Professional Documents
Culture Documents
وبالسلم دينا وبمحمد رسول وأشببهد أن ل إلببه إل اللببه وحببده ل شببريك لببه
شهادة مقر بربوبيته شاهد بوحدانيته منقاد إليببه لمحبتببه مببذعن لببه بطبباعته
معترف بنعمته فار إليه من ذنبه وخطيئته مؤمل لعفبوه ورحمتبه طبامع فبي
مغفرته بريء إليه من حوله وقوته ل يبتغي سواه ربا ول يتخذ من دونه وليببا
ول وكيل عائذ به ملتج إليه ل يروم عن عبوديته انتقببال ول تحببويل وأشببهد أن
محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبيببن
عباده أقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده جاها وأسمعهم لديه شببفاعة
وأحبهم إليه وأكرمهم عليه أرسببله لليمببان مناديببا وإلببى الجنببة داعيببا وإلببى
صراطه المستقيم هاديا وفي مرضباته ومحببابه سباعيا وبكببل معبروف آمبرا
وعن كل منكر ناهيا رفع له ذكره وشرح له صدره ووضببع عنببه وزره وجعببل
الذلة والصغار على من خالف أمره وأقسم بحياته في كتببابه المبببين وقببرن
اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه كما في الخطببب والتشببهد والتببأذين فل
يصح لحد خطبة ول تشهد ول أذان حببتى يشببهد أنببه عبببده ورسببوله شببهادة
اليقين أغر عليه للنبوة خاتم %من الله ميمون يلوح ويشهد وضببم اللببه
اسم النبي إلى اسمه %إذ قال في الخمس المؤذن أشهد وشببق لببه مببن
اسمه ليجله %فذو العرش محمود وهذا محمد أرسله على حين فترة من
الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على العباد محبته
وطاعته وتوقيره والقيام بحقوقه وسد إلى الجنببة جميببع الطببرق فلببم يفتببح
لحد إل من طريقه فل مطمع في الفوز بجزيل الثواب
والنجاة من وبيل العقاب إل لمن كببان خلفببه مببن السببالكين ول يببؤمن عبببد
حتى يكون احب إليه من نفسه وولده ووالده والنبباس أجمعيبن فصبلى اللببه
وملئكته وأنبياؤه ورسله وجميع عباده المؤمنين عليه كما وحببد اللببه وعببرف
أمته به ودعا إليه صلة ل تببروم عنببه انتقببال ول تحببويل وعلببى آلببه الطيبببين
وصحبه الطاهرين وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست
أسماؤه جعل هببذه القلببوب أوعيببة فخيرهببا أوعاهببا للخيببر والرشبباد وشببرها
أوعاها للغي والفساد وسلط عليها الهوى وامتحنها بمخالفته لتنال بمخببالفته
جنة الماؤى ويستحق من ل يصلح للجنة بمتابعته نببارا تلظببى وجعلببه مركببب
النفس المارة بالسوء وقوتها وغذاها وداء النفس المطمئنة ومخالفته دواها
ثم أوجب سبحانه وتعالى علببى العبببد فببي هببذه المببدة القصببيرة الببتي هببي
بالضافة إلى الخرة كساعة من نهار أو كبلل ينال الصبع حيببن يببدخلها فببي
بحر من البحار عصيان النفس المارة ومجانبة هواهبا وردعهبا عبن شبهواتها
التي في نيلها رداها منعهببا مببن الركببون إلببى لببذاتها ومطالبببة مببا اسببتدعته
العيون الطامحة بلحظاتها لتنال نصيبها من كرامته وثوابه موفرا كامل وتلتببذ
آجل بأضعاف ما تركته لله عاجل وأمرها بالصيام عن محارمه ليكون فطرهببا
عنده يوم لقائه وأخبرها أن معظم نهار الصيام قد ذهب وأن عيد اللقبباء قببد
اقترب فل يطول عليها المد باسببتبطائه كمببا قيببل فمببا هببي إل سبباعة ثببم
تنقضي %ويذهب هذا كله ويزول
هيأها لمر عظيم وأعدها لخطب جسيم وادخر لهببا مببال عيببن رأت ول أذن
سمعت ول خطر على قلب بشر من النعيم المقيم واقتضت حكمتببه البالغببة
أنها ل تصل إليه إل من طريق المكاره والنصب ول تعبر إليه إل علببى جسببر
المشقة والتعب فحجبه بالمكروهات صيانة له عن النفس الدنيات المببؤثرة
للرذائل والسفليات وشمرت إليه النفوس العلويات والهمم العليات امتطت
في السير إليه ظهور العزمات فسارت في ظهورها إلببى أشببرف الغايببات
وركب سروا والليل مببرخ رواقببه %علببى كببل مغبببر المببوارد قببائم حببدوا
عزمات ضاعت الرض بينها %فصببار سببراهم فببي ظهببور العببزائم أرتهببم
نجوم الليل ما يطلبونه %على عاتق الشعرى وهام النعائم فأموا حمببى ل
ينبغي لسواهم %وما أخذتهم فيه لومة لئم أجابوا منادى الحبيب لمببا أذن
لهببم حببي علببى الفلح وبببذلوا نفوسببهم فببي مرضبباته بببذل المحببب بالرضببا
والسماح وواصلوا السير إليه بالغدو والرواح فحمدوا عند الوصول مسببراهم
وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح تعبببوا قليل فاسببتراحوا طببويل وتركببوا
حقيرا واعتاضوا عظيما وضعوا اللذة العاجلة والعاقبببة الحميببدة فببي ميببزان
العقل فظهر لهم التفاوت فرأوا من أعظم السفه بيع الحياة الطيبة الدائمببة
في النعيم المقيم بلذة ساعة تذهب شهوتها وتبقى شقوتها
هذا وإن من أيام اللذات لو صفت للعبد من أول عمره إلببى آخببره لكببانت
كسحابة صيف تتقشع عن قليل وخيببال طيببف مببا اسببتتم الزيببارة حببتى آذن
بالرحيل قال الله تعالى ^ أفرأيت إن متعنباهم سببنين ثبم جباءهم مبا كببانوا
يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ^ ومن ظفر بمأموله من ثواب الله
فكأنه لم يوتر من دهره بما كان يحاذره ويخشبباه وكببان عمببر بببن الخطبباب
رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت من الشعر كأنك لم توتر مببن الببدهر مببرة
%إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه فصل وهذا ثمرة العقل الذي به عببرف
اللببه سبببحانه وتعببالى وأسببماؤه وصببفات كمبباله ونعببوت جللببه وبببه آمببن
المؤمنون بكتبببه ورسببله ولقبائه وملئكتببه وبببه عرفببت آيببات ربببوبيته وأدلببة
وحدانيته ومعجزات رسله وبه امتثلببت أوامببره واجتنبببت نببواهيه وهببو الببذي
تلمح العواقب فراقبها وعمل بمقتضى مصببالحها وقبباوم الهببوى فببرد جيشببه
مفلول وساعد الصبر حتى ظفر به بعد أن كان بسببهامه مقتببول وحببث علببى
الفضائل ونهى عن الرذائل وفتق المعاني وأدرك الغوامض وشببد أزر العببزم
فاسببتوى علببى سببوقه وقببوى أزر الحببزم حببتى حظببى مببن اللببه بتببوفيقه
فاستجلب ما يزين ونفى ما يشببين فببإذا نببزل وسببلطانه أسببر جنببود الهببوى
فحصرها في حبس من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منببه ونهببض بصبباحبه
إلى منازل الملوك إذا صير الهوى الملك بمنزلة العبد المملوك فهي شجرة
عرقها الفكر فبي العبواقب وسباقها الصببر وأغصبانها العلبم وورقهبا حسبن
الخلق وثمرها الحكمة ومادتها توفيق من أزمة المببور بيببديه وابتببداؤها منببه
وانتهاؤها إليه وإذا كان هذا وصفه فقبيببح أن يبدال عليببه عببدوه فيعزلببه عببن
مملكته ويحطه عن رتبته ويستنزله عن درجتببه فيصبببح أسببيرا بعببد أن كببان
أميرا ومحكوما بعد أن كان حاكما وتابعا بعد أن كان متبوعا ومن صبببر علببى
حكمه أرنعه في رياض الماني والمنى ومن خببرج عببن حكمببه أورده حيبباض
الهلك والردى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقد سبق إلببى جنببات
عدن أقوام ما كانوا بأكثر الناس صلة ول صياما ول حجا ول اعتمببارا لكنهببم
عقلببوا عببن اللببه مببواعظه فببوجلت منببه قلببوبهم واطمببأنت إليببه نفوسببهم
وخشعت له جوارحهم ففاقوا الناس بطيب المنزلة وعلو الدرجة عند النباس
في الدنيا وعند الله في الخرة وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليببس
العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكنه الذي يعرف خير الشببرين وقببالت
عائشة رضي الله عنها قد أفلح من جعل الله له عقل وقال ابن عباس رضي
الله عنهما ولد لكسرى مولود فأحضر بعض المؤدبين ووضع الصبى بين يديه
وقال ما خير ما أوتي هذا المولود قال عقل يولد معه قال فإن لم يكن قببال
فأدب حسن يعيش به في الناس قببال فببإن لببم يكببن قببال فصبباعقة تحرقببه
وقال بعض أهل العلببم لمببا أهبببط اللببه تبببارك وتعببالى آدم إلببى الرض أتبباه
جبريل عليه السلم بثلثة أشياء الدين والخلق والعقل فقال إن الله يخيببرك
بين هذه الثلثة فقال يا جبريل ما رأيت أحسن من هؤلء إل في
الجنة ومد يده إلى العقل فضمه إلى نفسه فقال للخرين اصعدا فقال أمرنا
أن نكون مع العقل حيث كان فصارت الثلثببة إلببى آدم عليببه السببلم وهببذه
الثلثة أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاه إياهببا وجعبل لهبا
ثلثة أعداء الهوى والشيطان والنفس المارة والحببرب بينهمببا دول وسببجال
^ وما النصر إل من عند الله العزيز الحكيم ^ وقال وهببب بببن منبببه قببرأت
في بعض ما أنزل الله تعبالى إن الشبيطان لبم يكاببد شبيئا أشبد عليبه مبن
مببؤمن عاقببل وإنببه ليسببوق مببائة جاهببل فيسببتجرهم حببتى يركببب رقببابهم
فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حببتى ينببال منببه
شيئا من حاجته قال وإزالة الجبل صخرة صخرة أهون علببى الشببيطان مببن
مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقببدر عليببه تحببول إلببى الجاهببل فيستأسببره
ويتمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل بها في الدنيا الجلببد
والرجم والقطع والصلب والفضيحة وفي الخببرة العببار والنببار والشببنار وإن
الرجلين ليستويان في البببر ويكببون بينهمببا فببي الفضببل كمببا بيببن المشببرق
والمغرب بالعقل وما عبد الله بشيء أفضل من العقل وقال معبباذ بببن جبببل
رضي الله عنه لو أن العاقببل أصبببح وأمسببى ولببه ذنببوب بعببدد الرمببل كببان
وشببيكا بالنجبباة والتخلببص منهببا ولببو أن الجاهببل أصبببح وأمسببى ولببه مببن
الحسنات وأعمال البر عدد الرمل لكان وشيكا أن ل يسببلم لببه منهببا مثقببال
ذرة قيل وكيف ذلك قال إن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة والعقل الببذي
رزقه والجاهل بمنزله الذي يبني ويهببدم فيببأتيه مببن جهلببه مببا يفسببد صببالح
عمله وقال الحسن ل يتم دين الرجل حتى
يتم عقله وما أودع الله امرأ عقل إل استنقذه به يومبا وقبال بعبض الحكمباء
من لم يكن عقله أغلب الشياء عليه كان حتفه وهلكه في أحب الشياء إليه
وقال يوسف بن أسباط العقل سراج ما بطن وزينة ما ظهر وسائس الجسد
وملك أمببر العبببد ول تصببلح الحيبباة إل بببه ول تببدور المببور إل عليببه وقيببل
لعبدالله بن المبارك ما أفضل ما أعطي الرجل بعد السلم قال غريزة عقل
قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صببالح يستشببيره
قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجببل وفببي
ذلك قيل ما وهب الله لمرئ هبة %أحسببن مببن عقلببه ومببن أدبببه همببا
جمال الفتى فإن فقدا %ففقده للحياة أجمل به فصببل وإذا كببانت الدولببة
للعقل سالمه الهوى وكان من خدمه وأتباعه كما أن الدولة إذا كانت للهببوى
صار العقل أسيرا في يديه محكوما عليه ولما كان العبد ل ينفك عببن الهببوى
ما دام حيا فبإن هبواه لزم لبه كبان لبه المببر بخروجببه عبن الهبوى بالكليببة
كالممتنع ولكن المقدور له والمأمور به أن يصرف هببواه عببن مراتببع الهلكببة
إلى مواطن المن والسلمة مثاله أن الله سبحانه وتعالى لم يببأمره بصببرف
قلبه عن هوى النساء جملة بل أمره بصرف ذلك الهوى إلى نكاح مببا طبباب
له منهن من واحدة إلى أربع ومن الماء ما شاء فانصرف مجرى الهوى مببن
محل إلى محل وكانت الريح دبورا فاستحالت صبا وكذلك هو الظفر والغلبة
والقهر لم يأمر بالخروج عنببه بببل أمببر بصببرفه إلببى الظفببر والقهببر والغلبببة
للباطل وحزبه وشرع له من أنواع المغالبات بالسباق وغيره
مما يمرنه ويعده للظفر وكذلك هوى الكبر والفخر والخيلء مببأذون فيببه بببل
مستحب في محاربة أعداء الله وقد رأى النبي أبا دجانة سببماك بببن خرشببة
النصاري يتبختر بين الصفين فقال إنها لمشية يبغضها الله إل في مثببل هببذا
الموطن وقال إن من الخيلء ما يحبها الله ومنها ما يبغض الله فببالتي يحبهببا
اختيال الرجل في الحرب وعند الصدقة وذكر الحديث فمببا حببرم اللببه علببى
عببباده شببيئا إل عوضببهم خيببرا منببه كمببا حببرم عليهببم الستقسببام بببالزلم
وعوضهم منه دعبباء السببتخارة وحببرم عليهببم الرببا وعوضببهم منبه التجببارة
الرابحة وحرم عليهم القمار وأعاضهم منه أكل المال بالمسابقة النافعة فبي
الدين بالخيل والبببل والسببهام وحببرم عليهببم الحريببر وأعاضببهم منببه أنببواع
الملبس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن وحرم عليهببم الزنببا واللببواط
وأعاضهم منهما بالنكبباح والتسببري بصببنوف النسبباء الحسببان وحببرم عليهببم
شرب المسكر وأعاضهم عنه بالشربة اللذيذة النافعة للروح والبببدن وحببرم
عليهببم سببماع آلت اللهببو مببن المعببازف والمثبباني وأعاضببهم عنهببا بسببماع
القرآن والسبع المثاني وحببرم عليهببم الخبببائث مببن المطعومببات وأعاضببهم
عنها بالمطاعم الطيبات ومن تلمح
هذا وتأمله هبان عليبه تبرك الهبوى المبردي واعتباض عنبه بالنبافع المجبدي
وعرف حكمة الله ورحمته وتمام نعمته على عباده فيما أمرهببم بببه ونهبباهم
عنه وفيما أباحه لهم وأنه لببم يببأمرهم بمببا أمرهببم بببه حاجببة منببه إليهببم ول
نهاهم عنه بخل منه تعالى عليهم بل أمرهم بما أمرهم إحسببانا منببه ورحمببة
ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية فلببذلك وضببعنا هببذا الكتبباب وضببع
عقد الصلح بين الهوى والعقل وإذا تم عقد الصلح بينهمببا سببهل علببى العبببد
محاربة النفس والشيطان والله سبحانه المستعان وعليببه التكلن فمببا كببان
فيه من صواب فمن الله فهو الموفق له والمعيببن عليببه ومببا كببان فيببه مببن
خطإ فمني ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئان وقببد جعلتببه تسببعة
وعشرين بابا
الباب الول في أسماء المحبة الباب الثاني في اشتقاق هذه السماء
ومعانيها الباب الثالث في نسبة هذه السماء بعضها إلى بعض
الباب الرابع في أن العالم العلوي والسفلي إنما وجد بالمحبة ولجلها
الباب الخامس في دواعي المحبة ومتعلقهببا الببباب السببادس فببي أحكببام
النظر وغائلته وما يجني على صاحبه
الباب السابع في ذكر مناظرة بين القلببب والعيببن الببباب الثببامن فببي ذكببر
الشبه
التي احتج بها من أباح النظر إلى من ل يحل له الستمتاع به وأباح عشقه
الباب التاسع في الجواب عما احتجت به هذه الطائفببة ومببا لهببا ومببا عليهببا
في
هذا الحتجاج الباب العاشر في ذكر حقيقة العشببق وأوصببافه وكلم النبباس
فيه
خطأ المخطىء لصابته وسيئاته لحسببناته فهببذه سببنةالله فببي عببباده جببزاء
وثوابا ومن ذا الذي يكون قوله كله سديدا وعمله كلببه صببوابا وهببل ذلببك إل
المعصوم الذي ل ينطق عن الهوى ونطقه وحي يببوحى فمببا صببح عنببه فهببو
نقل مصدق عن قائل معصوم وما جاء عن غيره فثبوت المرين فيه معببدوم
فإن صح النقل لم يكن القائل معصوما وإن لم يصببح لببم يكببن وصببوله إليببه
معلوما فصل وهذا الكتاب يصلح لسببائر طبقببات النبباس فببإنه يصببلح عونببا
على الدين وعلى الدنيا ومرقاة للذة العاجلببة ولببذة العقبببى وفيببه مببن ذكببر
أقسام المحبببة وأحكامهببا ومتعلقاتهببا وصببحيحها وفاسببدها وآفاتهببا وغوائلهببا
وأسبببابها وموانعهببا ومببا يناسببب ذلببك مببن نكببت تفسببيرية وأحبباديث نبويببة
ومسائل فقهية وآثار سلفية وشواهد شعرية ووقائع كونيببة مببا يكببون ممتعببا
لقاريه مروحا للناظر فيه فإن شاء أوسعه جدا وأعطبباه ترغيبببا وترهيبببا وإن
شاء أخذ من هزله وملحه نصيبا فتارة يضحكه وتارة يبكيه وطورا يبعده مببن
أسباب اللذة الفانية وطببورا يرغبببه فيهببا ويببدنيه فببإن شببئت وجببدته واعظببا
ناصحا وإن شئت وجدته بنصيبك من اللذة والشهوة ووصل الحبيب مسامحا
وهذا حين الشروع في البواب والله سبحانه الفاتح من الخير كل ببباب وهببو
المسؤول سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريببم مببدنيا مببن رضبباه والفببوز
بجنات النعيم والله متولي سريرة العبد وكسبه وهو سبحانه عند لسببان كببل
قببائل وقلبببه ^ وقببل اعملببوا فسببيرى اللببه عملكببم ورسببوله والمؤمنببون
وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ^
الباب الول في أسماء المحبة لما كان الفهم لهذا المسمى أشد وهو
بقلوبهم أعلق كانت أسماؤه لببديهم أكببثر وهببذا عببادتهم فببي كببل مببا اشببتد
الفهم له أو كثر خطوره على قلوبهم تعظيما له أو اهتمامببا بببه أو محبببة لببه
فالول كالسد والسيف والثاني كالداهية والثالث كالخمر وقد اجتمعت هببذه
المعاني الثلثة في الحب فوضعوا له قريبببا مببن سببتين اسببما وهببي المحبببة
والعلقة والهوى والصبوة والصبابة والشغف والمقة والوجد والكلف والتببتيم
والعشببق والجببوى والببدنف والشببجو والشببوق والخلبببة والبلبببل والتباريببح
والسدم والغمرات والوهل والشببجن واللعببج والكببتئاب والوصببب والحببزن
والكمد واللذع والحرق والسهد والرق واللهف والحنين والسببتكانة والتبالببة
واللوعة والفتون والجنون واللمم والخبل والرسيس والببداء المخببامر والببود
والخلة والخلم والغرام والهيام والتدليه والوله والتعبببد وقببد ذكببر لببه أسببماء
غير هذه وليست من أسمائه وإنما هي من موجباته وأحكامه فتركنا ذكرها
الباب الثاني في اشتقاق هذه السماء ومعانيها فأما المحبة فقيل أصلها
الصفاء لن العرب تقول لصفاء بياض السنان ونضارتها حبب السنان وقيل
مأخوذة من الحباب وهو ما يعلو الماء عند المطر الشديد فعلى هذا المحبببة
غليان القلب وثورانه عنببد الهتيبباج إلببى لقبباء المحبببوب وقيببل مشببتقة مببن
اللزوم والثبات ومنه أحب البعير إذا برك فلم يقم قال الشاعر حلت عليببه
بالفلة ضربا %ضرب بعيببر السببوء إذ أحبببا فكببأن المحببب قببد لببزم قلبببه
محبوبه فلم يرم عنه انتقال وقيل بل هببي مببأخوذة مببن القلببق والضببطراب
ومنه سمي القرط حبا لقلقه في الذن واضطرابه قال الشاعر تبيت الحية
النضناض منه %مكان الحب تستمع السرارا وقيل بببل هببي مببأخوذة مببن
الحب جمع حبة وهو لباب الشيء وخالصه وأصله فببإن الحببب أصببل النبببات
والشجر وقيل بل هي مأخوذة مبن الحبب الببذي هببو إنباء واسبع يوضببع فيبه
الشيء فيمتلئ به بحيث ل يسع غيره
وكذلك قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبوبة وقيببل مببأخوذة مببن الحببب
وهو الخشبات الربع التي يستقر عليها ما يوضببع عليهببا مببن جببرة أو غيرهببا
فسمى الحب بذلك لن المحب يتحمببل لجببل محبببوبه الثقببال كمببا تتحمببل
الخشبات ثقل ما يوضع عليها وقيل بل هي مببأخوذة مببن حبببة القلببب وهببي
سويداؤه ويقال ثمرته فسميت المحبة بذلك لوصولها إلى حبة القلب وذلببك
قريب من قولهم ظهره إذا أصاب ظهببره ورأسببه إذا أصبباب رأسببه ورآه إذا
أصاب رئته وبطنه إذا أصاب بطنه ولكن في هذه الفعال وصل أثببر الفاعببل
إلى المفعول وأما في المحبة فالثر إنما وصل إلى المحب وبعد ففيه لغتببان
حب وأحب قببال الشبباعر أحببب أبببا مببروان مببن أجببل تمببره %وأعلببم أن
الرفق بالمرء أرفق ووالله لول تمره ما حببته %ول كببان أدنببى مببن عبيببد
ومشرق كذلك أنشببده الجببوهري بببالقواء فجمببع بيببن اللغببتين ولكببن فببي
جانب الفعل واسم الفاعل غلبوا الرباعي فقالوا أحبه يحبه فهو محببب وفببي
المفعلو غلبوا فعل فقالوا في الكثر محبوب ولم يقولوا محب إل نببادرا قببال
الشاعر ولقد نزلت فل تظني غيره %مني بمنزلة المحب المكرم
فهذا من أفعببل وأمببا حبببيب فببأكثر اسببتعمالهم لببه بمعنببى المحبببوب قببال
الشاعر وما زرت ليلى أن تكون حبيبة %إلي ول دين لها أنا طببالبه وقببد
استعملوه بمعنى المحب قال الشاعر وما هجرتببك النفببس أنببك عنببدها %
قليل ول أن قل منك نصيبها ولكنهم يا أحسن الناس أولعوا %بقول إذا ما
جئت هذا حبيبها فهذا يحتمل أن يكون بمعنى المحبببوب وأن يكببون بمعنببى
المحب وأما الحب بكسر الحاء فلغببة فببي الحببب وغببالب اسببتعماله بمعنببى
المحبوب قال في الصحاح الحب المحبة وكذلك الحب بالكسر والحب أيضببا
الحبيب مثل خدن وخدين قلت وهذا نظير ذبح بمعنى مببذبوح ونهببب بمعنببى
منهوب ورشق بمعنى مرشوق ومنه السب ويشترك فيه الفاعبل والمفعبول
قال أبو عبيد السببب بالكسببر الكببثير السببباب قببال الجببوهري وسبببك الببذي
يسببابك قببال حسببان ل تسبببنني فلسببت بسبببي %إن سبببي مببن الرجببال
الكريم والصواب أنببه عبببدالرحمن بببن حسببان وقببد يشببترك فيببه المصببدر
والمفعول نحو رزق وفي إعطببائهم ضببمة الحبباء للمصببدر سببر لطيببف فببإن
الكسرة أخف من الضمة والمحبوب أخببف علببى قلببوبهم مببن نفببس الحببب
فأعطوا الحركة الخفيفببة للخببف والثقيلببة للثقببل ويقببال أحبببه حبببا ومحبببة
والمحبة أم باب هذه السماء فصل وأما كلم الناس في حدها فكببثير فقيببل
هي الميل الدائم بالقلب الهائم وقيل إيثار المحبوب علبى جميبع المصبحوب
وقيل موافقة الحبيب
في المشهد والمغيب وقيل اتحاد مراد المحب ومراد المحبببوب وقيببل إيثببار
مراد المحبوب على مراد المحب وقيل إقامببة الخدمببة مببع القيببام بالحرمببة
وقيل استقلل الكثير منك لمحبوبك واستكثار القليل منه إليك وقيل اسببتيلء
ذكر المحبوب على قلب المحب وقيل حقيقتها أن تهب كلك لمن أحببتببه فل
يبقى لك منك شيء وقيل هي أن تمحو من قلبك ما سوى المحبببوب وقيببل
هي الغيرة للمحبوب أن تنتقص حرمته والغيببرة علببى القلببب أن يكببون فيببه
سواه وقيل هي الرادة التي ل تنقص بالجفاء ول تزيد بالبر وقيل هي حفببظ
الحدود فليس بصادق من ادعى محبة من لم يحفظ حدوده وقيل هي قيامك
لمحبوبك بكل ما يحبه منك وقيل هي مجانبة السلو على كل حال كما قيل
ومن كان من طول الهوى ذاق سلوة %فإني من ليلي لها غير ذائق وأكثر
شيء نلته من وصالها %أماني لم تصدق كلمعة بارق وقيل نار تحرق من
القلب ما سوى مراد المحبوب وقيل ذكر المحبوب على عببدد النفبباس كمببا
قيل يراد من القلب نسيانكم %وتأبى الطباع علببى الناقببل وقيببل عمببى
القلب عن رؤية غير المحبوب وصممه عن سماع العذل فيببه وفببي الحببديث
حبك للشببيء يعمببي ويصببم رواه المببام أحمببد وقيببل ميلببك إلببى المحبببوب
بكليتك ثم إيثارك له على نفسك وروحك
ومالك ثم موافقتك له سرا وجهرا ثم علمك بتقصيرك فببي حبببه وقيببل هببي
بببذلك المجهببود فيمببا يرضببى الحبببيب وقيببل هببي سببكون بل اضببطراب
واضطراب بل سكون فيضطرب القلب فل يسكن إل إلى محبوبه فيضطرب
شوقا إليه ويسكن عنده وهذا معنى قببول بعضببهم هببي حركببة القلببب علببى
الدوام إلببى المحبببوب وسببكونه عنببده وقيببل هببي مصبباحبة المحبببوب علببى
الدوام كما قيل ومن عجب أني أحن إليهم %وأسأل عنهم من لقيت وهم
معي وتطلبهم عيني وهم في سوادها %ويشتاقهم قلبي وهم بين أضببلعي
وقيل هي أن يكون المحبوب أقرب إلى المحب مببن روحببه كمببا قيببل يببا
مقيما في خاطري وجناني %وبعيدا عن نبباظري وعيبباني أنببت روحببي إن
كنببت لسببت أراهببا %فهببي أدنببى إلببي مببن كببل دانببي وقيببل هببي حضببور
المحبوب عند المحب دائما كما قيل خيالك في عيني وذكرك في فمببي %
ومثواك في قلبي فأين تغيببب وقيببل هببي أن يسببتوي قببرب دار المحبببوب
وبعدها عند المحب كما قيل يببا ثاويببا بيببن الجوانببح والحشببى %منببي وإن
بعدت علي دياره عطفا على صبب يحببك هبائم %إن لببم تصبله تصببدعت
أعشاره ل يستفيق من الغرام وكلما %حجبوك عنه تهتكت أستاره
وقيل هي ثبات القلب على أحكام الغرام واستلذاذ العذل فيه والملم كمببا
قيل وقف الهببوى بببي حيببث أنببت فليببس لببي %متببأخر عنببه ول متقببدم
وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا %ما من يهببون عليببك ممببن يكببرم أشبببهت
أعدائي فصرت أحبهم %إذ كان حظي منك حظي منهم أجد الملمببة فببي
هواك لذيذة %حبا لذكرك فليلمني اللوم فصل وأما العلقة وتسبمى العلبق
بوزن الفلق فهي من أسمائها قال الجوهري والعلق أيضا الهوى يقال نظببرة
من ذي علق قال الشاعر ولقد أردت الصبر عنك فعلقنببي %علببق بقلبببي
من هواك قديم وقد علقها بالكسر وعلق حبها بقلبببه أي هويهببا وعلببق بهببا
علوقا وسميت علقة لتعلق القلب بالمحبوب قال الشاعر أعلقة أم الوليد
بعدما %أفنان رأسك كالثغام المخلس فصل وأما الهوى فهببو ميببل النفببس
إلى الشيء وفعله هوي يهوى هوى مثل عمي يعمى عمى وأما هببوى يهببوي
بالفتح فهو السقوط ومصدره الهوي
بالضم ويقال الهوى أيضا على نفس المحبوب قال الشاعر إن التي زعمت
فؤادك ملها %خلقت هواك كما خلقببت هببوى لهببا ويقببال هببذا هببوى فلن
وفلنة هواه أي مهويته ومحبوبته وأكثر ما يستعمل في الحب المببذموم كمببا
قال الله تعالى ^ وأما من خاف مقام ربببه ونهببى النفببس عببن الهببوى فببإن
الجنة هي المأوى ^ ويقال إنما سمى هوى لنه يهوي بصاحبه وقد يسببتعمل
في الحب الممدوح استعمال مقيدا ومنه قببول النبببي ل يببؤمن أحببدكم حببتى
يكون هواه تبعا لما ئت به وفي الصحيحين عن عروة قال كببانت خولببة بنببت
حكيم من اللئي وهبن أنفسهم للنببي فقبالت عائشبة رضبي اللبه عنهبا أمببا
تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل فلما نزلت ^ ترجي من تشبباء منهببن
^ قلت يا رسول الله ما أرى ربك إل يسارع في هببواك وفببي قصببة أسببارى
بدر قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهوي رسول الله ما قال أبببو بكببر
رضي الله عنه ولم يهو ما قلت وذكر الحديث وفبي السببنن أن أعرابيبا قبال
للنبي جئت أسألك عن الهوى فقال المرء مع من أحب
فصل وأما الصبوة والصبا فمن أسمائها أيضا قال في الصحاح والصبببا مببن
الشوق يقال منه تصابا وصبا يصبو صبوة وصبوا أي مال إلى الجهل وأصبببته
الجارية وصبي صباء مثببل سببمع سببماعا أي لعببب مببع الصبببيان قلببت أصببل
الكلمة من الميل يقال صبا إلى كذا أي مال إليه وسميت الصبوة بذلك لميل
صاحبها إلى المرأة الصبية والجمع صبايا مثببل مطيببة ومطايببا والتصببابي هببو
تعاطي الصبوة مثل التمايل وبابه والفرق بين الصبببا والصبببوة والتصببابي أن
التصابي هي تعاطي الصبا وأن تفعل فعل ذي الصبوة وأما الصبا فهببو نفببس
الميل وأما الصبوة فالمرة من ذلك مثبل الغشبوة والكببوة وقبد يقبال علبى
الصفة اللزمة مثل القسوة وقد قال يوسببف الصببديق عليببه السببلم ^ وإل
تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ^ فصل وأما الصبببابة
فقال في الصحاح هي رقة الشوق وحرارته يقال رجل صب عاشق مشببتاق
وقد صببت يا رجل بالكسر قال الشاعر ولسببت تصببب إلىالظبباعنين %إذا
ما صديقك لم يصبب قلت والصبابة من المضاعف من صب يصب والصبببا
والصبوة من المعتل وهم كثيرا مببا يعبباقبون بينهمببا فبينهمببا تناسببب لفظببي
ومعنوي قال الشاعر تشكى المحبون الصبابة ليتني %تحملببت مببا يلقببون
من بينهم وحدي
ويقال رجل صب وامرأة صب كما يقال رجل عببدل وامببرأة عببدل فصببل
وأما الشغف فمن أسمائها أيضا قال الله تعببالى ^ قببد شببغفها حبببا ^ قببال
الجوهري وغيره والشببغاف غلف القلببب وهببو جلببدة دونببه كالحجبباب يقببال
شغفه الحب أي بلغ شغافه وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما ^ قببد شببغفها
حبا ^ ثم قال دخل حبه تحت الشغاف فصل وأما الشعف بالعين المهملببة
ففي الصحاح شعفه الحب أي أحرق قلبه وقال أبو زيد أمرضببه وقببد شببعف
بكذا فهو مشعوف وقرأ الحسن قد شعفها حبا قال بطنها حبببا فصببل وأمببا
المقة فهي فعلة مببن ومببق يمببق والمقببة المحبببة والهبباء عببوض مببن الببواو
كالعظة والعبدة والزنبة فبإن أصببلها فعببل فحببذفوا الفباء فعوضببوا منهبا تباء
التأنيث جبرا للكلمة وتعويضا لما سببقط منهببا والفعببل ومقببه يمقببه بالكسببر
فيهما أي أحبه فهو وامق فصل وأما الوجد فهو الحببب الببذي يتبعببه الحببزن
وأكثر ما يستعمل الوجد في الحزن يقال منه وجد وجدا بالفتببح ونحببن نببذكر
هذه المببادة وتصبباريفها يقببال وجببد مطلببوبه يجببده وجببودا فببإن تعلببق ذلببك
بالضالة سموه وجدانا
ووجد عليه في الغضب موجدة ووجببد فببي الحببزن وجببدا بالفتببح ووجببد فببي
المال أي صار واجدا وجدا ووجدا ووجببدا بالفتببح والضببم والكسببر وجببدة إذا
استغنى وأما إطلق اسم الوجد علببى مجببرد مطلببق المحبببة فغيببر معببروف
وإنما يطلق على محبة معها فقد يوجب الحزن فصل وأما الكلف فهو مببن
أسماء الحب أيضا يقال كلفت بهذا المبر أي أولعبت ببه فأنبا كلبف ببه قبال
الشاعر فتعلمي أن قد كلفت بكم %ثم اصنعي ما شئت عن علم وأصل
اللفظة من الكلفة والمشقة يقال كلفه تكليفا إذا أمره بمبا يشببق قببال اللبه
تعببالى ^ ل يكلببف اللببه نفسببا إل وسببعها ^ ومنببه تكلفببت المببر تجشببمته
والكلفة ما يتكلف من نائبة أو حق والمتكلف المتعرض لما ل يعنيه قال الله
تعالى ^ قل ما أسألكم عليه من أجر ومببا أنببا مببن المتكلفيببن ^ وقيببل هببو
مأخوذ من الثر وهو شيء يعلو الببوجه كالسمسببم والكلببف أيضببا لببون بيببن
السواد والحمرة وهي حمرة كدرة تعلو الوجه والسببم الكلفببة فصبل وأمببا
التتيم فهو التعبد قال في الصحاح تيم الله أي عبدالله وأصله
من قولهم تيمه الحب إذا عبده وذللببه فهببو مبتيم ويقببال تبامته المبرأة قببال
لقيط بن زرارة تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت %إحدى نساء بني ذهل
بن شيبانا فصل وأما العشق فهو أمر هذه السماء وأخبثها وقل مببا ولعببت
به العرب وكأنهم ستروا اسمه وكنوا عنه بهذه السماء فلم يكببادوا يفصببحوا
به ول تكاد تجده في شعرهم القديم وإنما أولع به المتأخرون ولببم يقببع هببذا
اللفظ في القرآن ول في السنة إل فببي حببديث سببويد بببن سببعيد وسببنتكلم
عليه إن شاء الله تعالى وبعببد فقببد اسببتعملوه فببي كلمهببم قببال الشبباعر
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا %سوى أن يقولوا إنني لك عاشببق نعببم
صدق الواشون أنت حبيبة %إلببي وإن لببم تصببف منببك الخلئق قببال فببي
الصحاح العشق فرط الحب وقد عشقها عشقا مثل علم علما وعشقا أيضببا
عن الفراء قال رؤبة ولم يضعها بين فرك وعشببق %قببال ابببن السببراج
إنما حركه ضرورة وإنما لم يحركه بالكسر إتباعا للعين كأنه كره الجمع بيببن
كسرتين فإن هذا عزيببز فببي السببماء ورجببل عشببيق مثببل فسببيق أي كببثير
العشق والتعشق تكلف العشببق قببال الفببراء يقولببون امببرأة محببب لزوجهببا
وعاشق وقال ابن سيده العشق عجب المحب بالمحبوب يكون فببي عفبباف
الحب ودعارته يعني في العفة والفجور وقيل العشق السم
والعشق المصدر وقيل هو مأخوذ من شجرة يقال لها عاشقة تخضر ثم تدق
وتصفر قال الزجاج واشتقاق العاشق من ذلببك وقببال الفببراء عشببق عشببقا
وعشقا إذا أفرط في الحب والعاشق الفاعل والمعشوق المفعول والعشيق
يقال لهذا ولهذا وامرأة عاشق وعاشقة قال ولذ كطعم الصرخدي طرحتببه
%عشية خمببس القببوم والعيببن عاشببقه وقببال الفببراء العشببق نبببت لببزج
وسمي العشق الذي يكون من النسان للصوقه بالقلب وقال ابببن العرابببي
العشقة اللبلبة تخضر وتصفر وتعلق بالذي يليهببا مببن الشببجار فاشببتق مببن
ذلك العاشق وقد اختلف الناس هل يطلق هذا السببم فببي حببق اللببه تعببالى
فقالت طائفة من الصوفية ل بأس بإطلقه وذكببروا فيببه أثببرا ل يثبببت وفيببه
فإذا فعل ذلك عشقني وعشقته وقال جمهور الناس ل يطلق ذلك فبي حقبه
سبحانه وتعالى فل يقال إنه يعشق ول يقببال عشببقه عبببده ثببم اختلفببوا فببي
سبب المنع على ثلثة أقوال أحدها عدم التوقيببف بخلف المحبببة الثبباني أن
العشق إفراط المحبة ول يمكن ذلك في حق الرب تعالى فإن الله تعببالى ل
يوصف بالفراط في الشيء ول يبلغ عبببده مببا يسببتحقه مببن حبببه فضببل أن
يقال أفرط في حبه الثالث أنه مأخوذ من التغير
كما يقال للشجرة المذكورة عاشقة ول يطلق ذلك على الله سبحانه وتعالى
فصل وأما الجوى ففي الصحاح الجوى الحرقة وشدة الوجد من عشببق أو
حزن تقول منه جوي الرجل بالكسر فهو جو مثل دو ومنه قيل للماء المتغير
المنتن جو قببال الشبباعر ثببم كببان المببزاج مبباء سببحاب %ل جببو آجببن ول
مطروق فصل وأما الدنف فل تكاد تستعمله العرب في الحب وإنما ولع به
المتأخرون وإنما اسببتعملته العببرب فببي المببرض قببال فببي الصببحاح الببدنف
بالتحريك المرض الملزم رجل دنببف أيضببا يعنببي بفتببح النببون وامببرأة دنببف
وقوم دنف يستوي فيه المبذكر والمبؤنث والتثنيبة والجمبع فبإن قلبت رجبل
دنف بكسر النون قلت امرأة دنفة أنثت وثنيت وجمعت وقببد دنببف المريببض
بالكسر ثقل وأدنف باللف مثله وأدنفه المرض يتعدى ول يتعدى فهو مببدنف
ومدنف قلت وكأنهم استعاروا هذا السم للحببب اللزم تشبببيها لببه ببه واللببه
أعلم فصل وأما الشجو فهو حب يتبعه هم وحزن قال فببي الصببحاح الشببجو
الهم والحزن يقال شجاه يشجوه شجوا إذا أحزنه وأشجاه يشجيه إشجاء
إذا أغصه تقول منها جميعا شجي بالكسببر يشببجى شببجى قببال الشبباعر ل
تنكروا القتل وقد سبببينا %فببي حلقكببم عظببم وقببد شببجينا أراد حلببوقكم
واشجى ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره ورجل شج أي حزين وامرأة
شجية على فعلة فأطلق هذا السم على الحب للزومه كالشجى الذي يعلببق
بالحلق وينشب فيه فصل وأما الشوق فهو سفر القلب إلى المحبوب وقببد
وقع هذا السم في السنة ففي المسند من حديث عمار بن ياسر أنببه صببلى
صلة فأوجز فيها فقيل له أوجببزت يببا أبببا اليقظببان فقببال لقببد دعببوت فيهببا
بدعوات سمعتهن من رسول الله يدعو بهببن اللهببم بعلمببك الغيببب وقببدرتك
على الخلق أحبني إذا كانت الحياة خيرا لي وتببوفني إذا كببانت الوفبباة خيببرا
لي وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمببة الحببق فبي الغضبب
والرضا وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما ل ينفد وأسألك قببرة
عين ل تنقطع وأسألك الرضا بعد القضاء وأسببألك بببرد العيببش بعببد المببوت
وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضببرة ول
فتنة مضلة اللهم زينببا بزينببة اليمببان واجعلنببا هببداة مهتببدين وجبباء فببي أثببر
إسرائيلي طال شوق البرار إلى لقائي وأنا إلى لقائهم أشوق وقد قال اللببه
تعالى ^ من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لت ^ قال بعض العارفين
لما علم الله شوق المحبين إلى لقائه ضببرب لهببم موعببدا للقبباء تسببكن بببه
قلوبهم وبعببد فهببذه اللفظببة مببن أسببماء الحببب قببال فببي الصببحاح الشببوق
والشتياق نزاع النفس إلى الشيء يقال شاقني الشيء يشوقني فهو شائق
وأنا مشوق وشببوقني فتشببوقت إذا هيببج شببوقك قببال الراجببز يبا دار ميببة
بالدكاديك البرق %سقيا لقد هيجت شببوق المشببتأق يريببد المشببتاق قببال
سيبويه همز ما ليس بمهموز ضرورة فصل واختلف في الفرق بيببن الشببوق
والشببتياق أيهمببا أقببوى فقببالت طائفببة الشببوق أقببوى فببإنه صببفة لزمببة
والشتياق فيه نوع افتعال كما يببدل عليببه بنبباؤه كالكتسبباب ونحببوه وقببالت
فرقة الشتياق أقوى لكثرة حروفببه وكلمببا قببوي المعنببى وزاد زادوا حروفببه
وحكمت فرقة ثالثة بيببن القببولين وقببالت الشببتياق يكببون إلببى غببائب وأمببا
الشوق فإنه يكون للحاضر والغائب والصواب أن يقال الشوق مصدر شبباقه
يشببوقه إذا دعبباه إلببى الشببتياق إليببه فالشببوق داعيببة الشببتياق ومبببداه
والشتياق موجبه وغايته فإنه يقال شاقني فاشتقت فالشتياق فعل مطبباوع
لشاقني واختلف أرباب الشوق هل يزول الشببوق بالوصببال أو يزيببد فقببالت
طائفة يزول فإن الشوق سفر القلب إلى المحبوب فببإذا وصببل إليببه انتهببى
السفر وألقت عصاها واستقر بها النوى %كما قر عينا بالياب المسافر
قالوا ولن الشوق إنما يكون لغائب فل معنى لببه مببع الحضببور ولهببذا إنمببا
يقال للغائب أنا إليك مشتاق وأما من لم يزل حاضرا مع المحب فل يوصببف
بالشوق إليه وقالت طائفة بل يزيد بالقرب واللقاء واستدلوا بقول الشاعر
وأعظم ما يكون الشوق يومببا %إذا دنببت الخيببام مببن الخيببام قببالوا ولن
الشوق هو حرقة المحبة والتهاب نارها في قلبب المحبب وذلبك ممبا يزيبده
القرب والمواصلة والصواب أن الشوق الحادث عند اللقبباء والمواصببلة غيببر
النوع الذي كان عند الغيبة عن المحب قال ابن الرومببي أعانقهببا والنفببس
بعد مشوقة %إليها وهل بعد العناق تداني وألثم فاهببا كببي تببزول صبببابتي
%فيشتد ما ألقى من الهيمان ولببم يببك مقببدار الببذي بببي مببن الجببوى %
ليشفيه ما ترشف الشفتان كأن فببؤادي ليببس يشببفي غليلببه %سببوى أن
يرى الروحين تمتزجان فصل وأما الخلبة فهي الحببب الخببادع وهببو الحببب
الذي وصل إلى الخلب وهو الحجاب الذي بين القلب وسواد البطببن وسببمى
الحب خلبة لنه يخدع ألبباب أرببابه والخلببة الخديعبة باللسبان يقبال خلببه
يخلبه بالضم واختلبه مثله وفي المثل إذا لم تغلب فاخلب أي فاخدع والخلبة
الخداعة من النساء قال الشاعر أودى الشباب وحب الخالة الخلبة %وقد
برئت فما بالقلب من قلبه
قال ابن السكيت رجل خلب أي خداع كذاب ومنه البببرق الخلببب الببذي ل
غيث فيه كأنه خادع ومنه قيل لمن يعد ول ينجز إنما أنت برق خلب والخلببب
أيضا السحاب الذي ل مطر فيه ومنه الحديث إذا بايعت فقببل ل خلبببة أي ل
خديعة والحب أحق مببا يسببمى بهببذا السببم لنببه يعمببي ويصببم ويخببدع لببب
المحب وقلبه فصببل وأمببا البلبببل فجمببع بلبلببة يقببال بلبببل الحببب وبلبببل
الشببوق وهببي وساوسببه وهمببه قببال فببي الصببحاح البلبلببة والبلبببال الهببم
ووسواس الصدر فصل وأما التباريح فيقال تباريببح الحببب وتباريببح الشببوق
وتباريح الجوى وبرح به الحب والشوق إذا اصابه منه البرح وهو الشدة قببال
في الصحاح لقيت منه برحا بارحببا أي شببدة وأذى قببال الشبباعر أجببد هببذا
عمرك الله كلما %دعاك الهوى برح لعينيك بببارح ولقيببت منببه بنببات بببرح
وبني برح ولقيت منببه البببرحين والبببرحين بكسببر الببباء وضببمها أي الشببدائد
والدواهي فصل وأما السدم بالتحريك فهو الحببب الببذي يتبعببه نبدم وحببزن
قال في الصحاح السدم بالتحريك الندم والحزن وقببد سببدم بالكسببر ورجببل
نادم سادم وندمان سدمان وهو إتباع وما له هم ول سدم إل ذاك
فصل وأما الغمرات فهي جمع غمرة والغمرة ما يغمر القلبب مبن حبب أو
سكر أو غفلببة قببال اللببه تعببالى ^ قتببل الخراصببون الببذين هببم فببي غمببرة
ساهون ^ أي فببي غفلببة قببد غمببرت قلببوبهم وقببال تعببالى ^ فببذرهم فببي
غمرتهم حتى حين ^ ومنه الماء الغمر الكببثير الببذي يغطببي مببن دخببل فيببه
ومنه غمرات الموت أي شدائده وكذلك غمرات الحب وهو مببا يغطببي قلببب
المحب فيغمره ومنه قولهم رجل غمر الرداء كناية عببن السببخاء لنببه يغمببر
العيوب أي يغطيها فل يظهر مع السببخاء عيببب قببال كببثير غمببر الببرداء إذا
تبسم ضاحكا %غلقت لضحكته رقاب المال وقال القطامي يصف سببفينة
نوح إلى الجودي حتى صار حجرا %وكان لذلك الغمر انحسببار أي لببذلك
الماء الذي غمر الرض ومببن عليهببا فصببل وأمببا الوهببل فهببو بتحريببك الهبباء
وأصله الفزع والروع يقال وهل يوهل وهبو وهبل ومسبتوهل قبال القطبامي
يصف إبل
وترى لجيضتهن عند رحيلنا %وهل كأن بهن جنة أولق وإنما كببان الوهببل
من أسماء الحب لما فيه من الروع ومنه يقال جمال رائع فإن قيل ما سبب
روعة الجمال ولي شيء إذا رأى المحب محبوبه فجأة يرتبباع لببذلك ويصببفر
لونه ويبهت قال الشاعر وما هو إل أن أراها فجاءة %فأبهت حببتى ل أكبباد
أجيب وكثير من الناس يرى محبوبه فيصببفر ويرتعببد قيببل هببذا ممببا خفببي
سببه على أكثر المحبين فل يدرون ما سببه فقيل سببه أن الجمال سببلطان
على القلوب وإذا بدا راع القلوب بسلطانه كما يروعها الملببك ونحببوه ممببن
له سلطان على البدان فسلطان الجمال والمحبببة علببى القلببوب وسببلطان
الملوك على البدان فبإذا كببان السبلطان البذي علببى الببدان يبروع إذا ببدا
فكيف بالسلطان الذي هو أعظم منه قالوا وأيضا فإن الجمال يأسببر القلببب
فيحس القلب بأنه أسير ول بد لتلك الصورة التي بدت له فيرتاع كمببا يرتبباع
الرجل إذا أحس بمن يأسره ولهذا إذا أمن النبباظر مبن ذلببك لببم تحصببل لبه
هذه الروعة قببال الشبباعر علمببة مببن كببان الهببوى بفببؤاده %إذا مببا رأى
محبوبه يتغير فصل وأما الشجن فهو من أسمائه فإن الشجن الحاجة حيث
كانت وحاجة المحب أشد شيء إلى محبوبه قال الراجز
إني سأبدي لك فيما أبدي %لببي شببجنان شببجن بنجببد وشببجن لببي ببلد
السند %والجمع شجون قال والنفس شتى شجونها ويجمع علببى أشببجان
قال الشاعر تحمل أصحابي ولببم يجببدوا وجببدي %وللنبباس أشببجان ولببي
شجن وحدي قد شجنتني الحاجببة تشببجنني شببجنا إذا حبسببتك ووجببه آخببر
أيضا وهو أن الشجن الحزن والجمع أشجان وقد شجن بالكسر فهببو شبباجن
وأشجنه غيره وشجنه أي أحزنه والحب فيه المران هذا وهببذا فصببل وأمببا
اللعج فهو اسم فاعل من قولهم لعجه الضرب إذا آلمه وأحببرق جلببده قببال
الهذلي ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا %ويقال هببو لعببج لحرقببة الفببؤاد
من الحب فصل وأما الكتئاب فهببو افتعببال مبن الكآببة وهببي سببوء الحببال
والنكسار من الحزن وقد كئب الرجل يكأب كأبة وكآبة كرأفة ورآفة ونشأة
ونشاءة فهو كئيب وامرأة كئيبة وكأباء أيضا قببال الراجببز أو أن تببرى كأببباء
لم تبر نشقي %واكتأب الرجل مثله ورماد مكببتئب اللببون إذا ضببرب إلببى
السواد كمببا يكببون وجببه الكئيببب والكآبببة تتولببد مببن حصببول الحببب وفببوت
المحبوب فتحدث بينهما حالة سيئة تسمى الكآبة فصل وأمببا الوصببب فهببو
ألم الحب ومرضه فإن أصل الوصب المرض وقد وصب الرجل يوصب فهببو
وصب وأوصبه الله فهو موصببب والموصببب بالتشببديد الكببثير الوجبباع وفببي
الحديث الصحيح ل يصيب المؤمن من هم ول وصب حتى الشوكة يشاكها إل
كفر الله بها من خطاياه ووصب الشيء يصببب وصببوبا إذا دام تقببول وصببب
الرجل على المر إذا داوم عليه قال اللببه تعبالى ^ ولهببم عببذاب واصببب ^
وقال تعالى ^ وله الدين واصبا ^ أي الطاعة دائمة فصل وأما الحزن فقد
عد من أسماء المحبة والصواب أنه ليس من أسمائها وإنما هو حالببة تحببدث
للمحب وهي ورود المكروه عليه وهو خلف المسرة ولما كان الحب ل يخلو
من ورود مال يسر على قلب المحب كان الحزن من لوازمه
وفي الحديث الصحيح أن النبي كببان يقببول اللهببم إنببي أعببوذ بببك مببن الهببم
والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال فاستعاذ
من ثمانية أشياء كل شيئين منهما قرينان فالهم والحببزن قرينببان فببإن ورود
المكروه على القلب إ نكان لما مضى فهو الحزن وإن كان لما يستقبل فهببو
الهم والعجز والكسل قرينان فإن تخلف العبد عن كماله إن كببان مببن عببدم
القدرة فهو العجز وإن كان مببن عببدم الرادة فهببو الكسببل والجبببن والبخببل
قرينان فإن الرجببل يببراد منببه النفببع بمبباله أو ببببدنه فالجبببان ل ينفببع ببببدنه
والبخيل ل ينفع بماله وضلع الدين وغلبببة الرجببال قرينببان فببإن قهببر النبباس
نوعان نوع بحق فهو ضلع الدين ونوع بباطل فهو غلبة الرجال وقد نفى اللبه
سبحانه وتعالى عن أهل الجنة الخوف والحزن فل يحزنببون علببى مببا مضببى
ول يخببافون ممببا يببأتي ول يطيببب العيببش إل بببذلك والحببب يلزمببه الخببوف
والحزن فصل وأما الكمببد فمببن أحكببام المحبببة فببي الحقيقببة وليببس مببن
أسمائها ولكن المتكلمون في هذا الباب ل يفرقون بين اسم الشيء ولزمببه
وحكمه والكمد الحببزن المكتببوم تقببول منببه كمببد الرجببل فهببو كمببد وكميببد
والكمدة تغير اللون وأكمد القصار الثوب إذا لم ينقه فصل وأما اللذع فهببو
من أحكام المحبة أيضا وأصله من لذع النار يقال
لذعته النار لذعا أحرقتببه ثببم شبببهوا لببذع اللسببان بلببذع النببار فقببالوا لببذعه
بلسانه أي أحرقه بكلمه يقال أعوذ بالله مببن لببواذعه فصببل وأمببا الحببرق
فهي أيضا من عوارض الحب وآثاره والحرقببة تكببون مببن الحببب تببارة ومنببه
قولهم مالك حرقة علبى هبذا المبر وتكبون مبن الغيبظ ومنبه فبي الحبديث
تركتهم يتحرقببون عليكبم فصبل وأمبا السبهد فهبو أيضبا مبن آثبار المحببة
ولوازمها فالسهاد الرق وقد سهد الرجل بالكسر يسهد سهدا والسهد بضببم
السين والهاء القليل النوم قال أبو كبببير الهببذلي فببأتت بببه حببوش الجنببان
مبطنا %سهدا إذا ما نام ليل الهوجببل وسبهدته أنبا فهببو مسبهد %فصبل
وأما الرق فهو أيضا من آثار المحبة ولوازمها فإنه السهر وقد أرقت بالكسر
أي سهرت وكببذلك ائترقببت علببى افتعلببت فأنبا أرق وأرقنببي كببذا تأريقببا أي
سهرني فصل وأما اللهف فمبن أحكامهببا وآثارهببا أيضبا يقبال لهببف بالكسببر
يلهف
لهفا أي حزن وتحسر وكذلك التلهف على الشيء وقولهم يا لهف فلن كلمة
يتحسر بها على ما فات واللهفان المتحسر واللهيف المضببطر فصببل وأمببا
الحنين فقال في الصحاح الحنين الشوق وتوقان النفس تقول منه حببن إليببه
يحن حنينا فهو حان والحنان الرحمة تقول منببه حببن عليببه يحببن حنانببا ومنببه
قوله تعالى ^ وحنانا من لدنا ^ وتحنن عيه ترحم والعببرب تقببول حنانببك يببا
رب وحنانيك بمعنى واحد أي رحمتك قال امرؤ القيس ويمنحها بنو شمجى
بن جرم %معيزهم حنانك ذا الحنان وقال طرفة أبا منذر أفنيت فاستبق
بعضنا %حنانيك بعض الشر أهون من بعض وفي الحقيقة الحنين من آثببار
الحب وموجباته وحنين الناقة صببوتها فببي نزاعهببا إلببى ولببدها وحنببة الرجببل
امرأته قببال وليلببة ذات دجببى سببريت %ولببم تضببرني حنبة وبيببت قلببت
سميت حنة لن الرجل يحن إليها أين كان فصل وأما الستكانة فهببي أيضببا
من لوازم الحب وأحكامه ل من أسمائه المختصة
به وأصلها الخضوع قال الله تعالى ^ فما استكانوا لربهم ومببا يتضببرعون ^
وقبال تعبالى ^ فمبا وهنبوا لمبا أصبابهم فبي سببيل اللبه ومبا ضبعفوا ومبا
استكانوا ^ وأصلها استفعل من الكببون وهببذا الشببتقاق والتصببريف يطببابق
اللفظ وأما المعنى فالمستكن ساكن خاشببع ضببد الطببائش ولكببن ل يوافببق
السكون تصريف اللفظة فإنه إن كان افتعل كان ينبغي أن يقال استكن لنه
ليس في كلمهم افتعال والحق أنه استفعل من الكبون فنقلبوا حركببة الببواو
إلى الكاف قبلها فتحركت الواو أصببل وانفتببح مببا قبلهببا تقببديرا فقلبببت ألفببا
كاستقام والكون الحالة التي فيها إنابة وذل وخضوع وهذا يحمد إذا كان للببه
ويذم إذا كان لغيره ومنه الحديث أعوذ بك من الحور بعد الكببور أي الرجببوع
عن الستقامة بعد ما كنت عليها فصل وأما التبالة فهببي فعالببة مببن تبلببه إذا
أفناه قال الجوهري تبلهم الدهر وأتبلهم إذا أفناهم قببال العشببى أأن رأت
رجل أعشى أضر به %ريبب الزمبان ودهبر متبببل خببل أي يبذهب بالهببل
والولد وتبله الحب أي أسقمه وأفسده قلت ومنه قببول كعببب بببن زهيببر بببن
أبي سلمى بانت سعاد فقلبي اليوم متبول %متيم عندها لم يفد مكبول
فصل وأما اللوعة فقال في الصحاح لوعة الحب حرقتببه وقببد لعببه الحببب
يلوعه والتاع فؤاده أي احترق من الشوق ومنه قولهم أتان لعة الفؤاد إلببى
جحشها قال الصمعي أي لئعة الفببؤاد وهببي الببتي كأنهببا ولهببى مببن الفببزع
فصل وأما الفتون فهو مصدر فتنه يفتنه فتونا قال الله تعالى وفتناك فتونببا
أي امتحنبباك واختبرنبباك والفتنببة يقببال علببى ثلثببة معببان أحببدها المتحببان
والختبار ومنببه قببوله تعببالى ^ إن هببي إل فتنتببك ^ أي امتحانببك واختبببارك
والثاني الفتتان نفسه يقال هذه فتنة فلن أي افتتببانه ومنببه قببوله تعببالى ^
واتقوا فتنة ل تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ^ يقال أصابته الفتنة وفتنتببه
الدنيا وفتنته المرأة وأفتنته قال العشى لئن فتنتني ولهى بببالمس أفتنببت
%سعيدا فأضحى قببد قلببى كببل مسببلم وأنكببر الصببمعي أفتنتببه والثببالث
المفتون به نفسه يسمى فتنة قال الله تعالى ^ إنما أموالكم وأولدكم فتنة
^ وأما قوله تعببالى ^ ثببم لببم تكببن فتنتهببم إل أن قببالوا واللببه ربنببا مببا كنببا
مشركين ^ أي لم تكن عاقبة شركهم إل أن تبرأوا منه وأنكروه وأمببا قببوله
تعالى ^ يوم هم على النار ^
^ يفتنون ذوقوا فتنتكم ^ فقيببل المعنببى يحرقببون ومنببه فتنببت الببذهب إذا
أدخلته النار لتنظر ما جودته ودينار مفتون قال الخليل والفتن الحببراق قببال
الله تعالى ^ يوم هببم علببى النببار يفتنببون ^ وورق فببتين أي فضببة محرقببة
وافتتن الرجل وفتن إذا اصابته فتنة فذهب ماله أو عقلببه وفتنتببه المببرأة إذا
ولهته وقوله تعالى ^ فإنكم وما تعبببدون مبا أنتببم عليبه بفباتنين إل مبن هببو
صال الجحيم ^ أي ل تفتنون على عببادته إل مبن سببق فبي علبم اللبه أنبه
يصلى الجحيم فذلك الذي يفتن بفتنتكم إياه وأمببا قببوله تعببالى ^ فستبصببر
ويبصببرون بببأيكم المفتببون ^ فقيببل الببباء زائدة وقيببل المفتببون مصببدر
كالمعقول والميسور والمحلوف والمعسور والصواب أن يبصر مضمن معنى
يشعر ويعلم قال الله تعالى أولم يروا أن الله الذي خلق السببموات والرض
ولم يعي بخلقهن بقادر فعدى فعل الرؤية بالباء وفي الحببديث المببؤمن أخببو
المؤمن يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان يروى بفتح الفبباء وهببو
واحد وبضببمها وهببو جمببع فبباتن كتبباجر وتجببار والمقصببود أن الحببب موضببع
الفتون فما فتن من فتن إل بالمحبة فصل وأما الجنون فمن الحب ما يكببون
جنونا ومنه قوله
قببالت جننببت بمببن تهببوى فقلببت لهببا %ألعشببق أعظببم ممببا بالمجببانين
العشق ل يستفيق الدهر صاحبه %وإنما يصرع المجنون في الحين وأصل
المادة من الستر في جميع تصاريفها ومنه أجنه الليل وجببن عليببه إذا سببتره
ومنه الجنين لستتاره في بطن أمببه ومنببه الجنببة لسببتتارها بالشببجار ومنببه
المجن لستتار الضارب به والمضروب ومنببه الجببن لسببتتارهم عببن العيببون
بخلف النس فإنهم يؤنسون أي يرون ومنه الجنة بالضم وهببي مببا اسببتترت
به واتقيت ومنه قوله تعالى ^ اتخذوا أيمانهم جنة ^ وأجننت الميت واريتببه
في القبر فهو جنين والحب المفرط يستر العقل فل يعقل المحب مبا ينفعببه
ويضره فهو شعبة من الجنببون فصببل وأمببا اللمببم فهببو طببرف مببن الجنببون
ورجل ملموم أي به لمم ويقال أيضا أصابت فلنا من الجن لمة وهببو المببس
والشيء القليل قاله الجوهري قلت وأصل اللفظة من المقاربة ومنببه قببوله
تعالى ^ الذين يجتنبون كبائر الثببم والفببواحش إل اللمببم ^ وهببي الصببغائر
قال ابن عباس رضي الله عنهما ما رأيت أشبه باللمم مما قببال أبببو هريببرة
رضي الله عنبه إن العيبن تزنبي وزناهبا النظبر واليبد تزنبي وزناهبا البطبش
والرجل تزني وزناها المشي والفببم يزنببي وزنبباه القبببل ومنببه ألببم بكببذا أي
قاربه ودنا منه وغلم ملم أي قارب
البلوغ وفي الحديث إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم أي يقببرب مبن
ذلك وبالجملة فل يستبين كون اللمم من أسبماء الحبب وإن كبان قبد ذكبره
جماعة إل أن يقال إن المحبوب قد ألم بقلب المحب أي نزل به ومنه ألمببم
بنا أي انزل بنا ومنه قوله متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا %تجببد حطبببا جببزل
ونارا تأججا فصل وأما الخبل فمن موجبات العشق وآثبباره ل مببن أسببمائه
وإن ذكر من أسمائه فإن أصله الفساد وجمعه خبول والخبل بالتحريك الجن
يقال به خبل أي شيء من أهل الرض وقببد خبلببه وخبلببه واختبلببه إذا أفسببد
عقله أو عضوه ورجل مخبل وهببو نببوع مببن الجنببون والفسبباد فصببل وأمببا
الرسيس فقد كثر في كلمهم رسيس الهوى والشوق ورسيس الحب فظببن
من أدخله في أماء الحب أنه منها وليس كذلك بل الرسيس الشببيء الثببابت
فرسيس الحب ثباته ودوامه ويمكببن أن يكببون مببن رس الحمببى ورسيسببها
وهو أول مسها فشبببهوا رسببيس الحببب بحرارتببه وحرقتببه برسببيس الحمببى
وكان الواجب على هؤلء أن يجعلوا الوار من أسماء الحب لنه يضاف إليببه
قال الشاعر
إذا وجدت أوار الحب في كبدي %أقبلت نحو سببقاء القببوم أبببترد هبنببي
بردت ببرد الماء ظاهره %فمن لنار على الحشاء تتقد وقببد وقببع إضببافة
الرسيس إلى الهوى في شعر ذي الرمة حيث يقول إذا غير النأي المحببين
لم يكد %رسيس الهوى من حب مية يبرح وفيه إشكال نحوي ليببس هببذا
موضببعه فصببل وأمببا الببداء المخببامر فهببو مببن أوصببافه وسببمي مخببامرا
لمخالطته القلب والروح يقال خامره قبال الجبوهري والمخبامرة المخالطببة
وخامر الرجل المكان إذا لزمه وقد يكون أخذ من قولهم استخمر فلن فلنا
إذا اسببتعبده وكببأن العشببق داء مسببتعبد للعاشببق ومنببه حببديث معبباذ مببن
استخمر قوما أي أخذهم قهببرا وتملببك عليهببم فببالحب داء مخببالط مسببتعبد
فصل وأما الود فهو خببالص الحببب وألطفببه وأرقببه وهببو مببن الحببب بمنزلببة
الرأفة من الرحمببة قببال اجلببوهري وددت الرجبل أوده ودا إذا أحببتبه والببود
والود والود المودة تقول بودي أن يكون كذا وأما قول الشاعر أيهببا العببائد
المسائل عنا %وبوديك أن ترى أكفاني فإنما أشبع كسرة الدال ليسببتقيم
له البيت فصارت ياء والببود الوديببد بمعنببى المببودود والجمببع أود مثببل قببدح
وأقدح وذئب وأذؤب وهما يتوادان وهم أوداء والبودود المحبب ورجبال ودداء
يستوي فيه المذكر والمؤنث لكونه وصفا
داخل على وصف للمبالغة قلت الودود من صفات الله سبحانه وتعالى أصله
من المودة واختلف فيببه علببى قببولين فقيببل هببو ودود بمعنببى واد كضببروب
بمعنى ضارب وقتول بمعنى قاتل ونؤوم بمعنى نائم ويشهد لهببذا القببول أن
فعول في صفات الله سبببحانه وتعببالى فاعببل كغفببور بمعنببى غببافر وشببكور
بمعنى شاكر وصبور بمعنى صابر وقيل بل هببو بمعنببى مببودود وهببو الحبببيب
وبببذلك فسببره البخبباري فببي صببحيحه فقببال الببودود الحبببيب والول أظهببر
لقترانه بالغفور في قوله ^ وهو الغفور الودود ^ وبالرحيم في قوله ^ إن
ربي رحيم ودود ^ وفيه سر لطيف وهو أنه يحب التوابين وأنببه يحببب عبببده
بعد المغفرة فيغفببر لببه ويحبببه كمببا قببال ^ إن اللببه يحببب التببوابين ويحببب
المتطهرين ^ فالتائب حبيب الله فببالود أصببفى الحببب وألطفببه فصببل وأمببا
الخلة فتوحيد المحبة فالخليل هو الذي توحد حبه لمحبوبه وهي رتبة ل تقبببل
المشاركة ولهذا اختص بها في العالم الخليلن إبراهيم ومحمد صببلوات اللببه
وسلمه عليهما كما قال الله تعالى ^ واتخذ الله إبراهيم خليل ^ وصح عببن
النبي أنه قال إن الله اتخذني خليل كما اتخذ إبراهيم خليل وفي الصحيح عنه
لو كنت متخذا من أهل الرض خليل لتخببذت أبببا بكببر خليل ولكببن صبباحبكم
خليل الرحمن وفي الصحيح أيضا إني أبرأ إلى كل خليل
من خلته ولما كببانت الخلببة مرتبببة ل تقبببل المشباركة امتحببن اللببه سبببحانه
إبراهيم الخليل بذبح ولده لما أخذ شعبة من قلبه فببأراد سبببحانه أن يخلببص
تلك الشعبة له ول تكون لغيره فامتحنه بذبح ولده والمراد ذبحه مببن قلبببه ل
ذبحه بالمدية فلما أسلما لمر الله وقدم محبة الله تعالى علببى محبببة الولببد
خلص مقام الخلة وفدى الولد بالذبح وقيل إنما سميت خلة لتخلبل المحببة
جميع أجزاء الروح قال قد تخللت مسلك الروح مني %وبذا سمي الخليل
خليل والخلة الخليل يستوي فيه المذكر والمبؤنث لنبه فبي الصبل مصبدر
قولك خليل بين الخلة والخلولة قال أل أبلغا خلتي جابرا %بأن خليلك لببم
يقتل ويجمع على خلل مثل قلة وقلل والخل الود والصديق والخلل أيضببا
مصدر بمعنى الخالة ومنه قوله تعببالى ^ ل بيببع فيببه ول خلل ^ وقببال فببي
الية الخرى ^ ل بيببع فيببه ول خلببة ^ قببال امببرؤ القيببس ولسببت بمقلببي
الخلل ول قببالي %والخليببل الصببديق والنببثى خليلببة والخللببة والخللببة
والخللة بكسر الخاء وفتحها وضمها الصداقة والمودة قببال وكيببف تواصببل
من أصبحت %خللته كأبي مرحب
الذي عليه الدين يقال خذ من غريم السوء ما سنح ويكون الغريم أيضا الذي
له الدين قال كثير عزة قضى كل ذي دين فوفى غريمه %وعزة ممطببول
معنى غريمها ومن المادة قوله تعالى في جهنم ^ إن عذابها كان غراما ^
والغرام الشعر ! الدائم اللزم والعذاب قال بشر ويوم النسار ويوم الجفببا
%ركانا عذابا وكانا غراما وقال العشى إن يعاقب يكن غراما وإن يع %
ط جزيل فإنه ل يبالي وقال أبببو عبيببدة إن عببذابها كببان غرامببا كببان هلكببا
ولزاما لهم وللطف المحبة عندهم واستعذابهم لها لم يكادوا يطلقببون عليهببا
لفظ الغرام وإن لهج به المتأخرون فصل وأما الهيام قال في الصحاح هام
على وجهه يهيم هيما وهيمانا ذهب من العشق أو غيببره وقلببب مسببتهام أي
هائم والهيام بالضم أشد العطش والهيام كالجنون مببن العشببق والهيببام داء
يأخببذ البببل فتهيببم ل ترعببى يقببال ناقببة هيمبباء قببال والهيببام بالكسببر البببل
العطاش الواحد هيمان وناقة هيمى
مثل عطشان وعطشى وقوم هيم أي عطاش وقد هاموا هياما وقوله تعببالى
^ فشاربون شرب الهيم ^ هي البل العطاش قلببت جمببع أهيببم هيببم مثببل
أحمر وحمر وهو جمع فعلء أيضا كصفراء وصفر فصل وأمببا التببدليه ففببي
الصحاح التدليه ذهاب العقل من الهوى يقال دلهه الحب أي حيببره وأدهشببه
ودله هو يدله قال أبو زيد الدلوه الناقة ل تكاد تحببن إلببى إلببف ول ولببد وقببد
دلهت عن إلفها وعن ولدها تدله دلوها فصل وأما الوله فقال في الصببحاح
الوله ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد ورجل واله وامببرأة والببه ووالهببة
قال العشى فأقبلت والهببا ثكلببى علببى عجببل %كببل دهاهببا وكببل عنببدها
اجتمعا وقد وله يببوله ولهببا وولهانببا وتببوله واتلببه وهببو افتعببل أدغببم قببال
الشاعر واتله الغيور %والتوليه أن يفرق بين الم وولدها وفببي الحببديث
ل توله والدة
بولدها أي ل تجعل والها وذلك في السبايا وناقة والببه إذااشببتد وجببدها علببى
ولدها والميله التي من عادتها أن يشتد وجدها على ولببدها صببارت الببواو يببا
لكسرة ما قبلها وماء موله وموله أرسل في الصحراء فذهب وقببول رؤبببة
به تمطت غول كل ميلة %بنا حراجيج المهارى النفة أراد البلد التي تببوله
النسان أي تحيره فصل وأما التعبد فهو غاية الحب وغاية الذل يقال عبببده
الحب أي ذلله وطريق معبد بالقدام أي مذلل وكذلك المحب قد ذلله الحب
ووطأه ول تصلح هذه المرتبة لحد غير الله عز وجل ول يغفببر اللببه سبببحانه
لمن أشرك به في عبادته ويغفر ما دون ذلك لمن شاء فمحبة العبودية هببي
أشرف أنواع المحبة وهي خالص حق اللببه علببى عببباده وفببي الصببحيح عببن
معاذ أنه قال كنت سائرا مع رسول الله فقال يا معاذ فقلت لبيك يببا رسببول
الله وسعديك قال ثم سار ساعة ثبم قببال يبا معبباذ قلبت لبيبك رسبول اللبه
وسعديك ثم سار ساعة فقال يا معاذ قلت لبيك رسول اللببه وسببعديك قببال
أتدري ما حق الله على عباده قلت الله ورسوله أعلم قببال حقببه عليهببم أن
يعبدوه ل يشركوا به شيئا أتدري ما حق العباد على الله إذا
فعلوا ذلك أن ل يعذبهم بالنار وقد ذكر اللببه سبببحانه رسببوله بالعبوديببة فببي
أشرف مقاماته وهي مقام التحدي ومقام السراء ومقام الدعوة فقببال فببي
التحدي ^ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثلببه ^
وقال في مقام السراء سبحان الذي أسرى بعيده ليل من المسببجد الحببرام
وقال في مقام الدعوة وأنه لما قام عبدالله يببدعوه وإذا تببدافع أولببو العببزم
الشفاعة الكبرى يوم القيامة يقول المسيح لهم اذهبوا إلى محمد عبببد غفببر
الله له ما تقدم من ذنبه وما تببأخر فنببال ذلببك المقببام بكمببال العبوديببة للببه
وكمال مغفرة الله له فأشرف صفات العبببد صببفة العبوديببة وأحببب أسببمائه
إلى الله اسم العبودية كما ثبت عن النبي أنه قببال أحببب السببماء إلببى اللببه
عبدالله وعبدالرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة وإنما كببان
حارث وهمام أصدقها لن كل أحد ل بد له من هببم وإرادة وعببزم ينشببأ عنببه
حرثه وفعله وكل أحد حارث وهمام وإنما كان أقبحها حببرب ومببرة لمببا فببي
مسمى هذين السمين من الكراهة ونفور العقل عنهما وبالله التوفيق
الباب الثالث في نسبة هذه السماء بعضها إلى بعض هل هي بالترادف أو
التباين فالسماء الدالة على مسمى واحببد نوعببان أحببدهما أن يببدل عليببه
باعتبار الذات فقط فهذا النوع هو المببترادف ترادفببا محضببا وهببذا كالحنطببة
والقمح والبر والسم والكنية واللقب إذا لم يكن فيه مدح ول ذم وإنمببا أتببي
به لمجرد التعريببف والنبوع الثباني أن يبدل علبى ذات واحببده باعتبببار تببباين
صفاتها كأسماء الرب تعالى وأسماء كلمه وأسماء نبيه وأسماء اليوم الخببر
فهذا النوع مترادف بالنسبة إلى الذات متباين بالنسبة إلى الصببفات فببالرب
والرحمن والعزيببز والقببدير والملببك يببدل علببى ذات واحببدة باعتبببار صببفات
متعددة وكذلك البشير والنذير الحاشر والعاقب والماحي وكذلك يوم القيامة
ويوم البعث ويوم الجمع ويوم التغابن ويببوم الزفببة ونحوهببا وكببذلك القببرآن
والفرقان والكتاب والهدى ونحوها وكذلك أسماء السيف فإن تعددها بحسب
أوصاف وإضافات مختلفببة كالمهنببد والعضبب الصبارم ونحوهبا وقببد عرفببت
تباين الوصاف في أسماء المحبة وقد أنكبر كبثير مبن النباس البترادف فبي
اللغة وكأنهم أرادوا هذا المعنى وأنه ما من إسمين لمسمى واحد إل وبينهما
فرق في صفة أو نسبة أو إضافة سواء علمببت لنببا أو لببم تعلببم وهببذا الببذي
قالوه صحيح باعتبار الواضع الواحد ولكن قد يقبع البترادف باعتببار واضبعين
مختلفين بسمى أحدهما المسمى باسم ويسميه الواضع الخببر باسببم غيببره
ويشتهر الوضعان عند القبيلة الواحدة وهذا كببثير ومببن ههنببا يقببع الشببتراك
أيضا فالصل في اللغة هو التباين وهو أكثر اللغة والله أعلم
الباب الرابع في أن العالم العلوي والسفلي إنما وجد بالمحبة ولجلها وأن
حركات الفلك والشمس والقمر والنجببوم وحركببات الملئكببة والحيوانببات
وحركة كل متحرك إنما وجدت بسبب الحب وهذا باب شريف من أشببرف
أبواب الكتاب وقبل تقريره ل بد مببن بيببان مقدمببة وهببي أن الحركببات ثلث
حركة إرادية وحركة طبيعية وحركة قسرية وبيان الحصر أن مبدأ الحركة إما
أن يكون من المتحرك أو من غيره فإن كان من المتحببرك فإمببا أن يقارنهببا
شعوره وعلمه بهببا أول فببإن قارنهببا الشببعور والعلببم فهببي الراديببة وإن لببم
يقارنها الشعور والعلم فهي الطبيعية وإن كانت من غيره فهي القسرية وإن
شئت أن تقببول المتحببرك إمببا أن يتحببرك بببإرادته أو ل فببإن تحببرك بببإرادته
فحركته إرادية وإن تحرك بغير إرادته فإما أن تكون حركته إلى نحببو مركببزه
أول فإن تحرك إلى جهة مركزه فحركته طبيعيببة وإن تحببرك إلببى غيببر جهببة
مركزه فحركته قسرية إذا ثبت هذا فالحركة الرادية تابعببة لرادة المتحببرك
والمراد إما أن يكون مرادا لنفسه أو لغيببره ول بببد أن ينتهببي المببراد لغيببره
إلى مراد لنفسه دفعا للدور والتسلسل الرادة إمببا أن تكببون لجلببب منفعببة
ولذة إما للمتحرك وإما لغيره أو دفع ألم ومضرة إمببا عببن المتحببرك أو عببن
غيره والعاقل ل يجلب لغيره منفعة ول يدفع عنه مضرة إل لما له فببي ذلببك
من اللذة ودفع اللم فصارت حركته الرادية تابعة لمحبته بل هبذا حكبم كبل
حي متحرك وأما الحركة الطبيعية فهي حركة الشيء إلى مستقره ومركببزه
وتلك تابعة للحركة التي اقتضت خروجه عن مركزه وهي القسرية التي إنما
تكون بقسر قاسر أخرجه عن مركزه إما باختياره كحركة الحجر إلى اسببفل
إذا رمى به
إلى جهة فوق وإما بغير اختيار محركه كتحريك الرياح للجسببام إلببى جهببة
مهابها وهذه الحركة تابعة للقاسر وحركة القاسر ليست منه بل مبدؤها مببن
غيره فإن الملئكة موكلة بالعالم العلوي والسفلي تدبره بأمر الله عز وجببل
كما قال الله تعببالى ^ فالمببدبرات أمببرا ^ وقببال فالمقسببمات أمببر وقببال
تعالى ^ والمرسلت عرفا فالعاصفات عصفا والناشببرات نشبرا فالفارقببات
فرقببا فالملقيببات ذكببرا ^ وقببال ^ والنازعببات غرقببا والناشببطات نشببطا
والسببابحات سبببحا فالسببابقات سبببقا فالمببدبرات أمببرا ^ وقببد وكببل اللببه
سبحانه بببالفلك والشببمس والقمببر ملئكببة تحركهببا ووكببل بالريبباح ملئكببة
تصرفها بأمره وهم خزنتها قال الله تعالى ^ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصببر
عاتية ^ وقال غير واحد من السلف عتببت علببى الخببزان فلببم يقببدروا علببى
ضبطها ذكره البخاري في صحيحه ووكل بالقطر ملئكببة وبالسببحاب ملئكببة
تسوقه إلى حيث أمرت به وقد ثيت في الصحيح عن النبي أنه قال بينا رجل
بفلة من الرض إذ سمع صوتا فببي سببحابة يقببول اسببق حديقببة فلن فتتبببع
السحابة حتى انتهت إلى حديقة فأفرغت ماءها فيهببا فنظببر فببإذا رجببل فببي
الحديقة يحول الماء بمسحاة فقال له ما اسمك يا عبدالله فقال فلن السم
الذي سمعه في السحابة فقال إني سمعت قببائل يقببول فببي هببذه السببحابة
اسق حديقة فلن فما تصنع في هذه الحديقة فقال إنى أنظر ما يخرج منهببا
فأجعله ثلثة أثلث
ثلث أتصدق به وثلث انفقه على عيالي وثلث أرده فيها ووكببل اللببه سبببحانه
بالجبال ملئكة وثبت عن النبي أنه جاءه ملك الجبال يسببلم عليببه ويسببتأذنه
في هلك قببومه إن أحببب فقببال بببل أسببتأني لهببم لعببل اللببه أن يخببرج مببن
أصلبهم من يعبد الله ل يشرك بببه شببيئا ووكببل بببالرحم ملكببا يقببول يببا رب
نطفة يا رب علقة يا رب مضغة يا رب ذكر أم أنببثى فمببا الببرزق فببم الجببل
وشقي أم سعيد ووكل بكل عبد أربعة من الملئكة في هذه الببدنيا حافظببان
عن يمينه وعن شماله يكتبان أعمبباله ومعقبببات مببن بيببن يببديه ومببن خلفببه
أقلهم اثنان يحفظونه من أمر اللببه ووكببل بببالموت ملئكببة ووكببل بمسبباءلة
الموتى ملئكة في القبور ووكل بالرحمة ملئكة وبالعذاب ملئكة وبببالمؤمن
ملئكببة يثبتببونه ويببؤزونه إلببى الطاعببات أزا ووكببل بالنببار ملئكببة يبنونهببا
ويوقدونها ويصنعون أغللها وسلسلها ويقومون بإمرها ووكل بالجنببة ملئكببة
يبنونها ويفرشونها ويصبنعون أرائكهبا وسببررها وصبحافها ونمارقهببا وزرابيهبا
فأمر العالم العلوي والسفلي والجنة والنار بتدبير الملئكة بإذن ربهم تبببارك
وتعالى وأمره ^ ل يسبقونه بالقول وهبم ببأمره يعملبون ^ و ^ ل يعصبون
الله ما أمرهم ^
الشياء إلى الله تعالى قال الله تعالى حاكيا عن نبيه شعيب عليببه السببلم
^ إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إل هو آخذ بناصيتها إن ربببي
على صراط مستقيم ^ فهو على صراط مستقيم فببي شببرعه وقببدره وهببو
العدل الذي به ظهر الخلق والمر والثواب والعقاب وهو الحق الذي بببه ولببه
خلقت السموات والرض وما بينهما ولهببذا قببال المؤمنببون فببي عبببادتهم ^
ربنا ما خلقت هذا باطل سبببحانك ^ فنزهببوا ربهببم سبببحانه أن يكببون خلببق
السموات عبثا لغير حكمة ول غاية محمودة وهو سبحانه يحمد لهذه الغايبات
المحمودة كما يحمد لببذاته وأوصببافه فالغايببات المحمببودة فببي أفعبباله هببي
الحكمة التي يحبهببا ويرضبباها وخلببق مببا يكببره لسببتلزامه مببا يحبببه وترتببب
المحبوب له عليه ولذلك يترك سبحانه فعل بعض ما يحبه لمببا يببترتب عليببه
من فوات محبببوب لببه أعظببم منببه أو حصبول مكببروه أكببره إليببه مبن ذلببك
المحبوب وهذا كما ثبط قلببوب أعببدائه عببن اليمبان ببه وطباعته لنبه يكبره
طاعاتهم ويفوت بها ما هو أحب إليه منها من جهادهم وما يببترتب عليببه مببن
الموالة فيه والمعاداة وبذل أوليائه نفوسهم فيه وإيثار محبتببه ورضبباه علببى
نفوسهم ولجل هذا حلق الموت والحياة وجعل ما على الرض زينة لها قببال
تعالى ^ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمل ^ وقال ^ إنبا
جعلنا ما على الرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمل ^
وقال تعالى وهو الذي خلق السموات والرض في ستة أيام وكببان عرشببه
على الماء لبلوكم أيكم أحسن عمل فأخبر سبحانه عن خلق العالم والمببوت
والحياة وتزيين الرض بمببا عليهببا أنببه للبتلء والمتحببان ليختبببر خلقببه أيهببم
أحسن عمل فيكون عمله موافقا لمحاب الببرب تعببالى فيوافببق الغايببة الببتي
خلق هو لها وخلق لجلها العببالم وهببي عبببوديته المتضببمنة لمحبتببه وطبباعته
وهي العمل الحسن وهو مواقع محبته ورضاه وقدر سبحانه مقادير تخالفهببا
بحكمته في تقديرها وامتحن خلقه بيببن أمببره وقببدره ليبلببوهم أيهببم أحسببن
عمل فانقسم الخلق في هذاالبتلء فريقين فريقا داروا مع أوامره ومحببابه
ووقفوا حيث وقف بهم المر وتحركوا حيث حركهم المببر واسببتعملوا المببر
في القدر وركبو سببفينة المببر فببي بحببر القببدر وحكمببوا المببر علببى القببدر
ونازعوا القدر بالقدر امتثال لمببره واتباعببا لمرضبباته فهببؤلء هببم النبباجون
والفريق الثاني عارضوا بين المر والقببدر وبيببن مببا يحبببه ويرضبباه وبيببن مببا
قدره وقضاه ثم افترقوا أربع فرق فرقة كذبت بالقدر محافظة على المببر
فأبطلت المببر مبن حيببث حببافظت علببى القببدر فببإن اليمببان بالقببدر أصببل
اليمان بالمر وهو نظام التوحيد فمببن كببذب بالقببدر نقببض تكببذيبه إيمببانه
وفرقة ردت المر بالقدر وهببؤلء مببن أكفببر الخلببق وهببم الببذين حكببى اللببه
قولهم في القرآن إذ قالوا ^ لو شاء الله ما أشركنا ول آباؤنا ول حرمنا ^
من شيء وقالوا أيضا ^ لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحببن ول
آباؤنا ول حرمنا من دونه من شيء ^ وقبالوا ايضبا ^ لبو شباء الرحمبن مبا
عبدناهم ^ وقالوا أيضا ^ أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ^ فجعلهم اللببه
سبحانه وتعالى بذلك مكذبين خارصين ليس لهم علم وأخبر أنهم في ضببلل
مبين وفرقة دارت مع القدر فسارت بسيره ونزلت بنزوله ودانت بببه ولببم
تبال وافق المر أو خالفه بل دينها القدر فالحلل ما حل بيدها قدرا والحرام
ما حرمته قدرا وهم مع من غلب قدرا من مسلم أو كافر برا كببان أو فبباجرا
وخواص هؤلء وعبادهم لما شهدوا الحقيقة الكونية القدرية صاروا مع الكفار
المسلطين بالقدر وهم خفراؤهم فهؤلء أيضا كفار وفرقة وقفت مع القدر
مع اعترافها بأنه خلف المر ولم تدن به ولكنها استرسلت معببه ولببم تحكببم
عليه المر وعجزت عن دفع القدر بالقدر اتباعا للمر فهؤلء مفرطون وهببم
بين عاجز وعاص لله وهؤلء الفرق كلهم مؤتمون بشيخهم إبليس فببإنه أول
من قدم القدر على المر وعارضه به وقال ^ رب بما أغببويتني لزينببن لهببم
في الرض ولغوينهم أجمعين ^ وقال ^ فبما أغويتني لقعدن لهم صراطك
المستقيم ^ فرد أمر الله بقدره واحتج على ربه بالقدر وانقسم أتباعه أربع
فرق كما رأيت فإبليس
وجنوده أرسلوا بالقدر إرسال كونيا فالقدر دينهم قال الله تعالى ^ ألم تببر
أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تببؤزهم أزا ^ فببدينهم القببدر ومصببيرهم
سقر فبعث الله الرسل بالمر وأمرهم أن يحاربوا به أهل القدر وشرع لهببم
من أمره سفنا وأمرهم أن يركبوا فيها هم وأتباعهم فببي بحببر القببدر وخببص
بالنجاة من ركبها كما خص بالنجاة أصحاب السفينة وجعل ذلك آية للعالمين
فأصحاب المر حرب لصحاب القدر حتى يردوهم إلى المر وأصحاب القببدر
يحاربون أصحاب المر حتى يخرجوهم منه فالرسل دينهم المر مبع إيمبانهم
بالقدر وتحكيم المر عليه وإبليس وأتباعه دينهم القدر ودفع المر به فتأمببل
هذه المسبألة فبي القبدر والمبر وانقسبام العبالم فيهبا إلبى هبذه القسبام
الخمسببة وبببالله التوفيببق فحركببات العببالم العلببوي والسببفلي ومببا فيهمببا
موافقة للمر إما المر الديني الذي يحبببه اللببه ويرضبباه وإمببا المببر الكببوني
الذي قدره وقضاه وهو سبحانه لم يقدره سدى ول قضاه عبثببا بببل لمببا فيببه
من الحكمة والغايات الحميدة وما يترتب عليه مببن أمببور يحببب غاياتهببا وإن
كره أسبابها ومادئها فإنه سبحانه وتعالى يحببب المغفببرة وإن كببره معاصببي
عباده ويحب الستر وإن كره مببا يسببتر عبببده عليببه ويحببب العتببق وإن كببره
السبب الذي يعتق عليه من النار ويحب العفو كما فببي الحببديث أللهببم إنببك
عفو تحببب العفببو فبباعف عنببي وإن كببره مببا يعفببو عنببه مببن الوزار ويحببب
التوابين وتوبتبهم وإن كره معاصيهم
التي يتوبون إليه منها منها ويحب الجهاد وأهله بل هم أحب خلقه إليببه وإن
كره أفعال من يجاهدونه وهذا باب واسع قببد فتببح لببك فادخببل منببه يطلعببك
على رياض من المعرفة مونقة مات مببن فبباتته بحسببرتها وبببالله التوفيببق
وهذا موضع يضيق عنه عدة أسفار واللبيب يبدخل إليببه مببن بببابه وسببر هببذا
الباب أنه سبحانه كامل في أسمائه وصفاته فله الكمال المطلق مببن جميببع
الوجوه الذي ل نقص فيه بوجه ما وهو يحب أسماءه وصببفاته ويحببب ظهببور
آثارها في خلقه فإن ذلك مبن لبوازم كمباله فببإنه سببحانه وتبر يحبب الببوتر
جميل يحب الجمال عليم يحب العلماء جببواد يحببب الجببواد قببوي والمببؤمن
القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف حيي يحب أهل الحياء وفي يحب أهبل
الوفبباء شببكور يحببب الشبباكرين صببادق يحببب الصببادقين محسببن يحببب
المحسنين فإذا كان يحب العفو والمغفرة والحلم والصفح والستر لم يكببن
بد من تقديره للسباب التي تظهر آثار هذه الصفات فيها ويستدل بها عببباده
على كما أسمائه وصفاته ويكون ذلك أدعى لهم إلى محبته وحمده وتمجيده
والثناء عليه بما هو أهله فتحصل الغاية التي خلق لها الخلق وإن فبباتت مببن
بعضهم فذلك لفوات سبب لكمالها وظهورها فتضمن ذلك الفببوات المكببروه
له أمرا هو أحب إليه من عدمه فتأمل هذا الموضع حق التأمل وهذا ينكشف
يوم القيامة للخليفة بأجمعهم حين يجمعهم في صعيد واحد ويوصل إلى كببل
نفس ما ينبغي إيصاله إليها من الخير والشر واللذة واللم حتى مثقال الذرة
ويوصل كل نفس إلى غاياتها التي تشببهد هببي أنهببا أولببى بهببا فحينئذ ينطببق
الكون
بأجمعه بحمده تبارك وتعالى قال وحال كمببا قببال سبببحانه وتعببالى ^ وتببرى
الملئكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضببي بينهببم بببالحق
وقيل الحمد لله رب العالمين ^ فحذف فاعل القول لنه غير معين بببل كببل
أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم فيه فيحمببده أهببل السببموات وأهببل
الرض والبرار والفجار والنس والجن حتى أهل النار قال الحسببن أو غيببره
لقد دخلوا النار وإن حمده لفي قلوبهم ما وجدوا عليه سبيل وهذا والله أعلم
هو السر الذي حذف لجله الفاعل فببي قببوله ^ قيببل ادخلببوا أبببواب جهنببم
خالدين فيها ^ وقوله ^ وقيل ادخل النار مبع البداخلين ^ كبأن الكبون كلبه
نطق بذلك وقاله لهم والله تعالى أعلم بالصواب
الباب الخامس في دواعي المحبة ومتعلقهببا الببداعي قببد يببراد بببه الشببعور
الذي
تتبعه الرادة والميل فذلك قائم بالمحب وقد يببراد بببه السبببب الببذي لجلببه
وجدت المحبة وتعلقت به وذلك قائم بالمحبوب ونحن نريد بالداعي مجمببوع
المرين وهو ما قام بالمحبوب من الصفات التي تدعو إلى محبتببه ومببا قببام
بببالمحب مببن الشببعور بهببا والموافقببة الببتي بيببن المحببب والمحبببوب وهببي
الرابطة بينهما وتسمى بين المخلوق والمخلوق مناسبببة وملءمببة فهببا هنببا
أمور وصف المحبوب وجماله وشببعور المحببب بببه والمناسبببة وهببي العلقببة
والملءمة التي بين المحب والمحبوب فمببتى قببويت الثلثببة وكملببت قببويت
المحبة واستحكمت ونقصان المحبة وضفعها بحسببب ضببعف هببذه الثلثببة أو
نقصها فمتى كان المحبوب في غايببة الجمببال وشببعور المحببب بجمبباله أتببم
شعور والمناسبة التي بيبن الروحيبن قويبة فبذلك الحبب اللزم البدائم وقبد
يكون الجمال في نفسه ناقصا لكن هو في عين المحب كامببل فتكببون قببوة
محبته بحسب ذلك الجمال عنده فببإن حبببك للشببيء يعمببي ويصببم فل يببرى
المحب أحدا أحسن من محبببوبه كمببا يحكببى أن عببزة دخلببت علببى الحجبباج
فقال لها يا عزة والله ما أنت كما قال فيك كثير فقالت أيهببا الميببر إنببه لببم
يرني بالعين التي رأيتني بهببا ول ريببب أن المحبببوب أحلببى فببي عيببن محبببه
وأكبر في صدره من غيره وقد أفصح بهذا القائل في قوله فوالله ما أدري
أزيدت ملحة %وحسنا على النسوان أم ليس لي عقل
وقد يكون الجمال موفرا لكنه ناقص الشعور به فتضعف محبته لببذلك فلببو
كشف له عن حقيقتببه لسببر قلبببه ولهببذا أمببر النسبباء بسببتر وجببوههن عببن
الرجال فإن ظهور الوجه يسفر عببن كمببال المحاسببن فيقببع الفتتببان ولهببذا
شرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة فإنه إذا شاهد حسببنها وجمالهببا كببان
ذلك أدعى إلى حصول المحبة واللفة بينهما كما أشار إليه النبببي فببي قببوله
إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فلينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فإنه أحرى أن
يؤدم بينهما أي يلم ويوافق ويصلح ومنببه الدام الببذي يصببلح بببه الخبببز وإذا
وجد ذلك كله وانتفت المناسببة والعلقبة البتي بينهمبا لبم تسبتحكم المحببة
وربما لم تقع البتة فإن التناسب الذي بين الرواح من أقوى أسببباب المحبببة
فكل امرىء يصبو إلى ما يناسبه وهذه المناسبة نوعببان أصببلية مببن أصببل
الخلقة وعارضة بسبب المجاورة أو الشتراك في أمر من المببور فببإن مببن
ناسب قصدك قصده حصل التوافق بين روحك وروحببه فببإذا اختلببف القصببد
زال التوافق فأما التناسب الصلي فهو اتفاق أخلق وتشبباكل أرواح وشببوق
كل نفس إلى مشاكلها فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع فتكون الروحان
متشاكلتين في أصل الخلقة فتنجذب إليه بالطبع فتكون الروحان متشاكلتين
في أصل الخلقة فتنجذب كل منهما إلى الخرى بالطبع وقببد يقببع النجببذاب
والميل
وحدثني أخو شيخنا عبدالرحمن بن تيمية عن أبيه قال كببان الجببد إذا دخببل
الخلء يقول لي اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك حتى اسببمع وأعببرف مببن
أصابه مرض من صداع وحمى وكان الكتاب عند رأسه فإذا وجببد إفاقببة قببرأ
فيه فإذا غلب وضعه فدخل عليه الطبيب يومببا وهببو كببذلك فقببال إن هببذا ل
يحل لك فإنك تعين على نفسك وتكون سببا لفوات مطلوبك وحدثني شيخنا
قال ابتدأني مرض فقال لي الطبيب إن مطالعتك وكلمببك فببي العلببم يزيببد
المرض فقلت له ل أصبر على ذلك وأنا أحاكمك إلى علمك أليسببت النفببس
إذا فرحت وسرت قويت الطبيعة فدفعت المرض فقال بلى فقلببت لببه فببإن
نفسي تسر بالعلم فتقوى به الطبيعة فأجد راحة فقال هذا خارج عن علجنا
أو كما قال فعشق صببفات الكمببال مببن أنفببع العشببق وأعله وإنمببا يكببون
بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات ولهذا كببان أعلببى الرواح وأشببرفها
أعلها وأشرفها معشوقا كما قيل أنبت القتيبل بكبل مبن أحببتبه %فباختر
لنفسك في الهوى من تصطفي فإذا كببانت المحبببة بالمشبباكلة والمناسبببة
ثبتت وتمكنت ولم يزلها إل مانع أقوى من السبببب وإذا لببم تكببن بالمشبباكلة
فإنما هي محبة لغرض من الغراض تزول عند انقضائه وتضمحل فمن أحبك
لمر ولى عند انقضائه فداعى المحبة وباعثها إن كان غرضا للمحب لم يكببن
لمحبته بقاء وإن كان أمرا قائمببا بببالمحبوب سببريع الببزوال والنتقببال زالببت
محبته بزواله وإن كان صفة لزمة فمحبته باقيببة ببقبباء داعيهببا مببالم يارضببه
يعارضه يوجب زوالها وهو إما تغير حببال فببي المحببب أو أذى مببن المحبببوب
فإن الذى إما أن يضعف المحبة أو يزيلها
قببال الشبباعر خببذي العفببو منببي تسببتديمي مببودتي %ول تنطقببي فببي
سورتي حين أغضب فإني رأيت الحب في القلب والذى %إذ اجتمعببا لببم
يلبث الحب يذهب وهذا موضع انقسم المحبون فيه قسمين ففرقببة قببالت
ليس بحب صبحيح مبا يزيلبه الذى ببل علمبة الحبب الصبحيح أنبه ل ينقبص
بالجفوة ول يذهبه أذى قالوا بل المحب يلتذ بأذى محبببوبه لببه كمببا قببال أبببو
الشيص وقف الهوى بي حيث أنت فليس لببي %متببأخر عنببه ول متقببدم
وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا %ما من يهببون عليببك ممببن يكببرم أشبببهت
أعدائي فصرت أحبهم %إذ كن حظي منك حظي منهم أجببد الملمببة فببي
هواك لذيذة %حبا لذكرك فليلمني اللبوم فهبذا هبو الحببب علبى الحقيقببة
فإنه متضمن لغاية الموافقة بحيث قد اتخذ مراده ومراد محبوبه مببن نفسببه
فأهان نفسه موافقة لهانة محبوبه له وأحببب أعببداءه لمببا أشبببههم محبببوبه
في أذاه وهذا وإن كانت الطببباع تأببباه لكنببه مببوجب الحببب التببام ومقتضبباه
وقالت فرقة بل الذى مزيل للحببب فببإن الطببباع مجبولببة علببى كراهببة مببن
يؤذيها كما أن القلوب مجبولة على حب مببن يحسببن إليهببا ومببا ذكببره أولئك
فدعوى منهببم والنصبباف أن يقببال يجتمببع فببي القلببب بغببض أذى الحبببيب
وكراهته ومحبته من وجه آخر فيحبه ويبغض أذاه وهببذا هببو الواقببع والغببالب
منها يوارى
المغلوب ويبقى الحكم له وقد كشف عببن بعببض هببذا المعنببى الشبباعر فببي
قوله ولو قلت طأ في النار أعلم أنه %رضا لك أو مدن لنا مببن وصببالك
لقدمت رجلى نحوها فوطئتها %هدى منببك لببي أو ضببلة مببن ضببللك وإن
ساءني أن نلتني بمساءة %فقد سرني أني خطرت ببالك فهذا قد أنصببف
حيث أخبر أنه يسوؤه أن يناله محبوبه بمساءة ويسره خطوره بباله ل كمببن
ادعى انه يلتذ بأذى محبوبه له فإن هذا خارج عن الطباع اللهببم إل أن يكببون
ذلك الذى وسيلة إلى رضى المحبوب وقربه فببإنه يلتببذ بببه إذا لحببظ غببايته
وعاقبته فهذا يقع وقد أخبرني بعض الطباء قال إنببي ألتببذ بالببدواءالكريه إذا
علمت ما يحصل به من الشفاء وأضعه على لساني وأترشفه محبة له ومببن
هذا التذاذ المحبين بالمشاق التي توصلهم إلى وصال محبوبهم وقربه وكلمببا
ذكروا روح الوصال وأن ما هببم فيببه طريببق موصببل إليببه لببذ لهببم مقاسبباته
وطاب لهم تحمله كما قال الشاعر لها أحاديث من ذكراك تشببغلها %عببن
الشراب وتلهيها عن الزاد لها بوجهك نور تستضيء به %ومن حديثك فببي
أعقابها حادي إذا شكت من كلل السير أوعدها %روح اللقاء فتقوى عنببد
ميعاد والمقصود أن المحبة تسببتدعي مشبباكلة ومناسبببة وقببد ذكببر المببام
أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده من حببديث عائشببة رضببي اللببه
عنها أن امرأة
كانت تدخل علبى قريبش فتضبحكهم فقبدمت المدينبة فنزلبت علبى امبرأة
تضحك الناس فقال النبي على من نزلت فلنة فالت علببى فلنببة المضببحكة
فقال الرواح جنود مجندة فما تعببارف منهببا ائتلببف ومببا تنبباكر منهببا اختلببف
وأصل الحديث في الصحيح وذكر لبقراط رجل من أهل النقص يحبببه فبباغتم
لذلك وقال ما أحبني إل وقد وافقته فببي بعببض أخلقببه وأخببذا المتنبببي هببذا
المعنى فقلبه وأجاد فقال وإذا أتتك مذمتي من ناقص %فهي الشهادة لي
بأني فاضل وقال بعض الطباء العشق امتزاج الروح بالورح لما بينهما مببن
التناسب والتشاكل فإذا امتزج الماء بالماء امتنببع تخليببص بعضببه مببن بعببض
ولذلك تبلغ المحبة بين الشخصين حببتى يتببألم أحببدهما بتببألم الخببر ويسببقم
بسقمه وهو ل يشعر ويذكر أن رجل كان يحب شخصا فمببرض فببدخل عليببه
أصحابه يعودونه فوجدوا به خفة فانبسط معهم وقال من أين جئتم قالوا من
عند فلن عدناه فقال أو كان عليل قالوا نعببم وقببد عببوفي فقببال واللببه لقببد
أنكرت علتي هذه ولم أعرف لها سببا غير أني تببوهمت أن ذلببك لعلببة نببالت
بعض من أحب ولقد وجدت في يومي هببذا راحببة ففرحببت طمعببا أن يكببون
الله سبحانه وتعالى شفاه ثم دعا بدواة فكتب إلى محبوبه
إني حممت ولم أشعر بحماك %حتى تحدث عوادي بشكواك فقلببت مببا
كانت الحمى لتطرقني %من غير ما سبب إل لحماك وخصببلة كنببت فيهببا
غير متهم %عافاني الله منها حين عافاك حتى اتفقت نفسي ونفسك في
هببذا وذاك وفببي هببذا وفببي ذاك ويحكببى أن رجل مببرض مببن يحبببه فعبباده
المحب فمرض من وقته فعوفي محبوبه فجباء يعبوده فلمبا رآه عبوفي مبن
وقته وأنشد مرض الحبببيب فعببدته %فمرضببت مببن حببذري عليببه وأتببى
الحبيب يعودني %فبرئت من نظري إليه وأنت إذا تببأملت الوجببود ل تكبباد
تجد اثنين يتحابان إل وبينهما مشاكلةأو اتفاق في فعل أو حال أو مقصد فإذا
تباينت المقاصببد والوصبباف والفعببال والطببرائق لببم يكببن هنبباك إل النفببرة
والبعد بين القلوب ويكفي في هذا الحديث الصببحيح عببن رسببول اللببه مثببل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحببد إذا اشببتكى
منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فإنقيل فهذا الذي ذكرتم
يقتضي أنببه إذا أحببب شببخص شخصببا أن يببزن الخببر يحبببه فيشببتركان فببي
المحبة والواقع يشهد بخلفه فكم من محب غير محبوب بل بسببيف البغببض
مضروب قيل قد اختلف الناس في جواب هذا السؤال فأمببا أبببو محمببد بببن
حببزم فبإنه قبال البذي أذهببب إليبه أن العشببق اتصبال بيبن أجبزاء النفببوس
المقسومة في هذه الخلقة في أصل عنصرها الرفيع ل على
ما حكاه محمد بن داود عن بعببض أهببل الفلسببفة أن الرواح أكببر مقسببومة
لكن على سبيل مناسبة قواها في مقر عالمها العلببوي ومجاورتهببا فببي هيئة
تركيبها وقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هببو التصببال
والنفصال فالشكل إنما يستدعي شكله والمثل إلى مثله ساكن وللمجانسة
عمل محسوس وتأثير مشاهد والتنافر فببي الضببداد والموافقببة فببي النببداد
والنزاع فيما تشببابه موجببود بيننببا فكيببف بببالنفس وعالمهببا العببالم الصببافي
الخفيف وجوهرها الجوهر الصببعاد المعتببدل وسببنخها المهيببأ لقبببول التفبباق
والميل والتوق والنحببراف والشببهوة والنفببار واللببه تعببالى يقببول هببو الببذي
خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فجعل علة السببكون
أنها منه ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لببوجب أن ل يستحسببن
النقص من الصور ونحن نجد كثيرا ممن يؤثر الدنى ويعلم فلضببل غيببره ول
يجد محيدا لقلبه عنه ولو كان للموافقة في الخلق لمببا أحببب المببرء مببن ل
يساعده ول يوافقه فعلمنا أنه شيء فببي ذات النفببس وربمببا كببانت المحبببة
لسبب من السباب وتلك تفنى بفناء سببها قال ومما يؤكد هذا القببول أننببا
قد علمنا أن المحبة ضروب فأفضلها محبة المتحابين في الله عز وجببل إمببا
لجتهاد في العمل وإما لتفاق في أصببل المببذهب وإمببا لفضببل علببم يمنحببه
النسببان ومحبببة القرابببة ومحبببة اللفببة والشببتراك فببي المطببالب ومحبببة
التصاحب والمعرفة ومحبة لبر يضعه المرء عند أخيه ومحبة لطمع فببي جبباه
المحبوب ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره
ومحبة لبلوغ اللذة وقضاء الببوطر ومحبببة العشببق الببتي ل علببة لهببا إل مببا
ذكرنا من اتصال النفوس وكبل هبذه الجنباس فمنقضبية مبع انقضباء عللهبا
وزائدة بزيادتها وناقصة بنقصانها متأكببدة بببدنوها فبباترة ببعببدها حاشببا محبببة
العشق الصحيح المتمكن من النفس ثم أورد هذا السؤال قال والجببواب أن
نفس الببذي ل يحببب مببن يحبببه مكتنفببة الجهببات ببعببض العببراض السبباترة
والحجب المحيطة بها من الطبببائع الرضببية فلببم تحببس بببالجزء الببذي كببان
متصل بها قبل حلولها حيث هي ولو تخلصت لسببتويا فببي التصببال والمحبببة
ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها فببي المجبباورة طالبببة
له قاصدة إليه باحثة عنه مشتهية لملقاته جاذبة له لو أمكنهببا كالمغنبباطيس
والحديد وكالنار في الحجر وأجابت طائفببة أخببرى أن الرواح خلقببت علببى
هيئة الكرة ثم قسمت فببأي روحيببن تلقيتببا هنبباك وتجاورتببا تألفتببا فببي هببذا
العالم وتحابتا وإن تنافرتا هناك تنافرتا هنا وإن تألفتا من وجببه وتنافرتببا مببن
وجه كانتا كذلك ها هنا وهذا الجواب مبني على الصببل الفاسببد الببذي أصببله
هؤلء أن الرواح موجودة قبل الجساد وأنها كانت متعارفببة متجبباورة هنبباك
تتلقى وتتعارف وهذا خطأ بببل الصببحيح الببذي دل عليببه الشببرع والعقببل أن
الرواح مخلوقة مع الجساد وأن الملك الموكل بنفخ الروح في الجسد ينفخ
فيه الروح إذا مضى
على النطفة أربعة أشهر ودخلت في الخامس وذلك أول حدوث الببروح فيببه
ومن قال إنها مخلوقة قبل ذلك فقببد غلببط وأقبببح منببه قببول مببن قببال إنهببا
قديمة أو توقف في ذلك بل الصواب في الجببواب أن يقببال إن المحبببة كمببا
تقدم قسمان محبة عرضية غرضية فهذه ل يجب الشتراك فيها بببل يقارنهببا
مقت المحبوب وبغضه للمحب كثيرا إل إذا كان له معه غرض نظيببر غرضببه
فإنه يحبه لغرضه منه كما يكون بين الرجل والمرأة اللذين لكل منهما غرض
مع صباحبه والقسبم الثباني محببة روحانيبة سببببها المشباكلة والتفبباق بيببن
الروحين فهذه ل تكبون إل مبن الجببانبين ول ببد فلبو فتببش المحببب المحببة
الصادقة قلب المحبوب لوجد عنببده مببن محبتببه نظيببر مببا عنببده أو دونببه أو
فوقه فصل وإذا كببانت المحبببة مببن الجببانبين اسببتراح بهببا كببل واحببد مببن
المحبين وسكن ذلك بعض ما به وعده نوعا من الوصال وقببالت امببرأة مببن
العرب حججت ولم أحجج لذنب عملته %ولكن لتعديني على قاطع الحبل
ذهبت بعقلي في هواه صغيره %وقببد كبببرت سببني فببرد بببه عقلببي وإل
فسو الحب بيني وبينه %فإنك يا مولي توصببف بالعببدل وقببال آخببر فيببا
رب أشغلها بحبي كما بهبا %شببغلت فببؤادي كببي يخببف الببذي بيببا وقببالت
امرأة تعاتب بعلها أسأل الذي قسم بيببن العببباد معايشببهم أن يقسببم الحببب
بيني وبينك ثم أنشدت
أدعو الذي صرف الهوى %مني إليك ومنك عنببي أن يبتليببك بمببا ابتل %
ني أو يسل الحب مني وقال آخبر فيبا رب إن لبم تقسبم الحبب بيننببا %
بشطرين فاجعلني على هجرها جلببدا وأعقبنببي السببلوان عنهببا ورد لببي %
فؤادي من سلمى أثبك به حمدا وقال أبو الهذيل العلف ل يجببوز فببي دور
الفلك ول فببي تركيببب الطبببائع ول فببي الببواجب ول فببي الممكببن أن يكببون
محب ليس لمحبوبه إليه ميل وإلى هذا المذهب ذهب أبو العببباس الناشببىء
حيث يقول عيناك شاهدتان أنك من %حر الهوى تجدين ما أجببد بببك مببا
بنا لكن على مضض %تتجلدين وما بنببا جلببد وقببال أبببو عيينببه تبببيت بنببا
تهذي وأهذى بذكرها %كلنا يقاسي الليل وهو مسهد وما رقدت إل رأتنببي
ضجيعها %كذاك أراها في الكرى حين أرقد تقر بذنبي حين أغفببو ونلتقببي
%وأسألها يقظان عنه فتجحد كلنببا سببواء فببي الهببوى غيببر أنهببا %تجلببد
أحيانا وما لي تجلد وقال عروة بن أذينة إن التي زعمت فببؤادك ملهببا %
خلقت هواك كما خلقت هوى لها فبك الذي زعمببت بهببا فكلكمببا %أبببدى
لصاحبه الصبابة كلها فببإذا تشبباكلت النفببوس وتمببازجت الرواح وتفبباعلت
تفاعلت عنها البدان وطلبت نظير المتزاج والجوار الببذي بيببن الرواح فببإن
البدن آلة الروح ومركبه وبهذا ركب الله سبحانه شببهوة الجمبباع بيببن الببذكر
والنثى طلبا
للمتزاج والختلط بين البدنين كما هببو بيببن الروحيببن ولهببذا يسبمى جماعبا
وخلطببا ونكاحببا وإفضبباء لن كببل واحببد منهمببا يفضببي إلببى صبباحبه فيببزول
الفضاء بينهما فإن قيل فهذا يوجب تأكد الحب بالجماع وقببوته بببه والواقببع
خلفه فإن الجماع يطفىء نار المحبة ويبرد حرارتها ويسببكن نفببس المحببب
قيل الناس مختلفون في هببذا فمنهببم مببن يكببون بعببد الجمبباع أقببوى محبببة
وأمكن وأثبت مما قبله ويكون بمنزلة من وصف له شيء ملئم فأحبه فلمببا
ذاقه كان له اشد محبة وإليه أشد اشتياقا وقد ثبت في الصببحيح عببن النبببي
في حديث عروج الملئكة إلى ربهم أنه سبحانه يسألهم عن عباده وهو أعلم
بهم فيقولون إنهببم يسبببحونك ويحمببدونك ويقدسببونك فيقببول وهببل رأونببي
فيقولون ل فيقببول فكيببف لببو رأونببي تقبول الملئكببة لببو رأوك لكببانوا أشببد
تسبيحا وتقديسا وتمجيدا ثم يقولببون ويسببألونك الجنببة فيقببول وهببل رأوهببا
فيقولون ل فيقول فكيف لو رأوها فتقول الملئكة لو رأوها لكببانوا أشببد لهببا
طالبا وذكر الحديث ومعلوم أن محبة من ذاق الشببيء الملئم وعببدم صبببره
عنه أقوى من محبة من لم يذقه بل نفسه مفطومة عنه والمودة الببتي بيببن
الزوجين والمحبة بعد الجماع أعظم من التي كانت قبلببه والسبببب الطبببيعي
أن شهوة القلب ممتزجة بلذة العيببن فببإذا رأت العيببن اشببتهى القلببب فببإذا
باشر الجسم الجسم اجتمع شهوة القلب ولذة العيببن ولببذة المباشببرة فببإذا
فارق هذه الحال كان نزاع نفسه إليها أشد وشوقه إليهببا أعظببم كمببا قيببل
وأكثر ما يكون الشوق يوما %إذا دنت الديار من الديار
ولذلك يتضاعف اللم والحسرة على من راى محبببوبه أو باشببره ثببم حيببل
بينه وبينه فتضاعف ألمه وحسرته في مقابلة مضاعفة لذة من عبباوده وهببذا
في جانب المرأة أقوى فإنها إذا ذاقت عسيلة الرجل ول سببيما أول عسببيلة
لم تكد تصبر عنه بعد ذلك قال أيمن بن خريم يميت العتبباب خلط النسبباء
%ويحي اجتناب الخلط العتابا وتزوج زهير بن مسكين الفهري جارية ولم
يكن عنده ما يرضيها به فلما أمكنته من نفسها لببم تببر عنببده مببا ترضببى بببه
فذهبت ولم تعد فقال في ذلك أشعارا كثيرة منها تقببول وقببد قبلتهببا ألببف
قبلة %كفاك أما شيء لديك سببوى القبببل فقلببت لهببا حببب علببى القلببب
حفظه %وطول بكاء تستفيض له المقل فقالت لعمر الله مببا لببذة الفببتى
%من الحب في قول يخالفه الفعل وقال آخر رأت حبي سعاد بل جمبباع
%فقالت حبلنا حبل انقطاع ولست أريد حبا ليس فيه %متاع منك يببدخل
في متاعي فلو قبلتني ألفا وألفا %لما أرضيت إل بالجماع إذا ما الصببب
لم يك ذا جماع %يرى المحبوب كالشيء المضاع جماع الصببب غايببة كببل
أنثى %وداعية لهل العشق داعي فقلت لها وقد ولت تعالي %فإنك بعببد
هذا لن تراعي وإنك لو سألت بقاء يوم %خلي عن جماعك لن تطاعي
فقالت مرحبا بفتى كريم %ول أهل بذي الخنع اليراع إذا ما البعل لم يك
ذا جماع %يرى في البيت مببن سببقط المتبباع وقببال آخببر ولمببا شببكوت
الحب قالت كذبتني %فكم زورة مني قصدتك خاليا فما حل فيها من إزار
للذة %قعدت وحاجات الفؤاد كما هيا وهل راحة للمرء في ورد منهببل %
ويرجع بعد الورد ظمآن صاديا وقال العباس بن الحنف لببم يصببف وصببل
لمعشببوقين لببم يبذقا %وصبل يجببل علبى كبل اللبذاذات وقببال هدببة ببن
الخشرم والله ما يشفي الفؤاد الهائما %نفببث الرقببى وعقببدك التمائمببا
ول الحديث دون أن تلزما %ول اللزام دون أن تفاعما ول الفعام دون أن
تفاقما %وتعلو القوائم القوائما وقال آخر قول لعاتكة التي %في نظرة
قضت الوطر
إني أريدك للنكاح %ول أريدك للنظر لو كان هذا مقنعي %لقنعت عنها
بالقمر وقال آخر دواء الحب تقبيل وشم %ووضع للبطون على البطببون
ورهز تذرف العينان منه %وأخذ بالمناكب والقببرون وقببالت امببرأة وقببد
طلبت منها المحادثة ليس بهذا أمرتني أمي %ول بتقبيل ول بشببم لكببن
جماعا قد يسلي همي %يسقط منه خاتمي في كمي وقد كشف الشبباعر
سبب ذلك حيث يقول لو ضم صب إلفه ! ألفا لمبا %أجبدى وزادت لوعبة
وغرام أرواحهم من قبل ذاك تألفت %فتألفت من بعدها الجسام وقببال
المؤلف سألت فقيه الحب عن علة الهوى %وقلت له أشببكو إلببى الشببيخ
حاليا فقال دواء الحب أن تلصق الحشا %بأحشاء من تهوى إذا كنت خاليا
وتتحدا من بعد ذاك تعانقا %وتلثمه حتى يرى لك ناهيا فتقضببي حاجببات
الفؤاد بأسرها على المببن مببا دام الحبببيب مؤاتيببا إذا كببان هببذا فببي حلل
فحبذا %وصالبه الرحمن تلقبباه راضببيا وإن كببان هببذا فببي حببرام فببإنه %
عذاب به تلقى العنا والمكاويببا قببال هببؤلء ول يسببتحكم الحببب إل بعببد أن
يشق الرجل رداءه وتشق المرأة المعشوقة برقعها كما قال الشاعر
إذا شق برد شق بالبرد برقع %دواليببك حببتى كلنببا غيببر لنببس فكببم قببد
شققنا من رداء محبر %ومن برقع عن طفلة غير عانس ولمببا بلببغ بعببض
الظرفاء قول المأمون ما الحب إل قبلة البيات قال كذب المأمون ثم قال
وباض الحب في قلبببي %فببوا ويل إذا فببرخ ومببا ينفعنببي حبببي %إذا لببم
أكنس البربخ وإن لم يضع الصل %ع خرجيببه علببى المطبببخ وقببال ابببن
الرومي أعانقها والنفس بعببد مشببوقة %إليهببا وهببل بعببد العنبباق تببداني
وألثم فاها كي تزول صبابثي ! %فيشتد مببا ألقببى مببن الهيمببان ولببم يببك
مقدار الذي بي من الجببوى %ليشببفيه مببا ترشببف الشببفتان كببأن فببؤادي
ليس يشفي غليله %سوى أن أرى الروحين تمتزجان وقال الطبراني فببي
معجمه الوسط حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبدالله بببن يوسببف حببدثنا محمببد
بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طبباوس عببن ابببن عببباس رضببي اللببه
عنهما أن رجل قال يا رسول الله عندنا يتيمة قد خطبها
رجلن موسر ومعسر وهي تهوى المعسر ونحن نهوى الموسر فقال لببم يببر
للمتحابين مثل التزويج قال أبو القاسم الطبراني لببم يببروه عببن طبباوس إل
إبراهيم ول رواه عن إبراهيم إل محمد بن مسلم وسببفيان الثببوري تفببرد بببه
مؤمل بن إسماعيل عن الثوري انتهى وقد رواه أبو الفرج بببن الجببوزي مببن
حديث حسان بن بشر حدثنا أحمد بن حرب حدثنا ابن عيينة حدثنا عمرو عن
جابر فذكره وقال المعافى بن عمران حدثنا إبراهيم بببن يزيببد عببن سببليمان
بن موسى عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس رضببي اللببه عنهمببا وحببدثنا
علي بن حرب الطائي حدثنا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسببرة عببن طبباوس
وذكره الدارقطني في كتاب الغرائب وقالتفرد به يزيد ابن مروان عن عمرو
بن هرون عن عثمان بن السود المكي عن إبراهيم بن ميسرة عببن طبباوس
وقالت هند بنت المهلب مببا رأيببت لصببالحي النسبباء وشببرارهن خيببرا مببن
إلحاقهن بمن يسكن إليه من الرجال ولرب مسكون إليه غير طائل والسكن
على كل حال أوفق وذكر الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي هريببرة
رضي الله عنه يرفعه أربع ل يشبعن من أربع أرض من مطر وأنثى من ذكببر
وعين من نظر وعالم من علم وهذا باطل قطعا على رسول الله وهببو كببثير
عن أبي هريرة رضي الله عنه وذكر الطبراني في معجمه
الوسط من حديث ابن عمر يرفعه فضل ما بيببن لببذة المببرأة ولببذة الرجببل
كأثر المخيط في الطين إل أن الله سترهن بالحياء وقال لم يببروه عببن ليببث
إل أبو المسيب سلم بن سلم عن سويد عن عبدالله بن أسامة عن يعقببوب
ابن خالد عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قلت وهببذا أيضببا ل يصببح
عببن رسببول اللببه وإسببناده مظلببم ل يحتببج بمثلببه فصببل ورأت طائفببة أن
الجماع يفسد العشق ويبطله أو يضعفه واحتجت بأمور منهببا أن الجمبباع هببو
الغاية التي تطلب بالعشق فما دام العاشق طالبا فعشقه ثببابت فببإذا وصببل
إلى الغاية قضى وطره وبردت حرارة طلبه وطفئت نار عشببقه قببالوا وهببذا
شأن كل طالب لشيء إذا ظفبر ببه كالظمبآن إذا روي والجبائع إذا شببع فل
معنى للطلب بعد الظفر ومنها أن سبب العشق فكببري وكلمببا قببوي الفكببر
زاد العشببق وبعببد الوصببول ل يبقببى الفكببر ومنهببا أنببه قبببل الظفببر ممنببوع
والنفس مولعة بحب ما منعت منه كمببا قببال وزادنببي كلفببا فببي الحببب أن
منعت %أحب شيء إلى النسان ما منعا وقال الخر لببول طببراد الصببيد
لم تك لذة %فتطاردي لي بالوصببال قليل قببالوا وكببانت الجاهليببة الجهلء
في كفرهم ل يرجون ثوابا ول يخببافون عقابببا وكببانوا يصببونون العشببق عببن
الجماع كما ذكر أن أعرابيا علق امرأة فكان
يأتيها سنين وما جرى بينهما ريبة قال فرأيت ليلة بياض كفها في ليلة ظلماء
فوضعت يدي على يدها فقالت مه ل تفسد مببا صببلح فببإنه مببا نكببح حببب إل
فسد فأخذ ذلك المأمون فقال ما الحب إل نظرة %وغمز كف وعضد أو
كتب فيها رقى %أجل من نفث العقد ما الحب إل هكذا %إن نكح الحببب
فسد من كان هذا حبه %فإنما يبغي الولد وهوي آخر امرأة فدام الحببال
بينهما في اجتماع وحديث ونظر ثم إنه جامعها فقطعت الوصل بينهما فقببال
لو لم أواقع دام لي وصلها %فليتنببي ل كنببت واقعتهببا وقيببل لخببر شببكا
فراق محبوبة له أكثرت من وطئها والوطء مسببأمة %فببارفق بنفسببك إن
الرفق محمود وذكر عمر بن شبة عن بعض علماء أهل المدينببة قببال كببان
الرجل يحب الفتاة فإذا ظفر بهبا بمجلبس تشباكيا وتناشبدا الشبعار واليبوم
يشير إليها وتشير إليه فيعدها وتعده فإذا التقيا لم يشك حبا ولم ينشد شعرا
وقام إليها كأنه أشهد على نكاحها أبا هريرة رضي الله عنببه لببم يخببط مببن
داخل الدهليز منصرفا %إل وخلخالها قد قارب الساقا قال الصمعي قلت
لعرابية ما تعدون العشق فيكم قالت العناق والضمة والغمزة والمحادثة 6
ثم قالت يا حضري فكيببف هببو عنببدكم قلببت يقعببد بيببن شببعبها الربببع ثببم
يجهدها قالت يا ابن أخي ما هذا عاشق هذا طالب ولد وسئل أعرابي عببن
ذلك فقال مص الريق ولثم الشفة والخببذ مببن أطببايب الحببديث فكيببف هببو
فيكم أيها الحضري فقال العفس الشديد والجمع بين الركبببة والوريببد ورهببز
يوقظ النائم ويشفي القلب الهائم فقال بالله مببا يفعببل هببذا العببدو الشببديد
فكيف الحبيب الودود وقال بعضهم الحب يطيب بالنظر ويفسد بالغمز قال
هؤلء والحب الصحيح يوجب إعظام المحبوب وإجلله والحياء منه فل تطاوع
نفسه أن يلقي جلباب الحياء عنببد محبببوبه وأن يلقيببه عنببه ففببي ذلببك غايببة
إذلله وقهره كما قيل إذا كان حظ المرء ممن يحبه %حرامببا فحظببي مببا
يحل ويجمل حديث كماء المزن بين فصببوله %عتبباب بببه حسببن الحببديث
يفصل ولثم فم عذب اللثات كأنما %جناهن شهد فت فيه القرنفببل ومببا
العشق إل عفة ونزاهببة %وأنببس قلببوب أنسببهن التغببزل وإنببي لسببتحيي
الحبيب من التي %تريب وأدعى للجميل فأحمل وزعببم بعضببهم أنببه كببان
يشرط بين العشيقة والعاشق أن له من نصفها العلى إلى سرتها ينال منببه
ما يشاء من ضم وتقبيل ورشف والنصف السفل يحرم عليه وفي ذلك قال
شاعر القوم فللحب شطر مطلق من عقاله %وللبعل شطر ما يرام منيع
وقال الخر لها شطر فمن حل وبل %ونصف كالبحيرة مببا يهبباج وهببذا
كان من دين الجاهلية فببأبطلته الشببريعة وجعلببت الشببطرين كليهمببا للبعببل
والشعراء قاطبة ل يببرون بالمحادثببة والنظببر للجنبيببات بأسببا وهببو مخببالف
للشرع العقل فإن فيه تعريضا للطبع لما هو مجبول على الميل إليه والطبببع
يسرق ويغلب وكم من مفتون بذلك في دينببه ودنيبباه فببإن قيببل فقببد أنشببد
الحاكم في مناقب الشافعي له يقولون ل تنظببر وتلببك بليببة %أل كببل ذي
عينين ل بد ناظر وليس اكتحال العين بالعين ريبة %إذا عف فيما بين ذاك
الضمائر فإن صحت عن الشافعي فإنمببا أراد النظببر الببذي ل يببدخل تحببت
التكليف كنظرة الفجأة أو النظر المباح وقد ذهببب أبببو بكببر محمببد بببن داود
الصفهاني إلى جواز النظر إلى من ل يحل له كما سيأتي كلمه إن شاء الله
تعالى قال أبو الفرج بن الجوزي وأخطأ في ذلك وجر عليه خطببؤه اشببتهاره
بين الناس وافتضاحه وذهب أبو محمد بن حزم إلببى جببواز العشببق للجنبيببة
من غير ريبة وأخطأ في ذلك خطببأ ظبباهرا فببإن ذريعببة العشببق أعظببم مببن
ذريعة النظر وإذا
كان الشرع قد حرم النظر لما يؤدي إليه من المفاسد كمببا سببيأتي بيببانه إن
شبباء اللببه تعببالى فكيببف يجببوز تعبباطي عشببق الرجببل لمببن ل يحببل لببه
والمقصود أن هذه الفرقة رأت أن الجماع يفسد العشق فغببارت عليببه ممببا
يفسده وإن لم تتركه ديانة وقيل لبعض العراب ما ينال أحدكم من عشيقته
إذا خلي بها قال اللمس والقبل وما يشاكلها قال فهل يتطاولن إلى الجمبباع
فقال بأبي وأمي ليس هذا بعاشق هببذا طببالب ولببد ويحكببى أن رجل عشببق
امرأة فقالت له يوما أنت صحيح الحب غيببر سببقيمه وكببانوا يسببمون الحببب
على الخنا الحب السقيم فقال نعم فقالت اذهب بنا إلى المنزل فمببا هببو إل
أن حصلت في منزله فلم يكن له همة غير جماعها فقالت لببه وهببو كببذلك
أسرفت في وطئنا والوطء مقطعة %فببارفق بنفسببك إن الرفببق محمببود
فقال لها وهو على حاله لو لم أطأك لما دامت محبتنا %لكببن فعلببى هببذا
فعل مجهود فنفرت من تحتببه وقببالت يببا خبببيث أراك خلف مببا قلببت مببن
صحة الحب ولم تجعل جماعي إل سببا لذهاب حبببك واللببه ل ضببمني وإيبباك
سقف أبدا وسيأتي تمام الكلم في هذا فببي ببباب عفبباف المحبببين إن شبباء
الله تعالى فصل الخطاب بين الفريقين أن الجماع الحرام يفسد الحب ول
بد أن تنتهي المحبة بينهما إلى المعاداة والتببباغض والقلببى كمببا هببو مشبباهد
بالعيان فكل محبة لغير الله آخرها قلى وبغض فكيف إذا قارنها مببا هببو مببن
أكبر الكبائر
وهذه عدواة بين يدي العداوة الكبرى التي قال الله تعالى فيها الخلء يومئذ
بعضهم لبعض عدو إل المتقين وسنذكر إن شاء الله تعالى من ظفر بمحبوبه
وترك قضاء وطره منه رغبة في بقاء محبته وخشية أن تنقلببب قلببى وبغضببا
في الباب الموعود به فإن ذلك أليق به وأما الجماع المباح فإنه يزيببد الحببب
إذا صادف مراد المحب فإنه إذا ذاق لذته وطعمه أوجب له ذلك رغبة أخرى
لم تكن حاصلة قبل الذوق ولهذا ل يكاد البكران يصبر أحدهما عن الخر هذا
ما لم يعرض للحب ما يفسده ويوجب نقله إلى غير المحبوب وأما مببا احتببج
به الخرون فجوابه أن الشببهوة والرادة لببم تطفبأ نارهببا بالكليببة بببل فببترت
شهوة ذلك الوقت ثم تعود أمثالهببا وإنمببا يظهببر هببذا إذا غبباب أحببدهما عببن
حبيبه وإل فما دام بمرأى منه وهو قادر عليه متى أحب فإن النفببس تسببكن
بذلك وتطمئن به وهذا حال كل من كان بحضرته ما يحتبباج إليببه مببن طعببام
وشراب ولباس وهو قادر عليه فإن نفسه تسكن عنده فإذا حيببل بينببه وبينببه
اشتد طلبه له ونزاع نفسه إليببه علببى أن المحببب للشببيء مببتى أفببرط فببي
تناول محبوبه نفرت نفسه منه وربما انقلبت محبتببه كراهيببة وسببيأتي مزيببد
بيان لهذا في باب سلو المحبين إن شاء الله تعالى فصببل ودواعببي الحببب
من المحبوب جماله إما الظبباهر أو الببباطن أو همببا معببا فمببتى كببان جميببل
الصورة جميل الخلق والشيم والوصبباف كببان الببداعي منببه أقببوى وداعببي
الحب من المحب أربعة أشياء أولها النظر إما بالعين أو بالقلب إذا
وصف له فكثير من الناس يحب غيره ويفنى فيه محبة وما رآه لكببن وصببف
له ولهذا نهى النبي المرأة أن تنعبت المبرأة لزوجهبا حبتى كبأنه ينظبر إليهبا
والحديث في الصحيح الثاني الستحسان فإن لم يورث نظره استحسانا لببم
تقع المحبة الثالث الفكر في المنظور وحببديث النفببس بببه فببإن شببغل عنببه
بغيره مما هو أهم عنده منه لم يعلق حبه بقلبببه وإن كببان ل يعببدم خطببرات
وسببوانح ولهببذا قيببل العشببق حركببة قلببب فببارغ ومببتى صبادف هببذا النظببر
والستحسان والفكر قلبا خاليا تمكن منببه كمببا قيببل أتبباني هواهببا قبببل أن
أعرف الهوى %فصادف قلبا خاليببا فتمكنببا فببإن قيببل فهببل يتوقببف علببى
الطمع في الوصول إلى المحبوب أم ل قيببل النبباس فببي هببذا علببى أقسببام
منهم من يعشق الجمال المطلق فقلبببه معلببق بببه إن اسببتقلت ركببائبه وإن
حلت مضاربه وهذا ل يتوقف عشقه على الطمع ومنهم من يعشببق الجمببال
المقيد سواء طمعت نفسه في وصاله أم لم تطمع ومنهم مببن ل يعشببق إل
من طمعت نفسه في وصاله فإن يئس منه لبم يعلببق حببه بقلبببه والقسبام
الثلثة واقعة في الناس فإذا وجد النظر والستحسان والفكر والطمع هاجت
بلبله وأمكن من معشوقه مقاتله واستحكم داؤه وعجز عن الطببباء دواؤه
تالله ما أسر الهوى من عاشق %إل وعز علببى النفببوس فكبباكه وإذا كببان
النظببر مبببدأ العشببق فحقيببق بببالمطلق أن ل يعببرض نفسببه للسببار الببدائم
بواسطة عينه وإذ قد أفضى بنا الكلم إلى النظر فلنذكر حكمه وغائلته
الباب السادس في أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه قال الله
تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهببم
إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضببن مببن أبصببارهن ويحفظببن
فروجهن الية فلما كان غض البصر أصل لحفظ الفرج بدأ بببذكره ولمببا كببان
تحريمببه تحريببم الوسببائل فيببباح للمصببلحة الراجحببة ويحببرم إذا خيببف منببه
الفساد ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة لم يأمر سبحانه بغضببه
مطلقا بل أمر بالغض منه وأمببا حفببظ الفببرج فببواجب بكببل حببال ل يبباح إل
بحقه فلذلك عم المر بحفظه وقد جعل الله سبببحانه العيببن مببرآة القلببب
فإذا غض العبد بصره غض القلب شببهوته وإرادتببه وإذا أطلببق بصببره أطلببق
القلب شهوته وفي الصحيح أن الفضببل بببن عببباس رضببي اللببه عنهمببا كببان
رديف رسول الله يوم النحببر مببن مزدلفببة إلببى منببى فمببرت ظعببن يجريببن
فطفق الفضل ينظر إليهن فحول رسول الله رأسه إلى الشببق الخببر وهببذا
منع وإنكار بالفعل فلو كان النظر جائزا لقره عليببه وفببي الصببحيح عنببه أنببه
قال إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى
أدرك ذلك ل محالة فالعين تزني وزناها النظر واللسان يزنببي وزنبباه النطببق
والرجبل تزنبي وزناهبا الخطبى واليبد تزنبي وزناهبا البطبش والقلبب يهبوى
ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه فبدأ بزنببى العيببن لنببه أصببل زنببى اليببد
والرجل والقلب ولفرج ونبه بزنى اللسان بببالكلم علببى زنببى الفببم بالقبببل
وجعل الفرج مصدقا لذلك إن حقق الفعل أو مكذبا لببه إن لببم يحققببه وهببذا
الحديث من أبين الشياء على أن العين تعصي بالنظر أن ذلك زناها ففيه رد
على من أباح النظر مطلقا وثبت عنه أنه قال يا علي ل تتبع النظرة النظببرة
فإن لك الولى وليست لك الثانية ووقعت مسألة ما تقول السبادة العلمباء
في رجل نظر إلى امرأة نظرة فعلق حبها بقلبه واشتد عليه المر فقالت له
نفسه هذا كله من أول نظرة فلببو أعببدت النظببر إليهببا لرأيتهببا دون مببا فببي
نفسك فسلوت عنها فهل يجوز لببه تعمببد النظببر ثانيببا لهببذا المعنببى فكببان
الجواب الحمد لله ل يجوز هذا لعشرة أوجه أحدها أن الله سبحانه أمر بغض
البصر ولم يجعل شفاء القلب فيما حرمه على العبد الثبباني أن النبببي سببئل
عن نظر الفجأة وقد علم أنه يؤثر في القلب فأمر بمداواته بصرف البصر ل
بتكرار النظر الثالث أنه صرح بأن الولى لببه وليسببت لببه الثانيببة ومحببال أن
يكون داؤه مما له ودواؤه فيما ليس له الرابع أن الظاهر قوة المر بالنظرة
الثانية ل تناقصه والتجربة شاهدة به والظاهر
أن المر كما رآه أول مرة فل تحسن المخاطرة بالعادة الخبامس أنبه ربمبا
رأى ما هو فوق الذي في نفسه فزاد عذابه السادس أن إبليس عنببد قصببده
للنظرة الثانية يقوم في ركائبه فيزين له ما ليس بحسن لتتم البليببة السببابع
أنه ل يعان على بليته إذا أعرض عن امتثال أوامر الشرع وتداوى بمبا حرمبه
عليه بل هو جدير أن تتخلف عنبه المعونبة الثبامن أن النظبرة الولبى سبهم
مسموم من سهام إبليس ومعلوم أن الثانية أشببد سببما فكيببف يتببداوى مببن
السم بالسم التاسع أن صاحب هذا المقام في مقام معاملة الحق عز وجببل
في ترك محبوب كما زعم وهو يريد بالنظرة الثانية أن يتبين حببال المنظببور
إليه فإن لم يكن مرضببيا تركببه فبإذا يكبون تركبه لنبه ل يلئم غرضبه ل للبه
تعالى فأين معاملة الله سبحانه بترك المحبوب لجله العاشببر يتبببين بضببرب
مثل مطابق للحال وهو أنك إذا ركبببت فرسببا جديببدا فمببالت بببك إلببى درب
ضيق ل ينفذ ول يمكنها تستدير فيه للخروج فإذا همت بالدخول فيه فاكبحهببا
لئل تدخل فإذا دخلت خطوة أو خطوتين فصح بها وردها إلى وراء عاجل قبل
أن يتمكن دخولها فإن رددتها إلى ورائها سهل المر وإن توانيت حتى ولجت
وسقتها داخل ثم قمت تجذبها بذنبها عسر عليك أو تعذر خروجها فهل يقببول
عاقل إن طريق تخليصها سوقها إلببى داخببل فكببذلك النظببرة إذا أثببرت فببي
القلب فإن عجل الحببازم وحسببم المببادة مببن أولهببا سببهل علجببه وإن كببرر
النظر ونقب عن محاسن الصورة ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه تمكنببت
المحبة وكلمببا تواصببلت النظببرات كببانت كالمبباء يسببقي الشببجرة فل تببزال
شجرة الحب تنمى حتى يفسد القلب ويعرض عن الفكر فيما أمر به فيخرج
بصاحبه إلى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ويلقببي القلببب فببي
التلف والسبب في هذا أن الناظر التذت عينه بأول نظرة فطلبت المعبباودة
كأكل الطعام اللذيذ إذا تنبباول منببه لقمببة ولببو أنببه غببض أول لسببتراح قلبببه
وسلم وتأمل قول النبي النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فإن السهم
شأنه أن يسري في القلب فيعمل فيه عمل السببم الببذي يسببقاه المسببموم
فإن بادر استفرغه وإل قتله ول بد قال المروذي قلت لحمد الرجببل ينظببر
إلى المملوكة قال أخاف عليه الفتنة كم نظرة قد ألقببت فببي قلببب صبباحبها
البلبل وقال ابن عباس الشيطان مببن الرجببل فببي ثلثببة فببي نظببره وقلبببه
وذكره وهو من المرأة في ثلثة في بصرها وقلبها وعجزها فصل ولما كان
النظر من أقرب الوسائل إلى المحرم اقتضت الشريعة تحريمه وأباحته في
موضع الحاجة وهذا شأن كل ما حرم تحريببم الوسببائل فببإنه يببباح للمصببلحة
الراجحة كما حرمت الصلة في أوقات النهي لئل تكون وسببيلة إلببى التشبببه
بالكفار في سجودهم للشمس أبيحت للمصببلحة الراجحببة كقضبباء الفببوائت
وصلة الجنازة وفعل ذوات السباب على الصحيح وفي مسببند المببام أحمببد
بن حنبل عن النبي أنه قال النظرة سهم مسببموم مببن سببهام إبليببس فمببن
غض بصره عن محاسن امرأة أورث الله قلبه حلوة يجدها
إلى يوم يلقاه أو كما قال وقال جرير بن عبدالله رضببي اللببه عنهمببا سببألت
رسول الله عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصببري ونظببرة الفجببأة هببي
النظرة الولى التي تقببع بغيببر قصببد مبن النبباظر فمبا لببم يعتمببده القلببب ل
يعاقب عليه فإذا نظر الثانية تعمدا أثم فببأمره النبببي عنببد نظببرة الفجببأة أن
يصرف بصره ول يستديم النظر فإن اسبتدامته كتكريبره وأرشبد مبن ابتلبي
بنظرة الفجأة أن يداويه بإتيان امرأته وقال إن معها مثل الذي معها فإن في
ذلك التسبلي عبن المطلبوب بجنسبه والثباني أن النظبر يبثير قبوة الشبهوة
فببأمره بتنقيصببها بإتيببان أهلببه ففتنببة النظببر أصببل كببل فتنببة كمببا ثبببت فببي
الصحيحين من حديث أسامة بببن زيببد رضببي اللببه عنهمببا أن النبببي قببال مببا
تركت بعدي فتنة أضر علببى الرجببال مببن النسبباء وفببي صببحيح مسببلم مببن
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي اتقوا الدنيا واتقوا النساء
وفي مسند محمد بن إسحاق السراج من حديث علي بن أبي طببالب رضببي
الله عنه عن النبي أخوف ما أخبباف علببى أمببتي النسبباء والخمببر وقببال ابببن
عباس رضي الله عنهما لم يكفر من كفر ممببن مضببى إل مببن قبببل النسبباء
وكفر من بقي من قبل النساء
فصل وفي غض البصر عدة فوائد أحدها تخليص القلب مببن ألببم الحسببرة
فإن من أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب إرسببال البصببر
فإنه يريه ما يشتد طلبه ول صبر له عنه ول وصول له إليه وذلببك غايببة ألمببه
وعذابه قال الصمعي رأيت جارية فببي الطببواف كأنهببا مهبباة فجعلببت أنظببر
إليها وأمل عيني من محاسنها فقالت لي يا هذا ما شأنك قلت وما عليك من
النظر فأنشببأت تقببول وكنببت مببتى أرسببلت طرفببك رائدا %لقلبببك يومببا
أتعبتك المناظر رأيت الذي ل كله أنببت قببادر %عليببه ول عببن بعضببه أنببت
صابر والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فببإن لببم تقتلببه
جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليببابس فببإن لبم
يحرقه كله أحرقت بعضببه كمببا قيببل كببل الحببوادث مبببداها مببن النظببر %
ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكببت فببي قلببب صبباحبها %
فتك السهام بل قوس ول وتر والمرء مبا دام ذا عيببن يقلبهبا %فببي أعيبن
الغيد موقوف على الخطر يسر مقلته ما ضر مهجتببه %ل مرحبببا بسببرور
عاد بالضرر والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو ل يشعر فهو
إنما يرمي قلبه ولي مببن أبيببات يببا راميببا بسببهام اللحببظ مجتهببدا %أنببت
القتيل بما ترمي فل تصب وباعث الطرف يرتبباد الشببفاء لببه %تببوقه إنببه
يأتيك بالعطب
وقال الفرزدق تزود منها نظرة لم تدع لببه %فببؤادا ولببم يشببعر بمببا قببد
تزودا فلم أر مقتول ولم أر قاتل %بغير سبلح مثلهبا حيبن أقصبدا وقبال
آخر ومن كان يؤتى من عدو وحاسد %فإني من عيني أتيت ومببن قلبببي
هما اعتوراني نظرة ثم فكرة %فما أبقيا لي كل من رقبباد ول لببب وقببال
آخر رماني بها طرفي فلم تخط مقلتي %وما كل من يرمى تصاب مقاتله
إذا مت فابكوني قتيل لطرفه %قتيل صديق حاضر مبا يزيلبه وقبال اببن
المعببتز مببتيم يرعببى نجببوم الببدجى %يبكببي عليببه رحمببة عبباذله عينببي
أشاطت بدمى في الهوى %فابكوا قتيل بعضه قاتله ومثله للمتنبببي وأنببا
الذي اجتلب المنية طرفه %فمن المطالب والقتيل القاتل وقال أيضا يا
نظرة نفت لرقبباد وغبادرت %فببي حببد قلببي مبا بقيببت فلبول كببانت مبن
الكحلء سؤلي وإنما %أجلي تمثل في فؤادي سول وقال أيضا
وقي المير من العيون فإنه %مال يزول ببأسه وسخائه يستأسر البطببل
الكمي بنظرة %ويحول بين فؤاده وعببزائه وقببال الصببوري إذا أنببت لببم
ترع البروق اللوامحببا %ونمببت جببرى مببن تحتببك السببيل سببائحا غرسببت
الهوى باللحظ ثم احتقرته %وأهملته مستأنسببا متسببامحا ولببم تببدر حببتى
أينعت شجراته %وهبت رياح الوجد فيببه لواقحببا فأمسببيت تسببتدعي مببن
الصبر عازبا %عليك وتستدني من النوم نازحا ودخببل أصبببهان مغببن فكببان
يتغنى بهذين البيتين سماعا يا عباد الله مني %وكفوا عن ملحظببة الملح
فإن الحب آخره المنايا %وأوله شبيه بالمزاح وقببال آخببر وشببادن لمببا
بدا %أسلمني إلى الردى بظرفببه ولطفببه %وطرفببه لمببا بببدا أردت أن
أصيده %فصاد قلبي وعدا وقال آخر يعاتب عينه والله يا بصري الجبباني
على جسدي %لطفئن بدمعي لوعة الحببزن تببالله تطمببع أن أبكببي هببوى
وضنى %وأنت تشبع من غمض ومببن وسببن هيهببات حببتى تببرى طرفببا بل
نظر %كما أرى في الهوى شخصا بل بدن
ويا قلب قد أرداك طرفي مرة %فويحك لم طبباوعته مببرة أخببرى ولببي
من أبيات لعل معناها مبتكبر ألبم أقبل لبك ل تسبرق ملحظبة %فسبارق
اللحظ ل ينجو من الدرك نصبت طرفي له لمبا ببدا شببركا %فكبان قلبببي
أولى منه بالشرك الفائدة الثانية أنه يورث القلب نورا وإشراقا يظهببر فببي
العين وفي الوجه وفي الجوارح كما أن إطلق البصر يورثه ظلمة تظهر فببي
وجهه وجوارحه ولهذا والله أعلم ذكر الله سبحانه آية النور في قببوله تعببالى
الله نور السموات والرض عقيب قوله قل للمبؤمنين يغضبوا مبن أبصبارهم
وجاء الحديث مطابقا لهذا حتى كأنه مشببتق منببه وهببو قببوله النظببرة سببهم
مسموم من سهام إبليس فمن غض بصبره عبن محاسبن امبرأة أورث اللبه
قلبه نورا الحديث الفائدة الثالثة أنه يورث صحةالفراسببة فإنهببا مببن النببور
وثمراته وإذا استنار القلب صحت الفراسة لنه يصير بمنزلةالمرآة المجلببوة
تظهر فيها المعلومات كما هي والنظر بمنزلة التنفس فيها فإذا أطلق العبببد
نظرة تنفست نفسه الصعداء فببي مببرآة قلبببه فطمسببت نورهببا كمببا قيببل
مرآة قلبك ل تريببك صببلحه %والنفببس فيهببا دائمببا تتنفببس وقببال شببجاع
الكرماني من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وغض بصببره
عن المحارم وكف نفسه عن الشهوات وأكل من
وأيضا فإنه لما كف لببذته وحبببس شببهوته للببه وفيهببا مسببرة نفسببه المببارة
بالسوء أعاضه الله سبحانه مسرة ولذة أكمل منها كمببا قببال بعضببهم واللببه
للذة العفة أعظم من لذة الذنب ول ريب أن النفس إذا خالفت هواها أعقبها
ذلك فرحا وسرورا ولذة أكمل من لببذة موافقببة الهببوى بمببا ل نسبببة بينهمببا
وهاهنا يمتاز العقل من الهوى الفائدة السابعة أنه يخلص القلببب مبن أسببر
الشهوة فإن السير هو أسير شهوته وهواه فهو كما قيل طليق برأي العين
وهو أسير ومتى أسرت الشهوة والهوى القلبب تمكبن منبه عبدوه وسبامه
سوء العذاب وصار كعصببفورة فببي كببف طفبل يسبومها %حيباض الببردى
والطفل يلهو و يلعب الفائدة الثامنة أنه يسد عنه بابا من أبواب جهنم فإن
النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعة الفعل وتحريم الرب تعالى وشرعه
حجاب مانع من الوصول فمتى هتك الحجاب ضري على المحظور ولم تقف
نفسه منه عند غاية فإن النفس فببي هببذا الببباب ل تقتببع بغايببة تقببف عنببدها
وذلك أن لذتها في الشيء الجديد فصاحب الطارف ل يقتعه التليد وإن كببان
أحسن منه منظرا وأطيب مخبرا فغببض البصببر يسببد عنببه هببذا الببباب البذي
عجزت الملوك عن استيفاء أغراضهم فيه الفائدةالتاسعة أنه يقببوي عقلببه
ويزيده ويثبته فإن إطلق البصر وإرساله
الغلم المرد فاتهموه وقد ذكر ابن عببدي فببي كببامله مببن حببديث بقيببة عببن
الوازع عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قبال نهبى رسبول اللبه
أن يحببد الرجببل النظببر إلببى الغلم المببرد وكببان إبراهيببم النخعببي وسببفيان
الثببوري وغيرهمببا مببن السببلف ينهببون عببن مجالببة المببردان قببال النخعببي
مجالستهم فتنة وإنما هم بمنزلة النساء وبالجملة فكم مببن مرسببل لحظبباته
رجع بجيش صبره مغلول ولم يقلع حتى تشببحط بينهببم قببتيل يببا نبباظرا مببا
أقلعت لحظاته %حتى تشحط بينهن قتيل
الباب السابع في ذكر مناظرة بين القلب والعيببن ولببوم كبل منهمببا صبباحبه
والحكم
بينهما لما كانت العين رائدا والقلب باعثا وطالبا وهذه لها لذة الرؤية وهذا
له لذة الظفر كانا في الهوى شريكي عنان ولمببا وقعببا فببي العنبباء واشببتركا
في البلء أقبل كل منهما يلوم صاحبه ويعاتبه فقال القلب للعين أنت الببتي
سقتني إلى مببوارد الهلكببات وأوقعتنببي فببي الحسببرات بمتابعتببك اللحظببات
ونزهببت طرفببك فببي تلببك الريبباض وطلبببت الشببفاء مببن الحببدق المببراض
وخالفت قول أحكم الحاكمين قل للمؤمنين وقول رسوله النظر إلى المببرأة
سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركه من خوف الله عز وجل أثابه الله
إيمانا يجد حلوته في قلبه رواه المام أحمد حدثنا هشيم حببدثنا عبببدالرحمن
بن إسحاق عن محارب بن دثار عن صلة عن حذيفة وقببال عمببر بببن شبببة
حدثنا أحمد بن عبدالله ببن يبونس حبدثنا عنبسببة ببن عببدالرحمن القرشبي
حدثنا أبو الحسن المدني حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قببال
رسول الله نظر الرجل في محاسن المرأة سهم مسموم من سهام إبليببس
مسموم فمن أعرض عن ذلك السهم أعقبه الله عبادة تسببره فمببن الملببوم
سوى من رمى صاحبه بالسهم المسموم أو ما علمت أنه ليس شببيء أضببر
على النسان من العين واللسان فما عطب
أكثر من عطب إل بهما وما هلك أكببثر مببن هلببك إل بسببببهما فللببه كببم مببن
مورد هلكة أورداه ومصدر ردى عنه أصببدراه فمببن أحببب أن يحيبا سببعيدا أو
يعيش حميدا فليغض من عنان طرفه ولسانه ليسلم من الضرر فببإنه كببامن
في فضول الكلم وفضول النظر وقد صرح الصادق المصببدوق بببأن العينيببن
تزنيان وهما أصببل زنببى الفببرج فإنهمببا لببه رائدان وإليببه داعيببان وقببد سببئل
رسول الله عن نظرة الفجأة فأمر السائل أن يصرف بصره فأرشده إلى ما
ينفعه ويدفع عنه ضرره وقال لبن عمه علي رضي الله عنه محبذرا لبه ممبا
يوقع في الفتنة ويورث الحسرة ل تتبع النظببرة النظببرة أومببا سببمعت قببول
العقلء من سرح ناظره أتعب خاطره ومن كببثرت لحظبباته دامببت حسببراته
وضاعت عليه أوقاته وفاضت عبراته وقول الناظم نظر العيون إلى العيون
هو الذي %جعل الهلك إلى الفؤاد سبيل ما زالت اللحظات تغزو قلبببه %
حتى تشحط فيهن قتيل وقال آخر تمتعتما يا مقلببتي بنظببرة %وأوردتمببا
قلبي أمر الموارد أعيني كفا عن فؤادي فإنه %من الظلم سعى اثنين في
قتل واحد فصل قالت العين ظلمتني أول وآخرا وبؤت بإثمي باطنا وظاهرا
وما أنا
إل رسولك الداعي إليك ورائدك الدال عليك وإذا بعثت برائد نحو الببذي %
تهوى وتعتبه ظلمت الببرائدا فببأنت الملببك المطبباع ونحببن الجنببود والتببباع
أركبتني في حاجتك خيل البريد ثم أقبلت علي بالتهديد والوعيد فلو أمرتنببي
أن أغلق علي بابي وأرخي علي حجابي لسمعت وأطعببت ولمببا رعيببت فببي
الحمى ورتعت أرسلتني لصيد قببد نصببيت لببك حبببائله وأشببراكه واسببتدارت
حولك فخاخه وشباكه فغدوت أسيرا بعد أن كنت أميرا وأصبحت مملوكا بعد
أن كنت مليكا هذا وقد حكم لي عليك سيد النام وأعدل الحكام حيث يقببول
إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سببائر الجسببد وإذا فسببدت فسببد
لها سائر الجسد أل وهي القلب وقال أبو هريرة رضي الله عنه القلب ملببك
والعضاء جنوده فببإن طبباب الملبك طببابت جنبوده وإذا خبببث الملبك خبثبت
جنوده ولو أنعمت النظر لعلمت أن فساد رعيتك بفسادك وصلحها ورشببدها
برشادك ولكنك هلكت وأهلكت رعيتك وحملت على العين الضعيفة خطيئتك
وأصل بليتك أنه خل منك حببب اللببه وحببب ذكببره وكلمببه وأسببمائه وصببفاته
وأقبلت على غيره وأعرضت عنه وتعوضت بحب من سواه والرغبة فيه منببه
هذا وقبد سبمعت مبا قبص عليبك مبن إنكباره سببحانه علبى بنبي إسبرائيل
استبدالهم طعاما بطعام أدنى منه فذمهم على ذلببك ونعبباه عليهببم وقببال ^
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ^
فكيف بمن استبدل بمحبة خالقه وفاطره ووليه ومالك أمببره الببذي ل صببلح
له ول فلح ول نعيم ول سرور ول فرحة ول نجاة إل بببأن يوحببده فببي الحببب
ويكون أحب إليه مما سواه فانظر بالله بمن استبدلت وبمحبة مببن تعوضببت
رضيت لنفسك بالحبس في الحش وقلوب محبيه تجببول حببول العببرش فلببو
أقبلت عليه وأعرضت عمببن سببواه لرأيببت العجببائب ولمنببت مببن المتببالف
والمعاطب أوما علمت أنه خببص بببالفوز والنعيببم مببن أتبباه بقلببب سببليم أي
سليم مما سواه ليس فيه غير حبه واتباع رضاه قالت وبين ذنبي وذنبك عنببد
الناس كما بين عماي وعماك في القياس وقبد قبال مبن بيببده أزمببة المبور
فإنها ل تعمى البصببار ولكببن تعمىببالقلوب الببتي فببي الصببدور فصببل فلمببا
سمعت الكبد تحاورهما الكلم وتناولهمببا الخصببام قببالت أنتمببا علببى هلكببي
تساعدتما وعلى قتلي تعاونتمببا ولقببد أنصببف مببن حكببى مناظرتكمببا وعلببى
لساني متظلما منكما يقول طرفي لقلبي هجت لي سقما %والعين تزعم
أن القلببب أنكاهببا والجسببم يشببهد أن العيببن كاذبببة %وهببي الببتي هيجببت
للقلب بلواها لول العيون وما يجنين من سقم %ما كنت مطرحا من بعض
قتلها فقالت الكبد المظلومة اتئدا %قطعتماني وما راقبتما الله
وقال آخر يقول قلبي لطرفي أن بكى جزعا %تبكي وأنت الذي حملتني
الوجعا فقال طرفي له فيما يعاتبه %بل أنببت حملتنببي المببال والطمعببا
حتى إذا ما خل كل بصاحبه %كلهما بطويل السقم قد قنعا نادتهما كبببدي
ل تبعدا فلقد %قطعتماني بما لقيتما قطعا وقال آخر عبباتبت قلبببي لمببا
%رأيت جسمي نحيل فألزم القلب طرفي %وقال كنت الرسول فقببال
طرفي لقلبي %بل كنت أنت الدليل فقلت كفا جميعا %تركتماني قببتيل
ثم قالت أنا أتولى الحكم بينكما أنتما في البلية شريكا عنان كمببا أنكمببا فببي
اللذة والمسرة فرسا رهان فالعين تلتذ والقلب يتمنى ويشببتهي ولهببذا قببال
فيكما القائل ولما سلوت الحب بشر نبباظري %لقلبببي فقببال القلببب لببي
ولك الهنا تخلصت من إحياء ليلببك سبباهرا %وخلصببتني مببن لوعببة الهجببر
والضنا كلنا مهنا بالبقاء فإن تعد %فل أنت يبقيك الغرام ول أنببا وإن لببم
تدرككما عناية مقلب القلوب والبصار وإل فما لك من قببرة ول للقلببب مببن
قرار قال الشاعر فوالله ما أدري أنفسي ألومها %علببى الحببب أم عينببي
المشومة أم قلبي فإن لمت قلبببي قببال لببي العيببن أبصببرت %وإن لمببت
عيني قالت الذنب للقلب
الباب الثامن في ذكر الشبه التي احتج بها من أباح النظر إلى من ل يحل
له الستمتاع به وأببباح عشببقه قببالت هببذه الطائفببة بيننببا وبينكببم الكتبباب
والسنة وأقوال أئمة السلم والمعقول الصحيح أمببا الكتبباب فقببوله تعببالى
أولم ينظروا في ملكوت السموات والرض وما خلق اللببه مببن شببيء وهببذا
يعم جميع ما خلق الله فما الذي أخرج من عمببومه الببوجه المليببح وهببو مببن
أحسن ما خلق وموضع الستدلل به والعتبببار أقببوى ولببذلك يسبببح الخببالق
سبحانه عند رؤيته كما قال بعض الناظرين إلى جميببل الصببورة ذي طلعببة
سبحان فالق صبحه %ومماطف جلت يمين الغارس مرت بأرجاء الخيببال
طيوفه %فبكت على رسم السلو الببدارس ورؤيببة الجمببال البببديع تنطببق
ألسببنة النبباظرين بقببولهم سبببحان اللببه رب العببالمين وتبببارك اللببه أحسببن
الخالقين والله تعالى لم يخلق هذه المحاسببن عبثببا وإنمببا أظهرهببا ليسببتدل
الناظر إليها على قدرته ووحدانيته وبديع صببنعه فل تعطببل عمببا خلقببت لبه
وأما السنة فالحديث المشهور النظر إلى الوجه المليح عبادة
وفي الحديث الخر اطلبوا الخير من حسان الوجوه وفي هببذا إرشبباد إلببى
تصفح الوجوه وتأملها وخطب رجل امرأة فاستشار النبي في نكاحهببا فقببال
هل نظرت إليها فقال ل قال اذهب فانظر إليها ولببو كببان النظببر حرامببا لمببا
أطلق له أن ينظر فإنه ل يأمن الفتنة وأما أقوال الئمة فحكببى السببمعاني
أن الشافعي رضي الله عنه كتب إليه رجل في رقعة سل المفببتى المكببي
هل في تزاور %ونظرة مشتاق الفؤاد جناح فأجابه الشببافعي معبباذ إلببه
العرش أن يذهب التقى %تلصق أكباد بهن جببراح وذكببر الخرائطببي هببذا
السؤال والجواب عن عطاء بن أبي رباح وأوله سببألت عطبباء المكببي وذكببر
الحاكم في مناقب الشافعي رضي الله عنببه مببن شببعره يقولببون ل تنظببر
وتلك بلية %أل كل ذي عينين ل بد ناظر وليس اكتحال العين بالعين ريبببة
%إذا عف فيما بين الضمائر وذكر السترباذي في كتاب مناقب الشببافعي
أن رجل كتب إلى سعيد ابن المسيب يا سببيد التببابعين والبببرره %نسببيت
في العشق سورة البقره فكن بفتواك مشفقا رفقا %باهى بك الله أكببرم
البرره هل حرم الله لثم خد فتى %أوصافه بالجمال مشتهره
أقول لمفتي خيف مكة والصفا %لك الخير هل في وصلهن حببرام وهببل
في صموت الحجل مهضومة الحشا %عببذاب الثنايببا إن لثمببت أثببام قببال
فوقع الشافعي فيها فقال لي المفتي وفاضت دمببوعه %علببى الخببد مببن
عين وهن تؤام أل ليتني قبلت تلك عشية %ببطن منى والمحرمون قيام
وقال عمرو بن سفيان ابن ابنة جامع بن مرخية إنا سألنا مالكببا وقرينببه %
ليث بن سعد عن لثام الوامق أيجوز قال والببذي خلببق الببورى %مببا حببرم
الرحمن قبلة عاشق ذكر ذلك صبباحب كتبباب رسببتاق التفبباق وهببو شبباعر
المصريين وأنشد فيه لعمرو بن سفيان هذا وكتب بها إلى ابببن عيينببة قلنببا
لسفيان الهللي مرة %حرمت ضم العاشق المشتاق لحبيبه من بعبد نبأي
ناله %فأجاب ل والواحد الخلق وأنشد فيببه لجببده جببامع وكتببب بهببا إلببى
علي بن زيد بن جدعان سألنا ابن جدعان بن عمر وأخا العل %أيحرم لثم
الحب في ليلة القدر فقال لنا المكي وناهيك علمه %أل ل ومببن قببد جبباء
بالشفع والوتر وأنشد لبراهيم بن المدبر وكتب بها إلى أبي بكر بن عيبباش
أحد أئمة القراء
سألت ابن عياش وكان معلما %لك الخير هل في ضمة الحببب مببن وزر
فقال أبو بكر ول في لثامه %ألم يأتنا التنزيل بالوضع للصر وأنشببد لخببر
وكتب بها إلى المام أحمد بن حنبل قال وزعم بعضهم أنه إسحاق بببن معبباذ
بن زهير شاعر أهل مصر في وقته سألت إمام الناس نجببل ابببن حنبببل %
عن الضم والتقبيل هل فيه من باس فقال إذا جل العزاء فببواجب %لنببك
قد أحييت عبدا من الناس وأنشد لبن مرخية وكتب بهبا إلبى أببي حنيفبة
كتبت إلى النعمان يوما رسالة %نسائله عن لثم حب ممنع فقال لنا ل إثم
فيببه وإنببه %شببهي إذا كببانت لعشببر وأربببع وكتببب رجببل إلببى أبببي جعفببر
الطحاوي أبا جعفر ماذا تقول فإنه %إذا نابنببا خطببب عليببك المعببول فل
تنكرن قولي وأبشر برحمة ال %إله عن المر الذي عنه نسأل أب الحببب
عار أم من الحب مهرب %وهل من لحا أهل الصبببابة يجهببل وهببل بمببباح
فيه قتل متيم %يهاجره أحبابه وهو يوصل فرأيببك فببي رد الجببواب فببإنني
%بما فيه تقضي أيها الشيخ أفعل فأجابه الطحاوي سأقضي قضبباء فببي
الذي عنه تسأل %وأحكم بين العاشببقين فأعببدل فببديتك مببا بببالحب عببار
علمته %وللعار ترك الحب إن كنت تعقل ومهما لحا فببي الحببب لح فببإنه
%لعمرك عندي من ذوي الجهل أجهل
وليس مباحا عندنا قتل مسلم %بل ترة بل قاتل النفس يقتبل ولكنبه إن
مات في الحب لم يكن %له قود فيه ول عنه يعقل وصالك من تهوى وإن
صد واجب %عليك كذا حكم المتيم يفعل فهذا جواب فيه عندي قناعة %
لما جئت عنه أيها الصب تسأل ويكفي أن المعتزلة من أشد الناس تعظيما
للذنوب وهم يخلدون أصحاب الكبائر ول يرون تحريم ذلك كما ذكره الحافظ
أبو القاسم ابن عساكر فببي تبباريخه المشببهور لبعببض المعتزلببة سببألنا أبببا
عثمان عمرا وواصل %عن الضم والتقبيل للخد والجيد فقال جميعا والذي
هو عادل %يجوز بل إثم فدع قول تفنيد وقال إسحاق بببن شبببيب سببألنا
شيوخ الواسطيين كلهم %عببن الرشببف والتقبيببل هببل فيهمببا إثببم فقببالوا
جميعا ليس إثما لزوجة %ول خلة والضم من هذه غنم وأنشد أبو الحسببن
علي بن إبراهيم بن محمد بن سعد الخير في كتابه شرح الكامببل فلمببا أن
أبيح لنا التلقي %تعانقنا كما اعتنق الصديق وهل حرجا تراه أو حرامببا %
مشوق ضمه صب مشوق وقال الخطيب في تاريخ بغداد حدثنا أبو الحسن
علي بن أيوب بن الحسببن إملء حببدثنا أببو عبببدالله المرزبباني واببن حيبويه
وابن شاذان قالوا حدثنا
أبو عبدالله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطببويه بقرطبببة قببال دخلببت علببى
محمد بن داود الصبهاني في مرضه الذي مات فيه فقلببت لببه كيببف تجببدك
قال حب من تعلم أورثني ما ترى فقلت له ما منعك عببن السببتمتاع بببه مببع
القدرة عليه قال الستمتاع على وجهين أحدهما النظر المباح والثبباني اللببذة
المحظورة فأما النظر المباح فأورثني ما ترى وذكر القصة وستأتي في باب
عفاف العشاق والمقصود أنه لم ير النظر إلببى معشببوقه ول عشببقه حرامببا
وجرى على هذا المذهب أبو محمد بن حببزم فببي كتبباب طببوق الحمامببة لببه
قالوا ونحن نحاكمكم إلى واحد يعد بآلف مؤلفة وهو شيخ السلم ابن تيمية
فإنه سئل ما تقول السادة الفقهاء رضي الله عنهم في رجببل عاشببق فببي
صورة وهي مصرة على هجره منذ زمن طويل ل تزيده إل بعدا ول يزداد لها
إل حبا وعشقه لهذه الصورة مببن غيببر فسببق ول خنببى ول هببو ممببن يبدنس
عشقه بزنى وقد أفضى به الحال إلى الهلك ل محالببة إن بقببي مببع محبببوبه
على هذه الحالببة فهببل يحببل لمببن هببذه حبباله أن يهجببر وهببل يجببب وصبباله
علىالمحبوب المذكور وهل يأثم ببقائه علببى هجببره ومببا يجببب مببن تفاصببيل
أمرهما وما لكل واحد منهما علببى الخببر مببن الحقببوق ممببا يوافببق الشببرع
الشريف فأجاب بخطه بجواب طويببل قببال فببي أثنببائه فالعاشببق لببه ثلث
مقامات ابتداء وتوسط ونهاية أما ابتداؤه فواجب عليه فيه كتمان ذلك وعدم
إفشائه للخلق مراعيا في ذلك شرائط الفتوة من العفة مع القدرة فببإن زاد
به الحببال إلىالمقببام الوسبط فل ببأس ببإعلم محبببوبه بمحبتبه إيبباه فيخببف
بإعلمه وشكواه إليه ما يجد منه ويحذر من اطلع الناس على ذلك فببإن زاد
به المر حتى خرج عن الحدود والضببوابط التحببق بالمجببانين والموسوسببين
فانقسم العشاق
قسمين قسم قنعوا بالنظرة بعد النظرة فمنهببم مببن يمببوت وهببو كببذلك ول
يظهر سره لحد حتى محبوبه ل يدري بببه وقببد روي عببن النبببي مببن عشببق
فعف فكتم فمات فهو شهيد والقسم الثاني أباحوا لمن وصل إلى حد يخاف
على نفسه منه القبلة في الحين قالوا لن تركها قد يؤدي إلى هلك النفببس
والقبلة صغيرة وهلك النفببس كبببيرة وإذا وقببع النسببان فببي مرضببين داوى
الخطببر ول خطببر أعظببم مببن قتببل النفببس حببتى أوجبببوا علببى المحبببوب
مطاوعته على ذلك إذا علم أن ترك ذلك يؤدي إلى هلكه واحتجوا بقول الله
تعالى ^ إن تجتنبوا كبببائر مببا تنهببون عنببه نكفببر عنكببم سببيئاتكم ^ وبقببوله
تعالى ^ الذين يجتنبون كبائر الثبم والفبواحش إل اللمبم ^ وبحبديث البذي
قال يا رسول الله إني لقيت امرأة أجنبية فأصبت منها كل شببيء إل النكبباح
قال أصليت معنا قال نعم قال إن الله قد غفر لك فأنزل الله تعالى ^ وأقم
الصلة طرفي النهار وزلفا من الليببل إن الحسببنات يببذهبن السببيئات ^ ثببم
قال فإن كان هذا السائل كما زعم ممن ل يببدنس عشببقه بزنببى ول يصببحبه
بخنى فينظر في حاله فإن كان من الطبقة الولى
فالنظر كاف لهم إن صدقت دعواهم وإن كان مبن الطبقبة الثانيبة فل ببأس
بشكواه إلى محبوبه كي يرق عليه ويرحمه وإن غلببب عليببه الحببال فببالتحق
بالثالثة أبيح له ما ذكرنا بشرط أن ل يكببون أنموذجببا لفعببل القبيببح المحببرم
فيلتحق بالكبائر ويستحق القتل عند ذلك ويزول عنه العذر ويحق عليه كلمببة
العذاب انتهى ما ذكرناه من جببوابه قببالوا وقببد جببوزت طائفببة مببن فقهبباء
السلف والخلف والعلماء استمناء النسان بيده إذا خاف الزنى وقببد جببوزت
طائفة من الفقهاء لمن خبباف علببى نفسببه فببي الصببوم الببواجب مببن شببدة
الشبق أن تتشقق أنثياه أن يجامع امرأته وبنوا على ذلك فرعا وهببو إذا كببان
له امرأتان حائض وصائمة فهل يطأ هببذه أو هببذه علببى وجهيببن ول ريببب أن
النظر والقبلة والضم إذا تضمن شفاءه من دائه كببان أسببهل مببن السببتمناء
باليد والوطء في نهار رمضان وقد جببوز بعببض الفقهبباء للمببرأة إذا خببافت
الزنى أن تتخذ لها شببيئا تببدخله فببي فرجهببا وتخرجببه لئل تقببع فببي محظببور
الزنى ول ريب أن الشريعة جاءت بالتزام الببدخول فببي أدنببى المفسببدتين
دفعا لعلهما وتفويت أدنى المصلحتين تحصيل لعلهما فأين مفسدة النظر
والقهلببة والضببم مببن مفسببدة المببرض والجنببون أو الهلك جملببة فهببذا مببا
احتجت به هذه الفرقة ونحن نذكر مبا لهبا ومبا عليهبا فبي ذلبك بحبول اللبه
وقوته وعونه
الباب التاسع في الجواب عما احتجت به هذه الطائفببة ومببا لهببا ومببا عليهببا
في
هذا الحتجاج وشبههم التي ذكروها دائرة بيببن ثلثببة أقسببام أحببدها نقببول
صحيحة ل حجة لهم فيها والثاني نقببول كاذبببة عمببن نسبببت إليببه مببن وضببع
الفساق والفجار كما سنبينه الثالث نقول مجملببة محتملببة لخلف مببا ذهبببوا
إليه فأمببا احتجبباجهم بقببوله تعببالى أولببم ينظببروا فببي ملكببوت السببموات
والرض وما خلق الله مببن شببيء فهببو نظيببر احتجبباجهم بعينببه علببى إباحببة
السماع الشيطاني الفسقي بقببوله تعببالى ^ فبشببر عببباد الببذين يسببتمعون
القول فيتبعون أحسنه ^ قالوا والقول عببام فحملببوا لفظببه ومعنبباه مببا هببو
بريء منه وإنما القول هاهنا ما أمرهم الله باستماعه وهو وحيه الببذي أنزلببه
على رسوله وهو الذي قال فيه أفلببم يببدبروا القببرآن وقببال تعببالى ^ ولقببد
وصلنا لهم القول ^ فهذا هو القول الذي أمببروا باتببباع أحسببنه كمببا قببال ^
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكببم ^ والنظببر الببذي أمرنببا سبببحانه بببه
المؤدي إلى معرفته واليمان به ومحبته والستدلل على صدق رسببله فيمببا
أخبروا به عنه من أسببمائه وصببفاته وأفعبباله وعقببابه وثببوابه ل النظببر الببذي
يوجب تعلق الناظر
بالصورة التي يحرم عليه الستمتاع بها نظرا ومباشرة فهذا النظر الذي أمر
الله سبحانه وتعالى صاحبه بغض بصره هذا مع أن القوم لم يبتلوا بببالمردان
وهم كانوا أشرف نفوسا وأطهر قلوبا من ذلك فإذا أمرهببم بغببض أبصببارهم
عن الصورة التي تباح لهم في بعض الحوال خشببية الفتتببان فكيببف النظببر
إلى صورة ل تباح بحال ثم يقال لهذه الطائفبة النظببر الببذي نبدب اللبه إليبه
نظر يثاب عليه الناظر وهو نظر موافق لمره يقصد به معرفة ربببه ومحبتببه
ل النظر الشيطاني ويشبه هذا الستدلل استدلل بعض الزنادقة المنتسبببين
إلببى الفقببه علببى حببل الفاحشببة بمملببوك الرجببل بقببوله تعببالى ^ إل علببى
أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ^ ومعتقد ذلببك كببافر حلل
الدم بعد قيام الحجببة عليببه وإنمببا تسببترت هببذه الطائفببة لهواهببا وشببهواتها
وأوهمت أنها تنظر عبرة واستدلل حتى آل ببعضهم المببر إلببى أن ظنببوا أن
نظرهم عبادة لنهم ينظرون إلى مظاهر الجمال اللهببي ويزعمببون أن اللببه
سبحانه وتعالى عن قول إخوان النصارى يظهببر فببي تلببك الصببورة الجميلببة
ويجعلون هذا طريقببا إلببى اللببه كمببا وقببع فيببه طببوائف كببثيرة ممببن يببدعي
المعرفة والسلوك قال شيخنا رحمه الله تعالى وكفر هؤلء شببر مببن كفببر
قوم لوط وشر من كفر عباد الصنام فإن أولئك لم يقولببوا إن اللبه سببحانه
يتجلى فببي تلببك الصببورة وعببباد الصببنام غايببة مببا قببالوه ^ مببا نعبببدهم إل
ليقربونا إلى الله زلفى ^ وهؤلء قالوا نعبدهم لن اللببه ظهببر فببي صببورهم
وحكى لي شيخنا أن
رجل من هؤلء مر به شاب جميل فجعل يتبعه بصره فأنكر عليبه جليبس لبه
وقال ل يصلح هذا لمثلك فقال إني أرى فيه صفات معبودي وهو مظهر مببن
مظاهر جماله فقال لقد فعلت به وصنعت فقال وإن قال شيخنا فلعببن اللببه
أمة معبودها موطوؤها قال وسئل أفضل متأخريهم العفيف التلمساني فقيل
له إذا كان الوجود واحدا فما الفرق بين الخت والبنت والجنبيببة حببتى تحببل
هذه فقال الجميع عندنا سواء ولكببن هببؤلء المحجوبببون قببالوا حببرام فقلنببا
حرام عليكم ومن هؤلء الزنادقة من يخص ذلببك ببعببض الصببور فهببؤلء مببن
جنس النصارى بل هم إخوانهم فالنظر عند هؤلء إلى الصور المحرمة عبادة
ويشبببه أن يكببون هببذا الحببديث مببن وضببع بعببض هببؤلء الزنادقببة أو مجببان
الفساق وإل فرسول الله بريء منه وسببئل شببيخنا عمبن يقبول النظببر إلببى
الوجه الحسن عبادة ويروى ذلك عن النبببي فهببل ذلببك صببحيح أم ل فأجبباب
بأن قال هذا كذب باطل ومن روى ذلك عن النبي أو مببا يشبببهه فقببد كببذب
عليه فإن هذا لم يروه أحد من أهل الحديث ل بإسناد صحيح ول ضببعيف بببل
هو من الموضوعات وهو مخالف لجمبباع المسببلمين فببإنه لببم يقببل أحببد إن
النظر إلى المرأة الجنبية والصبي المرد عبادة ومن زعم ذلك فإنه يستتاب
فإن تاب وإل قتل فإن النظر منه ما هو حرام ومنه ما هببو مكببروه ومنببه مببا
هو مباح والله أعلم وأما الحديث الخر وهو أطلبواالخير من
حسان الوجوه فهذا وإن كببان قببد روي بإسببناد إل أنببه باطببل لببم يصببح عببن
رسول الله ولو صح لم يكن فيه حجة لهببذه الطائفببة فببإنه إنمببا أمببر بطلببب
الخير منهم ل بطلب وصالهم ونيل المحرم منهم فإن الببوجه الجميببل مظنببة
الفعل الجميل فإن الخلق في الغالب مناسبة للخلقببة بينهمببا نسببب قريببب
وأما أمر النبي للخاطب بأن ينظر إلى المخطوبببة فببذلك نظببر للحاجببة وهببو
مأمور به أمر استحباب عند الجمهور وأمر إيجبباب عنببد بعببض أهببل الظبباهر
وهو من النظر المأذون فيه لمصلحة راجحة وهو دخول الببزوج علببى بصببيرة
وأبعد من ندمه ونفرته عن المرأة فببالنظر المببباح أنببواع هببذا أحببدها بخلف
النظر إلى الصورة المحرمة فصل وأما ما ذكره السمعاني عببن الشببافعي
رحمه الله تعالى فمببن تحريببف الناقببل والسببائل لببم يببذكر لفببظ الشببافعي
والبيتان هكذا هما سألت الفتى المكي في تزاور %ونظرة مشتاق الفببؤاد
جناح فقال معاذ الله أن يذهب التقى %تلصببق أكببباد بهببن جببراح فهببذا
السائل هو الذي ذكر السؤال والجواب وهو مجهول ل يعرف هل هو ثقببة أم
ل ثم إن الجواب ل يدل على مقصود هذه الفرقة بوجه ما بل هو حجة عليها
فإنه نهى أن يذهب التقى تلصق هذه الكباد فكأنه قال
ل تتلصق هذه الكباد لئل يببذهب تلصببقها التقببى فالتلصببق المببذكور فاعببل
والتقى مفعول فكأنه قال ل يفعل لئل يببذهب التلصببق التقببى وجببواب آخببر
وهو أن هذا التلصق إنما يكون غير مذهب للتقى إذا كببان فببي عشببق مببباح
بل مستحب كعشق الزوجة والمة وأما ما ذكروا عبن سبعيد ببن المسبيب
رحمه الله تعالى فقد أجاب عنه سعيد نفسببه فببإنه لمبا مببر ببه مرخيببة هببذا
السائل وكان من بني كلب قال سعيد هذا من أكذب العرب قيل كيف يا أبا
محمد قال أليس الذي يقول سألت سعيد بببن المسببيب مفببتي المدينببة %
هل في حب دهماء من وزر فقال سعيد بن المسيب إنما %تلم علببى مببا
تستطيع من المر كذب والله ما سألني عن شيء من هببذا قببط ول أفببتيته
وإذا كان هذا جواب سعيد في مثل هذا فما جوابه لمن سأله أن يقبببل حبيبببا
أجنبيا كل يوم وليلة عشرة فقبح الله الفسقة الكذابين على العلماء ل سيما
على مثل سعيد فهؤلء كلهم فسبقة كباذبون أرادوا تنفيبق فسبقهم بالكبذب
على علماء وقتهم كما نفق الفاسق أبو نواس كذبه على إسحاق بن يوسببف
الزرق قال عبدالله
ابن محمد بن عائشة أتيت إسحاق بن يوسف الزرق يومببا فلمببا رآنببي بكببى
قلت ما يبكيك قال هذا أبو نواس قلت ماله قال يا جارية ائتيني بالقرطبباس
فإذا فيه مكتببوب يببا سبباحر المقلببتين والجيببد %وقبباتلي منببه بالمواعيببد
توعدني الوصل ثم تخلفني %ويله من مخلببف لموعببودي حببدثني الزرق
المحدث عن %شمر وعوف عن ابن مسعود ل يخلف الوعببد غيببر كببافرة
%أو كافر في الجحيم مصببفود كببذب واللببه علببي وعلببى التببابعين وعلببى
الصحابة ولو صح عن سعيد لم يكن لكم فيه حجة فإن سعيدا أمببره بالصبببر
أول ومراقبة الله وخوف سطوته ومخالفة الفسقة ثم أمره بتقبيببل خببد مببن
يحبه كل يوم عشر مرات وهذا قطعا إنما أراد بببه مببن يحببل لببه تقبببيله مببن
زوجة أو سبرية فبأمره أن يعتبباض بقبلتهبا مبن ل يحبل لبه ول يظبن بعلمبباء
السلم غير هببذا إل مفببرط فببي الجهببل أو متهببم علببى الببدين وأمببا ذكببره
المبرد عن العرابي الذي سأل المفتي المكي عن القبلة في رمضان فقببال
للزوجة سبع وللخلة ثمان فهببذا المسببتفتي والمفببتي ل يعببرف واحببد منهمببا
حتى يقبل خيره ولو صح ذلك وعرف المستفتي والمفتي لكانت الخلببة هببي
أمته الجميلة وهي التي يحل تقبيلها ثمانيا فأكثر وأما أن يفتي أحد من أهل
السلم بأنه يحل تقبيل المرأة الجنبية المحرمة عليه ثمانيا فببي رمضببان أو
غيره فمعاذ الله من ذلك وهكذا حكم الثر الذي ذكببره الخطيببب فببي كتبباب
رواه مالك ول يظن بعالم أنه تمنى أن يقبل امرأة أجنبية وهو محببرم ببطببن
منى فإن القبلة المذكورة تعرض الحج للفساد وتبطله عند طائفة فببإن صببح
هذا فإنما اراد امرأته أو أمته
وأما الثر الذي ذكره الحاكم في مناقب الشافعي رحمه الله تعالى فليببس
بين الحاكم وبين الربيع من يحتج به ويببدل علببى أن القصببة كببذب ظبباهر أن
المستفتي زعم أن الشافعي أجاب بقوله فقال لي المفتي وفاضببت دمببوعه
وهذا إنما هو حكاية المستفتي قول المفتي فمن هو الحباكي عبن الشبافعي
فدعوا هذه الكاذيب والترهات وأما ما ذكرتم عببن عمببرو بببن سببفيان ابببن
بنت جامع فمن ذكر هذا عن عمرو ابن سفيان ومببن هبو عمببرو ببن سبفيان
ابن بنت جامع بن مرخية هذا وهذا موضع البيببتين المشببهورين سببألنا عببن
ثمالة كل حي %فقال القائلون ومن ثماله فقلت محمد بن يزيد منهببم %
فقالوا زدتنا بهم جهاله وهل يحببل لحببد أن يصببدق عببن مالببك والليببث بببن
سعد أنهما أجازا تقبيل خد المرأة الجنبية المعشوقة أو خببد المببرد الجميببل
الصورة هذا وقصة مالك مع الذي ضم صبياإليه فأفتى بضربه ستمائة سبوط
فمات فقال له أبو الفببتى قتلببت ابنببي فقببال قتلببه اللببه فمببن هببذا تشببديده
وفتواه هل يفتي بجواز تقبيل خدود المببرد الحسببان نعببم مببا حببرم الرحمببن
قبلة عاشق يحل لمعشببوقه مواصببلته ول قبلببة الرجببل خببد ولببده كمببا قبببل
الصديق رضي الله عنه خد ابنته عائشة رضي الله عنها ورأى أعراببي النببي
يقبل أحد ابني ابنته فقال وإنكم لتقبلون الصبيان إن لي عشرة من الولد ما
قبلتهم فقال
أو أملك لك إن نبزع اللببه الرحمببة مبن قلبببك وأمببا صباحب كتبباب رسبتاق
التفباق وهبو شباعر المصبريين فلعمبر اللبه لقبد أفسبدت إذ أسبندت فبإنه
الفاسق الماجن المسمى أبا الرقعمق ولكن ل ينكر هذا المتن بهببذا السببناد
فإنه ل يليق إل به وأما قصة إبراهيم بن المببدبر عببن أبببي بكببر بببن عيبباش
فنقل غير مصدق عن قائل غير معصوم وأما مببا ذكببروا عببن المببام أحمببد
رحمه الله تعالى فوالذي ل إله غيره إنه لمن أقبح الكذب عليه ولببو أن هببذا
الكاذب الفاسق نفق هذه الكذبة بغيره لراج أمرها بعض الببرواج ولكببن مببن
شدة جهله نفقها بأحمد ابن حنبل وهو كمن نسببب إليببه القببول بببأن القببرآن
مخلوق أو تقديم علي على أبي بكر أو تقديم الرأي على السنة وأمثال ذلببك
وكذلك ما ذكره عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو صح لم يكن فيببه حجببة
لهذه الطائفة فإنه قال ل إثم فيه إذا كانت لعشر وأربببع ولببم يقببل إذا كببانت
أجنبية ونحن نقول بما قال أبو حنيفة رحمببه اللببه تعببالى إذا كببان المعشببوق
حلل وأما ما ذكر عببن الطحبباوي فل نعلببم صببحته وإن صببح فإنمببا أراد بببه
التقبيل المباح فإن الرجل قد يبتلى بهجر زوجتببه أو أمتببه لببه فيسببأل أطببباء
الدين وأطباء الجسم وأطباء الحببب عببن دوائه فيجيبببه كببل منهببم بمقتضببى
علمه وما عنده وقد شكى مغيث زوج بريرة حبه لها فشفع عندها النبي أن
تراجعه فلم تفعل وشكى إليه رجل أن امرأته ل ترد يد لمس فقببال طلقهببا
فقال إنببي أخبباف أن تتبعهببا نفسببي فقببال اسببتمتع بهببا ذكببره المببام أحمببد
والنسائي قال بعض أهل العلم راعى النبي دفع أعلببى المفسببدتين بأدناهمببا
فإنه لما شكى إليه أنها ل ترد يد لمس أمره بطلقها فلما أخبببره عببن حبهببا
وأنه يخاف أن ل يصبببر عنهببا ولعببل حبببه لهببا يببدعوه إلببى معصببية أمببره أن
يمسكها مداواة لقلبه ودفعا للمفسدة التي يخافها باحتمببال المفسببدة الببتي
شكا منها وأجاب أبو عبيدة عنببه بأنهببا كببانت ل تببرد يببد لمببس يطلببب منهببا
العطاء فكانت ل ترد يد من سألها شيئا من مال الزوج ورد عليه هذا التأويل
بأنه ل يقال لطالب العطاء لمببس وإنمببا يقببال لببه ملتمببس وأجببابت طائفببة
أخرى عنه بأن طرآن المعصية على النكاح ل توجب فسبباده وقببال النسببائي
هذا الحديث منكر وعندي أن له وجها غير هذا كله فإن الرجل لم يشببك مببن
المرأة أنها تزني بكل من اراد ذلك منها ولو سأل عن ذلك لما أقببره رسببول
الله على أن يقيم مع بغي ويكون زوج بغببي ديوثببا وإنمببا شببكى إليببه أنهببا ل
تجذب نفسها ممن لعبها ووضع يده عليها أو جذب ثوبها ونحو ذلك فإن مببن
النساء من تلين عند الحديث واللعب ونحوه وهي حصان عفيفة إذا أريد منها
الزنى وهذا كان عادة كثير من نساء العرب ول يعببدون ذلببك عيبببا بببل كببانوا
فللحب في الجاهلية يرون للزوج النصف السفل وللعشيق النصف العلى
ما ضمت عليه نقابها %وللبعل ما ضمت عليه المآزر
والمقصود أن القببوم كببانوا مببع العاشببق علببى معشبوقه إذا كببان يببباح لببه
وصاله وسنذكر ذلك في باب مساعدة العشبباق بالمببباح مببن التلق إن شبباء
الله تعالى وأما ما ذكروا عن شيوخ المعتزلة وشيوخ الواسطيين فأمببا أبببو
عثمان المذكور وهو عمرو بن عبيد وواصل وهو واصل بن عطاء وهما شيخا
القببوم ولببو أفتيببا بببذلك لكببانت فتيببا مببن مبتببدعين مببذمومين عنببد السببلف
والخلف فكيف والمخبر بذلك رجل مجهببول مببن المعتزلببة كببذب علببى مببن
يعظمهمببا المعتزلببة لينفببق فسببقه وأمببا قصببة محمببد بببن داود الصبببهاني
فغايتها أن تكون من سعيه المعفو المغفببور ل مببن عملببه المشببكور وسببلط
الناس بذلك على عرضه والله يغفر لنا وله فإنه تعرض بببالنظر إلببى السببقم
الذي صار به صاحب فراش وهذا لو كببان ممببن يببباح لببه لكببان نقصببا وعيبببا
فكيف من صبي أجنبي وأرضاه الشيطان بحبه والنظر إليه عن مواصببلته إذا
لم يطمع في ذلك منه فنال منه ما عرف أن كيده ل يتجبباوزه وجعلببه قببدوة
لمن يأتم به بعده كأبي محمد بن حزم الظاهري وغيره وكيببد الشببيطان أدق
من هذا وأما أبو محمد فإنه على قدر يبسه وقسوته في التمسك بالظبباهر
وإلغائه للمعاني والمناسبات والحكم والعلل الشرعية انماع في باب العشق
والنظببر وسببماع الملهببي المحرمببة فوسببع هببذا الببباب جببدا وضببيق ببباب
المناسبات والمعاني والحكم الشرعية جدا وهو من انحرافببه فببي الطرفيببن
حين رد الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في تحريم آلت اللهببو بببأنه
معلق غير مسند وخفي عليه أن البخاري لقي من علقه عنه وسمع منه وهو
هشام بن عمببار وخفببي عليببه أن الحببديث قببد أسببنده غيببر واحببد مببن أئمببة
الحديث غير هشام بن عمار فأبطل سنة صحيحة
ثابتة عن رسول الله ل مطعن فيها بوجه وأما من حاكمتمونا إليه وهو شيخ
السلم ابببن تيميببة فنحببن راضببون بحكمببه فببأين أببباح لكببم النظببر المحببرم
وعشق المببردان والنسبباء الجببانب وهببل هببذه إل كببذب ظبباهر عليببه وهببذه
تصببانيفه وفتبباواه كلهببا ناطقببة بخلف مببا حكيتمببوه عنببه وأمببا الفتيببا الببتي
حكيتموها فكذب عليه ل تناسب كلمه بوجه ولول الطالببة لببذكرناها جميعهببا
حتى يعلم الواقف عليهببا أنهببا ل تصببدر عمببن دونببه فضببل عنببه وقلببت لمببن
أوقفني عليها هذه كذب عليه ل يشبه كلمه وكان بعض المراء قببد أوقفنببي
عليها قديما وهي بخط رجل متهم بالكذب وقال لببي مببا كنببت أظببن الشببيخ
برقة هذه الحاشية ثم تأملتها فإذا هي كذب عليه ولببول الطالببة لببذكرنا مببن
فتاويه مببا يبببين أن هببذه كببذب وأمببا مببا ذكرتببم مببن مسببألة الببتزام أدنببى
المفسدتين لدفع أعلهما فنحن ل ننكر هذه القاعدة بل هي من أصح قواعد
الشريعة ولكن الشأن في إدخال هذه الصورة فيها بببل نحبباكمكم إلببى هببذه
القاعدة نفسها فإن احتمال مفسدة ألم الحب مع غض البصببر وعببدم تقبيبل
المحبوب وضببمه ونحببو ذلببك أقببل مببن مفسببدة النظببر والتقبيببل فببإن هببذه
المفسدة تجر إلى هلك القلب وفساد الببدين وغايببة مببا يقببدر مببن مفسببدة
المساك عن ذلك سقم الجسد أو الموت تفاديا عن التعببرض للحببرام فببأين
إحدى المفسدتين من الخرى على أن النظر والقبلة
والضم ل يمنع السقم والموت الحاصل بسبب الحب فإن العشق يزيد بببذلك
ول يزول فما صبابة مشتاق على أمل %من الوصببال كمشببتاق بل أمببل
ول ريب في أن محبة من له طمع أقببوى مببن محبببة مببن يئس مببن محبببوبه
ولهذا قال الشاعر وأبرح ما يكن الحب يوما %إذا دنت الديار من الببديار
فإن قيل فقد أباح الله سبحانه للمضطر الميتة والدم ولحم الخنزير وتناولهببا
في هذه الحال واجب عليه قال مسروق والمام أحمد رحمهمببا اللببه تعببالى
من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل فمات دخل النار فغاية النظببرة والقبلببة
والضمة أن تكون محرمة فإذا اضطر العاشق إليها فببإن لببم تكببن واجبببة فل
أقل من أن تكون مباحبة فهببذا قيبباس واعتبببار صببحيح وأيببن مفسببدة مببوت
العاشق إلى مفسدة ضمه ولمه فالجواب أن هذا يتبين بذكر قاعببدة وهببي
أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل في العبد اضطرارا إلببى الجمبباع بحيببث إن
لم يفعله مات بخلف اضطراره إلى الكل والشرب واللباس فإنه من قببوام
البدن الذي إن لم يباشره هلك ولهذا لم يبح من الوطء الحرام ما أببباح مببن
تناول الغذاء والشراب المحرم فإن هذا من قبيل الشهوة واللببذة الببتي هببي
تتمة وفضلة ولهذا يمكن النسان أن يعيببش طببول عمببره بغيببر تببزوج وغيببر
تسر ول يمكنه أن يعيش بغير طعام ول شراب ولهذا أمر النبببي الشببباب أن
يداووا هذه الشهوة بالصوم وقال تعالى عن عشاق المردان ^ إنكم لتببأتون
الرجال شهوة من دون ^
النساء فببأخبر أن الحامببل علببى ذلببك مجببرد الشببهوة ل الحاجببة فضببل عببن
الضرورة والشهوة المجببردة ل تلتحببق بالضببروريات ول بالحاجببات والحميببة
عنها خشية إفضائها إلى مرض أصعب منها جار مجرى الحمية عن تناول مببا
يضر من الطعمة والشربة وذلك ل تببدعو الضببرورة إلببى تنبباوله وإن كببانت
النفس قد تشتهيه فالقبلة والنظر والضم ونحوها جار مجرى تنبباول الفاكهببة
المضرة والزفرة المضر للمحموم ومن به مرض يضره معه تناول ذلك فببإذا
قال المريض أنا إن لم أتناول ذلك وإل خشيت الموت لببم يكببن صببادقا فببي
قوله وإنما الحامل له على ذلك مجببرد الشببهوة وربمببا زاد تنبباول ذلببك فببي
مرضه فالطبيب الناصح ل يفسح له فيه فكيف يفسح الشارع الحكيببم الببذي
شببريعته غايببة طببب القلببوب والديببان وبهببا تحفببظ صببحتها وتببدفع موادهببا
الفاسدة في تناول ما يزيد الداء ويقويه ويمده هذا من المحال بل الشببريعة
تأمر بالحمية عببن أسببباب هببذا الببداء خوفببا مببن اسببتحكامه وتولببد داء آخببر
أصعب منه وأما مسألة من خاف تشقق أنببثييه وأنببه يببباح لببه الببوطء فببي
رمضان فهذا ليس على إطلقه بل إن أمكنه إخراج مائه بغير الوطء لم يجز
له الوطء بل نزاع وإن لم يمكنه ذلك إل بالوطء المببباح فببإنه يجببري مجببرى
الفطار لعذر المرض ثم يقضي ذلك اليوم والفطار بالمرض ل يتوقف علببى
خوف الهلك فكيف إذا خاف تلف عضو من أعضائه القاتلة بل هذا نظير من
اشتد عطشه وخبباف إن لببم يشببرب أن يحببدث لببه داء مببن الدواء أو يتلببف
عضو
من أعضائه فإنه يجوز له الشرب ثم يقضي يوما مكانه فإن قيببل فلببو اتفببق
له ذلك ولم يكن عنده إل أجنبية هل يباح له وطؤهببا لئل تتلببف أنثيبباه قيببل ل
يباح له ذلك ولكن له أن يخرج ماءه باستمنائه فإن تعذر عليه فهل يجوز لببه
أن يمكنها من استخراج مائه بيببدها هببذا فيببه نظببر فببإن أبيببح جببرى مجببرى
تطبيب المرأة الجنبية للرجل ومسها منه ما تدعو الحاجة إلى مسه وكببذلك
تطبيب الرجل للمرأة الجنبية ومسه ما تدعو الحاجة إليه والله أعلببم وقببد
سئل أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني في رقعة قل لبي الخطاب
نجم الهدى %وقدوة العالم في عصره ل زلت في فتواك مستأمنا %مببن
خدع الشيطان أو مكره ماذا ترى في رشإ أغيد %حاز اللمى والببدرر فببي
ثغره لم يحك بدر التم في حسنه %حتى حكى الزنبور في حضببره فهببل
يجيز الشرع تقبيله %لمستهام خاف من وزره أم هل على المشببتاق فببي
ضمه %من غير إدناء إلى صدره إثم إذا ما لم يكن مضببمرا %غيببر الببذي
قدم من ذكره فأجاب يا أيها الشيخ الديب الذي %قد فاق أهببل العصببر
في شعره تسأل عن تقبيل بدر الدجى %وعطف زنديك على نحره
هل ورد الشرع بتحليله %لمستهام خاف من وزره من قارف الفتنة ثببم
ادعى ال %عصمة قد نافق في أمره هل فتنة المبرء سبوى الضبم والبت
%قبيل للحب على ثغره وهل دواعي ذلك المشتهى %إل عناق البدر في
خدره وبذله ذاك لمشتاقه %يببزري علببى هبباروت فببي سببحره ول يجيببز
الشرع أسباب مببا %يببورط المسببلم فببي حظببره فانببج ودع عنببك صببداع
الهوى %عساك أن تسلم من شره هببذا جببواب الكلببوزاني قببد %جبباءك
يرجو الله في أجره فهذا جواب أهل العلم وهو مطببابق لمببا ذكرنبباه واللببه
تعالى أعلم وسئل المام أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله بأبيبات يبا أيهبا
العالم ماذا ترى %في عاشق ذاب من الوجد من حببب ظبببي أغيببد أهيببف
%سهل المحيا حسن القد فهل ترى تقبببيله جببائزا %فببي الفببم والعينيببن
والخد من غير ما فحش ول ريبة %بل بعناق جائز الحد إن كنت ما تفتي
فإني إذا %أصيح من وجدي وأستعدي فكتب رحمه اللببه تعببالى الجببواب
ياذا الذي ذاب من الوجد %وظل في ضر وفي جهد إسمع فببدتك النفببس
من ناصح %بنصحه يهدي إلى الرشد لو صببح منببك العشببق مبا جئتنببي %
تسألني عنه وتستعدي فالعاشبق الصبادق فبي حببه %مبا بباله يسبأل مبا
عندي
غيبه العشق فما إن يرى %يعيببد فببي العشببق ول يبببدي وكببل مببا تببذكر
مستفتيا %حرمه الله على العبد إل لما حلله ربنا %فببي الشببرع بببالبرام
والعقد فعد من طرق الهوى معرضا %وقف بببباب الواحببد الفببرد وسببله
يشفيك ول يبتلي %قلبك بالتعذيب والصد وعف فببي العشببق ول تبببده %
واصبر وكاتم غاية الجهد فإن تمببت محتسبببا صببابرا %تفببز غببدا فببي جنببة
الخلد
الباب العاشر في ذكر حقيقببة العشببق وأوصببافه وكلم النبباس فيببه فالببذي
عليه
الطباء قاطبة أنببه مببرض وسواسببي شبببيه بالماليخوليببا يجلبببه المببرء إلببى
نفسببه بتسببليط فكببره علببى استحسببان بعببض الصببور والشببمائل وسببببه
النفساني الستحسان والفكر وسببه البدني ارتفاع بخار رديببء إلببى الببدماغ
عن مني محتقن ولذلك أكثر ما يعتري العزاب وكثرة الجماع تزيله بسرعة
وقال بعض الفلسفة العشببق طمببع يتولببد فببي القلببب ويتحببرك وينمببي ثببم
يتربى ويجتمع إليه مواد من الحرص وكلما قببوي ازداد صبباحبه فببي الهتيبباج
واللجاج والتمادي في الطمع والحرص علببى الطلببب حببتى يببؤديه ذلببك إلببى
الغم والقلق ويكون احتراق الدم عند ذلك باستحالته إلى السببوداء والتهبباب
الصفراء وانقلبها إليها ومن غلبة السوداء يحصل له فسادالفكر ومببع فسبباد
الفكر يكون زوال العقل ورجاء ما ل يكون وتمني مال يتببم حببتى يببؤدي إلببى
الجنون فحينئذ ربما قتل العاشبق نفسبه وربمبا مبات غمبا وربمبا نظبر إلبى
معشببوقه فمببات فرحببا وربمببا شببهق شببهقة فتختنببق روحببه فيبقببى أربعببة
وعشرين ساعة فيظن أنه قد مات فيدفن وهو حببي وربمببا تنفببس الصببعداء
فتختنق نفسه في تامور قلبببه وينضبم عليهبا القلببب ول ينفبرج حببتى يمبوت
وتراه إذا ذكر له من يهواه هرب دمه واستحال لونه وقال أفلطبون العشبق
حركة النفس الفارغة وقال أرسطاطاليس العشق عمى الحببس عببن إدراك
عيوب المحبوب ومن هذا أخذ جرير قوله
فلست براء عيب ذي الود كله %ول بعض ما فيه إذا كنببت راضببيا فعيببن
الرضى عن كل عيب كليلة %ولكن عيببن السببخط تبببدي المسبباويا وقببال
أرسطو العشق جهل عارض صادف قلبببا فارغببا ل شببغل لببه مببن تجببارة ول
صناعة وقال غيره هببو سببوء اختيببار صببادف نفسببا فارغببة قببال قيببس بببن
الملوح أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى %فصببادف قلبببا خاليببا فتمكنببا
وقال بعضهم لم أر حقا أشبه بباطل ول باطل أشبه بحق مببن العشببق هزلببه
جد وجده هزل وأوله لعب وآخره عطببب وقببال الجبباحظ العشببق اسببم لمببا
فضل عن المحبة كما أن السرف اسم لمببا جبباوز الجببود والبخببل اسببم لمببا
جاوز القتصاد فكل عشق يسمى حبا وليس كل حب يسمى عشقا والمحبببة
جنس والعشق نوع منها أل ترى أن كل محبة شوق وليس كببل شببوق محبببة
وقالت فرقبة أخبرى العشبق هبو السبتهيام والتضبرع واللبوذان بالمعشبوق
والوجد هو الحب الساكن والهوى أن يهوى الشيء فيتبعه غيا كببان أو رشببدا
والحب حرف ينتظم هذه الثلثة وقال المأمون ليحيى بببن أكثببم مببا العشببق
فقال سوانح تسنح للمرء فيهيم بها قلبه وتؤثرها نفسه فقببال لبه ثمامبة بببن
أشرس اسكت يا يحيى إنما عليك أن تجيب في مسألة طلق أو محرم صبباد
ظبيا فأما هذه فمن مسائلنا نحن فقال له المأمون قل يا ثمامة قال العشق
جليس ممتع وأليف مؤنس وصاحب ملك مسببالكه لطيفببة ومببذاهبه غامضببة
وأحكامه جارية ملك البدان وأرواحها
له النفوس العقببل أسببيره والنظببر رسببوله واللحببظ لفظببه دقيببق المسببلك
عسير المخرج وقيل لخر ما تقول في العشق فقال إن لم يكبن طرفبا مبن
الجنون فهو نوع من السحر وأمببا الفلسببفة المشبباؤون فقببالوا هببو اتفبباق
أخلق وتشاكل محبات وتجانسها وشوق كل نفس إلبى مشباكلها ومجانسبها
في الخلقة القديمة قبل إهباطها إلى الجساد قلت هببذا مبنببي علببى قببولهم
الفاسد بتقدم النفوس على البدان وعليه بنى ابن سينا قصيدته المشهورة
هبطت إليك من المحل الرفع %وسمعت شيخنا يحكي عن بعببض فضببلء
المغاربة وهو جمال الدين بن الشريشي شارح المقامات أنببه كببان ينكببر أن
تكون هذه له قال وهي مخالفة لما قرره فببي كتبببه مببن أن حببدوث النفببس
الناطقة مع البدن وقال آخرون في وصفه دق عن الفهام مسببلكه وخفببي
عن البصار موضعه وحارت العقول في كيفية تمكنببه غيببر أن ابتببداء حركتببه
وعظم سلطانه من القلب ثببم يتغشببى سببائر العضبباء فيبببدي الرعببدة فببي
الطراف والصفرة فبي اللبوان والضبعف فبي البرأي واللجلجبة فبي الكلم
والزلل والعثار حتى ينسب صاحبه إلى الجنون وقيل لبي زهير المببديني مببا
العشق قال الجنون والذل وهو داء أهل الظرف ونظر عاشق إلى معشببوقه
فارتعدت فرائصه وغشي عليه فقيل لحكيم ما الذي أصابه فقببال نظببر إلببى
من يحبه فانفرج له قلبه فتحرك الجسم بانفراج القلب فقيل له نحببن نحببب
أولدنا وأهلنا ول
يصيبنا ذلك فقال تلك محبة العقل وهذه محبببة الببروح قببال ومببا هببو إل أن
يراها فجاءة %فتصطك رجله ويسقط للجنب وقال العشق ملبك مسبلط
على قهر النفوس وأسر القلوب قال الشاعر ملك القلببوب فأصبببحت فببي
أسره %وبودها أن ل يفك إسارها وقال أعرابي في وصببفه بببالقلب وثبتببه
وبالفؤاد وجبته وبالحشاء ناره وسائر العضاء خدامه فببالقلب مببن العاشببق
ذاهل والدمع منه هامل والجسببم منببه ناحببل مببرور الليببالي تجببدده وإسبباءة
المحبوب ل تفسده وقيل ليس هو موقوفا على الحسن والجمال وإنما هببو
تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع المخلوقة فيها كمببا قيببل ومببا الحببب
من حسن ول من ملحة %ولكنه شيء به الروح تكلف وقيل أول العشببق
عناء وأوسطه سقم وآخره قتل كما قال ابن الفارض رحمه الله هو الحببب
فاسلم بالحشا ما الهوى سهل %فما اختاره مضنى بببه ولببه عقببل وعببش
خاليا فالحب أوله عنى %وأوسطه سقم وآخره قتل
البخاري في صحيحه من قصة بريرة أن زوجها كان يمشي خلفها بعد فراقها
له وقد صارت أجنبية منه ودموعه تسيل على خديه فقال النبي يا عببباس أل
تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا ثم قال لهببا لببو راجعببتيه
فقالت أتأمرني فقال إنما أنا شافع قببالت ل حاجببة لببي فيببه ولببم ينهببه عببن
عشقها في هذه الحال إذ ذلك شيء ل يملك ول يدخل تحببت الختيببار وقببال
جامع سألت سعيد بن المسيب مفتي ال %مدينة هل في حب دهماء من
وزر فقال سعيد بن المسببيب إنمببا %يلم علببى مببا يسببتطاع مببن المببر
قالوا والعشق نوع من العذاب والعاقل ل يختار عذاب نفسه وفي هببذا قببال
المؤمل شف المؤمل يوم الحيرة النظر %ليت المؤمل لم يخلق له بصببر
يكفي المحبين في الدنيا عذابهم %والله ل عببذبتهم بعببدها سببقر فيقببال
إنه عمي بعد هذا وقال آخر ليس الهوى إلى الببرأي فيملكببه ول إلببى العقببل
فيدركه ثم أنشد ليس خطب الهببوى بخطببب يسببير %ل ينبيببك عنببه مثببل
خبير ليس أمر الهوى يدبر بالرأ %ي ول بالقياس والتفكير إنما المر في
الهوى خطرات %محدثات المور بعد المور وقال القاضي أبو عمر محمد
بن أحمد بن محمد بن سلمان النوقاتي في كتابه
محنة الظراف العشاق معذورون على الحوال إذ العشببق إنمببا دهبباهم عببن
غير اختيار بل اعتراهم عن جبر واضطرار والمرء إنما يلم على ما يسببتطيع
من المور ل على المقضي عليه والمقدور فقد قيل إن الحامببل كببانت تببرى
يوسف عليه الصلة والسلم فتضع حملها فكيف تببرى هببذه وضببعته أباختيببار
كان ذلك أم باضطرار قال غيره وهؤلء النسوة قطعن أيديهن لمببا بببدا لهببن
حسن يوسف عليه السلم وما تمكن حبه من قلوبهن فكيف لو شببغفن حبببا
وكان مصعب بن الزبير إذا رأتببه المببرأة حاضببت لحسببنه وجمبباله قببال فيببه
الشاعر إنما مصعب شهاب من الل %ه تجلت عن وجهه الظلماء ومببن
هاهنا أخذ أحمد بن الحسين الكندي المتنبي قوله تق الله واستر ذا الجمال
ببرقع %فإن لحت حاضت في الخدور العواتق فببإذا كببان هببذا مببن مجببرد
الرؤية فكيف بالمحبة التي ل تملك وقال هشببام ابببن عببروة عببن أبيببه مببات
بالمدينة عاشق فصلى عليه زيد بن ثابت فقيل له في ذلك فقال إني رحمته
ورؤي أبو السائب المخزومي وكان من العلم والدين بمكببان متعلقببا بأسببتار
الكعبة وهو يقول اللهم ارحم العاشقين وقو قلوبهم واعطببف عليهببم قلببوب
المعشوقين فقيل له في ذلك فقال والله للدعاء لهم أفضل من عمببرة مببن
الجعرانة ثم أنشد يا هجر كف عن الهوى ودع الهوى %للعاشببقين يطيببب
يا هجر ماذا تريد من الذين جفونهم %قرحى وحشو قلوبهم جمر
ما ل يدخل تحت قدرتهم قالوا والعقلء قاطبة مطبقون على لوم مببن يحببب
ما يتضرر بمحبته وهذا فطرة فطر الله عليها الخلق فلو اعتذر بأني ل أملببك
قلبي لم يقبلوا لببه عببذرا فصببل وفصببل النببزاع بيببن الفريقيببن أن مبببادىء
العشق وأسبابه اختيارية داخلة تحت التكليف فإن النظر والتفكببر والتعببرض
للمحبة أمر اختيبباري فببإذا أتببى بالسببباب كببان ترتببب المسبببب عليهببا بغيببر
اختياره كما قيل تولع بالعشق حتى عشق %فلمببا اسببتقل ببه لببم يطبق
رأى لجة ظنها موجة %فلما تمكن منها غببرق تمنببى القالببة مببن ذنبببه %
فلم يستطعها ولم يستطق وهببذا بمنزلببة السببكر مببن شببرب الخمببر فببإن
تناول المسكر اختياري وما يتولد عنه السكر اضطراري فمتى كببان السبببب
واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره فمتى كان السبب
محظورا لببم يكببن السببكران معببذورا ول ريببب أن متابعببة النظببر واسببتدامة
الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلم على السبب ولهذا إذا حصببل العشببق
بسبب غير محظور لم يلم عليه صاحبه كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم
فارقها وبقي عشقها غير مفارق له فهببذا ل يلم علببى ذلببك كمببا تقببدم فببي
قصة بريرة ومغيث وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكببن
العشق من قلبه بغير اختياره على أن عليه مدافعته وصرفه
عن قلبه بضده فإذا جاء أمر يغلبه فهناك ل يلم بعببد بببذل الجهببد فببي دفعببه
ومما يبين ما قلناه أن سكر العشق أعظم من سببكر الخمببر كمببا قببال اللببه
تعالى عببن عشبباق الصببور مببن قببوم لببوط ^ لعمببرك إنهببم لفببي سببكرتهم
يعمهون ^ وإذا كان أدنى السكرين ل يعذر صاحبه إذا تعاطى أسبابه فكيببف
يعببذر صبباحب السببكر القببوى مببع تعبباطي أسبببابه وإذ قببد وصببلنا إلببى هببذا
الموضع فلنذكر بابا في سكرة الحب وسببها
الباب الثاني عشر في سكرة العشاق ول بد قبل الخوض في ذلك من بيان
حقيقة السكر وسببه وتولده فنقول السببكر لببذة يغيببب معهببا العقببل الببذي
يعلم به القول ويحصل معه التمييز قال الله تعالى ^ يا أيهببا الببذين آمنببوا ل
تقربوا الصلة وأنتم سكارى حتى تعلموا مببا تقولببون ^ فجعببل الغايببة الببتي
يزول بها حكم السكران أن يعلم ما يقول فمتى لم يعلم ما يقببول فهببو فببي
السكر وإذا علم ما يقول خرج عن حكمه وهذا هو حد السكران عند جمهببور
أهل العلم قيل للمام أحمد بببن حنبببل رحمببه اللببه تعببالى بمبباذا يعلببم أنببه
سكران فقال إذا لم يعرف ثوبه من ثوب غيره ونعله من نعببل غيببره ويببذكر
عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قببال إذااختلببط كلمببه المنظببوم وأفشببى
سره المكتوم وقال محمد بن داود الصفهاني إذا عزبببت عنببه الهمبوم وببباح
بسره المكتوم فالسكر يجمع معنيين وجود لببذة وعببدم تمييببز والببذي يقصببد
السكر قد يقصد أحدهما وقد يقصد كليهما فإن النفببس لهببا هببوى وشببهوات
تلتذ بإدراكها والعلم بما في تلك اللذات من المفاسد العاجلة والجلة يمنعهببا
من تناولها والعقل يأمرها بأن ل تفعل فإذا زال العقل المر والعلم الكاشف
انبسطت النفس في هواهببا وصببادفت مجببال واسببعا وحببرم اللببه سبببحانه
وتعالى السكر لشيئين ذكرهما في كتابه من قوله
واحدة فعجز عن احتماله فقتله ولو أعطيناه ذلك بالتدريج لم يقتلببه فحببرض
الصبي على أن يأخذ الذهب فأبى وقببال واللببه ل أمسببك شببيئا قتلببي أبببي
والمقصببود أن السببكر يببوجب اللببذة ويمنببع العلببم فمنببه السببكر بالطعمببة
والشربة فإن صاحبها يحصل له لذة وسببرور بهببا يحملببه علببى تناولهببا لنهببا
تغيب عنه عقله فتغيب عن الهموم والغمببوم والحببزان تلببك السبباعة ولكببن
يغلط في ذلك فإنها ل تزول ولكن تتوارى فإذا صحا عادت أعظببم مببا كببانت
وأوفره فيدعوه عودها إلى العود كما قال الشاعر وكأس شربت على لببذة
%وأخرى تداويت منها بها ومن الناس مبن يقصببد بهببا منفعبة البببدن وهببو
غالط فإنه يترتب عليها من المضرة المتولدة عن السكر ما هببو أعظببم مببن
تلك المنفعة بكثير واللذة الحاصببلة بببذكر اللببه والصببلة عبباجل وآجل أعظببم
وأبقى وأدفع للهموم والغموم والحزان وتلك اللببذة أجلببب شببيء للهمببوم
والغموم عبباجل وآجل ففببي لببذة ذكببر اللببه والقبببال عليببه والصببلة بببالقلب
والبدن من المنفعة الشريفةالعظيمة السالمة عن المفاسد الدافعة للمضببار
غنى وعوض للنسببان الببذي هببو إنسببان عببن تلببك اللببذة الناقصببة القاصببرة
المانعة لما هو أكمل منها الجالبة للم أعظم منها
فصل ومن أسباب السكر حب الصور فإنه إذا استحكم الحب وقوي أسكر
المحب وأشعارهم بذلك مشهورة كببثيرة ول سببيما إذا اتصببل الجمبباع بببذلك
الحب فإن صاحبه ينقص تمييزه أو يعدم في تلك الحالة بحيببث ل يميببز فببإن
انضاف إلى ذلك السكر سكر الشراب بحيث يجتمع عليه سكر الهوى وسكر
الخمر وسكر لذة الجماع فذلك غاية السكر ومنه ما يكون سببه حب المببال
والرئاسة وقوة الغضب فإن الغضب إذا قوي أوجب سكرا يقرب مببن سببكر
الخمر ويدخل ذلك في الغلق الذي أبطل النبي وقوع الطلق فيه بقوله ل
طلق في إغلق رواه أبو داود وقال أظنه الغضب وفسره المببام أحمببد بببن
حنبل رحمه الله تعالى أيضا بالغضب ومما يدل على صحة ذلك قوله تعالى
^ ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ^ قال
السلف في تفسيرها هو الرجل يدعو على نفسه وأهلببه فببي وقببت الغضببب
من غير إرادة منه لذلك فلو استجاب الله دعاءه لهلكه وأهلك من دعا عليه
ولكن لرحمته لما علم أن الحامل له على ذلك سكر الغضب ل يجيب دعاءه
ومن هذا قول الواجد لراحلته بعد يأسه منها وإيقانه بالهلك اللهم أنت
عبدي وأنا ربك قال رسول الله أخطأ من شدة الفرح ولم يكن بببذلك كببافرا
لعدم قصده وذكر النبي ذلك تحقيقا لشدة الفرح الذي أفضى بببه إلببى ذلببك
وإنما كانت هذه الشياء قد توجب السكر لن السكر سببه مببا يببوجب اللببذة
القاهرة التي تغمر العقل وسبب اللذة إدراك المحبببوب فببإذا كببانت المحبببة
قوية وإدراك المحبوب قويا والعقل ضعيفا حدث السكر لكببن ضببعف العقببل
يكون تارة من ضعف المحبة وتبارة مبن قبوة السببب البوارد ولهببذا يحصبل
السكر للمبتدئين في إدراك الرئاسة والمببال والعشببق والخمببر مببال يحصببل
لمن اعتاد ذلك وتمكن فيه فصببل ومببن أقببوى أسببباب السببكر الموجبببة لببه
سماع الصوات المطربة من جهتين من جهببة أنهببا فببي نفسببها تببوجب لببذة
قوية ينغمر معها العقل ومن جهة أنها تحرم النفس إلى نحببو محبوبهببا كائنببا
ما كان فيحصل بتلك الحركة الشوق والطلبب مبع التخيببل للمحببوب وإدنبباء
صورته إلى القلب واستيلئها على الفكرة لذة عظيمة تقهببر العقببل فتجتمببع
لذة اللحان ولذة الشجان ولهذا يقرن المعنيون بهذه اللذات سماع اللحببان
بالشراب كثيرا ليكمل لهببم السببكر بالشببراب والعشببق والصببوت المطببرب
فيجدون من لببذة الوصببال وسببكره فببي هببذه الحببال مببال يجببدونه بببدونها
فالخمر شراب النفوس واللحان شراب الرواح ول سيما إذا اقترن بهببا مبن
القوال ما فيه ذكر المحبوب ووصف حال المحب على مقتضىالحال التي
هو فيها فيجتمببع سببماع الصببوات الطيبببة وإدراك المعبباني المناسبببة وذلببك
أقوى بكثير من اللذة الحاصلة بكل واحد منها على انفراده فتسببتولي اللببذة
على النفس والروح والبدن أتم استيلء فيحدث غايببة السببكر فكيببف يببدعى
العذر من تعباطى هببذه السببباب ويقببول إن مبا تولببد عنهببا اضببطراري غيبر
اختياري وبالله التوفيق
والنعمة والفرح والسببرور وقببرة العيببن بببه علببى قببدر قببوة محبتببه وإرادتببه
والرغبة فيه وذلك أمر ذوقي وجدي ولهذا يغلببب علببى أهببل الرادة والعمببل
من السالكين اسم الذوق والوجد لما في وجود المراد المطلوب من الببذوق
والوجد الموجب للفرح والسببرور والنعيببم فهاهنببا ثلثببة أنببواع مببن السببماء
متقاربة المعاني أحدها الشهوة والرادة والميببل والطلببب والمحبببة والرغبببة
ونحوها الثاني الذوق والوجد والوصببول والظفببر والدراك والحصببول والنيببل
ونحوها الثالث اللذة والفرح والنعيم والسببرور وطيببب النفببس وقببرة العيببن
ونحوها وهذه المور الثلثة متلزم فصببل وإذا كببانت اللببذة مطلوبببة لنفسببها
فهي إنما تذم إذا أعقبت ألما أعظم منها أو منعت لذة خيرا منهببا وتحمببد إذا
أعانت على اللذة الدائمة المستقرة وهي لذة الدار الخرة ونعيمها الذي هببو
أفضل نعيم وأجله كما قال اللببه تعببالى ^ ول نضببيع أجببر المحسببنين ولجببر
الخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ^ وقال تعببالى ^ للببذين أحسببنوا فببي
هذه الدنيا حسنة ولدار الخرة خير ولنعم دار المتقين ^ وقال تعببالى ^ بببل
تؤثرون الحياة الدنيا والخرة خير وأبقى ^ وقال تعالى ^ وإن الدار الخببرة
لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ^ وقببال العببارفون بتفبباوت مببا بيببن المريببن
لفرعون
^ فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنببا ليغفببر لنببا
خطايانا وما أكرهتنا عليببه مببن السببحر واللببه خيببر وأبقببى ^ واللببه سبببحانه
وتعالى إنما خلق الخلق لدار القرار وجعل اللذة كلها بأسرها فيهببا كمببا قببال
الله تعالى ^ وفيها ما تشببتهيه النفببس وتلببذ العيببن ^ وقببال تعببالى ^ فل
تعلم نفس ما أخفي لهم مبن قبرة أعيبن ^ وقبال النببي يقبول اللبه تعبالى
أعددت لعبادي الصالحين مال عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلببب
بشر بله ما اطلعتم أي غير ما اطلعتم عليه وهببذا هببو الببذي قصببده الناصببح
لقومه الشفيق عليهم حيث قال ^ يا قوم اتبعون أهببدكم سبببيل الرشبباد يببا
قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الخرة هببي دار القببرار ^ فببأخبرهم أن
الدنيا متاع يتمتع بها إلى غيرها والخببرة هببي المسببتقر والغايببة فصببل وإذا
عرف أن لذات الدنيا ونعيمها متاع ووسيلة إلى لببذات الببدار الخببرة ولببذلك
خلقت كما قال النبي الدنيا متاع وخير متاع
الدنيا المرأة الصالحة فكل لذة أعانت على لذات الدار الخرة فهي محبوبببة
مرضية للرب تعالى فصاحبها يلتذ بها من وجهين من جهة تنعمه وقببرة عينببه
بها ومن جهة إيصالها له إلى مرضاة ربه وإفضائها إلى لذة أكمل منها فهببذه
هي اللذة التي ينبغي للعاقل أن يسعى في تحصيلها ل اللذة التي تعقبه غاية
اللم وتفوت عليه أعظم اللذات ولهذا يثاب المؤمن على كل ما يلتذ به مببن
المباحات إذا قصد به العانة والتوصل إلى لذة الخرة ونعيمها فل نسبة بيببن
لذة صاحب الزوجة أو المة الجميلة التي يحبها وعينه قد قببرت بهببا فببإنه إذا
باشرها والتذ قلبه وبدنه ونفسه بوصالها أثيب علببى تلببك اللببذة فببي مقابلببة
عقوبة صاحب اللذة المحرمة على لذته كما قببال النبببي وفببي بضببع أحببدكم
أجر قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو
وضعها في الحرام أكان عليببه وزر قببالوا نعببم قببال فكببذلك إذا وضببعها فببي
الحلل يكون له أجر واعلم أن هذه اللذة تتضاعف وتتزايد بحسب مببا عنببد
العبد من القبال على الله وإخلص العمل له والرغبة في الدار الخببرة فببإن
الشببهوة والرادة المنقسببمة فببي الصببور اجتمعببت لببه فببي صببورة واحببدة
والخوف والهم والغم الذي في اللذة المحرمة معدوم في لذته فإذا اتفق له
مع هذا صورة جميلة ورزق حبها ورزقت حبه وانصرفت دواعي شهوته إليهببا
وقصرت بصره عن
النظر إلى سواها ونفسه عن التطلع إلى غيرها فل مناسبببة بيببن لببذته ولببذة
صاحب الصورة المحرمة وهذا أطيب نعيم ينال من الدنيا وجعله النبي ثببالث
ثلثة بها ينال خير الدنيا والخرة وهي قلب شاكر ولسان ذاكر وزوجة حسناء
إن نظر إليها سرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فالله المسببتعان
وقال القاسم بن عبدالرحمن كان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقببرأ
القرآن فإذا فرغ قال أين العزاب فيقول ادنوا مني ثم قولببوا اللهببم ارزقنببي
امرأة إذا نظرت إليها ! سرتني وإذا أمرتها أطاعتني وإذا غبت عنها حفظببت
غيبتي في نفسها ومالي واللم والحزن والهم والغم ينشأ مببن عببدم العلببم
بالمحبوب النافع أو من عدم إرادته وإيثاره مع العلم به أو مببن عببدم إدراكببه
والظفر به مع محبته وإرادته وهذا من أعظم اللم ولهذا يكون ألببم النسببان
في البرزخ وفي دار الحيوان بفببوات محبببوبه أعظببم مببن ألمببه بفببواته فببي
الدنيا من ثلثة أوجه أحدها معرفتببه هنبباك بكمببال مببا فبباته ومقببداره الثبباني
شدة حاجته إليه وشوق نفسه إليه مع أنه قد حيل بينه وبينببه كمببا قببال اللببه
تعالى ^ وحيل بينهم وبين ما يشببتهون ^ الثببالث حصببول ضببده المببؤلم لببه
فليتأمل العاقل هذا الموضع ولينزل نفسه منزلة من قد فاته أعظم محبببوب
وأنفعه وهو أفقر شيىء وأحوجه إليببه فواتببا ل يرجببى تببداركه وحصببل علببى
ضده فيا لها من مصيبة ما أوجعها وحالة ما أفظعها
فأين هذه الحال من حالة من يلتذ فببي الببدنيا بكببل مببا يقصببد ببه وجببه اللببه
سبحانه وتعالى من الكل والشببرب واللببباس والنكبباح وشببفاء الغيببظ بقهببر
العدو وجهاد في سبيله فضل عما يلتذ به من معرفة ربه وحبببه لببه وتوحيببده
والثابة إليه والتوكل عليه والقبال عليه وإخلص العمل له والرضا بببه وعنببه
والتفويض إليه وفرح القلب وسروره بقربه والنس بببه والشببوق إلببى لقببائه
كما في الحديث الذي صححه ابن حبببان والحبباكم وأسببألك لببذة النظببر إلببى
وجهك والشوق إلى لقببائك وهببذه اللببذة ل تببزال فببي الببدنيا فببي زيببادة مببع
تنقيصها بالعدو الباطن من الشيطان والهوى والنفس والدنيا والعدو الظبباهر
فكيف إذا تجردت الببروح وفببارقت دار الحببزان والفببات واتصببلت بببالرفيق
العلى ^ مببع الببذين أنعببم اللببه عليهببم مببن النبببيين والصببديقين والشببهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من اللببه وكفببى بببالله عليمببا ^
فإذا أفضى إلى دار النعيم فهنا لك من أنواع اللببذة والبهجببة والسببرور مببا ل
عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشبر فبؤسبا وتعسبا للنفبوس
الوضيعة الدنيئة التي ل يهزها الشببوق إلببى ذلببك طربببا ول تتقببد نببار إرادتهببا
لذلك رغبا ول تعبد عما يصد عن ذلك رهبببا فبصببائرها كمببا قيببل خفببافيش
أعشاها النهار بضوئه %ولءمها قطع من الليل مظلم تجول حببول الحببش
إذا جالت النفببوس العلويببة حببول العببرش وتنببدس فببي الحجببار إذا طببارت
النفوس الزكية إلى أعلى الوكار
فلم تر أمثال الرجال تفاوتوا %إلى الفضل حتى عببد ألببف بواحببد فصببل
وكل لذة أعقبت ألما أو منعت لذة أكمل منها فليست بلذة في الحقيقة وإن
غالطت النفس في اللتذاذ بها فأي لذة لكببل طعببام شببهي مسببموم يقطببع
أمعاءه عن قريببب وهببذه هببي لببذات الكفببار والفسبباق بعلببوهم فببي الرض
وفسادهم وفرحهم فيها بغير الحق ومرحهم وذلك مثل لذة العين اتخذوا من
دون الله أولياء يحبونهم كحب الله فنالوا بهم مودة بينهم فببي الحيبباة الببدنيا
ثم استحالت تلك اللذة أعظم ألم وأمببره ومببن ذلببك لببذة العقببائد الفاسببدة
والفرح بها ولذة غلبة أهل الجور والظلم والعدوان والزنى والسرقة وشببرب
المسكرات وقد أخبر الله سبببحانه وتعبالى أنبه لببم يمكنهببم مبن ذلبك لخيبر
يريده بهم إنما هو استدراج منه لينيلهم به أعظببم اللببم قببال اللببه تعببالى ^
أيحسبون أنما نمدهم به مببن مببال وبنيببن نسببارع لهببم فببي الخيببرات بببل ل
يشعرون ^ وقال تعالى ^ فل تعجبببك أمببوالهم ول أولدهببم إنمبا يريببد اللببه
ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهببم كببافرون ^ فصببل وأمببا
اللذة التي ل تعقب ألما في دار القرار ول توصل إلبى لبذة هنباك فهبي لبذة
باطلة إل ل منفعة فيها ول مضرة وزمنها يسير ليس لتمتببع النفببس بهبا قببدر
وهي ل بد أن تشغل عما هو خير وأنفببع منهببا فببي العاجلببة والجلببة وإن لببم
تشغل
عن أصل اللذة في الخرة وهذا القسم هو الذي عناه النبي بقببوله كببل لهببو
يلهو به الرجل فهو باطل إل رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملعبته أهله فإنهن
من الحق رواه مسلم ولهذا كانت لذة اللعب بالدف في العرس جائزة فإنها
تعين على النكاح كما تعين لذة الرمي بالقوس وتأديب الفرس علببى الجهبباد
وكلهما محبوب لله فما أعان على حصول محبوبه فهو من الحق ولهببذا عببد
ملعبة الرجل امرأته من الحق لعانتها على مقاصد النكاح الببذي يحبببه اللببه
سبحانه وتعالى وما لم يعن على محبوب الرب تعالى فهو باطل ل فائدة فيه
ولكن إذا لم يكن فيه مضرة راجحة لم يحرم ولم ينه عنه ولكن إذا صد عببن
ذكر الله وعن الصلة صار مكروها بغيضا للببرب عببز وجببل مقيتببا عنببده إمببا
بأصله وإما بالتجاوز فيه وكل ما صببد عبن اللببذة المطلوببة فهبو وببال علببى
صاحبه فإنه لو اشتغل حين مباشرته له بما ينفعه ويجلب له اللذة المطلوبببة
الباقية لكان خيرا له وأنفع ولما كببانت النفببوس الضببعيفة كنفببوس النسبباء
والصبيان ل تنقاد إلى أسباب اللذة العظمى إل بإعطائها شيئا من لذة اللهببو
واللعب بحيث لو فطمت عنه كل الفطام طلبت ما هو شببر لهببا منببه رخببص
لها من ذلك فيما لم يرخص فيه لغيرها وهببذا كمببا دخببل عمببر بببن الخطبباب
رضي الله عنه على النبببي وعنببده جبوار يضببربن بالببدف فأسببكتهن لبدخوله
وقال هذا رجل ل يحب الباطل فأخبر أن ذلك باطببل ولببم يمنعهببن منببه لمببا
يترتب لهن
عليه من المصلحة الراجحة ويتركن به مفسببدة أرجببح مببن مفسببدته وأيضببا
فيحصل لهم من التألم بتركه مفسدة هي أعظم من مفسدته فتمكينهم مببن
ذلك من باب الرحمة والشببفقة والحسببان كمببا مكببن النبببي أبببا عميببر مببن
اللعب بالعصفور بحضرته ومكن الجاريتين من الغناء بحضرته ومكن عائشببة
رضي الله عنها من النظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ومكن تلببك
المرأة أن تضرب على رأسه بالدف ونظائر ذلك فأين هذا من اتخاذ الشيوخ
المشار إليهم المقتدى بهم ذلك دينا وطريقا مع التوسع فيه غاية التوسع بما
ل ريب في تحريمه ونظيببر هببذا إعطبباء النببي المؤلفبة قلببوبهم مبن الزكبباة
والغنيمة لضعف قلوبهم عن قلوب الراسخين في اليمان من أصحابه ولهببذا
أعطى هؤلء ومنع هؤلء وقال أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغناء
والخير ونظير هذا مزاحه مع مببن كببان يمببزح معببه مببن العببراب والصبببيان
والنسبباء تطييبببا لقلببوبهم واسببتجلبا ليمببانهم وتفريحببا لهببم وفببي مراسببيل
الشعبي أن النبي مر على أصحاب الدركلة فقال خذوا يببا بنببي أرفببدة حببتى
تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة ذكره أبو عبيد وقال الدركلبة لعببة
العجم فالنبي يبذل للنفوس من الموال والمنافع ما يتألفهببا بببه علببى الحببق
المأمور به ويكون المبذول مما يلتذ بببه الخببذ ويحبببه لن ذلببك وسببيلة إلببى
غيره ول يفعل
ذلك مع من ل يحتاج إليه كالمهاجرين والنصار بل يبذل لهم أنواعا أخببر مببن
الحسان إليهم والمنافع في دينهببم ودنيبباهم ولمببا كببان عمببر نببب الخطبباب
رضي الله عنه ممن ل يحب هذا الباطل ول سماعه ول يحتاج أن يتببألف بمببا
يتألف به غيره وليس مأمورا بما أمر به النبي من التببأليف علببى اليمببان بببه
وطاعته بكل طريق كان إعراضه عنه كمال بالنسبة إليه وحببال النبببي رضببي
الله عنه أكمل فصل إذا عرف هذا فأقسام اللذات ثلثة لذة جثمانية ولببذة
خيالية وهمية ولذة عقلية روحانيببة فاللببذة الجثمانيببة لببذة الكببل والشببرب
والجماع وهذه اللذة يشترك فيها مع النسان الحيببوان البهيببم فليببس كمببال
النسان بهذه اللذة لمشاركة أنقص الحيوانات له فيها ولنها لو كببانت كمببال
لكان أفضل النسان وأشرفهم وأكملهم أكثرهم أكل وشربا وجماعا وأيضا لو
كانت كمال لكان نصيب رسل الله وأنبيائه وأوليائه منها في هذه الدار أكمببل
من نصيب أعدائه فلما كان المر بالضد تبين أنهببا ليسببت فببي نفسببها كببامل
وإنما تكون كما ل إذا تضمنت إعانة على اللذة الدائمببة العظمببى كمببا تقببدم
فصل وأما اللذة الوهميببة الخياليببة فلببذة الرئاسببة والتعبباظم علببى الخلببق
والفخر والستطالة عليهم
وهذه اللذة وإن كان طلبها أشببرف نفوسببا مبن طلب اللبذة الولبى فببإن
آلمها وما توجبه من المفاسد والمضار أعظببم مببن التببذاذ النفببس بهببا فببإن
صاحبها منتصب لمعاداة كل من تعاظم وترأس عليه ولهذا شببروط وحقببوق
تفوت على صاحبها كثيرا من لذاته الحسببية ول يتببم إل بتحمببل مشبباق وآلم
أعظم منها فليست هذه في الحقيقة بلذة وإن فرحببت بهببا النفببس وسببرت
بحصولها وقد قيل إنه ل حقيقة للبذة فبي الببدنيا وإنمبا غايتهبا دفبع آلم كمببا
يدفع ألم الجوع والعطش وألببم الشببهوة بالكببل والشببرب والجمبباع ولببذلك
يدفع ألم الخمول وسقوط القدر عند الناس بالرئاسببة والجبباه والتحقيببق أن
اللذة أمر وجودي يستلزم دفع اللم بما بينهما من التضاد فصل وأما اللببذة
العقلية الروحانية فهي كلذة المعرفة والعلم والتصاف بصفات الكمببال مببن
الكرم والجببود والعفببة والشببجاعة والصبببر والحلببم والمببروءة وغيرهببا فببإن
اللتذاذ بذلك من أعظم اللذات وهو لذة النفببس الفاضببلة العلويببة الشببريفة
فإذا انضمت اللذة بذلك إلى لذة معرفة الله تعالى ومحبته وعبادته وحببده ل
شريك له والرضا به عوضا عن كل شببيء ول يتعببوض بغيببره عنببه فصبباحب
هذه اللذة في جنة عاجلة نسبتها إلى لذات الدنيا كنسبة لذة الجنة إلببى لببذة
الدنيا فإنه ليس للقلب والروح ألذ ول أطيببب ول أحلببى ول أنعببم مببن محبببة
الله والقبال عليه وعبادته وحده وقرة العين به والنس بقربه والشوق إلببى
لقائه ورؤيته وإن مثقال ذرة من هذه اللذة ل يعدل بأمثال الجبال من لببذات
الدنيا ولذلك كان مثقال ذرة من إيمان بالله ورسوله يخلص من الخلود فببي
دار اللم
فكيف باليمان الذي يمنع دخولها قال بعض العارفين مببن قببرت عينببه بببالله
قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسببرات
ويكفي في فضل هذه اللذة وشرفها أنها تخرج من القلب ألم الحسرة على
ما يفوت من هذه الدنيا حتى إنه ليتألم بأعظم مببا يلتببذ بببه أهلهببا ويفببر منببه
فرارهم من المؤلم وهذا موضع الحبباكم فيببه الببذوق ل مجببرد لسببان العلببم
وكان بعض العارفين يقول مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا ولم يببذوقوا
طيب نعيمها فيقال له وما هو فيقول محبببة اللببه والنببس بببه والشببوق إلببى
لقائه ومعرفة أسببمائه وصببفاته وقببال آخببر أطيببب مببا فببي الببدنيا معرفتببه
ومحبته وألذ ما في الخرة رؤيته وسماع كلمه بل واسطة وقال آخر واللببه
إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنببة فببي مثببل هببذه الحببال
إنهم لفي عيش طيب وأنت ترى محبة من في محبته عذاب القلببب والببروح
كيف توجب لصاحبها لذة يتمنى أنه ل يفارقه حبه كما قال شاعر الحماسببة
تشكى المحبببون الصبببابة ليتنببي %تحملببت مببا يلقببون مببن بينهببم وحببدي
فكانت لقلبي لذة الحب كلهبا %فلبم يلقهبا قبلبي محبب ول بعبدي قبالت
رابعة شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله ولو تركوها لجالت في الملكوت ثم
رجعت إليهم بطرائف الفوائد وقال سلم الخببواص تركتمببوه وأقبببل بعضببكم
على بعض ولو أقبلتم عليه لرأيتم العجائب وقالت امرأة من
العابدات لو طالعت قلوب المؤمنين بفكرها ما ذخر لها فببي حجببب الغيببوب
من خير الخرة لم يصف لها في الدنيا عيش ولببم تقببر لهببا فببي الببدنيا عيببن
وقال بعض المحبين إن حبه عز وجل شغل قلوب محبيه عببن التلببذذ بمحبببة
غيره فليس لهم في الدنيا مع حبه عز وجببل لببذة تببداني محبتببه ول يؤملببون
في الخرة من كرامة الثواب أكبببر عنببدهم مببن النظببر إلببى وجببه محبببوبهم
وقال بعض السلف ما من عبد إل وله عينان في وجهه يبصر بهما أمر الببدنيا
وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الخرة فإذا أراد اللببه بعبببد خيببرا فتببح عينيببه
اللتين في قلبه فأبصر بهما من اللذة والنعيم مال خطر له مما وعبد ببه مبن
ل أصدق منه حديثا وإذا أراد به غير ذلك تركه على ما هو عليه ثم قببرأ ^ أم
على قلوب أقفالها ^ ولو لم يكن للقلب المشتغل بمحبة غير الله المعببرض
عن ذكره العقوبة إل صببدؤه وقسببوته وتعطيلببه عمببا خلببق لببه لكفببى بببذلك
عقوبة وقد روى عبدالعزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضببي اللببه
عنهما قال قال رسول الله إن هذه القلوب تصدأ كما يصببدأ الحديببد قيببل يببا
رسول الله فما جلؤها قال تلوة القرآن وقال بعض العارفين إن الحديببد إذا
لم يستعمل غشيه الصدأ حتى يفسده كذلك القلب إذا عطل مببن حببب اللببه
والشوق إليه وذكره غلبه الجهل حتى يميته ويهلكه وقال رجل للحسن يا أبببا
سعيد أشكو إليك قسوة قلبي قال أذبه بالذكر وأبعد القلوب من الله القلببب
القاسي ول يذهب قساوته إل حب مقلق أو خوف مزعج فإن قيل ما السبب
الذي لجله يلتذ المحب بحبه وإن لم
يظفر بحبيبه قيل الحب يوجب حركة النفس وشببدة طلبهببا والنفببس خلقببت
متحركة بالطبع كحركة النار فالحب حركتها الطبيعيببة فكببل مببن أحببب شببيئا
من الشياء وجد في حبببه لببذة وروحببا فببإذا خل عببن الحببب مطلقببا تعطلببت
النفببس عببن حركتهببا وثقلببت وكسببلت وفارقهببا خفببة النشبباط ولهببذا تجببد
الكسالى أكثر الناس هما وغما وحزنا ليس لهم فببرح ول سبرور بخلفأربباب
النشاط والجد في العمل أي عمبل كبان فبإن كبان النشباط فبي عمبل هبم
عالمون بحسن عواقبه وحلوة غايته كان التذاذهم بحبه ونشاطهم فيه أقوى
وبالله التوفيق
الباب الرابع عشر فيمن مدح العشق وتمناه وغبببط صباحبه علبى مبا أوتيبه
من
مناه هذا موضع انقسم الناس فيه قسمين وربما كان الشخص الواحد فيه
مجموع الحالتين فقسم مدحوا العشق وتمنوه ورغبببوا فيببه وزعمببوا أن مببن
لم يذق طعمه لم يذق طعببم العيببش قببالوا وقببد تبببين أن كمببال اللببذة تببابع
لكمال الحب فأعظم الناس لذة بالشيء أكثرهم محبة له وقد تقدم بقريببره
قالوا وقد حبب الله سبحانه وتعالى إلى رسله وأنبيببائه نسبباءهم وسببراريهم
فكان آدم أبو البشر شديد المحبة لحواء وقد أخبر الله سبببحانه وتعببالى أنببه
خلق زوجته منه ليسكن إليها قالوا وحبه لها هو الببذي حملببه علببى موافقتهببا
في الكل من الشجرة قالوا وأول حب كان في هذا العببالم حببب آدم لحببواء
وصار ذلك سنة في ولببده فببي المحبببة بيببن الزوجيببن قببالوا وهببذا داود مببن
محبته للنساء جمع بين مببائة امببرأة وكببذلك ابنببه سببليمان قببالوا وقببد عبباب
اليهود عليهم لعائن الله رسول الله محبة النساء وكببثرة تزوجبه فببأنزل اللببه
سبحانه وتعالى ذبا عن رسوله وإخبارا بأن ذلك من فضببله وإنعببامه عليببه ^
أم يحسدون النباس علبى مبا آتبباهم اللببه مبن فضببله فقبد آتينببا آل إبراهيببم
الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ^ قالوا وقد كان عنببد إبراهيببم خليببل
الرحمن أجمل النساء سارة ثم تسرى بهاجر وكانت المحبببة لهببا قببال سببعد
بن أبي وقاص رضي الله عنه كان إبراهيم الخليل يحب سريته هاجر محبة
شديدة وكان يزورها في كل يوم على البراق مببن الشببام مببن شببغفه بهببا
قال الخرائطي حدثنا نصر بن داود حدثنا الواقدي عن محمد بببن صببالح عببن
سعد بن إبراهيم عن عامر عن سعد عن أبيه فذكره وقد ثبببت فببي الصببحيح
من حديث الشعبي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قببال بعثنببي رسببول
الله على جيش وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما رجعببت قلببت يببا
رسول الله من أحب الناس إليك قببال ومببا تريببد قلببت أحببب أن أعلببم قببال
عائشة قلت إنما أعني من الرجال قال أبوها وذكببر مبببارك بببن فضببالة عببن
علي بن زيد عن عمته عن عائشة أن فاطمة رضي اللببه عنهببم ذكرتهببا عنببد
النبي فقال لها يا بنية إنها حبيبة أبيك وأصل الحديث في الصحيح من حببديث
الليث عن ابن شهاب عن محمد ابن عبدالرحمن عن عائشة رضي الله عنها
قالت أرسل أزواج النبي فاطمة بنت النبي إليه فدخلت وهو مضببطجع معببي
في مرطي فقالت يا رسول الله إن أزواجبك يسبألنك العبدل فبي ابنبة أببي
قحافة وأنا ساكنة فقال لها رسول الله ألست تحبين ما أحب قالت بلى قال
فأحبي هذه وثبت في الصحيح من حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن أبببي
قلبة عن عبدالله بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول اللببه
يقسم بين نسائه فيعدل
ويقول اللهم هذا فعلي فيما أملك فل تلمني فيمبا تملبك ول أملبك يريبد أنبه
يطيق العدل بينهن في النفقة عليهن والقسم بينهن وأما التسوية بينهن فببي
المحبة فليست إليه ول يملكها وقال ابن سبيرين سبألت عبيبدة عبن قبوله
تعالى ^ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النسبباء ولببو حرصببتم ^ فقببال يعنببي
الحب والجماع وقال ابن عباس ل يستطيع أن يعدل بينهن في الشهوة ولو
حرص وقال أبو قيس مولى عمرو بن العاص بعثني عمببرو إلببى أم سببلمة
فقال سلها أكان رسول الله يقبل أهله وهو صائم فإن قالت ل فقببل لهببا إن
عائشة رضي الله عنها حدثتنا أن رسول الله كان يقبلها وهببو صببائم فسببألها
فقالت ل فأخبرها بمببا قببال عبببدالله فقببالت أم سببلمة رضببي اللببه عنهببا إن
رسول الله كان إذا رأى عائشة رضي الله عنها لم يتمالببك عنهببا أمببا أنببا فل
وقال بيان الشعبي أتاني رجل فقال كل أمهببات المببؤمنين أحببب إل عائشببة
فقلت أما أنت فقد خالفت رسول الله كانت عائشة رضي الله عنهببا أحبهببن
إلى قلبه وقال مصعب بن سعد فرض عمر بببن الخطبباب رضببي اللببه عنببه
لمهات المؤمنين رضي الله عنهن عشرة آلفعشرة آلف وزاد عائشة ألفين
وقال
إنها حبيبة رسول الله وكان مسروق إذا حدث عن عائشببة رضببي اللببه عنهببا
يقول حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول رب العالمين المبببرأة مببن
فوق سبع سموات قال أبو محمد بن حزم وقد أحب من الخلفبباء الراشببدين
والئمة المهديين كثير قببال الخرائطببي واشببترى عبببدالله بببن عمببر جاريببة
رومية فكان يحبها حبا شديدا فوقعت ذات يوم عببن بغلببة لببه فجعببل يمسببح
التراب عن وجهها ويفديها وكانت تقول لببه أنببت قببالون تعنببي جيببد ثببم إنهببا
هربببت منببه فوجببد عليهببا وجببدا شببديدا وقببال قببد كنببت أحسبببني قببالون
فانصرفت %فاليوم أعلم أني غيببر قببالون وقصببة مغيببث وعشببقه بريببرة
حتى إنه كان يطوف وراءها ودموعه تسيل علببى خببديه فببي الصببحيح وكببان
عروة بن أذينة شيخ مالك من العلماء الثقببات الصببلحاء وقفببت عليببه امببرأة
فقالت أنت الذي يقببال لببه الرجببل الصببالح وأنببت تقببول إذا وجببدت لهيببب
الحب في كبدي %عمدت نحو سقاء القبوم أببترد هبذا ببردت بببرد المباء
ظاهره %فمن لنار على الحشاء تتقد وكان محمد بن سببيرين ينشببد إذا
خدرت رجلي تذكرت من لها %فناديت لبنى باسمها ودعوت دعوت الببتي
لو أن نفسي تطيعني %للقيت نفسي نحوها وقضيت
وقال صالح عن ابن شهاب حدثني عبيدالله بببن عبببدالله بببن عتبببة أن ابببن
مسعود رضي الله عنه قال بينا نحن عند رسول الله في قريب مببن ثمببانين
رجل ليس فيهم إل قرشي واللببه مببا رأيببت صببفحة وجببوه قببط أحسببن مببن
وجوههم يومئذ قال فذكروا النساء فتحدثوا فيهن وتحدثت معهم حتى أحببت
أن نسكت قالوا ولول لطافة الحب ولذته مببا تمنبباه المتمنببون وقببال شبباعر
الحماسة تشكى المحبون الصبابة ليتني %تحملببت مببا يلقببون مببن بينهببم
وحدي فكانت لقلبي لذة الحب كلها %فلم يلقها قبلببي محببب ول بعببدي
قالوا والعشق المباح مما يؤجر عليه العاشق كمببا قببال شببريك بببن عبببدالله
وقد سئل عن العشاق فقال أشدهم حبا أعظمهم أجرا وصدق والله إذا كان
المعشوق ممن يحب الله للعاشق قربه ووصله وقالت امرأة لن يقبل الله
من معشوقه عمل %يوما وعاشقها لهفببان مهجببور ليسببت بمببأجورة فببي
قتل عاشببقها %لكببن عاشببقها فببي ذاك مببأجور ونحببن نقببول مببتى ببباتت
مهاجرة لفراش عاشقها الذي هببو بعلهببا لعنتهببا الملئكببة حببتى تصبببح قببالوا
والعشق يصببفي العقببل ويببذهب الهببم ويبعببث علببى حسببن اللببباس وطيببب
المطعم ومكارم الخلق ويعلببي الهمببة ويحمببل علببى طيببب الرائحببة وكببرم
العشرة وحفظ الدب والمببروءة وهببو بلء الصببالحين ومحنببة العابببدين وهببو
ميزان العقول وجلء الذهان وهو خلق الكرام كما قيل وما أحببتهببا فحشببا
ولكن %رأيت الحب أخلق الكببرام قببالوا وأرواح العشبباق عطببرة لطيفببة
وأبدانهم رقيقة ضعيفة وأزواجهم
بطيئة النقياد لمن قادها حاشا سكنها الذي سكنت إليه وعقببدت حبهببا عليببه
وكلمهم ومنادمتهم تزيد في العقول وتحرك النفوس وتطرب الرواح وتلهببو
بأخبارهم أولو اللباب فأحبباديث العشبباق زينببة مجالسببهم وروح محببادثتهم
ويكفي أن يكون العرابي الذي ل يذكر مع الملوك ول مع الشجعان البطال
يعشق ويشتهر بالعشق فيذكر في مجببالس الملببوك والخلفبباء ومببن دونهببم
وتدون أخباره وتروى أشعاره ويبقى له العشق ذكرا مخلدا ولول العشق لببم
يذكر له اسم ولم يرفع له رأس وقال بعض العقلء العشق للرواح بمنزلببة
الغذاء للبدان إن تركته ضرك وإن أكثرت منه قتلك وقال ابن عبدالبر فببي
كتابه بهجة المجالس وجد في صحيف لبعض أهل الهند العشق ارتيبباح جعببل
في الروح وهو معنى تنتجه النجوم في مطارح شببعاعها ويتولببد فببي الطببباع
بوصلة أشكالها وتقبله الروح بلطيف جوهرها وهو يعد جلء القلببوب وصببيقل
الذهان ما لم يفرط فإذا أفرط صار سقما قاتل ومرضببا منهكببا ل تنفببذ فيببه
الراء ول تنجع فيه الحيل والعلج منه زيادة فيببه وقببال أعرابببي هببو أنيببس
النفس ومحادث العقل تجنه الضببمائر وتخببدمه الجببوارح وقببال عبببدالله بببن
طاهر أمير خراسان لولببده اعشببقوا تظرفببوا وعفببوا تشببرفوا وقببال قدامببة
وصفه بعض البلغاء فقال يشجع الجبان ويسخي البخيل ويصفي ذهببن البليببد
ويفصح لسان العيي ويبعث حزم العاجز
ويذل له عز الملوك وتصدع له صولة الشببجاع وهببو داعيببة الدب وأول ببباب
تفتق به الذهان والفطن وتستخرج به دقائق المكايد والحيل وإليببه تسببتروح
الهمم وتسكن نوافر الخلق والشيم يمتع جليسه ويؤنس أليفببه ولببه سببرور
يجول في النفوس وفرح يسكن في القلوب وقيل لبعض الرؤسبباء ابنببك قببد
عشق فقال الحمد لله الن رقت حواشيه ولطفت معببانيه وملحببت إشبباراته
وظرفت حركاته وحسنت عباراته وجببادت رسببائله وحلببت شببمائله فببواظب
على المليح واجتنب القبيح وقيل لخر ذلك فقال إذا عشق لطببف وظببرف
ودق ورق وقيل لبعضهم متى يكون الفتى بليعا قال إذا صنف كتابا أو وصف
هوى أو حبيبا وقيل لسعيد بن أسلم إن ابنك شرع فببي الرقيببق مببن الشببعر
فقال دعوه يظرف وينظف ويلطف وقال العباس بن الحنف وما الناس إل
العاشقون ذوو الهوى %ول خير فيمن ل يحب ويعشق وقال الحسببين بببن
مطير إن الغببواني جنببة ريحانهببا %نضببر الحيبباة فببأين عنهببا نعببزف لببول
ملحتهن ما كانت لنا %دنيا نلذ بها ول نتصرف وقال غيببره ول خيببر فببي
الدنيا ول في نعيمهبا %وأنبت وحيبد مفبرد غيبر عاشبق وقبال آخبر هبل
العيش إل أن تروح وتغتدي %وأنت بكأس العشق في الناس نشوان
وقال آخر إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى %فقم فاعتلف تبنا فأنت
حمار وقال آخر إذا لم تذق في هذه الدار صبوة %فموتك فيهببا والحيبباة
سواء وقال القرع بن معاذ ول خير في الدنيا إذا أنت لم تزر %حبيبا ول
وافى إليك حبيب وقال آخر ومببا ذاق طعببم العيببش مببن لببم يكببن لببه %
حبيب إليه يطمئن ويسكن وقال علي بن أبي كثير لبببن أبببي الزرقبباء هببل
عشقت قط حتى تكاتب وتراسل وتواعد قال ل فقبال ل يجيبء منبك شبيء
وكان لبعض الملوك ولد واحببد سبباقط الهمببة دنيببء النفببس فبباتر فببأراد أن
يرشحه للملك فسلط عليه الجببواري والقيببان فعشببق منهببن واحببدة فببأعلم
بذلك الملك فسر وأرسل إلى المعشوقة أن تجني عليه وقولي إني ل أصلح
إل لملك أو عالم فلما قالت له ذلك أخذ في التعلببم ومببا عليببه الملببوك مببن
أدوات الملك حتى برع في ذلك وقال المرزباني سئل أبو نوفببل هببل يسببلم
أحد من العشق فقال نعم الجلف الجافي الذي ليس له فضل ول عنده فهم
فأما من في طبعبه أدنبى ظببرف أو معبه دمبائة أهبل الحجبباز وظببرف أهببل
العراق فهيهات وقال علببي بببن عبببدة ل يخلببو أحببد مببن صبببوة إل أن يكببون
جافي الخلقة ناقصا أو منقوص الهمة أو على خلف تركيب العتدال
قالوا ول يكمل أحد قط إل من عشقه لهل الكمال وتشبه بهم فالعالم يبلببغ
في العلم بحسب عشقه له وكذلك صبباحب كببل صببناعة وحرفببة ويكفببي أن
العاشق يرتاح لكريم الخلق والفعال والشيم لتحمد شمائله عنببد معشببوقه
كما قببال ويرتبباح للمعببروف فببي طلببب العلببى %لتحمببد يومببا عنببد ليلببى
شمائله وقال أبو المنجبباب رأيببت فببي الطببواف فببتى نحيببف الجسببم بيببن
الضعف يلوذ ويتعوذ ويقبول وددت بببأن الحببب يجمببع كلبه %فيقببذف فببي
قلبي وينغلق الصدر فل ينقضي ما في فؤادي مبن الهبوى %ومبن فرحبي
بالحب أو ينقضي العمر فقلت يا فتى أما لهذه البنية حرمة تمنعك عن هذا
الكلم فقال بلى والله ولكن الحب مل قلبي بفببرح التببذكر ففاضببت الفكببرة
في سرعة الوبة إلى من ل يشذ عنه معرفة ما بي فتمنيت المنى واللببه مببا
يسرني ما بقلبي منه ما فيه أمير المؤمنين مبن الملبك وإنبي أدعبو اللبه أن
يثبته في قلبي عمري ويجعله ضجيعي فببي قبببري دريببت بببه أو لببم أدر هببذا
دعائي أو انصرف مببن حجببتي ثببم بكببى فقلببت مببا يبكيببك قببال خببوف أن ل
يستجاب دعائي وله قصدت وفيبه رغببت ممبا يعطببي اللببه سبائر خلقببه ثببم
مضى قالت هذه الفرقة وغاية ما يقدر في أمر العشق أنه يقتل صاحبه كمببا
هو معروف عند جماعة من العشبباق وقببد قببال سببويد بببن سببعيد الحببدثاني
حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي
الله عنهما عن النبي
أنه قال من عشق فكتببم وعببف وصبببر فمببات فهببو شببهيد رواه عببن سببويد
جماعة وقال الخطيب حدثنا أبو الحسن علي بن أيببوب إملء منببه حبدثنا أببو
عبدالله المرزباني وابن حيوية وابن شاذان قالوا حدثنا أبببو عبببدالله إبراهيببم
بن محمد بن عرفة نفطويه قال دخلت على محمد بببن داود الصبببهاني فببي
مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف تجدك فقال حب من تعلببم أورثنببي مببا
ترى فقلت ما منعك من الستمتاع به مع القدرة عليه فقال الستمتاع علببى
وجهين أحدهما النظر المباح والثبباني اللببذة المحظببورة فأمببا النظببر المببباح
فأورثني ما ترى وأما اللذة المحظورة فإنه منعني منها ما حدثني أبي حببدثنا
سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهببد عببن
ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال من عشق وكتم وعف وصبببر
غفر الله له وأدخله الجنببة قببال الحبباكم أبببو عبببدالله إنمببا أتعجببب مببن هببذا
الحديث فإنه لم يحدث به غير سويد وهو وداود بن علي وابنه أبو بكر ثقببات
ثم رواه الخطيب حدثنا الزهري حدثنا المعافى بببن زكريببا حببدثنا قطبببة بببن
الفضل بن إبراهيم النصاري حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق حببدثنا سببويد
حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشببة رضببي اللببه عنهببا
مرفوعا ورواه الزبير بن بكار عن عببدالملك ببن عببدالعزيز ببن الماجشبون
عن عبدالعزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهببد عببن ابببن عببباس
رضي الله عنهما عن النبي به ولفظه من عشق فعف فمات فهو شهيد رواه
أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب اعتلل القلوب حببدثنا
أبو يوسف يعقوب بن عيسببى مببن ولببد عبببدالرحمن بببن عببوف عببن الزبيببر
فذكره فخرج سويد
عن عهدة التفرد به على أنه لو تفرد به فهو ثقة احتج به مسلم في صحيحه
وقال عبدالله بن أحمد قال لي أبي أكتب عنبه حبديث ضبمام وقبال البغبوي
كان حافظا وكان أحمد ينتقي لولديه عليه صالح وعبدالله فكانا يختلفان إليه
وقال مسلم ثقة ثقة وقال أبو حاتم الرازي ويعقببوب بببن شببيبة هببو صببدوق
وأكثر ما عيب به التدليس وقد صرح هاهنا بالتحديث وعيب بأنه ذهب بصببره
في آخر عمره فربما أدخل عليه هذا الحديث في كتبببه ولكببن روايببة الكببابر
عنه هذا الحديث كان قبل ذهاب بصره لنه إنما عمي في آخر عمره وليببس
هذا بقادح في حديثه قلت وهذا حببديث باطببل علببى رسببول اللببه قطعببا ل
يشبه كلمه وقد صح عنه أنه عد الشهداء ستا فلم يذكر فيهم قتيببل العشببق
شهيدا ول يمكن أن يكون كل قتيل بالعشق شببهيدا فببإنه قببد يعشببق عشببقا
يستحق عليه العقوبة وقد أنسكر حفباظ السبلم هبذا الحبديث علبى سبويد
وقد تكلم الناس فيه فقال ابن المديني ليس بشيء والضرير إذا كببان عنببده
كتب فهو عيب شديد وقال يعقوب بببن شببيبة صببدوق مضببطرب الحفببظ ول
سيما بعد ما عمي وقال البخاري كان قد عمي فيلقببن مببا ليببس مببن حببديثه
وقال أبو أحمد الجرجبباني هببذا الحببديث أحببد مببا أنكببر علببى سببويد وأنكببره
البيهقي وأبو الفضل بن طباهر وأببو الفبرج ببن الجبوزي وأدخلبه فبي كتبابه
الموضوعات ولما رواه أبو بكر الزرق عن سويد عاتبه عليه ابن المرزبببان
فأسقط ذكر
النبي منه وكان سويد إذا سئل عنه ل يرفعه وهببذا أحسببن أحببواله أن يكببون
موقوفا ولذلك رواه أبو محمد الحسين القاري من حديث أبببي سببعد البقببال
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله وأمببا سببياق الخطيببب لببه
من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها فل يشك من
شم رائحة الحديث أن هذا باطل على هشام عن أبيه عن عائشة ول يحتمببل
هذا المتن هذا السناد ببوجه والتحبباكم فبي ذلبك إلببى أهببل الحببديث ل إلبى
العارين الغرباء منببه والظبباهر أن ابببن مسببروق سببرقه وغيببر إسببناده وأمببا
حديث الزبير بن بكار فمن رواية يعقوب بن عيسى وهو ضببعيف ل تقببوم ببه
حجة قد ضعفه أهل الحديث ونسبوه إلى الكذب
الباب الخامس عشر فيمن ذم العشق وتبرم به وما احتج به كل فريق على
صحة
مذهبه قال الله تعالى إخبببارا عببن المببؤمنين ربنببا ل تؤاخببذنا إن نسببينا أو
أخطأنا ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملتببه علببى الببذين مببن قبلنببا ربنببا ول
تحملنا مال طاقة لنا به واعف عنا وقد أثنى الله عليهم سبحانه بهببذا الببدعاء
الذي سألوه فيه أن ل يحملهم مال طاقة لهببم بببه وقببد فسببر ذلببك بالعشببق
وليس المراد اختصاصه به بل المراد أن العشق مما ل طاقة للعبد به وقببال
مكحول هو شدة الغلمببة وقببال النبببي ل ينبغببي للمببرء أن يببذل نفسببه قببال
المام أحمد تفسيره أن يتعرض من البلء لما ل يطيببق وهببذا مطببابق لحببال
العاشق فإنه أذل الناس لمعشوقه ولما يحصل به رضاه والحب مبنبباه علببى
الذل والخضوع للمحبوب كما قيببل إخضببع وذل لمبن تحببب فليببس فببي %
شرع الهوى أنف يشببال ويعقببد وقببال آخببر مسبباكين أهببل العشببق حببتى
قبورهم %عليها تراب الذل بين المقابر
وقال آخر قالوا عهدناك ذا عببز فقلببت لهببم %ل يعجببب النبباس مببن ذل
المحبينا ل تنكروا ذلة العشبباق إنهببم %مسببتعبدون بببرق الحببب راضببونا
قالوا وإذا اقتحم العبد بحر العشق ولعبت به أمواجه فهببو إلببى الهلك أدنببى
منه إلى السلمة كما ذكر الخرائطي أنه كان بالمدينة جارية ظريفة فهببويت
رجل من قريش وكان ل يفارقهببا ول تفببارقه فملهببا وزاد حبهببا لببه فسببقمت
وجعل مولها ل يعبأ بشكواها ول يرق لها حتى هببامت علببى وجههببا ومزقببت
ثيابها وأفضت إلى أمر عظيم فلما رأى ما صرت إليه عالجها فلم ينفببع فيهببا
العلج وكانت تدور في السكك بالليل وتقول ألحب أول ما يكون لجاجة %
تأتي به وتسوقه القدار حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى %جاءت أمور ل
تطاق كبار من ذا يطيببق كمببا نطيببق مببن الهببوى %غلببب العببزاء وببباحت
السرار قال الخرائطي وأنشدني بعض أصحابنا الحب أوله شيء يهيم به
%قلب المحب فيلقى الموت كاللعب يكون مبدؤه من نظببرة عرضببت %
ومزحببة أشببعلت فببي القلببب كبباللهب كالنببار مبببدؤها مببن قدحببة فببإذا %
تضرمت أحرقت مستجمع الحطب
قالوا وكيف يمدح أمر يمنع القببرار ويسببلب المنببام ويببوله العقببل ويحببدث
الجنون بل هو نفسه جنون كما قال بعض الحكمبباء الجنببون فنببون والعشببق
فن من فنونه كما قال بعض العشاق قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهببم %
ألعشق أعظم مما بالمجببانين ألعشببق ل يسببتفيق الببدهر صبباحبه %وإنمببا
يصرع المجنون في الحين قالوا وكم من عاشق أتلف فببي معشببوقه مبباله
وعرضه ونفسه وضيع أهله ومصالح دينه ودنياه قال الزبيببر بببن بكببار جبباءت
بدوية إلى أخت لها فقالت كيف بك مببن حببب فلن قببالت حببرك واللببه حبببه
الساكن وسكن المتحرك ثم أنشأت تقببول فلببو أن مببا بببي بالحصببى فلببق
الحصى %وبالريح لم يسمع لهن هبببوب ولببو أننببي أسببتغفر اللببه كلمببا %
ذكرتك لم تكتب علي ذنوب فقلت والله لسألنه كيف هو من حبك فجبباءته
فسألته فقال إنما الهوى هوان ولكنه خولف باسببمه وإنمببا يعببرف ذلببك مببن
استبكته المعالم والطلول وأنشد أبو الفضل الربعببي قببد أمطببرت عينببي
دما فدماؤها %بعد الدموع من الجفون هوامل كيف العببزاء ول يببزال مببن
الضنى %في الجسم مني والجوانح نازل لهفي على زمن مضى تجتببازني
%فيه صروف الدهر وهي عواقل قببالوا والعشببق هببو الببداء الببدوي الببذي
تذوب معه الرواح ول يقع معه
الرتياح بل هو بحر من ركبه غرق فإنه ل ساحل له ول نجاة منه وهببو الببذي
قال فيه القائل وما أحد في الناس يحمد أمره %فيوجد إل وهو في الحب
أحمق وما أحد ما ذاق بببؤس معيشببة %فيعشببق إل ذاقهببا حيببن يعشببق
وقال العباس بن الحنف ويح المحبين ما أشقى نفوسهم %إن كببان مثببل
الذي بي بالمحبينا يشقون في هذه الدنيا بعشقهم %ل يرزقون به دنيا ول
دينا وقال آخر ألعشق مشغلة عن كل صبالحة %وسبكرة العشبق تنفبي
لذة الوسن وقال محمد بن أبي محمد اليزيدي كيف يطيق الناس وصببف
الهوى %وهو جليل ما له قدر بل كيف يصفو لحليف الهوى %عيش وفيه
البين والهجر وقال محمد بن أمية قرين الحب يببأنس بببالهموم %ويكببثر
فكرة القلب السقيم وأعظم ما يكون بببه اغتباطببا %علببى خطببر ومطلببع
عظيم وقال أبو تمام أما الهوى فهببو العببذاب فببإن جببرت %فيببه النببوى
فأليم كل عذاب وقال ابببن أبببي حصببينة والعشببق يجتببذب النفببوس إلببى
الردى %بالطبع واحسدي لمن لم يعشق
وقال ابن المعتز الحب داء عضال ل دواء له %يحار فيه الطباء النحارير
قد كنت أحسب أن العاشببقين غلببوا %فببي وصببفه فببإذا بببالقوم تقصببير
وقال أعرابي أل ما الهوى والحب بالشيء هكذا %يذل بببه طببوع اللسببان
فيوصف ولكنه شيء قضى الله أنببه %هببو المببوت أو شببيء مببن المببوت
أعنف فأوله سقم وآخره ضببنى %وأوسببطه شببوق يشببف ويتلببف وروع
وتسهيد وهم وحسرة %ووجد على وجد يزيد ويضعف وقال عبدالمحسببن
الصوري ما الحب إل مسلك خطر %عسر النجاة ومببوطىء زلببق وقببال
آخر وكان ابتداء الذي بي مجونا %فلما تمكن أمسى جنونا وكنببت أظببن
الهوى هينا %فلقيت منه عذابا مهينا وقالت امرأة رأيت الهوى حلببوا إذا
اجتمع الشمل %ومرا على الهجران ل بل هو القتل فمن لببم يببذق للهجببر
طعما فإنه %إذا ذاق طعم الحب لم يدر ما الوصل وقد ذقت طعميه على
القرب والنوى %فأبعده قتل وأقربه خبل
قالوا والعشق يترك الملك مملوكا والسببلطان عبببدا كمببا قببال الحكببم بببن
هشام بن عبدالرحمن الببداخل وكببان ملببك النببدلس ظببل مببن فببرط حبببه
مملوكا %ولقد كان قبل ذاك مليكا تركته جببآذر القصببر صبببا %مسببتهاما
على الصعيد تريكا يجعل الخد واضببعا فببوق تببرب %للببذي يجعببل الحريببر
أريكا هكذا يحسن التذلل ببالحر %ر إذا كببان فبي الهبوى مملوكبا وقبال
الرشيد وقد عشق ثلث جوار من جواريه ويقال إنبه المبأمون ملبك الثلث
النسات عناني %وحللن من قلبي بكل مكان مالي تطاوعني البرية كلهببا
%وأطيعهن وهن في عصياني ما ذاك إل أن سلطان الهوى %وبببه قببوين
أعز من سلطاني وقال بعض الملوك في جارية لببه عشببقها وكببانت كببثيرة
التجني عليه أما يكفيك أنك تملكيني %وأن الناس كلهم عبيدي وأنك لببو
جهدت على تلفي %لقلت من الرضا أحسنت زيدي وقال ابن طاهر ملك
خراسان فإني وإن حنت إليك ضمائري %فما قدر حبي أن يذل له قببدري
وقال ابن الحمر ملك الندلس أيا ربة الخدر التي أذهبت نسكي %على
كل حال أنت ل بد لي منك فإما بذل وهو أليببق بببالهوى %وإمببا بعببز وهببو
أليق بالملك
قالوا وكم ممن هرب مبن الحبب إلبى مظبان التلبف ليتخلبص مبن التلبف
بالتلف قال دعبل الشاعر كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت مع الناس فإذا
بفتى يجر رمحه بين يدي فالتفت فنظر إلي فقال أنت دعبل قلت نعببم قببال
اسمع مني ثم أنشدني فقال أنا في أمري رشاد %بين غزو وجهاد بببدني
يغزو عدوي %والهوى يغزو فؤادي ثم قال كيف ترى قلت جيد والله قببال
فوالله ما خرجت إل هاربا من الحب ثببم قاتببل حببتى قتببل وقببال أصببرم بببن
حميد نحن قوم تليننا الحدق النجل %على أننا نلين الحديببدا طببوع أيببدي
الظببباء تقتادنببا العيبن %ونقتباد بالطعببان السببودا تتقببي سبخطنا الليبوث
ونخشى %صولة الخشف حين يبدي الصدودا وترانا عند الكريهة أحببرا %
را وفي السلم للغواني عبيدا قالوا ورأينا الداخل فيببه يتمنببى منببه الخلص
ولت حين مناص قال الخرائطي أنشدني أبو جعفر العبدي إن اللببه نجبباني
من الحب لم أعد %إليه ولم اقبببل مقالببة عبباذلي ومببن لببي بمنجبباة مببن
الحب بعدما %رمتني دواعي الحب بين الحبائل وقال أبببو عبيببدة الحبببائل
الموت قال وأنشدني أبو عبيدالله بن الدولبي دعوت ربي دعاء فاسببتجاب
له %كما دعا ربه نوح وأيوب أن ينزع الببداء مببن صببدري ويجعلببه %فببي
صدر سلمى وحمل الداء تعطيب
أو يشف قلبي سريعا مببن صبببابته %فل أحببن إذا حببن المطبباريب قببالوا
وكم أكبت فتنة العشق رؤوسا علببى مناخرهببا فببي الجحيببم وأسببلمتهم إلببى
مقاسبباة العببذاب الليببم وجرعتهببم بيببن أطببباق النببار كببؤوس الحميببم وكببم
أخرجت من شاء الله من العلم والدين كخببروج الشببعرة مببن العجيببن وكببم
أزالت من نعمة وأحلت من نقمة وكم أنزلت من معقل عزه عزيزا فإذا هببو
من الذلين ووضعت من شريف رفيع القدر والمنصب فببإذا هببو فببي أسببفل
السافلين وكم كشفت من عورة وأحدثت من روعة وأعقبت من ألم وأحلت
من ندم وكم أضرمت من نار حسببرات أحرقببت فيهببا الكببباد وأذهبببت قببدرا
كان للعبد عنببد اللببه وفببي قلببوب العببباد وكببم جلبببت مببن جهببد البلء ودرك
الشقاء وسوء القضاء وشماتة العداء فقل أن يفارقها زوال نعمة أو فجبباءة
نقمة أو تحويل عافية أو طروق بليبة أو حببدوث رزيبة فلبو سببألت النعببم مبا
الذي أزالك والنقم ما الذي أدالك والهموم والحزان ما الذي جلبك والعافيببة
ما الذي أبعدك وجنبك والستر ما الذي كشفك والوجه ما الذي أذهب نببورك
وكسفك والحياة مببا الببذي كببردك وشببمس اليمببان مببا الببذي كببورك وعببزة
النفس ما الذي أذلببك وبببالهوان بعببد الكببرام بببدلك لجابتببك بلسببان الحببال
اعتبارا إن لم تجب بالمقال حوارا هذه واللببه بعببض جنايببات العشببق علببى
أصحابه لو كانوا يعقلون ^ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فببي ذلببك ليببة
لقوم يعلمون ^ ويكفي اللبيب
موعظة واستبصارا ما قصه الله سبحانه وتعالى عليببه فببي سببورة العببراف
في شأن أصحاب الهوى المذموم تحذيرا واعتبارا فبدأ سبحانه وتعالى بهوى
إبليس الحامل له على التكبر عن طاعة الله عببز وجببل فببي أمببره بالسببجود
لدم فحمله هوى النفس وإعجابه بها على أن عصى أمره وتكبر على طاعته
فكان من أمره ما كان ثم ذكر سبحانه هوى آدم حين رغب في الخلببود فببي
الجنة وحمله هواه على أن أكل من الشجرة التي نهي عنها وكان الحامل له
على ذلك هوى النفس ومحبتها للخلببود فكببان عاقبببة ذلببك الهبوى والشبهوة
إخراجه منها إلى دار التعب والنصب وقيل إنه إنمببا أكببل منهببا طاعببة لحببواء
فحمله حبه لها أن أطاعها ودخببل فببي هواهببا وإنمببا توصببل إليببه عببدوه مببن
طريقها ودخل عليه من بابها فأول فتنة كانت في هذا العالم بسبب النساء
ثم ذكر سبحانه فتنة الكفار الذين أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا وابتدعوا
في دينه ما لم يشرعه وحرموا زينته التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق
وتعبدوا له بالفواحش وزعموا أنه أمرهم بها واتخببذوا الشببياطين أوليبباء مببن
دونه والحامل لهم على ذلك كله الهوى والحب الفاسد وعليه حبباربوا رسببله
وكذبوا كتبببه وبببذلوا أنفسببهم وأمببوالهم وأهليهببم دونببه حببتى خسببروا الببدنيا
والخرة ثم ذكر سبحانه وتعالى قصة قوم نوح وما أصارهم إليه الهببوى مببن
الغرق في الدنيا ودخول النار في الخرة ثم ذكر قصة عاد ومببا أفضببى إليببه
بهم الهوى من الهلك الفظيع والعقوبة المستمرة ثم قصة قوم صالح كذلك
ثم قصة العشاق أئمة الفسبباق ونبباكحي الببذكران وتبباركي النسببوان وكيببف
أخذهم وهم في خوضهم يلعبون وقطع دابرهم
وهم في سكر عشقهم يعمهبون وكيببف جمببع عليهببم مببن العقوبببات مببا لببم
يجمعه على أمة من المببم أجمعيببن وجعلهببم سببلفا لخببوانهم اللوطيببة مببن
المتقببدمين والمتببأخرين ولمببا تجببرأوا علببى هببذه المعصببية ومببردوا ونهجبوا
لخوانهم طريقا وقاموا بأمرها وقعدوا ضببجت الملئكببة إلببى اللببه مببن ذلببك
ضجيجا وعجت الرض إلى ربها من هذا المر عجيجببا وهربببت الملئكببة إلببى
أقطار السموات وشكتهم إلى الله جميع المخلوقات وهو سبحانه وتعالى قد
حكببم أنببه ل يأخببذ الظببالمين إل بعببد إقامببة الحجببة عليهببم والتقببدم بالوعببد
والوعيد إليهببم فأرسببل إليهببم رسببوله الكريببم يحببذرهم مببن سببوء صببنيعهم
وينذرهم عذابه الليببم فببأذن رسببول اللببه بالببدعوة علببى رؤوس المل منهببم
والشهاد وصاح بها بين أظهرهم في كل حاضر وباد وقببال فكببان فببي قببوله
لهم من أعظم الناصحين ^ أتأتون الفاحشة مببا سبببقكم بهببا مببن أحببد مببن
العالمين ^ ثم أعاد لهم القول نصحا وتحببذيرا وهببم فببي سببكرة عشببقهم ل
يعقلببون ^ إنكببم لتببأتون الرجببال شببهوة مببن دون النسبباء بببل أنتببم قببوم
مسرفون ^ فأجاب العشاق جواب من أركس في هواه وغيه فقلبه بعشببقه
مفتون و ^ قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ^ فلمببا
أن حان الوقت المعلوم وجاء ميقات نفببوذ القببدر المحتببوم أرسببل الرحمببن
تبارك وتعالى لتمام النعام والمتحان إلى بيت لوط ملئكة في صورة البشر
وأجمل ما يكون من الصور وجاءوه في صورة الضياف النزول بببذي الصببدر
الرحيب ف سيء بهم
^ وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ^ وجاء الصبريخ إلببى اللوطيبة أن
لوطا قد نزل به شباب لم ينظر إلببى مثببل حسببنهم وجمببالهم النبباظرون ول
رأى مثلهم الراؤون فنادى اللوطية بعضهم يعضا أن هلموا إلببى منببزل لببوط
ففيه قضاء الشهوات ونيل أكبر اللذات ^ وجاءه قببومه يهرعببون إليببه ومببن
قبل كانوا يعملون السيئات ^ فلما دخلوا إليه وهجموا عليببه قببال لهببم وهببو
كظيم من الهم والغم وقلبه بالحزن عميد ^ يا قوم هؤلء بنبباتي هببن أطهببر
لكم فاتقوا الله ول تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ^ فلما سببمع
اللوطية مقاله أجابوه جواب الفاجر المجاهر العنيد ^ لقد علمت ما لنا فببي
بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ^ فقال لهم لوط مقالة المضطهد الوحيد
^ لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركببن شببديد ^ فلمببا رأت رسببل اللببه مببا
يقاسي نبيه من اللوطية كشفوا له عن حقيقة الحال وقالوا هون عليك ^ يا
لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ^ فسببر نببي اللببه سببرور المحببب وافبباه
الفرج بغتة على يد الحبيب وقيببل لببه ^ فأسببر بأهلببك بقطببع مبن الليببل ول
يلتفت منكم أحد إل امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليببس
الصبح بقريب ^ ولما أبوا إل مراودتببه عببن أضببيافه ولببم يرعببوا حببق الجببار
ضرب جبريل بجناحه على وجوههم فطمببس منهببم العيببن وأعمببى البصببار
فخرجوا من عنده عميانا يتحسسون ويقولون ستعلم غدا ما يحل بك أيها
المجنون فلما انشق عمود الصبح جاء النداء من عند رب الرباب أن اخسف
بالمة اللوطية وأذقهم أليم العببذاب فبباقتلع القببوي الميببن جبريببل مببدائنهم
على ريشة من جناحه ورفعها في الجو حبتى سبمعت الملئكبة نبيبح كلبهببم
وصياح ديكتهم ثم قلبها فجعل عاليهببا سببافلها وأتبعببوا الحجببارة مببن سببجيل
وهو الطين المستحجر الشديد وخوف سبحانه إخوانهم علببى لسببان رسببوله
من هذا الوعيد فقال تعالى ^ فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سببافلها وأمطرنببا
عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عنببد ربببك ومببا هببي مببن الظببالمين
ببعيد ^ فهذه عاقبة اللوطية عشاق الصور وهببم السببلف وإخببوانهم بعببدهم
على الثر وإن لم يكونوا قوم لوط بعينهم %فما قوم لببوط منهببم ببعيببد
وإنهم في الخسف ينتظرونهم %على مورد من مهلة وصيد يقولون ل أهل
ول مرحبا بكم %ألم يتقدم ربكم بوعيد فقالوا بلببى لكنكببم قببد سببننتم %
صراطا لنا في العشببق غيببر حميببد أتينببا بببه الببذكران مببن عشببقنا لهببم %
فأوردنا ذا العشق شر ورود فأنتم بتضعيف العببذاب أحببق مببن %متببابعكم
في ذاك غير رشيد فقالوا وأنتم رسلكم أنذرتكم %بما قببد لقينبباه بصببدق
وعيد فما لكم فضل علينا فكلنا %نذوق عذاب الهون جد شديد كما كلنا
قد ذاق لذة وصلهم %ومجمعنا في النار غير بعيد وكذلك قوم شعيب إنما
حملهم على بخس المكيال والميببزان فببرط محبتهببم للمببال وغلبهببم الهببوى
على طاعة نبيهم حتى أصابهم العذاب
وكذلك قوم فرعون حملهم الهوى والشهوة وعشق الرئاسة علببى تكببذيب
موسى حتى آل بهم المر إلببى مببا آل وكببذلك أهببل السبببت الببذين مسببخوا
قردة إنما أتوا من جهة محبة الحيتان وشهوة أكلهببا والحببرص عليهببا وكببذلك
الذي آتاه الرب تبارك وتعالى آياته ^ فانسلخ منهببا فببأتبعه الشببيطان فكببان
من الغاوين ^ وقال تعالى ^ ولو شئنا لرفعناه بها ولكنببه أخلببد إلببى الرض
واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ^ وتأمل
قوله تعببالى آتينبباه آياتنببا فببأخبر أن ذلببك إنمببا حصببل لببه بإيتبباء الببرب لببه ل
بتحصببيله هببو ثببم قببال ^ فانسببلخ منهببا ^ ولببم يقببل فسببلخناه بببل أضبباف
النسلخ إليه وعبر عن براءته منها بلفظة النسلخ الدالبة علبى تخليبه عنهبا
بالكلية وهذا شأن الكافر وأمببا المببؤمن ولببو عصببى اللببه تبببارك وتعببالى مببا
عصاه فإنه ل ينسلخ من اليمان بالكلية ثم قال ^ فأتبعه الشببيطان ^ ولببم
يقل فتبعه فإن فببي أتبعببه إعلمببا بببأنه أدركببه ولحقببه كمببا قببال اللببه تعببالى
فأتبعوهم مشرقين أي لحقوهم ووصلوا إليهم ثم قال ^ ولببو شببئنا لرفعنبباه
بها ^ ففي ذلك دليل على أن مجرد العلم ل يرفع صاحبه فهذا قد أخبر الله
سبحانه أنه آتاه آياته ولم يرفعه بهببا فالرفعببة بببالعلم قببدر زائد علببى مجببرد
تعلمه ثم أخبر الله عز وجل عن السبب الببذي منعببه أن يرفببع بهببا فقببال ^
ولكنه أخلد إلى الرض واتبع هواه ^ وقوله ^ أخلد إلى الرض ^ أي سببكن
إليهببا ونببزل بطبعببه إليهببا فكببانت نفسببه أرضببية سببفلية ل سببماوية علويببة
وبحسب ما يخلد العبد إلى الرض يهبط من السماء قببال سببهل قسببم اللببه
العضاء من الهوى لكل عضو منه حظا فإذا مال عضو
منها إلى الهوى رجع ضرره إلى القلب وللنفس سبع حجببب سببماوية وسبببع
حجب أرضية فكلما دفن العبد نفسه أرضا أرضا سما قلبه سماء سماء فببإذا
دفن النفس تحت الثرى وصببل القلببب إلببى العببرش ثببم ذكببر سبببحانه مثببل
المتبع لهواه كمثل الكلب الذي ل يفارقه اللهببث فببي حببالتي تركببه والحمببل
عليه فهكذا هذا ل يفارقه اللهث على الدنيا راغبا وراهبا والمقصود أن هذه
السورة من أولها إلى آخرها في ذكر حببال أهببل الهببوى والشببهوات ومببا آل
إليه أمرهم فالعشق والهوى أصل كل بلية قال عدي ابن ثابت كان في زمن
بني إسرائيل راهب يعبد الله حببتى كببان يببؤتى بالمجببانين يعببوذهم فيبببرأون
على يديه وإنه أتي بامرأة ذات شرف من قومها قببد جنببت وكببان لهببا إخببوة
فأتوه بها فلم يزل الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملببت فلمببا اسببتبان
حملها لم يزل يخوفه ويزين له قتلها حتى قتلها ودفنها فذهب الشيطان فببي
صورة رجل حتى أتى بعض إخوتها فأخبره بالذي فعل الراهب ثببم أتببى بقيببة
إخوتها رجل رجل فجعل الرجل يلقى أخاه فيقول والله لقبد أتباني آت فبذكر
لي شيئا كبر علي ذكبره فبذكر ذلبك بعضبهم لبعبض حبتى رفعبوا ذلبك إلبى
ملكهم فسار الناس إليه حتى استنزلوه من صومعته فأقر لهببم بالببذي فعببل
فأمر به فصلب فلما رفع على الخشبة تمثببل لببه الشببيطان فقببال أنببا الببذي
زينت لك هذا وألقيتك فيه فهل أنت مطيعي فيما أقول لك وأخلصك قال
نعم قال تسجد لي سجدة واحبدة فسبجد لبه وقتببل الرجبل فهبو قبول اللبه
تعالى ^ كمثل الشيطان إذ قال للنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك
إني أخاف الله رب العالمين ^ وقال واصل مولى أبي عيينببة دخلببت علببى
محمد بن سيرين فقال لي هل تزوجت فقلت ل قال ومببا يمنعببك قلببت قلببة
الشيء قال تزوج عبدالله بن محمد بن سيرين ول شيء له فرزقه الله ثم
حدث أن امرأة من بني إسرائيل يقال لها ميسونة خاصمت إلى حبرين مببن
بني إسرائيل فعلقاها قال وكان كل واحد منهما يكتببم صبباحبه مببا يجببد منهببا
فأخبرا أنها في حائط تغتسل قال فجاءا فتسورا عليها الحببائط فلمببا رأتهمببا
دخلت غمرا من المبباء فببوارت نفسببها فقببال لهببا إنببك إن لببم تفعلببي غببدونا
فشهدنا عليك بالزور فأبت فشهدا عليها فلما قربت ليقببام عليهببا الحببد نببزل
الوحي على دانيال بتكذيبهما فهذا بعض فتنة العشق وقد روى شببعبة عببن
عبدالملك بن عمير قال سمعت مصعب بن سعد يقول كان سعد يعلمنا هببذا
الدعاء ويذكره عن النبي
اللهم إني أعوذ بك مببن فتنببة النسبباء وأعببوذ بببك مببن عببذاب القبببر وقببال
الحسن بن عرفة حدثنا أبو معاوية الضرير عببن ليببث عببن طبباوس عببن ابببن
عباس رضي الله عنهما قال إنه لم يكن كفر من مضى إل مببن قبببل النسبباء
وهو كفر من بقي أيضا وقد روى سفيان بن عيينة عن سليمان التيمي عن
أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قال رسول اللببه
ما تركت على أمتي بعدي أضر على الرجال من النساء وروى أبو إسببحاق
عن هبيرة بن يريم عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه قببال
قال رسول الله إن أخوف ما أخاف على أمتي الخمر والنساء وقال علي بن
حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال ما
أيس الشيطان من أحببد قببط إل أتبباه مببن قبببل النسبباء وروى سببفيان بببن
حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عببن ابببن عببباس رضببي اللببه
عنهما قال قيل لدم ما حملك على أكل الشجرة قال يا رب زينت لي حببواء
قال فإني قد عاقبتها ل تحمل إل كرها ول تضع إل كرها وأدميتها فببي الشببهر
مرتين
وقال ابن عباس رضي الله عنهما أو غيببره أول فتنببة بنببي إسببرائيل كببانت
من قبل النساء قالوا ويكفي مببن مضببرة العشببق مببا اشببتهر مببن مصببارع
العشاق وذلك موجود في كل زمان فهذا بعض ما احتجت ببه هبذه الفرقبة
لقولها ونحن نعقد للحكم بين الطائفتين بابا مستقل بعون الله تعالى
الباب السادس عشر في الحكم بين الفريقين وفصل النزاع بين الطائفتين
فنقول العشق ل يحمد مطلقا ول يذم مطلقببا وإنمببا يحمببد ويببذم باعتبببار
متعلقه فإن الرادة تابعة لمرادها والحب تابع للمحبوب فمتى كان المحبببوب
مما يحب لذاته أو وسيلة توصله إلى مبا يحببب لببذاته لببم تبذم المبالغببة فببي
محبته بل تحمد وصلح حال المحب كذلك بحسب قببوة محبتببه ولهببذا كببان
أعظم صلح العبد أن يصرف قوى حبه كلها لله تعالى وحده بحيث يحب الله
بكل قلبه وروحه وجوارحه فيوحد محبوبه ويوحد حبه وسببيأتي إن شبباء اللببه
تعالى في باب توحيد المحبوب أن المحبة ل تصح إل بذلك فتوحيد المحبببوب
أن ل يتعدد محبوبه وتوحيد الحب أن ل يبقى في قلبه بقية حب حببتى يبببذلها
له فهذا الحب وإن سمي عشقا فهو غايببة صببلح العبببد ونعيمببه وقببرة عينببه
وليس لقلبه صلح ول نعيم إل بأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن تكون محبته لغير الله تابعة لمحبة الله فل يحب إل الله كما في الحديث
الصحيح ثلث من كن فيه وجبد بهبن حلوة اليمبان مبن كببان اللبه ورسببوله
أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء ل يحبه إل لله ومببن كببان يكببره
أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار فببأخبر
أن
العبد ل يجد حلوة اليمان إل بأن يكون اللببه أحببب إليببه ممببا سببواه ومحبببة
رسوله هي من محبته ومحبة المرء إن كانت لله فهببي مببن محبببة اللببه وإن
كانت لغير الله فهي منقصة لمحبة الله مضعفة لها وتصدق هذه المحبة بببأن
يكون كراهته لبغض الشياء إلى محبوبه وهو الكفببر بمنزلببة كراهتببه للقبائه
في النار أو أشد ول ريب أن هذا مبن أعظبم المحببة فبإن النسبان ل يقبدم
على محبة نفسه وحياته شيئا فإذا قدم محبة اليمان بالله على نفسه بحيث
لو خير بين الكفر وإلقائه في النار لختار أن يلقببى فبي النببار ول يكفبر كببان
الله أحب إليه من نفسه وهببذه المحببة هببي فبوق مبا يجبده سبائر العشباق
والمحبين من محبببة محبببوبهم بببل ل نظيببر لهببذه المحبببة كمببا ل مثببل لمببن
تعلقت به وهي محبببة تقتضببي تقببديم المحبببوب فيهببا علببى النفببس والمببال
والولد وتقتضي كمال اللذة والخضوع والتعظيم والجلل والطاعببة والنقيبباد
ظاهرا وباطنا وهذا ل نظير له في محبة مخلوق ولو كان المخلوق من كان
ولهذا من أشرك بين الله وبين غيره في هذه المحبببة الخاصببة كببان مشببركا
شركا ل يغفره الله كما قال الله تعالى ^ ومببن النبباس مببن يتخببذ مببن دون
الله أندادا يحبونهم كحب اللببه والببذين آمنببوا أشببد حبببا للببه ^ والصببحيح أن
معنى الية والذين آمنوا أشد حبا لله من أهل النداد لندادهم كما تقدم بيانه
أن محبة المؤمنين لربهم ل يماثلها محبة مخلوق أصل كما ل يماثل محبوبهم
غيره وكل آذى في محبة غيره فهو نعيم في محبته وكل مكببروه فببي محبببة
غيره فهو قرة عين في محبته ومن ضرب لمحبتببه المثببال الببتي هببي فببي
محبة المخلوق للمخلببوق كالوصببل والهجببر والتجنببي بل سبببب مببن المحببب
وأمثال ذلك مما يتعالى الله عنه علوا كبيرا فهو مخطئ أقبح الخطإوأفحشببه
وهو حقيق بالبعاد والمقت والفة إنما هي من
نفسه وقلة أدبه مع محبوبه والله تعالى نهببى أن يضببرب عببباده لببه المثببال
فهو ل يقاس بخلقه وما ابتدع من ابتببدع إل مببن ضببرب المثببال لببه سبببحانه
فأصحاب الكلم المحدث المبتدع ضربوا له المثال الباطلببة فببي الخبببر عنببه
وما يوصببف بببه وأصببحاب الرادة المنحرفببة ضببربوا لببه المثببال فببي الرادة
والطلب وكلهما على بدعة وخطإ والعشق إذا تعلق بما يحبه الله ورسوله
كان عشقا ممدوحا مثابا عليه وذلك أنواع أحدها محبببة القببرآن بحيببث يغنببي
بسماعه عن سماع غيره ويهيم قلبه في معانيه ومراد المتكلم سبببحانه منببه
وعلى قدر محبة اللببه تكببون محبببة كلمببه فمببن أحببب محبوبببا أحببب حببديثه
والحديث عنه كما قيل إن كنببت تزعببم حبببي %فلببم هجببرت كتببابي أمببا
تأملت ما فيه %من لذيذ خطابي وكذلك محبة ذكره سبحانه وتعببالى مببن
علمة محبته فإن المحب ل يشبع من ذكر محبوبه بل ل ينسبباه فيحتبباج إلببى
من يذكره به وكذلك يحب سماع أوصافه وأفعاله وأحكامه فعشق هببذا كلببه
من أنفع العشق وهو غاية سعادة العاشق وكذلك عشق العلم النافع وعشق
أوصاف الكمال من الكرم والجود والعفة والشجاعة والصبر ومكارم الخلق
فإن هذه الصفات لو صورت صورا لكانت من أجمل الصور وأبهاها ولو صور
العلم صورة لكانت أجمل مببن صببورة الشببمس والقمببر ولكببن عشببق هببذه
الصفات إنما يناسب النفس الشببريفة الزكيببة كمببا أن محبببة اللببه ورسببوله
وكلمه ودينه إنما تناسب الرواح العلوية السمائية الزكية ل الرواح الرضببية
الدنية فإذا أردت أن تعرف قيمة العبد وقببدره فببانظر إلببى محبببوبه ومببراده
واعلم أن العشق المحمود ل يعرض فيه شيىء من الفات المذكورة
بقي هاهنا قسم آخر وهو عشببق محمببود يببترتب عليببه مفارقببة المعشببوق
كمن يعشق امرأته أو أمته فيفارقها بموت أو غيره فيذهب المعشوق ويبقى
العشق كما هو فهذا نوع مببن البتلء إن صبببر صبباحبه واحتسببب نببال ثببواب
الصابرين وإن سخط وجببزع فبباته معشببوقه وثببوابه وإن قابببل هببذه البلببوى
بالرضا والتسببليم فببدرجته فببوق درجببة الصبببر وأعلببى مببن ذلببك أن يقابلهببا
بالشكر نظرا إلى حسن اختيار لله له فإنه ما يقضي الله للمببؤمن قضبباء إل
كان خيرا له فإذا علم أن هذا القضاء خير له اقتضى ذلببك شببكره للببه علببى
ذلك الخيببر الببذي قضبباه لببه وإن لببم يعلببم كببونه خيببر لببه فليسببلم للصببادق
المصدوق في خبره المؤكد باليمين حيث يقول والذي نفسي بيده ل يقضببي
الله للمؤمن من قضاء إل كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا لببه
وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلببك إل للمببؤمن وإيمببان العبببد
يأمره بأن يعتقد بأن ذلك القضبباء خيببر لببه وذلببك يقتضببي شببكر مببن قضبباه
وقدره وبالله التوفيق
الباب السابع عشر في استحباب تخير الصور الجميلة للوصببال الببذي يحبببه
الله
ورسوله قال الله تعالى تعالى عقيب ذكره ما أحل لعببباده مببن الزوجببات
والماء وما حرم عليهم يريد الله ليبين لكم ويهدكم سنن الببذين مببن قبلكببم
ويتوب عليكم والله عليبم حكيبم واللبه يريبد أن يتبوب عليكبم ويريبد البذين
يتبعون الشهوات أن تميلبوا ميل عظيمبا يريبد اللبه أن يخفبف عنكبم وخلبق
النسان ضعيفا أي ل يصبر عن النساء كما ذكر الثوري عن ابن طبباوس عببن
أبيه ^ وخلق النسان ضعيفا ^ قال إذا نظر إلى النسبباء لببم يصبببر وكببذلك
قال غير واحد من السلف ولما كانت الشهوة في هذا الببباب غالبببة ل بببد أن
توجب ما يوجب التوبة كببرر سبببحانه وتعببالى ذكببر التوبببة مرتيببن فببأخبر أن
متبعي الشهوات يريدون مببن عببباده أن يميلببوا ميل عظيمببا وأخبببر سبببحانه
وتعالى أنه يريد التخفيف عنا لضببعفنا فأببباح لنببا أن ننكببح مببا طبباب لنببا مببن
أطايب النساء أربعا وأن نتسرى من الماء بما شئنا ولما كان العبد له فببي
هذا الباب ثلثة أحوال حالة جهبل بمبا يحبل لبه ويحبرم عليبه وحالبة تقصبير
وتفريط وحالة ضعف وقلة صبر قابببل سبببحانه جهببل عبببده بالبيببان والهببدى
وتقصيره وتفريطه بالتوبة وضعفه وقلة صبره بالتخفيف
وقال عبدالله بن أحمد في كتاب الزهد لبيه حدثنا أبو معمر حببدثنا يوسببف
بن عطية عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسببول اللببه
جعلت قببرة عينببي فببي الصببلة وحبببب إلببي النسبباء والطيببب الجببائع يشبببع
والظمآن يروى وأنا ل أشبببع مببن حببب الصببلة والنسبباء وأصببله فببي صببحيح
مسلم بدون هذه الزيادة وفي صحيح مسلم من حديث عروة عببن عائشببة
رضي الله عنها قالت لما أصاب رسببول اللببه سبببايا بنببي المصببطلق وقعببت
جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار في السهم لثابت بن قيس بببن الشببماس
أو لبن عم له فكاتبت على نفسها وكانت امرأة جميلة حلوة ل يراها أحد إل
أخذت بنفسه فأتت رسول الله تستعينه على كتابتها قالت فوالله مببا هببو إل
أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها وعلمت أن رسببول اللببه يببرى منهببا مببا
رأيت فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قببومه
وقد أصابني من البلء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيببس
بن الشماس أو لبن عم له فجئت رسول الله أستعينه قال فهل لك في غير
ذلك قالت وما هو
قال أقضي كتابتك وأتزوجك قالت نعم يا رسول الله قد فعلت وخرج الخبببر
إلى الناس أن رسول الله تزوج جويرية بنببت الحببارث فقببال النبباس أصببهار
رسول الله فأرسلوا ما بأيديهم قالت فلقببد أعتببق بببتزويجه إياهببا مببائة أهببل
بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها
وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما خرج سهمي يوم جلولء جاريببة كببأن
عنقها إبريق فضة فما ملكت نفس أن قمت إليها فقبلتها وفببي الصببحيحين
من حديث أنس رضي الله عنه قال قدم رسببول اللببه خيبببر فلمببا فتببح اللببه
عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي وقد قتل زوجهببا وكببانت عروسببا
فاصطفاها رسول الله لنفسه فخرج بها حتى بلغا سد الروحاء فبنى بهببا ثببم
صنع حيسا في نطع صغير ثم قال رسول اللببه آذن مبن حولببك فكببانت تلببك
وليمة رسول الله على صفية ثببم خرجنببا إلببى المدينببة فرأيببت رسببول اللببه
يحوى لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته
فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب وعنببد أبببي داود فببي هببذه القصبة
قال وقع في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله بسبعة أرؤس ثم
دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها وتعتد في بيتها وهببي صببفية بنببت حيببي
وقال أبو عبيدة حج عبدالملك بن مببروان ومعببه خالببد بببن يزيببد بببن معاويببة
وكان خالببد هببذا مبن رجببالت قريببش المعببدودين وكببان عظيببم القببدر عنببد
عبدالملك فبينما هو يطببوف بببالبيت إذ بصببر برملببة بنببت الزبيببر بببن العببوام
فعشبقها عشبقا شبديدا ووقعبت بقلببه وقوعبا متمكنبا فلمبا أراد عببدالملك
القفول هم خالد بالتخلف عنه فوقع بقلب عبدالملك تهمة فبعث إليه فسببأله
عن أمره فقال يا أميببر المببؤمنين رملببة بنببت الزبيببر رأيتهببا تطببوف بببالبيت
فأذهلت عقلي والله ما أبديت إليك ما بي حببتى عيببل صبببري ولقببد عرضبت
النوم على عيني فلم تقبله والسلو على قلبي فامتنع عنه فأطببال عبببدالملك
التعجب من ذلك وقال ما كنت أقببول إن الهببوى يستأسببر مثلببك قببال فببإني
لشد تعجبا من تعجبببك منببي ولقببد كنببت أقببول إن الهببوى ل يتمكببن إل مببن
صنفين من الناس الشببعراء والعببراب أمببا الشببعراء فببإنهم ألزمببوا قلببوبهم
الفكر في النسبباء ووصببفهن والتغببزل فمببال طبعهببم إلببى النسبباء فضببعفت
قلوبهم عن دفع الهوى فاستسلموا إليه منقادين وأما العببراب فببإن أحببدهم
يخلو بببامرأته فل يكببون الغببالب عليببه غيببر حبببه لهببا ول يشببغله عنببه شببيء
فضعفوا عن دفع الهوى فتمكببن منهببم فمببا رأيببت نظببرة حبالت بينببي وبيببن
الحزم وحسنت عندي ركوب الثم مثل نظرتي هذه فتبسم عبدالملك فقببال
أفكل هذا قد بلغ بك فقال والله ما عرتني هذه البلية قبل وقتي
هذا فوجه عبدالملك إلى الزبير يخطببب رملببة علببى خالببد فببذكروا لهببا ذلببك
فقالت ل والله أو يطلق نساءه فطلق امرأتين كانتببا عنببده وظعببن بهببا إلببى
الشام وكان يقول أليس يزيد الشوق في كل ليلببة %وفببي كببل يببوم مببن
حبيبتنا قربا خليلي ما من سبباعة تببذكرانها %مببن الببدهر إل فرجببت عنببي
الكربا أحب بني العوام طببرا لحبهببا %ومببن أجلهببا أحببببت أخوالهببا كلبببا
تجببول خلخيببل النسبباء ول أرى %لرملببة خلخببال يجببول ول قلبببا وذكببر
الخرائطي أن بشر بن مروان كان إذا ضرب البعث على أحد مببن جنببده ثببم
وجده قد أخل بمركزه أقامه على كرسي ثم سمر يديه في الحائط ثم انتزع
الكرسي من تحت رجليه فل يزال يتشحط حبتى يمبوت وأنببه ضبرب البعبث
على رجل عاشق حديث عهد بعرس ابنة عمه فلما صببار فببي مركببزه كتببب
إلى ابنة عمه كتابا ثم كتب في أسفله لول مخافة بشببر أو عقببوبته %وأن
يرى بعد ذا في الكف مسمار إذا لعطلت ثغببري ثببم زرتكببم %إن المحببب
إذا ما اشتاق زوار فلما ورد عليها الكتاب أجابته عنه ثم كتبت في أسفله
ليس المحب الذي يخشى العقاب ولو %كانت عقوبته فببي فجببوة النببار
بل المحب الذي ل شيء يفزعه %أو يستقر ومببن يهببواه فببي الببدار فلمببا
قرأ الكتاب قال ل خير في الحياة بعد هذا وأقبببل حببتى دخببل المدينببة فببأتى
بشر بن مروان في وقت غدائه فلما فرغ مبن غبدائه أدخبل عليبه فقبال مبا
الذي دعاك إلى تعطيل ثغرك أما سببمعت النببداء فقببال اسببمع عببذري فإمببا
عفوت وإما عاقبت فقال ويلك وهل لك من عذر فقببص عليببه قصبته وقصبة
ابنة عمه فقال أولى لكما يا غلم خط على اسمه من البعث وأعطه عشببرة
آلف درهم والحبق بابنبة عمبك سبهرت ومبن أهبدى لبي الشبوق نبائم %
وعذب قلبي بالهوى وهو سالم فواحسرتا حتى متى أنا قائل %لمن لمني
في حبكم أنت ظالم وحتى متى أخفي الهوى وأسره %وأدفن شوقي في
الحشا وأكاتم أريد الذي قد سركم بمساءتي %ليغفل واش أو ليعببذر لئم
وقال آخر بي ل بها ما أقاسي من تجنيا %ومن جوى الحب في الحشاء
أفديها والله يعلم أني ل أسر بأن %تلقى من الوجد ما لقيته فيها خوف
البكاء كما أبكي فتتركني %أبكي على كبدي طورا وأبكيهبا وقبال العبباس
بن هشام الكلبي ضرب عبدالملك بن مروان بعثا إلى اليمن فأقبباموا سببنين
حتى إذا كان ذات ليلة وهو بدمشق قال والله لعسن الليلببة مدينببة دمشببق
ولسمعن الناس ماذا يقولون في البعث الذي أغزيت فيه
وقال جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير قال كان عمببر
ابن الخطاب رضي الله عنه إذا أمسى أخذ درته ثم طاف بالمدينة فببإذا رأى
شيئا ينكره أنكره فبينما هو ذات ليلة يعس إذ مر ببامرأة علبى سبطح وهبي
تقبول تطبباول هبذا الليببل واخضببل جبانبه %وأرقنببي أن ل خليببل ألعبببه
فوالله لول الله ل رب غيره %لحرك من هذا السرير جوانبه مخافببة ربببي
والحياء يصدني %وأكرم بعلي أن تنال مراكبه ثم تنفست الصعداء وقالت
لهان على عمر بن الخطاب ما لقيت الليلة فضببرب ببباب الببدار فقببالت مببن
هذا الذي يأتي إلى امرأة مغيبة هذه الساعة فقال افتحببي فببأبت فلمببا أكببثر
عليها قالت أما والله لو بلغ أميببر المببؤمنين لعاقبببك فلمببا رأى عفافهببا قببال
افتحي فأنا أمير المؤمنين قببالت كببذبت مببا أنببت أميببر المببؤمنين فرفببع بهببا
صوته وجهر لها فعرفت أنه هو ففتحت لببه فقببال هيببه كيببف قلببت فأعببادت
عليه ما قالت فقال أين زوجك قالت في بعث كببذا وكببذا فبعببث إلببى عامببل
ذلك الجند أن سرح فلن بن فلن فلما قدم عليه قال اذهب إلببى أهلببك ثببم
دخل على حفصة ابنته فقال أي بنية كم تصبر المرأة عن زوجها قالت شهرا
واثنين وثلثة وفي الرابع ينفد الصبر فجعببل ذلببك أجل للبعببث وهببذا مطببابق
لجعل الله سبحانه وتعالى
مدة اليلء أربعة أشهر فإنه سبحانه وتعالى علم أن صبر المرأة يضعف بعببد
الربعة ول تحتمل قببوة صبببرها أكببثر مببن هببذه المببدة فجعلهببا أجل للمببولي
وخيرها بعد الربعة إن شاءت أقامت معه وإن شبباءت فسببخت نكبباحه فببإذا
مضت الربعة أشهر عيل صبرها قببال الشبباعر ولمببا دعببوت الصبببر بعببدك
والبكا %أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر
الباب الثامن عشر في أن دواء المحبين في كمال الوصال الذي أباحه رب
العالمين قد جعل الله سبحانه وتعالى لكببل داء دواء ويسببر الوصببال إلببى
ذلك الدواء شرعا وقدرا فمن أراد التداوي بما شرعه الله له واستعان عليببه
بالقدر وأتى المر من بابه صادف الشفاء ومن طلب الببدواء بمببا منعببه منببه
شرعا وإن امتحنه به قدرا فقد أخطأ طريق المداواة وكببان كالمتببداوي مببن
داء بداء أعظم منه وقد تقببدم حببديث طبباوس عببن ابببن عببباس رضببي اللببه
عنهما عن النبي أنه قال لم ير للمتحابين مثل النكاح وقببد اتفببق رأي العقلء
من الطببباء وغيرهببم فببي مواضببع الدويببة أن شببفاء هببذا الببداء فببي التقبباء
الروحين والتصاق البببدنين وقببد روى مسببلم فببي صببحيحه مببن حببديث أبببي
الزبير عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله رأى امرأة فأتى زينب فقضى
حاجته منها وقببال إن المببرأة تقبببل فببي صببورة شببيطان وتببدبر فببي صببورة
شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهلببه فببإن ذلببك يببرد مببا فببي
نفسه وذكر إسماعيل بن عياش عن شببرحبيل بببن مسببلم عببن أبببي مسببلم
الخولني رحمه الله أنه كان يقول يا معشر خولن زوجبوا شببابكم وإمباءكم
فإن الغلمة أمر عارم فأعدوا عدتها واعلموا أنه ليببس لمنعببظ إذن يريببد أنببه
إذا
استأذن عليه فل إذن له وذكر العتبي أن رجل من ولد عثمان ورجل من ولببد
الحسين خرجا يريدان موضعا لهما فنزل تحت سببرحة فأخببذ أحببدهما فكتببب
عليها خبرينا خصصت بببالغيث يببا سببر %ح بصببدق والصببدق فيببه شببفاء
وكتب الخر هل يموت المحببب مببن ألببم الحبببب %ويشببفى مببن الحبببيب
اللقاء ثم مضيا فلما رجعا وجدا مكتوبا تحت ذلك إن جهل سؤالك السرح
عما %ليس يوما عليك فيه خفبباء ليببس للعاشببق المحببب مببن الحبببب %
سببوى لببذة اللقبباء شببفاء وقببال أبببو جعفببر العببذري لسببكر الهببوى أروى
لعظمي ومفصلي %إذا سكر الندمان من لببذة الخمببر وأحسببن مببن قببرع
المثاني ونقرها %تراجيببع صبوت الثغببر يقببرع بببالثغر ولمببا دعببوت الصبببر
بعدك والبكا %أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر وقال عبدالله بببن صببالح
كان الليث بن سعد إذا أراد الجماع خل في منزل في داره ودعا بثوب يقببال
له الهركان وكان يلبسه إذ ذاك وكان إذا خل في ذلك المنزل علببم أنببه يريببد
أمرا وكان إذا غشي أهله قال اللهم شد لي أصله
وارفع لي صدره وسهل علي مدخله ومخرجه وارزقني لذته وهب لببي ذريببة
صالحة تقاتل في سبيلك قال وكان جهوريا فكان يسمع ذلك منه رضي اللببه
عنه وقال الخرائطي حدثنا عمبارة ببن وثيمبة قبال حبدثني أببي قبال كبان
عبدالله بن ربيعة من خيار قريش صلحا وعفة وكان ذكره ل يرقد فلم يكببن
يشهد لقريش خيرا ول شرا وكان يتزوج المرأة فل تمكث معه إل أياما حببتى
تهرب إلى أهلها فقالت زينب بنت عمر بن أبي سلمة مالهن يهربن من ابببن
عمهن قيل لها إنهن ل يطقنببه قببالت فمببا يمنعببه منببي فأنببا واللببه العظيمببة
الخلق الكبيرة العجز الفخمة الفرج قال فتزوجها فصبرت عليببه وولببدت لببه
ستة من الولد وقال رشيد بن سببعد عببن زهببرة ببن معبببد عببن محمببد بببن
المنكدر أنه كان يدعو في صلته اللهم قوي لي ذكري فإن فيه صلحا لهلي
وقال حماد بن زيد عن هشام بن حسان عببن محمببد بببن سببيرين قببال كببان
لنس بن مالك غلم وكان شيخا كبيرا فرافعتببه امرأتبه إلببى أنببس وقببالت ل
أطيقه ففرض له عليها ستة في اليوم والليلة وقال علي بن عاصببم حببدثنا
خالد الحذاء قال لما خلق الله آدم وخلق حببواء قببال لببه يببا آدم اسببكن إلببى
زوجك فقالت لببه حببواء يببا آدم مببا أطيببب هببذا زدنببا منببه وفببي الصببحيح أن
سليمان بن داود عليهما السلم طاف في ليلببة واحببدة علببى تسببعين امببرأة
وفي الصحيحين أن رسول الله كان يطوف علببى نسببائه فببي الليلةالواحببدة
وهن تسع نسوة وربما كان يطوف عليهن بغسببل واحببد وربمببا كببان يغتسببل
عند كل واحدة منهن وقال المروذي قال أبو عبدالله يعني أحمد بببن حنبببل
ليس العزوبة
من أمر السلم في شيء النبي تزوج أربع عشرة ومات عن تسع ولو تزوج
بشر بن الحارث لتم أمره ولو ترك الناس النكبباح لببم يكببن غببزو ول حببج ول
كذا ول كذا وقد كان النبي يصبح وما عنببدهم شببيء ومببات عببن تسببع وكببان
يختار النكاح ويحث عليه ونهى عن التبتل فمبن رغبب عببن سبنة النبببي فهبو
على غير الحق ويعقوب في حزنه قد تزوج وولد له والنبببي قببال حبببب إلببي
النساء قلت له فإن إبراهيم بن أدهببم يحكببى عنببه أنببه قببال لروعببة صبباحب
العيال فما قدرت أن أتم الحبديث حبتى صباح ببي وقبال وقعبت فبي بنيبات
الطريق أنظر ما كان عليه محمد وأصحابه ثم قال بكاء الصبي بين يدي أبيه
يطلب منه الخبز أفضل من كذا وكذا أين يلحق المتعبد العزب انتهى كلمه
وقد اختلف الفقهاء هل يجب على البزوج مجامعبة امرأتبه فقبالت طائفبة ل
يجب عليه ذلك فإنه حق له فإن شاء اسببتوفاه وإن شبباء تركببه بمنزلببة مببن
اسببتأجر دارا إن شبباء سببكنها وإن شبباء تركهببا وهببذا مببن أضببعف القببوال
والقرآن والسنة والعرف والقياس يرده أما القرآن فإن الله سبحانه وتعببالى
قال ^ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ^ فأخبر أن للمرأة من الحق مثل
الذي عليها فإذا كان الجماع حقا للببزوج عليهببا فهببو حببق علببى الببزوج بنببص
القرآن وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر الزواج أن
جماع النهار على جماع الليل ولسبب آخر طبيعي وهو أن الليببل وقببت تبببرد
فيه الحواس وتطلب حظها من السكون والنهار محل انتشار الحركببات كمببا
قال الله تعالى ^ وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار
نشورا ^ وقال الله تعالى ^ هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ^ وتمام
النعمة في ذلك فرحة المحب برضاء ربه تعالى بذلك واحتسبباب هببذه اللببذة
عنده ورجاء تثقيل ميزانه ولذلك كان أحببب شببيء إلببى الشببيطان أن يفببرق
بين الرجل وبين حبيبه ليتوصل إلى تعويض كل منهمببا عببن صبباحبه بببالحرام
كما في السنن عنه أبغض الحلل إلى الله تعالى الطلق وفي صحيح مسببلم
من حديث جابر رضي الله عنببه عببن النبببي إن إبليببس ينصببب عرشببه علببى
الماء ثم يبث سراياه في الناس فأقربهم منه منزلببة أعظمهببم فتنببة فيقببول
أحدهم ما زلت به حتى زنى فيقول يتببوب فيقببول الخببر مببا زلببت بببه حببتى
فرقت بينه وبين أهله فيدنيه ويلتزمه ويقول نعم أنت نعم أنت فهذا الوصببال
لما كان أحب شيء إلى الله ورسوله كان أبغض شيء إلببى عببدو اللببه فهببو
يسعى في التفريق بين المتحابين في الله المحبببة الببتي يحبهببا اللببه ويؤلبف
بين الثنين في المحبة التي يبغضها الله ويسخطها وأكثر العشاق مببن جنببده
وعسكره ويرتقي بهم الحال حتى
يصير هو من جندهم وعسكرهم يقود لهم ويزين لهم الفواحش ويؤلف بينهم
عليها كما قيل عجبت من إبليس في نخوته %وقبح ما أظهر من سببيرته
تاه على آدم في سجدة %وصار قوادا لبذريته وقبد أرشبد النببي الشبباب
الذين هم مظنة العشق إلى أنفع أدويتهم ففي الصببحيحين مببن حببديث ابببن
مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله يا معشر الشباب مببن اسببتطاع
منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وفي لفظ آخر ذكببره
أبو عبيد حدثنا أبو معاوية عن العمش عن إبراهيم عن علقمة عببن عبببدالله
رضي الله عنه عن النبي عليكم بالباءة وذكر الحببديث وبيببن اللفظيببن فببرق
فإن الول يقتضي أمر العزب بالتزويج والثاني يقتضي أمببر المببتزوج بالببباءة
والباءة اسم من أسماء الببوطء وقببوله مببن اسببتطاع منكببم الببباءة فليببتزوج
فسرت الببباءة ببالوطء وفسببرت بمبؤن النكبباح ول ينبافي التفسببير الول إذ
المعنى على هذا مؤن الباءة ثم قال ومن لم يستطع فعليه بالصوم فببإنه لببه
وجاء فأرشدهم إلى الدواء الشافي الذي وضع لهذا المر ثم نقلهم عنه عنببد
العجز إلى البدل وهو الصوم فإنه يكسر شهوة النفس ويضيق عليها مجبباري
الشهوة فإن هذه الشهوة تقوى بكثرة الغذاء وكيفيته فكمية الغببذاء وكيفيتببه
يزيدان في توليدها والصوم يضيق عليهببا ذلببك فيصببير بمنزلببة وجبباء الفحببل
وقل من أدمن الصوم إل وماتت شهوته أو ضعفت
جدا والصوم المشببروع يعببدلها واعتببدالها حسببنة بيببن سببيئتين ووسببط بيببن
طرفين مذمومين وهما العنة والغلمة الشديدة المفرطة وكلهما خببارج عببن
العتببدال وكل طرفببي قصببد المببور ذميببم وخيببر المببور أوسبباطها والخلق
الفاضلة كلها وسط بيببن طرفببي إفببراط وتفريببط وكببذلك الببدين المسببتقيم
وسط بين انحرافين وكذلك السنة وسط بين بببدعتين وكببذلك الصببواب فببي
مسائل النزاع إذا شببئت أن تحظببى بببه فهببو القببول الوسببط بيببن الطرفيببن
المتباعدين وليس هذا موضع تفصيل هذه الجملة فإنببا لببم نقصببد لببه وبببالله
التوفيق
الباب التاسع عشر في ذكر فضيلة الجمببال وميببل النفببوس إليببه علببى كببل
حال
إعلبم أن الجمبال ينقسبم قسبمين ظباهر وبباطن فالجمبال البباطن هبو
المحبوب لذاته وهو جمال العلببم والعقببل والجببود والعفببة والشببجاعة وهببذا
الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته كما في الحببديث
الصحيح إن الله ل ينظر إلببى صببوركم وأمببوالكم ولكببن ينظببر إلببى قلببوبكم
وأعمالكم وهذا الجمال الببباطن يزيببن الصببورة الظبباهرة وإن لببم تكببن ذات
جمال فتكسوا صاحبها مببن الجمببال والمهابببة والحلوة بحسببب مببا اكتسببت
روحه من تلك الصبفات فببإن المبؤمن يعطببى مهاببة وحلوة بحسببب إيمبانه
فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وهذا أمر مشهود بالعيان فإنك تببرى الرجببل
الصالح المحسن ذا الخلق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كببان أسببود
أو غيببر جميببل ول سببيما إذا رزق حظببا مببن صببلة الليببل فإنهببا تنببور الببوجه
وتحسنه وقد كان بعض النساء تكثر صلة الليل فقل لها فببي ذلببك فقببالت
إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسببن وجهببي وممببا يببدل علببى أن الجمببال
الباطن أحسن من الظاهر أن القلوب ل تنفببك عببن تعظيببم صبباحبه ومحبتببه
والميل إليه فصل وأما الجمال الظاهر فزينة خببص اللببه بهببا بعببض الصببور
عن بعض وهي من
زيادة الخلق التي قال الله تعالى فيها ^ يزيد في الخلق مببا يشبباء ^ قببالوا
هو الصوت الحسن والصورة الحسنة والقلوب كالمطبوعة على محبتببه كمببا
هي مفطورة على استحسانه وقد ثبت في الصحيح عنه أنببه قببال ل يببدخل
الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قالوا يا رسول الله الرجل يحببب
أن تكون نعله حسنة وثوبه حسنا أفذلك مببن الكبببر فقببال ل إن اللببه جميببل
يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس فبطر الحق جحببده ودفعببه بعببد
معرفته وغمط الناس النظر إليهم بعين الزدراء والحتقار والستصببغار لهببم
ول بأس بهذا إذا كان لله وعلمته أن يكون لنفسببه أشببد ازدراء واستصببغارا
منه لهم فأما إن احتقرهم لعظمة نفسببه عنببده فهببو الببذي ل يببدخل صبباحبه
الجنة فصل وكما أن الجمال الباطن من أعظم نعم الله تعالى علببى عبببده
فالجمال الظاهر نعمة منه أيضا على عبده يوجب شكرا فإن شببكره بتقببواه
وصيانته ازداد جمال على جماله وإن اسبتعمل جمباله فببي معاصببيه سبببحانه
قلبه له شيئا ظاهرا في الدنيا قبل الخرة فتعود تلك المحاسن وحشة وقبحا
وشينا وينفر عنه من رآه فكل من لم يتق الله عز وجل فببي حسببنه وجمبباله
انقلب قبحا وشينا يشينه به بيبن النباس فحسبن البباطن يعلبو قببح الظباهر
ويستره وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره يا حسن الوجه توق الخنا
%ل تبدلن الزين بالشين
ويا قبيح الوجه كن محسنا %ل تجمعن بيببن قبببيحين وكببان النبببي يببدعو
الناس إلى جمال الباطن بجمال الظاهر كما قببال جريببر بببن عبببدالله وكببان
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسببميه يوسببف هببذه المببة قببال قببال لببي
رسول الله أنت امببرء قببد حسببن اللببه خلقببك فأحسببن خلقببك وقببال بعببض
الحكماء ينبغي للعبد أن ينظر كل يوم في المرآة فإن رأى صورته حسنة لم
يشنها بقبيح فعله وإن رآها قبيحة لم يجمع بين قبببح الصببورة وقبببح الفعببل
ولما كان الجمال من حيث هو محبوبا للنفوس معظما في القلوب لم يبعببث
الله نبيا إل جميل الصورة حسن الوجه كريم الحسب حسن الصوت كذا قال
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وكان النبي أجمل خلق اللببه وأحسببنهم
وجها كما قال البراء بن عازب رضي الله عنه وقد سببئل أكببان وجببه رسببول
الله مثل السيف قال ل بل مثل القمر وفي صفته كأن الشمس تجري في
وجهه يقول واصفه لم أر قبله ول بعده مثله وقببال ربيعببة الجرشببي قسببم
الحسن نصفين فبين سارة ويوسف نصف الحسن ونصف الحسن بين سائر
الناس وفي الصحيح عنه أنه رأى يوسببف ليلببة السببراء وقببد أعطببي شببطر
الحسن وكان رسول الله يستحب أن يكون الرسول الذي يرسل إليه حسببن
الوجه حسن
السم وكان يقول إذا أبردتم إلي بريدا فليكن حسببن الببوجه حسببن السببم
وقد روى الخرائطي من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس
رضي الله عنهما يرفعه من آتاه الله وجها حسنا واسما حسببنا وخلقببا حسببنا
وجعله في موضع غير شائن له فهو من صفوة اللببه مببن خلقببه وقببال وهببب
قال داود يا رب أي عبادك أحب إليك قال مببؤمن حسببن الصببورة قببال فببأي
عبادك أبغض إليك قال كافر قبيح الصورة ويببذكر عببن عائشببة رضببي اللببه
عنها أن رسول الله كان ينتظره نفر من أصببحابه علببى الببباب فجعببل ينظببر
في الماء ويسوي شعره ولحيته ثم خرج إليهم فقلت يببا رسببول اللببه وأنببت
تفعل هذا قال نعم إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيىء من نفسه فببإن اللببه
جميل يحب الجمال وقال يحيى بن أبي كثير دخل رجل على معاويببة غمصببا
يعني رمص العينين فحط من عطببائه فقببال مببا يمنببع أحببدكم إذا خببرج مببن
منزله أن يتعاهد أديم وجهه وكانت عائشة بنت طلحة من أجمل أهل زمانهببا
أو أجملهم فقال أنس بن مالك والله ما رأيت أحسن منببك إل معاويببة علببى
منبر رسول الله فقالت والله لنا أحسن مببن النببار فببي عيببن المقببرور فببي
الليلة القارة
ودخل عليها أنس يوما في حاجة فقال إن القوم يريدون أن يببدخلو اعليببك
فينظروا إلى جمالك قالت أفل قلت ليس فألبس ثيابي وكببان مصببعب بببن
الزبير من أجمل الناس وكان يحسد الناس علببى الجمببال فبينببا هببو يخطببب
يوما إذ دخل ابن جودان من ناحية الزد وكان جميل فأعرض بوجهه عن تلببك
الناحية إلى ناحية أخبرى فبدخل اببن حمبران مبن تلبك الناحيبة وكبان جميل
فرمى ببصره إلى مؤخر المسجد فدخل الحسن البصببري وكببان مببن أجمببل
الناس فنزل مصعب عن المنبر وخرج نسوة يوم العيد ينظرون إلى الناس
فقيل لهن من أحسن من مببر بكببن قلببن شببيخ عليببه عمامببة سببوداء يعنيببن
الحسن البصري وأخذ مصعب ابببن الزبيببر رجل مببن أصببحاب المختببار فببأمر
بضرب عنقه فقال الرجل أيها المير ما أقبح من أن أقوم يببوم القيامببة إلببى
صورتك هذه الحسنة ووجهك هذا الذي يستضاء به فأتعلق بأطرافببك وأقببول
يا رب سل مصعبا فيم قتلني فقال مصعب أطلقوه فقال الرجل أيهببا الميببر
اجعل ما وهبت لي من حياتي في خفض فقببال مصببعب أعطببوه مببائة ألببف
درهم فقال إني أشهد الله أن لعبدالرحمن بببن قيببس الرقيببات نصببفها قببال
مصعب ولم ذلك قال لقوله إنما مصعب شهاب مببن الببل %ه تجلببت عببن
وجهه الظلمبباء فضببحك مصببعب وقببال إن فيببك لموضببعا للصببنيعة وأمببره
بلزومه وقال الزبير بن بكار حدثنا مصعب الزبيري حببدثنا عبببدالرحمن بببن
أبي الحسن قال خرج أبببو حببازم يرمببي الجمببار ومعببه قببوم متعبببدون وهببو
يكلمهم
ويحدثهم ويقص عليهم فبينما هو يمشي وهم معه إذ نظر إلى فتاة مسببتترة
بخمارها ترمي الناس بطرفها يمنة ويسرة وقد شغلت الناس وهم ينظببرون
إليها مبهوتين وقد خبط بعضهم بعضا في الطريق فرآها أبببو حببازم فقببال يببا
هذه اتقي الله فإنك في مشعر من مشاعر اللببه عظيببم وقببد فتنببت النبباس
فاضربي بخمارك على جيبك فإن الله عز وجل يقول ^ وليضببربن بخمرهببن
على جيوبهن ^ فأقبلت تضحك من كلمه وقالت إنببي واللببه مببن اللء لببم
يحججن يبغين حسبة %ولكن ليقتلن البريء المغفل فاقبل أبو حازم علببى
أصحابه وقبال تعببالوا نبدعو اللببه أن ل يعببذب هببذه الصبورة الحسبناء بالنببار
فجعل يدعو وأصببحابه يؤمنببون وقببال ضببمرة بببن ربيعببة عببن عبببدالله بببن
شوذب دخلت امرأة جميلة على الحسن البصري فقالت يا أببا سبعيد ينبغبي
للرجال أن يتزوجوا على النساء قال نعم قالت وعلى مثلي ثم أسفرت عببن
وجه لم ير مثله حسنا وقالت يا أبا سعيد ل تفتوا الرجال بهذا ثم ولت فقببال
الحسن ما على رجل كانت هذه في زاوية بيته ما فاته من الدنيا
وقال عبدالملك بن قريب كنببت فببي بعببض ميبباه العببرب فسببمعت النبباس
يقولون قد جاءت قد جبباءت فتحببول النبباس فقمببت معهببم فببإذا جاريببة قببد
وردت الماء ما رأيت مثلها قط فببي حسببن وجههببا وتمببام خلقهببا فلمببا رأت
تشوف الناس إليها أرسلت برقعها فكببأنه غمامببة غطببت شمسببا فقلببت لببم
تمنعيننا النظر إلى وجهك هذا الحسن فأنشأت تقول وكنببت مببتى أرسببلت
طرفك رائدا %لقلبك يوما أتعبتك المناظر رأيت الذي ل كله أنت قببادر %
عليه ول عن بعضه أنت صابر ونظر إليها أعرابي فقال أنا واللببه ممببن قببل
صبره ثم قال أوحشية العينين أين لك الهببل %أبببالحزن حلببوا أم محلهببم
السهل وأية أرض أخرجتك فإنني %أراك من الفردوس إن فتش الصل
قفي خبرينا ما طعمت وما الذي %شربت ومببن أيببن اسببتقل بببك الرحببل
لن علمات الجنببان مبينببة %عليببك وإن الشببكل يشبببهه الشببكل تنبباهيت
حسنا في النساء فإن يكن %لبدر الدجى نسل فأنت له نسل وقال آخببر
يا منسي المحزون أحزانه %لما أتته في المعزينببا إسببتقبلتهن بتمثالهببا %
فقمن يضحكن ويبكينا
حق لهذا الوجه أن يزدهي %عببن حزنببه مببن كببان محزونببا وقببال آخببر
أنيري مكان البدر إن أفل البدر %وقومي مقام الشمس ما استأخر الفجببر
ففيك من الشمس المنيببرة ضببوؤها %وليببس لهببا منببك التبسببم والثغببر
وقال آخر رقادي يا طرفي عليك حببرام %فخببل دموعببا فيضببهن سببجام
ففي الدمع إطفاء لنار صبابة %لها بيببن أحنبباء الضببلوع ضببرام ويببا كبببدي
الحرى التي قد تصدع %ت من الوجد ذوبي ما عليببك ملم ويببا وجببه مببن
ذلت وجوه أعزة %له وزهى عزا فليس يببرام أجببر مسببتجيرا فببي الهببوى
باسطا %إليك يديه والعيون نيام وذكر الخرائطي عن بعض العلويين قببال
بينا أنا عند الحسن بن هانىء وهو ينشد ويلي على سببود العيببون %النهببد
الضمر البطون الناطقات عن الضببمي %ر لنببا بألسببنة الجفببون فوقببف
عليه أعرابي ومعه بنيه فقال أعد علي فأعاد عليه فقال يببا ابببن أخببي ويلببك
أنت وحدك من هذا ويلي أنا وأنت وويل ابني هذا وويل هذه الجماعببة وويببل
جيراننا كلهم
وقال الخرائطي حدثنا يموت بن المزرع حدثنا محمد بن حميد حدثنا محمد
بن سلمة قال حدثني أبي قال أتيت عبدالعزيز بن المطلب أسأله عببن بيعببة
الجن للنبي بمسجد الحزاب ما كببان بببدؤها فوجببدته مسببتلقيا يتغنببى فمببا
روصة بالحزن طيبة الببثرى %يمببج النببدى جثجاثهببا وعرارهببا بببأطيب مببن
أردان عزة موهنببا %وقببد أوقببدت بالمنببدل الرطببب نارهببا مببن الخفببرات
البيض لم تلق شقوة %وبالحسب المكنون صاف نجارها فإن برزت كانت
لعينيك قرة %وإن غبت عنها لم يعمك عارها فقلت له أتغني أصلحك الله
وأنت في جللك وشرفك فقال أما والله لحملنها ركبان نجد قال فببوالله مببا
اكترث بي وعاد يتغنى فما ظبيبة أدمباء خفاقبة الحشبا %تجبوب بظلفيهبا
متون الخمائل بأحسن منها إذ تقول تدلل %وأدمعها تذرين حشو المكاحل
تمتع بذا اليوم القصير فإنه %رهين بأيام الصدود الطبباول قببال فنببدمت
على قولي وقلت له أصلحك الله أتحدثني في هذا بشيء قببال نعببم حببدثني
أبي قال دخلت على سالم بن عبدالله ببن عمبر رضبي اللبه عنهبم وأشبعب
يغنيه
مغيرية كالبدر سنة وجهها %مطهرة الثواب والعببرض وافببر لهببا حسببب
زاك وعرض مهذب %وعببن كببل مكببروه مببن المببر زاجببر مببن الخفببرات
البيض لم تلق ريبة %ولم يستملها عن تقى اللببه شبباعر فقببال لببه سببالم
زدني فغناه ألمت بنا والليل داج كأنه %جناح غراب عنه قد نفض القطببرا
فقلت أعطار ثوى في رحالنا %وما احتملببت ليلببى سببوى طيبهببا عطببرا
فقال له سالم والله لول أن تتداوله الرواة لجزلت جائزتببك فإنببك مببن هببذا
المر بمكان قال الخرائطي حدثنا العباس بببن الفضببل عببن بعببض أصببحابه
قال حججت سنة مببن السببنين فببإني لبالربببذة إذ وقفببت علينببا جاريببة علببى
وجهها برقع فقالت يا معشر الحجيج نفببر مببن هببذيل ذهببب بنعمهببم السببيل
وقعدت بهم اليام ما بهم نجعة فمن يراقب فيهم الدار الخرة ويعببرف لهببم
حق الخوة جزاه الله خيرا قال فرضخنا لها فقلببت لهببا هببل قلببت فببي ذلببك
شببيئا فأنشببأت تقببول كببف الزمببان توسببدتنا عنببوة %شببلت أناملهببا عببن
العراب قوم إذا حل العفاة ببابهم %ألفوا نببوافلهم بغيببر حسبباب فقلنببا
لها لو أمتعتينا بالنظر إلى وجهك فكشفت البرقع عن وجه ل واللببه ل تهتببدي
العقول لوصفه فلما رأتنا قد بهتنا لحسنها أنشأت تقول
الدهر أبدى صفحة قد صانها %أبواي قبل تمرس اليام فتمتعوا بعيونكم
في حسنها %وانهوا جوارحكم عن الثببام ثببم انصببرفت وكببان محمببد بببن
حميد الطوسي يهوى جارية فأرسببل إليهببا مببرة أترجببة فبكببت بكبباء شببديدا
فقيل لها يوجه إليك من تحبينه بهدية فتبكين هببذا البكبباء فغنببت أهببدى لببه
أحبابه أترجة %فبكى وأشفق من عيافة زاجر خاف التلون والفببراق لنهببا
%لونان باطنها خلف الظاهر فلما جاءه الرسول أخبره عنهببا بمببا أغبباظه
فكتب إليها ضببيعت عهببد فببتى لغيبببك حببافظ %فببي حفظببه عجببب وفببي
تضييعك وصددت عنه وماله من حيلبة %إل الوقبوف إلبى أوان رجوعبك
إن تقتليه وتذهبي بحياته %فبحسن وجهك ل بحسن صببنيعك فلمببا وافتهببا
الرقعة بكت حتى رحمها من حولها ثم اندفعت تقول هل لعيني إلى الرقاد
شفيع %إن قلبي من السقام مروع ل تراني بخلت عنك بدمع %ل وحببق
الحبيب مالي دموع إن قلبي إليك صبب حزيبن %فاسبتراحت إلبى النيبن
الضلوع ليس في العطف يا حبيبي بدع %إنما هجر من يحب بديع
ثم كتبت إليه أنا مملوكة ل أملك من أمري شيئا فبإذا كبان لبك فبي حاجبة
فاشترني لكون طوع يديك فاشتراها فمكثت عنده وكانت من أحظى إمببائه
حتى قتل في وقعة بابك الخرمي فكانت تتمثل في رثائه بقببول أبببي تمببام
محمد بن حميد أخلقت رممه %أريق مبباء المعببالي مببذ أريببق دمببه رأيتببه
بنجاد السيف محتبيا %في النوم بدرا جلت عن وجهه ظلمه فقلت والدمع
من حزن ومن كمد %يجري انسكابا على الخدين منسببجمه ألببم تمببت يببا
شقيق النفس مذ زمن %فقال لي لم يمت من لم يمت كرمه فصل وهذا
فصل في ذكر حقيقة الحسن والجمال ما هي وهذا أمر ل يدرك إل بالوصف
وقببد قيببل إنببه تناسببب الخلقببة واعتببدالها واسببتواؤها ورب صببورة متناسبببة
الخلقة وليست في الحسن هناك وقد قيل الحسن في الوجه والملحببة فببي
العينين وقيل الحسن أمر مركب من أشياء وضاءة وصباحة وحسببن تشببكيل
وتخطيط ودموية في البشرة وقيل الحسن معنى ل تنبباله العبببارة ول يحيببط
به الوصف وإنما للناس منه أوصاف أمكن التعبير عنها وقد كان رسول اللببه
في الذروة العليببا منبه ونظبرت إليببه عائشبة رضببي اللبه عنهببا ثبم تبسبمت
فسألها مم ذاك فقالت كأن أبا كبير الهذلي إنما عناك بقوله
ومبرإ من كل غبر حيضة %وفساد مرضعة وداء مغيببل وإذا نظببرت إلببى
أسرة وجهه %برقت كبرق العارض المتهلل ولقببي بعببض الصببحابة راهبببا
فقال صف لي محمدا كأني أنظر إليه فإني رأيت صفته في التوراة والنجيل
فقال لم يكن بالطويل البائن ول بالقصير فوق الربعببة أبيببض اللببون مشببربا
بالحمرة جعدا ليس بالقطط جمته إلى شحمة أذنه صلت الجبين واضح الخد
أدعج العينين أقنى النف مفلج الثنايا كأن عنقه إبريببق فضببة ووجهببه كببدارة
القمر فأسلم الراهب وفي صببفة هنببد بببن أبببي هالببة لببه لببم يكببن بالطويببل
الممغط ول بالقصير المتردد كان ربعة من الرجال ولم يكن بالجعد القطببط
ول بالسبط ولم يكن بالمطهم ول بببالمكلثم وكببان فببي الببوجه تببدوير أبيببض
مشرب أدعج العينين أهدب الشفار جليببل المشبباش والكتببد شببثن الكفيببن
والقدمين دقيق المسربة إذا مشى تقلع كأنما ينحط مببن صبببب وإذا التفببت
التفت جميعا كأن الشمس تجري
في وجهه وكان مع هذا الحسن قد ألقيت عليه المحبة والمهابة فمن وقعببت
عليه عيناه أحبه وهابه وكمل الله سبحانه له مراتب الجمببال ظبباهرا وباطنببا
وكان أحسن خلببق اللببه خلقببا وخلقببا وأجملهببم صببورة ومعنببى وهكببذا كببان
يوسف الصديق ولهذا قالت امرأة العزيز للنسببوة لمببا أرتهببن إيبباه ليعببذرنها
في محبته ^ فذلكن الذي لمتنني فيه ^ أي هذا هو الذي فتنت به وشببغفت
بحبه فمن يلومني على محبته وهذا حسن منظره ثم قالت ^ ولقببد راودتببه
عن نفسه فاستعصم ^ أي فمنع هببذا الجمببال فببباطنه أحسببن مببن ظبباهره
فإنه في غاية العفة والنزاهة والبعد عن الخنا والمحب وإن غيب محبببوبه فل
يجري لسانه إل بمحاسنه ومدحه ويتعلق بهببذا قببوله تعببالى فببي صببفة أهببل
الجنة ^ ولقبباهم نضببرة وسببرورا ^ فجمببل ظببواهرهم بالنضببرة وبببواطنهم
بالسرور ومثله قوله ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ فإنه ل شببيء
أشهى إليهم وأقر لعيونهم وأنعم لبواطنهم مبن النظبر إليبه فنضبر وجبوههم
بالحسن ونعم قلوبهم بالنظر إليه وقريب منه قوله تعالى وحلوا
^ أساور من فضة ^ فهذا زينة الظبباهر ثببم قببال ^ وسببقاهم ربهببم شببرابا
طهورا ^ أي مطهرا لبواطنهم من كل أذى فهذا زينة الباطن ويشبببهه قببوله
تعالى ^ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسببا يببواري سببوآتكم وريشببا ^ فهببذا
زينة الظاهر ثم قال ^ ولباس التقوى ذلك خير ^ فهذا زينة البباطن وينظبر
إليه من طرف خفي قوله تعالى ^ وزينا السماء الدنيا بمصببابيح وحفظببا ^
فزين ظاهرها بالمصابيح وباطنها بحفظها من الشياطين وقريببب منببه قببوله
تعالى ^ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ^ فذكر الزاد الظاهر والزاد الباطن
وهذا من زينة القرآن الباطنة المضافة إلى زينببة ألفبباظه وفصبباحته وبلغتببه
الظاهرة ومنه قوله تعبالى لدم ^ إن لببك أل تجببوع فيهببا ول تعببرى وأنببك ل
تظمأ فيها ول تضحى ^ فقابل بين الجوع والعري دون الجوع والظمببإ وبيببن
الظمإ والضحى دون الظمإ والجوع فإن الجوع عببري الببباطن وذلببه والعببري
جوع الظاهر وذله فقابل بين نفي ذل باطنه وظاهره وجوع ببباطنه وظبباهره
والظمأ حر الباطن والضحى حر الظاهر فقابببل بينهمببا وسببئل المتنبببي عببن
قول امرئ القيس كأني لم أركب جببوادا للببذة %ولببم أتبطببن كاعبببا ذات
خلخال
ولم أسبإ الزق الروي ولم أقل %لخيلي كري كرة بعد إجفببال فقيببل لببه
إنه عيب عليه مقابلة سبي الزق الروي بالكر وكان الحسن مقببابلته بتبطببن
الكاعب جمعا بين اللذتين وكببذلك مقابلببة ركببوب الجببواد للكببر أحسببن مببن
مقابلته لتبطن الكاعب فقال بل الببذي أتببى بببه أحسببن فببإنه قابببل مركببوب
الشجاعة بمركوب اللذة واللهو فهبذا مركبب الطبرب وهبذا مركبب الحبرب
والطلب وكذلك قابل بين السباءين سباء الببزق وسببباء الببرق قلببت وأيضببا
فإن الشارب يفتخر بالشجاعة كما قال حسان ونشببربها فتتركنببا ملوكببا %
وأسدا منا ينهنهنا اللقاء وهذه جملة اعتراضية من ألطف العتراض وقيل
الحسن ما استنطق أفواه الناظرين بالتسبيح والتهليل كما قيببل ذي طلعببة
سبحان فالق صبحه %ومعاطف جلت يمين الغارس وقال علي بن الجهم
طلعت فقال الناظرون إلى %تصويرها ما أعظم الله ودنت فلما سلمت
خجلت %والتف بالتفاح خداها وكأن دعص الرمل أسفلها %وكببأن غصببن
البان أعلها
حتى إذا ثملت بنشوتها %قرأت كتاب الباه عيناها وقال آخر ذو صببورة
بشرية قمرية %تستنطق الفواه بالتسبيح وقال آخر وإذا بدت في بعض
حاجتها %تسببتنطق الفببواه بالتسبببيح وقببال بشببار تلقببى بتسبببيحة مببن
حسن ما خلقت %وتستفز حشا الرائي بإرعاد ولي من أبيات يببا صببورة
البدر ول الذي %صور ليس البدر يحكيك منببي علببى العيببن ول تبخلببي %
بنظرة فالعين تفديك وإن تحرجت لهذا فكم %قد سبببح الرحمببن رائيببك
هذا بهذا فارتجي أجر من %إن غبببت عنبه ظببل يبكيبك قبال ابببن شببرمة
كفاك من الحسن أنه مشتق من الحسنة وقال عمر بن الخطاب رضي اللببه
عنه إذا تم بياض المرأة في حسن شببعرها فقببد تببم حسببنها وقببالت عائشببة
رضي الله عنها البياض شطر الحسن وقال بعض السببلف جعببل اللببه البهبباء
والهوج مع الطول والدهاء والدمامة مع القصر والخير فيما بين ذلك وممببا
يذم في النساء المرأة القصيرة الغليظة وهي الببتي عناهببا الشبباعر بقببوله
وأنت التي حببببت كببل قصببيرة %إلببي ولببم تشببعر بببذاك القصببائر عنيببت
قصيرات الحجال ولم أرد %قصار النسا شر النساء البحاتر
والبحاتر هن النساء القصببار الغلظ وبعضببهم يبببالغ فببي هببذا حببتى يفضببل
المهازيل على السمان أنشد الزمخشري ل أعشق البيببض المنفببوخ مببن
سمن %لكنني أعشق السمر المهازيل إنببي امببرؤ أركببب المهببر المضببمر
في %يوم الرهان فدعني واركببب الفيل وطائفببة تفضببل السببمان وتقببول
السمن نصف الحسن وهو يستر كل عيب في المرأة ويبدي محاسنها وخيببار
المور أوساطها ومما يستحسببن فببي المببرأة طببول أربعببة وهببن أطرافهببا
وقامتها وشعرها وعنقها وقصر أربعة يدها ورجلها ولسببانها وعينهببا فل تبببذل
ما في بيت زوجها ول تخرج من بيتها ول تستطيل بلسببانها ول تطمببح بعينهببا
وبياض أربعة لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها وسواد أربعة أهدابها وحاجبها
وعينها وشعرها وحمببرة أربعببة لسبانها وخببدها وشببفتها مببع لعببس وإشببراب
بياضها بحمرة ودقة أربعة أنفها وبنانها وخصرها وحاجبها وغلظ أربعة سبباقها
ومعصمها وعجيزتها وذاك منها وسعة أربعة جبينهبا ووجههبا وعينهبا وصبدرها
وضيق أربعة فمها ومنخرها وخرق أذنها وذاك منها فهذه أحق النسبباء بقببول
كثير لو أن عزة خاصمت شمس الضحى %في الحسن عند موفق لقضى
لها
وقال آخر لو أبصر الوجه منها وهو منهزم %ليل وأعداؤه من خلفه وقفا
وقال آخر يا طيب مرعى مقلة لم تخف %بوجنتيها زجر حببراس حلببت
بوجه لم يغض ماؤه %ولم تخضه أعين الناس وقال آخر فلم يزل خببدها
ركنا ألوذ به %والخال في خدها يغنببي عببن الحجببر وقببول الخببر وأنشببده
المبرد وأحسن من ربع ومن وصف دمنة %ومن جبلى طي ومن وصببفكم
سلعا تلحظ عيني عاشقين كلهما %له مقلة فببي خببد معشببوقه ترعببى
وأنشد ثعلب خزاعية الطراف مرية الحشا %فزارية العينين طائية الفم
ومكية في الطيب والعطر دائما %تبدت لنا بين الحطيم وزمببزم ثببم قببال
وصفها بما يستحسن من كل قبيلة وقال صبالح ببن حسبان يومبا لصبحابه
هل تعرفون بيتا من الغزل في امرأة خفرة قلنا نعم بيت لحاتم فببي زوجتببه
ماوية يضيء لها البيت الظليل خصاصه %إذا هي يوما حاولت أن تبسما
قال ما صنعتم شيئا قلنا فبيت العشى كأن مشيتها مببن بيببت جارتهببا %
مر السحابة ل ريث ول عجل قال جعلها تدخل وتخرج قلنا يا أبا محمد فأي
بيت هو قال قول أبي قيس بن السلت ويكرمها جاراتها فيزرنها %وتعتببل
عن إتيانهن فتعذر قلت وأحسن من هذا كلببه مببا قبباله إبراهيببم بببن محمببد
الملقب بنفطويه رحمه الله وخبرها الواشون أن خيالها %إذا نمت يغشى
مضجعي ووسادي فخفرها فرط الحياء فأرسلت %تعيرني غضبببى بطببول
رقادي ومما يستحسن في المرأة رقببة أديمهببا ونعومببة ملمسببه كمببا قببال
قيس بن ذريح تعلق روحي روحها قبل خلقنببا %ومببن بعببد مببا كنببا نطافببا
وفي المهد فزاد كما زدنا فأصبح ناميا %فليس وإن متنا بمنفصببم العهببد
ولكنه باق على كل حادث %ومؤنسنا في ظلمة القبر واللحد يكاد مسببيل
المبباء يخببدش جلببدها %إذا اغتسببلت بالمبباء مببن رقببة الجلببد قلببت ومببن
المبالغة في معنى البيت الخير قول أبي نواس توهمه قلبببي فأصبببح خببده
%وفيه مكان الوهم من نظري أثر ومر بقلبي خبباطر فجرحتببه %ولببم أر
جسما قط يجرحه الفكر وصافحه كفي فآلم كفه %فمن غمببز كفببي فببي
أنامله عقر
ولي من أبيات يدمي الحرير أديمها من مسه %فأديمها منببه أرق وأنعببم
فصل فيا أيها العاشق سمعه قبل طرفه فإن الذن تعشق قبل العين أحيانا
وجيش المحبة قد يدخل المدينة من باب السمع كما يدخلها من بباب البصببر
والمؤمنون يشتاقون إلى الجنة وما رأوها ولو رأوهببا لكببانوا أشببد لهببا شببوقا
والصرورة يكاد قلبه يذوب شوقا إلى رؤية البيت الحرام فببإن شبباقتك هببذه
الصفات وأخذت بقلبك هذه المحاسن فاسم بعينيك إلى نسوة %مهورهن
العمل الصالح وحدث النفس بعشق اللى %في عشقهن المتجر الرابببح
واعمل على الوصل فقد أمكنت %أسبابه ووقتها رائح فصببل وقببد وصببف
الله سبحانه حور الجنببة بأحسببن الصببفات وحلهببن بأحسببن الحلببي وشببوق
الخطاب إليهن حتى كأنهم يرونهن رؤية العين قال الطبراني حببدثنا بكببر بببن
سهل الدمياطي حدثنا عمببرو بببن هشببام البببيروني حببدثنا سببليمان بببن أبببي
كريمة عن هشام بن حسان عن الحسن عن أمه عبن أم سبلمة رضبي اللبه
عنها قالت قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل حور عين قببال
حور بيض عين ضخام العيون شعر الحوراء بمنزلة
حسن الخلق بخيري الدنيا والخرة فصل وقد وصفهن الله عز وجل بببأنهن
كواعب وهو جمع كاعب وهي المرأة التي قد تكعب ثديها واستدار ولم يتدل
إلى أسفل وهذا من أحسن خلق النساء وهو ملزم لسن الشباب ووصببفهن
بالحور وهو حسن ألوانهن وبياضببه قببالت عائشببة رضببي اللببه عنهببا البيبباض
نصف الحسن وقال عمر بن الخطاب رضي اللببه عنببه إذا تببم بيبباض المببرأة
في حسن شعرها فقد تم حسنها والعرب تمدح المرأة بالبياض قال الشاعر
بيض أوانس ما هممن بريبة %كظباء مكببة صببيدهن حببرام يحسبببن مببن
لين الحديث زوانيا %ويصدهن عن الخنا السلم والعين جمع عينبباء وهببي
المببرأة الواسببعة العيببن مببع شببدة سببوادها وصببفاء بياضببها وطببول أهببدابها
وسببوادها ووصببفهن بببأنهن خيببرات حسببان وهببو جمببع خيببرة وأصببلها خيببرة
بالتشديد كطيبة ثم خفف الحرف وهبي البتي قببد جمعببت المحاسبن ظباهرا
وباطنا فكمل خلقها وخلقها فهن خيببرات الخلق حسببان الوجببوه ووصببفهن
بالطهارة فقال ^ ولهم فيها أزواج مطهببرة ^ طهببرن مببن الحيببض والبببول
والنجو
وكل أذى يكون في نساء الدنيا وطهرت بببواطنهن مببن الغيببرة وأذى الزواج
وتجنيهن عليهم وإرادة غيرهببم ووصببفهن بببأنهن مقصببورات فببي الخيببام أي
ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن بل قد قصبرن علبى أزواجهبن ل
يخرجن من منببازلهم وقصببرن عليهببم فل يببردن سببواهم ووصببفهن سبببحانه
بأنهن قاصرات الطببرف وهببذه الصببفة أكمببل مببن الولببى ولهببذا كببن لهببل
الجنتين الوليين فالمرأة منهن قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها لببه
ورضاها به فل يتجاوز طرفها عنه إلى غيره كمببا قيببل أذود سببوام الطببرف
عنك وماله %على أحد إل عليببك طريببق وكببذلك حببال المقصببورات أيضبا
لكن أولئك مقصورات وهؤلء قاصببرات ووصببفهن سبببحانه بقببوله ^ أبكببارا
عربا أترابا ^ وذلك لفضل وطبء البكبر وحلوتبه ولبذاذته علبى وطبء البثيب
قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله لو مررت بشجرة قد رعببي منهببا
وشجرة لم يرع منها ففي أيهما كنت ترتع بعيرك فقال في التي لم يرع منها
تعني أنه لم يتزوج بكرا غيرها وصح عنه أنه قال لجابر لما تببزوج امببرأة ثيبببا
هل بكرا تلعبها وتلعبك فإن قيل فهذه الصفة تزول بببأول وطببء فتعببود ثيبببا
قيل
الجواب من وجهين أحدهما أن المقصود من وطء البكر أنهببا لببم تببذق أحببدا
قبل وطئها فتزرع محبته في قلبها وذلك أكمل لدوام العشرة فهذه بالنسبببة
إليها وأما بالنسبة إلى الواطىء فإنه يرعى روضة أنفا لببم يرعهببا أحببد قبلببه
وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى بقوله ^ لم يطمثهن إنببس قبلهببم ول جببان
^ ثم بعد هذا تستمر له لذة الوطء حال زوال البكارة والثبباني أنببه قببد روي
أن أهل الجنة كلما وطىء أحدهم امرأة عادت بكرا كمببا كببانت فكلمببا أتاهببا
وجدها بكرا وأما العرب فجمع عروب وهي التي جمعت إلببى حلوة الصببورة
حسن التأني والتبعببل والتحبببب إلببى الببزوج بببدلها وحببديثها وحلوة منطقهببا
وحسن حركاتها قال البخاري في صببحيحه وأمببا التببراب فجمببع تببرب يقببال
فلن تربي إذا كنتما في سببن واحببد فهببن مسببتويات فببي سببن الشببباب لببم
يقصر بهن الصغر ولم يزر بهن الكبر بل سنهن سن الشباب وشبههن تعببالى
باللؤلؤ المكنون وبببالبيض المكنببون وباليبباقوت والمرجببان فخببذ مببن اللؤلببؤ
صفاء لونه وحسن بياضه ونعومببة ملمسببه وخببذ مببن البببيض المكنببون وهببو
المصون الذي لم تنله اليدي اعتدال بياضببه وشببوبه بمببا يحسببنه مببن قليببل
صببفرة بخلف البيببض المهببق المتجبباوز فببي البيبباض وخببذ مببن اليبباقوت
والمرجان حسن لونه في صفائه وإشرابه بيسير من الحمرة
فصببل فاسبمع الن وصببفهن عببن الصبادق المصبدوق فبإن مبالت النفببس
وحدثتك بالخطبة وإل فاليمان مدخول فروى مسلم في صحيحه من حببديث
أيوب عن محمد بن سيرين قال إما تفاخروا وإما تذاكروا الرجال فببي الجنببة
أكثر أم النساء فقال أبو هريرة رضي اللبه عنبه أو لببم يقببل أببو القاسببم إن
أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلةالبدر والتي تليهببا علببى أضببواء
كوكب دري في السماء إضاءة لكل امرىبء منهبم زوجتببان اثنتبان يبرى مبخ
سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب وقال الطبراني فببي معجمببه
حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني والحسن بن علي القسوي قببال حبدثنا سببعيد
بن سليمان حدثنا فضل بن مرزوق عن أبي إسحاق عببن عمببرو بببن ميمببون
عن عبدالله رضي الله عنه عن النبببي قببال أول زمببرة يببدخلون الجنببة كببأن
وجوههم صورة القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على أحسن كوكب دري في
السماء لكل واحد منهم زوجتان من الحور العيببن علببى كببل زوجببة سبببعون
حلة يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما كما يبرى الشببراب الحمببر
في الزجاجة البيضاء قال الحافظ أبببو عبببدالله المقدسببي هببذا عنببدي علببى
شرط الصحيح
وفي الصحيحين من حديث همام بن منبه عن أبي هريرة رضببي اللببه عنببه
قال قال رسول الله أول زمرة تلج الجنة صببورهم علببى صببورة القمببر ليلببة
البدر ل يبصقون فيها ول يمتخطون فيها ول يتغوطون فيها آنيتهم وأمشاطهم
الببذهب والفضببة ومجببامرهم اللببوة ورشببحهم المسببك ولكببل واحببد منهببم
زوجتان يرى مخ ساقهما مببن وراء اللحببم مببن الحسببن ل اختلف بينهببم ول
تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون اللببه بكببرة وعشببية وقببال المببام
أحمد بن حنبل في مسنده حدثنا يونس بن محمد حدثنا الخببزرج بببن عثمببان
السعدي حدثنا أبو أيوب مولى عثمان بببن عفببان رضببي اللببه عنببه عببن أبببي
هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله قيد سوط أحدكم من الجنة خيببر
من الدنيا ومثلها معها ولقاب قوس أحدكم من الجنة خير مببن الببدنيا ومثلهببا
معها ولنصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معهببا قببال قلببت يببا أبببا
هريرة وما النصيف قال الخمار فإذا كان هذا قدر الخمببار فمببا قببدر لبببه !
وقال ابن وهب أخبرنا عمرو أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبببي الهيثببم عببن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الرجل في الجنببة
لتأتيه امرأة تضرب على منكبيه فينظر وجهه في خببدها أصببفى مببن المببرآة
وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب فتسببلم عليببه فيببرد
عليها السلم ويسألها من أنت فتقول أنا
المزيد وإنه ليكون عليها سبعون ثوبا أدناها مثل النعمان فينفذها بصره حتى
يرى مخ ساقها مببن وراء ذلببك وإن عليهببم التيجببان وإن أدنببى لؤلببؤة عليهببا
لتضيء ما بين المشرق والمغرب وبعض هببذا الحببديث فببي جببامع الترمببذي
وهو على شرطه وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي اللببه عنببه أن
رسول الله قال لغدوة فببي سبببيل اللبه أو روحببة خيبر مبن الببدنيا ومببا فيهببا
ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده يعني سوطه خير من الدنيا وما فيها ولو
اطلعت امرأة من نساء الجنة إلى الرض لملت ما بينهما ريحا وأضبباءت مببا
بينهما ولنصيفها على رأسها خيببر مببن الببدنيا ومببا فيهببا وفببي المسببند مببن
حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي للرجل من
أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحببدة سبببعون حلببة يببرى مببخ
ساقها من وراء الثياب وقال ابن وهب حببدثنا عمببرو أن دراجببا أبببا السببمح
حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عببن النبببي قببال
إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنان وسبببعون زوجببة
وينصب له قببة مبن لؤلبؤ وزبرجبد ويباقوت كمبا بيبن الجابيبة وصبنعاء رواه
الترمذي وفي معجم الطبراني من حديث أبي أمامة عن النبببي قببال خلببق
الحور العين من الزعفران
فصل فإن أردت سماع غنائهن فاسبمع خبببره الن ففبي معجبم الطببراني
من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قببال قببال رسببول اللببه إن أزواج أهببل
الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط إن ممببا يغنيببن بببه
نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان وإن مما يغنيببن
به نحن الخالدات فل نمتته نحن المنات فل نخفنه نحن المقيمات فل نظعنه
وقد قيل في قوله تعالى ^ فهم في روضة يحبرون ^ إنببه السببماع الطيببب
ول ريب أنه من الحبرة وقال عبدالله بن محمببد البغبوي حببدثنا علببي أنبأنبا
زهير عن أبي إسحاق عن عاصم عن علبي رضبي اللبه عنبه قبال ^ وسبيق
الذين اتقوا ربهم إلى الجنببة زمببرا ^ حببتى إذا انتهببوا إلببى ببباب مببن أبوابهببا
وجدوا عنببده شببجرة يخببرج مببن تحببت سبباقها عينببان تجريببان فعمببدوا إلببى
إحداهما فكأنما أمروا به فشربوا منها فأذهب الله ما في بطونهم مببن قببذى
أو أذى أو بأس ثم عمدوا إلى الخرى فتطهببروا منهببا فجببرت عليهببم نضببرة
النعيم ولم تتغير أشببعارهم بعبدها أبببدا ولبم تشببعث رؤوسببهم كأنمبا ادهنبوا
بالدهان ثم انتهوا إلى خزنة
الجنة فقالوا ^ سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين ^ ثببم تلقبباهم الولببدان
يطيفون بهم كما يطيف ولدان أهل البدنيا ببالحميم يقبدم عليهبم مبن غيبتبه
فيقولون له أبشر بما أعد الله تعالى لك مببن الكرامببة ثببم ينطلببق غلم مببن
أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحبور العيبن فيقبول جباء فلن باسبمه
الذي كان يدعى به في الببدنيا قببالت أنببت رأيتببه قببال أنببا رأيتببه وهببو بببأثرى
فيستخف إحداهن الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها فإذا انتهى إلببى منزلببه
نظر إلى أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صببرح أخضببر وأحمببر وأصببفر
من كل لون ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثببل البببرق ولببول أن اللببه
عز وجل قدره للم أن يذهب بصره ثبم طأطبأ رأسبه فبإذا أزواجبه وأكبواب
موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ثم اتكأوا فقالوا الحمد الله الببذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول أن هدانا الله ثم ينادي مناد تحيون فل تموتون
أبدا وتقيمون فل تظعنون أبدا وتصحون فل تمرضون أببدا وفببي سبنن اببن
ماجه عن أسامة بن زيببد رضببي اللببه عنهمببا قببال قببال رسببول اللببه أل هببل
مشمر للجنة فإن الجنة ل خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلل وريحانببة تهببتز
وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة
نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلببل كببثيرة ومقببام فببي أبببد فببي دار سببليمة
وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية قالوا نعم يا رسببول اللببه
نحن المشمرون لها قال قولوا إن شاء الله فقال القوم إن شاء اللببه تعببالى
فصل فهذا وصفهن وحسنهن فاسمع الن لذة وصالهن وشأنه ففي مسببند
أبي يعلى الموصلي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قببال قببال رسببول
الله فذكر حديثا طويل وفيه فأقول يا رب وعدتني الشببفاعة فشببفعتني فببي
أهل الجنة يدخلون الجنة فيقببول اللببه تعببالى قببد شببفعتك وأذنببت لهببم فببي
دخول الجنة وكان رسول الله يقول والذي بعثني بالحق مببا أنتببم فببي الببدنيا
بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهببل الجنببة بببأزواجهم ومسبباكنهم فيببدخل
رجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشبىء اللبه وثنبتين مبن ولبد آدم
لهما فضل على من أنشأ ا لله بعبادتهما الله في الببدنيا يببدخل علببى الولببى
منهما في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبببعون
زوجا من سندس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يببده مببن
صدرها ومن وراء ثيابها وجلدها ولحمها وإنه لينظر أحدكم إلببى السببلك فببي
قصبة الياقوت كبده لها مرآة يعني وكبدها له مرآة فبينا هببو عنببدها ل يملهببا
ول تمله ول يأتيها من مرة إل وجدها عذراء ما يفتر ذكببره ول يشببتكي قبلهببا
فبينا هو كذلك إذ نودي إنا قد عرفنا أنببك ل تمبل ول تمببل إل أنببه ل منببي ول
منية إل أن يكون لك أزواج غيرها فيخرج فيببأتيهن واحببدة واحببدة كلمببا جبباء
واحدة قالت والله ما في الجنة شيء
أحسن منك وما في الجنة شببيء أحببب إلببي منببك وهببذا قطعببة مببن حببديث
الصور الطويل الذي رواه إسماعيل بن رافع وفي صحيح مسلم من حديث
أبي موسى الشعري رضي الله عنه عن النبي قببال إن للمببؤمن فببي الجنببة
لخيمة مببن لؤلببؤة واحببدة مجوفببة طولهببا سببتون ميل للمببؤمن فيهببا أهلببون
يطوف عليهم المؤمن فل يرى بعضهم بعضا رواه البخاري وقال ثلثببون ميل
وفي جامع الترمذي من حديث أنس رضي اللببه عنبه أن رسببول اللبه قببال
يعطى المؤمن في الجنة قببوة كببذا وكببذا مببن النسبباء قلببت يببا رسببول اللببه
ويطيق ذلك قال يعطى قوة مائة قال هذا حديث صحيح غريب وفي معجم
الطبراني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل يا رسول اللببه هببل
نصل إلى نسائنا في الجنة فقال إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عببذراء
وفي لفظ قلنا يا رسول الله نفضي إلى نسائنا فببي الجنببة فقببال إي والببذي
نفسي بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى
مائة عذراء قال الحافظ أبو عبدالله المقدسببي ورجببال هبذا الحبديث عنببدي
علببى شببرط الصببحيح وفببي حببديث لقيببط العقيلببي الطويببل الببذي رواه
الطبراني وعبدالله بن أحمد في السنة وغيرهما أنه قال قلت يا رسول اللببه
أو لنا فيها أزواج مصلحات قال الصالحات للصببالحين تلببذونهن مثببل لببذاتكم
في الدنيا ويلذونكم غير أن ل توالد وذكر ابن وهب عن عمرو بببن الحببارث
عن دراج عن عبدالرحمن بن حجيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قببال
أنطأ في الجنة فقال رسول الله نعم والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام
عنها رجعت مطهرة بكرا قال الحافظ أبو عبببدالله دراج اسببمه عبببدالرحمن
بن سمعان المصري وثقه يحيى بن معين وأخرج عنه أبو حاتم بن حبان فببي
صبحيحه وكبان بعبض الئمبة ينكبر بعبض حبديثه واللبه أعلبم وفبي معجبم
الطبراني من حديث أبي المتوكل عن أبي سببعيد الخببدري رضببي اللببه عنببه
قال قال رسول الله إن أهل الجنة إذا جامعوا نسبباءهم عببدن أبكببارا وفيببه
أيضا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنه سببمع رسببول اللببه سببئل هببل
يتناكح أهل الجنة فقال بذكر ل يمل وشهوة ل تنقطع دحما دحما وفيه أيضا
عنه أن رسول الله سئل أيجامع أهل الجنة قال دحما دحما ولكن ل منببي ول
منية
من قصيدة للمؤلف في وصف الحور يا خاطب الحببور الحسببان وطالبببا %
لوصالهن بجنة الحيوان لو كنت تدري من خطبت ومن طلبت %بببذلت مببا
تحوي من الئمان أو كنت تعرف أين مسكنها جعلببت %السببعي منببك لهببا
على الجفان أسرع وحث السير جهدك إنما %مسراك هذا سبباعة لزمببان
فاعشق وحببدث بالوصببال النفببس وابببذل %مهرهببا مببا دمببت ذا إمكببان
واجعل صيامك دون لقياها ويو %م الوصل يوم الفطر من رمضان واجعل
نعوت جمالها الحادي وسر %نحو الحببيب ولسبت ببالمتواني واسبمع إذن
أوصافها ووصالها %واجعببل حببديثك ربببة الحسببان يببا مببن يطببوف بكعبببة
الحسن التي %حفببت بببذاك الحجببر والركببان ويظببل يسببعى دائمببا حببول
الصفا %ومحسر مسعاه كببل أوان ويببروم قربببان الوصببال علببى منببى %
والخيف يحجبه عن القربان فلذا تراه محرمببا أبببدا ومببو %ضببع حلببة منببه
فليس بدان يبغي التمتع مفردا عببن حبببه %متجببردا يبغببي شببفيع قببران
ويظل بالجمرات يرمي قلبه %هذي مناسكه بكل زمان والناس قد قضببوا
مناسكهم وقد %حثوا ركائبهم إلى الوطان وحدت بهم همم لهببم وعببزائم
%نحو المنازل رببة الحسببان رفعبت لهببم فببي السببير أعلم الوصبا %ل
فشمروا يا خيبة الكسلن ورأوا علببى بعببد خيامببا مشببرفا %ت مشببرقات
النور والبرهان فتيمموا تلك الخيام فآنسوا %فيهن أقمارا بل نقصان
أتراب من واحد متماثل %سن الشباب لجمببل الشبببان بكببر فلببم يأخببذ
بكارتها سوى ال %محبوب من إنس ول مببن جببان يعطببى المجببامع قببوة
المائة التي اج %تمعت لقوى واحد النسان ولقد أتانا أنه يغشى بيو %م
واحد مائة من النسوان ورجاله شبرط الصببحيح رووا لهبم %فيببه وذا فببي
معجم الطبراني وبذاك فسر شغلهم في سورة %مبن بعبد فبباطر يبا أخبا
العرفان هذا دليل أن قدر نسائهم %متفاوت بتفاوت اليمان وبببه يببزول
توهم الشكال عن %تلك النصوص بمنببة الرحمببن فببي بعضببها مببائة أتببى
وأتى بها %سبعون أيضا ثم جا ثنتان فتفاوت الزوجات مثل تفبباوت ال %
درجات فالمران مختلفان وبقوة المببائة الببتي حصببلت لببه %أفضببى إلببى
مائة بل خوران وأعفهم في هذه الدنيا هببو ال %أقببوى هنبباك لزهببده فببي
الفاني فاجمع قواك لما هنا وغض من %ك الطرف واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قل %مة ظفر واحدة من النسوان ونصببيفها خيببر
من الدنيا وما %فيها إذا كانت من الثمان ل تؤثر الدنى على العلى فببإن
%تفعل رجعت بذلة وهببوان وإذا بببدت فببي حلببة مببن لبسببها %وتمببايلت
كتمايل النشوان تهتز كالغصن الرطيب وحمله %ورد وتفاح علببى رمببان
وتبخترت في مشيها ويحق ذا %ك لمثلها في جنة الرضوان
من هذه القسام يرون أن مببا هببم فيببه أولببى باليثببار وأن الشببتغال بغيببره
والقبال على سواه غبن وفوات حظ فالنفس السماوية بينها وبيببن الملئكببة
والرفيق العلى مناسبة طبعية بها مالت إلى أوصافهم وأخلقهم وأعمالهم
فالملئكة أولياء هذا النوع في الدنيا والخرة قال الله تعالى إن الببذين قببالوا
ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهبم الملئكبة أل تخبافوا ول تحزنبوا وأبشبروا
بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الخببرة ولكببم
فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزل من غفور رحيببم فالملببك
يتولى من يناسبه بالنصح له والرشاد والتثبيت والتعليم وإلقاء الصواب على
لسانه ودفع عدوه عنه والستغفار له إذا زل وتببذكيره إذا نسببي وتسببليته إذا
حزن وإلقاء السكينة في قلبه إذا خاف وإيقاظه للصلة إذا نببام عنهببا وإيعبباد
صاحبه بالخير وحضه على التصديق بالوعد وتحذيره من الركببون إلببى الببدنيا
وتقصير أمله وترغيبه فيما عند الله فهو أنيسببه فببي الوحببدة ووليببه ومعلمببه
ومثبته ومسكن جأشه ومرغبه في الخير ومحذره من الشببر يسببتغفر لببه إن
أساء ويدعو له بالثبات إن أحسن وإن بات طاهرا يذكر اللببه بببات معببه فببي
شعاره فإن قصده عدو له بسوء وهو نائم دفعه عنه
فصل والشياطين أولياء النوع الثاني يخرجبونهم مبن النببور إلبى الظلمبات
قال الله تعالى تالله لقد أرسلنا إلببى أمببم مببن قبلببك فزيببن لهببم الشببيطان
أعمالهم فهو وليهم اليوم وقال تعالى كتب عليه أنببه مببن كببوله فببأنه يضببله
ويهديه إلى عذاب السعير وقال تعالى ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله
فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا أولئك
مببأواهم جهنببم ول يجببدون ! عنهببا محيصببا وقببال تعببالى وإذا قلنببا للملئكببة
اسببجدوا لدم فسببجدوا إل إبليببس كببان مببن الجببن ففسببق عببن أمببر ربببه
أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بببدل فهببذا
النوع بين نفوسهم وبين الشياطين مناسبة طبعيببة بهبا ملببت إلببى أوصببافهم
وأخلقهم وأعمالهم فالشياطين تتولهم بضد ما تتولى الملئكة لمن ناسبببهم
فتؤزهم إلى المعاصي أزا وتزعجهم إليها إزعاجا ل يسببتقرون معببه ويزينببون
لهم القبائح ويخفقونها على قلوبهم ويحلونهببا فببي نفوسببهم ويثقلببون عليهببا
الطاعات ويثبطونهم عنها وبقبحونها في أعينهم ويلقون على ألسنتهم أنببواع
القبيح من الكلم وما ل يفيد ويزينونه في أسماع من يسمعه منهم
يبيتون معهم حيث باتوا ويقيلون معهم حيث قالوا ويشاركونهم في أمببوالهم
وأولدهم ونسائهم يأكلون معهم ويشربون معهم ويجامعون معهببم وينببامون
معهم قال تعالى ^ ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ^ وقال تعببالى
^ ومن يعش عببن ذكببر الرحمببن نقيببض لببه شببيطانا فهببو لببه قريببن وإنهببم
ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حببتى إذا جاءنببا قببال يببا ليببت
بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ^ فصل وأما النببوع الثببالث فهببم
أشباه الحيوان ونفوسهم أرضية سفلية ل تبالي بغير شهواتها ول تريد سواها
إذا عرفت هذه المقدمة فعلمات المحبة قائمة في كل نوع بحسب محبببوبه
ومراده فمن تلك العلمات تعرف من أي هذه القسام هو فنذكر فصول من
علمات المحبة التي يستدل بهببا عليهببا فمنهببا إدمببان النظببر إلببى الشببيء
وإقبببال العيببن عليببه فببإن العيببن ببباب القلببب وهببي المعبببرة عببن ضببمائره
والكاشفة لسراره وهي أبلغ في ذلك مببن اللسببان لن دللتهببا بغيببر اختيببار
صاحبها ودللة اللسان لفظية تابعببة لقصببده فببترى نبباظر المحببب يببدور مببع
محبوبه كيف ما دار ويجول معه في النواحي والقطار كما قال أذود سوام
الطرف عنك وماله %على أحد إل عليك طريق
بل المحب في عين المحبوب تمثاله كما في قلبه شخصه ومثاله كما قيببل
ومن عجب أني أحن إليهم %وأسأل عنهم من لقيت وهم معببي وتطلبهببم
عيني وهم في سوادها %ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي فالمحب نظره
وقف على محبوبه كما قال إن يحجبوها عن العيون فقببد %حجبببت عينببي
لها عن البشر فصل ومنها إغضاؤه عند نظببر محبببوبه إليببه ورميببه بطرفببه
نحو الرض وذلببك مببن مهببابته لببه وحيببائه منببه وعظمتببه فببي صببدره ولهببذا
يستهجن الملببوك مببن يخبباطبهم وهببو يحببد النظببر إليهببم بببل يكببون خببافض
الطرفإلى الرض قال الله تعببالى مخبببرا عببن كمببال أدب رسببوله فببي ليلببة
السراء ^ ما زاغ البصر وما طغى ^ وهذا غاية الدب فإن البصببر لببم يببزغ
يمينا ول شمال ول طمح متجاوزا إلى ما هو رائيه ومقبببل عليببه كالمتشبارف
إلى ما وراء ذلك ولهذا اشتد نهي النبي للمصلي أن يزيغ بصره إلى السببماء
وتوعببدهم علببى ذلببك بخطببف أبصببارهم إذ هببذا مببن كمببال الدب مببع مببن
المصلي واقف بين يديه بل ينبغي لببه أن يقببف نبباكس الببرأس مطرقببا إلببى
الرض ولول أن عظمة رب العالمين سبحانه فوق سماواته على عرشببه لببم
يكن فرق بين النظر إلى فوق أو إلى أسفل
فصل ومنها كثرة ذكر المحبوب واللهج بذكره وحديثه فمن أحب شيئا أكثر
من ذكره بقلبه ولسانه ولهببذا أمببر اللببه سبببحانه عببباده بببذكره علببى جميببع
الحوال وأمرهم بذكره أخوف ما يكونون فقال تعالى ^ يا أيها الببذين آمنببوا
إذا لقيتببم فئة فبباثبتوا واذكببروا اللببه كببثيرا لعلكببم تفلحببون ^ والمحبببون
يفتخرون بذكرهم أحبابهم وقت المخاوف وملقاة العداء كما قببال قبائلهم
ذكرتك والخطي يخطر بيننا %وقد نهلت منا المثقفة السببمر وقببال آخببر
ولقد ذكرتك والرماح كأنها %أشطان بئر في لببان الدهبم فبوددت تقبيبل
السيوف لنها %برقت كبارق ثغرك المتبسم وفي بعض الثببار اللهيببة إن
عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملق قرنه فعلمة المحبببة الصببادقة ذكببر
المحبوب عند الرغب والرهب وقال بعض المحبببين فببي محبببوبه يببذكرنيك
الخير والشر والذي %أخاف وأرجو والذي أتوقع
ومن الذكر الدال على صدق المحبة سبق ذكر المحبوب إلى قلب المحببب
ولسانه عند أول يقظة من منامه وأن يكون ذكره آخر ما ينام عليه كما قببال
قائلهم آخر شيء أنت في كل هجعببة %وأول شببيء أنببت وقببت هبببوبي
وذكر المحبوب ل يكون عن نسيان مستحكم فببإن ذكببره بببالقوة فببي نفببس
المحب ولكن لضيق المحل به يرد عليه ما يغيب ذكره فإذا زال الببوارد عبباد
الذكر كما كان وأعلى أنواع ذكر الحبيب أن يحبس المحب لسانه على ذكره
ثم يحبس قلبه على لسانه ثم يحبس قلبه ولسانه على شهود مذكوره وكمببا
أن الذكر من نتائج الحب فالحب أيضا من نتائج الذكر فكل منهما يثمر الخر
وزرع المحبة إنما يسقى بماء الذكر وأفضل الذكر ما صدر عن المحبة فصل
ومن علماتها النقياد لمر المحبوب وإيثاره علببى مببراد المحببب بببل يتحببد
مراد المحب والمحبوب وهذا هو التحاد الصحيح ل التحاد الذي يقوله إخوان
النصارى من الملحدة فل اتحاد إل في المببراد وهببذا التحبباد علمببة المحبببة
الصادقة بحيث يكون مراد الحبيب والمحب واحدا فليس بمحب صببادق مببن
له إرادة تخالف مراد محبوبه منه بل هذا مريد من محبببوبه ل مريببد لببه وإن
كان مريدا له فليس مريدا لمراده فالمحبون ثلثة أقسام منهم من يريد من
المحبوب ومنهم من يريببد المحبببوب ومنهببم مببن يريببد مببراد المحبببوب مببع
إرادته للمحبوب وهذا أعلى أقسام المحبببين وزهببد هببذا أعلببى أنببواع الزهببد
فإنه قد
زهد في كل إرادة تخالف مببراد محبببوبه وبيببن هببذا وبيببن الزهببد فببي الببدنيا
أعظم مما بين السماء والرض فالزهد خمسة أقسام زهد فببي الببدنيا وزهببد
في النفس وزهد في الجاه والرئاسة وزهد فيما سوى المحبببوب وزهببد فببي
كل إرادة تخالف مراد المحبوب وهذا إنمببا يحصببل بكمببال المتابعببة لرسببول
الحبيب قال الله تعالى ^ قل إن كنتم تحبون اللببه فبباتبعوني يحببكببم اللببه
ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ^ فجعل سبحانه متابعببة رسببوله سببببا
لمحبتهم له وكون العبد محبوبا لله أعلى من كونه محبا لله فليس الشأن أن
تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله فالطاعة للمحبوب عنببوان محبتببه كمببا
قيل تعصي الله وأنت تزعم حبه %هذا محال في القياس بديع لببو كببان
حبك صادقا لطعته %إن المحب لمن يحب مطيع فصل ومن علماتها قلة
صبر المحب عن المحبوب بل ينصرف صبره إلى الصبر على طاعته والصبر
عن معصيته والصبر على أحكامه فهذا صبر المحب وأما الصبببر عنببه فصبببر
الفارغ عن محبته المشغول بغيره قال والصبر يحمد في المواطن كلها %
وعن الحبيب فإنه ل يحمد فمن صبر عن محبوبه أدى به صبره إلببى فببوات
مطلوبه وقبال بعبض المحببين مبا أحسبن الصببر وأمبا علبى %أن ل أرى
وجهك يوما فل لو أن يوما منك أو ساعة %تباع بالدنيا إذا ما غل
فصل ومنها القبال على حديثه وإلقاء سمعه كله إليه بحيث يفببرغ لحببديثه
سمعه وقلبه وإن ظهر منه إقبال على غيره فهو إقبال مستعار يسببتبين فيببه
التكلف لمن يرمقه كما قال وأديم لحببظ محببدثي ليببرى %أن قببد فهمببت
وعندكم عقلي فإن أعوزه حديثه بنفسه فأحاب شيء إليه الحديث عنه ول
سيما إذا حدث عنه بكلمه فإنه يقيمه مقام خطابه كما قال القائل المحبون
ل شيء ألذ لهم ولقلبوبهم مبن سبماع كلم محببوبهم وفيبه غايبة مطلبوبهم
ولهذا لم يكببن شببيء ألببذ لهببل المحبببة مبن سببماع القببرآن وقببد ثبببت فببي
الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي رسول الله اقببرأ علببي
قلت أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحببب أن أسببمعه مببن غيببري فقببرأت
عليه من أول سورة النساء حتى إذا بلغت قوله تعالى ^ فكيف إذا جئنا مببن
كل أمة بشهيد وجئنا بببك علببى هببؤلء شببهيدا ^ قببال حسبببك الن فرفعببت
رأسي فإذا عيناه تذرفان وكان أصحاب رسول الله إذا اجتمعوا أمببروا قببارئا
أن يقرأ وهم يستمعون وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا دخل عليه
أبو موسى يقول يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وربما بكى عمببر
ومر رسول الله بأبي موسى رضي الله عنه وهو يصلي مببن الليببل فببأعجبته
قراءته فوقف واستمع لها فلما غدا على رسببول اللببه قببال لقببد مببررت بببك
البارحة وأنت تقرأ فوقفت واستمعت
لقراءتك فقال لو أعلم أنك كنت تسمع لحبرته لك تحبيرا والله سبحانه وهببو
الذي تكلم بالقرآن يأذن ويستمع للقارىء الحسن الصوت من محبته لسماع
كلمه منه كما قال لله أشد أذنا إلببى القببارئ الحسببن الصببوت مببن صبباحب
القينة إلى قينته والذن بفتح الهمزة والذال مصدر أذن يأذن إذا استمع قببال
الشاعر أيها القلب تعلل بددن %إن قلبي فببي سببماع وأذن وقببال زينببوا
القرآن بأصواتكم وغلط مببن قببال إن هببذا مببن المقلببوب وإن المببراد زينببوا
أصواتكم بالقرآن فهذا وإن كان حقا فالمراد تحسين الصوت بببالقرآن وصببح
عنه أنه قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن ووهم من فسره بالغنى الذي هو
ضد الفقر من وجوه أحدها أن ذلك المعنى إنما يقببال فيببه اسببتغنى ل تغنببى
والثاني أن تفسيره قد جاء في نفس الحديث يجهر به هذا لفظه قببال أحمببد
نحن أعلم بهذا من سفيان وإنما هو تحسين الصوت به يحسببنه مببا اسببتطاع
الثالث أن هذا المعنى ل يتبادر إلى الفهم من إطلق هذا اللفظ ولببو احتملببه
فكيف وبنية اللفببظ ل تحتملببه كمببا تقببدم وبعببد هببذا فببإذا كببان مببن التغنببي
بالصوت ففيه معنيان أحدهما يجعله له مكان الغناء
لصحابه من محبته له ولهجه به كما يحب صاحب الغنباء لغنبائه والثباني أنبه
يزينه بصوته ويحسنه ما استطاع كما يزين المتغني غناءه بصوته وكببثير مببن
المحبين ماتوا عند سماع القرآن بالصببوت الشببجي فهببؤلء قتلببى القببرآن ل
قتلى عشاق المردان والنسوان فصل ومنها محبة دار المحبوب وبيته حتى
محبة الموضع الذي حل به وهذا هو السر الذي لجلببه علقببت القلببوب علببى
محبة الكعبة البيت الحرام حتى استطاب المحبون في الوصببول إليهببا هجببر
الوطان والحباب ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعبة مبن العبذاب فركببوا
الخطار وجابوا المفاوز والقفار واحتملببوا فببي الوصببول غايببة المشبباق ولببو
أمكنهم لسعوا إليها على الجفون والحداق نعم أسعى إليببك علببى جفببوني
%وإن بعببدت لمسببراك الطريببق وسببر هببذه المحبببة هببي إضببافة الببرب
سبحانه له إلى نفسه بقوله ^ وطهر بيتي للطائفين ^ قال الشبباعر لمببا
انتسبت إليك صرت معظما %وعلوت قدرا دون من لببم ينسببب وكببل مببا
نسب إلى المحبوب فهببو محبببوب ^ وأنببه لمببا قببام عبببد اللببه يببدعوه ^ ^
سبحان الذي أسرى بعبده ^ ^ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ^
^ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ^ ومن فهم هذا فهم معنى قوله
تعالى بيدك الخير وقببول عبببده ورسببوله لبيببك وسببعديك والخيببر فببي يبديك
والشر ليس إليك وإذا كان من يحب مخلوقا مثله يحب داره كما قببال أمببر
على الديار ديار ليلى %أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شببغفن
قلبي %ولكن حب من سكن الديارا فكيف بمن ليس كمثلببه شببيء ومببن
ليس كمثل محبته محبة فصل ومنها السراع إليه في السير وحث الركبباب
نحوه وطي المنازل في الوصول إليه والجتهاد في القرب والدنو منه وقطع
كل قاطع يقطع عنه واطراح الشغال الشاغلة عنه والزهد فيها والرغبة عنها
والستهانة بكل ما يكون سببا لغضبه ومقتببه وإن جببل والرغبببة فببي كببل مببا
يدني إليه وإن شق قال الشاعر ولو قلت طأ في النببار أعلببم أنببه %رضببا
لك أو مدن لنا من وصالك لقدمت رجلي نحوها فوطئتها %هدى منك لببي
أو ضلة من ضللك فصل ومنها محبة أحباب المحبوب وجيرانه وخدمه ومببا
يتعلق به حتى حرفته وصناعته وآنيته وطعامه ولباسه قال
أحب بني العوام طرا لحبها %ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا وقال آخر
يشتاق واديها ولول حبكم %ما شاقه واد زهت أزهبباره وقببال الخببر فيببا
ساكني أكناف طيبة كلكم %إلى القلب من أجل الحبيب حبيب وفي أخبار
العشاق أن عاشقا عشق السراويلت من أجل سراويل معشوقه فوجد فببي
تركته اثنا عشر حمل وفبردة مبن السببراويلت ذكبره البصبري وعشبق آخببر
الهاوونات من أجل صوت هاون محبوبته فوجد في تركته عدة آلفمنها وعند
الناس من هذا عجائب كثيرة وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يحب الدباء
كثيرا لما رأى النبي يتتبعها من جوانب القصعة فصل ومنها قصببر الطريببق
حين يزوره ويوافي إليه كأنها تطوى له وطولها إذا انصببرف عنببه وإن كببانت
قصيرة قال وكنت إذا ما جئت ليلى أزورها %أرى الرض تطوى لي ويدنو
بعيدها من الخفرات البيض ود جليسها %إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
وقال آخر والله ما جئتكم زائرا %إل وجدت الرض تطوى لي ول انثنى
عزمي عن بابكم %إل تعببثرت بأذيببالي وقببال آخببر وإذا قمببت عنببك لببم
أمش إل %مشي عان يقاد نحو الفناء وإذا جئت كنت أسرع في السي %
ر من الطير نازل فببي الهببواء وقببال الخببر وتببدنو الطريببق إذا زرتكببم %
وتبعد إذ أنثني راجعا فصل ومنها انجلء همومه وغمومه إذا زار محبببوبه أو
زاره وعودها إذا فارقه كما قببال يببزور فتنجلببي عنببي همببومي %لن جلء
حزني في يديه ويمضي بالمسرة حين يمضي %لن حوالببتي فيهببا عليببه
ومببن المعلببوم أنببه ليببس للمحببب فرحببة ول سببرور ول نعيببم إل بمحبببوبه
وبمفارقة محبوبه عذابه الجل والعاجل فصل ومنها البهببت والروعببة الببتي
تحصل عند مواجهة الحبيب أو عنببد سببماع ذكببره ول سببيما إذا رآه فجببأة أو
طلع عليه بغتة كما قال الشاعر
مني فمحب الله ورسوله يغار لله ورسوله على قدر محبته وإجللببه وإذا خل
قلبه من الغيببرة للببه ولرسببوله فهببو مببن المحبببة أخلببى وإن زعببم أنببه مببن
المحبين فكذب من ادعى محبة محبوب من النبباس وهببو يببرى غيببره ينتهببك
حرمة محبوبه ويسعى في أذاه ومساخطه ويستهين بحقببه ويسببتخف بببأمره
وهو ل يغار لذلك بل قلبه بارد فكيف يصح لعبد أن يدعي محبببة اللببه وهببو ل
يغار لمحارمه إذا انتهكت ول لحقوقه إذا ضيعت وأقببل القسببام أن يغببار لببه
من نفسه وهواه وشيطانه فيغار لمحبببوبه مببن تفريطببه فببي حقببه وارتكببابه
لمعصيته وإذا ترحلت هذه الغيرة من القلب ترحلت منه المحبة بببل ترحببل
منببه الببدين وإن بقيببت فيببه آثبباره وهببذه الغيببرة هببي أصببل الجهبباد والمببر
بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحاملة على ذلك فإن خلت مببن القلببب
لم يجاهد ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فإنه إنما يأتي بذلك غيببرة
منه لربه ولذلك جعل الله سبحانه وتعببالى علمببة محبتببه ومحبببوبيته الجهبباد
فقال الله تعالى ^ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسببوف يببأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهببدون
في سبيل الله ول يخافون لومة لئم ذلك فضل الله يببؤتيه مببن يشبباء واللببه
واسع عليم ^ فصل وأما الغيرة على المحبببوب فإنمببا تحمببد حيببث يحمببد
الختصاص بالمحبوب ويذم الشتراك فيه شرعا وعقل كغيرة النسببان علببى
زوجته وأمته والشيء
الذي يختص هو به فيغار من تعرض غيره لببذكره ومشبباركته لببه فيببه وهببذه
الغيرة تختص بالمخلوق ول تتصور في حق الخالق بل المحب لربه يحببب أن
الناس كلهم يحبونه ويذكرونه ويعبدونه ويحمببدونه ول شببيء أقببر لعينببه مببن
ذلك بل هو يدعو إلى ذلك بقوله وعمله ولما لببم يميببز كببثير مببن الصببوفية
بين هاتين الغيرتين وقع في كلمهم تخبيط قبيح وأحسن أمره أن يكون مببن
السعي المغفور ل المشكور وكان بعبض جهلتهبم إذا رأى مبن يبذكر اللببه أو
يحبه يغار منه وربما سكته إن أمكنه ويقول غيرة الحببب تحملنببي علببى هببذا
وإنما ذلك حسد وبغببي وعببدوان ونببوع معببادة للبه ومراغمببة لطريببق رسببله
أخرجوها في قالب الغيرة وشبهوا محبة الله بمحبة الصور من المخلببوقين
ول ريب أن هذه الغيرة محمودة في محبة مببن ل تحسببن مشبباركة المحببب
فيه وسيأتي ذلك في باب الغيرة على المحبوب فصل ومنهببا بببذل المحببب
في رضا محبوبه ما يقدر عليه مما كان يتمتع به بدون المحبة وللمحببب فببي
هذا ثلثة أحوال أحدها ببذله ذلببك تكلفببا ومشببقة وهببذا فببي أول المببر فببإذا
قويت المحبة بذله رضا وطوعا فإذا تمكنبت مبن القلببب غايبة التمكببن ببذله
سؤال وتضرعا كأنه يأخذه من المحبوب حتى إنه ليبببذل نفسببه دون محبببوبه
كما كان الصحابة رضي الله عنهم يقون رسول اللببه فببي الحببرب بنفوسببهم
حتى يصرعوا حوله ولي فؤاد إذا لج الغببرام بببه %هببام اشببتياقا إلببى لقيببا
معذبه
بل هي محبة معلولة حتى يسر بما ساءه وسببره مببن مراضببي محبببوبه وإذا
كان هذا موجودا في محبة الخلق بعضهم لبعض فالحبيب لببذاته أولببى بببذلك
قال أبو الشيص وقف الهوى بي حيث أنببت فليببس لببي %متببأخر عنببه ول
متقدم وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا %ما من يهببون عليببك ممببن يكببرم
أشبهت أعدائي فصبرت أحبهببم %إذ كبان حظببي منببك حظببي منهبم أجببد
الملمة في هواك لذيذة %حبببا لبذكرك فليلمنببي اللببوم وقريبب مبن هببذا
البيت الخير قول الخر لئن ساءني أن نلتني بمساءة %لقببد سببرني أنببي
خطرت ببالك وقال الخر صببدودك عنببي إن صببددت يسببرني %ولببم أر
قبلي عاشقا سر بالصد سررت به أني تيقنت أنما %دعاك إليه رغبة منببك
في ودي ولو كنت فيه تزهدين لساءه %ولكنما عتب المحب من الوجببد
فيا فرحة لي إذ رأيتك تعتبي %علي لذنب كان مني على عمد وقال الخر
أهوى هواها وطول البعد يعجبها %فالبعد قد صار لي في حبها أربا فمن
رأى والها قبلي أخا كلف %ينأى إذا حبه من أرضه قربا
وقريب من هذا قول أحمد بن الحسين يا مبن يعببز علينببا أن نفبارقهم %
وجداننا كل شيء بعدكم عدم إن كان سركم ما قال حاسدنا %فما لجرح
إذا أرضاكم ألم واهتدم بعضهم هذا فقال يا من يعز علينا أن نلبم بهبم %
إذ بعدنا عنهم قد صار قصببدهم إن كببان يرضببيكم هببذا البعبباد فمببا %فيببه
لصبكم جرح ول ألم ولعمر الله أكثر هببذه دعبباوى ل حقيقببة لهببا والصببادق
منهم يخبر عن علمه وإرادته ل عن حاله وصفته ولقد أحسن القائل رضببوا
بالماني وابتلوا بحظوظهم %وخاضوا بحار الحب دعببوى ومببا ابتلببوا فهببم
في السرى لم يبرحوا من مكانهم %وما ظعنوا في السير عنه وقببد كلببوا
وإن كان هذا هو وصف قائلها بعينه وحاله فإنه خاض بحببار الحببب ومببا ابتببل
فيه له قدم وأخبر عن نفسه عند انكشاف غطائه وطلب الرسل له لقببدومه
على ربه فقال وصدق إن كان منزلتي في الحب عنببدكم %مببا قببد لقيببت
فقد ضيعت أيامي أمنية ظفرت نفسي بها زمنا %فاليوم أحسبها أضببغاث
أحلم
وهذه حال كل من أحب مع الله شيئا سواه فإنه إلى هذه الغايببة يصببير ول
بد وسيبدو له إذا انكشف الغطاء أنه إنما كان مغرورا مخدوعا بأمنية ظفرت
نفسه بها مدة حياته ثم انقطعت وأعقبت الحسرة والندامة قال اللببه تعببالى
إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعببوا ورأوا العببذاب وتقطعببت بهببم السببباب
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأمنهم كما تبرأوا منا كذلك يريهببم اللببه
أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار فالسباب الببتي تقطعببت
بهم هي الوصل والعلئق والمودات التي كانت لغير الله وفي غيببر ذات اللببه
وهي التي يقدم إليها سبحانه فيجعلها هببباء منثببورا فكببل محبببة لغيببره فهببي
عذاب على صاحبها وحسرة عليه إل محبته ومحبة ما يدعو إلى محبته ويعين
على طاعته ومرضاته فهذه هي التي تبقى في القلب يوم تبلى السرائر كما
قال سيبقى لكم فببي مضببمر القلببب والحشببا %سببريرة حببب يببوم تبلببى
السرائر وقال آخر إذا تصدع شمل الوصل بينهم %فلمحبين شببمل غيببر
منصدع وإن تقطع حبل الوصل يومئذ %فللمحبين حبل غير منقطع فصببل
ومنها حب الوحدة والنس بالخلوة والتفبرد عببن النباس وكبأن المحبببة قبد
ثبتت على ذلك فل شيء أحلىللمحببب الصببادق مببن خلببوته وتفببرده فببإنه إن
ظفر بمحبوبه أحب خلوته به وكره من يدخل بينهما غاية الكراهة
ولهذا السر والله أعلم أمر النبي برد المار بين يدي المصلي حتى أمر بقتاله
وأخبر أنه لو يدري ما عليه من الثم لكان وقوفه أربعين خيرا له من مببروره
بين يديه ول يجد ألم المرور وشدته إل قلب حاضر بين يببدي محبببوبه مقبببل
وقد ارتفعت الغيار بينه وبينببه فمببرور المببار بينببه وبيببن ربببه بمنزلببة دخببول
البغيض بين المحب ومحبوبه وهذا أمر الحاكم فيه الببذوق فل ينكببره إل مببن
لم يذق وقال ابن مسعود رضي الله عنبه مبرور المبار بيبن يبدي المصبلي
يذهب نصف أجره ذكببره المببام أحمببد وأيضببا فببإن المحببب يسببتأنس بببذكر
محبوبه وكونه في قلبه ل يفارقه فهو أنيسه وجليسه ل يستأنس بسواه فهببو
مستوحش ممن يشغله عنه وحدثني تقي الدين ببن شببقير قببال خببرج شببيخ
السلم ابن تيمية يوما فخرجت خلفه فلما انتهى إلى الصببحراء وانفببرد عببن
الناس بحيث ل يراه أحببد سببمعته يتمثببل بقببول الشبباعر وأخببرج مببن بيببن
البيوت لعلني %أحدث عنك القلب بالسر خاليببا فخلببوة المحببب لمحبببوبه
هي غاية أمتيته فإن ظفر بها وإل خل به في سره وأوحشه ذلك مببن الغيببار
وكببان قيببس ببن الملبوح إذا رأى إنسببانا هبرب منبه فببإذا أراد أن يبدنو منببه
ويحادثه ذكر له ليلى وحببديثها فيببأنس بببه ويسببكن إليببه وينبغببي للمحببب أن
يكون كما قال يوسف لخوته وقد طلب منهم أخاهم ^ فببإن لببم تببأتوني بببه
فل كيل لكم عندي ول تقربون ^ إذا لم تكن فيكن سعدى فل أرى %لكن
وجوها أو أغيب في لحدي
فصل ومنها استكانة المحب لمحبوبه وخضوعه وذله له والحب مبني علببى
الذل ول يأنف العزيز الذي ل يذل لشيء من ذله لمحبوبه ول يعده نقصببا ول
عيبا بل كثير منهم يعد ذله عزا كما قال إذا كنت تهوى من تحب ولببم تكببن
%ذليل فه فاقرأ السلم على الوصل تببذلل لمببن تهببوى لتكسببب عببزة %
فكم عزة قد نالها المرء بالذل وقال الخر إخضع وذل لمن تحببب فليببس
في %شرع الهوى أنف يشال ويعقد وقال الخر ويعجبني ذلي لديك ولم
يكن %ليعجبني لول محبتك الذل وقال آخر يلذ لببه ذل الهببوى وخضببوعه
%ولول الهوى ما لذ للعاقل الذل وقال الخر مساكين أهبل الحببب حببتى
قبورهم %عليها تراب الذل دون المقابر ومتى استحكم الذل والحب صار
عبودية فيصير القلب المحب معبدا لمحبوبه وهذه الرتبببة ل يليببق أن تتعلببق
بمخلوق ول تصلح إل لله وحده
فصل ومنها امتداد النفس وتردد النفاس وتصاعدها وهذا نوعان أحببدهما
ما يقارنه حزن ولهف كما قال القائل رب ليل أمد من نفس العببا %شببق
طول قطعته بانتحاب وقال آخر تردد أنفاس المحب يدلنا %على كنه مببا
أخفاه من ألم الحب إذا خطرات الحب خامرن قلبببه %تنفببس حببتى ظببل
متصدع القلب والثاني ما يكون سببببه طربببا ولببذة وسبببب وجببود النببوعين
انحصار القلب وانفراجه بسبب الوارد الذي ورد عليه فأحدث للنفببس الببذي
تروحه عليه الرئة كيفية مؤذية وطلببب إخراجهببا فهببو تنفببس الصببعداء وأمببا
تنفس الراحة فإن القلببب ينبسببط بعببد انقباضببه فيببدفع الهببواء المحيببط بببه
فيطلب الخروج فصل ومنها هجره كل سبب يقصيه مببن محبببوبه ويبغضببه
المحبوب وارتياحه لكل سبب يدنيه منه ويستحمد به عنده إذا بلغه عنه وفي
الباب عجائب للمحبين فكثير منهم هجر طعاما أو لباسببا أو أرضببا أو صببناعة
أو حالة من الحالت كان محبببوبه يمقتهببا فلببم يعببد إليهببا أبببدا ولببم تطبباوعه
نفسه بفعله البتة وكثير منهم حمله الحب على اكتساب المعببالي والفضببائل
وغيرها مما يعلم أن المحبوب يعظمه ويحبه وهذا نوعان أيضا
أحدهما أن يكون المحبوب مؤثرا لذلك محبا له فالمحب يبببذل جهببده فيببه
لينال منه أعله إن أمكنه فإن كان المحبوب مشغوفا بجمع المببال أثببر ذلببك
في محبه شغفا أشد من شغفه وإن كان مشغوفا بالعلم اجتهد المحببب فببي
طلبببه أشببد مببن مببن اجتهبباده وإن كببان مشببغوفا بحرفببة أو صببناعة حببرص
المحببب علىتعلمهببا إن وجببد إلببى ذلببك سبببيل وإن كببان مشببغوفا بببالنوادر
والحكايات الحسان والخبار المستحسنة بالغ المحب في تحفظهببا فالمحبببة
النافعة أن تقع على عشق كامل يحملك عشقه على طلببب الكمببال والبليببة
كل البلية أن تبتلى بمحبة فارغ بطال صفر من كل خير فيحملببك حبببه علببى
التشبه به والثاني أن يكون المحبوب فارغا من محبببة ذلببك وإيثبباره ولكببن
المحبة تستخرج من قلب المحب عزما وإرادة وحرصا على ما يعظم به في
عين المحبوب وقلبه فتجده من أحرص الناس على ذلببك بحسببب اسببتعداده
كما قيببل ويرتباح للمعببروف فببي طلببب العلببى %لتحمببد يومبا عنببد ليلببى
شمائله وهذا قد يكون له سبب آخر وهو معاداة النبباس لببه وتنقصببهم إيبباه
وازدراؤهم به فيحمله النتخاء لنفسه والغيببرة لهببا ومحبتهببا علببى المنافسببة
في المعالي واكتساب الحمد وهذا من شرف النفس وعزتها كما قيل مببن
كان يشكر للصديق فإنني %أحبو بصالح شكري العداء هم صبيروا طلبب
المعالي ديدني %حتى وطئت بنعلي الجوزاء ولربما انتفع الفتى بعدوه %
والسم أحيانا يكون شفاء وقال الخر عداي لهم فضل علببي ومنببة %فل
أعدم الرحمن عني العاديا
حتى يأتي أبا بكر رضي الله عنه بعد ذلك والشبببهة عنببده لببم تببزل فيعيببدها
عليه ول يظن ذلك بعمر رضي الله عنه ولعمري لقد نزع أبو القاسم بببذنوب
صحيح ولكن المحفوظ هو الذي وقع في البخاري وعليببه عامببة أهببل السببير
والمسانيد والسنن وأما ما نسب إليه عمر رضي الله عنببه فقببد أجيببب عنببه
بأنه كان يرجو النسخ وموافقة ربه له في ذلك كما تقدم له أمثالها فإنه كان
يقول القول فينزل به الوحي والثاني أن المقام كان مقام محنة وابتلء عجز
عنه صبر أكثر الصحابة ولببم يتسببع لببه بطببانهم وداخلهببم مببن الهببم والقلببق
والتحرق على أعدائهم أمببر عظيببم ولهببذا لمببا أمرهببم أن يحلقببوا رؤوسببهم
وينحرا بدنهم لم يقم منهببم رجببل واحببد حببتى دخببل علببى أم سببلمة مغضبببا
فقالت له من أغضبك أغضبه الله فقال ومالي ل أغضب وأنا آمببر بببالمر فل
أتبع وهذا يرد تأويل من تأوله على أن القوم كانوا محسنين في ذلك التثبببت
وأنهم كانوا ينتظرون النسخ فل لوم عليهم وهذا خطأ قبيح من هببذا المعتببذر
بل كانت المبادرة إلى امتثببال أوامببره أولببى بهببم ولببو كببانوا محسببنين فببي
التأخير لما اشتد غضبه عليهم ولكان أولى منهم بانتظار النسخ بل هببذا مببن
سعيهم المغفور الذي غفره الله لهم بكمال إيمانهم ونصببحهم للببه ورسببوله
وعذرهم الله سبحانه لقوة الوارد وضعفهم عن حمله حتى لببم يحملببه عمببر
رضي الله عنه في قوته وشدته واحتمله رسول الله وأبو بكر وكان جوابهمببا
من مشكاة واحدة ولما احتمل رسول الله هذا الحكم الكوني المري
الذي حكم الله له به ورضي به وأقر به ودخل تحته طوعا وانقيادا وهو الفتح
الذي فتح الله له أثابه الله عليه بأربعة أشياء مغفرة ما تقدم مببن ذنبببه ومببا
تأخر وإتمام نعمته عليه وهدايته صراطا مستقيما ونصر الله له نصرا عزيببزا
وبهذا يقع جواب السؤال الذي أورده بعضهم هاهنا فقببال كيببف يكببون حكببم
الله له بذلك علة لهذه المور الربعة إذ يقببول اللببه تعببالى ^ إنببا فتحنببا لببك
فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ^ الية وجوابه ما ذكرنا
أن تسليمه لهذا الحكم والرضا به والنقياد له والببدخول تحتببه أوجببب لببه أن
آتاه الله ذلك والمقصود إنما هو ذكر التفبباق بيببن المحببب والمحبببوب وهببذا
الذي جرى للصديق رضي الله عنه من أحسن الموافقببة ومببن هببذا موافقببة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه لربه تعالى في عدة أمببور قالهببا فنببزل بهببا
الوحي كما قال وتقوى هذه الموافقة حتى يعلببم المحببب بكببثير مببن أحببوال
محبوبه وهو غائب عنه وهذا بحسب تعلق الهمة به وتوجه القلب إليه واتحاد
مراده بمراده وربمببا اقتضببى ذلببك اتفاقهمببا فببي المببرض والصببحة والفببرح
والحزن والخلق فإن كان مع ذلك بينهما تشابه في الخلق الظاهر فهو الغاية
في التفاق ولنقتصر من العلمات على هذا القدر وبالله التوفيق
أنه لم يجعل دعيه ابنه فانظر ما أحسن هذا التأصيل وهذا السببتطراد الببذي
تسجد له العقول واللباب وله نظائر في القرآن عديدة فمنها قوله هو الذي
خلقكم من نفس واحدةوجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشبباها حملببت
حمل خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهمببا لئن آتيتنببا صبالحا لنكببونن
من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعل له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما
يشركون فالنفس الواحدة وزوجها آدم وحواء واللذان جعل لببه شببركاء فيمببا
آتاهما المشركون من أولدهمبا ول يلتفبت إلبى غيبر ذلبك ممبا قيبل إن آدم
وحواء كانا ل يعيش لهما ولد فأتاهما إبليس فقال إن أحببتما أن يعيش لكمببا
ولد فسمياه عبد الحارث ففعل فببإن اللببه سبببحانه اجتببباه وهببداه فلببم يكببن
ليشرك به بعد ذلك ونظير هذا الستطراد قوله ^ يسألونك عببن الهلببة قببل
هي مواقيت للناس والحج ^ ثم قال ^ وليببس البببر بببأن تببأتوا البببيوت مببن
ظهورها ^ فإنهم كانوا يفعلون ذلك في الحرام فلما ذكر لهم وقت الحرام
الذي هو من فوائد الهلة استطرد منه إلى ذكر مببا يفعلببونه فيببه وهببو كببثير
جدا والمقصود أن المحبة تستلزم توحيد المحبوب فيها وقد بالغ أبو محمببد
بن حزم في إنكاره على من يزعم أنه يعشق أكثر من واحد وقال فببي ذلببك
شعرا ونحن نذكر كلمه وشعره قال بعد كلم طويل ومن هببذا دخببل الغلببط
على من يزعم أنه يحب اثنين ويعشق شخصين متغيارين وإنما هذا من جهة
الشهوة التي ذكرنا آنفا وهي على المجاز تسمى محبة ل على التحقيق وأما
نفس المحب
فما في الميل به فضل يصبرفه مبن أسبباب دينبه ودنيباه فكيبف بالشبتغال
بحب ثان وفي ذلك أقول كذب المدعي هوى اثنين حتمببا %مثببل مببا فببي
الصول أكذب ماني ليس في القلب موضبع لحبيببين %ول أحبدث المبور
اثنان فكما العقل واحببد ليببس يببدري %خالقببا غيببر واحببد رحمببان فكببذا
القلب واحد ليس يقوى %غير فرد مباعد أو مدان هو في شببرعة المببودة
ذو شك %بعيد من صحة اليمان وكذا الدين واحد مستقيم %وكفور مببن
عنده دينان وقد اختلف الناس في هذه المسألة فقالت طائفة ليس للقلب
إل وجهة واحدة إذا توجه إليها لم يمكنه التوجه إلى غيرها قببالوا وكمببا أنببه ل
يجتمع فيه إرادتان معا فل يكون فيه حبان وكان الشيخ إبراهيم الرقي رحمه
الله يميل إلببى هببذا وقببالت طائفببة بببل يمكببن أن يكببون لببه وجهتببان فببأكثر
باعتبارين فيتوجه إلى أحدهما ول يشغله عن توجهه إلى الخر قالوا والقلببب
حمال فما حملته تحمل فإذا حملته الثقال حملها وإن اسببتعجزته عجببز عببن
حمل غير ما هو فيه فالقلب واسع يجتمع فيه التوجه إلى الله سبحانه وإلببى
أمره وإلى مصالح عباده
ول يشغله واحد من ذلك عن الخر فقد كان رسببول اللببه قلبببه متببوجه فببي
الصلة إلى ربه وإلىمراعاة أحوال من يصلي خلفه وكان يسمع بكبباء الصبببي
فيخفف الصلة خشية أن يشق على أمه أفل ترى قلبه الواسع الكريم كيببف
اتسع للمرين ول يظن أن هذا من خصائص النبوة فهببذا عمببر بببن الخطبباب
رضي الله عنه كان يجهز جيشه وهو في الصلة فيتسع قلبه للصلة والجهبباد
في آن واحد وهذا بحسب سعة القلب وضيقه وقببوته وضببعفه قببالوا وكمببال
العبوديببة أن يتسببع قلببب العبببد لشببهود معبببوده ومراعبباة آداب عبببوديته فل
يشغله أحد المرين عن الخر وهذا موجود في الشاهد فإن الرجل إذا عمببل
عمل للسلطان مثل بين يديه وهو ناظر إليه يشاهده فإن قلبه يتسع لمراعاة
عمله وإتقانه وشهود إقبال السلطان عليه ورؤيته له بل هذا شأن كل محبب
يعمل لمحبوبه عمل بين يديه أو ي غيبته قالوا وهببذا رسببول اللببه بكببى يببوم
موت ابنه إبراهيم فكان بكاؤه رحمة له فاتسببع قلبببه لرحمببة الولببد وللرضببا
بقضاء الله ولم يشغله أحدهما عن الخر لكن الفضببيل لببم يتسببع قلبببه يببوم
موت ابنه لذلك فجعل يضحك فقيل له أتضحك وقد مات ابنك فقال إن اللببه
سبحانه قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه ومعلوم أن بين هببذه الحببال
وحال رسول الله حينئذ تفاوت ل يعلمببه إل اللببه ولكببن لببم يتسببع قلبببه لمببا
اتسببع لببه قلببب رسببول اللببه ونظيببر هببذا اتسبباع قلببب رسببول اللببه لغنبباء
الجويريتين اللتين كانتا تغنيان عند عائشة رضي الله عنها فلببم يشببغله ذلببك
عن ربه ورأى فيه من مصلحة إرضاء النفببوس الضببعيفة بمببا يسببتخرج منهببا
من محبة الله ورسوله ودينه فإن النفوس متى نالت شيئامن حظها طببوعت
ببذل ما عليها من الحق ولم يتسع
قلب عمر لذلك لما دخل فأنكره وكم بين من ترد عليه الواردات فكل منهببا
يثير همته ويحرك قلبه إلىالله كما قال القائل يذكرنيك الخير والشر والببذي
%أخاف وأرجو والذي أتوقع ومن يرد عليه من الواردات فيشغله عن الله
ويقطعه عن سير قلبه إليه فالقلب الواسع يسير بالخلق إلى الله مببا أمكنببه
فل يهرب منهم ول يلحق بالقفار والجبال والخلوات بل لو نزل بببه مببن نببزل
سار به إلى الله فإن لم يسبر معبه سبار هببو وتركببه ول ينكبر هبذا فالمحببة
الصحيحة تقتضيه وخببذ هببذا فببي المغنببي إذا طببرب فلببو نببزل بببه مببن نببزل
أطربهم كلهم فإن لببم يطربببوا معببه لببم يبدع طرببه لغلببظ أكبببادهم وكثافببة
طبعهم وكان شببيخنا يميببل إلببى هببذا القببول وهببو كمببا تبرى قببوته وحجتببه
والتحقيق أن المحبوب لذاته ل يمكن أن يكون إل واحدا ومستحيل أن يوجببد
في القلب محبوبان لذاتهما كما يستحيل أن يكون في الخارج ذاتان قائمتان
بأنفسهما كببل ذات منهمببا مسببتغنية عببن الخببرى مببن جميببع الوجببوه وكمببا
يستحيل أن يكون للعالم ربان متكافئان مستقلن فليس الذي يحب لذاته إل
الله الحق الغني بذاته عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير بذاته إليببه وأمببا
ما يحب لجله سبحانه فيتعدد ول تكون محبة العبد له شاغلة لببه عببن محبببة
ربه ول يشركه معه في الحب فقد كان رسببول اللببه يحببب زوجبباته وأحبهببن
إليه عائشة رضي الله عنها وكان يحب أباها ويحببب عمببر رضببي اللببه عنهببم
وكان يحب أصحابه وهم مراتب في حبه لهم ومع هذا فحبه كلببه للببه وقببوى
حبه جميعها منصرفة إليه سبحانه
فإن المحبة ثلثة أقسام محبةالله والمحبة له وفيه والمحبة معببه فالمحبببة
له وفيه من تمام محبته وموجباتها ل من قواطعها فإن محبة الحبيب تقتضي
محبة ما يحب ومحبة ما يعين على حبه ويوصل إلببى رضبباه وقربببه وكيبف ل
يحب المؤمن ما يستعين به على مرضاة ربه ويتوصببل بببه إلببى حبببه وقربببه
وأما المحبة مع الله فهي المحبة الشركية وهي كمحبة أهل النداد لنببدادهم
كما قال تعالى ^ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنببدادا يحبببونهم كحببب
الله والذين آمنوا أشد حبببا للببه ^ وأصببل الشببرك الببذي ل يغفببره اللببه هببو
الشرك في هببذه المحبببة فببإن المشببركين لببم يزعمببوا أن آلهتهببم وأوثببانهم
شاركت الرب سبحانه في خلق السبموات والرض وإنمبا كببان شببركهم بهبا
من جهة محبتها مع الله فوالوا عليها وعادوا عليها وتألهوها وقالوا هببذه آلهببة
صغار تقربنا إلى الله العظم ففرق بين محبة اللببه أصببل والمحبببة لببه تبعببا
والمحبةمع شركا وعليك بتحقيق هذا الموضع فإنه مفرق الطببرق بيببن أهببل
التوحيد وأهل الشببرك ويحكببى أن الفضببيل دخببل علببى ابنتببه فببي مرضببها
فقالت له يا أبت هل تحبني قال نعم قالت ل إله إل الله والله ما كنت أظببن
فيك هذا ولم أكن أظنك تحب مع الله أحدا ولكن أفرد الله بالمحبببة واجعببل
لي منك الرحمة أي يكون حبك لي حب رحببم جعلهببا اللببه فببي قلببب الوالببد
لولده ل محبة مع الله فللببه حببق مببن المحبببة ل يشببركه فيببه غيببره وأظلببم
الظلم وضع تلك المحبة في غير موضبعها والتشبريك بيبن اللبه وغيبره فيهبا
فليتدبر اللبيب هذا الباب فإنه من أنفع أبواب الكتاب إن شاء الله تعالى
الباب الثاني والعشرون في غيرة المحبين على أحبابهم لما كان هذا الباب
متصل ببإفراد المحببوب بالمحببة ومبن موجبباته فبإن الغيبرة بحسبب قبوة
المحبة وقوتها بحسب إفببراد المحبببوب حسببن ذكببره بعببده وأصببل الغيببرة
الحمية والنفة والغيرة نوعان غيرة للمحبوب وغيببرة عليببه فأمببا الغيببرة لببه
فهي الحمية له والغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته وناله مكببروه
من عدوه فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير
ومحاربة من آذاه فهذه غيرة المحبين حقا وهببي مببن غيرةالرسببل وأتببباعهم
لله ممن أشرك به واستحل محارمه وعصى أمره وهذه الغيببرة هببي الببتي
تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه حتى يزول مببا يكرهببه
فهو يغار لمحبوبه أن تكون فيه صفة يكرهها محبوبه ويمقتببه عليهبا أو يفعببل
ما يبغضه عليه ثم يغار له بعد ذلك أن يكون في غيره صفة يكرهها ويبغضببها
والدين كله في هذه الغيرة بل هي الدين وما جاهد مؤمن نفسببه وعببدوه ول
أمر بمعروف ول نهى عن منكر إل بهذه الغيرة ومببتى خلببت مببن القلببب خل
من الدين فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لم يكن له كمببا يحببب
والغيرة تصفي القلب وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد
فصل وأما الغيرة علىالمحبوب فهي أنفة المحب وحميتببه أن يشبباركه فببي
محبوبه غيره وهذه أيضا نوعان غيرة المحب أن يشاركه غيببره فببي محبببوبه
وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيببره والغيببرة مببن صببفات الببرب
جل جلله والصل فيها قوله تعالى ^ قل إنما حرم ربي الفواحش مببا ظهببر
منها وما بطن ^ ومن غيرته تعببالى لعبببده وعليببه يحميببه ممببا يضببره فببي
آخرته كما في الترمذي وغيره مرفوعببا إن اللببه يحمببي عبببده المببؤمن مببن
الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعبام والشبراب وفبي الصبحيحين أن
رسول الله قال في خطبة الكسوف والله يا أمة محمد ما أحد أغير من الله
أن يزني عبده أو تزنببي أمتببه وفببي ذكببر هببذا الببذنب بخصوصببه فببي خطبببة
الكسوف سر بديع قد نبهنا عليه في باب غض البصر وأنببه يببورث نببورا فببي
القلب ولهذا جمع الله سبحانه وتعالى بين المر به وبين ذكر آية النور فجمع
الله سبحانه بين نور القلب بغض البصببر وبيببن نببوره الببذي مثلببه بالمشببكاة
لتعلق أحدهما بالخر فجمع النبي بين ظلمة القلب بالزنا وبين ظلمة الوجود
بكسببوف الشببمس وذكببر أحببدهما مببع الخببر وفببي الصببحيحين مببن حببديث
عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله ليس شيء أغير من
الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ول أحببد أحببب إليببه
المدح من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه ول أحد أحاب إليببه العببذر مببن
الله من أجل ذلك أرسل الرسل
قال غيرة أحدكم في غير كنهه وفي الصحيح عنه إن من الغيرة ما يحب الله
ومنها ما يكره الله فالغيرة التي يحبها الله الغيرة فببي الريبببة والغيببرة الببتي
يكرهها الله الغيرة في غير ريبة وفي الصببحيح عنببه أنببه قببال أتعجبببون مببن
غيرة سعد لنا أغير منبه واللبه أغيببر منببي وقبال عبببدالله ببن شبداد الغيبرة
غيرتان غيرة يصلح بهاالرجل أهله وغيرة تدخله النار وروى عبدالله بن لهيعة
عن يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن بن شماسة المهري عن عبدالله بببن
عمر رضي الله عنهما أن رسول الله دخل على مارية القبطية وهببي حامببل
بإبراهيم وعندها نسيب لها قدم معها من مصر فأسلم وكان كثيرا مببا يببدخل
على أم إبراهيم وأنه جب نفه فقطع ما بيبن رجليببه حبتى لبم يببق قليبل ول
كثير فدخل رسول الله يوما عليها فوجد عندها قريبها فوجد فببي نفسببه مببن
ذلك شيئا كما يقع فبي أنفبس النباس فخبرج متغيبر اللبون فلقيبه عمبر ببن
الخطاب رضي الله عنه فعرف ذلك فببي وجهببه فقببال يببا رسببول اللببه أراك
متغير اللون فأخبره ما وقع في نفسه من قريب مارية فمضى بسيفه فأقبل
يسعى حتى دخل على مارية فوجد عندها قريبها ذلك فأهوى بالسيف ليقتلبه
فلما رأى ذلك منه كشف عن نفسه فلما رآه عمر رضي الله عنه رجببع إلببى
رسول الله فأخبره فقال إن جبريببل أتبباني فببأخبرني أن اللببه عببز وجببل قببد
برأها وقريبها مما وقع في نفسي وبشرني أن فببي بطنهبا غلمبا وأنببه أشبببه
الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم
الشديدة على امرأة بعدما ماتت وذلك لفرط محبتها لرسول الله كانت تغار
عليه أن يذكر غيرها وكذلك غيرتها من صفية رضببي اللببه عنهببا فببإن رسببول
الله لما قدم بها المدينة وقد اتخذها لنفسه زوجة وعببرس بهببا فببي الطريببق
قالت عائشة رضي الله عنهببا تنكببرت وخرجببت أنظببر فعرفنببي فأقبببل إلببي
فانقلبت فأسرع المشي فأدركني فاحتضنني وقال كيف رأيتها قلببت يهوديببة
بين يهوديات تعني السبي وفي المسند من حديث الشعث بن قيببس قببال
تضيفت بعض أصحاب النبي فقام إلى امرأته فضببربها قببال فحجببزت بينهمببا
فرجع إلى فراشه فقال ياأشعث احفظ عني شيئا سمعته من رسول اللببه ل
تسألن رجل فيم يضرب امرأته وذكر حماد بن زيد عببن أيببوب عببن ابببن أبببي
مليكة أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع امرأته تكلببم رجل مببن وراء جببدار
بينها وبينه قرابة ل يعلمها ابن عمر فجمع لها جرائد ثم ضببربها حببتى أضبببت
حسيسا وذكر الخرائطي عن معاذ بن جبل رضببي اللببه عنببه أنببه كببان يأكببل
تفاحا ومعه امرأته فدخل عليه غلم له فناولته تفاحة قد أكلت منها فأوجعهببا
معاذ ضربا ودخل يوما على امرأته وهي تطلع فببي خببباء أدم فضببربها وذكببر
الثوري عن أشعث عن الحسن أن امرأة جاءت تشكو زوجها إلى النبي
لطمها فدعا الرجل ليأخذ حقها فأنزل الله عز وجل ^ الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله بعضهم علببى بعببض ^ فقببال رسببول اللببه أردنببا أمببرا
وأراد الله أمرا وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شببديد الغيببرة وكببانت
امرأته تخرج فتشهد الصلة فيكره ذلك فتقببول إن نهيتنببي انتهيببت فيسببكت
امتثال لقول رسول الله ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وهو الذي أشار على
النبي أن يحجب نساءه وكببان عببادة العببرب أن المببرأة ل تحتجببب لنزاهتهببم
ونزاهة نسائهم ثم قام السلم على ذلك فقال عمر يا رسول الله لو حجبت
نساءك فإنه يدخل عليهن البر والفبباجر فببأنزل اللببه عببز وجببل آيببة الحجبباب
ورفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل قد قتل امرأته ومعها رجببل
آخر فقال أولياء المرأة هذا قتل صباحبتنا وقبال أوليباء الرجبل إنبه قبد قتبل
صاحبنا فقال عمر رضي الله عنه ما يقول هببؤلء قببال ضببرب الخببر فخببذي
امرأته بالسيف فإن كان بينهما أحببد فقببد قتلتببه فقببال لهببم عمببر مببا يقببول
فقالوا ضرب بسيفه فقطببع فخببذي المببرأة فأصبباب وسببط الرجببل فقطعببه
باثنتين فقال عمر رضي الله عنه إن عادوا فعد ذكره سعيد بن منصببور فببي
سننه وأخذ بهذا جماعة من الفقهاء منهم المام أحمد وأصحابه رحمهم اللببه
تعالى قالوا لو وجد رجل يزني بامرأته
وأبيض غرةالسلم مني %خلوت بعرسه ليل التمام أبيببت علببى ترائبهببا
ويمسي %على جرداء لحقة الحببزام كببأن مواضببع الببربلت منهببا %فئام
ينهضون إلى فئام فقمت إليه فقتلته فأهببدر عمببر دمببه وليببس فببي هببذين
المرين مطلبة عمر رضي الله عنه القاتل بالبينة إذ لعله تيقببن ذلببك أو أقببر
به الولي والصواب أنه متى قام علبى ذلبك دللبة ظباهرة ل تحتمبل الكبذب
أغنت عن البينة وذكر سفيان بن عيبنة عن الزهري عبن القاسببم ببن محمببد
عن عبيد بببن عميببر أن رجل أضبباف إنسببانا مببن هببذيل فببذهبت جاريببة لهببم
تحتطب فأرادها عن نفسها فرمتببه بفهببر فقتلتببه فرفببع ذلببك إلببى عمببر بببن
الخطاب رضي الله عنه فقال ذاك قتيل اللببه ل يببودى أبببدا وذكببر حمبباد بببن
سلمة عن القاسم بن محمد أن أبا السيارة أولع بامرأة أبي جنببدب يراودهببا
عن نفسها فقالت ل تفعل فإن أبا جندب إن يعلم بهذا يقتلك فببأبى أن ينببزع
فكلمت أخا أبا جندب فكلمه فأبى أن ينزع فأخبرت بذلك أبا جندب فقال أبو
جندب إني مخبر القبوم أنبي أذهبب إلبى الببل فبإذا أظلمبت جئت فبدخلت
البيت فإن جاءك فأدخليه علي فودع أبو جندب القبوم وأخببرهم أنبي ذاهبب
إلى البل فلما أظلم الليل جاء فكمن في
البيت وجاء أبو السيارة وهي تطحن في ظلها فراودهببا عببن نفسببها فقببالت
ويحك أرأيت هذا المر الذي تدعوني إليه هل دعوتك إلى شيء منه قط قال
ل ولكن ل أصبر عنك قالت أدخل البيت حتى أتهيأ لك فلما دخل البيت أغلق
أبو جندب الباب ثم أخذه فدقه من عنقه إلى عجب ذنبه فذهبت المرأة إلببى
أخي أبببي جنببدب فقببالت ادرك الرجببل فببإن أبببا جنببدب قبباتله فجعببل أخببوه
يناشده فتركه وحمله أبو جندب إلبى مدرجبة الببل فألقباه فكبان إذ مبر ببه
إنسان قال له ما شأنك فيقول وقعت من بكببر فحطمنببي وبلببغ الخبببر عمببر
رضي الله عنه فأرسل إلى أبي جندب فأخبره بالمر على وجهه فأرسل إلى
أهل المرأة فصدقوه فجلد عمر أبا السيارة مائة جلدة وأبطببل ديتببه وذكببر
العباس بن هشام الكلبي عن أبيه أن عمببرو بببن حممببة الدوسببي أتببى مكببة
حاجا وكببان مببن أجمببل العببرب فنظببرت إليببه امببرأة فقببالت ل أدري وجهببه
أحسن أم فرسه وكانت له جمة تسمى الزينة فكببان إذا جلببس مببع أصببحابه
نشرها وإذا قام عقصها فقالت له المرأة أين منزلك قال نجد قالت مببا أنببت
بنجدي ول تهامي فاصبدقني فقبال رجبل مبن أهبل السبراة فيمبا بيبن مكبة
واليمن ثم أشار إليها ارتدفي خلفي ففعلت فمضى بها إلببى السببراة وتبعهببا
زوجها فلم يلحقها فرجع فلما اسببتقرت عنببده قطببع عروقهببا وقببال واللببه ل
تتبعين بعدي رجل أبدا ثم ردها إلى زوجها على تلك الحال
فصل والله سبحانه وتعالى يغار على قلب عبده أن يكون معطل مببن حبببه
وخوفه ورجببائه وأن يكببون فيببه غيببره فببالله سبببحانه وتعببالى خلقببه لنفسببه
واختاره من بين خلقه كما في الثر اللهي ابن آدم خلقتك لنفسببي وخلقببت
كل شيء لك فبحقي عليك ل تشتغل بما خلقته لك عم ما خلقتببك لببه وفببي
أثر آخر خلقتك لنفسي فل تلعب وتكفلت لببك برزقببك فل تتعببب يببا ابببن آدم
اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شببيء وأنببا
خير لك من كل شيء ويغار على لسانه أن يتعطل من ذكره ويشببتغل بببذكر
غيره ويغار على جوارحه أن تتعطببل مببن طبباعته وتشببتغل بمعصببيته فيقبببح
بالعيد أن يغار موله الحق على قلبه ولسانه وجببوارحه وهببو ل يغببار عليهببا
وإذا أراد الله بعبده خيرا سلط على قلبه إذا أعرض عنه واشتغل بحب غيره
أنواع العذاب حتى يرجع قلبه إليه وإذا اشتغلت جوارحه بغيبر طباعته ابتلهبا
بأنواع البلء وهذا من غيرته سبحانه وتعببالى علببى عبببده وكمببا أنببه سبببحانه
وتعالى يغار على عبده المؤمن فهو يغار له ولحرمته فل يمكببن المفسببد أن
يتوصل إلى حرمته غيرة منه لعبده فببإنه سبببحانه وتعببالى يببدفع عببن الببذين
آمنببوا فيببدفع عببن قلببوبهم وجببوارحهم وأهلهببم وحريمهببم وأمببوالهم يتببولى
سبحانه الدفع عن ذلك كله غيرة منه لهم كما غاروا لمحببارمه مببن نفوسببهم
ومن غيرهم والله تعالى يغار على إمائه وعبيده من المفسدين شرعا وقدرا
ومن أجل ذلك حرم الفواحش وشرع عليها أعظم العقوبات وأشببنع القتلت
لشدة غيرته على إمائه وعبيده فببإن عطلببت هببذه العقوبببات شببرعا أجراهببا
سبحانه قدرا
فصل ومن غيرته سبببحانه وتعببالى غيرتببه علببى توحيببده ودينببه وكلمببه أن
يحظى به من ليس من أهله بل حال بينهم وبينه غيرة عليه قال اللببه تعببالى
^ وجعلنا على قلوبهم أكنببة أن يفقهببوه وفببي آذانهببم وقببرا ^ ولببذلك ثبببط
سبحانه أعداءه عن متابعة رسوله واللحاق به غيرة كما قببال اللببه تعببالى ^
ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجببوا فيكببم
ما زادوكم إل خبال ولوضعوا خللكم يبغونكم الفتنببة وفيكببم سببماعون لهببم
والله عليم بالظالمين ^ فغار سبحانه علببى نبببيه وأصببحابه أن يخببرج بينهببم
المنافقون فيسعوا بينهببم بالفتنببة فثبطهببم وأقعببدهم عنهببم وسببمع الشبببلي
رحمه الله تعالى قارئا يقرأ ^ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينببك وبيببن الببذين ل
يؤمنون بالخرة حجابا مستورا ^ فقال أتدرون ما هذا الحجبباب هببذا حجبباب
الغيرة ول أحد أغير من الله يعني أنه سبحانه وتعالى لببم يجعببل الكفببار أهل
لمعرفته وها هنا نوع من غيرة الرب سبببحانه وتعببالى لطيببف ل تهتببدي إليببه
العقول وهو أن العبد يفتح له ببباب مببن الصببفاء والنببس والوجببود فيسبباكنه
ويطمئن إليه وتلتذ به نفسه فيشببتغل بببه عببن المقصببود فيغببار عليببه مببوله
الحق
فيخليه منه ويرده حينئذ إليه بالفقر والذلة والمسكنة ويشببهده غايببة فقببره
وإعدامه وأنه ليببس معببه مببن نفسببه شببيء البتببة فتعببود عببزة ذلببك النببس
والصفاء الوجود ذلو ومسكنة وفقرا وفاقة وذرة من هذا أحب إليببه سبببحانه
وتعالى وأنفع للعبد من الجبال الرواسي مببن ذلببك الصببفاء والنببس المجببرد
عن شهود الفقر والذ 1لة والمسكنة وهببذا ببباب ل يتسببع لببه قلببب كببل أحببد
فصل ومن الغيرة الغيرة على دقيق العلببم ومببال يببدركه فهببم السببامع أن
يذكر له ولهذه الغيرة قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه حببدثوا النبباس
بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله وقال ابن مسعود رضي الله عنه
ما أنت بمحدث قوما حديثا ل تبلغه عقببولهم إل كببان لبعضببهم فتنببة فالعببالم
يغار على علمه أن يبذله لغير أهله او يضعه في غير محله كمبا قبال عيسبى
بن مريم يا بني إسرائيل ل تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ول تبذلوها لغيببر
أهلها فتظلموها وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير قوله تعببالى
الله الذي خلق سبع سموات ومن الرض مثلهن فقببال للسببائل ومببا يؤمنببك
أني إن أخبرتك بتفسيرها كفببرت فإنببك تكببذب بببه وتكببذيبك بهببا كفببرك بهببا
فالمسألة الدقيقة اللطيفة التي تبذل لغير أهلها كالمرأة لحسناء التي تهببدى
إلى ضرير مقعد كما قيل
خود تزف إلى ضرير مقعد وكان أبو علي إذا وقع شيء في خلل مجلسببه
من تشويش الوقت يقول هذا من غيرة الحق يريد أن ل يجري ما يجري من
صفاء الوقت قال الشاعر همت بإتياننا حتى إذا نظرت %إلى المراة نهاها
وجهها الحسن ما كان هببذا جببزائي مببن محاسببنها %عببذبت بببالهجر حببتى
شفني الحزن قال القشيري وقيل لبعضببهم أتحببب أن تراهببم قببال ل قيببل
ولم قال أنزه ذلك الجمال عن نظر مثلببي وفببي معنبباه أنشببدوا إنببي لحببد
ناظري عليكا %حتى أغببض إذا نظببرت إليكببا وأراك تخطببر فببي شببمائلك
التي %هي فتنتي فأغار منك عليكا قلت وهذه غيرة فاسدة وغاية صاحبها
أن يعفى عنه وأن يعد ذلك في شطحاته المذمومة وأما أن تعد فببي منبباقبه
وفضائله أن يقال أتحب أن ترى الله فيقول ل ورؤيته أعلى نعيم أهل الجنببة
وهو سبحانه وتعالى يحب من عبببده أن يسببأله النظببر إليببه وقبببد ثبببت عببن
النبي أنه كان من دعائه اللهم إني أسألك لببذة النظببر إلببى وجهببك والشببوق
إلى لقائك وقول هذا القائل أنببزه ذلببك الجمببال عببن نظببر مثلببي مببن خببدع
الشيطان والنفس وهو يشبه ما يحكبى عبن بعضبهم أنبه قيبل لبه أل تبذكره
فقال أنزهه أن يجري ذكره على لساني وطرد هذا التنزيه الفاسد أن ينزهببه
أن يجري كلمه على لسانه أو يخطر هو أيضا علببى قلبببه وقببد وقببع بعضببهم
في شيء من هذا فلموه فأنشد
يقولون زرنا واقض واجب حقنا %وقد أسقطت حالي حقوقهم عنببي إذا
هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها %ولم يأنفوا مني أنفت لهم مني وطرد هببذه
الغيرة أن ل يزور بيته غيرة على بيته أن يزوره مثله ولقد لمت شخصا مببرة
على ترك الصلة فقال لي إني ل أرى نفسي أهل أن أدخل بيته فببانظر إلببى
تلعب الشيطان بهؤلء ومن هذا ما ذكره القشيري قال سئل الشبببلي مببتى
تستريح فقال إذا لم أر له ذاكرا ومات ابن له فقطعببت أمببه شببعرها فببدخل
هو الحمام ونور لحيته حتى ذهب شعرها فقيل له لم فعلت هذا فقببال إنهببم
يعزونني على الغفلة ويقولون آجرك اللببه ففببديت ذكرهببم للببه تعببالى علببى
الغفلة بلحيتي وموافقة لهلي ونظير هذا ما يحكى عببن النببوري رحمببه اللببه
تعالى أنه سمع رجل يؤذن فقال طعنة وسم الموت وسببمع كلبببا ينبببح فقببال
لبيك وسعديك فسئل عن ذلك فقال أما ذاك فكان يذكره على راس الغفلببة
وأما الكلب فقال الله تعالى ^ وإن مببن شببيء إل يسبببح بحمببده ^ وسببمع
الشبلي مرة رجل يقول جل الله فقال أحب أن تجله هن هذا وياعجبببا ممببن
يعد هذا في مناقب رجل ويجعله قدوة ويزين به كتابه وهل شيء أشد علببى
قلب المؤمن وأمر عليه من أن ل يرى لربه ذاكرا وهل شيئ أقر لعينببه مببن
أن يرى ذاكرين الله بكل مكان وعذر هذا القائل أنه ل يرى ذاكببرا للببه بحببق
الذكر بل ل يرى ذاكرا إل والغفلة والسهوة مستولية علببى قلبببه فيببذكر ربببه
بلسان فارغ من القلب وحضوره في الذكر وذلك ذكر ل يليق به فيغار محبه
أن يذكر بهذا الذكر فيحب أن ل يسمع أحدا
يذكره هذا الذكر ولما اشترك الناس في هببذا الببذكر أخبببر أن راحتببه أن ل
يرى له ذاكرا هذا أحسن مببا يحمببل عليببه كلمببه وإل فظبباهره إلببى العببداوة
أقرب منه إلى المحبة وليس هذا حال الشبلي رحمه الله تعالى فإن المحبببة
كانت تغلب عليه ومع ذلك فهو من شطحاته التي يرجى أن تغفر له بصببدقه
ومحبته وتوحيده ل أنهببا ممببا يحمببد عليببه ويقتببدى بببه فيببه وقببد أمببر اللببه
سبحانه وتعالى عباده أن يذكروه على جميع أحوالهم وإن كببان ذكرهببم إيبباه
مراتب فأعلها ذكببر القلببب واللسبان مبع شبهود القلبب للمبذكور وجمعيتبه
بكليته بأحب الذكار إليه ثم دونه ذكر القلب واللسببان أيضببا وإن لببم يشبباهد
المذكور ثم ذكر القلب وحده ثببم ذكببر اللسببان وحببده فهببذه مراتببب الببذكر
وبعضها أحب إلى الله من بعض وكان طبرد قبول الشبببلي أن راحتببه أن ل
يرى لله مصليا ول لكلمه تاليا ول يرى أحدا ينطق بالشهادتين فإن هببذا كلببه
من ذكره بل هو أعلى أنواع ذكره فكيف يستريح قلب المحب إذا لم ير مببن
يفعل ذلك والله سبحانه وتعالى يحب أن يببذكر ولببو كببان مببن كببافر وقببال
بعض السلف إن الله يحب أن يذكر على جميع الحوال إل في حببال الجمبباع
وقضاء الحاجة وأوحى اللببه عبز وجبل إلببى موسبى أن اذكرنبي علببى جميبع
أحوالك والله تعالى ل يضيع أجر ذكر اللسان المجببرد بببل يببثيب الببذاكر وإن
كان قلبه غافل ولكن ثواب دون ثواب قال القشيري وسببمعت السببتاذ أبببا
علي يقول في قول النبي في مبايعته فرسا من أعرابي وأنه استقاله فأقاله
فقال له العرابي عمرك الله فمن أنببت فقببال لبه النبببي امببرؤ مببن قريببش
فقال له بعض
الحاضرين كفاك جفاء أن ل تعرف نبيك قال أبو علي فإنما قال امببرؤ مببن
قريش غيرة وإل كان واجبا عليه التعرف إلى كل أحد أنه من هو ثم إن اللببه
أجرى على لسان ذلك الصحابي التعريببف للعرابببي فيقببال مببن العجببب أن
يقال إن النبي غار أن يذكر أنه رسول الله للعرابي الذي ل يعرفه وهو كببان
دائما يذكر ذلك لعدائه من الكفار سرا وجهرا ليل ونهارا ول يغببار مببن ذلببك
فكيف يظن به أنه غار أن يعرف ذلببك المسببكين أنببه رسببول اللببه هببذا مببن
خيالت القوم وترهاتهم وإنما ستر عنه ذلك الوقت معرفته له لحكمة لطيفة
فهمها الصحابي فصرح بها للعرابي وهي أن هذا العرابي كببان جافيببا جلفببا
فأحب النبي أن يعرفه جفاءه وجلفته بطريق ل يبكته بها ويعرف من نفسببه
أنه أهل لذلك فكأنه يقول بلسان الحال كفاك جفاء أن تجهلني فتسألني من
أنا فلما فهم الصحابي ذلك بلطف إدراكه ودقة فهمه فبادأه به وقببال كفبباك
جفاء أن ل تعرف نبيك ثم ذكر القشيري كلم الشبلي أنه قال غيرة اللهية
على النفاس أن تضيع فيما سببوى اللببه وهببذا كلم حسببن قببال القشببيري
والواجب أن يقال الغيرة غيرتان غيببرة الحببق علببى العبببد وهببو أن ل يجعلببه
للخلق فيضن به عليهم وغيرة العبد للحق وهو أن ل يجعل شيئا مببن أحببواله
وأنفاسه لغير الحق سبحانه فل يقال أنا أغار على الله ولكببن يقببال أنببا أغببار
لله قال فإذا الغيرة على الله جهل وربما تؤدي إلى ترك الدين والغيرة لله
توجب تعظيم حقوقه وتصفية العمال له فمن سنة الحق مع
أوليببائه أنهببم إذا سباكنوا غيببرا أو لحظببوا شببيئا أو صبالحوا بقلبوبهم شببيئا
يشوش عليهم ذلك فيغار على قلوبهم بأن يعيدها خالصة لنفسه فارغة كآدم
عليه السلم لمببا وطببن نفسببه علببى الخلببود فببي الجنببة أخرجببه مببن الجنببة
وإبراهيم الخليل عليه السلم لما أعجبه إسماعيل أمره بذبحه حببتى أخرجببه
من قلبه فلما أسلما وتله للجبين وصفى سره منه أمره بالفببداء عنببه وقببال
بعضهم احذروه فإنه غيور ل يحب أن يرى في قلب عبده سواه وقيل الحببق
تعالى غيور ومن غيرته أنه لم يجعل إليه طريقا سواه وقال السري لرجببل
عارف بي علة باطنة فما دواؤها قببال يببا سببري اللببه غيببور ل يببراك تسبباكن
غيره فتسقط من عينه فهذه غيرة صحيحة فصل وها هنا أقسام آخببر مببن
الغيرة مذمومة منها غيرة يحمل عليها سوء الظن فيؤذى بها المحب محبوبه
ويغري عليه قلبه بالغضب وهذه الغيرة يكرهها الله إذا كانت فببي غيببر ريبببة
ومنها غيرة تحمله على عقوبة المحبوب بببأكثر ممببا يسببتحقه كمببا ذكببر عببن
جماعة أنهم قتلوا محبوبهم وكان ديببك الجببن الشبباعر لببه غلم وجاريببة فببي
غاية الجمال وكان يهواهما جميعا فدخل المنزل يوما فوجد الجاريببة معانقببة
للغلم تقبله فشد عليهما فقتلهما ثم جلس عند رأس الجارية فبكاهببا طببويل
ثم قال يا طلعة طلع الحمام عليها %وجنى لها ثمر الردى بيببديها رويببت
من دمها الثرى ولطالما %روى الهوى شفتي من شفتيها
تمنيت أن تبلى بغيري لعلها %تذوق حرارات الهوى فببترق لببي فأنشببده
علي ربما سرني صدودوك عني %في طلبيك وامتناعك منببي حببذرا أن
أكون مفتاح غيري %فإذا ما خلوت كنت التمني وكان بعضببهم يمتنببع مببن
وصف محبوبه وذكر محاسنه خشية تعريضه لحب غيره له كما قال علي بببن
عبسى الرافقي ولست بواصف أبدا خليل %أعرضه لهواء الرجببال ومببا
بالي أشوق قلب غيري %ودون وصاله سببتر الحجببال وكببثير مببن الجهببال
وصف امرأته ومحاسنها لغيره فكان ذلك سبب فراقها له واتصالها به فصببل
ومنها أن يحمله فرط الغيرة على أن ينزل نفسه منزلة الجنبي فيغار على
المحبوب من نفسه ول ينكر هذا فإن في المحبة عجائب وقد قال أبببو تمببام
الطأبي بنفسي من أغار عليه مني %وأحسد أهله نظري إليببه ولببو أنببي
قدرت طمسببت عنببه %عيببون النبباس مببن حببذري عليببه حبببيب بببث فببي
جسمي هواه %وأمسك مهجتي رهنا لديه فروحي عنده والجسم خببال %
بل روح وقلبي في يديه
وقال آخر يا من إذا ذكببر اسببمه فببي مجلببس %لببذ الحببديث بببه وطبباب
المجلس إني لمن نظري أغار وإتي %بك عن سواي من النببام لنفببس
نفسي فداؤك ولو رأيت تلددي %خضل المببدامع مطرقببا أتنفببس لعلمببت
أني في هواك معذب %ومن الحياة وروحها مستيئس وقال علي بن نصببر
أفاتك أنت فاتكة بقلبي %وحسن الوجه يفتك بالقلوب أصونك عن جميع
الناس يامن %بليت بها فأضحت مببن نصببيبي وعببن نفسببي أصببونك ليببت
نفسي %تقيببك مبن الحببوادث والخطببوب ومببا حببق الحسببان علببي إل %
صيانتهن من دنس الذنوب فصل ومنهببا شببدة الموافقببة للحبببيب والحبببيب
يكره أن ينسب محبته إليه وأن يذكر ذلك فهو لموافقته لمحبوبه يغببار عليببه
من نفسه كما يسره هجببر محبببوبه إذا علببم أن فيببه مببراده قببال الشبباعر
سررت بهجرك لما علببم %ت أن لقلبببك فيببه سببرورا ولببول سببرورك مببا
سرني %ول كنت يوما عليه صبورا فصل وملك الغيرة وأعلها ثلثة أنواع
غيرة العبببد لربببه أن تنتهببك محببارمه وتضببيع حببدوده وغيرتببه علببى قلبببه أن
يسكن إلى غيره وأن يأنس بسواه
وغيرته على حرمته أن يتطلع إليها غيره فالغيرة التي يحبهببا اللببه ورسببوله
دارت على هذه النواع الثلثة وما عداها فإما من خدع الشيطان وإمببا بلببوى
من الله كغيرة المرأة على زوجها أن يتزوج عليها فإن قيل فمن أي النببواع
تعدون غيرة فاطمة رضي الله عنهببا ابنببة رسببول اللببه علببى علببي بببن أبببي
طالب رضي الله عنه لما عزم على نكاح ابنة أبي جهل وغيببرة رسببول اللببه
لها قيل من الغيرة التي يحبها الله ورسوله وقد أشار إليها النبي بأنها بضببعة
منه وأنه يؤذيه ما آذاها ويريبه ما أرابها ولم يكن يحسن ذلك الجتمبباع البتببة
فإن بنت رسول الله ل يحسن أن تجتمع مع بنت عدوه عنبد رجبل فببإن هببذا
في غاية منافرة مع أن ذكر النبي صهره الذي حدثه فصببدقه ووعببده فببوفى
له دليل على أن عليا رضي الله عنه كان مشروطا عليه في العقد إما لفظببا
وإما عرفا وحال أن ل يريب فاطمة ول يؤذيها بل يمسكها بببالمعروف وليببس
من المعروف أن يضم إليها بنت عدو الله ورسوله ويغيظهببا بهببا ولهببذا قببال
النبي إل أن يريد ابببن أبببي طببالب أن يطلببق ابنببتي ويببتزوج ابنببة أبببي جهببل
والشرط العرفي الحالي كالشرط اللفظببي عنببد كببثير مبن الفقهبباء كفقهبباء
المدينة وأحمد بن حنبل وأصحابه رحمهم اللببه تعببالى علببى أن رسببول اللببه
خلف عليها الفتنة في دينها باجتماعها وبنت عدو الله عنده فلببم تكببن غيرتببه
لمجرد كراهية الطبع للمشاركة بل الحامل عليها حرمة الدين وقد أشار إلى
هذا بقوله إني أخاف أن تفتن في دينها والله أعلم بالصواب
^ يغنيهم الله من فضله ^ وقال تعببالى ^ وأن يسببتعففن خيببر لهببن واللببه
سميع عليببم ^ وقببال تعببالى ^ ومريببم ابنببة عمببران الببتي أحصببنت فرجهببا
فنفخنا فيه من روحنا ^ فإن قيل فقد قال اللببه تعببالى ^ وأنكحببوا اليببامى
منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
^ وقال في الية الخرى ^ وليستعفف الذين ل يجدون نكاحا حببتى يغنيهببم
الله من فضله ^ فأمرهم بالستعفاف إلى وقت الغنببى وأمببر بتزويببج أولئك
مع الفقر وأخبر أنه تعالى يغنيهم فما محمببل كببل مببن اليببتين فببالجواب أن
قوله ^ وليستعفف الذين ل يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ^ في
حق الحرار أمرهم الله تعالى أن يستعفوا حتى يغنيهم الله من فضله فإنهم
إن تزوجوا مع الفقر التزموا حقوقا لم يقدروا عليها وليس لهم من يقوم بها
عنهم وأما قوله وأنكحوا الليامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم فإنه
سبحانه أمرهم فيها أن ينكحوا اليامى وهن النساء اللواتي ل أزواج لهن هذا
هو المشببهور مببن لفببظ اليببم عنببد الطلق وإن اسببتعمل فببي حببق الرجببل
بالتقييد مع أن العزب عند الطلق للرجل وإن استعمل في حببق المبرأة ثبم
أمرهم سبحانه أن يزوجوا عبيدهم وإماءهم إذا صلحوا للنكاح فاليببة الولببى
في حكم تزوجهم لنفسهم والثانية في حكببم تزويجهببم لغيرهببم وقببوله فببي
هذا القسم ^ إن يكونوا فقراء ^ يعم النواع الثلثة الببتي ذكببرت فيببه فببإن
اليم تستغني بنفقة زوجها وكذلك المة وأما العبد فإنه لمببا كببان ل مببال لببه
وكان ماله لسيده
فهو فقير ما دام رقيقا فل يمكن أن يجعبل لنكباحه غايبة وهبي غنباه مبا دام
عبدا بل غناه إنما يكون إذا عتق واستغنى بهذا العتببق والحاجببة تببدعوه إلببى
النكاح في الرق فأمر سبحانه بإنكاحه وأخبر أنه يغنيه من فضله إمببا بكسبببه
وإما بإنفاق سيده عليه وعلى امرأته فلم يمكن أن ينتظر بنكاحه الغنى الذي
ينتظر بنكاح الحر والله أعلم وفي المسند وغيره مرفوعا ثلثببة حببق علببى
الله عونهم المتزوج يريد العفاف والمكاتب يريد الداء وذكر الثببالث فصببل
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عببن يوسبف الصببديق مبن العفبباف أعظببم مببا
يكون فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حببق غيببره فببإنه كببان
شابا والشباب مركب الشهوة وكان عزبا ليس عنده ما يعوضه وكببان غريبببا
عن أهله ووطنه والمقيم بيببن أهلببه وأصببحابه يسببتحي منهببم أن يعلمببوا بببه
فيسقط من عيونهم فإذا تغرب زال هذا المانع وكببان فببي صببورة المملببوك
والعبببد ل يببأنف ممببا يببأنف منببه الحببر وكببانت المببرأة ذات منصببب وجمببال
والداعي مع ذلك أقوى مببن داعببي مببن ليببس كببذلك وكببانت هببي المطالبببة
فيزول بذلك كلفة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الجابببة وزادت مببع
الطلب الرغبة التامة والمبراودة البتي يبزول معهبا ظبن المتحبان والختببار
لتعلم عفافه من فجوره وكانت في محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقببت
المكان
ومكانه الذي ل تناله العيببون وزادت مببع ذلببك تغليببق البببواب لتببأمن هجببوم
الداخل على بغتة وأتته بالرغبة والرهبة ومع هذا كله فعببف للببه ولببم يطعهببا
وقد حق الله وحق سيدها على ذلك كله وهذا أمر لو ابتلي به سواه لم يعلم
كيف كانت تكون حاله فإن قيل فقد هم بها قيل عنه جوابان أحدهما أنه لببم
يهم بها بل لول أن رأى برهببان ربببه لهببم هببذاقول بعضببهم فببي تقببدير اليببة
والثاني وهو الصواب أن همه كان هم خطرات فتركه للببه فأثببابه اللببه عليببه
وهمها كان هم إصرار بذلت معه جهدها فلم تصل إليه فلببم يسببتو الهمببان
قال المام أحمد بن حنبل رضببي اللببه عنببه الهببم همببان هببم خطببرات وهببم
إصرار فهم الخطرات ل يؤاخذ به وهم الصرار يؤاخببذ بببه فببإن قيببل فكيببف
قال وقت ظهور براءته وما أبرىببء نفسببى قيببل هببذا قببد قبباله جماعببة مببن
المفسرين وخالفهم في ذلك آخببرون أجببل منهببم وقببالوا إن هببذا مببن قببول
امرأة العزيز ل من قول يوسف عليه السلم والصواب معهم لوجببوه أحببدها
أنه متصل بكلم المرأة وهو قولها الن حصحص الحق أنا راودته عببن نفسببه
وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنببه بببالغيب وأن اللببه ل يهببدي كيببد
الخائنين وما أبرىء نفسي ومن جعله من قوله فإنه يحتاج إلى إضببمار قببول
ل دليل عليه في اللفظ بوجه والقول في مثبل هبذا ل يحبذف لئل يوقبع فبي
اللبس فإن غايته أن يحتمل المرين فالكلم الول أولى به قطعا
الثاني أن يوسف عليه السلم لم يكن حاضرا وقت مقالتها هذه قبببل كببان
في السجن لما تكلمت بقولها ^ الن حصحص الحق ^ والسياق صريح في
ذلك فإنه لما أرسببل الملببك إليببه يببدعوه قببال للرسببول ^ ارجببع إلببى ربببك
فاسببأله مببا بببال النسببوة اللتببي قطعببن أيببديهن ^ فأرسببل إليهببم الملببك
وأحضرهن وسألهن وفيهن امرأته فشهدن ببببراءته ونزاهتببه فببي غيبتببه ولببم
يمكنهن إل قول الحق فقال النسوة ^ حاش لله ما علمنا عليه من سببوء ^
وقالت امرأة العزيز أنا روادته عن نفسه وإنه لمن الصادقين فإن قيل لكببن
قوله ^ ذلك ليعلم أني لم أخنه بببالغيب وأن اللببه ل يهببدي كيببد الخببائنين ^
الحسن أن يكون من كلم يوسف عليبه السبلم أي إنمبا كبان تبأخيري عبن
الحضور مع رسوله ليعلم الملك أني لم أخنه في امرأته في حال غيبتببه وأن
الله ل يهدي كيد الخائنين ثم إنه قال ومببا أبرىببء نفسببي إن النفببس لمببارة
بالسوء إل من رحم ربي إن ربي غفور رحيم وهببذا مببن تمببام معرفتببه بربببه
ونفسه فإنه لما أظهر براءته ونزاهته مما قذف به أخبر عن حال نفسه وأنه
ل يزكيها ول يبرئها فإنهبا أمبارة بالسبوء لكبن رحمبة رببه وفضبله هبو البذي
عصمه فرد المر إلى الله بعد أن أظهر برءتببه قيببل هببذا وإن كببان قببد قبباله
طائفة فالصواب أنه من تمام كلمها فإن الضمائر كلها في نسق واحببد يببدل
عليه وهو قول النسوة ^ ما علمنا عليه من سوء ^ وقول امببرأة العزيببز ^
أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ^ فهببذه خمسببة ضبمائر بيببن ببارز
ومستتر ثم اتصل بها قوله ^ ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ^ فهذا هو
المذكور أول بعينه فل شيء يفصببل الكلم عببن نظمببه ويضببمر فيببه قببول ل
دليل عليه فإن قيل فما معنى قولها ^ ليعلم أني لببم أخنببه بببالغيب ^ قيببل
هذا من تمام العتذار قرنت العتذار بالعتراف فقببالت ذلببك أي قببولي هببذا
وإقراري ببراءته ليعلم أني لم أخنه بالكذب عليببه فببي غيبتببه وإن خنتببه فببي
وجهه في أول المر فالن يعلم أنببي لببم أخنببه فببي غيبتببه ثببم اعتببذرت عببن
نفسها بقولها وما أبرىء نفسى ثببم ذكببرت السبببب الببذي لجلببه لببم تبببرىء
نفسها وهي أن النفس أمببارة بالسببوء فتأمببل مببا أعجببب أخببر هببذه المببرأة
أقرت بالحق واعتذرت عن محبوبها ثم اعتذرت عن نفسها ثم ذكرت السبب
الحامل لها على ما فعلت ثم ختمت ذلك بالطمع فببي مغفببرة اللببه ورحمتببه
وأنه إن لم يرحم عبده وإل فهو عرضة للشببر فببوازن بيببن هببذا وبيببن تقببدير
كببون هببذا الكلم كلم يوسببف عليببه السببلم لفظببا ومعنببى وتأمببل مببا بيببن
التقديرين من التفبباوت ول يسببتبعد أن تقببول المببرأة هببذا وهببي علببى ديببن
الشرك فإن القوم كانوا يقرون بالرب سبحانه وتعببالى وبحقببه وإن أشببركوا
معه غيره ول تنس قول سيدها لها في أول الحال ^ واستغفري لذنبك إنببك
كنت من الخاطئين ^ فصل وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه قال قال رسول الله سبعة يظلهم اللببه فببي ظلببه يببوم ل ظببل إل ظلببه
إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلن
تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل دعته امببرأة ذات منصببب
وجمال فقال إني أخاف اللببه رب العببالمين ورجببل تصببدق بصببدقة فأخفاهببا
حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجببل ذكببر اللببه خاليببا ففاضببت عينبباه
وفي الصحيح من حديث أبي هريلرة وابن عمر رضي الله عنهم عببن النبببي
قال بينما ثلثة يمشون إذ أخذتهم السماء فأووا إلى غار في الجبل فانحطت
عليهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظببروا أعمببال
صالحة عملتموها فادعوا الله بها فقال بعضهم اللهم إنك تعلم أنببه كببان لببي
أبوان شيخان كبيران وامرأة وصبيان وكنت أرعى عليهم فببإذا رحببت عليهببم
حلبت فبدأت بوالدي أسقيهما قبل بني وأنه نبآى ببي الشبجر فلبم آت حبتى
أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبببت كمببا كنببت أحلببب فقمببت عنببد رؤوسببهما
أكره أن أوقظهما من نومهما وأن أبدأ بالصبية قبلهما والصبية يتضاغون عند
قدمي فلم أزل كذلك حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغبباء
وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء ففرج الله لهم فرجة وقببال الخببر
اللهم إنه كانت لي ابنة عم فأحببتها كأشد ما يحب الرجببال النسبباء فطلبببت
إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمببائة دينببار فسببعيت حببتى جمعببت مببائة دينببار
فجئتها بها فلما قعدت بين رجليها قالت يا عبدالله اتق الله ول تفبض الخباتم
إل بحقه فقمت عنها وتركت المائة دينببار فببإن كنببت تعلببم أنببي فعلببت ذلببك
ابتغاء وجهك فافرج لنا من
هذه الصخرة ففرج الله لهم فرجة فقال الخببر اللهببم إنببي كنببت اسببتأجرت
أجيرا بفرق من أرز فلما قضى عمله قال أعطني حقببي فببأعطيته فببأبى أن
يأخذه فزرعته ونميته حتى اشتريت له بقرا ورعاءها فجاءني بعد حين فقببال
يا هذا اتق اللببه ول تظلمنببي وأعطنببي حقببي فقلببت اذهببب إلببى تلببك البقببر
ورعائها فهو لك فقال اتق الله ول تهزأ بي فقلت ل أستهزىء بك فخببذ ذلببك
فأخذها وذهب فإن كنت تعلم أني فعلت ذلببك ابتغبباء وجهبك فببافرج عنببا مبا
بقي من الصخرة ففرج الله عنهم وخرجببوا يمشببون وقببال عبيببد اللببه بببن
موسى حدثنا شيبان بن عبدالرحمن عن العمش عببن عبببدالله بببن عبببدالله
الرازي عن سعد مولى طلحببة عببن ابببن عمببر رضببي اللببه عنهمببا قببال لقببد
سمعت من رسول الله حديثا لو لم أسمعه إل مرة أو مرتين حتى عببد سبببع
مرات ما حدثت به ولكن سمعته أكثر من ذلك قال كان ذو الكفببل مببن بنببي
إسرائيل ل يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينببارا علببى أن
يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة أرعدت وبكت فقال مببا يبكيببك
أكرهتك قالت ل ولكن هذا عمل لم أعمله قط قال فتفعلين هذا ولم تفعليببه
قط قالت حملتني عليه الحاجة فتركها ثم قال اذهبي والدنانير لببك ثببم قببال
والله
ل يعصي الله ذو الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبببح مكتوبببا علببى بببابه غفببر
الله لذي الكفل وفي مسند المام أحمببد بببن حنبببل رحمبه اللببه مبن حببديث
عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال قا رسببول اللببه عجببب ربببك مببن
الشاب ليست له صبوة وذكر المبرد عن أبي كامل عن إسحاق بن إبراهيم
عن رجاء بن عمرو النخعي قال كان بالكوفة فتى جميل الوجه شديد التعبببد
والجتهاد فنزل في جبوار قببوم مبن النخببع فنظببر إلببى جاريبة منهببن جميلببة
فهويها وهام بها عقله ونزل بالجارية ما نببزل بببه فأرسببل يخطبهببا مببن أبيهببا
فأخبره أبوها أنها مسماة لبن عم لها فلما اشتد عليهما ما يقاسيانه من ألم
الهوى أرسلت إليه الجارية قد بلغني شدة محبتك لببي وقببد اشببتد بلئي بببك
فإن شئت زرتك وإن شئت سهلت لك أن تأتيني إلى منزلي فقببال للرسببول
ول واحدة من هاتين الخلتين ^ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم
^ أخاف نارا ل يخبو سعيرها ول يخمد لهيبها فلما أبلغها الرسول قوله قالت
وأراه مع هذا يخاف الله والله مبا أحببد أحببق بهببذا مببن أحببد وإن العببباد فيببه
لمشتركون ثم انخلعت من الدنيا وألقت علئقها خلف ظهرها وجعلببت تتعبببد
وهي مع ذلك تذوب وتنحل حبا للفتى وشوقا إليه حتى ماتت من ذلك فكببان
الفتى يأتي قبرها فيبكي عنده ويدعو لها فغلبته عينه ذات يببوم علببى قبرهببا
فرآها في منامه في أحسن منظر فقال كيف أنت وما لقيت بعدي قالت
نعم المحبة يا سؤلي محبتكم %حب يقود إلى خير وإحسان فقببال علببى
ذلك إلى م صرت فقالت إلببى نعيببم وعيببش ل زوال لببه %فببي جنةالخلببد
ملك ليس بالفاني فقال لها اذكريني هناك فإني لسببت أنسبباك فقببالت ول
أنا والله أنساك ولقد سألت مولي ومولك أن يجمع بيننا فببأعني علببى ذلببك
بالجتهاد فقال لها متى أراك فقببالت سببتأتينا عببن قريببب فترانببا فلببم يعببش
الفتى بعد الرؤيا إل سبع ليال حتى مات رحمه الله تعالى وذكر الزبيببر بببن
بكار أن عبدالرحمن بن أبي عمار نزل مكببة وكببان مببن عببباد أهلهببا فسببمي
القس من عبادته فمر يوما بجارية تغني فوقف فسمع غناءها فرآهببا مولهببا
فأمره أن يدخل عليها فأبى فقال فاقعد في مكببان تسببمع غناءهببا ول تراهببا
ففعل فأعجبته فقال له مولها هل لك أن أحولها إليك فامتنع بعببض المتنبباع
ثم أجابه إلى ذلك فنظر إليها فأعجبته فشغف بها وشببغفت بببه وعلببم بببذلك
أهل مكة فقالت له ذات يوم أنا واللبه أحببك فقبال وأنبا واللبه أحببك قبالت
فإني والله أحب أن أضع فمي على فمك قال وأنا والله أحب ذلك قالت فما
يمنعك فإن الموضع خال قا لها ويحك إني سمعت اللببه يقببول الخلء يببومئذ
بعضهم لبعض عدو إلالمتقين فأنا والله أكره أن يكون صلة مببا بينببي وبينببك
في الدنيا عداوة في القيامة ثم نهببض وعينبباه تببذرفان بالببدموع مببن حبهببا
وقال عبدالملك بن قريب قلت لعرابي حدثني عن ليلتك مع فلنة
قال نعم خلوت بها والقمر يرينيها فلما غاب أرتنيبه قلبت فمبا كبان بينكمبا
قال أقرب ما أحل اللبه ممبا حببرم اللبه الشببارة بغيبر مابباس والبدنو بغيبر
إمساس ولعمبري لئن كببانت اليبام طببالت بعببدها لقببد كبانت قصبيرة معهبا
وحسبك بالحب ما إن دعاني الهوى لفاحشة %إل نهاني الحيبباء والكببرم
فل إلببى فبباحش مببددت يببدي %ول مشببت بببي لريبببة قببدم وقببال آخببر
وصفوها فلم أزل علم الببل %ه كئيبببا مسببتولها مسببتهاما هببل عليهببا فببي
نظرة من جناح %من فتى ل يزور إل لماما حال فيهببا السببلم دون هببواه
%فهو يهوى ويحفظ السببلما ويميببل الهببوى بببه ثببم يخشببى %أن يطيببع
الهوى فيلقى أثاما وقال الحسين بن مطير أحبك يا سلمى على غير ريبة
%ول بأس في حب تعف سرائره أحبك حبا ل أعنف بعده %محبا ولكنببي
إذا ليم عاذره وقد مات قلبي أول الحب مرة %ولو مت أضحى الحب قببد
مات آخره وقال محمد بن أبببي زرعببة الدمشببقي إن حظببي ممببن أحببب
كفاف %ل صدود مقص ول إنصاف كلما قلت قد أنابت إلببى الببوص %ل
ثناها عما أريد العفاف
فكأني بين الصدود وبين ال %وصل ممن مقامه العراف في محل بين
الجنان وبين النا %ر أرجوطورا وطورا أخاف وقببال عثمببان بببن الضببحاك
الحزامي خرجت أريد الحج فنزلت بالبواء فإذا امرأة جالسة على باب خيمة
فأعجبني حسنها فتمثلت بقول نصيب بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب %
وقل إن تملينا فما ملك القلب فقالت يا هذا أتعرف قائل هذا الشعر قلببت
نعم نصيب قالت فتعرف زينبه قلت ل قالت فأنا زينبه قلت حياك الله قالت
أما إن اليوم موعده من عند أمير المؤمنين خرج إليه عام أول فوعدني هببذا
اليوم لعلك ل تبرح حتى تراه قال فبينا أنا كببذلك إذا أنببا براكببب قببالت تببرى
ذلك الراكب إني لحسبه إياه قال فأقببل فبإذا هبو نصبيب فنبزل قريببا مبن
الخيمة ثم أقبل فسلم حتى جلس قريبا منها يسائلها وتسائله أن ينشدها مببا
أحدث فأنشدها فقلت في نفسي محبان طال التنائي بينهما ل بببد أن يكببون
لحدهما إلى صاحبه حاجة فقمت إلى بعيري لشد عليه فقببال علببى رسببلك
إني معك فجلست حتى نهض معي فتسايرنا ثم التفت إلي فقال أقلببت فببي
نفسك محبان التقيا بعد طول التنببائي فل بببد أن يكببون لحببدهماإلى صبباحبه
حاجة قلت نعم قد كان ذلك قال ورب هذه البنية ما جلست منها مجلسا هو
أقرب من هذا وقال عمر بببن شبببة حببدثنا أبببو غسببان قببال سببمعت بعببض
المدنيين يقول كان الرجل يحب الفتاة فيطوف بببدارها حببول يفببرح أن يببرى
من يراها فإن
ظفر منها بمجلس تشاكيا وتناشدا الشعار واليببوم يشببير إليهببا وتشببير إليببه
فيعدها وتعده فإذا التقيا لم يشك حبا ولم ينشد شببعرا وقببام إليهببا كببأنه قببد
أشهد على نكاحها أبا هريرة رضي الله عنه وقببال محمببد بببن سببيرين كببانوا
يعشقون في غير ريبة وكان الرجل يأتي إلى القوم يتحدث عندهم ل يستنكر
له ذلك وقال هشام بببن حسببان لكببن اليببوم ل يرضببون إل بالمواقعببة وقيببل
لعرابي ما تعدون العشق فيكم قال القبلة والضمة والغمزة وإذا نكح الحب
فسد وقال المبرد كان العتبي يحب جارية تسمى ملك فكتب إليها يببا ملببك
قد صرت إلى خطة %رضيت منها فيك بالضبيم مبا اشبتملت عينبي علبى
رقدة %مذ غبت عن عيني إلى اليوم فبت مفتوق مجاري البكا %معطل
العين عن النوم ووجدي الدهر بكم غلمة %فالموت من نفسي على سوم
يلومني الناس على حبكم %والناس أولى فيك باللوم قال فكتبت إليببه
إن تكن الغلمة هاجت بكم %فعالج الغلمة بالصرم ليس بك الحب ولكنما
%تدور مبن هبذا علبى كبوم يقبال كبام الفحبل يكبوم كومبا إذا نبزا علبى
الحجرة وأرادت هذه المعشوقة قول النبي يا معشببر الشببباب مبن اسببتطاع
منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه
بالصوم
فإنه له وجاء وقال أبو الحسن المدائني هوي يعض المسلمين جارية بمكببة
فأرادها فامتنعت عليه فقال على لسان عطاء بن أبي رببباح سببألت الفببتى
المكي هل في تعانق %وقبلة مشببتاق الفببؤاد جنبباح فقببال معبباذ اللببه أن
يذهب التقى %تلصق أكباد بهن جراج فقالت ألله سببألت عطبباءعن ذلببك
فقال لك هذا فقال اللهم نعم فزارته وجعلت تقول إياك أن تتعدى ما أفتبباك
به عطاء وقال الزبير بن بكار عن عبدالملك بن عبدالعزيز الماجشون قببال
أنشدت محمد بن المنكبدر قبول وضباح اليمبن فمبا تبولت حبتى تضبرعت
حولها %وأقرأتها ما رخص الله في اللمببم فضببحك محمببد وقببال إن كببان
وضاح لمفتيا في نفسه وقال الصمعي قيببل لعرابببي مببا كنببت صببانعا لببو
ظفرت بمن تهوى قال كنت أمتع عيني من وجهها وقلبي من حببديثها وأسببتر
منها مال يحبه الله ول يرضى كشفه إل عند حله قيل فإن خفت أن ل تجتمعا
بعد ذلك قال أكل قلبي إلببى حبهببا ول أصببير بقبيببح ذلببك الفعببل إلببى نقببض
عهدها قال وقيل لخر وقد زوجت عشيقته من ابن عمها وأهلها على إهدائها
إليه أيسرك أن تظفر بها الليلة قال نعم والذي أمتعني بها وأشببقاني بطلبهببا
قيل فما كنت صانعا قال كنت أطيع الحب في لثمها وأعصي الشببيطان فببي
إثمها ول أفسد
عشق عشر سنين بما يبقى عاره وتنشر بالقبيح أخباره في ساعة تنفد لذتها
وتبقى تبعتها إني إذا للئيم لم يغذني أصل كريم وقال عباس الببدوري كببان
بعض أصحابنا يقول كان سفيان الثوري كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين تفنببى
اللذاذة ممن نال صفوتها %من الحرام ويبقى الوزر والعار تبقببى عببواقب
سوء في مغبتها %ل خير في لذة من بعدها النار وقال الحسين بن مطيببر
ونفسك أكرم عن أمور كثيرة %فما لك نفس بعدها تستعيرها ول تقرب
المرعى الحرام فإنما %حلوته تفنى ويبقى مريرها وقال المام أحمد بببن
حنبل رضي الله عنه الفتوة تببرك مببا تهببوى لمببا تخشببى وقببال الخرائطببي
حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا عبدالله بن أبي بكر المقدمي حدثنا جعفر بببن
سليمان الضبعي قال سمعت مالببك بببن دينببار يقببول بينببا أنببا أطببوف إذ أنببا
بجارية متعبدة متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول يا رب كم من شهوة ذهبببت
لذتها وبقيت تبعتها أيا رب أما لك أدب إل النبار فمبا زال مقامهبا حبتى طلبع
الفجر فلما رأيت ذلك وضعت يدي على رأسي خارجا أقول ثكلت مالكا أمببه
جويرية منذ الليلة قد بطلته وطائفة بالبيت والليببل مظلببم %تقببول ومنهببا
دمعها يتسجم أيا رب كم من شهوة قد رزئتها %ولذة عيش حبلها يتصرم
أما كان يكفي للعباد عقوبة %ول أدبا إل الجحيم المضببرم فمببا زال ذاك
القول منها تضرعا %إلى أن بدا فجر الصباح المقدم فشبكت مني الكببف
أهتف خارجا %على الرأس أبدى بعض مببا كنببت أكتببم وقلببت لنفسببي إذا
تطاول ما بها %وأعيا عليها وردها المتغنم أل ثكلتك اليببوم أمببك مالكببا %
جويرية ألهاك منها التكلم فمازلت بطال بها طببول ليلببة %تنببال بهببا حظببا
جسيما وتغنم وقال مخرمة بن عثمان نبئت أن فتى من العباد هوى جاريببة
من أهل البصببرة فبعببث إيهببا يخطبهببا فببامتنعت وقببالت إن أردت غيببر ذلببك
فعلت فأرسل إليها سبحان الله أدعوك إلى مال إثم فيه وتدعينني إلببى مببال
يصلح فقالت قد أخبرتك بالذي عندي فببإن شببئت فتقببدم وإن شببئت فتببأخر
فأنشأ يقول وأسببألها الحلل وتببدع قلبببي %إلببى مببال أريببد مبن الحببرام
كداعي آل فرعون إليه %وهم يدعونه نحو الثام فظل منعمببا فببي الخلببد
يسعى %وظلوا في الجحيم وفي السقام فلما علمت أنببه قببد امتنببع مببن
الفاحشة أرسلت إليه أنا بين يديك على الذي تحب فأرسل إليها ل حاجة لنببا
فيمن دعوناه إلى الطاعة ودعانا إلببى المعصببية ثببم أنشببد ل خيببر فيمببن ل
يراقب ربه %عند الهوى ويخافه إيمانببا حجببب التقببى سبببل الهببوى فببأخو
التقى %يخشى إذا وافى المعاد هوانا
وقال عبدالملك بن مروان لليلى الخيلية بببالله هببل كببان بينببك وبيببن توبببة
سوء قط قالت والذي ذهب بنفسه وهو قادر على ذهاب نفسي ما كان بيني
وبينه سوء قط إل أنه قدم من سفر فصافحته فغمز يدي فظننببت أنببه يخنببع
لبعض المر فذلك معنى قولي وذي حاجة قلنا له ل تبح بها %فليس إليهببا
ما حييت سبببيل لنببا صبباحب ل بنبغببي أن نخببونه %وأنببت لخببرى صبباحب
وخليل قالت ل والذي ذهب بنفسه ما كلمني بسبوء قبط حبتى فبرق بينبي
وبينه المببوت وقببال ابببن أحمببر بينببا أنببا أطببوف بببالبيت إذ بصببرت بببامرأة
متبرقعة تطوف بالبيت وهي تقول ل يقبل الله من معشوقة عمل %يومببا
وعاشقها غضبان مهجور ليست بمأجورة في قتل عاشقها %لكن عاشقها
في ذاك مأجور فقلت لها فببي هببذا الموضببع فقببالت إليببك عنببي ل يعلقببك
الحب قلت وما الحب قالت جل والله عن أن يخفى وخفي عن أن يرى فهو
كالنار في أحجارها إن حركته أورى وإن تركته توارى ثم أنشدت تقول غيد
أوانس ما هممبن بريببة %كظبباء مكبة صبيدهن حبرام يحسببن مبن ليبن
الحديث أوانسا %ويصدهن عن الخنا السلم
وقد روى محمد ببن عبببدالله النصباري حبدثنا عبببدالوارث عبن محمبد ببن
جحادة عن الوليد عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال قال رسببول
الله إذا صلت المببرأة خمسببها وصببامت شببهرها وحفظببت فرجهببا وأطبباعت
زوجها دخلت الجنة وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسببلم حببدثنا أبببي
حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضببي اللببه عنببه قببال
قال رسول الله أيما امرأة اتقت ربها وأحصنت فرجها وأطاعت زوجهببا قيببل
لها يوم القيامة ادخلي من أي أبببواب الجنببة شببئت وقببال الزبيببر بببن بكببار
أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الموي حبدثني أبببي أن امبرأة لقيببت كبثير
عزة فقالت تسمع بالمعيدي خير من أن تراه قال مه رحمك الله فأنببا الببذي
أقول فإن أك معروق العظام فإنني %إذا ما وزنت القببوم بببالقوم أوزن
قالت وكيف توزن بالقوم وأنت ل تعرف إل بعببزة قببال واللببه لئن قلببت ذاك
لقد رفع الله بها قدري وزين بها شعري وإنها لكما قلت وما روضة بالحزن
طاهرة الثرى %يمج الندى جثجاثها وعرارها بأطيب من أردان عزة موهنا
%وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها من الخفرات البيض لببم تلببق شببقوة
%وبالحسب المكنون صاف نجارها فإن برزت كانت لعينيببك قببرة %وإن
غبت عنها لم يعمك عارها
قالت أرأيت حين تذكر طيبها فلو أن زنجية تخمرت بالمندل الرطب لطاب
ريحها أل قلت كما قال امببرؤ القيببس خليلببي مببرا بببي علببى أم جنببدب %
نقضي لبانات الفؤاد المعذب ألم ترياني كلمببا جئت طارقببا %وجببدت بهببا
طيبا وإن لم تطيب فقال والله الحق خير ما قيل هو والله أنعببت لصبباحبته
مني ودخلت عزة على عبدالملك بن مروان وهببو ل يعرفهببا ترفببع مظلمببة
لها فلما سمع كلمها تعجب منه فقال له بعض جلسائه هذه عزة كثير فقببال
لها عبدالملك إن أردت أن أرد عليك مظلمتك فأنشديني ما قببال فيببك كببثير
فاستحيت وقالت والله ما أعرف كثيرا ولكني سمعتهم يحكون عنه أنه قببال
في قضى كل ذي دين فببوقى غريمببه %وعببزة ممطببول معنببى غريمهببا
فقال عبدالملك ليس عن هذا أسألك ولكن أنشديني من قوله وقد زعمببت
أني تغيرت بعدها %ومن ذا الذي يبا عببز ل يتغيببر تغيببر جسبمي والخليقببة
كالذي %عهببدت ولببم يخبببر بسببرك مخبببر قببالت مببا سببمعت هببذا ولكببن
سمعت الناس يحكون عنه أنه قال في كأني أنادي صببخرة حيببن أعرضببت
%من الصم لو تمشي بها العصم زلت صفوح فما تلقاك إلبخيلة %فمببن
مل منها ذلك الوصل ملت فقضى حاجتها ورد مظلمتها وقال أدخلوها على
الجواري يأخذن من أدبها وذكرت عنه أنه قال فيها أيضا
وما نلت منها محرما غير أنني %أقبل بساما من الثغر أفلجا وألثم فاهببا
تارة ثم تارة %وأترك حاجات النفوس تحرجا وقببال الزبيببر بببن بكببار عببن
عباس بن سهل الساعدي قال بينا أنا بالشببام إذ لقينببي رجببل مببن أصببحابي
فقال هل لكم في جميل نعوده فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه وما يخيل إلببي
إل أن الموت يكرثه فنظر إلي ثم قال يا ابن سهل مببا تقببول فببي رجببل لببم
يشرب الخمر قط ولم يزن ولم يقتببل نفسببا يشببهد أن ل إلببه إل اللببه قلببت
أظنه قد نجا وأرجو له الجنة فمن هذا الرجل قال أنا قلت والله مببا أحسبببك
سلمت وأنت تشبب منببذ عشببرين سببنة فببي بثينببة فقببال ل نببالتني شببفاعة
محمد يوم القيامة فإني في أول يوم من أيببام الخببرة وآخببر يببوم مببن أيببام
الدنيا إن كنت وضعت يدي عليها لريبة فما برحنا حتى مات وقال عوانة بن
الحكم كان عبدالمطلب ل يسببافر إل ومعببه ابنببه الحببارث وكببان أكبببر ولببده
وكان شبيها به جمال وحسنا فأتى اليمن وكان يجالس عظيما من عظمببائهم
فقال له لببو أمببرت ابنببك هببذا يجالسببني وينببادمني ففعببل فعشببقت امرأتببه
الحارث فراسلته فأبى عليها فألحت عليه فأخبر بذلك أباه فلما يئسببت منببه
سقته سم شهر فارتحل به عبببدالمطلب حببتى إذا قببدم مكببة مببات الحببارث
وذكرها هشام بن محمد ببن السبائب الكلببي عببن أبيبه وذكببر رثباء أبيببه لبه
بقصيدته التي فيها
والحارث الفياض أكرم ماجد %أيام نازعه الهمببام الكاسببا ولمببا احتضببر
أبو سفيان بن الحارث هذا وهو ابن عم النبي قال لهله ل تبكوا علببي فببإني
لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت ولما قبدم عبروة ببن الزبيبر علىالوليبد ببن
عبدالملك خرجت برجله الكلة فاجتمع رأي الطباء على نشرها وأنببه إن لببم
يفعل سرت إلى جسمه فهلك فلما عزم على ذلك قالوا لببه نسببقيك مرقببدا
قال ولم قالوا لئل تحس بما يصنع قال ل بل شأنكم فنشروا ساقه بالمنشار
فما أزال عضوا عن عضو حتى فرغوا منها ثم حسموها فلما نظر إليهببا فببي
أيديهم تناولها وقال الحمد لله أما والببذي حملنببي عليببك إنببه ليعلببم أنببي مببا
مشيت بك إلى حرام قط ولما حضرت عمببر بببن أبببي ربيعببة الوفبباة بكببى
عليه أخوه الحارث فقال له عمر يبا أخببي إن كببان أسبفك لمبا سبمعت مبن
قولي قلت لها وقالت لي فكل مملوك لي حر إن كنت كشببفت حرامببا قببط
فقال الحارث الحمد لله تعالى طيبت نفسي وقال سفيان بن محمد دخلت
يوما عزة على أم البنين أخت عمر بن عبببدالعزيز فقببالت يببا عببزة مببا قببول
كثير قضى كل ذي دين فوفى غريمه %وعزة ممطول معنى غريمها
ما كان هذا الدين فقالت كنت وعدته بقبلة فتحرجت منها فقالت أم البنين
أنجزيها وعلي إثمها قالت فأعتقت أم البنين بكلمتها هذه أربعين رقبة وكانت
إذا ذكرتها بكت وقالت ليتني خرست ولم أتكلم بها ولما احتضببر ذو الرمببة
قال لقد هممت بمي عشرين سنة في غير ريبببة ول فسبباد وكببان الحببارث
بن خالد بن هشام المخزمي عاشقا لعائشة بنت طلحة وله فيها أشعار أفرد
لها ابن المرزبان كتابا فلما قتل عنهببا مصببعب بببن الزبيببر قيببل للحببارث مببا
يمنعك الن منها قال والله ل يتحببدث رجببالت قريببش أن تشبببيبي بهببا كببان
لريبة ولشيء من الباطل وقال ابن علقة دخلت على رجببل مببن العببراب
خيمته وهو يئن فقلت ما شأنك قال عاشق فقلت له ممن الرجببل قببال مببن
قوم إذا عشقوا مبباتوا عفببة فجعلببت أعببذله وأزهببده فيمببا هببو فيببه فتنفببس
الصعداء ثم قال ليس لي مسعد فأشكو إليه %إنما يسعد الحزين الحزين
وقال سعيد بن عقبة لعرابي ممن الرجل قال من قببوم إذا عشببقوا مبباتوا
قال عذري ورب الكعبة فقلت لبه ومببم ذاك قببال فببي نسبائنا صببباحة وفبي
رجالنا عفة وقال سفيان بن زياد قلت لمرأة من عببذرة ورأيببت بهببا هببوى
غالبا خفت عليها الموت منه ما بال العشق يقتلكم معاشببر عببذرة مببن بيببن
أحيبباء العببرب فقببالت فينببا جمببال وتعفببف والجمببال يحملنببا علببى العفبباف
والعفاف يورثنا رقة القلوب والعشق يفني آجالنا وإنا نرى عيونببا ل ترونهببا
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى قال رجل من بن بني فزارة لرجل من
بني عذرة ما يعد موتكم من الحب مزيه وإنما ذاك من ضببعف البنيببة ووهببن
العقل وضيق الرئة فقال لببه العببذري أمببا لببو رأيتببم المحبباجر البلببج ترشببق
بالعين الدعج من فوقها الحواجب الببزج والشببفاه السببمر تفببتر عببن الثنايببا
الغر كأنها نظم الدر لجعلتموها اللت والعزى ونبذتم السببلم وراء ظهببوركم
وقال بشر بن الوليد سمعت أبا يوسف يقول فبي مرضبه البذي مبات فيبه
اللهم إنك تعلم أني لم أطأ فرجا حراما قط وأنا أعلم ولم آكل درهما حراما
قط وأنا أعلم وقال إسماعيل بن إسببحاق القاضببي دخلببت علببى المعتضببد
وعلى رأسه غلمان صباح الوجوه أحداث فنظرت إليهم فرآني المعتضد وأنببا
أتأملهم فلما أردت القيام أشار إلي فمكثببت سبباعة فلمببا خل قببال لببي أيهببا
القاضي والله ما حللت سببراويلي علببى حببرام قببط وقببال اليزيببدي جلببس
محمد بن منصور بن بسام وعلى رأسه عدة خدم لم ير قط أحسن منهم ما
منهم من ثمنه ألف دينار بل أكثر فجعل الناس ينظرون إليهببم فقببال محمببد
هم أحرار لوجه الله إن كان الله كتب علي ذنبا مع واحد منهببم فمببن عببرف
خلف ذلك منهم فليمض فإنه قد عتق وهو في حببل ممببا يأخببذ مببن مببالي
وقال إبراهيم بن أبي بكر بن عياش شهدت أبي عند الموت فبكيت فقال ما
يبكيك فما أتى أبوك فاحشة قط
وقال عمر بن حفص بن غياث لما حضرت أبي الوفاة أغمبي عليببه فبكيببت
عند رأسه فقال لي حين أفاق ما يبكيك قلت أبكي لفراقك ولما دخلبت فيبه
من هذا المر يعني القضاء قال ل تبك فإني ما حللت سبراويلي علبى حبرام
قط ول جلس بين يدي خصمان فباليت على من توجه الحكم منهمببا وقببال
سفيان بن أحمد المصيصي شهدت الهيثم بن جميل وهو يموت وقببد سببجي
نحو القبلة فقامت جاريته تغمز رجليه فقال اغمزيهما فإن الله يعلم أنهما ما
مشتا إلى حرام قط وقال محمد بن إسببحاق نببزل السببري بببن دينببار فببي
درب بمصر وكانت فيه امرأة جميلة فتنت الناس بجمالها فعلمت به المببرأة
فقالت لفتننه فلما دخلت من ببباب الببدار تكشببفت وأظهببرت نفسببها فقببال
مالك فقالت هل لك في فراش وطي وعيش رخي فأقبل عليها وهو يقول
وكم ذي معاص نال منهن لذة %ومات فخلها وذاق الدواهيا تصرم لببذات
المعاصي وتنقضي %وتبقى تباعات المعاصي كما هيا فيا سوءتا والله راء
وسامع %لعبد بعين الله يغشى المعاصيا وقال عمر بن بكير قال أعرابببي
علقت امرأة كنت آتيها فأحدثها سنين وما جرت بيننا ريبة قط إل أنببي رأيببت
بياض كفيها في ليلة ظلماء فوضعت يدي على يدها فقالت مببه ل تفسببد مببا
بيني وبينك فإنه ما نكح حب
قط إل فسد قال فقمت وقد تصببت عرقا حياء منها ولم أعد إلى شيء مبن
ذلك وذكر أبو الفرج وغيببره أن امببرأة جميلببة كببانت بمكببة وكببان لهببا زوج
فنظرت يوما إلى وجهها فببي المببرآة فقببالت لزوجهببا أتببرى أحببدا يببرى هببذا
الوجه ول يفتتن به قال نعم قالت من قال عبيد بن عميببر قببالت فببائذن لببي
فيه فلفتننه قال قد أذنت لك قال فببأتته كالمسببتفتية فخل معهببا فببي ناحيببة
من المسجد الحرام فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر فقال لها يا أمة الله
استتري فقالت إني قببد فتنببت بببك قببال إنببي سببائلك عببن شببيء فببإن أنببت
صدقتني نظببرت فببي أمببرك قببالت ل تسببألني عببن شببيء إل صببدقتك قببال
أخبريني لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكببان يسببرك أن أقضببي لببك
هذه الحاجة قالت اللهبم ل قبال صبدقت قببال فلببو دخلبت قبببرك وأجلسبت
للمساءلة أكان يسرك أني قضيتها لك قالت اللهم ل قال صببدقت قببال فلببو
أن الناس أعطوا كتبهم ول تدرين أتأخذين كتابببك بيمينببك أم بشببمالك أكببان
يسرك أني قضيتها لك قالت اللهم ل قال صدقت قال فلو أردت الممر على
الصراط ول تدرين هل تنجين أو ل تنجين أكان يسرك أني قضيتها لك قببالت
اللهم ل قال صدقت قال فلببو جيببء ببالميزان وجيببء بببك فل تببدرين أيخببف
ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لك قالت اللهم ل قببال فلببو وقفببت
بين يدي الله للمساءلة أكببان يسببرك أنببي قضببيتها لببك قببالت اللهببم ل قببال
صدقت قال اتسقي الله فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك قال فرجعت إلى
زوجها فقال ما صنعت قالت أنت بطال ونحن بطالون فأقبلت علببى الصببلة
والصوم والعبادة فكببان زوجهببا يقببول مببالي ولعبيببد بببن عميببر أفسببد علببي
امرأتي كانت في كل ليلة عروسا فصيرها راهبة
وقال سعيد بن عبدالله بن راشد علقت فتاة من العببرب فببتى مببن قومهببا
وكان عاقل فجعلت تكثر التردد إليه فلما طال عليهببا ذلببك مرضببت وتغيببرت
واحتالت في أن خل لها وجهه فتعرضت إليببه ببعببض المببر فصببرفها ودفعهببا
عنه فتزايد المرض حتى سقطت على الفراش فقالت له أمببه إن فلنببة قببد
مرضت وها علينا حق قال فعوديها وقولي لها يقول لببك مببا خبببرك فسببارت
إليها أمه وسألتها ما بك فقالت وجع في فؤادي هو أصببل علببتي قببالت فببإن
ابني يسألك عن علتك فتنفست الصعداء ثم قالت يسائلني عن علتي وهببو
علتي %عجيب من النباء جاء به الخبر فانصرفت إليه أمه وأخبرته وقالت
له تريد أن تصببير إليببك فقببال نعببم فببذكرت أمببه لهببا ذلببك فبكببت وقببالت
ويبعدني عن قربه ولقائه %فلما أذاب الجسببم منببي تعطفببا فلسببت بببآت
موضعا فيه قاتلي %كفاني سقاما أن أموت تلهفا وتزايدت بها العلة حببتى
ماتت وأحب رجل من أهل الكوفة يسمى أبا الشببعثاء امببرأة جميلببة فلمببا
علمت به كتبت إليبه وقبالت لببي الشبعثاء حبب دائم %ليبس فيبه تهمبة
لمتهم يا فؤادي فازدجر عنه ويا %عبث الحب به فاقعد وقم جاءني منببه
كلم صائد %ورسالت المحبين الكلم
صائد يأمنه غزلنببه %مثببل مببا يببأمن غببزلن الحببرم صببل إن أحببببت أن
تعطى المنى %يا أبا الشعثاء لله وصم ثم ميعادك بعد الموت في %جنة
الخلد إن الله رحم حيث ألقاك غلما ناشئا %ناعما قد كملت فيه النعببم
وقال الصمعي عن أبي سفيان بن العلء قال بصببرت الثريببا بعمببر بببن أبببي
ربيعة وهببو يطببوف حببول البببيت فتنكببرت وفببي كفهببا خلببوق فزحمتببه فببأثر
الخلوق في ثوبه فجعل الناس يقولون يا أبببا الخطبباب مببا هببذا زي المحببرم
فأنشأ يقول أدخل الله رب موسى وعيسى %جنة الخلد من ملني خلوقببا
مسحت كفها بجيب قميصي %حين طفنا بالبيت مسحا رفيقببا فقببال لببه
عبدالله بن عمر مثل هذا القول في هذا الموضع فقال له يا أبا عبببدالرحمن
قد سمعت مني ما قد سمعت فورب هذه البنية ما حللت إزاري على حببرام
قط وقيل لليلى الخيلية هل كان بينك وبين توبة ما يكرهببه اللببه قببالت إذا
أكون منسلخة من ديني إن كنت ارتكبت عظيمببا ثببم أتبعببه بالكببذب وقببال
العتبي خرجت إلى المربد فإذا بببأعرابي غببزل فملببت إليببه فببذكرت النسبباء
فتنفس ثم قال يا ابن أخي إن من كلمهن لما يقوم مقام الماء فيشفي من
الظمأ فقلت صف لي نساءكم فقال نساء الحي تريد قلت نعم فأنشأ يقول
وقال مسلم بن الوليد أل ريب يوم صببادق العيببش نلتببه %بهببا ونببداماي
العفافة والنهى وقال آخببر إن ترينببي زانببي العينيببن %فببالفرج عفيببف
ليس إل النظر الفا %تر والشعر الظريف وقال الموسوي بتنببا ضببجيعين
في ثوبي هوى وتقى %يلفنا الشوق من فرق إلى قدم يشببي بنببا الطيببب
أحيانا وآونة %يضيئنا البرق مجتازا على إضم ثم انثنينا وقد رابت ظواهرنا
%وفي بواطننا بعد عن التهم وقال نفطويه كببم قببد خلببوت بمببن أهببوى
فيمنعنببي %منببه الحيبباء وخببوف اللببه والحببذر وكببم ظفببرت بمببن أهببوى
فيقنعني %منببه الفكاهببة والتجميببش والنظببر أهببوى الحسببان وأهببوى أن
أجالسهم %وليس لي في حرام منهم وطر كذلك الحببب ل إتيببان معصببية
%ل خير في لبذة مبن بعبدها سببقر وقبال الشبهاب محمبود ببن سببليمان
صاحب ديوان النشاء الحلبي
لله وقفة عاشقين تلقيا %من بعد طول نوى وبعد مببزار يتعاطيببان مببن
الغرام مدامة %زادتهما بعدا من الوزار صببدقا الغببرام فلببم يمببل طببرف
إلى %فحش ول كف لحل إزار فتلقيا وتفرقا وكلهما %لم يخش مطعن
عائب أو زار وقيل لبثينة هذا جميل لما به فهل عندك من حيلة تنفسين بها
وجده فقالت ما عندي أكببثرمن البكبباء إلببى أن ألقبباه فببي الببدار الخببرى أو
زيارته وهو ميت تحت الثرى وقيل لعتبة بعد موت عاشقها ما كان يضرك لو
أمتعتيه بوجهك قالت منعني من ذلببك خببوف العببار وشببماتة الجببار ومخافببة
الجبار وإن بقلبي أضعاف ما بقلبه غير أني أجد ستره أبقببى للمببودة وأحمببد
للعاقبة وأطوع للرب وأخف للذنب وهوي فتى امرأة وهويته وشاع خبرهما
فاجتمعا يوما خاليين فقال لها هلمي نحقق ما يقببال فينببا فقببالت ل واللببه ل
كان هذا أبدا وأنا أقرأ الخلء يببومئذ بعضببهم لبعببض عببدو إل المتقيببن وقيببل
لبعضهم وقد هوي جارية فطال عشقه بها مببا أنببت صببانع لببوظفرت بهببا ول
يراكما إل الله قال والله ل جعلته أهون الناظرين إلي ل أفعل بها خاليا إل ما
أفعله بحضرة أهلها حنين طويل ولحبظ مبن بعيبد وأتبرك مبا يسبخط البرب
ويفسد الحب إذا كان حظ المببرء ممببن يحبببه %حرامببا فحظببي مببا يحببل
ويجمل حديث كماء المزن بين فصوله %عتاب به حسن الحديث يفصل
ولثم فم عذب اللثات كأنما %جناهن شهد فت فيه القرنفل وما العشببق
إل عفة ونزاهة %وأنس قلوب أنسهن التغزل وإني لستحيي الحبيب مببن
التي %تريب وأدعى للجميل فأجمل وقال آخر وإنبي لمشبتاق إلبى كبل
غاية %من المجد يكبو دونها المتطاول بذول لمالي حيببن يبخببل ذو النهببى
%عفيف عن الفحشاء قرم حلحل وما ألطف قوله حيببن يبخببل ذو النهببى
فإن ذا النهى ل يبخل إل في موضع البخل فببأخبر هببذا أنببه يبببذل مبباله حيببن
يبخل به ربه في موضع البخل وقال عامر بن حذافببة رأيببت بصببحار جاريببة
قد ألصقت خدها بقبر وهي تبكي وتقول خدي يقيك خشونة اللحد %وأقل
ما لك سيدي خدي يا ساكن الترب الببذي بوفبباته %عميببت علببي مسببالك
الرشد إسببمع فببديتك قصببتي فلعلنببي %أشببفي بببذلك غلببة الوجببد قببال
فسألتها عن صاحب القبر فقالت فتى رافقته في الصبا ثببم أنشببأت تقببول
كنا كزوج حمائم في أيكة %متنعمين بصحة وشباب فغببدا الزمببان مشببتتا
بفراقه %إن الزمان مفرق الحباب
قال فبكيت لرقة شعرها فأنشأت تقول تبكي عليه ولسببت تعببرف أمببره
%فلعلمنك حاله ببيان ما كان للعافين غير نواله %فإذا استجير ففببارس
الفرسان ل يتبع الجيران رفببة طرفببه %ويتببابع الحسببان للجيببران عببف
السريرة والجهيرة مثلها %فإذا استضم أراك فتق طعان فقلببت أعلمينببي
من هو قالت سنان بن وبرة الذي يقول فيببه الشبباعر يببا رائدا غيثببا لنجعببة
قومه %يكفيك من غيث نوال سنان ثم قالت يا هذا والله لول أنك غريببب
ما متعك من حديثي قلت فكيف كان حبه لك قالت ما كان يوسدني إذا نمت
إل يده فمكثت معه أربعة أحوال ما توسدت غيرها إل في حال يمنعه مببانع
وقال سعيد بن يحيى الموي حدثني عمي محمد بن سبعيد حبدثنا عببدالملك
ابن عمير قال كان أخوان من ثقيف من بني كنة بينهما من التحاب شببيء ل
يعلمه إل الله وكل واحد منهما أخوه عنده عدل نفسببه فخببرج الكبببر منهمببا
إلى سفر لببه ولببه امببرأة فأوصببى أخبباه بحاجببة أهلببه فبينببا المقيببم فببي دار
الظاعن إذ مرت امرأة أخيه في درع تجوز مببن بيببت إلببى بيببت وكببانت مببن
أجمل البشر فرأى شيئا حيره فلمببا رأتببه ولببت ووضببعت يببدها علببى رأسببها
ودخلت بيتا ووقع حبها في قلبببه فجعببل يببذوب وينحببل جسببمه ويتغيببر لببونه
وقدم أخوه فقال مالك يا أخي متغيرا ما وجعك قال ما بي من وجع فدعا له
الطباء فلم يقف
أحد على دائه غير الحارث بن كلدة وكان طبيبا فقال أرى عينيببن صببحيحتين
وما أدري ما هذا الوجع ومببا أظنببه إل عاشببقا فقببال لببه أخببوه سبببحان اللببه
أسألك عن وجع أخي وأنت تستهزىء بي فقببال مببا فعببت وسأسببقيه شببرابا
عندي فإن كان عاشقا فسيتبين لكم فأتاه بشراب فجعببل يسببقيه قليل قليل
فلما أخذه الشراب هاج وقال ألما بي على البيا %ت من خيف نزرهنببه
غزال ما رأيت اليو %م فببي دور بنببي كنببه أسببيل الخببد مربببوب %وفببي
منطقه غنه فقال أنت طبيب العرب فبمن قال سأعيد لببه الشببراب ولعلببه
يسبمي فأعباد لبه الشبراب فسبمى المببرأة فطلقهببا أخبوه ليتزوجهبا فقببال
المريض علي كذا وكذا إن تزوجتها فقضببى ولببم يتزوجهببا وقببال علببي بببن
المبارك السراج حدثنا أبو مسهر عن بكر بن عبدالله قال عرض الحجاج بببن
يوسف سجنه يوما فأتي برجل فقال ما كان جرمك فقال أصلح اللببه الميببر
أخذني العسس وأنامخبرك بخبري فببإن كببان الكببذب ينجببي فالصببدق أولببى
بالنجاة قال وما قصتك قال كنت أخا لفلن فضرب المير عليببه البعببث إلببى
خراسان فكانت امرأته تهواني وأنا ل أشعر فبعثت إلي ذات يببوم رسببول أن
قد جاء كتاب صاحبك فهلم لتقرأه فمضيت إليها فجعلببت تشببغلني بالحببديث
حتى صلينا المغرب ثم أظهرت لي ما في نفسها مني ودعتنببي إلببى السببوء
فأبيت ذلك فقالت والله لئن لم تفعل لصيحن ولقولن
إنك لص فخفتها والله أيها المير على نفسي فقلت أمهليني حتى الليل فلما
صليت العتمة وثقت بشدة حببرس الميببر فخرجببت مببن عنببدها هاربببا وكببان
القتل أيسر علي من خيانة أخي فلقيني عسس المير فأخببذوني وقببد قلببت
في ذلك شعرا قال وما قلت فقال رب بيضاء آنس ذات دل %قبد دعتنبي
لوصلها فأبيت لم يكن شأني العفاف ولكن %كنت خل لزوجها فاسببتحيت
فأمر بإطلقه وقال الربيع بن زيبباد رأيببت جاريببة عنببد قبببر وهببي تقببول
بنفسي فتى أوفىالبريببة كلهببا %وأقببواهم فببي المببوت صبببرا علببى الحببب
فقلت لها بم صار أوفاهم وأقواهم قالت هويني فكان أهلي إن جبباهر بحبببي
لموه وإن كتمه عنفوه فلما أخذه المر قال يقولون إن جاهرت قد عضببك
الهوى %وإن لم أبح بالحب قالوا تصبرا وليس لمن يهببوى ويكتببم حبببه %
من المر إل أن يموت فيعذرا ولم يزل يردد هذين البيتين حتى مات فوالله
يا هذا ل أبرح أو يتصل قبرانا ثم شهقت شهقة فصبباح النسبباء وقلببن قضببت
والذي اختار لها الوفاة فما رأيت أسرع ول أوحى من أمرها قال ابن الدمينة
وبتنا فويق الحي ل نحن منهم %ول نحن بالعداء مختلطبان وببات بقينببا
ساقط الطل والندى %من الليل بردا يمنة عطران
نذور بذكر الله عنا غوى الصبا %إذا كان قلبانا له يردان ونصدر عببن ري
العفاف وربما %نقعنا غليل الحب بالرشفان قال أبو الفرج وشببت جاريببة
بثينة بها إلى أبيها وأخيها وقالت لهما إن جميل عنببدها فأتيببا مشببتملين علببى
سيفيهما فرأياه خاليا حجرة منها يحدثها ويشكو إليها بثه ثم قال لها يببا بثينببة
أرأيت ما بي من الشغف والعشق أل تجزينيه قالت له بماذا قبال بمبا يكبون
من المتحابين فقالت له يا جميل أهذا تبغي والله لقد كنت عندي بعيببدا منببه
فإذا عاودت تعريضا بريبة ل رأيت وجهي أبدا فضحك وقال والله ما قلت لك
هذا إل لعلم ما عندك ولو علمببت أنببك تجيبببينني إليببه لعلمببت أنببك تجيبببين
غيري ولو رأيت منك مساعدة لضربتك بسيفي هذا مببا استمسببك فببي يببدي
إن طاوعتني نفسي أو هجرتك أبدا أمببا سببمعت قببولي وإنببي لرضببى مببن
بثينة بالذي %لو أبصره الواشي لقرت بلبله بل وبأن ل أسببتطيع وبببالمنى
%وبالمل المرجو قد خاب آملببه وبببالنظرة العجلببى وبببالحول تنقضببي %
أواخره ل نلتقي وأوائله فقال أبوها لخيها قم بنببا فمببا ينبغببي لنببا بعببد هببذا
اليوم أن نمنع هذا الرجل من إتيانها
الباب الرابع والعشرون في ارتكبباب سبببيلي الحببرام ومببا يفضببي إليببه مببن
المفاسد
واللم حقيق بكل عاقل أن ل يسلك سبيل حتى يعلم سلمتها وآفاتها ومببا
توصل إليه تلك الطريق من سلمة أو عطب وهذان السبببيلن هلك الوليببن
والخرين بهما وفيهما من المعاطب والمهالك ما فيهما ويفضببيان بصبباحبهما
إلى أقبح الغايات وشر موارد الهلكات ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى سبيل
الزنى سر سبيل فقال تعالى ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشببة وسبباء سبببيل
فإذا كانت هذه سبيل الزنى فكيف بسبيل اللواظ التي تعدل الفعلة منه فببي
الثم والعقوبة أضعافها وأضعاف أضعافها مببن الزنببى كمببا سببتقف عليببه إن
شاء الله تعالى فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل ومقيل أهلها في الجحيم شببر
مقيل ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها مببن تحتهببم
فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا ثم يعودون إلى موضببعهم فهببم هكببذا إلببى
يوم القيامة كما رآهم النببي فبي منبامه ورؤيبا النبيباء وحبي ل شبك فيهبا
فروى البخاري في صحيحه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قببال
كان رسول الله مما يكثر أن يقول لصببحابه هببل رأى أحببد منكببم مببن رؤيببا
فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات
غداة إنه أتبباني الليلببة آتيببان وإنهمبا ابتعثبباني وإنهمبا قببال لببي انطلببق وإنببي
انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا
هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ راسببه فيتدهببده الحجببر هاهنببا فيتبببع الحجببر
فيأخذه فل يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثببل
ما فعل المرة الولى قال قلت لهمببا سبببحان اللببه مببا هببذان قببال قببال لببي
انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخببر قببائم عليببه
بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشببر شببدقه إلببى قفبباه
ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلببى الجببانب الخببر فيفعببل بببه
مثل ما فعل بالجببانب الول فمببا يفببرغ مببن ذلببك الجببانب حببتى يصببح ذلببك
الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المببرة الولببى قببال قلببت
سبحان الله ما هذان قال قال لي انطلق انطلق فانطلقنببا فأتينببا علببى مثببل
التنور فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجببال ونسبباء عببراة
وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فببإذا أتبباهم ذلببك اللهببب ضوضببوا قببال
قلت لهما ما هؤلء قال قال لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على نهر أحمر
مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع
عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يببأتي ذلببك الببذي قببد
جمع عنده الحجارة فيغفر له فاه فيلقمه حجرا فينطلق يسبح ثم يرجببع إليببه
كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرا قال قلت لهما ما هذان قال
قال لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره مببا أنببت
راء رجل مرآة وإذا عنده نار يحشها ويسعى حولهببا قببال قلببت لهمبا مببا هببذا
قال قال لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة معتمببة فيهببا مببن كببل
نور الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل ل أكاد أرى رأسبه طبول فببي
السماء وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط قال قلت لهما ما هببؤلء
قال قال لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على دوحة لم أر دوحة قط أعظم
منها ول أحسن قال قال لي ارق فيها فارتقينببا فيهببا إلببى مدينببة مبنيببة بلبببن
ذهب ولبن فضة قال فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلناها فتلقانببا
فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبببح مببا أنببت راء
قال قال لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر قال وإذا نهر معببترض يجببري كببأن
ماءه المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينببا قببد ذهببب ذلببك
السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قال قال لي هذه جنببة عببدن وهببذاك
منزلك قال فسما بصري صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قببال قببال لببي
هذاك منزلك قال قلت لهما بارك الله فيكما ذراني فأدخله قببال أمببا الن فل
وأنت داخله قال قلت لهما فإني قد رأيت
منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت قال قال لي أما إنا سنخبرك أمببا الرجببل
الول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخببذ القببرآن فيرفضببه
وينام عن الصلة المكتوبة وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شببدقه إلببى
قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغببدو مببن بيتببه فيكببذب
الكذبة تبلغ الفاق وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنببور
فإنهم الزناة والزواني وأما الرجل الذي أتيت عليببه يسبببح فببي النهببر ويلقببم
الحجر فإنه آكل الرببا وأمبا الرجببل الكريببه المببرآة الببذي عنبد النبار يحشبها
ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم وأما الرجل الطويل الذي في الروضببة
فإنه إبراهيم وأما الولدان حوله فكل مولود مبات علبى الفطبرة قبال فقبال
بعض المسلمين يا رسول الله وأولد المشركين قال وأولد المشركين وأمببا
القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيببح فببإنهم قببوم خلطببوا
عمل صالحا وآخر سيئا تجاوز اللببه عنهببم وقببال أبببو مسببلم الكجببي حببدثنا
صدقة بن جابر عن سببليم بببن عببامر قببال حببدثني أبببو أمامببة الببباهلي قببال
سمعت النبي يقول بينا أنا نائم إذ أتاني رجلن فأخذا بضبعي فأخرجاني فأتيا
بي جبل وعرا وقال لي اصعد فقلت إنبي ل أطيقببه فقببال سنسببهله لبك قببال
فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات مديدة فقلت ما هببذه
الصوات فقال هذا عواء أهل النار ثم انطلق بي فببإذا أنببا بفببوج أشببد شببيء
انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوأه منظرا فقلت من هؤلء فقال هؤلء قتلببى الكفببار
ثم انطلق بي فإذا بفوج أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا كأن
ريحهم المراحيض فقلت من هؤلء قال الزانون والزواني وقببال قتيبببة بببن
سعيد حدثنا نوح بن قيس قبال حبدثني أببو هبارون العببدي عبن أببي سبعيد
الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله ليلة أسري بي انطلق بببي إلببى
خلق من خلق الله كثير نسبباء معلقببات بثببديهن ومنهببن بببأرجلهن منكسببات
ولهن صراخ وخوار فقلت يببا جبريببل مببن هببؤلء قببال هببؤلء اللببواتي يزنيببن
ويقتلن أولدهن ويجعلن لزواجهن ورثة من غيرهم وقال أبو نعيببم الفضببل
بن دكين حدثنا عبدالسلم بن شببداد عببن غببزوان بببن جريببر عببن أبيببه أنهببم
تذاكروا عند علي بن أبي طالب رضي اللببه عنببه الفببواحش فقببال لهببم هببل
تببدرون أي الزنببى أعظببم قببالوا يببا أميببر المببؤمنين كلببه عظيببم قببال ولكببن
سأخبركم بأعظم الزنى عند الله هو أن يزني الرجل بزوجة الرجل المسببلم
فيصير زانيا وقد أفسد على الرجل زوجته ثم قال عند ذلك إن الناس يرسل
عليهم يوم القيامة ريح منتنة حتى يتأذى منها كل بببر وفبباجر حببتى إذا بلغببت
منهم كل مبلغ وألمت أن تمسك بأنفاس المم كلهبم نباداهم منباد يسبمعهم
الصوت ويقول لهم هل تدرون مببا هببذه الريببح الببتي قببد آذتكببم فيقولببون ل
ندري والله إل أنها قد بلغت منا كل مبلغ فيقال أل إنها ريح
فروج الزناة الذين لقوا الله بزناهم ولم يتوبوا منه ثم يصرف بهم فلم يببذكر
عنببد الصببرف بهببم جنببة ول نببارا وقببال الخرائطببي حببدثنا علببي بببن داود
القنطري حدثنا سعيد بن عفير حببدثني مسببلم بببن علببي الخشببني عببن أبببي
عبدالرحمن عن العمش عن شقيق عن حذيفة رضي اللببه عنببه أن رسببول
الله قال يا معشر المسلمين إياكم والزنى فإن فيببه سببت خصببال ثلث فببي
الدنيا وثلث في الخرة فأما اللواتي في الببدنيا فببذهاب البهبباء ودوام الفقببر
وقصر العمر وأما اللواتي في الخرة فسخط اللببه وسببوء الحسبباب ودخببول
النار ويذكر عن أنس بن مالك رضببي اللببه عنببه قببال المقيببم علببى الزنببى
كعابد وثن ورفعه بعضهم وهذا أولى أن يشبه بعابد الوثن من مببدمن الخمببر
وفي المسند وغيره مرفوعا مدمن الخمر كعابد وثن فإن الزنى أعظببم مببن
شرب الخمر قال المام أحمد بن حنبببل رحمببه اللببه تعببالى ليببس بعببد قتببل
النفس أعظم من الزنى وفي الصحيحين من حديث أبي وائل عن عبببدالله
بن مسعود رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله
قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال قلت ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة
أن يطعم منك
قال قلت ثم أي قال أن تزني بحليلبة جبارك فببأنزل اللبه تصببديق ذلببك فبي
كتابه والذين ل يدعون مع الله إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم اللببه إل
بالحق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما وقال قتيبة بن سعيد حبدثنا اببن
لهيعة عن ابن أنعم عن رجل عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال قببال
رسول الله الزانبي بحليلبة جباره ل ينظبر اللبه إليبه يبوم القيامبة ول يزكيبه
ويقول له ادخل النار مع الداخلين وذكر سفيان بن عيينة عن جامع بن شداد
عن أبي وائل عن عبدالله قببال إذا بخببس المكيببال حبببس القطببر وإذا ظهببر
الزنى وقع الطاعون وإذا كثر الكذب كثر الهرج وفي الصحيحين من حديث
العمش عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسببول اللببه
ثلثة ل يكلمهم الله يوم القيامة ول ينظر إليهم ول يزكيهم ولهم عببذاب أليببم
شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر وذكر سفيان الثوري عن منصور عن
ربعي بن حراش عن أبي ذر رضببي اللببه عنببه أن رسببول اللببه قببال إن اللببه
يبغض ثلثة
الشيخ الزاني والمقل المختال والبخيل المنان وذكر العمببش عببن خيثمببة
عن أبي عبدالرحمن عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبببي قببال
مثل الذي يجلس على فراش المغيبة مثل الذي ينهشه الساود يوم القيامببة
المغيبة هي التي قد سافر زوجها في جهاد أو حج أو غيرهمببا وفببي النسببائي
وغيببره مببن حببديث بريببدة عببن النبببي قببال حرمببة نسبباء المجاهببدين علببى
القاعدين كأمهاتهم وما من رجل من القاعدين يخلببف رجل مببن المجاهببدين
في أهله إل نصب له يوم القيامة فيقال يا فلن هذا فلن فخببذ مببن حسببناته
ما شئت ثم التفت النبي إلى أصحابه فقال مببا تببرون يببدع لببه مببن حسببناته
شيئا وفي لفظ وإذ اخلفه في أهله فخانه قيل يببوم القيامببة هببذا خانببك فببي
أهلك فخذ من حسناته ما شئت فما ظنكم ويكفي في قبح الزنببى أن اللببه
سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلت وأصعبها وأفضحها
وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعبذيب فباعله ومبن قبحبه أن اللبه سببحانه
فطر عليه بعض الحيببوان البهيببم الببذي ل عقببل لببه كمببا ذكببر البخبباري فببي
صحيحه عن عمرو ببن ميمبون الودي قبال رأيبت فببي الجاهليببة قببردا زنبى
بقردة فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا وكنت فيمن رجمهما
فصل والزنى يجمع خلل الشر كلها من قلة الببدين وذهبباب الببورع وفسبباد
المروءة وقلة الغيرة فل تجببد زانيببا معببه ورع ول وفبباء بعهببد ول صببدق فببي
حديث ول محافظة على صديق ول غيببرة تامببة علببى أهلببه فالغببدر والكببذب
والخيانة وقلةالحياء وعدم المراقبة وعدم النفة للحبرم وذهباب الغيبرة مبن
القلب من شعبه وموجباته ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله
ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة ومنهببا سببواد
الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين ومنها
ظلمة القلب وطمس نوره وهببو الببذي أوجببب طمببس نببور الببوجه وغشببيان
الظلمة له ومنها الفقر اللزم وفي أثر يقول الله تعالى أنا الله مهلك الطغاة
ومفقر الزناة ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين
عباده ومنهببا أنببه يسببلبه أحسببن السببماء وهببو اسببم العفببة والبببر والعدالببة
ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخبائن ومنهبا أنبه يسبلبه
اسم المؤمن كما في الصحيحين عببن النببي أنبه قببال ل يزنببي الزانببي حيببن
يزني وهو مؤمن فسلبه اسم اليمان المطلببق وإن لببم يسببلب عنببه مطلببق
اليمان وسئل جعفر بن محمد عن هذا الحديث فخط دائرة في الرض وقال
هذه دائرة اليمان ثم خط دائرة أخرى خارجة عنها وقال هذه دائرة السببلم
فإذا زنى العبد خرج من هذه ولم يخرج من هذه ول يلزم من ثبوت جزء مببا
من اليمان له
أن يسمى مؤمنا كما أن الرجل يكون معه جزء من العلم والفقه ول يسببمى
به عالما فقيها ومعه جزء من الشجاعة والجود ول يسمى بببذلك شببجاعا ول
جببوادا وكببذلك يكببون معببه شببيء مببن التقببوى ول يسببمى متقيببا ونظببائره
فالصواب إجراء الحديث علبى ظباهره ول يتبأول بمبا يخبالف ظباهره واللبه
أعلم ومنهببا أن يعببرض نفسببه لسببكنى التنببور الببذي رأى النبببي فيببه الزنبباة
والزواني ومنها أنه يفارقه الطيب الذي وصف الله به أهل العفاف ويستبدل
به الخبيث الذي وصف الله به الزناة كما قال الله تعالى الخبيثببات للخبيببثين
والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات وقببد حببرم اللببه
الجنة على كل خبيث بل جعلها مأوى الطيبين ول يدخلها إل طيب قببال اللببه
تعالى الذين تتوفاهم الملئكة طيبين يقولون سلم عليكم ادخلبوا الجنبة بمبا
كنتم تعملون وقال تعالى وقال لهببم خزنتهببا سببلم عليكببم طبتببم فادخلوهببا
خالدين فإنما استحقوا سببلم الملئكببة ودخببول الجنببة بطيبهببم والزنبباة مببن
أخبث الخلق وقد جعل الله سبحانه جهنم دار الخبيث وأهلببه فببإذا كببان يببوم
القيامة ميز الخبيث من الطيب وجعل الخبيث بعضببه علببى بعببض ثببم ألقبباه
وألقى أهله في جهنم فل يدخل النار طيببب ول يببدخل الجنببة خبببيث ومنهببا
الوحشة الببتي يضببعها اللببه سبببحانه وتعببالى فببي قلببب الزانببي وهببي نظيببر
الوحشة التي تعلو وجهه فالعفيف على وجهببه حلوة وفببي قلبببه أنببس ومببن
جالسه
استأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه استوحش به ومنها قلة
الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له وهو أحقببر شببيء فببي
نفوسببهم وعيببونهم بخلف العفيببف فببإنه يببرزق المهابببة والحلوة ومنهببا أن
الناس ينظرونه بعين الخيانة ول يأمنه أحد على حرمته ول على ولببده ومنهببا
الرائحة التي تفوح عليه يشمها كل ذي قلب سببليم تفبوح مببن فيببه وجسببده
ولول اشتراك الناس في هذه الرائحة لفاحت من صاحبها ونادت عليه ولكببن
كما قيل كل به مثل ما بي غير أنهم %من غيبرة بعضبهم للبعبض عبذال
ومنها ضيقة الصدر وحرجه فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم فإن من طلب
لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده فإن ما عند اللببه
ل ينال إل بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ولو علم الفاجر
ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيببش لببرأى أن
الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف مببا حصببل لببه دع ربببح العاقبببة والفببوز
بثواب الله وكرامته ومنها أنه يعرض نفسه لفوات السببتمتاع بببالحور العيببن
في المساكن الطيبة في جنات عدن وقد تقدم أن اللببه سبببحانه وتعببالى إذا
كان قد عاقب لبس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسببه يببوم القيامببة وشببارب
الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة فكذلك من تمتع بالصور المحرمة
في الدنيا بل كل ما ناله العبد في الدنيا فإن توسع في حلله ضيق من حظه
يوم القيامة بقدر ما توسع فيه وإن ناله من حرام فاته نظيره يوم القيامببة
ومنها أن الزنى يجرئه على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وكسببب الحببرام
وظلم الخلق وإضاعة أهله وعياله وربما قاده قسرا إلى سفك الببدم الحببرام
وربما استعان عليه بالسحر وبالشرك وهو يدري أو ل يدري فهببذه المعصببية
ل تتم
إل بأنواع من المعاصي قبلها ومعهبا ويتولبد عنهبا أنبواع أخبر مبن المعاصبي
بعدها فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند بعدها وهي أجلببب شببيء
لشر الدنيا والخرة وأمنع شيء لخير الدنيا والخرة وإذا علقت بالعبببد فوقببع
في حبائلها وأشببراكها عببز علببى الناصببحين اسببتنقاذه وأعيببى الطببباء دواؤه
فأسيرها ل يفدى وقتيلها ل يودى وقد وكلها الله سبببحانه بببزوال النعببم فببإذا
ابتلي بها عبد فليودع نعم الله فإنها ضيف سريع النتقال وشيك الزوال قببال
الله تعالى ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيببروا مببا
بأنفسهم وأن الله سميع عليم وقال تعالى وإذا اراد الله بقوم سوءا فل مرد
له وما لهم من دونه من وال فصل فهذا بعببض مببا فببي هببذه السبببيل مببن
الضرر وأما سبيل المة اللوطية فتلك سبيل الهالكين المفضية بسالكها إلببى
منازل المعذبين الذين جمع الله عليهم من أنواع العقوبات مالم يجمعه على
أمة من المم ل من تأخر عنهم ول من تقدم وجعببل ديببارهم وآثببارهم عبببرة
للمعتبرين وموعظة للمتقين وكتب خالد بن الوليد إلببى أبببي بكببر الصببديق
رضي الله عنهما أنه وجد فببي بعببض ضببواحي العببرب رجل ينكببح كمببا تنكببح
المرأة فجمع أبو بكر رضي الله عنه لببذلك ناسببا مببن أصببحاب رسببول اللببه
وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاستشارهم فكان علي رضي الله
عنه أشدهم قول فيه فقال إن
هذا لم يعمل به أمة من المم إل أمة واحدة فصنع اللبه بهبم مبا قبد علمتبم
أرى أن تحرقوه بالنار فأحرقوه بالنار وقال عمر بببن الخطبباب رضببي اللببه
عنه وجماعة من الصحابة والتابعين يرجم بالحجارة حتى يموت أحصن أو لم
يحصن ووافقه على ذلك المام أحمد وإسحاق ومالك وقببال الزهببري يرجببم
أحصن أو لم يحصن سنه ماضية وقال جابر بن زيد في رجل غشي رجل في
دبره قال الدبر أعظم حرمة مببن الفببرج يرجببم أحصببن أولببم يحصببن وقببال
الشعبي يقتل أحصن أو لم يحصن وسئل ابن عباس عن اللبوطي مبا حبده
قال ينظر أعلى بناء في المدينة فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة ورجببم
علي لوطيا وافتى بتحريقه وكأنه رأى جواز هذا وهذا وقال إبراهيم النخعي
لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لكان ينبغببي للببوطي أن يرجببم مرتيببن
وذهبت طائفة إلبى أنبه يرجبم إن احصبن ويجلبد إن لبم يحصبن وهبذا قبول
الشافعي وأحمد في رواية عنه وسعيد بن المسيب فببي روايببة عنببه وعطبباء
بن أبي رباح قال عطاء شهدت ابن الزبير أتبي بسببعة أخبذوا فبي اللبواط
أربعة منهم قد أحصنوا وثلثة لم يحصنوا فأمر بالربعة فأخرجوا من المسجد
الحرام فرجموا بالحجارة وأمر بالثلثة فضربوا الحد وفي المسجد ابن عمببر
وابن عباس فالصحابة اتفقوا على قتل اللوطي وإنما اختلفوا في كيفية قتله
فظن بعض الناس أنهم متنازعون في قتله ول نزاع بينهم فيه إل في إلحبباقه
بالزاني أو قتله مطلقا وقد اختلف النبباس فببي عقببوبته علببى ثلثببة أقببوال
أحدها أنها أعظم من
عقوبة الزنى كما أن عقوبته في الخرة أشد الثبباني أنهببا مثلهببا الثببالث أنهببا
دونها وذهب بعض الشافعية إلى أن عقوبة الفاعل كعقوبببة الزانببي وعقوبببة
المفعول به الجلد مطلقا بكرا كان أو ثيبا قال لنه ل يلتذ بالفعببل بببه بخلف
الفاعل وذهب بعض الفقهاء إلى أنه ل حد على واحد منهما قال لن الوازع
عن ذلك ما في الطباع من النفرة عنه واستقباحه ومببا كببان ذلببك لببم يحتببج
إلى أن يزجر الشارع عنه بالحد كأكل العذرة والميتة والدم وشرب البول ثم
قال هؤلء إذا أكثر منه اللوطي فللمام قتله تعزيرا صرح بذلك أصحاب أبببي
حنيفة والصحيح أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزاني لجماع الصببحابة علببى
ذلك ولغلظ حرمته وانتشار فساده ولن الله سبحانه وتعالى لم يعبباقب أمببة
ما عاقب اللوطية قال ابن أبي نجيح في تفسيره عن عمرو ببن دينببار فببي
قوله تعالى إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد مببن العببالمين قببال
ما نزا ذكر على ذكر حتى كببان قببوم لببوط وقببال محمببد بببن مخلببد سببمعت
عباسا الدوري يقول بلغني أن الرض تعج إذا ركب الذكر علببى الببذكر وذكببر
ابن أبي الدنيا بإسببناده عببن كعببب قببال كببان إبراهيببم يشببرف علببى سببدوم
فيقول
ويل لك سدوم يوما مالك فجاءت إبراهيم الرسل وكلمهم إبراهيم فببي أمببر
قوم لوط قالوا يا إبراهيم أعرض عن هذا ^ قال ^ ولم جاءت رسلنا لوطببا
سيء بهم وضاق بهم ذرعا فببذهب بهببم إلببى منزلببه فببذهبت امرأتببه فجبباءه
قومه يهرعون إليه فقال يا قوم هؤلء بنبباتي هببن أطهببر لكببم أزوجكببم بهببن
أليس منكم رجل رشيد وجعل لوط الضياف في بيته وقعد على باب البببيت
وقال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قال أي عشيرة تمنعني قال
ولم يبعث نبي بعد لوط إل في عز من قومه فلما رأت الرسل مببا قببد لقببي
لوط في سببهم قالوا يا لوط إنا رسبل ربببك لبن يصبلوا إليبك فاسبر بأهلبك
بقطع من الليل ول يلتفت منكم أحد إل امرأتبك إنبه مصبيبها مبا أصبابهم إن
موعدهم الصبببح أليببس الصبببح بقريببب فخببرج عليهببم جبريببل عليببه السببلم
فضرب وجوههم بجناحه ضببربة طمسببت أعينهببم قببال والطمببس أن تببذهب
حتى تستوي واحتمببل مببدائنهم حببتى سببمع أهببل سببماء الببدنيا نبيببح كلبهببم
وأصوات ديوكهم ثم قلبها وأمطر الله عليهم حجارة مببن سببجيل قببال علببى
أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافريهم فلم ينفلت منهم إنسببان وقببال
مجاهد نزل جبرل عليه السلم فأدخل جناحه تحت مدائن قوم لوط فرفعهببا
حتى سمع أهل السماء نبيح الكلب وأصوت الدجاج والديكة ثم قلبها فجعببل
أعلها أسفلها ثم أتبعوا بالحجارة
وفي تفسير أبي صالح عن ابن عباس رضي اللببه عنهمببا قببال أغلببق لببوط
على ضببيفه الببباب فخلعببوا الببباب ودخلببوا فطمببس جبببرل أعينهببم فببذهبت
أبصارهم فقالوا يا لوط جئتنا بالسحرة وتوعدوه فببأوجس فببي نفسببه خيفببة
قال يذهب هؤلء ونؤذى فقالوا ل تخف إنببا رسببل ربببك إن موعببدهم الصبببح
قال لوط الساعة قال جبريببل أليببس الصبببح بقريببب قببال فرفعببت المدينببة
حتىسمع أهل السماء نبيح الكلب ثم أقلبت ورموا بالحجارة وقال حذيفة بن
اليمان لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط لتهلكهم قيل لهم ل تهلكوهم حببتى
يشهد عليهم لوط ثلث مرات وطريقهببم علببى إبراهيببم قببال فببأتوا إبراهيببم
فبشروه بما بشروه فلما ذهب عن إبراهيم الببروع وجبباءته البشببرى يجادلنببا
في قوم لوط قال كان مجادلته إياهم أن قال لهببم إن كببان فيهببم خمسببون
أتهلكونهم قالوا ل قال أفرأيتم إن كان فيهببم أربعببون قببالوا ل قببال فثلثببون
قالوا ل حتى انتهى إلى عشرة أو خمسة فأتا لوطا وهو في أرض يعمل فيها
فحسبهم ضيفا فأقبل بهم حين أمسى إلببى أهلببه فببأتوا معببه فبباتلفت إليهببم
فقال أما ترون ما يصنع هؤلء قالوا وما يصنعون قببال مببن مببن النبباس أحببد
شر منهم قال فانتهى بهم إلى أهله فانطلقت العجببوز السببوء امرأتببه فببأتت
قومه فقالت لقد تضيف لوطا الليلة قببوم مببا رأيببت قببط أحسببن وجوهببا ول
أطيب ريحا منهم فأقبلوا يهرعون إليه حتى دفعوا الباب ثم كادوا أن يقلبببوه
عليهم فقام ملك بجناحه فصفقه دونهم ثبم أغلبق البباب ثبم علببوا الجبباجير
فجعل يخاطبهم فقال هؤلء بناتي هن أطهر لكم حتى بلغ أو آوي إلببى ركببن
شديد
شديد قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فطمس جبريل أعينهم فمببا
بقي أحد منهم تلك الليلة حتى عمي قببال فببباتوا بشببر ليلببة عميببا ينتظببرون
العذاب قال وسار بأهله واستأذن جبريل عليه السلم في هلكهببم فببأذن لببه
فارتفع بالرض التي كانوا عليها فببألوى بهببا حببتى سببمع أهببل السببماء الببدنيا
ضغاء كلبهم وأوقد تحتها نارا ثم قلبها بهم قال فسمعت امرأته الوجبة وهي
معه فالتفتت فأصابها العذاب وفي تفسير العوفي عببن ابببن عببباس رضببي
الله عنهما جادل إبراهيم الملئكة في قوم لوط أن يببتركوا فقببال أرأيتببم إن
كان فيهم عشرةأبيات من المسلمين أتتركونهم فقالت الملئكببة ليببس فيهببا
عشرة أبيات ول خمسة ول أربعة ول ثلثة ول اثنان فحزن إبراهيم على لوط
وأهل بيته و قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمببن فيهببا لننجينببه وأهلببه إل
امرأته كانت من الغابرين فذلك قوله فلما ذهب عن إبراهيم الببروع وجبباءته
البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب فقببالت الملئكببة
يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود
فبعث الله إليهم جبريببل فانتسببف المدينببة ومببن فيهببا بأحببد جنبباحيه فجعببل
عاليها سافلها وتبعتهم الحجارة بكل أرض فأهلك الله سبحانه الفاعل
ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللببه قببال لعببن اللببه مببن تببولى غيببر
مواليه ولعن اللببه مببن غيببر تخببوم الرض ولعببن اللببه مببن كمببه أعمببى عببن
السبيل ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ولعببن
الله من عمل عمل قوم لوط ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلثا ولعن
الله من ذبح لغير الله ولعن الله من وقع على بهيمة هذا السناد على شرط
البخاري وقال أبو داود الطيالسي حدثنا بشر بن المفضل عن خالد الحببذاء
عن محمد بن سيرين عن أبي موسى الشببعري رضببي اللببه عنببه قببال قببال
رسول الله إذا باشر الرجل الرجل فهما زانيببان وفببي لفببظ إذا أتببى الرجببل
الرجل وفي المسند والسنن من حديث عكرمة عن ابن عباس رضبي اللببه
عنهما قال قال رسببول اللببه اقتلببوا الفاعببل والمفعببول بببه وفببي لفببظ مببن
وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول بببه وإسببناده علببى
شرط البخاري وروى سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبببي هريببرة رضببي
الله عنه قال
قال رسول الله من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فارجموه أو قال فاقتلوا
الفاعل والمفعول بببه وحببرق اللوطيببة بالنببار أربعببة مببن الخلفبباء أبببو بكببر
الصديق وعلي بن أبي طالب وعبببدالله بببن الزبيببر وهشببام بببن عبببدالملك
وقال حماد بن سلمة عن قتادة عن خلس عن عبيدالله بن معمر قال يقتببل
اللوطي وقال سعيد بن المسيب عندنا علببى اللببوطي الرجببم أحصببن أو لببم
يحصن سنة ماضية وهذا يدل على أن ذلك سنة مضى عليهببا العمببل وقببال
الشعبي يقتل أحصن أو لم يحصن وقال الزهري وربيعة واببن هرمببز ومالببك
بن أنس عليه الرجم أحصن أو لم يحصببن وقببال بعببض العلمبباء وإمببا قببال
سعيد بن المسيب إن ذلك سنة ماضية لقول النبي اقتلوا الفاعل والمفعببول
به ولم يقل محصنا أو غير محصن وحرقهم أبو بكر رضببي اللببه عنببه بالنببار
بعد مشاورة الصحابة وأشار عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنببه بببذلك
وحرقهم علي وابن الزبير كما ذكره الجري وغيره عببن محمببد بببن المنكببدر
أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر أنه وجد رجل في بعض ضواحي العببرب
ينكح كما تنكح المرأة فجمع أبو بكر لذلك اصحاب رسول اللببه وفيهببم علببي
بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال علي إن هذا ذنب لم يعمببل بببه إل أمببة
واحدة ففعل اللببه بهببم مببا قببد علمتببم أرى أن تحرقببوه بالنببار فبباجتمع رأي
أصحاب رسول الله أن يحرق بالنار فأمر به أبو بكر أن يحرق
قال وقد حرقهم ابن الزبير وهشام بن عبدالملك وقال ابببن عببباس رضببي
الله عنهما يرجم اللوطي بكرا كان أو ثيبا وقال عمببر بببن الخطبباب رضببي
الله عنببه مببن عمببل عمببل قببوم لببوط فبباقتلوه ولببم يفببرق أحببد منهببم بيببن
المحصن وغره وصرح بعضهم بعموم الحكم للمحصن وغير المحصن فلذلك
قال ابن المسيب إن هذا سببنة ماضببية وفببي مسببائل إسببحاق بببن منصببور
الكوسج قلت لحمد يرجم اللوطي أحصن أو لم يحصن فقال يرجببم أحصببن
أو لم يحصن قال إسحاق بن راهويه هو كما قال والسنة فببي الببذي يعمببل
عمل قوم لوط أن يرجم محصنا كان أو غير محصن لن النبي قال من عمل
عمل قوم لوط فاقتلوه رواه ابن عباس عن النبي كذلك ثم أفتى ابن عباس
بعد النبي فيمن يعمل عمل قوم لوط أنه يرجببم وإن كببان بكببرا فحكببم فببي
ذلك بما رواه عن النبي وكذلك روي عببن علببي بببن أبببي طببالب مثببل هببذا
القول إن اللوطي يرجم ولم يذكر محصنا كان أو غير محصببن وكببذلك فعببل
الله سبحانه بقوم لوط وكذا يروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنببه أنببه
حرقهم بالنار هذا كلم إسحاق رحمه الله وذكر الجببري فبي كتباب تحريبم
اللواط من حديث عبدالله بن عمر مرفوعبا سبببعة ل ينظبر اللبه إليهبم يبوم
القيامة ول يزكيهم ويقول ادخلوا النببار مببع الببداخلين الفاعببل والمفعببول بببه
والناكح يده وناكح
البهيمة وناكح المرأة في دبرها والجامع بين المببرأة وابنتهببا والزانببي بحليلببة
جاره والمؤذي لجاره حتى يلعنه وذكر عن أنس مرفوعا نحوه وقال ادخلوا
النار أول الداخلين إل أن يتوبوا إل أن يتوبوا إل أن يتوبوا فمن تاب تاب اللببه
عليه الناكح يده والفاعل والمفعول به ومدمن الخمر والضببارب أبببويه حببتى
يستغيثا والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه والزاني بحليلة جاره وقال مجاهببد لبو
أن الذي يعمل ذلك العمل يعني عمببل قببوم لببوط اغتسببل بكببل قطببرة فببي
السماء وكل قطرة في الرض لم يزل نجسا وقد ذكر اللببه سبببحانه عقوبببة
اللوطية وما حل بهم مببن البلء فببي عشببر سببور مببن القببرآن وهببي سببورة
العببراف وهببود والحجببر والنبيبباء والفرقببان والشببعراء والنمببل والعنكبببوت
والصافات واقتربت الساعة وجمع على القببوم بيببن عمببى البصببار وخسببف
الديار والقذف بالحجار ودخول النار وقال محذرا لمن عمل عملهم مببا حببل
بهم من العذاب الشديد وما قوم لوط منكم ببعيد وقببال بعببض العلمبباء إذا
عل الذكر الذكر هربت الملئكة وعجت الرض إلى ربها ونزل سببخط الجبببار
جل جلله عليهم وغشيتهم اللعنة
وحفت بهم الشياطين واستأذنت الرض ربها أن تخسف بهببم وثقببل العببرش
على حملته وكبرت الملئكة واستعرت الجحيم فإذا جاءته رسل اللببه لقبببض
روحه نقلوها إلى ديار إخوانهم وموضع عذابهم فكببانت روحببه بيببن أرواحهببم
وذلك أضيق مكانا وأعظم عذابا من تنببور الزنبباة فل كببانت لببذة تببوجب هببذا
العذاب الليم وتسوق صاحبها إلى مرافقة أصببحاب الجحيببم تببذهب اللببذات
وتعقب الحسرات وتفنى الشهوة وتبقى الشقوة وكان المام أحمد بن حنبل
رحمه الله تعالى ينشببد تفنببى اللببذاذة ممببن نببال صببفوتها %مببن الحببرام
ويبقى الخزي والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها %ل خير في لببذة مببن
بعدها النار فصل وأما إن كانت الفاحشة مع ذي رحم محببرم فببذلك الهلبك
كل الهلك ويجب قتل الفاعل بكببل حببال عنببد المببام أحمببد وغيببره واحتببج
أحمد بحديث عدي بن ثابت عن البببراء بببن عببازب قببال لقيببت خببالي ومعببه
الراية فقلت أين تريد قال بعثني رسببول اللببه إلببى رجببل تببزوج امببرأة أبيببه
أضرب عنقه وآخذ مبباله رواه المببام أحمببد واحتببج بببه وقببال شببعبة حببدثنا
الركين بن الربيع عن عدي بن ثابت عن البراء
قال رأيت أناسا ينطلقون فقلت أيببن تببذهبون قببالوا بعثنببا رسببول اللببه إلببى
رجل يأتي امرأة أبيه أن نقتله وذكر عبدالله بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب
عن ابن جريج عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله قال اقتلوا الفاعببل
والمفعول به والذي يأتي البهيمة والذي يأتي كل ذات محرم وقال هشام بن
عمار حدثنا رفدة بن قضاعة حدثنا صالح بن راشد قببال أتببي الحجبباج برجببل
قد اغتصب أخته على نفسها فقال احبسوه وسلوه مببن هاهنببا مببن أصببحاب
محمد فسألوا عبدالرحمن بن مطرف فقال سمعت رسول اللببه يقببول مببن
تخطى الحرمتين فخطوا وسطه بالسيف وأفتى ابن عباس رضي الله عنهما
بمثل ذلك وقال عمر بن شبة حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة قال
أتي الحجاج برجل زنى بببأخته فسببأل عنهببا عبببدالله فقببال يضببرب بالسببيف
فأمر به الحجاج فضرب عنقه بالسيف وذكر جماعة عببن حمبباد بببن سببلمة
عن بكر بن عبدالله المزني أن رجل تببزوج خببالته فرفببع إلببى عبببدالملك بببن
مروان فقال إني ظننت أنها تحل لي
فقال ل جهالة في السلم وأظن أنه أمر به فقتببل وفببي مسببائل صببالح بببن
أحمد قال سألت أبي عن الرجل الذي تبزج ذات محببرم منبه فقبال إن كببان
عمدا يقتل ويؤخذ ماله وإن كان ل يعلم يفرق بينهما وأستحب أن يكببون لهببا
ما أخذت منه ول يرجع عليها بشيء وفي صحيفةعمرو بن شببعيب عببن أبيببه
عن جده أن النبي قال ل يدخل الجنة من أتى ذات محرم
وتأمل قوله تعالى في الشفاعة الحسنة يكن لببه نصببيب منهببا وفببي السببيئة
يكن له كفل منها فإن لفببظ الكفببل يشببعر بالحمببل والثقببل ولفببظ النصببيب
يشعر بالحظ الذي ينصب طالبه في تحصيله وإن كببان كببل منهمببا يسببتعمل
في المرين عند النفراد ولكن لما قرن بينهما حسببن اختصبباص حببظ الخيببز
بالنصيب وحظ الشر بالكفل وفي صحيفة عمرو بن شببعيب عببن أبيببه عببن
جده أن رجل على عهد رسول الله زوج ابنة له وكان خطبهبا قبببل ذلببك عبم
بنتها فبلببغ النبببي أنهببا كارهببة هببذا الببذي زوجهبا أبوهببا وأنببه كببان يعجبهببا أن
يتزوجها عم بنتها فأهدر النبي نكاح أبيها وزوجها عم بنتها وقببد تقببدم حببديث
عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجل قببال يببا
رسول الله في حجري يتيمة قببد خطبهببا رجببل موسببر ورجببل معببدم فنحببن
نحب الموسر وهي تحب المعببدم فقببال رسببول اللببه ليببس للمتحببابين مثببل
النكاح رواه سليمان بن موسى عنه وقال مخلد بن الحسببين حببدثنا هشببام
بن حسان عن محمد بن سيرين قال كببان عمببر بببن الخطبباب يعببس بالليببل
فسمع صوت امرأة تغني وتقول هل من سبببيل إلببى خمببر فأشببربها %أم
هل سبيل إلى نصر بن حجاج
فقال أما وعمر حي فل فلما أصبح بعث إلى نصر بن حجاج فإذا رجل جميببل
فقال اخرج فل تساكني بالمدينة فخرج حتى أتى البصرة وكببان يببدخل علببى
مجاشع بن مسعود وكانت له امرأة جميلة فأعجبها نصر فأحبها وأحبته فكان
يقعد هو ومجاشع يتحدثان والمرأة معهما فكتب لهببا نصببر فببي الرض كتابببا
فقالت وأنا فعلم مجاشع أنهببا جببواب كلم وكببان مجاشببع ل يكتببب والمببرأة
تكتب فدعا بإناء فأكفاه على المكتوب ودعا كاتبا فقرأه فإذا هو إنببي لحبببك
حبا لو كان فوقك لظلك ولو كان تحتك لقلك وبلبغ نصبرا مبا صببنع مجاشببع
فاستحيا ولزم بيته وضني جسمه حتى كببان كببالفرخ فقببال مجاشببع لمرأتببه
اذهبي إليه فأسنديه إلى صدرك وأطعميه الطعام بيببدك فببأبت فعببزم عليهببا
فأتته فأسندته إلى صدرها وأطعمتببه الطعببام بيببدها فلمببا تحامببل خببرج مببن
البصرة إن الذين بخير كنت تذكرهم %هم أهلكوك وعنهم كنت أنهاكببا ل
تطلبن شفاء عند غيرهم %فليس يحييك إل من توفاكا فإن قيل فهل تبيح
الشريعة مثل ذلك قيل إذا تعين طريقا للدواء ونجبباة العبببد مببن الهلكببة لببم
يكن بأعظم من مداواة المرأة للرجل الجنبي ومببداواته لهبا ونظببر الطبببيب
إلى بدن المريض ومسه بيده للحاجة وأما التداوي بالجماع فل يبيحه الشببرع
بوجه ما وأما التداوي بالضم والقبلة فإن تحقق الشفاء به كان نظير التداوي
بالخمر عند من يبيحه بل هذا أسهل من التداوي
بببالخمر فببإن شببربه مببن الكبببائر وهببذا الفعببل مببن الصببغائر والمقصببود أن
الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلق سنة ماضية وسعي مشكور
وقد جاء عن غير واحد من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم أنهم شفعوا هذه
الشفاعة فقال الخرائطي حدثنا علي بن العرابي حدثنا أبو غسان النهببدي
قال مر أبو بكببر الصببديق رضببي اللببه عنببه فببي خلفتببه بطريببق مببن طببرق
المدينة فإذا جارية تطحن برحاها وهي تقول وهويته من قبل قطع تمببائمي
%متمايسا مثببل القضببيب النبباعم وكبأن نبور البببدر سببنة وجهبه %ينمبي
ويصعد في ذؤابة هاشم فدق عليها الباب فخرجت إليه فقببال ويلببك أحببرة
أنت أم مملوكة فقالت بل مملوكة يا خليفبة رسببول اللبه قببال فمبن هببويت
فبكت ثم قالت بحق الله إل انصرفت عني قال ل أريم أو تعلميني فقببالت
وأنا التي لعب الغرام بقلبها %فبكت لحب محمد ببن القاسبم فصبار إلبى
المسجد وبعث إلى مولها فاشتراها منه وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن
جعفر بن أبي طالب وقال هؤلء فتن الرجال وكم قد مببات بهببن مببن كريببم
وعطب عليهن من سليم
ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه جاءته جارية تسببتعدي علببى
رجل من النصار فقال لها عثمان ما قصتك فقالت يا أمير المببؤمنين كلفببت
بابن أخيه فما أنفك أراعيه فقال له عثمان إما أن تهبها لبن أخيك أو أعطيك
ثمنها من مالي فقال أشهدك يا أمير المؤمنين أنها له وأتي علببي بببن أبببي
طالب بغلم من العرب وجد في دار قوم بالليل فقببال لببه مببا قصببتك فقببال
لست بسارق ولكني أصدقك تعلقت في دار الرباحي خودة %يذل لها من
حسنها الشمس والبدر لها في بنات الروم حسن ومنصببب %إذا افتخببرت
بالحسن صدقها الفخر فلما طرقت الدار من حر مهجة %أتيت وفيها مببن
توقدها جمر تبادر أهل الدار لي ثم صيحوا %هو اللص محتومببا لببه القتببل
والسر فلما سمع علي شعره رق له وقال للمهلب بن رباح اسمح لببه بهببا
ونعوضك منها فقبال يبا أميبر المبؤمنين سبله مبن هبو لنعبرف نسبببه فقببال
النهاس بن عيينة العجلي فقال خذها فهببي لببك وذكببر التميمببي فببي كتببابه
المسمى بامتزاج النفببوس أن معاويببة بببن أبببي سببفيان اشببترى جاريببة مببن
البحرين فأعجب بها إعجابا شديدا فسمعها يوما تنشد أبياتببا منهببا وفببارقته
كالغصن يهتز في الثرى %طريرا وسيما بعد ما طر شاربه فسألها فقالت
هو ابن عمي فردها إليه وفببي قلبببه منهببا وقببال سببالم بببن عبببدالله كببانت
عاتكة ابنة زيد تحت عبدالله بن أبي بكر
الصديق رضي الله عنه وكانت قد غلبته على رأيه وشغلته عن سوقه فأمره
أبو بكر بطلقها واحدة ففعل فوجد عليها فقعد لبيه على طريقه وهببو يريببد
الصلة فلما بصر بأبي بكر بكى وأنشأ يقول ولم أر مثلي طلق اليوم مثلها
%ول مثلها في غير جرم يطلق لها خلق جببزل وحلببم ومنصببب %وخلببق
سوي في الحياة ومصدق فرق له أبو بكر رضي الله عنه وأمره بمراجعتهببا
فلما مات قالت ترثيه آليت ل تنفك عيني سخينة %عليك ول ينفك جلببدي
أغرا فلله عينا من رأى مثله فتى %أعف وأمضى في الهياج وأصبببرا إذا
شرعت فيه السنة خاضها %إلى الموت حببتى يببترك الرمببح أحمببرا فلمببا
حلت تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأولم عليها فقال له علي بببن
أبي طالب رضي الله عنه أتببأذن لببي يببا أميببر المببؤمنين أدخببل رأسببي إلببى
عاتكة أكلمها قال نعم فأدخل علي رأسه إليها وقال يا عدية نفسها آليت ل
تنفك عيني قريرة %عليك ول ينفك جلدي أصفرا فبكت فقال له عمر مببا
دعاك إلى هذا يا أبا الحسن كل النسبباء يفعلببن هببذا فلمببا قتببل عمببر قببالت
ترثيه عين جودي بعبرة ونحيب %ل تملي على الجواد النجيب
وذكر الخرائطي أن المهدي خببرج إلببى الحببج حببتى إذا كببان بزبالببة جلببس
يتغدى فأتي بدوي فناداه يا أمير المببؤمنين إنببي عاشببق ورفببع صببوته فقببال
للحاجب ويحك ما هذا قال إنسان يصيح إنببي عاشببق قببال أدخلببوه فببأدخلوه
عليه فقال من عشيقتك قال ابنة عمي قال أولها أب قال نعم قال فمبباله ل
يزوجك إياها قال هاهنا شيء يا أمير المؤمنين قال مببا هببو قببال إنببي هجيببن
والهجين الذي أمه أمة ليست عربية قال له المهدي فما يكون قال إنه عندنا
عيب فأرسل في طلب أبيها فأتي به فقال هذا ابن أخيك قال نعم قال فلببم
ل تزوجه كريمتك فقال له مثل مقالة ابن أخيه وكان من ولد العببباس عنببده
جماعة فقال هؤلء كلهم بنو العباس وهم هجن مببا الببذي يضببرهم مببن ذلببك
قال هو عندنا عيب فقال له المهدي زوجه إياهببا علببى عشببرين ألببف درهببم
عشرة آلف للعيب وعشرة آلف مهرها قببال نعببم فحمببد اللببه وأثنببى عليببه
وزوجه إياها فأتى ببدرتين فدفعهما إليه فأنشأ الشباب يقببول إبتعببت ظبيببة
بالغلء وإنما %يعطي الغلء بمثلها أمثالي وتركت أسواق القباح لهلهببا %
إن القباح وإن رخصن غوالي وذكر الخرائطي من حديث الهيثببم بببن عببدي
عن عوانة بن الحكم أن عمر بن أبي ربيعة كان قد ترك الشعر ورغببب عنببه
ونذر على نفسه بكل بيت يقوله هدى بدنة فمكث كذلك حينا ثببم خببرج ليلببة
يريد الطواف بالبيت إذ نظر
إلى امرأة ذات جمال تطوف وإذا رجل يتلوها كلما رفعت رجلها وضع رجلببه
موضع رجلها فجعل ينظر إلى ذلببك مبن أمرههمببا فلمببا فرغببت المببرأة مبن
طوافها تبعها الرجل هنية ثم رجع فلما رآه عمر وثب إليه وقال لتخبرني عن
أمرك قال نعم هذه المرأة التي رأيت ابنة عمي وأنا لها عاشببق وليببس لببي
مال فخطبتها إلى عمي فرغب عني وسألني المهببر مببال أقببدر عليببه والببذي
رأيت هو حظي منها ومالي من الدنيا أمنية غيرها وإنما ألقاها عنببد الطببواف
وحظي ما رأيت من فعلي فقال له عمر ومن عمك قال فلن بن فلن قببال
انطلق معي إليه فانطلقا فاستخرجه عمر فخرج مبادرا فقال مببا حاجتببك يببا
أبا الخطاب قال تزوج ابنتببك فلنببة مببن ابببن أخيببك فلن وهببذا المهببر الببذي
تسأله يساق إليك من مالي قال فإني قد فعلت قببال عمببر إنببي أحببب أن ل
أبرح حتى يجتمعا قال وذلك ايضا قال فلم يبرح حببتى جمعهمببا جميعببا وأتببى
منزله فاستلقى علببى فراشببه فجعببل النببوم ل يأخببذه وجعببل جببوفه يجيببش
بالشعر فأنكرت جاريته ذلك فجعلت تسأله عن أمره وتقول ويحك مببا الببذي
قد دهاك فلما أكثرت عليه جلس وأنشد تقول وليدتي لما رأتني %طربت
وكنت قد أقصرت حينا أراك اليوم قد أحدثت شوقا %وهاج لببك البكببا داء
دفينا بربك هل أتاك لها رسول %فشاقك أم رأيت لها خدينا فقلت شببكا
إلي أخ محب %كبعض زماننا إذ تعلمينا فعد علي ما يلقى بهند %فوافببق
بعض ما كنا لقينا
وذو القلب المصاب وإن تعزى %يهيج حين يلقى العاشقينا وكم من خلة
أعرضت عنها %لغير قلى وكنت بها ضنينا رأيت صدودها فصددت عنها %
ولو هام الفؤاد بها جنونا وعبرض خالبد ببن عببدالله القسبري سبجنه يومبا
وكان فيه يزيد بن فلن البجلي فقال له خالد في أي شيء حبسببت يببا يزيببد
قال في تهمة أصلح الله المير قال أفتعود إن أطلقتببك قببال نعببم وكببره أن
يعرض بقصته لئل يفضح معشوقته فقببال خالببد أحضببروا رجببال الحببي حببتى
نقطع يده بحضرتهم وكان ليزيد أخ فكتب شعرا ووجه به إلببى خالببد أخالببد
قد أعطيت في الخلق رتبة %وما العاشق المسكين فينا بسارق أقببر بمببا
لم يأته المرء إنه %رأى القطع خيرا من فضببيحة عاشببق ولببول الببذي قببد
خفت من قطع كفه %للفيت في شأن الهوى غير ناطق إذا بدت الرايات
للسبق في العلى %فأنت ابن عبدالله أول سابق فلما قببرأ خالببد البيببات
علم صدق قوله فأحضر أولياء الجارية فقال زوجوا يزيد فتبباتكم فقببالوا أمببا
وقد ظهر عليه ما ظهر فل فقال لئن لم تزوجببوه طببائعين لببتزوجنه كببارهين
فزوجوه ونقد خالد المهر من عنده وذكر أبو العباس المبرد قال كان رجل
بالكوفة يدعى ليث بن زياد قد ربى جارية وأدبها فخرجت بارعة في كل فببن
مع جمال وافر فلم يزل معها مدة حتى تبينت منه الحاجة فقببالت يببا مببولي
لو بعتني كان أصلح لك مما أراك به وإن كنت لظن أني ل أصبر عنك فقصد
رجل من الغنياء يعرفها
ويعرف فضلها فباعها بمائة ألف درهم فلما قبض المال وجه بها إلى مولهببا
وجزع عليها جزعبا شبديدا فلمبا صبارت الجاريبة إلبى سبيدها نبزل بهبا مبن
الوحشة للول مالم تستطع دفعه ول كتمببه فببباحت بببه وقببالت أتبباني البل
حقا فما أنا صانع %أمصطبر للبين أم أنا جازع كفى حزنا أنببي علببى مثببل
جمرة %أقاسي نجوم الليل والقلب نازع فإن يمنعببوني أن أبببوح بحبببه %
فإني قتيل والعيون دوامع فبلغ سيدها شعرها فببدعا بهببا وأرادهببا فببامتنعت
عليه وقالت له يا سيدي إنك ل تنتفع بي قال ولم ذاك قالت إني لما بي قال
وما بك صفيه لي قالت أجد في أحشائي نيرانا تتوقد ل يقببدر علببى إطفائهببا
أحد ول تسأل عما وراء ذلك فرحمها ورق لها وبعث إلى مولها فسببأل عببن
خبره فوجد عنده مثل الذي عندها فأحضره فرد الجارية عليه ووهب له مببن
ثمنها خمسين ألفا فلم تزل عنده مدة طويلة وبلغ عبدالله بن طاهر خبرهما
وهو بخراسان فكتبب إلبى خليفتبه بالكوفبة يبأمره أن ينظبر فبإن كبان هبذا
الشعر الذي ذكر له من قبل الجارية أن يشتريها له بما ملكت يمينببه فركببب
إلى مولى الجارية فخبره بما كتب إليه عبدالله بن طاهر فلم يجد سيدها بدا
من عرضها عليه وهو كاره فأراد المير أن يعلم ما عند الجارية فأنشأ يقببول
بديع حسن رشيق قد %جعلت مني له ملذا فأجببابته الجاريببة فعبباتبوه
فزاد عشقا %فمات شوقا فكان ماذا فعلم أنها تصلح له فاشتراها بمائتي
ألف درهم فجهزها وحملها إلى عبدالله بن
طاهر إلى خراسان فلما صارت إليه اختبرهببا فوجببدها علببى مببا أراد فغلبتببه
على عقله ويقال إنهبا أم محمبد ببن عببدالله ببن طباهر ولبم تبزل ألطافهبا
وجوائزها تأتي مولها الول حتى ماتت وقال عمر بن شبة حدثنا أيوب بببن
عمر الغفباري قبال طلبق عببدالله ببن عبامر امرأتبه ابنبة سبهل ببن عمبرو
فقدمت المدينة ومعها ابنة لها ومعها وديعة جببوهر اسببتودعها إيبباه فتزوجهببا
الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم أراد ابن عامر الحببج فببأتى
المدينة فلقي الحسن فقال يا أبا محمد إن لي إلى ابنة سببهل حاجببة فببأحب
أن تأذن لي عليها فقال الحسن البسي ثيابك فهذا ابن عامر يسببتأذن عليببك
فدخل عليها فسألها وديعته فجاءته بهببا عليهببا خبباتمه فقببال لهببا خببذي ثلثهببا
فقالت ما كنت لخذ على أمانة ائتمنت عليها شيئا أبببدا ثببم أقبببل عليهببا ابببن
عامر فقال إن ابنتي قد بلغت فأحب أن تخلي بيني وبينها فبكت وبكت ابنتها
فرق ابن عامر فقال الحسن فهل لكما فوالله ما من محلل خيببر منببي قببال
فوالله ل أخرجها من عندك أبدا فكفلها حتى مببات وذكببر الزمخشببري فببي
ربيع البرار أن زبيدة بنت أبي جعفر قرأت في طريق مكة على حائط أمببا
في عباد الله أو في إمائه %كريم يجلي الهم عن ذاهببب العقببل لببه مقلببة
أما المآقي فقرحة %وأما الحشا فالنار منه على رجل
فنببذرت أن تحتببال لقائلهمببا حببتى تجمببع بينببه وبيببن مببن يحبببه قببالت فببإني
لبمزدلفة إذ سمعت من ينشدهما فاستدعيت به فزعم أنه قالهمببا فببي بنببت
عم له وقد حلف أهلها أن ل يزوجوهها منببه فببوجهت إلببى الحببي ومببا زالببت
تبذل لهم المال حتى زوجوه وإذا المرأة أعشببق مببن الرجببل فكببانت زبيببدة
تعده في أعظم حسناتها وتقول ما أنا بشببيء أسببر منببي بجمعببي بيببن ذلببك
الفتى والفتاة قال الزمخشري وهوي أحمد بن أبي عثمببان الكبباتب جاريببة
لزبيدة اسمها نعم حتى مرض وقال فيها أبياتا منها وإنببي ليرضببيني الممببر
ببابها %وأقنع منها بالشتيمة والزجر فوهبتها له وذكر الخرائطي أنه كان
لبعض الخلفاء غلم وجارية من غلمانه وجواريه متحببابين فكتببب الغلم إليهببا
يوما يقول ولقد رأيتك في المنام كأنما %عاطيتني من ريق فيببك البببارد
وكأن كفك في يدي وكأننا %بتنا جميعا في فبراش واحبد فطفقبت يبومي
كله متراقدا %لراك في نومي ولست براقد ثم انتبهت ومعصماك كلهما
%بيدي اليمين وفي يمينك ساعدي فأجابته الجارية خيرا رأيت وكببل مببا
أبصرته %سببتناله منببي برغببم الحاسببد إنببي لرجببو أن تكببون معببانقي %
فتبيت مني فبوق ثبدي ناهبد وأراك بيببن خلخلبي ودمبالجي %وأراك بيبن
ترائبي ومجاسدي
إذا أنت لم يعطفك إل شفاعة %فل خير في ود يكون بشببافع وكببان أبببو
السائب المخزومي أحد القراء والفقهاء فببرؤي متعلقببا بأسببتار الكعبببة وهببو
يقول اللهم ارحم العاشقين واعطف عليهم قلوب المعشوقين فقيل له فببي
ذلك فقال الدعاء لهببم أفضببل مببن عمببرة مببن الجعرانببة وذكببر أحمببد بببن
الفضل الكاتب أن غلما وجارية كانا في كتاب فهويهببا الغلم فلمببا كببان فببي
بعض أيامه في غفلة من الغلمان كتب في لوح الجارية ماذا تقولين فيمببن
شببفه سببقم %مببن طببول حبببك حببتى صببار حيرانببا فلمببا قرأتببه الجاريببة
أغرورقت عيناها بالدموع رحمة له وكتبت تحته إذا رأينا محبببا قببد أضببر ببه
%طول الصبابة أوليناه إحسانا وذكر الهيثم بن عدي عببن محمببد بببن زيبباد
أن الحارث بن السببليل الزدي خببرج زائرا لعلقمببة بببن حببزم الطببائي وكببان
حليفا له فنظر إلى ابنة له تدعى الرباب وكانت من أجمببل النسبباء فببأعجب
بها وعشقها عشقا حال بينه وبيبن النصبراف إلبى أهلبه فقبال لعلقمبة إنبي
أتيتك خاطبا وقد ينكح الخبباطب ويببدرك الطببالب ويمنببح الراغببب قببال كفببو
كريم فأقم ننظر في أمرك ثم انكفببأ إلببى أم لجاريببة فقببال لهببا إن الحببارث
سيد قومه حسبا ومنصبا وبيتا فل ينصببرفن مببن عنببدنا إل بحبباجته فشبباوري
ابنتك وأديريها عما في نفسها فقالت لها أي
الحقي بأهلك فل حاجة لي فيك ثم أنشأ يقول وعيرت أن رأتني لبسا كبرا
%وغاية النفس بين المببوت والكبببر فببإن بقيببت رأيببت الشببيب راغمببة %
وفي التفرق ما يقضي من العبر وإن يكن قد عل رأسي وغيببره %صببرف
الزمان وتقتير من الشعر فقد أروح للذات الفتى جذل %وهمتي لم تشب
فاستخبري أثري
الباب السادس والعشرون فبي تبرك المحببين أدنبى المحببوبين رغببة فبي
أعلهما
هذا باب ل يدخل فيه إل النفببوس الفاضببلة الشببريفة البيببة الببتي ل تقنببع
بالدون ول تبيع العلى بالدنى بيببع العبباجز المغبببون ول يملكهببا لطببخ جمببال
مغش على أنواع من القبائح كما قال بعض العببراب وقببد نظببر إلببى امببرأة
مبرقعة إذا بارك الله في ملبس %فل بارك الله في البرقع يريك عيببون
المها مسبل %ويكشف عن منظر فببي أشببنع وقببال الخببر ل يغرنببك مببا
ترى من نقاب %إن تحت النقاب داء دويا فالنفس البية ل ترضى بالببدون
وقد عاب الله سبحانه أقواما استبدلوا طعاما بطعام أدنببى منببه فنعببى ذلببك
عليهم وقال أتسببتبدلون الببذي هببو أدنببى بالببذي هببو خيببر وذلببك دليببل علببى
وضاعة النفس وقلة قيمتها وقال الصمعي خل رجل مببن العببراب بببامرأة
فهم بالريبة فلما تمكن منها تنحببى سببليما وجعببل يقببول إن امببرءا ببباع جنببة
عرضها السموات والرض بفتر ما بين رجليك لقليل البصر بالمساحة
وقال أبو أسماء دخل رجل غيضة فقال لو خلوت هاهنا بمعصببية مببن كببان
يراني فسمع صوتا مل ما بين لبتي الغيضة أل يعلم من خلببق وهببو اللطيببف
الخبير وقال المام أحمد حدثنا هيثم هو ابببن خارجببة حببدثنا إسببماعيل ابببن
عياش عن عبدالرحمن بن عدي البهراني عن يزيد بن ميسببرة قببال إن اللببه
تعالى يقول أيها الشاب التارك شهوته لببي المتبببذل شبببابه مببن أجلببي أنببت
عندي كبعض ملئكتي وذكببر إبراهيببم بببن الجنيببد أن رجل راود امببرأة عببن
نفسها فقالت له أنت قد سمعت القرآن والحديث فأنت أعلم قببال فببأغلقي
البواب فأغلقتها فلما دنا منها قالت بقي باب لم أغلقه قببال أي ببباب قببالت
الباب الذي بينك وبين الله فلم يتعرض لهببا وذكببر أيضببا عببن أعرابببي قببال
خرجت في بعض ليالي الظلم فإذا أنا بجارية كأنها علم فأردتهببا عببن نفسببها
فقالت ويلك أما كان لك زاجر من عقل إذ لم يكن لك نبباه مببن ديببن فقلببت
إنه والله ما يرانا إل الكواكب قالت فأين مكوكبها وجلس زيبباد مببولى ابببن
عياش رضي الله عنهما إلى بعض إخوانه فقال له
يا عبدالله فقال له قل ما تشاء قال ما هي إل الجنة أو النار قلببت نعببم قببال
وما بينهما منزل ينزله العباد قلت ل والله فقال والله إن نفسي لنفس أضن
بها على النار والصبر اليوم عن معاصي الله خير مببن الصبببر علببى الغلل
وقال وهب بن منبه قالت امرأة العزيببز ليوسببف عليببه السببلم ادخببل معببي
القيطون تعني الستر قال إن القيطون ل يسترني من ربي وقببال اليزيببدي
دخلت على هببارون الرشببيد فوجببدته مكبببا علببى ورقببه ينظببر فيهببا مكتوبببة
بالذهب فلما رآني تبسم فقلت فائدة أصببلح اللببه أميببر المببؤمنين قببال نعببم
وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية فاستحسنتهما فأضفت إليهما
ثالثا فقال ثم أنشدني إذا سد باب عنببك مببن دون حاجببة %فببدعه لخببرى
ينفتح لك بابها فإن قراب البطبن يكفيبك مله %ويكفيبك سبوءات المبور
اجتنابها فل تك مبذال لدينك واجتنب %ركوب المعاصببي يجتنبببك عقابهببا
وقال أبو العباس الناشئ إذا المرء يحمي نفسه حل شهوة %لصببحة أيببام
تبيد وتنفد فما باله ل يحتمي من حرامهببا %لصببحة مببا يبقببى لببه ويخلببد
وقيل إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ينشد هذين البيببتين إقببدع
النفس بالكفاف وإل %طلبت منك فوق ما يكفيها إنمببا طببول عمببرك مببا
عمرت %في الساعة التي أنت فيها ومن أحسن شعر العرب وكان عمرو
بن العاص يتمثل بهما
إذا المرء لم يترك طعاما أحبه %ولم ينببه قلبببا غاويبا حيببث يممببا قضببى
وطرا منه وغببادر سبببة %إذا ذكببرت أمثالهببا تمل الفمببا وقببال شببعبة عببن
منصور عن إبراهيم كلم رجل من العباد امرأة فلم يزل بها حببتى وضببع يببده
على فخذها فانطلق فوضع يده على النار حتى نشت وقال زيببد بببن أسببلم
عن أبيه كان عابد في صومعة يتعبد فأشرف ذات يوم فرأى امرأة ففتن بها
فأخرج إحدى رجليه من الصومعة يريد النزول إليهببا ثببم فكببر وادكببر فأنبباب
فأراد أن يعيد رجله إلى الصومعة فقال والله ل أدخل رجل خرجببت تريببد أن
تعصي الله في صومعتي أبدا فتركهببا خارجببة مببن الصببومعة فأصببابها الثلببج
والبرد والرياح حتى تقطعت وقال بعض السببلف مببن كببان لببه واعببظ مببن
قلبه زاده الله عز وجبل عبزا والبذل فبي طاعبة اللبه أقبرب مبن العبز فبي
معصيته وقال أبو العتاهية لقيببت أبببا نببواس فببي المسببجد الجببامع فعببذلته
وقلت له أما آن لك أن ترعوي وتنزجر فرفبع رأسبه إلبي وقبال أترانبي يبا
عتاهي %تاركا تلك الملهي أتراني مفسدا بالنسك %عند القوم جبباهي
فلما ألححت عليه في العذل أنشأ يقول ل ترجع النفس عن غيها %مببالم
يكن منها لها زاجر
فوددت أني قلت هذا البيت بكل شيء قلته وقال ابن السماك عببن امببرأة
كان تسكن البادية لو طالعت قلوب المؤمنين بفكرها ما ذخر لها في حجببب
الغيوب من خير الخرة لم يصف لهم في الببدنيا عيببش ولببم تقببر لهببم عيببن
وقببال ضببيغم لرجببل إن حبببه عببز وجببل شببغل قلببوب محبببيه عببن التلببذذ
بمحبةغيره فليس لهم في الدنيا مع محبته عببز وجببل لببذة تببداني محبتببه ول
يأملون في الخبرة مبن كرامبة الثبواب أكببر عنبدهم مبن النظبر إلبى وجبه
مجبوبهم فسقط الرجل مغشيا عليه وفي مسند المببام أحمببد مببن حببديث
عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن النببواس بببن سببمعان رضببي اللببه
عنه عن رسول الله قببال ضببرب اللببه مثل صببراطا مسببتقيما وعلببى جنبببتي
الصراط سوران وفي السورين أبواب مفتحة وعلببى البببواب سببتور مرخبباة
وعلى رأس الصراط داع يقبول يبا أيهببا النبباس ادخلببوا الصببراط ول تعرجببوا
وداع يدعو فوق الصراط فببإذا أراد أحببد فتببح شببيء مببن تلببك البببواب قببال
ويحك ل تفتحه فإنك إن فتحتببه تلجببه فالصببراط السببلم والسببتور المرخبباة
حدود الله والبواب المفتحة محارم الله والداعي على رأس الصببراط كتبباب
الله عز وجل والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلببب كببل مسببلم
وقال خالد بن معدان ما من عبد إل وله عينببان فببي وجهببه يبصببر بهمببا أمببر
الدنيا وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الخرة فببإذا أراد اللببه بعبببد خيببرا فتببح
عينيه اللتين في قلبه فأبصر بهما ما وعده الله بالغيب وإذا أراد الله بببه غيببر
ذلك تركه على ما هو فيه ثم قرأ أم على قلوب أقفالها
وفي الترمذي عنه الكيس من دان نفسه وعمل لمببا بعببد المببوت والعبباجز
من أتبع نفسه هواها وتمنى علبى اللبه المبباني وفببي المسبند مبن حببديث
فضالة بن عبيد عن النبي المجاهد من جاهببد نفسببه فببي ذات اللببه والعبباجز
من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله وقال المام أحمد رحمه اللببه تعببالى
حدثنا عبدالرحمن بن مهدي حدثنا عبدالعزيز بن مسلم عن الربيببع ببن أنببس
عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال من أصبببح وأكببثر همببه
غير الله فليس من الله وقال المام أحمد حدثنا عبدالرحمن عن هشام بن
سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار قال قال موسببى يببا رب
من أهلك الذين تظلهم في ظل عرشببك قببال هببم البببريئة أيببديهم الطبباهرة
قلوبهم الذين يتحابون بجللببي الببذين إذا ذكببرت ذكببروا بببي وإذا ذكببروا بببي
ذكرت بذكرهم الذين يسبغون الوضوء في المكاره وينيبون إلببى ذكببري كمببا
تنيب النسور إلى وكورها ويكلفببون بحبببي كمببا يكلببف الصبببي بحببب النبباس
ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضببب النمببر إذا حبرب وقبال أحمبد
حدثنا إبراهيم بن خالد حدثني عبدالله بن يحيى قال سمعت وهببب بببن منبببه
يقول قال موسى عليه السلم أي رب أي عبادك أحب إليك قببال مببن أذكببر
برؤيته
وقال أحمد حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا هشام الدستوائي قال بلغنببي أن
في حكمة عيسى بن مريم تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغيببر عمببل ول
تعملون للخرة وأنتم ل ترزقون فيها إل بالعمل ويحكم علمبباء السببوء الجببر
تأخذون والعمل تضيعون توشكون أن تخرجوا مببن الببدنيا إلببى ظلمببة القبببر
وضيقه والله عز وجل نهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلة كيف
يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده مببن آخرتببه وهببو فببي الببدنيا أعظببم
رغبة كيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنيبباه
وما يضره أشهى إليه مما ل يضره كيف يكون من أهل العلم من اتهببم اللببه
عز وجل في قضائه فليس يرضى بشيء أصابه كيف يكون مببن أهببل العلببم
من طلب العلم ليتحدث به ولم يطلبه ليعمل به وقال عبدالله بن المبببارك
عن معمر قال الصبيان ليحيى بن زكريا اذهب بنا نلعب قال أو للعب خلقنا
وقال أحمد حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبدالحميد بن جعفر حدثني الحسببن
بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن أمه فاطمة حدثته أن رسول الله قال
إن من شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم الذين يطلبون ألببوان الطعببام وألببوان
الثياب ويتشدقون بالكلم وقال أحمد حدثنا أبو قطن حدثنا شعبة عببن أبببي
مسلمة عن
أبي نضرة قال قال عمر بن الخطبباب رضببي اللببه عنببه لبببي موسببى يببا أبببا
موسى شوقنا إلى ربنببا قببال فقببرأ فقببالوا الصببلة فقببال عمببر أولسببنا فببي
الصلة فصل وملك المر كله الرغبة في الله وإرادة وجهببه والتقببرب إليببه
بأنواع الوسائل والشوق إلى الوصول إليه وإلى لقائه فإن لم يكن للعبد همة
إلى ذلك فالرغبة في الجنة ونعيمها وما أعد الله فيها لوليائه فببإن لببم تكببن
له همة عالية تطالبه بذلك فخشية النار وما أعد الله فيهببا لمببن عصبباه فببإن
لم تطاوعه نفسه بشيء من ذلك فليعلم أنه خلق للجحيم ل للنعيم ول يقدر
على ذلك بعد قدر الله وتوفيقه إل بمخالفببة هببواه فهببذه فصببول أربعببة هببن
ربيع المؤمن وصيفه وخريفه وشتاؤه وهن منازله فببي سببيره إلببى اللببه عببز
وجل وليس له منزلة غيرها فأما مخالفة الهوى فلم يجعل الله للجنة طريقببا
غير مخالفته ولم يجعل للنار طريقا غير متببابعته قببال اللببه تعببالى فأمببا مببن
طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأمببا مببن خبباف مقببام ربببه
ونهى النفس عن الهوى فإن الجنببة هببي المببأوى وقببال تعببالى ولمببن خبباف
مقام ربه جنتان قيل هو العبد يهببوى المعصببية فيببذكر مقببام ربببه عليببه فببي
الدنيا ومقامه بين يديه في الخرة فيتركها لله وقد أخبببر سبببحانه أن اتببباع
الهوى يضل عن سبيله فقال الله تعالى
يا داود إنا جعلناك خليفة في الرض فاحكم بين الناس بالحق ول تتبع الهببوى
فيضلك عن سبيل الله ثم ذكر مآل الضالين عن سبيله ومصببيرهم فقببال إن
الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب وأخبببر
سبحانه أن باتباع الهوى يطبع على قلب العبد فقال أولئك الببذين طبببع اللببه
على قلوبهم واتبعوا أهواءهم وقد أخبر النبي أن العاجز هو الببذي اتبببع هببواه
وتمنى على الله وذكر المام أحمد من حديث راشد بن سعد عن أبي أمامببة
الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله ما تحت ظبل السبماء إلببه يعبببد
أعظم عند الله من هوى متبع وذكر من حبديث جعفبر ببن حيبان عبن أببي
الحكم عن أبي برزة السلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله أخوف ما
أخاف عليكم شهوات الغي فببي بطببونكم وفروجكببم ومضببلت الهببوى وفببي
نسخة كثير ابن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جببده رضببي
الله عنه قال قال رسول الله إن أخوف ما أخاف على أمتي حكم جائر وزلة
عالم وهوى متبع
وقيل لبعض الحكماء أي الصحاب أبر قال العمل الصالح قيببل فببأي شببيء
أضر قال النفس والهوى وقال بعض الحكماء إذا اشتبه عليك أمببران فببانظر
أقربهما من هواك فاجتنبه وأتي بعض الملوك بأسير عظيم الجرم فقببال لببو
كان هواي في العفو عنك لخالفت الهوى إلى قتلك ولكن لما كان هواي في
قتلك خالفته إلى العفو عنك وقال الهيثم بن مالك الطائي سببمعت النعمببان
بن بشير يقول علىببالمنبر إن للشببيطان فخوخببا ومصببالي وإن مببن مصببالي
الشيطان وفخوخه البطر بأنعم الله والفخر بإعطاء الله والكبرياء على عببباد
الله واتباع الهوى في غير ذات الله وفي المسند وغيره مببن حببديث قتببادة
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ثلث مهلكببات وثلث منجيببات
فالمهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسببه والمنجيببات تقببوى
الله تعالى في السر والعلنيببة والعبدل فببي الغضببب والرضبى والقصبد فببي
الفقر والغنى وفي جامع الترمذي مبن حبديث أسبماء بنبت عميبس رضبي
الله عنها قالت سببمعت رسببول اللببه يقببول بئس العبببد عبببد تجبببر واعتببدى
ونسي الجبار العلى بئس العبد عبببد تخيببل واختببال ونسببي الكبببير المتعببال
بئس العبد عبد سها ولها ونسي المقابر والبلببى بئس العبببد عبببد بغببى وعتببا
ونسي المبدأ والمنتهى بئس العبد عبد يختببل الببدنيا بالببدين بئس العبببد عبببد
يختل الدين بالشبهات بئس العبد عبد طمع
يقوده بئس العبد عبد هوى يضله بئس العبببد عبببد رغببب يبذله وقببد أقسببم
النبي أنه ل يؤمن العبد حتى يكون هواه تبعا لما جاء به فيكون هببواه تابعببا ل
متبوعا فمن اتبع هواه فهواه متبوع له ومن خالف هواه لما جاء به الرسببول
فهواه تابع له فالمؤمن هواه تابع له والمنافق الفاجر هواه متبببوع لببه وقببد
حكم الله تعالى لتابع هواه بغير هدى من الله أنه أظلم الظالمين فقال اللببه
عز وجل فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومببن أضببل ممببن
اتبع هواه بغير هدى من اللببه إن اللببه ل يهببدي القببوم الظببالمين وأنببت تجببد
تحت هذا الخطاب أن الله ل يهببدي مببن اتبببع هببواه وجعببل سبببحانه وتعببالى
المتع قسمين ل ثالث لهما إما مبا جباء ببه الرسبول وإمبا الهبوى فمبن اتببع
أحدهما لم يمكنه اتباع الخر والشيطان يطيف بالعبد من أين يدخل عليه فل
يجد عليه مدخل ول إليه طريقا إل من هواه فلذلك كببان الببذي يخببالف هببواه
يفرق الشيطان من ظله وإنما تطاق مخالفة الهوى بالرغبة في اللببه وثببوابه
والخشية من حجابه وعذابه ووجببد حلوة الشببفاء فببي مخالفببة الهببوى فببإن
متابعته الداء الكبر ومخالفته الشفاء العظببم وقيببل لبببي القاسببم الجنيببد
متى تنال النفوس مناها فقال إذا صار داؤها دواها فقيل لبه ومبتى يصبير
داؤها دواها فقال إذا خالفت هواها ومعنى قوله يصير
داؤها دواها أن داءها هو الهوى فإذا خالفته تداوت منه بمخببالفته وقيببل إنمببا
سمي هوى لنببه يهببوى بصبباحبه إلببى أسببف السببافلين والهببوى ثلثببة أرببباع
الهوان وهو شارع النار الكبر كما أن مخالفته شارع الجنة العظم وقال أبببو
دلف العجلى واسببوأتا لفببتى لببه أدب %يضببحى هببواه قبباهرا أدبببه يببأتي
الدنية وهو يعرفها %فيشين عرضا صائنا أربه فإذا ارعوى عببادت بصببيرته
%فبكى على الحين الذي سلبه وقال ابن المرتفق الهببذلي أيببن لببي مببا
ترى والمرء يأتي %عزيميته ويغلبببه هببواه فيعمببى مببا يببرى فيببه عليببه %
ويحسب من يراه ل يراه فصل وأما الرغبة في الله وإرادة وجهه والشببوق
إلى لقائه فهببي رأس مببال العبببد وملك أمببره وقببوام حيبباته الطيبببة وأصببل
سعادته وفلحه ونعيمبه وقبرة عينبه ولبذلك خلبق وببه أمبر وببذلك أرسبلت
الرسل وأنزلت الكتب ول صلح للقلب ول نعيم إل بأن تكون رغبته إلى اللببه
عز وجل وحده فيكون هو وحببده مرغببوبه ومطلببوبه ومببراده كمببا قببال اللببه
تعالى فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب وقال تعالى ولو أنهم رضببوا مببا
آتاهم
الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلببى اللببه
راغبون والراغبون ثلثببة أقسببام راغببب فببي اللببه وراغببب فيمببا عنببد اللببه
وراغب عن الله فالمحب راغب فيببه والعامببل راغببب فيمببا عنببده والراضببي
بالدنيا من الخرة راغب عنه ومن كانت رغبته في الله كفبباه اللببه كببل مهببم
وتوله في جميع أموره ودفع عنه مال يستطيع دفعه عن نفسببهووقاه وقايببة
الوليد وصانه من جميع الفات ومن آثر الله على غيره آثره الله علببى غيببره
ومن كان لله كان الله له حيث ل يكببون لنفسببه ومببن عببرف اللببه لببم يكببن
شيء أحب إليه منه ولم تبق له رغبة فيما سواه إل فيما يقربببه إليببه ويعينببه
على سفره إليه ومن علمات المعرفة الهيبة فكلمببا ازدادت معرفببة العبببد
بربه ازدادت هيبته له وخشيته إياه كما قال الله تعالى إنما يخشى اللببه مببن
عباده العلماء أي العلماء به وقال النبي أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشببية
ومن عرف الله صفا له العيش وطابت له الحياة وهابه كل شيء وذهب عنه
خوف المخلوقين وأنس بالله واستوحش من الناس وأورثته المعرفة الحيبباء
من الله والتعظيم له والجلل والمراقبة والمحبة والتوكل عليه والنابة إليببه
والرضا به والتسليم لمره وقيل للجنيد رحمه الله تعالى
إن ها هنا أقواما يقولون إنهم يصلون إلى البر بببترك الحركببات فقببال هببؤلء
تكلموا بإسقاط العمال وهو عندي عظيم والذي يزني ويسرق أحسببن حببال
من الذي يقول هذا فإن العارفين بالله أخذوا العمببال عببن اللببه وإلببى اللببه
رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لببم أنقببص مببن أعمببال البببر شببيئا وقببال ل
يكون العارف عارفا حتى يكون كالرض يطؤه البر والفاجر وكالمطر يسقى
ما يحب ومال يحب وقال يحيى بن معاذ يخرج العارف من الدنيا ول يقضي
وطره من شيئين بكاؤه على نفسه وشوقه إلى ربه وقببال بعضببهم ل يكببون
العارف عارفا حتى لو أعطي ملك سليمان لم يشغله عن اللببه طرفببة عيببن
وقيل العارف أنس بالله فاستوحش من غيره وافتقر إلببى اللببه فأغنبباه عببن
خلقه وذل لله فأعزه في خلقه وقال أبو سببليمان الببداراني يفتببح للعببارف
على فراشه مال يفتح له وهو قائم يصلي وقال ذو النون لكل شيء عقوبة
وعقوبة العارف انقطاعه عن ذكر الله وبالجملة فحيبباة القلببب مببع اللببه ل
حياة له بدون ذلك أبدا ومتى واطأ اللسان القلب فببي ذكببره وواطببأ القلببب
مراد حبيبه منه واستقل له الكثير من قوله وعمله واسببتكثر لبه القليببل مبن
بره ولطفه وعانق الطاعة وفارق المخالفة وخرج عن كله لمحبوبه فلم يبق
منه شيء وامتل قلبه بتعظيمه وإجلله وإيثار رضبباه وعببز عليببه الصبببر عنببه
وعدم القرار دون ذكره والرغبة إليه
والشتياق إلى لقائه ولم يجد النببس إل بببذكره وحفببظ حببدوده وآثببره علببى
غيره فهببو المحببب حقببا وقببال الجنيببد سببمعت الحببارث المحاسبببي يقببول
المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك ثم إيثارك له علببى نفسببك وروحببك ومالببك
ثم موافقتك له سرا وجهرا ثم علمك بتقصيرك فببي حبببه وقيببل المحبببة نببار
في القلب تحببرق مببا سببوى مببراد الحبببيب مببن محبببه وقيببل بببل هببي بببذل
المجهود في رضا الحبيب ول تصح إل بالخروج عن رؤيببة المحبببة إلببى رؤيببة
المحبوب وفي بعض الثار اللهية عبدي أنا وحقك لببك محببب فبحقببي عليببك
كن لي محبا وقال عبدالله بن المبارك من أعطي شيئا من المحبة ولم يعط
مثله من الخشية فهو مخدوع وقال يحيى بن معاذ مثقال خردلة من الحب
أحب إلي من عببادة سببعين سبنة بل حبب وقبال أببو بكبر الكتباني جبرت
مسألة في المحببة بمكبة أيبام الموسبم فتكلببم الشبيوخ فيهبا وكبان الجنيبد
أصغرهم سنا فقالوا هات ما عندك يا عراقي فببأطرق رأسببه ودمعببت عينبباه
ثم قال عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بببأداء حقببوقه نبباظر إليببه
بقلبه أحرق قلبه أنوار هويته وصفا شبربه مبن كببأس وده فببإن تكلبم فببالله
وإن نطق فمن الله وإن تحرك فبأمر اللبه وإن سبكت فمبع اللبه فهبو ببالله
ولله ومع الله فبكى الشيوخ وقالوا مببا علببى هببذا مزيببد جبببرك اللببه يببا تبباج
العارفين وقيل أوحى الله إلى داود عليه السببلم يببا داود إنببي حرمببت علببى
القلوب بان يدخلها حبي وحببب غيببري فببأجمع العببارفون كلهببم أن المحبببةل
تصح إل بالموافقة حتى قببال بعضببهم حقيقببة الحببب موافقببة المحبببوب فببي
مراضيه ومساخطه واتفق القوم أن المحبة ل تصح إل بتوحيد المحبوب
ويحكى أن رجل ادعى الستهلك في محبة شخص فقببال لببه كيببف وهببذا
أخي أحسن مني وجها وأتم جمال فالتفت الرجل إليه فدفعه الشاب وقببال
من يدعي هوانا ينظر إلى سوانا وذكرت المحبة عند ذي النببون فقببال كفببوا
عن هذه المسألة ل تسمعها النفوس فتدعيها ثم أنشأ يقول الخببوف أولببى
بالمسببي %ء إذا تببأله والحببزن والحببب يجمببل بببالتق %ي وبببالنقي مببن
الدرن وقال سمنون ذهب المحبون للببه بشببرف الببدنيا والخببرة إن النبببي
قال المرء مع من أحب فهم مع الله في الدنيا والخرة وقال يحيى بن معبباذ
ليس بصادق من ادعى محبته ثم لم يحفظ حدوده فصببل فالمحبببة شببجرة
في القلب عروقها الذل للمحبوب وساقها معرفته وأغصانها خشببيته وورقهببا
الحياء منه وثمرتها طاعته ومادتها التي تسقيها ذكببره فمببتى خل الحببب عببن
شيء من ذلك كان ناقصا وقد وصف الله سبحانه نفسه بببأنه يحببب عببباده
المؤمنين ويحبونه فأخبر أنهم أشد حبا لله ووصببف نفسببه بببأنه الببودود وهببو
الحبيب قاله البخاري والود خالص الحب فهو يود عباده المببؤمنين ويببودونه
وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال
قال رسول الله فيما يروى عنه ربه عز وجل أنه قال من أهان لي وليا فقببد
بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء
ما افترضت عليه ول يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فببإذا أحببتببه
كنت سمعه الذي يسمع به وبصببره الببذي يبصببر بببه ويببده الببتي يبطببش بهببا
ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبببي يمشببي ولئن
سألني لعطينه ولئن استعاذ ببي لعيببذنه ومبا تبرددت عببن شبي أنببا فبباعله
ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ول بببد لببه
منه وفي لفظ في غيببر البخبباري فببإذا أحببتببه كنببت لببه سببمعا وبصببرا ويببدا
ومؤيدا فتأمل كمال الموافقة في الكراهةكيف اقتضى كراهببة الببرب تعببالى
لمساءة عبده بالموت لمبا كببره العبببد مسبباخط ربببه وكمببال الموافقببة فببي
الرادة كيف اقتضى موافقته في قضاء حوائجه وإجابة طلببباته وإعبباذته ممببا
استعاذ به كما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي ما أرى ربك إل يسارع في
هواك وقال له عمه أبو طالب يا ابن أخي ما أرى ربك إل يطيعببك فقببال لببه
وأنت يا عم لو أطعته أطاعك وفي تفسير ابببن أبببي نجيببح عببن مجاهببد فببي
قوله عز وجل واتخذ الله إبراهيم خليل قال حبيبا قريبا إذا سأله أعطبباه وإذا
دعاه أجابه وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصببلة والسببلم يببا موسببى
كن لي كما أريد أكن لك كما تريد وتأمل هذه الباء في قوله فبي يسمع وبي
يبصر وبي يبطش وبي يمشي كيببف تجدهامبنيببة لمعنببى قببوله كنببت سببمعه
الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به إلى آخببره فببإن سببمع سببمع بببالله وإن
أبصر أبصر به وإن بطش بطش به وإن مشى مشى به وهببذا تحقيببق قببوله
تعالى إن الله مع الذين اتقوا والذين هم
محسنون وقوله وإن الله لمع المحسنين وقوله وأن الله مع المؤمنين وقوله
فيما رواه عنه رسوله من قوله أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بببي شببفتاه
وهذا ضد قوله أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ل يستطيعون نصر أنفسببهم ول
هم منا يصحبون فالصحبة التي نفاها ها هنا هي التي أثبتهببا لحبببابه وأوليببائه
فتأمل كيف جعل محبته لعبده متعلقة بأداء فرائضه وبالتقرب إليببه بالنوافببل
بعدها ل غير وفي هذا تعزية لمدعي محبته بدون ذلببك أنببه ليببس مببن أهلهببا
وإنما معه الماني الباطلة والدعاوي الكاذبة وفببي الصببحيحين مببن حببديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال إذا أحب الله العبد نببادى جبريببل إن
الله يحب فلنا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضببع لببه القبببول فببي الرض
وفي لفظ لمسلم إن الله إذا أحب عبدا دعببا جبريببل فقببال إنببي أحببب فلنببا
فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي فببي السببماء فيقببول إن اللببه يحببب فلنببا
فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع لببه القبببول فببي الرض وإذا أبغببض
عبدا دعا جبريل فيقول إنبي أبغبض فلنبا فأبغضبه قبال فيبغضبه جبريبل ثبم
ينادي في السماء إن الله يبغض فلنا فأبغضببوه ثببم يوضببع لببه البغضبباء فببي
الرض وفي لفظ آخر لمسلم عن سهيل بن أبي صالح قال كنببا بعرفببة فمببر
عمر بن عبدالعزيز وهو
على الموسم فقام الناس ينظرون إليه فقلببت لبببي يببا أبببت إنببي أرى اللببه
يحب عمر بن عبدالعزيز قال وما ذاك قلت لما له من الحبب فببي قلبوب
الناس فقال إني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله ثم
ذكر الحديث وأخرجه الترمذي ثم زاد في آخبره فببذلك قبول اللبه تعببالى إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمببن ودا انتهببى وقببال بعببض
السلف في تفسيرها يحبهم ويحببهم إلى عباده وفي الصحيحين من حديث
أنس رضي الله عنه أن رجل سأل النبي عن الساعة فقال وما أعددت لهببا
قال ل شيء إل أني أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت قال أنببس
رضي الله عنه فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي أنت مع من أحببببت قببال
أنس فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبببي إيبباهم وإن
لم أعمل أعمالهم وفي الترمذي عنه أن رسول اللببه قببال المببرء مببع مببن
أحب وله ما اكتسب وفببي سببنن أبببي داود عنببه قببال رأيببت أصببحاب النبببي
فرحوا بشيء لم أرهم فرحوا بشببيء أشببد منببه قببال رجببل يببا رسببول اللببه
الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمببل بببه ول يعمببل بمثلببه فقببال
رسول الله المرء مع من أحب وهببذه المحبببة للببه تببوجب المحبببة فببي اللببه
قطعا فإن من محبة الحبيب المحبة فيه والبغض فيه وقد روى مسببلم فببي
صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قببال قببال رسببول اللببه يقببول
الله تعالى يوم القيامة أين المتحابون بجللي اليوم أظلهم في ظلي يوم ل
ظل إل ظلي وفي جامع أبي عيسى الترمذي من حديث معاذ بن جبل رضي
الله عنه قال سمعت رسول الله يقول قال الله عز وجل المتحابون
بجللي لهببم منببابر مببن نببور يغبطهببم النبببيون والشببهداء وفببي لفببظ لغيببره
المتحابون بجلل الله يكونون يوم القيامة على منابر من نببور يغبطهببم أهببل
الجمع وفي الموطأ من حببديث أبببي إدريببس الخببولني قببال دخلببت مسببجد
دمشق فإذا فتى براق الثنايا والناس حوله فإذا اختلفببوا فببي شببيء اسببندوه
إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقالوا هذا معاذ بن جبل فلمببا كببان الغببد
هجرت إليه فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى
صلته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت واللببه إنببي لحبببك فببي
الله فقال آ لله قلت الله فقال آ للببه فقلببت اللببه فأخببذ بحبببوة ردائي
فجبذني إليه وقال أبشر فإني سببمعت رسببول اللببه يقببول قببال اللببه تبببارك
وتعالى وجبت محبببتي للمتحببابين فببي والمتجالسببين فببي والمببتزاورين فببي
والمتباذلين في وفي سنن أبي داود من حديث أبي ذر رضي الله عنه قببال
قال رسول الله أفضل العمال الحب في الله والبغض في الله
وفيه أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قببال قببال رسببول اللببه إن
من عباد الله لناسا ما هم بأنبياء ول شهداء يغبطهم النبيبباء والشببهداء يببوم
القيامة بمكانهم من الله قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم قال هم قببوم
تحابوا بببروح اللببه علببى غيببر أرحببام بينهببم ول أمببوال يتعاطونهببا فببوالله إن
وجوههم لنور وإنهم لعلى نببور ول يخببافون إذا خبباف النبباس ول يحزنببون إذا
حزن الناس وقرأ هذه الية أل إن أولياء الله ل خوف عليهم ول هم يحزنببون
وفي لفظ لغيببره إن للببه عبببادا ليسببوا بأنبيبباء ول شببهداء يغبطهببم النبيبباء
بمكانهم من الله قالوا يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا لعلنا نحبهم قال هم
قوم تحابوا بروح الله على غير أموال تباذلوها ول أرحام تواصببلوها هببم نببور
ووجوههم نور وعلى كراسي من نور ل يخافون إذاخاف النبباس ول يحزنببون
إذا حزن الناس ثم قرأ هذه الية أل إن أوليبباء اللببه ل خببوف عليهببم ول هببم
يحزنون وفي صببحيح مسببلم مببن حببديث أبببي هريببرة رضببي اللببه عنببه أن
رسبول اللبه قبال إن رجل زار أخبا لبه فبي قريبة أخبرى فأرصبد اللبه علبى
مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أيبن تريبد قببال أريبد أخببا لبي فبي هببذه
القرية قال لك عليه من نعمة تربها قال ل غير أني أحبه فببي اللببه تعببالى
قال فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه
وقال رجل لمعاذ بن جبل إني أحبك في الله قال أحبك الذي أحببتنببي لببه
وفي سنن أبي داود أن رجل كان عند رسول الله فمر رجل فقال يببا رسببول
الله إني لحب هذا فقال له رسول الله أعلمته قال ل قببال أعلمببه فلحقببه
فقال إني أحبك فببي اللببه قببال أحبببك الببذي أحببتنببي لببه وفيهببا أيضببا عببن
المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا أحببب الرجببل
أخاه فليخبره أنه يحبه وفي الترمببذي مببن حببديث يزيببد بببن نعامببة الضبببي
رضي الله عنه قال قال رسول اللببه إذا آخببى الرجببل الرجببل فليسببأله عببن
اسمه واسم أبيه وممن هو فبإنه أوصبل للمبودة وفبي صببحيح مسببلم مبن
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال والببذي نفسببي بيببده ل
تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ول تؤمنوا حتى تحابوا أول أدلكم على شببيء إذا
فعلتموه تحاببتم أفشوا السلم بينكم وقال المببام أحمببد حببدثنا حجبباج ببن
محمد الترمذي حدثنا شريك عن أبي سنان عن عبدالله بن أبي الهببذيل عببن
عمار بن ياسر أن أصحابه كانوا ينتظرونه فلما خرج قببالوا مببا أبطببأك عنببا
أيها المير قال أما إني سوف أحدثكم أن أخا لكبم ممبن كببان قبلكببم وهبو
موسى قال يا رب حدثني بأحب الناس إليك قال ولببم قببال لحبببه بحبببك
إياه قال عبببد فببي أقصببى الرض أو طببرف الرض سببمع بببه عبببد آخببر فببي
أقصى أو طرف الرض
ل يعرفه فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته وإن شاكته شوكة فكأنمببا شبباكته
ل يحبه إل لي فذلك أحب خلقي إلي قال يا رب خلقت خلقا تدخلهم النار أو
تعذبهم فأوحى الله إليه كلهم خلقي ثم قال أزرع زرعا فزرعه فقببال اسببقه
فسقاه ثم قال قم عليه فقام عليه ما شبباء اللببه مببن ذلببك فحصببده ورفعببه
فقال ما فعل زرعك يا موسى قال فرغت منه ورفعتببه قببال مببا تركببت
منه شيئا قال مال خير فيه أو مال حاجة لي فيه قال فكذلك أنا ل أعذب إل
من ل خير فيه فصل ولو لم يكن في محببة اللبه إل أنهبا تنجبي محببه مبن
عذابه لكان ينبغي للعبد أن ل يتعوض عنها بشيء ابدا وسئل بعض العلمبباء
أين تجد في القرآن أن الحبيب ل يعذب حبيبه فقال في قوله تعالى وقالت
اليهود والنصارى نحن أبناء اللببه وأحببباؤه قببل فلببم يعببذبكم بببذنوبكم اليببة
وقال المام أحمد حدثنا إسماعيل بن يونس عن الحسن رضي اللببه عنببه أن
النبي قال والله ل يعذب الله حبيبه ولكن قد يبتليه في الدنيا وقببال المببام
أحمد حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا أبو غالب قببال بلغنببا أن هببذا الكلم فببي
وصية عيسى بن مريببم يببا معشببر الحببواريين تحببببوا إلببى اللببه ببغببض أهببل
المعاصي وتقربوا إليه بالمقت لهم والتمسوا رضاه بسبخطهم قبالوا يبا نببي
الله فمن نجالس قال جالسوا من يزيد في أعمالكم منطقه ومن تببذكركم
بالله رؤيته ويزهدكم في دنياكم علمه
ويكفي في القبال على اللببه تعببالى ثوابببا عبباجل أن اللببه سبببحانه وتعببالى
يقبل بقلوب عباده إلى من أقبل عليه كما أنه يعرض بقلوبهم عمببن أعببرض
عنه فقلوب العباد بيد الله ل بأيديهم وقال المببام أحمببد حببدثنا حسببن فببي
تفسير شيبان عن قتادة قال ذكر لنا أن هرم بن حيان كببان يقببول مببا أقبببل
عبد على الله بقلبه إل أقبل الله عز وجل بقلوب المؤمنين إليه حببتى يرزقببه
مودتهم ورحمتهم وقد روى هذا مرفوعا ولفظه ومببا أقبببل عبببد علببى اللببه
بقلبه إل أقبل الله غعز وجل عليه بقلوب عباده وجعل قلوبهم تفد إليه بببالود
والرحمة وكان الله بكل خير إليه أسرع وإذا كانت القلوب مجبولة على حب
من أحسن إليها وكل إحسان وصل إلى العبد فمن الله عببز وجببل كمببا قببال
الله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله فل ألم ممن شغل قلبه بحببب غيببره
دونه قال المام أحمد حدثنا أبو معاوية قال حدثني العمببش عببن المنهببال
عن عبدالله بن الحارث قال أوحى الله إلى داود عليه السلم يا داود أحببني
وحبب عبادي إلي وحببني إلى عبادي قال يا رب هذا أنا أحبك وأحبب عبادك
إليك فكيف أحببك إلى عبادك قال تذكرني عندهم فببإنهم ل يببذكرون منببي
إل الحسن ومن أفضل ما سئل الله عببز وجببل حبببه وحببب مببن يحبهببوحب
عمل يقرب إلى حبه ومن أجمع ذلك أن يقول اللهم إني أسألك حبببك وحببب
من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك اللهم ما رزقتنبي ممبا أحببب فباجعله
قوة لي
فيما تحب وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب اللهم اجعل
حبك أحب إلي من أهلي ومالي ومن الماء البارد علببى الظمببأ اللهببم حببنببي
إليك وإلى ملئكتك وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين واجعلني ممن يحبببك
ويحب ملئكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين اللهم أحببي قلبببي بحبببك
واجعلني لك كما تحب اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضببيك بجهببدي كلببه
اللهم اجعل حبي كله لك وسعيي كله في مرضاتك وهذا الدعاء هو فسطاط
خيمة السلم الذي قيامها به وهو حقيقة شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا
رسول الله والقائمون بحقيقة ذلك هم الذين هببم بشببهادتهم قببائمون واللببه
سبحانه تعرف إلى عباده من أسمائه وصفاته وأفعاله بما يوجب محبتهم لببه
فإن القلوب مفطورة على محبة الكمال ومن قام به والله سبببحانه وتعببالى
له الكمال المطلق من كل وجه البذي ل نقببص فيببه ببوجه مبا وهببو سببحانه
الجميل الذي ل أجمل منه بل لو كان جمال الخلببق كلهببم علببى رجببل واحببد
منهم وكانوا جميعهم بذلك الجمال لما كان لجمالهم قببط نسبببة إلببى جمببال
الله بل كانت النسبة أقل من نسبة سراج ضعيف إلى حببذاء جببرم الشببمس
ولله المثل العلى وقد روى عن النبي قوله إن اللببه جميببل يحببب الجمببال
عبد الله بن عمببرو بببن العبباص وأبببو سببعيد الخببدري وعبببدالله بببن مسببعود
وعبدالله بن عمر بن الخطاب وثابت بن قيس وأبو الدرداء وأبو هريرة وأبببو
ريحانه رضي الله عنهم
ومن أسمائه الحسنى الجميل ومببن أحببق بالجمببال ممببن كببل جمببال فببي
الوجود فهببو مببن آثببار صببنعه فلببه جمببال الببذات وجمببال الوصبباف وجمببال
الفعال وجمال السماء فأسماؤه كلها حسنى وصببفاته كلهببا كمببال وأفعبباله
كلها جميلة فل يستطيع بشر النظر إلى جلله وجمبباله فببي هببذه الببدار فببإذا
رأوه سبحانه في جنات عدن أنستهم رؤيته ماهم فيه من النعيم فل يلتفتببون
حينئذ إلى شيء غيره ولول حجاب النور على وجهه لحرقت سبببحات وجهببه
سبحانه وتعالى ما انتهى إليه بصره من خلقه كما فببي صببحيح البخبباري مببن
حديث أبو موسى رضي الله عنه قال قام فينا رسببول اللببه بخمببس كلمببات
فقال إن الله ل ينام ول ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفببع إليببه
عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمببل الليببل حجببابه النببور لببو
كشفه لحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وقال عبببدالله
بن مسعود رضي الله عنه ليس عند ربكم ليل ول نهببار نببور السببموات مببن
نور وجهه وإن مقدار كل يوم من أيامكم عند الله اثنتا عشرة ساعة فتعرض
عليه أعمالكم بالمس فتعرض عليببه أول النهببار أو اليببوم فينظببر فيهببا ثلث
ساعات فيطلع منها على بعض ما يكره فيغضبه ذلك فأول من يعلببم بغضبببه
الذين يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم فيسبحه الببذين يحملببون العببرش
وسرادقات العرش والملئكة المقربون وسائر الملئكببة وينفببخ جبريببل فببي
القرن فل يبقى شيء إل الثقلين الجن والنس فيسبحونه ثلث ساعات حتى
يمتلىء الرحمن رحمة فتلك ست ساعات ثم يؤتى بما فببي الرحببام فينظببر
فيها
ثلث ساعات فيصوركم في الرحام كيف يشاء ل إله إل هببو العزيببز الحكيببم
فتلك تسع ساعات ثم ينظر في أرزاق الخلببق كلهببم ثلث سبباعات فيبسببط
الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ثم قرأ كل يوم هو في شأن ثببم
قال عبدالله هذا مببن شببأنكم وشببأن ربكببم تبببارك وتعببالى رواه عثمببان بببن
سعيد الدارمي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة عببن الزبيببر
بن عبدالسلم عن أيوب بن عبدالله الفهري عن ابن مسعود رضي الله عنببه
رواه الحسن ابن إدريس عن خالد بن الهياج عن أبيه عن عباد بن كببثير عببن
جعفر بن الحارث عن معدان عن ابن مسعود رضي الله عنه قببال إن ربكببم
ليس عنده نهار ول ليل وإن السموات مملوءات نورا من نببور الكرسببي وإن
يومببا عنببد ربببك اثنتببا عشببرة سبباعة فببترفع فيهببا أعمببال الخلئق فببي ثلث
ساعات فيرى فيها ما يكره فيغضبببه ذلبك وإن أول مبن يعلببم بغضببه حملببة
العرش يرونه يثقل عليهم فيسبحون له ويسبببح لببه سببرادقات العببرش فببي
ثلث ساعات من النهار حتى يمتلىء ربنا رضا فتلك ست ساعات من النهببار
ثم يأمر بأرزاق الخلئق فيعطى من يشاء في ثلث ساعات من النهار فتلببك
تسع ساعات ثم يرفع إليه أرحام كل دابة فيخلق فيها ما يشاء ويجعل المدة
لمن يشاء في ثلث ساعات من النهار فتلك اثنتا عشببرة سبباعة ثببم تل ابببن
مسعود رضي الله عنه هذه الية كل يوم هو في شببأن هببذا مببن شببأن ربنببا
تبارك وتعالى وفي دعاء النبي الذي دعا به يبوم الطبائف أعبوذ بنبور وجهبك
الذي أشرقت له الظلمات وصببلح عليببه أمببر الببدنيا والخببرة أن يحببل علببي
غضبك أو ينزل علي سخطك
لك العتبى حتى ترضى ول حول ول قوة إل بك وإذا جاء سبحانه وتعالى يببوم
القيامة لفصل القضاء بين عببباده تشببرق لنببوره الرض كلهببا كمببا قببال اللببه
تعالى وأشرقت الرض بنور ربها ووضع الكتاب وقببول عبببدالله اببن مسبعود
رضي الله عنه نور السموات والرض من نور وجهه تفسير لقوله تعالى الله
نور السموات والرض وفي الصحيحين من حديث أبي بكر رضي الله عنببه
في استفتاح النبي قيام الليل اللهم لك الحمببد أنببت نببور السببموات والرض
ومن فيهن وفي سنن ابن ماجة وحرب السكرماني مببن حببديث الفضببل بببن
عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكبدر عبن جبابر ببن عببدالله رضبي اللبه
عنهما قال قال رسول الله بينا أهببل الجنببة فببي نعيمهببم إذ سببطع لهببم نببور
فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشببرف عليهببم مببن فببوقهم فيقببول السببلم
عليكم يا أهل الجنة وذلك قوله سلم قول من رب رحيم فيرفعون رؤوسببهم
فينظرون إليه وينظر إليهم ول يلتفتون إلى شيء مببن النعيببم حببتى يحتجببب
عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم وعلى ديارهم ومنازلهم لفظ حديث حببرب
فما ظن المحبين بلذة النظر إلى وجهه الكريم في جنببات النعيببم وقببد كببان
من دعاء النبي أسألك لببذة النظببر إلببى وجهببك والشببوق إلببى لقببائك ذكببره
المام أحمد والنسائي وابببن حبببان فببي صببحيحه فاسببمع الن شببأن أوليببائه
وأحبائه عند لقائه ثم اختر لنفسك
أنت القتيل بكل من أحببته %فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي قال
هشام بن حسان عن الحسن إذا نظر أهل الجنة إلى الله تعالى نسببوا نعيببم
الجنببة وقببال هشببام بببن عمببار حببدثنا محمببد بببن سببعيد بببن سببابور حببدثنا
عبدالرحمن بن سليمان حدثنا سعيد بن عبدالله الجرشي القاضي أنببه سببمع
أبا إسحاق الهمداني يحدث عن الحببارث العببور عببن علببي بببن أبببي طببالب
رضي الله عنه رفعه قال إن الله إذا أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار
بعث إلى أهل الجنة الروح الميببن فيقببول يببا أهببل الجنببة إن ربكببم يقرئكببم
السلم ويأمركم أن تزوروه إلى فناء الجنة وهو أبطببح الجنببة تربتببه المسببك
وحصباؤه الدر والياقوت وشجره الذهب الرطب وورقه الزمرد فيخببرج أهببل
الجنة مستبشرين مسرورين فثم يجمعهم وثم كرامة الله والنظر إلى وجهببه
وهو موعد الله أنجزه لهم فيببأذن اللببه لهببم فببي السببماع والكببل والشببرب
ويكسون حلل الكرامة ثم ينادي مناد يا أولياء الله هل بقي مما وعدكم اللببه
ربكم شيء فيقولون ل وقد أنجزنا ما وعدنا فما بقي شيء إل النظببر إلببى
وجهه فيتجلى لهم الرب تبارك وتعببالى فببي حجببب فيقببول يببا جبريببل ارفببع
حجابي لعبادي كي ينظروا إلى وجهي قال فيرفع
الحجاب الول فينظرون إلى نور من نور الرب فيخرون له سببجدا فينبباديهم
الرب يا عبادي ارفعوا رؤوسكم فإنها ليست بدار عمببل إنمببا هببي دار ثببواب
فيرفع الحجاب الثاني فينظرون أمرا هو أعظم وأجل فيخببرون للببه حامببدين
ساجدين فيناديهم الرب أن ارفعوا رؤوسكم إنها ليست بدار عمل إنمببا هببي
دار ثواب ونعيم مقيم فيرفع الحجاب الثالث فعنببد ذلببك ينظببرون إلببى وجببه
رب العالمين فيقولون حين ينظببرون إلببى وجهببه سبببحانك مببا عبببدناك حببق
عبادتك فيقول كرامتي أمكنتكم من النظر إلى وجهي وأحلتكببم داري فيببأذن
الله للجنة أن تكلمي فتقببول طببوبى لمبن سببكنني وطببوبى لمبن يخلببد فببي
وطوبي لمن أعددت له وذلك قوله تعالى طببوبى لهببم وحسببن مببآب وقببوله
تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وفي الصحيحين من حببديث أبببي
موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله جنتان من ذهب آنيتهما وحليتهما
وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما وما بيببن القبوم وبيببن
أن ينظروا إلى ربهببم إل رداء الكبريبباء علببى وجهببه فببي جنببة عببدن وذكببر
عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا أبو الربيببع حببدثنا جريببر بببن عبدالحميببد عببن
يزيد بن أبي زياد عن عبدالله بن الحارث عن كعب قببال مببا نظببر اللببه إلببى
الجنة إل قال طيبي لهلك فزادت طيبا على ما كانت وما من
يوم كان عيدا في الدنيا إل يخرجون في مقداره إلى رياض الجنة ويبرز لهببم
الرب تبارك وتعالى وينظرون إليه وتسفى عليهم الريح بالطيب والمسك فل
يسألون ربهم تبارك وتعالى شيئسا إل أعطبباهم فيرجعببون إلببى أهلهببم وقببد
ازدادوا على ما كانوا عليه من الحسن والجمال سبببعين ضببعفا وقببال عبببد
بن حميد أخبرني شبابة عن إسرائيل حدثنا ثوير بن أبي فاختببة سببمعت ابببن
عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله إن أدنى أهل الجنة منزلببة مببن
ينظر إلى خدمه ونعيمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهببم علببى اللببه مببن
ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ثم تل هذه الية وجوه يومئذ ناضرة إلببى ربهببا
ناظرة رواه الترمذي في جامعه عنه وذكر عثمان بن سببعيد الببدارمي عببن
ابن عمر رضي الله عنهما رفعه إلى النبي قال إن أهل الجنببة إذا بلببغ منهببم
النعيم كل مبلغ وظهنوا أن ل نعيم أفضل منه تجلى لهم الرب تبارك وتعببالى
فنظروا إلى وجه الرحمن فنسببوا كببل نعيببم عبباينوه حيببن نظببروا إلببى وجببه
الرحمن وقال الحسن البصري في قوله تعببالى وجببوه يببومئذ ناضببرة إلببى
ربها ناظرة قال حسنها الله تعالى بالنظر إليببه سبببحانه وحببق لهببا أن تنضببر
وهي تنظر إلى ربها عز وجل قال أبو سليمان الداراني لو لم يكن لهل
المحبة أو قال المعرفة إل هذه الية وجببوه يببومئذ ناضببرة إلببى ربهببا نبباظرة
لكتفوا بها وذكر النسائي من حديث الزهري عن سببعيد بببن المسببيب عببن
أبي هريرة رضي الله عنه قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة
قال هل تضامون فى رؤية الشمس في يوم ل غيم فيببه وفببي القمببر ليلببة
البدر ل غم فيها قلنا ل قال فإنكم سترون ربكم حتى إن أحببدكم ليحاضببره
محاضرة فيقول عبدي هل تعرف ذنب كذا وكذا فيقببول يببارب ألببم تغفببر
لي فيقول بمغفرتي صرت إلى هذا وفي الصحيحين من حديث مالك عن
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
قال رسول الله إن الله تعالى يقول لهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيببك
ربنا وسعديك والخير في يببديك فيقببول هببل رضببيتم فيقولببون ومببا لنببا ل
نرضى وقد أعطيتنا مالم تعط أحدا من خلقببك فيقببول أل أعطيكببم أفضببل
من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكببم
رضواني فل أسخط عليكم أبدا وفي الصحيح والسنن والمساند من حديث
ثابت البناني عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضببي اللببه عنببه عببن
النبي قال إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم
عند الله موعدا يريد أن ينجببز كمببوه فيقولببون مببا هببو ألببم يبببيض وجوهنببا
ويثقل موازيننا ويدخلن ويببدخلنا الجنببة ويجرنببا مببن النببار فيكشببف الحجبباب
فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ول أقر
لعينهم وفي صحيح البخاري من حديث جرير بن عبدالله قببال كنببا جلوسببا
عند النبي إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكببم كمببا تببرون
هذا القمر ل تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن ل تغلبوا علببى صببلة قبببل
طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا وفي الصحيحين مببن حببديث الزهببرى
عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبباس قببالوا يببا
رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول اللببه هببل تضببارون فببي
القمر ليلة البدر قالوا ل يارسول الله قال قال فهل تضببارون فببي الشببمس
ليس دوننا سحاب قالوا ليا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك وفي لفببظ
فببإنكم ل تضببارون فببي رؤيببة ربكببم إل كمببا تضببارون فببي رؤيتهمببا وقببال
الترمذي حدثنا قتيبة حدثنا عبدالعزيز بن محمببد عببن العلء بببن عبببدالرحمن
عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال يجمع الله الناس
يوم القيامة في صعيد واحببد ثببم يطلببع عليهببم رب العببالمين تبببارك وتعببالى
فيقول ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب
التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره
علىالسور ثم يقال يا أهل الجنة خلود ول موت ويا أهل النار خلود ول موت
قال الترمذي هببذا حببديث حسببن صببحيح وأصببله فببي الصببحيحين لكببن هببذا
السياق أجمع وأخصر وفي لفظ الترمذي فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهببل
الجنة ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار وفي مسند الحببارث بببن أبببي
أسامة من حديث قرة عن مالك عن زيبباد بببن سببعد حببدثنا أبببو الزبيببر قببال
سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول سمت رسول الله يقببول إذا
كان يوم القيامة جمعت المم ودعي كل أنبباس بإمببامهم فجئنببا آخببر النبباس
فيقول قائل من الناس من هذه المة قال فيشرف إلينا الناس فيقال هذه
المة المينة هذه أمة محمد وهذا محمد في أمته فينادي مناد إنكم الخببرون
الولون قال فنأتي فنتخطى رقاب الناس حتى نكون أقرب الناس إلببى اللببه
تعالى منزلة ثم يدعى الناس كل أناس بإمببامهم فيببدعى اليهببود فيقببال مببن
أنتم فيقولون نحن اليهود فيقول من نبيكم فيقولون نبينا موسبى فيقبول مبا
كتابكم فيقولون كتابنا التوراة فيقول ما تعبدن فيقولببون نعبببد عزيببرا ونعبببد
الله فيقول للمل حوله اسلكوا بهم في جهنم ثم يدعى النصارى فيقببول مببن
أنتم فيقولون نحن النصارى فيقول من نبيكم فيقولون نبينببا عيسببى فيقببول
ما كتابكم فيقولون كتبنا النجيل فيقببول مببا تعبببدون فيقولببون نعبببد عيسببى
وأمه والله فيقول للمل حوله اسلكوا بهؤلء في جهنم فيدعى عيسى فيقول
لعيسى يا عيسى ءأنببت قلبت للنبباس أتخبذوني وأمبي إلهيبن مبن دون اللبه
فيقول سبحانك ما يكببون لببي أن أقببول مببال ليببس لببي بحببق إلببى قببوله ^
العزيز الحكيم ^ ثم يدعى كل أناس بإمامهم وما كببانوا يعبببدون ثببم يصببرخ
الصارخ أيها الناس من كان يعبد إلها فليتبعه تقببدمهم آلهتهببم منهببا الخشببب
والحجارة ومنها الشمس والقمر ومنها الدجال حتى تبقى المسلمون فيقببف
عليهم فيقول من أنتم فيقولون نحن المسلمون قال قببال خيببر اسببم وخيببر
داعية فيقول من نبيكم فيقولون محمد فيقول مببا كتببابكم فيقولببون القببرآن
فيقول ما تعبدون ! فيقولون نعبد الله وحده ل شريك له قال سينفعكم ذلك
إن صدقتم قالوا هذا يومنببا الببذي وعببدنا فيقببول أتعرفببون اللببه إذا رأيتمببوه
فيقولون نعم فيقول وكيف تعرفونه ولم تروه فيقولون نعلم أنه ل عببدل لببه
قال فيتجلى لهم تبارك وتعالى فيقولون أنت ربنا تباركت اسببماؤك ويخببرون
له سجدا ثم يمضى النور بأهله وفي مسند المام أحمد رضي الله عنه من
حديث أبي الزبير قال سألت جابرا عن الببورود فببأخبرني أنببه سببمع رسببول
الله يقول نجيء يوم القيامة على كوم فوق الناس فتدعى المم بأوثانها وما
كانت تعبد ألول فالول ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول ما تنتظرون فيقولون
ننتظر ربنا فيقول أنا ربكم فيقولون حتى ننظر إليببك فيتجلببى لهببم يضببحك
فيتبعونه
وذكر عثمان بن سعيد الدارمي أن أبا بردة بن أبي موسببى الشببعري أتببى
عمر بن عبدالعزيز فقببال حببدثنا أبببو موسببى الشببعري رضببي اللببه عنببه أن
رسول الله قال يجمع الله المم يوم القيامة في صعيد واحببدفإذا بببدا لببه أن
يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبببدون فيتبعببونهم حببتى يقحمببوهم
النار ثم يأتينا ربنا ونحن في مكان فيقول مببن أنتببم فبقببول نحببن المؤمنببون
فيقول ما تنتظرون فنقول ننتظببر ربنببا فيقببول مببن أيببن تعلمببون انببه ربكببم
فنقول حدثتنا الرسل أو جاءتنا الكتب فيقول هل تعرفونه فيقولون نعلم أنببه
ل عدل فيتجلى لنا ضاحكا ثببم يقبول أبشببروا معشبر المسبلمين فبإنه ليبس
منكم أحد إل وقد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصببرانيا فقببال عمببر لبببي
بردة آلله لقد سمعت أبا موسى يحدث بهذا الحديث عن رسول الله قال إي
والله الذي ل إله إل هو لقد سمعت أبي يذكره عن رسول الله غير مببرة ول
مرتين ول ثلثا فقال عمر بن عبدالعزيز ما سببمعت فببي السببلم حببديثا هببو
أحب إلي منه وفي الترمذي من حديث الوزاعي حدثني حسان بببن عطيببة
عن سعيد ابن المسيب أنه لقي أبا هريرة رضي الله عنببه فقببال أبببو هريببرة
أسأل الله تعالى أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة فقال سببعيد أو فيهببا
سوق قال نعم أخبرني رسول اللببه أن أهببل الجنببة إذا دخلوهببا نزلببوا فيهببا
بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيببام الببدنيا فيببزورون
الله تبارك وتعالى فيبرز لهم عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنببة
فتوضع لهم منابر من نور
بك من الجمال والطيب أكثر مما فارقتنا عليه فيقول إنا جالسببنا اليببوم ربنببا
الجبار ويحقنا أن ننقلببب بمثببل مببا انقلبنببا وقببال يعقببوب بببن سببفيان فببي
مسنده حدثنا ابن المصفى حدثنا سويد بن عبدالعزيز حدثنا عمببرو بببن خالببد
عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضببي اللببه عنببه
قال قال رسول الله يزور أهل الجنة الرب تبارك وتعالى في كل يوم جمعببة
وذكر ما يعطون قال ثم يقول الله تعالى اكشفوا الحجب فيكشفوا حجابا ثم
حجابا حتى يتجلى لهم عن وجهه تبارك وتعببالى وكببأنهم لببم يببرو نعمببة قبببل
ذلك وهو قول الله تعالى ولدينا مزيد وذكر عثمان بن سببعيد الببدارمي مبن
حديث الحسن رضي الله عنببه عببن النبببي مرسببل أنببه قببال يأتينببا ربنببا يببوم
القيامة ونحن على مكان رفيع فيتجلى لنا ضاحكا مرسببل +مرسببل صببحيح
+وقال عثمان الدارمي حدثنا أبو موسببى حببدثنا أبببو عوانبة حببدثنا الجلببح
حدثنا الضحاك بن مزاحم قال إن الله يأمر السماء يوم القيامة فتنشق بمبن
فيها فيحيطون بالرض ومن فيهببا ثببم يببأمر السببماء الثانيببة حببتى ذكببر سبببع
سموات فيكونون سبعة صفوف قد أحاطوا بالناس ثم ينببزل الملببك العلببى
جل جلله في بهائه وجماله معه ماشاء من الملئكة وقال عثمان بن سعيد
حدثنا هشام بن خالد الدمشقي وكان ثقة حدثنا محمد بن شعيب بببن شبباور
حدثنا عمر بن عبدالله مولى غفرة عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال قال رسول الله جاءني جبريل وفي كفه مرآة فيها نكتببة
سوداء فقلت ما هذه يا جبريل قال هذه الجمعة أرسل بها إليك ربك فتكببون
هدى لك ولمتك من بعدك فقلت ومالنا فيها قال لكببم فيهببا خيببر كببثير أنتببم
الخرون السابقون يوم القيامة وفيهببا سبباعة ل يوافقهببا عبببد مببؤمن يصببلي
يسأل الله خيرا هو له قسببم إل أتبباه ول خيببرا ليببس لببه بقسببم إل دخببر لببه
أفضل منه ول يستعيذ بالله ما هو مكتوب عليه إل دفع عنه أكثر منه قلت ما
هذه النكتة السوداء قال هذه السبباعة يببوم تقببوم القيامببة وهببو سببيد اليببام
ونحن نسميه عندنا يوم المزيد قلت ولم تسمونه يوم المزيد يا جبريببل قببال
لن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيببض فببإذا كببان يببوم الجمعببة
من أيام الخرة هبط الجبار عن عرشه إلببى كرسببيه إلبى ذلبك البوادي وقبد
حف الكرسي بمنابر من نور يجلس عليها الصديقون والشهداء يببوم القيامببة
ثم يجيء أهل الغرف حتى يحفوا بالكثيب ثببم يبببدو لهببم ذو الجلل والكببرام
تبببارك وتعببالى فيقببول أنببا الببذي صببدقتكم وعببدي وأتممببت عليكببم نعمببتي
وأحللتكم دار كرامتي فسلوني فيقولون بأجمعهم نسألك الرضا عنببا فيشببهد
لهم على الرضا ثم يقول لهم سلوني فيسألونه حببتى ينتهببي نهمببة كببل عبببد
منهم ثم يقول سلوني فيقولون حسبنا ربنا رضينا فيرجببع الجبببار جببل جللببه
إلى
عرشه فيفتح لهم بقدر إشببراقهم مببن يببوم الجمعببة مببال عيببن رأت ول أذن
سمعت ول خطر على قلب بشر ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وهي غرفببة
من لؤلؤة بيضاء وياقوتة حمراء وزمردة خضراء ليببس فيهببا قصببم ول وصببم
مطردة أنهارها متدلية فيها ثمارها فيها أزواجهببا وخببدمها ومسبباكنها فليسببوا
إلى يوم أحوج منهم إلى يبوم الجمعبة ليبزدادوا فضببل مبن ربهببم ورضببوانا
رواه عن أنس جماعة منهم عثمان بن عمير بن اليقظان ومببن طريقببه رواه
الشافعي في مسنده وعبدالله بن المام أحمد في السنة ومنهببم أبببو صببالح
والزبيببر بببن عببدي وعلببي بببن الحكببم البنبباني وعبببدالملك بببن عميببر ويزيببد
الرقاشي وعبدالله بن بريدة كلهم عن أنببس وصببححه جماعببة مببن الحفبباظ
وزاد الشافعي في مسنده في آخره وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم علببى
العرش وساقه عثمان بن أبي شيبة من طرق وقال فببي بعضببها ثببم يتجلببى
لهم ربهم تبارك وتعالى فيقببول أنبا البذي صبدقتكم وعببدي وأتممبت عليكببم
نعمتي وهذا محل كرامتي إلى أن قال ثم يرتفع علببى كرسببيه ويرتفببع معببه
النبيون والصديقون والشهداء ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وروى محمببد
بن الزبرقان عن مقاتل بن حيان عن أبي الزبير عببن جببابر رضببي اللببه عنببه
قال قال رسول الله إن أهل الجنة
ليحتاجون إلى العلماء في الجنة كما يحتاجون إليهببم فببي الببدنيا وذلببك أنهببم
يزورون ربهم في كل جمعببة فيقببول لهببم تمنببوا فيقولببون ومببا نتمنببى وقببد
أدخلتنا الجنة وقد أعطيتنا ما أعطيتنا فيقال لهم تمنوا فيلتفتون إلى العلمبباء
وذكر الحديث في قصة الجمعة وروى ابن منده مببن حببديث العمببش عببن
أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي قصببة الجمعببة بطولهببا وفيهببا
يقول سلوني فيقولون أرنا وجهببك رب العببالمين ننظببر إليببك فيكشببف اللببه
تبارك وتعالى تلك الحجب ويتجلى لهم فينظرون إليه وذكر عثمان الدارمي
عن محمد بن كعب القرظي أنه حدث عمر بن عبدالعزيز قال إذا فببرغ اللببه
من أهل الجنة والنار أقبل في ظلل من الغمام والملئكة فيسلم علببى أهببل
الجنة في أول درجة فيردون عليه السلم قال القرظي وهذا في القببرآن ^
سلم قول من رب رحيم ^ فيقول سلوني يفعل بهم ذلك في درجهببم حببتى
يستوي على عرشه ثم تأتيهم التحف من الله تحمله الملئكببة إليهبم وقبال
عبدالواحد بن زيد عن الحسببن لببو علببم العابببدون أنهببم ل يببرون ربهببم فببي
الخرة لذابت أنفسهم فببي الببدنيا وقببال هشببام ببن حسبان عنبه أنببه تببارك
وتعالى يتجلى لهل الجنة فإذا رأوه نسوا نعيم الجنببة أعجببب الصبببر صبببر
المحبين قال الشاعر
والصبر يحمد في المواطن كلهببا %إل عليببك فببإنه ل يحمببد وقببف رجببل
على الشبلي فقال أي الصبر أشد على الصابرين قال الصبر في اللببه فقببال
السائل ل فقال الصبر لله قال ل قال فالصبر مع اللببه قببال ل قببال فمببا هببو
قال الصبر عن الله فصرخ الشبلي صرخة كادت روحه تزهق قال الشبباعر
والصبر عنك فمذموم عواقبه %والصبر في سائر الشياء محمود الخببوف
يبعدك عن معصيته والرجاء يخرجك إلى طاعته والحب يسببوقك إليببه سببوقا
لما علم الله سبحانه أن قلوب المشتاقين إليه ل تهببدأإل بلقببائه ضببرب لهببم
أجل للقاء تسكينا لقلوبهم فقال الله تعالى ^ من كان يرجو لقبباء اللببه فببإن
أجل الله لت ^ يامن شكى شوقه من طول فرقته %إصبببر لعلببك تلقببى
من تحب غدا وسر إليببه بنببار الشببوق مجتهببدا %عسبباك تلقببى علببى نببار
الغببرام هببدى المحببب الصببادق كلمبا قببرب مببن محبببوبه زاد شببوقا إليببه
وأعظم ما يكون الشوق يوما %إذا دنت الخيام من الخيام كلما وقع بصببر
المحب على محبوبه أحدثت له رؤيته شوقا على شوقه مببا يرجببع الطببرف
عنه حين يبصره %حتى يعببود إليببه الطببرف مشببتاقا المحببب الصببادق إذا
سافر طرفه في الكون لم يجد له طريقا إل على محبوبه
فإذا انصرف بصره عنه رجع إليه خاسئا وهببو حسببير ويسببرح طرفببي فببي
النام وينثني %وإنسان عيني بالدموع غريق فيرجع مردودا إليك وماله %
على أحد إل عليك طريق أقر شيء لعيون المحب خلوته بسره مع محبوبه
حدثني من رأى شيخنا في عنفوان أمره خرج إلى البرية بكببرة فلمببا أصببحر
تنفس الصعداء ثم تمثل بقول الشاعر وأخببرج مببن بيببن البببيوت لعلنببي %
أحدث عنك القلب بالسر خاليا الشوق يحمل المحب على العجلة في رضا
المحبوب والمبادرة إليها على الفور ولو كان فيها تلفببه ^ ومببا أعجلببك عببن
قومك يا موسى قال هم أولء على أثري وعجلت إليك رب لترضببى ^ قببال
بعضهم أراد شوقا إليك فستره بلفظ الرضا ولو قلت طأ في النار أعلم أنه
%رضا لك أو مدن لنا من وصالك لقدمت رجلي نحوها فوطئتهببا %هببدى
منك لي أو ضلة من ضللك ليهنك إمساكي بكفي على الحشببا %ورقببراق
عيني خشية من زيالك
وإن ساءني أن نلتنببي بمسبباءة %لقببد سببرني أنببي خطببرت ببالببك مببن
علمات المحبة الصادقة أن المحببب ل يتببم لببه سببرور إل بمحبببوبه ومببا دام
غائبا عنه فعيشه كله منغص نحن في أكمل السرور ولكن %ليس إل بكم
يتم السرور عيب ما نحن فيه يا أهببل ودي %أنكببم غيببب ونحببن حضببور
وقال آخر من سره العيد الجديد %فقد عدمت به السرورا كان السرور
يتم لي %لو كان أحبابي حضورا لو قيل للمحببب علببى الببدوام مببا تتمنببى
لقال لقاء المحبوب ولما نزلنا منزل طله الندى %أنيقا وبستانا مببن النببور
حاليا أجد لنا طيب المكان وحسنه %منى فتمنينببا فكنببت المانيببا وقببال
الجنيد سمعت السري يقول الشوق أجل مقببام العببارف إذا تحقببق فيببه وإذا
تحقق بالشوق لها عن كل مبا يشبغله عمبن يشبتاق إليبه وقيبل أوحبى اللبه
تعالى إلى داود عليه السلم قال لشبان بني إسرائيل لم تشببغلون نفوسبكم
بغيري وأنا مشبتاق إليكبم مبا هبذا الجفباء ولبو يعلبم المبدبرون عنبي كيبف
انتظبباري لهببم ورفقببي بهببم ومحبببتي لببترك معاصببيهم لمبباتوا شببوقا إلببي
وانقطعت أوصالهم من محبتي هذه إرادتببي للمببدبرين عنببي فكيببف إرادتببي
للمقبلين علي وسئل الجنيد من أي شببيء بكبباء المحببب إذا لقببي المحبببوب
فقال إنما يكون ذلك سرورا به
ووجدا من شدة الشوق إليه قال ولقد بلغني أن أخوين تعانقا فقال أحببدهما
واشوقاه وقال الخر وواجببداه وكببانت عجببوز لهببا غببائب فقببدم مببن السببفر
فأظهر أهلها الفرح والسرور به فجعلت تبكي فقيل لها ما هذا البكاء فقالت
ذكرني قدوم هذا الفتى يوم القدوم على الله وقال بعببض المحبببين قلببوب
المشتاقين منورة بنور الله فإذا تحرك اشتياقهم أضاء النور ما بيببن السببماء
والرض فيعرضببهم اللببه سبببحانه وتعببالى علببى الملئكببة فيقببول هببؤلء
المشتاقون إلي أشهدكم أني إليهم أشببوق فصببل قببال ابببن أبببي الحببواري
رحمه الله تعالى سئل أبو سليمان الداراني رحمه الله وأنا حاضر مببا أقببرب
ما يتقرب به إلى الله عز وجل فبكى ثم قال مثلي يسأل عن هذا أقببرب مببا
يتقرب به إليه أن يطلع على قلبك وأنت ل تريببد مببن الببدنيا والخببرة إل هببو
وقال يحيى بن معاذ النسك هو العناية بالسرائر وإخراج مببا سببوى اللببه مببن
القلب وقال سهل بن عبدالله ما من ساعة إل والله سبحانه يطلع فيها على
قلوب العباد فأي قلب رأى فيبه غيبره سبلط عليبه إبليبس وقبال سبهل ببن
عبدالله من نظر إلى الله عز وجل قريبا منه بعد عن قلبه كبل شبيء سبوى
الله ومن طلب مرضاته أرضاه الله سبحانه وتعالى ومن أحلم قلبه إلى الله
تولى الله جوارحه وقال سهل أيضا حرام على قلب أن يشببم رائحببة اليقيببن
وفيه سكون إلى غير الله وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شببيء ممببا
يكره الله وسئل يعضهم عن افضل العمال فقال رعاية السر عن اللتفببات
إلى شيء
سوى الله عز وجببل وقببال مسبلم تركتمبوه وأقبببل بعضببكم علببى بعببض لبو
أقبلتم عليه لرأيتم العجائب فصل فببإن تقاصببرت همتببك الدنيببة عببن تببرك
الفواحش محبة لهذا المحبوب العلى ولسببت هنبباك فاتركهببا محبببة للنسبباء
اللتي وصفهن الله في كتببابه وبعببث رسببوله داعيببا إلببى وصببالهن فببي جنببة
المأوى وقد تقدم ذكر بعض صببفاتهن ولببذة وصببالهن فببإن تقاصببرت همتببك
عنهن ولم تكن كفؤا لخطبتهن ودعتك نفسك إلى إيثار ما هاهنا عليهن فكببن
من عقوبته العاجلة والجلببة علببى حببذر واعلببم أن العقوبببات تختلببف فتببارة
تعجل وتارة توخر وتبارة يجمببع اللببه علببى العاصببي بينهمببا وأشببد العقوبببات
العقوبببة بسببلب اليمببان ودونهببا العقوبببة بمببوت القلببب ومحببو لببذة الببذكر
والقراءة والدعاء والمناجاة منه وربما دبت عقوبة القلب فيه دبيببب الظلمببة
إلى أن يمتلئ القلب بهما فتعمببى البصببيرة وأهببون العقوبببة مببا كببان واقعببا
بالبدن في الدنيا وأهون منها ما وقع بالمال وربما كببانت عقوبببة النظببر فببي
البصيرة أو في البصر أو فيهما قال الفضيل يقول اللببه تعببالى ابببن آدم إذا
كنت أقلبك في نعمتي وأنت تتقلب فببي معصببيتي فاحببذر لئل أصببرعك بيببن
معاصيك ابن آدم اتقني ونم حيث شئت إنك إن ذكرتني ذكرتك وإن نسببيتني
نسيتك والساعة التي ل تذكرني فيها عليك ل لك
وقال الفضيل أيضا ما يؤمنك أن تكون بارزت الله تعالى بعمل مقتك عليببه
فأغلق عنك أبواب المغفرة وأنت تضحك وقال علقمببة بببن مرثببد بينببا رجببل
يطوف بالبيت إذ برق له ساعد امرأة فوضع ساعده على ساعدها فالتببذ بببه
فلصقت ساعداهما فأتى بعض أولئك الشيوخ فقال ارجع إلى المكببان الببذي
فعلت هذا فيه فعاهد رب البيت أن ل تعببود فقعببل فخلببي عنببه وقببال ابببن
عباس وأنس رضي الله عنهم إن للحسنة نورا في القلببب وزينببا فببي الببوجه
وقوة في البدن وسببعة فببي الببرزق ومحبببة فببي قلببوب الخلببق وإن للسببيئة
ظلمة في القلب وشينا في الوجه ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة
في قلوب الخلبق وقبال الحسبن مبا عصبى اللبه عببد إل أذلبه اللبه وقبال
المعتمر بن سليمان إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مببذلته
وقال الحسن هانوا عليه فعصوه ولو عبزوا عليبه لعصبمهم وكببان شببيخ مبن
العراب يدور على المجالس ويقول من سره أن تدوم له العافية فليتق الله
وقال أبو سليمان الداراني من صببفا صببفا لببه ومببن كببدر كببدر عليببه ومببن
أحسن في ليله كفي في نهاره ومن أحسن في نهاره كفببي فببي ليلببه ومببن
ترك لله شهوة من قلبه فالله أكببرم أن يعببذب بهببا قلبببه وكتبببت عائشببة أم
المؤمنين رضي الله عنها إلى معاوية أما بعد فإن العامل إذا عمببل بمعصببية
الله عاد حامده من الناس ذاما وقال محببارب بببن دثببار إن الرجببل ليببذنب
الذنب فيجد له في قلبه وهنا وقال الحسين بن مطير ونفسك أكبرم عبن
أمور كثيرة %فما لك نفس بعدها تستعيرها
ول تقرب المر الحرام فإنما %حلوته تفنى ويبقى مريرها وكان سفيان
الثوري يتمثل بهذين البيتين تفنى اللذاذة ممن ذاق صفوتها %من الحببرام
ويبقى الثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتهببا %ل خيببر فببي لببذة مببن
بعدها النار فصل واعلم أن الجزاء من جنس العمل والقلب معلق بالحرام
كلما هم أن يفارقه ويخرج منه عاد إليه ولهذا يكون جزاؤه في البرزخ وفببي
الخرة هكذا وفي بعض طرق حديث سمرة بببن جنببدب الببذي فببي صببحيح
البخاري أن النبي قال رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني فانطلقت معهمببا
فإذا بيت مبني على مثل بناء التنور أعله ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نببار
فيه رجال ونساء عراة فإذا أوقدت النار ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا
أخمدت رجعوا فيها فقلت مببن هببؤلء قببال هببم الزنبباة فتأمببل مطابقببة هببذا
العذاب لحال قلوبهم في الدنيا فإنهم كلمببا همببوا بالتوبببة والقلع والخببروج
من تنور الشهوة إلى فضاء التوبة أركسوا فيه وعادوا بعد أن كادوا يخرجون
ولما كان الكفار في سجن الكفر والشرك وضيقه وكانوا كلما هموا
بالخروج منه إلى فضاء اليمان وسعته وروحببه رجعببوا علببى حببوافرهم كببان
عقوبتهم في الخرة كذلك قال اللببه تعببالى ^ كلمببا أرادوا أن يخرجببوا منهببا
أعيدوا فيها ^ وقال في موضع آخر ^ كلما أرادوا أن يخرجوا منهبا مبن غبم
أعيدوا فيها ^ فالكفر والمعاصي والفسوق كله غموم وكلما عببزم العبببد أن
يخرج منه أبت عليه نفسه وشببيطانه ومببألفه فل يببزال فببي غببم ذلببك حببتى
يموت فإن لم يخرج من غم ذلك في الدنيا بقي في غمه فببي البببرزخ وفببي
القيامة وإن خرج من غمه وضيقه هاهنا خرج منه هناك فما حبس العبد عببن
الله في هذه الدار حبسه عنه بعد الموت وكان معذبا به هناك كما كان قلبببه
معذبا به في الدنيا فليس العشاق والفجرة والظلمة في لذة في هبذه الببدار
وإنما هم يعذبون فيها وفي البرزخ وفي القيامة ولكن سكر الشببهوة ومببوت
القلب حال بينهم وبين الشببعور ببباللم فببإذا حيببل بينهببم وبيببن مببا يشببتهون
أحضرت نفوسهم اللم الشديد وصار يعمل فيها بعد الموت نظيببر مببا يعمببل
الدود فببي لحببومهم فبباللم تأكببل أرواحهببم غيببر أنهببا ل تفنببى والببدود يأكببل
جسومهم قال المام أحمد رضي الله عنه حدثنا إسببماعيل بببن عبببدالكريم
قال حدثني عبدالصمد بن معقل حدثني وهب بن منبه قال كان حزقيل قائما
فأتاه ملك فذكر حديثا طبويل وفيببه أنبه مببر بقبوم أمبوات فقيببل لبه ادعهببم
فدعاهم فأحياهم الله له فقال سلهم فيم كنتم فقالوا لما فارقنا
الحياة لقيا ملكا يقال له ميكائيل فقال هلموا أعمالكم وخذوا أجوركم فببذلك
سنتنا فيكم وفيمن كان قبلكم وفيمن هو كائن بعببدكم فنظببروا فببي أعمالنببا
فوجدونا نعبد الوثان فسلط الدود على أجسادنا وجعلت الرواح تألم وسلط
الغم على أرواحنا وجعلت الجساد تألم فلم نزل كذلك نعذب حتى دعوتنا
الباب السابع والعشرون فيمن ترك محبوبه حراما فبذل له حلل أو أعاضه
الله خيرا منه عنوان هذا الباب وقاعدته أن من ترك لله شيئا عوضه اللببه
خيرا منه كما ترك يوسف الصديق عليببه السببلم امببرأة العزيببز للببه واختببار
السجن على الفاحشة فعوضببه اللببه أن مكنببه فببي الرض يتبببوأ منهببا حيببث
يشاء وأتته المرأة صاغرة سببائلة راغبببة فببي الوصببل الحلل فتزوجهببا فلمببا
دخل بها قال هذا خيببر ممببا كنببت تريببدين فتأمببل كيببف جببزاه اللببه سبببحانه
وتعالى على ضيق السجن أن مكنه في الرض ينزل منهببا حيببث يشبباء وأذل
له العزيز امرأته وأقببرت المببرأة والنسببوة ببببراءته وهببذه سببنته تعببالى فببي
عباده قديما وحببديثا إلببى يبوم القيامببة ولمبا عقببر سببليمان ببن داود عليهببم
السلم الخيل التي شغلته عن صلة العصر حتى غابت الشببمس سببخر اللببه
له الريببح يسببير علببى متنهببا حيببث أراد ولمببا تببرك المهبباجرون ديببارهم للببه
وأوطانهم التي هي أحببب شبيء إليهبم أعاضبهم اللبه أن فتبح عليهببم البدنيا
وملكهم شرق الرض وغربها ولببو اتقببى اللببه السببارق وتببرك سببرقة المببال
المعصوم لله لتاه الله مثله حلل قال الله تعالى ^ ومن يتق الله يجعبل لبه
مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب ^ فببأخبر اللببه سبببحانه وتعببالى أنببه إذا
اتقاه بترك أخذ مال يحل له رزقه الله من حيث ل يحتسب وكذلك الزاني
لو ترك ركوب ذلك الفرج حراما لله لثابه الله بركوبه أو ركوب ما هببو خيببر
منه حلل وقال المام أحمد حدثنا هشيم حدثنا عبدالرحمن بن إسحاق عببن
محارب بن دثار عن صلة عن حذيفة بن اليمان رضي اللببه عنهمببا قببال قببال
رسول الله النظرة إلى المرأة سهم من سببهام إبليببس مسببموم مببن تركببه
خوف الله أثابه الله إيمانا يجد حلوته في قلبه وقال عمببر ببن شبببة حببدثنا
أحمد بن عبدالله بن يونس حدثنا عنبسة بن عبدالرحمن حببدثنا أبببو الحسببن
المدني عن علي رضي اللببه عنببه قببال قببال رسببول اللببه نظببر الرجببل فببي
محاسن المرأة سببهم مببن سببهام إبليببس مسببموم فمببن أعببرض عببن ذلببك
السهم أعقبه الله عبادة تسره وقببال أبببو الفببرج بببن الجببوزي رحمببه اللببه
تعالى بلغني عن بعض الشراف أنه اجتاز بمقبرة فبإذا جاريبة حسبناء عليهبا
ثياب سببواد فنظببر إليهببا فعلقببت بقلبببه فكتببب إليهببا قببد كنببت أحسببب أن
الشمس واحدة %والبدر في منظببر بالحسببن موصببوف حببتى رأيتببك فببي
أثواب ثاكلة %سود وصدغك فببوق الخببد معطببوف فرحببت والقلببب منببي
هائم دنف %والكبد حرى ودمع العين مذروف
ردي الجوب ففيه الشكر واغتنمي %وصل المحب الذي بالحب مشببغوف
ورمى بالرقعة إليها فلما قرأتها كتبت إن كنببت ذا حسببب زاك وذا نسببب
%إن الشريف بغببض الطببرف معببروف إن الزنبباة أنبباس ل خلق لهببم %
فاعلم بأنك يوم الدين موقوف واقطع رجاك لحاك الله مببن رجببل %فببإن
قلبي عن الفحشاء مصببروف فلمببا قببرأ الرقعببة زجببر نفسببه وقببال أليببس
امرأة تكون أشجع منك ثم تاب ولبس مدرعة من الصوف والتجأ إلى الحرم
فبينا هو في الطواف يوما وإذا بتلك الجارية عليها درع من صوف فقالت لببه
ما أليق هذا بالشريف هل لك في المباح فقال قببد كنببت أروم هببذا قبببل أن
أعرف الله وأحبه والن قد شغلني حبه عن حب غيره فقالت له أحسنت ثم
طافت وهي تنشد فطفنا فلحت في الطواف لوائح %غنينببا بهببا عببن كببل
مرأى ومسمع وقال الحسببن البصببري كببانت امببرأة بغببي قببد فبباقت أهببل
عصرها في الحسببن ل تمكببن مببن نفسببها إل بمببائة دينببار وإن رجل أبصببرها
فأعجبته فذهب فعمل بيديه وعالببج فجمببع مبائة دينبار فجبباء فقببال إنبك قببد
أعججبتني فانطلقت فعملت بيدي وعالجت حتى جمعت مببائة دينببار فقببالت
ادفعها إلىالقهرمان حتى ينقدها ويزنها فلما فعل قالت ادخل وكان لهببا بيببت
منجد وسرير من
ذهب فقالت هلم لك فلما جلس منها مجلس الخائن تذكر مقببامه بيببن يببدي
الله فأخذته رعدة وطفئت شهوته فقبال أتركينبي لخببرج ولببك المبائة دينببار
فقالت ما بدا لك وقد رأيتني كما زعمت فأعجبتك فذهبت فعالجت وكببدحت
حتى جمعت مائة دينار فلما قدرت علي فعلت الذي فعلت فقال مبا حملنبي
على ذلك إل الفرق من الله وذكرت مقامي بين يديه قالت إن كنببت صببادقا
فمببالي زوج غيببرك قببال ذرينببي لخببرج قببالت ل إل أن تجعببل لببي عهببدا أن
تتزوجني فقال ل حتى أخرج قالت عليك عهد الله إن إنا أتيتببك أن تببتزوجني
قال لعل فتقنع بثوبه ثم خرج إلى بلده وارتحلت المرأة بببدنياها نادمببة علببى
ما كان منها حتى قدمت بلده فسألت عن اسمه ومنزله فببدلت عليببه فقيببل
له الملكة جاءت بنفسها تسأل عنك فلما رآها شهق شببهقة فمببات فأسببقط
في يدها فقالت أما هذا فقد فاتني أما له من قريببب قيببل بلببى أخببوه رجببل
فقير فقالت إني أتزوجك حبا لخيك قال فتزوجته فولببدت لببه سبببعة أبنبباء
وقال يحيى بن عامر التيمي خرج رجل من الحي حاجا فورد بعض المياه ليل
فإذا هو بامرأة ناشرة شعرها فأعرض عنها فقالت له هلم إلببي فلببم تعببرض
عني فقال إني أخاف الله رب العالمين فتجلببت ثم قالت هبت واللببه مهابببا
إن أولى من شركك في الهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصببية ثببم ولببت
فتبعها فدخلت بعض خيام العراب قال فلما أصبحت أتيببت رجل مببن القببوم
فسألته عنها وقلت فتاة صفتها كذا وكذا فقال هي
والله ابنتي فقلت هل أنت مزوجي بها فقال على الكفاء فمببن أنببت فقلببت
رجل من تيم الله قال كفو كريم فما رمت حتى تزوجتها ودخلت بها ثم قلت
جهزوها إلى قدومي من الحج فلمببا قببدمنا حملتهببا إلببى الكوفببة وهبباهي ذي
ولي منها بنون وبنات قال فقلت لها ويحك ما كان تعرضك لي حينئذ فقببالت
يا هذا ليس للنساء خير من الزواج فل تعجبن من امرأة تقول هويت فببوالله
لو كان عند بعبض السبودان مبا تريبده مبن هواهبا لكبان هبو هواهبا وقبال
الحسن بن زيد ولينا بديار مصر رجل فوجد على بعض عماله فحبسه وقيببده
فأشرفت عليه ابنة الوالي فهويته فكتبت إليه أيها الرامببي بعينيببه %وفببي
الطرف الحتببوف إن تببرد وصببل فقببد أمكنببك %الظبببي اللببوف فأجابهببا
الفتى إن تريني زاني العينين %فالفرج عفيف ليس إل النظر الفا %تبر
والشعر الظريف فأجابته قد أردناك فألفينباك %إنسبانا عفيفبا فتبأبيت
فل زلت %لقيديك حليفا فأجابها
ما تأبيت لني %كنت للظبي عيوفا غير أني خفببت ربببا %كببان بببي بببرا
لطيفا فذاع الشعر وبلغت القصة الوالي فدعا به فزوجه إياها ودفعها إليه
وذكر أن رجل أحب امرأة وأحبته فاجتمعا فراودته المبرأة عبن نفسبه فقبال
إن أجلي ليس بيدي وأجلك ليس بيدك فربما كان الجل قد دنببا فنلقببى اللببه
عاصيين فقالت صدقت فتابا وحسنت حالهما وتزوجببت بببه وذكببر بكببر بببن
عبدالله المزني أن قصابا ولع بجارية لبعض جيرانه فأرسلها أهلها إلى حاجببة
في قرية أخرى فتبعها فراودها عن نفسها فقالت ل تفعل لنا أشببد حبببا لببك
مني ولكني أخاف الله قال فأنت تخافينه وأنببا ل أخببافه فرجببع تائبببا فأصببابه
العطش حتى كاد ينقطع عنقه فإذا هو برسول لبني إسببرائيل فسببأله فقببال
مالك قال العطش فقال تعال حتى ندعو الله حتى تظلنا سحابة حتى نببدخل
القرية قال مالي من عمل فأدعوه قال فأنا أدعبوه وأمبن أنبت فبدعا وأمبن
الرجل فأظلتهما سحابة حتى انتهيا إلى القرية فببذهب القصبباب إلببى مكببانه
فرجعت السحابة معه فرجع إليه الرسول فقال زعمببت أن ليببس لببك عمببل
وأنا الذي دعوت وأنت أمنت فأظلتنا سببحابة ثببم تبعتببك لتخبببرني مببا أمببرك
فأخبره فقال الرسببول إن التببائب إلببى اللببه يمكببان ليببس أحببد مببن النبباس
بمكانه وقال يحيى بن أيوب كان بالمدينة فببتى بعجببب عمببر بببن الخطبباب
رضي الله عنه شأنه فانصرف ليلة من صلة العشاء فتمثلت لببه امببرأة بيببن
يديه
فعرضت له بنفسها ففتن بها ومضت فأتبعها حببتى وقببف علببى بابهببا فأبصببر
وجل عن قلبه وحضرته هذه الية ^ إن الببذين اتقببوا إذا مسببهم طببائف مببن
الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ^ فخر مغشيا عليه فنظرت إليه المببرأة
فإذا هو كالميت فلم تزل هي وجارية لها يتعاونان عليه حتى ألقياه على باب
داره فخرج أبوه فرآه ملقى على باب الببدار لمببا بببه فحملببه وأدخلببه فأفبباق
فسأله ما أصابك يا بني فلم يخبره فلم يببزل بببه حببتى أخبببره فلمببا تل اليببة
شهق شببهقة فخرجببت نفسببه فبلببغ عمببر رضببي اللببه عنببه قصببته فقببال أل
آذنتموني بموته فذهب حتى وقف على قبره فنادى يببا فلن ^ ولمببن خبباف
مقام ربه جنتان ^ فسمع صوتا من داخل القبر قد أعطبباني ربببي يبا عمببر
وذكر الحسن هذه القصة عن عمر رضي الله عنه على وجه آخببر قببال كببان
شاب على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنببه ملزمببا للمسببجد والعبببادة
فهويته جارية فحدث نفسه بها ثم إنببه تببذكر وأبصببر فشببهق شببهقة فغشببي
عليه منها فجاء عم له فحمله إلى بيته فلما أفاق قال يا عم انطلق إلى عمر
فأقرئه مني السلم وقل له ما جزاء من خاف مقام ربببه فببأخبر عمببر فأتبباه
وقد مات فقال لك جنتان وفي جامع الترمذي من حديث ابببن عمببر رضببي
الله عنهما قال قال رسول الله كان ذو الكفل ل يتورع من ذنب عمله
فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل
من امرأته أرعدت وبكت فقال ما يبكيك أكرهتك قالت ل ولكن هذا عمل لم
أعمله وإنما حملتني عليه الحاجة قال فتفعلين هذا وأنت لم تفعليه قببط ثببم
قال اذهبي والدنانير لك ثم قال والله ل يعصي الله ذوالكفل أبدا فمات مببن
ليلته فأصبح مكتوبا على بابه قد غفببر اللببه لببذي الكفببل قببال الترمببذي هببذا
حديث حسن وقال أبو هريرة وابن عباس رضي الله عنهببم خطببب رسببول
الله قبل وفاته فقببال فببي خطبتببه ومببن قببدر علببى امببرأة أو جاريببة حرامببا
فتركها مخافة من الله أمنه الله يوم الفزع الكبر وحرمه على النببار وأدخلببه
الجنة وقال مالك بن دينار جنات النعيم بيببن الفببردوس وبيببن جنببات عببدن
فيها جوار خلقن من ورد الجنة يسكنها الببذين همبوا بالمعاصبي فلمببا ذكببروا
الله عز وجل راقبوه فانثنت رقابهم من خشية الله عز وجببل قببال ميمببون
بن مهران الذكر ذكران فذكر الله عز وجل باللسان حسببن وأفضببل منببه أن
تذكر الله عز وجل عندما تشرف على معاصيه وقال قتادة رضي الله عنببه
ذكر لنا أن نبي الله كان يقول ل يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليببس بببه إل
مخافة الله عز وجل إل أبدله في عاجل الدنيا قبل الخرة ما هو خير له مببن
ذلك وقال عبيببد بببن عميببر صببدق اليمببان وبببره أن يخلببو الرجببل بببالمرأة
الحسناء فيدعها ل يدعها إل لله عز وجل
وقال أبو عمران الجوني كان رجل من بنببي إسببرائيل ل يمتنببع مببن شببيء
فجهد أهل بيت من بني إسرائيل فأرسلوا إليه جارية منهم تسأله شيئا فقال
ل أو تمكنيني من نفسك فخرجت فجهدوا جهدا شديدا فرجعت إليببه فقببالت
أعطنا فقال ل أو تمكنيني من نفسك فرجعت فجهدوا جهدا كثيرا فأرسببلوها
إليه فقال لهببا ذلببك فقببالت دونببك فلمببا خل بهببا جعلببت تنتفببض كببا تنتفببض
السعفة قال لها مالك قببالت إنببي أخبباف اللببه رب العببالمين هببذا شببيء لببم
أصنعه قط قال أنت تخافين الله ولم تصنعيه وأفعله أعاهد الله أني ل أرجببع
إلى شيء مما كنت فيه فأوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن فلنا أصبح فببي
كتب أهل الجنة وذكر أن شابا في بني إسرائيل لم يكن فيهم شاب أحسن
منه كان يبيع المكاتل فبينا هو ذات يوم يطوف بمكاتله إذ خرجت امرأة مببن
دار ملك من ملوك بني إسرائيل فلما رأته رجعت مبادرة فقالت لبنة الملك
إني رأيت شابا بالباب يبيع المكاتل لم أر شابا قط أحسن منه قالت أدخليببه
فخرجت فقالت ادخل فدخل فببأغلقت الببباب دونببه ثببم قببالت ادخببل فببدخل
فأغلقت بابا آخر دونه ثم استقبلته بنبت الملبك كاشبفة عبن وجههبا ونحرهبا
فقال لها استتري عافاك الله فقالت إنببا لببم نببدعك لهببذا إنمببا نببدعوك لكببذا
وراودته عن نفسه فقال لها اتقي الله قالت إنك إن لببم تطبباوعني علببى مببا
أريد أخبرت الملك أنك إنما دخلت تكابرني على نفسي قال لها فضببعي لببي
وضوءا فقالت أعلي تتعلل يا جارية ضعي له وضوءا فوق الجوسببق مكانببا ل
يستطيع أن يفر منه فلما
صار في الجوسق قال اللهم إني دعيت إلى معصيتك وإنببي أختببار أن ألقببي
نفسي من هذا الجوسق ول أركب معصيتك ثم قال بسم الله وألقببى نفسببه
من أعله فأهبط الله ملكا أخذ بضبعيه فوقع قائما على رجليه فلما صار في
الرض قببال اللهببم إن شببئت رزقتنببي رزقببا يغنينببي عببن بيببع هببذه المكاتببل
فأرسل الله عليه رجل من جراد من ذهب فأخذ منه حتى مل ثوبه فلما صببار
في ثوبه قال اللهم إن كان هذا رزقا رزقتنيه من الدنيا فبببارك لببي فيببه وإن
كان ينقصني مما لي عندك في الخرة فل حاجة لي فيه فنودي إن هذا الذي
أعطيناك جزء من خمسة وعشرين جزءا لصبرك على إلقائك نفسببك فقببال
اللهم فل حاجة لي فيما ينقصني مما لي عندك فببي الخببرة فرجببع الجببراد
وذكر أبو الفرج بن الجوزي عن رجل من بعض المياسبير قبال بينبا أنبا يومبا
في منزلي إذ دخل علي خادم لي فقال لي رجل بالببباب معببه كتبباب فقلببت
أدخله أو خذ كتابه فأخذ الكتاب منه فإذا فيه تجنبك الردى ولقيت خيببرا %
وسلمك المليك من الغموم شكون بنات أحشائي إليكم %وما إن تشتكين
إلى ظلوم وسألتني الكتاب إليك فيما %يخامرها فدتك من الهموم وهن
يقلن يا ابن الجود إنا %برمنا من مراعاة النجوم وعندك لببو مننببت شببفاء
سقم %لعضاء دمين من الكلوم
قال فلما قرأت البيات قلت عاشق فقلت للخادم أدخلبه فخببرج فلبم يبره
فببارتبت فببي أمببره فجعببل الفكببر يبتردد فببي قلبببي فببدعوت جبواري كلهببن
فجمعتهن فقلت لهن ما قصة هببذا الكتبباب فحلفببن لببي وقلببن يببا سببيدنا مببا
نعرف لهذا الكتاب سببا فمن جاءك به فقلت قد فباتني ومببا أردت سبؤالكن
إل أني ظننت له هوى في بعضكن فمن عرفت منكم أنها صبباحبته فهببي لببه
فلتذهب إليه ولتأخذ كتابي إليه وكتبت كتابا أشكره علببى فعلببه وأسببأله عببن
حاله ووضعت الكتاب في موضع من الدار فمكث الكتاب في موضعه حينا ل
يأخذه أحد ول أرى الرجل فاغتممت غما شديدا ثم قلت لعله بعض فتياننا ثم
قلت إن هذا الفتى قد أخبر عن نفسه بببالورع وقببد قنببع ممببن يحبببه بببالنظر
فدبرت عليه فحجبت جواري عن الخروج فما كببان إل يببوم وبعببض الخببر إذ
دخل علي الخادم ومعه كتاب قال أرسل به إليك فلن وذكر بعض أصببدقائي
ففضضته فإذا فيببه مكتببوب مبباذا أردت إلببى روح معلقببة %عنببد الببتراقي
وحادي الموت يحدوها حثثت حاديهببا ظلمببا فجببد بهببا %فببي السببير حببتى
تولت عن تراقيها حجبت من كببان تحيببا عنببد رؤيتهببا %روحببي ومببن كببان
يشفيني ترائيها فالنفس تجنح نحو الظلم جاهلة %والقلب مني سببليم مببا
يؤاتيها والله لو قيل لي تأتي بفاحسة %وإن عقباك دنيانا وما فيها لقلت
ل والذي أخشى عقوبته %ول بأضببعافها مببا كنببت آتيهببا لببول الحيبباء لبحنببا
بالذي كتمت %بنت الفؤاد وأبدينا تمنيها
قال فبهت وقلت ل أدري ما أحتال في أمببر هببذا الرجببل وقلببت للخببادم ل
يأتيك أحد بكتاب إل قبضت عليه حتى تدخله علي ثم لم أعرف له خبرا بعببد
ذلك فبينا أنا أطوف بالكعبة إذا فتى قد أقبل نحوي وجعل يطوف إلى جنبببي
ويلحظني وقد صار مثل العود فلما قضيت طوافي خرجت وأتبعني فقال يببا
هذا أتعرفني قلت ل أنكرك لسوء قال أنا صاحب الكتببابين فمببا تمببالكت أن
قبلت رأسه وبيببن عينيببه وقلببت بببأبي أنببت وأمببي واللببه لقببد شببغلت قلبببي
وأطلت غمي بشدة كتمانك لمرك فهل لك فيما سألت وطلبببت قببال بببارك
الله لك وأقر عينيك إنما أتيتك أستحلك مببن نظببرة كنببت نظرتهببا علببى غيببر
حكم الكتاب والسنة والهوى داع إلى كل بلء وأستغفر الله العظيم فقلت يا
حبيبي أحب أن تصير معي إلى منزلي فآنس بك وتجري الحرمة بيني وبينببك
قال ليس إلى ذلك سبيل فقلت غفر الله لبك ذنببك وقبد وهبتهبا لبك ومعهبا
مائة دينار ولك في كل سنة كذا وكذا قال بببارك اللببه لببك فيهببا فلببول عهببود
عاهدت الله عليها وأشياء أكدتها علي لم يكن في الدنيا شيء أحب غلي من
هذا الذي تعرضه علي ولكن ليس إلى ذلك سبيل والدنيا منقطعة فقلببت لببه
فإذا أبيت أن تقبل مني ذلك فأخبرني من هي حتى أكرمها لجلك مببا بقيببت
فقال ما كنت لذكرها لحد ثم قام وتركني وذكر عبدالملك بن قريببب قببال
هوي رجل من النساء جارية فاشتد حبببه لهبا فبعببث إليهببا يخطبهببا فببامتنعت
وأجابته إلى غير ذلك فأبى وقال ل إل ما أحل الله ثم إن محبتببه ألقيببت فببي
قلبها فبذلت له ما سأل فقال ل والله ل حاجة لبي بمبن دعوتهبا إلبى طاعبة
الله ودعتني إلى معصيته وحكى المبرد عن شيخه أبي عثمان المازني أنببه
قصده بعض أهل الذمة ليقرأ
عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار فامتنع ورده فقلت له أترد هببذا القببدر
مع شدة فاقتك فقال إن هذا الكتاب يشتمل على ثلثمائة وكذا وكذا آية من
كتاب الله ولست أرى تمكين هذا الذمي منها غيرة علببى القببرآن فبباتفق أن
غنببت جاريببة بحضببرة الببوائق يقببول العرجببي أظلببوم إن مصببابكم رجل %
أهدى السلم تحية ظلم فاختلف أهل مجلسه في إعراب رجل فمنهم مببن
قال هو نصب وجعله اسم إن ومنهببم مببن رفعببه علببى أنببه خبرهببا والجاريببة
أصرت على النصب وقالت لقنني إياه كذلك شيخي أبو عثمان المازني فأمر
الواثق بإحضاره إلى بين يديه قال فلما مثلببت بيببن يببديه قببال ممببن الرجببل
قلت من بني مازن قال أي الموازن أمببازن تميببم أم مببازن قيببس أم مببازن
ربيعة قلت من مازن ربيعة فكلمني بكلم قومي فقال لي با اسمك وقببومي
يقلبون الميم باء والباء ميما فكرهت أن أواجهه بلفظبة مكبر فقلبت بكبر يبا
أمير المؤمنين ففطببن لمببا قصببدته وأعجببب بببه فقببال مببا تقببول فببي قببول
الشاعر أظلوم إن مصابكم رجل %أهدى السلم تحية ظلببم أترفببع رجل
أم تنصبه فقلت الوجه النصب يا أمير المؤمنين فقببال ولببم ذلببك فقلببت لن
مصابكم مصدر بمعنببى إصببابتكم فأخببذ البزيببدي فببي معارضببتي فقلببت هببو
بمنزلة قولبك إن ضبربك زيببدا ظلببم فببرجل مفعببول مصببابكم ومنصبوب ببه
والدليل عليه أن الكلم معلق إلى أن تقببول ظلببم فيتببم فاستحسببنه الواثببق
وقال هل لك من ولد قلت نعم يا أمير المؤمنين بنية قال فما قالت لك عنببد
مسيرك إلينا قلت أنشدت قول العشى
أيا أبتا ل ترم عندنا %فإنا بخير إذا لببم تببرم ترانببا إذا أضببمرتك البل %د
بجفى وتقطع منا الرحم قال فما قلت لها قال قلت قول جرير ثقي بالله
ليس له شريك %ومن عند الخليفة بالنجبباح فقببال علببي النجبباح إن شبباء
الله ثم أمر لي بألف دينببار وردنببي إلببى البصببرة مكرمببا فقببال أبببو العببباس
المبرد فلما عاد إلى البصرة قال لي كيف رأيت يا أبا العباس رددنا لله مببائة
دينار فعوضنا الله ألفا
الباب الثامن والعشرون فيمن آثر عاجل العقوبة واللم على لذة الوصال
الحرام هذا باب إنما يدخل منه رجلن أحدهما من تمكن من قلبه اليمببان
بالخرة وما أعد الله فيها من الثواب والعقاب لمن عصاه فآثر أدنى الفوتين
واختار أسهل العقوبتين والثاني رجل غلب عقلببه علببى هببواه فعلببم مببا فببي
الفاحشة من المفاسد وما في العدول عنها من المصالح فببآثر العلبى علببى
الدنى وقد جمع الله سبحانه وتعالى ليوسف الصديق صلوات اللببه وسببلمه
عليه بين المرين فاختار عقوبة الدنيا بالسجن على ارتكبباب الحببرام فقببالت
المرأة ولئن لم يفعببل مببا آمببره ليسببجنن وليكونببا مببن الصبباغرين قببال رب
السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإل تصببرف عنببي كيببدهن أصببب إليهببن
وأكن من الجاهلين فاختار السجن على الفاحشة ثم تبرأ إلى الله من حببوله
وقوته وأخبر أن ذلك ليس إل بمعونة الله له وتببوفيقه وتأييببده ل مببن نفسببه
فقال ^ وإل تصرف عنببي كيببدهن أصببب إليهببن وأكببن مببن الجبباهلين ^ فل
يركن العبد إلى نفسه وصبره وحاله وعفته ومتى ركن إلى ذلك تخلببت عنببه
عصمة الله وأحبباط بببه الخببذلن وقببد قببال اللببه تعببالى لكببرم الخلببق عليببه
وأحبهم إليه ^ ولول أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليل ^ ولهذا كان
من دعائه يا مقلب
القلوب ثبت قلبي على دينك وكانت أكثر يمينه ل ومقلب القلوب كيف وهببو
الذي أنزل عليه ^ واعلموا أن الله يحببول بيببن المببرء وقلبببه ^ وقببد جببرت
سنة الله تعالى في خلقه أن مببن آثببر اللببم العاجببل علببى الوصببال الحببرام
أعقبه ذلك في الدنيا المسرة التامة وإن هلك فالفوز العظم واللببه تعببالى ل
يضيع ما تحمل عبده لجلبه وفبي بعبض الثبار اللهيبة يقبول اللبه سببحانه
وتعالى بعيني ما يتحمل المتحملون من أجلي وكل من خرج عن شببيء منببه
لله حفظه الله عليه أو أعاضه الله ما هو أجل منه ولهذا لما خببرج الشببهداء
عن نفوسهم لله جعلهم الله أحياء عنده يرزقون وعوضهم عن أبدانهم الببتي
بذلوها له أبدان طير خضر جعل أرواحهم فيها تسرح في الجنة حيث شبباءت
وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ولما تركوا مساكنهم له عوضببهم مسبباكن
طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وقال وهب بن منبه كان عابد مببن
عباد بني إسرائيل يتعبد في صومعة فجاء رجل من بني إسرائيل إلى امببرأة
بغي فبذل لها مال وقببال لعلببك أن تفتنيببه فجبباءته فببي ليلببة مطيببرة فنببادته
فأشرف عليها فقالت آوني إليك فتركها وأقبل على صلته فقالت يا عبد الله
آوني إليك أما ترى الظلمة والمطر فلم تزل به حتى آواها فاضطجعت قريبا
منه فجعلت تريه محاسنها حتى دعته نفسه إليها فقببال ل واللببه حببتى أنظببر
كيف صبرك على النار فتقدم إلى
المصباح فوضع إصبعا من أصابعه حتى احترقت ثم عبباد إلببى صببلته فببدعته
نفسه إليها فعاود المصباح فوضع إصبببعه الخببرى حببتى احببترقت فلببم يببزل
تدعوه نفسه وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه جميعا وهي تنظر
فصعقت وماتت وقال المام أحمد حدثنا إبراهيم بن خالببد حببدثنا أميببة بببن
شبل عن عبدالله بن وهب قال ل أعلمه إل ذكره عن أبيه أن عابدا من بنببي
إسرائيل كان في صومعته يتعبببد فببإذا نفببر مببن الغببواة قببالوا لببو اسببتنزلناه
بشيء فذهبوا إلى امرأة بغي فقالوا لها تعرضى له فجاءته في ليلة مظلمببة
مطيرة فقالت يا عبد الله آوني إليك وهو قائم يصببلي ومصببباحه ثبباقب فلببم
يلتفت إليها فقالت يا عبد الله الظلمة والغيث آوني إليك فلم تببزل بببه حببتى
أدخلها إليه فاضطجعت وهو قائم يصلي فجعلت تتقلب وتريه محاسن خلقها
حتى دعته نفسه إليها فقال ل والله حتى أنظر كيف صبرك علببى النببار فببدنا
إلى المصباح فوضع إصبعا من أصابعه فيه حتى احترقت قببال ثببم رجببع إلببى
مصله قال فدعته نفسه أيضا فعاد إلى المصببباح فوضببع إصبببعه أيضببا حببتى
احترقت أصابعه وهي تنظر إليه فصعقت فماتت فلما أصبحوا غدوا لينظببروا
ما صنعت فإذا بها ميتة فقالوا يا عدو الله يا مرائي وقعببت عليهببا ثببم قتلتهببا
قال فذهبوا به إلى ملكهم فشهدوا عليه فأمر بقتله فقال دعببوني حتىأصببلي
ركعتين قال فصلى ثم دعا فقال أي رب إني أعلم أنك لم تكن لتؤاخذني بما
لم أفعل ولكن اسألك أن ل أكببون عببارا علببى القببرى بعببدي قببال فببرد اللببه
نفسها فقالت أنظروا إلى يده ثم عادت ميتة
وقال المام أحمد رحمه الله تعالى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عببن
منصور عن إبراهيم قال بينما رجل عابببد عنببد امببرأة إذ عمببد فضببرب بيببده
على فخذها فأخذ يببده فوضببعها فببي النببار حببتى نشببت وقببال حصببين بببن
عبدالرحمن بلغني أن فتى من أهل المدينبة كبان يشبهد الصبلوات كلهبا مبع
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عمر يتفقده إذا غاب فعشببقته امببرأة
من أهل المدينة فذكرت ذلك لبعض نسائها فقالت أنا أحتال لك فببي إدخبباله
عليك فقعدت له في الطريق فلما مر بها قالت له إني امببرأة كبببيرة السببن
ولي شاة ل أستطيع أن أحلبها فلو دخلت فحلبتها لي وكانوا أرغب شيء في
الخير فدخل فلم ير شاة فقالت اجلس حتى آتيك بها فإذا المرأة قد طلعببت
عليه فلما رأى ذلك عمد إلى محراب في البيت فقعد فيه فأرادته عن نفسه
فأبى وقال اتقي الله أيتها المرأة فجعلت ل تكف عنه ول تلتفببت إلببى قببوله
فلما أبى عليها صاحت عليه فجاءوا فقالت إن هذا دخببل علببي يريببدني عببن
نفسي فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه وأوثقوه فلما صببلى عمببر الغببداة فقببده
فبينا هو كذلك إذ جاءوا به في وثاق فلما رآه عمر قال اللهم ل تخلف ظنببي
به قال مالكم قالوا استغاثت امرأة بالليببل فجئنببا فوجببدنا هببذا الغلم عنببدها
فضربناه وأوثقناه فقال عمر رضي الله عنه اصدقني فببأخبره بالقصببة علببى
وجهها فقال له عمر رضببي اللببه عنببه أتعببرف العجببوز فقببال نعببم إن رايتهببا
عرفتها فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزهن فجاء بهبن فعرضببهن فلببم
يعرفها فيهن حتى مرت به العجوز فقال هذه يا أميببر المببؤمنين فرفببع عمببر
عليها الدرة وقال أصدقيني فقصت عليه القصة كما قصها الفتى فقال عمببر
الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف
وقال أبو الزناد كان راهب يتعبد في صبومعته فأشببرف منهبا فبرأى امبرأة
ففتن بها فأخرج رجله من الصومعة لينزل إليها فنزلت عليه العصببمة فقببال
رجل خرجت من الصومعة لتعصي اللببه واللببه ل تعببود معببي فببي صببومعتي
فتركها معلقة خارج الصومعة يسببقط عليهببا الثلببوج والمطببار حببتى تنبباثرت
وسقطت فشكر الله ذلك من صنعه ومدحه فببي بعببض كتبببه بببذي الرجببل
وقال مصعب بن عثمان كببان سببليمان بببن يسببار مببن أحسببن النبباس وجهببا
فدخلت عليه امرأة بيته فسببألته نفسببه فببامتنع عليهببا فقببالت إذن أفضببحك
فخرج هاربا عن منزله وتركها فيه وقال جابر بن نوح كنت بالمدينة جالسببا
عند رجل في حاجة فمر بنا شيخ حسن الوجه حسن الثياب فقبام إليببه ذلبك
الرجل فسلم عليه وقال يا أبا محمد أسأل الله أن يعظببم أجببرك وأن يربببط
على قلبك بالصبببر فقببال الشببيخ وكببان يمينببي فببي الببوغى ومسبباعدي %
فأصبحت قد خانت يميني ذراعها وقد صرت حيرانا من الثكل باهتا %أخببا
كلف ضاقت علي رباعها فقال له الرجل أبشر فإن الصبببر معببول المببؤمن
وإني لرجو أن ل يحرمك الله الجر على مصيبتك فقلت له مببن هببذا الشببيخ
فقال رجل منا من النصار فقلت وما قصته قال أصيب بببابنه وكببان بببه بببارا
قد كفاه جميع مببا يعنيببه ومنيتببه عجببب قلببت ومببا كببانت قببال أحبتببه امببرأة
فأرسلت إليه تشكو حبه وتسأله الزياره وكان لها زوج فألحت عليه فأفشببى
ذلك إلى صديق
له فقال له لو بعثت إليها بعببض أهلببك فوعظتهببا وزجرتهببا رجببوت أن تكببف
عنك فأمسك وأرسلت إليه إما أن تزورني وإما أن أزورك فأبى فلما يئسببت
منه ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر فجعلببت لهببا الرغببائب فببي تهييجببه
فعملت لها في ذلك فبينا هو ذات ليلة مع أبيببه إذ خطببر ذكرهببا بقلبببه وهبباج
منه أمر لم يكن يعرفه واختلط فقام مسرعا فصبلى واسبتعاذ والمببر يشببتد
فقال يا أبه أدركني بقيد فقال يا بني ما قصتك فحدثه بالقصببة فقببام وقيببده
وأدخله بيتا فجعل يضطرب ويخور كمبا يخبور الثبور ثبم هبدأ فببإذا هببو ميبت
والدم يسيل من منخره فصل وهذا ليس بعجيببب مببن الرجببال ولكنببه مببن
النساء أعجب قال أبو إدريس الودي كان رجلن في بنببي إسببرائيل عابببدان
وكانت جارية جميلة فأحباها وكتم كل منهما صاحبه واختبأ كببل منهمببا خلببف
شجرة ينظر إليها فبصر كل منهما سره إلى صاحبه فاتفقا على أن يراوداهببا
فلما قربت منهما قال لها قد عرفت منزلتنا في بنببي إسببرائيل وإنببك إن لببم
تؤاتينا وإل قلنا إذا أصبحنا إنا أصبنا معك رجل وإنه أفلتنا وإنا أخذناك فقببالت
ما كنت لطيعكما في معصية الله فأخذاها وقال إنا أصببنا معهبا رجل فأفلتنبا
وأقبل نبي من أنبيائهم فوضعوا له كرسيا فجلس عليببه وقببال أقضببي بينكببم
فقال نعم اقض بيننبا ففبرق بيبن الرجليبن وقبال لحبدهما خلبف أي شبجرة
رأيتها قال شجرة كذا
وكذا وقال للخر فقال شجرة كذا وكذا غير التي ذكر صاحبه ونزلت نار مببن
السماء فأحرقتهما وأفلتت المرأة وقال عبدالله بن المبارك عشق هببارون
الرشيد جارية من جواريه فأرادها فقالت إن أباك مسني فشببغف بهببا وقببال
فيها أرى ماء وبي عطش شديد %ولكن ل سبيل إلى الورود أما يكفيببك
أنك تملكيني %وأن الناس عندي كالعبيد وأنك لو قطعت يبدي ورجلبي %
لقلت من الرضا أحسنت زيدي فسأل أبا يوسبف عبن ذلبك فقبال أو كلمبا
قالت جارية شيئا تصدق قال ابن المبارك فل أدري ممن أعجب مببن هببارون
الرشيد حيث رغب فيها أو منها حيث رغبت عنببه أو مببن أبببي يوسببف حيببث
سوغ له إنيانها وقال أبو عثمان التيمي مر رجل براهبة مببن أجمببل النسبباء
فافتتن بها فتلطف في الصعود إليها فراودها عن نفسها فأبت عليه وقالت ل
تغتر بما ترى وليس وراءه شيء فأبى حببتى غلبهببا علببى نفسببها وكببان إلببى
جانبها مجمرة فوضعت يببدها فيهببا حببتى احببترقت فقببال لهببا بعببد أن قضببى
حاجته منها ما دعاك إلى ما صنعت قالت إنك لما قهرتني على نفسي خفت
أن أشاركك في اللذة فأشاركك في المعصية ففعلت ما رأيت فقال الرجببل
والله ل أعصي الله أبدا وتبباب ممببا كببان عليببه وذكببر الحسببين بببن محمببد
الدامغاني أن بعض الملوك خرج يتصيد وانفرد عن
أصحابه فمر بقرية فرأى امرأة جميلة فراودها عن نفسها فقببالت إنببي غيببر
طاهر فأتطهر وآتيك فدخلت بيتها وخرجت إليه بكتاب فقالت انظر فبي هبذا
حتى آتيك فنظر فيه فإذا فيه ما أعد الله للزاني من العقوبة فتركهببا وذهببب
فلما جاء زوجها أخبرته الخبر فكره أن يقربها مخافببة أن يكببون للملبك فيهببا
حاجة فاعتزلها فاستعدى عليه أهل الزوجة إلىالملك وقالوا إن لنا أرضببا فببي
يد الرجل فل هو يعمرها ول هو يردها علينا وقد عطلها فقال الملك ما تقول
فقال إني رأيت في هذه الرض أسدا وأنا أتخوف دخولها منببه ففهببم الملببك
القصة فقال اعمر أرضك فإن السد ل يدخلها ونعم الرض أرضببك وكببانت
بعض النساء المتعبدات وقعت في نفس رجل موسر وكببانت جميلبة وكببانت
تخطب فتأبى فبلغ الرجل أنها تريد الحج فاشترى ثلثمببائة بعيببر ونببادى مببن
أراد الحج فليكتر من فلن فاكترت منه المرأة فلما كان في بعببض الطريببق
جاءها فقال إما أن تزوجيني نفسك وإما غيببر ذلببك فقببالت ويحببك اتببق اللببه
فقال ما هو إل ما تسمعين والله ما أنا بجمال ول خرجت إل من أجلك فلمببا
خافت على نفسها قالت ويحك انظر أبقي في الرجال عين لم تنببم فقببال ل
ناموا كلهم قالت أفنامت عين رب العالمين ثببم شببهقت شببهقة خببرت ميتببة
وخر الرجل مغشيا عليه فلما أفاق قال ويحي قتلت نفسا ولم أبلغ شهوتي
وقال وهب بن منبه كان في بني إسرائيل رجل متعبد شديد الجتهبباد فببرأى
يوما امرأة فوقعت في نفسه بأول نظرة فقببام مسببرعا حببتى لحقهببا فقببال
رويدك يا هذه فوقفت وعرفته فقالت ما حاجتك قال أذات زوج أنت
قالت نعم فما تريد قال لو كان غير هذا لكان لنا رأي قببالت علببى ذلببك ومببا
هو قال عرض بقلبي من أمرك عارض قببالت ومببا يمنعببك مببن إنقبباذه قببال
وتتابعيني على ذلك قالت نعم فحلت به في موضع فلما رأته مجدا في الذي
سأل قالت رويدك يا مسكين ل يسقط جاهك عنده فانتبه لها وذهب عنه مببا
كان يجد فقببال ل حرمببك اللببه ثبواب فعلببك ثببم تنحببى ناحيببة فقببال لنفسببه
اختاري إما عمى العين وإمببا الجببب وإمببا السببياحة مببع الوحببوش فاختببارت
السياحة مع الوحوش فكان كبذلك إلبى أن مبات وأحبب رجبل جاريبة مبن
العرب وكانت ذات عقل وأدب فما زال يحتال في أمرها حببتى اجتمببع معهببا
في ليلة مظلمة شديدة السواد فحادثها ساعة ثم دعته نفسه إليها فقببال يببا
هذه قد طال شوقي إليك قالت وأنا كذلك فقال هذا الليل قد ذهب والصبببح
قد اقترب قالت هكذا تفنى الشهوات وتنقطببع اللببذات فقببال لهببا لببو دنببوت
مني فقالت هيهات أخاف البعد من الله قال فما الببذي دعبباك إلببى الحضببور
معببي قببالت شببقوتي وبلئي قببال لهببا فمببتى أراك قببالت مببا أنسبباك وأمببا
الجتماع معك فما أراه يكون ثم تببولت قببال فاسببتحييت ممببا سببمعت منهببا
وأنشد توقت عذابا ل يطاق انتقامه %ولم تأت مببا تخشببى بببه أن تعببذبا
وقالت مقال كدت من شدة الحيا %أهيم على وجهببي حيببا وتعجبببا أل أف
للحب الذي يورث العمى %ويورد نارا ل تمل التلهبببا فأقبببل عببودي فببوق
بدئي مفكرا %وقد زال عن قلبي العمى فتسربا وقال ابن خلببف أخبببرني
أبو بكر العامري قال عشقت عاتكة المرية
ابن عم لها فأرادها عن نفسها فامتنعت عليببه وقبالت فمبا طعبم مباء مبن
السببحاب مببروق %تحببدر مببن غببر طببوال الببذوائب بمنعببرج أو بطببن واد
تطلعت %عليه ريبباح الصببيف مببن كببل جببانب ترقببرق مبباء المببزن فيهببن
والتقت %عليهن أنفاس الرياض الغببرائب نفببت جريببة المبباء القببذى عببن
متونه %فليس به عيب تراه لشارب بأطيب مما يقصببر الطببرف دونببه %
تقى الله واستحياء تلك العواقب
إلى اللذة الحاضرة من غيبر فكببر فبي العاقببة ويحببث علببى نيببل الشببهوات
عاجل وإن كانت سببا لعظببم اللم عبباجل وآجل فللببدنيا عاقبببة قبببل عاقبببة
الخرة والهوى يعمي صاحبه من ملحظتها والمبروءة والببدين والعقبل ينهببى
عن لذة تعقب ألما وشهوة تورث نببدما فكببل منهببا يقببول للنفببس إذا أرادت
ذلك ل تفعلي والطاعة لمن غلب أل ترى أن الطفل يؤثر مببا يهببوى وإن أداه
إلى التلف لضعف ناهي العقل عنده ومن ل دين له يؤثر مببا يهببواه وإن أداه
إلى هلكه في الخرة لضعف ناهي الدين ومن ل مببروءة لببه يببؤثر مببا يهببواه
وإن ثلببم مروءتببه أو عببدمها لضببعف نبباهي المببروءة فببأين هببذا مببن قببول
الشافعي رحمه الله تعالى لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته
ولما امتحن المكلف بالهوى من بين سائر البهائم وكببان كببل وقببت تحببدث
عليه حوادث جعل فيه حاكمبان حباكم العقببل وحبباكم الببدين وأمبر أن يرفببع
حوادث الهوى دائمببا إلببى هببذين الحبباكمين وأن ينقبباد لحكمهمببا وينبغببي أن
يتمرن على دفع الهوى المأمون العواقب ليتمرن بذلك على تببرك مببا تببؤذي
عواقبه وليعلم اللبيب أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة ل يلتببذون بهببا
وهم مع ذلك ل يستطيعون تركها لنها قد صارت عندهم بمنزلة العيش الذي
ل بد لهم منه ولهذا ترى مدمن الخمر والجماع ل يلتذ به عشر معشار التذاذ
من يفعله نادرا في الحيان غير أن العادة مقتضببية ذلببك فيلقببي نفسببه فببي
المهالك لنيل ما تطالبه به العادة ولو زال عنه رين الهوى لعلم أنه قد شقي
من حيث قدر السعادة واغتم من حيث ظن الفرح وألم من حيث أراد اللببذة
فهو كالطائر المخدوع
بحبة القمح ل هو نال الحبة ول هببو تخلبص ممبا وقببع فيببه فببإن قيببل فكيبف
يتخلص من هذا من قد وقع فيه قيل يمكنه التخلص بعببون اللببه وتببوفيقه لببه
بأمور أحدها عزيمة حر يغار لنفسه وعليها الثاني جرعة صبر يصبر نفسه
على مرارتها تلببك السبباعة الثببالث قببوة نفببس تشببجعه علببى شببرب تلببك
الجرعة والشجاعة كلها صبر ساعة وخير عيش أدركه العبد بصبببره الرابببع
ملحظته حسن موقع العاقبببة والشببفاء بتلببك الجرعببة الخببامس ملحظتببه
اللم الزائد على لذة طاعة هواه السبادس إبقباؤه علبى منزلتبه عنبد اللبه
تعالى وفي قلوب عباده وهو خير وأنفع له من لذة موافقبة الهبوى السبابع
إيثاره لذة العفة وعزتها وحلوتها على لببذة المعصببية الثببامن فرحببه بغلبببة
عدوه وقهره له ورده خاسئا بغيظه وغمه وهمببه حيببث لببم ينببل منببه أمنيتببه
والله تعالى يحب من عبده أن يراغم عدوه ويغيظه كما قال الله تعالى فببي
كتابه العزيز ول يطؤن موطئا يغبط الكفار ول ينالون مببن عببدو نيل إل كتببب
لهم به عمل صالح وقال ^ ليغيظ بهم الكفار ^ وقال تعالى ^ ومن يهبباجر
في سبيل الله يجد في الرض ^
مراغما كثيرة وسعة أي مكانا يراغم فيه أعداء الله وعلمة المحبة الصببادقة
مغايظة أعداء المحبوب ومراغمتهم التاسع التفكر في أنه لم يخلق للهببوى
وإنما هيء لمر عظيم ل يناله إل بمعصيت للهوى كما قيل قد هيأوك لمببر
لو فطنت لببه %فارببأ بنفسبك أن ترعببى مببع الهمببل العاشببر أن ل يختببار
لنفسه أن يكون الحيوان البهيم أحسن حال منببه فببإن الحيببوان يميببز بطبعببه
بين مواقع ما يضره وما ينفعبه فيبؤثر النبافع علبى الضبار والنسبان أعطبي
العقل لهذا المعنى فإذا لم يميز به بين ما يضببره ومببا ينفعببه أو عببرف ذلببك
وآثر ما يضره كببان حببال الحيببوان البهيببم أحسببن منببه ويببدل علببى ذلببك أن
البهيمة تصيب من لذة المطعم والمشرب والمنكببح مببال ينبباله النسببان مببع
عيش هنيء خال عن الفكر والهم ولهذا تسبباق إلببى منحرهببا وهببي منهمكببة
على شهواتها لفقدان العلم بالعواقب والدمي ل يناله ما يناله الحيوان لقوة
الفكر الشاغل وضعف اللة المستعملة وغير ذلببك فلببو كببان نيببل المشببتهى
فضيلة لما بخس منه حق الدمي الببذي هببو خلصببة العببالم ووفببر منببه حببظ
البهائم وفي توفير حظ الدمي من العقل والعلم والمعرفة عوض عن ذلك
الحادي عشر أن يسير بقلبه في عواقب الهوى فيتأمل كما أفاتت معصيته
من فضيلة وكم أوقعت في رذيلة وكم أكلة منعت أكلت وكم من لذة فوتت
لذات وكم من شهوة كسرت جاها ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثببت ذمببا
وأعقبت ذل وألزمت عارا ل يغسله الماء غير أن عين صاحب الهوى عمياء
الثاني عشر أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ثم يتصور حاله بعببد
قضاء الوطر وما فاته وما حصل له فأفضل الناس من لم يرتكب سببببا %
حتى يميز لما تجني عواقبه الثالث عشر أن يتصور ذلك في حق غيره حق
التصور ثم ينزل نفسه تلك المنزلة فحكم الشيء حكم نظيره الرابع عشر
أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه
ليس بشيء قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إذا أعجب أحدكم امببرأة
فليذكر مناتنها وهذا أحسن من قول أحمد بن الحسين لو فكر العاشق في
منتهى %حسن الذي يسبيه لم يسبه لن ابن مسعود رضي الله عنه ذكببر
الحال الحاضرة الملزمة والشاعر حال على أمر متأخر الخامس عشببر أن
يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى فإنه ما أطاع أحد هببواه قببط إل وجببد فببي
نفسه ذل ول يغتر بصولة أتباع الهوى وكبببرهم فهببم أذل النبباس بببواطن قببد
أجمعوا بين فصيلتي الكبببر والببذل السببادس عشببر أن يببوازن بيببن سببلمة
الدين والعرض والمال والجاه ونيل
اللذة المطلوبة فإنه ل يحد بينهما نسبة البتة فليعلببم أنببه مببن أسببفه النبباس
ببيعه هذا بهذا السابع عشر أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه فببإن
الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمببة وميل إلببى هببواه طمببع فيببه
وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد ومتى أحس منببه بقببوة عببزم
وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه إل اختلسا وسرقة الثامن عشببر أن
يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إل أفسببده فببإن وقببع فببي العلببم أخرجببه إلببى
البدعة والضللة وصار صاحبه من جملببة أهببل الهببواء وإن وقببع فببي الزهببد
أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة وإن وقع فببي الحكببم أخببرج صبباحبه
إلى الظلم وصده عن الحق وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العببدل
إلى قسمة الجور وإن وقع في الولية والعزل أخرج صاحبه إلببى خيانببة اللببه
والمسلمين حيث يولي بهواه ويعزل بهواه وإن وقع في العبادة خرجت عببن
أن تكون طاعة وقربة فما قارن شيئا إل أفسده التاسع عشببر أن يعلببم أن
الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إل من باب هواه فإنه يطيف بببه مببن
أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبببه وأعمبباله فل يجببد مبدخل إل مببن بباب
الهوى فيسري معه سريان السم في العضاء العشببرون أن اللببه سبببحانه
وتعالى جعل الهوى مضادا لما أنزله على رسوله وجعل اتباعه مقابل لمتابعة
رسله وقسم الناس إلى قسمين أتباع الوحي وأتباع الهببوى وهببذا كببثير فببي
القرآن كقوله تعالى ^ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ^
وقوله تعالى ^ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ^ ونظائره
الحببادي والعشببرون أن اللببه سبببحانه وتعببالى شبببه أتببباع الهببوى بببأخس
الحيوانات صورة ومعنى فشبههم بالكلب تارة كقبوله تعبالى ^ ولكنبه أخلبد
إلى الرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب ^ وبالحمر تبارة كقبوله تعببالى ^
كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ^ وقلب صورهم إلى صورة القببردة
والخنازير تارة الثبباني والعشببرون أن متبببع الهببوى ليببس أهل أن يطبباع ول
يكون إماما ول متبوعا فإن الله سبحانه وتعالى عزله عن المامة ونهى عببن
طاعته أما عزله فإن الله سبحانه وتعالى قال لخليله إبراهيم ^ إني جاعلببك
للناس إماما قال ومببن ذريببتي قببال ل ينببال عهببدي الظببالمين ^ أي ل ينببال
عهدي بالمامة ظالما وكل من اتبع هواه فهو ظالم كما قببال اللببه تعببالى ^
بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم ^ وأمببا النهببي عببن طبباعته فلقببوله
تعالى ^ ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ^
الثالث والعشرون أن الله سبحانه وتعالى جعل متبع الهوى بمنزلة
عابد الوثن فقال تعالى ^ أرأيت من اتخذ إلهه هببواه ^ فببي موضببعين مببن
كتابه قال الحسن هو المنافق ل يهوى شيئا إل ركبه وقال أيضا المنافق عبببد
هواه ل يهوى شيئا إل فعله الرابع والعشببرون أن الهببوى هببو حظببار جهنببم
المحيط بها حولها فمن وقع فيه وقع فيها كما في الصحيحين عن النبببي أنببه
قال حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات وفي الترمذي من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه لمببا خلببق اللببه الجنببة أرسببل إليهبا جبريببل
فقال انظر إليها وإلى ما أعددت لهلها فيها فجاء فنظر إليهببا وإلببى مببا أعببد
الله لهلها فيها فرجع إليه وقال وعزتك ل يسمع بها أحد من عبادك إل دخلها
فأمر بها فحجبت بالمكاره وقال ارجع إليها فانظر إليها فرجببع فببإذا هببي قببد
حجبت بالمكاره فقال وعزتك لقد خشيت أن ل يدخلها أحد قال اذهببب إلببى
النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لهلها فيها فجاء فنظر إليها وإلببى مببا أعببد
الله لهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضا فقال وعزتببك ل يسببمع بهببا أحببد
فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال ارجع فانظر إليها فرجع إليهببا فببإذا
هي قد حفت بالشهوات فرجع إليه فقال وعزتك لقد خشيت أن ل ينجو منها
أحد قال الترمذي +هببذا حببديث حسببن صببحيح الخببامس والعشببرون أنببه
يخاف على من اتبع الهوى أن ينسلخ من
اليمان وهو ل يشعر وقد ثبت عن النبي أنه قال ل يؤمن أحدكم حتى يكببون
هواه تبعا لما جئت به وصح عنه أنه قببال أخببوف مببا أخبباف عليكببم شببهوات
الغي في بطونكم وفروجكم ومضلت الهوى السادس والعشرون أن اتباع
الهببوى مببن المهلكببات قببال ثلث منجيببات وثلث مهلكببات فأمببا المنجيببات
فتقوى الله عز وجل في السر والعلنية والقول بالحق في الرضببا والسببخط
والقصد في الغنى والفقر وأما المهلكات فهوى متبع وشببح مطبباع وإعجبباب
المرء بنفسه السابع والعشرون أن مخالفة الهببوى تببورث العبببد قببوة فببي
بدنه وقلبه ولسانه قال بعببض السببلف الغببالب لهببواه أشببد مببن الببذي يفتببح
المدينة وحده وفي الحديث الصحيح المرفوع ليس الشببديد بالصببرعة ولكببن
الشديد الذي يملببك نفسببه عنببد الغضببب وكلمببا تمببرن علببى مخالفببة هببواه
اكتسب قوة إلى قوته الثامن والعشرون أن أغببزر النبباس مببروءة أشببدهم
مخالفة لهواه قال معاوية المببروءة تببرك الشببهوات وعصببيان الهببوى فاتببباع
الهوى يزمن
المروءة ومخالفته تنعشها التاسع والعشرون أنببه مببا مببن يببوم إل والهببوى
والعقل يعتلجان في صاحبه فأيهببا قببوي علببى صبباحبه طببرده وتحكببم وكببان
الحكم له قال أبو البدرداء إذا أصببح الرجبل اجتمبع هبواه وعملبه فبإن كبان
عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء وإن كان هواه تبعا لعمله فيومه يوم صببالح
الثلثون أن الله سبحانه وتعالى جعل الخطأ واتببباع الهببوى قرينيببن وجعببل
الصواب ومخالفة الهوى قرينيببن كمببا قببال بعببض السببلف إذا أشببكل عليببك
أمران ل تدري أيها أرشد فخالف أقربهما مببن هببواك فببإن أقببرب مببا يكببون
الخطأ في متابعة الهوى الحببادي والثلثببون أن الهببوى داء ودواؤه مخببالفته
قال بعض العارفين إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بببدوائك داؤك
هواك ودواؤك ترك هواك ومخالفته وقال بشر الحببافي رحمببه اللببه تعببالى
البلء كله في هواك والشفاء كله فببي مخالفتببك إيبباه الثبباني والثلثببون أن
جهاد الهوى إن لم يكببن أعظببم مببن جهبباد الكفببار فليببس بببدونه قببال رجببل
للحسن البصري رحمه الله تعالى يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل قببال جهببادك
هببواك وسببمعت شببيخنا يقببول جهبباد النفببس والهببوى أصببل جهبباد الكفببار
والمنافقين فإنه ل يقدر على جهببادهم حببتى يجاهببد نفسببه وهببواه أول حببتى
يخرج إليهم
الثالث والثلثون أن الهوى تخليط ومخالفته حمية ويخاف على مببن أفببرط
في التخليط وجانب الحمية أن يصرعه داؤه قال عبدالملك بن قريب مررت
بأعرابي به رمد شديد ودموعه تسيل على خديه فقلت أل تمسح عينيك قال
نهاني الطبيب عن ذلك ول خيببر فيمببن إذا زجببر ل ينزجببر وإذا أمببر ل يببأتمر
فقلت أل تشتهي شيئا فقال بلى ولكني أحتمي إن أهل النار غلبت شببهوتهم
حميتهم فهلكوا الرابببع والثلثببون أن اتببباع الهببوى يغلببق عببن العبببد أبببواب
التوفيق ويفتح عليه أبواب الخذلن فتراه يلهج بأن اللببه لببو وفببق لكببان كببذا
وكذا وقد سد على نفسببه طببرق التوفيببق باتببباعه هببواه قببال الفضببيل ابببن
عياض من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق
وقال بعض العلماء الكفر في أربعة أشياء في الغضببب والشببهوة والرغبببة
والرهبة ثم قال رأيت منهن اثنتين رجل غضب فقتل أمه ورجل عشق فتنصر
وكان بعض السلف يطوف بالبيت فنظر إلى امرأة جميلة فمشى إلى جانبها
ثم قال أهوى هوى الببدين واللببذات تعجبنببي %فكيببف لببي بهببوى اللببذات
والدين فقالت دع أحدهما تنل الخر
الخامس والثلثون أن من نصر هواه فسد عليه عقله ورأيببه لنببه قببد خببان
الله في عقله فأفسده عليه وهذا شأنه سبحانه وتعالى في كل من خانه في
أمر من المور فإنه يفسده عليه وقببال المعتصببم يومببا لبعببض أصببحابه يببا
فلن إذا نصر الهوى ذهب الرأي وسمعت رجل يقول لشيخنا إذا خان الرجببل
في نقد الدراهم سلبه الله معرفة النقد أو قال نسيه فقال الشيخ هكذا مببن
خان الله تعالى ورسوله في مسائل العلم السادس والثلثون أن من فسح
لنفسه في اتباع الهوى ضيق عليها في قبره ويوم معبباده ومببن ضببيق عليهببا
بمخالفة الهوى وسع عليها في قبره ومعاده وقد أشار اللببه تعببالى إلببى هببذا
في قوله تعالى ^ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ^ فلمبا كبان فبي الصببر
الذي هو حبس النفس عن الهوى خشونة وتضييق جازاهم على ذلببك نعومببة
الحرير وسعة الجنة وقال أبو سليمان الداراني رحمه اللببه تعببالى فببي هببذه
الية جزاهم بما صبببروا عببن الشببهوات السببابع والثلثببون أن اتببباع الهببوى
يصرع العبد عن النهوض يوم القيامة عن السعي مع الناجين كما صرع قلبببه
في الدنيا عن مرافقتهم قال محمد بن أبي الببورد إن للببه عببز وجببل يومببا ل
ينجو من شره منقباد لهبواه وإن أبطبأ الصبرعى نهضبة يبوم القيامبة صبريع
شهوته وإن العقول لما جببرت فببي ميببادين الطلببب كببان أوفرهببا حظببا مببن
يطالبها بقدر ما صببحبه مببن الصبببر والعقببل معببدن والفكببر معببول الثببامن
والثلثون أن اتباع الهوى يحل العزائم ويوهنها ومخالفته تشدها
وتقويها والعزائم هي مركب العبد الذي يسيره إلى الله والدار الخرة فمبتى
تعطل المركوب أوشك أن ينقطع المسافر قيل ليحيببى بببن معبباذ مببن أصببح
الناس عزما قال الغالب لهببواه ودخببل خلببف بببن خليفببة علببى سببليمان بببن
حبيب بن المهلب وعنده جارية يقال لها البدر من أحسن الناس وجها فقببال
له سليمان كيف ترى هذه الجارية فقببال أصببلح اللببه الميببر مببا رأت عينبباي
أحسن منها قط فقال له خذ بيدها فقال ما كنت لفجع المير بها وقد رأيببت
شدة عجبه بها فقال ويحك خذها على شدة عجبي بها ليعلببم هببواي أنببي لببه
غالب وأخذ بيدها وخرج وهو يقول لقد حببباني وأعطبباني وفضببلني %عببن
غير مسألة منه سليمان أعطاني البدر خببودا فببي محاسببنها %والبببدر لببم
يعطه إنس ول جان ولسبت يومبا بنباس فضبله أببدا %حبتى يغيبنبي لحبد
وأكفان التاسع والثلثون أن مثل راكبب الهبوى كمثبل راكبب فبرس حديبد
صعب جموح ل لجام له فيوشببك أن يصببرعه فرسببه فببي خلل جريببه بببه أو
يسير به إلى مهلك قال بعض العارفين أسرع المطايا إلى الجنبة الزهبد فبي
الدنيا وأسرع المطايا إلى النار حب الشهوات ومن استوى علببى متببن هببواه
أسرع به إلى وادي الهلكات وقال آخر أشرف العلماء مببن هببرب بببدينه مببن
الدنيا واستصعب قياده على الهوى وقال عطاء من غلب هواه عقله وجزعببه
صبره افتضح الربعون أن التوحيد واتباع الهوى متضادان فإن الهوى صببنم
ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسببر الصببنام
وعبادته وحده ل شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الصنام المجسببدة
وترك
الصنام التي في القلب بل المراد كسرها من القلببب أول قببال الحسببن بببن
علي المطوعي صنم كل إنسان هواه فمن كسره بالمخالفببة اسببتحق اسببم
الفتوة وتأمل قول الخليل لقومه ^ ما هذه التماثيل التي أنتببم لهببا عبباكفون
^ كيف تجده مطابقا للتمائيل التي يهواها القلب ويعكف عليها ويعبدها مببن
دون الله قال الله تعالى ^ أرأيت من اتخببذ إلهببه هببواه أفببأنت تكببون عليببه
وكيل أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هببم إل كالنعببام بببل هببم
أضل سبببيل ^ الحببادي والربعببون أن مخالفببة الهببوى مطببردة للببداء عببن
القلب والبدن ومتابعته مجلبة لداء القلب والبدن فأمراض القلببب كلهببا مببن
متابعة الهوى ولو فتشت على أمراض البدن لرأيت غالبهببا مببن إيثببار الهببوى
على ما ينبغي تركببه الثبباني والربعببون أن أصببل العببداوة والشببر والحسببد
الواقببع بيببن النبباس مببن اتببباع الهببوى فمببن خببالف هببواه أراح قلبببه وبببدنه
وجوارحه فاستراح وأراح قال أبو بكر الوراق إذا غلببب الهببوى أظلببم القلببب
وإذا أظلم ضاق الصدر وإذا ضاق الصدر ساء الخلق وإذا ساء الخلق أبغضببه
الخلق وأبغضهم فانظر ماذا يتولد من التببباغض مببن الشببر والعببداوة وتببرك
الحقوق وغيرها الثالث والربعون أن الله سبحانه وتعبالى جعبل فبي العببد
هوى وعقل فأيهما ظهر توارى الخر كما قال أبو علي الثقفي من غلبه هواه
توارى عنه عقله فانظر عاقبة من استتر عنه عقله وظهر عليه خلفببه وقببال
علي بن سهل رحمه الله العقببل والهببوى يتنازعببان فببالتوفيق قريببن العقببل
والخذلن قرين الهوى والنفس واقفة بينهما فأيهما غلب كانت النفس معه
الرابع والربعون أن الله سبحانه وتعالى جعل القلب ملك الجوارح ومعببدن
معرفتببه ومحبتببه وعبببوديته وامتحنببه بسببلطانين وجيشببين وعببونين وعببدتين
فالحق والزهد والهدى سلطان وأعوانه الملئكببة وجيشببه الصببدق والخلص
ومجانبة الهبوى والباطبل سبلطان وأعبوانه الشبياطين وجنبده وعبدته اتبباع
الهوى والنفس واقفة بين الجيشين ول يقدم جيش الباطببل علببى القلببب إل
من ثغرتها وناحيتها فهي تخامر على القلب وتصببير مببع عببدوه عليببه فتكببون
الدائرة عليه فهي التي تعطي عدوها عدة من قبلها وتفتببح لببه ببباب المدينببة
فيدخل ويتملك ويقع الخذلن علببى القلببب الخببامس والربعببون أن أعببدى
عدو للمرء شيطانه وهواه وأصدق صديق له عقله والملببك الناصببح لببه فببإذا
اتبع هواه أعطي بيده لعدوه واستأسر له وأشببمته بببه وسبباء صببديقه ووليببه
وهذا هو بعينه هو جهد البلء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشببماتة العببداء
السادس والربعون أن لكل عبد بداية ونهاية فمن كانت بببدايته اتببباع الهببوى
كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلء المتبوع بحسب ما اتبع من هواه
بل يصير له ذلك في نهايته عذابا يعذب به في قلبه كما قال القائل مببآرب
كانت في الشباب لهلها %عذابا فصارت في المشيب عببذابا فلببو تببأملت
حال كل ذي حال سيئة زرية لرأيت بببدايته الببذهاب مببع هببواه وإيثبباره علببى
عقله ومن كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده كببانت نهببايته العببز
والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس قال أبو علي الدقاق من ملببك
شهوته في حال شبيبته أعزه الله تعالى في حال كهولته
وقيل للمهلب بن أبي صفرة بم نلت ما نلت قال بطاعببة الحببزم وعصببيان
الهوى فهذا في بداية الدنيا ونهايتها وأما الخرة فقد جعل الله سبحانه الجنة
نهاية من خالف هواه والنار نهاية من اتبع هواه السابع والربعون أن الهوى
رق في القلب وغل في العنق وقيد فببي الرجببل ومتببابعه أسببير لكببل سببيء
الملكة فمن خالفه عتق من رقه وصار حرا وخلع الغل من عنقه والقيد مببن
رجلببه وصببار بمنزلببة رجببل سببالم لرجببل بعببد أن كببان رجل فيببه شببركاء
متشاكسون رب مستور سبته شببهوة %فتعببرى سببتره فانهتكببا صبباحب
الشهوة عبد فإذا %غلب الشهوة أضحى ملكا وقببال اببن المببارك ومبن
البلء وللبلء علمة %أن ل يرى لك عن هواك نزوع العبد عبد النفس فببي
شهواتها %والحر يشبع تارة ويجوع الثببامن والربعببون أن مخالفببة الهببوى
تقيم العبد في مقام من لو أقسم على الله لبره فيقضببي لببه مببن الحببوائج
أضعاف أضعاف ما فاته من هواه فهو كمن رغب عن بعرة فببأعطي عوضببها
درة ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلببة والجلببة والعيببش الهنيببء مببال
نسبة لما ظفر به من هواه البتة فتأمببل انبسبباط يببد يوسببف الصببديق عليببه
الصلة والسلم ولسانه وقدمه ونفسه بعد خروجببه مببن السببجن لمببا قبببض
نفسه عن الحرام وقال عبدالرحمن بن مهدي رأيت سفيان الثببوري رحمببه
الله تعالى في المنام فقلت له ما فعل الله بك قال لببم يكببن إل أن وضببعت
في لحدي حتى وقفت
بين يدي الله تبارك وتعالى فحاسبني حسابا يسيرا ثببم أمببر بببي إلببى الجنببة
فبينا أنا أدور بين أشجارها وأنهارها ل أسمع حسا ول حركة إذ سببمعت قببائل
يقول سفيان بن سعيد فقلت سفيان بن سعيد فقال تحفظ أنببك آثببرت اللببه
عز وجل على هواك يوما قلت إي والله فأخذني النثار من كل جانب وقببال
عبدالرزاق بعث أبو جعفببر الخشببابين حيببن خببرج إلببى مكببة وقببال إن رأتببم
سفيان فاصلبوه فجاءوا ونصبوا الخشب وطلب ورأسببه فببي حجببر الفضببيل
فقال له أصحابه اتق الله عز وجل ول تشمت بنا العداء فتقدم إلى السببتار
ثم أخذها بيده وقال برئت منه إن دخلها أبو جعفر فمات قبل أن يدخل مكببة
فتأمل عاقبة مخالفة الهوى كيف أقامه في هذا المقببام التاسببع والربعببون
أن مخالفة الهوى تببوجب شببرف الببدنيا وشببرف الخببرة وعببز الظبباهر وعببز
الباطن ومتببابعته تضببع العبببد فببي الببدنيا والخببرة وتببذله فببي الظبباهر وفببي
الباطن وإذا جمع الله الناس في صعيد واحد نادى مناد ليعلمببن أهببل الجمببع
من أهل الكرم اليوم أل ليقم المتقون فيقومون إلببى محببل الكرامببة وأتببباع
الهوى ناكسو رؤسهم في الموقف في حر الهوى وعرقه وألمببه وأولئك فببي
ظل العرش الخمسون أنك إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عببز وجببل
في ظل عرشه يوم ل ظل إل ظله وجدتهم إنمبا نبالوا ذلببك الظببل بمخالفبة
الهوى فإن المام المسببلط القببادر ل يتمكببن مببن العببدل إل بمخالفببة هببواه
والشاب المؤثر
لعبادة الله على داعي شبابه لول مخالفة هواه لم يقدر علببى ذلببك والرجببل
الذي قلبه معلق بالمساجد إنما حمله على ذلك مخالفببة الهببوى الببداعي لببه
إلى أماكن اللذات والمتصدق المخفي لصدقته عن شماله لول قهببره لهببواه
لم يقدر على ذلك والذي دعته المرأة الجميلة الشريفة فخاف الله عز وجل
وخالف هواه والذي ذكر الله عز وجل خاليا ففاضت عيناه مببن خشببيته إنمببا
أوصله إلى ذلك مخالفة هواه فلم يكن لحر الموقببف وعرقببه وشببدته سبببيل
عليهم يوم القيامة وأصحاب الهوى قد بلغ منهم الحر والعرق كل مبلغ وهببم
ينتظرون بعد هذا دخول سجن الهببوى فببالله سبببحانه وتعببالى المسببؤول أن
يعيذنا مببن أهببواء نفوسببنا المببارة بالسببوء وأن يجعببل هوانببا تبعببا لمبا يحبببه
ويرضاه إنه على كل شيء قدير وبالجابة جدير تم الكتاب والحمد لله