You are on page 1of 12

‫كتابة اتفاق التحكيم وتفسيره في القوانين العربية‬

‫)مصر والردن والمارات(‬

‫حمزة احمد حداد* )الردن(‬

‫ورقة عمل مقدمة لمركز دبي للتحكيم التجاري‬

‫‪31/12/2003‬‬

‫ليسانس حقوق )جامعة دمشق(؛ ماجستير ودكتوراه حقوق )جامعة القاهرة(؛ دكتوراه‬ ‫*‬

‫حقوق )جامعة برسيتول‪/‬بريطانيا(؛ أستاذ جامعة سابق؛ محاٍم ممارس )مركز القاهرة‬
‫والتحكيم‪ ،‬عمان‪ -‬الردن(؛ المين العام المساعد للتحاد العربي للتحكيم الدولي‪.‬‬
‫يقصد باتفاق التحكيم التفاق الذي يلتزم بموجبه الطرفان بإحالة نزاعهما المالي في‬
‫إطار القانون الخاص‪ ،‬الناشئ عن العقد الصلي إلى التحكيم بدل من القضاء حسب أحكام‬
‫وشروط ذلك التفاق‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬فان مثل هذا التفاق جائز وملزم لطرفيه في كل من‬
‫القانون المصري والردني والماراتي‪ .((1‬والحكام المتعلقة باتفاق التحكيم كثيرة ومتعددة‪،‬‬
‫نكتفي لغايات هذا البحث المختصر بمعالجة موجزة لمسألتين هما‪ :‬الكتابة في اتفاق التحكيم‬
‫من جهة‪ ،‬وتفسير التفاق من جهة أخرى‪ ،‬وذلك في مبحثين متتاليين‪:‬‬

‫المبحث الول‪ :‬كتابة التفاق‬

‫تنص المادة )‪ (10/3‬من قانون التحكيم المصري على انه "‪ .......‬يعتبر اتفاقا على‬
‫التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الحالة واضحة في‬
‫اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد"‪ .((2‬وتنص المادة )‪ (12‬على ما يلي‪" :‬يجب أن يكون‬
‫اتفاق التحكيم مكتوبا وإل كان باطل‪ .‬ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه‬
‫الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل‬
‫التصال المكتوبة"‪.((3‬‬

‫وتنص المادة )‪ (10‬من قانون التحكيم الردني على ما يلي‪:‬‬

‫يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإل كان باطل‪ ،‬ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا‬ ‫"أ‪-‬‬
‫إذا تضمنه مستند وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو‬
‫برقيات أو عن طريق الفاكس أو التلكس أو غيرها من وسائل التصال المكتوبة‬
‫والتي تعد بمثابة سجل للتفاق‪.‬‬

‫ويعد في حكم التفاق المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية‬ ‫ب‪-‬‬
‫دولية أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الحالة واضحة في اعتبار‬
‫هذا الشرط جزءا من العقد‪.‬‬

‫‪(1‬‬
‫تم تنظيم أحكام التحكيم في مصر بموجب قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬وفي‬ ‫)‬

‫الردن بموجب قانون التحكيم رقم ‪ 31‬لسنة ‪ ،2001‬وفي المارات العربية المتحدة بموجب‬
‫الباب الثالث من قانون الجراءات المدنية رقم ‪ 11‬لسنة ‪) 1992‬المواد ‪.(218-203‬‬
‫‪(2‬‬
‫انظر أيضا المادة )‪ (6‬من القانون وتنص على ما يلي‪" :‬إذا اتفق طرفا التحكيم على‬ ‫)‬

‫إخضاع العلقة القانونية بينهما لحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى وجب‬
‫العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم"‪.‬‬
‫)‬
‫)‪(3‬‬
‫في القانون المصري بوجه عام حول هذا النص انظر‪ ،‬محمود مختار بربري‪ ،‬التحكيم التجاري‬
‫الدولي‪ ،‬ط ‪ 3‬لسنة ‪ ،2004‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪ 58‬وما بعدها؛ ابراهيم احمد‬
‫ابراهيم‪ ،‬التحكيم الدولي الخاص‪ ،‬ط ‪ 3‬لسنة ‪ ،2000‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪ 78‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫إذا تم التفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة‪ ،‬فعلى المحكمة ان‬ ‫ج‪-‬‬
‫تقرر إحالة النزاع إلى التحكيم‪ ،‬ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب"‪.‬‬

‫كما تنص المادة )‪ (203/2‬من قانون الجراءات المدنية الماراتي على انه "‪ ....‬ل‬
‫يثبت التفاق على التحكيم إل بالكتابة"‪.((4‬‬

‫ويتبين من هذه النصوص ان قوانين الدول العربية محل البحث تتفق على ضرورة‬
‫ان يكون اتفاق التحكيم مكتوبا‪ .‬ولكن يختلف القانونان المصري والردني من جهة‪ ،‬عن‬
‫القانون الماراتي من جهة أخرى‪ ،‬من حيث ان الكتابة في القانونين المذكورين هي شرط‬
‫انعقاد‪ ،‬في حين انها شرط إثبات في قانون المارات‪ .((5‬لذلك‪ ،‬يترتب على عدم كتابة‬
‫التفاق بطلنه في كل من القانونين المصري والردني‪ ،‬في حين يكون التفاق الشفوي‬
‫صحيحا في قانون المارات ولكن ل يجوز إثباته إل كتابة‪ .‬وحسب القواعد العامة في‬
‫الثبات في دولة المارات‪ ،‬فانه يجوز الثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة‬
‫في عدة حالت نصت عليها المادة )‪ (37‬من قانون الثبات التحادي‪ .((6‬ولكننا نرى عدم‬
‫تطبيق هذه القاعدة العامة على الثبات في اتفاق التحكيم للعديد من السباب‪ :‬الول‪ :‬ما‬
‫جرى عليه العرف التحكيمي والتطبيق العملي سواء في التحكيم الداخلي أو الدولي من ان‬
‫كافة اتفاقيات التحكيم‪ ،‬وبشكل خاص التجارية منها‪ ،‬تكون كتابة إل في الحالت النادرة‪،‬‬
‫علمًا بان العرف هو المصدر الول بعد التشريع في المعاملت التجارية‪ .((7‬الثاني‪ :‬ان‬
‫العديد من نصوص قانون الجراءات المدنية أشارت إلى وثيقة التحكيم‪ ،‬مما يعني انه يجب‬
‫ان يكون هناك وثيقة أي مستند خطي يثبت التفاق على التحكيم‪ .((8‬الثالث‪ :‬ان المادة )‬
‫‪ (212/5‬من القانون المذكور‪ ،‬اشترطت في حكم التحكيم ان يتضمن صورة من التفاق‬

‫‪(4‬‬
‫ولكن قبل صدور قانون الجراءات المدنية التحادي لسنة ‪ ،1992‬لم تكن الكتابة شرطا‬ ‫)‬

‫لثبات التفاق‪ .‬وفي هذا المجال‪ ،‬كان قد قضي في دبي بأنه ل يوجد في القوانين المعمول بها في دبي‬
‫ما يدل على اشتراط الكتابة لثبات اتفاق التحكيم‪ .‬وحسب المادة )‪ (1‬من قانون المعاملت المدنية‬
‫التحادي‪ ،‬يحكم بالشريعة السلمية في حال عدم وجود النص‪ .‬والفقهاء المسلمون لم يشترطوا في‬
‫التفاق على التحكيم ان يكون مكتوبا‪ ،‬بل أجازوا إثبات التفاق بشهادة الشهود وبالنكول عن اليمين‬
‫)طعن مدني رقم ‪ ،53‬تاريخ ‪ ،16/10/1991‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.(466‬‬
‫)‬

‫)‪(5‬‬
‫انظر أيضا من أبو ظبي طعن مدني رقم ‪ ،101‬تاريخ ‪ ،17/5/1998‬العدالة‪ ،‬العدد ‪ ،20‬ص ‪.522‬‬
‫)‬

‫)‪(6‬‬
‫من تطبيقات هذا النص‪ ،‬انظر من دبي طعن مدني رقم ‪ ،345‬تاريخ ‪ ،14/12/1997‬مجلة‬
‫القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،8‬ص ‪.1092‬‬
‫‪(7‬‬
‫المادة )‪ (2‬من قانون المعاملت التجارية التحادي‪ .‬وتجدر الشارة ايضا الى ان‬ ‫)‬

‫العرف احد مصادر القانون في المسائل المدنية‪ ،‬حسب ما نصت عليه المادة )‪ (1‬من قانون‬
‫المعاملت المدنية التحادي‪.‬‬
‫)‬
‫)‪(8‬‬
‫ومن ذلك مثل المادة )‪ (213/1‬التي توجب ايداع حكم التحكيم مع اصل وثيقة التحكيم والمادة )‬
‫‪ (215/1‬التي توجب على المحكمة الطلع على وثيقة التحكيم‪ ،‬قبل المصادقة عليه‪ ،‬والمادة )‬
‫‪/216/1‬أ( التي نصت على قابلية حكم التحكيم للبطلن اذا كان قد صدر بغير وثيقة تحكيم او‬
‫بناء على وثيقة تحكيم باطلة‪.‬‬
‫على التحكيم‪ .‬وتطبيقًا لهذا النص‪ ،‬ذهبت محكمة تمييز دبي في حكم حديث لها‪ ،‬إلى ان عدم‬
‫التقيد بهذا الشرط يؤدي إلى بطلن الحكم‪.((9‬‬

‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فانه يتعذر الحديث عن وجوب تضمين الحكم صورة من اتفاق‬
‫التحكيم تحت طائلة البطلن‪ ،‬دون ان يكون هذا التفاق مكتوبًا‪.‬‬

‫وشرط الكتابة في قوانين هذه الدول متفق مع كل من المادة )‪ (7/2‬من القانون‬


‫النموذجي‪ ،((10‬والمادة )‪ (2‬من اتفاقية نيويورك لسنة ‪ 1958‬للعتراف بأحكام التحكيم‬
‫الجنبية وتنفيذها‪ .((11‬إل ان القانون المذكور‪ ،‬واتفاقية نيويورك لم يبينا فيما إذا كانت كتابة‬
‫اتفاق التحكيم هي شرط انعقاد أم شرط إثبات‪ ،‬وتم ترك ذلك للقوانين الوطنية‪ ،‬وعلى وجه‬
‫الخصوص للقانون الذي يحكم اتفاق التحكيم‪.((12‬‬

‫وتجدر التفرقة هنا بين التحكيم الذي يستند على شرط تحكيم مدرج في العقد‬
‫الصلي‪ ،‬وبين التحكيم الذي يتم بناء على اتفاق مستقل عن ذلك العقد‪ .((13‬وفي الحالة‬
‫الولى‪ ،‬يفترض بداهة ان العقد الصلي ورد كتابة‪ ،‬وبالتالي فان شرط التحكيم الوارد فيه‬
‫هو أيضا كتابي‪ .‬وهذا بخلف ما إذا كان اتفاق التحكيم مستقل عن العقد الصلي‪ .‬وفي هذه‬
‫الحالة‪ ،‬فان شرط الكتابة في مختلف القوانين موضوع هذا البحث‪ ،‬خاص باتفاق التحكيم ‪،‬‬
‫وليس بالعقد الصلي‪ ،‬حيث يبقى هذا العقد من حيث صحته وإثباته خاضعا للقواعد العامة‪.‬‬
‫وبمعنى آخر‪ ،‬فان العقد الصلي قد يجوز إبرامه شفويا‪ ،‬بل وإثباته بالشهادة‪ ،‬في حين ان‬
‫اتفاق التحكيم يجب ان يكون مكتوبا‪ .‬ومثال ذلك ان يكون العقد عقد بيع تجاري‪ .‬وفي كل‬
‫من القانون المصري والردني والماراتي‪ ،‬فانه يجوز إبرام مثل هذا العقد شفويا‪ ،‬تطبيقا‬
‫لمبدأ الرضائية في العقود‪ ،((14‬دون حاجة لكتابته أو لي شكل آخر فيه‪ .‬كما يجوز إثباته‬
‫بشهادة الشهود‪ .((15‬ولكن لو فرضنا ان احد طرفيه ادعى بوجود اتفاق تحكيم لتسوية‬
‫‪(9‬‬
‫طعن مدني رقم ‪ ،88‬تاريخ ‪ ،29/4/2001‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،12‬ص ‪.370‬‬ ‫)‬

‫)‬
‫)‪(10‬‬
‫وهو القانون الذي اعدته لجنة المم المتحدة لقانون التجارة الدولية )اليونسترال ‪ (UNCITRAL‬سنة‬
‫‪ 1985‬والذي كان احد المصادر الرئيسية لكل من القانونين المصري والردني‪.‬‬
‫)‬

‫)‪(11‬‬
‫في مفهوم الكتابة في اتفاقية نيويورك‪ ،‬انظر ‪Albert Jan van den Berg, The New York‬‬
‫‪. Arbitration Convention of 1958, Kluwer, 1981, p. 170‬‬
‫)‬

‫)‪(12‬‬
‫في شكل واثبات اتفاق التحكيم في التحكيم التجاري الدولي عموما‪ ،‬انظر ‪Fouchard, Gaillard and‬‬
‫‪Goldman on International Commercial Arbitration, ed. By Gaillard and Savage,‬‬
‫‪.1999, Kluwer, paras. 590 et seq‬‬
‫)‬

‫)‪(13‬‬
‫وقد اجازت القوانين العربية موضوع هذا البحث هاتين الصيغتين في اتفاق التحكيم )المادة‬
‫‪ 10/2‬مصري؛ والمادة ‪/11‬اردني؛ والمادة ‪ 203/1‬اماراتي(‪.‬‬
‫)‬

‫)‪(14‬‬
‫وذلك حسب القواعد العامة في المعاملت المدنية )المادة ‪/90‬مدني مصري؛ والمادة ‪/93‬مدني‬
‫اردني؛ والمادة ‪/132‬معاملت مدنية ‪ /‬اماراتي(‪.‬‬
‫)‬
‫(‬
‫المنازعات الناشئة عن هذا العقد‪ ،‬فان هذا الدعاء ل يكون مقبول ما لم يكن التفاق مكتوبا‬
‫‪.(16‬‬

‫والتوجه الحديث في القوانين التي تنظم التحكيم‪ ،‬هو التوسعة من مفهوم الكتابة‪،‬‬
‫بحيث يشمل ذلك وسائل التصال الحديثة‪ ،‬مثل الفاكس والتلكس والبريد اللكتروني‪ .‬ومثل‬
‫هذا التوجه‪ ،‬اخذ به كل من القانون المصري والردني‪ .‬ونرى أيضا الخذ به في دولة‬
‫المارات‪ ،‬خاصة مع انتشار التجارة اللكترونية الدولية والمحلية على حد سواء‪ ،‬والتي‬
‫أصبحت تعتمد أساسا على وسائل التصال الحديثة‪ .((17‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬فان مصطلح‬
‫"الكتابة" في كل من القانونيين المصري والردني يشمل ما يلي‪:‬‬

‫التفاق الذي يرد في "محرر" حسب تعبير القانون المصري‪ ،‬أو "مستند" حسب‬ ‫‪-1‬‬
‫تعبير القانون الردني وقّـعه الطرفان‪ .‬وهذه هي الكتابة بمفهومها التقليدي‪ ،‬حيث يتفق‬
‫الطرفان‪ ،‬مثل‪ ،‬في محرر أو مستند واحد على ان أي نزاع بينهما بشأن عقد معين‬
‫يحال إلى التحكيم‪ ،‬ويوقعان على هذا المحرر أو المستند الذي قد يرد‪ ،‬كما ذكرنا‪ ،‬في‬
‫صيغة شرط تحكيم في العقد الصلي ذاته‪ ،‬أو في صيغة اتفاق مستقل عن ذلك العقد‬
‫الصلي‪ .‬ويكفي في الحالة الولى ان يرد التوقيع على العقد الصلي بما فيه شرط‬
‫التحكيم‪ ،‬ول يشترط التوقيع بجانب هذا الشرط بصورة منفصلة عن التوقيع عن العقد‬
‫‪.((18‬‬

‫تبادل الطرفين لرسائل أو برقيات أو‪ ،‬كما يقول القانون الردني‪ ،‬عن طريق‬ ‫‪-2‬‬
‫الفاكس أو التلكس‪ ،((19‬بحيث يرد في مراسلتهما عرض من احد الطرفين بإحالة‬
‫النزاع إلى التحكيم وقبول من الخر على ذلك‪ .‬ومن نافلة القول انه ل يشترط ان‬
‫يكون قبول عرض التحكيم بوسيلة التصال ذاتها التي استخدمها الموجب في‬
‫ايجابه‪ ،‬وهو ما تقضي به القواعد العامة‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬ان يرسل )أ( إلى )ب(‬
‫عرضه بإحالة النزاع إلى التحكيم برسالة عادية‪ ،‬فيجيبه )ب( بالقبول عن طريق‬
‫الفاكس أو التلكس أو غير ذلك من وسائل التصال )الكتابية( الخرى‪.((20‬‬
‫)‪(15‬‬
‫المادة ‪/69‬تجارة مصري؛ والمادة ‪/51‬تجارة اردني؛ والمادة ‪/94‬معاملت تجارية اماراتي‪.‬‬
‫)‬

‫)‪(16‬‬
‫وهو‪ ،‬على أي حال‪ ،‬فرض نظري يندر وجوده في الحياة العملية‪ .‬انظر ‪Corte di Appello Bari, 30‬‬
‫‪.November 1989, ICCA Yearbook, Vol.XXI (1996), p. 572‬‬
‫)‬

‫)‪(17‬‬
‫وتجدر الشارة إلى ان حكومة دبي أصدرت حديثا قانونا خاصا للمعاملت والتجارة اللكترونية‪ ،‬هو‬
‫القانون رقم ‪ 2‬لسنة ‪.2002‬‬
‫)‬
‫)‪(18‬‬
‫انظر ‪Court di Cassazione (SEZ. UN.), 18 May 1978, ICCA Yearbook, Vol. V.‬‬
‫‪.(1980), p.267‬‬
‫)‬

‫)‪(19‬‬
‫ول يوجد في القانون المصري اشارة صريحة لهاتين الوسيلتين من وسائل التصال الحديثة‪ ،‬ولكنهما بالتاكيد‬
‫مشمولتان بعبارة "او غيرها من وسائل التصال المكتوبة" التي سنشير اليها بعد قليل‪.‬‬
‫‪(20‬‬
‫وفي قضية من هونغ كونغ ارسل )أ( امرا بالشراء يتضمن شرط تحكيم‪ ،‬الى )ب( الذي نفذ المر‬ ‫)‬

‫بتسليم البضاعة ولكن دون ان يوقع على امر الشراء‪ .‬قضت المحكمة بانه ل يوجد اتفاق تحكيم خطي وردت‬
‫تبادل الطرفين لي وسيلة مكتوبة أخرى‪ .‬وأضاف المشرع الردني لذلك عبارة‬ ‫‪-3‬‬
‫"والتي تعد بمثابة سجل للتفاق"‪ .((21‬ومن الواضح ان المشرع بالنسبة لهذه الحالة‪،‬‬
‫واجه وسائل التصال الحديثة الموجودة حاليا والتي ستوجد مستقبل‪ .‬ولكن يشترط في‬
‫ذلك ان تعّد وسيلة التصال بمثابة سجل للتفاق كما يقول النص الردني‪ ،‬ومن أهمها‬
‫في الوقت الحاضر )غير التلكس والفاكس(‪ ،‬التصال عن طريق البريد اللكتروني أو‬
‫ما يسمى بالحاسوب أو الكمبيوتر‪ .‬بل يشمل ذلك‪ ،‬كما نرى‪ ،‬التصال بالرسائل عن‬
‫طريق الهاتف الجوال‪ .‬المهم في هذه الحوال ومثيلتها ان يكون كل من اليجاب‬
‫والقبول قد أرسل خطيا‪ ،‬وفي الوقت ذاته يمكن لكل من الطرفين استخلصه خطيا من‬
‫الجهاز الذي يحتوي عليه أو من أي جهاز آخر‪ .‬ويستوي بعد ذلك ان يكون المرسل‬
‫طبع رسالته على الجهاز طباعة أو كتبها بخط اليد‪ .‬أو لقنّـها للجهاز بصوته الذي يقوم‬
‫بدوره بتحويل الصوات إلى كتابة‪ .‬كما يستوي في الشخص الذي يستقبل الرسالة‬
‫الخطية ان يكون استخلصها فعليا من جهازه أو قرأها وأبقاها فيه‪ .‬فالعبرة في‬
‫الستقبال إمكانية استخلص الرسالة )كتابة( كما دّونت من المرسل‪ ،‬وليس في‬
‫الستخلص الفعلي لتلك الرسالة‪.‬‬

‫ومن صور الكتابة أيضا إحالة طرفي العقد إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو‬ ‫‪-4‬‬
‫أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم‪ .‬إذا كانت الحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط‬
‫جزءا من اتفاق التحكيم‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬ان ينقل )أ( إلى )ب( بضاعة عن طريق البحر‬
‫بسعر معين وأجرة نقل معينة‪ ،‬ويتفق الطرفان على أحكام وشروط العقد الخرى‬
‫بالحالة إلى عقد إجارة السفينة بين )أ( وبين مالك السفينة )ج(‪ ،‬ويتضمن عقد الجارة‬
‫شرطا لتسوية النزاع بين )أ( وبين )ج( عن طريق التحكيم‪ .‬في هذا المثال يسري‬
‫شرط التحكيم على علقة النقل البحري بين )أ( وبين )ب(‪ ،‬إذا كانت الحالة واضحة‬
‫في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد‪ .‬أي انه ل يكفي لذلك مجرد الحالة إلى عقد‬
‫إجارة السفينة‪ ،‬بل يجب ان ترد في الحالة )مثل( عبارة "بما في ذلك شرط التحكيم‬
‫الوارد في عقد الجارة"‪ ،‬أو عبارة أخرى مماثلة‪.((22‬‬

‫وسياق النص يدل على ان العقد المتضمن للحالة يجب ان يكون مكتوبا‪،((23‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فان الحالة للعقد النموذجي يجب ان تكون كتابة أيضا ول يقبل الدعاء‬
‫بغير ذلك‪ .‬ومن نافلة القول ان الكتابة هنا تفسر بالمعنى الواسع ايضا بحيث تشمل‬
‫وسائل التصال الحديثة بالمفهوم المذكور آنفا‪.‬‬
‫الدفع بذلك ‪High Court of Hong Kong, 31 March 1994, in‬‬
‫‪..A/CN.9/SER.C/ABSTRACTS/4, Case No. 64‬‬
‫)‬

‫)‪(21‬‬
‫وردت ذات العبارة في المادة )‪ (7/2‬من القانون النموذجي التي تقول‪Which provide a .…" :‬‬
‫‪."record of the agreement‬‬
‫)‬

‫)‪(22‬‬
‫قارن قضية من هونغ كونغ‪ ،‬حيث كان هناك عقد مقاولة )رئيسي( يتضمن شرط تحكيم‪ ،‬وعقد مقاولة فرعي ل‬
‫يوجد به شرط تحكيم‪ ،‬ولكن العقد الخير نص على تطبيق عقد المقاولة الرئيسي بالتتابع "‪back to back‬‬
‫‪ ،"basis‬وبالتناسب "‪ ."proportional‬وكان قد تم تسليم المقاول الفرعي نسخة عن عقد المقاولة الرئيسي قبل‬
‫فترة طويلة‪ .‬قضت المحكمة ان شرط التحكيم في المقاولة الرئيسية يطبق على العلقة بين المقاول )الرئيسي(‬
‫والمقاول الفرعي‪ .‬انظر )‪High Court of Hong Kong, 18 August 1994, in A/CN.9/SER.‬‬
‫‪.(C/ABSTRACTS/5, Case No. 78‬‬
‫‪(23‬‬
‫يشير النص في القانون النموذجي الى ذلك صراحة )المادة ‪.(7/2‬‬ ‫)‬
‫ومن صور التفاق المكتوب أيضا ان يتم التفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من‬ ‫‪-5‬‬
‫قبل المحكمة‪ ،‬فتقرر المحكمة إحالته إلى التحكيم‪ .‬في هذه الحالة يعتبر قرار‬
‫المحكمة بحد ذاته بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب‪ ،‬حتى ولو لم يوقّـع أطراف النزاع‬
‫على المحضر المتضمن لتفاقهم ولقرار المحكمة‪ .‬وهذه الحالة منصوص عليها في‬
‫القانون الردني ول يوجد لها مقابل في القانون المصري بالرغم من كثرة تطبيقها‬
‫في الحياة العملية‪ .‬ويستوي ان يصدر القرار بحضور أطراف النزاع أو غياب‬
‫احدهم عن الجلسة التي صدر فيها‪ ،‬ما دام ان هذا القرار استند لتفاق الطراف‬
‫وفق ما هو مثبت في محضر المحاكمة‪.‬‬

‫وهناك حالة أخرى يمكن القول بشأنها بوجود اتفاق تحكيم مكتوب بالرغم من عدم‬ ‫‪-6‬‬
‫وجوده حرفيا‪ .‬ومثال ذلك ان يعلن )أ( بأنه محكم لتسوية النزاع بين )ب( وبين‬
‫)ج( ويطلب من كل منهما ان يتقدم بلوائحه وبيناته‪ .‬ويتم تبادل ذلك بين الطرفين‬
‫أمامه‪ ،‬ويستمر )أ( بإجراءات التحكيم ويصدر حكمه النهائي دون اعتراض من أي‬
‫منهما طيلة الجراءات‪ .‬في هذه الحالة نرى ان تبادل اللوائح دون اعتراض هو‬
‫بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب‪ .‬ويضاف لهذه الحالة حالة مشابهة قد تحدث في الحياة‬
‫العملية‪ .‬فقد يقع نزاع بين )أ( وبين )ب( ل يوجد بشأنه اتفاق تحكيم‪ .‬ومع ذلك يتقدم‬
‫)أ( بطلب لمركز القاهرة القليمي للتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬أو لمركز دبي للتحكيم‬
‫الدولي لتسوية النزاع تحكيما عن طريقه‪ .‬فيعرض المركز الطلب على )ب(‬
‫ويجيب عليه الخير دون اعتراض‪ .‬وبعد ذلك يتم تعيين هيئة التحكيم التي تبدأ‬
‫بنظر النزاع وتصدر حكمها دون اعتراض من احد‪ .‬في هذا الفرض أيضا يمكن‬
‫القول بوجود اتفاق تحكيم مكتوب ممثل في طلب التحكيم من )أ( والجابة عليه من‬
‫)ب( دون اعتراض‪.((24‬‬

‫بل ان هاتين الحالتين وما شابهما‪ ،‬يمكن إدراجهما تحت المادة )‪ (12‬من القانون‬
‫المصري والمادة )‪ (10‬من القانون الردني المشار إليهما سابقا‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يمكن‬
‫اعتبار تبادل اللوائح )المكتوبة( بين الطرفين من قبيل وسائل التصال المكتوبة‪،‬‬
‫والتي تعد بمثابة سجل للتفاق‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن القول أيضا ان تبادل‬
‫اللوائح والمذكرات‪ ،‬يعتبر من قبيل تبادل الرسائل بين طرفي النزاع المنصوص‬
‫عليه في القانونين المصري والردني كما ذكرنا‪ .‬ويستوي في كل الحالين ان يتم‬
‫مثل هذا التبادل بين الطرفين مباشرة‪ ،‬أو عن طريق شخص ثالث مثل مركز‬
‫القاهرة أو مركز دبي‪ ،‬الذي يكون في مثل هذه الحالة مجرد رسول أو وسيط‬
‫لتبادل الطلبات أو اللوائح أو المذكرات‪.‬‬

‫)‬

‫)‪(24‬‬
‫وفي قضية تحكيم من هنغاريا برقم ‪ VB/97142‬تاريخ ‪ 25/5/1999‬لدى هيئة التحكيم الملحقة بغرفة‬
‫التجارة والصناعة الهنغارية‪ ،‬لم يكن هناك اتفاق تحكيم صحيح‪ .‬ومع ذلك قدم البائع لئحة ادعائه‪ ،‬وقدم‬
‫المشتري لئحة دفاعه دون اعتراض منه على صلحية هيئة التحكيم‪ .‬قررت الهيئة صلحيتها في نظر‬
‫النزاع واعتبرت ذلك بمثابة اتفاق )خطي( على التحكيم )‪A/CN.9/SER.C/ABSTRACTS/25,‬‬
‫‪.(Case No. 266‬‬
‫ويبدو ان هذا الفهم متفق مع فهم الخبراء الذين ناقشوا المادة )‪ (7/2‬من القانون‬
‫النموذجي‪ ،‬والذي يعتبر احد المصادر الساسية للقانونين المصري والردني كما‬
‫ذكرنا‪ .((25‬ففي الجلسة رقم ‪ 311‬لليونسترال التي انعقدت بتاريخ ‪ ،6/6/1985‬نجد‬
‫ان خلصة المناقشات‪ ،‬تشير بوضوح إلى ان تقديم لئحة الدعوى من المحتكم‬
‫وتقديم اللئحة الجوابية من المحتكم ضده لهيئة التحكيم‪ ،‬يعتبر بمثابة تبادل للرسائل‬
‫في التفاق على الحالة للتحكيم بمفهوم المادة )‪ (7/2‬من القانون النموذجي‪.((26‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تفسير اتفاق التحكيم‬

‫لم ينص المشرع في القوانين العربية محل البحث على حكم خاص لتفسير اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬مما يعني وجوب الرجوع للقواعد العامة لبيان مدى انطباقها على مثل هذا‬
‫التفاق‪ .‬والمبدأ الول في هذه القواعد في كل من القانون المصري والردني والماراتي‬
‫يقضي بأنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فل يجوز النحراف عنها عن طريق تفسيرها‬
‫للتعرف على إرادة المتعاقدين‪ .((27‬وقد تأكد هذا المبدأ في أحكام أخرى في كل من القانون‬
‫الردني والقانون الماراتي‪ ،‬بقولهما ان الصل في العقد رضاء المتعاقدين وما التزماه في‬
‫التعاقد‪ ،‬وانه ل عبرة بالدللة في مقابل التصريح‪ .((28‬ونرى تطبيق هذه القاعدة على اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬بل يتوجب تطبيقها باعتبارها قاعدة عامة ما دام بالمكان تطبيقها‪ ،‬وما دام انه ل‬
‫يوجد نص خاص يقضي بخلفها‪ ،‬وهذا هو التطبيق العملي في القوانين المعنية‪.((29‬‬

‫ومثال ذلك ان يكون العقد عقد بيع‪ ،‬ويرد فيه شرط تحكيم ينص على ان أي خلف‬
‫بين الطرفين ناجم عن العقد‪ ،‬يحال للتحكيم وفق قواعد مركز القاهرة القليمي للتحكيم‬
‫التجاري الدولي‪ ،‬أو قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي‪ .‬من الواضح في هذا المثال ان هناك‬
‫إحالة للتحكيم من جهة‪ ،‬وان الحالة للتحكيم خاصة بعقد البيع الصلي وليس بغيره من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬وان الجهة المسؤولة عن إدارة العملية التحكمية هي مركز القاهرة أو مركز‬
‫‪(25‬‬
‫وذلك دون انكار ان المادة )‪ (7/2‬من القانون النموذجي نصت صراحة على انه يعتبر‬ ‫)‬

‫من قبيل التفاق الخطي "‪ ...‬تبادل لوائح الدعاء والدفاع والتي تم فيها الدعاء بوجود اتفاق‬
‫تحكيم من قبل احد الطراف دون انكار من الطرف الخر ‪."....‬‬
‫)‬
‫)‪(26‬‬
‫انظر ‪. A/CN.9/SR.305-333, UNICITRAL Yearbook, Vol.XVI (1985), P. 423‬‬
‫)‬
‫)‪(27‬‬
‫المادة )‪/150/1‬مدني مصري(‪ ،‬والمادة )‪/239/1‬مدني اردني(‪ ،‬والمادة )‪/265/1‬معاملت مدنية‬
‫اماراتي(‪ .‬وذهبت محكمة النقض المصرية الى ان المقصود من "الوضوح" في النص هو وضوح‬
‫الرادة وليس وضوح اللفظ )نقض مدني رقم ‪ ،1463‬تاريخ ‪ ،27/12/1978‬المكتب الفني لسنة ‪،29‬‬
‫ص ‪.(2053‬‬
‫)‬
‫)‪(28‬‬
‫المادتان )‪ 213‬و ‪/215‬مدني اردني(‪ ،‬والمادتان )‪ 257‬و ‪/259‬معاملت مدنية اماراتي(‪.‬‬
‫)‬
‫)‪(29‬‬
‫ومثال ذلك في مصر نقض مدني رقم ‪ ،1646‬تاريخ ‪ ،28/3/1988‬المكتب الفني لسنة ‪39‬؛ وفي‬
‫دبي طعن مدني رقم ‪ ،19‬تاريخ ‪ ،21/11/1998‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،9‬ص ‪784‬؛ وفي‬
‫ابو ظبي طعن مدني ‪ ،412‬تاريخ ‪ ،17/11/1998‬العدالة‪ ،‬العدد ‪ ،20‬ص ‪1172‬؛ وفي الردن‬
‫تمييز حقوق ‪ ،2112/99‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،2002‬ص ‪.749‬‬
‫دبي‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬ليس للجهة المعنية بالتفسير‪ ((30‬الخروج على هذه العبارات الواضحة‬
‫بحجة تفسير إرادة المتعاقدين‪.‬‬

‫ولكن قد ل تكون إرادة الطرفين واضحة على النحو المذكور‪ ،‬وانما ينتابها‬
‫غموض بحيث يقتضي المر تفسير عبارات التفاق لزالة هذا الغموض‪ .‬ومثال ذلك ان‬
‫ينص التفاق على تسوية النزاع حسب قواعد مركز التحكيم التجاري المصري في‬
‫القاهرة‪ ،‬أو مركز التحكيم الدولي الماراتي في دبي‪ .‬ويبدو الغموض هنا من ناحية انه ل‬
‫يوجد مركز للتحكيم في القاهرة باسم "مركز التحكيم التجاري المصري"‪ ،‬ول في دبي‬
‫باسم "مركز التحكيم الدولي الماراتي"‪ .‬وهذا يثير التساؤل عن قصد الطرفين من هذه‬
‫العبارات‪ .‬كما ان هناك غموضا آخر يتعلق بنية الطرفين‪ ،‬وما قصداه من العبارات الواردة‬
‫في اتفاقهما‪ .‬فالطرفان اتفاق على إحالة النزاع لهذا المركز أو ذاك دون بيان ما اذا كانا‬
‫قصدا تسوية النزاع عن طريق التحكيم‪ ،‬أم تسويته بطريقة أخرى مثل التوفيق!!!‬

‫ولحل هذا الشكال‪ ،‬يقضي المبدأ الثاني من القواعد العامة في التفسير‪ ،‬بأنه إذا‬
‫كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للطرفين‪ ،‬دون الوقوف عند‬
‫المعنى الحرفي لللفاظ‪ ،‬مع الستهداء في ذلك بطبيعة التعامل‪ ،‬وبما ينبغي ان يتوافر من‬
‫أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملت‪ ،‬وهو ما تنص عليه القوانين‬
‫العربية محل هذا البحث‪.((31‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬قضي في الردن انه إذا كان هناك عقد بيع نص على إصدار سندات‬
‫سحب بالثمن‪ ،‬وتضمن أيضا شرطا بإحالة الخلفات الناجمة عن عقد البيع إلى التحكيم‪،‬‬
‫فان هذا الشرط يشمل الخلف حول سندات السحب‪ .((32‬وفي قضية أخرى نص العقد على‬
‫إحالة الخلف إلى "أشخاص تم تعيينهم من اجل الفصل فيه بموجب تقرير يقدمونه لذلك"‪.‬‬
‫قررت محكمة التمييز بان هذا الشرط يعتبر اتفاق تحكيم بالمعنى المنصوص عليه في‬
‫قانون التحكيم‪ ،‬وانه ل يغير من المر شيئا عدم وجود كلمة تحكيم في التفاق‪ ،‬ما دام ان‬
‫العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ل لللفاظ والمباني‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فان أولئك الشخاص هم‬
‫محكّـمون بالمعنى الحقيقي لمفهوم المحكّـم‪.((33‬‬
‫وفي مصر قضي بأنه متى كانت محكمة الموضوع قد أخذت في تفسير مشارطة‬
‫التحكيم بالظاهر الذي ثبت لديها‪ ،‬فأعملت مقتضاه‪ ،‬فانه ل يكون عليها العدول عن هذا‬

‫)‬
‫)‪(30‬‬
‫وقد تكون هذه الجهة هيئة التحكيم ذاتها او المحكمة المختصة حسب الحوال‪ .‬في هذه المسألة وفي تفسير اتفاق‬
‫التحكيم عموما‪ ،‬انظر تفصيل ‪.Fouchard, Gaillard and Goldman, op. cit, paras. 743 et seq‬‬
‫)‬

‫)‪(31‬‬
‫المادة ‪/151/1‬مدني مصري؛ والمادة ‪/239/2‬مدني اردني؛ والمادة ‪/265/2‬معاملت مدنية اماراتي‪.‬‬
‫)‬
‫)‪(32‬‬
‫تمييز حقوق رقم ‪ ،491/94‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،1995‬ص ‪ .2157‬قارن حكم من هونغ كونغ وجاء فيه‬
‫ان شرط التحكيم في عقد البيع‪ ،‬ل يشمل الكمبيالت التي تم سحبها بباقي الثمن‪ .‬واستند هذا الحكم الى ان القانون‬
‫الواجب التطبيق على النزاع )القانون الصيني( يعتبر الكمبيالت بمثابة عقد مستقل‪ ،‬وبالتالي فان هذه السندات‬
‫غير مشمولة باتفاق التحكيم الوارد في عقد البيع )‪High Court of Hong Kong, 17 November 1994,‬‬
‫‪.(in A/CN.9/SER.C/ABSTRACTS/6, Case No. 89‬‬
‫)‪(33‬‬
‫تمييز حقوق ‪ ،2126/2002‬تاريخ ‪) 15/10/2002‬منشورات عدالة على الكمبيوتر ‪ /‬الحاسوب(‪.‬‬
‫الظاهر إلى سواه‪ ،‬إل إذا تبين لها ان هناك أسبابا تدعو إلى هذا العدول‪ .((34‬وفي قضية نص‬
‫عقد المقاولة على إحالة الخلفات الناشئة إلى التحكيم‪ .‬تقدم المقاول من صاحب العمل‬
‫بمطالبة اقر بها الخير بمستحقات المقاول بموجب سند موقع عليه من صاحب العمل‪ ،‬إل‬
‫انه مع ذلك لم يدفع مبلغ المطالبة‪ .‬فأقام المقاول دعوى قضائية للمطالبة بقيمة الدين الوارد‬
‫في السند‪ ،‬إل ان محكمة النقض أيدت محكمة الستئناف التي قررت عدم اختصاص‬
‫القضاء ولئيا بنظر الدعوى‪ ،‬وانه يجب اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع"‪.((35‬‬

‫وهناك مبدأ ثالث في التفسير حسب القواعد العامة يقضي بان الشك يفسر لمصلحة‬
‫المدين‪ ،‬وهو ما أخذت به القوانين العربية محل البحث‪ .((36‬ومن وجهة نظرنا‪ ،‬نرى عدم‬
‫تطبيق هذه القاعدة على اتفاق التحكيم‪ .‬والسبب في ذلك ان هذا التفاق‪ ،‬بطبيعته‪ ،‬ل يوجد‬
‫فيه دائن ول مدين‪ ،‬وانما هو اتفاق إجرائي يتعلق بالختصاص في نظر النزاع أو‪ ،‬بمعنى‬
‫آخر‪ ،‬هو اتفاق لنزع الختصاص من القضاء الرسمي صاحب الولية العامة في نظر‬
‫المنازعات‪ ،‬وإحالته للتحكيم الخاص‪ .‬والسؤال الذي يطرح نفسه عندئذ هو فيما إذا كان‬
‫يفسر الشك أو الغموض في اتفاق التحكيم لمصلحة التحكيم بحيث يحال النزاع للتحكيم‪ ،‬أم‬
‫ضده بحيث ل يعتّد بالتفاق ويبقى الختصاص للقضاء‪ .‬ومثال ذلك ان ينص التفاق على‬
‫إحالة النزاع لحد الفنيين لبيان رأيه الفني فيه‪ ،‬أو لحد القانونيين لبيان وجهة نظر القانون‬
‫فيه‪ .‬أو يتعلق النزاع بقياسات المبنى الذي أنشأه المقاول فيتفق الطرفان على إحالته‬
‫للمهندس لبيان هذه القياسات‪ ،‬أو ينص التفاق على انه في حال وجود خلف بين الطرفين‬
‫فيفضل تسويته باللجوء إلى التحكيم بدل من القضاء‪.‬‬

‫وللجابة على هذا التساؤل‪ ،‬اتجه القضاء في الدول العربية محل البحث إلى القول‬
‫بان اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طريق‬
‫التقاضي العادية‪ .‬وعليه‪ ،‬يتعين على المحكمة عند تفسير اتفاق التحكيم ان تلزم الحيطة‬
‫والحذر‪ ،‬وان تفسره تفسيرا ضيقا‪ .((37‬ويترتب على هذا التوجه نتيجتان هامتان‪:‬‬

‫)‪(34‬‬
‫نقض مدني رقم ‪ ،176‬المكتب الفني لسنة ‪ ،9‬ص ‪.573‬‬
‫)‬
‫)‪(35‬‬
‫نقض مدني رقم ‪ ،52‬تاريخ ‪ ،27/2/994‬المكتب الفني لسنة ‪ ،45‬ص ‪.447‬‬
‫)‬

‫)‪(36‬‬
‫المادة ‪ 151/1‬مدني مصري؛ والمادة ‪ 240/1‬مدني اردني؛ والمادة ‪ 266/1‬معاملت مدنية‬
‫اماراتي‪.‬‬
‫‪(37‬‬
‫على سبيل المثال في الردن تمييز حقوق ‪ ،1774/94‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ 1995‬ص‬ ‫)‬

‫‪1985‬؛ ورقم ‪ ،350/90‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،1991‬ص ‪1940‬؛ ورقم ‪ ،159/88‬مجلة نقابة‬
‫المحامين لسنة ‪ ،1990‬ص ‪1113‬؛ ورقم ‪ ،1902/2000‬المجلة القضائية لسنة ‪ ،2000‬ص ‪136/11‬؛‬
‫ورقم ‪ ،452/93‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،1994‬ص ‪1241‬؛ ورقم ‪) 1386/2002‬منشورات مركز‬
‫عدالة على الحاسوب‪/‬الكمبيوتر(‪ .‬وفي مصر نقض مدني‪ ،‬رقم الطعن ‪ ،1029‬تاريخ ‪،6/11/1994‬‬
‫المكتب الفني لسنة ‪ ،45‬ص ‪1337‬؛ ورقم ‪ ،345‬تاريخ ‪ ،11/12/1997‬المكتب الفني لسنة ‪ ،48‬ص‬
‫‪1457‬؛ ورقم ‪ ،8547‬تاريخ ‪ ،22/5/1997‬المكتب الفني لسنة ‪ ،48‬ص ‪780‬؛ وفي دبي طعن مدني‬
‫رقم ‪ ،91‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ص ‪677‬؛ ورقم ‪ ،274‬تاريخ ‪ ،29/1/1994‬مجلة القضاء‬
‫والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،5‬ص ‪83‬؛ ورقم ‪ ،173‬تاريخ ‪ ،16/3/1997‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،8‬ص‬
‫‪181‬؛ ورقم ‪ ،167‬تاريخ ‪ ،6/6/1998‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،9‬ص ‪.464‬‬
‫إذا كان هناك شك في عبارة التفاق حول اللجوء إلى التحكيم من عدمه‪ ،‬فيجب‬ ‫الولى‪:‬‬
‫تفسير هذا الشك لصالح عدم اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬كما هو الحال في المثلة‬
‫المذكورة‪.((38‬‬

‫إذا كان هناك شك في مدى خضوع نزاع معين للتحكيم‪ ،‬فيفسر الشك لصالح‬ ‫الثانية‪:‬‬
‫عدم دخوله فيه‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ما يلي‪:‬‬

‫إذا نص شرط التحكيم في عقد الشركة على ان "أي خلف ناشئ عن‬ ‫‪-1‬‬
‫تطبيق العقد أو يتعلق به فيحال إلى التحكيم‪ ،"...‬فان هذا التفاق ل‬
‫يشمل فسخ الشركة ول تصفيتها‪.((39‬‬

‫إذا نص الشرط على انه في حال وقوع خلف ناشئ عن تطبيق أحكام‬ ‫‪-2‬‬
‫هذا العقد‪ ...‬يحق للفريق الول عرض الخلف على ثلثة‬
‫محكمين ‪ ،"....‬فان هذا الحق مقرر للفريق الول في العقد فقط‪ ،‬ول‬
‫يشمل الفريق الثاني‪ .‬كما ل يجبر الفريق الول على اللجوء إلى‬
‫التحكيم‪ ،‬وانما يكون من حقه اللجوء للقضاء بدل من التحكيم‪ ،‬وبالتالي‬
‫ليس للفريق الثاني التمسك بشرط التحكيم‪.((40‬‬

‫إذا نص شرط التحكيم في العقد بين المهندس وبين صاحب العمل على‬ ‫‪-3‬‬
‫إحالة الخلفات الناجمة عن تفسير العقد إلى التحكيم‪ ،‬فل يشمل ذلك‬
‫الخلف حول أتعاب المهندس‪ ،‬وينعقد الختصاص في الدعوى للقضاء‬
‫صاحب الولية العامة بالفصل في المنازعات‪.((41‬‬

‫إذا تعلق شرط التحكيم بتسوية النزاعات الناشئة عن "تفسير أو تنفيذ‬ ‫‪-4‬‬
‫العقد أو تطبيقه‪ "...‬عن طريق التحكيم‪ ،‬فان ذلك ل ينال من حق‬
‫ل وشيك الوقوع‬ ‫الخصوم باللجوء إلى القضاء المستعجل لدرء خطر حا ّ‬
‫)‬

‫)‪(38‬‬
‫قارن حكم من هونغ كونغ حيث كان هناك شرط تحكيم ينص على احالة الخلفات الى بلد ثالث وفقا‬
‫للنظام الداخلي لرابطة التحكيم التجاري الدولي‪ .‬قدم المدعي دعواه للمحكمة بحجة بطلن اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬لنه يشير خطا الى بلد ثالث غير محدد‪ ،‬او اعتباره غير نافذ لنه يشير الى منظمة وقواعد‬
‫تحكيم ل وجود لها‪ .‬ال ان المحكمة رّدت هذا الدفع‪ ،‬ورأت ان الشرط يشير بما فيه الكفاية الى نية‬
‫الطرفين اللجوء الى التحكيم )‪High Court of Hong Kong, 5 May 1993, in‬‬
‫‪.(A/CN.9/SER. C/ABSTRACTS/4, Case No. 57‬‬
‫)‬

‫)‪(39‬‬
‫من الردن تمييز حقوق رقم ‪ ،159/88‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،1990‬ص ‪1113‬؛ ورقم‬
‫‪ ،1774/94‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ ،1995‬ص ‪.1985‬‬
‫‪(40‬‬
‫من الردن تمييز حقوق رقم ‪) 1386/2002‬منشورات مركز عدالة على الحاسوب ‪/‬‬ ‫)‬

‫الكمبيوتر(‪ .‬وقضي في دبي بانه اذا نص شرط التحكيم على تسوية الخلف حول تفسير العقد باللجوء‬
‫الى محاكم دبي‪ ،‬ويمكن اللجوء للتحكيم بواسطة محكم منفرد‪ ،"..‬فان هذا الشرط ل ينزع الختصاص‬
‫من محاكم دبي‪ ،‬طعن مدني رقم ‪ ،65‬تاريخ ‪ ،7/12/1991‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص‬
‫‪.562‬‬
‫)‬

‫)‪(41‬‬
‫من مصر نقض مدني رقم ‪ ،9‬تاريخ ‪ ،6/1/976‬المكتب الفني لسنة ‪ ،27‬ص ‪.140‬‬
‫عن طريق اتخاذ إجراءات معينة‪ .((42‬ول تكون هيئة التحكيم في هذه‬
‫الحالة مختصة باتخاذ الجراءات الوقتية أو التحفظية أو بالمسائل‬
‫المستعجلة‪ ،‬ما لم يتفق الطرفان على ذلك صراحة‪.((43‬‬

‫إذا نص الشرط على انه "إذا نشأ نزاع أو أي خلف من أي نوع بين‬ ‫‪-5‬‬
‫صاحب العمل وبين المقاول فيما يتعلق بالعقد أو ينشأ عنه فيما يختص‬
‫بتنفيذ العمال ‪ ....‬يحال إلى التحكيم"‪ ،‬فان الشرط ل يشمل المخالصة‬
‫النهائية التي تم التفاق عليها بين صاحب العمل وبين المقاول بشأن‬
‫العمال موضوع التفاقية‪.((44‬‬

‫إذا نص شرط التحكيم بين شركة التأمين وبين المؤمن له على انه في‬ ‫‪-6‬‬
‫حال وقوع الخطر المؤمن ضده يحال الخلف على مقدار التعويض‬
‫الذي يستحقه المؤمن له إلى التحكيم‪ ،‬وادعت الشركة ان الحريق غير‬
‫مشمول بالتغطية التأمينية‪ ،‬ونازعها المؤمن له في ذلك‪ ،‬فان الشرط ل‬
‫(‬
‫يشمل هذا النزاع ويبقى الختصاص فيه للقضاء‪. (45‬‬

‫)‬

‫)‪(42‬‬
‫من دبي طعن مدني رقم ‪ ،91‬تاريخ ‪ ،23/10/1993‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.677‬‬
‫)‬

‫)‪(43‬‬
‫من دبي طعن مدني رقم ‪ ،274‬تاريخ ‪ ،29/1/1994‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،5‬ص ‪82‬؛ ورقم‬
‫‪ ،214‬تاريخ ‪ ،3/10/1999‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،10‬ص ‪.38‬‬
‫‪(44‬‬
‫من دبي طعن مدني رقم ‪ ،295‬تاريخ ‪ ،3/1/1994‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪،4‬‬ ‫)‬

‫ص ‪.112‬‬
‫)‬

‫)‪(45‬‬
‫من الردن تمييز حقوق رقم ‪) 1773/2001‬منشورات مركز عدالة على الحاسوب ‪ /‬الكمبيوتر(‪.‬‬

You might also like