Professional Documents
Culture Documents
امتحان
القلوب
أ .د .ناصر بن سليمان العمر
1
امتحان القلوب
)( 1
امتحان القلوب
إن الحمد لله ،نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ،ونتوب إليععه ،ونعععوذ
بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا .مععن يهععده اللععه فل مضععل
له ،ومن يضلل فل هادي له .وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك
دا عبععده ورسععوله ،صععلى اللععه عليععه وعلععى آلععه
له ،وأشهد أن محم ً
وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ن إ ِل ّ وََأنت ُععم مععوت ُ ّ حعقّ ت َُقععات ِهِ وَل َ ت َ ُ ه َ من ُععوا ْ ات ُّقععوا ْ الل ّع َنآ َ ذي َ
َ
)َيا أي ّهَععا ال ّع ِ
س ات ُّقععوا ْ َ
ن( ]سورة آل عمران ،اليةَ) .[102 :يا أي ّهَععا الن ّععا ُ مو َ سل ِ ُم ْ
)(2
ّ
مععا من ْهُ َ
ث ِ جهَععا وَب َع ّ من َْها َزوْ َ خل َقَ ِ حد َةٍ وَ َ س َوا ِ من ن ّْف ٍ كم ّ خل ََق ُذي َ م ال ّ ِ َرب ّك ُ ُ
هن الل ّع َ م إِ ّ حععا َ ن ب ِعهِ َوال َْر َ سععاءُلو َ ذي ت َ َ ه ال ّ ِ
ساء َوات ُّقوا ْ الل ّ َ جال ً ك َِثيًرا وَن ِ َ رِ َ
َ
من ُععوانآ َ ذي َ م َرِقيًبا()] (3سورة النسععاء،اليععة) .[1:ي َععا أي ّهَععا ال ّع ِ ن عَل َي ْك ُ ْ كا َ َ
اتُقوا الل ّه وُقوُلوا قَوًل سديدا يصل ِح ل َك ُ َ
م ذ ُُنوب َك ُ ْ
م م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ مال َك ُ ْ م أعْ َ
ْ َ ِ ً ُ ْ ْ ْ َ َ ّ
مععا()] (4سععورة الحععزاب، ظي ً ه فََقد ْ َفاَز فَعوًْزا عَ ِ سول َ ُ ه وََر ُ من ي ُط ِعْ الل ّ َ وَ َ
الية.[70 :
أما بعد:
فإن الحديث عن القلب وامتحانه وابتلئه حديث بالغ الهمية فععي
وقت قست فيه القلوب ،وضعف فيه اليمان ،واشتغل فيععه بالععدنيا،
وأعرض الناس عن الخرة.
ونحععن نععرى فععي هععذا العصععر تطععورا هععائل فععي جراحععة القلععب
البشري ،حتى كان من آخر ذلك ما نسمع عن زراعة القلععب ونقلععه
- 1أصل هذه الرسالة محاضرة ألقاها المؤلف فأذن لنا مشكورا بإخراجها.
2
امتحان القلوب
3
امتحان القلوب
- 5التحفة العراقية.
4
امتحان القلوب
في بحععث بععض العمععال الدقيقععة ،ويتفقععه فيهععا فقهععا عجيبععا :هععل
تحريك الصبع سنة؟ ومتى وكيف يحرك؟ ...إلخ ،والبحث فيهععا نععافع
ومهم ول شك ،في حين يغفل البحث في أععمال القلععب وأحوالعععه،
م وأج ّ
ل. وأدوائه وعلله ،وهذا أه ّ
رابعا :أن كثيرا من المشكلت بين الناس ،وبععالخص بيععن طلبععة
العلم ،سببها أمراض تعتري القلوب ،ول تبنى على حقععائق شععرعية،
فهععذه المشكعععلت تععترجم أحععوال قلععوب أصععحابها ،ومععا فيهععا مععن
أمراض مثل :الحسععد ،والغععل ،والكعععبر ،والحتقعار ،وسعوء الظععن...
إلععخ ،وسععبيل حلهععا المثععل هععو علج هععذه القلععوب؟ وإل فععالمرض
سيظهر بين حين وآخر كلما ظهرت دواعيه.
ونظععرة إلععى واقععع المجتمععع ،ومععا يحععدث فيععه بيععن النععاس مععن
مشكلت اجتماعية ،وخصومات في الحقععوق والمععوال تثبععت صععحة
ذلك.
خامسا :إن سلمعة القلب وخلوصعه سبب لسععادة الدنيا والخرة،
فسلمة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الدواء سبب
ل وََل ب َُنو َ
ن م َل َينَفعُ َ
ما ٌ للسعادة والطمأنينة في الدنيا والخرة) :ي َوْ َ
إّل م َ
م()] (1سورة الشعراء ،اليتان.[89 ،88 : سِلي ٍ ه ب َِقل ْ ٍ
ب َ ن أَتى الل ّ َ
ِ َ ْ
وانظر إلى حال أبي بكر رضي الله عنهوغيره ممن رزق قلبا
سليما ،خاليا من الضغائن والعلل.
سادسا :يقول المام عبد الله بن أبععي جمععرة" .وددت أنععه كععان
من الفقهاء من ليس لعه شععغل إل أن يعلعم النععاس مقاصععدهم فععي
أعمالهم؛ فما أتي كثير ممن أتي إل من قبل تضييع ذلك ).(2
- 2محاضرة الشيخ سلمان العودة عن النية .المدخل لبن الحاج ).(3 /1
5
امتحان القلوب
6
امتحان القلوب
7
امتحان القلوب
وأما هذا القلب فقليل منا من ينظر إليه ،ويعطيه الهتمام اللئق
به ،وعسى أن يكون فيما سبق معن ذكعر أهميعة القلعب وأثععره فعي
حياة النسان ما يدعونا إلى مراجعة هذا القلععب ،وإعطععائه المكانععة
اللئقة به.
.[154
وى
م ِللت ّْق َه قُُلوب َهُ ْن الل ّ ُ ح َ مت َ َ
نا ْ ذي َ وقال -سبحانه وتعالى) :-أ ُوْل َئ ِ َ
ك ال ّ ِ
َ
م()] (2سورة الحجرات ،الية.[3 : ظي ٌ جٌر عَ ِ مغِْفَرةٌ وَأ ْ ل َُهم ّ
فمن هؤلء الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى؟
هذه اليععة نعععزلت فععي الصحعععابيين الجليليععن أبععي بكعععر الصععديق
وعمر بن الخطاب -رضعي اللعه عنهمعا -عنعدما رفععا صعوتيهما عنعد
فقد روى البخاري عن عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الله بن الزبير رضي الله عنهأنه " :قدم ركععب مععن تميععم علععى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر :أ ّ
مععر القعقععاع بععن
مر القرع بععن حععابس ،فقععال أبعععو
معبد ابن زرارة ،فقال عمر :بل أ ّ
بكعر :ما أردت إل خلفي ،قال عمر :ما أردت خلفك ،فتماريععا حععتى
8
امتحان القلوب
- 7قال اللوسي في تفسير الية :والمراد أخلصها للتقوى ،أي جعلها خالصة لجل التقوى ،أو أخلصها لها فلم يبق لغير التقوى فيها حق ،كأن القلوب خلصت ملكا للتقوى،
9
امتحان القلوب
فيه نكتة سوداء ،وأي قلب أنكرها ) (4نكت فيععه نكتععة بيضععاء ،حععتي
تصيرعلى قلبين :على أبيض مثل الصفا ،فل تضععره فتنععة مععا دامععت
ل )(6
جخي ّععا
م َ
كععالكوز ُ
)(5
دا
مْرب َععا ّ
السععموات والرض ،والخععر أسععود ُ
).(7 " يعرف معروفا ،ول ينكر منكرا ،إل ما أشرب من هواه
- 1سورة الحجرات آية.2 :
10
امتحان القلوب
11
امتحان القلوب
12
امتحان القلوب
13
امتحان القلوب
- 3المواطن غير السباب فهي أعم من ذلك ،فالعلم موطنا وليس سببا ،والشهوات موطنا وسببا.
14
امتحان القلوب
15
امتحان القلوب
)(1
-2العلم:
وهذا موطن خصب لمتحان القلوب ،وكم فشل أنععاس فععي هععذا
المتحان ،فطائفة طلبوا العلم لله ،ثععم تحععولت النيععة إلععى الشععهوة
الخفيععة ،حععب الرئاسععة ،الشععهرة ،التصععدر ،التعععالي علععى القععران،
المراء والجدل ،القدح في الخصوم ..وغيرها.
وفي الحديث " :من تعلم علما مما ي ُب َْتغى به وجه الله ،ل يتعلمععه
" إل ليصيب به عرضا من الدنيا ،لم يجد عععرف الجنععة يععوم القيامععة
يعني :ريحها ).(2
-3الدعوة:
وهعععذا المجعععال مععن أشععد مجععالت امتحعععان القلععوب .وأصععحاب
الععدعوة المشععتغلون بهععا مععن أشععد النععاس معانععاة لهععذا المتحععان.
فشععهوة تععوجيه الخريععن ،والشععهرة ،والتعععالي علععى الخلععق كلهععا
امتحانات قد تجعل الدعوة وبال على صاحبها -والعيععاذ بععالله -وفتنععة
النكوص عن الدعوة ،أو توجيهها إلى غير رضى الله داء عضال.
-4الخلف والجدل:
وهو مرتع من مراتع الشيطان .ومزرعة من مزارعه ،ولذلك نبهنا
جععادِل ْهُ ْ
م الله جل وعل إلى السلوب المثل فععي المجادلععة فقععال) :وَ َ
َ
ن()] (3سععورة النحععل ،اليععة .[125 :ولنععه قععد يكععونس ُ
ح َ
يأ ِْبال ِّتي هِ َ
الباعث للجدال هو النتصار للحق ،ثم يتحععول إلععى انتصععار للنفععس،
16
امتحان القلوب
17
امتحان القلوب
-5الشهوات:
وإنما أخرتها قصدا؛ لن كثيرا من الناس يقصععر امتحععان القلععوب
على الشهوات :المعال ،والمركب ،والنساء ،والبنين ،والبنيان ،وهذه
ة()] (1سعورة
م فِت َْنع ٌ م وَأ َْولد ُ ُ
كع ْ وال ُك ُ ْ
مع َ
َ
معا أ ْ
ل شعك أنهعا فتنعة وابتلء )إ ِن ّ َ
" يقول: التغابن ،الية .[15 :والرسول صلى الله عليه وسلم
إن الععدنيا حلععوة خضععرة ،وإن اللععه مسععتخلفكم فيهععا فنععاظر كيععف
تعملون ،فاتقوا الدنيا ،واتقوا النساء ،فإن فتنة بنععي إسععرائيل كععانت
لكن ما سبق أعظم أثععرا وأوقععع فععي أمععراض هععذا )(2
" في النساء
القلب ،وسلبه عافيته.
-6الشبهات والفتن:
وهما مجال رحب من مجالت مععرض القلععب وسععبب لكععثير مععن
العلل كما سيأتي بيانه.
-7الرياسة والمناصب:
فكم تغيرت من نفوس ،وتباغضت من قلوب بسبب هذا الموطن
الذي قل أن يسلم منه أحد ،فالحسد والغيرة والحقد والغل أمراض
مبعثها هذا المر في غالب الحوال والحيان.
-8النسب والحسب والجاه:
وهو أرض مثمععرة لمععراض القلععوب وأدوائه ،فالتعععالى والتفععاخر
والكبر وغيرها من أمراض القلوب تنطلععق مععن هععذه الرض ،ففيهععا
تنبت ومنها تثمر.
18
امتحان القلوب
ولعلنا الن نبين شيئا مععن المععراض والدواء الععتي يكععثر امتحععان
القلب بها ،إل إننا سنقدم لها تنبيهات مهمة:
تنبيهات مهمة
أول :الحذر ،الحذر من قيام الخ إذا علم بهذه المععراض والعلععل
بتصنيف الناس وينعزل هذه المراض عليهم ،فإن فعل ذلك أحد فهو
أول الراسبين ،فإن أعمال القلوب لرب القلععوب -جععل وعل -يقععول
ن ك ال ّ ِ
ذي َ الله -سبحانه وتعالى -مخاطبا نبيه في حق المنافقينُ) :أول َئ ِ َ
َ
م فِععي ل ل َهُع ْ عظ ْهُع ْ
م وَقُع ْ م وَ ِ مععا فِععي قُل ُععوب ِهِ ْ
م فَعأعْرِ ْ
ض عَن ْهُع ْ م الل ّ ُ
ه َ ي َعْل َ ُ
م قَوْل ً ب َِليغًا()] (1سورة النساء ،الية .[63 :وإنعما الصواب في َ
سه ِ ْ
أن ُْف ِ
أن نعرفها ،فنصحح قلوبنا ،ونقيها هذه الدواء.
ثانيا :وكما يحذر النسان مما سبق ،فينبغععي أل ينشععغل بقلععوب
الناس عن قلبععه ،ولنتععدبر أيهععا الخععوة هععذه القصععة المعععبرة ،فعععن
أسامة بن زيد رضي الله عنهقال " :بعثنععا رسععول اللععه صلى
الله عليععه وسععلم إلععى الحرقععة ،فصععبحنا القععوم ،فهزمنععاهم-
ولحقت أنا ورجل من النصار رجل منهم ،فلمععا غشععيناه )أي ألحقنععا
بععه وعلونععاه( قععال :ل إلععه إل اللععه ،فكععف عنععه النصععاري ،وطعنتععه
برمحي حتى قتلته .قال :فلما قدمنا بلععغ ذلععك النععبي صلى اللعه
عليه وسلم فقال لي :يا أسامة ،أقتلته بعد ما قال :ل إله إل الله
قال :قلت :يا رسول الله ،إنما كان متعوذا )أي لجئا ومعتصما بهععا(،
وليس بمخلص في إسلمه .قال :فقال أقتلته بعد ما قال :ل إلععه إل
19
امتحان القلوب
الله .قال :فما زال يكررها علي ،حتى تمنيت أني لععم أكععن أسععلمت
قبل ذلك اليوم " وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسععلم
).(1 " قال له " :أفل شققت عن قلبه ،حتى تعلم أقالها أم ل
َ
م ِفععي ضَرب ْت ُ ْذا َ مُنوا إ ِ َ نآ َ ذي َ والله -سبحانه وتعالى -يقولَ) :يا أي َّها ال ّ ِ
من عا ً سبيل الل ّه فَتبينوا ول تُقوُلوا ل ِم َ
مؤ ْ ِت ُ سع َ م لَ ْ سععل َ م ال ّ ن أل َْقى إ ِل َي ْك ُ ُ َ ْ َ َ ِ ََُّ َ ِ ِ
نمع ْ م ِ ك ك ُن ْت ُع ْ م ك َِثي عَرةٌ ك َعذ َل ِ َ مَغان ِ ُ حَياةِ الد ّن َْيا فَعِن ْد َ الل ّهِ َ ض ال ْ َن عََر َ ت َب ْت َُغو َ
ً )(2
خِبيعرا( ن َ مُلعو َ معا ت َعْ َ ن بِ َكعا َ ه َ ن الّلع َم فَت َب َي ُّنعوا إ ِ ّ ه عَل َي ْ ُ
كع ْ ن الّلع ُ ل فَ َ
مع ّ قَب ْ ُ
]سورة النساء ،الية .[94 :فل ينبغي التعمادي في ذلععك ،والتسععاهل
فيه.
ثالثا :أن نعنى ببيان هذه المراض للنععاس ،ونععدلهم علععى سععبل
الوقاية منها ،فكثير منهم يعيععش فعي غفلعة تامعة ،ويحرصععون علعى
الوقاية من المراض الحسية ،أكثر من اهتمامهم بأمراض قلوبهم.
رابعا :هناك أسباب كثيرة لمراض القلوب وفسادها من أهمها:
-1الجهل.
-2الفتن.
-3الشهوات والمعاصي.
-4الشبهات.
-5الغفلة عن ذكر الله.
-6الهوى.
-7الرفقة السيئة.
-8أكل الحرام كالربا والرشوة وغيرهما.
- 1رواه البخاري ) 7/517فتح( ومسلم ) (1/96وقد أطال في عرض روايات الحديث.
20
امتحان القلوب
21
امتحان القلوب
- 2رواه البخاري تعليقا عنه ) (109 /1وقال ابن حجر :أخرجه المروزي مطول في كتاب اليمان ،وأبو زرعة في تاريخه.
22
امتحان القلوب
ونحن الن نقول :هل نجد ثلثين يخافون النفععاق علععى أنفسععهم،
ومن تأمل صفات المنافقين مما ذكره الله فععي كتععابه فععي مواضععع
علععم أن المععر كثيرة ،وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم
جد خطير ،خاصة ونحن نرى تساهل الناس في التصاف بصععفاتهم،
مع أمنهم من ذلك ،ومن ذلك:
أن بعض الناس يتحدث عععن القضععاة وأخطععائهم ،ومثععالبهم بحععق
وبغير حق ،ويتعدى الحديث إلى أقضيتهم وأحكعامهم .ثم هو يحسععن
للنعاس أحعوال الغعربيين وأحكامهم ومساواتهم ،جاهل أو متجاهل ما
هم فيه من شقاء وتبرم وضياع ،بتركهم شرع الله وكفرهم بآياته.
مو َ
ك حك ّ ُ
حّتى ي ُ َ
ن َ مُنو َك ل ي ُؤْ ِ والله -سبحانه وتعالى -يقولَ) :فل وََرب ّ َ
َ
ت مععا قَ َ
ض عي ْ َ حَرج عا ً ِ
م ّ م َ س عه ِ ْ
دوا فِععي أن ُْف ِ
جع ُ م ث ُع ّ
م ل يَ ِ جَر ب َي ْن َهُ ع ْ مععا َ
شع َ ِفي َ
سِليمًا(
]سورة النساء ،الية.[65 : سل ّ ُ
موا ت َ ْ وَي ُ َ
)(1
وهذا أمر أصبح حديث بعععض المجععالس ،فععالله اللععه مععن التشععبه
بصفات المنععافقين ،والسععير فععي ركععابهم ،مععن كععره الععدين وبغععض
المتدينيين ونحو ذلك.
الرياء
وهذا مرض جد خطير لخفائه ،ولثره في إفساد العمل ،وقلة من
أنععا أغنععى " يسلم منه ،وقد جاء فععي الحععديث يقععول اللععه -تعععالى:-
الشركاء عن الشرك ،من عمل عمل أشرك فيه معي غيععري تركتععه
).(2 " وشركه
23
امتحان القلوب
ةوا ِريب َع ً ذي ب َن َع ْ م ال ّع ِ ل ب ُن ْي َععان ُهُ ُ ]سورة التوبة ،الية .[45 :ويقول) :ل ي ََزا ُ
َ
م()] (6سععورة التوبععة ،اليععة.[110 : ن ت ََقط ّععَ قُل ُععوب ُهُ ْ م إ ِّل أ ْ ِفي قُل ُععوب ِهِ ْ
ض أ َم ِ اْرَتاُبوا()] (7سععورة النععور ،اليععة.[50 : مَر ٌ م َ
َ
وقال) :أِفي قُُلوب ِهِ ْ
ه مععا وَعَعد ََنا الل ّع ُ ض َ معَر ٌ م َ ن فِععي قُل ُععوب ِهِ ْ ذي َ ن َوال ّع ِ من َععافُِقو َ ل ال ْ ُ)وَإ ِذ ْ ي َُقععو ُ
ن ذي َب ال ّ ِ ه إ ِّل غُُرورًا()] (8سورة الحزاب ،اليةَ) .[12 :ول ي َْرَتا َ سول ُ ُ
وََر ُ
ُ
ض مععَر ٌ م َ ن ِفععي قُُلععوب ِهِ ْ ذي َ ل اّلعع ِ ن وَل ِي َُقععو َ مُنععو َ ب َوال ْ ُ
مؤ ْ ِ أوُتععوا ال ْك َِتععا َ
كافرون ما َ َ
ل()] (9سورة المدثر ،الية.[31 : مث َ ًذا َ ه ب ِهَ َ ذا أَراد َ الل ّ ُ َوال ْ َ ِ ُ َ َ
24
امتحان القلوب
25
امتحان القلوب
وقد ذم الله -سبحانه وتعالى -من يسيئون الظن به ،وجعلععه مععن
ة()] (1سععورة آل ن ال ْ َ
جاهِل ِي ّع ِ ح عقّ ظ َع ّ
ن ِبالل ّهِ غَي َْر ال ْ َ
أمر الجاهلية )ي َظ ُّنو َ
عمران ،الية.[154 :
مسوْءِ وَك ُن ْت ُع ْ ن ال ّ م ظَ ّ م وَظ َن َن ْت ُ ْ ك ِفي قُُلوب ِك ُ ْ ن ذ َل ِ َ
وقال سبحانه) :وَُزي ّ َ
م ذي ظ َن َن ُْتعع ْ م اّلعع ِ م ظ َن ّك ُ ُ وما ً ُبورًا( ]سورة الفتح ،الية) .[12 :وَذ َل ِك ُ ْ قَ ْ
)(2
َ بربك ُ َ
ن()] (3سععورة فصععلت ،اليععة: ري َ سعع ِ خا ِ ن ال ْ َ مع َ م ِ حت ُ ْ م فَأ ْ
صب َ ْ داك ُ ْ
م أْر ََِ ّ ْ
ن ب ِععالل ّ ِ جَر وَت َظ ُن ّععو َ ب ال ْ َ ت ال ُْقل ُععو ُ صععاُر وَب َل َغَع ِ َ
ه حن َععا ِ ت اْلب ْ َ ) .[23وَإ ِذ ْ َزاغَع ِ
َ
ن م إ ِّل ظ َن ّا ً إ ِ ّ ما ي َت ّب ِعُ أك ْث َُرهُ ْ الظ ُّنوَنا( ]سورة الحزاب ،الية) .[10 :وَ َ
)(4
م س عوِْء عَل َي ْهِ ع ْ ن ال ّ ن ِبالل ّهِ ظ َع ّ ظاّني َ شْيئًا()) (5ال ّ حقّ َ ن ال ْ َ م َ ن ل ي ُغِْني ِ الظ ّ ّ
َ
جت َن ُِبععوا مُنوا ا ْ نآ َذي َ سوِْء()] (6سورة الفتح ،اليةَ) .[6 :يا أي َّها ال ّ ِ دائ َِرةُ ال ّ َ
م()] (7سععورة الحجععرات ،اليععة: ن إ ِث ْع ٌض الظ ّع ّ ن ب َعْع َ ن إِ ّ ن الظ ّع ّ م َك َِثيرا ً ِ
.[12
ناصحا أمته " :إياكم والظععن ويقول صلى الله عليه وسلم
).(8 " فإن الظن أكذب الحديث
وعلينا أن نحسععن الظععن بععالله ،فععالله عنععد ظععن عبععده بععه :قععال
أنا عند " فيما يرويه عن ربه جل وعل: صلى الله عليه وسلم
الحديث. )(9
" ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء
الحسد والغيرة
- 1سورة آل عمران آية.154 :
- 8متفق عليه.
26
امتحان القلوب
ومن منا ينجو منهما .يقول شيخ السلم ابن تيمية -رحمععه
الله" :-والحسذ مرض من أمراض النفععس ،وهععو مععرض غععالب ،فل
يخلص منه إل القليععل مععن النععاس ،ولهععذا يقععال :مععا خل جسععد مععن
حسد .لكن اللئيم يبديه ،والكريم يخفيه ) (1ولذلك يقععول اللععه -جععل
َ
ه()] (2سععورة ن فَ ْ
ضل ِ ِ م ْ م الل ّ ُ
ه ِ س عََلى َ
ما آَتاهُ ُ ن الّنا َ
دو َ
س ُ
ح ُ
م يَ ْ
وعل) :-أ ْ
سععدٍ إ ِ َ
ذا حا ِ ن َ
شّر َ م ْ
النساء ،الية .[54 :وأمرنا بالتعوذ صباح مساء )وَ ِ
د()] (3سورة الفلق ،الية..[5 :س َ
ح َ
َ
وعععن أبععي " وفي الحديث المتفق عليه " ل تباغضوا ول تحاسدوا
هريععرة رضي الله عنهأن رسععول اللععه صععلى اللععه عليععه
وسلم قال " :إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكععل
).(4 " العشب " النار الحطب " أو قال:
ويقول الحسن البصري :عمه في صدرك ،فإنه ل يضرك ،ما
لم تعتد به يد أو لسان ).(5
وأما عن علجه ،فقد ذكر شيخ السععلم كلمععا طيبععا فععي علجععه،
حيث يقول" :من وجد في نفسه حسعدا لغيعره ،فعليعه أن يسعتعمل
معه التقوى ،والصبر ،فيكره ذلك من نفسه".(6) .
ولما كان الحسد ل يسلم منه أحعد خاصة النساء والعوام ،أحببت
أن أنبه على الفرق بين الحسد والغبطة ،فالول مذموم كما سبق،-
والثاني غير مذموم.
27
امتحان القلوب
مت َك َب ّع ٍ
ر ب ُ ل قَل ْع ِ ه عََلى ك ُ ّ ك ي َط ْب َعُ الل ّ ُ الية .[83 :وقال -سبحانه) :-ك َذ َل ِ َ
ن(ري َ سعت َك ْب ِ ِم ْب ال ْ ُ حع ّ ه ل يُ ِ جّباٍر( ]سورة غافر ،الية .[35 :وقال) :إ ِن ّ ُ
)(6
َ
28
امتحان القلوب
ن إ ِذ ْ
حن َي ْع ٍ
م ُ
]سععورة النحععل ،اليععة .[23 :وقععال -سععبحانه) :-وَي َعوْ َ
)(1
29
امتحان القلوب
ل يععدخل الجنععة مععن كععان " ويقول صلى الله عليه وسلم
فععي قلبععه مثقععال ذرة مععن كععبر " (1) ،ويقععول صلى الله عليه
وسلم " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " ).(2
وقد كثر فععي زماننععا احتقععار الخريععن ،والتعععالي والتكععبر عليهععم،
فتجد أحدهم يحتقععر فلنععا لنععه دونععه فععي العلععم ،أو لنععه دونععه فععي
المرتبة أو الوظيفة ،أو لنه فقير ،أو لنه من قبيلة كذا ...وهلم جرا.
أنععه قععال " :ل يععزال وقد ورد عنه ،صلى الله عليه وسلم
" الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصععيبه مععا أصععابهم
).(3
وبعض الناس يتأفف من أن ينادي من هو أقل منه درجة أو رتبععة
باسم الخوة ،بل يصدر إليععه المععر دون تهععذيب أو حسععن أسععلوب،
ودون مراعععاة لنفسععيته ،كععل ذلععك بععدعوى المحافظعة علععى الهيبععة
والهيمنة.
وما روى المسكين أنه ربما أن يكون من يراه فراشععا أحععب عنععد
الله وأفضل بآلف المرات ،يقععول الرسععول ،صلى اللععه عليععه
وسلم " رب أشعث أغبر مدفوع بالبواب لو أقسم على الله لبره
).(4 "
30
امتحان القلوب
31
امتحان القلوب
عليكم الن رجعل من أهعل الجنة فطلع رجععل مععن النصععار ،تنطععف
لحيته )أي :تقطر( من وضوئه ،قد علق نعليععه بيععده الشععمال ،فلمععا
مثععل ذلععك، كان الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فطلع ذلك الرجل مثل المرة الولى ،فلمععا كعان اليععوم الثععالث قعال
مثععل مقععالته أيضععا ،فطلععع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك الرجل على مثل حاله الولععى ،فلمععا قععام رسععول اللععه صلى
الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص ،فقال :إني
لحيت أبي )أي :خاصمت( فأقسمت أني ل أدخععل عليععه ثلثععا ،فععإن
رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضععي فعلععت ،قععال :نعععم .قععال أنععس:
فكان عبد الله يحدث أنعه بععات مععه تلعك الليعالي الثلث ،فلععم يعره
يقوم من الليل شيئا غير أنععه إذا تعععار )أي :اسععتيقظ( وتقلععب علععى
فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلة الفجر .قعال عبععد اللعه :غيعر
أني لم أسمعه يقول إل خيرا ،فلما مضت الليالي الثلث وكعععدت أن
أحتقر عمله ،قلت :يا عبد الله ،لم يكععن بينععي وبيععن أبععي غضععب ول
هجرة ،ولكن سععمعت رسععول اللععه صلى الله عليععه وسععلم
يقععول لععك ثلث مععرات :يطلععع عليكععم الن رجععل مععن أهععل الجنععة
فطلعت أنت الثعلث المرات ،فأردت أن آوي إليك لنظر ما عملععك،
فأقتدي بك ،فلم أرك تعمل كبير عمل .فما الععذي بلععغ بععك مععا قععال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال :ما هو إل مععا رأيععت ،فلمععا
وليت دعاني فقال :ما هو إل ما رأيت ،غير أنععي ل أجععد فععي نفسععي
32
امتحان القلوب
لحد من المسلمين غشا .ول أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه.
).(1 " قال عبد الله :فهذه التي بلغت بك ،وهي التي ل تطاق
إذن ! هذا هو قدر امتلء القلب بمحبة المسلمين ،والصفح عنهم،
والصبر عليهم.
ولنتععدبر أخععي المسععلم -هععذا الحععديث الععذي يرويععه مسععلم فععي
صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا " :تفتععح أبععواب الجنععة يععوم الثنيععن
ويوم الخميس ،فيغفر لكل عبد ل يشرك بالله شععيئا ،إل رجععل كععان
بينه وبيععن أخيععه شععحناء ،فيقععال :أنظععروا )أي :أخععروا( هععذين حععتى
).(2 " يصطلحا ،أنظروا هذين حتى يصطلحا
وقد ذكر الطباء أن الغل يؤدي بصاحبه في الععدنيا لثععره السععيء
على صحعة النسان وسلمته ،وهعذه هعي العقوبعة العاجلعة والجلعة
أشد وأنكى.
اليأس
وهو مرض ينشأ عند استحكام البلء ،واستبطاء نصر الله ،فييأس
بمععا يععؤدي عنععد بعضععهم إلععى )(3
بعض الناس من نصر الله ووعععده
ترك الدعوة والعمل ،وأعظم من ذلععك اعتقععاد تخلععف وعععد اللععه أو
وعيده في الدنيا أو الخرة.
ول نعزال نسمعع أن بعض الناس تخلفوا عن الطريععق لعتقععادهم
-مثل -أنععه فععي ضععوء هععذا الواقععع المععر ،واسععتحكام أعععداء اللععه،
- 1رواه أحمد ) 19/238فتح( والنسائي في عمل اليوم والليلة ،وقال ابن كثير في رواية النسائي ،هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ،تفسير ابن كثير ) (4/337ط
المعرفة.
- 3وتحسن الشارة هنا إلى أن معنى قوله تعالى) :حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا( ]يوسف ،[110 :أي حتى استيأسوا من قومهم ،أي يئسوا من
إسلمهم وإجابة دعوتهم ،وهذا تفسير عائشة -رضي الله عنها -كما في صحيح البخاري.
33
امتحان القلوب
34
امتحان القلوب
35
امتحان القلوب
36
امتحان القلوب
37
امتحان القلوب
38
امتحان القلوب
يتلهى عنها ول يجعلها تشغل فكره ،فإنه إذا تمععادت فيععه الوسععاوس
اشتدت واستحكمت ،وإذا حرص على دفعها والتلهي عن الععذي يقععع
في القلب اضمحلت شيئا فشيئا ،والله أعلم ).(1
وقد أمرنا بالتعوذ منه كما فععي سععورة النععاس) :قُ ع ْ َ
ل أعُععوذ ُ ب ِعَر ّ
ب
ذيس ال ّع ِ س ال ْ َ
خن ّععا ِ وا ِ شعّر ال ْوَ ْ
سع َ ن َ مع ْ س ِ َ
س إ ِلعهِ الن ّععا ِ
ك الّنا ِ
مل ِ ِس َ
الّنا ِ
س()] (2الناس.[6 -1 : ن ال ْ ِ
جن ّةِ َوالّنا ِ م َ
س ِ
دورِ الّنا ِ ص ُ
س ِفي ُ سو ِ ُ
ي ُوَ ْ
قسوة القلب
وهو مرض تنشأ عنه أمراض ،وتظهر لععه أعععراض ول يسععلم مععن
ذلك إل من سلمه الله وأخذ بالسععباب :وتظهععر خطععورة هععذا الععداء
من خلل هذه اليات:
سععوَةً ( شععد ّ قَ ْ جاَرةِ أ َوْ أ َ َ كال ْ ِ
ح َ ي َك فَهِ َ ن ب َعْدِ ذ َل ِ َ
م ْ م ِ ت قُُلوب ُك ُ ْ س ْ م قَ َ )ث ُ ّ
م ن ل َهُ ع ُ
م وََزي ّع َ ت قُل ُععوب ُهُ ْسع ْ ن قَ َ]سععورة البقععرة ،اليععة) [74 :وَل َك ِع ْ
)(3
ل ن()] (4سعورة النععام ،اليعة) [43 :فَوَْيع ٌ مُلعو َ كعاُنوا ي َعْ َ معا َ ن َ طا ُشي ْ َ ال ّ
َ
م عد ُم اْل َ ل عَل َي ْهِ ع ُ طعا َ ه()] (5الزمر) [22 :فَ َ ن ذِك ْرِ الل ّ ِ م ْ م ِ سي َةِ قُُلوب ُهُ ْل ِل َْقا ِ
]سورة الحديد ،الية.[16 : ت قُُلوب ُهُ ْ
م( فََق َ
س ْ
)(6
- 1ينصح في هذا المجال الرجوع إلى كتاب العلمة ابن القيم إغاثة اللهفان ،وكذلك محاضرة" :رسالة إلى موسوس" للشيخ سلمان العودة.
39
امتحان القلوب
40
امتحان القلوب
من وطنه وأفضل بقاع الرض )مكة( إل لما كان فععي ذلععك مرضععاة
لله ورسوله ،وهكذا المهاجرون وغيرهم.
-2التحزب من بعض المسلمين ضد بعض:
فنجععد بعععض الععدعاة يتحزبععون ضععد بعععض ،وبعععض طلبععة العلععم
يتحزبون ضد بعض ،فيحب هذا أكثر مععن هععذا لن الول مععن حزبععه،
ولو كان الثاني أتقى منه وأفضل .وهذا خطأ كععبير ،وهععذا يحععب ذاك
لنه يتبع شيخه أو إمامه ،ويعادي الخر لنه يتبع إماما أو شيخا آخر.
فالواجب موالة المسلمين ليمانهم ،ومعاداة الكفار لكفرهم ،ول
يجوز التحزب لغير الحق ،فعإنه يععورث المععة التفعرق والتشععتت )َول
ت وَُأول َئ ِ َ
ك م ال ْب َي َّنعا ُ
جعاَءهُ ُ
معا َ
ن ب َْععدِ َ خت َل َُفوا ِ
مع ْ ن ت ََفّرُقوا َوا ْ كال ّ ِ
ذي َ كوُنوا َتَ ُ
م()] (1سورة آل عمعران ،اليعة [105 :وهنعاك فعرق ظي ٌ ب عَ ِ ذا ٌ ل َهُ ْ
م عَ َ
كععبير بيععن التحععزب وبيععن التنععافس فععي الخيععر فالتنععافس مطلععوب
ة()] (2سععورة آل
جن ّع ٍ ن َرب ّك ُع ْ
م وَ َ مع ْ عوا إ ِل َععى َ
مغِْف عَرةٍ ِ سععارِ ُ
ومحمععود )وَ َ
]سورة ة(
جن ّ ٍ ن َرب ّك ُ ْ
م وَ َ م ْ ساب ُِقوا إ َِلى َ
مغِْفَرةٍ ِ عمران ،اليةَ ) [133 :
)(3
الحديد ،الية [21 :أما التحزب فمذموم ،وكم أودى بأمم وجماعععات
وأفراد .حتى صار حال بعضهم كما قال الشاعر:
وإن ترشفففففففد غزيفففففففة وهل أنا إل مففن غزيففة إن
أرشفففففففففففففففففففففففففففد غففففففففففوت غففففففففففويت
41
امتحان القلوب
- 1هناك خلط كبير بين الحزبية والنتماء ،حتى أصبح الحديث عن أحدهما يراد به المعنى الخر ،مع أن هناك فرقا بينهما ،فالحزبية مذمومة ،إل تحزب المؤمنين ضد الكافرين،
والنتماء لهل السنة والجماعة مشروع ،ول يذم منه إل ما كان انتماء بدعيا أو جاهليا.
42
امتحان القلوب
43
امتحان القلوب
- 4قال النووي :حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة ،بإسناد صحيح ،وأعله ابن رجب كما في جامع العلوم والحكم ص 1574ط دار الفرقان.
44
امتحان القلوب
وفي الحديث الصحيح " :من أحدث في أمرنا هععذا مععا ليععس منععه
فهو رد ".
ومما يعين على تحقيق هذه الصول ليسععلم القلععب ،وينمععو ممععا
يعرض له من ابتلء وامتحان ما يأتي:
45
امتحان القلوب
-1ذكر الله:
فإنه يجلو صدأ القلوب ،ويذهب ما ران عليها مععن آثععام ومعععاص،
ويزيد من قرب النسععان لربععه ل سععيما إذا كععان مستشعععرا للععذكر،
مصاحبا له في كل أحواله وحركاته وهيئاته.
َ يقول الله ) أ َل َم يأ ْ
م ِلعذِك ْرِ الّلع ِ
ه شعَ قُُلعوب ُهُ ْ
خ َ
ن تَ ْ
مُنوا أ ْ نآ َ َ ذيِ ّ لِ ل ن
ْ َ ِ
ق()] (1سورة الحشر ،الية [16 :ويقول ) وَن ُن َّز ُ
ل ن ال ْ َ
ح ّ م َل ِما ن ََز َ
وَ َ
ن()] (2سورة السراء ،اليععة: مؤ ْ ِ
مِني َ ة ل ِل ْ ُم ٌح َ شَفاٌء وََر ْ ما هُوَ ِ ن َن ال ُْقْرآ ِ
م َِ
[82وقد ذم الله المنافقين في كتابه لقلة ذكرهععم للععه .فععذكر اللععه
َ
)(3
ن ال ُْقل ُععو ُ
ب( علج حاسم لبتلء القلب وامتحانه )أل ب ِذِك ْرِ الل ّهِ ت َط ْ َ
مئ ِ ّ
]سورة الرعد ،الية[28 :
ومن أعظم أنواع ذكر الله :قراءة القرآن ،يقول -تعععالى ) :-أ ََفل
ب أ َقَْفال ُهَععا()] (4سععورة محمععد ،اليععة:
م عَل َععى قُل ُععو ٍ
يتدبرون ال ُْق عرآ َ
نأ ْْ َ ََ َُّ َ
.[24
ونحن نرى كثعيرا من المسلمعين يستغرق فععي قععراءة ،الصععحف
والجرايد ،ومطالعة وسائل العلم وقتا طععويل بل تعععب ول كلععل ول
ملل .بينما تجد الواحد منهم ل يقرأ ولو جزءا يسيرا من القرآن ،بععل
لو جلس وقتا لقراءة القرآن لم يلبث أن يمل ويعدوه إلى غيره.
يقول أحد السلف :والله لو طهععرت قلوبنععا مععا مللنععا مععن قععراءة
القرآن.
-2المراقبة والمحاسبة:
- 1سورة الحديد آية.16 :
46
امتحان القلوب
وقد ذكر ابن القيععم -رحمععه اللععه :-أنهععا مععن أهععم العوامععل لعلج
القلب واستقامته.
يقععول ابععن القيععم :وهلك النفععس مععن إهمععال محاسععبتها ،ومععن
موافقتهععا واتبععاع هواهععا ،ولععذلك ورد فععي الثععر" :الكيععس مععن دان
نفسه ،وعمل لما بعد الموت ،والعاجز من أتبع نفسه هواها ،وتمنععى
وكان عمر يقول: )(1
على الله الماني"
"حاسععبوا أنفسععكم قبععل أن تحاسععبوا .وزنععوا أنفسععكم قبععل أن
ويقععول الحسععن" :ل تلقععى المععؤمن إل وهععو يحاسععب )(2
توزنععوا"
نفسه" ،ويقول أيضا" :إن العبد ما يزال بخير ما كان له واعععظ مععن
نفسه ،وكانت المحاسبة من همته" ،وقال ميمععون بععن مهععران" :إن
التقي أشد محاسبة لنفسه من شريك شحيح" ).(3
فيراقععب النسععان نفسععه قبععل العمععل :فععي إخلصععه ،ومتععابعته.
ويراقب قلبه في تحقيقه للمحبة لله وفي الله ،ويجاهدها على ذلك.
كعما يحاسبها بعد العمل على التقصير فيه ،وعدم كعمال الخلص.
ول ريب أن هذين من أهم الوسائل لعلج أمراض القلب ،يقول -
س عب ُل ََنا()] (4سععورة العنكبععوت، دوا ِفيَنا ل َن َهْدِي َن ّهُ ْ
م ُ جاهَ ُ
ن َ تعالىَ) :-وال ّ ِ
ذي َ
الية.[69 :
-3وسائل أخرى:
فمنها العلم ،تحقيق التقوى ،قيام الليل ،كثرة الدعاء خاصععة فععي
الثلث الخير من الليل ،فإن سهام الليل ل تخطيء ،فليكثر النسان
- 1رواه أحمد ) ،(124 /4وابن ماجة ) (2/1423والترمذي ) (550 /4وحسنه ،وضعفه غيره ،وليس فيه )الماني(.
47
امتحان القلوب
48
امتحان القلوب
من المصلين "أرحنععا مععن الصععلة" وتجععد أحععدهم لععو أطععال المععام
القراءة ،سرد عليه محفوظاته في الحاديث التي تأمر برعاية حععال
المأمومين ،بينما لو أخل المام بأدائها وواجباتها لم يجععد مععن ينبهععه
-إل ما شاء الله -والله المستعان.
-6أن يكون همه لله وفي ذات الله ،وهذا مقام رفيع.
-7أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا أشهد من شععح البخيععل
بماله.
-8أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أكثر مععن اهتمععامه بالعمععل
]وهذه نقطة مهمة جدا .فيجععب أن يكععون اهتمععام النسععان )(3
ذاته
بتصحيح العمل كبيرا في :تصحيح القصد ،وتحقيق المتابعة ،وتحقيق
العبودية في العمل؛ فإن هذا هو الغاية من العمل.
- 1رواه أحمد (371 ،5/364وأبو داود ) 223 /19بذل(.
49
امتحان القلوب
50
امتحان القلوب
فهل نتألم نحن لجراحات قلوبنا ،ومععا نقععترفه مععن معععاص وآثععام
في الليل والنهار؟
وهل نندم ونعزم على التوبة كلما أذنبنا؟
وهل آلمنا ما نراه في مجتمعنا من معاص ومنكرات؟
وهل عملنا على تغييرها ما استطعنا ،وهذا أمر -ل شك -عظيععم-؛
فإن القلب الذي ل يعرف معروفا ول ينكر منكرا في نفسه ول فععي
مجتمعه قلب يحتاج صاحبه إلى تدارك نفسه قبل فوات الوان.
-2أنه يجد لذة فععي المعصععية ،وراحععة بعععد عملهععا ]وإنمععا حععال
المؤمن إذا عصى الله أن ينععدم ويسععتغفر ويتحسععر علععى مععا فععات،
ويسارع في التوبة إلى الله[.
وهناك من النععاس -للسععف -مععن ينطبععق عليععه كلم ابععن القيععم،
فبعععض مشععاهدي الفلم نجععده يجععد لععذة فععي مشععاهدتها ،ول تكععاد
تفارقه تلك اللذة لمدة طويلة.
وكذلك نجد من متابعي المباريات مععن يجععد لععذة فععي مشععاهدتها
وحضورها ،ول تفارقه النشععوة لفععترة -خاصععة إذا فععاز فريقععه -فهععل
نعي بعد ذلك خطورة هذا المر؟
-3أنه يقدم الدنى على العلععى ،ويهتععم بععالتوافه علععى حسععاب
معالي المور ]فماذا نقول عن بعض المسلمين ممن أصععبح ل يهتععم
بحال إخوانه وشئون أمته ،بينما يعرف من التوافه أكثر ممععا يعععرف
عن أمور دينه ،وأخبار علماء السلم وأئمته[.
وكم يتأسف النسان علععى أمععوال كععثير مععن شععبابنا ممععن أغععرم
بحب الرياضة والفن ،ويهتم لها ويحزن ويغتم ،أكثر مما يهتم لقضايا
51
امتحان القلوب
52
امتحان القلوب
53
امتحان القلوب
خفاتمة
لئن كنت قد أطلت في عرض هذا الموضوع ،فمرد ذلععك إلععى أن
يستأثر باهتمامكم ،فالله الله في قلوبكم ،بالرفق بها وحملهععا علععى
الخير ،والعناية بها أو منعها وحمايتها مما يضرها.
وكم يصاب النسان بالحزن عندما يعلم أنه مصاب بمرض حسي
في قلبه ،فهل حزنا مثل ذلك مععن جراحععات القلععب وأمراضععه ،مععن
المععاصي والثام ،مععن المتحععان الععذي يعععرض علععى قلوبنععا صععباح
مساء.
مععا ٌ
ل َول م ل ي َن َْفععُ َ
فلنتق الله في قلوبنا .ففي صلحه النجععاة )ي َعوْ َ
م()] (1سورة الشعراء ،اليتععان-88 : لي
ِ س
َ ب
ٍ ه ب َِقل ْ
َ ن أ ََتى الل ّ ن إ ِّل َ
م ْ ب َُنو َ
ٍ
.[89
هل راقبنا الله فيما انتشر من الذنوب من :أكل الربا ،والمعاونععة
عليه ،وأخععذ الرشععوة وإعطائهععا ،ومععن الولععوغ فععي أعععراض النععاس
بالغيبة والنميمة ،في ذنوب ل يحصيها محص ول يعدها عاد؟
ولنرحم هذه القلوب ،ولنحملهععا علععى طاععععة اللععه بإكثععار قععراءة
القرآن ومدارسته ،وكثرة النوافل والعبادات ،وكثرة الصعدقة ،وذكععر
حتى نلقى الله بقلوب سععليمة مخبتععة أواهععة أوابععة ،وأكععرر الله
التحذير من انشغعال كثير من الناس بقلععوب إخععوانهم غععافلين عععن
قلوبهم ،فالنجاة النجاة.
اللهم إنا نسألك الثبات في المر ،والعزيمة على الرشد ،ونسألك
شكر نعمتك ،وحسن عبادتك ،ونسألك من خير ما تعلم ،ونعععوذ بععك
54
امتحان القلوب
من شر مععا تعلععم ونسععتغفرك لمععا ل نعلععم ،اللهععم إنععا نسععألك قلبععا
سليما ،ولسانا صادقا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه أجمعين.
55