You are on page 1of 13

‫أنواع التحكيم‬

‫أحمد يوسف خلوي‬


‫مستشار قانوني‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ -1‬يعتبر التحكيم نوعا ً من القضاء الخاص ‪ ،‬يقوم فيه أطراف النزاع وبمحض إرادتهما‬
‫الحرة بإختياره كطريق لحل النزاع القائم بينهم‪ ،‬وبإختيار المحكمين الذين يمثلونهم‬
‫والجراءات التي تتبع فيه وأحيانا ً القانون الذي يطبق عليه ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -2‬ولم يعد خافيا ً أن التحكيم قد أضحى طريقة مألوفة ومرغوبة لفض المنازعات‬
‫والتي تنشأ في الغالب عن علقات تعاقدية وذلك عوضا ً عن اللجوء إلى القضاء ‪ .‬بل‬
‫أصبح التحكيم أكثر ضرورة في مجال علقات التجارة الدولية ‪ ،‬لن كل طرفي هذه‬
‫العلقة ل يرغب عادة الخضوع لقضاء محاكم الطرف الخر‪.‬‬
‫أساس التحكيم ومصدر سلطة المحكمين‪:‬‬
‫ل يعرض النزاع على المحكمين إل بإتفاق ذوي الشأن إتفاقا ً واضحا ً على الفصل فيه‬
‫بطريق التحكيم‪ .‬فتوافق إرادة الطرفين هو أساس التحكيم ومصدر سلطة المحكمين‪.‬‬
‫وهذا التفاق يأخذ إحدى صورتين‪) :‬مادة ‪ 7‬من القانون النموزجي(‪:‬‬
‫‪-1‬شروط التحكيم‪ :‬وبه يتفق الطراف على أن ما ينشأ من نزاع حول تفسير عقد أو‬
‫تنفيذه يفصل فيه بواسطة التحكيم‪ .‬وقد يرد الشرط في نفس العقد الصلي مصدر‬
‫النزاع ‪ ،‬أو في إتفاق لحق‪ .‬فالذي يميزه هو كون المنازعات التي ينصب عليها التحكيم‬
‫منازعات محتملة وغير محددة فهى لم تنشأ بعد‪.‬‬
‫وإذا ورد شرط التحكيم في العقد الصلي ‪ ،‬فإنه يستقل عن هذا العقد ‪ .‬ولهذا فإنه‬
‫يتصور بطلن العقد وصحة الشرط‪ .‬وهو ما يؤدي إلى إمكان عرض صحة أو بطلن العقد‬
‫الصلي على المحكمين إعمال للشرط الوارد فيه‪ .‬كما يؤدي إلى إحتمال بطلن الشرط‬
‫وصحة العقد‪ .‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 16/1‬من القانون النموزجي ‪ .‬ويلحظ أن شرط‬
‫التحكيم قد ل يرد في العقد الصلي وإنما قد يكتفى العقد بالحالة إلى وثيقة تتضمن‬
‫شرط التحكيم ‪ ،‬ولو كانت هذه الوثيقة صادرة من شخص من الغير بشرط أن تكون‬
‫الحالة إلى شرط التحكيم في هذه الوثيقة إحالة واضحة‪ .‬ومثالها إحالة سند الشحن إلى‬
‫وثيقة إيجار السفينة المتضمنة شرط التحكيم‪.‬‬
‫‪-2‬مشارطة التحكيم‪ :‬وهو التفاق الذي يتم بين الطرفين بعد قيام النزاع بينهما‬
‫لعرض هذا النزاع على التحكيم‪ .‬ويتميز بأنه يتم بعد نشأة النزاع ولهذا فإنه يتضمن تحديد‬
‫الموضوعات التي تطرح على التحكيم‪ .‬ويسمى أحيانا ً )وثيقة التحكيم الخاصة(‪.‬‬
‫وسواء أخذ التفاق على التحكيم صورة الشرط أو صورة المشارطة فإنه يجب‬
‫لصحته توافر عدة شروط هى‪:‬‬
‫أهلية التصرف في الحق المتنازع فيه‪ :‬ذلك أن التفاق على التحكيم يعني التنازل عن‬
‫رفع النزاع إلى قضاء الدولة‪.‬وإذا كان العقد مبرما بواسطة وكيل ‪ ،‬فيجب أن تكون هذه‬
‫الوكالة خاصة فل تكفي الوكالة العامة أو وكالة المحامي في مباشرة القضايا‪.‬‬
‫أن يصلح الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم‪ :‬و ل يصلح للتحكيم إل الحق الذي يجوز‬
‫التصالح عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫تحديد المسألة محل النزاع التي تخضع للتحكيم‪ :‬على أن هذا الشرط ليس لزما عند‬
‫التفاق على التحكيم إل بالنسبة للمشارطة أما بالنسبة لشرط التحكيم فيكفي بالنسبة‬
‫له تحديد المحل الذي يدور حوله النزاع كالقول بأن التحكيم يتعلق بكل نزاع ينشأ عن‬
‫تفسير عقد معين أو عن تنفيذ هذا العقد ‪ ،‬أما المسائل المتنازع عليها فيكفي أن تحدد‬
‫بعد ذلك أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم‪.‬‬
‫أن يتم التفاق على التحكيم كتابة‪ :‬وهو شرط تتطلبه بعض التشريعات كشرط‬
‫لنعقاده وليس لثباته ‪ ،‬ومنها القانون النموذجي )مادة ‪ ، (7/2‬ومنها القانون الكويتي ‪.‬‬
‫‪ -3‬وحيث فرض التحكيم أهميته وجدواه كطريقة لحل المنازعات خصوصا ً في مجال‬
‫علقات التجارة الدولية ‪ ،‬كان من الطبيعي أن تعنى الدول بوضع القوانين المنظمة‬
‫لعملية التحكيم والدخول في إتفاقيات دولية وإنشاء مراكز وهيئات متخصصة في شأن‬
‫التحكيم سواء على المستوى القليمي أو الدولي‪.‬‬
‫والتحكيم كظاهرة فرضت نفسها يتجلى في التحكيم الدولي أكثر مما يتجلى في‬
‫التحكيم الداخلي‪ .‬فقد تحول التحكيم إلى مرجع أساسي لحسم خلفات التجارة الدولية‬
‫وصارت المحاكم القضائية تأتي بعده وأصبحت التوظيفات والستثمارات متمسكة‬
‫بالتحكيم الدولي مرتبطة به ل تخطو عبر الحدود إل إذا كان التحكيم الدولي معها مقبول‬
‫في العقود التي تبرمها‪.‬‬
‫أنواع التحكيم‪:‬‬
‫وبما أنه ‪ ،‬وحسب البرنامج المعد لهذه الندوة ‪ ،‬قد تم توزيع بحث الجوانب المختلفة‬
‫للتحكيم وهى جوانب عديدة على المحاضرين الفاضل ‪ .‬لهذا ‪ ،‬سوف أقتصر على إلقاء‬
‫الضوء على أحد جوانب التحكيم وهو )أنواع التحكيم(مع التعليق على نظام التحكيم‬
‫السعودي ‪.‬‬
‫ذلك أن نظام التحكيم وإن كان يقوم أساسا ً على مبدأ سلطان الرادة بمعنى أن‬
‫اللجوء إليه يتم بإختيار طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة ‪ ،‬إل أن التحكيم وبإستقراء‬
‫بعض القوانين المتعلقة به وتطبيقات المراكز والهيئات المتخصصة في شأنه يأخذ في‬
‫العمل أكثر من نوع واحد كما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬التحكيم الخاص‪/‬التحكيم المؤسسي‪:‬‬
‫)أ(‪-‬التحكيم الخاص‪:‬‬
‫أي تحكيم الحالت الخاصة ‪ ،‬وفي هذا النوع من التحكيم يحدد فيه أطراف النزاع‬
‫المواعيد والمهل ويعينون المحكمين ويقومون بعزلهم أو ردهم ‪ ،‬ويقومون بتحديد‬
‫الجراءات اللزمة للفصل في قضايا التحكيم ‪ ..‬ويعتبر التحكيم خاصا ً ولو تم التفاق بين‬
‫طرفي النزاع على تطبيق إجراءات وقواعد منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم‬
‫يتم خارج إطار تلك المنظمة أو الهيئة ‪ .‬ومن ذلك على سبيل المثال ‪ ،‬أن يختار الطرفان‬
‫تطبيق القواعد الصادرة عن لجنة المم المتحدة لقانون التجارة الدولية المعروف بقواعد‬
‫)اليونسترال( للتحكيم ‪ .‬فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من‬
‫إجراءات وقواعد تطبق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن‬
‫إستعان الطرفان بالجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة‪ .‬هذا‬
‫التحكيم الذي كان أول نوع من أنواع التحكيم ما زال مستمرا ً وما زالت له مكانه هامة‬
‫في حقل التحكيم ‪ ،‬ول سيما في المنازعات التي تقع بين الدول‪ .‬فإن الدول ذات سيادة‬
‫وحين تذهب إلى التحكيم فإنها ل ترضى به إل إذا فصلته على القياس والشكل الذي‬
‫يراعي سلطتها وسيادتها‪ .‬وكثيرا ً ما يحصل ذلك في منازعات تكون أطرافها الدولة ذاتها‬
‫أو إحدى وزاراتها أو مصالح حكومية تابعة للدولة‪ .‬ولكن مفهوم الدولة الذي أوجد نوعين‬
‫من المؤسسات العامة التابعة للدولة ‪ ،‬منها التي ترتبط بمرافق عامة ومنها التي لها‬
‫نشاطات صناعية وتجارية ولها طابع خاص من الذاتية والستقللية الدارية والمالية ‪ ،‬هذه‬
‫المؤسسات حين تكون طرفا ً في النزاع ل تطرح سلطة وسيادة الدولة وهى تقبل ثم‬
‫تذهب بسهولة إلى تحكيم مراكز التحكيم‪ .‬ولكن النوع الخر من المؤسسات العامة أو‬
‫الوزارات هو الذي ل يقبل إل التحكيم الذي يساهم هو في تنظيمه وتشكيل محكمته‬
‫التحكيمية بحيث يختار هو محكميه ويختار هو وخصمه المحكم الثالث ‪ ،‬بحيث إذا لم‬
‫يتوصل هو وخصمه إلى هذا الخيار توقف التحكيم ‪ ،‬ثم ينظم هو وخصمه إجراءات‬
‫التحكيم وأصوله‪ .‬ثم تتولى المحكمة التحكيمية التي أوجدوها بالتفاق – إذا إتفقوا –‬
‫تتولى هذه المحكمة النظر في الخلف ثم الفصل فيه بحكم ل يكون خاضعا ً لرقابة هيئة‬
‫حقوقية دائمة أخرى‪ .‬هذا النوع من التحكيم إذا كانت كمية المنازعات التي تحل عن‬
‫طريقه هى أقل ‪ ،‬إل أن نوعية المنازعات التي تحل عن طريقه عديدة لنه يناسبها أكثر ‪،‬‬
‫ول سيما المنازعات الكبرى بين الدول حول المواضيع التجارية والمالية أو المنازعات بين‬
‫شركات متعددة الجنسيات‪ .‬من هنا فإن الظاهرة التي تلفت النظر في الزمن الحاضر‬
‫هى أن نوعي التحكيم‪ :‬تحكيم مراكز التحكيم ‪ ، Institutional‬وتحكيم المحكمة التحكيمية‬
‫التي ينشئها الطراف خصيصا ً لحل النزاع ‪ Ad hoc‬ويسمى تحكيم الحالت الخاصة ‪،‬‬
‫كلهما له مكانته ومنازعاته‪ .‬ويمكن القول أن تحكيم الحالت الخاصة هو تحكيم على‬
‫القياس ‪ ،‬وتحكيم مراكز التحكيم هو تحكيم ))جاهز(( في مقاييسه ومعاييره‪.‬‬
‫)ب( التحكيم المؤسسي‪:‬‬
‫ً‬
‫كما ذكرنا آنفا لقد فرض التحكيم أهميته وجدواه بل ضرورته خصوصا في مجال‬
‫علقات التجارة الدولية ‪ ،‬مما إقتضى قيام مؤسسات وهيئات ومراكز متخصصة في‬
‫مجال التحكيم بما تملكه من إمكانات علمية وفنية مادية وعملية ولوائحها الخاصة في‬
‫إجراءات التحكيم ‪ ،‬ولقد أنشئت العديد من تلك الهيئات سواء على المستويات القليمية‬
‫وعلى سبيل المثال‪:‬‬ ‫أو الدولية كما ذكرنا آنفًا‪.‬‬
‫)‪(1‬نظام هيئة التحكيم لغرفة التجارة الدولية ‪ I.C.C‬المعدل والساري المفعول‬
‫إعتبارا ً من ‪1/1/1998‬م في البند الول لهذا النظام حدد مهام هيئة التحكيم في غرفة‬
‫التجارة الدولية من قبل إدارة غرفة التجارة الدولية في حل النزاعات ذات الطابع الدولي‬
‫في مجال العمال عن طريق التحكيم ‪ ،‬والملحظ أن نظام هذه الهيئة لم يستعمل عبارة‬
‫التجارة الدولية بل عبارة )العمال( حرصا ً منه على توسيع معنى التجارة بحيث تشمل‬
‫كل العمال وبذلك يكون قد تبنى المعيار القتصادي لدولية التحكيم وجعل كل موضوع‬
‫يتعلق بالعمال قابل للتحكيم‪ .‬إل أنه يجوز للهيئة أن تحل النزاعات التي ليس لها طابع‬
‫دولي في مجال العمال إذا خولها العقد التحكيمي الصلحية ‪ ،‬وقد أوصت غرفة التجارة‬
‫الراغبين في ذلك بالبند التحكيمي التالي‪) :‬لجميع الخلفات التي تنشأ عن هذا العقد يتم‬
‫حسمها نهائيا ً وفقا ً لنظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة حكم أو‬
‫محكمين يتم تعيينهم طبقا ً لذلك النظام(‪.‬‬
‫ويلحظ أن قرارات التحكيم الصادرة من هذه الهيئة بغرفة التجارة الدولية تتم‬
‫مراجعتها بصورة مستقلة بواسطة المحكمة المشكلة في الغرفة التجارية الدولية التي‬
‫لها أن تقضي بإدخال تعديلت على الحكم من حيث الشكل ولها ‪ -‬مع إحترامها لحرية‬
‫تقرير هيئة التحكيم ‪ -‬أن تنبه الهيئة إلى نقاط تتعلق بموضوع النزاع ‪ ،‬ول يجوز أن تصدر‬
‫حكم دون أن تقره المحكمة من حيث الشكل‪.‬‬
‫)‪(2‬هيئة التحكيم المريكية ‪ : A.A.A‬أصبح حيز التنفيذ في ‪1/5/1992‬م هذه الهيئة‬
‫تنظر في عدد كبير من الدعاوى وبالتأكيد ليست بنفس المظهر الدولي لمحكمة غرفة‬
‫التجارة الدولية ‪ ،‬وهذه الهيئة ل تطبق نظام مراجعة قرارات التحكيم الصادرة منها كما‬
‫هو الحال في محكمة غرفة التجارة الدولية‪.‬‬
‫)‪(3‬محكمة لندن للتحكيم الدولي‪:‬‬
‫ً‬
‫على الرجح هى أكبر هيئات التحكيم الدولي عمرا‪ .‬هذه المحكمة تدير خدمات‬
‫التحكيم بموجب لوائحها الخاصة وكذلك لوائح التحكيم الخاصة بقانون لجنة المم‬
‫المتحدة للتحكيم التجاري الدولي ‪ ،‬وكذلك العمل بموجب أي نظام قانوني في أي مكان‬
‫في العالم‪.‬‬
‫أنشأت المحكمة مجالس للتحكيم تغطي المجالس الرئيسية للتجارة في العالم ‪،‬‬
‫مثل المجلس الوروبي لجميع الدول الوروبية والشرق الوسط ‪ /‬مجلس أمريكا‬
‫الشمالية ‪ /‬ومجلس دول جنوب شرق آسيا ‪ /‬والمجلس الفريقي‪.‬‬
‫على المستوى القليمي قام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول‬
‫الخليج العربية بالبحرين ‪ ،‬والذي أقر قادة هذه الدول نظامه كمركز للتحكيم وذلك أثناء‬
‫إنعقاد مؤتمر القمة الرابعة عشرة في الرياض في ديسمبر عام ‪1993‬م ‪ .‬وتم العمل‬
‫بهذا النظام بعد مضي ثلثة أشهر من تاريخ إقراره ‪ .‬ويتمتع المركز بالشخصية المعنوية‬
‫المستقلة ‪ ،‬ويختص بموجب المادة الثانية من نظامه بالنظر في المنازعات التجارية بين‬
‫مواطني دول مجلس التعاون أو بينهم وبين الغير ‪ ،‬سواء كانوا أشخاصا ً طبيعيين أو‬
‫معنويين ويختص بالنظر في المنازعات التجارية إذا إتفق الطرفان كتابة في العقد أو في‬
‫إتفاق لحق على التحكيم في إطار هذا المركز ‪ .‬ويجري التحكيم فيه وفقا ً للئحة‬
‫إجراءات المركز ما لم يرد نص مغاير في العقد المتعلق به النزاع ‪ .‬ويكون الحكم الصادر‬
‫من هيئة التحكيم وفقا ً لهذه الجراءات ملزما ً للطرفين ونهائيا ً ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التحكيم الدولي‪/‬التحكيم الداخلي‪:‬‬
‫أ‪-‬التحكيم الدولي‪:‬‬
‫والمقصود به التحكيم في مجال علقات التجارة الدولية والمصالح الخارجية لطراف‬
‫النزاع والتي تكشف إرادتهما المشتركة عن أن التحكيم ناشئ عن علقة تجارية دولية أو‬
‫مصالح خارجية أي خارج الدول التي ينتمون إليها‪ .‬ولقد وجد التحكيم الدولي مجاله‬
‫الخصيب خصوصا ً مع تنامي العلقات التجارية بين الدول وإزدهار المشروعات‬
‫الستثمارية وتعدد التفاقيات الدولية المتعلقة بالستثمار وضمان الستثمار ‪ .‬ولكن ما هى‬
‫المعايير التي يمكن الوقوف عندها في التحديد‪ :‬في التحكيم الدولي كما في التحكيم‬
‫الداخلي يجلس المحكمون وأطراف النزاع ومحاموهم حول طاولت في قاعة إجتماعات‬
‫‪ ،‬ليس فيها شكليات المحاكم القضائية‪ .‬في التحكيم الداخلي ‪ ،‬المحكمون والطراف‬
‫كلهم من أبناء البلد الذي يجري فيه التحكيم والقانون المطبق هو قانون البلد الذي يجري‬
‫فيه التحكيم‪ .‬أما في التحكيم الدولي فالنزاع بين شركة إيطالية وشركة مصرية مثل‬
‫والقانون المطبق هو القانون الفرنسي والتحكيم يجري في جنيف والمحامون هم‬
‫إيطاليون ومصريون ‪ ،‬وهناك ربما في الدعاوى الكبرى محام سويسري أو ربما محام‬
‫فرنسي مكمل للمحامين اليطاليين عن الشركة اليطالية ومحام سويسري أو ربما محام‬
‫فرنسي مكمل للمحامين المصريين‪ .‬وربما إكتفى كل طرف بمحامين من جنسيته ‪،‬‬
‫ولكن حجم الدعوى ربما يسمح بدخول محامين إضافيين آخرين غير المحامين الذين‬
‫تعودهم كل طرف ‪ ،‬محامين دوليين تكون لهم علقة بالقانون المطبق أو يكونون من‬
‫جنسية رئيس المحكمة التحكيمية وثقافته القانونية‪ .‬هذا التنوع في الجنسيات يهون أمام‬
‫التنوع في النظمة القانونية وأمام المعاهدات والتفاقيات الدولية التي ترعى هذا‬
‫التحكيم الدولي‪.‬‬
‫وهناك إمكانية لن ترعى التحكيم الدولي خمس أنظمة قانونية مختلفة على سبيل‬
‫المثال وهى‪:‬‬
‫قانون يطبق على الشرط التحكيمي وعلى شرط العتراف به وتنفيذه أو أي إتفاقية‬
‫دولية في مستوى القانون‪.‬‬
‫قانون يطبق على إجراءات التحكيم أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو‬
‫أعلى منه أو إتفاق الطرفين على تطبيق إجراءات تحكيم مركز تحكيمي ‪.‬‬
‫القانون المطبق لحسم النزاع أو إتفاق على المبادئ العامة للقانون‪.‬‬
‫القانون الذي يطبق على تنفيذ الحكام التحكيمية الدولية أو الجنبية أو أي إتفاقية‬
‫دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه‪.‬‬
‫كذلك قانون العقد الذي يمكن أن ل يكون هو القانون الوطني أو قانون البلد الذي‬
‫وقع فيه العقد بل قانون دولي أو مزيج من المبادئ العامة للقانون وأعراف التجارة‬
‫الدولية أو ما سمى قانون التجار‪.‬‬
‫لكن ما هى أهم المؤشرات الجنبية التي يمكن الوقوف عندها وإستخلص ضوء‬
‫يكشف طبيعة كل تحكيم ‪ ،‬هل هو داخلي أو دولي ؟‬
‫يمكن أن تكون هذه المؤشرات الجنبية تسع وهى‪:‬‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫جنسية ومحل إقامة الطراف‪.‬‬
‫جنسية المحكمين‪.‬‬
‫القانون المطبق لحسم النزاع‪.‬‬
‫قانون إجراءات المحاكمة المطبق‪.‬‬
‫مكان التحكيم‪.‬‬
‫اللغة‪.‬‬
‫العملة‪.‬‬
‫حركة إنتقال الموال عبر حدود الدول للخروج من إقتصاد البلد‪.‬‬
‫هذه المؤشرات التسع ) الجنبية ( تصلح أن تكون مع غيرها أضواء لبيان الحدود التي‬
‫ينتهى عندها التحكيم الداخلي ويبدأ بعدها التحكيم الدولي ‪ ،‬وهى مؤشرات لفك إرتباط‬
‫التحكيم ببلد ما أو بالتجارة الداخلية لبلد ما أو للقتصاد الداخلي لي بلد‪ .‬وإذا كان‬
‫المؤشر مرتبطا ً ببلد واحد كان مؤشرا ً على أن التحكيم داخلي ‪ ،‬أما إذا كان المؤشر غير‬
‫مرتبط ببلد واحد ‪ ،‬أدى تكاثر هذه المؤشرات إلى تغيير في نوعية التحكيم ونقله من‬
‫خانة التحكيم الداخلي إلى خانة التحكيم الدولي‪.‬‬
‫وقد ساد إعتماد مقياسين للتفريق بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي هما‬
‫المقياس الجغرافي )مكان التحكيم( والمقياس القتصادي )موضوع النزاع(‪:‬‬
‫‪ -1‬المقياس الجغرافي )مكان التحكيم(‪:‬‬
‫إن مكان التحكيم حين يكون في الخارج هو المقياس والساس‪ .‬وهكذا فالتحكيم‬
‫أجنبي إذا تم في بلد أجنبي أو كان أحد أطرافه أجنبيا ً ‪ ،‬وكذلك فإن تطبيق قانون أجنبي‬
‫أو قواعد إجراءات محاكمة أجنبية أو وجود فريق أجنبي يجعل من التحكيم تحكيما ً أجنبيا ‪،‬‬
‫ً‬
‫وبالتالي يجعل من القرار التحكيمي قرارا ً أجنبيًا‪.‬‬
‫هذا هو المقياس الذي أخذته إتفاقية نيويورك بعين العتبار ‪ ،‬وهى إتفاقية تطبق على‬
‫القرارات التحكيمية ) الصادرة في دولة غير الدولة التي يطلب منها العتراف بالقرار‬
‫التحكيمي أو تنفيذه على أراضيها (‪.‬‬
‫وقد تراجع دور ومكان التحكيم في المقياس الجغرافي وأصبح المقياس الجغرافي‬
‫يأخذ أيضا ً بعين العتبار مكان إقامة الطراف‪ .‬فإذا كانوا مقيمين في خارج الدولة التي‬
‫يجري فيها التحكيم فالتحكيم أجنبي عن هذا البلد ‪ ،‬وإذا كانوا مقيمين في أماكن أو بلدان‬
‫مختلفة فالتحكيم دولي )القانون النموذجي( وإذا كان أحد طرفي النزاع على القل غير‬
‫مقيم في سويسرا أو هولندا مثل عند توقيع العقد فالتحكيم الذي يجري في هولندا أو في‬
‫سويسرا هو دولي )القانون السويسري سنة ‪ – 1987‬والقانون الهولندي سنة ‪.(1986‬‬
‫كذلك فإن إتفاقية جنيف الوروبية لعام ‪ 1961‬والمتعلقة بالتحكيم الدولي ‪ ،‬قد سبق‬
‫وطرحت شرطا ً ‪ ،‬وهو أن يكون النزاع ناشئا ً عن عملية تجارية دولية ‪ ،‬إل أنها فرضت في‬
‫الوقت نفسه أن يكون النزاع قائما ً ما بين ) أشخاص مقيمين أو لهم مركز إقامة في‬
‫بلدان مختلفة (‪.‬‬
‫وكذلك إتفاقية لهاي المعقودة عام ‪ 1946‬حول المبيعات الدولية للمنقولت ‪ ،‬فهى‬
‫تطبق على ) عقود البيع المعقودة بين فرقاء تقع مؤسساتهم في بلد مختلفة (‪.‬‬
‫وأخيرا ً ‪ ،‬فإن هذا المقياس هو الذي أخذ بعين العتبار في القانون النموذجي للجنة‬
‫المم المتحدة للقانون التجاري الدولي )‪ (UNCITRAL‬الذي إعتمد في ‪ 21‬يونيه ‪، 1985‬‬
‫وقد ذهب هذا المقياس إلى أن التحكيم يكون دوليا ً إذا كانت مؤسسات الفرقاء في‬
‫إتفاقية تحكيمية عند إجراء هذه التفاقية ‪ ،‬تقع في بلدان مختلفة ‪ ،‬أو إذا كان أحد الماكن‬
‫المذكورة لحقا ً ‪ ،‬يقع خارج الدولة التي تقع فيها مؤسسات الفرقاء‪.‬‬
‫وهكذا يؤخذ بعين العتبار‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مكان التحكيم‪ ،‬إذا كان محددا في إتفاقية التحكيم أو محددا بموجب هذه التفاقية‪.‬‬
‫كل مكان يتم فيه تنفيذ جزء أساسي من اللتزامات الناشئة عن العلقة التجارية ‪ ،‬أو‬
‫المكان الذي يكون للنزاع علقة أوثق به‪.‬‬
‫أو إرادة الطرفين إذا إتفقا صراحة‪.‬‬
‫وقد أخذ بهذا المفهوم كثير من القوانين الحديثة‪.‬‬
‫)‪(2‬المقياس القتصادي )موضوع النزاع(‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن طبيعة النزاع هى التي تؤخذ بعين العتبار ‪ ،‬فيعتبر تحكيما دوليا ذلك الذي يتعلق‬
‫بمصالح تجارية دولية ‪ ،‬دون أخذ مكان التحكيم أو قانون إجراءات المحاكمة المطبق أو‬
‫جنسية الفرقاء بعين العتبار‪.‬‬
‫وقد إعتمد قانون التحكيم الدولي اللبناني هذا المقياس عندما أعطى للتحكيم الدولي‬
‫التعريف التالي‪ ) :‬يعتبر دوليا ً التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية (‪.‬‬
‫ً‬
‫أما القانون الفرنسي للتحكيم فقد عرف التحكيم الدولي بأنه ) يعتبر تحكيما دوليا‬
‫ذلك التحكيم الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية (‪.‬‬
‫كما أن نظام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس ‪ ،‬ونظام تحكيم محكمة لندن‬
‫ل ينظران إل منازعات التجارة الدولية‪.‬‬
‫لقد أوردت قوانين بعض الدول العربية أحكاما ً خاصة بالتحكيم الدولي منها على‬
‫سبيل المثال دولة البحرين وسلطنة عمان ‪ .‬ففي دولة البحرين صدر مرسوم بقانون‬
‫التحكيم التجاري الدولي )رقم ‪ (9‬عام ‪1994‬م وينص في المادة)‪ (1/3‬بأن‪) :‬يكون‬
‫التحكيم دوليًا‪:‬‬
‫ً‬
‫أ‪-‬إذا كان مقر عمل طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرام ذلك التفاق واقعا بين دولتين‬
‫مختلفتين أو‬
‫ب‪-‬إذا كان أحد الماكن التالية واقعا ً خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين‪:‬‬
‫مكان التحكيم إذا كان محددا ً في إتفاق التحكيم أو طبقا ً له‪.‬‬
‫أي مكان ينفذ فيه جزء هام من اللتزامات الناشئة عن العلقة التجارية أو المكان‬
‫الذي يكون لموضوع النزاع أوثق الصلة‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا إتفق الطرفان صراحة على أن موضوع إتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة‬
‫واحدة‬
‫هذا وفي سلطنة عمان نظم مرسوم سلطاني رقم ‪ 47/97‬قانون التحكيم في‬
‫المنازعات المدنية والتجارية ‪ .‬وتنص المادة )‪ (3‬منه على الحكام الخاصة بالتحكيم‬
‫الدولي ومعاييره ومنها‪ :‬أن يكون المركز الرئيسي لعمال كل من طرفي النزاع يقع في‬
‫دولتين مختلفتين وقت إبرام إتفاق التحكيم ‪....‬إلخ‪.‬‬
‫ب‪-‬التحكيم الداخلي‪:‬‬
‫ً‬
‫هو التحكيم الذي يتم طبقا لحكام القانون الوطني لطراف النزاع وداخل دولتهم ‪.‬‬
‫فالقانون الوطني هو الذي ينص على كافة الجراءات والقواعد التي تطبق على عملية‬
‫التحكيم ‪ .‬ويلحظ أن قوانين بعض الدول العربية تتضمن نصوصا ً تميز بين نوعي التحكيم‬
‫الدولي والداخلي كما أسلفنا في قانوني البحرين وعمان‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬التحكيم الختياري‪/‬التحكيم اللزامي‪:‬‬
‫أ‪-‬التحكيم الختياري‪:‬‬
‫المقصود به التحكيم الذي يتم بناًء على إتفاق طرفي النزاع وبمحض إرادتهما‬
‫الحرة ‪ .‬فلهما اللجوء بإختيارهما إلى التحكيم لفض النزاع القائم بينهما وإختيار المحكمين‬
‫والجراءات والقواعد التي تطبق على التحكيم ‪ .‬وقد ينظم القانون مثل هذا التحكيم‬
‫ووضع الضوابط اللزمة والمناسبة لضمان فاعليته ولكن تبقى الحرية للطرفين في‬
‫اللجوء إليه عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم‪.‬‬
‫ب‪-‬التحكيم اللزامي‪:‬‬
‫وفي هذا النوع من التحكيم يلزم القانون طرفي النزاع في اللجوء إلى التحكيم‬
‫والخضوع لحكامه في بعض المنازعات‬
‫وقوانين بعض الدول العربية تنص على هذا النوع من التحكيم في شأن منازعات‬
‫معينة من ذلك القانون السوري إذ يلزم اللجوء إلى التحكيم في منازعات معينة منها‪:‬‬
‫قضايا العمل حيث تحل الخلفات بين العمال وأرباب العمال بالتحكيم الجباري‪.‬‬
‫ولكن قبل أن نتطرق إلى نظام التحكيم السعودي ‪ ،‬فإني أشير هنا إلى بدائل أخرى‬
‫لفض المنازعات إبتكرها رجال القانون في الوليات المتحدة المريكية‪:‬‬
‫فالقضاء هو الوسيلة الساسية لحل المنازعات ‪ ،‬ولكن مع تطور ظروف التجارة‬
‫والستثمار الداخلي والدولي أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم‬
‫المنازعات‪ .‬والتحكيم الدولي عندما تطور مع تطور التجارة الدولية والتوظيفات الدولية ‪،‬‬
‫تطور بإجراءات المحاكمة التي إقتربت كثيرا ً من إجراءات المحاكمات القضائية ‪ ،‬ثم‬
‫بشكلياته التي قربته أكثر من المحاكم القضائية ‪ ،‬ثم جاءت المعاهدات الدولية لتحصنه‬
‫وتحصن أحكامه بحيث لم يعد من المبالغة القول بأن التحكيم الدولي لم يعد وسيلة بديلة‬
‫لحسم منازعات التجارة الدولية بل أصبح أو يكاد يصبح الوسيلة الساسية لحسم‬
‫منازعات التجارة الدولية‪ .‬ويستمر هذا التطور فيوجد وسائل أخرى بديلة لحسم‬
‫المنازعات غير التحكيم وغير القضاء‪.‬‬
‫ً‬
‫فقد أخذ التوفيق والوساطة طريقهما ليصبحا أيضا من الوسائل البديلة لحسم‬
‫النزاعات‪ .‬هكذا وضعت إتفاقية المؤسسة العربية لضمان الستثمار مفاوضات الوساطة‬
‫والتوفيق وسيلة بديلة لحسم النزاع يرجع إليها لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬
‫وكذلك فعلت إتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الستثمار بين الدول‬
‫ومواطني الدول الخرى ففتحت باب التوفيق قبل التحكيم ونصت على إجراءات لذلك‬
‫بإعتباره وسيلة أخرى من وسائل حسم المنازعات بطريقة ودية‪.‬‬
‫وكذلك نص نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية على نظام المصالحة‬
‫الختيارية ووضع له إجراءات‪.‬‬
‫وكذلك وضعت اليونسترال )لجنة المم المتحدة لقانون التجارة الدولية( قواعد‬
‫للتوفيق كان لها وقع في المنازعات الدولية وكان لها أثر في نشر التوفيق كوسيلة‬
‫لحسم المنازعات وديا ً ‪.‬ولكن التوفيق والوساطة بقيا وسيلتين بديلتين لحسم‬
‫المنازعات ‪ ،‬بديلتين عن القضاء وعن التحكيم إل أنهما بقيتا وسيلتين نظريتين غير‬
‫عمليتين وبقى القضاء هو الوسيلة الساسية ‪ ،‬والتحكيم هو الوسيلة البديلة لحسم‬
‫المنازعات إلى أن كان عام ‪ 1977‬في الوليات المتحدة المريكية‪...‬حيث كانت هناك‬
‫دعوى عالقة أمام القضاء منذ ثلث سنوات ‪ ،‬وكان هناك محامون ومرافعات وخبراء‬
‫وجلسات ومستندات ونفقات خبرة ونفقات قضائية وأتعاب محامين ‪ ،‬وأرهقت الدعوى‬
‫الطرفين بالوقت والمصاريف ‪ ،‬ثم طرحت فكرة وسيلة بديلة لحسم هذا النزاع‪ .‬لماذا ل‬
‫نؤلف محكمة مصغرة كل طرف يختار أحد كبار موظفيه ممن له دراية ومعرفة بتفاصيل‬
‫النزاع ثم يختار الموظفان رئيسا ً محايدًا‪.‬‬
‫وراقت الفكرة للطرفين وأوقفت إجراءات المحاكمة القضائية وعقدت المحكمة‬
‫المصغرة جلسة ‪ ،‬ليست إلزامية في شيء ‪ ،‬وإستمرت الجلسة نصف ساعة أدلى بعدها‬
‫رئيس المحكمة المحايد برأي شفهي لعضوي المحكمة ثم دخل موظفا الطرفين أي‬
‫عضوا المحكمة إلى غرفة جانبية فدخل في مفاوضة إستمرت نصف ساعة وخرجا ليعلنا‬
‫إتفاقهما وإنتهت الدعوى على خير وسلم ووقف نزيف الوقت والنفقات والرسوم‬
‫والتعاب‪ .‬وكانت ولدة ما سمى في الوليات المتحدة بـ ‪Alternative Disputes Resolution‬‬
‫واختصرت وعرفت بالـ ‪ A.D.R‬أي الوسيلة البديلة لحسم النزاع‪.‬‬
‫وتطورت هذه الوسيلة وتركزت وأخذت عدة أشكال وإنتشرت في الوليات المتحدة‬
‫المريكية إنتشارا ً كبيرا ً ‪ ،‬ل سيما وأن التحكيم في الوليات المتحدة لم يعرف التقدم‬
‫الذي وصل إليه في أوروبا لن الميركيين ما زالوا يجلون المؤسسة القضائية ولم يسلموا‬
‫بسهولة بالتحكيم كوسيلة بديلة لحسم المنازعات كما فعلت أوروبا التي بقى إجللها‬
‫للقضاء على حاله بل تطوع القضاء للخذ بيد التحكيم للنهوض وليلعب دوره كوسيلة‬
‫بديلة لحسم المنازعات تخفف عن القضاء كثيرا ً من العباء وتبقي في كل حال تحت‬
‫رقايته بعد صدور الحكم‪ .‬والوساطة كوسيلة لحل المنازعات في الوليات المتحدة تأتي‬
‫بميزتين‪ :‬أول‪ :‬إختصار الوقت‪ .‬فأطول وساطة تستمر من شهر إلى ستة أشهر ‪ ،‬بينما‬
‫الدعوى أمام القضاء تبقى سنوات طويلة‪ .‬وثانيًا‪ :‬فإذا كانت الدعوى مرهقة وثقيلة في‬
‫النفقات والمصاريف فإن الوساطة كوساطة بديلة لحسم المنازعات تبدو خفيفة الظل‪.‬‬
‫وشهدت الوساطة إزدهارا ً لم يكن منتظرا ً ول متوقعا ً وتقبلتها أوساط النزاعات القضائية‬
‫المريكية وأقبلت عليها بجدية وإهتمام حتى قدرت نسبة الحالت التي أسفرت عن‬
‫مصالحة بفضل الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات بطريقة ودية بـ ‪ %.8‬في‬
‫الوليات المتحدة و ‪ %37‬في بلدان الشرق القصى‪ .‬وتقدمت في الصين وكندا وأستراليا‬
‫‪ ،‬ولكن دول القوانين المدنية الوروبية بقيت حذرة ولم تقبل على هذه الوسيلة البديلة‬
‫لحسم المنازعات بطريقة الوساطة‪.‬‬
‫فما هى هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع عن طريق الوساطة ‪ ADR‬التي ولدت في‬
‫الوليات المتحدة المريكية؟ هذه الوسيلة ‪ ADR‬أخذت عدة أشكال نعرضها فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬المحكمة المصغرة‪:‬‬
‫ويتلخص في أن النزاع يحال إلى هيئة مكونة من رئيس محايد وعضوين يختار كل‬
‫من الطرفين المتنازعين وأحدا ً منهما من بين كبار موظفيه في الدارة العليا ممن لهم‬
‫دراية بتفاصيل النزاع ‪ ،‬ويتولى العضوان إختيار الرئيس وإن لم يتفقا على شخصه يعينه‬
‫مرجع يكون متفقا ً عليه سلفًا‪ .‬يلتقى الطرفان للتفاق على قواعد لجراءات الوساطة‬
‫تختصر إلى أقل درجة ممكنة ‪ ،‬وهكذا يتحدد عدد المستندات التي ستقدم والمهل لتبادل‬
‫اللوائح‪ .‬بعد جلسة المرافعة التي يجب أن ل تتجاوز اليومين ‪ ،‬يجتمع الموظفان عضوا‬
‫المحكمة للتفاوض وإذا طلب من الشخص الثالث الحيادي المشاركة في الجتماع فإنه‬
‫يعطي رأيه ولكنه يجب أن يبقى شفهيا ً ‪ ...‬وتستمر المفاوضات بين عضوي المحكمة بغية‬
‫الوصول إلى مصالحة ‪ ،‬ولكن هذه المفاوضات تبقى سرية ل يمكن كشفها إذا فشلت‬
‫المفاوضات في الوصول إلى صلح وذهب الطرفان إلى المحكمة القضائية‪ .‬وإذا كانت‬
‫المفاوضات مشمولة بالسرية فإن المستندات والثباتات واللوائح المقدمة خلل‬
‫المحاكمة المصغرة ليست كذلك بل يمكن إعادة تقديمها إلى المحاكمة القضائية إذا‬
‫فشل حل النزاع وسارت المور إلى دعوى قضائية‪.‬‬
‫‪-2‬وساطة ميتشغان أو المطرقة المخملية‪:‬‬
‫أمام تراكم الدعاوى على محكمة ميتشغان وجدت هذه مخرجا ً يخفف من العباء‬
‫ويفتح باب وسيلة بديلة لحسم المنازعات عن طريق الوساطة ‪ ،‬إذ وضعت محكمة‬
‫ميتشغان ذاتها إجراءات يلزم أطراف أي نزاع بإتباعها قبل عرض النزاع على‬
‫المحكمة‪.‬ووضعت المحكمة لئحة بعدد من الحقوقيين كوسطاء ‪ ،‬وقبل أن تبدأ إجراءات‬
‫أي محاكمة يختار كل طرف وسيطا ً من السماء الواردة على لئحة الوسطاء ويسمى‬
‫الوسيطان وسيطا ً ثالثا ً من اللئحة‪ .‬ويعين قاضي محكمة ميتشغان جلسة وساطة ويبلغها‬
‫للطرفين وللوسطاء‪ .‬وقبل عشرة أيام من الجلسة يقدم كل طرف لئحة مختصرة‬
‫بإدعاءاته مدعمة بالحجج القانونية وسرد الوقائع كل ذلك بإختصار شديد‪.‬ويوم الجلسة‬
‫يحق لمحامييي الطرفين أن يترافعا ولكن بإختصار ‪ ،‬والجلسة يجب أل تتعدى الساعة من‬
‫الوقت‪ .‬يقدم الوسطاء تقريرهم خلل اليام العشرة اللحقة لجلسة المرافعة‪ .‬وللطرفين‬
‫مهلة ‪ 20‬يوما ً لقبوله أو رفضه ‪ ،‬فإذا لم يجيبوا أعتبر ذلك موافقة وقبول‪ .‬وإذا قبل قرار‬
‫الوسطاء يصدر حكم من محكمة ميتشغان بتثبيته ‪ ،‬وإذا رفض من أي من الطرفين‬
‫تستأنف الدعوى سيرها العادي أمام المحكمة ويوضع قرار الوسطاء في مغلف يختم‬
‫بالشمع الحمر ول يفتح إل بعد صدور الحكم‪ .‬عند صدور الحكم يفتح الملف المختوم‬
‫بالشمع الحمر ويقارن الحكم بقرار الوسطاء فإذا كان الحكم قد أعطى أكثر مما قرر‬
‫الوسطاء بـ ‪ %10‬فإن المدعى عليه هو الذي يتحمل نفقات ورسوم الدعوى ‪ ،‬وإذا قررت‬
‫المحكمة للمدعي أقل بـ ‪ %10‬مما قرر الوسطاء يتحمل كل فريق نصيبه من النفقات‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪-3‬الوسيط المحكم‪:‬‬
‫يقوم الوسيط الذي يختاره الطرفان أو يعينه مرجع بدور الوسيط فإذا فشل تابع‬
‫طريقه كمحكم يفصل في النزاع‪ .‬ويكون هذا الشكل من الوسائل البديلة لحسم‬
‫المنازعات قد اعتمد مبدأ غير مقبول بوجه عام وهو أن يتولى الوسيط التحكيم فيما قام‬
‫به من وساطة‪.‬‬
‫ويكون هذا الشكل من الوسائل البديلة قد أعطى الوسيط سلطة إلزامية توؤل إليه‬
‫بمجرد فشل الوساطة إذ يتحول إلى محكم لفصل النزاع‪.‬‬
‫‪ )-4‬إستئجار ( قاض‪:‬‬
‫وتبدو التسمية غريبة ‪ ،‬ولكن هذا الشكل أخذ هذا السم في الوليات المتحدة وهو‬
‫في الحقيقة تكليف قاض الفصل في النزاع‪.‬‬
‫وقد بدأ هذا النظام في وليتي كاليفورنيا ونيويورك المريكيتين ‪ ،‬وبموجبه يتقدم‬
‫الطراف بطلب إلى المحكمة لتعيين محكم يكون عادة قاضيا ً متقاعدا ً ينظر بالنزاع‬
‫بصورة غير رسمية ويصدر فيه حكما ً تلتزم المحاكم بتنفيذه إذا وجدته مناسبا ً ‪ ،‬ول يبدو‬
‫أن هذا النظام قد طبق في أي بلد آخر غير الوليات المتحدة المريكية ‪ ،‬كما أنه قد‬
‫يتعارض مع كثير من النظم التشريعية وقواعد القضاء في العديد من النظمة القانونية‬
‫في العالم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-5‬التحكيم وفقا لخر عرض‪:‬‬
‫هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع ليست مبنية على الوساطة بل على التحكيم ‪ ،‬ولكن‬
‫المحكمة التحكيمية ليست حرة في بحث النزاع بل هى مخيرة في تبني أي مطلب من‬
‫مطالب طرفي النزاع كما هو بدون زيادة أو نقصان ‪ ،‬أي بدون زيادته أو تنقيصه‪.‬‬
‫والفكرة من هذه الطريقة هى إجبار الطرفين على تخفيض مطالبهما لن طلبا ً مبالغا ً‬
‫فيه سيفضي لن تتبنى المحكمة التحكيمية الطلب الخر كما هو وترد الطلب المبالغ‬
‫به‪.‬ولن المحكمة التحكيمية ل تملك سوى حرية إختيار أحد الطلبين كما هو‪.‬‬
‫هذه فكرة عن أنواع الوسائل البديلة لحسم المنازعات ‪ ،‬ويمكن القول أن هذه‬
‫الوسيلة البديلة لحل المنازعات عن طريق الوساطة التي إنتشرت في الوليات المتحدة‬
‫أول ثم عمت اليابان وكندا وأستراليا وتتقدم في سويسرا تتميز في أنها توجد وسيطا ً‬
‫يحرك المفاوضات ويخلق مناخا ً لتسوية حبية‪.‬‬
‫نظام التحكيم السعودي‪:‬‬
‫وقد يثور التساؤل حول موقع نظام التحكيم السعودي من بين أنواع التحكيم ‪.‬‬
‫وبمراجعة نصوص هذا النظام ولوائحه التنفيذية يمكن الجابة على هذا التساؤل‪:‬‬
‫فالمادة )‪ (1‬من النظام تنص على أنه )يجوز التفاق على التحكيم في نزاع معين‬
‫قائم ‪ ،‬كما يجوز التفاق مسبقا ً على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معين( ‪.‬‬
‫كما تنص المادة )‪ (5‬على أن )يودع أطراف النزاع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة‬
‫أصل بنظر النزاع ‪ ..‬وأن يبين فيها موضوع النزاع وأسماء الخصوم وأسماء المحكمين‪..‬‬
‫إلخ( وتنص المادة )‪ (9‬على أنه )يجب الحكم في النزاع في الميعاد المحدد في وثيقة‬
‫التحكيم ‪.(...‬‬
‫ومن هذه النصوص نستخلص التي‪:‬‬
‫‪-1‬أن التحكيم في النظام السعودي هو )تحكيم خاص( وليس )مؤسسي( لنه ل يتم‬
‫في إطار هيئة أو مؤسسة تحكيمية ول يخضع لجراءات أو قواعد لمثل تلك الهيئة أو‬
‫المؤسسة ذلك أن أطراف النزاع هم الذين يضعون وثيقة التحكيم ويختارون المحكمين‬
‫وحتى تحديد الميعاد الذي يجب أن يصدر فيه الحكم‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو – أي التحكيم – في النظام السعودي هو تحكيم )إختياري( وليس )إلزامي(‬
‫ذلك أن أطراف النزاع وبمحض إرادتهم هم الذين يقررون اللجوء إلى التحكيم لحل‬
‫النزاع عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم‪.‬‬
‫‪ -3‬والتحكيم في النظام السعودي هو تحكيم )داخلي( ل )دولي( فهو يتم على الرض‬
‫السعودية وتحت إشراف القضاء السعودي وتطبق عليه أحكام الشريعة السلمية ولهذا‬
‫يشترط فيه أن يكون المحكم مسلمًا‪.‬‬
‫‪ -4‬والتحكيم في النظام السعودي وبصفته نظاما ً إختياريا ً ل إلزاميا ً وخاصا ً ل مؤسسيا ً‬
‫ل يحول دون حق أطراف النزاع في اللجوء إلى مراكز تحكيم إقليمية أو دولية‪.‬‬
‫رأي حول نظام التحكيم السعودي‪:‬‬
‫لعل من المسلم به أن نظام التحكيم كنوع من القضاء الخاص في الفصل في‬
‫المنازعات يحقق مزايا عديدة ملموسة لطراف النزاع ‪ ،‬من هذه المزايا إحترام إرادة‬
‫أطراف النزاع في إختيار الطريق التي يرونها مناسبة في الفصل في النزاع بالسرعة‬
‫وبعيدا ً عن إجراءات التقاضي أمام المحاكم العادية ‪ ،‬وتفادي الطعون ضد الحكام‬
‫القضائية ‪ ،‬كما أن من شأن التحكيم أن يخفف العبء على كاهل القضاء العادي وإن ظل‬
‫تحت رقابته‪.‬‬
‫ولكن مما لفت نظرنا ما ورد في المادتين )‪ (19،18‬من نظام التحكيم‪ .‬فالمادة )‬
‫‪ (18‬تجيز للخصوم تقديم إعتراضاتهم على ما يصدر من المحكمين إلى الجهة التي أودع‬
‫لديها الحكم خلل خمسة عشر يوما من تاريخ إبلغهم بأحكام المحكمين وإل أصبحت‬
‫نهائية‪ .‬وتنص المادة )‪ (19‬أنه )إذا قدم الخصوم أو أحدهم إعتراضا ً على حكم المحكمين‬
‫خلل المدة المنصوص عليها في المادة السابقة )أي ‪ (19‬تنظر الجهة المختصة أصل‬
‫بنظر النزاع في العتراض وتقرر إما رفضه وتصدر المر بتنفيذ الحكم أو قبول العتراض‬
‫وتفصل فيه(‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ،‬فإن من حق الخصوم العتراض على حكم المحكمين الذين قاموا هم‬
‫بإختيارهم وبموجب وثيقة التحكيم التي قاموا هم بإعدادها والتفاق عليها معا ً وربما ينص‬
‫فيها على أن الحكم نهائي‪ ،‬ومع ذلك ينعقد للمحكمة المختصة أصل بنظر النزاع ‪ ،‬النظر‬
‫في العتراض إذا قبلته ‪ ،‬وهو ما يعني أن عملية التحكيم تعدو ل جدوى لها وينتهي دوره‬
‫كنوع من القضاء الخاص ‪ ،‬ومن ثم يفقد نظام التحكيم المزايا المرجوة منه في فض‬
‫المنازعات عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم‪.‬‬
‫إذ قد يسيء أحد الخصوم إستعمال رخصته المقررة في المادة )‪ (18‬بتقديم‬
‫العتراض لمجرد أن قرار التحكيم لم يصدر لصالحه خصوصا ً أن نظام التحكيم لم ينص‬
‫على أسباب العتراض‬
‫وفي تقديرنا أن نصوص النظام تحتاج إلى إعادة نظر بما يؤدي إلى إحترام قرار‬
‫التحكيم ووجوب تنفيذه بحيث يكون موازيا ً للحكام القضائية تحقيقا ً لمزايا هذا النظام‪.‬‬
‫ولكن قبل أن أنهي موضوع التحكيم في المملكة العربية السعودية ‪ ،‬أود أن أشير إلى‬
‫بعض التفاقيات الدولية والقليمية التي وقعتها السعودية ولها أهمية خاصة فيما يتعلق‬
‫بالتحكيم في السعودية‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إتفاقية نيويورك‪:‬‬
‫وقد أصبحت نافذة المفعول إعتبارا ً من عام ‪ ، 1958‬هذه التفاقية جعلت من‬
‫الحكم التحكيمي في يد الفريق الحائز عليه سندا ً ثابتا ً يعتد به‪ .‬من هنا فإن مجرد تقديم‬
‫الحكم التحكيمي مع العقد التحكيمي يشكل إثباتا ً على وجود حكم ) إلزامي ( وينقل بعد‬
‫ذلك عبء الثبات المعاكس على المطلوب التنفيذ ضده ‪ ،‬ول يعود القاضي ملزما ً بإثارة‬
‫ذلك من تلقاء نفسه‪ .‬فصار الحكم التحكيمي مقبول حتى ثبوت العكس ‪ ،‬وعبء هذا‬
‫الثبات هو على من صدر الحكم ضده والذي يجب ليوقف تنفيذ الحكم أن يأتي بالدليل‬
‫على إثبات‪:‬‬
‫ً‬
‫)أ(‪ :‬أن أطراف العقد التحكيمي كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي‬
‫الهلية ‪ ،‬أو كان العقد التحكيمي غير صحيح وفقا ً للقانون الذي أخضعه له الطراف‪.‬‬
‫)ب(‪ :‬خرق حقوق الدفاع‪.‬‬
‫)ج(‪ :‬أن يثبت أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في العقد التحكيمي أو تجاوز‬
‫حدوده فيما قضى به‪.‬‬
‫)د(‪ :‬أن يثبت أن تشكيل المحكمة التحكيمية أو إجراءات التحكيم مخالف للعقد‬
‫التحكيمي ‪.‬‬
‫)هـ(‪ :‬يجب على المنفذ ضده ليوقف مفعول الحكم التحكيمي الدولي ويمنع الحائز‬
‫عليه من تنفيذه أن يثبت أن الحكم التحكيمي لم يصبح بعد إلزاميا ً ‪ ،‬أو ألغته أو أوقفته‬
‫السلطة المختصة في البلد الذي صدر هذا الحكم التحكيمي بموجب قانونه‪ .‬وهكذا حصر‬
‫مجال إبطال الحكم التحكيمي الدولي‪:‬‬
‫* في البلد الذي فيه أو بموجب قانونه صدر الحكم‪.‬‬
‫* في البلد الذي يطلب التنفيذ فيه‪.‬‬
‫وخارج هذين البلدين لم يعد بالمكان إبطال أو إلغاء أو وقف الحكم التحكيمي في‬
‫أي بلد في العالم لتعطيل تنفيذه إل في بلد تنفيذه بالطبع إذا كانت هناك أسباب تقبلها‬
‫إتفاقية نيويورك‪ .‬وبالتالي فإنه أصبح على محاكمنا تنفيذ الحكام التحكيمية ما لم يثبت‬
‫من صدر ضده الحكم أحد العوامل المذكورة أعله‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إتفاقية الرياض للتعاون القضائي‪:‬‬
‫وقعت في ‪ ، 6/4/1983‬وهى إتفاقية إقليمية للتعاون القضائي ‪ ،‬وأصبحت سارية‬
‫المفعول في أكتوبر ‪ .1985‬إن ميدان تطبيق هذه التفاقية واسع فهى تشمل تبادل‬
‫المعلومات المتعلقة بالقوانين والدراسات النظرية والقرارات القضائية وتشجيع الزيارات‬
‫والمؤتمرات وتبادل الجهزة القضائية وضمان اللجوء إلى القضاء لمواطني دوله وتنفيذ‬
‫العقوبات‪ .‬وما يهمنا في إطار هذا التعاون هو العتراف بتنفيذ الحكام والقرارات‬
‫التحكيمية في المواد المدنية والتجارية والدارية والحوال الشخصية‪.‬‬
‫)‪ :(1‬وتؤكد التفاقية على الصفة التنفيذية للقرارات التحكيمية الصادرة في دول‬
‫متعاقدة ودون الخذ في العتبار جنسية الذي صدرت لمصلحته ‪ ،‬فأصبح من الممكن أن‬
‫ينفذ حكم صادر في القاهرة لمصلحة شخص بريطاني ويصبح قابل للتنفيذ في الردن‬
‫إنطلقا ً من كونه قد صدر من محكمة مصرية حتى لو كان الشخص الصادر لمصلحته‬
‫ليس من جنسية الدولة المتعاقدة‪.‬‬
‫)‪ :(2‬ل يمكن للقاضي إعادة النظر في أساس النزاع ‪ ،‬فل يكون أمامه إل إحترامه‬
‫بكليته أو رفضه في بعض الحالت المعينة وهى‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كان قانون الطرف المطلوب له العتراف أو تنفيذ الحكم ل يجيز حل موضوع‬
‫النزاع عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان الحكم صادرا ً تنفيذا ً لشرط أو عقد تحكيم باطل أو لم يصبح نهائيا‪ً.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كان المحكمون غير مختصين طبقا ً لعقد أو شرط التحكيم أو طبقا ً للقانون‬
‫الذي صدر حكم المحكمين على مقتضاه‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا لم يعلن الخصوم على الوجه الصحيح‪.‬‬
‫هـ‪ -‬إذا كان في حكم المحكمين ما يخالف الشريعة السلمية أو النظام العام أو‬
‫الداب لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬إتفاقية فض المنازعات التجارية في مركز التحكيم التجاري‬
‫لدول الخليج‪:‬‬
‫وقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم ‪ 102‬في ‪20/4/1423‬هـ القاضي )بالموافقة‬
‫على تطبيق قرار المجلس العلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي الصادر في‬
‫دورته الرابعة عشرة المنعقدة في الرياض خلل الفترة من ‪ 9-7‬رجب ‪1414‬هـ‬
‫المتضمن إقامة مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك‬
‫حسب نظامه على أن ل يصدر المر بتنفيذ الحكم بناًء على المادة )‪ (15‬من نظام‬
‫المركز إل بعد التثبت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه شرعًا(‪ .‬ونص المادة )‪ (15‬هو‬
‫التالي‪ ) :‬يكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقا ً لهذه الجراءات ملزما ً للطرفين‬
‫ونهائيا ً وتكون له قوة النفاذ في الدول الطراف بعد المر بتنفيذه من الجهة القضائية‬
‫المختصة(‪.‬‬
‫وهذا ما حدا بأحد زملئنا المحامين إلى القول أن فض المنازعات التجارية عن طريق‬
‫مركز التحكيم التجاري لدول الخليج العربية أفضل من التحكيم المحلي ‪ ،‬لن الحكم في‬
‫هذه الحالة يعرض فقط على الدائرة المختصة في ديوان المظالم لصدار المر بالتنفيذ‬
‫بعد التثبت من عدم وجود ما يخالف أحكام الشريعة السلمية‪ ،‬بعكس أحكام التحكيم‬
‫التي تصدر من هيئات تحكيم محلية فإنها تمر بإجراءات مطولة ويصبح التقاضي على‬
‫ثلث درجات مما يفقد التحكيم من مزية السرعة في الفصل في النزاع‪.‬‬
‫الرابعة‪ :.‬إتفاقية ضمان الستثمار بين الدول العربية‪:‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ : 34/1‬يكون الحكم نهائيا ً غير قابل للطعن ‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ :34/2‬يكون للحكم الذي تصدره المحكمة قوة النفاذ‪.‬‬
‫ومن هذه التفاقيات التي وافقت عليها السعودية ‪ ،‬نرى أن أحكامها نهائية ل يجوز‬
‫الطعن فيها وواجبة التنفيذ كما لو كانت حكما ً نهائيا ً صادرا ً عن قضائها المختص ‪ ،‬وإذا‬
‫عدنا إلى ما ذكرناه وذكره بعض المختصين من زملئنا المحامين وأساتذة القانون في‬
‫الجامعات من أن نظام التحكيم السعودي في حاجة إلى إعادة نظر ‪ ،‬فإنني أضم صوتي‬
‫إلى أصواتهم وآمل أن يكون هذا الجراء سريعا ً لعطاء نظام التحكيم فرصة للنطلق‬
‫ليكون عونا ً للقضاء في إنهاء القضايا المتوقفة ‪ ،‬ويكون مساعدا ً لتحرير التجارة من طول‬
‫مدة التقاضي ‪ .‬ولنا في جيراننا من دول الخليج أسوة حسنة‪ ،‬فقد إعتبرت سلطنة عمان‬
‫قضاء التحكيم نهائي ومنعت الطعن فيه بالستئناف أو إعادة النظر وإكتفت بالطعن فيه‬
‫بالبطلن لسباب معينة‪ .‬وربما ساعدت هذه التعديلت على تشجيع الستثمار ودفع‬
‫معاملت التجارة للمام طالما يعلم المستثمر والتاجر أن أسباب التقاضي عن طريق‬
‫التحكيم ميسرة ‪ ،‬وأنه يستطيع أن يعين محكمه بدون إعتراض ويحدد الجراءات اللزمة‬
‫)مع الطرف الخر( لتيسير مهمة التحكيم‪ .‬وأخـيرا ً فإنه لن تكون هناك ثلث درجات‬
‫للتقاضي عن طريق التحكيم ‪ ،‬ويكفي لكي يبطل الحكم أن يدفع أحد الطراف أمام هيئة‬
‫عليا ببطلن الحكم بأحد السباب المعروفة سلفًا‪.‬‬
‫وبالله التوفيق‪.‬‬
‫المستشار القانوني‬
‫أحمد يوسف خلوي‬

‫المراجع‪:‬‬
‫الدكتور أحمد أبو الوفا‬ ‫التحكيم الختياري والجباري ‪1978‬‬ ‫‪1‬‬

‫المانة العامة لتحاد‬ ‫التوثيق والتحكيم التجاري في الغرف العربية‬ ‫‪2‬‬


‫الغرف العربية الخليجية‬ ‫والخليجية والدولية – الطبعة الولى – ربيع‬
‫الثاني ‪1406‬هـ‬
‫د‪ /‬محي الدين إسماعيل‬ ‫قوانين وأنظمة ولوائح التحكيم والتوفيق في‬ ‫‪3‬‬
‫دول مجلس التعاون الخليجي – الطبعة الولى‬
‫‪1998‬‬
‫سعد عواد حمدان الجهني‬ ‫التحكيم في الشريعة السلمية والنظم‬ ‫‪4‬‬
‫الوضعية ‪1414‬هـ )دراسة تحليلية(‬
‫د‪ /‬عبد الحميد الحدب‬ ‫موسوعة التحكيم – الجزء الول والثاني‬ ‫‪5‬‬

‫مجلة التحكيم العربي‪/‬‬ ‫إتفاقية الرياض للتعاون القضائي‬ ‫‪6‬‬


‫المانة العامة لمراكز‬
‫التحكيم العربية العدد‬
‫الرابع‬
‫د‪/‬فوزي محمد سامي– مجلة‬ ‫إتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬وتنفيذ قرارات‬ ‫‪7‬‬
‫التحكيم العربي‪/‬المانة‬ ‫التحكيم الجنبية‬
‫العامة لمراكز التحكيم‬
‫العربية–العدد الول‬
‫الدكتور إبراهيم العيسى‬ ‫فض المنازعات التجارية في مركز التحكيم‬ ‫‪8‬‬
‫التجاري لدول الخليج العربية – التحكيم‬
‫التجاري الخليجي – العدد ‪24‬‬
‫الدكتور فتحي والي‬ ‫التحكيم التجاري الدولي بوجه عام –‬ ‫‪9‬‬
‫إغسطس ‪1998‬‬
‫المحامي زياد نديم حمادة‬ ‫‪ 10‬نظم التحكيم لغرفة التجارة الدولية ‪– I.C.C‬‬
‫دورة من منظور إسلمي ودولي – ‪– 22 – 20‬‬
‫مايو ‪2003‬‬
‫المستشار القانوني‬ ‫‪ 11‬نظام التحكيم في محكمة لندن – دورة‬
‫يوسف طوبيا بقطر‪.‬‬ ‫التحكيم من منظور إسلمي ودولي – ‪– 20‬‬
‫‪ 22‬مايو ‪2003‬‬
‫د‪ /‬محمد أبو العينين مدير‬ ‫‪ 12‬التحكيم أمام المركز الدولي لحسم منازعات‬
‫مركز القاهرة القليمي‬ ‫الستثمار ‪ – ICSID‬الحاشية مجلة التحكيم‬
‫للتحكيم التجاري والدولي‪.‬‬ ‫العربي – الجزء الرابع‬
‫‪Arther Marriott & Henery‬‬ ‫‪ 13‬بدائل التحكيم ‪ – 1999‬الطبعة الثانية‬
‫‪Brown‬‬
‫تعريف‪:‬‬
‫السم‪ :‬أحمد يوسف خلوي ‪.‬‬
‫المهنة ‪ :‬مستشار قانوني‬
‫المؤهلت‪:‬‬
‫* ليسانس قانون من جامعة القاهرة عام ‪1964‬م‪.‬‬
‫* ماجستير في القانون الدولي– قوانين طيران وفضاء من جامعة مكجيل – منتريال –‬
‫كندا عام ‪1971‬م‪.‬‬
‫* دبلوم العلوم الدارية من جامعة بيروت عام ‪1973‬م‪.‬‬
‫* عدة دورات في التحكيم في مركز القاهرة القليمي ومركز دول الخليج العربي في‬
‫البحرين‪.‬‬
‫الوظائف السابقة‪:‬‬
‫* مساعد مدير عام الخطوط الجوية السعودية للشئون القانونية سابقًا‪.‬‬
‫* عضو مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية سابقًا‪.‬‬
‫* عضو اللجنة القانونية للياتا )منظمة شركات الطيران الدولية( سابقا‪ً.‬‬
‫* مكتب خاص للمحاماة والستشارات القانونية إبتداءا ً من عام ‪1404‬هـ‪.‬‬

You might also like