة ‪ ،‬والنصر ‪ .‬رحلة الفتى الكركوكلي امتدت‬ ‫يقدم لنا الكتاب منذ فصله االول ‪ ،‬وبلمسة سردية تشعرنا اننا نقرأ عمال‬
‫المست هذه الرواية شغاف قلبي بطرق ٍ قلما فعلتها‬ ‫فيرغسون ‪.‬‬ ‫السودان‪ .‬وك َّفرت‪ ،‬وأهدرت‬ ‫الدكتور عبد الله ابراهيم ‪ ،‬والروائي عواد علي ‪ .‬تغيرت اماكن اللقاء الى‬ ‫حتى عام ‪ ، 1968‬ليتخرج مدرسا ‪ ،‬ويسافر الى الجزائر للعمل في مدارسها‬ ‫روائيا او قصصيا كركوك الخمسينيات ‪ .‬ورد الدفلى يحمل فأال طيبا في‬
‫روايات أخرى من قبل ‪.‬‬ ‫إنها رسالة مفتوحة من أب ٍ إلى ابنه ‪ .‬غابرييل طفل‬ ‫دماء مئات م��ن المفكرين‪،‬‬ ‫مقاه اخرى " تبه ‪ ،‬الجماهير ‪ ،‬النصر " ال ينسى انه نشر قصيدة لالول في‬ ‫!!‬ ‫الجزرة الممتدة على طول شارع محطة سكك الحديد القديمة ‪ .‬احساس‬
‫لقد دُهشت ُ ‪ ،‬بصورة ٍ سارة ‪ ،‬بالصدق الذي كشف‬ ‫ذو ميزات خاصة يعيش يومياً مع التوحد ( اإلسترسال‬ ‫والشعراء‪ ،‬وال ُكتّاب‪.‬‬ ‫الجزائر ‪ ،‬والثاني تبادل معه اهداء رواية البؤساء مع رواية فساد االمكنة‬ ‫يقول فاروق مصطفى عن شعراء مروا بكركوك ‪ ،‬سواء حقيقة او خياال "‬ ‫مبهم تملكه ليمثل عنوانا للبهجة سيستمر حتى وهو يجتاز االن عقده‬
‫فيه المؤلف فؤاده وعقله ‪.‬‬ ‫في التخيل تهربا ً من الواقع ) ‪ .‬في هذه الرواية ‪،‬‬ ‫أما محتويات الكتاب فهي ‪ :‬جذور السلفية وأنواعها‪ ،‬الفروق بين السلفية واألصولية‪ ،‬القطبية ال ُمرضعة‬ ‫‪ .‬انها ذاكرة المكان التي تجعل من الشخوص ‪ ،‬والمفردات عناوين بارزة‬ ‫تعثرت احد االيام برامبو ‪ ،‬وهو يصعد ساللم قلعة كركوك بحثا عن المفتاح‬ ‫الستيني ‪ .‬ذاكرة البستان في كاور باغي يمكن ان تزودنا ايضا بمشاهد‬
‫بقي أن نعرف أن كاتب ه��ذا العمل ال��روائ��ي هو‬ ‫يكتب والده ذكرياته عن أيام معينة تقاسماها معا ً‬ ‫للس��لفية الجهادية‪ ،‬الش��رع بين األصولية والس��لفية الجهادية‪ ،‬ما حال اإلس�لام لو لم تظهر السلفية‬ ‫لرحلة انسانية يغمرها الحنين ‪ .‬لكن العزلة التي يختارها الفرد بارادته قد‬ ‫‪ ،‬ولوركا كان موجودا وهو ينقب عن اصدقائه الغجر ‪ ،‬عازفا اغاني الجيتانو‬ ‫تثير صانعي االفالم والفنانين ‪ .‬في عام ‪ 1946‬يقتل ثالثة عمال فيه‬
‫هالفندان و‪ .‬فريهو ‪.‬‬ ‫‪ ،‬الطريقة التي اظهر فيها غابرييل شجاعة ً ال تلين ‪،‬‬ ‫الجهادي��ة؟ معنى األصولية‪ ،‬األصولية في األديان كافة‪ ،‬التطرف األصولي‪ :‬أس��بابه ومراحله‪ ،‬مصر ُ"أم‬ ‫تكون عائقا امامه للوصول الى ما يطمح اليه ‪ .‬تبقى الحقائق ‪ ،‬واالفكار ‪،‬‬ ‫" هؤالء اتوا كما اتى نجيب المانع وعاش فترة من حياته ‪ ،‬وغالب هلسا‬ ‫بعد تصميم عمال شركة نفط الشمال على االضراب ‪ ،‬وقيامهم بالتظاهر‬
‫ول��د فريهو ف��ي مكسيكو وت��رع��رع ف��ي م��دري��د ‪،‬‬ ‫وتصميما ً على أن يعيش " حياة ً طبيعية ً " ‪ .‬أما نحن‬ ‫الدنيا" ُوأم األصولية‪ ،‬دور اإلخوان المسلمين في تعاظم األصولية‪ ،‬مظاهر األصولية المعاصرة‪ ،‬األصولية‬ ‫واالبداع ‪ ،‬اشبه بصرخات داخلية ال يسمعها اال من تقيد ‪ ،‬ولم يغامر في‬ ‫‪ ،‬والشاعر الصعلوك عبد االمير الحصيري الذي " شرب من خمرة المدينة‬ ‫والتجمع ‪ ،‬والتخطيط اليصال صوتهم بزيادة االجر ‪ .‬تمر السنوات ووجوه‬
‫وبروكسل ‪ ،‬وأوسلو ‪ .‬وهو صحفي سابق ‪ ،‬عمل في‬ ‫القراء ‪ ،‬فقد اُعطينا لمحات ‪ ،‬ليس في حياة غابرييل‬ ‫أزم��ة فكري��ة ثقافية في معظمه��ا‪ ،‬األصولية عائق معرف��ي ولغوي واجتماعي ‪ ،‬وسياس��ي‪ ،‬األصولية‬ ‫االندفاع صوب الموجة ‪.‬‬ ‫وترنح فوق خضرة حدائقها " ‪ .‬جماعة كركوك ‪ ،‬الملحمة كما يسميها ‪ ،‬لها‬ ‫الثالثة تبرق في اذهان اهالي الحي ‪ ،‬تتناقلها الشفاه ‪ ،‬تتأسطر ‪ ،‬بالرغم‬
‫الجرائد والتلفاز واإلذاعة ومتمرس في صناعة النشر‬ ‫وحده ‪ ،‬بل في حيوات الناس المحيطين به ‪ ،‬أصدقائه‬ ‫واإلسالم السياسي‪ ،‬جناية األصولية على اإلسالم‪ ،‬األصولية فاشية دينية‪ ،‬األصولية واإلرادوية‪ ،‬األصولية‬ ‫يضم الكتاب ايضا فصلين عن اسمين كان لهما تأثير كبير ومكانة خاصة‬ ‫ايام ال تنسى في الذاكرة ‪ .‬يلتقي فاروق مصطفى باصدقائه في مقهى‬ ‫ان البستان فقد مساحة منه لبناء مدرسة المنصور التي كانت بال جدران ‪.‬‬
‫‪ ،‬أسس دار النشر الخاصة به ( فونت فورالج ) سنة‬ ‫والده‬ ‫‪ ،‬أفراد أسرته ‪ ،‬معلميه ‪ ،‬وقبل الجميع ‪،‬‬ ‫والحقيق��ة المطلقة‪ ،‬األصولية والش��عبوية‪ ،‬األصولي��ة والدكتاتورية‪ ،‬أنظمة عربي��ة تتحدى األصولية‪،‬‬ ‫على فاروق مصطفى هما " وحيد الدين بهاء الدين و محمد صابر محمود‬ ‫النصر او المدورة ‪ .‬او في محل الصياغة الذي يعود الخ جليل القيسي ‪.‬‬ ‫صفوفها بمواجهة الخضرة ‪ ،‬االوراق ‪ ،‬العصافير والحمام ‪ ،‬فكان هذا الواقع‬
‫‪ . 2005‬يسكن مع أسرته في جزيرة ٍ بعيدة ٍ عن‬ ‫‪ .‬تكشف الرواية عالقة ً معقدة ً إنما حميمة بصورة ٍ‬ ‫األصولي��ة والحراك الش��عبي‪ ،‬أوهام األصولية‪ ،‬ماركس��ية األصولي��ة الدينية‪ ،‬األصولي��ة وفوبيا المرأة‪،‬‬ ‫" كما يضم ايضا مقالة عنه بقلم نصرت مردان ‪ ،‬وحوار اجراه مؤيد محمد‬ ‫رفقة ستينية ابطالها " جليل القيسي ‪ ،‬ويوسف الحيدري ‪ ،‬وسركون بولص‬ ‫يلح على مدرس مادة التربية الفنية الى ترك تالميذه يختارون ما يرونه‬
‫الساحل الغربي للنرويج ‪.‬‬ ‫مدهشة بين األب واإلبن ‪ .‬عالقة يكتنفها غالبا ً سوء‬ ‫األصولية وفوبيا الراوية النس��وية‪ ،‬األصولية والفن الجديد وجه ًا لوجه‪ ،‬هل أوش��كت ش��مس األصولية‬ ‫قادر ‪ ...‬من يود ان يتعرف على كركوك ورموزها يمكن ان يكون له هذا‬ ‫‪ ،‬وجان دمو ‪ ،‬وصالح فائق ‪ ،‬ومؤيد الراوي " كما ال تنسى زيارات استاذهم‬ ‫للرسم ‪ ...‬كلما مضت السنوات تضاءل البستان ‪ .‬مدرسة ثانية اخذت جزءا‬
‫( عزيزي غابرييل ) هو كتابه األول ‪ ،‬وق��د صدر‬ ‫الفهم واإلحباطات لكنها حافلة دوما ً ‪ ،‬دوما ً ‪ ،‬بالحب‬ ‫على المغيب؟‬ ‫الكتاب نافذة يطل من خاللها على ذلك العالم المندثر ‪ ،‬وبلغة قصصية‬ ‫الكبير " انور الغساني " الذي يسمعونه اخر قصائدهم وقصصهم ‪.‬‬ ‫آخر منه ‪ ،‬حتى انتهى ‪ ،‬او مات ‪ ،‬بشراء شركة نفط الشمال ارضه ‪ ،‬لتشرع‬
‫بالنرويجية سنة ‪ 2004‬وترجم إلى اإلنجليزية سنة‬ ‫الذي ال ينضب ‪.‬‬ ‫وقد أهدى شاكر النابلسي هذا الكتاب إلى المفكر والفيلسوف الليبرالي المصري مراد وهبة‪ ،‬صاحب نداء‬ ‫تفترض المتعة والتشويق اوال ! ‪‬‬ ‫حين انهى فترة التدريس بالجزائر وعاد الى كركوك عام ‪ 1974‬تلهف‬ ‫ببناء دور سكنية لموظفيها ‪.‬‬
‫‪ . 2007‬تم ترشيح الكتاب لنيل ( جائزة بريج ) ‪ ،‬وهي‬ ‫هذه الرواية ترفع المعنويات وت��ورث أسى ً يفجع‬ ‫اقتحام المحرمات الثقافية‪.‬‬
‫أرفع جائزة أدبية في النرويج ‪.‬‬ ‫الفؤاد في الوقت ذاته ‪ .‬إنها صادقة بصورة ٍ قاسية ٍ ‪،‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫تقييم ‪13‬‬ ‫‪ 12‬تقييم‬

‫السرد األنثوي ‪ ..‬مراوغة الثابت‬


‫المرأة التي تمتهن تجميل النساء في ما يخص‬ ‫المحبطة والمكبوتة من خالل يوميات صاحبة‬ ‫جلسا للسفرة ) وفي هذا اختزال لكثير من التفاصيل‬ ‫ولعل كاتبات مثل ( زه��رة عمر ‪ ،‬حزامه حبايب‬
‫إزالة الشعر عن الجسد األنثوي أو ما ُيطلق عليه في‬ ‫مركزة كما اعتادت‬ ‫البوتيك ( فيوليت ) عبر لغة ّ‬ ‫التي ربما يتطلبها االنتظار مث ًال والصراعات الذاتية‬ ‫‪،‬ابتسام عبد الله ‪ ،‬سالمة صالح ‪ ،‬سميحة خريس ‪،‬‬
‫العرف الشعبي ( الحافوفة ) ولهذا األنموذج األنثوي‬ ‫ُ‬ ‫القاصة ذلك في بناء محموالتها القصصية بعيد ًا‬ ‫ج ّراء ترقب الحضور هذا ‪ .‬إن االعتماد على هذا النمط‬ ‫هدية حسين ‪ ،‬بسمة النسور ‪ ،‬جميلة العمايرة ‪ ،‬رفقة‬
‫خصائصه وسريته وممارساته المعروفة في حاضر‬ ‫عن ما يض ّر السرد المبني على أساس الشعرية أو‬ ‫ُيحيل النسق إلى صورة الحكاية واألسطورة في ما‬ ‫دودين ‪،‬أحالم مستغانمي ‪ ،‬ليلى العثمان ‪ ،‬ليلى‬
‫الحراك االجتماعي والذاكرة الجمعية ‪ .‬يقابل هذا توفر‬ ‫ـ شعرية السرد ـ ‪ .‬فالذي تفعله القاصة هنا هو‬ ‫يخص المبنى التي تختزل التفاصيل في التحول‬ ‫األطرش ‪ ،‬نعمة خالد ‪ ،‬أحالم عالم ) والقائمة تطول‬
‫النص على أربع نساء لزوج واحد غائب ‪ .‬لألربع نساء‬ ‫التركيز على الرغبات دون اإلشارة إلى مسميات مثل‬ ‫الزماني والمكاني ‪ .‬إن هذا التشفير اللغوي كما ذكرنا‬ ‫؛ استطاع السرد في نصوصهن أن يؤسس لرؤية‬
‫سمات خاصة ‪ ،‬محج ّبات وزوجات لسلفي في كابول‬ ‫هذه الحاالت أو المسببات كانتظار الرجل الذي يمأل‬ ‫يهدف إلى االختزال أو ًال ‪ ،‬ثم التورية ثاني ًا ‪ .‬ولعل ما‬ ‫أنثوية ‪ ،‬تمكنت من بلورة خطاب يمكن االعتماد‬ ‫‪ ‬جاسم عاصي‬
‫‪ .‬وكل ما حصل في النص هو اختراق المسكوت عنه‬ ‫الفراغ في حياتها ‪ .‬والقصة تُسفر عن مرماها من‬ ‫ُيسفر عنه وجود الزوج كل يوم ‪ ،‬وبين حالة االنتظار‬ ‫عليه للنظر إلى كسر الحاجز الذي كان مقام ًا دون‬
‫والمتركز في ما يجري من أفعال داخل بيت المرأة‬ ‫بدء االستهالل ‪ .‬فعبارة ( لم تعد مهنتها وسيلة‬ ‫من قبل الزوجة ‪ُ ،‬يضاف إلى ذلك ما تقوم به الزوجة‬ ‫منحها حرية التعبير المطلق عبر معرفة جديدة‬ ‫كاتب من العراق‬
‫وهي تستقبل زبائنها من النساء‪ .‬من المالحظ أن‬ ‫لكسب العيش فقد امتد األمر لتصبح رغبة تستمتع‬ ‫من تهيئة لطقوس هذا اللقاء ‪ ،‬ال تُظهر خاصيته‬ ‫القاصة ( النا‬
‫ورؤية متطورة ‪ .‬ولعل ما طالعتنا به ّ‬
‫الساردة غير معنية بالدوافع التي دفعت النساء‬ ‫بها ‪ .‬وهذا ما جعلها بيع المالبس الداخلية النسائية‬ ‫وع ّلته الساردة ‪ ،‬بل تترك للمفردة الدالة كشفها ‪.‬‬ ‫عبد الستار ) من نصوص قصصية على قلتها ‪ ،‬إ ّال‬
‫إلى أداء كهذا ‪ ،‬بل أبقته مضمر ًا تُشير إليه بنية‬ ‫وتحديدا ً في ما يلزم العرائس ) ‪ .‬هذا االستهالل‬ ‫والنص مبني على هذه المتواليات اللغوية مثل ‪:‬‬ ‫أنها تؤشر مغايرة وجرأة واضحتين ‪ . .‬ففي األول ‪:‬‬
‫متخفية غير عسيرة على االستنتاج والكشف ‪ ،‬لكن‬ ‫ُيشير إلى أكثر من حالة خفية وراء هذا السرد ‪ .‬فـ (‬ ‫( تدخل الملعقة في فمها وتُطبق عليها ‪ .‬تعصر‬ ‫دخلت باقتدار إلى العالم المتغ ّير من خالل البحث‬
‫ـ وكما أرى في هذه القصة أو سواها ـ أن السرد غير‬ ‫فيوليت ) تحاول التعويض عن المفقود ‪ ،‬الذي يحاول‬ ‫مكونات التبولة بين لسانها وسقف حلقها ثم‬ ‫عن األسلوب الذي بإمكانه التأسيس لسردية غير ما‬
‫معني بالمباشرة بقدر ما هو معني بتصعيد ما هو‬ ‫السرد أن يضعه على وفق الحائز المفتقد كالزوج‬ ‫تمضغها وتبتلعها ) وهذه أفعال ال تكتفي بما تُع ّبر‬ ‫اعتادت المرأة ممارسته ‪ .‬وثاني ًا ‪ :‬محاولتها تداول‬
‫مضمر من رغبات تحت غطاء سردي مسكون بالشعرية‬ ‫المنتظر كما في القصة السابقة ‪ ،‬حيث ُيكثف السرد‬ ‫عنه ظاهر ًا ‪ ،‬بل أنها تنطوي على إحاالت أخرى ‪ ،‬لعل‬ ‫المشاهد والصراعات المسكوت عنها لكشف ما هو‬
‫الخالصة ‪ ،‬من أجل االرتقاء بالحاالت اإلنسانية هذه‬ ‫على منوال كشف مثل هذا النزوع لالسترداد ‪ .‬إذ نرى‬ ‫التمني في اللقاء الجنسي مع الزوج هو المركز الذي‬ ‫العرف االجتماعي واألسري ‪.‬‬ ‫غير مباح كشفه في ُ‬
‫‪ .‬السؤال الذي يتكرر هو ما يخص ( الحالوة ) التي‬ ‫النص يؤكد حاالت في حالة ‪ .‬ففي الوقت الذي‬ ‫تتشظى منه أشكال التعبير أو تختفي وراءه الحالة‬ ‫وكل هذا قاد أيض ًا إلى المداولة السردية لحراك‬
‫تُعدها المرأة للنساء ‪ .‬فكأن وليمة تُقام على شرف‬ ‫تؤكد الساردة فقدانها للرجل ‪ ،‬فأنها تحاول معالجة‬ ‫التي عليها المرأة التي تؤدي كل طقوس الليلة ‪،‬‬ ‫وبنى محذورين من خالل الدخول إلى مجال سردي‬
‫ضيافتهن ‪ .‬غير أننا نكتشف أن الحالوة هذه عبارة‬ ‫ح��االت النساء ـ الزبائن ـ الالئي ي��زرن بوتيكها‬ ‫غير أنها تُسفر عن خيبة جنسية بسبب تعب الزوج‬ ‫أكثر سعة وعكس ًا لطبيعة العالقات القائمة في هذه‬
‫عن ُكتل من ّ‬
‫السكر المركز والمتحول إلى لزوجة ـ شيرة‬ ‫للتبضع أو ًال واألخذ بنصائحها سواء في العالقة‬ ‫ونومه على الكنبة في كل ليلة ‪ .‬ولعل في بعض‬ ‫الظواهر أو تلك ‪ .‬من هذا نجد أن هذه النصوص قد‬
‫ـ قادرة على االشتباك مع الدقيق من الشعر في‬ ‫مع الرجل أو اختيار المالبس المناسبة السترداد الزوج‬ ‫المفردات ما يشير إلى نوع من عكس النظرة إلى هذا‬ ‫كشفت عن مقدرة الحتواء دواخل الشخصية ‪ ،‬وتبلور‬
‫الجسد ‪ .‬حيث تأخذ كل امرأة كتلتها من الحالوة كي‬ ‫الذي امتدت بينهما فجوة ما ‪ .‬وفي العبارة التالية‬ ‫وكشف التمني واالعتداد بالنفس ‪ ،‬بما يشير إلى أن‬ ‫لصراعاتها الذاتية ‪ ،‬ونزوعها إلى التحرر سرديا ً من‬
‫تمارس لوحدها إزالة الشعر من األماكن القادرة على‬ ‫ما ُيشير إلى مثل هذا ( تنفق ساعات نهاراتها‬ ‫المرأة تتحدى الزمن المتركز في العمر ‪ ،‬والذي قد ُيك ّبل‬ ‫هيمنة الذات المرتبطة بالرجل العتبارات أخالقية‬
‫الوصول إليها ‪ .‬ويبدأ طقس اإلزالة المنفردة التي‬ ‫مع زبوناتها اللواتي ينشدن إرضاء أزواجهن عندها‬ ‫الرجل ويحيله إلى قطعة باردة جسد ًا وروح ًا وهذه‬ ‫‪ ،‬ونقصد بها العالقات القائمة على الممكن وغير‬
‫تقوم فيها المرأة بأن تختلي مع إحداهن في غرفة‬ ‫فيستمعن مسلوبات اإلرادة لنصائح فيوليت ) في‬ ‫التعبيرات يمكن أن نحصيها كاآلتي ‪:‬‬ ‫الممكن ‪ ،‬المسموح به وغير المسموح ‪ .‬وأعتقد أن هذا‬
‫خاصة ‪ .‬هذا الطقس يوحي بقراءات متعددة ابتداء‬ ‫الوقت نفسه تكبت الساردة ميلها السترداد الرجل‬ ‫{ وجدته يغرق في نوم عميق } وهي حالة تتكرر ‪.‬‬ ‫يصب في المسعى من أجل البحث‬ ‫بحد ذاته ُجهد ّ‬
‫من الخلوة ‪ ،‬وصو ًال إلى ما كان ينبعث من داخل‬ ‫المفتقد وراء رغبات األخريات ‪ ،‬لكنها تكشف عن‬ ‫{ وهي تفكر بهذه الرتابة التي بدأت تُداهم حياتهم‬ ‫عن الهوية السردية النسوية ـ إن جاز التعبير ـ ‪،‬‬
‫الغرفة من تأوهات انتهاء بخروج المرأة وإسراعها‬ ‫رغبتها المكبوتة حين تخلو إلى نفسها في البيت‬ ‫} وواضح القصد هنا ‪.‬‬ ‫لتكون قائمة على أسسها الصحيحة بفعل التراكم‬
‫إلى الح ّمام منفرجة الساقين وكاآلتي ‪:‬‬ ‫‪ ،‬أو من خالل تقليبها وترتيب المالبس في البوتيك‬ ‫{ كانت تختلس النظرات للفتيات المراهقات‬ ‫في المعرفة العامة والخاصة ‪ .‬إن العالقات القائمة‬
‫ـ { دخلت أم محمود للغرفة وتبعتها النساء كل‬ ‫‪ .‬هذه الحالة من التعويض من خالل ما تصف‬ ‫وتحاول أن تتخ ّيل شعر كل واحدة } وهو نوع من‬ ‫في مجتمع النساء ـ الحريم ـ ! ؟ ال يمكن معرفتها إ ّال‬
‫واحدة على حدة }‬ ‫لخصائص المالبس وعالقتها بفحولة وذكورة الرجل‬ ‫االعتزاز واالعتداد بالنفس ‪.‬‬ ‫التقصي عن تلك‬ ‫ّ‬ ‫من خالل كسر المحذور ‪ .‬لذا نرى أن‬
‫ـ { كان من الممكن سماع بعض األنين الخافت قادم ًا‬ ‫‪ .‬فهي تشير إلى ما يبدد عوامل اإلحباط عند النساء‬ ‫{ اختارت الليلة ثوب ًا ذهبي ًا ليبرز جمال اللون البندقي‬ ‫العالقات بين ما هو ذاتي يخص المرأة ‪ ،‬وبين ما هو‬
‫من الداخل }‬ ‫بتوفير ما يمكن من رموز توقظ الرجولة ‪ ،‬وتبقى‬ ‫المطعم بالبالتيني } وواضح من ذلك هدف اإلثارة‬ ‫موضوعي يخص مجتمع النساء ‪ ،‬البد من أن يكون‬ ‫يبدو من الصعب القطع بتشخيص السرد‬
‫ـ { كانت تخرج كل واحدة من الغرفة وهي تمشي‬ ‫لوحدها مع تأمالتها ومخيالها السردي الخالص ‪.‬‬ ‫للوصول إلى المرمى الجنسي ‪.‬‬ ‫من الدقة بحيث ُيقدّم نوعا ً من الجدل القائم على‬ ‫األنثوي الخالص ‪ ،‬ألن هيمنة سردية الذكورة‬
‫مباعدة ما بين ساقيها وتهرع‬ ‫مركزة بدقة على هذه الحالة في وصف األنواع من‬ ‫ّ‬ ‫{ أخذت الريموت كونترول من يده وأيقظته من‬ ‫الحقائق وليس على االفتراضات ‪ .‬وهذا ال يتم إال عبر‬
‫للح ّمام الذي أعدته أم عكرمة لهن بعناية فائقة‬ ‫المالبس النسائية الداخلية ففي كونه ‪ ( :‬يشتعل‬ ‫الكنبة لغرفة النوم } وهذا دليل على الرتابة اليومية‬ ‫المداخلة بين الحسي والمرئي ـ المعاش ـ ‪ ،‬إلنهاء‬ ‫قد طغت على عموم السرد ‪ ،‬وراحت تُطلقه‬
‫}‬ ‫قداحه من جديد أكثر من شاب في مقتبل العمر )‬ ‫التي تمارسها الزوجة ‪.‬‬ ‫عالم اليوتوبيا الناظرة إلى عالم المرأة كونه كرستا ًال‬ ‫كصوت واحد مع ّبر عن كال الجنسين ‪ ،‬س ّيما‬
‫وأمام هذا التحضير للجسد تكون النساء أمام صمت‬ ‫‪.‬هذه التأكيدات في معالجة إشكالية األخريات دليل‬ ‫{ اختارت تلك الليلة أن تنام عارية تمام ًا } إعادة‬ ‫معزو ًال عن العام ‪ ،‬بل البد أن يكون من بين المتداول‬ ‫صاحب الخطاب حين يف ّوض نفسه للكالم‬
‫يؤشر الرغبة في من سوف يلتقي بها أو ًال حين يعود‬ ‫القاصة لم تكشف‬ ‫على الرغبة الذاتية المقموعة ‪ ،‬لكن ّ‬ ‫طقسية جديدة ‪.‬‬ ‫معرفة وممارسة ‪ .‬من هذا يمكن تنقية العالقة‬ ‫عن حيثيات المرأة ‪ ،‬فيتداول السرد في نصه‬
‫من كابول ‪ .‬إزاء هذا يكون صوت الموبايل من يحسم‬ ‫عن مسببات هذا الكبت والقمع ‪ .‬لكنها تُبرز مثل‬ ‫{ أخاف تبرد قطتي } دالل في غير مكانه ‪ ،‬ربما‬ ‫القائمة في الوجود من جهة ‪ ،‬ثم توسيع الرؤية تجاه‬
‫األمر بالخيبة ‪ ( :‬أن أبا عكرمة لن يأتي غد ًا من كابول‬ ‫هذا الملمح في عبارة ( استذكرتهم جميع ًا في عيد‬ ‫أحسته الزوجة نوع ًا من ال��ردع عن التمادي في‬ ‫عالم منسي أو مسكوت عن تداول خصائصه الذاتية‬ ‫العتبارات سلطته المعرفية ورؤيته للعالقة‬
‫كما قال لهن األسبوع الفائت ) وهنا إشارة إلى تراكم‬ ‫ميالدها األربعين الذي لم يتذكره أحد ليقول لها عيد‬ ‫استرجاع الرغبة ‪.‬‬ ‫من جهة ثانية ‪ .‬وبنظرة فاحصة في القصص التي‬ ‫بينه وبين المرأة باعتبارها تابعة له حتى في‬
‫الزمن بالفقدان ‪ .‬وتتوزع التصورات واالنثياالت ‪،‬‬ ‫سعيد ) ‪ .‬كذلك يكشف النص عن حاالت المفارقة‬ ‫{ واصل شخيره ‪ ،‬بينما انكمشت هي كالجنين } رد‬ ‫للقاصة ( النا عبد الستار ) ‪ ،‬نستطيع‬ ‫ّ‬ ‫توفرت لدينا‬ ‫داخل النص ‪ .‬ما خلق إشكالية في التعبير‬
‫تصب في الخيبة التي ُمن ّين بها ‪ ،‬حيث‬ ‫لكنها ال ّ‬ ‫وال نقول التناقض في شخصية ( فيوليت ) حين‬ ‫فعل أعاد للذهن صور الطفولة البريئة كما أسفر عنه‬ ‫القول أننا بفضل السرد هذا تم ّكنا من أن نُطالع‬ ‫وتبلور الصوت على الصورة ـ المستوجبة ـ‬
‫تبقى األجساد األنثوية قيد االنتظار تلوك صور‬ ‫يصفها على حالتين ‪ ( :‬من يراها وهي منكسرة في‬ ‫التعبير الالحق لهذه العبارة ‪.‬‬ ‫ممارسة مفيدة في درس السرد عموم ًا‪.‬‬
‫مرتقبة ولذة مؤجلة ‪.‬‬ ‫البيت ال يصدق أنها ذات الشخصية المنطلقة بال‬ ‫ثم يمكن اعتبار لبس الخلخال من المثيرات التي‬ ‫ففي قصة (خلخال ) نقف على ما هو معبر لغوي ًا‬ ‫لرؤية الرجل ‪ !..‬في حين أن عالم المرأة قائم‬
‫هذه الظواهر اإلنسانية ما يشغل قصص ( النا )‬ ‫حدود في البوتيك ) ‪ .‬وما الصورة التي كانت خاتمة‬ ‫بإمكانها أن تُن ّبه الزوج إلى ما تضمره الزوجة من‬ ‫بالتضاد ‪ ،‬أو تصفيف ما هو ظاهر وتعمد أخفاء ما هو‬ ‫بذاته كما هو عند الرجل ‪ .‬والعالقة بينهما‬
‫التي توفرت على سرد متوازن ووصف دقيق لمجريات‬ ‫القصة والتي كشفت عن أعدادها للجسد بنفس‬ ‫رغبات في لقاء الرجل سريري ًا ‪ .‬لكن عبارته إثر لمحه‬ ‫باطن ‪ .‬بمعنى ثمة دالالت لغوية تُسفر عنها المفردة‬ ‫قائمة على أساس المعرفة ‪ ،‬مهما كان مستواها‬
‫أحداث القصص بما ُيرقى بها إلى مصاف االختزال‬ ‫فعل شخصية قصة ( خلخال ) حيث يكون الماء هو‬ ‫للخلخال ( سأفتته الليلة بأسناني ) وهي دالة على‬ ‫أو الجملة تُحيل إلى معنى متوارى خلف التعبير‬ ‫األسري واالجتماعي والسياسي والثقافي ‪ .‬كما‬
‫الشعري في التعامل مع المشاهد والحاالت الذهنية‬ ‫الذي ُيعيد لطقوس الجسد الهيبة األنثوية ‪ ،‬ويمنحه‬ ‫تفتيت الجسد رغبة ‪ .‬هذه العبارة أيض ًا أسفرت‬ ‫‪ .‬فلكي تُع ّبر عن انثيال الذاكرة مث ًال يكون التعبير‬
‫واستطراداتها ‪ .‬لقد تشكلت بنية القصص على‬ ‫إمكانية ذاتية ‪ ،‬كذلك العري الجسدي الذي ُيعطي‬ ‫عن خيبة أمل أخرى ‪ .‬لقد اكتفت بصورة أكثر نقاء‬ ‫هكذا ‪ ( :‬في حلقها تراوح ذاكرة غثيان ) وهذا التعبير‬ ‫وأن المرأة المع ّبرة عن كينونتها تواصلت مع‬
‫منوال رؤية صافية حذرة من تبديد عناصر المشهد‬ ‫صورة البراءة والبدائية في الخلق ونصاعة الوجود ‪( :‬‬ ‫‪ ،‬وإشباعا لرمز العالقة بين االثنين ‪ .‬وهو رد فعل‬ ‫يحيل من خالل مفردة ـ حلقها ـ إلى التكرار والمداولة‬ ‫رؤية ـ الماحول ـ ألسباب تتعلق باالعتبار الذي‬
‫والمستقر على أفعال إنسانية أنثوية ‪ ،‬محققة بذلك‬ ‫من سعاداتها التي كانت تمارسها وقتما يفرغ البيت‬ ‫إيجابي إلى ما وعدت به عبارة الزوج وهو يؤملها بليلة‬ ‫التي قد تصل حد الملل ‪ ،‬فالمرأة هنا تقضم طعم‬ ‫أقام عليه المجتمع والتربية األسرية مثل هذه‬
‫القاصة ـ سرد ًا ذو رؤية أنثوية ‪ ،‬انعكس من‬
‫ـ ونعني ّ‬ ‫لها وحدها ؛ أن تأخذ ح ّمام ًا ساخن ًا لتخرج عارية وتبدأ‬ ‫مخصبة ‪ .‬إذ اكتفت بتأمالتها وانتظارها لمثل هذه‬ ‫ّ‬ ‫الذكرى التي ربما تكون مرة أو حلوة ‪ ،‬فالسرد وتواليه‬ ‫العالقة ‪ .‬لكن من الممكن النظر إلى متغيرات‬
‫خالل نظرة المرأة العارفة لمكنونها الذاتي وكيفية‬ ‫بالرقص بحرية على أنغام موسيقى ناعمة ‪ .‬كانت‬ ‫الصورة المرتقبة ‪ ( :‬تركها ليشعل سيجارة ‪ .‬نزلت‬ ‫ما يكشف مثل هذه الصورة التي تجد لها مسبب ًا في‬
‫ترجمتها بذاتية أنثوية بعيد ًا عن هيمنة السرد‬ ‫ترمي بجسدها العاري وهي تلهث على األريكة ‪.‬‬ ‫إلى الماء ‪ .‬استرخت وراحت تستحضر صوت صهيل‬ ‫انتظار اآلخر ‪ .‬ويتواصل التعبير ليكشف بالتشفير‬ ‫كثيرة تداخلت مع السرد األنثوي الذي وجد‬
‫الرجولي ‪ .‬‬ ‫بعدها تحس بارتياح غريب وتوازن نفسي ) ‪ .‬هذا‬ ‫خيول ‪ .‬بينما الخلخال يلمع تحت الماء بال صوت )‬ ‫اللغوي عما هو ظاهر من مثل ( أن ثمار البحر على‬ ‫جذوره في سرديات ( شهرزاد ) باعتبارها‬
‫الطقس فيه محموالت كثيرة ‪ ،‬لعل التمني هو مركز‬ ‫‪ .‬وهذه الجملة التي أقفلت النص فيها محموالت‬ ‫العشاء هي أكثر ما يثير رغبة الرجل ) وهنا إشارة‬ ‫المواجهات األولى لسر ديات الرجل ‪ ،‬ومحاولة‬
‫كل ذلك ‪ ،‬فالعري يكون أمام المانيكان ليس إ ّال ‪،‬‬ ‫كثيرة منها ‪ :‬الحالة التي عليها الزوج‪ ،‬فهي رتيبة من‬ ‫إلى الرغبة المكبوتة عند المرأة ‪ .‬وما يؤكد هذا عبارة‬ ‫توظيفه للتأثير على محركات الواقع وقهر‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وكل ما حدث هو نوع من التمني المكبوت والمتمثل‬ ‫خالل إشعاله للسيجارة ‪ .‬ثم محاولتها في المداخلة‬ ‫( االستحمام وإعداد المائدة ) وهما صورتان لممارسة‬
‫إشارات ‪/‬‬ ‫في الرغبة الجنسية الجامحة التي تطلبت اإلطفاء‬ ‫مع ما ُيشبع رغبات الجسد عبر النزول إلى الماء وهو‬ ‫تشير إلى ما ُيزيد من إقامة الصلة مع الرجل عبر‬ ‫السلطة القامعة ‪ .‬وهكذا نرى أن بروز سرد‬
‫‪ 1‬ـ قصة خلخال ‪ /‬النا عبد الستار ‪ /‬جريدة تاتو العدد‬ ‫من خالل ممارسة طقس الخلوة ‪ .‬في حين تعود إلى‬ ‫بديل عن فعل الرجل ‪ .‬وهذا ما ُيشير إليه االسترخاء‬ ‫طقسي االستحمام والطعام ‪ .‬هذه الطقسية الممكنة‬ ‫ّ‬ ‫األنثى على صعيد القصة والرواية كان يستند‬
‫‪1‬في ‪2009/3/15‬‬ ‫رتابة حياتها من جديد في ( استقبلتهم بابتسامة‬ ‫واستحضار صور الخيول وصهيلها ‪.‬وهو استرجاع‬ ‫بين المرأة والمنتظر ‪ ،‬تساعد في تصعيدها ممكنات‬ ‫على محموالت كثيرة ‪ ،‬لعل أهمها وكما أش ّرت‬
‫‪ 2‬ـ قصة بيبي دول ‪ /‬النا عبد الستار ‪ /‬جريدة تاتو‬ ‫باردة‪ ،‬حملت رامي إلى فراشه وانزلقت حيث مكانها‬ ‫لفعل سابق مارسه الرجل ‪ .‬ولعل صورة الخلخال الذي‬ ‫أخرى أكثر عالقة بالبنى األسطورية وبما يق ّربها من‬ ‫النصوص ؛ في كونه استحداث ًا لسرد ينوب عن‬
‫العدد ‪ 4‬في ‪2009 /6 /15‬‬ ‫األرضي واستسلمت للنوم بال دموع تلك الليلة ) ‪.‬‬ ‫اختفى صوته داخل الماء وبقاء لمعانه‪،‬دليل واضح‬ ‫الطقس الذي تُقيمه المحكية األسطورية عبر الرمز‬
‫‪3‬ـ قصة حفلة حالوة ‪ /‬النا عبد الستار ‪ /‬جريدة تاتو‬ ‫وتتواصل القاصة في عكس الرغبات المكبوتة‬ ‫على رؤية الزوجة إلى حالة انطفاء الزوج تمام ًا ‪.‬‬ ‫كالثوب األحمر وما له من داللة الخصب ‪ ،‬ثم تغيير‬ ‫مهام الرجل في التعبير عن عالقة المرأة بالعام‬
‫العدد ‪ 7‬في ‪2009/9 /15‬‬ ‫من خالل قصة ( حفلة حالوة ) متخذة من بيت‬ ‫في قصة ( بيبي دول ) تنعكس ظاهرة الرغبة‬ ‫النسق ليكون أكثر اقتراب ًا من بنية األسطورة في (‬ ‫والخاص في الوجود ‪.‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫نصوص ‪15‬‬ ‫‪ 14‬نصوص‬

‫رقصة على شرفة القمر‬ ‫نبـوّة زليـخـا‬


‫أن ينام القمر" كانت ترددها حتى في سرها ‪ ،‬صارت‬ ‫ضاعت أكثر ‪ ،‬واقترب الصوت منها أكثر ‪ ،‬ميزته ؛" هو‬ ‫‪ ‬مهيرة هاني مقدادي‬
‫تدرك أنها أقوى "لدي حبيب" وأجمل "لي ظل يجملني"‬ ‫صوتي "‪ ،‬جثت على ركبتيها وأخذت تحبو يرشدها‬ ‫قاصة من االردن‬
‫وأشهى "حبيبي يحبني"‪...‬‬ ‫صوتها إليها ‪ ،‬كانت مستلقية في وضع جنيني تنفطر‬
‫جسدها خيوط‬ ‫حدث ذلك ذات شروق عندما‪ ،‬صافح َ‬ ‫ألما وعلى خدها طبعت أنامله ‪" ،‬كيف تجرؤ؟ حين‬ ‫اإلباحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بئرها‬ ‫برائحة التفاح البدائية!‬ ‫يمس ُد براريه ِ‪..‬‬
‫وكانَ ّ‬ ‫‪ ‬أحمـد عبد السـادة‬
‫ب ّراقة أخبرتها أنها صارت أنثى بكامل مالمح الحب‬ ‫تحتمي كسيرة إليك فكيف تنسى دمك الذي يجري‬ ‫شاعر من العراق‬
‫والبلوغ والشهوة والفرح‪ ،‬بينما حمل إليها الغروب قرع‬ ‫بعروقها و ُيتمها الذي هو يتمك فكسرها ولم يكسرك‬ ‫هي التي ح ّم ْ‬
‫مت أيا َم ُه بنار عيونها‬ ‫كانت الشياطينُ الذكية ُ ك ُّلها محتفلة ً‪..‬‬ ‫لذئاب هسيسها الجائع‬
‫خطواته المبتعدة ‪ ،‬حاولت أن تلحق به لكن كفه‬ ‫؟كيف سولت لك نفسك فلطمتها ؟ بأي ذنب لطمت‬ ‫ويل ّمع َ‬
‫سدت األفق أمامها وأقعدتها تنتظر عودته ‪ ،‬وقد عاد‬ ‫؟؟؟ "‬ ‫مجرات صمتها‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫وأهرقت‬ ‫( لوال ان رأى برهان رب ِه)‬ ‫الوحشي‬
‫ّ‬ ‫محراث حليبه ِ‬
‫‪ ،‬محمال باألوجاع ‪ ،‬ليست أوجاعه وإنما أوجاعا ألجلها‬ ‫يدوي صراخها مدى يهتز ثم يرتد إليها قنابل قهر‬ ‫برهانها‪...‬‬
‫وراح متبلدة مشاعره يقذفها نحو عنقها وقلبها‬ ‫تفتت عظام صدرها وتدمي حروفها التي غاصت‬ ‫‪ -‬أي صراخها األحمر‪-‬‬ ‫برهانَ نكبتها ب ِه‬ ‫لقضم ليمون بر ّيتها المخ ّمر‪.‬‬
‫وعينيها ألما تلو اآلخر ‪..‬‬ ‫عائدة إلى أحشائها هلعة من كم السواد واأللم حولها‪،‬‬ ‫خرت من بروق ٍ ‪..‬‬ ‫عط ٌر ٌ‬
‫مريض بما ا ّد ْ‬
‫انغرست جميعها إلى أن نخرت أدق مساحات عظامها‬ ‫نسلت الظلمة وصوت الكالب والعظام المترامية‬ ‫في خيمة نوم ِه الساهية‬ ‫برهانَ الحاد ِه ‪..‬‬ ‫كانت الشياطينُ الطيبة ُ ك ُّلها محتفلة ً‪..‬‬
‫صغرا ‪ ،‬فراحت تنوء بحملها الذي لم تذق مثله من‬ ‫بينهما واقتربت منها ‪ ،‬نامت كنومتها ‪ ،‬احتضنتها‬
‫لترويض ليلها العاري‪..‬‬
‫ْ‬
‫وألقمت صهيل ُه الساخنَ ‪..‬‬ ‫بنب ّوتها الحامل بشهيق الربيع‪.‬‬ ‫ليلي ‪..‬‬
‫ببزوغ دوار ٍ ٍّ‬
‫قبل ‪ ،‬بينما هو موليا ظهره ‪ ،‬راحال نحو غياب ال حدود‬ ‫وصارت مثلها تنتحب!!‬ ‫سجادة ليله اللهب ّية‪.‬‬
‫على ّ‬
‫له معلنا أن القمر غافلهما في غمرة من عشقهما ‪،‬‬ ‫تسربت حرقة من بين شفتيها لسعت صدره ‪،‬‬ ‫ثدي أحالمها‪.‬‬
‫َ‬ ‫بأن برهانَ رب ِه‬ ‫لم تكن ُ‬
‫تعرف ّ‬ ‫في شرايين ظهيرتهما‪..‬‬
‫ونام!!!‬ ‫فانتفض ‪:‬‬ ‫برهانها‪...‬‬
‫خلت أن القمر ال ينام !!‬ ‫‪ -‬‬ ‫أنت بخير ؟‬
‫‪ -‬هل ِ‬ ‫قشرت ل ُه بئر ًا نقيض ًا‬
‫هي التي ْ‬ ‫سيمرغ ُ خصوبتها بآيات الجفاف‬ ‫ظهيرتهما الناهدة‪..‬‬
‫قالت للقمر حين مد إليها يده ‪ ،‬ودعاها لتشاركه‬ ‫‪ -‬أجل إني كذلك‪..‬‬ ‫ٌ‬
‫منذورة إلرضاع سمائه ِالعمياء‬ ‫نجوم‬
‫ٌ‬
‫رقصته‪.‬‬ ‫‪ -‬ما رأيك لو تعدين لنا فنجاني قهوة ؟‬ ‫رسم بأنامله دوائر صغيرة تطوق جميعها بقعة حمراء‬ ‫وغرق ًا طائش ًا‪..‬‬ ‫ويت ّو ُج اسماءها بالرماد‬ ‫ظهيرتهما المتنهّ دة‪..‬‬
‫بل هو نائم منذ األزل ‪.‬‬ ‫‪ -‬‬ ‫‪ -‬هو ما أحتاج حقا اآلن ‪..‬‬ ‫تشف عن حرق قديم اجتاح جزءا من صدرها ‪..‬‬ ‫حريري الستدراج االبدية‪..‬‬
‫طواف ّ‬‫ٌ‬
‫أمسكت بيده ‪ ،‬تبعت خطواته ‪ ،‬وفي عينيها بقايا‬ ‫يمسك بها من طرف أذنها ويؤنبها ممازحا ‪:‬‬ ‫‪ -‬حرق؟‬ ‫في سرير (العزيز)‬ ‫ويح ّر ُف وش َم الليل‪..‬‬ ‫ظهيرتهما المنهدّة‪..‬‬
‫حزن ‪ ،‬رفع كفه إلى منتصف ظهرها وشده إلى الداخل‬ ‫وأنت على صدري تحتاجين للقهوة؟‬ ‫‪ِ -‬‬ ‫طوقها بذراعيه ‪ ،‬صامتا مرر أنامله على خديها مجففا‬ ‫‪ -‬أجل ‪ ،‬حدث هذا منذ زمن ‪..‬‬ ‫الى نبض ِه المغدور‪..‬‬
‫فاألعلى " هكذا ‪ ،‬ليستقيم ظهرك " خطوتين ال أكثر‬ ‫تضحك وتنسل من بين يديه بهدوء طفلة مهزومة ‪:‬‬ ‫لها الدمع ‪ ،‬بينما هي تعبث بشعرات صدره ‪ ،‬وفي‬ ‫عاد الى الدفيء المنبعث من بين مسام صدرها ‪ ،‬بينما‬ ‫ْ‬
‫وأسرجت لرعود ِه الالسعة‪..‬‬ ‫في‬
‫‪ ،‬صارت بعدها تتحرك بخفة وعفوية "أشعر أن بي‬ ‫وأنا على صدرك ال أحتاج سوى ألن‬ ‫‪ -‬‬ ‫لتذكره أنها ستقتلع عددا منها‬‫غمرة من الحزن تعود ّ‬ ‫كانت تحمل هي ِقدرا كبيرا عليه الكثير من أطباق‬ ‫نس َجتها إبرة السراب‪.‬‬
‫بنبوة ٍ َ‬
‫شيئا يسيرني" توقف القمر واكتفى بمراقبتها والدوران‬ ‫يمحي الزمن ويتجاوز حدود الدقائق والساعات واأليام‬ ‫لتأخذها معها ‪ ،‬فيرد عليها ممازحا ‪ "،‬خذيها كلها" ‪.‬‬ ‫الطعام ‪ ،‬وإبريق شاي‪.‬‬ ‫مبخرة ً من عروق الندى‬
‫حول خطواتها "انه حبك الذي عاد إلى منبعه ‪ ،‬يصير‬ ‫والسنوات ‪،‬‬ ‫هي تدرك أنها ال تستطيع نزع شعرة واحدة من‬ ‫طفلة في التاسعة من العمر ‪ ،‬تعي أن مهمتها بعد‬ ‫النبوي‬
‫برهانها على دمها ّ‬
‫اآلن رقصا ‪ ،‬وقد يصبح شيئا أعظم " تابعت" حبي‬ ‫إنما أحتاج القهوة حين ترتفع رأسي مغادرة صدرك ‪،‬‬ ‫صدره وتعي تماما أنها لن تحتمل أن تتسبب له بألم‬ ‫العودة من المدرسة وقبل اللعب ؛ تحضير الطعام‬ ‫وباقة ً من أرق ٍ مؤنث‬
‫غادر يوم نمت ‪ ،‬هل نسيت؟" كان قد بدأ يصعد إلى‬ ‫وما إن تبتعد حتى أصير بحاجة ألن أثمل ‪ ،‬وإن أمعنت‬ ‫اجتثاث شعرة عن الصدر!!‪.‬‬ ‫وحمله إلى الحقل ‪ ،‬وفي يوم اعترضت حصى حمقاء‬ ‫يرجم ادغا َل ُه بالسجود !‪.‬‬ ‫وقت ٌ‬
‫كامل ُ‬ ‫ٌ‬
‫وأنت من‬
‫أنت من أوجده‪ِ ،‬‬ ‫السماء عندما قال لها " الحب ِ‬ ‫في غيابك فلن يلهيني سوى الموت عن ألم فراقك ‪..‬‬ ‫‪ -‬لصدرك مذاق أبي ‪..‬‬ ‫طريق قدمها الصغيرة فمالت ميال كافيا ليندلق شيئا‬ ‫هات ملكية‬
‫وقافلة ً من تأ ّو ٍ‬
‫ينهيه " شعرت بصوته يبتعد لكنها تابعت " الزلت‬ ‫ال يجيبها بل يبقى صامتا ساهبا في سقف غرفته‬ ‫من الشاي الحارق على صدرها ‪..‬‬ ‫‪‬‬
‫أذكر أشياءه الجميلة " ‪ " ،‬يذهبون ‪ ،‬فتبقى األشياء‬ ‫تقول ذلك وهي تنظر تماما إلى عينيه ‪ ،‬وفي عينيها‬ ‫التي تعشقها جدا لفوضويتها وتشبعها بمالمحه ‪،‬‬ ‫كان األلم قد اشتد حدا لم تحتمله عندما وصلت‬ ‫ووتر ًا إله ًا ُّ‬
‫يئن بين فخذيها‪.‬‬
‫الجميلة لتحرضنا على البقاء‪ ،‬واألشياء المؤلمة لتحملنا‬ ‫يلمس نبرة مهرة جامحة ‪ ،‬وأنين طفلة تتنبأ بوجع‬ ‫بينما تغيب هي في براثن اليتم ‪.‬‬ ‫بالطبق سالما في ذات الزمان والمكان المقررين ‪ ،‬قدمته‬ ‫بأن برهان ًا آخ َر‪..‬‬
‫لم تكن تعرف ّ‬
‫‪‬‬
‫على التذكر ‪ ،‬فالذكرى حين ترتبط بألم ال تمحي ‪ ،‬وهي‬ ‫حاصل ال محالة ‪..‬‬ ‫تنزلق عبر واد سحيق ‪ ،‬مظلم ‪ ،‬تتعالى من قاعه أصوات‬ ‫وفرت بعدها عائدة إلى البيت صاعدة إلى السطح ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫جعبة الروح فبدونها الروح خاوية‪ ،‬وتذكري ‪ ،‬قد يصير‬ ‫طوق وجهها بكفيه وأعاد وردد على مسمع من أذنيها‬ ‫كالب جائعة ‪ ،‬وتلفحها من على جنباته ريح ثلجية‬ ‫فهناك فقط تستطيع أن تكشف عن صدرها وتعرضه‬ ‫ستهطل تجاعيد ُه الكثة‪.......‬‬
‫الحب يوما شيئ ًا أعظم"‪..‬‬ ‫ومشاعرها ونبض قلبها وتعرق جسدها األزهر ياسمينا‬ ‫تجتث الدفء من قلبها الصغير‪.‬‬ ‫للهواء ‪ ،‬هناك حيث هي أقرب الى الشمس !!‬ ‫ه ّب ْت ‪ ،‬إذن‪ ،‬دقائقُ من رمل ٍ خائن‬
‫توقفت عن الرقص ‪ ،‬فإذا بحرف رسمته خطواتها‬ ‫‪..‬‬ ‫ترتطم في قاع أسود ‪ ،‬أمامها دهاليز مشتبكة تؤدي‬ ‫انتفضت ‪..‬‬
‫‪..................................‬‬
‫رت عطش ًا شاهق ًا في دم المكان‪.‬‬
‫س ّم ْ‬
‫الراقصة " ألفا ‪ ...‬صار بعدها الحرف كل ما عال وكل‬ ‫صديقان نحن إلى أن ينام القمر‬ ‫‪ -‬‬ ‫كلها إلى ضياع ‪ ،‬تتخبط بين ظلماته ‪ ،‬تتلمس طريق‬ ‫نهض يسألها ‪:‬‬ ‫‪..................................‬‬
‫ما سيأتي "‬ ‫تع قبل التقائه" أننا نصبح أقوياء حين نحب‬ ‫ِ‬ ‫لم‬ ‫هي‬ ‫الوصول ‪ ،‬تطأ بقدميها الحافيتين ‪ ،‬جثث لطفولة‬ ‫بك‬
‫‪ -‬ما ِ‬ ‫ولزليخا أن تختنقَ أقمارها‪..‬‬
‫نظرت بعدها مباشرة في عيني من قرأ للتو قصتها‬ ‫‪ ،‬ونمتلك قدرة على التعالي والترفع حتى عن األلم ‪،‬‬ ‫مسلوبة وأحالم وئيدة والكثير من الضحكات الكسيرة ‪.‬‬ ‫سالت دمعة على خدها ‪ ،‬ابتسمت‪:‬‬ ‫على وردت ِه اآليل ِة لالغماء‬
‫وهمست ‪" :‬رقصة على شرفة القمر ‪ ...‬هو العنوان‬ ‫ونصير ذواتنا التي يحرص ألمنا دوما على تضييعها‬ ‫ال شيء يدلها ‪ ،‬سوى صوت تعرفه ‪ ،‬يبكي ‪ ،‬ينتحب‬ ‫‪ -‬ال شيء ‪ ،‬تذكرت فقط كم كان الحرق مؤلما وقتها ‪..‬‬ ‫ببثور سما ٍء عاقة‬
‫لقصتي"‪..‬‬ ‫منا ‪ ،‬فبالحب وحده تكتمل أطوارنا" "صديقان نحن إلى‬ ‫‪ ،‬في مكان ما من هذا الكون الملعون ‪ ،‬تخبطت أكثر‬ ‫الغيمي‪.......‬‬
‫ّ‬ ‫بنزيفها‬
‫وأن تعجنَ صمتها سكاكينُ الفراغ‬
‫كانت ل ُه ِّ‬
‫بكل ما ْ‬
‫أوتيت من شهو ٍة‬
‫مدائح متواترة‬ ‫مدجن‪.‬‬
‫جع َد عط َرها هوا ٌء ّ‬
‫سيلفع المكان‬
‫ُ‬
‫وأن ُي ّ‬
‫إذن‪ ..‬ال هدي َر عري‬
‫ِّ‬
‫بكل غاباتها الحبلى بالنبيذ‬
‫قم ٌر واحد في الكون‬ ‫واختار منها نجم ًة‬ ‫عينيك‬
‫ِ‬ ‫انها تركت‬ ‫حبيبتي‬ ‫‪ ‬كريم جخيور‬ ‫ِّ‬
‫بكل أدعيتها المعتق ِة بجرار الجمر‬
‫حينها تأكدت بأنها باطلة‬ ‫تليق بليلة عيدك‬ ‫وأمرتنا أن نقدم القرابين‬ ‫سما ًء‬ ‫ويد ّل ُه الى وقته الخالص‪.‬‬
‫وصاحبنا أعمى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الى األنهار‬ ‫وابتكر لعبة ً للطيران‪.‬‬ ‫شاعر من العراق‬ ‫كانت له ِّ‬
‫بكل سخون ِة زينتها‬
‫(‪)7‬‬ ‫لهذا‬ ‫‪....................................‬‬
‫(‪)9‬‬ ‫ال‬ ‫لهذا فقط‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ِّ‬
‫بكل جنائن لياليها المعلق ِة‬
‫صدرك‬
‫ِ‬ ‫انظري الى‬ ‫لم يكن متسرع ًا‬ ‫في كل لحظ ٍة‬ ‫كم ستبدو السماء جميل ًة‬ ‫‪....................................‬‬
‫وهو يقف‪ ،‬مثل بيرق منتصرٍ‪،‬‬ ‫وكان دقيق ًا وماهر ًا‬ ‫يزداد عدد الغرقى‪.‬‬ ‫حين تضحكين‬ ‫على شفا شهق ٍة من سريره ِ‪.‬‬
‫فوق هزائمنا‬ ‫طينتك‬
‫ِ‬ ‫في اختيار‬ ‫فكيف لو رقصت اذن؟!‬ ‫هكذا يشه ُر الل ُه سرا َب ُه‬
‫نحن سبايا عرش ِه‬ ‫ومن ألطافه أيض ًا‬ ‫(‪)5‬‬ ‫وكان لها ‪..‬‬
‫نكتظ بالحرائق والظمأ‪.‬‬ ‫انه دافها بسحر ِه‬ ‫يا نجية نفسي‬ ‫(‪)3‬‬ ‫تخم أوتا َر اللهب‬
‫و ُي ُ‬
‫عليك المباهج كلها‬ ‫ثم فاض ِ‬ ‫كثيرة هي الطرق‬ ‫ربيب يديها الحالمتين‬ ‫ُ‬
‫(يوسف) ُ‬
‫بقوم قالوا‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫مررت‬ ‫لهذا كلما‬ ‫للحصول على قبل ٍة‬ ‫شياهك‬
‫ِ‬ ‫حتى ال تظمأ‬ ‫بثلج ِه األسود ‪.‬‬
‫(‪)10‬‬ ‫ان الله ٌ‬
‫جميل‬ ‫وألنها التحمل ُ اسمك‬ ‫أقدامك رافلة‬
‫ِ‬ ‫وان تبقى‬ ‫إليك فقط‬ ‫كان لها ‪..‬‬
‫انظري الى عينيك في المرآة‬ ‫و يحب الجمال‪.‬‬ ‫ستكون مجرد قبلة‪.‬‬ ‫بالعشب‬ ‫يتسع الخيال‬ ‫قميص ُه‬
‫هكذا يرمي الرما ُد َ‬
‫ستجدين قتلى و مسحورين‬ ‫سأحرض األنهار على الجريان‬ ‫يهم بالتهام تنفسها‬
‫لم تحل طالسمهم‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫وأه ّز عذوق الغيم‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وكان ُّ‬
‫كل أدعية األمهات‬ ‫رأيتك‬
‫عندما ِ‬ ‫هم ينشرون كناناتهم‬ ‫على تفاح الغجر‬
‫ضيقة أيتها األرض‬ ‫لينسج منه خارطة ً لهوائ ِه‬
‫َ‬
‫وانظري الى عيني‬ ‫تذكرت مقولة صاحبنا‬ ‫ويختارون منها النبال‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ضيقةٌ أنت‬
‫ستعرفين كم أنا احبك‬ ‫الفلكي‬ ‫وأنا انشر السماء‬ ‫من أخطاء اآللهة‬ ‫لهذا سأرسم من عيني‬
‫هكذا يفق ُد المكانُ عيون ُه‪.‬‬
‫‪TABLEAU‬‬ ‫هذا المكان‬
‫نمنحه لمن‬
‫يريد ‪..‬‬
‫لفكرة مجنونة‬
‫آن لها ان‬
‫تنفجر ‪..‬‬
‫الحتجاج فني‬
‫او صرخة لون‬
‫‪..‬‬
‫ال ظل هنا‬
‫للممنوع‬
‫والمحذور وال‬
‫عين تراقب‪.‬‬
‫انها الحرية‪..‬‬
‫الحرية كاملة‬

‫تاتو‬

‫هادي ماهود‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫انثويات ‪19‬‬ ‫‪ 18‬نصوص‬

‫مياو‬ ‫الرابعة نهارا‬


‫من شراييني‬ ‫‪ ‬سوسن السوداني‬
‫أهل ًة للشروع ‪.‬‬ ‫شاعرة من العراق‬
‫‪ ‬النا عبدالستار‬
‫‪Sa.la21@yahoo.com‬‬
‫‪‬‬
‫قاصة من االردن‬ ‫في وها ِد جسدي ذكريات ُـ َك‬ ‫رؤوس أصابع ِـ َك‬ ‫ُ‬
‫وأنّات ُـ َك التي أفرغت ُـها‬ ‫تعابث أوعيتي‬ ‫ُ‬
‫وحزن ُـ َك الذي استودعت َـ ُه‬ ‫السماوات‬
‫ِ‬ ‫اقط علينا غبا ُر‬ ‫يس ُ‬ ‫ّ‬
‫العيونُ كف ّـ ْت عن الرؤية‬ ‫بجلباب رغبت ِـ ِه‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المتطاول‬ ‫يكسونا‬ ‫و‪..‬‬
‫بصرخات مكتوم ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الجس ُد‬ ‫ُيدخ ُلنا حرائقَ قيامت ِـ ِه‬
‫دعاها الى ان يغادرا الطاولة ويجلسا على العشب‪.‬‬ ‫وما ُ‬
‫يهطل‪....‬‬ ‫فيرتع ُد الجس ُد لغرائزِ ِه‬
‫تربعا قبالة الفرقة الكوبية‪ .‬وضع يده على كتفها‬ ‫انبهاري‬ ‫ُـفتضح نزوا ُت ُه‬
‫ُ‬ ‫وت‬
‫وبقاياك تستوطنُ الوها َد‬ ‫َ‬ ‫ننصهر‪..........‬‬
‫وقلد حركتها المتمايلة المندمجة مع ايقاع الموسيقى‬ ‫‪ .....................‬فقاقيع َ‬ ‫زقاق الروح‬
‫ينتصب في ِ‬
‫ُ‬ ‫د ْع وهم َـ َك الكبي َر‬ ‫ذوبانا‪..........‬‬
‫الراقص‪ .‬اخرج من جيبه علبة مخملية انيقة‪ ،‬فتحها‬ ‫‪...............................‬رغبت ِـ َك الطريد ْة‬ ‫القلب الخادع‬
‫لوجيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫استمع‬
‫ُ‬ ‫ك ّف ْت الذاكر ُة المحموم ُة عن التدوين‬
‫إال‪..........‬‬ ‫فيه‬
‫واخرج خاتم زواج من الماس قائال لها وهو ينزع عن‬ ‫تحولت في فمي‬ ‫ْ‬ ‫اللذ ُة‬
‫اصبعها الدقيق الخاتم القديم بان كل عيد زواج لهما‬ ‫‪‬‬ ‫علك ًة مسلفن ًة‬ ‫شظايا ناعمة‪.........‬‬
‫‪ ..............‬من كل ذاك‬ ‫‪‬‬
‫سيهديها خاتما جديدا‪ .‬ضحكت وهي تقول له‪ :‬أحب‬ ‫ٌ‬
‫ساخنة‬ ‫ٌ‬
‫صفحات‬ ‫حياتي‬ ‫تترنح ظ ًال بهيئت ِـ َك‬ ‫ُ‬ ‫راقصها‬‫موسيقاي أنتَ ُ‬
‫جنونك‪.‬‬ ‫األس ّرة التي تشه ُد وقائعي‬ ‫ُ‬ ‫م َّز َقتْها ِ‬ ‫فـ(الزبدُ)‪............‬‬ ‫ظالل ُـك تهت ُّز خيوط ًا داكن ًة‬
‫كان الجو خريفا‪ .‬لسعتهما نسمات فيها برودة هادئة‬ ‫وفي جيبي‪:‬‬ ‫ال يذهب جفا ًء‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫حاملة إليهما رائحة شواء حفلة الباربكيو المقامة على‬ ‫رؤوس أصابع ِـ َك‬ ‫خداعة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫خلف الشمس‬
‫ساعات مسروق ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫تع ُب‬‫‪َ –1‬‬ ‫َ‬
‫رؤوس أصاب ِعك ‪....‬‬ ‫ُ‬
‫الشاطئ‪ .‬اقترب منهما الكوبيون الثالثة واخذوا يعزفون‬ ‫من رابع ِة العمرِ‬ ‫‪‬‬ ‫تداعب جمري‬ ‫ُ‬
‫لحنا جديدا ناعم النغمات‪ .‬لم يتوقف طيلة الحفل عن‬ ‫َ‬ ‫ضباب رغبتي‬ ‫يتق ُد َ‬ ‫حج ُر فالسف ٍة‬
‫المتوحشون‬
‫ّ‬ ‫األحالم ب َّد َدها‬
‫ِ‬ ‫تعب‬
‫‪ُ _2‬‬ ‫نلملم أجزا َءنا‬‫تعال ُ‬ ‫تستع ُر حيف ًا‬
‫النظر اليها بعينين تشعان عشقا بينما كانت تبادله‬ ‫يا البعيد ‪....‬‬ ‫الشبق المتدلي‬ ‫ِ‬ ‫مساحيقَ‬ ‫نجمع‬
‫ُ‬ ‫انسج أصاب َع من حجرٍ‬ ‫ُ‬
‫طيات الجسد‬ ‫تتحسس ِ‬ ‫ُّ‬
‫الهمسات بخجل‪.‬‬ ‫يا ايها البعيد‪....‬‬ ‫بحب فحو َلت ِـ َك‬ ‫امرأة ُعم ِّـد ُْت ِّ‬ ‫أنا ٌ‬ ‫واحل عقد َة الجمرِ‪ ،‬بحضرت ِـ َك‪ ،‬اتقادي‬ ‫ُّ‬
‫الناضج‬ ‫وجعي‬ ‫درنات‬
‫ِ‬ ‫اقطف‬‫ُ‬ ‫يديك ضوء ًا وهوا ًء‬ ‫فاستحال على َ‬ ‫َ‬
‫غادرا المكان وهما يشعران بانتشاء فتّح فيهما‬ ‫بك‬‫أتوح ُم َ‬ ‫قرون ًا وأنا َّ‬ ‫طبقات ترد ِد َك‬ ‫ِ‬ ‫اخلع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫في قعرِ أعماقي َ‬
‫أراك‬
‫مسامات الفرح‪ .‬قال لها‪ ،‬وهما على الطريق‪ ،‬انه يحب‬ ‫في صحوتي‬ ‫انك في وا ٍد مقد ٍّس‬ ‫َ‬ ‫أمنح ُـ َك مدرج ًا للهبوط‬
‫ان تتوقف عن اخذ حبوب منع الحمل‪ .‬لمس بطنها‬ ‫أراك‬ ‫وفي غفوتي َ‬ ‫‪ ...................‬جسدي‬ ‫تحل ص ّر َة ِ‬
‫الوهم‬ ‫لعل ّـ َك ُّ‬ ‫للعشق‬
‫ِ‬ ‫أوراقَ ٍ‬
‫كتاب‬
‫تعف ّـ ُر ندب ًة في الزند‬ ‫تتقد أصداف ًا َ‬
‫وآللئ‬
‫بحنان بالغ وقال‪:‬‬ ‫اقتفيت أثر ًا متالشي ًا‬ ‫ُ‬ ‫بداخلي‬ ‫اغرقْ وهم َـ َك في لج ِة محيطي‬ ‫وتتج ُه نح َو‪........‬‬
‫ـ احب ان تنتفخ بطنك بابني‪.‬‬ ‫وجدت ُـك ظ ًال مائ ًال لقمرٍ بعي ٍد‬ ‫َ‬ ‫اآلهات‬
‫ِ‬ ‫المنتفض ببراكي ِن‬ ‫ُ‬ ‫الجس ُد‬ ‫‪.......................‬‬
‫فننبهر‪...............‬‬ ‫بؤر ِة التكوين‬
‫أمسكت بيده وقالت‪:‬‬ ‫بالظالل‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫طافحة‬ ‫ُ‬
‫الطريق‬ ‫أمواج َك ‪..‬‬‫ِ‬ ‫حمم‬
‫ُ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ـ‬
‫تقاذف ُ‬
‫ـ بي رغبة مجنونة بان احمل منك الليلة‪.‬‬ ‫والظالل ٌ‬
‫بعيدة‬ ‫ُ‬ ‫كم مرة ُ‬
‫ناديت ‪...‬‬ ‫بفراغ آخر‬
‫‪‬‬
‫ضحك ضحكة عانقت الغيوم وقفز امامها كبهلوان‬ ‫ٌ‬
‫بعيدة‬ ‫التأمل‬
‫ِ‬ ‫وجع‬
‫ارتاب من ِ‬ ‫يا جسد ًا ‪..‬ما َ‬ ‫لو ٌز وحريقٌ يوق ُد شموعي‬
‫خرج منكسا رأسه بانكسار وبقي يموء ساعات تحت‬ ‫دون فزع‪ .‬فتحت له الباب‪.‬‬ ‫الذي بات يزداد مع مرور الثواني‪ .‬داهمها الهلع عندما‬ ‫وهو يقول بصوت عال‪:‬‬ ‫تتالشى‬ ‫فيك‬ ‫يفقأ َ‬ ‫من ذا الذي ُ‬ ‫‪‬‬
‫المطر بالقرب من نافذتها وهي تبكي منكمشة على‬ ‫فدخل‪ .‬كان بياضه ناصعا وبه خيالء‪ ،‬جلبت له حليبا‬ ‫لم يستجب لندائها‪ .‬بدأت تهزه ثم لم تجد بدا من‬ ‫ـ اين انت ايها السرير‪.‬‬
‫ُ‬
‫فيطلق‬

‫براءة‬
‫نفسها في الفراش‪ .‬لم ينطفىء صوته اال مع بزوغ‬ ‫في صحن شربه باناقة واستلقى بعدها بجانب السرير‬ ‫محاولة قلبه حيث سقط كلوح جليد‪ .‬لسانه يخرج من‬ ‫اقتربا من البيت وهما يتذكران يوم التقيا اول مرة في‬
‫الفجر‪ .‬بعدها استطاعت ان تنام ساعات قليلة‪.‬‬ ‫ونام‪.‬‬ ‫فمه وعيناه جاحظتان‪ .‬شهقت وراحت تهزه بكلتا‬ ‫صفوف تعلم الموسيقى عند مدام روبار الكردية‪ .‬قالت‬
‫حين استيقظت لم يكن في ذهنها اال ان تراه‪ .‬بحثت‬ ‫في تلك الليلة استسلمت للنوم من دون ان تحتاج حبة‬ ‫يديها وتناديه وتمسح وجهه‪ .‬صارت تروح وتأتي وهي‬ ‫له انها كانت معجبة بالرحبانيات التي كان يغنيها‪.‬‬
‫عنه فلم تجده‪ .‬فتشت البيت والحديقة من دون جدوى‪.‬‬ ‫المهدئ وحين استيقظت لم تجده‪ .‬اعتقدت لبرهة‬ ‫عارية كالمجنونة‪ .‬اتصلت باالسعاف في لحظة عقل‬ ‫انحنى امامها وقبض على كفه معطيا اياه شكل‬
‫ركبت سيارتها تريد ان تبحث عنه في الحي واالحياء‬ ‫ان ذلك كان حلما حتى احست بشيء يداعب طرف‬ ‫وارتدت اول شيء لمحته في لحظة عقل اخرى‪ .‬تمنت‬ ‫الميكرفون وقال‪:‬‬ ‫فقال له‪ :‬انها تموت وهي تفت��ح فمها تريد ماء لتتنفس‪،‬‬ ‫رفاقه طوال طريق العودة‪ ،‬كانوا كل يوم يسخرون من وجنتيه‬ ‫وصل��ه الدور لينطق بمهنة المس��تقبل كانت كل الخيارات‬ ‫‪ ‬ساطع راجي‬
‫المجاورة‪ .‬أدارت مفتاح السيارة‪ ،‬اشتغلت دقيقة ثم‬ ‫ثوبها‪ .‬انتابها ارتياح غريب حين رأته‪.‬‬ ‫لو ان هذا كله حلم وهي ترى صدره يتلقى الصدمات‬ ‫ـ حاضر يا ملكتي‪.‬‬ ‫االس��ماك تموت خارج الماء‪ ،‬لم يعلموك ذلك في المدرسة‬ ‫المتوردتي��ن بحمرة جميلة وش��فتيه المكتنزتي��ن وبياضه‬ ‫التي خطرت له قد اس��تنفذها زمالؤه الصغار ولم يرغب هو‬
‫انطفأت‪ .‬حاولت مرارا لكن من دون فائدة‪ .‬تركت‬ ‫اسكنته معها‪ .‬كانت تستمتع وهي تطعمه وتسقيه‬ ‫الكهربائية من دون اي استجابة ‪ .‬كل محاوالت انقاذه‬ ‫واخذ يغني يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين ان‬ ‫قاص من العراق‬
‫لماذا تذهب إذن‪ ..‬ما الذي تدرس��ه؟! حاصرته اس��ئلة بائع‬ ‫وجسده المكتنز قليال‪ ،‬امه كانت تقول له انهم يغارون منه‬ ‫بتكرار اي من رغباتهم‪ ،‬اراد التفرد بمهنة وكلما تذكر واحدة‬
‫السيارة وقررت ان تبحث عنه مشيا على االقدام‪ .‬راحت‬ ‫وتغسله‪ .‬لم يكن يفارقها طيلة اليوم وفي الليل‬ ‫باءت بالفشل فقد كانت سكتة قلبية مفاجئة‪.‬‬ ‫كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين‪.‬‬ ‫السمك فأسرع باالبتعاد‪.‬‬ ‫النه جميل ومع ذلك كانت تضربه بقسوة كلما عاد بثياب‬ ‫استهلكها احد الصغار قبل ان يصل دوره‪ ،‬كان بإمكانه ان‬
‫تمشي في الشوارع والخوف يعصر صدرها‪ .‬اقفلت‬ ‫يستلقي بالقرب من السرير وال ينام اال بعد ان‬ ‫مرت ايام العزاء دون ان تذرف دمعة واحدة‪ .‬كانت‬ ‫أصر على ان يحملها كليلة عرسهما ويلقيها على‬ ‫اصبح الس��وق بعيدا وراءه وال اح��د معه في الطريق فهبط‬ ‫ممزق��ة او ملوث��ة بالطين بعد ش��جاراته ش��به اليومية مع‬ ‫يقول ال اعرف لكن احدهم قد سبقه الى ذلك ايضا ووبخته‬ ‫‪ -‬سأكون سمكة‪..‬‬
‫راجعة الى البيت وقد تحجر الحزن في قلبها‪ .‬جلست‬ ‫تخلد هي للنوم‪ .‬كان يحب ان يشم احذيتها ويلعق‬ ‫تجلس بهيبتها المعتادة من دون اتصال مع ما حولها‪.‬‬ ‫السرير‪ .‬توهجت رغبتهما في لحظة واحدة وتصاعدت‬ ‫ال��ى ضفة النه��ر وصار يحدق ف��ي الم��اء المتدفق يحاول‬ ‫رفاق��ه في طريق العودة للمنزل‪ ،‬يبكي طوال الطريق بعدما‬ ‫المعلمة قائلة (من ال يعرف المهنة التي يريد ان يعمل بها‬ ‫لم يكمل العبارة فقد انطلق��ت عاصفة من ضحك الصغار‬
‫تفكر به وبقيت طيلة النهار تنتبه بلهفة الى االصوات‬ ‫مالبسها‪ .‬يموء بجانبها وهي تستمع لموسيقى كوبية‬ ‫تتلقى التعازي وهي تشعر بالعشب تحتها وبالنسمات‬ ‫لذتهما‪ .‬القت ذراعيها جانبا باسترخاء وراحت تشم‬ ‫رؤي��ة س��مكة ما‪ ،‬اي س��مكة حية فهو لم يرى االس��ماك اال‬ ‫يضربون��ه وخوفا م��ن ضرب امه‪ ،‬حاول ذل��ك اليوم تجنب‬ ‫مستقبال يعني انه ال يعرف ما يريد وليس لحياته اي معنى‪،‬‬ ‫ومعلمتهم‪ ،‬قاطعته وتركت فمه مفتوحا رغبة في االستمرار‬
‫القادمة من الخارج وسرعان ما تتملكها الخيبة‪.‬‬ ‫ويعمل امامها حركات ليضحكها حين يلمح حزنها ‪.‬‬ ‫الخريفية وعزف القيثارات واصابع يدها اليمنى تتلمس‬ ‫رائحة تراب قريتها حيث نشأت حينما كانت تستقبل‬ ‫ميت��ة او وهي تحتضر‪ ،‬غمس يده ف��ي الماء وحركها ببطء‬ ‫االمر فتأخر عن زمالئه بالسير بطيئأ على الطريق المؤدي الى‬ ‫المهنة هي معنى حياتكم وبدونها ستكونون تائهين وبال‬ ‫بالكالم واس��تغرابا من الضحك الهستيري الذي سيطر على‬
‫كأنه يصافح الس��مك الذي يتخيل وجوده في النهر‪ ،‬البلل‬ ‫المنزل‪ ،‬كانت متعت��ه اليومية هي التحديق في النهر الذي‬ ‫مس��تقبل‪ ،‬تصوروا ان تكونوا ضائعين ه��ذا حالكم اذا لم‬ ‫زمالئه‪ ،‬فالصغار ل��م يتوقفوا عن الضحك‪ ،‬كانت افواههم‬
‫في المساء حاولت ان تخلد الى النوم‪ .‬دمعت عيناها‬ ‫اهتمت به واشترت موسوعة علمية عن القطط وراحت‬ ‫خاتم األلماس‪.‬‬ ‫اول حبات الغيث في اواخر ايلول وعبق الياسمين الذي‬ ‫غس��ل مخاوفه واذاب التحذي��رات والتهديدات اليومية من‬ ‫يمتد مع الطريق والفرجة على عربات السمك التي تصطف‬ ‫تعرفوا ما تريدون ان تكونوا عليه مستقبال)‪.‬‬ ‫جميعه��ا مفتوحة واللثات التي س��قطت بعض اس��نانها‬
‫وهي تنظر لمكانه حيث اعتاد ان ينام‪ .‬لمع خاتمها‬ ‫تبحث في النت عن القطط وعاداتها‪ ،‬ما تحب وما‬ ‫النهارات بدأت تطول والليالي تتوحش اكثر‪ .‬صور‬ ‫يتسرب الى انفها من باحة البيت في الصباحات‪.‬‬ ‫امه فجلس مرتاحا على العشب غير مبال بالطين الذي لوث‬ ‫عل��ى الرصيف وليتأخر ظل ذلك اليوم يمعن في االس��ماك‬ ‫كانت كلماتها تتحول الى حيوانات مفترسة تحيط بالصغير‬ ‫اللبني��ة كانت تحيط به م��ن كل جانب‪ ،‬حاول��ت المعلمة‬
‫الماسي في الظالم في اللحظة التي جاءت بذهنها‬ ‫تكره وكيف تعتني بها‪.‬‬ ‫متالحقة لتلك الليلة كانت تجوب مخيلتها بال انقطاع‬ ‫عانقته وهو يلهث‪ .‬لعقت اذنه وهمست له ‪:‬‬ ‫ثيابه‪ ،‬غادرته مش��اعر الخوف فنزع ح��ذاءه ومد رجليه في‬ ‫المستلقية على المش��مع في العربات وهي تفتح افواهها‬ ‫وتنبح ‪..‬تزأر‪..‬تهر كاشفة عن انياب بيضاء كبيرة وخيوط من‬ ‫اسكاتهم لكنها لم تسيطر على نفسها فشاركتهم الضحك‬
‫جملة قرأتها في موسوعة القطط‪ .‬قفزت من السرير‬ ‫في ليلة ماطرة استيقظت على شيء غريب‪ .‬كان قد‬ ‫‪ .‬امست تعاشر كتبه ودواوين شعره في مكتبته‪.‬‬ ‫ـ مرة اخرى‪.‬‬ ‫الماء ليتس��رب منه الحزن والغضب واخ��ذت صورة زمالئه‬ ‫ببطء وكأنها تتثاءب‪ ..‬عيونها الملونة مفتوحة كأنها ازرار‬ ‫اللعاب تس��يل من اش��داقها وتتدلى ألسنها حمراء طويلة‪،‬‬ ‫المجن��ون عل��ى ما قاله الصغي��ر وهو يح��اول االجابة على‬
‫بشكل هستيري وخرجت من البيت‪ .‬اضاءت الكراج‬ ‫تسلل الى السرير كاشفا عن فخذيها واخذ يلعقهما‪.‬‬ ‫مالبسه وعطوره وكل ما يحمل بصماته‪.‬‬ ‫كانت قد تركت مانع الحمل منذ اسبوع‪ .‬عادت‬ ‫ومعلمته تذوب لكن قبل ان تتالشى نهائيا صاح (ان اكون‬ ‫مث��ل عيونه‪ ،‬لم يحب أكل الس��مك يوما ويتعجب من نهم‬ ‫كانت دائرة الحيوانات المفترس��ة تضي��ق حوله وتتعالى‬ ‫سؤالها عن خططه للمستقبل‪.‬‬
‫وهي ترتجف‪ .‬اقتربت من السيارة‪ ،‬ترددت لحظات‪.‬‬ ‫هبت مذعورة‪ .‬سترت جسدها وهي تقفز عن السرير‪.‬‬ ‫في يوم ميالده بكت بكاء مريرا استذكرت به‬ ‫لتهمس‪:‬‬ ‫سمكة ليست مهنة اعرف ذلك لكني اريد الحياة كسمكة وال‬ ‫والدي��ه واخوته وهم يفترس��ون االس��ماك ويفتتون لحمها‬ ‫االصوات‪ ،‬تخيل المس��تقبل حيوانا ضخم��ا له اكثر من فم‬ ‫كان��ت المعلمة ضجرة من صخ��ب الصغار وأرادت إلهاءهم‬
‫فتحت الغطاء االمامي للسيارة وهي ترتعد خوفا‪.‬‬ ‫صرخت وهي تفتح الباب‪:‬‬ ‫احتفاالتهما‪ .‬كانت تجلس على السرير وتحتضن‬ ‫ـ اريد البننا ان يستقر الليلة في رحمي‪.‬‬ ‫اريد مهنة‪ ..‬السمكة بال مهنة‪ ..‬بال مستقبل‪.)..‬‬ ‫االبيض بس��رعة‪ ،‬البياض كان صلة اخرى تربطه بالس��مك‪،‬‬ ‫كلها تح��اول إبتالعه واطلق عبارت��ه كصرخة حين اطبقت‬ ‫بأي ش��يء حتى ينتهي الدرس فأعتمدت على ذلك السؤال‬
‫كانت الدماء والفراء االبيض تتناثر في الداخل وكتلة‬ ‫ـ اخرج من هنا‪ ..‬اخرج من هنا‪.‬‬ ‫بيجامته التي اهدتها له العيد الفائت‪ .‬عال فوق‬ ‫بدا شاحبا وهو يرد دون حماس‬ ‫اغواه الماء فتردد هو ال يعرف السباحة لكنه تذكر ان السمك‬ ‫كان يتخي��ل ان رفاق��ه الصغار س��يلتهمون لحمه االبيض‬ ‫عليه دائرة االفتراس‪ ..‬س��أكون س��مكة‪ ..‬قاله��ا دون تفكير‬ ‫كحيلة تلجأ اليها المعلمات حينما ال تكون لديهن رغبة في‬
‫ال يح��اول البقاء ف��وق الماء ب��ل ينغمس في��ه‪ ..‬يغوص‪..‬‬ ‫ويمزقون��ه بأس��نانهم‪ ،‬كانوا يس��خرون من بياض��ه يوميا‪،‬‬ ‫رغم رغبته الالحقة في تفس��ير ما قاله لكن دائرة االفتراس‬ ‫مواصل��ة التعليم‪ ،‬ألقت بالس��ؤال كلعبة صغيرة يلهو بها‬
‫لحمية ملتصقة بالمروحة‪ .‬انهارت على االرض وهي‬ ‫ماء بجوارها‪ .‬اشتم قدميها‪ .‬لعقهما باستجداء‪ .‬كانت‬ ‫نحيبها صوت مواء قادم من بلكونة غرفة نومهما‪.‬‬ ‫ـ نعم سيكون ذلك في منتهى الروعة‪.‬‬ ‫البش��ر هم من يبقون فوق س��طح الماء ويقاوم��ون االنغمار‬ ‫إحدى االس��ماك فتحت فمها وجمدت عند ذلك فتذكر فمه‬ ‫سرعان ما تحولت الى دائرة سخرية وضحك صاخب ختمته‬ ‫االطفال لقضاء الوقت بينما كان هو يحترق من داخله كلما‬
‫تهذي تحت المطر‪:‬‬ ‫تردد بال وعي‪:‬‬ ‫نظرت فلمحت قطا ابيض‪ .‬كان اول شيء يلفت‬ ‫اعادا الكرة مجددا‪ .‬ايقظتها من لذتها حبات عرق‬ ‫بالماء‪ ،‬أستس��لم للغواية وهبط الى القاع‪ ..‬فتح عينيه مثل‬ ‫المفتوح دهش��ة وإستغرابا في الصف‪ ،‬كانت اسماك اخرى‬ ‫المعلمة (هذه ليست مهنة) وانتهى الدرس‪.‬‬ ‫نطق احد زمالئه التالميذ باس��م المهنة التي يريد ان يعمل‬
‫ـ لقد قتلته مرتين ‪ ..‬لقد قتلته مرتين‪.‬‬ ‫ـ اخرج من هنا ‪..‬اخرج من هنا‪.‬‬ ‫انتباهها بعيدا عن ذكرياتها وحزنها‪ .‬كان ينظر اليها‬ ‫كثيفة تساقطت من جبهته على وجهها وثقل جسده‬ ‫االسماك‪ ..‬فتح فمه وصار يتنفس الماء‪..‬‬ ‫تفتح افواهها وتغلقها ببطء متزايد فسأل البائع عن ذلك‬ ‫توق��ع ان تزداد حصت��ه من االذى اليومي ال��ذي يتلقاه من‬ ‫بها‪ ،‬لقد ش��عر بخياراته تتقلص دقيق��ة بعد اخرى وعندما‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫ثقافات ‪21‬‬ ‫‪ 20‬ثقافات‬

‫إيروس في الرواية‬ ‫كاتبات الروايات الغرامية يخجلن منها!‬


‫الفضيلة وحدها ال تضمن رقي المجتمع‪ ،‬وال تكفي لتحقيق سعادة األفراد‬ ‫في المكتبات‪ ،‬و يطلبون رواياتهم الرومانسية على‬ ‫السخف في قبول هذه الجائزة‬ ‫شعرت بشيء من ُ‬ ‫َح َسنُ ‪ُ ،‬‬ ‫مت مؤخر ًا تشريف ًا غير مريح‪ ،‬من النوع الذي لست‬ ‫تس َّل ُ‬ ‫‪ ‬ترجمة ‪ :‬عادل العامل‬
‫اإلنترنيت "‪.‬‬ ‫بسبب مدخل في أحد المواقع الشخصية عن إبنتي‬ ‫متأكد ًا من أنني ينبغي أن أض ّمنه في خالصتي‪ ،‬كما‬
‫ليحافظ على حريته‪ .‬وفي روايته حقق التوازن بين‬ ‫عليها (والذي طغى كذلك على روايات يوسا األخيرة)‪،‬‬ ‫يستهل وليد سليمان كتابه "إيروس في الرواية" برسالة‬ ‫‪ ‬هشام بن الشاوي‬ ‫بمعنى ما‪ ،‬فإن الرومانس ما تزال تكدح تحت العبء‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫وصديقات يقرأن رومانس تهريج ‪ .Harlequin‬لكن ما‬ ‫يقول الناقد رون تشارلس في مقاله هذا‪ .‬ففي مؤتمرهن‬
‫فوضى التلقائية والحدس المحض والتحكم العقالني‬ ‫والثاني أن تلك الروايات بقيت أعماال خالدة في ذاكرة‬ ‫من الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا في نسختيها‬ ‫ال��ذي ج��رت العادة أن ي��رزح تحت عبئه كل األدب‬ ‫أدهشني كان رائحة االحباط العالقة في الهواء في‬ ‫السنوي في واشنطن‪ ،‬قدَّمت لي ( كاتبات الرومانس‬
‫في العمل الروائي‪ ،‬رغم انتصاره لألهواء واألحاسيس‪.‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وكذلك غوصه ‪-‬يوسا‪ -‬العميق في ثنايا‬ ‫األصلية(اإلسبانية) والمع ّربة‪ ،‬معنونة بـ"إلى أصدقائي‬ ‫كاتب من المغرب‬ ‫القصصي‪ .‬و كانت المواعظ الدينية المتزمتة في القرن‬ ‫المؤتمر الذي حضره ‪ 2.000‬كاتبة محترفة لهذا النوع‬ ‫في أميركا ) جائزة الفيريتاس ‪ .Veritas‬و هي جائزة‬
‫ويخلص يوسا إلى أن كتاب ميلر جميل وفلسفته مؤثرة‬ ‫تلك الروايات مستفيدا من خبرته الروائية واشتغاله‬ ‫التونسيين الذين لم ألتقهم"‪ ،‬تحدث فيها يوسا عن‬ ‫الـ ‪ 17‬تُث َّبت بمسامير مع تحذيرات من قراءة الروايات‪.‬‬ ‫من الكتابة في ماريوت واردمان‪ .‬فمع كل نجاحهن‪ ،‬و‬ ‫" تُعطى سنوي ًا على مقالة تظهر منشورة أو من خالل‬
‫رغم سذاجتها‪ ،‬وال توجد حضارة يمكنها الصمود أمام‬ ‫على أسرار الكتابة الروائية‪...‬‬ ‫كتب يشترك فيها مع قرائه التونسيين (العرب)‪،‬‬ ‫و كان توماس جيفيرسون يشكو مر الشكوى من الروايات‪،‬‬ ‫مع كل األمور المتعلقة بالمبيعات التي يحققنها‪ ،‬فإن‬ ‫وسيلة أخرى تصور أفضل تصوير نوع الرواية الغرامية‬
‫فردية متطرفة‪ ،‬باستثناء تلك التي تكون مستعدة‬ ‫* "الموت في البندقية" لتوماس مان‪.:‬حسب ماريو‬ ‫فيثبتون رغم البعد الجغرافي و االنتماء إلى ثقافتين‬ ‫أيض ًا‪ ،‬مدعي ًا أنها " عقبة عظيمة تعيق التربية السليمة‬ ‫هذه الجماعة من الكاتبات ما تزال بحاج ٍة إلى شيء من‬ ‫في ضو ٍء إيجابي "‪ .‬و لم يكن مدهش ًا‪ ،‬أن تظل فيريتاس‬
‫إلرجاع اإلنسان إلى العصر البدائي‪.‬‬ ‫(لإلشارة فهي الرواية التي اتهم بسببها كاتبها‬ ‫مختلفتين بأن بينهم وبينه "هذا الكاتب الذي هو أنا‬ ‫سم يصيب العقل‪ .‬و النتيجة تخ ّيل منتفخ‪ ،‬و حكم‬ ‫‪ٌّ ...‬‬ ‫البناء الجاد للتقدير الذاتي‪ .‬و قد يكون ذلك هو الغرض‬ ‫لسنوات من دون أن تُعطى ألحد‪ .‬فالضوء اإليجابي‪ ،‬كما‬
‫* "حسناء من روما" البرتو مورافيا‪ :‬يعترف بأنه قرأها‬ ‫بالمثلية الجنسية)‪ ،‬فهي تمتاز بفتنة الحبكة والتميز‬ ‫وشائج عميقة ال تنقطع‪ .‬مثال‪ ،‬عشقي للروايات العظيمة‬ ‫مريض‪ ،‬و قرف من األعمال الواقعية للحياة "‪.‬‬ ‫الحقيقي من مؤتمرهن السنوي أكثر من أي شيء آخر‪.‬‬ ‫سيبدو الحق ًا‪ ،‬نادر ًا ما يسقط على هذا النوع األدبي‪.‬‬
‫أول مرة حين كان الزال صبيا يرتدي التبان‪ ،‬متحديا‬ ‫الشكلي‪ ،‬واإلشعاع الالمتناهي للتداعيات والرموز التي‬ ‫التي أثرت حيواتنا ومكنتنا من الحلم‪ ،‬تعويضا عن‬ ‫و من الواضح أن التي كانت تُلقي الخطاب الرسمي في‬ ‫و عند مأدبة الفائزات‪ ،‬جلست إلى جوار استرالية عذبة‬
‫الحظر العائلي لجديه وأم��ه‪ ..‬ويصنفها ضمن قمم‬ ‫تولدها الحكاية في ذهن القارئ‪ ،‬وإعادة قراءتها تجعل‬ ‫التقلبات والخيبات التي تُع ِّر ُضنا لها‪ ،‬أحيانا‪ ،‬حياتنا‬ ‫احتفال جائزة الرومانس كانت تحاول أن تستنهض‬ ‫المعشر تدعى روزماري بوتَر‪ ،‬كانوا قد ت َّوجوها كأفضل‬
‫الواقعية الجديدة بإيطاليا‪ .‬الرواية ال يصدقها إال‬ ‫القارئ يحس بأن أمرا ملغزا بقي في النص‪ ،‬له صلة‬ ‫اليومية"‪ .‬مؤكدا على أن وظيفة الروايات الجيدة إيقاظ‬ ‫الكاتبات المجتمعات من حياة االحباط‪ .‬و قد اعترفت‬ ‫بائعة كتب لهذا العام‪ .‬و هي واحدة من القليل من‬
‫القارئ الذي يتخلى عن الوهم الواقعي‪ ،‬ويستعد‬ ‫بالقدر وبالتجربة اإلنسانية‪ .‬إن غريزة الموت‪/‬الشر‪/‬‬ ‫الروح النقدية في ما يتعلق بالواقع المعيش والحث‬ ‫ألويسا جيمس بأنها اعتادت أن تخبر الناس بأنها‬ ‫أصحاب المكتبات في العالم الذين يبيعون روايات‬
‫ليعيش في نزوة أدبية‪ ،‬وقد برع فيها مورافيا في رسم‬ ‫البحث عن سيادة الفرد الكاملة‪ ،‬التي تسبق المواضعات‬ ‫على العمل من أجل إصالحه وتحسينه‪ ،‬متمنيا أن‬ ‫تكتب روايات الرومانس " من أجل المال "‪ .‬بأية طريقة‬ ‫نحو‬
‫رومانسية جديدة فقط‪ .‬و محلها المع ّين على ٍ‬
‫البورتريهات النفسية‪ ،‬وال يرى ماريو ما يبرر تلك الضجة‬ ‫التي يحددها أي مجتمع للحيلولة دون تفكك الجماعات‬ ‫تحرض مقاالته بعض قرائه التونسيين على قراءة‬ ‫أخرى كان يمكن ألستاذة في أدب شكسبير تثقفت في‬ ‫جميل يحقق لها ‪ 40.000‬دوالر أسترالي في الشهر‪،‬‬
‫التي رافقت الرواية‪ ،‬فالمشاهد الجنسية معظمها تافه‬ ‫والعودة إلى البربرية‪ ،‬وكبح أهواء األفراد حتى ال تشكل‬ ‫أو إعادة قراءة تلك الروايات التي تعتبر من أفضل‬ ‫هارفارد و أوكسفورد و ييل أن تبرر نشر هذه الكتب‬ ‫لكن حين بدأت قبل سبع سنوات أبعد محاسبها هذا‬
‫تقريبا‪ ،‬والساردة ‪-‬رغم ممارستها البغاء‪ -‬تظهر أخالقا‬ ‫خطرا على الجسد المجتمعي‪ ...‬إنه التعريف الحقيقي‬ ‫ما أنتج في القرن العشرين‪" ،‬قرن الكوارث السياسية‬ ‫المبهرجة؟ إنها ابنة روبرت بالي‪ ،‬لخاطر السماء! و قد قرأ‬ ‫الحلم باعتباره سخيف ًا‪ .‬بل أنها تفاجيء أباها و هو ُيخبر‬
‫صارمة‪ ،‬وجسارة الكتاب الوحيدة هي الأخالقية األم‪،‬‬ ‫لفكرة الحضارة‪ .‬لكن المالك الذي يعيش داخل اإلنسان‬ ‫الكبيرة والحروب الفظيعة‪ ،‬ولكن أيضا‪ ،‬قرن إبداعات‬ ‫لها ‪ Beowulf‬في وقت النوم؛ و تعلمت هي و أخوتها‬ ‫أصدقا ًء له بأنها تدير مكتب ًة‪ ،‬فتقول له ‪ " :‬إنها مكتبة‬
‫التي تكاد تكون شاهدة عيان على لقاءات ابنتها مع‬ ‫ال يستطيع هزم الشيطان الذي يتقاسم معه الشرط‬ ‫العقل الرائعة"‪.‬‬ ‫ترانيم عيد الميالد باللغة الالتينية‪ .‬و لم تقرأ أمها‬ ‫رومانس‪ ،‬دادي! "‬
‫زبائنها‪ ،‬مع صعوبة تخيل هذا التفصيل الهامشي‪..‬‬ ‫اإلنساني‪ ،‬وإن كانت الفضيلة تضمن رقي المجتمع‪،‬‬ ‫وأشار وليد سليمان في مقدمته للكتاب إلى أنه اختار‬ ‫أي ًا من رواياتها على اإلطالق‪ .‬كانت تقول لها‪ " :‬إنك‬ ‫و هناك عبر المائدة نفسها ديبورا شيدر‪ ،‬أمينة مكتبة‬
‫ويختم مقاله باإلشارة إلى أن تغير عقلية القراء‪ ،‬بعد‬ ‫فهي ال تكفي لتحقيق سعادة األفراد الذين تكبت‬ ‫هذا العنوان للكتاب بدل العنوان األصلي "حقيقة‬ ‫تعلمين أنني ال أقرأ ذلك الهُ راء الجنسي "‪ .‬و على سرير‬ ‫العام‪ ،‬التي أخبرتنا أن زوجها يتعرض للسخرية في‬
‫هذه األربعين سنة‪ ،‬سيجعلهم يقرؤون الرواية دون‬ ‫أهواءهم حتى ال تشكل خطرا على الجسد المجتمعي‪.‬‬ ‫األك��اذي��ب"‪ ،‬لوجود رابطين أولهما تناول نصوص‬ ‫موتها قالت إنها متأكد ًة من أن ألويسا ستكتب " كتاب ًا‬ ‫العمل في ما يتعلق بمهنتها الجانبية ككاتبة رومانس‪.‬‬
‫السقوط في األحكام الجاهزة‪.‬‬ ‫إنها تتحين الفرصة للظهور‪ ،‬مما يؤدي إلى الدمار‬ ‫الكتاب لروايات مهمة‪ ،‬وطغيان الجانب اإليروسي‬ ‫يوم ما‪ .‬هذا بالنسبة المرأة نشرت ‪18‬‬ ‫حقيقي ًا " في ٍ‬ ‫إذ يسأله ذوو الرؤوس الثقيلة ‪ " :‬كيف تقوم زوجتك‬
‫* "لوليتا" لفالديمير نابوكوف‪ :‬مع انتشار الرواية ذاع‬ ‫والموت‪ ،‬والجنس هو المنطقة المفضلة التي يتحرك‬ ‫رواية رومانسية تاريخية‪ 14 ،‬منها أفضل مبيع ًا‪ ،‬و بـ‬ ‫ببحثها‪ ،‬ها؟ هل ذلك الفتى الذي على غالف الكتاب‬
‫مصطلح "لوليتا"‪ ،‬كناية عن المرأة‪/‬الطفلة‪ ،‬المتحررة‬ ‫فيها الشياطين القادمون من المناطق المظلمة بالنفس‬ ‫‪ 3.5‬مليون نسخة‪ .‬غير أن سخرية أسرتها يتردد صداها‬ ‫صديقها؟ !" فتقول لزوجها المرتبك أن يذ ِّكر أصدقاءه‬
‫دون علمها‪ ،‬والتي ترمز في الالوعي إلى ثورة األخالق‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ونفيه التام يفقر الحياة ويحرمها من‬ ‫في العالم عموم ًا‪ .‬و قد قالت ألويسا ‪ " :‬إن الخجل يقتل‬ ‫بأن " ليس الذي على الغالف ما ُيهم‪ ،‬و إنما الذي ما بين‬
‫المعاصرة‪ ،‬والرواية من األحداث التي مهدت لـ"عصر‬ ‫الحماسة والنشوة الضروريتين للكائن‪.‬‬ ‫التخيل ‪ ،‬و من الصعب مواصلة الكتابة في مواجهة‬ ‫الغالفين "‪ .‬و كان ذاك هو ما يضعهم في مكانهم‪.‬‬
‫التسامح الجنسي"‪ ..‬تالشي التابوهات بين المراهقين‬ ‫هذه هي المضامين الشائكة التي سلط عليها توماس‬ ‫ذلك "‪ .‬و كان ألفا امرأة قد توقفن عن تناول وجبتهن‬ ‫و يبدو أن الق ّراء أيض ًا يشعرون بشيء من االرتباك في ما‬
‫في الواليات المتحدة األمريكية وأوربا الغربية‪ .‬إنها‬ ‫مان األضواء‪ .‬فجمال الطفل الذي أغرم به بطل الرواية‬ ‫من الدجاج و الرز‪ ،‬و لم يكن معظمهن مشهورات‪ ،‬لكن‬ ‫يتعلق بالروايات الرومانسية‪ ،‬أي الغرامية‪ .‬فقد أخبرني‬
‫شرقي أحس‬‫ٍّ‬ ‫كأوربي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫استعارة تعكس شعو َر كاتبها‬ ‫الخمسيني كان الحافز الذي أطلق حالة تدمير انتهت‬ ‫بدا أنهن جميع َا قد عرفن على وجه التحديد ماذا كانت‬ ‫محرر في هارليكوين أنه في (نطاق الكتاب المقدس‬
‫بخيبة أمل شديدة تجاه الواليات المتحدة‪ ،‬بسبب ما‬ ‫إلي تدمير واقعي بالكوليرا‪ ،‬فيما يمكن أن يكون إشارة‬ ‫تعني‪ .‬‬ ‫‪ ،) Bible Belt‬تُعد اإلثارة و الرومانس األكثر رواج ًا ــ‬
‫فيها من قلة نضج‪ ،‬بعد حبه الجارف لها‪...‬‬ ‫النحالل أوروبا االجتماعي والسياسي‪ ،‬الخارجة من زمن‬ ‫عن ‪Washington Post /‬‬ ‫الضجيعين الغريبين في الواقع‪ " .‬فهم بشترون إثارتهم‬
‫* "بيت الجميالت النائمة" لياسوناري كاواباتا‪ :‬يتحدث‬ ‫االنفالت المرح إلى االستعداد للتدمير الذاتي‪ .‬الوباء‬

‫الديكتاتور وصديقه‬
‫في مستهل ورقته عن قراءة نص مترجم وما قد يفقده‬ ‫ثمن االنحطاط والجنون واإلفالس وهي نزعة أخالقية‬
‫أثناء رحلته اللغوية من عطور النص األصلي‪ ،‬ويشير‬ ‫لدى الكاتب‪ ،‬وقد كان توماس مان ضحية أخالق‬
‫إلى أن الرواية مستلهمة من التوراة‪( ،‬وهي الرواية التي‬ ‫البورجوازية الصارمة‪ ،‬ويتساءل بارغاس‪ :‬لماذا يعاقب‬
‫فتنت صديقه اللدود ماركيز‪ ،‬فكتب "ذاكرة غانياتي‬ ‫الفنان بكل تلك القسوة وكل خطيئته أنه اكتشف‬
‫الحزينات")‪ ،‬وأنها ليست ذات نزعة طهرانية‪ ،‬بل تزخر‬ ‫اللذة متأخرا على المستوى الذهني فقط؟‬ ‫المرة االولى التي كان الزعيم يبحث فيها عن شريك طبقا لقول ماركيز حيث‬ ‫لعدة عقود وفي احدى المرات قرأ كاسترو مخطوطة ماركيز " قصة بحار غريق‬ ‫‪ ‬ترجمة ‪ :‬عمار كاظم محمد‬
‫بسفاحات وحشية تفضح فظاعة الخطيئة‪.‬‬ ‫* "المحراب" لوليام فوكنر‪ :‬هي ابتكار أفظع حكاية‬ ‫بقيا يتحدثان لعدة ساعات عن المأكوالت البحرية ‪.‬‬ ‫" ثم جاء الى غرفة الكاتب في الفندق الذي يقيم فيه لكي يخبره أن س��رعة‬
‫* "المفكرة الذهبية" لدوريس ليسنغ‪ :‬الرواية إنجيل‬ ‫يمكن تخيلها‪ ،‬حكاية قاسية حد العبث‪ ،‬لكن يلعب‬ ‫وف��ي ما يبدو ان ه��ذا التفضيل لم يكن يس��ير من جانب واحد فقد رس��م‬ ‫المركب في القصة كانت أمرا مستحيال ولذلك يحب أن يعطي زمنا قصصيا‬ ‫الش��عراء والسياس��يون مثل النفط والماء اليختلطان مع بعضهما بيسر‪،‬لكن‬
‫النسويين‪ ،‬وأنصار الرواية و مهاجموها يعترفون‬ ‫الشكل فيها دور البطل‪ ،‬فهو شديد الحضور في السرد‪،‬‬ ‫ماركيز ايضا اهميته الخاصة وهن��اك العديد من الكتاب الذين يقولون بأن‬ ‫لهذا األمر بعد ذلك س��لم ماركيز مخطوطة روايت��ه "وقائع موت معلن " الى‬ ‫روائ��ي امريكا الالتينية االكثر ش��هرة والفائز بجائ��زة نوبل لألدب وعالقتة‬
‫بدورها كرواية تنتمي إلى عصرها‪ ،‬تطرقت إلى عدة‬ ‫والرواية تبقي جزء ًا من الحكاية خارج السرد‪ ،‬متروكا‬ ‫ماركيز قد رتب ألطالق س��راح‪ 3000‬س��جين في الجزيرة وعلى الرغم من أن‬ ‫كاس��ترو الذي قال بعد قرائتها ان وصفه لبندقية الصيد كان خاطئ ًا " وكان‬ ‫الطويل��ة بش��خصية ديكتاتورية مثل فيدل كاس��ترو هو ام��ر أكثر من ودي‬
‫مواضيع منها‪ :‬التحليل النفسي‪ ،‬الستالينية‪ ،‬العالقة‬ ‫لنزوة القارئ‪ ،‬والتالعب بمعطيات الحكاية المختلسة‬ ‫المختصي��ن يعتبرون بان هذا الرقم مبالغ فيه لك��ن العديد من العوائل قد‬ ‫ماركيز قد قال في مقابلة اجرتها معه صحيفة " ال بياس " االس��بانية عام‬ ‫بالنسبة اليهما‪.‬‬
‫بين المتخيل والمعيش‪ ،‬الحرب بين الجنسين‪ ،‬تحرير‬ ‫لفائدة القارئ األكثر براعة‪ .‬الراوي ال يكشف عما تفكر‬ ‫ذهبت الى الكاتب لكي يصنع لها معروفا مع النظام ‪.‬‬ ‫‪ " 1996‬أنا ال انشر اي كتاب لم يقرأه القائد أوال" ‪.‬‬ ‫ف��كال الش��خصيتين يعتب��ران احدهم��ا اآلخر صديق��ا مقربا يق��ول ماركيز‬
‫المرأة والوضعية االستعمارية والعنصرية‪ ،‬والرواية‬ ‫فيه الشخصية‪ ،‬ويقفز إلى حركات وأفعال يكشف عنها‬ ‫م��ا الذي حصل عليه االثنان م��ن هذه العالقة ؟ هل يل��ذ لماركيز أن يكون‬ ‫وف��ي الحقيقة كان هن��اك كتاب واحد في ‪ 700‬صفح��ة كتبه ماركيز عن‬ ‫للصحفيين في عام ‪ 1977‬عن كاس��ترو " انه اكثر انس��ان لطيف عرفته " ‪.‬‬
‫ليست وصفة ضد استالب ال��م��رأة في المجتمع‬ ‫فيما بعد بشكل مباغت‪ .‬ويرى ماريو أن األدب الخيالي‬ ‫المستش��ار الموثوق لدى الزعيم ؟ ويحصل على قصر في جزيرة قرب يخوت‬ ‫حي��اة الكوبيين في فترة الحصار لم يذهب الى النش��ر بس��بب اعتراضات‬ ‫ولربما ال يعرف الكثيرون أن كاسترو رجل مثقف جدا ذلك ما قال عنه الكاتب‬
‫المعاصر‪ ..‬إنها رواية حول األوهام الضائعة للمثقفين‬ ‫عملية تطهير‪ ،‬فكل ما يكبت في الحياة الواقعية‬ ‫كاس��ترو ؟ كاسترو بالتأكيد يثمن السمعة الثقافية التي تأتي من الصداقة‬ ‫"القائد" عليه وقد ش��غل ماركيز في جانب غير معه��ود بكتابة تقارير في‬ ‫في لقاء أجرته معه مجلة بالي بوي عام ‪. 1983‬‬
‫وفشل اليوتوبيا‪ ،‬بعيون امرأة‪ ،‬وبالمعنى الذي يريده‬ ‫لضمان استمراريتها‪ ،‬يجد فيها ملجأ وأحقية للوجود‬ ‫من��ذ أن انقل��ب العديد من نظ��راء ماركيز على الثورة إذ الش��يء بعد ذلك‬ ‫صالح كوبا ففي عام ‪ 1977‬كتب قطعة صور فيها التدخل العس��كري من‬ ‫لكن ما يحاول مؤلفا الكتاب نيجل اس��تيبان وس��تيفاني بينجل ليس مجرد‬
‫عشاق القيامة‪.‬‬ ‫وحرية للعمل على نحو أكثر إيذاء ورعبا‪.‬‬ ‫والقائد ممكن أن يقدم مردودا ماديا ممتازا لمؤلف له ولع بالكتابة عن القوة‬ ‫قبل كوبا في انغوال بانه فعل بسيط من االيثار ‪.‬‬ ‫عرض للصداقة بين فيدل كاسترو وماركيز بل ان الدراسة ترينا ذلك من خالل‬
‫"إيروس في الرواية" كتاب يقدم‪ ،‬وبحميمية مبدع في‬ ‫* "مدار السرطان" لهنري ميلر‪ :‬يعتبرها الناقد كتابا‬ ‫وه��ي تجارة محترمة بالتأكيد لكنه يبدو من الس��هل جدا باالضافة إلى أي‬ ‫في ع��ام‪ 2000‬كتب قصة عن طفل كوبي يدعى ايل��م غونزاليس غرقت‬ ‫اللقاءات المنش��ورة سابقا مع الشخصيتين والمقابالت األصلية التي أجراها‬
‫حجم ماريو بارغاس يوسا‪ ،‬وبلغته اإلبداعية‪ ،‬قراءات‬ ‫عظيما ورجيما‪ ،‬راجت حوله األساطير قبل ثالثين عاما‪،‬‬ ‫ش��يء آخر مالحظة أن الرجلين صديقان بحق وان ماركيز يحب كاس��ترو على‬ ‫امه وهي تح��اول الهروب بطوافة نحو الواليات المتحدة بينما ظل أبوه في‬ ‫االساتذة من خالل اتصالهم بالشخصيات المقربة من كال الصديقين ‪.‬‬
‫في أهم روايات القرن العشرين‪ ،‬قراءات تالمس عمق‬ ‫فقرأه وانبهر به‪ ،‬واكتشف أن فضائحيته ليست بسبب‬ ‫الرغم من مراوغاته كما يستنتج المؤلفان ‪.‬‬ ‫الجزيرة يحاول اس��تعادته وقد قرئت كقصة منهجية في كوبا للتمييز بين‬ ‫لق��د اطر المؤلفان ه��ذا الكتاب باطار قصصي ملهم " فانت ستس��تصغي‬
‫النص‪ ،‬ومن داخل المطبخ اإلبداعي‪ ،‬وهذا ما يفشل‬ ‫المقاطع اإلباحية‪ ،‬وإنما بسبب ابتذاله وعدميته‪،‬‬ ‫وم��ا هو أوضح م��ن العالقة بين ماركيز وكاس��ترو هو جزيرة كوبا بالنس��بة‬ ‫الجيد والسيئ من الناس ‪.‬‬ ‫مث�لا الى تعليقات فيدل كاس��ترو عن الحب من أول نظرة والذي س��يتفتح‬
‫فيه النقاد األكاديميون غالبا‪ .‬الكتاب "رسالة حب‬ ‫ورغم انتهاك أدب ميلر ‪-‬وهو الذي عاش بوهيميا‪-‬‬ ‫للكاتب فبيته في كولومبي��ا كئيب وهو يخاف ذلك حيث يقول ماركيز في‬ ‫وبالنس��بة للحالة العامة البس��يطة جدا للحياة في كوبا وج��دت أن ماركيز‬ ‫بقوة الحقا وعالقته بالضرورة التعايشية " لكن المؤلفان يرهقان لسوء الحظ‬
‫واعتراف بالجميل ألولئك الذين عشت بفضل كتبهم‪،‬‬ ‫للمقدسات‪ ،‬فأن مهمته تذكير البشر بأن المدينة التي‬ ‫مقابل��ة ج��رت عام ‪ " 1976‬إن كوب��ا هي المكان الوحيد الذي اش��عر فيه‬ ‫فوق مس��توى الفهم هذا ما يقوله االساتذة عن هذا الكاتب الكولومبي وعن‬ ‫صفحات الكت��اب البالغة ‪ 300‬صفحة بضربات تتعل��ق بمن التقوا واين‬
‫خالل فتنة القراءة‪ ،‬في عالم جميل‪ ،‬متماسك ومفاجئ‬ ‫يسكنونها مهما بدت عامرة‪ ،‬فهناك شياطين مختبئة‬ ‫بنفسي " لكن ذلك ال يعني إن األمر يجري بسهولة فمن المعروف أن ماركيز‬ ‫تقاريره عن الحي��اة العامة في كوبا ففي التقارير المبكرة كان يقول بانه ال‬ ‫تم ذلك ‪.‬‬
‫وكامل تمكنت‪ ،‬بفضله‪ ،‬من فهم العالم الذي أعيش‬ ‫في كل مكان يمكن أن تسبب الطوفان في أي لحظة‪.‬‬ ‫كان متبوعا بثالثة مخبرين سريين حيثما يكون في كوبا كما يقول استيبان و‬ ‫توجد بطالة في كوبا وال تش��رد وال جوع لك��ن ماركيز في قصصه تلك كان‬ ‫فهم يصفون مش��اهد ادبية وسياس��ية ويتضمن ذل��ك تعليقات جانبية‬
‫فيه بشكل أفضل ومن إدراك كل ما ينقصه أو يكفيه‬ ‫ترصد الرواية قاع باريس بشخصياته المنبوذة التي‬ ‫نايجل واللذان الحظا " بان ذلك جزء من السعر في أن تكون لديك صداقات‬ ‫ينأى بنفس��ه عن الواقع الممل وال يس��قط في التمثيل البس��يط واالحادي‬ ‫تاريخية وهو ما ينحرف عن التركيز على العالقة بين تلك الشخصيتين ‪.‬‬
‫ليكون قابال للمقارنة مع العوالم الرائعة التي يخلقها‬ ‫استوطنت الهامش الثقافي‪ ،‬أما الموقف األخالقي‬ ‫مع ديكتاتور" ‪ .‬‬ ‫الجانب فهو يتحدث عن الجيدين والسيئين بصورة عامة ‪.‬‬ ‫الحساب الدقيق لتاريخ لهذه الصداقة بين الشخصيتين المراوغتين يعد أمرا‬
‫األدب العظيم"‪ ،‬كما جاء في رسالة يوسا إلى وليد‬ ‫لميلر فيلخص في أنه ال يجوز للفرد أن يضحي بأهوائه‬ ‫عن‪ :‬كريستيان ساينز مونيتر‬ ‫لق��د كانت تقاريره عن انغوال هي المفضلة بالنس��بة لكاس��ترو حيث ظهر‬ ‫مس��تحيال لكن عرض هذه القصص كان مثيرا فمث�لا ان ماركيز كان يعرض‬
‫سليمان‪ ،‬المترجم والمبدع التونسي الشاب الذي ع ّرب‬ ‫ونزواته‪ ،‬ويجب المطالبة بها بإلحاح أمام الزحف الجائر‬ ‫بشكل مفاجئ في غرفة الكاتب في الفندق الذي يقيم فيه في هافانا وهي‬ ‫مخطوطات اعماله على كاس��ترو قبل أن يرس��لها للنشر وقد استمر هذا األمر‬
‫الكتاب باقتدار وإحساس مرهف‪.‬‬ ‫للحداثة التي تهدد بمحوها‪ ...‬هي نزعة فردية متطرفة‬ ‫ماريو بارغاس يوسا‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫ثقافات ‪23‬‬ ‫‪ 22‬ثقافات‬

‫دعـايـة انـتـخـابـيـة‬ ‫" أؤمن بأن البشر جميعاً متشابهون ‪ ،‬يملكون‬


‫ ‬
‫‪ ‬شعر ‪ :‬طيب جبار‬ ‫األحالم ذاتها ‪ ..‬وكذلك الرغبات والميول نفسها "‬
‫ترجمة ‪ :‬عبداهلل طاهر البرزنجي‬
‫حوار مع فيكاس سواروب ( مؤلف رواية ‪ /‬المليونير المتشرد )‬
‫القائمة ( ‪: ) ..........‬‬
‫نحن نظن ‪ ،‬يمكن ‪..‬‬
‫ان نكحل عيوننا‬ ‫عاداتك الغذائية ‪ .‬وكنت أري��د أن يمثل بطل روايتي‬ ‫‪ ‬ترجمةوتقديم‪:‬عليعبداألميرصالح‬
‫كل ابن ش��ارع في الهند ‪ ،‬س��واء كان يغسل األطباق‬ ‫كاتب عراقي‬
‫برغوة االهتزاز ‪.‬‬ ‫في مومباي ( اإلسم الحديث لـ بومباي ــ م ‪ ) .‬أو يعمل‬
‫نجعل قطعة من الضباب‬ ‫بائع��ا ً متجوال ً في دلهي ‪ .‬من هنا وهبته هذا اإلس��م‬
‫حجاب ًا ‪.‬‬ ‫الذي يشتمل على كل شيء ‪ ( .‬رام محمد توماس ) هو ‪،‬‬ ‫تقديم ‪:‬‬
‫لزاد السفر ‪،‬‬ ‫بشكل من األشكال ‪ ،‬يتجاوز الدين والطبقة اإلجتماعية‬
‫نمأل جيوبنا‬ ‫ــ إنه الكل ‪ ،‬إنه تجسيد للعالم المصغر للهند ‪.‬‬ ‫نال فيلم ( المليونير المتش��رد ) لمخرجه اإلنجليزي داني‬
‫برائحة االلتفات ‪.‬‬ ‫بويل ثماني جوائز أوس��كار مطلع هذه الس��نة ‪2009‬‬
‫نضع االمثال و الحكم‬ ‫‪ ‬ه��ل كن��ت ً مندهش��ا ً حين ج��رت الخطط‬ ‫وقد س��لطت وس��ائل اإلعالم المق��روءة والمرئية كثيرا ً‬
‫في ماعون ‪،‬‬ ‫لتحويل الرواية إلى فيلم ؟‬ ‫من األضواء على مخرج الفيلم وكاتب الس��يناريو سيمون‬
‫‪ -‬كن��ت ُ أتوقع طلب ًا م��ن بولي��وود ( وكانت هنالك‬ ‫بيف��وي والممثلين الذي��ن أدوا األدوار الس��ينمائية لهذا‬
‫نأكلها بالسكين و الشوكة‬ ‫دزينات منها ‪ ،‬في خاتمة المطاف ) ‪ .‬ما أذهلني هو أن‬ ‫الفيل��م المتميز ‪ ،‬إال أن كاتب الرواية التي إس��تند عليها‬
‫كفاكهة لذيذة ‪.‬‬ ‫أول طلب جاء من بريطانيا ‪ .‬لم يكن يخيل لي أن كتاب ًا‬ ‫الفيل��م لم ين��ل حظا ُ كافيا ً من الش��هرة وبخاصة في‬
‫***‬ ‫" هندي��ا ً " ‪ ،‬تجري أحداثه في بيئة هندية ‪ ،‬يمكن أن‬ ‫وس��ائط اإلعالم العراقية والعربي��ة ‪ .‬يكفي أن نقول أن‬
‫القائمة ( ‪: ) .........‬‬ ‫يروق لمؤسسة إنتاج غربية ‪.‬‬ ‫فيكاس س��واروب ‪ ،‬مؤلف الرواية ‪ ،‬الت��ي كان عنوانها‬
‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬ ‫األصلي ‪ ( :‬أس��ئلة وأجوبة ) ‪ ،‬هو دبلوماسي هندي ‪ ،‬ولد‬
‫زيارة النهر المنسي ‪،‬‬ ‫‪ ‬كيف جرى ذلك وم��ا مقدار تدخلك في األمر‬ ‫في الله آباد ‪ ،‬ألسرة من المحامين ‪ .‬درس في الجامعة ‪:‬‬
‫ايقاظ الندى الناعس ‪،‬‬ ‫؟‬ ‫التاريخ الحديث ‪ ،‬علم النفس والفلسفة ‪ .‬لم تشأ والدته‬
‫للنبع ‪.‬‬ ‫‪ -‬مؤسس��ة ( الفيلم ‪ ) 4‬اش��ترت حق��وق الفيلم قبل‬ ‫أن يصب��ح محامي��ا ً ال ه��و وال أخويه اآلخري��ن ‪ .‬كانت‬
‫سهل الجنوب‬ ‫شعار ًا ‪..‬‬ ‫ ‬ ‫لالسطورة ‪،‬‬ ‫س��نة كاملة من نشر الرواية ‪ .‬كنت ُ أعرف منذ المراحل‬ ‫سترمي أيا ً منهم خارج المنزل لو كانوا سيختارون مهنة‬
‫زهور ًا بيضاء ‪.‬‬ ‫لحراس السقائف و المزارع ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫بدقيق فحم الكلمة ‪.‬‬ ‫أن نسأل عن صمت‬ ‫المبكرة جدا ُ أن س��يمون بيفوي سوف يكتب السيناريو‬ ‫المحام��اة ‪ .‬ف��ي نهاية المطاف انضم س��واروب إلى (‬
‫عند ذاك ‪،‬‬ ‫***‬ ‫ ‬ ‫من اجل الحفاظ‬ ‫قبيلة ( الخرير ) ‪.‬‬ ‫وأن دان��ي بويل س��وف يق��وم بإخ��راج الفيلم وذلك‬ ‫الخدمة الخارجية الهندية ) ‪ ،‬و خدم في تركيا ‪ ،‬الواليات‬
‫و استناد ًا الى ‪..‬‬ ‫القائمة ( ‪: ) .......‬‬ ‫على توازن جدران الروح ‪،‬‬ ‫نغسل الحزن النحيف للقوم‬ ‫بالتأكيد ضاعف من مس��توى إرتياحي للمش��روع ذلك‬ ‫‪ -‬أردت ُ أن أسبر أغوار الظاهرة العالمية المتعلقة ببرامج‬ ‫المتحدة األمريكية ‪ ،‬أثيوبيا وبريطانيا ‪.‬‬
‫بأحالم الشتالت ‪.‬‬ ‫أن كليهم��ا قد أنجزا سلس��لة من األفالم الس��ينمائية‬ ‫المسابقات التلفازية التي تبيعها مؤسسة واحدة ‪ ،‬إنما‬ ‫ت��رد في الن��ص الروائي المكت��وب أص�لا ً باإلنجليزية‬
‫حكاية قراءة الحظ ‪،‬‬ ‫نحن نظن ‪ ،‬يمكن ‪..‬‬ ‫ ‬ ‫نتناول قلي ًال‬ ‫الناجحة ‪ .‬تمت إستش��ارتي أثناء كتابة السيناريو وقد‬ ‫بطريقة غريبة األطوار‪ .‬وكذلك التقيت بالمصادفة بهذا‬ ‫عبارات مؤثرة ذات نبل إنساني ذكرني بالكاتب األلماني‬
‫نعد الكورس ‪..‬‬ ‫بباقة من البشرى‬ ‫ ‬ ‫من فيتامين االسس و الجذور ‪.‬‬ ‫عند الرجوع ‪،‬‬
‫ننزع قشرة العفونة‬ ‫تم األخذ بالمعلومات التي زودتهم بها ‪.‬‬ ‫التقرير األخباري المتعلق بأطفال مدن الصفيح ( األحياء‬ ‫توماس مان في روايته ( جبل الس��حر ) ‪ .‬يكتب سواروب‬
‫و فرقة الموسيقى ‪،‬‬ ‫نكنس السـأم ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫الفقيرة ) ــ الذين لم يس��بق له��م أن طالعوا صحيفة ً ‪،‬‬ ‫عن ح��زن بطل الرواية لدى رؤيته صديقه ش��انكار الذي‬
‫ونشرب حفنتين‬
‫ننشد انشودة ( كش ملك ) ‪.‬‬ ‫نزرع ازهار الشهيق ‪،‬‬ ‫ ‬ ‫القائمة ( ‪: )........‬‬
‫من ماء الخلود ‪.‬‬ ‫‪ ‬كونك ش��اهدت َ فيلم ( المليونير المتشرد ) ‪،‬‬ ‫لم يذهبوا يوما ً إلى المدرس��ة ــ كي يستخدموا تسهيل‬ ‫فقد القدرة على الكالم بس��بب صدمة عصبية ‪ .‬شانكار‬
‫كافة القوائم ‪:‬‬ ‫في سياج‬ ‫ ‬ ‫نحن نظن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬ ‫هل كنت َ مس��رورا ً بما فعله داني بويل وهل‬ ‫( ش��بكة اإلنترنيت ) المتنقلة ‪ .‬قادني هذا األمر إلى أن‬ ‫يص��اب بداء الك َلب إنما التكترث به والدته الثرية التي‬
‫نحن نظن ‪ ،‬يمكن ‪..‬‬ ‫رياض التقهقر ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫بدل ان نعلق‬ ‫القائمة ( ‪: ) .........‬‬ ‫تعتقد أنه أمس��ك بجوهر ما حاولت َ أن تبدعه‬ ‫أضع بنية برنامج المس��ابقات التلفازية جنبا ً إلى جنب‬ ‫تقيم الحفالت والمآدب لعلية القوم والموس��رين ‪ .‬يقول‬
‫نحن نظن ‪ ،‬ال يمكن ‪..‬‬ ‫نطلق فراشات القبل ‪..‬‬ ‫ ‬ ‫الفتة الضوء االسود ‪،‬‬ ‫نحن نظن ‪ ،‬اليمكن ‪..‬‬ ‫في ( أسئلة وأجوبة ) ؟‬ ‫مع قصة حياة متسابق غير نموذجي نوعا ً ما ــ نادل ذو‬ ‫الكاتب على لسان بطله ‪ " :‬أعود إلى حجرة شانكار بقلب‬
‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬ ‫في سماء خد الحبيبة ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫نضع تحت رؤوسنا‬ ‫ان تكسب الحصاة‬ ‫‪ -‬أجل ‪ ،‬كنت ُ مسرورا ً جدا ً ‪ .‬كوني شاهدت المخطوطة‬ ‫ثمانية عش��ر عاما ُ ‪ ،‬مفلس ‪ ،‬يسكن في أكبرحي للفقراء‬ ‫ٍ مثقل بالهم ‪ .‬كلمات س��وابنا ديفي ( والدة شانكار ـ م‬
‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان لم يمكن‪..‬‬ ‫بنزهة االيادي و االصابع‬ ‫ ‬ ‫ثقة الزالزل ‪،‬‬ ‫عرفت ُ أن الفيلم س��يكون مختلفا ً عن الرواية ‪ .‬لكنني‬ ‫في آس��يا كلها ‪ .‬أردت ُ أن أقول أن المعرفة ليست حكرا‬ ‫) ترن في أذني ّ بقوة ضربة مطرقة ‪ .‬تريد هي ان يموت‬
‫وسادة الضحك ‪.‬‬ ‫ف��رح جدا ً بالنت��اج النهائي ‪ ،‬الذي بق��ي مخلصا ً لـ "‬ ‫ً على النخبة المتعلمة وإنه حتى ( إبن الش��ارع ) بوسعه‬ ‫ش��انكار ككلب مسعور ‪ .‬في أي وقت ٍ مضى لم يكدرني‬
‫نحن نظن ‪،‬‬ ‫ندع شمامة الصدر ‪،‬‬ ‫ ‬ ‫نطلق ‪..‬‬ ‫ما لم ‪ ..‬تنسق‬
‫رقصة النعومة‬ ‫روح " روايتي ‪.‬‬ ‫أن يملك الحكمة كي يفوز في برنامج تلفازي للمسابقات‬ ‫فقري به��ذا القدر مثلما هو فاع��ل اآلن ‪ .‬كم تمنيت أن‬
‫نحن نستحسن ‪،‬‬ ‫تنهمك في رقص االجنحة ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫قافلة الشمس ‪،‬‬ ‫‪ .‬هكذا ُولدت رواية ( أسئلة وأجوبة ) ‪.‬‬ ‫يكون بوسعي أن أشرح للكلب الذي عض شانكار أنه قبل‬
‫مع جسد الماء ‪.‬‬
‫نحن ‪،‬‬ ‫القائمة (‪: )......‬‬ ‫قطار الغيوم ‪،‬‬
‫لتالفي لعبة الغور ‪،‬‬ ‫‪ ‬ه��ل تعتق��د أن الجمه��ور الغربي ق��د تنور‬ ‫العض كان يج��ب عليه أن يتأكد ما إذا الش��خص الذي‬
‫نحن ‪،‬‬ ‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬ ‫في األرض البور ‪..‬‬ ‫بالوصوف��ات التي قدمتها لبل��دك الهند في‬ ‫‪ ‬ك��م حجم البحث الذي وجب عليك أن تقو َم به‬ ‫كان يهاجمه قادر على شراء الترياق ( الدواء المضاد ) " ‪.‬‬
‫نح ‪...‬‬ ‫دون االلتزام‬ ‫للظالم الوهاج ‪.‬‬ ‫يجب أن تزدان‬ ‫روايتك وتلك التي ظهرت في الفيلم ؟‬ ‫كي تخلق ش��خصية النادل المفلس ( رام محمد‬ ‫يهيم البطل على وجهه بعد انتقال صديقه إلى العالم‬
‫نح ‪...‬‬ ‫بالقوانين و التعليمات ‪،‬‬ ‫نلف حبل النسيان ‪،‬‬ ‫مع االطراف‬ ‫‪ -‬الهن��د بل��د متنوع جدا ً يش��تغل على مس��تويات‬ ‫توماس ) ؟ ( غ ّير كاتب السناريو اسمه إلى جمال‬ ‫اآلخ��ر ‪ ،‬يطوف مدينة أغ��را ( التي يعم��ل فيها البطل‬
‫ ‬ ‫ان نعيد ترتيب بيتنا ‪.‬‬ ‫نمزق قربة الخمول ‪،‬‬ ‫مائدة الرهان المكتوب ‪.‬‬ ‫متباين��ة ج��دا ً ‪ .‬ثمة قص��ص كثيرة تخ��رج من الهند‬ ‫مالك كما غ ّير اس��م محبوبته من نيتا إلى التيكا‬ ‫مرشد ًا سياحي ًا عند تاج محل ) ‪ .‬يكتب المؤلف ‪ " :‬صارت‬
‫بزفير القفزة ‪،‬‬ ‫ننفخ في بالون الحظوظ ‪.‬‬ ‫***‬ ‫الحديثة وفي اعتقادي ينبغي أن ُيفس��ح المجال لهذه‬ ‫ــ م ‪) .‬‬ ‫المدينة بالنس��بة لي صحراء ح��ار ًة ومنعزل ًة ‪ .‬أحاول أن‬
‫القائمة ( ‪: ) .......‬‬ ‫القصص كلها س��واء تلك الت��ي لها صلة بهند مراكز‬ ‫فيكاس سواروب‬ ‫‪ -‬بحثت ُ كثيرا ً جدا ً ‪ .‬الواقع ‪ ،‬أنا ال أس��كن في بومباي‬ ‫أض ّيع نفس��ي في وجودها الفوضوي ‪ .‬أحاول أن أصبح‬
‫تموز ‪2009/‬‬ ‫بعضة االنقضاض ‪،‬‬ ‫***‬ ‫اإلتصاالت وناطحات السحاب أو بهند مدن الصفيح (‬ ‫‪ .‬ولم يس��بق ل��ي أن زرت ُ مدن الصفي��ح في (دهارافي‬ ‫مقطع ًا لفظي ًا عديم المعنى في ثرثرتها التي ال تنقطع ‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫نهيئ انفسنا ‪.‬‬ ‫القائمة ( ‪: ) .......‬‬ ‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬
‫أن نعدل ‪..‬‬ ‫األحياء الفقيرة ) والعمال الذين يتنقلون من مكان ٍ إلى‬ ‫كنت مش��ارك ًا حيوي ًا في المس��ابقات أي��ام تلمذتي‬
‫‪ُ -‬‬ ‫) حيث م��ن المفروض أن يقيم بط��ل روايتي رام محمد‬ ‫وكدت ُ أفلح في أن أرسل نفسي إلى حالة غيبوبة ‪" .‬‬
‫مالحظة ‪ //‬القارئ مخول ان يضع رقم و اسم اية قائمة‬ ‫قبل أن نذهب ‪،‬‬ ‫نحن نستحسن ‪ ،‬ان امكن ‪..‬‬ ‫ ‬ ‫آخر‪ .‬في النهاية كل تلك الخيوط المتنوعة تلتحم في‬ ‫ودراس��تي الجامعية وهذا الشغف ما يزال يالزمني حتى‬ ‫توماس ‪ .‬غير أن البحث يس��اعدك فقط في خلق خلفية‬ ‫هك��ذا يأخذنا المؤلف إلى الهن��د الحديثة بكل تنوعها‬
‫مقابل اي مقطع يشاء‪.‬‬ ‫الى العرس المخضب بالدماء ‪.‬‬ ‫حين نذهب في سفرة سياحية‬ ‫ ‬ ‫االلم المقوس للشجرة‬ ‫نسيج القصة العابرة للقناطر ‪ ،‬القصة المتعلقة بأكبر‬ ‫اآلن ‪ ،‬مع أنني أش��ك في ما إذا سأكون قادر ًا على إجتياز‬ ‫ِعرقية ( إثنية ) ‪ .‬كي تتغلغل تحت جلد شخصياتك‬ ‫وتناقضها ‪ ،‬ببراءتها ووحشيتها ‪ ،‬برومانسيتها ومكرها‬
‫‪....................................................................‬‬ ‫للمرة االخيرة ‪،‬‬ ‫أن ننصب خيمة التسامح ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫برحيق خيال الغابة ‪.‬‬ ‫ديمقراطية عالمية تسير بخطى واثقة نحو األمام ‪.‬‬ ‫الجوالت األولى من ( من سيربح المليون ) !‬ ‫الروائي��ة تحتاج إلى صفة التقمص العاطفي ــ إي ‪ .‬أم‬ ‫‪ ،‬بفقرائه��ا ولصوصه��ا ‪ ،‬وربما ال تق��ل الرواية متعة‬
‫‪............‬‬ ‫نطلق نهر الحليب ‪.‬‬ ‫بناي القصب‬ ‫ ‬ ‫نتوضأ‪..‬‬ ‫‪ .‬فورس��تر " يربط فقط " ‪ .‬م��ن الناحية الجوهرية ‪ ،‬أؤمن‬ ‫وإثارة ً عن الفيلم المقتبس منها ‪.‬‬
‫ان لم نشم ‪..‬‬ ‫نعزف موسيقى العتاب الدافئ ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫بغبار سموم الحنان‪.‬‬ ‫‪ ‬ف��ي الرواية ال يمكن التعرف على الدين الذي ‪ ‬بوصفك دبلوماس��ي ًا ‪ ،‬الب��د أنك تملك ثرو ًة‬ ‫بأن البشر جميعا ً متش��ابهون ‪ ،‬يملكون األحالم ذاتها ‪،‬‬ ‫( أس��ئلة وأجوبة ) هو أول كتاب س��ردي منشور للكاتب‬
‫• طيب جبار ‪ :‬شاعر و مهندس من كردستان العراق ‪.‬‬ ‫رائحة حرقة الندامة ‪،‬‬ ‫والنقرع ‪..‬‬ ‫ ‬ ‫نجعل تويجات الشفقة‬ ‫يعتنقه ( رام ) ‪ .‬ماهو الس��بب الذي خطر ببالك من التجارب كي تصبها في روايات أخرى ‪ .‬هل‬ ‫الرغبات وكذلك الميول نفسها ‪ .‬على المرء فقط أن يأخذ‬ ‫‪ .‬ام��ا روايت��ه الثانية فتحم��ل عنوان ( المش��تبه بهم‬
‫ميدالية‬ ‫وه��ل كان هذا تعبيرا ً يتعلق بمنزلة الدين في تخط��ط لرواية أخ��رى ‪ ،‬وإذا كان الجواب نعم ‪،‬‬ ‫بعض األشياء خارج المعادلة ( على سبيل المثال ‪ :‬المال‬ ‫الستة ) ‪.‬‬
‫• عبدالله طاهر البرزنجي ‪ :‬شاعر و قاص و ناقد من‬ ‫ان لم يطلقوا ‪..‬‬ ‫طبول االضطراب ‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ماهو مصدر إلهام الرواية الجديدة ؟‬ ‫الهند ؟‬ ‫) كي ُيظهر الحياة للمحرومين ‪.‬‬ ‫في الحوار أدناه يس��لط س��واروب الضوء عل��ى الرواية‬
‫كردستان العراق ‪ .‬‬ ‫الطائرات الورقية ‪،‬‬ ‫بعظم الجبل ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫لصدر الحبيب ‪.‬‬
‫نداوي الجرح االبيض ‪..‬‬ ‫‪-‬روايتي الثانية ( المشتبه بهم الستة سوف تنشر في‬ ‫‪ -‬في الهند ‪ ،‬كل اس��م هورقع��ة دالة ( ليبل ) ‪ ،‬حبلى‬ ‫والفيلم المقتبس منها ‪.‬‬
‫ان لم يزهر ‪..‬‬ ‫ال نجعل االرباك‬ ‫ ‬ ‫تم��وز ( يوليو ) ‪ 2009‬وقد كانت هي األخرى ( مثيرة‬ ‫بالمعنى ‪ .‬لذا فإن اسمك ‪ ،‬أو لقبك يكشف في األرجح‬ ‫‪ ‬ه��ل حدث لك أنت نفس��ك أن فك��رت َ في‬
‫إجتماعيا ً ) ‪ ،‬منبع إلهامها مواضيع ملحة لزمننا ‪.‬‬ ‫دين��ك ‪ ،‬جغرافيت��ك ‪ ،‬وف��ي بعض األحي��ان ‪ ،‬حتى‬ ‫المشاركة في برنامج تلفازي للمسابقات ؟‬ ‫‪ ‬من أين جاء إلهام رواية ( أسئلة وأجوبة ) ؟‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫قضايا ‪25‬‬ ‫‪ 24‬حوار‬

‫النزاع الداخلي في لبنان والعراق بين خيارين واضحين‪ :‬ثقافة الحياة بوجه ثقافة الموت‬

‫يوسف بزي‪ :‬ثمة عطب أخالقي في نفوس‬


‫معظم المثقفين العرب‬
‫بين المعنى والواقع المحض‬ ‫النازية (والفاشيات كلها) أخالقي ًا وثقافي ًا وتمت إزاحتها خارج الشرط‬ ‫مشروع نهضة موقوفة‬ ‫‪ ‬بيروت ‪ -‬تاتو‬
‫اإلنساني‪.‬‬
‫ربما سيكون التاريخ اكثر جدال ومشاكسة اذا كان النص االدبي‪ ،‬مع تأويالته‪،‬‬ ‫منذ ستين عام ًا والضمير الثقافي الغربي مهجوس بسؤال العالقة بين‬ ‫ومع مشهد عربي مضطرب‪ ،‬يعاني األمرين في صياغة هوية حداثية‪ ،‬هل‬
‫مصدرا للتوثيق‪ .‬وهذا‪ ،‬في االصل‪ ،‬رغبة لملء فراغ تركه األرشيف‪ ،‬لكن هل‬ ‫"الحداثة" و"أوشيفتز"‪ ،‬بين "الحداثة" و"الغوالغ"‪ ،‬بل وأيض ًا بين "الحداثة"‬ ‫يستطيع الفعل الثقافي‪ ،‬بمختلف أقنيته وأشكاله‪ ،‬ان يكون قادرا على لعب‬
‫تمكنت الرواية والقصيدة الحديثتان روي هذا الشغف المعرفي‪ ،‬وتدوين ما‬ ‫و"الكولونيالية"‪ .‬الشعور المتصل بالذنب في الوعي الغربي هو الذي يصوغ‬ ‫دور فاعل في ترتيب عناصر هذا المشهد؟ هل سيكون ممكنا‪ ،‬رفقة هذا‬
‫قفز عليه المؤرخون‪ ،‬هل يمكن لهما إضاءة مناطق مظلمة من تاريخ العرب؟‬ ‫الخطاب الثقافي هناك‪ ،‬وهو الذي يفرض على الفكر الغربي السؤال المستمر‬ ‫الفعل‪ ،‬إنتاج تعريفات معاصرة لالزمة الفكرية والسياسية؟‬
‫وهل من جدوى وراء تلك اإلضاءة؟‪ .‬الشاعر والروائي بزي ليس لديه تصور‬ ‫عن "الوضع البشري"‪.‬‬ ‫يرهن بزي هذا االستحقاق بأقلية تشكل "نواة" رأي عام‪ ،‬ويقول‪ ":‬في الحقبة‬
‫لما تستطيعه الرواية أو القصيدة بالمطلق‪ .‬لكن دلوه في هذا المحور ال‬ ‫غير ان بزي يلقي بلومه على المثقفين العرب‪ ":‬لم يكلفوا أنفسهم عناء‬ ‫االستقاللية األولى‪ ،‬في عهود الملكيات الدستورية والجمهوريات البرلمانية‪،‬‬
‫يتعدى طموحه الشخصي إزاء النص الذي يكتبه‪":‬أظن أن مبرر سعيي للكتابة‬ ‫التفكر أو التمعن بصورة المدافن الجماعية‪ ،‬التي ضمت رفات أكثر من ‪350‬‬ ‫كان مشروع الدولة الوطنية هو األفق الواعد‪ ،‬طالما أن مفاعيل النهضة‬
‫هو استبطان التجربة الشخصية وإضمار التاريخي مع ًا في عبارتي وفي‬ ‫ألف ضحية عراقية‪ ،‬تم إعدامهم وقتلهم على يد الفاشية البعثية‪ ،‬وبأوامر‬ ‫الثقافية‪ ،‬المبتدئة في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬قد أرست قيم ًا تُعلي من‬
‫مدوناتي‪ .‬على هذا المنوال فحسب يكون النص األدبي متضمن ًا للتاريخ‪.‬‬ ‫من صدام حسين"‪.‬‬ ‫شأن فكرة "المواطن"‪ ،‬واإلحتكام الى دستور‪ ،‬وتثمن الحريات والمساواة‬
‫لكنه يظل ذاتي ًا واعتباطي ًا الى هذا الحد أو ذاك‪ .‬فنحن مث ًال نميل الى "تاريخ"‬ ‫هذه هي المفارقة التي تجعل بزي يدين‪ ،‬بال تردد‪" ،‬الثقافة العربية"‪":‬ثمة‬ ‫والعدالة‪ ،‬وتشيع مفهوم الوالء لوطن ذي حدود واضحة وله هوية متشكلة‬
‫مصر في ثالثية نجيب محفوظ‪ ،‬أكثر مما ننحاز الى األرشيف المو ّثق للتاريخ‬ ‫عطب أخالقي‪ ،‬وتشوه أيديولوجي راسخان في نفوس معظم المثقفين‬ ‫من ذاكرة تاريخية و"أسطورة" تأسيسية"‬
‫المصري‪ ،‬ذلك ألننا نبحث عن "المعنى" في التاريخ ال عن وقائعه المحضة‪.‬‬ ‫العرب والكتبة والمتعلمين ومحترفي الجرائد واإلعالم‪ .‬هؤالء أكانوا من رموز‬ ‫في تلك الحقبة‪ ،‬كانت الثقافة "تصنع" السياسة ولغتها‪ ،‬بقدر ما "تهذب"‬
‫وهذا "المعنى" هو الذي تمنحه الرواية أو القصيدة‪ .‬لكنه معنى ممتنع أو‬ ‫السلطات أو المعارضات‪ ،‬هم على األرجح برروا العنف والعنف المضاد‪..‬‬ ‫المجتمع و"تش ّكل" األفراد‪ .‬وكان األخذ بالحداثة مضمون ًا ومظهر ًا هو هاجس‬
‫مسترسل في التأويل دوما ً"‪.‬‬ ‫وكانوا يتبادلون أدوار الجالد والضحية بإستمرار‪ ،‬منتجين ما أسماه الشهيد‬ ‫الجماعات واألفراد والنخب‪ .‬ولذا كان نموذج الدولة الوطنية الجامعة هو‬
‫سمير قصير ‪ :‬الشقاء العربي"‪.‬‬ ‫المثال المرغوب‪ ،‬من غير "ممانعة" معاكسة تقريب ًا‪ .‬فاللغة الثقافية الطاغية‬
‫االستعارة من قصير حفزت بزي ليدعو الى محاكمة الثقافة‪ ":‬هذه الالأخالقية‬ ‫آنذاك كانت – على سذاجتها – تقتحم كل عالمات "التخلف" وتذمها‪.‬‬
‫رهان بيروت وبغداد‬ ‫كانت تذهب بهؤالء ال إلى تجاهل تلك الجرائم فحسب‪ ،‬بل إلى تبرير‬ ‫كانت تستهزىء بما هو خرافي – ديني وبما هو تعصب عشائري أو مذهبي‪.‬‬
‫كل عنف وإرهاب وجريمة بإسم "المقاومة" أو "الممانعة"‪ .‬وأظن أنه قبل‬ ‫كانت "الحداثة" هي التبشير اليومي الذي ال راد له‪.‬‬
‫يؤكد بزي ان المقاربات الثقافية بين العراق ولبنان واقعية‪ ،‬ويجد ان "من‬ ‫محاكمة اإلرهابيين والقتلة علينا محاكمة ثقافة كاملة‪ ،‬أي محاكمة أنفسنا"‪.‬‬ ‫وكلنا يعلم اآلن نتائج اإلنحراف األيديولوجي لـ "الحداثة العربية" طوال‬
‫البداهة القول أن ما هو مشترك بين العراق ولبنان في األمس كان كثير ًا‬ ‫ويضيف‪":‬إن واجب "المراجعة" أي أن نسأل أنفسنا‪" :‬ما هو دورنا في تسهيل‬ ‫أكثر من نصف قرن من ديكتاتوريات وفاشيات‪ ،‬أودت بالمجتمع والدولة‬
‫ومردوده عريض ًا‪ .‬ثمة إرث كامل في المختبر الشعري ما بين بيروت وبغداد‪.‬‬ ‫الجريمة أو تبريرها أوتسويغها أو إخفائها؟" هو الشرط األخالقي من أجل‬ ‫والفرد – المواطن الى الحضيض والخراب‪ ،‬وذهبت الثقافة معها الى التفاهة‬
‫وذاك وحده يصعب اآلن تعداده"‪.‬‬ ‫ثقافة عربية ما بعد البعث‪ ،‬ما بعد العنف‪ .‬وعلينا أن نحمل أيض ًا شعور ًا‬ ‫والتصحر‪.‬‬
‫ويتابع‪":‬ما يهمني راهن ًا‪ ،‬وأستشفه أيض ًا في نسق أسئلة هذا الحوار‪ ،‬أن‬ ‫متص ًال بالذنب‪.‬‬ ‫لكن بزي يؤكد ان "ما بين أيدينا اليوم هو إمتناع الدولة الوطنية عن التحقق‪،‬‬ ‫يتصدى الشاعر والروائي اللبناني‪ ،‬يوسف بزي‪،‬‬
‫الهاجس الخاص بمثقفي لبنان والعراق هو‪ :‬هل سننجح في بناء دولة‬ ‫وتقهقر المجتمع الى أشكال ما قبل الدولة وخروج العصبيات على كل‬ ‫السئلة عن "نهضة ثقافية عربية"‪ .‬ويجد‪ ،‬في‬
‫ديموقراطية‪ ،‬ومجتمع مواطنين؟ هل عبرة الحرب األهلية في لبنان ودروسها‪،‬‬ ‫مشروع دولة أو قانون‪ .‬ومع تذرر الهويات وتنابذها‪ ،‬وانزالقها أكثر فأكثر‬
‫كما تعلمها المثقفون اللبنانيون‪ ،‬ستكون كذلك في العراق؟ هل سيستطيع‬ ‫نحو التفكك والتبعثر‪ ،‬وتعاظم نوازع اإلحتراب واإلقتتال فيما بينها‪ ،‬في‬ ‫معرض مهمة االجابة الشاقة‪ ،‬ان "عطبا أخالقيا"‬
‫المثقفون اللبنانيون والعراقيون إستثمار تلك الشجاعة الخارقة التي أبداها‬ ‫غايات ال تقبل بأقل من إفناء اآلخر وإبادته‪ ..‬ال نجد امامنا سوى أقلية في‬ ‫يدفع بالثقافة الى هاوية "التفاهة والتصحر"‪،‬‬
‫المواطنون أكثر من مرة في ذهابهم الى خيار االنتخابات والتعبير السلمي‬ ‫كل بلد عربي تدرك أن السياسة هي أو ًال "فعل ثقافي"‪ ،‬وأن الثقافة هي‬
‫المدني بوجه العنف واإلرهاب والكراهية؟‬ ‫أو ًال "وعي سياسي"‪.‬‬ ‫لكنه يرهن نجاح الفعل الثقافي‪ ،‬عموما‪ ،‬بحجم‬
‫وأريد أن أقول أننا هنا في بيروت نراهن على نجاح التجربة العراقية‪ ،‬وندرك‬ ‫هذه األقلية هي الملجأ األخير‪ ،‬وهي التي ستتنكب مهمة استئناف مشروع‬ ‫مشاكسته للراكد الراهن‪ ،‬وقدرته على خوض‬
‫بحدسنا أن معظم المثقفين العراقيين يراهنون على نجاح التجربة اللبنانية‪.‬‬ ‫النهضة الموقوفة‪ .‬ولكي ال يساء الفهم‪ ،‬هذه األقلية ليس "نخبة" أو "طليعة"‬
‫إن تعاضد الرهانين كان واضح ًا في كل مرة ألتقي بها بأي مثقف عراقي‪،‬‬ ‫انما هي نواة رأي عام‪ ،‬أقلية "مواطنين"‪.‬‬ ‫معركة انسانية من أجل الحياة‪.‬‬
‫في باريس أو برلين أو بيروت أو القاهرة أو أربيل‪.‬‬ ‫وبنا ًء على هذه القراءة‪ ،‬فالتعريف الممكن‪ ،‬أو الوجهة المحتملة‪ ،‬للجهد‬ ‫هذا "تورط" دُف َع نحوه بزي بفعل هاجس وقلق‬
‫نحن في بغداد وبيروت نواجه التفاهة نفسها المدججة بالسالح والحقد‪.‬‬ ‫الثقافي هو إبتكار "عروبة حضارية" متصالحة مع الذات ومع العالم‪ ،‬مكتنزة‬
‫بل ونواجه مع ًا وقسري ًا هذا التآمر اإلجرامي اليومي الذي يسمى "الجوار‬ ‫بالتعددية‪ ،‬مزهوة بالتنوع اإلثني والديني‪" .‬عروبة حضارية" لم يتم بعد‬ ‫هائلين من غياب للشعور بالذنب‪ :‬اي خطاب‬
‫اإلقليمي"‪.‬‬ ‫تعريفها‪ .‬وهذه مهمة شاقة‪ ،‬طالما أننا نفترض بها الرد على األصوليات‬ ‫عربي ال يبالي بـ"الوضع البشري" ال يمكنه صوغ‬
‫والسلفيات والهواجس األقلوية ‪ ...‬بقدر ما نفترض بها مشاركة العالم‬
‫مستقبله"‪.‬‬ ‫تعريفات حداثية للعروبة‪ ،‬وليس بامكانه‬
‫ثقافة الحياة‬ ‫االنتصار لثقافة الحياة‪ .‬فمن المحال‪ ،‬كما يرى‪،‬‬
‫واكثر ما يميز ثقافة البلدين‪ ،‬وعلى مايقول بزي‪ ،‬هو تورطهما في الشأن‬ ‫عطب أخالقي في الثقافة‬ ‫حضور الحداثة مع أرث فاشي مازال يقدم اوراق‬
‫العام‪ ،‬ويقول‪":‬أفضل ما أصاب الثقافة اللبنانية هو وضوح خياراتها‪،‬‬ ‫اعتماده كاهم مفردات اللغة السياسية‪.‬‬
‫وتورطها في الشأن العام وفي اللغة السياسية‪ .‬أظن هذا أيض ًا حال الثقافة‬ ‫هاجس ايجاد تعريف حداثي للعروبة يتزامن مع ما تؤشره السيرة الذاتية‬
‫العراقية‪.‬‬ ‫لتاريخ المنطقة؛ حضور قوي للعنف في رسم وصياغة األحداث‪ .‬في وقت‬ ‫اشتباك بزي مع هواجس ثقافية "متورطة"‬
‫الحياة الثقافية اللبنانية بديناميكيتها وسجاليتها أنتجت ما بين العام‬ ‫يؤخذ على أصحاب الكلمة اإلبداعية عزوفهم في التصدي لذلك‪ ،‬تارة‪ ،‬والسير‬ ‫في الشان العام لن ينتهي‪ ،‬كما يقول‪ ،‬اال‬
‫‪ 2000‬و‪ 2005‬خطاب المعارضة الذي رسم مشهد إنتفاضة االستقالل‪.‬‬ ‫في تيار ثقافة العنف تارة أخرى‪.‬‬
‫المثقفون اللبنانيون تورطوا في صناعة "رأي عام" وفي إحياء لبنان ـ الفكرة‪،‬‬ ‫وهنا يشعر بزي بالذهول من مفارقة تاريخية‪ ،‬يقول‪":‬كان يكفي اكتشاف‬ ‫بابتكار "عروبة حضارية" متصالحة مع الذات‬
‫أو الوطن ـ الحلم‪ .‬وهم دفعوا ثمن ًا باهظ ًا‪ ،‬كما تعرفون‪ ،‬إغتيا ًال ومطاردة‬ ‫جرائم الستالينية ومعتقالت "الغوالغ" حتى تخرج الشيوعية برمتها من‬ ‫ومع العالم‪ ،‬وهذه مهمة شاقة‪ ،‬لكن المثقف‬
‫وترهيب ًا وتهديد ًا يومي ًا‪.‬‬ ‫"القبول" الحضاري‪ .‬كان يكفي أن تجتاح الدبابات السوفياتية شوارع براغ‬
‫أعتقد أن النزاع الداخلي في لبنان ـ كما العراق ـ هو نزاع ثقافي بامتياز بين‬ ‫عام ‪ 1968‬حتى تتم محاكمة الشيوعية وتجريمها مرة واحدة والى األبد‪.‬‬ ‫اللبناني يشترطها "لمشاركة العالم مستقبله"‪.‬‬
‫خيارين واضحين‪ :‬ثقافة الحياة بوجه ثقافة الموت"‪.‬‬ ‫أيض ًا مع اكتشاف معسكرات أوشفيتز وفظاعة الهولوكوست تمت إدانة‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫قضايا ‪27‬‬ ‫‪ 26‬قضايا‬

‫رونو واإليرانية شادي غديريان بيد واحدة (تجربة واحدة)‪،‬‬ ‫فـان "نظرات المصور الفرنسي باسكال رونو ال تسيل على‬ ‫اإلنس��اني تقطيع��ا وتحزيزا وتلوينا ما ه��ي إال صفحات‬ ‫‪ ‬خالد خضير الصالحي‬
‫العالم بوصفه نصا روائيا‬
‫ففي تجربة هذه المصورة الفوتوغرافية يتجس��د الجس��د‬ ‫الجسد األنثوي مثل رغبة عابرة بل تحرثه بشهوات عارمة‬ ‫متتالية ومتتامة في اختبار مادته الصناعية الجديدة‪ .‬وإذا‬

‫الجسد‪..‬واقعة‬
‫بطريقة مواربة تحم��ل الفكرة ونقيضها في وحدة غريبة‬ ‫حت��ى ليبدو بعدها ذلك الجس��د كما لو أنه قد اس��تـُدرِج‬ ‫كان النحات��ون اآلخرون يظهرون‪ ،‬موقفا محايدا من المادة‪،‬‬ ‫كاتب من العراق‬
‫ومقلقة فيما يخص تعاملها مع الجس��د اإلنساني؛ حتى‬ ‫إل��ى منطقة نائية من صفائه‪ .‬جس��د مص ّفى يس��تعيد‬ ‫فان هيثم حس��ن ال يخفي موقفه المنحاز من مادته التي‬
‫أنها تتخذ الموديل ذاته لتكشف عنه حجبه مرة‪ ،‬ولتدثره‬ ‫س��حر النظرة األولى التي ألقاها على الكون‪ ،‬يوم كان كل‬ ‫يعتبرها موطنا للداللة وليس وسيطا لها كما يبدو لنا‪.‬‬
‫بتل��ك الحجب تارة أخ��رى‪ ،‬باحتفال يكرس الجس��د‪ ،‬في‬ ‫شيء مشدودا إلى البداية المبهمة‪ ...‬كانت شفافية النظر‬ ‫‪1‬‬
‫بعده الشيئي وفي ماديته على األقل ‪ ..‬موطنا للداللة‪.‬‬ ‫لدى رونو تعكس ما يحدثه مرأى جس��د في عينه من تأثير‬ ‫‪2‬‬ ‫يحت��م علين��ا اهتمامن��ا المتزاي��د بالرس��م أو التصوي��ر‬ ‫‪ ‬علي حسن الفواز‬
‫تس��قط تانيا جراماتيكوفا تعاملها مع الجس��د‪ ،‬باعتباره‬ ‫بص��ري يكون ممتنع��ا عن الظهور في جس��د آخر‪ ،‬بالرغم‬ ‫اذا كان "الجسد وما يزال‪ ،‬سواء في واقعيته أم في تعاليه‪،‬‬ ‫الفوتوغرافي باعتباره واقعة ش��يئية‪ ،‬ان ينحصر اهتمامنا‬ ‫كاتب من العراق‬
‫س��طحا مليئا بالمعنى الكامن‪ ،‬على كل س��طوح المحيط‪،‬‬ ‫من أن كل هذا الع��ري ال يقع صدفة‪ ،‬بل هو جزء من آلية‬ ‫محور الفنون‪ .‬وكان معايشة يومية‪ .‬وتد َّر َج في الخضوع إلى‬ ‫بالجسد‪ ،‬في وجوده الفني‪ ،‬بالعالقة الشيئية (المتيريالية)‬

‫شيئية‬
‫فهي تتخذ الجدران‪ ،‬واألزقة‪ ،‬وموجودات المحيط باعتبارها‬ ‫التعرف التي يو ّد الفنان تجريبها"‪.‬‬ ‫رياء مزدوج‪ :‬س��واء عندما ُيستر أم عندما ُيع َّرى‪ .‬فهو يستر‬ ‫ب��ه؛ وذلك حينم��ا يتحول ذلك الجس��د بيد الرس��ام إلى‬
‫نصوص��ا مكتظة بمعنى مخبأ وذا أف��ق محيطي‪ ،‬فكانت‬ ‫بينما ال تص��ور المص��ورة الفوتوغرافية اإليرانية ش��ادي‬ ‫ريا ًء عندما تس��تره كل المؤسس��ات‪ ،‬و ُيكش��ف رياء أيضا‬ ‫عالق��ات لونية متفجرة‪ ،‬او يتحول بي��د النحات إلى كتلة‬ ‫هل يمكن القول ان الرواية باتت تملك كل شروط الغواية في الكتابة؟ وانها‬
‫تص��ور األزقة الضيق��ة ذات الجدران العتيق��ة باعتبارها‬ ‫غديري��ان التي ول��دت في طهران ع��ام ‪ 1974‬وما تزال‬ ‫عندما تكش��فه الكتابة (قصدًا)‪ ،‬فتس��قط ف��ي دائرة ر ّد‬ ‫مادية تتواشج وتتناغم عالقتها مع عنصر الفراغ المتاخم‬ ‫اضحت اليافطة العالية التي ينعقد تحت شعاراتها حوار الثقافات‪ ،‬وحوار اساطير‬
‫عينة تصور الجزء الظاهر من جبل الجليد‪ :‬مدينة غاطس��ة‬ ‫تعي��ش هناك‪ ،‬نس��اءها عاريات بل تدثره��ن بما تلقي‬ ‫الفعل؛ إعادة إنتاج الجس��د" كما يقول عبد العالي اليزمي‪،‬‬ ‫لها‪ :‬فقد كان اهتمام الرس��امين بالجسد البشري اهتماما‬ ‫االنسان المعاصر؟ وهل اصبحت الرواية بحق هي ديوان العصر؟ وهل روائيي هذا‬
‫ومغط��اة بقدر ال حدود له من ع��ري المعاني الخبيئة التي‬ ‫عليه��ن المؤسس��ة الديني��ة المهيمنة م��ن أغطية تقود‬ ‫ف��إن ذلك يؤكد كذلك ما ذهب اليه احد الكتاب بان رؤية‬ ‫يس��مو على اليوم��ي‪ ،‬ويرتقي إل��ى ان يك��ون نبعا دائما‬ ‫الزمن اصبحوا هم انفسهم شعراء االساطير والحكواتيين في الزمانات الغابرة؟‬
‫أوحت بها المصورة دونما إفصاح‪.‬‬ ‫المتلقي إلى المس��كوت عن��ه في إعم��ال غديريان‪ ،‬وهو‬ ‫المؤسسة االس��تهالكية اإلعالنية للجسد تتماثل او األدق‬ ‫لإلبداع وهو ما انتهى إليه الرس��ام فرنسيس بيكون الذي‬ ‫هذه االسئلة وغيرها اضحت المحور الساخن والحاضر دائما في الجدل الثقافي‪،‬‬
‫الجس��د العاري المغط��ى بــاحتفال وحش��ي‪ ،‬كما يصفه‬ ‫تتكامل مع رؤية المؤسس��ة الدينية له‪ ،‬فاألولى تفترضه‬ ‫انفق كل حياته الفنية "يلتهم بريشته وجوه وأجساد من‬ ‫وربما اصبحت الكتابة الروائية اشبه باالشاعة التي مست غوايتها الكثيرين‪،‬‬
‫‪3‬‬ ‫فاروق يوس��ف‪ ،‬ويستنتج بان ال باسكال رونو ع ّرى نساءه‪،‬‬ ‫البص��ري‪ :‬صور اإلعالنات‬‫هدفا يج��ب ان يعرى من خالل َ‬ ‫يرس��مهم وكأنه ينجز قداس��ا بدائيا‪ ،‬محوال كل موتيفاته‬ ‫حتى بتنا نشهد تزايدا كبيرا في اعداد الروائيين والروائيات‪ ،‬ونسمع كثيرا عن‬
‫ال يقتصر مفهوم التعرية‪ ،‬في الفن‪ ،‬على الجسد اإلنساني‪،‬‬ ‫وال ش��ادي غدريان حجبت نس��اءها‪ .‬كان عري نس��اء رونو‬ ‫والفيديو كليب ونحو ذلك من االش��هارات المماثلة‪ ،‬بينما‬ ‫الفني��ة إلى قرابين ووس��طاء حاالت م��ن العنف الفني‪...‬‬ ‫مهرجانات واسعة للسرديات‪ ،‬وطبعا تعني السرديات هنا كل االشتغاالت التي‬
‫فقد كرس��ه ش��اكر حس��ن آل س��عيد من خالل (التعرية‬ ‫حجابا ألجس��ادهن‪ ،‬وكان حجاب نساء قدريان فكرة عري‬ ‫بصريا لكن��ه يجب ان‬ ‫تعتب��ره المؤسس��ة الديني��ة هدفا َ‬ ‫للتدليل على أن اإلنسان منذ وجوده في الحياة وهو يتلذذ‬ ‫تالمس الكتابة الروائية والقصصية‪..‬‬
‫الشيئية) باعتباره مفهوما أوسع من عالقة النظر بالجسد‪،‬‬ ‫متطرفة‪.‬‬ ‫يحج��ب هذه الم��رة‪ ،‬وهو ما وضعه الناقد فاروق يوس��ف‬ ‫بصناع��ة الفاجعة‪ ،‬وكلم��ا ازداد إحساس��ه بالذنب ازداد‬ ‫ولعل الشاهد االبرز على هذا التحول النوعي في انماط التلقي هو ما نشهده في‬
‫ف��كان يعده بمثابة "الع ّد التنازل��ي من أجل الوصول إلى‬ ‫ان تجربة أخرى في التصوير الفوتوغرافي يمكن ان نعدها‬ ‫في حقل التطبيق حينما كان يرى ان للجسد "صورته التي‬ ‫إلحاحه على االنتحار في الحي��اة أو من اجل الحياة هاربا‬ ‫معارض الكتاب العربية والعالمية‪ ،‬اذ تؤكد االحصائيات ان الكتب الروائية قد‬
‫الرياضي" معتبرا العمل الفني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫معنى (الصفر) بالمفهوم‬ ‫تجربة جمعت المتنين السابقين في تجربتي باسكال رونو‬ ‫تخدع‪ .‬س��واء أحض��ر عاريا أم محتجبا فإن م��ا ال يرى منه‬ ‫منها إلى حد االستسالم أو مقبال عليها إلى حد الغطرسة"‬ ‫فاقت مبيعات الكتب االخرى بما فيها الكتب التاريخية والدينية التي كان سوقها‬
‫وهو على مكانته األولى‪ ،‬يمثل قيمة صفر‪ ،‬ألننا حين نقبله‬ ‫وشادي افرين غديريان‪ ،‬عندما تبني المصورة الفوتوغرافية‬ ‫يضعن��ا على الطري��ق التي تؤدي إلي��ه‪ ...‬العري من جهة‬ ‫(س��عيد بوكرام��ي)‪ ،‬كل ذل��ك يج��ري عبر وس��ط مؤثث‬ ‫رائجا في السنوات االخيرة خاصة بعد تصدع وانهيار الكثير من االيديولوجيات‬
‫كس��طح تصويري مجرد فذلك ألنه ل��م يصل إلى (نقطة‬ ‫تاني��ا كراماتيكوف��ا ‪ Tanya Gramatikova‬تجربته��ا‬ ‫يقابله الحجب‪ ،‬وما بينهما يقف الجسد متسائال وعاصفا‬ ‫بتقنينات لونية مفضلة عند بيكون‪ :‬يهيمن فيها اللونان‬ ‫وصعود بعض مظاهر ما سمي بادبيات(االسالم السياسي) والتي هي بالمناسبة‬
‫خامات بطورها غير المتش��كل‪،‬‬‫ٍ‬ ‫الصفر) بعد‪ ،‬حيث لم يزل‬ ‫من أجس��اد‪ ،‬إذا حاولت ان تس��ترها فليس أكثر من س��تر‬ ‫وممتنع��ا" دارس��ا نموذجي��ن لوجهي ه��ذا التعامل مع‬ ‫األحمر واألصفر‪ ،‬او تهيمن عليها خلفيتُها الس��وداء‪ ،‬فكان‬ ‫شكل آخر للسرد الذي تمارسه قوى الوصاية الجديدة‪ ،‬تلك التي تقترح عبر هذه‬
‫وذلك يعني ان التعرية الش��يئية في مفهومها الرياضي‬ ‫يكشف عما تحته ليكون كأستار النص التي تريد ان تقول‬ ‫الجس��د‪ ،‬فكان في إمكان المصورة الفوتوغرافية اإليرانية‬ ‫يض��ع أهم أهداف��ه التقنية في تأثيث المش��هد اللوني‬ ‫السرديات جبهات جديدة لحروب كونية ثقافية مقدسة‪ ،‬تشبه الى حد ما الحروب‬
‫تكم��ن في ما قبل حالة (الصفر) في التعبير الفني‪ ،‬فهي‬ ‫م��ا تحذفه‪ ،‬وبذلك يكون األمر الحاس��م في الصورة ليس‬ ‫ش��ادي قدريان‪ ،‬بنسائها القابعات خلف حجب أن تجيب‬ ‫للتعبير عن الحقيقة الداخلية لتلك الكائنات التي تمارس‬ ‫الصليبية او حروب اليوتوبيا المسيحية القرووسطية‪...‬‬
‫عملية حفريات آثارية‪ ،‬أي هي (اإلزالة) القصدية للمظهر‬ ‫ما يظهر بل ما يكش��ف عما يختفي‪ ،‬وبذلك تهيمن هذه‬ ‫عن أسئلة نساء الفرنسي باسكال رونو العاريات‪ ،‬والعكس‬ ‫صراخها األبدي من خالل‪ :‬خربشات سطح اللوحة (=الجلد‬ ‫قراءة هذا التحول مع تعدد كل مستوياته واشتغاالته‪ ،‬تفترض قراءة نافذة لكل‬
‫التراكمي للطبقات االثارية من أجل المعرفة‪ ،‬وهي معنى‬ ‫المصورة الفوتوغرافية على تفاحتي الفرنس��ي باس��كال‬ ‫صحيح أيضا‪.‬‬ ‫البشري)‪ ،‬او استثمار الموتيفات "الفوتوغرافية التي تقدم‬ ‫معطيات الظاهرة‪ ،‬بدءا من انهيار اساطير الواقعيات الروائية‪ ،‬ونماذجها االبوية‪،‬‬
‫معاكس (للحدس) بالتراكم‪.‬‬ ‫ضبابية الوجه" حينما كان يستخدم الصور البشرية الظ ّل ّية‬ ‫ورموزها الخالدة‪ ،‬وانتهاء باشكاليات الخصائص التقنية‪ ،‬التي ارتبطت باثارة‬
‫ان التعري��ة مفه��وم كون��ي‪ ،‬فالطبيع��ة تتع��رى بفعل‬ ‫(النيجاتيف)‪ ،‬أو في توظيف اطر األقفاص الحديدية التي‬ ‫االسئلة الفنية حول الكتابة الروائية وفضاءات اشتغاالتها وترسيماتها االسلوبية‬
‫مؤثراتها‪ ،‬وعش��تار تتعرى بفعل قوانين العالم الس��فلي‪،‬‬ ‫تط ْـب ِـق بفكيها على الكائ��ن؛ وهو األمر ذاته الذي وظفه‬ ‫التي اضحت سمة مميزة للنص الروائي الجديد بكل توهجه وجدّته واغتراباته‬
‫وهكذا تظهر معالم التضاريس الس��لبية أي (المتق ّعرة) ال‬ ‫الرس��ام محمد مهر الدين في ستينات وس��بعينات القرن‬ ‫في التعاطي مع اشكاالت التاريخ واالنسان والحرية والمكان والوثيقة‪ ،‬تلك التي‬
‫(المحدودب��ة) كنتائج لهذه التعرية) كاألخاديد وش��قوق‬ ‫الماضي حينم��ا كان أبطاله ممثلين في عرض مس��رحي‬ ‫ارتهنت الى بروز تجارب جديدة اكثر قدرة على المغامرة‪ ،‬واكثر شراسة في التمرد‬
‫األرض(‪ ،‬ما يجعل التعرية بمثابة المحور األول في الكشف‬ ‫ي��ؤدون فيه دورهم في حفلة تعذي��ب منظمة تجري أمام‬ ‫على التاريخ والسياق‪ ،‬والتي تملك قدرات متميزة في التخيل الروائي‪ ،‬خاصة مع‬
‫عن (تش��يؤ) العم��ل الفني الذي يمكن ع��ده مرجعية في‬ ‫مرأى الجميع؛ وبذلك تتجسد في ذلك الجسد (نصوصية)‬ ‫حضور اسماء بعض الروائيين الشباب الذين صدموا انماط التلقي بانماط غرائبية‬
‫احتكام النقد إلى اللوح��ة (لذاتها) دونما احتكام للفنان‬ ‫تجعله قادرا على تدوي��ن تاريخ النفي الذي مورس ضده‪،‬‬ ‫من الكتابة التي زاوجت بين الواقع وتجليات المخيلة‪ ،‬بين الوثيقة واعادة انتاجها‬
‫أو الجمهور‪ ،‬وبذلك يجد (الناقد) آل سعيد (التبرير) الفكري‬ ‫فكان تأريخا للعقوبة وتدوينها‪ ،‬تلك العقوبة المستحقة‬ ‫سرديا‪.‬‬
‫لمنجز (الرسام) آل سعيد في بحثه في التحريز والشخبطة‬ ‫والمطروحة سلف ًا‪ ..‬أنها عملية تشيئ للعذاب في الجحيم‬ ‫هذه المزاوجات المثيرة لشهية القراءة والتلذذ والكشف هي ابرز ما تمظهرت‬
‫والتخديد (من أخدود)‪.‬‬ ‫من خ�لال نفينا في الحياة األرضية‪ ،‬فكان تأريخ الجس��د‬ ‫به مغامرات هؤالء الكتاب‪ ،‬فضال عن انها وضعت االنسان القارىء والكائن(من‬
‫إن للتعري��ة والتراك��م جوانب فعل في اإلنس��ان وان لم‬ ‫تأريخا لتدوين الفكر‪ ،‬فمنذ بدء ظهور الش��هوات المرتبطة‬ ‫الكينونة) بكل تاريخه المباح لالنسحاق امام لعبة السيولة السردية‪ ،‬هذه اللعبة‬
‫يذكرها آل س��عيد‪ ،‬لك��ن المتلقي يستش��عرها باعتبارها‬ ‫بالجسد كانت العقوبات مهيأة له‪.‬‬ ‫الباعثة على االسئلة والشكوك والغرق‪..‬‬
‫مسكوت ًا عنه‪ ،‬وهو ما استشعرناه في تجربة آل سعيد في‬ ‫ان تحول الجس��د بيد الفنان إلى بعد شيئي مادي ملموس‬ ‫ان ثورة(الرواية) كما يمكن ان نسميها بدت اكثر اثارة وتجاوز ًا لتجنيس الكتابة‪ ،‬اذ‬
‫الرسم‪ ،‬وفي الكتابة بدرجة ما‪ ،‬فإن عمله في أيامه األخيرة‬ ‫يلخص عبقرية المبدع هنا‪ ،‬فقد اس��تطاع رودان ان يجعل‬ ‫ان الرواية تخلت عن ثيابها وتوصيفاتها الفلوبيرية وحتى الواقعية بكل اشكالها‬
‫كان محاولة دائمة إلجهاض فعل (التعرية) التي يتعرض‬ ‫من الكتلة التي تمثل الجس��د البش��ري لي��س إال "معجزة‬ ‫ومسمياتها المتعددة‪ ،‬انها اصبحت عالما مفتوحا على التجريب والتغاير واالنزياح‪،‬‬
‫لها شخصي ًا بفعل تقدمه بالعمر (= تراكم الوهن الجسدي‬ ‫تركيبية تداعب الفراغ‪ ...‬كونه قد اهتم بالفكرة الفلسفية‬ ‫فضال عن ان الرواية ذاتها فقدت الكثير من سماتها(الذكورية) اذ نشهد حضورا‬
‫وما يحدثه في (كمه) الثقاف��ي)‪ ،‬أي في تطوره الثقافي‬ ‫وراء الخامة الذي يقوم بتشكيلها"‪ ،‬لقد كرس حياته لقراءة‬ ‫واسعا للروائيات العربيات خاصة من السعودية ولبنان ومصروالمغرب العربي‪ ،‬كما‬
‫الذي كان يطوره في كل مقال ينشره‪ ،‬وبذلك اعتبر‪ ،‬وبشر‬ ‫الجسد اإلنساني‪ ،‬وهو ما حققه حينما أنجز عمله المشهور‬ ‫هو عند الروائيات العراقيات امثال بتول الخضيري وهدية حسين وميسلون هادي‬
‫بفك��رة ان الفن (ونحن نقصد بالفن ألهدافنا هنا الرس��م‬ ‫( بوابة الجحيم) التي اس��تغرق في تنفيذه عشرين عاما‪،‬‬ ‫ولطفية الدليمي وعالية طالب وغيرهن‪.‬‬
‫والفوتوغراف) في جوهره هو مفهوم متيريالي (ش��يئية‬ ‫وزينه بآالف الوجوه بعد ان قضى ست سنوات درس فيها‬ ‫هذا الحضور تجسد بشكل الفت من خالل اتساع قاعدة المشاركات الروائية للنساء‬
‫اللوحة باعتبارها سطحا تس��كنه األلوان)‪ ،‬ولم يكن يعني‬ ‫أعمال الفنان الكبير ( روبن��ز ) واغرم بتقنيته الحركية في‬ ‫في معارض الكتاب العربية والدولية وطبع العديد من الروايات في بغداد وبيروت‬
‫في النهاية إال بحثا في اس��تخدام المادة على سطح‪ ،‬فقد‬ ‫التصوير ‪.‬‬ ‫والقاهرة وسوريا ودول المغرب العربي‪ ،‬فضال عن طبع اعداد اخرى في دول المهجر‪،‬‬
‫اعتبرها "فنا يكتشف (ذاته) في السطح التصويري"‪.‬‬ ‫ان تحول الجس��د إلى وجود مادي كان المشكلة األساسية‬ ‫خاصة للروايات التي يمكن ان تواجه مواقف متشنجة من الرقابة او الجهات التي‬
‫وإذا كانت الشيئية تكشف عن جوهرها في سطح الجسد‬ ‫التي بنى بها النحت العراقي والنحت المصري بتجلياتهما‬ ‫اعتادت ان تتدخل في فرض سلطتها على الكتاب!!‬
‫(الجلد) فهي كذلك تكش��ف عن ذاتها في أي سطح آخر‬ ‫القديمة والحاضرة (جسدهما)‪ ،‬وكما في تجربتي الرائدين‬ ‫اتساع ظاهرة الرواية او النزوع الى مجال السرديات‪ ،‬بات مثيرا في تعاطيه مع‬
‫ضمن المحيط‪ ،‬وهو السبب الذي دعاه إلى استقراء الحيطان‬ ‫جواد س��ليم ومحمود مختار‪ ،‬لم تخ��رج موضوعات وميدان‬ ‫ازمات التاريخ‪ ،‬والمقدس‪ ،‬اذ عمدت هذه السرديات الى محاولة تفكيك هذه‬
‫الرثة ف��ي األزق��ة الش��عبية باعتبارها س��طوحا تمتلك‬ ‫اشتغال تلك النحوت عن المش��خص بل وتحديدا الجسد‬ ‫االزمات‪ ،‬وبالطريقة التي بتنا نقرأ تاريخا اخر‪ ،‬ومقدسا اخر‪ ،‬حتى اضحى حديث‬
‫مس��وغات اعتبارها لوح��ة‪ ،‬وهو ما فعلت��ه الفوتوغرافية‬ ‫اإلنساني وتضاريسه إال عند قلة من النحاتين وأهمهم عبد‬ ‫الهويات السردية‪ ،‬وكأنه مأخوذ من هذا التأسيس الذي اقترحته السرديات في‬
‫تانيا كراماتيكوفا‪ ،‬حيث يتوفر لتلك السطوح وجود شيئي‬ ‫الرحيم الوكيل‪ ،‬وهو ما كرس له وفيه النحات هيثم حسن‬ ‫اعادة قراءة العالم واالشياء والخطابات‪..‬‬
‫يس��وغ اعتبارها عمال فنيا‪ ،‬أي جزءا من نسق الرسم دونما‬ ‫جهده كله ولكن بأهداف مختلفة عمن س��بقوه‪ ،‬فقد كان‬ ‫ان ما يقال ان عصرنا هو عصر الرواية‪ ،‬هو كالم فيه الكثير من الواقعية‪ ،‬وهذا‬
‫حاج��ة إلى‪ :‬وجود صان��ع محدد‪ ،‬ون ّية مس��بقة عند ذلك‬ ‫الس��ابقون يهدفون إلى اختبار طواعية الجسد اإلنساني‪،‬‬ ‫اليعني االعالن عن موت االشكال االخرى كما قد يبشر البعض من هواة(موت‬
‫الصانع‪ ،‬بإنت��اج لوحة تنتمي للفن‪ ،‬أي لنس��ق ما‪ ،‬فكان‬ ‫وتحديدا جس��د المرأة عبر طواعية المادة التي هي هدف‬ ‫االنواع)‪ ،‬بقدر ما يعني ان قواعد اللعبة قد تغيرت وان االنسان(المعصرن) من‬
‫يتخذ الجدار جسدا (بمقام الجسد مقابل الجثة)‪ ،‬باعتباره‬ ‫يمرر عبره اختبار طواعية الجس��د‪ ،‬كما يختبر قس��م منهم‬ ‫اخمص قدميه حتى رأسه لم يعد كائنا شعريا‪ ،‬انه مخترق االن من السرد‪ ،‬بدءا من‬
‫جس��د اللوحة الناب��ض بالحركة في س��كونه‪ ،‬والنابض‬ ‫كفاءته في المهارة التش��ريحية في الجس��د اإلنس��اني‪،‬‬ ‫سرد ماتبقى من التاريخ والمثيولوجيات‪ ،‬والحكايات الشعبية وبطولتها‪ ،‬وانتهاء‬
‫ربما بالوجود كواقعة ش��يئية بماديتها أوال‪ ،‬وبتقنياتها؛‬ ‫بينما شق هيثم حس��ن لنفسه‪ ،‬في آخر المعارض المهمة‬ ‫بسرديات السلطات والحروب والقوى الغامضة‪ ،‬تلك التي تضع االنسان امام‬
‫وبذلك يتخذ الجدار مق��ام العمل الفني بعناصره المادية‬ ‫للنحت العراقي‪ ،‬برزخا مختلفا حينما حاول اختبار الطاقة‬ ‫تاريخ مشكوك‪ ،‬وامام وثائق تشبه القيود او شروط المحاربين‪ ،‬تلك التي يمكن ان‬
‫المختلفة ما يجعل الفن نشاطا يتعلق بالسطح التصويري‬ ‫التعبيري��ة لمواد حديثة ولكن من خ�لال الموضوع األزلي‪:‬‬ ‫تعيد االنسان الى الحكايات االولى‪..‬‬
‫في مبدئه ومنتهاه‪.‬‬ ‫الجسد اإلنساني (المرأة)‪ ،‬فكانت تجاربه تلك على الجسد‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫جماليات ‪29‬‬ ‫‪ 28‬جماليات‬

‫حوار االنغام العربية والغربية‬


‫تخصص باعمال مكتوبة للبيانو ومنها " رابس��وديات"‬ ‫الكاملة العمال الس��وناتا التي الفه��ا بيتهوفن‪ ،‬وعدد ًا من‬ ‫ويشير الباش��ا "علينا ان ال ننسى ان الموسيقى الكالسيكية‬ ‫االثر الحميم لصاحب اوبرا "زواج فيجارو" و"القداس الجنائزي"‬
‫المؤل��ف الهنغ��اري فران��ز ليس��ت واعم��ال الروس��ي‬ ‫اعمال ش��ومان وروافيل وش��وبرت‪،‬وهو بصدد االنتهاء من‬ ‫الغربية لم تولد من ال شيء‪ ،‬قبلها كانت الحضارة االندلسية‬ ‫فتوقف عند البراعة الروحية لموتس��ارت وفيض احاسيسه‬
‫رحمانينوف‪.‬‬ ‫تسجيل اعمال شوبان الكاملة للبيانو حسب الترتيب الزمني‬ ‫التي كانت تعطي نورها لكل اوروبا‪ ،‬ومن جذور الموس��يقى‬ ‫التي تأتي غالب ًا بجمل موسيقية غير معقدة ورهافة نادرة‪،‬‬
‫الحرك��ة االولى م��ن "القدس‪ :‬المدينة المقدس��ة" التي‬ ‫لتأليفيه��ا‪ ،‬اض��ف الى ذل��ك ان عبدالرحمن الباش��ا ذاته‪،‬‬ ‫االندلس��ية صار هناك تطوير ولك��ن يظل اثرها قائم ًا‪ ،‬وانا‬ ‫واصبح��ت هذه م��ن المالمح الت��ي يمكن االس��تدالل بها‬

‫في "دبلوماسية الموسيقى"‬


‫حمل��ت عنوان "قبل الش��تات" اس��تخدم خالد اس��عد‬ ‫مؤلف موس��يقي‪ ،‬ومنح في عام ‪ 1981‬الجنسية الفرنسية‬ ‫باحساس��ي الش��رقي اعطي اهمية لهذه النقطة اي جذور‬ ‫على اح�لام الفتى الحزين (برغم فرح��ه الظاهر) اماديوس‬
‫لحن ًا مقام ًا عى اس��اس الثيمة اللحنية الش��عبية (على‬ ‫اللبنانية المزدوجة وهو يقيم حالي ًا بالقرب من باريس‪.‬‬ ‫الموس��يقى الش��رقية التي اتصل��ت بها‪ ،‬مث� ًلا انا اعزف‬ ‫موتسارت‪.‬‬
‫دلعونا)‪ ،‬ولكنه خرج من االطار االستعادي (الذكرياتي)‬ ‫لشوبان باحساس عميق (يقال انه شرقي) واالذن الحساسة‬ ‫ولفرط رهافة ورش��اقة العزف الذي تواصل بعد اس��تراحة‬
‫لمرحلة ما قب��ل النكبة ‪ ،1948‬ليقي��م اطار ًا الحداث‬ ‫أي موقع لصورتنا العربية في أعمال‬ ‫في الغرب تلتقط هذا االختالف بين عزفي للمقطوعة وبين‬ ‫قصيرة مع "س��وناتا رقم ‪ "3‬للمؤلف ش��ومان‪ ،‬بدا الصمت‬
‫مركب��ة ومتذاخل��ة ضمن لح��ن حزين التخف��ى نغمة‬ ‫عزف الغربيين لها"‪.‬‬ ‫واالنصات مقدسين حتى كاد الحجر يرق لفرط براعة الباشا‬
‫الغضب فيه‪.‬‬ ‫يكتبها موسيقيون من بلداننا وفق‬ ‫عبدالرحمن الباش��ا ولد في بيروت ‪ 1958‬وبدأ دراسته في‬ ‫ال��ذي زاد في الجانب الروحي بعزف��ه على الجانب التقني‬
‫الالفت في الحركة االولى‪ ،‬هو اللحن الذي قارب (المارش‬ ‫أشكال غربية ؟‬ ‫العزف على البيانو عام ‪ 1967‬على يد زورات سركيس��يان‬ ‫وذلك يأتي منسجم ًا مع االصل الشرقي الذي اليبدوالعازف‬
‫العس��كري) الذي يش��ير من خالله اس��عد الى المقاومة‬ ‫وهو احد طلب��ة مرغريت لونغ وج��اك فيفرييه‪ .‬وحين بلغ‬ ‫في وارد التخلي عنه‪.‬‬
‫التي س��تتصاعد من اجل فلس��طين الضائعة وكي ال‬ ‫تثير األعمال التي يضعها المؤلفان الموس��يقيان العربيان‬ ‫العاش��رة من عمره‪ ،‬ظهر في اول حفل موسيقي له بمرافقة‬ ‫قبل االمسية وبعدها حاورت الباشا وسألته‪" :‬انت في مكان‬ ‫عرب يلعبون باخ وموتسارت وشوبان‬ ‫ف��ي تذوق الموس��يقى الكالس��يكية ولوال بع��ض ما تبثه‬ ‫اوال‪ :‬غربيون يقدمون موسيقاهم في بلدان عربية‬ ‫‪ ‬علي عبد األمير عجام‬
‫تصبح اس��يرة مخ��اوف منفى طويل‪.‬وه��ذه المعاني‪،‬‬ ‫والعازف��ان عل��ى البيانو زي��د ديراني ( مقيم ف��ي اميركا)‬ ‫فرق��ة موس��يقية‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 1973‬تنبأ كالودي��و اراو‬ ‫له عالقة بجذور الحضارة والثقافة العربية‪ ،‬تعزف موسيقى‬ ‫وبيتهوفن‬ ‫االقسام االجنبية في اذاعات عربية لبدا مستحيال التعرف‬ ‫وفي رصد الباحث لهذا الش��كل من الحوار ‪ ،‬يمكن التوقف‬
‫كاتب عراقي ‪-‬امريكا‬
‫احتاجت مالمح مركبة في العمل استطاع خالد كمؤلف‬ ‫وخالد اس��عد اكثر من سؤال لجهة حضورالشكل الموسيقي‬ ‫بمستقبل عظيم لعبد الرحمن الباشا بين عازفي البيانو في‬ ‫اوروبية‪ ،‬هل هذا مؤش��ر على الجانب االنس��اني المشترك‬ ‫عل��ى نغمة واحدة من ماليين تكاد تم�لأ االثير في العالم‪،‬‬ ‫عند تأس��يس معاهد وفرق اوركس��ترالية ‪،‬فضال عن عروض‬
‫ان يحددها‪ ،‬وفي الوقت ذاته استطاع كعازف ان يتوفر‬ ‫الغربي ( الكالس��يكي او المعاصر) ف��ي تلك األعمال‪ ،‬فاي‬ ‫العالم‪ .‬وفي عام ‪ 1974‬عرضت عليه منح دراسية من كل‬ ‫الذي يمكن للموس��يقى ان تعبر عنه" فقال عبدالرحمن الذي‬ ‫ليس من الصع��ب التوقف عند عازفين ع��رب بارزين على‬ ‫ويب��دو ان التلفزيون��ات العربي��ة ‪،‬حت��ى الرس��مية منها‪،‬‬ ‫موسيقية امتدت لعشرات العقود والقت مستويات متباينة‬
‫عل��ى تكنيك جي��د البرازها في نغم مس��موع ويالقى‬ ‫اث��ر من الممك��ن ان يحققه عربيان في ش��كل م��ن النتاج‬ ‫من فرنس��ا واالتحاد السوفياتي الس��ابق وبريطانيا‪ ،‬اال انه‬ ‫يستعد لتسجيل اعمال المؤلف شوبان الكاملة‪:‬‬ ‫اآلالت الموس��يقية الغربية ‪،‬مثلما ه��و ليس صعبا التوقف‬ ‫نس��يت تماما ان هن��اك نتاجا ثقافيا وفني��ا رفيعا تمثله‬ ‫من االستجابة ‪.‬‬
‫باالنتباه من قبل المستمع‪.‬‬ ‫الموس��يقي ب��ات محكما في قوالبه حت��ى ان من النادر ان‬ ‫قبل العرض الفرنس��ي مدفوع ًا بعالقة "االلف��ة الثقافية"‬ ‫"الموس��يقى لغة ال يختلف عليها احد‪ ،‬وتعبر عن االنسانية‬ ‫عند فرق اوركس��ترالية في اكثر من عاصم��ة عربية تتولى‬ ‫الموسيقى الكالس��يكية حتى انها تترفع عن مجرد االعالن‬ ‫ثانيا‪:‬ع��رب درس��وا الموس��يقى الغربية ووقعوا في اس��ر‬
‫في الحركة الثانية التي حملت عنوان "المنفى"‪ ،‬يتوقف‬ ‫يقارب��ه غربي��ون حاليا األ في الش��كل المعاص��ر ؟ ثم اذا‬ ‫وق��د التحق بمعهد باريس الموس��يقي وتخ��رج منه فائز ًا‬ ‫العميقة وهي صلة وصل بي��ن مختلف الحضارات خاصة‬ ‫نش��ر الثقافة الموس��يقية الغربية "الكالسيكية" ‪ ،‬ولكن من‬ ‫عن حفلة تقام هنا او هناك في العواصم ‪ ،‬ناهيك عن خلو‬ ‫تجاربها‬
‫خالد اس��عد عند حدث اتس��م بالمفاج��أة والمباغتة‪،‬‬ ‫افترضنا ان النتاج الموس��يقي شأنه ش��أن النتاج الثقافي‬ ‫باربع جوائز اولى‪ :‬موسيقى الحجرة‪ ،‬البيانو‪ ،‬توافق االنغام‬ ‫حين نتوصل الى الميزات التي توصلت اليها الموس��يقى‬ ‫الصعب ان نجد مواجهة لس��ؤال من نوع ‪ :‬ماذا يعني وجود‬ ‫برامجها وحتى الثقافية والفنية من اي عناية بالموس��يقى‬ ‫وهنا يمكن دراسة مئات التجارب التي اقترحها موسيقيون‬
‫وهو تهجير الفلس��طينين من بيوتهم‪ ،‬قراهم ومدنهم‪،‬‬ ‫العالمي هو " ش��راكة انسانية" ‪ ،‬فاي ملمح لصورتنا العربية‬ ‫(الهارمون��ي) واالنغ��ام الموس��يقية المصاحب��ة (كاونتر‬ ‫الكالسيكية التي استطاعت ان تعبر عن المشاعر االنسانية‬ ‫عدد من العازفين البارعين العرب الذين يندرجون في شكل‬ ‫الكالسيكية‪.‬‬ ‫من بلدان عربية الش��كال الموس��يقى الغربية عزفا وتأليفا‬
‫وانعكس ذلك في لحن س��ريع وايقاعي ليواكب سرعة‬ ‫( صورة العازفين الثقافية الوطنية) يبدو حاضرا في اعمال‬ ‫بوينت)‪.‬‬ ‫النبيلة‪ ،‬الموسيقى برغم انها تخلق في وقت محدد وتعزف‬ ‫موس��يقي بات يعاني ازمة حقيقية في بيئته االجتماعية‬ ‫وفي حين تنشط المؤسسات الثقافية والفنية في تظاهرات‬ ‫وغن��اء‪ ،‬وبدت تلك التج��ارب "مخلص��ة" و"امينة" لالصول‬
‫الحدث ووحش��ية ايقاعه‪ ،‬فيما يتحول اللحن الحق ًا الى‬ ‫المؤلفي��ن ‪ ،‬وهل تمكنا من نقل روحية عربية ثقافية الى "‬ ‫وف��ي حزيران ‪ 1978‬فاز عبدالرحمن الباش��ا باجماع هيئة‬ ‫فيه ويستمع اليها‪ ،‬اال انها تظل تعبر عن ازلية الحياة"‪.‬‬ ‫والثقافية (الغرب)؟‬ ‫شهرية وس��نوية‪ ،‬فانها نادرا ما تلتفت الى اثر الموسيقى‬ ‫الموسيقية الغربية‪.‬‬
‫البطء للتعبير عن الحزن والخوف الذي جاءت به وقائع‬ ‫اآلخر" الذي تعاطى مع موس��يقاهما التي كانت قريبة الى‬ ‫التحكيم في مسابقة الملكة اليزابيث ملكة بلجيكا‪ ،‬كما فاز‬ ‫وعن ازمة الموس��يقى االوروبي��ة والغربية حالي�� ًا واتجاهه‬ ‫فعل��ى هام��ش اجتماع��ات المؤتم��ر الثام��ن والعش��رين‬ ‫الرفيعة‪ ،‬والكالسيكية منها تحديدا‪ ،‬ولوال بعض النوافذ في‬ ‫ثالثا‪:‬عرب اتصل��وا بالغرب وكتبوا موس��يقى تنفتح على‬
‫التهجير‪.‬‬ ‫تكوينه وذائقته الموسيقية؟‬ ‫بجائزة الجمهور في المس��ابقة ذاتها‪ ،‬وساهمت المسابقة‬ ‫للتأليف الموس��يقى وهل سيكون ضمن قوالب عربية يقول‬ ‫للمجلس الدولي للموسيقى (اليونسكو) في البتراء االردنية‬ ‫المهرجانات الثقافية والفنية لتم اغالق صفحات واحد من‬ ‫تجاربه لكنها لم تنفصل عن موروثهم‬
‫وف��ي الحركة الثالثة (س��قوط الق��دس)‪ ،‬وازاء الحدث‬ ‫في طرح اسم عبدالرحمن الباشا كعازف بيانو على الساحة‬ ‫عبدالرحمن الباشا‪" :‬الموسيقى االوروبية حالي ًا ضائعة النها‬ ‫ع��ام‪ ،1999‬امكن التعرف عن كثب على واحد من اش��هر‬ ‫الكتب المهمة ف��ي تكوين الذائقة الروحية والفكرية لبني‬ ‫وهذا الش��كل يبدو االكث��ر اثارة للجدل لجهة انه الش��كل‬
‫الجلل الذي تحاول تجس��يده‪ ،‬يكاد المستمع يشعر بأنه‬ ‫الدولي��ة‪ ،‬ومن��ذ لحظة فوزه ب��دأت الصحافة الموس��يقية‬ ‫اخذت اتجاه��ات مختلفة وهي غير قادرة على جلب محبة‬ ‫عازف��ي البيانو ف��ي اوروبا ‪،‬اال وهو عبدالرحمن الباش��ا ابن‬ ‫البشر‪ :‬صفحات كتاب الموسيقى الكالسيكية‪ .‬غير ان هناك‬ ‫الذي حاول تقدي��م معطيات مبتكرة قائم��ة على المعنى‬
‫ازاء ح��دث متداخل االيح��اءات ومتراكب‪ ،‬وهذا ما يبرز‬ ‫ديراني‪ :‬صورة ما عن العرب‬ ‫بمقارنت��ه باعظم عازفي البيانو في ه��ذا العصر وانهالت‬ ‫الجمهور الكالس��يكي‪ ،‬ومن هنا اتجه الكثير من الموسيقيين‬ ‫الموس��يقار اللبناني الراحل توفيق الباش��ا ‪.‬ففي مكان اعد‬ ‫من يقول ان الموس��يقى الكالسيكية لم تعد مسموعة على‬ ‫الذي يقترحه الحوار الموس��يقي مع الغ��رب ‪ ،‬وهو في هذا‬
‫ف��ي لحن ي��كاد يصدر لتع��دده النغمي من اوركس��ترا‬ ‫و"رسالتهم"؟‬ ‫عليه بمديحه��ا لبراعته الفنية وهدوئ��ه والعمق العاطفي‬ ‫الغربيين الى الموس��يقى غيراالوروبية ومن اجل اس��تلهام‬ ‫بعناية للموس��يقى الرفيعة‪ ،‬جلس عبدالرحمن الباش��ا الى‬ ‫نطاق واسع حتى في بلدانها االصلية التي شهدت نشوء‬ ‫الش��أن كان هدفا لمعس��كرين من الموس��يقيين " االنقياء"‬
‫وليس من آلة واحدة هي البيانو‪ ،‬وهذا مؤشر آخر لبراعة‬ ‫لعزفه‪.‬‬ ‫اشياء منها‪ .‬انا لس��ت مؤلف ًا محترف ًا ولو كنت مؤلف ًا لكنت‬ ‫بيانو ضخم امام جمه��ور نوعي وخاص‪ ،‬ليلعب بطريقة ال‬ ‫روائعها‪ ،‬وه��ذه حقيقة تجد مؤش��راتها على االرض‪ ،‬فلم‬ ‫اي الموس��يقيين الذي يقطعون ب��ان الصلة يمكن ان تجمع‬
‫اسعد التأليفية والعزفية‪ ،‬والذي يتعمد في آخر الحركة‬ ‫"موس��يقى تجس��د الرؤية العربية وتمج��د التاريخ القديم‪،‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ ،1993‬ن��ال اول تس��جيل عل��ى اس��طوانة‬ ‫اس��تخدم كثير ًا من طاقات الموسيقى الشرقية لكن بقالب‬ ‫تخفى روحيتها‪ ،‬برقة لمساته على مفاتيح البيانو ونباهته‬ ‫تعد مبيعات االسطوانات المسجلة لالعمال الكبيرة تسجل‬ ‫الموس��يقى الغربية بالعربي��ة ‪ ،‬ويدافعون بقوة عن " نقاء"‬
‫اس��تخدام ميلودي اقرب الى الهدوى ليعطي المس��تمع‬ ‫موسيقى ذات مضمون ورسالة انسانية‪ ،‬هذه هي الموسيقى‬ ‫للباش��ا وهو "االعمال المبكرة لبروكوفييف" الجائزة الكبرى‬ ‫جدي��د ليس ب��اآلالت الش��رقية القديمة ولكن باس��تخدام‬ ‫ف��ي اختيار المقطوعات‪ ،‬فبدأ مع عمل رقيق "س��وناثا رقم‬ ‫ارقاما كبيرة‪ ،‬وصارت االوركس��ترات الكبيرة والصغيرة على‬ ‫التجربتين الموسيقيتين كل على حدة‪ ،‬فينظروا باستخفاف‬
‫االيح��اء ب��ان ام ًال الب��د ان يط��ل على حي��اة المدينة‬ ‫التي احلم ان اش��ارك بها الناس عن قريب"‪،‬على هذا النحو‬ ‫الكاديمية شارك كرو التي تسلمها من السيدة بروكوفييف‪،‬‬ ‫كل االالت الحديث��ة وكن��ت س��أركز اكثر على الموس��يقى‬ ‫‪ "332‬لفولجان��غ اماديوس موتس��ارت وخل��ق مزيج ًا من‬ ‫حد س��واء غير قادرة عل��ى تمويل ذاتها دون دعم مباش��ر‬ ‫ال��ى من يقدم ش��كل " الس��ماعي" (الش��كل الموس��يقي‬
‫المقدسة بعيد ًا عن وقائع االحتالل‪.‬‬ ‫كان��ت تتدفق امنيات عازف البيان��و زيد ديراني حين كان‬ ‫ارملة الموسيقار الروس��ي الشهير‪ ،‬وقام حتى االن بتسجيل‬ ‫الفولكوري��ة‪ .‬الموس��يقى التي اش��تغل عليها‪ ،‬موس��يقى‬ ‫الحضور الرقيق ما بين الم��كان وحميميته وعمقه الحضاري‬ ‫م��ن الحكومات‪ ،‬ولوال ذلك الدعم لماتت فرق واوركس��ترات‬ ‫الش��رقي) وفق شكل االوركسترا الس��يمفوني الغربي ‪ ،‬كما‬
‫نح��ن في ما يبرزه ديراني واس��عد حيال " نوايا كبيرة"‬ ‫يبلغ السابعة عشر خالل حفله الموسيقي األول ‪ 1997‬في‬ ‫عدد من اعمال الكونشرتو لحساب شركة فورالن‪ ،‬منها ثالثة‬ ‫بسيطة جد ًا‪ ،‬ولكنها صحيحة‪ ،‬النها تأتي من قلب االرض‪،‬‬ ‫وبين العمل الموسيقي‪.‬‬ ‫معروفة في غير منطقة من العالم‪.‬‬ ‫ينظ��رون بامتعاض الى من يجد صل��ة روحية ونغمية بين‬
‫عن تضمي��ن رؤى وقضايا عربية في اعمال تندرج اصال‬ ‫ع ّمان ‪ ،‬مشددا" ال بد لي كعربي و شرقي يرغب في ان تشارك‬ ‫اعم��ال من تأليف باخ واثنان م��ن تأليف رافيل والمجموعة‬ ‫ومن قلب االنسان"‪.‬‬ ‫س��وناتا موتسارت عكست حس��ب فهم عبدالرحمن الباشا‬ ‫شكل "البشرف" المقطوعة الموسيقية الشرقية‪،‬واالسترسال‬
‫في اشكال ثقافية غربية ‪ ،‬ولكن هل ثمة وسائل عملية‬ ‫موس��يقاه العالم ان تكون له بصمة عربية تميزه عن غيره"‬ ‫النغمي الحر الذي تقدمه موسيقى الجاز‪.‬‬
‫لنقل " األفكار ع��ن الهوية الثقافي��ة العربية" توصل‬ ‫وكالم مه��م كهذا حاول ديران��ي مقاربته في مقطوعتين‬ ‫وف��ي مالحقتنا للنتاج الموس��يقي في غي��ر عاصمة عربية‬
‫اليها المؤلفان؟‬ ‫االولى بعنوان "زنود النار" وتصور" تمسكنا بالهوية العربية‪،‬‬ ‫خالل عقود ع��دة ‪ ،‬يمكننا الثبت من االش��كال "المقترحة"‬
‫ديراني نشط في جوالت على امتداد الواليات المتحدة‬ ‫وعدم الس��ماح الي احد مهما كان ب��ان يتهم امتنا العربية‬ ‫لدراس��ة الحوار العربي‪-‬الغربي موس��يقيا ‪ ،‬وعبر تجارب نرى‬
‫وصوال ال��ى اليابان وم��رورا بالمكس��يك ودول اوروبية‬ ‫بالجهل والصاق الشبهات المزيفة بها ‪،‬وضرورة الدفاع عن‬ ‫انها تقترب من حدود تمثيل كل شكل من تلك االشكال ‪.‬‬
‫‪ ،‬ومثله قدم اس��عد حفالت في م��دن اوروبية كمدينة‬ ‫حقوقنا وفرض هويتنا بزنود من نار"!!!‬
‫"كان" الفرنسية وجنيف السويسرية‪ .‬ولكن هل يبدو هذا‬ ‫ويسعى المؤلف الموسيقي وعازف البيانو ديراني الى اقامة‬ ‫الموسيقى الكالسيكية عربيا ‪:‬‬
‫كافي��ا في نقل " صورتنا الثقافي��ة" الى جمهور غربي‬ ‫عروض موسيقية تنقل فكرته عن اثر الموسيقى في االشارة‬
‫عري��ض ؟ الجواب اليب��دو ايجابيا ‪ ،‬ذل��ك ان الحفالت‬ ‫ال��ى براعة اردنية في التعبير الجمالي ال تتوقف عند حدود‬ ‫جمهور نخبوي وموسيقيون مترددون واعالم متقاعس‬
‫الموس��يقية الجادة حت��ى في الغرب‪ ،‬تب��دو نخبوية ‪،‬‬ ‫المكان بل تخاطب الجمهور في مناطق متعددة من العالم‬ ‫التبدو حال الموس��يقى الكالس��يكية ( الغربية) في صورة‬
‫وتق��ام في اجواء تغلب عليه��ا العالقات اإلجتماعية‪،‬‬ ‫ومنها في الواليات المتحدة حيث انهى دراسته وبدأ عمله‬ ‫حس��نة عربيا ‪ ،‬فجمهورها يكاد ينس��حب شيئا فشيئا فيما‬
‫فيما يظل التأثير الحقيقي متصال بتوزيع اإلسطوانات‬ ‫عازفا ومؤلفا فيها‪.‬‬ ‫الحفالت التي تش��هد تقديمها ال يحضرها اال جمهور قليل‬
‫ومدى بثها في وسائل اإلعالم ‪ ،‬واذا كان ديراني تمكن‬ ‫ووف��ر زيد ديراني م��ن خالل عرضين موس��يقيين ناجحين‪:‬‬ ‫اغلب��ه اجانب من الدبلوماس��يين والمراك��ز الثقافية التي‬ ‫ثمة ثالثة اشكال من حوار الموسيقى‬
‫من اختراق طوق اإلنتاج الموسيقي األميركي وصدرت له‬ ‫"من جوف ش��رق ازل��ي" و"احالم القلع��ة" مزاوجة ذكية ما‬ ‫تنظم مث��ل تلك الحفالت‪ ،‬وتغلب عل��ى اجوائها لقاءات‬
‫اسطوانة منفردة وعددا من اإلسطوانات المشتركة التي‬ ‫بين مرجعيات ش��رقية وعربية وبين االطار الغربي من خالل‬ ‫اجتماعية‪ ،‬ولتحش��ر هواجس موتس��ارت واسئلة بيتهوفن‬ ‫العربية والغربية الذي حاول ان يرسخ‬
‫ضمت��ه الى جانب مؤلفين مرموقين برعوا في ش��كل "‬ ‫االوركس��ترا التي تضم االت موس��يقية عربي��ة‪ ،‬وهو اطار‬ ‫وكآبات شوبرت في لغط االجواء االستعراضية‪.‬‬ ‫ملمحا جديدا للعالقات بين الدول‬
‫موسيقى العصر الحديث " او " نيو ايج ميوزيك" ‪ ،‬اال ان‬ ‫يوفر لعمل ديراني ام��كان الوصول الى جمهور عريض في‬ ‫قلة هم رواد الموس��يقى الكالس��يكية في البلدان العربية ‪،‬‬ ‫والمجتمعات ‪ " :‬دبلوماسية الموسيقى"‬
‫خالد اس��عد وبحكم اقامته في فضاء عربي وصعوبة‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫ويبدو ان ضعفا في الثقافة الموس��يقية الرصينة هو الذي‬
‫اختراق مجموعات " الصناعة الموسيقية " المتنفذة في‬ ‫وفي حين اس��تفاد ديراني كثيرا من دراسته موسيقى الجاز‬ ‫جعل الموسيقى الكالسيكية رغم رفعتها وتاثيرها الروحي‬ ‫والتي برزت منذ ان طرقت الحداثة على‬
‫العالم ‪ ،‬لم يتمكن من وس��يلة تأثي��ر للوصول باعماله‬ ‫وانم��اط الموس��يقى المعاص��رة‪ ،‬فانه وبحس��ب مااظهره‬ ‫العميق‪ ،‬تنسحب من بين الئحة اهتمام قطاع من المتلقين‪،‬‬ ‫ابواب البلدان العربية مع وجود عالقات‬
‫الى " االخر"وعلى نطاق واس��ع‪ .‬صحيح انه لفت االنظار‬ ‫من براع��ة في التأليف منح حصصا دراس��ية اضافية في‬ ‫بدا ماخوذا بما هو عابر وشائع في النغم‪.‬‬ ‫متعاظمة مع اآلخر الغربي ‪ ،‬وتحديدا‬
‫الى قدرة خاصة في قراءة اح��داث معاصرة عبر عمل‬ ‫التألي��ف‪ ،‬فيم��ا تركت مؤلفات��ه انطباع��ات ايجابية عند‬ ‫واذا كانت اوركس��ترات المعاهد الوطنية الموسقية في غير‬
‫موس��يقي من تأليفه كما في مقطوعت��ه التي حملت‬ ‫اس��اتذته وبخاصة تلك اللمحات العربية والش��رقية التي‬ ‫عاصم��ة عربية ‪ ،‬تجتهد في تقديم اعمال من الموس��يقى‬ ‫ما بعد الحرب العالمية االولى ‪ ،‬ثم ما‬
‫عنوان " تبع��ات نيويورك" ‪ ،‬وصور فيه عبر النغم الحي‬ ‫تضمنتها‪.‬‬ ‫الكالس��يكية عل��ى مدار الس��نة وان ظل��ت قليل��ة‪ ،‬اال ان‬ ‫اعقبتها من محاوالت " تأصيل" تلك‬
‫والمؤثر مش��هد الهجوم على نيوي��ورك في ‪ 11‬ايلول‬ ‫مؤسس��ات تعليم الموسيقى وتدريس��ها االخرى في بلدان‬ ‫الحداثة وجعلها متوافقة مع التركيبة‬
‫‪ ،2001‬اال ان اجم��ل األعم��ال يمك��ن له��ا ان تفقد‬ ‫خالد اسعد‪ ":‬القدس" جوهرة‬ ‫الع��رب نادرا م��ا تقدم نش��اطا فنيا يحتفي بالموس��يقى‬
‫تأثيرها اذا ل��م تصل الى الجمه��ور العريض ‪ ،‬وهو ما‬ ‫الكالسيكية ‪،‬فضال عن العديد من المراكز الموسيقية االهلية‬ ‫االجتماعية والثقافية العربية‪ ،‬تلك‬
‫يحصل لألس��ف مع اعمال متوهجة بالجم��ال والفكرة‬ ‫موسيقية عن مصير مدينة‬ ‫الت��ي بامكانها ان تخرج من س��ياقها التعليمي الى فضاء‬ ‫المحاوالت التي قدمت تجاربها الناضجة‬
‫المتطورة ‪ ،‬كأعمال اسعد التي لم تصل بعد الى جمهور‬ ‫ف��ي انفتاح��ه على ال��وان التألي��ف الموس��يقي الغربية‬ ‫ثقافي عبر تقديم حفلتين على االقل س��نويا يجتمع فيها‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫( غرب��ي) قد يتعرف على روحي��ة ثقافية عربية تأتيه‬ ‫قدم عازف البيانو والمؤلف الفلس��طيني خالد اس��عد عمله‬ ‫ابرز العازفين الدارسين ليظهروا مدى اتقانهم فنون العزف‬
‫ه��ذه المرة عبر ش��كل فني لطالما تع��رف اليه واصبح‬ ‫المهم "القدس‪ :‬المدينة المقدس��ة" الذي جاء على شكل‬ ‫ومدى استجابتهم لالثر الروحي للموسيقى الكالسيكية‪.‬‬ ‫االشكال الثالثة للحوار الموسيقي العربي‬
‫جزءا من تكوينه الثقافي‪.‬‬ ‫(سوناتا) في ثالث حركات‪ ،‬وليؤكد مهارته عازفا فقد‬ ‫وتتحمل وسائل االعالم قس��طا كبيرا من مسؤولية التراجع‬ ‫الغربي يمكن رصد تمظهراتها في ‪:‬‬
‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫‪http://www.almadapaper.com - E-mail: tattoo_215@yahoo.com‬‬ ‫العدد(‪ )8‬السنة االولى ‪ 15 -‬تشرين االول ‪2009‬‬

‫مكان وزمان ‪31‬‬ ‫‪ 30‬مكان وزمان‬

‫الجسد ‪ :‬غواية الليل و مكر النهار‬


‫فتس��تدعيه ليكون برهانها على السطوع العابر في‬ ‫لمجاميع من الهيئات أو األش��كال يوصله إلى هدفه‬

‫وتحت السرير تفاح‬


‫عتمة الليل ‪..‬‬ ‫الذي يعجز عنه الشكل المنفرد‪ ،‬فإيحاءات التكرار تعزز‬
‫قوة الثيمة التصويرية وتبث شفراتها على نحو أكثر‬
‫لوحة النهار ‪:1900‬أسلبة العري‬ ‫فاعلية‪ ،‬ومن خالل مفهوم التوازي توصل هودلر إلى إ‬
‫ظهار الوحدة بين الجانب الحسي االيروتيكي والجانب‬
‫‪ ‬حنان درقاوي‬
‫وشعرية الضوء‬
‫مك��ر النهار يغوي ببهاء الخم��س العاريات في عزلة‬
‫التصويري الذي تكرست أصوله وتقاليده‪..‬‬
‫اس��تطاع هودلر اختراق المنظومات القيمية وتقاليد‬
‫الرسام السويسري فرديناند هودلر‬
‫كاتبة مغربية ‪ -‬فرنسا‬ ‫الماء والضوء‪ -‬على ش��اطئ بحيرة معشب‪ -‬محاطات‬ ‫الفن المعتادة بلوحت��ه الرمزية (الليل) والتي فجرت‬
‫بنميم��ة البصر‪ ،‬وتأويالت العقل‪ ،‬مكرس��ات للتو ّغل‬ ‫فضيحة في األوس��اط الثقافي��ة في (جنيف ) خالل‬
‫في الطبيعة والتالش��ي في تفاصيلها‪ ،‬يعرضن في‬ ‫ش��هر ش��باط ‪ 1891‬إذ منعت من العرض واعتبرت‬
‫خدرهن النهاري بداهات يقظة ملتبسة بالحلم‪ ،‬يقظة‬ ‫خرق��ا للمفهومات الق��ا ّرة والقي��م األخالقية‪ ،‬وبعد‬
‫إش��باع عاطفي‪ ،‬واستسالم للحظة الحاضر المكشوفة‬ ‫أسابيع من الفضيحة ت ّم عرضها في صالون ( شامب‬
‫العارية تحت فيوض الشمس‪ ،‬النساء الخمس ينسجن‬ ‫دو م��ارس ) ف��ي باريس وحققت أول نجاح وش��هرة‬
‫كل بإيماءاتها وطريقتها‬ ‫ش��كل النهار واآلونة الحية ّ‬ ‫مد ّوي��ة له خارج وطنه وك ّرس��ته أح��د فناني الرمزية‬
‫في التعاطي مع عريها المضيء‪..‬‬ ‫الحديثة‪..‬‬
‫مخلصات لعريهن الف��واح بالبراءة‪ ،‬وهنّ يزاولن عبور‬ ‫فضيحة المفهوم��ات ال ترقى في حجمها وانفجارها‬
‫الزمن تحت أنظارن��ا التي ال تخطئ في رؤية األبدية‬ ‫إلى فضيحة اغتصاب الموت الدائم للحياة‪ ،‬فقد شاء‬
‫متخفية في وجوه النس��اء المستفيقات ت ّوا من ذلك‬ ‫هودل��ر أن يدين الموت ويكش��ف فظاعة انقضاضه‬
‫الليل المهدد‪..‬‬ ‫على اإلنسان في وسط إيروسي ومشهد مبهر لألجساد‬
‫الشمس��ي يوهمنا بإمكان اإلفالت من قبضة‬
‫ُّ‬ ‫ُعريهن‬ ‫البشرية التي توجز اللذة واالفتتان الغامر بالحياة‪..‬‬
‫الم��وت‪ ،‬وانغم��ار أجس��ادهن بالضوء يس��تبعد ّأي‬ ‫لوح��ة الليل هي لوحته الرمزي��ة المفعمة بتكوينات‬
‫فكرة للموت ‪ :‬أجس��ادهن لم تخضع لمعايير الجمال‬ ‫درامية وحس��ية تبوح بها األجس��اد الس��بعة الراقدة‬
‫النمطي��ة ب��ل تجاوزته��ا إلى اإلق��رار بفتن��ة خلل‬ ‫الت��ي تتباي��ن أوضاعها مابي��ن االستس�لام األخير‬
‫المقي��اس المتعارف عليه وقبول الطبيعة كما ترتئي‬ ‫المنه��ك للذة‪ ،‬وما بين االنكفاء على حيوية الجس��د‬
‫عش��وائيتها أحيانا ربم��ا لخداع الموت ع��ن الجمال‬ ‫المستوحد أو التنائي عن اآلخر واالستغراق في الرغبة‬
‫الكامن تحت الجسد المعلن‪..‬‬ ‫ببعدها األرضي وتوهجها الكوني‪..‬‬
‫المرأة العارية التي تتوس��ط اللوح��ة (هي موديله‬ ‫الليل هنا‪ -‬غواية وأفق للتناغم بين الذكورة واألنوثة‪،‬‬
‫المتك��رر ف��ي معظم األعم��ال)‪ ،‬يكاد توتر جس��دها‬ ‫يختلج بش��هوات وإرهاصات هي مزي��ج من الجنس‬
‫المس��تيقظ وحركة ذراعيها وإيماءات يديها أن يحرج‬ ‫المتساوق مع الموت بنفس درجة تناغمه مع الحياة‪..‬‬
‫صفاء اإلفاقة بالعودة إلى قاع حلم‬ ‫يعتم��د التكوين اإلنش��ائي للوح��ة تك��رار وتقابل‬
‫المتوحش المنبث��قُ من مالمحها‬
‫ّ‬ ‫ش��هواني‪ ،‬فحزنها‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات رجل وحيد وامرأة وحيدة في زاويتين‬
‫ويؤس��س لألنوث��ة ثأرها م��ن الليل‪،‬‬
‫يخ��رق النه��ار ّ‬ ‫متكاملتي��ن ورجل وامرأة ومثلهم��ا اثنان في الزاوية‬ ‫وفي المعرض الش��امل الذي اقيم في متحف الفنون‬ ‫‪ ‬لطفية الدليمي‬
‫صمتها كان فادحا ألنه أش��به بصيحة وس��ط العراء‬ ‫المقابلة بينما يجري الحدث األساسي في مركز‬ ‫في بي��رن خصصت قاعة كامل��ة لملحمة حبه لهذه‬ ‫الجسد في غواية الليل والجسد في مكر النهار‪ ،‬لعبة لتضليل الموت عن لحظة الحب وسيرة الوجود‬
‫يتردد صداها إلى ما ال نهاية‪ ،‬والنساء األخريات في‬ ‫اللوحة حيث الموت المتخفي بالسواد يغتصب الرجل‬ ‫الم��رأة‪ ،‬وعرض��ت لوحات كبي��رة عن احتف��اء هودلر‬ ‫المترنحة على صراط رفيع بين االيروس والثاناتوس‪..‬‬ ‫كاتبة عراقية ‪ -‬فرنسا‬
‫ظاهرهن الالمبالي كنّ على وعي بما يهدّد هذا الجسد‬ ‫المرتاع الذي فجعه الهج��وم المباغت للموت فقاومه‬ ‫بالحب في قاعة أخرى س ّميت قاعة الحب‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫االيروسي‬ ‫عانى الرسام السويسري فرديناند هودلر من إقامة الموت الفادحة في أيامه (مات أبوه بالسل‬
‫امي تخبئ تفاح االسبوع تحت السرير لكي تتجنب ان نأكله دفعة واحدة‪ .‬كانت‬ ‫المنتشي بالنور‪ ،‬لكنهن يجازفن بعريهن ويتوغلن في‬ ‫بقوة وكان هو الشخص الوحيد المتمتع بصحو الحياة‬ ‫تعود جذور فنه في زمنيتها إلى القرن التاس��ع عشر‪،‬‬ ‫وماتت أمه وإخوته الخمسة بالداء نفسه تباعا) وكان هو الناجي الوحيد بين أفراد عائلته التي‬
‫تضمن بذلك نصف تفاحة للجميع طيلة االسبوع‪ .‬في ذلك الزمن البعيد كنت ادخل‬ ‫الغياب متنائيات عن الجس��د وكأنه ال ينتمي إليهن‬ ‫بين األجساد الراقدة‪..‬‬ ‫لكنه ح ّقق اندفاعا مش��هودا ف��ي حركة األفانغارد (‬ ‫عاشت في احد أحياء بيرن الفقيرة‪ .‬لم يهادنه الموت بل تربص به فتعايش معه في جسد‬
‫غرفة نوم والدي فتهجم علي رائحة تفاح ميدلت الزكية واتخيل االشياء اللذيذة‬ ‫بقدر ما ينتمي للماء والزهور والهواء والش��مس التي‬ ‫ثم��ة لي��ل‪ ،‬لكننا نرى األجس��اد مض��اءة بالحب أ و‬ ‫الطليعية) واكتش��ف الثيمات األساس��ية في الشرط‬ ‫معشوقته ( فالنتين غوديه –داريل) التي فتك بها السرطان‪ ،‬وكان يراقب خطوات الموت الحثيثة‬
‫تتل ّقى صالة األجساد المستفيقة‪..‬‬ ‫مقذوفة في متع النوم بعد الحب‪..‬‬ ‫اإلنس��اني وه��ي ‪ :‬الحب والم��وت واإليم��ان واألمل‪،‬‬ ‫وهي تدنو من الجسد البهي الذي أحبه‪ ،‬لم يهرب هودلر من صحبة المرأة المحبوبة والموت يمتص‬
‫التي تحدث في هذه الغرفة‪.‬‬ ‫نظ��رة واحدة أخرى إلى عاريات النه��ار تخبرنا أنهن‬ ‫وثمة رجال ونس��اء على برزخ الحياة مابين الش��هوة‬ ‫الحب‬
‫وكان��ت له عالقة حيوية ملهمة م��ع موضوعة ّ‬ ‫أنوثتها ويحيل جمالها إلى صورة تراجيدية للتحلل في العدم والتالشي الوجيز في النهاية‪ ،‬ولم‬
‫الحقيقة لم تكن كلها لذيذة تلك االشياء الن ابي كان كثيرا ما يعود مخمورا ويتقيأ‬ ‫حارس��ات األبدية في النهار الماكر‪ ،‬ه��نّ المقيمات‬ ‫الذاوية والموت ومابين العتمات وضوء الجسد المشع‬ ‫الرمزي‬
‫التي تُع ّد من الموضوعات المركزية في االتجاه ّ‬ ‫يفارقها هودلر لحظة واحدة خالل عامي مرضها الداهم‪ ،‬بل كان يؤسلب عذابها ويأسه برسم‬
‫قيئا احمر كانت رائحته الفظيعة تمأل الغرفة وكانت تمأل انف امي وهي تنظف‬ ‫في الضوء الالئي غادرن الزمن األرضي إلى النهايات‬ ‫لتوحش‬‫بتنويعات التجربة االيروس��ية‪ ،‬واستس�لامه ّ‬ ‫والف��ن الحداث��ي وتتح ّرر موضوعة الح��ب في أعماله‬ ‫عشرات اللوحات والتخطيطات لها وهى تذوي كل صباح وتسرع إلى األبدية شبحا وحيدا‪ ،‬ظل‬
‫قيء بعلها‪.‬‬ ‫األبع��د للوج��ود‪ ،‬مس��حورات باليقظ��ة ومس�� ّيرات‬ ‫الليل حين يكون على وش��ك اختطا ف الجسد بتلك‬ ‫م��ن الدراماتيكية المفرطة والنزع��ة األخالقية وغرابة‬ ‫يرسمها من منظورات متعددة ‪ :‬رسم تحوالت الوجه النضر وجفافه‪ ،‬رسم يديها وعنقها ونظرتها‬
‫حين بدأت الج سريا غرف عشاقي كنت ابحث عن رائحة التفاح في غرفهم وابدأ‬ ‫بالحلم‪..‬‬ ‫الغالالت السود التي تحجب أجزاء من أجسام الراقدين‬ ‫األطوار‪..‬‬ ‫األسيانة وهي توغل في القنوط وتنأى عنه وعن الزهور التي كان يجدّدها لها كل صباح‪ ،‬رسم‬
‫الخلوة باالطاللة تحت السرير الرى سلة التفاح‪.‬‬ ‫على إيقاع حركة األجس��اد المستفيقة التي تحيلنا‬ ‫وتكدر نصوع الجمال المخدر بالمتع‪..‬‬ ‫وتب��دو ش��خوص لوحاته وكأنها جزء م��ن عالم اكبر‬ ‫بحمية جنونية لحظات احتضارها المريعة واستسالم بقايا جسدها الجميل لشناعة الموت في‬
‫إلى العمل الموسيقى باليه (طقوس الربيع) للموسيقار‬ ‫تتع��ارض كثافة الحضور اإلنس��اني ف��ي اللوحة –‬ ‫وأوسع من حدود الجس��د الرتباطها بالطبيعة والكون‬ ‫همود الرغبة‪ ،‬رسمها وهي جثة شبحية تكاد تشف لفرط خفتها راقدة على سرير موتها بكامل عدة‬
‫والن عشاقي كانوا في البداية شبابا مليحين وطلبة فقراء فما كان تحت السرير‬ ‫الحداثي ( إيغور سترافنسكي) ‪ -‬برع هودلر في توزيع‬ ‫متمثلة باألجساد الراقدة في حمى ايروس ‪ -‬مع تفرد‬ ‫وتواصلها مع الزهور والس��حب والضوء والعتمة حتى‬ ‫رحيلها إلى العدم‪..‬‬
‫االجوارب متسخة‪.‬‬ ‫كل واحدة من نس��ائه الخمس‬ ‫االنعكاس��ات عل��ى ّ‬ ‫ثاناتوس الهابط كش��بح أسود وحيد وغامض ومجلل‬ ‫لتبدو مندغمة في الوسط الذي تتراءى فيه ‪ ( :‬أنا ارسم‬
‫لم اكن اهتم المر الجوارب‪ .‬كنا نعرف تماما لماذا نحن في غرفة مقفلة ولهذا‬ ‫العاريات إنما بأس��لبة تتباين في التفاصيل وجرعة‬ ‫بالعتمة على جس��د الرجل العاري ف��ي مركز اللوحة‪،‬‬ ‫الجس��د اإلنس��اني وهو تحت تأثير العاطفة الج ّياشة‬
‫نشرع في طقس التعري وبعدها نغرق في قبل محمومة قبل ان يتشابك الجسدان‬ ‫اإليروس��ية لكل ام��رأة منهنّ ‪ ،‬وهنّ يش��اركن األرض‬ ‫حي��ث تترك��ز حتمية الموت في س��لطة متوحش��ة‬ ‫كل حاسة فيه بإيماءاتها )‪.‬‬ ‫حين تبوح ّ‬
‫ونلهث خلف لذة كانت التصل في اغلب االحيان الن الشباب مسرعون وينتشون‬ ‫إفاقتها‪ ،‬واستنادا إلى إيقاع أجسادهنّ المتناغم مع‬ ‫تغتصب رجولة الش��خص المفزوع‪ ،‬الموت يداهم آلة‬ ‫هكذا يقنص اللحظة القصوى ليكش��ف عن مش��اعر‬
‫صعود النهار يتالش��ى ذلك التهدي��د المبرم للموت‬ ‫الجنس ف��ي حربه المس��تديمة مع اي��روس ويحاول‬ ‫الرغب��ة والخ��وف وه��ي تنضح م��ن األجس��اد التي‬
‫دون االلتفات الى جسد االخر‪ .‬كنت اتساءل ان كانت هاته السرعة عائدة الى‬ ‫ويتراج��ع ربم��ا حتى أف��ول الضوء‪ ،‬فالنه��ار خادع‬ ‫إخصاء الحياة في صحوتها وعنفوانها‪..‬‬ ‫يك ّرس��ها لتكون شاهدة على الوضع اإلنساني برمزية‬
‫الحرمان ام الى عادات الرجل العربي الذي التهمه اال متعته ويخيفه انتشاء المرأة‪.‬‬ ‫باألم��ان الذي يضل��ل به خطوة اإلنس��ان نحو الليل‬ ‫يلتقط الرس��ام الهج��وم المباغت للم��وت والمقاومة‬ ‫شعائرية‪..‬‬
‫كنت بعد الحب افتقد رائحة التفاح والني كنت ارفض الحنين واعتبره عاطفة‬ ‫وكأنهم��ا ‪ -‬النه��ار والليل‪ -‬يتقاس��مان لعبة الخداع‬ ‫العنيف��ة للرجل‪ ،‬على نحو مده��ش ويقدم لنا بداهة‬ ‫منذ ارتطامه الفاجع بالموت‪ ،‬ش��اء هودلر أن يقاومه‬
‫ضعيفة عوضت رائحة التفاح بالسجائر وصار لي طقس بعد الجنس هو تدخين‬ ‫المتكررة ويتواطآن على ترسيم خطوات العدم‪..‬‬ ‫التهديد المحتوم للموت المعلق فوق رؤوس��نا جميعا‬ ‫بإيروسية صاخبة ويتقدم خطوة على مكائد الموت‪،‬‬
‫سيجارة وانا ادير ظهري لعشيق ذلك اليوم‪.‬‬ ‫لغة الضوء والعري هي األسلوب الذي يستعيد النهار‬ ‫تماسه‬
‫وبخاصة في انخداع اإلنس��ان باألبدية لحظة ّ‬ ‫خطوت��ان على طريق الجس��د‪ ،‬أو ه��ي خطى تجملها‬
‫كنت افصل تماما بين الجنس والحب واضع متاريس بيني وبين الحب الذي‬ ‫من قبضة الليل‪ ،‬فالجسد الذي كان في اللوحة الليلية‬ ‫مع المطلق‪..‬‬ ‫لوحاته التي تعلن عش��قه المحسوم للجسد وما وراءه‬
‫ملطخا بخرق س��ود تمهد الكتمال س��طوة الموت‪ ،‬ها‬ ‫المركزي في اللوح��ة أن يكون تمثيال‬
‫ّ‬ ‫يكاد الش��خص‬ ‫تخص‬‫من عمق روحاني أو تشظيات نفسية أو أوهام ّ‬
‫تتحدث عنه صديقاتي وهو يجعلهن يبكين ويسهدن الليالي ويلجأن الي لكتابة‬ ‫هو اآلن يتألق ناجيا ومشعا يتعالى في اشتباكه مع‬ ‫لش��خصية الرسام وتجربته األليمة مع الموت وجسده‬ ‫األم��ل واإليمان والرغبة ورغم أهمية معرضه التاريخي‬
‫رسائل رقيقة كانت تدر علي مصروفا قليال فكنت اكتب الرسالة العاطفية بدرهمين‬ ‫الحي��اة وعناصرها‪ ،‬ح ّرا ومندغم��ا باألبدية عبر يقظة‬ ‫المس��تفز القوي يفيض بممكنات الحياة وتش��ع منه‬ ‫لمناسبة مرور ‪ 150‬عاما على مولده والذي ضم ‪150‬‬
‫وكلما كتبت رسالة الحدى صديقاتي ازددت اقتناعا‬ ‫تدحض مكر النهار إلى حين‪..‬‬ ‫الرغبة التي ال يمهلها الموت‪..‬‬ ‫س��أخص بالحديث عملين أساس��يين من‬ ‫ّ‬ ‫عمال أيضا‪،‬‬
‫انني الاريد حبا‬ ‫وعلى أساس هذا العمل رسم هودلر تنويعات متعددة‬ ‫كل جسد في اللوحة ‪-‬س��واء ذلك الذي ينعم باللذة‬ ‫ّ‬ ‫أعماله هما لوحة الليل ولوحة النهار‪..‬‬
‫اريد فقط جسدا عاريا‬ ‫ما بي��ن ‪ 1904‬و‪ 1907‬ثم عم��د ثانية إلى إعادة‬ ‫أو ذل��ك المنكفئ على وحدته ‪-‬يش��ي بدخان الحرب‬
‫وان اشم رائحة التفاح تحت السرير ‪‬‬ ‫تكوين وأسلبة اللوحة في ‪ 1910‬وعرضت تنويعات‬ ‫الخفية بين الحب والموت ويبوح أكثر بمعضلة العدم‬ ‫لوحة الليل ‪1889‬‬
‫هذا العمل المحتفي بعري النس��اء الضوئي ألول مرة‬ ‫المتربص باألجس��اد ليحيلها رمما ورمادا وسوادا بعد‬
‫في هذا المعرض باعتبارها دراسة مستفيضة لعالقة‬ ‫تألقها في الحب‪..‬‬ ‫تحت تأثي��ر مفهوم ( الت��وازي) أدرك هودلر أهمية‬
‫الجسد بالضوء والنهار والطبيعة والكون‪..‬‬ ‫ل��ذة الجن��س هنا تق��ارب الموت في آون��ة المطلق‬ ‫تكرار التشكالت في اللوحة الواحدة واقتنع أن خلقه‬
‫عدسة ‪ -‬علي طالب‬

You might also like