You are on page 1of 17

‫بسم اللـه الرحمن الرحيم‬

‫علمات الساعة الكبرى‬


‫نزول عيسى بن مريم عليه‬
‫السلم‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باللـه من شرور‬


‫أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪.‬‬
‫من يهده اللـه فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادى له ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ل إله إل اللـه وحده ل شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبده‬
‫ورسوله …‬
‫َ‬
‫ن‬‫موت ُ ّ‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫قوا اللـه َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫ءا َ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪َ ‬ياأّيها ال ّ ِ‬
‫مون ‪ ] . ‬آل عمران ‪. [ 102 -‬‬ ‫َ‬ ‫إل َ‬
‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ف ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫‪َ ‬ياأي ّ َ‬
‫ساءً‬ ‫ون ِ َ‬ ‫جال ك َِثيًرا َ‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خل َ َ‬‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن اللـه َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫وال َْر َ‬ ‫ه َ‬‫ن بِ ِ‬ ‫ساءَُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫قوا اللـه ال ّ ِ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قيًبا ‪ ] . ‬النساء ‪. [ 1-‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫َ‬
‫قوُلوا َ‬ ‫َ‬
‫دا)‬‫دي ً‬ ‫س ِ‬ ‫ول َ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫قوا اللـه َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫ءا َ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪َ ‬ياأي ّ َ‬
‫ع‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬‫نو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫كـ‬‫ُ‬ ‫فـْر ل َ‬ ‫ِ‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫مـال َ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫‪(70‬يصل ِح ل َك ُم أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬
‫] الحزاب ‪، 70-‬‬ ‫ما ‪. ‬‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫وًزا َ‬ ‫ف ْ‬‫فاَز َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫اللـه َ‬
‫‪. [ 71‬‬
‫أما بعــد ‪:‬‬
‫فإن أصدق الحديث كتاب اللـه ‪ ،‬وخير الهدى هدى محمد ‪، ‬‬
‫وشر المور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل‬
‫ضللة فى النار ‪.‬‬
‫أحبتى فى اللـه ‪:‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة‬
‫هذا هو لقاءنا الخامس مع السلسة الكريمة ول زلنا مع حديث‬
‫)‪(92‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫حذيفة بن أسيد الغفارى ‪:‬‬


‫اطلع علينا النبى ‪ ‬ونحن نتذاكر فقال النبى ‪ )) : ‬ما‬
‫تذاكرون ؟ (( فقالوا ‪ :‬نذكر الساعة فقال‪ )) :‬إنها لن تقوم‬
‫حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر ‪ ،‬الدخان ‪ ،‬والدجال ‪،‬‬
‫والدابة ‪ ،‬وطلوع الشمس من مغربها ‪ ،‬ونزول عيسى بن‬
‫مريم ‪ ،‬ويأجوج ومأجوج ‪ ،‬وثلثة خسوف ‪ ،‬خسف‬
‫بالمشرق ‪ ،‬وخسف بالمغرب ‪ ،‬وخسف بجزيرة العرب ‪،‬‬
‫وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى‬
‫محشرهم (( )‪. (1‬‬
‫وها نحن الن على موعد مع إحدى هذه العلمات الكبرى أل‬
‫وهى نزول عيسى عليه السلم ‪.‬‬
‫أيها الحبيب الكريم ‪ :‬أعرنى قلبك وسمعك وعقلك فإن الموضوع‬
‫من الهمية بمكان ‪.‬وحتى ل ينسحب بساط الوقت سريعا من بين‬
‫أيدينا فسوف أركز الموضوع فى العناصر التالية ‪:‬‬
‫‪ :‬عيسى بن مريم والميلد المعجز ‪.‬‬ ‫أول ً‬
‫ثانيا ً ‪ :‬بل رفعه اللـه إليه ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬نزول عيسى من السماء إلى الرض ‪.‬‬
‫أسأل اللـه تعالى أن يجعلنى وإياكم ممن يستمعون القول‬
‫فيتبعون أحسنه‬

‫أول ً ‪ :‬عيسى بن مريم والميلد المعجز‬

‫أخى فى اللـه لن أجد لك بداية أرحب ول أجمل أبدأ بها حديثى‬


‫معك الن أجل من هذه الكلمات الجميلة فى قوله تعالى ‪:‬‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ت لَ َ‬‫ب إ ِّني ن َذَْر ُ‬‫ن َر ّ‬ ‫مَرا َ‬
‫ع ْ‬‫مَرأ َةُ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫قال َ ِ‬
‫‪ ‬إ ِذْ َ‬
‫ل مّني إن ّ َ َ‬
‫م)‬ ‫ع ال ْ َ‬
‫عِلي ُ‬ ‫مي ُ‬‫س ِ‬
‫ت ال ّ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫قب ّ ْ ِ‬ ‫فت َ َ‬‫حّرًرا َ‬ ‫ب َطِْني ُ‬
‫م َ‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم رقم ) ‪ (2901‬فى الفتن ‪ ،‬باب مايكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال ‪ ،‬وأبو داود‬
‫رقم )‪ (4311‬فى الملحم ‪ ،‬باب أمارات الساعة ‪ ،‬والترمذى رقم )‪ (2184‬فى الفتن ‪ ،‬باب ماجاء فى‬
‫الخسف ‪.‬‬
‫)‪(93‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫عل َ ُ‬
‫م‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ها أن َْثى َ‬
‫ُ‬
‫عت ُ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب إ ِّني َ‬ ‫ت َر ّ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫عت ْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫‪َ (35‬‬
‫عت ول َي ْس الذّك َر َ ُ‬
‫م‬
‫مْري َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫مي ْت ُ َ‬ ‫س ّ‬ ‫وإ ِّني َ‬ ‫كاْلن َْثى َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ض َ ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫بِ َ‬
‫م)‬ ‫جي‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫طا‬‫شي ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬‫و‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫عي‬ ‫ِ‬ ‫وإّني أ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫قبول حسن َ‬
‫ها‬‫فل َ َ‬ ‫وك َ ّ‬ ‫سًنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ها ن ََباًتا َ‬ ‫وأن ْب َت َ َ‬ ‫ها ب ِ َ ُ ٍ َ َ ٍ َ‬ ‫ها َرب ّ َ‬ ‫قب ّل َ َ‬ ‫فت َ َ‬ ‫‪َ (36‬‬
‫قا‬ ‫رْز ً‬ ‫ها ِ‬ ‫عن ْدَ َ‬ ‫جد َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫رّيا ال ْ ِ‬ ‫ها َزك َ ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما دَ َ‬ ‫رّيا ك ُل ّ َ‬ ‫َزك َ ِ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك َ‬ ‫م أّنى ل َ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ل َيا َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ ] ‬آل عمران ‪[ 37- 35 :‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫شاءُ ب ِ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َْرُزقُ َ‬
‫وقبل أن نتجول سويا فى بستان هذه الكلمات الرقيقة الرقراقة‬
‫أقول لك إنه لول مرة فى تاريخ البشرية الطويل منذ أن خلق اللـه‬
‫مه ‪.‬‬ ‫آدم من تراب ينسب نبيا ً ل ُ ِ‬
‫مريم هى النثى الوحيدة فى الوجود كله التى اختصها اللـه من‬
‫ة ليودعها سره الكبر فى أصفى حمل وأعجز ميلد‬ ‫بين النساء قاطب ً‬
‫‪ ،‬فمريم هى الفتاة العذراء النقية التقية التى اصطفاها اللـه جل‬
‫فى عله من بين نساء العالمين فنفخ فيها من روحه ومنحها هذه‬
‫المكانة الرقيقة الرقراقة من بين أمهات الدنيا جمعاء ‪.‬‬
‫فأمها حنة بنت فاقود وصلت إلى سن اليأس ‪ ،‬فتمنت على اللـه‬
‫أن يرزقها الولد ‪ ،‬واللـه على كل شىء قدير فاستجاب اللـه دعاءها‬
‫وابتهالها إليه‪ ،‬فتحرك الحمل فى أحشائها بقدرة من ل يعجزه شىء‬
‫فى الرض ول فى السموات بقدرة من يقول للشىء كن فيكون ‪.‬‬
‫فلما تحرك الحمل فى أحشائها أحبت أن تشكر اللـه على هذه‬
‫النعمة فقالت ‪:‬‬
‫مّني‬ ‫ل ِ‬ ‫قب ّ ْ‬ ‫فت َ َ‬ ‫حّرًرا َ‬ ‫م َ‬ ‫في ب َطِْني ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫ب إ ِّني ن َذَْر ُ‬ ‫‪َ ‬ر ّ‬
‫إن ّ َ َ‬
‫عِليم ‪. ‬‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ت ما فى بطنها لله جل وعل " أى لخدمة بيت المقدس " ‪،‬‬ ‫ن َذ ََر ْ‬
‫جزاء على ما رزقها هذه النعمة ‪ .‬بعد ما وصلت لهذه السن ‪ ..‬وبعد‬
‫مرور أشهر الحمل وضعت بنتا جميلة رقيقة طيبة ‪ ،‬فنظرت إليها‬
‫ت‬‫ع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ه أَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ها أن َْثى َ‬
‫ُ‬
‫عت ُ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب إ ِّني َ‬ ‫بحزن وقالت ‪َ‬ر ّ‬
‫ك‬‫ها ب ِ َ‬ ‫عيذُ َ‬ ‫وإ ِّني أ ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫مي ْت ُ َ‬ ‫س ّ‬ ‫وإ ِّني َ‬ ‫كالن َْثى َ‬
‫ول َي ْس الذّك َر َ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫)‪(94‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫جيم ِ ‪. ‬‬‫ن الّر ِ‬ ‫طا ِ‬‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ها ِ‬ ‫وذُّري ّت َ َ‬ ‫َ‬


‫فقالت حنة ‪ :‬رباه إنى وضعتها أنثى وأنت أعلم منى بما وضعت‬
‫أى أنت الذى رزقتنى وقدرت لى ذلك ‪ ،‬فليس الذكر كالنثى فى‬
‫القوة والجلد وخدمة القصى وإنى يا رب أعيذها بك من شر‬
‫الشيطان وذريتها ‪ -‬وهو ولدها عيسى بن مريم فاستجاب اللـه لها ‪.‬‬
‫قال رسول اللـه ‪ )) : ‬ما من مولود يولد ‪ ،‬إل نخسه‬
‫الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان ‪ ،‬إل ابن‬
‫مريم وأمه (( )‪. (1‬‬
‫قبول حسن َ‬
‫سًنا ‪ ‬أى إنه‬ ‫ح َ‬ ‫ها ن ََباًتا َ‬ ‫وأن ْب َت َ َ‬ ‫ها ب ِ َ ُ ٍ َ َ ٍ َ‬ ‫ها َرب ّ َ‬ ‫قب ّل َ َ‬ ‫فت َ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫تقبل نذر أمها حنة وجعل شكلها مليحا ً وأعطى لها منظرا ً بهيجا ً‬
‫ويسر لها أسباب القبـول وقرنهـا بالصالحين من عباده تتعلم منهم‬
‫رّيا ‪ ‬وما ذلك إل‬ ‫ها َزك َ ِ‬ ‫فل َ َ‬ ‫وك َ ّ‬ ‫العلم والخير والدين فلهذا قال ‪َ  :‬‬
‫ب فكفلها زوج خالتها‬ ‫جد ْ ٍ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ َ‬
‫لنها كانت يتيمة ويقال أنها كانت َ‬
‫لكى تكون تحت رعاية خالتها وحنانها ول منافاة بين القولين ‪ ،‬وقيل‬
‫م إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ك ُن ْ َ َ‬
‫ت لدَي ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫أنه زوج أختها وقد ذكر القرآن لنا أيضا ‪َ ‬‬
‫م إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ما ك ُن ْ َ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ي َك ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ي ُل ْ ُ‬
‫ه ْ‬‫ت لدَي ْ ِ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ْ‬‫م أي ّ ُ‬ ‫ه ْ‬‫م ُ‬
‫قل َ‬ ‫قو َ‬
‫ن‪‬‬
‫مو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫خت َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫] آل عمران ‪. [ 44 :‬‬
‫أى ما كنت معهم يا محمد لتخبرهم عن معاينة ما جرى ‪ ،‬بل‬
‫أطلعك اللـه عليه كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم لما اقترعوا‬
‫فى شأن مريم أيهم يكفل هذه الطاهرة التقية الورعة ليكن له‬
‫الجر ‪ ،‬فحين خرجت بها حنة إلى بنى الكاهن بن هارون أخى‬
‫موسى عليهما السلم ‪ .‬وقالت هى نذيرة ‪ ،‬ول يدخل المسجد‬
‫حائض ‪ ،‬ولكنى نذرتها ‪ ،‬وأنا ل أردها إلى بيتى ‪.‬‬
‫فقال زكريا ‪ :‬ادفعوها لى فخالتها تحتى ‪ ،‬فقالوا بذلك تطيب‬
‫أنفسنا لنها ابنة أمامنا وقالوا نقترع وبالفعل اقترعوا ‪،‬فما هى‬
‫القرعة ؟!‬
‫‪ ()1‬رواه أحمد رقم )‪ (7182‬ومسلم رقم )‪ (2366‬فى الفضائل ‪ ،‬باب فضل عيسى بن مريم وهو‬
‫فى صحيح الجامع رقم )‪. (5785‬‬
‫)‪(95‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫أن يرموا القلم التى كانوا يكتبون بها التوراة فى نهر الردن‬
‫وقالوا أى قلم يثبت ول يجرى مع التيار بل يعاكسه هو كافلها‬
‫وبالفعل حدث ووقع ذلك على قلم واحد ‪ ...،‬ترى من صاحب هذا‬
‫القلم ؟!‬
‫إنه زكريا عليه السلم ‪ ...‬وذلك لحكمة يعلمها اللـه ‪ ...‬ويعلمها‬
‫لنا أل وهى لتتعلم مريم وتقتبس من النبى الذكى زكريا عليه‬
‫السلم العلم والفقه وكان إمامهم وكبيرهم وسيدهم وعالمهم‬
‫ونبيهم حين ذاك‪.‬‬
‫د‬
‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫م ْ‬‫رّيا ال ْ ِ‬ ‫ها َزك َ ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما دَ َ‬ ‫قال تعالى ‪  :‬ك ُل ّ َ‬
‫قا‪‬‬ ‫رْز ً‬‫ها ِ‬ ‫عن ْدَ َ‬
‫ِ‬
‫تعجب زكريا من هذا الطهر والزهد والعفاف والتوحيد الذى‬
‫وصلت به مريم البتول إلى مكانة عالية عند اللـه عز وجل فكلما‬
‫دخل عليها وجد عندها رزقا ‪.‬‬
‫َ‬
‫ذا ‪ ‬أى‬ ‫ه َ‬ ‫ك َ‬ ‫م أّنى ل َ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ثم قال لها زكريا عليه السلم ‪َ  :‬يا َ‬
‫من أين لك هذا الرزق ؟!‬
‫ق‬
‫ه ي َْرُز ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫قالت البتول الطاهرة ‪ُ  :‬‬
‫ب ‪ ‬أى ذلك ل دخل للمخلوق فيه بل هو من‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫شاءُ ب ِ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫الخالق ‪ ،‬وهو يرزق من يريد بغير حدود تحده ‪.‬‬
‫وهكذا أيها الحبة الكرام‬
‫اصطفى اللـه مريم فى بستان الورع بين أزهار التقى والنقاء‬
‫والعفاف والصلح ‪ ،‬هذه هى الزهرة والنبتة الطيبة ‪ ،‬نشأت مريم‬
‫فى هذا المكان وهذا الجو اليمانى الطاهر العفيف فاصطفاها اللـه‬
‫وبشرها بهذه البشارة التى انفردت بها دون نساء العالمين ويالها‬
‫من بشارة يالها من خصوصية اختص اللـه بها الطاهرة ‍‪..‬‬
‫إيه يا مريم ‪ ....‬إيه بماذا اختصك ربك ؟!‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ة َيا َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫قال َ ِ‬ ‫وإ ِذْ َ‬ ‫يقول الملك ‪َ  :‬‬
‫ن)‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫ء ال ْ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫عَلى ن ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫فا ِ‬ ‫صطَ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وط َ ّ‬
‫هَر ِ‬ ‫ك َ‬ ‫فا ِ‬ ‫صطَ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ن‪‬‬ ‫عي َ‬ ‫ع الّراك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عي َ‬ ‫واْرك َ ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫قن ُِتي ل َِرب ّ ِ‬ ‫ما ْ‬ ‫مْري َ ُ‬‫‪َ(42‬يا َ‬
‫)‪(96‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫] آل عمران ‪. [ 43 - 42 :‬‬
‫يا لها من مكانة آثرك بها اللـه دون نساء الدنيا يا مريم !‬
‫فلم تتوان مريم عن عبادة الرب فظلت البتول ساجدة وراكعة‬
‫حتى أراد اللـه عز وجل أن يمنحها تلك المكانة الرفيعة من بين‬
‫أمهات الدنيا ‪.‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫م إ ِِذ ان ْت َب َذَ ْ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫واذْك ُْر ِ‬ ‫قال تعالى ‪َ  :‬‬
‫جاًبا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ح َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫فا‬ ‫(‬ ‫‪16‬‬ ‫يا)‬ ‫ّ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫نا‬ ‫ً‬ ‫كا‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬‫ْ‬
‫َ َ‬
‫ت إ ِّني‬ ‫قال َ ْ‬ ‫وّيا)‪َ (17‬‬ ‫س ِ‬ ‫شًرا َ‬ ‫ها ب َ َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫مث ّ َ‬ ‫فت َ َ‬ ‫حَنا َ‬ ‫ها ُرو َ‬ ‫سل َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫فأْر َ‬
‫َ‬ ‫أَ ُ‬
‫ل‬‫سو ُ‬ ‫ما أَنا َر ُ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫قا َ‬ ‫قّيا)‪َ (18‬‬ ‫ت تَ ِ‬ ‫ن ك ُن ْ َ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عوذُ ِبالّر ْ‬
‫م‬‫غل ٌ‬ ‫ن ِلي ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫ت أ َّنى ي َ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ما َزك ِّيا)‪َ (19‬‬ ‫غل ً‬ ‫ك ُ‬ ‫ب لَ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ك‬‫ل َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ك َذَل ِ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫غّيا)‪َ (20‬‬ ‫ك بَ ِ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫شٌر َ‬ ‫سِني ب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مًرا‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫مّنا َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫س َ‬ ‫ة ِللّنا ِ‬ ‫ءاي َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫ول ِن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هي ّ ٌ‬ ‫ي َ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫ضّيا ‪] ‬مريم‪. [21-16:‬‬ ‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫وفى يوم من اليام خلت مريم لنفسها لقضاء شأن من شئون‬
‫العذراء الخاصة ‪ ...‬وفجأه انحبس صوتها وشخص بصرها ‪،‬إنها‬
‫مفاجأة مذهلة تأخذ بالعقول بل وتصدع الفئدة ‪ ،‬بشر سوى فى‬
‫خلوة العذراء البتول الطاهرة ‪ .‬وسرعان ما استغاثت برب الرض‬
‫ن‬
‫ك إِ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫عوذُ ِبالّر ْ‬ ‫والسموات ولجأت إليه بشدة وقالت‪ :‬أ َ ُ‬
‫قّيا ‪. ‬‬ ‫ت تَ ِ‬ ‫ك ُن ْ َ‬
‫انظر إلى الفطنة والذكاء والورع ! لم تقل أعوذ بالجبار منك ولم‬
‫تقل أعوذ بالغفار منك وإنما استجاشت الرحمة فى قلبه بذكر‬
‫الرحمن فقالت أعوذ بالرحمن منك ‪ ،‬أى ارحم ضعفى ‪ .‬ارحم‬
‫أنوثتى ‪ .‬ارحم خلوتى !!‬
‫ولكن قدر اللـه لها مفاجأة أعظم ‪ .‬أن أنطق هذا البشر السوى‬
‫فى خلوة البتول الطاهرة ليقول لها ‪ :‬ل تخافى ول تحزنى فأنا‬
‫ن‬
‫كو ُ‬ ‫ما َزك ِّيا‪ ‬قالت ‪  :‬أ َّنى ي َ ُ‬ ‫غل ً‬ ‫ك ُ‬ ‫ب لَ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫رسول ربك إليك ‪‬ل َ َ‬
‫ن أبدا ً‬ ‫غّيا ‪ ‬لم أك ْ‬ ‫ك بَ ِ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫شٌر َ‬ ‫سِني ب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫غل ٌ‬ ‫ِلي ُ‬
‫صاحبة فاحشة ‪ ،‬فهى لم تتصور مطلقا وسيلة للنجاب غير وسيلة‬
‫)‪(97‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫التقاء الرجل بالمرأة وهى لم تتزوج بعد ‪ ،‬ولم تفكر أيضا ألبته فى‬
‫الرذيلة ‪ ،‬وهنا يأتى الرد القاطع الحاسم فيقول الملك والرسول‬
‫ة‬
‫ءاي َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ول ِن َ ْ‬‫ن َ‬ ‫هي ّ ٌ‬‫ي َ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ك َذَل ِ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫الكريم ‪َ ‬‬
‫ضّيا ‪. ‬‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫ق ِ‬ ‫مًرا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مّنا َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫س َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ها ِ‬ ‫في َ‬ ‫خَنا ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫فن َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬‫فْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫صن َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ِّتي أ ْ‬ ‫فهنا يقول المولى ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ] ‬النبياء ‪. [ 91 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫ة ل ِل ْ َ‬ ‫ءاي َ ً‬ ‫ها َ‬ ‫واب ْن َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫حَنا َ‬ ‫ُرو ِ‬
‫فخَنا‬ ‫فن َ َ‬‫فهنا حدث أمر غير مألوف ما اعتادت عليه الخليقة ‪َ ‬‬
‫حَنا ‪ ‬لتنجب عيسى عليه السلم ‪ ،‬أى نفخ الملك‬ ‫من ُرو ِ‬ ‫ها ّ‬ ‫في َ‬
‫ِ‬
‫جبريل فى أعلى القميص بأمر من اللـه عز وجل وهذا ليبين للخلق‬
‫طلقة قدرة الخالق ‪ ،‬إنها قدرة ل تحدها حدود ‪ ،‬إن من يحاول أن‬
‫يصل بعقله القاصر إلى حدود قدرة اللـه كمن يحاول أن يكلف نملة‬
‫َ‬
‫ذا‬‫مُرهُ إ ِ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫أن تنقل جبل ً من مكان إلى آخر وما هى بناقلته ‪ ‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫أ ََرادَ َ‬
‫ن‪ ] ‬يس‪.[ 82:‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كُ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫شي ًْئا أ ْ‬
‫فل تفكر بعقلك القاصر البتة لتصل إلى منتهى قدرة الملك ‪.‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬‫م َ‬ ‫ءادَ َ‬‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬‫ه كَ َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫سى ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫مث َ َ‬‫ن َ‬ ‫‪ ‬إِ ّ‬
‫] آل عمران ‪. [ 59 :‬‬ ‫ن‪‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ه كُ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫ت َُرا ٍ‬
‫فاللـه ل يعجزه شىء فى الرض ول فى السموات ‪ ،‬فمن الذى‬
‫خلق السماء بغير عمد ترونها ؟! ‪.‬‬
‫من الذى خلق الرض وشق فيها النهار والبحار وزينها‬
‫بالشجار ‍‬
‫؟‬
‫ة القمح وغلفها بهذه الغلفة الحصينة‬ ‫من الذى خلق سنبل َ‬
‫المكينة ؟‬
‫وجعل فوق كل حبة شوكة ؟؟ ولما جعلها هكذا ؟!‬
‫لن اللـه قدر أن تكون هذه الحبة قوتا ً لك أيها النسان دون‬
‫الطيور أو غير ذلك !!‬
‫ص على قولحته هذه الحبات‬ ‫من الذى خلق كوز الذرة ور ّ‬
‫اللؤلؤية البيضاء بهذا الجمال والبداع ؟!!‬
‫ومن الذى خلق النسان بهذا والجمال والبداع ؟!‬
‫)‪(98‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫هو اللـه ‪ ... !!! ....‬هو اللـه ‪ ... !!! ...‬هو اللـه ‪!!! ...‬‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ة ُ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عال ِ ُ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫و الل ّ ُ‬‫ه َ‬‫‪ُ ‬‬
‫ك‬‫مل ِ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫و الل ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫م)‪ُ (22‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ُ‬‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫مت َك َب ُّر‬‫جّباُر ال ْ ُ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ُ‬‫هي ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ن ال ْ ُ‬‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬
‫سل ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‪‬‬
‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬‫ما ي ُ ْ‬ ‫ع ّ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫ُ‬
‫] الحشر ‪. [ 23-22 :‬‬
‫ياشافـى المـراض مـن‬ ‫قل للطبيب تخطفتـه يــد‬
‫أرداك ؟‬ ‫الردى‬
‫عجــزت فنون الطب من‬ ‫قل للمريض نجى وعوفى‬
‫عافاك؟‬ ‫بعد مـا‬
‫من يـا صحيـح بالمنايـا دهاك‬ ‫قل للصحيح مات ل من‬
‫؟‬ ‫علـــة‬
‫بـل صدام من ياأعمى يقود‬ ‫بل سل العمى خطا ً وسط‬
‫خطاك؟‬ ‫الزحـام‬
‫فهوى بهـا مـن ذا الذى‬ ‫بل سل البصير كان يحذر‬
‫أهواك ؟‬ ‫حفــرةً‬
‫راع ول مـرعى من ذا الذى‬ ‫وسل الجنين يعيـش معزول ً‬
‫يرعاك ؟‬ ‫بـل‬
‫الولدة من الـــــذى‬ ‫وســل الوليد أجهش بالبكاء‬
‫أبكاك ؟‬ ‫لدى‬
‫فسله من يا ثعبان بالسموم‬ ‫وإذا ترى الثعبـان ينفـــث‬
‫حشاك ؟‬ ‫سمه‬
‫وهذا الســم يمل فـــــاك ؟‬ ‫واسأله كيف تعيش يا ثعبان‬
‫أو تحيا‬
‫شهدا ً وقـــل للشهد من‬ ‫واسأل بطـون النحل كيف‬
‫حلك ؟‬ ‫تقاطرت‬
‫إنه اللـه ‪ ..‬إنه اللـه ‪.‬‬
‫ة‬
‫ءاي َ ً‬ ‫عل َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ج َ‬
‫ول ِن َ ْ‬
‫ن َ‬
‫هي ّ ٌ‬ ‫عل َ ّ‬
‫ي َ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬
‫ك ُ‬ ‫قا َ‬
‫ل َرب ّ ِ‬ ‫ك َ‬‫ل ك َذَل ِ ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قا َ‬
‫)‪(99‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫ضّيا ‪. ‬‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬


‫ق ِ‬ ‫مًرا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مّنا َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫س َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫انتهى المر وقدره اللـه عز وجل ‪.‬‬
‫ة‬
‫ءاي َ ً‬‫ه َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ج َ‬‫ول ِن َ ْ‬
‫ن َ‬‫هي ّ ٌ‬‫ي َ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ك َذَل ِ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫س‪.‬‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫هو الذى خلق الخلق ‪ ..‬خلق آدم يوم خلقه بل أب أو أم !!‬
‫وكذلك خلق عيسى من أم بل أب !! ليكون للناس دليل على طلقة‬
‫قدرة الخالق ‪.‬‬
‫َ‬
‫ها‬
‫ج َ‬‫فْر َ‬‫ت َ‬ ‫صن َ ْ‬ ‫ح َ‬‫ن ال ِّتي أ ْ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫م اب ْن َ َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫و َ‬
‫قال تعالى ‪َ  :‬‬
‫وك ُت ُب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ها َ‬ ‫ت َرب ّ َ‬‫ما ِ‬ ‫ت ب ِك َل ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫صد ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫حَنا َ‬ ‫ن ُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫خَنا ِ‬ ‫ف ْ‬‫فن َ َ‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫قان ِِتي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫كان َ ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫] التحريم ‪. [12 :‬‬
‫ولقد ظهر الحمل ‪ ..‬والراجح من أقوال المفسرين أن الحمل‬
‫بعيسى كان حمل عاديا تسعة أشهر وأنه ل ريب أن اللـه جل وعل‬
‫كان قادرا ً ول زال سبحانه على أن تحمل مريم بعيسى وتضعه فى‬
‫لحظة واحدة ‪ ،‬ولكن أراد اللـه بها أن يختبر مدى صبرها ومدى‬
‫تحملها على هذا البتلء العظيم التى ل تستطيع أن تقدر عليه إل‬
‫مريم ابنة عمران العذراء البتول ‪ ،‬فهذا من تمام البتلء ‪.‬‬
‫وبدأت بوادر الحمل تظهر على الطاهرة المطهرة ‪ ،‬وهنا نظر‬
‫يوسف النجار ‪ -‬ذلك الرجل الذى كان يخدم بيت المقدس ‪ -‬إلى‬
‫بطن الطاهرة تعلو يوما بعد يوم ويتعجب ولكن كثيرا ً ما كان يدفع‬
‫أى خالجة تمر بذهنه لعلمه بطهر البتول ‪ ،‬ولكن ها هى جبلية‬
‫البشرية قد غلبته ‪ ،‬وما استطاع أن يكتم هذه الحوالج عن لبه فقال‬
‫لها ‪ :‬يا مريم إنى سائلك عن شىء ولكن ل تعجلى على ‪ ،‬فقالت‬
‫الطاهرة العذراء ‪ :‬سل ما شئت يا يوسف وقل قول ً جميل ً ‪.‬‬
‫فقال لها يوسف ‪ :‬هل ينبت زرع بل بذر ؟! وهل ينبت شجر بل‬
‫غيث أو مطر ؟! وهل يكون ولد بغير أب ؟!!!‬
‫فقالت مريم ‪ :‬نعم يا يوسف هو كذلك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكيف يكون ذلك يا مريم ؟!!‬
‫)‪(100‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫قالت‪ :‬ألم تعلم أن اللـه أنبت الزرع يوم أنبته من غير بذر !!‬
‫وأنبت الشجر يوم خلقه بغير غيث أو مطر ‪ ،‬وخلق آدم يوم‬
‫خلقه بغير أب أو أم !!‬
‫قال يوسف ‪ :‬أعلم أن اللـه على كل شىء قدير! اللـه أكبر ‪..‬‬
‫صّيا)‪22‬‬ ‫ق ِ‬ ‫كاًنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫فان ْت َب َذَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مل َت ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف َ‬ ‫قال اللـه تعالى ‪َ  :‬‬
‫( َ َ‬
‫قب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ت َ‬ ‫م ّ‬ ‫ت َيال َي ْت َِني ِ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫ع الن ّ ْ‬ ‫جذْ ِ‬ ‫ض إ َِلى ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫فأ َ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫حَزِني َ‬ ‫ها أل ت َ ْ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫دا َ‬ ‫فَنا َ‬ ‫سّيا)‪َ (23‬‬ ‫من ْ ِ‬ ‫سًيا َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫وك ُن ْ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫هّزي إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ع َ‬
‫ط‬ ‫سا ِ‬ ‫ة تُ َ‬ ‫ع الن ّ ْ‬ ‫جذْ ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫رّيا)‪َ (24‬‬ ‫س ِ‬ ‫ك َ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ما ت ََري ِ ّ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫عي ًْنا َ‬ ‫قّري َ‬ ‫و َ‬ ‫شَرِبي َ‬ ‫وا ْ‬ ‫فك ُِلي َ‬ ‫جن ِّيا)‪َ (25‬‬ ‫ك ُرطًَبا َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ش َ‬
‫م‬‫ن أك َل ّ َ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و ً‬ ‫ص ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ِللّر ْ‬ ‫قوِلي إ ِّني ن َذَْر ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ح ً‬ ‫رأ َ‬ ‫ن ال ْب َ َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫م لَ َ‬ ‫ال ْيوم إن ْسيا)‪َ َ (26‬‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫قاُلوا َيا َ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ُ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ها ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫فأت َ ْ‬ ‫َ ْ َ ِ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫رّيا)‪َ(27‬ياأ ُ ْ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫ء‬
‫و ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫مَرأ َ‬ ‫كا ْ‬ ‫ن أُبو ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ت َ‬ ‫خ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت َ‬ ‫جئ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ف ن ُك َل ّ ُ‬ ‫قاُلوا ك َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ت إ ِل َي ْ ِ‬ ‫شاَر ْ‬ ‫فأ َ‬ ‫غّيا)‪َ (28‬‬ ‫ك بَ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ي ال ْك َِتا َ‬ ‫ءاَتان ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عب ْدُ الل ّ ِ‬ ‫ل إ ِّني َ‬ ‫قا َ‬ ‫صب ِّيا)‪َ (29‬‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫كا أ َين ما ك ُن ْت ‪َ ý‬‬
‫صاِني‬ ‫و َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مَباَر ً ْ َ َ‬ ‫عل َِني ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫عل َِني ن َب ِّيا)‪َ (30‬‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫عل ِْني‬ ‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وال ِدَِتي َ‬ ‫وب َّرا ب ِ َ‬ ‫حّيا)‪َ (31‬‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما دُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫كا ِ‬ ‫والّز َ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫م‬ ‫عل َي يوم ول ِدت ويو َ‬ ‫جّباًرا َ‬
‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫م أمو ُ‬ ‫م َ ّ َ ْ َ ُ ْ ُ َ َ ْ َ‬ ‫سل ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫قّيا)‪َ (32‬‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫حي ّا ُ ‪. ‬‬ ‫ُ‬
‫ث َ‬ ‫ع ُ‬ ‫أب ْ َ‬
‫] مريم ‪. [ 33 - 22 :‬‬
‫هكذا قال عيسى الذى ما زال فى المهد ل حول له ول قوة له‬
‫إل باللـه أنا عبد اللـه ‪ ،‬وأعطانى النجيل وجعلنى نبيا ً ‪ ،‬وأمرنى‬
‫بالصلة ‪ ،‬والزكاة ما دامت بى حياة ‪ ،‬ومحسنا ً إلى العذراء أمى ‪،‬‬
‫ولم يجعلنى من الجبارين فى الرض ول من الشقياء ‪.‬‬
‫ويكمل لنا القرآن قصة عيسى عليه السلم ويقول‪:‬‬
‫ن)‬ ‫مت َُرو َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ق ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫‪ ‬ذَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫كان ل ِل ّ َ‬
‫مًرا‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه إِ َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫د ُ‬ ‫ول َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ما َ َ‬ ‫‪َ (34‬‬
‫م‬ ‫وَرب ّك ُ ْ‬ ‫ه َرّبي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن)‪َ (35‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كُ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫م‪.‬‬ ‫قي ٌ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫)‪(101‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫] مريم ‪. [ 36 - 34 :‬‬
‫تعالى اللـه عما قاله النصارى فالكمال صفة من صفاته ! أيحق‬
‫له أن يتخذ ولدا ً ؟ !‬
‫م يتخذ ولد وهو الغنى عن خلقه ولن تغنى الخليقة عنه ؟!!‬ ‫ول ِ َ‬
‫فاللـه هو الغنى عن الولد والصاحب والزوج ‪.‬‬
‫نريد جــوابه ممن وعـــــاه‬ ‫فيا عبـاد المسيـح لنـــا‬
‫سؤال‬
‫قــوم أماتوه فهل هـــذا‬ ‫ه بصنــــــــع‬
‫إذا مات الل ُ‬
‫إله ؟!‬
‫وأعجب منه بطن قـــد‬ ‫ويــا عجــب لقبـر ضم ربـا ً‬

‫حــواه‬
‫لدى الظلمات مـ‪ ،‬حيــض‬ ‫أقام هناك تسعــا ً مــن‬
‫غزاه‬ ‫شـهور‬
‫ضعيفــــا ً فاتحا ً للثـــدى فاه‬ ‫وشق الفرج مولــدا ً‬
‫صغيـــرا ً‬

‫بلزم ذاك فهـــل هــذا‬ ‫ويأكل ثــم يشرب ثم‬


‫إله ؟!‬ ‫يأتـــى‬
‫سيســألوا كلهم عمـــا‬ ‫تعالى اللـه عـن إفـك‬
‫افتراه‬ ‫النصارى‬
‫وصدق اللـه إذا يقول ‪ ‬قل هو اللـه أحد ‪ ‬يا من تشركون باللـه‬
‫‪ ...‬فاللـه ل ند له ‪..‬ول كفء له ‪ ..‬ول شبيه له ‪ ..‬ول زوج له ‪ ...‬ول‬
‫صير ‪‬‬
‫ع الب َ ِ‬‫مي ُ‬ ‫س ِ‬
‫هو ال ّ‬ ‫و ُ‬ ‫شىءٌ َ‬ ‫كمث ِْله َ‬‫س َ‬‫ولد له ول والد له ‪َ ‬لي َ‬
‫] الشورى ‪[ 11 :‬‬
‫أحبتى فى اللـه ‪ :‬أرى أنه من الجمال أن أختم هذا العنصر‬
‫بهذا الحوار المبارك الجميل الذى برىء به ربنا ساحة نبيه عيسى‬
‫عليه السلم ‪.‬‬
‫قال اللـه تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫س‬‫ت ِللّنا ِ‬‫قل ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫م ءَأن ْ َ‬ ‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬
‫سى اب ْ َ‬‫عي َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه َيا ِ‬ ‫قا َ‬‫وإ ِذْ َ‬
‫‪َ ‬‬
‫)‪(102‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫ذوِني ُ‬
‫ما‬‫ك َ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬‫ل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫هي ْ ِ‬‫ي إ ِل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ات ّ ِ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْت ُ ُ‬‫ت ُ‬ ‫ن ك ُن ْ ُ‬ ‫ق إِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِلي ب ِ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قو َ‬ ‫ن أَ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ِلي أ ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ك إ ِن ّ َ‬
‫ك‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ول أ َ ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫مت َ ُ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫قل ْت ل َهم إل ما أ َمرت َِني ب َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫هأ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ِ‬ ‫ما ُ ُ‬ ‫ب)‪َ (116‬‬ ‫غُيو ِ‬ ‫عل ُ‬ ‫ت َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫ت‬ ‫م ُ‬ ‫ما دُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫هي ً‬ ‫م َ‬ ‫ت َ َ‬ ‫وك ُن ْ ُ‬ ‫وَرب ّك ُ ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫ش ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َرّبي َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ا ْ‬
‫عَلى‬ ‫عل َيهم َ‬ ‫َ‬
‫ت َ‬ ‫وأن ْ َ‬ ‫ب َ ْ ِ ْ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ت الّر ِ‬ ‫ت أن ْ َ‬ ‫في ْت َِني ك ُن ْ َ‬ ‫و ّ‬‫ما ت َ َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫عَبادُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عذّب ْ ُ‬ ‫ن تُ َ‬ ‫د)‪ (117‬إ ِ ْ‬ ‫هي ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫فإن ّ َ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫م َ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فْر ل َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫] المائدة ‪. [ 118 - 116 :‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬بل رفعه اللـه إليه‬

‫زعـم اليهـود عليهم لعائن اللـه المتتابعة أنهم قتلوا عيسى بن‬
‫مريم وصلبوه ‪ ،‬وزعم النصارى بجهل وغباء أن عيسى صلب وقتل‬
‫ودفن وخرج من قبره بعد ثلثة أيام وصعد إلى السماء وجلس عن‬
‫يمين الرب أبيه ‪ ،‬وهو ينتظر إلى يوم الخلص ليقضى بين الحياء‬
‫والموات !!‬
‫ذًبا ‪‬‬ ‫ن ِإل ك َ ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫م ً‬ ‫ت ك َل ِ َ‬ ‫‪ ‬ك َب َُر ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬
‫فبين اللـه الحق وكذب اليهود والنصارى فقال سبحانه ‪َ ‬‬
‫ما‬‫و َ‬ ‫قت َُلوهُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫قت َل َْنا ال ْ َ‬ ‫إ ِّنا َ‬
‫ه‬‫من ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫في َ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫فوا ِ‬ ‫خت َل َ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ول َك ِ ْ‬ ‫صل َُبوهُ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫قيًنا) ‪(157‬ب َ ْ‬ ‫قت َُلوهُ ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع الظّ ّ‬ ‫عل ْم ٍ ِإل ات َّبا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ه ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ما) ‪َ (158‬‬ ‫كي ً‬ ‫ح ِ‬ ‫زيًزا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف َ‬‫َر َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ة يَ ُ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب ِإل ل َي ُ ْ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫وت ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫من َ ّ‬‫ؤ ِ‬
‫دا‪‬‬‫هي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫] النساء ‪. [159 - 157 :‬‬
‫قال أهل التفسير ‪ :‬أن اللـه عز وجل لما أراد أن يرفع نبيه‬
‫عيسى إلى السماء بعد ما انطلق اليهود لقتله ألقى اللـه شبه‬
‫)‪(103‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫عيسى على يهوذا السخريوطى الخائن الذى أخذ اليهود ليدلهم‬


‫على مكان عيسى فابتله اللـه فألقى عليه شبه عيسى فأخذه‬
‫اليهود فقتلوه وصلبوه وهذا قول ‪.‬‬
‫والقول الخر ‪ :‬ثبت عن ابن عباس بسند صحيح كما روى ابن‬
‫أبى حاتم والنسائى بسند صححه الحافظ ابن كثير فى تفسيره‬
‫لسورة النساء ‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضى اللـه عنهما ‪:‬‬
‫" لما أراد اللـه أن يرفع عيسى خرج إلى بيت فيه إثنى عشر‬
‫رجل من الحوارين فقال ‪ :‬نبى اللـه عيسى ‪ :‬إن منكم من سيكفر‬
‫بى بعد أن آمن بى ‪ ،‬ثم قال لهم ‪ :‬أيكم يقبل أن يلقى عليه شبهى‬
‫ليقتل مكانى ليكون معى فى درجتى فى الجنة فقام شاب أحدثهم‬
‫سنا ً ) أصغر الجالسين ( فقال له ‪ :‬أنا ‪ ،‬فقال ‪ :‬اجلس ‪ ،‬فجلس ‪،‬‬
‫ثم أعاد عيسى القول مرة ثانية فقام نفس الشاب فقال له ‪:‬‬
‫اجلس فجلس ‪ ،‬ثم أعاد عيسى قوله للمرة الثالثة فقام نفس‬
‫الشاب فقال عيسى هو أنت فألقى اللـه على هذا الشاب شبه‬
‫عيسى ورفع اللـه عيسى إلى السماء " ‪.‬‬
‫وجاء الطلب من اليهود أى الذين يطلبون عيسى لقتله فأخذوا‬
‫هذا الشاب فقتلوه فصلبوه فكفر بعض أتباع عيسى ممن آمنوا به‬
‫كما ذكر لهم قبل قليل ‪.‬‬
‫ثم ينزل اللـه عز وجل عيسى بعد ذلك لحكم عديدة خذوا منها ‪:‬‬
‫أن اللـه تبارك وتعالى سينزل عيسى عليه السلم ليكذب اليهود‬
‫الذين زعموا أنهم قتلوه ‪ ،‬وليكذب النصارى الذين جهلوا هذه‬
‫الحقيقة ‪ ،‬وليبين للناس جميعا أن محمدا ‪ ‬وأن الموحدين معه‬
‫من أمته أولى الناس بعيسى عليه السلم لنه سيحكم العالم كله‬
‫بكتاب اللـه وبشريعة محمد رسول اللـه ‪. ‬‬
‫سينزل عيسى ليموت فى الرض فما قولك إذا ً فى قول اللـه‬
‫ي‬‫ك إ ِل َ ّ‬‫ع َ‬
‫ف ُ‬‫وَرا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫في َ‬‫و ّ‬‫مت َ َ‬
‫سى إ ِّني ُ‬ ‫عي َ‬
‫ه َيا ِ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫تعالى ‪ :‬إ ِذْ َ‬
‫قا َ‬
‫ق‬
‫و َ‬ ‫ك َ‬
‫ف ْ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ات ّب َ ُ‬‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬‫ع ُ‬
‫جا ِ‬
‫و َ‬
‫فُروا َ‬‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫مطَ ّ‬
‫هُر َ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫)‪(104‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫قيامة ث ُم إل َي مرجعك ُم َ َ‬
‫م‬‫حك ُ ُ‬‫فأ ْ‬ ‫وم ِ ا ل ْ ِ َ َ ِ ّ ِ ّ َ ْ ِ ُ ْ‬ ‫فُروا إ َِلى ي َ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن ‪ ] ‬آل عمران ‪. [ 55 :‬‬ ‫فو َ‬ ‫خت َل ِ ُ‬
‫ه تَ ْ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬
‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫والجواب كما قال جمهور المفسرين ‪:‬‬
‫أن الوفاة فى الية معناها الوفاة الصغرى وهى النوم كما فى‬
‫م‬
‫حت ُ ْ‬
‫جَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫وي َ ْ‬ ‫م ِبالل ّي ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫فاك ُ ْ‬‫و ّ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫قوله تعالى ‪َ  :‬‬
‫ر‪ ] ‬النعام ‪.[60 :‬‬ ‫ها ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫ها ‪ ] ‬الزمر ‪:‬‬ ‫موت ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫حي َ‬‫س ِ‬ ‫فىالْنف َ‬ ‫ه ي ََتو ّ‬ ‫وكما فى قوله‪  :‬الّلـ ُ‬
‫‪. [ 42‬‬
‫أى فى منامها كما فى قول المصطفى إذا استيقظ من منامه ))‬
‫الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور (( )‪. (1‬‬
‫ة مــن النــوم ‪ ،‬وهــذه هــى‬ ‫سـن َ ً‬
‫إنى متوفيك أى ألقــى اللـــه عليــه ِ‬
‫الوفاة الصغرى باتفاق ثم رفعه اللـه عز وجل ثم ينزله اللـــه تبــارك‬
‫وتعالى فى الوقت الذى يشاء‬

‫ثالثا ً ‪ :‬نزول عيسى عليه السلم إلى الرض من السماء‬

‫بين اللـه جل وعل أنه رفع عيسى إليه إلى يوم الوقت المعلوم‬
‫الذى سينزل فيه إلى الرض مرة أخرى ليكون علمة كبرى من‬
‫ما‬‫ول َ ّ‬ ‫العلمات الدالة على قيام الساعة فقال فى قرآنه ‪َ  :‬‬
‫قاُلوا‬ ‫و َ‬ ‫ن)‪َ (57‬‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬‫ه يَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫مث ًَل إ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬‫ب اب ْ ُ‬‫ر َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫م َ‬ ‫دل ب َ ْ‬ ‫ضَرُبوهُ ل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ٌ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ك ِإل َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫خي ٌْر أ ْ‬‫هت َُنا َ‬ ‫أآل ِ َ‬
‫مث ًَل ل ِب َِني‬ ‫َ‬
‫عل َْناهُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫مَنا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫عب ْدٌ أن ْ َ‬ ‫و ِإل َ‬ ‫ه َ‬
‫ن ُ‬ ‫ن)‪(58‬إ ِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫في ا َ‬ ‫عل َْنا ِ‬ ‫شاءُ ل َ َ‬
‫لرض‬ ‫ة ِ‬ ‫ملئ ِك َ ً‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و نَ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ل)‪َ (59‬‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ن‬‫عو ِ‬ ‫وات ّب ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫مت َُر ّ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬ ‫م ِلل ّ‬ ‫عل ْ ٌ‬‫ه لَ ِ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫ن)‪َ (60‬‬ ‫فو َ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫م‪.‬‬ ‫قي ٌ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫] الزخرف ‪. [ 61-57 :‬‬
‫انتبه جيدا ففى قراءة ابن عباس ومجاهد وإنه لعلم للساعة أى‬
‫‪ ()1‬رواه البخارى رقم )‪ (6312‬فى الدعوات باب ما يقول إذا نام ‪ ،‬والترمذى رقم )‪ (3413‬فى‬
‫الدعوات باب ما يدعو به عند النوم ‪ ،‬وأبو داود رقم )‪ (5049‬فى الدب باب ما يقال عند النوم ‪.‬‬
‫)‪(105‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫نزول عيسى أمارة وعلمة على قيام الساعة ‪.‬‬


‫بل وروى ابن جرير بسند صحيح أن ابن عباس رضى اللـه عنهما‬
‫ة ‪ ‬أى خروج عيسى عليه السلم ‪ ،‬فإن‬ ‫ع ِ‬
‫سا َ‬
‫م ِلل َ‬ ‫ه َلعل ُ‬‫وإ ِن ّ ُ‬‫قال‪َ  :‬‬
‫نزل فهذه علمة كبرى تدل على قرب قيام الساعة ‪ ،‬وقال اللـه‬
‫ب ِإل‬ ‫َ‬
‫ل الك َِتا ِ‬
‫من أه ِ‬‫ن ّ‬‫وإ ِ ّ‬
‫تعالى فى الية التى ذكرت آنفا ‪َ ‬‬
‫ه ‪ ‬أى قبل موت عيسى عليه السلم ‪.‬‬ ‫موت ِ ِ‬ ‫قب َ‬
‫ل َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ل َُيؤ ِ‬
‫من َ ّ‬
‫وقد بينت السنة الصحيحة المتواترة نزول عيسى عليه السلم‬
‫إلى الرض من السماء ‪.‬‬
‫ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى صلى اللـه عليه‬
‫وسلم قال ‪ )) :‬والـذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم‬
‫عيسى بن مريم حكمـا ً مقسـطا ً فيكسـر الصليـب ويقتل‬
‫الـخنزيـر ويضع الـجزيـة ويفيـض المال حتى ل يقبله‬
‫أحد (( )‪. (1‬‬
‫وانظر ماذا قال الحبيب فى الحديث الذى رواه أبو داود فى سننه‬
‫بسند صحيح من حديث أبى هريرة رضى اللـه عنه قال رسول اللـه‬
‫عليه وسلم ‪ )) :‬ليس نبى بينى وبين عيسى بن مريم وإنه‬
‫نازل ‪ ،‬فإذا رأيتموه فاعرفوه ‪ ،‬إنه رجل مربوع ليس‬
‫بالطويل ول بالقصير ول بالسمين ول بالنحيف مائل إلى‬
‫الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر ماء من غير بلل (( )‪. (2‬‬
‫وفى رواية النواس بن سمعان فى صحيح مسلم فى كتاب الفتن‬
‫وأشراط الساعة أنه صلى اللـه عليه وسلم قال ‪ )) :‬ينزل‬
‫عيسى عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين‬
‫(( فى الرواية الولى التى ذكرت آنفا بين ممصرتين ‪ -‬أى ثوبين‬
‫مصبوغين بصفرة خفيفة يسيرة )) واضعا كفيه على أجنحة‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري رقم )‪ (2222‬في البيوع ‪ ،‬باب قتل الخنزير ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ (155‬في اليمان ‪ ،‬باب‬
‫نزول عيسى بن مريم حاكما ً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأبو داود رقم )‪ (4324‬فى‬
‫الملحم باب خروج الدجال ‪ ،‬والترمذى رقم )‪ (2234‬فى الفتن ‪ ،‬باب ما جاء فى نزول عيسى عليه‬
‫السلم ‪.‬‬
‫‪ ()2‬رواه أبو داود رقم )‪ (4324‬فى الملحم ‪ ،‬باب خروج الدجال ‪ ،‬وصححه اللبانى فى الصحيحة )‬
‫‪ (2182‬وهو فى صحيح الجامع رقم )‪. (5389‬‬
‫)‪(106‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفع رأسه تنحدر منه‬
‫جمان كحبات اللؤلؤ ‪ ،‬يتوجه نبى اللـه عيسى من دمشق‬
‫إلى بيت المقدس وقد أقيمت الصلة فإذا رأى المام‬
‫الفطن الذكى اللبق نبى اللـه عيسى عرفه وتقهقر‬
‫للخلف ليتقدم نبى اللـه عيسى فيقول له نبى اللـه ‪ :‬لك‬
‫أقيمت فإن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللـه لهذه‬
‫المة فيصلى نبى اللـه عيسى خلف إمام المسلمين فإذا‬
‫انتهوا من الصلة انطلق نبى اللـه عيسى إلى باب بيت‬
‫المقدس وأمرهم أن يفتحوا الباب فإذا فتحوا الباب رأوا‬
‫الدجال خلف الباب ومعه سبعون ألف من اليهود‬
‫بالسيوف فإذا نظر الدجال إلى نبى اللـه عيسى ذاب‬
‫كما يذوب الملح فى الماء فيريد الدجال أن يهرب فيتبعه‬
‫نبى اللـه عيسى ويدركه عند باب لد مدينة معروفة الن‬
‫بفلسطين فيقتله ‪ ،‬ويريح الناس من شره (( ‪.‬‬
‫قال المصطفى ‪ ‬قول ً عجيبا ً كما فى مسند المام أحمد‬
‫وصحيح ابن حبان وصحح السند الحافظ ابن حجر من حديث أبى‬
‫هريرة رضى اللـه عنه وفيه أن رسول اللـه‪ ‬قال ‪ )) :‬فيهلك‬
‫فى زمان عيسى الملل كلها إل السلم ‪ ،‬ويهلك اللـه‬
‫المسيح الدجال ‪ ،‬وتنزل المنة فى الرض حتى ترعى‬
‫السود مع البل ‪ ،‬والنمار مع البقر ‪ ،‬والذئاب مع الغنم ((‬
‫)‪. (1‬‬
‫استحلفك باللـه أن تنظر لبداية الحديث يقول الرسول تهلك كل‬
‫الملل إل السلم ‪....‬‬
‫سبحان اللـه ‪ !!..‬واللـه أكبر !!‬
‫أبشر أيها الموحد ‪ ..‬أبشر يا من تحب " ل إله إل اللـه " ‪.‬‬
‫د‬
‫عن َ‬‫ن ِ‬‫دي َ‬
‫ن ال ّ‬‫نعم واللـه ستهلـك كـل الديـان إل السـلم ‪ ‬إ ِ ّ‬
‫سلم ‪ ] ‬آل عمران ‪. [ 19 :‬‬ ‫ه ال ْ‬‫الّلـ ِ‬

‫‪ ()1‬مسند أحمد رقم )‪. (8902‬‬


‫)‪(107‬‬ ‫"فى رحاب الدار الخرة "علمات الساعة الكبرى‬

‫وانظر مرة أخرى ومحص النظر ‪.‬‬


‫ترعى السود مع البل ‪ !!...‬والنمار مع البقر ‪.‬‬
‫والذئاب مع الغنم ‪!!...‬‬
‫وفى رواية أبى أمامة وسندها صحيح قال المصطفى ‪)) : ‬‬
‫فيكون الذئب مع الغنم كأنه كلبها ويمر الوليد على‬
‫السد فل يضره وتمر الوليدة على الحية فل تضرها ‪،‬‬
‫رفع الظلم واستقر المن والمان والرخاء وزادت البركة‬
‫حتى تنزل المنة فى الرض (( ‪.‬‬
‫بل فى رواية النواس بن سمعان قال ‪ )) : ‬فيقال للرض‬
‫أنبتى ثمرتك وردى بركتك فيومئذ تأكل العصابة من‬
‫الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك فى الرسل " اللبن "‬
‫حتى أن اللقحة ) الوليدة التى وضعت ولدها( من البل‬
‫لتكفى الفئام من الناس " الجماعة " واللقحة من البقر‬
‫خ َ‬
‫ذ‬ ‫لتكفى القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفى ال َ‬
‫ف ِ‬
‫من الناس ‪ (1) (( ....‬سبحان اللـه‪!!..‬‬
‫وهكذا تعيش الرض حالة ل نسيج لها فى التاريخ كله ‪ ،‬حتى قال‬
‫المصطفى فى الحديث الذى رواه الديلمى والضياء المقدسى‬
‫وصححه فى الصحيحة اللبانى من حديث أبى هريرة أن الحبيب‬
‫النبى ‪ ‬قال ‪ )) :‬طوبى لعيش بعد المسيح ‪ ،‬طوبى لعيش‬
‫بعد المسيح ‪ ،‬يؤذن للسماء فى القطر ويؤذن للرض‬
‫فى النبات حتى إذا بذرت حبك على الصفا لنبت ول‬
‫تشاحن ول تحاسد ‪ ،‬ول تباغض ‪ ،‬حتى يمر الرجل على‬
‫السد ول يضره ويطأ على الحية فل تضره ‪ ،‬ول تشاح‬
‫ول تحاسد ول تباغض ((‬
‫)‪(2‬‬

‫‪ ..........‬الدعــاء‬

‫‪ ()1‬رواه مسلم رقم )‪ (2937‬فى الفتن وأشراط الساعة ‪ ،‬باب ذكر الدجال ‪.‬‬
‫‪ ()2‬صححه شيخنا اللبانى ‪ ،‬فى الصحيحة حديث رقم )‪. (1926‬‬

You might also like