You are on page 1of 17

‫التحكيم‬

‫مقدمــة‬

‫يلعـب التحكيـم دورا هامـا كآليـة لـف ض المنازعـات الناشـئة بيـن الفـراد سـواء علـى‬
‫صـعيد العلقـات الخاصـة الدوليـة بـل وعلـى صـعيد العلقـات الوطنيـة البحتـة أيضـا‪ ,‬وطـرق‬
‫الفراد لباب التحكيم وعزوفهم عن اللجوء إلى القضاء الداخلي مبعثه المزايا التي يحققها‬
‫هذا القضاء الخاص والذي يتسم بالسرية والتخصصية والتحرر من ربقة القواعد القانونية‬
‫سواء كانت تلك القواعد موضوعية أو إجرائية ما لم تكن متصلة بالنظام العام الدولي في‬
‫دولة مقر التحكيم أو الدولة التي يراد تنفيذ الحكم فيها ) ]‪([1‬‬

‫وقــد أصــبح دوره فــي الــوقت الراهــن أكــبر فعاليــة يســبب العولمــة والمنافســة‬
‫القتصـادية الحـرة مـن جهـة‪ ,‬وأمـام مـا يشـكوه القضـاء مـن انعـدام النزاهـة والتشـعب فـي‬
‫الجراءات المسطرية المنظمة لرفع الدعوى والتي ل تصمد أمام مزايا التحكيم‪ ,‬إل أن هذه‬
‫الفـوارق العديـدة ل تنفى مبـدأ التكامـل والنسـجام بيـن المؤسسـين حيـث وإن كـان التحكيـم‬
‫ذو طبيعـة اتفاقيـة يفرضـها عنصـر النعقـاد‪ .‬فـإنه يعـد ذو طبيعـة قضـائية كـذلك الـتي يفرضـها‬
‫عنصر اللزام في مرحلة التنفيذ على مستوى الحكام التي تصدرها هيئة التحكيم ) ]‪([2‬‬

‫ولعل عولمة القتصاد والتنافس هو ما دفع بالمشرع المغربي بإصدار قانون ‪05.08‬‬
‫المتعلـق بـالتحكيم‪ ,‬إل أن موضـوع التحكيـم كوسـيلة مـن وسـائل تسـوية المنازعـات بيـن‬
‫الفـراد والجماعـات محاطـة بمجموعـة مـن الصـعوبات والمشـكلت العمليـة خاصـة أن العديـد‬
‫مـن جـوانب التحكـم يوجـد بشـأنها اختلف فـي وجهـات النظـر سـواء فـي القـانون الوضـعي أو‬
‫على مستوى الفقه والقضاء ) ]‪([3‬‬

‫وحـتى يـواكب المغـرب التطـورات الحاصـلة ومواجهـة تحـديات العولمـة القتصـادية‪ ,‬إذ‬
‫غالبا ما يعزى رفض المستثمرين الجانب لستثمار أموالهم في المغرب خوفهم من عدم‬
‫وجود قضاء عادل يكون محل ثقة‪ ,‬وبالتالي حكمت الوضعية الجديدة على المشرع المغرب‬
‫أن تتماشـى ويتجـاوب مـع التطـورات القتصـادية وذلـك بحـدوث قـوانين تتلءم مـع متطلبـات‬
‫العصر وتستجيب لطموحات الفاعلين القتصاديين بالمغرب‪ .‬لهذا حرص المشرع المغربي‬
‫على تنظيم العلقة بين القضاء والتحكيم وذلك بإقراره لمبدأ الرقابة القضائية على أعمال‬
‫المحكميــن فــي إطــار مــزدوج يشــمل المرحلــة الســابقة علــى صــدور الحكــم التحكيمــي‬
‫والمرحلـة اللحقـة علـى صـدوره‪ ,‬ذلـك أن هيئة التحكيـم ل تتمتــع بسـلطة المـر المخولـة‬
‫لقضاء الدولة ) ]‪([4‬‬

‫فصـدور القضـاء ل يقتصـر علـى هـذا الشـأن بـل يقـدم للعديـد مـن صـور المسـاعدة‬
‫والشـراف علـى هيئات التحكـم سـواء قبـل بـدء الجـراءات وأثنـاء سـيرها ‪ ,‬كمـا يمـارس مهمتـه‬
‫الرقابية من خلل هذه المساعدة‪.‬‬

‫وارتباطـا منـا بعنـوان العـرض –دور القضـاء فـي الشـراف علـى عمـل هيئات التحكيـم ‪-‬‬
‫تتجلـى لنـا أهميـة الموضـوع مـن خلل الفرصـة الـتي تتـاح لنـا‪ ,‬انطلقـا مـن دور القضـاء فـي‬
‫تشـكيل هيئة المحكميـن وآليـات تجريحهـم )المبحـث الول( مظـاهر الرقابـة القضـائية علـى‬
‫إجراءات التحكيم )المبحث الثاني( ‪.‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬دورا لقضاء في تشكيل الهيئة التحكيمة وآليات تجريحها‪:‬‬
‫إن التحكيـم كمؤسسـة اختياريـة تقـوم علـى مبـدأ سـلطان الرادة فـي كـل مراحلهـا‪،‬‬
‫يجعلهـا بشـكل أو بـأخر خاضـعة لرادة هـؤلء الطـراف ممـا يتولـد عنـه أحيانـا نشـوب نزاعـات‬
‫وخلفـات حـول تشـكيل هيئة التحكيـم أو اسـتبدال المحكميـن أو تجريحهـم‪ ،‬وهنـا ل يصـح أن‬
‫يعمـل التحكيـم نفسـه فـي مثـل هـذه المـور وإنمـا تكـون الوصـاية للقضـاء ليعمـل فيهـا‪ ،‬وعليـه‬
‫فالقضـاء يتـدخل فـي تشـكيل هيئة التحكيـم )المطلـب الول( وفـي البـت فـي المنازعـات‬
‫اعتقلته بتجريح المحكمين )المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬حدود تدخل القضاء في تشكيل هيئة التحكيم‪:‬‬


‫تكتســي مســألة اختيــار المحكميــن أهميــة كــبيرة لقيــام التحكيــم وتشــكيل الهيئة‬
‫التحكيميـة‪ ،‬ويسـتند اختيـار المحكميـن بالدرجـة الولـى علـى إرادة الفـراد ممـا يـترك البـاب‬
‫مراجـا لتقـارب هـذه الرادات أحيانـا حـول شـخص محكـم دون آخـر ممـا يسـتدعي التـدخل‬
‫لحسـم النـزاع‪ ،‬بيـد أن هـذا التـدخل يميـز بيـن حالـة اختلف الطـراف حـول اختيـار المحكـم‬
‫)الفقرة الولى( وحالة الخلف حول إجراءات اختيار المحكم )الفقرة الثانية(‪.‬‬

‫الفقرة الولى‪ :‬اختلف الطراف حول اختيار المحكم‪:‬‬


‫إن المشـرع المغربـي كغيـره مـن التشـريعات بـات يأخـذا هـو الخـر فـي تشـكيل الهيئة‬
‫التحكيميـة بنظـام المحكـم الفـرد أو تعـدد المحكميـن‪ ،‬ويتعيـن ذكـر أسـماء المحكميـن فـي‬
‫وثيقــة التحكيــم وهــو أمــر عنــد مخــالفته يعــرض عقــد التحكيــم للبطلن بنــص المــادة ‪317‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ومـن ثـم فـإن تشـكيل واختيـار الهيئة التحكيميـة يخضـع لرادة‪ ،‬لطـراف وفقـا لمبـادئ‬
‫سلطان الرادة‪ ،‬إل أن هذا المبدأ ليس على إطلقه بل إن المشرع وضع حدودا له تتجلى‬
‫فـي حالـة اختلف الطـراف علـى تعييـن المحكـم حيـث يتـم اللجـوء لرئيـس المحكمـة الـذي‬
‫سـيذيل الحكـم التحكيمـي بـالقوة التنفيذيـة مـن أجـل تعييـن المحكـم)الفصـل ‪ 327 / 5‬مـن‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،(.‬ونشير هنا إلى أن المحكمة التي تعين المحكم ينعقد لها الختصاص في جميع‬
‫إجراءات الخصومة التحكيمية ]‪.[5‬‬
‫إل أن مسـألة اختيـار المحكميـن بعـد نشـوب النـزاع‪ ،‬تظـل فكـرة نسـبية جـدا بـل وتفـرغ‬
‫التحكيم من محتواه القانوني‪ ،‬لنه وببساطة شديد من النادر أن يتفق الطراف بعد نشوب‬
‫النزاع بينهم ]‪.[6‬‬
‫وفــي نفــس الســياق دائمــا فــإن المحكمــة المختصــة بالشــراف علــى الخصــومة‬
‫التحكيميـة هـي رئيـس المحكمـة التجاريـة أو البتدائيـة حسـب طبيعـة النـزاع‪ ،‬والـتي تشـرف‬
‫أيضا على تعيين المحكم القضائي بطلب ممن له المصلحة في ذلك بمعنى آخر الشخص‬
‫الذي يرغب في إجراء مسطرة التحكيم شريطة توفر شروط التقاضي من مصلحة وأهلية‬
‫وصفة كما يشرط أن تتوفر في المقال جميع الشروط المتعلقة بالمقال الفتتاحي وفق‬
‫نص الفصل ‪ 32‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬تحت طائلة عدم القبول ]‪.[7‬‬
‫هــذا بالنســبة للخلف حــول تحديــد المحكــم الواحــد‪ ،‬أمــا فــي حالــة تعــدد هــؤلء‬
‫المحكميـن فـإن المـر يختلـف حيـث يمكـن التمييــز فـي هـذا الصـدد بيـن حالـة عـدم قيـام‬
‫الطــراف بتعييــن محكميهــم وفــي هــذه الحالــة يجــوز للطــرف المتضــرر اللجــوء للمحكمــة‬
‫المختصـة لتعييـن المحكميـن عـن الطـرف الرافـض لتعييـن محكميـن مـن جـانبه أمـا الحالـة‬
‫الثانية فتتمثل في قيام الطراف بتعيين محكميهم وفي هذه الحالة يقوم هؤلء بتعيين‬
‫المحكـم المرجـع والمحقـق للجمـاع بيـد أن هـذا المـر بـات متجـاوزا فـي ظـل انتشـار التحكيـم‬
‫المؤسسـي الـذي تضـطلع بـه المحـاكم المتخصصـة كـالمركز الـدولي للوسـاطة والتحكيـم‬
‫بالربـاط ومركـز التوفيـق والتحكيـم التجـاري بمراكـش وغيرهـا مـن المراكـز الوطنيـة والدوليـة‬
‫الخرى ]‪.[8‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التدخل القضائي لوجود خلف في الجراءات التحكيمية‪:‬‬


‫قـد يثـور نـزاع بيـن الطـراف حـول تحديـد مـدة معينـة لختيـار المحكـم أو اشـتراط أن‬
‫يكون المحكم من جنسية معينة وفي هذه الحالة يتم اللجوء للمحكمة للفصل في النزاع‪،‬‬
‫هذا الخير غالبا ما يكون نتيجة غموض في اللفاظ التي يستعملها الطراف بسبب نقص‬
‫خـبر تهـم ودرايتهـم فـي هـذا الميـدان‪ ،‬ومـن أجـل تجـاوز مثـل هـذه المشـاكل عمـدت مجموعـة‬
‫مـن التشـريعات إلـى هيكلـة مجـال التحكيـم بصـفة عامـة وتحديـد المصـطلحات بدقـة حيـث‬
‫اشترط المشرع السعودي في المادتين ‪ 5‬و ‪.6‬‬
‫عـرض اتفـاق التحكيـم علـى القضـاء قبـل العمليـة التحكيميـة‪ ،‬وذلـك باعتمـاد وثيقـة‬
‫التحكيـم والمصـادقة عليهـا وصـدور قـرار قضـائي مسـتقل يتضـمن موضـوع النـزاع وأسـماء‬
‫الخصوم والمحكمين‪.‬‬
‫كمــا يتســع نطــاق تــدخل القضــاء ليشــمل الجــراءات والســس المتعلقــة بتعييــن‬
‫المحكميـن وكـذلك إضـطلع المحكمـة مهمـة اختيـار المحكميـن فـي حالـة عـدم قيـام الغيـر‬
‫المعيــن مـن الطــراف بهــذه المهمـة‪ ،‬ونشــير هنــا إلـى أن مجــالت تــدخل القضـاء مرتبطــة‬
‫باختلف الطراف حول اختيار المحكمين أو إجراءات هذا الختيار أما في حالة اتفاقهم فل‬
‫مسوغ لتدخل القضاء في الجراءات التحكيمية ]‪.[9‬‬
‫مما سبق نخلص إلى أن تدخل القضاء في تشكيل الهيئة التحكمية يستدعي توافر‬
‫مجموعـة مـن الضـوابط لعـل أهمهـا وجـود نـزاع بيـن الخصـوم حـول اختيـار المحكميـن وهـو مـا‬
‫يعنـي تـوفر المصـلحة فـي طلـب المـر مـن القضـاء بالتـدخل‪ ،‬أضـف إلـى ذلـك ضـرورة صـدور‬
‫قـرارات المحكمـة علـى وجـه السـرعة وهـو مـا يكـرس خصوصـية وميـزة التحكيـم مـن حيـث‬
‫السرعة في البت في النزاعات علوة على ذلك فقد ذهبت جل التشريعات إلى إقرار مبدأ‬
‫عـدم قابليـة قـرار المحكمـة باختيـار المحكميـن للطعـن ومنهـا التشـريع المغربـي فـي قـانون‬
‫‪ 05-08‬فـي مـادته ‪ 04-327‬وهـو نفـس المقتضـى الـذي أكـده المشـرع المصـري فـي المـادة‬
‫‪ 17‬من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وكذلك المشرع السعودي في مادته ‪ 4‬وذلك تحقيقا‬
‫لمبدأ السرعة المتطلبة في التحكيم كمؤسسة بديلة لحل النزاعات ]‪.[10‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم ال ت جريح وآلياته‪:‬‬


‫لقـد رسـم القـانون للمحكـم مـا رسـمه للقاضـي بصـدد حمايـة مظهـر الحيـادة الـذي يجـب‬
‫أن يتحلى به‪ ،‬وإذا كان ـ كقاعدة عامةـ يتطلب من القاضي غير ما يتطلب من المحكم لن‬
‫الول يحمـي مظهـر العدالـة باسـم الدولـة‪ .‬بينمـا الخـر يحمـي أساسـا الحيـادة فـي نطـاق‬
‫الخصــومة القائمــة أمــامه ) ]‪ ( [11‬وبمــا أن القاضــي والمحكــم يشــتركان فــي التمســك‬
‫بالمبادئ الساسية للتقاضي‪ ,‬وتأسيسا على ذلك يجب على المحكم البتعاد عن كل ما‬
‫يمس بحياده واستقلله ) ]‪ ( [12‬المر الذي يجعلنا علينا التعرض لمعالجة مفهوم التجريح‬
‫بالنسبة للمحكمين )في الفقرة الولى( وآليات ذلك التجريح )في الفقرة الثانية(‪.‬‬

‫الفقرة الولى‪ :‬مفهوم تجريح المحكمين‪:‬‬


‫لم يتعرض المشرع المغربي لحالت تجريح‬

‫المحكمين‪ ,‬بل اكتفى بإمكانية تجريحهم المح لسبب نشأ بعد التعيين مما يعنى استبعاد‬
‫السبب الذي كان موجودا قبل تعيين المحكم وكان الطرف الذي يتمسك على به ) ]‪([13‬‬
‫ويتضـح مـن خلل الفصـل ‪ 327-7‬مـن قـانون ‪ 05/08‬المتعلـق بـالتحكيم والوسـاطة التفاقيـة‬
‫حيـث ينـص علـى أنـه‪" :‬يتعيـن علـى المحكـم الـذي يعلـم بوجـود أحـد أسـباب التجريـح فـي‬
‫نفسـه أن يشـعر الطـراف بـذلك وفـي هـذه الحالـة ل يجـوز لـه قبـول مهمتـه إل بعـد موافقـة‬
‫الطـراف" ) ]‪ ( [14‬إل أن الفصـل ‪ 323‬مـن نفـس القـانون حصـر أسـباب التجريـح فـي تسـع‬
‫حــالت منهــا‪ ":‬إذا كــانت لـه ــ المحكـم ــ ولزوجــه أو لصــوله أو لفروعــه مصـلحة شخصـية‬
‫مباشرة أو غير مباشرة في النزاع أو كانت قرابة أمصاهرة ‪"...‬‬

‫فتجريح المحكمين وردت بشأنه عدة تعارف في أوساط الفقه‪ ,‬فمنها ما يقصد برد المحكم‬
‫أن يعـبر أحـد الطـراف خصـومة التحكيـم عـن إرادتـه طبقـا لجـراءات معينـة فـي عـدم لمتثـال‬
‫أمـام محكـم معيـن فـي قضـية معينــة لتـوافر أحـد الســباب الـتي حـددها القـانون وطبقــا‬
‫للشروط التي رسمها ) ]‪([15‬‬

‫ذلـك أن المشــرع المغربــي أخــذ بإعمــال نفـس أحكــام تجريـح القضــاة ويتعيــن تبعــا‬
‫لسكوت المشرع عن بيان أسباب التجريح‪ ,‬فبالرجوع إلى مسطرة تجريح القضاة حيث نجد‬
‫أنـه إذا تعلـق المـر بقـاض محكمـة ابتدائيـة يرفـع طلـب التجريـح إلـى محكمـة السـتئناف لكـن‬
‫الســباب المــبررة لتــدخل محكمــة الســتئناف باعتبارهــا أعلــى درجــة بالنســبة للقاضــي‬
‫المطلــوب تجريحــه ل تنطبــق علــى تجريــح المحكــم‪ ،‬وبالتــالي يمكــن القــول أن المحكمــة‬
‫البتدائية هي المختصة بدل عن المحكمة الستئنافية في تجريح محكم ما ) ]‪([16‬‬

‫لكن بحدوث القانون الجديد أي القانون ‪ 05/08‬يكون المشرع قد تلفى بعض النقض الذي‬
‫كان يشوب أو يعترى مسار التحكيم وما يترتب عن ذلك من تجريح للمحكمين‪ ،‬هذا ويختص‬
‫رئيـس المحكمـة بـالبت فـي الصـعوبات الناتجـة عـن تجريـح أو عـزل المحكميـن بـأمر رئيسـي‬
‫غير قابل للطعن في إطار مسطرة تواجهية ) ]‪ ( [17‬الفصل ‪ 8/327‬من قانون ‪] ) 05/08‬‬
‫‪.([18‬‬

‫ذلك أن الهدف من تدخل القضاء هو تشكيل هيئة التحكيم أو استكمال النقض فيها‬
‫أو وضـع حـل للمحكمـة الـتي تتعـرض تشـكيلها وعنـدما يقـوم القضـاء بتعييـن الحـالت الـتي‬
‫يسـمح لـه فيهـا القـانون بـذلك‪ .‬فـإنه يجـب أن تتـوافر فـي الحكـم الـذي يعينـه الشـروط الـتي‬
‫يتطلبها القانون والتي اتفق عليها الطراف ) ]‪([19‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات تجريح المحكمين‪:‬‬
‫يرى أحد الفقهاء أن طلب المحكم أو تجريحه ليسر له شكل خاص وبالتالي يمكن أن‬
‫يتـم عـن طريـق تقريـر أو عريضـة دعـوى‪ ،‬أو طلـب شـرط أن يعلـن وإذا كـانت المحكمـة قـد‬
‫انتهـت إلـى جـواز الـرد عـن طريـق الطلـب أو التقريـر فإنهـا قـد وصـلت إلـى نتيجـة سـليمة وإن‬
‫كانت أسبابها القانونية غير صحيحة ) ]‪ ( [20‬بينما يرى جانب آخر من الفقهاء أن الجراءات‬
‫الواجبـة التبـاع فـي نظـر الخصـومة بطلـب الـرد أو عـدم الصـلحية أو فـي الطعـن فـالحكم‬
‫الصــادر منهــا هــي الجــراءات العامــة والمعتــادة لرفــع الــدعوى معتــبرا طلــب الــرد يقــدم‬
‫بالجراءات المعتادة لرفع الدعوى ) ]‪.([21‬‬

‫ذلـك أن طلـب الـرد أو التجريـح بالنسـبة للحكـم أو المحكميـن يـوجب إيقـاف إجـراءات التحكيـم‬
‫شأنها شأن توقيف الخصومة أمام القاضي المطلوب رده وهو ما فضله أغلب الفقهاء من‬
‫عدم السير في خصومة التحكيم لحين الفصل في طلب الرد من قبل المحكمة المختصة‬
‫لعدة اعتبارات منها‪:‬‬

‫أنه لن يستغرق الفصل في طلب رد المحكميـن وقتا طويل تخشى معه إطالة‬ ‫‪-‬‬
‫أمد الفصل في الدعوى‪.‬‬

‫تـوفير الجهـد والمـال الـذي يبـذل فـي حـال السـتمرار فـي الجـراءات ‪ ،‬والـتي قـد‬ ‫‪-‬‬
‫يصـدر حكـم التحكيـم خللهـا ومـن تـم تلغـى مـن قبـل المحكمـة المختصـة اسـتنادا إلـى‬
‫حكـم رد المحكـم وهـو مـا سـيحدث أضـرارا بالغـة لجميـع أطـراف خصـومة التحكيـم ) ]‬
‫‪ ( [22‬وقـد نحـا القضـاء المغربـي فـي هـذا الصـدد المنحـى نفسـه مـن خلل قـرار صـادر‬
‫مـن محكمـة السـتئناف بالـدار البيضـاء رقـم ‪ 93 / 1559‬بتاريـخ ‪1995 / 08 / 1‬حيـث‬
‫اعتـبر أن تجريـح المحكـم يـترتب عليـه توقـف الخصـومة إلـى حيـن الفصـل فـي طلـب‬
‫التجريح وأن هذا الوقف يتم دون حاجة لحكم يقضى بذلك‪ ,‬كما يوقف الميعاد المقرر‬
‫للتحكيـم إلـى حيـن البـت فـي طلـب التجريـح بحكـم نهـائي‪ ،‬وأن صـدور مقـرر تحكيمـي‬
‫مـن هيئة تحكيـم شـارك فيهـا محكـم تـم تجريحـه بمقتضـى حكـم أصـبح نهائيـا يجعلـه‬
‫باطل ل يمكن تصحيحه بحضور الخصوم أمامه أو الدلء بطلبات موضوعية ) ]‪.([23‬‬

‫ويبقـى دور القضـاء أساسـيا فيمـا يصـدره مـن أحكـام المتعلقـة بـرد أو تجريـح المحكـم أو‬
‫المحكمين والتي يمكن حصرها في فرضين‪:‬‬

‫أن تفــرض المحكمــة طلــب الــرد بعــد أن تتأكــد مــن حيــاد المحكــم واســتقلله‬ ‫‪-‬‬
‫وبالتالي يستمر المحكم في أداء مهمته التي لم يتوقف عن أدائها‪.‬‬

‫أن تقبل المحكمة طلب الرد ويترتب على ذلك اعتبار ما قد تم من إجراءات بما‬ ‫‪-‬‬
‫فـي ذلـك حكـم المحكميـن الـذي يعـد كـان لـم يكـن‪ ،‬وهـذا المـر يعكـس حـدود وليـة‬
‫القضـاء علـى التحكيـم فيمـا يـترتب علـى حكـم المحكمـة مـن آثـار بعيـدة المـدى علـى‬
‫العملية التحكيمية ) ]‪ ([24‬على اعتبار أن مهمة وهدف القضاء وضع اتفاق التحكيم‬
‫موضـع التنفيـذ الفعـال هـذا مـن جهـة‪ ,‬ومـن جهـة أخـرى فـإن تـدخل القضـاء قـد يكـون‬
‫أساسـه تحقيـق غايـة أخـرى تتمثـل فـي ضـمان فعاليـة التحكيـم كتـدخله فـي إصـدار‬
‫الجراءات الوقتية والتحفظية والجراءات الخرى المتعلقة بفعالية إجراءات التحكيم‪.‬‬
‫مظاهر الرقابة على إجراءات التحكيم‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫إذا كـانت القاعـدة العامـة هـي لجـوء ال أ طـراف للقضـاء لفـض مـا ينشـأ بينهـم مـن‬
‫نزاعـات باعتبـاره الجهـة الـتي أوكلـت إليهـا مختلـف التشـريعات الحكـم فـي الخصـومات‪ ،‬فـإن‬
‫مميــزات التحكيــم المتجليــة فــي ســرعة البــت واقتصــاد النفقــات وبســاطة الجــراءات‪،‬‬
‫والتخصــص فــي النــزاع المعــروض جعلــت البعــض يفضــل هــذا النظــام بــدل قضــاء الدولــة‬
‫ومساطره المتشعبة ]‪.[25‬‬
‫إل أنه للقضاء دور مهم في تقديمه المساعدة لهيئة التحكيم‪ ،‬وذلك تيسير للطراف‬
‫وحمايـة لخصـومه التحكيـم‪ ،‬ويتجلـى دور قضـاء الدولـة فـي المسـاعدة الـتي يقـدمها أثنـاء‬
‫مسـطرة التحكيـم مـن خلل تحديـد المشـروع المغربـي مهلـة لنهـاء مهمـة الهيئة التحكميـة‬
‫بناء على طلب أحد الطراف من أطراف الخصومة‪.‬‬
‫وسيتم التطرق في هذا المبحث إلى مطلبين ‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬الرقابة القضائية على الجراءات المسطرية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مظاهر الرقابة على إجراءات التحكيم‬

‫المطلب الول‪ :‬الرقابة القضائية على الجراءات المسطرية‬


‫ومــن خلل هــذا المطلــب ســأتعرض لهــم صــور الرقابــة القضــائية وذلــك مــن خلل‬
‫مسـاهمة القضـاء فـي تـوفير أدلـة الثبـات وتـدخله عـن طريـق النابـة القضـائية كفقـرة أولـى‬
‫والبث القضائي في المور الخارجة عن اختصاصات هيئة التحكيم كفقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة الولى‪ :‬توفير القضاء لوسائل الثبات‬


‫الثبـات هـو تكـوين اقتنـاع القاضـي أو المحكـم بشـأن وجـود أو عـدم وجـود واقعـة‬
‫قانونيـة متعلقـة بالـدعوى‪ ،‬والثبـات بمعنـاه القـانوني هـو إقامـة الـدليل أمـام القضـاء بـالطرق‬
‫الـتي حـددها القـانون‪ ،‬علـى وجـود واقعـة قانونيـة ترتـب آثارهـا‪ ،‬وتظهـر أهميـة الثبـات أمـام‬
‫القضاء أو المحكم فإن استطاع صاحب الحق إثباته كان الحكم له ]‪.[26‬‬
‫ورغـم الصـلحيات الـتي تتمتـع بهـا الهيئات التحكيميـة‪ ،‬والـتي تمكنهـا مـن الحصـول‬
‫علـى أدلـة الثبـات فـي موضـوع النـزاع المطـروح عليهـا‪ ،‬فإنهـا تصـطدم مـع عـدم تمتـع هيئة‬
‫التحكيم بسلطة اللزام مما يجعلها دائما في حاجة إلى القضاء للحصول على أدلة الثبات‬
‫أثنـاء سـير الخصـومة )أول( وكـذلك طلـب الهيئة التحكيميـة مـن المحكمـة النابـة القضـائية‬
‫)ثانيا(‬
‫أول‪ :‬تدخل القضاء للمساهمة في توفير أدلة الثبات‬
‫سـيتم التطـرق فـي هـذا العنصـر إلـى حـالتين الولـى تتجلـى فـي اسـتدعاء الشـهود‬
‫والحالة الثانية إجبار الخصم بتقديم مستند تحت يده أو يد غيره‪.‬‬
‫الحالة الولى‪ :‬استدعاء الشهود وسماعهم‬
‫فـي البدايـة ل بـد مـن الشـارة إلـى أن قـانون المسـطرة المدنيـة المغربيـة لـم تتعـرض‬
‫لجـراءات الشـهادة فـي ميـدان التحكيـم‪ ،‬وهـذا علـى خلف مشـروع قـانون ‪ 08-05‬المتعلـق‬
‫بالتحكيم والذي تطرق إلى استدعاء الشهود وسماعهم من خلل الفصلين ‪-11 ، 327 -10‬‬
‫‪.327-12 ،327‬‬
‫ومـن خلل هـذه الفصـول يتـبين لنـا بـأن المشـرع أعطـى للهيئة التحكيميـة صـلحية‬
‫القيـام بجميـع إجـراءات التحقيـق وذلـك بالسـتماع إلـى الشـهود وتعييـن الخـبراء أو أي إجـراء‬
‫آخر ]‪.[27‬‬
‫إل أن الشـكال المطـروح ولـم يتطـرق إليـه المشـرع وهـو فـي حالـة امتنـاع الشـاهد عـن‬
‫الحضـور‪ ،‬أو حضـوره وامتنـاعه عـن الشـهادة أو عـدم إجـابته عـن السـئلة الـتي توجههـا إليـه‬
‫هيئة التحكيــم‪ ،‬ففــي هــذه الحالـة ل يكــون أمــام الهيئة سـوى اللجــوء إلــى القضــاء للـزام‬
‫الشهود بالحضور أو توقيع الجزاءات المنصوص عليها في قانون الثبات في حالة المتناع‬
‫عــن الحضــور والجابــة عـن أســئلة الهيئة وهــو مــا أقــره المشــرع المصــري ]‪ [28‬وأغفلــه‬
‫المشرع المغربي ]‪.[29‬‬
‫أما ما يتعلـق بسـماع الشـهود فقـد نص الفصـل ‪ 327-10‬من الفقـرة الثانيـة ول يحول‬
‫ذلـك دون ان تجتمــع هيئة التحكيــم فـي أي مكـان تــراه مناســبا للقيــام بــإجراءات التحكيــم‬
‫كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الطلع على المستندات أو معاينة بضاعة أو‬
‫أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك‪.‬‬
‫فالمحكم يتمتع بسلطة واسعة في الثبات فله أيضا الحق في سماع الشهود بناء‬
‫على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه عمل بالفصول ‪ 12-11-10‬من قانون ‪.08-05‬‬
‫وإذا اتفـق الطـراف فـي التحكيـم أو اتفـاق مسـتقل علـى تحديـد شـهود بشخصـيتهم‬
‫كـان المحكـم ملـزم بـذلك ويسـتطيع المحكـم سـماع فـي غيبـة الخصـوم وإذا كـان المـر كـذلك‬
‫فعليه كتابة محضر بذلك وأن يمكن الخصوم من الطلع على موضوعها‪ ،‬إعلنهم بمضمون‬
‫الشهادة وإل كان ذلك إخلل بمبدأ المواجهة ]‪.[30‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬إجبار الخصم الغير بتقديم مستند تحت يده‬
‫تعتـبر المسـتندات مـن أهـم وسـائل الثبـات‪ ،‬نظـرا لمـا تتضـمنه مـن بيانـات ومعلومـات‬
‫تعيـن المحكـم علـى إظهـار وجـه الحـق فـي النـزاع المعـروض عليـه‪ ،‬ويحـق للهيئة التحكيميـة‬
‫المضـي قـدما فـي إجـراءات التحكيـم وإصـدار حكمهـا اسـتنادا علـى الدلـة المطروحـة إذا رأت‬
‫كفايتهـا أمامهـا‪ .‬شـرط أل يخـل ذلـك بحقـوق الطرفيـن‪ ،‬خصوصـا وقـد أعطـى مشـروع قـانون‬
‫المسـطرة المدنيـة رقـم ‪ 08-05‬المغربـي الصـلحية لهيئة التحكيـم بالقيـام بجميـع إجـراءات‬
‫التحقيـق بالسـتماع إلـى الشـهود أو بتعييـن خـبراء أو‪ [31] ...‬كمـا وسـع مـن صـلحية هيئة‬
‫التحكيم بأن خول لها سلطة المر على الطرف الذي يملك وسيلة إثبات تحت يده ]‪.[32‬‬
‫إل أن مشروع قانون ‪ 08-05‬أغفل الحالة التي يمتنع فيها أحد الطراف من المتثال‬
‫إلى أمر هيئة التحكيم ومع ذلك فإن واقع الحال ل يمنع هيئة التحكيم من طلب المساعدة‬
‫مـن القضـاء التحقيـق هـذا المـر باعتبـار أن سـلطة المـر الفعليـة هـي بيـد القضـاء‪ ،‬وتلـك‬
‫الممنوحـة لهيئة التحكيـم وفـق نـص الفصـل ‪ 327/11‬فـي واقـع المـر مـا هـي إ ل سـلطة‬
‫معنوية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النابة القضائية‬
‫فالنابة القضائية صورة من صور المساعدة القضائية التي يقدمها القضاء الرسمي‬
‫لنظام التحكيم أثناء إجراءات مسطرة التحكيم ]‪[33‬‬
‫والمشرع المغربي لم يتعرض النابة القضائية في خصومة التحكيم بينما المشرع‬
‫المصـري نـص عليهـا فـي المـادة الثالثـة تحكيـم والـتي تنـص أنـه يختـص رئيـس المحكمـة‬
‫المشار إليها في المادة التاسعة بالمر بالنابة القضائية بناء على طلب التحكيم ]‪.[34‬‬

‫رة الثانية‪ :‬البث القضائي في المور الخارجة عن اختصاصات هيئة التحكيم‬


‫قد تعترض المحكم أثناء مسطرة التحكيم مسألة خارجة عن حدود وليته‪ ،‬إما لكونها‬
‫غير قابلة للتحكيم أصل‪ ،‬وإما لعدم شمولها في اتفاق التحكيم‪ ،‬وفي هذه الحالة يجوز أن‬
‫يوقف إجراءات الخصومة أمامه حتى يتم الفصل فيها من قبل المحكمة المختصة ]‪.[35‬‬
‫ويـترتب عـن وقـف سـير الجـراءات سـريان الميعـاد المحـدد لصـدار حكـم التحكيـم‪،‬‬
‫والتطبيقـات فـي هـذه الحالـة عديـدة أبرزهـا كـأن يعـرض خلل مسـطرة التحكيـم مسـائل‬
‫جنائيـة كـالطعن بـالتزوير فـي ورقـة قـدمت لهيئة التحكيـم أو اتخـذت إجـراءات جنائيـة علـى‬
‫تزويرها أو عن فعل جنائي آخر ]‪ [36‬وهذا ما سنحاول التطرق إليه في هذه الفقرة‪.‬‬
‫‪-‬تدخل القضاء عن طريق المر بإجراءات الطعن بالتزوير وتحقيق الخطوط‬
‫إذا حـدث أثنـاء مسـطرة التحكيـم أن طعـن أحـد الطـراف بـتزوير وثيقـة مـا‪ ،‬أو وقـع‬
‫حـادث جنـائي أخـر‪ ،‬فـإن المحكـم ملـزم بإيقـاف البـت فـي النازلـة المعروضـة عليـه لحيـن بـت‬
‫المحاكم العادية في الدعوى المعروضة عليها بشأنه بصفة نهائية ]‪.[37‬‬
‫فالتسـاؤل المطـروح‪ ،‬هـل يحـق للطـراف منـح الهيئة التحكيميـة فـي اتفـاق التحكيـم‬
‫السلطة في إجراءات تحقيق الخطوط والدعاء بالتزوير؟‬
‫للجابــة علــى هــذا الســؤال لبــد مــن الشــارة إلـى صــورة الــدعوى وهــي الــدعوى‬
‫الصلية‪ ،‬والدعوى الفرعية اللتين قد يتخذهما شكل الدعوى‪.‬‬
‫بالنســبة للــدعوى الصــلية‪ ،‬فل مجــال لقيامهــا أمــام هيئة التحكيــم لن وليــة هــذه‬
‫الهيئة قاصـرة علـى النظـر فـي النـزاع علـى الحـق الموضـوعي ]‪ [38‬أمـا مـا يتعلـق بالـدعوى‬
‫الفرعية فليس هناك نص في ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬أوفي قانون المسطرة المدنية المعدل ‪ 05-08‬يجيز‬
‫ذلـك وقـد كـان المشـرع المغربـي صـريحا لسـد البـاب أمـام هيئة التحكيـم بالقيـام بـإجراء مـن‬
‫إجـراءات تحقيـق الـدعوى ويتـبين هـذا مـن خلل المـادة ‪ 313‬ق‪.‬م‪.‬م الـتي تنـص فـي فقرتهـا‬
‫الثانيـة علـى أنـه"‪...‬ويوقـف المحكمـون أشـغالهم إذا وقـع الطعـن بـالزور‪ ،‬ولـو مـدنيا أو طـرأت‬
‫أثنـاء التحكيـم عـوارض جنائيـة إلـى أن تبـت المحـاكم العاديـة فـي المسـألة العارضـة ويوقـف‬
‫الجل المحدد ول يسري من جديد إل من تاريخ البت فيها نهائيا"‪.‬‬
‫إل أن قـانون المسـطرة المدنيـة المغربـي رقـم ‪ 08-05‬أعطـى الصـلحية للمحكميـن‬
‫مـن خلل الفصـل ‪ 327-11‬لتخـاذ كـل إجـراءات التحقيـق حيـث جـاء مـن آخـر الفقـرة عبـارة "أو‬
‫أي إجـراء آخـر" فـإذا أخـذنا هـذه العبـارة بـالمفهوم الواسـع فهـذا يعيـن أن واضـعي المشـروع‬
‫المغربـي ‪ 08-05‬لـم يقيـدوا الهيئة التحكميـة فيمـا يتعلـق بـإجراءات التحقيـق وبالتـالي يمكـن‬
‫أن تـدخل فـي إطارهـا الجـراءات المتعلقـة بـالزور الفرعـي وتحقيـق الخطـوط‪ ،‬ولـم ينـص‬
‫المشـروع المغربـي ‪ 08-05‬مـن هـذه الفقـرة علـى أن قـرارات المحكميـن فـي هـذه الحالـة‬
‫تخضع لرقابة القضاء الوطني وتذييلها بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الرقابة القضائية على الحكم التحكيمي‪:‬‬


‫بحثا عن العدالة وعن الستقرار القانوني نظم المشرع في جميع البلدان ]‪ [39‬ذات‬
‫النظم القانونية المعاصرة وسائل متعددة للطعن في أحكام المحكمين‬
‫والمشـرع المغربـي بـدوره‪ ،‬وعلـى غـرار بـاقي التشـريعات نظـم طرقـا معينـة للطعـن‬
‫في أحكام المحكمين‪ ،‬والهدف من هذا الطعن هو استدراك ما قد يكون المحكم وقع فيه‬
‫من خطأ بغية إصلحه ورفعه عن المتضرر ]‪.[40‬‬
‫على الرغم من تنصيص المشرع في الفصل ‪ 324-34‬من قانون م م المعدل بقانون‬
‫التحكيـم رقـم ‪ 08-05‬فـي فقرتـه الولـى علـى أنـه ل يقبـل الحكـم التحكيمـي أي طعـن مـع‬
‫مراعاة مقتضيات الفصلين ‪ 327-35‬و ‪ 327-36‬بعده"‪.‬‬
‫إل أن المشـرع مـن خلل الفقـرة الثانيـة مـن هـذا الفصـل وعمل بأحكـام الفصـل ‪-35‬‬
‫‪ 327‬مــن نفــس القــانون قــد خــول للخصــوم ممارســة بعــض طــرق الطعــن الغيــر عاديــة‬
‫لسـتيفاء حقـوقهم حيـث جعـل أحكـام المحكميـن تقبـل تعـرض الغيـر الخـارج عـن الخصـومة‬
‫وطلب إعادة النظر‪.‬‬
‫ولهـذا سنقسـم هـذا المطلـبين إلـى فقرتيـن‪ ،‬نتنـاول فـي الفقـرة الولـى تعـرض الغيـر‬
‫الخـارج عـن الخصـومة‪ ،‬بينمـا نخصـص الفقـرة الثانيـة لطلـب إعـادة النظـر والتـذييل بالصـيغة‬
‫التنفيذية‪.‬‬

‫الفقرة الولى‪ :‬تعرض الغير الخارج عن الخصومة‪:‬‬


‫تعـرض الغيـر الخـارج عـن الخصـومة طريـق غيـر عـادي للطعـن فـي الحكـام‪ ،‬وضـعه‬
‫المشرع في متناول كل شخص مس بحقوقه حكم لم يكن طرفا‪ ،‬ول ممثل فيه‪ ،‬من أجل‬
‫الحصول على مراجعة النظر في هذا الحكم ]‪.[41‬‬
‫والمشرع المغربي لم يأت بأحكام جديدة تتعلق بتعرض الغير الخارج عن الخصومة‬
‫في ميدان التحكيم تتفق مع طبيعته ومكوناته بل أوجب تطبيق نفس المقتضيات المطبقة‬
‫أمام المحاكم الرسمية‪ ،‬وهو ما نص عليه قانون م م المعدل بالقانون الجديد رقم ‪05/08‬‬
‫فـي الفصـل ‪ 327-35‬حيـث نـص علـى أنـه"ل يـواجه الغيـار بالحكـام التحكيميـة ولـو كـانت‬
‫مذيلـة بالصـيغة التنفيذيـة ويمكنهـم أن يتعرضـوا عليهـا تعـرض الغيـر الخـارج عـن الخصـومة‬
‫طبقـا للشـروط المقـررة فـي الفصـول مـن ‪ 303‬إلـى ‪ 305‬أمل أمـام المحكمـة الـتي كـانت‬
‫ستنظر في النزاع ولو لم يبرم اتفاق التحكيم"‪.‬‬
‫فتعـرض الغيـر الخـارج عـن الخصـومة يمارسـه الشـخص الجنـبي عـن طرفـي النـزاع‬
‫وعـن الـدعوى كليـا‪ .‬ول تربطـه أي علقـة مـع المحكميـن‪ ،‬والـذي تكـون مصـالحة قـد تضـررت‬
‫نتيجة القرار لتحكيمي الصادر‪ ،‬وتمس بحقوقه طبقا للفصل ‪ 303‬من قانون م‪.‬م نتيجة عدم‬
‫استدعائه في الدعوى شخصيا أو بواسطة نائبه ]‪.[42‬‬
‫ويقـدم هـذا التعـرض وفقـا للقواعـد المقـررة للمقـالت الفتتاحيـة والـتي نـص عليهـا‬
‫المشرع في الفصلين ‪ 31‬و ‪ 32‬من ق‪.‬م‪.‬م ]‪.[43‬‬
‫ول يقبـل تعـرض الغيـر إذا لـم يرفـق بوصـل يثبـت إيـداعه بكتـابه ضـبط المحكمـة مبلغـا‬
‫مساويا للغرامة في حدها القصى والتي يحكم بها على الشخص الذي قد يقبل تعرضه‬
‫بغرامـة ل تتجـاوز مـائة درهـم بالنسـبة للمحـاكم البتدائيـة وثلثمـائة درهـم بالنسـبة لمحـاكم‬
‫السـتئناف وخمسـمائة درهـم بالنسـبة للمجلـس العلـى دون مسـاس بتعـويض الطـرف‬
‫الخر عند القتضاء ]‪.[44‬‬
‫لكـن الشـكال الـذي يثـار فـي هـذه المسـألة هـو تحديـد الجهـة المختصـة الـتي ينبغـي‬
‫التعـرض أمامهـا هـل هـي المهيئة التحكيميـة الـتي أصـدرت الحكـم؟ أم ينبغـي التعـرض أمـام‬
‫المحكمة المختصة؟‬
‫فـي غيـاب تحديـد مـن طـرف المشـرع عـن الجهـة المختصـة‪ ،‬فيمكـن القـول علـى أن‬
‫الجهــة المختصــة للنظــر فــي هــذا التعــرض مــن المحكمــة البتدائيــة باعتبارهــا المحكمــة‬
‫المختصة بالنظر في النزاع ولو لم يبرم اتفاق التحكيم ]‪.[45‬‬
‫أمـا إذا كـان النـزاع مـن اختصـاص المحـاكم التجاريـة‪ ،‬فـإن تعـرض الغيـر الخـارج عـن‬
‫الخصـومة يجـب أن يقـدم أمـام المحـاكم التجاريـة ]‪ . [46‬أمـا فـي حالـة وقـوع التفـاق علـى‬
‫تحكيم في نزاع معروض على محكمة استئنافية‪ ,‬فيجب حسب مقتضيات الفصل ‪ 320‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م أن يقـدم التعـرض بكتابـة ضـبط السـتئناف‪ .‬كمـا أسـند المشـرع حسـب الفصـل ‪322‬‬
‫للرئيس الول بهذه المحكمة اختصاص منح الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين‪.‬‬
‫وبخصوص الحكم الصادر في تعرض الغير الخارج عن الخصوص فهنا‪:‬‬
‫‪-‬إذا يتـبين للمحكمـة أن الطلـب غيـر مسـتوف للشـروط الشـكلية‪ ،‬حكمـت بعـدم قبـوله‬
‫شكل مع وجوب دفع المتعرض الغرامة المحددة في الفصل ‪ 305‬ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪-‬أمـا إذا كـان الطلـب مقبـول شـكل‪ ،‬وفـي الموضـوع غيـر مؤسـس‪ ،‬ولـم يثبـت مـا يـدعيه‬
‫المتعرض‪ ،‬فإنها تحكم برفض الطلب‪ ،‬وبالحكم عليه بالغرامة المقررة قانونا‪.‬‬
‫‪-‬إما في الحالة التي يتبين لها أن ما يدعيه المتعرض صحيحا‪ ،‬وأن هذا الخير أثبت‬
‫الضرر الحاصل له من الحكم المتعرض عليه وحقه في ما يدعيه قضت المحكمة حسب ما‬
‫يثبـت لهـا وأمـرت بإرجـاع الغرامـة المودعـة إلـى المتعـرض وحملـت المحكـوم عليـه الصـائر ]‬
‫‪.[47‬‬
‫كمـا أن الحكـم الـذي يصـدر نتيجـة تعـرض الخـارج عـن الخصـومة ل يكـون قـابل للطعـن‬
‫بالنقض وهو ما يستخلص من مقتضيات الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي أجاز الطعن بالنقص‬
‫فـي القـرارات الصـادرة انتهائيـا فـي طلـب المـادة النظـر فـي حكـم المحكميـن والـتزم الصـمت‬
‫إزاء مصير الحكم الذي يصدر نتيجة تعرض الخارج عن الخصومة ]‪.[48‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إعادة النظر والتذييل بالصيغة التنفيذية‪:‬‬


‫نتطرق أول إلى طلب إعادة النظر في أحكام المحكمين وبعدها إلى تذييله ثانيا‬
‫أول‪ :‬طلب إعادة النظر في أحكام المحكمين‬
‫إن المشــرع المغربــي لــم يــأت بأيــة أحكــام خاصــة بطلــب إعــادة النظــر فــي حكــم‬
‫المحكميـن‪ ،‬وإنمـا اكتفى بالحالة فقط على القواعد العامـة المنصوص عليهـا فـي الفصـول‬
‫مـن ‪ 402‬إلـى ‪ 410‬مـن قـانون المسـطرة المدنيـة المتعلقـة بطلـب إعـادة النظـر فـي أحكـام‬
‫المحاكم‬
‫ويقصد بالطعن بإعادة النظر أو الطعن بالتماس إعادة النظر هو ذالك الحكم النهائي‬
‫أو النتهـائي الـذي ل يقبـل الطعـن فيـه بطـرق الطعـن العاديـة كـالتعرض أو السـتئناف وهـو‬
‫طعن يرفع أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون إذا ما توافرت فيه حالة من‬
‫الحـالت الـتى أوجـب المشـرع توافرهـا لقبـول طلـب إعـادة النظـر ]‪ . [49‬وهـو ل يرمـي إلـى‬
‫إصلح الحكم موضوع اللتماس وإنما يهدف إلى محو هذا الحكم ليعود مركز الملتمس في‬
‫الخصـومة إلـى مـا كـان عليـه قبـل صـدوره‪ ،‬وحـتى يتمكـن بـذلك مـن مواجهـة النـزاع مـن جديـد‬
‫والحصول على حكم آخر بعد أن يكون قد تخلص من قوة الشيء المقضي به في الحكم‬
‫محل اللتماس ]‪.[50‬‬
‫وهـو نفـس المسـار الـذي صـار عليـه المشـرع المصـري حيـث نصـت المـادة ‪ 510‬مـن‬
‫قـانون المرافعـات المصـري علـى أن "أحكـام المحكميـن ل تقبـل الطعـن فيهـا بالسـتئناف ثـم‬
‫نصـت المـادة ‪ 511/1‬مرافعـات علـى أنـه "فيمـا عـدا الحالـة الخامسـة مـن المـادة ‪ 241‬يجـوز‬
‫الطعن في أحكام المحكمين بالتماس المادة النظر طبقا للقواعد المقررة لذلك فيما يتعلق‬
‫بأحكـام المحـاكم ويـرى السـتاذ الـدكتور عمـر ــ بـأن الطـاعن بالتمـاس إعـادة النظـر كطريـق‬
‫طعـن غيـر عـادي ل يسـتطيع بنـاء علـى طعنـه علـى أي سـبب كـان إذ هـو ملـزم بنـاء الطعـن‬
‫على أحد السباب الواردة في القانون على سبيل الحصر‪.‬‬
‫كمـا أن قاضـي محكمـة اللتمـاس ل يسـتطيع أن ينظـر أي سـبب كـان للطعـن فـي‬
‫الحكـم بـل هـو مقيـد بالسـباب الـواردة فـي صـحيفة الطعـن ]‪ [51‬والمحكمـة المختصـة بنظـر‬
‫التمـاس إعـادة النظـر فـي حكـم المحكميـن حسـب قـانون المرافعـات المصـري هـي نفـس‬
‫المحكمة التي أصدت الحكم ويمكن أن ينظر فيه نفس القاضي ]‪.[52‬‬
‫وبـالرجوع إلـى القواعـد العامـة فـي القـانون المغربـي‪ ,‬فـإنه يحـق لكـل مـن كـان طرفـا‬
‫في نزاع صدر فيه حكم تحكيمي أن يطلب من المحكمة المختصة من حيث الصل أن تعيد‬
‫النظر فيه من جديد إذا توافر له سبب من السباب المنصوص عليها في الفصل ‪ 402‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬وهذه السباب واردة على سبيل الحصر فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إذا بـث القاضـي )المحكـم( فيمـا لـم يطلـب منـه أو حكـم بـأكثر ممـا طلـب منـه أو إذا‬
‫أغفل البت في الطلبات‪.‬‬
‫‪-2‬إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى‬
‫‪-3‬إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم‪.‬‬
‫‪-4‬إذا اكتشف بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الخر‬
‫‪-5‬إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم‬
‫‪-6‬إذا قضـت نفـس المحكمـة بيـن نفـس الطـراف واسـتنادا لنفـس الوسـائل بحكميـن‬
‫انتهائيين ومتناقضين وذلك لعلة عدم الطلع على حكم سابق أو لخطأ واقعي‬
‫‪-7‬إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق القاصرين‪.‬‬
‫فــإذا كــانت الســباب الخمــس المــذكورة ل تــثير أي أشــكال فــإن الســبب الســادس‬
‫والســابع مــن نــص الفصــل ‪ 402‬ق‪.‬م‪.‬م ل يمكــن تصــورهما فــي الحكــم التحكيمــي علــى‬
‫أساس ‪:‬‬
‫‪-‬أن الحكـم المحكميـن ل يصـدر إل بنـاء علـى اتفـاق الطـراف وبعـد مجـاراة مسـطرة‬
‫التحكيـم ومسـايرتها‪ ،‬وبالتـالي يصـعب علـى المحكـم إصــدار حكميـن مـن نفـس الطـراف‬
‫واستنادا إلى نفس الوسائل ودون أن يتمسك أحد الطراف بالحكم الذي سبق صدوره‪.‬‬
‫‪-‬كمـا أن السـبب السـابع يتعـارض مـع مقتضـيات الفصـل ‪ 306‬مـن ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬الـذي يمنـع‬
‫التحكيم في القضايا المتعلقة بالنظام العام ومنها قضايا شؤون القاصرين وكذلك النزاعات‬
‫التي تكون فيها إدارة عمومية طرفا ما لم تكن تخضع لحكام القانون الخاص‪.‬‬
‫وفـي صـدد تحديـد المشـرع المصـري لسـباب الطعـن بالتمـاس إعـادة النظـر طبقـا‬
‫للمـادة ‪ 241‬مـن قـانون المرافعـات فهـي ذات السـباب الـتي نـص عليهـا المشـرع المغربـي‬
‫باستثناء المادة الخامسة‬
‫من قانون المرافعات التي ل يجوز الطعن فيها بإعادة النظر ]‪ [53‬والمتعلقة بالحكم‬
‫بمـا لـم يطلبـه الخصـوم أو بـأكثر ممـا طلبـوه كـوجه مـن وجـوه الطعـن بالتمـاس إعـادة النظـر ]‬
‫‪.[54‬‬
‫ويبرز فقه المرافعات استثناء هذه الحالة‪ ،‬ومن ثم عدم جواز بناء الطعن باللتماس‬
‫فـي حكـم المحكميـن عليهـا إلـى أنـه إذا حكـم المحكـم بمـا لـم يطلبـه الخصـوم أو بـأكثر ممـا‬
‫طلبوه يكون قد خـرج عن حـدود لتفاق على التحكيم ويمكـن فـي هـذه الحالـة رفع دعوى‬
‫أصلية ببطلن حكمه وفقا للمادة ‪ 512/1‬مرافعات ]‪.[55‬‬
‫وهـو مـا أقـره المشـرع المغربـي أيضـا علـى أسـاس أن هنـاك أسـبابا للطعـن بإعـادة‬
‫النظــر هــي نفســها أســباب للطعــن بــالبطلن حســب صــريح الفصــل ‪ 327-36‬مــن قــانون‬
‫التحكيم ‪ 08-05‬في بنده الثالث‪.‬‬
‫فـإذا بتـت هينـة التحكيـم فـي مسـائل ل يشـملها التحكيـم أو تجـاوزت حـدود التفـاق‪:‬‬
‫بمعنى أنها بتت فيما لم يطلب منها أو بتت في أكثر من الطلب ففي هذه الحالة وحسب‬
‫زاي ‪.‬د‪ .‬محمـد فاضـل الليلـي يكـون للمتضـرر الختيـار بيـن سلوك مسـرة البطلن أو مسـطرة‬
‫طلـب إعـادة النظـر إل أن مسـطرة البطلن تكـون الرجـح باعتبارهـا مسـطرة خاصـة كمـا أن‬
‫الحكم القاضي بالبطلن يمكن أن ينصب على جزء من الحكم فقط ]‪.[56‬‬
‫والمحكمـة المختصـة بنظـر رفـع التمـاس إعـادة النظـر هـي المحكمـة المختصـة أصـل‬
‫بنظـر النـزاع ]‪ [57‬ويجـب أن يقـدم طلـب إعـادة النظـر داخـل أجـل ‪ 30‬يومـا مـن تاريـخ تبليـغ‬
‫الحكــم المطعــون فيــه مــع تطــبيق مقتضــيات الفصــول ‪ 139[58] -137-136‬مــن ق‪.‬م‪.‬م‬
‫بواسـطة مقـال افتتـاحي تنطبـق عليـه شـروط الشـكلية المتطلبـة فـي المقـال الفتتـاحي‬
‫للدعوى وأن يؤدي طالب التماس إعادة النظر مبلغ الغرامة المنصوص عليه في الفصلين‬
‫‪ 403‬و ‪ 407‬من ق‪.‬م‪.‬م وإل اعتبر طلبه غير مقبول شكل‪ .‬وهذه الغرامة تنطبق حتى على‬
‫طــالب المســاعدة القضــائية أي أن المتمتــع بالمســاعدة القضــائية ل يعفــى مــن الغرامــة‬
‫المقررة في الفصل ‪ 407‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬كما قضى بذلك المجلس العلى ]‪.[59‬‬
‫ومـن آثـار قبـول إعـادة النظـر أن يتـم إبطـال الحكـم التحكيمـي وإرجـاع الطـراف إلـى‬
‫الحالـة الـتي كـانوا عليهـا قبـل صـدور الحكـم التحكيمـي علـى إرجـاع المبـالغ المودعـة وكـذا‬
‫الشياء التي قضي بها والتي قد يكون تم تسليمها بقصي الحكم التحكيمي ]‪.[60‬‬
‫وتجـدر الشـارة إلـى أن القـرارات الصـادرة انتهائنـا فـي طلـب إعـادة النظـر فـي أحكـام‬
‫المحكمين تقبل الطعن بالنقض متى توافرت السباب والشروط التي تبرز ذلك ]‪.[61‬‬
‫ثانيا‪ :‬تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية‪:‬‬
‫إن مهمـة الهيئة التحكيميـة تنتهـي بإصـدار لحكمهـا التحكيمـي‪ ،‬وبعـدها تبـدأ رغبـة‬
‫الطراف في تنفيذ الحكم التحكيمي‪.‬‬
‫وهذا التنفيذ قد يكون طوعيا أو اختياريا ]‪.[62‬‬
‫فالصـل والمـادة أن أحكـام التحكيـم تنفيـذ بكيفيـة رضـائية وبـدون إجبـار علـى التنفيـذ‬
‫لنهـا أصـل مؤسسـة علـى عقـد التحكيـم أو شـرط التحكيـم المضـمن فـي العقـد الرابـط بيـن‬
‫الطـراف‪ ،‬فـالحكم التحكيمـي إنمـا هـو امتـداد لـذلك العقـد وأثـر مـن آثـاره‪ ،‬والـتزام الطـراف‬
‫بتنفيــذ العقــد أو شــرط التحكيــم يــترتب عليــه الــتزام بتنفيــذ الحكــم التحكيمــي‪ ,‬والتنفيــذ‬
‫الختياري والطوعي ل يتطلب أية شكلية معينة للقيام به ]‪.[63‬‬
‫ومـع أن القاعـدة العامـة عـدم ضـرورة تـذييل الحكـام التحكيميـة بالصـيغة التنفيذيـة إل‬
‫أن هنـاك اسـتثناء أورده المشـرع وذلـك كلمـا تعلـق المـر بتنفيـذ حكـم تحكيمـي بصـورة‬
‫جبريـة‪ ،‬فقـد نـص الفصـل ‪ 327-31‬مـن قـانون ‪ 08-05‬علـى أنـه "ل يفيـد الحكـم التحكيمـي‬
‫جبريا إل بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في‬
‫دائرتهــا"‪ .‬وعليــه ينبغــي التمييــز بيــن الحكــام التحكيميــة الــتي تنفــذ اختياريــا وتلــك الــتي‬
‫يسـتلزم تـدخل القضـاء جـبرا فـي تنفيـذها‪ ،‬فبالنسـبة للولـى كمـا سـلف الـذكر ل حاجـة‬
‫لتذييلها بالصيغة التنفيذية أما الثانية فل بد من سلوك مسطرة التذييل ]‪.[64‬‬
‫لهـذا سـنتعرض أول إلـى الحكـام المتمتعـة بقـوة الشـيء المقضـي بـه )أ( ثـم إلـى‬
‫مسطرة طلب الصيغة التنفيذية والمحكمة المختصة )ب(‬
‫أ‪-‬الحكام المتمتعة بقوة الشيء المقتضى به‪:‬‬
‫من قانون‬ ‫فطبقا لمقتضيات الفصلين ‪ [65] 327-26‬عن قانون ‪ 08-05‬و ‪ 31‬ـ ‪327‬‬
‫‪08‬ــ ‪ 05‬فـإنه بعـدما كـانت جميـع الحكـام الصـادرة فـي المـادة التحكيميـة ل تتمتـع بأيـة قـوة‬
‫تنفيذيـة مـا لـم تكـن مذيلـة بالصـيغة التنفيذيـة الـتي كـان يمنحهـا رئيـس المحكمـة‪ ،‬أصـبحت‬
‫الحكــام التحكيميــة كقاعــدة عامــة تتمتــع بهــذه القــوة ول تحتــاج إلــى أن تتمتــع بالتــذييل‬
‫بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الفصل ‪ 327-26‬من فانون المسطرة المعدل بقانون‬
‫الــذي يتحــدث عــن حجيــة الشــيء المقضــي بــه‪ ،‬كمــا ينــص علــى أن الحكــم‬ ‫‪08 / 05‬‬
‫التحكيمـي بمجـرد صدوره عن الهيأة التحكيميـة أو المحكم يتمتـع ل بالحجيـة وحسـب‪ ،‬وإنمـا‬
‫بقـوة التنفيـذ‪ ،‬إذ يمكـن للمحكـوم لـه أن يباشـر التنفيـذ سـواء بطريقـة اختياريـة أو بشـكل‬
‫جبري بل ولو نمت ممارسة الطعن التي يسمع بها القانون أحيانا ]‪.[66‬‬
‫والحكـام الـتي تحتـاج إلـى التـذييل بالقضـية التنفيذيـة حسـب الفصـلين ‪ 327-26‬فـي‬
‫فقرتـه الثانيـة والفصـل ‪ 327-31‬هـي الحكـام الـتي كـان أحـد أطـراف النـزاع فيهـا شخصـا‬
‫معنويا ومتى كان التنفيذ جبريا‪.‬‬
‫ب‪-‬طلب الصيغة التنفيذية والمحكمة المختصة‬
‫من أجل الحصول على الصيغة التنفيذية ل بد من سلوك إجراءات وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪-‬إيداع الحكم التحكيمي بكتابة ضبط المحكمة لعطاء الصيغة التنفيذية وهذا الجراء‬
‫يقـوم بـه أحـد المحكميـن أو الطـراف داخـل أجـل ‪ 3‬أيـام مـن تاريـخ صـدور الحكـم التحكيمـي‬
‫حسب الفصل ‪ 320‬من ق‪.‬م‪.‬م و ‪ 7‬أيام حسب الفصل ‪ 327-31‬من قانون التحكيم رقم ‪-05‬‬
‫‪08‬‬
‫ــ إرفـاق الحكـم التحكيمـي باتفـاق التحكيـم وذلـك حسـب مقتضـيات الفصـل ‪327-31‬‬
‫مـن القـانون المـذكور فـي فقرتـه الثانيـة علـى أنـه " يـودع أصـل الحكـم التحكيمـي مصـحوبا‬
‫بنسـخة مـن اتفـاق التحكيـم مـع ترجمتهـا إلـى اللغـة العربيـة لـدى كتابـة ضـبط المحكمـة مـن‬
‫لـدن أحـد المحكميـن أو الطـرف الكـثر اسـتعجال داخـل أجـل سـبعة أيـام كاملـة تاليـة لتاريـخ‬
‫صدوره"‬
‫طلــب مــوجه للســيد رئيــس المحكمــة مــن أجــل إعطــاء الصــيغة التنفيذيــة للحكــم‬
‫التحكيمـي وتخضـع لكافـة الشـروط المتطلبـة فـي المقـالت والطلبـات الـتي ترفـع للسـيد‬
‫رئيــس المحكمـة ومنهــا ذكـر أطـراف النـزاع والوقـائع وموضـوع الطلــب بالضـافة إلـى أداء‬
‫الرسوم القضائية‬
‫إل أن الحكـم التحكيمــي الصــادر خــارج المغــرب‪ ،‬ولعطـائه الصـيغة التنفيذيــة‪ ،‬فــإن‬
‫طـالبه يكـون ملزمـا بـالدلء بأصـل الحكـم التحكيمـي وكـذا اتفـاق التحكيـم أو صـورة مطابقـة‬
‫لهما‪ .‬مع ترجمتها إلى اللغة العربية إذا كان مكتوبا بلغة أجنبية حسب ما جاء في الفصل‬
‫‪ 327-47‬من قانون التحكيم رقم ‪08-05‬‬
‫والجهــة المختصــة بمنــح الصــيغة التنفيذيــة‪ ،‬هــو رئيــس المحكمــة الــتي صــدر فــي‬
‫نفوذهـا الحكـم التحكيمـي أو الـتي يوجـد نفوذهـا مكـان تنفيـذ الحكـم التحكيمـي وهـو حسـب‬
‫الختصـاص رئيـس المحكمـة التجاريـة أو المحكمـة البتدائيـة أو المحكمـة الداريـة أو الرئيـس‬
‫الول لمحكمة الستئناف حسب الحالت ]‪.[67‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫مـا يمكـن أن القـانون الجديـد رقـم ‪ 05/08‬قـد جـاء مسـتجيبا لمجموعـة مـن النـواقص‬
‫الـتي كـانت تعـتري التشـريع الملغـى‪ ،‬ومـن بينهـا التمييـز بيـن التحكيـم الـداخلي والتحكيـم‬
‫الـدولي‪ ،‬وهـذه مـن أهـم اليجابيـات الـتي جـاء بهـا القـانون الجديـد‪ ،‬إل أن هـذا ل يمنـع مـن‬
‫القـول بـأنه بـدونه ل يخلـو مـن بعـض العراقيـل والصـعوبات الـتي تعيـق مسـاطر التحكيـم‬
‫بــالمغرب وأهــم هــذه العراقيــل الــتي تبقــى عائقــا بيــن طموحــات المســتثمرين الجــانب‬
‫بالمغرب ومؤسسة التحكيم كوسيلة فعالة لتسويه منازعاتهم‪ ،‬وهي بسط الدولة لرقابتها‬
‫على مجريات التحكيم‪ ،‬هذا دون شأن العائق التشريعي الذي تسجد في إدراج قانون ‪-05‬‬
‫‪ 08‬كملحق في قانون المسطرة المدنية عوض تخصيص مدونة مستقلة وخاصة للتحكيم‪،‬‬
‫مما يدل على استمرار تحكم القضاء الرسمي في التحكيم والدليل على ذلك هو الحالة‬
‫بشـأن مسـطرة التحكيـم علـى بنـود المسـطرة المدنيـة الـتي تتسـم إجراءاتهـا بالتعقيـد ولهـذا‬
‫وللخـروج مـن هـذه المعوقـات وهـذا العجـز التشـريعي وفـي ظـل الحـديث عـن إصـلح قضـائي‬
‫يبقــى المــل معلقــا علــى المهتميــن بالقطــاع خاصــة التجــاري‪ ,‬والفــاعلين القتصــاديين‬
‫والسياسيين للدفع قدما هذه المؤسسة )أي مؤسسة التحكيم(‬

You might also like