You are on page 1of 527

‫مفتاح دار السعادة ومنشور ولية العلم‬

‫والرادة‬
‫ابن قيم الجوزية‬
‫بسم الله الرحمن الرحيللم ‪ #‬الحمللد لللله الللذي سللهل لعبللاده المتقيللن الللى‬
‫مرضاته سبيل واوضح لهم طللرق الهدايللة وجعللل اتبللاع الرسللول عليهللا دليل‬
‫واتخذهم عبيدا له فأقروا له بالعبودية ولم يتخذوا من دونه وكيل وكتللب فللي‬
‫قلوبهم اليمان وايدهم بروح منه لما رضوا بالله ربا وبالسلم دينللا وبمحمللد‬
‫رسول والحمد لله الللذي أقللام فللي أزمنللة الفللترات مللن يكللون ببيللان سللنن‬
‫المرسلين كفيل واختص هذه المة بللأنه ل تللزال فيهللا طائفللة علللى الحللق ل‬
‫يضرهم من خذلهم ول من خالفهم حتى يأتي امره ولللو اجتمللع الثقلن علللى‬
‫حربهللم قللبيل يللدعون مللن ضللل الللى الهللدى ويصللبرون منهللم علللى الذى‬
‫ويبصرون بنور الله أهل العمى ويحيون بكتللابه المللوتى فهللم احسللن النللاس‬
‫هديا وأقومهم قيل فكم من قتيل لبليس قد احيوه ومن ضال جاهل ل يعلللم‬
‫طريق رشده قد هدوه ومن مبتلدع فلي ديلن اللله بشلهب الحلق قلد رملوه‬
‫جهادا في الله وابتغاء مرضاته وبيانا ‪ 4‬لحججه على العللالمين وبينللاته وطلبللا‬
‫للزلفى لديه ونيل رضوانه وجناته فحاربوا في الله من خرج عن دينه القويم‬
‫وصراطه المستقيم الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلعوا اعنة الفتنللة وخللالفوا‬
‫الكتللاب واختلفللوا فللي الكتللاب واتفقللوا علللى مفارقللة الكتللاب ونبللذوه وراء‬
‫ظهورهم وارتضوا غيره منه بديل احمده وهللو المحمللود علللى كللل مللا قللدره‬
‫وقضاه واستعينه اسللتعانة مللن يعلللم انلله ل رب للله غيللره ول إللله للله سللواه‬
‫واسللتهديه سللبل الللذين انعللم عليهللم ممللن اختللاره لقبللول الحللق وارتضللاه‬
‫واشكره والشكر كفيل بالمزيللد مللن عطايللاه واسللتغفره مللن الللذنوب الللتي‬
‫تحول بين القلب وهداه وأعوذ بالله من شر نفسي وسيئات عملي اسللتعاذة‬
‫عبد فار الى ربه بذنوبه وخطايلاه واعتصلم بله ملن الهلواء المرديلة والبلدع‬
‫المضلة فما خاب من اصبح به معتصما وبحماه نزيل واشهد ان ل اله ال الله‬
‫وحده ل شريك له شهادة اشهد بها مع الشللاهدين واتحملهللا عللن الجاحللدين‬
‫وأدخرها عند الله عدة ليوم الللدين واشللهد ان الحلل مللا حلللله والحللرام مللا‬
‫حرمه والدين ما شرعه وان الساعة آتية ل ريب فيها وان الله يبعث من في‬
‫القبور واشهد ان محمدا عبده المصطفى ونبيه المرتضى ورسللوله الصللادق‬
‫المصدوق الذي ل ينطق عللن الهللوى إن هللو إل وحللي يللوحى ارسللله رحمللة‬
‫للعالمين وحجة للسالكين وحجة على العباد اجمعين ارسله على حيللن فلترة‬
‫من الرسل فهدى به الى أقوم الطرق واوضح السبل وافللترض علللى العبللاد‬
‫طاعته وتعظيمه وتوفيره وتبجيله والقيام بحقوقة وسد اليه جميع الطرق‬
‫فلم يفتح لحد ال من طريقه فشرح له صدره ورفع له ذكره وعلللم بلله مللن‬
‫الجهالة وبصر به من العمى وارشد به من الغي وفتح بلله اعينللا عميللا وآذانللا‬
‫صما وقلوبا غلفا فلم يزل قائما بأمر الله ل يرده عنه راد داعيللا الللى الللله ل‬
‫يصده عنه صاد الى ان اشرقت برسالته الرض بعد ظلماتها وتالفت القلوب‬
‫بعد شتاتها وسارت دعوته سير الشمس في القطار وبلغ دينه ما بلللغ الليللل‬
‫والنهار فلما أكمل الله به الدين وأتم به النعمة على عباده المؤمنين اسللتأثر‬
‫به ونقله الى الرفيق العلى من كرامته والمحل الرفللع السللنى مللن أعلللى‬
‫جناته ففارق المة وقد تركها على المحجة البيضاء التي ل يزيغ عنهللا ال مللن‬
‫كان من الهالكين فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين صلة دائمللة‬
‫بدوام السموات والرضين مقيمة عليهم أبدا ل تروم انتقال عنهللم ول تحللويل‬
‫‪ #‬أما بعد فإن الله سبحانه لما اهبط آدم أبا البشلر ملن الجنلة لملا لله فلي‬
‫ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن معرفتها واللسللن علن صلفتها فكللان‬
‫إهباطه منها عين كماله ليعود اليهللا علللى احسللن احللواله فللأراد سللبحانه ان‬
‫يذيقه وولده من نصب الللدنيا وغمومهللا وهمومهللا وأوصللا بهللا مللا يعظللم بلله‬
‫عندهم مقدار دخولهم اليها في الدار الخرة فإن الضللد يظهللر حسللنه الضللد‬
‫ولو تربوا في دار النعيم لم يعرفوا قللدرها وأيضللا فللإنه سللبحانه اراد أمرهللم‬
‫ونهيهم وابتلءهم واختبارهم وليست الجنة دار تكليف فللاهبطهم الللى الرض‬
‫وعرضهم بذلك لفضل الثواب الذي لم يكن لينال بدون المر والنهي وايضللا‬
‫فإنه سبحانه أراد ان يتخذ منهم انبياء ورسل وأولياء وشهداء يحبهم ويحبللونه‬
‫فخلى بينهم وبين اعدائه وامتحنهم بهم فلما آثروه وبذلوا نفوسهم واموالهم‬
‫في مرضاته ومحابه نالوا من محبته روضوانه والقرب منه ما لم يكللن لينللال‬
‫بدون ذلك اصل فدرجة الرسالة والنبوة والشهادة والحب فيلله والبغللض فيلله‬
‫وموالة اوليائه ومعاداة اعدائه عنده من افضل الدرجات ولم يكن ينللال هللذا‬
‫ال على الوجه الذي قدره وقضللاه مللن إهبللاطه إلللى الرض وجعللل معيشللته‬
‫ومعيشة اولده فيها وايضا فإنه سبحانه له السللماء الحسللنى فمللن اسللمائه‬
‫الغفور الرحيم العفو الحليم الخافض الرافع المعز المللذل المحيللي المميللت‬
‫الوارث الصبور ول بد من ظهور آثار هذه السماء فاقتضت حكمتلله سللبحانه‬
‫ان ينزل آدم وذريته دارا يظهر عليهم فيها اثر اسمائه النى فيغفر فيهللا لمللن‬
‫يشاء ويرحم من يشاء ويخفض من يشاء ويرفع مللن يشللاء ويعللز مللن يشللاء‬
‫ويذل من يشاء وينتقم ممن يشاء ويعطى ويمنع ويبسط الى غيللر ذلللك مللن‬
‫ظهور اثر اسمائه وصفاته وأيضا فإنه سبحانه الملللك الحللق المللبين والملللك‬
‫هو الذي يأمر وينهى ويثيب ويعاقب ويهين ويكرم ويعز ويذل فاقتضى ملكلله‬
‫سبحانه ان انزل آدم وذريته دارا تجرى عليهم فيها احكام الملك ثللم ينقلهللم‬
‫الى‬

‫‪ #‬دار يتم عليهم فيها ذلك وايضا فإنه سبحانه أنزلهم الى دار يكون إيمللانهم‬
‫فيها بالغيب واليمان بالغيب هو اليمان النافع وأمللا اليمللان بالشللهادة فكللل‬
‫احد يؤمن يوم القيامة يوم ل ينفع نفسا إل ايمانها في الدنيا فلو خلقللوا فللي‬
‫دار النعيم لم ينالوا درجة اليمان بالغيب واللذة والكرامللة الحاصلللة بللذلك ل‬
‫تحصل بدونه بل كان الحاصللل لهللم فللي دار النعيللم لللذة وكرامللة غيللر هللذه‬
‫وايضا فإن الله سبحانه خلق آدم من قبضة قبضها من جميللع الرض والرض‬
‫فيها الطيب والخبيث والسهل والحزن والكريم واللئيم فعلم سبحانه ان في‬
‫ظهره من ل يصلح لمساكنته في داره فأنزله الى دار استخرج فيهللا الطيللب‬
‫والخبيث من صلبه ثم ميزهم سللبحانه بللدارين فجعللل الطيللبين اهللل جللواره‬
‫ومساكنته في داره وجعللل الخللبيث اهللل دار الشللقاء دار الخبثللاء قللال الللله‬
‫تعالى ^ ليميز الله الخبيث من الطيللب ويجعللل الخللبيث بعضلله علللى بعللض‬
‫فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون ^ فلما علللم سللبحانه‬
‫ان في ذريتلله مللن ليللس بأهللل لمجللاورته انزلهللم دارا اسللتخرج منهللا اولئك‬
‫والحقهم بالدار التي هم لهللا اهللل حكمللة بالغللة ومشلليئة نافللذة ذلللك تقللدير‬
‫العزيز العليم وايضا فإنه سبحانه لما قال للملئكة ^ إني جاعل فللي الرض‬
‫خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسللبح بحمللدك‬
‫ونقدس لك ^ اجابهم بقوله ^ إني اعلم ما ل تعلمون ^ ثم اظهللر سللبحانه‬
‫علمه لعباده ولملئكته بما جعله في الرض من خواص خلقه ورسله وأنبيائه‬
‫وأوليائه ومن يتقرب اليله ويبلذل نفسله فلي محبتله ومرضلاته ملع مجاهلدة‬
‫شهوته وهواه فيترك محبوبللاته تقربللا الللي ويللترك شللهواته ابتغللاء مرضللاتي‬
‫ويبذل دمه ونفسه في محبتي وأخصلله بعلللم ل تعلمللونه يسللبح بحمللدي آنللاء‬
‫الليل وأطراف النهار ويعبدني مع معارضات الهوى والشهوة والنفس والعدو‬
‫إذ تعبللدوني انتللم مللن غيللر معللارض يعارضللكم ول شللهوة تعللتريكم ول عللدو‬
‫أسلطه عليكم بل عبادتكم لي بمنزلة النفس لحللدهم وأيضللا فللإني اريللد ان‬
‫اظهر ما خفى عليكللم مللن شللأن عللدوي ومحللاربته لللي وتكللبره عللن أمللري‬
‫وسعيه في خلف مرضاتي وهذا وهذا كانا كامنين مستترين في ابللي البشللر‬
‫وأبي الجن فأنزلهم دارا اظهر فيهللا مللا كللان الللله سللبحانه منفللردا بعلملله ل‬
‫يعلمه سواه وظهرت حكمته وتم امره وبدا للملئكة من علمه ما لم يكونللوا‬
‫يعلمون وايضا فإنه سبحانه لما كان يحب الصابرين ويحب المحسنين ويحب‬
‫الذين يقاتلون فلي سلبيله صلفا ويحلب التلوابين ويحلب المتطهريلن ويحلب‬
‫الشاكرين وكانت محبته اعلى انواع الكرامات اقتضت حكمته ان أسكن آدم‬
‫وبنيه دارا يأتون فيها بهذه الصللفات الللتي ينللالون بهللا أعلللى الكرامللات مللن‬
‫محبته فكان إنزالهم الللى الرض مللن اعظللم النعللم عليهللم ^ والللله يختللص‬
‫برحمته من يشاء والله ذو الفضللل العظيللم ^ وأيضللا فللإنه سللبحانه أراد ان‬
‫يتخذ من آدم ذرية يواليهم ويودهم ويحبهم ويحبللونه فمحبتهللم للله هللي غايللة‬
‫كمالهم ونهاية شرة‬

‫‪ #‬ولم يمكن تحقيق هللذه المرتبللة السللنية ال بموافقللة رضللاه وأتبللاع امللره‬
‫وترك إرادات النفس وشهواتها التي يكرههللا محبللوبهم فللأنزلهم دارا امرهللم‬
‫فيها ونهاهم فقاموا بأمره ونهيه فنالوا درجة محبتهم له فأنللالهم درجللة حبلله‬
‫إياهم وهذا من تمام حكمتلله وكمللال رحمتلله وهللو الللبر الرحيللم وايضللا فللإنه‬
‫سبحانه لما خلق خلقه اطوارا وأصنافا وسبق في حكملله تفضلليله آدم وبنيلله‬
‫علللى كللثير مللن مخلوقللاته جعللل عبللوديته افضللل درجللاتهم اعنللى العبوديللة‬
‫الختيارية التي يأتون بها طوعا واختيارا ل كرها واضطرارا وقد ثبت ان الللله‬
‫سبحانه ارسل جبريل الى النبي يخيره بين ان يكللون ملكلا نبيلا او عبلدا نبيلا‬
‫فنظر الى جبريل كالمستشير له فاشار اليه ان تواضللع فقللال بللل ان اكللون‬
‫عبلدا نبيلا فلذكره سلبحانه باسلم عبلوديته فلي أشلرف مقاملاته فلي مقلام‬
‫السراء ومقام الدعوة ومقام التحدي فقللال فللي مقللام السللراء ^ سللبحان‬
‫الذي اسرى بعبده ليل ^ ولم يقل برسوله ول نبيه إشارة الى انلله قللام هللذا‬
‫المقام العظم بكمال عبوديته لربه وقال في مقام الدعوة ^ وأنه لمللا قللام‬
‫عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ^ وقال في مقام التحدي وإن كنتللم‬
‫في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة مللن مثللله وفللي الصللحيحين فللي‬
‫حديث الشفاعة وتراجع النبياء فيها وقول المسلليح اذهبللوا الللى محمللد عبللد‬
‫غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فدل ذلك على انه نللال ذلللك المقللام‬
‫العظم بكمال عبوديته لله وكمال مغفرة الللله للله وإذا كللانت العبوديللة عنللد‬
‫الله بهذه المنزلة اقتضت حكمته ان اسكن آدم وذريته دارا ينالون فيها هللذه‬
‫الدرجة بكمال طاعتهم لله وتقربهم اليه بمحابه وترك مألوفللاتهم مللن اجللله‬
‫فكان ذلك من تمام نعمته عليهم وإحسانه اليهم وأيضا فإنه سللبحانه أراد ان‬
‫يعرف عباده الذين انعم عليهم تمللام نعمتلله عليهللم وقللدرها ليكونللوا اعظللم‬
‫محبةوأكثر شكرا واعظم التلذاذا بملا اعطلاهم ملن النعيلم فلأراهم سلبحانه‬
‫فعله بأعدائه وما اعد لهم من العذاب وانواع اللم واشهدهم تخليصللهم مللن‬
‫ذلك وتخصيصهم بأعلى انواع النعيم ليزداد سرورهم وتكمل غبطتهم ويعظم‬
‫فرحهم وتتم لذتهم وكان ذلك من إتمام النعام عليهم ومحبتهم ولم يكن بللد‬
‫في ذلك من إنزالهللم الللى الرض وامتحللانهم واختبللارهم وتوفيللق مللن شللاء‬
‫منهم رحمة منه وفضل وخذلن من شاء منهم حكمة منه وعدل وهللو العليللم‬
‫الحكيم ول ريب ان المؤمن إذا رأى عدوه ومحبوبه الللذي هللو أحللب الشللياء‬
‫اليه في أنواع العذاب واللم وهو يتقلب في انواع النعيم واللذة ازداد بللذلك‬
‫سرورا وعظمت لذته وكملت نعمته وأيضللا فللإنه سللبحانه إنمللا خلللق الخلللق‬
‫لعبادته وهي الغاية منهم قال تعالى ومللا خلقللت الجللن والنللس ال ليعبللدون‬
‫ومعلوم ان كمال العبودية المطلللوب مللن الخلللق ل يحصللل فللي دار النعيللم‬
‫والبقاء إنما يحصل في دار المحنة والبتلء وأما دار البقاء فدار لذة ونعيللم ل‬
‫دار ابتلء وامتحان وتكليف‬

‫‪ #‬وايضا فإنه سبحانه اقتضت حكمته خلق آدم وذريته من تركيللب مسللتلزم‬
‫لداعي الشهوة والفتنة وداعي العقل والعلم فإنه سللبحانه خلللق فيلله العقللل‬
‫والشهوة ونصبهما داعيين بمقتضياتهما ليتم مراده ويظهر لعبللاده عزتلله فللي‬
‫حكمته وجبروته ورحمته وبره ولطفه في سلطانه وملكلله فاقتضللت حكمتلله‬
‫ورحمته ان أذاق أباهم وبيل مخالفته وعرفه ما يجنى عواقب إجابة الشللهوة‬
‫والهوى ليكون اعظم حذرا فيها واشد هروبا وهللذا كحللال رجللل سللائر علللى‬
‫طريق قد كمنت العداء في جنباته وخلفه وأمامه وهو ل يشعر فللإذا اصلليب‬
‫منها مرة بمصيبة استعد في سيره وأخذ اهبة عدوه وأعد له ما يدفعه ولللول‬
‫انه ذاق ألللم اغللارة علدوه عليله وتللبييته لله لملا سللمحت نفسله بالسللتعداد‬
‫والحذر واخذ العدة فمن تمام نعمة الله على آدم وذريته ان اراهللم مللا فعللل‬
‫العدو بهم فاستعدوا له واخذوا اهبته فإن قيل كان من الممكن ان ل يسلللط‬
‫عليهم العدو قيل قد تقدم انه سبحانه خلللق آدم وذريتلله علللى بنيللة وتركيللب‬
‫مستلزم لمخالطتهم لعدوهم وابتلئهم به ولو شاء لخلقهللم كالملئكللة اللذين‬
‫هم عقول بل شهوات فلم يكن لعدوهم طريق اليهم ولكللن لللو خلقللوا هكللذا‬
‫لكانوا خلقا آخر غير بني آدم فإن بنى آدم قللد ركبللوا علللى العقللل والشللهوة‬
‫وأيضا فإنه لما كانت محبة الله وحده هي غاية كمال العبد وسللعادته الللتي ل‬
‫كمال له ول سعادة بدونها اصل وكانت المحبة الصللادقة إنمللا تتحقللق بغيثللار‬
‫المحبوب على غيره من محبوبللات النفللوس واحتمللال اعظللم المشللاق فللي‬
‫طاعته ومرضاته فبهذا تتحقق المحبة ويعلم ثبوتها في القلب اقتضت حكمته‬
‫سبحانه اخراجهم الى هذه الدار المحفوفة بالشهوات ومحاب النفوس الللتي‬
‫بإيثار الحق عليها والعراض عنها يتحقق حبهم له وإيثارهم إيللاه علللى غيللره‬
‫ولذلك يتحمل المشاق الشديدة وركوب الخطللار واحتمللال الململلة والصللبر‬
‫على دواعي الغي والضلل ومجاهدتها يقوى سلطان المحبة وتثبت شللجرتها‬
‫في القلب وتطعم ثمرتها على الجوارح فإن المحبة الثابتة اللزمة على كثرة‬
‫الموانع والعوارض والصللوارف هللي المحبللة الحقيقيللة النافعللة وامللا المحبللة‬
‫المشللروطة بالعافيللة والنعيللم واللللذة وحصللول مللراد المحللب مللن محبللوبه‬
‫فليست محبة صادقة ول ثبات لهللا عنللد المعارضللات والموانللع فللإن المعلللق‬
‫على الشرط عدم عند عدمه ومن ودك لمر ولي عنللد انقضللائه وفللرق بيللن‬
‫من يعبد الله عللى السلراء والرخلاء والعافيلة فقلط وبيلن ملن يعبلده عللى‬
‫السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلء وايضا فإن الله سبحانه للله‬
‫الحمد المطلق الكامل الذي ل نهاية بعده وكان ظهور السللباب الللتي يحمللد‬
‫عليها من مقتضى كونه محمودا وهي من لوازم حمللده تعللالى وهللي نوعللان‬
‫فضل وعدل إذ هو سبحانه المحمود على هذا وعلى هللذا فل بللد مللن ظهللور‬
‫أسباب العدل واقتضائها لمسمياتها ليترتب عليها كمال الحمد الذي هو أهللله‬
‫فكما انه سبحانه محمود على إحسانه وبره وفضله وثوابه فهو محمود علللى‬
‫عدله وانتقامه وعقابه إذ يصدر ذلك كله عن عزته وحكمته ولهذا نبه سبحانه‬
‫على هذا كثيرا كما في سورة الشعراء حيث يلذكر فلي آخلر كلل قصللة ملن‬
‫قصص الرسل وأممهم إن في ذلك لية‬

‫‪ #‬وما كان اكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيللم فللأخبر سللبحانه ان‬
‫ذلك صادر عن عزته المتضمنة كمال قدرته وحكمته المتضمنة كمللال علملله‬
‫ووضعه الشياء مواضعها اللئقة بها ما وضع نعمته ونجاته لرسللله ولتبللاعهم‬
‫ونقمته وإهلكه لعدائهم ال في محلها اللئق بها لكمال عزته وحكمته ولهللذا‬
‫قال سبحانه عقيب إخباره عن قضائه بين اهل السللعادة والشللقاوة ومصللير‬
‫كل منهم الى ديللارهم الللتي ل يليللق بهللم غيرهللا ول تقتضللى حكمتلله سللواها‬
‫وقضى بينهللم بللالحق وقيللل الحمللد لللله رب العللالمين وأيضللا فللإنه سللبحانه‬
‫اقتضت حكمته وحمده ان فاوت بيلن عبللاده اعظللم تفلاوت وابينلله ليشللكره‬
‫منهم من ظهرت عليه نعمته وفضله ويعرف انه قد حبى بالنعام وخص دون‬
‫غيره بالكرام ولو تساووا جميعهم فللي النعمللة والعافيللة لللم يعللرف صللاحب‬
‫النعمة قدرها ولم يبذل شكرها إذ ل يرى احدا إل في مثل حاله ومللن أقللوى‬
‫أسباب الشكر وأعظمها استخرجا له من العبد ان يرى غيره فللي ضللد حللاله‬
‫الذي هو عليها من لكمال والفلح وفي الثر المشهور ان الللله سللبحانه لمللا‬
‫أرى آدم ذريته وتفاوت مراتبهم قال يا رب هل سويت بين عبللادك قللال إنللي‬
‫احب ان اشكر فاقتضت محبته سبحانه لن يشكر خلق السللباب الللتي يكللن‬
‫شكر الشاكرين عندها اعظم وأكمل وهللذا هللو عيللن الحكمللة الصللادرة عللن‬
‫صفة الحمد وايضا فإنه سبحانه ل شيء احب اليه من العبللد مللن تللذلله بيللن‬
‫يديه وخضوعه وافتقاره وإنكساره وتضرعه اليه ومعلللوم ان هللذا المطلللوب‬
‫من العبد إنما يتم بأسبابه التي تتوقف عليها وحصول هذه السللباب فللي دار‬
‫النعيم المطلق والعافية الكاملة يمتنع إذ هللو مسللتلزم للجمللع بيللن الضللدين‬
‫وأيضا فإنه سبحانه له الخلق والمر والمللر هللو شللرعه وأمللره ودينلله الللذي‬
‫بعث به رسله وانزل به كتبه وليسللت الجنللة دار تكليللف تجللرى عليهللم فيهللا‬
‫أحكام التكليف ولوازمها وإنما هي دار نعيم ولذة واقتضللت حكمتلله سللبحانه‬
‫استخراج آدم وذريته الى دار تجرى عليهم فيهللا احكللام دينلله وأمللره ليظهللر‬
‫فيهم مقتضى المر ولوازمه فللإن الللله سللبحانه كمللا ان افعللاله وخلقلله مللن‬
‫لوازم كمال اسمائه الحسنى وصفاته العلى فكذلك امره وشرعه وما يترتب‬
‫عليه من الثواب والعقاب وقد ارشد سبحانه الى هذا المعنى في غير موضع‬
‫من كتابه فقال تعالى ايحسللب النسللان ان يللترك سللدى أي مهمل معطل ل‬
‫يؤمر ول ينهى ول يثللاب ول يعللاقب وهللذا يللدل علللى ان هللذا منللاف لكمللال‬
‫حكمته وان ربللوبيته وعزتلله وحكمتلله تللأبى ذلللك ولهللذا اخللرج الكلم مخللرج‬
‫النكار على من زعللم ذلللك وهللو يلدل علللى ان حسللنه مسللتقر فللي الفطللر‬
‫والعقول وقبح تركه سدا معطل ايضا مستقر في الفطر فكيللف ينسللب الللى‬
‫الرب ما قبحه مستقر فللي فطركللم وعقللولكم وقللال تعللالى أفحسللبتم انمللا‬
‫خلقناكم عبثا وأنكم الينا ل ترجعون فتعالى الللله الملللك الحللق ل إللله ال هللو‬
‫رب العرش الكريم نزه نفسه سللبحانه عللن هللذا الحسللبان الباطللل المضللاد‬
‫لموجب اسمائه وصفاته وانلله ل يليللق بجلللله نسللبته اليلله ونظللائر هللذا فللي‬
‫القرآن كثيرة وايضا فإنه سبحانه يحب من عباده‬

‫‪ #‬امللورا يتوقللف حصللولها منهللم علللى حصللول السللباب المقتضللية لهللا ول‬
‫تحصل ال فللي دار البتلء والمتحللان فللإنه سللبحانه يحللب الصللابرين ويحللب‬
‫الشاكرين ويحللب الللذين يقللاتلون فللي سللبيله صللفا ويحللب التللوابين ويحللب‬
‫المتطهرين ول ريب ان حصول هذه المحبوبات بدون اسبابها ممتنع كامتنللاع‬
‫حصول الملزوم بدون لزمه والله سبحانه أفرح بتوبة عبده حين يتللوب اليلله‬
‫من الفاقد لراحلته الللتي عليهللا طعللامه وشللرابه فللي ارض دويللة مهلكللة إذا‬
‫وجدها كما ثبت في الصحيح عن النبي انه قال لللله أشللد فرحللا بتوبللة عبللده‬
‫المؤمن من رجل من فيارض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشللرابه‬
‫فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركلله العطللش ثللم قللال ارجللع الللى‬
‫المكان الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسلله علللى سللاعده ليملوت‬
‫فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه فالله اشللد فرحللا بتوبللة‬
‫العبد المؤمن من هذا براحلته وسيأتي إن شاء الله الكلم على هذا الحللديث‬
‫وذكر سر هذا الفرح بتوبة العبد والمقصود ان هذا الفرح المذكور إنما يكون‬
‫بعد التوبة من الذنب فالتوبة والذنب ل زمان لهذا الفللرح ول يوجللد الملللزوم‬
‫بدون لزمه وإذا كان هللذا الفللرح المللذكور إنمللا يحصللل بالتوبللة المسللتلزمة‬
‫للذنب فحصوله في دار النعيم التي ل ذنب فيها ول مخالفة ممتنع ولما كللان‬
‫هذا الفللرح احللب الللى الللرب سللبحانه مللن عللدمه اقتضللت محبتلله للله خلللق‬
‫السباب المفضية اليه ليترتب عليها المسبب الذي هو محبوب له وأيضا فإن‬
‫الله سبحانه جعل الجنة دار جزاء وثواب وقسم منازلها بين اهلها علللى قللدر‬
‫اعمالهم وعلى هذا خلقها سبحانه لما له في ذلك من الحكمة اللتي اقتضلتها‬
‫اسماؤه وصفاته فان الجنة درجات بعضها فوق بعض وبين الدرجتين كما بين‬
‫السماء والرض كما في الصحيح عن النبي انه قال ان الجنة مائة درجة بيلن‬
‫كل درجتين كما بين السماء والرض وحكمة الرب سبحانه مقتضللية لعمللارة‬
‫هذه الدرجات كلها وإنما تعمر ويقع التفاوت فيها بحسب العمللال كمللا قللال‬
‫غير واحد من السلف ينجون من النار بعفللو الللله ومغفرتلله ويللدخلون الجنللة‬
‫بفضله ونعمته ومغفرته ويتقاسمون المنازل بأعمالهم وعلى هذا حمللل غيللر‬
‫واحد ما جاء من إثبات دخول الجنة بالعمال كقوله تعالى وتلك الجنللة الللتي‬
‫اورثتموها بما كنتم تعملون وقوله تعالى ^ ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ^‬
‫قالوا وأما نفي دخلوها بالعمال كما في قوله لللن يللدخل الجنللة احللد بعمللله‬
‫قالوا ول انللت يلا رسللول اللله قللال ول انللا فللالمراد بله نفللي اصلل اللدخول‬
‫واحسن من هذا ان يقال الباء المقتضية للدخول غير البللاء الللتي نفللى معهللا‬
‫الدخول فالمقتضية هي باء السببية الدالة علللى ان العمللال سللبب للللدخول‬
‫مقتضية له كاقتضاء سائر السباب لمسبباتها والباء الللتي نفللى بهللا الللدخول‬
‫هي باء المعاوضة والمقابلة التي في نحو قللولهم اشللتريت هللذا بهللذا فللأخبر‬
‫النبي ان دخول الجنة ليس في مقابلة عمل احد وانه لول تغمد الله سللبحانه‬
‫لعبده برحمته لما أدخله الجنة فليس عمل العبد وان تناهى‬

‫موجبا بمجرده لدخول الجنة ول عوضا لها فإن اعماله وإن وقعت منلله علللى‬
‫الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فهي ل تقاوم نعمة الللله الللتي انعللم بهللا عليلله‬
‫في دار الدنيا ول تعادلها بل لو حاسبه لوقعت اعماله كلها في مقابلة اليسير‬
‫من نعمه وتبقى بقية النعم مقتضية لشكرها فلو عذبه في هذه الحالة لعذبه‬
‫وهو غير ظالم له ولو رحمه لكانت رحمته خيرا له من عمله كما في السنن‬
‫من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما مرفوعا الى النبي انه قال ان الللله‬
‫لو عذب أهل سمواته وأهل ارضه لعذبهم وهو غير ظللالم لهللم ولللو رحمهللم‬
‫لكانت رحمته خيرا لهم من اعمالهم والمقصود ان حكمتلله سللبحانه اقتضللت‬
‫خلق الجنة درجات بعضها فوق بعض وعمارتهللا بللآدم وذريتلله وإنزالهللم فيهللا‬
‫بحسب اعمالهم ولزم هذا إنزالهم الللى دار العمللل والمجاهللدة وأيضللا فللإنه‬
‫سبحانه خلق آدم وذريته ليستخلفهم في الرض كما اخبر سبحانه فلي كتلابه‬
‫بقوله ^ اني جاعل في الرض خليفة ^ وقوله ^ وهو الللذي جعلكللم خلئف‬
‫الرض ^ وقال ^ ويستخلفكم في الرض ^ فأراد سبحانه ان ينقله وذريتلله‬
‫من هذا الستخلف الى توريثه جنة الخلد وعلللم سللبحانه بسللابق علملله انلله‬
‫لضعفه وقصور نظره قد يختار العاجل الخسيس علللى الجللل النفيللس فللإن‬
‫النفس مولعة بحب العاجلة وإيثارها على الخرة وهذا من لوازم كللونه خلللق‬
‫من عجل وكونه خلللق عجللول فعلللم سللبحانه مللا فللي طللبيعته مللن الضللعف‬
‫والخور فاقتضت حكمته ان ادخله الجنة ليعرف النعيللم الللذي اعللد للله عيانللا‬
‫فيكون اليه اشوق وعليه احرص وله اشللد طلبللا فللإن محبللة الشلليء وطلبلله‬
‫والشوق اليه من لوازم تصوره فمن باشر طيب شيء ولذته وتللذوق بلله لللم‬
‫يكد يصبر عنه وهذا لن النفس ذواقة تواقة فإذا ذاقت تللاقت ولهللذا إذا ذاق‬
‫العبد طعم حلوة اليمان وخالطت بشاشته قلبه رسللخ فيلله حبلله ولللم يللؤثر‬
‫عليه شيئا ابدا وفي الصحيح من حديث ابي هريرة رضى الله عنلله المرفللوع‬
‫ان الله عز وجل يسأل الملئكة فيقول ما يسألني عبادي فيقولون يسللألونك‬
‫الجنة فيقول وهل رأوها فيقولون ل يا رب فيقول كيف لو رأوها فيقولون لو‬
‫رأوها لكانوا أشد لها طلبا فاقتضت حكمته ان اراها أباهم وأسللكنه إياهللا ثللم‬
‫قص علللى بنيلله قصللته فصللاروا كللأنهم مشللاهدون لهللا حاضللرون مللع ابيهللم‬
‫فاستجاب من خلق لها وخلقت له وسارع اليها فلم يثنه عنها العاجلة بل يعد‬
‫نفسه كانه فيها ثم سللباه العللدو فيراهللا وطنلله الول فهللو دائم الحنيللن الللى‬
‫وطنه ول يقر له قرار حتى يرى نفسه فيه كما قيللل ‪ # :‬نقللل فللؤادك حيللث‬
‫شئت من الهوى ‪ %‬ما الحب إل للحبيب الول كللم منللزل فللي الرض يللألفه‬
‫الفتى ‪ %‬وحنينه ابدا لول منزل ولي من ابيات تلم بهللذا المعنللى ‪ # :‬وحللى‬
‫على جنات عدن فإنها ‪ %‬منازلك الولى وفيها المخيم ‪%‬‬

‫‪ #‬ولكننا سبي العدو فهل ترى ‪ %‬نعود الللى اوطاننللا ونسلللم ‪ #‬فسللر هللذه‬
‫الوجوه انه سبحانه وتعالى سبق في حكمه وحكمته ان الغايات المطلوبللة ل‬
‫تنال ال باسبابها التي جعلها الله اسبابا مفضية اليها ومن تلك الغايات اعلللى‬
‫انواع النعيم وافضللها وأجلهلا فل تنلال ال باسلباب نصلبها مفضلية اليهلا وإذا‬
‫كانت الغايات التي هي دون ذلللك لتنللال ل باسللبابها مللع ضللعفها وانقطاعهللا‬
‫كتحصيل المأكول والمشروب والملبوس والولللد والمللال والجللاه فللي الللدنيا‬
‫فكيف يتوهم حصول اعلى الغايات واشرف المقامات بل سبب يفضللى اليلله‬
‫ولم يكن تحصيل تلك السباب ال في دار المجاهدة والحللرث فكللان اسللكان‬
‫آدم وذريتلله هللذه الللدار الللتي ينللالون فيهللا السللباب الموصلللة الللى أعلللى‬
‫المقامات من إتمام انعامه عليهم وسرها ايضللا انلله سللبحانه جعللل الرسللالة‬
‫والنبللوة والخلللة والتكليللم والوليللة والعبوديللة مللن اشللرف مقامللات خلقلله‬
‫ونهايات كمالهم فأنزلهم دارا اخرج منهم النبياء وبعللث فيهللا الرسللل واتخللذ‬
‫منهم من اتخذ خليل وكلم موسى تكليما واتخذ منهم اوليللاء وشللهداء وعبيللدا‬
‫وخاصة يحبهم ويحبونه وكان إنزالهم الى الرض من تمام النعام والحسللان‬
‫وايضا انه اظهر لخلقه من آثار اسمائه وجريلان احكامهلا عليهلم ملا اقتضلته‬
‫حكمته ورحمته وعلمه وسرها ايضا انه تعللرف الللى خلقلله بافعللاله واسللمائه‬
‫وصفاته وما احدثه في اوليللائه واعللدائه مللن كرامتلله وانعللامه علللى الوليللاء‬
‫واهانته واشللقائه للعللداء وملن اجللابته دعللواتهم وقضللائه حلوائجهم وتفريلج‬
‫كرباتهم وكشف بلئهم وتصللريفهم تحللت أقللداره كيللف يشللاء وتقليبهللم فللي‬
‫أنواع الخير والشر فكان في ذلك اعظم دليل لهم على انلله ربهللم ومليكهللم‬
‫وانه الله الذي ل إله ال هو وأنله العليلم الحكيلم السلميع البصلير وأنله اللله‬
‫الحق وكللل مللا سللواه باطللل فتظللاهرت ادلللة ربللوبيته وتوحيللده فللي الرض‬
‫وتنوعت وقامت من كل جانب فعرفه الموفقون من عباده وأقللروا بتوحيللده‬
‫إيمانا واذعانا وجحده المخذولون علللى خليقتلله واشللركوا بلله ظلمللا وكفرانللا‬
‫فهلك من هلك عن بينة وحيي من حى بينللة والللله سللميع عليللم ومللن تأمللل‬
‫آياته المشهودة والمسموعة في الرض ورأى آثارها عللم تملام حكمتله فلي‬
‫اسكان آدم وذريته في هذه الدار الى أجل معلوم فللالله سللبحانه إنمللا خلللق‬
‫الجنة لدم وذريته وجعل الملئكة فيها خدما لهللم ولكللن اقتضللت حكمتلله ان‬
‫خلق لهم دارا يتزودون منها الى الدار الللتي خلقللت لهللم وأنهللم لينالونهللا ال‬
‫بالزاد كما قال تعالى في هذه الدار ^ وتحمل اثقللالكم الللى بلللد لللم تكونللوا‬
‫بالغيه ال بشق النفس إن ربكم لرؤوف رحيللم ^ فهللذا شللأن النتقللال فللي‬
‫الدنيا من بلد الى بلد فكيف النتقال من الدنيا الى دار القرار وقال تعالى ^‬
‫وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ^ فباع المغبونون‬

‫منازلهم منها بأبخس الحظ وأنقص الثمن وباع الموفقون نفوسهم واموالهم‬
‫من الله وجعلوها ثمنا للجنة فربحت تجارتهم ونالوا الفوز العظيللم قللال الللله‬
‫تعالى ^ ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بللأن لهللم الجنللة ^‬
‫فهو سبحانه ما اخرج آدم منها ال وهو يريد ان يعيده اليها اكمللل اعللادة كمللا‬
‫قيل على لسان القدر يا آدم ل تجزع من قولي لك اخرج منهللا فلللك خلقتهللا‬
‫فإني انا الغني عنها وعن كل شيء وانا الجواد الكريم وانا ل اتمتع فيها فإني‬
‫اطعم ول اطعم وانا الغنللي الحميللد ولكللن انللزل الللى دار البللذر فللإذا بللذرت‬
‫فاستوى الزرع على سوقه وصار حصليدا فحينئذ فتعلال فاسلتوفه احلوج ملا‬
‫انت اليه الحبة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الللى اضللعاف كللثيرة فللإني‬
‫اعلم بمصلحتك منك وانللا العلللي الحكيللم فللإن قيللل مللا ذكرتمللوه مللن هللذه‬
‫الوجوه وأمثالها إنما يتم إذا قيل إن الجنة التي اسكنها آدم وأهبط منها جنللة‬
‫الخلد التي اعدت للمتقين والمؤمنين يوم القيامة وحينئذ يظهر سللر اهبللاطه‬
‫واخراجه منها ولكللن قللد قللالت طائفللة منهللم ابللو مسلللم ومنللذر بللن سللعيد‬
‫البلوطي وغيرهما انها انما كانت جنة في الرض في موضع عال منها ل انهللا‬
‫جنة المأوى التي اعدها الله لعبلاده الملؤمنين يلوم القيامللة وذكللر منلذر بلن‬
‫سعيد هذا القول في تفسيره عن جماعة فقال وأما قللوله لدم اسللكن انللت‬
‫وزوجك الجنة فقالت طائفة اسكن الله تعالى آدم جنللة الخلللد الللتي يللدخلها‬
‫المؤمنون يوم القيامة وقال آخرون هي جنة غيرهللا جعلهللا الللله للله واسللكنه‬
‫اياها ليست جنة الخلد قال وهذا قول تكللثر الللدلئل الشللاهدة للله والموجبللة‬
‫للقول به لن الجنة التي تدخل بعد القيامة هي من حيز الخللرة وفللي اليللوم‬
‫الخر تدخل ولم يلأت بعلد وقلد وصللفها اللله تعلالى لنلا فللي كتللابه بصللفاتها‬
‫ومحال ان يصف الله شيئا بصفة ثم يكون ذلك الشيء بغير تلك الصفة التي‬
‫التي وصفها به والقول بهذا دافع لما اخبر الللله بلله قللالوا وجللدنا الللله تبللارك‬
‫وتعالى وصف الجنة التي اعدت للمتقين بعد قيام القيامة بدار المقامة ولللم‬
‫يقم آدم فيها ووصفها بأنها جنة الخلد ولم يخلللد آدم فيهللا ووصللفها بأنهللا دار‬
‫جزاء ولم يقل انها دار ابتلء وقد ابتلى آدم فيها بالمعصللية والفتنللة ووصللفها‬
‫بأنها ليس فيها حزن وان الداخلين اليها يقولون الحمد لله الللذي أذهللب عنللا‬
‫الحزن وقد حزن فيها آدم ووجدناه سماها دار السلللم ولللم يسلللم فيهللا آدم‬
‫من الفات التي تكون في الللدنيا وسللماها دار القللرار ولللم يسللتقر فيهللا آدم‬
‫وقال فيمن يدخلها وما هللم منهللا بمخرجيللن وقللد اخللرج منهللا آدم بمعصلليته‬
‫وقال ليمسهم فيها نصب وقد ند آدم فيها هاربا فللارا عنللد اصللابته المعصللية‬
‫وطفق يخصف ورق الجنة على نفسه وهذا النصب بعينه الذي نفاه الله عنها‬
‫وأخبر انه ل يسمع فيها لغو ول تأثيم وقد اثم فيهللا آدم واسللمع فيهللا مللا هللو‬
‫اكبر من اللغو وهو انه امر فيها بمعصية ربه وأخبر انه ل يسمع فيهلا لغلو ول‬
‫كذب وقد اسللمعه فيهللا ابليللس الكللذب وغللره وقاسللمه عليلله ايضللا بعللد ان‬
‫اسمعه‬

‫اياه ‪ #‬وقد شرب آدم من شرابها الذي سماه فللي كتللابه شللرابا طهللورا أي‬
‫مطهرا من جميع الفات المذمومة وآدم لم يطهر من تلللك الفللات وسللماها‬
‫الله تعالى مقعد صدق وقد كذب ابليس فيها آدم ومقعد الصدق ل كذب فيه‬
‫وعليون لللم يكللن فيلله اسللتحالة قللط ول تبللديل ول يكللون باجمللاع المصلللين‬
‫والجنة في اعلى عليين والله تعالى انما قال انللي جاعللل فللي الرض خليفللة‬
‫ولم يقل اني جاعله في جنة الماوى فقالت الملئكة اتجعل فيها مللن يفسللد‬
‫فيها ويسفك الدماء والملئكة اتقى لله من ان تقول مال تعلم وهم القائلون‬
‫لعلم لنا ال ما علمتنا وفي هذا دللة على ان الله قد كللان اعلمهللم ان بنللي‬
‫آدم سيفسدون في الرض وال فكيف كانوا يقولون مال يعلمون والله تعالى‬
‫يقول وقوله الحق ل يسبقونه بالقول وهللم بللأمره يعلمللون والملئة ل تقللول‬
‫ول تعمل ال بما تؤمر به ل غير قال الله تعلالى ويفعلللون مللا يللؤمرون والللله‬
‫تعالى أخبرنا ان ابليس قال لدم هل ادلك على شجرة الخلد وملللك ل يبلللى‬
‫فإن كان قد اسكن الله جنة الخلد والملك الذي ل يبلى فكيف لم يللرد عليلله‬
‫نصيحته ويكذبه في قول فيقول وكيف تدلني على شيء انا فيه قللد اعطيتلله‬
‫واخترته بل كيف لم يحللث الللتراب فللي وجهلله ويسللبه لن ابليللس لئن كللان‬
‫يكون بهذا الكلم مغويا له انما كان يكون زاريا عليلله لنلله إنمللا وعللده علللى‬
‫معصية ربه بما كان فيه ل زائدا عليه ومثل هللذا ل يخللاطب بلله ال المجللانين‬
‫الذين ل يعقلون لن العوض الذي وعده به بمعصية ربه قد كان احللرزه وهللو‬
‫الخلد والملك الذي ل يبلى ولم يخبر الله آدم إذ اسكنه الجنللة انلله فيهللا مللن‬
‫الخالدين ولو كان فيهللا مللن الخالللدين لمللا ركللن الللى قللول ابليللس ول قبللل‬
‫نصيحته ولكنه لما كان في غير دار خلللود غللره بمللا اطمعلله فيلله مللن الخلللد‬
‫فقبل منه ولو اخبر الله آدم انه في دار الخلد ثم شك في خللبر ربلله لسللماه‬
‫كافرا ولما سماه عاصيا لن من شك في خبر الله فهو كافر ومن فعللل غيللر‬
‫ما امره الله به وهو معتقد للتصديق بخبر ربه فهو عللاص وإنمللا سللمى الللله‬
‫آدم عاصيا ولم يسمه كافرا قالوا فإن كان آدم اسلكن جنلة الخللد وهلي دار‬
‫القدس التي ل يدخلها ال طاهر مقدس فكيف توصللل اليهللا إبليللس الرجللس‬
‫النجس الملعون المذموم المدحور حتى فتللن فيهللا آدم وابليللس فاسللق قللد‬
‫فسق عن امر ربه وليست جنة الخلد دار الفاسقين ول يدخلها فاسللق البتللة‬
‫إنما هي دار المتقين وابليس غير تقي فبعد ان قيل له اهبط منها فما يكللون‬
‫لك ان تتكبر فيها انفسح له ان يرقى الى جنة المأوى فوق السماء السللابعة‬
‫بعد السخط والبعاد له بالعتو والستكبار هذا مضاد لقوله تعالى اهبللط منهللا‬
‫فما يكون لك ان تتكبر فيها فإن كانت مخاطبته آدم بما خاطبه بلله وقاسللمه‬
‫عليه ليس تكبرا فليس تعقل العرب الللتي انللزل القللرآن بلسللانها مللا التكللبر‬
‫ولعل من ضعفت رويته وقصر بحثه ان يقول‬

‫ان ابليس لللم يصللل اليهللا ولكلن وسوسللته وصللت فهللذا قللول يشللبه قللائله‬
‫ويشاكل معتقده وقول الله تعالى حكم بيننا وبينلله وقللوله تعللالى وقاسللمهما‬
‫يرد ما قللال لن المقاسللمة ليسللت وسوسللة ولكنهللا مخاطبللة ومشللافهة ول‬
‫تكلون ال ملن اثنيلن شلاهدين غيللر غلائبين ول احلدهما ومملا يلدل عللى ان‬
‫وسوسته كانت مخاطبة قول الله تعالى فوسوس اليه الشيطان قال يللا آدم‬
‫هل ادلك على شجرة الخلد وملك ل يبلى فأخبر انه قال لله ودل ذلللك علللى‬
‫انه انما وسوس اليه مخاطبة ل انه اوقللع ذلللك فللي نفسلله بل مقاولللة فمللن‬
‫ادعى على الظاهر تاويل ولم يقم عليه دليل لم يجب قبللول قللوله وعلللى ان‬
‫الوسوسة قد تكللون كلمللا مسللموعا او صللوتا قللال رؤيللة ‪ #‬وسللوس يللدعو‬
‫مخلصا رب الفلق ‪ %‬وقال العشى ‪ # :‬تسمع للحلى وسواسا إذا انصرفت‬
‫‪ %‬كما استعان بريح كشرق زجل ‪ #‬قالوا وفي قول ابليس لهما مللا نهاكمللا‬
‫ربكما عن هذه الشجرة دليل على مشاهدته لهمللا وللشللجرة ولمللا كللان آدم‬
‫خارجا من الجنة وغير ساكن فيها قال الله الم انهكما عن تلكما ما الشللجرة‬
‫ولم يقل عن هذه الشجرة كما قللال لله ابليللس لن آدم لللم يكللن حينئذ فللي‬
‫الجنة ول مشاهدا للشللجرة مللع قللوله عللز وجللل اليلله يصللعد الكلللم الطيللب‬
‫والعمل الصالح يرفعه فقد اخبر سبحانه خبرا محكما غير مشتبه انه ل يصعد‬
‫اليه ال كلم طيب وعمل صالح وهذا ممللا قللدمنا ذكللره انلله ل يلللج المقللدس‬
‫المطهر ال مقدس مطهر طيب ومعاذ الله ان تكون وسوسة ابليس مقدسة‬
‫او طاهرة او خيرا بل هي شر كلها وظلمة وخبللث ورجللس تعللالى الللله عللن‬
‫ذلك علوا كبيرا وكما ان اعمال الكافرين ل تلج القدس الطاهر ول تصل اليه‬
‫لنها خبيثة غير طيبة كللذلك ل تصللل ولللم تصللل وسوسللة ابليللس ول ولجللت‬
‫القدس قال تعالى كل ان كتاب الفجار لفي سجين وقللد روى عللن النللبي ان‬
‫آدم نام في جنته وجنة الخلد ل نوم فيهللا باجمللاع ملن المسلللمين لن النلوم‬
‫وفاة وقد نطق به القرآن والوفاة تقلب حال ودار السلم مسلمة من تقلللب‬
‫الحوال والنائم ميت او كالميت قالوا وقد روى عنه انه قللال لم حارثللة لمللا‬
‫قالت له يا رسول الله ان حارثة قتل معك فإن كان صار الى الجنللة صللبرت‬
‫واحتسبت وان كان صار الى ما سوى ذلك رأيت ما افعل فقللال لهللا رسللول‬
‫الله او جنة واحدة هي انما هي جنان كثيرة فاخبر ان لله جنات كثيرة فلعللل‬
‫آدم اسكنه الله جنة من جنانه ليست هي جنة الخلد قالوا وقد جاء في بعض‬
‫الخبار ان جنة آدم كانت بأرض الهند قللالوا وهللذا وأن كللان ل يصللححه رواة‬
‫الخبار ونقلة الثار فالذي تقبله اللباب ويشهد له ظاهر الكتاب ان جنللة آدم‬
‫ليست جنة الخلد‬

‫‪ #‬ول دار البقاء وكيف يجوز ان يكون الله اسكن آدم جنة الخلد ليكون فيهللا‬
‫من الخالدين وهو قائل للملئكة اني جاعللل فللي الرض خليفللة وكيللف اخللبر‬
‫الملئكة انه يريللد ان يجعللل فللي الرض خليفللة ثللم يسللكنه دار الخلللود ودار‬
‫الخلود ل يدخلها ال من يخلد فيها كما سميت بدار الخلللود فقللد سللماها الللله‬
‫بالسماء التي تقدم ذكرنا لها تسمية مطلقة ل خصوص فيها فإذا قيل للجنللة‬
‫دار الخلد لم يجزان ينقص مسمى هذا السم بحال فهذا بعللض مللا احتللج بلله‬
‫القائلون بهذا المللذهب وعلللى هللذا فاسللكان آدم وذريتلله فللي هللذه الجنللة ل‬
‫ينافي كونهم في دار البتلء والمتحللان وحينئذ كللانت تلللك الوجللوه والفللوائد‬
‫التي ذكرتموها ممكنة الحصول في الجنة فالجواب ان يقال هذا فيلله قللولن‬
‫للناس ونحن نللذكر القللولين واحتجللاج الفريقيللن ونللبين ثبللوت الوجللوه الللتي‬
‫ذكرناها وأمثالها على كل القولين ونذكر أول قول مللن قللال انهللا جنللة الخلللد‬
‫التي وعدها الله المتقين وما احتجوا بلله ومانقضللوا بلله حجللج مللن قللال انهللا‬
‫غيرها ثم نتبعهللا مقالللة الخريللن ومللا احتجللوا بله وملا أجللابوا بله عللن حجللج‬
‫منازعيهم من غير انتصاب لنصرة احد القولين وابطال الخر إذ ليس غرضللنا‬
‫ذلك وإنما الغرض ذكر بعللض الحكللم والمصللالح المقتضللية لخللراج آدم مللن‬
‫الجنة واسكانه في الرض في دار البتلء والمتحان وكان الغرض بذلك الرد‬
‫على من زعم ان حكمة الله سبحانه تأبى ادخال آدم الجنة وتعريضه للللذنب‬
‫الذي اخرج منها به وانه أي فللائدة فللي ذلللك والللرد علللى ان مللن ابطللل ان‬
‫يكون له في ذلك حكمة وإنما هو صادر عن محللض المشلليئة الللتي ل حكملله‬
‫الحكمة وراءها ولما كان المقصود حاصل على كل تقللدير سللواء كللانت جنللة‬
‫الخلد او غيرها بينا الكلم على التقديرين ورأينا ان الرد على هللؤلء بللدبوس‬
‫السلق ل يحصل غرضا ول يزيل مرضا فسلكنا هللذا السللبيل ليكللون قللولهم‬
‫مردودا على كل قول من اقلوال المللة وبللالله المسللتعان وعليلله التكلن ول‬
‫حول ول قوة ال بالله فنقول اما ما ذكرتموه من كون الجنة التي اهبط منهللا‬
‫آدم ليست جنة الخلد وإنماهي جنة غيرها فهذا ممللا قللد اختلللف فيلله النللاس‬
‫والشهر عند الخاصة والعامة الذي ل يخطر بقلوبهم سللواه انهللا جنللة الخلللد‬
‫التي اعدت للمتقين وقد نص غير واحد ملن السللف عللى ذللك واحتللج ملن‬
‫نصر هذا بما رواه مسلم في صحيحه من حللديث ابللي مالللك الشللجعي عللن‬
‫ابي حازم عن ابي هريرة وابو مالك عن ربعي بللن حللراش عللن حذيفللة قللال‬
‫قال رسول الله ‪ #‬يجمع الله عز وجل الناس حتى يزلف لهم الجنللة فيللأتون‬
‫آدم عليه السلم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم مللن‬
‫الجنة ال خطيئة ابيكم آدم وذكر الحديث قالوا فهذا يدل على ان الجنة الللتي‬
‫اخرج منها آدم هي بعينها التي يطلب منه‬
‫‪ #‬ان يستفتحها لهم قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه قال يا آدم اسكن انت‬
‫وزوجك الجنة الى قوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الرض مستقر‬
‫ومتاع الى حين عقيللب قللوله اهبطللوا فللدل علللى انهللم لللم يكونللوا اول فللي‬
‫الرض وأيضا فإنه سبحانه وصف الجنللة الللتي اسللكنها آدم بصللفات ل تكللون‬
‫في الجنة الدنيوية فقال تعالى إن لك ال تجوع فيهللا ول تعللرى وأنللك لتظملأ‬
‫فيها ول تضحى وهذا ل يكون في الللدنيا اصللل ولللو كللان الرجللل فللي اطيللب‬
‫منازلها فل بد ان يعرض له الجوع والظمأ والتعرى والضحى للشمس وايضللا‬
‫فإنها لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله هل ادلك على‬
‫شجرة الخلد وملك ل يبلى فإن آدم كان يعلللم ان الللدنيا منقضللية فانيللة وان‬
‫ملكها يبلى وايضا فإن قصة آدم في البقرة ظاهرة جدا فللي ان الجنللة الللتي‬
‫اخرج منها فوق السماء فللإنه سللبحانه قللال وإذ قلنللا للملئكللة اسللجدوا لدم‬
‫فسجدوا ال ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن انللت‬
‫وزوجللك وكل منهللا رغللدا حيللث شللئتما ول تقربللا هللذه الشللجرة فتكونللا مللن‬
‫الظالمين فأزلهمللا الشلليطان عنهللا فاخرجهمللا ممللا كانللا فيلله وقلنللا اهبطللوا‬
‫بعضكم لبعض عدو ولكم في الرض مستقر ومتاع الى حين فتلقى آدم مللن‬
‫ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم فهذا اهباط آدم وحواء وابليللس‬
‫من الجنة ولهذا اتى فيه بضمير الجمع وقيل انلله خطللاب لهللم وللحيللة وهللذا‬
‫يحتاج الى نقل ثابت إذ ل ذكر للحية في شيء من قصة آدم وإبليللس وقيللل‬
‫خطللاب لدم وحللواء وأتللى فيلله بلفللظ الجمللع كقللوله تعللالى وكنللا لحكمهللم‬
‫شاهدين وقيل لدم وحواء وذريتهما وهذه القوال ضعيفة غير الول لنها بين‬
‫قول ل دليل عليه وبين ما يدل ظاهر الخطاب على خلفلله فثبللت ان ابليللس‬
‫داخل في هذا الخطاب وانه من المهبطيللن مللن الجنللة ثللم قللال تعللالى قلنللا‬
‫اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبللع هللداي فل خللوف عليهللم‬
‫ول هم يحزنون وهذا الهباط الثاني ل بللد ان يكللون غيللر الول وهللو اهبللاطه‬
‫من السماء الى الرض وحينئذ فتكون الجنللة اللتي اهبطللوا منهللا الول فلوق‬
‫السماء وهي جنة الخلد وقللد ذهبللت طائفللة منهللم الزمخشللري الىللان قللوله‬
‫اهبطللوا منهللا جميعللا خطللاب لدم وحللواء خاصللة وعللبر عنهمللا بللالجمع‬
‫لستتاباعهما ذرياتهما قال والدليل عليه قوله تعالى قال اهبطللا منهللا جميعللا‬
‫بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم مني هدى وقال ويدل على ذلك قللوله فمللن‬
‫تبع هداي فل خوف عليهم ول هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنللا اولئك‬
‫اصحاب النار هم فيها خالللدون ومللا هللو ال حكللم يعللم النللاس كلهللم ومعنللى‬
‫بعضكم لبعض عدو ما عليه الناس ملن التعلادى والتبلاغض وتضلليل بعضلهم‬
‫لبعض وهذا الذي اختاره اضعف القوال في الية فللإن العللداوة الللتي ذكرهللا‬
‫الله انما هي بين آدم وابليس وذرياتهما كمللا قللال تعللالى ان الشلليطان لكللم‬
‫عدو فاتخذوه عدوا ^ وأما ^‬

‫‪ #‬آدم وزوجه فإن الله سبحانه اخبر في كتابه انه خلقهللا منلله ليسللكن اليهللا‬
‫وقال سبحانه ومن آياته ان خلللق لكللم مللن انفسللكم ازواجللا لتسللكنوا اليهللا‬
‫وجعل بينكم مودة ورحمللة فهللو سللبحانه جعللل المللودة بيللن الرجللل وزوجلله‬
‫وجعل العداوة بين آدم وابليس وذرياتهما ويدل عليه ايضا عود الضمير اليهم‬
‫بلفظ الجمع وقد تقدم ذكر آدم وزوجه وابليس في قولهم فأزلهما الشيطان‬
‫عنها فأخرجهما فهؤلء ثلثة آدم وحواء وإبليللس فلمللاذا يعللود الضللمير علللى‬
‫بعض المذكور مع منافرته لطريق الكلم وليعود على جميع المذكور مع انلله‬
‫وجه الكلم فإن قيل فما تصنعون بقوله في سللورة طلله ‪ :‬قللال اهبطللا منهللا‬
‫جميعا بعضكم لبعض عدو وهذا خطاب لدم وحواء وقد اخبر بعداوة بعضللهم‬
‫بعضا قيل اما ان يكون الضمير فلي قلوله اهبطلا راجعلا اللى آدم وزوجله او‬
‫يكون راجعا الى آدم وابليس ولم يللذكر الزوجللة لنهللا تبللع للله وعلللى الثللاني‬
‫فالعداوة المذكورة للمخاطبين بالهباط وهما آدم وابليس وعلى الول تكون‬
‫الية قد اشتملت على أمريللن احللدهما امللره لدم وزوجلله بللالهبوط والثللاني‬
‫جعله العداوة بين آدم وزوجه وابليس ول بد ان يكون ابليس داخل في حكللم‬
‫هذه العداوة قطعا كما قال تعالى إن هذا عدو لك ولزوجك وقال لللذريته ان‬
‫الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وتأمل كيللف اتفقللت المواضللع الللتي فيهللا‬
‫العداوة على ضمير الجمع دون التثنية وأما ذكللر الهبللاط فتللارة يللاتي بلفللظ‬
‫ضمير الجمع وتارة بلفللظ التثنيللة وتللارة يللأتي بلفللظ الفللراد لبليللس وحللده‬
‫كقوله تعالى في سورة العراف قال ما منعك ان ل تسجد اذ امرتك قال انا‬
‫خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لللك ان‬
‫تتكبر فيها فهذا الهباط لبليس وحده والضمير في قوله منها قيل انلله عللائد‬
‫الى الجنة وقيل عائد الى السماء وحيث اتى بصيغة الجمع كان لدم وزوجلله‬
‫وابليس اذ مدار القصة عليهم وحيث اتى بلفللظ التثنيللة فامللا ان يكللون لدم‬
‫وزوجه إذ هما اللذان باشرا الكل من الشجرة واقللدما علللى المعصللية وامللا‬
‫ان يكون لدم وابليس اذ هما ابوا الثقلين فذكر حالهما ومللا آل اليلله امرهمللا‬
‫ليكون عظة وعبرة لولدهما والقولن محكيان في ذلللك وحيللث اتللى بلفللظ‬
‫الفراد فهو لبليس وحده وأيضا فالذي يوضللح ان الضلمير فلي قلوله اهبطلا‬
‫منها جميعا لدم وابليس ان الله سبحانه لما ذكر المعصية افرد بهللا آدم دون‬
‫زوجه فقال وعصى آدم ربه فغوى ثللم اجتللابه ربلله فتللاب عليلله وهللدى قللال‬
‫اهبطا منها جميعا وهذا يدل على ان المخاطب بالهباط هو آدم ومن زين له‬
‫المعصية ودخلت الزوجة تبعا وهللذا لن المقصللود اخبللار الللله تعللالى لعبللاده‬
‫المكلفين ملن الجلن والنلس بملا جللرى علللى ابويهملا ملن شلؤم المعصللية‬
‫ومخالفة المر لئل يقتدوا بهما في ذلك فذكر ابللو الثقليللن ابلللغ فللي حصللول‬
‫هذا المعنى من ذكر ابوي النس فقط وقد اخللبر سللبحانه عللن الزوجللة انهللا‬
‫اكلت مع آدم وأخبر انه اهبطه‬

‫وأخرجه من الجنة بتلللك الكلللة فعلللم ان هللذا اقتضللاه حكللم الزوجيللة وانهللا‬
‫صارت الى ما صار اليه آدم فكان تجريد العناية الى ذكر البوين الللذين همللا‬
‫اصل الذرية اولللى مللن تجريللدها الللى ذكللر ابللي النللس وامهللم والللله اعلللم‬
‫وبالجملة فقوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو ظاهر في الجمع فل يسوغ حمله‬
‫على الثنين في قوله اهبطا قللالوا وأمللا قللولكم انلله كيللف وسللوس للله بعللد‬
‫اهباطه منها ومحال ان يصعد اليها بعد قوله تعالى اهبط فجللوابه مللن وجللوه‬
‫احللدهما انلله اخللرج منهللا ومنللع مللن دخولهللا علللى وجلله السللكنى والكرامللة‬
‫واتخاذها دارا فمن اين لكم انه منع من دخولها على وجلله البتلء والمتحللان‬
‫لدم وزوجه ويكون هذا دخول عارضا كما يدخل شرط دار من امروا بللابتلئه‬
‫ومحنته وان لم يكونوا اهل لسكنى تلك الدار الثاني انه كان يدنو من السماء‬
‫فيكلمهما ول يدخل عليهما دارهما الثالث انه لعله قام عللى البلاب فناداهملا‬
‫وقاسمهما ولم يلج الجنة الرابع انه قد روى انه اراد الدخول عليهمللا فمنعتلله‬
‫الخزنة فدخل في فم الحية حتى دخلت بله عليهملا ول يشللعر الخزنلة بلذلك‬
‫قالوا ومما يدل على انها جنة الخلد بعينها انهللا جللاءت معرفللة بلم التعريللف‬
‫فللي جميللع المواضللع كقللوله اسللكن انللت وزوجللك الجنللة ول جنللة يعهللدها‬
‫المخاطبون ويعرفونها ال جنة الخلد التي وعللد الرحمللن عبللاده بللالغيب فقللد‬
‫صار هذا السم علما عليهللا بالغلبلة وان كللان فللي اصللل الوضلع عبللارة عللن‬
‫البستان ذي الثمار والفواكه وهذا كالمدينة الطيبللة والنجللم للثريللا ونظائرهللا‬
‫فحيللث ورد اللفللظ معرفللا بللاللف واللم انصللرف الللى الجنللة المعهللودة‬
‫المعلومة في قلوب المؤمنين وأما ان اريد به جنة غيرها فانها تجيء منكللرة‬
‫كقوله جنتين من اعناب او مقيدة بالضافة كقللوله ولللول اذ دخلللت جنتللك او‬
‫مقيدة من السياق بما يدل على انها جنة في الرض كقوله انلا بلونللاهم كمللا‬
‫بلونللا اصللحاب الجنللة اذ اقسللموا ليصللرمنها مصللبحين اليللات فهللذا السللياق‬
‫والتقييد يدل على انها بستان فللي الرض قللالوا وأيضللا فللإنه قللد اتفللق اهللل‬
‫السنة والجماعة على ان الجنة والنار مخلوقتان وقد تللواترت الحللاديث عللن‬
‫النبي بذلك كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النللبي انلله قللال إن‬
‫احدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن كان من اهللل الجنللة‬
‫فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمللن اهللل النللار يقللال هللذا مقعللدك‬
‫حتى يبعثك الله يوم القيامة وفي الصحيحين من حديث ابلي سلعيد الخلدري‬
‫عن النبي قال اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة مالي ل يدخلني ال ضعفاء‬
‫الناس وسقطهم وقالت النار مالي ل يدخلني ال الجبارون والمتكبرون فقال‬
‫للجنة انت رحمتي ارحم بك من أشاء وقال للنار انت عذابي اعذب بللك مللن‬
‫أشاء الحديث وفي السنن عن ابي هريرة ان رسول الله قال لما خلللق الللله‬
‫الجنة والنار ارسللل جبريللل اللى الجنلة فقللال اذهللب فلانظر اليهللا والللى ملا‬
‫اعددت لهلها قال‬

‫‪ #‬فذهب فنظر اليها وإلى ما اعد الله لهلها الحديث وفللي الصللحيحين فللي‬
‫حديث السراء ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا‬
‫نبقها مثل قلل هجر وإذا اربعة انهار نهران ظاهران ونهللران باطنللان فقلللت‬
‫ما هذا يا جبريل قال اما النهران الظاهران فالنيللل والفللرات وأمللا الباطنللان‬
‫فنهران في الجنة وفيه ايضا ثم ادخلت الجنللة فللإذا جنابللذ اللؤلللؤ وإذا ترابهللا‬
‫المسك وفي صحيح البخاري عن انس عن النبي قال ‪ #‬بينما انللا أسللير فللي‬
‫الجنة إذا انا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قال قلت ما هذا يا جبريل قللال‬
‫هذا الكوثر الذي اعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك اذفر وفي‬
‫صحيح مسلم في حديث صلة الكسوف ان النللبي جعللل يتقللدم ويتللأخر فللي‬
‫الصلة ثم اقبل على اصحابه فقال انه عرضت لي الجنة والنار فقربت منللي‬
‫الجنة حتى لو تناولت منها قطفا لخذته فلو اخذته لكلتم منه ما بقيت الدنيا‬
‫وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود في قوله تعالى ول تحسبن الللذين قتلللوا‬
‫في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ارواحهللم فللي جللوف طيللر‬
‫خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تللأوى الللى‬
‫تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلعة فقال هل تشللتهون شلليئا فقللالوا أي‬
‫شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا الحديث وفللي الصللحيح مللن‬
‫حديث ابن عباس قال قال رسول الله لما اصيب اخللوانكم باحللد جعللل الللله‬
‫ارواحهم في اجواف طير خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتاوى الللى‬
‫قناديللل مللن ذهللب معلقللة فللي ظللل العللرش فلمللا وجللدوا طيللب مللأكلهم‬
‫ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ عنا اخواننا انا في الجنة نرزق لئل يزهللدوا‬
‫في الجهاد ول يتكلوا عند الحرب فقال الله أنا ابلغهم عنكم فللانزل الللله عللز‬
‫وجل ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اليللة وفللي الموطللأ مللن حللديث‬
‫كعب بن مالك ان رسول الله قال انما نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنللة‬
‫حتى يرجعه الله الى جسده يوم يبعثه وفي البخاري ان إبراهيم ابللن رسللول‬
‫الله لما توفي قال رسول الله ان له مرضعا في الجنة وفي صحيح البخللاري‬
‫عن عمران بن حصين قال قال رسول الله اطلعت في الجنللة فرأيللت اكللثر‬
‫اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكللثر اهلهللا النسللاء والثللار فللي هللذا‬
‫الباب اكثر من ان تذكرا واما القول بان الجنة والنار لم تخلقا بعد فهو قللول‬
‫اهل البدع من ضلل المعتزلة ومن قال بقولهم وهم الذين يقولون ان الجنة‬
‫التي اهبط منها آدم إنما كانت جنة بشرقي الرض وهلذه الحلاديث وأمثالهلا‬
‫ترد قولهم ‪ #‬قالوا وأما احتجاجكم بسائر الوجوه التي ذكرتموها فللي الجنللة‬
‫وأنها منتفية في الجنة التي اسكنها آدم من اللغو والكذب والنصللب والعللرى‬
‫وغير ذلك فهذا كله حق ل ننكره نحن ول احد مللن اهللل السلللم ولكللن هللذا‬
‫إنما هو إذا دخلها المؤمنون‬

‫يوم القيامة كما يدل عليه سياق الكلم وهذا ل ينفى ان يكون فيهللا بيللن آدم‬
‫وإبليس ما حكاه الله عز وجللل ملن المتحللان والبتلء ثللم يصللير المللر عنللد‬
‫دخول المؤمنين اليها الى ما أخبر الله عز وجللل بلله فل تنللافي بيللن المريللن‬
‫قالوا وأما قولكم ان الجنة دار جزاء وثواب وليست دارتكليف وقد كلف الله‬
‫سبحانه آدم فيها بالنهي عن الشجرة فجلوابه ملن وجهيلن احللدهما انله إنملا‬
‫يمتنع ان تكون دار تكليف إذا دخلهللا المؤمنللون يللوم القيامللة فحينئذ ينقطللع‬
‫التكليف وأما امتناع وقوع التكليف فيها في دار الدنيا فل دليللل عليلله الثللاني‬
‫ان التكليف فيها لم يكللن بالعمللال الللتي يكلللف بهللا النللاس فللي الللدنيا مللن‬
‫الصيام والصلة والجهاد ونحوها وإنما كان حجرا عليه في شجرة مللن جملللة‬
‫أشجارها وهذا ل يمتنع وقوعه في جنة الخلد كما ان كل احللد محجللور عليلله‬
‫ان يقرب أهل غيره فيها فإن اردتم بان الجنة ليست دار كيف امتنللاع وقللوع‬
‫مثل هذا فيها في وقت من الوقات فل دليل لكم عليه وإن اردتللم ان غللالب‬
‫التكلاليف اللتي تكلون فلي الدنيامنتفيلة فيهلا فهلو حلق ولكلن ل يلدل عللى‬
‫مطلوبكم قالوا وهذا كما انلله مللوجب الدلللة وقللول سلللف المللة فل يعللرف‬
‫بقولكم قائل من ائمللة العلللم ول يعللرج عليلله ول يلتفللت اليلله قللال الولللون‬
‫الجواب عما ذكرتم من وجهين مجمل ومفصل اما المجمل فللإنكم لللم تللأتوا‬
‫على قولكم بدليل يتعين المصير اليه ل من قرآن ول من سنة ول أثللر ثللابت‬
‫عن احد من اصحاب رسول الللله ول التللابعين ل مسللندا ول مقطوعللا ونحللن‬
‫نوجدكم من قال بقولنا هذا احد ائمة السلم سفيان بن عيينة قال في قوله‬
‫عز وجل ان لك ان ل تجوع فيها ول تعرى قال يعنللي فللي الرض وهللذا عبللد‬
‫الله بن مسلم بن قتيبة قال في معارفه بعد ان ذكر خلللق الللله لدم وزوجلله‬
‫ان الله سبحانه اخرجه من مشرق جنة عدن الى الرض التي منها اخذ وهذا‬
‫ابى قد حكى الحسن عنه ان آدم لما احتضر اشتهى قطفا من قطللف الجنللة‬
‫فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملئكللة فقللالوا ايللن تريللدون يللا بنللي آدم‬
‫قالوا إن ابانا اشتهى قطفا من قطف الجنة فقالوا لهم ارجعوا فقد كفيتموه‬
‫فانتهوا اليه فقبضوا روحه وغسلللوه وحنطللوه وكفنللوه وصلللى عليلله جبريللل‬
‫وبنوه خلف الملئكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم وهللذا ابللو صللالح‬
‫قد نقل عن ابن عباس في قوله اهبطوا منها قال هللو كمللا يقللال هبللط فلن‬
‫في ارض كذا وكذا وهذا وهب بن منبه يذكر آن آدم خلللق فللي الرض وفيهللا‬
‫سللكن وفيهللا نصللب للله الفللردوس وانلله كللان بعللدن وان سلليحون وجيحللون‬
‫والفرات انقسمت من النهر الللذي كللان فللي وسللط الجنللة وهللو الللذي كللان‬
‫يسقيها وهذا منذر بن سعيد البلوطي اختاره في تفسيره ونصره بما حكينللاه‬
‫عنه وحكاه في غير التفسير عن ابي حنيفة فيما خالفه فيه فلم قللال بقللوله‬
‫في هذه المسألة وهذا أبو مسلللم الصللبهاني صللاحب التفسللير وغيللره احللد‬
‫الفضلء المشهورين قال بهذا وانتصر له واحتج عليه بما هو معروف‬

‫في كتابه وهذا ابو محمد عبد الحق بن عطية ذكر القولين في تفسلليره فللي‬
‫قصة آدم في البقرة وهذا ابو محمد بن حزم ذكر القولين فللي كتللاب الملللل‬
‫والنحل له فقال وكان المنذر بن سعيد القاضي يذهب الللى ان الجنللة والنللار‬
‫مخلوقتان ال انه كان يقول انها ليست هي التي كان فيها آدم وامراته وممن‬
‫حكى القولين ايضا ابو عيسى الرماني في تفسيره واختار انها جنة الخلد ثم‬
‫قال والمذهب الذي اخترناه قول الحسن وعمرو بللن واصللل وأكللثر اصللحابنا‬
‫وهو قول ابي علي وشيخنا ابي بكر وعليه اهل التفسير وممن ذكر القللولين‬
‫ابو القاسم الراغب في تفسيره فقال واختلف في الجنللة الللتي اسللكنها آدم‬
‫فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله له امتحانا ولم يكن جنة المللأوى‬
‫ثم قال ومن قال لم يكن جنة المللأوى لنلله ل تكليللف فللي الجنللة وآدم كللان‬
‫مكلفا قال وقد قيل في جوابه انها ل تكون دار التكليف في الخرة ول يمتنع‬
‫ان تكون في وقت دار تكليف دون وقت كمللا ان النسللان يكللون فللي وقللت‬
‫مكلفا دون وقت وممن ذكر الخلف في المسألة ابو عبد الللله بللن الخطيللب‬
‫الرازي في تفسيره فذكر هذين القولين وقول ثالثا وهو التوقف قال لمكللان‬
‫الجميع وعدم الوصول الى القطع كما سيأتي حكاية كلمه ومللن المفسللرين‬
‫من لم يذكر غير هذا القول وهو انها لم تكن جنة الخلد إنما كانت حيث شاء‬
‫الله من الرض وقالوا كانت تطلع فيها الشمس والقمر وكان ابليس فيها ثم‬
‫اخرج قال ولو كانت جنة الخلد لما اخرج منها وممن ذكر القللولين ايضللا أبللو‬
‫الحسن الماوردي فقال في تفسيره واختلف في الجنة الللتي اسللكناها علللى‬
‫قولين احدهما انها جنة الخلد الثاني انهللا جنللة اعللدها الللله لهمللا وجعلهللا دار‬
‫ابتلء وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء ومن قال بهذا اختلفوا فيه‬
‫على قولين احدهما انها في السماء لنه اهبطهمللا منهللا وهللذا قللول الحسللن‬
‫الثاني انها في الرض لنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيللا عنهللا‬
‫دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن يحيللى وكللان ذلللك بعللد ان أمللر ابليللس‬
‫بالسجود لدم والله اعلم بصواب ذلك هللذا كلملله وقللال ابللن الخطيللب فللي‬
‫تفسيره اختلفوا في ان الجنة المذكورة في هذه الية هل كللانت فللي الرض‬
‫او في السماء وبتقدير انها كانت في السماء فهل هللي الجنللة الللتي هللي دار‬
‫الثواب وجنة الخلللد او جنللة اخللرى فقللال ابللو القاسللم البلخللي وابللو مسلللم‬
‫الصبهاني هذه الجنة في الرض وحمل الهباط على النتقال من بقعللة الللى‬
‫بقعة كما في قوله تعالى اهبطوا مصرا القول الثاني وهللو قللول الجبللائي ان‬
‫تلك كللانت فللي السللماء السللابعة قللال والللدليل عليلله قللوله اهبطللوا ثللم ان‬
‫الهباط الول كان من السماء السابعة الى السماء الولى والهبللاط الثللاني‬
‫كان من السماء الى الرض والقللول الثللالث وهللو قللول جمهللور اصللحابنا ان‬
‫هذه الجنة هي دار الثواب والدليل عليههو ان اللف واللم في لفظ الجنللة ل‬
‫يفيد العملوم لن سللكنى آدم جميللع الجنللان محلال فل بللد ملن صللرفها الللى‬
‫المعهود السابق والجنة المعهودة المعلومة بين المسلللمين هللي دار الثللواب‬
‫فوجب صرف اللفظ اليها قال والقول الرابع ان الكل ممكن والدلة النقليللة‬
‫ضعيفة ومتعارضة فوجب التوقف وترك القطع‬

‫‪ #‬قالوا ونحن ل نقلد هؤلء ول نعتمد على ما حكى عنهم والحجة الصللحيحة‬
‫حكم بين المتنازعين قالوا وقد ذكرنا علللى هللذا القللول مللا فيلله كفايللة وامللا‬
‫الجواب المفصل فنحن نتكلللم علللى مللا ذكرتللم مللن الحجللج لينكشللف وجلله‬
‫الصواب فنقول وبالله التوفيق اما اسللتدللكم بحللديث ابللي هريللرة وحذيفللة‬
‫حين يقول الناس لدم استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم منها ال خطيئة‬
‫ابيكم فهذا الحديث ل يدل على ان الجنة التي طلبوا منه ان يسللتفتحها لهللم‬
‫هي التي أخرج منها بعينها فإن الجنة اسم جنللس فكللل بسللتان يسللمى جنللة‬
‫كما قال تعالى انا بلونللاهم كمللا بلونللا اصللحاب الجنللة إذ اقسللموا ليصللرمنها‬
‫مصبحين وقال تعالى وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض ينبوعا او‬
‫تكون لك جنة من نخيل وعنب وقللال تعللالى ومثللل الللذين ينفقللون امللوالهم‬
‫ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة وقال تعالى واضرب‬
‫لهم مثل رجلين جعلنا لحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل الللى قللوله‬
‫ولول إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ل قوة ال بالله فإن الجنة اسم جنللس‬
‫فهم لما طلبوا من آدم ان يستفتح لهم جنة الخلد اخبرهم بأنه ل يحسن منه‬
‫ان يقدم على ذلك وقد اخرج نفسه وذريته من الجنة التي اسكنه الللله اياهللا‬
‫بذنبه وخطيئته هذا الذي دل عليه الحديث وأما كون الجنة الللتي اخللرج منهللا‬
‫هي بعينها التي طلبوا منه ان يستفتحها لهللم فل يلدل الحللديث عليلله بشلليء‬
‫من وجوه الدللت الثلث ولو دل عليه لوجب المصير الللى مللدلول الحللديث‬
‫وامتنع القللول بمخللالفته وهللل مللدارنا ال علللى فهللم مقتضللى كلم الصللادق‬
‫المصدوق صلوات الله وسلللمه عليلله قللالوا وأمللا اسللتدللكم بللالهبوط وأنلله‬
‫نزول من علو الى سفل فجوابه من وجهين احدهما ان الهبوط قللد اسللتنقل‬
‫في النقلة من ارض الى ارض كما يقال هبط فلن بلد كذا وكذا وقال تعللالى‬
‫اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وهذا كثير في نظم العرب ونثرها قال ‪# :‬‬
‫إن تهبطين بلد قو ‪ %‬م يرتعون مللن الطلح وقللد روى ابللو صللالح عللن ابللن‬
‫عباس رضى الله عنهما قال هو كما يقال هبط فلن ارض كللذا وكللذا الثللاني‬
‫انا ل ننازعكم في ان الهبوط حقيقلة ملا ذكرتمللوه ولكللن ملن ايللن يلللزم ان‬
‫تكون الجنة التي منها الهبوط فوق السموات فللإذا كللانت فللي أعلللى الرض‬
‫اما يصح ان يقال هبط منها كما يهبط الحجر مللن اعلللى الجبللل الللى اسللفله‬
‫ونحوه وأما قوله تعالى ولكم في الرض مستقرومتاع الللى حيللن فهللذا يللدل‬
‫على ان الرض التي اهبطوا اليها لهم فيها مستقر ومتاع الللى حيللن ول يللدل‬
‫على انهم لم يكونلوا فللي جنلة عاليلة اعلللى ملن الرض اللتي اهبطلوا اليهلا‬
‫تخالف الرض‬

‫في صفاتها واشجارها ونعيمها وطيبها فالله سبحانه فلاوت بيلن بقلاع الرض‬
‫اعظم تفاوت وهذا مشللهود بللالحس فمللن ايللن لكللم ان تلللك لللم تكللن جنللة‬
‫تميزت عن سائر بقاع الرض بما ل يكون ال فيها ثم اهبطوا منها الى الرض‬
‫التي هي محل التعب والنصب والبتلء والمتحان وهذا بعينه هوالجواب عللن‬
‫استدللكم بقوله تعالى إن لك ال تجوع فيهاولتعرى ألى آخر ما ذكرتموه مع‬
‫ان هذا حكم معلق بشرط والشرط لم يحصل فإنه سللبحانه إنمللا قللال ذلللك‬
‫عقيب قوله ول تقربا هذه الشجرة وقوله ان لك ال تجوع فيها ول تعللرى هللو‬
‫صيغة وعد مرتبطة بما قبلها والمعنى ان اجتنبت الشجرة الللتي نهيتللك عنهللا‬
‫ولم تقربها كان للك هللذا الوعللد والحكللم المعللق بالشللرط علدم عنلد علدم‬
‫الشرط فلما اكل من الشجرة زال استحقاقه لهذا الوعلد قلال واملا قللولكم‬
‫انه لو كانت الجنة في الدنيا لعلم آدم كذب ابليس في قوله هل أدلللك علللى‬
‫شجرة الخلد وملك ل يبلى الى آخره فدعوى ل دليل عليها لنه ل دليل لكللم‬
‫على ان الله سبحانه كان قد اعلم آدم حيللن خلقلله ان الللدنيا منقضللية فانيللة‬
‫وان ملكها يبلى ويزول وعلى تقدير ان يكون آدم حينئذ قد أعلم ذلك فقللول‬
‫ابليس هل أدلك على شجرة الخلد وملك ل يبلى ل يدل على انه اراد بالخلللد‬
‫مال يتناهى فإن الخلد في لغة العرب هو اللبث الطويل كقللولهم قيللد مخلللد‬
‫وحبس مخلد وقد قال تعلالى لثملود تبنلون بكللل ريللع آيلة تعبثلون وتتخللذون‬
‫مصانع لعلكم تخلدون وكذلك قللوله وملللك ل يبلللى يللراد بلله الملللك الطويللل‬
‫الثابت وأيضا فل وجه للعتذار عن قول ابليس مللع تحقللق كللذبه ومقاسللمته‬
‫آدم وحواء على الكذب والله سبحانه قد أخبر انه قاسللمهما ودلهمللا بغللرور‬
‫وهذا يدل على انهما اغترا بقوله فغرهما بان اطمعهما في خلد البد والملك‬
‫الذي ل يبلى وبالجملة فالستدلل بهذا على كون الجنة التي سكنها آدم هللي‬
‫جنة الخلد التي وعدها المتقون غير بين ثم نقول لللو كللانت الجنللة هللي جنللة‬
‫الخلد التي ل يزول ملكها لكانت جميع اشجارها شجر الخلد فلللم يكللن لتلللك‬
‫الشجرة اختصاص مللن بيللن سللائر الشللجر بكونهللا شللجرة الخلللد وكللان آدم‬
‫يسخر من ابليس إذ قد علم ان الجنة دار الخلد فإن قلتم لعل آدم لللم يعلللم‬
‫حينئذ ذلك فغره الخبيث وخدعه بان هذه الشجرة وحدها هي شللجرة الخلللد‬
‫قلنا فاقنعوا منا بهذا الجواب بعينه عن قولكم لو كانت الجنة في الدنيا لعلللم‬
‫آدم كذب ابليس في ذلك لن قوله كان خداعا وغرورا محضا على كل تقدير‬
‫فانقلب دليلكم حجة عليكم وبالله التوفيق قللالوا وأمللا قللولكم ان قصللة آدم‬
‫في البقرة ظاهرة جدا في ان جنة آدم كانت فللوق السللماء فنحللن نطللالبكم‬
‫بهذا الظهور ول سبيل لكم الى اثباته قولكم انه كرر فيه ذكر الهبوط مرتيلن‬
‫ول بد ان يفيد الثللاني غيللر مللا أفللاد الول فيكللون الهبللوط الول مللن الجنللة‬
‫والثاني من السماء فهذا فيه خلف بيللن اهللل التفسللير فقللالت طائفللة هللذا‬
‫القول الذي ذكرتموه وقالت طائفة‬

‫منهم النقللاش وغيللره ان الهبللوط الثللاني إنمللا هللو مللن الجنللة الللى السللماء‬
‫والهبوط الول الى الرض وهو آخر الهبوطين فللي الوقللوع وان كللان اولهمللا‬
‫في الذكر وقالت طائفة اتى به على جهة التغليظ والتأكيد كما تقول للرجللل‬
‫اخرج اخرج وهذه القوال ضعيفة فأما القول الول فيظهر ضعفه من وجللوه‬
‫احدها انه مجرد دعوى ل دليل عليها من اللفلظ ول ملن خلبر يجلب المصلير‬
‫اليه وما كان هذا سبيله ل يحمللل القللرآن عليلله الثللاني ان الللله سللبحانه قللد‬
‫اهبط ابليس لما امتنع من السجود لدم اهباطا كونيا قدريا ل سبيل للله الللى‬
‫التخلف عنه فقال تعالى اهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها فللاخرج انللك‬
‫من الصاغرين وقال فللي موضللع آخللر فللاخرج منهللا فانللك رجيللم وان عليللك‬
‫اللعنة الى يوم الدين وفي موضع آخر اخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك‬
‫منهم لملن جهنم منكم اجمعين وسواء كان الضمير فللي قللوله منهللا راجعللا‬
‫الى السماء او الى الجنة فهذا صللريح فللي اهبللاطه وطللرده ولعنلله وادحللاره‬
‫والمدحور المبعد وعلى هذا فلو كانت الجنة فوق السموات لكللان قللد صللعد‬
‫اليها بعد اهباط الله له وهذا وان كان ممكنا فهو في غاية البعللد عللن حكمللة‬
‫الله ول يقتضليه خللبره فل ينبغللي ان يصلار اليله وأمللا الوجللوه الربعللة اللتي‬
‫ذكرتموها من صعوده للوسوسة فهي مللع امللر الللله تعللالى بللالهبوط مطلقللا‬
‫وطرده ولعنه ودحوره ل دليل عليها ل من اللفظ ول ملن الخلبر اللذي يجلب‬
‫المصير اليه وما هي ال احتمالت مجردة وتقديرات ل دليل عليها الثللالث ان‬
‫سياق قصة اهباط الله تعالى لبليس ظاهرة في أنه اهباط الللى الرض مللن‬
‫وجوه احدها انه سللبحانه نبلله علللى حكمللة اهبللاطه بمللا قللام بلله مللن التكللبر‬
‫المقتضى غاية ذله وطرده ومعاملته بنقيض قصللده وهللو اهبللاطه مللن فللوق‬
‫السموات الى قرار الرض ول تقتضى الحكمللة ان يكللون فللوق السللماء مللع‬
‫كبره ومنافاة حاله لحال الملئكة الكرمين الثاني انه قال فاخرج منها فإنللك‬
‫رجيم وان عليك لعنتي الى يوم الدين وكونه رجيمللا ملعونللا ينفللى ان يكللون‬
‫في السماء بيللن المقربيللن المطهريللن الثللالث انله قللال اخللرج منهللا ملذؤما‬
‫مدحورا وملكللوت السللموات ل يعلللوه المللذموم المللدحور ابللدا وأمللا القللول‬
‫الثاني فهو القول الول بعينه مع زيادة مللا ل يللدل عليلله السللياق بحللال مللن‬
‫تقديم ما هو مؤخر في الواقع وتأخير ما هو مقدم فيه فيرد بما رد به القللول‬
‫الذي قبله وأما القللول الثللالث وهللو أنلله للتأكيللد فللإن أريللد التأكيللد اللفظللي‬
‫المجرد فهذا ل يقع في القرآن وان اريد به انه مستلزم للتغليظ والتأكيد مللع‬
‫ما يشتمل عليه من الفائدة فصحيح فالصللواب ان يقللال اعيللد الهبللاط مللرة‬
‫ثانية لنه علق عليه حكما غير المعلق علللى الهبللاط الول فللإنه علللق علللى‬
‫الول عداوة بعضهم بعضا فقللال اهبطللوا بعضللكم لبعللض عللدو وهللذه جملللة‬
‫حالية وهي اسمية بالضمير وحده عنللد الكللثرين والمعنللى اهبطللوا متعللادين‬
‫وعلق على الهبوط الثاني حكمين آخرين احدهما هبوطهم جميعا والثاني‬

‫^ قوله ^ فإما يأتينكم مني هدى فملن تبلع هلداي فل خلوف عليهلم ولهلم‬
‫يحزنون فكأنه قيل اهبطوا بهذا الشرط مأخوذا عليكللم هللذا العهللد وهللو انلله‬
‫مهما جاءكم مني هدى فمن اتبعه منكم فل خوف عليه ول حزن يلحقه ففي‬
‫الهباط الول إيذان بالعقوبة ومقابلتهم على الجريمللة وفلي الهبلاط الثللاني‬
‫روح التسلية والستبشاربحسن عاقبة هذا الهبوط لملن تبللع هللداي ومصلليره‬
‫الى المن والسرور المضاد للخوف والحزن فكسرهم بالهبللاط الول وجللبر‬
‫من اتبع هداه بالهباط الثاني على عادته سبحانه ولطفه بعباده وأهل طاعته‬
‫كما كسر آدم بالخراج من الجنة وجللبره بالكلمللات الللتي تلقاهللا منلله فتللاب‬
‫عليه وهداه ومن تدبر حكمته سبحانه ولطفه وبره بعباده وأهللل طللاعته فللي‬
‫كسره لهم ثم جبره بعد النكسار كما يكسر العبد بالذنب ويذله به ثم يجبره‬
‫بتوبته عليه ومغفرته له وكما يكسللره بللأنواع المصللائب والمحللن ثللم يجللبره‬
‫بالعافية والنعمة انفتح له باب عظيم من أبلواب معرفتله ومحبتله وعللم انله‬
‫ارحم بعباده من الوالدة بولدها وان ذلك الكسر هللو نفللس رحمتلله بلله وبللره‬
‫ولطفه وهو أعلم بمصلحة عبده منه ولكلن العبلد لضلعف بصليرته ومعرفتله‬
‫بأسللماء ربلله وصللفاته ل يكللاد يشللعر بللذلك ول ينللال رضللا المحبللوب وقربلله‬
‫والبتهاج والفرح بالدنو منه والزلفى لديه العلى جسر من الذلة والمسللكنة‬
‫وعلى هذا قام امر المحبة فل سبيل الللى الوصللول الللى المحبللوب ال بللذلك‬
‫كما قيل ‪ #‬تذلل لمن تهوى لتحظى بقربه ‪ %‬فكم عزة قد نالها العبد بالللذل‬
‫‪ #‬إذا كان من تهوى عزيز او لم تكن ‪ %‬ذليل له فاقرا السلم علللى الوصللل‬
‫وقال آخر ‪ # :‬اخضع وذل لمن تحب فليس في ‪ %‬شرع الهوى انللف يشللال‬
‫ويقعد وقال آخر ‪ # :‬وما فرحت بالوصل نفس عزيزة ‪ %‬ومللا العللز إل ذلهللا‬
‫وانكسارها قالوا وإذا علم ان إبليس اهبط من دار العز عقب امتناعه وإبللائه‬
‫من السجود لدم ثبت ان وسوسته له ولزوجه كانت فللي غيللر المحللل الللذي‬
‫اهبط منه والله اعلم قالوا واما قولكم ان الجنللة إنمللا جللاءت معرفللة بللاللم‬
‫وهي تنصرف الى الجنة الللتي ل يعهللد بنللو آدم سللواها فل ريللب انهللا جللاءت‬
‫كذلك ولكن العهد وقع في خطاب الله تعالى آدم لسكناها بقوله اسكن انت‬
‫وزوجك الجنة فهي كانت معهودة عند آدم ثم اخبرنا سبحانه عنهامعرفللا لهللا‬
‫بلم التعريف فانصرف العرف بها الىتلك الجنة المعهللودة فللي الللذهن وهللي‬
‫التي سللكنها آدم ثللم اخللرج منهللا فمللن ايللن فللي هللذا مللا يللدل علللى محلهللا‬
‫وموضعها بنفي او إثبات وأما مجيء جنة الخلد معرفة باللم فلنها الجنة‬

‫التي اخبرت بها الرسل لممهم ووعدها الرحمن عباده بالغيب فحيث ذكرت‬
‫انصرف الذهن اليها دون غيرها لنها قد صارت معلومة في القلوب مستقرة‬
‫فيها ول ينصرف الذهن الى غيرها ول يتوجه الخطاب الى سواها وقد جللاءت‬
‫الجنة في القرآن معرفللة بللاللم والمللراد بهللا بسللتان فللي بقعللة مللن الرض‬
‫كقللوله تعللالى إنللا بلونللاهم كمللا بلونللا اصللحاب الجنللة إذ اقسللموا ليصللرمنها‬
‫مصبحين فهذا ل ينصرف الذهن فيها الى جنة الخلد ول الللى جنللة آدم بحللال‬
‫قالوا وما قولكم انلله قللد اتفللق اهللل السللنة والجماعللة علىللان الجنللة والنللار‬
‫مخلوقتان وإنه لم ينازع في ذلك إل بعض أهلل البللدع والضللل واسلتدللكم‬
‫على وجود الجنة الن فحق لننازعكم فيه وعنللدنا مللن الدلللة علللى وجودهللا‬
‫اضعاف ما ذكرتم ولكن أي تلزم بين ان تكون جنة الخلد مخلوقللة وبيللن ان‬
‫تكون هي جنة آدم بعينها فكانكم تزعمون ان كل من قللال ان جنللة آدم هللي‬
‫جنة في الرض فل بد له ان يقول ان الجنة والنار لم يخلقا بعللد وهللذا غلللط‬
‫منكم منشؤه من توهمكم ان كل من قال بأن الجنة لم تخلق بعد فإنه يقول‬
‫ان جنة آدم هي في الرض كذلك بالعكس ان كل من قال ان جنللة آدم فللي‬
‫الرض فيقول ان الجنة لم تخلق فأما الول فل ريب فيه وأملا الثلاني فلوهم‬
‫ل تلزم بينهما لفي المذهب ول في الدليل فأنتم نصبتم دليلكللم مللع طائفللة‬
‫نحن وانتم متفقون على انكار قولهم ورده وابطاله ولكللن ل يلللزم مللن هللذا‬
‫بطلن هذا القول الثالث وهذا واضح قالوا وأما قولكم ان جميع ما نفاه الللله‬
‫سبحانه عن الجنة من اللغو والعذاب وسائر الفللات الللتي وجللد بعضللها مللن‬
‫ابليس عدو الله فهذا إنما يكون بعد القيامللة إذا دخلهللا المؤمنللون كمللا يللدل‬
‫عليه السياق فجوابه من وجهين احدهما ان ظاهر الخبر يقتضي نفيه مطلقللا‬
‫لقوله تعالى ل لغو فيها ول تأثيم ولقوله تعالى ل تسمع فيها لغية فهذا نفللي‬
‫عام ل يجوز تخصيصه ال بمخصص بين والله سبحانه قد حكم بانها دار الخلد‬
‫حكما مطلقا فل يللدخلها ال خالللد فيهللا فتخصيصللكم هللذه التسللمية بمللا بعللد‬
‫القيامة خلف الظاهر الثاني ان مللا ذكرتللم إنمللا يصللار اليلله إذا قللام الللدليل‬
‫السالم عن المعارض المقاوم انها جنللة الخلللد بعينهللا وحينئذ يتعيللن المصللير‬
‫الى ما ذكرتم فأما إذا لم يقم دليل سالم على ذلك ولم تجمع المة عليه فل‬
‫يسوغ مخالفة ما دلت عليه النصوص البينة بغيللر مللوجب والللله اعلللم قللالوا‬
‫ومما يدل على انها ليست جنة الخلد التي وعدها المتقللون ان الللله سللبحانه‬
‫لما خلق آدم اعلمه ان لعمره اجل ينتهي اليه وأنلله لللم يخلقلله للبقللاء ويللدل‬
‫على هذا ما رواه الترمذي في جامعه قال حدثنا محمد بن بشار قللال حللدثنا‬
‫صفوان بن عيسى حدثنا الحارث بن عبد الرحمن ابن ابي زيللاب عللن سللعيد‬
‫بن ابي سعيد المقبري عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسللول الللله‬
‫لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لللله يللا رب فقللال للله‬
‫ربه يرحمك الله يا آدم إذهب الى اولئك الملئكة إلى ملء منهم جلوس فقل‬
‫السلم‬

‫عليكم قالوا وعليك السلم ثم رجع الى ربه فقال ان هذه تحيتك وتحية بنيك‬
‫بينهم فقال الله له ويداه مقبوضتان اختر ايتهملا شلئت فقلال اخلترت يميلن‬
‫ربي كلتا يدي ربي يمين مباركة ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته قللال أي رب‬
‫ما هؤلء قال هؤلء ذريتك فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه فإذا رجل‬
‫اضوؤهم او من اضوئهم قال يا رب من هذا قال هذا ابنك داود وقد كتبت له‬
‫عمرا اربعين سنة قال يا رب زد في عمره قال ذاك الذي كتبت للله قللال أي‬
‫رب فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة قال أنت وذاك قال ثم اسللكن‬
‫الجنة ما شاء الله ثم اهبط منها وكللان آدم يعللد لنفسلله فأتللاه ملللك المللوت‬
‫فقال له آدم قد عجلت اليس قد كتبت لي الف سنة قال بلى ولكنك جعلللت‬
‫لبنك داود ستين سنة فجحد فجحدت ذريته ونسى فنسيت ذريته قللال فمللن‬
‫يومئذ امر بالكتاب والشهود هذا حديث حسن غريب م هذا الوجه وروى مللن‬
‫غير وجه عن أبي هريرة عن النبي قللالوا فهللذا صللريح فللي أن آدم لللم يكللن‬
‫مخلوقا في دار الخلد التي ل يموت من دخلها وإنما خلق في دار الفناء التي‬
‫جعل الله لها ولهلها اجل معلوما وفيها اسللكن فللإن قيللل فللإذا كللان آدم قللد‬
‫علم ان له عمرا ينتهي اليه وأنه ليس من الخالدين فكيف لم يكللذب ابليللس‬
‫ويعلم بطلن قوله حيث قال له هل ادلك على شجرة الخلللد وملللك ل يبلللى‬
‫بل جوز ذلك واكل من الشللجرة طمعللا فللي الخلللد فللالجواب مللا تقللدم مللن‬
‫الوجهين اما ان يكون المراد بالخلد المكث الطويل الللى أبللد البللد او يكللون‬
‫عدوه ابليس لماقاسمه وزوجه وغيرهما واطمعهما بدوامهما في الجنة نسى‬
‫ما قدر له من عمره قالوا والمعول عليه في ذلك قوله تعالى للملئكللة إنللي‬
‫جاعل في الرض خليفة وهذا الخليفللة هللو آدم باتفللاق النللاس ولمللا عجبللت‬
‫الملئكة من ذلك وقالوا اتجعل فيها من يفسللد فيهللا ويسللفك الللدماء ونحللن‬
‫نسبح بحمدك ونقدس لك عرفهم سللبحانه ان هللذا الخليفللة الللذي هوجللاعله‬
‫في الرض ليس حاله كما توهمتم مللن الفسللاد بللل اعلملله مللن علمللي مللال‬
‫تعلمونه فأظهر من فضله وشرفه بأن علمه السماء كلها ثم عرضللهم علللى‬
‫الملئكة فلم يعرفوها و قللالوا سللبحانك ل علللم لنللا ال مللا علمتنللا انللك انللت‬
‫العليم الحكيم وهذا يدل على ان هللذا الخليفللة الللذي سللبق بلله اخبللار الللرب‬
‫تعالى لملئكته وأظهر تعالى فضله وشرفه وأعلمه بمللا لللم تعلملله الملئكللة‬
‫وهو خليفة مجعول في الرض ل فلوق السلماء فللإن قيللل قلوله تعللالى انللي‬
‫جاعل فللي الرض خليفللة إنمللا هللو بمعنللى سللأجعله فللي الرض فهللي مللآله‬
‫ومصيره وهذا ل ينافي ان يكون في جنة الخلد فللوق السللماء اول ثللم يصللير‬
‫الى الرض للخلفة التي جعلها الله له واسم الفاعل هنللا بمعنللى السللتقبال‬
‫ولهذا انتصب عنلله المفعللول فللالجواب ان الللله سللبحانه اعلللم ملئكتلله بللانه‬
‫يخلقه لخلفة الرض ل لسكنى جنة الخلود وخبره الصدق وقوله الحللق وقللد‬
‫علمت الملئكة‬
‫أنه هو آدم فلو كان قد اسكنه دار الخلود فللوق السللماء لللم يظهللر للملئكللة‬
‫وقوع المخبر ولم يحتاجوا الى ان يبين لهم فضله وشرفه وعلملله المتضللمن‬
‫رد قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فللإنهم إنمللا سللألوا هللذا‬
‫السؤال في حق الخليفة المجعول في الرض فامللا مللن هللو فللي دار الخلللد‬
‫فوق السماء فلم تتوهم الملئكة منه سفك الللدماء والفسللاد فللي الرض ول‬
‫كان اظهار فضللله وشللرفه وعلملله وهللو فللوق السللماء رادا لقللولهم وجوابللا‬
‫لسؤالهم بل الذي يحصل به جوابهم وضد ما توهمللوه إظهللار تلللك الفضللائل‬
‫والعلوم منه وهو في محل خلفته الللتي خلللق لهللا وتللوهمت الملئكللة انلله ل‬
‫يحصل منه هناك ال ضدها من الفساد وسفك الدماء وهذا واضح لمن تللأمله‬
‫وأما اسم الفاعل وهو فاعل وإن كان بمعنى الستقبال فلن هذا إخبللار عملا‬
‫سيفعله الرب تعالى في المستقبل من جعله الخليفة في الرض وقد صللدق‬
‫وعده ووقع ما أخبر به وهذا ظاهر في أنه ملن أول الملر جعلله خليفلة فلي‬
‫الرض وأما جعله في السماء اول ثم جعله خليفة في الرض ثانيللا وإن كللان‬
‫مما ل ينافي الستخلف المذكور فهو ممال يقتضيه اللفظ بوجه بللل يقتضللى‬
‫ظاهره خلفه فل يصار اليه إل بدليل يوجب المصير اليه وحوله ندندن قللالوا‬
‫وايضا فمن المعلوم الذي ل يخالف فيه مسلم ان الله سبحانه خلق آدم ملن‬
‫تراب وهو تللراب هللذه الرض بل ريللب كمللا روى الترمللذي فللي جللامعه مللن‬
‫حديث عوف عن قسامة بن زهير عن ابي موسى الشعري رضى الللله عنلله‬
‫قال قال رسول الله ان الله تبارك وتعالى خلق آدم مللن قبضللة قبضللها مللن‬
‫جميع الرض فجاء بنللو آدم علللى قللدر الرض فجللاء منهللم الحمللر والبيللض‬
‫والسود وبين ذلك والسهل والحللزن والخللبيث والطيللب قللال الترمللذي هللذا‬
‫حديث حسن صحيح وقد رواه المام احمد في مسنده من طللرق عللدة وقللد‬
‫أخبر سبحانه انه خلقه من تراب وأخبر انه خلقه من سللة من طيللن واخللبر‬
‫انه خلقه من صلصللال مللن حمللأ مسللنون والصلصللال قيللل فيلله هللو الطيللن‬
‫اليابس الذي له صلصلة ما لللم يطبللخ فللإذا طبللخ فهللو فخللار وقيللل فيلله هللو‬
‫المتغير الرائحللة مللن قللولهم صللل إذا انتللن والحمللأ الطيللن السللود المتغيللر‬
‫والمسنون قيل المصبوب من سننت الماء إذا صللببته وقيللل المنتللن المسللن‬
‫من قولهم سننت الحجر على الحجر إذا حككته فإذا سال بينهما شلليء فهللو‬
‫سنين ول يكون إل منتنا وهذه كلها اطوار التراب الذي هو مبللدؤه الول كمللا‬
‫اخبر عن خلق الذرية من نطفة ثم من علقللة ثللم مللن مضللغة وهللذه احللوال‬
‫النطفة التي هي مبدأ الذرية ولم يخللبر سللبحانه انلله رفعلله مللن الرض الللى‬
‫فوق السموات ل قبل التخليق ول بعده وإنما اخبر عللن اسللجاد الملئكللة للله‬
‫وعن إدخاله الجنة وما جرى له مع إبليس بعد خلقه فللأخبر سللبحانه بللالمور‬
‫الثلثة في نسق واحد مرتبطا بعضها ببعض قللالوا فللأين الللدليل الللدال علللى‬
‫إصعاد مادته واصعاده بعدخلقه الى فللوق السللموات هللذا ممللا ل دليللل لكللم‬
‫عليه اصل ول هو لزم من لوازم ما أخبر الله به قالوا ومللن المعلللوم ان مللا‬
‫فوق‬
‫السموات ليس بمكان للطين الرضي المتغيللر الرائحللة الللذي قللد انتللن مللن‬
‫تغيره وإنما محله هذا الرض التي هي محل المتغيرات والفاسدات وأمللا مللا‬
‫كان فوق الملك فل يلحقه تغير ول نتن ولفساد ول استحاله قالوا وهذا امر‬
‫ل يرتاب فيه العقلء قالوا وقد قللال تعلالى وأمللا الللذين سللعدوا ففللي الجنللة‬
‫خالدين فيها ما دامت السموات والرض إل ما شاء ربك عطللاء غيللر مجللذوذ‬
‫فأخبر سبحانه ان هذا العطاء في جنة الخلللد غيللر مقطللوع ومللا اعطيلله آدم‬
‫فقد انقطع فلم تكن تلك جنة الخلد قالوا وأيضا فل نزاع في ان الللله تعللالى‬
‫خلق آدم في الرض كما تقدم ولم يذكر في قصته انه نقله الى السماء ولللو‬
‫كان تعالى قد نقله الى السماء لكان هذا اولى بالذكر لنه من اعظللم انللواع‬
‫النعم عليلله واكللبر اسللباب تفضلليله وتشللريفه وابلللغ فللي بيللان آيللات قللدرته‬
‫وربوبيته وحكمته وابلغ في بيان المقصود من عاقبة المعصللية وهللو الهبللاط‬
‫من السماء التي نقل اليها كما ذكر ذلك في حق ابليس فحيث لم يجيء في‬
‫القرآن ول في السنة حرف واحد أنه نقله الى السماء ورفعه اليها بعد خلقه‬
‫في الرض علم ان الجنة التي ادخلهلا للم تكلن هلي جنلة الخللد اللتي فلوق‬
‫السموات قالوا وأيضا فإنه سبحانه قد اخبر في كتللابه انلله لللم يخلللق عبللاده‬
‫عبثا ول سدى وأنكر على من زعم ذلك فدل على ان هذا مناف لحكمته ولو‬
‫كانتا جنة آدم هي جنة الخلد لكللانوا قللد خلقللوا فللي دار ل يللؤمرون فيهللا ول‬
‫ينهون وهذا باطل بقللوله أيحسللب النسللان ان يللترك سللدى قللال الشللافعي‬
‫وغيره معطل ل يؤمر ول ينهى وقال أفحسبتم انا خلقناكم عبثا فهو تعالى لم‬
‫يخلقهم عبثا ول تركهم سدى وجنة الخلللد ل تكليللف فيهللا قللالوا وأيضللا فللإنه‬
‫خلقها جزاء للعاملين بقوله تعالى نعم اجر العللالمين وجللزاء للمتقيللن بقللوله‬
‫ولنعم دار المتقين ودار الثواب بقوله ثوابا من عند الله فلم يكن ليسكنها إل‬
‫من خلقها لهم من العاملين ومن المتقين ومن تبعهم مللن ذريللاتهم وغيرهللم‬
‫من الحور والوللدان وبالجمللة فحكمتله تعلالى اقتضلت انهلا ل تنلال ال بعللد‬
‫البتلء والمتحان والصبر والجهللاد وأنللواع الطاعللات وإذا كللان هللذا مقتضللى‬
‫حكمته فإنه سبحانه ل يفعل ال ما هومطابق لها قالوا فإذا جمع ما أخبر الله‬
‫عز وجل به من انه خلقه من الرض وجعللله خليفللة فللي الرض وأن ابليللس‬
‫وسوس له في مكانه الذي اسكنه فيه بعد ان اهبط ابليس من السماء وأنلله‬
‫أخبر ملئكته انه جاعل في الرض خليفة وأن دار الجنة ل لغو فيها ول تللاثيم‬
‫وان من دخلها ل يخرج منها ابدا وان من دخلها ينعم ل يبؤس وانلله ل يخللاف‬
‫ول يحزن وان الله سبحانه حرمها علللى الكللافرين وعللدو الللله ابليللس اكفللر‬
‫الكافرين فمحال ان يدخلها اصللل ل دخللول عبللور ول دخللول قللرار وانهللا دار‬
‫نعيم ل دار ابتلء وامتحان الى غير ذلك مما ذكرناه من منافاة اوصللاف جنللة‬
‫الخلد للجنة التي اسكنها آدم إذا جمع ذلك بعضه الى بعض ونظر فيلله بعيللن‬
‫النصاف والتجرد عن نصرة المقالت تبين الصواب من ذلك والله المستعان‬

‫‪ #‬قال الخرون بل الجنة التي اسكنها آدم عنللد سلللف المللة وأئمتهللا وأهللل‬
‫السنة والجماعة هي جنة الخلد ومن قال انها كانت جنللة فللي الرض بللأرض‬
‫الهند أو بأرض جدة او غير ذلك فهو من المتفلسفة والملحدين والمعتزلة او‬
‫من اخوانهم المتكلمين المبتدعين فإن هذا يقوله من يقوله مللن المتفسلللفة‬
‫والمعتزلة والكتاب يرد هذا القول وسلف المة وأئمتها متفقون علللى بطلن‬
‫هذا القول قال تعالى وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا ال ابليس ابللى‬
‫واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة وكل منها‬
‫رغدا حيللث شللئتما ول تقربللا هللذه الشللجرة فتكونللا مللن الظللالمين فأزلهمللا‬
‫الشيطان عنها فاخرجهما مما كانللا فيلله وقلنللا اهبطللوا بعضللكم لبعللض عللدو‬
‫ولكم في الرض مسللتقر ومتللاع الللى حيللن فقللد أخللبر سللبحانه أنلله أمرهللم‬
‫بالهبوط وان بعضهم لبعض عدو ثم قال ولكم في الرض مستقر ومتاع الللى‬
‫حين وهذا بين انهم لم يكونوا في الرض وإنما اهبطوا الى الرض فللإنهم لللو‬
‫كانوا في الرض وانتقلوا منها الى ارض اخرى كما انتقللل قللوم موسللى مللن‬
‫ارض الى ارض كان مستقرهم ومتاعهم الى حين فللي الرض قبللل الهبللوط‬
‫كما هو بعده وهذا باطل قالوا وقد قال تعالى في سورة العللراف لمللا قللال‬
‫إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طيللن قللال فللاهبط منهللا فمللا‬
‫يكون لك ان تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين يبين اختصاص الجنة الللتي‬
‫في السماء بهذا الحكم بخلف جنة الرض فإن ابليس كان غيللر ممنللوع مللن‬
‫التكبر فيها والضمير في قوله منها عائد الى معلوم وان كان غير مذكور في‬
‫اللفظ لن العلم به أغنى عن ذكره قالوا وهللذا بخلف قللوله اهبطللوا مصللرا‬
‫فإن لكم ما سألتم فإنه لم يذكر هنا ما اهبطوا منه وإنما ذكر ما اهبطوا اليه‬
‫بخلف اهباط ابليس فإنه ذكر مبدأ هبوطه وهللو الجنللة والهبللوط يكللون مللن‬
‫علوالى سفل وبنو اسرائيل كانوا بجبال السراة المشرفة علللى مصللر الللذي‬
‫يهبطون اليه ومن هبط من جبل الللى واد قيللل للله اهبللط قللالوا وايضللا فبنللو‬
‫اسرائيل كانوا يسيرون ويرحلون والذي يسير ويرحل إذا جاء بلدة يقال نزل‬
‫فيها لن من عادته ان يركب في مسيره فإذا وصل نللزل عللن دوابلله ويقللال‬
‫نزل العدو بأرض كذا ونزل القفل ونحللوه ولفللظ النللزول كلفللظ الهبللوط فل‬
‫يستعمل نزل وهبط ال إذا كان من علو الى سفل وقال تعللالى عقللب قللوله‬
‫اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الرض مسللتقر ومتللاع الللى حيللن قللال‬
‫فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون فهذا دليل على انهم لم يكونوا قبل‬
‫ذلك في مكان فيه يحيون وفيه يموتون ومنه يخرجون والقللرآن صللريح فللي‬
‫انهم انما صاروا اليه بعدالهباط قللالوا ولللو لللم يكللن فللي هللذه ال قصللة آدم‬
‫وموسى لكانت كافية فإن موسى إنما لم آدم عليلله السلللم لمللا حصللل للله‬
‫ولذريته من الخروج من الجنة مللن النكللد والمشللقة فلللو كللانت بسللتانا فللي‬
‫الرض لكان غيره من بساتين الرض يعوض‬

‫عنه وموسى اعظم قدرا مللن ان يلللومه علللى ان اخللرج نفسلله وذريتلله مللن‬
‫بستان في الرض قالوا وكذلك قول آدم يوم القيامة لما يرغب اليلله النللاس‬
‫ان يستفتح لهم باب الجنة فيقول وهل اخرجكم منهللا ال خطيئة ابيكللم فللإن‬
‫ظهور هللذا فللي كونهللا جنللة الخلللد وانلله اعتللذر لهللم بللانه ل يحسللن منلله ان‬
‫يستفتحها وقد اخرج منها بخطيئته من اظهر الدلة قال الولللون امللا قللولكم‬
‫ان من قال انها جنة في الرض فهو من المتفلسفة والملحدين والمعتزلة او‬
‫من اخوانهم فقد اوجدناكم من قال بهذا وليس من احد من هؤلء ومشاركة‬
‫أهل الباطل للمحق في المسئلة ل يدل على بطلنها ول تكون اضللافتها لهللم‬
‫موجبة لبطلنها ما لم يختص بها فإن اردتم أنه لم يقل بذلك إل هؤلء فليس‬
‫كذلك وإن اردتم ان هؤلء من جملة القائمين بهذا لم يفدكم شيئا قالوا وأما‬
‫قولكم وسلف المة وأئمتها متفقون على بطلن هذا القول فنحللن نطللالبكم‬
‫بنقل صحيح عن واحد من الصحابة ومن بعدهم من ائمة السللف فضلل علن‬
‫اتفاقهم قالوا ول يوجد عن صاحب ول تابع ول تابع تابع خبر يصح موصول ول‬
‫شاذا ول مشهورا ان النبي قال ان الله تعللالى اسللكن آدم جنللة الخلللد الللتي‬
‫هي دار المتقين يوم المعاد قالوا وهذا القاضي منذر بن سعيد قد حكى عللن‬
‫غير واحد من السلف انهللا ليسللت جنللة الخلللد فقللال ونحللن نوجللدكم ان ابلا‬
‫حنيفة فقيه العراق ومن قال بقوله قد قللالوا ان جنللة آدم الللتي خلقهللا الللله‬
‫ليست جنة الخلد وليسوا عند أحد من العالمين من الشاذين بل من رؤسللاء‬
‫المخالفين وهذه الدواوين مشحونة من علومهم وقد ذكرنا قللول ابللن عيينللة‬
‫وقد ذكر ابن مزين في تفسيره قال سللألت ابللن نللافع عللن الجنللة أمخلوقللة‬
‫فقال السكوت عن هذا افضل قالوا فلو كان عنللد ابللن نللافع ان الحنللة الللتي‬
‫اسكنها آدم هي جنة الخلد لم يشك انها مخلوقة ولم يتوقف في ذلللك وقللال‬
‫ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن في قوله تعالى وقلنا اهبطوا منها قال ابن‬
‫عباس رضى الله عنهما في رواية ابي صالح هو كمللا يقللال هبللط فلن ارض‬
‫كذا وكذا ولم يذكر في كتابه غيره فأين اجماع سلف المة وأئمتها قالوا واما‬
‫احتجاجكم بقوله تعالى ولكم في الرض مستقر عقيب قوله اهبطوا فهللذا ل‬
‫يدل على انهم كانوا في جنة الخلد فان احد القوال في المسئلة انهللا كللانت‬
‫جنة في السماء غير جنة الخلد كما حكاه الماوردي فللي تفسللره وقللد تقللدم‬
‫وأيضا فإن قوله ولكم في الرض مسللتقر يللدل علللى ان لهللم مسللتقرا الللى‬
‫حين في الرض المنقطعة عن الجنة ول بد فللإن الجنللة ايضللا لهللا ارض قللال‬
‫تعالى عن اهل الجنة وقالوا الحمللد لللله الللذي صللدقنا وعللده واورثنللا الرض‬
‫نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين فدل على ان قوله ولكللم فللي‬
‫الرض مستقر المراد به الرض الخالية من‬

‫تلك الجنة ل كل ما يسمى ارضا وكان مستقرهم الول فللي ارض الجنللة ثللم‬
‫صار في ارض البتلء والمتحان ثم يصير مستقر المؤمنين يوم الجزاء ارض‬
‫الجنة ايضا فل تدل الية علللى ان جنللة آدم هللي جنللة الخلللد قللالوا وهللذا هللو‬
‫الجواب بعينه عن استدللكم بقوله تعللالى قللال فيهللا تحيللون وفيهللا تموتللون‬
‫ومنها تخرجون فان المراد به الرض التي اهبطوا اليها وجعللت مسلكنا لهلم‬
‫بدل الجنة وهذا تفسير المستقر المذكور في البقرة مع تضمنه ذكر الخللراج‬
‫منها قالوا وأما قوله تعالى لبليس اهبط منها فما يكللون لللك ان تتكللبر فيهللا‬
‫وقولكم ان هذا انما هو في الجنة التي في السماء وال فجنة الرض لم يمنع‬
‫ابليس من التكبر فيها فهو دليل لنا فللي المسللئلة فللإن جنللة الخلللد ل سللبيل‬
‫لبليس الى دخولها والتكللبر فيهللا اصللل وقللد اخللبر تعللالى انلله وسللوس لدم‬
‫وزوجه وكذبهما وغرهما وخانهما وتكللبر عليهمللا وحسللدهما وهمللا حينئذ فللي‬
‫الجنة فدل على انها لم تكن جنة الخلد ومحلال ان يصلعد اليهلا بعلد اهبلاطه‬
‫واخراجه منها قالوا والضمير في قوله اهبطوا منها إما ان يكللون عللائدا الللى‬
‫السماء كما هو احد القولين وعلىهذا فيكون سبحانه قد اهبطلله مللن السللماء‬
‫عقب امتناعه من السجود وأخبر انه ليس له ان يتكبر ثم تكبر وكذب وخللان‬
‫في الجنة فدل على انها ليست في السماء او يكون عائدا الللى الجنللة علللى‬
‫القول الخر ول يلزم من هذا القول ان تكون الجنة التي كاد فيها آدم وغللره‬
‫قاسمه كاذبا في تلك التي اهبط منها بل القرآن يدل علللى انهللا غيرهللا كمللا‬
‫ذكرناه فعلى التقديرين ل تدل الية على ان الجنة التي جرى لدم مع ابليس‬
‫ما جرى فيها هي جنة الخلد قالوا وأما قولكم ان بني اسللرائيل كللانوا بجبللال‬
‫السراة المشرفة على الرض التي يهبطون وهللم كللانوا يسلليرون ويرحلللون‬
‫فلذلك قيل لهم اهبطوا فهذا حق ل ننازعكم فيه وهو بعينلله جللواب لنللا فللإن‬
‫الهبوط يدل على ان تلك الجنة كانت اعل من الرض التي اهبطوا اليها وامللا‬
‫كونها جنة الخلد فل قالوا والفرق بين قوله اهبطوامصرا وقوله اهبطوا منهللا‬
‫فإن الول لنهاية الهبوط وغايته وهبطوا منها متضمن لمبدئه وأوله ل تأثير له‬
‫فيما نحن فيه فإن هبط من كذا الى كذا يتضمن معنللى النتقللال مللن مكللان‬
‫عال الى مكلان سلافل فلأي تلأثير لبتلداء الغايلة ونهايتهلا فلي تعييلن محلل‬
‫الهبوط بأنه جنة الخلد قالوا وأما قصة موسى وللومه لدم علللى إخراجهملن‬
‫الجنة فل يدل على أنها جنة الخلللد وقللولكم ل يظللن بموسللى أنلله يلللوم آدم‬
‫على إخراجه نفسه وذريته من بستان في الرض تشنيع ل يفيد شلليئا افللترى‬
‫كان ذلك بسللتانا مثللل آحللاد هللذه البسللاتين المقطوعللة المهوعللة الللتي هللي‬
‫عرضة الفات والتعب والنصب والظمللأ والحللرث والسللقي والتلقيللح وسللائر‬
‫وجوه النصب الذي يلحق هللذه البسللاتين ول ريللب ان موسللى عليلله الصلللة‬
‫والسلم أعلم واجل من ان يلوم آدم على‬

‫خروجه وإخراج بنيه من بستان هذا شأنه ولكن مللن قللال بهللذا وإنمللا كللانت‬
‫جنة ل يلحقها آفة ول تنقطللع ثمارهللا ول تغللور انهارهللا ول يجللوع سللاكنها ول‬
‫يظمأ ول يضحى للشمس ول يعرى ول يمسه فيها التعب والنصللب والشللقاء‬
‫ومثل هذه الجنة يحسن لوم النسان على التسبب فللي خروجلله منهللا قللالوا‬
‫واما اعتذار آدم عليه الصلة والسلم يوم القيامة لهل الموقف بأن خطيئته‬
‫هي التي اخرجته من الجنة فل يحسن ان يستفتحها لهم فهذا ل يسللتلزم ان‬
‫تكون هي بعينها التي اخرج منها بل إذا كانت غيرها كللان أبلللغ فللي العتللذار‬
‫فإنه إذا كان الخروج من غير جنة الخلد حصل بسللبب الخطيئة فكيللف يليللق‬
‫استفتاح جنة الخلد والشفاعة فيها ثم خرج من غيرهللا بخطيئة فهللذا موقللف‬
‫نظر الفريقين ونهاية أقدام الطلائفتين فملن كلان لله فضلل عللم فلي هلذه‬
‫المسئلة فليجد به فهذا وقت الحاجة اليه ومن علم منتهللى خطللوته ومقللدار‬
‫بضاعته فليكل المر الى عللالمه ول يرضللى لنفسلله بللالتنقيص والزراء عليلله‬
‫وليكن من اهل التلول الذين هم نظارة الحرب إذا لللم يكللن مللن أهللل الكللر‬
‫والفر والطعن والضرب فقد تلقت الفحول وتطللاعنت القللران وضللاق بهللم‬
‫المجال في حلبة هذا الميدان ‪ #‬إذا تلقى الفحول في لجب ‪ %‬فكيف حللال‬
‫الغصيص في الوسط ‪ #‬هذه معاقلد حجلج الطلائفتين مجتلازة ببابلك واليلك‬
‫تساق وهذه بضائع تجار العلماء ينادي عليها في سوق الكسللاد ل فللي سللوق‬
‫النفاق فمن لم يكن له به شيء من اسباب البيللان والتبصللرة فل يعللدم مللن‬
‫قد استفرغ وسعه وبذل جهده منلله التصللويب والمعللذرة ول يرضللى لنفسلله‬
‫بشر الخطتين وابخس الحظين جهل الحللق وأسللبابه ومعللاداة اهللله وطلبلله‬
‫وإذا عظم المطلوب وأعوزك الرفيق الناصح العليم فارحل بهمتللك ملن بيلن‬
‫الموات وعليك بمعلم إبراهيللم فقللد ذكرنللا فللي هللذه المسللئلة مللن النقللول‬
‫والدلة والنكت البديعة ما لعله ل يوجد فللي شلليء مللن كتللب المصللنفين ول‬
‫يعرف قدره ال من كان من الفضلء المنصفين ومن الله سبحانه السللتمداد‬
‫وعليه التوكل واليه الستناد فإنه ل يخيب من توكل عليه ول يضيع من لذ به‬
‫وفوض امره اليه وهو حسبنا ونعم الوكيل‬
‫فصل ولما اهبطه سبحانه من الجنة وعرضه وذريته لنواع المحن والبلء‬
‫اعطاهم افضل مما منعهم وهوعهده الذي عهد اليه وإلى بنيه وأخبر انه من‬
‫تمسك به منهم صار الى رضوانه ودار كرامته قال تعالى عقب اخراجه منهلا‬
‫قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى‬

‫فمن تبع هداي فل خوف عليهم ول هم يحزنون وفي الية الخرى قال اهبطا‬
‫منها جميعا فاما ياتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فل يضل ول يشللقى ومللن‬
‫اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا نحشره يوم القيامة اعمللى قللال رب‬
‫لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كللذلك اتتللك آياتنللا فنسلليتها وكللذلك‬
‫اليوم تنسى فلما كسره سبحانه باهباطه من الجنة جبره وذريته بهللذا العهللد‬
‫الذي عهده اليهم فقال تعالى فاما يأتينكم مني هدى وهذه هي ان الشرطية‬
‫المؤكدة بما الدالة على استغراق الزمان والمعنى أي وقت وأي حين اتللاكم‬
‫من يهدى وجعل جواب هذا الشللرط جملللة شللرطية وهللي قللوله فمللن اتبللع‬
‫هداي فل يضل ول يشقى كما تقول إن زرتني فمن بشرني بقدومك فهو حر‬
‫وجواب الشرط يكون جملة تامة أما خبرا محضا كقولك ان زرتنللي اكرمتللك‬
‫او خبرا مقرونا بالشرط كهذا اومؤكللدا بالقسللم او بللأن واللم كقللوله تعللالى‬
‫وإن اطعتموهم انكم لمشركون واما طلبا كقول النبي اذا سالت فاسأل الله‬
‫وإذا استعنت فاستعن بالله وقوله وإذا لقيتموهم فاصبروا وقللوله تعللالى وإذا‬
‫حللتللم فاصللطادوا فللإذا انسلللخ الشللهر الحللرم فللاقتلوا المشللركين حيللث‬
‫وجدتموهم وأكثر ما يأتي هذا النوع مع إذا التي تفيلد تحقيلق وقلوع الشلرط‬
‫لسر وهو افادته تحقيقللالطلب عنللد تحقيللق الشللرط فمللتى تحقللق الشللرط‬
‫فالطلب متحقق فأتى بإذا الدالة على تحقيق الشرط فعلللم تحقيللق الطلللب‬
‫عندها وقد يأتي مع ان قليل كقوله تعالى وإن كذبوك فقل للي عمللي ولكلم‬
‫عملكللم وامللا جملللة انشللائية كقللوله لعبللده الكللافر ان اسلللمت فللانت حللر‬
‫ولمرأته ان فعلت كذا فانت طالق فهللذا انشللاء للعتللق والطلق عنللد وجللود‬
‫الشرط على رأي او انشاء له حال التعليلق ويتلأخر نفلوذه اللى حيلن وجلود‬
‫الشللرط علللى رأي آخللر وعلللى التقللديرين فجللواب الشللرط جملللة انشللائية‬
‫والمقصود ان جواب الشرط في الية المذكورة جملللة شللرطية وهللي قللوله‬
‫فمن اتبع هداي فلخوف عليهم ول هم يحزنون وهذا الشرط يقتضى ارتبللاط‬
‫الجملة الولى بالثانيللة ارتبللاط العلللة بللالمعلول والسللبب بالمسللبب فيكللون‬
‫الشرط الذي هو ملزوم علة ومقتضيا للجزاء الذي هو لزم فإن كللان بينهمللا‬
‫تلزم من الطرفين كان وجود كل منهما بدون دخول الخللر ممتنعللا كللدخول‬
‫الجنة بالسلم وارتفاع الخوف والحزن والضلل والشقاء مللع متابعللة الهللوى‬
‫وهذه هي عامة شروط القرآن والسنة فإنهلا اسلباب وعلللل والحكلم ينتفللى‬
‫بانتفاء علته وإن كان التلزم بينهما من احد الطرفيلن كلان الشلرط ملزوملا‬
‫خاصا والجزاء لزما عاما فمتى تحقق الشرط الملزوم الخاص تحقق الجزاء‬
‫اللزم العام ول يلزم العكس كما يقال ان كان هللذا انسللانا فهللو حيللوان وإن‬
‫كان البيع صحيحا فالملك ثابت وهذا غالب ما يأتي في قيللاس الدللللة حيللث‬
‫يكون الشرط دليل على الجزاء فيلزم من وجوده وجللود الجللزاء لن الجللزاء‬
‫لزمه ووجود الملزوم يستلزم وجود اللزم ول يلزم من عللدمه عللدم الجللزاء‬
‫وان‬

‫وقع هذا الشرط بين علة ومعلول فإن كان الحكم معلل بعلل صح ذلك وجاز‬
‫ان يكون الجزاء اعم من الشرط كقولك إن كان هذا مرتدا فهللو حلل الللدم‬
‫فإن حل الدم اعم من حله بالردة إل ان يقال ان حكم العلة المعينللة ينتفللى‬
‫بانتفائها وإن ثبت الحكم بعلة اخرى فهو حكم آخر واما حكللم العلللة المعينللة‬
‫فمحال ان ينفى مع زوالهللا وحينئذ فيعللود التلزم مللن الطرفيللن ويلللزم مللن‬
‫وجود كل واحد من الشرط والجزاء وجود الخللر ومللن عللدمه عللدمه وتمللام‬
‫تحقيق هذا في مسئلة تعليل الحكم الواحد بعلتين وللناس فيه نزاع مشللهور‬
‫وفصل الخطاب فيهللا ان الحكللم الواحللد ان كللان واحللدا بللالنوع كحللل الللدم‬
‫وثبوت الملك ونقض الطهارة جاز تعليللله بالعلللل المختلفللة وإن كللان واحللدا‬
‫بالعين كحل الدم بالردة وثبوت الملك بالبيع اوالميراث ونحللو ذلللك لللم يجللز‬
‫تعليله بعلتين مختلفتين وبهذا التفصيل يزول الشتباه في هذه المسألة والله‬
‫اعلم ومن تأمل ادلة الطائفتين وجد كل ما احتج بلله مللن رأى تعليللل الحكللم‬
‫بعلل مختلفة إنما يدل على تعليل الواحلد بلالنوع بهلا وكلل ملن نفلى تعليلل‬
‫الحكم بعلتين إنما يتم دليله على نفي تعليللل الواحللد بللالعين بهمللا فللالقولن‬
‫عند التحقيق يرجعان الى شيء واحد والمقصود ان الله سبحانه جعللل اتبللاع‬
‫هللداه وعهللده اللذي عهلده الللى آدم سلببا ومقتضلليا لعللدم الخلوف والحلزن‬
‫والضلل والشقاء وهذا الجزاء ثابت بثبوت الشرط منتف بانتفائه كمللا تقللدم‬
‫بيانه ونفى الخوف والحزن عن متبع الهدى نفي لجميللع انللواع الشللرور فللإن‬
‫المكروه الذي ينزل بالعبد متى علم بحصوله فهو خائف منه ان يقللع بلله وإذا‬
‫وقع به فهو حزين على ما أصابه منه فهو دائما في خوف وحزن وكل خللائف‬
‫حزين فكل حزين خائف وكل من الخوف والحزن يكون على فعل المحبوب‬
‫وحصللول المكللروه فالقسللام اربعللة خللوف مللن فللوت المحبللوب وحصللول‬
‫المكروه وهذا جماع الشر كله فنفى الله سبحانه ذلك عن متبللع هللداه الللذي‬
‫أنزله على السنة رسللله وأتلى فللي نفللي الخلوف بالسللم الللدال عللى نفللي‬
‫الثبوت واللزوم فإن أهل الجنة ل بد لهم من الخوف في الدنيا وفللي الللبرزخ‬
‫ويوم القيامة حيث يقول آدم وغيره من النبياء نفسي نفسي فأخبر سللبحانه‬
‫انهم وإن خافوا فل خوف عليهم أي ل يلحقهم الخوف الذي خافوا منه وأتللى‬
‫في نفي الحزن بالفعل المضللارع الللدال علللى نفللي التجللدد والحللدوث أي ل‬
‫يلحقهم حزن ول يحدث لهم إذا لم يذكروا ما سلف منهم بل هم في سللرور‬
‫دائم ل يعللرض لهللم حللزن علللى مللا فللات وأمللا الخللوف فلمللا كللان تعلقلله‬
‫بالمستقبل دون الماضي نفي لحوقه لهم جملة أي الذي خافوا منه ل ينالهم‬
‫ول يلم بهم والله اعلم فالحزين إنما يحزن فللي المسللتقبل علللى مللا مضللى‬
‫والخائف إنما يخاف في الحال مما يستقبل فل خللوف عليهللم أي ل يلحقهللم‬
‫ما خافوا منه ول يعرض لهم حزن على ما فات وقال في الية الخرى فمللن‬
‫اتبع هداي فل يضل ول يشقى فنفى عن متبع هداه امرين الضلللل والشللقاء‬
‫قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما‬

‫تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ان ل يضللل فللي الللدنيا ول يشللقى‬
‫في الخرة ثم قللرأ فأمللا يلاتينكم منللي هللدى فمللن اتبللع هللداي فل يضللل ول‬
‫يشقى والية نفت مسمى الضلل والشقاء عن متبع الهدى مطلقا فاقتضللت‬
‫الية انه ل يضل في الدنيا ول يشقى ول يضللل فللي الخللرة ول يشللقى فيهللا‬
‫فإن المراتب اربعة هدى وشقاوة في الدنيا وهدى وشقاوة في الخللرة لكللن‬
‫ذكر ابن عباس رضى الله عنهما في كللل دار اظهللر مرتبتيهللا فللذكر الضلللل‬
‫في الدنيا إذ هو اظهر لنا وأقرب من ذكر الضلل في الخللرة وايضللا فضلللل‬
‫الدنيا اضل ضلل في الخرة وشقاء الخرة مستلزم للضلل فيها فنبلله بكللل‬
‫مرتبة على الخرى فنبه بنفي ضلل الدنيا على نفي ضلل الخرة فإن العبللد‬
‫يموت على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه قال الله تعالى في الية‬
‫الخرى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشللره يللوم القيامللة‬
‫اعمى قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصلليرا قللال كللذلك اتتللك آياتنللا‬
‫فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وقال في الية الخرى ومن كان في هذه اعمى‬
‫فهو في الخرة اعمى وأضل سبيل فأخبر ان من كان فللي هللذه الللدار ضللال‬
‫فهو في الخرة اضل واما نفي شقاء الللدنيا فقللد يقللال انلله لمللا انتفللى عنلله‬
‫الضلل فيها وحصل له الهدى والهدى فيه من بللرد اليقيللن وطمأنينللة القلللب‬
‫وذاق طعم اليمان فوجللد حلوتلله وفرحللة القلللب بلله وسللروره والتنعيللم بلله‬
‫ومصير القلب حيا باليمان مستنيرا بلله قويللا بلله قللد نللال بلله غللذاؤه ورواءه‬
‫وشفاءه وحياته ونوره وقوته ولللذته ونعيملله مللا هللو مللن اجللل انللواع النعيللم‬
‫واطيب الطيبات واعظم اللذات قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكللر او‬
‫انثى وهو مؤمن فلنحيينه حيللاة طيبللة ولنجزينهللم اجرهللم باحسللن مللا كللانوا‬
‫يعملون فهذا خبر اصدق الصادقين ومخبره عند اهله عين اليقين بل هو حق‬
‫اليقين ول بد لكل من عمل صالحا ان يحييه الله حياة طيبللة بحسللب إيمللانه‬
‫وعمله ولكن يغلط الجفاة الجلف في مسمى الحياة حيللث يظنونهللا التنعللم‬
‫في أنواع المآكل والمشللارب والملبللس والمناكللح او لللذة الرياسللة والمللال‬
‫وقهر العداء والتفنن بأنواع الشهوات ول ريللب ان هللذه لللذة مشللتركة بيللن‬
‫البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر مللن حللظ النسللان فمللن‬
‫لم تكن عنده لذة ال اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والنعام فذلك‬
‫ممن ينادي عليه من مكان بعيد ولكللن ايللن هللذه اللللذة مللن اللللذة بللأمر إذا‬
‫خللالط بشاشللته القلللوب سلللى عللن البنللاء والنسللاء والوطللان والمللوال‬
‫والخوان والمساكن ورضى بتركها كلها والخروج منها رأسللا وعللرض نفسلله‬
‫لنواع المكاره والمشاق وهو متحل بهذا منشرح الصلدر بله يطيلب لله قتلل‬
‫ابنه وأبيه وصاحبته واخيه ل تأخذه في ذلك لومة لئم حتى ان احدهم ليتلقى‬
‫الرمح بصدره ويقول فزت ورب الكعبة ويسللتطيل الخللر حيللاته حللتى يلقللى‬
‫قوته من يده ويقول انها لحياة طويلة ان صبرت حتى أكلهللا ثللم يتقللدم الللى‬
‫الموت فرحا‬

‫مسرورا ويقول الخر مع فقره لو علم الملوك وابناء الملوك مللا نحللن عليلله‬
‫لجالدونا عليه بالسيوف ويقول الخر انله ليملر بلالقلب اوقلات يرقلص فيهلا‬
‫طربا وقال بعض العارفين انه لتمر بي اوقات اقول فيها إن كان اهل الجنللة‬
‫في مثل هذا انهم لفي عيش طيب ومن تأمللل قللول النللبي لمللا نهللاهم عللن‬
‫الوصال فقالوا انك تواصل فقال انللي لسللت كهيئتكللم إنللي اظللل عنللد ربللي‬
‫يطعمني ويسقيني علم ان هذا طعام الرواح وشرابها وما يفيض عليهللا مللن‬
‫أنواع البهجة واللذة والسرور والنعيم الذي رسول الله في الذروة العليا منه‬
‫وغيره إذا تعلق بغباره رأى ملك الدنيا ونعيمها بالنسبة اليه هبللاء منثللورا بللل‬
‫باطل وغرورا وغلط من قال انه كان يأكل ويشرب طعاما وشرابا يغتذى بلله‬
‫بدنه لوجوه احدها انه قال اظل عند ربي يطعمنللي ويسللقيني ولللو كللان اكل‬
‫وشربا لم يكن وصال ول صوما الثاني ان النبي اخلبرهم انهلم ليسلوا كهيئتله‬
‫في الوصال فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك واماهو فإنه إذا واصل ل يتضللرر‬
‫بالوصال فلو كان يأكل ويشرب لكان الجواب وأنللا ايضللا ل اواصللل بللل آكللل‬
‫وأشرب كما تأكلون وتشربون فلما قررهللم علللى قللولهم انللك تواصللل ولللم‬
‫ينكره عليهم دل على انه كان مواصل وانه لم يكللن يأكللل اكل وشللربا يفطللر‬
‫الصائم الثالث انه لو كان اكل وشربا يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفللارق‬
‫بينهم وبينه فإنه حينئذ يكون هو وهللم مشللتركون فللي عللدم الوصللال فكيللف‬
‫يصح الجواب بقوله لست كهيئتكم وهذا امر يعلمه غللالب النللاس ان القلللب‬
‫متى حصل له ما يفرحه ويسره من نيل مطلوبه ووصال حللبيبه او مللا يغملله‬
‫ويسؤوه ويحزنه شغل عن الطعام والشراب حتى ان كثيرا من العشاق تمر‬
‫به اليام ل يأكل شيئا ول تطلب نفسه اكل وقد افصح القائل في هذا المعنى‬
‫‪ #‬لها احاديث من ذكراك تشغلها ‪ %‬عن الشراب وتلهيهللا عللن الللزاد ‪ #‬لهللا‬
‫بوجهك نور تستضيء به ‪ %‬ومن حديثك في اعقابهللا حللادى إذ اشللتكت مللن‬
‫كلل السير او عدها ‪ %‬روح القدوم فتحيا عند ميعاد ‪ #‬والمقصود ان الهدى‬
‫مستلزم لسعادة الدنيا وطيللب الحيللاة والنعيللم العاجللل وهللو أمللر يشللهد بلله‬
‫الحس والوجد واما سعادة الخرة فغيب يعلم باليمللان فللذكرها ابللن عبللاس‬
‫رضى الله عنهمللا لكونهللا اهللم وهللي الغايللة المطلوبللة وضلللل الللدنيا اظهللر‬
‫وبالنجاة منه ينجو من كل شر وهو اضل ضلل الخرة وشقائها فلذلك ذكللره‬
‫وحده والله اعلم‬
‫فصل وهذان الضللن اعني الضلل والشقاء يذكرهما سبحانه كثيرا في‬
‫كلمه ويخبر انهما حللظ اعللدائه ويللذكر ضللدهما وهمللا الهللدى والفلح كللثيرا‬
‫ويخبر انهما حظ اوليائه اما الول فكقللوله تعللالى ان المجرميللن فللي ضلللل‬
‫وسعر فالضلل الضلل والسعر هو الشقاء والعذاب وقللال تعلالى قللد خسلر‬
‫الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين وأما الثاني فكقللوله تعللالى فللي أول‬
‫البقرة وقد ذكر المؤمنين وصفاتهم اولئك على هللدى ملن ربهللم واولئك هللم‬
‫المفلحون وكذلك في أول لقمان وقال في النعام الذين آمنللوا ولللم يلبسللوا‬
‫ايمانهم بظلم اولئك لهم المن وهم مهتللدون ولمللا كللانت سللورة ام القللرآن‬
‫اعظم سورة في القرآن وافرضها قراءة على المة واجمعها لكل مللا يحتللاج‬
‫اليه العبد واعمها نفعللا ذكللر فيهللا المريللن فأمرنللا ان نقللول اهللدنا الصللراط‬
‫المستقيم صراط الذين انعمت عليهللم فللذكر الهدايللة والنعمللة وهمللا الهللدى‬
‫والفلح ثم قال غير المغضوب عليهم ول الضللالين فللذكر المغضللوب عليهللم‬
‫وهم اهل الشقاء والضالين وهم اهل الضلل وكل من الطائفتين له الضلللل‬
‫والشقاء لكن ذكر الوصفين معا لتكن الدللة على كل منهمللا بصللريح لفظلله‬
‫وايضا فإنه ذكر ماهو اظهر الوصفين في كل طائفة فإن الغضب على اليهود‬
‫أظهر لعنادهم الحق بعدمعرفته والضلل فللي النصللارى اظهللر لغلبللة الجهللل‬
‫فيهم وقد صح عن النبي انه قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون‬
‫فصل وقوله تعالى فاما ياتينكم مني هدى هو خطاب لمن اهبطه من الجنة‬
‫بقوله اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ثم قال فاما يأتينكم منللي هللدى‬
‫وكل الخطابين لبوي الثقليللن وهللو دليللل علللى ان الجللن مللامورون منهيللون‬
‫داخلون تحت شرائع النبياء وهذا مما ل خلف فيه بين المة وان نبينللا بعللث‬
‫اليهم كما بعث الى النس كما ل خلف بينهللا ان مسلليئهم مسللتحق للعقللاب‬
‫وانما اختلف علماء السلم في المسلم منهللم هللل يللدخل الجنللة فللالجمهور‬
‫على ان محسنهم في الجنللة كمللا ان مسلليئهم فللي النللار وقيللل بللل ثللوابهم‬
‫سلمتهم من الجحيم واما الجنة فل يللدخلها احللد مللن اولد إبليللس وإنمللاهي‬
‫لبني آدم وصالحي ذريته خاصة وحكى هذا القول عن ابي حنيفة رحملله الللله‬
‫تعالى واحتج الولون بوجوه احدها هذه الية فانه سبحانه اخللبر ان مللن اتبللع‬
‫هداه فل يخاف ول يحزن ول يضل ول يشقى وهذا مستلزم‬

‫لكمال النعيم ول يقال ان الية إنما تدل علللى نفللي العللذاب فقللط ول خلف‬
‫ان مؤمنيهم ل يعاقبون لنا نقول لولم تدل الية ال على امر عدمي فقط لم‬
‫يكن مدحا لملؤمني النللس ولمللا كلان فيهللا ال مجللرد امرعللدمي وهللو علدم‬
‫الخوف والحزن ومعلوم ان سياق الية ومقصودها إنما اريد بلله ان مللن اتبللع‬
‫هدى الله الذي انزله حصل له غاية النعيم واندفععنه غاية الشقاء وعلبر علن‬
‫هذا المعنى المطلوب بنفي المور المذكورة لقتضاء الحال لللذلك فللإنه لمللا‬
‫اهبط آدم من الجنة حصل له من الخوف والحزن والشقاء ما حصل فاخبره‬
‫سبحانه انه معطيه وذريته عهدا من اتبعه منهم انتفى عنلله الخللوف والحللزن‬
‫والضلل والشقاء ومعلوم انه ل ينتفى ذلك كله إل بدخول دار النعيللم ولكللن‬
‫المقام بذكر التصريح بنفي غايلة المكروهلات اوللى الثلاني قلوله تعلالى وإذ‬
‫صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما‬
‫قضى ولوا الى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إناسللمعنا كتابللا انللزل مللن بعللد‬
‫موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق وإلى طريق مسللتقيم يللا قومنللا‬
‫اجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنللوبكم ويجركللم مللن عللذاب اليللم‬
‫فأخبرنا سبحانه عن نذيرهم اخبارا بقوله ان من اجاب داعيه غفر له وأجاره‬
‫من العذاب ولو كانت المغفرة لهم إنما ينالون بها مجرد النجاة مللن العللذاب‬
‫كان ذلك حاصل بقوله ويجركلم ملن علذاب اليلم بلل تملام المغفلرة دخلول‬
‫الجنة والنجاة من النار فكل من غفر الله له فل بد من دخوله الجنللة الثللالث‬
‫قوله تعالى في الحور العين لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان فهذا يدل علللى‬
‫ان مؤمني الجن والنس يدخلون الجنة وأنه لم يسبق من احد منهللم طمللث‬
‫لحد من الحور فدل على ان مؤمنيهم يتأنى منهم طمللث الحللور العيللن بعللد‬
‫الدخول كما يتأتى من النس ولو كانوا ممن ل يدخل الجنة لما حسن الخبار‬
‫عنهم بذلك الرابع قوله تعالى فإن لم تفعلوا ولللن تفعللوا فللاتقوا النللار الللتي‬
‫وقودهللا النللاس والحجللارة اعللدت للكللافرين وبشللر الللذين آمنللوا وعملللوا‬
‫الصللالحات ان لهللم جنللات تجللري مللن تحتهللا النهللار كلمللا رزقللوا منهلا مللن‬
‫ثمرةرزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا بلله متشللابها ولهللم فيهللا أزواج‬
‫مطهللرة وهللم فيهللا خالللدون والجللن منهللم مللؤمن ومنهللم كللافر كمللا قللال‬
‫صالحوهم وانا منا المسلمون ومنا القاسطون فكما دخل كافرهم فللي اليللة‬
‫الثانية وجب ان يدخل مؤمنهم في الولى الخامس قوله عن صالحيهم فمللن‬
‫اسلم فأولئك تحروا رشدا والرشد هو الهدى والفلح وهللو الللذي يهللدى اليلله‬
‫القرآن ومن لم يدخل الجنة لم ينل غاية الرشد بل لم يحصل له من الرشللد‬
‫ال مجردالعلم السادس قللوله تعللالى سللابقوا الللى مغفللرة ملن ربكللم وجنللة‬
‫عرضها كعرض السماء والرض اعدت للذين آمنوا بالله ورسللله ذلللك فضللل‬
‫الله يؤتيه مللن يشللاء والللله ذو الفضللل العظيللم ومللؤمنهم ممللن آمللن بللالله‬
‫ورسله فيدخل في المبشرين ويستحق البشللارة السللابع قللوله تعللالى والللله‬
‫يدعو الى دار السلم ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم ^ عم ^‬

‫سبحانه بالدعوة وخص بالهداية المفضية اليها فمن هداه اليها فهو من دعللاه‬
‫اليها فمن اهتدى من الجن فهو من المدعوين اليها الثامن قوله تعالى ويللوم‬
‫نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من النس وقال اوليللاؤهم مللن‬
‫النس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا اجلنا الذي اجلت لنا قال النار مثواكم‬
‫خالدين فيها إل ما شاء الله ان ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين‬
‫بعضا بما كللانوا يكسللبون يللا معشللر الجللن والنللس الللم يلاتكم رسللل منكللم‬
‫يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هلذا قللالوا شللهدنا عللى انفسلنا‬
‫وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على انفسهم انهم كللانوا كللافرين ذلللك ان لللم‬
‫يكن ربك مهلك القرى بظلم واهلها غافلون ولكل درجات ممللا عملللوا وهللذا‬
‫عام في الجن والنس فاخبرهم تعالى ان لكلهم درجات من عمله فاقتضللى‬
‫ان يكون لمحسنهم درجات من عمله كما لمحسن النس التاسع قوله تعالى‬
‫إن الذين قالوا ربنا الللله ثللم اسللتقاموا تتنللزل عليهللم الملئكللة ان ل تخللافوا‬
‫ولتحزنوا وأبشروا بالجنللة الللتي كنتللم توعللدون وقولللوه تعللالى ^ أن الللذين‬
‫قالوا ربنا الله ثم استقاموا فل خوف عليهم ول هللم يحزنللون اولئك اصللحاب‬
‫الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ^ ووجه التمسك باليللة مللن جللوه‬
‫ثلثة احدها عموم السم الموصول فيها الثللاني ترتيبلله الجللزاء المللذكورعلى‬
‫المسألة ليدل علىانه مستحق بها وهو قول ربنا الله مللع السللتقامة والحكللم‬
‫يعم بعموم علته فإذا كان دخول الجنة مرتبا على القرار بالله وربللوبيته مللع‬
‫الستقامة على امره فمن اتى ذلك استحق الجزاء الثالث انه قال فل خوف‬
‫عليهللم ول هللم يحزنللون اولئك اصللحاب الجنللة خالللدين فيهللا جللزاء بمللا‬
‫كانوايعملون فدل على ان كل من ل خوف عليه ول حزن فهو من اهل الجنة‬
‫وقد تقدم في اول اليات قوله تعالى فمن اتبللع هللداي فل خللوف عليهللم ول‬
‫هم يحزنون وانه متناول للفريقيلن ودللت هلذه اليلة عللى ان ملن ل خلوف‬
‫عليه ول حزن فهو من اهل الجنة العاشر انه إذا دخللل مسلليئهم النللار بعللدل‬
‫الله فدخول محسنهم الجنة بفضله ورحمته اولى فإن رحمته سللبقت غضللبه‬
‫والفضل اغلب من العدل ولهذا ل يدخل النار ال من عمل اعمال اهللل النللار‬
‫واما الجنة فيدخلها من لم يعمل خيرا قط بللل ينشلليء لهللا أقوامللا يسللكنهم‬
‫إياها من غير عمل عملوه ويرفع فيها درجات العبد من غيللر سللعي منلله بللل‬
‫بما يصل اليه مللن دعللاء المللؤمنين وصلللتهم وصللدقتهم وأعمللال الللبر الللتي‬
‫يهدونها اليه بخلف اهل النار فإنه ل يعذب فيها بغيللر عمللل اصللل وقللد ثبللت‬
‫بنص القرآن واجماع المة ان مسيء الجن في النار بعللدل الللله وبمللا كللانوا‬
‫يكسبون فمحسنهم في الجنة بفضل الله بما كانوا يعملللون لكللن قيللل انهللم‬
‫يكونون في ربض الجنة يراهم اهل الجنللة ول يرونهللم كمللا كللانوا فللي الللدنيا‬
‫يرون بني آدم من حيث ل يرونهم ومثل هذا ليعلم ال بتوقيف تنقطع الحجللة‬
‫عنده فإن ثبتت حجة يجب اتباعها وإل فهو مما يحكى ليعلم وصحته موقوفة‬
‫على الدليل والله أعلم‬

‫فصل ومتابعة هدى الله التي رتب عليها هذه المور هي تصديق خبره من‬
‫غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه وامتثال امره من غير اعتراض شهوة‬
‫تمنع امتثاله وعلى هذين الصلين مدار اليمان وهمللا تصللديق الخللبر وطاعللة‬
‫المر ويتبعهما امران آخران وهما نفي شبهات الباطل الواردة عليه المانعللة‬
‫من كمال التصللديق وان ل يخمللش بهللا وجلله تصللديقه ودفللع شللهوات الغللي‬
‫الواردة عليه المانعة من كمال المتثال فهنا اربعة امور احدها تصديق الخللبر‬
‫الثاني بذل الجتهاد في رد الشبهات التي توحيها شياطين الجن والنس فللي‬
‫معارضته الثالث طاعة المر والرابع مجاهدة النفس في دفع الشهوات التي‬
‫تحللول بيللن العبللد وبيللن كمللال الطاعللة وهللذان المللران اعنللي الشللبهات‬
‫والشهوات اصل فساد العبد وشقائه فللي معاشلله ومعللاده كمللا ان الصلللين‬
‫الولين وهما تصديق الخبر وطاعة المر اصل سللعادته وفلحلله فللي معاشلله‬
‫ومعاده وذلك ان العبد له قوتان قوة الدراك والنظر ومللا يتبعهللا مللن العلللم‬
‫والمعرفة والكلم وقوة الرادة والحب وما يتبعه مللن النيللة والعللزم والعمللل‬
‫فالشللبهة تللؤثر فسللادا فللي القللوة العلميللة النظريللة مللا لللم يللداوها بللدفعها‬
‫والشهوة تؤثر فسادا في القوة الرادية العملية ما لم يلداوها باخراجهللا قلال‬
‫الله تعالى في حق نبيه يذكر مامن به عليه من نزاهته وطهللارته ممللا يلحللق‬
‫غيره من ذلك ^ والنجم إذا هوى ما ضللل صللاحبكم ومللا غللوى ^ فمللا ضللل‬
‫دليل على كمال علمه ومعرفته وانه على الحق المبين وما غوى دليللل علللى‬
‫كمال رشده وأنه أبر العالمين فهو الكامل في علمه وفي عمله وقللد وصللف‬
‫بذلك خلفاءه من بعده وأمر باتباعهم على سنتهم فقال عليكم بسنتي وسنة‬
‫الخلفاء الراشدين المهديين من بعللدي رواه الترمللذي وغيللره فالراشللد ضللد‬
‫الغاوي والمهدي ضد الضال وقد قال تعالى كالللذين مللن قبلكللم كللانوا اشللد‬
‫منكم قوة وأكثر اموال وأولدا فاستمتعوا بخلقهم فاستمتعتم بخلقكللم كمللا‬
‫اسللتمتع الللذين مللن قبلكللم بخلقهللم وخضللتم كالللذي خاضللوا اولئك حبطللت‬
‫اعمالهم في الدنيا والخرةوأولئك هم الخاسرون فذكر تعالى الصلين وهمللا‬
‫دار الولين والخرين احللدهما السللتمتاع بللالخلف وهللو النصلليب مللن الللدنيا‬
‫والسللتمتاع بلله متضللمن لنيللل الشللهوات المانعللة مللن متابعللة المللر بخلف‬
‫المؤمن فإنه وان نال من الللدنيا وشللهواتها فللإنه ل يسللتمتع بنصلليبه كللله ول‬
‫يذهب طيباته في حياته الدنيا بل ينال منهللا مللا ينللال منهللا ليتقللوى بلله علللى‬
‫التزود لمعاده والثاني الخوض بالشبهات الباطلة وهو قوله ^ وخضتم كالذي‬
‫خاضوا ^ وهذا شأن النفوس الباطلة التي لم تخلللق للخللرة لتللزال سلاعية‬
‫في نيل شهواتها فإذا نالتها فإنما هي في خوض بالباطل الذي ل يجدي عليها‬
‫إل الضرر العاجل والجل ومن تمام حكمة الله تعالى انه يبتلى هذه النفوس‬
‫بالشقاء والتعب في تحصيل مراداتها وشهواتها فل تتفللرغ للخللوض بالباطللل‬
‫ال قليل ولو تفرغت هذه النفوس الباطولية‬

‫لكانت ائمة تدعوا الىالنار وهذا حال من تفللرغ منهللا كمللا هومشللاهد بالعيللان‬
‫وسواء كان المعنى وخضتم كالحزب الذي خاضوا او كللالفريق الللذي خاضللوا‬
‫فإن الذي يكون للواحد والجمللع ونظيللره قللوله تعللالى والللذي جللاء بالصللدق‬
‫وصدق به اولئك هم المتقون لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسللنين‬
‫لكن ل يجرى على جمع تصحيح فل يجيء المسلمون الذي جاؤوا وإنا يجيللء‬
‫غالبا في اسم الجمع كالحزب والفريق او حيث ل يذكر الموصوف وان كللان‬
‫جمعا كقول الشاعر ‪ #‬وإن الللذي جللاءت تقبللح دمللاؤهم ‪ %‬هللم القللوم كللل‬
‫القوم يا أم خالد ‪ #‬او حيث يراد الجنس دون الواحد والعدد كقوله تعالى ^‬
‫والذي جاء بالصدق وصدق به ^ ثم قال ^ اولئك هللم المتقللون ^ ونظيللره‬
‫الية التي نحن منها وهي قوله ^ وخضتم كالذي خاضللوا ^ او كللان المعنللى‬
‫علىالقول الخر وخضتم خوضا كالخوض الذي خاضللوا فيكللون صللفة لمصللدر‬
‫محذوف كقولك اضرب كالذي ضرب واحسن كالذي احسن ونظائره وعلللى‬
‫هذا فيكون العائد منصوبا محذوفا وحذفه في مثل ذلللك قيللاس مطللرد علللى‬
‫القولين فقد ذمه سبحانه على الخوض بالباطل واتبللاع الشللهوات واخللبر ان‬
‫من كانت هذه حالته فقد حبط عمله في الدنيا والخرة وهو مللن الخاسللرين‬
‫ونظير هذا قول اهل النار لهل الجنة وقد سألوهم كيف دخلوها قالوا لم نك‬
‫من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكللذب‬
‫بيوم الدين فذكروا الصلين الخوض بالباطل ومللا يتبعلله مللن التكللذيب بيللوم‬
‫الللدين وايثللار الشللهوات ومللا يسللتلزمه مللن تللرك الصلللوات واطعللام ذوي‬
‫الحاجات فهذان الصلن هماما هما والله ولي التوفيق‬
‫فصل والقلب السليم الذي ينجو من عذاب الله هو القلب الذي قد سلم‬
‫من هذا وهذا فهو القلب الذي قد سلللم لربلله وسلللم لمللره ولللم تبللق فيلله‬
‫منازعة لمره ول معارضة لخبره فهو سليم مما سوى الله وأمره ل يريللد ال‬
‫الله ول يفعل إل ما أمللره الللله فللالله وحللده غللايته وامللره وشللرعه وسلليلته‬
‫وطريقته ل تعترضه شبهة تحول بينه وبين تصديق خبره لكن ل تمر عليلله إل‬
‫وهي مجتازة تعلم انه ل قرار لها فيه ول شهوة تحول بينه وبين متابعة رضاه‬
‫ومتى كان القلب كذلك فهو سليم من الشرك وسليم من البدع وسليم مللن‬
‫الغي وسليم من الباطل وكل القوال التي قيلت في تفسيره فذلك يتضمنها‬
‫وحقيقته انه القلب الذي قد سلم لعبوديللة ربلله حيللاء وخوفللا وطمعللا ورجللاء‬
‫ففنى بحبه عن حب ما سواه وبخوفه عن خوف ما سواه وبرجائه عن رجللاء‬
‫ما سواه وسلم لمره‬

‫ولرسوله تصديقا وطاعة كما تقدم واستسلم لقضائه وقدره فلم يتهمه ولللم‬
‫ينازعه ولم يتسخط لقداره فاسلم لربه انقيادا وخضوعا وذل وعبودية وسلم‬
‫جميع احواله واقواله واعماله واذواقه ومواجيده ظاهرا وباطنللا مللن مشللاكة‬
‫رسوله وعرض ما جاء من سواها عليها فما وافقها قبله وما خالفها رده ومللا‬
‫لم يتبين له فيه موافقللة ول مخالفلة وقلف املره وأرجللأه اللى ان يتللبين لله‬
‫وسالم أولياءه وحزبه المفلحين الذابين عللن دينلله وسللنة نللبيه القللائمين بهللا‬
‫وعادى اعداءه المخالفين لكتابه وسنة نللبيه الخللارجين عنهمللا الللداعين الللى‬
‫خلفهما‬
‫فصل وهذه المتابعة هي التلوة التي اثنى الله على اهلها في قوله‬
‫تعالى ان الذين يتلون كتاب الله وفي قوله إن الذين آتيناهم الكتللاب يتلللونه‬
‫حق تلوته اولئك يؤمنون به والمعنى يتبعللون كتللاب الللله حللق اتبللاعه وقللال‬
‫تعالى اتل ما اوحى اليك من الكتاب واقم الصلة ^ وقال ^ إنما امللرت ان‬
‫اعبد رب هللذه البلللدة الللذي حرمهللا وللله كللل شلليء وأمللرت ان اكللون مللن‬
‫المسلمين وان اتلوا القرآن فحقيقللة التلوة فللي هللذه المواضللع هللي التلوة‬
‫المطلقة التامة وهي تلوة اللفظ والمعنى فتلوة اللفظ جزء مسمى التلوة‬
‫المطلقة وحقيقة اللفظ إنمللا هللي التبللاع يقللال اتللل اثللر فلن وتلللوت اثللره‬
‫وقفوته وقصصته بمعنى تبعت خلفه ومنلله قللوله تعللالى والشللمس وضللحاها‬
‫والقمر إذا تلهللا أي تبعهللا فللي الطلللوع بعللد غيبتهللا ويقللال جلاء القللوم يتلللو‬
‫بعضهم بعضا أي يتبع وسمى تالي الكلم تاليا لنه يتبع بعض الحللروف بعضللا‬
‫ل يخرجها جملة واحدة بل يتبع بعضللها بعضللا مرتبللة كلمللا انقضللى حللرف او‬
‫كلمة اتبعه بحرف آخر وكلمة اخرى وهذه التلوة وسيلة وطريقة والمقصللود‬
‫التلوة الحقيقية وهي تلوة المعنللى واتبللاعه تصللديقا بخللبره وائتمللارا بللأمره‬
‫وانتهاء بنهيه وائماما به حيث ما قادك انقدت معه فتلوة القرآن تتناول تلوة‬
‫لفظه ومعناه وتلوة المعنى اشرف من مجرد تلوة اللفظ وأهلهللا هللم اهللل‬
‫القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والخرة فإنهم اهل تلوة ومتابعة حقا‬
‫فصل ثم قال تعالى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره‬
‫يوم القيامة اعمى لما أخبر سبحانه عللن حللال مللن اتبللع هللداه فللي معاشلله‬
‫ومعاده اخبر عن حال من اعرض عنلله ولللم يتبعلله فقللال ومللن اعللرض عللن‬
‫ذكري فإن له معيشة ضنكا أي علن اللذكر اللذي انزلتله فاللذكر هنلا مصلدر‬
‫مضاف الى الفاعل كقيامي وقراءتي ل الى المفعللول وليللس المعنللى ومللن‬
‫اعرض‬

‫عن ان يذكرني بل هذا لزم المعنى ومقتضاه من وجه آخر سنذكره واحسن‬
‫من هذا الوجه ان يقال الذكر هنا مضاف إضافة السماء ل إضللافة المصللادر‬
‫الى معمولتها والمعنى ومن اعرض عن كتابي ولم يتبعه فإن القرآن يسمى‬
‫ذكرا قال تعالى وهذا ذكر مبارك انزلناه وقال تعالى ذلللك نتلللوه عليللك مللن‬
‫اليات والذكر الحكيم وقال تعالى وما هو ال ذكر للعللالمين وقللال تعللالى إن‬
‫الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وانه لكتاب عزيز وقال تعلالى إنملا تنلذر ملن‬
‫اتبع الذكر وخشي الرحمن وعلللى هللذا فاضللافته كاضللافة السللماء الجوامللد‬
‫التي ل يقصد بها اضافة العامل الىمعموله ونظيره في اضلافة اسلم الفاعلل‬
‫غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب فلإن هلذه الضلافات للم يقصلد بهلا‬
‫قصد الفعل المتجدد وإنما قصد بها قصد الوصف الثابت اللزم وكذلك جرت‬
‫اوصافا على اعرف المعارف وهو اسم الله تعللالى فللي قللوله تعللالى تنزيللل‬
‫الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابللل التللوب شللديد العقللاب ذي‬
‫الطول ل إله إل هو اليه المصير‬
‫فصل وقوله تعالى فإن لله معيشلة ضلنكا فسللرها غيللر واحلد ملن السلللف‬
‫بعذاب‬
‫القبر وجعلوا هللذه اليللة احللد الدلللة الدالللة علللى عللذاب القللبر ولهللذا قللال‬
‫ونحشره يوم القيامة اعمى قال رب لم حشللرتني اعمللى وقللد كنللت بصلليرا‬
‫قال كذلك اتتك آياتنللا فنسليتها وكللذلك اليلوم تنسلى أي تلترك فللي العللذاب‬
‫كماتركت العمل بآياتنا فذكر عذاب الللبرزخ وعللذاب دار البللوارونظيره قللوله‬
‫تعالى في حق آل فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا فهذا في الللبرزخ‬
‫ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون اشد العذاب فهذا في القيامة الكللبرى‬
‫ونظيره قوله تعالى وللو تلرى إذ الظلالمون فلي غملرات الملوت والملئكلة‬
‫باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون‬
‫على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون فقول الملئكة اليوم تجللزون‬
‫عذاب الهون المراد به عذاب البرزخ الذي أوله يوم القبض والموت ونظيره‬
‫قوله تعللالى ولللو تللرى إذ يتللوفى الللذين كفللروا الملئكللة يضللربون وجللوههم‬
‫وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق فهذه الذاقة هللي فللي الللبرزخ واولهللا حيللن‬
‫الوفاة فإنه معطوف علىقوله يضربون وجللوههم وأدبللارهم وهللو مللن القللول‬
‫المحذوف مقوله لدللة الكلم عليه كنظائره وكلهما واقع وقت الوفاة وفي‬
‫الصحيح عن البراء بن عازب رضى الله عنه في قوله تعالى يثبت الله الذين‬
‫امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة قال نزلت في عذاب القبر‬
‫والحاديث في عذاب القبر تكاد تبلغ حد التواتر والمقصللود ان الللله سللبحانه‬
‫اخبر ان من اعرض عن ذكره وهو الهدى الذي من اتبعه ل يضللل ول يشللقى‬
‫فإن له معيشة ضنكا وتكفل لمن حفظ‬

‫عهده ان يحييه حياة طيبة ويجزيه اجره في الخرة فقللال تعللالى مللن عمللل‬
‫صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينلله حيللاة طيبللة ولنجزينهللم اجرهللم‬
‫باحسن ما كانوا يعملون فاخبر سبحانه عن فلح ما تمسك بعهده علماوعمل‬
‫في العاجلة بالحياة الطيبة وفي الخرة باحسن الجزاء وهذا بعكللس مللن للله‬
‫المعيشة الضللنك فللي الللدنيا والللبرزخ ونسلليانه فللي العللذاب بللالخرة وقللال‬
‫سبحانه ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو للله قريللن وانهللم‬
‫ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون فأخبر سللبحانه ان مللن ابتله‬
‫بقرينه من الشياطين وضلله به إنما كان بسبب اعراضه وعشوه عن ذكللره‬
‫الذي انزله على رسوله فكللان عقوبللة هللذا العللراض ان قيللض للله شلليطانا‬
‫يقارنه فيصده عن سبيل ربه وطريق فلحه وهو يحسللب انله مهتللد حللتى إذا‬
‫وافى ربه يوم القيامة مع قرينلله وعلاين هلكله وافلسلله قلال يلا ليللت بينللي‬
‫وبينك بعدالمشرقين فبئس القرين وكلل ملن اعلرض علن الهتلداء بلالوحي‬
‫الذي هو ذكر الله فل بد ان يقول هذا يوم القيامة فإن قيل فهللل لهللذا عللذر‬
‫في ضللة إذا كان يحسب انه علللى هللدى كملا قللال تعللالى ويحسللبون انهللم‬
‫مهتدون قيل ل عذر لهذا وامثاله من الضلل الذين منشللأ ضللللهم العللراض‬
‫عن الوحي الذي جاء به الرسول ولو ظن انه مهتد فإنه مفرط باعراضه عن‬
‫اتباع داعي الهدى فإذا ضل فإنما اتى من تفريطه واعراضه وهذا بخلف من‬
‫كان ضلله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول اليها فذاك له حكم آخللر‬
‫والوعيد في القرآن إنما يتناول الول واما الثاني فإن الللله ل يعللذب احللدا إل‬
‫بعد إقامة الحجة عليه كما قال تعللالى ومللا كنللا معللذبين حللتى نبعللث رسللول‬
‫وقال تعالى رسل مبشرين ومنذرين لئل يكلون للنلاس عللى اللله حجلة بعلد‬
‫الرسل وقال تعالى في اهل النار وما ظلمنللاهم ولكللن كللانوا هللم الظللالمين‬
‫وقال تعالى ان تقول نفس يا حسرتي على ما فرطللت فللي جنللب الللله وإن‬
‫كنت لمن الساخرين او تقول لو ان الله هداني لكنت من المتقيللن او تقللول‬
‫حين ترى العذاب لو ان لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آيللاتي‬
‫فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين وهذا كثير في القرآن‬
‫فصل وقوله تعالى ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني اعمى‬
‫وقد كنت بصيرا اختلف فيه هل هو من عمى البصيرة او مللن عمللى البصللر‬
‫والذين قالوا هو من عمى البصيرة إنما حملهم على ذلللك قللوله اسللمع بهللم‬
‫وابصر يوم ياتوننا وقوله لقدكنت في غفلة مللن هللذا فكشللفنا عنللك غطللاءك‬
‫فبصرك اليوم حديد وقوله يلوم يللرون الملئكللة ل بشللرى يللومئذ للمجرميللن‬
‫وقوله لترون الجحيم ثم لترونهللا عيللن اليقيللن ونظللائر هللذا ممللا يثبللت لهللم‬
‫الرؤية‬

‫في الخرة كقوله تعالى وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الللذل ينظللرون‬
‫من طرف خفي وقوله يوم يدعون الى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها‬
‫تكذبون افسحر هذا ام انتم ل تبصرون وقللوله رأى المجرمللون النللار فظنللوا‬
‫انهم مواقعوها والذين رجحوا انه منعمى البصر قالوا السياق ل يدل ال عليه‬
‫لقوله قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا وهو لم يكللن بصلليرا فللي‬
‫كفره قط بل قد تبين له حينئذ انه كان في الدنيا في عمى عن الحق فكيف‬
‫يقول وقد كنت بصيرا وكيف يجاب بقوله كذلك اتتللك آياتنللا فنسلليتها وكللذلك‬
‫اليوم تنسى بل هذا الجواب فيه تنبيه على انه من عمى البصر وانلله جللوزي‬
‫من جنس عمله فإنه لما اعرض عن الذكر الذي بعث الله به رسوله وعميت‬
‫عنه بصيرته أعمى الله بصره يوم القيامة وتركه في العذاب كما ترك الللذكر‬
‫في الدنيا فجازاه على عمى بصليرته عمللى فللي الخللرة وعلللى تركلله ذكلره‬
‫تركه في العذاب وقال تعالى ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجللد‬
‫لهم اولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصللما‬
‫وقد قيل في هذه الية ايضا انهم عمي وبكم وصم عن الهدى كما قيللل فللي‬
‫قوله ونحشره يوم القيامللة اعمللى قللالوا لنهللم يتكلمللون يللومئذ ويسللمعون‬
‫ويبصللرون ومللن نصللرانه العمللى والبكللم والصللمم المضللاد للبصللر والسللمع‬
‫والنطق قال بعضهم هو عمى وصمم وبكم مقيللد ل مطللق فهلم عملى عللن‬
‫رؤية ما يسرهم وسماعه ولهذا قد روى عن ابللن عبللاس رضللى الللله عنهمللا‬
‫قال ل يرون شيئا يسرهم وقال آخرون هذا الحشللر حيللن تتوفللاهم الملئكللة‬
‫يخرجون من الدنيا كذلك فإذا قاموا من قبورهم الى الموقللف قللاموا كللذلك‬
‫ثم انهم يسمعون ويبصرون فيما بعد وهذامروى عن الحسللن وقللال آخللرون‬
‫هذا إنما يكون إذا دخلوا النار واستقروا فيها سلبو السماع والبصار والنطق‬
‫حين يقول لهم الرب تبارك وتعالى اخسللئوا فيهللا ولتكلمللون فحينئذ ينقطللع‬
‫الرجاء وتبكم عقولهم فيصلليرون بللأجمعهم عميللا بكمللا صللما ل يبصللرون ول‬
‫يسمعون ول ينطقون ول يسمع منهم ال الزفير والشهيق وهللذا منقللول عللن‬
‫مقاتل والذين قالوا المراد به العمى عن الحجة إنمللا مرادهللم انهللم ل حجللة‬
‫لهم ولم يريدوا ان لهم حجة هم عمى عنها بل هم عمىعن الهدى كمللا كللانوا‬
‫في الدنيا فان العبد يموت على ما عاش عليله ويبعلث علللى ملا ملات عليله‬
‫وبهذا يظهر أن الصواب هو القول الخر وانه عمى البصر فللإن الكللافر يعلللم‬
‫الحق يوم القيامة عيانا ويقر بما كان يجحده في الدنيا فليس هو اعمى عللن‬
‫الحق يومئذ وفصل الخطللاب ان الحشللر هللو الضللم والجمللع ويللراد بلله تللارة‬
‫الحشر الىموقف القيامةكقوله النبي انكم محشورون الى الللله حفللاة عللراة‬
‫غرل وكقوله تعالى وإذا الوحللوش حشللرت وكقللوله تعللالى وحشللرناهم فلللم‬
‫نغادر منهم احدا ويراد به الضم والجمللع إلللى دار المسللتقر فحشللر المتقيللن‬
‫جمعهم وضمهم الى الجنة‬
‫وحشر الكافرين جمعهم وضمهم الى النار قال تعللالى يللوم نحشللر المتقيللن‬
‫الى الرحمن وفدا وقال تعللالى احشللروا الللذين ظلمللوا أزواجهللم ومللا كللانوا‬
‫يعبللدون مللن دون الللله فاهللدوهم الللى صللراط الجحيللم فهللذا الحشللر هللو‬
‫بعدحشرهم الىالموقف وهو حشرهم وضمهم الى النار لنلله قللد اخللبر عنهللم‬
‫انهم قالوا يا ويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتللم بله تكللذبون ثللم‬
‫قال تعالى احشروا الذين ظلموا وازواجهم وهذا الحشللر الثللاني وعلللى هللذا‬
‫فهم ما بين الحشر الول من القبور الىالموقف والحشر الثاني من الموقللف‬
‫الى النار فعند الحشر الول يسمعون ويبصرون ويجللادلون ويتكلمللون وعنللد‬
‫الحشر الثاني يحشرون على وجوههم عميا وبكما وصما فلكل موقللف حللال‬
‫يليق به ويقتضيه عدل الرب تعالى وحكمته فالقرآن يصدق بعضه بعضلا وللو‬
‫كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا‬
‫فصل والمقصود ان الله سبحانه وتعالى لما اقتضت حكمته ورحمته إخراج‬
‫آدم وذريته من الجنة اعاضهم افضل منها وهو ما اعطاهم من عهللده الللذي‬
‫جعله سببا موصل لهم اليه وطريقا واضحا بين الدللة عليلله مللن تمسللك بلله‬
‫فاز واهتدى ومن اعللرض عنلله شللقى وغللوى ولمللا كللان هللذا العهللد الكريللم‬
‫والصراط المسللتقيم والنبللأ العظيللم ل يوصللل اليلله ابللدا إل مللن بللاب العلللم‬
‫والرادة فالرادة باب الوصول اليه والعلم مفتاح ذلك الباب المتوقللف فتحلله‬
‫عليه وكمال كل انسان إنما يتللم بهللذين النللوعين همللة ترقيلله وعلللم يبصللره‬
‫ويهديه فإن مراتب السعادة والفلح إنما تفوت العبد مللن هللاتين الجهللتين او‬
‫من احداهما اما ان ل يكون له علم بها فل يتحرك في طلبها او يكون عالمللا‬
‫بها ول تنهض همته اليهلا فل يلزال فلي حضليض طبعله محبوسلا وقلبله علن‬
‫كماله الذي خلق له مصدودا منكوسا قد أسام نفسلله مللع النعللام راعيللا مللع‬
‫الهمل واستطاب لقيعات الراحة والبطالة واستلن فراش العجز والكسللل ل‬
‫كمن رفع له علم فشمر اليه وبورك له في تفرده في طريللق طلبلله فلزملله‬
‫واستقام عليه قد ابت غلبات شللوقه ال لهجللرة الللى الللله ورسللوله ومقتللت‬
‫نفسلله الرفقللاء ال ابللن سللبيل يرافقلله فللي سللبيله ولمللا كللان كمللال الرادة‬
‫بحسب كمال مرادها وشرف العلم تابع لشرف معلومه كانت نهايللة سللعادة‬
‫العبد الذي ل سعادة له بدونها ول حيللاة للله إل بهللا ان تكللون إرادتلله متعلقللة‬
‫بالمراد الذي ل يبلى ول يفوت وعزمات همتلله مسللافرة الللى حضللرة الحللي‬
‫الذي ل يموت ول سللبيل للله إلللى هللذا المطلللب السللني والحللظ الوفللى ال‬
‫بالعلم الموروث عن عبده ورسوله وخليللله وحللبيبه الللذي بعثلله لللذلك داعيللا‬
‫وأقامه على هذا الطريق هاديا وجعله واسطة بينه وبيللن النللام وداعيللا لهللم‬
‫بإذنه الى دار السلم وأبى سبحانه ان يفتح لحد منهم العلى يللديه او يقبللل‬
‫من احد منهم سعيا ال ان يكون مبتدأ منه ومنتهيا اليه‬

‫فالطرق كلها ال طريقة مسدودة والقلوب باسرها ال قلوب اتباعه المنقللادة‬


‫اليه عن الله محبوسة مصدودة فحق على من كان في سعادة نفسه سللاعيا‬
‫وكان قلبه حيا عن الله واعيللا ان يجعللل علللى هللذين الصلللين مللدار اقللواله‬
‫واعماله وان يصيرهما اخبيته التي اليها مفزعة في حياته وطاء للله فل جللرم‬
‫كان وضع هذا الكتاب مؤسسللا علللى هللاتين القاعللدتين ومقصللوده التعريللف‬
‫بشرف هذين الصلين وسميته مفتاح دار السعادة ومنشور ولية اهل العلللم‬
‫والرادة إذ كان هذا من بعض النزل والتحف الللتي فتللح اللله بهلا علللى حيللن‬
‫انقطاعي اليه عند بيته والقائي نفسي ببللابه مسللكينا ذليل وتعللرض لنفحللاته‬
‫في بيته وحوله بكرة واصيل فما خاب من انزل به حللوائجه وعلللق بلله آمللاله‬
‫واصبح ببابه مقيما وبحماه نزيل ولما كان العللم املام الرادة ومقلدما عليهلا‬
‫ومفصل لها ومرشدا لها قدمنا الكلم عليه على الكلم على المحبة ثم نتبعلله‬
‫ان شاء الله بعد الفراغ منه كتابا في الكلم على المحبة واقسامها واحكامها‬
‫وفوائدها وثمراتها واسللبابها وموانعهللا ومللا يقويهللا ومللا يضللعفها والسللتدلل‬
‫بسائر طرق الدلة من النقل والعقل والفطللرة والقيللاس والعتبللار والللذوق‬
‫والوجد على تعلقها بالله الحق الذي ل إله غيره بل ل ينبغي ان تكون إل للله‬
‫ومن اجله والرد على من انكر ذلللك وتللبيين فسللاد قللوله عقل ونقل وفطللرة‬
‫وقياسا وذوقا ووجدا فهذا مضمون هذه التحفللة وهللذه عللرائس معانيهللا الن‬
‫تجلى عليك وخود ابكارها البديعة الجمال ترفل في حللهللا وهللي تللزف اليللك‬
‫فاما شمس منازلها بسعد السعد وأما خود تللزف الللى ضللرير مقعللد فللاختر‬
‫لنفسك احدى الخطتين وانزلها فيما شئت من المنزلللتين ول بللد لكللل نعمللة‬
‫من حاسد ولكل حق من جاحد ومعاند هذا وإنما اودع من المعاني والنفائس‬
‫رهن عند متأمله ومطالعه له غنمه وعلى مؤلفه غرمه وللله ثمرتلله ومنفعتلله‬
‫ولصاحبه كله ومشقته مع تعرضه لطعللن الطللاعنين والعللتراض المناقشللين‬
‫وهذه بضاعته المزجاة وعقله المدود يعرض علللى عقللول العللالمين وإلقللائه‬
‫نفسه وعرضلله بيللن مخللالب الحاسللدين وانيللاب البغللاة المعتللدين فلللك ايهللا‬
‫القارئ صفوه ولمؤلفه كدره وهو الذي تجشم غراسه وتعبه ولك ثمللره وهللا‬
‫هو قد استهدف لسهام الراشقين واستعذر الى الله ملن الزلللل والخطللأ ثللم‬
‫الى عباده المؤمنين اللهم فعيللاذا بللك ممللن قصللر فللي العلللم والللدين بللاعه‬
‫وطالت في الجهلل وآذى عبلادك ذراعله فهلو لجهلله يلرى الحسلان اسلاءة‬
‫والسنة بدعة والعرف نكرا ولظلمه يجللزى بالحسللنة سلليئة كاملللة وبالسلليئة‬
‫الواحدة عشرا قد اتخذ بطر الحق وغمللط النللاس سلللما الللى مللا يحبلله مللن‬
‫الباطل ويرضاه ول يعرف من المعللروف ول ينكللر ملن المنكللر ال ملا وافللق‬
‫إرادته او حالف هواه يستطيل على اولياء الرسول وحزبه باصغريه ويجالس‬
‫اهللل الغللي والجهالللة ويزاحمهللم بركبللتيه قللد ارتللوى مللن مللاء آجللن ونضلللع‬
‫واستشرف الى مراتب‬

‫ورثة النبياء وتطلع يركض في ميدان جهله مع الجللاهلين ويللبرز عليهللم فللي‬
‫الجهالة فيظن انه من السابقين وهو عند الله ورسوله والمللؤمنين عللن تلللك‬
‫الوراثة النبوية بمعزل وإذا انزل الورثة منللازلهم منهللا فمنزلتلله منهللا اقصللى‬
‫وابعد منزل ‪ #‬نزلوا بمكة في قبائل هاشم ‪ %‬ونزلت بالبيداء ابعد منللزل ‪#‬‬
‫وعياذا بك ممن جعل الملمة بضاعته والعذل نصيحته فهللو دائمللا يبللدى فللي‬
‫الملمة ويعيد ويكرر على العذل فل يفيد ول يستفيد بل عياذا بللك مللن عللدو‬
‫في صورة ناصح وولى فللي مسلللخ بعيللد كاشللح يجعللل عللداوته واذاه حللذرا‬
‫وإشفاقا وتنفيره وتخذيله اسعافا وإرفاقللا وإذا كللانت العيللن ل تكللاد إل علللى‬
‫هؤلء تفتح والميزان بهم يخف ول يرجح فما احرى اللبيب بأن ل يعيرهم من‬
‫قلبه جزا من اللتفات ويسافر في طريق مقصده بينهم سللفره الللى الحيللاء‬
‫بين الموات وما احسن ما قال القائل ‪ # :‬وفي الجهللل قبللل المللوت مللوت‬
‫لهله ‪ %‬واجسامهم قبل القبور قبور ‪ #‬وارواحهم في وحشة من جسللومهم‬
‫‪ %‬وليس لهم حتى النشور نشور اللهم فلك الحملد واليلك المشللتكى وانللت‬
‫المستعان وبللك المسللتغاث وعليللك التكلن ول حللول ول قللوة ال بللك وانللت‬
‫حسبنا ونعم الوكيل فلنشرع الن فللي المقصللود بحللول الللله وقللوته فنقللول‬
‫الصل الول في العلم وفضللله وشللرفه وبيللان عمللوم الحاجللة اليلله وتوقللف‬
‫كمال العبد ونجاته في معاشه ومعاده عليه‬
‫قال الله تعال شهد الله انه ل إله إل هو والملئكة واولو العلم قائما‬
‫بالقسط ل إله إل هو العزيز الحكيم استشهد سبحانه باولى العلم على اجل‬
‫مشهود عليه وهوتوحيده فقال شهد اللله انله ل إلله إل هلو والملئكلة واوللو‬
‫العلم قائما بالقسط وهذا يدل علللى فضللل العلللم واهللله مللن وجللوه احللدها‬
‫استشللهادهم دون غيرهللم مللن البشللر والثللاني اقللتران شللهادتهم بشللهادته‬
‫والثالث اقترانها بشهادة ملئكته والرابع ان في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم‬
‫فان الله ل يستشهد من خلقه ال العللدول ومنلله الثللر المعللروف عللن النللبي‬
‫يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفللون عنلله تحريللف الغللالين وانتحللال‬
‫المبطلين وتأويل الجاهلين وقال محمد بن احمد بن يعقوب بن شلليبة رأيللت‬
‫رجل قدم رجل الى اسماعيل بن إسحاق القاضي‬

‫فادعى عليه دعوى فسأل المدعى عليه فانكر فقال للمدعى الك بينللة قللال‬
‫نعم فلن وفلن قال اما فلن فمن شهودي وامللا فلن فليللس مللن شللهودي‬
‫قال فيعرفه القاضي قال نعم قللال بمللاذا قللال اعرفلله بكتللب الحللديث قللال‬
‫فكيف تعرفه في كتبه الحديث قال ما علمت ال خيرا قللال فللان النللبي قللال‬
‫يحمل هذا العلم من كل خلف عللدوله فمللن عللدله رسللول الللله اولللى ممللن‬
‫عدلته انت فقال قم فهاته فقد قبلت شللهادته وسلليأتي إن شللاء الللله الكلم‬
‫على هذا الحديث في موضعه الخامس انه وصفهم بكونهم اولى العلم وهللذا‬
‫يدل على اختصاصهم به وانهم اهله واصحابه ليللس بمسللتعار لهللم السللادس‬
‫انه سبحانه استشهد بنفسه وهو اجل شللاهد ثللم بخيللار خلقلله وهللم ملئكتلله‬
‫والعلماء من عباده ويكفيهم بهذا فضل وشرفا السابع انه استشهد بهم علللى‬
‫اجل مشهود به واعظمه واكبره وهو شهادة ان ل إله إل الله والعظيم القدر‬
‫انما يستشهد على المر العظيم اكابر الخلق وساداتهم الثللامن انلله سللبحانه‬
‫جعل شهادتهم حجة على المنكرين فهم بمنزلة آدلته وآياته وبراهنيلله الدالللة‬
‫على توحيده التاسع انه سبحانه أفرد الفعل المتضمن لهذه الشهادة لصادرة‬
‫منه ومن ملئكته ومنهم ولم يعطف شهادتهم بفعل آخلر غيلر شلهادته وهلذا‬
‫يللدل علللى شللدة ارتبللاط شللهادتهم بشللهادته فكللأنه سللبحانه شللهد لنفسلله‬
‫بالتوحيد على السنتهم وانطقهم بهذه الشهادة فكان هو الشاهد بهللا لنفسلله‬
‫إقامة وإنطاقا وتعليما وهم الشاهدون بها له إقرارا واعترافا وتصديقا وإيمانا‬
‫العاشر انه سبحانه جعلهم مؤدين لحقه عند عباده بهذه الشهادة فللإذا ادوهللا‬
‫فقد ادوا الحق المشهود به فثبللت الحللق المشللهود بله فللوجب علللى الخلللق‬
‫القرار به وكان ذلك غاية سعادتهم فللي معاشللهم ومعللادهم وكللل مللن نللاله‬
‫الهدى بشهادتهم واقر بهذا الحق بسبب شهادتهم فلهم من الجر مثل اجللره‬
‫وهذا فضللل عظيللم ل يللدرى قللدره ال الللله وكللذلك كللل مللن شللهد بهللا عللن‬
‫شهادتهم فلهم من الجر مثل اجره ايضا فهذه عشرة اوجلله فللي هللذه اليللة‬
‫الحادي عشر في تفضيل العلم وأهله انلله سللبحانه نفللي التسللوية بيللن أهللله‬
‫وبين غيرهم كما نفى التسوية بين اصحاب الجنة واصحاب النار فقال تعللالى‬
‫قل هل يستوى الذين يعلمون والذين ل يعلمون كمللا قللال تعللالى ل يسللتوى‬
‫اصحاب النار واصحاب الجنة وهذا يدل على غايللة فضلللهم وشللرفهم الللوجه‬
‫الثاني عشر انه سبحانه جعل اهل الجهل بمنزلة العميللان الللذين ل يبصللرون‬
‫فقال افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمللن هللو اعمللى فمللا ثللم ال‬
‫عالم او اعمى وقد وصف سبحانه اهل الجهل بأنهم صم بكم عمي فللي غيللر‬
‫موضع من كتابه الوجه الثالث عشر انه سبحانه اخبر عن اولى العلللم بللانهم‬
‫يرون ان ما انزل اليه من ربه حقا وجعل هللذا ثنللاء عليهللم واستشللهادا بهللم‬
‫فقال تعالى ويرى الذين اوتو العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق الوجه‬
‫الرابع عشر انه سبحانه امللر بسللؤالهم والرجللوع الللى أقللوالهم وجعللل ذلللك‬
‫كالشهادة منهم فقال وما ارسلنا قبلك إل رجال نللوحي اليهللم فاسللئلوا اهللل‬
‫الذكر إن‬

‫كنتم ل تعلمون واهل الذكر هللم اهللل العلللم بمللا انللزل علللى النبيللاء الللوجه‬
‫الخامس عشر انه سبحانه شهد لهل العلم شللهادة فللي ضللمنها الستشللهاد‬
‫بهم على صحة ما انزل الله على رسوله فقال تعالى افغير الله ابتغى حكما‬
‫وهو الذي أنزل اليكللم الكتللاب مفصللل والللذين آتينللاهم الكتللاب يعلمللون انلله‬
‫منزل من ربك بالحق فل تكونن مللن الممللترين الللوجه السللادس عشللر انلله‬
‫سبحانه سلى نبيه بايمان اهللل العلللم بلله وامللره ان ل يعبللأ بالجللاهلين شلليئا‬
‫فقال تعالى وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلنللاه تنللزيل قللل‬
‫آمنوا به اول تؤمنوا إن الذين اوتوا العلم مللن قبللله إذا يتلللى عليهللم يخللرون‬
‫للذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنللا لمفعللول وهللذا شللرف‬
‫عظيم لهل العلم وتحته ان اهللله العللالمون قللد عرفللوه وآمنللوا بلله وصللدقوا‬
‫فسواء آمن به غيرهم اول الوجه السابع عشر انه سلبحانه ملدح اهلل العللم‬
‫واثنى عليهم وشرفهم بان جعل كتابه آيات بينات في صدورهم وهذه خاصللة‬
‫ومنقبة لهلم دون غيرهللم فقلال تعلالى وكللذلك انزلنلا اليلك الكتلاب فالللذين‬
‫آتيناهم الكتاب يؤمنون بلله ومللن هللؤلء مللن يللؤمن بلله ومللا يجحللد بآياتنللا إل‬
‫الكافرون وما كنت تتلو مللن قبللله مللن كتللاب ول تخطلله بيمينللك إذا لرتللاب‬
‫المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم ما يجحلد بآياتنلا إل‬
‫الظالمون وسواء كان المعنللى ان القللرآن مسللتقر فللي صللدور الللذين اوتللوا‬
‫العلم ثابت فيها محفوظ وهو في نفسه آيات بينات فيكون اخبر عنه بخبرين‬
‫احدهما انه آيات بينات الثاني انه محفللوظ مسللتقر ثللابت فللي صللدور الللذين‬
‫اوتوا العلم او كان المعنى أنه آيات بينات في صدورهم أي كونه آيات بينللات‬
‫معلوم لهم ثابت في صللدورهم والقللولن متلزمللان ليسللا بمختلفيللن وعلللى‬
‫التقديرين فهو مدح لهم وثناء عليهم في ضمنه الستشهاد بهم فتأمله الوجه‬
‫الثامن عشر أنه سبحانه أمر نبيه أن يسأله مزيد العلم فقال تعللالى فتعللالى‬
‫الله الملك الحق ول تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيلله وقللل رب‬
‫زدني علما وكفى بهذا شرفا للعلم ان امر نبيه ان يسأله المزيد منلله الللوجه‬
‫التاسع عشر أنه سبحانه اخبر عن رفعة درجات اهل العلللم واليمللان خاصللة‬
‫فقال تعالى يا ايها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسللحوا‬
‫يفسح الله لكللم وإذا قيللل انشللزوا فانشللزوا يرفللع الللله الللذين آمنللوا منكللم‬
‫والذين أوتوا العلم درجات والله بماتعملون خبير وقد أخبر سبحانه في كتابه‬
‫برفع الدرجات في اربعة مواضللع احللدها هللذا والثللاني قللوله إنمللا المؤمنللون‬
‫الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانللا وعلللى‬
‫ربهللم يتوكلللون الللذين يقيمللون الصلللة وممللا رزقنللاهم ينفقللون اولئك هللم‬
‫المؤمنون حقا لهم درجللات عنللد ربهللم ومغفللرة ورزق كريللم والثللالث قللوله‬
‫تعالى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات اولئك لهم الدرجات العلى والرابع‬
‫قوله تعالى وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجرا‬

‫عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة فهذه اربعة مواضع في ثلثة منها الرفعة‬
‫بالدرجات لهل اليمان الذي هو العلم النافع والعمل الصالح والرابع الرفعللة‬
‫بالجهاد فعادت رفعة الدرجات كلهللا إلللى العلللم والجهللاد اللللذين بهمللا قللوام‬
‫الدين الوجه العشرون انه سبحانه استشهد بأهل العلم واليمان يوم القيامة‬
‫على بطلن قول الكفار فقال تعالى ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما‬
‫لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقللال الللذين اوتللو العلللم واليمللان لقللد‬
‫لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم ل تعلمللون‬
‫الوجه الحادي والعشرون انه سبحانه اخبر انهم اهل خشيته بل خصللهم مللن‬
‫بين الناس بذلك فقال تعالى إنمللا يخشللى الللله مللن عبللاده العلمللاء إن الللله‬
‫عزيز غفور وهذا حصر لخشيته في أوللى العللم وقلال تعلالى جزاؤهللم عنلد‬
‫ربهم جنات عدن تجرى من تحتها النهار خالدين فيها ابدا رضللى الللله عنهللم‬
‫ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه وقد اخبر ان اهل خشيته هللم العلمللاء فللدل‬
‫على ان هذا الجزاء المللذكور للعلمللاء بمجمللوع النصللين وقللال ابللن مسللعود‬
‫رضى الله عنه كفللى بخشللية الللله علمللا وكفللى بللالغترار بللالله جهل الللوجه‬
‫الثاني والعشرون انه سبحانه اخبر عللن امثللاله الللتي يضللربها لعبللاده يللدلهم‬
‫على صحة ما أخبر به ان اهل العلم هللم المنتفعللون بهللا المختصللون بعلمهللا‬
‫فقال تعالى وتلك المثال نضربها للناس وما يعقلها إل العالمون وفي القرآن‬
‫بضعة واربعون مثل وكان بعض السلف إذا مر بمثللل ل يفهملله يبكللي ويقللول‬
‫لسللت مللن العللالمين الللوجه الثللالث والعشللرون انلله سللبحانه ذكللر منللاظرة‬
‫إبراهيم لبيه وقومه وغلبتلله لهللم بالحجلة وأخلبر علن تفضليله بلذلك ورفعله‬
‫درجته بعلم الحجة فقللال تعللالى عقيللب منللاظرته لبيلله وقللومه فللي سللورة‬
‫النعام وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك‬
‫حكيم عليم قال زيد بن أسلم رضى الله عنه نرفع درجللات مللن نشللاء بعلللم‬
‫الحجة الوجه الرابع والعشرون انه سبحانه أخبر انه خلق الخلق ووضللع بيتلله‬
‫الحرام والشهر الحرام والهدى والقلئد ليعلللم عبللاده أنلله بكللل شلليء عليللم‬
‫وعلى كل شيء قدير فقال تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومللن الرض‬
‫مثلهن يتنزل المر بينهن لتعلموا ان الله على كل شلليء قللدير وان الللله قللد‬
‫احاط بكل شيء علما فدل على ان علم العباد بربهم وصفاته وعبادته وحده‬
‫هو الغاية المطلوبة من الخلق والمللر الللوجه الخللامس والعشللرون ان الللله‬
‫سبحانه امر اهل العلم بالفرح بما آتاهم وأخللبر انلله خيللر ممللا يجمللع النللاس‬
‫فقال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممللا يجمعللون‬
‫وفسر فضل الللله باليمللان ورحمتلله بللالقرآن واليمللان والقللرآن همللا العلللم‬
‫النافع والعمل الصالح والهدى ودين الحق وهمللا افضللل علللم وافضللل عمللل‬
‫الوجه السادس والعشرون انه سبحانه شهد لمللن آتللاه العلللم بللانه قللد آتللاه‬
‫خيرا كثيرا فقال تعالى يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقلد اوتلى‬
‫خيرا كثيرا ^ قال ^‬

‫ابن قتيبلة والجمهلور الحكملة إصلابة الحلق والعملل بله وهلي العللم النلافع‬
‫والعمل الصالح الوجه السابع والعشرون انه سبحانه عدد نعمه وفضله علللى‬
‫رسوله وجعل من اجلها ان آتاه الكتاب والحكمللة وعلملله مللا لللم يكللن يعلللم‬
‫فقال تعالى وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان‬
‫فضل الله عليك عظيما الللوجه الثللامن والعشللرون انلله سللبحانه ذكللر عبللاده‬
‫المؤمنين بهذه النعمللة وأمرهللم بشللكرها وأن يللذكروه علللى إسللدائها اليهللم‬
‫فقللال تعللالى كمللا ارسلللنا فيكللم رسللول منكللم يتلللو عليكللم آياتنللا ويزكيكللم‬
‫ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني اذكركللم‬
‫واشكروا لي ول تكفرون الللوجه التاسللع والعشللرون انلله سللبحانه لمللا اخللبر‬
‫ملئكته بأنه يريد ان يجعل في الرض خليفة قالوا له اتجعل فيها مللن يفسللد‬
‫فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمللدك ونقللدس لللك قللال انللي اعلللم مللال‬
‫تعلمون وعلم آدم السماء كلهللا ثللم عرضللهم علللى الملئكللة فقللال انللبئوني‬
‫باسللماء هللؤلء ان كنتللم صللادقين قللالوا سللبحانك لعلللم لنللا ال مللا علتمنللا‬
‫كلمتناانك انت العليم الحكيم الى آخر قصة آدم وأمر الملئكة بالسجود لدم‬
‫فأبى ابليس فلعنه وأخرجه من السماء وبيان فضل العلللم مللن هللذه القصللة‬
‫من وجوه احدها انه سبحانه رد على الملئكللة لمللا سللألوه كيللف يجعللل فللي‬
‫الرض من هم اطوع له منه فقال اني اعلللم مللال تعلمللون فأجللاب سللؤالهم‬
‫بأنه يعلم من بواطن المور وحقائقها مال يعلمونه وهو العليم الحكيم فظهللر‬
‫من هذا الخليفة من خيار خلقه ورسللله وأنبيللائه وصللالحي عبللاده والشللهداء‬
‫والصديقين والعلماء وطبقات اهل العلم واليمان من هو خيللر مللن الملئكللة‬
‫وظهر من ابليس من هو شر العالمين فأخرج سللبحانه هللذا وهللذا والملئكللة‬
‫لم يكن لها علم ل بهذا ول بهذا ول بمللا فللي خلللق آدم واسللكانه الرض مللن‬
‫الحكم الباهرة الثاني انه سبحانه لما اراد اظهار تفضيل آدم وتمييزه وفضللله‬
‫ميزه عليهم بالعلم فعلمه السللماء كلهللا ثللم عرضللهم علللى الملئكللة فقللال‬
‫انبئوني باسماء هؤلء إن كنتم صادقين جاء في التفسير انهم قالوا لن يخلق‬
‫ربنا خلقا هو اكرم عليه منا فظنوا انهم خير وافضل من الخليفة الذي يجعله‬
‫الله في الرض فلما امتحنهم بعلم ما علمه لهذا الخليفة اقروا بالعجز وجهل‬
‫ما لم يعلموه فقالوا سبحانك لعلم لنا إل ما علمتنا انك انت العليللم الحكيللم‬
‫فحينئذ اظهر لهم فضللل آدم بمللا خصلله بلله مللن العلللم فقللال يللا آدم انللبئهم‬
‫باسمائهم فلما انبأهم بأسمائهم أقروا له بالفضل الثالث انه سبحانه لمللا ان‬
‫عرفهم فضل آدم بالعلم وعجزهم عن معرفة ما علملله قللال لهللم الللم اقللل‬
‫لكم اني اعلم غيب السموات والرض واعلم مللا تبللدون ومللا كنتللم تكتمللون‬
‫فعرفهم سبحانه نفسه بالعلم وانه احللاط علمللا بظللاهرهم وبللاطنهم وبغيللب‬
‫السموات والرض فتعرف اليهم بصللفة العلللم وعرفهللم فضللل نللبيه وكليملله‬
‫بالعلم وعجزهم عما آتاه آدم من العلم وكفى بهذا شللرفا للعلللم الرابللع انلله‬
‫سبحانه جعل في آدم‬

‫من صفات الكمال ما كان به افضل من غيره من المخلوقات وأراد سللبحانه‬


‫ان يظهر لملئكته فضله وشرفه فأظهر لهم احسن ما فيه وهللو علملله فللدل‬
‫على ان العلم اشرف ما فللي النسلان وان فضللله وشللرفه إنملا هللو بللالعلم‬
‫ونظير هذا ما فعله بنبيه يوسف عليه السلم لما أراد اظهللار فضللله وشللرفه‬
‫على اهل زمانه كلهم اظهر للملك واهل مصلر ملن علمله بتأويلل رؤيلاه ملا‬
‫عجز عنه علماء التعبير فحينئذ قدمه ومكنه وسلم اليه خللزائن الرض وكللان‬
‫قبل ذلك قد حبسه على ما رآه من حسن وجهه وجمال صللورته ولمللا ظهللر‬
‫له حسن صورة علمه وجمال معرفته اطلقه من الحبس ومكنلله فللي الرض‬
‫فدل على ان صورة العلم عند بني آدم ابهى واحسن مللن الصللورة الحسللية‬
‫ولو كانت اجمل صورة وهذا وجه مستقل في تفضيل العلم مضاف الللى مللا‬
‫تقدم فتم به ثلثون وجها الوجه الحادي والثلثون انه سبحانه ذم اهل الجهل‬
‫في مواضع كثيرة من كتابه فقال تعالى ولكلن اكلثرهم يجهللون ^ وقلال ^‬
‫ولكن اكللثرهم ل يعلمللون وقللال تعللالى ام تحسللب ان اكللثرهم يسللمعون او‬
‫يعقلون ان هم ال كالنعام بللل هللم اضللل سللبيل فلللم يقتصللر سللبحانه علللى‬
‫تشبيه الجهال بالنعام حتى جعلهم اضل سبيل منهللم وقللال ان شللر الللدواب‬
‫عند الله الصم البكم الذين ل يعقلللون اخللبر ان الجهللال شللر الللدواب عنللده‬
‫علللى اختلف اصللنافها مللن الحميللر والسللباع والكلب والحشللرات وسللائر‬
‫الدواب فالجهال شر منهم وليس علللي ديللن الرسللل اضللر مللن الجهللال بللل‬
‫اعداؤهم على الحقيقة وقال تعالى لنبيه وقد اعاذه فلتكللونن مللن الجللاهلين‬
‫وقال كليمه موسى عليه الصلة والسلم اعوذ بالله ان اكون مللن الجللاهلين‬
‫وقال لول رسله نوح عليه السلم إني أعظك أن تكون من الجللاهلين فهللذه‬
‫حال الجاهلين عنده والول حال اهل العلم عنده واخبر سبحانه عن عقللوبته‬
‫لعدائه انه منعهم علم كتابه ومعرفته وفقهه فقال تعالى وإذا قرأت القللرآن‬
‫جعلنا بينك وبين الذين ل يؤمنون بالخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلللوبهم‬
‫اكنة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا وأمر نبيه بالعراض عنهللم فقللال وأعللرض‬
‫عن الجاهلين واثنى على عباده بالعراض عنهللم ومتللاركتهم كمللا فللي قللوله‬
‫وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا اعمالنا ولكم اعمالكم سلم عليكللم‬
‫ل نبتغي الجاهلين وقال تعالى وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما وكللل هللذا‬
‫يدل على قبح الجهل عنده وبغضه للجهل وأهله وهو كذلك عند النللاس فللإن‬
‫كل احد يتبرا منه وإن كان فيهالوجه الثللاني والثلثللون ان العلللم حيللاة ونللور‬
‫والجهل موت وظلمة والشر كله سببه عدم الحياة والنور والخير كللله سللببه‬
‫النور والحياة فإن النور يكشف عن حقائق الشياء ويبين مراتبها والحياة هي‬
‫المصححة لصفات الكمال الموجبة لتسديد القوال والعمال فكلمللا تصللرف‬
‫من الحياة فهو خير كللله كالحيللاء الللذي سللببه كمللال حيللاة القلللب وتصللوره‬
‫حقيقة القبح ونفرته منه وضده الوقاحة‬

‫والفحش وسببه موت القللب وعلدم نفرتله ملن القبيلح وكالحيلاء اللذي هلو‬
‫المطر الذي به حياة كل شيء قال تعالى او من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له‬
‫نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كان ميتا‬
‫بالجهل قلبه فأحياه بالعلم وجعل له من اليمان نورا يمشى بلله فللي النللاس‬
‫وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسللوله يللؤتكم كفليللن مللن‬
‫رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والللله غفللور رحيللم لئل يعلللم‬
‫اهل الكتاب ان ل يقدرون على شيء من فضللل الللله وان الفضللل بيللد الللله‬
‫يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وقال تعالى والله ولللي الللذين آمنللوا‬
‫يخرجهللم مللن الظلمللات الللى النللور والللذين كفللروا اوليللاؤهم الطللاغوت‬
‫يخرجونهم من النور إلللى الظلمللات اولئك اصللحاب النللار هللم فيهللا خالللدون‬
‫وقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري مللا الكتللاب ول‬
‫اليمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشللاء مللن عبادنللا وانللك لتهللدي الللى‬
‫صراط مستقيم فأخبر انه روح تحصل بلله الحيللاة ونللور يحصللل بلله الضللاءة‬
‫والشراف فجمع بين الصلين الحياة والنور وقال تعالى قد جاءكم مللن الللله‬
‫نوروكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سللبل السلللم ويخرجهللم مللن‬
‫الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مسللتقيم وقللال تعللالى فللآمنوا‬
‫بالله ورسوله والنور الذي انزلنا والله بما تعمل ون خبير وقال تعالى يا أيهللا‬
‫الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا اليكم نللورا مبينللا وقللال تعللالى قللد‬
‫انزل الله اليكم ذكرا رسول يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنللوا‬
‫وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور وقال تعللالى الللله نللور السللموات‬
‫والرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجللة كأنهللا‬
‫كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونللة ل شللرقية ول غربيللة يكللاد زيتهللا‬
‫يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشللاء ويضللرب‬
‫الله المثال للناس والله بكل شيء عليم فضللرب سللبحانه مثل لنللوره الللذي‬
‫قذفه في قلب المؤمن كما قال ابي بن كعب رضى الله عنه مثل نوره فللي‬
‫قلب عبده المؤمن وهو نور القرآن واليمان الذي اعطاه إياه كمللا قللال فللي‬
‫آخر الية نور على نور يعنى نور اليملان علللى نللور القللرآن كمللا قللال بعللض‬
‫السلف يكاد المؤمن ينطق بالحكمة وان لم يسمع فيها بالثر فإذا سمع فيها‬
‫بالثر كان نورا على نور وقد جمع الله سبحانه بين ذكر هذين النللورين وهمللا‬
‫الكتاب واليمان في غير موضع من كتابه كقوله ما كنت تدرى ما الكتاب ول‬
‫اليمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشللاء مللن عبادنللا وقللوله تعللالى قللل‬
‫بفضل الله وبرحمته فبللذلك فليفرحللوا هللو خيللر ممللا يجمعللون ففضللل الللله‬
‫اليمان ورحمته القرآن وقوله تعالى او من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نللورا‬
‫يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها وقللد تقللدمت‬
‫هذه اليات وقال في آية النور نور على نور‬

‫وهو نور اليمان على نور القرآن وفي حديث النواس بن سمعان رضى الللله‬
‫عنه عن النبي ان الله ضللرب مثل صللراطا مسللتقيما وعلللى كتفللي الصللراط‬
‫داران لهما ابواب مفتحة على البواب ستور وداع يدعو علللى الصللراط وداع‬
‫يدعو فوقه والله يدعو الى دار السلم ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم‬
‫والبواب التي على كتفي الصراط حدود الللله فل يقللع احللد فللي حللدود الللله‬
‫حتى يكشف الستر والذي يدعو من فللوقه واعللظ ربلله رواه الترمللذي وهللذا‬
‫لفظه والمام احمد ولفظه والداعي على رأس الصراط كتاب الله والللداعي‬
‫فوق الصراط واعظ الله في قلب كللل مللؤمن فللذكر الصلللين وهمللا داعللي‬
‫القرآن وداعي اليمان وقال حذيفة حدثنا رسول الله ان المانللة نزلللت فللي‬
‫جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من اليمان ثم علموا من القللرآن‬
‫وفي الصحيحين من حديث ابي موسى الشعري رضى الله عنلله عللن النللبي‬
‫مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثللل الترجللة طعمهللا طيللب وريحهللا طيللب‬
‫ومثل المؤمن الذي ل يقرأ القرآن كمثل التمللرة طعمهللا طيللب ول ريللح لهللا‬
‫ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيللب وطعمهللا مللر ومثللل‬
‫المنافق الذي ل يقرأ القرآن كمثل الحنظلللة طعمهللا مللرول ريللح لهللا فجعللل‬
‫الناس اربعة اقسللام اهللل اليمللان والقللرآن وهللم خيللار النللاس الثللاني اهللل‬
‫اليمان الذين ل يقرءون القرآن وهم دونهم فهؤلء هللم السللعداء والشللقياء‬
‫قسمان احدهما من اوتى قرآنا بل إيمللان فهللو منللافق والثللاني مللن ل اوتللى‬
‫قرآنا ول إيمانا والمقصود ان القرآن واليمان هما نور يجعله الللله فللي قلللب‬
‫من يشاء من عباده وأنهما اصل كل خير في الللدنيا والخللرة وعلمهمللا اجللل‬
‫العلوم وافضلها بل ل علم في الحقيقة ينفع صاحبه ال علمهمللا والللله يهللدي‬
‫من يشاء الى صراط مستقيم الوجه الثالث والثلثون ان الله سللبحانه جعللل‬
‫صيد الكلب الجاهل ميتة يحرم اكلها وأباح صيد الكلب المعلم وهذا ايضا من‬
‫شرف العلم انه ل يباح إل صيد الكلب العالم وامللا الكلللب الجاهللل فل يحللل‬
‫اكل صيده فدل على شرف العلم وفضله قال الله تعالى يسألونك ماذا أحل‬
‫لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجللوارح مكلللبين تعلمللونهن ممللا‬
‫علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الللله ان‬
‫الله سريع الحساب ولول مزية العلم والتعليللم وشللرفهما كللان صلليد الكلللب‬
‫المعلم والجاهل سواء الوجه الرابللع والثلثللون ان الللله سللبحانه اخبرنللا عللن‬
‫صفيه وكليمه الذي كتب له التوارة بيده وكلمه منه اليه انه رحل الللى رجللل‬
‫عالم يتعلم منه ويزداد علما الى علمه فقال وإذ قللال موسللى لفتللاه ل أبللرح‬
‫حتى ابلغ مجمع البحرين او امضى حقبا حرصللا منلله علللى لقللاء هللذا العللالم‬
‫وعلى التعلم منه فلما لقيه سلك معه مسلك المتعلللم مللع معلملله وقللال لله‬
‫هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشللدا فبللدأه بعللد السلللم بالسللتئذان‬
‫على متابعته وانه ل يتبعه إل باذنه وقال على ان تعلمن مما علمت‬

‫رشدا فلم يجيء ممتحنا ول متعلمللا وإنملا جللاء متعلمللا مسللتزيدا علملا إلللى‬
‫علمه وكفى بهذا فضل وشرفا للعلم فإن نبي الله وكليمه سافر ورحل حللتى‬
‫لقى النصب من سفره في تعلم ثلث مسائل من رجل عالم ولما سللمع بلله‬
‫لم يقر له قرار حتى لقيه وطلب منلله متللابعته وتعليملله وفللي قصللتهما عللبر‬
‫وآيات وحكم ليس هذا موضع ذكرها الوجه الخللامس والثلثللون قللوله تعللالى‬
‫وما كللان المؤمنللون لينفللروا كافللة فلللول نفللر ملن كللل فرقللة منهللم طائفللة‬
‫ليتفقهوا في الدين ولينذروا قللومهم إذا رجعللوا اليهللم لعلهللم يحللذرون نللدب‬
‫تعالى المؤمنين الى التفقه في الدين وهو تعلملله وانللذار قللومهم إذا رجعللوا‬
‫اليهم وهو التعليم وقد اختلف في الية فقيل المعنى ان المؤمنين لم يكونوا‬
‫لينفروا كلهم للتفقه والتعلم بل ينبغي ان ينفر ملن كلل فرقلة منهلم طائفلة‬
‫تتفقه تلك الطائفة ثم ترجع تعلم القاعدين فيكون النفير على هذا نفير تعلم‬
‫والطائفة تقال على الواحد فما زاد قالوا فهو دليل علللى قبللول خللبر الواحللد‬
‫وعلى هذا نفير تعلم والطائفة تقال علللى الواحللد فمللا زاد قللالوا فهللو دليللل‬
‫على قبول خير الواحد وعلى هذا حملهللا الشللافعي وجماعللة وقللالت طائفللة‬
‫اخرى المعنى وما كان المؤمنون لينفروا إلى الجهاد كلهم بل ينبغي ان تنفللر‬
‫طائفة للجهاد وفرقة تقعد تتفقه في الدين فإذا جاءت الطائفللة الللتي نفللرت‬
‫فقهتها القاعدة وعلمتهللا مللا انللزل مللن الللدين والحلل والحللرام وعلللى هللذا‬
‫فيكون قوله ليتفقهوا ولينذروا للفرقة الللتي نفللرت منهللا طائفللة وهللذا قللول‬
‫الكثرين وعلى هذا فالنفير نفير جهاد على اصللله فللإنه حيللث اسللتعمل إنمللا‬
‫يفهم منه الجهاد قال الله تعالى ^ انفللروا خفافللا وثقللال وجاهللدوا بللاموالكم‬
‫وأنفسكم ^ وقال النبي ل هجرة بعد الفتح ولكن جهللاد ونيللة وإذا اسللتنفرتم‬
‫فانفروا وهذا هو المعروف من هذه اللفظة وعلى القولين فهللو ترغيللب فللي‬
‫التفقه في الدين وتعلمه وتعليمه فإن ذلك يعدل الجهاد بل ربما يكون افضل‬
‫منه كما سيأتي تقريره في الوجه الثامن والمائة ان شاء الللله تعللالى الللوجه‬
‫السادس والثلثون قوله تعالى ^ والعصر إن النسان لفللي خسللر إل الللذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصللوا بالصللبر ^ قللال الشللافعي‬
‫رضى الله عنه لو فكر الناس كلهم في هذه السورة لكفتهم وبيللان ذلللك ان‬
‫المراتب اربعة وباستكمالها يحصل للشخص غاية كماله احداها معرفة الحق‬
‫الثانية عمله به الثالثة تعليمه من ل يحسنه الرابعة صبره على تعلمه والعمل‬
‫به وتعليمه فذكر تعالى المراتب الربعة في هللذه السللورة واقسللم سللبحانه‬
‫في هذه السللورة بالعصللر ان كللل احللد فللي خسللر ال الللذين آمنللوا وعملللوا‬
‫الصللالحات وهللم الللذين عرفللوا الحللق وصللدقوا بلله فهللذه مرتبللة وعملللوا‬
‫الصللالحات وهللم الللذين عملللوا بمللا علمللوه مللن الحللق فهللذه مرتبللة اخللرى‬
‫وتواصوا بالحق وصى بله بعضللهم بعضلا تعليملا وارشللادا فهللذه مرتبللة ثالثللة‬
‫وتواصوا بالصبر صبروا على الحق ووصى بعضهم بعضا بالصبر عليه والثبات‬
‫فهذه مرتبة رابعة وهذانهاية الكمال فإن الكمال ان يكون الشخص كامل في‬
‫نفسه مكمل لغيره وكمللاله باصلللح قللوتيه العلميللة والعمليللة فصلللح القللوة‬
‫العلمية باليمان‬

‫وصلح القوة العملية بعمل الصللالحات وتكميللله غيللره بتعليملله ايللاه وصللبره‬
‫عليه وتوصيته بالصبر على العلم والعمل فهذه السورة على اختصللارها هللي‬
‫من اجمع سور القرآن للخير بحذافيره والحمد لللله الللذي جعللل كتللابه كافيللا‬
‫عن كللل ملا سللواه شللافيا ملن كللل داء هاديللا الللى كللل خيللر الللوجه السلابع‬
‫والثلثون انه سبحانه ذكر فضله ومنته على انبيللائه ورسللله واوليللائه وعبللاده‬
‫بما آتاهم من العلم فذكر نعمته على خاتم انبيائه ورسله بقللوله وأنللزل الللله‬
‫عليك الكتاب والحكمة وعلمللك مللا لللم تكللن تعلللم وكللان فضللل الللله عليللك‬
‫عظيما وقد تقدمت هذه الية وقال في يوسف ولما بلغ اشللده آتينللاه حكمللا‬
‫وعلما وكذلك تجزى المحسللنين وقللال فللي كليملله موسللى ولمللا بلللغ اشللده‬
‫واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجللزي المحسللنين ولمللا كللان الللذي آتللاه‬
‫موسى من ذلك أمرا عظيما خصه به على غيره ول يثبت له إل القوياء أولو‬
‫العزم هيأه له بعد أن بلغ أشده واستوى يعني تم كلمت قوته وقال في حللق‬
‫المسيح يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليللك وعلىوالللدتك إذ ايللدتك بللروح‬
‫القدس تكلم الناس في المهد وكهل وإذ علمتللك الكتللاب والحكمللة والتللوراة‬
‫والنجيل وقال في حقه ويعلمه الكتاب والحكمللة والتللوراة والنجيللل فجعللل‬
‫تعليمه مما بشر به امه واقر عينها بلله وقللال فللي حللق داود وآتينللاه الحكمللة‬
‫وفصل الخطاب وقال في حق الخضر صاحب موسى وفتاه فوجدا عبدا مللن‬
‫عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لللدنا علمللا فللذكر مللن نعملله عليلله‬
‫تعليمه وما آتاه مللن رحمتلله وقللال تعللالى يلذكر نعمتلله علللى داود وسللليمان‬
‫وداود وسللليمان إذ يحكمللان فللي الحللرث إذ نفشللت فيلله غنللم القللوم وكنللا‬
‫لحكمهم شاهدين ففهمناهللا سللليمان وكل آتينللا حكمللا وعلمللا فللذكر النللبيين‬
‫الكريمين وأثنى عليهما بللالحكم والعلللم وخللص بفهللم القضللية احللدهما وقللد‬
‫ذكرت الحكمين الداوودي والسليماني ووجههما ومن صار من الئمةالى هذا‬
‫ومن صار الى هللذا وترجيللح الحكللم السللليماني مللن عللدة وجللوه ومللوافقته‬
‫للقياس وقواعد الشرع في كتاب الجتهاد والتقليد وقال تعالى قل من انزل‬
‫الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهللدى للنللاس تجعلللونه قراطيللس تبللدونها‬
‫وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا انتم ول آباؤكم قل الله يعني الذي انزله‬
‫جعل سبحانه تعليمهم ما لم يعلموا هللم ول آبللاؤهم دليل علللى صللحة النبللوة‬
‫والرسالة إذ ل ينال هذا العلم إل من جهة الرسللل فكيللف يقولللون مللا أنللزل‬
‫الله على بشر من شيء وهذا من فضل العلم وشرفه وأنه دليل على صحة‬
‫النبللوة والرسللالة والللله الموفللق للرشللاد وقللال تعللالى لقللد مللن الللله علللى‬
‫المللؤمنين إذ بعللث فيهللم رسللول مللن انفسللهم يتلللو عليهللم آيللاته ويزكيهللم‬
‫ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلللل ملبين وقللال تعلالى‬
‫هو الذي بعث في الميين رسول منهم يتلللو عليهللم آيللاته ويزكيهللم ويعلمهللم‬
‫الكتاب والحكمة وان كانوا مللن قبللل لفللي ضلللل مللبين وآخريللن منهللم لمللا‬
‫يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم‬

‫ذلك فضل الله يؤتيه من يشللاء والللله ذو الفضللل العظيللم يعنللي وبعللث فللي‬
‫آخرين منهم لما يلحقوا بهم وقد اختلف في هللذا اللحلاق المنفلي فقيلل هلو‬
‫اللحاق في الزمان أي يتلأخر زملانهم عنهلم وقيلل هلو اللحلاق فلي الفضلل‬
‫والسبق وعلللى التقللديرين فللامتن عليهللم سللبحانه بللان علمهللم بعللد الجهللل‬
‫وهداهم بعد الضللة ويالها مللن منللة عظيمللة فللاتت المنللن وجلللت ان يقللدر‬
‫العباد لها على ثمن الوجه الثامن والثلثللون ان اول سللورة انزلهللا الللله فللي‬
‫كتابه سورة القلم فذكر فيها ما من به على النسان من تعليمه ما لللم يعلللم‬
‫فذكر فيها فضله بتعليمه وتفضيله النسان بما علملله ايللاه وذلللك يللدل علللى‬
‫شرف التعليللم والعلللم فقللال تعللالى ^ اقللرأ باسللم ربللك الللذي خلللق خلللق‬
‫النسان من علق اقرأ وربك الكرم الذي علم بللالقلم علللم النسللان مللا لللم‬
‫يعلللم ^ فافتتللح السللورة بللالمر بللالقراءة الناشللئة عللن العلللم وذكللر خلقلله‬
‫خصوصا وعموما فقال ^ اللذي خللق خللق النسلان ملن عللق اقلرأ وربلك‬
‫الكرم ^ وخص النسان من بين المخلوقات لما اودعلله مللن عجللائبه وآيللاته‬
‫الدالة على ربوبيته وقدرته وعلمه وحكمته وكمال رحمتلله وانلله ل إللله غيللره‬
‫ول رب سواه وذكر هنا مبدا خلقه من علق لكون العلقة مبدأ الطللوار الللتي‬
‫انتقلت اليها النطفة فهي مبدأ تعلق التخليق ثم اعلاد الملر بلالقراءة مخلبرا‬
‫عن نفسه بأنه الكرم وهو الفعل من الكرم وهو كثرة الخيللر ول احللد أولللى‬
‫بذلك منه سبحانه فإن الخير كله بيديه والخير كله منه والنعم كلها هو موليها‬
‫والكمال كله والمجد كله له فهو الكرم حقا ثم ذكر تعليمه عموما وخصوصا‬
‫فقال الذي علم بالقلم فهذا يدخل فيه تعليم الملئكة والناس ثم ذكللر تعليللم‬
‫النسللان خصوصللا فقللال ^ علللم النسللان مللا لللم يعلللم ^ فاشللتملت هللذه‬
‫الكلمات على انه معطى الموجودات كلها بجميع اقسللامها فللان الوجللود للله‬
‫مراتب اربعة احداها مرتبتها الخارجيللة المللدلول عليهللا بقللوله خلللق المرتبللة‬
‫الثانية الذهنية المدلول عليها بقوله ^ علم النسان ما لللم يعلللم ^ المرتبللة‬
‫الثالثة والرابعة اللفظية والخطية فالخطية مصرح بها فللي قللوله الللذي علللم‬
‫بالقلم واللفظية من لوازم التعليم بالقلم فإن الكتابلة فلرع النطلق والنطلق‬
‫فرع التصور فاشتملت هذه الكلمات على مراتب الوجود كلها وانلله سللبحانه‬
‫هو معطيهللا بخلقلله وتعليملله فهللو الخللالق المعلللم وكللل شلليء فللي الخللارج‬
‫فبخلقه وجد وكل علم في الذهن فبتعليمه حصل وكل لفللظ فللي اللسللان او‬
‫خط في البنان فباقللداره وخلقلله وتعليملله وهللذا مللن آيللات قللدرته وبراهيللن‬
‫حكمته ل إله إل هو الرحمن الرحيم والمقصود انه سبحانه تعرف إلى عبللاده‬
‫بما علمهم إياه بحكمته من الخط واللفظ والمعنى فكللان العلللم احللد الدلللة‬
‫الدالة عليه بل من اعظمها وأظهرهللا وكفللى بهللذا شللرفا وفضللل للله الللوجه‬
‫التاسع والثلثون انه سبحانه سمى الحجة العلمية سلللطانا قللال ابللن عبللاس‬
‫رضى الله عنه كل سلطان في القرآن فهو حجللة وهللذا كقللوله تعللالى قللالوا‬
‫اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنللي للله ملا فللي السلموات وملا فللي الرض ان‬
‫عندكم من سلطان بهذا اتقولون على الله‬

‫مال تعلمون يعني ما عندكم من حجة بما قلتم ان هو ال قللول علللى الللله بل‬
‫علم وقال تعالى ^ ان هي ال اسماء سميتموها انتم وآباؤكم مللا انللزل الللله‬
‫بها من سلطان ^ يعنللي مللا أنللزل بهللا حجللة ول برهانللا بللل هللي مللن تلقللاء‬
‫انفسكم وآبائكم وقال تعالى ^ ام لكم سلطان مبين فائتوا بكتابكم إن كنتم‬
‫صادقين ^ يعني حجة واضحة فائتوا بهللا إن كنتللم صللادقين فللي دعللواكم إل‬
‫موضعا واحللدا اختلللف فيلله وهللو قللوله ^ مللا أغنللى عنللي مللاليه هلللك عنللي‬
‫سلطانية ^ فقيل المراد به القدرة والملك أي ذهب عني مللالي وملكللي فل‬
‫مال لي ول سلطان وقيل هو على بابه أي انقطعت حجتي وبطلت فل حجللة‬
‫لي والمقصود ان الله سبحانه سمى علم الحجة سلطانا لنها توجب تسلللط‬
‫صاحبها واقتداره فله بها سلطان على الجاهلين بل سلطان العلم اعظم من‬
‫سلطان اليد ولهذا ينقاد الناس للحجة مال ينقادون لليد فان الحجة تنقاد لهللا‬
‫القلوب واما اليد فإنما ينقاد لها البدن فالحجللة تأسللر القلللب وتقللوده وتللذل‬
‫المخالف وان اظهر العناد والمكللابرة فقلبلله خاضللع لهللا ذليللل مقهللور تحللت‬
‫سلطانها بل سلطان الجاه ان لللم يكللن معلله علللم يسللاس بلله فهللو بمنزلللة‬
‫سلطان السباع والسللود ونحوهللا قللدرة بل علللم ول رحمللة بخلف سلللطان‬
‫الحجة فإنه قدرة بعلم ورحمة وحكمة ومن لم يكن له اقتدار في علمه فهللو‬
‫اما لضعف حجته وسلطانه واما لقهر سلطان اليد والسليف لله وال فالحجلة‬
‫ناصرة نفسها ظاهرة على الباطل قاهرة له الوجه الربعللون ان الللله تعللالى‬
‫وصف اهل النار بالجهل واخبر انه سد عيهم طرق العلم فقال تعالى حكايللة‬
‫عنهم ^ وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فللي اصللحاب السللعير فللاعترفوا‬
‫بللذنبهم فسللحقا لصللحاب السللعير ^ فللأخبروا انهللم كللانوا ل يسللمعون ول‬
‫يعقلون والسمع والعقل هما اصل العلللم وبهمللا ينللال وقللال تعللالى ^ ولقللد‬
‫ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والنس لهم قلوب ل يفقهون بهللا ولهللم اعيللن ل‬
‫يبصرون بها ولهم آذان ل يسمعون بها اولئك كالنعام بل هم اضل اولئك هم‬
‫الغافلون ^ فاخبر سبحانه انهم لم يحصللل لهللم علللم مللن جهللة مللن جهللات‬
‫العلم الثلث وهي العقل والسمع والبصر كما قال فللي موضللع آخللر ^ صللم‬
‫بكم عمي فهم ل يعقلون ^ وقال تعالى افلم يسيروا في الرض فتكون لهم‬
‫قلوب يعقلون بها او آذان يسمعون بهللا فانهللا لتعمللى البصللار ولكللن تعمللى‬
‫القلوب التي في الصدور وقال تعالى وجعلنالهم سمعا وابصللارا وافئدة فمللا‬
‫اغنى عنهم سمعهم ول ابصللارهم ول افئدتهللم مللن شلليء إذ كللانوا يجحللدون‬
‫بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن فقد وصف اهل الشقاء كما تللرى‬
‫بعدم العلم وشبههم بالنعام تارة وتارة بالحمار الذي يحمللل السللفار وتللارة‬
‫جعلهم اضل من النعام وتارة جعلهم شر الدواب عنده وتارة جعلهللم امواتللا‬
‫غير احياء وتارة اخبر انهم في ظلمات الجهل والضلل وتلارة اخللبر ان علللى‬
‫قلوبهم اكنة وفي آذانهم وقرا وعلى ابصارهم غشلاوة وهللذا كلله يلدل عللى‬
‫قبح الجهل وذم اهله وبغضه لهم كما انه يحب‬
‫اهل العلم ويمدحهم ويثنى عليهم كما تقدم والله المسللتعان الللوجه الحللادي‬
‫والربعون ما في الصحيحين من حديث معاوية رضى الله عنه قللال سللمعت‬
‫رسول الله يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في اللدين وهلذا يلدل عللى ان‬
‫من لم يفقهه في دينه لم يرد به خيرا كملا ان ملن اراد بله خيللر افقهلله فلي‬
‫دينه ومن فقهه في دينه فقد اراد به خيرا إذا اريللد بللالفقه العلللم المسللتلزم‬
‫للعمل واما ان اريد به مجرد العلم فل يدل على ان من فقه في الدين فقللد‬
‫اريد به خيرا فإن الفقه حينئذ يكون شرطا لرادة الخيللر وعلللى الول يكللون‬
‫موجبا والله اعلم الوجه الثاني والربعون ما في الصحيحين ايضا من حللديث‬
‫ابي موسى رضى الله عنه قال قال رسول الله ان مثللل مللا بعثنللي الللله بلله‬
‫من الهدى والعلم كمثل غيث اصاب ارضا فكللانت منهللا طائفللة طيبللة قبلللت‬
‫الماء فانبتت الكل والعشب الكثير وكان منهللا اجللادب امسللكت المللاء فنفللع‬
‫الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا واصاب طائفة منهللا اخللرى إنمللا‬
‫هي قيعان لتمسك ماء ول تنبت كل فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعلله‬
‫ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك راسا ولللم يقبللل هللدى‬
‫الله الذي ارسلت به شبه العلم والهدى الذي جاء به بالغيث لما يحصل بكل‬
‫واحد منهما من الحياة والنافع والغذية والدوية وسللائر مصللالح العبللاد فإنهلا‬
‫بالعلم والمطر وشبه القلوب بالراضي التي قللع عليهللا المطللر لنهلا المحلل‬
‫الذي يمسك الماء فينبت سائر انواع النبات النافع كما ان القلوب تعي العلم‬
‫فيثمر فيها ويزكو وتظهر بركته وثمرتله ثلم قسلم النلاس اللى ثلثلة اقسلام‬
‫بحسللب قبللولهم واسللتعدادهم لحفظلله وفهللم معللانيه واسللتنباط احكللامه‬
‫واستخراج حكمه وفوائده احدها اهل الحفظ والفهم الذين حفظلوه وعقللوه‬
‫وفهموا معانيه واستنبطوا وجوه الحكام والحكم والفوائد منه فهؤلء بمنزلللة‬
‫الرض التي قبلت الماء وهذا بمنزلللة الحفللظ فللأنبتت الكل والعشللب الكللثير‬
‫وهذا هو الفهم فيه والمعرفة والستنباط فإنه بمنزلللة انبللات الكل والعشللب‬
‫بالماء فهذا مثل الحفاظ الفقهاء اهل الروايللة والدرايللة القسللم الثللاني اهللل‬
‫الحفظ الذين رزقوا حفظه ونقله وضبطه ولم يرزقوا تفقهللا فللي معللانيه ول‬
‫استنباطا ول استخراجا لوجوه الحكللم والفللوائد منلله فهللم بمنزللة مللن يقللرا‬
‫القرآن ويحفظه ويراعي حروفه واعرابه ولم يرزق فيه فهما خاصا عن الللله‬
‫كما قال على ابن ابي طالب رضى الله عنلله إل فهمللا يللؤتيه الللله عبللدا فللي‬
‫كتابه والناس متفاوتون في الفهللم عللن الللله ورسللوله اعظللم تفللاوت فللرب‬
‫شخص يفهم من النص حكما او حكميللن ويفهللم منلله الخللر مللائة او مللائتين‬
‫فهؤلء بمنزلة الرض التي امسكت الماء للناس فانتفعوا به هذا يشرب منلله‬
‫وهذا يسقى وهذا يزرع فهؤلء القسمان هم السعداء والولللون ارفللع درجللة‬
‫واعلى قدرا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم القسم‬
‫الثالث الذين ل نصيب لهم منه ل حفظا ول فهما ول رواية ول دراية بللل هللم‬
‫بمنزلة‬
‫الرض الللتي هللي قيعللان ل تنبللت ول تمسللك المللاء وهللؤلء هللم الشللقياء‬
‫والقسمان الولن اشتركا في العلم والتعليم كل بحسب ما قبله ووصل اليه‬
‫فهللذا يعللم الفلاظ القلرآن ويحفظهللا وهلذا يعللم معللانيه واحكلامه وعلللومه‬
‫والقسم الثالث ل علم ول تعليم فهم الذين لم يرفعوا بهدى الللله راسللا ولللم‬
‫يقبلوه وهؤلء شر من النعللام وهللم وقللود النللار فقللد اشللتمل هللذا الحللديث‬
‫الشريف العظيم علللى التنللبيه علللى شللرف العلللم والتعليللم وعظللم مللوقعه‬
‫وشقاء من ليس من اهله وذكر اقسللام بنللي آدم بالنسللبة فيلله إلللى شللقيهم‬
‫وسعيدهم وتقسم سعيدهم الى سابق مقرب وصللاحب يميللن مقتصللد وفيلله‬
‫دللة على ان حاجة العباد الى العلم كحاجتهم الى المطر بللل اعظللم وانهللم‬
‫إذا فقدوا العلم فهم بمنزلللة الرض الللتي فقللدت الغيللث قللال المللام احمللد‬
‫الناس محتاجون الى العلللم اكللثر مللن حللاجتهم إلللى الطعللام والشللراب لن‬
‫الطعام والشراب يحتاج اليه في اليوم مرة او مرتين والعلم يحتاج اليه بعدد‬
‫النفاس وقد قال تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمللل‬
‫السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حليللة او متلاع زبللد مثللله‬
‫كذلك يضرب الله الحق والباطل شبه سبحانه العلم الذي أنزله على رسوله‬
‫بالماء الللذي انزللله مللن السلماء لمللا يحصللل لكللل واحللد منهمللا ملن الحيللاة‬
‫ومصالح العباد في معاشهم ومعادهم ثم شبه القلللوب بالوديللة فقلللب كللبير‬
‫يسع علما كثيرا كواد عظيم يسع ماء كثيرا وقلب صغيرا إنما يسع علما قليل‬
‫كواد صغير إنما يسع ماء قليل فقال فسالت اوديللة بقللدرها فاحتمللل السلليل‬
‫زبدا رابيا هذا مثل ضربة الله تعالى للعلم حين تخالط القلوب بشاشته فللإنه‬
‫يستخرج منها زبد الشبهات البالطة فيطفو على وجلله القلللب كمللا يسللتخرج‬
‫السيل من الوادي زبدا يعلو فقوق الماء وأخبر سبحانه انه راب يطفو ويعلللو‬
‫على الماء ليستقر فللي ارض الللوادي كللذلك الشللبهات الباطلللة إذا أخرجهللا‬
‫العلم ربت فوق القلوب وطفت فل تستقر فيله بلل تجفلى وترملى فيسلتقر‬
‫في القلب ما ينفع صاحبه والناس من الهدى وديللن الحللق كمللا يسللتقر فللي‬
‫الوادي المللاء الصللافي ويللذهب الزبللد جفللاء ومللا يعقللل عللن الللله امثللاله إل‬
‫العالمون ثم ضرب سبحانه لذلك مثل آخر فقال ومما يوقدون عليه في النار‬
‫ابتغاء حلية او متاع زبد مثله يعني أن ممللا يوقللد عليلله بنللو آدم مللن الللذهب‬
‫والفضة والنحللاس والحديللد يخللرج منلله خبثلله وهللو الزبللد الللذي تلقيلله النللار‬
‫وتخرجه من ذلك الجوهر بسبب مخالطتهللا فلإنه يقللذف ويلقلى بله ويسلتقر‬
‫الجوهر الخالص وحده وضرب سبحانه مثل بالماء لما فيه من الحياة والتبريد‬
‫والمنفعة ومثل بالنار لما فيها من الضاءة والشراف والحراق فآيات القرآن‬
‫تحيللي القلللوب كمللا تحيللا الرض بالمللاء وتحللرق خبثهللا وشللبهاتها وشللهواتها‬
‫وسخائمها كما تحرق النار ما يلقى فيها وتميللز جيللدها مللن زبللدها كمللا تميللز‬
‫النار الخبث من الذهب والفضة والنحاس ونحوه منه فهذا بعض ما فللي هللذا‬
‫المثل العظيم من العبر والعلم قال الله تعالى وتلك‬

‫المثال نضربها للناس وما يعقلها ال العللالمون الللوجه الثللالث والربعللون مللا‬
‫في الصحيحين ايضا من حديث سهل بن سعد رضى الله عنه ان رسول الله‬
‫قال لعلي رضى الله عنه لن يهدي الله بك رجل واحللدا خيللر لللك مللن حمللر‬
‫النعم وهذا يدل على فضللل العلللم والتعليللم وشللرف منزلللة اهللله بحيللث إذا‬
‫اهتدى رجل واحد بالعالم كان ذلك خيللرا للله مللن حمللر النعللم وهللي خيارهللا‬
‫واشرفها عند أهلها فما الظن بمن يهتدي بلله كللل يللوم طللوائف مللن النللاس‬
‫الوجه الرابع والربعون ما روى مسلم في صحيحيه مللن حللديث ابللي هريللرة‬
‫رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ #‬مللن دعللا الللى‬
‫هدى كان له من الجر مثل اجور من تبعه ل ينقص ذللك ملن اجلورهم شليئا‬
‫ومن دعا الى ضللة كان عليه من الثم مثل آثام من تبعه ل ينقص ذلك مللن‬
‫آثامهم شيئا اخبر ان المتسبب الى الهدى بدعوته له مثل اجر من اهتدى بلله‬
‫والمتسبب الى الضللة بدعوته عليه مثل إثم من ضل به لن هذا بذل قدرته‬
‫في هداية الناس وهذا بذل قدرته في ضللتهم فنزل كل واحد منهما بمنزلللة‬
‫الفاعل التام وهذه قاعدة الشريعة كما هو مذكور في غير هذا الموضع قللال‬
‫تعالى ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومللن اوزار الللذين يضلللونهم بغيللر‬
‫علم ال ساء ما يزرون وقال تعالى وليحملن اثقالهم واثقال مع اثقالهم وهللذا‬
‫يدل على ان من دعا المة إلى غير سنة رسول الله فهوعدوه حقا لنه قطع‬
‫وصول اجر من اهتدى بسنته اليه وهذا من اعظللم معللاداته نعللوذ بللالله مللن‬
‫الخذلن الوجه الخامس والربعون ما خرجا في الصحيحين مللن حللديث ابللن‬
‫مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله ل حسد إل في اثنتين رجل آتللاه‬
‫الله مال فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمللة فهللو يقضللى‬
‫بهللا ويعلمهللا فللاخبر انلله ل ينبغللي لحللد ان يحسللد احللدا يعنللي حسللد غبطللة‬
‫ويتمنىمثل حاله من غيلر ان يتمنلى زوال نعملة اللله عنله إل فلي واحلدةمن‬
‫هاتين الخصلتين وهي الحسان الى الناس بعلمه او بماله وما عدا هللذين فل‬
‫ينبغي غبطته ول تمنى مثللل حللاله لقلللة منفعللة النللاس بلله الللوجه السللادس‬
‫والربعون قال الترمذي حدثنا محمد بن عبد العلى حللدثنا سلللمة بللن رجللاء‬
‫حدثنا الوليد بن حميد حدثنا القاسم عن ابي امامة الباهلي قال ذكر لرسللول‬
‫الله رجلن احدهما عالم والخر عابد فقال رسللول الللله فصللل العللالم علللى‬
‫العابد كفضللي علللى أدنللاكم ثللم قلال رسللول اللله ان اللله وملئكتلله واهلل‬
‫السموات والرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحللر ليصلللون‬
‫على معلمي الناس الخير قال الترمذي هذا حديث حسن غريب سللمعت أبللا‬
‫عمار الحسين ابن حريث الخزاعي قال سللمعت الفضلليل بللن عيللاض يقللول‬
‫عالم عامللل معلللم يللدعى كللبيرا فللي ملكللوت السللموات وهللذا مللروى عللن‬
‫الصحابة قال ابن عباس علماء هذه المة رجلن فرجل اعطاه الله علما‬

‫فبذله للناس ولم يأخذ عليه صفدا ولللم يشللتر بلله ثمنللا اولئك يصلللى عليهللم‬
‫طير السماء وحيتان البحر ودواب الرض والكرام الكاتبون ورجللل آتللاه الللله‬
‫علما فضن به عن عباده واخذ به صلفدا واشللترى بله ثمنلا فللذلك يلاتي يلوم‬
‫القيامة يلجم بلجام من نار ذكللره ابللن عبللد الللبر مرفوعللا وفللي رفعلله نظللر‬
‫وقوله ان الله وملئكته واهل السموات والرض يصلون علللى معلللم النللاس‬
‫الخير لما كان تعليمه للناس الخير سببا لنجاتهم وسللعادتهم وزكللاة نفوسللهم‬
‫جازاه الله من جنس عمله بان جعل عليه من صلللته وصلللة ملئكتلله واهللل‬
‫الرض ما يكون سببا لنجاته وسعادته وفلحه وايضا فإن معلم النللاس الخيللر‬
‫لما كان مظهرا لدين الرب واحكامه ومعرفا لهم بأسمائه وصفاته جعل الللله‬
‫من صلته وصلة أهل سمواته وأرضه عليه ما يكون تنويهللا بلله وتشللريفا للله‬
‫وإظهارا للثناء عليه بين اهل السماءوالرض الوجه السابع والربعون ما رواه‬
‫ابو داود والترمذي مللن حللديث ابللي الللدرداء رضللى الللله عنلله قللال سللمعت‬
‫رسول الله يقول من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقللا الللى‬
‫الجنة وإن الملئكة لتضع اجنحتها رضا لطالب العلم وان العالم ليسلتغفر لله‬
‫من في السموات ومن في الرض حللتى الحيتللان فللي المللاء وفضللل العللالم‬
‫على العابد كفضل القمر على سللائر الكللواكب ان العلمللاء ورثللة النبيللاء ان‬
‫النبياء لم يورثوا دينارا ول درهما إنما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافللر‬
‫وقد رواه الوليد بن مسلم عن خالد بن يزيد عن عثمان ابن ايمللن عللن ابللي‬
‫الدرداء قال سمعت رسول الله يقول من غدا لعلم يتعلمه فتللح الللله للله بلله‬
‫طريقا الى الجنة وفرشت له الملئكة اكنافها وصلللت عليلله ملئكللة السللماء‬
‫وحيتان البحر وللعالم من الفضل على العابد كفضل القمر ليلللة البللدر علللى‬
‫سائر الكواكب والعلماء ورثة النبياء ان النبياء لللم يورثللوا دينللارا ول درهمللا‬
‫إنما ورثوا العلم فمن اخذ بالعلم اخذ بحظ وافر وموت العالم مصيبة ل تجبر‬
‫وثلمة نسد ونجم طمس وموت قبيلللة ايسللر مللن مللوت عللالم وهللذا حللديث‬
‫حسن والطريق التي يسلكها الى الجنة جزاء على سلوكه في الللدنيا طريللق‬
‫العلم الموصلة الى رضا ربه ووضع الملئكة اجنحتها له تواضللعا للله وتللوقيرا‬
‫وإكراما لما يحمله من ميراث النبوة ويطلبه وهو يدل على المحبة والتعظيم‬
‫فمن محبة الملئكة له وتعظيمه تضع اجنحتهللا لله لنله طلالب لملا بله حيللاة‬
‫العالم ونجاته ففيه شبه من الملئكةوبينه وبينهم تناسب فان الملئكة انصللح‬
‫خلق الله وانفعهم لبني آدم وعلى ايديهم حصل لهم كل سعادة وعلم وهدى‬
‫ومللن نفعهللم لبنللي آدم ونصللحهم انهللم يسللتغفرون لمسلليئهم ويثنللون علللى‬
‫مؤمنيهم ويعينونهم على اعللدائهم مللن الشللياطين ويحرصللون علللى مصللالح‬
‫العبد اضعاف حرصه علللى مصلللحة نفسلله بللل يريللدون للله مللن خيللر الللدنيا‬
‫والخرة ما ل يريلده العبلد ول يخطلر ببللاله كملا قلال بعللض التلابعين وجلدنا‬
‫الملئكة انصح خلق الله لعباده ووجدنا الشياطين اغش الخللق للعبلاد وقلال‬
‫تعالى الذين يحملون‬

‫العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا‬
‫ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعللوا سللبيلك وقهللم‬
‫عذاب الجحيم ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح مللن آبللائهم‬
‫وازواجهم وذرياتهم إنك انت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات‬
‫يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم فأي نصح للعباد مثل هللذا ال نصللح‬
‫النبياء فإذا طلب العبد العلم فقد سعى في اعظم مللا ينصللح بلله عبللاد الللله‬
‫فلذلك تحبه الملئكة وتعظمه حتى تضللع اجنحتهللا للله رضللا ومحبللة وتعظيمللا‬
‫وقال ابو حاتم الرازي سمعت ابن ابي اويس يقول سمعت مالللك بللن انللس‬
‫يقول معنى قول رسول الله تضللع اجنحتهللا يعنللي تبسللطها بالللدعاء لطللالب‬
‫العلم بدل من اليدي وقال احمد بن مروان المالكي في كتاب المجالسة للله‬
‫حدثنا زكريا بن عبد الرحمن البصري قال سمعت احمد بن شعيب يقول كنللا‬
‫عند بعض المحدثين بالبصرة فحدثنا بحديث النبي ان الملئكة لتضع اجنحتهللا‬
‫لطللالب العلللم وفللي المجلللس معنللا رجللل مللن المعتزلللة فجعللل يسللتهزئ‬
‫بالحديث فقال والله لطرقن غدا نعلي بمسامير فأطللأ بهللا أجنحللة الملئكللة‬
‫ففعل ومشى في النعلين فجفت رجله جميعللا ووقعللت فيهمللا الكلللة وقللال‬
‫الطبراني سمعت أبا يحيى زكريا بللن يحيللى السللاجي قللال كنللا نمشللي فللي‬
‫بعض ازقة البصرة إلى باب بعللض المحللدثين فاسللرعنا المشللي وكللان معنللا‬
‫رجللل مللاجن منهللم فللي دينلله فقللال ارفعللوا ارجلكللم عللن اجنحللة الملئكللة‬
‫لتكسروها كالمسلتهزيء فملا زال ملن موضلعه حلتى جفلت رجله وسلقط‬
‫وفي السنن والمسانيد من حديث صفوان ابن عسال بعسللال قللال قلللت يللا‬
‫رسول الله إني جئت أطلب العلم قال مرحبا بطالب العلم إن طالب العلللم‬
‫لتحف به الملئكة وتظله بأجنحتها فيركب بعضللهم بعضللا حللتى تبلللغ السللماء‬
‫الدنيامن حبهم لما يطلب وذكر حديث المسح على الخفين قال ابوعبللد الللله‬
‫الحاكم اسناده صحيح وقلال ابلن عبلد اللبر هلو حلديث صلحيح حسلن ثلابت‬
‫محفوظ مرفوع ومثله ل يقال بالرأي ففللي هللذا الحللديث حللف الملئكللة للله‬
‫بأجنحتها الى السماء وفي الول وضعها اجنحتها للله فالوضللع تواضللع وتللوقير‬
‫وتبجيل والحف بالجنحللة حفللظ وحمايللة وصلليانة فتضللمن الحللديثان تعظيللم‬
‫الملئكة له وحبها اياه وحياطته وحفظه فلو لللم يكللن لطللالب العلللم إل هللذا‬
‫الحظ الجزيل لكفى به شرفا وفضل وقوله ان العالم ليسللتغفر للله مللن فللي‬
‫السموات ومن في الرض حتى الحيتان في الماء فإنه لما كان العللالم سللببا‬
‫في حصول العلم الذي به نجاة النفلوس ملن أنلواع المهلكللات وكللان سللعيه‬
‫مفصورا على هذا وكانت نجللاة العبللاد علللى يللديه جللوزي مللن جنللس عمللله‬
‫وجعل من فلي السلموات والرض سلاعيا فلي نجلاته ملن اسلباب الهلكلات‬
‫باسللتغفارهم للله وإذا كللانت الملئكللة تسللتغفر للللؤمنين فكيللف ل تسللتغفر‬
‫لخاصللتهم وخلصللتهم وقللد قيللل ان مللن فللي السللموات ومللن فللي الرض‬
‫المستغفرين‬

‫للعالم عام في الحيوانات ناطقها وبهيمهللا طيرهللا وغيللره ويؤكللد هللذا قللوله‬
‫حتى الحيتان في الماء وحتى النملة في جحرها فقيل سللبب هللذا السللتغفار‬
‫ان العالم يعلم الخلق مراعاة هلذه الحيوانلات ويعرفهلم ملا يحلل منهلا وملا‬
‫يحرم ويعرفهم كيفية تناولها واستخدامها وركوبها والنتفاع بها وكيفية ذبحهللا‬
‫على احسن الوجوه وارفقها بالحيوان والعالم اشللفق النللاس علللى الحيللوان‬
‫واقومهم ببيان ما خلق للله وبالجملللة فالرحمللة والحسللان الللتي خلللق بهمللا‬
‫ولهما الحيوان وكتب لهما حظهمللا منلله إنمللا يعللرف بللالعلم فالعللالم معللرف‬
‫لذلك فاستحق ان تستغفر له البهائم والله أعلم وقوله وفضللل العللالم علللى‬
‫العابللد كفضللل القمللر علللى سللائر الكللواكب تشللبيه مطللابق لحللال القمللر‬
‫والكواكب فان القمر يضيء الفاق ويمتد نوره في اقطار العالم وهذه حللال‬
‫العالم وأما الكوكب فنوره ل يجاوز نفسه او ما قرب منه وهذه حللال العابللد‬
‫الذي يضيء نور عبادته عليه دون غيللره وان جللاوز نللور عبللادته غيللره فإنمللا‬
‫يجاوزه غير بعيد كما يجاوز ضوء الكوكب له مجاوزة يسيرة ومللن هللذا الثللر‬
‫المروي إذا كللان يللوم القيامللة يقللول الللله للعابللد ادخللل الجنللة فإنمللا كللانت‬
‫منفعتك لنفسك ويقال للعالم اشفع تشفع فإنما كانت منفعتك للنللاس وروى‬
‫ابن جريج عن عطاءعن ابن عباس رضى الللله عنهمللا إذا كللان يللوم القيامللة‬
‫يؤتى بالعابد والفقيه فيقال للعابد ادخلل الجنللة ويقللال للفقيلله اشلفع تشلفع‬
‫وفللي التشللبيه المللذكور لطيفلله اخللرى وهللو ان الجهللل كالليللل فللي ظلمتلله‬
‫وجنسه والعلماء والعباد بمنزلة القمر والكواكب الطالعللة فللي تلللك الظلمللة‬
‫وفضل نور العالم فيها علىنور العابد كفضل نور القمر على الكللواكب وايضللا‬
‫فالدين قوامه وزينته واضاءته بعلمائه وعباده فإذا ذهب علماؤه وعباده ذهب‬
‫الدين كما ان السماء اضاءتها وزينتها بقمرهللا وكواكبهللا فللإذا خسلف قمرهللا‬
‫وانتشرت كواكبها اتاها ماتوعد وفضل علماء الللدين علللى العبللاد كفضللل مللا‬
‫بين القمر والكواكب فإن قيل كيف وقع تشبيه العالم بللالقمر دون الشللمس‬
‫وهي اعظم نورا قيل فيه فائدتان احداهما ان نور القمللر لمللا كللان مسللتفادا‬
‫من غيره كان تشبيه العالم الذي نوره مستفاد من شللمس الرسللالة بللالقمر‬
‫اولى من تشبيهه بالشمس الثانية ان الشمس ل يختلف حالها في نورهللا ول‬
‫يلحقها محللاق ول تفللاوت فللي الضللاءة وامللا القمللر فللإنه يقللل نللوره ويكللثر‬
‫ويمتليء وينقص كما ان العلماء في العلم علللى مراتبهللم مللن كللثرته وقلتلله‬
‫فيفضل كل منهم في علمه بحسب كثرته وقلته وظهوره وخفائه كمللا يكللون‬
‫القمر كذلك فعالم كالبدر ليلة تمه وآخر دونه بليلة وثانية وثالثللة ومللا بعللدها‬
‫إلى آخر مراتبه وهم درجات عند الله فإن قيل تشلبيه العلملاء بلالنجوم أملر‬
‫معلوم كقوله اصحابي كالنجوم ولهذا هي في تعبير الرؤيا عبارة عن العلماء‬
‫فكيف وقع تشبيههم هنا بالقمر قيل اما تشبيه العلماء بلالنجوم فلإن النجلوم‬
‫يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وكذلك العلماء والنجوم زينة للسماء‬

‫فكذلك العلماء زينة للرض وهي رجوم للشياطين حائلة بينهم وبين اسللتراق‬
‫السمع لئل يلبسوا بما يسترقونه من الوحي الوارد الى الرسل من الله على‬
‫ايدي ملئكته وكذلك العلمللاء رجللوم لشللياطين النللس والجللن الللذي يللوحى‬
‫بعضهم الى بعض زخرف القللول غللرورا فالعلمللاء رجللوم لهللذا الصللنف مللن‬
‫الشللياطين ولللولهم لطمسللت معللالم الللدين بتلللبيس المضلللين ولكللن الللله‬
‫سبحانه اقامهم حراسا وحفظه لللدينه ورجومللا لعللدائه واعللداء رسللله فهللذا‬
‫وجه تشبيههم بالنجوم وأما تشبههم بالقمر فذلك كللان فللي مقللام تفضلليلهم‬
‫على اهل العبادة المجللردة وموازنللة مللا بينهمللا مللن الفضللل والمعنللى انهللم‬
‫يفضلون العباد الذين ليسوا بعلماء كما يفضللل القمللر سللائر الكللواكب فكللل‬
‫من التشبهين لئق بموضعه والحمد لله وقوله ان العلماء ورثللة النبيللاء هللذا‬
‫من اعظم المناقب لهل العلللم فللإن النبيللاء خيللر خلللق الللله فللورثتهم خيللر‬
‫الخلق بعدهم ولما كان كل مللوروث ينتقللل ميراثلله الللى ورثتلله اذهللم الللذين‬
‫يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما‬
‫ارسلوا به ال العلماء كانوا احق الناس بميراثهم وفللي هللذا تنللبيه علللى انهللم‬
‫اقرب الناس اليهم فإن الميراث إنا يكون لقرب الناس الى الموروث وهللذا‬
‫كما انه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والللله‬
‫يختص برحمته من يشاء وفيه ايضا ارشاد وامللر للمللة بطللاعهم واحللترامهم‬
‫وتعزيزهم وتوفيرهم وإجللهم فإنهم ورثة من هذه بعض حقوقهم على المة‬
‫وخلفاؤهم فيهم وفيه تنبيه على ان محبتهم من الدين وبغضهم مناف للللدين‬
‫كما هو ثابت لموروثهم وكذلك معاداتهم ومحاربتهم معاداة ومحاربة لله كمللا‬
‫هو في موروثهم قال على كرم الله وجهه ورضللى عنلله محبللة العلمللاء ديللن‬
‫يدان به وقال فيما يروى عن ربه عز وجل من عللادى لللي وليللا فقللد بللارزني‬
‫بالمحاربة وورثة النبياء سادات اولياء لله عز وجل وفيه تنللبيه للعلمللاء علللى‬
‫سلوك هدى النبياء وطريقتهللم فللي التبليللغ مللن الصللبر والحتمللال ومقابلللة‬
‫إساءة الناس اليهم بالحسللان والرفللق بهللم واسللتجلبهم الللى الللله باحسللن‬
‫الطرق وبذل ما يمكن من النصيحة لهم فإنه بلذلك يحصلل لله نصليبهم ملن‬
‫هذا الميللراث العظيللم قللدره الجليللل خطللره وفيلله ايضللا تنللبيه لهللل العلللم‬
‫علىتربية المة كما يربى الوالد ولده فيبربونهم بالتدريج واللترقي ملن صلغار‬
‫العلم إلى كباره وتحميلهم منه ما يطيقون كما يفعل الب بولده الطفل فللي‬
‫ايصال الغذاء اليه فإن ارواح البشر بالنسبة الى النبيللاء والرسللل كالطفللال‬
‫بالنسبة الى آبائهم بل دون هذه النسبة بكثير ولهذا كل روح لم تربها الرسل‬
‫لم تفلح ولم تصلح لصالحه كما قيل ‪ #‬ومن ل يربيه الرسول ويسقه ‪ %‬لبانا‬
‫له قد در من ثدي قدسه فذاك لقيللط مللاله نسللبة الللول ‪ %‬ول يتعللدى طللور‬
‫ابناء جنسه ‪ #‬وقوله ان النبياء لم يورثوا دينارا ول درهما إنمللا ورثللوا العلللم‬
‫هذا من كمال النبياء وعظم‬

‫نصحهم للمم وتمام نعمة الللله عليهللم وعلللى اممهللم ان ازاح جميللع العلللل‬
‫وحسم جميع المواد التي توهم بعض النفوس ان النبياء من وجنس الملللوك‬
‫الذين يريلدون اللدنيا وملكهلا فحملاهم اللله سلبحانه وتعلالى ملن ذللك اتلم‬
‫الحماية ثم لما كان الغالب على الناس ان احدهم يريد الدنيا لولده من بعده‬
‫ويسعى ويتعب ويحرم نفسله لوللده سلد هلذه الذريعلة علن انبيلائه ورسلله‬
‫وقطع هذا الوهم الذي عساه ان يخالط كثيرا من النفوس التي تقول فلعللله‬
‫ان لم يطلب الدنيا لنفسه فهو يحصلها لولده فقللال نحللن معاشللر النبيللاء ل‬
‫نورث ما تركنا هو صدقة فلللم تللورث النبيللاء دينللارا ول درهمللا وإنمللا ورثللوا‬
‫العلم واما قوله تعالى وورث سليمان داود فهو ميراث العلم والنبللوة ل غيللر‬
‫وهذا باتفاق اهل العلم من المفسرين وغيرهم وهللذا لن داود عليلله السلللم‬
‫كان له اولد كثيرة سوى سللليمان فلللو كللان المللوروث هللو المللال لللم يكللن‬
‫سليمان مختصا به وايضا فإن كلم الله يصللان عللن الخبللار بمثللل هللذا فللإنه‬
‫بمنزلة ان يقال مات فلن وورثه ابنه وملن المعللوم ان كلل احلد يرثله ابنله‬
‫وليس في الخبار بمثل هذا فائدة وايضا فإن ما قبل الية وما بعدها يبين ان‬
‫المراد بهذه الوراثة وراثة العلم والنبوة ل وراثة المال قال تعالى ولقللد آتينللا‬
‫داوود وسليمان علما وقللال الحمللد لللله الللذي فضلللنا علللى كللثير مللن عبللاده‬
‫المؤمنين وورث سليمان داوود وإنملا سليق هلذا لبيلان فضلل سلليمان وملا‬
‫خصه الله به من كرامته وميراثه ما كان لبيه من اعلى المواهب وهو العلللم‬
‫والنبوة ان هذا لهو الفضل المبين وكذلك قول زكريا عليلله الصلللة والسلللم‬
‫وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليللا‬
‫يرثني ويرث من آل يعقوب واجعللله رب رضلليا فهللذا ميللراث العلللم والنبللوة‬
‫والدعوة الى الله وإل فل يظن بني كريم انه يخللاف عصللبته ان يرثللوه مللاله‬
‫فيسأل الله العظيم ولدا يمنعهم ميراثه ويكون احق به منهم وقللد نللزه الللله‬
‫انبياءه ورسله عن هذا وأمثاله فبعدا لمن حرف كتاب الله ورد على رسللوله‬
‫كلمه ونسب النبياء الى ما هم برآء منزهون عنه والحمد لللله علللى تللوفيقه‬
‫وهدايته ويذكر عن ابي هريرة رضى الله عنه انه مر بالسللوق فوجللدهم فللي‬
‫تجاراتهم وبيوعاتهم فقال انتم ههنا فيما انتم فيه وميراث رسول الله يقسم‬
‫في مسجده فقاموا سراعا الى المسجد فلم يجللدوا فيلله ال القللرآن والللذكر‬
‫ومجالس العلم فقالوا اين ما قلت يللا أبللا هريللرة فقللال هللذا ميللراث محمللد‬
‫يقسم بين ورثته وليس بمواريثكم ودنياكم او كما قال وقوله فمن اخذه اخذ‬
‫بحظ وافر اعظم الحظوظ واجداها مانفع العبد ودام نفعه له وليللس هللذا ال‬
‫حظه من العلم والدين فهو الحظ الدائم النافع الذي إذا انقطعللت الحظللوظ‬
‫لربابها فهو موصول له ابد البدين وذلك لنه موصول بالحي الللذي ل يمللوت‬
‫فلذلك لينقطع ول يفوت وسائر الحظوظ تعدم وتتلشللى بتلشللي متعلقاتهللا‬
‫كما قال تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءمنثورا فإن الغاية‬
‫لما كانت منقطعة زائلة تبعتها اعمالهم فانقطعت‬

‫عنهم احوج ما يكون العامل الى عمله وهذه هي المصيبة التي ل تجبر عياذا‬
‫بالله واستعانة به وافتقارا وتوكل عليه ول حول ول قوة ال بالله وقوله موت‬
‫العالم مصيبة لتجبر وثلمة ل تسد ونجم طمس وموت قبيلة ايسر من موت‬
‫عالم لما كان صلح الوجود بالعلماء ولولهم كان النللاس كالبهلائم بلل أسلوأ‬
‫حال كان موت العالم مصيبة ل يجبرها ال خلف غيره له وايضا فللإن العلمللاء‬
‫هم الذين يسوسللون العبللاد والبلد والممالللك فمللوتهم فسللاد لنظللام العللالم‬
‫ولهذا ل يزال الله يغرس في هذا الدين منهم خالفا عن سللالف يحفللظ بهللم‬
‫دينه وكتابه وعباده وتأمل إذا كان في الوجود رجل قد فاق العالم في الغنى‬
‫والكرم وحاجتهم الى ما عنده شديدة وهو محسن اليهم بكل ممكن ثم مات‬
‫وانقطعت عنهم تلك المادة فموت العالم اعظم مصيبة من مللوت مثللل هللذا‬
‫بكثير ومثل هذا يموت بموته أمم وخلئق كما قيل ‪ # :‬تعلم ملا الرزيلة فقلد‬
‫مال ‪ %‬ول شاة تموت ول بعير ‪ #‬ولكللن الرزيللة فقللد حللر ‪ %‬يمللوت بمللوته‬
‫بشر كثير وقال آخر ‪ #‬فما كان قيس هلكه هلك واحد ‪ %‬ولكنلله بنيلان قلوم‬
‫تهدما والوجه الثامن والربعون ما روى الترمذي من حديث الوليد بن مسلم‬
‫حدثنا روح بن جناح عن مجاهد عن ابن عباس رضللى الللله عنهمللا قللال قللال‬
‫رسول الله فقيه اشد على الشيطان مللن الللف عابللد قللال الترمللذي غريللب‬
‫لنعرفه ال من هذا الوجه من حللديث الوليللد بللن مسلللم قلللت قللد رواه ابللو‬
‫جعفر محمد بن الحسن بن علي اليقطيني حدثنا عمر بللن سللعيد بللن سللنان‬
‫حدثنا هشلام بللن عملار حللدثنا الوليللد بللن مسلللم حللدثنا روح بللن جنللاح عللن‬
‫الزهري عن سعيد بن المسليب علن ابلي هريلرة علن النلبي قلال الخطيلب‬
‫والول هو المحفوظ عن روح مجاهد عن ابن عباس وما أرى الوهم وقع في‬
‫هذا الحديث إل من ابي جعفر لن عمر بن سنان عنده عن هشام بللن عمللار‬
‫عن الوليد عن روح عن الزهري عن سعيد حديث في السماء بيت يقللال للله‬
‫البيت المعمور حيال الكعبة وحديث ابن عباس كانا في كتاب ابن سنان عللن‬
‫هشام يتلو احدهما الخر فكتب ابو جعفر اسناد حديث ابي هريرة رضى الله‬
‫عنه ثم عارضه لسهو اوزاغ نظره فنزل الى متن حديث ابللن عبللاس فركللب‬
‫متن هذا على اسناد هذا وكل واحد منهما ثقة مأمون برئ مللن تعمللد الغلللط‬
‫وقد رواه ابو احمد بن عدي عن محمد بن سعيد بن مهران حدثنا شيبان ابللو‬
‫الربيع السمان عن ابي الزناد عن العرج عللن ابللي هريللرة رضللى الللله عنلله‬
‫قال قال رسول الله لكل شيء دعامللة ودعامللة السلللم الفقلله فللي الللدين‬
‫والفقيه اشد على الشيطان من ألف‬

‫عابد ولهذا الحديث علة وهو انه روى من كلم ابللي هريللرة وهللو اشللبه رواه‬
‫همام بن يحيى حدثنا يزيد بن عياض حدثنا صللفوان بللن سللليم عللن سللليمان‬
‫عن يسار عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الللله مللا عبللد الللله‬
‫بشيء افضل من فقه في الدين قال وقال ابو هريرة لن افقه سللاعة احلب‬
‫الي من ان احيي ليلة اصليها حتى اصبح والفقيله اشلد عللى الشليطان ملن‬
‫ألف عابد ولكل شيء دعامة ودعامة الدين الفقه وقد روى باسناد فيلله مللن‬
‫ل يحتج به من حديث عاصم بن ابي النجودعن زر بن حللبيش عللن عمللر بللن‬
‫الخطاب يرفعه ان الفقيه اشد على الشليطان ملن اللف ورع وأللف مجتهلد‬
‫والف متعبد وقال المزني روى عن ابن عباس انه قللال ان الشللياطين قللالوا‬
‫لبليس يا سيدنا مالنللا نللراك تفللرح بمللوت العللالم مللال تفللرح بمللوت العابللد‬
‫والعالم ل نصيب منه والعابد نصيب منلله قللال انطلقللوا فللانطلقوا الللى عابللد‬
‫فاتوه في عبادته فقالوا إنا نريد ان نسألك فانصرف فقال ابليس هللل يقللدر‬
‫ربك ان يجعل الدنيا في جوف بيضللة فقللال ل أدري فقللال اترونلله كفللر فللي‬
‫ساعة ثم جاؤوا الى عالم في حلقته يضحك اصحابه ويحدثهم فقالوا إنا نريد‬
‫ان نسألك فقال سل فقال هل يقدر ربك ان يجعل الللدنيا فللي جللوف بيضللة‬
‫قال نعم قالوا كيف قال يقول كن فيكون فقللال أتللرون ذلللك ل يعللدو نفسلله‬
‫وهذا يفسد على عالما كثيرا وقد رويت هذه الحكاية علللى وجلله آخللر وإنهللم‬
‫سألوا العابد فقالوا هل يقدر ربك أن يخلق مثللل نفسلله فقللال لادري فقللال‬
‫اترونه لم تنفعه عبادته مع جهله وسألوا عن ذلك فقال هذه المسللألة محللال‬
‫لنه لو كان مثله لم يكن مخلوقا فكونه مخلوقللا وهللو مثللل نفسلله مسللتحيل‬
‫فإذا كان مخلوقا لم يكن مثله بل كان عبدا من عبيده وخلقا من خلقه فقال‬
‫أترون ذلك اترون هذا يهدم في ساعة ما ابنيه في سللنين اوكمللا قللال وروى‬
‫عن عبد الله بللن عمللرو فضللل العللالم علللى العابللد سللبعين درجللة بيللن كللل‬
‫درجتين حضر الفرس سبعين عاما وذلك ان الشيطان يضع البدعة فيبصللرها‬
‫العالم وينهى عنها والعابد مقبل على عبادة ربه ل يتوجه لها ول يعرفها وهللذا‬
‫معناه صحيح فإن العالم يفسد على الشيطان ما يسعى فيه ويهدم مللا يبنيلله‬
‫فكل ما أراد إحياء بدعة وإماتة سنة حللال العللالم بينلله وبيللن ذلللك فل شلليء‬
‫اشد عليه من بقاء العالم بين ظهراني المة ول شيء احب اليلله مللن زواللله‬
‫من بين اظهرهم ليتمكن من إفساد الدين وإغواء المة وأما العابد فغايته ان‬
‫يجاهده ليسلم منه في خاصة نفسه وهيهات له ذلك الوجه التاسع والربعون‬
‫ما روى الترمذي من حديث ابي هريرة رضى الله عنه قللال سللمعت رسللول‬
‫الله يقول الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر الله وما واله وعللالم ومتعلللم‬
‫قال الترمذي هذا حديث حسن ولما كانت الدنيا حقيللرة عنللد الللله لتسللاوي‬
‫لديه جناح بعوضة كانت وما فيها في غاية البعد منه وهذا هللو حقيقللة اللعنللة‬
‫وهو سبحانه إنما خلقها مزرعة للخرة ومعبرا اليهللا يللتزود منهللا عبللادة اليلله‬
‫فلم يكن يقرب منها إل ما كان متضمنا‬

‫لقامة ذكره ومفضيا الى محابه وهوالعلم الذي به يعرف الللله ويعبللد ويللذكر‬
‫ويثنى عليه ويمجد ولهذا خلقها وخلق اهلها كما قال تعالى وما خلقت الجللن‬
‫والنس ال ليعبدون ^ وقال ^ الله الللذي خلللق سللبع سللموات ومللن الرض‬
‫مثلهن يتنزل المر بينهن لتعلموا ان الله على كل شلليء قللدير وان الللله قللد‬
‫احللاط بكللل شلليء علمللا فتضللمنت هاتللان اليتللان انلله سللبحانه إنمللا خلللق‬
‫السموات والرض وما بينهما ليعرف باسمائه وصفاته وليعبد فهذا المطلوب‬
‫وما كان طريقا اليه من العلللم والتعلللم فهللو المسللتثنى مللن اللعنللة واللعنللة‬
‫واقعة على ما عداه إذ هو بعيد عن الللله وعللن محللابه وعللن دينلله وهللذا هللو‬
‫متعلق العقاب في الخرة فلإنه كملا كلان متعللق اللعنلة اللتي تضلمن اللذم‬
‫والبغض فهو متعلق العقاب والله سبحانه إنما يحب من عباده ذكره وعبادته‬
‫ومعرفته ومحبته ولوازم ذلك وملا افضللى اليلله وملا علداه فهلو مبغللوض لله‬
‫مذموم عنللده الللوجه الخمسللون مللا رواه الترمللذي مللن حللديث ابللي جعفللر‬
‫الرازي عن الربيع بن انس قال قال رسول الله من خللرج فللي طلللب العلللم‬
‫فهو في سبيل الله حتى يرجع قال الترمذي هللذا حللديث حسللن غريللب رواه‬
‫بعضهم فلم يرفعه وإنمللا جعللل طلللب العلللم مللن سللبيل الللله لن بلله قللوام‬
‫السلم كما ان قوامه بالجهاد فقوام الدين بالعلم والجهاد ولهذا كان الجهللاد‬
‫نوعين جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كللثير والثللاني الجهللاد بالحجللة‬
‫والبيان وهذا جهاد الخاصة من اتبلاع الرسلل وهلو جهلاد الئملة وهلو افضلل‬
‫الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكلثرة اعلدائه قلال تعلالى فلي سلورة‬
‫الفرقان وهي مكية ولو شئنا لبعثنللا فللي كللل قريللة نللذيرا فلتطللع الكللافرين‬
‫وجاهدهم به جهادا كبيرا فهذا جهاد لهللم بللالقرآن وهللو أكللبر الجهللادين وهللو‬
‫جهللاد المنللافقين ايضللا فللإن المنللافقين لللم يكونللوا يقللاتلون المسلللمين بللل‬
‫كانوامعهم في الظاهر وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم ومع هذا فقللد قللال‬
‫تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهللم ومعلللوم ان جهللاد‬
‫المنافقين بالحجة والقرآن والمقصود ان سبيل الله هي الجهاد وطلب العلم‬
‫ودعوة الخلق به الى الله ولهذا قال معاذ رضى الله عنه عليكم بطلب العلم‬
‫فإن تعلمه لله خشية ومدارسته عبادة ومذاكرته تسللبيح والبحللث عنلله جهللاد‬
‫ولهذا قرن سبحانه بين الكتاب المنزل والحديد الناصر كما قللال تعللالى لقللد‬
‫ارسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب واميزان ليقللوم النللاس بالقسللط‬
‫وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصللره ورسللله‬
‫بالغيب ان الله قوي عزيز فذكر الكتاب والحديد إذ بهما قوام الدين كما قيل‬
‫‪ # :‬فما هو إل الوحي اوحدمرهف ‪ %‬تميل ظباه اخدعا كل ملا يللل ‪ %‬فهللذا‬
‫شفاء الداء من كل عاقل ‪ %‬وهذا دواء الداء من كل جاهل ‪ %‬ولما كان كللل‬
‫من الجهاد بالسيف والحجة يسللمى سللبيل الللله فسللر الصللحابة رضللى الللله‬
‫عنهم‬

‫^ قوله ^ اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي المر منكم بالمراء والعلماء‬
‫فإنهم المجاهدون في سبيل الله هللؤلء بأيللديهم وهللؤلء بالسللنتم بألسللنتهم‬
‫فطلب العلم وتعليمه ملن اعظلم سلبيل اللله علز وجلل قلال كعلب الحبلار‬
‫طالب العلم كالغادي الرايح في سبيل الله عز وجل وجاء عن بعض الصحابة‬
‫رضى الله عنهم إذا جاء الموت طالب العلم وهو على هذه الحال مات وهللو‬
‫شهيد وقال سفيان بن عيينة من طلب العلم فقد بايع الللله عللز وجللل وقللال‬
‫ابو الدرداء من رأى الغدو والرواح الللى العلللم ليللس بجهللاد فقللد نقللص فللي‬
‫عقله ورأيه الوجه الحادي والخمسلون ملا رواه الترملذي حلدثنا محملود بلن‬
‫غيلن حدثنا ابو اسامة عن العمش عن ابي صالح عن ابي هريرة قال قللال‬
‫رسول الله من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة‬
‫قال الترمذي هذا حديث حسن قال بعضهم ولم يقل في هذا الحديث صحيح‬
‫لنه يقال دلس العمش في هذا الحديث لنه رواه بعضهم فقال حدثت عللن‬
‫ابي صالح والحديث رواه مسلم في صحيحه من اوجه عن العمش عن ابي‬
‫صالح قال الحاكم في المستدرك هو صللحيح علللى شللرط البخللاري ومسلللم‬
‫رواه عن العمش جماعة منهللم زايللدة وأبلو معاويلة وابللن نميللر وقللد تقللدم‬
‫حديث ابي الدرداء في ذلك والحديث محفوظ وله اصل وقد تظللاهر الشللرع‬
‫والقدر على ان الجزاء من جنس العمل فكما سلك طريقا يطلب فيلله حيللاة‬
‫قلبه ونجاته من الهلك سلك الله به طريقللا يحصللل للله ذلللك وقللد روى مللن‬
‫حديث عائشة رواه ابن عدي من حديث محمد بن عبد الملك النصللاري عللن‬
‫الزهري عن عروة عنها مرفوعا ولفظه اوحى الله الى انه من سلك مسلللكا‬
‫يطلب العلم سهلت له طريقا الى الجنة الللوجه الثللاني الخمسللون ان النللبي‬
‫دعا لمن سلمع كلمله ووعلاه وبلغله بالنضلرة وهلي البهجلة ونضلارة اللوجه‬
‫وتحسينه ففي الترمذي وغيره من حديث ابن مسعود عللن النللبي قللال نضللر‬
‫الله امرا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى مللن هللو‬
‫افقه منه ثلث ل يغل عليهن قلب مسلم اخلص العمل لللله ومناصللحة ائمللة‬
‫المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم وروى هذا الصللل‬
‫عن النبي ابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وجللبير بللن مطعللم وانللس‬
‫بن مالك وزيد بن ثابت والنعمان بن بشير قال الترمذي حديث ابللن مسللعود‬
‫حديث حسن صحيح وحديث زيد بن ثابت حديث حسللن وأخللرج الحللاكم فللي‬
‫صحيحه حديث جبير بن مطعم والنعمان بللن بشللير وقللال فللي حللديث جللبير‬
‫على شرط البخاري ومسلم ولو لم يكن في فضل العلم ال هذا وحده لكفى‬
‫به شرفا فإن النبي دعا لمن سمع كلملله ووعللاه وحفظلله وبلغلله وهللذه هللي‬
‫مراتب العلم اولها وثانيها سماعه وعقله فللإذا سللمعه وعللاه بقلبلله أي عقللله‬
‫واستقر في قلبه كما يستقر الشيء الذي يوعى في وعائه ول يخرج منه‬

‫وكذلك عقله هو بمنزلة عقل البعير والدابللة ونحوهللا حللتى ل تشللرد وتللذهب‬
‫ولهذا كان الللوعي والعقللل قللدرا زائدا علللى مجللرد إدراك المعلللوم المرتبللة‬
‫الثالثة تعامده وحفظه حتى لينساه فيذهب المرتبة الرابعة تبليغله وبثله فلي‬
‫المة ليحصل بلله ثمرتلله ومقصللوده وهللو بثلله فللي المللة فهللو بمنزلللة الكنللز‬
‫المدفون في الرض الذي ل ينفق منه وهو معرض لذهابه فإن العلم مللا لللم‬
‫ينفق منه ويعلم فإنه يوشك ان يذهب فإذا انفق منه نما وزكللا علللى النفلاق‬
‫فمن قام بهذه المراتب الربللع دخللل تحللت هللذه الللدعوة النبويللة المتضللمنة‬
‫لجمال الظاهر والباطن فإن النضرة هي البهجة والحسن الذي يكساه الوجه‬
‫من آثار اليمان وابتهاج الباطن به وفرح القلب وسروره والتذاذه به فتظهللر‬
‫هذه البهجة والسرور والفرحة نضارة على الوجه ولهذا يجمع له سبحانه بين‬
‫البهجة والسرور والنضرة كما في قوله تعالى فوقاهم اللله شلر ذللك اليلوم‬
‫ولقاهم نضرة وسرورا فالنضرة في وجوههم والسرور في قلللوبهم فللالنعيم‬
‫وطيب القلب يظهر نضارة في الوجه كما قللال تعللالى تعللرف فللي وجللوههم‬
‫نضرة النعيم والمقصود ان هذه النضرة في وجه من سمع سنة رسول الللله‬
‫ووعاها وحفظها وبلغها فهي اثللر تلللك الحلوة والبهجللة والسللرور الللذي فللي‬
‫قلبه وباطنه وقوله رب حامل فقه الى من هو افقلله منلله تنللبيه علللى فللائدة‬
‫التبليغ وان المبلغ قد يكون افهم من المبلغ فيحصل له في تلللك المقالللة مللا‬
‫لم يحصل للمبلغ او يكون المعنى ان المبلغ قد يكون افقه مللن المبلللغ فللإذا‬
‫سمع تلك المقالة حملها على احسن وجوهها واستنبط فقههللا وعلللم المللراد‬
‫منها وقوله ثلث ل يغل عليهن قلب مسلم إلللى آخللره اي ليحمللل الغللل ول‬
‫يبقى فيه مع هذه الثلثة فإنها تنفى الغل والغش وهو فساد القلب وسخايمه‬
‫فالمخلص لله إخلصه يمنع غل قلبه ويخرجه ويزيله جملة لنه قللد انصللرفت‬
‫دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه فلم يبق فيه موضع للغللل والغللش كمللا‬
‫قال تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشللاء إنلله مللن عبادنللا المخلصللين‬
‫فلما اخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء فانصرف عنلله السللوء‬
‫والفحشاء ولهذا لما علم ابليس انه ل سبيل له على اهل الخلص اسللتثناهم‬
‫من شرطته التي اشترطها للغواية والهلك فقال فبعزتك لغوينهم اجمعيللن‬
‫إل عبادك منهم المخلصين قال تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلللطان إل‬
‫من اتبعك من الغللاوين فللالخلص هللو سللبيل الخلص والسلللم هللو مركللب‬
‫السلمة واليمان خاتم المان وقللوله ومناصللحة ائمللة المسلللمين هللذا ايضللا‬
‫مناف للغل والغش فللإن النصلليحة ل تجلامع الغللل إذ هللي ضللده فمللن نصللح‬
‫الئمة والمة فقد برئ من الغل وقوله ولزوم جماعتهم هذا ايضا مما يطهللر‬
‫القلب من الغل والغش فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم مللا‬
‫يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها ويسوؤه ما يسؤوهم ويسره ما يسللرهم‬
‫وهذا بخلف من انجاز عنهم واشتغل بالطعن‬

‫عليهم والعيب والذم لهم كفعل الرافضة والخوارج والمعتزللة وغيرهللم فللإن‬
‫قلللوبهم ممتلئة نحل وغشللا ولهللذا تجللد الرافضللة ابعللد النللاس مللن الخلص‬
‫اغشهم للئمللة والمللة واشللدهم بعللدا عللن جماعللة المسلللمين فهللؤلء اشللد‬
‫الناس غل وغشا بشهادة الرسللول والمللة عليهللم وشللهادتهم علللى انفسللهم‬
‫بذلك فانهم ليكونون قط ال اعوانا وظهرا على اهل السلم فاي عللدو قللام‬
‫للمسلمين كانوا اعوان ذلك العدو وبطانته وهذا امر قد شاهدته المة منهللم‬
‫ومن لم يشاهد فقد سمع منه ما يصم الذان ويشللجي القلللوب وقللوله فللإن‬
‫دعوتهم تحيط من ورائهم هذا من احسن الكلم وأوجزه وافخمه معنى شبه‬
‫دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيللط بهللم المللانع مللن دخللول عللدوهم‬
‫عليهم فتلك الدعوة التي هي دعوة السلم وهم داخلونهللا لمللا كللانت سللورا‬
‫وسياجا عليهم اخبر ان من لزم جماعة المسلمين احللاطت بلله تلللك الللدعوة‬
‫التي هي دعوة السلم كما احاطت بهم فالللدعوة تجمللع شللمل المللة وتلللم‬
‫شعثها وتحيط بها فمن دخل في جماعتها احاطت به وشملته الللوجه الثللالث‬
‫والخمسون ان النبي امر بتبليغ العلم عنه ففي الصللحيحين مللن حللديث عبللد‬
‫الله ابن عمرو قال قال رسول الللله بلغللوا عنللي ولللو آيللة وحللدثوا عللن بنللي‬
‫إسرائيل ول حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وقال ليبلغ‬
‫الشاهد منكم الغائب روى ذلك ابو بكرة ووابصة بن معبللد وعمللار بلن ياسللر‬
‫وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس واسماء بنت يزيد بن السكن وحجيللر‬
‫وابو قريع وسرى بنت نبهلان ومعاويلة بلن حيلدة القشلليري وعللم ابلي حللرة‬
‫وغيرهم فأمر بالتبلغ عنه لما في ذلك من حصول الهدى بالتبلغ وله اجر مللن‬
‫بلغ عنه واجر من قبل ذلك البلغ وكلما كثر التبلغ عنلله تضللاعف للله الثللواب‬
‫فله من الجر بعدد كل مبلغ وكل مهتد بذلك البلغ سوى ماله من اجر عمله‬
‫المختص به فكل من هدى واهتدى بتبليغه فله اجره لنه هو الداعي اليه ولو‬
‫لم يكن في تبليللغ العلللم عنلله ال حصلول ملا يحبله لكفللى بله فضلل وعلملة‬
‫المحب الصادق ان يسعى في حصول محبوب محبوبه ويبذل جهده وطللاقته‬
‫فيها ومعلوم انه ل شيء احب الى رسول الله من ايصاله الهدى الللى جميللع‬
‫المة فالمبلغ عنه ساع في حصول محابه فهو اقرب الناس منه واحبهم اليلله‬
‫وهو نائبه وخليفته في امتلله وكفللى بهللذا فضللل وشللرفا للعلللم واهللله الللوجه‬
‫الرابع والخمسون ان النبي قدم بالفضائل العلمية في أعل الوليللات الدينيللة‬
‫واشرفها وقدم بالعلم بالفضل على غيللره فللروى مسلللم فللي صللحيحه مللن‬
‫حديث ابي مسعود البدري عن النبي يللؤم القللوم اقرؤهللم لكتللاب الللله فللإن‬
‫كللانوا فللي القللراءة سللواء فللأعلمهم بالسللنة فللإن كللانوا فللي السللنة سللواء‬
‫فاقدمهم إسللما او سللنا وذكللر الحلديث فقللدم فلي الماملة تفضلليله العلللم‬
‫علىتقدم السلم والهجرة ولما كان‬
‫العلم بالقرآن افضل من العلم بالسنة لشرف معلللومه علللى معلللوم السللنة‬
‫قدم العلم به ثم قدم العلم بالسنة على تقدم الهجرة وفيه من زيادة العمل‬
‫ماهو متميز به لكن إنما راعى التقللديم بللالعلم ثللم بالعمللل وراعللى التقللديم‬
‫بالعلم بالفضل على غيره وهذا يدل على شرف العلم وفضله وإن اهله هللم‬
‫اهل التقدم الى المراتب الدينية الللوجه الخللامس والخمسللون مللا ثبللت فللي‬
‫صحيح البخاري من حديث عثمان بن عفان رضى الله عنه عن النبي انه قال‬
‫خيركم من تعلم القرآن وعلمه وتعلم القرآن وتعليملله يتنللاول تعلللم حروفلله‬
‫وتعليمها وتعلم معللانيه وتعليمهللا وهللو اشللرف قسللمي علملله وتعليملله فللإن‬
‫المعنى هو المقصود واللفظ وسيلة اليه فنعلم المعنى وتعليمله تعللم الغايلة‬
‫وتعليمها وتعلم اللفظ المجرد وتعليمه تعلم الوسللائل وتعليمهللا وبينهمللا كمللا‬
‫بين الغايات والوسائل الوجه السادس والخمسون ما رواه الترمللذي وغيللره‬
‫في نسخة عمرو ابن الحارث عن دراج عن ابي الهيثم عللن ابللي سللعيد عللن‬
‫النبي قال لن يشبع المؤمن من خير يسمعه حتى يكللون منتهللاه الجنللة قللال‬
‫الترمذي هذا حديث حسن غريب وهذه نسللخةمعروفة رواهللا النللاس وسللاق‬
‫احمد في المسند أكثرها او كثيرا منها ولهللذا الحللديث شللواهد فجعللل النللبي‬
‫النهمة في العلم وعدم الشبع منلله مللن لللوازم اليمللان واوصللاف المللؤمنين‬
‫واخللبر ان هللذا ل يللزال دأب المللؤمن حللتى دخللوله الجنللة ولهللذا كللان أئمللة‬
‫السلم إذا قيل لحدهم الى متى تطلب العلم فيقول الى الممات قال نعيم‬
‫ابن حماد سمعت عبد الله بن المبارك رضى الله عنه يقول وقللد عللابه قللوم‬
‫في كثرة طلبه للحديث فقالوا له الى متى تسللمع قللال إلللى الممللات وقللال‬
‫الحسين بن منصور الخصاص قلت لحمد بن حنبل رضى الله عنه الى مللتى‬
‫يكتب الرجل الحديث قال الللى المللوت وقللال عبللد الللله بللن محمللد البغللوي‬
‫سمعت احمد بن حنبل رضى الله عنه يقول إنما اطلب العلم الللى ان ادخللل‬
‫القبر وقال محمد بن إسماعيل الصائغ كنت اصوغ مللع ابللي ببغللداد فمللر بنللا‬
‫احمد بن حنبل وهو يعدو ونعله في يديه فأخذ ابي بمجامع ثوبه فقال يللا ابللا‬
‫عبد الله ال تستحي إلى متى تعدو مع هؤلء قال إلى الموت وقال عبد الللله‬
‫بن بشر الطالقاني ارجو ان يأتيني أمر ابي والمحبرة بين يدي ولم يفللارقني‬
‫العلم والمحبرة وقال حميد بن محمللد بللن يزيللد البصللري جللاء ابللن بسللطام‬
‫الحافظ يسألني عن الحديث فقلت له ما اشد حرصك على الحديث فقال او‬
‫ما احب ان اكون في قطار آل رسول الله وقيل لبعض العلماء متى يحسللن‬
‫بالمرء ان يتعلم قال ما حسللنت بلله الحيللاة وسللئل الحسللن عللن الرجللل للله‬
‫ثمانون سنة ايحسن ان يطلب العلم قال إن كان يحسن به ان يعيش الوجه‬
‫السابع والخمسون ما رواه الترمذي ايضا من حديث إبراهيم بن الفضل عللن‬
‫المقبري عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله الكلمة الحكمة‬
‫ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو احق بها قال الترمذي هذا‬

‫حللديث غريللب لنعرفلله ال مللن هللذا الللوجه وإبراهيللم ابللن الفضللل المللديني‬
‫المخزومي يضعف في الحديث من قبل حفظه وهذا ايضللا شللاهد لمللا تقللدم‬
‫وله شواهد والحكمة هي العلم فإذا فقده المؤمن فهو بمنزلة من فقد ضالة‬
‫نفيسة ملن نفائسله فلإذا وجلدها قلر قلبله وفرحلت نفسله بوجلدانها كلذلك‬
‫المؤمن إذا وجللد ضللالة قلبلله وروحلله الللتي هللو دائمللا فللي طلبهللا ونشللدانها‬
‫والتفتيش عليها وهذا من احسن المثلة فإن قلب المؤمن يطلب العلم حيث‬
‫وجده اعظم من طلب صاحب الضللالة لهللا الللوجه الثللامن والخمسللون قللال‬
‫الترمذي حدثنا ابو كريب حدثنا خلف بن ايوب عللن عللوف عللن ابللن سلليرين‬
‫عن ابي هريرة رضى الله عنه عللن النللبي خصلللتان ل يجتمعللان فللي منللافق‬
‫حسن سمت وفقه في الدين قال الترمذي هذا حديث غريب ول يعلرف هلذا‬
‫الحديث من حديث عوف ال من حديث هذا الشيخ خلف بن أيللوب العللامري‬
‫ولم أر احدا يروى عنه غير ابللي كريللب محمللد بللن العلء ول أدري كيللف هللو‬
‫وهذه شهادة بان من اجتمع فيه حسن السمت والفقه في الدين فهو مؤمن‬
‫واحرى بهذا الحديث ان يكون حقا وإن كان اسلناده فيله جهاللة فلان حسلن‬
‫السمت والفقه في الدين من اخص علمات اليمان ولن يجمعهما الللله فللي‬
‫منافق فان النفاق ينافيهما وينافيانه الوجه التاسع والخمسون قال الترمللذي‬
‫حدثنا مسلم ابن حاتم النصاري حدثنا ابوحاتم البصري حدثنا محمد بلن عبللد‬
‫الله النصاري عن ابيه عن علي بن زيد عللن سللعيد بللن المسلليب قللال قللال‬
‫انس بن مالك رضى الله عنه قال رسول الللله يللا بنللي ان قللدرت ان تصللبح‬
‫وتمسي وليس في قلبك غش لحد فافعل ثم قال يا بنللي وذللك ملن سلنتي‬
‫ومن احيا سنتي فقد احبني ومن احبني كان معي فللي الجنللة وفللي الحللديث‬
‫قصة طويلة قال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ومحمد بن‬
‫عبد الله النصاري صدوق وابوه ثقة وعلي بن زيد صدوق ال انلله ربملا يرفلع‬
‫الشيء الذي يوقفه غيره سمعت محمد بن بشارة يقول قال ابو الوليد قللال‬
‫شعبة حدثنا على بن زيد وكان رفاعللا قللال الترمللذي ول يعللرف لسللعيد مللن‬
‫السميب عن انس رواية ال هذا الحديث بطوله وقد روى عباد المنقري هللذا‬
‫الحديث عن علي بن زيد عن انس ولم يللذكر فيلله عللن سللعيد بللن المسلليب‬
‫وذاكرت به محمد بن اسمعيل فلم يعرفه ولللم يعللرف لسللعيد بللن المسلليب‬
‫عن انس هذا الحديث ول غيره ومات انس سللنة ثلث وتسللعين وسللعيد بللن‬
‫المسيب سنة خمس وتسعين بعده بسنتين قلت ولهذا الحديث شواهد منهللا‬
‫ما رواه الدارمي عبد الله حللدثنا محمللد بللن عيينللة عللن مللروان بللن معاويللة‬
‫الفزاري عن كثير ابن عبد الله عن ابيلله عللن جللده ان النللبي قللال لبلل بللن‬
‫الحارث اعلم قال ما أعلم يا رسول الله قال اعلم يا بلل قللال مللا اعلللم يللا‬
‫رسول الله قال انه من احيا سنة من سنني قللد اميتللت بعللدي كللان للله مللن‬
‫الجر مثل من عمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شيء ومن ابتدع‬

‫بدعة ضللة ل يرضاها الله ورسللوله كللان عليلله مثللل آثللام مللن عمللل بهللا ل‬
‫ينقص ذلك من اوزار الناس شيئا رواه الترمذي عنه وقال حديث حسن قال‬
‫ومحمد بن عيينة مصيصي شامي وكثير ابن عبد الله هو ابن عمرو بن عوف‬
‫المزني وفي حديثه ثلثة اقوال لهل الحديث منهم من يصللححه ومنهللم مللن‬
‫يحسنه وهما للترمذي ومنهم من يضعفه ول يراه حجة كالمام احمللد وغيللره‬
‫ولكن هذا الصل ثابت من وجوه كحديث من دعا الى هدى كان له من الجر‬
‫مثل احور من اتبعه وهو صحيح من وجوه وحديث من دل على خير فله مثل‬
‫اجر فاعله وهو حديث حسن رواه الترمذي وغيره فهذا الصل محفللوظ عللن‬
‫النبي فالحديث الضللعيف فيلله بمنزلللة الشللواهد والمتابعللات فل يضللر ذكللره‬
‫الللوجه السللتون ان النللبي اوصللى بطلبلله العلللم خيللرا ومللا ذاك ال لفضللل‬
‫مطلللوبهم وشللرفه قللال الترمللذي حللدثنا سللفيان بللن وكيللع حللدثنا ابللو داود‬
‫الحفري عن سفيان عن ابي هرون قال كنللا نللأتي ابللا سللعيد فيقللول مرحبللا‬
‫بوصية رسول الله ان النبي قال ان الناس لكم تبللع وان رجللال يللأتونكم مللن‬
‫اقطار الرض يتفقهون في الدين فإذا اتوكم فاستوصوا بهم خيرا حدثنا قتيبة‬
‫حدثنا روح بن قيس عن ابي هرون العبدي عن ابي سعيد الخدري عن النبي‬
‫قال يأتيكم رجال من قبل المشللرق يتعلمللون فللإذا جللاؤكم فاستوصللوا بهللم‬
‫خيرا فكان ابو سعيد إذا رآنا قال مرحبا بوصية رسول الله قال الترمذي هذا‬
‫حديث لنعرفه ال من حديث ابي هرون العبدي عن ابي سعيد قللال ابللو بكللر‬
‫العطار قال علي ابن المديني قال يحيى بللن سللعيد كللان شللعبة يضللعف ابللا‬
‫هرون العبدي قال يحيى وما زال ابن عوف يروى عن ابي هرون حتى مللات‬
‫وأبو هرون اسمه عمارة بن جوين الوجه الحادي والستون ما رواه الترمللذي‬
‫من حديث ابي داود عن عبد الله بن سنحبرة عن سللنحبرة عللن النللبي قللال‬
‫من طلب العلم كان كفارة لما مضى هذا الصل لم اجد فيه ال هذا الحديث‬
‫وليس بشيء فان ابا داود هو نفيع العمى غير ثقة ولكن قد تقدم ان العالم‬
‫يستغفر له من في السموات ومن في الرض وقللد رويللت آثللار عديللدة عللن‬
‫جماعة من الصحابة في هذا المعنى منها ما رواه الثللوري عللن عبللد الكريللم‬
‫عن مجاهد عن ابن عباس ان ملكا موكل بطالب العلم حتى يرده مللن حيللث‬
‫ابداه مغفورا له ومنها ما رواه قطر بن خليفة عن ابي الطفيل عن عللي ملا‬
‫انتعل عبد قط ول تخفف ول لبللس ثوبللا ليغللدو فللي طلللب العلللم إل غفللرت‬
‫ذنوبه حيث يخطو عند بلاب بيتله وقللد رواه ابلن عللدي مرفوعللا وقلال ليلس‬
‫يرويه عن قطر غير اسمعيل ابن يحيى التميمي قلت وقد رواه اسمعيل بللن‬
‫يحيى هذا عن الثوري حللدثنا محمللد بللن ايللوب الجوزجللاني عللن مجالللد عللن‬
‫الشعبي عن السود عن عائشة مرفوعا من انتعل ليتعلم خيرا غفر للله قبللل‬
‫ان‬

‫يخطو وقد رواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن قطر عن ابي الطفيللل‬
‫عن علي وهذه السانيد وان لم تكن بمفردها حجة فطلب العلم مللن افضللل‬
‫الحسنات والحسنات يذهبن السلليئات فجللدير ان يكللون طلللب العلللم ابتغللاء‬
‫وجه الله يكفر ماضللي مللن السلليئات فقللد دلللت النصللوص ان اتبللاع السلليئة‬
‫الحسنة تمحوها فكيف بما هو من افضل الحسنات واجل الطاعات فالعمللدة‬
‫على ذلك لعلى حديث ابي داود والله اعلم وقد روى عن عمر بن الخطللاب‬
‫رضى الله عنه ان الرجل ليخرج من منزللله وعليلله مللن الللذنوب مثللل جبللال‬
‫تهامة فإذا سمع العلم خاف ورجع وتاب فانصللرف الللى منزللله وليللس عليلله‬
‫ذنب فلتفارقوا مجالس العلماء الوجه الثللاني والسللتون مللا رواه ابللن مللاجه‬
‫في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بللن العللاص رضللى الللله عنهمللا قللال‬
‫خرج رسول الللله فللإذا فللي المسللجد مجلسللان مجلللس يتفقهللون ومجلللس‬
‫يدعون الله تعالى ويسألونه فقال كل المجلسين إلى خير امللاهؤلء فيللدعون‬
‫الله وأما هؤلء فيتعلمون ويفقهون الجاهل هؤلء افضل بالتعليم ارسلت ثللم‬
‫قعد معهللم الللوجه الثللالث والسللتون ان اللله تبلارك وتعلالى يبلاهي ملئكتله‬
‫بالقوم الذين يتذاكرون العلم ويذكرون الله ويحمدونه علىمللا مللن عليهللم بلله‬
‫منه قال الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطللار‬
‫حدثنا ابو نعامة عن ابي عثمان عن ابي سعيد قال خرج معاوية الى المسجد‬
‫فقال م يجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل قللال الللله مللا اجلسللكم إل‬
‫ذلك قالوا الله ما اجلسنا إل ذلك قال أما إني لم استحلفكم تهمللة لكللم ومللا‬
‫كان احد بمنزلتي من رسول الله اقل حللديثا عنلله منللي ان رسللول الللله ص‬
‫عليه وآله وسلم خرج على حلقة من اصحابه قال ما يجلسكم قللالوا جلسللنا‬
‫نذكر الله ونحمده لما هدانا للسلم ومن علينا بك قال الللله ملا اجلسللكم إل‬
‫ذلك قالوا الله ما اجلسنا إل ذلك قال أما إني لم استحلفكم تهمللة لكللم انلله‬
‫اتاني جبريل فأخبرني ان الله تعالى يباهي بكم الملئكة قللال الترمللذي هللذا‬
‫حديث حسن غريب ل نعرفه ال من هذا اللوجه وابلو نعاملة السلعدي اسلمه‬
‫عمرو بن عيسى وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل فهؤلء كانوا‬
‫قد جلسوا يحمدون الله بللذكر اوصللافه وآلئه ويثنللون عليلله بللذلك ويللذكرون‬
‫حسن السللم ويعللترفون لللله بالفضللل العظيلم إذ هلداهم لله وملن عليهلم‬
‫برسوله وهذا اشرف علم على الطلق ول يعني به ال الراسخون في العلم‬
‫فللإنه يتضللمن معرفللة الللله وصللفاته وافعللاله ودينلله ورسللوله ومحبللة ذلللك‬
‫وتعظيمه والفرح به وأحرى بأصحاب هذا العلم ان يباهي الللله بهللم الملئكللة‬
‫وقد بشر النبي الرجل الذي كان يحب سورة الخلص وقال احبها لنها صفة‬
‫الرحمن عز وجل فقال حبك اياها ادخلك الجنة وفللي لفللظ آخللر اخللبروه ان‬
‫الله يحبلله فللدل علللى ان مللن احللب صللفات الللله احبلله الللله وأدخللله الجنللة‬
‫والجهميللة اشللد النللاس نفللرة وتنفيللرا عللن صللفاته ونعللوت كمللاله يعللاقبون‬
‫ويذمون من‬

‫يذكرها ويقرؤها ويجمعها ويعتنللي بهللا ولهللذا لهللم المقللت والللذم عنللد المللة‬
‫وعلى لسان كل عالم من علماء السلم والله تعالى اشد بغضللا ومقتللا لهللم‬
‫جزاء وفاقا الوجه الرابع والستون ان افضل منازل الخلللق عنللد الللله منزلللة‬
‫الرسالة والنبوة فالله يصطفى من الملئكة رسل ومن الناس وكيف ل يكون‬
‫افضل الخلق عند الله من جعلهم وسائط بينه وبين عباده في تبليغ رسللالته‬
‫وتعريللف اسللمائه وصللفاته وأفعللاله واحكللامه ومراضلليه ومسللاخطه وثللوابه‬
‫وعقابه وخصهم بلوحيه واختصللهم بتفضلليله وارتضللاهم لرسللالته إلللى عبللاده‬
‫وجعلهم ازكى العللالمين نفوسللا واشللرفهم اخلقللا واكملهللم علومللا واعمللال‬
‫واحسنهم خلقة واعظمهم محبة وقبول في قلللوب النللاس وبرأهللم مللن كللل‬
‫وصم وعيب وكل خلق دنيللء وجعللل اشللرف مراتللب النللاس بعللدهم مرتبللة‬
‫خلفتهم ونيابتهم في اممهم فانهم يخلفونهم علللى منهللاجهم وطريقهللم مللن‬
‫نصلليحتهم للمللة وارشللادهم الضللال وتعليمهللم الجاهللل ونصللرهم المظلللوم‬
‫واخذهم على يد الظالم وامرهم بالمعروف وفعله ونهيهم عن المنكر وتركلله‬
‫والللدعوة الللى الللله بالحكمللة للمسللتجيبين والموعظللة الحسللنة للمعرضللين‬
‫الغافلين والجدال بالتي هي احسن للمعاندين المعارضللين فهللذه حللال اتبللاع‬
‫المرسلين وورثه النبيين قال تعالى قللل هللذه سللبيلي ادعللو الللى الللله علللى‬
‫بصيرة انا ومن اتبعني وسواء كان المعنى أنا ومن اتبعني علللى بصلليرة وانللا‬
‫ادعو الى الله او المعنى ادعو الى الله على بصيرة والقولن متلزمللان فللإنه‬
‫ل يكون من اتباعه حقا إل من دعا الى الله علللى بصلليرة كمللا كللان متبللوعه‬
‫يفعل فهؤلء خلفاء الرسل حقا وورثتهم دون الناس وهم أولللو العلللم الللذين‬
‫قاموا بما جاء بلله علمللا وعمل وهدايللة وارشللادا وصللبرا وجهللادا وهللؤلء هللم‬
‫الصديقون وهم افضل اتباع النبياء ورأسهم وإمامهم الصديق الكبر ابو بكللر‬
‫رضى الله عنه قال الله تعالى ومن يطع الللله والرسللول فللأولئك مللع الللذين‬
‫انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصللالحين وحسللن اولئك‬
‫رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليمللا فللذكر مراتللب السللعداء وهللي‬
‫اربعة وبدأ باعلهم مرتبة ثم الذين يلونهم إلى آخر المراتللب وهللؤلء الربعللة‬
‫هم اهل الجنة الذين هم اهلها جعلنا الله منهم بمنه وكرملله الللوجه الخللامس‬
‫والستون ان النسان إنمللا يميللز علللى غيللره مللن الحيوانللات بفضلليلة العلللم‬
‫والبيان وإل فغيره من الدواب والسباع أكللثر أكل منلله واقللوى بطشللا وأكللثر‬
‫جماعا واولدا واطول اعمارا وإنما ميز على الدواب والحيوانات بعلمه وبيانه‬
‫فإذا عدم العلم بقى معلله القللدر المشللترك بينلله وبيللن سللائر الللدواب وهللي‬
‫الحيوانية المحضة فل يبقى فيه فضل عليهم بل قد يبقى شرا منهم كما قال‬
‫تعالى في هذا الصنف من الناس إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين‬
‫ل يعقلون فهؤلء هم الجهال ولو علللم الللله فيهللم خيللرا لسللمعهم أي ليللس‬
‫عندهم محل قابل للخير ولو كان محلهم قابل للخير لسمعهم أي‬

‫لفهمهم والسمع ههنا سمع فهم وال فسمع الصوت حاصل لهللم وبلله قللامت‬
‫حجة الله عليهم قال تعالى ول تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهللم ل يسللمعون‬
‫وقال تعالى ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمال يسللمع ال دعللاء ونللداء‬
‫صم بكم عمى فهم ل يعقلون وسواء كان المعنى ومثل داعي الللذين كفللروا‬
‫كمثل الذي ينعق بما ل يسمع من الدواب إل اصواتا مجردة او كللان المعنللى‬
‫ومثل الذين كفروا حيللن ينللادون كمثللل دواب الللذي ينعللق بهللا فل تسللمع ال‬
‫صوت الدعاء والنللداء فللالقولن متلزمللان بللل همللا واحللد وإن كللان التقللدير‬
‫الثاني اقرب إلى اللفظ وأبلغ في المعنى فعلى التقللديرين لللم يحصللل لهللم‬
‫مللن الللدعوة إل الصللوت الحاصللل للنعللام فهللؤلء لللم يحصللل لهللم حقيقللة‬
‫النسانية التي يميز بها صاحبها عن سللائر الحيللوان والسللمع يللراد بلله ادراك‬
‫الصوت ويراد به فهم المعنى ويراد به القبول والجابللة والثلثلة فللي القلرآن‬
‫فمن الول قوله قد سمع الله قول التي تجادلللك فللي زوجهللا وتشللتكي الللى‬
‫الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصللير وهللذا اصللرح مللا يكللون فللي‬
‫إثبات صفة السمع ذكر الماضي والمضارع واسم الفاعل سمع ويسلمع وهلو‬
‫سميع وله السمع كما قالت عائشة رضى الله عنهللا الحمللد لللله الللذي وسللع‬
‫سمعه الصوات لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول اللله وأنلا فلي جلانب‬
‫البيت وأنه ليخفى على بعض كلمها فللأنزل الللله قللد سللمع الللله قللول الللتي‬
‫تجادلك في زوجها والثللاني سللمع الفهللم كقللوله ولللو علللم الللله فيهللم خيللرا‬
‫لسمعهم أي لفهمهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون لما في قلوبهم من‬
‫الكبر والعراض عن قبول الحق ففيهم آفتان إحداهما انهم ل يفهمون الحق‬
‫لجهلهم ولو فهموه لتولوا عنه وهم معرضون عنه لكبرهم وهذا غاية النقللص‬
‫والعيب والثالث سللمع القبللول والجابللة كقللوله تعللالى للو خرجللوا فيكللم ملا‬
‫زادوكم إل خبال ول وضعوا خللكم يبغونكم الفتنة وفيكللم سللماعون لهللم أي‬
‫قابلون مستجيبون ومنه قوله سللماعون للكللذب أي قللابلون للله مسللتجيبون‬
‫لهله ومنه قول المصلى سمع الله لمن حمده أي اجاب الله حمد من حمده‬
‫ودعاء من دعاه وقول النبي إذا قال المام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا‬
‫ولك الحمد يسمع الله لكم أي يجيبكم والمقصود ان النسان إذا لم يكن للله‬
‫علم بما يصلحه في معاشه ومعاده كان الحيوان البهيللم خيللرا منلله لسلللمته‬
‫في المعاد مما يهلكلله دون النسللان الجاهللل الللوجه السللادس والسللتون إن‬
‫العلم حاكم علىما سواه ول يحكم عليه شيء فكل شيء اختلف في وجللوده‬
‫وعدمه وصحته وفساده ومنفعته ومضرته ورجحانه ونقصانه وكمللاله ونقصلله‬
‫ومدحه وذمه ومرتبتلله فللي الخيللر وجللودته ورداءتلله وقربلله وبعللده وإفضللائه‬
‫إلىمطلوب كذا وعدم إفضائه وحصول المقصود به وعدم حصوله إلللى سللائر‬
‫جهات المعلومات فإن العلم حاكم على ذلللك كللله فللإذا حكللم العلللم انقطللع‬
‫النزاع ووجب التباع وهو الحاكم على الممالك والسياسات والموال‬

‫والقلم فملك ل يتأيد بعلم ل يقوم وسيف بل علللم مخللراق لعللب وقلللم بل‬
‫علم حرمة حركةعابث والعلم مسلط حاكم على ذلك كللله ول يحكللم شلليء‬
‫من ذلك على العلم وقد اختلف في تفضيل مداد العلمللاء علللى دم الشللهداء‬
‫وعكسه وذكر لكل قول وجوه من التراجيح والدلة ونفس هللذا النللزاع دليللل‬
‫على تفضيل العلم ومرتبته فإن الحاكم في هذه المسئلة هو العلم فيه واليه‬
‫وعنده يقع التحاكم والتخاصم والمفضل منهما من حكم له بالفضل فإن قيل‬
‫فكيف يقبل حكمه لنفسه قيل وهذا ايضا دليللل علللى تفضلليله وعلللو مرتبتلله‬
‫وشرفه فإن الحاكم إنما لم يسغ ان يحكم لنفسه لجل مظنة التهمة والعلم‬
‫تلحقه تهمة في حكمه لنفسه فإنه إذا حكم حكم بما تشلهد العقلول والنظلر‬
‫بصحته وتتلقاه بالقبول ويستحيل حكمه لتهمة فإنه إذا حكم بهللا انعللزل عللن‬
‫مرتبته وانحط عن درجته فهو الشاهد المزكي العدل والحاكم الذي ل يجللور‬
‫ول يعزل فإن قيل فماذا حكمه في هذه المسئلة اللتي ذكرتموهلا قيلل هلذه‬
‫المسئلة كثر فيها الجدال واتسع المجال وأدلى كل منهمللا بحجتلله واسللتعلى‬
‫بمرتبته والذي يفصللل النللزاع ويعيللد المسللالة إلىمواقللع الجمللاع الكلم فللي‬
‫أنواع مراتب الكمال وذكر الفضل منهما والنظر في أي هذين المرين اولى‬
‫به واقرب اليه فهذه الصول الثلثة تبين الصواب ويقللع بهللا فصللل الخطللاب‬
‫فاما مراتب الكمال فاربع النبوة والصديقية والشللهادة والوليللة وقللد ذكرهللا‬
‫الله سبحانه في قوله ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الللذين انعللم الللله‬
‫عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ذلك‬
‫الفضل من الله وكفى بالله عليما وذكر تعالى هؤلء الربع في سورة الحديد‬
‫فذكر تعالى اليمان به وبرسوله ثم نللدب المللؤمنين الللى ان تخشللع قلللوبهم‬
‫لكتابه ووحيه ثم ذكر مراتب الخلئق شقيهم وسعيدهم فقال إن المصللدقين‬
‫والمصدقات واقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم اجر كريم والللذين‬
‫آمنوا بللالله ورسللله اولئك هللم الصللديقون والشللهداءعند ربهللم لهللم اجرهللم‬
‫ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب الجحيللم وذكللر المنللافقين‬
‫قبل ذلك فاستوعبت هذه الية اقسام العبللاد شللقيهم وسللعيدهم والمقصللود‬
‫انه ذكر فيها المراتب الربعة الرسالة والصللديقية والشللهادة والوليللة فللأعل‬
‫هذه المراتب النبوة والرسالة ويليها الصللديقية فالصللديقون هللم أئمللة اتبللاع‬
‫الرسل ودرجتهم اعل الدرجات بعد النبوة فإن جرى قلللم العللالم بالصللديقية‬
‫وسال مللداده بهللا كللان افضللل مللن دم الشللهيد الللذي لللم يحلقلله فللي رتبللة‬
‫الصديقية وان سال دم الشهيد بالصديقية وقطر عليها كان افضل مللن مللداد‬
‫العالم الذي قصر عنها فافضلهما صديقهما فان استويا في الصديقية اسللتويا‬
‫في المرتبة والله اعلم والصديقية هي كمللال اليمللان بمللا جللاء بلله الرسللول‬
‫علما وتصديقا وقياما فهي راجعة إلى نفس العلم فكللل مللن كلان اعلللم بملا‬
‫جاء بله الرسلول واكملل تصلديقا لله كلان اتلم صلديقية فالصلديقية شلجرة‬
‫اصولها العلم وفروعها التصديق وثمرتها العمل فهذه كلمات‬

‫جامعة في مسئلة العالم والشهيد وايهما افضل الوجه السللابع والسللتون ان‬
‫النصوص النبوية قد تواترت بان افضل العمال إيمان بالله فهللو رأس المللر‬
‫والعمال بعده على مراتبها ومنازلها واليمان له ركنللان احللدهما معرفللة مللا‬
‫جاء به الرسول والعلم به والثاني تصديقه بالقول والعمللل والتصللديق بللدون‬
‫العلم والمعرفة محال فإنه فرع العلم بالشيء المصدق بلله فللإذا العلللم مللن‬
‫اليمان بمنزلة الروح من الجسد ولتقوم شجرة اليمان ال على ساق العلم‬
‫والمعرفة فالعلم إذا اجل المطالب واسنى المواهب الوجه الثامن والسللتون‬
‫ان صفات الكمال كلها ترجع إلى العلم والقدرة والرادة والرادة فرع العلللم‬
‫فإنهاتستلزم الشعور بالمراد فهي مفتقللرة إلللى العلللم فللي ذاتهللا وحقيقتهللا‬
‫والقدرة ل تؤثر إل بواسطة الرادة والعلم ليفتقر في تعلقلله بللالمعلوم إلللى‬
‫واحللدة منهمللا وأمللا القللدرة وإلرادة فكللل منهللا يفتقللر فللي تعلقلله بللالمراد‬
‫والمقدور إلى العلم وذلك يدل على فضيلته وشللرف منزلتلله الللوجه التاسللع‬
‫والستون ان العلم اعم الصفات تعلقا بمتعلقه واوسعها فإنه يتعلق بالواجب‬
‫والممكن والمسللتحيل والجللائز والموجللود والمعللدوم فللذات الللرب سللبحانه‬
‫وصفاته واسماؤه معلومة له ويعلم العباد من ذلك ما علمهللم العليللم الخللبير‬
‫وأمللا القللدرة والرادة فكللل منهمللا خللاص التعلللق امللا القللدرة فإنمللا تتعلللق‬
‫بالممكن خاصة لبالمستحيل ول بللالواجب فهللي اخللص مللن العلللم مللن هللذا‬
‫الوجه وأعم من الرادة فإن الرادة لتتعلق ال ببعض الممكنات وهو ما أريللد‬
‫وجوده فالعلم اوسع وأعم وأشمل في ذاته ومتعلقه الوجه السبعون ان الله‬
‫سبحانه اخبر عن اهل العلم بأنه جعلهم ائمة يهللدون بللأمره ويللاتم بهللم مللن‬
‫بعدهم فقال تعالى وجعلناهم ائملة يهللدون بامرنلا لملا صللبروا وكلانوا يآياتنلا‬
‫يوقنون وقال في موضع آخر والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا‬
‫قرة اعين واجعلنا للمتقين إماما أي ائمة يقتدى بنا من بعدنا فللأخبر سللبحانه‬
‫ان بالصبر واليقين تنللال المامللة فللي الللدين وهللي ارفللع مراتللب الصللديقين‬
‫واليقين هو كمال العلم وغايته فبتكميللل مرتبللة العلللم تحصللل إمامللة الللدين‬
‫وهي ولية آلتها العلم يختص الله بهللا مللن يشللاء مللن عبللاده الللوجه الحللادي‬
‫والسبعون ان حاجة العباد إلى العلم ضرورية فوق حاجة الجسم إلى الغللذاء‬
‫لن الجسم يحتاج إلى الغذاء في اليوم مرة او مرتين وحاجللة النسللان إلللى‬
‫العلم بعدد النفاس لن كل نفس من انفاسه فهو محتاج فيه إلللى ان يكللون‬
‫مصاحبا ليمان او حكمة فإن فارقه اليمان او حكمة في نفس مللن انفاسلله‬
‫فقد عطب وقرب هلكه وليس إلى حصول ذلللك سللبيل إل بللالعلم فالحاجللة‬
‫إليه فوق الحاجة إلى الطعام والشراب وقد ذكر المللام احمللد هللذا المعنللى‬
‫بعينه فقال الناس احوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشللراب لن الطعللام‬
‫والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة او مرتين والعلللم يحتللاج اليلله كللل وقللت‬
‫الوجه الثاني والسبعون إن صاحب العلم اقل تعبا وعمل وأكثر اجللرا واعتللبر‬
‫هذا بالشاهد فإن الصناع والجراء يعانون‬

‫العمال الشاقة بأنفسهم والستاذ المعلم يجلللس بللأمرهم وينهللاهم ويريهللم‬


‫كيفية العمل ويأخذ اضعاف ما يأخللذونه وقللد اشللار النللبي إلللى هللذا المعنللى‬
‫حيث قال افضل العمال إيمان بالله ثللم الجهللاد فالجهللاد فيلله بللذل النفللس‬
‫وغاية المشقة واليمان علم القلب وعمله وتصديقه وهو افضل العمال مللع‬
‫ان مشقة الجهلاد فلوق مشلقته باضلعاف مضلاعفة وهلذا لن العللم يعلرف‬
‫مقادير العمللال ومراتبهللا وفاضلللها مللن مفضللولها وراجحهللا مللن مرجوحهللا‬
‫فصاحبه ل يختار لنفسه ال افضل العمال والعامل بل علم يظن ان الفضيلة‬
‫في كثرة المشقة فهو يتحمل المشاق وإن كان ما يعانيه مفضول ورب عمل‬
‫فاضل والمفضول اكثر مشقة منه واعتللبر هللذا بحللال الصللديق فللإنه افضللل‬
‫المة ومعلوم ان فيهم من هو اكثر عمل وحجا وصللوما وصلللة وقللراءة منلله‬
‫قال ابو بكر بن عياش ما سبقكم ابو بكر بكثرة صوم ول صلة ولكن بشليء‬
‫وقر في قلبه وهذا موضوع المثل المشهور ‪ #‬من لي بمثل سلليرك المللدلل‬
‫‪ %‬تمشى رويدا وتجي فللي الول الللوجه الثللالث والسللبعون ان العلللم إمللام‬
‫العمل وقائد له والعمل تابع له ومؤتم بلله فكللل عمللل ل يكللون خلللف العلللم‬
‫مقتديا به فهو غير نافع لصاحبه بل مضرة عليه كما قال بعللض السلللف مللن‬
‫عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح وألعمال إنمللا تتفللاوت فللي‬
‫القبول والرد بحسب موافقتها للعلم ومخالفتها للله فالعمللل الموافللق للعلللم‬
‫هو المقبول والمخالف له هو المردود فالعلم هو الميزان وهللو المحللك قللال‬
‫تعالى هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكللم احسللن عمل وهللو العزيللز‬
‫الغفور قال الفضيل بن عياض هو اخلص العمل واصوبه قالوا يا ابا علللي مللا‬
‫اخلصه واصوبه قال ان العمل إذا كان خالصا ولم يكن صللوابا لللم يقبللل وإذا‬
‫كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصللوابا فالخللالص ان‬
‫يكون لله والصواب ان يكون على السنة وقد قللال تعللالى فمللن كللان يرجللو‬
‫لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشللرك بعبللادة ربلله احللدا فهللذا هللو العمللل‬
‫المقبول الذي ل يقبل الله من العمال سللواه وهللو ان يكللون موافقللا لسللنة‬
‫رسول الله مرادا به وجه الللله ول يتمكللن العامللل مللن التيللان بعمللل يجمللع‬
‫هذين الوصفين إل بالعلم فإنه إن للم يعللم ملا جلاء بله الرسلول للم يمكنله‬
‫قصده وإن لم يعرف معبوده لم يمكنه إرادتلله وحللده فلللول العلللم لمللا كللان‬
‫عمله مقبول فالعلم هو الدليل على الخلص وهو الدليل على المتابعللة وقللد‬
‫قال الله تعالى إنما يتقبل الله من المتقين واحسن ما قيل في تفسير اليللة‬
‫إنه إنما يتقبل الله عمل مللن اتقللاه فللي ذلللك العمللل وتقللواه فيلله ان يكللون‬
‫لوجهه علىموافقة امره وهذا إنما يحصل بالعلم وإذا كللان هللذا منزلللة العلللم‬
‫وموقعه علم انلله اشللرف شلليء واجللله وافضللله والللله أعلللم الللوجه الرابللع‬
‫والسبعون ان العامل بل علم كالسائر بل دليل ومعلوم ان عطللب مثللل هللذا‬
‫اقرب من سلمته‬

‫وان قدر سلمته اتفاقا نادرا فهو غير محمود بلل مللذموم عنللد العقلء وكللان‬
‫شيخ السلم ابن تيمية يقول من فارق الدليل ضل السبيل ول دليللل إل بمللا‬
‫جاء به الرسول قال الحسن العامل على غير علم كالسالك على غير طريق‬
‫والعامل على غير علم ما يفسد اكثر مما يصلح فاطلبوا اللم طلبا ل تضللروا‬
‫بالعبادة واطلبوا العبادة طلبا ل تضروا بالعلم فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا‬
‫العلم حى خرجوا بأسيافهم على امة محمد ولو طلبوا العلم لم يللدلهم علللى‬
‫ما فعلوا والفرق بين هذا وبين مللا قبللله ان العلللم مرتبتلله فللي الللوجه الول‬
‫مرتبة المطاع المتبوع المقتدى به المتبع حكمه المطللاع امللره ومرتبتلله فيلله‬
‫فيهذا الوجه مرتبة الدليل المرشد الى المطلوب الموصل إلى الغاية الللوجه‬
‫الخامس والسبعون ان النبي ثبت في الصحيحين عنه انه كللان يقللول اللهللم‬
‫رب جبريللل وميكائيللل وإسللرافيل فللاطر السللموات والرض عللالم الغيللب‬
‫والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهللدني لمللا اختلللف‬
‫فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشلاء الللى صلراط مسللتقيم وفللي بعلض‬
‫السنن انه كان يكبر تكبيرة الحرام في صلللة الليللل ثللم يللدعو بهللذا الللدعاء‬
‫والهداية هي العلم بالحق مع قصده وإيثاره على غيره فالمهتدي هو العامللل‬
‫بالحق المريد له وهي اعظم نعمة للله عللى العبلد ولهلذا امرنلا سلبحانه ان‬
‫نسأله هداية الصراط المستقيم كللل يلوم وليلللة فلي صللواتنا الخملس فلإن‬
‫العبد محتاج الى معرفة الحق الذي يرضى الله في كل حركة غاهرة وباطنة‬
‫فإذا عرفها فهو محتاج إلىمن يلهمه قصد الحق فيجعل إرادتلله فللي قلبلله ثللم‬
‫إلى من يقدره على فعله ومعلوم ان مللا يجهللله العبللد اضللعاف اضللعاف مللا‬
‫يعلمه وإن كل ما يعلم انه حق ل تطاوعه نفسه على غرادته ولو اراده لعجز‬
‫عن كثير منه فهو مضللطر كللل وقللت إلللى هدايللة تتعلللق بالماضللي وبالحللال‬
‫والمستقبل أما الماضي فهو محتاج إلى محاسبة نفسه عليه وهل وقع علللى‬
‫السداد فيشكر الله عليه ويستديمه ام خرج فيه عن الحق فيتوب إلللى الللله‬
‫تعالى منه ويتسغفره ويعزم على ان ل يعود وأمللا الهدايللة فللي الحللال فهللي‬
‫مطلوبة منه فإنه ابن وقتلله فيحتللاج ان يعلللم حكللم مللا هللو متلبللس بلله مللن‬
‫الفعال هل هو صواب ام خطأ وأملا المسلتقبل فحلاجته فلي الهدايلة اظهلر‬
‫ليكون سيره على الطريق وإذا كان هللذا شللأن الهدايللة علللم ان العبللد اشللد‬
‫شيء اضطرارا اليها وان ما يورده بعض الناس من السؤال الفاسد وهي انا‬
‫إذا كنا مهتدين فأي حاجة بنا ان نسأل الللله ان يهللدينا وهللل هللذا ال تحصلليل‬
‫الحاصل افسد سؤال وابعده عللن الصللواب وهللو دليللل علللى ان صللاحبه لللم‬
‫يحصل معنى الهداية ول احاط علما بحقيقتهللا ومسللماها فلللذلك تكلللف مللن‬
‫تكلف الجواب عنه بان المعنى ثبتنا على الهداية وادمها لنا ومن احاط علمللا‬
‫بحقية الهداية وحاجة العبد اليها علم ان الذي لم يحصل له منها اضللعاف مللا‬
‫حصل له انه كل وقت محتاج إلىهدايةمتجددة لسيما والله تعالىخللالق افعللال‬
‫القلوب والجوارح فهو كل وقت محتاج ان يخلق الله له هداية‬

‫خاصة ثم ان لم يصرف عنه الموانع والصلوارف الللتي تمنلع ملوجب الهدايلة‬


‫وتصرفها لم ينتفع بالهداية ولم يتم مقصلودها لله فلإن الحكلم ل يكفلي فيله‬
‫وجود مقتضيه بل ل بد مع ذلك من عدم مانعه ومنافيه ومعلوم ان وسللاوس‬
‫العبد وخواطره وشهوات الغي في قلبه كل منها مانع وصول اثر الهداية اليه‬
‫فإن لم يصرفها الله عنه لللم يهتللد هللدى تامللا فحاجللاته إلللى هدايللة الللله للله‬
‫مقرونة بانفاسه وهي اعظم حاجللة للعبللد وذكللر النللبي فللي الللدعاء العظيللم‬
‫القدر من اوصاف الله وربوبيته ما يناسللب المطلللوب فللان فطللر السلموات‬
‫والرض توسل إلى الله بهذا الوصف في الهداية للفطرة الللتي ابتللدأ الخلللق‬
‫عليها فذكر كونه فاطر السموات والرض والمطلوب تعليم الحللق والتوفيللق‬
‫له فذكر علمه سبحانه بالغيب والشهادة وان من هو بكل شيء عليللم جللدير‬
‫ان يطلب منه عبللده ان يعلمله ويرشللده ويهللديه وهللو بمنزلللة التوسللل إلللى‬
‫الغني بغناه وسعة كرمه ان يعطى عبده شيئا من ماله والتوسل إلى الغفور‬
‫بسعة مغفرتلله ان يغفللر لعبللده ويعفللوه ان يعفللو عنلله وبرحمتلله ان يرحملله‬
‫ونظائر ذلك وذكر ربوبيته تعللالى لجبريللل وميكائيللل وإسللرافيل وهللذا والللله‬
‫اعلم لن المطلوب هدى يحيا به القلب وهؤلء الثلثة الملك قد جعللل الللله‬
‫تعالى على ايديهم اسباب حياة العباد اما جبريل فهللو صللاحب الللوحي الللذي‬
‫يوحيه الله إلى النبياء وهللو سللبب حيللاة الللدنيا والخللرة وامللا ميكائيللل فهللو‬
‫موكل بالقطر الذي به سبب حياة كل شيء واما إسرافيل فهللو الللذي ينفللخ‬
‫في الصور فيحيى الله الموتى بنفخته فإذا هم قيام لرب العللالمين والهدايللة‬
‫لها اربع مراتب وهي مذكورة في القرآن المرتبة الولى الهداية العامة وهي‬
‫هداية كل مخلوق من الحيوان والدمي لمصالحه التي بها قام امره قال الله‬
‫تعالى سبح اسم ربك العلى الللذي خلللق فسللوى والللذي قللدر فهللدى فللذكر‬
‫امورا اربعة الخلق والتسوية والتقدير والهداية فسوى خلقه واتقنلله وأحكملله‬
‫ثم قللدر لله اسللباب مصلالحه فللي معاشلله وتقلبللاته وتصللرفاته وهللداه اليهللا‬
‫والهداية تعليم فذكر انه الذي خلق وعلم كما ذكر نظير ذلك في أول سللورة‬
‫انزلها على رسوله وقد تقدم ذلك وقال تعالى حكاية عن عدوه فرعللون انلله‬
‫قال لموسى فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثللم‬
‫هدى وهذه المرتبة اسبق مراتب الهداية وأعمها المرتبة الثانية هداية البيللان‬
‫والدللة التي أقام بها حجته على عباده وهذه ل تستلزم الهتللداء التللام قللال‬
‫تعالى وأمللا ثمللود فهللديناهم فاسللتحبوا العمللى علللى الهللدى يعنللي بينللا لهللم‬
‫ودللناهم وعرفناهم فآثروا الضللة والعمى وقللال تعللالى وعللادا وثمللود وقللد‬
‫تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان اعمللالهم فصللدهم عللن السللبيل‬
‫وكانوا مستبصرين وهذه المرتبة اخص مللن الولللى وأعللم مللن الثانيللة وهللي‬
‫هدى التوفيق واللهام قال الله تعالى والله يدعو إلى دار السلم ويهدي من‬
‫يشاء إلى صراط مستقيم فعم بالدعوة خلقه وخص بالهداية من شللاء منهللم‬
‫قال تعالى‬

‫إنك ل تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء مع قوله وإنك لتهدي إلللى‬
‫صراط مستقيم فاثبت هداية الدعوة والبيان ونفللي هدايللة التوفيللق والمللام‬
‫وقال النبي في نشهد الحاجة من يهد الله فل مضل له ومن يضلل فل هادي‬
‫له وقال تعالى إن تحرص على هداهم فللإن الللله ليهللدي مللن يضللل أي مللن‬
‫يضله الله ليهتدي أبدا وهذه الهداية الثالثة هي الهداية الموجبللة المسللتلزمة‬
‫للهتداء واما الثانية فشرط لموجب فل يستحيل تخلف الهللدى عنهللا بخلف‬
‫الثالثة فإن تخلف الهدى عنها مستحيل المرتبة الرابعللة الهدايللة فللي الخللرة‬
‫إلى طريق الجنة والنار قال تعالى احشرواالذين ظلموا وأزواجهم وما كللانوا‬
‫يعبدون من دون الله فاهدوهم إلللى صللراط الجحيللم واملا قللول اهلل الجنللة‬
‫الحمد لله الذي هدانا لهذا ومللا كنللا لنهتللدي لللول ان هللدانا الللله فيحتمللل ان‬
‫يكونوا ارادوا الهداية إلى طريق الجنة وأن يكونللوا ارادوا الهدايللة فللي الللدنيا‬
‫التي اوصلتهم إلى دار النعيم ولو قيل إن كل المرين مراد لهم وانهم حمدوا‬
‫الله على هدايته لهم في الدنيا وهدايتهم إلى طريق الجنة كان احسن وابلللغ‬
‫وقد ضرب الله تعالى لمن لم يحصل له العلللم بللالحق واتبللاعه مثل مطابقللا‬
‫لحاله فقال تعالى قل اندعو من دون الله مال ينفعنللا ول يضللرنا ونللرد علللى‬
‫اعقابنا بعد إذ هدانا الله كالللذي اسللتهوته الشللياطين فللي الرض حيللران للله‬
‫اصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى اللله هلو الهلدى وأمرنلا لنسللم‬
‫لرب العالمين الوجه السادس والسبعون ان فضيلة الشلليء وشللرفه يظهللر‬
‫تارة من عموم منفعتلله وتللارةمن شللدة الحاجللة اليلله وعللدم السللتغناء عللن‬
‫وتارةمن ظهور النقللص والشللر بفقللده وتللارة مللن حصللول اللللذة والسللرور‬
‫والبهجة بوجوده لكونه محبوبا ملئما فادراكه يعقللب غايللة اللللذة وتللارة مللن‬
‫كمال الثمرة المترتبة عليه وشرف علته الغائية وافضاله إلى اجل المطللالب‬
‫وهذه الوجوه ونحوها تنشأ وتظهر مللن متعلقللة فللإذا كللان فللي نفسلله كمللال‬
‫وشرفا بقطع النظر عن متعلقاته جمع جهات الشللرف والفضللل فللي نفسلله‬
‫ومتعلقاته ومعلوم ان هذه الجهات بأسللرها حاصلللة للعلللم فللإنه أعللم شلليء‬
‫نفعا واكثره وادومه والحاجة اليه فوق الحاجة إلى الغللذاء بللل فللوق الحاجللة‬
‫إلى التنفس إذ غاية مايتصور من فقدهما فقد حياة الجسم وأما فقللد العلللم‬
‫ففيه فقد حياة القلب والروح فل غنى للعبد عنه طرفة عيللن ولهللذا إذا فقللد‬
‫من الشخص كان شرا من الحمير بل كللان شللرا مللن الللدواب عنللد الللله ول‬
‫شيء انقص منه حينئذ وأما حصول اللذة والبهجة بوجللوده فلنلله كمللال فللي‬
‫نفسه وهو ملئم غاية الملءمة للنفوس فان الجهل مرض ونقللص وهللو فللي‬
‫غاية اليذاء واليلم للنفس وملن للم يشلعر بهلذه الملءملة والمنلافرة فهلو‬
‫لفقد حسه ونفسه وما لجرح ميت إيلم فحصوله للنفللس إدراك منهللا لغايللة‬
‫محبوبها واتصال به وذلك غايللة لللذتها وفرحتهللا وهللذا بحسللب المعلللوم فللي‬
‫نفسه ومحبة النفس له ولذتها بقربه والعلوم والمعلومات‬

‫متفاوته في ذلك اعظم التفاوت وابينه فليس علم النفوس بفاطرها وباريهللا‬
‫ومبدعها ومحبته والتقرب اليه كعلمها بالطبيعة واحوالها وعوارضلله وصللحتها‬
‫وفسادها وحركاتها وهذا بتبين بالوجه السابع والسبعين وهو ان شرف العللم‬
‫تابع لشرف معلومه لوثوق النفللس بأدلللة وجللوده وبراهينلله ولشللدة الحاجللة‬
‫إلىمعرفته وعظم النفع بها ول ريب ان اجل معلوم وأعظمه واكبره فهو الله‬
‫الذي ل إله إل هللو رب العللالمين وقيللوم السللموات والرضللين الملللك الحللق‬
‫المبين الموصوف بالكمال كله المنزه عن كل عيب ونقص وعن كللل تمثيللل‬
‫وتشبيه في كمللاله ول ريللب ان العلللم بلله وباسللمائه وصللفاته وافعللاله اجللل‬
‫العلللوم وافضلللها ونسللبته إلللى سللائر العلللوم كنسللبة معلومللة إلللى سللائر‬
‫المعلومات وكما ان العلم به اجل العلوم واشرفها فهو اصلللها كلهللا كمللا ان‬
‫كل موجود فهو مستند في وجوده إلى الملك الحق المبين ومفتقر اليه فللي‬
‫تحقق ذاته وأينيته وكل علم فهو تابع للعلم به مفتقللر فللي تحقللق ذاتلله اليلله‬
‫فالعلم به اصل كل علم كما انه سبحانه رب كل شيء ومليكلله وموجللده ول‬
‫ريب ان كمال العلم بالسبب التام وكونه سببا يستلزم العلم بمسببه كما ان‬
‫العلم بالعلة التامة ومعرفة كونها علة يستلزم العلللم بمعلللوله وكللل موجللود‬
‫سوى الله فهو مستند في وجوده اليه استناد المصنوع إلى صانعه والمفعول‬
‫الى فاعله فالعلم بذاته سبحانه وصفاته وافعللاله يسللتلزم العلللم بمللا سللواه‬
‫فهو في ذاته رب كل شيء ومليكه والعلم به اصل كل علللم ومنشللؤه فمللن‬
‫عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه اجهل قال تعالى ول‬
‫تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم انفسهم فتأمل هذه الية تجد تحتها معنللى‬
‫شريفا عظيما وهو ان من نسى ربه انساه ذاته ونفسه فلللم يعللرف حقيقتلله‬
‫ول مصالحه بل نسى ما به صلحه وفلحه في معاشه ومعللاده فصللار معطل‬
‫مهمل بمنزلة النعللام السلائبة بللل ربملا كلانت النعلام اخللبر بمصلالحها منلله‬
‫لبقائها هداها الذي اعطاها إياه خالقها وأما هذا فخرج عن فطرته التي خلللق‬
‫عليها فنسى ربه فأنساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكوبه وتسعد به في‬
‫معاشها ومعادها قال الله تعالى ول تطع مللن اغفلنللا قلبلله عللن ذكرنللا واتبللع‬
‫هواه وكان امره فرطا فغفل عللن ذكللر ربلله فللانفرط عليلله امللره وقلبلله فل‬
‫التفات له إلى مصالحه وكماله ومللا تزكللو بلله نفسلله وقلبلله بللل هللو مشللتت‬
‫القلب مضيعه مفرط المر حيران ليهتدي سبيل والمقصللود ان العلللم بللالله‬
‫اصل كل علم وهو اصل علم العبد بسعادته وكمللاله ومصللالح دنيللاه وآخرتلله‬
‫والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلللح بلله‬
‫فالعلم به سعادة العبد والجهل به اصل شقاوته يزيده ايضاحا الللوجه الثللامن‬
‫والسبعون انه ل شيء اطيب للعبد ول الذ ول اهنأ ول انعم لقلبه وعيشه من‬
‫محبة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي في مرضاته وهذا هو الكمال الذي‬
‫لكمال للعبد بدونه وله خلق الخلللق ولجللله نللزل الللوحي وارسلللت الرسللل‬
‫وقامت السموات والرض ووجدت الجنة والنار ولجله شرعت الشرائع‬

‫ووضع البيت الحرام ووجب حجه علللى النللاس إقامللة لللذكره الللذي هللو مللن‬
‫توابع محبته والرضا به وعنه ولجل هذا امر بالجهاد وضرب اعنللاق مللن ابللاه‬
‫وآثر غيره عليه وجعل له في الخرة دار الهوان خالدا مخلدا وعلى هذا المر‬
‫العظيم اسست الملة ونصبت القبلة وهو قطب رحللى الخلللق والمللر الللذي‬
‫مدارهما عليه ولسبيل إلى الدخول إلى ذلك إل من بللاب العلللم فللإن محبللة‬
‫الشيء فرع عن الشعور به واعرف الخلق بالله اشللدهم حبللا للله فكللل مللن‬
‫عرف الله احبه ومن عرف الدنيا واهلها زهد فيهم فللالعلم يفتللح هللذا البللاب‬
‫العظيم الذي هو سر الخلللق والمللر كمللا سلليأتي بيللانه إن شللاء الللله تعللالى‬
‫الوجه التاسع والسلبعون ان الللذة بلالمحبوب تضلعف وتقلوى بحسلب قلوة‬
‫الحب وضعفه فكلما كان الحب اقوى كانت اللللذة اعظللم ولهللذا تعظللم لللذة‬
‫الظمآن بشرب الماء البارد بحسب شدة طلبه للماء وكللذلك الجللائع وكللذلك‬
‫من احب شيئا كانت لذته على قدر حبه إيللاه والحللب تللابع للعلللم بللالمحبوب‬
‫ومعرفة جماله الظاهر والباطن فلذة النظر إلى الله بعد لقائه بحسللب قللوة‬
‫حبه وإرادته وذلك بحسب العلم بلله وبصللفات كمللاله فللإذا العلللم هللو اقللرب‬
‫الطرق إلى اعظم اللذات وسيأتي تقرير هذا فيما بعللد ان شللاء الللله تعللالى‬
‫الوجه الثمانون ان كل ما سوى الله يفتقر الى العلم لقللوام للله بللدونه فللإن‬
‫الوجود وجودان وجود الخلق ووجللود المللر والخلللق والمللر مصللدرهما علللم‬
‫الللرب وحكمتلله فكللل ماضللمه الوجللود مللن خلقلله وامللره صللادر عللن علملله‬
‫وحكمته فما قامت السموات والرض وما بينهما ال بالعلم ول بعثت الرسللل‬
‫وأنزلت الكتب إل بالعلم ولعبد الله وحده وحمد واثنى عليه ومجد إل بالعلم‬
‫ولعرف الحلل من الحرام إل بالعلم ولعرف فضل السللم علللى غيللره ال‬
‫بالعلم واختلف هنا في مسئلة وهي ان العلم صفة فعلية او انفعاليلة فقلالت‬
‫طائفة هو صفة فعليه لنه شرط او جللزء وسللبب فللي وجللود المفعللول فللإن‬
‫الفعل الختياري يستدعي حيلاة الفاعلل وعلمله وقللدرته وإرادتله ول يتصلور‬
‫وجوده بدون هذه الصللفات وقللالت طائفللة هللو انفعللالي فللإنه تللابع للمعلللوم‬
‫متعلق به على ما هو عليه فإن العالم يدرك المعلوم على ما هو به فللادراكه‬
‫تابع له فكيف يكون متقدما عليه والصواب ان العلم قسمان علم فعلى وهو‬
‫علم الفاعل المختار بما يريد ان يفعله فإنه موقوف علللى ارادتلله الموقوفللة‬
‫على تصوره المراد وعلمه به فهذا علم قبل الفعل متقللدم عليلله مللؤثر فيلله‬
‫وعلم انفعالي وهو العلم التابع للمعلوم الذي ل تأثير للله فيلله كعلمنللا بوجللود‬
‫النبيللاء والمللم والملللوك وسللائر الموجللودات فللإن هللذا العلللم ل يللؤثر فللي‬
‫المعلوم ول هو شرط فيه فكل من الطللائفتين نظللرت جزئيللا وحكمللت كليللا‬
‫وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس وكل القسمين من العلم صللفة كمللال‬
‫وعدمه من اعظم النقص يوضحه الوجه الحادي والثمانون ان فضيلة الشيء‬
‫تعرف بضده فالضد يظهر حسنه الضللد وبضللدها نتللبين الشللياء ول ريللب ان‬
‫الجهل اصل كل فساد وكل ضرر يلحق العبد في دنياه واخراه فهو نتيجة‬

‫الجهل وال فمع العلم التام بللان هللذا الطعللام مثل مسللموم مللن اكللله قطللع‬
‫امعاءه في وقت معين ل يقدم على اكله وان قدر انه قدم عليه لغلبللة جللوع‬
‫او استعجال وفاة فهو لعلمه بموافقة اكله لمقصوده الذي هو احب اليه مللن‬
‫العذاب بالجوع او بغيره وهنا اختلف في مسئلة عظيمة وهي ان العلللم هللل‬
‫يستلزم الهتللداء ول يتخلللف عنلله الهللدى إل لعللدم العلللم اونقصلله وال فمللع‬
‫المعرفة الجازمة ل يتصور الضلل وانه ل يستلزم الهدى فقللد يكللون الرجللل‬
‫عالما وهو ضال على عمد هذا مما اختلف فيه المتكلمللون واربللاب السلللوك‬
‫وغيرهم فقالت فرقة من عرف الحللق معرفللة ل يشللك فيهللا اسللتحال ان ل‬
‫يهتدي وحيث ضل فلنقصان علمه واحتجوا من النصلوص بقلوله تعلالى لكلن‬
‫الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل اليك وما انللزل مللن‬
‫قبلك فشهد تعالى لكل راسخ في العلم باليمان وبقوله تعللالى إنمللا يخشللى‬
‫الله من عباده العلماء وبقوله تعالى ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك‬
‫من ربك هو الحق وبقوله تعالى شهد الله انه ل إللله ال هللو والملئكللة واولللو‬
‫العلم وبقوله تعالى افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى‬
‫قسم الناس قسمين احدهما العلمللاء بللان مللا انللزل اليلله مللن ربلله هوالحللق‬
‫والثاني العمى فدل علللى انلله ل واسللطة بينهمللا وبقللوله تعللالى فللي وصللف‬
‫الكفار صم بكم عمي فهم ل يعقلون وبقوله وطبع الله على قلللوبهم فهللم ل‬
‫يعلمون وبقوله تعالى ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلللى ابصللارهم‬
‫غشاوة وهذه مدارك العلللم الثلث قللد فسللدت عليهللم وكللذلك قللوله تعللالى‬
‫أفرأيت من اتخذ إلهه هواه واضله الله على علم وختللم علللى سللمعه وقلبلله‬
‫وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفل تذكرون وقوله واضله‬
‫الله على علم قال سعيد بن جبير على علمه تعالى فيه قال الزجاج أي على‬
‫ما سبق في علمه تعالى انه ضال قبل ان يخلقه وختم على سمعه أي طبللع‬
‫عليه فلم يسمع الهدى وعلى قلبه فلم يعقل الهدى وعلى بصره غشللاوة فل‬
‫يبصر اسباب الهدى وهذا في القرآن كثير مما يبين فيه منافاة الضلل للعلم‬
‫ومنه قوله تعالى ومنهم من يستمع اليك حللتى إذا خرجللوا مللن عنللدك قللالوا‬
‫اللذين اوتو العلم ماذا قال آنفا اولئك الذين طبع الله على قلوبهم فلو كللانوا‬
‫علموا ما قال الرسل لم يسألوا اهل العلم ماذا قال ولما كان مطبوعا علللى‬
‫قلوبهم وقال تعالى ^ والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلملات ^ وقلال‬
‫تعالى قل آمنوا به أول تؤمنوا أن الذين اوتو العلم من قبللله إذا يتلللى عليهللم‬
‫يخرون للذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعللول فهللذه‬
‫شهادة من الله تعالى لولى العلم باليمان به وبكلمه وقال تعالى عن اهللل‬
‫النار وقالوا لو كنا نسمع اونعقل ما كنا في اصللحاب السللعير فللدل علللى ان‬
‫اهل الضلل لسمع لهم ول عقل وقال تعالى ^ وتلك المثال نضربها للناس‬
‫وما يعقلها ال العالمون ^ اخبر تعالى أنه ل‬
‫يعقل امثاله ال العالمون والكفللار ل يللدخلون فللي مسللمى العللالمين فهللم ل‬
‫يعقلونها وقال تعالى ^ بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغير علم فمللن يهللدي‬
‫من اضل الله ^ وقال تعالى ^ وقال الللذين ل يعلمللون لللول يكلمنللا الللله او‬
‫تأتينا آية ^ وقال تعالى ^ قل هل يستوى الذين يعلمون والللذين ل يعلمللون‬
‫^ ولو كان الضلل بجامع العلم لكان الذين ل يعلمون احسن حال من الذين‬
‫يعلمون والنص بخلفه والقرآن مملوء بسلللب العلللم والمعرفللة عللن الكفللار‬
‫فتارة يصفهم بانهم ليعلمون وتارة بأنهم ل يعقلون وتارة بللانهم ل يشللعرون‬
‫وتارة بانهم ل يفقهون وتارة بأنهم ل يسمعون والمراد بالسمع المنفي سللمع‬
‫الفهم وهو سمع القلب ل إدراك الصوت وتارة بللأنهم ل يبصللرون فللدل ذلللك‬
‫كله علللى ان الكفللر مسللتلزم للجهللل منللاف للعلللم ل يجللامعه ولهللذا يصلف‬
‫سحبانه الكفار بانهم جاهلون كقللوله تعللالى وعبللاد الرحمللن الللذين يمشللون‬
‫علللى الرض هونللا وإذا خللاطبهم الجللاهلون قللالوا سلللما وقللوله تعللالى وإذا‬
‫سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقللالوا لنللا اعمالنللا ولكللم اعمللالكم سلللم عليكللم‬
‫لنبتغي الجاهلين وقوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين‬
‫وقال النبي لما بلغ قومه من اذاه ذلك المبللغ اللهلم اغفللر لقلومي فلانهم ل‬
‫يعلمون وفي الصحيحين عنه من يرد الله بلله خيللرا يفقهلله فللي الللدين فللدل‬
‫على ان الفقه مستلزم لرادة الله الخير في العبد ول يقال الحديث دل على‬
‫ان من اراد الله به خيرا فقهه في الدين ول يدل على ان كل من فقهلله فللي‬
‫الللدين فقللد اراد بله خيلرا وبينهمللا فللرق ودليلكلم انملا يتلم بالتقللدير الثلاني‬
‫والحديث ل يقتضيه لنا نقول النبي جعل الفقه في الدين دليل وعلمللة علللى‬
‫ارادة الللله بصللاحبه خيللرا والللدليل يسللتلزم المللدلول ول يتخلللف عنلله فللإن‬
‫المدلول لزمه ووجود الملزوم بدون لزمه محال وفي الترمذي وغيللره عنلله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ #‬خصلتان ل يجتمعان في منافق حسن سمت وفقلله‬
‫في الدين فجعل الفقه في الدين منافيا للنفاق بل لم يكن السلف يطلقللون‬
‫اسم الفقه العلى العلم الذي يصحبه العمل كما سئل سعد بن إبراهيم عللن‬
‫افقه اهل المدينة قال اتقاهم وسال فرقللد السللنجي الحسللن البصللري عللن‬
‫شيء فاجابه فقال إن الفقهاء يخالفونك فقللال الحسللن ثكلتللك امللك فريقللد‬
‫وهل رأيت بعينيك فقيها إنما الفقيه الزاهللد فللي الللدنيا الراغللب فللي الخللرة‬
‫البصيربدينه المداوم على عبادة ربه الذي ل يهمز من فوقه ول يسللخر بمللن‬
‫دونه ول يبتغى علللى علللم علملله الللله تعللالى اجللرا وقللال بعللض السلللف ان‬
‫الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يللؤمنهم مكللر الللله ولللم يللدع‬
‫القرآن رغبة عنه إلى ماسواه وقال ابن مسعود رضى الله عنه كفى بخشية‬
‫الله علما وبالغترار بالله جهل قالوا فهذا القرآن والسنة واطلق السلف من‬
‫الصحابة والتابعين يدل على ان العلم والمعرفة مسللتلزم للهدايللة وان عللدم‬
‫الهداية دليل على الجهل وعدم العلم قالوا ويللدل عليلله ان النسللان مللا دام‬
‫عقله معه ل يؤثر هلك‬

‫نفسه على نجاتها وعذابها العظيم الدائم على نعيمها المقيم والحسن شاهد‬
‫بذلك ولهذا وصف الله سبحانه اهل معصليته بالجهلل فلي قلوله تعلالى إنملا‬
‫التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبللون مللن قريللب فللاولئك‬
‫يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما قال سفيان الثللوري كللل مللن عمللل‬
‫ذنبا من خلق الله فهو جاهل كان جاهل اوعالمللا ان كللان عالمللا فمللن اجهللل‬
‫منه وان كان ل يعلم فمثل ذلك وقوله ثم يتوبون مللن قريللب فللأولئك يتللوب‬
‫الله عليهم وكان الله عليما حكيما قال قبل الموت وقال ابللن عبللاس رضللى‬
‫الله عنهما ذنب المؤمن جهل منه قال فتادة اجمع اصللحاب رسللول الللله ان‬
‫كل شيء عصى الله فيه فهو جهالة وقال السدى كل مللن عصللى الللله فهللو‬
‫جاهل قالوا ويدل على صحة هذا ان مع كملال العللم لتصللدر المعصللية ملن‬
‫العبد فإنه لو رأى صبيا يتطلع عليله ملن كلوة للم تتحلرك جلوارحه لمواقعلة‬
‫الفاحشة فكيف يقع منه حال كمال العلم بنظر الله اليه ورؤيتلله للله وعقللابه‬
‫على الذنب وتحريمه له وسوء عاقبته فل بد من غفلة القلب على هذا العلم‬
‫وغيبتلله عنلله فحينئذ يكللون وقللومه فللي المعصللية صللادرا عللن جهللل وغفلللة‬
‫ونسيان مضاد للعلم والذنب محفوف بجهلين جهل بحقيقة السباب الصارفة‬
‫عنه وجهل بحقيقة المفسدة المترتبللة عليلله وكللل واحللد مللن الجهليللن تحتلله‬
‫جهالت كثيرة فما عصى الله إل بالجهل وما اطيع ال بللالعلم فهللذا بعللض مللا‬
‫احتجت به هذه الطائفة وقللالت الطائفللة الخللرى العلللم ل يسللتلزم الهدايللة‬
‫وكثيرا ما يكون الضلل عن عمد وعلم ل يشك صاحبه فيه بل يللؤثر الضلللل‬
‫والكفر وهو عالم بقبحه ومفسدته قلالوا وهلذا شليخ الضللل وداعللي الكفلر‬
‫وإمام الفجرة إبليس عدو الله قد علم امر الله له بالسجود لدم ولللم يشللك‬
‫فيه فخللالفه وعانللد المللر وبللاء بلعنللة الللله وعللذابه الللدائم مللع علملله بللذلك‬
‫ومعرفتلله بلله واقسللم للله بعزتلله انلله يغللوى خلقلله اجمعيللن العبللاده منهللم‬
‫المخلصين فكان غير شاك في الله وفي وحدانيته وفللي البعللث الخللر وفللي‬
‫الجنة والنار ومع ذلللك اختللار الخلللود فللي النللار واحتمللال لعنللة الللله وغضللبه‬
‫وطرده من سمائه وجنته عن علم بذلك ومعرفة لم يحصل لكثير من الناس‬
‫ولهذا قال رب فأنظرني الى يوم يبعثون وهذا اعتراف منه بالبعث وقرار بلله‬
‫وقد علم قسم ربه ليملن جهنللم منلله ومللن اتبللاعه فكللان كفللره كفللر عنللاد‬
‫محض ل كفر جهل وقال تعالى إخبللارا عللن قللوم ثمللود وأمللا ثمللود فهللدينهم‬
‫فاستحبوا العمى على الهدى يعني بينا لهم وعرفناهم فعرفوا الحق وتيقنللوه‬
‫وآثروا العمى عليه فكان كفر هؤلء عن جهل وقللال تعالىحاكيللا عللن موسللى‬
‫إنه قال لفرعون لقد علمت ما انزل هؤلء ال رب السموات والرض بصللائر‬
‫وإني لظنك يا فرعون مثبورا أي هالكا على قراءة من فتح التاء وهي قراءة‬
‫الجمهور وضمها الكسللائي وحللده وقللراءة الجمهللور احسللن واوضللح وافخللم‬
‫معنى وبها تقوم الدللة ويتم اللزام بتحقق كفر فرعون وعناده ويشهد‬

‫لها قوله تعالى إخبارا عنه وعن قومه فلما جاءتهم آياتنللا مبصللرة قللالوا هللذا‬
‫سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها انفسللهم ظلمللا وعلللوا فللانظر كيللف كللان‬
‫عقابة المفسدين فاخبر سبحانه ان تكللذيبهم وكفرهللم كللان عللن يقيللن وهللو‬
‫اقوى العلم ظلما منهم وعلوا ل جهل وقال تعللالى لرسلوله ^ قللد نعلللم انلله‬
‫ليحزنك الذي يقولون فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الللله يجحللدون‬
‫^ يعني انهم قد عرفوا صدقك وانلك غيللر كلاذب فيملا تقلول ولكلن عانللدوا‬
‫وجحدوا بالمعرفة قاله ابن عباس رضى الله عنهما والمفسرون قللال قتللادة‬
‫يعلمللون انللك رسللول ولكللن يجحللدون قللال تعللالى وجحللدوا بهللا واسللتقينتها‬
‫انفسهم ظلماوعلوا وقال تعالى ^ يا أهللل الكتللاب لللم تكفللرون بآيللات الللله‬
‫وانتم تشهدون يا أهل الكتلاب لللم تلبسلون الحلق بالباطلل وتكتمللون الحلق‬
‫وانتم تعلمون ^ يعني تكفرون بالقرآن وبمن جاء به وانتم تشلهدون بصلحته‬
‫وبانه الحق فكفركم كفر عناد وجحود عن علللم وشللهود لعللن جهللل وخفللاء‬
‫وقال تعالى عن السللحرة مللن اليهللود ولقللد علمللوا لمللن اشللتراه مللاله فللي‬
‫الخرة من خلق أي علموا من اخذ السحر وقبللله ل نصلليب للله فللي الخللرة‬
‫ومع هذا العلم والمعرفة فهم يشترونه ويقبلونه ويتلعمونه وقال تعالى الذين‬
‫آتياناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابنلاءهم ذكللر هللذه المعرفلة علن اهللل‬
‫الكتاب في القبلة كما في سورة البقللرة وفللي التوحيللد كقللوله فللي النعللام‬
‫ائنكم لتشهدون انالله آلهة اخرى قل ل اشهد قل إنمللا هللو إللله واحللد واننللي‬
‫بريء مما تشركون الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنللائهم وفللي‬
‫الكتاب انه منزل من عند الله لقوله تعالى ^ والذين آتيناهم الكتاب يعلمون‬
‫انه منزل من ربك بالحق ^ وقال تعالى ^ كيف يهدى الله قوما كفللروا بعللد‬
‫إيمللانهم وشللهدوا ان الرسللول حللق وجللاءهم البينللات والللله ل يهللدي القللوم‬
‫الظالمين ^ قال ابن عباس رضى الله عنهما هم قريظة والنضير ومللن دان‬
‫بدينهم كفروا بالنبي بعد ان كانوا قبل مبعثه مؤمنين به وشللهدوا للله بللالنبوة‬
‫وإنما كفروا بغيا وحسدا قال الزجاج اعلم الله عز وجل انه لجهللة لهللدايتهم‬
‫لنهم قد استحقوا ان يضلوا بكفرهم لنهم كفروا بعلد البينلات ومعنلى كيلف‬
‫يهديهم أي انه ل يهديهم لن القوم عرفوا الحق وشهدوا به وتيقنللوه وكفللروا‬
‫عمدا فمن اين تأتيهم الهداية فللإن الللذي ترتجللى هللدايته مللن كللان ضللال ول‬
‫يدرى انه ضال بل يظن انه على هدى فللإذا عللرف الهللدى اهتللدى وأمللا مللن‬
‫عرف الحق وتيقنه وشهد به قلبه ثم اختار الكفر والضلل عليه فكيف يهللدي‬
‫الله مثل هذا وقال تعالى عن اليهللود ^ فلمللا جللاءهم مللا عرفللوا كفللروا بلله‬
‫فلعنة الله على الكافرين ^ ثم قال ^ بئسما اشتروا به انفسهم ان يكفللروا‬
‫بما انزل الله بغيا ان ينزل الله من فضله على من يشاء ملن عبللاده ^ قلال‬
‫ابن عباس رضى الله عنهما لم يكن كفرهم شكا ول اشتباها ولكن بغيا منهم‬
‫حيث صارت النبوة في ولد اسماعيل ثم قال بعد ذلك ^ ولما جاءهم رسول‬
‫^‬

‫من عند الله مصدق لمامعهم نبذ فريق من الذين اوتللوا الكتللاب كتللاب الللله‬
‫وراء ظهورهم كانهم ل يعلمون فلما شبههم في فعلهم هذا بمن ل يعلللم دل‬
‫على انهم بنذوه عن علم كفعل من ل يعلللم تقللول إذا خللاطبت مللن عصللاك‬
‫عمدا كانك لم تعلم ما فعلت او كانك لم تعلللم بنهللي إيللاك ومنلله علللى احللد‬
‫القولين قوله تعالى ^ فإن تولوا فإنما عليك البلغ المبين يعرفون نعمة الله‬
‫ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ^ قال السدى يعنى محمدا واختاره الزجللاج‬
‫فقال يعرفون أن امر محمد حللق ثللم ينكللرون ذلللك وأول اليللة يشللهد لهللذا‬
‫القللول وقللال تعللالى واتللل عليهللم نبللأ الللذي آتينللاه آياتنللا فانسلللخ منهللا‬
‫فأتبعهالشيطان فكان من الغاوين ولللو شللئنا لرفعنللاه بهللا ولكنلله اخلللد إلللى‬
‫الرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب قالوا فهل بعد هذه الية بيان فإن هللذا‬
‫آتاه الله آياته فانسلخ منها وآثر الضلل والغي وقصته معروفة حتى قيل إنلله‬
‫كان اوتى السم العظم ومع هذا فلم ينفعه علملله وكللان مللن الغللاوين فلللو‬
‫استلزم العلم والمعرفة الهداية لستلزمه في حق هذا وقال تعالى ^ وعللادا‬
‫وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن‬
‫السبيل وكانوا مستبصرين ^ وهذا يدل على ان قولهم ^ يللا هللود مللا جئتنللا‬
‫ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ومللا نحللن لللك بمللؤمنين ^ إمللا بهللت‬
‫منهم وجحود وإما نفي ليات القتراح والعنت ول يجب التيان بها وقد وصف‬
‫سبحانه ثمود بانها كفرت عن علم وبصيرة بالحق ولهذا قللال ^ وآتينللا ثمللود‬
‫الناقة مبصرة فظلموا بها ^ يعني بينة مضيئة وهذا كقوله تعللالى ^ وجعلنللا‬
‫آية النهار مبصرة ^ أي مضيئة وحقيقة اللفظ انهللا تجعللل مللن رآهللا مبصللرا‬
‫فهي توجب له البصر فتبصره أي تجعله ذا بصللر فهللي موضللحة مبينللة يقللال‬
‫بصر به إذا رآه كقوله تعالى ^ فبصرت به عن جنب ^ وقوله ^ بصرت بما‬
‫لم يبصروا به ^ واما ابصره فله معنيان احدهما جعله باصرا بالشلليء أي ذا‬
‫بصر به كاية النهار وآية ثمود والثاني بمعنى رآه كقولللك ابصللرت زيللدا وفللي‬
‫حديث ابي شريح العدوى احدثك قول قال به رسول الله يوم الفتح فسمعته‬
‫أذناي ووعاه قلبي وابصرته عيناي حين تكلم به ومنه قوله تعالى فتول عنهم‬
‫حتى حين وأبصرهم فسوق يبصرون قيل المعنى ابصرهم وما يقضى عليهللم‬
‫من السر والقتل والعذاب في الخرة فسوف يبصرونك وما يقضى لك مللن‬
‫النصر والتأييد وحسن العاقبة والمراد تقريب المبصللر مللن المخللاطب حللتى‬
‫كانه نصب عينيه ورأىناظريه والمقصود ان الية اوجبت لهم البصلليرة فللآثروا‬
‫الضلل والكفر عن علم ويقين ولهذا والله اعلم ذكر قصتهم من بين قصص‬
‫سائر المم في سورة والشمس وضحاها لنه ذكر فيها انقسام النفوس الى‬
‫الزكية الراشدة المهتدية والى الفاجرة الضالة الغاويللة وذكللر فيهللا الصلللين‬
‫القدر والشرع فقال ^ فالهمها فجورها ^‬

‫^ وتقواها ^ فهذا قدره وقضاؤه ثم قال ^ قد افلح مللن زكاهللا وقللد خللاب‬
‫من دساها ^ فهذا امره ودينه وثمود هداهم فاسللتحبوا العمللى علللى الهللدى‬
‫فذكر قصتهم ليبين سوء عاقبة منمن آثر الفجور على التقوى والتدسية على‬
‫التزكية والله اعلم بما أراد قالوا ويكفى في هذا اخبللاره تعللالى عللن الكفللار‬
‫انهم يقولون بعد ما عاينوا العذاب ووردوا القيامة وراوا ما اخبرت به الرسل‬
‫يا ليتنا نرد ول نكذب بآيات ربنا ونكون من الملؤمنين بلل بلدا لهللم ملا كلانوا‬
‫يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لمانهوا عنه وإنهم لكاذبون فللأبي علللم ابيللن‬
‫من علم من ورد القيامة ورأى ما فيها وذاق عذاب الخرة ثم ورد إلى الدنيا‬
‫لختار الضلل على الهدى ولم ينفعه ما قد عاينه ورآه وقال تعللالى ولللو اننللا‬
‫نزلنا اليهم الملئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهللم كللل شلليء قبل ماكللانوا‬
‫ليؤمنوا ال ان يشاء الله ولكن اكثرهم يجهلون فهل بعد نزول الملئكة عيانللا‬
‫وتكليم الموتى لهم وشهادتهم للرسول بالصدق وحشر كل شيء فللي الللدنيا‬
‫عليهم من بيان وإيضاح للحق وهدى ومع هذا فل يؤمنون ول ينقللادون للحللق‬
‫ول يصدقون الرسول ومن نظر في سيرة رسول الله مع قومه ومللع اليهللود‬
‫علم انهم كانوا جازمين بصدقه ل يشكون انه صللادق فللي قللوله انلله رسللول‬
‫الله ولكن اختاروا الضلل والكفر علىاليمان قال المسور بن مخرمللة رضللى‬
‫الله عنه لبي جهل وكان خاله أي خال هل كنتم تتهمون محمدا بالكذب قبل‬
‫ان يقول مقالته التي قالها قال ابو جهل لعنه الله تعالى يللا ابللن اخللي والللله‬
‫لقد كان محمد فينا وهو شاب يدعى المين ملا جربنللا عليلله كللذبا قللط فلمللا‬
‫وخطه الشيب لم يكن ليكذب على الله قال يا خلال فللم ل تتبعللونه قلال يلا‬
‫ابن اخي تنازعنا نحن بنو هاشم الشرف فاطعموا وأطعمنللا وسللقوا وسللقينا‬
‫وأجاروا وأجرنا فلم تجاثينا على الركب وكنا كفرسللي رهللان قللالوا منللا نللبي‬
‫فمتى ندرك هذه وهذا امية بن ابي الصلت كللان ينتظللره يومللا بيللوم وعلملله‬
‫عنده قبل مبعثه وقصته مع ابللي سللفيان لمللا سللافرا معللا معروفللة واخبللاره‬
‫برسول الله ثم لما تيقنه وعرف صدقه قال ل اومن بنبي من غير ثقيف ابدا‬
‫وهذا هرقل تيقن انه رسول الله ولم يشك فيه وآثر الضلل والكفر اسللتبقاء‬
‫لملكه ولما سأله اليهود عن التسللع آيللات البيانللات فللاخبرهم بهللا قبلللوا يللده‬
‫وقالوا نشللهد انللك نللبي قللال فمللا يمنعكللم ان تتبعللوني قللالوا إن داود عليلله‬
‫السلم دعا ان ل يزال في ذريته نبي وإنا نخشى أن اتبعنللاك ان تقتلنللا يهللود‬
‫فهؤلء قد تحققوا نبوته وشهدوا له بها ومع هذا فآثروا الكفللر والضلللل ولللم‬
‫يصيروا مسلمين بهذه الشهادة فقيل ل يصير الكافر مسلللما بمجللرد شللهادة‬
‫ان محمدا رسول الله حتى يشهد لله بالوحدانية وقيللل يصللير بللذلك مسلللما‬
‫وقيل إن كان كفره بتكذيب الرسللول كللاليهود صللار مسلللما بللذلك وإن كللان‬
‫كفره بالشرك مع ذلك لم يصر مسلما إل بالشهادة بالتوحيد‬

‫كالنصارى والمشركين وهذه القوال الثلثة في مذهب المللام احمللد وغيللره‬


‫وعلى هذا فانما لم يحكم لهللؤلء اليهللود الللذين شللهدوا للله بالرسللالة بحكللم‬
‫السلم لن مجرد القرار والخبللار بصللحة رسللالته ل يللوجب السلللم إل ان‬
‫يلزم طاعته ومتابعته وإل فلو قال انا اعلم انه نللبي ولكللن ل اتبعلله ول اديللن‬
‫بدينه كان من اكفر الكفار كحال هؤلء المذكورين وغيرهم وهذا متفق عليلله‬
‫بين الصحابة والتابعين وائمة السنة ان اليمللان ل يكفللي فللي قللول اللسللان‬
‫بمجرده ول معرفة القلب مع ذلك بل ل بد فيه من عمل القلب وهو حبه لله‬
‫ورسوله وانقياده لدينه والتزامه طاعته ومتابعة رسوله وهذا خلف من زعم‬
‫ان اليمان هو مجرد معرفة القلب واقراره وفيمللا تقللدم كفايللة فللي إبطللال‬
‫هذه المقالة ومن قال ان اليمان هو مجرد اعتقاد صدق الرسول فيمللا جللاء‬
‫به وإن لم يلتزم متابعته وعاداه وابغضه وقاتله لزملله ان يكللون هللؤلء كلهللم‬
‫مؤمنين وهذا إلزام لمحيد عنه ولهذا اضطرب هؤلء في الجللواب عللن ذلللك‬
‫لما ورد عليهم وأجابوا بما يستحي العاقل من قوله كقول بعضهم إن إبليلس‬
‫كان مستهزئا ولم يكن يقر بوجود الله ول بللأن الللله ربلله وخللالقه ولللم يكللن‬
‫يعرف ذلك وكذلك فرعون وقومه لم يكونوا يعرفون صحة نبللوة موسللى ول‬
‫يعتقدون وجود الصانع وهذه فضائح نعوذ بالله من الوقوع في أمثالها ونصرة‬
‫المقالت وتقليد اربابها تحمل على أكثر ملن هلذا ونعلوذ بلالله ملن الخلذلن‬
‫قالوا وقد بين القرآن ان الكفر اقسام احدها كفر صللادر عللن جهللل وضلللل‬
‫وتقليد السلف وهو كفر أكثر التباع والعوام الثاني كفر جحود وعناد وقصللد‬
‫مخالفة الحق ككفر من تقدم ذكره وغالب ما يقع هذا النوع فيمن له رياسللة‬
‫علمية في قومه من الكفار او رياسة سلطانية او من له ماكل وامللوال فللي‬
‫قومه فيخاف هذا على رياسته وهذا علللى مللاله ومللأكله فيللؤثر الكفللر علللى‬
‫اليمان عمدا الثالث كفر إعراض محض ل ينظللر فيمللا جللاء بلله الرسللول ول‬
‫يحبه ول يبغضه ول يواليه ول يعلاديه بلل هلو معلرض علن متللابعته ومعلاداته‬
‫وهذان القسمان أكثر المتكلميللن ينكرونهمللا ول يثبتللون مللن الكفللر إل الول‬
‫ويجعلون الثاني والثالث كفرا لدللته على الول ل لنه في ذاته كفر فليللس‬
‫عندهم الكفر إل مجرد الجهل ومن تأمللل القللرآن والسنةوسللير النبيللاء فللي‬
‫أممهم ودعوتهم لهم وما جرى لهم معهم جزم بخطأ اهل الكلم فيما قللالوه‬
‫وعلم ان عامة كفر المم عن تيقللن وعلللم ومعرفللة بصللدق انبيللائهم وصللحة‬
‫دعواهم وما جاؤا به وهذا القرآن مملللوء مللن الخبللار عللن المشللركين عبللاد‬
‫الصنام انهم كانوا يقرون بالله وانه هو وحده ربهم وخالقهم وأن الرض وما‬
‫فيها له وحده وأنلله رب السللموات السللبع ورب العللرش العظيللم وانلله بيللده‬
‫ملكوت كل شيء وهو يجيلر ول يجلار عليله وأنله هلو اللذي سلخر الشلمس‬
‫والقمر وانزل المطللر واخللرج النبلات والقللرآن منلادعليهم بلذلك محتللج بملا‬
‫أقروا به من ذلك على صحة ما دعتهم اليه رسله‬

‫فكيف يقال ان القوم لم يكونوا مقرين قط بان لهم ربا وخالقلا وهللذا بهتلان‬
‫عظيم فالكفر امر وراء مجرد الجهل بل الكفر الغللظ هللو ملا انكللره هلؤلء‬
‫وزعموا انه ليس بكفر قالوا والقلب عليلله واجبللان ل يصلليره مؤمنللا ال بهمللا‬
‫جميعا واجب المعرفة والعلم وواجللب الحللب والنقيللاد والستسلللم فكمللا ل‬
‫يكون مؤمنا إذا لم يأت بواجب العلم والعتقللاد ل يكللون مؤمنللا إذا لللم يللأت‬
‫بللواجب الحللب والنقيللاد والستسلللم بللل إذا تللرك هللذا الللواجب مللع علملله‬
‫ومعرفته به كان اعظم كفرا وابعد عن اليمان من الكافر جهل فإن الجاهللل‬
‫إذا عرف وعلم فهو قريب إلى النقياد والتباع وأما المعاند فل دواء فيه قال‬
‫تعالى ^ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشللهدوا ان الرسللول حللق‬
‫وجاءهم البينات والله ل يهدي القوم الظالمين ^ قالوا فحللب الللله ورسللوله‬
‫بل كون الله ورسوله احب الى العبد من سواهما ل يكللون العبللد مسلللما ال‬
‫به ول ريب ان الحب امر وراء العلم فما كل من عللرف الرسللول احبلله كمللا‬
‫تقدم قالوا وهذا لحاسد يحمله بغض المحسود علىمعاداته والسعي فللي اذاه‬
‫بكل ممكن مع علملله بفضللله وعلملله وانلله ل شلليء فيلله يللوجب عللداوته إل‬
‫محاسنه وفضلائله ولهللذا قيللل الحاسللد عللدو للنعلم والمكللارم فالحاسلد لللم‬
‫يحمله علىمعاداة المحسود جهله بفضله وكماله وإنما حمله على ذلك إفساد‬
‫قصده وإرادته كما هللي حللال الرسللل وورثتهللم مللع الرؤسللاء الللذين سلللبهم‬
‫الرسل ووارثوهم رئاستهم الباطلة فعادوهم وصدوا النفللوس عللن متللابعتهم‬
‫ظنا ان الرياسة تبقى لهم وينفردون بها وسللنة الللله فللي هللؤلء ان يسلللبهم‬
‫رياسة الدنيا والخرة ويصغرهم في عيون الخلق مقابلة لهم بنقيض قصدهم‬
‫^ وما ربك بظلم للعبيد ^ فهللذا مللوارد احتجللاج الفريقيللن وموقللف اقللدام‬
‫الطائفتين فاجلس ايها المنصف منهما مجلس الحكومة وتوخ بعلمك وعدلك‬
‫فصل هذه الخصومة فقد ادلى كللل منهمللا بحجللج ل تعللارض ولتمللانع وجللاء‬
‫ببينات ل ترد ول تدافع فهل عندك شيء غير هذا يحصل بلله فصللل الخطللاب‬
‫وينكشللف بلله لطللالب الحللق وجلله الصللواب فيرضللى الطللائفتين ويللزول بلله‬
‫الختلف من البين وإل فخل المطللي وحاديهللا واعللط النفللوس باريهللا ‪ #‬دع‬
‫الهوى لناس يعرفون به ‪ %‬قد كابدوا الحب حتى لن اصعبه ‪ #‬وملن عللرف‬
‫قدره وعرف لذي الفضل فضله فقد قرع باب التوفيق والللله الفتللاح العليللم‬
‫فنقول وبالله التوفيللق ‪ #‬كل الطللائفتين مللا خرجللت عللن مللوجب العلللم ول‬
‫عدلت عن سنن الحق وإنما الختلف والتباين بينهما من عللدم التللوارد علللى‬
‫محل واحد ومن اطلق الفاظ مجملة بتفصيل معانيها يزول الختلف ويظهر‬
‫ان كل طائفة موافقة الخللرى علللى نفللس قولهللا وبيللان هللذا ان المقتضللى‬
‫قسمان‬

‫مقتض ل يتخلف عنلله مللوجبه ومقتضللاه لقصللوره فللي نفسلله بللل يسللتلزمه‬
‫استلزام العلة التامة لمعلولها ومقتض غير تام يتخلف عنه مقتضاه لقصللوره‬
‫في نفسه عن التمام او لفوات شرط اقتضائه او قيام مانع منع تللأثيره فللان‬
‫اريد بكون العلم مقتضيا للهتداء والقتضاء التام الذي ل يتخلف عنه اثره بل‬
‫يلزمه الهتداء بالفعل فالصواب قول الطائفة الثانية وإنه ل يلزم مللن العلللم‬
‫حصول الهتداء المطلوب وإن اريد بكونه موجبا انه صالح للهتداء مقتض له‬
‫وقد يتخلف عنه مقتضاه لقصلوره او فلوات شلرط او قيلام ملانع فالصلواب‬
‫قول الطائفة الولللى وتفصلليل هللذه الجملللة ان العلللم بكللون الشلليء سللببا‬
‫لمصلحة العبد ولذاته وسروره قد يتخلف عنه عمله بمقتضاه لسباب عديدة‬
‫السبب الول ضعف معرفته بذلك السللبب الثللاني عللدم الهليللة وقللد تكللون‬
‫معرفته به تامة لكن يكون مشروطا بزكاة المحل وقبوله للتزكية فللإذا كللان‬
‫المحل غير زكي ول قابل للتزكية كان كالرض الصلدة التي ل تخالطها الماء‬
‫فإنه يمتنع النبات منها لعدم اهليتها وقبولها فإذا كان القلب قاسلليا حجريللا ل‬
‫يقبل تزكية ول تؤثر فيه النصائح لم ينتفع بكل علم يعلمه كما ل تنبت الرض‬
‫الصلبة ولو اصابها كل مطر وبللذر فيهللا كللل بللذر كمللا قللال تعللالى فللي هللذا‬
‫الصللنف مللن النللاس ^ إن الللذين حقللت عليهللم كلمللة ربللك ل يؤمنللون ولللو‬
‫جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الليم ^ وقال تعالى ولللو اننللا نزلنللا اليهللم‬
‫الملئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبل ماكانوا ليؤمنوا إل ان‬
‫يشاء الله وقال تعالى قللل انظللروا مللاذا فللي السللموات والرض ومللا تغنللى‬
‫اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون وهللذا فللي القللرآن كللثير فللإذا كللان القلللب‬
‫قاسيا غليظا جافيا ل يعمل فيه العلم شيئاوكذلك إذا كان مريضا مهينللا مائيللا‬
‫ل صلبة فيه ول قوة ول عزيمة لم يؤثر فيه العلم السبب الثالث قيللام مللانع‬
‫وهو إما حسد أو كبر وذلك مانع إبليس مللن النقيللاد للمللر وهللو داء الوليللن‬
‫والخرين ال من عصم الله وبلله تخلللف اليمللان عللن اليهللود الللذين شللاهدوا‬
‫رسول الله وعرفوا صحة نبوته ومن جرى مجراهم وهو الذيمنع عبد الله بن‬
‫ابي من اليمان وبه تخلف اليمان عن ابي جهل وسائر المشركين فانهم لم‬
‫يكونوا يرتابون في صدقه وان الحق معه لكن حملهللم الكللبر والحسللد علللى‬
‫الكفر وبه تخلف اليمان عن امية واضرابه ممن كان عنده علم بنبوة محمللد‬
‫السبب الرابع مانع الرياسة والملك وان لم يقم بصاحبه حسد ول تكللبر عللن‬
‫النقياد للحق لكللن ل يمكنلله ان يجتمللع للله النقيللاد وملكلله ورياسللته فيضللن‬
‫بملكه ورياسته كحال هرقل واضرابه من ملوك الكفللار الللذين علمللوا نبللوته‬
‫وصدقه واقروا بها باطنا واحبوا الدخول في دينلله لكللن خللافوا علللى ملكهللم‬
‫وهذا داء ارباب الملك والولية والرياسة وقل من نجا منه ال من عصم الللله‬
‫وهو داء فرعون وقومه ولهللذا قللالوا ^ انللؤمن لبشللرين مثلنللا وقومهمللا لنللا‬
‫عابدون ^ انفوا ان يؤمنوا ويتبعوا‬

‫موسى وهرون وينقادوا لهما وبنو إسرائيل عبيد لهم ولهللذا قيللل ان فرعللون‬
‫لما اراد متابعة موسى وتصديقه شاور هامان وزيره فقال بينا انت اللله تعبللد‬
‫تصير عبدا تعبد غيرك فأبى العبودية واختار الرياسة واللهية المحال السللبب‬
‫الخامس مانع الشهوة والمال وهللو الللذي منللع كللثيرا مللن اهللل الكتللاب مللن‬
‫اليمان خوفا من بطلن مأكلهم وأموالهم التي تصير اليهم من قللومهم وقللد‬
‫كانت كفار قريش يصدون الرجل عن اليمان بحسب شهوته فيدخلون عليلله‬
‫منها فكانوا يقولون لمن يحب الزنا ان محمدا يحرم الزنا ويحرم الخمر وبلله‬
‫صدوا العشى الشاعر عن السلم وقد فاوضت غير واحد من اهللل الكتللاب‬
‫في السللم وصلحته فكلان آخلر ملا كلمنلي بله احلدهم انلا ل أتلرك الخملر‬
‫واشربها امنا فإذا اسلمت حلتم بيني وبينها وجلللدتموني علللى شللربها وقللال‬
‫آخر منهم بعد ان عرف ما قلت له لي اقارب ارباب اموال وإني ان اسلمت‬
‫لم يصل الي منها شيء وانا اؤمللل ان ارثهللم او كمللا قللال ول ريللب ان هللذا‬
‫القدر في نفوس خلق كثير من الكفللار فتتفللق قللوة داعللي الشللهوة والمللال‬
‫وضعف داعي اليمان فيجيب داعي الشهوة والمال ويقول ل أرغب بنفسللي‬
‫عن آبائي وسلفي السبب السادس محبة الهل والقارب والعشيرة يرى انه‬
‫اذا اتبع الحق وخالفهم ابعدوه وطلردوه عنهلم واخرجلوه ملن بيلن اظهرهللم‬
‫وهذا سبب بقاء خلف كللثير علللى الكفللر بيللن قللومهم واهللاليهم وعشللائرهم‬
‫السبب السابع محبة الدار والوطن وان لم يكللن للله بهللا عشلليرة ول اقللارب‬
‫لكن يرى ان في متابعة الرسول خروجلله عللن داره ووطنلله الللى دار الغربللة‬
‫والنوى فيضن بوطنه السبب الثامن تخيل ان في السلم ومتابعللة الرسللول‬
‫إزراء وطعنا منه على آبائه وأجداده وذما لهم وهذا هو الذي منللع ابللا طللالب‬
‫وامثاله عن السلم استعظموا آباءهم واجدادهم ان يشللهدوا عليهللم بللالكفر‬
‫والضلل وان يختاروا خلف ما اختار اولئك لنفسللهم ورأوا انهللم ان اسلللموا‬
‫سللفهوا احلم اولئك وضللللوا عقللولهم ورمللوهم باقبللح القبللائح وهللو الكفللر‬
‫والشرك ولهذا قال اعداء الله لبي طالب عند الموت ترغلب علن مللة عبلد‬
‫المطلب فكان آخر ما كلمهم به هو على ملة عبد المطلب فلم يدعه اعللداء‬
‫الله ال من هذا الباب لعلمهم بتعظيمه اباه عبد المطلب وانه انما حاز الفخر‬
‫والشرف به فكيف يأتي امرا يلزم منه غاية تنقيصه وذمه ولهذا قال لللول ان‬
‫تكون مسبة على بني عبد المطلللب ل قللررت بهللا عينللك او كمللا قللال وهللذا‬
‫شعره يصرح فيه بأنه قد علم وتحقق نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم‬
‫وصدقه كقوله ‪ # :‬ولقد علمت بان دين محمد ‪ %‬من خير اديان البرية دينللا‬
‫لول الملمة او حذار مسبة ‪ %‬لوجدتني سمحا بذاك مبينا‬

‫وفي قصيدته اللمية ‪ #‬فو الله لول ان تكلون مسلبة ‪ %‬تجلر علللى اشللياخنا‬
‫في المحافل لكنا اتبعناه على كل حاله ‪ %‬من الدهر جدا غير قللول التهللازل‬
‫لقد علموا ان ابتنال مكذب ‪ %‬لدينا وليعني بقللول إل باطللل ‪ # %‬والمسللبة‬
‫التي زعم انها تجر علللى اشللياخه شلهادته عليهللم بلالكفر والضلللل وتسلفيه‬
‫الحلم وتضليل العقول فهذا هو الذي منعلله مللن السلللم بعللدتيقنه السللبب‬
‫التاسع متابعة من يعاديه من الناس للرسول وسبقه الى الللدخول فللي دينلله‬
‫وتخصصه وقربه منه وهذا القدر منع كثيرا من اتباع الهدى يكون للرجل عدو‬
‫ويبغض مكانه ول يحب ارضا يمشي عليها ويقصد مخالفته ومناقضللته فيللراه‬
‫قد اتبع الحق فيحمله قصد مناقضته ومعاداته على معاداة الحللق واهللله وان‬
‫كان ل عداوة بينه وبينهم وهللذا كمللا جللرى لليهللود مللع النصللار فللانهم كللانوا‬
‫اعدائهم وكانوا يتواعدونهم بخروج النبي وانهم يتبعونه ويقاتلونهم معلله فلمللا‬
‫بدرهم اليلله النصللار واسلللموا حملهللم معللاداتهم علللى البقللاء علللى كفرهللم‬
‫ويهوديتهم السبب العاشر مانع اللف والعادة والمنشأ فإن العادة قللد تقللوى‬
‫حتى تغلب حكم الطبيعة ولهذا قيللل هللي طبيعللة ثانيللة فيربللى الرجللل علللى‬
‫المقالة وينشأ عليهلا صلغيرا فيلتربى قلبله ونفسله عليهلا كملا يلتربى لحمله‬
‫وعظمه على الغذاء المعتاد ول يعقل نفسله ال عليهللا ثللم يلأتيه العلللم وهللة‬
‫واحدة يريد إزالتها وإخراجهللا مللن قلبلله وان يسللكن موضللعها فيعسللر عليلله‬
‫النتقال ويصعب عليه الزوال وهذا السبب وإن كان اضلعف السلباب معنلى‬
‫فهو اغلبها على المم وأرباب المقالت والنحل ليس مع اكثرهم بل جميعهم‬
‫إل ما عسى ان يشلذ العلادة ومربلي تربلى عليلله طفل ل يعلرف غيرهلا ول‬
‫يحسن به فدين العوايد هو الغالب على أكثر الناس فالنتقال عنلله كالنتقللال‬
‫عن الطبيعة الى طبيعللة ثانيللة فصلللوات الللله وسلللمه علللى انبيللائه ورسللله‬
‫خصوصا على خللاتمهم وافضلللهم محمللد كيللف غيللروا عللوائد المللم الباطلللة‬
‫ونقلوهم الى اليمان حتى استحدثوا به طبيعة ثانية خرجوا بهللا عللن عللادتهم‬
‫وطبيعتهم الفاسدة ول يعلم مشقة هذا على النفوس ال من زاول نقل رجل‬
‫واحد عن دينه ومقالته الى الحق فجزى الله المرسلين افضللل ملا جللزى بله‬
‫احدا من العالمين إذا عرف ان المقتضى نوعان فالهدى المقتضللى وحللده ل‬
‫يوجب الهتللداء والهللدى التللام يللوجب الهتللداء فللالول هللدى البيللان الدللللة‬
‫والتعليم ولهذا يقال هدى فما اهتدى والثاني هدى البيان والدللة مللع إعطللاء‬
‫التوفيق وخلق الرادة فهللذا الهلدى اللذي يسللتزم الهتللداء ول يتخللف عنلله‬
‫موجبه فمتى وجد السبب وانتفت الموانع لزم وجود حكمه وههنا دقيقللة بهللا‬
‫ينفصل النزاع وهي انه هل ينعطف من قيام المانع وعدم الشرط‬

‫على المقتضى امر يضعفه في نفسلله ويسلللبه اقتصللاءه وقللوته او القتضللاء‬


‫بحاله وإما غلب المانع فكان التاثير له ومثال ذلللك فللي مسللئلتنا انلله بوجللود‬
‫هذه الموانع المذكورة او بعضها هل يضعف العلم حتى ل يصللير مللؤثرا البتللة‬
‫او العلم بحاله ولكن المانع بقوته غلب فكللان الحكللم لله هللذا سللر المسلألة‬
‫وفقهها فأما الول فل شك فيه ولكن الشللان فللي القسللم الثللاني وهللو بقللاء‬
‫العلم بحاله والتحقيق ان الموانع تحجبلله وتعميلله وربمللا قلبللت حقيقتلله مللن‬
‫القلب والقرآن قد دل على هذا قال تعالى ^ وإذ قال موسى لقومه يا قوم‬
‫لم تؤذونني وقد تعلمون اني رسول الله اليكم فلما زاغوا ازاغ الللله قلللوبهم‬
‫والله ل يهدي القوم الفاسقين ^ فعاقبهم سبحانه بازاغة قلوبهم عن الحللق‬
‫لما زاغوا عنه ابتداء ونظيره قوله تعالى ^ ونقلب افئدتهللم وابصللارهم كمللا‬
‫لم يؤمنوا بله اول ملرة ونلذرهم فلي طغيلانهم يعمهلون ^ ولهلذا قيلل ملن‬
‫عرض عليه حق فرده فلم يقبله عوقب بفساد قلبه وعقللله ورأيلله ومللن هنللا‬
‫قيل ل رأي لصاحب هوى فان هواه يحمله على رد الحق فيفسللد الللله عليلله‬
‫رأيه وعقله قال تعالى ^ فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيللات الللله وقتلهللم‬
‫النبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف ^ اخبر سبحانه ان كفرهم بللالحق بعللد‬
‫ان علموه كان سببا لطبع الله على قلوبهم ^ بل طبع الله عليها بكفرهم ^‬
‫حتى صارت غلفا والغلللف جمللع اغلللف وهللو القلللب الللذي قللد غشلليه غلف‬
‫كالسيف الذي في غلفه وكل شيء في غلفه فهو اغلف وجمعه غلف يقللال‬
‫سيف اغلف وقوس غلفاء ورجل اغلف واقلف اذا لم يختللن والمعنللى قلوبنللا‬
‫عليها غشاوة وغطاء فل تفقه ما تقول يا محمللد ولللم تللع شلليئا مللن قللال ان‬
‫المعنى انها غلف للعلم والحكمة أي اوعية لها فل يحتاج الى قولك ول تقبللله‬
‫استغناء بما عندهم لوجوه احدها ان غلف جمع اغلف كقلللف واقلللف وحمللر‬
‫واحمر وجرد واجرد وغلب واغلب ونظائره والغلف من القلوب هللو الللداخل‬
‫في الغلف هذا هلو المعلروف ملن اللغلة الثلاني انله ليلس ملن السلتعمال‬
‫السائغ المشهور ان يقال قلب فلن غلف لكذا وهذا ل يكاد يوجد في شيء‬
‫من نثر كلمهم ولنظمه ول نظير له فللي القللرآن فيحمللل عليلله ول هللو مللن‬
‫التشبيه البديع المستحسن فل يجوز حمل الية عليلله الثللالث ان نظيللر قللول‬
‫هؤلء قول الخرين من الكفار ^ قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليلله ^ والكنللة‬
‫هناه هي الغلف التي قلوب هؤلء فيها والكنة كالوعية والغطية التي تغطى‬
‫المتاع ومنه الكناية لغلف السهام الرابع ان سياق الية ل يحسن مع المعنى‬
‫الذي ذكروه ول يحسن مقابلته بقوله ^ بل طبع الله عليها بكفرهم ^ وإنما‬
‫يحسن مع هذا المعنى ان يسلب عنهم العلم والحكمة التي ادعوها كما قيللل‬
‫لهم لما ادعوا ذلك ^ وما اوتيتم من العلم إل قليل ^ وأمللا هنللا فلمللا ادعللوا‬
‫ان قلوبهم في اغطية واغشية لتفقه قللوله قوبلللوا بللان عرفهللم ان كفرهللم‬
‫ونقضهم ميثاقهم وقتلهم النبياء كان سببا‬
‫لن طبع على قلوبهم ول ريب ان القلب اذا طبع عليه اظلمت صورة العلللم‬
‫فيلله وانطمسللت وربمللا ذهللب اثرهللا حللتى يصللير السللبب الللذي يهتللدي بلله‬
‫المهتدون سببا لضلل هذا كما قال تعالى ^ يضل به كثيرا ويهللدي بلله كللثيرا‬
‫وما يضل به ال الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعللون‬
‫ما أمر الللله بلله ان يوصللل ويفسللدون فللي الرض اولئك هللم الخاسللرون ^‬
‫فاخبر تعالى ان القرآن سبب لضلل هذا الصنف من الناس وهوهللداه الللذي‬
‫هدى به رسوله وعباده المؤمنين ولهذا اخبر سبحانه إنه إنما يهتللدي بلله مللن‬
‫اتبع رضوان الله قال تعالى ^ وإذا ما انزلت سورة فمنهم مللن يقللول ايكللم‬
‫زادته هذه ايمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين‬
‫في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسللهم ومللاتوا وهللم كللافرون ^ ول‬
‫شيء اعظم فسادا لمحل العلم مللن صلليرورته بحيللث يضللل بمللا يهتللدي بلله‬
‫فنسبته الى الهدى والعلم نسبة الفم الذي قد استحكمت فيلله المللرارة الللى‬
‫الماء العذب كما قيل ‪ # :‬ومن يك ذا فم مر مريللض ‪ %‬يجللد مللرا بلله المللاء‬
‫الزلل واذا فسد القلب فسد إدراكه وإذا فسد الفم فسد إدراكلله وكللذلك اذا‬
‫فسدت العين واهل المعرفة من الصيارفة يقولون ان مللن خللاف فللي نقللده‬
‫نسى النقد وسلبه فاشتبه عليلله الخللالص بالزغللل ومللن كلم بعللض السلللف‬
‫يهتف العلللم بالعمللل فللان اجللابه حللل وال ارتحللل وقللال بعللض السلللف كنللا‬
‫نستعين على حفظ العلم بالعمل به فترك العمل بالعلم من اقللوى السللباب‬
‫في ذهابه ونسيانه وايضا فإن العلم يراد للعمل فإنه يمنزلللة الللدليل للسللائر‬
‫فإذا لم يسر خلف الدليل لم ينتفع بدللته فنزل منزلة من لم يعلم شيئا لن‬
‫من علم ولم يعمل بمنزلة الجاهل الذي ل يعلم كما ان من ملك ذهبا وفضللة‬
‫وجاع وعرى ولم يشتر منها ما يأكل ويلبس فهو بمنزلللة الفقيللر العللادم كمللا‬
‫قيل ‪ # :‬ومن ترك النفاق عند احتياجه ‪ %‬مخافللة فقللر فالللذي فعللل الفقللر‬
‫والعرب تسمى الفحش والبذاء جهل اما لكونه ثمرة الجهللل فيسللمى باسللم‬
‫سببه وموجبه وأما لن الجهل يقال في جانب العلم والعمللل قللال الشللاعر ‪:‬‬
‫‪ #‬ال ل يجهلن احد علينا ‪ %‬فنجهل فوق جهل الحاهلينللا ‪ %‬ومللن هللذا قللول‬
‫موسى لقللومه وقللد قللالوا ^ اتتخللذنا هللزوا قللال اعللوذ بللالله ان اكللون مللن‬
‫الجاهلين ^ فجعل الستهزاء بالمؤمنين جهل ومنه قللوله تعللالى حكايللة عللن‬
‫يوسف انه قال ^ وإل تصرف عني كيدهن اصب اليهن وأكن مللن الجللاهلين‬
‫^ ومن هذا قوله تعالى ^ خذ العفو وأمر ^‬

‫^ بالعرف واعرض عن الجاهلين ^ ليس المراد أعراضه عمن ل علم عنده‬


‫فل يعلمه ول يرشده وإنما المراد اعراضه عن جهل من جهل عليه فل يقابله‬
‫ول يعاتبه قال مقاتل وعروة والضحاك وغيرهللم صللن نفسللك عللن مقللابلتهم‬
‫على سفههم وهذا كثير في كلمهم ومنه الحديث إذا كللان صللوم احللدكم فل‬
‫يصخب ول يجهل ومن هذاتسمية المعصللية جهل قللال قتللادة اجمللع اصللحاب‬
‫محمد ان كل من عصى الله فهو جاهل وليس المراد انه جاهللل بلالتحريم إذ‬
‫لو كان جاهلل لم يكن عاصيا فل يترتب الحد في الدنيا والعقوبة في الخرة‬
‫على جاهل بالتحريم بل نفس الذنب يسمى جهل وإن علم مرتكبلله بتحريمله‬
‫إما انه ل يصدر ال عن ضعف العلم ونقصانه وذلك جهل فسمى باسم سللببه‬
‫وإما تنزيل لفاعله منزلة الجاهل به الثاني انهم لمللا ردوا الحللق ورغبللوا عنلله‬
‫عوقبوا بالطبع والرين وسلب العقل والفهم كما قال تعللالى عللن المنللافقين‬
‫^ ذلك بانهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلللوبهم فهللم ل يفقهللون ^ الثللالث‬
‫ان العلم الذي ينتفع به ويستلزم النجاة والفلح لم يكن حاصللل لهللم فسلللب‬
‫عنهم حقيقته والشيء قد ينتفى لنفي ثمرتلله والمللراد منلله قللال تعللالى فللي‬
‫ساكن النار فإن له نار جهنم ل يموت فيها ول يحيا نفى الحياة لنتفاء فائدتها‬
‫والمراد منها ويقولون ل مال إل ما انفق ول علم إل ما نفع ولهللذا نفللى عنلله‬
‫سبحانه عن الكفار السماع والبصار والعقول لما لم ينتفعوا بها وقال تعالى‬
‫^ وجعلنا لهم سمعا وابصارا وأفئدة فما اغنللى عنهللم سللمعهم ول ابصللارهم‬
‫ول افئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الللله ^ وقللال تعللالى ^ ولقللد‬
‫ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والنس لهم قلوب ل يفقهون بهللا ولهللم اعيللن ل‬
‫يبصللرون بهللا ولهللم آذان ل يسللمعون بهللا ^ ولمللا لللم يحصللل لهللم الهللدى‬
‫المطلوب بهذه الحواس كانوا يمنزلة فاقديها قال تعالى ^ صللم بكللم عمللى‬
‫فهم ل يعقلون ^ فالقلب يوصف بالبصر والعمى والسمع والصللمم والنطللق‬
‫والبكم بل هلذه لله اصلل وللعيلن والذن واللسلان تبعلا فلإذا علدمها القللب‬
‫فصاحبه اعمى مفتوح العين اصم ول آفة باذنه ابكم وإن كان فصيح اللسللان‬
‫قال تعالى فإنها لتعمى البصار ولكن تعمى القلللوب الللتي فللي الصللدور فل‬
‫تنافي بين قيام الحجة بالعلم وبين سلبه ونفيه بالطبع والختم والقفللل علللى‬
‫قلوب من ل يعمل بموجب الحجة وينقاد لها قللال تعللالى وإذا قللرأت القللرآن‬
‫جعلنا بينك وبين الذين ليؤمنون بالخرة حجابا مستورا وجعلنا علللى قلللوبهم‬
‫اكنة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربللك فللي القللرآن وحللده ولللوا‬
‫على أدبارهم نفورا فأخبر سبحانه انه منعهم فقه كلملله وهللو الدراك الللذي‬
‫ينتفع به من فقهه ولم يكن ذلك مانعا لهم من الدراك الذي تقوم به الحجللة‬
‫عليهم فانهم لو لم يفهموه جملة ما ولوا على أدبارهم نفورا عند ذكر توحيللد‬
‫الله فلما ولوا عند ذكر التوحيد دل علللى انهللم كللانوا يفهملون الخطللاب وان‬
‫الذي غشى قلوبهم كالذي غشللى آذانهللم ومعلللوم انهللم لللم يعللدموا لسللمع‬
‫جملة ويصيروا كالصم ولذلك‬

‫ينفى سبحانه عنهم السمع تارة ويثبته اخرى قال الله تعالى ^ ولو علم الله‬
‫فيهم خيللرا لسللمعهم ^ ومعلللوم انهللم قللد سللمعوا القللرآن وأمللر الرسللول‬
‫باسماعهم إياه وقلال تعلالى ^ وقلالوا للو كنللا نسلمع او نعقلل ملا كنللا فلي‬
‫اصحاب السعير ^ فهذا السمع المنفي عنهم سمع الفهللم والفقلله والمعنللى‬
‫ولو علم الله فيهم خيللرا لسللمعهم سللمعا ينتفعللون بلله وهللو فقهلله المعنللى‬
‫وعقله وال فقد سمعوه سمعا تقوم به عليهم الحجة ولكن لمللا سللمعوه مللع‬
‫شللدة بغضلله وكراهتلله ونفرتهللم عنلله لللم يفهمللوه ولللم يعقلللوه والرجللل إذا‬
‫اشتدت كراهته للكلم ونفرته عنه لم يفهم ما يراد به فينزل منزلللة مللن لللم‬
‫يسمعه قال تعالى ^ ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ^ نفللى‬
‫عنه استطاعة السللمع مللع صللحة حواسللهم وسلللمتها وإنمللا لفللرط بغضللهم‬
‫ونفرتهم عنه وعن كلمه صاروا بمنزلة مللن ل يسللتطيع ان يسللمعه ول يللراه‬
‫وهذا استعمال معروف للخاصة والعامة يقولون ل اطيق انظر الللى فلن ول‬
‫استطيع ان اسمع كلمه من بغضه ونفرته عنلله وبعللض الجبريللة يحتللج بهللذه‬
‫الية وشلبهها عللى ملذهبهم ول دلللة فيهلا إذ ليلس الملراد سللبهم السلمع‬
‫والبصر الذي تقوم به الحجة قطعا وإنما المراد سلللب السللمع الللذي يللترتب‬
‫عليه فائدته وثمرته والقدر حق ولكن الواجب تنزيللل القللرآن منللازله ووضللع‬
‫اليات مواضعها واتباع الحق حيللث كللان ومثللل هللذا إذا لللم يحصللل لله فهللم‬
‫الخطاب ل يعذر بذلك لن الفة منه وهو بمنزلة من سد اذنيه عند الخطللاب‬
‫فلم يسمعه فل يكون ذلك عذرا له ومن هذا قولهم ^ قلوبنا فللي أكنللة ممللا‬
‫تدعونا اليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ^ يعنون انهللم فللي تللرك‬
‫القبول منه ومحبة السماع لما جاء به وإيثار العراض عنه وشدة النفار عنه‬
‫بمنزلة من ل يعقله ول يسمعه ول يبصر المخاطب لهللم بلله فهللذا هللو الللذي‬
‫يقولون ل خلود في النار ولو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصللحاب السللعير‬
‫ولهذا جعل ذلك مقدورا لهم وذنبا اكتسبوه فقال تعالى ^ فللاعترفوا بللذنبهم‬
‫فسحقا لصحاب السعير ^ والله تعالى ينفي تارة عن هؤلء العقل والسللمع‬
‫والبصر فانها مدارك العلم واسباب حصوله وتارة ينفى عنهم السمع والعقل‬
‫وتارة ينفى عنهم السمع والبصر وتارة ينفى عنهم العقل والبصر وتارة ينفى‬
‫عنهم وحده فنفى الثلثة نفي لمدارك العلم بطريق المطابقة ونفللى بعضللها‬
‫نفي له بالمطابقة والخر باللزوم فان القلب إذا فسد فسد السللمع والبصللر‬
‫بل اصل فسادهما من فساده وإذا فسد السللمع والبصللر فسللد القلللب فللإذا‬
‫اعرض عن سلمع الحلق وابغلض قلائله بحيلث ل يحلب رؤيتله امتنلع وصلول‬
‫الهدى الى القلب ففسد وإذا فسد السمع والعقل تبعهما فساد البصللر فكللل‬
‫مدرك من هذه يصح بصحة الخر ويفسد بفساده فلهللذا يجيللء فللي القللرآن‬
‫نفي ذلك صريحا ولزوما وبهذا التفصيل يعلم اتفاق الدلللةمن الجللانين وفللي‬
‫استدلل الطائفة الثانية بقوله ^ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفللون‬
‫ابناءهم ^ ونظائرها نظر فان الله تعالى حيث قال ^ الذين آتيناهم الكتللاب‬
‫^ لم يكونللوا إل ممللدوحين مللؤمنين وإذا اراد ذمهللم والخبللار عنهللم بالعنللاد‬
‫وايثار الضلل اتى بلفظ‬

‫الذين اوتوا الكتاب مبنيللا للمفعللول فللالول كقللوله تعللالى ^ الللذين آتينللاهم‬
‫الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به انلله الحللق مللن‬
‫ربنا انا كنا مللن قبللله مسلللمين اولئك يؤتللون اجرهللم مرتيللن بمللا صللبروا ^‬
‫اليات وكقوله تعالى ^ افغير الله ابتغى حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب‬
‫مفصل والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل مللن ربللك بللالحق فل تكللونن‬
‫من الممترين ^ فهذا في سياق مدحهم والستشهاد بهللم ليللس فللي سللياق‬
‫ذمهم والخبار بعنادهم وجحودهم كما استشهدهم في قوله تعالى قللل كفللى‬
‫بالله شهيدا ببني وبينكم ومن عنده علم الكتللاب وفللي قللوله فاسللللوا اهللل‬
‫الذكر ان كنتم ل تعلمون وقال تعالى ^ الللذين آتينللاهم الكتللاب يتلللونه حللق‬
‫تلوته اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ^ واختلف فللي‬
‫الضمير في يتلونه حق تلوته فقيل هو ضمير الكتاب الللذي اوتللوه قللال ابللن‬
‫مسعود يحلون حلله ويحرمون حرامه ويقرؤنه كمللا انللزل ول يحرفللونه عللن‬
‫مواضعه قالوا وانزلت في مؤمني اهل الكتاب وقيل هللذا وصللف للمسلللمين‬
‫والضمير في يتلونه للكتاب الذي هو القرآن وهذا بعيد إذا عللرف ان القللرآن‬
‫يأباه ول يرد على ما ذكرنا قوله تعالى ^ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كمللا‬
‫يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمللون الحللق وهللم يعلمللون ^ بللل هللذا‬
‫حجة لنا ايضا لما ذكرنا فإنه أخللبر فللي الول عللن معرفتهللم برسللوله ودينلله‬
‫وقبلته كما يعرفون ابناءهم استشهادا بهم على من كفر وثنللاء عليهللم ولهللذا‬
‫ذكر المفسرون انهم عبد الله بن سلم واصحابه وخص في آخر اليللة بالللذم‬
‫طائفة منهم فدل على ان الولين غير مللذمومين وكللونهم دخلللوا فللي جملللة‬
‫الولين بلفظ المضمر ل يوجب ان يقال آتيناهم الكتللاب عنللد الطلق فللانهم‬
‫دخلوا في هذا اللفظ ضمنا وتبعا فل يلزم تنللاوله لهللم قصللدا واختيللارا وقللال‬
‫تعالى في سورة النعام قل ائنكم لتشهدون ان مع الللله آلهللة اخللرى قللل ل‬
‫اشهد قل إنما هو اله واحدة وإنني برئ مما تشركون الذين آتينللاهم الكتللاب‬
‫يعرفللونه كمللا يعرفللون ابنللاءهم قيللل الرسللول وصللدقه وقيللل المللذكور هللو‬
‫التوحيد والقولن متلزمللا اذ ذلللك فللي معللرض الستشللهاد والحتجللاج علللى‬
‫المشركين لفي معرض ذم الذين آتاهم الكتاب فإن السورة مكية والحجللاج‬
‫كان فيها مع اهل الشرك والسياق يدل على الحتجللاج لذم المللذكورين مللن‬
‫اهل الكتاب واما الثاني فكقوله وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمللون انلله الحللق‬
‫من ربهم وما الله بغافل عما يعلمون ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل آيلة‬
‫ماتبعوا قبلتك فهذا شهادته سبحانه للذين اوتوا الكتاب والول شهادته للذين‬
‫آتاهم الكتاب بأنهم يؤمنون وقال تعالى ^ يا ايها اللذين أوتلوا الكتللاب آمنلوا‬
‫بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل ان نطمس وجوها فنردهللا علللى ادبارهللا‬
‫^ وقال تعالى ^ وقل للذين اوتوا الكتاب والميين أأسلمتم ^ وهذا خطاب‬
‫لمن لم يسلم منهم وإل فلم يؤمر‬

‫ان يقول هذا لمن اسلم منهم وصدق به ولهذا ل يذكر سللبحانه الللذين اوتللوا‬
‫نصيبا من الكتاب ال بالذم ايضا كقوله ^ الم تر الى الذين اوتللوا نصلليبا مللن‬
‫الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ^ الية وقال تعالى ^ الم تر الى الللذين‬
‫اوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضللة ويريدون ان تضلوا السبيل ^ وقللال‬
‫^ الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يللدعون الللى كتللاب الللله ليحكللم‬
‫بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ^ فالقسام اربعة الللذين آتينللاهم‬
‫الكتاب وهذا ل يذكره سبحانه إل في معرض المدح والذين اوتللوا نصلليبا ملن‬
‫الكتاب ل يكون قط ال في معرض الذم والذين اوتوا الكتاب اعللم منلله فللانه‬
‫قد يتناولهما ولكن ل يفرد به الممدوحون قط ويا أهل الكتللاب يعللم الجنللس‬
‫كله ويتناول الممدوح منه والمذموم كقوله من اهل الكتاب امة قائمة يتلون‬
‫آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الخر الية وقال فللي‬
‫الذم ^ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشللركين منفكيللن ^ وهللذا‬
‫الفصل ينتفع به جدا في أكبر مسائل اصللول السلللم وهللي مسللئلة اليمللان‬
‫واختلف اهل القبلة فيه وقلد ذكرنلا فيله نكتلا حسلانا يتضلح بهلا الحلق فلي‬
‫المسألة والله اعلم الوجه الثاني والثمانون ان الله سبحانه فاوت بين النللوع‬
‫النساني اعظم تفاوت يكون بين المخلوقين فل يعرف اثنان من نللوع واحللد‬
‫بينهما من التفاوت ما بين خير البشر وشرهم واللله سللبحانه خلللق الملئكلة‬
‫عقول بل شهوات وخلق الحيوانات ذوات شهوات بل عقللول وخلللق النسللان‬
‫مركبا من عقل وشهوة فمن غلب عقله شهوته كان خيرا من الملئكة ومللن‬
‫غلبت شهوته عقله كان شرا من الحيوانات وفاوت سبحانه بينهم في العلللم‬
‫فجعل عالمهم معلم الملئكة كما قال تعللالى ^ يللا آدم انللبئهم باسللمائهم ^‬
‫وتلك مرتبة ل مرتبة فوقها وجعل جاهلهم بحيث ل يرضللى الشلليطان بلله ول‬
‫يصلح له كما قال الشيطان لجاهلهم الذي اطاعه فللي الكفللر ^ إنللي بريللء‬
‫منك ^ وقال لجهلتهم الذين عصوا رسوله إني بريء منكم فلله ما أشد هذا‬
‫التفاوت بين شخصين احدهما تسللجد لله الملئكللة ويعلمهللا مملا الللله علملله‬
‫والخر ل يرضى الشيطان به وليا وهذا التفاوت العظيللم إنمللا حصللل بللالعلم‬
‫وثمرته ولو لم يكن في العلم ال القرب ملن رب العللالمين واللتحلاق بعلالم‬
‫الملئكللة وصللحبة المل العلللى لكفللى بلله فضللل وشللرفا فكيللف وعللز الللدنيا‬
‫والخرة منوط به ومشروط بحصوله الوجه الثالث والثمانون ان اشللرف مللا‬
‫في النسان محل العلم منه وهو قلبه وسمعه وبصره ولما كللان القلللب هللو‬
‫محل العلم والسمع رسوله الذي يللاتيه بله والعيللن طليعتلله كللان ملكللا علللى‬
‫سائر العضاء يأمرها فتاتمر لمره ويصرفها فتنقاد للله طائعللة بمللا خللص بلله‬
‫من العلم دونها فلذلك كان ملكها والمطلاع فيهلا وهكلذا العلالم فلي النلاس‬
‫كللالقلب فللي العضللاء ولمللا كللان صلللح العضللاء بصلللح ملكهللا ومطاعهللا‬
‫وفسادها بفساده كانت هذه حال الناس مع علمائهم‬

‫وملوكهم كما قال بعض السلللف صللنفان إذا صلللحا صلللح سللائر النللاس واذا‬
‫فسدا فسد سائر الناس العلماء والمراء قال عبد الله بن المبارك ‪ # :‬وهل‬
‫افسد الدين ال الملو ‪ %‬ك واحبار سوء ورهبانها ولمللا كللان للسللمع والبصللر‬
‫من الدراك ما ليس لغيرهما من العضاء كانا في أشرف جزء مللن النسلان‬
‫وهو وجهه وكانا من افضل ما في النسان مللن الجللزاء والعضللاء والمنللافع‬
‫واختلف في الفضل منهما فقالت طائفة منهم ابللو المعللالي وغيللره السللمع‬
‫افضل قالوا لن به تنللال سللعادة الللدنيا والخللرة فانهللا انمللا تحصللل بمتابعللة‬
‫الرسل وقبول رسالتهم وبالسمع عرف ذلك فان من ل سمع له ل يعلللم مللا‬
‫جاؤا به وايضا فان السمع يدرك به اجل شيء وافضله وهو كلم الللله تعللالى‬
‫الذي فضله على الكلم كفضل الله على خلقه وايضا فان العلللوم انمللا تنللال‬
‫بالتفاهم والتخاطب ول يحصل ذلك ال بالسمع وايضا فللان مللدركه اعللم مللن‬
‫مدرك البصر فانه يللدرك الكليللات والجزئيللات والشللاهد والغللائب والموجللود‬
‫والمعدوم والبصر ل يلدرك ال بعللض المشلاهدات والسلمع يسلمع كللل عللم‬
‫فاين احدهما من الخر ولو فرضنا شخصين احدهما يسمع كلم الرسللول ول‬
‫يرى شخصه والخر بصير يراه ول يسمع كلمه لصممه هل كانا سواء وايضللا‬
‫ففاقللد البصللر انمللا يفقللد ادراك بعللض المللور الجزئيللة المشللاهدة ويمكنلله‬
‫معرفتها بالصفة ولو تقريبا واما فاقد السمع فالذي فاته من العلللم ل يمكللن‬
‫حصوله بحاسة البصللر ولللو قريبللا وايضللا فللان ذم الللله تعللالى للكفللار بعللدم‬
‫السمع في القرآن اكثر من ذمه لهم بعدم البصر بل انما يذمهم بعدم البصر‬
‫تبعا لعدم العقل والسمع وايضا فان الللذي يللورده السللمع علللى القلللب مللن‬
‫العلوم ل يلحقه فيه كلل ول سآمة ول تعب مع كثرته وعظمه والذي يللورده‬
‫البصر عليه يلحقه فيه الكلل والضعف والنقص وربمللا خشللى صللاحبه علللى‬
‫ذهابه مع قلته ونزارته بالنسبة الى السمع وقالت طائفة منهم ابن قتيبة بللل‬
‫البصر افضل فان اعل النعيم وافضله واعظمه لذة هو النظللر الللى الللله فللي‬
‫الدار الخرة وهذا انما ينال بالبصر وهذه وحدها كافية في تفضيله قالوا وهو‬
‫مقدمة القلب وطليعته ورائده فمنزلته منه اقرب مللن منزلللة السللمع ولهللذا‬
‫كللثيرا مللا يقللرن بينهمللا فللي الللذكر بقللوله ^ فللاعتبروا يللا أولللي البصللار ^‬
‫فالعتبار بالقلب والبصر بالعين وقللال تعللالى ^ ونقلللب افئدتهللم وابصللارهم‬
‫كما لم يؤمنوا به اول مرة ^ ولم يقللل واسللماعهم وقللال تعللالى ^ فإنهللا ل‬
‫تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ^ وقال تعالى ^ قلوب‬
‫يومئذ واجفة ابصارها خاشعة ^ وقال تعالى ^ يعلم خائنة العين وما تخفى‬
‫الصدور ^ وقال في حق رسوله ^ ما كذب الفؤاد ما رأى ^ ثم قال ^ مللا‬
‫زاغ البصر وما طغى ^ هذا يدل على شللدة الوصلللة والرتبللاط بيللن القلللب‬
‫والبصر ولهذا يقرأ النسان ما في قلب‬

‫الخر من عينه وهذا كثير فللي كلم النللاس نظملله ونللثره وهللو اكللثر مللن ان‬
‫نذكره هنا ولما كان القلب اشرف العضاء كان اشدها ارتباطللا بلله واشللرف‬
‫من غيره قالوا ولهذا يأتمنه القلب مال يأتمن السمع عليه بل إذا ارتللاب مللن‬
‫جهة عرض ما يأتيه به على البصر ليزكيه ام يرده فالبصر حاكم عليه مؤتمن‬
‫عليه قالوا ومن هذا الحللديث الللذي رواه احمللد فللي مسللنده مرفوعللا ليللس‬
‫المخبر كالمعاين قالوا ولهذا اخبر الله سبحانه موسى ان قلومه افتتنلوا ملن‬
‫بعده وعبدوا العجل فلم يلحقه في ذلك ما لحقه عند رؤية ذلك ومعاينته من‬
‫القاء اللواح وكسرها لفوت المعاينة على الخلبر قلالوا وهللذا إبراهيلم خليلل‬
‫الله يسأل ربه ان يريه كيف يحيى الموتى وقد علم ذلك بخبر الله له ولكللن‬
‫طلب افضل المنازل وهي طمأنينة القلب قالوا ولليقيللن ثلث مراتللب اولهللا‬
‫للسمع وثانيها للعين وهي المسماة بعيلن اليقيلن وهلي افضللل ملن المرتبللة‬
‫الولى واكمل قالوا وايضا فالبصر يؤدى الى القلب ويللؤدي عنلله فللان العيللن‬
‫مرآة القلب يظهر فيها مللا يحبلله مللن المحبللة والبغللض والمللوالة والمعللاداة‬
‫والسرور والحزن وغيرها وأما الذن فل تؤدى عللن القلللب شلليئا البتللة وإنمللا‬
‫مرتبتها اليصال اليه حسب فالعين اشد تعلقا به والصواب ان كل منهمللا للله‬
‫خاصية فضل بها الخر فالمدرك بالسمع اعم واشمل والمللدرك بالبصللر اتللم‬
‫واكمل فالسمع له العمللوم والشللمول والبصللر للله الظهللور والتمللام وكمللال‬
‫الدراك واما نعيم اهل الجنة فشيئآن احدهما النظر الى الله والثللاني سللماع‬
‫خطابه وكلمه كما رواه عبد الله بن احمد فللي المسللند وغيللره كللأن النللاس‬
‫يوم القيامة لم يسمعوا القرآن اذا سمعوه من الرحمن عز وجل ومعلوم ان‬
‫سلمه عليهم وخطللابه لهللم ومحاضللرته ايللاهم كمللا فللي الترمللذي وغيللره ل‬
‫يشبهها شيء قط ول يكون اطيب عندهم منها ولهذا يذكر سبحانه في وعيللد‬
‫اعدائه انه ليكلمهم كما يذكر احتجابه عنهم ول يرونه فكلمه اعل نعيم اهللل‬
‫الجنة والله اعلم الوجه الرابع والثمانون ان الله سللبحانه فللي القللرآن يعللدد‬
‫على عباده من نعمه عليهم ان اعطاهم آلت العلللم فيللذكر الفللؤاد والسللمع‬
‫والبصار ومرة يذكر اللسان الذي يللترجم بلله عللن القلللب فقللال تعللالى فللي‬
‫سللورة النعللم وهللي سللورة النحللل الللتي ذكللر فيهللا اصللول النعللم وفروعهللا‬
‫ومتمماتها ومكملتها فعددنعمه فيها على عباده وتعرف بها اليهم واقتضللاهم‬
‫شكرها واخبر انه يتمهلا عليهلم ليعرفوهلا ويلذكروها ويشلكروها فاولهلا فلي‬
‫اصول النعم وآخرها في مكملتها قال تعالى ^ والللله اخرجكللم مللن بطللون‬
‫امهللاتكم ل تعلمللون شلليئا وجعللل لكللم السللمع والبصللار والفئدة لعلكللم‬
‫تشكرون ^ فذكر سبحانه نعمته عليهم بان اخرجهم ل علم لهم ثم اعطاهم‬
‫السماع والبصار والفئدة التي نالوا بها ملن العللم مانلالوه وانله فعلل بهلم‬
‫ذلك‬

‫ليشكروه وقال تعالى ^ وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة فمللا اغنللى عنهللم‬
‫سمعهم ول ابصارهم ول افئدتهم ملن شليء ^ وقلال تعلالى اللم نجعلل لله‬
‫عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فذكر هنللا العينيللن الللتي يبصللر بهمللا‬
‫فيعلم المشاهدات وذكر هداية النجدين وهما طريقا الخير والشر وفي ذلللك‬
‫حديث مرفوع ومرسل وهو قول اكثر المفسرين وتدل عليه الية الخلرى ^‬
‫انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا ^ والهدايللة تكلون بلالقلب والسللمع‬
‫فقد دخل السمع في ذلك لزومللا وذكللر اللسللان والشللفتين اللللتين همللا آلللة‬
‫التعليم فذكر الت العلم والتعليم وجعلها من آياته الدالة عليه وعلللى قللدرته‬
‫ووحدانيته ونعمه التي تعرف بها الى عباده ولما كانت هللذه العضللاء الثلثللة‬
‫التي هي اشرف العضاء وملوكها والمنصللرفة فيهللا والحاكمللة عليهللا خصللها‬
‫سبحانه وتعالى بالذكر في السؤال عنها فقال إن السمع والبصر والفؤاد كل‬
‫اولئك كان عنه مسؤل فسعادة النسان بصحة هذه العضاء الثلثة وشللقاوته‬
‫بفسادها قال ابن عباس يسأل الله العباد فيما استعملوا هذه الثلثللة السللمع‬
‫والبصر والفؤاد والله تعالى اعطى العبد السمع ليسمع به اوامر ربه ونواهيه‬
‫وعهللوده والقلللب ليعقلهللا ويفقههللا والبصللر ليللرى آيللاته فيسللتدل بهللا علللى‬
‫وحدانيته وربوبيته فالمقصود باعطللائه هللذه اللت العلللم وثمرتلله ومقتضللاه‬
‫الللوجه الخللامس والثللامنون ان انللواع السللعادة الللتي تؤثرهللا النفللوس ثلثلة‬
‫سعادة خارجيللة عللن ذات النسللان بللل هللي مسللتعارة للله مللن غيللره يللزول‬
‫باسترداد العارية وهي سعادة المال والحياة فبينا المرء بهلا سللعيدا ملحوظلا‬
‫بالعناية مرموقا بالبصار إذا اصبح في اليوم الواحد اذل من وتللد بقللاع يشللج‬
‫رأسه بالفهرواجي فالسللعادة والفللرح بهللذه كفللرح القللرع بحمللة ابللن عملله‬
‫والجمال بها كجمال المرء بثيابه وبزينتلله فللاذا جللاوز بصللرك كسللوته فليللس‬
‫وراء عبادان قرية ويحكى عن بعض العلماء انه ركللب مللع تجللار فللي مركللب‬
‫فانكسرت بهم السفينة فاصبحوا بعدعز الغنى في ذل الفقر ووصللل العللالم‬
‫الى البلد فاكرم وقصد بانواع التحللف والكرامللات فلمللا ارادوا الرجللوع الللى‬
‫بلدهم قالوا له هل لك الى قومك كتاب او حاجة فقال نعم تقولللون لهللم اذا‬
‫اتخدتم مال ل يغرق اذا انكسرت السفينة فاتخذوا العلم تجارة واجتمع رجللل‬
‫ذو هيئة حسنة ولباس جميل ورواء برجل عالم فجس المخاضة فلم ير شيئا‬
‫فقالوا كيف رايته فقال رأيت دارا حسللنة مزخرفللة ولكللن ليللس بهللا سللاكن‬
‫السعادة الثانية سعادة في جسمه وبدنه كصللحته واعتللدال مزاجلله وتناسللب‬
‫اعضائه وحسن تركيبه وصفاء لونه وقوة اعضائه فهذه الصق به مللن الولللى‬
‫ولكن هي في الحقيقة خارجة عن ذاته وحقيقته فان النسان انسان بروحلله‬
‫وقلبه ل بجسمه وبدنه كما قيل ‪:‬‬

‫‪ #‬يا خادم الجسم كم يشللقى بخللدمته ‪ %‬فللأنت بللالروح ل بالجسللم إنسللان‬


‫فنسبة هذه الى روحه وقلبه كنسبة ثيابه ولباسه الى بدنه فللان البللدن ايضللا‬
‫عارية للروح وآلة لها ومركب من مراكبها فسعادتها بصحته وجملاله وحسلنة‬
‫سعادة خارجة عن ذاتها وحقيقتهللا السللعادة الثالثللة هللي السللعادة الحقيقيللة‬
‫وهي سعادة نفسانية روحية قلبية وهي سعادة العلم النافع ثمرته فانهللا هللي‬
‫الباقية على تقلب الحوال والمصاحبة للعبد فللي جميللع اسللفاره وفللي دوره‬
‫الثلثة اعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القللرار وبهللا يللترقى معللارج الفضللل‬
‫ودرجات الكمال اما الولى فانها تصحبه في البقعة الللتي فيهللا مللاله وجللاهه‬
‫والثانية تعرضه للزوال والتبدل بنكس الخلق والرد الللى الضللعف فل سللعادة‬
‫في الحقيقة ال في هذه الثالثة التي كلما طال المد ازدادات قوة وعلوا وإذا‬
‫عدم المال والجاه فهي مال العبد وجاهه وتظهر قوتهللا وأثرهللا بعللد مفارقللة‬
‫الروح البدن اذا انقطعت السعادتان الوليتان وهذه السعادة ل يعرف قللدرها‬
‫ويبعث على طلبها ال العلم بها فعادت السعادة كلها الى العلللم ومللا تقضلليه‬
‫والله يوفق من يشاء ل مانع لما اعطى ول معطى لما منع وانما رغللب اكللثر‬
‫الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها وعورة طريقها ومللرارة مباديهللا‬
‫وتعب تحصيلها وانها لتنال ال على جد مللن التعللب فانهللا لتحصللل ال بالجللد‬
‫المحض بخلف الوليين فانهما حظ قد يحوزه غير طالبه وبخللت قللد يحللوزه‬
‫غير جالبه من ميراث او هبة او غير ذلك واما سعادة العلللم فل يورثللك اياهللا‬
‫ال بذل الوسع وصدق الطلب وصحة النية وقد احسن القللائل فللي ذلللك ‪# :‬‬
‫فقل لمرجي معالي المور ‪ %‬بغير اجتهاد رجوت المحللال ‪ #‬وقللال الخللر ‪#‬‬
‫لول المشقة ساد للناس كلهم ‪ %‬الجود يفقر والقدام قتال ‪ #‬ومن طمحت‬
‫همته الى المور العالية فواجب عليه ان يشد على محبة اطرق الدينية وهي‬
‫السعادة وان كانت فللي ابتللدائها ل تنفللك عللن ضللرب مللن المشللقة والكللره‬
‫والتللأذي وانهللا مللتى اكرهللت النفللس عليهللا وسلليقت طائعللة وكارهللة اليهللا‬
‫وصبرت على لوائها وشدتها افضت منها الى ريللاض مونقللة ومقاعللد صللدق‬
‫ومقام كريم تجد كل لذة دونها لعب الصللبي بالعصللفور بالنسللبة الللى لللذات‬
‫الملوك فحينئذ حال صاحبها كما قيل ‪ # :‬وكنت ارى ان قدتناهى بي الهللوى‬
‫‪ %‬الى غاية ما بعدها لي مذهب‬
‫‪ #‬فلما تلقينا وعاينت حسنها ‪ %‬تيقنت اني انما كنت العب ‪ # %‬فالمكللارم‬
‫منوطللة بالمكللارة والسللعادة ل يعللبر اليهللا ال علللى جسللر المشللقة فل‬
‫تقطعمسافتها ال في سفينة الجد والجتهللاد قللال مسلللم فللي صللحيحه قللال‬
‫يحيى بن ابي كثير لينال العلم براحة الجسللم وقللد قيللل مللن طلللب الراحللة‬
‫ترك الراحة ‪ #‬فيا وصل الحبيب اما اليه ‪ %‬بغير مشقة ابدا طريق ‪ #‬ولللول‬
‫جهل الكثرين بحلوة هذه اللذة وعظم قدرها لتجالدوا عليها بالسيوف ولكن‬
‫حفت بحجاب من المكاره وحجبوا عنها بحجاب من الجهل ليختللص الللله لهللا‬
‫من يشاء من عباده والله ذو الفضل العظيم الللوجه السللادس والثمللانون ان‬
‫الله تعالى خلق الموجودات وجعل لكل شيء منها كمال يختص به هللو غايللة‬
‫شرفه فإذا عدم كماله انتقل الللى الرتبللة الللتي دونلله واسللتعمل فيهللا فكللان‬
‫استعماله فيها كمال امثاله فاذا عدم تلك ايضا نقل الى ملا دونهلا ول تعطلل‬
‫وهكذا ابدا حتى اذا عدم كل فضيلة صار كالشوك وكالحطب الللذي ل يصلللح‬
‫ال للوقود فللالفرس اذا كللانت فيلله فروسلليته التامللة اعللد لمراكللب الملللوك‬
‫واكللرم أكللرام مثللله فللإذا نللزل عنهللا قليل اعللد لمللن دون الملللك فللإن ازداد‬
‫تقصيره فيها اعد لحاد الجناد فللان تقاصللر عنهللا جملللة اسللتعمل اسللتعمال‬
‫الحمار اما حول المدار وامللا لنقللل الزبللل ونحللوه فللان عللدم ذلللك اسللتعمل‬
‫استعمال الغنللام للذبللح والعللدام كمللا يقللال فللي المثللل ان فرسللين التقيللا‬
‫احدهما تحت ملك والخر تحت الروايا فقال فرس الملك امللا انللت صللاحبي‬
‫وكنت انا وانت في مكان واحد فما الذي نزل بك الى هذه المرتبة فقللال مللا‬
‫ذاك ال انك هملجت قليل ونعكست انا وهكذا السيف اذا نباعما هيء له ولم‬
‫يصلح له ضرب منه فاس او منشار ونحوه وهكذا الدور العظام الحسللان اذا‬
‫خرجت وتهدمت اتخذت حظائر للغنم او البل وغيرها وهكذا الدمي اذا كللان‬
‫صالحا لصطفاء الله له برسالته ونبوته اتخذه رسللول ونبيللا كمللا قللال تعلالى‬
‫الله اعلم حيث يجعل رسللالته فللاذا كللان جللوهره قاصللرا عللن هللذه الدرجللة‬
‫صالحا لخلفة النبوة وميراثها رشحه لذلك وبلغه اياه فللإذا كللان قاصللرا عللن‬
‫ذلك قابل لدرجة الولية رشح لها وان كان ممن يصلح للعمللل والعبللادة دون‬
‫المعرفة والعلم جعل من اهله حتى ينتهي الى درجللة عمللوم المللؤمنين فللان‬
‫نقص عن هذه الدرجة ولم تكن نفسه قابلة لشيء من الخير اصلل اسلتعمل‬
‫حطبا ووقودا للنار وفي اثر اسرائيلي ان موسللى سللأل ربلله عللن شللان مللن‬
‫يعذبهم من خلقه فقال يا موسى ازرع زرعا فزرعه فاوحى اليلله ان احصللده‬
‫ثم اوحى اليه ان أنسفه وذره ففعل وخلص الحب وحده والعيدان والعصللف‬
‫وحده فاوحى اليه اني لجعل في النللار مللن العبللاد مللن ل خيللر فيلله بمنزلللة‬
‫العيدان والشوك التي ل يصلح ال للنار وهكلذا النسلان يلترقى فلي درجلات‬
‫الكمال درجة بعد‬

‫درجة حتى يبلغ نهاية ما يناله امثاله منها فكم بين حاله في اول كونه نطفللة‬
‫وبين حاله والرب يسلم عليه في داره وينظر الى وجهه بكرة وعشيا والنبي‬
‫في اول امره لما جاءه الملك فقال له اقرأ فقال ما أنللا بقللارئ وفللي آخللره‬
‫امره بقول الله له اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي وبقوله له‬
‫خاصة وانزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله‬
‫عليك عظيما وحكى ان جماعة من النصارى تحدثوا فيملا بينهلم فقلال قلائل‬
‫منهم ما أقل عقول المسلمين يزعمون ان نللبيهم كللان راعللي الغنللم فكيللف‬
‫يصلح راعي الغنم للنبوة فقال له آخر من بينهم امللا هللم فللوالله اعقللل منللا‬
‫فان الله بحكمته يسترعي النبي الحيوان البهيم فاذا احسلن رعللايته والقيللام‬
‫عليه نقله منه الى رعاية الحيللوان النللاطق حكمللة مللن الللله وتللدريجا لعبللده‬
‫ولكن نحن جئنا الى مولود خرج من امرأة يأكل ويشرب ويبول ويبكي فقلنللا‬
‫هذا الهنا الذي خلق السللموات والرض فامسللك القللوم عنلله فكيللف يحسللن‬
‫بذي همة قد ازاح الله عنه علله وعرفه السللعادة والشللقاوة ان يرضللى بللان‬
‫يكون حيوانا وقد أمكنه ان يصير انسللانا وبللان يكللون إنسللانا وقللد امكنلله ان‬
‫يكون ملكا وبأن يكون ملكا وقد امكنه ان يكون ملكا في مقعللد صللدق عنللد‬
‫مليك مقتدر فتقوم الملئكة في خدمته وتلدخل عليهلم ملن كلل بلاب سللم‬
‫عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار وهذا الكمال إنمللا ينللال بللالعلم ورعللايته‬
‫والقيام بموجبه فعاد المر الى العلم وثمرتلله والللله تعللالى الموفللق واعظللم‬
‫النقص واشد الحسرة نقص القادر علىالتمام وحسرته على تقويته كمللا قللال‬
‫بعض السلف اذا كثرت طرق الخير كان الخللارج منهللا اشللد حسللرة وصللدق‬
‫القائل ‪ # :‬ولم ار في عيوب الناس عيبللا ‪ %‬كنقللص القللادرين علللى التمللام‬
‫فثبت انه ل شيء اقبح بالنسان مللن ان يكللون غللافل عللن الفضللائل الدينيللة‬
‫والعلوم النافعة والعمال الصالحة فمن كان كذلك فهللو مللن الهمللج الرعللاع‬
‫الذين يكدرون الماء ويغلون السلعار ان علاش علاش غيلر حميلد وان ملات‬
‫مللات غيللر فقيللد فقللدهم راحللة للبلد والعبللاد ول تبكللي عليهللم السللماء ول‬
‫تستوحش لهم الغبراء الوجه السابع والثمللانون ان القلللب يعترضلله مرضللان‬
‫يتواردان عليه اذا استحكما فيلله كللان هلكلله ومللوته وهمللا مللرض الشللهوات‬
‫ومرض الشبهات هذان اصل داء الخلللق ال مللن عافللاه الللله وقللد ذكللر الللله‬
‫تعالى هذين المرضين في كتابه اما مرض الشبهات وهللو اصللعبهما واقتلهمللا‬
‫للقلب ففي قوله في حق المنافقين في قلوبهم مرض فزادهللم الللله مرضللا‬
‫وقوله وليقول الذين في قلوبهم مرض والكللافرون مللاذا أراد الللله بهللذا مثل‬
‫وقال تعالى ^ ليجعل مللا يلقللى الشلليطان فتنللة للللذين فللي قلللوبهم مللرض‬
‫والقاسية قلوبهم ^ فهذه ثلثللة مواضللع المللراد بمللرض القلللب فيهللا مللرض‬
‫الجهل والشبهة واما مرض‬

‫الشهوة ففللي قللوله يانسللاء النللبي لسللتن كأحللد مللن النسللاء ان اتقيتللن فل‬
‫تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مللرض أي ل تلللن فللي الكلم فيطمللع‬
‫الذي في قلبه فجور وزناء قالوا والمرأة ينبغي لهللا اذا خللاطبت الجللانب ان‬
‫تغلظ كلمها وتقويه ول تلينه وتكسره فان ذلك ابعد من الريبة والطمع فيهللا‬
‫وللقلب امراض اخر مللن الريللاء والكللبر والعجللب والحسللد والفخللر والخيلء‬
‫وحب الرياسة والعلللو فللي الرض وهللذا مللرض مركللب مللن مللرض الشللبهة‬
‫والشهوة فللإنه ل بللد فيلله مللن تخيللل فاسللد وارادة باطلللة كللالعجب والفخللر‬
‫والخيلء والكبر المركب من تخيل عظمته وفضله وإرادة تعظيللم الخلللق للله‬
‫ومحملدتهم فل يخلرج مرضله علن شلهوة او شلبهة او مركلب منهملا وهلذه‬
‫المراض كلها متولدة عن الجهل ودواؤها العلم كما قللال النللبي فللي حللديث‬
‫صاحب الشجة الذي افتوه بالغسل فمات قتلوه قتلهم الللله ال سللألوا اذ لللم‬
‫يعلموا انما شفاء العلي السلؤال فجعلل العلي وهلو علي القللب علن العللم‬
‫واللسان عن النطللق بلله مرضللا وشللفاؤه سللؤال العلمللاء فللأمراض القلللوب‬
‫اصعب من امراض البدان لن غايللة مللرض البللدن ان يفضللي بصللاحبه الللى‬
‫الموت وأما مرض القلب فيفضي بصاحبه الى الشقاء البدي ول شفاء لهللذا‬
‫المرض ال بالعلم ولهذا سمى الله تعالى كتابه شفاء لمراض الصدور وقللال‬
‫تعالى يا أيها النللاس قللد جللاءتكم موعظللة مللن ربكللم منلله وشللفاء لمللا فللي‬
‫الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ولهللذا السللبب نسللبة العلملاء الللى القللوب‬
‫كنسبة الطباء الى البدان وما يقللال للعلمللاء اطبللاء القلللوب فهللو لقللدر مللا‬
‫جامع بينهما وال فالمر اعظم فان كثيرا من المم يستغنون عن الطبللاء ول‬
‫يوجد الطباء ال في اليسير من البلد وقد يعيش الرجل عمره او برهللة منلله‬
‫ل يحتاج الى طبيب واما العلماء بالله وامره فهم حيللاة الموجللود وروحلله ول‬
‫يستغنى عنهم طرفة عين فحاجللة القلللب الللى العلللم ليسللت كالحاجللة الللى‬
‫التنفس في الهواء بل اعظم وبالجملة فالعلم للقلب مثل المللاء للسللمك اذا‬
‫فقده مات فنسبة العلم الى القلب كنسبة ضوء العيللن اليهللا وكنسللبة سللمع‬
‫الذن وكنسللبة كلم اللسللان اليلله فللإذا عللدمه كللان كللالعين العميللاء والذن‬
‫الصماء واللسان الخرس ولهذا يصف سبحانه اهللل الجهللل بللالعمى والصللم‬
‫والبكم وذلك صفة قلللوبهم حيللث فقللدت العلللم النللافع فبقيللت علللى عماهللا‬
‫وصممها وبكمها قال تعالى ^ ومن كلان فلي هلذه اعملى فهلو فلي الخلرة‬
‫اعمللى واضللل سللبيل ^ والمللراد عمللى القلللب فللي الللدنيا وقللال تعللالى ^‬
‫ونحشرهم يوم القيامة على وجللوههم عميللا وبكمللا وصللما ملأواهم جهنللم ^‬
‫لنهم هكذا كانوا في الدنيا والعبد يبعث على ما مات عليه واختلف فللي هللذا‬
‫العمى في الخرة فقيلل هلوعمى البصليرة بلدليل اخبلاره تعلالى علن رؤيلة‬
‫الكفار ما في القيامة ورؤية الملئكة ورؤية النار وقيل هو عمي البصر ورجح‬
‫هذا بان الطلق ينصرف اليه وبقوله ^ قللال رب لللم حشللرتني اعمللى وقللد‬
‫كنت بصيرا ^ وهذا عمي العين فان الكافر لللم يكللن بصلليرا بحجتلله واجللاب‬
‫هؤلء عن رؤية الكفار‬

‫فللي القيامللة بللأن الللله يخرجهللم مللن قبللورهم الللى موقللف القيامللة بصللراء‬
‫ويحشرون من الموقف اللى النللار عميللا قللاله الفلراء وغيلره الللوجه الثللامن‬
‫والثمانون ان الله سبحانه بحكمته سلط على العبد عدوا عالما بطرق هلكه‬
‫واسباب الشر الذي يلقيه فيه متفننا فيها خبيرا بها حريصا عليها ليفتر يقظة‬
‫ول مناما ول بد له من واحدة من ست ينالها منه احدها وهي غاية مراده منه‬
‫ان يحول بينه وبين العلم واليمان فيلقيه في الكفر فإذا ظفر بذلك فرغ منه‬
‫واستراح فان فاتته هذه وهدى للسلم حرص على تلو الكفللر وهللي البدعللة‬
‫وهي احب اليه من المعصية فان المعصية يتاب منهللا والبدعللة ل يتللاب منهللا‬
‫لن صاحبها يرى انه على هدى وفي بعض الثللار يقللول ابليللس اهلكللت بنللي‬
‫آدم بالذنوب واهلكوني بالستغفار وبل اله ال الله فلما رأيت ذلك بثثت فيهم‬
‫الهواء فهم يذنبون ول يتوبون لنهم يحسبون انهم يحسنون صنعا فاذا ظفللر‬
‫منه بهذه صيره من رعاته وامرائه فان اعجزته شغله بالعمل المفضول عما‬
‫هو افضل منه ليرتج عليه الذي بينهما وهي الخامسة فان اعجزه ذلللك صللار‬
‫الى السادسة وهي تسليط حزبه عليه يؤذونه ويشللتمونه ويبهتللونه ويرمللونه‬
‫بالعظائم ليحزنه ويشغل قلبه عن العلم والرادة وسائر اعماله فكيف يمكن‬
‫ان يحترز منه من ل علم له بهذه المور ول بعدوه ول بما يحصنه منه فانه ل‬
‫ينجو من عدوه ال من عرفه وعرف طريقه الللتي يللأتيه منهللا وجيشلله الللذي‬
‫يستعين به عليه وعرفت داخله ومخارجه وكيفية محاربته وبأي شيء يحاربه‬
‫وبماذا يداوى جراحته وبأي شيء يسللتمد القللوة لقتللاله ودفعلله وهللذا كللله ل‬
‫يحصل ال بالعلم فالجاهل في غفلة وعمى عن هذا المر العظيللم والخطللب‬
‫الجسيم ولهذا جاء ذكر العدو وشأنه وجنوده ومكايده في القرآن كللثيرا جللدا‬
‫لحاجة النفوس الىمعرفة عدوها وطرق محللاربته ومجاهللدته فلللول ان العلللم‬
‫يكشف عن هذا لما نجا من نجا منه فالعلم هو الذي تحصل به النجاة الللوجه‬
‫التاسع والثمانون ان اعظم السباب التي يحرم بها العبد خير الدنيا والخللرة‬
‫ولذة النعيم في الدارين ويدخل عليه عدو منهللا هللو الغفلللة المضللادة للعلللم‬
‫والكسل المضللاد للرادة والعزيمللة هللذان اصللل بلء العبللد وحرمللانه منللازل‬
‫السعداء وهما من عدم العلم اما الغفلة فمضادة للعلللم منافيللة للله وقللد ذم‬
‫سبحانه اهلها ونهى عن الكون منهم وعن طاعتهم والقبول منهم قال تعلالى‬
‫ولتكن من الغافلين وقال تعالى ^ ول تطع مللن اغفلنللا قلبلله عللن ذكرنللا ^‬
‫وقال تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والنس لهم قلللوب ل يفقهللون‬
‫بها ولهم اعين ل يبصرون بها ولهم آذان ل يسللمعون بهللا اولئك كالنعللام بللل‬
‫هم اضل واولئك هم الغافلون وقللال النللبي فللي وصلليته لنسللاء المللؤمنين ل‬
‫تغفلن فتنسين الرحمة وسئل بعض العلماء عن عشق الصللور فقللال قلللوب‬
‫غفلت عن ذكر الله فابتلها الله بعبودية غيره فالقلب الغافل مأوى‬

‫الشيطان فللانه وسللواس خنللاس قللد التقللم قلللب الغافللل يقللرأ عليلله انللواع‬
‫الوساوس والخيالت الباطلة فللاذا تللذكر وذكللر الللله انجمللع وانضللم وخنللس‬
‫وتضاءل لذكر الله فهو دائما بين الوسوسة والخنس وقللال عللروة بللن رويللم‬
‫ان المسيح سأل ربه ان يريه موضع الشيطان ملن ابلن آدم فجللى لله فللاذا‬
‫رأسه راس الحية واضع راسه على ثمرة القلب فإذا ذكللر العبللد ربلله خنللس‬
‫وإذا لم يذكر وضع رأسه على ثمرة قلبلله فمنللاه وحللدثه وقللد روى فللي هللذا‬
‫المعنى حديث مرفوع فهللو دائملا يللترقب غفلللة العبللد فيبللذر فللي قلبلله بللذر‬
‫الماني والشهوات والخيالت الباطلة فيثمر كل حنظل وكل شوك وكللل بلء‬
‫ول يزال يمده بسقيه حتى يغطى القلللب ويعميلله وامللا الكسللل فيتولللد عنلله‬
‫الضاعة والتفريط والحرمان واشد الندامة وهو مناف لراده والعزيمة الللتي‬
‫هي ثمرة العلم فان من علم ان كماله ونعيمه في شيء طلبه بجهده وعزم‬
‫عليه بقلبه كله فإن كل احد يسعى في تكميللل نفسلله ولللذته ولكللن اكللثرهم‬
‫اخطأ الطريق لعللدم علملله بمللا ينبغللي ان يطلبلله فللالرادة مسللبوقة بللالعلم‬
‫والتصور فتخلفها فللي الغللالب إنمللا يكللون لتخلللف العلللم والدراك وإل فمللع‬
‫العلم التام بان سعادة العبد في هللذا المطلللب ونجللاته وفللوزه كيللف يلحقلله‬
‫كسل في النهوض اليه ولهذا استعاذ النبي من الكسل ففي الصحيح عنه انه‬
‫كان يقول اللهم اني اعوذ بك مللن الهللم والحللزن والعجللز والكسللل والجبللن‬
‫والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال فاستعاذ من ثمانية اشياء كل شيئين منهلا‬
‫قرينان والفرق بينهما ان المكروه الوارد على القلب اما ان يكللون علللى مللا‬
‫مضى او لما يستقبل فالول هو الحزن والثاني الهم وان شئت قلت الحللزن‬
‫على المكروه الذي فات ول يتوقع دفعه والهم على المكروه المنتظللر الللذي‬
‫يتوقع دفعه وتأمله والعجز والكسل قرينان فان تخلف مصلحة العبد وكمللاله‬
‫ولذته وسروره عنه اما ان يكون مصدره عدم القللدرة فهللو العجللز او يكللون‬
‫قارا عليه لكن تخلف لعدم إرادته فهللو الكسللل وصللاحبه يلم عيلله مللال يلم‬
‫على العجز وقد يكون العجز ثمرة الكسل فيلم عليه ايضا فكثيرا ما يكسللل‬
‫المرء عن الشيء الذي هو قادر عليه وتضعف عنلله ارادتله فيفضلي بله الللى‬
‫العجز عنه وهذا هو العجز الذي يلوم الله عليه في قول النبي ان الللله يلللوم‬
‫علللى العجللز وإل فللالعجز الللذي لللم تخلللق للله قللدرة علللى دفعلله ول يللدخل‬
‫معجللوزه تحللت القلدرة ل يلم عليلله قلال بعللض الحكملاء فللي وصليته إيلاك‬
‫والكسل والضجر فان الكسل ل ينهللض لمكرمللة والضللجر إذا نهللض اليهللا ل‬
‫يصبر عليها والضجر متولدعن الكسل والعجز فلم يفرده في الحديث بلفللظ‬
‫ثم ذكر الجبن والبخل فان الحسان المتوقع من العبد اما بمللاله وامللا ببللدنه‬
‫فالبخيل مانع لنفع ماله والجبللان مللانع لنفللع بللدنه المشللهور عنللد النللاس ان‬
‫البخل مستلزم الجبن من غير عكس لن من بخل بملاله فهللو بنفسله ابخللل‬
‫والشجاعة تستلزم الكرم من غيللر عكللس لن مللن جللاد بنفسلله فهللو بمللاله‬
‫اسمح واجود وهذا الذي‬

‫قالوه ليس بلزم اكثره فان الشجاعة والكللرم واضللدادها اخلق وغللرائز قللد‬
‫تجمع في الرجل وقد يعطى بعضها دون بعض وقللد شللاهد النللاس مللن اهللل‬
‫القدام والشجاعة والبأس من هو ابخل الناس وهذا كثيرا ما يوجد فللي امللة‬
‫الترك يكون اشجع ملن ليلث وابخلل ملن كللب فالرجلل قلد يسلمح بنفسله‬
‫ويضن بماله ولهذا يقاتل عليه حتى يقتل فيبدأ بنفسه دونه فمن النللاس مللن‬
‫يسمح بنفسه وماله ومنهم من يبخل بنفسه ومنهم من يسمح بمللاله ويبخللل‬
‫بنفسه وعكسه والقسام الربعة موجودة فللي النللاس ثللم ذكللر ضلللع الللدين‬
‫وغلبة الرجال فان القهر الذي ينال العبد نوعان احدهما قهر بحق وهلو ضللع‬
‫الدين والثاني قهر بباطل وهو غلبة الرجال فصلوات الله وسلمه علللى مللن‬
‫اوتي جوامع الكلم واقتبست كنوز العلم والحكمة من الفاظة والمقصللود ان‬
‫الغفلة والكسل اللذين هما اصل الحرمان سببهما عللدم العلللم فعللاد النقللص‬
‫كله الى عدم العلم والعزيمة والكمال كله الى العلم والعزيمة والنللاس فللي‬
‫هذا على اربعة اضرب الضرب الول من رزق علما واعين علللى ذلللك بقللوة‬
‫العزيمة على العمللل وهللذا الضللرب خلصللة الخلللق وهللم الموصللوفون فللي‬
‫القرآن بقوله الذين آمنوا وعمللوا الصلالحات وقلوله اوللى اليلدي والبصلار‬
‫وبقوله افمن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشللي بلله فللي النللاس كمللن‬
‫مثله في الظلمات ليس بخارج منها فبالحياة تنال العزيمة وبالنور ينال العلم‬
‫وأئمة هذا الضرب هم اولو العزم من الرسل الضرب الثلاني ملن حلرم هلذا‬
‫وهذا وهم الموصوفون بقوله إن شر اللدواب عنلد اللله الصلم البكلم اللذين‬
‫ليعقلللون وبقللوله ام تحسللب ان اكللثرهم يسللمعون او يعقلللون ان هللم ال‬
‫كالنعام بل هم اضلوا سبيل وبقوله انللك ل تسللمع المللوتى ول تسللمع الصللم‬
‫الدعاء ^ وقوله ^ وما انت بمسمع من في القبور وهذا الصنف شر البريللة‬
‫يضيقون الديار ويغلون السعار وعند انفسهم انهم يعلمون ولكن ظاهرا مللن‬
‫الحياة الدنيا وهم عن الخللرة هللم غللافلون ويعلمللون ولكللن مللا يضللرهم ول‬
‫ينفعهم وينطقون ولكن عن الهوى ينطقون ويتكلمون ولكن بالجهل يتكلمون‬
‫ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت ويعبدون ولكن يعبدون من دون الله مللال‬
‫يضرهم ول ينفعهم ويجادلون ولكن بالباطللل ليدحضللوا بلله الحللق ويتفكللرون‬
‫ويبيتون ولكن مال يرضى من القول يبيتون ويدعون ولكن مع الله الهللا آخللر‬
‫يدعون ويذكرون ولكن إذا ذكروا ل يذكرون ويصلون ولكنهللم مللن المصلللين‬
‫الذين هم عن صلتهم ساهون الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون ويحكمللون‬
‫ولكن حكم الجاهلية يبغون ويكتبون ولكن يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون‬
‫هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليل فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم‬
‫مما يسكبون ويقولون إنما نحن مصلحون أل انهم هللم المفسللدون ولكللن ل‬
‫يشعرون فهذا الضرب ناس بالصورة وشياطين بالحقيقة وجلهللم إذا فكللرت‬
‫فهم حمير او كلب او ذئاب وصدق البحتري في قوله ‪:‬‬

‫‪ #‬لم يبق من جل هذا النلاس باقيلة ‪ %‬ينالهلا اللوهم ال هلذه الصلور وقلال‬
‫الخر ‪ #‬ل تخدعنك اللحاء والصور ‪ %‬تسعة اعشار من ترى بقر فللي شللجر‬
‫السدر منهم مثل ‪ %‬لها رواء وما لها ثمر واحسن من هذا كللله قللوله تعللالى‬
‫وإذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسلندة‬
‫عالمهم كما قيل فيه ‪ # :‬زوامل للسفار ل علم عندهم ‪ %‬يجيللدها ال كعلللم‬
‫الباعر لعمرك ما يدري البعيللر إذا غللدا ‪ %‬باوسللاقه او راح مللا فللي الغللرائر‬
‫واحسن من هذا وابلغ واوجز وافصح قوله تعالى كمثل الحمار يحمل اسفارا‬
‫بئس مثل القللوم الللذين كللذبوا بآيللات الللله والللله ل يهللدي القللوم الظللالمين‬
‫الضرب الثالث من فتح له باب العلم وأغلق عنله بلاب العلزم والعملل فهلذا‬
‫في رتبة الجاهل او شر منه وفي الحديث المرفللوع اشللد النللاس عللذابا يللوم‬
‫القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه ثبته ابو نعيم وغيره فهذا جهللله كللان خيللرا‬
‫له واخف لعذابه من كمله فما زاده العلم إل وبال وعذابا وهذا ل مطمع فللي‬
‫صلحه فإن التائه عن الطريق يرجى له العود اليهللا إذا ابصللرها فللإذا عرفهللا‬
‫وحاد عنها عمدا فمتى ترجى هدايته قال تعالى كيف يهدي الله قومللا كفللروا‬
‫بعد إيمانهم وشهدوا ان الرسول حق وجاءهم البينات والللله ل يهللدي القللوم‬
‫الظالمين الضرب الرابع من رزق حظا من العزيمة والرادة ولكن قل نصيبه‬
‫من العلم والمعرفة فهذا اذا وفق له القتداء بللداع مللن دعللاة الللله ورسللوله‬
‫كان من الذين قال الله فيهم ^ ومن يطع الله والرسول فأولئك مللع الللذين‬
‫انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصللالحين وحسللن اولئك‬
‫رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بلالله عليمللا ^ رزقنللا الللله ملن فضللله ول‬
‫احرمنا بسوء اعمالنا انه غفور رحيم الوجه التسعون ان كل صفة مللدح الللله‬
‫بها العبد في القرآن فهي ثمرة العلم ونتيجته وكل ذم ذمه فهو ثمرة الجهللل‬
‫ونتيجته فمدحه باليمان وهو راس العلم ولبه ومدحه بالعمللل الصللالح الللذي‬
‫هو ثمرة العلللم النللافع ومللدحه بالشللكر والصللبر والمسللارعة فللي الخيللرات‬
‫والحب له والخللوف منلله والرجللاء والنابللة والحلللم والوقللار واللللب والعقللل‬
‫والعفة والكرم واليثار على النفس والنصيحة لعباده والرحمللة بهللم والرأفللة‬
‫وخفض الجناح والعفلو عللن مسلليئهم والصللفح عللن جلانبهم وبللذل الحسللان‬
‫لكافتهم ودفع السيئة بالحسنة والمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصللبر‬
‫في مواطن الصبر والرضللا بالقضللاء والليللن للوليللاء والشللدة علللى العللداء‬
‫والصدق في الوعد والوفاء بالعهد والعراض‬

‫عن الجاهلين والقبول من الناصحين واليقين والتوكل والطمأنينللة والسللكينة‬


‫والتواصل والتعاطف والعدل في القوال والفعال والخلق والقوة في امره‬
‫والبصيرة في دينه والقيام بأداء حقه واستخراجه من المللانعين للله والللدعوة‬
‫اليه وإلى مرضاته وجنته والتحذير عن سبل اهل الضلل وتبيين طللرق الغللي‬
‫وحللال سللالكيها والتواصللي بللالحق والتواصللي بالصللبر والحللض علللى طعللام‬
‫المسكين وبر الوالدين وصللة الرحللام وبلذل السلللم لكافللة المللؤمنين الللى‬
‫سائر الخلق المحمودة والفعال المرضية الللتي اقسللم الللله سللبحانه علللى‬
‫عظمها فقال تعالى ^ ن والقلم وما يسطرون ما انت بنعملة ربلك بمجنلون‬
‫وإن لك لجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم ^ قالت عائشة رضى الله‬
‫عنها وقد سئلت عن خلق رسللول الللله فقللالت كللان خلقلله القللرآن فللاكتفى‬
‫بذلك السائل وقال فهمت ان اقوم ول أسال عن شيء بعدها فهللذه الخلق‬
‫ونحوها هي ثمرة شجرة العلم واما شجرة الجهل فتثمر كل ثمرة قبيحة من‬
‫الكفر والفساد والشرك والظلم والبغللي والعللدوان والجللزع والهلللع والكنللود‬
‫والعجلة والطيش والحدة والفحش والبذاء والشح والبخل ولهذا قيل في حد‬
‫البخل جهل مقرون بسوء الظلن وملن ثمرتله الغلش للخللق والكلبر عليهلم‬
‫والفخر والخيلء والعجب والرياء والسمعة والنفللاق والكللذب واخلف الوعللد‬
‫والغلظللة علللى النللاس والنتقللام ومقابللة الحسللنة بالسلليئة والملر بلالمنكر‬
‫والنهي عن المعروف وترك القبول ملن الناصلحين وحللب غيلر الللله ورجلائه‬
‫والتوكل عليلله وإيثللار رضللاه علللى رضللا الللله وتقللديم امللره علللى امللر الللله‬
‫والتماوت عند حق الله والوثوق بما عند حق نفسله والغضللب لهلا والنتصلار‬
‫لها فإذا انتهكت حقوق نفسه لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم بأكثر من حقه‬
‫وإذا انتهكت محارم الله لم ينبض له عرق غضبا لللله فل قللوة فللي امللره ول‬
‫بصيرة في دينه ومن ثمرتها الدعوة الى سبيل الشيطان وإلى سلوك طللرق‬
‫البغللي واتبللاع الهللوى وايثللار الشللهوات علللى الطاعللات وقيللل وقللال وكللثرة‬
‫السؤال وإضاعة المال ووأد البنات وعقوق المهات وقطيعة الرحام وإساءة‬
‫الجوار وركوب مركب الخزي والعار وبالحملة فالخير بمجموعه ثمللر يجتنللى‬
‫من شجرة العلم والشللر بمجمللوعه شللوك يجتنللى مللن شللجرة الجهللل فلللو‬
‫ظهرت صورة العلم للبصار لزاد حسنها على صللورة الشللمس والقمللر ولللو‬
‫ظهرت صورة الجهل لكان منظرها اقبح منظر بل كل خير فللي العللالم فهللو‬
‫من آثار العلم الذي جاءت به الرسل ومسبب عنه وكذلك كل خير يكون الى‬
‫قيام الساعة وبعدها في القيامة وكل شر وفساد حصل في العللالم ويحصللل‬
‫الى قيام الساعة وبعدها في القيامة فسببه مخالفة ما جاءت به الرسل في‬
‫العلم والعمل ولو لم يكن للعلم اب ومرب وسائس ووزيللر ال العقللل الللذي‬
‫به عمارة الدارين وهو الذي ارشد الى طاعة الرسل وسلم‬

‫القلب والجوارح ونفسه اليهم وانقاد لحكمه وعزل نفسه وسلللم المللر الللى‬
‫اهله لكفى به شرفا وفضل وقد مدح الله سبحانه العقل وأهله في كتابه في‬
‫مواضع كثيرة منه وذم من ل عقل له وأخبر انهللم اهللل النللار الللذين ل سللمع‬
‫لهم ول عقل فهو آلة كل علم وميزانه الذي به يعللرف صلحيحه ملن سللقيمه‬
‫وراجحه من مرجوحه والمرآة التي يعرف بها الحسن مللن القبيللح وقللد قيللل‬
‫العقل ملك والبدن روحه وحواسه وحركاته كلهلا رعيلة لله فلإذا ضلعف علن‬
‫القيام عليها وتعهدها وصل الخلل اليها كلها ولهللذا قيللل مللن لللم يكللن عقللله‬
‫اغلب خصال الخير عليه كان حتفه في أغلب خصللال الشللر عليلله وروى انلله‬
‫لما هبط آدم من الجنة اتللاه جبريللل فقللال ان الللله احضللرك العقللل والللدين‬
‫والحياء لتختار واحدا منها فقال اخذت العقل فقال الدين والحياء امرنا ان ل‬
‫نفارق العقل حيث كللان فانحللاز اليلله والعقللل عقلن عقللل غريللزة وهللو اب‬
‫العلم ومربيه ومتمره وعقل مكتسب مستفاد وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته‬
‫فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الللله يللؤتيه مللن يشللاء واسللتقام للله امللره‬
‫واقبلت عليه جيوش السللعادة مللن كللل جللانب وإذا فقللد احللدهما فللالحيوان‬
‫البهيم احسن حال منه واذا انفرد انتقص الرجل بنقصان احدهما ومن الناس‬
‫من يرجح صاحب العقل الغريزي ومنهم من يرجح صاحب العقل المكتسللب‬
‫والتحقيق ان صاحب العقل الغريزي الذي ل علم ول تجربة عنده آفتلله الللتي‬
‫يؤتى منه الحجام وترك انتهاز الفرصة لن عقله يعقله عللن انتهللاز الفرصللة‬
‫لعدم علمله بهلا وصلاحب العقلل المكتسلب يلؤتى ملن القلدام فلان علمله‬
‫بالفرص وطرقها يلقيه على المبادرة اليها وعقله الغريزي ل يطيق رده عنلله‬
‫فهو غالبا يؤتى من إقدامه والول من احجامه فإذا رزق العقل الغريزي عقل‬
‫ايمانيا مستفادا من مشكاة النبوة ل عقل معيشلليا نفاقيللا يظللن اربللابه انهللم‬
‫على شيء ال انهم هم الكاذبون فانهم يرون العقل ان يرضللوا النللاس علللى‬
‫طبقاتهم ويسالموهم ويستجلبوا مودتهم ومحبتهم وهذا مع انه ل سللبيل اليلله‬
‫فهو ايثار للراحة والدعة ومؤنة الذى في الله والموالة فيلله والمعللاداة فيلله‬
‫وهو وان كان اسلم عاجلة فهو الهلك في الجلة فإنه مللا ذاق طعللم اليمللان‬
‫من لم يوال في الله ويعاد فيه فالعقل كل العقل ما اوصللل الللى رضللا الللله‬
‫ورسوله والله الموفق المعين وفي حديث مرفوع ذكره ابن عبللدالبر وغيللره‬
‫اوحى الله الى نبي من انبياء بني اسرائيل قل لفلن العابللد امللا زهللدك فللي‬
‫الدنيا فقد تعجلت به الراحة واما انقطاعك الي فقللد اكتسللبت بلله العللز فمللا‬
‫عملت فيما لي عليك قال وما لك على قال هل واليللت فللي وليللا او عللاديت‬
‫في عدوا وذكر ايضا انه اوحى الله الى جبريل ان اخسللف بقريللة كللذا وكللذا‬
‫قال يا رب ان فيهم فلنا العابد قال به فابدأ انه لللم يتمعللر وجهلله فللي يومللا‬
‫قط الوجه الحادي والتسعون حديث ابن عمر عللن النللبي اذا مررتللم بريللاض‬
‫الجنة فارتعوا قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة قال‬

‫حلق الذكر فإن لله سيارات من الملئكة يطلبون حلق الذكر فاذا اتوا عليهم‬
‫صفوا بهم قال عطاء مجالس الذكر مجالس الحلل والحللرام كيللف يشللترى‬
‫ويبيع ويصوم ويصلي ويتصدق وينكح ويطلق ويحج ذكره الخطيب في كتللاب‬
‫الفقيه والمتفقه وقد تقدم بيانه الوجه الثللاني والتسللعون مللا رواه الخطيللب‬
‫ايضا عن ابن عمر يرفعه مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة وفللي رفعلله‬
‫نظر الوجه الثالث والتسعون ما رواه ايضا من حديث عبدالرحمن بن عللوف‬
‫يرفعه يسير الفقه خير من كللثير مللن العبللادة ول يثبللت رفعلله الللوجه الرابللع‬
‫والتسعون ما رواه ايضا من حديث انس يرفعه فقيلله افضللل عنللد الللله مللن‬
‫ألف عابد وهو في الترمذي من حديث روح ابن جنلاح علن مجاهلد علن ابلن‬
‫عبللاس مرفوعللا وفللي ثبوتهمللا مرفللوعين نظللر والظللاهر ان هللذا مللن كلم‬
‫الصحابة فمن دونهم الوجه الخامس والتسعون ما رواه ايضا عللن ابللن عمللر‬
‫يرفعه افضل العبادة الفقلله الللوجه السللادس والتسللعون مللا رواه ايضللا مللن‬
‫حديث نافع عن ابن عمر يرفعه ما عبد الله بشيء افضل من فقه فللي ديللن‬
‫الوجه السابع والتسعون ما رواه عن علي انه قال العللالم اعظللم اجللرا مللن‬
‫الصلائم القللائم الغللازي فللي سلبيل اللله اللوجه الثلامن والتسلعون ملا رواه‬
‫المخلص عن صاعد حدثنا القاسم بن الفضل بن بزيع حدثنا حجاج بللن نصللير‬
‫حدثنا هلل بن عبلدالرحمن الجعفلي علن عطلاء بلن أبلي ميمونلة علن ابلي‬
‫هريرة وأبي ذرأنهما قال باب من العلللم يتعلملله احللب الينللا مللن الللف ركعللة‬
‫تطوعا وباب من العلم نعلمه عمل به او لم يعمل احب الينا من مللائة ركعللة‬
‫تطوعا وقال سمعنا رسول الله يقول إذا جاء الموت طالب العالم وهو علللى‬
‫هذه الحال مات شهيدا ورواه ابن ابي داود عن شاذان عللن حجللاج بلله قلللت‬
‫وشاهده ما مر من حديث الترمذي عللن انللس يرفعلله مللن خللرج فللي طلللب‬
‫العلم فهللو فللي سللبيل الللله حللتى يرجللع الللوجه التاسللع والتسللعون ملا رواه‬
‫الخطيب ايضا عن ابي هريرة قال لن اعلم بابا من العلللم فللي أمللر او نهللي‬
‫احب الي من سبعين غزوة في سبيل الله وهذا ان صللح فمعنللاه احللب الللي‬
‫من سبعين غزوة بل علم لن العمل بل علم فساده اكثر من صلحه او يريللد‬
‫علما يتعلمه ويعلمه فيكون له اجر ملن عملل بله اللى يلوم القياملة وهلذا ل‬
‫يحصل في الغللزو المجللرد الللوجه المللائة مللا رواه الخطيللب ايضللا عللن ابللي‬
‫الدرداء انه قللال مللذاكرة العلللم سللاعة خيللر مللن قيللام ليلللة الللوجه الحللادي‬
‫والمائة ما رواه عن الحسن قال لن العلللم بابللا مللن العلللم فللاعلمه مسلللما‬
‫احب الي من ان يكون لي الدنيا في سبيل الله الللوجه الثللاني والمللائة قللال‬
‫مكحول ما عبد الله بأفضل من الفقه الوجه الثالث والمللائة قللال سللعيد بللن‬
‫المسيب ليست عبادة الله بالصللوم والصلللة ولكللن بللالفقه فللي دينلله وهللذا‬
‫الكلم يراد به امران احدهما انها ليست بالصوم والصلة الخاليين عن العلللم‬
‫ولكن بالفقه الذي يعلم به كيف الصوم والصلة والثاني انهللا ليسللت الصللوم‬
‫والصلة‬

‫فقط بل الفقه في دينه من اعظم عباداته الوجه الرابع والمائة قال اسللحاق‬
‫بن عبد الله بن ابي فروة اقرب الناس من درجة النبوة العلماء واهل الجهاد‬
‫والعلماء دلوا الناس على ما جاءت به الرسل وقد تقدم الكلم فللي تفضلليل‬
‫العالم على الشهيد وعكسه الوجه الخامس والمائة قللال سللفيان بللن عيينللة‬
‫ارفع الناس عند الللله منزلللة ملن كللان بيللن الللله وبيللن عبللاده وهللم الرسللل‬
‫والعلماء الوجه السادس والمائة قال محمد بن شهاب الزهللري مللا عبللدالله‬
‫بمثل الفقه وهذا الكلم ونحوه يراد به انه ما يعبد الله بمثل ان يتعبد بللالفقه‬
‫في الدين فيكون نفس التفقه عبادة كما قال معاذ بللن جبللل عليكللم بللالعلم‬
‫فان طلبه لله عبادة وسيأتي ان شاء الله ذكر كلمه بتمامه وقد يراد بلله انلله‬
‫ما عبد الله بعبادة افضل من عبادة يصحبها الفقه في الدين لعلم الفقيه في‬
‫دينه بمراتب العبادات ومفسداتها وواجبا وسننها وما يكملها وما ينقصها وكل‬
‫المعنيين صحيح الوجه السابع والمائة قال سهل بللن عبللدالله التسللتري مللن‬
‫أراد النظر الى مجالس النبياء فلينظر الى مجالس العلماء وهذا لن العلماء‬
‫خلفاء الرسل في أممهم ووارثوهم في علمهللم فمجالسلهم مجلالس خلفلة‬
‫النبوة الوجه الثامن والمائة ان كثيرا من الئمة صرحوا بأن افضللل العمللال‬
‫بعد الفرائض طلب العلم فقال الشافعي ليس شلليء بعللد الفللرائض افضللل‬
‫من طلب العلم وهذا الذي ذكر اصحابه عنه انه مذهبه وكللذلك قللال سللفيان‬
‫الثوري وحكاه الحنفية عن ابي حنيفللة وامللا المللام احمللد فحكللى عنلله ثلث‬
‫روايات احداهن انه العلم فإنه قيل للله أي شلليء احللب اليللك اجلللس بالليللل‬
‫انسخ او اصلي تطوعا قال نسخك تعلم به امور دينك فهلو احللب الللي وذكللر‬
‫الخلل عنه في كتاب العلم نصوصا كثيرة في تفضيل العلم ومن كلملله فيلله‬
‫الناس الى العلم احوج منهم الى الطعام والشراب وقد تقدم الرواية الثانيللة‬
‫ان افضل العمال بعللدالفرائض صلللة التطللوع واحتللج لهللذه الروايللة بقللوله‬
‫واعلموا ان خير اعمالكم الصلة وبقوله في حديث ابللي ذر وقللد سللأله عللن‬
‫الصلة فقال خيرموضوع وبأنه اوصى من سللأله مللوافقته فللي الجنللة بكللثرة‬
‫السجود وهو الصلة وكذلك قوله في الحللديث الخللر عليللك بكللثرة السللجود‬
‫فإنك ل تسجد لله سجدة إل رفعللك الللله بهللا درجللة وحللط عنللك بهللا خطيئة‬
‫وبالحاديث الدالة على تفضيل الصلة والرواية الثالثة انه الجهاد فإنه قللال ل‬
‫اعدل بالجهاد شلليئا مللن ذا يطيقلله ول ريللب ان اكللثر الحللاديث فللي الصلللة‬
‫والجهاد وأما مالك فقال ابن القاسم سمعت مالكللا يقللول ان اقوامللا ابتغللوا‬
‫العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على امة محمد بأسلليافهم ولللو ابتغللوا العلللم‬
‫لحجزهم عن ذلللك قللال مالللك وكتللب ابللو موسللى الشللعري الللى عمللر بللن‬
‫الخطاب انه قرا القرآن عندنا عددكذا وكذا فكتب اليه عمللر ان افللرض لهللم‬
‫من بيت المال فلما كان في العام‬
‫الثاني كتب اليه انه قد قرا القرآن عندنا عدد كثير لكثر من ذلك فكتب اليلله‬
‫عمر ان امحهم من الديوان فاني اخاف من ان يسرع الناس في القللرآن ان‬
‫يتفقهوا في الدين فيتأولوه على غير تأويله وقال ابن وهللب كنللت بيللن يللدي‬
‫مالك بن انس فوضعت الواحي وقمت الى الصلة فقال ما الذي قمللت اليلله‬
‫بأفضل من الذي تركته قال شيخنا وهذه المور الثلثة التي فضل كللل واحللد‬
‫من الئمة بعضها وهي الصلة والعلم والجهاد هي الللتي قللال فيهللا عمللر بللن‬
‫الخطاب رضى الله عنه لول ثلث في الدنيا لما احببللت البقللاء فيهللا لللول ان‬
‫احمل او اجهز جيشا في سبيل الله ولول مكابدة هللذا الليللل ولللول مجالسللة‬
‫اقوام ينتقون اطايب الكلم كما ينتقى اطايب التمر لما احببت البقاء فالول‬
‫الجهاد والثاني قيام الليللل والثللالث مللذاكرة العلللم فللاجتمعت فللي الصللحابة‬
‫بكمالهم وتفرقت فيمن بعدهم الوجه التاسع والمائة ما ذكره ابو نعيم وغيره‬
‫عن بعض اصحاب رسول الله انه قال فضل العلم خير من نفل العمل وخير‬
‫دينكم الورع وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الللله عنهللا وفللي‬
‫رفعه نظر وهذا الكلم هو فصل الخطاب في هذه المسئلة فإنه إذا كان كللل‬
‫من العلم والعمل فرضا فل بد منهما كالصوم والصلة فإذا كانا فضلين وهما‬
‫النفلن المتطوع بهما ففضل العلم ونفله خير من فضللل العبللادة ونفلهلا لن‬
‫العلم يعم نفعه صلاحبه والنلاس معله والعبلادة يختلص نفعهلا بصلاحبها ولن‬
‫العلم تبقى فائدته وعلمه بعد موته والعبادة تنقطع عنه ولما مر من الوجللوه‬
‫السابقة الوجه العاشر بعدالمائة ما رواه الخطيب وأبللو نعيللم وغيرهمللا عللن‬
‫معاذ بن جبل رضى الله عنه قال تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشللية وطلبلله‬
‫عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنلله جهللاد وتعليملله لمللن ل يحسللنه صللدقة‬
‫وبذله لهله قربلة بله يعلرف اللله ويعبلد وبله يؤحلد وبله يعلرف الحلل ملن‬
‫الحرام وتوصللل الرحللام وهللو النيللس فللي الوحللده والصللاحب فللي الخلللوة‬
‫والدليل على السراء والمعين على الضراء والوزير عند الخلء والقريب عند‬
‫الغرباء ومنار سبيل الجنة يرفللع الللله بلله اقوامللا فيجعلهللم فللي الخيللر قللادة‬
‫وسادة يقتدى بهم ادلة فللي الخيللر تقتللص آثللارهم وترمللق افعللالهم وترغللب‬
‫الملئكة في خلتهم وبأجنحتهم تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى‬
‫حيتان البحر وهو امه وسباع الللبر وانعللامه والسللماء ونجومهللا والعلللم حيللاة‬
‫القلوب من العمى ونور للبصار من الظلم وقوة للبدان من الضعف يبلغ به‬
‫العبد منازل البرار والدرجات العلى التفكللر فيلله يعللدل بالصلليام ومدارسللته‬
‫بالقيام وهو إمام للعمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الشللقياء هللذا‬
‫الثر معروف عن معاذ وروراه ابو نعيم في المعجم من حديث معاذ مرفوعا‬
‫الى النبي ول يثبت وحسبه ان يصل الى معاذ الوجه الحادي‬

‫عشر بعدالمائة ما رواه يونس بللن عبللدالعلى عللن ابللن ابللي فللديك حللدثني‬
‫عمرو بن كثير عن ابي العلء عن الحسن عللن رسللول الللله قللال مللن جللاءه‬
‫الموت وهو يطلب العلم ليحيى بلله السلللم فللبينه وبيللن النبيللاء فللي الجنللة‬
‫درجة النبوة وقد روى من حديث علي بللن زيللد بللن جللدعان عللن سللعيد بللن‬
‫المسيب عن ابن عباس عن النبي وهللذا وإن كللان ل يثبللت اسللناده فل يبعللد‬
‫معناه مللن الصللحة فللإن افضللل الللدرجات النبللوة وبعللدها الصللديقية وبعللدها‬
‫الشهادة وبعدها الصلح وهذه الدرجات الربلع اللتي ذكرهلا الللله تعلالى فللي‬
‫كتابه في قوله ^ ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم‬
‫من النبيين والصديقين والشلهداء والصلالحين وحسلن اولئك رفيقلا ^ فملن‬
‫طلب العلم ليحيى به السلم فهو من الصديقين ودرجتلله بعللد درجللة النبللوة‬
‫الوجه الثاني عشر بعدالمائة قال الحسن في قللوله تعللالى ^ ربنللا آتنللا فللي‬
‫الدنيا حسنة ^ هي العلم والعبادة ^ وفي الخرة حسنة ^ هي الجنللة وهللذا‬
‫من احسن التفسير فإن اجل حسللنات الللدنيا العلللم النللافع والعمللل الصللالح‬
‫الوجه الثالث عشر بعدالمائة قال ابللن مسللعودعليكم بللالعلم قبللل ان يرفللع‬
‫ورفعه هلك العلماء فوالذي نفسي بيده ليودن رجال قتلوا فللي سللبيل الللله‬
‫شهداء ان يبعثهم الله علماء لما يرون من كرامتهم وإن احدا لم يولد عالمللا‬
‫وإنما العلم بالتعلم الوجه الرابع عشر بعد المائة قال ابن عباس وابو هريللرة‬
‫وبعدهما احمد بن حنبل تذاكر العلم بعض ليلة احب الينا مللن احيائهللا الللوجه‬
‫الخامس عشر بعدالمائة قال عمر رضى الله عنه ايها الناس عليكللم بللالعلم‬
‫فإن لله سبحانه رداء يحبه فمن طلب باب من العلم رداه الللله بللردائه فللإن‬
‫اذنللب ذنبللا اسللتعتبه لئل يسلللبه رداءه ذلللك حللتى يمللوت بلله قلللت ومعنللى‬
‫استعتاب الللله عبللدة ان يطلللب منلله ان يعتبلله أي يزيللل عتبلله عليلله بالتوبللة‬
‫والستغفار والنابة فإذا اناب اليه رفع عنلله عتبللة فيكللون قللد اعتللب ربلله أي‬
‫ازال عتبه عليه والرب تعالى قد استعتبه أي طلب منلله ان يعتبلله ومللن هللذا‬
‫قول ابن مسعود وقد وقعت زلزلة بالكوفة ان ربكم يستعتبكم فاعتبوه وهذا‬
‫هو الستعتاب الذين تقاه سبحانه في الخرة في قوله ^ فاليوم ل يخرجللون‬
‫منها ول هم يستعتبون ^ أي ل نطلب منهم إزالللة عتبنللا عليهللم فللإن إزالتلله‬
‫إنما تكون بالتوبة وهي ل تنفع في الخرة وهذا غير استعتاب العبلد ربله كملا‬
‫في قوله تعالى فللإن يصللبروا فالنللار مثللوى لهللم وان يسللتعتبوا فمللاهم مللن‬
‫المعتبين فهذا معناه ان يطلبوا إزالة عتبنا عليهم والعفو فماهم من المعتبين‬
‫أي ماهم ممللن يللزال العتللب عليهللم وهللذا السللتعتاب ينفللع فللي الللدنيا دون‬
‫الخرة الوجه السادس عشر بعدالمائة قال عمر رضى الله عنله ملوت اللف‬
‫عابد اهون من موت عالم بصير بحلل الله وحرامه ووجه قول عمر ان هللذا‬
‫العالم يهدم على إبليللس كللل مللا يبنيلله بعلملله وإرشللاده وامللا العابللد فنفعلله‬
‫مقصور على نفسه الوجه السابع عشر بعدالمائة قول بعض السلف إذا اتللى‬
‫على يوم‬

‫ل ازداد فيه علما يقربني الى الله فل بورك لي في شمس ذلللك اليللوم وقللد‬
‫رفع هذا الى رسول الله ورفعه اليه باطل وحسبه ان يصللل الللى واحللد مللن‬
‫الصحابة او التابعين وفي مثله قال القائل إذا مربللي يللوم ولللم اسللتفد هللدى‬
‫ولم اكتسب علما فما ذلك من عمللري الللوجه الثللامن عشللر بعللدالمائة قللال‬
‫بعض السلف اليمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء وثمرته العلم وقللد‬
‫رفع هذا ايضا ورفعه باطل الوجه التاسع عشر بعدالمائة إنه في بعض الثللار‬
‫بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضللمر سللبعين‬
‫سنة وقد رفع هذا ايضا وفي رفعه نظر الوجه العشللرون بعللدالمائة مللا رواه‬
‫حرب في مسائله مرفوعا الى النبي يجمع الله تعالى العلماء يوم القيامة ثم‬
‫يقول يا معشر العلماء إني لم اضع علمللي فيكللم إل لعلمللي بكللم ولللم اضللع‬
‫علمى فيكم لعذبكم اذهبوا فقد غفرت لكم وهذا وإن كان غريبا فله شواهد‬
‫حسان الوجه الحادي والعشرون بعدالمائة قول ابن المبارك وقد سللئل مللن‬
‫الناس قال العلماء قيل فمن الملللوك قللال الزهللاد قيللل فمللن السللفلة قللال‬
‫الذي يأكل بدينه الوجه الثللاني العشللرون بعلدالمائة ان ملن ادرك العللم للم‬
‫يضره ما فاته بعد ادراكه اذ هو افضل الحظوظ والعطايا ومن فاته العلم لم‬
‫ينفعه ما حصل له من الحظوظ بل يكون وبالعليه وسللببا لهلكلله وفللي هللذا‬
‫قال بعض السلف أي شيء ادرك من فاته العلم واي شيء فللاته مللن ادرك‬
‫العلم الوجه الثالث والعشرون بعدالمائة قال بعض العارفين اليس المريللض‬
‫إذا منع الطعام والشراب والدواء يموت قالوا بلللى قللالوا فكللذلك القلللب إذا‬
‫منع عنه العلم والحكمة ثلثة ايللام يملوت وصللدق فلان العللم طعلام القللب‬
‫وشرابه ودواؤه وحياته موقوفة على ذلك فإذا فقد القلب العلللم فهللو مللوت‬
‫لو كان ل يشعر بموته كما ان السكران الذي قد زال عقللله والخللائف الللذي‬
‫قد انتهلى خلوفه الللى غلايته والمحللب والمفكلر قلد يبطللل احساسلهم بلألم‬
‫الجراحات في تلك الحال فإذا صحوا وعادوا الى حال العتدال ادركوا آلمهللا‬
‫هكللذا العبللد إذا حللط عنلله المللوت احمللال الللدنيا وشللواغلها اختللص بهلكلله‬
‫وخسرانه ‪ #‬فحتام ل تصحوا وقد قرب المدى ‪ %‬وحتام ل ينجاب عن قلبللك‬
‫السكر بل سوف تصحو حين ينكشلف الغطللا ‪ %‬وتللذكر قللولي حيلن ل ينفلع‬
‫الذكر فإذا كشف الغطاء وبرح الخفاء وبليت السرائر وبدت الضللمائر وبعللثر‬
‫ما فللي القبللور وحصللل مللا فللي الصللدور فحينئذ يكللون الجهللل ظلمللة علللى‬
‫الجاهلين والعلم حسرة على البللاطلين الللوجه الرابللع والعشللرون بعللدالمائة‬
‫قال ابو الدرداء من رأى ان الغدو الى العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيلله‬
‫وعقله وشاهد هذا قول معاذ وقد تقدم الوجه الخامس والعشرون بعدالمائة‬
‫قول ابي الدرداء ايضللا لن اتعلللم مسللئلة احللب الللي مللن قيللام ليلللة الللوجه‬
‫السادس والعشرون‬

‫بعدالمائة قوله ايضا العالم والمتعلم شريكان في الجر وسائر النللاس همللج‬
‫ل خير فيهم الوجه السابع والعشرون بعدالمائة ما رواه ابلو حلاتم بلن حبلان‬
‫في صحيحه من حديث ابي هريرة انلله سللمع رسللول الللله يقللول مللن دخللل‬
‫مسجدنا هذا ليتعلم خيرا او ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخللله‬
‫لغير ذلك كان كالناظر الى ما ليس له الوجه الثامن والعشرون بعدالمائة ما‬
‫رواه ايضا في صحيحه من حديث الثلثة الذين انتهوا الللى رسللول الللله وهللو‬
‫جالس في حلقه فللأعرض احللدهم واسللتحى الخللر فجلللس خلفهللم وجلللس‬
‫الثالث في فرجة في الحلقة فقال النبي اما احللدهم فللأوى الللى الللله فللآواه‬
‫الله وأما الخر فاستيحا فاستحيا الله منه وأما الخر فللاعرض فللاعرض الللله‬
‫عنه فلولم يكن لطالب العلم ال ان الله يؤويه اليه ول يعرض عنه لكفللى بلله‬
‫فضل الوجه التاسع والعشرون بعد المائة ما رواه كميل بن زياد النخعي قال‬
‫اخذ علي بن ابي طالب رضى الله عنه بيدي فللاخرجني ناحيللة الجبانللة فلمللا‬
‫اصحر جعل يتنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلللوب اوعيللة فخيرهللا اوعاهللا‬
‫احفظ عني ما اقول لك الناس ثلثة فعالم رباني ومتعلللم علللى سللبيل نجللاة‬
‫وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئؤوا بنور العلم ولم‬
‫يلجئوا الى ركن وثيق العلم خيللر مللن المللال العلللم يحرسللك وانللت تحللرس‬
‫المال العلم يكزكوا عللى النفلاق وفللي روايلة علللى العمللل والمللال تنقصله‬
‫النفقة العلم حاكم والمال محكوم عليه ومحبلة العلللم ديللن يلدان بهلا العللم‬
‫يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الحدوثة بعد وفللاته وصللنيعة المللال‬
‫تزول بزواله مات خزان الموال وهم احياء والعلماء بللاقون مللا بقللي الللدهر‬
‫اعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه هاه إن ههنا علما واشللار‬
‫بيده الى صدره لو اصبت له حملة بل اصبته لقنا غير مأمون عليلله يسللتعمل‬
‫آلة الدين للدنيا يستظهر حجج الله على كتابه وبنعمه علللى عبللاده او منقللادا‬
‫لهل الحق ل بصير له في احبائه ينقدح الشللك فللي قلبلله بللأول عللارض مللن‬
‫شبهة لذاو ل ذاك او منهوما للذات سلس القياد للشللهوات او مغللرى بجمللع‬
‫الموال والدخار ليسا من دعاة الدين اقرب شبها بهم النعام السائمة لذلك‬
‫يموت العلم بموت حامليه اللهم بك لللن تخلللو الرض مللن قللائم لللله بحجتلله‬
‫لكيل تبطل حجج الله وبنياته اولئك القلللون عللددا العظمللون عنللد الللله قيل‬
‫بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوهلا اللى نظرائهلم ويزرعوهلا فلي قللوب‬
‫اشللابههم هجللم بهللم العلللم علللى حقيقللة المللر فاسللتلنوا مللا اسللتوعر منلله‬
‫المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الللدنيا بأبللدان ارواحهللا‬
‫معلقة بالمل العلى اولئك خلفاء الله في ارضه ودعللاته الللى دينلله هللاه هللاه‬
‫شوقا الى رؤيتهم واستغفر الله لي ولك اذا شئت فقم ذكللره ابللو نعيللم فللي‬
‫الحلية وغيره قال ابو بكر الخطيب هذا حديث حسللن مللن احسللن الحللاديث‬
‫معنى واشرفها لفظا وتقسيم امير‬

‫المؤمنين للناس في اوله تقسيم في غاية الصحة ونهاية السداد لن النسان‬


‫ل يخلو من احد القسام التي ذكرها مع كمال العقللل وإزاحللة العلللل امللا ان‬
‫يكللون عالمللا او متعلمللا او مغفل للعلللم وطلبلله اليللس بعللالم ول طللالب للله‬
‫فالعالم الرباني هو الذي ل زيادة على فضله لفاضل ول منزلة فللوق منزلتلله‬
‫لمجتهد وقد دخل في الوصف له بانه رباني وصلفه بالصلفات اللتي يقتضليها‬
‫العلم لهله ويمنع وصفه بما خالفها ومعنى الرباني في اللغة الرفيع الدرجللة‬
‫في العلم العالي المنزلة فيه وعلى ذلك حملوا قللوله تعللالى ^ لللول ينهللاهم‬
‫الربانيون ^ وقوله ^ كونوا ربانيين ^ قال ابن عباس حكمللاء فقهللاء وقللال‬
‫ابو رزين فقهاء علماء وقال ابو عمر الزاهللد سللالت ثعلبللا عللن هللذا الحللرف‬
‫وهو الرباني فقال سألت ابن العرابللي فقللال إذا كللان الرجللل عالمللا عللامل‬
‫معلما قيل له هذا رباني فإن خرم عن خصلة منها لم نقل له ربللاني ‪ #‬قللال‬
‫ابن النبللاري عللن النحللويين ان الربللانيين منسللوبون الللى الللرب وان اللللف‬
‫والنون زيدتا للمبالغة في النسب كما تقول لحياني وجبهاني إذا كللان عظيللم‬
‫اللحية والجبهة واما المتعلم على سبيل النجاة فهو الطالب بتعلمه والقاصللد‬
‫به نجاته من التفريط في تضييع الفروض الواجبة عليه والرغبللة بنفسلله عللن‬
‫احمالها واطراحهللا والنفللة مللن مجانسللة البهللائم ثللم قللال وقللد نفللى بعللض‬
‫المتقدمين عن الناس من لم يكن من اهل العلم وامللا القسللم الثللالث فهللم‬
‫المهملون لنفسهم الراضون بالمنزلة الدنية والحال الخسيسة التي هي في‬
‫الحضيض السقط والهبوط السفل التي ل منزلة بعدها في الجهل ول دونها‬
‫في السقوط وما احسن ما شبههم بالهمللج الرعللاع وبلله يشللبه دنللاة النللاس‬
‫واراذلهم والرعاع المتبدد المتفرق وللناعق الصللائح وهللو فللي هللذا الموضللع‬
‫الراعي يقال نعق الراعي بالغنم ينعق اذا صاح بها ومنه قللوله تعللالى ومثللل‬
‫الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمال يسمع ال دعللاءا ونللداءا صللم بكللم عمللي‬
‫فهم ل يعقلون ونحن نشير الى بعض ما في هذا الحديث من الفوائد فقللوله‬
‫رضى الله عنه القلوب اوعية يشبه القلب بالوعاء والناء والوادي لنلله وعللاء‬
‫للخير والشر وفي بعض الثار ان لله في ارضه آنيللة وهللي القلللوب فخيرهللا‬
‫ارقها واصلبها واصفاها فهي اواني مملللوءة مللن الخيللر واوانللي مملللوة مللن‬
‫الشر كما قال بعض السلف قلوب البرار تغلى بللالبر وقلللوب الفجللار تغلللى‬
‫بالفجور وفي مثل هذا قيل في المثل وكل إناء بالذي فيه ينضح وقال تعللالى‬
‫^ انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها ^ شللبه العلللم بالمللاء النللازل‬
‫من السماء والقلوب في سعتها وضيقها بالودية فقلب كبير واسع يسع علما‬
‫كثيرا كواد كبير واسع يسع ماءا كثيرا وقلب صغير ضيق يسع علما قليل كواد‬
‫صغير ضيق يسع ماءا قليل ولهللذا قللال النللبي ل تسللموا العنللب الكللرم فللإن‬
‫الكرم قلب المؤمن فانهم كانوايسمون شللجر العنللب الكللرم لكللثرة منللافعه‬
‫وخيره والكرم كثيرة الخير والمنافع فأخبرهم ان قلب‬

‫المؤمن اولى بهذه التسمية لكثرة ما فيه من الخير والمنافع وقللوله فخيرهللا‬
‫اوعاها يراد به اسرعها وعيا واثبتها وعيا ويراد به ايضا احسللنها وعيللا فيكللون‬
‫حسن الوعي الذي هو إيعاء لما يقال له في قلبه هو سللرعته وكللثرته وثبللاته‬
‫والوعاء من مادة الوعي فإنه آلة ما يوعى فيه كالغطاء والفللراش والبسللاط‬
‫ونحوهللا ويوصللف بللذلك القلللب والذن كقللوله تعللالى إنللا لمللا طغللى المللاء‬
‫حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تللذكرة وتعيهللا اذن واعيللة قللال قتللادة اذن‬
‫سمعت وعقلت عن الله ما سمعت وقال الفللراء لتحفظهللا كللل اذن فتكللون‬
‫عظة لمن يأتي بعد فالوعي توصللف بله الذن كمللا يوصللف بله القلللب يقللال‬
‫قلب واع وأذن واعية لما بين الذن والقلب من الرتباط فللالعلم يللدخل مللن‬
‫الذن الى القلب فهي بابه والرسللول الموصللل اليلله العلللم كمللا ان اللسللان‬
‫رسوله المؤدى عنه ومن عرف ارتباط الجوارح بالقلب علم ان الذن احقهللا‬
‫ان توصف بالوعي وانها إذا وعت وعي القلب وفي حديث جللابر فللي المثللل‬
‫الذي ضربته الملئكة للنللبي ولمتلله وقللول الملللك للله اسللمع سللمعت اذنللك‬
‫وعقل قلبك فلما كان القلللب وعللاءا والذن مللدخل ذلللك الوعللاء وبللابه كللان‬
‫حصول العلم موقوفا على حسن الستماع وعقل القلب والعقللل هللو ضللبط‬
‫ما وصل الى القلب وإمساكه حتى ليتفلت منلله ومنلله عقللل البعيللر والدابللة‬
‫والعقال لما يعقل به وعقل النسان يسمى عقل لنه يعقله عللن اتبللاع الغللي‬
‫والهلك ولهذا يسمى حجرا لنه يمنع صاحبه كما يمنع الحجر ما حواه فعقللل‬
‫الشيء اخص من علمه ومعرفته لن صاحبه يعقل ما علمه فل يدعه يللذهب‬
‫كما تعقل الدابة التي يخاف شرودها وللدراك مراتب بعضها اقوى من بعض‬
‫فاولها الشعور ثم الفهم ثم المعرفللة ثللم العلللم ثللم العقللل ومرادنللا بالعقللل‬
‫المصدر ل القوة الغريزية التي ركبها الله في النسان فخير القلوب ما كللان‬
‫واعيا للخير ضابطا له وليس كالقلب القاسي الذي ليقبله فهذا قلب حجري‬
‫ول كالمللائع الخللرق الللذي يقبللل ولكللن ل يحفللظ ول يضللبط فتفهيللم الول‬
‫كالرسم في الحجر وتفهيم الثاني كالرسم على المللاء بللل خيللر القلللوب مللا‬
‫كان لينا صلبا يقبل بلينه ما ينطبع فيه ويحفظ صورته بصلللبته فهللذا تفهيملله‬
‫كالرسم في الشمع وشبهه وقوله النللاس ثلثللة فعللالم ربللاني ومتعلللم علللى‬
‫سبيل النجاة همج رعاع هذا تقسيم خاص للناس وهو الواقع فللإن العبللد إمللا‬
‫ان يكون قللد حصللل كمللاله مللن العلللم والعمللل اول فللالول العللالم الربللاني‬
‫والثاني اما ان تكللون نفسلله متحركللة فللي طلللب ذلللك الكمللال سللاعية فللي‬
‫إدراكه اول والثاني هو المتعلم على سبيل النجاة الثالث وهو الهمللج الرعللاج‬
‫فالول هو الواصل والثاني هو الطالب والثالث هو المحروم والعالم الربللاني‬
‫قال ابن عباس رضللى الللله عنهمللا هللو المعلللم اخللذه ملن التربيللة أي يربللى‬
‫الناس بالعلم ويربيهم به كما يربى الطفللل ابللوه وقللال سللعيد بللن جللبير هللو‬
‫الفقيه العليم الحكيللم قللال سلليبويه زادوا الفللا ونونللا فللي الربللاني إذا ارادوا‬
‫تخصيصا بعلم الرب تبارك وتعالى كما قالوا أشعر اني ولحياني ومعني قللول‬
‫سيبويه رحمه الله ان هذا العالم لما نسب الى علم الرب تعالى الللذي بعللث‬
‫به رسوله‬

‫وتخصص به نسب اليه دون سائر من علم علما قال الواحدي فالرباني على‬
‫قوله منسوب الى الرب على معنى التخصيص بعلم الرب أي يعلم الشللريعة‬
‫وصفات الرب تبارك وتعالى وقال المبرد الربللاني الللذي يللرب العلللم ويللرب‬
‫الناس به أي يعلمهم ويصلحهم وعلى قوله فالربللاني مللن رب يللرب ربللا أي‬
‫يربيه فهو منسوب الى التربية ويربى علمه ليكمل ويتم بقيامه عليه وتعاهده‬
‫إيللاه كمللا يربللى صللاحب المللال مللاله يربللي النللاس بلله كمللا يربللى الطفللال‬
‫اولياؤهم وليس هذا من قوله ^ وكأين ملن نللبي قاتللل معلله ربيللون كللثير ^‬
‫فالربيون هنا الجماعات باجماع المفسرين قيل إنلله مللن الربللة بكسللر الللراء‬
‫وهي الجماعة قال الجوهري الربي واحد الربييللن وهللم اللللوف مللن النللاس‬
‫قال تعالى ^ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصللابهم ^‬
‫ول يوصف العالم بكونه ربانيا حتى يكون عامل بعمله معلمللا لله فهللذا قسللم‬
‫والقسم الثاني متعلم على سبيل نجاة أي قاصدا بعلمه النجاة وهو المخلص‬
‫في تعلمه المتعلم ما ينفعه العامل بما علمه فل يكون المتعلللم علللى سللبيل‬
‫نجاة ال بهذه المور الثلثة فإنه إن تعلم مللا يضللره ولينفعلله لللم يكللن علللى‬
‫سبيل نجاة وإن تعلم ما ينتفع به ل للنجاة فكذلك وإن تعلمه ولللم يعمللل بلله‬
‫لم يحصل له النجاة ولهذا وصفه بكونه على السبيل اي على الطريللق الللتي‬
‫تنجيه وليس حرف على وما عمل فيه متعلقا بمتعلم إل على وجلله التضلمين‬
‫أي مفتش متطلع على سبيل نجلاته فهلذا فلي الدرجللة الثانيللة وليلس مملن‬
‫تعلمه ليمارى به السفهاء او يجارى به العلماء او يصرف وجللوه النللاس اليلله‬
‫فإن هذا من اهل النار كما جاء في الحديث وثبته ابللو نعيللم ايضللا قللوله مللن‬
‫تعلم علما مما يبتغى به وجه الله ل يتعلمه ال ليصيب به عرضا من الدنيا لم‬
‫يجد رائحة الجنة قال وثبت ايضا قوله اشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم‬
‫ينفعه الله بعلمه فهؤلء ليس فيهم من هو على سبيل نجاة بلل عللى سلبيل‬
‫الهلكة نعوذ بالله من الخذلن القسم الثالث المحروم المعرض فل عللالم ول‬
‫متعلم بل همج رعاع والهمج من الناس حمقاؤهم وجهلتهم واصله من الهمج‬
‫جمع همجة وهو ذباب صغير كلالبعوض يسلقط عللى وجلوه الغنللم والللدواب‬
‫واعينها فشبه همج الناس به والهمج ايضا مصدر قال الراجز ‪ # :‬قد هلكللت‬
‫جارتنا من الهمج ‪ %‬وان تجع تأكل عتودا او ثلج والهمللج هنللا مصللدر ومعنللاه‬
‫سوء التدبير في أمر المعيشة وقولهم همج هامج مثل ليل ليل والرعاع من‬
‫النساء الحمقى الذين ليعتد بهم وقوله اتبللاع كللل نللاعق أي مللن صللاح بهللم‬
‫ودعاهم تبعوه سواء دعاهم الى هدى او الى ضلل فانهم ل علم لهللم بالللذي‬
‫يدعون اليه احق هللو ام باطللل فهللم مسللتجيبون لللدعوته وهللؤلء مللن اضللر‬
‫الخلق على الديان فإنهم الكثرون عددا القلون‬

‫عند الله قدرا وهم حطب كل فتنة بهم توقد ويشب ضرامها فإنهللا يهللتز لهللا‬
‫اولو الدين ويتولها الهمج الرعاع وسمى داعيهم ناعقا تشللبيها لهللم بالنعللام‬
‫التي ينعق بها الراعي فتذهب معه اين ذهب قال تعالى ومثللل الللذين كفللروا‬
‫كمثل الذي ينعق بما ل يسمع ال دعاءا ونداءا صم بكم عمي فهم ل يعقلللون‬
‫وهذا الذي وصفهم به امير المؤمنين هو مللن عللدم علمهللم وظلمللة قلللوبهم‬
‫فليس لهم نور ول بصيره يفرقون بها بين الحق والباطللل بللل الكللل عنللدهم‬
‫سواء وقوله رضى الله عنه يميلون مع كل ريللح وفللي روايللة مللع كللل صللائح‬
‫شللبه عقللولهم الضللعيفة بالغصللن الضللعيف وشللبه الهويللة والراء بالريللاح‬
‫والغصن يميل مع الري حيث مالت وعقول هؤلء تميللل مللع كللل هللوى وكللل‬
‫داع ولو كانت عقول كاملة كانت كالشجرةالكبيرة التي لتتلعللب بهللا الريلاح‬
‫وهذا بخلف المثل الللذي ضللربه النللبي للمللؤمنين بالخامللة مللن الللزرع تفيئه‬
‫الريللح مللرة وتقيملله اخللرى والمنللافق كشللجرة الرز الللتي ل تقطللع حللتى‬
‫تستحصللد فللإن هللذا المثللل ضللرب للمللؤمن ومللا يلقللاه مللن عواصللف البلء‬
‫والوجاع والوجال وغيرها فل يزال بيللن عافيللة وبلء ومحنللة ومنحللة وصللحة‬
‫وسقم وأمن وخوف وغير ذلك فيقع مرة ويقوم اخرى ويميللل تللارة ويعتللدل‬
‫اخرى فيكفر عنه بالبلء ويمحص به ويخلص من كدره والكافر كله خبللث ول‬
‫يصلللح ال للوقللود فليللس فللي إصللابته فللي الللدنيا بللانواع البلء مللن الحكمللة‬
‫والرحمة ما فللي اصللابة المللؤمن فهللذه حللال المللؤمن فللي البتلء وامللا مللع‬
‫الهواء ودعاة الفتن والضلل والبدع فكما قيل ‪ # :‬تزول الجبللال الراسلليات‬
‫وقلبه ‪ %‬على العهد ل يلوى ول يتغير وقوله رضللى الللله عنلله لللم يستضلليئوا‬
‫بنور العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق بين السبب الذي جعلهللم بتلللك المثابللة‬
‫وهو انه لم يحصل لهم من العلم نور يفرقون به بين الحق والباطل كما قال‬
‫تعالى ^ يا ايها الذين آمنللوا اتقللوا الللله وآمنللوا برسللوله يللؤتكم كفليللن مللن‬
‫رحمته ويجعللل لكللم نللورا تمشللون بلله ^ وقللال تعللالى ^ او مللن كللان ميتللا‬
‫فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمللات ليللس‬
‫بخارج منها ^ وقوله تعالى ^ يهدي به الله من اتبللع رضللوانه سللبل السلللم‬
‫ويخرجهم من الظلمات الى النور ^ الية وقوله ^ ولكن جعلناه نورا نهللدي‬
‫به من نشاء من عبادنا ^ فإذا عدم القلب هذا النللور صللار بمنزلللة الحيللران‬
‫الذي ل يدري اين يذهب فهو لحيرته وجهله بطريق مقصوده يؤم كل صللوت‬
‫يسمعه ولم يسكن قلوبهم من العلم ما تمتنع به من دعاة الباطل فإن الحق‬
‫متى استقر في القلب قوى به وامتنع مما يضره ويهلكلله ولهللذا سللمى الللله‬
‫الحجة العلمية سلطانا وتقدم قدم ذلك فالعبد يؤتى من ظلمة بصيرته ومللن‬
‫ضعف قلبه فاذا‬

‫استقر فيه العلم النافع استنارت بصيرته وقللوى قلبلله وهللذان الصلللن همللا‬
‫قطب السعادة اعني العلم والقوة وقللد وصللف بهمللا سللبحانه المعلللم الول‬
‫جبريل صلوات الله وسلمه عليه فقال ^ إن هو إل وحي يوحى علمه شديد‬
‫القوى ^ وقال تعالى في سورة التكوير ^ إنه لقول رسول كريللم ذي قللوة‬
‫عند ذي العرش مكين ^ فوصفه بالعلم والقوة وفيه معنى احسن مللن هللذا‬
‫وهو الشبه بمراد على رضى الله عنه وهو ان هؤلء ليسوا من اهل البصللائر‬
‫الذين استضاؤا بنور العلم ول لجئوا الى عالم مستبصللر فقلللدوه ول متبعيللن‬
‫لمستبصر فإن الرجل اما ان يكون بصيرا او اعمى متمسكا ببصير يقللوده او‬
‫اعمى يسير بل قللائد وقللوله رضللى الللله عنلله العلللم خيللر مللن المللال العلللم‬
‫يحرسك وانللت تحللرس المللال يعنللي ان العلللم يحفللظ صللاحبه ويحميلله مللن‬
‫مواردالهلكة ومواقع العطب فإن النسان ل يلقى نفسه فللي هلكللة إذا كللان‬
‫عقله معه ول يعرضها لمتلف إل إذا كان جاهل بذلك ل علم له به فهللو كمللن‬
‫يأكل طعاما مسموما فالعالم بالسم وضرره يحرسلله علملله ويمتنللع بلله مللن‬
‫اكله والجاهل به يقتله جهله فهذا مثل حراسللة العلللم للعللالم وكللذا الطللبيب‬
‫الحاذق يمتنع بعلمه عن كثير ما يجلب للله المللراض والسللقام وكللذا العللالم‬
‫بمخاوف طريق سلوكه ومعاطبها يأخذ حذره منها فيحرسه علمه من الهلك‬
‫وهكذا العالم بالله وبللامره وبعللدوه ومكللائده ومللداخله علللى العبللد يحرسلله‬
‫علمه من وساوس الشيطان وخطراتلله والقللاء الشللك والريللب والكفللر فللي‬
‫قلبه فهو بعلمه يمتنع من قبول ذلك فعلمه يحرسه من الشيطان فكلما جاء‬
‫ليأخذه صاح به حرس العلم واليمان فيرجع خاسئا خائبا واعظم ما يحرسلله‬
‫من هذا العدو المبين العلم واليمان فهذا السبب الذي من العبللد والللله مللن‬
‫وراء حفظه وحراسته وكلءته فمتى وكللله الللى نفسلله طرفللة عيللن تخطفلله‬
‫عدوه قال بعض العارفين اجمع العارفون على ان التوفيق ان ل يكلللك الللله‬
‫الى نفسك واجمعوا علللى ان الخللذلن ان يخلللى بينللك وبيللن نفسللك وقللوله‬
‫العلم يزكوا على النفاق والمال تنقصه النفقة العالم كلما بذل علمه للنللاس‬
‫وانفق منه تفجرت بنابيعه فازداد كثرة وقوة وظهورا فيكتسب بتعليمه حفظ‬
‫ما علمه ويحصل له به علم ما لم يكن عنده وربما تكون المسئلة في نفسه‬
‫غير مكشوفة ول خارجة من حيز الشكال فإذا تكلم بها وعلمها اتضللحت للله‬
‫واضاءت وانفتح له منها علوم اخر وايضا فإن الجزاء من جنس العمل فكمللا‬
‫علم الخلق من جهالتهم جزاه الله بللان كلمللة مللن جهللالته كمللا فللي صللحيح‬
‫مسلم من حديث عياض بن حمار عن النبي انه قال فلي حلديث طويللل وان‬
‫الله قال لي انفق انفق عليك وهذا يتناول نفقة العلم اما بلفظه وإما بتنبيهه‬
‫وإشارته وفحواه ولزكاء العلم ونحوه طريقان احدهما تعليمه والثاني العمللل‬
‫به فإن العمل به ايضا ينميلله ويكللثره ويفتللح لصللاحبه ابللوابه وخبايللاه وقللوله‬
‫والمال تنقصه النفقة ل ينافي قول النبي مللا نقصللت صللدقة مللن مللال فللإن‬
‫المال إذا تصدقت منه وانفقت ذهب ذلك القدر‬

‫وخلفه غيره وأما العلم فكالقبس من النار لو اقتبس منها العللالم لللم يللذهب‬
‫منها شيء بل يزيد العلم بالقتباس منه فهو كالعين التي كلما اخذ منها قوى‬
‫ينبوعها وجاش معينها وفضل العلم عللى الملال يعللم ملن وجللوه احللدها ان‬
‫العلللم ميللراث النبيللاء والمللال ميللراث الملللوك والغنيللاء والثللاني ان العلللم‬
‫يحرس صاحبه وصاحب المال يحرس ماله والثالث ان المال تذهبه النفقللات‬
‫والعلم يزكللوا علللى النفقللة الرابللع ان صللاحب المللال إذا مللات فللارقه مللاله‬
‫والعلم يدخل معه قبره الخامس ان العلم حاكم على المال والمال ل يحكللم‬
‫على العلم السادس ان المال يحصل للمؤمن والكافر والبر والفاجر والعلللم‬
‫النافع ل يحصللل ال للمللؤمن ز السللابع ان العللالم يحتللاج اليلله الملللوك فمللن‬
‫دونهم وصاحب المال إنما يحتاج اليه اهل العدم والفاقللة الثللامن ان النفللس‬
‫تشرف وتزكو بجمع العلم وتحصيله وذلك من كمالها وشرفها والمال يزكيهللا‬
‫ول يكمله ول يزيدها صللفة كمللال بللل النفللس تنقللص وتشللح وتبخللل بجمعلله‬
‫والحرص عليه فحرصها على العلم عين كمالهللا وحرصللها علللى المللال عيللن‬
‫نقصها التاسع ان المال يدعوها الى الطغيان والفخر والخيلء والعلم يدعوها‬
‫إلى التوضع والقيام بالعبودية فالمللال يللدعوها الللى صللفات الملللوك والعلللم‬
‫يدعوها الى صفات العبيد العاشر ان العلم جاذب موصللل لهللا الللى سللعادتها‬
‫التي خلقت لها والمال حجاب بينها وبينها الحادي عشر ان غنللي العلللم اجللل‬
‫من غني المال فإن غني المال غنى بللامر خللارجي عللن حقيقللة النسللان لللو‬
‫ذهب في ليلة اصبح فقيرا معدما وغني العلم ل يخشى عليلله الفقللر بللل هللو‬
‫في زايدة ابدا فهو الغني العالي حقيقة كما قيل ‪ #‬غنيت بل مال عن الناس‬
‫كلهم ‪ %‬وان الغني العالي عن الشيء ل به الثاني عشللر ان المللال يسللتعبد‬
‫محبه وصاحبه فيجعله عبدا له كمللا قللال النللبي تعللس عبللد الللدينار والللدرهم‬
‫الحديث والعلم يستعبده لربه وخالقه فهو ل يدعوه إل الى عبودية الله وحده‬
‫الثالث عشر ان احب العلللم وطلبلله اصللل كللل طاعللة وحللب الللدنيا والمللال‬
‫وطلبه اصل كل سيئة الرابع عشر ان قيمة الغني ماله وقيمللة العللالم علملله‬
‫فهذا متقوم بماله فإذا عدم ماله عدمت قيمته وبقي بل قيمة والعالم لتزول‬
‫قيمته بل هي فيضاعف وزيادة دائمللا الخللامس عشللر ان جللوهر المللال مللن‬
‫جنس جوهر البدن وجوهر العلم من جنس جوهر الروح كما قال يللونس بللن‬
‫حبيب علمك من روحك ومالك من بدنك والفرق بيلن المريلن كلالفرق بيلن‬
‫الروح والبدن السادس عشر ان العالم لو عرض عليه بحظه من العلم الدنيا‬
‫بما فيها لم يرضها عوضللا مللن علملله والغنللي العاقللل إذا رأى شللرف العلللم‬
‫وفضله وابتهاجه بالعلم وكماله به يود لللو ان للله علملله بغنللاه اجمللع السللابع‬
‫عشر انه ما اطاع الله احللد قللط ال بلالعلم وعامللة مللن يعصلليه إنمللا يعصلليه‬
‫بالمال الثامن عشر ان العالم يللدعو النللاس الللى الللله بعلملله وحللاله وجللامع‬
‫المال يدعوهم الى الدنيا بحاله وماله التاسع عشر ان غنى المال قللد يكللون‬
‫سللبب هلك صللاحبه كللثيرا فللإنه معشللوق النفللوس فللإذا رأت مللن يسللتأثر‬
‫بمعشوقها عليها سعت في هلكه كما هو الواقع وأما غنى‬

‫العلم فسبب حياة الرجل وحياة غيره به والناس إذا راوا من يسللتأثر عليهللم‬
‫به ويطلبه احبوه وخدموه واكرموه العشرون إن اللذة الحاصلة من غنى إما‬
‫لذة وهمية وإما لذة بهيمية فإن صاحبه التذ بنفس جمعه وتحصيله فتلك لذة‬
‫وهمية خيالية وان التذ بانفاقه في شهواته فهي لذة بهيمية وامللا لللذة العلللم‬
‫فلذة عقلية روحانية وهي تشبه لذة الملئكة وبهجتها وفرق مللا بيللن اللللذتين‬
‫الحادي والعشرون ان عقلء المم مطبقون على ذم الشره في جمع المللال‬
‫الحريص عليه وتنقصه والزراء به ومطبقون على تعظيللم الشللره فللي جمللع‬
‫العلم وتحصيله ومدحه ومحبته ورؤيته بعين الكمال الثللاني والعشللرون انهللم‬
‫مطبقون على تعظيم الزاهد في المال المعرض عن جمعلله الللذي ل يلتفللت‬
‫اليه ول يجعل قلبه عبدا للله ومطبقللون علللى ذم الزاهللد فللي العلللم الللذي ل‬
‫يلتفت اليه ول يحرص عليه الثالث والعشرون ان المال يمدح صاحبه بتخليلله‬
‫منه وإخراجه والعلم إنما يمدح يتخليه به واتصللافه بله الرابللع والعشللرون ان‬
‫غنى المال مقرون بللالخوف والحللزن فهللو حزيللن قبللل حصللوله خللائف بعللد‬
‫حصوله وكلملا كلان اكلثر كللان الخلوف اقللوى وغنللي العلللم مقلرون بلالمن‬
‫والفرح والسرور الخامس والعشرون ان الغنى بماله ل بللد ان يفللارقه غنللاه‬
‫ويتعذب ويتألم بمفارقته والغنى بللالعلم ل يللزول ول يتعللذب صللاحبه ل يتللألم‬
‫فلذة الغنى بالماللذة زائلة منقطعة يعقبها اللم ولذة الغنى بالعلم لذة باقية‬
‫مستمرة ل يلحقهللا الللم السللادس والعشللرون ان اسللتلذاذ النفللس وكمالهللا‬
‫بالغني استكمال بعارية مؤداة فتجملها بالمال تجمل بثوب مسللتعار ل بلد ان‬
‫يرجع الى مالكه يوما ما واما تجملها بالعلم وكمالها بلله فتجمللل بصللفة ثابتللة‬
‫لها راسخة فيها ل تفارقها السابع والعشرون ان الغني بالمال هو عيللن فقللر‬
‫النفس والغنى بالعلم هو عين فقر النفس والغنى بالعلم هو غناها بالحقيقي‬
‫فغناها بعلمها هو الغني غناها بمالها هو الفقر الثامن والعشرون ان من قدم‬
‫وأكرم لماله إذا زال ماله زال تقلديمه وإكرامله وملن قلدم وأكلرم لعلمله ل‬
‫يزداد ال تقديما وإكراما التاسع والعشرون ان تقديم الرجل لمللاله هللو عيللن‬
‫ذمه فانه نداء عليه بنقصه وانه لول ماله لكان مستحقا للتأخر والهانللة وامللا‬
‫تقديمه وإكرامه لعلملله فللإنه عيللن كمللاله إذ هللو تقللديم للله بنفسلله وبصللفته‬
‫القائمة به ل بأمر خارج عللن ذاتلله الللوجه الثلثللون ان طللالب الكمللال بغنللى‬
‫المال كالجامع بين الضدين فهو طللالب مللال سللبيل للله اليلله وبيللان ذلللك ان‬
‫القدرة صفة كمال وصفة الكمال محبوبة بالذات والستغناء عن الغيللر ايضللا‬
‫صفة كمال محبوبة بالذات فإذا مللال الرجللل بطبعلله الللى السللخاوة والجللود‬
‫وفعل المكرمات فهذا كمال مطلللوب للعقلء محبللوب للنفللوس وإذا التفللت‬
‫الى ان ذلك يقتضى خروج المال من يده وذلك يوجب نقصه واحتيللاجه الللى‬
‫الغيللر وزوال قللدرته نفللرت نفسلله عللن السللخاء والكللرم والجللود واصللطناع‬
‫المعروف وظن ان كماله في إمساك المللال وهللذه البليللة امللر ثللابت لعامللة‬
‫الخلق ل ينكفون عنها فلجل ميل الطبع الى حصول المدح والثناء والتعظيم‬
‫بحب الجود والسخاء‬

‫والمكارم ولجل فللوت القللدرة الحاصلللة بسللبب اخراجلله والحاجللة المنافيللة‬


‫لكمال الغنى يحب ابقاء ماله ويكللره السللخاء والكللرم والجللود فيبقللى قلبلله‬
‫واقفا بين هذين الداعيين يتجاذبانه ويعتور ان عليه فيبقى القلللب فللي مقللام‬
‫المعارضة بينهما فمن الناس من يترجح عنده جللانب البللذل والجللود والكللرم‬
‫فيؤثره على الجانب الخر ومنهم مللن يترجللح عنللده جللانب المسللاك وبقللاء‬
‫القدرة والغنللي فيللؤثره فهللذان نظللران للعقلء ومنهللم ملن يبلللغ بله الجهللل‬
‫والحماقة الى حيث يريد الجمع بين الوجهين فيعللد النللاس بللالجود والسللخاء‬
‫والمكارم طمعا منه في فوزه بالمدح والثناء على ذلك وعند حضللور الللوقت‬
‫ل يفي بما قال فيستحق الذم ويبذل بلسانه ويمسك بقلبلله ويللده فيقللع فللي‬
‫أنواع القبائح والفضائح وإذا تأملت احوال اهل الدنيا من الغنياء رأيتهم تحت‬
‫اسر هذه البلية وهم غالبا يبكون ويشللكون وأمللا غنللى العلللم فل يعللرض للله‬
‫شيء من ذلك بل كلما بذله ازداد ببذلة فرحا سرورا وابتهاجا وإن فاتته لللذة‬
‫اهل الغنى وتمتعهم باموالهم فهم ايضا قد فاتتهم لللذة اهللل العلللم وتمتعهللم‬
‫بعلومهم وابتهاجهم بها فمع صاحب العلم مللن اسللباب اللللذة مللا هللو اعظللم‬
‫واقوى وادوم من لذة الغنى وتعبه في تحصيله وجمعه وضبطه اقل من تعب‬
‫جامع المال فجمعه والمه دون المه كما قال تعالى للمؤمنين تسلية لهم بما‬
‫ينالهم من اللم والتعب في طاعته ومرضاته ول تهنوا فللي ابتغللاء القللوم ان‬
‫تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مال يرجون وكللان‬
‫الله عليما حكيما الحادي والثلثون ان اللذة الحاصلة من المال والغنللى إنمللا‬
‫هي حال تجدده فقط واما حللال دواملله فإمللا ان تللذهب تلللك اللللذة وإمللا ان‬
‫تنقص ويدل عليه ان الطبع يبقى طالبا لغنى آخر حريصللا عليلله فهللو يحللاول‬
‫تحصيل الزيادة دائما فهو فللي فقللر مسللتمر غيللر منقللض ولللو ملللك خللزائن‬
‫الرض ففقللره وطلبلله وحرصلله بللاق عليلله فللإنه احللد المنهللومين اللللذين ل‬
‫يشبعان فهو ل يفارقه الم الحرص والطلب وهذا بخلف غنى العلم واليمان‬
‫فان لذته في حال بقائه مثلها في حال تجدده بل ازيد وصللاحبها وان كللان ل‬
‫يزال طالبا للمزيد حريصا عليلله فطلبلله وحرصلله مستصللحب للللذة الحاصللل‬
‫ولذة المرجو المطلوب ولذة الطلب وابتهاجه فرجه به الثللاني والثلثللون ان‬
‫غني المال يستدعي النعام علللى النللاس والحسللان اليهللم فصللاحبه امللا ان‬
‫يسد على نفسه هذا الباب واما ان يفتحه عليه فان سده على نفسه اشللتهر‬
‫عند الناس بالبعد من الخير والنفع فأبغضوه وذموه واحتقروه وكل من كللان‬
‫بغيضا عند الناس حقيرا لديهم كان وصول الفات والمضرات اليه اسرع من‬
‫النار في الحطب اليابس ومن السلليل فللي منحللدره وإذا عللرف مللن الخلللق‬
‫انهم يمقتونه ويبغضونه ول يقيمون له وزنللا تللألم قلبلله غايللة التللألم واحضللر‬
‫الهموم والغموم والحللزان وان فتللح بللاب الحسللان والعطللاء فللإنه ليمكنلله‬
‫ايصال الخير والحسان الى كل احد فل بد من إيصاله الى البعض وإمسللاكه‬
‫عن البعض وهذا‬

‫يفتح عليلله بللاب العللداوة والمذمللة مللن المحللروم والمرحللوم امللا المحللروم‬
‫فيقول كيف جاد على غيري وبخل علي واما المرحوم فإنه يلتللذ ويفللرح بمللا‬
‫حصل له من الخير والنفع فيبقى طامعا مستشرفا لنظيره على الدوام وهذا‬
‫قد يتعذر غالبا فيفضى ذلك الى العداوة الشديدة والمذمللة ولهللذا قيللل اتللق‬
‫شر من احسنت اليه وهذه الفللات ل تعللرض فللي غنللى العلللم فللإن صللاحبه‬
‫يمكنه بذله للعالم كلهم واشتراكهم فيه والقدر المبللذول منلله بللاق لخللذه ل‬
‫يزول بل يتجربه فهو كالغني إذا اعطى الفقير رأس مال يتجربه حللتى يصللير‬
‫غنيا مثله الوجه الثالث والثلثللون ان جمللع المللال مقللرون بثلثللة انللواع مللن‬
‫الفات والمحن نوع قبله ونللوع عنللد حصللوله ونللوع بعللدمفارقته فأمللا النللوع‬
‫الول فهو المشاق والنكاد واللم التي ل يحصللل ال بهللا وامللا النللوع الثللاني‬
‫فمشقة حفظه وحرساته حراسته وتعلق القلب به فل يصللبح ال مهمومللا ول‬
‫يمسلللي ال مغموملللا فهلللو بمنزللللة عاشلللق مفلللرط المحبلللة قلللد ظفلللر‬
‫بمعشوقتهوالعيون ملن كللل جللانب ترمقله واللسللن والقلللوب ترشللقه فللأي‬
‫عيش ولذة لمن هللذه حللاله وقللد علللم ان اعللداءه وحسللاده ل يفللترون عللن‬
‫سعيهم في التفريق بينه وبين معشوقه وإن لم يظفروا هللم بلله دونلله ولكللن‬
‫مقصودهم ان يزيلللوا اختصاصلله بله دونهللم فللإن فللازوا بلله وال اسللتووا فللي‬
‫الحرمان فزال الختصاص المؤلم للنفوس ولللو قللدروا علللى مثللل ذلللك مللع‬
‫العالم لفعلوه ولكنهم لما علموا انه ل سبيل الللى سلللب علملله عمللدوا الللى‬
‫جحده وانكاره ليزيلوا من القلوب محبته وتقديمه والثناء عليه فإن بهر علمه‬
‫وامتنع عن مكابرة الجحود والنكار رموه بالعظللائم ونسللبوه الللى كللل قبيللح‬
‫ليزيلوا من القلوب محبته ويسكنوا موضعها النفرة عنه وبغضلله وهللذا شللغل‬
‫السحرة بعينه فهؤلء سحرة بالسنتهم فإن عجزوا له عن شيء مللن القبللائح‬
‫الظاهرة رموه بالتلبيس والتدليس والللدوكرة والريللاء وحللب الللترفع وطلللب‬
‫الجاه وهذا القدر من معاداة اهل الجهل والظلم للعلماء مثل الحر والللبرد ل‬
‫بد منه فل ينبغي لمن له مسكة عقل ان يتأذى به إذ ل سبيل للله الللى دفعلله‬
‫بحال فليوطن نفسه عليه كما يوطنها على برد الشتاء وحللر الصلليف والنللوع‬
‫الثالث من آفات الغنى ما يحصل للعبد بعد مفارقته من تعلق قلبه به وكونه‬
‫قد حيل بينه وبينه والمطالبة بحقوقه والمحاسلبة عللى مقبوضله ومصلروفه‬
‫من اين اكتسبه وفيما ذا انفقه وغنى العلم واليمللان مللع سلللمته مللن هللذه‬
‫الفات فهو كفيل بكل لذة وفرحة وسرور ولكن ل ينللال ال علللى جسللر مللن‬
‫التعللب والصللبر والمشللقة الرابللع والثلثللون ان لللذة الغنللي بالمللال مقرونللة‬
‫بخلطة الناس ولو لم يكن ال خدمه وازواجلله وسللراريه واتللابعه إذ لللو انفللرد‬
‫الغني بماله وحده من غير ان يتعلق بخادم او زوجه او احللد مللن النللاس لللم‬
‫يكمل انتفاعه بماله ول التذاذه به وإذا كان كمللال لللذته بغنللاه موقوفللا علللى‬
‫اتصاله بللالغير فللذلك منشللأ الفللات واللم ولللو لللم يكللن ال اختلف النللاس‬
‫وطبائعهم وارادتهم فقبيح هذا حسن ذاك ومصلحة ذاك مفسدة‬

‫هذا ومنفعة هلذا مضللرة ذاك وبلالعكس فهللو مبتلللى بهلم فل بلد ملن وقلوع‬
‫النفرة والتباغض والتعادي بينهم وبينه فان ارضاءهم كلهم محللال وهللو جمللع‬
‫بين الضدين وارضاء بعضهم واسللخاط غيللره سللبب الشللر والمعللاداة وكلمللا‬
‫طالت المخالطة ازدادت اسباب الشر والعداوة وقويت وبهللذا السللبب كللان‬
‫الشر الحاصل من القارب والعشراء اضللعاف الشللر الحاصللل مللن الجللانب‬
‫والبعداء وهذه المخالطة انما حصلت من جانب الغني بالمال اما إذا لم يكن‬
‫فيلله فضلليلة لهللم فللانهم يتجنبللون مخللالطته ومعاشللرته فيسللتريح مللن اذى‬
‫الخلطة والعشرة وهذه الفات معدودة في الغنى بالعلم الخامس والثلثللون‬
‫ان المال ل يراد لذاته وعينه فإنه ل يحصل بذاته شيء من المنافع اصل فإنه‬
‫ل يشبع ول يروى ول يدفء ول يمتع وإنما يراد لهلذه الشلياء فللإنه لملا كللان‬
‫طريقا اليها اريد ارادة الوسللائل ومعلللوم ان الغايللات اشللرف مللن الوسللائل‬
‫فهذه الغايات اذا اشرف منه وهي مع شرفها بالنسبة اليه ناقصللة دنيئة وقللد‬
‫ذهب كثير من العقلء الى انها ل حقيقة لها وانما هي دمللع اللللم فقللط فللإن‬
‫لبس الثياب مثل إنما فائدته دفع التألم بالحر والبرد والريح وليس فيهللا لللذة‬
‫زائدة على ذلك وكذلك الكل إنما فائدته دفع الم الجوع ولهذا لو لم يجد الم‬
‫الجوع لم يستطب الكل وكذلك الشللرب مللع العطللش والراحللة مللع التعللب‬
‫ومعلوم ان في مزاولة ذلك وتحصيله الما وضررا ولكللن ضللرره وألملله اقللل‬
‫من ضرر ما يدفع به وألمه فيحتمل النسان اخف الضررين دفعللا لعظمهمللا‬
‫وحكى عن بعض العقلء انه قيل له وقد تناول قدحا كريها مللن الللدواء كيللف‬
‫حالك معه قال اصللبحت فللي دار بليللات ادافللع آفللات بآفللات وفللي الحقيقللة‬
‫فلذات الدنيا من المآكل والمشللارب واللبللس والمسللكن والمنكللح مللن هللذا‬
‫الجنللس واللللذة الللتي يباشللرها الحللس ويتحللرك لهللا الجسللد وهللي الغايللة‬
‫المطلوبة له من لذة المنكح والمأكل شهوتي البطن والفرج ليس لهما ثالث‬
‫البتة ال ما كان وسيلة اليهما وطريقا الى تحصيلهما وهذه اللذة منغصة مللن‬
‫وجوه عديدة منها ان تصور زوالها وانقضائها وفنائها يوجب تنغصها ومنها انها‬
‫ممزوجة بالفات ومعجونة بللاللم محتاطللة بالمخللاوف وفللي الغللالب لتفللي‬
‫المها بطيبها كمللا قيللل ‪ # :‬قايسللت بيللن جمالهللا وفعالهللا ‪ %‬فللإذا الملحللة‬
‫بالقباحة لتفللي ‪ #‬ومنهللا ان الراذل مللن النللاس وسللقطهم يشللاركون فيهللا‬
‫كبراءهم وعقلءهم بل يزيدون عليهم فيها اعظم زيللادة وافحشللها فنسللبتهم‬
‫فيها الى الفاضل كنسللبة الحيوانللات البهيمللةاليهم فمشللاركة الراذل وأهللل‬
‫الخسة والدناءة فيها زيادتهم على العقلء فيها مما يوجب النفرة والعللراض‬
‫عنها وكثير من الناس حصل له الزهد في المحبللوب والمعشللوق منهللا بهللذه‬
‫الطريق هذا كثير في أشعار الناس ونثرهم كما قيل‬
‫‪ #‬سأترك حبها من غير بغض ‪ %‬ولكن لكثرة الشركاء فيلله إذا وقللع الللذباب‬
‫على طعام ‪ %‬رفعت يدي ونفسللي تشللتيه وتجتنللب السللود ورودمللاء ‪ %‬إذا‬
‫كان الكلب يلغن فيه ‪ #‬وقيل لزاهد ما الذي زهدك في الللدنيا فقللال خسللة‬
‫شركائها وقلة وفائها وكثرة جفائها وقيل لخر في ذلك فقال ما ملددت يلدي‬
‫الى شيء منها إل وجدت غيري قد سبقني اليه فاتركه له ومنهللا ان اللتللذاذ‬
‫بموقعها إنما هو بقدر الحاجة اليهللا والتللألم بمطالبللة النفللس لتناولهللا وكلمللا‬
‫كانت شهوة الظفر بالشيء اقوى كانت اللذة الحاصلة بوجللوده اكمللل فلمللا‬
‫لم تحصل تلك الشهوة لللم تحصللل تللك اللللذة فمقلدار الللذة الحاصللة فلي‬
‫الحال مساو لمقللدار الحاجللة واللللم والمضللرة فللي الماضللي وحينئذ يتقابللل‬
‫اللذة الحاصلة واللم المتقدم فيتساقطان فتصير اللذة كانها لم توجد ويصير‬
‫بمنزلة من شق بطن رجل ثم خاطه وداواه بالمراهم او بمنزلللة مللن ضللربه‬
‫عشرة اسواط واعطاه عشرة دراهم ول تخرج لذات الللدنيا غالبللا عللن ذلللك‬
‫ومثل هذا ل يعد لذة ول سعادة ول كمال بل هللو بمنزلللة قضللاء الحاجللة مللن‬
‫البول والغائط فإن النسان يتضرر بثقله فإذا قضى حاجته استراح منه فامللا‬
‫ان يعد ذلك سعادة وبهجة ولذة مطلوبة فل ومنها ان هللاتين اللللذتين اللللتين‬
‫هما اثر اللذات عند الناس ول سبيل الى نيلهمللا ال بمللا يقللترن بهمللا قبلهمللا‬
‫وبعدهما من مباشرة القاذورات والتالم الحاصل عقبيهما مثل لذة الكل فإن‬
‫العاقل لو نظر الى طعامه حال مخالطته ريقه وعجنه به لنفرت نفسلله منلله‬
‫ولو سقت تلك اللقمة من فيه لنفر طبعه من اعادتها اليه ثم ان لذته به إنما‬
‫تحصل في مجرى نحو الربع الصابع فإذا فصل عن ذلك المجرى زال تلذذه‬
‫به فإذا استقر في معللدته وخللالطه الشللراب ومللا فللي المعللدة مللن الجللزاء‬
‫الفضلية فإنه حينئذ يصير في غاية الخسة فإن زاد على مقدار الحاجة اورث‬
‫الدواء المختلفة علىتنوعها ولول ان بقاءه موقوف علللى تنللاوله لكللان تركلله‬
‫والحالة هذه اليق به كما قال بعضهم ‪ # :‬لول قضاءه جرى نزهت انملتي ‪%‬‬
‫عن ان تلم بمأكول ومشروب وأما لذة الوقاع قدرها ابين من ان نذكر آفاته‬
‫ويدل عليه ان اعضاء هذه اللذة هي عورة النسان التي يستحيا مللن رؤيتهللا‬
‫وذكرها وسترها امر فطر الله عليه عباده ول تتم لذة المواقعللة ال بللالطلع‬
‫عليها وإبرازها والتلطخ بالرطوبات المستقذرة المتولدة منهلا ثلم إن تمامهلا‬
‫إنما يحصل بانفصال النطفة وهي اللذة المقصودة من الوقاع وزمنهللا يشللبه‬
‫الن الذي ل ينقسم فصعوبة تلك المزاولة والمحاولة والمطاولة والمراوضللة‬
‫والتعب لجل لذة لحظة كمد الطرف فللأين مقايسللة بيللن هللذه اللللذة وبيللن‬
‫التعب في طريق تحصيلها وهذا يدل على ان هذه‬

‫اللذة ليست من جنس الخيرات والسعادات والكمال الذي خلق له العبللد ول‬
‫كمال له بدونه بل ثم امروراء ذلك كله قد هيء لله العبلد وهلو ل يفعللن لله‬
‫لغفلته عنه وإعراضه عن التفتيش على طريقه حتى يصل اليه يسوم نفسلله‬
‫مع النعام السائمة ‪ # :‬قد هيللؤك لمللر لللو فطنللت للله ‪ %‬فاربللأ نفسللك ان‬
‫ترعى مع الهمل ‪ #‬وموقع هذه اللذات من النفللس كموقللع لللذة الللبراز مللن‬
‫رجل احتبس في موضع ل يمكنه القيام الللى الخلء وصارمضللطرا اليلله فللإنه‬
‫يجد مشقة شديدة وبلء عظيما فإذا تمكن منالذهاب الى الخلء وقللدر علللى‬
‫دفع ذلك الخبيث المؤذي وجد لذة عظيمة عند دفعه وإرساله ول لللذة هنللاك‬
‫ال راحته من حمل ما يؤذيه حمله فعلم ان هللذه اللللذات إمللا ان تكللون دفللع‬
‫آلم وإما ان تكون لذات ضعيفة خسيسة مقترنة بآفات تللرى مضللرتها عليلله‬
‫وهذا كما يعقب لذة الوقاع من ضعف القلب وخفقان الفؤاد وضلعف القلوى‬
‫البدنية والقلبية وضعف الرواح واسللتيلء العفونللة علللى كللل البللدن واسللرع‬
‫الضعف والخور اليه واستيلء الخلط عليه لضعف القوة عن دفعهللا وقهرهللا‬
‫ومما يدل على ان هذه اللذات ليسلت خيلرات وسلعادات وكملال ان العقلء‬
‫من جميع المم مطبقون على ذم مللن كللانت هللي نهمتلله وشللغله ومصللرف‬
‫همته وإرادته والزراء به وتحقير شأنه والحاقه بالبهللائم وليقيمللون للله وزنللا‬
‫ولو كانت خيرات وكمال لكان من صرف اليها همته اكمل الناس وممللا يللدل‬
‫على ذلك ان القلب الذي قد وجه قصده وإرادته الللى هللذه اللللذات ل يللزال‬
‫مستغرقا في الهموم والغموم والحزان وما يناله من اللذات في جنب هللذه‬
‫اللم كقطرة في مجركما قيل سروره وزن حبة وحزنه قنطللار فللإن القلللب‬
‫يجرى مجرى مرآة منصوبة على جدار وذلك الجدار ممر لنللواع المشللتهيات‬
‫والملذوذات والمكروهات وكلما مر به شيء من ذلللك ظهللر فيلله أثللره فللإن‬
‫كان محبوبا مشتهيا مال طبعه اليه فإن لم يقدر على تحصلليله تللألم وتعللذب‬
‫بفقده وإن قدر على تحصيله تللالم فللي طريللق الحصللول بللالتعب والمشللقة‬
‫ومنازعة الغير له ويتألم حال حصوله خوفا من فراقه وبعد فراقه خوفا على‬
‫ذهابه وإن كان مكروها له ولم يقدر على دفعه تألم بوجللوده وإن قللدر علللى‬
‫دفعه اشتغل بدفعه ففاتته مصلحة راجحة الحصول فيتالم لفواتهللا فعلللم ان‬
‫هذا القلب ابدا مستغرق فللي بحللار الهمللوم والغمللوم والحللزان وإن نفسلله‬
‫تضحك عليه وترضيه بوزن ذرة من لذته فيغيب بها عن شهوده القناطير من‬
‫المه وعذابه فإذا حيل بينه وبين تلك اللذة ولم يبق له اليها سبيل تجرد ذلللك‬
‫اللم واحاط به واستولى عليه من كل جهاته فقل ما شئت في حال عبد قد‬
‫غيللب عنلله سللعده وحظللوظه وافراحلله واحضللر شللقوته وهمللومه وغمللومه‬
‫واحزانلله وبيللن العبللد وبيللن هللذه الحللال ان ينكشللف الغطللاء ويرفللع السللتر‬
‫وينجلى الغبار ويحصل‬

‫ما في الصدور فإذا كانت هذه غاية اللللذات الحيوانيللة الللتي هللي غايللة جمللع‬
‫الموال وطلبها فما الظن بقللدر الوسلليلة وأمللا غنللى العلللم واليمللان فللدائم‬
‫اللذة متصل الفرحة مقتض لنواع المسرة والبهجة ليزول فيحزن ول يفارق‬
‫فيؤلم بللل اصللحابه كمللا قللال الللله تعللالى فيهللم ^ ل خللوف عليهللم ول هللم‬
‫يحزنون ^ السادس والثلثون ان غنى المال يبغض الموت ولقللاء الللله فللإنه‬
‫لحبه لماله يكره مفارقته ويحب بقاءه ليتمتع بلله كمللا شللهد بلله الواقللع وأمللا‬
‫العلم فإنه يحبب للعبللد لقللاء ربلله ويزهللده فللي هللذه الحيللاة النكللدة الفانيللة‬
‫السابع والثلثون ان الغنياء يموت ذكرهم بموتهم والعلمللاء يموتللون ويبقللى‬
‫ذكرهم كما قال امير المؤمنين في هذا الحللديث مللات خللزان المللوال وهللم‬
‫احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر فخزان الموال احيللاء كللاموات والعلمللاء‬
‫بعدموتهم اموات كأيحاء الثامن والثلثون ان نسبة العلم الللى الللروح كنسللبة‬
‫الروح الى البللدن فللالروح ميتللة حياتهللا بللالعلم كمللا ان الجسللد ميللت حيللاته‬
‫بالروح فالغني بالمال غايته ان يزيد في حيللاة البللدن وامللا العلللم فهللو حيللاة‬
‫القلوب والرواح كما تقدم تقريره التاسللع والثلثللون ان القلللب ملللك البللدن‬
‫والعلم زينته وعدته وماله وبه قوام ملكه والملللك ل بلد لله ملن علدد وعللدة‬
‫ومال وزينة فالعلم هو مركبه وعدته وجماله واما المال فغايته ان يكون زينة‬
‫وجمال للبدن إذا انفقه في ذلك فإذا خزنه ولم ينفقه لم يكن زينة ول جمللال‬
‫بل نقصا ووبال ومن المعلوم ان زينللة الملللك بلله ومللا بلله قللوام ملكلله اجللل‬
‫وافضل من زينة رعيته وجمالهم فقوام القلب بالعلم كمللا ان قللوام الجسللم‬
‫بالغذاء الوجه الربعون ان القلدر المقصلود ملن الملال هلو ملا يكفلي العبلد‬
‫ويقيمه ويدفع ضرورته حتى يتمكن من قضللاء جهللازه ومللن الللتزوج لسللفره‬
‫الى ربه عزوجل فإذا زادعلى ذلك شللغله وقطعلله عللن السللفر وعللن قضللاء‬
‫جهازه وتعبية زاده فكان ضرره عليه أكثر من مصلحته وكلما ازاداد غنللاه بله‬
‫ازداد تثبطا وتخلفا عن التجهز لما امامه وأما العلم النللافع فكلمللا ازداد منلله‬
‫ازداد في تعبية الزاد وقضاء الجهاز واعداد عدة المسير والللله الموفللق وبلله‬
‫الستعانة ول حول ول قوة ال به فعدة هذا السفر هللو العلللم والعمللل وعللدة‬
‫القامة جمع الموال والدخار ومن اراد شيئا هيأ له عدته قال تعللالى ^ ولللو‬
‫أرادوا الخروج لعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيللل اقعللدوا‬
‫مع القاعدين ^ قوله محبة العلم او العالم دين يلدان بهلا لن العلللم ميللراث‬
‫النبياء والعلماء ورثتهم فمحبة العلم واهله محبللة لميللراث النبيللاء وورثتهللم‬
‫وبغض العلم وأهله بغض لميراث النبياء وورثتهم فمحبة العلم مللن علمللات‬
‫السعادة وبغض العلم مللن علمللات الشللقاوة وهللذا كللله إنمللا هللو فللي علللم‬
‫الرسل الذي جاؤا به وورثوه للمة ل فلي كلل ملا يسلمى علملا وايضلا فلإن‬
‫محبة العلم تحمل على تعلمله واتبلاعه وذللك هللو الللدين وبغضله ينهلى عللن‬
‫تعلمه واتباعه‬

‫وذلك هو الشقاء والضلل وايضا فإن الله سبحانه عليم يحب كل عليم وإنما‬
‫يضع علمه عند من يحبه فمن احب العلللم واهللله فقللد احللب مللا احللب الللله‬
‫وذلك مما يدان به قللوله العلللم يكسللب العللالم الطاعللة فللي حيللاته وجميللل‬
‫الحدوثة بعد مماته يكسبه ذاك أي يجعله كسبا له ويورثه إياه ويقللال كسللبه‬
‫ذلك عزا وطاعة واكسبه لغتان ومنلله حللديث خديجللة رضللى الللله عنهللا إنللك‬
‫لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم روى بفتح التاء‬
‫وضمها ومعناه تكسب المال والغنى هذا هو اصللواب وقللالت ائفللة مللن رواه‬
‫بضمها فذلك من اكسبه مال وعللزا ومللن رواه بفتحهللا فمعنللاه تكسللب انللت‬
‫المال المعدوم بمعرفتك وحذقك بالتجارة ومعاذ الله من هذا الفهم وخديجة‬
‫اجل قدرا من تكلمها بهذا في هللذا المقللام العظيللم ان تقللول لرسللول الللله‬
‫ابشر فوالله ل يخزيك الللله إنللك تكسللب الللدرهم والللدينار وتحسللن التجللارة‬
‫ومثللل هللذه التحريفللات انمللا تللذكر لئل يغتربهللا فللي تفسللير كلم الللله‬
‫ورسولهوالمقصود ان قوله العلم يكسب العالم الطاعة في حياته أي يجعللله‬
‫مطاعا لن الحاجة الى العلم عامة لكل احد للملوك فمن دونهللم فكللل احللد‬
‫محتاج إلى طاعة العالم فإنه يامر بطاعة الله ورسللوله فيجللب علللى الخلللق‬
‫طاعته قال تعالى ^ يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولللي‬
‫الملر منكلم ^ وفسلر اوللى الملر بالعلملاء قلال ابلن عبلاس هلم الفقهلاء‬
‫والعلماء اهل الدين الذين يعلمون الناس دينهم اوجللب الللله تعللالى طللاعتهم‬
‫وهذا قللول مجاهللد والحسللن والضللحاك احللدى الروايللتين عللن المللام احمللد‬
‫وفسروا بالمراء وهو قول ابن زيد احدى الروايتين عللن ابللن عبللاس وأحمللد‬
‫والية تتناولها جميعا فطاعة ولة المر واجبة إذا امروا بطاعة الللله ورسللوله‬
‫وطاعة العلماء كذلك فالعالم بما جاء به الرسول العامل به اطوع فللي اهللل‬
‫الرض من كل احد فإذا مات احيا الله ذكره ونشر له فللي العللالمين احسللن‬
‫الثناء فالعالم بعد وفاته ميت وهو حي بين النللاس والجاهللل فلي حيلاته حللي‬
‫وهو ميت بين الناس كما قيل ‪ #‬وفللي الجهللل قبللل المللوت مللوت لهللله ‪%‬‬
‫واجسامهم قبل القبور قبور وارواحهم فيوحشة من جسومهم ‪ %‬وليس لهم‬
‫حتى النشور نشور وقللال الخللر ‪ #‬قللد مللات قللوم ومللا مللاتت مكللارمهم ‪%‬‬
‫وعاش قوم وهم في الناس اموات وقال آخر ‪ #‬وما دام ذكر العبد بالفضللل‬
‫باقيا ‪ %‬فذلك حى وهو في الترب هالك‬

‫ومن تأمل احوال ائمة السلم كأئمة الحديث والفقه كيف هم تحللت الللتراب‬
‫وهللم فللي العللالمين كللانهم احيللاء بينهللم لللم يفقللدوا منهللم ال صللورهم وال‬
‫فذكرهم وحديثهم والثناء عليهم غير منقطع وهذه هي الحياة حقللا حللتى عللد‬
‫ذلك حياة ثانية كما قال المتنبي ‪ #‬ذكر الفتى عيشلله الثللاني وحللاجته ‪ %‬مللا‬
‫فاته وفضول العيش اشغال ‪ #‬قوله وصللنيعة الملال تلزول بزواللله يعنلي ان‬
‫كل صنيعة صنعت للرجل من اجل مللاله مللن إكللرام ومحبللة وخدمللة وقضللاء‬
‫حوائج وتقديم واحترام وتولية وغير ذلك فإنها إنما هي مراعللاة لمللا للله فللإذا‬
‫زال ماله وفارقه زالت تلك الضائع كلها حتى إنه ربما ل يسلم عليه من كللان‬
‫يدأب في خدمته ويسعى في مصالحه وقد اكثر الناس من هذا المعنللى فللي‬
‫اشعارهم وكلمهم وفي مثل قولهم من ودك لمللر ملللك عنللد انقضللائه قللال‬
‫بعض العرب ‪ #‬ومن هللذا مللا قيللل إذا اكرمللك النللاس لمللال او سلللطان فل‬
‫يعجبنك ذلك فإن زوال الكرامة يزوالهما ولكن ليعجبك ان اكرمللوك لعلللم او‬
‫دين وهذا امر ل ينكر في الناس حتى انهم ليكرمون الرجل لثيابه فإذا نزعها‬
‫لم ير منهم تلك الكرامة وهو هو قال مالك بلغنللي ان أبللا هريللرة دعللى الللى‬
‫وليمة فأتى فحجب فرجع فلبس غير تلك الثياب فادخل فلمللا وضللع الطعللام‬
‫ادخل كمه في الطعللام فعللوتب فللي ذلللك فقللال إن هللذه الثبللاب هللي الللتي‬
‫ادخلت فهي تأكل حكاه ابن مزين الطليطلي في كتابه وهللذا بخلف صللنيعة‬
‫العلم فانها ل تزول ابدا بل كل مآلها في زيادة مالم يسلب ذلك العالم علمه‬
‫وضيعه العلم والدين اعظم من صنيعة المللال لنهللا تكللون بللالقلب واللسللان‬
‫والجوارح فهي صادرة عن حب وإكرام لجل ما أودعه الللله تعللالى أيللاه ملن‬
‫علمه وفضله به على غيره وايضا فصنيعة العلللم تابعللة لنفللس العللالم وذاتلله‬
‫وصللنيعة المللال تابعللة لمللاله المنفصللل عنلله وايضللا فصللنيعة المللال صللنيعة‬
‫معاوضة وصنيعه العلم واللدين صلنيعة حللب وتقللرب وديانلة وايضلا فصلنيعه‬
‫المال تكون مع البر والفاجر والمؤمن والكافر واما صنيعة العلم والللدين فل‬
‫تكون ال مللع اهللل ذلللك وقللد يللراد مللن هللذا ايضللا معنللى آخللر وهللو ان مللن‬
‫اصطنعت عنده صنيعة بمالك إذا زال ذلللك المللال وفللارقه عللدمت صللنيعتك‬
‫عنده واما من اصطنعت اليه صنيعة علم وهدى فإن تلك ا لصنيعة ل تفللارقه‬
‫ابدا بل ترى في كل وقت كأنك اسديتها اليه حينئذ قوله مات خزان المللوال‬
‫وهم احياء تقدم بيانه وكذا قوله والعلماء باقون ما بقي الدهر وقوله اعيانهم‬
‫مفقودة وامثللالهم فللي القلللوب موجلودة المللراد بامثللالهم صللورهم العلميللة‬
‫ووجودهم المثالي أي وان فقدت ذواتهم فصورهم وامثللالهم فللي القلللوب ل‬
‫تفارقها وهذا هو الوجود الذهني العلمي لن محبة الناس لهم واقتداءهم بهم‬
‫وانتفاعهم بعلومهم‬

‫يللوجب ان ل يزالللوا نصللب عيللونهم وقبلللة قلللوبهم فهللم موجللودون معهللم‬


‫وحاضرون عندهم وان غابت عنهم اعيانهم كما قيل ‪ #‬ومن عجب اني احللن‬
‫اليهم ‪ %‬واسال عنهم من لقيت وهم معي وتطلبهم عيني وهم في سللوادها‬
‫‪ %‬ويشتاقهم قلبي وهم بين اضلعي وقال آخر ‪ #‬ومن عجب ان يشكو البعد‬
‫عاشق ‪ %‬وهل غاب عن قلب المحب حبيب خيالك فللي عينللي وذكللرك فللي‬
‫فمي ‪ %‬ومثواك في قلبي فأين تغيب قوله آه إن هللا هنللا علمللا واشللار الللى‬
‫صدره يدل على جواز اخبار الرجل بما عنده من العلم والخير ليقتبللس منلله‬
‫ولينتفع به ومنه قللول يوسللف الصللديق عليلله السلللم اجعلنللي علللى خللزائن‬
‫الرض إني حفيظ عليم فمن اخبر عن نفسه بمثل ذلللك ليكللثر بلله مللا يحبلله‬
‫الله ورسوله من الخير فهو محمود وهذا غير من اخبر بذلك ليتكللثر بلله عنللد‬
‫الناس ويتعظم وهذا يجازيه الله بمقت الناس له وصغره في عيونهم والول‬
‫يكثره في قلوبهم وعيونهم وإنمللا العمللال بالنيللات وكللذلك إذا اثنللى الرجللل‬
‫على نفسه ليخلص بذلك من مظلمة وشر او ليستوفى بذلك حقا للله يحتللاج‬
‫فيه الى التعريف بحاله او ليقطع عنه اطماع السفلة فيه اوعند خطبتلله الللى‬
‫من ل يعرف حاله و الحسن في هذا ان يوكللل مللن يعللرف بلله وبحللاله فللإن‬
‫لسان ثناء المرء على نفسه قصير وهو في الغالب مذموم لما يقترن به من‬
‫الفخر والتعاظم ثم ذكر اصناف حملة العلللم الللذين ليصلللحون لحمللله وهللم‬
‫اربعة احدهم من ليس هو بمأمون عليه وهو الذي اوتى ذكلاء وحفظلا ولكلن‬
‫مع ذلك لم يؤت زكاء فهو يتخذ العلم الذي هو آلة الدين آلة الدنيا يسللتجلبها‬
‫به ويتوسل بالعلم اليها ويجعل البضاعة التي هي متجر الخللرة متجللر الللدنيا‬
‫وهذا غير امين على ما حمله من العلم ول يجعله الللله إمامللا فيلله قللط فللإن‬
‫المين هو الذي لغرض له ول إرادة لنفسه ال اتباع الحق وموافقته فل يدعو‬
‫الى إقامة رياسته ول دنيللاه وهللذا الللذي قللد اتخللذ بضللاعة الخللرة ومتجرهللا‬
‫متجرا للدنيا قد خان الله وخان عباده وخان دينه فلهذا قال غير مأمون عليه‬
‫وقوله يستظهر بحجج الله على كتللابه وبنعملله علللى عبللاده هللذه صللفة هللذا‬
‫الخائن إذا انعم الله عليه استظهر بتلك النعمة على النللاس وإذا تعلللم علمللا‬
‫استظهر به على كتاب الله ومعنى استظهاره بالعلم على كتاب الله تحكيمه‬
‫عليه وتقديمه وإقللامته دونلله وهللذه حللال كللثير ممللن يحصللل للله علللم فللإنه‬
‫يستغنى به ويستظهر به ويحكمه ويجعل كتاب الللله تبعللا للله يقللال اسللتظهر‬
‫فلن على كذا بكذا أي ظهر عليه به وتقدم وجعله وراء ظهره وليسللت هللذه‬
‫حال العلماء فإن العالم‬

‫حقا يستظهر بكتاب الله على كل ما سواه فيقللدمه ويحكملله ويجعللله عيللارا‬
‫على غيره مهيمنا عليه كما جعله الله تعللالى كللذلك فالمسللتظهر بلله موفللق‬
‫سعيد والمستظهر عليه مخذول شقي فمن استظهر على الشيء فقد جعله‬
‫خلف ظهره مقدما عليه ما استظهر به وهذا حال من اشتغل بغير كتاب الله‬
‫عنه واكتفى بغيره منه وقدم غيره واخره والصنف الثللاني مللن حملللة العلللم‬
‫المنقاد الذي لم يثلج له صدره ولم يطمئن به قلبه بل هللو ضللعيف البصلليرة‬
‫فيه لكنه منقاد لهله وهذه حال اتباع الحق ملن مقللديهم وهلؤلء وإن كللانوا‬
‫على سبيل نجللاة فليسللوا مللن دعللاة الللدين وإنمللا هللم مللن مكللثري وسللواد‬
‫الجيش ل من امرائه وفرسانه والمنقاد منفعل من قاده يقوده وهللو مطللاوع‬
‫الثلثللي واصللله منقيللد كمكتسللب ثللم اعلللت اليللاء الفللا لحركتهللا بعللد فتحللة‬
‫فصارمن قادت تقول قدته فانقاد أي لم يمتنع والحناء جميع حنو بوزن علللم‬
‫وهي الجوانب والنواحي والعرب تقول ازجر احناء طيرك أي امسللك نللواحي‬
‫خفتك وطيشك يمينا وشمال واماما وخلفا قال لبيللد ‪ #‬فقلللت ازدجللر احنللاء‬
‫طيرك واعلمن ‪ %‬بانك ان قدمت رجلك عاثر والطيللر هنللا الخفللة والطيللش‬
‫وقوله ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة هذا لضعف علملله وقلللة‬
‫بصيرته إذا وردت على قلبه ادنى شبهة قللدحت فيلله الشللك والريللب بخلف‬
‫الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد امواج البحر ما ازالت يقينه‬
‫ول قدحت فيه شكا لنه قد رسللخ فللي العلللم فل تسللتفزه الشللبهات بللل إذا‬
‫وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة والشبهة وارد يرد على‬
‫القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم‬
‫تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلنها ومتى لللم‬
‫يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشللك بللأول وهلللة فللان تللداركها‬
‫وال تتابعت على قلبه امثالها حتى يصير شاكا مرتابا والقلب يتوارده جيشان‬
‫من الباطل جيش شهوات الغي وجيش شبهات الباطل فأيما قلب صغا اليها‬
‫وركن اليها تشربها وامتل بها فينضح لسانه وجللوارحه بموجبهللا فللإن اشللرب‬
‫شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشللكوك والشلبهات واليلرادات فيظللن‬
‫الجاهل ان ذلك لسعة علمه وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه وقال لي شلليخ‬
‫السلم رضى الله عنه وقللد جعلللت اورد عليلله غيللرادا بعللد إيللراد لت جعللل‬
‫قلبك لليرادات والشبهات مثل السللفنجة فيتشللربها فل ينضللح ال بهللا ولكللن‬
‫اجعله كالزجاجة المصلمتة تملر الشللبهات بظاهرهللا ول تسللتقر فيهلا فيراهلا‬
‫بصفائه ويدفعها بصلبته وإل فاذا اشربت قلبللك كللل شللبهة تمللر عليهللا صللار‬
‫مقرا للشبهات او كما قال فما اعلم اني انتفعت بوصية فللي دفللع الشللبهات‬
‫كانتفاعي بذلك وإنا سميت الشبهة شبهة لشتباه الحق بالباطللل فيهللا فانهللا‬
‫تلبس ثوب الحق على جسللم الباطللل وأكللثر النللاس اصللحاب حسللن ظللاهر‬
‫فينظر الناظر فيما البسته ملن اللبلاس فيعتقلد صلحتها واملا صلاحب العللم‬
‫واليقين‬

‫فانه ل يغتر بذلك بل يجاوز نظره الى باطنها وماتحت لباسللها فينكشللف للله‬
‫حقيقتها ومثال هذا الدرهم الزائف فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظرا الللى مللا‬
‫عليه من لباس الفضة والناقد البصير يجاوز نظره الى مللا وراء ذلللك فيطلللع‬
‫على زيفه فاللفظ الحسن الفصيح هلو للشلبهة بمنزللة اللبلاس ملن الفضلة‬
‫على الدرهم الزائف والمعنى كالنحاس الذي تحته وكم قد قتل هذا العتللذار‬
‫من خلق ل يحصيهم ال الله وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر وتللدبره رأى‬
‫اكثر الناس يقبل المذهب والمقالة بلفظ ويردها بعينها بلفظ آخر وقد رايللت‬
‫انا من هذا في كتب الناس ما شاء الله وكم رد مللن الحللق بتشللنيعه بلبللاس‬
‫من اللفظ قبيح وفي مثل هذا قال ائمة السنة منهم المللام احمللد وغيللره ل‬
‫نزيل عن الله صفة من صفاته لجل شناعة شنعت فهؤلء الجهمية يسللمون‬
‫إثبات صفات الكمال لله من حياته وعلمه وكلمه وسمعه وبصره وسللائر ملا‬
‫وصف به نفسه تشبيها وتجسيما ومن اثبللت ذلللك مشللبها فل ينفللر مللن هللذا‬
‫المعنى الحللق لجللل هللذه التسللمية الباطلللة ال العقللول الصللغيرة القاصللرة‬
‫خفافيش البصائر وكل اهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم احسن ما‬
‫يقدرون عليله ملن اللفللاظ ومقاللة مخلالفيهم اقبللح ملا يقللدرون عليلله ملن‬
‫اللفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحللت تلللك اللفللاظ‬
‫من الحق والباطل ول تغتر باللفظ كما قيل فللي هللذا المعنللى ‪ #‬تقللول هللذا‬
‫جنى النحل تمدحه ‪ %‬وان نشأ قلت ذا قيء الزنابير مدحا وذما وما جللاوزت‬
‫وصفهما ‪ %‬والحق قلد يعلتريه سلوء تعلبير ‪ #‬فلإذا اردت الطلع عللى كنله‬
‫المعنى هل هو حلق او باطلل فجللرده ملن لبللاس العبلارة وجلرد قلبلك عللن‬
‫النفرة والميل ثم اعط النظر حقه ناظرا بعين النصاف ول تكن ممللن ينظللر‬
‫في مقالة اصحابه ومن يحسن ظنه نظرا تاما بكل قلبه ثم ينظر فللي مقالللة‬
‫خصللومه وممللن يسلليء ظنلله بلله كنظللر الشللزر والملحظللة فالنللاظر بعيللن‬
‫العداوة يرى المحاسن مساوئ والناظر بعين المحبة عكسلله ومللا سلللم مللن‬
‫هذا ال من اراد الله كرامته وارتضاه لقبول الحق وقد قيل ‪ # :‬وعين الرضللا‬
‫عن كل عيب كليلة ‪ %‬كما ان عيللن السللخط تبللدي المسللاويا وقللال آخللر ‪#‬‬
‫نظروا بعين عداوة لو انها ‪ %‬عين الرضا الستحسنوا ما استقبحوا فإذا كللان‬
‫هذا في نظر العين الذي يدرك الحسوسات ول يتمكن من المكابرة فيها فما‬
‫الظن بنظر القلب الللذي يللدرك المعللاني الللتي هللي عرضللة المكللابرة والللله‬
‫المستعان على معرفة الحق وقبوله ورد الباطللل وعللدم الغللترار بلله وقللوله‬
‫بأول عارض من شبهة هذا دليل ضعف عقله ومعرفته اذ‬

‫تؤثر فيه البداآت ويستفز باوائل المور بخلف الثللابت التللام العاقللل فللإنه ل‬
‫تستفزه البداآت ول تزعجه وتقلقله فان الباطل له دهشة وروعللة فللي اوللله‬
‫فإذا ثبت له القلب رد على عقللبيه والللله يحللب ملن عنلده العلللم والنلاة فل‬
‫يعجل بل يثبت حتى يعلم ويسللتيقن مللا ورد عليلله ول يعجللل بللأمر مللن قبللل‬
‫استحكامه فالعلجة والطيش من الشيطان فمللن ثبللت عنللد صللدمة البللداآت‬
‫استقبل امره بعلم وجزم ومن لم يثبت لها استقبله بعجله وطيللش وعللاقبته‬
‫الندامة وعاقبة الول حمدامره ولكن للول آفة متى قرنللت بللالحزم والعللزم‬
‫نجا منها وهي الفوت فإنه ل يخللاف مللن التثللبيت ال الفللوت فللإذا اقللترن بلله‬
‫العزم والحزم تم امره ولهذا في الدعاء اللذي وراه الملام احمللد والنسلائي‬
‫عن النبي اللهم اني اسالك الثبات في المر والعزيملة علللى الرشللد وهاتلان‬
‫الكلمتان هما جماع الفلح وما اتى العبد ال من تضلييعهما او تضلييع احلدهما‬
‫فما اتى احد ال من باب العجلة والطيش واستفزاز البداآت للله أو مللن بللاب‬
‫التهللاون والتمللات وتضللييع الفرصللة بعللد مواتاتهللا فللإذا حصللل الثبللات اول‬
‫والعزيمة ثانيا افلح كل الفلح والله ولي التوفيق الصنف الثالث رجل نهمتلله‬
‫في نيل لذته فهو منقاد لداعي الشهوة اين كان ول ينال درجة وراثللة النبللوة‬
‫مع ذلك ول ول ينال العلم ال بهجر اللذات وتطليق الراحللة قللال مسلللم فللي‬
‫صحيحه قال يحيى بن أبي كثير ل ينال العلللم براحللة الجسللم وقللال إبراهيللم‬
‫الحربي اجمع عقلء كل امة ان النعيم ل يدرك بالنعم ومن آثر الراحللة فللاتته‬
‫الراحة فما لصاحب اللذات وما لدرجللة وراثللة النبيللاء ‪ #‬فللدع عنللك الكتابللة‬
‫لست منها ‪ %‬ولو سودت وجهك بالمداد فللان العلللم صلناعة القلللب وشلغله‬
‫فما لم تتفرغ لصناعته وشغله لم تنلها وله وجهة واحدة فللإذا وجهللت وجهتلله‬
‫الى اللذات والشهوات انصرفت عن العلم ومن لم يغلب لذة إدراكلله العلللم‬
‫وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا فإذا صللارت‬
‫شهوته في العلم ولذته في كل إدراكه رجللى للله ان يكللون مللن جملللة اعلللة‬
‫ولذة العلم لذة عقلية روحانية من جنس لذة الملئكلة وللذة شلهوات الكلل‬
‫والشللراب والنكللاح لللذة حيوانيللة يشللارك النسللان فيهللا الحيللوان ولللذة‬
‫الشروالظلم والفساد والعلللوى فللي الرض شلليطانية يشللارك صللاحبها فيهللا‬
‫ابليس وجنوده وسللائر اللللذات تبطللل بمقارفللة الللروح البللدن ال لللذة العلللم‬
‫واليمان فإنها تكمل بعد المفارقة لن البدن وشواغله كللان ينقصللها ويقللهللا‬
‫ويحجبها فإذا انطوت الروح عن البدن التذت لذة كاملة بما حصلته من العلم‬
‫النافع والعمل الصالح فمن طلب اللذة العظملى وآثلر النعيلم والمقيلم فهلو‬
‫في العلم واليمان اللذين بهما كمال سعادة النسان وايضا فإن تلك اللللذات‬
‫سريعة الزوال وإذا انقضت اعقبت هما وغمللا وأل يحتللاج صللاحبها ان يللداويه‬
‫بمثلها دفعا لللمه وربما كان معاودته لها مؤلما للله كريهللا اليلله لكللن يحمللله‬
‫عليه مدواة ذلك الغم والهم فللأين هللذا مللن لللذة العلللم ولللذة اليمللان بللالله‬
‫ومحبته والقبال عليه والتنعم بذكره فهذه هي اللذة الحقيقية‬

‫الصنف الرابع من حرصه وهمته في جمع المللوال وتثميرهللا وادخارهللا فقللد‬


‫صارت لذته في ذلك وفتى بها عما سواه فل يرى شيئا اطيب له مما هو فيه‬
‫فمن اين هذا ودرجة العلم فهؤلء الصناف الربعة ليسوا من دعاة الدين ول‬
‫من ائمة العلم ول من طلبته الصادقين في طلبلله ومللن تعلللق منهللم بشلليء‬
‫منه فهو من المتسلقين عليلله المتشللبهين بحملتلله وأهللله المللدعين لوصللاله‬
‫المبتونين من حباله وفتنة هؤلء فتنة لكل مفتون فان الناس يتشللبهون بهللم‬
‫لما يظنون عندهم من العلم ويقولون لسللنا خيللرا منهللم ول نرغللب بأنفسللنا‬
‫عنهم فهم حجة لكل مفتون ولهذا قال فيهم بعض الصللحابة الكللرام احللذروا‬
‫فتنة العالم الفاجر والعابللد الجاهللل فللإن فتنتهمللا فتنللة لكللل مفتللون وقللوله‬
‫اقرب شبها بهم النعام السائمة وهذا التشبيه مأخوذ من قوله تعالى ان هللم‬
‫كالنعام بل هم اضل سبيل فما اقصر سبحانه علللى تشللبيههم بالنعللام حللتى‬
‫جعلهم اضل سبيل منهم والسائمة الراعية وشلبه اميلر الملؤمنين هلؤلء بهلا‬
‫لن همتهم في سعي الدنيا وحطامها والله تعالى يشللبه اهللل الجهللل والغللي‬
‫تارة بالنعام وتارة بالحمر وهذا تشبيه لمن تعلم علما ولم يعقله ولللم يعمللل‬
‫به فهو كالحمار الذي يحملل اسلفارا وتلارة بلالكلب وهلذا لملن انسللخ علن‬
‫العلم واخلد الى الشهوات والهوى وقوله كذلك يموت العلللم بمللوت حللامليه‬
‫هذا من قول النبي في حديث عبد الله بن عمللر وعائشللة رضللى الللله عنهللم‬
‫وغيرهما ان الله ل يقبض العلللم انتزاعللا ينللتزعه مللن صللدور الرجللال ولكللن‬
‫يقبض العلم بقبض العلمللاء فللإذا لللم يبللق عللالم اتخللذ النللاس رؤسللاء جهللال‬
‫فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا واضلوا رواه البخللاري فللي صللحيحه فللذهاب‬
‫العلم إنما هو بذهاب العلماء قال ابن مسعود يوم مات عمر رضى الله عنلله‬
‫اني لحسب تسعة اعشار العلم اليوم قد ذهب وقد تقدم قللول عمللر رضللى‬
‫الله عنه موت الف عابد اهللون مللن مللوت عللالم بصللير بحلل الللله وحراملله‬
‫وقوله اللهم بلى لن تخلو الرض من مجتهد قائم لله بحجج الله ويللدل عليلله‬
‫الحديث الصحيح عن النبي ل تزال طائفة مللن امللتي علللى الحللق ل يضللرهم‬
‫من خذلهم ول من خالفهم حتى يأتي امر الللله وهللم علللى ذلللك ويللدل عليلله‬
‫ايضا مارواه الترمذي عن قتيبة حدثنا حماد بللن يحيللى البللح عللن ثللابت عللن‬
‫انس قال قال رسول الله مثل امتي مثل المطر ل يدرى اوله خير ام آخللره‬
‫قال هذا حديث حسن غريب ويروى عن عبدالرحمن بن مهدي انه كان يثبت‬
‫حماد بن يحيى البح وكان يقول هو من شيوخنا وفي الباب عن عمللار وعبللد‬
‫الله بن عمرو فلو لم يكن في اواخر المة قائم بحجج الله مجتهد لم يكونللوا‬
‫موصوفين بهذه الخيرية وايضا فإن هذه المة اكمل المم وخير امة اخرجت‬
‫للناس ونبيها خاتم النبيين ل نبي بعده فجعللل الللله العلمللاء فيهللا كلمللا هلللك‬
‫عالم خلقه عالم لئل تطمس معالم الدين وتخفى اعلمه وكان بنللو اسللرائيل‬
‫كلما هلللك نلبي خلفلله نللبي فكللانت تسوسللهم النبيللاء والعلمللاء لهللذه المللة‬
‫كالنبياء في بني اسرائيل وأيضا ففي الحيدث الخر يحمل هذا العلم من كل‬
‫خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين‬

‫وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلين وهذا يدل على انه ل يللزال محمللول فللي‬
‫القرون قرنا بعد قرن وفي صحيح ابي حاتم من حديث الخللولني قللال قللال‬
‫رسول الله ل يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يسللتعملهم فللي طللاعته‬
‫وغرس الله هم اهل العلم والعمللل فلللو خلللت الرض مللن عللالم خلللت مللن‬
‫غرس الله ولهذا القول حجج كثيرة لها موضع آخر وزاد الكذابون في حلديث‬
‫على إما ظاهرا مشهورا وإما خفيا مستورا وظنللوا ان ذلللك دليلل لهلم عللى‬
‫القول بالمنتظر وكلن هذه الزيادة من وضع بعض كذا بيهم والحديث مشهور‬
‫عن علي لم يقل احد عنه هذه المقالة ال كذاب وحجللج اللله ل تقللوم بخفللي‬
‫مستور ل يقع العالم له على خبر ول ينتفعون به فللي شلليء اصللل فل جاهلل‬
‫يتعلم منه ول ضال يهتدي به ول خائف يأمن به ول ذليل يتعزز به فللأي حجللة‬
‫لله قامت بمن ل يرى له شخص ول يسمع منه كلمة ول يعلللم للله مكللان ول‬
‫سيما على أصول القائلين به فإن الذي دعاهم الى ذلك انهم قالوا ل بد منلله‬
‫في اللطف بالمكلفين وانقطاع حجتهللم عللن الللله فيللالله العجللب أي لطللف‬
‫حصل بهذا المعدوم ل المعصوم وأي حجة اثبتم للخلق علللى ربهللم باصلللكم‬
‫الباطل فإن هذا المعدوم إذا لم يكن لهم سبيل قط الى لقللائه والهتللداء بلله‬
‫فهل في تكليف مال يطاق ابلغ من هذا وهل في العذر والحجة ابلغ من هللذا‬
‫فالللذي فررتللم منلله وقعتللم فللي شللر منلله وكنتللم فللي ذلللك كمللا قيللل ‪# :‬‬
‫المستجير بعمرو عند كربته ‪ %‬كالمستجير من الرمضاء بالنار ‪ #‬ولكللن ابللي‬
‫الله ال ان يفضح من تنقص بالصحابة الخيللار وبسلادة هللذه الملة وان يلرى‬
‫الناس عورته ويغريه بكشفها ونعوذ بالله من الخذلن ولقد احسللن القللائل ‪:‬‬
‫‪ #‬ما آن للسرداب ان يلد الذي ‪ %‬حملتموه بزعمكم ما آنللا فعلللى عقللولكم‬
‫العفاء فانكم ‪ %‬ثلثتم العنقاء والغيلنا ولقد بطلت حجج استودعها مثللل هللذا‬
‫الغائب وضاعت اعظللم ضللياع فللانتم ابطلتللم حجللج الللله مللن حيللث زعمتللم‬
‫حفظها وهذا تصريح من امير المؤمنين رضى الله عنه بان حامل حجللج الللله‬
‫في الرض بحيث يؤديها عن الله ويبلغهللا الللى عبللاده مثللله رضللى الللله عنلله‬
‫ومثل إخوانه من الخلفاء الراشدين ومن اتبعهم الى يوم القيامة وقوله لكيل‬
‫تبطل حجج الله وبينللاته أي لكيل تللذهب مللن بيللن يللدي النللاس وتبطللل مللن‬
‫صدورهم وال فالبطلن محال عليها لنها ملللزوم مللا يسللتحيل عليلله البطلن‬
‫فإن قيل فما الفرق بين الحجج والبينات قيل الفللرق بينهمللا ان الحجللج هللي‬
‫الدلة العلمية التي يعقلهلا القلللب وتسلمع بلالذن قلال تعللالى فللي منلاظرة‬
‫إبراهيم لقومه وتبيين بطلن ما هم عليه بالدليل العلمي وتلك حجتنا آتينللاهم‬
‫إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء قال ابن زيللد بعلللم الحجللة وقللال‬
‫تعالى فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني وقال‬

‫تعالى ^ والذين يحاجون في الله من بعد مللا اسللتجيب للله حجتهللم داحضللة‬
‫عند ربهم ^ والحجة هي اسم لما يحتج به من حللق وباطللل قللال تعللالى لئل‬
‫يكون للناس علكيم حجة ال الذين ظلموا منهم فانهم يحتجون عليكم بحجللة‬
‫باطلة ^ فل تخشوهم واخشوني ^ وقللال تعللالى ^ واذا تتلللى عليهللم آياتنللا‬
‫بينات ما كان حجتهم ال ان قالوا ائتللوا بآبائنللا ان كنتللم صللادقين ^ والحجللة‬
‫المضافة الى الله هي الحق وقد تكون الحجة بمعنى المخاصمة ومنلله قللوله‬
‫تعالى ^ فلذلك فادع واستقم كما امرت ول تتبللع اهللواءهم وقللل آمنللت بمللا‬
‫انزل الله من كتاب وأمرت لعدل بينكم الله ربنللا وربكللم لنللا اعمالنللا ولكللم‬
‫اعمللالكم ل حجللة بيننللا وبينكللم ^ أي قللد وضللح الحللق واسللتبان وظهللر فل‬
‫خصومة بيننا بعد ظهوره ول مجادلة فان الجدال شللريعة موضللوعة للتعللاون‬
‫على إظهار الحق فإذا ظهر الحق ولم يبق به خفاء فل فائدة فللي الخصللومة‬
‫والجدال على بصيرة مخاصمة المنكر ومجادلته عناء ل غنى فيه هللذا معنللى‬
‫هذه الية وقد يقع في وهم كثير من الجهال ان الشريعة ل احتجاج فيها وان‬
‫المرسل بها صلللوات الللله وسلللمه عليلله لللم يكللن يحتللج علللى خصللومه ول‬
‫يجللادلهم ويظللن جهللال المنطقييللن وفللروخ اليونللان ان الشللريعة خطللاب‬
‫للجمهللور ول احتجللاج يهللا فيللوان النبيللاء دعللوا الجمهللور بطريللق الخطابللة‬
‫والحجج للخواص وهم اهل البرهللان يعنللون نفوسلهم ومللن سلللك طريقتهللم‬
‫وكل هذا مللن جهلهللم بالشللريعة والقللرآن فللإن القللرآن مملللوء مللن الحجللج‬
‫والدلة والبراهين في مسائل التوحيد واثبات الصانع والمعاد وإرسال الرسل‬
‫وحدوث العالم فل يذكر المتكلمون وغيرهم دليل صحيحا علللى ذلللك ال وهللو‬
‫في القرآن بافصح عبللارة واوضللح بيللان وأتللم معنللى وابعللده عللن اليللرادات‬
‫والسئلة وقد اعترف بهذا حذاق المتكلمين من المتقدمين والمتلأخرين قلال‬
‫ابو حامد في اول الحياء فإن قلت فلللم لللم تللورد فللي اقسللام العلللم الكلم‬
‫والفلسفة وتبين انهما مذمومان او ممدوحان فللاعلم ان حاصللل مللا يشللتمل‬
‫عليه الكلم من الدلة التي ينتفع بهللا فللالقرآن والخبللار مشللتملة عليلله ومللا‬
‫خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع كمللا سلليأتي بيللانه وامللا‬
‫مشاغبة بللالتعلق بمناقضللات الفللرق وتطويللل بنقللل المقللالت الللتي اكثرهللا‬
‫ترهات وهذا يانات تزدريها الطباع وتمجهللا السللماع وبعضللها خللوض فيمللا ل‬
‫يتعلق بالدين ولم يكن شيء منه مألوفلا فلي العصلر الول ولكلن تغيلر الن‬
‫حكمه إذا حدثت البدع الصارفة عن مقتضى القرآن والسنة لفقت لها شللبها‬
‫ورتبت لها كلما مؤلفا فصار ذلك المحظور بحكم الضرورة مأذونا فيه وقللال‬
‫الللرازي فللي كتللابه اقسللام اللللذات لقللد تللأملت الكتللب الكلميللة والمناهللج‬
‫الفلسفية فما رأيتها تروي غليل ول تشفى عليل ورايت اقرب الطرق طريقة‬
‫القرآن اقرا في الثبات اليلله يصللعدالكلم الطيللب ^ الرحمللن علللى العللرش‬
‫استوى ^ واقرا في النفي ^ ليس كمثله شيء ^ ومن جرب مثل تجربللتي‬
‫عرف مثل معرفتي وهذا الذي اشار اليه بحسب مافتح له من‬

‫دللة القرآن بطريق الخبر وإل فللدللته البرهانيللة العقليللة الللتي يشللير اليهللا‬
‫ويرشد اليها فتكون دليل سمعيا عقليا امر تميز به القللرآن وصللار العللالم بلله‬
‫من الراسخين في العلم وهو العلم الذي يطمئن اليه القلللب وتسللكن عنللده‬
‫النفس ويزكو به العقل وتستنير به البصيرة وتقوى به الحجة ول سبيل لحللد‬
‫من العالمين الى قطع من حاج به بل مللن خاصللم بلله فلجللت حجتلله وكسللر‬
‫شبهة خصمه وبه فتحت القللوب واسلتجيب لللله ولرسللوله ولكللن اهلل هللذا‬
‫العلم لتكللاد العصللار تسللمح منهللم ال بالواحللد بعللد الواحللد فدللللة القللرآن‬
‫سمعية عقلية قطعية يقينية ل تعترضها الشبهات ول تتللداولها الحتمللالت ول‬
‫ينصرف القلب عنها بعد فهمها ابدا وقال بعض المتكلمين افنيت عمري فللي‬
‫الكلم اطلب الدليل وانللا لأزداد ال بعللدا عللن الللدليل فرجعللت الللى القللرآن‬
‫اتدبره واتفكر فيه واذا انا بالدليل حقا معي وانا ل أشعر به فقلللت والللله مللا‬
‫مثلي ال كما قال القائل ‪ # :‬ومن العجائب والعجائب جمة ‪ %‬قرب الحللبيب‬
‫وما اليه وصول كالعيش في البيداء يقتلهللا الظمللا ‪ %‬ولمللاء فللوق ظهورهللا‬
‫محمول ‪ %‬قال فلما رجعت الى القرآن إذا هو الحكللم والللدليل ورأيللت فيلله‬
‫من ادلة الله وحججه وبراهينه وبيناته ما لو جمع كللل حللق قللاله المتكلمللون‬
‫في كتبهم لكانت سورة من سور القرآن وافية بمضللمونه مللع حسللن البيللان‬
‫وفصاحة اللفظ وتطبيق المفصل وحسن الحتراز والتنبيه على مواقع الشبه‬
‫والرشاد الى جوابها وإذا هو كما قيل بل فوق ما قيل ‪ # :‬كفللى وشللفى مللا‬
‫في الفؤاد فلم يدع ‪ %‬لذي ارب فللي القللول جللدا ول هللزل وجعلللت جيللوش‬
‫الكلم بعد ذلك تفد الى كما كانت وتتزاحم في صللدري ول يللاذن لهللا القلللب‬
‫بالدخول فيه ول تلقى منه إقبال ول قبول فترجع على ادبارهللا والمقصللود ان‬
‫القرآن مملوء بالحتجاج وفيه جميع انللواع الدلللة والقيسللة الصللحيحة وأمللر‬
‫الله تعالى رسوله فيلله بإقامللة الحجللة والمجادلللة فقللال تعللالى ^ وجللادلهم‬
‫بالتي هي احسن ^ وقال ^ ول تجادلوا اهل الكتاب إل بالتي هي احسللن ^‬
‫وهذه مناظرات القرآن مع الكفار موجودة فيه وهذه مناظرات رسللول الللله‬
‫واصحابه لخصومهم وإقامة الحجج عليهم ل ينكر ذلك ال جاهللل مفللرط فللي‬
‫الجهل والمقصود الفرق بين الحجج والبينات فنقللول الحجللج الدلللة العلميللة‬
‫والبيانات جمع بينة وهي صفة في الصل يقال آيللة بينللة وحجللة بينللة والبينللة‬
‫اسم لكل ما يبين الحق مللن علمللة منصللوبة او أمللارة او دليللل علمللي قللال‬
‫تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبيانات وانزلنللا معهللم الكتللاب والميللزان فالبينللات‬
‫اليات التي اقامهللا الللله دللللة علللى صللدقهم مللن المعجللزات والكتللاب هللو‬
‫الدعوة وقال تعالى ^ إن أول بيت وضللع للنللاس للللذي ببكللة مباركللا وهللدى‬
‫للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ^ ومقام إبراهيللم آيللة جزئيللة مرئيللة‬
‫بالبصار‬

‫وهو من آيات الله الموجودة في العالم ومنه قول موسللى لفرعللون وقللومه‬
‫^ قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني اسللرائيل قللال إن كنللت جئت‬
‫بآية فأت بهلا ان كنللت ملن الصلادقين فلالقى عصلاه ^ وكلان القلاء العصلا‬
‫وانقلبها حية هو البينة وقال قللوم هللود يللا هللود مللا جئتنللا ببينللة يريللدون آيللة‬
‫القتراح وال فهو قد جاءهم بما يعرفون به انه رسول الله اليهم فطلب الية‬
‫بعد ذلك تعنت واقتراح ل يكون لهم عذر فللي عللدم الجابللة اليلله وهللذه هللي‬
‫اليات التي قال الله تعالى فيها وما منعنا ان نرسل باليات ال ان كللذب بهللا‬
‫الولون فعدم اجابته سبحانه اليها إذ طلبها الكفار رحمة منلله واحسللان فللانه‬
‫جرت سنته التي ل تبديل لها انهللم اذا طلبللوا اليللة واقترحوهللا واجيبللوا ولللم‬
‫يؤمنوا عولجوا بعذاب الستئصال فلما علم سبحانه ان هؤلء ل يؤمنللون ولللو‬
‫جاءتهم كل آية لم يجبهم الى ما طلبوا فلللم يعمهللم بعللذاب لمللا اخللرج مللن‬
‫بنيهم واصلبهم من عبادة المؤمنين وان اكثرهم آمن بعللد ذلللك بغيللر اليللات‬
‫التي اقترحوها فكان عدم إنللزال اليللات المطلوبللة مللن تمللام حكمللة الللرب‬
‫ورحمته واحسانه بخلف الحجج فانها لم تزل متتابعة يتلو بعضها بعضا وهللي‬
‫كل يوم في مزيد وتوفي رسول الله وهي اكثر ما كانت وهي باقية الى يللوم‬
‫القياملة وقلوله اولئك القللون علددا العظملون عنلد اللله قلدرا يعنلي هلذا‬
‫الصنف من الناس اقل الخلق عددا وهذا سلبب غربتهلم فلانهم قليللون فلي‬
‫الناس والناس علللى خلف طريقهللم فلهللم نبللأ وللنللاس نبللأ قللال النللبي بللدأ‬
‫السلم غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطللوبى للغربللاء فللالمؤمنون قليللل فللي‬
‫الناس والعلماء قليل في المؤمنين وهؤلء قليل في العلمللاء وإيللاك ان تغللتر‬
‫بما يغتر به الجاهلون فانهم يقولون لو كان هؤلء على حلق للم يكونلوا اقلل‬
‫الناس عددا والناس على خلفهم فاعلم ان هؤلء هلم النلاس وملن خلالفهم‬
‫فمشبهون بالناس وليسوا بناس فما الناس ال اهللل الحللق وإن كللانوا اقلهللم‬
‫عددا قال ابن مسعود ل يكن احدكم إمعة يقول انا مع الناس ليوطن احدكم‬
‫نفسه على ان يؤمن ولللو كفللر النللاس وقللد ذم سللبحانه الكللثرين فللي غيللر‬
‫موضع كقوله وان تطع اكثر من في الرض يضلوك عن سبيل الللله ^ وقللال‬
‫^ وما أكللثر النللاس ولللو حرصللت بمللؤمنين ^ وقللال ^ وقليللل مللن عبللادي‬
‫الشكور ^ وقال ^ وان كللثيرا مللن الخلطللاء ليبغللى بعضللهم علللى بعللض ال‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وقللال بعللض العللارفين انفللرادك‬
‫في طريق طلبك دليل على صدق الطلب ‪ #‬مت بداء الهوى وال فخاطر ‪%‬‬
‫واطرق الحي والعيون نواظر ‪ #‬ل تخف وحشة الطريق اذا سر ‪ %‬ت وكللن‬
‫في خفارة الحق سائر وقوله بهم يدفع الللله عللن حججلله حللتى يؤدوهللا الللى‬
‫نظرائهم ويزرعوها في قلوب اشباههم وهذا لن اللله سلبحانه ضلمن حفلظ‬
‫حجه وبيناته واخبر رسول الله انه‬

‫ل تزال طائفة من امته على الحق ل يضرهم من خذلهم ول من خالفهم الى‬


‫قيام الساعة فل يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في‬
‫قلوب من اهلهم الله لذلك وارتضاهم فيكونوا ورثة لهم كما كانوا هللم ورثللة‬
‫لمن قبلهم فل تنقطع حجج الله والقائم بها من الض وفي الثر المشللهور ل‬
‫يزال الله يغرس في هذا الدين غرسللا يسللتعملهم بطللاعته وكللان مللن دعللاء‬
‫بعض من تقدم اللهم اجعلني من غرسك الذين تستعملهم بطاعتك ولهذا مللا‬
‫اقام الله لهذا الدين من يحفظه ثللم قبضلله اليلله ال وقللد زرع مللا علملله مللن‬
‫العلم والحكمة اما في قلوب امثاله واملا فلي كتلب ينتفلع بهلا النلاس بعلده‬
‫وبهذا وبغيره فضل العلماء العباد فللإن العللالم إذا زرع علملله عنللد غيللره ثللم‬
‫مات جرى عليه اجره وبقي له ذكره وهو عمر ثان وحياة اخرى وذلللك احللق‬
‫ما تنافس فيه المتنافسون ورغب فيه الراغبون وقوله هجم بهم العلم علللى‬
‫حقيقة المر فاستلنوا ما استوعره المللترفون وانسللوا ممللا اسللتوحش منلله‬
‫الجاهلون الهجوم على الرجل الدخول عليه بل استئذان ولمللا كللانت طريللق‬
‫الخللرة وعللرة علللى أكللثر الخلللق لمخالفتهللا لشللهواتهم ومباينتهللا لرادتهللم‬
‫ومألوفاتهم قل سالكوها وزاهدهم فيها قلللة علمهللم اوعللدمه بحقيقللة المللر‬
‫وعاقبة العباد ومصيرهم وما هيئوا له وهيء لهم فقل علمهم بذلك واستلنوا‬
‫مركللب الشللهوة والهللوى علللى مركللب الخلص والتقللوى وتللوعرت عليهللم‬
‫الطريق وبعدت عليهم الشقة وصعب عليهم مرتقي عقابهللا وهبللوط اوديتهللا‬
‫وسلوك شعابها فاخلدوا الى الدعة والراحة وآثروا العاجل على الجل وقالوا‬
‫عيشنا اليوم نقد وموعودنا نسيئة فنظروا الى عاجل الدنيا واغمضوا العيللون‬
‫عن آجلها ووقفوا مع ظاهرها ولم يتأملوا باطنها وذاقوا حلوة مباديها وغللاب‬
‫عنهم مرارة عواقبها ودر لهم ثديها فطاب لهللم الرتضللاع واشللتغلوا بلله عللن‬
‫التفكر في الفطام ومرارة النقطاع وقال مغترهم بالله وجاحللدهم لعظمتلله‬
‫وربللوبيته متمثل فللي ذلللك ‪ #‬خللذ مللا تللراه ودع شلليئا سللمعت بلله ‪ %‬وأمللا‬
‫القائمون لله بحجته خلفاء نبيه في امته فانهم لكمال علمهم وقوته نفد بهللم‬
‫الى حقيقة المر وهجم بهم عليه فعاينوا ببصللائرهم مللا عشلليت عنلله بصللائر‬
‫الجاهلين فاطمأنت قلوبهم به وعملوا عللى الوصلول اليله لملا باشلرها ملن‬
‫روح اليقين رفع لهم علم السعادة فشللمروا اليلله واسللمعهم منللادي اليمللان‬
‫النداء فاستبقوا اليه واستيقنت انفسهم مللا وعللدهم بلله ربهللم فزهللدوا فيمللا‬
‫سواه ورغبوا فيما لديه علموا ان الدنيا دار ممر ل دار مقللر ومنللزل عبللور ل‬
‫مقعد حبور وانها خيال طيف او سحابة صيف وان من فيها كراكب قال تحت‬
‫ظل شجرة ثم راح عنها وتركها وتيقنوا انها احلم نوم او كظللل زائل ‪ # :‬ان‬
‫اللبيب بمثلها ل يخدع ‪%‬‬

‫وان وصفها صدق في وصفها اذ يقول ‪ #‬ارى اشقياء الناس ل يسللأمونها ‪%‬‬
‫على انهم فيها عراة وجوع اراها وان كانت تحب فإنها ‪ %‬سحابة صلليف عللن‬
‫قليل تقشع ‪ %‬فرحلت عللن قلللوبهم مللدبرة كمللا ترحلللت عللن اهلهللا مللوليه‬
‫واقبلت الخرة الى قلوبهم مسرعة كما اسرعت الى الخلق مقبلة فللامتطوا‬
‫ظهور العزائم وهجروا لذة المنام وما ليل المحب بنائم علموا طول الطريق‬
‫وقلة المقام في منزل التزود فسللارعوا فللي الجهللاز وجللد بهللم السللير الللى‬
‫منازل الحباب فقطعوا المراحل وطووا المفاوز وهذا كله من ثمرات اليقين‬
‫فان القلب إذا استيقن ما امامه من كرامة الله وما اعد لوليائه بحيللث كللأنه‬
‫ينظر اليه من وراء حجاب الدنيا ويعلم انلله إذا زال الحجللاب رأى ذلللك عيانللا‬
‫زالت عنه الوحشة التي يجدها المتخلفون ولن للله مللا اسللتوعره المللترفون‬
‫وهذه المرتبة هللي اول مراتللب اليقيللن وهللي علملله وتيقنلله وهللي الكشللاف‬
‫المعلوم للقلب بحيث يشاهده ول يشلك فيله كانكشلاف الملرئي للبصلر ثلم‬
‫يليها المرتبة الثانية وهي مرتبة عين اليقين ونسبتها الى العين كنسللبة الول‬
‫الى القلب ثم تليها المرتبة الثالثة وهي حق اليقيللن وهللي مباشللرة المعلللوم‬
‫وإدراكله الدراك التلام فلالولى كعلملك بلان فلي هلذا اللوادي ملاء والثلاني‬
‫كرؤيته والثالثة كالشرب منه ومن هللذا مللا يللروى فللي حللديث حارثللة وقللول‬
‫النبي كيف اصبحت يا حارثللة قللال اصللبحت مؤمنللا حقللا قللال إن لكللل قللول‬
‫حقيقة فما حقيقة إيمانك قال عزفت نفسي عن الللدنيا وشللهواتها فاسللهرت‬
‫ليلي وأظمأت نهاري وكاني انظر الى عرش ربي بارزا وكاني انظر الى اهل‬
‫الجنة بتزاورون فيها والى اهل النار يتعاوون فيها فقللال عبللد نللور الللله قلبلله‬
‫فهذا هو هجوم العلم بصاحبه على حقيقة المر ومن وصل الى هللذا اسللتلن‬
‫ما يستوعره المترفون وأنس مما يشتوحش منه الجللاهلون ومللن لللم يثبللت‬
‫قدم إيمانه على هذه الدرجة فهو إيمان ضعيف وعلمة هللذا انشللراح الصللدر‬
‫لمنازل اليمان وانفساحه وطمأنينة القلب لمر الله والنابللة الللى ذكللر الللله‬
‫ومحبته والفرح بلقائه والتجافي عن دار الغرور كملا فلي الثلر المشلهور إذا‬
‫دخل النور القلب انفسح وانشرح قيل وما علمة ذلك قال التجافي عللن دار‬
‫الغرور والنابة الللى دار الخلللود والسللتعداد للمللوت قبللل نزوللله وهللذه هللي‬
‫الحال التي كانت تحصل للصحابة عند النبي إذا ذكرهم الجنة والنار كما فللي‬
‫الترمذي وغيره من حديث الجريللري عللن ابللي عثمللان النهللدي عللن حنظلللة‬
‫السدي وكان من كتاب النبي انه مر بأبي بكللر رضللى الللله عنلله وهللو يبكللي‬
‫فقال مالك يا حنظلة فقال نافق حنظلة يا ابللا بكللر نكللون عنللد رسللول الللله‬
‫يذكرنا بالجنة والنار كانا رأى عيللن فللإذا رجعنللا إلللى الزواج والضلليعة نسللينا‬
‫كثيرا قال فوالله إنا لكذلك انطلق بنللا الللى رسللول الللله فانطلقنللا فلمللا رآه‬
‫رسول الله قال مالك يا حنظلة قال نافق حنظلة يا رسول الله نكون عنللدك‬
‫تذكرنا بالنار والجنة كانا‬

‫رأى عين فإذا رجعنا عافسنا الزواج والضيعة ونسينا كثيرا قال فقال رسللول‬
‫الله لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي لصللافحتكم الملئكللة‬
‫في مجالسكم وفي طرقكم وعلى فرشكم ولكن يللا حنظلللة سللاعة وسللاعة‬
‫ساعة وساعة قال الترمذي هذا حللديث حسللن صللحيح وفللي الترمللذي ايضللا‬
‫نحوه من حديث ابي هريرة والمقصود ان الذي يهجللم بللالقلب علللى حقيقللة‬
‫اليمان ويلين له ما يستوعره غيره ويؤنسه بما يستوحش منلله سللواء العلللم‬
‫التام والحب الخالص والحب تبع للعلم يقوى بقوته ويضعف بضعفه والمحب‬
‫ل يستوعر طريقا توصله الى محبوبه ول يستوحش فيها وقوله صحبوا الللدنيا‬
‫بابدان ارواحها معلقة بالمل العلى وفي رواية بالمحل العلى الروح في هذا‬
‫الجسد بدار غربة ولها وطن غيره فل تستقر ال في وطنها وهي جوهر علوي‬
‫مخلوق من مادة علوية وقد اضطرت الى مساكنة هذا البللدن الكللثيف فهللي‬
‫دائما تطلب وطنها في المحل العلى وتحن اليه حنيللن الطيللر الللى اوكارهللا‬
‫وكل روح ففيها ذلك ولكن لفرط اشتغالها بالبدن وبالمحسوسللات المالوفللة‬
‫اخلدت الى الرض ونسيت معلمها ووطنها الذي ل راحة لها في غيره فإنه ل‬
‫راحة للمؤمن دون لقاء ربه والدنيا سجنه حقلا فلهللذا تجلدالمؤمن بلدنه فللي‬
‫الدنيا وروحه في المحل العلى وفللي الحللديث المرفللوع إذا نللام العبللد وهللو‬
‫ساجد باهي الللله بلله الملئكللة فيقللول انظللروا الللى عبللدي بلدنه فللي الرض‬
‫وروحه عندي رواه تمام وغيره وهذا معني قول بعض السلف القلوب جوالة‬
‫فقلب حول الحشر وقلب يطوف مع الملئكة حول العللرش فللأعظم عللذاب‬
‫الروح انغماسها وتدسيسها فللي أعمللاق البللدن واشللتغالها بملذه وانقطاعهللا‬
‫عن ملحظة ما خلقت له وهيئت له وعن وطنها ومحلها ومحل انسها ومنزل‬
‫كرامتها ولكن سكر الشهوات يحجبها عن مطالعة هللذا اللللم والعللذاب فللإذا‬
‫صحت من سكرها وافاقت من غمرتها اقبلت عليهللا جيلوش الحسللرات ملن‬
‫كل جللانب فحينئذ تتقطللع حسللرات علللى مللا فاتهللا مللن كرامللة الللله وقربلله‬
‫والنس به والوصللول الللى وطنهللا الللذي ل راحللة لهللا ال فيلله كمللا قيللل ‪# :‬‬
‫صحبتك اذ عيني عليها غشلاوة ‪ %‬فلملا انجللت قطعلت نفسلي الومهلا وللو‬
‫تنقلت الروح في المللواطن كلهللا والمنللازل لللم تسللتقر ولللم تطمئن ال فللي‬
‫وطنها ومحلها الذي خلقت له كمللا قيللل ‪ # :‬نقللل فللؤادك حيللث شللئت مللن‬
‫الهوى ‪ %‬ما الحب ال للحبيب الول كللم منللزل فللي الرض يللألفه الفللتى ‪%‬‬
‫وحنينه ابدا لول منزل وإذا كانت الروح تحن ابدا الى وطنها مللن الرض مللع‬
‫قيام غيره مقامه في السكنى وكثيرا ما يكون غير وطنها احسن واطيب منه‬
‫وهي دائما تحن اليه مع انه ل ضرر عليها ول عذاب فللي مفللارقته الللى مثللله‬
‫فكيف بحنينها الى الوطن الذي في فراقها له عذابها وآلمها وحسللرتها الللتي‬
‫لتنقضي فالعبد‬

‫المؤمن في هذه الدار سبي من الجنة الى دار التعب والعناء ثم ضرب عليه‬
‫الرق فيها فكيف يلم على حنينه الى داره التي سبى منها وفلرق بينله وبيلن‬
‫من يحب وجمع بينه وبين عدوه فروحه دائما معلقة بذلك الوطن وبدنه فللي‬
‫الدنيا ولى من ابيات فللي ذلللك ‪ #‬وحللي علللى جنللات عللن فانهللا ‪ %‬منازلللك‬
‫الولى وفيها المخيللم ولكننللا سللبي العللدو فهللل تللرى ‪ %‬نعللود الللى اوطاننللا‬
‫ونسلم وكلما اراد منه العدو نسيان وطنه وضرب الذكر عنله صلفحا وايلفله‬
‫وطنا غيره ابت ذلك روحه وقلبه كما قيل ‪ # :‬يراد مللن القلللب نسلليانكم ‪%‬‬
‫وتأبى الطباع على الناقل ولهذا كان المؤمن غريبا في هللذه الللدار ايللن حللل‬
‫منها فهو في دار غربة كما قال النبي كللن فللي الللدنيا كانللك غريللب او عللابر‬
‫سبيل ولكنها غربة تنقضى ويصير الللى وطنلله ومنزللله وانمللا الغربللة الللتي ل‬
‫يرجى انقطاعها فهي غربة في دار الهوان ومفارقة وطنه الذي كان قد هيء‬
‫واعد له وامر بالتجهيز اليه والقدوم عليه فابى ال اغترابه عنه ومفللارقته للله‬
‫فتلك غربة ل يرجى ايابها ول يجبر مصابها ول تبادر الى انكار كون البدن في‬
‫الدنيا والروح في المل العلى فللروح شأن والبللدن شللأن والنللبي كللان بيللن‬
‫اظهر اصحابه وهو عند ربه يطعمه ويسقيه فبدنه بينهللم وروحلله وقلبلله عنللد‬
‫ربه وقال ابو الدرداء اذا نام العبدعرج بروحه الللى تحللت العللرش فللان كللان‬
‫طاهرا اذن لها بالسجود وان لم يكن طللاهرا لللم يللؤذن لهللا بالسللجود فهللذه‬
‫والله أعلم هي العلة التي امر الجنب لجلهللا ان يتوضللأ إذا أراد النللوم وهللذا‬
‫الصعود إنما كان لتجرد الروح عللن البللدن بللالنوم فللإذا تجللردت بسللبب آخللر‬
‫حصل لها من الترقي والصعود بحسب ذلك التجرد وقد يقوى الحب بالمحب‬
‫حتى ل يشاهد منه بين الناس ال جسمه وروحه في موضع آخر عند محبللوبه‬
‫وفي هذا من شاعار الناس وحكاياتهم مللا هللو معللروف وقللوله اولئك خلفللاء‬
‫الله في ارضه ودعائه الى دينه هذا حجة احد القولين في انه يجوز ان يقللال‬
‫فلن خليفة الله في ارضه واحتج اصلحابه ايضلا بقلوله تعلالى للملئكلة إنلي‬
‫جاعل في الرض خليفة واحتجوا بقوله تعالى وهو الذي جعلكللم خلئف فللي‬
‫الرض وهذا خطاب لنلوع النسلان وبقللوله تعللالى امللن يجيللب المضللطر اذا‬
‫دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفللاء الرض وبقللول موسللى لقللومه عسللى‬
‫ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم في الرض فينظر كيللف تعملللون ويقللول‬
‫النبي ان الله ممكن لكم في الرض ومستخلفكم فيها فناظر كيللف تعملللون‬
‫فاتقوا الدنيا واتقوا النساء واحتجوا بقول الراعي يخاطب ابا بكر رضي الللله‬
‫عنه ‪ # :‬خليفة الرحمن انام معشر ‪ %‬حنفاء نسجد بكرة واصيل‬

‫‪ #‬عرب نرى لله في اموالنا ‪ %‬حق الزكللاة منللزل تنللزيل ‪ #‬ومنعللت طائفللة‬
‫هذا الطلق وقالت ل يقال لحد انه خليفة الله فإن الخليفة انما يكون عمن‬
‫يغيب ويخلفه غيره والله تعالى شاهد غير غائب قريب غير بعيللد راء وسللامع‬
‫فمحال ان يخلفه غيره بل هو سللبحانه الللذي يخلللف عبللده المللؤمن فيكللون‬
‫خليفته كما قال النبي في حديث اللدجال ان يخلرج وانلا فيكلم فانلا حجيجله‬
‫دونكم وان يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والللله خليفللتي علللى كللل‬
‫مؤمن والحديث في الصحيح وفي صحيح مسلم ايضا من حديث عبد الله بن‬
‫عمرو ان رسول الله كان يقول اذا سافر اللهللم انللت الصللاحب فللي السللفر‬
‫والخليفة في الهل والحضر الحديث وفي الصحيح ان النبي قال اللهم اغفللر‬
‫لبي سلمة وارفع درجته في المهللديين واخلفلله فللي اهللله فللالله تعللالى هللو‬
‫خليفة العبد لن العبد يموت فيحتاج الى من يخلفه في اهله قالوا ولهذا انكر‬
‫الصديق رضى الله عنه على من قال له يا خليفة الله قال لست بخليفة الله‬
‫ولكني خليفة رسول الله وحسبي ذلك قالوا وأما قوله تعالى اني جاعل فللي‬
‫الرض خليفة فل خلف ان المراد به آدم وذريته وجمهور اهلل التفسلير ملن‬
‫السلف والخلف على انه جعله خليفة عمن كان قبللله فللي الرض قيللل عللن‬
‫الجللن الللذين كللانوا سللكانها وقيللل عللن الملئكللة الللذين سللكنوها بعللدالجن‬
‫وقصتهم مذكورة في التفاسير وأما قوله تعالى وهو الذي جعلكم خلئف في‬
‫الرض فليس المراد به خلئف عن الله وانما المللراد بلله انلله جعلكللم يخلللف‬
‫بعضكم بعضا فكلما هلك قرن خلفه قرن إلللى آخللر الللدهر ثللم قيللل ان هللذا‬
‫خطللاب لملة محملد خاصللة أي جعلكللم خلئف ملن الملم الماضلية فهلكللوا‬
‫وورثتم انتم الرض من بعدهم ول ريب ان هذا الخطاب للمللة والمللراد نللوع‬
‫النسان الذي جعل الله اباهم خليفة عمن قبله وجعل ذريتلله يخلللف بعضللهم‬
‫بعضا الى قيام الساعة ولهذا جعل هذا آية من آياته كقوله تعالى امن يجيللب‬
‫المضطر أذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الرض واما قللول موسللى‬
‫لقومه ويستخلفكم في الرض فليس ذلك استخلفا عنه وانما هو اسللتخلف‬
‫عن فرعون وقومه اهلكهم وجعل قوم موسى خلفاء من بعدهم وكللذا قللول‬
‫النبي ان الله مستخلفكم في الرض أي من المم التي تهلك وتكونللون انتللم‬
‫خلفاء من بعدهم قالوا واما قول الراعي فقول شاعر قال قصيدة في غيبللة‬
‫الصديق ل يدري ابلغت ابا بكر ام ل ولو بلغته فل يعلم انلله اقللره علللى هللذه‬
‫اللفظة ام ل قلت ان اريد بالضافة الى الله انه خليفة عنلله فالصللواب قللول‬
‫الطائفة المانعة منها وان اريد بالضللافة ان الللله اسللتخلفه عللن غيللره ممللن‬
‫كان قله قبلهفهذا ل يمتنع فيه الضافة وحقيقتها خليفة الله الذي جعللله الللله‬
‫خلفا عن غيره وبهذا يخرج الجواب عللن قللول اميللر المللؤمنين اولئك خلفللاء‬
‫الله في ارضه فان قيل هذا لمدح فيه لن هذا‬

‫الستخلف عام في المة وخلفللة الللله الللتي ذكرهللا اميللر المللؤمنين خاصللة‬
‫بخلواص الخللق فلالجواب ان الختصلاص الملذكور افلاد اختصلاص الضلافة‬
‫فالضافة هنا للتشريف والتخصيص كما يضاف اليلله عبلاده كقلوله تعلالى إن‬
‫عبادي ليس لك عليهم سلطان وعباد الرحمللن الللذين يمشللون علللى الرض‬
‫هونا ونظائرهما ومعلوم ان كل الخلق عبللاد للله فخلفللاء الرض كالعبللاد فللي‬
‫قوله والله بصير بالعباد ^ وما اللله يريلد ظلملا للعبلاد ^ وخلفلاء اللله فلي‬
‫قوله ^ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ^ ونظللائره وحقيقللة اللفظللة ان‬
‫الخليفة هو الذي يخلف الذاهب أي يجيء بعده يقال خلف فلن فلنا واصلها‬
‫خليف بغيللر هللاء لنهللا فعيللل بمعنللى فاعللل كللالعليم والقللدير فللدخلت التللاء‬
‫للمبالغة في الوصف كراويلة وعلملة ولهلذا جملع جملع فعيلل فقيلل خلفلاء‬
‫كشريف وشرفاء وكريم وكرماء ومللن راعللي لفظلله بعللد دخللول التللاء عليلله‬
‫جمعللة معلله علللى فعللائل فقللال خلئف كعقيلللة وعقللائل وظريفللة وظللرائف‬
‫وكلهما ورد به القرآن هذا قول جماعة من النحللاة والصللواب ان التللاء إنمللا‬
‫دخلت فيها للعدل عن الوصف الى السم فإن الكلمة صللفة فللي الصللل ثللم‬
‫اجريت مجرى السماء فللالحقت التللاء لللذلك كمللا قللالوا نطيحللة بالتللاء فللإذا‬
‫اجروها صفة قللالوا شللاة نطيللح كمللاي يقولللون كللف خضلليب وال فل معنللى‬
‫للمبالغة في خليفة حتى تلحقها تاء المبالغة والللله اعلللم وقللوله ودعتلله الللى‬
‫دينلله الللدعاة جمللع داع كقللاض قضللاة ورام ورمللاة وإضللافتهم الللى اليلله‬
‫للختصاص أي الللدعاة المخصوصللون بلله الللذين يللدعون الللى دينلله وعبللادته‬
‫ومعرفته ومحبتلله وهللؤلءهم خللواص خلللق الللله وافضلللهم عنللد الللله منزلللة‬
‫وأعلهم قدرا يدل على ذلك الوجه الثلثون بعد المللائة وهللو قللوله تعللالى ^‬
‫ومن احسن قول ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلللمين‬
‫^ قال الحسن هو المؤمن اجاب الله في دعوته ودعا الناس الى مللا أجللاب‬
‫الله فيه من دعوته وعمل صالحا في إجابته فهذا حبيب الللله هللذا ولللي الللله‬
‫فمقام الدعوة الى الله افضل مقامات العبد قال تعالى وانه لما قام عبدالله‬
‫يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا وقال تعالى ^ ادع الى سللبيل ربللك بالحكمللة‬
‫والموعظللة الحسللنة وجللادلهم بللالتي هللي احسللن ^ جعللل سللبحانه مراتللب‬
‫الدعوة بحسب مراتب الخلق فالمتسجيب القابل الذكي الللذي ل يعانللدالحق‬
‫ول يأباه يدعى بطريق الحكمة والقابل الذي عنللده نلوع غفللة وتلأخر يلدعى‬
‫بالموعظة الحسنة وهي الملر والنهلي المقللرون بالرغبللة والرهبلة والمعانلد‬
‫الجاحد يجادل بالتي هي احسن هذا هو الصحيح في معنللى هللذه اليللة ل مللا‬
‫يزعم اسير منطق اليونان ان الحكمة قياس البرهللان وهللي دعللوة الخللواص‬
‫والموعظة الحسنة قياس الخطابة وهي دعوة العوام والمجادلللة بللالتي هللي‬
‫احسللن القيللاس الجللدلي وهللو رد شللغب المشللاغب بقيللاس جللدلي مسلللم‬
‫المقدمات وهذا باطل وهو مبني على اصول‬

‫الفلسفة وهو مناف لصول المسلمين وقواعدالدين من وجللوه كللثيرة ليللس‬


‫هذا موضع ذكرها وقال تعالى ^ قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصلليرة‬
‫انا ومن اتبعني ^ قال الفراء وجماعة ومن اتبعنللي معطللوف علللى الضللمير‬
‫في ادعو يعني ومن اتبعني يدعو الى الله كما ادعو وهذا قللول الكلللبي قللال‬
‫حق على كل من اتبعه ان يدعو الى ما دعا اليه ويللذكر بللالقرآن والموعظللة‬
‫ويقوى هذا القول من وجوه كثيرة قللال ابللن النبللاري ويجللوز ان يتللم الكلم‬
‫عند قوله الى الله ثم يبتللديء بقللوله علللى بصلليرة انللا ومللن اتبعنللي فيكللون‬
‫الكلم على قوله جملتين اخبر في اولهما انه يللدعو الللى الللله وفللي الثانيللة‬
‫بانه من اتباعه على بصيرة والقولن متلزمان فل يكلون الرجللل مللن اتبللاعه‬
‫حقا حتى يدعو الى ما دعا اليه وقول الفلراء احسلن واقلرب اللى الفصلاحة‬
‫والبلغة واذا كانت الدعوة الى الله اشرف مقامللات العبللد واجلهللا وافضلللها‬
‫فهي ل تحصل ال بالعلم الذي يدعو به واليه بل ل بد في كمال الللدعوة مللن‬
‫البلوغ في العلم الى حد يصل اليه السعي ويكفي هذا في شللرف العلللم ان‬
‫صاحبه يحوز بلله هللذا المقللام والللله يللؤتي فضللله مللن يشللاء الللوجه الحللادي‬
‫والثلثون بعدالمائة انه لو لم يكن من فوائد العلم ال انه يثمللر اليقيللن الللذي‬
‫هو اعظم حياة القلب وبه طمأنينه وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ولهذا‬
‫مدح الله سبحانه اهله في كتابه واثنى عليهم بقوله ^ وبالخرة هم يوقنللون‬
‫^ وقوله تعالى كذلك نفصلل اليلات لقلوم يوقنلون وقلوله فلي حلق خليلله‬
‫إبراهيللم وكللذلك نللرى إبراهيللم ملكللوت السللموات والرض وليكللون مللن‬
‫الموقنين وذم من ل يقين عنده فقال ^ إن الناس كانوا بآياتنا ل يوقنللون ^‬
‫وفي الحديث المرفوع من حديث سفيان الثوري عللن سللليمان الللتيمي عللن‬
‫خيثمة عن عبد الله بن مسعوديرفعه ل ترضين احدا بسخط الله ول تحمللدن‬
‫احدا على فضله ول تللذمن احللدا علللى مللا لللم يؤتللك الللله فللإن رزق الللله ل‬
‫يسوقه حرص حريص ول يردة عنك كراهيللة كللاره وان الللله بعللدله وقسللطه‬
‫جعل الروح والراحة والفرح فللي الرضللا واليقيللن وجعللل الهللم والحللزن فللي‬
‫الشك والسخط فإذا باشر القللب اليقيلن امتل نلورا وانتفلى عنله كلل ريلب‬
‫وشك وعوفي من امراضه القاتلة وامتل شكرا لله وذكرا للله ومحبللة وخوفللا‬
‫فحبي عن بينة واليقين والمحبة هما ركنا اليمان وعليهما ينبني وبهما قوامه‬
‫وهما يمدان سائر العمال القلبية والبدنية وعنهمللا تصللدر وبضللعفهما يكللون‬
‫ضعف العمال وبقوتهما قوتها وجميع منلازل السللائرين ومقاملات العللارفين‬
‫إنما تفتح بهما وهما يثمران كل عمل صالح وعلم نافع وهللدى مسللتقيم قللال‬
‫شيخ العارفين الجيد اليقين هو استقرار العلم الللذي لينقلللب ول يتحللول ول‬
‫يتغير في القلب وقال سهل حرام على قلللب ان يشللم رائحللة اليقيللن وفيلله‬
‫سكون الى غيللر الللله وقيللل ملن علمللاته اللتفللات الللى الللله فللي كللل زلللة‬
‫والرجوع اليه في كل املر والسلتعانة بله فلي كلل حلال وارادة وجهله بكلل‬
‫حركة ويكون‬

‫وقال السرى اليقين السللكون عنللد جللولن المللوارد فللي صللدرك ليتقنللك ان‬
‫حركتك فيها لتنفعللك ول تللرد عنللك مقضلليا قلللت هللذا إذا لللم تكللن الحركللة‬
‫مأمورا بها فإذا كانت مأمورا بهللا فللاليقين فللي بللذل الجهللد فيهللا واسللتفراغ‬
‫الوسع وقيل إذا استكمل العبد حقيقة اليقين صار البلء عنده نعمة والمحنللة‬
‫منحة فالعلم اول درجات اليقين ولهذا قيل العلم يستعملك واليقيللن يحملللك‬
‫فاليقين افضل مواهب الللرب لعبللده ول تثبللت قللدم الرضللاء ال علللى درجللة‬
‫اليقين قال تعالى اما اصاب من مصيبة ال باذن الللله ومللن يللؤمن بللالله يهللد‬
‫قلبه قال ابن مسعود هو و العبد تصيبه المصيبة فيعلم انها من الله فيرضللى‬
‫ويسلم فلهذا لم يحصل له هداية القلب والرضا والتسليم ال بيقينه قال فللي‬
‫الصحاح اليقين العلم وزوال الشك يقللال منلله يقنللت المللر يقنللا واسللتيقنت‬
‫وايقنت وتيقنت كله بمعنى واحد وأنا على يقين منه وإنمللا صلارت اليللاء واوا‬
‫فيموقن للضمة قبلها وإذا صللغرتها رددتلله لللى الصللل فقلللت مييقللن وربمللا‬
‫عبروا عن الظن بالقين وبالظن عن اليقين قال ‪ # :‬تحسللب هللواس وأيقللن‬
‫اني ‪ %‬بها مفتد من واحد ل أغامره ‪ %‬يقول تشمم السد ناقتي يظن اننللي‬
‫افتدى بها منه وأستحيي نفسي فأتركها له ول اقتحم المهالك لمقاتلته قلللت‬
‫هذاموضع اختلف فيه اهل اللغة والتفسير هل يسللتعمل اليقيللن فللي موضللع‬
‫الظن والظن في موضع اليقين فللرأى ذلللك طائفللة منهللم الجللوهري وغيللره‬
‫واحتجوا بسوى ما ذكر بقوله تعالى ^ الذين يظنون انهم ملقوا ربهم وأنهم‬
‫اليه راجعون ^ ولو شكوا في ذلك لم يكونوا موقنين فضل عللن ان يمللدحوا‬
‫بهذا المدح وبقوله ^ قال الذين يظنون انهم ملقوا الله كللم مللن فئة قليلللة‬
‫غلبت فئة كثيرة باذن الله ^ وبقوله تعالى ^ ورأى المجرمون النللار فظنللوا‬
‫انهللم مواقعوهللا ^ وبقللول الشللاعر ‪ #‬فقلللت لهللم ظنللوا بللالفي مقاتللل ‪%‬‬
‫سراتهم في الفارسي المسللرد أي اسللتيقنوا بهللذا العللدد وأبللي ذلللك طائفللة‬
‫وقالوا ل يكون اليقين ال للعلم واما الظن فمنهم من وافق علللى انلله يكللون‬
‫الظن في موضع اليقين واجابوا عما احتج به من جوز ذلللك بللان قللالوا هللذه‬
‫المواضع التي زعمتم ان الظن وقع فيها موقع اليقين كلها على بابها فإنا لم‬
‫نجد ذلك ال في علم بمغيلب وللم تجلدهم يقوللون لملن راى الشليء اظنله‬
‫ولمن ذاقه اظنه وإنما يقال لغائب قدعرف بالسللمع والعلللم فللإذا صللار الللى‬
‫المشاهدة امتنع الللى اطلق الظللن عليله قلالوا وبيلن العيللان والخللبر مرتبللة‬
‫متوسطة باعتبارها اوقع على العلم بالغائب الظن لفقد الحللال الللتي تحصللل‬
‫المدركة بالمشاهدة وعلى هذاخرجت سللائر الدلللة الللتي ذكرتموهللا ول يللرد‬
‫على هذا قوله ^ ورأى المجرمون النار فظنوا انهم مواقعوهللا ^ لن الظللن‬
‫انما وقع على مواقعتها وهي غيب حال الرؤية فإذا واقعوها لم يكن ذلك ظنا‬
‫بل حق يقين قالوا وأما قول الشاعر وايقن انني بهللا مفتللد فعلللى بللابه لنلله‬
‫ظن ان السد لتيقنه شجاعته‬

‫وجراءته موقن بان الرجل يدع له ناقته يفتدى بها من نفسه قالوا وعلى هذا‬
‫يخرج معنى الحديث نحن احق بالشللك مللن إبراهيللم وفيلله اجوبللة لكللن بيللن‬
‫العيان والخير رتبة طلب إبراهيم زوالها بقوله ولكن ليطمئن قلللبي فعللبرعن‬
‫تلك الرتبة بالشك والله اعلم الوجه الثاني والثلثون بعد الملائة ملا رواه ابلو‬
‫يعلى الموصلي في مسنده من حديث انس بن مالك يرفعه الى النللبي قللال‬
‫طلب العلم فريضة على كل مسلللم وهللذا وان كللان فللي سللنده حفللص بللن‬
‫سليمان وقد ضعف فمعناه صحيح فأن اليمان فللرض علللى كللل واحللد وهللو‬
‫ماهية مركبة من علم وعمل فل يتصور وجود اليمان ال بللالعلم والعمللل ثللم‬
‫شرائع السلم واجبة على كل مسلم ول يمكن اداؤها ال بعدمعرفتها والعلم‬
‫بها والله تعالى اخرج عباده من بطون امهاتهم ل يعلمون شيئا فطلب العلللم‬
‫فريضة على كل مسلم وهل تمكن عبادة الللله الللتي هللي حقلله علللى العبللاد‬
‫كلهم ال بالعلم وهل ينللال العلللم ال بطلبلله ثللم إن العلللم بللالمفروض تعلملله‬
‫ضربان ضرب منه فرض عين ل يسع مسلللما جهللله وهللو انللواع النللوع الول‬
‫علم اصول اليمان الخمسللة اليمللان بللالله وملئكتلله وكتبلله ورسللله واليللوم‬
‫الخر فإن من لم يؤمن بهذه الخمسة لم يدخل في باب اليمللان وليسللتحق‬
‫اسم المؤمن قال الله تعالى ولكن البر من آمن بالله واليوم الخر والملئكة‬
‫والكتاب والنبيين ^ وقال ^ ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسللله واليللوم‬
‫الخر فقد ضل ضلل بعيدا ولما سأل جبريل رسول الله عللن اليمللان فقللال‬
‫ان تؤمن بالله وملئكته وكتبه ورسللله واليللوم الخللر قللال صللدقت فاليمللان‬
‫بهذه الصول فرع معرفتهللا والعلللم بهللا النللوع الثللاني علللم شللرائع السلللم‬
‫واللزم منها علم ما يخص العبد من فعلها كعلللم الوضللوء والصلللة والصلليام‬
‫والحج والزكاة وتوابعها وشروطها ومبطلتها النللوع الثللالث علللم المحرمللات‬
‫الخمسة التي اتفقت عليها الرسل والشرائع والكتب اللهية وهي المللذكورة‬
‫في قوله تعالى قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومللا بطللن والثللم‬
‫والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا علللى‬
‫الله مال تعلمون فهذه محرمات على كل واحد في كل حال على لسان كللل‬
‫رسول ل تباح قط ولهذا اتى فيها بانما المفيدة للحصر مطلقا وغيرها محرم‬
‫في وقت مباح في غيره كالميتة والدم ولحم الخنزيللر ونحللوه فهللذه ليسللت‬
‫محرمة على الطلق والدوام فلم تدخل تحللت التحريللم المحصللور المطلللق‬
‫النوع الرابع علم احكام المعاشرة والمعاملة التي تحصل بينلله وبيللن النللاس‬
‫خصوصا وعموما والللواجب فللي هللذا النللوع يختلللف بللاختلف احللوال النللاس‬
‫ومنازلهم فليس الواجب على المام مللع رعيتلله كللالواجب علللى الرجللل مللع‬
‫اهله وجيرته وليس الواجب على من نصب نفسه لنواع التجارات مللن تعلللم‬
‫احكام البياعات كالواجب على من ل يبيع ول يشتري ال ما تدعو الحاجة اليه‬
‫وتفصلليل هللذه الجملللة ل ينضللبط بحللد لختلف النللاس فللي اسللباب العلللم‬
‫الواجب وذلك يرجع‬

‫الى ثلثة اصول اعتقاد وفعل وترك فللالواجب فللي العتقللاد مطللابقته للحللق‬
‫في نفسه والواجب فللي العمللل معرفتلله وموافقللة حركللات العبللد الظللاهرة‬
‫والباطنة الختيارية للشرع امرا وإباحة والواجب في الللترك معرفللة موافقللة‬
‫الكف والسكون لمرضات الللله وان المطلللوب منلله إبقللاء هللذا الفعللل علللى‬
‫عدمه المستصللحب فل يتحللرك فللي طلبلله او كللف النفللس عللن فعللله علللى‬
‫الطريقتين وقد دخل في هذه الجملللة علللم حركللات القلللوب والبللدان وأمللا‬
‫فرض الكفاية فل اعلم فيه ضابطا صحيحا فان كل احد يللدخل فللي ذلللك مللا‬
‫يظنه فرضا فيدخل بعض الناس في ذلك علم الطب وعلللم الحسللاب وعلللم‬
‫الهندسة والمساحة وبعضهم يزيد على ذلك علللم اصللول الصللناعة كالفلحللة‬
‫والحياكة والحدادة والخياطة ونحوها وبعضهم يزيللدعلى ذلللك علللم المنطللق‬
‫وربما جعله فرض عين وبناه على عدم صحة إيمان المقلد وكلل هلذا هلوس‬
‫وخبط فل فرض إل ما فرضه الله ورسوله فيا سبحان الللله هللل فللرض الللله‬
‫على كل مسلم ان يكون طبيبا حجاما حاسللبا مهندسللا او حائكللا او فلحللا او‬
‫نجارا او خياطا فإن فرض الكفاية كفرض العين في تعلقه بعمللوم المكلفيللن‬
‫وإنما يخالفه في سقوطه بفعل البعض ثم على قول هذا القللائل يكللون الللله‬
‫قد فرض على كل احد جملة هللذه الصللنائع والعلللوم فللإنه ليللس واحللد منهللا‬
‫فرضا على معين والخر على معين آخر بللل عمللوم فرضلليتها مشللتركة بيللن‬
‫العموم فيجب على كل احد ان يكون حاسبا حائكا خياطا نجارا فلحللا طبيبللا‬
‫مهندسا فان قال المجموع فرض على المجموع لم يكن قولك إن كل واحللد‬
‫منها فرض كفاية صحيحا لن فرض الكفاية يجب على العموم واما المنطللق‬
‫فلو كان علمللا صللحيحا كللان غللايته ان يكللون كالمسللاحة والهندسللة ونحوهللا‬
‫فكيف وباطله اضعاف حقه وفساده وتناقض اصللوله واختلف مبللانيه تللوجب‬
‫مراعاتها الذهن ان يزيغ في فكره ول يؤمن بهللذا ال مللن قللد عرفلله وعللرف‬
‫فساده وتناقضه ومناقضة كثير منه لعقل الصريح واخبر بعللض مللن كللان قللد‬
‫قرأه وعني به انه لم يزل متعجبا من فساد اصوله وقواعده ومبانيها لصللريح‬
‫المعقول وتضمنها لدعاوي محضة غير مدلول عليها وتفريقلله بيللن متسللاوين‬
‫وجمعه بين مختلفين فيحكم على الشيء بحكم وعلىنظيره بضد ذلك الحكم‬
‫او يحكم على الشيء بحكم ثم يحكم علىمضاده او مناقضه به قللال الللى ان‬
‫سالت بعض رؤسائه وشيوخ اهله عن شيء من ذلك فانكر فيه ثم قال هللذا‬
‫علم قد صقلته الذهان ومرت عليلله مللن عهللد القللرون الوائل او كمللا قللال‬
‫فينبغي ان نتسلمه من اهله وكان هذا من افضل ما رأيت في المنطلق قلال‬
‫الللى ان وقفللت علللى رد متكلمللي السلللم عليلله وتللبيين فسللاده وتناقضلله‬
‫فوقفت على مصنف لبي سعيد السيرافي النحوي في ذللك وعللى رد كلثير‬
‫من اهل الكلم والعربية عليهللم كالقاضللي ابللي بكللر بيللن الطيللب والقاضللي‬
‫عبدالجبار والجبائي وابنه وابي المعالي وابي القاسم النصاري‬

‫وخلق ل يحصللون كللثرة ورايللت استشللكالت فضلللئهم ورؤسللائهم لمواضللع‬


‫الشكال ومخالفتها ما كان ينقدح لي كثير منه ورايللت آخللر مللن تجللرد للللرد‬
‫عليهم شيخ السلم قدس الله روحه فإنه اتللى فللي كتللابيه الكللبير والصللغير‬
‫بالعجب العجللاب وكشللف اسللرارهم وهتللك اسللتارهم فقلللت فللي ذلللك ‪# :‬‬
‫واعجبا لمنطق اليونان ‪ %‬كم فيه من إفك ومن بهتان مخبللط لجيللد الذهللان‬
‫‪ %‬ومفسد لفطرة النسان مضطرب الصللول والمبللاني ‪ %‬علللى شللفا هللار‬
‫بناه الباني احوج ما كان اليه العاني ‪ %‬يخونه في السر والعلن يمشللي بلله‬
‫اللسان في الميدان ‪ %‬مشي مقيد على صفوان متصللل العثللار والتللواني ‪%‬‬
‫كللأنه السللراب بالقيعللان بللدا لعيللن الظميللء الحيرانللي ‪ %‬فللأمه بللالظن‬
‫والحسبان يرجو شفاء غلة الظمللآن ‪ %‬فلللم يجللد ثللم سللوى الحرمللان فعللاد‬
‫بالخيبة والخسران ‪ %‬يقرع سن نللادم حيللران ‪ %‬قللد ضللاع منلله العمللر فللي‬
‫الماني ‪ %‬وعاين الخفة فللي الميللزان ومللا كللان مللن هللوس النفللوس بهللذه‬
‫المنزلة فهو بان يكون جهل اولى منه بان يكون علما تعلمه فللرض كفايللة او‬
‫فرض عين وهذا الشافعي واحمللد وسللائر ائمللة السلللم وتصللانيفهم وسللائر‬
‫ائمة العربية وتصانيفهم وائمة التفسير وتصانيفهم لمن نظر فيها هللل راعللوا‬
‫فيها حدود المنطق واوضاعه وهل صح لهم علمهم بدونه ام ل بل هللم كللانوا‬
‫اجل قدرا واعظم عقول من ان يشغلو افكارهم بهذيان المنطقيين وما دخل‬
‫المنطق على علم ال افسده وغير اوضاعه روشللوش قواعللده ومللن النللاس‬
‫من يقول ان علوم العربية من التصللريف والنحللو واللغللة والمعللاني والبيللان‬
‫ونحوها تعلمها فرض كفاية لتوقف فهم كلم الله ورسوله عليها ومن النللاس‬
‫من يقول تعلم اصول الفقه فرض كفاية لنه العلم الللذي يعللرف بلله الللدليل‬
‫ومرتبته وكفية الستدلل وهذه القوال وان كانت اقللرب الللى الصللواب مللن‬
‫القول الول فليس وجوبها عاما على كل احد ول في كل وقت وإنمللا يجيللب‬
‫وجوب الوسائل في بعض الزمللان وعلللى بعللض الشللخاص بخلف الفللرض‬
‫الذي يعم وجوبه كل احد وهو علم اليمان وشرائع السلم فهذا هو الللواجب‬
‫واما ما عداه فإن توقفت معرفته عليه فهو من باب مال يتم الللواجب ال بلله‬
‫ويكون الواجب منه القدر الموصللل اليلله دون المسللائل الللتي هللي فضلللة ل‬
‫يفتقر معرفة الخطاب وفهمه اليها فل‬

‫يطلللق القللول بللان علللم العربيللة واجللب علللى الطلق اذ الكللثير منلله ومللن‬
‫مسائله وبحوثه ل يتوقف فهم كلم الله ورسوله عليها وكذلك اصللول الفقلله‬
‫القدر الذي يتوقللف فهللم الخطللاب عليلله منلله يجللب معرفتلله دون المسللائل‬
‫المقررة والبحاث التي هي فضلة فكيلف يقلال ان تعلمهلا واجلب وبالجمللة‬
‫فالمطلوب الواجب من العبد من العلوم والعمال إذا توقف على شيء منها‬
‫كان ذلك الشيء واجبللا وجللوب الوسللائل ومعلللوم ان ذلللك التوقللف يختلللف‬
‫باختلف الشخاص والزمان واللسنة والذهان فليس لذلك حد مقللدر والللله‬
‫اعلم الوجه الثالث والثلثون بعدالمائة ما رواه ابللن حبللان فللي صللحيحه ملن‬
‫حديث ابي هريرة يرفعه الى النبي قال سأل موسى ربلله عللن سللت خصللال‬
‫كان يظن انها له خالصلة والسللابعة لللم يكللن موسللى يحبهللا قللال يللا رب أي‬
‫عبادك اتقى قال الذي يذكر ول ينسى قال فأي عبادك اهدى قال الذي تتبللع‬
‫الهدى قال فأي عبادك احكم قال الذي يحكم للناس مللا يحكللم لنفسلله قللال‬
‫أي عبادك اعلم قال عالم ل يشبع من العللم يجملع عللم النلاس اللى علمله‬
‫قال فأي عبادك اعز قال الذي اذا قدر عفا قال فأي عبادك اغني قال الللذي‬
‫يرضى بما اوتى قال فاي عبادك افقر قال صاحب منقوص فللأخبر فللي هللذا‬
‫الحديث ان اعلم عباده الذي ل يشبع من العلم فهو يجمللع عللم النللاس الللى‬
‫علمه لنهمته في العلم وحرصه عليه ول ريب ان كون العبد اعظم عباد الللله‬
‫من اعظم اوصاف كماله وهذا هو الذي حمل موسى على الرحلة الى عللالم‬
‫الرض ليعلمه مما علمه الله هذا وهو كليم الرحمن وأكرم الخلق عللى اللله‬
‫في زمانه وأعلم الخلق فحمله حرصه ونهمته فللي العلللم علللى الرحللة الللى‬
‫العالم الذي وصف له فلول ان العلم اشرف ما بذلت فيه المهج وانفقت فيه‬
‫النفاس لشتغل موسى عن الرحلة الى الخضر بما هو بصدده من امر المة‬
‫وعن مقاساة النصب والتعب في رحلته وتلطفه للخضر في قوله هل اتبعللك‬
‫على ان تعلمن مما علمللت رشللدا فلللم يللر اتبللاعه حللتى اسللتاذنه فللي ذلللك‬
‫واخبره انه جاء متعلما مستفيدا فهذا النبي الكريللم كللان عالمللا بقللدر العلللم‬
‫واهله صلوات الله وسلمه عليه الوجه الرابع والثلثللون بعللد المللائة ان الللله‬
‫سللبحانه وتعللالى خلللق الخلللق لعبللادته الجامعللة لمحبتلله وإيثللار مرضللاته‬
‫المستلزمة لمعرفته ونصب للعباد علمللا ل كمللال لهللم ال بلله وهللو ان تكللون‬
‫حركاتهم كلها موافقة على وفق مرضاته ومحبته ولذلك ارسل رسله وانللزل‬
‫كتبه وشرع شرائعه فكمال العبد الذي ل كمللال لله ال بله ان تكللون حركللاته‬
‫موافقه لما يحبه الله منه ويرضللاه لله ولهللذا جعللل اتبللاع رسللوله دليل علللى‬
‫محبته قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفللر لكللم‬
‫ذنوبكم والللله غفللور رحيللم فللالمحب الصلادق يلرى خيانللة منلله لمحبللوبه ان‬
‫يتحرك بحركة اختيارية في غير مرضاته وإذا فعل فعل مما ابيلح لله بملوجب‬
‫طبيعته وشهوته تاب منه كما يتوب من الذنب ول يزال هذا المر يقوى عنده‬
‫حتى تنقلب‬

‫مباحاته كلها طاعات فيحتسب نللومه وفطللره وراحتلله كمللا يحتسللب قللومته‬
‫وصومه واجتهاده وهو دائما بين سراء يشكر الله عليها وضللراء يصللبر عليهللا‬
‫فهو سائر إللى اللله دائملا فلي نلومه ويقظنله قلال بعلض العلملاء الكيلاس‬
‫عاداتهم عبادات الحمقي والحمقى عباداتهم عادات وقال بعض السلف حبذا‬
‫نوم الكياس وفطرهم يغبنون به سهر الحمقى وصومهم فالمحب الصادقان‬
‫نطق نطق لله وبالله وان سكت سكت لله وان تحرك فبأمر الله وان سكن‬
‫فسكونه استعانة على مرضات الللله فهللو لللله وبلالله ومللع الللله ومعلللوم ان‬
‫صاحب هذا المقللام احللوج خلللق الللله الللى العلللم فللإنه ل تتميللز للله الحركللة‬
‫المحبوبة لله من غيرها ول السكون المحبوب له من غيره ال بالعلم فليست‬
‫حاجته الى العلم كحاجة من طلب العلم لذاته ولنه في نفسلله صللفة كمللال‬
‫بل حاجته اليه كحاجته الى ما بلله قللوام نفسلله وذاتلله ولهللذا اشللتدت وصللاة‬
‫شيوخ العارفين لمريديهم بالعلم وطلبه وانه من لم يطلللب العلللم لللم يفلللح‬
‫حتى كانوا يعدون من ل علم له من السللفلة قللال ذو النللون وقللد سللئل مللن‬
‫السفلة فقال من ل يعرف الطريق الى الله تعالى ول يتعرفه وقال ابو يزيللد‬
‫لو نظرتم الى الرجل وقد اعطى من الكرامات حتى يتربع في الهللواء فلت‬
‫تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند المر والنهي وحفظ الحدود ومعرفة‬
‫الشريعة وقال ابو حمزة البزاز من علم طريق الحق سهل عليه سلللوكه ول‬
‫دليل على الطريق ال متابعللة الرسللول فللي أقللواله وأفعللاله واحللواله وقللال‬
‫محمد بن الفضل الصوفي الزاهد ذهاب السلم على يدي اربعة اصناف من‬
‫الناس صنف ل يعملون بما يعلمون وصنف يعملون بما ل يعلمللون وصللنف ل‬
‫يعملون ول يعلمون وصنف يمنعون الناس من التعلم قلت الصنف الول من‬
‫له علم بل عمل فهو اضر شيء على العامة فإنه حجة لهم فللي كللل نقيصللة‬
‫ومنحسة والصنف الثاني العابد الجاهل فإن الناس يحسنون الظن به لعبادته‬
‫وصلحه فيقتدون به على جهله وهذان الصنفان همللا اللللذان ذكرهمللا بعللض‬
‫السلف في قوله احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة‬
‫لكل مفتون فان الناس إنملا يقتلدون بعلملائهم وعبلادهم فلإذا كلان العلملاء‬
‫فجللرة والعبللاد جهلللة عمللت المصلليبة بهمللا وعظمللت الفتنللة علللى الخاصللة‬
‫والعامة والصنف الثالث الذين ل علم لهم ول عملوإنما هم كالنعام السللائمة‬
‫والصنف الرابع نواب ابليس في الرض وهم الذي يثبطون الناس عن طلللب‬
‫العلم والتفقلله فللي الللدين فهللؤلء اضللر عليهللم مللن شللياطين الجللن فللانهم‬
‫يحولون بين القلوب وبيلن هللدى الللله وطريقله فهلؤلء الربعلة اصللناف هلم‬
‫الذين ذكرهم هذا العارف رحمة الله عليه وهؤلء كلهم على شفا جرف هللار‬
‫وعلى سبيل الهلكة وما يلقى العالم الداعي الى الله ورسوله ما يلقللاه مللن‬
‫الذى والمحاربة ال على ايديهم والله يستعمل مللن يشللاء فللي سللخطه كمللا‬
‫يستعمل من يحب في مرضاته إنه بعباده خبير بصير ول ينكشللف سللر هللذه‬
‫الطلوائف وطريقتهلم إل بلالعلم فعلاد الخيلر بحلذافيره اللى العللم وملوجبه‬
‫والشر‬

‫بحذافيره الى الجهل وموجبه الوجه الخامس والثلثللون بعللد المللائة ان الللله‬
‫سللبحانه جعللل العلمللاء وكلء وامنللاء علللى دينلله ووحيلله وارتضللاهم لحفظلله‬
‫والقيام به والذب عنه وناهيك بها منزلة شريفة ومنقبة عظيمللة قللال تعللالى‬
‫ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا‬
‫يعملون اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلء فقللد‬
‫وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين وقد قيل ان هؤلء القوم هم النبيللاء وقيللل‬
‫اصحاب رسول الله وقيل كل مؤمن هذه امهات القوال بعد اقوال متفرعللة‬
‫عن هذه كقول من قال هم النصار او المهاجرون والنصار او قوم من ابنللاء‬
‫فارس وقال آخرون هم الملئكة قال ابن جرير واولى هذه القوال بالصواب‬
‫انهم النبياء الثمانية عشر الذين سماهم في اليات قبل هذه الية قال وذلك‬
‫ان الخبر في اليات قبلها عنهم مضى وفي التي بعدها عنهم ذكللر فمللا يليهللا‬
‫بان يكون خبرا عنهم اولى واحق بان يكون خبرا عللن غيرهللم فالتأويللل فللإن‬
‫يكفر قومك من قريش يللا محمللد بآياتنللا وكللذبوا بهللا وجحللدوا حقيقتهللا فقللد‬
‫استحفظناها واسترعينا القيام بها رسلنا وانبياءنا من قبلك الذين ل يجحدون‬
‫حقيقتها ول يكذبون بها ولكنهم يصدقون بها ويؤمنون بصحتها قلللت السللورة‬
‫مكية والشارة بقوله هؤلء الى من كفر به من قومه اصل ومن عداهم تبعللا‬
‫فيدخل فيها كل من كفر بما جاء به من هذه المة والقوم الموكلون بها هللم‬
‫النبياء اصل والمؤمنون بهم تبعا فيدخل كل من قللام بحفظهللا والللذنب عنهللا‬
‫والدعوة اليها ول ريب ان هذا للنبياء اصل وللمللؤمنين بهللم تبعللا واحللق مللن‬
‫دخل فيها من اتباع الرسول خلفاؤه في امته وورثته فهم الموكلون بها وهذا‬
‫ينظم في القوال التي قيلت فلي اليلة واملا قلول ملن قلال انهلم الملئكلة‬
‫فضعيف جدا ل يدل عليه السياق وتاباه لفظه قوما إذ الغالب في القرآن بل‬
‫المطرد تخصيص القوم ببني آدم دون الملئكة وأما قول إبراهيللم لهللم قللوم‬
‫منكرون فإنما قاله لما ظنهم من النللس وايضللا فليقتضلليه فخامللة المعنللى‬
‫ومقصوده ولهذا لو اظهر ذلك وقيل فإن يكفر بها كفار قومك فقد وكلنا بهللا‬
‫الملئكة فإنهم ل يكفرون بها لم نجد منه من التسلية وتحقيلر شلأن الكفلرة‬
‫بها وبيان عدم تأهلهم لهللا والنعللام عليهللم وإيثللار غيرهللم مللن اهللل اليمللان‬
‫الذين سبقت لهم الحسنى عليهم لكونهم احق بها وأهلها والللله أعلللم حيللث‬
‫يضع هداه ويختص به من يشاء وايضا فإن تحللت هللذه اليللة إشللارة وبشللارة‬
‫يحفظها وأنه ل ضيعة عليهللا وان هللؤلء وإن ضلليعوها ولللم يقبلوهللا فللإن لهللا‬
‫قوما غيرهم يقبلونها ويحفظونها ويرعونها ويللذبون عنهللا فكفللر هللؤلء بهللا ل‬
‫يضيعها ول يذهبها ول يضللرها شلليئا فللإن لهللا اهل ومسللتحقا سللواهم فتأمللل‬
‫شرف هذا المعنى وجللته وما تضللمنه مللن تحريللض عبللاده المللؤمنين علللى‬
‫المبادرة اليها والمسارعة الى‬

‫قبولها وما تحته من تنبيههم على محبته لهم وإيثاره إياهم بهذه النعمة علللى‬
‫اعدائه الكافرين وما تحته من احتقارهم وازدرائهم وعدم المبالة والحتفللال‬
‫بهم وإنكم وان تؤمنوا بها فعبادي المؤمنون بها الموكلللون بهلا سللواكم كللثير‬
‫كما قال تعالى قل آمنوا به اول تؤمنللوا إن الللذين اوتللوا العلللم مللن قبللله إذا‬
‫يتلى عليهم يخرون للذقان سللجدا يوقللولن سللبحان ربنللا إن كللان وعللد ربنللا‬
‫لمفعول وإذا كان للملك عبيد قدعصوره وخالفوا امره ولم يلتفتوا الى عهده‬
‫وله عبيد آخرون سامعون له مطيعون قابلون مستجيبون لمره فنظر اليهللم‬
‫وقال ان يكفر هؤلء نعمللى ويعصللوا امللري ويضلليعو عهللدي فللإن لللي عبيللدا‬
‫سواهم وهم انتم تطيعون امري وتحفظون عهدي وتودون حقي فللإن عبيللده‬
‫المطيعين يجدون في انفسهم من الفرح والسرور والنشاط وقللوة العزيمللة‬
‫ما يكون موجبا لهم المزيد مللن القيللام بحللق العبوديللة والمزيللد مللن كرامللة‬
‫سيدهم ومالكهم وهذا امر يشهد به الحللس والعيلان وامللا تلوكيلهم بهلا فهللو‬
‫يتضللمن تللوفيقهم لليمللان بهللا والقيللام بحقوقهللا ومراعاتهللا والللذب عنهللا‬
‫والنصيحة لها كما يوكل الرجل غيللره بالشلليء ليقللوم بلله ويتعهللده ويحللافظ‬
‫عليه وبهللا الولللى متعلقللة بوكلنللا وبهللا الثانيللة متعلقللة بكللافرين والبللاء فللي‬
‫بكافرين لتأكيد النفي فإن قلت فهل يصح ان يقال لحد هؤلء المللؤكلين انلله‬
‫وكيل الله بهذا المعنى كملا يقلال وللي اللله قللت ل يللزم ملن إطلق فعلل‬
‫التوكل المقيد بأمر ما إن يصاغ منه اسم فاعل مطلق كما انلله ل يلللزم مللن‬
‫اطلق فعل الستخلف المقيد ان قال خليفللة الللله لقللوله ويسللتخلفكم فللي‬
‫الرض وقوله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في‬
‫الرض كما استخلف الذين من قبلهللم فل يللوجب هللذا السللتخلف ان يقللال‬
‫لكل منهم انه خليفة الله لنه استخلف مقيد ولمللا قيللل للصللديق يللا خليفللة‬
‫الله قال لست بخليفة الله ولكني خليفللة رسللول الللله وحسللبي ذلللك ولكللن‬
‫يسوغ ان يقال هو وكيل بذلك كما قال تعالى فقد وكلنا بها قوما والمقصللود‬
‫ان هذا التوكيل خاص بمن قام بهللا علمللا وعمل وجهللادا لعللدائها وذبللا عنهللا‬
‫ونفيا لتحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وايضا فهللو توكيللل‬
‫رحمة وإحسان وتوفيق واختصللاص ل توكيللل حاجللة كمللا يوكللل الرجللل مللن‬
‫يتصرف عنه في غيبته لحاجة اليه ولهذا قللال بعللض السلللف فقللد وكلنللا بهللا‬
‫قوما يقول رزقناها قوما فلهذا ل يقال لمن رزقها ورحللم بهللا انلله وكيللل لللله‬
‫وهذا بخلف اشتقاق ولي الله من الموالة فانها المحبة والقرب فكما يقللال‬
‫عبدالله وحبيبه يقال وليه والله تعللالى يللوالي عبللده إحسللانا اليلله وجللبرا للله‬
‫ورحمه بخلف المخلوق فإنه يوالي المخلوق لتعززه به وتكثره بموالته لذل‬
‫العبد وحاجته واما العزيز الغني فل يوالي احدا من ذل ول حاجة قللال تعللالى‬
‫وقل الحمد لله الذي‬
‫لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره‬
‫تكبيرا فلم ينف الولي نفيا عاما مطلقا بل نفى ان يكون له ولللي مللن الللذل‬
‫واثبت في موضع آخر ان له اولياء بقوله ال ان أولياء الله ل خوف عليهم ول‬
‫هم يحزنون وقوله الله ولي الذين آمنوا فهذا مللوالة رحمللة وإحسللان وجللبر‬
‫والموالة المنفية موالة حاجللة وذل يوضللح هللذا الللوجه السللادس والثلثللون‬
‫بعدالمائة وهو ما روى عن النبي من وجوه متعددة انه قال يحمل هذا العلللم‬
‫من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغللالين وانتحللال المبطليللن وتاويللل‬
‫الجاهلين فهذا الحمل المشار اليه في هذا الحديث هو التوكل المللذكور فللي‬
‫الية فأخبر ان العلم الذي جاء به يحمله عدول امته مللن كللل خلللف حللتى ل‬
‫يضيع ويذهب وهذا يتضمن تعديله لحمله العلم الللذي بعللث بلله وهللو المشللار‬
‫اليه في قوله هذا العلم فكل من حمل العلم المشللار اليلله ل بللد وان يكللون‬
‫عدل ولهذا اشتهر عندالمة عدالللة نقلتلله وحملتلله اشللتهارا ل يقبللل شللكا ول‬
‫امتراء ول ريب ان من عدله رسول الله ل يسللمع فيلله جللرح فالئمللة الللذين‬
‫اشتهروا عند المة بنقل العلم النبوي وميراثلله كلهللم عللدول بتعللديل رسللول‬
‫الله ولهذا ل يقبل قدح بعضهم في بعض وهللذا بخلف مللن اشللتهر عندالمللة‬
‫جرحه والقدح فيه كأئمة البدع ومن جرى مجراهم من المتهمين فللي الللدين‬
‫فانهم ليسوا عندالمة من حملة العلم فما حمل علللم رسللول الللله ال عللدل‬
‫ولكن قد يغلط في مسمى العدالة فيظن ان المراد بالعدل مللن ل ذنللب للله‬
‫وليس كذلك بل هو عدل مؤتمن على الدين وإن كان منه ما يتوب الى الللله‬
‫منه فإن هذا ل ينافي العدالة كما ل ينافي اليمان والولية‬
‫فصل وهذا الحديث له طرق عديدة منها ما رواه ابن عدي عن موسى‬
‫ابن اسماعيل بن موسى بن جعفر عن ابيه عن جده جعفر بللن محمللد عللن‬
‫ابيه عن علي عن النللبي ومنهللا ملا رواه العلوام بلن حوشلب عللن شلهر بلن‬
‫حوشب عن معاذ عن النبي ص ذكره الخطيب وغيره ‪ #‬ومنها مللا رواه ابللن‬
‫عدي من حديث الليث بن سعد عن يزيد بن ابي حبيب عللن سللالم عللن ابللن‬
‫عمر عن النبي ومنها ما رواه محمد بن جرير الطبري مللن حللديث ابللن ابللي‬
‫كريمة عنم عاذ ابن رفاعة السلمي عن ابي عثمان النهدي عللن اسللامة بللن‬
‫زيد عن النبي ومنها ما رواه حماد بن يزيد عن بقية بن الوليد عللن معللاذ بللن‬
‫رفاعللة عللن إبراهيللم بللن عبللدالرحمن العللذري قللال قللال رسللول الللله قللال‬
‫الدارقطني حدثنا احمد بن الحسن بن زيد حللدثنا هاشللم بللن القاسللم حللدثنا‬
‫مثنى ابن بكر ومبشر وغيرهما من اهل العلم كلهم يقولون حللدثنا معللاذ بللن‬
‫رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن‬

‫عن النبي يعني ان المحفوظ مللن هللذا الطريللق مرسللل لن إبراهيللم هللذا ل‬
‫صحبة له وقال الخلل في كتاب العلل قرأت على زهير بن صالح بللن احمللد‬
‫حدثنا مهنا قال سالت احمد عن حديث معاذ بن رفاعة عن إبراهيم بللن عبللد‬
‫الرحمن العذري قال قال رسول الله يحمل هذا العلم من كل خلللف عللدوله‬
‫ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فقلللت لحمللد‬
‫كأنه موضوع قال ل هو صحيح فقلت ممن سمعته انت فقال من غيللر واحللد‬
‫قلت من هم قال حدثني به مسكين ال انه يقول عن معاذ عللن القاسللم بللن‬
‫عبدالرحمن قال احمد ومعاذ بن رفاعة ل بأس به ومنهللا مللا رواه ابللو صللالح‬
‫حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سللعيد بللن المسلليب عللن عبللد‬
‫الله بن مسعود قال سمعت النبي يقول يرث هذا العلم من كل خلف عدوله‬
‫ومنها مارواه ابو احمد بن عدي من حديث زريللق بللن عبللدالله اللهللاني عللن‬
‫القاسم بن عبدالرحمن عن ابي امامة البللاهلي قللال قللال رسللول الللله رواه‬
‫عنه بقية ومنها ما رواه بن عدي ايضا من طريق مروان الفللزاري عللن يزيللد‬
‫بن كيسان عن ابي حازم عن ابي هريرة قال قال رسول الله ومنها ما رواه‬
‫تمام في فوائده من حديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن ابي الخير عن‬
‫ابي قبيل عن عبد الله بن عمرو وابي هريرة رواه عنه خالد بن عمرو ومنهللا‬
‫ما رواه القاضي اسماعيل من حديث علي بن مسلم البلوي عن ابللي صللالح‬
‫الشعري عن أبي هريرة عن النبي الوجه السابع والثلثون بعدالمائة ان بقاء‬
‫الدين والدنيا في بقاء العلم وبذهاب العلم تذهب الدنيا والدين فقوام الللدين‬
‫والدنيا انما هللو بلالعلم قللال الوزاعللي قللال ابلن شلهاب الزهلري العتصللام‬
‫بالسنة نجاة والعلم يقبض قبضللا سللريعا فنعللش العلللم ثبللات الللدين والللدنيا‬
‫وذهاب العلم ذهاب ذل كله وقال ابن وهللب اخللبرني يزيلد علن ابلن شلهاب‬
‫قال بلغنا عن رجال من اهل العلم انهم كانوا يقولون العتصام بالسنة نجللاة‬
‫والعلم يقبض قبضا سريعا فنعش العلللم ثبللات الللدين والللدنيا وذهللاب العلللم‬
‫ذهاب ذلك كله الوجه الثامن والثلثون بعدالمائة ان العلم يرفع صللاحبه فللي‬
‫الدنيا والخرة مال يرفعه الملك ول المال ول غيرهما فللالعلم يزيللد الشللريف‬
‫شرفا ويرفع العبد المملللوك حللتى يجلسلله مجللالس الملللوك كمللا ثبللت فللي‬
‫الصحيح من حديث الزهري عن ابي الطفيللل ان نللافع بللن عبللدالحارث اتللى‬
‫عمر بن الخطاب بعسفان وكان عمر استعمله على اهل مكة فقال له عمللر‬
‫من استخلفت على اهل الوادي قال استخلفت عليهم ابللن ابللزي فقللال مللن‬
‫ابن ابزي فقال رجل من موالينا فقال عمر استخلفت عليهم مولى فقال إنه‬
‫قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض فقال عمر امللا أن نللبيكم قللد قللال إن الللله‬
‫يرفع بهذا الكتاب اقواما ويضع به آخرين قال ابو العالية كنت آتي ابن عباس‬
‫وهو على سريره وحوله قريش فيأخللذ بيللدي فيجلسللني معلله علللى السللرير‬
‫فتغامز بي قريش ففطن لهم ابن عباس فقال كذا هذا العلم يزيد الشللريف‬
‫شرفا ويجلس المملوك على السرة‬

‫وقال إبراهيم الحربي كان عطاء ابن ابي رباح عبيدا اسود لمللرأة مللن مكللة‬
‫وكان انفه كأنه بالقة قال وجاء سليمان بن عبللدالملك اميللر المللؤمنين الللى‬
‫عطاء هو وابناه فجلسوا اليه وهو يصلي فلما صلى انفتللل اليهللم فمللا زالللوا‬
‫يسألونه عن مناسك الحج وقد حول قفاه اليهم ثم قال سليمان لبنيلله قومللا‬
‫فقاما فقال يا بني تنيا في طلب العلم فإني ل انسى ذلنا بين يدي هذا العبلد‬
‫السود قال الحربي وكان محمد بن عبد الرحمن ال وقص عنقلله داخللل فللي‬
‫بدنه وكان منكباه خلارجين كأنهملا زجلان فقلالت امله يلا بنلي ل تكلون فلي‬
‫مجلس قوم ال كنت المضحوك منه المسخور به فعليللك بطلللب العلللم فللإنه‬
‫يرفعك فولى قضاء مكة عشرين سنة قال وكان الخصم إذا جلس اليلله بيللن‬
‫يديه يرعد حتى يقوم قال ومرت به امرأة وهو يقول اللهم اعتق رقبتي مللن‬
‫النار فقالت له يا ابن اخي واي رقبة لك وقال يحيى ابن اكثم قال الرشيدي‬
‫ما انبل المراتب قلت ما انت فيه يا امير المؤمنين قللال فتعللرف اجللل منللي‬
‫قلت ل قال لكني اعرفه رجللل فللي حلقلله يقللول حللدثنا فلن عللن فلن عللن‬
‫رسول الله قال قلت يا أمير المؤمنين اهذا خير منك وانت ابللن عللم رسللول‬
‫الله وولي عهد المؤمنين قال نعلم ويلللك هللذا خيلر منللي لن اسلمه مقللترن‬
‫باسم رسول الله ل يموت ابدا ونحن نموت ونفني والعلماء بللاقون مللا بقللي‬
‫الدهر وقال خيثمة بن سليمان سمعت ابي الخنللاجر يقلول كنللا فللي مجلللس‬
‫ابن هارون والناس قد اجتمعوا إليه فمللر اميللر المللؤمنين فوقللف علينللا فللي‬
‫المجلس وفي المجلس الوف فالتفت الى اصللحابه وقللال هللذا الملللك وفللي‬
‫تاريخ بغداد للخطيب حللدثني ابللو النجيللب عبللد الغفللار ابللن عبدالواحللد قللال‬
‫سمعت الحسن بن علي المقري يقول سمعت أبا الحسن بن فللارس يقللول‬
‫سمعت الستاذ ابن العميد يقول ما كنت اظن ان فلي اللدنيا حلوة اللذ ملن‬
‫الرياسة والوزارة التي انا فيها حتى شهدت مذاكرة سللليمان ابلن ايلوب بلن‬
‫احمد الطبراني وابي بكر الجعللابي بحضللرتي فكلان الطللبراني يغلللب بكللثرة‬
‫حفظه وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته وزكا اهل بغداد حللتى ارتفعللت‬
‫اصواتهم ول يكاد احدهما يغلب صاحبه فقال الجعابي عندي حديث ليس في‬
‫الدنيا ال عندي فقال هاته فقال حدثنا ابللو خليللف حللدثنا سللليمان بللن ايللوب‬
‫وحدث بالحديث فقال الطبراني انبأنللا سللليمان بللن ايللوب ومنللي سللمع ابللو‬
‫خليفة فاسمع مني حللتى يعلللو اسللنادك فإنللك تللروي عللن ابللي خليفللة عنللي‬
‫فخجل الجعابي وغلبلله الطللبراني قللال ابللن العميللد فللوددت فللي مكللاني ان‬
‫الوزارة والرياسة ليتها لم تكن لي وكنت الطبراني وفرحت مثل الفرح الذي‬
‫فرح الطبراني لجل الحديث او كملا قلال وقلال المزنلي سلمعت الشلافعي‬
‫يقول من تعلم القرآن عظمت قيمته ومن نظر في الفقه نبل مقداره ومللن‬
‫تعلم اللغة رق طبعه ومن تعلم الحساب جزل رأيه ومن كتب الحديث قويت‬
‫حجته ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه وقد روى هذا الكلم عن الشافعي‬
‫من وجوه متعددة وقال سفيان الثوري من ارادالدنيا والخللرة فعليلله بطلللب‬
‫العلم وقال عبد‬

‫الله بن داود سمعت سفيان الثوري يقول ان هذا الحديث عللز فمللن اراد بلله‬
‫الدنيا وجدها ومن اراد به الخرة وجدها وقال النضر بن شللميل مللن اراد ان‬
‫يشرف في الدنيا والخرة فليتعلم العلم وكفلى بلالمرء سلعادة ان يوثلق بله‬
‫في دين الله ويكون بين الله وبين عباده وقال حمزة بن سعيد المصري لمللا‬
‫حدث ابو مسلم اللخمي اول يوم حدث قال لبنه كم فضل عندنا من اثمللان‬
‫غلتنا قال ثلثمائة دينار قال فرقها على اصحاب الحديث والفقراء شكرا ان‬
‫أباك اليللوم شللهد علللي رسللول الللله فقبلللت شللهادته وفللي كتللاب الجليللس‬
‫والنيس لبي الفرج المعافي بن زكرياء الجريري حدثنا محمللد بللن الحسللين‬
‫بن دريد حدثنا ابلو حلاتم علن العتلبي علن ابيله قلال ابتنلى معاويلة بالبطلح‬
‫مجلسا فجلس عليه ومعه ابنه قرظة فإذا هو بجماعة علللى رحللال لهللم وإذا‬
‫شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى ‪ # :‬من يساجلني يساجل مللا جللدا ‪ %‬يمل‬
‫الدلو الى عقد الكرب قال من هذا قللالوا عبللدالله بللن جعفللر قللال خلللوا للله‬
‫الطريق ثم إذا هو بجماعة فيهم غلم يتغنى ‪ # :‬بينما يللذكرنني ابصللرتني ‪%‬‬
‫عند قيد الميل يسعى بي الغر قلن تعرفن الفلتى قللن نعلم ‪ %‬قلد عرفنلاه‬
‫وهل يخفى القمر قال من هذا قالوا عمر بن ابي ربيعة قال خلوا له الطريق‬
‫فليذهب قال ثم اذا هوبجماعة وإذا فيهم رجل يسئل فيقللال للله رميللت قبللل‬
‫ان احلق وحلقت قبل ان ارمي في اشياء اشكلت عليهم من مناسللك الحللج‬
‫فقال من هذا قالوا عبدالله بن عمر فالتفت الى ابنه قرظة وقال هذا وابيك‬
‫الشرف هذا والله شرف الدنيا والخرة وقال سفيان بن عيينللة ارفللع النللاس‬
‫منزلة عند الله من كان بين الللله وبيللن عبللاده وهللم النبيللاء والعلمللاء وقللال‬
‫سهل التستري من أراد ان ينظر الى مجالس النبياء فلينظللر الللى مجللالس‬
‫العلماء يجيء الرجل فيقول يا فلن ايش تقول في رجل حلف علللى امرأتلله‬
‫بكذا وكذا فيقول طلقت امرأته ويجيء آخر فيقول حلفت بكذا وكذا فيقللول‬
‫ليس يحنث بهذا القول وليس هذا ال لنبي او عالم فاعرفوا لهم ذلللك الللوجه‬
‫التاسع والثلثون بعدالمائة ان النفوس الجاهلة التي لعلم عندها قد البسللت‬
‫ثوب الذل والزراء عليها والتنقص بها اسرع منه الى غيرها وهذا امر معلللوم‬
‫عند الخاص والعام قال العمش اني لرى الشيخ ل يروى شيئا من الحللديث‬
‫فاشتهى ان الطملله وقللال معاويللة سلمعت العمللش يقللول ملن لللم يطلللب‬
‫الحديث اشتهى ان أضعفه بنعليوقال هشام بن علي سمعت العمش يقللول‬
‫إذا رايت الشيخ لم يقرا القرآن ولم يكتب الحديث فاصفع له فإنه من شيوخ‬
‫القمراء قال ابو صالح قلت لبي جعفر ما شيوخ القمراء قال شيوخ دهريون‬
‫يجتمعون في ليالي القمر يتذاكرون أيام الناس ول يحسن احدهم ان يتوضللأ‬
‫للصلة وقال المزني كان الشافعي إذا رأى شيخا سأله عن الحديث والفقلله‬
‫فإن كان عنده شيء وإل قللال للله ل جللزاك الللله خيللرا عللن نفسللك ول عللن‬
‫السلم قد‬

‫ضلليعت نفسللك وضلليعت السلللم وكللان بعللض خلفللاء بنللي العبللاس يلعللب‬
‫بالشطرنج فاستاذن عليه عمه فاذن له وغطى الرقعة فلما جلس قال له يللا‬
‫عم هل قرأت القرآن قال قال هل كتبت شيئا من السللنة قللال ل قللال فهللل‬
‫نظرت في الفقه واختلف الناس قال ل قال فهل نظرت في العربيللة وايللام‬
‫الناس قال ل قال فقال الخليفة اكشف الرقعة ثم اتم اللعب وزال احتشامه‬
‫وحياؤه منه وقال له ملعبه يا أمير المؤمنين تكشفها ومعنا من تحتشم منلله‬
‫قال اسكت فما معنا احد وهذا لن النسان انما تميللز عللن سللائ الحيوانللات‬
‫بما خص به من العلم والعقل والفهم فإذا عدم ذلللك لللم يبللق فيلله ال القللدر‬
‫المشترك بينه وبين سائر الحيوانللات وهللي الحيوانيللة البهيميللة ومثللل هللذا ل‬
‫يستحي منه الناس ول يمنعون بحضرته وشهوده مما يستحيا منه مللن اولللى‬
‫الفضل والعلم الوجه الربعون بعدالمائة ان كل صاحب بضاعة سللوى العلللم‬
‫إذا علم ان غير بضاعته خير منها زهد في بضللاعته ورغللب فللي الخللرى وود‬
‫انها له عوض بضاعته ال صاحب بضاعة العلم فإنه ليس يحب ان للله يحظلله‬
‫منها حظ اصل وكان سفيان الثوري إذا رأى الشليخ لللم يكتلب الحلديث قلال‬
‫لجزاك الله عن السلم خيرا قال ابو جعفر الطحاوي كنللت عنللد احمللد بللن‬
‫ابي عمران فمر بنا رجل من بني الدنيا فنظرت اليه وشغلت بلله عمللا كنللت‬
‫فيه من المذاكرة فقال لي كأني بك قد فكرت فيما اعطى هذا الرجللل مللن‬
‫الدنيا قلت له نعم قال هل ادلك على خلة هلل للك ان يحلول اللله اليلك ملا‬
‫عنده من المال ويحول اليه مللا عنللدك مللن العلللم فتعيللش انللت غنيللا جللاهل‬
‫ويعيش هو عالما فقيرا فقلت ما اختار ان يحول الله ما عندي من العلم الى‬
‫ما عنده فالعلم غنى بل مال وعز بل عشيرة وسلللطان بل رجللال وفللي ذلللك‬
‫قيل ‪ # :‬العلم كنز وذخر ل نفاد له ‪ %‬نعم القرين إذا ما صللاحب صللحبا قللد‬
‫يجمع المرء مال ثم يحرمه ‪ %‬عما قليل فيلقى الللذل والحربللا وجللامع العلللم‬
‫مغبوط به ابدا ‪ %‬ول يحاذر منه الفوت والسلبا يللا جللامع العلللم نعللم الللذخر‬
‫تجمعه ‪ %‬ل تعدلن به درا ول ذهبا ‪ #‬الوجه الحادي والربعللون بعللدالمائة ان‬
‫الله سبحانه اخبر انه يجزى المحسنين اجرهللم باحسللن مللا كللانواي يعملللون‬
‫واخبر سبحانه انه يجزى على الحسان بالعلم وهذا يدل على انه من احسن‬
‫الجزاء اما المقام الول ففي قللوله تعللالى والللذي جللاء بالصللدق وصللدق بلله‬
‫اولئك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهلم ذللك جلزاء المحسلنين ليكفلر‬
‫الله عنهم اسوا الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن الذي كانوايعملون وهذا‬
‫يتناول الجزاءين الدنيوي والخروي واما المقام الثاني ففي قوله تعالى ولما‬
‫بلغ اشده آتينلاه حكملا وعلملا وكلذلك نجلزي المحسلنين قلال الحسلن ملن‬
‫احسن عبادة الله في شيبته لقاه الله الحكمة عند كبر سنه وذلك قوله ولما‬
‫بلغ اشده آتيناه‬

‫حكما وعلما وكذلك نجزي المحسللنين ومللن هللذا قللال بعللض العلمللاء تقللول‬
‫الحكمة من التمسني فلم يجدني فليعمل باحسن ما يعلللم وليللترك اقبللح مللا‬
‫يعلللم فللإذا فعللل ذلللك فإنللا معلله وإن لللم يعرفنللي الللوجه الثللاني والربعللون‬
‫بعدالمائة ان الله سبحانه جعل العلللم للقلللوب كللالمطر للرض فكمللا انلله ل‬
‫حياة للرض ال بالمطر فكذلك ل حياة للقلللب ال بلالعلم وفللي الموطللأ قللال‬
‫لقمان لبنه يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فللان الللله تعللالى يحيللى‬
‫القلللوب الميتللة بنللور الحكمللة كمللا يحيللى الرض بوابللل المطللر ولهللذا فللإن‬
‫الرضإنا تحتاج الى المطر في بعض الوقات فإذا تتللابع عليهللا احتللاجت الللى‬
‫انقطاعه واما العلم فيحتاج اليه بعدد النفاس ولتزيده كثرته ال صلحا ونفعا‬
‫الوجه الثالث والربعون بعد المائة ان كللثيرا مللن الخلق الللتي ل تحمللد فللي‬
‫الشخص بل يذم عليها تحمد في طلب العلم كالملق وترك الستحياء والللذل‬
‫والتردد الى ابواب العلماء ونحوها قللال ابللن قتيبللة جللاء فللي الحللديث ليللس‬
‫الملق من اخلق المؤمنين ال في طلب العلم وهذا اثللر عللن بعللض السلللف‬
‫وقال ابن عباس ذللت طالبا فعززت مطلوبا وقال وجدت عامة علم رسللول‬
‫الله عند هذا الحي من النصار إن كنت لقيل عند باب احدهم ولو شئت اذن‬
‫لي ولكن ابتغى بذلك طيب نفسه وقال ابللو اسللحاق قللال علللى كلمللات لللو‬
‫رحلتم المطي فيهن لفنيتموهن قبل ان تدركوا مثلهن ليرجون عبللد ال ربلله‬
‫ول يخافن ال ذنبه ول يستحيي من لي علم ان يتعلللم ول يسللتحيي إذا سللئل‬
‫عما ل يعلم ان يقول ل أعلم واعلموا ان منزلة الصللبر مللن اليمللان كمنزلللة‬
‫الراس من الجسد فإذا ذهب الراس ذهللب الجسللد وإذا ذهللب البصللر ذهللب‬
‫اليمان ومن كلم بعض العلماء لينال العلم مسللتحي ول متكللبر هللذا يمنعلله‬
‫حياؤه من التعلم وهذا يمنعه كبره وإنما حمدت هذه الخلق في طلب العلم‬
‫لنها طريق الى تحصيله فكانت من كمال الرجل ومفضية الللى كمللاله ومللن‬
‫كلم الحسللن مللن اسللتتر عللن طلللب العلللم بالحيللاء لبللس للجهللل سللرباله‬
‫فاقطعوا سرابيل بالحياء فانه من رؤية وجهه رق علمه وقال الخليللل منزلللة‬
‫الجهل بين الحياء والنفة ومن كلم على رضى الله تعالى عنه قرنللت الهيبللة‬
‫بالخيبة والحياء بالحرمان وقال إبراهيم لمنصور سل مسألة الحمقى واحفظ‬
‫حفظ الكياس وكذلك سؤال الناس هو عيب ونقص في الرجل وذلللة تنللافي‬
‫المروءة ال في العلم فإنه عين كماله ومروءته وعللزه كمللا قللال بعللض اهللل‬
‫العلم خير خصال الرجل السؤال عن العلم وقيل إذا جلست الى عالم فسل‬
‫تفقها لتعنتا وقال رية بن العجاج اتيت النسابة البكري فقال من انللت قلللت‬
‫انا ابن العجاج قال قصرت وعرفت لعلك كقوم ان سللكت لللم يسلللوني وان‬
‫تكلمت لم يعوا عني قلت ارجو ان ل اكللون كللذلك قللال مللا اعللداء المللروءة‬
‫قلت تخبرني قال بنوعم السوء ان رأوا حسنا ستروه وإن رأوا سيئا اذاعللوه‬
‫ثم قال إن للعلم آفة ونكدا وهجنة فآفته‬

‫نسيانه ونكده الكذب فيه وهجنته نشره عندغير اهله وانشد ابللن العرابللي ‪:‬‬
‫‪ #‬ما اقرب الشياء حين يسوقها ‪ %‬قدروا بعدها إذا لم تقللدر فسللل الفقيلله‬
‫تكن فقيها مثله ‪ %‬من يسع في علم بذل يمهر فتدبر العلللم الللذي تفللتى بلله‬
‫‪ %‬ل خير في علم بغير تدبر ولقد يجد المرء وهو مقصر ‪ %‬ويخيب جدالمرء‬
‫غير مقصر ذهب الرجال المقتللدي بفعللالهم ‪ %‬والمنكللرون لكللل امللر منكللر‬
‫وبقيت في خلف يزين بعضهم ‪ %‬بعضللا ليللدفع معللور عللن معللور ‪ #‬وللعلللم‬
‫ست مراتب اولها حسن السؤال الثانيللة حسللن النصللات والسللتماع الثالثللة‬
‫حسن الفهم الرابعة الحفظ الخامسة التعليللم السادسللة وهللي ثمرتلله وهللي‬
‫العمل به ومراعاة حدوده فمن الناس من يحرملله لعللدم حسللن سللؤاله أمللا‬
‫لنه ل يسال بحال او يسال عن شيء وغيره اهم اليه منه كمللن يسللأل عللن‬
‫فضوله التي ل يضر جهله بها ويدع مال غنى له عن معرفته وهذه حللال كللثير‬
‫من الجهال المتعلمين ومن الناس من يحرملله لسللوء انصللاته فيكللون الكلم‬
‫والممارات آثر عنده وأحب اليلله مللن النصللاب وهللذه آفللة كامنللة فللي اكللثر‬
‫النفوس الطالبة للعلم وهي تمنعهم علما كثيرا ولو كللان حسللن الفهللم ذكللر‬
‫ابن عبدالبر عن بعض السلف انه قال من كان حسن الفهم رديء السللتماع‬
‫لم يقم خيره بشره وذكر عبدالله بن احمللد فللي كتللاب العلللل للله قللال كللان‬
‫عروة بن الزبير يحب مماراة ابن عباس فكان يخزن علمه عنلله وكللان عبيللد‬
‫الله بن عبدالله بن عتبة يلطف له في السؤال فيعزه بالعلم عزا وقللال ابللن‬
‫جريج لم أستخرج العلم الذي استخرجت من عطاء إل برفقي به وقال بعض‬
‫السلف إذا جالست العالم فكن على ان تسمع احرص منللك علللى ان تقللول‬
‫وقد قال الله تعالى إن في ذلك لذكرى لمن كان للله قلللب او القللى السللمع‬
‫وهو شهيد فتأمل ما تحت هذه اللفاظ من كنوز العلم وكيف تفتللح مراعاتهلا‬
‫للعبد ابواب العلم والهدى وكيف ينغلق باب العلللم عنلله مللن اهمالهللا وعللدم‬
‫مراعاتهللا فللإنه سللبحانه أمللر عبللاده ان يتللدبروا آيللاته المتلللوة المسللموعة‬
‫والمرئية المشهودة بما تكون تذكرة لمن كان له قلب فإن من عللدم القلللب‬
‫الواعي عن الله لم ينتفع بكل آية تمر عليلله ولللو مللرت بلله كللل آيللة ومللرور‬
‫اليات عليه كطلوع الشمس والقمر والنجوم ومرورها على مللن ل بصللر للله‬
‫فإذا كان له قلب كان بمنزلة البصير إذا مرت به المرئيات فإنه يراهللا ولكللن‬
‫صاحب القلب ل ينتفع بقلبه ال بأمرين احدهما ان يحضره ويشهده لما يلقى‬
‫اليه فإن كان غائبا عنه مسافرا في الماني والشهوات والخيالت ل ينتفع به‬
‫فإذا احضره اشهده لم ينتفع ال بان يلقى سمعه ويصغى بكليته الى مايوعظ‬
‫به ويرشد اليه وها هنا ثلثة‬

‫امور احدها سلمة القلب وصحته وقبوله الثاني احضاره وجمعه ومنعلله مللن‬
‫الشرود والتفرق الثالث القاء السمع وأصللغاؤه والقبللال علللى الللذكر فللذكر‬
‫الله تعالى المور الثلثة في هذه الية قال ابن عطية القلب هنللا عبللارة عللن‬
‫العقل إذ هو محللله والمعنللى لمللن كللان للله قلللب واع ينتفللع بلله قللال وقللال‬
‫الشبلي قلب حاضر مع الله ل يغفل عنه طرفة عين وقوله او القللى السللمع‬
‫وهو شهيد معناه صرف سمعه الى هذه النبللاء الواعظللة واثبتلله فللي سللمعه‬
‫فذلك القاء له عليها ومنه قللوله والقيللت عليللك محبللة منللي أي اثبتهللا عليلك‬
‫وقوله وهو شهيد قال بعض المتأولين معناه وهو شاهد مقبل على المر غير‬
‫معرض عنه ول مفكر في غير ما يسمع قال وقال قتادة هي إشارة إلى اهل‬
‫الكتاب فكأنه قال ان هذه العبر لتذكرة لمللن للله فهللم فتللدبر المللر او لمللن‬
‫سمعها من اهل الكتاب فشهد بصحتها لعلمه بهللا مللن كتللابه التللوراة وسللائر‬
‫كتب بني اسرائيل قللال فشللهيد علللى التأويللل الول مللن المشللاهدة وعلللى‬
‫التاويل الثاني من الشهادة وقال الزجاج معنى من كان له قلب مللن شللرف‬
‫قلبه الى التفهم ال ترى ان قوله صم بكم عمي انهللم لللم يسللتمعوا اسللتماع‬
‫مستفهم مسترشد فجعلوا بمنزلة من لم يسمع كما قال الشاعر اصللم عمللا‬
‫ساءه سميع ومعنى او القى السمع استمع ولم يشغل قلبه بغيللر مللا يسللتمع‬
‫والعرب تقول الق الللى سلمعك أي اسللتمع منللي وهلو شللهيد أي قلبلله فيمللا‬
‫يسمع وجاء في التفسير انه يعني به اهل الكتاب الذين عنللدهم صللفة النللبي‬
‫فالمعنى او القى السمع وهو شهيد اشاهد ان صفة النبي في كتابه وهذا هللو‬
‫الذي حكاه ابن عطية عن قتادة وذكر ان شهيدا فيه بمعنى شللاهد أي مخللبر‬
‫وقال صاحب الكشاف لمن كان له قلب واع لن مللن ل يعللي قلبلله فكللانه ل‬
‫قلب له والقلاء السلمع والصلغاء وهلو شلهيد أي حاضلر بفطنتله لن ملن ل‬
‫يحضر ذهنه فكأنه غائب او هو مؤمن شاهد على صحته وانه وحللي ملن الللله‬
‫وهو بعض الشهداء في قوله لتكونوا شللهداء علللى النللاس وعللن قتللادة وهللو‬
‫شاهد على صدقه من اهل الكتللاب لوجلود نعتله عنللده فلللم يختلللف فللي ان‬
‫المراد بالقلب القلب الواعي وان المراد بالقاء السمع إصغاؤه وإقباله علللى‬
‫المذكر وتفريغ سمعه له واختلف في الشهيد على اربعللة اقللوال احللدها انلله‬
‫من المشاهدة وهي الحضور وهذا اصح القوال ول يليق باليللة غيللره الثللاني‬
‫انه شهيد من الشهادة وفيه على هللذه ثلثللة اقللوال احللدها انلله شللاهد علللى‬
‫صحة ما معه من اليقان الثاني انلله شللاهد مللن الشللهداء علللى النللاس يللوم‬
‫القيامة الثالث انه شهادة من الله عنللده علللى صللحة نبللوة رسللول الللله بمللا‬
‫علمه من الكتب المنزلة والصواب القول الول فإن قوله وهلو شلهيد جمللة‬
‫حالية والواو فيها واو الحال أي القى السمع في هذه الحال وهذا يقتضى ان‬
‫يكون حال القائه السمع شهيدا‬

‫وهذا هو من المشاهدة والحضور ولو كان المراد به الشهادة فللي الخللرة او‬
‫الدنيا لما كان لتقييدها بالقاء السمع معنى اذ يصير الكلم ان فللي ذلللك ليللة‬
‫لمن كان له قلب او القي السمع حال كونه شاهدا بمللا معلله فللي التللوراة او‬
‫حال كونه شاهدا يوم القيامة ول ريب ان هذا ليس هللو المللراد باليللة وايضللا‬
‫فالية عامة في كللل ملن لله قلللب والقللى السلمع فكيللف يلدعى تخصيصللها‬
‫بمؤمني اهل الكتاب الذين عندهم شهادة من كتبهم على صفة النللبي وأيضللا‬
‫فالسورة مكية والخطاب فيها ل يجوز ان يختص بأهل الكتاب ول سيما مثللل‬
‫هذا الخطاب الذي علق فيه حصول مضمون الية ومقصودها بالقلب الواعي‬
‫وإلقاء السمع فكيف يقال هي في اهل الكتاب فإن قيل المختص بهللم قللوله‬
‫وهو شهيد فهذا افسد وافسد لن قوله وهو شللهيد يرجللع الضللمير فيلله الللى‬
‫جملة من تقدم وهو من له قلب او القللى السللمع فكيللف يللدعى عللوده الللى‬
‫شيء غايته ان يكون بعض المذكور اول ول دللة في اللفظ عليه وأيضا فإن‬
‫المشهود به محذوف ول دللة في اللفظ عليه فلو كان المراد به وهو شللاهد‬
‫بكذا لذكر المشهود به إذ ليس في اللفظ ما يللدل عليلله وهللذا بخلف مللا إذا‬
‫جعل من الشهود وهو الحضور فإنه ليقتضى مفعول مشهودا به ليتللم الكلم‬
‫بذكره وحده وايضا فإن الية تضمنت تقسيما وترديدا بيللن قسللمين احللدهما‬
‫من كان له قلب والثاني من القى السمع وحضر بقلبه ولم يغب فهو حاضللر‬
‫القلب شاهده ل غائبه وهذا والله اعلم سر التيان باو دون الواو لن المنتفع‬
‫باليات من النلاس نوعلان احلدهما ذو القللب اللواعي الزكلي اللذي يكتفلي‬
‫بهدايته بأدنى تنبيه ول يحتاج الى ان يسللتجلب قلبلله ويحضللره ويجمعلله مللن‬
‫مواضع شتاته بل قلبه واع زكي قابل للهدى غير معرض عنله فهلذا ل يحتلاج‬
‫ال الى وصول الهدى اليه فقط لكملال اسللتعداه وصلحة فطرتله فلإذا جلاءه‬
‫الهدى سارع قلبه الى قبوله كانه كان مكتوبا فيه فهللو قللد أدركلله مجمل ثللم‬
‫جاء الهدى بتفصيل ملا شللهد قلبله بصلحته مجمل وهللذه حلال أكمللل الخللق‬
‫استجابة لدعوة الرسل كما هي حال الصديق الكبر رضي الللله عنلله والنللوع‬
‫الثاني من ليس له هذا الستعداد والقبول فإذا ورد عليه الهللدى اصللغى اليلله‬
‫بسللمعه واحضللر قلبلله وجمللع فكرتلله عليلله وعلللم صللحته وحسللنه بنظللره‬
‫واستدلله وهذه طريقة اكثر المستجيبين ولهم نللوع ضللرب المثللال وإقامللة‬
‫الحجج وذكر المعارضات والجوبة عنها والولون هم الذين يللدعون بالحكمللة‬
‫وهؤلء يدعون بالموعظة الحسنة فهؤلء نوعا المستجيبين واما المعارضللون‬
‫المللدعون للحللق فنوعللان نللوع يللدعون بالمجادلللة بللالتي هللي احسللن فللان‬
‫استجابوا وإل فالمجادلة فهؤلء ل بد لهم من جدال او جلد ومن تأمل دعللوة‬
‫القرآن وجدها شاملة لهؤلء القسام متناولة لهللا كلهللا كمللا قللال تعللالى ادع‬
‫الى سبيل ربللك بالحكمللة والموعظللة الحسللنة وجللادلهم بللالتي هللي احسللن‬
‫فهؤلء المدعوون بالكلم واما اهل الجلد فهم الذين امللر اللله قتللالهم حللتى‬
‫لتكون فتنة ويكون الدين كله لله واما من فسر الية‬

‫بأن المراد بمن كان له قلب هو المستغنى بفطرته عللن علللم المنطللق وهللو‬
‫المؤيد بقللوة قدسللية ينلال بهلا الحلد الوسللط بسللرعة فهلو لكمللال فطرتله‬
‫مستغن عن مراعات اوضاع المنطق والمراد بمن القى السللمع وهللو شللهيد‬
‫من ليست له هذه القوة فهو محتاج الى تعلم المنطق ليللوجب للله مراعللاته‬
‫وإصغاؤه اليه ان ل يزيغ في فكره وفسر قوله ادع الى سبيل ربك بالحكمللة‬
‫انها القياس البرهاني والموعظة الحسنة القيللاس الخطللابي وجلادلهم بلالتي‬
‫هي احسن القياس الجدلي فهذا ليس من تفاسير الصللحابة ول التللابعين ول‬
‫احد من ائمة التفسير بل ول من تفاسير المسلمين وهو تحريللف لكلم الللله‬
‫تعللالى وحمللل للله علللى اصللطلح المنطقيللة المبخوسللة الحللظ مللن العقللل‬
‫واليمان وهذا من جنس تفاسير القرامطة والباطنية وغلة السماعيلية لمللا‬
‫يفسرونه من القرآن وينزلونه على مذاهبهم الباطلة والقرآن بريء من ذلك‬
‫كللله منللزه عللن هللذه الباطيللل والهللذيانات وقللد ذكرنللا بطلن مللا فسللر بلله‬
‫المنطقيون هذه الية التي نحن فيها والية الخرى في موضع آخر من وجوه‬
‫متعددة وبينا بطلنله عقل وشلرعا ولغلة وعرفلا وأنله يتعلالى كلم اللله علن‬
‫حمله علللى ذلللك وبللالله التوفيلق والمقصلود بيلان حرملان العلللم ملن هللذه‬
‫الوجوه الستة احدها ترك السؤال الثاني سوء النصات وعللدم القللاء السللمع‬
‫الثالث سوء الفهم الرابع عدم الحفظ الخامس عدم نشره وتلعيمه فإن مللن‬
‫خزن علمه ولم ينشره ولم يعلمه ابتله الله بنسيانه وذهللابه منلله جللزاء مللن‬
‫جنس عمله وهذا أمر يشهد به الحس والوجود السادس عدم العمل به فللإن‬
‫العمل به يوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنظر فيلله فللإذا اهمللل العمللل بلله‬
‫نسيه قال بعض السلف كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به وقال بعللض‬
‫السلف ايضا العلم يهتف بالعمل فإن اجابه حل وال ارتحللل فالعمللل بله ملن‬
‫اعظم اسباب حفظه وثباته وترك العمل به أضاعه له فمللا اسللتدر العلللم ول‬
‫استجلب بمثل العمل قال الله تعالى يا أيهللا اللذين آمنللوا اتقلوا الللله وآمنلوا‬
‫برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعللل لكللم نللورا تمشللون بلله وأمللا قللوله‬
‫تعالى واتقللوا الللله ويعلمكللم الللله فليللس مللن هللذا البللاب بللل همللا جملتللان‬
‫مستقلتان طلبية وهي المر بالتقوى وخبرية وهي قوله تعالى ويعلمكم الللله‬
‫أي والله يعلمكم ما تتقون وليست جوابا للمر بالتقوى ولو أريد بهللا الجللزاء‬
‫لتى بها مجزومة مجردة عن الللواو فكللان يقللول واتقللوا الللله يعلمكللم او إن‬
‫تتقوه يعلمكم كما قال إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا فتدبره الللوجه الرابللع‬
‫والربعون بعد المائة ان الله سبحانه نفى التسللوية بيللن العللالم وغيللره كمللا‬
‫نفى التسوية بين الخبيث والطيب وبين العمى والبصير وبين النور والظلمة‬
‫وبين الظل والحرور وبين اصحاب الجنة واصحاب النار وبيللن البكللم العللاجز‬
‫الذي ل يقدر على شيء ومن يامر بالعدل وهو على صللراط مسللتقيم وبيللن‬
‫المؤمنين والكفللار وبيللن الللذين آمنللوا وعملللوا الصللالحات والمفسللدين فللي‬
‫الرض وبين المتقين‬

‫والفجار فهللذه عشللرة مواضللع فللي القللرآن نفللى فيهللا التسللوية بيللن هللؤلء‬
‫الصناف وهذا يدل علللى ان منزلللة العللالم مللن الجاهللل كمنزلللة النللور مللن‬
‫الظلمة والظل من الحرور والطيب من الخبيث ومنزلة كل واحللد مللن هللذه‬
‫الصناف مع مقابلة وهذا كاف في شلرف العللم وأهلله بلل إذا تلأملت هلذه‬
‫الصناف كلها ووجدت نفي التسوية بينها راجعا الى العلم وموجبه فيلله وقللع‬
‫التفضيل وانتفت المساواة الوجه الخامس والربعون بعللدالمائة ان سللليمان‬
‫لما توعد الهدهد بأن يعذبه عذابا شديدا او يذبحه إنما نجا منه بللالعلم واقللدم‬
‫عليه في خطابه له بقوله احطت بما لم تحط بلله خللبرا وهللذا الخطللاب إنمللا‬
‫جرأه عليه العلم وإل فالهدهد مع ضعفه ل يتمكن ملن خطللابه لسللليمان مللع‬
‫قوته بمثل هذا الخطاب لول سلطان العلم ومن هذا الحكايللة المشللهورة ان‬
‫بعض اهل العلم سئل عن مسالة فقال ل اعلمها فقال احد تلمذته انا اعلللم‬
‫هذه المسألة فغضب الستاذ وهم به فقال له ايها السللتاد لسللت اعلللم مللن‬
‫سليمان بن داود ولو بلغت في العلم ما بلغت ولست انا اجهللل مللن الهدهللد‬
‫وقد قال لسليمان احطت بما لم تحط به فلم يعتب عليه ولللم يعنفلله الللوجه‬
‫السادس والربعون بعدالمائة إن من نللال شلليئا مللن شللرف الللدنيا والخللرة‬
‫فإنما ناله بالعلم وتامل ما حصل لدم من تميزه على الملئكة واعترافهم له‬
‫بتعليم الله له السماء كلها ثم ما حصل له مللن تللدارك المصلليبة والتعللويض‬
‫عن سكنى الجنة بما هو خير له منها بعلم الكلمات التي تلقاها من ربلله ومللا‬
‫حصل ليوسف من التمكين في الرض والعلزة والعظملة بعلمله بتعلبير تللك‬
‫الرؤيا ثم علمه بوجوه استخراج اخيه من إخوته بما يقرون به ويحكمون هللم‬
‫به حتى ال المر الى ما آل اليه من العللز والعاقبللة الحميللدة وكمللال الحللال‬
‫التي توصل اليها بالعلم كما اشار اليها سبحانه في قوله كذلك كدنا ليوسللف‬
‫ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك إل ان يشاء الله نرفللع درجللات مللن نشللاء‬
‫وفوق كل ذي علم عليم جاء في تفسيرها نرفع درجات من نشاء بالعلم كما‬
‫رفعنا درجة يوسف على اخوته بالعلم وقال في إبراهيم وتللك حجتنلا آتيناهلا‬
‫إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء فهللذه رفعللة بعلللم الحجللة والول‬
‫رفعة بعلم السياسة وكذلك ما حصل للخضر بسبب علملله مللن تلمللذة كليللم‬
‫الرحمن له وتلطفه معه في السؤال حتى قللال هللل اتبعللك علللى ان تعلمللن‬
‫مما علمت رشدا وكذلك ما حصل لسللليمان مللن علللم منطللق الطيللر حللتى‬
‫وصل الى ملك سبأ وقهر ملكتهم واحتوى على سرير ملكهللا ودخولهللا تحللت‬
‫طاعته ولذلك قال يايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كللل شلليء إن‬
‫هذا لهو الفضل المبين وكذلك ما حصل لداود مللن علملله نسللج الللدروع مللن‬
‫الوقاية من سلح العداء وعدد سبحانه هذه النعمة بهللذا العلللم علللى عبللاده‬
‫فقال وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم مللن بأسللكم فهللل انتللم شللاكرون‬
‫وكذلك ما حصل للمسيح من علللم الكتللاب والحكمللة والتللوراة والنجيللل مللا‬
‫رفعه الله‬

‫به اليه وفضله وكرمه وكذلك ما حصل لسيد ولد آدم من العلم الللذي ذكللره‬
‫الله به نعمة عليه فقال وانزل الله عليللك الكتللاب والحكمللة وعلمللك مللا لللم‬
‫تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما الوجه السللابع والربعللون بعللدالمائة‬
‫ان الله سبحانه اثنى على إبراهيم خليله بقوله تعللالى إن إبراهيللم كللان امللة‬
‫قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لنعمه اجتباه فهذه اربللع انللواع‬
‫من الثناء افتتحها بأنه امة والمة هو القدوة الذي يؤتم به قللال ابللن مسللعود‬
‫والمة المعلم للخير وهي فعلللة مللن الئتمللام كقللدوة وهللو الللذي يقتللدي بلله‬
‫والفرق بين المة والمام من وجهين احدهما ان المام كل ما يؤتم به سواء‬
‫كان بقصده وشعوره اول ومنه سمى الطريق إماما كقللوله تعللالى وإن كللان‬
‫اصحاب اليكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين أي بطريلق واضلح‬
‫ل يخفى على السالك ول يسللمى الطريللق امللة الثللاني ان المللة فيلله زيللادة‬
‫معنى وهو الذي جمع صفات الكمال من العلم والعمل بحيث بقي فيها فللردا‬
‫وحده فهو الجامع لخصال تفرقت في غيره فكأنه باين غيره باجتماعهللا فيلله‬
‫وتفرقها او عدمها في غيره ولفلظ الملة يشلعر بهلذا المعنلى لملا فيله ملن‬
‫الميم المضعفة الدالة على الضم بمخرجها وتكريرها وكذلك ضللم اوللله فللإن‬
‫الضمة من الواو ومخرجها ينضلم عنلد النطلق بهلا وأتلى بالتلاء الداللة عللى‬
‫الوحدة كالغرفة واللقمة ومنه الحديث إن زيد بن عمرو بن نفيل يبعللث يللوم‬
‫القيامة أمة وحده فالضم والجتماع لزم لمعنللى المللة ومنلله سللميت المللة‬
‫التي هي آحاد المم لنهم الناس المجتمعون علللى ديللن واحللد او فلي عصلر‬
‫واحد الثاني قوله قانتا لله قال ابن مسعود القانت المطيللع والقنللوت يفسللر‬
‫باشياء كلها ترجع الى دوام الطاعة الثالث قوله حنيفا والحنيف المقبل علللى‬
‫الله ويلزم هذا المعنى ميلله عملا سلواه فالميلل لزم معنلى الحنيلف ل انله‬
‫موضوعه لغة الرابع قللوله شللاكرا لنعملله والشللكر للنعللم مبنللي علللى ثلثللة‬
‫اركان القرار بالنعمة وإضافتها الى المنعم بها وصرفها في مرضاته والعمللل‬
‫فيها بما يجب فل يكون العبد شاعرا إل بهذه الشللياء الثلثللة والمقصللود انلله‬
‫مدح خليله بللاربع صللفات كلهللا ترجللع الللى العلللم والعمللل بمللوجبه وتعليملله‬
‫ونشره فعاد الكمال كله الى العلم والعمل بموجبه ودعوة الخلق اليه الوجه‬
‫الثامن والربعون بعدالمائة قوله سبحانه عن المسيح انه قللال انللي عبللدالله‬
‫آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا اينما كنللت قللال سللفيان بلن عيينللة‬
‫جعلني مباركا اينما كنت قال معلما للخير وهذا يللدل علللى ان تعليللم الرجللل‬
‫الخير هو البركلة اللتي جعلهلا اللله فيله فلإن البركلة حصلول الخيلر ونملاؤه‬
‫ودوامه وهذا في الحقيقة ليس إل في العلم الموروث عللن النبيللاء وتعليملله‬
‫ولهذا سمى سبحانه كتابه مباركا كما قال تعالى وهذا ذكر مبللارك انزلنللاه ^‬
‫وقال ^ كتاب انزلناه اليك مبارك ووصف رسوله بأنه مبارك كمللا فللي قللول‬
‫المسيح وجعلني مباركا اينما كنت فبركة كتابه ورسوله هي سبب ما يحصللل‬
‫بهما من العلم والهدى والدعوة الى الله الوجه التاسع والربعون‬

‫بعد المائة ما في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي انلله قللال‬
‫إذا مات ابن آدم انقطع عمله ال من ثلث صدقة جارية او علللم ينتفللع بلله او‬
‫ولد صالح يدعو له رواه مسلم فللي الصللحيح وهللذا مللن اعظللم الدلللة علللى‬
‫شرف العلم وفضله وعظم ثمرته فإن ثوابه يصل الى الرجل بعللد مللوته مللا‬
‫دام ينتفع به فكأنه حي لم ينقطللع عمللله مللع مللاله مللن حيللاة الللذكر والثنللاء‬
‫فجريان اجره عليه إذا انقطع عن الناس ثللواب اعمللالهم حيللاة ثانيللة وخللص‬
‫النبي هذه الشياء الثلثة بوصول الثللواب الللى الميللت لنلله سللبب لحصللولها‬
‫والعبد إذا باشر السبب الذي يتعلق به المر والنهي يترتب عليه مسللببه وإن‬
‫كان خارجا عن سعيه وكسبه فلما كان هللو السللبب فللي حصللول هللذا الولللد‬
‫الصالح والصدقة الجارية والعلم النافع جرى عليه ثلوابه واجلره لتسلببه فيله‬
‫فالعبد إنما يثاب على ما باشره او على ما تولد منه وقللد ذكللر تعللالى هللذين‬
‫الصلين في كتابه في سورة براءة فقال ذلك بانهم ل يصيبهم ظمأ ول نصب‬
‫ول مخمصة في سبيل الله ول يطئون مللوطئا بغيللظ الكفللار ول ينللالون مللن‬
‫عدو نيل ال كتب لهم به عمل صالح إن اللله ل يضليع اجللر المسلحنين فهللذه‬
‫المور كلها متولللدات عللن افعللالهم غيللر مقللدوره لهللم وإنمللا المقللدور لهللم‬
‫اسللبابها الللتي باشللروها ثللم قللال ول ينتفقللون نفقللة صللغيرة ول كللبيرة ول‬
‫يقطعون واديا ال كتب لهم ليجزيهم الله احسللن مللا كللانوا يعملللون فالنفقللة‬
‫وقطع الوادي افعال مقدورة لهم وقال في القسم الول كتب لهم بلله عمللل‬
‫صالح إل ان المتولد حاصل عن شيئين افعالهم وغيرها فليست افعالهم سببا‬
‫مستقل في حصول المتولد بل هي جزء من اجزاء السبب فيكتللب لهللم مللن‬
‫ذلك ما كان مقابل لفعالهم وايضا فإن الظمأ والنصب وغيظ العدو ليس من‬
‫أفعالهم فل يكتب لهم نفسه ولكن لما تولد عن افعالهم كتب لهللم بلله عمللل‬
‫صالح وامللا القسللم الخللر وهللو الفعللال المقللدورة نفسللها كالنفللاق وقطللع‬
‫الوادي فهو عمل صالح فيكتب لهم نفسه إذ هو مقدور لهم حاصل بللارادتهم‬
‫وقدرتهم فعاد الثواب الى الفعال المقدورة والمتولللد عنهللا وبللالله التوفيللق‬
‫الوجه الخمسون بعدالمائة ما ذكره ابن عبدالبر عن عبدالله بن داود قال إذا‬
‫كان يوم القيامة عزل الله تبارك وتعالى العلماء عن الحساب فيقول ادخلوا‬
‫الجنة على ما كان فيكم إني لم اجعل علمي فيكم ال لخير اردتلله بكللم قللال‬
‫ابن عبدالبر وزاد غيره في هذا الخبر أن الله يحبس العلماء يوم القيامة فللي‬
‫زمرة واحدة حتى يقضي بين الناس ويدخل أهل الجنة الجنة واهل النار النار‬
‫ثم يدعو العلماء فيقول يا معشر العلماء أني لم اضع حكمتي فيكم وانا اريد‬
‫ان اعذبكم قد علمت انكم تخلطون من المعاصي ما يخلط غيركم فسللترتها‬
‫عليكم وغفرتها لكم وإنما كنت اعبد بفتياكم وتعليمكم عبللادي ادخلللوا الجنللة‬
‫بغير حساب ثم قال ل معطي لما منع ول مانع لمللا اعطللى قللال وروى نحللو‬
‫هذا‬
‫المعنى باسناد متصل مرفوع وقد روى حرب الكرمللاني فللي مسللائله نحللوه‬
‫مرفوعا وقال إبراهيم بلغني انه إذا كان يللوم القيامةتوضللع حسللنات الرجللل‬
‫في كفه وسئياته في الكفة الخرىفتشيل حسناته فإذا يئس فظن انهللا النللار‬
‫جاء شيء مثل السحاب حتى يقع من حسناته فتشيل سيئاته قال فيقال للله‬
‫اتعرف هذا من عملك فيقول ل فيقال هذا ما علمت الناس من الخير فعمل‬
‫به مللن بعللدك فللإن قيللل فقواعدالشللرع تقتضللي ان يسللامح الجاهللل بمللا ل‬
‫يسامح به العالم وانه يغفر له مال يغفر للعللالم فللإن حجللة الللله عليلله اقللوم‬
‫منها على الجاهل وعلمه بقبح المعصية وبغض الله لها وعقوبته عليها اعظم‬
‫من علم الجاهل ونعمة الله عليه بما اودعه من العلم اعظم من نعمته على‬
‫الجاهل وقد دلت الشللريعة وحكللم الللله علللى ان مللن حللبي بالنعللام وخللص‬
‫بالفضل والكرام ثللم اسللام نفسلله مللع ميللل الشللهوات فارتعهللا فللي مراتللع‬
‫الهلكات وتجرأ على انتهاك الحرمات واستخف بالتبعات والسيئات انه يقابل‬
‫من النتقام والعتب بما ل يقابل به من ليس في مرتبته وعلى هذا جاء قوله‬
‫تعالى يا نساء النللبي مللن يللأت منكللن بفاحشللة مبينللة يضللاعف لهللا العللذاب‬
‫ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ولهذا كان حد الحر ضللعف حدالعبللد فللي‬
‫الزنا والقذف وشرب الخمر لكمال النعمة على الحللر وممللا يللدل علللى هللذا‬
‫الحديث المشهور الذي اثبته ابو نعيم وغيره عن النبي انه قللال اشللد النللاس‬
‫عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه قال بعض السلف يغفر للجاهللل‬
‫سبعون ذنبا قبل ان يغفر للعللالم ذنللب وقللال بعضللهم ايضللا إن الللله يعللافي‬
‫الجهال مال يعا ‪4‬في لللعماء الجواب ان هذا الذي ذكرتموه حق ل ريب فيلله‬
‫ولكن من قواعدالشرع والحكمة ايضا ان من كثرت حسناته وعظمت وكللان‬
‫له في السلم تأثير ظاهر فإنه يحتمل له مال يحتمل لغيره ويعفي عنه مللال‬
‫يعفي عن غيره فإن المعصية خبث والماء إذا بلللغ قلللتين لللم يحمللل الخبللث‬
‫بخلف الماء القليل فإنه ل يحمل ادنى خبث ومن هذا قول النبي لعمللر ومللا‬
‫يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقللد غفللرت لكللم‬
‫وهذا هو المانع له من قتل من حس عليلله وعلللى المسلللمين وارتكللب مثللل‬
‫ذلك الذنب العظيم فأخبر انه شهد بدرا فدل على ان مقتضى عقللوبته قللائم‬
‫لكللن منللع ملن ترتللب اثللره عليله ملاله ملن المشلهد العظيللم فلوقعت تللك‬
‫السقطة العظيمة مغتفرة في جنب مللاله مللن الحسللنات ولمللا حللض النللبي‬
‫على الصدقة فأخرج عثمان رضى الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال ماضر‬
‫عثمان ما عمل بعدها وقال لطلحة لما تطاطأ للنبي حتى صعد علللى ظهللره‬
‫الى الصخرة اوجب طلحة وهذا موسى كلم الرحمن عز وجل القللى اللللواح‬
‫التي فيها كلم الله الذي كتبه لله القاهللا عللى الرض حللتى تكسلرت ولطلم‬
‫عين ملك الموت ففقأها وعاتب ربه ليلة السراء في النبي وقال شاب بعث‬
‫بعدي يدخل الجنة من امته اكثر مما يدخلها من امتي واخذ بلحية‬

‫هارون وجره اليه وهو نبي الله وكل هذا لم ينقص من قدرة شلليئا عنللد ربلله‬
‫وربه تعالى يكرمه ويحبه فإن المر الذي قام به موسى والعدو الذي برز للله‬
‫والصبر الذي صبره والذى الذي اوذيه في الله امر ل تللؤثر فيلله امثللال هللذه‬
‫المور ول تغير في وجهه ول تخفللض منزلتلله وهللذا امللر معلللوم عنللد النللاس‬
‫مستقر في فطرهم ان من لله اللوف ملن الحسلنات فلإنه يسلامح بالسليئة‬
‫والسيئتين ونحوها حتى انه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شللكره‬
‫على إحسانه فيغلب داعي الشكر لداعي العقوبة كما قيللل ‪ # :‬وإذا الجيللب‬
‫اتى بذنب واحد ‪ %‬جلاءت محاسلنه بلألف شلفيع وقلال آخلر ‪ # :‬فلإن يكلن‬
‫الفعل الذي ساء واحدا ‪ %‬فافعاله اللتي سررن كثير والللله سللبحانه يللوازن‬
‫يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته فايهما غلللب كللان التللأثير للله فيفعللل‬
‫باهل الحسنات الكثيرة والذين آثروا محابه ومراضيه وغلبتهم دواعي طبعهم‬
‫احيانا من العفو والمسامحة مال يفعله مع غيرهم وايضا فللان العللالم إذا زل‬
‫فإنه يحسن اسللراع الفيئة وتللدارك الفللارط ومللداواة الجللرح فهللو كللالطبيب‬
‫الحاذق البصير بالمرض وأسبابه وعلجه فإن زواله علىيده اسرع مللن زواللله‬
‫على يد الجاهل وأيضللا فللإن معلله مللن معرفتلله بللأمر الللله وتصللديقه بوعللده‬
‫ووعيده وخشيته منه ازرائه على نفسه بارتكابه وإيمانه بأن الللله حرملله وان‬
‫له ربا يغفر الذنب ويأخذ به الى غير ذلك من المور المحبوبة للرب ما يغمر‬
‫الذنب ويضعف اقتضائه ويزيل اثره بخلف الجاهل بذلك او اكثره فإنه ليللس‬
‫معه ال ظلمة الخطيئة وقبحها واثارها المرديللة فل يسللتوى هللذا وهللذا وهللذا‬
‫فصل الخطاب في هذا الموضع وبلله يتللبين ان المريللن حللق وانلله ل منافللاة‬
‫بينهما وان كل واحد من العالم والجاهل إنما زاد قبح الذنب منلله عللى الخللر‬
‫بسبب جهله وتجرد خطيئته عما يقاومها ويضعف تاثيرهللا ويزيللل اثرهللا فعللاد‬
‫القبح في الموضعين الى الجهل وما يستلزمه وقلته وضعفه الى العلللم ومللا‬
‫يستلزمه وهذا دليل ظاهر على شرف العلم وفضللله وبللالله التوفيللق الللوجه‬
‫الحادي والخمسون بعدالمائة ان العالم مشتغل بالعلم والتعليم ل يللزال فللي‬
‫عبادة فنفس تعلمه وتعليمه عبادة قللال ابللن مسللعود ليللزال الفقيلله يصلللى‬
‫قالوا وكيف يصلى قال ذكر الله على قلبه ولسانه ذكللره ابللن عبللدالبر وفللي‬
‫حديث معاذ مرفوعا وموقوفا تعلمللوا العلللم فللإن تعلملله لللله حسللنة وطلبلله‬
‫عبادة ومذاكرته تسبيح وقدتقدم والصواب انلله موقللوف وذكللر ابللن عبللدالبر‬
‫عن معاذ مرفوعا لن تغدو فتتعلللم بابللا مللن ابللواب العلللم خيللر لللك مللن ان‬
‫تصلي مائة ركعة وهذا ل يثبت رفعه وقال ابن وهب كنت عند مالك بن انس‬
‫فحانت صلة الظهر او العصر وانللا اقللرأ عليلله وانظللر فللي العلللم بيللن يللديه‬
‫فجمعت كتبي وقمت لركع فقال لي مالك ما هذا فقلت اقللوم الللى الصلللة‬
‫فقال ان هذا لعجب ما الذي قمت اليه افضل من الذي كنت فيلله إذا صلحت‬
‫فيه النية وقال الربيع سمعت الشافعي يقول طلب العلم افضل من الصلللة‬
‫النافلة وقال سفيان الثوري‬

‫ما من عمل افضل من طلب العلم إذا صحت فيه النية وقال رجل للمعللافي‬
‫بن عمران ايما احب الليل اقللوم اصلللي اليللك كللله او اكتللب الحللديث فقللال‬
‫حديث تكتبه احب الي من قيامك من اول الليل إلى آخره وقال ايضللا كتابللة‬
‫حديث واحد احب الي من قيام ليلة وقال ابن عباس تذاكر العلم بعض ليلللة‬
‫احب الي من إحيائها وفي مسائل اسحاق بن منصور قلت لحمللد بللن حنبللل‬
‫قوله تذاكر العلم بعض ليلة احب الي من إحيائها أي علم اراد قال هو العلللم‬
‫الذي ينتفع به الناس فللي أمللر دينهللم قلللت فللي الوضللوء والصلللة والصللوم‬
‫والحج والطلق ونحو هذا قال نعم قال اسحاق وقال لي اسحاق بن راهللويه‬
‫هو كما قال احمد وقال ابو هريرة لن اجلس ساعة فاتفقه في دينللي احللب‬
‫الي من احياء ليلة الى الصللباح وذكلر ابلن عبللدالبر ملن حلديث ابللي هريللرة‬
‫يرفعه لكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه وما عبللد الللله بشلليء افضللل‬
‫من فقه في الدين الحديث وقد تقدم وقال محمد بن علي الباقر عالم ينتفع‬
‫بعلمه افضل من الف عابد وقال ايضا رواية الحديث وبثه في النللاس افضللل‬
‫من عبادة الف عابد ولما كان طلب العلللم والبحللث عنلله وكتللابته والتفللتيش‬
‫عليه من عمل القلب والجوارح كان من افضل العمال ومنزلتلله مللن عمللل‬
‫الجللوارح كمنزللله اعمللال القلللب مللن الخلص والتوكللل والمحنللة والنابللة‬
‫والخشية والرضا ونحوها من العمللال الظللاهرة فللإن قيللل فللالعلم إنمللا هللو‬
‫وسيلة الى العمل ومراد له والعمل هو الغاية ومعلوم ان الغاية اشللرف ملن‬
‫الوسيلةفكيف تفضللل الوسللائل علللى غاياتهللا قيللل كللل مللن العلللم والعمللل‬
‫ينقسم قسمين منه ما يكون وسيلة ومنه ما يكللون غايللة فليللس العلللم كللله‬
‫وسيلة مرادة لغيرها فإن العلم بلالله واسللمائه وصللفاته هللو اشلرف العللوم‬
‫على الطلق وهو مطلوب لنفسه مراد لذاته قال الله تعالى الله الذي خلللق‬
‫سبع سموات ومن الرض مثلهن يتنزل المر بينهن لتعلموا ان الله على كللل‬
‫شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما فقد اخللبر سللبحانه انلله خلللق‬
‫السموات والرض ونزل المر بينهن ليعلم عباده انه بكل شيء عليم وعلللى‬
‫كل شيء قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة وقال تعالى فاعلم انه ل‬
‫اله ال الله فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه ل إله ال هو مطلوب لللذاته وان كللان‬
‫ل يكتفى به وحده بل ل بد معه من عبادته وحده ل شللريك للله فهمللا امللران‬
‫مطلوبان لنفسهما ان يعرف الرب تعالى باسمائه وصفاته وأفعاله واحكامه‬
‫وان يعبد بموجبها ومقتضاها فكما ان عبادته مطلوبللة مللرادة لللذاتها فكللذلك‬
‫العلم به ومرفته وايضللا فللإن العلللم مللن افضللل انللواع العبللادات كمللا تقللدم‬
‫تقريره فهو متضمن للغاية الوسيلة وقولكم ان العمل غاية اما ان تريدوا بلله‬
‫العمل الذي يدخل فيه عمل القلب والجللوارح او العمللل المختللص بللالجوارح‬
‫فقط فإن اريد الول فهو حق وهو يدل على ان العلم غاية مطلوبة لنه مللن‬
‫اعمال القلب كما تقدم وان اريد به الثاني وهو عمل الجللوارح فقللط فليللس‬
‫بصحيح فإن اعمال القلوب مقصودة‬

‫ومراده لذاتها بل في الحقيقللة اعمللال الجللوارح وسلليلة مللرادة لغيرهللا فللإن‬


‫الثواب والعقاب والمدح والذم وتوابعها هو للقلب اصل وللجوارح تبعا وكذلك‬
‫العمال المقصودة بها اول صلح القلب واسللتقامته وعبللوديته لربلله ومليكلله‬
‫وجعلت اعمال الجوارح تابعة لهذا المقصود مرادة وان كان كثير منها مللرادا‬
‫لجلل المصللحة المترتبلة عليله فملن اجلهلا صللح القللب وزكلاه وطهلارته‬
‫واستقامته فعلم ان العمال منها غاية ومنها وسيلة وان العلم كللذلك وايضللا‬
‫فالعلم الذي هو وسيلة الى العمل فقط إذا تجللرد عللن العمللل لللم ينتفللع بلله‬
‫صاحبه فالعمل اشرف منه وأما العلم المقصود الذي تنشأ ثمرتلله المطلوبللة‬
‫منه من نفسه فهذا ل يقال ان العمل المجرد اشرف منه فكيف يكون مجرد‬
‫العبادة البدنية افضل من العلم بالله واسمائه وصللفاته وأحكللامه فللي خلقلله‬
‫وامره ومن العلللم بأعمللال القلللوب وآفللات النفللوس والطللرق الللتي تفسللد‬
‫العمال وتمنع وصولها من القلب الى الللله والمسللافات الللتي بيللن العمللال‬
‫والقلب وبين القلب والرب تعالى وبما تقطع تلك المسافات الللى غيللر ذلللك‬
‫من علم اليمان وما يقويه وما يضعفه فكيف يقال ان مجلرد التعبلد الظلاهر‬
‫بالجوارح افضل من هذا العلم بل من قام بالمرين فهو اكمل وإذا كلان فلي‬
‫احدهما فضل ففضل هذا العلم خير من فضللل العبللادة فللاذ كللان فللي العبللد‬
‫فضلة عن الواجب كان صرفها الى العلم الموروث عللن النبيللاء افضللل مللن‬
‫صرفها الى مجرد العبادة فهذا فصل الخطاب في هذه المسئلة والللله اعلللم‬
‫الوجه الثاني والخمسون بعدالمائة ما رواه المام احمد والترمذي من حديث‬
‫ابي كبشة النماري قال قال رسول الله انما الدنيا لربعة نفر عبد رزقه الله‬
‫مال وعلما فهو يتقي في ماله ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهللذا‬
‫باحسن المنازل عند الله ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مال فهو يقول لو ان‬
‫لي مال لعملت بعمل فلن فهو بنيته وهما في الجر سلواء ورجلل آتلاه اللله‬
‫مال ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله ول يتقي فيه ربه ول يصل في رحملله‬
‫ول يعلم لله فيه حقا فهذا بأسوا المنازل عند الله ورجل لللم يللؤته الللله مللال‬
‫ول علما فهو يقول لو ان لي مال لعملللت بعمللل فلن فهللو بنيتلله وهمللا فللي‬
‫الوزر سواء حديث صحيح صححه الترمذي والحللاكم وغيرهمللا فقسللم النللبي‬
‫اهل الدنيا أربعة اقسام خيرهم من اوتي علما ومال فهو محسن الى النللاس‬
‫وإلى نفسه بعلمه وماله ويليه في المرتبة من اوتي علما ولم يؤت مللال وان‬
‫كان اجرهما سواء فذلك إنما كان بالنية وال فالمنفق المتصدق فوقه بدرجللة‬
‫النفاق والصدقة والعالم الذي ل مال له إنما ساواه في الجر بالنية الجازمة‬
‫المقترن بها مقدورهما وهو القول المجرد الثالث ملن اوتلي ملال وللم يلؤت‬
‫علما فهذا اسوأ الناس منزلة عند الله لن ماله طريق الى هلكه فلو عللدمه‬
‫لكان خيرا له فإنه اعطى ما يتزود به الللى الجنللة فجعللله زادا للله الللى النللار‬
‫الرابع من لم يؤت مال‬

‫ول علما ومن نيته انه لو كان له مال لعمل فيه بمعصية الله فهذا يلي الغني‬
‫الجاهل في المرتبة ويساويه في الوزر بنيته الجازمة المقلترن بهلا مقلدورها‬
‫وهو القول الذي لم يقدر على غيره فقسم السللعداء قسللمين وجعللل العلللم‬
‫والعمل بموجبه سبب سعادتهما وقسم الشقياء قسمين وجعل الجهللل ومللا‬
‫يترتب عليه سبب شقاوتهما فعللادت السللعادة بجملتهللا الللى العلللم ومللوجبه‬
‫والشقاوة بجملتها الى الجهل وثمرته الوجه الثالث والخمسون بعد المائة ما‬
‫ثبت عن بعض السلف انه قال تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة وسللال‬
‫رجل أم الدرداء بعد موته عن عبادته فقللالت كللان نهللاره اجمعلله فللي باديللة‬
‫التفكر وقال الحسن تفكر ساعة خير مللن قيللام ليلللة وقللال الفضللل التفكللر‬
‫مرآة تريك حسناتك وسيئاتك وقيل لبراهيم إنك تطيل الفكرة فقال الفكللرة‬
‫مخ العقل وكان سفيان كثيرا ما يتمثل ‪ # :‬إذا المرء كانت له فكرة ‪ %‬ففي‬
‫كل شيء له عبرة وقال الحسن في قوله تعالى سأصرف عن آيللاتي الللذين‬
‫يتكبرون في الرض بغير الحق قال أمنعهم التفكر فيها وقال بعض العارفين‬
‫لو طالعت قلوب المتقين بفكرها الى مللا قللدر فللي حجللب الغيللب مللن خيللر‬
‫الخرة لم يصف لهم في الدنيا عيش ولم تقر لهم فيها عيللن وقللال الحسللن‬
‫طول الوحدة أتم للفكرة وطول الفكرة دليل على طريق الجنة وقال وهللب‬
‫ما طالت فكرة احد قط ال علم وما علم امرؤ قط ال عمل وقللال عمللر بللن‬
‫عبدالعزيز الفكرة في نعم الله من افضل العبادة وقال عبد الله بن المبارك‬
‫لبعض اصحابه وقد رآه مفكرا اين بلغت قال الصللراط وقللال بشللر لللو فكللر‬
‫الناس في عظمة الله ما عصوه وقال ابللن عبللاس ركعتللان مقتصللدتان فللي‬
‫تفكر خير من قيام ليلة بل قلب وقال ابو سليمان الفكللر فللي الللدنيا حجللاب‬
‫عن الخرة وعقوبة لهل الولية والفكرة في الخرة تللورث الحكمللة وتجلللي‬
‫القلوب وقال ابن عباس التفكر في الخير يدعو الى العمل به وقال الحسللن‬
‫ان اهل العلم لللم يزالللوا يعللودون بالللذكر علللى الفكللر والفكللر علللى الللذكر‬
‫ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة ومن كلم الشافعي اسللتعينوا علللى‬
‫الكلم بالصمت وعلللى السللتنباط بللالفكرة وهللذا لن الفكللرة عمللل القلللب‬
‫والعبادة عمل الجوارج والقلب اشرف من الجوارح فكان عمله اشلرف ملن‬
‫عمل الجوارح وايضا فالتفكر يوقع صاحبه من اليمان على مال يللوقعه عليلله‬
‫العمل المجرد فان التفكر يوجب له من انكشاف حقائق المور وظهورها له‬
‫وتميز مراتبها في الخير والشر ومعرفة مفضولها مللن فاضلللها واقبحهللا مللن‬
‫قبيحها ومعرفة اسبابها الموصلة اليها وما يقاوم تلك السباب ويدفع موجبهللا‬
‫والتمييز بين ما ينبغي السعي في تصحيله وبين ما ينبغللي السللعي فللي دفللع‬
‫اسبابه والفرق بين الوهم والخيال المانع لكثر النفللوس مللن انتهللاز الفللرص‬
‫بعد امكانها وبين السبب المانع حقيقة فيشتغل به دون الول فما قطع‬

‫العبد عن كماله وفلحه وسعادته العاجلة والجلللة قللاطع اعظللم مللن الللوهم‬
‫الغالب على النفس والخيال الذي هو مركبها بل بحرها الذي ل تنفك سابحة‬
‫فيه وإنما يقطع هذا العارض بفكرة صحيحة وعزم صادق يميز به بين الللوهم‬
‫والحقيقة وكذلك إذا فكر في عواقب المللور وتجللاوز فكللره مباديهللا وضللعها‬
‫مواضعها وعلم مراتبها فإذا ورد عليلله وارد الللذنب والشللهوة فتجللاوز فكللره‬
‫لذته وفرح النفس به الى سوء عاقبته وما يللترتب عليلله مللن اللللم والحللزن‬
‫الذي ل يقاوم تلك اللذة والفرحة ومن فكر في ذلك فإنه ل يكاد يقللدم عليلله‬
‫وكذلك إذا ورد على قلبه وارد الراحة والدعة والكسل والتقاعد عللن مشللقة‬
‫الطاعات وتعبها حتى عبر بفكره الى ما يترب عليها مللن اللللذات والخيللرات‬
‫والفراح التي تغمر تلك اللم التي في مباديها بالنسللبة الللى كمللال عواقبهللا‬
‫وكلما غاص فكره في ذلك اشتد طلبلله لهللا وسللهل عليلله معاناتهللا اسللتقبلها‬
‫بنشاط وقوة وعزيمة وكذلك إذا فكللر فللي منتهللى مللا يسللتعبده مللن المللال‬
‫والجاه والصور ونظر الى غاية ذلك بعين فكره استحى من عقله ونفسه ان‬
‫يكون عبدا لذلك كما قيل ‪ # :‬لو فكر العاشللق فللي منتهللى ‪ %‬حسللن الللذي‬
‫يسبيه لم يسبه ‪ #‬وكذلك إذا فكر في آخر الطعمللة المفتخللرة الللتي تفللانت‬
‫عليها نفوس اشباه النعام وما يصير امرها اليه عند خروجهللا ارتفعللت همتلله‬
‫عن صرفها الى العتناء بها وجعلها معبود قلبه الذي اليه يتللوجه وللله يرضللى‬
‫ويغضب ويسعى ويكدح ويوالي ويعادي كما جاء في المسللند عللن النللبي انله‬
‫قال إن الله جعل طعام ابن آدم مثل الدنيا وإن قزحه ملحه فلإنه يعلللم الللى‬
‫ما يصير او كما قال فإذا وقللع فكللره علللى عاقبللة ذلللك وآخللر امللره وكللانت‬
‫نفسه حرة ابيه ربأبها ان يجعلها عبدا لما آخره انتن شيء واخبثه وافحشه‬
‫فصل إذا عرف هذا فالفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما‬
‫معرفة ثالثة ومثال ذلك إذا احضر في قلبلله العاجلللة وعيشللها وتعيمهللا ومللا‬
‫يقترن به من الفات وانقطاعه وزواله ثم احضللر فللي قلبلله الخللرة ونعيمهللا‬
‫ولذته ودوامه وفضله علىنعيم الدنيا وجزم بهذين العلمين اثمر له ذلك علمللا‬
‫ثالثا وهو ان الخرة ونعيمها الفاضل الللدائم أولىعنللد كللل عاقللل بايثللاره مللن‬
‫العاجلة المنقطعة المنغصة ثم للله فللي معرفللة الخللرة حالتللان احللداهما ان‬
‫يكون قد سمع ذلك من غيره من غيللر ان يباشللر قلبلله بللرد اليقيللن بلله ولللم‬
‫يفض قلبه الى مكافحة حقيقة الخرة وهذا حال أكثر الناس فيتجاذبه داعيان‬
‫احدهما داعي العاجلة وايثارها وهللو أقللوى الللداعيين عنللده لنلله مشللاهد للله‬
‫محسوس وداعي الخرة وهو اضعف الداعيين عنده لنه داع عن سماع‬

‫لم يباشر قلبه اليقين به ول كافحه حقيقته العلمية فإذا ترك العاجلة للخللرة‬
‫تريه نفسه بانه قد ترك معلوما لمظنون اومتحققللا لموهللوم فلسللان الحللال‬
‫ينادي عليه ل ادع ذرة منقودة لدرة موعللودة وهللذه الفللة هللي الللتي منعللت‬
‫النفوس من الستعداد للخرة وان يسعى لها سعيها وهي من ضللعف العلللم‬
‫بها وتيقنها وإل فمع الجزم التام الذي ل يخالج القلب فيه شك ل يقع التهاون‬
‫بها وعدم الرغبة فيها ولهذا لو قدم لرجل طعام في غاية الطيب واللذة وهو‬
‫شديد الحاجة اليه ثم قيل له إنه مسموم فإنه ل يقدم عليه لعلمه بللأن سللوء‬
‫ما تجنى عاقبة تناوله تربللو فللي المضللرة علللى لللذة اكللله فمللا بللال اليمللان‬
‫بلالخرة ل يكلون فلي قلبله بهلذه المنزللة ملاذاك ال لضللعف شللجرة العلللم‬
‫واليمان بها في القلب وعللدم اسللتقرارها فيلله وكللذلك اذا كللان سللائرا فللي‬
‫طريق فقيل له إن بها قطاعا ولصوصا يقتلون من وجللدوه ويأخللذون متللاعه‬
‫فانه ل يسلكها ال على احد وجهين اما ان ل يصدق المخبر وإما ان يثق مللن‬
‫نفسه بغلبتهم وقهرهم والنتصار عليهم والف فمع تصديقه للخبر تصللديقا ل‬
‫يتمارى فيه وعلمه من نفسه بضعفه وعجزه عن مقللاومتهم فللإنه ل يسلللكها‬
‫ولو حصل له هذان العلمان فيما يرتكبه من ايثار الللدنيا وشللهواتها لللم يقللدم‬
‫على ذلك فعلم ان إيثاره للعاجلة وترك استعداده للخللرة ل يكللون قللط مللع‬
‫كمال تصديقه وإيمانهابدا الحالة الثانية ان يللتيقن ويجللزم جزملا ل شللك فيلله‬
‫بأن له دارا غير هذه الدار ومعادا له خلق وان هللذه الللدار طريللق الللى ذلللك‬
‫المعاد ومنزل من منازل السائرين اليه ويعلللم مللع ذلللك انهللا باقيللة ونعيمهللا‬
‫وعذابها ل يزول ول نسبة لهذا النعيللم والعللذاب العاجللل اليلله إل كمللا يللدخل‬
‫الرجل اصبعه في اليم ثم ينزعها فالذي تعلق بها منه هو كالدنيا بالنسبة الى‬
‫الخرة فيثمر له هذا العلللم ايثللار الخللرة وطلبهللا والسللتعداد التللام لهللا وان‬
‫يسعى لها سعيها وهذا يسعى تفكللرا وتللذكرا ونظللرا وتللأمل واعتبللارا وتللدبرا‬
‫واستبصارا وهذه معان متقاربة تجتمع في شيء وتتفللرق فللي آخللر ويسللمى‬
‫تفكرا لنه استعمال الفكرة فللي ذلللك واحضللاره عنللده ويسللمى تللذكرا لنلله‬
‫احضار للعلم الذي يجب مراعاته بعد ذهوله وغيبته عنه ومنه قوله تعللالى ان‬
‫الللذين اتقللوا اذا مسللهم طللائف مللن الشلليطان تللذكروا فللإذا هللم مبصللرون‬
‫ويسمى نظللرا لنلله التفللات بللالقلب الللى المنظللور فيلله ويسللمى تللأمل لنلله‬
‫مراجعة للنظر كرة بعدكرة حتى يتجلى له وينكشف لقلبلله ويسللمى اعتبللارا‬
‫وهو افتعال من العبور لنه يعبر منه الى غيره فيعبر من ذلك الذي قللد فكللر‬
‫فيه الى معرفة ثالثة وهي المقصود من العتبللار ولهللذا يسللمى عللبرة وهللي‬
‫على بناء الحالت كالجلسة والركبة والقتلة ايذانا بللأن هللذا العلللم والمعرفللة‬
‫قد صار حال لصاحبه يعبر منه الى المقصود به وقال الله تعالى ان في ذلللك‬
‫لعبرة لمن يخشى ^ وقلال ^ إن فلي ذللك لعلبرة لوللي البصلار ويسلمى‬
‫تدبرا لنه نظر في ادبار الملور وهلي اواخرهلا وعواقبهلا ومنله تلدبر القلول‬
‫وقال‬

‫تعالى افلم يدبروا القول افل يتدبرون القللرآن ولللو كللان ملن عنللد غيللر اللله‬
‫لوجدوا فيه اختلفا كللثيرا وتللدبر الكلم ان ينظللر فللي اوللله وآخللره ثللم يعيللد‬
‫نظره مره بعد مرة ولهذا جاء علللى بنللاء التفعللل كللالتجرع والتفهللم والتللبين‬
‫وسمى استبصارا وهو استفعال من التبصر وهو تبين المر وانكشافه وتجليه‬
‫للبصيرة وكل من التذكر والتفكر له فللائدة غيللر فللائدة الخللر فالتللذكر يفيللد‬
‫تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ول ينمحي فيذهب اثره‬
‫من القلب جملة والتفكر يفيد تكثير العلم واسللتجلب مللا ليللس حاصللل عنللد‬
‫القلب فالتفكر يحصله والتذكر يحفظه ولهذا قال الحسن ما زال اهل العلللم‬
‫يعودون بالتذكر علللى التفكللر وبللالتفكر علىالتللذكر وينللاطقون القلللوب حللتى‬
‫نطقت بالحكمة فللالتفكر والتللذكر بللذار العلللم وسللقيه مطللارحته ومللذاكرته‬
‫تلقيحه كما قال بعض السلف ملقلاة الرجلال تلقيلح للبابهلا فالملذاكرة بهلا‬
‫لقاح العقل فالخير والسعادة في خزانة مفتاحها التفكر فإنه ل بد مللن تفكللر‬
‫وعلم يكون نتيجته الفكر وحال يحدث للقلب من ذلللك العلللم فللإن كللل مللن‬
‫عمل شيئا من المحبوب او المكروه ل بد ان يبقى لقلبه حالة وينصبغ بصبغة‬
‫من علمه وتلك الحال توجب له إرادة وتلك الرادة توجب وقللوع العمللل فهللا‬
‫هنا خمسة امور الفكر وثمرته العلللم وثمرتهمللا الحالللة الللتي تحللدث للقلللب‬
‫وثمرة ذلك الرادة وثمرتها العلم فللالفكر إذا هللو المبللدأ والمفتللاح للخيللرات‬
‫كلها وهذا يكشف لك عن فضل التفكر وشرفه وانه من افضل اعمال القلب‬
‫وانفعها له حتى قيل تفكر ساعة خير من عبادة سنة فالفكر هو الللذي ينقللل‬
‫من موت الفطنة الى حياة اليقظة ومن المكاره الى المحللاب ومللن الرغبللة‬
‫والحرص الى الزهد والقناعة ومن سجن الدنيا الى فضاء الخرة ومن ضلليق‬
‫الجهل الى سعة العلم ورحبه ومن مللرض الشللهوة والخلد الللى هللذه الللدار‬
‫الى شفاء النابة الللى الللله والتجللافي عللن دار الغللرور وملن مصلليبة العمللى‬
‫والصمم والبكم الى نعمة البصر والسمع والفهم عن الله والعقل عنلله ومللن‬
‫امراض الشبهات الى برد اليقين وثلج الصلدور وبالجمللة فأصلل كلل طاعلة‬
‫إنما هي الفكر وكذلك اصل كل معصية إنما يحدث مللن جللانب الفكللرة فللإن‬
‫الشيطان يصادف ارض القلب خالية فارغة فيبذر فيهللا حللب الفكللار الرديللة‬
‫فيتولد منه الرادات والعزوم فيتولد منهللا العمللل فللإذا صللادف ارض القلللب‬
‫مشغولة ببذر الفكار النافعة فيما خلق له وفيما امر به وفيم هيء للله واعللد‬
‫له من النعيم المقيم او العذاب الليم لم يجد لبذره موضعا وهذا كملا قيلل ‪:‬‬
‫‪ #‬اتاني هواها قبل ان اعرف الهوى ‪ %‬فصادف قلبا فارغا فتمكنا فان قيللل‬
‫فقد ذكرتم الفكر ومنفعته وعظم تأثيره في الخير والشر فما متعلقه الذي‬

‫ينبغي ان يوقع عليه ويجرى فيه فانه ل يتللم المقصللود منله ال بلذكر متعلقلله‬
‫الذي يقع الفكر فيه وال ففكر بغيللر متفكللر فيلله محللال قيللل مجللرى الفكللر‬
‫ومتعلقلله اربعللة امللور احللدها غايللة محبوبللة مللرادة الحصللول الثللاني طريللق‬
‫موصلة الى تلك الغايلة الثللالث مضللرة مطلوبللة العلدام مكروهلة الحصلول‬
‫الرابع الطريق المفضلي اليهلا الموقلع عليهلا فل تتجلاوز افكلار العقلء هلذه‬
‫المور الربعة وأي فكر تخطاها فهو من الفكار الرديللة والخيللالت والمللاني‬
‫الباطلة كما يتخيل الفقير المعدم نفسه من اغنى البشر وهللو يأخللذ ويعطللي‬
‫وينعم ويحرم وكما يتخيل العاجز نفسه من اقوى الملوك وهللو يتصللرف فللي‬
‫البلد والرعية ونظير ذلك من افكار القلوب الباطولية التي من جنس افكللار‬
‫السكران والمحشوش والضعيف العقل فالفكار الرديللة هللي قللوت النفللس‬
‫الخسيسللة الللتي هللي فللي غايللة الللدناءة فإنهللا قللد قنعللت بالخيللال ورضلليت‬
‫بالمحال ثم ل تزال هذه الفكار تقوى بها وتتزايد حتى توجب لها آثللارا رديللة‬
‫ووساوس وأمراضا بطيئة الزوال وإذا كان الفكر النافع ل يخرج عن القسام‬
‫الربعة التي ذكرناها فله ايضا محلن ومنزلن احدهما هذه الللدار والخللر دار‬
‫القرار فأبنلاء الللدنيا الللذين ليللس لهللم فلي الخللرة ملن خلق عمللروا بيللوت‬
‫افكارهم بتلك القسام الربعة في هذه الدار فأثمرت لهم افكارهم فيهللا مللا‬
‫اثمرت ولكن إذا حقت الحقائق وبطلت الدنيا وقامت الخرة تبين الرابح من‬
‫المغبون وخسر هنالك المبطلون وأبناء الخرة الذين خلقوا لها عمروا بيللوت‬
‫افكارهم على تلك القسام الربعة فيها ونحن نفصل ذلك بعون الله وفضللله‬
‫فنقول كل طالب لشيء فهو محب له مؤثر لقربه ساع في طريللق تحصلليله‬
‫متوصل اليه بجهده وهللذا يللوجب للله تعلللق افكللاره بجمللال محبللوبه وكمللاله‬
‫وصفاته التي يحب لجلها وتعلقها بما يناله بلله مللن الخيللر والفللرح والسللرور‬
‫ففكره في حللال محبللوبه دائر بيللن الجمللال والجمللال والحسللن والحسللان‬
‫فكلما قويت محبته ازداد هذا الفكر وقللوى وتضللاعف حللتى يسللتغرق اجللزاء‬
‫القلب فل يبقى فيه فضل لغيره بل يصير بين الناس بقللالبه وقلبلله كللله فللي‬
‫حضرة محبوبه فإن كان هذا المحبللوب هللو المحبللوب الحللق الللذي ل تنبغللي‬
‫المحبة إل له ول يحب غيره إل تبعا لمحبته فهو اسعد المحبين به وقللد وضللع‬
‫الحب موضعه وتهيأت نفسه لكمالها الذي خلقت له والذي ل كمال لها بدونه‬
‫بوجه وان كانت تلك المحبة لغيره من المحبوبللات الباطلللة المتلشللية الللتي‬
‫تفنى وتبقى حزازات القلللوب بهللا علللى حالهللا فقللد وضللع المحبللة فللي غيللر‬
‫موضعها وظلم نفسه اعظم ظلم واقبحه وتهيأت بذلك نفسلله لغايللة شللقائها‬
‫والمها وإذا عرف هذا عرف ان تعلق المحبة بغير الله الحق هو عيللن شللقاء‬
‫العبد وخسرانه فافكفاره المتعلقة بهللا كلهللا باطلللة وهللي مضللرة عليلله فللي‬
‫حياته وبعدموته والمحب الذي قد ملك المحبوب افكار قلبلله ل يخللرج فكللره‬
‫عن تعلقه بمحبوبه او بنفسه ثم فكره في محبوبه ل يخرج عن حالتين‬

‫احداهما فكرته في جماله واوصافه والثانية فكرته في افعاله واحسانه وبره‬


‫ولطفه الدالة على كمال صفاته وان تعلق فكره بنفسه لم يخللرج ايضلا علن‬
‫حالتين اما ان نفكر في اوصافه المسللخوطة الللتي يبغضللها محبللوبه ويمقتلله‬
‫عليها ويسقطه من عينه فهو دائما يتوقع بفكللره عليهللا ليتجنبهللا ويبعللد منهللا‬
‫والثانية ان يفكر في الصفات والخلق والفعال التي تقربه منه وتحببه اليلله‬
‫حتى يتصف بها فالفكرتان الولتان توجب له زيادة محبته وقوتهللا وتضللاعفها‬
‫والفكرتان الخرتان توجب محبة محبوبه له واقباله عليه وقربه منه وعطفلله‬
‫عليلله وايثللاره عللى غيلره فالمحبلة التاملة مسلتلزمة لهللذه الفكلار الربعللة‬
‫فالفكرة الولى والثانية تتعلق بعلم التوحيد وصللفات الللله المعبللود سللبحانه‬
‫وأفعاله والثالثة والرابعة تتعلق بالطريق الموصلة اليها وقواطعها وآفاتها وما‬
‫يمنع من السير فيها اليه فتفكره في صفات نفسه يميللز لله المحبللوب لربلله‬
‫منها من المكروه له وهذه الفكرة توجب ثلثة امور احللدها ان هللذا الوصللف‬
‫هل هو مكروه مبغوض لله ام ل الثاني هل العبد متصف به ام ل والثالث إذا‬
‫كان متصفا به فما طريق دفعه والعافيللة منلله وان لللم يكلن متصلفا بله فملا‬
‫طريق حفظ الصحة بوقائه على العافية والحتراز منلله وكللذلك الفكللرة فللي‬
‫الصفة المحبوبة تستدعي ثلثة امور احدها ان هذه الصفة هللل هللي محبوبللة‬
‫لله مرضية له ام ل الثاني هللل العبللد متصللف بهللا ام ل الثللالث انلله إذا كللان‬
‫متصفا بها فما طريق حفظها ودوامها وان للم يكللن متصلفا بهلا فمللا طريللق‬
‫اجتلئها والتخلق بها ثم فكرته في الفعال على هذين الللوجهين ايضللا سللواء‬
‫ومجاري هذه الفكار ومواقعها كثيرة جدا لتكاد تنضللبط وانللا يحصللرها سللتة‬
‫اجناس الطاعات الظاهرة والباطنة والمعاصي الظاهرة والباطنللة والصللفات‬
‫والخلق الحميللدة والخلق والصللفات الذميمللة فهللذه مجللاري الفكللرة فللي‬
‫صفات نفسه وافعالها واما الفكللرة فللي صللفات المعبللود وأفعللاله واحكللامه‬
‫فتوجب له التمييز بين اليمان والكفروالتوحيد والشللرك والقللرار والتعطيللل‬
‫وتنزيلله الللرب عمللا ل يليللق بلله ووصللفه بمللا هللو اهللله مللن الجلل والكللرام‬
‫ومجاري هذه الفكرة تدبر كلملله ومللا تعللرف بلله سللبحانه الللى عبللاده علللى‬
‫السنة رسله من اسمائه وصفاته وأفعاله وما نزه نفسه عنه مما ل ينبغي له‬
‫ول يليق به سبحانه وتدبر ايامه وافعاله في اوليائه واعدائه التي قصها علللى‬
‫عباده واشهدهم اياها ليسللتدلوا بهللا علللى انلله الههللم الحللق المللبين الللذي ل‬
‫تنبغي العبادة ال له ويستدلوا بها على انه علللى كللل شلليء قللدير وانلله بكللل‬
‫شيء عليم وانه شديد العقاب وانه غفللور رحيللم وانلله العزيللز الحكيللم وانلله‬
‫الفعال لما يريد وانه الذي وسللع كللل شلليء رحمللة وعلمللا وان أفعللاله كلهللا‬
‫دائرة بين الحكمة والرحمة والعدل والمصلحة ل يخرج شيء منها عللن ذلللك‬
‫وهذه الثمرة ل سبيل الى تحصيلها إل بتدبر كلملله والنظللر فللي آثللار أفعللاله‬
‫وإلى هذين الصلين ندب عباده في القرآن فقال في‬

‫الصل الول ^ افل يتدبرون القرآن ^ افلم يدبروا القللول ^ كتللاب انزلنللاه‬
‫اليك مبارك ليللدبروا آيلاته ^ إنلا انزلنلاه قرآنللا عربيلا لعلكللم تعقللون كتلاب‬
‫فصلت اياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون وقال فللي الصللل الثللاني قللل انظللروا‬
‫ماذا في السموات والرض ان في خلللق السللموات والرض واختلف الليللل‬
‫والنهار ليات لولي اللباب الذين يذكرون الله قياما وقعللودا وعلللى جنللوبهم‬
‫ويتفكللرون فللي خلللق السللموات والرض ان فللي السللموات والرض ليللات‬
‫للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقللوم يوقنللون واختلف الليللل‬
‫والنهار وما أنزل الله من السماء من ماء فاحيللا بلله الرض بعللد موتهللا وبللث‬
‫فيها من كل دابة وتصللريف الريللاح آيللات لقللوم يعقلللون او لللم يسلليروا فللي‬
‫الرض فينظروا كيف كللان عاقبللة الللذين كللانوا مللن قبلهللم قللل سلليروا فللي‬
‫الرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ^ ومن آياته ان خلقكم مللن‬
‫تراب ثم إذا انتم بشر تنتشرون ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجللا‬
‫لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك ليات لقوم يتفكرون ^‬
‫الى قوله ^ ومللن آيللاته ان تقللوم السللماء والرض بللامره ^ ونللوع سللبحانه‬
‫اليات في هذه السور فجعل خلق السموات والرض واختلف لغللات المللم‬
‫والوانهم آيات للعالمين كلهم لشتراكهم في العللم بلذلك وظهلوره ووضلوح‬
‫دللته وجعل خلق الزواج التي تسكن اليها الرجال والقللاء المللودة والرحمللة‬
‫بينهم آيات لقوم يتفكرون فإن سكون الرجل الى امرأتلله ومللا يكللون بينهمللا‬
‫من المودة والتعاطف والتراحم امر باطن مشللهود بعيللن الفكللرة والبصلليرة‬
‫فمتى نظر بهذه العين الى الحكمة والرحمة والقدرة الللتي صللدر عنهللا ذلللك‬
‫دلة فكره على انه الله الحق المبين الذي أقللرت الفطللر بربللوبيته والهيتلله‬
‫وحكمته ورحمته وجعل المنام بالليل والنهار للتصرف فللي المعللاش وابتغللاء‬
‫فضله آيات لقوم يسمعون وهو سمع الفهم وتدبر هذه اليات وارتباطها بمللا‬
‫جعلت آية له مما اخبرت به الرسل من حياة العباد بعد موتهم وقيامهم مللن‬
‫قبورهم كما احياهم سبحانه بعد موتهم وأقامهم للتصرف في معاشهم فهذه‬
‫الية إنما ينتفع بها من سمع ما جاءت به الرسل واصغى اليه واسللتدل بهللذه‬
‫الية عليه وجعل إراءتهم البرق وأنزل المللاء مللن السللماء وإحيللاء الرض بلله‬
‫آيات لقوم يعقلون فإن هذه امور مرتبة بالبصار مشاهدة بالحس فإذا نظللر‬
‫فيها ببصر قلبه وهو عقله استدل بها على وجود الرب تعالى وقدرته وعلملله‬
‫ورحمته وحكمته إمكان ما اخبر به مللن حيللاة الخلئق بعللد مللوتهم كمللا احيللا‬
‫هذه الرض بعدموتها وهذه امور لتللدرك إل ببصللر القلللب وهللو العقللل فللإن‬
‫الحس دل على الية والعقل دل على ما جعلت له آيللة فللذكر سللبحانه اليللة‬
‫المشهودة بالبصر والمدلول عليه المشهود بالعقل فقللال ومللن آيللاته يريكللم‬
‫البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحي به الرض بعدموتها أن فللي‬
‫ذلك ليات لقوم يعقلون فتبارك‬
‫الذي جعل كلمه حياة للقلوب وشفاء لما فللي الصللدور وبالجملللة فل شلليء‬
‫أنفع للقلب مللن قللراءة القللرآن بالتللدبر والتفكللر فللإنه جللامع لجميللع منللازل‬
‫السائرين واحللوال العللاملين ومقامللات العللارفين وهللو الللذي يللورث المحبللة‬
‫والشللوق والخللوف والرجللاء والنابللة والتوكللل والرضللا والتفللويض والشللكر‬
‫والصبر وسائر الحوال التي بها حياة القلب وكماله وكذلك يزجر عللن جميللع‬
‫الصفات والفعال المذمومة والتي بها فساد القلب وهلكه فللو علللم النلاس‬
‫ما في قراءة القرآن بالتدبر لشتغلوا بها عن كل ما سواها فإذا قرأه بتفكللر‬
‫حتى مر بآية وهو محتاجا إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولللو ليلللة‬
‫فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلللب‬
‫وأدعى الى حصول اليمان وذوق حلوة القللرآن وهللذه كللانت عللادة السلللف‬
‫يردد احدهم الية الى الصباح وقد ثبت عن النبي انه قللام بآيللة يرددهللا حللتى‬
‫الصباح وهي قللوله ^ إن تعللذبهم فللإنهم عبللادك وان تغفللر لهللم فإنللك انللت‬
‫العزيز الحكيم ^ فقراءة القرآن بالتفكر هي اصل صلح القلللب ولهللذا قللال‬
‫ابن مسعود لتهللذوا القللرآن هللذا الشللعر ول تنللثروه نلثر الللدقل وقفللوا عنللد‬
‫عجائبه وحركوا به القلوب ل يكن هم احدكم آخللر السللورة وروى ابللو ايللوب‬
‫عن ابي جمرة قال قلت لبن عباس اني سريع القراءة إني اقرا القرآن في‬
‫ثلث قال لن اقرأ سورة من القرآن في ليلة فأتدبرها وأرتلها احب الي من‬
‫ان اقرأ القرآن كما تقرأ والتفكر فللي القللرآن نوعللان تفكللر فيلله ليقللع علللى‬
‫مراد الرب تعالى منه وتفكر في معاني ما دعا عباده الى التفكر فيه فالول‬
‫تفكر في الدليل القرآني والثاني تفكر في الللدليل العيللاني الول ففكللر فللي‬
‫آياته المسموعة والثاني تفكر في آياته المشهودة ولهللذا انللزل الللله القللرآن‬
‫ليتدبر ويتفكر فيه ويعمل به ل لمجرد تلوته مع العراض عنلله قللال الحسللن‬
‫البصري انزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلوته عمل‬
‫فصل وإذا تأملت ما دعى الله سبحانه في كتابه عباده الى الفكر فيه‬
‫اوقعك على العلم به سللبحانه وتعللالى وبوحللدانيته وصللفات كمللاله ونعللوت‬
‫جلله من عموم قدرته وعلمه وكمال حكمته ورحمته واحسانه وبره ولطفلله‬
‫وعدله ورضاه وغضبه وثوابه وعقابه فبهللذا تعللرف الللى عبللاده ونللدبهم الللى‬
‫التفكر في آياته ونذكر لذلك امثلة مما ذكرها الله سبحانه في كتابه يسللتدل‬
‫بها على غيرها فمن ذلك خلق النسللان وقدنللدب سللبحانه الللى التفكللر فيلله‬
‫والنظر في غير موضع من كتابه كقوله تعالى ^ فلينظر النسللان مللم خلللق‬
‫^ وقوله تعالى ^ وفي انفسكم افل تبصرون ^ وقال تعالى يايها الناس إن‬
‫كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم مللن علقللة‬
‫ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الرحام ما نشللاء الللى‬
‫اجل مسمى ثم نخرجكم طفل ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم مللن يتللوفى ومنكللم‬
‫من يرد الى ارذل العمر لكيل يعلم من بعدعلم‬

‫^ شيئا ^ وقال تعالى ^ ايحسب النسان ان يترك سدى الم يك نطفة من‬
‫مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعللل منلله الزوجيللن الللذكر والنللثى‬
‫اليس ذلك بقادر على ان يحيى الموتى ^ وقال تعللالى ^ الللم نخلقكللم ملن‬
‫ماء مهين فجعلناه في قرار مكين الى قدر معلوم فقدرنا فنعم القللادرون ^‬
‫وقال ^ او لم ير النسان انا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ^ وقال‬
‫^ ولقد خلقنا النسان من سللة من طين ثم جعلناه نطفة في قلرار مكيلن‬
‫ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامللا فكسللونا‬
‫العظام لحما ثم انشأناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين ^ وهذا كثير‬
‫في القرآن يدعو العبد الى النظر والفكر في مبدأ خلقلله ووسللطه وآخللره إذ‬
‫نفسه وخلقه من اعظللم الللدلئل علللى خللالقه وفللاطره واقللرب شلليء الللى‬
‫النسان نفسه وفيه من العجائب الدالة على عظمة الله ما تنقضي العمللار‬
‫في الوقوف على بعضه وهو غافل عنه معرض عن التفكر فيه ولو فكر فللي‬
‫نفسه لزجره ما يعلم من عجائب خلقها عن كفره قللال الللله تعللالى ^ قتللل‬
‫النسان ما أكفره من أي شيء خلقه مللن نطفللة خلقلله فقللدره ثللم السللبيل‬
‫يسره ثم اماته فاقبره ثم إذا شاء انشره ^ فلم يكرر سبحانه على اسماعنا‬
‫وعقولنا ذكر هذا لنسمع لفظ النطفة والعلقة والمضللغة والللتراب ول لنتكلللم‬
‫بها فقللط ول لمجللرد تعريفنللا بللذلك بللل لمللر وراء ذلللك كللله هللو المقصللود‬
‫بالخطاب واليه جرى ذلك الحديث فللانظر الن الللى النطفللة بعيللن البصلليرة‬
‫وهي قطرة من ماء مهين ضعيف مستقذر لو مرت بهللا سللاعة مللن الزمللان‬
‫فسدت وانتنت كيف استخرجها رب الرباب العليم القلدير ملن بيلن الصللب‬
‫والترائب منقادة لقدرته مطيعة لمشيئته مذللة النقيللاد علللى ضلليق طرقهللا‬
‫واختلف مجاريها الى ان ساقها الى مستقرها ومجمعها وكيف جمع سللبحانه‬
‫بين الذكر والنللثى والقللى المحبللة بينهمللا وكيللف قادهمللا بسلسلللة الشللهوة‬
‫والمحبة الى الجتماع الذي هو سبب تخليق الولد وتكوينه وكيف قدر اجتماع‬
‫ذينك الماءين مع بعد كل منهما عللن صللاحبه وسللاقهما مللن اعمللاق العللروق‬
‫والعضاء وجمعهما في موضع واحللد جعللل لهمللا قللرارا مكينللا ل ينللاله هللواء‬
‫يفسده ول برد بحمده ول عارض يصل اليه ول آفة تتسلط عليه ثم قلب تلك‬
‫ا لنطفة البيضاء المشربة علقة حمراء تضرب اللى سلواد ثلم جعلهلا مضلغة‬
‫لحم مخالفة للعلقة في لونها وحقيقتها وشكلها ثللم جعللله عظامللا مجللردة ل‬
‫كسوة عليها مباينة للمضللغة فللي شللكلها وهيأتهللا وقللدرها وملمسللها ولونهللا‬
‫وانظر كيف قسم تلك الجزاء المتشابهة المتساوية الى العصللاب والعظللام‬
‫والعروق والوتار واليابس واللين وبين ذلك ثم كيف ربط بعضها ببعض اقوى‬
‫رباط وأشده وابعده عن النحلل وكيف كساها لحما ركبه عليها وجعله وعاء‬
‫لها وغشللاء وحافظللا وجعلهللا حاملللة للله مقيمللة للله فللاللحم قللائم بهللا وهللي‬
‫محفوظة به وكيف صورها فاحسن صورها وشق لها السللمع والبصللر والفللم‬
‫والنف وسائر‬

‫المنافذ ومد اليدين والرجلين وبسطهما وقسم رؤسللهما بالصللابع ثللم قسللم‬
‫الصابع بالنامل وركب العضاء الباطنة من القلب والمعدة والكبد والطحال‬
‫والرئة والرحم والمثانة والمعاء كل واحد منها له قدر يخصه ومنفعة تخصلله‬
‫ثم انظر الحكمة البالغة في تركيب العظام قوامللا للبللدن وعمللادا لله وكيللف‬
‫قدرها ربه وخالقها بتقادير مختلفة وأشكال مختلفللة فمنهللا الصللغير والكللبير‬
‫والطويللل والقصللير والمنحنللى والمسللتدير والللدقيق والعريللض والمصللمت‬
‫والمجوف وكيف ركب بعضها في بعض فمنها ما تركيبلله تركيللب الللذكر فللي‬
‫النثى ومنها ما تركيبه تركيب اتصال فقط وكيف اختلفت اشللكالها بللاختلف‬
‫منافعها كالضراس فإنها لما كانت آلللة للطحللن جعلللت عريضللة ولمللا كللانت‬
‫السنان آلة للقطع جعلت مستدقة محددة ولمللا كللان النسللان محتاجللا الللى‬
‫الحركة بجملة بدنه وببعللض اعضللائه للللتردد فللي حللاجته لللم يجعللل عظللامه‬
‫عظما واحدا بل عظاما متعددة وجعل بينها مفاصل حتى تتيسر بهللا الحركللة‬
‫وكان قدر كل واحد منها وشكله على حسب الحركللة المطلوبللة منلله وكيللف‬
‫شد اسر تلك المفاصل والعضاء وربط بعضها ببعض بأوتار ورباطللات انبتهللا‬
‫من احد طرفي العظم والصق احد طرفي العظم بللالطرف الخللر كالربللاط‬
‫له ثم جعل في احد طرفي العظم زوائد خارجة عنه وفي الخر نقرا غائصللة‬
‫فيه موافقة لشكل تلك الزوائد ليدخل فيها وينطبق عليها فإذا أراد العبللد ان‬
‫يحرك جزء من بدنه لم يمتنع عليه ولول المفاصل لتعللذر ذلللك عليلله وتأمللل‬
‫كيفية خلق الراس وكثرة ما فيه من العظام حتى قيل إنها خمسة وخمسون‬
‫عظما مختلفة الشكال والمقادير والمنافع وكيف ركبه سبحانه وتعالى علللى‬
‫البدن وجعله عاليا علو الراكب على مركوبه ولما كان عاليا على البدن جعل‬
‫فيه الحواس الخمس وآلت الدراك كلها من السمع والبصر والشم والللذوق‬
‫واللمللس وجعللل حاسللة البصللر فللي مقللدمه ليكللون كالطليعللة والحللرس‬
‫والكاشللف للبللدن وركللب كللل عيللن مللن سللبع طبقللات لكللل طبقللة وصللف‬
‫مخصوص ومقدار مخصوص ومنفعة مخصوصللة لللو فقللدت طبقللة مللن تلللك‬
‫الطبقات السبع او زالت عن هيئتها وموضعها لتعطلت العين عن البصار ثللم‬
‫اركز سبحانه داخل تلك الطبقات السبع خلقا عجيبا وهو إنسان العيللن بقللدر‬
‫العدسة يبصر بلله مللا بيللن المشللرق والمغللرب والرض والسللماء وجعلهمللن‬
‫العيللن بمنزلللة القلللب مللن العضللاء فهوملكهللا وتلللك الطبقللات والجفللان‬
‫والهداب خدم له وحجاب وحراس فتبارك الله احسن الخالقين فانظر كيف‬
‫حسن شكل العينين وهيئتهللا ومقللدارهما ثللم جملهمللا بالجفللان غطللاء لهمللا‬
‫وسترا وحفظا وزينة فهما يتلقيان عن العين الذى والقللذا والغبللار ويكنانهمللا‬
‫ملن البللارد الملؤذي والحللار الملؤذي ثللم غلرس فللي اطلراف تللك الجفلان‬
‫الهداب جمال وزينة ولمنافع اخر وراء الجمال والزينة ثم اودعهما ذلك النور‬
‫الباصر والضوء الباهر الذي يخرق ما بين السماء والرض ثم يخللرق السللماء‬
‫مجاوزا لرؤية ما فوقها من الكواكب وقد‬

‫اودع سبحانه هذا السر العجيب في هذا المقدار الصللغير بحيللث تنطبللع فيلله‬
‫صورة السموات مع اتساع اكنافها وتباعد اقطارها وشللق للله السللمع وخلللق‬
‫الذن احسللن خلقلله وابلغهللا فللي حصللول المقصللود منهللا فجعلهللا مجوفللة‬
‫كالصدفة لتجمع الصوت فتؤديه الى الصللماخ وليحللس بللدبيب الحيللوان فيهللا‬
‫فيبادر الى اخراجه وجعل فيها غضونا وتجللاويف واعوجاجللات تمسللك الهلواء‬
‫والصوت الداخل فتكسر حدته ثم تؤديه الللى الصللماخ ومللن حكمللة ذلللك ان‬
‫يطول به الطريق على الحيوان فل يصل الى الصماخ حتى يستيقظ او ينتبلله‬
‫لمساكه وفيه ايضا حكم غير ذلك ثم اقتضت حكملة الللرب الخللالق سللبحانه‬
‫ان جعل ماء الذن مللرا فللي غايللة المللرارة فل يجللاوزه الحيللوان ول يقطعلله‬
‫داخل الى باطن الذن بل إذا وصل اليه اعمل الحيلة في رجوعه وجعللل مللاء‬
‫العينين ملحا ليحفظها فإنها شحمة قابلة للفساد فكانت ملوحة مائهللا صلليانة‬
‫لها وحفظا وجعل ماء الفم عذبا حلوا ليدرك به طعوم الشياء علللى مللا هللي‬
‫عليه إذ لو كان على غير هذه الصفة لحالها الى طبيعته كمللا ان مللن عللرض‬
‫لفمه المرارة استمر طعم الشياء التي ليست بمرة كما قيل ‪ #‬ومن يللك ذا‬
‫فم مر مريض ‪ %‬يجدمرا به الماء الزلل ‪ #‬ونصب سبحانه قصبة النف فللي‬
‫الوجه فأحسن شكله وهيأته ووضعه وفتح فيه المنخرين وحجز بينهما بحاجز‬
‫واودع فيهما حاسللة الشللم الللتي تللدرك بهللا انللواع الللروائح الطيبللة والخبيثللة‬
‫والنافعللة والضللارة وليستنشللق بلله الهللواء فيوصللله الللى القلللب فيللتروح بلله‬
‫ويتغذى به ثم لم يجعل في داخله من العوجاجات والغضللون مللا جعللل فللي‬
‫الذن لئل يمسك الرائحللة فيضللعفها ويقطللع مجراهللا وجعللله سللبحانه مصللبا‬
‫تنحدر اليه فضلت الدماغ فتجتمع فيلله ثللم تخللرج منلله واقتضللت حكمتلله ان‬
‫جعل اعله ادق مللن اسللفله لن اسللفله إذا كللان واسللعا اجتمعللت فيلله تلللك‬
‫الفضلت فخرجت بسهولة ولنه يأخذ من الهواء مله ثم يتصاعد في مجللراه‬
‫قليل حللتى يصللل الللى القلللب وصللول ل يضللره ول يزعجلله ثللم فصللل بيللن‬
‫المنخرين بحاجز بينهما حكمة منه ورحمة فإنه لما كان قصبة ومجرى ساترا‬
‫لما يتحدر فيه من فضلت الراس ومجللرى النفللس الصللاعد منلله جعللل فللي‬
‫وسطه حاجزا لئل يفسد بما يجرى فيه فيمنع نشقه للنفس بل إما ان تعتمللد‬
‫الفضلت نازلة من احد المنفذين في الغالب فيبقى الخللر للتنفللس وإمللا ان‬
‫يجرى فيهما فينقسم فل ينسد النلف جمللة بلل يبقلى فيله ملدخل للتنفلس‬
‫وايضا فإنه لما كان عضوا واحدا وحاسة واحدة ولم يكن عضللوين وحاسللتين‬
‫كالذنين والعينين اللتين اقتضت الحكمة تعددهما فإنه ربما اصلليبت احللداهما‬
‫اوعرضت لها آفة تمنعها من كمالها فتكون الخرى سالمة فل تتعطل‬

‫منفعة هذا الحس جملة وكان وجود انفين في الوجه شيئا ظاهرا فنصب فيه‬
‫انفا واحدا وجعل فيه منفذين حجز بينهما بحاجز يجرى مجرى تعللدد العينيللن‬
‫والذنين في المنفعة وهو واحد فتبارك الله رب العالمين واحسللن الخللالقين‬
‫وشق سبحانه للعبد الفم في احسن موضع واليقه به واودع فيه من المنللافع‬
‫وآلت الذوق والكلم وآلت الطحن والقطع ما يبهر العقول عجللائبه فللأودعه‬
‫اللسان الذي هو احد آياته الدالة عليه وجعللله ترجمانللا لملللك العضللاء مبينللا‬
‫مؤديا عنه كما جعل الذن رسول مؤديا مبلغا اليه فهي رسوله وبريللده الللذي‬
‫يؤدي اليه الخبار واللسان بريده ورسوله الذي يؤدي عنه ما يريللد واقتضللت‬
‫حكمته سبحانه ان جعل هللذا الرسللول مصللونا محفوظللا مسللتورا غيللر بللارز‬
‫مكشوف كالذن والعين والنف لن تلك العضاء لما كانت تؤدي من الخارج‬
‫اليه جعلت بارزة ظاهرة ولما كان اللسان مؤديا منه الللى الخللارج جعللل للله‬
‫سترا مصونا لعدم الفائدة في إبرازه لنلله ل يأخللذ مللن الخللارج الللى القلللب‬
‫وأيضا فلنه لما كان اشرف العضاء بعدالقلب ومنزلته منله منزلللة ترجمللانه‬
‫ووزيللره ضللرب عليلله سللرادق تسللتره وتصللونه وجعللل فللي ذلللك السللرادق‬
‫كالقلب في الصدر وايضا فإنه من الطللف العضللاء والينهللا واشللدها رطوبللة‬
‫وهو ل يتصرف إل بواسطة الرطوبة المحيطة به فلو كللان بللارزا صارعرضللة‬
‫للحرارة واليبوسة والنشاف المانع له من التصرف ولغيللر ذلللك مللن الحكللم‬
‫والفوائد ثم زين سبحانه الفم بما فيه من السنان التي هن جمال للله وزينللة‬
‫وبها قوام العبد وغللذاؤه وجعللل بعضللها ارحللاء للطحللن وبعضللها آلللة للقطللع‬
‫فاحكم اصولها وحدد رؤسها وبيض لونهللا ورتللب صللفوفها متسللاوية الللرؤس‬
‫متناسقة الترتيب كأنها الدر المنظوم بياضا وصللفاء وحسللنا واحللاط سللبحانه‬
‫على ذلك حائطين واودعهما من المنافع والحكم ما اودعهما وهمللا الشللفتان‬
‫فحسن لونهما وشكلهما ووضعهما وهيأتهماوجعلهمللا غطللاء للفللم وطبقللا للله‬
‫وجعلهما إتماما لمخارج حللروف الكلم ونهايللة للله كمللا جعللل اقصللى الحلللق‬
‫بداية له واللسان وما جاوره وسطا ولهذا كللان اكللثر العمللل فيهللا للله إذ هللو‬
‫الواسطة واقتضت حكمته ان جعللل الشللفتين لحمللا صللرفا ل عظللم فيلله ول‬
‫عصب ليتمكن بهما من مص الشراب ويسهل عليه فتحهما وطبقهمللا وخللص‬
‫الفك السفل بالتحريك لن تحريك الخف احسن ولنه يشتمل على العضاء‬
‫الشريفة فلم يخاطر بها في الحركة وخلق سبحانه الحناجر مختلفة الشكال‬
‫في الضيق والسعة والخشونة والملسة والصلللبة والليللن والطللول والقصللر‬
‫فاختلفت بذلك الصوات اعظم اختلف ول يكاد يشتبه صوتان إل نادرا ولهذا‬
‫كان الصحيح قبول شهادة العمى لتمييزه بين الشخاص بأصواتهم كما يميز‬
‫البصير بينهم بصورهم والشتباه العللارض بيللن الصللوات كالشللتباه العللارض‬
‫بين الصور وزين سبحانه الرأس بالشعر وجعله لباسا له لحتياجه اليه وزيللن‬
‫الوجه بما‬

‫انبت فيه من الشعور المختلفة الشكال والمقادير فزينه بالحاجبين وجعلهما‬


‫وقاية لما يتحدر من بشرة الراس الللى العينيللن وقوسللهما وأحسللن خطهمللا‬
‫وزين أجفاف العينين بالهداب وزين الوجه ايضا باللحية وجعلها كمال ووقارا‬
‫ومهابة لرجل زين الشللفتين بمللا انبللت فوقهمللا مللن الشللارب وتحتهمللا مللن‬
‫العنفقة وكذلك خلقه سبحانه لليلدين الللتين هملا آللة العبلد وسللحه ورأس‬
‫مال معاشه فطولهما يحيث يصلللن الللى مللا شلاء ملن بلدنه وعللرض الكللف‬
‫ليتمكن به من القبض والبسط وقسم فيه الصابع الخمس وقسم كل اصللبع‬
‫بثلث انامل والبهام باثنتين ووضع الصابع الربعللة فللي جللانب والبهللام فللي‬
‫جانب لتدور البهام على الجميع فجاءت على احسن وضع صلحت به للقبض‬
‫والبسط ومباشرة العمال ولو اجتمع الولون والخرون علللى ان يسللتنبطوا‬
‫بدقيق افكارهم وضعا آخر للصلابع سلوى ملا وضلعت عليله للم يجلدوا اليله‬
‫سبيل فتبارك من لو شاء لسواها وجعلها طبقا واحدا كالصفيحة فلللم يتمكللن‬
‫العبد بذلك من مصالحة وانواع تصرفاته ودقيق الصللنائع والخللط وغيللر ذلللك‬
‫فإن بسط اصابعه كانت طبقا يضع عليه ما يريللد وان ضللمها وقبضللها كللانت‬
‫دبوسا وآلة للضرب وان جعلها بين الضم والبسط كانت مغرفة له يتناول بها‬
‫وتمسك فيها ما يتناوله وركب الظفار على رؤسها زينة لهللا وعمللادا ووقايللة‬
‫وليلتقط بها الشياء الدقيقة التي ل ينالها جسم الصابع وجعلها سلحا لغيره‬
‫من الحيوان والطيللر وآلللة لمعاشلله وليحللك النسللان بهللا بللدنه عنللد الحاجللة‬
‫فالظفر الذي هو أقل الشياء وأحقرها لو عدمه النسان ثم ظهرت به حكللة‬
‫لشتدت حاجته اليه ولم يقم مقامه شيء في حك بللدنه ثللم هللدى اليللد الللى‬
‫موضع الحك حتى تمتد اليه ولو في النوم والغفلة من غير حاجة الللى طلللب‬
‫ولو استعان بغيره لم يعثر على موضع الحك ال بعد تعب ومشللقة ثللم انظللر‬
‫الى الحكمة البالغة في جعل عظام اسفل البدن غليظة قوية لنها اساس له‬
‫وعظام اعاليه دونها في الثخانة والصلبة لنها محمولة ثم انظللر كيللف جعللل‬
‫الرقبة مركبا للرأس وركبها من سبع خرزات مجوفات مستديرات ثللم طبللق‬
‫بعضها على بعض وركب كل خرزة تركيبا محكمللا متقنللا حللتى صللارت كأنهللا‬
‫خرزة واحدة ثم ركب الرقبة على الظهر والصدر ثم ركب الظهللر مللن أعله‬
‫الى منتهى عظم العجز من أربع وعشرين خرزة مركبة بعضها في بعض هي‬
‫مجمع اضلعه والتي تمسكها ان تنحل وتنفصل ثم وصل تلك العظام بعضللها‬
‫ببعض فوصل عظام الظهر بعظام الصدر وعظام الكتفين بعظللام العضللدين‬
‫والعضدين بالذراعين والذراعين بالكف والصابع وانظللر كيللف كسللا العظللام‬
‫العريضة كعظام الظهر والراس كسوة من اللحم تناسبها والعظللام الدقيقللة‬
‫كسوة تناسبها كالصابع والمتوسطة كذلك كعظام الذراعين والعضلدين فهلو‬
‫مركب على ثلثمائة وستين عظما مائتان وثمانية وأربعللون مفاصللل وباقيهللا‬
‫صغار حشلليت خلل المفاصللل فلللو زادت عظمللا واحللدا لكللان مضللرة علللى‬
‫النسان‬

‫يحتاج الى قلعللة ولللو نقصللت عظمللا واحللدا كللان نقصللانا يحتللاج الللى جللبره‬
‫فالطبيب ينظر فللي هللذه العظللام وكيفيللة تركيبهللا ليعللرف وجلله العلج فللي‬
‫جبرها والعارف ينظر فيها ليستدل بها على عظمللة باريهللا وخالقهللا وحكمتلله‬
‫وعلمه ولطفه وكم بين النظرين ثم انه سبحانه ربط تلك العضللاء والجللزاء‬
‫بالرباطات فشد بها اسرها وجعلها كالوتاد تمسكها وتحفظها حتى بلغ عددها‬
‫الى خمسلمائة وتسللعة وعشللرين رباطللا وهلي مختلفلة فللي الغلللظ والدقلة‬
‫والطول والقصللر والسللتقامة والنحنللاء بحسللب اختلف مواضللعها ومحالهللا‬
‫فجعل منها اربعة وعشرين رباطا آلة لتحريك العين وفتحها وضمها وإبصارها‬
‫لو نقضت منهن رباطا واحدا اختل امر العين وهكذا لكل عضو مللن العضللاء‬
‫رباطات هن له كاللت التي بها يتحرك ويتصرف ويفعل كل ذلك صنع الرب‬
‫الحكيم وتقدير العزيز العليم في قطللرة مللاء مهيللن فويللل للمكللذبين وبعللدا‬
‫للجاحدين ومن عجائب خلقه انه جعل في الراس ثلث خزائن نافللذا بعضللها‬
‫الى بعض خزانة في مقدمه وخزانة في وسطه وخزانة في آخره واودع تلك‬
‫الخزائن من أسراره ما اودعها من الذكر والفكر والتعقل ومن عجائب خلقه‬
‫ما فيه من المور الباطنة الللتي ل تشلاهد كلالقلب والكبللد والطحللال والللرئة‬
‫والمعاء والمثانة وسائر ما في بطنه مللن اللت العجيبللة والقللوى المتعللددة‬
‫المختلفللة المنللافع فأمللا القلللب فهللو الملللك المسللتعمل لجميللع آلت البللدن‬
‫والمستخدم لها فهو محفوف بها محشود مخدوم مستقر فللي الوسللط وهللو‬
‫اشرف اعضاء البدن وبه قوام الحياة وهللو منبللع الللروح الحيللواني والحللرارة‬
‫الغريزيللة وهللو معللدن العقللل والعلللم والحلللم والشللجاعة والكللرم والصللبر‬
‫والحتمال والحب والرادة والرضا والغضب وسللائر صللفات الكمللال فجميللع‬
‫العضاء الظاهرة والباطنة وقواها انما هي جند من اجناد القلب فللإن العيللن‬
‫طليعته ورائده الذي يكشف له المرئيات فللإن رأت شلليئا أدتلله اليلله ولشللدة‬
‫الرتبللاط الللذي بينهللا وبينلله إذا اسللتقر فيلله شلليء ظهللر فيهللا فهللي مرآتلله‬
‫المترجمة للناظر ما فيه كملا ان اللسلان ترجملانه الملؤدي للسلمع ملا فيله‬
‫ولهذا كثيرا ما يقرن سبحانه في كتابه بين هللذه الثلث كقللوله ^ أن السلمع‬
‫والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئول ^ وقللوله ^ وجعلنللا لهللم سللمعا‬
‫وابصارا وأفئدة ^ وقوله ^ صم بكم عمي ^ وقد تقدم ذلك وكللذلك يقللرن‬
‫بين القلب والبصر كقوله ^ ونقلب افئدتهللم وابصللارهم ^ وقللوله فللي حللق‬
‫رسوله محمد ما كذب الفؤاد وما رأى ثم قال ^ ما زاغ البصر وما طغللى ^‬
‫وكذلك الذن هي رسللوله المللؤدى اليلله وكللذلك اللسللان ترجمللانه وبالجملللة‬
‫فسللائر العضللاء خلدمه وجنللوده وقلال النلبي ال ان فللي الجسلد مضلغة إذا‬
‫صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لهللا سللائر الجسللد إل وهللي‬
‫القلب وقال ابو هريرة القلب ملك والعضاء جنوده فان طاب الملك طللابت‬
‫جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده وجعلت الرئة له كالمروحة تللروح عليلله‬
‫دائما لنه اشد العضاء‬

‫حرارة بل هو منبع الحرارة واما الدماغ وهو المخ فللإنه جعللل بللاردا واختلللف‬
‫في حكمة ذاك فقالت طائفة إنما كان الدماغ بارد التبريد الحرارة التي فللي‬
‫القلب ليردها عن الفراط الى العتدال وردت طائفللة هللذا وقللالت لللو كللان‬
‫كذلك لم يكن الدماغ بعيدا عن القلب بل كان ينبغي ان يحيط بلله كللالرئة او‬
‫يكون قريبا منه في الصدر ليكسر حرارته قللالت الفرقللة الولللى بعدالللدماغ‬
‫من القلب ل يمنع ما ذكرناه من الحكمللة لنلله لللو قللرب منلله لغلبتلله حللرارة‬
‫القلب بقوتها فجعل البعد بينهما بحيث ل يتفاسدان وتعتدل كيفية كللل واحللد‬
‫منهما بكيفية الخر وهذا بخلف الرئة فإنها آلة للترويح على القلب لم تجعل‬
‫لتعلديل حرارتله وتوسلطت فرقلة أخلرى وقلالت بلل الملخ حلار لكنله فلاتر‬
‫الحرارة وفيه تبريد بالخاصية فإنه مبدأ للذهن ولهذا كان الللذهن يحتللاج الللى‬
‫موضع ساكن قار صاف عن القذار والكدر خال من الجلبللة والزجللل ولللذلك‬
‫يكون جودة الفكر والتللذكر واسللتخراج الصللواب عنللد سللكون البللدن وفتللور‬
‫حركاته وقلة شواغله ومزعجاته ولذلك لللم يصلللح لهللا القلللب وكللان الللدماغ‬
‫معتدل في ذلك صالحا له ولذلك تجود هذه الفعال في الليل وفي المواضللع‬
‫الخالية وتفسد عند التهاب نللار الغضللب والشللهوة وعنللد الهللم الشللديد ومللع‬
‫التعب والحركات القوية البدنية والنفسانية وهذا بحث متصل بقاعللدة اخللرى‬
‫وهي ان الحواس والعقل هل مبدؤها القلب والدماغ فقللالت طائفللة مبللدؤها‬
‫كلها القلب وهي مرتبطة به وبينه وبين الحللواس منافللذ وطللرق قللالوا وكللل‬
‫واحد من هذه العضاء التي هي آلت الحواس للله اتصللال بللالقلب بأعصللاب‬
‫وغير ذلك وهذه العصاب تخرج من القلب الى ان تأتي الى كللل واحللد مللن‬
‫هذه الجسام التي فيها هذه الحللواس قللالوا فللالعين إذا ابصللرت شلليئا أدتلله‬
‫باللة التي فيها الى القلب لن هذه اللة متصلة منها الى القلب والسمع إذا‬
‫احس صوتا اداه الى القلب وكذلك كل حاسة ثم اوردوا على انفسهم سؤال‬
‫فقالوا ان قيل كيف يجوز ان يكون عضو واحللد علللى ضللروب مللن المللتزاج‬
‫يمده عدة حواس مختلفة وأجسام هذه الحللواس مختلفللة وقللوة كللل حاسللة‬
‫مخالفة لقوة الحاسة الخرى واجابوا عن ذلك بأن جميللع العللروق الللتي فللي‬
‫البدن كلها متصلة بالقلب إما بنفسها وإما بواسطة فما مللن عللرق ول عضللو‬
‫الوله اتصال بالقلب اتصال قريبا او بعيدا قالوا وينبعث منه في تلك العللروق‬
‫والمجاري الى كل عضو ما بناسللبه ويشللاكله فينبعللث منلله الللى العينيللن مللا‬
‫يكون منه حس البصر وإلى الذنين ما يدرك به المسموعات وإلى اللحم مللا‬
‫يكون منه حس اللمس وإلى النف ما يكون به حس الشم وإلى اللسان مللا‬
‫يكون به حس الذوق وإلى كل ذي قوة مللا يمللد قللوته ويحفظهللا فهللو المعللد‬
‫لهذه العضاء والحواس والقوى ولهذا كان الراي الصللحيح انلله اول العضللاء‬
‫تكوينا قالوا ول ريب ان مبدأ القوة العاقلة منه وإن كان قد خالف فللي ذلللك‬
‫آخرون وقالوا بل العقل‬

‫في الرأس فالصواب ان مبللدأه ومنشللأه مللن القلللب وفروعلله وثمرتلله فللي‬
‫الراس والقرآن قد دل على هذا بقوله ^ افلللم يسلليروا فللي الرض فتكللون‬
‫لهم قلوب يعقلون بها ^ وقال ^ ان في ذلك لذكرى لمن كللان للله قلللب ^‬
‫ولم يرد بالقلب هنا مضغة اللحم المشتركة بين الحيوانات بل المراد ما فيلله‬
‫من العقل واللب ونازعهم في ذلك طائفة اخرى وقالوا مبللدأ هللذه الحللواس‬
‫إنما هو الدماغ وانكروا ان يكون بين القلب والعين والذن والنف اعصاب او‬
‫عروف وقالوا هذا كذب على الخلقة والصواب التوسط بيللن الفريقيللن وهللو‬
‫ان القلب تنبعث منه قوة الى هذه الحواس وهي قوة معنويللة ل تحتللاج فللي‬
‫وصولها اليه الى مجار مخصوصللة واعصللاب تكللون حاملللة لهللا فللإن وصللول‬
‫القوى الى هذه الحواس والعضاء ل يتوقف العلى قبولها واستعداها وامداد‬
‫القلب ل على مجار وأعصاب وبهذا يللزول اللتبللاس فللي هللذا المقللام الللذي‬
‫طال فيه الكلم وكثر فيه النزاع والخصام والله اعلم وبه التوفيللق للصللواب‬
‫والمقصود التنبيه على أقل القليل من وجوه الحكمة التي في خلق النسللان‬
‫والمر اضعاف اضعاف ما يخطر بالبال او يجرى فيه المقال وإنما فائدة ذكر‬
‫هذه الشذرة التي هي كل شليء بالنسلبة اللى ملا وراءهلا التنللبيه وإذا نظللر‬
‫العبللد الللى غللذائه فقللط فللي مللدخله ومسللتقره ومخرجلله رأى فيلله العللبر‬
‫والعجائب كيف جعلت له آلة يتناول بها ثم بللاب يللدخل منلله ثللم آلللة تقطعلله‬
‫صغارا ثم طاحون يطحنه ثم اعين بماء يعجنه ثللم جعللل للله مجللرى وطريقللا‬
‫الى جانب النفس ينزل هذا ويصعد هذا فل يلتقيان مع غاية القرب ثللم جعللل‬
‫له حوايا وطرقا توصله الى المعدة فهي خزانته وموضع اجتماعه ولهللا بابللان‬
‫باب اعلى يدخل منه الطعام وباب اسللفل يخللرج منلله تفللله والبللاب العلللى‬
‫اوسع من السفل إذ العلى مدخل للحاصللل والسللفل مصللرف للضللار منلله‬
‫والسفل منطبق دائما ليستقر الطعام في موضعه فلإذا انتهلى الهضلم فلإن‬
‫ذلك الباب ينفتح الى انقضاء الدفع ويسمى البواب لذلك والعلى يسمى فم‬
‫المعدة والطعام ينزل الى المعللدة متكيمسللا فللإذا اسللتقر فيهللا انمللاع وذاب‬
‫ويحيط بالمعدة من داخلها وخارجها حرارة نارية بل ربما تزيللد علللى حللرارة‬
‫النار ينضج بها الطعام فيها كما ينضج الطعام في القللدر بالنللار المحيطللة بلله‬
‫ولذلك يذيب ما هو مستحجر كالحصا وغيره حتى يتركه مائعا فإذا أذابتلله عل‬
‫صفوه الى فوق ورس كدره الى اسفل ومن المعللدة عللروق متصلللة بسللائر‬
‫البدن يبعث فيها معلوم كل عضو وقللوامه بحسللب اسلتعداه وقبللوله فيبعلث‬
‫اشرف ما في ذلك والطفه واخفه الى الرواح فيبعث الى البصر بصرا والى‬
‫السمع سمعا والى الشم شما والى كل حاسة بحسبها فهذا الطف ما يتولللد‬
‫عن الغذاء ثم ينبعث منه الى الدماغ ما يناسللبه فللي اللطافللة والعتللدال ثللم‬
‫ينبعث من الباقي الى العضاء في تلك المجاري بحسللبها وينبعللث منلله الللى‬
‫العظام والشعر والظفار ما يغذيها‬

‫ويحفظها فيكون الغذاء داخل الى المعدة من طرق ومجار وخارجا منها الللى‬
‫العضاء من طرق ومجار هذا وارد اليها وهذا صادر عنها حكمة بالغة ونعمللة‬
‫سابغة ولما كان الغذاء إذا استحال في المعللدة اسللتحال دمللا ومللرة سللوداء‬
‫ومرة صفراء وبلغما اقتضت حكمته سبحانه وتعالى ان جعل لكل واحللد مللن‬
‫هذه الخلط مصرفا ينصب اليه ويجتمع فيه ول ينبعث الى العضاء الشريفة‬
‫ال أكمله فوضع المرارة مصبا للمرة الصفراء ووضللع الطحللال مقللرا للمللرة‬
‫السوداء والكبد تمتص اشرف ما في ذلللك وهللو الللدم ثللم تبعثلله الللى جميللع‬
‫البدن من عرق واحد ينقسم على مجللار كللثيرة يوصللل الللى كللل واحللد مللن‬
‫الشعور والعصاب والعظام والعروق ما يكون به قوامه ثللم إذا نظللرت الللى‬
‫ما فيه من القوى الباطنة والظاهرة المختلفللة فللي انفسللها ومنافعهللا رايللت‬
‫العجب العجاب كقوة سللمعه وبصللره وشللمه وزوقلله ولمسلله وحبلله وبغضلله‬
‫ورضاه وغضللبه وغيللر ذلللك مللن القللوى المتعلقللة بللالدراك والرادة وكللذلك‬
‫القللوى المتصللرفة فللي غللذائه كللالقوة المنضللجة للله وكللالقوة الماسللكة للله‬
‫والدافعة له الى العضاء والقوة الهاضمة له بعد اخللذ العضللاء حاجتهللا منلله‬
‫الى غير ذلك من عجائب خلقته الظاهرة والباطنة‬
‫فصل فارجع الن الى النطفة وتأمل حالها اول وما صارت اليه ثانيا‬
‫وأنه لو اجتمع النس والجن على ان يخلقللوا لهللا سللمعا او بصللرا او عقل او‬
‫قدرة او علما او روحا بل عظما واحدا من اصغر عظامها بل عرقللا مللن ادق‬
‫عروقها بل شعرة واحدة لعجزوا عن ذلك بل ذلك كله آثللار صللنع الللله الللذي‬
‫اتقن كل شيء في قطرة من ماء مهيللن فمللن هللذا صللنعه فللي قطللرة مللاء‬
‫فكيف صنعه في ملكوت السموات وعلوها وسعتها واستدارتها وعظم خلقها‬
‫وحسللن بنائهللا وعجللائب شمسللها وقمرهللا وكواكبهللا ومقاديرهللا واشللكالها‬
‫وتفاوت مشارقها ومغاربها فل ذرة فيها تنفك عن حكمة بل هي احكللم خلقللا‬
‫واتقن صنعا واجمع العجائب من بللدن النسللان بللل ل نسللبة لجميللع مللا فللي‬
‫الرض الى عجائب السموات قال الله تعالى ^ أأنتم اشد خلقللا ام السللماء‬
‫بناها رفع سمكها فسواها ^ وقللال تعللالى ان فللي خلللق السللموات والرض‬
‫واختلف الليل والنهار والفلك التي تجري فللي البحللر بمللا ينفللع النللاس الللى‬
‫قوله ^ ليات لقوم يعقلون ^ فبدأ بذكر خلق السموات وقال تعالى ان في‬
‫خلق السموات والرض واختلف الليل والنهار ليات لولي اللباب وهذا كثير‬
‫في القرآن فالرض والبحار والهواء وكل ما تحللت السللموات بالضللافة الللى‬
‫السموات كقطرة في بحر ولهذا قل ان تجيء سورة فللي القللرآن ال وفيهللا‬
‫ذكرها إما إخبارا عن عظمها وسعتها وإما اقساما بها وإما دعللاء الللى النظللر‬
‫فيها وإما ارشادا للعباد ان يستدلوا بها على عظ‬

‫بانيها ورافعها وإما استدلل منه سبحانه بخلقها على ما أخبر بلله مللن المعللاد‬
‫والقيمة وإما استدلل منه بربوبيته لها على وحدانيته وأنه الله الذي ل إللله ال‬
‫هو وإما استدلل منه بحسنها واستوائها والتئام اجزائهلا وعلدم الفطلور فيهلا‬
‫على تمام حكمته وقدرته وكذلك مللا فيهللا مللن الكللواكب والشللمس والقمللر‬
‫والعجائب التي تتقاصر عقول البشر عن قليلها فكم من قسللم فللي القللرآن‬
‫بها كقوله ^ والسماء ذات البروج ^ ^ والسللماء والطللارق ^ ^ والسللماء‬
‫وما بناها ^ ^ والسماء ذات الرجع ^ ^ والشللمس وضللحاها ^ ^ والنجللم‬
‫إذا هوى ^ والنجللم الثللاقب ^ فل اقسللم بللالخنس ^ وهللي الكللواكب الللتي‬
‫تكون خنسا عنلد طلوعهلا جلوار فلي مجراهلا ومسليرها كنسلا عنلد غروبهلا‬
‫فاقسم بها في أحوالها الثلثة ولم يقسم فيكتابه بشيء من مخلوقللاته أكللثر‬
‫من السماء والنجوم والشمس والقمر وهو سبحانه يقسم بما يقسم به مللن‬
‫مخلوقاته لتضمنه اليات والعجائب الدالة عليه وكلما كللان اعظللم آيللة وأبلللغ‬
‫في الدللة كان إقسامه به اكثر من غيره ولهذا يعظم هذا القسم كقللوله ^‬
‫فل اقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ^ وأظهر القولين انه‬
‫قسم بمواقع هذه النجوم التي في السماء فللإن اسللم النجللوم عنللد الطلق‬
‫إنما ينصرف اليها وأيضا فإنه لم تجر عادته سللبحانه باسللتعمال النجللوم فللي‬
‫آيات القرآن ول في موضع واحد من كتابه حتى تحمل عليه هذه الية وجرت‬
‫عادته باستعمال النجوم في الكواكب فللي جميللع القللرآن وأيضللا فللإن نظيللر‬
‫القسام بمواقعها هنا إقسامه بهوى النجم في قوله والنجللم إذاهللوى وايضللا‬
‫فإن هذا قول جمهور اهل التفسير وايضا فإنه سبحانه يقسم بالقرآن نفسلله‬
‫ل بوصوله إلى عباده هذه طريقة القرآن قال الله تعالى ^ ص والقللرآن ذي‬
‫الذكر ^ ^ يس والقرآن الحكيم ^ ^ ق والقرآن المجيد ^ ^ حم والكتاب‬
‫المبين ^ ونظائره والمقصود انه سبحانه إنمللا يقسللم ملن مخلوقاتهبمللا هللو‬
‫من آياته الدالة على ربوبيته ووحللدانيته وقللد اثنللى سللبحانه فللي كتللابه علللى‬
‫المتفكرين في خلق السموات والرض وذم المعرضللين عللن ذلللك فقللال ^‬
‫وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ^ وتأمللل خلللق هللذا‬
‫السقف العظم مع صلبته وشدته ووثاقته من دخان وهللو بخللار المللاء قللال‬
‫الله تعالى ^ وبنينا فوقكم سبعا شدادا ^ وقال تعالى ^ أأنتم اشد خلقا ام‬
‫السماء بناها رفع سمكها فسواها ^ وقال ^ وجعلنا السماء سقفا محفوظللا‬
‫^ فانظر الى هذا البناء العظيم الشللديد الواسللع الللذي رفللع سللمكه اعظللم‬
‫ارتفاع وزينه باحسن زينة وأودعه العجلائب واليلات وكيلف ابتلدأ خلقله ملن‬
‫بخار ارتفع من الماء وهو الدخان ‪ #‬فسلبحان ملن ل يقلدر الخللق قلدره ‪%‬‬
‫ومن هو فوق العرش فرد موحد ‪ #‬لقد تعرف الللى خلقلله بللأنواع التعرفللات‬
‫ونصب لهم الدللت واوضح لهم اليللات البينللات ليهلللك مللن هلللك عللن بينللة‬
‫ويحيا من حيي بينة وان الله يسمع عليم فارجع البصللر الللى السللماء وانظللر‬
‫فيها وفي كواكبهللا ودورانهللا وطلوعهللا وغروبهللا وشمسللها وقمرهللا واختلف‬
‫مشارقها ومغاربها ودؤوبها‬

‫في الحركة على الدوام من غير فتور في حركتها ول تغير فللي سلليرها بلللت‬
‫جري في منازل قد رتبت لها بحساب مقدر ل يزيد ول ينقص الى ان يطويها‬
‫فاطرها وبديعها وانظر الى كثرت كواكبها واختلف الوانها ومقاديرها فبعضها‬
‫يميل الى الحمرة وبعضها الى البيضا وبعضها الى اللون الرصاصي ثم انظللر‬
‫الى مسير الشمس في فلكها فللي مللدة سللنة ثللم هللي فللي كللل يللوم تطلللع‬
‫وتغللرب بسللير سللخرها للله خالقهللا ل تتعللداه ول تقصللر عنلله ولللول طلوعهللا‬
‫وغروبهالما عرف الليل والنهار ول المواقيت ولطبق الظلم علللى العللالم او‬
‫الضياء ولم يتميز وقت المعاش من وقت السبات والراحللة وكيللف قللدر لهللا‬
‫السميع العليم سفرينمتباعدين احدهما سللفرها صللاعدة الللى اوجهللا والثللاني‬
‫سفرها هابطة الى حضيضها تنتقل في منازل هذا السفر منزلة منزلللة حللتى‬
‫تبلغ غايتها منه فاحدث ذلك السفر بقدرة الرب القادر اختلف الفصللول مللن‬
‫الصيف والشتاء والخريف والربيع فإذا انخفض سيرها عن وسط السماء برد‬
‫الهواء وظهر الشتاء وإذا استوت في وسط السماء اشللتد القيللظ وإذا كللانت‬
‫بين المسافتين اعتدل الزمان وقامت مصالح العباد والحيوان والنبللات بهللذه‬
‫الفصول الربعللةواختلفت بسللببها القللوات واحللوال النبللات والللوانه ومنللافع‬
‫الحيوان والغذية وغيرها وانظر الى القمللر وعجللائب آيللاته كيللف يبللديه الللله‬
‫كالخيط الدقيق ثم يتزايد نوره ويتكامل شيئا فشيئا كل ليلة حتى ينتهي الللى‬
‫ابداره وكماله وتمامه ثم يأخذ فللي النقصللان حللتى يعللود الللى حللالته الولللى‬
‫ليظهر من ذلك مواقيت العباد في معاشهم وعبادتهم ومناسكهم فتميزت به‬
‫الشهر والسنين وقام حساب العالم مللع مللا فللي ذلللك مللن الحكللم واليللات‬
‫والعبر التي ل يحصليها ال اللله وبالجمللة فملا ملن كلوكب ملن الكلواكب ال‬
‫وللرب تبارك وتعالى في خلقه حكم كثيرة ثللم فللي مقللداره ثللم فللي شللكله‬
‫ولونه ثم في موضللعه مللن السللماء وقربلله مللن وسللطها وبعللده وقربلله مللن‬
‫الكوكب الذي يليه وبعده منه وإذا اردت معرفللة ذلللك علللى سللبيل الجمللال‬
‫فقسه باعضاء بدنك واختلفها وتفاوت اما بين المتجاورات منها وبعد ما بيللن‬
‫المتباعدات وأشكالها ومقاديرها وتفاوت منافعا ومللا خلقللت للله وأيللن نسللبة‬
‫ذلك الى عظم السموات وكواكبها وآياتها وقللد اتفللق أربللاب الهيئة علللى ان‬
‫الشمس بقدر الرض مائة مرة ونيفا وستين مرة والكواكب التي نراها كللثير‬
‫منها اصغرها بقدر الرض وبهللذا يعللرف ارتفاعهللا وبعللدها وفللي حللديث ابللي‬
‫هريرة الذي رواه الترمذي ان بين الرض والسللماء مسلليرة خمسللمائة عللام‬
‫وبين كل سماءين كذلك وانت ترى الكوكب كانه ل يسير وهو مللن اول جللزء‬
‫من طلوعه الى تمام طلوعه يكون فلكه قد طلع بقلدر مسلافة الرض ملائة‬
‫مرة او اكثر وذلك بعد لحظة واحدة لن الكوكب إذا كللان بقللدر الرض مللائة‬
‫مرة مثل ثم سار في اللحظة من موضع الىموضلع فقللد قطلع بقلدر مسلافة‬
‫الرض مائة مرة وزيادة في لحظة من اللحظات وهكذا يسللير علللى الللدوام‬
‫والعبد غافل‬

‫عنه وعن آياته وقال بعضهم إذا تلفظت بقولك ل نعم فبين اللفظللتين تكللون‬
‫الشمس قد قطعت من الفلك مسيرة خمسمائة عام ثم انه سبحانه امسللك‬
‫السموات مع عظمها وعظم ما فيها وثبتها من غير علقة من فوقها ول عمد‬
‫من تحتها الله الللذي خلللق السللموات بغيللر عمللد ترونهللا وألقللى فللي الرض‬
‫رواسي ان تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا مللن السللماء مللاء فأنبتنللا‬
‫فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين مللن دونلله بللل‬
‫الظالمون في ضلل مبين‬
‫فصل والنظر في هذه اليات وامثالها نوعان نظر اليها بالبصر الظاهر‬
‫فيرى مثل زرقة السماء ونجومها وعلوها وسعتها وهذا نظر يشارك النسان‬
‫فيه غيره من الحيوانات وليس هو المقصود بالمر الثاني ان يتجاوز هذا الى‬
‫النظللر بالبصلليرة الباطنللة فتفتللح للله ابللواب السللماء فيجللول فللي اقطارهللا‬
‫وملكوتها وبين ملئكتها ثم يفتح له باب بعد باب حتى ينتهي بلله سللير القلللب‬
‫إلى عرش الرحمن فينظللر سللعته وعظمتلله وجلللله ومجللده ورفعتلله ويللرى‬
‫السموات السبع والرضللين السللبع بالنسللبة اليلله كحلقلله ملقللاة بللأرض فلة‬
‫ويرى الملئكة حافين مللن حللوله لهللم زجللل بالتسللبيح والتحميللد والتقللديس‬
‫والتكبير والمر ينزل من فوقه بتدبير الممالك والجنود التي ل يعلمها ال ربها‬
‫ومليكها فينزل المر باحياء قوم وإماتللة آخريللن وإعللزاز قللوم وإذلل آخريللن‬
‫واسعاد قوم وشقاوة آخرين وإنشاء ملللك وسلللب ملللك وتحويللل نعمللة مللن‬
‫محل الى محل وقضاء الحاجات على اختلفها وتباينها وكثرتها من جبر كسر‬
‫وإغناء فقير وشفاء مريض وتفريج كرب ومغفللرة ذنللب وكشللف ضللر ونصللر‬
‫مظلوم وهداية حيران وتعليم جاهل ورد آبق وأمان خللائف وإجللارة مسللتجير‬
‫ومدد لضعيف وإغاثة الملهوف وإعانة لعاجز وانتقام من ظالم وكف العدوان‬
‫فهي مراسيم دائرة بين العدل والفضل والحكمة والرحمة تنفللذ فللي أقطللار‬
‫العوالم ل يشغله سمع شيء منها عن سمع غيره ول تغلطه كللثرة المسللائل‬
‫والحوائج على اختلفها وتباينها واتحللاد وقتهللا ول يتللبرم بالحللاح الملحيللن ول‬
‫تنقص ذرة من خزائنه ل إله إل هو العزيز الحكيللم فحينئذ يقللوم القلللب بيللن‬
‫يدي الرحمن مطرقا لهيبته خاشللعا لعظمتلله عللان لعزتلله فيسللجد بيللن يللدي‬
‫الملك الحق المبين سجدة ل يرفع رأسه منها الللى يللوم المزيللد فهللذا سللفر‬
‫القلب وهو في وطنه وداره ومحل ملكه وهذا من اعظم آيات الله وعجللائب‬
‫صنعه فياله من سفر ما أبركه واروحه واعظم ثمرتله وربحلله واجللل منفعتلله‬
‫واحسن عللاقبته سللفر هللو حيللاة الرواح ومفتللاح السللعادة وغنيمتلله العقللول‬
‫واللباب ل كالسفر الذي هو قطعة من العذاب‬
‫فصل وإذا نظرت الى الرض وكيف خلقت رأيتها من اعظم آيات فاطرها‬
‫وبديعها خلقها سللبحانه فراشللا ومهللادا وذللهللا لعبللاده وجعللل فيلله ارزاقهللم‬
‫واقللواتهم ومعايشللهم وجعللل فيهللا السللبل لينتقلللوا فيهللا فللي حللوائجهم‬
‫وتصرفاتهم وارساها بالجبال فجعلها اوتادا تحفظها لئل تميد‬

‫بهم ووسع اكنافهللا ودحاهللا فمللدها وبسللطها وطحاهللا فوسللعها ملن جوانبهلا‬
‫وجعلها كفاتا للحياء تضمهم علللى ظهرهللا مللا دامللوا احيللاء وكفاتللا للمللوات‬
‫تضمهم في بطنها إذا ماتوا فظهرها وطن للحياء وبطنها وطن للموات وقد‬
‫اكثر تعالى من ذكر الرض في كتابه ودعا عباده الى النظر اليها والتفكر في‬
‫خلقها فقال تعالى ^ والرض فرشناها فنعم الماهللدون ^ الللله الللذي جعللل‬
‫لكم الرض قرارا الذي جعل لكم الرض فراشا افل ينظرون الى البل كيف‬
‫خلقت وإلى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت وإلللى ارض كيللف‬
‫سطحت ان في السموات والرض ليللات للللؤمنين وهللذا كللثير فللي القللرآن‬
‫فانظر اليها وهي ميتة هامدة خاشعة فإذا انزلنا عليها الماء اهتزت فتحركللت‬
‫وربت فارتفعت واخضرت وانبتت من كل زوج بهيج فاخرجت عجائب النبات‬
‫في المنظر والمخبر بهيج للناظرين كريم للمتناولين فأخرجت القوات علللى‬
‫اختلفها وتباين مقاديرها واشكالها والوانها ومنافعها والفواكه والثمار وانللواع‬
‫الدوية ومراعي الدواب والطير ثم انظللر قطعهللا المتجللاورات وكيللف ينللزل‬
‫عليهللا مللاء واحللدا فتنبللت الزواج المختلفللة المتباينللة فللي اللللون والشللكل‬
‫والرائحة والطعم والمنفعة واللقللاح واحللد والم واحللدة كمللا قللال تعللالى ^‬
‫وفي الرض قطع متجاورات وجنات من اعنللاب وزرع ونخيللل صللنوان وغيللر‬
‫صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فللي الكللل ان فللي ذلللك‬
‫ليات لقوم يعقلون ^ فكيف كانت هذه الجنة المختلفللة مودعللة فللي بطللن‬
‫هذه الم وكيف كان حملها من لقاح واحد صنع الله الذي اتقن كللل شلليء ل‬
‫إله إل هو ولول ان هذا من اعظللم آيللاته لمللا نبلله عليلله عبللاده وهللداهم الللى‬
‫التفكير فيه قال الله تعالى ^ وترى الرض هامللدة فللإذا انزلنللا عليهللا المللاء‬
‫اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ذلك بان الللله هللو الحللق وانلله يحيللي‬
‫الموتى وانه على كل شيء قللدير وأن السللاعة آتيللة ل ريللب فيهللا وأن الللله‬
‫يبعث من في القبور ^ فجعلل النظلر فلي هلذه اليلة وملا قبلهلا ملن خللق‬
‫الجنين دليل على هذه النتائج الخمللس مسللتلزما للعلللم بهللا ثللم انظللر كيللف‬
‫احكم جوانب الرض بالجبال الراسيات الشوامخ الصم الصلب وكيف نصبها‬
‫فأحسللن نصللبها وكيللف رفعهللا وجعلهللا اصلللب اجللزاء الرض لئل تضللمحل‬
‫علىتطاول السنين وترادف المطار والرياح بل اتقللن صللنعها واحكللم وضللعها‬
‫واودعها مللن المنللافع والمعللادن والعيللون مللا اودعهللا ثللم هللدى النللاس الللى‬
‫استخراج تلك المعادن منها والهمهم كيف يصنعون منها النقود والحليوالزينة‬
‫واللباس والسلح وآلة المعاش على اختلفها ولول هدايته سبحانه لهللم الللى‬
‫ذلك لما كان لهم علم شيء منه ول قدرة عليه ومن آياته الباهرة هذا الهواء‬
‫اللطيف المحبوس بين السماء والرض يدرك بحس اللمس عند هبوبه يدرك‬
‫جسمه ول يرى شخصه فهو يجرى بين السماء والرض والطير مختلفللة فيلله‬
‫سابحة بأجنحتها في أمواجه كما تسبح حيوانات البحر فللي المللاء وتضللطرب‬
‫جوانبه‬

‫وأمواجه عند هيجانه كما تضطرب امللواج البحللر فللإذا شللاء سللبحانه وتعللالى‬
‫حركه بحركة الرحمة فجعله رخاء ورحمة وبشرى بيللن يللدي رحمتلله ولقحللا‬
‫للسحاب يلقحه بحمل الماء كما يلقللح الللذكر النللثى بالحمللل وتسللمى ريللاح‬
‫الرحمة المبشرات والنشر والذاريات والمرسلللت والرخللاء واللواقللع وريللاح‬
‫العذاب العاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم والصرصر وهما في البر‬
‫وإن شاء حركه بحركة العذاب فجعله عقيما وأودعه عذابا اليما وجعله نقمللة‬
‫على من يشاء من عباده فيجعله صرصرا ونحسللا وعاتيللا ومفسللدا لمللا يمللر‬
‫عليه وهي مختلفة في مهابها فمنها صبا ودبور وجنوب وشمال وفي منفعتها‬
‫وتاثيرها اعظم اختلف فريح لينة رطبة تغذى النبات وابدان الحيوان واخللرى‬
‫تجففه واخرى تهلكه وتعطبه وأخرى تشده وتصلللبه وأخللرى تللوهنه وتضللعفه‬
‫ولهذا يخبر سبحانه عللن ريللاح الرحمللة بصلليغة الجمللع لختلف منافعهللا ومللا‬
‫يحدث منها فريح تثير السحاب وريح تلقحه وريح تحمللله علللى متونهللا وريللح‬
‫تغذى النبات ولما كانت الرياح مختلفة في مهابها وطبائعهللا جعللل لكللل ريللح‬
‫ريحا مقابلتها تكسر سللورتها وحللدتها ويبقللى لينهللا ورحمتهللا فريللاح الرحمللة‬
‫متعددة وأما ريح العذاب فإنه ريح واحدة ترسللل مللن وجلله واحللد لهلك مللا‬
‫ترسل باهلكه فلتقوم لها ريح اخرى تقابلها وتكسر سورتها وتدفع حدتها بل‬
‫تكون كالجيش العظيم الذي ل يقاومه شيء يدمر كل مللا اتللى عليلله وتأمللل‬
‫حكمة القرآن وجللته وفصاحته كيللف طللرد هللذا فللي الللبر وأمللا فللي البحللر‬
‫فجاءت ريح الرحمة فيه بلفظ الواحد كقوله تعالى ^ هو الذي يسيركم فللي‬
‫البر والبحر حتى إذا كنتم فللي الفلللك وجريللن بهللم بريللح طيبللة وفرحللوا بهللا‬
‫جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان ^ فإن السللفن إنمللا تسللير‬
‫بالريح الواحدة التي تأتي من وجه واحد فللإذا اختلفللت الريللاح علللى السللفن‬
‫وتقابلت لم يتم سيرها فالمقصود منها في البحر خلف المقصللود منهللا فللي‬
‫البر إذ المقصود في البحر ان تكون واحدة طيبة ل يعارضها شلليء فللأفردت‬
‫هنا وجمعت في البر ثللم انلله سللبحانه اعطللى هللذا المخلللوق اللطيللف الللذي‬
‫يحركه اضعف المخلوقات ويخرقه من الشدة والقللوة والبللاس مللا يقلللق بلله‬
‫الجسام الصلبة القوية الممتنعة ويزعجها عن اماكنها ويفتتها ويحملهللا علللى‬
‫متنه فانظر اليه مع لطافته وخفته إذا دخل في الزق مثل وامتل به ثللم وضلع‬
‫عليه الجسم الثقيل كالرجل وغيره وتحامل عليه ليغمسه في الماء لم يطق‬
‫ويضع الحديد الصلب الثقيل على وجه الماء فيرسب فيه فامتنع هذا اللطيف‬
‫من قهر الماء له ولم يمتنع منه القوي الشللديد وبهللذه الحكمللة امسللك الللله‬
‫سبحانه السفن على وجه الماء مع ثقلها وثقل ما تحويه وكذلك كللل مجللوف‬
‫حل فيه الهواء فإنه ل يرسب فيه لن الهللواء يمتنللع مللن الغللوس فللي المللاء‬
‫فتتعلق به السفينة المشللحونة المللوقرة فتأمللل كيللف اسللتجار هللذا الجسللم‬
‫الثقيل العظيم بهذا اللطيف الخفيف وتعلق به حللتى امللن مللن الغللرق وهللذا‬
‫كالذي يهوى في قليب فيتعلق بذيل رجل قوي شديد يمتنع عن السقوط في‬
‫القليب فينجو بتعلقه به فسبحان من علق هذا‬

‫المركب العظيم الثقيل بهذا الهواء اللطيف من غير علقللة ولعقللدة تشللاهد‬
‫ومللن آيللاته السللحاب المسللخر بيللن السللماء والرض كيللف ينشللئه سللبحانه‬
‫بالرياح فتثيره كسيفا ثم يؤلف بينه ويضم بعضه الى بعض ثللم تلقحلله الريللح‬
‫وهي التي سماها سبحانه لواقح ثم يسوقه على متونها الى الرض المحتاجة‬
‫اليه فإذا علها واستوى عليها اهراق ماءه عيها فيرسل سللبحانه عليلله الريللح‬
‫وهو في الجو فتذروه وتفرقه لئل يؤذي ويهدم ما ينزل عليه بجملته حللتى إذا‬
‫رويت وأخذت حاجتها منه اقلع عنها وفارقها فهي روايا الرض محمولة على‬
‫ظهور الرياح وفي الترمذي وغيره ان النبي لما رأى السحاب قال هذه روايا‬
‫الرض يسوقها الله الى قوم ل يشكرونه ول يذكرونه فالسحاب حامللل رزق‬
‫العباد وغيرهم التي عليها ميرتهم وكان الحسللن إذا رأى السللحاب قللال فللي‬
‫هذا والله رزقكم ولكنكللم تحرمللوه بخطايللاكم وذنللوبكم وفللي الصللحيح عللن‬
‫النبي قال بينا رجل بفلة من الرض إذ سمع صوتا في سحابة اسللق حديقللة‬
‫فلن فمر الرجل مع السحابة حتى اتت على حديقة فلما توسللطتها افرغللت‬
‫فيها ماءها فإذا برجل معه مسحاة يسحي الماء بها فقال ما اسللمك يللا عبللد‬
‫الللله قللال فلن للسللم الللذي سللمعه فللي السللحابة وبالجملللة فللإذا تللأملت‬
‫السحاب الكثيف المظلم كيف تراه يجتمع في جو صاف ل كدورة فيه وكيف‬
‫يخلقه الله متى شاء وإذا شاء وهو مع لينه ورخاوته حامل للماء الثقيللل بيللن‬
‫السماء والرض إلى ان يأذن له ربه وخالقه في ارسللال ملا معله ملن الملاء‬
‫فيرسله وينزله منه مقطعا بللالقطرات كللل قطللرة بقللدر مخصللوص اقتضللته‬
‫حكمته ورحمته فيرش السللحاب المللاء علللى الرض رشللا ويرسللله قطللرات‬
‫مفصلة لتختلط قطرة منها باخرى ول يتقدم متأخرها ول يتأخر متقللدمها ول‬
‫تدرك القطرة صاحبتها فتمزج بها بل تنللزل كللل واحللدة فللي الطريللق الللذي‬
‫رسم لها ل تعدل عنه حتى تصيب الرض قطرة قطرة قد عينت كللل قطللرة‬
‫منها لجزء من الرض ل تتعداه إلى غيره فلللو اجتمللع الخلللق كلهللم علللى ان‬
‫يخلقوا منها قطرة واحدة او يحصوا عدد القطللر فللي لحظللة واحللدة لعجللزوا‬
‫عنه فتأمل كيف يسوقه سبحانه رزقا للعباد والدواب والطيللر والللذر والنمللل‬
‫يسلوقه رزقلا للحيلوان الفلنللي فلي الرض الفلنيللة بجللانب الجبلل الفلنللي‬
‫فيصل اليه على شدة من الحاجة والعطللش فللي وقللت كللذا وكللذا ثللم كيللف‬
‫اودعه في الرض ثم اخرج به انواع الغذية والدوية والقللوات فهللذا النبللات‬
‫يغذي وهذا يصلح الغذاء وهذا ينفذه وهذا يضعف وهذا اسم قاتل وهذا شفاء‬
‫من السم وهذا يمرض وهذا دواء من المرض وهذا يبرد وهللذا يسللخن وهللذا‬
‫إذا حصل في المعدة قمع الصفراء من اعماق العروق وهللذا إذا حصللل فيهللا‬
‫ولد الصفراء واستحال اليها وهذا يدفع البلغم والسوداء وهذا يستحيل‬

‫اليهما وهذا يهيج الدم وهذا يسكنه وهذا ينوم وهللذا يمنللع النللوم وهللذا يفللرح‬
‫وهذا يجلب الغنم الى غير ذلك من عجائب النبات الللتي ل تكللاد تخلللو ورقللة‬
‫منلله ولعللرق ول ثمللرة مللن منللافع تعجللز عقللول البشللر عللن الحاطللة بهللا‬
‫وتفصيلها وانظر الى مجاري الماء في تلك العروق الرقيقة الضئيلة الضعيفة‬
‫التي ل يكاد البصر يدركها إل بعد تحلديقه كيلف يقلوى قسلره واجتلذابه ملن‬
‫مقره ومركزه الى فوق ثم ينصرف في تلك المجاري بحسب قبولها وسعتها‬
‫وضيقها ثم تتفرق وتتشعب وتللدق اللى غايلة ل ينالهلا البصلر ثللم انظلر اللى‬
‫تكون حمل الشجرة ونقلته من حال الى حال كتنقل احوال الجنيللن المغيللب‬
‫عن البصار ترى العجب العجاب فتبارك الله رب العالمين واحسن الخالقين‬
‫بينا تراها حطبا قائما عاريا ل كسوة عليها إذ كاسها ربها وخالقها مللن الزهللر‬
‫احسن كسوة ثم سلبها تلك السكوة وكساها من الورق كسوة هي اثبت من‬
‫الولى ثم اطلع فيها حملها ضعيفا ضللئيل بعللد ان اخللرج ورقهللا صلليانة وثوبللا‬
‫لتلك الثمرة الضعيفة لتستجب به من الحر والبرد والفات ثم ساق الى تلك‬
‫الثمار رزقها وغذاها في تلك العروق والمجاري فتغذت به كما يتغذى الطفل‬
‫بلبان امه ثم رباها ونماها شيئا فشيئا حتى استوت وكملللت وتنللاهى ادراكهللا‬
‫فأخرج ذلك الجني اللذيذ اللين من تلك الحطبة الصماء هذا وكم لله من آية‬
‫في كل ما يقع الحس عليه ويبصره العباد وما ليبصرونه تفنللى العمللار دون‬
‫الحاطة بها وجميع تفاصيلها‬
‫فصل ومن آياته سبحانه تعالى الليل والنهار وهما من اعجب آياته‬
‫وبدائع مصنوعاته ولهذا يعيد ذكرهمللا فللي القللرآن ويبللديه كقللوله تعللالى ^‬
‫ومن آياته الليل والنهار ^ وقوله وهو الذي جعل الليللل لباسللا والنللوم سللباتا‬
‫وجعللل النهللار نشللورا وقللوله عللز وجللل ^ وهللو الللذي خلللق الليللل والنهللار‬
‫والشمس والقمر كل في فلك يسللبحون ^ وقللوله عللز وجللل ^ الللله الللذي‬
‫جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ^ وهذا كثير في القللرآن فللانظر‬
‫الى هاتين اليتين وما تضمنتاه من العبر والدللت على ربوبية الله وحكمتلله‬
‫كيف جعل الليل سكنا ولباسا يغشللى العللالم فتسللكن فيلله الحركللات وتللأوى‬
‫الحيوانات الى بيوتها والطير الى اوكارها وتستجم فيه النفوس وتستريح من‬
‫كد السعي والتعب حتى إذا اخذت منه النفوس راحتها وسباتها وتطلعت الى‬
‫معايشها وتصرفها جاء فالق الصللباح سللبحانه وتعللالى بالنهللار يقللدم جيشلله‬
‫بشير الصباح فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق وكشفها عن العللالم فللإذا‬
‫هللم مبصللرون فانتشللر الحيللوان وتصللرف فللي معاشلله ومصللالحه وخرجللت‬
‫الطيور من اوكارها فياله من معاد ونشأة دال على قدرة الله سللبحانه علللى‬
‫المعاد الكبر وتكرره‬

‫ودوام مشاهدة النفوس له بحيللث صللار عادةومألفللا منعهللا مللن العتبللار بلله‬
‫والستدلل به على النشأة الثانية وإحياء الحلللق بعللد مللوتهم ول ضللعف فللي‬
‫قدرة القادر التام القدرة ول قصور في حكمته ول في علمه ويللوجب تخلللف‬
‫ذلك ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهذا ايضا من ايللاته البللاهرة‬
‫ان يعمى عن هذه اليات الواضحة البينة من شاء من خلقه فل يهتدي بها ول‬
‫يبصرها لمن هو واقف في الماء الى حلقه وهويستغيث من العطللش وينكللر‬
‫وجود الماء وبهذا وأمثاله يعرف الله عز وجل ويشللكر ويحمللد ويتضللرع اليلله‬
‫ويسأل‬
‫فصل ومن آياته وعجائب مصللنوعاته البحللار المكتنفللة لقطللار الرض الللتي‬
‫هي‬
‫خلجان من البحر المحيط العظللم بجميللع الرض حللتى ان المكشللوف مللن‬
‫الرض والجبال والمدن بالنسبة الى الماء كجزيرة صللغيرة فللي بحللر عظيللم‬
‫وبقية الرض مغمورة بالماء ولول امسللاك الللرب تبللارك وتعللالى للله بقللدرته‬
‫ومشيئته وحبسه الماء لطفح على الرض وعلها كلها هذا طبللع المللاء وهللذا‬
‫حار عقلء الطبيعيين في سبب بروز هذا الجزء من الرض مع اقتضاء طبيعة‬
‫الماء للعلو عليه وإن يغمره ولم يجدوا مللا يحيلللون عليلله ذلللك إل العللتراف‬
‫بالعناية الزلية والحكمة اللهية التي اقتضت ذلللك العيللش الحيللوان الرضللي‬
‫في الرض وهذا حق ولكنه يوجب العللتراف بقللدرة الللله وإرادتلله ومشلليئته‬
‫وعلمه وحكمته وصفات كماله ول محيص عنه وفي مسند المام احمللد عللن‬
‫النبي انه قال ما من يللوم ال والبحللر يسللتأذن ربلله ان يغللرق بنللي آدم وهللذا‬
‫احدالقوال في قوله عز وجل ^ والبحر المسللجور ^ انلله المحبللوس حكللاه‬
‫ابن عطية وغيره قالوا ومنه ساجور الكلب وهللي القلدة مللن عللود او حديللد‬
‫التي تمسكه وكذلك لول ان الله يحبس البحر ويمسللكه لفللاض علللى الرض‬
‫فالرض في البحر كبيت في جملة الرض واذا تأملت عجائب البحر وما فيلله‬
‫من الحيوانات على اختلف اجناسها وأشكالها ومقاديرها ومنافعها ومضللارها‬
‫وألوانها حتى ان فيها حيوانا امثال الجبال ل يقوم له شيء وحتى ان فيه من‬
‫الحيوانات ما يرى ظهورها فيظن انها جزيرة فينللزل الركللاب عليهللا فتحللس‬
‫بالنار إذا اوقدت فتتحرك فيعلم انه حيوان وما من صنف من اصناف حيللوان‬
‫البر إل وفي البحللر امثللاله حللتى النسلان والفللرس والبعيللر واصللنافها وفيلله‬
‫اجناس ل يعهد لها نظير في البر اصل هذا مع ما فيلله مللن الجللواهر واللؤلللؤ‬
‫والمرجان فترى اللؤلؤة كيف اودعت في كن كالبيت لها وهي الصدفة تكنها‬
‫وتحفظها ومنه اللؤلؤ المكنون وهو الذي في صدفه لم تمسه اليلدي وتأملل‬
‫كيف نبت المرجان في قعره فللي الصللخرة الصللماء تحللت المللاء علللى هيئة‬
‫الشجر هذا مع ما فيه من العنبر واصناف النفائش‬

‫التي يقذفها البحر وتستخرج منه ثم انظر الى عجائب السللفن وسلليرها فللي‬
‫البحر تشقه وتمخره بل قائد يقودها ول سائق يسوقها وإنما قائدها وسللائقها‬
‫الرياح التي يسخرها الله لجرائهللا فللإذا حبللس عنهللا القلائد والسللائق ظلللت‬
‫راكدة على وجه الماء قال الله تعالى ومن آياته الجواري في البحر كالعلم‬
‫ان يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك ليات لكل صبار‬
‫شكور وقال الله تعالى الله الذي سخر لكم البحللر لتللأكلوا منلله لحمللا طريللا‬
‫وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيلله ولتبتغللوا مللن فضللله‬
‫ولعلكم تشكرون فما اعظمها من آية وابينها من دللة ولهللذا يكللرر سللبحانه‬
‫ذكرها في كتابه كثيرا وبالجملة فعجائب البحللر وآيللاته اعظللم وأكللثر مللن ان‬
‫يحصيها ال الله سبحانه وقال الله تعالى إنللا لمللا طغللى المللاء حملنللاكم فللي‬
‫الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها اذن واعية‬
‫فصل ومن آياته سبحانه خلق الحيوان على اختلف صفاته واجناسه‬
‫واشكاله ومنافعه وألوانه وعجائبه المودعة فيه فمنلله الماشللي علللى بطنلله‬
‫ومنه الماشي على رجليه ومنه الماشي على اربع ومنه ما جعل سلحه فللي‬
‫رجليه وهللو ذو المخللالب ومنلله مللا جعللل سلللحه المنللاقير كالنسللر والرخللم‬
‫والغراب ومنه ما سلحه السنان ومنه مللا سلللحه الصياصللي وهللي القللرون‬
‫يدافع بها عن نفسه من يروم اخذه ومنه ما اعطى منها قللوة يللدفع بهللا عللن‬
‫نفسه لم يحتج الى سلح كالسد فإن سلحه قوته ومنه ما سلحه في ذرقه‬
‫وهو نوع من الطير إذا دنا منه من يريد اخذه ذرق عليه فأهلكه ونحللن نللذكر‬
‫هنا فصول منثورة من هذا الباب مختصرة وإن تضمنت بعض التكللرار وتللرك‬
‫الترتيب في هذا المقام الذي هو من اهلم فصللول الكتلاب بللل هللو للب هلذا‬
‫القسم الول ولهذا يكرر في القرآن ذكر آياته ويعيدها ويبللديها ويللأمر عبللاده‬
‫بالنظر فيها مرة بعد أخرى فهو من اجل مقاصد القرآن قال الله تعالى قللل‬
‫انظروا مللاذا فللي السللموات والرض وقللال تعللالى إن فللي خلللق السللموات‬
‫والرض واختلف الليللل والنهللار ليللات لولللي اللبللاب وقللال تعللالى ^ افل‬
‫ينظرون الى البل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبللال كيللف‬
‫نصبت والى الرض كيللف سللطحت ^ وقللال الللله تعللالى اولللم ينظللروا فللي‬
‫ملكوت السموات والرض وما خلق الله من شيء وقال تعالى ان الله فالق‬
‫الحب والنوى يخرج الحي من الميت ويخللرج الميللت مللن الحللي ذلكللم الللله‬
‫فاتى تؤفكون فالق الصباح وجاعل الليلل سلكنا والشلمس والقملر حسلبانا‬
‫ذلك تقدير العزيز العليم وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمللات‬
‫البر والبحر قد فصلنا اليات لقوم يفقهون وهو الذي انزل مللن السللماء مللاء‬
‫فاخرجنا به نبات‬

‫كل شيء فأخرجنا منه خضرا فنخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعهللا‬
‫قنوان دانية وجنللات مللن اعنللاب والزيتللون والرمللان مشللتبها وغيللر متشللابه‬
‫انظروا الى ثمره إذا اثمر وينعلله فللأمر سللبحانه بللالنظر اليلله وقللت خروجلله‬
‫وإثماره ووقت نضجه وإدراكه يقال اينعت الثمار إذا نضجت وطابت لن فللي‬
‫خروجه من بين الحطب والورق آية باهرة وقدرة بالغة ثم فللي خروجلله مللن‬
‫حدالعفوصة واليبوسة والمرارة والحموضة الى ذلك اللون المشللرق الناصللع‬
‫والطعم الحلو اللذيذ الشهي ليات لقوم يؤمنللون وقللال بعللض السلللف حللق‬
‫على الناس ان يخرجوا وقت إدراك الثمار وينعها فينظللروا اليهللا ثللم تلللي ^‬
‫انظروا الى ثمره إذا اثمر وينعه ^ ولللو اردنللا نسللتوعب مللا فللي آيللات الللله‬
‫المشهورة من العجائب والدللت الشاهدة لله بان الللله الللذي ل إللله إل هللو‬
‫الذي ليس كمثله شيء وإنه الللذي ل أعظللم منلله ول أكمللل منلله ول ابللر ول‬
‫ألطف لعجزنا نحن والولون والخرون عن معرفة أدنى عشللر معشللار ذلللك‬
‫ولكن مال يدرك جميعه ل ينبغي ترك التنبيه على بعض مللا يسللتدل بلله علللى‬
‫ذلك وهذا حين الشروع في الفصول‬
‫فصل تامل العللبرة فللي موضللع هللذا العللالم وتللاليف أجللزائه ونظمهللا علللى‬
‫احسن‬
‫نظام وأدلة على كمال قلدرة خلالقه وكملال علمله وكملال حكمتله وكملال‬
‫لطفه فإنك إذا تأملت العالم وجدته كللالبيت المبنللي المعللد فيلله جميللع آلتلله‬
‫ومصالحه وكل ما يحتاج اليه فالسللماء سللقفه المرفللوع عليلله والرض مهللاد‬
‫وبساط وفراش ومستقر للساكن والشللمس والقمللر سللرجان يزهللران فيلله‬
‫والنجوم مصابيح له وزينلة وأدللة للمنتقلل فلي طلرق هلذه اللدار والجلواهر‬
‫والمعادنمخزونة فيه كالللذخائر والحواصللل المعللدة المهيللأة كللل شلليء منهللا‬
‫لشأنه الذي يصلح له وضروب النبات مهيأ لمآربه وصنوف الحيوان مصروفة‬
‫لمصالحه فمنها الركوب ومنها الحلوب ومنها الغذاء ومنهللا اللبللاس والمتعللة‬
‫واللت ومنها الحرس الذي وكل بحرس النسان يحرسلله وهللو نللائم وقاعللد‬
‫مما هو مستعد لهلكه وأذاه فلول ما سلط عليه من ضده لم يقللر للنسللان‬
‫قرار بينهم وجعل النسان كالملك المخول في ذلك المحكم فيلله المتصللرف‬
‫بفعله وأمره ففي هذا اعظم دللة واوضحها على ان العللالم مخلللوق لخللالق‬
‫حكيم قدير عليم قدره احسن تقلدير ونظملله احسلن نظلام وان الخلالق لله‬
‫يسللتحيل ان يكللون اثنيللن بللل الللله واحللد ل إللله إل هللو تعللالى عمللا يقللول‬
‫الظالمون والجاحدون علوا كبيرا وإنه لو كان في السموات والرض إله غير‬
‫الله لفسللد امرهمللا واختللل نظامهمللا وتعطلللت مصللالحهما وإذا كللان البللدن‬
‫يستحيل ان يكون الملدبر لله روحللان متكللافئان متسللاويان وللو كلان كللذلك‬
‫لفسد وهلك مع إمكان ان يكون تحت قهر ثالث هذا ملن المحلال فللي اوائل‬
‫العقول وبداية الفطر فلو كان فيهما آلهة إل الله لفسدتا فسللبحان الللله رب‬
‫العرش عما يصفون ما اتخذ الله من ولدوما كان معه من اله إذا لذهب‬

‫كل اله بما خلق ولعل بعضهم علللى بعللض سللبحان الللله عملا يصلفون عللالم‬
‫الغيللب والشللهادة فتعللالى عمللا يشللركون فهللذان برهانللان يعجللز الولللون‬
‫والخرون ان يقدحوا فيهما بقدح صحيح او يللاتوا بأحسللن منهمللا ول يعللترض‬
‫عليهما إل من لم يفهم المراد منهما ولول خشللية الطالللة لللذكرنا تقللديرهما‬
‫وبيان ما تضمناه من السر العجيب والبرهللان البللاهر وسللنفرد إن شللاء الللله‬
‫كتاب مستقل لدلة التوحيد‬
‫فصل فتأمل خلق السماء وارجع البصر فيها كرة بعد كرة كيف تراها من‬
‫اعظم اليات في علوها وارتفاعهللا وسللعتها وقرارهللا بحيللث ل تصللعد علللوا‬
‫كالنار ول تهبط نازلة كالجسام الثقيلة ول عمد تحتها وعلقة فوقها بللل هللي‬
‫ممسوكة بقللدرة الللله الللذي يمسللك السللموات والرض ان تللزول ثللم تأمللل‬
‫استواءها واعتدالها فل صللدع فيهللا ول فطللر ول شللق ول أمللت ول عللوج ثللم‬
‫تأمل ما وضعت عليه من هذا اللون الذي هو احسن اللوان واشدها موافقة‬
‫للبصر وتقوية له حتى ان من اصابه شيء اضر ببصره يللؤمر بادمللان النظللر‬
‫الى الخضرة وما قرب منها الى السواد وقال الطباء ان من كل بصره فللإنه‬
‫من دوائه ان يديم الطلع الى اجانة خضراء مملؤءة ماء فتأمل كيللف جعللل‬
‫اديم السماء بهذا اللون ليمسك البصللار المتقلبللة فيلله ول ينكللأ فيهللا بطللول‬
‫مباشرتها له هذا بعض فوائد هذا اللون والحكمة فيه اضعاف ذلك‬
‫فصل ثم تأمل حال الشمس والقمر في طلوعهما وغروبهما لقامة دولتي‬
‫الليل والنهار ولول طلوعهما لبطل امر العللالم وكيللف كللان النللاس يسللعون‬
‫في معائشهم ويتصرفون في امللورهم والللدنيا مظلمللة عليهللم وكيللف كللانوا‬
‫يتهنون بللالعيش مللع فقللد النللور ثللم تأمللل الحكمللة فللي غروبهمللا فللإنه لللول‬
‫غروبهما لم يكن للناس هدوء ول قرار مع فرط الحاجة الى السبات وجموم‬
‫الحواس وانبعاث القوى الباطنة وظهللور سلللطانها فللي النللوم المعيللن علللى‬
‫هضم الطعام وتنفيللذ الغللذاء الللى العضللاء ثللم لللول الغللروب لكللانت الرض‬
‫تحمي بدوام شروق الشمس واتصال طلوعها حتى يحترق كل ما عليها مللن‬
‫حيوان ونبات فصارت تطلع وقتا بمنزلة السراج يرفللع لهللل الللبيت ليقضللوا‬
‫حوائجهم ثم تغيب عنهم مثل ذلك ليقروا ويهدؤا وصار ضياء النهار مللع ظلم‬
‫الليل وحر هذا ملع بلرد هللذا مللع تضلادهما متعلاونين متظلاهرين بهملا تملام‬
‫مصالح العالم وقد اشار تعالى الى هذا المعنى ونبه عبللاده عليلله بقللوله عللز‬
‫وجل ^ قل ارأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الللى يللوم القيامللة مللن‬
‫إله غير الله يأتيكم بضياء أفل تسمعون قل أرأيتم ان جعل الله عليكم النهار‬
‫^‬

‫^ سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الللله يللأتيكم بليللل تسللكنون فيلله افل‬
‫تبصرون ^ خص سبحانه النهار بذكر البصر لنه محله وفيلله سلللطان البصللر‬
‫وتصرفه وخص الليل بذكر السمع لن سلطان السمع يكللون بالليللل وتسللمع‬
‫فيله الحيوانلات ملال تسلمع فلي النهلار لنله وقلت هلدوء الصلوات وخملود‬
‫الحركات وقوة سلطان السمع وضعف سلطان البصر والنهار بللالعكس فيلله‬
‫قوة سلطان البصر وضعف سلطان السمع فقوله افل تسللمعون راجللع إلللى‬
‫قوله قل ارايتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الى يوم القيامللة مللن اللله‬
‫غير الله يأتيكم بضياء به وقوله أفل تبصرون راجع الى قللوله قللل أرايتللم ان‬
‫جعل الله عليكم النهار سرمدا الللى يللوم القيامللة وقللال تعللالى تبللارك الللذي‬
‫جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل‬
‫والنهللار خلفللة لمللن أراد ان يللذكر او أراد شللكورا فللذكر تعللالى خلللق الليللل‬
‫والنهار وإنهما خلفة أي يخلف احدهما الخر ل يجتملع معله وللو اجتمللع معله‬
‫لفاتت المصلحة بتعاقبهما واختلفهما وهذا هو المراد باختلف الليللل والنهللار‬
‫كون كل واحد منهما يخلف الخر ل يجللامعه ول يحللاذيه بللل يغشللى احللدهما‬
‫صاحبه فيطلبه حثيثا حتىيزيله عن سلللطانه ثللم يجيللء الخللر عقيبلله فيطلبلله‬
‫حثيثا حتى يهزمه ويزيله عن سلطانه فهما دائما يتطالبان ول يللدرك احللدهما‬
‫صاحبه‬
‫فصل ثم تأمل بعد ذلك احوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لقامة‬
‫هذه الزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم إذ لو كان الزمان كللله‬
‫فصل واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيلله فلللو كللان صلليفا كللله لفللاتت‬
‫منافع مصالح الشتاء ولو كان شتاء لفاتت مصللالح الصلليف وكللذلك لللو كللان‬
‫ربيعا كله او خريفا كللله ففللي الشللتاء تغللور الحللرارة فللي الجللواف وبطللون‬
‫الرض والجبال فتتولد مواد الثمللار وغيرهللا وتللبرد الظللواهر ويسللتكثف فيلله‬
‫الهواء فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرد الذي بلله حيللاة الرض وأهلهللا‬
‫واشتداد أبدان الحيوان وقوتها وتزايد القوى الطبيعيللة واسلتخلف ملا حللتلله‬
‫حللرارة الصلليف مللن البللدان وفللي الربيللع تتحللرك الطبللائع وتظهللر المللواد‬
‫المتولدة في الشتاء فيظهر النبات ويتنور الشللجر بللالزهر ويتحللرك الحيللوان‬
‫للتناسل وفي الصيف يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلللت‬
‫البللدان والخلط الللتي انعقللدت فللي الشللتاء وتغللور الللبرودة وتهللرب الللى‬
‫الجواف ولهذا تلبرد العيللون والبللار ول تهضللم المعللدة الطعللام الللتي كلانت‬
‫تهضمه في الشتاء من الطعمة الغليظة لنها كانت تهضللمها بللالحرارة الللتي‬
‫سكنت في البطون فلما جلاء الصليف خرجلت الحلرارة اللى ظلاهر الجسلد‬
‫وغارت البرودة فيله فلإذا جلاء الخريلف اعتلدل الزملان وصلفا الهلواء وبلرد‬
‫فانكسر ذلك السموم وجعله الله بحكمته برزخللا بيللن سللموم الصلليف وبللرد‬
‫الشتاء لئل يتنقل الحيوان وهلة واحدة من‬

‫الحر الشديد الى البرد الشللديد فيجللد اذاه ويعظللم ضللرره فللإذا انتقللل اليلله‬
‫بتدريج وترتب لم يصعب عليه فإنه عند كل جزء يستعد لقبللول مللا هللو اشللد‬
‫منه حتى تأتي جمللرة الللبرد بعللد اسللتعداد وقبللول حكمللة بالغللة وآيللة بللاهرة‬
‫وكذلك الربيع برزخ بين الشتاء والصيف ينتقل فيه الحيوان من برد هذا الللى‬
‫حر هذا بتدريج وترتيب فتبارك الله رب العالمين واحسن الخالقين‬
‫فصل ثم تأمل حال الشمس والقمر وما اودعاه من النور والضاءة وكيف‬
‫جعل لهما بروجا ومنلازل ينزلنهلا مرحللة بعلد مرحللة لقاملة دوللة السلنة‬
‫وتمام مصالح حساب العالم الذي ل غناء لهم في مصالحهم عنه فبذلك يعلم‬
‫حساب العمار والجال المؤجلة للديون والجارات والمعاملت والعدد وغيللر‬
‫ذلك فلول حلوك الشلمس والقمللر فلي تلللك المنللازل وتنقلهملا فيهللا منزللة‬
‫بعدمنزلة لم يعلم شيء من ذلك وقد نبه تعالى على هذا في غير موضع من‬
‫كتابه كقوله هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلمللوا‬
‫عدد السنين والحسللاب مللا خلللق الللله ذلللك ال بللالحق يفصللل اليللات لقللوم‬
‫يعلمون وقال تعالى وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليللل وجعلنللا آيللة‬
‫النهار مبصرة لتبتغوا فضل من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في طلوع الشمس على العالم كيف قدره العزيز‬
‫العليم سبحانه فإنها لو كانت تطلع في موضللع ملن السلماء فتقللف فيلله ول‬
‫تعدوه لما وصل شعاعها الى كثير مللن الجهللات لن ظللل احللد جللوانب كللرة‬
‫الرض يحجبها عن الجانب الخر وكان يكون الليل دائما سرمدا على من لم‬
‫تطلع عليهم والنهار سرمدا على من هي طالعة عليهم فيفسد هؤلء وهللؤلء‬
‫فاقتضت الحكمة اللهية والعناية الربانية ان قدر طلوعها من اول النهار مللن‬
‫المشرق فتشرق على ما قابلها من الفق الغربي ثم ل تلزال تلدور وتغشللى‬
‫جهة بعد جهة حتى تنتهي الى الغرب فتشرق على مللا اسللتتر عنهللا فللي اول‬
‫النهار فيختلف عندهم الليل والنهار فتنتظم مصالحهم‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في مقادير الليل والنهار تجدها على غاية‬
‫المصلحة والحكمة وان مقدار اليوم والليلللة لللو زاد علللى مللا قللدر عليلله او‬
‫نقللص لفللاتت المصلللحة واختلفللت الحكمللة بللذلك بللل جعللل مكيالهللا اربعللة‬
‫وعشرين سللاعة وجعل يتقارضللان الزيللادة والنقصللان بينهمللا فمللا يزيللد فللي‬
‫احدهما من الخر يعود الخر فيسترده منه قال الله تعللالى يولللج الليللل فللي‬
‫النهار ويولج النهار في الليل وفيه قولن احدهما ان المعنى يدخل ظلمة هذا‬
‫في مكان ضياء ذلك وضياء هذا فللي مكلان ظلملة الخللر فيللدخل كللل واحللد‬
‫منهما في موضع صاحبه وعلى هذا فهي عامة فللي كللل ليللل ونهللار والقللول‬
‫الثاني‬

‫انه يزيد في احدهما ما ينقصه من الخر فمللا ينقللص منلله يلللج فللي الخللر ل‬
‫يذهب جملة وعلى هذا فالية خاصة ببعض ساعات كل من الليل والنهار في‬
‫غير زمن العتدال فهي خاصة في الزمان وفي مقدار مللا يلللج فللي احللدهما‬
‫من الخر وهو في القاليم المعتدلة غايللة مللا تنتهللي الزيللادة خمللس عشللرة‬
‫ساعة فيصير الخر تسع ساعات فإذا زاد على ذلك انحرف ذلك القليم فللي‬
‫الحرارة او البرودة الى ان ينتهي الى حلد ليسلكنه النسللان ول يتكلون فيله‬
‫النبات وكل موضع ل تقع عليه الشمس ل يعيش فيه حيوان ول نبلات لفلرط‬
‫برده ويبسه وكل موضع لتفارقه كذلك لفرط حلره ويبسله والمواضلع الللتي‬
‫يعيش فيها الحيوان والنبات هي التي تطلع عليهللا الشللمس وتغيللب وأعللدلها‬
‫المواضع التي تتعاقب عليها الفصول الربعة ويكون فيهللا اعتللدالن خريفيللن‬
‫وربيعين‬
‫فصل ثم تأمل إنارة القمر والكواكب في ظلمة الليل والحكمة في ذلك‬
‫فإن الله تعالى اقتضت حكمته خلق الظلمة لهدو الحيوان وبرد الهواء علللى‬
‫البدان والنبات فتعادل حرارة الشمس فيقللوم النبللات والحيللوان فلمللا كللان‬
‫ذلك مقتضى حكمته شاب الليل بشيء من النوار ولم يجعللله ظلمللة داجيللة‬
‫حندسا ل ضوء فيه اصل فكان ل يتمكن الحيوان فيه من شلليء مللن الحركللة‬
‫ول لعمال ولما كان الحيوان قد يحتاج في الليل الى حركللة ومسللير وعمللل‬
‫ليتهيأ له بالنهار لضيق النهار او لشدة الحر او لخوفه بالنهار كحال كثير مللن‬
‫الحيوان جعل في الليل مللن اضللواء الكللواكب وضللوء القمللر مللا يتللأتى معلله‬
‫اعمال كثيرة كالسفر والحرث وغير ذلك من اعمال اهلل الحلروث واللزروع‬
‫فجعل ضوء القمر بالليل معونة للحيوان على هذه الحركات وجعللل طلللوعه‬
‫في بعض الليل دون بعض مع نقص ضللوئه عللن الشلمس لئل يسللتوى الليللل‬
‫والنهار فتفوت حكمة الختلف بينهما والتفللاوت الللذي قللدره العزيللز العليللم‬
‫فتأمل الحكمة البالغة والتقدير العجيب الذي اقتضى ان اعان الحيوان علللى‬
‫دولة الظلم بجند من النور يستعين به على هذه الدولة المظلمة ولم يجعللل‬
‫الدولة كلها ظلمة صرفا بل ظلمة مشوبة بنور رحمة منه وإحسانا فسللبحان‬
‫من اتقن ما صنع واحسن كل شيء خلقه‬
‫فصل ثم تأمل حكمته تبارك وتعالى في هذه النجوم وكثرتها وعجيب خلقها‬
‫وأنها زينة للسماء وأدلة يهتدي بها في طرق البر والبحر وما جعل فيها مللن‬
‫الضوء والنور بحيث‬

‫يمكننا رؤيتها مع البعد المفرط ولول ذلللك لللم يحصللل لنللا الهتللداء والدللللة‬
‫ومعرفة المواقيت ثم تأمل تسخيرها منقادة بامر ربها تبللارك وتعللالى جاريللة‬
‫على سنن واحد اقتضتحكمته وعلملله ان ل تخللرج عنلله فجعللل منهللا الللبروج‬
‫والمنازل والثوابت والسيارة والكبللار والصللغار والمتوسللط والبيللض الزهللر‬
‫والبيض الحمر ومنها ما يخفى على الناظر فل يدركه وجعل منطقة الللبروج‬
‫قسمين مرتفعة ومنخفضة وقدر سيرها تقديرا واحدا ونزل الشمس والقمللر‬
‫والسيارات منها منازلها فمنها ما يقطعها في شهر واحد وهو القمر ومنها ما‬
‫يقطعها في عام ومنها ما يقطعها في عدة اعوام كللل ذلللك مللوجب الحكمللة‬
‫والعناية وجعل ذلك اسباب لما يحدثه سبحانه في هللذا العللالم فيسللتدل بهللا‬
‫الناس على تلك الحوادث التي تقارنها كمعرفتهم بما يكون مع طلللوع الثريللا‬
‫إذا طلعت وغروبها إذا سقطت من الحوادث التي تقارنها وكذلك غيرهللا مللن‬
‫المنازل والسيارات ثم تأمل جعله سبحانه بنات نعش وما قرب منها ظاهرة‬
‫ل تغيب لقربها من المركز ولما في ذلك مللن الحكمللة اللهيللة وانهللا بمنزلللة‬
‫العلم التي يهتدي بها الناس في الطللرق المجهولللة فللي الللبر والبحللر فهللم‬
‫ينظرون اليها وإلى الجدي والفرقللدين كللل وقللت ارادوا فيهتللدون بهللا حيللث‬
‫شاؤا‬
‫فصل ثم تأمل اختلف سير الكواكب وما فيه من العجائب كيف تجد بعضلها‬
‫ل‬
‫يسير إل مع رفقته ل يفرد عنهم سيره ابدا بل ل يسيرون ال جميعا وبعضللها‬
‫يسير سيرا مطلقا غير مقيد برفيق ول صاحب بل إذا اتفق له مصاحبته فللي‬
‫منزل وافقه فيه ليلة وفللارقه الليلللة الخللرى فبينللا تللراه ورفيقلله وقرينلله إذ‬
‫رايتهما مفترقين متابعدين كأنهما لم يتصللاحبا قللط وهللذه السلليارة لهللا فللي‬
‫سيرها سيران مختلفان غاية الختلف سير عام يسير بها فلكها وسير خاص‬
‫تسير هي في فلكها كما شبهوا ذلللك بنملللة تللدب علللى رحللى ذات الشللمال‬
‫والرحى تأخذ ذات اليمين فللنملة في ذلللك حركتللان مختلفتللان الللى جهللتين‬
‫متاينتين احداهما بنفسها والخرى مكرهة عليها تبعا للرحى تجذبها الللى غيللر‬
‫جهة مقصدها وبذلك يجعل التقديم فيها كل منزلة الى جهة الشرق ثم يسير‬
‫فلكها وبمنزلتها الى جهة الغرب فسل الزنادقة والمعطلة أي طبيعة اقتضت‬
‫هذا واي فلك اوجبه وهل كللانت كلهللا راتبلله او منتقلللة او علللى مقللدار واحللد‬
‫وشكل واحلد وحركلة واحلدة وجريلان واحلد وهلل هلذا ال صلنع ملن بهلرت‬
‫العقول حكمته وشهدت مصنوعاته ومتبللدعاته بللانه الخللالق البللارئ المصللور‬
‫الذي ليس كمثله شيء احسن كل شلليء خلقلله واتقللن كللل مللا صللنعه وانلله‬
‫العليم الحكيم الذي خلق فسوى وقلدر فهللدى وان هللذه احلدى آيلاته الداللة‬
‫عليه وعجائب مصنوعاته الموصلة للفكار إذا سافرت فيهللا اليلله وأنلله خلللق‬
‫مسخر مربوب مدبر ان ربكم الله الذي خلق السموات‬
‫والرض في ستة أيام ثم استوى علللى العللرش يغشللى الليللل النهللار يطلبلله‬
‫حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره ال له الخلق والمللر تبللارك‬
‫الله رب العالمين فإن قلت فما الحكمة في كون بعض النجوم راتبا وبعضللها‬
‫منتقل قيل إنها لوكانت كلها راتبة لبطلت الدللللة والحكللم الللتي نشللأت مللن‬
‫تنقلها في منازلها ومسلليرها فللي بروجهللا ولللو كللانت كلهللا منتقلللة لللم يكللن‬
‫لمسيرها منازل تعلرف بهلا ول رسلم يقلاس عليهلا لنله إنملا يقلاس مسلير‬
‫المتنقلة منها بالراتب كما يقاس مسير السائرين على الرض بالمنازل الللتي‬
‫يمرون عليها فلو كانت كلها بحللال واحللدة لختلللط نظامهللا ولبطلللت الحكللم‬
‫والفوائد والدللت التي في اختلفها ولتشبث المعطل بللذلك وقللال لللو كللان‬
‫فاعلها ومبدعها مختارا لم تكن على وجه واحد وأمر واحد وقدر واحللد فهللذا‬
‫الترتيب والنظام الذي هي عليه من ادل الدلئل على وجود الخللالق وقللدرته‬
‫وإرادته وعلمه وحكمته ووحدانيته‬
‫فصل ثم تامل هذا الفلك الدوار بشمسلله وقمللره ونجللومه وبروجلله وكيللف‬
‫يدور‬
‫على هذا العلالم هلذا اللدوران اللدائم اللى آخلر الجلل عللى هلذا اللترتيب‬
‫والنظام وما في طي ذلك من اختلف الليل والنهار والفصول والحللر والللبرد‬
‫وما في ضمن ذلك من مصالح ما على الرض من اصناف الحيللوان والنبللات‬
‫وهل يخفى عللى ذي بصليرة ان هلذا ابللداع المبلدع الحكيللم وتقلدير العزيلز‬
‫العليم ولهذا خاطب الرسل امتهم مخاطبة من ل شك عنده فللي الللله وإنمللا‬
‫دعوهم الى عبادته وحده ل ألى القرار به فقالت لهم أفي الللله شللك فللاطر‬
‫السموات والرض فوجوده سبحانه وربوبيته وقللدرته اظهللر مللن كللل شلليء‬
‫على الطلق فهو اظهر للبصائر من الشمس للبصار وابين للعقول من كللل‬
‫ما تعقله وتقر بوجدوده فما ينكره ال مكابر بلسللانه وقلبلله وعقللله وفطرتلله‬
‫وكلها تكذبه قال تعالى الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم اسللتوى‬
‫على العرش وسخر الشمس والقمر كللل يجللري لجللل مسللمى يللدبر المللر‬
‫يفصل اليات لعلكم بلقاء ربكم توقنللون وهللو الللذي مللد الرض وجعللل فيهللا‬
‫رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهللار‬
‫ان في ذلك ليات لقوم يتفكرون وفلي الرض قطلع متجلاورات اليلة وقلال‬
‫تعالى ان في خلق السموات والرض واختلف الليل والنهار ليات للمؤمنين‬
‫وفي خلقكم واما يبث من دابة إلى قوله وآيللاته يؤمنللون وقللال تعللالى خلللق‬
‫السموات بغير عمد ترونها والقى في الرض رواسي ان تميد بكم وبث فيها‬
‫من كل دابة الى قوله في ضلل مبين وقال تعالى خلق النسان مللن نطفللة‬
‫فإذا هو خصيم مبين والنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون الللى‬
‫قوله افمن يخلق كمن ل يخلق أفل تذكرون وتأمل كيف وحللد سللبحانه اليللة‬
‫من قوله هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب الى آخرهللا وختمهللا‬
‫باصحاب الفكرة فاما‬

‫توحيد الية فلن موضع الدللللة واحللد وهللو المللاء الللذي انزللله مللن السللماء‬
‫فاخرج به كلما ذكره من الرض وهو على اختلف انواعه لقاحه واحللد وأملله‬
‫واحدة فهذا نوع واحد من آياته وأما تخصيصلله ذلللك بأهللل الفكللر فلن هللذه‬
‫المخلوقات التي ذكرها ملن الملاء موضلع فكلر وهلو نظلر القللب وتلامله ل‬
‫موضع نظر مجرد بالعين فل ينتفع الناظر بمجرد رؤية العين حتى ينتقل منلله‬
‫الى نظر القلب في حكمللة ذلللك وبللديع صللنعه والسللتدلل بلله علللى خللالقه‬
‫وباريه وذلك هو الفكر بعينه واما قوله تعالى فللي اليللة الللتي بعللدها ان فللي‬
‫ذلك ليات لقوم يعقلون فجمع اليات لنها تضمنت الليل والنهللار والشللمس‬
‫والقمر والنجوم وهي آيات متعددة مختلفة في انفسها وخلقها وكيفياتها فإن‬
‫إظلم الجللو لغللروب الشللمس ومجيللء الليللل الللذي يلبللس العللالم كللالثوب‬
‫ويسكنون تحته آية باهرة ثم ورد جيش الضياء يقدمه بشللير الصللباح فينهللزم‬
‫عسكر الظلم وينتشر الحيوان وينكشط ذلك اللباس بجملته آيللة اخللرى ثللم‬
‫في الشمس التي هي آية النهار آية أخرى وفي القمر الذي هو آية الليل آيللة‬
‫اخرى وفي النجللوم آيللات أخللر كمللا قللدمناه هللذا مللع مللا يتبعهللا ملن اليللات‬
‫المقارنة لها من الرياح واختلفها وسللائر مللا يحللدثه الللله بسللببها آيللات أخللر‬
‫فالموضع موضع جمع وخص هذه اليات بأهل العقل لنها اعظللم ممللا قبلهللا‬
‫وأدل وأكبر والولى كالباب لهذه فمن استدل بهذه اليات واعطاها حقها من‬
‫الدللة استحق من الوصف ما يستحقه صاحب الفكر وهو العقل ولن منزله‬
‫المنزلة العقل بعد منزلة الفكر فلما دلهم باليللة الولللى علللى الفكللر نقلهللم‬
‫بالية الثانية التي هي اعظم منها الى العقللل الللذي هللو فللوق الفكللر فتللأمله‬
‫فأما قوله في الية الثالثة ^ إن في ذلك لية لقوم يللذكرون ^ فوحللد اليللة‬
‫وخصها بأهل التذكر فأما توحيللدها فكتوحيللد الولللى سللواء فللإن مللا ذرأ فللي‬
‫الرض على اختلفه من الجواهر والنبات والمعادن والحيوان كله فللي محللل‬
‫واحد فهو نوع من انواع آيللاته وإن تعللددت أصللنافه وانللواعه وامللا تخصيصلله‬
‫اياها بأهل التذكر فطريقة القرآن في ذللك ان يجعلل آيلاته للتبصلر والتلذكر‬
‫كما قال تعالى في سورة ق ^ والرض مددناها والقينا فيها رواسللي وانبتنللا‬
‫فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبللد منيللب ^ فالتبصللرة التعقللل‬
‫والتذكرة التذكر والفكر باب ذلك ومدخله فللإذا فكللر تبصللر وإذا تبصللر تللذكر‬
‫فجاء التذكير في الية لترتيبه على العقل المرتب على الفكر فقدم الفكر إذ‬
‫هو الباب والمدخل ووسط العقل إذ هو ثمرة الفكر ونتيجته وأخللر التللذكر إذ‬
‫هو المطلوب من الفكر والعقل فتأمل ذلك حق التأمل فإن قلت فما الفرق‬
‫بين التذكر والتفكر فإذا تبين الفللرق ظهللرت الفللائدة قلللت التفكللر والتللذكر‬
‫اصل الهدى والفلح وهما قطبا السعادة ولهذا وسعنا الكلم في التفكللر فللي‬
‫هذا الوجه لعظم المنفعة وشدة الحاجة اليه قال الحسن ما زال اهللل العلللم‬
‫يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التللذكر وينللاطقون القلللوب حللتى‬
‫نطقت فللإذا لهللا اسللماع وابصللار فللاعلم ان التفكللر طلللب القلللب مللا ليللس‬
‫بحاصل من العلوم من امر هو حاصل‬

‫منها هذا حقيقته فإنه لو لم يكن ثم مراد يكون موردا للفكر اسللتحال الفكللر‬
‫لن الفكر بغير متعلق متفكر فيه محال وتلك المواد هي المور الحاصلة ولو‬
‫كان المطلوب بها حاصل عنده لم يتفكر فيه فإذا عرف هذا فالمتفكر ينتقللل‬
‫من المقدمات والمبادي التي عنده الى المطلوب الذي يريده فإذا ظفللر بلله‬
‫وتحصل له تذكر به وابصر مواقع الفعل والترك وما ينبغي ايثاره ومللا ينبغللي‬
‫اجتنابه فالتذكر هو مقصود التفكر وثمرته فإذا تذكر عاد بتذكرة على تفكللره‬
‫فاستخرج ما لم يكن حاصل عنللده فهللو ل يللزال يكللرر بتفكللره علللى تللذكره‬
‫وبتذكره على تفكره ما دام عاقل لن العلم والرادة ل يقفللان علللى حللد بللل‬
‫هو دائما سائر بن العلم والرادة وإذا عرفت معنى كللون آيللات الللرب تبللارك‬
‫وتعالى تبصرة وذكرى يتبصر بها من عمى القلب ويتذكر بها من غفلتلله فللان‬
‫المضاد للعلم اما عمى القلب وزواللله بالتبصللر وإمللا غفلتلله وزواللله بالتللذكر‬
‫والمقصود تنبيه القلب من رقدته بالشارة الى شلليء مللن بعللض آيللات الللله‬
‫ولو ذهبنا نتتبع ذلك لنفذ الزمان ولم نحللط بتفصلليل واحللدة مللن آيللاته علللى‬
‫التمام ولكن مال يدرك جملة ل يترك جملة واحسن ما انفقت فيلله النفللاس‬
‫التفكر في آيات الله وعجائب صنعه والنتقال منها الى تعلق القلللب والهمللة‬
‫به دون شيء من مخلوقاته فلذلك عقدنا هذه الكتاب على هذين الصلين إذ‬
‫هما افضل ما يكتسبه العبد في هذه الدار‬
‫فصل فسل المعطل الجاحد ما تقول في دولب دائر على نهر قد احكمت‬
‫آلته وأحكم تركيبه وقدرت ادواته احسن تقدير وأبلغه بحيث ل يرى النللاظر‬
‫فيه خلل في مادته ول في صورته وقد جعل على حديقللة عظيمللة فيهللا مللن‬
‫كل انواع الثمار والزروع يسقيها حاجتها وفي تلك الحديقللة مللن يلللم شللعثها‬
‫ويحسن مراعاتها وتعهدها والقيام بجميع مصالحها فل يختللل منهللا شلليء ول‬
‫يتلف ثمارهللا ثللم يقسللم قيمتهللا عنللد الجللذاذ علللى سللائر المخللارج بحسللب‬
‫حاجاتهم وضروراتهم فيقسم لكل صنف منهللم مللا يليللق بلله ويقسللمه هكللذا‬
‫على الدوام اترى هذا اتفاقا بل صانع ول مختار ول مدبر بل اتفق وجود ذلللك‬
‫الدولب والحديقة وكل ذلك اتفاقا من غير فاعل ول قيم ول مدبر أفترى مللا‬
‫يقول لك عقلك في ذلك لو كان وما الذي يفتيك به وما الللذي يرشللدك اليلله‬
‫ولكن من حكمة العزيز الحكيم ان خلق قلوبا عميا ل بصائر لها فل ترى هذه‬
‫اليللات البللاهرة إل رؤيللة الحيوانللات البهيميللة كمللا خلللق اعينللا ل أبصللار لهللا‬
‫والشللمس والقمللر والنجللوم مسللخرات بللامره وهللي ل تراهللا فمللا ذنبهللا ان‬
‫انكرتها وجحدتها فهي تقول في ضوء النهار هذا ليل ولكن اصحاب العيللن ل‬
‫يعرفون شيئا ولقد احسن القائل ‪ #‬وهبني قلت هذا الصللبح ليللل ‪ %‬ايعمللى‬
‫العالمون عن الضياء‬

‫فصل ثم تأمل الممسك للسموات والرض الحافظ لهما ان تزول او تقعا‬


‫او يتعطل بعض ما فيهما افترى من الممسك لذلك ومن القيم بللأمره ومللن‬
‫المقيم له فلو تعطل بعض آلت هذا الدولب العظيم والحديقة العظيمة من‬
‫كان يصلحه وماذا كان عند الخلق كلهم مللن الحيلللة فللي رده كمللا كللان فلللو‬
‫امسك عنهم قيم السموات والرض الشمس فجعل عليهم الليل سرمدا من‬
‫الذي كان يطلعها عليهم ويأتيهم بالنهار ولو حبسها فللي الفللق ولللم يسلليرها‬
‫فمن ذا الذي كان يسيرها وياتيهم بالليل ولو ان السماء والرض زالتللا فمللن‬
‫ذا الذي كان يمسكها من بعده‬
‫فصل ثم تأمل هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد وقيام الحيوان‬
‫والنبات عليهما وفكر في دخول احدهما على الخر بالتدريللح والمهلللة حللتى‬
‫يبلغ نهايته ولو دخل عليه مفاجاة الضر ذلك بالبدان وأهلكهللا وبالنبللات كمللا‬
‫لو خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة الى مكان مفرط في البرودة ولول‬
‫العناية والحكمةوالرحمة والحسللان لملا كللان ذلللك فللإن قلللت هللذا التدريللج‬
‫والمهلة إنما كان لبطاء سير الشمس في ارتفاعها وانخفاضها قيل لك فمللا‬
‫السبب في ذلك النخفاض والرتفاع فإن قلت السبب في ذلك بعدالمسللافة‬
‫من مشارقها ومغاربهللا قيللل لللك فمللا السللبب فللي بعللد المسللافة ول تللزال‬
‫المسالة متوجهة عليك كما عينت سببا حتى تفضي بك الى احللد امريللن إمللا‬
‫مكابرة ظاهرة ودعوى ان ذلك اتفاق من غير مدبر ول صانع وإما العللتراف‬
‫برب العالمين والقرار بقيوم السموات والرضين والدخول في زمرة اولللى‬
‫العقل من العالمين ولن تجللد بيللن القسللمين واسللطة ابللدا فل تتعللب ذهنللك‬
‫بهذيانات الملحدين فانهللا عنللد مللن عرفهللا مللن هللوس الشللياطين وخيللالت‬
‫المبطلين وإذا طلللع فجللر الهللدى واشللرقت النبللوة فعسللاكر تلللك الخيللالت‬
‫والوساوس في أول المنهزمين والله متم نوره ولو كره الكافرون‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في خلق النار على ما هي عليه من الكمون‬
‫والظهور فانها للو كلانت ظلاهرة ابلدا كالملاء والهلواء كلانت تحلرق العلالم‬
‫وتنتشر ويعظم الضرر بها والمفسدة ولو كللانت كامنللة ل تظهللر ابللدا لفللاتت‬
‫المصالح المترتبللة علللى وجودهللا فاقتضللت حكمللة العزيللز العليللم ان جعلهللا‬
‫مخزونة في الجسللام يخرجهللا ويبقيهللا الرجللل عنللد حللاجته اليهللا فيمسللكها‬
‫ويحبسها بمادة يجعلها فيها من الحطب ونحللوه فل يللزال حابسللها مللا احتللاج‬
‫الى بقائها فإذا استغنى عنها وترك حبسها بالمادة خبت باذن ربهللا وفاطرهللا‬
‫فسقطت المؤنة والمضرة ببقائها فسبحان من سخرها وانشأها على تقللدير‬
‫محكم عجيب اجتمع فيه الستمتاع والنتفاع‬

‫والسلمة من الضرر قال تعالى ^ أفرايتم النار التي تورون ^ الى قللوله ^‬
‫فسبح باسم ربك العظيم ^ فسللبحان ربنللا العظيللم لقللد تعللرف الينللا بآيللاته‬
‫وشفانا ببيناته واغنانا بها عن دللت العالمين فاخبر سبحانه انه جعلها تذكرة‬
‫بنار الخرة فنستجير منها ونهرب اليه منها ومتاعا للمقوين وهم المسافرون‬
‫النازلون بالقواء والقواء هي الرض الخالية وهللم احللوج الللى النتفللاع بالنللار‬
‫للضاءة والطبخ والخبز والتدفي والنس وغير ذلك‬
‫فصل ثم تأمل حكمته تعالى في كونه خص بها النسان دون غيره من‬
‫الحيوانات فل حاجة بالحيوان اليهللا بخلف النسللان فللإنه لللو فقللدها لعظللم‬
‫الللداخل عليلله فللي معاشلله ومصللالحه وغيللره مللن الحيوانللات ل يسللتعملها‬
‫وليتمتع بها وننبه من مصالح النار على خلة صغيرة القدر عظيمة النفع وهي‬
‫هذا المصباح الذي يتخذه الناس فيقضون به من حوائجهم ما شاؤا من ليلهم‬
‫ولو هذه الخلة لكان الناس نصف اعمارهم بمنزلة اصحاب القبور فمن كللان‬
‫يستطيع كتابة او خياطة او صناعة او تصرفا في ظلمة الليل الللداجي وكيللف‬
‫كانت تكون حال من عرض له وجع في وقت من الليل فاحتاج الى ضللياء او‬
‫دواء او استخراج دم او غير ذلك ثم انظر الى ذلك النور المحمول في ذبالللة‬
‫المصباح على صغر جوهره كيللف يضلليء مللا حوللك كللله فللترى بلله القريللب‬
‫والبعيد ثم انظر الى انه لو اقتبس منه كل من يفرض او يقدر من خلق الللله‬
‫كيللف ل يفنللى ول ينفللذ ول يضللعف وأمللا منللافع النللار فللي انضللاج الطعمللة‬
‫والدوية وتجفيف مال ينتفع ال بجفافه وتحليللل مللال ينتفللع ال بتلحيللله وعقللد‬
‫مال ينتفع ال بعقده وتركيبه فأكثر من ان يحصى ثم تأمللل مللا اعطيتلله النللار‬
‫من الحركة الصاعدة بطبعها الى العلو فلول المادة تمسكها لللذهبت صللاعدة‬
‫كما ان الجسم الثقيل لول الممسك يمسكه لللذهب نللازل فمللن اعطللى هللذا‬
‫القوة التي يطلب بها الهبوط الى مستقره واعطى هذه القللوة الللتي تطلللب‬
‫بها الصعود الى مستقرها وهل ذلك ال بتقدير العزيز العليم‬
‫فصل ثم تامل هذا الهواء وما فيه من المصالح فإنه حياة هذه البدان‬
‫والممسك لها من داخل بما تستنشق منلله ومللن خللارج بمللا تباشللر بلله مللن‬
‫روحه فتتغذى به ظاهرا وباطنا وفيه تطرد هللذه الصللوات فتحملهللا وتؤديهللا‬
‫للقريب والبعيد كالبريد والرسول الذي شللأنه حمللل الخبللار والرسللائل وهللو‬
‫الحامل لهذه الروائح على اختلفها ينقلها من موضع الى موضع فتأتي العبللد‬
‫الرائحة من حيث تهب الريح وكذلك تأتيه الصوات وهو ايضللا الحامللل للحللر‬
‫والبرد اللذين بهما صلح الحيوان والنبات وتأمل منفعة الريح ومللا يجللري لله‬
‫في البر والبحر وما هيئت له من الرحمة‬

‫والعذاب وتأمل كم سخر للسحاب من ريح حتى امطر فسخرت له المللثيرة‬


‫اول فتثيره بين السماء والرض ثللم سللخرت للله الحاملللة الللتي تحمللله علللى‬
‫متنها كالجمل الذي يحمل الراوية ثم سخرت له المؤلفة فتؤلف بيللن كسللفه‬
‫وقطعه ثم يجتمع بعضها الى بعض فيصير طبقا واحدا ثم سخرت له اللقحة‬
‫بمنزلة الذكر الذي يلقح النثى فتلقحه بالماء ولولها لكان جهاما ل مللاء فيلله‬
‫ثم سخرت له المزجية الللتي تزجيلله وتسللوقه الللى حيللث أمللر فيفللرغ مللاءه‬
‫هنالك ثم سخرت له بعد اعصاره المفرقة الللتي تبثلله وتفرقلله فللي الجللو فل‬
‫ينزل مجتمعا ولو نزل جملة لهلك المسللاكن والحيللوان والنبللات بللل تفرقلله‬
‫فتجعله قطرا وكذلك الرياح التي تلقح الشجر والنبات ولولها لكانت عقيمللا‬
‫وكذلك الرياح التي تسللير السللفن ولولهللا لللوقفت علللى ظهللر البحللر ومللن‬
‫منافعها انها تبرد الماء وتضرم النار التي يراد اضرامها وتجفف الشياء الللتي‬
‫يحتاج الى جفافها وبالجملة فحياة ما على الرض من نبات وحيللوان بالريللاح‬
‫فلإنه للول تسلخير اللله لهلا لعبلاده للذوي النبلات وملات الحيلوان وفسلدت‬
‫المطاعم وأنتن العالم وفسد ال ترى اذا ركدت الريلاح كيلف يحلدث الكلرب‬
‫والغم الذي لو دام لتلف النفوس واسقم الحيوان وامللرض الصللحاء وانهللك‬
‫المرضى وافسد الثمار وعفن الزرع واحدث الوباء فللي الجللو فسللبحان مللن‬
‫جعل هبوب الرياح تأتي بروحه ورحمته ولطفه ونعمته كمللا قللال النللبي فللي‬
‫الرياح إنها من روح الله تأتي بالرحمة وتنبه للطيفة في هذا الهواء وهللي ان‬
‫الصوت اثر يحدث عند اصطكاك الجرام وليس نفس الصللطكاك كمللا قللال‬
‫ذلك من قاله ولكنه موجب الصطكاك وقرع الجسللم للجسللم او قلعللة عنلله‬
‫فسببه قرع او قلع فيحدث الصوت فيحمله الهواء ويؤديه الى ما مللع النللاس‬
‫فينتفعللون بلله فللي حللوائجهم ومعللاملتهم بالليللل والنهللار وتحللدث الصللوات‬
‫العظيمة من حركاتهم فلو كان اثر هذه الحركات والصوات يبقى في الهواء‬
‫كما يبقى الكتاب في القرطاس لمتل العالم منه ولعظم الضرر به واشتدت‬
‫مؤنته واحتاج الناس الى محوه من الهواء والستبدال به اعظم من حللاجتهم‬
‫الى استبدال الكتللاب المملللوء كتابللة فللان مللا يلقللى مللن الكلم فللي الهللواء‬
‫اضعاف ما يوضع في القرطاس فاقتضت حكمة العزيز الحكيم ان جعل هلذا‬
‫الهواء قرطاسا خفيا يحمل الكلم بقدر ما يبلغ الحاجة ثللم يمحللي بللاذن ربلله‬
‫فيعود جديدا نقيا ل شيء فيه فيحمل ما حمل كل وقت‬
‫فصل ثم تأمل خلق الرض على ما هي عليه حين خلقها واقفة ساكنة‬
‫لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والمتعة ويتمكللن الحيللوان والنللاس‬
‫من السعي عليها في مآربهم والجلوس لراحاتهم والنللوم لهللدوهم والتمكللن‬
‫من اعمالهم ولو كان رجراجة متكفئة لم يستطيعوا علللى ظهرهللا قللرارا ول‬
‫هدوا ول ثبت لهم عليها بناء ول امكنهم عليها صناعة‬

‫ول تجارة ول حراثة ول مصلحة وكيللف كللانوا يتهنللون بللالعيش والرض ترتللج‬
‫من تحته واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلزل على قلة مكثها كيللف تصلليرهم‬
‫الى ترك منازلهم والهرب عنها وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله ^ والقى‬
‫في الرض رواسي ان تميد بكللم ^ وقللوله تعلالى ^ الللله الللذي جعللل لكللم‬
‫الرض قللرارا ^ وقللوله الللله الللذي جعللل لكللم الرض مهللدا وفللي القللراءة‬
‫الخرى مهادا وفي جامع الترمذي وغيره من حديث انس بن مالك عن النبي‬
‫قال لما خلق الله الرض جعلت تميد فخلق الجبال عليها فاستقرت فعجبللت‬
‫الملئكة من شدة الجبال فقالوا يا رب هل من خلقك شيء اشد من الجبال‬
‫قال نعم الحديد قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الحديد قللال نعللم‬
‫النار قالوا يا رب فهل من خلقك شيء اشد من النار قال نعم الريح قالوا يلا‬
‫رب فهل من خلقك شيء اشد من الريح قال نعللم ابللن آدم يتصللدق صللدقة‬
‫بيمينه يخفيها عن شماله ثم تأمل الحكمة البالغة في ليونة الرض مع يبسها‬
‫فانها لو افرطت في اللين كالطين لم يستقر عليها بناء ول حيوان ول تمكنللا‬
‫من النتفاع بها ولو افرطت في اليبس كالحجر لللم يمكللن حرثهللا ول زرعهللا‬
‫ول شقها وفلحها ول حفر عيونها ول البناء عليها فنقصت عن يبللس الحجللارة‬
‫وزادت على ليونة الطين فجاءت بتقدير فاطرها على احسللن مللا جللاء عليلله‬
‫مهاد للحيوان من العتدال بين اللين واليبوسة فتهيأ عليها جميع المصالح‬
‫فصل ثم تأمل تأمل الحكمة البالغة في ان جعل مهب الشمال عليها ارفع‬
‫من مهب الجنوب وحكمة ذلك ان تتحدر المياه علللى وجلله الرض فتسللقيها‬
‫وترويها ثم تفيض فتصب في البحر فكما ان الباني إذا رفع سطحا رفللع احللد‬
‫جانبيه وخفض الخر ليكون مصبا للماء ولو جعللله مسلتويا لقلام عليلله الملاء‬
‫فافسده كذلك جعل مهب الشمال في كل بلد ارفع من مهب الجنوب ولللول‬
‫ذلك لبقي الماء واقفا على وجلله الرض فمنللع النللاس مللن العمللل والنتفللاع‬
‫وقطع الطرق والمسالك واضر بالخلق افيحسن عند من له مسكة من عقل‬
‫ان يقول هذا كله اتفاق من غير تدبير العزيز الحكيم الذي اتقن كل شيء‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة العجيبة في الجبال الذي يحسبها الجاهل الغافل‬
‫فضلة في الرض ل حاجة اليهللا وفيهللا مللن المنللافع مللال يحصلليه ال خالقهللا‬
‫وناصبها وفي حديث إسلم ضمام بن ثعلبة قوله للنبي بالللذي نصللب الجبللال‬
‫واودع فيها المنافع آلله امرك بكذا وكللذا قللال اللهللم نعللم فمللن منافعهللا ان‬
‫الثلج يسقط عليها فيبقى في قللها حاصل لشللراب النللاس الللى حيللن نقللاذه‬
‫وجعل‬

‫فيهللا ليللذوب اول فللأول فتجيللء منلله السلليول الغزيللرة وتسلليل منلله النهللار‬
‫والودية فينبت في المروج والوهاد والربا ضروب النبللات والفللواكه والدويللة‬
‫التي ل يكون مثلها في السهل والرمل فلول الجبال لسقط الثلج علللى وجلله‬
‫الرض فانحل جملة وساح دفعة فعدم وقت الحاجة اليلله وكللان فللي انحلللله‬
‫جملة السيول التي تهلك ما مرت عليه فيضر بالناس ضللررا ل يمكللن تلفيلله‬
‫ول دفعه لذيته ملن منافعهللا ملا يكللون فللي حصللونها وقللهللا ملن المغللارات‬
‫والكهوف والمعاقل التي منزللة الحصلون والقلع وهلي ايضلا اكنلان للنلاس‬
‫والحيوان ومن منافعها ما ينحت من احجارهللا للبينللة علللى اختلف اصللنافها‬
‫والرحيللة وغيرهلا وملن منافعهللا ملا يوجلد فيهللا ملن المعللادن علللى اختلف‬
‫اصنافها من الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والزبرجد والزمللرد‬
‫واضعاف ذلللك مللن انللواع المعللادن الللذي يعجللز البشللر عللن معرفتهللا علللى‬
‫التفصيل حتى ان فيها ما يكون الشيء اليسير منه تزيد قيمته ومنفعته على‬
‫قيمة الذهب باضعاف مضللاعفة وفيهللا مللن المنللافع مللال يعلملله ال فاطرهللا‬
‫ومبدعها سبحانه ومن منافعها ايضا انها ترد الريللاح العاصللفة وتكسللر حللدتها‬
‫فل تدعها تصللدم مللا تحتهللا ولهللذا فالسللاكنون تحتهللا فللي امللان مللن الريللاح‬
‫العظام المؤذية ومن منافعهللا ايضللا انهللا تللرد عنهللم السلليول إذا كللانت فللي‬
‫مجاريها فتصرفها عنهم ذات اليمين وذات الشلمال ولولهللا خربللت السلليول‬
‫في مجاريها ما مرت به فتكون لهم بمنزلة السد والسكن ومن منافعها انهللا‬
‫أعلم يستدل بها في الطرقات فهي منزلة الدلللة المنصللوبة المرشللدة الللى‬
‫الطرق ولهذا سماها الله أعلما فقال ومن آياته الجواري في البحر كالعلم‬
‫فالجواري هي السفن والعلم الجبال واحللدها علللم قللالت الخنسللاء ‪ #‬وأن‬
‫صخرا لتأتم الهداة به ‪ %‬كانه علم في راسلله نللار فسلمى الجبللل علمللا ملن‬
‫العلمة والظهور ومن منافعها ايضا ما ينبت فيها من العقاقير والدويللة الللتي‬
‫ل تكون في السهول والرمال كما ان ما ينبت في السهول والرمال ل ينبللت‬
‫مثله في الجبال وفي كل من هذا وهذا منافع وحكللم ل يحيللط بلله ال الخلق‬
‫العليم ومن منافعها انها تكون حصونا من العداء يتحرز فيها عبللاد الللله مللن‬
‫اعدائهم كما يتحصنون بالقلع بل تكللون أبلللغ وأحصللن مللن كللثير مللن القلع‬
‫والمدن ومن منافعها ما ذكره الله تعالى فللي كتلابه ان جعلهلا للرض اوتلادا‬
‫تثبتها ورواسي بمنزلة مراسي السفن واعظم بهللا مللن منفعللة وحكمللة هللذا‬
‫وإذا تللأملت خلقتهللا العجيبللة البديعللة علللى هللذا الوضللع وجللدتها فللي غايللة‬
‫المطابقة للحكمة فانها لو طالت واسللتدفت كالحللائط لتعللذر الصللعود عليهللا‬
‫والنتفاع بها وسترت عن الناس الشمس والهواء فلم يتمكنللوا مللن النتفللاع‬
‫بها ولو بسطت على وجه الرض لضيقت عليهم المزارع والمسللاكن ولملت‬
‫السهل ولما حصل لهم بها النتفاع مللن التحصللن والمغللارات والكنللان ولمللا‬
‫سترت عنهم الرياح ولما حجبت السيول‬

‫ولو جعلت مستديرة شكل الكرة لم يتمكنوا من صعودها ولما حصل لهم بها‬
‫النتفاع التام فكان اولى الشكال والوضاع بها واليقهللا واوقعهللا علللى وفللق‬
‫المصلحة هذا الشكل الذي نصبت عليه ولقد دعانللا الللله سللبحانه فللي كتللابه‬
‫الى النظر فيها وفللي كيفيللة خلقهللا فقللال ^ أفل ينظللرون الللى البللل كيللف‬
‫خلقللت وإلللى السللماء كيللف رفعللت وإلللى الجبللال كيللف نصللبت ^ فخلقهللا‬
‫ومنافعها مللن اكللبر الشللواهد علللى قللدره باريهللا وفاطرهللا وعلملله وحكمتلله‬
‫ووحدانيته هذا مع انها تسبح بحمده وتخشع له وتسلجد وتشلقق وتهبلط ملن‬
‫خشيته وهي التي خلافت ملن ربهلا وفاطرهلا وخالقهلا عللى شلدتها وعظلم‬
‫خلقها من المانة إذ عرضها عليها واشفقت مللن حملهللا ومنهللا الجبللل الللذي‬
‫كلم الله عليه موسى كليمه ونجيه ومنها الجبل الللذي تجلللى للله ربلله فسللاخ‬
‫وتدكدك ومنها الجبل الذي حبب الله رسوله واصحابه اليه واحبه رسول الله‬
‫وأصحابه ومنها الجبلن اللذان جعلهما الله سورا على نبيه وجعل الصفا فللي‬
‫ذيل احدهما والمروة في ذيل الخر وشرع لعباده السعي بينهما وجعللله مللن‬
‫مناسكهم وتعبداتهم ومنها جبل الرحمة المنصوب عليه ميدان عرفللات فلللله‬
‫كم به من ذنب مغفور وعثرة مقالة وزلة معفو عنها وحاجللة مقضللية وكربللة‬
‫مفروجة وبلية مرفوعة ونعمة متجللددة وسللعادة مكتسللبة وشللقاوة ممحللوة‬
‫كيف وهو الجبل المخصوص بذلك الجمع العظم والوفد الكرم الللذين جللاؤا‬
‫من كل فج عميق وقوفا لربهم مستكينين لعظمته خاشعين لعزته شعثا غبرا‬
‫حاسرين عن رؤسهم يستقبلوله عثراتهم ويسألونه حاجاتهم فيدنو منهللم ثللم‬
‫يباهي بهم الملئكة فلله ذاك الجبل وما ينزل عليه من الرحمة والتجاوز عن‬
‫الذنوب العظام ومنها جبل حراء الذي كان رسول الله يخلو فيلله بربلله حللتى‬
‫اكرمه الله برسالته وهو في غارة فهو الجبللل الللذي فللاض منلله النللور علللى‬
‫اقطار العالم فإنه ليفخر على الجبللال وحللق للله ذلللك فسللبحان مللن اختللص‬
‫برحمتلله وتكريملله مللن شللاء مللن الجبللال والرجللال فجعللل منهللا جبللال هللي‬
‫مغناطيس القلوب كأنها مركبللة منلله فهللي تهللوى اليهللا كلمللا ذكرتهللا وتهفللو‬
‫نحوها كما اختص من الرجال من خصه بكرامته وأتم عليه نعمته ووضع عليه‬
‫محبته منه فأحبه وحببه الى ملئكته وعباده المؤمنين ووضع له القبللول فللي‬
‫الرض بينهم ‪ #‬وإذا تللأملت البقللاع وجللدتها ‪ %‬تشللقى كمللا تشللقى الرجللال‬
‫وتسعد فدع عنك الجبل الفلني وجبل بني فلن وجبللل كللذا ‪ #‬خللذ مللا تللراه‬
‫ودع شيئا سمعت به ‪ %‬في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل ‪ #‬هللذا وانهللا‬
‫لتعلم ان لها موعدا ويما تنسف فيها نسفا وتصير كالعهن من هوله وعظملله‬
‫فهي مشفقة من هول ذلك الموعد منتظرة له وكانت ام الدرداء رضى الللله‬
‫عنها إذا سافرت فصعدت على جبللل تقلول لملن معهللا اسللمعت الجبللال ملا‬
‫وعدها ربها فيقال ما اسمعها فتقول ^ ويسألونك ^‬

‫^ عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا ل ترى فيها عوجا‬
‫ول امتا ^ فهذا حال الجبللال وهللي الحجللارة الصلللبة وهللذه رقتهللا وخشلليتها‬
‫وتدكدكها من جلل ربها وعظمته وقد اخبر عنها فاطرها باريها انلله لللو انللزل‬
‫عليها كلمه لخشعت ولتصدعت من خشية الله فللي عجبللا مللن مضللغة لحللم‬
‫اقسى من هذه الجبللال تسللمع آيللات الللله تتلللى عليهللا ويللذكر الللرب تبللارك‬
‫وتعالى فل تلين ول تخشع ول تنيب فليس بمستنكر على الللله عللز وجللل ول‬
‫يخالف حكمته ان يخلق لها نارا تللذيبها إذ لللم تلللن بكلملله وذكللره وزواجللره‬
‫ومواعظه فمن لم يلن لله في هذه الدار قلبه ولم ينب اليه ولللم يلذبه بحبلله‬
‫والبكاء من خشيته فليتمتع قليل فان امامه الملين العظم وسيرد الى عللالم‬
‫الغيب والشهادة فيرى ويعلم‬
‫فصل ولما اقتضت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الرض السهل والوعر‬
‫والجبال والرمل لينتفع بكل ذلك في وجهه ويحصل منه ما خلق للله وكللانت‬
‫الرض بهذه المثابة لزم من ذلك ان صللارت كللالم الللتي تحمللل فللي بطنهللا‬
‫انواع الولد من كل صنف ثم تخرج الى الناس والحيللوان مللن ذلللك مللا اذن‬
‫لها فيه ربها ان تخرجه اما بعلمهم وإملا بلدونه ثلم يلرد اليهللا ملا خللرج منهلا‬
‫وجعلها سبحانه كفاتا فلحياء ما داموا علللى ظهرهللا فللإذا مللاتوا اسللتودعتهم‬
‫في بطنها فكانت كفاتا لهم تضمهم على ظهرها احياء وفي بطنها امواتا فإذا‬
‫كان يوم الوقت المعلوم وقد اثقلها الحمل وحان وقت الولدة ودنو المخاض‬
‫اوحى اليها ربها وفاطرها ان تضع حملها وتخرج اثقالهللا فتخللرج النللاس مللن‬
‫بطنها الى ظهرها وتقول رب هذا ما استودعتني وتخرج كنوزها بللاذنه تعللالى‬
‫ثم تحدث اخبارها وتشهد على بنيها بما عملوا على ظهرها من خير وشر‬
‫فصل ولما كانت الرياح تجول فيها وتدخل في تجاويفها وتحدث فيها‬
‫البخرة وتخفق الرياح ويتعذر عليها المنفذ اذن الله سبحانه لها في الحيللان‬
‫بالتنفس فتحدث فيهللا الللزلزال العظللام فيحللدث مللن ذلللك لعبللاده الخللوف‬
‫والخشية والنابة والقلع عن معاصيه والتضللرعاليه والنللدم كمللا قللال بعللض‬
‫السلف وقد زلزلت الرض ان ربكم يستعتبكم وقال عمر بن الخطللاب وقللد‬
‫زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال لئن عادت ل اساكنكم فيها‬
‫فصل ثم تأمل حكمة الله عز وجل في عزة هذين النقدين الذهب والفضة‬
‫وقصور خيرة العالم عما حاولوا من صنعتهما والتشبه بخلق الله اياهمللا مللع‬
‫شدة حرصهم وبلوغ اقصى جهدهم واجتهادهم في ذلك فلم يظفللروا بسلوى‬
‫الصنعة ولو مكنوا ان يصنعوا مثل ما خلق الله مللن ذللك لفسللد امللر العللالم‬
‫واستفاض الذهب والفضة في الناس حتى صار‬

‫كالسعف والفخار وكانت تتعطل المصلحة التي وضعا لجلها وكانت كثرتهمللا‬
‫جدا سبب تعطل النتفاع بهما فانه ل يبقى لهما قيمللة ويبطللل كونهمللا قيمللا‬
‫لنفائس الموال والمعاملت وارزاق المقاتلة ولم يتسخر بعض الناس لبعض‬
‫إذ يصير الكل ارباب ذهب وفضة فلو اغنى خلقه كلهم لفقرهم كلهللم فمللن‬
‫يرضى لنفسه بامتهانها في الصنائع التي ل قوام للعالم ال بها فسللبحان مللن‬
‫جعل عزتهما سبب نظام العالم ولم يجعلهملا فلي العللزة كلالكبريت الحمللر‬
‫الذي ل يوصل اليه فتفوت المصلحة بالكلية بل وضعهما وانبتهما فللي العللالم‬
‫بقدر اقتضه حكمته ورحمته ومصالح عباده وقرأت بخط الفاضل جبريللل بللن‬
‫روح النباري قال اخبرني بعض من تداول المعادن انهللم اوغلللوا فللي طلبهللا‬
‫الى بعض نواحي الجبل فانتهوا الى موضع وإذا فيه امثال الجبال من الفضللة‬
‫ومن دون ذلك واد يجرى متصللبا بملاء غزيلر ل يلدرك ول حيللة فلي عبلوره‬
‫فانصرفوا الى حيث يعملون ما يعبرون به فلما هيئوه وعللادوا رامللوا طريللق‬
‫النهر فما وقفوا له على اثر ول عرفوا الى ايلن يتوجهلون فانصلرفوا آيسلين‬
‫وهذا احد ما يدل على بطلن صناعة الكيمياء وانها عند التحقيق زغل وصبغة‬
‫ل غير وقد ذكرنا بطلنها وبينا فسادها من اربعين وجهللا فللي رسللالة مفللردة‬
‫والمقصللود ان حكمللة الللله تعللالى اقتضللت عللزة هللذين الجللوهرين وقتلهمللا‬
‫بالنسبة الى الحديد والنحاس والرصاص لصلح امر الناس واعتبر ذلللك بللأنه‬
‫إذا ظهر الشيء الظريف المستحسن ممللا يحللدثه النللاس مللن المتعللة كللان‬
‫نفيسا عزيزا ما دام فيه قلة وهو مرغوب فيلله فللإذا فشللى وكللثر فللي ايللدي‬
‫الناس وقدر عليه الخاص والعام سقط عندهم وقلت رغباتهم فيه ومللن هللذا‬
‫قول القائل نفاسه الشيء من عزته ولهذا كان ازهد الناس في العالم اهللله‬
‫وجبرانه وارغبهم فيه البعداء عنه‬
‫فصل وتأمل الحكمة البديعة في تيسيره سبحانه على عباده ما هم احوج‬
‫اليه وتوسيعه وبذلك بذلهفكلما كللانوا احللوج اليلله كللان اكللثر واوسللع وكلمللا‬
‫استغنوا عنه كان اقل وإذا توسطت الحاجة توسط وجوده فلللم يكللن بالعللام‬
‫ول بالنادر على مراتب الحاجات وتفاوتها فاعتبر هذا بالصول الربعة التراب‬
‫والماء والهواء والنار وتأمل سللعة مللا خلللق الللله منهللا وكللثرته فتأمللل سللعة‬
‫الهواء وعمومه ووجوده بكل مكللان لن الحيللوان مخلللوق فللي الللبر ليمكنلله‬
‫الحياة إل به فهو معه أينما كان وحيث كان لنه ل يستغنى عنه لحظه واحدة‬
‫ولول كثرته وسعته وامتداده في اقطللار العللالم لختنللق العللالم مللن الللدخان‬
‫والبخار المتصاعد المنعقد فتأمل حكمة ربلك فلي ان سلخر لله الريلاح فلإذا‬
‫تصاعد الى الجو احالته سحابا او ضبابا فأذهبت عن العالم شره وأذاه فسل‬
‫الجاحد من الذي دبر هذا التدبير وقدر هذا التقدير وهل يقدر العالم كلهم لو‬
‫اجتمعوا ان يحيلوا ذلك‬

‫ويقلبوه سحابا او ضبابا او يذهبوه عن الناس ويكشفوه عنهم ولللو شللاء ربلله‬
‫تعالى لحبس عنلله الريللاح فللاختنق علللى وجلله الرض فأهلللك ملا عليهللا ملن‬
‫الحيوان والناس‬
‫فصل ومن ذلك سللعة الرض وامتللدادها ولللول ذلللك لضللاقت عللن مسللاكن‬
‫النس‬
‫والحيوان وعن مزارعهم ومراعيهم ومنابت ثمللارهم واعشللابهم فللان قلللت‬
‫فما حكمة هذه القفار الخالية والفلوات الفارغللة الموحشللة فللاعلم ان فيهللا‬
‫معايش مال يحصيه ال الله مللن الوحللوش والللدواب وعليهللا ارزاقهللم وفيهللا‬
‫مطردهللم ومنزلهللم كالمللدن والمسللاكن للنللس وفيهللا مجللالهم ومرعللاهم‬
‫ومصيفهم ومشتهاهم ثللم فيهللا بعللد متسللع ومتنفللس للنللاس ومضللطرب إذا‬
‫احتاجوا الى النتقلال والبللدو والسلتبدال بالوطلان فكلم ملن بيللداء سلملق‬
‫صللارت قصللورا وجنانللا ومسللاكن ولللول سللعة الرض وفسللحها لكللان اهلهللا‬
‫كالمحصورين والمحبوسين في أماكنهم ل يجدون عنها انتقال إذا فللدحهم مللا‬
‫يزعجهم عنها ويضطرهم الى النقلة منها وكذلك الماء لول كثرته وتدفقه في‬
‫الودية والنهار لضاق عن حاجة الناس اليه ولغلب القللوى الضللعيف واسللتبد‬
‫به دونه فيحصل الضرر وتعظم البلية مع شدة حاجة جميع الحيوان اليلله ملن‬
‫الطير والوحوش والسباع فاقتضت الحكمة ان كان بهذه الكثرة والسعة في‬
‫كل وقت وأما النار فقد تقدم ان الحكمللة اقتضللت كموتهللا مللتى شللاء العبللد‬
‫اوراها عند الحاجة فهللي وان لللم تكللن مبثوثللة فللي كللل مكللان فانهللا عتيللدة‬
‫حاصلة متى احتيج اليها واسعة لكل ما يحتاج اليه منها غير انهللا مودعللة فللي‬
‫أجسام جعلت معادن لها للحكمة التي تقدمت‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الرض من علو ليعم‬
‫بسقيه وهادها وتلولها وظرابها وآكامها ومنخفضها ومرتفعها ولللو كللان ربهللا‬
‫تعالى إنما يسقيها من ناحية من نواحيها لما اتى الماء على الناحية المرتفعة‬
‫إل إذا اجتمع في السفلى وكثر وفي ذلك فساد فاقتضلت حكمتله ان سلقاها‬
‫من فوقها فينشيء سبحانه السللحاب وهللي روايللا الرض ثللم يرسللل الريللاح‬
‫فتحمل الماء من البحر وتلقحها به كما يلقح الفحل النللثى ولهللذا تجللد البلد‬
‫القريبة من البحر كثيرة المطار وإذا بعدت من البحر قل مطرها وفللي هللذا‬
‫المعنى يقول الشاعر يصف السحاب ‪ #‬شللربن بمللاء البحللر ثللم ترفعللت ‪%‬‬
‫متى لجج خضر لهن نئبج وفي الموطأ مرفوعللا وهللو احللد الحللاديث الربعللة‬
‫المقطوعة إذا نشأت سحابة بحريللة ثللم تشللاءمت فتلللك عيللن غديقللة فللالله‬
‫سبحانه ينشيء الماء في السحاب إنشاء تارة يقلب الهواء ماء وتارة يحمللله‬
‫الهواء من البحر فيلقح به السحاب ثم ينزل منه على الرض للحكم التي‬

‫ذكرناها ولو انه ساقه من البحر الى الرض جاريللا علللى ظهرهللا لللم يحصللل‬
‫عمللوم السللقي ال بتخريللب كللثير مللن الرض ولللم يحصللل عمللوم السللقي‬
‫لجزائها فصاعدة سبحانه اللى الجلو بلطفله وقلدرته ثلم انزلله عللى الرض‬
‫بغاية ملن اللطللف والحكمللة الللتي ل اقللتراح لجميللع عقللول الحكمللاء فوقهللا‬
‫فأنزله ومعه رحمته على الرض‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة البا لغة في إنزاله بقدر الحاجة حتى إذا اخذت‬
‫الرض حاجتها منه وكان تتابعه عليهللا بعللد ذلللك يضللرها اقلللع عنهللا واعقبلله‬
‫بالصحو فهما اعني الصحو والغيم يعتقبان على العالم لمللا فيلله صلللحه ولللو‬
‫دام احدهما كان فيه فساده فلو توالت المطار لهلكت ما علي الرض ولللو‬
‫زادت على الحاجة افسدت الحبللوب والثمللار وعفنللت الللزروع والخضللروات‬
‫وأرخت البدان وحشرت الهواء فحدثت ضللروب مللن المللراض وفسللد اكللثر‬
‫المآكل وتقطعت المسالك والسبل ولللو دام الصللحو لجفللت البللدان وغيللض‬
‫الماء وانقطع معين العيون والبار والنهللار والوديللة وعظللم الضللرر واحتللدم‬
‫الهواء فيبلس ملا عللى الرض وجفلت البلدان وغللب اليبلس واحلدث ذللك‬
‫ضروبا من المراض عسرة الزوال فاقتضت حكمة اللطيف الخبير ان عاقب‬
‫بين الصحو والمطر على هذا العالم فاعتللدل المللر وصللح الهللواء ودفللع كللل‬
‫واحد منهما عادية الخر واستقام امر العالم وصلح‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة اللهية في اخراج القوات والثمار والحبوب‬
‫والفواكه متلحقة شيئا بعد شيء متتابعة ولم يخلقها كلها جملة واحدة فانها‬
‫لو خلقت كذلك على وجه الرض ولم تكن تنبت على هذه السوق والغصان‬
‫لدخل الخلل وفاتت المصالح التي رتبت على تلحقها وتتابعها فإن كل فصل‬
‫واوان يقتضى من الفواكه والنبات غير ما يتقضلليه الفصللل الخللر فهللذا حللار‬
‫وهذا بارد وهذا معتدل وكل في فصله موافق للمصلحة ل يليللق بلله غيللر مللا‬
‫خلق فيه ثم انه سبحانه خلق تلك القوات مقارنة لمنافع اخللر مللن العصللف‬
‫والخشب والورق والنور والعسف والكرب وغيرها من منافع النبات والشجر‬
‫غير القوات كعلف البهائم وأداة البنية والسللفن والرحللال والوانللي وغيرهللا‬
‫ومنافع النور مللن الدويللة والمنظللر البهيللج الللذي يشللوق النللاظرين وحسللن‬
‫مرائي الشجر وخلقتها البديعة المشللاهدة لفاطرهللا ومبللدعها بغايللة الحكمللة‬
‫واللطف ثم إذا تأملت إخراج ذلك النور البهي مللن نفللس ذلللك الحطللب ثللم‬
‫الللورق الخضللر ثللم اخللراج تلللك الثمللار علللى اختلف أنواعهللا وأشللكالها‬
‫ومقاديرها وألوانها وطعومها وروائحها ومنافعها وما يراد منها ثللم تأمللل ايللن‬
‫كانت مستودعة في تلك الخشبة وهاتيك العيدان وجعلت الشجرة لها كالم‬

‫فهل كان في قدرة الب العاجز الضعيف إبراز هللذا التصللوير العجيللب وهللذا‬
‫التقدير المحكم وهذه الصباغ الفائقة وهذه الطعوم اللذيذة والروائح الطيبة‬
‫وهذه المناظر العجيبة فسل الجاحد من تولى تقللدير ذلللك وتصلليره وإبللرازه‬
‫وترتيبه شيئا فشيئا وسوق الغذاء اليه في تلللك العلروق اللطلاف الللتي يكلاد‬
‫البصر يعجز عن إدراكها وتلك المجاري الدقاق فمللن الللذي تللولى ذلللك كللله‬
‫ومن الذي اطلع لها الشمس وسخر لهللا الريللاح وأنللزل عليهللا المطللر ودفللع‬
‫عنها الفات وتامل تقدير اللطيف الخبير فإن الشجار لما كللانت تحتللاج الللى‬
‫الغذاء الدائم كحاجة الناس وسائر الحيوان ولم يكن لها قللوة أفللواه كللافواه‬
‫الحيوان ول حركة تنبعث بها لتناول الغذاء جعلت اصولها مركوزة في الرض‬
‫ليسرع بها الغذاء وتمتصلله مللن اسللفل الللثرى فتللؤديه الللى أغصللانها فتللؤديه‬
‫الغصان الى الورق والثمر كل للله شللرب معلللوم ل يتعللداه يصللل اليلله فللي‬
‫مجاري وطرق قد احكمت غاية الحكللام فتأخللذ الغللذاء مللن اسللفل فتلقملله‬
‫بعروقها كما يلتقم الحيوان غذاءه بفمه ثم تقسمه علللى حملهللا بحسللب مللا‬
‫يحتمله فتعطى كل جزء منه بحسب ما يحتاج اليه ل تظلمه ول تزيللده علللى‬
‫قدر حاجته فسل الجاحد من اعطاها هذا ومن هداها اليه ووضللعه فيهللا فلللو‬
‫اجتمع الولون والخرون هل كانت قدرتهم وإرادتهم تصللل الللى تربيللة ثمللرة‬
‫واحدة منها هكذا باشارة او نصاعة او حيلة او مزاولة وهل ذلك ال من صللنع‬
‫من شهدت له مصنوعاته دلت عليه آياته كما قيل ‪ # :‬فواعجبا كيف يعصللى‬
‫الله ‪ %‬ام كيف يجحده الجاحد ولله في كللل تحريكلله وتسللكينه ابللدا شللاهد‬
‫وفي كل شيء له آية ‪ %‬تدل على انه واحد‬
‫فصل ثم تأمل إذا نصبت خيمة او فسطاطا كيف تمده من كل جانب‬
‫بالطناب ليثبت فل يسقط ول يتعوج هكذا تجلد النبلات والشلجر لله علروق‬
‫ممتدة في الرض منتشرة الى كل جانب لتمسللكه وتقيملله وكلمللا انتشللرت‬
‫أعاليه امتدت عروقه واطنابه من اسفل في الجهات ولول ذلك كيللف كللانت‬
‫تثبت هذه النخيل الطوال الباسقات والدوح العظام علللى الريللاح العواصللف‬
‫وتأمل سبق الخلق اللهية للصناعة البشرية حتى يعلم النللاس نصللب الخيللم‬
‫والفساطيط مللن خلقلله للشللجر والنبللات لن عروقهللا اطنللاب لهللا كأطنللاب‬
‫الخيمة واغصان الشجر يتخذ منها الفساطيط ثم يحاكى بها الشجرة‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في خلق الورق فإنك ترى في الورقللة الواحللدة مللن‬
‫جملة‬
‫العروق‬

‫الممتدة فيها المبثوثة فيها ما يبهللر النلاظر فمنهلا غلظ ممتللدة فلي الطلول‬
‫والعرض ومنها دقاق تتخلل تلك الغلظ منسوجة نسجا دقيقا معجبا لللو كللان‬
‫مما يتولى البشر صنع مثله بأيللديهم لمللا فرغللوا مللن ورقللة فللي عللام كامللل‬
‫ولحتاجوا فيه الللى آلت وحركللات وعلج تعجللز قللدرتهم عللن تحصلليله فبللث‬
‫الخلق العليم في أيام قلئل من ذلك ما يمل الرض سهلها وجبالهللا بل آلت‬
‫ول معين ول معالجة ان هي إل ارادته النافذة في كل شيء وقللدرته الللتي ل‬
‫يمتنع منها شيء إنمللا امللره إذا اراد شلليئا ان يقللول للله كللن فيكللون فتأمللل‬
‫الحكمة في تلللك العللروق المتخللللة الورقللة باسللرها لتسللقيها وتوصللل اليهللا‬
‫المادة فتحفظ عليها حياتها ونضارتها بمنزلللة العللروق المبثوثللة فللي البللدان‬
‫التي توصل الغذاء الللى كللل جللزء منلله وتأمللل مللا فللي العللروق الغلظ مللن‬
‫إمساكها الورق بصلبتها ومتانتها لئل تتمزق وتضمحل فهي بمنزلة العصللاب‬
‫لبدن الحيوان فتراها قد أحكمت صنعتها ومدت العروق في طولها وعرضللها‬
‫لتتماسك فل يعرض لها التمزق‬
‫فصل ثم تأمل حكمة اللطيف الخبير في كونها جعلت زينة للشجر وسترا‬
‫ولباسا للمثرة ووقاية لها مللن الفللات الللتي تمنللع كمالهللا ولهللذا إذا جللردت‬
‫الشجرة عن ورقها فسدت الثمرة ولم ينتفع بها وانظللر كيللف جعلللت وقايللة‬
‫لمنبت الثمرة الضعيفة من اليبس فإذا ذهبت الثمرة بقي الورق وقاية لتلللك‬
‫الفنان الضعيفة من الحللر حللتى إذا طفئت تللك الجمللرة ولللم يضللر الفنللان‬
‫عراها من ورقها وسلبها إياه لتكتسى لباسا جديللدا احسللن منلله فتباركللا لللله‬
‫رب العالمين الذي يعلم مساقط تلك الوراق ومنابتها فل تخللرج منهللا ورقللة‬
‫ال باذنه ول تسقط ال بعلمه ومع هذا فلو شاهدها العبادعلى كثرتها وتنوعهللا‬
‫وهي تسبح بحمد ربها مع الثمار والفنان والشجار لشاهدوا من جمالها امرا‬
‫آخر ولراوا خلقتها بعين اخرى ولعلملوا انهللا لشلأن عظيللم خلقللت وأنهللا للم‬
‫تخلق سدى قال تعالى ^ والنجم والشجر يسجدان ^ فللالنجم مللا ليللس للله‬
‫ساق من النبات والشجر ماله ساق وكلها ساجدة لله مسبحة بحمده ^ وان‬
‫من شيء ال يسبح بحمده ولكن ل تفقهون تسبيحهم إنه كللان حليمللا غفللورا‬
‫^ ولعلك ان تكون ممن غلظ حجابه فللذهب الللى ان التسللبيح دللتهللا علللى‬
‫صانعها فقط فاعلم ان هذا القول يظهر بطلنه من اكثر من ثلثين وجها قللد‬
‫ذكرنا اكثرها في موضع آخر وفي أي لغة تسمى الدللة على الصانع تسبيحا‬
‫وسجودا وصلة وتاويبا وهبوطا من خشيته كمللا ذكللر تعللالى ذلللك فللي كتللابه‬
‫فتارة يخبر عنها بالتسللبيح وتللارة بالسللجود وتللارة بالصلللة كقللوله تعللالى ^‬
‫والطير صافات كل قد علم صلته وتسبيحه ^ افترى يقبل عقلللك ان يكللون‬
‫معنى الية قد علم الله دللته عليه وسمى تلك الدللة صلة وتسبيحا وفللرق‬
‫بينهما وعطف احدهما‬

‫على الخر وتارة يخبر عنها بالتأويب كقوله ^ يا جبللال اوبللي معلله ^ وتللارة‬
‫يخبر عنهللا بالتسللبيح الخللاص بللوقت دون وقللت كالعشللى والشللراق أفللترى‬
‫دللتها على صللانعها إنمللا يكللون فللي هللذين الوقللتين وبالجملللة فبطلن هللذا‬
‫القول اظهر لذوي البصائر من ان يطلبوا دليل على بطلنه والحمد لله‬
‫فصل ثم تأمل حكمته سبحانه في إبداع العجللم والنللوى فللي جللوف الثمللرة‬
‫وما‬
‫في ذلك من الحكلم والفلوائد اللتي منهلا انله كلالعظم لبلدن الحيلوان فهلو‬
‫يمسك بصلبته رخاوة الثمرة ورقتها ولطافتها ولول ذلك لشدخت وتفسللخت‬
‫ولسرع اليها الفساد فهو بمنزلة العظم ولثمرة بمنزلة اللحم الذي يكسللوه‬
‫الله عز وجل العظام ومنها ان في ذلك بقاء المادة وحظفها إذ ربما تعطلت‬
‫الشجرة او نوعها فخلق فيها ما يقوم مقامها عند تعطلهللا وهللو النللوى الللذي‬
‫يغرس فيعود مثلها ومنها ما في تلك الحبوب من أقوات الحيوانات وما فيهللا‬
‫من المنافع والدهان والدويللة والصللباغ وضللروب اخللر مللن المصللالح الللتي‬
‫يتعلمها الناس وما خفي عليهم منها اكثر فتأمل الحكمة في اخراجه سبحانه‬
‫هذه الحبوب لمنافع فيها وكسوتها لحما لذيللذا شللهيا يتكفلله بلله ابللن آدم ثللم‬
‫تأمل هذه الحكمة البديعة في ان جعل للثمرة الرقيقة اللطيفة التي يفسدها‬
‫الهواء والشمس غلفا يحفظها وغشاء يواريها كالرمان والجوز واللوز ونحوه‬
‫وأما مال يفسد إذا كان بارزا فجعللل للله اول خروجلله غشللاء يللواريه لضللعفه‬
‫ولقلة صبره على الحر فللإذا اشللتد وقللوى تفتللق عللن ذلللك الغشللاء وضللحى‬
‫للشمس والهواء كطلع النخل وغيره‬
‫فصل ثم تأمل خلقه الرمان ومللاذا فيلله مللن الحكللم والعجللائب فإنللك تللرى‬
‫داخل‬
‫الرمانة كأمثال القلل شحما متراكما فللي نواحيهللا وتللرى ذلللك الحللب فيهللا‬
‫مرصللوفا رصللفا ومنضللودا نضللدا لتمكللن اليللدي ان تنضللده وتللرى الحللب‬
‫مقسللوما اقسللاما وفرقللا وكللل قسللم وفرقللة منلله ملفوفللا بلفللائف وحجللب‬
‫منسوجة اعجب نسج والطفه وأدقه على غير منوال ال منوال ^ كن فيكون‬
‫^ ثم ترى الوعاء المحكم الصلب قد اشللتمل علللى ذلككللله وضللمه احسللن‬
‫ضم فتأمل هذه الحكمة البديعة في الشحم المودع فيهللا فللإن الحللب ل يملد‬
‫بعضه بعضا إذ لو مللد بعضلله بعضللا لختلللط وصللار حبللة واحللدة فجعللل ذلللك‬
‫الشحم خلله ليمده بالغذاء والدليل عليه انك ترى اصول الحب مركوزة في‬
‫ذلك الشحم وهذا بخلف حب العنب فإنه استغنى عن ذلللك بللان جعللل لكللل‬
‫حبة مجرى تشرب منه فل تشللرب حللق اختهللا بللل يجللرى الغللذاء فللي ذلللك‬
‫العرق مجرى واحدا ثم ينقسم منه في مجاري الحبوب كلها فينبعث منه في‬
‫كل مجرى غذاء تلك‬

‫الحبة فتبارك الله احسن الخالقين ثم انه لف ذلك الحللب فللي تلللك الرمانللة‬
‫بتلك اللفائف ليضمه ويمسللكه فل يضللطرب وليتبللدد ثللم غشللى فللوق ذلللك‬
‫بالغشاء الصلب صونا له وحفظا وممسكا له بللاذن الللله وقللدرته فهللذا قليللل‬
‫من كثير من حكمة هذه الثمرة الواحدة وليمكننا ولغيرنا استقصاء ذلك ولو‬
‫طالت اليام واتسع الفكر ولكللن هللذا منبلله علللى مللا وراءه واللللبيب يكتفللى‬
‫ببعض ذلك وأما مللن غلبللت عليلله الشللقاوة وكللأين مللن آيللة فللي السللموات‬
‫والرض يمرون عليها وهم عنها معرضون غافلون عن موضع الدللة فيها‬
‫فصل ثم تأمل هذا الريع والنماء الذي وضعه الله في الزرع حتى صارت‬
‫الحبة الواحدة ربما انبتت سبعمائة حبة ولو انبتت الحبة حبة واحدة مثلهللا ل‬
‫يكون في الغلللة متسللع لملا يللرد فللي الرض ملن الحللب ومللا يكفللي النللاس‬
‫ويقوت الزارع الى إدراك زرعه فصار الزرع بريع هذا الريع ليفي بمللا يحتللاج‬
‫اليه للقوت والزراعة وكذلك ثمللار الشللجار والنخيللل وكللذلك مللا يخللرج مللع‬
‫الصل الواحد منها من الصنوان ليكون لما يقطعه النللاس ويسللتعلمونه فللي‬
‫مآربهم خلفا فلتبطل المادة عليهم ول تنقص ولو ان صللاحب بلللد مللن البلد‬
‫أراد عمارته لعطى اهله ما يبللذرونه فيهللم ومللا يقيتهللم الللى اسلتواء الللزرع‬
‫فاقتضت حكمة اللطيف الخبير ان اخرج مللن الحبللة الواحللدة حبللات عديللدة‬
‫لبقيت الخارج الناس ويدخرون منه ما يزرعون‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في الحبللوب كللالبر والشللعير ونحوهمللا كيللف يخللرج‬
‫الحب‬
‫مدرجا في قشور علللى رؤسللها امثللال السللنة فل يتمكللن جنللد الطيللر مللن‬
‫افسادها والعبث فيها فإنه لو صلادف الحلب بلارزا ل صلوان عليله ول وقايلة‬
‫تحول دونه لتمكن منه كل التمكن فأفسدوا عاب وعاث وأكب عليلله أكل مللا‬
‫اسللتطاع وعجللز اربللاب الللزرع عللن رده فجعللل اللطيللف الخللبير عليلله هللذه‬
‫الوقايات لتصونه فينال الطير منه مقدار قللوته ويبقللى اكللثره للنسللان فللإنه‬
‫اولى به لنه هو الذي كدح فيه وشللقى بله وكلان اللذي يحتللاج اليله اضللعاف‬
‫حاجة الطير‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة الباهرة في هذه الشجار كيف تراها في كل عام‬
‫لها حمل ووضع فهي دائما في حمل وولدة فإذا اذن لهللا ربهللا فللي الحمللل‬
‫احتبست الحرارة الطبيعية في داخلها واختبأت فيها ليكون فيهللا حملهللا فللي‬
‫الوقت المقدر لها فيكون ذلك الوقت بمنزلة وقت العلوق ومبدأ‬

‫تكوين النطف فتعمل المادة في اجوافها عملها وتهيئها للعلللوق حللتى إذا آن‬
‫وقت الحمل دب فيها الماء فلنت اعطافها وتحركللت للحمللل وسللرى المللاء‬
‫فللي افنانهللا وانتشللرت فيهللا الحللرارة والرطوبللة حللتى إذا آن وقللت الللولدة‬
‫كسيت من سائر الملبس الفاخرة من النور والورق ما تتبخر فيه وتميس به‬
‫وتفخر على العقيم فإذا ظهرت اولدها وبان للناظر حملها علم حينئذ كرمهللا‬
‫وطيبها من لؤمها وبخلها فتولى تغذية ذلك الحمل مللن تللولى غللذاء الجنحللة‬
‫في بطللون امهاتهللا وكسللاها الوراق وصللانها مللن الحللر والللبرد فللإذا تكامللل‬
‫الحمل وآن وقت الفطام تدلت اليك أفنانهللا كأنمللا تناولللك ثمللرة درهللا فللإذا‬
‫قابلتها رايت الفنان كأنها تلقاك بأولدها وتحييك وتكرمك بهم وتقدمهم اليك‬
‫حتى كأن منا ول يناولك إياهم بيده ول سلليما قطللوف جنللات النعيللم الدانيللة‬
‫التي يتناولها المؤمن قائما وقاعدا ومضللطجعا وكللذلك تللرى الريللاحين كأنهللا‬
‫تحييك بانفاسها وتقابلك بطيب رائحتها وكل هللذا إكرامللا لللك وعنايللة بللأمرك‬
‫وتخصيصا لك وتفضيل على غيرك من الحيوانات أفيجمل بك الشتغال بهللذه‬
‫النعم عن المنعم بهللا فكيللف إذا اسللتعنت بهللا علللى معاصلليه وصللرفتها فللي‬
‫مساخطه فكيف إذا جحدته واضفتها الى غيره كما قال ^ وتجعلللون رزقكللم‬
‫انكم تكذبون ^ فجدير بمن له مسكة من عقل ان يسافر بفكللره فللي هللذه‬
‫النعم واللء ويكرر ذكرها لعله يللوقفه علللى المللراد منهللا مللاهو ولي شلليء‬
‫خلق ولماذا هيء وأي امر طلب منه على هذه النعم كما قال تعالى واذكروا‬
‫آلء الله لعلكم تفلحون فذكر آلئه تبارك وتعللالى ونعملله علللى عبللده سللبب‬
‫الفلح والسللعادة لن ذلللك ل يزيللده ال محبللة لللله وحمللدا وشللكرا وطاعللة‬
‫وشهود تقصيره بل تفريطه في القليل مما يجب لله عليه ولللله در القللائل ‪:‬‬
‫‪ #‬قد هيؤك لمر لو فطنت له ‪ %‬فاربأ بنفسك ان ترعى مع الهمل‬
‫فصل ثم تأمللل الحكمللة فللي شللجرة اليقطيللن والبطيللخ والجللزر كيللف لمللا‬
‫اقتضت‬
‫الحكمة ان يكون حمله ثمارا كبارا جعللل نبللاته منبسللطا علللى الرض إذ لللو‬
‫انتصب قائما كما ينتصب الزرع لضعفت قوته عن حمل هللذه الثمللار الثقيلللة‬
‫ولنقصت قبل أدراكها وانتهائها الى غاياتها فاقتضت حكمللة مبللدعها وخالقهللا‬
‫ان بسطه ومده على الرض ليلقى عليها ثماره فتحملهللا عنلله الرض فللترى‬
‫العرق الضعيف الدقيق من ذلك منبسطا على الرض وثماره مبثوثة حللواليه‬
‫كأنهللا حيللوان قللد اكتنفهللا اجراؤهللا فهللي ترضللعهم ولمللا كللان شللجر اللوبيللا‬
‫والباذنجان والباقلء وغيرها مما يقوى على حمللل ثمرتلله انتبلله الللله منتصللبا‬
‫قائما على ساقه إذ ل يلقى من حمل ثماره مؤنة ول يضعف عنه‬

‫ثم تأمل كيف اقتضت الحكمة اللهية موافات اصناف الفواكه والثمار للناس‬
‫بحسب الوقت المشاكل لها المقتضى لها فتوافيهم كموافاة المللاء للظمللآن‬
‫فتتلقاها الطبيعة بانشراح واشتياق منتظرة لقدومها كانتظار الغائب للغللائب‬
‫فلو كان نبات الصيف انما يللوافي فللي الشللتاء لصللادف مللن النللاس كراهيللة‬
‫واستثقال بوروده مع ما كان فيه من المضرة للبدان والذى لهللا وكللذلك لللو‬
‫وافى ما في ربيعها في الخريف او ما في خريفهللا فللي الربيللع لللم يقللع مللن‬
‫النفوس ذلك الموقع ول استطابته واستلذته ذلك اللتذاذ ولهذا تجد المتللأخر‬
‫منهللا عللن وقتلله مملللول محلللول الطعللم ول يظللن ان هللذا لجريللان العللادة‬
‫المجردة بذلك فإن العادة إنما جرت به لنه وفق الحكمة والمصلحة الللتي ل‬
‫يخل بها الحكيم الخبير‬
‫فصل ثم تأمل هذه النخلة التي هي احدى آيات الله تجد فيها من‬
‫اليات والعجائب ما يبهرك فللإنه لمللا قللدر ان يكللون فيلله انللاث تحتللاج الللى‬
‫اللقاح جعلت فيها ذكور تلقحها بمنزلة الحيوان واناثه ولذلك اشتد شبهها من‬
‫بين سائر الشجار بالنسان خصوصللا بللالمؤمن كمللا مثللله النللبي وذلللك مللن‬
‫وجوه كثيرة احدها ثبات اصلها في الرض واسللتقراره فيهللا وليسلت بمنزلللة‬
‫الشجرة التي اجتثت من فوق الرض مالهللا ملن قللرار الثلاني طيللب ثمرتهلا‬
‫وحلوتها وعموم المنفعة بها كذلك المللؤمن طيللب الكلم طيللب العمللل فيلله‬
‫المنفعة لنفسه ولغيره الثالث دوام لباسها وزينتها فل يسقط عنهللا صلليفا ول‬
‫شتاء كذلك المؤمن ل يزول عنه لباس التقوى وزينتها حتى يوافي ربه تعالى‬
‫الرابع سهولة تناول ثمرتها وتيسره اما قصيرها فل يحوج المتناول ان يرقاها‬
‫واما باسقها فصعوده سهل بالنسبة الى صعودالشجر الطوال وغيرها فتراها‬
‫كأنها قد هيئت منها المراقي والدرج الى اعلها وكذلك المؤمن خيللره سللهل‬
‫قريب لمن رام تناوله ل بالغر ول باللئيم الخامس ان ثمرتها مللن انفللع ثمللار‬
‫العالم فإنه يؤكل رطبه فاكهة وحلوة ويابسه يكون قوتا وادما وفاكهة ويتخذ‬
‫منه الخل والناطف والحلوى ويدخل في الدوية والشربة وعموم المنفعة به‬
‫وبالعنب فوق كل الثمار وقد اختلف الناس في ايهمللا انفللع وافضللل وصللنف‬
‫الجاحظ في المحاكمللة بينهمللا مجلللدا فأطللال فيهللا الحجللاج والتفضلليل مللن‬
‫الجانبين وفصل النزاع في ذلك ان النخل في معدنه ومحل سلللطانه افضللل‬
‫من العنب وأعم نفعا واجدى على اهله كالمدينة والحجللاز والعللراق والعنللب‬
‫في معدنه ومحللل سلللطانه افضللل وأعللم نفعللا واجللدى علللى أهللله كالشللام‬
‫والجبال والمواضع الباردة التي ل تقبل النخيللل وحضللرت مللرة فللي مجلللس‬
‫بمكللة فيلله مللن أكللابر البلللد فجللرت هللذه المسللئلة وأخللذ بعللض الجماعللة‬
‫الحاضرين يطنب في تفضيل النخل‬

‫وفوائده وقال في أثناء كلمه ويكفي فلي تفضليله انلا نشلتري بنلواه العنلب‬
‫فكيف يفضل عليه ثمر يكون نواه ثمنا له وقال آخر من الجماعللة قللد فصللل‬
‫النبي النزاع في هذه المسئلة وشفى فيهلا بنهيله علن تسلمية شلجر العنلب‬
‫كرما وقال الكرم قلب المؤمن فاي دليل ابين من هذا واخذوا يبللالغون فللي‬
‫تقرير ذلك فقلت للول ما ذكرته مللن كللون نللوى التمللر ثمنللا للعنللب فليللس‬
‫بدليل فإن هذا له اسباب احدها حاجتكم الى النوى للعلللف فيرغللب صللاحب‬
‫العنب فيه لعلف ناضللحه وحمللولته الثللاني ان نللوى العنللب ل فللائدة فيلله ول‬
‫يجتمع الثالث ان العناب عندكم قليلة جدا والتمر اكثر شيء عنللدكم فيكللثر‬
‫نواه فيشترى به الشيء اليسير من العنب وأما في بلد فيها سلطان العنللب‬
‫فل يشترى بالنوى منه شيء ول قيمللة لنللوى التمللر فيهللا وقلللت لمللن احتللج‬
‫بالحديث هذا الحديث من حجللج فضللل العنللب لنهللم كللانوا يسللمونه شللجرة‬
‫الكرم لكثرة منافعه وخيره فإنه يؤكل رطبا ويابسللا وحلللوا وحامضللا وتجنللى‬
‫منه أنواع الشربة والحلوى والدبس وغير ذلللك فسللموه كرمللا لكللثرة خيللره‬
‫فأخبرهم النبي ان قلب المؤمن احق منه بهذه التسمية لكثرة مللا اودع الللله‬
‫فيه من الخير والبركة والرحمللة والليللن والعللدل والحسللان والنصللح وسللائر‬
‫انواع البر والخير التي وضعها الله في قلب المؤمن فهللو احللق بللأن يسللمى‬
‫كرما من شجر العنب ولم يرد النبي ابطال ما في شجر العنب مللن المنللافع‬
‫والفوائد وان تمسيته كرما كذب وانها لفظة ل معنى تحتها كتسللمية الجاهللل‬
‫عالما والفاجر برا والبخيل سخيا ال ترى انه لم ينف فوائد شجر العنب وإنما‬
‫اخبر عنه ان قلللب الملؤمن اغللزر فللوائد واعظللم منلافع منهلا هللذا الكلم او‬
‫قريب منه جرى في ذلك المجلس وأنت إذا تدبرت قول النللبي الكللرم قلللب‬
‫المؤمن وجدته مطابقا لقوله في النخلة مثلهللا مثللل المسلللم فشللبه النخلللة‬
‫بالمسلم في حلديث ابلن عملر وشلبه المسللم بلالكرم فلي الحلديث الخلر‬
‫ونهاهم ان يخصوا شجر العنللب باسللم الكللرم دون قلللب الملؤمن وقللد قللال‬
‫بعض الناس في هذا معنى آخر وهو انه نهاهم عن تسمية شجر العنب كرمللا‬
‫لنه يقتنى منلله ام الخبللائث فيكللره ان يسللمى باسللم يرغللب النفللوس فيهللا‬
‫ويحضهم عليها من باب سد الللذرائع فللي اللفللاظ وهللذا ل بللأس بلله لللول ان‬
‫قوله فإن الكرم قلب المؤمن كالتعليل لهذا النهي والشللارة الللى انلله اولللى‬
‫بهذه التسمية من شجر العنب ورسول الله اعلم بما اراد من كلملله فالللذي‬
‫قصده هو الحق وبالجملة فالله سبحانه علدد عللى عبلاده ملن نعمله عليهلم‬
‫ثمرات النخيل والعناب فساقها فيما عدده عليهم من نعملله والمعنللى الول‬
‫اظهر من المعنى الخر إن شللاء الللله فللإن أم الخبللائث تتخللذ مللن كللل ثمللر‬
‫كالنخيل كما قال تعالى ^ ومن ثمرات النخيل والعناب تتخذون منله سلكرا‬
‫ورزقا حسلنا ^ وقلال انلس نلزل تحريلم الخملر وملا بالمدينلة ملن شلراب‬
‫العناب شيء وإنما كان شراب القوم الفضيخ المتخللذ مللن التمللر فلللو كللان‬
‫نهيه عن تسمية شجر العنب‬

‫كرما لجل المسكر لم يشبه النخلة بالمؤمن لن المسللكر يتخللذ منهللا والللله‬
‫اعلم الوجه السادس من وجوه التشبيه ان النخلة اصبر الشجر على الريللاح‬
‫والجهد وغيرها من الدوح العظام تميلها الريللح تللارة وتقلعهللا تللارة وتقصللف‬
‫افنانها ول صبر لكثير منها على العطش كصبر النخلة فكذلك المؤمن صللبور‬
‫على البلء ل تزعزعه الرياح السللابع ان النخلللة كلهللا منفعللة ل يسللقط منهللا‬
‫شيء بغير منفعة فثمرها منفعة وجذعها فيه من المنافع مللال يجهللل للبنيللة‬
‫والسقوف وغير ذلك وسعفها تسقف بلله الللبيوت مكللان القصللب ويسللتر بلله‬
‫الفرج والخلل وخوصها يتخذ منه المكاتللل والزنابيللل وأنللواع النيللة والحصللر‬
‫وغيرها وليفها وكربها فيه من المنافع ما هومعلللوم عنللد النللاس وقللد طللابق‬
‫بعض الناس هذه المنافع وصفات المسلم وجعل لكل منفعة منها صللفة فللي‬
‫المسلم تقابلها فلما جللاء الللى الشللوك الللذي فللي النخلللة جعللل بللإزائه مللن‬
‫المسلم صفة الحدة على أعداء الله واهل الفجور فيكون عليهم في الشللدة‬
‫والغلظة بمنزلة الشوك وللمؤمنين والمتقين بمنزلة الرطللب حلوة ولينللا ^‬
‫اشداء على الكفار رحماء بينهم ^ الثامن انها كلما اطال عمرها ازداد خيرها‬
‫وجاد ثمرها وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيره وحسن عمله التاسللع‬
‫ان قلبها من اطيب القلوب واحله وهذا امللر خصللت بلله دون سللائر الشللجر‬
‫وكذلك قلب المؤمن من ايطب القلوب العاشر انها ليتعطللل نفعهللا بالكليللة‬
‫ابدا بل إن تعطلت منها منفعه ففيها منافع اخر حتى لو تعطلت ثمارها سللنة‬
‫لكان للنسا في سعفها وخوصها وليفها وكربها منافع وهكذا المللؤمن ل يخلللو‬
‫عن شيء من خصال الخير قط ان اجدب منه جانب من الخير اخصللب منلله‬
‫جانب فل يزال خيره مأمول وشره مأمونا في الترمللذي مرفوعلا اللى النلبي‬
‫خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم مللن ل يرجللى خيللره ول يللؤمن‬
‫شره فهذا فصل معترض ذكرناه استطرادا للحكمة في خلق النخلللة وهيئتهللا‬
‫فلنرجع اليه فتأمل خلقة الجللذع الللذي لهللا كيللف هللو تجللده كالمنسللوج مللن‬
‫خيوط ممدودة كالسدا وأخرى معترضة كاللحمة كنحو المنسوج باليللد وذلللك‬
‫لتشتد وتصلب فل تتقصف من حمل الحيوان الثقيل وتصبر على هللز الريللاح‬
‫العاصفة ولبثها في السقوف والجسور والواني وغيللر ذلللك ممللا يتخللذ منهللا‬
‫وهكذا سائر الخشب وغيرها إذا تأملته شبه النسج ول تللراه مصللمتا كللالحجر‬
‫الصلد بل ترى بعضه كأنه داخل بعضللا طللول وعرضللا كتللداخل اجللزاء اللحللم‬
‫بعضها في بعض فإن ذلك امتن له وأهيأ لما يراد منلله فللإنه لللو كللان مصللمتا‬
‫كالحجللارة لللم يمكللن ان يسللتعمل فللي اللت والبللواب والوانللي والمتعللة‬
‫والسرة والتوابيت ومللا اشللبهها ومللن بللديع الحكمللة فللي الخشللب ان جعللل‬
‫يطفو على الماء وذلك للحكمة البالغة إذ لول ذلللك لمللا كللانت هللذه السللفن‬
‫تحمل امثال الجبال من الحمولت والمتعة وتمخر البحر مقبلة ومدبرة ولول‬
‫ذلك لما تهيأ للناس هذه المرافق لحمللل هللذه التجللارات العظيمللة والمتعللة‬
‫الكثيرة‬

‫ونقلها من بلد الى بلد من حيث لو نقلت في البر لعظمت المؤنة فللي نقلهللا‬
‫وتعذر على الناس كثير من مصالحهم‬
‫فصل ثم تأمل احوال هذه العقاقير والدوية التي يخرجها الله من‬
‫الرض وما خص به كل واحد منها وجعل عليه من العمل والنفع فهللذا يغللور‬
‫في المفاصل فيستخرج الفضول الغليظة القاتلة لو احتسبت وهذا يسللتخرج‬
‫المرة السوداء وهذا يستخرج المرة الصفراء وهذا يحلل الورام وهذا يسكن‬
‫الهيجان والقلق وهذا يجلب النلوم ويعيللده إذا اعلوزه النسلان وهللذا يخفلف‬
‫البدن إذا وجد الثقل وهذا يفرح القلب إذا تراكمت عليه الغمللوم وهللذا يجلللو‬
‫البلغم ويكشطه وهذا يحد البصر وهللذا يطيللب النكهللة وهللذا يسللكن هيجللان‬
‫الباءة وهذا يهيجها وهذا يللبرد الحللرارة ويطفئهللا وهللذا يقتللل الللبرودة ويهيللج‬
‫الحرارة وهذا يدفع ضرر غيره من الدوية والغذية وهذا يقاوم بكيفيته كيفية‬
‫غيره فيعتدلن فيعتدل المزاج بتناولهما وهذا يسلكن العطلش وهلذا يصلرف‬
‫الرياح الغليظة ويطردها وهذا يعطي اللون إشراقا ونضللارة وهللذا يزيللد فللي‬
‫أجزاء البللدن بالسللمن وهللذا ينقللص منهللا وهللذا يللدبغ المعللدة وهللذا يجلوهللا‬
‫ويغسلها الى أضعاف ذلك مما ل يحصيه العباد فسل المعطل من جعل هللذه‬
‫المنافع والقوى في هذه النباتات والحشائش والحبوب والعروق ومن اعطى‬
‫كل منها خاصيته ومن هدى العباد بل الحيوان الى تناول ما ينفع منه ترك ما‬
‫يضر ومن فطن لها الناس والحيوان البهيللم وبللأي عقللل وتجربللة كللان يقللف‬
‫على ذلك ويعرف ما خلق له كما زعم من قل نصيبه من التوفيق لول انعللام‬
‫الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى وهب ان النسان فطللن لهللذه الشللياء‬
‫بذهنه وتجاربه وفكره وقياسه فمن الذي فطن لها البهائم في اشللياء كللثيرة‬
‫منها مال يهتدي اليها النسان حتى صللار بعللض السللباع يتللداوى مللن جراحلله‬
‫ببعض تلك العقاقير من النبات فيبرأ فمن الذي جعله يقصد ذلك النبات دون‬
‫غيره وقد شوهد بعض الطير يحتقن عند الحصللر بمللاء البحللر فيسللهل عليلله‬
‫الخارج وبعض الطير يتناول اذا اعتل شيئا من النبات فتعود صحته وقللد ذكللر‬
‫الطباء في مبادئ الطب في كتبهللم مللن هللذا عجللائب فسللل المعطللل مللن‬
‫الهمها ذلك ومن ارشدها اليه ومن دلها عليه افيجوز ان يكون هللذا مللن غيللر‬
‫مدبر عزيز حكيللم وتقللدير عزيللز عليللم وتقللدير لطيللف خللبير بهللرت حكمتلله‬
‫العقول وشهدت له الفطر بما استودعها من تعريفه بأنه الله الذي ل إللله إل‬
‫هو الخالق البارئ المصور الذي ل تنبغي العبادة ال له وإنه لو كان معلله فللي‬
‫سمواته وارضه اله سواه لفسللدت السللموات والرض واختللل نظللام الملللك‬
‫فسبحانه وتعالى عمللا يقللول الظللالمون والجاحللدون علللوا كللبيرا ولعلللك ان‬
‫تقول ما حكمة هذا النبات المبثوث في الصحارى‬

‫والقفار والجبال التي ل انيس بها ول ساكن وتظن انه فضلة ل حاجة اليه ول‬
‫فائدة في خلقه وهذامقدار عقلك ونهاية علمك فكم لباريه وخالقه فيلله مللن‬
‫حكمة وآيللة مللن طعللم أوحللش وطيللر ودواب مسللاكنها حيللث لتراهللا تحللت‬
‫الرض وفوقها فذلك بمنزلة مائدة نصبها الله لهذه الطيللور والللدواب تتنللاول‬
‫منها كفايتها ويبقى الباقي كمللا يبقللى الللرزق الواسللع الفاضللل عللن الضلليف‬
‫لسعة رب الطعام وغناه التام وكثرة إنعامه‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة البالغة في اعطائه سبحانه بهيمة النعام‬
‫السماع والبصار ليتم تناولها لمصللالحها ويكمللل انتفللاع النسللان بهللا إذ لللو‬
‫كانت عمياء او صماء لم يتمكن من النتفاع بها ثم سلبها العقللول علللى كللبر‬
‫خلقها التي للنسان ليتم تسللخيره اياهللا فيقودهللا ويصللرفها حيللث شللاء وللو‬
‫اعطيت العقول على كبر خلقها لمتنعت من طللاعته واستعصللت عليلله ولللم‬
‫تكن مسخرة له فأعطيت من التمييز والدراك ما تتم به مصلحتها ومصلللحة‬
‫من ذلك له وسلبت من الذهن والعقل ما ميز به عليها النسان وليظهر ايضا‬
‫فضيلة التمييز والختصاص ثم تأمل كيف قادهللا وذللهللا علللى كللبر اجسللامها‬
‫ولم يكن يطيقها لول تسللخيره قللال الللله تعللالى ^ وجعللل لكللم مللن الفلللك‬
‫والنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكللم إذا اسللتويتم‬
‫عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا للله مقرنيللن ^ أي مطيقيللن‬
‫ضابطين وقال تعالى ^ او لم يروا انا خلقنللا لهللم ممللا عملللت ايللدينا انعامللا‬
‫فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركللوبهم ومنهللا يللأكلون ^ فللترى البعيللر‬
‫على عظم خلقته يقوده الصبي الصغير ذليل منقادا ولو ارسلل عليله لسلواه‬
‫بالرض ولفصله عضوا عضوا فسل المعطل من الذي ذلللله وسللخره وقللاده‬
‫على قوته لبشر ضعيف من اضعف المخلوقات وفرغ بللذلك التسللخير النللوع‬
‫النساني لمصالح معاشه ومعاده فإنه لو كان يزاول من العمللال والحمللال‬
‫ما يزاول الحيوان لشغل بذلك عن كثير من العمال لنه كللان يحتللاج مكللان‬
‫الجمل الواحد الى عدة أناسى يحملللون اثقللاله وحمللله ويعجللزون عللن ذلللك‬
‫وكان ذلك يستفرغ اوقاتهم ويصدهم عن مصالحهم فأعينوا بهللذه الحيوانللات‬
‫مع مالهم فيها مللن المنللافع الللتي ل يحصلليها ال الللله مللن الغللذاء والشللراب‬
‫والللدواء واللبللاس والمتعللة واللت والوانللي والركللوب والحللرث والمنللافع‬
‫الكثيرة والجمال‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في خلق الت البطش في الحيوانات من النسان‬
‫وغيره فالنسان لما خلق مهيئا لمثل هلذه الصلناعات ملن البنلاء والخياطلة‬
‫والكتابة وغيرها خلق له كف‬

‫مستدير منبسط واصابع يتمكللن بهللا مللن القبللض والبسللط والطللي والنشللر‬
‫والجمع والتفريق وضم الشيء الى مثله والحيوان البهيم لما لللم يتهيللأ لتلللك‬
‫الصنائع لم يخلق له تلك الكف والصابع بل لما قدر ان يكللون غللذاء بعضللها‬
‫من صيده كالسباع خلق له اكف لطافه مدمجة ذوات براثن ومخللالب تصلللح‬
‫لقتتاص الصيد ول تصلح للصناعات هذا كللله فللي أكلللة اللحللم مللن الحيللوان‬
‫واما اكله النبات فلما قدر انها لتصطاد ول صللنعة لهللا خلللق لبعضللها اظلفللا‬
‫تقيها خشونة الرض إذا جالت في طلب المرعللي ولبعضللها حللوافر ملململلة‬
‫مقعرة كأخمص القدم لتنطبللق علللى الرض وتهيللأ للركللوب والحمولللة ولللم‬
‫يخلق لها براثن ول انيابا لن غذاءها ل يحتاج الى ذلك‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في خلقة الحيوان الذي يأكل اللحم من البهائم‬
‫كيف جعلت له اسنان حداد وبراثن شداد واشللداق مهرونللة وافللواه واسللعة‬
‫واعينت بأسلحة وأدوات تصلح للصيد والكل ولذلك تجد سللباع الطيللر ذوات‬
‫مناقير حداد ومخالب كالكلليب ولهذا حرم النبي كللل ذي نللاب مللن السللباع‬
‫ومخلب من الطير لضرره وعدوانه وشره والمغتذى شبيه بالغاذيفلو اغتللذى‬
‫بها النسان لصار فيه من اخلقها وعدوانها وشرها ما يشابهها به فحرم على‬
‫المة اكلها ولم يحرم عليهم الضبع وان كان ذا ناب فللإنه ليللس مللن السللباع‬
‫عند احد من المم والتحريم إنما كان لما تضمن الوصفين ان يكللون ذا نللاب‬
‫وان يكون من السباع ول يقال هذا ينتقض بالسبع إذا لللم يكللن للله نللاب لن‬
‫هذا لم يوجد أبدا فصلوات الله وسلمه على من اوتي جوامع الكلم فأوضللح‬
‫الحكام وبين الحلل والحرام فانظر حكمة الله عز وجللل فللي خلقلله وامللره‬
‫فيما خلقه وفيما شرعه تجد مصدر ذلك كللله الحكمللة البالغللة الللتي ل يختللل‬
‫نظامها ول ينخللرم ابللدا ول يختللل اصللل ومللن النللاس مللن يكللون حظلله مللن‬
‫مشاهدة حكمة المر اعظم من مشاهدة حكمة الخلق وهؤلء خواص العبللاد‬
‫الذين عقلوا عللن الللله امللره ودينلله وعرفللوا حكمتلله فيمللا احكملله وشللهدت‬
‫فطنهم وعقللولهم ان مصللدر ذلللك حكمللة بالغللة واحسللان ومصلللحة اريللدت‬
‫بالعباد في معاشهم ومعادهم وهم في ذلك درجات ل يحصيها ال الله ومنهللم‬
‫من يكون حظه من مشاهدة حكمة الخلق اوفر من حظه مللن حكمللة المللر‬
‫وهللم أكللثر الطبللاء الللذين صللرفوا افكللارهم الللى اسللتخراج منللافع النبللات‬
‫والحيوان وقواها وما تصلح له مفردة ومركبة وليس لهم نصلليب فللي حكمللة‬
‫المر إل كما للفقهاء من حكمة الخلق بل اقل من ذلك ومنهم من فتح عليلله‬
‫بمشاهدة الخلق والمر بحسب استعداده وقوته فرأى الحكمة الباهرة الللتي‬
‫بهرت العقول في هذا وهذا فإذا نظر الى خلقلله ومللا فيلله مللن الحكللم ازداد‬
‫إيمانا ومعرفة وتصديقا بما جاءت‬

‫به الرسل واذا نظر الى امره ومللا تضللمنه مللن الحكللم البللاهرة ازداد ايمانللا‬
‫ويقينا وتسليما لكمن حجب بالصنعة عللن الصللانع وبللالكواكب عللن مكوكبهللا‬
‫فعمى بصره وغلظ عن الله حجابه ولو اعطى علمه حقلله لكللان مللن اقللوى‬
‫الناس إيمانا لنه اطلع من حكمة الللله وبللاهر آيللاته وعجللائب صللنعته الدالللة‬
‫عليه وعلى علمه وقدرته وحكمته على ما خفي عن غيره ولكللن ملن حكمللة‬
‫الله ايضا ان سلب كللثيرا مللن عقللول هللؤلء خاصلليتها وحجبهللا عللن معرفتلله‬
‫واوقفها عند ظاهر من العللم بالحيلاة اللدنيا وهلم علن الخلرة هلم غلافلون‬
‫لدناءتها وخستها وحقارتها وعدم اهليتها لمعرفتلله ومعرفللة اسللمائه وصللفاته‬
‫واسرار دينه وشللرعه والفضلل بيلد الللله يلؤتيه ملن يشلاء واللله ذو الفضلل‬
‫العظيم وهذا باب ل يطلع الخلق منه على ماله نسبة الى الخافي عنهم منلله‬
‫ابدا بل علم الولين والخرين منه كنقرة العصفور من البحر ومع هذا فليس‬
‫ذلك بموجب للعراض عنه والياس منه بل يستدل العاقل بما ظهللر للله منلله‬
‫على ما وراءه‬
‫فصل ثم تأمل اول ذوات الربع من الحيوان كيف تراها تتبع امهاتها‬
‫مستقلة بأنفسها فلتحتاج الى الحمل والتربية كما يحتللاج اليلله اولد النللس‬
‫فمن اجل انه ليس عند امهاتها ما عند امهات البشر من التربيللة والملطفللة‬
‫والرفللق واللت المتصلللة والمنفصلللة اعطاهللا اللطيللف الخللبير النهللوض‬
‫والستقلل بانفسها على قرب العهد بالولدة ولللذلك تللرى افللراخ كللثير مللن‬
‫الطير كالدجاج والدراج والفتخ يدرج ويلقط حين يخرج من البيضة ومللا كللان‬
‫منها ضعيف النهللوض كفللراخ الحمللام واليمللام اعطللى سللبحانه امهاتهللا مللن‬
‫فضله العطف والشفقة والحنان ما تمج بلله الطعللم فللي أفللواه الفللراخ مللن‬
‫حواصلها فتخبأه في اعز مكان فيها ثم تسوقه من فيها الى افواه الفراخ ول‬
‫تزال بها كذلك حتىي ينهض الفللرخ ويسللتقل بنفسلله وذلللك كللله مللن حظهللا‬
‫وقسمها الذي وصل اليها من الرحمة الواحدة من المائة فإذا استقل بنفسلله‬
‫وامكنه الطيران لم يزل به البوان يعالجانه اتم معالجة والطفها حللتى يطيللر‬
‫من وكره ويسترزق لنفسه وياكل من حيللث يللأكلن وكأنهمللا لللم يعرفللاه ول‬
‫عرفهما قط بل يطردانه عن الوكر ول يدعانه وأقواتهما وبينهمللا بللل يقللولن‬
‫له بلسان يفهمه اتخلذ للك وكلرا وقوتلا فل وكلر للك عنلدنا ول قلوت فسلل‬
‫المعطل اهذا كله عن اهمال ومن الذي الهمها ذلك ومن الذي عطفهلا علللى‬
‫الفراخ وهي صغار احوج ما كانت اليها ثم سلب ذلك عنها إذ استغنت الفراخ‬
‫رحمة بالمهات تسعى في مصالحها إذ لو دام لها ذلك ل ضربها وشغلها عللن‬
‫معاشها ل سيما مع كثرة ما يحتاج اليه اولدها من الغذاء فوضع فيها الرحمة‬
‫واليثار‬
‫والحنان رحمة بالفراخ وسلبها إياها عند استغنائها رحمه بالمهات افيجوز ان‬
‫يكون هذا كله بل تدبير مدبر حكيم ول عناية ول لطف منلله سللبحانه وتعللالى‬
‫لقد قامت أدلة ربللوبيته وبراهيللن الهيتلله وشللواهد حكمتلله وآيللات قللدرته فل‬
‫يستطيع العقل لها جحودا إن هي ال مكابرة باللسان مللن كللل جحللود كفللور‬
‫أفي الله شك فاطر السموات والرض وإنما يكون الشك فيما تخفللي ادلتلله‬
‫وتشكل براهينه فاما من له في كل شيء محسوس او معقول آية بل آيللات‬
‫مؤدية عنه شاهدة له بأنه الله الذي ل اله إل هو رب العالمين فكيللف يكللون‬
‫فيه شك‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة البالغة في قوائم الحيوان كيف اقتضت ان يكون‬
‫زوجا ل فردا اما اثنتين وإملا اربعلا ليتهيلأ لله المشلي والسلعي وتتلم بلذلك‬
‫مصلحته إذ لو كانت فردا لم يصلح لذلك لن الماشي ينتقللل ببعللض قللوائمه‬
‫ويعتمد على بعض فذو القائمتين ينقل واحدة ويعتمد على الخرى وذو الربع‬
‫ينقل اثنتين ويعتمد على اثنتين وذلك من خلف لنه لللو كللان ينقللل قللائمتين‬
‫من جانب ويعتمد على قائمتين من الجانب الخر لم يثبت على الرض حللال‬
‫نقله قوائمه ولكان مشيه نقرا كنقر الطللائر وذلللك ممللا يللؤذيه ويتبعلله لنقللل‬
‫بدنه بخلف الطائر ولهذا إذا مشى النسان كللذلك قليل اجهللده وشللق عليلله‬
‫بخلف مشية الطبيعي الذي هو له فاقتضت الحكمة تقديم نقل اليمنللى مللن‬
‫يديه مع اليسرى من رجليه واقرار يسرى اليللدين ويمنللى الرجليللن ثللم نقللل‬
‫الخريين كذلك وهذا أسهل ما يكون من المشي واخفه على الحيوان‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة البالغة في ان جعل ظهور الدواب مبسوطة كأنها‬
‫سقف على عمد القوائم ليتهيأ ركوبها وتستقر الحمولة عليها ثم خولف هذا‬
‫في البل فجعل ظهورها مسنمة معقودة كللالقبو لمللا خصللت بلله مللن فضللل‬
‫القوة وعظم ما تحمله والقباء تحمل اكثر مما تحمل السقوف حتى قيل إن‬
‫عقد القباء إنما اخذ من ظهور البللل وتأمللل كيللف لمللا طللول قللوائم البعيللر‬
‫طول عنقه ليتناول المرعي من قيام فلو قصرت عنقله للم يمكنله ذللك ملع‬
‫طول قوائمه وليكون ايضا طول عنقه موازنا للحمل على ظهره إذا اسللتقل‬
‫به كما ترى طول قصبة القبان حللتى قيللل إن القبللان إنمللا عمللل مللن خلقلله‬
‫الجمل من طول عنقه وثقللل مللا يحمللله ولهللذا تللراه يمللد عنقلله إذا اسللتقل‬
‫بالحمل كأنه يوازنه موازنه‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة في كون فرج الدابة جعل بارزا من ورائها ليتمكن‬
‫الفحل من ضرابها‬

‫ولو جعل في اسفل بطنها كما جعل للمرأة لم يتمكن الفحل من ضللرابها ال‬
‫على الوجه الذي تجامع بلله المللرأة وقللد ذكللر فللي كتللب الحيللوان ان فللروج‬
‫الفيلة في اسفل بطنها فإذا كان وقت الضللراب ارتفللع ونشللز وبللرز للفحللل‬
‫فيتمكن من ضرابها فلما جعل في الفيلة على خلف ما هو في سائر البهائم‬
‫خصت بهذه الخاصية عنها ليتهيأ المر الذي به دوام النسل‬
‫فصل ثم تأمل كيللف كسلليت اجسللام الحيللوان البهيمللي هللذه الكسللوة مللن‬
‫الشعر‬
‫والوبر والصوف وكسيت الطيور الريش وكسى بعض الدواب من الجلد مللا‬
‫هو في غاية الصلبة والقوة كالسلحفاة وبعضها من الريش مللا هللو كالسللنة‬
‫كل ذلك بحسب حاجاتها الى الوقاية من الحر والبرد والعدو الذي يريد اذاهللا‬
‫فانها لما لم يكن لهللا سللبيل الللى اتخللاذ الملبللس واصللطناع الكسللوة والت‬
‫الحرب اعينت بملبس وكسوة ل تفارقها وآلت وأسلحة تدفع بها عن نفسها‬
‫وأعينت باظلف واخفاف وحوافر لما عدمت الحذية والنعال فمعهلا حللذاؤها‬
‫وسقاؤها وخص الفرس والبغل والحمار بالحوافر لمللا خلللق للركللض والشللد‬
‫والجرى وجعل لها ذلك ايضا سلحا عنللد انتصللافها مللن خصللمها عوضللا عللن‬
‫الصياصي والمخالب والنياب والبرائن فتأمل هذا اللطف والحكمة فإنها لمللا‬
‫كانت بهائم خرصا ل عقول لهللا ول أكللف ول اصللابع مهيللأة للنتفللاع والللدفاع‬
‫ولحظ لها فيما يتصرف فيلله الدميللون مللن النسللج والغللزل ولطللف الحيلللة‬
‫جعلت كسوتها من خلقتها باقية عليها ما بقيت ل تحتللاج الللى السللتبدال بهللا‬
‫وأعطيت آلت واسلحة تحفظ بها انفسها كل ذلك لتتم الحكمة الللتي اريللدت‬
‫بها ومنها وأما النسان فإنه ذو حيلة وكف مهيئة للعمللل فهللي تغللزل وتنسللج‬
‫ويتخذ لنفسه الكسوة ويستبدل بها حال بعد حللال وللله فللي ذلللك صلللح مللن‬
‫جهات عديدة منها ان يستريح إذا خلع كسوته إذا شاء ويلبسها إذا شاء ليللس‬
‫كالمضطر اللى حملل كسلوة ومنهلا انله يتخلذ لنفسله ضلروبا ملن الكسلوة‬
‫للصيف وضروبا للشتاء فإن كسوة الصيف لتليق بالشتاء وكسللوة الشللتاء ل‬
‫تليق بالصيف فيتخذ لنفسه في كل فصل كسوة موافقللة ومنهللا انلله يجعلهللا‬
‫تابعة لشللهوته وإرادتلله ومنهللا انلله يتلللذذ بللأنواع الملبللس كمللا يتلللذذ بللأنواع‬
‫المطاعم فجعلت كسوته متنوعة تابعة لختياره كما جعلللت مطللاعمه كللذلك‬
‫فهو يكتسى ما يشاء من انواع الملبس المتخذة مللن النبللات تللارة كللالقطن‬
‫والكتان ومن الحيوان تارة كالوبر والصوف والشعر ومن الدود تارة كالحرير‬
‫والبريسم ومن المعادن تارة كالذهب والفضة فجعلت كسوته متنوعللة لتتللم‬
‫لذته وسروره وابتهاجه وزينته بها ولذلك كللانت كسللوة اهللل الجنللة منفصلللة‬
‫عنهم كما هي في الدنيا ليست مخلوقة من اجسامهم كللالحيوان فللدل علللى‬
‫ان ذلك اكمل واجل وأبلغ في النعمة ومنها إرادة تمييللزه عللن الحيللوان فللي‬
‫ملبسه كما‬

‫ميزه عنه في مطعمه ومسكنه وبيانه وعقله وفهمه ومنهللا اختلف الكسللوة‬
‫واللباس وتباينه بحسب تباين احواله وصنائعه وجربه وسلمه وظعنه وإقللامته‬
‫وصحته ومرضه ونومه ويقظته ورفاهيته فلكل حال من هذه الحللوال لبللاس‬
‫وكسوة تخصها ل تليق ال بها فلم يجعل كسوته في هذه الحوال كلها واحدة‬
‫ل سبيل الى السبتدال بها فهذا من تكريمه وتفضيله على سائر الحيوان‬
‫فصل ثم تأمل حكمة عجيبللة جعلللت للبهللائم والوحللوش والسللباع والللدواب‬
‫على‬
‫كثرتها ل يرى منها شيء وليس شيئا قليل فتخفى لقلتهللا بللل قللد قيللل انهللا‬
‫أكثر من الناس واعتبر ذلك بما تراه في الصحارى من اسراب الظباء والبقر‬
‫والوعول والذئاب والنمور وضروب الهوام على اختلفها وسائر دواب الرض‬
‫وانواع الطيور التي هي اضعاف اضعاف بني آدم ل تكاد ترى منها شيئا ميتللا‬
‫ل فللي كناسللة ول فللي أوكللاره ول فللي مسللاقطه ول فللي مراعيلله بطرقلله‬
‫وموارده ومناهله ومعاقله ومعاصمه ال ما عدا عليه عاد إما افترسه سللبع او‬
‫رماه صائد او عدا عليه عاد اشغله واشللغل بنللي جنسلله عللن احللراز جسللمه‬
‫وإخفاء جيفته فدل ذلك على انها إذا احست بالموت ولم تغلب على انفسها‬
‫كمنت حيث ل يوصل الى اجسامها وقبرت جيفها قبل نزول الللبين بهلا وللول‬
‫ذلك لمتلت الصحارى بجيفهللا وافسللدت الهللواء بروائحهللا فعللاد ضللرر ذلللك‬
‫بالناس وكان سبيل الى وقوع الوباء وقد دل على هذا قوله تعالى فللي قصللة‬
‫ابني آدم ^ فبعث الله غرابا يبحث في الرض ليريه كيف يواري سوأة اخيلله‬
‫قال يا ويلتي اعجزت ان اكون مثل هذا الغراب فأوارى سللوأة اخللي فأصللبح‬
‫من النادمين ^ وأما ما جعل عيشه بيللن النللاس كالنعللام والللدواب فلقللدره‬
‫النسان على نقللله واحتيللاله فللي دفللع اذيتلله منللع مملا جعللل فللي الوحلوش‬
‫كالسباع فتأمل هذا الذي حار بنو آدم فيه وفيما يفعلون به كيف جعللل طبعللا‬
‫في البهائم وكيف تعلموه من الطير وتأمل الحكمة فللي ارسللال الللله تعللالى‬
‫لبن آدم الغراب المؤذن اسمه بغربة القاتل من اخيه وغربته هو مللن رحمللة‬
‫الله تعالى وغربته من ابيه وأهله واستيحاشه منهللم واستيحاشللهم منلله وهللو‬
‫من الطيور التي تنفر منها النس ومن نعيقها وتسللتوحش بهللا فأرسللل اليلله‬
‫مثللل هلذا الطلائر حللتى صلار كللالمعلم لله والسللتاذ وصلار بمنزلللة المتعلللم‬
‫والمستند ول تنكر حكة هذا الباب وارتباط المسميات فيه بأسمائها فقد قال‬
‫النبي إذا بعثتم الى بريدا فابعثوه حسن السم حسن الوجه وكان يسأل عللن‬
‫اسم الرض إاذ نزلها واسم الرسول إذا جللاء اليلله ولمللا جللاءهم سللهيل ابللن‬
‫عمرو يوم الحديبية قال قد سهل امركم ولما اراد تغييللر اسللم حللزن بسللهل‬
‫قال لم يزل معنى اسمه فيه وفي زريته ولما سأل عمر بن الخطاب الرجل‬
‫عن اسمه واسم ابيه وداره ومنزله فاخبره‬

‫انه جمرة بن شهاب وان داره بالحرقة وان مسكنه منها ذات لظى قللال للله‬
‫ادرك بيتك فقد احترق فكان كما قال وشواهد هذا الباب اكلثر ملن ان نلذكر‬
‫هاها هنا وهذا باب لطيف المنزع شديد المناسللبة بيللن السللماء والمسللببات‬
‫وكثيرا ما اولع الناس قديما وحديثا بنعيق الغراب واستدللهم به علللى الللبين‬
‫والغتراب وينسبونه الى الشؤم وينفرون منه وينفللر منهللم فكللان جللديرا ان‬
‫يرسل هذا الطائر الى القاتللل مللن ابنللي آدم دون غيللره مللن الطيللور فكللأنه‬
‫صورة طائره الذي ألزمه في عنقه وطارعنه من عمله ول تظللن ان ارسللال‬
‫الغراب وقع اتفاقا خاليا من الحكمة فإنك اذا خفللي عليللك وجلله الحكمللة فل‬
‫تنكرها واعلم ان خفاءها من لطفها وشللرفها وللله تعلالى فيمللا يخفللى وجله‬
‫الحكمة فيه على البشر الحكم الباهرة المتضمنة للغايات المحمودة‬
‫فصل ثم تأمل الحكمة الباهرة في وجه الدابة كيف هو فانك ترى العينين‬
‫فيه شاخصتين امامها لتبصر ما بين يديها اتم من بصر غيرهللا لنهللا تحللرس‬
‫نفسها وراكبها فتتقى ان تصدم حائطا او تتردى فللي حفللرة فجعلللت عيناهللا‬
‫كعيني المنتصب القامة لنها طليعة وجعل فوها مشقوقا في اسللفل الخطللم‬
‫لتتمكن من العض والقبض على العلف إذ لو كان فوقها فللي مقللدم الخطللم‬
‫كما انه من النسان في مقدم الذقن لما استطاعت ان تتناول به شلليئا مللن‬
‫الرض ال ترى النسان ل تناول الطعام بفيه لكن بيللده فلمللالم تكللن الدابللة‬
‫تتناول طعامها بيدها جعل خطمها مشقوقا من أسفله لتضعه على العلف ثم‬
‫تقضمه واعينت بالجحفلة وهي لها كالشفة للنسان لتلتقم بها ما قرب منهللا‬
‫وما بعد وقد اشكلت منفعة الذنب على بعللض النللاس ولللم يهتللد اليهللا وفيلله‬
‫منللافع عديللدة فمنهللا انلله بمنزلللة الطبللق علللى الللدبر والغطللاء علللى حياهللا‬
‫يواريهما ويسترهما ومنها ان بين الدبر ومللراق البطللن مللن الدابللة للله وضللر‬
‫يجتمللع عليلله الللذباب والبعللوض فيللؤذي الدابللة فجعللل اذنابهللا كالمللذاب لهللا‬
‫والمراوح تطرد به ذلك ومنها ان الدابة نستريح الى تحريحكه وتصريفه يمنة‬
‫ويسرة فإنه لما كان قيامها على الربع بكل جسمها وشغلت قللدماها بحمللل‬
‫البدن عن التصرف والتقلب كان لهللا فللي تحريللك الللذنب راحللة وعسللى ان‬
‫يكون فيها حكم اخر تقصر عنها افهام الخلللق ويزدريهللا السللابع إذا عرضللت‬
‫عليه فإنه ل يعرف موقعها ال في وقت الحاجة فمللن ذللك ان الدابلة تربلض‬
‫في الوحل فل يكون شيء اعون على رفعها من الخذ بذنبها‬
‫فصل ثم تأمل شفر الفيل وما فيه من الحكم الباهرة فإنه يقوم له‬
‫مقام اليد في تناول العلف‬

‫والماء وإيرادهمللا الللى جللوفه وللول ذلللك مللا اسللتطاع أن يتنللاول شلليئا مللن‬
‫الشياء من الرض لنه ليست له عنق يمدها كسائر النعام فلما عدم العنللق‬
‫اخلف عليه مكانه الخرطوم الطويل ليسد مسده وجعللل قللادرا علللى سللدله‬
‫ورفعه وثنيه والتصرف به كيف شاء وجعل وعاء اجللوف ليللن الململلس فهللو‬
‫يتناول به حاجته ويحمله ما أراد الى جوفه ويحبس فيه ما يريد ويكيللد بلله إذا‬
‫شاء ويعطى ويتناول إذا أراد فسل المعطل مللن الللذي عوضلله ومللن اخلللف‬
‫عليه مكان العضو الذي منعه ما يقوم له مقامه وينللوب منللابه غيللر الللرؤوف‬
‫الرحيم بخلقه المتكفل بمصالحهم اللطيف بهم وكيف يتأتى ذلك مع الهمال‬
‫وخلو العالم عن قيمة وبارئه ومبدعه وفللاطره ل إللله إل هللو العزيللز الحكيللم‬
‫فإن قلت فما باله لم يخلق ذا عنق كسائر النعام وما الحكمة في ذلك قيللل‬
‫والله أعلم بحكمته في مصنوعاته لن رأسه واذنيه امر هائل عظيللم وحمللل‬
‫ثقيل فلو كان ذا عنق كسللائر العنللاق لنهللدت رقبتلله بثقللله ووهنللت بحمللله‬
‫فجعل راسه ملصقا بجسمه لئل يناله منه شيء من الثقل والمؤنة وخلق للله‬
‫مكان العنق هذا المشفر الطويل يتناول به غذاءه ولمللا طللالت عنللق البعيللر‬
‫للحكمة في ذلك صغر رأسه بالنسبة الى عظم جثته لئل يؤذيه ثقللله ويللوهن‬
‫عنقه فسبحان من فاتت حكمه عدالعادين وحصر الحاصرين‬
‫فصل ثم تأمل خلق الزرافة واختلف اعضائهم وشبهها باعضاء جميع‬
‫الحيللوان فراسللها راس فللرس وعنقهللا عنللق بعيللر وأظلفهللا أظلف بقللرة‬
‫وجلدها جلد نمر حتى زعم بعض الناس ان لقاحها من فحول شللتى وذكللروا‬
‫ان اصنافا من حيللوان الللبر إذا وردت المللاء ينللزو بعضللها علللى بعللض فتنللزو‬
‫المستوحشة على السائمة فتنتج مثل هذا الشخص الذي هو كللالملتقط مللن‬
‫أناس شتى وما أرى هذا القائل إل كاذبللا عليهللا وعلللى الخلقللة إذ ليللس فللي‬
‫الحيوان صنف يلقح صنفا آخر فل الجمل يلقح البقر ول الثور يلقح الناقة ول‬
‫الفرس يلقحهما ول يلقحانه ول الوحوش يلقح بعضها بعضا ول الطيور وإنمللا‬
‫يقع هذا نادرا فيما يتقارب كالبقر الوحشي والهلي والضأن والمعز والفرس‬
‫والحمار والذئب والضبع فيتولللد مللن ذلللك البغللل والسللمع والعسللبار وقللول‬
‫الفقهاء هل تجب الزكاة في المتولد من الوحشي والهلي فيلله وجهللان هللذا‬
‫إنما يتصور في واحد واثنتين وثلثة يكمل بها النصاب فأما نصاب كله متولللد‬
‫من الوحشي والهلي فل وجللود لللذلك والحكللام المتعلقللة بهللذه المتولللدات‬
‫تذكر في الزكاة وجزاء الصيد والضاحي والحوط يتغلب في كل بللاب ففللي‬
‫الضاحي يتغلب عدم الجزاء وفللي الحللرام والحللرم يتغلللب وجللوب الجللزاء‬
‫وفي الطعمة يتغلللب جللانب التحريللم وفللي الزكللاة اختلف مشللهور وسللئل‬
‫شيخنا ابو‬

‫العباس بن تيمية قدس الله روحه عن حمار نللزا علللى فللرس فأحبلهللا فهللل‬
‫يكون لبن الفرس حلل او حراما فأجاب بأنه حلل ول حكم للفحل في اللبن‬
‫في هذا الموضع بخلف الناسي لن لبن الفرس حادث من العلف فهو تللابع‬
‫للحمها ولم يسر وطيء الفحل إلى هللذا اللبللن فللإنه ل حرمللة هنللاك تنتشللر‬
‫بخلف لبن الفحل في الناسي فإنه تنتشر به حرملة الرضللاع ول حرملة هنللا‬
‫تنتشر من جهة الفحل ل الى الولد خاصة فإنه يتكون منلله ومللن الم فغلللب‬
‫عليه التحريم وأما اللبن فلم يتكون بوطئه وإنما تكون من العلف فلللم يكللن‬
‫حراما هذا بسط كلمه وتقريره والمقصود ابطللال زعللم ان هللذه الحيوانللات‬
‫المختلفة يلقح بعضها بعضا عند الموارد فتتكللون الزرافللة وإنلله كللاذب عليهللا‬
‫وعلى البداع والذي يدل على كذبه انه ليس الخارج من بيللن مللا ذكرنللا مللن‬
‫الفرس والحمار والذئب والضبع والضأن والمعز عضو من كل واحد من ابيلله‬
‫وأمه كما يكون للزرافللة عضللو مللن الفللرس وعضللو مللن الجمللل بللل يكللون‬
‫كالمتوسط بينهما الممتزج منهما كما نشاهده فللي البغللل فإنللك تللرى راسلله‬
‫وأذنيه وكفله وحوافره وسطا بين اعضاء ابيه وامه مشتقة منهما حللتى تجللد‬
‫سجيحه كللالممتزج ملن صللهيل الفللرس ونهيللق الحملار فهللذا يلدل علللى ان‬
‫الزرافة ليست بنتاج آباء مختلفة كما زعم هذا الزاعم بل مللن خلللق عجيللب‬
‫ووضع بديع من خلق الله الذي أبدعه آية دللة على قللدرته وحكمتلله الللتي ل‬
‫يعجزها شيء ليرى عباده انه خالق اصناف الحيوان كلها كما يشاء وفللي أي‬
‫لون شاء فمنها المتشابه الخلقة المتناسب العضاء ومنها المختلف التركيب‬
‫والشكل والصورة كما يرى عباده قدرته التامة في خلقه لنوع النسان علللى‬
‫القسام الربعة الدالة على انه مخلوق بقللدرته ومشلليئته تللابع لهلا فمنلله مللا‬
‫خلق من غير اب ول أم وهو أبو النوع النساني ومنلله مللا خلللق مللن ذكللر بل‬
‫انثى وهي امهم التي خلقت من ضلع آدم ومنه ما خلق من انثى بل ذكر وهو‬
‫المسيح ابن مريم ومنه ما خلق من ذكر وانللثى وهللو سللائر النللوع النسللاني‬
‫فيرى عباده آياته ويتعرف اليهم بآلئه وقدرته وأنه إذا اراد شيئا ان يقول للله‬
‫كن فيكون واما طول عنق الزرافة وما لها فيه مللن المصلللحة فلن منشللأها‬
‫ومرعاها كما ذكر المعتنون بحالها ومساكنها في غياض ذوات اشجار شاهقة‬
‫ذاهبة طول فأعينت بطول العنق لتتناول اطراف الشجر الذي هناك وثمارهللا‬
‫وهذا ما وصلت اليه معرفتهم وحكمة اللطيف الخبير فوق ذلك واجل منه‬
‫فصل ثم تأمل هذه النملة الضعيفة وما اعطيته من الفطنة او لحيلة في‬
‫جمع القوت وادخاره وحفظه ودفللع الفللة عنلله فإنللك تللرى فللي ذلللك عللبرا‬
‫وآيات فترى جماعة النمل إذا أرادت إحراز‬

‫القوت خرجت من اسللرابها طالبللة للله فللإذا ظفللرت بلله اخللذت طريقللا مللن‬
‫اسرابها اليه وشرعت في نقله فتراها رفقتين رفقة حاملة تحمله الى بيوتها‬
‫سربا ذاهبا ورفقة خارجة من بيوتها اليه لتخالط تلك فللي طريقهللا بللل همللا‬
‫كالخيطين بمنزلة جماعة الناس الذاهبين في طريق والجماعة الراجعين من‬
‫جانبهم فإذا ثقل عليها حمللل الشلليء مللن تلللك اجتمعللت عليلله جماعللة مللن‬
‫النمل وتساعدت على حملة بمنزلة الخشبة والحجر الذي تتساعد الفئة مللن‬
‫الناس عليه فإذا كان الذي ظفر به منهن وحللدة سللاعدها رفقتهللا عليلله الللى‬
‫بيتها وخللوا بينهللا وبينلله وإن كللان الللذي صللادفه جماعللة تسللاعدن عليلله ثللم‬
‫تقاسمنه على باب البيت ولقد اخبر بعللض العللارفين انلله شللاهد منهللن يومللا‬
‫عجبا قال رايت نملة جاءت الى شق جرادة فزاولتلله فلللم تطللق حمللله مللن‬
‫الرض فذهبت غير بعيد ثم جاءت معها بجماعة من النمل قال فرفعت ذلللك‬
‫الشق من الرض فلما وصلت النملة برفقتها الللى مكللانه دارت حللوله ودرن‬
‫معها فلم يجدن شيئا فرجعن فوضعته ثم جاءت فصادفته فزاولته فلم تطللق‬
‫رفعه فذهبت غير بعيد ثم جاءت بهن فرفعته فدرن حول مكللانه فلللم يجللدن‬
‫شيئا فذهبت فوضعته فعادت فجاءت بهن فرفعته فدرن حول المكللان فلمللا‬
‫لم يجدن شيئا تحلقن حلقة وجعلن تلك النملة في وسطها ثم تحاملن عليهللا‬
‫فقطعنها عضوا عضوا وأنللا انظللر ومللن عجيللب امللر الفطنللة فيهللا إذا نقلللت‬
‫الحب إللى مسلاكنها كسلرته لئل ينبلت فللإن كللان مملا ينبللت الفلقتلان منله‬
‫كسرته اربعا فإذا اصابه ندا وبلل وخافت عليه الفساد اخرجته للشللمس ثللم‬
‫ترده الى بيوتها ولهذا ترى في بعض الحيان حبا كثيرا على أبللواب مسللاكنها‬
‫مكسرا ثم تعود عن قريب فل تللرى منلله واحللدة ومللن فطنتهللا انهللا ل تتخللذ‬
‫قريتها إل على نشر مللن الرض لئل يفيللض عليهللا السلليل فيغرقهللا فل تللرى‬
‫قرية نمل في بطن واد ولكن في أعله وما ارتفع عللن السلليل منلله ويكفللي‬
‫في فطنتها ما نص الله عز وجل في كتللابه مللن قولهللا لجماعللة النمللل وقللد‬
‫رأت سليمان عليه الصلة والسلم وجنوده يا ايها النمل ادخلوا مسللاكنكم ل‬
‫يحطمنكللم سللليمان وجنللوه وهللم ليشللعرون فتكلمللت بعشللرة انللواع مللن‬
‫الخطاب في هذه النصيحة النداء والتنبيه والتسمية والمر والنللص والتحللذير‬
‫والتخصيص والتفهيم والتعميللم والعتللذار فاشللتملت نصلليحتها مللع الختصللار‬
‫على هذه النواع العشرة ولذلك اعجب سلميان قولهللا وتبسللم ضللاحكا منلله‬
‫وسال الله ان يوزعه شكر نعمتلله عليلله لمللا سللمع كلمهللا ول تسللتبعد هللذه‬
‫الفطنة من امة من المم تسبح بحمد ربها كما في الصحيح عللن النللبي قللال‬
‫نزل نبي من النبياء تحلت شلجرة فللدغته نمللة فلأمر بجهلازه فلأخرجه ثلم‬
‫احرق قرية النمل فأوحى الله إليه من اجل ان لدغتك نملة احرقت امة مللن‬
‫المم تسبح فهل نملة واحدة‬

‫فصل ومن عجيب الفطنة في الحيوان ان الثعلب إذا اعوزه الطعام ولم‬
‫يجد صيدا تماوت ونفخ بطنه حتى يحسبه الطير ميتا فيقع عليلله ليأكللل منلله‬
‫فيثب عليه الثعلب فيأخذه ومن عجيب الفطنة في هذه الذبابة الكبيرة الللتي‬
‫تسمى اسد الذباب فإنك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريبا منلله يسللكن‬
‫مليا حتى كأنه موات ل حراك فيه فإذا رأى الللذباب قللد اطمللأن وغفللل عنلله‬
‫دب دبيبا رفيقا حتى يكون منه بحيث يناله ثم يثب عليه فيأخذه ومن عجيللب‬
‫حيل العنكبوت انه ينسج تلك الشبكة شركا للصيد ثم يكمن في جوفهللا فللإذا‬
‫نشللب فيهللا الللبرغش والللذباب وثللب عليلله وامتللص دملله فهللذا يحكللى صلليد‬
‫الشراك والشللباك والول يحكللى صلليد الكلب والفهللود ول تزدريللن العللبرة‬
‫بالشيء الحقير من الذرة والبعوض فإن المعنى النفيس يقتبس من الشيء‬
‫الحقيروالزدراء بذلك ميراث من الذين استنكرت عقولهم ضرب الله تعللالى‬
‫في كتابه المثل بالذباب والعنكبوت والكلب والحمار فأنزل الله تعالى ^ إن‬
‫الله ل يستحي ان يضلرب مثل ملا بعوضله فملا فوقهلا ^ فملا أغلزر الحكلم‬
‫وأكثرها في هذه الحيوانات التي تزدريها وتحتقرها وكم من دللة فيهللا علللى‬
‫الخللالق ولطفله ورحمتلله وحكمتلله فسلل المعطللل ملن الهمهلا هللذه الحيلل‬
‫والتلطف في اقتناص صيدها الذي جعل قوتها ومللن جعللل هللذه الحيللل فيهللا‬
‫بدل ما سلبها من القوة والقدرة فأغناها ما اعطاها مللن الحيلللة عمللا سلللبها‬
‫من القوة والقدرة سوى اللطيف الخبير‬
‫فصل ثم تأمل جسم الطائر وخلقته فإنه حين قدر بان يكون طائرا في‬
‫الجو خفف جسمه وادمج خلقته واقتصر به من القوائم الربللع علللى اثنللتين‬
‫ومللن الصللابع الخمللس علللى اربللع ومللن مخللرج البللول والزبللل علللى واحللد‬
‫يجمعهما جميعا ثم خلق ذا جؤجؤ محدود ليسهل عليلله اخللتراق الهللواء كيللف‬
‫توجه فيه كما يجعل صدر السفينة بهذه الهيئة ليشق الماء بسرعة وتنفذ فيه‬
‫وجعل في جناحيه وذنبه ريشات طللوال متللان لينهللض بهللا للطيللران وكسللى‬
‫جسمه كله الريش ليتداخله الهواء فيحمله ولما قدر ان يكون طعامه اللحللم‬
‫والحب يبلعه بلعا بل مضغ نقص من خلقه السللنان وخلللق للله منقللار صلللب‬
‫يتناول به طعامه فل يتفسخ من لقط الحب ول يتعقف من نهش اللحم ولملا‬
‫عدم السنان وكان يزدرد الحب صحيحا واللحم غريضا اعيللن بفضللل حللرارة‬
‫في الجوف تطحن الحب وتطبخ اللحم فاسللتغنى عللن المضللغ والللذي يللدلك‬
‫على قوة الحرارة التي اعين بها انك ترى عجللم الزبيلب وأمثلاله يخلرج ملن‬
‫بطن النسان صلحيحا وينطبلخ فلي جلوف الطلائر حلتى ل يلرى لله اثلر ثلم‬
‫اقتضت الحكمة ان جعل يبيض بيضا ول يلد ولدة لئل يثقل عن‬

‫الطيران فإنه لو كان مما يحمللل ويمكللث حمللله فللي جللوفه حللتى يسللتحكم‬
‫ويثقل لثقله وعاقه عن النهوض والطيران وتأمل الحكمة فللي كللون الطللائر‬
‫المرسل السائح في الجو يلهللم صللبر نفسلله اسللبوعا او اسللبوعين باختيللاره‬
‫قاعدا على بيضه حاضنا له ويحتمل مشقة الحبس ثم إذا خرج فراخه تحمللل‬
‫مشقة الكسب وجمع الحب في حوصلته وبزق فراخه وليللس بللذي رويللة ول‬
‫فكرة في عاقبة امره ول يؤمل في فراخه ما يؤمل النسان فللي ولللده مللن‬
‫العون والرفد وبقاء الذكر فهذا من فعله يشلهد بلأنه معطلوف عللى فراخله‬
‫لعلة ل يعلمها هو ول يفكر فيها من دوام النسل وبقائه‬
‫فصل ثم تأمل خلقة البيضة وما فيها من المخ الصفر الخاثر والماء‬
‫البيض الرقيق فبعضه ينشأ منه الفرخ وبعضه يغتذى منه إلى ان يخرج من‬
‫البيضة وما في ذلك من الحكمة فإنه لما كان نشو الفرخ فللي تلللك البشللرة‬
‫المنخفضة التي ل نفاذ فيها للواصل من خارج جعل معه فللي جللوف البيضللة‬
‫من الغذاء ما يكتفي به الى خروجه‬
‫فصل وتأمل الحكمة في حوصلة الطللائر ومللا قللدرت للله فللإن فللي مسلللك‬
‫الطعام‬
‫الى القابضة ضيق ل ينفذ فيه الطعام إل قليل فلو كان الطائر ل يلتقط حبة‬
‫ثانية حتى تصل الولللى الللى جلوفه لطللال ذلللك عليلله فمللتى كلان يسللتوفي‬
‫طعامه وإنما يختلسه اختلسا لشدة الحللذر فجعلللت للله الحوصلللة كللالمخلة‬
‫المعلقة امامه ليوعى فيها ما ازدرد من الطعم بسرعة ثم ينقل الى القابضة‬
‫على مهل وفي الحوصلة ايضا خصلة اخرى فإن من الطير ما يحتاج الللى ان‬
‫يزق فراخه فيكون رده الطعم من قرب ليسهل عليه‬
‫فصل ثم تأمل هذه اللوان والصباغ والوشى التي تراها في كثير من‬
‫الطير كالطاووس والدراج وغيرهما التي لو خطللت بللدقيق القلم ووشلليت‬
‫باليدي لم يكن هذا فمن اين في الطبيعة المجردة هذا التشكيل والتخطيللط‬
‫والتلوين والصبغ العجيب البسيط والمركب الذي لو اجتمعللت الخليقللة علللى‬
‫ان يحاكوه لتعذر عليهم فتأمل ريش الطاووس كيف هللو فإنللك تللراه كنسللج‬
‫الثوب الرفيع من خيوط رفاع جدا قد ألف بعضها الى بعللض كتللأليف الخيللط‬
‫الى الخيط بل الشعرة الى الشللعرة ثللم تللرى النسللج إذا مللددته ينفتللح قليل‬
‫قليل ول ينشق ليتداخلهالهواء فينقل الطائر إذا طار فترى في وسط الريشة‬
‫عمودا غليظا متينا قد نسج عليه ذلك الثوب التي كهيئة الشعر‬

‫ليمسكه بصلبته وهو القصبة التي تكون فللي وسللط الريشللة وهللو مللع ذلللك‬
‫اجوف يشتمل على الهواء فيحمللل الطللائر فللأي طبيعللة فيهللا هللذه الحكمللة‬
‫والخبرة واللطف ثم لو كان ذلك في الطبيعة كمللا يقولللون لكللانت مللن ادل‬
‫الدلئل واعظم البراهين على قدرة مبدعها ومنشئها وعلمه وحكمته فإنه لم‬
‫يكن ذلك لها من نفسللها بللل إنمللا هللو لهللا ممللن خلقهللا وأبللدعها فمللا كللذبه‬
‫المعطل هو احد البراهين واليللات الللتي علللى مثللله يللزداد إيمللان المللؤمنين‬
‫وهكذا آيات الله يضل بها من يشاء ويهدي من يشاء‬
‫فصل تأمل هذا الطائر الطويل الساقين وأعرف المنفعة في طول ساقيه‬
‫فإنه يرعى أكثر مرعاه في ضحضاح المللاء فللتراه يركللز علللى سللاقيه كللانه‬
‫دست فوق مركب ويتأمل ما دب في الماء فإذا رأى شيئا مللن حللاجته خطللا‬
‫خطوا رفيقا حتى يتناوله ولو كان قصير القائمتين كان إذا خطللا نحللو الصلليد‬
‫ليأخذه لصق بطنه بالماء فيللثيره ويللذعر الصلليد منلله فيفللر فخلللف للله ذلللك‬
‫العمودان ليدرك بهما حاجته ول يفسدعليه مطلبه وكل طائر فله نصيب مللن‬
‫طول الساقين والعنق ليمكنلله تنللاول الطعللم مللن الرض ولللو طللال سللاقاه‬
‫وقصرت عنقه لم يمكنه ان يتناول شليئا ملن الرض وربملا اعيلن ملع عنقله‬
‫بطول المناقير ليزداد مطلبه سهولة عليه وامكانللا ثللم تأمللل هللذه العصللافير‬
‫كيف تطلب اكلها بالنهار كله فل هي تفقده ول هي تجده مجموعللا معللدا بللل‬
‫تناله بالحركة والطلب في الجهات والنواحي فسللبحان الللذي قللدره ويسللره‬
‫كيف لم يجعله ممايتعذر عليها إذا التمسللته ويفوتهللا إذا قعللدت عنلله وجعلهللا‬
‫قللادرة عليلله فللي كللل حيللن واوان بكللل ارض ومكللان حللتى مللن الجللدران‬
‫والسطحة والسقوف تناوله بالهوينا من السعي فل يشللاركها فيلله غيللر بنللي‬
‫جنسها من الطير ولو كان ماتقتات به يوجد معدا مجموعا كله كللانت الطيللر‬
‫تشاركها فيه وتغلبها عليه وكذلك لو وجدته معدا مجموعا لكبت عليه بحرص‬
‫ورغبة فل تقلع عنه وإن شبعت حتى تبشم وتهلللك وكللذلك النللاس لللو جعللل‬
‫طعامهم معدا لهم بغير سعي ول تعب ادى ذلك الى الشللره والبطنللة ولكللثر‬
‫الفساد وعمت الفواحش والبغي في الرض فسبحان اللطيلف الخلبير اللذي‬
‫لم يخلق شيئا سدى ول عبثا وانظر في هذه الطير الللتي ل تخللرج ال بالليللل‬
‫كالبوم والهام والخفاش فإن أقواتها هيئت لها في الجو ل من الحب ول مللن‬
‫اللحم بل من البعوض والفراش وأشبابهما مما تلقطه من الجللو فتاخللذ منلله‬
‫بقدر الحاجة ثم تأوى الى بيوتها فل تخرج الى مثل ذلك الوقت بالليل وذلللك‬
‫ان هذه الضروب من البعوض والفراش وأشباههما مبثوثة في الجللو ل يكللاد‬
‫يخلوا منها موضع منه واعتللبر ذلللك بللان نضللع سللراجا بالليللل فللي سللطح او‬
‫عرصه الدار فيجتمع عليه من هذا‬

‫الضرب شيء كثير وهذا الضرب من الفراش ونحوها ناقص الفطنة ضللعيف‬
‫الحيلة ليس في الطير اضعف منه ول اجهل وفيما يرى من تهافته في النللار‬
‫وانت تطرده عنها حتى يحللرق نفسلله دليللل علللى ذلللك فجعللل معللاش هللذه‬
‫الطيور التي تخللرج بالليللل ملن هللذا الضللرب فتقتللات منلله فللإذا أتللى النهللار‬
‫انقطعت الى اوكارها فالليل لهللا بمنزلللة النهللار لغيرهللا مللن الطيللر ونهارهللا‬
‫بمنزلة ليل غيرها وملع ذللك فسلاق لهلا اللذي تكفلل بلارزاق الخللق رزقهلا‬
‫وخلقه لها في الجللو ولللم يللدعها بل رزق مللع ضللعفها وعجزهللا وهللذه إحللدى‬
‫الحكم والفوائد في خلق هذه الفراش والجنللادب والبعللوض فكللم فيهللا مللن‬
‫رزق لمة تسبح بحمد ربها ولول ذلللك لنتشللرت وكثرتحللتى اضللرت بالنللاس‬
‫ومنعتهم القرار فانظر الى عجيب تقدير الله وتللدبيره كيللف اضللطر العقللول‬
‫الى ان شهدت بربوبيته وقدرته وعلمه وحكمته وان ذلك الذي تشاهده ليس‬
‫باتفاق ول بإهمال من سائر وجوه الدلة التي ل تتمكللن الفطللر مللن جحللدها‬
‫اصل وإذ قد جرى الكلم الى الخفاش فهو من الحيوانات العجيبة الخلقة بين‬
‫خلقللة الطيللور وذوات الربللع وهللو الللى ذوات الربللع اقللرب فللإنه ذو اذنيللن‬
‫ناشزتين واسنان ودبر وهو يلد ولدا ويرضللع ويمشللي علللى اربللع وكللل هللذه‬
‫صفة ذوات الربع وله جناحان يطير بهما مع الطيور ولما كان بصره يضللعف‬
‫عن نور الشمس كان نهاره كليل غيره فإذا غابت الشمس انتشر ومن ذلللك‬
‫سمى ضعيف البصر اخفش والخفش ضعف البصللر ولمللا كللان كللذلك جعللل‬
‫قوته من هذه الطيور الضعاف التي ل تطير ال بالليل وقللد زعللم بعللض مللن‬
‫تكلم في الحيوان انه ليس يطعم شيئا وإنما غذاؤه من النسيم البللارد فقللط‬
‫وهذا كذب عليه وعلى الخلقة لنه يبول وقد تكلم الفقهاء في بللوله هللل هللو‬
‫نجس لنه بول غير مأكول او نجس معفو عللن يسلليره لمشللقة التحللرز منلله‬
‫على قولين هما روايتان عن احمد وبعض الفقهاء ل ينجس بوله بحللال وهللذا‬
‫اقيس القوال إذ ل نللص فيلله ول يصللح قياسلله علللى البللوال النجسللة لعللدم‬
‫الجامع المؤثر ووضوح الفرق وليس هللذا موضللع اسللتيفاء الحجللج فللي هللذه‬
‫المسئلة من الجانبين والمقصود انه لو كان ل ياكل شيئا لم يكلن لله اسلنان‬
‫اذ ل معنى للسنان في حق من ل ياكل شيئا ولهذا لما عدم الطفل الرضلليع‬
‫الكل لم يعط السنان فلما كبر واحتللاج للغللذاء اعيللن عليلله بالسللنان الللتي‬
‫تقطعه والضراس التي تطحنلله وليللس فللي الخليقللة شلليء مهمللل ول عللن‬
‫الحكمة بمعطل ول شيء ل معنى له واما الحكم والمنافع في خلق الخفاش‬
‫فقد ذكر منها الطباء في كتبهم ما انتهت اليه معرفتهم حتى ان بوله يللدخل‬
‫في بعض الكحال فإذا كان بوله الذي ل يخطر بالبال فيلله منفعللة البتللة فمللا‬
‫الظن بجملته ولقد اخبر بعض مللن اشللهد بصللدقة انلله رأى رخل وهللو طللائر‬
‫معروف قد عشش في شجرة فنظر الى حية عظيمة قد أقبلت نحو عشه‬

‫فاتحة فاها لتبتلعه فبينما هو يضطرب في حيلة النجاة منهللا إذ وجللد حسللكة‬
‫في العش فحملها فالقاها في فم الحية فلم تزل تلتوى حتى ماتت‬
‫فصل ثم تأمل احوال النحل وما فيها من العبر واليات فانظر اليها‬
‫والى اجتهادها في صنعة العسل وبنائها البيوت المسدسة التي هي من اتللم‬
‫الشكال واحسنها استدارة واحكمها صنعا فإذا انضللم بعضللها الللى بعللض لللم‬
‫يكن بينها فرجة ول خلل كل هذا بغير مقياس ول آله ول بيكار وتلك مللن اثللر‬
‫صنع الله وإلهامه إياها وايحللائه اليهللا كمللا قللال تعللالى ^ واوحللى ربللك الللى‬
‫النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ^ الى قللوله ^ ليللات لقللوم يتفكللرون ^‬
‫فتأمل كمللال طاعتهللا وحسللن ائتمارهللا لمللر ربهللا اتخللذت بيوتهللا فللي هللذه‬
‫المكنة الثلثة في الجبال الشقفان وفللي الشللجر وفللي بيللوت النللاس حيللث‬
‫يعرشون أي بيبنون العللروش وهلي اللبيوت فل يلرى للنحللل بيلت غيللر هلذه‬
‫الثلثة البتة وتامل كيف اكثر بيوتها في الجبال والشقفان وهو البيت المقللدم‬
‫في الية ثم في الشجار وهي مللن اكللثر بيوتهللا وممللا يعللرش النللاس واقللل‬
‫بيوتها بينهم حيث يعرشون وأما في الجبللال والشللجر فللبيوت عظيمللة يؤخللذ‬
‫منها من العسل الكثير جدا وتامل كيف اداها حسن المتثال الللى ان اتخلذت‬
‫البيوت او ل فإذا استقر لها بيت خرجت منه فرعللت وأكلللت مللن الثمللار ثللم‬
‫آوت الى بيوتها لن ربها سبحانه امرها باتخاذ البيوت اول ثم بالكل بعد ذلللك‬
‫ثم إذا اكلت سلكت سبل ربها مذللة ل يستوعز عليها شيء ترعى ثللم تعللود‬
‫ومن عجيب شأنها أن لها اميرا يسمى اليعسوب ل يتم لها رواح ول إياب ول‬
‫عمل ول مرعى إل بله فهللي ملؤتمره لملره سللامعة لله مطيعله وللله عليهللا‬
‫تكليف وأمر ونهى وهي رعية له منقادة لمره متبعة لرايه يللدبرها كمللا يللدبر‬
‫الملك امر رعيته حتى إنها إذا آوت ال بيوتها وقف على بللاب الللبيت فل يللدع‬
‫واحدة تزاحم الخرى ول تتقدم عليها في العبور بل تعللبر بيوتهللا واحللدة بعللد‬
‫واحدة بغير تزاحم ول تصادم ول تراكم كما يفعل الميللر إذا انتهللى بعسللكره‬
‫الللى معللبر ضلليق ل يجللوزه ال واحللد واحللد ومللن تللدبر احوالهللا وسياسللاتها‬
‫وهدايتها واجتماع شملها وانتظام امرها وتدبير ملكها وتفويض كل عمل الللى‬
‫واحد منها يتعجب منها كل العجب ويعلم ان هذا ليس فللي مقللدورها ول هللو‬
‫من ذاتها فإن هذه اعمللال محكمللة متقنللة فللي غايلة الحكللام والتقللان فللإذا‬
‫نظرت الى العامل رأيته من أضعف خلق الله أجهله بنفسه وبحاله وأعجللزه‬
‫عن القيام بمصلحته فضل عما يصدر عنه مللن المللور العجيبللة ومللن عجيللب‬
‫امرها ان فيها أميرين ل يجتمعان في بيت واحد ول يتأمران على جمع واحللد‬
‫بل إذا اجتمع منها جندان وأميران قتلوا احد الميرين وقطعوه واتفقوا علللى‬
‫المير الواحد‬

‫من غير معاداة بينهلم ول أذى ملن بعضلهم لبعلض بلل يصليرون يلدا واحلدة‬
‫وجندا واحدا‬
‫فصل ومن اعجب امرها مال يهتدي له اكثر الناس وليعرفونه وهو‬
‫النتاج الذي يكون لها هل هو على وجه اللولدة والتواللد او السلتحالة فقلل‬
‫من يعرف ذلك او يفطن له وليللس نتاجهللا علللى واحللد مللن هللذين الللوجهين‬
‫وإنما نتاجها بأمر من اعجب العجيب فإنها إذا ذهبت الى المرعي أخذت تلك‬
‫الجزاء الصافية التي علىالورق من الللورد والزهللر والحشلليش وغيللره وهللي‬
‫الطل فتمصها وذلك مادة العسل ثم انها تكبس الجزاء المنعقدة على وجلله‬
‫الورقة وتعقدها علللى رجلهللا كالعدسللة فتمل بهللا المسدسللات الفارغللة مللن‬
‫العسل ثم يقوم يعسوبها على بيته مبتدئا منه فينفخ فيه ثم يطوف على تلك‬
‫البيوت بيتا بيتا وينفخ فيها كلها فتدب فيها الحياة بإذن الله عز وجل فتتحرك‬
‫وتخرج طيورا بإذن الله وتلك احدى اليات والعجائب الللتي قللل مللن يتفطللن‬
‫لها وهذا كللله مللن ثمللرة ذلللك الللوحي اللهللي افادهللا واكسللبها هللذا التللدبير‬
‫والسفر والمعاش و البناء والنتاج فسل المعطل من الذي اوحى اليها امرهللا‬
‫وجعللل مللا جعللل فللي طباعهللا ومللن الللذي سللهل لهللا سللبله ذلل منقللادة ل‬
‫تستعصي عليها ول تستوعرها ول تضل عنها علللى بعللدها ومللن الللذي هللداها‬
‫لشأنها ومن الذي أنزل لها من الطل ما إذا جنته ردته عسللل صللافيا مختلفللا‬
‫الوانه في غاية الحلوة واللذاذة والمنفعللة مللن بيللن ابيللض يللرى فيلله الللوجه‬
‫اعظم من رؤيته في المرآة وسمه لي من جاء به وقال هذا افخر ما يعللرف‬
‫الناس من العسل وأصفاه وأطيبه فإذا طعمه الذ شليء يكلون ملن الحللوى‬
‫ومن بين احمر واخضر ومورد واسود وأشقر وغير ذلك من اللوان والطعوم‬
‫المختلفة فيه بحسب مراعيه ومادتها وإذا تأملت ما فيه من المنافع والشفاء‬
‫ودخوله في غالب الدوية حللتى كللان المتقللدمون ل يعرفللون السللكر ول هللو‬
‫مذكور في كتبهم اصل وإنما كان الذي يسللتعملونه فللي الدويللة هللو العسللل‬
‫وهو المذكور في كتب القوم ولعمر الله أنه لنفع من السكر وأجدى واجلللى‬
‫للخلط وأقمع لهلا واذهلب لضلررها واقلوى للمعلدة واشلد تفريحلا للنفلس‬
‫وتقوية للرواح وتنفيذا للدواء وإعانللة للله علللى اسللتخراج الللداء مللن اعمللاق‬
‫البدن ولهذا لم يجيللء فللي شلليء مللن الحللديث قللط ذكللر السللكر ول كللانوا‬
‫يعرفونه اصل ولو عدم من العالم لما احتاج اليه ولو عللدم العسللل لشللتدت‬
‫الحاجة اليه وإنما غلللب علللى بعللض المللدن اسللتعمال السللكر حللتى هجللروا‬
‫العسل واستطابوه عليه ورأوه اقل حللدة وحللرارة منلله ولللم يعلمللوا ان مللن‬
‫منافع العسل ما فيلله مللن الحللدة والحللرارة فللإذا لللم يوافللق مللن يسللتعمله‬
‫كسرها بمقابلها فيصير انفع له من السكر وسنفرد إن شاء الله مقالللة نللبين‬
‫فيها فضل العسل على‬

‫السكر ‪ 4‬من طرق عديدة ل تمنع وبراهين كثيرة لتدفع ومتى رايللت السللكر‬
‫يجلو بلغما ويذيب خلطا او يشفى من داء وإنما غللايته بعللض التنفيللذ للللدواء‬
‫الى العروق للطافته وحلوته وأما الشفاء الحاصل مللن العسللل فقللد حرملله‬
‫الله كثيرا من الناس حتى صاروا يذمونه ويخشون غائلته من حرارته وحللدته‬
‫ول ريللب ان كللونه شللفاء وكللون القللرآن شللفاء والصلللة شللفاء وذكللر الللله‬
‫والقبال عليه شفاء امر ل يعم الطبائع والنفس فهذا كتاب الله هللو الشللفاء‬
‫النافع وهو اعظم الشفاء وما اقل المستشفين به بل ل يزيد الطبائع الرديئة‬
‫رداءة ول يزيد الظالمين ال خسارا وكذلك ذكلر اللله والقبلال عليله والنابلة‬
‫اليه والفزع الى الصلة كم قد شفي به من عليللل وكللم قللد عللوفي بلله مللن‬
‫مريض وكم قام مقام كثير مللن الدويللة الللتي ل تبلللغ قريبللا مللن مبلغلله فللي‬
‫الشفاء وأنت ترى كثيرا من الناس بللل اكللثرهم ل نصلليب لهللم مللن الشللفاء‬
‫بذلك اصل ولقد رايت في بعض كتللب الطبللاء المسلللمين فللي ذكللر الدويللة‬
‫المفردة ذكر الصلة ذكرها في باب الصاد وذكر من منافعها في البدن الللتي‬
‫توجب الشفاء وجوها عديدة ومن منافعها في الروح والقلب وسمعت شيخنا‬
‫ابا العباس بن تيمية رحمه الله يقول وقللد عللرض للله بعللض اللللم فقللال للله‬
‫الطبيب اضر ما عليك الكلم في العلم والفكللر فيلله والتللوجه والللذكر فقللال‬
‫الستم تزعمون ان النفس إذا قويت وفرحت اوجب فرحها لها قوة تعين بهللا‬
‫الطبيعة على دفع العارض فللإنه عللدوها فللإذا قللويت عليلله قهرتلله فقللال للله‬
‫الطبيب بلى فقلال إذا اشللتغلت نفسلي بلالتوجه واللذكر والكلم فلي العلللم‬
‫وظفرت بما يشكل عليها منه فرحت به وقويت فلأوجب ذللك دفلع العلارض‬
‫هللذا او نحللوه مللن الكلم والمقصللود ان تللرك كللثير مللن النللاس الستشللفاء‬
‫بالعسل ل يخرجه عن كونه شفاء كما ان تلرك اكلثرهم الستشلفاء بلالقرآن‬
‫من امراض القلوب ل يخرجه عن كونه شفاء لها وهو شفاء لما في الصللدور‬
‫وإن لم يستشف بلله اكللثر المرضللى كمللا قللال تعللالى ^ يللا ايهللا النللاس قللد‬
‫جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهللدى ورحمللة للمللؤمنين‬
‫^ فعللم بالموعظللة والشللفاء وخللص بالهللدى والمعرفللة فهللو نفسلله شللفاء‬
‫استشفى به او لم يستشف به ولم يصف الله في كتابه بالشللفاء إل القللرآن‬
‫والعسل فهما الشفاآن هذا شفاء القلوب من امللراض غيهللا وضللللها وأدواء‬
‫شبهاتها وشهواتها وهذا شفاء للبدان من كثير من اسقامها واخلطها وآفاتها‬
‫ولقد اصابني ايام مقامي بمكة اسقام مختلفة ول طبيب هناك ول أدوية كما‬
‫في غيرها من المدن فكنت استشفى بالعسل وماء زمزم ورايت فيهما مللن‬
‫الشفاء امرا عجيبا وتأمل اخبللاره سللبحانه وتعللالى عللن القللرآن بللأنه نفسلله‬
‫شفاء وقال عن السعل ^ فيه شفاء للناس ^ ومللا كللان نفسلله شللفاء ابلللغ‬
‫مما جعل فيه شفاء وليس هذا موضع استقصاء فوائدالعسل ومنافعه‬

‫فصل ثم تأمل العبرة التي ذكرها الله عز وجل في النعام وما سقانا‬
‫من بطونها مللن اللبللن الخللالص السللائغ الهنيللء المريللء الخللارج مللن بيللن‬
‫الفرث والدم فتأمل كيف ينزل الغذاء من أفواهها الى المعدة فينقلب بعضه‬
‫دما باذن الله وما يسللرى فللي عروقهللا واعضللائها وشللحومها ولحومهللا فللإذا‬
‫ارسلته العروق في مجاريها الللى جملللة الجللزاء قلبلله كللل عضللو او عصللب‬
‫وغضروف وشعر وظفر وحافر الى طبيعته ثم يبقى الدم فللي تلللك الخللزائن‬
‫التي له إذ به قوام الحيوان ثم ينصب ثقله الى الكرش فيصير زبل ثم ينقلب‬
‫باقية لبنا صافيا ابيض سائغا للشاربين فيخرج من بين الفرث والدم حتى إذا‬
‫انهكت الشاة او غيرها حلبا خرج الدم مشللوبا بحمللرة فصللفى الللله سللبحانه‬
‫اللطف من الثفل بالطبخ الول فانفصل الى الكبد وصار دما وكان مخلوطللا‬
‫بالخلط الربعة فأذهب الله عز وجللل كللل خلللط منهللا الللى مقللره وخزانتلله‬
‫المهيأة له من المرارة والطحال والكليللة وبللاقي الللدم الخللالص يللدخل فللي‬
‫اوردة الكبد فينصب من تلك العروق الى الضرع فيقلبه الللله تبللارك وتعللالى‬
‫من صورة الدم وطبعه وطعمه الى صورة اللبن وطبعلله وطعملله فاسللتخرج‬
‫من الفرث والدم فسل المعطل الجاحد من الذي دبر هذا التدبير وقدر هللذا‬
‫التقدير واتقن هذا الصنع ولطف هذا اللطف سوى اللطيف الخبير‬
‫فصل ثم تأمل العبرة في السمك وكيفية خلقته وأنه خلق غير ذي قوائم‬
‫لنه ل يحتاج الى المشي إذ كان مسكنه الماء ولم يخلق لله رئة لن منفعلة‬
‫الرئة التنفس والسمك لم يحتج اليه لنه ينغمس في الماء وخلقت له عوض‬
‫القوائم اجنحة شدادي يقذف بهللا مللن جللانبيه كمللا يقللذف صللاحب المركللب‬
‫بالمقللاذيف مللن جللانبي السللفينة وكسللى لجللده قسللورا متداخلللة كتللداخل‬
‫الجوشن ليقيه من الفات واعين بقوة الشم لن بصره ضعيف والماء يحجبه‬
‫فصار يشم الطعام من بعد فيقصده وقد ذكر في بعض كتب الحيوان ان من‬
‫فيه الى صماخه منافللذ فهلو يصلب الملاء فيهلا بفيله ويرسللله ملن صلماخيه‬
‫فيتروح بذلك كما يأخذ الحيوان النسيم البارد بأنفه ثم يرسله ليتروح به فإن‬
‫الماء للحيوان البحري كالهواء للحيوان البري فهما بحران احدهما الطف من‬
‫الخر بحر هواء يسبح فيه حيوان البر وبحر ماء يسبح فيه حيوان البحللر فلللو‬
‫فارق كل من الصنفين بحره الللى البحللر الخللر ملات فكمللا يختنللق الحيللوان‬
‫البري في الماء يختق الحيوان البحللري فللي الهللواء فسللبحان مللن ليحصللى‬
‫العادون آياته ول يحيطون بتفصيل آية منها على النفراد بللل ان علمللوا فيهللا‬
‫وجها جهلوا منها اوجها فتأمل الحكمة البالغة في كون السمك اكثر الحيللوان‬
‫نسل ولهذا ترى في وف السمكة الواحد من البيض مال يحصى كثرة وحكمة‬
‫ذلك ان يتسع لما‬

‫يغتذى به من اصناف الحيوان فإن اكثرها يأكللل السللمك حللتى السللباغ لنهللا‬
‫في حافات الجام جاثمة تعكف على الماء الصافي فإذا تعذر عليها صلليدالبر‬
‫رصدت السمك فاختطفته فلما كللانت السللباع تأكللل السللمك والطيللر تللأكله‬
‫والناس تأكله والسماك الكبار تأكله ودواب البر تأكله وقد جعله الله سبحانه‬
‫غذاء لهذه الصناف اقتضت حكمته ان يكون بهذه الكثرة ولللو رأى العبللد ملا‬
‫في البحر من ضروب الحيوانات والجواهر والصناف التي ل يحصيها ال الللله‬
‫ول يعرف الناس منها إل الشيء القليل الذي لنسبة له اصللل الللى مللا غللاب‬
‫عنهم لرأي العجب ولعلم سعة ملك الله وكثرة جنوده الللتي ليعلمهللا إل هللو‬
‫وهذا الجراد نثرة حوت من حيتان البحر ينثره من منخريه وهو جند من جنود‬
‫الله ضللعيف الخلقللة عجيلب الللتركيب فيله خلللق سللبع حيوانلات فللإذا رايلت‬
‫عساكره قد اقبلت ابصرت جندا ل مرد له ول يحصى منه عدد ول عللدة فلللو‬
‫جمع الملك خيله ورجله ودوابه وسلللحه ليصللده عللن بلده لمللا أمكنلله ذلللك‬
‫فانظر كيف ينسللاب علللى الرض كالسلليل فيغشللى السللهل والجبللل والبللدو‬
‫والحضر حتى يستر نور الشمس بكثرته ويسد وجلله السللماء بللأجنحته ويبلللغ‬
‫من الجو الى حيث ل يبلغ طائر اكبر جناحين منه فسللل المعطللل مللن الللذي‬
‫بعث هذا الجند الضعيف الذي ل يستطيع ان يرد عن نفسه حيوانا رام اخللذه‬
‫بلية على العسكر اهل القوة والكثرة والعدد والحيلللة فل يقللدرون بللأجمعهم‬
‫على دفعه بل ينظرون اليه يستبد بأقواتهم دونهم ويمزقها كل ممللزق ويللذر‬
‫الرض قفرا منها وهم ل يستطيعون ان يللردوه ول يحولللوا بينلله وبينهللا وهللذا‬
‫من حكمته سبحانه ان يسلللط الضللعيف مللن خلقلله الللذي ل مؤنللة للله علللى‬
‫القوى فينتقم به منه وينزل به ما كان يحذره منه حللتى ليسلتطيع للذلك ردا‬
‫ولصرفا قال الله تعالى ونزيد ان نمللن علللى الللذين استضللعفوا فللي الرض‬
‫ونجعلهللم ائمللة ونجعلهللم الللوارثين ونمكللن لهللم فللي الرض ونللرى فرعللون‬
‫وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون فواحسرتاه على استقامه مع الللله‬
‫وايثار لمرضاته في كل حال يمكن به الضعيف المستضللعف حللتى يللرى مللن‬
‫استضعفه انه اوللى بلالله ورسلوله منله ولكلن اقتضلت حكملة اللله العزيلز‬
‫الحكيم ان يأكل الظالم الباغي ويتمتع فللي خفللارة ذنللوب المظلللوم المبغللي‬
‫عليه فذنوبه من اعظم اسباب الرحمة في حق ظالمة كمللا ان المسللؤل إذا‬
‫رد السائل فهو في خفارة كذبه ولو صدق السائل لمللا أفلحمللن رده وكللذلك‬
‫السارق وقاطع الطريق في خفارة منع اصحاب الموال حقوق الله فيها ولو‬
‫ادوا ما لله عليهم فيها لحفظها الله عليهم وهذا ايضا باب عظيم مللن حكمللة‬
‫الله يطلع الناظر فيه على أسرار من أسرار التقدير وتسليط العالم بعضللهم‬
‫على بعض وتمكين الجناة والبغاة فسبحان من له في كل شيء حكمة‬

‫بالغللة وآيللة بللاهرة حللتى ان الحيوانللات العاديللة علللى النللاس فللي امللوالهم‬
‫وارزاقهم وابدانهم تعيش في خفارة ما كسبت ايديهم ولول ذلك لللم يسلللط‬
‫عليهم منها شيء ولعل هذا الفصل الستطرادي انفع لمتأمله من كللثير مللن‬
‫الفصول المتقدمة فإنه إذا اعطاه حقه من النظر والفكر عظللم انتفللاعه بلله‬
‫جدا والله الموفللق ويحكللى ان بعللض اصللحاب الماشللية كللان يشللوب اللبللن‬
‫ويبيعه على انه خالص فارسل الله عليه سلليل فللذهب بللالغنم فجعللل يعجللب‬
‫فاتى في منامه فقيل له اتعجب من اخذ السلليل غنمللك انلله تلللك القطللرات‬
‫التي شبت بها البن اجتمعت وصارت سيل فقس على هذه الحكاية مللا تللراه‬
‫في نفسك وفي غيرك تعلم حينئذ ان الله قائم بالقسط وانه قائم علللى كللل‬
‫نفس بما كسبت وانه ل يظلم مثقال ذرة والثر السرائيلي معروف ان رجل‬
‫كان يشوب الخمر ويبيعه على انه خالص فجمع من ذلك كيس ذهب وسللافر‬
‫به فركب البحر ومعه قرد له فلما نام اخذ القرد الكيس وصعد به الى اعلى‬
‫المركب ثم فتحه فجعل يلقيه دينللارا فللي المللاء ودينللارا فللي المركللب كللأنه‬
‫يقول له بلسان الحال ثمن الماء صار الى الماء ولم يظلمللك وتأمللل حكمللة‬
‫الله عز وجل في حبس الغيث عن عباده وابتلئهم بالقحط إذا منعللو الزكللاة‬
‫وحرموا المساكين كيف جوزوا على منللع مللا للمسللاكين قبلهللم مللن القللوت‬
‫بمنع الله مادة القوت والرزق وحبسها عنهم فقال لهم بلسان الحللال منعتللم‬
‫الحق فمنعتم الغيث فهل استنزلتموه ببذل ما لله قبلكم وتأمللل حكمللة الللله‬
‫تعالى في صرفه الهللدى واليملان عللن قلللوب الللذين يصلرفون النلاس عنلله‬
‫فصدهم عنه كما صدوا عباده صدا بصد ومنعا بمنع وتأمل حكمته تعالى فللي‬
‫محق اموال المرابين وتسللليط المتلفللات عليهللا كمللا فعلللوا بللاموال النللاس‬
‫ومحقوها عليهم واتلفوها بالربا جوزوا اتلفا بللاتلف فقللل ان تللرى مرابيللا إل‬
‫وآخرته الى محق وقلة وحاجة وتأمل حكمته تعالى في تسللليط العللدو علللى‬
‫العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه كيف‬
‫يسلط عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سللواء وهللذه سللنة‬
‫الله تعالى منذ قامت الدنيا الى ان تطوى الرض ويعيدها كمللا بللدأها وتأمللل‬
‫حكمتلله تعللالى فللي ان جعللل ملللوك العبللاد وأمراءهللم وولتهللم مللن جنللس‬
‫اعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولتهم وملللوكهم فللإن سللاتقاموا‬
‫اسللتقامت ملللوكهم وإن عللدلوا عللدلت عليهللم وإن جللاروا جللارت ملللوكهم‬
‫وولتهم وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولتهم كذلك وإن منعوا حقوق الله‬
‫لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولتهم ما لهم عندهم من الحق ونحلوا بهللا‬
‫عليهم وإن اخذوا ممن يستضللعفونه مللال يسللتحقونه فللي معللاملتهم اخللذت‬
‫منهم الملوك مللال يسللتحقونه وضللربت عليهللم المكللوس والوظللائف وكلمللا‬
‫يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهللم بللالقوة فعمللالهم ظهللرت‬
‫في صور اعمالهم وليس في الحكمة اللهية ان يولى علللى الشللرار الفجللار‬
‫ال من يكون من جنسهم ولما كان الصدر الول خيار‬
‫القرون وابرها كانت ولتهم كذلك فلما شابوا شابت لهم الولة فحكمه الللله‬
‫تأبى ان يولي علينا في مثل هذه الزمان مثل معاوية وعمللر بللن عبللدالعزيز‬
‫فضل عن مثل ابي بكر وعمللر بللل ولتنللا علللى قللدرنا وولة مللن قبلنللا علللى‬
‫قدرهم وكل من المرين موجب الحكمة ومقتضاها ومن له فطنلله إذا سللافر‬
‫بفكره في هذا الباب رأى الحكمة اللهية سائرة في القضاء والقللدر ظللاهرة‬
‫وباطنة فيه كما في الخلق والمللر سللواء فإيللاك ان تظللن بظنللك الفاسللدان‬
‫شيئا من اقضيته واقداره عار عن الحكمة البالغللة بللل جميللع اقضلليته تعللالى‬
‫وأقداره واقعة على اتللم وجلوه الحكمللة والصللواب ولكلن العقللول الضلعيفة‬
‫محجوبة بضعفها عن إدراكها كما ان البصار الخفاشية محجوبة بضعفها عللن‬
‫ضوء الشمس وهذه العقول الضعاف إذا صادفها الباطل جالت فيلله وصللالت‬
‫ونطقللت وقللالت كمللا ان الخفللاش إذا صللادفه ظلم الليللل طللار وسللار ‪#‬‬
‫خفافيش اعشاها النهار بضللوئه ‪ %‬ولزمهللا قطللع مللن الليللل مظلللم وتأمللل‬
‫حكمته تبارك وتعالى في عقوبات المم الخالية وتنويعها عليهم بحسب تنللوع‬
‫جرائمهم كما قال تعالى ^ وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم ^ إلللى‬
‫قوله ^ يظلمون ^ وتأمل حكمته تعالى في مسخ من مسخ من المللم فللي‬
‫صور مختلفة مناسبة لتلك الجرائم فإنها لما مسخت قلللوبهم وصللارت علللى‬
‫قلوب تلك الحيوانات وطباعها اقتضللت الحكمللة البالغللة ان جعلللت صللورهم‬
‫على صورها لتتم المناسبة ويكمل الشبه وهذا غاية الحكمة واعتبر هذا بمللن‬
‫مسخوا قردة وخنازير كيللف غلبللت عليهللم صللفات هللذه الحيللواات واخلقهللا‬
‫وأعمالها ثم إن كنت من المتوسمين فاقرأ هذه النسخة من وجوه اشللباههم‬
‫ونظرائهم كيف تراها بادية عليها وإن كانت مستورة بصورة النسانية فللاقرا‬
‫نسخة القردة من صرو اهل المكر والخديعة والفسللق الللذين ل عقللول لهللم‬
‫بل هم اخف الناس عقللول واعظمهللم مكللرا وخللداعا وفسللقا فللإن لللم تقللرا‬
‫نسخة القردة من وجوهم فلست من المتوسمين واقرا نسخة الخنازير مللن‬
‫صور اشللبهاهم ول سلليما اعللداء خيللار خلللق الللله بعدالرسللل وهللم اصللحاب‬
‫رسول الله فإن هذه النسخة ظاهرة على وجوه الرافضة يقرأها كللل مللؤمن‬
‫كاتب وغير كاتب وهي تظهللر وتخفللى بحسللب خنزيريللة القلللب وخبثلله فللإن‬
‫الخنزير اخبث الحيوانات واردؤها طباعا ومن خاصليته انله يلدع الطيبلات فل‬
‫يأكلها ويقوم النسان عن رجيعللة فيبللادر اليلله فتأمللل مطابقللة هللذا الوصللف‬
‫لعداء الصحابة كيف تجده منطبقا عليهم فإنهم عمدوا الى اطيب خلق الللله‬
‫واطهرهم فعادوهم وتبرؤوا منهم ثم والواكل عدو لهم من النصارى واليهللود‬
‫والمشركين فاستعانوا في كل زمان على حرب المؤمنين الموالين لصحاب‬
‫رسول الله بالمشركين والكفار وصرحوا بأنهم خير منهم فاي شبه ومناسللبة‬
‫اولى بهذا الضرب من الخنازير فإن لم تقرأ هذه‬

‫النسخة من وجوههم فلست من المتوسمين واما الخبار التي تكاد تبلللغ حللد‬
‫التواتر بمسخ من مسخ منهم عند الموت خنزيرا فأكثر من ان تللذكر هللا هنللا‬
‫وقد أفرد لها الحافظ بن عبدالواحد المقدسي كتابا وتأمل حكمته تعللال فللي‬
‫عذاب المم السالفة بعذاب الستئصال لما كانوا اطول اعمارا واعظم قوى‬
‫واعتى على الله وعلى رسوله فلما تقاصرت العمللار وضللعفت القللوى رفللع‬
‫عذاب الستئصال وجعل عذابهم بأيللدي المللؤمنين فكللانت الحكمللة فللي كللل‬
‫واحد من المرين ما اقتضللته فللي وقتلله وتأمللل حكمتلله تبللارك وتعللالى فللي‬
‫إرسال الرسل في المم واحدا بعد واحد كلما مات واحد خلفه آخر لحاجتهللا‬
‫الى تتابع الرسل والنبياء لضعف عقولها وعدم اكتفائها بآثار شريعة الرسول‬
‫السابق فلما انتهت النبوة الى محمد بن عبد الله رسللول الللله ونللبيه ارسللله‬
‫الى اكمل المم عقول ومعارف واصحها اذهانا واغزرها علوما وبعثلله باكمللل‬
‫شريعة ظهرت في الرض منذ قامت الدنيا الى حين مبعثه فأغنى الله لمللة‬
‫بكمال رسولها وكمال شريعته وكمال عقولها وصحة اذهانها عن رسول يأتي‬
‫بعده اقام له من امته ورثة يحفظون شريعته ووكلهم بها حللتى يؤدوهللا إلللى‬
‫نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم فلم يحتاجوا معه الى سللول آخللر ول‬
‫نبي ول محدث ولهذا قال انه قد كان قبلكم في المم محدثون فإن يكن في‬
‫امتي احد فعمر فجزم بوجود المحدثين في المللم وعلللق وجللوده فللي امتلله‬
‫بحرف الشرط وليس هذا بنقصان في المة علللى مللن قبلهللم بللل هللذا مللن‬
‫كمال امته على من قبله فإنها لكمالها وكمال نبيها وكمال شللريعته ل تحتللاج‬
‫الى محدث بل إن وجد فهو صالح للمتابعة والستشهاد ل انه عمدة لنها في‬
‫غنية بما بعث الله به نبيها عن كل منام او مكاشفة او الهام او تحللديث وامللا‬
‫من قبلها فللحاجة الى ذلك جعل فيهم المحدثون ول تظن ان تخصيص عمر‬
‫رضى الله عنه بهذا تفضيل له علللي ابللي بكللر الصللديق بللل هللذا مللن اقللوى‬
‫مناقب الصديق فإنه لكمال مشربه من حوض النبوة وتمام رضاعه من ثلدي‬
‫الرسالة استغنى بللذلك عمللا تلقللاه مللن تحللديث اوغيللره فالللذي يتلقللاه مللن‬
‫مشاكة النبوة اتم من الذي يتلقاه عمللر مللن التحللديث فتأمللل هللذا الموضللع‬
‫واعطه حقه من المعرفة وتامل ما فيه من الحكمة البالغة الشاهدة لله بانه‬
‫الحكيم الخبير وان رسول الله اكمل خلقه واكملهم شريعة وان امتلله اكمللل‬
‫المم وهذا فصل معترض وهو انفع فصول الكتاب ولول الطالة لوسعنا فيلله‬
‫المقال واكثرنا فيه من الشواهد والمثال ولقد فتح الللله الكريللم فيلله البللاب‬
‫وارشد فيه الى الصواب وهو المرجو لتمللام نعمتلله ول قللوة ال بللالله العلللي‬
‫العظيم‬
‫فصل فاعد الن النظر فيك وفي نفسك مرة ثانية من الذي دبرك بالطف‬

‫التدبير وانت جنين في بطن امك في موضع ل يد تنالك ول بصللر يللدركك ول‬
‫حيلة لك في التماس الغذاء ول في دفع الضرر فمن الذي اجللرى اليللك مللن‬
‫دم الم ما يغذوك كما يغللذو الملاء النبللات وقلللب ذلللك الللدم لبنللا ولللم يللزل‬
‫يغذيك به في اضيق المواضع وابعدها من حيلللة التكسللب والطلللب حللتى إذا‬
‫كمل خلقك واستحكم وقوى اديمك على مباشرة الهواء وبصرك على ملقاة‬
‫الضياء وصلبت عظامك علللى مباشللرة اليللدي والتقلللب علللى الغللبراء هللاج‬
‫الطلق بأمك فازعجك الى الخللروج إيمللا ازعللاج الللى عللالم البتلء فركضللك‬
‫الرحم ركضة من مكانك كأنه لم يضمك قط ولم يشتمل عليك فيما بعللد مللا‬
‫بين ذلك القبول والشللتمال حيللن وضللعت نطفللة وبيللن هللذا الللدفع والطللرد‬
‫والخراج وكان مبتهجا بحملك فصار يستغيث ويعج الى ربك من ثقلللك فمللن‬
‫الذي فتح لك بابه حتى ولجت ثم ضمه عليك حتى حفظت وكملللت ثللم فتللح‬
‫لك ذلك الباب ووسعه حتى خرجت منه كلمح البصر لللم يخنقلك ضليقه وللم‬
‫تحبسك صعوبة طريقك فيه فلو تأملت حالللك فللي دخولللك مللن ذلللك البللاب‬
‫وخروجك منه لذهب بك العجب كل مذهب فمن الذي اوحى اليه ان يتضايق‬
‫عليك وانت نطفة حتى لتفسد هناك واوحى اليه ان يتسع لك وينفسح حللتى‬
‫تخرج منه سليما الى ان خرجت فريدا وحيدا ضللعيفا ل قشللرة ول لبللاس ول‬
‫متاع ول مال احوج خلق الله واضعفهم وافقرهم فصللرف ذلللك اللبللن الللذي‬
‫كنت تتغذى به في بطللن امللك الللى خزانللتين معلقللتين علللى صللدرها تحمللل‬
‫غذاءك على صدرها كما حملتك فللي بطنهللا ثللم سلاقه الللى تينللك الخزانللتين‬
‫الطف سوق على مجار وطللرق قللد تهيللأت للله فل يللزال واقفللا فللي طرقلله‬
‫ومجاريه حتىتستوفي ما في الخزانة فيجرى وينساق اليللك فهللو بئر لتنقطللع‬
‫مادتها ول تنسد طرقها يسوقها اليك في طللرق ل يهتللدي اليهللا الطللواف ول‬
‫يسلكها الرجال فمن رققه لك وصفاه واطللاب طعملله وحسللن لللونه واحكللم‬
‫طبخه اعدل احكام ل بالحار المؤذي ول بالبارد الردي ول المر ول الماللح ول‬
‫الكريه الرائحة بل قلبه الى ضرب آخر من التغذية والمنفعللة خلف مللا كللان‬
‫في البطن فوافاك في أشد اوقات الحاجة اليه على حين ظمأ شللديد وجللوع‬
‫مفرط جمع لك فيه بين الشراب والغذاء فحيللن تولللد قللد تلمظللت وحركللت‬
‫شفتيك للرضاع فتجد الثدي المعلق كالداوة قدتدلى اليك وأقبل بدره عليللك‬
‫ثم جعل في راسه تلك الحلمة التي هي بمقدار صغر فمللك فل يضلليق عنهللا‬
‫ول تتعب بالتقامها ثم نقب لك في راسها نقبا لطيفللا بحسللب احتمالللك ولللم‬
‫يوسعه فتختنق بلاللبن ولللم يضليقه فتمصله بكلفلة بلل جعلله بقللدر اقتضلته‬
‫حكمته ومصلحتك فمن عطف عليك قلللب الم ووضللع فيلله الحنللان العجيللب‬
‫والرحمة الباهرة حتى تكون في أهنا ما يكللون مللن شللأنها وراحتهللا ومقيلهللا‬
‫فإذا احست منك بأدنى صوت او بكاء قللامت اليللك وآثرتللك علىنفسللها علللى‬
‫عدد النفس منقادة اليك بغير قائد ول سائق ال قائد الرحمة وسائق‬

‫الحنان تود لو ان كل ما يؤلملك بجسلمها وانله للم يطرقلك منله شليء وان‬
‫حياتها تزاد في حياتك فمن الذي وضع ذلك فللي قلبهللا حللتى إذا قللوى بللدنك‬
‫واتسعت امعاؤك وخشنت عظامك واحتجللت الللى غللذاء اصلللب مللن غللذائك‬
‫ليشتد به عظمك ويقوى عليه لحمللك وضللع فللي فيللك آللله القطللع والطحللن‬
‫فنصب لك أسنانا تقطع بها الطعام وطواحين تطحنه بها فملن اللذي حبسللها‬
‫عنك ايام رضاعك رحمة بأمك لطفا بها ثللم اعطاكهللا ايللام اكلللك رحمللة بللك‬
‫وأحسانا اليك ولطفا بك فلو انللك خرجلت ملن البطلن ذا سللن ونلاب وناجللذ‬
‫وضرس كيف كان حال امك بك ولو انك منعتها وقت الحاجة اليها كيف كللان‬
‫حالك بهذه الطعمة التي ل تسليغها ال بعلد تقطيعهلا وطحنهلا وكلملا ازددت‬
‫قوة وحاجة الى السنان في اكل المطاعم المختلفة زيد لك في تلللك اللت‬
‫حتى تنتهي الى النواجذ فتطيق نهش اللحم وقطع الخبز وكسللر الصلللب ثللم‬
‫إذا ازددت قللوة زيللد لللك فيهللا حللتى تنتهللي الللى الطللواحين الللتي هللي آخللر‬
‫الضللراس فمللن الللذي سللاعدك بهللذه اللت وانجللدك بهللا ومكنللك بهللا مللن‬
‫ضروب الغذاء ثم انه اقتضت حكمته ان اخرجك من بطن امك ل تعلم شلليئا‬
‫بل غبيا ل عقل ول فهم ول علم وذلك من رحمته بللك فإنللك علللى ضللعفك ل‬
‫تحتمل العقل والفهم والمعرفة بل كنت تتمزق وتتصدع بل جعل ذلك ينتقللل‬
‫فيك بالتدريح شيئا فشيئا فل يصادفك ذلك وهلة واحدة بللل يصللادفك يسلليرا‬
‫يسيرا حتى يتكامل فيك واعتبر ذلك بأن الطفل إذا سللبي صللغيرا مللن بلللده‬
‫ومن بين ابويه ول عقل له فإنه ل يؤلمه ذلك علمللا كللان اقللرب الللى العقللل‬
‫كان اشق عليه واصعب حتى إذا كان عاقل فلتراه إل كالواله الحيران ثم لللو‬
‫ولدت عاقل فهيما كحالك فللي كللبرك تنغصللت عليللك حياتللك اعظللم تنغيللص‬
‫وتنكدت اعظم تنكيد لنك ترى نفسك محمول رضيعا معصبا بللالخرق مربطللا‬
‫بالقمط مسجونا في المهلد عللاجزا ضللعيفا عملا يحلاوله الكللبير فكيلف كلان‬
‫يكون عيشك مع تعلقك التام فللي هللذه الحالللة ثللم لللم يكللن يوجللد لللك مللن‬
‫الحلوة واللطافة والوقع في القلب والرحمة بك ما يوجد للمولود الطفل بل‬
‫تكون انكد خلق الله واثقلهللم واعنتهللم واكللثرهم فضللول وكللان دخولللك هللذا‬
‫العالم وانت غبي ل تعقل شيئا ول تعلم ما فيه اهله محض الحكمة والرحمللة‬
‫بك والتدبير فتلقى الشياء بذهن ضعيف ومعرفة ناقصللة ثللم ل يللزال يتزايللد‬
‫فيك العقل والمعرفة شيئا فشيئا حتى تالف الشللياء وتتمللرن عليهللا وتخللرج‬
‫من التأمل لها والحيرة فيها وتسللتقبلها بحسللن التصللرف فيهللا والتللدبير لهللا‬
‫والتقان لها وفي ذلك وجوه أخر من الحكمة غير ما ذكرناه فمن هللذا الللذي‬
‫هو قيم عليك بالمرصاد يرصدك حتى يوافيك بكل شيء من المنافع والراب‬
‫واللت في وقت حاجتك ل يقدمها عن وقتها ول يؤخرها عنه ثم انه اعطللاك‬
‫الظفار‬

‫وقت حاجتك اليها لمنافع شتى فإنها تعين الصابع وتقويها فللإن اكللثر العمللل‬
‫لما كان برؤوس الصابع وعليها العتماد اعينت بالظافر قوة لها مع ما فيهللا‬
‫من منفعة حك ‪2‬الجسم وقشط الذى الذي ل يخللرج بللاللحم عنلله الللى غيللر‬
‫ذلك من فوائدها ثم جملك بالشللعر عللى اللراس زينللة ووقايلة وصليانة ملن‬
‫الحر والبرد إذ هو مجمع الحواس ومعدن الفكر والذكر وثمرة العقللل تنتهللي‬
‫اليه ثم خص الذكر بأن جمل وجهه باللحية وتوابعها وقللارا وهيبللة للله وجمللال‬
‫وفصل له عن سن الصبا وفرقا بينه وبين الناث وبقيت النثى على حالها لما‬
‫خلقت له من استمتاع الذكر بهلا فبقلى وجههلا عللى حلاله ونضلارته ليكلون‬
‫اهيج للرجل على الشهوة وأكمل للذة الستمتاع فالماء واحد الجللوهر واحللد‬
‫والوعاء واحد واللقاح واحد فمن الذي اعطى الذكر الذكورية والنثى النوثية‬
‫ول تلتفت الى ما يقوله الجهلة من الطبللائعيين فللي سللبب الذكللار والينللاث‬
‫وإحالة ذلك على المور الطبيعيللة الللتي لتكللاد تصللدق فللي هللذا الموضللع ال‬
‫اتفاقا وكذبه اكثر من صدقها وليس استناد الذكللار والينللاث ال الللى محللض‬
‫المرسوم اللهي الذي يلقيه الىملك التصوير حين يقول يا رب ذكللر ام انللثى‬
‫شقى ام سعيد فما الرزق فما الجل فيوحي ربللك مللا يشللاء ويكتللب الملللك‬
‫فإذا كان للطبيعة تأثيرا في الذكار والينللاث فلهللا تللاثير فللي الللرزق والجللل‬
‫والشقاوة والسعادة وإل فل أذ مخرج الجميع ما يوحيه الله الى الملك ونحن‬
‫ل ننكر ان لذلك اسبابا اخر ولكن تلك من السباب التي استأثر الله بها دون‬
‫البشر قال الله تعالى لله ملك السموات والرض يخلق ما يشلاء يهلب لملن‬
‫يشاء اناثا ويهب لمن يشللاء الللذكور الللى قللوله قللدير فللذكر اصللناف النسللاء‬
‫الربعة مع الرجال احدها من تلد الناث فقط الثانيللة مللن تلللد الللذكور فقللط‬
‫الثالثة من تلد الزوجين الذكر والنثى وهو معنللى التزويللج هنللا ان يجعللل مللا‬
‫يهب له زوجين ذكرا او انثى الرابعة العقيم التي ل تلد اصل ومما يللدل علللى‬
‫ان سبب الذكار واليناث ل يعلمه البشللر ول يللدرك بالقيللاس والفكللر وإنمللا‬
‫يعلم بالوحي ما روى مسلم في صحيحه مللن حللديث ثوبللان قللال كنللت عنللد‬
‫النبي فجاء حبر من احبار اليهود فقال السلم عليك يا محمللد فللدفعته دفعللة‬
‫كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ال تقول يا رسول الله فقال اليهودي‬
‫إنما ندعوه باسمه الذي سماه به اهله فقال رسللول الللله ان أسللمي محمللد‬
‫الذي سماني به اهلي قال اليهودي جئت أسالك فقللال رسللول الللله أينفعللك‬
‫شيء إن حدثتك قال اسمع بأذني فنكت رسول الللله بعللود معلله فقلال سللل‬
‫فقال اليهودي ايلن يكلون النلاس يلوم تبلدل الرض غيلر الرض والسلموات‬
‫فقال رسول الله هم في الظلمة دون الجسر قال فمللن اول النللاس إجللازة‬
‫قال فقراء المهاجرين قال اليهودي فما تحفتهم حيللن يللدخلون الجنللة فقللال‬
‫زيادة كبد حوت ذي النون قال فما غذاؤهم على أثرها قال‬

‫ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من اطرافها قال فما شرابهم عليه قللال مللن‬
‫عين تسمى سلسبيل قال صدقت وجئت أسالك عن شيء ليعلمه ال نبي او‬
‫رجل او رجلن قال ينفعك ان حدثتك قال اسمع بأذني قال جئت أسألك عن‬
‫الولد قال ماء الرجل ابيض وماء المرأة اصفر فإذا اجتمعا فعل منللي الرجللل‬
‫مني المرأة اذكر بإذن الله وإن عل مني المرأة مني الرجل اثني بإ ذن الللله‬
‫قال اليهودي لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف فقال رسول الله لقد سالني‬
‫عن هذا الذي سالني عنه ومالي علم به حتى أتاني الله بله والللذي دل عليلله‬
‫العقل والنقل ان الجنين يخلق من الماءين جميعا فالللذكر يقللذف مللاءه فللي‬
‫رحم النثى وكذلك هي تنزل ماءها الللى حيللث ينتهللي مللاؤه فيلتقللى المللاآن‬
‫على امر قد قدره الله وشاءه فيخلق الولد بينهما جميعللا وايهمللا غلللب كللان‬
‫الشبه له كما في صحيح البخاري عن حميد عن انللس قلال بللغ عبللدالله بلن‬
‫سلم قدوم النبي فاتاه فقال إني سائلك عن ثلث ل يعلمهن ال نبي قال مللا‬
‫أول اشراط الساعة وما اول طعام يلأكله اهلل الجنلة وملن أي شليء ينلزع‬
‫الولد إلى ابيه ومن أي شيء ينزع الى أخواله فقال رسول الله اخبرني بهن‬
‫آنفا جبريل فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملئكة فقال رسول الله اما‬
‫اول اشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق الى المغللرب وامللا اول‬
‫طعام ياكله اهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الشبه في الولد فللإن الرجللل‬
‫إذا غشى المرأة وسبقها ماؤه كللان الشللبه لله وإن سللبقت كللان الشللبه لهللا‬
‫فقال اشهد انك رسول الله وذكر الحللديث وفللي الصللحيحين عللن ام سلللمة‬
‫قالت يا رسول الله إن الله ل يستحي من الحق هل على المرأة مللن غسللل‬
‫إذا هي احتلمت قال نعم إذا رأت الماء الصفر فضحكت ام سلمة فقالت او‬
‫تحتلم المراة فقال رسول الله فيم يشبهها الولد فهذه الحاديث الثلثة تللدل‬
‫على ان الولللد يخلللق مللن المللاءين وان الذكللار والينللاث يكللون بغلبللة احللد‬
‫الماءين وقهره للخروعلوه عليه وان الشبه يكون بالسبق فمن سللبق مللاؤه‬
‫الى الرحم كان الشبه له وهذه امور ليس عند أهل الطبيعللة مللا يللدل عليهللا‬
‫ول تعلم ال بالوحي وليس في صناعتهم ايضا ما ينافيها على ان في النفللس‬
‫من حديث وبان ما فيها وأنه يخاف ان ل يكون احد رواته حفظه كمللا ينبغللي‬
‫وأن يكون السؤال إنما وقع فيه عن الشبه ل عن الذكار واليناث كمللا سللأل‬
‫عنه عبدالله بن سلم ولذلك لم يخرجه البخاري وفي الصحيحين من حللديث‬
‫عبدالله بن ابي بكر عن انللس عللن النللبي قللال ان الللله وكللل بللالرحم ملكللا‬
‫فيقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضللغة فللإذا اراد ان يخلقهللا قللال يللا‬
‫رب اذكر ام انثى شقي ام سعيد فما الرزق فمللا الجللل فيكتللب كللذلك فللي‬
‫بطن امه أفل ترى كيف أحال بالذكار واليناث علللى مجللرد المشلليئة وقرنلله‬
‫بما لتأثير للطبيعة فيه من الشقاوة والسعادة والرزق والجللل ولللم يتعللرض‬
‫الملك لكتبه الذي للطبيعة فيه مدخل اول ترى عبد الله بن سلم لللم يسللأل‬
‫ال عن الشبه الذي يمكن الجواب عنه ولم يسال عن الذكار واليناث‬

‫مع انه ابلغ من الشبه والله اعلم وان كان رسللول الللله قللد قللاله فهللو عيللن‬
‫الحق وعلى كل تقدير فهو يبطللل مللا زعملله بعللض الطبللائعيين مللن معرفللة‬
‫اسباب الذكار واليناث والله اعلم‬
‫فصل فانظر كيف جعلت آلت الجماع في الذكر والنثى جميعا على وفق‬
‫الحكمة فجعلت في حق الذكر آلة ناشزة تمتد حتى توصل المنى الللى قعللر‬
‫الرحم بمنزلة من يناول غيره شيئا فهو يمد يده اليه حتى يوصلله إيلاه ولنله‬
‫يحتاج الى ان يقذف ماءه في قعر الرحم وأما النثى فجعل لها وعاء مجوف‬
‫لنها تحتاج الى ان تقبل ماء الرجلل وتمسلكه وتشلتمل عليله فلأعطيت آللة‬
‫تليق بها ثم لما كان ماء الرجللل ينحللدر مللن اجللزاء الجسللد رقيقللا ضللعيفا ل‬
‫يخلق منه الولد جعل له النثيان وعللاء يطبللخ فيهمللا ويحكللم انضللاجه ليشللتد‬
‫وينعقد ويصير قابل لن يكون مبدأ للتخليق ولم تحتللج المللرأة الللى ذلللك لن‬
‫رقة مائها ولطفاته إذا مازج غلظ ماء الرجل وشدته قوى به واسللتحكم ولللو‬
‫كان الماآن رقيقان ضعيفان لم يتكون الولد منهما وخص الرجل بآلة النضللج‬
‫والطبخ لحكم منها ان حرارته اقوى والنثى باردة فلو اعطيت تلك اللللة لللم‬
‫يستحكم طبخ الماء وانضاجه فيها ومنهللا ان ماءهللا ل يخللرج عللن محللله بللل‬
‫ينزل من بين ترائبها الى محله ومنها انها لما كانت محل للجماع اعطيت من‬
‫اللة ما يليق بها فلو اعطيت آلللة الرجللل لللم تحصللل لهللا اللللذة والسللتمتاع‬
‫ولكانت تلك اللة معطلة بغير منفعة فالحكمة التامة فيما وجدت خلقللة كللل‬
‫منهما عليه‬
‫فصل فارجع الن الى نفسك وكرر النظر فيك فهو يكفيك وتأمل اعضاءك‬
‫وتقدير كل عضو منها للرب والمنفعة المهيللأ لهللا فاليللدان للعلج والبطللش‬
‫والخذ والعطاء والمحاربة والدفع والرجلن لحمل البدن والسعي والركوب‬
‫وانتصاف القامة والعينان للهتداء والجمال والزينة والملحللة ورؤيلة ملا فللي‬
‫السموات والرض وآياتهما وعجائبهما والفللم للغللذاء والكلم والجملال وغيللر‬
‫ذلك والنف للنفس وإخراج فضلللت الللدماغ وزينللة للللوجه واللسللان للبيللان‬
‫والترجمة عنك والذنللان صللاحبتا الخبللار تؤديانهللا اليللك واللسللان يبلللغ عنللك‬
‫والمعدة خزانة يستقر فيها الغللذاء فتنضللجه وتطبخلله وتصلللحه اصلللحا آخللر‬
‫وطبخا آخر غير الصلح والطبخ الذي توليته من خارج فللأنت تعللاني إنضللاجه‬
‫وطبخه وإصلحه حتى تظن انه قللد كمللل وانلله قللد اسللتغنى عللن طبللخ آخللر‬
‫وانضاج آخر وطباخه الداخل ومنضجه يعاني من نضجه وطبخلله مللال تهتللدي‬
‫اليه ول تقدر عليه فهو يوقد عليه نيرانا تذيب الحصى وتذيب مال تذيبه النللار‬
‫وهي في الطف موضع منك ل تحرقك ول تلتهب وهي اشد حرارة مللن النللار‬
‫وإل فما يذيب هذه الطعمة الغليظلة الشلديدة جللدا حللتى يجعلهلا ملاء ذائبلا‬
‫وجعل الكبد للتخليص واخذ صفو الغذاء والطفه ثم رتب منها مجاري‬

‫وطرقا يسوق بها الغذاء الى كل عضو وعظم وعصللب ولحللم وشللعر وظفللر‬
‫وجعل المنازل والبواب لدخال ما ينفعك وإخراج ما يضللرك وجعللل الوعيللة‬
‫المختلفللة خللزائن تحفللظ مللادة حياتللك فهللذه خزانللة للطعللام وهللذه خزانللة‬
‫للحرارة وهذه خزائن للدم وجعل منها خزائن مؤديللات لئل تختلللط بللالخزائن‬
‫الخر فجعل خزائن للمرة السلوداء وأخلرى للملرة الصلفراء وأخلرى للبلول‬
‫وأخرى للمنى فتأمل حال الطعام في وصوله الى المعدة وكيف يسرى منها‬
‫في البدن فإنه إذا استقر فيها اشتملت عليه وانضمت فتطبخه وتجيد صنعته‬
‫ثم تبعثه الى الكبد في مجار دقاق وقد جعل بين الكبلد وبيلن تللك المجللاري‬
‫غشاء رقيقا كالمصفات الضلليقة البخللاش تصلفية فل يصلل الللى الكبللد منله‬
‫شيء غليظ خشن فينكؤها لن الكبد رقيقة ل تحمل الغليظ فإذ قبلتلله الكبللد‬
‫انفذته الى البدن كله فللي مجللار مهيللأ قلللة بمنزلللة المجللاري المعللدة للمللاء‬
‫ليسلك في الرض فيعمها بالسقي ثم يبعث ما بقللي مللن الخبللث والفضللول‬
‫الى مغايض ومصارف قد اعدت لها فما كان من مرة صفراء بعثللت بلله الللى‬
‫المرارة وملا كلان ملن ملرة سلوداء بعثلت بله اللى الطحلال وملا كلان ملن‬
‫الرطوبة المائية بعثت به الى المثانللة فملن ذا الللذي تلولى ذلككللله وأحكملله‬
‫ودبره وقدره احسن تقدير وكأني بك ايها المسكين تقول هذا كله مللن فعللل‬
‫الطبيعة وفي الطبيعة عجائب واسرار فلو أراد الله ان يهديك لسالت نفسك‬
‫بنفسك وقلت اخبريني عن هذه الطبيعة اهللي ذات قائمللة بنفسللها لهللا علللم‬
‫وقدرة على هذه الفعال العجيبة ام ليست كللذلك بللل عللرض وصللفة قائمللة‬
‫بالمطبوع تابعة له محمولة فيه فإن قالت لك بل هي ذات قائمة بنفسها لهللا‬
‫العلللم التللام والقللدرة والرادة والحكمللة فقللل لهللا هللذا هللو الخللالق البللارئ‬
‫المصور فلم تسمينه طبيعية ويا لله من ذكر الطبلائع وملن يرغلب فيهلا فهل‬
‫سميته بما سمى بلله نفسلله علللى السللن رسللله ودخلللت فللي جملللة العقلء‬
‫والسعداء فإن هذا الذي وصفت به الطبيعة صفته تعالى وإن قالت تلللك بللل‬
‫الطبيعة عرض محمول مفتقر الى حامل وهذا كله فعلها بغير علللم منهللا ول‬
‫إرادة ول قدرة ول شعور اصل وقد شوهد من آثارها ما شوهد فقل لهللا هللذا‬
‫مال يصدقه ذو عقل سليم كيف تصدر هذه الفعال العجيبة والحكم الدقيقللة‬
‫التي تعجز عقول العقلء عن معرفتها وعن القدرة عليها ممن ل عقل له ول‬
‫قدرة ول حكمللة ول شللعور وهللل التصللديق بمثللل هللذا إل دخللول فللي سلللك‬
‫المجانين والمبرسمين ثم قل لها بعد ولللو ثبللت لللك مللا ادعيللت فمعلللوم ان‬
‫مثل هذه الصفة ليست بخالقة لنفسها ول مبدعة لذاتها فملن ربهلا ومبلدعها‬
‫وخالقها ومن طبعها وجعلها تفعل ذلك فهي إذا من ادل الدلئل علللى بارئهللا‬
‫وفاطرها وكمال قدرته وعلمه وحكمته فلم يجللد عليللك تعطيلللك رب العللالم‬
‫وجحدك لصفاته وأفعللاله ال مخالفتللك العقللل والفطللرة ولللو حاكمنللاك الللى‬
‫الطبيعة لرايناك انك خارج عن موجبها فل انت مع موجب العقل ول الفطرة‬
‫ول الطبيعة ول النسلانية اصللل وكفللى بلذلك جهل وضلللل فللإن رجعللت الللى‬
‫العقل وقلت ل يوجد حكمة ال من حكيم قادر عليم ول تدبير‬

‫متقن ال من صانع قادر مختار مدبر عليم بما يريللد قللادر عليلله ل يعجللزه ول‬
‫يؤؤده قيل لك فإذا اقررت ويحك بالخلق العظيم الذي ل اللله غيللره ول رب‬
‫سواه فدع تسميته طبيعللة اوعقل فعللال او موجبللا بللذاته وقللل هللذا هللو الللله‬
‫الخللالق البللارئ المصللور رب العللالمين وقيللوم السللموات والرضللين ورب‬
‫المشارق والمغارب الذي احسن كللل شلليء خلقلله واتقللن مللا صللنع فمالللك‬
‫جحدت اسماءه وصفاته وذاته اضفت صنيعه الى غيره وخلقه الى سواه مللع‬
‫انك مضطر الى القرار به إضافة البداع والخلق والربوبية والتللدبير اليلله ول‬
‫بد والحمد لله رب العالمين على انك لو تللأملت قولللك طبيعللة ومعنللى هللذه‬
‫اللفظة لدلك على الخالق الباريء لفظها كمللا دل العقللول عليلله معناهللا لن‬
‫طبيعة فعيلة بمعنى مفعولة أي مطبوعة ول يحتمل غيرهذا البتللة لنهللا علللى‬
‫بنللاء الغللرائز الللتي ركبللت فللي الجسللم ووضللعت فيلله كالسللجية والغريللزة‬
‫والبحيرة والسليقة والطبيعة فهللي الللتي طبللع عليهللا الحيللوان وطبعللت فيلله‬
‫ومعلوم ان طبيعة من غير طابع لها محال فقد دل لفظ الطبيعة على البارئ‬
‫تعالى كما دل معناها عليه والمسلمون يقولون ان الطبيعللة خلللق مللن خلللق‬
‫الله مسخر مربوب وهي سنته في خليقته التي اجراها عليه ثم انه يتصللرف‬
‫فيها كيف شاء وكما شاء فيسلبها تاثيرها إذا اراد ويقلب تأثيرها الى ضده إذا‬
‫شاء ليرى عباده أنه وحده الخالق البارئ المصور وأنه يخلللق مللا يشللاء كمللا‬
‫يشاء وإنما امره إذا اراد شليئا ان يقلول لله كلن فيكلون وإن الطبيعلة اللتي‬
‫انتهى نظر الخفافيش اليها إنما هي خلق من خلقه بمنزلللة سللائر ملخوقللاته‬
‫فكيف يحسن بمن له حظ من انسانية اوعقل ان ينسى ملن طبعهلا وخلقهلا‬
‫ويحيل الصنع والبداع عليهللا ولللم يللزل الللله سللبحانه يسلللبها قوتهلا ويحيلهللا‬
‫ويقلبها الى ضد ما جعلت له حللتى يللرى عبللاده انهللا خلقلله وصللنعه مسللخرة‬
‫بامره ^ ال له الخلق والمر تبارك الله رب العالمين ^‬
‫فصل فاعد النظر في نفسك وتأمل حكمة اللطيف الخبير في تركيب البدن‬
‫ووضع هذه العضللاء مواضللعها منلله واعللدادها لمللا اعللدت للله وإعللداد هللذه‬
‫الوعية المعدة لحمل الفضلت وجمعها لكيل تنتشر في البللدن فتفسللده ثللم‬
‫تأمل الحكمة البالغة في تنميتك وكثرة اجزائك مللن غيللر تفكيللك ول تفصلليل‬
‫ولو ان صائغا اخذ تمثال من ذهب او فضللة او نحللاس فللأراد ان يجعللله اكللبر‬
‫مما هو هل كان يمكنه ذلك ال بعد ان يكسره ويصوغه صياغة اخرى والللرب‬
‫تعالى ينمي جسم الطفل واعضاءه الظللاهرة والباطنللة وجميللع اجللزائه وهللو‬
‫باق ثابت على شكله وهيئته ل يتزايل ول ينفك ول ينقللص وأعجللب مللن هللذا‬
‫كله تصويره في الرحم حيث لتراه العيون ول تلمسه اليللدي ول تصللل اليلله‬
‫اللت فيخرج بشرا سويا مستوفيا لكل ما فيه مصلحته وقوامه‬

‫مللن عضللو وحاسللة وآلللة مللن الحشللاء والجللوارح والحوامللل والعصللاب‬


‫والرباطات والغشية والعظام المختلفة الشكل والقللدر والمنفعللة والموضللع‬
‫الى غير ذلك من اللحم والشحم والملخ وملا فلي ذللك ملن دقيلق اللتركيب‬
‫ولطيف الخلقلة وخفلي الحكملة وبلديع الصلنعة كلل هلذا صلنع اللله احسلن‬
‫الخالقين في قطرة من ماء مهيللن ومللا كللرر عليللك فللي كتللابه مبللدأ خلقللك‬
‫وإعادته ودعاك الى التفكير فيه إل لما بك من العبرة والمعرفة ول تسللتطل‬
‫هذا الفصل وما فيه من نوع تكرار يشتمل على مزيد فائدة فإن الحاجة اليه‬
‫ماسة والمنفعة عظيمة فانظر الىبعض ما خصك به وفضلك به علللى البهللائم‬
‫المهملة إذ خلقك على هيئة تنتصب قائما وتستوي جالسا وتسللتقبل الشللياء‬
‫ببللدنك وتقبللل عليهللا بجملتللك فيمكنللك العمللل والصلللح والتللدبير ولللو كنللت‬
‫كذوات الربع المكبوبة على وجهها لم يظهر لك فضيلة تمييز واختصاص ولم‬
‫يتهيأ منك ما تهيأ من هذه النسبة‬
‫فصل قال الله تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر‬
‫ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم الية فسللبحان مللن البسلله خلللع الكرامللة‬
‫كلها من العقل والعللم والبيلان والنطلق والشلكل والصلورة الحسلنةوالهيئة‬
‫الشللريفة والقللد المعتللدل واكتسللاب العلللوم بالسللتدلل والفكللر واقتنللاص‬
‫الخلق الشريفة الفاضلة من الللبر والطاعللة والنقيللاد فكللم بيللن حللاله وهللو‬
‫نطفة في داخل الرحم مستودع هنا وبين حاله والملك يدخل عليه في جنات‬
‫عدن ^ فتبارك الله احسن الخالقين ^ فالدنيا قرية والمؤمن رئيسها والكل‬
‫مشغول به ساع في مصالحه والكل قد اقيم في خدمته وحوائجه فالملئكللة‬
‫الللذين هللم حملللة عللرش الرحمللن ومللن حللوله يسللتغفرون للله والملئكللة‬
‫الموكلللون بلله يحفظللونه والموكلللون بللالقطر والنبللات يسللعون فللي رزقلله‬
‫ويعملون فيلله والفلك سللخرت منقللادة دائرة بمللا فيلله مصللالحه والشللمس‬
‫والقمر والنجوم مسخرات جاريات بحساب ازمنتلله واوقللاته وإصلللح رواتللب‬
‫اقواته والعالم الجوي مسخر له برياحه وهوائه وسحابه وطيره وما اودع فيه‬
‫والعالم السللفلي كللله مسللخر للله مخلللوق لمصللالحه ارضلله وجبللاله وبحللاره‬
‫وأنهاره وأشجاره وثماره ونباته وحيوانه وكل ما فيه كما قال تعللالى ^ الللله‬
‫الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ^ الى قللوله يتكفللرون وقللال‬
‫تعالى الله الذي خلق السموات والرض وأنزل من السللماء مللاء فللأخرج بلله‬
‫من الثمرات رزقا لكم الى قوله كفار فالسائر فللي معرفللة آلء الللله وتأمللل‬
‫حكمته وبديع صفاته اطول باعا وأمل صواعا من اللصيق بمكانه المقيم فللي‬
‫بلد عادته وطبعه راضيا بعيش بني جنسه ل يرضى لنفسه إل ان يكون واحدا‬
‫منهم يقول لي اسوة بهم وهل‬

‫انا ال من ربيعللة او مضللر وليسللت نفللائس البضللائع ال لمللن امتطللى غللارب‬


‫الغتراب وطوف في الفاق حللتى رضللى مللن الغنيمللة باليللاب فاسللتلن مللا‬
‫استوعره البطالون وأنس بما استوحش منه الجاهلون‬
‫فصل فاعد النظر في نفسك وحكمة الخلق العليم في خلقك وانظر الى‬
‫الحللواس الللتي منهللا تشللرف علللى الشللياء كيللف جعلهللا الللله فللي الللراس‬
‫كالمصابيح فوق المنارة لتتمكللن بهللا مللن مطالعللة الشللياء ولللم تجعللل فللي‬
‫العضاء التي تمتهن كاليدين والرجلين فتتعللرض للفللات بمباشللرة العمللال‬
‫والحركات ولجعلها في العضللاء الللتي فللي وسللط البللدن كللالبطن والظهللر‬
‫فيعسر عليك التلفت والطلع على الشياء فلما لم يكن لها فللي شلليء ملن‬
‫هذه العضاء موضع كان الراس اليق المواضع بها وأجملها فالراس صللومعة‬
‫الحللواس ثللم تأمللل الحكمللة فللي ان جعللل الحللواس خمسللا فللي مقابلللة‬
‫المحسوسللات الخمللس ليلقللى خمسللا بخمللس كللي ل يبقللى شلليء مللن‬
‫المحسوسات ل يناله بحاسة فجعل البصر فللي مقابلللة المبصللرات والسللمع‬
‫في مقابلة الصوات والشم في مقابلة أنواع الروائح المختلفات والذوق في‬
‫مقابلة الكيفيات المذوقات واللمس في مقابلة الملموسات فللأي محسلوس‬
‫بقي بل حاسة ولو كان في المحسوسات شيء غير هذه لعطاك للله حاسللة‬
‫سادسة ولما كان ما عداها إنما يدرك بالباطن اعطاك الحواس الباطنة وهي‬
‫هذه الخماس التي جرت عليها السنة العامللة والخاصللة حيللث يقولللون فللي‬
‫المفكر المتأمل ضللرب اخماسلله فللي أسداسلله فأخماسلله حواسلله الخمللس‬
‫واسداسه جهانه الست وأرادوا بذلك انه جذبه القلب وسار بلله فللي القطللار‬
‫والجهات حتى قلب حواسه الخمس في جهاته ألسللت وضللربها فيهللا لشللدة‬
‫فكره‬
‫فصل ثم اعينت هذه الحواس بمخلوقات اخر منفصلة عنهللا تكللون واسللطة‬
‫في‬
‫احساسها فاعينت حاسة البصر بالضياء والشللعاع فلللوله لللم ينتفللع النللاظر‬
‫ببصره فلو منع الضياء والشعاع لم تنفع العين شلليئا واعينللت حاسللة السللمع‬
‫بالهواء يحمللل الصللوات فللي الجللو ثللم يلقيهللا الللى الذن فتحللويه ثللم تقلبلله‬
‫الىالقوة السامعة ولول الهواء لم يسمع الرجللل شلليئا واعينللت حاسللة الشللم‬
‫بالنسيم اللطيف يحمل الرائحة ثم يؤديها اليها فتللدركها فلللول هللو لللم تشللم‬
‫شيئا واعينت حاسة الذوق بالريق المتحلل في الفم تدرك القوة الزائقللة بلله‬
‫طعوم الشياء ولهذا لم يكن له طعم ل حلو ول حللامض ول مالللح ول حريللف‬
‫لنه كان يحيل تلك الطعوم الى طعمه ول يحصل به مقصوده واعينت حاسة‬
‫اللمس بقوة جعلها الله فيها تدرك بها الملموسات ولم تحتج الى شيء‬
‫من خارج بخلف غيرها من الحواس بل تدرك الملموسات بل واسللطة بينهللا‬
‫وبينها لنها إنما تدركها بالجتماع والملمسة فلم تحتج الىواسطة‬
‫فصل ثم تأمل حال من عدم البصر وما يناله من الخلل في أموره فإنه‬
‫ل يعرف موضع قدمه ول يبصر ما بين يديه ول يفرق بين اللللوان والمنللاظر‬
‫الحسنة من القبيحة ول يتمكن من استفادة علم من كتاب يقرأه وليتهيأ للله‬
‫العتبار والنظر في عجائب ملك الله هذا مع انه ل يشعر بكثير من مصللالحه‬
‫ومضاره فل يشعر بحفرة يهوى فيها ول بحيوان يقصده كالسللبع فيتحللرز للله‬
‫ول بعدو يهوى نحوه ليقتله ول يتمكن من هرب ان طلب بل هو ملق السلللم‬
‫لمن رامه باذى ولول حفظ خاص من الله له قريب من حفظ الوليد وكلءتلله‬
‫لكان عطبه اقرب من سلمته فإنه بمنزلة لحم على وضم ولذلك جعل الللله‬
‫ثوابه إذا صلبر واحتسلب الجنلةومن كملال لطفله ان عكلس نوربصلره اللى‬
‫بصيرته فهو اقوى الناس بصيرة وحدسا وجمع عليه همه فقلبه مجموع عليه‬
‫غير مشتت ليهنأ له العيش وتتم مصلحته ول يظن انه مغموم حزين متاسف‬
‫هذا حكم من ولد اعمى فأما من اصيب بعينيه بعدالبصر فهللو بمنزلللة سللائر‬
‫اهل البلء المنتقلين من العافية الى البلية فالمحنة عليه شديدة لنه قد حيل‬
‫بينه وبين ما الفه من المرائي والصور ووجوه النتفاع ببصره فهذا للله حكللم‬
‫آخر وكذلك من عدم السمع فإنه يفقد روح المخاطبة والمحاورة ويعدم لللذة‬
‫المذاكرة ونغمللة الصللوات الشللجية وتعظللم المؤنللة علىالنللاس فللي خطللابه‬
‫ويتبرمون به ول يسمع شيئا من اخبللار النللاس واحللاديثهم فهللو بينهللم شللاهد‬
‫كغائب وحي كميت وقريب كبعيد وقد اختلف النظللار فللي ايهمللا اقللرب الللى‬
‫الكمال واقل اختلل لمللوره الضللرير او الطللرش وذكللروا فللي ذلللك وجوهللا‬
‫وهذا مبني على اصل آخللر وهللو أي الصللفتين اكمللل صللفة السللمع او صللفة‬
‫البصر وقد ذكرنا الخلف فيهما فيمللا تقلدم ملن هللذا الكتللاب وذكرنلا اقللوال‬
‫الناس وأدلتهم والتحقيق في ذلك فأي الصفتين كانت اكمل فالضرر بعللدمها‬
‫اقللوى والللذي يليللق بهللذا الموضللع ان يقللال عللادم البصللر اشللدهما ضللررا‬
‫وأسلللمهما دينللا واحمللدهما عاقبللة وعللادم السللمع اقلهمللا ضللررا فللي دنيللاه‬
‫واجهلهما بدينه واسوا عاقبة فإنه إذا عدم السللمع عللدم المللواعظ والنصللائح‬
‫وانسدت عليلله ابللواب العلللوم النافعللة وانفتحللت للله طللرق الشللهوات الللتي‬
‫يدركها البصر ول يناله من العلم ما يكفه عنها فضرره في دينلله اكلثر وضللرر‬
‫العمى في دنياه اكثر ولهذا لم يكن في الصحابة اطرش وكان فيهم جماعة‬
‫اضراء وقل ان يبتلى الله اولياءه بالطرش ويبتلى كثيرا منهللم بللالعمى فهللذا‬
‫فصل الخطاب في هذه المسئلة فمضرة الطرش في الدين ومضرة العمللى‬
‫في الدنيا والمعافى من عافاه الله منهمللا ومتعلله بسللمعه وبصللره وجعلهمللا‬
‫الوارثين منه‬

‫فصل وأما من عدم البيانين بيان القلب وبيان اللسان فذلك بمنزلة‬
‫الحيوانات البهيمة بل هللي احسللن حللال منلله فللإن فيهللا مللا خلقللت للله مللن‬
‫المنافع والمصالح الللتي تسللتعمل فيهللا وهللذا يجهللل كللثيرا ممللا تهتللدي اليلله‬
‫البهائم ويلقى نفسه فيما تكف البهائم انفسها عنلله وان عللدم بيللان اللسللان‬
‫دون بيان القلب ومن عدم خاصة النسان وهي النطق اشللتدت المؤمنللة بلله‬
‫وعليه وعظمت حسرته وطال تأسفه على رد الجواب ورجللع الخطللاب فهللو‬
‫كالمقعد الذي يرى ما هو محتاج اليه ول تمتللد اليلله يللده ول رجللله فكللم لللله‬
‫على عبده من نعمة سابغة فيهذه العضاء والجوارح والقوى والمنللافع الللتي‬
‫فيه فهو ل يلتفت اليها ول يشكر الله عليها ولو فقد شيئا منها لتمنى انلله للله‬
‫بالدنيا وما عليها فهو يتقلب في نعم الله بسلللمة اعضللائه وجللوارحه وقللواه‬
‫وهو عار من شكرها ولوعرضت عليه الدنيا ما فيها بزوال واحدة منهللا لبللي‬
‫المعاوضة وعلم انها معاوضة غبن ان النسان لظلوم كفور‬
‫فصل ثم تأمل حكمته في العضاء التي خلقت فيك آحادا ومثنى وثلث‬
‫ورباع وما في ذلك من الحكم البالغة فالراس واللسان والنف والذكر خلق‬
‫كل منهما واحدا فقط إذل مصلحة في كونه اكللثر مللن ذلللك ال تللرى انلله لللو‬
‫اضلليف الللى الللراس راس آخللر لثقل بللدنه مللن غيللر حاجللة اليلله لن جميللع‬
‫الحواس التي يحتاج اليها مجتمعة في رأس واحد ثم ان النسان كان ينقسم‬
‫براسه قسمين فإن تكلم من احدهما وسمع به وابصر وشم وذاق بقي الخر‬
‫معطل ل أرب فيه وإن تكلم وابصللر وسللمع بهمللا معللا كلمللا واحللدا وسللمعا‬
‫واحدا وبصللرا واحللدا كللان الخللر فضللله ل فللائدة فيلله وإن اختلللف إدراكهمللا‬
‫اختلفت عليه احواله وإدراكاته وكذلك لو كان له لسانان في فللم واحللد فللإن‬
‫تكلم بهما كلملا واحللدا كلان احللدهما ضلائعا وان تكللم باحلدهما دون الخلر‬
‫فكذلك وان تكلم بهما معا كلمين مختلفين خلط على السامع ولم يللدر بللاي‬
‫الكلمين يأخذ وكذلك لو كان له هنوان وفمان لكان مع قبح الخلقللة احللدهما‬
‫فضلة ل منفعة فيه وهذا بخلف العضاء التي خلقت مثنى كالعينين والذنين‬
‫والشفتين واليدين والرجلين والسللاقين والفخللذين والللوركين والثللديين فللإن‬
‫الحكمة فيها ظاهرة والمصلحة بينه والجمال والزينللة عليهللا باديللة فلللو كللان‬
‫النسان بعين واحللدة لكللان مشللوه الخلقللة ناقصللها وكللذلك الحاجبللان وأمللا‬
‫اليدان والللرجلن والسللاقان والفخللذان فتعللددهما ضللروري للنسللان ل تتللم‬
‫مصلحته ال بذلك ال ترى من قطعت احدى يديه او رجليه كيللف تبقللى حللاله‬
‫وعجزه فلو ان النجار والخيللاط والحللداد والخبللاز والبنللاء واصللحاب الصللنائع‬
‫التي ل تتأتى ال باليدين شلللت يلد احللدهما لتعطللت عليله صللنعته فاقتضلت‬
‫الحكمة‬

‫ان اعطى من هذا الضرب من الجوارح والعضاء اثنين اثني وكللذلك اعطللى‬
‫شفتين لنه ل تكمل مصلحته إل بهما وفيهما ضروب عديدة من المنافع ومن‬
‫الكلم والذوق وغطاء الفم والجمال والزينة والقبلة وغير ذلك وأما العضللاء‬
‫الثلثة فهي جوانب انفه وحيطانه وقللد ذكرنللا حكمللة ذلللك فيمللا تقللدم وامللا‬
‫العضاء الرباعية فالكعاب الربعة التي هي مجمع القدمين والممسللكة لهملا‬
‫وبهما قوة القدمين وحركتهما وفيهما منافع الساقين وكذلك اجفللان العينيللن‬
‫فيها من الحكم والمنافع انها غطاء للعينين ووقاية لهما وجمللال وزينللة وغيللر‬
‫ذلك من الحكم فاقتضت الحكمة البالغللة ان جعلللت العضللاء علللى مللا هللي‬
‫عليه من العدد والشكل والهيئة فلو زادت او نقصت لكان نقصا فللي الخلقللة‬
‫ولهذا يوجد في النوع النساني ملن زائد فلي الخلقلة ونلاقص منهلا ملا يلدل‬
‫على حكمة الرب تعالى وأنه لو شاء لجعل خلقه كلهم هكذا وليعلللم الكامللل‬
‫الخلقة تمام النعمة عليه وانه خلق خلقا سويا معتدل لم يزد فللي خلقلله مللال‬
‫يحتاج اليه ولم ينقص منه ما يحتاج اليه كما يراه في غيره فهو اجللدر ان لللم‬
‫يزداد شكرا وحمدا لربه ويعلم ان ذلك ليس مللن صللنع الطبيعللة وإنمللا ذلللك‬
‫صنع الله الذي اتقن كل شيء خلقه وانه يخلق ما يشاء‬
‫فصل من اين للطبيعة هذا الختلف والفرق الحاصل في النوع النسان‬
‫بين صورهم فقل ان يرى اثنان متشابهان من كل وجه وذلللك مللن انللدر مللا‬
‫في العالم بخلف اصناف الحيوان كالنعم والوحوش والطير وسللائر الللدواب‬
‫فإنك ترى السرب من الظباء والثلة من الغنم والذود من البل والصوار من‬
‫البقر تتشابه حتى ل يفرق بين واحد منهما وبين الخر إل بعد طللول تأمللل او‬
‫بعلمللة ظللاهرة والنللاس مختلفللة صللورهم وخلقتهللم فل يكللاد اثنللان منهللم‬
‫يجتمعان في صفة واحدة وخلقة واحدة بل ول صوت واحللد وحنجللرة واحللدة‬
‫والحكمللة البالغللة فللي ذلللك ان النللاس يحتللاجون الللى ان يتعللارفوا بللأعينهم‬
‫وحلهم لما يجرى بينهم من المعاملت فلللول الفللرق والختلف فللي الصللور‬
‫لفسدت احوالهم وتشت نظامهم ولم يعرف الشاهد من المشللهود عليلله ول‬
‫المدين من رب الدين ول البائع من المشتري ول كان الرجل يعللرف عرسلله‬
‫من غيرها للختلط ول هي تعرف بعلها من غيره وفي ذلللك اعظللم الفسللاد‬
‫والخلل فمن الذي ميز بين حلهم وصورهم واصواتهم وفرق بينها بفللروق ل‬
‫تنالها العبارة ول يدركها الوصف فسل المعطل اهذا فعل الطبيعة وهللل فللي‬
‫الطبيعة اقتضاء هذا الختلف والفتراق في النوع وأين قللول الطبللائعيين ان‬
‫فعلها متشابه لنها واحدة فللي نفسللها ل تفعللل بللإرادة ول مشلليئة فل يمكللن‬
‫اختلف افعالها فكيف يجمع المعطل بين هللذا وهللذا فإنهللا ل تعمللى البصللار‬
‫ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وربما وقع في النوع النسللاني تشللابه‬
‫بين اثنين ل يكاد يميز بينهما فتعظم عليهم المؤنة في‬

‫معاملتهما وتشتد الحاجة الى تمييز المسللتحق منهمللا والمؤاخللذ بللذنبه ومللن‬
‫عليه الحللق وإذا كللان هللذا يعللرض فللي التشللابه فللي السللماء كللثيرا ويلقللى‬
‫الشاهد والحاكم من ذلك ما يلقى فما الظن لللو وضللع التشللابه فللي الخلقللة‬
‫والصورة ولما كان الحيوان البهيم والطير والوحوش ل يضللرها هللذا التشللابه‬
‫شيئا لم تدع الحكمة الى الفرق بين كللل زوجيللن منهللا فتبللارك الللله احسللن‬
‫الخالقين الذي وسعت حكمته كل شيء‬
‫فصل ثم تأمل لم صارت المرأة والرجل إذا ادركا اشتركا في نبات‬
‫العانة ثم ينفرد الرجل عللن الملرأة باللحيلة فللإن الللله علز وجلل لملا جعلل‬
‫الرجل قيما على المرأة وجعلها كالخول له والعاني في يديه ميزه عليها بمللا‬
‫فيه له المهانة والعللز والوقللار والجللللة لكمللاله وحللاجته الللى ذلللك ومنعتهللا‬
‫المرأة لكمال الستمتاع بها والتلذذ لتبقللى نضللارة وجههللا وحسللنه ل يشللينه‬
‫الشعر واشتراكا في سائر الشعور للحكمة والمنفعة التي فيها‬
‫فصل ثم تأمل هذا الصوت الخارج من الحلق وتهيئة آلته والكلم‬
‫وانتظامه والحروف ومخارجها وأدواتها ومقاطعهللا واجراسللها تجللد الحكمللة‬
‫الباهرة في هواء ساذج يخرج من الجوف فيسلك في أنبوبللة الحنجللرة حللتى‬
‫ينتهي الى الحلق واللسللان والشللفتين والسللنان فيحللدث للله هنللاك مقللاطع‬
‫ونهايات وأجراس يسمع له عند كل مقطع ونهاية جرس مللبين منفصللل عللن‬
‫الخر يحدث بسببه الحرف فهو صوت واحد ساذج يجرى فللي قصللبة واحللدة‬
‫حتى ينتهي الى مقاطع وحدود تسمع للله منهللا تسللعة وعشللرين حرفللا يللدور‬
‫عليهللا الكلم كللله امللره ونهيلله وخللبره واسللتخباره ونظملله ونللثرة وخطبلله‬
‫ومواعظه وفضوله فمنه المضحك ومنه المبكي ومنه المؤيس ومنه المطمع‬
‫ومنه المخوف ومنه المرجي والمسلى والمحزن والقابض للنفس والجللوارح‬
‫والمنشط لها والذي يسلقم الصللحيح ويللبرئ السللقيم ومنلله ملا يزيلل النعللم‬
‫ويحل النقم ومنه ما يسللتدفع بله البلء ويسللتجلب بله النعمللاء وتسللتمال بلله‬
‫القلوب ويؤلف به بين المتباغضين ويوالي بلله بيللن المتعللاديين ومنلله مللا هللو‬
‫بضد ذلك ومنه الكلمة التي ل يلقى لها صاحبها بال يهوى بها فللي النللار ابعللد‬
‫ما بين المشرق والمغرب والكلمة التي ل يلقى لها بلال صللاحبها يركلض بهلا‬
‫في أعل عليين في جوار رب العالمين فسبحان من أنشأ ذلك كله من هللواء‬
‫ساذج يخرج من الصدر ل يدري ما يراد بله ول أيلن ينتهللي ول أيلن مسلتقره‬
‫هذا الى ما في ذلك مللن اختلف اللسللنة واللغللات الللتي ل يحصلليها ال الللله‬
‫فيجتمع الجمع من الناس من بلد شتى فيتكلم كل منهم بلغته‬

‫فتسمع لغات مختلفة كلما منتظما مؤلفا ول يدري كل منهم ما يقول الخللر‬
‫واللسللان الللذي هللو جارحللة واحللد فللي الشللكل والمنظللر وكللذلك الحلللق‬
‫والضراس والشفتان والكلم مختلف متفاوت اعظم تفاوت فالية في ذلللك‬
‫كالية في الرض التي تسقى بماء واحد وتخرج مللع ذلللك مللن انللواع النبللات‬
‫والزهار والحبوب والثمار تلك النللواع المختلفللة المتباينللة ولهللذا اخللبر الللله‬
‫سبحانه في كتابه ان في كل منهما آيات فقللال ومللن آيللاته خلللق السللموات‬
‫والرض واختلف السنتكم والللونكم إن فللي ذلللك ليللات للعللالمين وقللال ^‬
‫وفي الرض قطع متجاورات وجنات من اعنللاب وزرع ونخيللل صللنوان وغيللر‬
‫صللنوان يسللقى بمللاء واحللد ^ اليللة فللانظر الن فللي الحنجللرة كيللف هللي‬
‫كالنبوب لخللروج الصللوت واللسللان والشللفتان والسللنان لصللياغة الحللروف‬
‫والنغمات ال ترى ان من سقطت اسنانه لم يقم الحروف الللتي تخللرج منهللا‬
‫ومن اللسان ومن سقطت شفته كيف لم يقم الراء واللم ومن عرضت للله‬
‫آفة في حلقلله كيللف لللم يتمكللن مللن الحللروف الحلقيللة وقللد شللبه اصللحاب‬
‫التشريح مخرج الصوت بالمزمللار والللرئة بللالزق الللذي ينفللخ فيلله مللن تحتلله‬
‫ليدخل الريح فيلله والفضلللت اللتي تقبللض عللى اللرئة ليخلرج الصلوت ملن‬
‫الحنجرة بالكف الللتي تقبللض علللى الللزق حللتى يخللرج الهللواء فللي القصللب‬
‫والشفتين والسنان التي تصوغ الصوت حروفا ونغما بالصللابع الللتي تختلللف‬
‫على المزمار فتصوغه الحانا والماقطع التي ينتهللي اليهللا الصللوت بالبخللاش‬
‫التي في القصبة حتى قيل ان المزمار إنما اتخذ على مثال ذلك من النسان‬
‫فإذا تعجبت من الصلناعة اللتي تعملهلا اكلف النلاس حلتى تخلرج منهلا تللك‬
‫الصوات فما احراك بطول التعجب من الصناعة اللهية الللتي اخرجللت تلللك‬
‫الحروف والصوات من اللحم والدم والعللروق والعظللام ويللا بعللد مللا بينهمللا‬
‫ولكن المألوف المعتاد ل يقع عند النفوس موقع التعجب فإذا رأت مال نسبة‬
‫له اليه اصل ال انه غريب عندها تلقته بالتعجب وتسبيح الرب تعللالى وعنللدها‬
‫من آياته العجيبة الباهرة ما هو اعظلم ملن ذللك مملا ل يلدركه القيللاس ثلم‬
‫تأمل اختلف هذه النغمات وتباين هذه الصوات مع تشابه الحناجر والحلللوق‬
‫واللسنة والشفاة والسنان فمن الذي ميز بينها أتم تمييز مع تشابه محالهللا‬
‫سوى الخلق العليم‬
‫فصللل وفللي هللذه اللت مللآرب اخللرى ومنللافع سللوى منفعللة الكلم ففللي‬
‫الحنجرة‬
‫مسلك النسيم البارد الذي يروح علللى الفللؤاد بهللذا النفللس الللدائم المتتللابع‬
‫وفي اللسان منفعة الذوق فتذاق به الطعوم وتللدرك لللذتها ويميللز بهللا بينهللا‬
‫فيعرف حقيقة كل واحد منها وفيه مع ذلك معونة علللى إسللاغة الطعللام وان‬
‫يلوكه ويقلبه حتى يسهل مسلكه في الحلق وفي السنان من المنافع ما هو‬
‫معلوم من تقطيع الطعام كما تقدم وفيها إسناد الشفتين وإمساكهما‬

‫عللن السللترخاء وتشللويه الصللورة ولهللذا تللرى مللن سللقطت اسللنانه كيللف‬
‫تسترخي شفتاه وفي الشفتين منافع عديدة يرشف بها الشراب حتى يكللون‬
‫الداخل منه الى حلقه بقدر فل يشرق به الشارب ثم همللا بللاب مغلللق علللى‬
‫الفم الذي اليه ينتهي اليه ما يخرج من الجوف ومنه يبتدي ما يلج فهي فهما‬
‫عطاء وطابق عليه يفتحهما البواب متى شاء ويغلقهمللا إذا شللاء وهمللا ايضللا‬
‫جمال وزينة للوجه وفيهما منافع اخرى سوى ذلك وانظر الللى مللن سللقطت‬
‫شفتاه ما اشوه منظره وقد بان ان كل واحد من هذه العضاء يتصرف الللى‬
‫وجوه شتى من المنافع والمآرب والمصالح كما تتصرف الداة الواحللدة فللي‬
‫اعمال شتى هذا ولو رأيت الللدماغ وكشللف لللك عللن تركيبلله وخلقلله لرايللت‬
‫العجب العجاب وتكشف لك عللن تركيلب يحللار فيله العقلل قللد للف بحجلب‬
‫وأغشيه بعضها فوق بعض لتصونه عن العراض وتحفظه عن الضطراب ثم‬
‫اطبقت عليله الجمجملة بمنزللة الخلوذة وبيضلة الحديلد لتقيله حلد الصلدمة‬
‫والسقطة والضربة التي تصل اليه فتتلقاها تلك البيضة عنلله بمنزلللة الخللوذة‬
‫التي على راس المحارب ثم جللت تلللك الجمجمللة بالجلللد الللذي هللو فللروة‬
‫الراس يستر العظم من البروز للمؤذيات ثم كسلليت تلللك الفللروة حلللة مللن‬
‫الشعر الوافر وقاية لها وسترا من الحر والبرد والذى وجمال وزينة له فسل‬
‫المعطل من الذي حصن الدماغ هللذا التحصللين وقللدره هللذا التقللدير وجعللله‬
‫خزانة اودع فيها من المنافع والقوى والعجائب ما اودعه ثم احكللم سللد تلللك‬
‫الخزانة وحصنها اتم تحصين وصلانها اعظلم صليانة وجعلهلا معلدن الحلواس‬
‫والدراكللات ومللن الللذي جعللل الجفللان علللى العينيللن كالغشللاء والشللفار‬
‫كالشراج والهداب كالرفوف فوف عليها إذا فتحت ومن الذي ركب طبقاتها‬
‫المختلفة طبقة فوق طبقلة حلتى بلغلت علدد السلموات سلبعا وجعلل لكلل‬
‫طبقة منفعة وفائدة فلو اختلت طبقة منها لختللل البصللر ومللن شللقهما فللي‬
‫الوجه احسن شق واعطاهما احسللن شللكل وأودع الملحللة فيهمللا وجعلهمللا‬
‫مرآة للقلب وطليعة وحارسللا للبللدن ورائدا يرسللله كالجنللد فللي مهمللاته فل‬
‫يتعب ول يعيا على كثرة ظعنه وطول سفره ومن اودع النور الباصر فيه في‬
‫قدر جرم العدسة فيرى فيه السللموات والرض والجبللال والشللمس والقمللر‬
‫والبحار والعجائب من داخل سبع طبقللات وجعلهمللا فللي أعل الللوجه بمنزلللة‬
‫الحارس على الرابية العالية ربيتللة للبللدن ومللن حجللب الملللك فللي الصللدور‬
‫وأجلسه هناك على كرسي المملكة واقام جنللد الجللوارح والعضللاء والقللوى‬
‫الباطنة والظاهرة في خدمته وذللها للله فهللي مللؤتمرة إذا امرهللا منتهيللة إذا‬
‫نهاها سامعة له مطيعةتكدح وتسعى في مرضاته فل تستطيع منه خلصا ول‬
‫خروجا عن امره فمنها رسوله ومنها بريده ومنها ترجمانه ومنها اعوانه وكل‬
‫منها على عمل ل يتعللداه ول يتصللرف فللي غيللر عملله حللتى إذا أراد الراحللة‬
‫أوعز اليها بالهدو والسللكون ليأخللذ الملللك راحتلله فللإذا اسللتيقظ مللن منللامه‬
‫قامت جنوده‬

‫بين يديه على اعمالها وذهبت حيللث وجههلا دائبلة ل تفلتر فلللو شلاهدته فلي‬
‫محل ملكه والشغال والمراسيم صادرة عنه وواردة والعسللاكر فللي خللدمته‬
‫والبرد تتردد بينه وبين جنده ورعيته لرأيت له شأنا عجيبا فماذا فات الجاهل‬
‫الغافل من العجائب والمعارف والعبر التي ل يحتاج فيها الى طللول السللفار‬
‫وركوب القفار قال تعالى ^ وفي الرض آيات للموقنين وفللي انفسللكم افل‬
‫تبصرون ^ فدعا عباده الى التفكر في أنفسهم والستدلل بها على فاطرها‬
‫وباريها ولول هذا لم نوسع الكلم في هذا الباب ول أطلنللا النفللس الللى هللذه‬
‫الغاية ولكن العبرة بذلك حاصلة والمنفعة عظيمللة والفكللرة فيلله ممللا يزيللد‬
‫المؤمن ايمانا فكم دون القلب من حرس وكم للله مللن خللادم وكللم للله مللن‬
‫عبيد ول يشعر به ولله ما خلق له وهيأ له واريد منلله وأعللد لله مللن الكرامللة‬
‫والنعيم او الهوان والعذاب فأما علللى سللرير الملللك فللي مقعللد صللدق عنللد‬
‫مليك مقتدر ينظر الللى وجلله ربلله ويسللمع خطللابه وإمللا اسللير فللي السللجن‬
‫العظم بين اطباق النيران في العذاب الليم فلو عقل هذا السلطان ما هيللأ‬
‫له لضن بملكه ولسعى في الملك الذي لينقطع ول يبيد ولكنه ضللربت عليلله‬
‫حجب الغفلة ليقضى الله امرا كان مفعول‬
‫فصل ومن جعل في الحلق منفذين احدهما للصوت والنفللس الواصللل الللى‬
‫الرئة‬
‫والخر للطعام والشراب وهو المريء الواصللل الللى المعللدة وجعللل بينهمللا‬
‫حاجزا يمنع عبور احلدهما فلي طريلق الخلر فللو وصلل الطعلام ملن منفلذ‬
‫النفس الى الرئة لهلك الحيوان ومن جعل الرئة مروحة للقلب تللروح عليلله‬
‫ل تنى ول تفتر لكيل تنحصر الحرارة فيه فيهلك ومن جعل المنافللذ لفضلللت‬
‫الغذاء وجعل لها اشراجا تقبضها لكيل تجرى جريا دائما فتفسد على النسان‬
‫عيشه ويمنع الناس من مجالسه بعضهم بعضا ومن جعللل المعللدة كأشللد ملا‬
‫يكون من العصب لنها هيئت لطبخ الطعمة وانضاجها فلو كانت لحمللا غضللا‬
‫لنطبخللت هللي ونضللجت فجعلللت كالعصللب الشللديد لتقللوى علللى الطبللخ‬
‫والنضاج ول تنهكها النار التي تحتها ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لنها هيئت‬
‫لقبول الصفو اللطيف من الغذاء والهضم وعمل هو الطف من عمل المعدة‬
‫ومن حصن المخ اللطيف الرقيللق فللي انلابيب صللبة ملن العظللام ليحفظهلا‬
‫ويصونها فل تفسد ول تذوب ومن جعل الدم السيال محبوسللا محصللورا فللي‬
‫العروق بمنزلة الماء في الوعاء ليضبط فل يجري ومن جعللل الظفللار علللى‬
‫اطراف الصابع وقاية لها وصيانة من العمال والصناعات ومن جعللل داخللل‬
‫الذن مستويا كهيئة الكوكب ليطللرد فيلله الصللوت حللتى ينتهللي الللى السللمع‬
‫الداخل وقد انكسرت حدة الهواء فل ينكؤه وليتعذر على الهللواء النفللوذ اليلله‬
‫قبل ان يمسك وليمسك‬

‫ما عساه ان يغشاها من القذى والوسخ ولغير ذلللك ملن الحكللم وملن جعللل‬
‫على الفخذين والوركين من اللحم اكثر مما على سائر العضللاء ليقيهللا مللن‬
‫الرض فل تألم عظامها من كثرة الجلوس كما يألم من قد نحل جسمه وقل‬
‫لحمه من طول الجلوس حيث لم يحل بينه وبين الرض حائل ومن جعل ماء‬
‫العينيللن ملحللا يحفظهللا مللن الللذوبان ومللاء الذن مللرا يحفظهللا مللن الللذباب‬
‫والهواء والبعوض وماء الفم عذبا يدرك به طعوم الشياء فل يخالطهللا طعللم‬
‫غيرها ومن جعل باب الخلء فللي النسللان فللي اسللتر موضللع كمللا ان البنللاء‬
‫الحكيم بجعل موضع التخلى في استر موضع في الللدار وهكللذا منفللذ الخلء‬
‫من النسان في استر موضع ليس بارزا من خلفلله ول ناشللزا بيللن يللديه بللل‬
‫مغيب في موضع غامض من البللدن يلتقللى عليلله الفخللذان بمللا عليهمللا مللن‬
‫اللحم متواريا فإذا جاء وقت الحاجة وجلس النسان لهللا بللرز ذلللك المخللرج‬
‫للرض ومن جعل السنان حدادا لقطع الطعام وتفصيله والضللراس عراضللا‬
‫لرضه وطحنه ومن سلب الحساس الحيللواني الشللعور والظفللار الللتي فللي‬
‫الدمي لنها قد تطول وتمتد وتدعو الحاجة الى اخذها وتخفيفها فلو اعطاهللا‬
‫الحس للمته وشق عليه اخذ ما شاء منها ولللو كللانت تحللس لوقللع النسللان‬
‫منها في إحدى البليتين امللا تركهللا حللتى تطللول وتفحللش وتثقللل عليلله وأمللا‬
‫مقاساة اللم والوجع عند اخذها ومن جعللل بللاطن الكللف غيللر قابللل لنبللات‬
‫الشعر لنه لو اشعر لتعذر على النسان صحة اللمس ولشق عليه كثير مللن‬
‫العمال التي تباشر بالكف ولهذه الحكمة لم يكللن هللن الرجللل قللابل لنبللاته‬
‫لنه يمنعه من الجماع ولما كانت المادة تقتضي إنباته هناك نبللت حللول هللن‬
‫الرجل والمرأة ولهذه الحكمة سلب عللن الشللفتين وكللذا بللاطن الفللم وكللذا‬
‫ايضا القدم اخمصها وظاهرها لنها تلقي التراب والوسللخ والطيللن والشللوك‬
‫فلو كان هناك شعر لذى النسان جدا وحمل من الرض كل وقللت مللا يثقللل‬
‫النسان وليس هذا للنسان وحده بللل تللرى البهللائم قللد جللهللا الشللعر كلهللا‬
‫واخليت هذه المواضع منه لهذه الحكمة افل ترى الصنعة اللهية كيف سلبت‬
‫وجوه الخطأ والمضرة وجاءت بكللل صللواب وكللل منفعللةوكل مصلللحة ولمللا‬
‫اجتهد الطاعنون في الحكمة العائبون للخلقة فيما يطعنون به عابوا الشللعور‬
‫تحت الباط وشللعر العانللة وشللعر بللاطن النللف وشللعر الركبللتين وقللالوا أي‬
‫حكمة فيها واي فائدة وهذا من فرط جهلهم وسخافة عقولهم فللإن الحكمللة‬
‫ل يجب ان تكون بأسرها معلومة للبشر ول أكثرها بللل ل نسللبة لمللا علمللوه‬
‫الى ما جهلوه فيها لو قيست علوم الخلئق كلهم بوجللوه حكمللة الللله تعللالى‬
‫في خلقه وأمره الى ما خفي عنهم منهللا كللانت كنقللرة عصللفور فللي البحللر‬
‫وحسب الفطن اللبيب ان يستدل بما عرف منها على مللا لللم يعللرف ويعلللم‬
‫الحكمة فيما جهله منها مثلها فيمللا علملله بللل اعظللم وادق ومللا مثللل هللؤلء‬
‫الحمقى النوكي ال كمثل رجل لعلم له بدقائق الصنائع‬

‫والعلوم من البناء والهندسة والطب بل ولحياكة والخياطة والنجللارة إذا رام‬


‫العتراض بعقله الفاسد على اربابها في شيء من التهم وصنائعهم وترتيللب‬
‫صناعتهم فخفيت عليه فجعل كل ما خفي عليه منها شيء قال هذا ل فللائدة‬
‫فيلله وأي حكمللة تقتضلليه هللذا مللع ان اربللاب الصللنائع بشللر مثللله يمكنلله ان‬
‫يشاركهم في صنائعهم ويفوقهم فيها فما الظن بمن بهللرت حكمتلله العقللول‬
‫الذي ل يشاركه مشارك في حكمته كما ليشاركه فللي خلقلله فل شللريك للله‬
‫بوجه فمن ظن ان يكتال حكمته بمكيال عقللله او يجعللل عقللله عيللارا عليهللا‬
‫فما ادركه اقربه وما لم يدركه نفاه فهو من اجهل الجاهلين ولله في كل مللا‬
‫خفي على الناس وجه الحكمة فيه حكم عديدة لتللدفع ول تنكللر فللاعلم الن‬
‫ان تحت منابت هذه الشللعور مللن الحللرارة والرطوبللة مللا اقتضللت الطبيعللة‬
‫إخراج هذه الشعور عليهللا ال تللرى ان العشللب ينبتفللي مسللتنقع الميللاه بعللد‬
‫نضوب الماء عنها لما خصت به من الرطوبة ولهذا كانت هذه المواضللع مللن‬
‫ارطب مواضع البدن وهي اقبل لنبللات الشللعر وأهيللأ فللدفعت الطبيعللة تلللك‬
‫الفضلت والرطوبات الى خارج فصارت شعرا ولو حبست في داخللل البللدن‬
‫لضرته وآذت باطنه فخروجها عين مصلللحة الحيللوان واحتباسللها إنمللا يكللون‬
‫لنقص وآفة فيه وهذا كخللروج دم الحيللض مللن المللرأة فللإنه عيللن مصلللحتها‬
‫وكمالها ولهذا يكون احتباسه لفساد في الطبيعة ونقص فيها ال ترى ان مللن‬
‫احتبس عنه شعر الرأس واللحية بعد إبانه كيف تراه نللاقص الطبيعللة نللاقص‬
‫الخلقة ضعيف التركيب فإذا شاهدت ذلللك فللي الشللعر الللذي عرفللت بعللض‬
‫حكمته فمالك لتعتبره فللي الشللعر الللذي خفيللت عليللك حكمتلله ومللن جعللل‬
‫الريق يجري دائما الى الفللم ل ينقطللع عنلله ليبللل الحلللق واللهللوات ويسللهل‬
‫الكلم ويسيغ الطعام قال بقراط الرطوبللة فللي الفللم مطيللة الغللذاء فتأمللل‬
‫حالك عند ما يجللف ريقللك بعللض الجفللاف ويقللل ينبللوع هللذه العيللن الللتي ل‬
‫يستغنى عنه‬
‫فصل ثم تأمل حكمة الله تعالى في كثرة بكاء الطفال وما لهم فيه‬
‫من المنفعة فإن الطباء والطبائعيين شهدوا منفعة ذلك وحكمته وقالوا في‬
‫أدمغة الطفال رطوبة لو بقيت في أدمغتهم لحدثت احداثا عظيمللة فالبكللاء‬
‫يسيل ذلك ويحدره من ادمغتهم فتقوى ادمغتهللم وتصللح وايضللا فللإن البكللاء‬
‫والعياط يوسع عليه مجاري النفس ويفتح العروق ويصابها ويقللوى العصللاب‬
‫وكم للطفل من منفعة ومصلحة فيما تسمعه من بكائه وصراخه فللإذا كللانت‬
‫هذه الحكمة في البكاء الذي سللببه ورود اللللم المللؤذي وأنللت ل تعرفهللا ول‬
‫تكاد تخطر ببالك فهكذا ايلم الطفال فيه وفي اسبابه وعواقبه الحميدة من‬
‫الحكم ما قد خفلي علللى اكلثر النللاس واضلطرب عليهلم الكلم فللي حكمله‬
‫اضطراب الرشية وسلكوا في هذا الباب مسالك فقالت‬

‫طائفة ليس ال محض المشيئة العارية عن الحكمة والغاية المطلوبة وسللدوا‬


‫على انفسهم هذا الباب جملة وكلما سئلوا عن شيء اجللابوا بل يسللال عمللا‬
‫يفعل وهذا من اصدق الكلم وليس المراد به نفللي حكمتلله تعللالى وعللواقب‬
‫افعاله الحميدة وغاياتها المطلوبة منهللا وإنمللا المللراد باليللة إفللراده باللهيللة‬
‫والربوبية وإنه لكمال حكمته ل معقب لحكمه ول يعترض عليه بالسؤال لنلله‬
‫ل يفعل شيئا سدى ول خلق شيئا عبثا وإنما يسأل عن فعللله مللن خللرج عللن‬
‫الصواب ولم يكن فيه منفعة ول فائدة ال ترى الى قوله ام اتخذوا آلهللة مللن‬
‫الرض هم ينشرون لو كان فيهمللا آلهللة ال الللله لفسللدتا فسللبحان الللله رب‬
‫العرش عما يصفون ل يسأل عما يفعل وهم يسئلون كيللف سللاق اليللة فللي‬
‫النكار على من اتخذ من دونه آلهة ل تساويه فسواها به مللع اعظللم الفللرق‬
‫فقوله ل يسأل عما يفعل اثبات لحقيقة اللهية وإفراده له بالربوبية واللهيللة‬
‫وقوله وهلم يسلألون فلي صللح تللك اللهلة المتخلذة لللهيلة فإنهامسلئولة‬
‫مربوبة مدبرة فكيف يسوى بينها وبينه مع اعظم الفرقان فهللذا الللذي سلليق‬
‫للله الكلم فجعلهللا الجبريللة ملجللأ ومعقل فللي إنكللار حكمتلله وتعليللل أفعللاله‬
‫بغاياتها المحمودة وعواقبها السديدة والله الموفق للصللواب وقللالت طائفللة‬
‫الحكمة في ابتلئهم تعويضهم في الخرة بالثواب التام فقيللل لهللم قللد كللان‬
‫يمكن ايصال الثواب اليهم بدون هذا اليلم فأجللابوا بللأن توسللط اليلم فللي‬
‫حقهم كتوسط التكاليف في حق المكلفين فقيللل لهللم فهللذا ينتقللض عليكللم‬
‫بإيلم اطفال الكفار فأجابوا بأنا ل نقول انهم في النار كما قاله من قاله من‬
‫الناس والنار ل يدخلها احد ال بذنب وهلؤلء ل ذنلب لهلم وكلذا الكلم معهلم‬
‫في مسئلة الطفال والحجاج فيها من الجانبين بما ليس هذا موضللعه فللأورد‬
‫عليهم مال جواب لهم عنه وهو إيلم اطفللالهم الللذين قللدر بلللوغهم ومللوتهم‬
‫على الكفر فإن هذا ل تعللويض فيلله قطعللا ول هللو عقوبللة علللى الكفللر فللإن‬
‫العقوبة ل تكون سلفا وتعجيل فحاروا في هذا الموضللع واضللطربت اصللولهم‬
‫ولم يأتوا بما يقبله العقل وقالت طائفة ثالثة هذا السللؤال لللو تللأمله مللورده‬
‫لعلم انه ساقط وأن تكلللف الجللواب عنلله الللزام ملال يلللزم فللإن هللذه اللم‬
‫وتوابعها وأسبابها من لوازم النشأة النسانية التي لم يخلق منفكا عنها فهللي‬
‫كالحر والبرد والجللوع والعطللش والتعللب والنصللب والهللم والغللم والضللعيف‬
‫والعجز فالسلؤال علن حكللم الحاجللة اللى الكللل عنلد الجلوع والحاجلة الللى‬
‫الشرب عند الظمأ والى النوم والراحة عند التعب فإن هللذه اللم هللي مللن‬
‫لوازم النشأة النسانية التي ل ينفك عنها النسان ول الحيوان فلو تجرد عنها‬
‫لم يكن انسانا بل كان ملكا او خلقا آخر وليست آلم الطفللال باصللعب مللن‬
‫آلم البالغين لكن لما صارت لهم عادة سللهل موقعهللا عنللدهم وكللم بيللن مللا‬
‫يقاسلليه الطفللل ويعللانيه البللالغ العاقللل وكللل ذلللك مللن مقتضللى النسللانية‬
‫وموجب الخلقة فلو لم يخلق كذلك لكان خلقا آخر فيرى‬
‫ان الطفل اذا جاع او عطش او برد او تعب قد خص من ذلك بما لم يمتحللن‬
‫به الكبير فإيلمه بغير ذلك من الوجاع والسقام كللإيلمه بللالجوع والعطللش‬
‫والبرد والحردون ذلك او فوقه وما خلق النسان بللل الحيللوان ال علللى هللذه‬
‫النشأة قالوا فإن سأل سائل وقلال فللم خللق كلذلك وهل خللق خلقللة غيللر‬
‫قابلللة لللللم فهللذا سللؤال فاسللد فللإن الللله تعللالى خلقلله فللي عللالم البتلء‬
‫والمتحان من مادة ضعيفة فهي عرضة للفات وركبة تركيبا معرضلا للنلواع‬
‫من اللم وجعل فيلله الخلط الربعللة الللتي ل قللوام للله إل بهللا ول يكللون ال‬
‫عليها وهي ل محالة توجب امتزاجا واختلطا وتفاعل يبغى بعضها على بعللض‬
‫بكيفيته تللارة وبكميتلله تللارة وبهمللا تللارة وذلللك مللوجب لللم قطعللا ووجللود‬
‫الملزوم بدون لزمه محال ثم انه سللبحانه ركللب فيلله ملن القلوى والشلهوة‬
‫والرادة ما يوجب حركته الدائبة وسعيه في طلب ما يصلحه دفللع مللا يضللره‬
‫بنفسه تارة وبمن يعينه تارة فاحوج النوع بعضه الى بعض فحللدث مللن ذلللك‬
‫الختلط بينهم وبغى بعضهم على بعض فحدث من ذلك اللم والشرور بنحو‬
‫ما يحدث من امتزاج اخلطه واختلطهللا وبغللى بعضللها علللى بعللض واللم ل‬
‫تتخلف عن هذا المللتزاج ابللدا ال فللي دار البقللاء والنعيللم المقيللم ل فللي دار‬
‫البتلء والمتحان فمن ظن ان الحكمة في ان تجعل خصائص تلك الدار في‬
‫هذه فقد ظن باطل بل الحكمة التامة البالغللة اقتضللت ان تكللون هللذه الللدار‬
‫ممزوجللة عافيتهللا ببلئهللا وراحتهللا بعنائهللا ولللذتها بآلمهللا وصللحتها بسللقمها‬
‫وفرحها بغمها فهي دار ابتلء تدفع بعض آفاتها ببعللض كمللا قللال القللائل ‪# :‬‬
‫اصبحت في دار بليات ‪ %‬ادفع آفات بآفات ولقد صدق فإنك إذا فكرت فللي‬
‫الكل والشرب واللباس والجماع والراحة وسائر ما يستلذ به رأيته يدفع بهللا‬
‫ما قابله من اللم والبليات افل تراك تدفع بالكل الم الجلوع وبالشلرب اللم‬
‫العطش وباللباس الم الحر والبرد وكذا سائرها ومن هنللا قللال بعللض العقلء‬
‫ان لذاتها لنا هي دفع اللم ل غير فاما اللذات الحقيقية فلها دار اخرىومحللل‬
‫آخر غير هذه فوجود هذه اللم واللذات الممتزجة المختلطة من الدلة على‬
‫المعاد وأن الحكمة التي اقتضت ذلك هي اولللى باقتضللاء داريللن دار خالصللة‬
‫للذات ل يشوبها الم ما ودار خالصة لللم ل يشلوبها للذة ملا واللدار الولللى‬
‫الجنةوالدار الثانية النار أفل ترى كيف دلك ذلك مع ما انت مجبول عليه فللي‬
‫هذه النشأة من اللللذة واللللم علللى الجنللة والنللار ورايللت شللواهدهما وأدلللة‬
‫وجودهما من نفسك حتى كأنك تعاينهما عيانا وانظر كيف دل العيان والحس‬
‫والوجود على حكمة الرب تعالى وعلللى صللدق رسللله فيمللا اخللبروا بلله مللن‬
‫الجنة والنار فتأمل كيللف قللاد النظللر فللي حكمللة الللله الللى شللهادة العقللول‬
‫والفطر بصدق رسله وما اخبروا‬

‫به تفصيل يدل عليه العقل مجمل فأين هللذا مللن مقللام مللن اداء علملله الللى‬
‫المعارضة بين ما جاءت به الرسل وبيللن شللواهد العقللل وأدلتلله ولكللن تلللك‬
‫العقول كادها باريها ووكلها الى انفسها فحلت بها عساكر الخللذلن مللن كللل‬
‫جانب وحسبك بهذا الفصل وعظيم منفعته من هللذا الكتللاب والللله المحمللود‬
‫المسؤل تمام نعمته فهذه كلمات مختصرة نافعة في مسللألة إيلم الطفللال‬
‫لعلك ل تظفر بها في أكثر الكتب فللارجع الن الللى نفسللك وفكللر فللي هللذه‬
‫الفعال الطبيعية التي جعلت في النسان وما فيها من الحكمة والمنفعة وما‬
‫جعل لكل واحد منها فللي الطبللع المجللرد والللداعي الللذي يقتضلليه ويسللتحثه‬
‫فالجوع يسللتحث الكللل ويطلبلله لمللا فيلله مللن قللوام البللدن وحيللاته وممللاته‬
‫والكرى يقتضى النوم ويستحثه لما فيه من راحللة البللدن والعضللاء واجمللام‬
‫القوى وعودها الىقوتها جديدة غير كالللة والشللبق يقتضللي الجمللاع الللذي بلله‬
‫دوام النسل وقضاءالوطر وتمام اللذة فتجد هذه الدواعي تسللتحث النسللان‬
‫لهذه المور وتتقاضاها منه بغير اختيللاره وذلللك عيللن الحكمللة فللإنه لللو كللان‬
‫النسان إنما يستدعي هذه المستحثات إذا اراد لوشك ان يشتغل عنها بماي‬
‫يعروه من العوارض مدة فينحل بللدنه ويهلللك ويللترامى الللى الفسللاد وهللو ل‬
‫يشعر كما إذا احتاج بدنه الى شيء من الدواء والصلح فدافعه وأعرض عنه‬
‫حتى إذا استحكم به الداء اهلكه فاقتضت حكمة اللطيللف الخللبير ان جعلللت‬
‫فيه بواعث ومستحثات تؤزه ازا الى ما فيه قللوامه وبقللاؤه ومصلللحته وتللرد‬
‫عليه بغير اختياره ول استدعائه فجعل لكل واحللد مللن هللذه الفعللال محللرك‬
‫من نفس الطبيعة يحركه ويحدوه عليه ثم انظر الللى ملا يعطيلله ملن القللوى‬
‫المختلفة التي بها قللوامه فللأعطى القللوة الجاذبللة الطالبللة المسللتحثة الللتي‬
‫تقتضي معلومها من الغذاء فتأخذه ويورده على العضاء بحسللب قبولهللا ثللم‬
‫اعطى القوة الممسكة التي تمسك الطعام وتحبسه ريثمللا تنضللجه الطبيعللة‬
‫وتحكم طبخه وتهيؤه لمصارفه وتبعثه لمستحقه ثلم اعطلى القلوة الهاضلمة‬
‫التي تصرفه في البدن وتهضمه عن المعدة ثم اعطى القللوة الدافعللة وهللي‬
‫التي تدفع ثقله ومال منفعة فيه فتدفعه وتخرجه عن البدن لئل يؤذيه وينهكه‬
‫فمن اعطاك هذه القوة عند شدة حاجتك اليها ومن جعلهللا خادمللا للك ومللن‬
‫اعطاها افعالها واستعمل كل واحد منها على غير عمل الخر ومن الف بينها‬
‫على تباينها حتى اجتمعت في شخص واحد ومحل واحد ولو عادى بينها كللان‬
‫بعضها يذهب بعضا فمن كان يحول بينه وبين ذلك فلول القوة الجاذبللة كيللف‬
‫كنت متحركا لطلب الغذاء الذي به قوام البللدن ولللول الممسللكة كيللف كللان‬
‫الطعام يذهب في الجوف حتى تهضللمه المعللدة ولللول الهاضللمة كيللف كللان‬
‫يطبخ حتى يخلص منه الصفو الى سائر اجزاء البدن وأعماقه ولللول الدافعللة‬
‫كيف كان الثقل المؤذي القاتل لو انحبس يخللرج اول فللأول فيسللتريح البللدن‬
‫فيخف‬

‫وينشط فتأمل كيف وكلت هذه القوة بللك والقيللام بمصللالحك فالبللدن كللدار‬
‫اللملك فيها حشمه وخدمه قد وكللل بتلللك الللدار اقوامللا يقومللون بمصللالحها‬
‫فبعضهم لقتضاء حوائجهللا وإيرادهللا عليهللا وبعضللهم لقبللض الللوارد وحظفلله‬
‫وخزنه الى ان يهيأ ويصلح وبعضهم يقبضه فيهيؤه ويصلحه ويدفعه الى اهللل‬
‫الدار ويفرقه عليهم بحسب حاجاتهم وبعضهم لمسح الدار وتنظيفها وكنسها‬
‫من المزابل والقذارفالملك هو الملك الحق المبين جللل جلللله والللدار انللت‬
‫والحشم والخدم العضاء والجوارح والقوام عليها هذه القوى الللتي ذكرناهللا‬
‫تنبيه فرق بين نظر الطبيب والطبائعي في هذه المور فنظرهما فيهامقصور‬
‫على النظر في حفظ الصحة ودفع السللقم فهللو ينظللر فيهللامن هللذه الجهللة‬
‫فقط وبين نظر المؤمن العارف فيها فهو ينظر فيهلا ملن جهلة دللتهلا عللى‬
‫خالقها وباريها وماله فيها من الحكم البالغة والنعم السابغة واللء التي دعللا‬
‫العباد الى شكرها وذكرها ‪ #‬تنبيه ثم تأمل حكمة الله عز وجل فللي الحفللظ‬
‫والنسيان الذي خص به نوع النسان وماله فيهما من الحكم وما للعبد فيهما‬
‫من المصالح فإنه لول القوة الحافظة التي خص بها لدخل عليلله الخلللل فللي‬
‫أموره كلها ولم يعرف ماله وما عليه ول ما اخذ ول مللا اعطللى ول مللا سللمع‬
‫ورأى ول ما قال ول ما قيل له ول ذكر من احسن اليه ول من اساء اليلله ول‬
‫من عامله ول من نفعه فيقرب منه ول من ضره فينأى عنه ثم كان ليهتللدي‬
‫الى الطريق الذي سلللكه اول ملرة وللو سللكه مللرارا ول يعللرف علملا وللو‬
‫درسه عمره ول ينتفع بتجربة ول يستطيع ان يعتبر شيئا على مللا مضللى بللل‬
‫كان خليقا ان ينسلخ من النسانية اصل فتأمل عظيم المنفعة عليك في هذه‬
‫الخلل وموقع الواحدة منها فضل عن جميعهن ومن اعجب النعم عليه نعمللة‬
‫النسيان فإنه لول النسيان لما سل شيئا ول انقضت له حسرة ول تعزى عللن‬
‫مصيبة ول مات له حزن ول بطل له حقد ول تمتع بشيء من متاع الدنيا مللع‬
‫تذكر الفات ول رجا غفلة عدو ول نقملة ملن حاسللد فتأملل نعمللة الللله فلي‬
‫الحفظ والنسيان مع اختلفهما وتضادهما وجعله في كل واحللد منهمللا ضللربا‬
‫من المصلحة تنبيه ثم تأمل هذا الخلللق الللذي خللص بلله النسللان دون جميللع‬
‫الحيوان وهو خلق الحياء الذي هو من افضل الخلق واجلها واعظمهللا قللدرا‬
‫واكثرها نفعا بل هو خاصة النسانية فمن ل حياء فيه ليس معه من النسانية‬
‫ال اللحم والدم وصورتهم الظاهرة كما انه ليس معه من الخير شلليء ولللول‬
‫هذاالخلق لم يقر الضيف ولم يوف بالوعد ولللم يللؤد امانللة ولللم يقللض لحللد‬
‫حاجة ول تحرى الرجل الجميل فآثره والقبيح فتجنبلله ول سللتر للله عللورة ول‬
‫امتنع من فاحشة وكثير من الناس لول الحياء الللذي فيلله لللم يللؤد شلليئا مللن‬
‫المور المفترضة عليه ولم يرع لمخلوق‬

‫حقا ولم يصل له رحما ول بر له والدا فللإن البللاعث علللى هللذه الفعللال إمللا‬
‫ديني وهو رجاء عاقبتهللا الحميللدةوإما دنيللوي علللوي وهللو حيللاء فاعلهللا مللن‬
‫الخلق قد تبين انلله لللول الحيللاء إمللا مللن الخللالق او مللن الخلئق لللم يفعلهللا‬
‫صاحبها وفي الترمذي وغيره مرفوعا استحيوا من الله حق الحياء قالوا ومللا‬
‫حق الحياء قال ان تحفظ الراس وما حوى والبطن وما وعى وتذكر المقللابر‬
‫والبلى وقال إذا لم تستح فاصنع ما شئت وأصح القولين فيه قول ابي عبيللد‬
‫والكلثرين انله تهديلد كقلوله تعلالى ^ اعمللوا ملا شلئتم ^ وقلوله ^ كللوا‬
‫وتمتعوا قليل ^ وقللالت طائفللة هللو إذن وإباحللة والمعنللى إنللك اذا اردت ان‬
‫تفعل فعل فانظر قبل فعله فإن كان مما يستحيا فيه ملن اللله وملن النلاس‬
‫فل تفعله وإن كان مما ل يستحيا منه فافعله فإنه ليس بقبيح وعندي ان هذا‬
‫الكلم صورة صرة الطلب ومعناه معنى الخبر وهو فللي قللوة قللولهم مللن ل‬
‫يستحى صنع ما يشتهى فليس بإذن ول هو مجرد تهديد وإنما هو فللي معنللى‬
‫الخبر والمعنى ان الرادع عن القبيح إنما هو الحياء فمن لم يستح فإنه يصنع‬
‫ماشاء وإخراج هذا المعنللى فللي صلليغة الطلللب لنكتلله بديعللة جللدا وهللي ان‬
‫للنسان آمرين وزاجرين آمروزاجر من جهة الحيللاء فللإذا اطللاعه امتنللع مللن‬
‫فعل كل ما يشتهي وله آمر وزاجر من جهة الهوى والطبيعة فمللن لللم يطللع‬
‫آمر الحياء وزاجره اطاع آمر الهوى والشهوة ول بد فإخراج الكلم في قالب‬
‫الطلب يتضمن هذا المعنى دون ان يقال من ل يستحي صللنع مللا يشللتهي ‪#‬‬
‫تنبيه ثللم تأمللل نعمللة الللله علللى النسللان بالبيللانين البيللان النطقللي والبيللان‬
‫الخطي وقد اعتد بهما سبحانه في جملللة مللن اعتللد بلله مللن نعملله علىالعبللد‬
‫فقال في أول سورة انزلت على رسول الله ^ اقرأ باسم ربك الللذي خلللق‬
‫خلق النسان من علق إقرأ وربك الكرم الذي علم بالقلم علم النسللان مللا‬
‫لم يعلم ^ فتأمل كيف جمع في هذه الكلمللات مراتللب الخلللق كلهللا وكيللف‬
‫تضمنت مراتب الوجودات الربعة بأوجز لفللظ واوضللحه واحسللنه فللذكر أول‬
‫عموم الخلق وهو إعطاءالوجود الخارجي ثم ذكر ثانيا خصوص خلق النسان‬
‫لنه موضع العبرة والية فيه عظيمةومن شهوده عما فيه محض تعدد النعللم‬
‫وذكر مادة خلقه ها هنا من العلقة وفي سائر المواضع يللذكر مللا هللو سللابق‬
‫عليها إما مادة الصل وهللو الللتراب والطيللن او الصلصللال الللذي كالفخللار او‬
‫مادة الفلرع وهلو الملاء المهيلن وذكللر فلي هلذا الموضللع اول مبلادئ تعلللق‬
‫التخليق وهو العلقة فإنه كان قبلها نطفة فأول انتقالها إنما هللو الللى العلقللة‬
‫ثم ذكر ثالثا التعليم بالقلم الذي هو من اعظم نعمه على عبللاده إذ بلله تخلللد‬
‫العلوم وتثبت الحقللوق وتعلللم الوصللايا وتحفللظ الشللهادات ويضللبط حسللاب‬
‫المعاملت الواقعة بين الناس وبه تقيد اخبار الماضين للباقين اللحقين ولول‬
‫الكتابة لنقطعت اخبار بعض الزمنلة علن بعلض ودرسلت السلنن وتخبطلت‬
‫الحكام ولم يعرف‬

‫الخلف مذاهب السلف وكان معظم الخلل الداخل علللى النللاس فللي دينهللم‬
‫ودنياهم إنمايعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلللوبهم فجعللل‬
‫لهم الكتاب وعاء حافظا للعلم من الضياع كالوعية التي تحفظ المتعللة مللن‬
‫الذهاب والبطلن فنعمة الله عن وجل بتعليللم القلللم بعللد القللرآن مللن اجللل‬
‫النعم والتعليم به وإن كان ممللا يخلللص اليلله النسللان بالفطنةوالحيلللة فللإنه‬
‫الذي بلغ به ذلك وأوصله اليه عطية وهبها الله منه وفضل اعطللاه الللله إيللاه‬
‫وزيادة في خلقه وفضله فهو الذي علمه الكتابة وإن كان هو المتعلم ففعللله‬
‫فعل مطاوع لتعليم الذي علم بالقلم فإن علمه فتعلم كمللا انلله علملله الكلم‬
‫فتكلم هذا ومن اعطاه الذهن الذي يعي به واللسان الذي يترجم به والبنللان‬
‫الذي يحط به ومن هيأ ذهنه لقبول هذا التعليللم دون سللائر الحيوانللات ومللن‬
‫الذي انطق لسانه وحرك بنانه ومن الذي دعللم البنللان بللالكف ودعللم الكللف‬
‫بالساعد فكم لله من آية نحن غافلون عنها فللي التعلللم بللالقلم فقللف وقفللة‬
‫في حال الكتابة وتأمل حالك وقد امسللكت القلللم وهللو جمللاد وضللعته علللى‬
‫القرطاس وهو جماد فتولد من بينهما انواع الحكم واصللناف العلللوم وفنللون‬
‫المراسلت والخطب والنظم والنللثر وجوابللات المسللائل فمللن الللذي اجللرى‬
‫فلك المعاني على قلبك ورسمها في ذهنك ثم اجرى العبارات الدالللة عليهللا‬
‫على لسانك ثم حرك بها بنانك حتى صارت نقشللا عجيبللا معنللاه اعجللب مللن‬
‫صورته فتقضى به مآربك وتبلغ به حاجة فللي صللدرك وترسللله الللى القطللار‬
‫النائية والجهات المتباعدة فيقوم مقامك ويترجم عنك ويتكلللم علللى لسللانك‬
‫ويقوم مقام رسولك ويجدي عليك مال يجللدي مللن ترسللله سللوى مللن علللم‬
‫بالقلم علم النسان ما لللم يعلللم والتعليللم بللالقلم يتسلللزم المراتللب الثلثللة‬
‫مرتبة الوجود الذهني والوجود اللفظلي والوجلود الرسلمي فقلد دل التعليلم‬
‫بالقلم على انه سبحانه هو المعطي لهذه المراتب ودل قوله خلق علللى انلله‬
‫يعطى الوجود العيني فدلت هذه اليات مللع اختصللارها ووجازتهللا وفصللاحتها‬
‫على ان مراتب الوجود بأسرها مسندة اليه تعالى خلقا وتعليما وذكر خلقيللن‬
‫وتلعيمين خلقا عاما وخلقا خاصا وتعليما خاصا وتعليما عاما وذكر من صفاته‬
‫ها هنا اسم الكرم الذي فيه كل خير وكل كمال فله كل كمللال وصللفا ومنلله‬
‫كل خير فعل فهو الكرم في ذاته وأوصافه وأفعاله وهذا الخلق والتعليم إنما‬
‫نشأ من كرمه وبره وإحسانه ل من حاجة دعته الى ذلك وهو الغنللي الحميللد‬
‫وقوله تعالى ^ الرحمن علم القرآن خلق النسان علمه البيان ^ دلت هللذه‬
‫الكلمات على إعطائه سبحانه مراتب الوجود بأسللرها فقللوله خلللق النسللان‬
‫إخبار عن اليجاد الخارجي العيني وخص النسللان بللالخلق لمللا تقللدم وقللوله‬
‫علم القرآن إخبار عن إعطاء الوجللود العلمللي الللذهني فإنمللا تعلللم النسللان‬
‫القرآن بتعليمه كما انه إنما صار إنسانا بخلقه فهو الذي خلقه وعلمه ثم قال‬
‫علمه البيان والبيان يتناول مراتب راتب ثلثلة كللل منهللا يسلمى بيانلا احللدها‬
‫البيان الذهني الذي يميز فيه بين المعلومات الثاني البيان‬

‫اللفظي الذي يعبر به عن تلك المعلومات ويللترجم عنهللا فيلله لغيللره الثللالث‬
‫البيان الرسمي الخطي الذي يرسم به تلك اللفللاظ فيتللبين النللاظر معانيهللا‬
‫كما يتبين للسامع معاني اللفاظ فهذا بيان للعين وذاك بيللان للسللمع والول‬
‫بيان للقلب وكثيرا ما يجملع سللبحانه بيلن هلذه الثلثلة كقلوله ^ ان السلمع‬
‫والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئول ^ وقوله ^ والللله اخرجكللم مللن‬
‫بطون أمهاتكم ل تعلمون شيئا وجعل لكم السللمع والبصللار والفئدة لعلكللم‬
‫تشكرون ^ ويذم من عدم النتفاع بهللا فللي اكتسللاب الهللدى والعلللم النللافع‬
‫كقوله ^ صم بكم عمي ^ وقوله ^ ختم الله على قلللوبهم وعلللى سللمعهم‬
‫وعلى ابصارهم غشاوة ^ وقد تقدم بسط هذا الكلم تنبيه ثللم تأمللل حكمللة‬
‫اللطيف الخبير فيما اعطى النسللان علملله بمللا فيلله صلللح معاشلله ومعللاده‬
‫ومنع عنه علم مال حاجة له به فجهله به ل يضر وعلمه به ل ينتفع به انتفاعا‬
‫طائل ثم يسر عليه طرق ما هو محتاج اليه من العلم اتم تيسير وكلما كانت‬
‫حاجته اليه من العلم اعظم كان تيسيره اياه عليه اتم فاعطاه معرفة خالقه‬
‫وبارئه ومبدعه سبحانه والقرار به ويسر عليله طللرق هلذه المعرفلة فليلس‬
‫في العلوم ما هو اجل منها ول اظهر عند العقل والفطرة وليس فللي طللرق‬
‫العلوم التي تنال بها أكثر من طرقها ول أدل ول ابين ول اوضللح فكلمللا تللراه‬
‫بعينك او تسمعه بأذنك اوتعقله بقلبك وكلما يخطر ببالك وكلمللا نلالته حاسللة‬
‫من حواسك فهو دليل على الرب تبارك وتعالى فطرق العلم بالصانع فطرية‬
‫ضرورية ليس في العلوم اجلي منها وكل ما استدل به على الصللانع فللالعلم‬
‫بوجللوده اظهللر مللن دللتلله ولهللذا قللالت الرسللل لممهللم افللي الللله شللك‬
‫فخاطبوهم مخاطبة من ل ينبغي ان يخطر له شك ما في وجود الله سبحانه‬
‫ونصب من الدلة على وجوده وحدانيته وصللفات كمللاله الدلللة علللى اختلف‬
‫انواعها ول يطيق حصرها إل الله ثم ركز ذلك في الفطرة ووضعه في العقل‬
‫جملة ثم بعث الرسل مذكرين به ولهذا يقول تعالى فذكر فإن الذكرى تنفللع‬
‫المؤمنين وقوله ^ فذكر إن نفعت الذكرى ^ وقوله ^ إنمللا انللت مللذكر ^‬
‫وقوله ^ فما لهم عن التذكرة معرضين ^ وهو كثير في القللرآن ومفصلللين‬
‫لما في الفطرة والعقل العلم به جملة فانظر كيف وجد القرار به وبتوحيده‬
‫وصفات كمللاله ونعللوت جلللله وحكمتلله فللي خلقلله وأمللره المقتضللية إثبللات‬
‫رسالة رسله ومجللازات المحسللن بإحسللانه والمسلليء بإسللائته مودعللا فللي‬
‫الفطرة مركوزا فيها فلللو خليللت علللى مللا خلقللت عليلله لللم يعللرض لهللا مللا‬
‫يفسدها ويحولها ويغيرها عما فطرت عليه ولقرت بوحدنيه ووجللوب شللكره‬
‫وطاعته وبصفاته وحكمته في أفعاله وبالثواب والعقاب ولكنهللا لمللا فسللدت‬
‫وانحرفت عن المنهج الذي خلقت‬

‫عليلله انكللرت مللا انكللرت وجحللدت مللا جحللدت فبعللث الللله رسللله مللذكرين‬
‫لصحاب الفطر الصحيحة السليمة فانقلادوا طوعلا واختيلارا ومحبلة وإذعانلا‬
‫بما جعل من شواهد ذلللك فللي قلللوبهم حللتى ان منهللم مللن لللم يسللأل عللن‬
‫المعجزة والخارق بل علم صللحة الللدعوة مللن ذاتهللا وعلللم انهللا دعللوة حللق‬
‫برهانها فيها ومعذرين ومقيمين البينة على اصحاب الفطر الفاسدة لئل نحتج‬
‫على الله بأنه ما ارشللدها ول هللداها فيحللق القللول عليهللا بإقامللة الحجللة فل‬
‫يكون سبحانه ظالما لها بتعذيبها واشقائها وقد بين ذلك سبحانه في قوله ^‬
‫إن هو ال ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ^‬
‫فتأمللل كيللف ظهللرت معرفللة الللله والشللهادة للله بالتوحيللد واثبللات اسللمائه‬
‫وصفاته ورسالة رسله والبعث للجزاء مسطورة مثبتة في الفطر ولللم يكللن‬
‫ليعرف بها انها ثابتة في فطرته فلما ذكرته الرسل ونبهته رأى ما أخبروه به‬
‫مستقرا في فطرته شاهدا به عقله بل وجوارحه ولسان حللاله وهللذا اعظللم‬
‫ما يكون من اليمان وهو الذي كتبه سبحانه في قلوب اوليائه وخاصته فقال‬
‫^ اولئك كتب في قلوبهم اليمان ^ فتدبر هذا الفصل فإنه من الكنللوز فللي‬
‫هذا الكتاب وهو حقيق بأن تثنى عليه الخناصر ولله الحمد والمنه والمقصللود‬
‫ان الله سبحانه اعطى العبد من هذه المعارف وطرقها ويسرها عليه ما لللم‬
‫يعطه من غيرها لعظم حاجته في معاشه ومعاده اليها ثم وضللع فللي العقللل‬
‫من القرار بحسن شرعه ودينه الذي هو ظله في ارضلله وعللدله بيللن عبللاده‬
‫ونوره في العالم مالوا اجتمعللت عقللول العللالمين كلهللم فكللانوا علللى عقللل‬
‫اعقل رجل واحد منهم لما امكنهم ان يقترحوا شيئا احسن منه ول اعدل ول‬
‫اصلح ول انفع للخليقة في معاشها ومعادها فهو اعظللم آيللاته واوضللح بينللاته‬
‫وأظهر حججه على انه الللله الللذي ل إللله إل هللو وإنلله المتصللف بكللل كمللال‬
‫المنزه عن كل عيب ومثال فضل عن ان يحتاج الى إقامة شللاهد مللن خللارج‬
‫عليه بالدلة والشلواهد لتكلثير طلرق الهلدى وقطلع المعلذرة وإزاحلة العللة‬
‫والشبهة ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عللن بينلله وان الللله لسللميع‬
‫عليم فأثبت في الفطرة حسن العدل والنصللاف والصللدق والللبر والحسللان‬
‫والوفاء بالعهد والنصيحة للخلق ورحمة المسكين ونصر المظلللوم ومواسللاة‬
‫اهل الحاجة والفاقة وأداء المانللات ومقابلللة الحسللان بالحسللان والسللاءة‬
‫بللالعفو والصللفح والصللبر فللي مللواطن الصللبر والبللذل فللي مللواطن البللذل‬
‫والنتقام في موضع النتقللام والحلللم فللي موضللع الحلللم والسللكينة والوقللار‬
‫والرأفللة والرفللق والتللؤدة وحسللن الخلق وجميللل المعاشللرة مللع القللارب‬
‫والباعد وستر العورات وإقالة العثرات واليثار عند الحاجات واغاثة اللهفات‬
‫وتفريج الكربات والتعاون على انواع‬

‫الخير والبر والشجاعة والسماحة والبصلليرة والثبللات والعزيمللة والقللوة فللي‬


‫الحق واللين لهله والشدة على اهل الباطل والغلظة عليهللم والصلللح بيللن‬
‫الناس والسعي في إصلح ذات البين وتعظيم من يسللتحق التعظيللم وإهانللة‬
‫من يستحق الهانةوتنزيل الناس منازلهم وأعطاء كل ذي حق حقه وأخذ مللا‬
‫سهل عليهم وطوعت به انفسهم مللن العمللال والمللوال والخلق ولرشللاد‬
‫ضالهم وتعليم جاهلهم واحتمال جفوتهم واستواء قريبهم وبعيدهم في الحللق‬
‫فأقربهم اليه اولهم بالحق وان كان بعيدا و ابعدهم عنه ابعللدهم مللن الحللق‬
‫وان كان حبيبا قريبا الى غير ذلك من معرفة العقل الذي وضللعه بينهللم فللي‬
‫المعاملت والمناكحات والجنايات وما اودع في فطرهللم مللن حسللن شللكره‬
‫وعبادته وحده ل شريك له وان نعمه عليهللم تللوجب بللذل قللدرتهم وطللاقتهم‬
‫في شكره والتقرب اليه وإيثاره علللى مللا سللواه واثبللت فللي الفطللر علمهللا‬
‫بقبيح اضداد ذلك ثم بعث رسله في المر بما اثبت في الفطر حسنه وكماله‬
‫والنهي عما اثبت فيها قبحه وعيبه وذمه فطابقت الشريعة المنزلللة للفطللرة‬
‫المكلمة مطابقة التفصيل بجملته وقامت وشواهد دينلله فللي الفطللرة تنللادي‬
‫لليمان حي على الفلح وصدعت تلك الشواهد واليللات ديللاجي ظلللم البللاء‬
‫كما صدع الليل ضوء الصباح وقبل حاكم الشللريعة شللهادة العقللل والفطللرة‬
‫لما كان الشاهد غير متهم ول معرض للجراح‬
‫فصل وكذلك اعطاهم من العلوم المتعلقة بصلح معاشهم ودنياهم بقدر‬
‫حاجاتهم كعلم الطب والحساب وعلم الزراعة والغللراس وضللروب الصللنائع‬
‫واستنباط المياه وعقد البنية وصنعة السفن واستخراج المعادن وتهيئتها لما‬
‫يراد منها وتركيب الدوية وصنعة الطعمة ومعرفة ضروب الحيللل فللي صلليد‬
‫الوحش والطير ودواب الماء والتصرف في وجوه التجللارات ومعرفللة وجللوه‬
‫المكاسب وغير ذلك مما فيه قيام معايشهم ثم منعهم سبحانه علم ما سوى‬
‫ذلك مما ليس في شأنهم ول فيه مصلللحة لهللم ول نشللأتهم قابلللة للله كعلللم‬
‫الغيب وعلم ما كان وكل ما يكون والعلم بعدد القطر وامللواج البحللر وذرات‬
‫الرمال ومساقط الوراق وعدد الكواكب ومقاديرها وعلم ما فوق السموات‬
‫وما تحت الثرى وما في لجللج البحللار واقطللار العللالم ومللا يكنلله النللاس فللي‬
‫صدورهم وما تحمل كل انثى وما تغيللض الرحللام ومللا تللزداد الللى سللائر مللا‬
‫عزب عنهم علمه فمللن تكلللف معرفللة ذلللك فقللد ظلللم نفسلله وبخللس مللن‬
‫التوفيق حظه ولم يحصل ال على الجهل المركب والخيال الفاسد فللي أكللثر‬
‫امره وجرت سنة الله وحكمته ان هلذا الضلرب ملن النلاس اجهلهلم بلالعلم‬
‫النافع وأقلهم صوابا فترى عند من ل يرفعون بلله رأسللا مللن الحكللم والعلللم‬
‫الحللق النللافع مللال يخطللر ببللالهم اصللل وذلللك مللن حكمللة الللله فللي خلقلله‬
‫وهوالعزيز الحكيم ول يعرف هذا ال من اطلع على ما عند القللوم مللن انللواع‬
‫الخيال‬

‫وضروب المحال وفنون الوساوس والهوى والهوس والخبط وهللم يحسللبون‬


‫انهم على شيء إل انهم هم الكاذبون فالحمد لله الذي مللن علللى المللؤمنين‬
‫^ إذ بعث فيهللم رسلول ملن انفسلهم يتللو عليهلم آيلاته ويزكيهللم ويعلمهلم‬
‫الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين ^‬
‫فصل ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم‬
‫وفي ذلك من الحكمة البالغة مال يحتاج الى نظر فلو عرف النسان مقللدار‬
‫عمره فإن كان قصير العمللر لميتهنللأ بللالعيش وكيللف يتهنللأ بلله وهللو يللترقب‬
‫الموت في ذلك الوقت فلول طول المل لخربت الدنيا وأنما عمارتها بالمال‬
‫وإن كان طويل العمر وقد تحقق ذلك فهو واثق بالبقللاء فل يبللالي بالنهمللاك‬
‫في الشهوات والمعاصي وأنواع الفساد ويقول إذا قرب الوقت احدثت توبللة‬
‫وهذا مذهب ل يرتضيه الله تعلالى علز وجلل ملن عبلاده ول يقبلله منهلم ول‬
‫تصلح عليه احوال العالم ول يصلح العالم إل على هذا الللذي اقتضللته حكمتلله‬
‫وسبق في علمه فلو ان عبدا من عبيدك عمل على ان يستحضك اعواما ثللم‬
‫يرضيك ساعة واحدة إذا تيقن انه صائر اليك لم تقبل منه ولم يفز لديك بمللا‬
‫يفوز به من همه رضاك وكذا سنة الله عز وجل ان العبللد إذا عللاين النتقللال‬
‫الى الله تعالى لم ينفعه توبة ول اقلع قال تعللالى ^ وليسللت التوبللة للللذين‬
‫يعملون السيئات حتى إذا حضر احدهم الموت قال إني تبللت الن ^ وقللوله‬
‫فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بملا كنلا بله مشلركين فللم يلك‬
‫ينفعهم إيمانهم لما رأوا باسنا سنة الله التي خلللت فللي عبللاده والللله تعللالى‬
‫إنما يغفر للعبد إذا كللان وقللوع الللذنب منلله علللى وجلله غلبللة الشللهوة وقللوة‬
‫الطبيعة فيواقع الذنب مع كراهته له من غير إصرار في نفسلله فهللذا ترجللى‬
‫له مغفرة الله وصفحه وعفوه لعلمه تعلالى بضلفعه وغلبلة شلهوته لله وأنله‬
‫يرى كل وقت مال صبر له عليه فهللو إذا واقللع الللذنب واقعلله مواقعللة ذليللل‬
‫خاضع لربه خائف مختلج في صدره شهوة النفس الذنب وكراهة اليمان للله‬
‫فهو يجيب داعي النفس تاره وداعي اليمان تارات فاما من بنى املره عللى‬
‫ان ل يقف عن ذنب ول يقدم خوفللا ول يللدع لللله شللهوة وهللو فللرح مسللرور‬
‫يضحك ظهرا لبطن إذ ظفر بالللذنب فهللذا الللذي يخلاف عليلله ان يحللال بينلله‬
‫وبين التوبة ول يوفق لها فإنه من معاصيه وقبائحه على نقد عاجللل يتقاضللاه‬
‫سلفا وتعجيل ومن تللوبته وإيللابه ورجللوعه إلللى الللله علللى ديللن مؤجللل الللى‬
‫انقضاء الجل وإنما كان هذا الضرب من الناس يحال بينهم وبين التوبة غالبا‬
‫لن النزوع عن اللذات والشهوات الى مخالفللة الطبللع والنفللس والسللتمرار‬
‫على ذلك شديد على النفللس صللعب عليهللا اثقللل مللن الجبللال ول سلليما إذا‬
‫انضاف إلى ذلك ضعف البصيرة وقلة النصيب من اليمللان فنفسلله ل تطللوع‬
‫له ان يبيع نقدا بنسيئة ول عاجل بآجل كما قال بعض هللؤلء وقللد سللئل ايمللا‬
‫احب اليك درهم اليوم او دينار غدا فقال ل هذا ول هذا ولكن ربع درهلم ملن‬
‫اول امس فحرام على هؤلء ان يوفقوا للتوبة إل ان يشاء الله فإذا بلغ‬

‫العبد حد الكبر وضعفت بصيرته ووهت قواه وقللد اوجبللت للله تلللك العمللال‬
‫قوة في غيه وضعفا في إيمانه صارت كالملكة له بحيث ل يتمكن من تركهللا‬
‫فإن كثرة المزاولت تعطى الملكات فتبقى للنفس هيئة راسخة وملكة ثابتة‬
‫في الغي والمعاصي وكلما صدر عنه واحد منها اثرا أثللرا زائدا علللى اثللر مللا‬
‫قبله فيقوى الثران وهلم جرا فيهجم عليه الضعف والكبر ووهن القوة علللى‬
‫هذه الحال فينتقل الى الله بنجاسللته واوسللاخه وادرانلله لللم يتطهللر للقللدوم‬
‫على الله فما ظنه بربه ولو انه تللاب وأنللاب وقللت القللدرة والمكللان لقبلللت‬
‫توبته ومحيت سيئاته ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون ول شيء اشهى لمن‬
‫انتقل الى الله على هذه الحال من التوبة ولكن فرط فللي أداء الللدين حللتى‬
‫نفذ المال ولو أداه وقت المكان لقبله ربه وسيعلم المسللرف والمفللرط أي‬
‫ديان ادان وأي غريم بتقاضاه ويوم يكون الوفللاء مللن الحسللنات فللإن فنيللت‬
‫فيحمل السيئات فبان ان من حكمة الله ونعمه علللى عبللاده ان سللتر عنهللم‬
‫مقادير آجالهم ومبلغ اعمارهم فل يزال الكيس يللترقب المللوت وقللد وضللعه‬
‫بين عينيه فينكف عما يضره في معاده ويجتهللد فيمللا ينفعلله ويسللر بلله عنللد‬
‫القدوم فإن قلت فها هو مع كلونه قلد غيلب عنله مقلدار اجلله وهلو يلترقب‬
‫الموت في كل ساعة ومع ذلك يقارف الفواحش وينتهك المحارم فأي فائدة‬
‫وحكمة حصلت بستر اجله عنه قيل لعمر الله ان المر كللذلك وهللو الموضللع‬
‫الذي حير اللباب والعقلء وافترق الناس لجلله فرقللا شللتى ففرقللة انكلرت‬
‫الحكمللة وتعليللل افعللال الللرب جملللة وقللالوا بللالجبر المحللض وسللدوا علللى‬
‫انفسهم الباب وقالوا ل تعلل افعال الرب تعالى ولهي مقصللود بهللا مصللالح‬
‫العباد وإنما مصدرها محض المشيئة وصرف الرادة فأنكروا حكمة الللله فلي‬
‫امره ونهيه وفرقة نفللت لجللله القللدر جملللة وزعمللوا ان أفعللال العبللاد غيللر‬
‫مخلوقة لله حتى يطلب لها وجوه الحكمة وإنما هي خلقهللم وابللداعهم فهللي‬
‫واقعة بحسب جهلهم وظلمهم وضعفهم فل يقللع عللى السلداد والصلواب ال‬
‫اقل القليل منها فهاتان الطائفتان متقابلتان اعظم تقابل فالولى غلللت فللي‬
‫الجبر وانكلار الحكلم المقصلودة فلي أفعلال اللله والثانيلة غللت فلي القلدر‬
‫واخرجت كثيرا من الحوادث بل اكثرها عن ملك الللرب وقللدرته وهللدى الللله‬
‫اهل السنة الوسط لما اختلفوا فيله ملن الحللق بلاذنه فلأثبتوا للله عللز وجللل‬
‫عموم القدرة والمشيئة وأنه تعالى ان يكون في مسلكه مال يشللاء او يشللاء‬
‫مال يكون وأن اهل سمواته وارضه اعجز واضعف من ان يخلقوا مال يخلقلله‬
‫الله او يحدثوا مال يشاء بل ما شاء الله كان ووجد وجوده بمشلليئته ومللا لللم‬
‫يشأ لم يكن وامتنع وجوده لعدم المشيئة له وانه ل حللول ول قللوة ال بلله ول‬
‫تتحرك في العالم العلوي والسفلي ذرة ال بإذنه ومع ذلك فللله فللي كللل مللا‬
‫خلق وقضى وقدر وشرع من الحكم البالغة والعللواقب الحميللدة مللا اقتضللاه‬
‫كمال حكمته وعلمه وهو العليم الحكيم فما خلق شيئا ول قضللاه ول شللرعه‬
‫ال لحكمة بالغة وان تقاصللرت عنهللا عقللول البشللر فهللو الحكيللم القللدير فل‬
‫تجحد حكمته كمال تجحد قدرته‬

‫والطائفة الولى جحدت الحكمة والثانية جحدت القدرة والمة الوسط اثبتت‬
‫له كمال الحكمة وكمال القدرة فالفرقة الولى تشللهد فللي المعصللية مجللرد‬
‫المشيئة والخلللق العللاري عللن الحكمللة وربمللا شللهدت الجللبر وأن حركللاتهم‬
‫بمنزلة حركات الشجار ونحوها والفرقة الثانيللة تشلهد فللي المعصللية مجللرد‬
‫كونها فاعلة محدثة مختارة هي التي شاءت ذلك بللدون مشلليئة الللله والمللة‬
‫الوسط تشهد عز الربوبية وقهر المشيئة ونفوذها في كل شيء وتشللهد مللع‬
‫ذلك فعلها وكسبها واختيارها وايثارها شللهواتها علللى مرضللات ربهللا فيللوجب‬
‫الشهود الول لها سؤال ربها والتذلل والتضرع له ان يوفقها لطاعته ويحللول‬
‫بينها وبين معصيته وان يثبتها على دينه ويعصمها بطواعيته ويللوجب الشللهود‬
‫الثاني لهلا اعترافهلا باللذنب وإقرارهلا بله عللى نفسلها وأنهلا هلي الظالملة‬
‫المستحقة للعقوبة وتنزيه ربها عن الظلم وان يعذبها بغير استحقاق منهللا او‬
‫يعذبها على ما لم تعمله فيجتمع لها من الشهودين شللهود التوحيللد والشللرع‬
‫والعدل والحكملة وقلد ذكرنلا فلي الفتوحلات القدسلية مشلاهد الخلللق فللي‬
‫مواقعة الللذنب وانهللا تنتهللي الللى ثمانيللة مشللاهد احللدها المشللهد الحيللواني‬
‫البهيمي الذي شهود صاحبه مقصور على شهوات لذته به فقط وهو في هذا‬
‫المشهد مشارك لجميع الحيوانات وربما يزيد عليها في اللللذة وكللثرة التمتللع‬
‫والثاني مشهد الجبر وان الفاعل فيه سواه والمحرك للله غيللره ول ذنللب للله‬
‫هو وهذا مشهد المشركين واعداء الرسل الثالث مشهد القللدر وهللو انلله هللو‬
‫الخالق لفعله المحدث لله بلدون مشليئة اللله وخلقله وهلذا مشلهد القدريلة‬
‫المجوسية الرابع مشهد اهل العلم واليمان وهو مشهد القدر والشرع يشهد‬
‫فعله وقضاء الله وقدره كما تقدم الخللامس مشللهد الفقللر والفاقللة والعجللز‬
‫والضعف وانه إن لم يعنه الله ويثبته ويوفقه فهو هالك والفللرق بيللن مشللهد‬
‫هذا ومشهد الجبرية ظاهر السادس مشللهد التوحيللد وهللو الللذي يشللهد فيلله‬
‫إنفراد الله عز وجل بالخلق والبداع ونفوذ المشيئة وان الخلق اعجز من ان‬
‫يعصوه بغير مشيئته والفرق بيللن هللذا المشللهد وبيللن المشللهد الخللامس ان‬
‫صاحبه شاهد لكمال فقره وضعفه وحاجته وهللذا شللاهد لتفللرد الللله بللالخلق‬
‫والبداع وأنه ل حول ول قللوة ال بلله السللابع مشللهد الحكمللة وهللو ان يشللهد‬
‫حكمة الله عز وجل في قضائه وتخليته بين العبد والذنب ولله في ذلك حكم‬
‫تعجز العقول عن الحاطة بها وذكرنا منها في ذلك الكتاب قريبا من اربعيللن‬
‫حكمة وقد تقللدم فللي اول هللذا الكتللاب التنللبيه علللى بعضللها الثللامن مشللهد‬
‫السلماء والصلفات وهلو ان يشلهد ارتبلاط الخللق والملر والقضلاء والقلدر‬
‫بأسللمائه تعللالى وصللفاته وان ذلللك موجبهللا ومقتضللاها فأسللماؤه الحسللنى‬
‫اقتضت ما اقتضته من التخلية بيللن العبللد وبيللن الللذنب فللإنه الغفللار التللواب‬
‫العفو الحليم وهذه اسماء تطلب آثارها وموجباتها ول بد فلو لم تذنبوا لذهب‬
‫الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفللر لهللم وهللذا المشللهد والللذي‬
‫قبله اجل هذه المشاهد واشرفها وارفعها قدرا‬

‫وهمللا لخلواص الخليفللة فتأمللل بعللد ملا بينهملا وبيلن المشللهد الول وهللذان‬
‫المشللهدان يطرحللان العبللد علللى بللاب المحبللة ويفتحللان للله مللن المعللارف‬
‫والعلوم امورا ل يعبر عنها وهذا بللاب عظيللم مللن ابللواب المعرفللة قللل مللن‬
‫استفتحه من الناس وهو شهود الحكمة البالغة فللي قضللاء السلليئات وتقللدير‬
‫المعاصي وإنما استفتح الناس باب الحكم في الوامر والنواهي وخاضوا فيها‬
‫واتوا بما وصلت اليه علللومهم واسللتفتحوا ايضللا بابهللا فللي المخلوقللات كمللا‬
‫قدمناه وأتوا فيه بما وصلت اليه قواهم واما هذا الباب فكمللا رأيللت كلمهللم‬
‫فيه فقل ان ترى لحدهم فيه ما يشفى او يلموكيف يطلع علللى حكمللة هللذا‬
‫الباب من عنده ان اعمال العباد ليست مخلوقة لله ول داخلة تحلت مشليئته‬
‫اصل وكيف يتطلب لها حكمة او يثبتها ام كيللف يطلللع عليهللا مللن يقللول هللي‬
‫خلق الله ولكن افعاله غير معللة بالحكم ول يدخلها لم تعليل اصل وإن جللاء‬
‫شيء من ذلك صرف الى لم العاقبة ل الى لم العلة والغاية فأما إذا جاءت‬
‫الباء في افعللاله صللرفت الللى بللاء المصللاحبة ل الللى بللاء السللببية وإذا كللان‬
‫المتكلمون عند الناس هم هؤلء الطائفتان فإنهم ل يرون الحق خارجا عنهما‬
‫ثم كثير من الفضلللء يتحيللر إذا رأى بعللض اقللوالهم الفاسللدة ول يلدرى أيلن‬
‫يللذهب ولمللا عربللت كتللب الفلسللفة صللار كللثير مللن النللاس إذا رأى اقللوال‬
‫المتكلميللن الضللعيفة وقللد قللالوا إن هللذا هللو الللذي جللاء بلله الرسللول قطللع‬
‫القنطرة وعدي الى ذلك البر وكل ذلك من الجهل القبيح والظن الفاسللد ان‬
‫الحق ل يخرج عن اقوالهم فما اكثر خروج الحق عن اقللوالهم ومللا اكللثر مللا‬
‫يذهبون في المسائل التي هي حق وصواب الللى خلف الصللواب والمقصللود‬
‫ان المتكلمين لو اجمعوا على شيء لم يكللن اجمللاعهم حجللة عنللد احللد مللن‬
‫العلماء فكيف إذا اختلفوا والمقصللود ان مشللاهدة حكمللة الللله فللي اقضلليته‬
‫واقداره التي يجربها على عباده باختيللاراتهم وإراداتهللم هللي مللن الطللف مللا‬
‫تكلم فيه الناس وأدقه واغمضه وفي ذلك حكم ل يعلمهللا إل الحكيللم العليللم‬
‫سبحانه ونحن نشير الى بعضها فمنها أنه سبحانه يحب التوابين حتى انه من‬
‫محبته لهم يفرح بتوبة احدهم اعظم مللن فللرح الواحللد براحلتلله الللتي عليهللا‬
‫طعامه وشرابه في الرض الدوية المهلكة إذا فقدها وايس منها وليللس فللي‬
‫أنواع الفرح أكمل ول اعظم من هذا الفرح كما سنوضح ذلك ونزيده تقريللرا‬
‫عن قريب إن شاء الله ولول المحبة التامللة للتوبللة ولهلهللا لللم يحصللل هللذا‬
‫الفرح ومن المعلوم ان وجود المسبب بدون سببه ممتنع وهل يوجد ملللزوم‬
‫بدون لزمه او غاية بدون وسيلتها وهذا معنى قول بعللض العللارفين ولللو لللم‬
‫تكن التوبة احب الشياء اليه لما ابتلى بالذنب اكرم المخلوقات عليه فالتوبة‬
‫هي غاية كمال كل آدمي وإنما كان كمال ابيهم بها فكم بين حاللة وقلد قيلل‬
‫له إن لك أل تجوع فيها ول تعرى وإنك ل تظمأ فيها ول تضحى وبين قوله ثم‬
‫اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فالحال الولى حال أكل وشرب‬
‫وتمتع والحال الخرى حال اجتباء واصطفاء وهداية فيما بعد مللا بينهمللا ولمللا‬
‫كان كماله بالتوبة كان كمال بنيه ايضا بهللا كمللا قللال تعللالى ^ ليعللذب الللله‬
‫المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله علللى المللؤمنين‬
‫والمؤمنات ^ فكمال الدمي في هللذه الللدار بالتوبللة النصللوح وفللي الخللرة‬
‫بالنجللاة مللن النللار ودخللول الجنللة وهللذا الكمللال مرتللب علللى كمللاله الول‬
‫والمقصود انه سبحانه لمحبته التوبة وفرحة بها يقتضللي علللى عبللده بالللذنب‬
‫ثم إن كان ممن سبقت له الحسنى قضى له بالتوبللة وإن كللان ممللن غلبللت‬
‫عليه شقاوته اقام عليه حجة عدله وعاقبة بذنبه‬
‫فصل ومنها انه سبحانه يجب ان يتفضل عليهم ويتم عليهم نعمه ويريهم‬
‫مواقع بره وكرمه فلمحبته الفضللال والنعللام ينلوعه عليهللم اعظللم النللواع‬
‫واكثرها في سائر الوجللوه الظللاهرة والباطنللة ومللن اعظللم انللواع الحسللان‬
‫والبر ان يحسن الى من اساء ويعفو عمن ظلم ويغفر لم اذنب ويتوب علللى‬
‫من تاب اليه ويقبل عذر ملن اعتلذر اليلله وقدنلدب عبللاده الللى هلذه الشلليم‬
‫الفاضلة والفعال الحميدة وهو أولى بهللا منهللم واحللق وكللان لله فللي تقللدير‬
‫اسبابها من الحكم والعللواقب الحميلدة ملا يبهللر العقلول فسللبحانه وبحملده‬
‫وحكى بعض العارفين انه قال طفت في ليلة مطيللرة شللديدة الظلمللة وقللد‬
‫خل الطواف وطابت نفسي فوقفت عند الملتزم ودعوت الللله فقلللت اللهللم‬
‫اعصمني حتى ل اعصيك فهتف بي هاتف انت تسألني العصمة وكللل عبللادي‬
‫يسألوني العصمة فإذا عصمتهم فعلى من اتفضل ولمللن اغفللر قللال فبقيللت‬
‫ليلتي الى الصباح استغفر الله حياء منه هذا ولللو شللاء الللله عللز وجللل ان ل‬
‫يعصي في الرض طرفة عين لم يعص ولكن اقتضت مشلليئيه مللا هومللوجب‬
‫حكمته سبحانه فمن اجهل بالله ممن يقول انه يعصللي قسللرا بغيللر اختيللاره‬
‫وميشيئته سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا‬
‫فصل ومنها انه سبحانه له السماء الحسنى ولكل اسم من اسمائه اثر من‬
‫الثار في الخلق والمر ل بد من ترتبه عليه كترتب المللرزوق والللرزق عللى‬
‫الرازق وترتب المرحللوم وأسللباب الرحمللة علللى الراحللم وترتللب المرئيللات‬
‫والمسموعات على السميع والبصير ونظائر ذلك في جميع السماء فلللو لللم‬
‫يكن في عباده من يخطيء ويللذنب ليتللوب عليلله ويغفلر لله ويعفلو عنلله للم‬
‫يظهر اثر اسمائه الغفور والعفو والحليم والتواب وما جرى مجراهللا وظهللور‬
‫اثر هذه السماء ومتعلقاتها في الخليقة كظهور آثار سائر السللماء الحسللنى‬
‫ومتعلقاتها فكما ان اسمه الخللالق يقتضللي مخلوقللا والبللارئ يقتضللي مللبروا‬
‫والمصوريقتضي مصورا ول بد فأسماؤه الغفار التواب تقتضي مغفورا له مللا‬
‫يغفره له وكذلك من يتوب‬

‫عليه وامورا يتوب عليه من اجلهللا ومللن يحكللم عنلله ويعفللو عنلله ومللا يكلون‬
‫متعلق الحلللم والعفللو فللإن هللذه المللور متعلقللة بللالغير ومعانيهللا مسللتلزمة‬
‫لمتعلقاتها وهذا باب اوسع من ان يدرك واللبيب يكتفي منه باليسير وغليللظ‬
‫الحجاب في واد ونحن فللي واد ‪ #‬وان كللان اثلل الللواد يجمللع بيننلا ‪ %‬فغيللر‬
‫خفي شيجه من خزامه فتأملل ظهللور هلذين السلمين اسللم اللرزاق واسللم‬
‫الغفار في الخليقة ترى وما يعجب العقول وتأمللل آثارهمللا حللق التأمللل فللي‬
‫اعظم مجامع الخليقة وانظر كيف وسعهم رزقه ومغفرته ولول ذلك لما كان‬
‫له من قيام اصل فلكل منهم نصيب من الرزق والمغفرة فإما متصل بنشللاته‬
‫الثانية إما مختصا بهذه النشأة‬
‫فصل ومنه انه سبحانه يعرف عباده عزه في قضائه وقدره ونفوذ مشيئته‬
‫وجريان حكمته وأنه ل محيص للعبد عما قضاه عليه ول مفر له منه بللل هللو‬
‫في قبضة مالكه وسيده وأنه عبده وابن عبده وابن امته ناصلليته بيللده مللاض‬
‫فيه حكمه عدل فيه قضاؤه‬
‫فصل ومنها انه يعرف العبد حاجته إلى حفظه له ومعونته وصيانته وانه‬
‫كالوليد الطفل في حاجته الى من يحفظه ويصونه فللإن لللم يحفظلله مللوله‬
‫الحق ويصونه ويعينه فهو هالك ول بد وقد مدت الشللياطين ايللديها اليلله مللن‬
‫كل جان بتريد تمزيق حاله كله إفاسد شأنه كله وإن موله وسلليده إن وكللله‬
‫الى نفسه وكله الى ضيعة وعجز وذنب وخطيئة وتفريللط فهلكلله أدنللى اليلله‬
‫من شراك نعله فقد أجمللع العلمللاء بللالله علللى ان التوفيللق ان ل يكللل الللله‬
‫العبد الى نفسه واجمعوا على ان الخذلن ان يخلى بينه وبين نفسه‬
‫فصل ومنها انه سبحانه يستجلب من عبده بذلك ما هو من اعظم أسباب‬
‫السعادة له من استعاذته واستعانته بلله مللن شللر نفسلله وكيللد عللدوه ومللن‬
‫انواع الدعاء والتضرع والبتهال والنابة والفاقللة والمحبللة والرجللاء والخللوف‬
‫وانواع من كمالت العبد تبلغ نحو المائة ومنها مال تدركه العبارة وإنما يدرك‬
‫بوجوده فيحصل للروح بذلك قرب خاص لم يكن يحصل بدون هذه السللباب‬
‫ويجد العبد من نفسه كأنه ملقى على باب موله بعد ان كان نائيا عنه وهللذا‬
‫الذي أثمر له ان الله يحب التوابين وهو ثمرة لله افرح بتوبة عبللده واسللرار‬
‫هذا الوجه يضيق عنها‬

‫القلب واللسان وعسى ان يجيئك في القسم الثاني من الكتاب مللا تقللر بلله‬
‫عينك ان شاء الله تعالى فكم بين عبادة يدل صاحبها على ربه بعبادته شامخ‬
‫بأنفه كلما طلب منه اوصافالعبد قامت صور تلك العمال في نفسه فحجبته‬
‫عن معبوده والهه وبين عبادة من قد كسر الذل قلبه كل الكسر واحللرق مللا‬
‫فيه من الرعونات والحماقات والخيالت فهو ل يرى نفسه إل مسلليئا كمللا ل‬
‫يرى ربه إل محسنا فهو ليرضى ان يرى نفسه طرفة عين قد كسر ازدراؤه‬
‫على نفسه قلبه وذلل لسانه وجوارحه وطأطأ منه ما ارتفع من غيره فقلبلله‬
‫واقف بين يدي ربه وقوف ناكس الراس خاشع خاضللع غللاض البصللر خاشللع‬
‫الصوت هادئ الحركات قد سجد بين يديه سجدة الى الممات فلللو لللم يكللن‬
‫من ثمرة ذلك القضاء والقدر إل هذا وحده لكفى به حكمة والله المستعان‬
‫فصل ومنها انه سبحانه يستخرج بذلك من عبده تمام عبوديته فإن تمام‬
‫العبودية هو بتكميل مقام الذل والنقياد واكمللل الخلللق عبوديللة اكملهللم ذل‬
‫لله وانقيادا وطاعة والعبد ذليل لموله الحق بكل وجه من وجوه الللذل فهللو‬
‫ذليل لعزه وذليل لقهره وذليل لربللوبيته فيلله وتصللرفه وذليللل لحسللانه اليلله‬
‫وانعامه عليه فإن من احسن اليك فقد استعبدك وصار قبلك معبدا للله وذليل‬
‫تعبد له لحاجته اليه على مدى النفاس في جلب كل ما ينفعه ودفللع كللل مللا‬
‫يضره وهنا نوعان من انواع التللذلل والتعبللد لهمللا اثللر عجيللب يقتضليان ملن‬
‫صاحبهما من الطاعة والفوز مال يقتضيه غيرهمللا احللدهما ذل المحبللة وهللذا‬
‫نوع آخر غير ما تقدم وهو خاصة المحبة ولبها بل روحهللا وقوامهللا وحقيقتهللا‬
‫وهو المراد على الحقيقة من العبد لو فطن وهذا يستخرج من قلب المحللب‬
‫من انواع التقرب والتودد والتملق واليثار والرضا والحمللد والشللكر والصللبر‬
‫والتندم وتحمل العظائم مال يستخرجه الخوف وحده ول الرجللاء وحللده كمللا‬
‫قال بعض الصحابة إنه ليستخرج محبته من قلبي من طاعته مال يسللتخرجه‬
‫خوفه او كما قال فهذا ذل المحبين الثاني ذل المعصية فإذا انضاف هذا الى‬
‫هذا هناك فنيت الرسوم وتلشت النفس واضمحلت القوى وبطلت الدعاوى‬
‫جملة وذهبت الرعونات وطاحت الشطحانات ومحيي من القلب واللسان انا‬
‫وانللا واسللتراح المسللكين مللن شللكاوى الصللدود والعللراض والهجللر وتحللرد‬
‫الشهودان فلم يبق الشهود العز والجلل الشهود المحض الذي تفللرد بلله ذو‬
‫الجلل والكرام الذي ل يشاركه احد من خلقلله فللي ذرة مللن ذراتلله وشللهود‬
‫الللذل والفقللر المحللض مللن جميللع الوجللوه بكللل اعتبللار فيشللهد غايللة ذللله‬
‫وانكساره وعزة محبوبه وجلله وعظمته وقدرته وغتاه فإذا تجللرد للله هللذان‬
‫الشللهودان ولللم يبللق ذرة مللن ذرات الللذل والفقللر والضللرورة الللى ربلله ال‬
‫شاهدها فيه بالفعل وقد شهد مقابلهللا هنللاك فلللله أي مقللام اقيللم فيلله هللذا‬
‫القلب إذ ذاك وأي قرب حظي به وأي نعيللم ادركلله واي روح باشللره فتأمللل‬
‫الن موقع الكسرة التي حصلت له بالمعصية في هذا‬

‫الموطن ملا اعجبهللا وملا اعظلم موقعهللا كيللف جلاءت فمحقلت ملن نفسلله‬
‫الدعاوي والرعونات وانواع الماني الباطلة ثم اوجبت له الحياء والخجل من‬
‫صالح ما عمل ثم اوجبت له استكثار قليل ما يرد عليه مللن ربلله لعلملله بللأن‬
‫قدره اصغر من ذلللك وأنلله ل يسللتحقه واسللتقلل أمثللال الجبللال مللن عمللله‬
‫الصالح بأن سيئاته وذنوبه تحتاج من المكفرات والماحيلات اللى أعظلم ملن‬
‫هذا فهو ل يزال محسنا وعند نفسه المسيء المذنب متكسرا ذلل خاضللعا ل‬
‫يرتفع له رأس ول ينقام له صدر وإنما ساقه إلى هذا الذل والذي اورثه إيللاه‬
‫مباشرة الذائب فأي شيء انفلع لله ملن هلذا اللدواء ‪ #‬لعلل عتبلك محملود‬
‫عواقبه ‪ %‬وربما صحت الجسام بالعلل ونكتة هذا الوجه ان العبد متى شهد‬
‫صلحه واستقامته شمخ بانفه وتعللاظمت نفسلله وظللن انله وأنلله أي عظيمللا‬
‫فإذا ابتلى بالذنب تصاغرت اليه نفسه وذل وخضع وتيقن انلله وأنلله أي عبللدا‬
‫ذليل‬
‫فصل ومنها ان العبد يعرف حقيقة نفسه وأنها الظالمة وان ما صدر منها‬
‫من شر فقد صدر من اهله ومعدنه إذ الجهل والظلللم منبللع الشللر كللله وان‬
‫كل ما فيها من خير وعلم وهدى وإنابة وتقوى فهو من ربها تعالى هللو الللذي‬
‫زكاها به وأعطاها إياه ل منها فإذا لم يشأ تزكية العبد تركه مع دواعي ظلمه‬
‫وجهله فهو تعالى الذي يزكى ملن يشلاء ملن النفللوس فللتزكو وتلأتي بلأنواع‬
‫الخير والبر ويترك تزكية من يشاء منها فتأتي بأنواع الشر والخبث وكان من‬
‫دعاء النبي اللهم آت نفسي تقوهللا وزكهللا انللت خيللر مللن زكاهللا انللت وليهللا‬
‫ومولها فإذا ابتلى الله العبد بالذنب عرف نفسه ونقصها فرتب له على ذلك‬
‫التعريف حكم ومصالح عديدة منها انه يانف من نقصللها ويجتهللد فللي كمالهللا‬
‫ومنها أنه يعلم فقرها دائما إلى من يتولها ويحفظها ومنها انه يستريح ويريح‬
‫العباد من الرعونات والحماقات التي ادعاها اهللل الجهللل فللي انفسللهم مللن‬
‫قدم او اتصال بالقديم او اتحاد به او حلللول فيلله اوغيللر ذلللك مللن المحللالت‬
‫فلول ان هؤلء غاب عنهم شهودهم لنقص انفسهم وحقيقتها لم يقعللوا فيمللا‬
‫وقعوا فيه‬
‫فصل ومنها تعريفه سبحانه عبده سعة حلمه وكرمه في ستره عليه وأنه لو‬
‫شاء لعاجله على الذنب ولهتكه بين عباده فلم يطب للله معهللم عيللش ابللدا‬
‫ولكن جلله بستره غشاه بحلمه وقيض له من يحفظه وهو في حالته تلك بل‬
‫كان شاهدا وهو يبارزه بالمعاصي والثام وهو مللع ذلللك يحرسلله بعينلله الللتي‬
‫لتنام وقد جاء في بعض الثار يقول الله تعالى انا الجواد الكريم من اعظللم‬
‫مني جودا وكرما عبادي يبارزونني‬

‫بالعظائم وأنا أكلوهم في منازلهم فأي حلم اعظم من هذا الحلللم وأي كللرم‬
‫اوسع من هذا الكرم فلول حلمه وكرملله ومغفرتلله لمللا اسللتقرت السللموات‬
‫والرض في أماكنها وتأمل قوله تعالى ان الله يمسك السللموات والرض ان‬
‫تزول ولئن زالتا إن امسكهما من احد من بعده الية هذه الية تقتضي الحلم‬
‫والمغفرة فلول حلملله ومغفرتلله لزالتللا عللن اماكنهمللا ومللن هللذا قللوله تكللاد‬
‫السموات يتفطرن منه وتنشق الرض وتخر الجبللال هللدا ان دعللوا للرحمللن‬
‫ولدا‬
‫فصل ومنها تعريفه عبده انه ل سبيل له إلى النجاة إل بعفوه ومغفرته‬
‫وانه رهين بحقه فإن لم يتغمده بعفللوه ومغفرتلله وإل فهللو مللن الهللالكين ل‬
‫محالة فليس احد مللن خلقلله إل وهللو محتللاج الللى عفللوه ومغفرتلله كمللا هللو‬
‫محتاج الى فضله ورحمته‬
‫فصل ومنها تعريفه عبده كرمه سبحانه في قبول توبته ومغفرته له على‬
‫ظلمه واساءته فهو الذي جاد عليه بان وفقه للتوبة والهملله إياهللا ثللم قبلهللا‬
‫منه فتاب عليه اول وآخرا فتوبة العبد محفوفة بتوبة قبلها عليه من الله إذنللا‬
‫وتوفيقا وتوبة ثانية منه عليه قبول ورضا فله الفضل في التوبللة والكللرم اول‬
‫وآخرا ل إله إل هو‬
‫فصل ومنها إقامة حجة عدله على عبده ليعلم العبد ان لله عليه الحجة‬
‫البالغة فإذا اصابه ما اصابه من المكروه فل يقال من اين هللذا ول مللن ايللن‬
‫اتيت ول باي ذنب اصبت فما أصاب العبد من مصيبة قط دقيقة ول جليلة ال‬
‫بما كسبت يداه وما يعفو الله عنه اكللثر ومللانزل بلء قللط ال بللذنب ول رفللع‬
‫بلء إل بتوبة ولهذا وضع الله المصائب والبليا والمحن رحمة بين عباده يكفر‬
‫بها من خطاياهم فهي من اعظم نعمه عليهم وان كرهتها انفسهم ول يللدري‬
‫العبد أي النعمتين عليه اعظم نعمته عليلله فيمللا يكللره او نعمتلله عليلله فيمللا‬
‫يحب وما يصيب المؤمن من هم ول وصب ول اذى حتى الشللوكة يشللاكها إل‬
‫كفر الله بها من خطاياه وإذا كان للذنوب عقوبات ول بللد فكلمللا عللوقب بلله‬
‫العبد من ذلك قبل الموت خير له مما بعده وايسر وأسهل بكثير‬
‫فصل ومنها ان يعامل العبد بني جنسه في إسائتهم اليه وزلتهم معه‬
‫بما يحب ان يعامله الله به في اساءته وزلته وذنوبه فإن الجزاء من جنللس‬
‫العمل فمن عفا عفى الله عنه ومن سامح اخللاه فللي إسللاءته اليلله سللامحه‬
‫الله في سيئاته ومن أغضي وتجاوز تجاوز الله عنه ومن استقصى استقصى‬
‫عليه‬

‫ول تنس حال الذي قبضت الملئكة روحلله فقيللل للله هللل عملللت خيللرا هللل‬
‫عملت حسنة قال ما اعلمه قيل تذكر قللال كنللت ابللايع النللاس فكنللت انظللر‬
‫الموسر واتجلاوز علن المعسللر او قللال كنلت املر فتيللاني ان يتجلاوزوا فللي‬
‫السكة فقال الله نحن احق بذلك منك وتجاوز الله عنه فالله عز وجل يعامل‬
‫العبد في ذنوبه بمثل ما يعامل به العبد الناس في ذنوبهم فللإذا عللرف العبللد‬
‫ذلك كان في ابتلئه بالذنوب من الحكم والفوائد ما هو انفع الشياء له‬
‫فصل ومنها انه إذا عرف هذا فاحسن الى من اساء اليه ولم يقابله‬
‫بإساءته إساءة مثلها تعرض بذلك لمثلها من ربه تعالى وأنلله سللبحانه يقللال‬
‫اساءته وذنوبه باحسانه كما كان هو يقابللل بللذلك اسللاءة الخلللق اليلله والللله‬
‫اوسع فضل وأكرم واجزل عطاء فمن احب ان يقابل الله إسللاءته بالحسللان‬
‫فليقابل هو إساءة النللاس اليلله بالحسللان ومللن علللم ان الللذنوب والسللاءة‬
‫لزمة للنسان لم تعظم عنده اساءة الناس اليه فليتأمل هللو حللاله مللع الللله‬
‫كيف هي مع فرط احسانه اليه وحاجته هو الى ربه وهو هكللذا للله فللإذا كللان‬
‫العبد هكذا لربه فكيف ينكران يكون الناس له بتلك المنزلة ومنهللا انلله يقيللم‬
‫معاذير الخلئق وتتسع رحمته لهم ويتفللرج بطلانه ويللزول عنلله ذللك الحصللر‬
‫والضيق والنحراف واكل بعضه بعضللا ويسللتريح العصللاة مللن دعللائه عليهللم‬
‫وقنوطه منهم وسؤال الله ان يخسف بهم الرض ويسلط عليهللم البلء فللإنه‬
‫حينئذ يرى نفسه واحدا منهم فهو يسأل الله لهم ما يسللأله لنفسلله وإذا دعللا‬
‫لنفسه بالتوبة والمغفللرة ادخلهللم معلله فيرجللو لهللم فللوق مللا يرجللو لنفسلله‬
‫ويخاف على نفسه اكثر مما يخاف عليهم فأين هذا منحاله الولى وهو ناظر‬
‫اليهم بعين الحتقار والزدراء ل يجد في قلبه رحمة لهم ول دعللوة ول يرجللو‬
‫لهم نجاة فالذنب في حق مثل هذا من اعظم اسباب رحمته مع هللذا فيقيللم‬
‫امر الله فيهم طاعة لله ورحمة بهم وإحسانا اليهم إذ هللوعين مصللالحتهم ل‬
‫غلظة ول قوة ول فظاظة‬
‫فصل ومنها ان يخلع صولة الطاعة من قلبه وينزع عنه رداء الكبر‬
‫والعظمة الذي ليس له ويلبس ردءا الللذل والنكسللار والفقللر والفاقللة فلللو‬
‫دامت تلك الصولة والعزة في قلبه لخيف عليه ما هو من اعظم الفات كمللا‬
‫في الحديث لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو اشد مللن ذلللك العجللب او كمللا‬
‫قال فكم بين آثار العجب والكبر وصولة الطاعة وبيللن آثللار الللذل والنكسللار‬
‫كما قيل يا آدم ل تجزع من كأس زلل كانت سبب كيسك فقد استخرج منك‬
‫داء العجب والبست رداء العبودية يا آدم ل تجزع من قولي لك اخرج منها‬

‫فلك خلقتها ولكن انللزل الللى دار المجاهللدة وابللذر بللذر العبوديللة فللإذا كمللل‬
‫الزرع واستحصد فتعال فاستوفه ل يوحشنك ذاك العتب ان للله لطفللا يريللك‬
‫الرضا في حالة الغضب فبينما هللو لبللس ثللوب الذلل الللذي ل يليللق بمثللله‬
‫تداركه ربه برحمته فنزعه عنه والبسه ثوب الذل الذل ل يليللق بالعبللد غيللره‬
‫فملا لبلس العبلد ثوبلا اكملل عليله ول احسلن ول ابهلى ملن ثلوب العبوديلة‬
‫وهوثوب المذلة الذي ل عزله بغيره‬
‫فصل ومنها ان لله عز وجل على القلوب انواعا من العبودية من الخشية‬
‫والخللوف والشللفاق وتوابعهللا مللن المحبللة والنابللة وابتغللاء الوسلليلة اليلله‬
‫وتوابعها وهذه العبوديات لها اسباب تهيجها وتبعث عليها فكلما قيضلله الللرب‬
‫تعالى لعبده من السباب الباعثللة علللى ذلللك المهيجللة للله فهللو مللن اسللباب‬
‫رحمته له ورب ذنب قد هاج لصاحبه من الخوف والشللفاق والوجللل ولنابللة‬
‫والمحبة واليثار والفرار الى الله مال يهيجه له كثير من الطاعات وكللم مللن‬
‫ذنب كان سببا لستقامة العبد وفراره الى الله وبعده عن طللرق الغللي وهللو‬
‫بمنزلة من خلط فأحس بسوء مزاجه وكان عنده اخلط مزمنة قاتلة وهللو ل‬
‫يشعر بها فشرب دواء ازال تلك الخلط العفنة التي لللو دامللت لللترامت بلله‬
‫الى الفساد والعطب وان من تبلغ رحمته ولطفه وبره بعبده هذا المبلغ ومللا‬
‫هو اعجب والطف منه لحقيق بان يكون الحب كللله للله والطاعللات كلهللا للله‬
‫وان يذكر فل ينسى ويطاع فل يعصى ويشكر فل يكفر‬
‫فصل ومنها انه يعرف العبد مقدار نعمة معافاته وفضله في توفيقه له‬
‫وحفظه إياه فإنه من تربى في العافية ل يعلم ما يقاسيه المبتلى ول يعرف‬
‫مقدار النعمة فلو عرف اهل طاعة الله انهم هم المنعم عليهم في الحقيقللة‬
‫وان الله عليهم من الشللكر اضللعاف مللا علللى غيرهللم وان تسللودوا الللتراب‬
‫ومضغوا الحصى فهم اهل النعمللة المطلقللة وان مللن خلللى الللله بينلله وبيللن‬
‫معاصيه فقد سقط من عينه وهان عليه وان ذلك ليس من كرامته على ربلله‬
‫وان وسع الله عليه في الدنيا ومد له مللن اسللبابها فللإنهم اهللل البتلء علللى‬
‫الحقيقة فإذا طالبت العبد نفسه بما تطالبه مللن الحظللوظ والقسللام وأرتلله‬
‫انه في بلية وضائقة تداركه الله برحمته وابتله ببعض الذنوب فرأى ما كللان‬
‫فيه من المعافاة والنعمة وأنه ل نسبة لما كان فيه من النعم الى مللا طلبتلله‬
‫نفسه من الحظوظ فحينئذ يكون اكللثر أمللانيه وآمللاله العللود الللى حالللة وان‬
‫يمنعه الله بعافيته‬

‫فصل ومنها ان التوبة توجب للتائب آثارا عجيبة من المقامات التي ل‬


‫تحصل بدونها فتوجب له من المحبة والرقللة واللطللف وشللكر الللله وحمللده‬
‫والرضا عنه عبوديات أخر فإنه إذا تاب الى الله تقبللل الللله تللوبته فرتللب للله‬
‫على ذلك القبول انواعا من النعم ل يهتدي العبد لتفاصيلها بللل يللزال يتقلللب‬
‫في بركتها وآثارها مالم ينقضها ويفسدها‬
‫فصل ومنها ان الله سبحانه يحبه ويفرح بتوبته اعظم فرح وقد تقرر ان‬
‫الجزاء مللن جنللس العمللل فل ينسللى الفرحللة الللتي يظفللر بهللا عنللد التوبللة‬
‫النصوح وتامل كيف تجدالقلب يرقص فرحا وأنت ل تدري بسبب ذلك الفرح‬
‫ما هو وهذا امر ل يحس به ال حيي القلب وأما ميت القلب فإنما يجد الفرح‬
‫عند ظفلره باللذنب ول يعلرف فرحلا غيلره فلوازن إذا بيلن هلذين الفرحيلن‬
‫وانظر ما يعقبه فرح الظفر بالللذنب مللن انللواع الحللزان والهمللوم والغمللوم‬
‫والمصائب فمن يشتري فرحة ساعة بغم البدو انظر ما يعقبلله فللرح الظفللر‬
‫بالطاعة والتوبة النصوح من النشراح الدائم والنعيللم وطيللب العيللش ووازن‬
‫بين هذا وهذا ثم اختر ما يليق بك ويبسابك وكللل يعمللل علللى شللاكلته وكللل‬
‫امرئ يصبو الى ما يناسبه‬
‫فصل ومنها انه إذا شهد ذنوبه ومعاصيه وتفريطه في حق ربه استكثر‬
‫القليل من نعم ربه عليه ول قليل منه لعلمه ان الواصل اليه فيها كثير على‬
‫مسيء مثله واستقل الكثير من عمله لعلمه بان الللذي ينبغللي ان يغسللل بله‬
‫نجاسته واوضاره واوساخه اضعاف ما اتي به فهو دائما مستقل لعلمه كائنللا‬
‫ما كان مستكثر لنعمة الله عليه وإن دقت وقدتقدم التنبيه علللى هللذا الللوجه‬
‫وهو من الطف الوجوه فعليك بمراعاته فله تأثير عجيللب ولللو لللم يكللن فللي‬
‫فوائدالذنب إل هذا لكفى به فأين حال هذا مللن حللال مللن ل يللرى لللله عليلله‬
‫نعمة إل ويرى انه كان ينبغي ان يعطي ما هو فوقها وأجل منها وانلله ليقللدر‬
‫ان يتكلم وكيف يعاند القدر وهو مظلوم مع الرب ل ينصفه ول يعطيه مرتبته‬
‫بل هو مغرى بمعاندته لفضله وكماله وانه كان ينبغي له ان ينال الثريا ويطللأ‬
‫بأخمصه هنالك ولكنه مظلوم مبخوس الحظ وهذا الضرب من ابغض الخلللق‬
‫الى الله وأشدهم مقتا عنده وحكمة الله تقتضي انهم ل يزالللون فللي سللفال‬
‫فهم بين عتب على الخالق وشكوى له وذل لخلقه وحاجة اليهم وخدمة لهللم‬
‫اشغل الناس قلوبا بارباب الوليات والمناصب ينتظرون ما يقذفون به اليهم‬
‫من عظامهم وغسالة ايديهم واوانيهم وأفرغ الناس قلوبللا عللن معاملللة الللله‬
‫والنقطللاع اليلله والتلللذذ بمناجللاته والطمأنينللة بللذكره وقللرة العيللن بخشلليته‬
‫والرضاء به فعياذا بالله من زوال نعمته وتحول عافيته‬

‫وفجأة نقمته ومن جميع سخطه‬


‫فصل ومنها ان الذنب يوجب لصاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه‬
‫ومكامنه ومللن ايللن يللدخل عليلله اللصللوص والقطللاع ومكللامنهم ومللن ايللن‬
‫يخرجون عليه وفي أي وقت يخرجون فهلو قللد اسللتعد لهللم وتللأهب وعللرف‬
‫بماذا يستدفع شرهم وكيدهم فلو انه مر عليهم على غرة وطمأنينه لم يأمن‬
‫ان يظفروا به ويجتاحوه جملة‬
‫فصل ومنها ان القلب يكون ذاهل عن عدوه معرضا عنه مشتغل ببعض‬
‫مهماته فإذا اصابه سهم مللن عللدوه اسللتجمعت للله قللوته وحاسللته وحميتلله‬
‫وطلب بثاره إن كان قلبه حرا كريما كالرجل الشجاع إذا جرح فللإنه ل يقللوم‬
‫له شيء بل تراه بعدها هائجا طالبا مقداما والقلب الجبان المهيللن إذا جللرح‬
‫كالرجل الضعيف المهين إذا جرح ولى هاربا والجراحات فللي اكتللافه وكللذلك‬
‫السد إذا جرح فإنه ل يطاق فل خير فيمن ل مروءة له يطلب اخذ ثللاره مللن‬
‫اعدى عدوه فما شيء اشفى للقلب من اخذه بثاره من عدوه ولعدو اعدى‬
‫له من الشيطان فإن كان قلبلله مللن قلللوب الرجللال المتسللابقين فللي حلبللة‬
‫المجد جد في اخذ الثأر وغاظ عدوه كل الغيظ واضناه كمللا جللاء عللن بعللض‬
‫السلف ان المؤمن لينضى شيطانه كما ينضى احدكم بعيره في سفره‬
‫فصل ومنها ان مثل هذا يصير كالطبيب ينتفع به المرضى في علجهم‬
‫ودوائهم والطبيب الذي عرف المرض مباشرة وعرف دواءه وعلجه احللذق‬
‫واخبر من الطبيب الذي إنما عرفه وصفا هذا في أمراض البدان وكذلك في‬
‫أمراض القلللوب وأدوائهللا وهلذا معنللى قللول بعلض الصلوفية اعللرف النلاس‬
‫بالفات اكثرهم آفات وقال عمر بن الخطاب إنما تنقض عرى السلم عروة‬
‫عروة إذا نشأ فيالسلم من ل يعرف الجاهليللة ولهللذا كللان الصللحابة اعللرف‬
‫المة بالسلم وتفاصيله وابوابه وطرقه وأشد النللاس رغبللة فيلله ومحبللة للله‬
‫وجهادا لعدائه وتكلما بأعلمهبالمة وتحذيرا من خلفه لكمال علمهم بضللده‬
‫فجاءهم السلم وكل خصلة منه مضادة لكل خصلة مما كانوا عليه فللازدادوا‬
‫له معرفة وحبا وفيه جهادا بمعرفتهم بضده وذلك بمنزلة من كان في حصللر‬
‫شديد وضيق ومرض وفقر وخوف ووحشة فقيض الله له من نقله منلله الللى‬
‫فضاء وسعة وأمن وعافية وغنى وبهجة وسرور فإنه يللزداد سللروره وغبطتلله‬
‫ومحبته بما نقل اليه بحسب معرفته بما كان فيه وليس حال هللذا كمللن ولللد‬
‫في الرمن والعافية والغنى والسرور فإنه لم يشعر بغيره وربما قيضللت للله‬
‫اسباب تخرجه عن‬

‫ذلك الى ضده وهو ل يشعر وربما ظن ان كثيرا من اسباب الهلك والعطللب‬
‫تفضي به الى السلمة والمن والعافية فيكون هلكه على يدي نفسه وهو ل‬
‫يشعر وما اكثر هذا الضللرب مللن النللاس فللإذا عللرف الضللدين وعلللم مباينللة‬
‫الطرفين وعرف اسباب الهلك على التفصيل كان احرى ان تدوم له النعمة‬
‫مالم يؤثر اسباب زوالها على علم وفي مثل هذا قال القائل ‪ #‬عرفت الشر‬
‫ل للشر لكن لتقوقيه ‪ %‬ومن ل يعرف الشر من الناس يقع فيه وهللذه حللال‬
‫المؤمن يكون فطنا حاذقا اعرف الناس بالشر وأبعدهم منه فللإذا تكلللم فللي‬
‫الشر واسبابه ظننته من شر الناس فإذا خالطته وعرفت طللويته رأيتلله مللن‬
‫ابر الناس والمقصود ان من بلى بالفللات صللار ملن اعللرف النللاس بطرقهللا‬
‫وامكنه ان يسدها عللى نفسله وعللى ملن استنصلحه ملن النلاس وملن للم‬
‫يستنصحه‬
‫فصل ومنها انه سبحانه يذيق عبده الم الحجاب عنه والعبد وزوال ذلك‬
‫النس والقرب ليمتحن عبده فإن اقام علللى الرضللا بهللذه الحللال ولللم يجللد‬
‫نفسه تطالبه حالها الول مع الله بل اطمأنت وسكنت الى غيره علللم انلله ل‬
‫يصلح فوضللعه فللي مرتبتلله الللتي تليللق بلله وإن اسللتغاث اسللتغاثة الملهلوف‬
‫وتقلق تقلق المركوب ودعا دعاء المضطر وعلم انه قد فاتته حياته حقا فهو‬
‫يهتف بربه ان يردعليه حياته ويعيد عليه مال حياة له بدونه علللم انلله موضللع‬
‫لما اهل له فرد عليه احوج ما هو اليه فعظمت بلله فرحتلله وكملللت بلله لللذته‬
‫وتمت به نعمته واتصل به سروره وعلم حينئذ مقداره فعللض عليلله بالنواجللذ‬
‫وثنى عليه الخناصر وكان حاله كحال ذلك الفاقد لراحلته التي عليها طعللامه‬
‫وشرابه في الرض المهلكة إذا وجدها بعد معاينللة الهلك فمللا اعظللم موقللع‬
‫ذلك الوجدان عنده ولله اسرار وحكللم ومنبهللات وتعريفللات ل تنالهللا عقللول‬
‫البشر ‪ #‬فقل لغليظ القلب ويحك ليللس ذا ‪ %‬بعشللك فللادرج طالبللا عشللك‬
‫البالي ول تك ممن مد باعا الللى جنللا ‪ %‬فقصللر عنلله قللال ذا ليللس بالحللالي‬
‫فالعبد إذا بلى بعد النس بالوحشة وبعد القرب بنللار البعللاد اشللتاقت نفسلله‬
‫الى لذة تلك المعاملة فحنت وانت وتصدعت وتعرضت لنفحات من ليس لها‬
‫منه عوض ابدا ول سلليما إذا تللذكرت بللره ولطفلله وحنللانه وقربلله فللإن هللذه‬
‫الذكرى تمنعها القرار وتهيج منها البلبل كما قللال القللائل وقللد فللاته طللواف‬
‫الوادع فركب الخطار ورجع اليه ‪ #‬ولمللا تللذكرت المنللازل بللالحمى ‪ %‬ولللم‬
‫يقض لي تسليمة المتزود تيقنت ان العيش ليس بنافعي ‪ %‬إذا انا لللم انظللر‬
‫اليها بموعد وان استمر اعراضها ولللم تحللن الللى معهللدها الول ولللم تحللس‬
‫بفاقتها الشديدة وضرورتها‬

‫الى مراجعة قربهللا مللن ربهللا فهللي ممللن إذا غللاب لللم يطلللب وإذا ابللق لللم‬
‫يسترجع وإذا جنى لم يتعتب وهذه هي النفلوس الللتي لللم تؤهللل لملا هنالللك‬
‫وبحسب المعترض هذا الحرمان فإنه يكفيه وذلك ذنب عقابه فيه‬
‫فصللل ومنهللا ان الحكمللة اللهيللة اقتضللت تركيللب الشللهوة والغضللب فللي‬
‫النسان‬
‫وهاتللان القوتللان فيلله بمنزلللة صللفاته الذاتيللة ل ينفللك عنهماوبهمللا وقعللت‬
‫المحنللةوالبتلء وعللرض لنيللل الللدرجات العلللى واللحللاق بللالرفيق العلللى‬
‫والهبوط الى اسللفل سللافلين فهاتللان القوتللان ل يللدعان العبللد حللتى ينيلنلله‬
‫منازل البرار او يضعانه تحت اقللدام الشللرار ولللن يجعللل الللله مللن شللهوته‬
‫مصروفة الى ما اعد له في دار النعيم وغضبه حميللة لللله ولكتللابه ولرسللوله‬
‫ولدينه كمن جعل شهوته مصروفة في هواه وامانيه العاجلة وغضبه مقصللور‬
‫على حظه ولو انتهكت محارم الله وحدوده وعطلت شرائعه وسللننه بعللد ان‬
‫يكون هو ملحوظا بعين الحترام والتعظيم والتوقير ونفوذ الكلمة وهذه حال‬
‫اكثر الرؤساء اعاذنا الله منها فلن يجعله الله هذين الصنفين في دار واحللدة‬
‫فهذا صعد بشهوته وغضبه الللى اعلللى علييللن وهللذا هللوى بهمللا الللى أسللفل‬
‫سافلين والمقصود ان تركيب النسان على هذا الوجه هوغاية الحكمة ول بد‬
‫ان يقتضي كل واحد من القوتين اثره فل بد مللن وقللوع الللذنب والمخالفللات‬
‫والمعاصي فل بد من ترتب آثار هللاتين القللوتين عليهمللا ولللو لللم يخلقللا فللي‬
‫النسان لم يكن انسانا بل كان ملكا فالترتب من موجبات النسانية كما قال‬
‫النبي كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فأما ملن اكتنفتله العصلمة‬
‫وضربت عليه سرادقات الحفظ فهم اقل افراد النوع النساني وهم خلصللته‬
‫ولبه‬
‫فصل ومنها ان الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرا انساه رؤية طاعاته‬
‫ورفعها من قلبه ولسانه فإذا ابتلى بالذنب جعله نصب عينيه ونسى طاعاته‬
‫وجعل همه كللله بللذنبه فل يللزال ذنبلله امللامه ان قللام او قعللد او غللدا او راح‬
‫فيكون هذا عين الرحمة في حقه كمللا قللال بعللض السلللف ان العبللد ليعمللل‬
‫الذنب فيدخل به الجنة ويعمل الحسنة فيدخل بها النارقالوا وكيف ذلك قللال‬
‫يعمل الخطيئة فلتزال نصب عينيه كلما ذكرهللا بكللى ونللدم وتللاب واسللتغفر‬
‫وتضرع وأناب اللى اللله وذل لله وانكسلر وعملل لهلا اعملال فتكلون سلبب‬
‫الرحمة في حقه ويعمل الحسنة فلتزال نصب عينيه يمن بهللا ويراهللا ويعتللد‬
‫بها على ربه وعلى الخلق ويتكبر بها ويتعجب مللن النللاس كيللف ل يعظمللونه‬
‫ويكرمونه ويجلونه عليها فل تزال هذه المور به حتى‬

‫تقوى عليه آثارها فتدخله النار فعلمة السعادة ان تكون حسنات العبد خلف‬
‫ظهره وسيئاته نصب عينيه وعلمة الشقاوة ان يجعل حسللناته نصللب عينيلله‬
‫وسيئاته خلف ظهره والله المستعان‬
‫فصل ومنها ان شهود العبد ذنوبه وخطاياه موجب له ان ل يرى لنفسه‬
‫على احد فضل ول له على احللد حقللا فللإنه يشللهد عيللوب نفسله وذنللوبه فل‬
‫يظن انه خير من مسلم يؤمن بالله ورسوله ويحرم مللا حللرم الللله ورسللوله‬
‫وإذا شهد ذلك من نفسه لم يرلها على الناس حقوقا مللن الكللرم يتقاضللاهم‬
‫اياها ويذمهم على ترك القيام بها فإنها عنده اخس قدرا واقل قيمللة مللن ان‬
‫يكون له بها على عباد الله حقوق يجب عليهم مراعاتهللا اوللله عليهللم فضللل‬
‫يستحق ان يكرم ويعظم ويقدم لجلها فيرى ان من سلم عليه او لقيه بوجه‬
‫منبسط فقد احسن اليه وبذل له مال يستحقه فاستراح هذا في نفسه وأراح‬
‫الناس من شكايته وغضبه على الوجود واهله فمللا اطيللب عيشلله ومللا انعللم‬
‫باله وما اقرعينه واين هذا ممن ل يزال عاتبا على الخلق شاكيا ترك قيامهم‬
‫بحقه ساخطا عليهم وهم عليه اسخط‬
‫فصل ومنها انه ويوجب له المساك عن عيوب الناس والفكر فيها فإنه في‬
‫شغل بعيب نفسه فطوبى لمن شغله عيبه عللن عيللوب النللاس وويللل لمللن‬
‫نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس هذا من علمللة الشللقاوة كمللا ان الول مللن‬
‫امارات السللعادة ومنهللا انلله إذا وقللع فللي الللذنب شللهد نفسلله مثللل اخللوانه‬
‫الخطائين وشهد ان المصيبة واحدة والجميع مشتركون في الحاجة بللل فللي‬
‫الضورروة الى مغفرة الله وعفوه ورحمته فكما يحب ان يسللتغفر للله اخللوه‬
‫المسلم كذلك هو ايضا ينبغي ان يستغفر لخيه المسلم فيصللير هجيللراه رب‬
‫اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات وقللد كللان‬
‫بعض السلف يستحب لكل احد ان يداوم على هذا الللدعاء كللل يللوم سللبعين‬
‫مرة فيجعل له منه وردا ل يخل به وسمعت شيخنا يللذكره وذكللر فيلله فضللل‬
‫عظيما ل احفظه وربما كان من جملة اوراده التي ل يخل بها وسمعته يقللول‬
‫ان جعله بين السجدتين جائز فللإذا شللهدالعبد ان اخللوانه مصللابون بمثللل مللا‬
‫اصيب به محتاجون الى ما هو محتاج اليه لم يمتنع من مساعدتهم ال لفللرط‬
‫جهل بمغفرة الله وفضله وحقيق بهذا ان ل يساعد فللإن الجللزاء مللن جنللس‬
‫العمل وقد قال بعض السلف إن الله لما عتب علىالملئكة بسبب قللولهم ^‬
‫اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ^ وامتحللن هللاروت ومللاروت بملا‬
‫امتحنهما به جعلت الملئكة بعد ذلك تستغفر لبني آدم وتدعوالله لهم‬

‫فصل ومنها انه إذا شهدنفسه مع ربه مسيئا خاطئا مفرطا مع فرط إحسان‬
‫الله اليه في كل طرفة عين وبره بلله ودفعلله عنلله وشللدة حللاجته الللى ربلله‬
‫وعدم استغنائه عنه نفسللا واحللدا وهللذه حللاله معلله فكيللف يطمللع ان يكللون‬
‫الناس معه كما يحب وان يعاملوه بمحض الحسان وهو لم يعامل ربه بتلللك‬
‫المعاملة وكيف يطمع ان يطيعه مملوكه وولده وزوجته في كل مللا يريللد ول‬
‫يعصلونه ل يخلللون بحقللوقه وهللو مللع ربلله ليللس كللذلك وهللذا يللوجب للله ان‬
‫يستغفر لمسيئهم ويعفو عنه ويسامحه ويغضللي عللن الستقصللاء فللي طلللب‬
‫حقه فهذه الثمار ونحوها متى اجتناها العبللد مللن الللذنب فهللي علمللة كللونه‬
‫رحمة في حقه ومن اجتنى منه اضدادها واوجبت له خلف مللا ذكرنللاه فهللي‬
‫والله علمة الشقاوة وأنه من هوانه على الله وسقوطه من عينه خلللى بينلله‬
‫وبين معاصيه ليقيم عليه حجة عدله فيعاقبه باسللتحقاقه وتتللداعى السلليئات‬
‫في حق مثل هذا وتتألف فيتولد من الذنب الواحد ما شاء الله مللن المتللالف‬
‫والمعاطب التي يهوى بها في دركات العذاب والمصيبة كل المصلليبة الللذنب‬
‫الذي يتولد من الذنب ثم يتولد ملن الثنيللن ثلالث ثللم تقلوى الثلثللة فتلوجب‬
‫رابعا وهلم جرا ومن لم يكن له فقه نفس في هذا الباب هلللك مللن حيللث ل‬
‫يشعر فالحسنات والسيئات آخذ بعضها برقاب بعض يتلو بعضها بعضا ويثمللر‬
‫بعضها بعض قال بعض السلف إن من ثواب الحسنة الحسللنةبعدها وإن مللن‬
‫عقاب السيئة السيئة بعدها وهذا اظهر عند الناس من ان تضرب له المثللال‬
‫وتطلب له الشواهد والله المستعان‬
‫فصل وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم‬
‫به الى اجل الغايات وأكمل النهايات الللتي لللم يكونوايعللبرون اليهللا إل علللى‬
‫جسر من البتلء والمتحان وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي ل سبيل‬
‫الى عبورهم الى الجنة إل عليه وكان ذلك البتلء ولمتحان عين المنهج فللي‬
‫حقهم والكرامة فصورته صورة ابتلء وامتحان وباطنه فيلله الرحمللة والنعمللة‬
‫فكم لله من نعمة جسيمة ومنه عظيمة تجنى من قطوف البتلء والمتحللان‬
‫فتأمل حال ابينا آدم وما آلت اليلله محنتلله مللن الصللطفاء والجتبللاء والتوبللة‬
‫والهداية ورفعة المنزلة ولول تلك المحنة التي جرت عليه وهي إخراجه مللن‬
‫الجنة وتوابع ذلك لما وصل الى ما وصل اليه فكم بين حالته الولللى وحللالته‬
‫الثانية في نهايته وتأمل حال ابينا الثاني نللوح ومللا آلللت اليلله محنتلله وصللبره‬
‫على قومه تلك القرون كلها حتى اقر الله عينه واغللرق اهللل الرض بللدعوته‬
‫وجعل العالم بعده من ذريته وجعله خامس خمسة وهللم اولللو العللزم الللذين‬
‫هم افضل الرسل وأمر رسوله ونبيه محمللدا ان يصللبر كصللبره واثنللى عليلله‬
‫بالشكر فقال ^ إنه كان عبدا ^‬
‫^ شللكورا ^ فوصللفه بكمللال الصللبر والشللكر ثللم تأمللل حللال ابينللا الثللالث‬
‫إبراهيم إمام الحنفاء وشيخ النبياء وعمود العللالم وخليللل رب العللالمين مللن‬
‫بني آدم وتأمل ما آلت اليه محنته وصبره وبذله نفسه لله وتأمل كيف آل به‬
‫بذله لله نفسلله ونصللره دينلله الىللان اتخللذه الللله خليل لنفسلله وامللر رسللوله‬
‫وخليله محمدا ان يتبع ملته وأنبهك على خصلة واحدة مما اكرمه الله به في‬
‫محنته بذبح ولده فإن الله تبارك وتعالى جازاه على تسليمه ولده لمللر الللله‬
‫بان بارك في نسله وكثرة حتى مل السهل والجبل فإن الله تبارك وتعللالى ل‬
‫يتكرم عليه احد وهو اكرم الكرمين فمن ترك لللوجهه امللرا او فعللله لللوجهه‬
‫بذل الله له اضعاف ما تركه من ذلك المر اضعافا مضاعفة وجازاه باضعاف‬
‫ما فعله لجله اضعافا مضاعفة فلما أمر إبراهيم بذبح ولده فبللادر لمللر الللله‬
‫ووافق عليه الولد أباه رضاء منهما وتسليما وعلم الله منهما الصدق والوفاء‬
‫فداه بذبح عظيم واعطاهما ما اعطاهما من فضله وكان مللن بعللض عطايللاه‬
‫ان بارك في ذريتهما حتى ملؤا الرض فإن المقصود بالولد إنما هو التناسللل‬
‫وتكثير الذرية ولهذا قال إبراهيم ^ رب هب لي مللن الصللالحين ^ وقللال ^‬
‫رب اجعلني مقيم الصلة ومن ذريتي ^ فغاية ما كان يحذر ويخشى من ذبح‬
‫ولده انقطاع نسله فلما بذل ولده لللله وبللذل الولللد نفسلله ضللاعف الللله للله‬
‫النسل وبارك فيه وكثر حتى مللؤا الللدنيا وجعللل النبللوة والكتلاب فلي ذريتله‬
‫خاصة وأخرج منهم محمدا وقد ذكر ان داود عليه السلم اراد ان يعلللم عللدد‬
‫بني إسرائيل فأمر بإحضارهم وبعث لذلك نقباء وعرفاء وامرهللم ان يرفعللوا‬
‫اليه ما بلغ عددهم فمكثوا مدة ل يقدرون على ذلك فأوحى الله إلى داود ان‬
‫قد علمت اني وعدت أباك إبراهيم لما أمرته بذبللح ولللده فبللادر الللى طاعللة‬
‫امري ان أبارك له في ذريته حتى يصيروا في عدد النجوم واجعلهم بحيللث ل‬
‫يحصى عددهم وقد اردت ان يحصى عددا قدرت انلله ل يحصللى وذكللر بللاقي‬
‫الحديث فجعل من نسله هاتين المتين العظيمتين اللللتين ل يحصللى عللددهم‬
‫ال الله خالقهم ورازقهللم وهللم بنللو إسللرائيل وبنلو إسلمايعل هلذا سلوى ملا‬
‫أكرمه الله به من رفع الذكر والثناء الجميل عللى السلنة جميلع المللم وفللي‬
‫السموات بين الملئكة فهذا من بعللض ثمللرة معللاملته فتبللا لمللن عرفلله ثللم‬
‫عامل غيره ما اخسر صفقته وما اعظم حسرته‬
‫فصل ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلم وما آلت اليه محنته‬
‫وفتونه من اول ولدته الى منتهى امره حتى كلمه الللله تكليمللا وقربلله منلله‬
‫وكتب له التوراة بيده ورفعه الى اعلى السللموات واحتمللل للله مللال يحتمللل‬
‫لغيره فإنه رمى اللواح على الرض حتىتكسرت اخذ بلحية نبي الللله هللارون‬
‫وجره اليه ولطم وجه ملك الموت ففقأ عينه وخاصم ربه ليلللة السللراء فللي‬
‫شأن‬

‫رسول الله وربه يحبلله علللى ذلللك كللله ول سللقط شلليء منلله مللن عينلله ول‬
‫سقطت منزلته عنده بل هو الوجيه عند الله القريلب وللول ماتقللدم لله ملن‬
‫السوابق وتحمل الشدائد والمحن العظام في الله ومقاسات المللر الشللديد‬
‫بين فرعون وقومه ثم بنى إسرائيل وما آذوه به وما صبر عليهم لله لم يكن‬
‫ذلك ثم تأمل حال المسيح وصبره على قومه واحتماله في الله ومللا تحمللله‬
‫منهم حتى رفعلله الللله إليلله وطهللره مللن الللذين كفللروا وانتقللم مللن اعللدائه‬
‫وقطعهم في الرض ومزقهم كل ممزق وسلبهم ملكهم وفخرهللم الللى آخللر‬
‫الدهر‬
‫فصل فإذا جئت الىالنبي وتأملت سيرته مع قومه وصبره في الله‬
‫واحتماله مالم يحتمله نبي قبله وتلون الحوال عليه من سلم وخوف وغنللي‬
‫وفقر وأمن وإقامة في وطنه وظعن عنه وتركه لله وقتل احبابه واوليائه بين‬
‫يديه واذى الكفار له بسائر انواع الذى من القول والفعل والسللحر والكللذب‬
‫والفتراء عليه والبهتان وهو مع ذلك كله صابر على امر الله يدعو الللى الللله‬
‫فلم يؤذ نبي ما أوذي ولم يحتمل في الله ما احتمله ولم يعط نبي ما اعطيه‬
‫فرفع الله له ذكره وقللرن اسللمعه باسللمه وجعللله سلليدالناس كلهللم وجعللله‬
‫اقرب الخلق اليلله وسلليلة واعظمهللم عنللده جاهللا واسللمعهم عنللده شللفاعة‬
‫وكانت تلك المحن والبتلء عين كرامته وهي مما زاده الله بها شرفا وفضللل‬
‫وساقه بها الى أعل المقامات وهذا حال ورثته من بعده المثل فالمثللل كللل‬
‫له نصيب من المحنة يسوقه الله به إلى كملاله بحسلب متلابعته لله وملن ل‬
‫نصيب له من ذلك فحظه من الدنيا حللظ مللن خلللق لهللا وخلقللت للله وجعللل‬
‫خلقه ونصيبه فيها فهو يأكل منها رغدا ويتمتللع فيهللا حللتى ينللاله نصلليبه مللن‬
‫الكتاب يمتحن اولياء الله وهو في دعللة وخفللض عيللش ويخللافون وهللو آمللن‬
‫ويحزنون وهو في اهله مسرور له شأن ولهم شللأن وهللو فللي واد وهللم فللي‬
‫واد همه ما يقيم به جاهه ويسلم به ماله وتسمع به كلمته لزم مللن ذلللك مللا‬
‫لزم ورضى من رضى وسللخط مللن سللخط وهمهللم إقامللة ديللن الللله وإعلء‬
‫كلمته وإعزاز اوليائه وان تكون الدعوة له وحده فيكون هو وحده المعبللود ل‬
‫غيره ورسوله المطاع ل سواه فلله سللبحانه مللن الحكللم فللي ابتلئه انبيللاءه‬
‫ورسله وعباده المؤمنين ما تتقاصر عقول العالمين عن معرفته وهللل وصللل‬
‫من وصل الى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إل على جسر المحنللة‬
‫والبتلء ‪ #‬كذا المعالي إذا ما رمت ندركها ‪ %‬فللاعبر اليهلا علللى جسللر ملن‬
‫التعب والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلللم تسللليما‬
‫كثيرا دائما ابدا الى يوم الدين ورضى الله عن اصحاب رسول الله اجمعين‬
‫فصل وإذا تأملت الحكمة الباهرة في هذا الدين القويم والملة‬
‫الحنيفية والشريعة المحمدية التي ل‬

‫تنال العبارة كمالها ول يدرك الوصللف حسللنها ول تقللترح عقللول العقلء ولللو‬
‫اجتمعت وكانت على اكمل عقل رجل منهم فوقها وحسب العقللول الكاملللة‬
‫الفاضلة ان ادركت حسنها وشهدت بفضلللها وانلله مللا طللرق العللالم شللريعة‬
‫اكمل ول اجل ول اعظم منهلا فهلي نفسلها الشلاهد والمشلهود لله والحجلة‬
‫والمحتج له والدعوى والبرهان ولو لم يأت الرسول ببرهان عليها لكفللى بهللا‬
‫برهانا وآية وشاهدا على انها من عنللد الللله وكلهللا شللاهدة للله بكمللال العلللم‬
‫وكمال الحكمة وسعة الرحملةوالبر والحسلان والحاطلة بلالغيب والشلهادة‬
‫والعلم بالمباديء والعواقب وأنها من اعظم نعللم الللله الللتي انعللم بهللا علللى‬
‫عباده فما انعم عليهم بنعمة اجل من ان هداهم لها وجعلهم من اهلها وممن‬
‫ارتضاهم لها فلهذا امتن على عباده بان هداهم لهللا قللال تعللالى ^ لقللد مللن‬
‫الله علللى المللؤمنين إذ بعللث فيهللم رسللول مللن انفسللهم يتلللو عليهللم آيللاته‬
‫ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبللل لفللي ضلللل مللبين ^‬
‫وقال معرفا لعباده ومذكرا لهم عظيم نعمته عليهم مسللتدعيا منهللم شللكره‬
‫على ان جعلهم من اهلها اليوم اكملت لكم دينكم الية وتأمللل كيللف وصللف‬
‫الدين الذي اختاره لهم بالكمال والنعمة الللتي اسللبغها عليهللم بالتمللام إيللذانا‬
‫في الدين بأنه ل نقص فيه ول عيب ول خلل ول شلليء خارجللا عللن الحكمللة‬
‫بوجه بل هو الكامل في حسنه وجللته ووصف النعمة بالتمام إيذانا بللدوامها‬
‫واتصالها وأنه ل يسلبهم إياها بعد إذ أعطاهموها بل يتمهللا لهللم بالللدوام فللي‬
‫هذه الللدار وفللي دار القللرار وتأمللل حسللن اقللتران التمللام بالنعمللة وحسللن‬
‫اقتران الكمال بالدين وإضافة الدين اليهم إذ هم القائمون به المقيمللون للله‬
‫وأضاف النعمة اليه إذ هو وليها ومسديها والمنعم بها عليهم فهي نعمته حقللا‬
‫وهم قابلوها واتى في الكمال باللم المؤذنة بالختصاص وأنلله شلليء خصللوا‬
‫بلله دون المللم وفللي إتمللام النعمللة بعلللى المؤذنللة بالسللتعلء والشللتمال‬
‫والحاطة فجاء اتممت في مقابلة أكملت وعليكم في مقابلللة لكللم ونعمللتي‬
‫في مقابلة دينكم واكد ذلللك وزاده تقريللرا وكمللال وإتمامللا للنعمللة بقللوله ^‬
‫ورضيت لكم السلم دينا ^ وكان بعض السلف الصالح يقول ياله مللن ديللن‬
‫لو ان له رجال وقللد ذكرنللا فصللل مختصللرا فللي دللللة خلقلله علللى وحللدانيته‬
‫وصفات كماله ونعوت جلله وأسمائه الحسللنى واردنللا ان نختللم بلله القسللم‬
‫الول مللن الكتللاب ثللم راينللا ان نتبعلله فصللل فللي دللللة دينلله وشللرعه علللى‬
‫وحدانيته وعلمه وحكمته ورحمته وسائر صللفات كمللاله إذ هللذا مللن أشللرف‬
‫العلوم التي يكتسبها العبد في هذه الدار ويدخل بها الللى الللدار الخللرة وقللد‬
‫كان الولى بنا المساك عن ذلك لن ما يصفه الواصللفون منلله وتنتهللي اليلله‬
‫علومهم هو كما يدخل الرجل اصبعه في اليم ثم ينزعها فهو يصف البحر بما‬
‫يعلق على إصبعه من البلللل وأيللن ذلللك مللن البحللر فيظللن السللامع ان تلللك‬
‫الصفة احاطت بالبحر وإنما هي صفة ما علق بالصبع منلله وإل فللالمر اجللل‬
‫وأعظم وأوسع من ان تحيط عقول البشر بأدنى جزء منه وماذا عسى‬

‫ان يصف به الناظر الى قرص الشمس من ضوئها وقدرها وحسنها وعجائب‬
‫صنع الله فيها ولكن قد رضى الله من عباده بالثناء عليه وذكر آلئه وأسمائه‬
‫وصفاته وحكمته وجلله مع انه ليحصى ثناء عليه ابدا بل هو كما اثنللى علللى‬
‫نفسه فل يبلغ مخلوق ثناء عليلله تبللارك وتعللالى ول وصللف كتللابه ودينلله بمللا‬
‫ينبغي له بل ل يبلغ احد من المة ثناء على رسوله كما هو اهل ان يثني عليه‬
‫بل هو فوق ما يثنون به عليه ومع هذا ان الله تعللالى يحللب ان يحمللد ويثنللي‬
‫عليه وعلى كتللابه ودينلله ورسللوله فهللذه مقدمللة اعتللذار بيللن يللدي القصللور‬
‫والتقصير من راكب هذا البحر العظم والله عليم بمقاصد العباد دنياهم وهو‬
‫اولى بالعذر والتجاوز‬
‫فصل وبصائر الناس في هذا النور الباهر تنقسم الى ثلثة اقسام احدها‬
‫من عدم بصيرة اليمان جملللة فهللو ل يللرى مللن هللذا الصللنف ال الظلمللات‬
‫والرعد والبرق فهو يجعل اصبعيه في اذنه من الصواعق ويده على عينه من‬
‫الللبرق خشللية ان يخطللف بصللره ول يجللاوز نظللره مللا وراء ذلللك مللن‬
‫الرحمةواسباب الحياة البدية فهذا القسم هو الذي لم يرفع بهذا الدين رأسا‬
‫ولم يقبل هدى الله الذي هدى به عباده ولو جاءته كل آية لنه ممللن سللبقت‬
‫له الشقاوة وحقت عليه الكلمة ففائدة إنذار هذا إقامة الحجللة عليلله ليعللذب‬
‫بللذنبه ل بمجللرد علللم الللله فيلله القسللم الثللاني اصللحاب البصلليرة الضللعيفة‬
‫الخفاشية الذين نسبة ابصارهم الى هذا النللور كنسللبة ابصللار الخفللاش الللى‬
‫جرم الشمس فهم تبع لبائهم واسلللفهم دينهللم ديللن العللادة والمنشللأ وهللم‬
‫الذين قال فيهم امير المؤمنين على بن ابي طالب او منقادا للحق ل بصيره‬
‫له في إصابة فهؤلء إذا كلانوا منقلادين لهلل البصلائر ل يتخلالجهم شلك ول‬
‫ريب فهم على سبيل نجاة القسم الثالث وهو خلصة الوجود ولباب بني آدم‬
‫وهم اولو البصائر النافذة الذين شهدت بصللائرهم هللذا النللور المللبين فكللانوا‬
‫منه على بصليرة ويقيلن ومشلاهدة لحسلنه وكملاله بحيلث للو علرض عللى‬
‫عقولهم ضده لراوه كالليل البهم السود وهللذا هللو المحللك والفرقللان بينهللم‬
‫وبين الذين قبلهم فإن اولئك بحسب داعيهم ومن يقرن بهم كما قللال فيهللم‬
‫علي بن ابي طالب اتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح لللم يستضلليئوا بنللور‬
‫العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق هللذا علمللة ملن عللدم البصلليرة فإنلك تللراه‬
‫يستحسن الشيء وضده ويمدح الشلليء ويللذمه بعينلله إذا جللاء فللي قللالب ل‬
‫يعرفه فيعظم طاعة الرسول ويرى عظيما مخالفته ثم هو مللن اشللد النللاس‬
‫مخالفة له ونفيا لما اثبته ومعاداة للقائمين بسلنته وهللذا ملن عللدم البصلليرة‬
‫فهذا القسلم الثلالث إنملا عملهلم عللى البصلائر وبهلا تفلاوت مراتبهلم فلي‬
‫درجات الفضل كما قال بعض السلف وقد ذكللر السللابقين فقللال إنمللا كللانوا‬
‫يعملون على البصائر وما اوتي احد افضل من بصيرة في دين الله ولو قصر‬
‫في العمل قال تعالى واذكر عبادنا إبراهيم وإسماعيل‬

‫وإسحق ويعقوب اولي اليللدي والبصللار قللال ابللن عبللاس اولللي القللوة فللي‬
‫طاعة الله والبصار في المعرفة في امر اللله وقلال قتلادة ومجاهلد اعطلوا‬
‫قوة في العبادة وبصرا في الدين واعلم النللاس ابصللرهم بللالحق إذا اختلللف‬
‫الناس وإن كان مقصرا في العمللل وتحللت كللل مللن هللذه القسللام انللواع ل‬
‫يحصى مقلادير تفاوتهللا إل اللله إذا عللرف هلذا فالقسلم الول ل ينتفللع بهلذا‬
‫الباب ول يزداد به ال ضللة والقسم الثاني ينتفع منه بقدر فهمه واسللتعداده‬
‫والقسم الثالث واليهم هذا الحديث يساق وهم اولللو اللبللاب الللذين يخصللهم‬
‫الله في كتابه بخطاب التنبيه والرشاد وهم المرادون على الحقيقة بالتذكرة‬
‫قال تعالى وما يتذكر ل اولو اللباب‬
‫فصل قد شهدت الفطر والعقول بأن للعالم ربا قادرا حليما عليما رحيما‬
‫كامل في ذاته وصللفاته ل يكللون إل مريللدا للخيللر لعبللاده مجريللا لهللم علللى‬
‫الشللريعة والسللنة الفاضلللة العللائدة باستصلللحهم الموافقللة لمللا ركللب فللي‬
‫عقولهم من استحسان الحسن واستقباح القبيح وما جبل طباعهم عليه مللن‬
‫إيثار النافع لهم المصلح لشأنهم وتللرك الضللار المفسللد لهللم وشللهدت هللذه‬
‫الشريعة له بأنه احكم الحاكمين وأرحم الراحمين وانه المحيللط بكللل شلليء‬
‫علما وإذا عرف ذلك فليس من الحكمة اللهيللة بللل ول الحكمللة فللي ملللوك‬
‫العالم انهم يسوون بين مللن هللو تحللت تللدبيرهم فللي تعريفهللم كلمللا يعرفلله‬
‫الملوك وإعلمهم جميع مللا يعلمللونه واطلعهللم علللى كللل مللا يجللرون عليلله‬
‫سياساتهم في انفسهم وفي منازلهم حتى ل يقيمو فللي بلللد فيهللا إل اخللبروا‬
‫من تحت ايديهم بالسبب في ذلك والمعنللى الللذي قصللدوه منلله ول يللأمرون‬
‫رعيتهم بأمر ول يضللربون عليهللم بعثللا ول يسوسللونهم سياسللة إل اخللبروهم‬
‫بوجه ذلك وسببه وغايته ومدته بل ل تتصللرف بهللم الحللوال فللي مطللاعمهم‬
‫وملبسهم ومراكبهم إل اوقفوهم على أغراضهم فيه ول شك ان هللذا منللاف‬
‫للحكمللة والمصلللحة بيللن المخلللوقين فكيللف بشللأن رب العللالمين واحكللم‬
‫الحاكمين الذي ل يشاركه في علملله ول حكمتلله احللد ابللدا فحسللب العقللول‬
‫الكاملة ان تستدل بما عرفت من حكمته على مللا غللاب عنهللا وتعلللم ان للله‬
‫حكمة في كل ما خلقه وأمر به وشرعه وهل تقتضي الحكمللة ان يخللبر الللله‬
‫تعالى كل عبد من عباده بكل ما يفعله ويوقفهم على وجه تدبيره في كل ما‬
‫يريده وعلللى حكمتلله فللي صللغير مللا ذرأ وبللرأ مللن خليقتلله وهللل فللي قللوى‬
‫المخلوقات ذلك بل طوى سبحانه كثيرا من صلنعه وأمللره علن جميللع خلقله‬
‫فلم يطلع على ذلك ملكا مقربا ول نبيا مرسل والمدبر الحكيم من البشر إذا‬
‫ثبتت حكمته وابتغاؤه الصلح لمن تحت تدبيره وسياسته كفا فللي ذلللك تتبللع‬
‫مقاصده فيمن يولي ويعزل وفي جنس ما يأمر به وينهي عنلله وفللي تللدبيره‬
‫لرعيته‬

‫وسياسته لهم دون تفاصيل كل فعل من افعاله اللهم إل ان يبلللغ المللر فللي‬
‫ذلك مبلغا ل يوجد لفعله منفذ ومساغ في المصلحة اصل فحينئذ يخرج بذلك‬
‫عن استحاق اسم الحكيم ولن يجد احد في خلق الله ول في أمره ول واحدا‬
‫من هذا الضرب بل غاية ما تخرجه نفللس المتعنللت امللور يعجللز العقللل عللن‬
‫معرفة وجوهها وحكمتها وأما ان ينفى ذلك عنها فمعاذ اللله إل ان يكلون ملا‬
‫اخرجه كذب على الخلق المر فلم يخلق الله ذلك ول شرعة وإذا عرف هذا‬
‫فقد علم ان رب العالمين احكم الحاكمين والعالم بكللل شلليء والغنللي عللن‬
‫كل شيء والقادر على كل شيء ومن هذا شأنه لللم تخللرج أفعللاله وأوامللره‬
‫قط عن الحكملة والرحملة والمصللحة وملا يخفلى عللى العبلاد ملن معللاني‬
‫حكمته في صنعه وابداعه وامره وشرعه فيكفيهم فيه معرفته بالوجه العللام‬
‫ان تضمنته حكمة بالغة وإن لم يعرفللوا تفصلليلها وأن ذلللك ملن علللم الغيللب‬
‫الذي استأثر الله به فيكفيهم في ذلك السللناد إلللى الحكمللة البالغللة العامللة‬
‫الشاملة التي علموا ما خفي منها بملا ظهللر لهللم هللذا وأن الللله تعللالى بنللي‬
‫امللور عبللاده علللى ان عرفهللم معللاني جلئل خلقلله وأمللره دون دقائقهمللا‬
‫وتفاصلليلهما وهللذا مطللرد فللي الشللياء اوصللولها وفروعهللا فللأنت إذا رايللت‬
‫الرجلين مثل أحدهما اكثر شعرا من الخر أو اشد بياضا او احد ذهنا لمكنللك‬
‫ان تعرف من جهة السبب الذي اجرى الله عليه سنة الخلقية وجه اختصاص‬
‫كل واحد منهما بما اختص به وهكذا في اختلف الصور والشللكال ولكللن لللو‬
‫اردت ان تعرف ماذا كان شعر هذا مثل يزيد على شعر الخر بعلدد معيللن او‬
‫المعنى الذي فضله به في القدر المخصوص والتشكيل المخصوص ومعرفللة‬
‫القدر الذي بينهما من التفاوت وسببه لما أمكن ذلك اصللل وقللس علللى هللذا‬
‫جميع المخلوقات من الرمال والجبال والشللجار ومقللادير الكللواكب وهيآتهللا‬
‫وإذا كان ل سبيل الى معرفة هذا فللي الخلللق بللل يكفللي فيلله العلللة العامللة‬
‫والحكمة الشاملة فهكذا في المر يعلم ان جميع ما امر به متضللمن لحكمللة‬
‫بالغة واما تفاصيل اسرار المأمورات والمنهيات فل سبيل الى علم البشللرية‬
‫ولكن يطلع الله من شاء من خلقه على ما شاء منه فاعتصم بهذا الصل تم‬
‫الجزء الول من كتاب مفتاح دار السعادة ويليلله الجللزء الثللاني واوللله فصللل‬
‫حاجة الناس الى الشريعة ضرورية‬

‫تم تصحيحه سميرة أبو عفيفة ^ مرتين ^ |‪| 2‬‬


‫فصل مفتاح دار السعادة‬
‫‪ #‬حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلى كل شيء ول نسبة‬
‫لحاجتهم إلى علم الطب إليها إل ترى أن أكثر العللالم يعيشللون بغيللر طللبيب‬
‫ول يكون الطبيب إل في بعض المدن الجامعة وأمللا أهللل البللدو كلهللم وأهللل‬
‫الكفور كلهم وعامة بني آدم فل يحتاجون إلى طبيب وهم أصح أبدانا وأقللوى‬
‫طبيعة ممن هو متقيد بالطبيب ولعل أعمارهم متقاربة وقللد فطللر الللله بنللي‬
‫آدم على تناول ما ينفعهم واجتناب ما يضرهم وجعل لكل قوم عللادة وعرفللا‬
‫في استخراج ما يهجم عليهم من الدواء حللتى أن كللثيرا مللن أصللول الطللب‬
‫إنما أخذت عن عوائد الناس وعرفهم وتجاربهم وأما الشريعة فمبناهللا علللى‬
‫تعريف مواقع رضى الله وسخطه في حركات العباد الختيارية فمبناها علللى‬
‫الوحي المحض والحاجة إلى التنفس فضل عن الطعللام والشللراب لن غايللة‬
‫ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن وتعطل الروح عنلله‬
‫وأما ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلللب جملللة وهلك البللدان‬
‫وشتان بين هذا وهلك البدن بالموت فليللس النللاس قللط إلللى شلليء أحللوج‬
‫منهم إلى معرفة ما جاء به الرسول والقيام به والللدعوة إليلله والصللبر عليلله‬
‫وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه وليس للعالم صلح بدون ذلللك البتللة ول‬
‫سبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الكبر إل بالعبور على هذا الجسم‬
‫فصل الشرائع كلها في أصولها وإن تباينت متفقة مركوز حسنها في‬
‫العقول ولو وقعت على غير ما هي عليه لخرجللت عللن الحكمللة والمصلللحة‬
‫والرحمللة بللل مللن المحللال أن تللأتي بخلف مللا أتللت بلله ^ ولللو اتبللع الحللق‬
‫أهواءهم لفسدت السماوات والرض ومن فيهن ^ وكيف يجوز ذو العقل أن‬
‫ترد شريعة أحكم الحاكمين بضد ما وردت به فالصلة قد وضعت على أكمل‬
‫الوجوه وأحسنها الللتي تعبللد بهلا الخلالق تبللارك وتعللالى عبلاده ملن تضلمنها‬
‫للتعظيللم للله بللأنواع الجللوارح مللن نطللق اللسللان وعمللل اليللدين والرجليللن‬
‫والرأس وحواسه وسائر أجزاء البدن كل يأخذ لحظه من الحكمللة فللي هللذه‬
‫العبادة العظيمة المقدار مع أخذ الحواس الباطنة بحظها منها وقيللام القلللب‬
‫بواجب عبوديته فيها فهي مشتملة علللى الثنللاء والحمللد والتمجيللد والتسللبيح‬
‫والتكبير وشهادة الحق والقيام بين يدي الللرب مقللام العبللد الللذليل الخاضللع‬
‫المدبر المربوب ثم التذلل له في هذا المقام والتضرع والتقرب إليه بكلملله‬
‫ثم انحناء الظهر ذل له وخشوعا واستكانة ثم استواؤه قائما ليستعد لخضللوع‬
‫أكمل له من الخضوع‬

‫‪ #‬الول وهو السجود من قيام فيضلع أشلرف شليء فيله وهلو وجهله عللى‬
‫التراب خشوعا لربه واستكانة وخضوعا لعظمتلله وذل لعزتلله قللد انكسللر للله‬
‫قلبه وذل له جسمه وخشعت له جوارحه ثم يستوي قاعدا يتضرع له ويتذلل‬
‫بين يديه ويسأله من فضله ثم يعود إلى حاله من الذل والخشوع والستكانة‬
‫فل يزال هذا دأبه حتى يقضى صلته فيجلس عند إرادة النصراف منها مثنيللا‬
‫على ربه مسلما على نبيه وعلى عباده ثم يصلى على رسوله ثم يسأل ربلله‬
‫من خيره وبره وفضله فأي شيء بعد هذه العبللادة مللن الحسللن وأي كمللال‬
‫وراء هذا الكمال وأي عبودية أشرف من هذه العبودية فمللن جللوز عقللله أن‬
‫ترد الشريعة بضدها من كل وجه في القول والعمل وأنه ل فرق فللي نفللس‬
‫المر بين هذه العبادة وبيلن ضلدها ملن السلخرية والسلب والبطلر وكشلف‬
‫العورة والبول على الساقين والضحك والصفير وأنواع المجون وأمثال ذلللك‬
‫فليعز عقله وليسأل الله أن يهبه عقل سواه وأما حسن الزكاة ومللا تضللمنته‬
‫من مواساة ذوي الحاجات والمسكنة والخلة من عبللاد الللله الللذين يعجللزون‬
‫عن إقامة نفوسهم ويخاف عليهللم التلللف إذا خلهلم الغنيللاء وأنفسللهم وملا‬
‫فيها من الرحمة والحسان والبر والطهرة وإيثار أهل اليثار والتصاف بصفة‬
‫الكرم والجود والفضل والخروج من سماةأهل الشح والبخل والللدناءة فللأمر‬
‫ل يسريب عاقل في حسنه ومصلحته وأن المر بلله أحكللم الحللاكمين وليللس‬
‫يجوز في العقل ول في الفطرة البتة أن ترد شريعة من الحكيم العليم بضللد‬
‫ذلك أبللدا وأمللا الصللوم فناهيللك بلله مللن عبللادة تكللف النفللس عللن شللهواتها‬
‫وتخرجها عن شبه البهائم إلى شبه الملئكة المقربين فإن النفس إذا خليللت‬
‫ودواعللي شلهواتها التحقلت بعلالم البهلائم فلإذا كفلت شلهواتها للله ضليقت‬
‫مجاري الشيطان وصارت قريبة من اللله بلترك عادتهلا وشلهواتها محبلة لله‬
‫وإيثارا لمرضاته وتقربا إليه فيدع الصائم أحب الشياء إليه وأعظمهللا لصللوقا‬
‫بنفسه من الطعام والشراب والجماع من أجللل ربلله فهللو عبللادة ول تتصللور‬
‫حقيقتها إل بترك الشهوة لله فالصلائم ينللدع طعلامه وشلرابه وشللهواته ملن‬
‫أجل ربه وهذا معنى كون الصوم له تبللارك وتعللالى وبهللذا فسللر النللبي هللذه‬
‫الضافة في الحللديث فقلال يقلول اللله تعلالى كللل عملل ابللن آدم يضلاعف‬
‫الحسنة بعشرة أمثالها قال الله إل الصوم فأنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه‬
‫وشرابه من أجلى حتى أن الصائم ليتصور بصورة من ل حاجة له فللي الللدنيا‬
‫إل في تحصيل رضى الله وأي حسللن يزيللد علللى حسللن هللذه العبللادة الللتي‬
‫تكسللر الشللهوة وتقمللع النفللس وتحللي القلللب وتفرحلله وتزهللد فللي الللدنيا‬
‫وشهواتها وترغب فيما عند الله وتللذكر الغنيللاء بشللأن المسللاكين وأحللوالهم‬
‫وأنهم قد أخذوا بنصيب من عيشهم فتعطف قلوبهم عليهم ويعلمون مللا هللم‬
‫فيه من نعم الله فيزدادوا له شكرا وبالجملة فعون الصوم علللى تقللوى الللله‬
‫أمر مشهور فما استعان أحد على تقوى الله وحفظ حدوده‬

‫‪ #‬واجتناب محارمه بمثل الصوم فهو شاهد لمن شرعه وأمر به بللأنه أحكللم‬
‫الحاكمين وأرحم الراحمين وأنه إنما شرعه إحسانا إلللى عبللاده ورحملة بهلم‬
‫ولطفا بهم ل بخل عليهم برزقه ول مجرد تكليف وتعذيب خللال مللن الحكمللة‬
‫والمصلحة بل هو غاية الحكمة والرحمة والمصلحة وإن شرع هذه العبللادات‬
‫لهم من تمام نعمته عليهم ورحمته بهم ‪ 0‬وأما الحج فشأن آخر ل يللدركه إل‬
‫الحنفاء الذين ضربوا في المحبة بسهم وشأنه أجل من أن تحيط به العبللارة‬
‫وهو خاصة هذا الدين الحنيف حتى قيل في قللوله تعللالى ^ حنفللاء لللله غيللر‬
‫مشركين ^ أي حجاجا وجعل الله بيته الحرام قياما للناس فهو عمود العالم‬
‫الذي عليه بناؤه فلو ترك الناس كلهم الحج سنة لخرت السماء علللى الرض‬
‫هكذا قال ترجمان القرآن ابن عباس فلالبيت الحلرام قيلام العلالم فل يلزال‬
‫قياما ما زال هذا البيت محجوجا فالحج هللو خاصللة الحنيفللة ومعونللة الصلللة‬
‫وسر قول العبد ل إله إل الله فإنه مؤسس علللى التوحيللد المحللض والمحبللة‬
‫الخالصة وهو استزارة المحبوب لحبابه ودعللوتهم إلللى بيتلله ومحللل كرامتلله‬
‫ولهذا إذا دخلوا في هذه العبللادة فشللعارهم لبيللك اللهللم لبيللك إجابللة محللب‬
‫لدعوة حبيبه ولهذا كان للتلبية موقع عنللد الللله وكلملا أكلثر العبللد منهلا كلان‬
‫أحب إلى ربه وأحظى فهو ل يملك نفسه أن يقول لبيللك لبيللك حللتى ينقطللع‬
‫نفسه ‪ 0‬وأما أسرار ما في هذه العبادة من الحرام واجتناب العوائد وكشف‬
‫الرأس ونزع الثياب المعتادة والطواف والوقوف بعرفة ورمى الجمار وسائر‬
‫شعائر الحللج فممللا شللهدت بحسللنه العقللول السللليمة والفطللر المسللتقيمة‬
‫وعلمت بأن الذي شرع هذه ل حكمة فوق حكمته وسنعود أن شاء الله إلللى‬
‫الكلم في ذلك موضعه ‪ # 0‬وأما الجهاد فناهيللك بلله مللن عبللادة هللي سللنام‬
‫العبللادات وذروتهللا وهللو المحللك والللدليل المفللرق بيللن المحللب والمللدعى‬
‫فالمحب قد بذل مهجته وماله لربه وإلهه متقربا إليه ببذل أعللز مللا بحضللرته‬
‫يود لو أن له بكل شعرة نفسا يبذلها في حبه ومرضاته ويود أن لو قتلل فيله‬
‫ثم أحي ثم قتل ثم أحي فهو يفدي ثللم قتللل بنفسلله حللبيبه وعبللده ورسللوله‬
‫ولسان حاله يقول ‪ # 0‬يفديك بالنفس صب لو يكون له ‪ %‬أعز مللن نفسلله‬
‫شيء فذاك به ‪ #‬فهو قد سلم نفسه وماله لمشتريها وعلم أنه ل سبيل إلى‬
‫أخللذ السلللعة إل ببللذل ثمنهللا ^ إن الللله اشللترى مللن المللؤمنين أنفسللهم‬
‫وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فللي سللبيل الللله فيقتلللون ويقتلللون ^ وإذا‬
‫كان من المعلوم المستقر عند الخلللق أن علمللة المحبللة إل للله وكللل محبللة‬
‫الصحيحة بذل الروح والمال في مرضات المحبوب فالمحبوب الحق الذي ل‬
‫تنبغي المحبة إل له وكل محبة سللوى محبتلله فالمحبللة للله باطلللة أولللى بللأن‬
‫يشرع لعباده الجهاد الذي هو غاية ما يتقربون به إلللى إلههللم وربهللم وكللانت‬
‫قرابين من قبلهم من المم في ذبائحهم وقرابينهم تقديم أنفسهم للذبح في‬
‫الله مولهم الحق فأي حسن يزيد على حسن هذه العبادة ولهذا ادخرها الله‬
‫لكمل النبياء وأكمل المم عقل وتوحيدا ومحبة لله ‪0‬‬
‫‪ #‬وأما الضحايا والهدايا فقربان إلى الخالق سبحانه تقوم مقام الفديللة عللن‬
‫النفس المستحقة للتلف فدية وعوضا وقربانا إلى الله وتشبها بإمام الحنفاء‬
‫وإحياء لسنته أن فدى الله ولده بالقربان فجعللل ذلللك فللي ذريتلله باقيللا أبللدا‬
‫وأما اليمان والنذور فعقود يعقدها العبد على نفسلله يؤكللد بهللا مللا ألللزم بلله‬
‫نفسه من المور بالله ولله فهي تعظيم للخالق ولسمائه ولحقلله وأن تكللون‬
‫العقود به وله وهذا غاية التعظيم فل يعقد بغير اسللمه ول لغيللر القللرب إليلله‬
‫بل أن حلف فباسللمه تعظيمللا وتبجيل وتوحيللدا وإجلل وأن نللذر فللله توحيللدا‬
‫وطاعة ومحبة وعبودية فيكون هو المعبود وحده والمستعان به وحده ‪ 0‬وأما‬
‫المطاعم والمشللارب والملبللس والمناكللح فهللي داخلللة فيمللا يقيللم البللدان‬
‫ويحفظها من الفساد والهلك وفيما يعلود ببقلاء النللوع النسلاني ليتلم بلذلك‬
‫قوام الجساد وحفظ النوع فيتحمللل المانللة الللتي عرضللت علللى السللموات‬
‫والرض ويقوى على حملها وأدائها ويتمكن من شكر مولى النعللام ومسللديه‬
‫وفرق فللي هللذه النللواع بيللن المبللاح والمحظللور والحسللن والقبيللح والضللار‬
‫والنافع والطيب والخبيث فحللرم منهللا القبيللح والخللبيث والضللار وأبللاح منهللا‬
‫الحسن والطيب والنافع كما سيأتي إن شاء الللله وتأمللل ذلللك فللي المناكللح‬
‫فإن من المستقر في العقول والفطللر أن قضللاء هللذا الللوطر فللي المهللات‬
‫والبنللات والخللوات والعمللات والخللالت والجللدات مسللتقبح فللي كللل عقللل‬
‫مستهجن في كل فطرة ومللن المحللال أن يكللون المبللاح مللن ذلللك مسللاويا‬
‫للمحظور في نفس المر ول فرق بينهما إل مجرد التحكم بالمشيئة سبحانك‬
‫هذا بهتان عظيم وكيف يكون في نفس المر نكاح الم واستفراشها مساويا‬
‫لنكاح الجنبية واستفراشها وإنما فرق بينهما محض المر وكذلك من المحال‬
‫أن يكون الدم والبول والرجيع مساويا للخبز والماء والفاكهللة ونحوهللا وإنمللا‬
‫الشارع فرق بينهما فأباح هذا وحرم هذا مع اسللتواء الكللل فللي نفللس المللر‬
‫وكذلك أخذ المال بالبيع والهبة والوصللية والميللراث ل يكللون مسللاويا لخللذه‬
‫بالقهر والغلبة والغصب والسرقة والجناية حتى يكون إباحة هذا وتحريم هللذا‬
‫راجعللا إلللى محللض المللر والنهللى المفللرق بيللن المتمللاثلين وكللذلك الظلللم‬
‫والكذب والزور والفواحش كالزنا واللللواط وكشللف العللورة بيللن المل ونحللو‬
‫ذلك كيف يسوغ عقل عاقل أنه ل فرق قط في نفس المر بيللن ذلللك وبيللن‬
‫العدل والحسان والعفة والصيانة وستر العورة وإنما الشارع يحكللم بإيجللاب‬
‫هذا وتحريم هذا وهذا مما لو عرض على العقللول السللليمة الللتي لللم تللدخل‬
‫ولم يمسها ميل للمثالت الفاسدة وتعظيم أهلها وحسن الظللن بهللم لكللانت‬
‫أشد إنكارا له وشهادة ببطلنه من كثير من الضروريات وهل ركب الللله فللي‬
‫فطرة عاقل قط أن الحسان والساءة والصللدق والكللذب والفجللور والعفللة‬
‫والعدل والظلم وقتل النفوس وانجاءها بل السجود لله وللصللنم سللواء فللي‬
‫نفس المر ل فرق بينهما وإنما‬

‫‪ #‬الفرق بينهما المر المجرد وأي جحد للضروريات أعظم من هذا وهل هذا‬
‫إل بمنزلة من يقول أنه ل فرق بين الرجيع والبول والدم والقيء وبين الخبز‬
‫واللحم والماء والفاكهة والكل سواء في نفس المللر وإنمللا الفللرق بللالعوائد‬
‫فأي فرق بين مدعى هذا الباطل وبين مدعى ذلك الباطل وهل هذا إل بهللت‬
‫للعقللل والحللس والضللرورة والشللرع والحكمللة وإذا كللان ل معنللى عنللدهم‬
‫للمعروف إل ما أمر به فصار معروفا بالمر ول للمنكر إل ما نهى عنه فصللار‬
‫منكرا بنهيه فأي معنى لقوله ^ يأمرهم بالمعروف وينهللاهم عللن المنكللر ^‬
‫وهل حاصل ذلك زائد على أن يقلال يلأمرهم بملا يلأمرهم بله وينهلاهم عملا‬
‫ينهاهم عنه وهذا كلم ينزه عنلله آحللاد العقلء فضللل عللن كلم رب العللالمين‬
‫وهل دلت الية إل على أنلله أمرهللم بللالمعروف الللذي تعرفلله العقللول وتقللر‬
‫بحسنه الفطر فللأمرهم بملا هلو معلروف فللي نفسله عنلد كلل عقلل سلليم‬
‫ونهاهم عما هو منكر فللي الطبللاع والعقلول بحيللث إذا علرض علللى العقللول‬
‫السليمة أنكرته أشد النكار كما أن ما أمر به إذا عرض على العقل السللليم‬
‫قبله أعظم قبول وشهد بحسنه كما قال بعض العراب وقد سئل بم عرفللت‬
‫أنه رسول الله فقال ما أمر بشيء فقال العقل ليته ينهى عنه ول نهللى عللن‬
‫شيء فقال ليته أمر به فهذا العرابي أعرف بالله ودينه ورسوله ملن هلؤلء‬
‫وقد اقر عقله وفطرته بحسن ما أمر به وقبح مللا نهللى عنلله حللتى كللان فللي‬
‫حقه من أعلم نبوته وشواهد رسالته ولو كان جهة كونه معروفا ومنكلرا هلو‬
‫المر المجرد لم يكن فيه دليل بل كللان يطلللب للله الللدليل مللن غيللره ومللن‬
‫سلك ذلك المسلك الباطل لم يمكنلله أن يسللتدل علللى صللحة نبللوته بنفللس‬
‫دعوته ودينه ومعلوم أن نفس الدين الذي جاء به والملة التي دعا إليهللا مللن‬
‫أعظم براهين صدقه وشلواهد نبلوته وملن للم يثبلت للذلك صلفات وجوديلة‬
‫أوجبت حسنه وقبول العقول له ولضده صفات أوجبللت قبحلله ونفللور العقللل‬
‫عنه فقد سد على نفسه باب الستدلل بنفس الدعوة وجعلها مسللتدل عليلله‬
‫فقط ومما يدل على صحة ذلك قوله تعالى ^ ويحللل لهللم الطيبللات ويحللرم‬
‫عليهم الخبائث ^ فهذا صريخ في أن الحلل كان طيبا قبل حله وأن الخبيث‬
‫كان خبيثا قبل تحريمه ولم يستفد طيللب هللذا وخبللث هللذا مللن نفللس الحللل‬
‫والتحريم لوجهين اثنين أحدهما أن هذا علم من أعلم نبوته التي احتللج الللله‬
‫بها على أهل الكتللاب فقللال ‪ #‬الللذين يتبعللون الرسللول النللبي المللي الللذي‬
‫يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والنجيل يأمرهم بالمعروف وينهللاهم عللن‬
‫المنكر ويحل لهم الطيبللات ويحللرم عليهللم الخبللائث ويضللع عنهللم فلللو كللان‬
‫الطيب والخبيث إنما استفيد من التحريم والتحليل لم يكللن فللي ذلللك دليللل‬
‫فإنه بمنزلة أن يقال يحل لهم ما بحل ويحللرم عليهللم مللا يحللرم وهللذا أيضللا‬
‫باطل فإنه ل فائدة فيه وهو الوجه الثاني فثبت أنله أحلل ملا هلو طيلب فلي‬
‫نفسه قبل الحل فكساه بأحلله طيبا آخر فصار منشأ طيبه من الوجهين معا‬
‫فتأمل هذا الموضع حق‬

‫‪ #‬التأمل يطلعك عللى أسلرار الشللريعة ويشلرفك عللى محاسلنها وكمالهلا‬


‫وبهجتها وجللها وأنه من الممتنع في حكمة أحكللم الحللاكمين أن تللرد بخلف‬
‫ما وردت به وأن الله تعالى يتنزه عن ذلك كما يتنزه عن سائر مال يليللق بلله‬
‫‪ #‬ومما يدل على ذلك قوله تعالى قل إنمللا حللرم ربللي الفللواحش مللا ظهللر‬
‫منها وما بطن والثم والبغي بغير الحق وأن تشللركوا بللالله مللا لللم ينللزل بلله‬
‫سلطانا وأن تقولوا على الله مال تعلمون وهذا دليل على أنها فللواحش فللي‬
‫نفسها ل تستحسنها العقول فتعلق التحريم بها لفحشها فللإن ترتيللب الحكللم‬
‫على الوصف المناسب المشتق يدل على أنه هو العلللة المقتضللية للله وهللذا‬
‫دليل فللي جميللع هللذه اليللات الللتي ذكرناهللا فللدل علللى أنلله حرمهللا لكونهللا‬
‫فواحش وحرم الخبيث لكونه خبيثا وأمللر بللالمعروف لكللونه معروفللا والعلللة‬
‫يجب أن تغاير المعلول فلو كللان كللونه فاحشللة هللو معنللى كللونه منهيللا عنلله‬
‫وكونه خبيثا هو معنى كونه محرملا كلانت العللة عيلن المعللول وهلذا محلال‬
‫فتأمله وكذا تحريم الثلم والبغلي دليلل عللى أن هلذا وصلف ثلابت لله قبلل‬
‫التحريم ومن هذا قوله تعالى ول تقربوا الزنا أنه كللان فاحشللة ومقتللا وسللاء‬
‫سبيل فعلل النهي في الموضعين بكون المنهي عنه فاحشللة ولللو كللان جهللة‬
‫كونه فاحشة هو النهي لكان تعليل للشيء بنفسه ولكللان بمنزلللة أن يقلال ل‬
‫تقربوا الزنا فإنه يقول لكم ل تقربللوه أو فللإنه منهللي عنلله وهللذا محللال مللن‬
‫وجهين أحدهما أنه يتضمن إخلء الكلم من الفائدة والثاني أنه تعليللل للنهللي‬
‫بالنهي ومن ذلك قوله تعالى ولللو ل أن تصلليبهم مصلليبة بمللا قللدمت أيللديهم‬
‫فيقولوا ربنا لول أرسلت إلينا رسول فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فللأخبر‬
‫تعالى أن ما قدمت أيديهم قبل البعثة سبب لصابتهم بالمصيبة وأنه سللبحانه‬
‫لو أصابهم بما يستحقون من ذلك لحتجوا عليه بأنه لم يرسل إليهللم رسللول‬
‫ولم ينزل عليهم كتابا فقطع هذه الحجة بإرسال الرسول وإنزال الكتللاب لئل‬
‫يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وهللذا صللريح فللي أن أعمللالهم قبللل‬
‫البعثة كانت قبيحة بحيث استحقوا أن يصيبوا بها المصلليبة ولكنلله سللبحانه ل‬
‫يعذب إل بعد إرسال الرسل وهذا هو فصل الخطاب ‪ #‬وتحقيق القللول فللي‬
‫هذا الصل العظيم أن القبح ثابت للفعل في نفسه وأنه ل يعللذب الللله عليلله‬
‫إل بعد إقامة الحجة بالرسالة وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلبيللة‬
‫كليهما فاستطالت كل طائفة منهما على الخرى لعللدم جمعهمللا بيللن هللذين‬
‫المرين فاسللتطالت الكلبيللة علللى المعتزلللة بإثبللاتهم العللذاب قبللل إرسللال‬
‫الرسل وترتيبهم العقاب علللى مجللرد القبللح العقلللي وأحسللنوا فللي رد ذلللك‬
‫عليهم واستطالت المعتزلللة عليهللم فللي إنكللارهم الحسللن والقبللح العقلييللن‬
‫جملة وجعلهم انتفللاء العللذاب قبللل البعثللة دليل علللى انتفللاء القبللح واسللتواء‬
‫الفعال في أنفسها وأحسنوا في رد هذا عليهم فكل طائفة اسللتطالت علللى‬
‫الخرى بسبب إنكارها الصواب وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فل‬
‫سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد‬

‫‪ #‬قوله ول الظفر عليه أصل فلانه موافلق لكلل طائفلة عللى ملا معهلا ملن‬
‫الحق مقرر له مخالف في باطلها منكر له وليس مع النفاة قط دليللل واحللد‬
‫صحيح على نفي الحسن والقبح العقلييللن وإن الفعللال المتضللادة كلهللا فللي‬
‫نفس المر سواء ل فرق بينها إل بالمر والنهي وكل أدلتهم على هللذا باطلللة‬
‫كما سنذكرها ونذكر بطلنها إن شاء الللله تعللالى وليللس مللع المعتزلللة دليللل‬
‫واحد صحيح قط يدل على إثبات العذاب على مجرد القبح العقلي قبل بعثللة‬
‫الرسل وأدلتهم على ذلك كلها باطلة كما سللنذكرها ونللذكر بطلنهللا إن شللاء‬
‫الله تعالى ومما يدل على ذلك أيضا أنه سبحانه يحتج على فساد مذهب من‬
‫عبد غيره بالدلة العقلية التي تقبلها الفطللر والعقللول ويجعللل مللا ركبلله فللي‬
‫العقول من حسن عبادة الخالق وحده وقبح عبلادة غيلره ملن أعظلم الدللة‬
‫على ذلك وهذا في القرآن أكللثر مللن أن يللذكر ههنللا ولللول أنلله مسللتقر فللي‬
‫العقول والفطر حسن عبادته وشكره وقبح عبللادة غيللره وتللرك شللكره لمللا‬
‫احتج عليهم بذلك أصل وإنما كانت الحجة في مجرد المللر وطريقللة القللرآن‬
‫صريحة في هذا كقوله تعالى ^ يللا أيهللا النللاس اعبللدوا ربكللم الللذي خلقكللم‬
‫والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الرض فراشا والسللماء بنللاء‬
‫وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فل تجعلوا لله أندادا‬
‫وأنتم تعلمون ^ فذكر سبحانه أمرهم بعبادته وذكر اسم الرب مضافا إليهللم‬
‫لمقتضى عبوديتهم لربهم ومالكهم ثم ذكر ضللروب أنعللامه عليهللم بإيجللادهم‬
‫وإنما من قبلهم وجعل الرض فراشا لهللم يمكنهللم السللتقرار عليهللا والبنللاء‬
‫والسكنى وجعل السماء بناء وسقفا فذكر أرض العالم وسقفه ثم ذكر إنزال‬
‫مادة أقواتهم ولباسهم وثمارهم منبها بهذا على اسللتقرار حسللن عبللادة مللن‬
‫هذا شأنه وتشكره الفطر والعقول وقبح الشراك به وعبادة غيره ومن هللذا‬
‫قوله تعالى حاكيا عن صاحب ياسين أنه قال لقومه محتجا عليهم بما تقر به‬
‫فطرهم وعقولهم ومالي ل أعبد الللذي فطرنللي وإليلله ترجعللون فتأمللل هللذا‬
‫الخطاب كيف تجد تحته أشرف معنى وأجللله وهللو أن كللونه سللبحانه فللاطرا‬
‫لعباده يقتضي عبادتهم له وأن من كان مفطورا مخلوقا فحقيق بلله أن يعبللد‬
‫فاطره وخالقه ول سيما إذا كان مرده إليه فمبدأه منلله ومصلليره إليلله وهللذا‬
‫يوجب عليه التفرغ لعبادته ثم احتج عليهم بما تقر به عقولهم وفطرهللم مللن‬
‫قبح عبادة غيره وإنها أقبح شيء في العقللل وأنكللره فقلال أأتخلذ ملن دونلله‬
‫آلهة إن يردني الرحمن بضر ل تغن عني شفاعتهم شيئا ول ينقللذون إنللي إذا‬
‫لفي ضلل مبين أفل تراه كيف لم يحتج عليهم بمجرد المر بل احتللج عليهللم‬
‫بالعقل الصحيح ومقتضى الفطرة ومن هذا قوله تعالى يا أيها النللاس ضللرب‬
‫مثللل فاسللتمعوا للله إن الللذين تللدعون مللن دون الللله لللن يخلقللوا ذبابللا ولللو‬
‫اجتمعللوا للله وأن يسلللبهم الللذباب شلليئا ل يسللتنقذوه منلله ضللعف الطللالب‬
‫والمطلوب ما قدروا الله حق قدرهإن الله لقوي عزيز فضرب لهم‬

‫‪ #‬سبحانه مثل من عقولهم يدلهم علللى قبللح عبللادتهم لغيللره وإن هللذا أمللر‬
‫مستقر قبحه وهجنته في كل عقل وإن لم يرد به الشللرع وهللل فللي العقللل‬
‫أنكر وأقبح مللن عبللادة مللن لللو اجتمعللوا كلهللم لللم يخلقللوا ذبابللا واحللدا وإن‬
‫يسلبهم الذباب شيئا لم يقدروا على النتصار منه واسللتنقاذ مللا سلللبهم إيللاه‬
‫وترك عبادة الخلق العليم القادر على كل شيء الذي ليس كمثله شيء أفل‬
‫تراه كيف احتج عليهم بما ركبه في العقول ملن حسلن عبلادته وحللده وقبللح‬
‫عبادة غيره وقال تعللالى ^ ضللرب الللله مثل رجل فيلله شللركاء متشاكسللون‬
‫ورجل سلما لرجل هل يستويان مثل ^ هذا مثل ضربه الله لمن عبده وحللده‬
‫فسلم له ولمن عبد من دونه آلهلة فهلم شلركاء فيله متشاكسلون عسلرون‬
‫فهل يستوى في العقول هذا وهذا وقد أكثر تعالى من هللذه المثللال ونوعهللا‬
‫مستدل بها على حسن شكره وعبادته وقبح عبللادة غيللره ولللم يحتللج عليهللم‬
‫بنفس المر بل بما ركبه في عقولهم من القرار بذلك وهذا كثير في القرآن‬
‫فمن تتبعه وجده وقال تعالى ^ وقضللى ربللك أل تعبللدوا إل إيللاه وبالوالللدين‬
‫إحسانا ^ فذكر توحيده وذكر المناهي التي نهاهم عنها والوامر التي أمرهم‬
‫بها ثم ختم الية بقوله ^ كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ^ أي مخالفة‬
‫هذه الوامر وارتكاب هذه المناهي سيئة مكروهة لله فتأمل قوله سيئة عنللد‬
‫ربك مكروها أي أنه سيء في نفس المر عند الله حتى لو لم يرد به تكليف‬
‫لكان سيئه في نفسه عند الله مكروها له وكراهته سبحانه له لمللا هللو عليلله‬
‫من الصفة التي اقتضت أن كرهه ولو كان قبحلله إنمللا هللو مجللرد النهللي لللم‬
‫يكن مكروها لله إذ ل معنى للكراهة عندهم إل كونه منهيا عنلله فيعللود قللوله‬
‫كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها إلى معنى كل ذلك نهى عنلله عنللد ربللك‬
‫ومعلوم إن هذا غير مراد من الية وأيضا فإذا وقع ذلك منهم فهو عند النفللاة‬
‫للحسن والقبح محبوب لله مرضى له لنه إنما وقع بللإرادته والرادة عنللدهم‬
‫هي المحبة ل فرق بينهما والقرآن صللريح فللي أن هللذا كللله قبيللح عنللد الللله‬
‫مكروه مبغوض له وقع أو لم يقع وجعللل سللبحانه هللذا البغللض والقبللح سللببا‬
‫للنهي عنه ولهذا جعله علة وحكمة للمر فتأمله والعلللة غيللر المعلللول وقللال‬
‫تعالى ^ لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنللا معهللم الكتللاب والميللزان ليقللوم‬
‫الناس بالقسط ^ دل ذلك على أن في نفس المر قسطا وأن الله سللبحانه‬
‫أنزل كتابه وأنزل الميزان وهو العدل ليقللوم النللاس بالقسللط أنللزل الكتللاب‬
‫لجللله والميللزان فعلللم أن فللي نفللس المللر مللا هللو قسللط وعللدل وحسللن‬
‫ومخالفته قبيحة وأن الكتاب والميزان نزل لجله ومن ينفي الحسللن والقبللح‬
‫يقول ليس في نفس المر ما هو عدل حسن وإنما صار قسطا وعدل بللالمر‬
‫فقط ونحن ل ننكر أن المر كساه حسنا وعدل إلى حسنه وعدله في نفسلله‬
‫فهو في نفسه قسط حسن وكساه المر حسنا آخر يضاعف بلله كللونه عللدل‬
‫حسنا فصار ذلك ثابتا له من الوجهين جميعا ومن هذا قوله تعالى وذا فعلللوا‬
‫فاحشة قالوا وجدنا‬

‫‪ #‬عليها آباءنا والله امرنا بها قل إن الله ل يأمر بالفحشاء أتقولون على الله‬
‫مال تعلمون فقوله قل إن الله ل يأمر بالفحشاء دليل على أنهللا فللي نفسللها‬
‫فحشاء وأن الله ل يأمر بما يكون كذلك وانه يتعالى ويتقدس عنلله ولللو كللان‬
‫كونه فاحشة إنما علم بالنهي خاصة كان بمنزلة أن يقال إن الله ل يأمر بمللا‬
‫ينهى عنه وهذا كلم يصان عنلله آحلاد العقلء فكيللف بكلم رب العلالمين ثللم‬
‫أكد سبحانه هذا النكار بقوله ^ قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند‬
‫كللل مسللجد وادعللوه مخلصللين للله الللدين ^ فللأخبر انلله يتعللالى عللن المللر‬
‫بالفحشاء بل أوامره كلها حسنة في العقول مقبولللة فللي الفطللر فللإنه أمللر‬
‫بالقسط ل بالجور وبإقامة الوجوه له عند مساجده ل لغيره وبللدعوته وحللده‬
‫مخلصين له الدين ل بالشرك فهذا هو الذي يأمر به تعللالى ل بالفحشللاء أفل‬
‫تراه كيف يخبر بحسن ما يأمر به ويحسنه وينزه نفسه عن المر بضده وأنلله‬
‫ل يليق به تعالى ^ ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبللع‬
‫ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الللله إبراهيللم خليل ^ فاحتللج سللبحانه علللى حسللن‬
‫دين السلم وإنه ل شيء أحسن منلله بللأنه يتضللمن إسلللم الللوجه لللله وهللو‬
‫إخلص القصد والتوجه والعمل له سبحانه والعبد مع ذلللك محسللن آت بكللل‬
‫حسن ل مرتكب للقبح الذي يكرهه اللله بلل هلو مخللص لربله محسلن فلي‬
‫عبادته بما يحبه ويرضاه وهو مع ذلك متبع لملة إبراهيم في محبته لله وحده‬
‫وإخلص الدين له وبذل النفس والمال فللي مرضللاته ومحبتلله وهللذا احتجللاج‬
‫منه على أن دين السلم أحسن الديان بما تضمنه ممللا تستحسللنه العقللول‬
‫وتشهد به الفطر وأنه قد بلغ الغاية القصوى فللي درجللات الحسللن والكمللال‬
‫وهذا استدلل بغير المر المجرد بل هو دليل على أن ما كان كللذلك فحقيللق‬
‫بأن يأمر به عباده ول يرضى منهللم سللواه ومثللل هللذا قللوله تعللالى ^ ومللن‬
‫أحسن قول ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقللال إننللي مللن المسلللمين ^‬
‫فهذا احتجاج بما ركب في العقول والفطر لنه ل قول للعبد أحسن من هللذا‬
‫القول وقال تعالى فبظلم من الذين هللادوا حرمنللا عليهللم مللع كللونه طيبللات‬
‫أحلت لهم فأي شيء أصرح من هذا حيث أخبر سبحانه بأنه حرمه عليهم مع‬
‫كونه طيبا في نفسه فلو ل أن طيبه أمر ثابت له بدون المر لم يكن ليجمللع‬
‫الطيب والتحريم وقد أخبر تعالى أنه حرم عليهم طيبات كللانت حلل عقوبللة‬
‫لهم فهذا تحريم عقوبة بخلف التحريم على هلذه الملة فلإنه تحريلم صليانة‬
‫وحماية ول فرق عند النفاة بين المرين بللل الكللل سللواء فللإنه سلبحانه أملر‬
‫عباده بما أمرهم به رحمللة منلله وإحسللانا وإنعامللا عليهللم لن صلللحهم فللي‬
‫معاشهم وأبدانهم وأحوالهم وفي معادهم ومآلهم إنما هو بفعل ما أمللروا بلله‬
‫وهو في ذلك بمنزلة الغذاء الذي ل قوام للبدن إل به بل أعظم وليس مجرد‬
‫تكليف وابتلء كما يظنه كثير من الناس ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة وحمية‬
‫لهم إذ ل بقاء لصحتهم ول حفظ لها إل بهذه الحمية فلم يأمرهم حاجللة منلله‬
‫إليهم وهو الغنى الحميد ول حرم عليهم‬

‫‪ #‬ما حرم بخل منه عليهم وهو الجواد الكريم بل أمللره ونهيلله عيللن حظهللم‬
‫وسعادتهم العاجلة والجلة ومصدر أمره ونهيه رحمته الواسعة وبللره وجللوده‬
‫وإحسانه وإنعامه فل يسأل عما يفعل لكمال حكمتلله وعلملله ووقللوع أفعللاله‬
‫على وفق المصلحة والرحمة والحكمة وقال تعللالى أم لللم يعرفللوا رسللولهم‬
‫فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون‬
‫ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السلموات والرض وملن فيهلن بلل آتينلاهم‬
‫بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون فللأخبر سللبحانه أن الحلق للو اتبلع أهللواء‬
‫العباد فجاء شرع الله ودينه بأهوائهم لفسدت السماوات والرض ومن فيهن‬
‫ومعلوم أن عند النفاة يجوز أن يرد شللرع الللله ودينلله بللأهواء العبللاد وأنلله ل‬
‫فرق في نفس المر بين ما ورد به وبين ما تقتضيه أهواؤهم إل مجرد المللر‬
‫وإنه لو ورد بأهوائهم جاز وكان تعبدا ودينا وهذه مخالفة صريحة للقرآن وإنه‬
‫من المحال أن يتبع الحق أهوائهم وأن أهواءهم مشتملة على قبح عظيم لللو‬
‫ورد الشرع به لفسلد العلالم أعله وأسلفله وملا بيلن ذللك ومعللوم أن هلذا‬
‫الفساد إنما يكون لقبح خلف ما شرعه الله وأمر به ومنافاته لصلللح العللالم‬
‫علويه وسفليه وإن خراب العالم وفساده لزم لحصوله ولشرعه وأن كمللال‬
‫حكمة الله وكمال علمه ورحمته وربو بيته يأبى ذلك ويمنع منلله ومللن يقللول‬
‫الجميع في نفس المر سواء يجوز ورود التعبد بكللل شلليء سللواء كللان مللن‬
‫مقتضى أهوائهم أو خلفها ‪ # 0‬ومثل هذا قوله تعالى ^ لو كان فيهمللا آلهللة‬
‫إل الللله لفسللدتا فسللبحان الللله رب العللرش ^ أي لللو كللان فللي السللموات‬
‫والرض آلهة تعبد غير الله لفسدتا وبطلتا ولم يقل أرباب بل قال آلهة والله‬
‫هو المعبود المألوه وهذا يدل على أنه من الممتنع المستحيل عقل أن يشرع‬
‫الله عبادة غيره أبدا وإنلله لللو كللان معلله معبللود سللواه لفسللدت السللماوات‬
‫والرض فقبح عبادة غيره قد استقر في الفطر والعقول وأن لللم يللرد النللبي‬
‫عنه شرع بل العقل يدل على أنه أقبح القبيح على الطلق وأنه من المحلال‬
‫أن يشرعه الله قللط فصلللح العللالم فللي أن يكلون الللله وحلده هلو المعبللود‬
‫وفساده وهلكه في أن يعبد معه غيره ومحال أن يشرع لعباده ما فيه فساد‬
‫العالم وهلكه بل هو المنزه عن ذلك ‪0‬‬
‫فصل وقد أنكر تعالى على من نسب إلى حكمته التسوية بين المختلفين‬
‫كالتسوية بين البرار والفجار فقال تعالى ^ أم نجعل الللذين آمنللوا وعملللوا‬
‫الصالحات كالمفسدين في الرض أم نجعل المتقين كالفجار ^ وقال تعللالى‬
‫أم حسللب الللذين اجللتر حللوا السلليئات أن نجعلهللم كالللذين آمنللوا وعملللوا‬
‫الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون فدل على أن هللذا حكللم‬
‫سيء قبيح ينزه الله عنه ولم ينكره سبحانه من جهة أنه أخللبر بلأنه ل يكللون‬
‫وإنما أنكره من جهة قبحه في نفسه وإنه حكم‬

‫‪ #‬سيء يتعالى ويتنزه عنه لمنافللاته لحكمتلله وغنللاه وكمللاله ووقللوع أفعللاله‬
‫كلها على السداد والصواب والحكمة فل يليق به أن يجعل الللبر كالفللاجر ول‬
‫المحسن كالمسيء ول المؤمن كالمفسد في الرض فدل على أن هذا قبيح‬
‫في نفسه تعالى الله عن فعله ‪ 0‬ومن هلذا أيضلا إنكلاره سلبحانه عللى ملن‬
‫جوز أن يترك عباده سدى فل يأمرهم ول ينهاهم ول يللثيبهم ول يعللاقبهم وأن‬
‫هذا الحسبان باطل والله متعال عنه لمنافاته لحكمته وكماله كما قال تعالى‬
‫^ أيحسب النسان أن يللترك سللدى ^ قللال الشللافعي رضللى الللله عنلله أي‬
‫مهمل ل يؤمر ول ينهى وقللال غيللره ل يثللاب ول يعللاقب والقللولن واحللد لن‬
‫الثواب والعقاب غاية المر والنهى فهللو سللبحانه خلقهللم للمللر والنهللى فللي‬
‫الدنيا والثواب والعقاب في الخرة فأنكر سبحانه على مللن زعللم أنلله يللترك‬
‫سدى إنكار من جعل في العقل اسللتقباح ذلللك واسللتهجانه وأنلله ل يليللق أن‬
‫ينسب ذلك إلى احكم الحاكمين ‪ # 0‬ومثله وقوله تعللالى ^ أفحسللبتم إنمللا‬
‫خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون فتعالى الللله الملللك الحللق ل إللله إل هللو‬
‫رب العرش الكريم ^ فنزه نفسه سبحانه وباعدها علن هلذا الحسلبان وأنله‬
‫يتعالى عنه ول يليق به لقبحه ولمنافاته لحكمته وملكه وإلهيته أفل ترى كيف‬
‫ظهر في العقل الشهادة بدينه وشرعه وبثوابه وعقابه وهذا يدل على إثبللات‬
‫المعاد بالعقل كما يدل على إثباته بالسمع وكذلك دينه وأمللره ومللا بعللث بلله‬
‫رسله هو ثابت في العقول جملة ثم علم بالوحي فقد تطابقت شهادة العقل‬
‫والوحي على توحيده وشرعه والتصديق بوعللده ووعيللده وأنلله سللبحانه دعللا‬
‫عباده على ألسنة رسله إلى ما وضع في العقول حسنه والتصديق به جملللة‬
‫فجاء الوحي مفصل مبينا ومقررا ومذكرا لما هو مركوز في الفطر والعقللول‬
‫ولهذا سأل هرقل أبا سفيان في جملة ما سأله مللن أدلللة النبللوة وشللواهدها‬
‫عما يأمر به النبي فقال بم يأمركم قللال يأمرنللا بالصلللة والصللدق والعفللاف‬
‫فجعل ما يأمر به من أدلة نبوته فأن أكذب الخلق وأفجرهم من أدعى النبوة‬
‫وهو كاذب فيها على الله وهذا محلال أن يلأمر إل بملا يليلق بكلذبه وفجلوره‬
‫وافترائه فدعوته تليق به وأما الصادق البار الذي هو أصللدق الخلللق وأبرهللم‬
‫فدعوته ل تكللون إل أكمللل دعللوة وأشللرفها وأجلهللا وأعظمهللا فللإن العقللول‬
‫والفطر تشهد بحسنها وصدق القائم بها فلو كانت الفعللال كلهللا سللواء فللي‬
‫نفس المر لم يكن هناك فرقان بين ما يجوز أن يللدعو إليلله الرسللول ومللال‬
‫يجوز أن يدعو إليه إذ العرف وضده إنما يعلم بنفس الللدعوة والمللر والنهللي‬
‫وكذلك مسئلة النجاشي لجعفر وأصحابه عما يدعو إليه الرسول فللدل علللى‬
‫أنه من المستقر في العقول والفطر انقسام الفعال إلى قبيح وحسللن فللي‬
‫نفسه وأن الرسل تدعو إلى حسنها وتنهى عللن قبيحهللا وأن ذلللك مللن آيللات‬
‫صدقهم وبراهين رسالتهم وهو أولى وأعظم عند أولي اللباب والحجللى مللن‬
‫مجرد خوارق‬

‫‪ #‬العادات وإن كان انتفاع ضعفاء العقول بالخوارق في اليمان أعظللم مللن‬
‫انتفاعهم بنفس الدعوة وما جاء به من اليمان فطرق الهداية متنوعة رحمة‬
‫من الله بعباده ولطفا بهم لتفاوت عقولهم وأذهانهم وبصللائرهم فمنهللم مللن‬
‫يهتدي بنفس ما جاء به وما دعا إليه من غير أن يطلب منه برهانا خارجا عن‬
‫ذلك كحال الكمل من الصحابة كالصديق رضي الله عنه ومنهللم مللن يهتللدي‬
‫بمعرفته بحاله وما فطر عليلله مللن كمللال الخلق والوصللاف والفعللال وأن‬
‫عادة الله أن ل يخزي مللن قللامت بلله تلللك الوصللاف والفعللال لعلملله بللالله‬
‫ومعرفته به وإنه ل يخللزي مللن كللان بهللذه المثابللة كمللا قللالت أم المللؤمنين‬
‫خديجة رضي الله عنها له إبشر فوالله لن يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحللم‬
‫وتصدق الحديث وتحملل الكلل وتقلري الضلعيف وتعيلن عللى نلوائب الحلق‬
‫فاستدلت بمعرفتها بالله وحكمته ورحمته على أن من كان كذلك فإن الله ل‬
‫يخزيه ول يفضحه بل هو جدير بكرامة الله واصطفائه ومحبتلله وتلوبته وهللذه‬
‫المقامات في اليمان عجز عنها أكثر الخلق فاحتاجوا إلى اليللات والخللوارق‬
‫واليات المشهودة بالحس فآمن كثير منهم عليها وأضعف الناس إيمانللا مللن‬
‫كان إيمانه صادرا من المظهر ورؤية غلبته للنللاس فاسللتدلوا بللذلك المظهللر‬
‫والغلبة والنصرة على صحة الرسالة فأين بصائر هؤلء من بصللائر مللن آمللن‬
‫به وأهل الرض قللد نصللبوا للله العللداوة وقللد نللاله مللن قللومه ضللروب الذى‬
‫وأصحابه في غاية قلة العدد والمخافة من النللاس ومللع هللذا فقلبلله ممتلىللء‬
‫باليمان واثق بأنه سيظهر على المم وأن دينه سيعلو كل دين وأضعف مللن‬
‫هؤلء إيمانا من إيمانه إيمان العادة والمربللا والمنشللأ فللإنه نشللأ بيللن أبللوين‬
‫مسلمين وأقارب وجيران وأصحاب كذلك فنشأ كواحد منهم ليس عنده مللن‬
‫الرسول والكتاب إل اسمهما ول من الدين إل ما رأى عليه أقللاربه وأصللحابه‬
‫فهذا دين العوائد وهو أضعف شيء وصاحبه بحسب من يقترن به فلو قيللض‬
‫له من يخرجه عنه لم يكن عليه كلفة في النتقال عنه والمقصود أن خواص‬
‫المة ولبابها لما شهدت عقولهم حسن هذا الدين وجللتلله وكمللاله وشللهدت‬
‫قبح ما خالفه ونقصه ورداءته خالط اليمان به ومحبته بشاشللة قلللوبهم فلللو‬
‫خير بين أن يلقى في النار وبين أن يختار دينها غيللره لختللار أن يقللذف فللي‬
‫النار وتقطع أعضاؤه ول يختار دينا غيره وهذا الضرب من الناس هللم الللذين‬
‫استقرت أقدامهم في اليمان وهم أبعللد النللاس عللن الرتللداد عنلله وأحقهللم‬
‫بالثبات عليه إلى يوم لقاء الله ولهذا قال هرقل لبي سفيان أيرتد أحد منهم‬
‫عن دينه سخطة له قال ل قال فكذلك اليمان إذ خلالطت بشاشلته القلللوب‬
‫ل يسخطه أحد والمقصود أن الداخلين في السلم المستدلين على أنه مللن‬
‫عند الله لحسنه وكماله وأنه دين الله الذي ل يجوز أن يكون من عنللد غيللره‬
‫هم خللواص الخلللق والنفللاة سللدوا علللى أنفسللهم هللذا الطريللق فل يمكنهللم‬
‫سلوكه‬

‫فصل وتحقيق هذا المقام بالكلم في مقامين أحدهما في العمال خصوصا‬


‫ومراتبها في الحسن والقبح والثاني في الموجللودات عمومللا ومراتبهللا فللي‬
‫الخير والشر أما المقام الول فالعمال إما أن تشتمل على مصلحة خالصللة‬
‫أو راجحة واما أن تشتمل على مفسلدة خالصلة أو راجحلة واملا أن تسللتوي‬
‫مصلحتها ومفسدتها فهذه أقسام خمسة منها أربعة تأت بها الشللرائع فتللأتي‬
‫بما مصلحته خالصة أو راجحة آمرة به مقتضية للله ومللا مفسللدته خالصللة أو‬
‫راجحة فحكمها فيلله النهللي عنلله وطلللب إعللدامه فتللأتي بتحصلليل المصلللحة‬
‫الخالصة ولراجحه أو تكميلهما بحسب المكان وتعطيللل المفسللدة الخالصللة‬
‫أو الراجحة أو تقليلهما بحسب المكان فمدار الشرائع والديانات علللى هللذه‬
‫القسام الربعة وتنازع الناس هنا في مسئلتين ‪ #‬المسئلة الولى في وجود‬
‫المصلحة الخالصة والمفسدة الخالصة فمنهم مللن منعلله وقللال ل وجللود للله‬
‫قال لن المصلحة هي النعيم واللذة وما يفضي إليه والمفسدة هللي العللذاب‬
‫واللم وما يفضي إليه قالوا والمأمور به ل بد أن يقترن به ما يحتاج معه إلى‬
‫الصبر على نوع من اللم وإن كان فيه لذة سللرور وفللرح فل بللد مللن وقللوع‬
‫أذى لكن لما كان هذا مغمورا بالمصلحة لم يلتفت إليه ولم تعطل المصلللحة‬
‫لجله فترك الخير الكثير الغالب لجل الشر القليل المغلوب شر كللثير قللالوا‬
‫وكذلك الشر المنهي عنه إنما يفعله النسان لن للله فيلله غرضللا ووطللرا مللا‬
‫وهذه مصلحة عاجلة له فللإذا نهللى عنلله وتركلله فللأتت عليلله مصلللحته ولللذته‬
‫العاجلة وإن كانت مفسدته أعظم من مصلللحته بللل مصلللحته مغمللورة جللدا‬
‫في جنب مفسدته كما قال تعالى في الخمر والميسر ^ قل فيهما إثم كللبير‬
‫ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ^ فالربا والظلم والفواحش والسحر‬
‫وشرب الخمر وإن كانت شرورا ومفاسد ففيها منفعة وللذة لفاعلهللا وللذلك‬
‫يؤثرها ويختارها وإل فلو تجردت مفسدتها من كل وجه لما أثرها العاقللل ول‬
‫فعلها أصل ولما كانت خاصة العقل النظر إلى العواقب والغايات كان أعقللل‬
‫الناس أتركهم لمللا ترجحللت مفسللدته فللي العاقبللة وإن كللانت فيلله لللذة مللا‬
‫ومنفعة يسلليرة بالنسللبة إلللى مضللرته ‪ #‬ونللازعهم آخللرون وقللالوا القسللمة‬
‫تقتضي إمكان هذين القسمين والوجود يدل على وقوعهما فإن معرفللة الللله‬
‫ومحبته واليمان به خير محض من كل وجه ل مفسدة فيهللا بللوجه مللا قللالوا‬
‫ومعلوم أن الجنة خير محض ل شر فيها أصللل وإن النللار شللر محللض ل خيللر‬
‫فيلله أصللل وإذا كللان هللذان القسللمان موجللودان فللي الخللرة فمللا المخللل‬
‫بوجودهما في الدنيا قالوا أيضا فالمخلوقات كلها منها مللا هللو خيللر محللض ل‬
‫شر فيه أصل كالنبياء والملئكة ‪ #‬ومنهللا هللو شللر محللض ل خيللر فيلله أصللل‬
‫كإبليس والشياطين ومنها ما هو خير وشر وأحدهما غالب عللى الخلر فملن‬
‫الناس من يغلب خيره على شره ومنهم من‬

‫‪ #‬يغلب شللره علللى خيللره فهكللذا العمللال منهللا مللا هللو خللالص المصلللحة‬
‫وراجحها وخللالص المفسللدة وراجحهللا هللذا فللي العمللال كمللا أن ذلللك فللي‬
‫العمال قالوا وقد قال تعالى في السحرة ^ ويتعلمون ما يضرهم ول ينفعهم‬
‫^ فهذا دليل على أنه مضللرة خالصللة ل منفعللة فيهللا إمللا لن بعللض أنللواعه‬
‫مضرة خالصة ل منفعة فيها بوجه فما كل السحر يحصل غرض السللاحر بللل‬
‫يتعلم مائة باب منه حتى يحصل غرضه باب والبللاقي مضللرة خالصللة وقللس‬
‫على هذا فهلذا ملن القسلم الخلالص المفسلدة وإملا لن المنفعلة الحاصللة‬
‫للساحر لما كانت مغمورة مستهلكة في جنب المفسدة العظيمة فيه جعلت‬
‫كل منفعته فيكون من القسم الراجح المفسدة وعلى القللولين فكللل مللأمور‬
‫به فهو راجح المصلحة على تركه وإن كان مكروها للنفوس قال تعالى كتب‬
‫عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيللرا لكللم وعسللى‬
‫أن تحبوا شيئا وهو شرا لكم والللله يعلللم وأنتللم ل تعلمللون فللبين أن الجهللاد‬
‫الذي أمروا به وإن كان مكروها للنفوس شاقا عليها فمصلللحته راجحللة وهللو‬
‫خير لهم وأحمد عاقبة وأعظم فائدة من التقاعد عنله وإيثلار البقلاء والراحلة‬
‫فالشر الذي فيه مغمور بالنسبة إلى ما تضمنه من الخير وهكللذا كللل منهللي‬
‫عنه فهو راجح المفسدة وإن كان محبوبا للنفللوس موافقللا للهللوى فمضللرته‬
‫ومفسللدته أعظللم ممللا فيلله مللن المنفعللة وتلللك المنفعللة واللللذة مغمللورة‬
‫مستهلكة في جنب مضرته كما قال تعللالى ^ وإثمهمللا أكللبر ملن نفعهملا ^‬
‫وقال وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرا لكم وفصل الخطاب فللي المسللئلة إذا‬
‫أريد بالمصلحة الخالصلة أنهلا فلي نفسلها خالصلة ملن المفسللدة ل يشلوبها‬
‫مفسدة فل ريب في وجودها وإن أريد بها المصلحة الللتي ل يشللوبها مشللقة‬
‫ول أذى في طريقهللا والوسلليلة إليهللا ول فللي ذاتهللا فليسللت بموجللودة بهللذا‬
‫العتبار إذ المصالح والخيرات واللذات والكمالت كلها ل تنللال إل بحللظ مللن‬
‫المشقة ول يعبر إليها إل على جسر مللن التعللب وقللد أجمللع عقلء كللل أمللة‬
‫على أن النعيم ل يدرك بالنعيم وإن من آثر الراحة فاتته الراحة وإن بحسللب‬
‫ركوب الهوال وإحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة فل فرحللة لملن ل هللم‬
‫له ول لذة لمن ل صبر له ول نعيم لمن ل شقاء له ول راحة لمن ل تعللب للله‬
‫بل إذا تعب العبد قليل استراح طويل وإذا تحمل مشللقة الصللبر سللاعة قللاده‬
‫لحياة البد وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر سللاعة والللله المسللتعان‬
‫ول قوة إل بالله وكلما كانت النفوس أشللرف والهمللة أعل كللان تعللب البللدن‬
‫أوفر وحظه من الراحة أقل كما قال المتنبي ‪ # :‬وإذا كللانت النفللوس كبللارا‬
‫‪ %‬تعبت في مرادها الجسام ‪ #‬وقللال ابللن الرومللي ‪ # :‬قلللب يظللل علللى‬
‫أفكللاره وئد ‪ %‬تمضللي المللور ونفللس لهوهللا التعللب ‪ #‬وقللال مسلللم فللي‬
‫صحيحه قال يحيى بن أبي كثير ل ينال العلم براحة البدن ول ريب‬

‫‪ #‬عند كل عاقللل أن كمللان الراحللة بحسللب التعللب وكمللال النعيللم بحسللب‬


‫تحمل المشللاق فللي طريقلله وإنمللا تخلللص الراحللة واللللذة والنعيللم فللي دار‬
‫السلم فأما في هذه الللدار فكل ولمللا ‪ #‬وبهللذا التفصلليل يللزول النللزاع فللي‬
‫المسئلة وتعود مسئلة وفاق‬
‫فصل وأما المسئلة الثانية وهي ما تساوت مصلحته ومفسدته فقد اختلف‬
‫في وجوده وحكمه فاثبت وجوده قللوم ونفللاه آخللرون ‪ #‬والجللواب أن هللذا‬
‫القسم ل وجود له إن حصره التقسلليم بللل التفصلليل إمللا أن يكللون حصللوله‬
‫أولى بالفاعل وهو راجح المصلحة وإما أن يكون عدمه أولى بلله وهللو راجللح‬
‫المفسدة وأما فعل يكون حصوله أولى لمصلحته وعدمه أولى بلله لمفسللدته‬
‫وكلهما متساويان فهذا مما لم يقم دليل على ثبوته بل الدليل يقتضي نفيلله‬
‫فإن المصلحة والمفسدة والمنفعة والمضرة واللذة واللللم إذا تقللابل فل بللد‬
‫أن يغلب أحدهما الخر فيصير الحكم للغالب وأما أن يتدافعا ويتصادما بحيث‬
‫ل يغلب أحدهما الخر فغير واقع فإنه إمللا أن يقللال يوجللد الثللران معللا وهللو‬
‫محال لتصادمها في المحل الواحد وإما أن يقال يمتنع وجود كل من الثريللن‬
‫وهو ممتنع لنه ترجيح لحد الجائزين من غير مرجح وهذا المحللال إنمللا نشللأ‬
‫من فرض تدافع المؤثرين وتصللادمهما فهللو محللال فل بللد أن يقهللر أحللدهما‬
‫صاحبه فيكون الحكم له فللإن قيللل مللا المللانع مللن أن يمتنللع وجللود الثريللن‬
‫قللولكم أنلله محللال لوجللود مقتضلليه إن أردتللم بلله المقتضللى السللالم عللن‬
‫المعللارض فغيللر موجللود وإن أردتللم المقتضللى المقللارن لوجللود المعللارض‬
‫فتخلف أثره عنه غير ممتنع والمعارض قائم ههنللا فللي كللل منهمللا فل يمتنللع‬
‫تخلف الثرين فالجواب أن المعارض إذا كان قد سلب تللأثير المقتضللى فللي‬
‫موجبه مع قوته وشدة اقتضائه لثره ومللع هللذا فقللد قللوى علللى سلللبه قللوة‬
‫التأثير والقتضاء فلن يقوى على سلبه قوة منعلله لتللأثيره هللو فللي مقتضللاه‬
‫وموجبه بطريق الولى ووجه الولوية أن اقتضاءه لثره اشد من منعلله تللأثير‬
‫غير فإذا قوى على سلبه للقوى فسلبه للضعف أولى وأحرى فإن قيل هللذا‬
‫ينتقض بكل مانع يمنع تأثير العلة في معلولها وهو باطل قطعا قيل ل ينتقض‬
‫بما ذكرتم والنقض مندفع فإن العلة والمانع ههنا لم يتدافعا ويتصادما ولكللن‬
‫المانع أضعف العلة فبطللل تأثيرهللا فهللو عللائق لهللا عللن القتضللاء وأمللا فللي‬
‫مسئلتنا فالعلتان متصادمتان متعارضتان كل منهما تقتضي أثرهللا فلللو بطللل‬
‫أثرهما لكانت كل واحدة مؤثرة غير مؤثرة غالبة مغلوبة مانعة ممنوعة وهذا‬
‫يمتنع وهو دليل يشبه دليل التمانع وسر الفرق أن العلللة الواحللدة إذا قارنهللا‬
‫مانع منع تأثيرها لم تبق مقتضية له بل المانع عاقها عن اقتضائها وهللذا غيللر‬
‫ممتنع وأما العلتان المتمانعتان اللتان كل منهما مانعللة للخللرى مللن تأثيرهللا‬
‫فإن تمانعهما وتقابلهما يقتضي إبطال كل واحدة منهما للخرى وتأثيرها‬

‫‪ #‬فيها وعدم تأثيرها معا وهو جمع بين النقيضللين لنهللا إذا بطلللت لللم تكللن‬
‫مؤثرة وإذا لم تكن مؤثرة لم تبطللل غيرهللا فتكللون كللل منهمللا مللؤثرة غيللر‬
‫مؤثرة باطلة غير باطلة وهذا محال فثبت أنهما ل بللد أن تللؤثر إحللداهما فللي‬
‫الخرى بقوتها فيكون الحكم لها ‪ #‬فإن قيل فما تقولون فيمن توسط أرضللا‬
‫مغصوبة ثم بدا له في التوبة فإن أمرتموه باللبث فهللو محللال وإن أمرتمللوه‬
‫بقطعها والخروج من الجانب الخللر فقللد أمرتمللوه بالحركللة والتصللرف فللي‬
‫ملك الغير وكذلك إن أمرتموه بالرجوع فهو حركللة منلله وتصللرف فللي ارض‬
‫الغصب فهذا قد تعارضت فيلله المصلللحة والمفسللدة فمللا الحكللم فللي هللذه‬
‫الصورة وكذلك من توسط بين فئة مثبتة بالجراح منتظرين للموت وليس له‬
‫انتقال إل على أحدهم فإن أقام على من هو فوقه قتله وان انتقل إلى غيره‬
‫قتله فقد تعارضت هنا مصلحة النقلة ومفسللدتها علللى السللواء وكللذلك مللن‬
‫طلع عليه الفجر وهو مجامع فإن أقللام أفسللد صللومه وان نللزع فللالنزع مللن‬
‫الجماع والجماع مركب من الحركتين فهاهنا أيضا قد تضادت العلتان وكذلك‬
‫أيضا إذا تترس الكفار بأسرى من المسلمين هللم بعللدد المقاتلللة ودار المللر‬
‫بين قتل الترس وبين الكف عنلله وقتللل الكفللار المقاتلللة المسلللمين فهاهنللا‬
‫أيضا قد تقابلت المصلحة والمفسدة على السواء وكذلك أيضا إذا ألقى فللي‬
‫مركبهم نار وعاينوا الهلك بها فان أقاموا احترقوا وان لجؤا إلى الماء هلكوا‬
‫بالغرق وكذلك الرجل إذا ضاق عليه الوقت ليلة عرفة ولللم يبللق منلله إل مللا‬
‫يسع قدر صلة العشاء فان اشتغل بها فللاته الوقللوف وان اشللتغل بالللذهاب‬
‫إلى عرفة فاتته الصلة فهاهنا تحد تعارضت المصلللحتان والمفسللدتان علللى‬
‫السواء وكذلك الرجل إذا استيقظ قبل طلوع الشمس وهو جنللب ولللم يبللق‬
‫ملن اللوقت إل ملا يسلع قدرالغسلل أو الصللة بلالتيمم فلان اغتسلل فلاتته‬
‫مصلحة الصلة في الوقت وإن صلللى بللالتيمم فللاتته مصلللحة الطهللارة فقللد‬
‫تقللابلت المصلللحة والمفسللدة وكللذلك إذا اغتلللم البحللر بحيللث يعلللم ركبللان‬
‫السفينة أنهم ل يخلصون إل بتغريق شطر الركبان لتخف بهم السللفينة فللان‬
‫ألقوا شطرهم كان فيه مفسدة وان تركوهم كان فيه مفسللدة فقللد تقللابلت‬
‫المفسدتان والمصلحتان على السللواء وكللذلك لللو أكللره رجللل علللى إفسللاد‬
‫درهم مللن درهميللن متسللاويين أو إتلف حيللوان مللن حيللوانين متسللاويين أو‬
‫شرب قدح من قدحين متساويين أو وجد كافرين قويين في حال المبارزة ل‬
‫يمكنه إل قتل أحدهما أو قصد المسلمين عدوان متكافئان من كل وجه فللي‬
‫القرب والبعد والعدد والعداوة فانه في هذه الصللور كلهللا تسللاوت المصللالح‬
‫والمفاسد ول يمكنكم ترجيح أحد ملن المصللحتين ول أحلد ملن المفسلدتين‬
‫ومعلوم أن هذه حوادث ل تخلو من حكم لله فيها وأما ما ذكرتم مللن امتنللاع‬
‫تقابل المصلحة والمفسدة على السواء فكيف عليكم إنكللاره وأنتللم تقولللون‬
‫بالموازنة وإن من الناس من تستوي حسناته وسيئاته فيبقللى فللي العللراف‬
‫بين الجنة والنار لتقابل مقتضى الثواب والعقاب في حقه فان حسناته‬

‫‪ #‬قصرت به عن دخول النار وسيئاته قصرت به عن دخول الجنة وهذا ثابت‬


‫عن الصحابة حذيفللة ابللن اليمللان وابللن مسللعود وغيرهمللا ‪ #‬فللالجواب مللن‬
‫وجهين مجمل ومفصل ‪ #‬وأما المجمل فليس في شلليء ممللا ذكرتللم دليللل‬
‫على محل النزاع فان مورد النزاع أن تتقابل المصلحة والمفسللدة وتتسللاويا‬
‫فيتدافعا ويبطل أثرهمللا وليللس فللي هللذه الصللور شلليء كللذلك وهللذا يتللبين‬
‫بالجواب التفصيلي عنها صورة فأما من توسط أرضللا مغصللوبة فللإنه مللأمور‬
‫من حين دخل فيهلا بلالخروج منهلا فحكلم الشلارع فلي حقله المبلادرة إللى‬
‫الخروج وان استلزم ذلك حركة في الرض المغصللوبة فإنهللا حركللة تتضللمن‬
‫ترك الغصب فهي من باب مال خلص عن الحرام إل به وان قيل إنها واجبللة‬
‫فوجوب عقلي لزومي ل شرعي مقصود فمفسدة هذه الحركة مغمورة فللي‬
‫مصلحة تفريغ الرض والخروج عن الغصب وإذا قدر تساوي الجواب بالنسبة‬
‫إليه فالواجب القدر المشللترك وهللو الخللروج مللن أحللدها وعلللى كللل تقللدير‬
‫فمفسدة هذه الحركة مغمورة جدا فللي مصلللحة تللرك الغصللب فليللس ممللا‬
‫نحن فيه بسبيل وأما مسئلة من توسط بين قتلى ل سبيل له إلى المقللام أو‬
‫النقلة إل بقتل أحدهم فهذا ليس مكلفا فللي هللذه الحللال بللل هللو فللي حكللم‬
‫الملجأ والملجأ ليس مكلفا اتفاقا فإنه ل قصلد لله ول فعلل وهلذا ملجلأ ملن‬
‫حيث أنه ل سبيل له إلى ترك النقلة عن واحد إل إلى الخللر فهللو ملجللأ إلللى‬
‫لبثه فوق واحد ول بد ومثل هذا ل يوصللف فعللله بإباحللة ول تحريللم ول حكللم‬
‫من أحكام التكليف لن أحكام التكليللف منوطللة بالختيللار فل تتعلللق بمللن ل‬
‫اختيار له فلو كان بعضهم مسلما وبعضهم كافرا مع اشتراكهم فللي العصللمة‬
‫فقد قيل يلزمه النتقال إلى الكافر أو المقام عليلله لن قتلله أخلف مفسللدة‬
‫من قتل المسلم ولهذا يجوز قتل من ل يقتللله فللي المعركللة إذا تللترس بهللم‬
‫الكفار فيرميهم ويقصد الكفار ‪ #‬وأمللا مللن طلللع عليلله الفجللر وهللو مجللامع‬
‫فالواجب عليه النزع عينا ويحرم عليه استدامة الجماع واللبث وإنمللا اختلللف‬
‫في وجوب القضاء والكفارة عليه على ثلثة أقوال في مذهب أحمللد وغيللره‬
‫‪ #‬أحدها عليه القضاء والكفارة وهذا اختيللار القاضللي أبللي يعلللي والثللاني ل‬
‫شيء عليلله وهللذا اختيللار شلليخنا وهللو الصللحيح والثللالث عليلله القضللاء دون‬
‫الكفارة وعلى القوال كلها فالحكم في حقه وجوب النللزع والمفسللدة الللتي‬
‫فللي حركللة النللزع مفسللدة مغمللورة فللي مصلللحة إقلعلله ونزعلله فليسللت‬
‫المسئلة من موارد النزاع وأما إذا تترس الكفار بأسرى من المسلمين بعللدد‬
‫المقاتلة فانه ل يجوز رميهللم إل أن يخشللى علللى جيللش المسلللمين وتكللون‬
‫مصلحة حفظ الجيش أعظم من مصلحة حفظ السارى فحينئذ يكللون رمللي‬
‫السارى ويكون من باب دفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما فلو انعكس‬
‫المر وكانت مصلحة السرى أعظم من رميهم لم يجز رميهم ‪ #‬فهذا الباب‬
‫مبنللي علللى دفللع أعظللم المفسللدتين بأدناهمللا وتحصلليل أعظللم لمصلللحتين‬
‫بتفويت أدناهما فان فرض الشك وتساوي المران لم يجز رمي السرى لنه‬
‫‪ #‬على يقين من قتلهم وعلى ظن وتخمين من قتللل أصللحابه وهلكهللم ولللو‬
‫قدر أنهم تيقنوا ذلك ولم يكن في قتلهم استباحة ببضه السلم وغلبة العللدو‬
‫على الديار لم يجز أن يقي نفوسهم بنفلوس السلرى كملا ل يجلوز للمكلره‬
‫علللى قتللل المعصللوم أن يقتللله ويقللي نفسلله بنفسلله بللل الللواجب عليلله أن‬
‫يستسلم للقتل ول يجعل النفوس المعصومة وقاية لنفسه وأما إذا ألقى في‬
‫مركبهم نار فانهم يفعلون ما يرون السلمة فيه وان شكوا هل السلمة فللي‬
‫في مقامهم أو في وقوعهم في الماء أو تيقنوا الهلك في الصورتين أو غلب‬
‫على ظنهم غلبة متساوية ل يترجح أحد طرفيهللا ففللي الصللور الثلث قللولن‬
‫لهل العلم وهما روايتان منصوصتان عللن أحللد إحللداهما أنهللم يخيللرون بيللن‬
‫المرين لنهما موتتان قد عرضتا لهم فلهم أن يختاروا أيسللرهما عليهللم إذ ل‬
‫بد من أحدهما وكلهما بالنسبة إليهم سواء فيخيلرون بينهملا والقلول الثلاني‬
‫أن يلزمهم المقام ول يعينللون علللى أنفسللهم لئل يكللون مللوتهم بسللبب مللن‬
‫جهتهم وليتمحص موتهم شهادة بأيدي عدوهم وأملا اللذي ضلاق عليله وقلت‬
‫الوقوف بعرفة والصلة فإن الواجب في حقلله تقللوى الللله بحسللب المكللان‬
‫وقد اختلف في تعيين ذلك الواجب على ثلثة أقوال في مذهب أحمد وغيره‬
‫أحدها أن الواجب في حقه معينا إيقاع الصلة فللي وقتهللا فإنهللا قللد تضلليقت‬
‫والحج لم يتضيق وقته فإنه إذا فعله في العام القابل لم يكن قد أخرجه عن‬
‫وقته بخلف الصلة والقول الثاني أنه يقدم الحج ويقضى الصلة بعد الللوقت‬
‫لن مشقة فواته وتكلفه إنشاء سفر آخر أو إقامة في مكة إلللى قابللل ضللرر‬
‫عظيم تأبللاه الحنيفيللة السللمحة فيشللتغل بللادراكه ويقضللى الصلللة والثللالث‬
‫يقضى الصلة وهو سائر إلى عرفة فيكللون فللي طريقلله مصللليا كمللا يصلللى‬
‫الهارب من سيل أو سبع أو عدو ايفاقا أو الطالب لعدو يخشللى فللواته علللى‬
‫أصح القولين وهذا أقيس القوال وأقربها إلى قواعد الشرع ومقاصللده فللإن‬
‫الشريعة مبناها على تحصليل المصلالح بحسلب المكلان وأن ل يفلوت منهلا‬
‫شيء فإن أمكن تحصلليلها كلهللا حصلللت وإن تزاحمللت ولللم يمكللن تحصلليل‬
‫بعضها إل بتفويت البعض قدم أكملها وأهمها وأشدها طلبا للشارع وقللد قللال‬
‫عبد الله بن أبي أنيس بعثني رسول الله إلى خالد ابن سفيان العرنى وكللان‬
‫نحو عرنة وعرفات فقال اذهب فاقتله فرأيته وحضرت صلة العصللر فقلللت‬
‫إني أخاف أن يكون بيني وبينه مللا أن أؤخللر الصلللة فللانطلقت أمشللي وأنللا‬
‫أصلى أومي ايماء نحوه فلما دنوت منه قال لللي مللن أنللت قلللت رجللل مللن‬
‫العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك قال أني لفي ذلك قللال‬
‫فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حللتى يللرد رواه أبللو داود‬
‫‪ #‬وأما مسألة المسللتيقظ قبلل طللوع الشلمس جنبلا وضلليق اللوقت عليله‬
‫بحيث ل يتسع للغسل والصلة فهذا الواجب في حقه عند جمهور العلماء أن‬
‫يغتسل وأن طلعت الشمس ول تجزيه الصلة بالتيمم لنلله واجللد للمللاء وأن‬
‫كان غير مفرط في نومه فل إثم عليه‬
‫‪ #‬كما لو نام حتى طلعت الشمس والواجب في حقه المبادرة إلللى الغسللل‬
‫والصلة وهذا وقتها في حق أمثاله وعلللى هللذا القللول الصللحيح فل يتعللارض‬
‫هاهنا مصلحة ومفسدة متساويتان بل مصلحة الصلللة بالطهللارة أرجللح مللن‬
‫إيقاعها في الوقت بالتيمم وفي المسألة قول ثان وهو رواية عللن مالللك أنلله‬
‫يتيمم ويصلى في الوقت لن الشارع له التفات إلى إيقاع الصلة في الوقت‬
‫بالتيمم أعظم من التفاته إلى إيقاعهلا بطهللارة الملاء خلارج اللوقت والعلدم‬
‫المبيح للتيمم هو العدم بالنسبة إلى وقت الصلة ل مطلقا فإنه ل بد أن يجد‬
‫الماء ولو بعد حين ومع هذا فأوجب عليلله الشللارع الللتيمم لنلله عللادم للمللاء‬
‫بالنسبة إلى وقت الصلة وهكذا هذا النائم وأن كان واجدا للماء لكنلله عللادم‬
‫بالنسبة إلى الوقت وصلاحب هلذا القلول يقلول مصللحة إيقلاع الصللة فلي‬
‫الوقت بالتيمم أرجح في نظر الشارع من إيقاعها خارج الوقت بطهارة الماء‬
‫فعلى كل القولين لم تتساو المصلحة والمفسللدة فثبللت أنلله ل وجللوب لهللذا‬
‫القسم في الشرع ‪ #‬وأما مسألة اغتلم البحر فل يجوز إلقاء أحد منهم فللي‬
‫البحر بالقرعة ول غيرها لسللتوائهم فللي العصللمة وقتللل مللن ل ذنللب وقايللة‬
‫لنفس القاتل به وليس أولى بذلك منه ظلم نعم لو كان في السفينة مال أو‬
‫حيللوان وجللب إلقللاء الملال ثللم الحيللوان لن المفسللدة فللي فللوات المللوال‬
‫والحيوانات أولى من المفسللدة فللي فللوات أنفللس النللاس المعصللومة وأمللا‬
‫سائر الصور التي تساوت مفاسدها كإتلف الدرهمين والحيوانين وقتللل أحللد‬
‫العدوين فهذا الحكم فيه التخيير بينهما لنلله ل بللد مللن أتلف أحللدهما وقايللة‬
‫لنفسه وكلهما سواء فيخيللر بينهمللا وكللذلك العللدوان المتكللافئان يخيللر بيللن‬
‫قتالهما كالواجب المخير والولي وأما من تسللاوت حسللناته وسلليئاته وتللدافع‬
‫أثرهما فهو حجة عليكم فإن الحكم للحسنات وهللي تغلللب السلليئات فللإنه ل‬
‫يدخل النار ولكنه يبقي على العراف مدة ثم يصير إلى الجنة فقد تبين غلبة‬
‫الحسنات لجانب السيئات ومنعها من ترتللب أثرهللا عليهللا وان الثللر هللو أثللر‬
‫الحسنات فقط فبان أنه ل دليل حكم لكم على وجود هذا القسللم أصللل وان‬
‫الدليل يدل على امتناعه فأن قيل لكم فما قولكم فيما إذا عارض المفسللدة‬
‫مصلحة أرجع منها وترتلب الحكللم عللى الراجللح هللل يللترتب عليلله ملع بقلاء‬
‫المرجوح من المصلحة والمفسدة لكنه لما كان مغمللورا لللم يلتفللت إليلله أو‬
‫يقولون أن المرجوح زال أثره بالراجح فلم يبق له أثر ‪ #‬ومثال ذلك أن الله‬
‫تعالى حرم الميتة والدم ولحم الخنزير لما في تناولها من المفسدة الراجحة‬
‫وهو خبث التغذية والغازي شللبيه بالمغتللذى فيصللير المفتللذي بهللذه الخبللائث‬
‫خبيث النفس فمن محاسن الشريعة تحريم هذه الخبائث فللإن اضللطر إليهللا‬
‫وخاف على نفسه الهلك أن لم يتناولها أبيحت له فهل إباحتها والحالللة هللذه‬
‫مع بقاء وصلف الخبلث فيهلا لكلن عارضله مصللحة أرجلح منله وهلي حفلظ‬
‫النفس أو إباحتها أزالت وصف الخبث منها فما أبيح له إل طيب‬

‫‪ #‬وإن كان خبيثا في حال الختيار قيل هذا موضع دقيق وتحقيقلله بسللتدعي‬
‫اطلعا على أسرار الشريعة والطبيعة فل تستهونه وأعطه حقلله مللن النظللر‬
‫والتأمل وقد اختلف الناس فيه علللى قللولين فكللثير منهللم أو أكللثرهم سلللك‬
‫مسالك الترجيح مع بقاء وصف الخبث فيه وقال مصلحة حفظ النفس أرجح‬
‫من مفسدة خبث التغذية وهذه قول من لم يحقق النظر ويمعن التأمللل بللل‬
‫استرسل مع ظاهر المور والصواب أن وصف الخبث منتف حال الضللطرار‬
‫وكشف الغطللاء عللن المسللألة أن وصللف الخبللث غيللر مسللتقل بنفسلله فللي‬
‫المحل المتفللذي بلله بللل هللو متولللد مللن القابللل والفاعللل فهللو حاصللل مللن‬
‫المتفذي والمفتلذي بله ونظيلره تلأثير السلم فلي البلدن هلو موقلوف عللى‬
‫الفاعل والمحل القابل إذا علم ذلك فتناول هذه الخبائث فللي حللال الختيللار‬
‫يوجب حصول الثر المطلوب عللدمه فللإذا كللان المتنللاول لهللا مضللطرا فللإن‬
‫ضرورته تمنع قبول الخبث الذي في المفتذي به فلم تحصل تلللك المفسللدة‬
‫لنها مشروطة بالختيار الذي به يقبل المحل خبث التغذية فإذا زال الختيللار‬
‫زال شرط القبول فلم تحصل المفسدة أصل وإن اعتللاص هللذا علللى فهمللك‬
‫فانظر في الغذية والشربة الضارة التي ل يختلللف عنهللا الضللرر إذا تناولهللا‬
‫المختار الواجد لغيرها فإذا اشتدت ضللرورته إليهللا ولللم يجللد منهلا بللدا فإنهلا‬
‫تنفعه ول يتولد له منها ضرر أصل لن قبول طبيعته لهللا وفللاقته إليهللا وميللله‬
‫منعه من التضللرر بهللا بخلف حللال الختيللار وأمثلللة ذلللك معلومللة مشللهودة‬
‫بالحس فإذا كان هذا في الوصاف الحسية المؤثرة في محالها بللالحس فمللا‬
‫الظن بالوصاف المعنوية التي تأثيرها إنما يعلم بالعقل أو بالشللرع فل تظللن‬
‫أن الضرورة أزالت وصف المحل وبدلته فأنا لللم تقللل هللذا ول يقللوله عاقللل‬
‫وإنما الضرورة منعت تأثير الوصف وأبطلته فهي من باب المانع الللذي يمنللع‬
‫تأثير المقتضى ل أنه يزيل قوته أل ترى أن السلليف الحللاد إذا صللادف حجللرا‬
‫فإنه يمنع قطعه وتأثيره لنلله يزيلل حللدته وتهيللأه لقطلع القابللل ونظيللر هللذا‬
‫الملبس المحرمة إذا اضطر إليها فإن ضرورته تمنللع ترتللب المفسللدة الللتي‬
‫حرمت لجلها فإن قال فهذا ينتقض عليكللم بتحريللم نكللاح المللة فللإنه حللرم‬
‫للمفسدة التي تتضمنه من ارقاق ولللده ثللم أبيللح عنللد الضللرورة إليلله وهللي‬
‫خوف العنة الذي هو اعظم فسللادا مللن ارقللاق الولللد ومللع هللذا فالمفسللدة‬
‫قائمة بعينها ولكن عارضها مصلحة حفظ الفرج عن الحرام وهي أرجللح عنللد‬
‫الشارع من رق الولد قيل هذا ل ينتقض بمللا قررنللاه فللإن الللله سللبحانه لللم‬
‫حرم نكاح المة لما فيه من مفسدة رق الولد واشتغال المة بخدمة سلليدها‬
‫فل يحصل لزوجها من السكن إليها واليواء ودوام المعاشرة ما تقر به عينلله‬
‫وتسكن به نفسه أباحه عند الحاجة إليه بأن ل يقدر على نكاح حرة ويخشللى‬
‫على نفسه مواقعة المحظور وكانت المصلحة له في نكاحها في هذه الحللال‬
‫أرجح من تلك المفاسد ‪ #‬وليس هذا حال ضرورة يبللاح لهللا المحظللور فللأن‬
‫الله سبحانه ل يضطر عبده إلللى الجمللاع بحيللث أن لللم يجللامع مللات بخلف‬
‫الطعام والشراب ولهذا ل يباح الزنا بضرورة كما يباح الخنزير‬

‫‪ #‬والميتة والدم وإنما الشهوة وقضاء الوطر يشق على الرجل تحمله وكف‬
‫النفس عنه لضعفه وقلللة صللبره فرحملله أرحللم الراحميللن وأبللاح للله أطيللب‬
‫النساء وأحسنهن أربعا من الحرائر وما شاء من ملك يمينه مللن المللاء فللإن‬
‫عجز عن ذلك أباح له نكاح المة رحمة به وتخفيفا عنلله لضللعفه ولهللذا قللال‬
‫تعالى ومن لللم يسللتطع منكللم طللول أن ينكللح المحصللنات المؤمنللات فممللا‬
‫ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم إلى قوله ^ والله‬
‫يريد أن يتوب عليكم ويريد الللذين يتبعللون الشللهوات أن تميلللوا ميل عظيمللا‬
‫يريد الله أن يخفف عنكم وخلق النسان ضعيفا ^ فأخبر سبحانه أنلله شللرع‬
‫لهم هذه الحكام تخفيفا عنهم لضعفهم وقلللة صللبرهم رحمللة بهللم وإحسللانا‬
‫إليهم فليللس هاهنللا ضللرورة تبيللح المحظللور وإنملا هللي مصلللحة أرجللح ملن‬
‫مصلحة ومفسدة أقل من مفسدة فاختار لهم أعظم المصلحتين وأن فللاتت‬
‫أدناهما ودفع عنهم أعظم المفسدتين وأن فاتت أدناهما وهذا شللأن الحكيللم‬
‫اللطيف الخبير البر المحسن وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عبللاده‬
‫وجدتها ل تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة أو الراجحللة بحسللب المكللان‬
‫وان تزاحمللت قللدم أهمهللا وأجلهللا وأن فللاتت أدناهمللا وتعطيللل المفاسللد‬
‫الخالصة أو الراجحة بحسللب المكللان وأن تزاحمللت عطللل أعظمهللا فسللادا‬
‫باحتمال أدناهما وعلى هللذا وضللع أحكللم الحللاكمين شللرائع دينلله دالللة عليلله‬
‫شاهدة له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده وإحسانه إليهم وهللذه الجملللة‬
‫ل يستريب فيها من له ذوق من الشريعة وارتضاع من ثديها وورود من صفو‬
‫حوضها وكلما كان تضلعه منها أعظم كان شهوده لمحاسنها ومصالحها أكمل‬
‫ول يمكن أحد من الفقهاء أن يتكلللم فللي مآخللذ الحكللام وعللهللا والوصللاف‬
‫المؤثرة فيها حقا وفرقا إل علللى هللذه الطريقللة وأمللا طريقللة إنكللار الحكللم‬
‫التعليل ونفي الوصللاف المقتضللية لحسللن مللا أمللر بلله وقبللح مللا نهللى عنلله‬
‫وتأثيرها واقتضائها للحب والبغللض الللذي هللو مصللدر المللر والنهللي بطريقللة‬
‫جدلية كلمية ل يتصور بناء الحكام عليها ول يمكن فقيهللا أن يسللتعملها فللي‬
‫باب واحد من أبواب الفقه كيلف والقللرآن وسللنة رسلول الللله ممللوآن ملن‬
‫تعليل الحكام بالحكم والمصللالح وتعليللل الخلللق بهمللا والتنللبيه علللى وجللوه‬
‫الحكم التي لجلها شرع تلك الحكام ولجلها خلق تلك العيان ولو كان هللذا‬
‫في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ولكنه يزيللد علللى‬
‫ألف موضع بطللرق متنوعللة فتللارة يللذكر لم التعليللل الصللريحة وتللارة يللذكر‬
‫المفعول لجله الذي هو المقصود بالفعل وتارة يذكر من أجل الصريحة فللي‬
‫التعليل وتارة يللذكر أداة كللي وتللارة يللذكر الفللاء وأن وتللارة يللذكر أداة لعللل‬
‫المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلللى المخلللوق وتللارة‬
‫ينبه على السبب يلذكره صلريحا وتللارة يلذكر الوصلاف المشلتقة المناسلبة‬
‫لتلك الحكام ثم يرتبها عليها ترتيب المسببات على أسبابها وتارة ينكر علللى‬
‫من زعم أنه خلق خلقه وشرع دينه عبثا وسدى وتارة ينكر على من ظن أنه‬
‫يسوى‬

‫‪ #‬بين المختلفين اللذين يقتضيان أثرين مختلفين وتارة يخير بكمال حكمتلله‬
‫وعلمه المقتضى أنه ل يفللرق بيللن متمللاثلين ول يسلوى بيللن مختلفيللن وأنلله‬
‫ينللزل الشللياء منازلهللا ويرتبهللا مراتبهللا وتللارة يسللتدعى مللن عبللاده التفكللر‬
‫والتأمل والتدبر والتعقللل لحسللن مللا بعللث بلله رسللوله وشللرعه لعبللاده كمللا‬
‫يستدعى منهم التفكر والنظر في مخلوقاته وحكمها ومللا فيهللا مللن المنللافع‬
‫والمصالح وتارة يذكر منافع مخلوقاته منبها بها على ذلك وأنلله الللله الللذي ل‬
‫إله إل هو وتارة يختم آيات خلقه وأمره بأسللماء وصللفات تناسللبها وتقتضلليها‬
‫والقرآن مملوء من أوله إلللى آخللره بللذكر حكللم الخلللق والمللر ومصللالحهما‬
‫ومنافعهما وما تضمناه من اليللات الشللاهدة الدالللة عليلله ول يمكللن مللن للله‬
‫أدني اطلع على معاني القرآن إنكار ذلك وهل جعل الله سبحانه فللي فطللر‬
‫العباد استواء العدل والظلم والصللدق والكللذب والفجللور والعفللة والحسللان‬
‫والسللاءة والصللبر والعفللو والحتمللال والطيللش والنتقللام والحللدة والكللرم‬
‫والسماحة والبذل والبخل والشح والمسام بل الفطللرة علللى الفرقللان بيللن‬
‫ذلك كالفطرة على قبول الغذية النافعة وترك مال ينفللع ول يغللذي ول فللرق‬
‫في الفطرة بينهما أصل وإذا تأملت الشريعة التي بعث الله بها رسللوله حللق‬
‫التأمل وجدتها من أولها إلى آخرها شاهدة بذلك ناطقة به ووجللدت الحكمللة‬
‫والمصلحة والعدل والرحمة باديا على صلفحاتها مناديلا عليهلا يلدعو العقلول‬
‫واللباب إليها وأنه ل يجوز على أحكم الحاكمين ول يليق به أن يشرع لعباده‬
‫ما يضادها وذلك لن الذي شرعها علم ما في خلفها من المفاسللد والقبللائح‬
‫والظلم والسفه الذي يتعالى عن أرادته وشرعه وأنه ل يصلح العباد إل عليها‬
‫ول سعادة لهم بدونها البتة فتأمللل محاسللن الوضللوء بيللن يللدي الصلللة ومللا‬
‫تضمنه من النظافة والنزاهة ومجانبللة الوسلاخ والمسلتقذرات وتأملل كيللف‬
‫وضع على العضاء الربعة التي هي آلة البطش والمشللي ومجمللع الحللواس‬
‫التي تعلق أكثر الذنوب والخطايللا بهللا ولهللذا خصللها النللبي صلللى الللله عليللة‬
‫وسلم بالذكر في قوله إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلللك‬
‫ول محالة فالعين تزنللي وزناهللا النظللر والذن تزنللي وزناهللا السللتماع واليللد‬
‫تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشللي والقلللب يتمنللي ويشللتهي‬
‫والفرج يصللدق ذلللك ويكللذبه فلمللا كللانت هللذه العضللاء هللي أكللثر العضللاء‬
‫مباشرة للمعاصي كان وسخ الذنوب ألصللق بهللا وأعلللق مللن غيرهللا فشللرع‬
‫أحكللم الحللاكمين الوضللوء عليهللا ليتضللمن نظافتهللا وطهارتهللا مللن الوسللاخ‬
‫الحسية وأوساخ الذنوب والمعاصي وقد أشار النبي إلى هللذا المعنللى بقللوله‬
‫إذا توضأ العبد المسلم خرجت خطاياه مع الماء أو مع آخر قطرة ملن الملاء‬
‫حتى يخرج من تحت أظفاره وقال أبو إمامة يللا رسللول الللله كيللف الوضللوء‬
‫فقال أما فإنك إذا توضأت فغسلت كفيك فأنقيتهما خرجت خطاياك من بيللن‬
‫أظفارك وأنا ملللك فللإذا مضمضللت واستنشللقت بمنخريللك وغسلللت وجهللك‬
‫ويديك إلى المرفقين ومسحت‬

‫‪ #‬برأسك وغسلت رجليك إلى الكعبين اغتسلت من عامة خطاياك فإن أنت‬
‫وضعت وجهك للله خرجلت ملن خطايلاك كيلوم ولللدتك أملك رواه النسلائي‬
‫والحاديث في هذا الباب كثيرة فاقتضت حكمة أحكم الحاكمين ورحمتلله أن‬
‫شرع الوضوء على هذه العضاء التي هي أكثر العضللاء مباشللرة للمعاصللي‬
‫وهي العضاء الظاهرة البلارزة للغبلار والوسلخ أيضلا وهلي أسلهل العضلاء‬
‫غسل فل يشق تكرار غسلها في اليوم والليلة فكللانت الحكمللة البللاهرة فللي‬
‫شرع الوضوء عليها دون سائر العضاء وهللذا يللدل علللى أن المضمضللة مللن‬
‫آكد أعضاء الوضوء ولهذا كان النبي يداوم عليها ولم ينقلل عنله بإسلناد قلط‬
‫أنه أخل بها يوما واحدا وهذا يدل على أنها فرض ل يصح الوضوء بدونها كمللا‬
‫هو الصللحيح ملن ملذهب أحمللد وغيلره ملن السلللف فملن سلوى بيللن هللذه‬
‫العضاء وغيرها وجعل تعيينها بمجرد المر الخللالي عللن الحكمللة والمصلللحة‬
‫فقد ذهب مذهبا فاسدا فكيف إذا زعم مع ذلك أنه ل فرق فللي نفللس المللر‬
‫بين التعبد بذلك وبين أن يتعبد بالنجاسللة وأنللواع القللذار والوسللاخ والنتللان‬
‫والرائحة الكريهة ويجعل ذلك مكان الطهللارة والوضللوء وأن المريللن سللواء‬
‫وإنما يحكم بمجرد المشيئة بهذا المر دون ضده ول فرق بينهمللا فللي نفللس‬
‫المر وهذا قول تصوره كاف فللي الجللزم ببطلنلله وجميللع مسللائل الشللريعة‬
‫كذلك آيات بينات ودللت واضحات وشواهد ناطقات بللأن الللذي شللرعها للله‬
‫الحكمة البالغة والعلم المحيط والرحمة والعناية بعبللاده وإرادة الصلللح لهللم‬
‫وسوقهم بها إلى كمالهم وعواقبهم الحميدة وقد نبه سبحانه عباده على هذا‬
‫فقال يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى‬
‫المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين إلى قوله ^ ما يريد الللله‬
‫ليجعل عليكم من حللرج ولكللن يريللد ليطهركللم وليتللم نعمتلله عليكللم لعلكللم‬
‫تشللكرون ^ فللأخبر سللبحانه أنلله لللم يللأمرهم بللذلك حرجللا عليهللم وتضللييقا‬
‫ومشقة ولكن إرادة تطهيرهم وإتمام نعمته عليهم ليشكروه عللى ذللك فلله‬
‫الحمد كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلله فإن قيل فما جللوابكم‬
‫عن الدلة التي ذكرها نفاة التحسين والتقبيح على كثرتها ‪ #‬قيللل قللد كفونللا‬
‫بحمد الله مؤنة إبطالها بقدحهم فيها وقد أبطلها كلها واعترض عليها فضلللء‬
‫اتباعها وأصحابها أبو عبد الله ابن الخطيب وأبو الحسين المدى واعتمد كللل‬
‫منهم على مسلك من أفسللد المسللالك واعتمللد القاضللي علللى مسلللك مللن‬
‫جنسهما فللي المفاسللد فاعتمللد هللؤلء الفضلللء علللى ثلث مسللالك فاسللدة‬
‫وتعرضوا لبطال ما سواها والقدح فيه ونحن نذكر مسللالكهم الللتي اعتمللدوا‬
‫عليها ونللبين فسللادها وبطلنهللا فأمللا ابللن الخطيللب فاعتمللد علللى المسلللك‬
‫المشهور وهو أن فعل العبد غير اختياري وما ليللس بفعللل اختيللاري ل يكللون‬
‫حسنا ول قبيحا عقل بالتفاق لن القائلين بالحسن والقبح العقليين يعللترفون‬
‫بأنه إنما يكون كذلك إذا كان اختياريللا وقللد ثبللت أنلله اضللطراري فل يوصللف‬
‫بحسن ول قبح على المذهبين أما بيان كونه غير اختياري‬

‫‪ #‬فلنه أن لم يتمكن العبد من فعللله وتركلله فواضللح وأن كللان متمكنللا مللن‬
‫فعله وتركه كان جللائزا فأمللا أن يفتقللر ترجيللح الفاعليللة علللى التاركيللة إلللى‬
‫مرجح أول فأن لم يفتقر كان اتفاقيا والتفاق ل يوصف بالحسن والقبللح وان‬
‫افتقر إلى مرجح فهو مع مرجحه أما أن يكللون لزمللا وأمللا جللائزا فللإن كللان‬
‫لزما فهو اضطراري وأن كان جللائزا عللاد التقسلليم فإمللا أن ينتهللى إلللى مللا‬
‫يكون لزما فيكون ضروريا أول فينتهى إليه فيتسلسل وهللو محللال أن يكلون‬
‫إتفاقيا فل يوصف بحسن ول قبح فهذا الللدليل هللو الللذي يصللول بلله ويجللول‬
‫ويثبت به الجبر ويرد به على القدرية وينفي به التحسين والتقبيح وهو فاسللد‬
‫مللن وجللوه متعللددة أحللدها أنلله يتضللمن التسللوية بيللن الحركللة الضللرورية‬
‫والختيارية وعلدم التفريلق بينهملا وهلو باطلل بالضلرورة والحلس والشلرع‬
‫فالستدلل على أن فعل العبد غيللر اختيللاري اسللتدلل علللى ملا هللو معللوم‬
‫البطلن ضللرورة وحسللا وشللرعا فهللو بمنزلللة السللتدلل علللى الجمللع بيللن‬
‫النقيضين وعلى وجود المحال ‪ #‬الوجه الثاني لو صح الللدليل المللذكور لللزم‬
‫منلله أن يكللون الللرب تعللالى غيللر مختللار فللي فعللله لن التقسلليم المللذكور‬
‫والترديد جار فيه بعينه بأن يقال فعله تعالى إما أن يكون لزما أو جائزا فللان‬
‫كان لزما كان ضروريا وان كان جائزا فان احتاج إلللى مرجللح عللاد التقسلليم‬
‫وإل فهو اتفاقي ويكفي في بطلن الدليل المللذكور إن يسللتلزم كللون الللرب‬
‫غير مختار الللوجه الثللالث أن الللدليل المللذكور لللو صللح لللزم بطلن الحسللن‬
‫والقبح الشرعيين لن فعل العبللد ضللروري أو اتفللاقي ومللا كللان كللذلك فللإن‬
‫الشرع ل يحسللنه ول يقبحلله لنلله ل يللرد بللالتكليف بلله فضللل عللن أن يجعللله‬
‫متعلق الحسن والقبح ‪ #‬اللوجه الرابلع قلوله إملا أن يكللون الفعلل لزملا أو‬
‫جائزا قلنا هو لزم عند مرجحه التام وكان ماذا قولك يكللون ضللروريا أتعنللي‬
‫به أنه ل بد منه أو تعني به أنه ل يكون اختياريا فإن عنيت الول منعنا انتفللاء‬
‫اللزم فانه ل يلزم منه أن يكون غير مختار ويكون حاصل الللدليل إن كللان ل‬
‫بد منه فل بد منه ول يلزم من ذلك أن يكون غير اختياري وإن عنيللت الثللاني‬
‫وهو أنه ل يكون اختياريا منعنا الملزمللة إذ ل يلللزم مللن كللونه ل بللد منلله أن‬
‫يكون غير اختياري وأنت لم تللذكر علللى ذلللك دليل بللل هللي دعللوى معلومللة‬
‫البطلن بالضرورة الوجه الخامس أن يقال هللو جللائز قولللك أمللا أن يتوقللف‬
‫ترجح الفاعلية على التاركية على مرجح أول قلنا يتوقف علللى مرجللح قولللك‬
‫عند المرجح إما أن يجب أو يبقى جائزا قلنا هو واجب بالمرجح جائز بللالنظر‬
‫إلى ذاته والمرجح هو الختيار وما وجب بالختيار ل ينافي أن يكللون اختياريللا‬
‫فلزوم الفعل بالختيار ل ينافي كونه اختياريا الوجه السادس أن هللذا الللدليل‬
‫الذي ذكرته بعينه حجللة علللى أنلله اختيللاري لنلله وجللب بالختيللار ومللا وجللب‬
‫بالختيار ل يكون إل اختياريا وإل كان اختياريللا غيللر اختيللاري وهللو جمللع بيللن‬
‫النقيضين والدليل المذكور حجة على‬

‫‪ #‬فساد قولك وأن الفعل الواجب بالختيار اختياري الوجه السابع أن صللدور‬
‫الفعل عن المختار بشرط تعلق اختيللاره بلله ل ينللافي كللونه مقللدورا للله وإل‬
‫كانت إرادته وقدرته غير مشروطة في الفعل وهو محال وإذا لم ينللاف ذلللك‬
‫كونه مقدورا فهو اختياري قطعا ‪ #‬الوجه الثامن قولك إن لللم يتوقللف علللى‬
‫مرجح فهو اتفاقي إن عنيت بالمرجح ما يخرج الفعل عن أن يكللون اختياريللا‬
‫ويجعله اضطراريا فل يلزم من نفي هذا المرجح كونه اتفاقيللا إذ هللذا مرجللح‬
‫خاص ول يلزم من نفي المرجح المعين نفي مطلق المرجح فما المللانع مللن‬
‫أن يتوقف على مرجح ول يجعله اضطراريا غير اختياري وان عنيت بالمرجللح‬
‫ما هو أعم من ذلك لم يلزم من توقفه علللى المرجللح العللم أن يكللون غيللر‬
‫اختياري لن المرجح هو الختيار وما ترجح بالختيار لم يمتنللع كللونه اختياريللا‬
‫الللوجه التاسللع قولللك وإن لللم يتوقللف علللى مرجللح فهللو اتفللاقي مللا تعنللي‬
‫بالتفاقي أتعني به ما ل فاعل له أو ما فاعله مرجح باختيللاره أو معنللى ثالثللا‬
‫فإن عنيت الول لم يلللزم مللن عللدم المرجللح المللوجب كللونه اضللطراريا أن‬
‫يكون الفعل صادرا مللن غيللر فاعللل وإن عنيللت الثللاني لللم يلللزم منلله كللونه‬
‫اضطراريا وإن عنيت معنى ثالثا فابده الوجه العاشر أن غاية هذا الللدليل أن‬
‫يكون الفعل لزما عند وجود سببه وأنت لم تقم دليل على أن ما كان كللذلك‬
‫يمتنع تحسينه وتقبيحه سوى الدعوة المجردة فأين الدليل علللى أن مللا كللان‬
‫لزما بهذا العتبار يمتنع تحسينه وتقبيحه ودليلك إنما يللدل علللى أن مللا كللان‬
‫غير اختياري من الفعال امتنللع تحسللينه وتقللبيحه فمحللل النللزاع لللم يتنللاوله‬
‫الدليل المذكور وما تناوله وصحت مقدماته فهو غير متنازع فيه فللدليلك لللم‬
‫يفد شيئا الوجه الحادي عشر ان قولللك يلللزم أن ل يوصللف بحسللن ول قبللح‬
‫على المذهبين باطل فال منازعيك إنما يمنعون من وصللف الفعللل بالحسللن‬
‫والقبح إذا لم يكن متعلق القدرة والختيلار أمللا ملا وجللب بالقلدرة والختيللار‬
‫فإنهم ل يساعدونك على امتناع وصللفه بالحسللن والقبللح أبللدا الللوجه الثللاني‬
‫عشر أن هذا الدليل لوصح لزم بطلن الشرائع والتكاليف جملة لن التكليف‬
‫إنما يكون بالفعال الختيارية إذ يستحيل أن يكلف المرتعش بحركة يده وأن‬
‫يكلف المحموم بتسخين جلده والمقرور بقره وإذا كانت الفعال اضللطرارية‬
‫غير اختيارية لم يتصور تعلق التكليللف والمللر والنهللى بهللا فلللو صللح الللدليل‬
‫المذكور لبطلت الشرائع جملة فهذا هو الدليل الللذي اعتمللده ابللن الخطيللب‬
‫وابطل أدلة غيره وأما الدليل الذي اعتمد عليه المدي فهو أن حسن الفعللل‬
‫لو كان أمرا زائدا على ذاته لزم قيام المعنى وهو محال لن العرض ل يقوم‬
‫بالعرض وهذا في البطلن من جنس ما قبله فإنه منقوض مللال يحصللي مللن‬
‫المعاني التي توصف بالمعاني كما يقال علم ضللروري وعلللم كسللبي وإرادة‬
‫جازمة وحركللة سللريعة وحركللة بطيئة وحركللة مسللتديرة وحركللة مسللتقيمة‬
‫ومزاج معتدل ومزاج منحرف وسللواد بللراق وحمللرة قانيللة وخضللرة ناصللعة‬
‫ولون مشرق وصوت شج وحس رخيم ورفيع‬

‫‪ #‬ودقيق وغليظ وأضعاف أضعاف ذلك مما ل يحصى ممللا توصللف المعللاني‬
‫والعراض فيه بمعان وأعراض وجودية ومن أدعللى أنهللا عدميللة فهللو مكللابر‬
‫وهل شك أحد في وصف المعاني بالشدة والضعف فيقال هللم شللديد وحللب‬
‫شديد وحزن شديد وألم شديد ومقابلها فوصف المعاني بصفاتها أمر معلللوم‬
‫عند كل العقلء الوجه الثاني أن قوله يلزم منلله قيللام المعنللى بللالمعنى غيللر‬
‫صحيح بل المعنى يوصف بالمعنى ويقوم به تبعلا لقيلامه بلالجوهر اللذي هلو‬
‫المحل فيكون المعنيان جميعا قائمين بالمحل وأحللدهما تللابع للخللر وكلهمللا‬
‫تبع للمحل فما قام العللرض بللالعرض وإنمللا قللام العرضللان جميعللا بللالجوهر‬
‫فالحركللة والسللرعة قائمتللان بللالمتحرك والصللوت وشللجاه وغلظلله ودقتلله‬
‫وحسنه وقبحه قائمة بالحامل له والمحال إنما هو قيام المعنى بالمعنى مللن‬
‫غير أن يكون لهملا حامللل فأملا إذا كلان لهمللا حاملل وأحللدهما صلفة للخلر‬
‫وكلهما قام بالمحل الحامل فليس بمحال وهذا في غاية الوضللوح ‪ #‬الللوجه‬
‫الثالث أن حسن الفعل وقبحه شرعا أمللر زائد عليلله لن المفهللوم منلله زائد‬
‫على المفهوم من نفس الفعل وهما وجوديان لعدميان لن نقيضهما يحمللل‬
‫على العدم فهو عللدمي فهمللا إذا وجوديللان لن كللون أحللد النقيضللين عللدميا‬
‫يستلزم كون نقيضلله وجوديللا فلللو صللح دليلكللم المللذكور لللزم أن ل يوصللف‬
‫بالحسن والقبح شرعا ول خلص عللن هللذا إل بللالتزام كللون الحسللن والقبللح‬
‫الشرعيين عدميين ول سبيل إليه لن الثواب والعقاب والمدح والللذم مرتللب‬
‫عليهما ترتب الثر على مؤثره المقتضى على مقتضلليه ومللا كللان كللذلك لللم‬
‫يكن عدما محضا إذ العدم المحض ل يترتب عليلله ثللواب ول عقللاب ول مللدح‬
‫ول ذم وأيضا فإنه ل معنى لكون الفعل حسنا وقبيحللا شللرعا إل أنلله يشللتمل‬
‫على صفة لجلها كان حسنا محبوبا للرب مرضيا له متعلقللا للمللدح والثللواب‬
‫وكون القبيح مشتمل على صفة لجلها كان قبيحا مبغوضا للرب متعلقة للذم‬
‫والعقاب وهذه أمور وجودية ثابتة له في نفسه ومحبللة الللرب للله وأمللره بلله‬
‫كساه أمرا وجوديا زاده حسنا إلى حسنه وبعضه له ونهيلله عنلله كسللاه أمللرا‬
‫وجوديا زاده قبحا إلى قبحه فجعل ذلك كله عدما محضا ونفيا صرفا ل يرجع‬
‫إلى أمر ثبللوتي فللي غايللة البطلن والحالللة وظهللر والحالللة وظهللر أن هللذا‬
‫الدليل في غاية البطلن ولم نتعرض للوجوه التي قدحوا بهللا فيلله فإنهللا مللع‬
‫طولها غير شافية ول مقنعة فمن اكتفى بها فهي موجللودة فللي كتبهللم وأمللا‬
‫المسلك الذي اعتمده كثير منهم كالقاضلي وأبلي المعلالي وأبلي عملرو بلن‬
‫الحاجب من المتأخرين فهو أن الحسللن والقبللح لللو كانللا ذاتييللن لمللا اختلفللا‬
‫باختلف الحوال والمتعلقات والزمان ول ستحال ورود النسللخ علللى الفعللل‬
‫لن ما ثبت للذات فهو باق ببقائها ل يللزول وهللي باقيللة ومعلللوم أن الكللذب‬
‫يكون حسنا إذا تضمن عصمة دم نبي أو مسلم ولو كان قبحه ذاتيا للله لكللان‬
‫قبيحا اين وجد وكذلك ما نسخ من الشريعة لو كان حسنه لذاته لللم يسللتحل‬
‫قبيحا ولو كان قبحه لذاته لم يستحل حسنا بالنسخ قالوا وأيضا لو كان ذاتيللا‬
‫لجتمع النقيضان في صدق من‬

‫‪ #‬قال لكذبن غدا إذا فإنه ل يخلوا إمللا أن يكللذب فللي الغللد أو يصلدق فللإن‬
‫كللذب لللزم قبحلله لكللونه كللذبا وحسللنه لسللتلزامه مصللدق الخللبر الول‬
‫والمستلزم للحسن حسن فيجتمع فللي الخللبر الثللاني الحسللن والقبللح وهمللا‬
‫نقيضان وإن صدق لزم حسن الخبر الثاني من حيللث أنلله صللدق فللي نفسلله‬
‫وقبحه من حيث أنه مستلزم لكذب الخبر الول فلزم النقيضان قالوا وأيضللا‬
‫فلو كان القتل والجلد وقطع الطراف قبيحا لذاته أو لصفة لزمة للذات لللم‬
‫يكن حسنا في الحدود والقصللاص لن مقتضللى الللذات ل يتخلللف عنهللا فللإذا‬
‫تخلف فيما ذكرنا من الصور وغيرها دل على أنه ليس ذاتيا فهذا تقريللر هللذا‬
‫المسلك وهو من أفسللد المسللالك لوجللوه أحللدها أن كللون الفعللل حسللنا أو‬
‫قبيحا لذاته أو لصفة لم يعن به أن ذلك يقوم بحقيقة ل ينفك عنها بحال مثل‬
‫كونه عرضا وكونه مفتقرا إلى محل يقوم به وكون الحركللة حركللة والسللواد‬
‫لونا ومن ها هنا غلط علينا المنازعون لنا في المسئلة وألزمونللا مللال يلزمنللا‬
‫وإنمللا نعنللى بكللونه حسللنا أو قبيحللا لللذاته أو لصللفته أنلله فللي نفسلله منشللأ‬
‫للمصلللحة والمفسللدة وترتيبهمللا عليلله كللترتيب المسللببات علللى أسللبابها‬
‫المقتضية لها وهذا كترتيب الري على الشللرب والشللبع علللى الكللل وترتللب‬
‫منافع الغذية والدوية ومضارها عليها فحسن الفعل أو قبحه هو مللن جنللس‬
‫كللون الللدواء الفلنللي حسللنا نافعللا أو قبيحللا ضللارا وكللذلك الغللذاء واللبللاس‬
‫والمسكن والجماع والستفراغ والنوم والرياضللة وغيرهللا فللإن ترتللب آثارهللا‬
‫عليها ترتب المعلومللات والمسللببات علللى عللهللا وأسللبابها ومللع ذلللك فإنهللا‬
‫تختلف باختلف الزمان والحوال والماكن والمحل القابل ووجود المعللارض‬
‫فتخلف الشبع والري عن الخبز واللحم والماء في حق المريض ومن به علة‬
‫تمنعه من قبول الغذاء لتخرجه عن كونه مقتضيا لذلك حللتى يقللال لللو كللان‬
‫كذلك لذاته لم يتخلف لن ما بالذات ل يتخلف وكذلك تخلف النتفاع بالللدواء‬
‫في شدة الحر والبرد وفي وقت تزايد العلة ل يخرجلله عللن كللونه نافعللا فللي‬
‫ذاته وكذلك تخلف النتفاع باللباس في زمن الحر مثل ل يدل على أنه ليللس‬
‫في ذاته نافعا ول حسنا فهذه قوى الغذية والدوية واللباس ومنللافع الجمللاع‬
‫والنوم تتخلف عنها آثارها زمانللا ومكانللا وحللال وبحسللب القبللول والسللتعداد‬
‫فتكون نافعة حسنة في زمان دون زمان ومكان دون وحال دون حللال وفللي‬
‫حق طائفللة أو شللخص دون غيرهللم ولللم يخرجهللا ذللك عللن كونهللا مقتضللية‬
‫لثارها بقواها وصفاتها فهكللذا أوامللر الللرب تبللارك وتعللالى وشللرائعه سللواء‬
‫يكون المر منشأ المصلحة وتابعا للمأمور فلي وقلت دون وقلت فيلأمره بله‬
‫تبارك وتعالى في الوقت الذي علم أنه مصلحة فيه ثم ينهى عنه في الللوقت‬
‫الذي يكون فعله فيه مفسدة على نحو ما يأمر الطبيب بالدواء والحمية فللي‬
‫وقت هو مصلحة للمريض وينهاه عنه في الوقت الذي يكون تنللاوله مفسللدة‬
‫له بل أحكم الحاكمين الللذي بهللرت حكمتلله العقللول أولللى بمراعللاة مصللالح‬
‫عباده ومفاسدهم في الوقات والحوال والماكن والشلخاص وهلل وضلعت‬
‫الشرائع إل على هذا فكان نكاح الخت حسنا في وقته حتى لم يكن بلد منلله‬
‫في التناسل‬

‫‪ #‬وحفظ النوع النساني ثم صار قبيحا لما استغنى عنه فحرمه على عبللاده‬
‫فأباحه في وقت كان فيه حسنا وحرمه في وقت صار فيه قبيحا وكذلك كللل‬
‫ما نسخه من الشرع بل الشريعة الواحدة كلها ل تخرج عللن هللذا وإن خفللي‬
‫وجه المصلحة والمفسدة فيه على أكللثر النللاس وكللذلك إباحللة الغنللائم كللان‬
‫قبيحا في حق من قبلنا لئل تحملهم إباحتها على القتال لجلها والعمللل لغيللر‬
‫الله فتفوت عليهم مصلحة الخلص التي هي أعظم المصالح فحمللى أحكللم‬
‫الحاكمين جانب هذه المصلحة العظيمة بتحريمها عليهم ليتمحض قتالهم لله‬
‫ل للدنيا فكانت المصلحة في حقهم تحريمها عليهم ثم لما أوجللد هللذه المللة‬
‫التي هي أكمللل المللم عقللول وأرسللخهم إيمانللا وأعظمهللم توحيللدا وإخلصللا‬
‫وأرغبهم في الخرة وأزهللدهم فللي الللدنيا أبللاح لهللم الغنللائم وكللانت إباحتهللا‬
‫حسنة بالنسبة إليهم وإن كانت قبحة بالنسبة إلى من قبلهم فكللانت كإباحللة‬
‫الطللبيب اللحللم للصللحيح الللذي ل يخشللى عليلله مللن مضللرته وحميتلله منلله‬
‫للمريض المحموم وهذا الحكم فيما شرع في الشريعة الواحدة في وقت ثم‬
‫نسخ في وقت آخر كالتخيير في الصوم في أول السلم بين الطعللام وبينلله‬
‫لمللا كللان غيللر مللألوف لهللم ول معتللاد والطبللاع تأبللاه إذ هللو هجللر مألوفهللا‬
‫ومحبوبها ولم تذق بعد حلوته وعواقبه المحمودة وما في طيه من المصللالح‬
‫والمنافع فخيرت بينه وبيللن الطعللام ونللدبت إليلله فلمللا عرفللت علتلله يعنللي‬
‫حكمته والفقه وعرفت ما تضمنه من المصالح والفوائد حتم عليها عينللا ولللم‬
‫يقبل منها سواء فكان التخيير في وقتلله مصلللحة وتعييللن الصللوم فللي وقتلله‬
‫مصلحة فاقتضت الحكمة البالغة شرع كل حكم في وقته لن المصلحة فيلله‬
‫في ذلك الوقت وكان فرض الصلللة أول ركعللتين ركعللتين لمللا كلانوا حللديثي‬
‫عهد بالسلم ولم يكونوا معتادين لها ول ألفتهللا طبللاعهم وعقللولهم فرضللت‬
‫عليهللم بوصلف التخفيلف فلمللا ذاللت بهلا جلوارحهم وطللوعت بهلا أنفسلهم‬
‫وأطمأنت اليها قلوبهم وباشرت نعيمها لللذتها وطيبهللا وذاقللت حلوة عبوديللة‬
‫الله فيها ولذة مناجاته زيدت ضعفها وأقرت في السفر علللى الفللرض الول‬
‫لحاجة المسافر إلى التخفيف ولمشقة السللفر عليلله فتأمللل كيللف جللاء كللل‬
‫حكم في وقته مطابقا للمصلحة والحكمة شلاهدا للله بلأنه أحكلم الحلاكمين‬
‫وأرحم الراحمين الذي بهرت حكمته العقول واللباب وبدا على صفحاتها بأن‬
‫ما خالفها هو الباطل وأنهللا هللي عيللن المصلللحة والصللواب ومللن هللذا أمللره‬
‫سبحانه لهم بالعراض عللن الكللافرين وتللرك آذاهللم والصللبر عليهللم والعفللو‬
‫عنهم لما كان ذلك عين المصلللحة لقلللة عللدد المسلللمين وضللعف شللوكتهم‬
‫وغلبة عدوهم فكان هذا في حقهم إذ ذاك عين المصلللحة فلمللا تحيللزوا إلللى‬
‫دار وكثر عددهم وقويت شوكتهم وتجرأت أنفسهم لمناجزة عدوهم أذن لهم‬
‫في ذلك أذنا من غير إيجاب عليهم ليذيقهم حلوة النصر والظفر وعز الغلبة‬
‫وكان الجهاد أشق شيء على النفوس فجعله أول إلى اختيارهم إذنللا لحتمللا‬
‫فلما ذاقوا عز النصر‬

‫‪ #‬والظفر وعرفوا عواقبه الحميدة أوجبلله عليهللم حتمللا فانقللادوا للله طوعللا‬
‫ورغبة ومحبة فلو أتاهم المر به مفاجأة على ضعف وقلة لنفللروا عنلله أشللد‬
‫النفار وتأمل الحكمة البللاهرة فللي شلرع الصللة أول إلللى بيلت المقلدس إذ‬
‫كانت قبلة النبياء فبعث بما بعث به الرسل وبما يعرفلله أهللل الكتللاب وكللان‬
‫استقبال بيت المقدس مقررا لنبوته وأنه بعث بما بعث به النبيللاء قبللله وإن‬
‫دعوته هي دعوة الرسل بعينها وليس بدعا من الرسللل ول مخالفللا لهللم بللل‬
‫مصدقا لهم مؤمنا بهم فلما استقرت أعلم نبوته في القلوب وقامت شواهد‬
‫صدقه من كل جهة وشهدت القلوب للله بللأنه رسللول الللله حقللا وإن أنكللروا‬
‫رسالته عنادا وحسدا وبغيا وعلم سبحانه أن المصلحة له ولمته أن يستقبلوا‬
‫الكعبة البيت الحرام افضللل بقللاع الرض وأحبهللا إلللى الللله وأعظللم الللبيوت‬
‫وأشرفها وأقدمها قرر قبله أمورا كالمقدمات بيللن يللديه لعظللم شللأنه فللذكر‬
‫النسخ أول وأنه إذا نسخ آية أو حكما أتى بخير منلله أو مثللله وأنلله علللى كللل‬
‫شيء قدير وأن له ملك السموات والرض ثم حذرهم التعنللت علللى رسللوله‬
‫والعراض كما فعل أهل الكتاب قبلهم ثم حذرهم من أهل الكتاب وعداوتهم‬
‫وأنهم يودون لو ردوهم كفارا فل يسللمعوا منهللم ول يقبلللوا قللولهم ثللم ذكللر‬
‫تعظيم دين السلم وتفضيله على اليهودية والنصرانية وأن أهله هم السعداء‬
‫الفائزون ل أهل الماني الباطلة ثم ذكللر اختلف اليهللود والنصللارى وشللهادة‬
‫بعضهم على بعض بأنهم ليسوا على شيء فحقيق بأهل السلم إن ل يقتدوا‬
‫بهم وأن يخالفوهم في هديهم الباطل ثم ذكر جرم من منع عبللاده مللن ذكللر‬
‫اسمه في بيوته ومساجده وأن يعبد فيها وظلمه وأنه بذلك ساع في خرابهللا‬
‫لن عمارتها إنمللا هللي بللذكر اسللمه وعبللادته فيهللا ثللم بيللن أن للله المشللرق‬
‫والمغرب وأنه سبحانه لعظمته وإحاطته حيث اسللتقبل المصلللى فثللم وجهلله‬
‫تعالى فل يظن الظان أنه إذا استقبل البيت الحرام خرج عن كللونه مسللتقبل‬
‫ربه وقبلته فإن الله واسع عليم ثم ذكر عبوديللة أهللل السللموات والرض للله‬
‫وأنهم كل له قانتون ثم نبه على عدم المصلحة في موافقة أهل الكتاب وأن‬
‫ذلك ل يعود باستصلحهم ول يرجى معه إيمانهم وأنهم لن يرضوا عنلله حللتى‬
‫يتبع ملتهم وضمن هذا تنبيه لطيف على أن موافقتهم في القبلللة ل مصلللحة‬
‫فيها فسواء وافقتهم فيها أو خالفتهم فإنهم لن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهللم‬
‫ثم أخبر أن هداه هو الهدى الحق وحذره ملن اتبللاع أهللوائهم ثللم انتقللل إلللى‬
‫تعظيم إبراهيم صاحب البيت وبانيه والثناء عليلله وذكللر إمللامته للنللاس وإنلله‬
‫أحق من اتبع ثم ذكر جللة البيت وفضله وشللرفه وأنلله أمللن للنللاس ومثابللة‬
‫لهللم يثوبللون إليلله ول يقضللون منلله وطللرا وفللي هللذا تنللبيه علللى أنلله أحللق‬
‫بالستقبال من غيره ثم أمرهم أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ثللم ذكللر‬
‫بنللاء إبراهيللم وإسللماعيل الللبيت وتطهيللره بعهللده وإذنلله ورفعهمللا قواعللده‬
‫وسؤالهما ربهما القبول منهما وأن تجعلهما مسلمين للله ويريهمللا مناسللكهما‬
‫ويبعث في ذريتهما رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم‬

‫‪ #‬ويعلمهم الكتاب والحكمة ثم أخبر عن جهل من رغللب عللن ملللة إبراهيللم‬


‫وسفه ونقصان عقله ثم أكد عليهم أن يكونللوا علللى ملللة إبراهيللم وأنهللم إن‬
‫خرجوا عنها إلى يهودية أو نصرانية أو غيرها كانوا ضلل غيللر مهتللدين وهللذه‬
‫كلها مقدمات بين يدي المللر باسللتقبال الكعبللة لمللن تأملهللا وتللدبرها وعلللم‬
‫ارتباطها بشأن القبلة فإنه يعلم بذلك عظمللة القللرآن وجللتلله وتنللبيهه علللى‬
‫كمال دينه وحسنه وجللته وأنلله هللو عيللن المصلللحة لعبللاده ل مصلللحة لهللم‬
‫سواه وشوق بذلك النفللوس إلللى الشللهادة للله بالحسللن والكمللال والحكمللة‬
‫التامة فلما قرر ذلك كله أعلمهم بما سيقول السفهاء مللن النللاس إذا تركللوا‬
‫قبلتهم لئل يفجأهم من غير علللم بلله فيعظللم مللوقعه عنللدهم فلمللا وقللع لللم‬
‫يهلهم ولم يصعب عليهم بل أخبر أن له المشرق والمغرب يهدي مللن يشللاء‬
‫إلى صراط مستقيم ثم أخبر انه كمللا جعلهللم أمللة وسللطا خيللارا اختللار لهللم‬
‫أوسط جهات الستقبال وخيرها كما اختار لهم خير النبياء وشللرع لهللم خيللر‬
‫الديان وأنزل عليهم خير الكتب وجعلهم شللهداء علللى النللاس كلهللم لكمللال‬
‫فضلهم وعلمهم وعدالتهم وظهرت حكمتلله فللي أن اختللار لهللم أفضللل قبلللة‬
‫وأشللرفها لتتكامللل جهللات الفضللل فللي حقهللم بالقبلللة والرسللول والكتللاب‬
‫والشريعة ثم نبه سبحانه على حكمته البالغللة فللي أن جعللل القبلللة أول هللي‬
‫بيت المقدس ليعلم سبحانه واقعا في الخارج ما كان معلوما له قبل وقللوعه‬
‫من يتبع الرسول في جميع أحواله وينقاد له ولوامر الرب تعالى ويللدين بهللا‬
‫كيف كانت وحيث كانت فهذا هو المؤمن حقللا الللذي أعطللى العبوديللة حقهللا‬
‫ومن ينقلب على عقبيه ممن لم يرسخ في اليمللان قلبلله ولللم يسللتقر عليلله‬
‫قدمه فعارض وأعرض ورجللع علللى حللافره وشللك فللي النبللوة وخللالط قلبلله‬
‫شبهة الكفار الذين قالوا أن كانت القبلة الولى حقا فقد خرجتم عللن الحللق‬
‫وأن كانت باطل فقد كنتم على باطللل وضللاق عقللله المنكللوس عللن القسللم‬
‫الثالث الحق وهللو أنهللا كللانت حقللا ومصلللحة فللي الللوقت الول ثللم صللارت‬
‫مفسدة باطلة الستقبال في الوقت الثاني ولهللذا أخللبر سللبحانه عللن عظللم‬
‫شأن هذا التحويل والنسخ في القبلة فقال وأن كانت لكبيرة إل علللى الللذين‬
‫هدى الله ثم أخبر أنه سبحانه لم يكن يضيع ما تقدم لهم من الصلللوات إلللى‬
‫القبلة الولى وأن رأفته ورحمته بهم تأبي إضاعة ذلك عليهم وقد كان طاعة‬
‫لهم فلما قرر سبحانه ذلك كله وبين حسن هذه الجهة بعظمللة الللبيت وعلللو‬
‫شأنه وجللته قال قد نرى تقلب وجهك في السللماء فلنولينللك قبلللة ترضللاها‬
‫فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث مللا كنتللم فولللوا وجللوهكم شللطره‬
‫وأكد ذلك عليهم مرة بعد ملرة اعتنلاء بهلذا الشللأن وتفخيملا لله وأنلله شلأن‬
‫ينبغي العتناء به والحتفال بللأمره فنللدبر هللذا العتنللاء وهللذا التقريللر وبيللان‬
‫المصالح الناشئة من هذا الفرع من فروع الشريعة وبيللان المفاسللد الناشللئة‬
‫من خلفه وان كل جهة في وقتهلا كلان اسلتقبالها هلو المصللحة وأن لللرب‬
‫تعالى الحكمللة البالغللة فللي شللرع القبلللة الولللى وتحويللل عبللاده عنهللا إلللى‬
‫المسجد‬

‫‪ #‬الحرام فهذا معنى كون الحسن والقبح ذاتيا للفعل ل ناشللئا مللن ذاتلله ول‬
‫ريللب عنللد ذوي العقللول أن مثللل هللذا يختلللف بللاختلف الزمللان والمكنللة‬
‫والحوال والشخاص وتأمل حكمة الرب تعالى في أمره إبراهيم خليله بذبللح‬
‫ولده لن الله اتخذه خليل والخلة منزلة تقتضى إفراد الخليل بالمحبللة وأن ل‬
‫يكون له فيها منازع أصل بل قد تخللت محبتلله جميللع أجللزاء القلللب والللروح‬
‫فلم يبق فيها موضع خال من حبه فضل عن أن يكون محل لمحبة غيره فلما‬
‫سأل إبراهيم الولد وأعطيه أخذ شعبة من قلبه كمللا يأخللذ الولللد شللعبة مللن‬
‫قلب والده فغار المحبوب على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره فأمره‬
‫بذبح الولد ليخرج حبه من قلبه ويكون الله أحب إليه وآثر عنده ول يبقى في‬
‫القلب سوى محبته فوطن نفسه علللى ذلللك وعللزم عليلله فخلصللت المحبللة‬
‫لوليها ومستحقها فحصلللت مصلللحة المللأمور بلله مللن العللزم عليلله وتللوطين‬
‫النفس على المتثال فبقي الذبح مفسدة لحصول المصلللحة بللدونه فنسللخه‬
‫في حقه لما صار مفسللدة وأمللر بلله لمللا كللان عزملله عليلله وتللوطين نفسلله‬
‫مصلحة لهما فأي حكمة فوق هذا وأي لطف وبللر وإحسللان يزيللد علللى هللذا‬
‫وأي مصلحة فوق هذه المصلحة بالنسبة إلى هذا المللر ونسللخة وإذا تللأملت‬
‫الشرائع الناسخة والمنسوخة وجدتها كلها بهذه المنزلة فمنها ما يكون وجلله‬
‫المصلحة فيه ظاهرا مكشللوفا ومنهللا مللا يكللون ذلللك فيلله خفيللا ل يللدرك إل‬
‫بفضل فطنة وجوده إدراك‬
‫فصل وههنا سر بديع من أسرار الخلق والمر به يتبين لك حقيقة المر‬
‫وهو أن الله لم يخلق شيئا ولم يأمر بشيء ثم ابطله وأعدمه بالكليللة بللل ل‬
‫بد أن يثبته بوجه ما لنه إنما خلقلله لحكمللة للله فللي خلقلله وكللذلك أمللره بلله‬
‫وشرعه إياه هو لما فيه من المصلللحة ومعلللوم أن تلللك المصلللحة والحكمللة‬
‫تقتضي ابقاءه فإذا عارض تلك المصلحة مصلحة أخرى أعظم منهللا كللان مللا‬
‫اشتملت عليه أولى بالخلق والمر ويبقى في الولى ما شاء من الوجه الذي‬
‫يتضمن المصلحة ويكون هذا من باب تزاحم المصالح والقاعدة فيهللا شللرعا‬
‫وخلقللا تحصلليلها واجتماعهللا بحسللب المكللان فللإن تعللذر قللدمت المصلللحة‬
‫العظمى وإن فاتت الصغرى وإذا تأملت الشريعة والخلق رأيت ذلللك ظللاهرا‬
‫وهذا سر قل من تفطن له من الناس فتأمل الحكام المنسوخة حكما حكما‬
‫كيف تجد المنسوخ لم يبطل بالكلية بل له بقاء بوجه فمن ذلك نسللخ القبلللة‬
‫وبقاء بيت المقدس معظما محترما تشد إليلله الرحللال ويقصللد بالسللفر إليلله‬
‫وحط الوزار عنده واستقباله مع غيره من الجهللات فللي السللفر فلللم يبطللل‬
‫تعظيمه واحترامه بالكلية وإن بطللل خصللوص اسللتقباله بالصلللوات فالقصللد‬
‫إليه ليصلى فيه باق وهو نوع من تعظيمه وتشريفه بالصلة فيه والتوجه إليه‬
‫قصدا لفضيلته وشرعه له نسبة من التوجه إليه بالستقبال‬

‫‪ #‬بالصلوات فقدم البيت الحرام عليلله فللي السللتقبال لن مصلللحته أعظللم‬


‫وأكمل وبقي قصده وشد الرحال إليه والصللة فيله منشلأ للمصلللحة فتمللت‬
‫للمة المحمدية المصلحتان المتعلقتان بهذين البيتين وهذا نهاية ما يكون من‬
‫اللطف وتحصيل المصالح وتكميلها لهم فتأمل هذا الموضع وملن ذللك نسلخ‬
‫التخيير في الصوم بتعيينه فإن له بقاء وبيانا ظاهرا وهللو أن الرجللل كللان إذا‬
‫أراد أفطر وتصدق فحصلت للله مصلللحة الصللدقة دون مصلللحة الصللوم وإن‬
‫شاء صام ولم يفد فحصلت له مصللحة الصللوم دون الصللدقة فحتللم الصللوم‬
‫على المكلف لن مصلحته أتم وأكمل من مصلحة الفدية وندب إلى الصدقة‬
‫في شهر رمضان فإذا صام وتصدق حصلت له المصلحتان معللا وهللذا أكمللل‬
‫ما يكون من الصوم وهو الذي كان يفعله النبي فإنه كان أجود ما يكون فللي‬
‫رمضان فلم تبطل المصلحة الولى جملة بل قدم عليها مللا هللو أكمللل منهللا‬
‫وجوبا وشرع الجمع بينها وبين الخرى ندبا واستحبابا ومللن ذلللك نسللخ ثبللات‬
‫الواحد من المسلمين للعشرة من العدو بثبللاته للثنيللن ولللم تبطللل الحكمللة‬
‫الولى من كل وجه بل بقي استحبابه وإن زال وجوبه بل إذا غلب على ظلن‬
‫المسلمين ظفرهم بعدوهم وهم عشرة أمثالهم وجب عليهللم الثبللات وحللرم‬
‫عليهم الفرار فلم تبطل الحكمة الولى من كل وجه ومن ذلك نسللخ وجللوب‬
‫الصدقة بين يدي مناجاة الرسول لم يبطل حكملله بالكليللة بللل نسللخ وجللوبه‬
‫وبقللي اسللتحبابه والنللدب إليلله ومللا علللم مللن تنللبيهه وإشللارته وهللو أنلله إذا‬
‫استحبت الصدقة بين يدي مناجاة المخلوق فاستحبابها بين يدي مناجاة الللله‬
‫عند الصلوات والدعاء أولى فكان بعللض السلللف الصللالح يتصللدق بيللن يللدي‬
‫الصلة والدعاء إذا أمكنه ويتأول هذه الولوية ورأيت شيخ السلم ابن تيمللة‬
‫يفعله ويتحراه ما أمكنه وفاوضته فيه فذكر لللي هللذا التنللبيه والشللارة ومللن‬
‫ذلك نسخ الصلوات الخمسين التي فرضها الللله علللى رسللوله ليلللة السللراء‬
‫بخمس فإنها لم تبطل بالكلية بل اثبتت خمسين في الثللواب والجللر خمسللا‬
‫في العمل والوجوب وقد أشار تعالى إلى هذا بعينه حيث يقول علللى لسللان‬
‫نبيه ل يبدل القول لدى هي خمللس وهللي خمسللون فللي الجللر فتأمللل هللذه‬
‫الحكمة البالغة والنعمة السابغة فإنه لما اقتضت المصلحة أن تكون خمسين‬
‫تكميل للثواب وسللوقا لهللم بهللا إلللى أعل المنللازل واقتضللت أيضللا أن تكللون‬
‫خمسا لعجز المة وضعفهم وعدم احتمالهم الخمسين جعلها خمسا من وجه‬
‫وخمسين من وجه جمعا بين المصالح وتكميل لها ولو لم نطلللع مللن حكمتلله‬
‫في شرعه وأمره ولطفه بعباده ومراعاة مصالحهم وتحصيلها لهم علللى أتللم‬
‫الوجوه إل على هذه الثلثة وحدها لكفى بها دليل على ما راءها فسبحان من‬
‫له في كل ما خلق وأمر حكمة بالغة شاهدة له بأنه أحكم الحللاكمين وأرحللم‬
‫الراحميللن وأنلله الللله الللذي ل إللله إل هللو رب العللالمين ومللن ذلللك الوصللية‬
‫للوالدين والقربين فإنها كانت واجبة على من حضره الموت ثللم نسللخ الللله‬
‫ذلك بآية المواريث وبقيت مشروعة في حق القارب الذين ل يرثون‬

‫‪ #‬وهل ذلك على سبيل الوجوب أو الستحباب فيه قولن للسلللف والخلللف‬
‫وهما في مذهب أحمد فعلللى القللول الول بالسللتحباب إذا أوصللى للجللانب‬
‫دونهم صحت الوصية ول شيء للقارب وعلى القول بالوجوب فهل لهللم أن‬
‫يبطلوا وصية الجانب ويختصوا هم بالوصية كما للورثة يبطلوا وصية الوارث‬
‫أو يبطلوا ما زاد على ثلث الثلث ويختصوا هم بثلثيه كما للورثةأن يبطلوا مللا‬
‫زاد على ثلث المال من الوصية ويكون الثلث في حقهم بمنزلللة المللال كللله‬
‫في حق الورثة على وجهين وهذا الثاني أقيس وأفقلله وسللره أن الثلللث لمللا‬
‫صار مستحقا لهم كان بمنزلة جميع المللال فللي حللق الورثللة وهللم ل يكونللوا‬
‫أقوى من الورثة فكما ل سبيل للورثة إلى أبطال الوصية بالثلث للجانب فل‬
‫سبيل لهؤلء إلى إبطال الوصية بثلث الثلث للجانب وتحقيق هللذه المسللائل‬
‫والكلم على مللا أخللذها للله موضللع آخللر والمقصللود هنللا أن إيجللاب الوصللية‬
‫للقارب وأن نسخ لم يبطل بالكلية بل بقي منه ما هو منشللأ المصلللحة كمللا‬
‫ذكرناه ونسخ منه مال مصلحة فيه بل المصلحة في خلفه ومللن ذلللك نسللخ‬
‫العتداد في الوفاة بحول بالعتداد بأربعة أشهر وعشلر عللى المشلهور ملن‬
‫القولين في ذلك فلم تبطل العدة الولى جملة ‪ #‬ومللن ذلللك حبللس الزانيللة‬
‫في البيت حتى تموت فإنه على أحد القولين ل نسخ فيه لنلله مغيللا بللالموت‬
‫أو يجعل الله لهن سبيل وقد جعل الله لهن سبيل بالحد وعلللى القللول الخللر‬
‫هو منسوخ بالحد وهو عقوبة من جنس عقوبة الحبللس فلللم تبطللل العقوبللة‬
‫عنها بالكلية بل نقلت من عقوبة إلى عقوبة وكانت العقوبة الولى أصلح في‬
‫وقتها لنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية وزنا فأمروا بحبس الزانية أول ثللم لمللا‬
‫استوطنت أنفسهم على عقوبتها وخرجوا عللن عللوائد الجاهليللة وركنللوا إلللى‬
‫التحريم والعقوبة نقلوا إلى ما هللو أغلللظ مللن العقوبللة الولللى وهللو الرجللم‬
‫والجلد فكانت كل عقوبة في وقتها هللي المصلللحة الللتي ل يصلللحهم سللواها‬
‫وهذا الذي ذكرناه إنما هو في نسخ الحكم الذي ثبت بشرعه وأمره وأما مللا‬
‫كان مستصحبا بالبراءة الصلية فهذا ل يلزم من رفعه بقللاء شلليء منلله لنلله‬
‫لم يكن مصلحة لهم وإنما أخر عنهم تحريمه إلى وقت لضرب من المصلحة‬
‫في تأخير التحريم ولم يلزم من ذلك أن يكون مصلحة حين فعلهم أياه وهذا‬
‫كتحريللم الربللا والمسللكر وغيللر ذلللك مللن المحرمللات الللتي كللانوا يفعلونهللا‬
‫استصابا لعدم التحريم فإنها لم تكن مصلحة في وقت ولهذا لم يشرعها الله‬
‫تعالى ولهذا كلان رفعهللا بالخطللاب ل يسلمى نسللخا إذ للو كلان ذلللك نسللخا‬
‫لكانت الشريعة كلها نسخا وإنما النسخ رفع الحكم الثابت بالخطللاب ل رفللع‬
‫موجب الستصحاب وهذا متفق عليه‬
‫فصل وأما ما خلقه سبحانه فإنه أوجده لحكمة في إيجاده فإذا اقتضت‬
‫حكمته إعدامه جملة أعدمه وأحدث بدله وإذا اقتضت حكمته تبدليه وتغييره‬
‫وتحويله من صورة بدله وغيره‬

‫‪ #‬وحوله ولم يعدمه جملة ومن فهم هذا فهم مسألة المعاد ومللا جللاءت بلله‬
‫الرسل فيه فإن القرآن والسنة إنما دل على تغيير العالم وتحويله وتبللديله ل‬
‫جعللله عللدما محضللا وإعللدامه بالكليللة فللدل علللى تبللديل الرض غيللر الرض‬
‫والسللماوات وعلللى تشللقق السللماء وانفطارهللا وتكللوير الشللمس وانتثللار‬
‫الكواكب وسجر البحار وإنزال المطر على أجزاء بنى آدم المختلطة بالتراب‬
‫فينبتون كما ينبت النبات وتللرد تلللك الرواح بعينهللا إلللى تلللك الجسللاد الللتي‬
‫أحيلت ثم أنشئت نشأة أخرى وكذلك القبور تبعثر وكذلك الجبللال تسللير ثللم‬
‫تنسف وتصير كالعهن المنفوش وتقيء الرض يوم القيامة أفلذ كبدها أمثال‬
‫السللطوان مللن الللذهب والفضللة وتميللد الرض وتللدنو والشللحى مللن رؤس‬
‫الناس فهذا هو الذي أخبر به القرآن والسللنة ول سللبيل لحللد مللن الملحللدة‬
‫الفلسفة وغيرهم إلى العتراض على هللذا المعللاد الللذي جللاءت بلله الرسللل‬
‫بحرف واحد وإنما اعتراضاتهم على المعاد الذي عليه طائفة من المتكلميللن‬
‫أن الرسل جاؤا به وهو أن الله يعدم أجللزاء العللالم العلللوي والسللفلي كلهللا‬
‫فيجعلها عدما محضا ثم يعيد ذلللك العلدم وجللودا ويلا ليلت شللعري أيللن فلي‬
‫القرآن والسنة أن الللله يعللدم ذرات العللالم وأجللزاءه جملللة ثللم يقلللب ذلللك‬
‫العللدم وجللودا وهللذا هللو المعللاد الللذي أنكرتلله الفلسللفة ورمتلله بللأنواع‬
‫العتراضات وضللروب اللزامللات واحتللاج المتكلمللون إلللى تعسللف الجللواب‬
‫وتقريره بأنواع من المكابرات وأما المعاد الذي أخللبرت بلله الرسللل فللبريء‬
‫من ذلك كله مصون عنه ل مطمع للعقل في العتراض عليلله ول يقللدح فيلله‬
‫شبهة واحد وقد أخبر سبحانه أنه يحي العظام بعد ما صارت رميما وأنلله قللد‬
‫علم ما تنقص الرض من لحللوم بنللي آدم وعظللامهم فيللرد ذلللك إليهللم عنللد‬
‫النشأة الثانية وأنه ينشىء تلك الجساد بعينها بعد ما بليت نشأه أخري ويللرد‬
‫إليها تلك الرواح فلم يدل علللى أنلله يعللدم تلللك الرواح ويفنيهللا حللتى تصللير‬
‫عدما محضا فلم يدل القرآن علللى أنلله يعللدم تلللك الرواح ثللم يخلقهللا خلقللا‬
‫جديدا ول دل على أنه يفنللي الرض والسللموات ويعللدمهما عللدما صللرفا ثللم‬
‫يجدد وجودهما وإنما دلت النصوص على تبديلهما وتغييرهمللا مللن حللال إلللى‬
‫حال فلو أعطيت النصوص حقها لرتفع أكثر النزاع من العالم ولكللن خفيللت‬
‫النصوص وفهم منها خلف مرادهللا وانضللاف إلللى ذلللك تسللليط الراء عليهللا‬
‫واتباع ما تقضى به فتضاعف البلء وعظم الجهللل واشللتدت المحنللة وتفللاقم‬
‫الخطب وسبب ذلك كله الجهل بما جللاء بلله الرسللول وبللالمراد منلله فليللس‬
‫للعبد أنفع من سمع ما جاء به الرسول وعقل معناه وأما من لم يسمعه ولم‬
‫يعقله فهو من الذين قال الله فيهم وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ملا كنلا فلي‬
‫أصحاب السعير فلنرجع إلى الكلم عن الدليل المللذكور وهللو أن الحسللن أو‬
‫القبح لو كان ذاتيا لما اختلف إلى آخره فنقللول قللد بينللا أن اختلفلله بحسللب‬
‫الزمنة والمكنة والحوال والشروط ل يخرجه عن كونه ذاتيا الثاني أنه ليس‬
‫المعنى من كونه ذاتيا إل أنه ناشىء من الفعل فالفاعل منشؤه وهذا‬

‫‪ #‬ل يوجب اختلفه بدليل ما ذكرنا من الصور الثالث انه يجوز اقتضاء الذات‬
‫الواحدة لمرين متنافيين بحسب شرطين متنافيين فيقتضى التبريد مثل فللي‬
‫محل معين بشرط معين والتسخين في محل آخر بشرط آخر والجسم فللي‬
‫حيزه يقتضي السكون فإذا خرج عن حيزه اقتضى الحركللة واللحللم يقتضللي‬
‫الصللحة بشللرط سلللمة البللدن مللن الحمللى والمللرض الممتنللع منلله الغللذاء‬
‫ويقتضي المرض بشرط كون الجسم محموما ونحوه ونظائر ذلك أكللثر مللن‬
‫أن تحصى فإن قيل محل النزاع أن الفعل لذاته أو لوصللف لزم للله يقتضللي‬
‫الحسن والقبح والشرطان متنافيان يمتنع أن يكون كللل واحللد منهمللا وصللفا‬
‫لزما لن اللزم يمتنع انفكاك الشيء عنه قيل معنى كللونه يقتضللي الحسللن‬
‫والقبح لذاته أو لوصفه اللزم أن الحسن ينشأ من ذاته أو من وصفه بشرط‬
‫معين والقبح ينشللأ ملن ذاتلله أو مللن وصللفه بشللرط آخللر فللإذا عللدم شللرط‬
‫القتضاء أو وجد مانع يمنلع القتضلاء زال الملر الملترتب بحسلب اللذات أو‬
‫الوصف لزوال شرطه أو لوجود مانعه وهذا واضح جللدا ‪ :‬الثللالث أن قللولكم‬
‫يحسن الكذب إذا تضمن عصمة نبى أو مسلم فهذا فيه طريقللان أحللدهما ل‬
‫نسلم أنه يحسن الكذب فضل عنأن يجب بل ل يكون الكللذب إل قبيحللا وأمللا‬
‫الذي يحسن فالتعريض والتورية كمللا وردت بله السللنة النبويلة وكمللا عللرض‬
‫إبراهيم للملك الظالم بقوله هذه أختي لزوجته وكما قال أني سقيم فعللرض‬
‫بأنه سقيم قلبه من شركهم أو سيسقم يوما ما وكما فعل في قوله بل فعله‬
‫كبيرهم هذا فاسألوهم أن كانوا ينطقون فأن الخللبر والطلللب كلهمللا معلللق‬
‫بالشرط والشرط متصل بهما ومع هذا فسماها ثلث كذبات وامتنع بهللا مللن‬
‫مقام الشفاعة فكيف يصح دعواكم أن الكذب يجب إذا تضمن عصمة مسلم‬
‫مع ذلك فأن قيل كيف سماها إبراهيم كذبات وهللي توريللة وتعريللض صللحيح‬
‫قيل ل يلزمنا جواب هذا السؤال إذا الغللرض أبطللال اسللتدللكم وقللد حصللل‬
‫فالجواب عنه تبرع منا وتكميل للفائدة ولم أجد في هذا المقام للناس جوابا‬
‫شافيا يسكن القلب إليه وهذا السؤال ل يختص به طائفة معينة بل هللو وارد‬
‫عليكم بعينه وقد فتح الله الكريللم بللالجواب عنلله فنقللول الكلم للله نسللبتان‬
‫نسبة إلى المتكلم وقصده وإرادته ونسبة إلى السامع وإفهللام المتكلللم إيللاه‬
‫مضمونه فإذا أخبر المتكلم بخبر مطابق للواقع وقصد إفهام المخاطب فهللو‬
‫صدق من الجهتين وأن قصد خلف الواقع وقصد مع ذلللك إفهللام المخللاطب‬
‫خلف ما قصد بل معنللى ثالثللا ل هللو الواقللع ول هللو المللراد فهللو كللذب مللن‬
‫الجهتين بالنسللبتين معللا وإن قصللد معنللى مطابقللا صللحيحا وقصللد مللع ذلللك‬
‫التعمية على المخاطب وإفهامه خلف مللا قصللده فهللو صللدق بالنسللبة إلللى‬
‫قصده كذب بالنسبة إلى إفهامه ومن هذا البللاب التوريللة والمعللاريض وبهللذا‬
‫أطلق عليها إبراهيم الخليل عليه السلم اسم الكللذب مللع أنلله الصللادق فللي‬
‫خبره ولم يخبر إل صدقا فتأمل هذا الموضع الذي أشللكل علللى النللاس وقللد‬
‫ظهر بهذا أن الكذب ل يكون قط إل‬

‫‪ #‬قبيحا وأن الذي يحسن ويجب إنمللا هللو التوريللة وهللي صللدق وقللد يطلللق‬
‫عليها الكذب بالنسبة إلى الفهللام ل إلللى العنايللة الطريللق الثللاني ان تخلللف‬
‫القبح عن الكذب لفوات شرط أو قيلام ملانع يقتضلي مصللحة راجعلة عللى‬
‫الصدق ل تخرجه عن كونه قبيحا لذاته وتقريره ما تقدم وقللد تقللدم أن الللله‬
‫سبحانه حرم الميتة والدم ولحم الخنزير للمفسللدة الللتي فللي تناولهللا وهللي‬
‫ناشئة مللن ذوات هللذه المحرمللات وتخلللف التحريللم عنهللا عنللد الضللرورة ل‬
‫يوجب أن تكون ذاتهللا غيللر مقتضللية للمفسللدة الللتي حرمللت لجلهللا فهكللذا‬
‫الكذب المتضمن نجاة نبي أو مسلم الوجه الرابع قوله لو كان ذاتيللا لجتمللع‬
‫النقيضان في صدق من قال لكذبن غدا إلى آخللر مللا ذكللر جللوابه أنلله مللتى‬
‫يجتمع النقيضان إذا كان الحسن والقبح باعتبار واحد ملن جهلة واحلدة أو إذا‬
‫كانا باعتبارين من جهتين أو أعم من ذلك فإن عنيتم الول فمسلللم ولكللن ل‬
‫نسلللم الملزمللة فللإنه ل يلللزم مللن اجتمللاع الحسللن والقبللح فللي الصللورة‬
‫المذكورة أن يكون لجهة واحدة واعتبار واحللد فللإن اجتمللاع الحسللن والقبللح‬
‫فيهما باعتبارين مختلفين من جهتين متباينتين وهذا ليس ممتنعا فإنه إذا كان‬
‫كذبا كان قبيحا بالنظر إلى ذاته وحسنا بالنظر إلى تضمنه صدق الخبر الول‬
‫ونظيره إن يقول والله لشربن الخمر غدا أو والله لسرقن هذا الثللوب غللدا‬
‫ونحوه وأن عنيتم الثلاني فهلو حلق ولكلن ل نسللم انتفلاء اللزم وأن عنيتللم‬
‫الثالث منعنا الملزمة أيضا علللى التقللدير الول وانتفللاء اللزم علللى التقللدير‬
‫الثاني وهذا واضح جدا الوجه الخامس قوله القتل والضللرب حسللن إذا كللان‬
‫حدا أو قصاصا وقبيح في غيره فلو كان ذاتيا لجتمع النقيضان كلم في غاية‬
‫الفساد فإن القتل والضرب واحد بالنوع والقبيح ما كان ظنا وعدوانا والحس‬
‫منه ما كان جزاء على إساءة أما حدا وأما قصاصا فلم يرجع الحسن والقبللح‬
‫إلى واحد بالعين ونظير هذا السجود فللإنه فللي غايللة الحسللن لللذاته إذا كللان‬
‫عبودية وخضوعا للواحد المعبود وفي غاية القبح إذا كللان لغيللره ولللو سلللمنا‬
‫أن القتل والضرب الواحد بالعين إذا كان حلدا أو قصاصلا فلإنه يكلون حسلنا‬
‫قبيحا لم يكن ذلك محال لنه باعتبارين فهللو حسللن لمللا تضللمنه مللن الزجللر‬
‫والنكال وعقوبة المستحق وقبيح بالنظر إلى المقتول المضللروب فهللو قبيللح‬
‫له حسن في نفسه وهذا كما أنه مكروه مبغللوض للله وهللو محبللوب مرضللى‬
‫لفاعله والمر به فأي محال في هذا فظهر أن هذا الدليل فاسد والله أعلم‬
‫فصل فهذه أقوى أدلة النفاة باعترافهم بضعف ما سواها فل حاجة بنا‬
‫إلى ذكرها وبيان فسادها فقد تبين الصبح لذي عينين وجلبت عليك المسئلة‬
‫رافلة في حلل أدلتها الصحيحة وبراهينها‬
‫‪ #‬المستقيمة ول تغضللض طللرف بصلليرتك عللن هللذه المسللئلة فللأن شللأنها‬
‫عظيم وخطبها جسيم وقد احتج بعضهم بدليل أفسد من هذا كله فقللالوا لللو‬
‫حسن الفعل أو قبح لذاته او لصفته لم يكن الباريء تعالى مختارا في الحكم‬
‫لن الحكم بالمرجوح على خلف المعقول فليزم الخر فل اختيار وتقرير هذا‬
‫الستدلل ببيان الملزمة المذكورة أول وبيان انتفلاء اللزم ثانيلا أملا المقلام‬
‫الول وهو بيان الملزمة فإن الفعل لو حسن لللذاته او لصللفته لكللان راجحللا‬
‫على الحسن في كونه متعلقا للوجللوب أو النللدب ولللو قبللح لللذاته أو لصللفته‬
‫لكان راجحا على الحسن في كونه متعلقا للتحريم أو الكراهة فحينئذ إمللا أن‬
‫يتعلق الحكم بالراجح المقتضي له او المرجوح المقتضللي لضللده ‪ #‬والثللاني‬
‫باطل قطعا ل لستلزامه ترجيح المرجوح وهو باطللل بصللريح العقللل فتعيللن‬
‫الول ضرورة فإذا كان تعلق الحكم بالراجح لزمللا ضللرورة لللم يكللن البللاري‬
‫مختارا في حكمه فتأمل هذه الشبهة ما أفسدها وأبين بطلنها والعجب ممن‬
‫يرضى لنفسه ان يحتج يمثلها وحسبك فساد الحجة مضمونها أن الله تعللالى‬
‫لم يشرع السجود له وتعظيملله وشللكره ويحللرم السللجود للصللنم وتعظيملله‬
‫لحسن هذا وقبح هذا مع استوائهما تفريقا بين المتماثلين فأي برهان أوضللح‬
‫من هذا على فساد هذه الشبهة الباطلللة ‪ #‬الثللاني أن يقللال هللذا يللوجب أن‬
‫تكون أفعاله كلها مستلزمة للترجيللح بغيللر مرجللح إذ لللو ترجللح الفعللل منهللا‬
‫بمرجح لزم عدم الختيار بعين ما ذكرتم إذا لحكم بالمرجح لزم فإن قيللل ل‬
‫يلزم الضطرار وتللرك الختيللار لن المرجللح هللو الرادة والختيللار قيللل فهل‬
‫قنعتم بهذا الجواب منا وقلتم إذا كان اختياره تعالى متعلقا بالفعللل لمللا فيلله‬
‫من المصلحة الداعية إلى فعله وشرعه وتحريمه لله ملا فيله ملن المفسلدة‬
‫الداعية إلى تحريمه والمنع منه فكان الحكم بالراجح في الموضللعين متعلقللا‬
‫باختياره تعالى وإرادته فإنه الحكيم في خلقله وأملره فلإذا عللم فلي الفعلل‬
‫مصلحة راجحة شرعية وأوجبه شرعه ووضعه وإذا علم فيه مفسللدة راجحللة‬
‫كرهه وأبغضه وحرمه هذا في شرعه وكللذلك فللي خلقلله لللم يفعللل شلليئا إل‬
‫ومصلحته راجحة وحكمته ظاهرة واشللتماله علللى المصلللحة والحكمللة الللتي‬
‫فعله لجلها ل ينافي اختياره بل ل يتعلق بالفعللل إل لمللا فيلله مللن المصلللحة‬
‫والحكمة وكذلك تركه لما فيه من خلف حكمته فل يلزم من تعلللق الحكمللة‬
‫بالراجح أن ل يكون الحكم اختياريا فإن المختار الذي هو أحكللم الحللاكمين ل‬
‫يختار إل ما يكون على وفق الحكمة والمصلحة ‪ #‬الثللالث أن قللوله إذا لللزم‬
‫تعلق الحكم بالراجح لم يكن مختارا تلبيس فإنه إنما تعلق بالراجللح باختيللاره‬
‫وإرادته واختياره وإرادته اقتضت تعلقه بالراجح على وجلله اللللزوم فكيللف ل‬
‫يكون مختارا واختياره استلزم تعلق الحكم بالراجللح الرابللع إن تعلللق حكملله‬
‫تعالى بالفعل المأمور به أو المنهي عنه إما أن يكون جائز الوجود والعلدم أو‬
‫راجح الوجود أو راجح العدم فإن كان جائز الطرفيللن لللم بترجللح أحللدهما إل‬
‫بمرجح وإن كان راجحا فالتعلق لزم لن الحكم‬
‫‪ #‬يمتنللع ثبللوته مللع المسللاواة ومللع المرجوحيللة ‪ #‬أمللا الول فل سللتلزامه‬
‫الترجيللح بل مرجللح وأمللا الثللاني فل سللتلزامه ترجيللح المرجللوح وهللو باطللل‬
‫بصريح العقل فل يثبت إل مع المرجح التام وحينئذ فيلزله عدم الختيللار ومللا‬
‫يجيبون به عن اللزام المذكور هو جوابكم بعينه عن شبهتكم التي اسللتدللتم‬
‫بها الخامس أن هذه الشللبهة الفاسللدة مسللتلزمة لحللد المريللن ول بللد أمللا‬
‫الترجيح بل مرجح وإما أن ل يكون الباري تعالى مختارا كما قررتللم وكلهمللا‬
‫باطل السادس أنها تقتضي أن ل يكون في الوجود قادر مختار إل من يرجللح‬
‫أحد المتساويين على الخر بل مرجح وأما من رجح أحد الجائزين بمرجح فل‬
‫يكون مختارا وهذا من أبطل الباطل بل القادر المختار ل يرجح أحد مقللدريه‬
‫على الخر إل بمرجح وهو معلوم بالضرورة واحتج النفاة أيضللا بقلوله تعللالى‬
‫وما كنا معذبين حتى نبعث رسلول ووجله الحتجلاج باليلة أنله سلبحانه نفلي‬
‫التعذيب قبل بعثة الرسل فلو كان حسن الفعل وقبحه ثابتا للله قبللل الشللرع‬
‫لكان مرتكب القبح وتارك الحسن فللاعل للحللرام وتاركللا الللواجب لن قبحلله‬
‫عقل يقتضي تحريمه عقل عندكم وحسنه عقل يقتضي وجوبه عقل فإذا فعللل‬
‫المحرم وترك الواجب استحق العذاب عندكم والقرآن نص صريح أن الله ل‬
‫يعذب بدون بعثة الرسل فهذا تقرير الستدلل احتجاجا والتزاما ول ريللب أن‬
‫الية حجة على تناقض المثبتين إذا أثبتوا التعذيب قبل البعثة فيلزم تناقضهم‬
‫وإبطللال جمعهللم بيللن هللذين الحكميللن إثبللات الحسللن والقبللح عقل وإثبللات‬
‫التعذيب على ذلك بدون البعثة وليس إبطال القول بمجموع المريللن موجبللا‬
‫لبطال كل واحد منهما فلعل الباطل هو قولهم بجللواز التعللذيب قبللل البعثللة‬
‫وهذا هو المتعين لنه خلف نص القرآن وخلف صريح العقل أيضا فأن الللله‬
‫سبحانه إنمللا أقللام الحجللة علللى العبللاد برسللله قللال تعللالى رسللل مبشللرين‬
‫ومنذرين لئل يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فهذا صريح بأن الحجللة‬
‫إنما قامت بالرسل وأنه بعد مجيئهم ل يكللون للنللاس علللى الللله حجللة وهللذا‬
‫يدل على أنه ل يعذبهم قبل مجيء الرسل إليهللم لن الحجللة حينئذ لللم تقللم‬
‫عليهم فالصواب في المسئلة اثبات الحسن والقبح عقل ونفي التعذيب على‬
‫ذلك إل بعد بعثة الرسل فالحسن والقبح العقلللي ل يسللتلزم التعللذيب وإنمللا‬
‫يستلزمة مخالفة المرسلين وأما المعتزلة فقللد أجللابوا عللن ذلللك بللأن قللالوا‬
‫الحسن والقبح العقلي يقتضي اسللتحقاق العقللاب علللى فعللل القبيللح وتللرك‬
‫الحسن ول يلزم من استحقاق العقاب وقوعه لجواز العفو عنه قالوا ول يرد‬
‫هذا علينا حيث نمنع العفو بعد البعثة إذا أو عد الرب على الفعل لن العذاب‬
‫قد صار واجبا بخبره ومستحقا بارتكاب القبيح وهو سللبحانه لللم يحصللل منلله‬
‫إيعاد قبل البعثة فل يقبح العفو لنه ل يستلزم خلفللا فللي الخللبر وإنمللا غللايته‬
‫ترك حق له قد وجب قبل البعثة وهذا حسللن والتحقيللق فللي هللذا أن سللبب‬
‫العقاب قائم قبل البعثة ولكن ل يلزم من وجود سللبب العللذاب حصللوله لن‬
‫هذا السبب قد نصب الله تعالى له شرطا وهو بعثة الرسل وانتفاء التعللذيب‬
‫قبل البعثة هو ل نتفاء شرطه ل لعدم‬
‫‪ #‬سببه ومقتضيه وهذا فصل الخطاب في هذا المقام وبه يزول كل إشكال‬
‫في المسئلة وينقشع غيمها ويسفر صبحها والله الموفق للصللواب ‪ #‬واحتللج‬
‫بعضهم أيضا بأن قال لو كان الفعل حسنا لذاته ل متنللع الشللارع مللن نسللخه‬
‫قبل إيقاع المكلف له وقبل تمكنه منه لنه إذا كللان حسللنا لللذاته فهللو منشللأ‬
‫للمصلللحة الراجحلة فكيلف ينسللخ وللم تحصللل منله تلللك المصللحة وأجللاب‬
‫المعتزلة عن هذا بالتزامه ومنعوا النسخ قبل وقت الفعللل ونللازعهم جمهللور‬
‫هذه المة في هذا الصل وجوزوا وقوع النسخ قبل حضور وقللت الفعللل ثللم‬
‫انقسموا قسمين فنفاة التحسين والتقبيح بنوه على أصلهم ومثبتو التحسللين‬
‫والتقبيح أجابوا عن ذلك بأن المصلحة كما تنشللأ ملن الفعللل فأنهلا أيضللا قللد‬
‫تنشللأ مللن العللزم عليلله وتللوطين النفللس علللى المتثللال وتكللون المصلللحة‬
‫المطلوبة هي العزم وتوطين النفس ل إيقللاع الفعللل فللي الخللارج فللإذا أمللر‬
‫المكللف بلأمر فعلزم عليلله وتهيللأ لله ووطلن نفسله عللى امتثللاله فحصلللت‬
‫المصلحة المرادة منه لم يمتنع نسخ الفعل وإن لم يوقعه لنه ل مصلحة للله‬
‫فيه وهذا كأمر إبراهيم الخليل بذبح ولده فإن المصلحة لللم تكللن فللي ذبحلله‬
‫وإنما كانت في استسلم الوالد والولد لمر الله وعزمهمللا عليلله وتوطينهمللا‬
‫أنفسهما على امتثاله فلما حصلت هلذه المصللحة بقلي الذبلح مفسلدة فلي‬
‫حقهما فنسخه الله ورفعه وهذا هو الجواب الحق الشافي في المسلئلة وبله‬
‫تتبين الحكمة الباهرة في إثبات ما أثبته الله مللن الحكللام ونسللخ مللا نسللخه‬
‫منها بعد وقوعه ونسخ ما نسخ منها قبل إيقاعه وأن للله فللي ذلللك كللله مللن‬
‫الحكم البالغة ما تشهد له بأنه احكم الحللاكمين وأنلله اللطيللف الخللبير الللذي‬
‫بهرت حكمته العقول فتبارك الله رب العالمين ‪ #‬ومما احتج به النفاة أيضللا‬
‫أنه لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب لم يكن تعلق الطلب لنفسه لتللوقفه‬
‫على أمر زائد ‪ #‬وتقريللر هللذه الحجللة ان حسللن الفعللل وقبحلله ل يجللوز ان‬
‫يكون لغير نفس الطلب بل ل معنى لحسنه إل كونه مطلوبا للشارع أيجللاده‬
‫ول لقبحه إل كونه مطلوبا له إعدامه لنه لو حسن وقبح لمعنى غيللر الطلللب‬
‫الشرعي لم يكن الطلب متعلقا بالمطلوب لنفسه بل كان التعلق لجل ذلك‬
‫المعنى فيتوقف الطلب على حصول العتبار الزائد على الفعل وهللذا باطللل‬
‫لن التعلق نسبة بين الطلب والفعل والنسبة بين المرين ل تتوقف إل علللى‬
‫حصولهما فإذا حصل الفعل تعلق الطلللب بلله سللواء حصللل فيلله اعتبللار زائد‬
‫على ذاته أول فإن قلتم الطلللب وأن لللم يتوقللف إل علللى الفعللل المطلللوب‬
‫والفاعل المطلوب منه لكن تعلقه بالفعل متوقف على جهة الحسن والقبللح‬
‫المقتضي لتعلق الطلب به قلنا الطلب قديم والجهة الموجبة للحسن والقبح‬
‫حادثة ول يصح توقف القلديم عللى الحلادث وسلر اللدليل أن تعللق الطللب‬
‫بالفعل ذاتي فل يجوز أن يكون معلل بأمر زائد على الفعل إذ لو كللان تعلقلله‬
‫به معلل لم يكن ذاتيا وهذا وجه تقرير هذه الشبهة وان كان كثير من شللراح‬
‫المختصر لم يفهموا تقريرها على هذا الوجه فقرروها على وجه‬

‫‪ #‬آخر ل يفيد شيئا وبعد فهي شبهة فاسدة من وجوه ‪ :‬أحللدها أن يقللال مللا‬
‫تعنون بأن تعلق الطلب بالفعل ذاتي له أتعنون به أن التعلللق مقللوم لماهيللة‬
‫الطلب وأن تقوم الماهية به كتقومهللا بجنسللها وفصلللها أم تعنللون بلله أنلله ل‬
‫تعقللل ماهيللة الطلللب ال بللالتعلق المللذكور أم أمللرا آخللر فللإن عنيتللم الول‬
‫والتعلق نسبة إضافية وهي عدمية عنلدكم ل وجللود لهللا فللي العيلان فكيلف‬
‫تكون النسللبة العدميللة مقومللة للماهيللة الوجوديللة وأنتللم تقولللون أنلله ليللس‬
‫لمتعلق الطلب من الطلب صفة ثبوتية لن هللذا هللو الكلم النفسللي وليللس‬
‫لمتعلق القول فيه صفة ثبوتية وأن عنيتم الثللاني فل يلللزم مللن ذلللك توقللف‬
‫الطلب على اعتبار زائد على الفعل يكون ذلك العتبللار شللرطا فللي الطلللب‬
‫وأن عنيتم أمرا ثالثا فل بد بيانه وعلى تقدير بيانه فإنه ل ينافي توقف التعلق‬
‫على الشرط المذكور الثاني أن غاية ما قررتموه قررتموه أن التعلللق ذاتللي‬
‫للطللب واللذاتي ل يعللل كملا ادعيتملوه فلي المنطلق دعلوى مجلردة وللم‬
‫تقرروه ولم تبينوا ما معنى كونه غير معلل حللتى ظللن بعللض المقلللدين مللن‬
‫المنطقيين أن معناه ثبوتية الذات لنفسه بغير واسطة وهذا في غاية الفساد‬
‫ل يقوله من يدرى ما يقول وإنما معناه أنه ل تحتاج الللذات فللي اتصللافها بلله‬
‫إلى علة مغايرة لعلة وجودها بل علة وجودها هي علة اتصللاف الللذات فهللذا‬
‫معنى كونه غير معلل بعلة خارجيللة عللن علللة الللذات بللل علللة الللذات علتلله‬
‫وليس هذا موضع استقصاء الكلم على ذلك والمقصود أن كون التعلق ذاتيللا‬
‫للطلب فل يعلل بغير علة الطلب ل ينافي توقفه على شرط فهب أن صللفة‬
‫الفعل ل تكون علللة للتعلللق فمللا المللانع أن تكللون شللرطا للله ويكللون تعلللق‬
‫الطلب بالفعل مشروطا بكونه على الجهة المذكورة فإذا انتفت تلللك الجهللة‬
‫انتفى التعلق لنتفاء شرطه وهذا مما للم يتعرضلوا لبطلنله أصلل ول سلبيل‬
‫لكم إلى أبطالللة الثللالث أن قولللك الطلللب قللديم والجهللة المللذكورة حادثللة‬
‫للفعل ول يصح توقف القديم على الحادث كلم في غاية البطلن فإن الفعل‬
‫المطلوب حلادث والطللب متوقلف عليله إذ ل تتصلور ماهيلة الطللب بلدون‬
‫المطلوب فما كان جللوابكم عللن توقللف الطلللب علللى الفعللل الحللادث فهللو‬
‫جوابنا عن توقفه على جهة الفعل الحادثة فإن جهتلله ل تزيللد عليلله بللل هللي‬
‫صفة من صفاته فإن قلتم التوقف هاهنا إنما هو لتعلق الطلب بللالمطلوب ل‬
‫لنفس الطلب ول تجدون محلذورا فلي توقلف التعللق لنله حلادث قلنلا فهل‬
‫قنعتم بهذا الجواب في صفة الفعل وقلتم التوقف على الجهة المذكورة هللو‬
‫توقف التعلق ل توقف نفس الطلب فنسبة التعلق إلى جهللة الفعللل كنسللبته‬
‫إلى ذاته ونسبة الطلب إلى الجهة كنسبته إلللى نفللس الفعللل سللواء بسللواء‬
‫فنسبة القللديم إلللى أحللد الحللادثين كنسللبته إلللى الخللر ونسللبة تعلقلله بأحللد‬
‫الحادثين كنسبة تعلقه بالخر فتبين فسادا الدليل المذكور وحسللبك بمللذهب‬
‫فسادا استلزامه جواز ظهللور المعجللزة علللى يللد الكللاذب وإنلله ليللس بقبيللح‬
‫واستلزامه جواز نسبة الكذب إلى أصدق‬

‫‪ #‬الصادقين وأنه ل يقبح منه واستلزامه التسوية بين التثليث والتوحيللد فللي‬
‫العقل وأنه قبللل ورود النبللوة ل يقبللح التثليللث ول عبللادة الصللنام ول مسللبة‬
‫المعبود ول شيء من أنواع الكفر ول السعي فللي الرض بالفسللاد ول تقبيللح‬
‫شيء من القبائح أصل وقد التزم النفاة ذلك وقالوا أن هذه الشياء لم تقبللح‬
‫عقل وإنما جهة قبحها السمع فقط وانه ل فرق قبللل السللمع بيللن ذكللر الللله‬
‫والثناء عليه وحمده وبين ضد ذلك ول بين شكره بما يقدر عليلله العبللد وبيللن‬
‫ضللده ول بيللن الصللدق والكللذب والعفللة والفجللور والحسللان إلللى العللالم‬
‫والساءة إليهم بوجه ما وإنما التفريق بالشرع بيللن متمللاثلين مللن كللل وجلله‬
‫وقد كان تصور هذا المذهب علللى حقيقتلله كافيللا فللي العلللم ببطلنلله وأن ل‬
‫يتكلف رده ولهذا رغللب عنلله فحللول الفقهللاء والنظللار مللن الطللوائف كلهللم‬
‫فأطبق أصحاب أبي حنيفة على خلفه وحكوه عن أبي حنيفللة نصللا واختللاره‬
‫من أصحاب أحمد أبو الخطاب وابن عقيل وأبو يعلى الصغير ولللم يقللل أحللد‬
‫من متقدميهم بخلفه ول يمكن أن ينقللل عنهللم حللرف واحللد موافللق للنفللاة‬
‫واختاره من أئمة الشافعية المللام أبللو بكللر محمللد بللن علللى بللن إسللماعيل‬
‫القفال الكبير وبالغ في إثباته وبنى كتابه محاسن الشريعة عليه وأحسن فيه‬
‫ما شاء وكذلك المام سعيد بن علللى الزنجللانى بللالغ فللي إنكللاره علللى أبللي‬
‫الحسن الشعرى القول بنفي التحسين والتقبيللح وأنله لللم يسللبقه إليلله أحللد‬
‫وكذلك أبو القاسم الراغب وكذلك أبو عبد الله الحليمللى وخلئق ل يحصللون‬
‫وكل من تكلم في علللل الشللرع ومحاسللنه ومللا تضللمنه مللن المصللالح ودرء‬
‫المفاسد فل يمكنه ذلك إل بتقرير الحسن والقبح العقليين إذ لو كللان حسللنه‬
‫وقبحه بمجرد المر والنهى لم يتعرض فللي إثبللات ذلللك لغيللر المللر والنهللي‬
‫فقط وعلى تصحيح ذلللك فللالكلم فللي القيللاس وتعليللق الحكللام بالوصللاف‬
‫المناسبة المقتضية لها دون الوصاف الطردية التي ل مناسللبة فيهللا فيجعللل‬
‫الول ضلابطا للحكلم دون الثلاني ل يمكلن إل عللى إثبلات هلذا الصلل فللو‬
‫تسللاوت الوصللاف فللي نفسللها لنسللد بللاب القيللاس والمناسللبات والتعليللل‬
‫بالحكم والمصالح ومراعات الوصاف المللؤثرة دون الوصللاف الللتي ل تللأثير‬
‫لها‬
‫فصل وإذا قد انتهينا في هذه المسئلة إلى هذا الموضع وهو بحرها‬
‫ومعظمهلا فلنلذكر سللرها وغايتهللا وأصللولها الللتي أثبتللت عليهللا فبلذلك تتللم‬
‫الفائدة فإن كثيرا من الصوليين ذكروها مجردة ولم يتعرضوا لسرها وأصلها‬
‫الذي أثبتت عليه وللمسئلة ثلثللة أصللول هللي أساسللها ‪ #‬الصللل الول هللل‬
‫أفعال الرب تعالى وأوامره معللة بالحكم والغايات وهذه مللن أجللل مسللائل‬
‫التوحيد المتعلقة بالخلق والمر بالشرع والقدر الصل الثاني أن تلك الحكللم‬
‫المقصودة فعل يقوم به سبحانه‬

‫‪ #‬وتعالى قيام الصفة به فيرجع إليه حكمها ويشتق له اسمها أم يرجللع إلللى‬
‫المخلوق فقط من غير أن يعود إلى الرب منها حكم أو يشتق له منهللا اسللم‬
‫الصل الثالث هل تعلق إرادة الرب تعللالى بجميللع الفعللال تعلللق واحللد فمللا‬
‫وجد منها مراد له محبوب مرضى طاعة كان أو معصية ومللا لللم يوجللد منهللا‬
‫فهو مكروه له مبغوض غير مراد طاعة كللان أو معصللية فهللو يحللب الفعللال‬
‫الحسنة الللتي هللي منشللأ المصللالح وأن لللم يشللأ تكوينهللا وإيجادهللا لن فللي‬
‫مشيئة ليجادها فللوات حكملة أخللرى هللي أحللب إليلله منهللا ويبغللض الفعللال‬
‫القبيحة التي هي منشللأ المفاسللد ويمنعهللا ويمقللت أهلهللا وأن شللاء تكوينهللا‬
‫وإيجادها لما تستلزمه من حكمه ومصلحة هي أحب إليه منها ‪ #‬ول بللد مللن‬
‫توسط هللذه الفعللال فللي وجودهللا فهللذه الصللول الثلثللة عليهللا مللدار هللذه‬
‫المسئلة ومسائل القدر والشرع وقد اختلف الناس فيها قللديما وحللديثا إلللى‬
‫اليوم فالجبرية تنفي الصول الثلثة وعندهم أن الله ل يفعل لحكمة ول يأمر‬
‫لها ول يدخل في أمره وخلقه لم التعليل بوجه وإنما هي لم العاقبللة كمللا ل‬
‫يدخل في أفعاله باء السببية وإنما هي باء المصاحبة ومنهم من يثبت الصل‬
‫الثالث وينفي الصلين الولين كما هو أحد القولين للشعري وقول كثير مللن‬
‫أئمة أصحابه وأحد القولين لبللي المعللالي والمشللهور مللن مللذهب المعتزلللة‬
‫إثبات الصل الول وهو التعليل بللالحكم والمصللالح ونفللي الثللاني بنللاء علللى‬
‫قواعدهم الفاسدة في نفي الصفات ‪ #‬فأمللا الصللل الثللالث فهللم فيلله ضللد‬
‫الجبرية من كل وجه فهما طرفا نقيض فأنهم ل يثبتون لفعللال العبللاد سللوى‬
‫المحبة لحسنها والبغض لقبحها وأما المشيئة لها فعنللدهم أن مشلليئة الللله ل‬
‫تتعلق بها بناء منهم على نفي خلق أفعال العباد فليسللت عنللدهم إرادة الللله‬
‫لها إل بمعنى محبته لحسنها فقط وأما قبيحها فليس مللراد الللله بللوجه وأمللا‬
‫الجبرية فعندهم انه لم يتعلق بها سوى المشيئة والرادة وأما المحبة عندهم‬
‫فهي نفس الرادة والمشيئة فما شاءه فقد أحبه ورضيه وأما أصحاب القول‬
‫الوسط وهلم أهللل التحقيلق ملن الصللوليين والفقهلاء والمتكلميللن فيثبتلون‬
‫الصول الثلثة فيثبتون الحكمة المقصودة بالفعل في أفعاله تعالى وأوامللره‬
‫ويجعلونهللا عللائدة إليلله حكمللا ومشللتقا للله اسللمها فالمعاصللي كلهللا مقوتللة‬
‫مكروهة وإن وقعت بمشيئته وخلقه والطاعات كلها محبوبة للله مرضللية وإن‬
‫لم يشاها ممن لم يطعه ومن وجدت منه فقد تعلق بها المشيئة والحب فمللا‬
‫لم يوجد من أنواع المعاصي فلم تتعلق به مشيئة ول محبتلله ومللا وجللد منهلا‬
‫تعلقت به مشيئته دون محبته وما لم يوجد من الطاعات المقدرة تعلللق بهللا‬
‫محبته دون مشيئته وما وجد منها تعلق به محبتلله ومشلليئته ومللن لللم يحكللم‬
‫هذه الصول الثلثة لم يسلتقر لله فلي مسلائل الحكلم والتعليلل والتحسلين‬
‫والتقبيح قدم بل ل بد مللن تناقضلله ويتسلللط عليلله خصللومه مللن جهللة نفيلله‬
‫لواحد منها ولهذا لما رأى القدرية والجبرية أنهللم لللو سلللموا للمعتزلللة شلليئا‬
‫من هذه تسلطوا عليهم به سدوا على أنفسهم الباب‬

‫‪ #‬بالكلية وأنكروها جملة فل حكمة عنللدهم ول تعليللل ول محبللة تزيللد علللى‬


‫المشلليئة ولمللا أنكللر المعتزلللة رجللوع الحكمللة إليلله تعللالى سلللطوا عليهللم‬
‫خصومهم فأبدوا تناقضهم وكشفوا عوراتهم ولمللا سلللك أهللل السللنة القللول‬
‫الوسط وتوسطوا بين الفريقين لم يطمع أحد في مناقضتهم ول فلي إفسلاد‬
‫قولهم وأنت إذا تأملت حجج الطائفتين وما ألزمته كل منهما للخرى علمللت‬
‫أن من سلك القلول الوسللط للم يلزمله شليء ملن إلزاملاتهم ول تناقضلهم‬
‫والحمد لله رب العالمين هادي من يشاء إلى صراط مستقيم‬
‫فصل وقد سلم كثير من النفاة أن كون الفعل حسنا أو قبيحا بمعنى‬
‫الملءمة والمنافرة والكمال والنقصللان عقلللي وقللال نحللن ل ننللازعكم فللي‬
‫الحسن والقبح بهذين العتبارين وإنمللا النللزاع فللي إثبللاته عقل بمعنللى كللونه‬
‫متعلق المدح والذم عاجل والثواب والعقاب آجل فعندنا ل مدخل للعقل فللي‬
‫ذلك وإنما يعلم بالسمع المجرد قال هللؤلء فيطلللق الحسللن والقبللح بمعنللى‬
‫الملءمة والمنافرة وهو عقلي وبمعنى الكمال والنقصان وهو عقلي وبمعنى‬
‫إستلزامه للثواب والعقاب وهو محل النزاع وهذا التفصلليل لللو أعطللي حقلله‬
‫والتزمت لوازمه رفع النزاع وأعاد المسللئلة اتفاقيللة وأن كللون الفعللل صللفة‬
‫كمال أو نقصان يستلزم إثباب تعلق الملءمة والمنافرة لن الكمال محبللوب‬
‫للعالم والنقص مبغوض له ول معنى للملءمة والمنللافرة إل الحللب والبغللض‬
‫فإن الله سبحانه يحب الكامل من الفعال والقوال والعمال ومحبتلله لللذلك‬
‫بحسب كماله ويبغض الناقص منها ويمقته ومقته لله بحسلب نقصلانه ولهلذا‬
‫أسلفنا أن من أصول المسئلة إثبات صفة الحللب والبغللض لللله فتأمللل كيللف‬
‫عادت المسئلة إليه وتوقفت عليه والله سبحانه يحب كل ما أمر بلله ويبغللض‬
‫كل ما نهى عنه ول يسمى ذلك ملءمة أو منافرة بللل يطلللق عليلله السللماء‬
‫التي أطلقها على نفسه وأطلقهللا عليلله رسلوله ملن محبتلله للفعلل الحسللن‬
‫المأمور به وبغضه للفعل القبيح ومقته له وما ذاك إل لكمال الول ونقصللان‬
‫الثاني فإذا كان الفعللل مسللتلزما للكمللال والنقصللان وأسللتلزامه للله عقلللي‬
‫والكمال والنقصان يستلزم الحب والبغض الذي سللميتموه ملءمللة ومنللافرة‬
‫واستلزامه عقلي فبيان كون الفعل حسنا كامل محبوبا مرضلليا وكلونه قبيحللا‬
‫ناقصللا مسللحوطا مبغوضللا أمللر عقلللي بقللي حللديث المللدح والللذم والثللواب‬
‫والعقاب ومللن أحللاط علمللا بمللا اسلللفناه فللي ذلللك انكشللفت للله المسللئلة‬
‫واسفرت عن وجهها وزال عنها كل شبهة وإشكال فأما المدح والذم فللترتبه‬
‫على النقصان والكمال والمتصف به وذمهم لمؤثر النقص والمتصف به أمللر‬
‫عقلي فطري وإنكاره يزاحم المكابرة وأما العقاب فقد قررنا أن ترتبه علللى‬
‫فعل القبيللح مشللروط بالسللمع وأنلله إنمللا انتفللي عنللد انتفللاء السللمع انتفللاء‬
‫المشروط لنتفاء شرطه ل انتفاءه ل انتفاء سببه فإن سببه قللائم ومقتضلليه‬
‫موجود إل أنه لم يتم لتوقف على شرطه وعلى‬

‫‪ #‬هذا فكونه متعلقا للثواب والعقاب والمدح والللذم عقلللي وأن كللان وقللوع‬
‫العقاب موقوفا على شرط وهو ورود السمع وهل يقال أن الستحقاق ليس‬
‫بثابت لن ورود السمع شللرط فيلله هللذا فيلله طريقللان للنللاس ولعللل النللزاع‬
‫لفظي فإن أريد بالستحاق الستحقاق التام فالحق نفيلله وأن أريللد بلله قيللام‬
‫السبب والتخلف لفوات شرط أو وجود مانع فالحق إثبللاته فعللادت القسللام‬
‫الثلثة أعنى الكمال والنقصان والملءمة والمنافرة والمدح والذم إلى عرف‬
‫واحد وهو كون الفعل محبوبا أو مبغوضا ويلزم مللن كللونه محبوبللا أن يكللون‬
‫كمال وأن يستحق عليه المدح والثواب ومن كللونه مبعوضللا أن يكللون نقصللا‬
‫يستحق به الذم والعقاب فظهر أن التزام لوازم هذا التفصيل وإعطاءه حقه‬
‫يرفع النزاع ويعيد المسئلة اتفاقية ولكن أصول الطائفتين تأبى الللتزام ذلللك‬
‫فل بد لهمللا مللن التنللاقص إذا طللردوا أصللولهم وأمللا مللن كللان أصللله إثبللات‬
‫الحكمة واتصاف الرب تعالى بها وإثبات الحب والبغض للله وأنهمللا أمللر وراء‬
‫المشيئة العامة فأصول مستلزمه لفروعه وفروعه دالة على أصوله فأصوله‬
‫وفروعه ل تتناقص وأدلته ل تتمانع ول تتعارض قال النفاة لو قدر نفسه وقللد‬
‫خلق تام الخلقة كامل العقل دفعللة واحللدة مللن أن يتخلللق بللأخلق قللوم ول‬
‫تأدب بتأديب البوين ول تربي في الشرع ول تعلم من متعلم ثم عرض عليلله‬
‫أمران أحدهما الثنين أكثر من الواحللد والثللاني أن الكللذب قبيللح بمعنللى أنلله‬
‫يستحق من الله تعالى لوما عليه لم نشك أنه ل يتوقللف فللي الول ويتوقللف‬
‫في الثاني ومن حكم بأن المرين سيان بالنسبة إلى عقله خلرج علن قضللايا‬
‫العقول وعاند كعناد الفضول كيف ولو تقللرر عنلده أن الللله تعللالى ل يتضللرر‬
‫بكذب ول ينتفع بصدق وأن القولين في حكم التكليف على وتيرة واحدة لللم‬
‫يمكنه أن يرد أحدهما دون الثللاني بمجللرد عقللله والللذي يوضللحه أن الصللدق‬
‫والكذب على حقيقة ذاتية ل تتحقق ذاتهما إل بأركان تلللك الحقيقللة مثل كمللا‬
‫يقال أن الصدق إخبار عن أمر على ما هو عليه والكذب أخبار عن أمر علللى‬
‫خلف ما هو به ونحن نعلم أن من أدرك هذه الحقيقللة عللرف المحقللق ولللم‬
‫يخطر بباله كونه حسنا أو قبيحا فلم يدخل الحسن والقبللح إذا فللي صللفاتهما‬
‫الذاتية التي تحققللت حقيقتهمللا بهلا ولوازمهللا فلي اللوهم بالبديهللة كملا بينلا‬
‫وللزمها في الوجود ضرورة فأن من الخبار التي هي صللادقة مللا يلم عليلله‬
‫من الدللة على هرب من ظالم ومن الخبار التي هي كاذبة مللا يثللاب عليهللا‬
‫مثل إنكار الدللة عليه فلم يدخل كون الكذب قبيحا في حد الكذب ول لزمه‬
‫في الوهم ول لزمه في الوجود فل يجوز أن يعد مللن الصللفات الذاتيللة الللتي‬
‫تلزم النفس وجللودا وعللدما عنللدهم ول يجللوز أن يعللد مللن الصللفات التابعللة‬
‫للحدوث فل يعقل بالبديهة ول بالنظر فإن النظر ل بد أن يرد إلى الضللروري‬
‫أي‬

‫‪ #‬البديهي وإذ ل بديهي فل مرد له أصللل فلللم يبللق لهللم إل السللترواح إلللى‬
‫عادات الناس من تسمية ما يضر بهم قبيحا وما ينفعهم حسنا ونحللن ل ننكللر‬
‫أمثال تلك السامي على أنها تختلف بعادة قللوم وزمللان ومكللان دون مكللان‬
‫وإضافة دون إضافة وما يختلف بتللك النسلب والضلافات ل حقيقلة لله فلي‬
‫الذات فربما يستحسن قوم ذبح الحيوان وربما يسللتقبحه قللوم وربمللا يكللون‬
‫بالنسبة إلى قوم وزمان حسنا وربما يكون قبيحا لكنا وضعنا الكلم في حكم‬
‫التكليف بحيث يجب الحسن به وجوبا يثاب عليه قطعا ول يتطرق إليلله لللوم‬
‫أصل ومثل هذا يمتنع إدراكه عقل قالوا فهذه طريقة أهل الحق على أحسللن‬
‫ما تقرر وأحسن ما تحرر قالوا وأيضا فنحن ل ننكر اشللتهار حسللن الفضللائل‬
‫التي ذكر ضربهم بها المثال وقبحها بيلن الخلللق وكونهللا محمللودة مشللكورة‬
‫مثني على فاعلها أو مذمومه مذموما فاعلها ولكنا نثبتها إمللا بالشللرائع وأمللا‬
‫بالغراض ونحن إنما ننكرها في حق الله عز وجل لنتفاء الغراض عنه فإمللا‬
‫إطلق الناس هذه اللفاظ فيما يدور بينهم فيستمد من الغللراض ولكللن قللد‬
‫تبدو الغللراض وتخفللي فل ينتبلله لهللا إل المحققللون قللالوا ونحللن ننبلله علللى‬
‫مثارات الغلط فيه وهي ثلثة مثارات يغلط الللوهم فيهللا الولللى أن النسللان‬
‫يطلق اسم القبح على ما يخالف غرضه وأن كللان يوافللق غللرض غيللره مللن‬
‫حيث أنه ل يلتفت إلى الغير فإن كل طبع مشغوف بنفسه ومستحقر لغيللره‬
‫فيقضي بالقبح مطلقا وربما يضيف القبح إلى ذات الشلليء ويقللول هللو فللي‬
‫نفسه قبيح فقد قضى بثلثللة أمللور هللو مصلليب فللي واحللد منهللا وهللو أصللل‬
‫الستقباح مخطىء في أمرين أحدهما إضافة القبح إلى ذاته وغفل عن كونه‬
‫قبيحا لمخالفة غرضه والثاني حكمه بالقبللح مطلقلا ومنشلؤه علدم اللتفلات‬
‫إلى غيره بل عن اللتفات إلى بعض أحوال نفسلله فللإنه قللد يستحسللن فللي‬
‫بعض الحوال عين ما يستقبحه إذا اختلف الغرض الغلطللة الثانيللة سللببها أن‬
‫الوهم غالب للعقل في جميع الحوال إل في حالة نادرة قد ل يلتفللت الللوهم‬
‫إلى تلك الحالة النادرة عند ذكرهللا كحكملله علللى الكللذب بللأنه قبيللح مطلقللا‬
‫وغفلته عن الكذب الذي يستفاد منه عصمة نللبي أو ولللى وإذا قضللى بالقبللح‬
‫مطلقا واستمر عليه مرة وتكرر ذلك على سمعه ولسانه إنغللرس فللي قلبلله‬
‫استقباحه والنفرة منه فلو وقعت تلك الحالة النادرة وجللد فللي نفسلله نفللرة‬
‫عنه لطول نشوه علللى السللتقباح فللإنه ألقللي إليلله منللذ الصللبا علللى سللبيل‬
‫التأديب والرشاد أن الكذب قبيح ل ينبغي أن يقدم عليلله أحللد ول ينبلله علللى‬
‫حسنه في بعض الحوال خيفة من أن ل تستحكم نفرته عللن الكللذب فيقللدم‬
‫عليه وهو قبيح في أكثر الحوال والسماع فللي الصللغر كللالنقش فللي الحجللر‬
‫وينغرس فللي النفللس ويجللد التصللديق بلله مطلقللا وهللو صللدق لكللن ل علللى‬
‫الطلق بل في أكللثر الحللوال اعتقللده مطلقللا الغلطللة الثالثللة سللببها سللبق‬
‫الوهم إلى العكس فللأن مللن رأى شلليئا مقرونللا بشلليء يظللن أن الشلليء ل‬
‫محالة مقرون به مطلقا ول يدري أن الخص أبدا مقرون العمبالعم ل يلزم‬

‫‪ #‬أن يكون مقرونا بالخص ومثاله نفرة نفس الذي نهشته الحية عن الحبل‬
‫المرقش اللون لنه وجد الذى مقرونا بهذه الصورة فتوهم أن هذه الصللورة‬
‫مقرونة بالذى وكذلك ينفر عن العسل إذا شبهه بالعذرة لنه وجد الستقذار‬
‫مقرونا بالرطب الصفر فتوهم أن الرطب الصفر يقترن به السللتقذار وقللد‬
‫يغلب عليه الوهم حتى يتعذر الكل وأن كان حكم العقل يكذب الوهم ولكللن‬
‫خلقت قوى النفس مطيعة للوهام وأن كانت كاذبة حتى أن الطبع ينفر عللن‬
‫حسناء سميت باسم اليهود إذ وجد السم مقرونا بالقبح فظن أن القبح أيضا‬
‫يلزم السم ولهذا يورد على بعض العوام مسئلة عقليللة جليللة فيقبلهللا فللإذا‬
‫قلت هذا مذهب الشعري أو المعتزلي أو الظاهري أو غيره نفر عنه أن كان‬
‫سيء العتقاد فيمن نسبتها إليه وليس هذا طبع العامي بل طبع أكثر العقلء‬
‫المتوسمين بالعلم إل العلماء الراسخين الذين أراهم الله الحق حقا وقللواهم‬
‫على إتباعه وأكثر الخلق ترى نفوسهم مطيعللة للوهللام الكاذبللة مللع علمهللم‬
‫بكذبها وأكثر أقدام الخلق وإحجامهم بسبب هذه الوهام فلأن اللوهم عظيلم‬
‫الستيلء وكذلك ينفر طبع النسان عن المبيت في بيت فيه ميت مع قطعللة‬
‫بأنه ل يتحرك ولكنه يتوهم في كل ساعة حركته ونطقلله قللالوا فللإذا انتبهللت‬
‫لهللذه المثللارات عرفللت بهللا سللر القضللايا الللتي تستحسللنها العقللول وسللر‬
‫استحسللانها إياهللا والقضللايا الللتي تسللتقبحها العقللول وسللر اسللتقباحها لهللا‬
‫ولنضرب لذلك مثلين وهما مما يحتج بهما علينا أهل الثبللات ‪ #‬المثللل الول‬
‫الملك العظيم المستولي على القاليم إذا رأى ضللعيفا مشللرفا علللى الهلك‬
‫فإنه يميل إلى إنقاذه ويستحسنه وأن كان ل يعتقد أصل الدين لينتظللر ثوابللا‬
‫أو مجازاة ول سيما إذا لم يعرفه المسكين ولم يره بأن كان أعمللى أصللم ل‬
‫يسمع الصوت وأن كان ل يوافق ذلك غرضله بلل ربملا يتعلب بله بلل يحكلم‬
‫العقلء بحسن الصبر على السيف إذا أكره على كلمة الكفر أو على إفشللاء‬
‫السر ونقض العهد وهو على خلف غرض الكفرة وعلى الجملة فاستحسللان‬
‫مكارم الخلق وإفاضة النعم ل ينكره إل من عانللد المثللل الثللاني العاقللل إذا‬
‫سنحت له حاجة وأمكن قضاؤها بالصدق كمللا أمكللن بالكلذب بحيللث تسلاويا‬
‫في حصول الغرض منهما كل التساوي فإنه يؤثر الصدق ويختاره ويميل إليه‬
‫طبعه وما ذاك إل لحسنه فلو ل أن الكذب على صللفة يجللب عنللده الحللتراز‬
‫عنه وإل لما ترجح الصدق عنده قالوا وهذا الغرض واضح في حق مللن أنكللر‬
‫الشرائع وفللي حللق مللن لللم تبلغلله الللدعوة حللتى ل يلزموننللا كللون الترجيللح‬
‫بالتكليف فهذا من حججهم ونحن نجيب عللن ذلللك فتللبين أنلله ل يثبللت حكللم‬
‫على هذين المثالين فنقول أما قضية إنقاذ الملك وحسنه حتى في حللق مللن‬
‫لم تبلغه الدعوة وأنكر الشرائع فسببه دفع الذى الللذي يلحللق النسللان مللن‬
‫رقة القلب وهو طبع يستحيل النفكاك عنه وذلللك لن النسللان يقللدر نفسلله‬
‫في تلك البلية ويقدر غيره معرضا عن النقاذ فيستقبحه منه لمخالفة غرضه‬
‫فيعود ويقدر ذلك الستقباح من المشرف على الهلك في حق نفسه فيللدفع‬
‫عن نفسه ذلك القبح‬

‫‪ #‬المتوهم فإن فللرض فللي بهيمللة أو شللخص ل رقللة فيلله يفيللد تصللوره لللو‬
‫تصوره فيبقى أمر آخر وهو طلب الثناء علللى إحسللانه فللإن فللرض بحيللث ل‬
‫يعلم أنه المنفذ فيتوقع أن يعلم فيكللون ذلللك التوقللع باعثللا فللإن فللرض فللي‬
‫موضع يستحيل أن يعلم فيبقي ميل وترجيح يضاهي نفرة طبللع السللليم عللن‬
‫الحبل وذلك أنه رأى هذه الصورة مقرونة بالثناء فيظن أن الثناء مقرون بهللا‬
‫بكل حال كما أنه لما رأى الذى مقرونا بصورة الحبل فطبعه ينفر عن الذى‬
‫فينفر عن المقرون به فالمقرون باللذيذ لذيللذ والمقللرون بللالمكروه مكللروه‬
‫بل النسان إذا جالس من عشقه في مكان فإذا نتهي إليه أحس فللي نفسلله‬
‫ذلك المكان من غيره قال الشاعر ‪ #‬أمر على الديار ديار ليلللى ‪ %‬أقبللل ذا‬
‫الجدار وذا الجدارا ‪ #‬وما حب الديار شغفن قلبي ‪ %‬ولكن حللب مللن سللكن‬
‫الديارا ‪ #‬وقال ابن الرومي منبها على سبب حب الوطان ‪ #‬وحبب أوطللان‬
‫الرجال إليهم ‪ %‬مآرب قضللاها الشللباب هنالكللا ‪ #‬إذا ذكللروا أوطللانهم ذكللر‬
‫تهموا ‪ %‬عهودا جرت فيها فحنوا لذلكا ‪ #‬قال وشواهد ذلك مما يكللثر وكللل‬
‫ذلك من حكم الوهم قالوا وأما الصبر على السيف في تركه كلمة الكفر مع‬
‫طمأنينة النفس فل يستحسنه جميع العقلء لول الشرع بللل ربمللا اسللتقبحوه‬
‫فإنما يستحسنه من ينتظللر الثللواب علللى الصللبر أو مللن ينتظللر الثنللاء عليلله‬
‫بالشجاعة والصلبة في الدين فكم من شجاع ركب متن الخطر وهجم علللى‬
‫عدد وهو يعلم أنه ل يطيقهم ويستحقر ما ينللاله مللن اللللم لمللا يعتاضلله مللن‬
‫توهم الثناء والحمد ولو بعللد مللوته وكللذلك إخفللاء السللر وحفللظ العهللد إنمللا‬
‫يتواصى الناس بهما لما فيهما من المصالح ولذلك أكثروا الثناء عليهما فمللن‬
‫يحتمل الضرر ل لله فإنما يحتمله لجل الثناء فإن فرض من ل يستولي عليه‬
‫هذا الوهم ول ينتظر الثناء والثواب فهو يستقبح السعي في هلك نفسه بغير‬
‫فائدة ويستحمق من يفعل ذلك قطعا فمن يسلم أن مثللل ذلللك يللؤثر الهلك‬
‫على الحياة قالوا وهذا هو الجواب عمن عرضت للله حاجللة وأمكللن قضللاؤها‬
‫بالصدق والكذب واستويا عنده وإيثاره الصدق على أنا نقللول تقللدير اسللتواء‬
‫الصدق والكذب في المقصود مع قطع النظر عن الغير تقللدير مسللتحيل لن‬
‫الصدق والكذب متنافيان ومن المحال تساوي المتنافيين في جميع الصللفات‬
‫فلجل ذلك التقدير المستحيل يستبعد العقل إيثار الكذب ومنع إيثار الصللدق‬
‫قللالوا ول يلللزم مللن اسللتبعاد منللع إيثللار الصللدق علللى التقللدير المسللتحيل‬
‫استبعاده في نفس المر وإنما يلزم لو كللان التقللدير المسللتلزم واقعللا وهللو‬
‫ممنوع قالوا ولئن سلمنا أن ذلك التقدير ممكن فغايته أن يللدل علللى حسللن‬
‫الصدق شاهدا ولكن ل‬

‫‪ #‬يلللزم حسللنه غائبللا إل بطريللق قيللاس الغللائب علللى الشللاهد وهللو فاسللد‬
‫لوضوح الفرق المانع من القياس واللذي يقطلع دابلر القيلاس أن السليد للو‬
‫رأى عبيده وإماءه يموج بعضهم في بعض ويركبون الظلللم والفللواحش وهللو‬
‫مطلع عليهم قادر على منعهم لقبح ذلك منه والله عللز وجللل قللد فعللل ذلللك‬
‫بعباده بل أعانهم وأمدهم ولم يقبح منه سبحانه ول يصح قولهم انلله سللبحانه‬
‫تركهم لينزجروا بأنفسهم ليسللتحقوا الثللواب لنلله سللبحانه قللد علللم أنهللم ل‬
‫ينزجرون ولم لم يمنعهم قهرا فكم من ممنللوع مللن الفللواحش لعلللة وعجللز‬
‫وذلك أحسن من تمكينه مع العلم بأنه ل ينزجر وبالجملة فقياس أفعال الللله‬
‫على أفعال العباد باطل قطعا ومحللض التشللبيه فللي الفعللال ولهللذا جمعللت‬
‫المعتزلة القدريللة بيللن التعطيللل فللي الصللفات والتشللبيه فللي الفعللال فهللم‬
‫معطلة مشبهة لباسهم معللم ملن الطرفيللن كيلف وأن إنقلاذ الغريلق الللذي‬
‫استدللتم به حجة عليكم فإن نفس الغراق والهلك يحسن منه سبحانه ول‬
‫يقبح وهو أقبح شيء منا فالنقللاذ إن كللان حسللنا فللالغراق يجللب أن يكللون‬
‫قبيحا فإن قلتم لعل في ضمن الغراق والهلك سرا لم نطلع عليلله وغرضللا‬
‫لم نصل إليه فقدروا مثله في ترك إنقاذنا نحن للغرقى بل في إهلكنللا لمللن‬
‫نهلكه والفعلن مللن حيللث التكليللف واليجللاب مسللتويان عقل وشللرعا فللإنه‬
‫سلبحانه ل يتضلرر بمعصلية العبلد ول ينتفلع بطلاعته ول تتوقلف قلدرته فلي‬
‫الحسان إلى العبد على فعل يصللدر مللن العبللد بللل كلمللا أنعللم عليلله ابتللداء‬
‫بأجزل المواهب وأفضل العطايا من حسللن الصللورة وكمللال الخلقللة وقللوام‬
‫البنية وإعداد اللة وإتمام الداة تعديل القامة وما متعلله بلله مللن روح الحيللاة‬
‫وفضله من حياة الرواح وما أكرمه به من قبول العلللم وهللداه إلللى معرفتلله‬
‫التي هي أسنى جوائزه وأن تعدوا نعمة الللله ل تحصللوها فهللو سللبحانه أقللدر‬
‫على النعام عليه دواما فكيف يوجب علللى العبيللد عبللادة شللاقة فللي الحللال‬
‫لرتقاب ثواب في ثاني الحال أليس لو ألقي إليه زمام الختيللار حللتى يفعللل‬
‫ما يشاء جريا على سوق طبعه المائل إلى لذيذ الشهوات ثم أجللزل للله فللي‬
‫العطاء من غير حساب كان ذلك أروح للعبد ولم يكن قبيحا عند العقللل فقللد‬
‫تعارض المران ‪ # :‬أحدهما أن يكلفهم فيأمر وينهى حتى يطاع ويعصللى ثللم‬
‫يثيبهم ويعاقبهم على فعلهم الثلاني أنله ل يكلفهللم بلأمر ول نهلى إذ ل ينتفللع‬
‫سبحانه منهم بطاعة ل يتضرر منهم بمعصية كل بل ل تكللون نعملله ثوابلا بللل‬
‫ابتداء وإذا تعارض في العقول هذان المران فكيف يهتدي العقل إلى اختيللار‬
‫أحدهما حقا وقطعا فكيف تعرفنا العقول وجوبا على النفس بالمعرفة وعلى‬
‫الجوارح بالطاعة وعلى الباري سبحانه بالثواب والعقاب قالوا ول سيما على‬
‫أصول المعتزلة القدرية فإن التكليللف بللالمر والنهللى واليجللاب مللن الللله ل‬
‫حقيقة له على أصلهم فإنه ل يرجع إلللى ذات الللرب تعللالى صللفة يكللون بهلا‬
‫آمرا ناهيا موجبا مكلفا بالمر والنهى للخلق ومعلللوم أنلله ل يرجللع إلللى ذاتلله‬
‫من الخلق صفة‬

‫‪ #‬والعقل عندهم إنما يعرفه على هذه الصفة ويسللتحيل عنللدهم أن يعرفلله‬
‫بأنه يقتضي ويطلب منه شيئا أو يأمره وينهاه بشلليء كمللا يعقللل كمللا يعقللل‬
‫المر والنهي بالطلب القائم بالمر والناهي فإذا لم يقم به طلب استحال أن‬
‫يكون آمرا ناهيا فغاية العقللل عنللدهم أن يعرفلله علللى صللفة يسللتحيل عليلله‬
‫التصاف بالمر والنهى فكيف يعرفه على صللفة يريللد منلله طاعللة فيسللتحق‬
‫عليها ثوابا أو يكره منه معصية يستحق عليها عقابا وإذ ل أمر ول نهى يعقللل‬
‫فل طاعة ول معصية إذا هما فرع المر والنهللى فل ثللواب ول عقللاب إذ همللا‬
‫فرع الطاعة والمعصية وغاية ما يقولون أنلله يخلللق فللي الهللواء أو فللي بحللر‬
‫أفعل أو ل تفعل بشرط أن ل يدل المر والنهى المخلوق على صفة في ذاته‬
‫غير كونه عالما قادرا ومعلللوم أن هللذا ل يللدل أل علللى كللون الفاعللل قللادرا‬
‫عالما حيا مريدا لفعللله وأمللا دللتلله علللى حقيقللة المللر والنهللى المسللتلزمة‬
‫للطاعة والمعصية المستلزمين للثواب والعقاب فل فتعرف من ذلك أن من‬
‫نفي قيام الكلم والمر والنهى بذات الله لم يمكنه إثبات التكليف على العبد‬
‫أبدا ول إثبات حكم للفعل بحسن ول قبح وفي ذلك إبطال الشرائع جملة مع‬
‫استنادها إلى قول من قللامت الللبراهين علللى صللدقه ودلللت المعجللزة علللى‬
‫نبوته فضل عن الحكللام العقليللة المتعارضللة المسللتندة إلللى عللادات النللاس‬
‫المختلفة بالضافة والنسب والزمنة والمكنة والقللوال وقللد عللرف بهللذا أن‬
‫من نفي قول الله وكلمه فقد نفي التكليف جملة وصار من أخبللث القدريللة‬
‫وشرهم مقالة حيث أثبت تكليفا وإيجابا وتحريما بل أمر ول نهللي ول اقتضللاء‬
‫ول طلب وهذه مقدرته في حق الرب تعالى وأثبت فعل وطاعة ومعصللية بل‬
‫فاعل ول محدث وهذه مقدرته في حق العبللد فليتنبلله لهللذه الثلثللة ‪ #‬قللالوا‬
‫وأيضا فما من معنى يستنبط من قول أو فعل ليربط به حكم مناسب للله إل‬
‫ومن جنسه في العقل أمر آخر يعارضه يساويه في الدرجللة أو يفضللل عليلله‬
‫في المرتبة فيتحيللر العقللل فللي الختيللار إلللى أن يللرد شللرع يختللار أحللدهما‬
‫ويرجحه من تلقائة فيجب على العاقل اعتباره واختياره لترجيح الشرع للله ل‬
‫لرجحانه في نفسه ونضرب لذلك مثال فنقول إذا قتللل إنسللان مثللله عللرض‬
‫للعقل الصريح هاهنا آراء متعارضة ‪ #‬مختلفة منها أنه يجب أن يقتل قصاصا‬
‫ردعا للجناة وزجرا للطغاة وحفظا للحياة وشفاء للغيظ وتبريدا لحر المصيبة‬
‫اللحقة لولياء القتيل ويعارضه معنى آخر أنه إتلف بازاء إتلف وعدوان في‬
‫مقابلللة عللدوان ول يحيللا الول بقتللل الثللاني ففيلله تكللثير المفسللدة بإعللدام‬
‫النفسين وأمللا مصلللحة الللردع والزجللر واسللتبقاء النللوع فللأمر متللوهم وفللي‬
‫القصاص استهلك محقق فقد تعارض المللر ان وربمللا يعارضلله أيضللا معنللى‬
‫ثالث وراء هما فيفكر العقل أيراعى شرائط آخر وراء مجللرد النسللانية مللن‬
‫العقللل والبلللوغ والعلللم والجهللل والكمللال والنقللص والقرابللة والجنبيللة أول‬
‫فيتحير العقل كل التحير فل بد إذا من شارع يفصل هذه الخطة ويقرر قانونا‬
‫يطرد عليه أمر المة وتستقيم عليه مصالحهم‬

‫‪ #‬وظهر بهذا أن المعاني المستنبطة إذا كانت راجعللة إلللى مجللرد اسللتنباط‬
‫العقللل فيلللزم ملن ذلللك أن تكلون الحركلة الواحللدة مشللتملة علللى صلفات‬
‫متناقضة واحوال متنافرة وليلس معنلى قولنلا أن العقلل اسلتنبط منهلا أنهلا‬
‫كانت موجودة في الشيء فاستخرجها العقل بل العقللل تللردد بيللن إضللافات‬
‫الحوال بعضها إلى بعض ونسب الشخاص والحركات نوعا إلى نوع وشخصا‬
‫إلى شخص فيطرأ عليه من تلك المعللاني مللا حكينللاه وأحصلليناه وربملا يبلللغ‬
‫مبلغا يشذ عن الحصاء فعرف بذلك أن المعللاني لللم ترجللع إلللى الللذات بللل‬
‫مجرد الخواطر الطارئة على الصل وهللي متعارضللة ‪ #‬قللالوا وأيضللا لللوثبت‬
‫الحسن والقبح العقليان لتعلق بهملا اليجلاب والتحريلم شللاهدا وغائبللا عللى‬
‫العبد والرب واللزم محال فالملزوم كذلك ‪ #‬أما الملزمللة فقلد كفانلا أهللل‬
‫الثبات تقريرها بالتزامهم أنه يجب على العبللد عقل بعللض الفعللال الحسللنة‬
‫ويحرم عليه القبيح ويستحق الثللواب والعقللاب علللى ذلللك وأنلله يجللب علللى‬
‫الرب تعالى فعل الحسن ورعاية الصلح والصلح ويحرم عليلله فعللل القبيللح‬
‫والشر ومال فائدة فيه كالعبث ووضللعوا بعقللولهم شللريعة أوجبللوا بهللا علللى‬
‫الرب تعالى وحرموا عليه وهذا عندهم ثملرة المسلئلة وفائدتهلا وأملا انتفلاء‬
‫اللزم فإن الوجوب والتحريم بدون الشرع ممتنع إذ لللو ثبللت بللدونه لقللامت‬
‫الحجة بدون الرسل والله سبحانه إنما أثبت الحجة بالرسل خاصة كمللا قللال‬
‫تعالى لئل يكون للناس على الله حجللة بعللد الرسللل وأيضللا فلللو ثبللت بللدون‬
‫الشرع ل يستحق الثواب والعقاب عليه وقد نفى الله سللبحانه العقللاب قبللل‬
‫البعثة فقال وما كنا معذبين حتى نبعث رسول وقال تعالى وهللم يصللطرخون‬
‫فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيلله‬
‫من تذكر وجاءكم النذير فإنما احتج عليهم بالنذير وقال تعالى ونادوا يا مالك‬
‫ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بللالحق ولكللن أكللثركم للحللق‬
‫كارهون والحق هاهنا هو مللا بعللث بلله المرسلللون باتفللاق المفسللرين وقللال‬
‫تعالى كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قللد جاءنللا‬
‫نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شلليء إن أنتللم إل فللي ضلللل كللبير وقللال‬
‫تعالى ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فل يسللألهم تبللارك وتعللالى‬
‫عن موجبات عقولهم بل عما أجابوا بلله رسللله فعليلله يقللع الثللواب والعقللاب‬
‫وقال تعالى ألم أعهد إليكم يللا بنللي آدم أل تعبللدوا الشلليطان إنلله لكللم عللدو‬
‫مبين وأن اعبدوني هلذا صلراط مسلتقيم فاحتلج عليهلم تبلارك وتعلالى بملا‬
‫عهده إليهم على ألسنة رسله خاصة فإن عهده هو أملره ونهيله اللذي بلغتله‬
‫رسله وقال تعالى وغرتهم الحياة الللدنيا وشللهدوا علللى أنفسللهم أنهللم كللانوا‬
‫كافرين فهذا في حكم الوجوب والتحريم على العباد قبل البعثة وأمللا انتفللاء‬
‫الوجوب والتحريم على من له الخلق والمر ول يسأل عما يفعل فمن وجوه‬
‫متعددة ‪ #‬أحدها أن الوجوب والتحريم في حقه سبحانه غير‬

‫‪ #‬معقول على الطلق وكيف يعلم أنه سبحانه يجللب عليلله أن يمللدح ويللذم‬
‫ويثيب ويعاقب على الفعل بمجرد العقل وهل ذلك إل مغيب عنا فيم نعللرف‬
‫أنه رضى عن فاعل وسخط على فاعل وأنه يثيب هذا ويعاقب هذا ولم يخبر‬
‫عنه بذلك مخبر صادق ول دل على مواقع رضاه وسخطه عقل ول أخبر عللن‬
‫محكومه ومعلومه مخبر فلم يبق إل قياس أفعاله على أفعال عباده وهو من‬
‫أفسد القياس وأعظمه بطلنا فأنه تعالى كما أنه ليس كمثله شيء في ذاتلله‬
‫ول في صفاته فكذلك ليس كمثله شيء في أفعاله وكيف يقاس على خلقلله‬
‫في أفعاله فيحسن منه ما يحسن منهم ويقبح منه ما يقبح منهم ونحن نللرى‬
‫كثيرا من الفعال تقبح منا وهي حسنة منه تعالى كللإيلم الطفللال والحيللوان‬
‫وإهلك من لو أهلكناه نحن لقبح منا من الموال والنفللس وهللو منلله تعللالى‬
‫مستحسن غير مستقبح وقد سئل بعض العلماء عن ذلك فأنشللد السللائل ‪#‬‬
‫ويقبح من سواك الفعل عندي ‪ %‬فتفعله فيحسن منللك ذاكللا ‪ #‬ونحللن نللرى‬
‫ترك إنقاذ الفرقي والهلكي قبيحا منا وهو سبحانه إذا أغرقهللم وأهلكهللم لللم‬
‫يكن قبيحا منه ونرى ترك أحدنا عبيده وإمللاءه يقتللل بعضللهم بعضللا ويسلليء‬
‫بعضهم بعضا ويفسد بعضهم بعضا وهو متمكن من منعهم قبيحا وهو سبحانه‬
‫قد ترك عباده كذلك وهو قادر على منعهللم وهللو منلله حسللن غيللر قبيللح وإذا‬
‫كان هذا شأنه سبحانه وشأننا فكيللف يصللبح قيللاس أفعللاله علللى أفعالنللا فل‬
‫يدرك إذا للوجللوب والتحريللم عليلله وجله كيللف واليجللاب والتحريللم يقتضللي‬
‫موجبا ومحرما آمرا ناهيا وبينلله فللرق وبيللن الللذي يجللب عليلله ويحللرم وهللذا‬
‫محال في حق الواحد القهار فاليجاب والتحريم طلب للفعللل والللترك علللى‬
‫سبيل الستعلء فكيف يتصور غائبا ‪ #‬قالوا وأيضا فلهللذا اليجللاب والتحريللم‬
‫اللذين زعمتم على الله لللوازم فاسللدة يللدل فسللادها علللى فسللاد الملللزوم‬
‫اللزم الول إذا أوجبتم على الله تعالى رعايلة الصللح والصللح فلي أفعلاله‬
‫فيجب أن توجبوا على العبد رعاية الصلللح والصلللح أيضللا فللي أفعللاله حللتى‬
‫يصح اعتبار الغائب بالشاهد وإذا لللم يجللب علينللا رعايتهمللا بالتفلاق بحسللب‬
‫المقدور بطل ذلللك فللي الغللائب و ل يصللح تفريقكللم بيللن الغللائب والشللاهد‬
‫بالتعب والنصب الذي يلحق الشاهد دون الغائب لن ذلك لو كان فارقللا فللي‬
‫محل الللزام لكلان فارقلا فلي أصلل الصللح فلأن ثبلت الفلرق فلي صلفته‬
‫ومقداره ثبت في أصله وأن بطل الفرق ثبت اللزام المللذكور اللزم الثللاني‬
‫إن القربات من النوافل صلح فلو كان الصلح واجبا وجب وجوب الفللرائض‬
‫اللزم الثالث أن خلود أهل النار في النار يجب أن يكون صلحا لهللم دون أن‬
‫يردوا فيعتبوا ربهم ويتوبوا إليه ول ينفعكم اعتذاركم عللن هللذا اللللزام بللأنهم‬
‫لوردوا لعادوا لما نهوا عنه فإن هذا حق ولكللن لللو أمللاتهم وأعللدمهم فقطللع‬
‫عتابهم كان أصلح لهم ولو غفر لهم ورحمهم وأخرجهم من النار كللان أصلللح‬
‫لهم من إماتتهم‬

‫‪ #‬واعدا مهم ولم يتضرر سبحانه بذلك ‪ #‬اللزم الرابللع أن مللا فعللله الللرب‬
‫تعالى من الصلح وألصلح وتركه من الفساد والعبث لو كان واجبا عليه لمللا‬
‫استوجب بفعله له حمدا وثناء فإنه في فعله ذلك قد قضللي مللا وجللب عليلله‬
‫وما استوجبه العبد بطاعته من ثوابه فإنه عندكم حقه الواجب للله علللى ربلله‬
‫ومن قضى دينه لم يستوجب بقضائه شيئا آخللر ‪ #‬اللزم الخللامس أن خلللق‬
‫إبليس وجنوده أصلح للخلق وأنفع لهم من أن لم يخلق مع أن إقطللاعه مللن‬
‫العباد من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون اللزم السللادس انلله مللع كللون‬
‫خلقه أصلح لهم وأنفع أن يكون أنظاره إلى يوم القيامة أصلح لهم وأنفع من‬
‫إهلكه وإماتته ‪ #‬اللزم السابع أن يكون تمكينه من إغوائهم وجريللانه منهللم‬
‫مجرى الدم في أبشارهم أنفع لهم وأصلح لهم من أن يحللال بينهللم وبينلله ‪#‬‬
‫اللزم الثامن أن يكون إماتة الرسل أصلح للعباد من بقائهم بين أظهرهم مع‬
‫هدايتهم لهم وأصلح من أن يحال بينهم وبينلله اللزم الثللامن أن يكللون إمانللة‬
‫الرسل أصلح للعباد من بقائهم بين أظهرهم مع هدايتهم لهم وأصلح مللن أن‬
‫يحال بينهم وبينها اللزم التاسع ما ألزمه أبو الحسن الشعرى للجبللائي وقللد‬
‫سأله عن ثلثة أخوة أمات الله أحدهم صغيرا وأحيا الخرين فاختللار أحللدهما‬
‫اليمان والخر الكفر فرفع درجة المؤمن البالغ على أخيه الصغير في الجنللة‬
‫لعمله فقال أخوه يا رب لم ل تبلغنللي منزلللة أخللي فقللال إنلله عللاش وعمللل‬
‫أعمال استحق بها هذه المنزلة ‪ #‬فقال يا رب فهل أحييتني حتى أعمل مثللل‬
‫عمله فقال كان الصلح للك أن توفيتلك صلغيرا لنلي علملت أنلك إن بلغلت‬
‫اخترت الكفر فكان الصلح في حقك أن أمتك صغيرا فنادى أخوهمللا الثللالث‬
‫من أطباق النار يا رب فهل عملت معي هذا الصلح واختر متني صللغيرا كمللا‬
‫عملته مع أخي واخترمتني صغيرا فأسللكت الجبللائي ولللم يجبلله بشلليء فللإذا‬
‫علم الله سبحانه أنه لو اخترم العبد قبل البلوغ وكمال العقل لكان ناجيا ولو‬
‫أمهله وسهل له النظر لعاند وكفر وجحد فكيللف يقلال إن الصلللح فللي حقلله‬
‫إبقاؤه حتى يبلغ والمقصود عنللدكم بللالتكليف الستصلللح والتعللويض بأسللني‬
‫الدرجات التي ل تنال إل بالعمال أو ليس الواحد منا إذا علم من حال ولللده‬
‫أنه إذا أعطي مال يتجر به فهلك وخسللر بسللبب ذلللك فللإنه ل يعرضلله لللذلك‬
‫ويقبح منه تعريضه له وهو من رب العالمين حسن غير قبيح وكذلك من علم‬
‫من حال ولده انه لو أعطاه سيفا أو سلحا يقاتل به العللدو فقتللل بلله نفسلله‬
‫وأعطى السلح لعدوه فإنه يقبح منه إعطاؤه ذلك السلح والرب تعللالى قللد‬
‫علم من أكثر عباده ذلك ولم يقبح منلله سللبحانه تمكينهللم وإعطللاؤهم اللت‬
‫بل هو حسن منه كيف وقد ساعدوا على نفوسهم أن الله سللبحانه لللو علللم‬
‫أنه لو أرسل رسول إلى خلقه وكلفه الداء عنه مع علمه بللأنه ل يللؤدى فللإن‬
‫علمه سبحانه بذلك يصرفه عن إرادة الخير والصلح وهذا بمثابللة مللن أدلللى‬
‫حبل إلى غريق ليخلص نفسه من الغرق مع علمه بأنه يخنق نفسلله بلله وقللد‬
‫ساعدوا أيضا على نفوسهم بأن الله سبحانه إذا علم أن في تكليفه عبدا من‬
‫عباده فساد الجماعة فإنه يقبح تكليفه لنه استفساد لمن يعلم‬

‫‪ #‬أنه يكفر عند تكليفه اللزام الحادي عشر أنهم قالوا وصللدقوا بللأن الللرب‬
‫تعالى قادر على التفضل بمثل الثواب ابتداء بل واسطة عمل فأي غرض للله‬
‫في تعريض العباد للبلوى والمشاق ثم قالوا وكذبوا الغرض في التكليللف أن‬
‫استيفاء المستحق حقه أهنا له وألذ من قبول التفضل واحتمال المنللة وهللذا‬
‫كلم أجهل الخللق بلالرب تعلالى وبحقله وبعظمتله ومسلاو بينله وبيلن أحلاد‬
‫الناس وهو من أقبح النسبة وأخبثه تعالى الله عن ضللهم علوا كبيرا فكيللف‬
‫يستنكف العبد المخلوق المربوب من قبللول فضللل اللله تعللالى ومنتلله وهللل‬
‫المنة في الحقيقة إل الله المان بفضله قال تعالى يمنلون عليلك أن أسللموا‬
‫قل ل تمنوا على إسلمكم بل الله يمن عليكللم إن هللداكم لليمللان إن كنتللم‬
‫صادقين وقال تعالى ^ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسول مللن‬
‫أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتللاب والحكمللة وإن كللانوا مللن‬
‫قبل لفي ضلل مبين ^ ولما قال النبي للنصلار أللم أجلدكم ضللل فهلداكم‬
‫الله بي وعالة فأغناكم الله بي فأجابوه بقولهم الله ورسوله أمن ويا للعقول‬
‫التي قد خسف بها أي حق للعبد على الرب حتى يمتنع من قبول منته عليلله‬
‫فبأي حق استحق النعام عليه باليجاد وكمال الخلقة وحسن الصورة وقللوام‬
‫البنية وإعطائه القوى والمنافع واللت والعضاء وتسخير ما فللي السللموات‬
‫وما في الرض له ومن أقل ماله عليه من النعم التنفس في الهواء الللذي ل‬
‫يكاد يخطر بباله أنه من النعم وهو في اليوم والليلللة أربعللة وعشللرون ألللف‬
‫نفس فإذا كانت أقل نعمه عليهم ول أقل منهللا أربعللة وعشللرون ألللف نعملة‬
‫كل يوم وليلة فما الظن بما هو أجل منها مللن النعللم فيللا للعقللول السللخيفة‬
‫المخسوف بها أي علم لكم وأي سعي يقابل القليل من نعمه الدنيويلة حللتى‬
‫ل يبقى لله عليكم منه إذا أثابكم لنكم استوفيتم ديللونكم قبللله ول نعمللة للله‬
‫عليكم فيها فأي أمة من المم بلغ جهلها بللالله هللذا المبلللغ واسللتنكفت عللن‬
‫قبول منته وزعمت أن لها الحق على ربها وأن تفضله عليهللا ومنتلله مكللدر ل‬
‫لتذاذها بعطائه ولو أن العبد استعمل هذا الدب مللع ملللك مللن ملللوك الللدنيا‬
‫لمقته وأبعده وسقط من عينه مع أنلله ل نعمللة للله عليلله فللي الحقيقللة إنمللا‬
‫المنعم في الحقيقة هو الله ولى النعم وموليها ولقد كشف القوم عللن أقبللح‬
‫عورة من عورات الجهل بهذا الرأي السخيف والمذهب القبيللح والحمللد لللله‬
‫الذي عافانا مما ابتلى به أرباب هذا المذهب المستنكفين من قبول منة الله‬
‫الزاعمين أن ما أنعم الله به عليهم حقهم عليه وحقهم قبله وأنلله ل يسللتحق‬
‫الحمد والثناء على أداء ما عليه من الدين والخروج مما عليه مللن الحللق لن‬
‫أداء الواجب يقتضلي غيلره تعلالى اللله عللن إفكهلم وكلذبهم علللوا كلبيرا ‪#‬‬
‫اللزام الثاني عشر أنه يلزمهم أن يوجبوا على الله عز وجللل أن يميللت كللل‬
‫من علم من الطفال أنه لو بلغ لكفر وعاند فإن اخترامه هللو الصلللح للله بل‬
‫ريب أو أن يجحدوا علمه سبحانه بما سيكون قبل كونه كما الللتزمه سلللفهم‬
‫الخبيث الذين‬
‫‪ #‬اتفق سلف المة الطيب علللى تكفيرهللم ول خلص لهللم عللن أحللد هللذين‬
‫اللزامين إل بالتزام مذهب أهللل السللنة والجماعللة أن أفعللال الللله تعللالى ل‬
‫نقاس بأفعال عباده ول تدخل تحت شللرائع عقللولهم القاصللرة بللل أفعللاله ل‬
‫تشبه أفعال خلقه ول صفاته صفاتهم ول ذاته ذواتهم ^ ليللس كمثللله شلليء‬
‫وهو السميع البصير ^ ‪ #‬اللزام الثالث عشر أنه سبحانه ل يؤلم أحللدا مللن‬
‫خلقلله أبللدا لعللدم المنفعللة فللي ذلللك بالنسللبة إليلله وإلللى العبللد ول ينفعكللم‬
‫اعتذاركم بأن اليلم سبب مضاعفة الثواب ونيللل الللدرجات العلللى وأن هللذا‬
‫ينتقض بالحيوان البهيم وينتقض بالطفال الذين ل يستحقون ثوابللا ول عقابللا‬
‫ول ينفعكم اعتذاركم بأن الطفللل ينتفللع بلله فللي الخللرة فللي زيللادة ثللوابه ل‬
‫نتقاضه عليكم بالطفل الذي علم الله أنه يبلغ ويختللار الكفللر والجحللود فللأي‬
‫مصلحة له في إيلملله وأي معنللى ذكللر تمللوه علللى أصللولكم الفاسللدة فهللو‬
‫منتقض عليكم بما ل جواب لكم عنه ‪ #‬اللزام الرابع عشر ان من علم الله‬
‫سبحانه إذا بلغ الطفال يختاروا اليمان والعمل الصالح فأن الصلح في حقه‬
‫أن يحييه حتى يبلغ ويؤمن فينال بذلك الدرجة العالية وأن ل يحللترمه صللغيرا‬
‫وهذا مما ل جواب لكم عنه اللزام الخامس عشر وهو من أعظم اللزامات‬
‫وأصحها الزاما وقد التزمه القدريللة وهللو أنلله ليللس فللي مقللدور الللله تعللالى‬
‫لطف لو فعله الله تعالى بالكفللار لمنللوا وقللد الللتزم المعتزلللة القدريللة هللذا‬
‫اللزم وبنوه على أصلهم الفاسد أنه يجب على الله تعالى أن يفعل في حلق‬
‫كل عبد ما هو الصلح له فلو كان في مقدوره فعل يؤمن العبد عنده لو جب‬
‫عليه أن يفعله به والقرآن من أوله إلى آخره يرد هذا القللول ويكللذبه ويخللبر‬
‫تعالى أنه لو شاء لهدى الناس جميعا ولو شاء ل مللن مللن فللي الرض كلهللم‬
‫جميعا ولو شاء لتي كل نفلس هلداها ‪ #‬اللللزام السلادس عشللر وهللو مملا‬
‫التزمه القوم أيضا أن لطفه ونعمته وتللوفيقه بللالمؤمن كلطفلله بالكللافر وأن‬
‫نعمته عليهما سواء لللم يخللص المللؤمن بفضللل عللن الكللافر وكفللى بللالوحي‬
‫وصريح المعقول وفطرة الله والعتبار الصحيح وإجماع المة ردا لهذا القول‬
‫وتكذيبا له اللزام السابع عشر أن ما من أصلح إل وفوقه ما هللو أصلللح منلله‬
‫والقتصار على رتبة واحدة كالقتصار على الصلح فل معنللى لقللولكم يجللب‬
‫مراعاة الصلح إذ ل نهاية له فل يمكن في الفعللل رعللايته ‪ #‬اللللزام الثللامن‬
‫عشر أن اليجاب والتحريم يقتضي سؤال الموجب المحرم لمن أوجب عليه‬
‫وحرم هل فعل مقتضى ذلك أم ل وهذا محللال فللي حللق مللن ل يسللئل عمللا‬
‫يفعل وإنما يعقل في حق المخلوقين وأنهم يسلألون وبالجمللة فتحتلم بهلذه‬
‫المسئلة طريقلا للسلتغناء علن الصلواب وسللطتم بهلا الفلسلفة والصللابئة‬
‫والبراهمة وكل منكر للنبوات فهذه المسئلة بيننا وبينهم فانكم إذا زعمتم أن‬
‫العقل حاكما يحسن ويقبح ويوجب ويحرم ويتقاضى الثواب والعقاب لم تكن‬
‫الحاجة إلى البعثة ضرورية لمكان الستغناء عنها بهللذا الحللاكم ولهللذا قللالت‬
‫الفلسفة وزادت عليكم حجة وتقريرا قد اشتمل الوجللود علللى خيللر مطلللق‬
‫وشر مطلق وخير وشر ممتزجين والخير المطلق مطلوب في العقللل لللذاته‬
‫والشر المطلق‬
‫‪ #‬مرفوض في العقل لذاته والممتزج مطلوب من وجه ومرفوض من وجلله‬
‫وهو بحسب الغالب من جهته ول يشك العاقل أن العلم بجنسه ونللوعه خيللر‬
‫ومحمود ومطلوب والجهل بجنسه ونوعه شر في العقل فهللو مسللتقبح عنللد‬
‫الجمهور والفطر السليمة داعية إلى تحصيل المستحسن ورفللض المسلتقبح‬
‫سواء حمله عليه شارع أو لم يحمله ثم الخلق الحميدة والخصال الرشلليدة‬
‫مللن العفلللة والجلللود والسلللخاء والنجلللدة مستحسللنات فعليللة وأضللدادها‬
‫مستقبحات فعلية وكمال حال النسان أن تستكمل النفس قوى العلم الحق‬
‫والعمل الخير والشرائع إنما ترد بتمهيد ما تقرر فللي العقللل ل بتغييللره لكللن‬
‫العقول الحرونة لما كانت قاصرة عن اكتسللاب المعقللولت بأسللرها عللاجزة‬
‫عن الهتداء إلى المصلحة الكليللة الشللاملة لنللوع النسللان وجللب مللن حيللث‬
‫الحكمة أن يكللون بيللن النللاس شللرع يفرضلله شللارع يحملهللم علللى اليمللان‬
‫بالغيب جملة ويهديهم إلى مصالح معاشهم ومعادهم تفصيل فيكون قد جمللع‬
‫لهم بين حظي العلم والعدل على مقتضى العقل وحملهم على التللوجه إلللى‬
‫الخير المحللض والعللراض عللن الشللر المحللض اسللتبقاء لنللوعهم واسللتدامة‬
‫لنظام العالم ثم ذاك الشارع يجلب أن يكلون مميلزا ملن بينهللم بآيلات تلدل‬
‫على أنها من عند ربلله سللبحانه راجحللا عليهللم بعقللله الرزيللن ورأيللة المللتين‬
‫وحديثه النافذ وخلقه الحسن وسمته وهديه يلين لهم في القللول ويشللاورهم‬
‫في المر ويكلمهم على قللدر عقللولهم ويكلفهللم بحسللب وسللعهم وطللاقتهم‬
‫قالوا وقد أخطأت المعتزلة حين ردوا الحسن والقبيح إلللى الصللفات الذاتيللة‬
‫للفعال وكان من حقهم تقرير ذلللك فللي العلللم والجهللل إذ الفعللال تختلللف‬
‫بالشخاص والزمان وسائر الضافات وليس هي على صفات نفسللية لزمللة‬
‫لها بحيث ل تفارقها البتة ثم زادت الصائبة في ذلللك علللى الفلسللفة وقللالوا‬
‫لمللا كللانت الموجللودات فللي العللالم السللفلي مركبللة علللى تللأثير الكللواكب‬
‫والروحانيات التي هللي ملدبرات الكللواكب وكلان فلي اتصللالتها نظللر سللعيد‬
‫ونحس واجب أن يكون في آثارها حسن وقبح في الخلق والخلق والفعللال‬
‫والعقول النسانية متساوية فللي النللوع فللوجب أن يللدركها كللل عقللل سللليم‬
‫وطبع قويم ل تتوقف معرفة المعقولت على من هو مثل ذلللك العاقللل فللي‬
‫النوع فنحن ل نحتاج إلى من يعرفنا حسن الشللياء وقبحهللا وخيرهللا وشللرها‬
‫ونفعهللا وضللرها وكمللا أنللا نسللتخرج بللالعقول مللن طبللائع الشللياء ومنافعهللا‬
‫ومضارها كذلك نستنبط من أفعال نوع النسان حسنها وقبيحهللا فنلبللس مللا‬
‫هو أحسن منها بحسب الستطاعة ونجتنب ما هو قبيح منها بحسللب الطاقللة‬
‫فأي حاجة بنا إلى شارع يتحكم على عقولنا وزادت التناسخية على الصللائبية‬
‫بأن قالوا نوع النسان لما كان موصوفا بنللوع اختيللار فللي أفعللاله مخصوصللا‬
‫بنطللق وعقللل فللي علللومه وأحللواله ارتفللع عللن الدرجللة الحيوانيللة ارتفللاع‬
‫استخسار لها فإن كانت أعماله على مناهج الدرجللة النسللانية ارتفعللت إلللى‬
‫الملئكة وإن كانت مناهج الدرجة الحيوانية انخفضت إليها أو إلى أسفل وهو‬
‫أبدا في أحد‬
‫‪ #‬أمرين إما فعل يقتضي جزاء أو مجازاة علللى فعللل فمللا بللاله يحتللاج فللي‬
‫أفعاله وأحواله إلى شخص مثله يحسن أو يقبح فل العقل يحسللن ويقبللح ول‬
‫الشرع ولكن حسن أفعاله جزاء على حسن أفعال غيره وقبح أفعللاله كللذلك‬
‫وربما يظهر حسنها وقبحها صورا حيوانية روحانية وإنما يصير الحسن والقبح‬
‫في الحيوانات أفعال إنسانية وليللس بعللد هلذا العلالم علالم آخللر يحكللم فيلله‬
‫ويحاسب ويثاب ويعاقب وزادت البراهمة على التناسخية بللأن قللالوا نحللن ل‬
‫نحتاج إلى شريعة وشارع أصل فأن ما يأمر بلله النللبي ل يخلللو إمللا أن يكللون‬
‫معقول أو غير معقول فإن كان معقول فقد استغنى بالعقللل عللن النللبي وأن‬
‫لم يكن معقول لم يكن مقبول فهذه الطللوائف كلهللا لمللا جعلللت فللي العقللل‬
‫حاكما بالحسن والقبح أداها إلى هذه الراء الباطلة والنحل الكافرة وأنتم يللا‬
‫معاشر المثبتة يصعب عليكم الرد عليهم وقد وافقتمللوهم علللى هللذا الصللل‬
‫وأما نحن فأخذنا عليهم رأس الطريق وسللددنا عليهللم البللواب فمللن طللرق‬
‫لهم الطريق وفتح لهم البواب ثم رام مناجزة القوم فقد رام مرتقللى صللعبا‬
‫فهذه مجامع جيوش النفاة قد وافتك بعلددها وعديلدها وأقبللت إليلك بحلدها‬
‫وحديدها فإن كنت من أبناء الطعلن والضلرب فقلد التقلى الزحفلان وتقابلل‬
‫الصفان وإن كنت من أصحاب التلول فالزم مقامللك ول تللدن مللن الللوطيس‬
‫فإنه قد حمى وإن كنت مللن اهللل السللراب الللذين يسللألون عللن النبللاء ول‬
‫يثبتون عند اللقاء ‪ #‬فدع الحروب لقللوام لهللا خلقللوا ‪ %‬ومالهللا مللن سللوى‬
‫أجسامهم جنن ‪ #‬ول تلمهم على ما فيك من جبن ‪ %‬فبئست الحلتان اللؤم‬
‫والجبن ‪ #‬قال المتوسطون من أهل الثبات ما منكم أيهللا الفريقللان إل مللن‬
‫معه حق وباطل ونحن نساعد كل فريق على حقلله ونصللير إليلله ونبطللل مللا‬
‫معه من الباطل وترده عليه فنجعل حق الطائفتين مذهبا ثالثا يخرج من بين‬
‫فرث ودم لبنا خالصا سللائغا للشللاربين مللن غيللر أن ننتسللب لللي ذي مقالللة‬
‫وطائفة معينة انتسابا يحملنا على قبول جميع أحوالها والنتصار لها بكل غث‬
‫وسمين ورد جميع أقوال خصومها ومكابريها على ما معها من الحق حتى لو‬
‫كللانت تلللك القللوال منسللوبة إلللى رئيسللها وطائفتهللا لبللالغت فللي نصللرتها‬
‫وتقريرها وهذه آفة ما نجا منها إل من أنعم الله عليلله وأهللله لمتابعللة الحللق‬
‫أين كان ومع من كان وأما من يرى أن الحق وقف مؤبد على طائفته وأهللل‬
‫مذهبه وحجر محجور على من سواهم ممن لعله أقرب إلى الحق والصواب‬
‫منه فقللد حللرم خيللرا كللثيرا وفللاته هللدى عظيللم وهنللا نحللن نجلللس مجلللس‬
‫الحكومة بين هاتين المقالتين فمن أدلى بحجته في موضع كان المحكوم للله‬
‫في ذلك الموضع وأن كان المحكوم عليه حيللث يللدلى خصللمه بحجتلله والللله‬
‫تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق والعدل بين الطوائف المختلفة قللال‬
‫تعالى ^ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا‬
‫به إبراهيم وموسى وعيسى أن ^‬

‫‪ #‬أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه كبر على المشللركين مللا تللدعوهم إليلله الللله‬
‫تجتبيء إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب وما تفرقوا إل من بعد ما جاءهم‬
‫العلم بغيا بينهم ولو ل كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضللى بينهللم‬
‫وأن الذين أورثوا الكتللاب مللن بعللدهم لفللي شللك منلله مريللب فلللذلك فللادع‬
‫واستقم كما أمرت ول تتبع أهواءهم وقللل آمنللت بمللا أنللزل الللله مللن كتللاب‬
‫وأمرت لعدل بينكم ‪ #‬فأخبر تعالى أنه شرع لنا دينه الللذي وصللى بلله نوحللا‬
‫والنبيين من بعده وهو دين واحد ونهانا عن التفريللق فيلله ثللم أخبرنللا أنلله مللا‬
‫تفرق من قبلنا في الدين إل بعد العلم الموجب للثبللات وعللدم التفللرق وأن‬
‫الحامل على ذلك التفرق البغي من بعضهم على بعض وإرادة كل طائفة أن‬
‫يكون العلو والظهور لها ولقولهللا دون غيرهللا وإذا تللأملت تفللرق أهللل البللدع‬
‫والضلل رأيته صادرا عن هذا بعينه ثم أمر سبحانه نللبيه أن يللدعو إلللى دينلله‬
‫الذي شرعه لنبيللائه وأن يسللتقيم كمللا أمللره ربلله وحللذره مللن اتبللاع أهللواء‬
‫المتفرقين وأمره أن يؤمن بكل ما أنزله الله من الكتب وهلذه حلال المحلق‬
‫أن يؤمن بكل ما جمعه من الحق على لسان أي طائفللة كللانت ثللم أمللره أن‬
‫يخبرهم بأنه أمر بالعدل بينهم وهذا يعم العدل في القللوال والفعللال والراء‬
‫والمحاكمات كلها فنصبه ربه ومرسله للعدل بين المم فهكذا وارثه ينتصللب‬
‫للعدل بين المقالت والراء والمللذاهب ونسللبته منهللا إلللى القللدر المشللترك‬
‫بينهما من الحق فهو أولى به وبتقريره وبالحكم لمن خاصم به ثللم أمللره أن‬
‫يخبرهم بأن الرب المعبود واحللد فمللا الحامللل للتفللرق والختلف وهللو ربنللا‬
‫وربكم والدين واحد ولكل عامل عمله ل يعدوه إلى غيره ‪ #‬ثم قال ل حجللة‬
‫بيننا وبينكم والحجة ههنا هي الخصومة أي للخصومة ول وجه لخصللومة بيننللا‬
‫وبينكم بعدما ظهر الحق وأسفر صبحه وبانت أعلمه وانكشللفت الغمللة عنلله‬
‫وليس المراد نفي الحتجاج من الطرفين كما يظنلله بعللض مللن ل يللدرى مللا‬
‫يقول وأن الدين ل احتجللاج فيلله كيللف والقللرآن مللن أوللله إلللى آخللره حجللج‬
‫وبراهيللن علللى أهللل الباطللل قطعيللة يقينيللة وأجوبللة لمعارضللتهم وإفسللادا‬
‫لقوالهم بأنواع الحجج والبراهين وإخبارا عن أنبيللائه ورسللله بإقامللة الحجللج‬
‫والبراهين وأمر لرسوله بمجادلة المخالفين بللالتي هللي أحسللن وهللل تكللون‬
‫المجادلة إل بالحتجاج وإفساد حجج الخصم وكذلك أمر المسلللمين بمجادلللة‬
‫أهل الكتاب بالتي هلي أحسلن وقلد نلاظر النلبي جميلع طلوائف الكفلر أتلم‬
‫مناظرة وأقام عليهم مللا أفحمهللم بلله مللن الحجللج حللتى عللدل بعضللهم إلللى‬
‫محاربته بعد أن عجز عللن رد قللوله وكسللر حجتلله واختللار بعضللهم مسللالمته‬
‫ومتاركته وبعضهم بذل الجزية عن يد وهو صاغر كل ذلك بعد إقامللة الحجللج‬
‫عليهم وأخذها بكظمهم وأسرها لنفوسهم وما استجاب للله مللن اسللتجاب إل‬
‫بعد أن وضحت له الحجة ولم يجللد إلللى ردهللا سللبيل ومللا خللالفه أعللداؤه إل‬
‫عنادا منهم وميل إلى المكابرة بعد اعترافهم بصحة حججه وأنها ل تدفع فمللا‬
‫قام الدين إل على ساق الحجة فقوله ل‬

‫حجة بيننا وبينكم أي ل خصومة فإن الرب واحد فل وجه للخصومة فيه ودينه‬
‫واحد وقد قامت الحجة وتحقق البرهان فلم يبق للحتجاج والمخاصمة فائدة‬
‫فإن فائدة الحتجاج ظهور الحللق ليتبللع فللإذا ظهللر وعانللده المخلالف وتركلله‬
‫جحودا وعنادا لم يبق للحتجاج فائدة فل حجة بيننا وبينكللم أيهللا الكفللار فقللد‬
‫وضح الحق واستبان ولم يبق إل القرار بله أو العنللاد والللله يجملع بيننللا يلوم‬
‫القيامة فيقضي للمحق على المبطل وإليه المصير قالوا وهملا نحلن نتحلرى‬
‫القسط بين الفريقين عما يقللوله المقسللطون عنللد الللله يلوم القياملة علللى‬
‫منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم مما ولوا‬
‫ويكفي في هذا قللوله تعللالى يأيهللا الللذين آمنللوا كونللوا قللوامين لللله شللهداء‬
‫بالقسط ول يجرمنكم شنآن قوم على أن ل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقللوى‬
‫واتقوا الللله أن الللله خللبير بمللا تعملللون قللالوا قللد أصللاب أهللل الثبللات مللن‬
‫المعتزلة في قولهم أن الحسن والقبح صفات ثبوتية للفعال معلومة بالعقل‬
‫والشرع وأن الشرع جاء بتقريللر مللا هللو مسللتقر فللي الفطللر والعقللول مللن‬
‫تحسين الحسن والمر بلله وتقبيللح القبيللح والنهللى عنلله وأنلله لللم يجيللء بمللا‬
‫يخالف العقل والفطرة وأن جاء بما يعجز العقول عن أحواله والستقلل بلله‬
‫فالشرائع جاءت بمجازات العقول ل محالتها وفرق بين مللال تللدرك العقللول‬
‫حسنه وبين ما تشهد بقبحه فالول مما يأتي به الرسل دون الثللاني وأخطللؤا‬
‫في ترتيب العقاب على هذا القبيح عقل كما تقدم وأصابوا في إثبات الحكمة‬
‫لللله تعللالى وأنلله سللبحانه ل يفعللل فعل خاليللا عللن الحكمللة بللل كللل أفعللاله‬
‫مقصللودة لعواقبهللا الحميللدة وغاياتهللا المحبوبللة للله وأخطللؤا فللي موضللعين‬
‫أحدهما أنهم أعادوا تلللك الحكمللة إلللى المخللوق ولللم يعيللدوها إلللى الخللالق‬
‫سبحانه على فاسد أصولهم في نفي قيللام الصللفات بلله فنفللوا الحكمللة مللن‬
‫حيث أثبتوها وجحدوها من حيث أقروا بها الموضع الثاني انهلم وضلعوا لتللك‬
‫الحكمة شريعة بعقولهم وأوجبلوا عللى اللرب تعلالى بهلا وحرملوه وشلبهوه‬
‫بخلقه في أفعاله بحيث ما حسن منهم حسن منه ومللا قبللح منهللم قبللح منلله‬
‫فلزمتهم بذلك اللوازم الشنيعة وضاق عليهم المجال وعجللزوا عللن التخلللص‬
‫عن تلك اللتزامات ولو أنهم أثبتوا له حكمة تليق به ل يشبه خلقلله فيهللا بللل‬
‫نسبتها إليه كنسة صفاته إلى ذاته فكما أنه ل يشبه خلقه في صفاته فكللذلك‬
‫في أفعاله ول يصح الستدلل بقبح القبح وحسن الحسن منهللم علللى ثبللوت‬
‫ذلك في حقه تعالى ومن هاهنا استطال عليهم النفاة وصاحوا عليهم من كل‬
‫قطر وأقاموا عليهم ثائرة الشناعة وأصابوا أيضا في قولهم بأن الرب تعللالى‬
‫ل يمتنع في نفسه الوجوب والتحريم وأخطأوا في جعل ذلك تابعللا لمقتضللى‬
‫عقولهم وآرئهم بل يجب عليه ما أوجبه على نفسه ويحرم عليه ما ‪ #‬حرمه‬
‫هو على نفسه فهو الذي كتب على نفسه الرحمة وأحق علللى نفسلله ثللواب‬
‫المطيعين وحرم على نفسه الظلم كما جعله محرما بين عباده وأصابوا فللي‬
‫قولهم أنه سبحانه ل يحب الشر‬

‫‪ #‬والكفر وأنواع الفساد بل يكرهها وأنه يحب اليمان والخير والبر والطاعة‬
‫ولكن أخطأوا في تفسير هذه المحبة والكراهللة بمجللرد معللان مفهومللة مللن‬
‫ألفاظ خلقها في الهواء أو في الشللجرة ولللم يجعلوهللا معللاني مللا يهللدى بلله‬
‫تعللالى علللى فاسللد أصللولهم فللي التعطيللل ونفللي الصللفات فنفللوا المحبللة‬
‫والكراهة من حيث أثبتوها وأعادوها إلى مجرد الشرع ولم يثبتللوا للله حقيقللة‬
‫قائمة بذاته فإن شرع الله هو أمره ونهيه ولم يقم بلله عنللدهم أمللر ول نهللى‬
‫فحقيقة قولهم أنه ل شرع ول محبة ول كراهة فإن زخرفللوا القللول وتحيلللوا‬
‫لثبات ما سدوا على نفوسللهم طريللق إثبللاته وأصللابوا أيضللا فللي قللولهم أن‬
‫مصلحة المأمور تنشأ من الفعل تارة ومن المر تارة أخللرى فللرب فعللل لللم‬
‫يكن منشأ لمصلحة المكلف فلما أمللر بلله صللار منشللأ لمصلللحة بللالمر ولللو‬
‫توسطوا هذا التوسط وسلكوا هذا المسلللك وقللالوا إن المصلللحة تنشللأ مللن‬
‫الفعل المأمور به تارة ومن المر تارة ومنهما تارة ومن العزم المجللرد تللارة‬
‫لنتصفوا من خصومهم فمثال الول الصدق والعفة والحسللان والعللدل فللإن‬
‫مصالحها ناشئة منهلا ومثللال الثللاني التجللرد فللي الحللرام والتطهللر بلالتراب‬
‫والسعي بين الصفى والمروة ورمي الجمار ونحو ذلك فإن هذه الفعللال لللو‬
‫تجردت عن المر لم تكن منشأ لمصلحة فلما أمر بها نشللأت مصلللحتها مللن‬
‫نفس المر ومثال الثلث الصوم والصلة والحج وإقامة الحدود وأكثر الحكام‬
‫الشرعية فإن مصلحتها ناشئة من الفعل والمر معا فالفعل يتضمن مصلللحة‬
‫والمر بها يتضمن مصلحة أخرى فالمصلحة فيها مللن وجهيللن ومثللال الرابللع‬
‫أمر الله تعالى خليله إبراهيم بذبح ولده فإن المصلحة إنما نشأت من عزملله‬
‫على المأمور به ل من نفس الفعل وكذلك أمره نبيه ليلة السللراء بخمسللين‬
‫صلة فلما حصرتم المصلحة في الفعل وحده تسلط عليكم خصومكم بأنواع‬
‫المناقضات واللزامات قالوا وقد أصاب النفللاة حيللث قللالوا إن الحجللة إنمللا‬
‫تقوم على العباد بالرسللالة وإن الللله ل يعللذبهم قبللل البعثللة ولكنهللم نقضللوا‬
‫الصل ولم يطردوه حيث جوزوا تعذيب من لم تقللم عليلله الحجللة أصللل مللن‬
‫الطفال والمجانين ومن لم تبلغه الدعوة وأخطؤا في تسويتهم بين الفعللال‬
‫التي خالف الله بينها فجعل بعضها حسنا وبعضها قبيحللا وركللب فللي العقللول‬
‫والفطر التفرقة بينهما كما ركب في الحواس التفرقة بين الحلللو والحللامض‬
‫والمر والعذب والسخن والبارد والضار والنافع فزعم النفاة أنه ل فللرق فللي‬
‫نفس المر أصل بين فعل وفعل في الحسن والقبح وإنما يعللود الفللرق إلللى‬
‫عادة مجردة أو وهم أو خيال أو مجرد المللر والنهللى وسلللبوا الفعللال حللتى‬
‫خواصها التي جعلها الله عليها من الحسن والقبح فخللالفوا الفطللر والعقللول‬
‫وسلطوا عليهم خصومهم بأنواع اللزامات والمناقضللات الشللنيعة جللدا ولللم‬
‫يجللدوا إلللى ردهللا سللبيل إل بالعنللاء وجحللدوا الضللرورة وأصللابوا فللي نفيهللم‬
‫اليجاب والتحريم على الله الذي أثبتته القدرية من المعتزلة‬

‫‪ #‬ووضعوا على الله شللريعة بعقللولهم قللادتهم إلللى مللال قبللل لهللم بلله مللن‬
‫اللوازم الباطلة وأخطأوا في نفيهم عنه إيجاب ما أوجبه على نفسه وتحريللم‬
‫ما حرمه على نفسه بمقتضى حكمته وعللدله وعزتلله وعلملله وأخطللاوا أيضللا‬
‫في نفسهم حكمته تعالى في خلقه وأمره وأنه ل يفعل شيئا لشيء ول يأمر‬
‫بشيء لشيء وفي إنكارهم السباب والقوى التي أودعها الللله فللي العيللان‬
‫والعمال وجعلهللم كللل لم دخلللت فللي القللرآن لتعليللل أفعللاله وأوامللره لم‬
‫عاقبللة وكللل بللاء دخلللت لربللط السللبب بسللببه بللاء مصللاحبة فنفللوا الحكللم‬
‫والغايات المطلوبة في أوامره وأفعاله وردوها إلللى العلللم والقللدرة فجعلللوا‬
‫مطابقللة المعلللوم للعلللم ووقللوع المقللدور علللى وفللق القللدرة هللو الحكمللة‬
‫ومعلوم أن وقوع المقدور بالقللدرة ومطابقللة المعلللوم للعلللم عيللن الحكمللة‬
‫والغايات المطلوبة من الفعل وتعلق القدرة بمقدورها والعلم بمعلومة اعللم‬
‫من كون المعلوم والمقدور مشتمل على حكمة ومصلحة أو مجردا عن ذلللك‬
‫والعم ل يشعر بالخص ول يستلزمه وهل هذا في الحقيقلة النفلي للحكملة‬
‫وإثبات لمر آخر وأخطاوا في تسويتهم بيللن المحبللة والمشلليئة وأن كللل مللا‬
‫شاءه الله من الفعال والعيان فقد أحبه ورضيتة وما لللم يشللأه نقللد كرهلله‬
‫وأبغضه فمحبته مشيئته وإرادته العامة وكراهته وبغضه عدم مشيئته وإرادته‬
‫فلزمهللم مللن ذلللك أن يكللون إبليللس محبوبللا للله وفرعللون وهامللان وجميللع‬
‫الشياطين والكفار بل أن يكون الكفر والفسوق والظلللم والعللدوان الواقعللة‬
‫في العالم محبوبة له مرضية وأن يكون اليمان والهللدى ووفللاء العهللد والللبر‬
‫التي لم توجد مللن النللاس مكروهللة مسللخوطة للله مكروهللة ممقوتللة عنللده‬
‫فسووا بين الفعلال اللتي فلاوت اللله بينهلا وسلووا بيلن المشليئة المتعلقلة‬
‫بتكوينها وإيجادها والمحبة المتعلقة بالرضى بها وأخيارها وهذا مملا اسلتطال‬
‫به عليهم خصومهم كما استطالوا هم عليهم حيث أخرجوها عن مشيئة الللله‬
‫وإرادته العامة ونفوا تعلق قدرته وخلقه بها فاستطال كل من الفريقين على‬
‫الخر بسبب ما معهم من الباطل وهدى الله أهللل السللنة الللذين هللم وسللط‬
‫في المقالت والنحل لما اختلف الفريقان فيه من الحللق بللإذنه والللله يهللدى‬
‫من يشاء إلى صراط مستقيم ‪ #‬فالقدرية حجروا على الله وألزموه شريعة‬
‫حرموا عليه الخللروج عنهلا وخصللومهم ملن الجبريللة جلوزوا عليلله كللل فعلل‬
‫ممكن يتنزه عنه سبحانه إذ ل يليق بغناه وحمده وكماله ما نللزه نفسلله عنلله‬
‫وحمد نفسه بأنه ل يفعله فالطائفتان متقابلتان غاية التقابل والقدريللة أثبتللوا‬
‫له حكمة وغاية مطلوبة من افعاله على حسللب مللا أثبتللوه لخلقلله والجبريللة‬
‫نفوا والقدرية أثبتوا له حكمته اللئقة به التي ل يشللابهه فيهللا أحللد والقدريللة‬
‫قالت أنلله ل يريللد مللن عبللاده طللاعتهم وإيمللانهم وأنلله ل يسللأل ذلللك منهللم‬
‫والجبرية قالت أنلله يحللب الكفللر والفسللوق والعصلليان ويرضللاه مللن فللاعله‬
‫والقدرية قالت أنه يجب عليه سبحانه أن يفعل بكل شخص ما هو الصلح له‬
‫والجبرية قالت أنه يجوز أن يعذب أولياءه وأهل طاعته ومن لللم يطعلله قللط‬
‫وينعم أعداءه ومن كفر به‬

‫‪ #‬وأشرك ول فرق عنده بين هذا وهللذا فليعجللب العاقللل مللن هللذا التقابللل‬
‫والتباعد الذي يزعم كل فريق أن قولهم هو محض العقل ومللا خللالفه باطللل‬
‫بصريح العقللل وكللذلك القدريللة قللالت أنله ألقلى إللى عبللاده زملام الختيللار‬
‫وفوض إليهم المشيئة والرادة وأنه لم يخص أحدا منهم دون أحد بتوفيق ول‬
‫لطف ول هداية بل ساوى بينهم في مقللدوره ولللو قللدر أن يهلدى أحللدا ولللم‬
‫يهده كان بخل وأنه ل يهدى أحدا ول يضللله إل بمعنللى البيللان والرشللاد وأمللا‬
‫خلق الهدى والضلل فهو إليهم ليس إليه وقالت الجبريللة أنلله سللبحانه أجللبر‬
‫عباده على أفعالهم بل قالوا أن أفعالهم هي نفس أفعاله ول فعل لهللم فللي‬
‫الحقيقة ول قدرة ول اختيار ول مشيئة وإنما يعذبهم على ما فعله هو ل على‬
‫ما فعلوه ونسبة أفعالهم إليه كحركات الشجار والمياه والجمادات فالقدرية‬
‫سلبوه قدرته على أفعال العباد ومشيئته لهللا والجبريللة جعلللوا أفعللال العبللاد‬
‫نفس أفعاله وأنهم ليسوا فاعلين لها في الحقيقة ول قادرين عليها فالقدرية‬
‫سلبته كمال ملكه والجبرية سلللبته كمللال حكمتلله والطائفتللان سلللبته كمللال‬
‫حمده وأهل السنة الوسط أثبتللوا كمللال الملللك والحمللد والحكمللة فوصللفوه‬
‫بالقدرة التامة على كل شيء من العيان وأفعال العباد وغيرهللم وأثبتللوا للله‬
‫الحكمة التامة في جميع خلقه وأمره واثبتوا له الحمد كله في جميع ما خلقه‬
‫وأمر به ونزهوه عن دخوله تحت شريعة يضللعها العبللاد بللآرائهم كمللا نزهللوه‬
‫عما نزه نفسه عنه مما ل يليق به فاستولوا على محاسن المللذاهب وتجنبللوا‬
‫أرداها ففازوا بالقللدح المعلللى وغيرهللم طللاف علللى أبللواب المللذاهب ففللاز‬
‫باخس المطالب والهدى هدى يختص به من يشاء من عباده‬
‫فصل إذا عرفت هذه المقدمة فالكلم على كلمات النفاة من وجوه ‪:‬‬
‫أحدها قولكم لو قدر النسان نفسه وقد خلق تام الخلقة تللام العقللل دفعللة‬
‫من غير تأدب بتأديب البوين ول تعلللم مللن معلللم ثللم عللرض عليلله أمللران ‪:‬‬
‫أحدهما أن الواحد أكثر من الثنين والخللر أن الكللذب قبيللح لللم يتوقللف فللي‬
‫الول ويتوقف في الثاني فهذا تقدير مستحيل ركبتم عليه أمللرا غيللر معلللوم‬
‫الصحة فإن تقدير النسان كذلك محال ‪ #‬الوجه الثاني سلمنا إمكان التقدير‬
‫لكن لم قلتم بأنه ل يتوقف في كون الواحد نصف الثنين ويتوقف فللي كللون‬
‫الكذب قبيحا بعد تصور حقيقته فل نسلم أنه إذا تصور ماهيلة الكلذب توقلف‬
‫في الجزم بقبحه وهل هللذا إل دعللوة مجللردة الللوجه الثللالث سلللمنا أنله قللد‬
‫يتوقف في الحكم بقبحله ولكللن ل يللزم ملن ذللك أن ل يكلون قبيحللا للذاته‬
‫وقبحه معلوم للعقل وتوقف الذهن في الحكم العقلللي ل يخرجلله عللن كللونه‬
‫عقليا ول يجب التساوي في العقليات إذ بعضها أجلي مللن بعللض فللإن قلتللم‬
‫فهذا التوقف ينفي أن يكون الحكم بقبحه ضروريا وهو يبطل قولكم ‪ #‬قلنللا‬
‫هذا إنما لزم من التقدير المستحيل في الواقع‬

‫‪ #‬والمحال قد يلزمه محال آخر سلمنا أنه ينفي كون الحكم بقبحه ضللروريا‬
‫ابتداء فلم قلتم أنه ل يكون ضروريا بعد التأمل والنظللر ‪ #‬والضللروري أعللم‬
‫مللن كللونه ضللروريا ابتللداء بل واسللطة أو ضللروريا بوسللط ونفللي الخللص ل‬
‫يستلزم نفي العم ومن ادعى سلب الوسائط عن الضروريات فقللد كللابر أو‬
‫اصطلح مع نفسله عللى تسلمية الضلروريات بملا ل يتوقلف عللى وسلط ‪#‬‬
‫الوجه الرابللع أن نصللور ماهيللة الكللذب يقتضللي جللزم العقللل بقبحلله ونسللبة‬
‫الكذب إلى العقل كنسبة المتنللافرات الحسللية إلللى الحللس فكمللا أن أدراك‬
‫الحواس المتنافرات يقتضي نفرتها عنها فكذلك أدراك العقل لحقيقة الكذب‬
‫ول فرق بينهما إل فرق ما بين أدراك الحس وأدراك العقل فللإن جللاز القللدح‬
‫في مدركات العقول وحكمها فيها بالحسن والقبح جاز القللدح فللي مللدركات‬
‫الحللواس الللوجه الخللامس إنكللم فتحتللم بللاب السفسللطة فللإن القللدح فللي‬
‫معلومات العقول وموجباتها كالقدح في مدركات الحللواس وموجباتهللا فمللن‬
‫لجأ إلى المكابرة في المعقولت فقد فتح باب المكللابرة فللي المحسوسللات‬
‫ولهذا كانت السفسطة تعرض أحيانا في هذا وهذا وليست مللذهبا لمللة مللن‬
‫الناس يعيشون عليه كما يظنه بعض أهل المقالت ول يمكن أن تعيللش أمللة‬
‫ول أحد على ذلك ول تتم له مصلحة وإنما هي حال عارضة لكثير من النللاس‬
‫وهي تكثر وتقل وما من صاحب مذهب باطللل إل وهللو مرتكللب للسفسللطة‬
‫شاء أم أبي وسنذكر أن شاء الله فصل فيما بعد نللبين فيلله أن جميللع أربللاب‬
‫المللذاهب الباطلللة سوفسللطائية صللريحا ولزومللا قريبللا وبعيللدا ‪ #‬الللوجه‬
‫السادس قولكم من حكم بأن هذين المرين سيان بالنسبة إلى عقللله خللرج‬
‫عن قضللايا العقلول جلوابه أنكللم أن أردتلم بالتسلوية كونهملا معقلولن فلي‬
‫الجملة فمن أين يخرج عن قضايا العقول من حكم بذلك وهللل الخللارج فللي‬
‫الحقيقة عنهلا إل ملن منلع هلذا الحكلم فلإن أردتلم بالتسلوية السلتواء فلي‬
‫الدراك وأن كليهما على رتبة واحدة من الضللرورة فل يلللزم مللن عللدم هللذا‬
‫الستواء أن ل يكون العلم بقبح الكللذب عقليللا ‪ #‬الللوجه السللابع قللولكم لللو‬
‫تقرر عند المثبت أن الله تعالى ل يتضرر بكذب ول ينتفع بصدق كان المران‬
‫في حكم التكليف على وتيرة واحدة كلم ل يرتضيه عاقل فإنه مللن المتقللرر‬
‫أن الله تعالى ل يتضرر بكذب ول ينتفع بصدق وإنما يعود نفع الصدق وضللرر‬
‫الكللذب عللى المكللف ولكلن ليللت شلعري ملن أيلن يلللزم أن يكلون هللذان‬
‫الضدان بالنسبة إلى التكليف على وتيرة واحللدة وهللل هللذا ال مجللرد تحكللم‬
‫ودعوى باطلة الوجه الثامن أنه ل يلزم من كون الحكيم ل يتضرر بالقبللح ول‬
‫ينتفع بالحسن أن ل يحب هذا ول يبغض هذا بللل تكللون نسللبتهما إليلله نسللبة‬
‫واحدة بل المر بالعكس وهو أن حكمته تقتضي بغضه للقبيح وأن لم يتضللرر‬
‫به ومحبته للحسن وأن لم ينتفع به وحينئذ ينقلب هللذا الكلم عليكللم ونكللون‬
‫أسعد به منكم فنقول لو تقرر عند النافي أن الللله تعللالى حكيللم عليللم يضللع‬
‫الشياء مواضعها وينزلها منازلهللا العلللم أن المريللن أعنللي الصللدق والكللذب‬
‫بالنسبة‬

‫‪ #‬إلى شرعه وتكليفلله متباينللان غايلة التبللاين متضللادان وانلله يسللتحيل فللي‬
‫حكمته التسوية بينهمللا وأن يكونللا علللى وتيللرة واحللدة ومعلللوم إن هللذا هللو‬
‫المعقللول ومللا ذكرتمللوه خللارج عللن المعقللول ‪ #‬الللوجه التاسللع قللولكم أن‬
‫الصدق والكللذب علللى حقيقللة ذاتيللة وأن الحسللن والقبللح غيللر داخليللن فللي‬
‫صفاتهما الذاتيللة ول يلزمهمللا فللي الللوهم بالبديهللة ول فللي الوجللود ضللرورة‬
‫جللوابه أنكللم أن أردتللم أن الحسللن والقبللح ل يللدخل فللي مسللمى الصللدق‬
‫والكللذب فمسلللم ولكللن ل يفيللدكم شلليئا فللإن غللايته إنمللا يللدل علللى تغللاير‬
‫المفهومين فكان ماذا وإن أردتم أن ذات الصدق والكذب ل تقتضي الحسللن‬
‫والقبح ول تسللتلزمهما فهللل هللذا إل مجللرد المللذهب ونفللس الللدعوى وهللي‬
‫مصادرة على المطلوب وخصومكم يقولون أن معنى كونهما ذاتيين للصللدق‬
‫والكذب أن ذات الصدق والكذب تقتضي الحسن والقبح وليللس مرادهللم أن‬
‫الحسن والقبح صفة داخلة في مسللمى الصللدق والكللذب وأنتللم لللم تبطلللوا‬
‫عليهم هذا ‪ #‬الوجه العاشر قولكم ول يلزمهما فللي الللوهم بالبديهللة ول فللي‬
‫الوجود دعوى مجلردة كيلف وقلد عللم بطلنهلا بالبرهلان والضلرورة اللوجه‬
‫الحادي عشر قللولكم أن مللن الخبللار الللتي هللي صللادقة مللا يلم عليلله مثللل‬
‫الدللة على من هرب من ظالم ومن الخبار التي هي كاذبة مللا يثللاب عليهللا‬
‫مثل إنكار الدللة عليه فلم يدخل كون الكذب قبيحا في حد الكذب ول لزمه‬
‫في الوهم ول في الوجود فل يجوز أن يعد مللن الصللفات الذاتيللة الللتي تلللزم‬
‫النفس وجودا وعدما ‪ #‬جوابه من وجوه أحدها أنا ل نسلم أن الصللدق يقبللح‬
‫في حال ول أن الكذب يحسن في حللال أبللدا ول تنقلللب ذاتلله وإنمللا يحسللن‬
‫اللوم على الخبر الصادق من حيث لم يعرض المخبر ولللم يللور بمللا يقتضللي‬
‫سلمة النبي أو الللولي الللوجه الثللاني أنلله أخللبر بمللا ل يجللوز للله الخبللار بلله‬
‫لستلزامه مفسدة راجحة ول يقتضللي هللذا كللون الصللدق قبيحللا بللل الخبللار‬
‫بالصدق هو القبيح وفرق بين النسبة المطابقة التي هي صللدق وبيللن العلم‬
‫بها فالقبح إنما نشأ مللن العلم ل مللن النسللبة الصللادقة والعلم غيللر ذاتللي‬
‫للخبر ول داخل في حده إذا الخللبر غيللر الخبللار ول يلللزم مللن كللون الخبللار‬
‫قبيحا أن يكون الخبر قبيحا وهللذه الدقيقللة غفلل عنهللا الطائفتللان كلهمللا ‪#‬‬
‫الوجه الثالث أن قبح الصدق وحسن الكذب المذكورين في بعللض المواضللع‬
‫لمعارضة مصلحة أو مفسدة راجحة ل يقتضي عدم اتصللاف ذات كللل منهمللا‬
‫بحكمه عقل فإن العلل العقليللة والوصللاف الذاتيللة المقتضللية لحكامهللا قللد‬
‫تتخلف عنهللا لفللوات شللرط أو قيللام مللانع ول يللوجب ذلللك سلللب اقتضللائها‬
‫لحكامها عند عدم المانع وقيام الشرط وقد تقدم تقرير ذلللك الللوجه الثللاني‬
‫عشر قولكم أنه لم يبق للمثبتين إل السترواح إلى عادات الناس من تسمية‬
‫ما يضرهم قبيحا وما ينفعهم حسنا كلم باطل فإن استرواحهم إلى ما ركبللة‬
‫الللله تعللالى فللي عقللولهم وفطرهللم وبعللث رسللله بتقريللره وتكميللله مللن‬
‫استحسان الحسن واستقباح القبيح الوجه الثالث عشلر قلولكم أنهللا تختلللف‬
‫بعادة قوم دون قوم وزمان دون زمان ومكان دون‬

‫‪ #‬مكللان وإضللافة دون إضللافة فقللد تقللدم أن هللذا الختلف ل يخللرج هللذه‬
‫القبائح والمستحسللنات عللن كللون الحسللن والقبللح ناشللئا مللن ذواتهمللا وأن‬
‫الزمان المعين والمكللان المخصللوص والشللخص والقابللل والضللافة شللروط‬
‫لهذا القتضاء على حد اقتضاء الغذية والدوية والمسللاكن والملبللس آثارهللا‬
‫فللإن اختلفهللا بالزمنللة والمكنللة والشللخاص والضللافات ل يخرجهللا عللن‬
‫القتضللاء الللذاتي ونحللن ل نعنللى بكللون الحسللن والقبللح ذاتييللن إل هللذا‬
‫والمشاحنة في الصطلحات ل تنقع طالب الحق ول تجدي عليه إل المناكدة‬
‫والتعنت فكم يعيدوا ويبدوا في الذاتي وغير الذاتي سللموا هللذا المعنللى بمللا‬
‫شئتم ثم أن أمكنكم إبطاله فأبطلوه ‪ #‬الوجه الرابللع عشللر قللولكم نحللن ل‬
‫ننكر اشتهار القضايا الحسنة والقبيحة من الخلق وكونها محمللودة مشللكورة‬
‫مثنى على فاعلها أو مذموماولكن سللبب ذكرهللا أمللا التللدين بالشللرائع وأمللا‬
‫العراض ونحن إنما ننكرها في حق الله عز وجل لنتفاء العراض عنه فهللذا‬
‫معترك القول بين الفرق في هذه المسللئلة وغيرهللا فنقللول لكللم مللا تعنللون‬
‫معاشرة النفاة بالعراض التي نفيتموها عللن الللله عللز وجللل ونفيتللم لجلهللا‬
‫حسن أوامر الذاتية وقبح نواهيه الذاتية وزعمتم لجلها أنه ل فرق عنده بيللن‬
‫مذمومها ومحمودها وأنها بالنسللبة إليله سلواه فأخبرونلا عللن مرادكلم بهلذه‬
‫اللفطة البديعة المحتملة أتعنون بهللا الحكللم والمصللالح والعللواقب الحميللدة‬
‫والغايات المحبوبة التي يفعل ويأمر لجلها أم تعنون بها امرا وراء ذلك يجب‬
‫تنزيه الرب عنه كما يشعر به لفظ العراض من الرادات فان اردتم المعنى‬
‫الول فنفيكم إياه عن أحكم الحاكمين مذهب لكم خالفتم به صريح المنقول‬
‫وصريح المعقول وأتيتم ما ل تقر به العقول من فعل فاعل حكيم مختللار ول‬
‫لمصلحة ول لغاية محمودة ول عاقبة مطلوبة بل الفعل وعدمه بالنسبة إليلله‬
‫سيان وقلتم ما تنكره الفطر والعقول ويرده التنزيل والعتبار وقد قررنا من‬
‫ذكر الحكم الباهرة في الخلق والمر مللا تقربلله بلله عيللن كللل طللالب للحللق‬
‫وهاهنا من ادلة اثبات الحكم المقصودة بالخلق والمللر أضللعاف أضللعاف ملا‬
‫ذكرنا بل لنسبه لما ذكرناه إلى ما تركناه وكيف يمكن انكار ذلللك والحكمللة‬
‫في خلق العالم وأجزائه ظاهرة لمن تأملها بادية لمللن أبصللرها وقللد رقمللت‬
‫سطورها على صفحات المخلوقللات يقرأهللا كللل عاقللل وغيللر كللاتب نصللبت‬
‫شاهدة لله بالوحدانية والربوبية والعلم والحكمة واللطللف والخللبرة ‪ #‬تأمللل‬
‫سطور الكائنات فإنها ‪ %‬من المل العلى إليك رسائل ‪ #‬وقد خللط فيهللا لللو‬
‫تأملت خطها ‪ %‬أل كل شيء ما خل الله باطل ‪ #‬وأما النصللوص علللى ذلللك‬
‫فمن طلبها بهرته كثرتها وتطابقها ولعلهللا أن تزيللد علللى المئيللن ومللا يحيللله‬
‫النفاة لحكمة الله تعالى أن اثباتهللا يسللتلزم افتقللارا منهللا واسللتكمال بغيللره‬
‫فهوس ووساواس‬

‫‪ #‬فان هذا بعينه وارد عليهم فللي أصللل الفعللل أيضللا فهللذا إنمللا هللو إكمللال‬
‫للصنع ل استكمال بالصنع وأيضا فأنه سلبحانه فعلاله علن كملاله فلأنه كملل‬
‫ففعل ل أن كماله عن فعاله فل يقال فعل فكمل كما يقال للمخلللوق وأيضللا‬
‫فأن مصدر الحكمة ومتعلقها وأسبابها عنه سبحانه فهو الخالق وهللو الحكيللم‬
‫وهو الغني من كل وجه أكمل الغنى وأتمه وكمال الغنى والحمللد فللي كمللال‬
‫القدرة والحكمة ومن المحال أن يكون سبحانه وتعالى فقيرا إلى غيره فأما‬
‫إذا كان كل شيء فهو فقير إليه من كل وجه وهو الغنللى المطلللق عللن كللل‬
‫شيء فأي محذور في إثبات حكمته مع احتياج مجموع العالم وكل مللا يقللدر‬
‫معه إليه دون غيلره وهلل الغنلى إل ذللك وللله سلبحانه فلي كلل صلنع ملن‬
‫صنائعه وأمر ملن شللرائعه حكمللة بللاهرة وآيللة ظللاهرة تللدل علللى وحللدانيته‬
‫وحكمته وكلمه وغناه وقيوميته وملكه ل تنكرها إل العقول السخيفة ول تنبللو‬
‫عنها إل الفطر المنكوسة ‪ # :‬ولله في كل تسكينة ‪ %‬وتحريكللة أبللدا شللاهد‬
‫‪ #‬وفي كل شيء له آية ‪ %‬تدل على أنه واحللد ‪ #‬وبالجملللة فنحللن ل ننكللر‬
‫حكمة الله ول نساعدكم على جحدها لتسميتكم إياها أعراضا وإخراجكم لهللا‬
‫في هذا القالب فالحق ل ينكر حكمه لسوء التعبير عنه وهذا اللفظ بدعى لم‬
‫يرد به كتاب ول سنة ول أطلقه أحد ملن أئملة السللم وأتبلاعهم عللى اللله‬
‫وقللد قللال المللام أحملد ل نزيللل علن الللله صلفة ملن صللفاته لجللل شللناعة‬
‫المشنعين فهل ننكر صفات كماله سبحانه لجل تسمية المعطلللة والجهميللة‬
‫لها أعراضا ولرباب المقالت أغراض في سوء التعبير عن مقالت خصومهم‬
‫وتخيرهم لها أقبح اللفاظ وحسن التعبير عن مقالت أصحابهم وتخيرهم لهللا‬
‫أحسن اللفاظ وأتباعهم محبوسون في قبول تلك العبارات ليس معهم فللي‬
‫الحقيقة سواها بل ليس مع المتبوعين غيرها وصاحب البصيرة ل تهوله تلللك‬
‫العبارات الهائلة بل يجرد المعنى عنها ول يكسوه عبارة منها ثم يحمله علللى‬
‫محللل الللدليل السللالم عللن المعللارض فحينئذ يتللبين للله الحللق مللن الباطللل‬
‫والحالي من العاطل ‪ #‬اللوجه الخلامس عشلر قلولكم مسلتند الستحسلان‬
‫والسللتقباح التللدين بالشللرائع فيقللال ل ريللب أن التللدين بالشللرائع يقتضللي‬
‫الستحسان والستقباح ولكن الشرائع إنما جاءت بتكميل الفطر وتقريرها ل‬
‫بتحويلهللا وتغييرهللا فمللا كللان فللي الفطللرة مستحسللنا جللاءت الشللريعة‬
‫باستحسانه فكسته حسنا إلى حسنه فصار حسنا من الجهتين وما كللان فللي‬
‫الفطرة مستقبحاجاءت الشريعة باستقباحه فكسته قبحللا إلللى قبحلله فصللار‬
‫قبيحا من الجهتين وأيضا فهذه القضايا مستحسللنة ومسللتقبحة عنللد مللن لللم‬
‫تبلغه الدعوة ولم يقر بنبوة وأيضا فمجيء الرسللول بللالمر بحسللنها والنهللي‬
‫عن قبيحها دليل على نبوته وعلم على رسالته كما قال بعض الصللحابة وقللد‬
‫سئل عما أوجب إسلمه فقال ما أمر بشيء فقال العقل ليتلله نهللى عنلله ول‬
‫نهى ‪#‬‬

‫‪ #‬عن شيء فقال العقل ليتلله أمللر بلله فلللو كللان الحسللن والقبللح لللم يكللن‬
‫مركوزا في الفطر والعقول لم يكن ما أمر به الرسول ونهى عنه علمللا مللن‬
‫أعلم صدقه ومعلوم أن شرعه ودينلله عنللد الخاصللة مللن اكللبر أعلم صللدقه‬
‫وشواهد نبوته كما تقدم ‪ #‬الوجه السادس عشر قولكم في مثللارات الغلللط‬
‫التي يغلط الللوهم فيهللا أنهللا ثلث مثللارات الولللى أن النسللان يطلللق اسللم‬
‫القبيح على ما يخالف غرضه وان كان يوافق غللرض غيللره مللن حيللث أنلله ل‬
‫يلتفت إلى الغير فان كل طبع مشغوف بنفسه فيقضللى بالقبللح مطلقللا فقللد‬
‫أصاب في الحكم بالقبح وأخطأ في إضافة القبح إلى ذات الشيء وغفل عن‬
‫كونه قبيحا لمخالفة غرضه وأخطأ في حكملله بالقبللح مطلقللا ومنشللأه عللدم‬
‫اللتفات إلى غيره فحاصله أمران أحدهما أنلله إنمللا قضللى بالحسللن والقبللح‬
‫لموافقة غرضه ومخالفته ‪ #‬الثاني أن هذه الموافقة والمخالفة ليست عامة‬
‫في حق كل شخص وزمان ومكان بللل ول فللي جميللع أحللوال الشللخص هللذا‬
‫حاصل ما طولتم به فيقال ل ريب أن الحسن يوافق الغرض والقبللح يخللالفه‬
‫ولكن موافقة هذا ومخالفة هذا لما قام بكل واحد من الصفات التي أوجبللت‬
‫المخالفة والموافقة إذ لو كانا سواء في نفس المر وذاتهما ل تقتضى حسنا‬
‫ول قبحا لم يختص أحدهما بالموافقة والخر بالمخالفة ولم يكن أحدهما بمللا‬
‫اختص به أولى من العكس فما لجأتم إليه من موافقة الغرض ومخالفته من‬
‫أكبر الدلة على أن ذات الفعل متصفة بما لجله وافق الغرض وخالفه وهللذا‬
‫كموافقة الغرض ومخالفته في الطعوم والغذية والروائح فان مللا لءم منهللا‬
‫النسان ووافقه مخالف بالذات والوصف لما نلافره منهلا وخلالفه وللم تكلن‬
‫تلك الملءمة والمنافرة لمجرد العللادة بللل لمللا قللام بللالملئم والمنللافر مللن‬
‫الصللفات ففللي الخللبز والمللا واللحللم والفاكهللة مللن الصللفات الللتي اقتضللت‬
‫ملءمتها النسان ما ليس فللي الللتراب والحجللر والقصللب والعصللف وغيرهللا‬
‫ومن ساوى بيللن المريللن فقللد كللابر حسلله وعقللله فهكللذا مللا لءم العقللول‬
‫والفطر من العمال والحوال وما خالفها هو لما قام بكل منها من الصللفات‬
‫التي اختصت به فأوجب الملءمة والمنافرة فملءمة العدل والحسان والللبر‬
‫للعقول والفطر والحيوان لما اختصت به ذوات هذه الفعال من أمور ليست‬
‫في الظلم والساءة وليست هذه الملءمة والمنافرة لمجرد العللادة والتللدين‬
‫بالشرائع بل هي أمور ذاتيللة لهللذه الفعللال وهللذا ممللا ل ينكللره العقللل بعللد‬
‫تصوره ‪ #‬الوجه السابع عشر أنا ل ننكر أن للعادة واختلف الزمان والمكان‬
‫والضافة والحال تأثيرا في الملءمة والمنافرة ول ننكر أن النسان يلئمه ما‬
‫اعتاده من الغذية والمساكن والملبس وينافره ما لم يعتده منهللا وان كللان‬
‫أشرف منها وأفضل ومن هذا إلف الوطلان وحلب المسلاكن والحنيلن إليهلا‬
‫ولكن هل يلزم من هذا أن تكون الملءمة والمنافرة كلها ترجللع إلللى اللللف‬
‫والعادة المجردة ومعلوم أن هذا مما ل سبيل إليه إذ الحكم على فرد‬

‫‪ #‬جزئي من أفراد النوع ل يقتضي الحكم على جميع النوع واستلزام الفللرد‬
‫المعين من النوع اللزم المعين ل يقتضي استلزام النللوع للله وثبللوت خاصللة‬
‫معينه للفرد الجزئي ل يقتضي ثبوتها للنوع الكلللي ‪ # :‬الللوجه الثللامن عشللر‬
‫أن غاية ما ذكرتم من خطأ الوهم في اعتقاده إضافة القبح إللى ذات الفعلل‬
‫وحكمه بالستقباح مطلقا مما قد يعرض في بعض الفعللال فهللل يلللزم مللن‬
‫ذلك أنه حيث قضى بهاتين القضلليتين يكللون غالطللا بالنسللبة إلللى كللل فعللل‬
‫ونحن إنما علمنا غلطه فيما غلط فيه لقيام الدليل العقلي على غلطلله فأمللا‬
‫إذا كان الدليل العقلي مطابقا لحكمه فمن أين لكللم الحكللم بغلطلله ‪ #‬فللان‬
‫قلتم إذا ثبت أنه يغلط في حكم ما لم يكن حكملله مقبللول إذ ل ثقللة بحكملله‬
‫قلنا إذا جوزتم أن يكون في الفطللرة حاكمللان حللاكم الللوهم وحللاكم العقللل‬
‫ونسبتم حكم العقل إلى حكم الوهم وقلتلم فلي بعلض القضلايا الللتي يجلزم‬
‫العقل بها هي من حكم الوهم لم يبق لكللم وثللوق بالقضللايا الللتي يجللزم بهللا‬
‫العقل ويحكم بها لحتمال أن يكون مستندها حكم الوهم ل حكللم العقللل فل‬
‫بد لكم من التفريق بينهما ول بد أن تكون قضاياه ضرورية ابتداء وانتهاء وإذا‬
‫جوزتم أن يكون بعض القضايا الضللرورية وهميللة لللم يبللق لكللم طريللق إلللى‬
‫التفريق ‪ #‬الوجه التاسع عشر أن هللذا الللذي فرضللتموه فيمللن يتقبللح شلليئا‬
‫لمخالفة غرضه ويستحسنه لموافقة غرضه أو بالعكس إنما مورده الحسنات‬
‫غالبا كالمآكل والملبس والمساكن والمناكح فأنها بحسب الدواعي والميول‬
‫والعوائد والمناسبات فهي إنما تكون في الحركات وأما الكليللات العقليللة فل‬
‫تكللاد تعللارض تلللك فل يكللون العللدل والصللدق والحسللان حسللنا عنللد بعللض‬
‫العقول قبيحا عند بعضها كما يكون اللون اسود مشتهى حسنا موافقا لبعض‬
‫الناس مبغوضا مستقبحا لبعضللهم ومللن اعتللبر هللذا بهللذا فقللد خللرج واعتللبر‬
‫الشيء بما ل يصح اعتباره به ويؤيللد هللذا ‪ #‬الللوجه العشللرون أن العقللل إذا‬
‫حكم بقبح الكذب والظلم والفواحش فانه ل يختلللف حكملله بللذلك فللي حللق‬
‫نفسه ول غيره بل يعلم أن كل عقل يستقبحها وأن كللان يرتكبهللا لحللاجته أو‬
‫جهله فلما أصاب في استقباحها أصاب في نسللبة القبللح إلللى ذاتهللا وأصللاب‬
‫في حكمه بقبحها مطلقا ومن غلطه في بعض هذه الحكام فهو الغالط عليه‬
‫وهذا بخلف ما إذا حكم باستحسان مطعم أو ملبس أو مسكن أو لون فللانه‬
‫يعلم أن غيره يحكم باستحسان غيره وأن هذا مما يختلللف بللاختلف العللوائد‬
‫والمم والشخاص فل يحكم به حكما كليا أل حيللث يعلللم أنله ل يختلللف كمللا‬
‫يحكم حكما كليا بأن كل ظمآن يستحسن شرب الماء ما لم يمنع منلله مللانع‬
‫وكل مقرور يستحسن لباس ما فيه دفؤه ما لم يمنع منلله مللانع وكللذلك كللل‬
‫جائع يستحسن ما يدفع به سورة الجللوع فهللذا حكللم كلللي فللي هللذه المللور‬
‫المستحسنة ل غلط فيه مع كون المحسوسات عرضللة لختلف النللاس فللي‬
‫استحسانها واستقباحها بحسب الغراض‬

‫والعوائد واللف فما الظن بالمور الكليللة العقليللة الللتي ل تختلللف إنمللا هللي‬
‫نفى واثبات ‪ #‬الوجه الحادي والعشرون قولكم من منارات الغلط إنمللا هللو‬
‫مخالف للغرض في جميع الحوال أل في حالة نادرة بل ل يلتفت الوهم إلى‬
‫تلك الحالة النادرة بل ل يخطر بالبال فيقضى بالقبلح مطلقلا لسلتيلء قبحله‬
‫على قلبه وذهاب الحالة النادرة عن ذكللره فحكملله علللى الكللذب بللأنه قبيللح‬
‫مطلقا وعقليه ‪ 1‬عن الكذب يستفاد بله عصلمة دم نللبي أو ولللي وإذا قضللى‬
‫بالقبح مطلقا واستمر عليه مرة وتكرر ذلك على سمعه ولسانه انغرس فللي‬
‫قلبه استقباح مستند إلى أخر فمضمونه بعد الطالة أنه لو كان الكذب قبيحا‬
‫لذاته لما تخلف عليه القبح ولكنه يتخلف إذا تضمن عصمة دم نبي ففي هذه‬
‫الحالة ونحوها ل يكون قبيحا وهي حالة نادرة ل تكللاد تخطللر بالبللال فيقضللى‬
‫العقل بقبح الكذب مطلقا ويغفل عن هذه الحالة وهي تنللافي حكملله بقبحلله‬
‫مطلقا ثم تترك وينشأ على ذلك العتقاد فيظن أن قبحه لذاته مطلقا وليس‬
‫كذلك وهذا بعللد تسللليمه ل يمنللع كللونه قبيحللا لللذاته وان تخلللف القبللح عنلله‬
‫لمعارض راجح كما أن الغذاء بالميتة والدم ولحم الخنزير ويوجب نباتا خبيثا‬
‫وان يخلف عنه ذلك عند المخمصة كيللف وقللد بينللا أن القبللح ل يتخلللف عللن‬
‫الكذب أصللل وأمللا إذا تضللمن عصللمة ولللي فالحسللن إنمللا هللو التعريللض ‪#‬‬
‫والصدق ل يقبح أبدا وانما القبيح العلم به وفرق بين الخبر والخبار فالقبللح‬
‫إنما وقع في الخبار ل في الخبر ولو سلمنا ذلك كله لتخلف الحكللم العقلللي‬
‫لقيام مانع أو لفوات شرط غير مسللتنكر فهلذه الشلبهة ملن أضلعف الشللبه‬
‫وحسبك ضعفا بحكم إنما يستند إليها والى أمثالها الللوجه الثللاني والعشللرون‬
‫أن الوهم قد سبق إلى العكس كمن يرى شيئا مقرونا بشيء فيظن الشيء‬
‫ل محالة مقرونا به مطلقا ول يدرى أن الخص أبدا مقرون بللالعم مللن غيللر‬
‫عكس وتمثيلكم ذلك بنفرة السليم من الحبللل المرقللش ونفللور الطبللع عللن‬
‫العسل إذا شبه بالعذرة إلى آخر ما ذكرتللم مللن المثللال كنفللرة الطبللع عللن‬
‫الحسناء ذات السم القبيح ونفرة الرجل عن البيت الذي فيه الميللت ونفللرة‬
‫كثير من الناس عن القوال الصحيحة التي تضللاف إلللى مللن يسلليؤن الظللن‬
‫بهم فنحن ل ننكر أن للوهم تأثير في النفوس وفلي الحلب والبغلض بلل هلو‬
‫غالب على أكثر النفوس في كثير من الحوال ولكن إذا سلللط عليلله العقللل‬
‫الصريح تبين غلطه وأن ما حكم به إنما هو موهوم ل معقلول كملا إذا سلللط‬
‫العقل الصريح والحسللن علللى الحبللل المرقللش تللبين أن نفللرة الطبللع عنلله‬
‫مستندها الوهم الباطل وكذلك إذا سلط الذوق والعقل على العسل تبين أن‬
‫نفرة الطبع عنه مستندها‬

‫‪ #‬الوهم الكاذب وإذا تأمل الطرف محاسن الجميلة البديعة الجمال تبين أن‬
‫نفرته عنها لقبح اسمها وهم فاسد وإذا سلللط العقللل الصللريح علللى الميللت‬
‫تبين أن نفرة الرجل عنه لتللوهم حركتلله وثللورانه خيللال باطللل ووهللم فاسللد‬
‫وهكذا نظائر ذلك أفتري يلزم من هللذا أنللا إذا سلللطنا العقللل الصللريح علللى‬
‫الكلذب والظللم والفلواحش والسلاءة إللى النلاس وكفلران النعلم وضلرب‬
‫الوالدين والمبالغة في أهانتهما وسبهما وأمثال ذلك تللبين أن حكملله بقبحهللا‬
‫وهم منه ليكون نظير ما ذكرتللم ملن المثلللة وهللل فللي العتبللار أفسللد ملن‬
‫اعتباركم هذا فان الحكم فيما ذكرتم قد تللبين بالعقللل الصللريح والحللس أنلله‬
‫حكم وهمي ونحن ل ننازع فيه ول عاقل لنا أن سلطنا عليه العقللل والحللس‬
‫ظهر أن مستنده الوهم وأما في القضللايا الللتي ركللب فللي العقللول والفطللر‬
‫حسنها وقبحا فأنا إذا سلطنا العقل الصريح عليها لم يحكم لها بخلف ما هي‬
‫عليه أبدا أل أن يلجؤا إلى دبوس السارق وهو الصدق المتضمن هلك والللى‬
‫الكذب المتضمن عصمته وليس معكم ما تصولون به سواه وقد بينللا حقيقللة‬
‫المر فيه بما فيه كفاية وحتى لو كان المر فيهما كما ذكرتم قطعللا لللم يجللز‬
‫أن يبطل بهما ماركبه الله في العقول والفطر وألزمها إياه التزاما ل انفكاك‬
‫لها عنه من استحسان الحسللن واسللتقباح القبيللح والحكللم بقبحلله والتفرقللة‬
‫العقليللة التابعللة لللذواتهما وأوصللافهما بينهمللا وقللد أنكللر الللله سللبحانه علللى‬
‫العقول التي جوزت أن يجعل الله فاعل القبيح وفاعل الحسللن سللواء ونللزه‬
‫نفسه عن هذا الظن وعن نسبة هذا الحكم الباطل إليه ولو ل أن ذلللك قبيللح‬
‫عقل لما أنكره على العقول التي جوزته فان النكار إنما كللان يتللوجه عليهللم‬
‫بمجرد الشرع والخللبر ل بإفسللاد مللا ظنللوه عقل ‪ #‬ول يقللال فلللو كللان هللذا‬
‫الحكم بللاطل قطعللا لمللا جللوزه أولئك العقلء لن هللذا احتجللاج بعقللول أهللل‬
‫الشرك الفاسدة التي عابها الله وشهد عليهم بأنهم ل يعقلون وشهدوا علللى‬
‫أنفسهم بأنهم أو لو كانوا يسمعون أو يعقلون ما كانوا فلي أصلحاب السلعير‬
‫وهللل يقللال أن استحسللان عبللادة الصللنام بعقللولهم واستحسللان التثليللث‬
‫والسجود للقمر وعبادة النار وتعظيم الصليب يدل على حسللنها لستحسللان‬
‫بعض العقلء لها فان قيل فهذا حجللة عليكللم فللان عقللول هللؤلء قللد قضللت‬
‫بحسنها وهي أقبح القبائح قيل ما مثلنا ومثلكم في ذلللك أل كمثللل مللن قللال‬
‫إذا كان الحوال يرى القمر اثنين لم يبق لنا وثوق بكون صحيح الفلم إذا ذاق‬
‫الشيء المر يذوقه عذبا وحلوا وإذا كان صاحب الفهم السقيم يعيللب القللول‬
‫الصحيح ويشهد ببطلنه لم يبق لنا وثوق بشللهادة صللاحب الفهللم المسللتقيم‬
‫بصحته إلى أمثال ذلك فإذا كانت فطرة أمة من المم وشرذمة مللن النللاس‬
‫وعقولهم قد فسدت فهللل يلللزم مللن هللذا إبطللال شللهادة العقللول السللليمة‬
‫والفطر المستقيمة ولو صح لكم هذا العتراض لبطل اسللتدللكم علللى كللل‬
‫منازع لكم في‬
‫‪ #‬كل مسألة فلانه عاقلل وقلد شلهد عقللله بهلا بخلف قلولكم وكفللى بهلذا‬
‫فسادا وبطلنا وكفى برد العقول وسائر العقلء له والحمد لله رب العللالمين‬
‫‪ #‬الللوجه الثللالث والعشللرون قللولكم أن الملللك العظيللم إذا رأى مسللكينا‬
‫مشرفا على الهلك استحسللن إنقللاذه والسللبب فللي ذلللك دفللع الذي الللذي‬
‫يلحق النسان من رقة الجنسية وهو طبع يستحيل النفكاك عنلله إلللى آخللره‬
‫كلم في غاية الفساد فان مضمونه أن هللذا الحسللان العظيللم والتنللزل مللن‬
‫مثل هذا الملك القادر إلى الحسللان إلللى مجهللود مضللرور قللد مسلله الضللر‬
‫وتقطعت به السباب وانقطعت بلله الحيللل ليللس فعل حسللنا فللي نفسلله ول‬
‫فرق عند العقل بين ذلك وان يلقى عليه حجرا يغرقه وانما مال إليلله طبعلله‬
‫لرقه الجنسية ولتصويره نفسه في تلك الحال واحتياجه إلى مللن ينقللذه وأل‬
‫فلو جردنا النظر إلى ذات الفعل وضربنا صفحا عللن لللوازمه ومللا يقللترن بلله‬
‫ويبعث عليه لم يقض العقل بحسنه ولم يفللرق بينلله وبيللن إلقللاء حجللر عليلله‬
‫حتى يغرقه هذا قول يكفى في فساده مجرد تصوره وليس فللي المقللدمات‬
‫البديهية ما هو أجلى وأوضح من كون مثل هذا الفعل حسنا لذاته حتى يحتللج‬
‫بها عليه فان الحتجاج إنما يكون بالوضح على الخفى فللإذا كللان المطلللوب‬
‫المستدل عليه أوضح من الدليل كللان السللتدلل عنللاء وكلفللة ولكللن تصللور‬
‫الدعوى ومقابلتها تصويرا مجردا يعرضان على العقول التي لم يسللبق إليهللا‬
‫تقليد الراء ولم يتواطأ عليها ويتلقاها صاغر عن كللابر وولللد عللن والللد حللتى‬
‫نشأت معها بنشئها فهي تسعى بنصرتها بما دب ودرج مللن الدلللة لعتقادهللا‬
‫أول أنها حق في نفسها لحسانها الظن بأربابهلا فلللو تجلردت ملن حلب ملن‬
‫ولدته وبغض من خالفته وجردت النظر وصابرت العلم وتابعت المسللير فللي‬
‫المسئلة إلى آخرها لوشك أن تعلم الحق من الباطللل ولكللن حبللك الشلليء‬
‫يعمى ويصم والنظر بعين البغللض يللرى المحاسللن مسللاوى هللذا فللي إدراك‬
‫البصر مع ظهوره ووضللوحه فكيللف فللي إدراك البصلليرة ل سلليما إذا صللادق‬
‫مشكل فهذه بلية أكثر العالم ‪ #‬فان تنللج منهللا تنللج مللن ذي عظيمللة ‪ %‬وأل‬
‫فإني ل أخالك ناجيا ‪ #‬الوجه الرابع والعشرون أن اقتران هذه المللور الللتي‬
‫ذكرتموها من رقة الجنسية وتصور نفسه بصورة من يريد إنفاذه ونحوها هي‬
‫أمور تقترن بهذا الحسان فيقوم الباعث عللى فعلله ول يلوجب تجلرده علن‬
‫وصف يقتضي حسنه وان يكون ذاته مقتضية لحسنة وان اقترن بفاعللل هللذا‬
‫المور وما مثلكم في ذلك أل كمثللل مللن قللال أن تنللاول الطعمللة والغذيللة‬
‫والدوية ليس حسنا لذاته فانه يقترن بمتناولها من لذة المرة لفم المعدة ما‬
‫يوجب نزوعها إلى طلب الغذاء لقيام البنيه وكذلك الدويللة وغيرهللا ومعلللوم‬
‫أن هذه البواعث والدواعي وأسباب الميول ل ينافي القتضاء الللذاتي وقيللام‬
‫الصفات التي تقتضي النتفاع بها فكذلك تلك‬

‫‪ #‬البواعث والدواعي وأسباب الميول التي تحصل لفاعللل الحسللان ومنقللذ‬


‫الغريق والحريق وما ينجى الهالك ل ينافى ما عليه هذه الفعللال فللي ذواتهللا‬
‫مللن الصللفات الللتي تقتضللي حسللنها وقبللح أضللدادها ‪ #‬الللوجه الخللامس‬
‫والعشرون قولكم أنه يقدر نفسه في تلك الحال وتقديره غيره معرضللا عللن‬
‫النقاذ فيستقبحه منه لمخالفته غرضه فيدفع عن نفسه ذلك القبللح المتللوهم‬
‫فيقال هذا القبح المتوهم إنما نشأ عن القبح المحقق في ترك الحسان إليه‬
‫مع قدرته عليه وعدم تضرره به فالقبح محقق في ترك إنقاذه ومتللوهم فللي‬
‫تصويره نفسه بتلك الحال وعدم إنقاذه غيره له فلول تلك الحقيقة لم يحكم‬
‫العقل بهذا القبح الموهوم وكون النقاذ موافقا للغرض وتركلله مخالفللا للله ل‬
‫ينبغي أن يكون في ذاته حسللنا وقبيحللا ملئمللا وافللق الغللرض أو خللالفه لمللا‬
‫اتصفت به ذاته مللن الصللفات المقتضللية لهللذه الموافقللة والمخالفللة الللوجه‬
‫السادس والعشرون قولكم فلو فرض هذا في بهيمللة أو شللخص لرقللة فيلله‬
‫فيبقى أمر آخر وهو طلب الثناء على إحسانه فيقال طلب الثنللاء يقتضللي أن‬
‫هذا الفعل مما يتعلق به الثناء وما ذاك أل لنه في نفسه على صفة تقتضللي‬
‫الثناء على فاعله ولو كان هذا الفعل مساويا لضده في نفس المر لم يتعلق‬
‫الثناء به والذم بضده وفعله لتوقع الثناء ل ينفى أن يكون عللى صلفة لجلهلا‬
‫استحق فاعله الثناء بل هو باقتضاء ذلللك أولللى مللن نفيلله ‪ #‬الللوجه السللابع‬
‫والعشرون قللولكم فللان فللرض فللي موضللع يسللتحيل أن يعلللم فيبقللى ميللل‬
‫وترجيح يضاهي نفرة طبع السليم علن الحبلل وذللك أنله رأى هلذه الصلورة‬
‫مقرونة بالثناء فيظن أن الثناء مقرون بها بكل حال كمللا أنلله لمللا رأى الذى‬
‫مقرونللا بصللورة الحبللل وطبعلله ينفللر عللن الذى فينفللر عللن المقللرون بلله‬
‫فالمقرون باللذيذ لذيذ والمقرون بالمكروه مكروه فيقال يا عجبا كيللف يللرد‬
‫أعظم الحسان الذي فطر الله عقول عباده وفطرهم على إحسانه حتى لللو‬
‫تصور نطق الحيوان البهيم لشهد باستحسانه إلى مجرد وهللم وخيللال فاسللد‬
‫يشبه نفرة طبع الرجل السليم عن حبل مرقللش فتأمللل كيللف يحمللل نفللرة‬
‫الراء المتقلدة وبعض مخالفتهللا علللى أمثللال هللذه الشللنع وهللل سللوى الللله‬
‫سبحانه في العقول والفطر بين إنقاذ الغريق والحريق وتخليص السللير مللن‬
‫عدوه واحياء النفوس وبين نفرة طبع السليم عن حبل مرقللش لتللوهمه أنلله‬
‫حية وقد كان مجرد تصور هذه الشبهة كافيا في العلللم ببطلنهللا ولكنللا زدنللا‬
‫المر إيضاحا وبيانا ‪ #‬الوجه الثللامن والعشللرون قللولكم النسللان إذا جللالس‬
‫من عشقه في مكلان فلإذا انتهلى إليلله أحلس فلي نفسله تفرقلة بيلن ذلللك‬
‫المكان وغيره واستشهادكم على ذلك بقول الشللاعر أمللر علللى الللديار ديللار‬
‫ليلى ‪ %‬وقوله ‪ #‬وحبب أوطللان الرجللال إليهللم ‪ %‬فيقللال ل ريللب أن المللر‬
‫هكذا ولكن هللل يلللزم مللن هللذا اسللتواء الصللدق والكللذب فللي نفللس المللر‬
‫واستواء العدل والظلم والبر والفجور والحسللان والسللاءة بللل هللذا المثللال‬
‫نفسه حجة عليكم فانه لم يمل طبعه‬

‫‪ #‬إلى ذلك المكان مع مساواته لجميع المكنة عنده وكذلك حنينه إلى وطنه‬
‫ومحته له وكذلك حنينه إلى الفه من الناس وغيرهم فان هذا ل يقع منلله مللع‬
‫تساوي تلك الماكن والشخاص عنده بل لظنلله اختصاصللهما بللأمور ل توجللد‬
‫في سواهما فترتب ذلك الحب والميل على هذا الظن ثم له حللالن أحللدهما‬
‫أن يكون كما ظنه بل ذلك المكان أو الشخص مساولغيره وربما يكون غيره‬
‫أكمل منه في الوصاف التي تقتضي حبه والميل إليه فهذا إذا سلللط العقللل‬
‫الحس على سبب ميله وحبه علم أنه مجرد اللف أو عللادة أو تلذكر أو تخيلل‬
‫وهذا الوهم مستند إلى ما تقرر في العقل من أن اختصللاص الحللب والميللل‬
‫بالشيء دون غيره لما اختص بلله مللن الصللفات الللتي اقتضللت ذلللك وكللذلك‬
‫تعلق النفرة والبغض به ثم تغلب الوهم حتى يتخيللل أن تلللك الصللفات باينللة‬
‫عن المحللل وليسللت فيلله بللل يكللون المحللل مقرونللا بتلللك الصللفات فيحللب‬
‫ويبغض لجل تلك المفارقللة فمقللارن المحبللوب محبللوب ومقللارن المكللروه‬
‫مكروه كقوله ‪ #‬ومللا حللب الللديار شللغفن قلللبي ‪ %‬ولكللن حللب مللن سللكن‬
‫الديارا ‪ #‬وقول الخر ‪ #‬إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمللو عهللودا ‪ %‬جللرت فيهللا‬
‫فحبوا لدالكا ‪ # #‬الوجه التاسع والعشرون قولكم أن الصللبر علللى السلليف‬
‫في ترك كلمة الكفر ل يستحسنه العقلء لول الشرع بل ربما استقبحوه إنما‬
‫يستحسن الثواب أو الثناء بالشجاعة وكذلك بالصبر على حفظ السر والوفاء‬
‫بالعهد لما في ذلك من المصالح فان فرض حيث ل تنافيه فقد وجللد مقرونللا‬
‫بالثناء فيبقى ميل الوهم المقرون فيقال لكم استحسان الشرع للله مطللابق‬
‫لستحسان العقل ل مخالف وكذلك انتظار الثواب به وهو حسنه فللي نفسلله‬
‫وكذلك المصالح المترتبة على حفظ السر والوفاء بالعهد هي لما قام بذوات‬
‫هذه الفعال من الصفات التي أوجبت المصالح إذ لو ساوت غيرها لللم تكللن‬
‫باقتضاء المصلحة أولى منها وقولكم أنه إذا وجب فللرض حيللث لثنللاء ينفللى‬
‫ميل الوهم للمقارنة فقللد تقللدم أن هللذا الميللل تبللع للحقيقللة وأنلله يسللتحيل‬
‫وجوده في فعل ل تقتضي ذاته المصلللحة والستحسللان وان حصللول الللوهم‬
‫المقارن تبع للحقيقة الثابتة لستحالة حصول هذا الللوهم فللي فعللل ل تكللون‬
‫ذاته منشأ للمللر الموهللوم فيتللوهم الللذهن حيللث تنتفللي الحقيقللة ‪ #‬الللوجه‬
‫الثلثون قولكم أن من عرضت له حاجللة وأمكللن قضللاءها بالصللدق والكللذب‬
‫وأنه إنما يؤثر الصدق لنه وجده مقرونا بالثناء فهو يؤثره لما يقترن بلله مللن‬
‫الثناء فجوابه أيضا ما تقدم وأن اقترانه بالثناء لمللا اختللص بلله مللن الصللفات‬
‫التي اقتضت الثناء على فاعله كيف والكذب متضمن لفساد تظلم العالم ول‬
‫يمكن قيام العللالم عليلله ل فللي معاشلهم ول فللي معلادهم بللل هللو متضللمن‬
‫لفساد المعللاش والمعللاد ومفاسللد الكللذب اللزمللة للله معلومللة عنللد خاصللة‬
‫الناس وعامتهم كيف وهو منشأ كل وفساد‬

‫‪ #‬العضاء لسان كذوب وكم قد أزيلت بالكذب من دول وممالك وخربت به‬
‫من بلد واستلبت به من نعم وتعطلت به ملن معلايش وفسلدت بله مصلالح‬
‫وغرست بلله عللداوات وقطعللت بلله مللودات وافتقللر بلله غنللى وذل بلله عزيللز‬
‫وهتكت به مصونة ورميت به محصنة وخلت به دور وقصور وعمرت به قبور‬
‫وأزيل به أنس واستجلبت به وحشة وأفسد به بين البللن وأبيلله وغللاض بيللن‬
‫الخ وأخيه وأحال الصديق عدوا مبينا ورد الغنى العزيللز مسللكينا وكللم فللرق‬
‫بين الحبيب وحبيبه فأفسللد عليله عيشلته ونغللص عليله حيلاته وكللم جل علن‬
‫الوطان وكم سود من وجوه وطمس من نور وأعمى من بصيرة وأفسد من‬
‫عقل وغير من فطرة وجلب من معرة وقطعت به السبل وعفت بلله معللالم‬
‫الهداية ودرست به من آثار النبوة وخفيت به من مصالح العباد في المعللاش‬
‫والمعاد وهذا وأضعافه ذرة من مفاسده وجناح بعوضة من مضاره ومصالحه‬
‫أل فما يجلبه من غضب الرحمن وحرمان الجنان وحلللول دار الهللوان أعظللم‬
‫ملن ذللك وهللل ملئت الجحيللم أل بأهللل الكلذب الكللاذبين عللى اللله وعلللى‬
‫رسوله وعلى دينه وعلى أوليائه المكذبين بالحق حمية وعصبية جاهلية وهل‬
‫عمرت الجنان أل بأهل الصدق الصادقين المصدقين بالحق قال تعالى فمللن‬
‫أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليللس فللي جهنللم مثللوى‬
‫للكافرين والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقللون لهللم ملا يشلاؤن‬
‫عند ربهم ذلك جزاء المحسنين وإذا كانت هذه حللال الكللذب والصللدق فمللن‬
‫أبطل الباطل دعوى تساويهما وان العقل إنملا يلؤثر الصلدق لتللوهم اقللترانه‬
‫بالثناء وانما يتجنب الكذب لتوهم اقترانه بالقبللح كتللوهم اقللتران اللسللع فللي‬
‫الحبل المرقش ورد استقباح هذه المفاسد والمقابح التي ل أقبللح منهللا إلللى‬
‫مجرد وهم باطل شبه نفرة الطبع عن الحبل المرقللش ونفللس العلللم بهللذه‬
‫المقالة كاف في الجزم ببطلنها ولو ذهبنا نعللدد قبللائح الكللذب الناشللئة مللن‬
‫ذاته وصفاته لزادت عن اللف وما من عاقل أل وعند العلم ببعض ذلك علما‬
‫ضروريا مركوزا في فطرته فما سوى الله بينلله وبيللن الصللدق أبللدا ودعللوى‬
‫استوائهما كدعوى استواء النللور والظلمللة والكفللر واليمللان وخللراب العللالم‬
‫واهلك الحرث والنسل وعمارته بل كدعوى اسللتواء الجللوع والشللبع والللري‬
‫والظمأ والفرح والغم وأنه ل فرق عند العقل بين علمه بهذا وهللذا ‪ #‬الللوجه‬
‫الحادي والثلثلون قلولكم الصلدق والكلذب متنافيلان وملن المحلال تسلاوي‬
‫المتنافيين في جميللع الصللفات إلللى آخللره إقللرار منكللم بللالحق ونقللض لمللا‬
‫أصلللتموه فانهمللا إذا كانللا متنللافيين ذاتللا وصللفاتا لللم يرجللع الفللرق بينهمللا‬
‫استحسانا واسلتقباحا إللى مجلرد العللادة والمنشلأ والوبللاء أو مجللرد التللدين‬
‫بالشرائع بل يكون مرجع الفرق إلى ذاتهمللا وأن ذات هللذا مقتضللية لحسللنه‬
‫وذات هذا مقتضية لقبحه وهذا هو عيللن الصللواب لللول أنكللم ل تثبتللون علتلله‬
‫وتصرحون بأن الفرق بينهما سببه العادة والتربية والمنشللأ والتللدين بشللرائع‬
‫النبياء حتى لو فرض انتفاء ذلك لم يؤثر الرجل الصللدق علللى الكللذب وهللل‬
‫في التناقض أقبح من هذا‬

‫‪ #‬الوجه الثاني والثلثللون قللولكم أن غايللة هللذا أن يللدل علللى قبللح الكللذب‬
‫وحسن الصدق شاهدا ول يلزم منه حسللنه وقبحلله وغائبللا أل بطريللق قيللاس‬
‫الغائب على الشاهد وهو باطل لوضوح الفرق واستنادكم في الفرق إلى مللا‬
‫ذكرتم من تخلية الله بين عباده يموج بعضهم في بعض ظلما وإفسادا وقبللح‬
‫ذلك مشاهد فيالله العجب كيف يجوز العقل التزام مذهب ملتزم معه جللواز‬
‫الكذب على رب العالمين وأصدق الصادقين وأنه ل فرق أصل بالنسللبة إليلله‬
‫بين الصدق والكذب بل جواز الكذب عليه سبحانه وتعالى عما يقولون علللوا‬
‫كبيرا كجواز الصدق وحسنه لحسنه وهل هذا أل من أعظللم الفللك والباطللل‬
‫ونسبته إلى الله تعالى جوازا كنسبة ما ل يليق بجلله إليه من الولد والزوجة‬
‫والشريك بل لنسبة أنواع الظلم والشر إليه جوازا تعالى الله عن ذلك علللوا‬
‫كبيرا فمن اصدق من الله حديثا ومن أصدق من الللله قيل وهللل هللذا الفللك‬
‫المفترى أل رافع للوثوق بأخباره ووعده ووعيده وتجويزه عليه وعلى كلملله‬
‫ما هو أقبح القبائح التي تنزه عنها بعض عبيده ول يليق به فضل عنه سللبحانه‬
‫فلو التزمتم كل إلزام بلزوم مسمى الحسن والقبللح العقلييللن لكللان أسللهل‬
‫من التزام هذا الد التي تكاد السموات يتفطللرن منلله وتنشللق الرض وتخللر‬
‫الجبال هذا ول نسبة في القبح بين الولللد والشللريك والزوجللة وبيللن الكللذب‬
‫ولهذا فطر الله عقول عباده على الزدراء والذم والمقت للكللاذب دون مللن‬
‫له زوجة وولد وشريك فتنزه أصدق الصادقين علن هلذا القبيلح كتنزهله علن‬
‫الولد والزوجة والشريك بل ل يعرف أحد من طوائف هذا العالم جوز الكذب‬
‫على الله لما فطللر الللله عقللول البشللر وغيرهللم علللى قبحلله ومقللت فللاعله‬
‫وخسته ودناءته ‪ #‬ونسبة طوائف المشللركين الشللريك والولللد إليلله لمللا لللم‬
‫يكن قبحه عندهم كقبح الكللذب وكفللى بمللذهب بطلنللا وفسللادا هللذا القللول‬
‫العظيم والفك المبين لزمة ومع هللذا فللأهله ل يتحاشللون ملن الللتزامه فلللو‬
‫التزم القائل أن يذهب الذم كان خيرا له ملن هلذا ونحلن نسلتغفر الللله ملن‬
‫التقصير في رد أهلل الملذهب القبيلح ولكلن ظهلور قبحله للعقلول والفطلر‬
‫أقوى شللاهد علللى رده وإبطللاله ولقللد كللان كافينللا مللن رده نفللس تصللويره‬
‫وعرضه على عقول الناس وفطرهم فليتأمل اللبيب الفاضل ماذا يعللود إليلله‬
‫نصر المقالت والتعصب لها والتزام لوازمها وإحسللان الظللن بأربابهللا بحيللث‬
‫يلرى مسلاويهم محاسلن وإسلاءة الظلن بخصلومهم بحيلث يلرى محاسلنهم‬
‫مساوي كم أفسد هذا السلوك من فطرة وصاحبها من الذين يحسبون أنهللم‬
‫على شيء إل انهم هم الكاذبون ول يتعجب من هذا فان مرآة القلب ل يزال‬
‫يتنفس فيها حتى يستحكم صلداؤها فليلس ببلدع لهلا أن تلرى الشلياء عللى‬
‫خلف ما هي عليه فمبدأ الهدى والفلح صقال تلك المرآة ومنللع الهللوى مللن‬
‫التنفس فيها وفتح عين البصيرة في أقوال من يسيء الظن بهم كما يقبحهللا‬
‫في أقوال من يحسن الظن به وقيامك‬

‫‪ #‬لله وشهادتك بالقسط وأن ل يحملك بغض منازعيك وخصومك على جحد‬
‫دينهم وتقبيح محاسنهم وترك العدل فيهم فان الله ل يعتد بتعب من هذا ثناه‬
‫ول يجدي علمه نفعا أحوج ما يكلون إليله واللله يحلب المقسلطين ول يحلب‬
‫الظالمين ‪ #‬الوجه الثالث والثلثون قولكم أن مسللتند الحكللم يقبللح الكللذب‬
‫غائبا على الشاهد وهو فاسللد فيقللال الللرب تعللالى ل يللدخل مللع خلقلله فللي‬
‫قياس تمثيل ول قياس شهود يستوي أفللراده فهللذان الفرعللان ملن القيللاس‬
‫يستحيل ثبوتهما في حقه وأما قياس الولى فهو غير مستحيل في حقلله بللل‬
‫هو واجب له وهو مستعمل في حقه عقل ونقل أما العقل فكاسللتدللنا علللى‬
‫أن معطى الكمال أحق بالكمال فمن جعل غيره سميعا بصيرا عالما متكلمللا‬
‫حيا حكيما قادرا مريدا رحيما محسنا فهو أولى بللذلك وأحللق منلله ويثبللت للله‬
‫من هذه الصفات أكملها وأتمها وهذا مقتضى قولهم كمال المعلول مسللتفاد‬
‫من كمال علته ولكن نحن ننزه الله عز وجللل عللن إطلق هللذه العبللارة فللي‬
‫حقه بل نقول كل كمال ثبت للمخلوق غير مستلزم للنقص فخالقه ومعطيلله‬
‫إياه أحق بالتصاف به وكل نقص في المخلللوق فالخللالق أحللق بللالتنزه عنلله‬
‫كالكللذب والظلللم والسللفه والعيللب بللل يجللب تنزيلله الللرب تعللالى عللن كللل‬
‫النقائص والعيوب مطلقا وان لللم يتنللزه عنهللا بعللض المخلللوقين وكللذلك إذا‬
‫استدللنا على حكمته تعللالى بهللذه الطللرائق نحللو أن يقللال إذا كللان الفاعللل‬
‫الحكيم الذي ل يفعل فعل إل لحكمة وغاية مطلوبة له من فعله أكمللل ممللن‬
‫يفعل ل لغاية ول لحكمة ول لجل عاقبة محمودة وهي مطلوبة من فعله في‬
‫الشاهد ففي حقه تعالى أولى وأحرى فإذا كللان الفعللل للحكمللة كمللا ل فينللا‬
‫فالرب تعالى أولى به وأحق وكذلك إذا كان التنزه عن الظلم والكذب كما ل‬
‫في حقنا فالرب تعالى أولللى وأحللق بللالتنزه عنلله وبهللذا ونحللوه ضللرب الللله‬
‫المثال في القرآن وذكر العقول ونبهها وأرشدها إلى ذلللك كقللوله ^ ضللرب‬
‫الله مثل رجل فيه شركاء متشاكسون ورجل سلما لرجللل هللل يسللتويان مثل‬
‫^ فهذا مثل ضربه يتضللمن قيللاس الول يعنللي إذا كللان الممللوك فيكللم للله‬
‫ملك مشتركون فيه وهم متنازعون ومملوك آخر له مالك واحد فهللل يكللون‬
‫هذا وهذا سواء فإذا كان هذا ليس عندكم كمللن للله رب واحللد ومالللك واحللد‬
‫فكيف ترضون أن تجعلوا لنفسكم آلهة متعددة تجعلونها شركاء لله تحبونهللا‬
‫كما يحبونه وتخافونها كما يخافونه وترجونها كما يرجونه وكقللوله تعللالى وإذا‬
‫بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثل ظل وهجه مسودا وهو كظيللم يعنللي أن‬
‫أحدكم ل يرضى أن يكون له بنت فكيف تجعلون لله مال ترضللونه لنفسللكم‬
‫وكقوله ^ ضرب الله مثل عبدا مملوكا ل يقدر على شيء ومللن رزقنللاه منلا‬
‫رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لللله بللل أكللثرهم ل‬
‫يعلمون وضرب الله مثل رجلين أحدهما أبكم ل يقللدر علللى شلليء وهللو كللل‬
‫على موله أينما يوجهه ل يأت بخير هل ^‬

‫^ يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ^ يعني إذا كان ل‬
‫يستوي عندكم عبد مملوك ل يقدر على شيء وغني موسع عليه ينفللق ممللا‬
‫رزقه الله فكيف تجعلون الصنم الذي هو أسوأ حال من هذا العبد شريكا لله‬
‫وكذلك إذا كان ل يستوي عندكم رجلن أحدهما أبكم ل يعقل ول ينطق وهللو‬
‫مع ذلك عاجز ل يقدر على شلليء وآخللر علللى طريللق مسللتقيم فللي أقللواله‬
‫وأفعاله وهو آمر بالعدل عامل به لنه على صراط مسللتقيم فكيللف تسللوون‬
‫بين الله وبين الصنم في العبادة ونظائر ذلك كثيرة في القرآن وفي الحديث‬
‫كقوله في حديث الحارث الشعري وان الله أمركم أن تعبدوه ل تشركوا بلله‬
‫شيئا وان مثل من أشرك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله وقللال للله‬
‫اعمل وأد إلى فكان يعمل ويللؤدي إلللى غيللره فللأيكم يحللب أن يكللون عبللده‬
‫كذلك فالله سبحانه ل تضرب المثال التي يشترك هو وخلقه فيهللا ل شللمول‬
‫ول تمثيل وانما يستعمل في حقه قياس الولى كما تقدم ‪ #‬الوجه الخللامس‬
‫والثلثون أن النفاة إنما ردوا على خصومهم من الجهمية المعتزلة في إنكللار‬
‫الصفات بقياس الغائب علللى الشللاهد فقللالوا العللالم شللاهدا مللن للله العلللم‬
‫والمتكلم مللن قللام بلله الكلم والحللي والمريللد والقللادر مللن قللام بلله الحيللاة‬
‫والرادة والقدرة ول يعقللل إل هللذا قللالوا ولن شللرط إطلق السللم شللاهدا‬
‫وجود هذه الصفات ول يستحق السم في الشاهد إل من قللامت بلله فكللذلك‬
‫في الغائب قللالوا ولن شللرط العلللم والقللدرة والرادة فللي الشللاهد الحيللاة‬
‫فكذلك في الغائب قالوا ولن علم كللون العللالم عالمللا شللاهدا وجللود العلللم‬
‫وقيامه به فكذلك في الغائب فقالوا بقياس الغائب على الشللاهد فللي العلللة‬
‫والشرط والسم والحد فقالوا حد العالم شاهدا ملن قللام بلله العلللم فكللذلك‬
‫غائبا وشرط صحة إطلق السم عليه شللاهدا قيللام العلللم بلله فكللذلك غائبللا‬
‫وعليه كونه عالما شاهدا قيللام العلللم بلله فكللذلك غائبللا فكيللف تنكللرون هنللا‬
‫قياس الغائب على الشاهد وتحتجون به في مواضع أخرى فأي تنللاقض أكللثر‬
‫من هذا فان كان قياس الغائب على الشاهد باطل بطل احتجاجكم علينللا بلله‬
‫في هذه المواضع وان كان صلحيحا بطلل ردكلم فلي هلذا الموضلع فأملا أن‬
‫يكون صللحيحا إذا اسللتدللتم بلله بللاطل إذا اسللتدل بلله خصللومكم فهللذا أقبللح‬
‫التطفيف وقبحه ثابت بالعقل والشرع ‪ #‬الوجه السللادس والثلثللون قللولكم‬
‫أن الله خلى بين العباد وظلم بعضهم بعضا وأن ذلك ليللس بقبيللح منلله فللانه‬
‫قبيح منا فذلك فاسد علللى أصللل التكليللف فللان التكليللف إنمللا يتللم بإعطللاء‬
‫القدرة والختيللار والللله تعللالى قللد أقللدر عبللاده علللى الطاعللات والمعاصللي‬
‫والصلح والفساد وهذا القدار هو مناط الشرع والمر والنهي فلوله لم يكن‬
‫شرع ول رسالة ول ثواب ول عقاب وكان الناس بمنزلة الجمادات والشللجار‬
‫والنبات فلو حال سللبحانه بيللن العبللاد وبيللن القللدرة علللى المعاصللي لرتفللع‬
‫الشرع والرسالة والتكليف وانتفت فوائد البعثة ولزم من ذلك لوازم ل يحبها‬
‫الله وتعطلت‬

‫به غايات محمودة محبوبلة للله وهلي ملزوملة لقلدار العبلاد وتمكينهلم ملن‬
‫الطاعة والمعصية ووجود الملزوم بدون اللزم محال وقد نبهنللا علللى شلليء‬
‫يسير من الحكم المطلوبة والغايات المحمودة فيما سلف مللن هللذا الفصللل‬
‫وفي أول الكتاب فلو أن الرب تعالى خلق خلقه ممنوعين من المعاصي غير‬
‫قادرين عليها بوجه لم يكن لرسللال الرسللل وانللزال الكتللب والمللر والنهللى‬
‫والثواب والعقاب سبب يقتضيه ول حكمة تستدعيه وفللي ذلللك تعطللل المللر‬
‫جملة بل تعطيل الملك والحمد والرب تعالى للله الخلللق والمللر وللله الملللك‬
‫والحمد والغايللات المطلوبللة والعللواقب المحمللودة الللتي لجلهللا أنللزل كتبلله‬
‫وأرسل رسله وشرع شرائعه وخلللق الجنللة والنللار ووضللع الثللواب والعقللاب‬
‫وذلللك ل يحصللل إل بأقللدار العبللاد علللى الخيللر والشللر وتمكينهللم مللن ذلللك‬
‫فأعطاهم السباب واللت التي يتمكنون بها من فعل هذا وهذا فلهذا حسللن‬
‫منه تبارك وتعالى التخلية بين عباده وبين ما هم فاعلوه وقبح مللن أحللدنا أن‬
‫يخلى بين عبيده وبين الفساد وهو قادر على منعهم هذا مع أنه سللبحانه لللم‬
‫يخل بينهم بلل منعهلم منله وحرمله عليهلم ونصلب لهلم العقوبلات الدنيويلة‬
‫والخروية على القبائح وأحللل بهللم مللن بأسلله وعللذابه وانتقللامه مللال يفعللله‬
‫السيد من المخلوقين بعبيده ليمنعهم ويزجرهم فقولكم أنه خلللى بيللن عبللاد‬
‫وبين إفساد بعضهم بعضا وظلم بعضهم بعضا كذب عليه فانه لم يخل بينهللم‬
‫شرعا ول قدرا بل حال بينهم وبيللن ذلللك شللرعا أتللم حيلولللة ومنعهللم قللدرا‬
‫بحسب ما تقتضيه حكمته الباهرة وعلملله المحيللط وخلللى بينهللم وبيللن ذلللك‬
‫بحسب ما تقتضيه حكمته وشرعه ودينه فمنعه سللبحانه لهللم حيلللولته بينهللم‬
‫وبين الشر أعظم من تخليته والقدر الذي خله بينهللم فللي ذلللك هللو ملللزوم‬
‫أمره وشرعه ودينه فالذي فعله في الطرفيللن غايللة الحكمللة والمصلللحة ول‬
‫نهاية فوقه لقتراح عقل ولو خلى بينهم كمللا زعمتللم لكللانوا بمنزلللة النعللام‬
‫السائمة بل لو تركهم ودواعي طباعهم لهلك بعضللهم بعضللا وخللرب العللالم‬
‫ومن عليه بل ألجمهم لجام العجز والمنع من كل ما يريللدون فلللو أنلله خلللى‬
‫بينهم وبين ما يريدون لفسدت الخليقة كما الجمهم بلجام الشرع والمر ولو‬
‫منعهم جملة ولم يمكنهم ولم يقدرهم لتعطل المر والشللرع جملللة وانتقللت‬
‫حكمة البعثة والرسال والثواب والعقاب فأي حكمة فوق هللذه الحكمللة وأي‬
‫أمر أحسن مما فعله بهم ولو أعطى الناس هذا المقام بعض حقه لعلموا أنه‬
‫مقتضى الحكمة البالغة والقدرة التامة والعلللم المحيللط وأنلله غايللة الحكمللة‬
‫ومن فتح له بفهم في القرآن رآه من أوله إلى آخره ينبه العقول علللى هللذا‬
‫ويرشدها إليه ويدلها عليه وأنه يتعالى ويتنزه أن يكون هذا منه عبثا أو سدى‬
‫أو باطل أو بغير الحق أو ل لمعنى ول لللداع وبللاعث وان مصللدر ذاك جميعلله‬
‫عن عزته وحكمته ولهذا كثيرا ما يقللرن تعللالى بيللن هللذين السللمين العزيللز‬
‫الحكيم في آيات التشريع والتكوين والجزاء ليدل عباده على أن مصدر ذلللك‬
‫كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة ففهم الموفقون عن الله عز وجللل مللراده‬
‫وحكمته وانتهوا إلى ما وقفوا عليه‬

‫ووصلللت إليلله إفهللامهم وعلللومهم وردوا علللم مللا غللاب عنهللم إلللى أحكللم‬
‫الحاكمين ومن هو بكل شيء عليم وتحققللوا بمللا عملللوه مللن حكمتلله الللتي‬
‫بهرت عقولهم أن الله فلي كلل ملا خلللق وأملر وأثلاب وعلاقب ملن الحكللم‬
‫البوالغ ما تقصر عقولهم عن إدراكلله وأنلله تعللالى هللو الغنللي الحميللد العليللم‬
‫الحكيم فمصدر خلقه وأمللره وثللوابه وعقللابه غنللاه وحمللده وعلملله وحكمتلله‬
‫ليس مصدره مشيئة مجردة وقدرة خالية من الحكمللة والرحمللة والمصلللحة‬
‫والغايات المحمودة المطلوبة له خلقا وأمرا وأنه سبحانه ل يسأل عما يفعل‬
‫لكمال حكمته ووقوع أفعاله كلها على أحسن الوجوه وأتمهللا علللى الصللواب‬
‫والسداد ومطابقة الحكم والعباد يسألون إذ ليست أفعالهم كذلك ولهذا قللال‬
‫خطيب النبياء شعيب عليه السلم أنى توكلت على الله ربي وربكم مللا مللن‬
‫دابة إل هو آخذ بناصيتها أن ربللي علللى صللراط مسللتقيم فللأخبر عللن عمللوم‬
‫قدرته تعالى وأن الخلق كلهم تحت تسخيره وقدرته وانه آخللذ بنواصلليهم فل‬
‫محيص لهم عللن نفلوذ مشليئته وقلدرته فيهللم ثلم عقلب ذللك بالخبللار علن‬
‫تصللرفه فيهللم وأنلله بالعللدل ل بللالظلم وبالحسللان ل بالسللاءة وبالصلللح ل‬
‫بالفساد فهو يأمرهم وينهاهم إحسلانا إليهلم وحمايلة وصليانة لهلم ول حاجلة‬
‫إليهم ول بخل عليهم بل جللودا وكرمللا ولطفللا وبللرا ويللثيبهم إحسللانا وتفضللل‬
‫ورحمللة ل لمعاوضللة واسللتحقاق منهللم وديللن واجللب لهللم يسللتحقونه عليلله‬
‫ويعاقبهم عللدل وحكمللة ل تشللفيا ول مخافللة ول ظلمللا كمللا يعللاقب الملللوك‬
‫وغيرهم بل هو على الصراط المستقيم وهو صللراط العللدل والحسللان فللي‬
‫أمره ونهيه وثوابه وعقابه فتأمل ألفللاظ هللذه اليللة ومللا جمعتلله مللن عمللوم‬
‫القدرة وكمال الملك ومن تمام الحكمة والعدل والحسان وما تضللمنته مللن‬
‫الرد على الطائفتين فأنها من كنوز القرآن ولقد كفت وشفت لمن فتح عليه‬
‫بفهمها فكونه تعالى على صراط مستقيم ينفى ظلمه للعباد وتكليفلله إيللاهم‬
‫ما ل يطيقون وينفلى العيلب ملن أفعلاله وشلرعه ويثبلت لهلا غايلة الحكملة‬
‫والسداد ردا على منكري ذلك وكون كل دابة تحت قبضته وقدرته وهللو آخللذ‬
‫بناصيتها ينبغي أن ل يقع في ملكه من أحد المخلوقات شلليء بغيللر مشلليئته‬
‫وقدرته وأن من ناصيته بيد الله وفي قبضته ل يمكنه أن يتحلرك إل بتحريكله‬
‫ول يفعل إل بأقداره ول يشاء إل بمشيئته تعالى ردا علللى منكللري ذلللك مللن‬
‫القدرية فالطائفتان ما وفوا الية معناها ول قدروها حق قدرها فهللو سللبحانه‬
‫على صراط مستقيم في عطائه ومنعه وهدايته واضلللله وفللي نفعلله وضللره‬
‫وعللافيته وبلئه واغنللاه وإفقللاره وإعللزازه وإذلللله وانعللامه وانتقللامه وثللوابه‬
‫وعقابه وإحيائه وإماتته وأمره ونهيه وتحليله وتحريمه وفي كل ما يخلق وكل‬
‫ما يأمر به وهذه المعرفة بالله ل تكون إل للنبياء ولورثتهم ونظير هذه اليللة‬
‫قوله تعالى وضرب الله مثل رجلين أحدهما أبكم ل يقدر على شيء وهو كل‬
‫على موله أينما يوجهه ليأت بخير هل يستوي هللو ومللن يللأمر بالعللدل وهللو‬
‫على صراط مستقيم فالمثل الول للضم وعابديه والمثل الثاني ضللربه الللله‬
‫تعالى لنفسه وأنه يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم فكيف يسللوى بينلله‬
‫وبين الصنم الذي له مثل السوء فما فعله الرب تبارك‬

‫وتعالى مع عباده هو غاية الحكمة والحسان والعدل في اقدارهم واعطللائهم‬


‫ومنعهم وأمرهم ونهيهم فللدعوى المللدعى أن هللذا نظيللر تخليللة السلليد بيللن‬
‫عبيده وامائه يفجر بعضهم ببعض ويسيء بعضهم بعضا اكذب دعوى وأبطلها‬
‫والفرق بينهما أظهر وأعظم من أن يحتاج إلى ذكللره والتنللبيه عليلله والحمللد‬
‫لله الغني الحميد فغناه التام فلارق وحمللده وملكله وعزتله وحكمتله وعلمله‬
‫وإحسانه وعدله ودينه وشرعه وحكمه وكرمه ومحبته للمغفللرة والعفللو عللن‬
‫الجنللاة والصللفح عللن المسلليئين وتوبللة التللائبين وصللبر الصللابرين وشللكر‬
‫الشلاكرين اللذين يلؤثرونه عللى غيلره ويتطلبلون مراضليه ويعبلدونه وحلده‬
‫ويسيرون في عبيده بسيرة العدل والحسللان والنصللائح ويجاهللدون أعللداءه‬
‫فيبذلون دماءهم وأموالهم في محبته ومرضاته فيتميز الخللبيث مللن الطيللب‬
‫ووليه من عدوه ويخرج طيبللات هللؤلء وخبللائث أولئك إلللى الخللارج فيللترتب‬
‫عليها آثارها المحبوبللة للللرب تعللالى مللن الثللواب والعقللاب والحمللد لوليللائه‬
‫والذم لعدائه وقد نبه تعالى على هذه الحكمللة فللي كتللابه فللي غيللر موضللع‬
‫كقوله تعالى ^ ما كان الله ليذر المللؤمنين علللى مللا أنتللم عليلله حللتى يميللز‬
‫الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى مللن‬
‫رسله من يشاء ^ هذه الية من كنوز القرآن نبلله فيهللا علللى حكمتلله تعللالى‬
‫المقتضية تمييز الخبيث من الطيب وأن ذلك التمييز ل يقع إل برسله فاجتبى‬
‫منهم من شاء وأرسللله إلللى عبللاده فيتميللز برسللالتهم الخللبيث مللن الطيللب‬
‫والولى من العدو ومللن يصلللح لمجللاورته وقربلله وكرامتلله مملن ل يصلللح إل‬
‫للوقود وفي هذا تنبيه على الحكمة في إرسال الرسللل وأنلله ل بللد منلله وان‬
‫الله تعالى ل يليق به الخلل به وان من جحد رسالة رسللله فمللا قللدره حللق‬
‫قدره ول عرفه حق معرفته ونسبه إلى ما ل يليق به كما قال تعللالى ^ ومللا‬
‫قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما انزل الله علللى بشللر مللن شلليء ^ فتأمللل‬
‫هذا الموضع حق التأمل واعطه حظه من الفكر فلو لم يكن في هذا الكتاب‬
‫سواه لكان من أجل ما يستفاد والللله الهللادي إلللى سللبيل الرشللاد ‪ #‬اللوجه‬
‫السابع والثلثون قلولكم أن الغلراق والهلك بخلس منله تعلالى وهلو أقبلح‬
‫شيء منا فكيف يدعون حسن إنقاذ الغرقى عقل إلى آخره كلم فاسللد جللدا‬
‫فان الغراق والهلك من الرب تعالى ل يخرج قللط عللن المصلللحة والعللدل‬
‫والحكمة فانه إذا أغرق أعداءه وأهلكهم وانتقم منهم كان هذا غايللة الحكمللة‬
‫والعدل والمصلحة وان أغرق أولياءه وأهل طاعته فهو سللبب مللن السللباب‬
‫التي نصبها لموتهم وتخليصهم من اللدنيا والوصلول إللى دار كرامتلله ومحللل‬
‫قربه ول بد من موت على كل حال فاختار لهم أكمل الموتتين وأنفعهما لهم‬
‫في معادهم ليوصلهم إلى درجات عالية ل تنال إل بتلك السباب التي نصللبها‬
‫الله موصلها كإيصال سائر السباب إلى مسبباتها ولهللذا سلللط علللى أنبيللائه‬
‫وأوليائه ما سلط عليهللم مللن القتللل وأذى النللاس وظلمهللم لهللم وعللدوانهم‬
‫عليهم وما ذاك لهوانهم عليه ول لكرامة أعدائهم عليه بل ذاك عين كرامتهم‬
‫وهوان أعدائهم عليه وسقوطهم مللن عينلله لينللالوا بللذلك مللا خلقللوا للله مللن‬
‫مساكنتهم في دار‬

‫الهوان وينال أولياؤه وحزبه ما هيئ لهم من الدرجات العلي والنعيم المقيللم‬
‫فكل تسليط أعدائه وأعدائهم عليهم عين كرامتهم وعين إهانة أعدائهم فهذا‬
‫من بعض حكمه تعالى في ذلك ووراء ذلك مللن الحكللم مللا ل تبلغلله العقللول‬
‫والفه والفهام وكان إغراقه واهلكه وابتلؤه محض الحكمة والعدل في حق‬
‫أعدائه ومحض الحسان والفضل والرحمة في حق أوليائه فلهذا حسللن منلله‬
‫‪ #‬ولعل الغراق وتسليط القتل عليهم أسللهل الموتللتين عليهللم مللع ملا فللي‬
‫ضمنه من الثواب العظيم فيكون وقد بلغ حسن اختياره لهللم إلللى أن خفللف‬
‫عليهم الموتة وأعاضهم عليها أفضللل الثللواب فللانه ل يجللد الشللهيد مللن ألللم‬
‫القتل إل كمس القرصة ‪ #‬ومن لللم يمللت بالسلليف مللات بغيللره ‪ %‬تنللوعت‬
‫السباب والموت واحد ‪ #‬فليس إماتة أوليائه شهداء بيللد أعللدائه إهانللة لهللم‬
‫ول غضبا عليهم بل كرامة ورحملة وإحسللانا ولطفلا وكللذلك الغلرق والحلرق‬
‫والردم والتردى والبطن وغير ذلك والمخلوق ليس بهذه المثابللة فلهللذا قبللح‬
‫منه الغراق والهلك وحسن من اللطيف الخبير ‪ #‬الوجه الثللامن والثلثللون‬
‫قولكم إذا كان لله في إغراقه واهلكلله سللبحانه حكمللة وسللر ل نطلللع عليلله‬
‫نحن فقد رأوا مثله في ترك إنقاذنللا الغرقللى كلم تغللى ركتلله وفسللاده عللن‬
‫تكلف رده وهل يجوز أن يقال إذا كان لله الحكمة البالغة والسرار العظيمة‬
‫في إهلك من يهلكه وابتلء من يبتليه ولهذا حسن منه ذلك فيلللزم مللن هللذا‬
‫أن يقال يجوز أن يكون في تركنا انجاء الغرقى ونصللر المظلللوم سللد الخلللة‬
‫وستر العللورة حكمللا وأسللرارا ل يعلمهللا العقلء والمناكللدة فللي البحللوث إذا‬
‫وصلت إلى هذا الحد سمجت وثقلت على النفوس ومحتها القلوب والسماع‬
‫الوجه التاسع والثلثون قولكم العقلن مللن حيللث الصللفات النفسللية واحللدة‬
‫فكيف يقبح أحدهما من فاعل ويحسن الخر وبمنزلة أن يقللال السللجود لللله‬
‫والسجود للصللنم واحللد مللن حيللث الصللفات النفسللية فكيللف يقبللح أحللدهما‬
‫ويحسن الخر وهل في الباطل أبطل ملن هللذا الللوهم فمللا جعلل الللله ذلللك‬
‫واحدا أصل وليس إماتة الله لعبده مثل قتل المخلوق له ول أجاعته واعراؤه‬
‫وابتلؤه مساويا في الصفات النفسية لفعل المخلوق بالمخلوق ذلك ودعوى‬
‫التساوي كذب وباطل فل أعظم من التفاوت بينهما وهل يساوي هذا الفعللل‬
‫والفطرة فعل الله وفعل المخلوق فيا لله العجب أن بتناولهمللا اسللم الفعللل‬
‫المشترك صارا سواء في الصفات النفسية أترى حصل لهمللا هللذا التسللاوي‬
‫من جهة الفعليللن والللذي أوجللب هللذا الخيللال الفاسللد اتحللاد المحللل وتعلللق‬
‫الفعلين به وهل يدل هذا على استواء الفعلين فللي الصللفات النفسللية ولقللد‬
‫وهللت أركللان مسللألة بنيللت علللى هللذا الشللفا فللانه شللفا جللرف هللار والللله‬
‫المستعان ‪ #‬اللوجه الربعلون قللولكم ملواجب العقللول فلي أصلل التكليلف‬
‫معارضة الصول فيقال معللاذ الللله مللن تعارضللهما بللل هللي متفقللة الصللول‬
‫مستقر حسنها في العقول والفطر مركوز ذلللك فيهللا فمللا شللرع الللله شلليئا‬
‫فقال العقل‬

‫‪ #‬السليم ليته شرع خلفه بللل هللي متعارضللة بيللن العقللل والهللوى والعقللل‬
‫يقضى بحسنها ويدعو إليها ويأمر بمتابعتها جملة في بعضها وجملللة وتفصلليل‬
‫في بعض والهوى والشهوة قد يدعوان غالبا إلى خلفها فالتعارض واقع بيللن‬
‫مواجب العقول ومواجب الهوى وما جعل الللله فللي العقللل ول فللي الفطللرة‬
‫استقباحا لما أمر به ول استحسانا لما نهى عنه وأن مللال الهللوى إلللى خلف‬
‫أمره ونهيه فالعقل حينئذ يكون مأمورا مع الهوى مقهورا في قبضللته وتحللت‬
‫سلطانه ‪ #‬الوجه الحادي والربعون قللولكم نطللالبكم بإظهللار وجلله الحسللن‬
‫في أصل التكليف وايجابه عقل وشرعا فيقال يالله العجب أيحتللاج أمللر الللله‬
‫تعالى لعباده بما فيه غاية صلحهم وسعادتهم في معاشللهم ومعللادهم ونهيلله‬
‫لهم عما فيه هلكهم وشقاؤهم في معاشهم ومعادهم إلى المطالبللة بحسللنه‬
‫ثم ل يقتصر على المطالبة بحسللنه عقل حللتى يطلالب بحسللنه عقل وشللرعا‬
‫فأي حسن لم يأمر الله به ويسلتحبه لعبلاده وينلدبهم إليله وأي حسلن فلوق‬
‫حسن ما أمر به وشرعه وأي قبيح لم ينه عنه ولم يزجر عبللاده مللن ارتكللابه‬
‫وأي قبح فوق قبح ما نهى عنه وهل في العقل دليل أوضح من علمه بحسن‬
‫ما أمر الله به من اليمان والحسان وتفاصيلها من العدل والحسللان وإيتللاء‬
‫ذي القربى وأنواع البر والتقوى وكل معروف تشهد الفطر والعقول بلله مللن‬
‫عبادته وحده ل شريك له على أكمللل الوجللوه وأتمهللا والحسللان إلللى خلقله‬
‫بحسب المكان فليس في العقل مقللدمات هللي أوضللح مللن هللذا المسللتدل‬
‫عليه فيجعل دليل له وكذلك ليس في العقل دليل أوضللح مللن قبللح مللا نهللى‬
‫الله عنه من الفواحش ما ظهر منهللا ومللا بطللن والثللم والبغللي بغيللر الحللق‬
‫والشرك بالله بأن يجعل له عديل من خلقه فيعبد كما يعبد ويحب كما يحللب‬
‫ويعظم كما يعظم ومن الكذب على الله وعلى أنبيائه وعباده المؤمنين الذي‬
‫فيه خراب العالم وفساد الوجود فأي عقل لم يدرك حسللن ذلللك وقبللح هللذا‬
‫فأحرى أن ل يدرك الدليل على ذلك ‪ #‬وليس يصح في الذهان شيء ‪ %‬إذا‬
‫احتاج النهار إلى دليل ‪ #‬فما أبقى الله عز وجل حسنا إل أمر به وشرعه ول‬
‫قبيحا إل نهى عنه وحذر منه ثم أنه سبحانه أودع في الفطر والعقول القرار‬
‫بذلك فأقام عليها الحجة من الوجهين ولكللن اقتضللت رحمتلله وحكمتلله أن ل‬
‫يعذبها إل بعد إقامتهللا عليهللا برسللله وان كللانت قائمللة عليهللا بمللا أودع فيهللا‬
‫واستشهدها عليه من القرار به وبوحللدانيته واسللتحقاقه الشللكر مللن عبللاده‬
‫بحسب طاقتهم على نعمه وبما نصب عليها من الدلة المتنوعة المسللتلزمة‬
‫إقرارها بحسن الحسن وقبح القبيح ‪ #‬الوجه الثاني والربعون أنا نلذكر لكلم‬
‫وجها من الوجللوه الدالللة علللى وجلله الحسللن فللي أصللل التكليللف واليجللاب‬
‫فنقول ل ريب أن إلزام الناس شريعة يأتمرون بأوامرها التي فيهللا صلللحهم‬
‫وينتهون عن مناهيها التي فيها فسادهم أحسللن عنللد كللل عاقللل مللن تركهللم‬
‫همل كالنعام ل يعرفون معروفا‬

‫ول ينكرون منكرا وينزو بعضهم على بعض نزو الكلب والحمر ويعدو بعضهم‬
‫على بعض عدو السباع والكلب والذئاب ويأكل قللويهم ضللعيفهم ل يعرفللون‬
‫الله ول يعبدونه ول يذكرونه ول يشكرونه ول يمجدونه ول يللدينون بللدين بللل‬
‫هم من جنس النعام السائمة ومن كابر عقللله فللي هللذا سللقط الكلم معلله‬
‫ونادى على نفسه بغاية الوقاحة ومفارقة النسانية وما نظير مطالبتكم هللذه‬
‫إل مطالبة من يقول نحللن نطللالبكم بإظهللار وجلله المنفعللة فللي خلللق المللاء‬
‫والهواء والرياح والللتراب وخلللق القللوات والفللواكه والنعللام بللل فللي خلللق‬
‫السماع والبصار واللسن والقوى والعضاء التي في العبد فان هذه أسباب‬
‫ووسائل ووسائط ‪ #‬وأما أمللره وشللرعه ودينلله فكمللاله غايللة وسللعادة فللي‬
‫المعاش والمعاد ول ريب عنه العقلء أن وجه الحسن فيلله أعظللم مللن وجلله‬
‫الحسن في المور الحسية وان كان الحسن هو الغللالب علللى النللاس وانمللا‬
‫غاية أكثرهم إدراك الحسن والمنفعة في الحسيات وتقللديمها وإيثارهللا علللى‬
‫مدارك العقول والبصائر قال تعالى ^ ولكن أكثر الناس ل يعلمللون يعلمللون‬
‫ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الخرة هم غافلون ^ ولو ذهبنا نذكر وجوه‬
‫المحاسن المودعة في الشريعة لزادت على اللوف ولعل الللله أن يسللاعده‬
‫بمصنف في ذلك مللع أن هللذه المسللألة بللابه وقاعللدته الللتي عليهللا بنللاؤه ‪#‬‬
‫الوجه الثالث والربعون قولكم أنه سبحانه ل يتضرر بمعصية العبللد ول ينتفللع‬
‫بطاعته ول تتوقف قدرته في الحسان على فعل يصللدر مللن العبللد بللل كمللا‬
‫أنعم عليه ابتداء فهو قادر على أن ينعم عليه بل توسللط ‪ #‬فيقللال هللذا حللق‬
‫ولكن ل يلزم فيه أن ل تكون الشريعة والمر والنهللى معلومللة الحسللن عقل‬
‫ول شرعا ول يلزم منه أيضا عدم حسن التكليف عقل ول شرعا فذكركم كم‬
‫هذا عديم الفائدة فانه لم يقل منازعوكم ول غيرهم أن الله سللبحانه يتضللرر‬
‫بمعاصي العباد وينتفع بطاعاتهم ول أنه غير قادر على إيصال الحسان إليهم‬
‫بل واسطه ولكللن تللرك التكليللف وتللرك العبللاد همل كالنعللام ل يللؤمرون ول‬
‫ينهون مناف لحكمته وحمده وكمال ملكه والهيتلله فيجللب تنزيهلله عنلله ومللن‬
‫نسبه إليه فما قدره حق قدره وحكمته البالغة اقتضت النعام عليهللم ابتللداء‬
‫وبواسطة اليمان والواسطة في إنعامه عليهم أيضللا فهللو المنعللم بالوسلليلة‬
‫والغاية وله الحمد والنعمة في هذا وهذا يوضحه ‪ #‬الللوجه الرابللع والربعللون‬
‫وهو أن إنعامه عليه ابتداء باليجاد واعطاء الحيللاة والعقللل والسللمع والبصللر‬
‫والنعم التي سخرها له إنما فعلها به لجل عبادته إياه وشللكره للله كمللا قللال‬
‫تعالى ^ وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون ^ وقال تعالى ^ قل مللا يعبللأ‬
‫بكم ربي لول دعاؤكم ^ وأصح القوال فللي اليللة أن معناهللا مللا يصللنع بكللم‬
‫ربي لو ل عبادتكم إياه فهو سبحانه لم يخلقكم إل لعبلادته فكيلف يقلال بعللد‬
‫هذا أن تكليفه إياهم عبادته غير حسللن فللي العقللل لنلله قللادر علللى النعللام‬
‫عليهم بالجزاء من غير توسط العبادة الوجه الخللامس والربعللون أن قللدرته‬
‫سبحانه على الشيء ل تنفي حكمته البالغة من وجوده‬

‫فإنه تعالى يقدر على مقدورات تمنع بحكمتلله كقللدرته علللى قيللامه السللاعة‬
‫الن وقدرته على إرسال الرسل بعد النبي وقدرته على إبقللائهم بيللن ظهللور‬
‫المة إلى يوم القيامة وقدرته على أماتة إبليس وجنوده واراحة العالم منهللم‬
‫وقد ذكر سبحانه في القرآن قدرته على ما ل يفعله لحكمته في غير موضللع‬
‫كقوله تعالى ^ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو مللن‬
‫تحت أرجلكم ^ وقوله تعالى ^ وأنزلنا من السماء ماء بقللدر فأسللكناه فللي‬
‫الرض وأنا على ذهاب به لقادرون ^ وقوله أيحسب النسللان أن لللن نجمللع‬
‫عظامه بلى قادرين علللى أن نسللوي بنللانه أي نجعلهللا كخللف البعيللر صللفحة‬
‫واحدة وقوله تعالى ^ ولو شئنا لتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منللي‬
‫^ وقوله ^ لمن من في الرض كلهللم جميعللا ^ وقللوله ^ ولللو شللاء ربللك‬
‫لجعل الناس أمة واحدة ^ فهذه وغيرها مقدورات له سبحانه وانما امتنعللت‬
‫لكمال حكمته فهي التي اقتضت عللدم وقوعهللا فل يلللزم مللن كللون الشلليء‬
‫مقدورا أن يكون حسنا موافقا للحكمة وعلى هذا فقدرته تبارك وتعالى على‬
‫ما ذكرتم ل تقتصي حسنه وموافقته لحكمتلله ونحللن إنمللا نتكلللم معهللم فللي‬
‫الثاني ل فللي الول فللالكلم فللي الحكملله يقتضللي الحكمللة ‪ #‬والعنايللة غيللر‬
‫الكلم في المقدور فتعلق الحكمة شيء ومتعلق القللدرة شلليء ولكللن انتللم‬
‫إنما لويتم مللن إنكللار الحكمللة فل يمكنكللم التفريللق بيللن المتعلقيللن بللل قللد‬
‫اعترف سلفكم وأئمتكم بللأن الحكمللة ل تخللرج عللن صللحة تعلقلله بالمقللدور‬
‫ومطابقته لها أو تعلق العلللم بلالمعلوم ومطللابقته للله ولمللا بنيتللم علللى هللذا‬
‫الصل لم يمكنكللم الفللرق بيللن مللوجب الحكمللة ومللوجب القللدرة فتللوعرت‬
‫عليكللم الطريللق وألجللأتم أنفسللكم إلللى اصللعب مضلليق ‪ #‬الللوجه الثللالث‬
‫والربعون قولكم أنه تعالى لو ألقى إلى العبد زمام الختيار وتركه يفعللل مللا‬
‫يشاء جريا على رسوم طبعه المائل إلى لذيللذ الشللهوات ثللم أجللزل لله فللي‬
‫العطاء من غير حساب كان أروح للعبد ولم يكللن قبيحللا عنللد العقللل فيقللال‬
‫لكم ما تعنون بإلقاء زمام الختيار إليه أتعنون به أنلله ل يكلفلله ول يللأمره ول‬
‫ينهاه بل يجعله كالبهيمة السائمة المهملة أم تعنون به أنلله يلقللى إليلله زمللام‬
‫الختيار مع تكليفه وأمره ونهيه فان عنيتلم الول فهلو ملن أقبلح شليء فلي‬
‫العقل وأعظمه نقصا فلي الدملي وللو تلرك ورسلوم طبعله لكلانت البهلائم‬
‫أكمل منه ولم يكن مكرما مفضل على كثير ممن خلق الله تفضلليل بلل كللان‬
‫كثير من المخلوقات أو أكثرها مفضل عليه فلانه يكلون مصلدودا علن كملاله‬
‫الذي هو مستعد له قابل له وذلك أسوأ حللال وأعظللم نقصللا ممللا منللع كمللال‬
‫ليس قابل له ‪ #‬وتأمل حال الدمي المخلى ورسوم طبعه المتروك ودواعي‬
‫هواه كيف تجه في شرار الخليقة وأفسدها للعالم ولو ل من يأخذ على يللديه‬
‫لهلك الحرث والنسللل وكللان شللرا مللن الخنللازير والللذئاب والحيللات فكيللف‬
‫يستوي في العقل أمره ونهيه بما فيه صلحه وصلح غيره به وتركه وما فيلله‬
‫أعظم فساده وفساد النوع وغيره به وكيف ل يكللون هللذا القللول قبيحللا وأي‬
‫قبح أعظم‬

‫‪ #‬من هذا ولهذا أنكر الله سبحانه على من جوز عقله مثل هذا ونزه نفسلله‬
‫عنه فقال تعالى ^ أيحسب النسان أن يترك سدى ^ قال الشافعي معطل‬
‫ل يؤمر ول ينهللى وقيللل ل ثيللاب ول يعللاقب وقللال تعللالى ^ أفحسللبتم أنمللا‬
‫خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون ^ ثم نزه نفسه عن هذا الظللن الكللاذب‬
‫وأنلله ل يليللق بلله ول يجللوز فللي العقللول نسللبة مثللله إليلله لمنافللاته لحكمتلله‬
‫وربوبيته والهيته وحمده فقال ^ فتعالى الله الملك الحللق ل اللله إل هللو رب‬
‫العللرش الكريلم ^ وقلال تعللالى ومللا خلقنللا السلموات والرض ومللا بينهملا‬
‫لعبين ما خلقناهما إل بالحق وفسر الحللق بللالثواب والعقللاب وفسللر بللالمر‬
‫والنهي وهذا تفسير له ببعض معناه والصواب أن الحللق هللو ألهيتلله وحكمتلله‬
‫المتضمنة للخلق والمر والثواب والعقاب فمصلدر ذللك كلله الحلق وبلالحق‬
‫وجد وبالحق قام وغايته الحق وبلله قيللامه فمحللال أن يكللون علللى غيللر هللذا‬
‫الوجه فانه يكون باطل وعبثا فتعالى الله عنه لمنافاته ألهيته وحكمته وكمال‬
‫ملكه وحمده وقللال تعللالى أن فللي خلللق السللموات والرض واختلف الليللل‬
‫والنهار لياب لولى اللباب الذي يذكرون الله قيامللا وقعللودا وعلللى جنللوبهم‬
‫ويتفكرون في خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هذا باطل سبحانك فقنا‬
‫عذاب النار وتأمل كيف أخللبر سللبحانه عنلله بنفللي الباطليللة عللن خلقلله دون‬
‫إثبات الحكمة لن بيان نفي الباطل على سللبيل العمللوم والسللتغراق أوغللل‬
‫في المعنى المقصود وأبلغ مللن إثبللات الحكللم لن بيللان جميعهللا ل يفللي بلله‬
‫إفهام الخليقة وبيان البعض يؤذن بتناهي الحكمة ونفى البطلن والخلللو عللن‬
‫الحكمة والفائدة تفيد أن كل جزء من أجزاء العالم علللويه وسللفليه متضلمن‬
‫لحكم جمة وآيات باهرة ثم أخبر سبحانه عنهم بتنزيهه عن الخلق باطل خلوا‬
‫عن الحكمة ول معنى لهذا التنزيه عند النفاة فان الباطل عندهم هو المحللال‬
‫لذاته فعلى قولهم نزهوه عن المحال لذاته الذي ليللس بشلليء كللالجمع بيللن‬
‫النقيضين وكون الجسم الواحد ل يكون في مكللانين ومعلللوم قطعللا أن هللذا‬
‫ليس مراد الرب تعالى مما نزه نفسه عنه وأنه ل يمدح أحد بتنزيهه عن هلذا‬
‫ول يكون المنزه به مثنيا ول حامدا ولم يخطر هللذا بقلللب بشللر حللتى ينكللره‬
‫الله على من زعمه ونسبه إليه وقللال تعللالى ومللا خلقنللا السللموات والرض‬
‫وما بينهما لعبين ما خلقناهما إل بالحق فنفى اللعب عللن خلقلله وأثبللت أنلله‬
‫إنما خلقهما بالحق فجمع تعالى بين نفي اللعب الصادر عن غير حكمة وغاية‬
‫محمللودة واثبللات الحللق المتضللمن للحكللم والغايللات المحمللودة والعللواقب‬
‫المحبوبة والقرآن مملوء من هذا بنفي العبث والباطل واللعللب تللارة وتنزيلله‬
‫الرب نفسه عنه تارة واثبات الحكم الباهرة فللي خلقلله تللارة كيللف يجللوز أن‬
‫يقال أنه لو عطل خلقه وتركهم سدى لم يكن ذلللك قبيحللا فللي العقللل فللان‬
‫عنيتم أنه يلقى إليه زمام الختيار مع أمره ونهيه فهذا حق فانه جعله مختارا‬
‫مأمورا منهيا وان كان اختياره مخلوقا له تعللالى إذ هللو مللن جملللة الحللوادث‬
‫الصادرة عن خلقه ولكن‬

‫هذا الختيار ل ينافى التكليف ول يكون إل به بوجه بل ل يصح التكليف إل بلله‬


‫‪ #‬الوجه السابع والربعون قولكم فقد تعارض المللران أحللدهما أن يكلفهللم‬
‫فيأمر وينهى حتى يطاع ويعصى ثم يثيبهم ويعاقبهم الثاني أن ل يكلفهم إذ ل‬
‫يتزين منهم بطاعللة ول تشللينه معصلليتهم وإذا تعللارض فللي المعقللول هللذان‬
‫المران فكيف يهدي العقل إلى اختيار أحدهما عقل فكيللف يعرفنللا الوجللوب‬
‫على نفسه بالمعرفة وعلى الجوارح بالطاعة وعلى الرب تعللالى بللالثواب ‪#‬‬
‫فيقال لكم لم يتعارض بحمد الله المللران لن أحللدهما قللد علللم قبحلله فللي‬
‫المعقول والخر قد علم حسنه في المعقول فكيف يتعارض في العقل جواز‬
‫المرين وأن يكون نسبتهما إلللى الللرب تعللالى نسللبة واحللدة وانمللا يتعللارض‬
‫الجائزات على كل سللواء بحيللث ل يترجللح بعضللها عللن بعللض فأمللا الحسللن‬
‫والقبح فلم يتعارض في العقل قط استواؤهما وقللد قررنللا ممللا ل مللدفع للله‬
‫قبح الترك سدى بمنزلة النعام السائمة وحسن المر والنهللى وأستصلللحهم‬
‫في معاشهم ومعادهم فكيف يقال أن هذين المرين سواء في العقل بحيللث‬
‫يتعارضان فيه ويقضى باستوائهما بالنسبة إلى أحكم الحاكمين فان قيل إنما‬
‫تعارضا في المقدورية إذ نسبة القدرة إليهما واحدة قلنا قد تقدم أنه ل يلزم‬
‫من كون الشيء مقدورا أن ل يكون ممتنعا لمنافاته الحكمللة وقللد بينللا ذلللك‬
‫قريبا فيكون تركهم همل وسدى مقللدورا للللرب تعللالى ل يقتضللي معارضللته‬
‫لمقدوره الخر فللي تكليفهللم وأمرهللم ونهيهللم ‪ #‬الللوجه الثللامن والربعللون‬
‫قولكم إذ ل يتزين منهم بطاعلة ول تشليئه معصليتهم ^ قلنلا ^ وملن اللذي‬
‫نازع في هذا ولكن حسن التكليف ل ينفى ذلك علن اللرب تعلالى وأنله إنملا‬
‫يكلفهم تكليف من ل يبلغوا ضره فيضروه ول يبلغوا نفعه فينفعوه وأنهللم لللو‬
‫كانوا كلهم على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في ملكه شلليئا ولللو‬
‫كانوا على أفجر قلب رجل واحد منهم ما نقص ذلك فللي ملكلله شلليئا وههنللا‬
‫اختلفت الطرق بالناس في علة التكليف وحكمته مع كللونه سللبحانه ل ينتفللع‬
‫بطاعتهم ول تضره معصيتهم فسلكت الجبرية مسلللكها المعللروف وأن ذلللك‬
‫صادر عن محض المشلليئة وصللرف الرادة وأنلله ل علللة للله ول بللاعث عليلله‬
‫سللوى محللض الرادة وسلللكت القدريللة مسلللكها المعللروف وهللل ذلللك إل‬
‫استئجار منه لعبيده لينالوا أجرهم بالعمل فيكون ألذ مللن اقتضللائهم الثللواب‬
‫بل عمل لما فيه من تكدير المنة والمسلكان كما ترى وحسبك ما يدل عليلله‬
‫العقل الصريح والنقل الصحيح من بطلنهملا وفسللادهما وليللس عنللد النللاس‬
‫غير هذين المسلكين إل مسلك من هلو خلارج علن اللديانات واتبلاع الرسلل‬
‫ممللن يللرى أن الشللرائع وضللعت نللواميس يقللوم عليهللا مصلللحة النللاس‬
‫ومعيشتهم فان فائدتها تكميل قوة النفس والحكمة وهذا مسلك خللارج عللن‬
‫مناهج النبياء وأممهم وأما أتباع الرسل الذين هم أهل البصائر فحكمللة الللله‬
‫عز وجل في تكليفهم ما كلفهم به أعظم وأجل عندهم مما يخطللر بالبللال أو‬
‫يجري به‬

‫‪ #‬المقال ويشهدون له سبحانه في ذلك بالحكم الباهرة والسرار العظيمللة‬


‫أكثر مما يشهدونه في مخلوقاته وما تضمنته ومن السرار والحكم ويعلمون‬
‫مع ذلك أنه ل نسبة لما أطلعهم سبحانه عليه من ذلك إللى ملا طللوى علمله‬
‫عنهم واستأثر به دونهم وأن حكمته في أمره ونهيه وتكليفهللم أجللل وأعظللم‬
‫مما تطيقه عقول البشر فهم يعبدونه سبحانه بأمره ونهيلله لنلله تعللالى أهللل‬
‫أن يعبد وأهل أن يكون الحب كله له والعبادة كلها له حتى لو لم يخللق جنللة‬
‫ول نارا ول وضع ثوابا ول عقابا لكان أهل أن يعبد أقصى ما تناله قدرة خلقلله‬
‫من العبادة وفي بعض الثار اللهية لو لم أخلق جنة ول نارا ألم أكللن أهل أن‬
‫أعبد حتى أنه لو قدر أنه لم يرسل رسله ولم ينزل كتبه لكللان فللي الفطللرة‬
‫والعقل ما يقتضي شكره وأفراده بالعبادة كما أن فيهما ما يقتضللي المنللافع‬
‫واجتناب المضار ول فرق بينهما في الفطرة والعقل فان الللله فطللر خليقتلله‬
‫على محبته والقبالعليه وابتغاء الوسيلة إليه وأنه ل شيء على الطلق أحب‬
‫إليهما منه وان فسدت فطر أكثر الخلق بما طرأ عليها مما اقتطعها واجتالها‬
‫عما خلق فيها كما قال تعالى ^ فاقم وجهك للدين حنيفا فطللرة الللله الللتي‬
‫فطر الناس عليها ^ فبين سبحانه أن إقامة الوجه وهو إخلص القصد وبللذل‬
‫الوسع لدينه المتضمن محبته وعبادته حنيفا مقبل عليه معرضا عما سواه هو‬
‫فطرته التي فطر عليها عباده فلو خلوا ودواعي فطرهم لما رغبوا عن ذلللك‬
‫ول اختاروا سواه ولكن غيرت الفطر وأفسدت كما قال النبي ما من مولللود‬
‫إل يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسللانه كمللا تنتللج البهيمللة‬
‫بهيمة جمعاء هل تحسون فيها ملن جلدعاء حلتى تكونلوا أنتلم تجلدعونها ثلم‬
‫يقول أبو هريرة اقرأوا أن شئتم ^ فطلرة اللله الللتي فطللر النللاس عليهللا ل‬
‫تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر النللاس ل يعلمللون منيللبين إليلله‬
‫واتقوه ^ ومنيبين نصب على الحال من المفعللول أي فطرهللم منيللبين إليلله‬
‫والنابة إليه تتضمن القبال عليه بمحبته وحده والعللراض عمللا سللواه وفللي‬
‫صحيح مسلم عن عياض بن حماد عن النبي قال أن الله أمرني أن أعلمكللم‬
‫ما جهلتم مما علمني في مقامي هذا أنه قال كل مللال نحلتلله عبللدا فهللو للله‬
‫حلل وانلي خلقللت عبلادي حنفللاء فلأتتهم الشللياطين فاجتلالتهم علن دينهللم‬
‫وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلللطانا وحرمللت عليهللم مللا أحللللت‬
‫لهم فأخبر سبحانه أنه إنما فطر عباده على الحنيفلة المتضلمنة لكملال حبله‬
‫والخضوع له والذل له وكمال طاعته وحده دون غيره وهذا من الحللق الللذي‬
‫خلقت له وبه قامت السموات والرض وما بينهما وعليه قام العللالم ولجللله‬
‫خلقت الجنة والنار ولجله أرسل رسله وأنزل كتبه ولجله هلك القرون التي‬
‫خرجت عنه وآثرت غيره فكونه سللبحانه أهل أن يعبللد ويحللب ويحمللد ويثنللي‬
‫عليه أمر ثابت له لذاته فل يكون إل كذلك كما أن الغنى القادر الحي القيللوم‬
‫السميع البصير فهو سبحانه الله الحق المبين والللله هللو الللذي يسللتحق أن‬
‫يوله محبة‬

‫‪ #‬وتعظيما وخشية وخضوعا وتذلل وعبادة فهللو الللله الحللق ولللو لللم يخلللق‬
‫خلقه وهو الله الحق ولو لم يعبدوه فهو المعبللود حقللا إل للله حقللا المحمللود‬
‫حقا ولو قدر أن خلقه لم يعبدوه ولم يحمدوه ولم يلألهوه فهللو اللله اللذي ل‬
‫اله إل هو قبلل أن يخلقهلم وبعلد أن خلقهلم وبعلد أن يغنيهلم للم يسلتحدث‬
‫بخلقه لهللم ول بللأمره إيللاهم اسللتحقاق اللهيللة والحمللد بللل اللهيللة وحمللده‬
‫ومجده وغناه أوصاف ذاتية له يستحيل مفارقتها له لحياته ووجللوده وقللدرته‬
‫وعلمه وسائر صفات كماله فأولياؤه وخاصللته وحزبلله لمللا شللهدت عقللولهم‬
‫وفطرهم أنه أهل أن يعبد وان لم يرسل إليهم رسول ولم ينللزل عليلله كتابللا‬
‫ولو لم يخلق جنة ول نارا علموا أنه ل شيء في العقول والفطر أحسن مللن‬
‫عبادته ول أقبح من العراض عنه وجاءت الرسل وأنزلت الكتللب لتقريللر مللا‬
‫استودع سبحانه في الفطللر والعقللول مللن ذلللك وتكميللله وتفضلليله وزيللادته‬
‫حسنا إلى حسنه فاتفقت شريعته وفطرته وتطابقا وتوافقا وظهر أنهما مللن‬
‫مشكاة واحدة فعبللدوه وأحبللوه ومجللدوه وحمللدوه بللداعي الفطللرة وداعللي‬
‫الشرع وداعي العقل فاجتمعت لهم الدواعي ونادتهم من كل جهللة ودعتهللم‬
‫إلى وليهم والههم وفاطرهم فأقبلوا إليلله بقلللوب سللليمة لللم يعللارض خللبره‬
‫عندها شبهة توجب ريبللا وشللكا ولمللره شللهوة تللوجب رغبتهللا عنلله وإيثارهللا‬
‫سواه فأجابوا دواعي المحبة والطاعة إذ نادت بهم حللي علللى الفلح وبللذلوا‬
‫أنفسهم في مرضاة مولهم الحق بذل أخي السماح وحمللدوا عنللد الوصللول‬
‫إليه مسراهم وانما يحمد القوم السرى عند الصباح فدينهم دين الحللب وهللو‬
‫الدين الذي ل إكراه فيه وسيرهم سير المحبين وهو الذي ل وقفة تعللتريه ‪#‬‬
‫أنى أدين بدين الحب ويحكم ‪ %‬فذاك ديني ول إكراه في الدين ‪ #‬ومن يكن‬
‫دينه كرها فليس له ‪ %‬إل العناء وأل السير في الطين ‪ #‬ومللا اسللتوى سللير‬
‫عبد في محبته ‪ %‬وسللير خللال مللن الشللواق فللي ديللن ‪ #‬فقللل لغيللر أخللي‬
‫الشواق ويحك قد ‪ %‬غبنللت حظللك ل تغللتر بالللدون ‪ #‬نجللائب الحللب تعلللوا‬
‫بالمحب إلى ‪ %‬أعلى المراتب من فوق السلللطين ‪ #‬وأطيللب العيللش فللي‬
‫الدارين قد رغبت ‪ %‬عنه التجار فباعت بيع مغبون ‪ #‬فان ترد علمه فللاقرأه‬
‫ويحك في ‪ %‬آيات طه وفي آيات ياسين ‪ #‬ول ريب أن كمال العبوديللة تللابع‬
‫لكمال المحبة وكمال المحبة تابع لكمال المحبوب في نفسه والللله سللبحانه‬
‫له الكمال المطلق التام في كل وجه الذي ل يعتريه توهم نقلص أصلل وملن‬
‫هذا شأنه فللان القلللوب ل يكللون شلليء أحللب إليهللا منلله مللا دامللت فطرهللا‬
‫وعقولها سليمة وإذا كانت أحللب الشللياء إليهللا فل محالللة أن محبتلله تللوجب‬
‫عبوديته وطاعته وتتبع مرضاته واستفراغ الجهد في التعبللد للله والنابللة إليلله‬
‫وهذا الباعث اكمل بواعث العبودية وأقواها حتى لو فرض تجرده عن المر‬
‫‪ #‬والنهي والثواب والعقاب استفرغ الوسع واستخلص القلب للمعبود الحلق‬
‫ومن هذا قول بعض السلف أنه ليسللتخرج حبلله مللن قلللبي مللا ل يسللتخرجه‬
‫قوله ومنه قول عمر في صهيب لو لم يخف الله لم يعصه وقد كان هللذا هللو‬
‫الواجب على كل عاقل كما قال بعضللهم ‪ #‬هللب البعللث لللم تأتنللا رسللله ‪%‬‬
‫وجاحمة النار لم تضرم ‪ #‬أليس من الواجب المستحق ‪ %‬طاعة رب الورى‬
‫الكرم ‪ #‬وقد قام رسول الله حتى تفطرت قدماه فقيل له تفعل هللذا وقللد‬
‫غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفل أكون عبدا شكورا واقتصر مللن‬
‫جوابهم على ما تدركه عقولهم وتناله إفهلامهم وأل فملن المعللوم أن بلاعثه‬
‫على ذلك الشكر أمر يجل عن الوصف ول تناله العبادة ول الذهان فأين هذا‬
‫الشهود من شهود طائفة القدريلة والجبريلة فليعلرض العاقلل الللبيب ذينلك‬
‫المشهدين على هذا المشللهد ولينظللر مللا بيللن المريللن مللن التفللاوت فللالله‬
‫سبحانه يعبد ويحمد ويحب لنه أهل لذلك ومستحقه بل ما يستحقه سللبحانه‬
‫من عباده أمر ل تناله قدرتهم ول إرادتهم ول تتصوره عقولهم ول يمكن أحللد‬
‫من خلقه قط أن يعبده حق عبادته ول يوفيه حقه من المحبة والحمللد ولهللذا‬
‫قال أفضل خلقه وأكملهم وأعرفهم به وأحبهم إليه وأطللوعهم للله ل أحصللى‬
‫ثناء عليك وأخبر أن عمله ل يستقل بالنجاة فقال لن ينجى أحدا منكم عمللله‬
‫قالوا ول أنت يلا رسلول اللله قلال ول أنلا إل أن يتغملدني اللله برحملة منله‬
‫وفضل عليه صلوات الله وسلمه عدد ما خلق فللي السللماء وعللدد مللا خلللق‬
‫فللي الرض وعللدد مللا بينهمللا وعللدد مللا هللو خللالق وفللي الحللديث المرفللوع‬
‫المشهور أن من الملئكة من هو ساجد لله ل يرفع رأسه منللذ خلللق ومنهللم‬
‫راكع ل يرفع رأسه من الركوع منذ خلق إلى يوم القيامة وأنهم يقولون يللوم‬
‫القيامة سبحانك مللا عبللدناك حللق عبادتللك ولمللا كللانت عبللادته تعللالى تابعللة‬
‫لمحبته واجلله وكللانت المحبللة نللوعين محبللة تنشللأ عللن النعللام والحسللان‬
‫فتوجب شكرا وعبودية بحسب كملا لهلا ونقصلانها ومحبلة تنشلأ علن جملال‬
‫المحبوب وكماله فتوجب عبودية وطاعة أكمل من الولى كان الباعث علللى‬
‫الطاعة والعبودية ل يخرج عن هذين النللوعين وامللا أن تقللع الطاعللة صللادرة‬
‫عن خوف محض غير مقرون بمحبته فهذا قد ظنه كثير من المتكلمين وهللي‬
‫عندهم غاية المعارف بناء على أصلهم الباطل أن الله ل تتعلق المحبة بللذاته‬
‫وانما تتعلق بمخلوقاته مما فلي الجنلة ملن النعيللم فهللم ل يحبلونه للذاته ول‬
‫لحسانه وينكرون محبته لذلك وانمللا المحبللوب عنللدهم فللي الحقيقللة غيللره‬
‫وهذا من أبطل الباطل ‪ #‬وستذكر في القسم الثاني أن شاء الللله فللي هللذا‬
‫الكتاب بطلن هذا المذهب من أكثر من مائة وجه‬

‫‪ #‬ولو عرف القوم صفات الرواح وأحكامها لعلمللوا أن طاعللة مللن ل تجللب‬
‫عبادته محال وأن من أتى بصورة الطاعللة خوفللا مجللردا عللن الحللب فليللس‬
‫بمطيع ول عابد وانما هو كالمكره أو كأجير السوء الذي أن أعطى عمل وان‬
‫لم يعط كفر وأبق وسيرد عليك بسط الكلم في هذا قريب عن أن شاء الله‬
‫والمقصود أن الطاعة والعبادة الناشئة عن محبة الكمال والجمال أعظم من‬
‫الطاعة الناشئة عن رؤية النعام والحسان وفرق عظيم بين ما تعلق بالحي‬
‫الذي ل يموت وبيلن ملا تعللق بلالمخلوق وان شلمل النلوعين اسلم المحبلة‬
‫ولكن كم بين من يحبك لذاتك وأوصلافك وجماللك وبيلن ملن يحبلك لخيللرك‬
‫ودراهمك‬
‫فصل والسماء الحسنى والصفات العل مقتضية لثارها من العبودية‬
‫والمر اقتضاءها لثارها من الخلق والتكوين فلكل صفة عبودية خاصللة هللي‬
‫من موجباتها ومقتضياتها أعنى مللن موجبللات العلللم بهللا والتحقللق بمعرفتهللا‬
‫وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح فعلللم العبللد‬
‫بتفرد الرب تعالى بالضر والنفللع والعطللاء والمنلع والخلللق واللرزق والحيللاء‬
‫والماتة يثمر له عبودية التوكل عليه باطنللا ولللوازم التوكللل وثمراتلله ظللاهرا‬
‫وعلمه بسمعه تعللالى وبصللره وعلملله وأنلله ل يخفللى عليلله مثقللال ذرة فللي‬
‫السموات ول في الرض وأنه يعلم السر وأخفللى ويعلللم خائنللة العيللن ومللا‬
‫تخفى الصدور يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطللرات قلبلله عللن كللل مللال‬
‫يرضى الله وأن يجعل تعلق هذه العضاء بما يحبلله الللله ويرضللاه فيثمللر للله‬
‫ذلك الحياء باطنا ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح ومعرفته بغنللاه‬
‫وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته توجب له سعة الرجاء وتثمللر للله ذلللك‬
‫من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه وكذلك معرفتلله‬
‫بجلل الله وعظمته وعزه تثمر له الخضللوع والسللتكانة والمحبللة وتثمللر للله‬
‫تلك الحوال الباطنة أنواعا من العبودية الظاهرة هي موجباتها وكذلك علملله‬
‫بكماله وجماله وصفاته العلى يوجب له محبة خاصلة بمنزللة أنلواع العبوديلة‬
‫فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى السماء والصفات وارتبطللت بهللا ارتبللاط‬
‫الخلق بها فخلقه سللبحانه وأمللره هللو مللوجب أسللمائه وصللفاته فللي العللالم‬
‫وآثارها ومقتضللاها لنلله ل يللتزين مللن عبللاده بطللاعتهم ول تشللينه معصلليتهم‬
‫وتأمل قوله في الحديث الصحيح الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى يا عبادي‬
‫أنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعللوني ذكللر هللذا عقللب‬
‫قللوله يللا عبللادي إنكللم تخطئون بالليللل والنهللار وأنللا أغفللر الللذنوب جميعللا‬
‫فاستغفروني أغفر لكم فتضمن ذلللك أن ملا يفعللله تعللالى بهللم فللي غفللران‬
‫زلتهم وإجابة دعواتهم وتفريج كرباتهم ليس لجلب منفعة منهم‬

‫‪ #‬ول لدفع مضرة يتوقعها منهم كمللا هللو عللادة المخلللوق الللذي ينفللع غيللره‬
‫ليكافئه بنفع مثله أو ليدفع عنه ضررا فلالرب تعلالى للم يحسلن إلللى عبلاده‬
‫ليكافئوه ول ليدفعوا عنه ضررا فقال لن تبلغوا نفعي فتنفعللوني ولللن تبلغللوا‬
‫ضري فتضللروني أنلي لسلت إذا هللديت مسلتهديكم وأطعمللت مسللتطعمكم‬
‫وكسللوت مستكسلليكم وأرويللت مستسللقيكم وكفيللت مسللتكفيكم وغفللرت‬
‫لمستغفركم بالذي أطلب منكم أن تنفعوني أو تدفعوا عني ضررا فأنكم لللن‬
‫تبلغوا ذلك وأنا الغني الحميد كيف والخلق عاجزون عما يقللدرون عليلله مللن‬
‫الفعال إل بأقداره وتيسيره وخلقه فكيف بما ل يقدرون عليه فكيف يبغلللون‬
‫نفع الغني الصمد الذي يمتنع في حقه أن يستجلب من غيره نفعا أو يستدفع‬
‫منه ضررا بل ذلك مستحيل في حقه ثم ذكر بعد هذا قوله يللا عبللادي لللو أن‬
‫أو لكم وأخركم وانسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجللل واحللد منكللم مللا‬
‫زاد ذلك في ملكي شيئا ولو أن أولكم وأخركم وانسكم وجنكللم كللانوا علللى‬
‫أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شلليئا فللبين سللبحانه أن‬
‫ما أمرهم به من الطاعات وما نهاهم عنه من السيئات ل يتضللمن اسللتجلب‬
‫نفعهم ول استدفاع ضررهم كأمر السيد عبده والوالللد ولللده والمللام رعيتلله‬
‫بما ينفع المر والمأمور ونهيهم عما يضر النللاهي والمنهللي فللبين تعللالى أنلله‬
‫المنزه عن لحوق نفعهم وضرهم به في إحسانه إليهم بمللا يفعللله بهللم وبمللا‬
‫يأمرهم به ولهذا لما ذكر الصلين بعد هذا وأن تقللواهم وفجللورهم الللذي هللو‬
‫طاعتهم ومعصيتهم ل يزيد في ملكه شيئا ول ينقصه وأن نسبة مللا يسللألونه‬
‫كلهم إياه فيعطيهم إلى ما عنده كل نسبة فتضمن ذلك أنه لللم يللأمرهم ولللم‬
‫يحسن إليهم بإجابة الدعوات وغفللران الللزلت وتفريللج الكربللات لسللتجلب‬
‫منفعة ول لستدفاع مضرة وأنهم لو أطاعوه كلهم لم يزيدوا في ملكه شلليئا‬
‫ولو عصوه كلهم لم ينقصوا من ملكلله شلليئا وأنلله الغنللي الحميللد ومللن كللان‬
‫هكذا فانه ل يتزين بطاعة عباده ول تشينه معاصلليهم ولكللن للله مللن الحكللم‬
‫البوالغ في تكليف عبللاده وأمرهللم ونهيهللم مللا يقتضلليه ملكلله التللام وحمللده‬
‫وحكمته ولو لم يكن في ذلك إل أنه يستوجب من عباده شكر نعملله الللتي ل‬
‫تحصى بحسب قواهم وطاقتهم ل بحسب ما ينبغي له فانه أعظم وأجل ملن‬
‫أن يقدر خلقه عليه ولكنه سبحانه يرضى من عباده بما تسللمح بلله طبللائعهم‬
‫وقواهم فل شيء أحسن في العقول والفطر من شكر المنعم ول أنفع للعبد‬
‫منه فهذان مسلكان آخران فللي حسللن التكليللف والمللر والنهللي ‪ #‬أحللدهما‬
‫يتعلق بذاته وصللفاته وأنلله أهللل لللذلك وان جمللاله تعللالى وكمللاله وأسللماءه‬
‫وصفاته تقتضي من عباده غايللة الحللب والللذل والطاعللة للله والثللاني متعلللق‬
‫بإحسانه وانعامه ول سيما مع غناه عن عباده وانه إنما يحسللن إليهللم رحمللة‬
‫منه وجللودا وكرمللا ل لمعاوضللة ول لسللتجلب منفعللة ول لللدفع مضللرة وأي‬
‫المسلكين سلكه العبد أوقفه على محبته وبذل الجهد‬

‫‪ #‬في مرضاته فأين هذان المسلكان من ذينك المسلكين وانما أتللى القللوم‬
‫من إنكارهم المحبللة وذلللك الللذي حرمهللم مللن العلللم واليمللان مللا حرمهللم‬
‫وأوجب لهم سلوك تلللك الطللرق المسللدودة والللله الفتللاح العليللم ‪ #‬الللوجه‬
‫التاسع والربعون قولكم فل تكون نعمه تعالى ثوابللا بللل ابتللداء كلم يحتمللل‬
‫حقا وباطل فان أردتم به أنه ل يثيبهم على أعمالهم بالجنة ونعيمها ويجزيهللم‬
‫بأحسن ما كانوا يعملون فهو باطل والقرآن أعظم شاهد ببطلنه قال تعللالى‬
‫فالللذين هللاجروا وأخرجللوا مللن ديللارهم وأوذوا فللي سللبيلي وقللاتلوا وقتلللوا‬
‫لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنات تجري من تحتها النهار ثوابا من عند‬
‫الله والله عنده حسن الثواب وقال تعالى ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا‬
‫ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون وقللال تعللالى وتلللك الجنللة الللتي‬
‫أورثتموها بما كنتم تعملون وقال تعالى أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا‬
‫فل خوف عليهم ول هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جللزاء بمللا‬
‫كانوا يعملون وقال تعالى أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري مللن‬
‫تحتها النهار خالللدين فيهللا ونعللم أجللر العللاملين وقللال تعللالى والللذين آمنللوا‬
‫وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتهللا النهللار خالللدين‬
‫فيها نعم أجر العاملين وهذا في القرآن كثير يبين أن الجنة ثوابهم وجزاؤهللم‬
‫فكيف يقال ل تكون نعمه ثوابا عللى الطلق بلل ل تكلون نعمله تعلالى فلي‬
‫مقابلة العمال والعمال ثمنا لها فانه لن يدخل أحدا الجنة عمله ول يللدخلها‬
‫أحد إل بمجرد فضل الله ورحمته وهذا ل ينافي ما تقدم من النصللوص فأنهللا‬
‫إنما تدل على أن العمال أسباب ل أعواض وأثمان والللذي نفللاه النللبي فللي‬
‫الدخول بالعمل هو نفي استحقاق العوض ببذل عوضه فالمثبت بللاء السللببية‬
‫والمنفي باء المعاوضة والمقابلللة وهللذا فصللل الخطللاب فللي هللذه المسللألة‬
‫والقدرية الجبرية تنفى باء السببية جملة وتنكر أن تكون العمللال سللببا فللي‬
‫النجاة ودخول الجنة وتلك النصوص وأضعافها تبطل قولهم والقدريللة النفللاة‬
‫تثبت باء المعاوضة والمقابلة وتزعم أن الجنة عوض العمال وأنها ثمللن لهللا‬
‫وأن دخولها إنما هو بمحض العمال والنصللوص النافيللة للذلك تبطللل قللولهم‬
‫والعقل والفطر تبطل قول الطائفتين ول يصح في النصوص والعقول إل مللا‬
‫ذكرناه من التفصيل وبه يتبين أن الحق مع الوسللط بيللن الفللرق فللي جميللع‬
‫المسائل ل يستثنى من ذلك شلليء فملا اختلفللت الفللرق إل كلان الحللق مللع‬
‫الوسط وكل مللن الطللائفتين معلله حللق وباطللل فأصللاب الجبريللة فللي نفللي‬
‫المعاوضة وأخطؤا في نفي السللببية وأصللاب المقدريللة فللي إثبللات السللببية‬
‫وأخطؤا في إثبات المعاوضة فإذا ضممت أحد نفي الجبرية إلى أحللد إثبللاتي‬
‫القدرية ونفيت باطلهما كنت أسللعد بللالحق منهمللا فللان أردتللم بللأن نعملله ل‬
‫تكون ثوابا هذا القدر وأنها ل تكون عوضا بل هللو المنعللم بالعمللال والثللواب‬
‫وله المنة‬

‫‪ #‬في هذا وهذا ونعمه بالثواب من غير استحقاق ول ثمن يعاوض عليلله بللل‬
‫فضل منه وإحسللان فهللذا هللو الحللق فهللو المللان بهللدايته لليمللان وتيسلليره‬
‫للعمال وإحسانه بالجزاء كل ذلللك مجللرد منتلله وفضللله قللال تعللالى يمنللون‬
‫عليك أن أسلموا قل ل تمنوا على إسلمكم بل الله يمللن عليكللم أن هللداكم‬
‫لليمان أن كنتم صادقين ‪ #‬الوجه الخمسون قولكم وإذا تعارض في العقول‬
‫هذان المران فكيف يهتدي العقل إلى اختيار أحدهما قلنا قد تبين بحمد الله‬
‫أنه ل تعارض في العقول بين المرين أصل وانما يقدر التعللارض بيللن العقللل‬
‫والهوى وأما أن يتعارض في العقول إرشاد العباد إلى سعادتهم في المعاش‬
‫والمعاد وتركهم همل كالنعام السائمة ل يعرفون معروفا ول ينكللرون منكللرا‬
‫فلم يتعارض هذان في عقل صحيح أبدا ‪ #‬الوجه الحادي والخمسون قولكم‬
‫فكيف يعرفنا العقل وجوبا علللى نفسلله بالمعرفللة وعلللى الجللوارح بالطاعللة‬
‫وعلى الرب بالثواب والعقاب فيقال وأي استبعاد في ذلك ومللا الللذي يحيللله‬
‫فقد عرفنا العقل من الواجبات عليه مللا يقبللح مللن العبللد تركهللا كمللا عرفنللا‬
‫وعرف أهل العقول وذوي الفطللر الللتي لللم تتواطللأ علللى القللوال الفاسللدة‬
‫وجوب القرار بالله وربوبته وشكر نعمته ومحبته وعرفنللا قبللح الشللراك بلله‬
‫والعراض عنه ونسبته إلى مللا ل يليللق بلله وعرفنللا قبللح الفللواحش والظلللم‬
‫والساءة والفجور والكذب والبهت والثم والبغللي والعللدوان فكيللف نسللتبعد‬
‫منه أن يعرفنا وجوبا على نفسه بالمعرفة وعلى الجللوارح بالشللكر المقللدور‬
‫المستحسن في العقول التي جاءت الشرائع بتفصيل مللا أدركلله العقللل منلله‬
‫جملة وبتقرير ما أدركه تفصيل وأما الوجوب على الله بالثواب والعقاب فهذا‬
‫مما تتباين فيه الطائفتان أعظم تبللاين فللأثبتت القدريللة مللن المعتزلللة عليلله‬
‫تعالى وجوبا عقليا وضعوه شريعة لله بعقللولهم وحرمللوا عليلله الخللروج عنلله‬
‫وشهوة في ذلك كله بخلقه وبدعهم في ذلك سائر الطوائف وسللفهوا رأيهللم‬
‫فيه وبينوا مناقضتهم وألزموهم بما ل محيد لهم عنه ونفت الجبرية أن يجللب‬
‫عليه ما أوجبه على نفسه ويحرم عليه ما حرمه على نفسه وجوزوا عليه مللا‬
‫يتعالى ويتنزه عنه ومال يليق بجلله مما حرمه على نفسه وجوزوا عليه ترك‬
‫ما أوجبلله علللى نفسلله ممللا يتعللالى ويتنللزه عللن تركلله وفعللل ضللده فتبللاين‬
‫الطائفتان أعظم تباين وهدى الله الذين آمنوا أهل السللنة الوسللط للطريقللة‬
‫المثلى التي جاء بها رسوله ونزل بهللا كتللابه وهللي أن العقللول البشللرية بللل‬
‫وسائر المخلوقات ل توجب على ربها شلليئا ول تحرملله وأنلله يتعللالى ويتنللزه‬
‫عن ذلك وأما ما كتبه على نفسه وحرمه على نفسه فانه ل يخل بلله ول يقللع‬
‫منه خلفه فهو أيجاب منه على نفسه بنفسه وتحريم منه على نفسه بنفسه‬
‫فليس فوقه تعالى موجب ول محللرم ‪ #‬وسلليأتي أن شللاء الللله بسللط ذلللك‬
‫وتقريللره ‪ #‬الللوجه الثللاني والخمسللون قللولكم أنلله علللى أصللول المعتزلللة‬
‫يستحيل المر والنهي والتكليف وتقديركم ذلك فكلم ل مطعللن فيلله والمللر‬
‫فيه كما ذكرتم وان حقيقة قول القوم أنه ل أمر‬

‫‪ #‬ول نهي ول شرع أصل إذ ذلك إنمللا يصللح إذا ثبللت قيللام الكلم بالمرسللل‬
‫المر الناهي وقيام القتضاء والطلب والحب لما أمللر بلله والبغللض لمللا نهللى‬
‫عنه فأمللا إذا لللم يثبللت للله كلم ول إرادة ول اقتضللاء ول طلللب ول حللب ول‬
‫بغض قائم به فانه ل يعقل أصل كونه آمر ول ناهيا ول باعثا للرسل ول محبللا‬
‫للطاعة باغضا للمعصية فأصول هذه الطائفللة تعطللل الصللفات عللن صللفات‬
‫كماله فأنها تستلزم أبطال الرسالة والنبوة جملللة ولكللن رب لزم ل يلللتزمه‬
‫صاحب المقالة ويتنللاقض فللي القللول بملزوملله دون القللول بلله ول ريللب أن‬
‫فساد اللزم مستلزم لفسللاد الملللزوم ولكللن يقللال لكلم معاشللر الجبريلة ل‬
‫تكونوا ممن يرى القذاة في عين أخيه ول يلرى الجللذع المعللترض فللي عينلله‬
‫فقد الزمتكم القدرية ما ل محيد لكم عنه وقالوا من نفى فعللل العبللد جملللة‬
‫فقد عطل الشلرائع والملر والنهلي فلان الملر والنهلي ل يتعللق إل بالفعلل‬
‫المأمور به فهو الذي يؤمر به وينهى عنلله ويثللاب عليلله ويعللاقب فللإذا نفيتللم‬
‫فعل العبد فقد رفعتم متعلق المر والنهي وفي ذلك أبطال المر والنهي فل‬
‫فرق بين رفع المأمور به المنهي عنلله ورفللع المللأمور والمنهللي نفسلله فللان‬
‫المر يستلزم آمر أو مأمورا به ول يصح للله حقيقللة إل بهللذه الثلث ومعلللوم‬
‫أن أمر المر بفعل نفسه ونهيه عن نفسه يبطل التكليف جملة فان التكليف‬
‫ل يعقل معناه إل إذا كان المكلف قد كلف بفعله الذي هو المقدور له التللابع‬
‫لرادته ومشيئته وأما إذا رفعتم ذلك من البين وقلتللم بللل هللو مكلللف بفعللل‬
‫الله حقيقة ل يدخل تحت قدرة العبد ل هو متمكن في التيان به ول هو واقع‬
‫بإرادته ومشيئته فقد نفيتم التكليف جملة من حيث أثبتوه وفي ذلللك أبطللال‬
‫للشرائع والرسالة جملة قالوا فليتأمل المنصف الفطللن ل البليللد المتعصللب‬
‫صحة هذا اللزام فلن تجد عنه محيدا قالوا فأنتم معاشر الجبرية قدرية مللن‬
‫حيث نفيكم الفعل المأمور به فان كان خصومكم قدرية من حيث نفوا تعلق‬
‫القدرة القديمة فأنتم أولى أن تكونوا قدرية من حيث نفيتللم فعللل العبللد للله‬
‫وتأثيره فيه وتعلقه بمشيئته فأنتم أثبتم قدرا على الله وقدرا على العبللد أمللا‬
‫القدر على الله فحيث زعمتم أنه تعالى يأمر بفعل نفسلله وينهللى عللن فعللل‬
‫نفسه ومعلوم أن ذلك ل يصح أن يكون مأمورا به منهيا عنه فللأثبتم أمللرا ول‬
‫مأمور به ونهيا ول منهي عنه وهذه قدرية محضة فللي حللق الللرب وأمللا فللي‬
‫حق العبد فأنكم جعلتموه مأمورا منهيا من غير أن يكللون للله فعللل يللأمر بلله‬
‫وينهى عنه فأي قدرية أبلغ من هذه فمن الذي تضمن قوله أبطللال الشللرائع‬
‫وتعطيل الوامر فليتنبه اللبيب لمواقعه هذه المساجلة وسهام هذه المناضلة‬
‫ثم ليختر منهما إحدى خطتين ول والله ما فيهما حللظ لمختللار ول ينجللوا مللن‬
‫هذه الورطات إل من أثبت كلم الله القائم به المتضمن لمره ونهيه ووعللده‬
‫ووعيده وأثبت له ما أثبت لنفسلله مللن صللفات كمللاله ومللن المللور الثبوتيللة‬
‫القائمة ثم أثبت مع ذلك فعل العبد واختياره ومشيئته‬

‫‪ #‬وارادتلله الللتي هللي منللاط الشللرائع ومتعلللق المللر والنهللي فل جللبري ول‬
‫جهمي ول قدري وكيف يختار العاقل آراء ومذاهب هللذه بعللض لوازمهللا ولللو‬
‫صابرها إلى آخرها لستبان لله ملن فسلادها وبطلنهلا ملا يتعجلب معله ملن‬
‫قائلها ومنتحلها والله الموفق للصواب ‪ #‬الوجه الثللالث والخمسللون قللولكم‬
‫أنه ما من معنى يستنبط من قول أو فعلل ليربلط بله معنلى مناسلب لله إل‬
‫ومن حيث العقل يعارضه معنى آخر يساويه في الدرجة أو يفضل عليلله فللي‬
‫المرتبة فيتحير العقل في الختيار إلى أن يرد شرع يختار أحدهما أو يرجحلله‬
‫من تلقائه فيجب على العاقل اعتباره واختياره لترجيح الشرع له ل لرجحانه‬
‫في نفسه فيقللال أن أردتللم بهللذه المعارضللة أنهللا ثابتللة فللي جميللع الفعللال‬
‫والقوال المشتملة على الوصاف المناسللبة اللتي ربطللت بهلا الحكللام كملا‬
‫يدل عليه كلمكلم فلدعوى باطللة بالضلرورة وهلو كلذب محلض وكلذلك أن‬
‫أردتم أنها ثابتة في أكثرهللا فللأي معارضللة فللي العقللل للوصللف القبيللح فللي‬
‫الكذب والفجور والظلم واهلك الحلرث والنسلل والسلاءة إللى المحسللنين‬
‫وضرب الوالدين واحتقارهما والمبالغللة فللي اهانتهملا بل جللرم وأي معارضلة‬
‫في العقل للوصاف القبيحة في الشرك بالله ومشلليئته وكفللران نعملله وأي‬
‫معارضللة فللي العقللل للوصللف القبيللح فللي نكللاح المهللات واستفراشللهن‬
‫كاستفراش المللاء والزوجللات إلللى أضللعاف أضللعاف مللا ذكرنللا ممللا تشللهد‬
‫العقول بقبحه من غير معارض فيها بل نحن ل ننكر أن يكون داعي الشللهوة‬
‫والهوى وداعي العقل يتعارضللا فللان أردتللم هللذا التعللارض فمسلللم ولكللن ل‬
‫يجدي عليكم إل عكس مطلوبكم وكذلك أي معارضة في العقللول للوصللاف‬
‫المقتضية حسن عبادة الله وشكره وتعظيملله وتمجيللده والثنللاء عليلله بللآلئه‬
‫وانعامه وصفات جلله ونعوت كماله وأفراده بالمحبة والعبادة والتعظيم وأي‬
‫معارضة في العقللول للوصللاف المقتضللية حسللن الصللدق والللبر والحسللان‬
‫والعدل واليثار وكشف الكربللات وقضللاء الحاجللات وإغاثللة اللهفللات والخللذ‬
‫على أيدي الظالمين وقمع المفسدين ومنع البغاة والمعتدين وحفللظ عقللول‬
‫العالمين وأموالهم ودمائهم وأعراضهم بحسب المكان والمللر بمللا يصلللحها‬
‫ويكملها والنهي عما يفسدها وينقصها وهذه حال جملللة الشللرائع وجمهورهللا‬
‫إذا تأملها العقل جزم أنه يستحيل علللى أحكللم الحللاكمين أن يشللرع خلفهللا‬
‫لعبللاده وأمللا أن أردتللم أن فللي بعللض مللا يللدق منهللا مسللائل تتعللارض فيهللا‬
‫الوصاف المستنبطة في العقول فيتحيللر العقللل بيللن المناسللب منهللا وغيللر‬
‫المناسب فهذا وان كللان واقعللا فأنهللا ل تنفللى حسللنها الللذاتي وقبللح منهيهللا‬
‫الذاتي وكون الوصللف خفللى المناسللبة والتللأثير فللي بعللض المواضللع ممللا ل‬
‫يدفعه وهذه حال كثير من المور العقلية المحضة بل الحسية وهللذا الطلللب‬
‫مع أنه حسي تجريبي يدرك منافع الغذية والدوية وقواها وحرارتها وبرودتها‬
‫ورطوبتها ويبوستها فيه بالحس ومع هذا فأنتم ترون اختلف أهللله فللي كللثير‬
‫من مسائلهم في الشيء الواحد ‪#‬‬

‫‪ #‬هل هو نافع كذا ملئم له أو منلافر ملؤذ وهلل هلو حلار أو بلارد وهلل هلو‬
‫رطب أو يابس وهل فيه قوة تصلح لمر من المور أول قللوة فيلله ومللع هللذا‬
‫فالختلف المذكور ل ينفى عند العقلء مللا جعللل فللي الغذيللة والدويللة مللن‬
‫القوى والمنافع والمضار والكيفيات لن سبب الختلف خفاء تلللك الوصللاف‬
‫علللى بعللض العقلء ودفنهللا وعجللز الحللس والعقللل عللن تمييزهللا ومعرفللة‬
‫مقاديرها والنسب الواقعللة بيللن كيفياتهللا وطبائعهللا ولللم يكللن هللذا الختلف‬
‫بموجب عند أحد من العقلء إنكار جملللة العلللم وجمهللور قواعللده ومسللائله‬
‫دعوى أنه ما من وصف يستنبط مللن دواء مفللرد أو مركللب أو مللن غللذاء إل‬
‫وفي العقل ما يعارضه فيتحير العقل ولو ادعى هذا مدع لضحك منلله العقلء‬
‫مما علموه بالضرورة والحس من ملءمة الوصاف ومنافرتها واقتضللاء تلللك‬
‫الذوات للمنافع والمضار في الغالب ول يكللون اختلف بعللض العقلء يللوجب‬
‫إنكار ما علم بالضرورة والحس فهكذا الشرائع ‪ #‬الوجه الرابللع والخمسللون‬
‫أن قولكم إذا قتل إنسان انسانا عرض للعقلل هاهنلا آراء متعارضلة مختلفلة‬
‫إلى آخره فيقال أن أردتم أن العقل يسوي بين ما شرعه الله من القصللاص‬
‫وبين تركه لمصلحة الجاني فبهت للعقللل وكللذب عليلله فللانه ل يسللتوي عنللد‬
‫عاقللل قللط حسللن الختصللاص مللن الجللاني بمثللل مللا فعللل وحسللن تركلله‬
‫والعراض عنه ول يعلللم عقللل صللحيح يسللوى بيللن المريللن وكيللف يسللتوي‬
‫أمران أحدهما يستلزم فساد النوع وخراب العالم وتللرك النتصللار للمظلللوم‬
‫وتمكين الجناة من البغي والعدوان ‪ #‬والثاني يستلزم صلللح النللوع وعمللارة‬
‫العللالم والنتصللار للمظلللوم وردع الجنللاة والبغللاة والمعتللدين فكللان فللي‬
‫القصاص حياة العالم وصلح الوجود وقد نبه تعلالى علللى ذلللك بقللوله ولكللم‬
‫في القصاص حياة يا أولى اللباب لعلكم تتقون وفي ضمن هذا الخطاب مللا‬
‫هو كالجواب لسؤال مقدر أن إعدام هذه البنية الشريفة وإيلم هللذه النفلس‬
‫وإعدامها في مقابلة إعدام المقتول تكثير لمفسدة القتل فلية حكمللة صللدر‬
‫هذا ممن وسعت رحمته كل شيء وبهرت حكمته العقول فتضللمن الخطللاب‬
‫جواب ذلك بقوله تعالى ولكم في القصاص حياة وذلك لن القاتللل إذا تللوهم‬
‫أنه يقتل قصاصا بمن قتله كف عن القتل وارتللدع وآثللر حللب حيللاته ونفسلله‬
‫فكان فيه حياة له ولمن أراد قتله ومن وجلله آخللر وهللو أنهللم كللانوا إذا قتللل‬
‫الرجل من عشيرتهم وقبيلتهم قتلوا به كل من وجللدوه مللن عشلليرة القاتللل‬
‫وحيه وقبيلته وكان في ذلك من الفساد والهلك ما يعم ضرره وتشتد مللؤنته‬
‫فشرع الله تعالى القصاص وأن ل يقتل بالمقتول غير قاتله ففي ذلللك حيللاة‬
‫عشيرته وحيه وأقاربه ولم تكن الحياة في القصاص من حيللث أنلله قتللل بللل‬
‫مللن حيللث كللونه قصاصللا يؤخللذ القاتللل وحللده بللالمقتول ل غيللره فتضللمن‬
‫القصاص الحياة في اللوجهين وتأملل ملا تحلت هلذه اللفلاظ الشلريفة ملن‬
‫الجللة واليجاز والبلغة والفصاحة والمعنى‬

‫‪ #‬العظيم فصدر الية بقوله لكم المؤذن بأن منفعة القصاص مختصللة بكللم‬
‫عائدة إليكم فشرعه إنما كان رحمة بكم وإحسانا إليكم فمنفعتلله ومصلللحته‬
‫لكم ل لمن ل يبلغ العباد ضره ونفعه ثم عقبه بقوله في القصاص إيذانا بللأن‬
‫الحياة الحاصلة إنما هي في العدل وهو أن يفعل به كما فعل والقصاص في‬
‫اللغة المماثلة وحقيقته راجعة إلى التبللاع ومنلله قللوله تعللالى وقللالت لختلله‬
‫قصيه أي اتبعي أثره ومنه قوله فارتدا على آثارهما قصصا أي يقصللان الثللر‬
‫ويتبعانه ومنلله قلص الحلديث واقتصاصله لنله يتبللع بعضله بعضلا فللي الللذكر‬
‫فسمى جزاء الجاني قصاصا لنه يتبع أثره فيفعل به كما فعل وهللذا أحللد مللا‬
‫يستدل به على أن يفعل بالجاني كما فعل فيقتل بمثل مللا قتللل بلله لتحقيللق‬
‫معنى القصاص وقد ذكرنا أدلة المسألة من الطرفين وترجيح القول الراجللح‬
‫بالنص والثر والمعقول في كتاب تهذيب السنن ونكر سبحانه الحياة تعظيما‬
‫وتفخيما لشأنها وليس المراد حياة ما بل المعنللى أن فللي القصللاص حصللول‬
‫هذه الحقيقة المحبوبة للنفوس المؤثرة عنللدها المستحسللنة فللي كللل عقللل‬
‫والتنكير كثيرا ما يجيء للتعظيم والتفخيم كقوله وسارعوا إلللى مغفللرة مللن‬
‫ربكم وجنة وقوله ورضوان من الله أكبر وقللوله أن هللو إل وحللي يللوحى ثللم‬
‫خص أولى اللبللاب وهللم أولللو العقللول الللتي عقلللت عللن الللله أمللره ونهيلله‬
‫وحكمته إذ هم المنتفعون بالخطاب ووازن بين هللذه الكلمللات وبيللن قللولهم‬
‫القتل أنفى للقتل ليتبين مقدار التفاوت وعظمللة القللرآن وجللتلله ‪ #‬الللوجه‬
‫الخامس والخمسللون قللولكم أن القصللاص اتلف بللأزاء اتلف وعللدوان فللي‬
‫مقابلللة عللدوان ول يحيللا الول بقتللل الثللاني ففيلله تكللثير المفسللدة بإعللدام‬
‫النفسين وأمللا مصلللحة الللردع والزجللر واسللتبقاء النللوع فللأمر متللوهم وفللي‬
‫القصاص استهلك محقق فيقال هذا الكلم مللن أفسللد الكلم وأبينلله بطلنللا‬
‫فانه يتضمن التسوية بين القبيح والحسن ونفى حسن القصاص الذي اتفقت‬
‫العقول والديانات على حسنه وصلح الوجود به وهللل يسللتوي فللي عقللل أو‬
‫دين أو فطرة القتل ظلما وعللدوانا بغيللر حللق والقتللل قصاصللا وجللزاء بحللق‬
‫ونظير هذه التسوية تسوية المشركين بين الربا والبيع لستوائهما في صورة‬
‫العقد ومعلللوم أن اسللتواء الفعليللن فللي الصللورة ل يللوجب اسللتواءهما فللي‬
‫الحقيقة ومدعى ذلللك فللي غايللة المكللابرة وهللل يللدل اسللتواء السللجود لللله‬
‫والسجود للصنم في الصورة الظاهرة وهو وضللع الجبهللة علللى الرض علللى‬
‫أنهما سواء في الحقيقة حق يتحير العقل بينهما ويتعارضان فيه ويكفللى فللي‬
‫فساد هذا أطباق العقلء قاطبة على قبح القتل الذي هو ظلم وبغى وعدوان‬
‫وحسن القتل الذي هو جزاء وقصاص وردع وزجر والفللرق بيللن هللذين مثللل‬
‫الفرق بين الزنا والنكاح بل أعظم وأظهر بل الفرق بينهما من جنس الفللرق‬
‫بين الصلح في الرض والفساد فيهللا فمللا تعللارض فللي عقللل صللحيح قللط‬
‫هذان المران حتى يتحير بينهما أيهما يؤثره ويختاره وقولكم أنه‬

‫إتلف بأزاء إتلف وعدوان في مقابلة عدوان فكذلك هللو لكللن إتلف حسللن‬
‫هو مصلحة وحكمة وصلح للعالم في مقابلة إتلف هو فساد وسفه وخللراب‬
‫للعالم فأنى يستويان أم كيف يعتدلن حتى يتحير العقل بين التلف الحسن‬
‫وتركه وقولكم ل يحيا الول بقتل الثاني قلنا يحيا به عدد كثير مللن النللاس إذ‬
‫لو ترك ولم يؤخذ على يديه لهلك الناس بعضهم بعضا فإن لم يكن في قتل‬
‫الثاني حياة للول ففيه حياة العالم كما قال تعالى ولكم في القصللاص حيللاة‬
‫يا أولي اللباب لكن هذا المعنى ل يدركه حق الدراك إل الللوا اللبللاب فللأين‬
‫هذه الشريعة وهذه الحكمة وهذه المصلللحة مللن هللذا الهللذيان الفاسللد وأن‬
‫يقال قتل الجاني إتلف بإزاء اتلف وعدوان في مقابلة عدوان فيكون قبيحللا‬
‫لول الشرع فوازن بين هذا وبين ما شرعه الله وجعل مصالح عبللادة منوطللة‬
‫به وقولكم فيه تكللثير المفسللدة بإعللدام النفسللين فيقللال لللو اعطيتللم رتللب‬
‫المصالح والمفاسد حقها لم ترضوا بهذا الكلم الفاسد فإن الشرائع والفطر‬
‫والعقول متفقة على تقديم المصلحة الراحجة وعلللى ذلللك قللام العللالم ومللا‬
‫نحن فيه كللذلك فللإنه احتمللال لمفسللده إتلف الجللاني إلللى هللذه المفسللدة‬
‫العامة فمن تحير عقله بين هذين المفسللدتين فلفسللاد فيلله والعقلء قاطبللة‬
‫متفقللون علللى أنلله يحسللن إتلف جللزء لسلللمة كللل كقطللع الصللبع أو اليللد‬
‫المتأكلة لسلمة سللائر البللدن ولللذلك يحسللن اليلم لللدفع إيلم أعظللم منلله‬
‫كقطع العروق وبط الخراج ونحللوه فلللو طللرد العقلء قياسللكم هللذا الفسللاد‬
‫وقالوا هذا إيلم محقق لدفع إيلم متوهم لفسد الجسد جملللة ول فللرق عنللد‬
‫العقول بين هذا وبين قياسكم فلي الفسلاد ‪ #‬اللوجه السلادس والخمسلون‬
‫قولكم أن مصلحة الردع والزجر وإحياء النوع أملر متلوهم كلم بيلن فسلاده‬
‫بل هو أمر متحقق وقوعه عادة ويدل عليه ما نشاهده من الفساد العام عند‬
‫ترك الجناة والمفسدين وإهمالهم وعدم الخللذ علللى ايللديهم والمتللوهم مللن‬
‫زعم أن ذلك موهوم وهو بمثابللة مللن دهملله العللدو فقللال ل نعللرض أنفسللنا‬
‫لمشقة قتالهم فإنه مفسدة متحققللة وأمللا اسللتيلؤهم علللى بلدنللا وسللبيهم‬
‫ذرارينا وقتل مقاتلنا فموهوم ‪ #‬فيا ليت شعري من الللواهم المخطيللء فللي‬
‫وهمه ونظيره أيضا أن الرجل إذا تبيغ به الدم وتضرر إلى اخراجه ل يتعللرض‬
‫لشق جلده وقطع عروقه لنه ألم محقق ل موهوم ولللو اطللرد هللذا القيللاس‬
‫الفاسد لخرب العالم وتعطلت الشرائع والعتماد في طلب مصللالح الللدارين‬
‫ودفع مفاسدهما مبني على هذا الذي سميتموه أنتللم موهومللا فالعمللال فللي‬
‫الدنيا إنما يتصرفون بناء على الغالب المعتاد الذي اطردت به العادة وإن لم‬
‫يجزموا به فإن الغالب صللدق العللادة واطرادهللا عنللد قيللام أسللبابها فالتللاجر‬
‫يحمل مشقة السفر في البر والبحر بناء على أنه يسلم ويغنم فلو طرد هللذا‬
‫القياس الفاسد وقال السفر مشقة متحققة والكسب مللر موهللوم لتعطلللت‬
‫أسفار الناس بالكلية وكذلك عمال الخرة لو قالوا تعب العمل ومشقة‬

‫أمر محقق وحسن الخاتمة أمر موهوم لعطلوا العمال جملة وكذلك الجراء‬
‫والصناع والملوك والجند وكل طالب امر من المور الدنيوية والخرويللة للول‬
‫بناؤه على الغالب وما جرت بلله العللادة لمللا احتمللل المشللقة المتيقنللة لمللر‬
‫منتظر ومن هاهنا قيل أن إنكار هذه المسئلة يسلتزم تعطيل الدنيا والخللرة‬
‫من وجوه متعددة ‪ #‬الوجه السابع والخمسون قولكم ويعارضه معنللى ثللالث‬
‫وراءهما فيفكر العقل في انواعه وشروط أخرى وراء مجللرد النسللانية مللن‬
‫العقل والبلوغ والعلم والجهل والكمال والنقللص والقرابللة والجنبيللة فيتحيللر‬
‫العقل كل التحير فل بد إذا من شارع يفصل هذه الخطة ويعين قانونا يطللرد‬
‫عليه امر المة ويستقيم عليه مصالحهم ‪ #‬فيقال ل ريللب أن الشللرائع تللأتي‬
‫بما ل تستقل العقول بإدراكه فإذا جاءت به الشريعة اهتدى العقل حينئذ إلى‬
‫وجلله حسللن مللأموره وقبللح منهيلله فسللرته الشللريعة علللى وجلله الحكمللة‬
‫والمصلحة الباعثين اشرعه فهذا مما ل ينكر وهذا الذي قلنا فيه ان الشللرائع‬
‫تأتي بمجازات العقول ل بمحالت العقول ونحن لللم نللدع ول عاقللل قللط أن‬
‫العقل يستقل بجميع تفاصيل ما جلاءت بله الشللريعة بحيللث للو تلرك وحلده‬
‫لهتدى إلى كل ما جللاءت بلله إذا عللرف هللذا فغايللة مللا ذكرتللم أن الشللريعة‬
‫الكاملة اشترطت في وجوب القصللاص شللروطا ل يهتللدي العقللل إليهللا وأي‬
‫شيء يلزم من هذا وماذا يقبح لكم ومنازعكم يسلمونه لكم وقولكم ان هذا‬
‫معارض للوصف المقتضى لثبوت القصاص من قيام مصلحة العالم إما غفلة‬
‫عن الشروط المعارضة وإما إصلح طار سيم فيه مال يهتدي العقل إليه من‬
‫شروط اقتضاء الوصف لموجبه معارضة فيالله العجللب أي معارضللة هللا هنللا‬
‫إذا كان العقل والفطرة قلد شلهدا بحسلن القتلل قصاصلا وانتظلامه للعلالم‬
‫وتوقفا في اقتضاء هذا الوصف هل يضم إليلله شللروط آخللر غيللره أم يكفللي‬
‫بمجرد وفي تعيين تلك الشروط فأدرك العقللل مللا اسللتقل بللإدراكه وتوقللف‬
‫عما ل يستقل بإدراكه حتى اهتدى إليه بنللور الشللريعة يوضللح هللذا ‪ #‬الللوجه‬
‫الثامن والخمسون أن ما وردت به الشريعة فللي اصللل القصللاص وشللروطه‬
‫منقسم إلى قسمين أحدهما ما حسنه معلوم بصريح العقل الذي ل يستريب‬
‫فيه عاقل وهو اصل القصاص وانتظام مصالح العالم بلله والثللاني مللا حسللنه‬
‫معلوم بنظر العقل وفكره وتأمله فل يهتدي إليه إل الخواص وهو ما اشللترط‬
‫اقتضاء هذا الوصف أو جعل تابعا له فاشترط له المكافللأة فللي الللدين وهللذا‬
‫في غاية المراعاة للحكمة والمصلحة فإن الدين هو الذي فللرق بيللن النللاس‬
‫في العصمة وليس في حكمة الله وحسن شرعه أن يجعللل دم وليلله وعبللده‬
‫وأحب خلقه إليلله وخيلر بريتله ومللن خلقله لنفسله واختصلله بكرامتله واهللله‬
‫لجواره في جنته والنطر إلى وجهه وسماع كلمه في دار كرامته كدم عللدوه‬
‫وامقت خلقه عليه وشر بريته والعادل به عن عبللادته إلللى عبللادة الشلليطان‬
‫الذي خلقه للنار وللطللرود عللن بلابه والبعللاد عللن رحمتلله وبالجملللة فحاشللا‬
‫حكمته أن يسوى بين دماء خير البرية ودماء شر‬

‫‪ #‬البرية في أخذ هذه بهذه سيما وقللد أبللاح لوليللائه دمللاء أعللدائه وجعلهللم‬
‫قرابين لهم وانما اقتضت حكمتلله أن يكفللوا عنهللم إذا صللاروا تحللت قهرهللم‬
‫وإذللهم كالعبيد لهم يؤدون إليهم الجزية التي هللي خللراج رؤسللهم مللع بقللاء‬
‫السبب الموجب لباحة دمائهم وهذا الترك والكف ل يقتضي استواء الللدمين‬
‫عقل ول شرعا ول مصلحة ول ريب أن الدمين قبل القهر والذلل لللم يكونللا‬
‫بمستويين لجل الكفر فأي موجب لستوائهما بعد الستذلل والقهر والكفللر‬
‫قائم بعينه فهل في الحكمة وقواعللد الشللريعة وموجبللات العقللول أن يكللون‬
‫الذلل والقهللر للكللافر موجبللا لمسللاواة دملله لللدم المسلللم هللذا ممللا تأبللاه‬
‫الحكمة والمصلحة والعقللول وقللد أشللار إلللى هللذا المعنللى وكشللف الغطللاء‬
‫وأوضح المشكل بقوله المسلمون تتكافأ دمللاؤهم أو قللال المؤمنللون فعلللق‬
‫المكافأة بوصف ل يجوز إلغاؤه وإهداره وتعليقها بغيره إذ يكللون أبطللال لمللا‬
‫اعتبره الشارع واعتبارا لما أبطله فإذا علللق المكافللأة بوصللف اليمللان كللان‬
‫كتعليقه سائر الحكللام بالوصللاف كتعليللق القطللع بوصللف السللرقة والرجللم‬
‫بوصف الزنا والجلد بوصف القذف والشرب ول فرق بينهما أصللل فكللل مللن‬
‫علق الحكام بغير الوصللاف الللتي علقهللا بلله الشللارع كللان تعليقلله منقطعللا‬
‫منصرما وهذا مما اتفق أئمة الفقهاء على صحته فقد أدى نظللر العقللل إلللى‬
‫أن دم عللدو الللله الكللافر ل يسللاوي دم وليلله ول يكللافيه أبللدا وجللاء الشللرع‬
‫بموجبه فأي معارضة هاهنا وأي حيرة أن هللو إل بصلليرة علللى بصلليرة ونللور‬
‫على نور وليس هذا مكان استيعاب الكلم على هذه المسألة وانمللا الغللرض‬
‫التنبيه على أن في صريح العقل الشهادة لما جاء به الشرع فيها‬
‫فصل وعكس هذا أنه لم تشترط المكافأة في علم وجهل ول في كمال‬
‫وقبح ول في شرف وضعة ول في عقل وجنللون ول فللي أجنبيللة وقرابللة خل‬
‫الوالد والولد وهذا من كمال الحكمة وتمام النعمة وهو في غاية المصلحة إذ‬
‫لو روعيت هذه المور لتعطلت مصلحة القصاص إل في النادر البعيللد إذ قللل‬
‫أن يستوي شخصان من كللل وجلله بلل ل بللد ملن التفللاوت بينهمللا فللي هللذه‬
‫الوصاف أو في بعضها فلو أن الشريعة جاءت بأن ل يقتللص إل مللن مكللافئ‬
‫من كل وجه لفسد العالم وعظم الهرج وانتشر الفساد ول يجوز على عاقللل‬
‫وضع هذه السياسة الجائرة وواضعها إلى السفه أقرب منه إلى الحكمللة فل‬
‫جرم أهدتك الشرائع إلى اعتبار ذلللك وأمللا الولللد والوالللد فمنللع مللن جريللان‬
‫القصاص بينهما حقيقة البعضية والجزئية الللتي بينهمللا فللان الولللد جللزء مللن‬
‫الوالد ول يقتص لبعض أجزاء النسان من بعض وقد أشللار تعللالى إلللى ذلللك‬
‫بقوله ^ وجعلوا له من عباده جزأ ^ وهو قللولهم الملئكللة بنللات الللله فللدل‬
‫على أن الولد جزء من الوالد وعلى هذا الصل امتنعت شللهادته للله وقطعلله‬
‫بالسرقة من ماله وحده أباه على قللذفه وعللن هللذا الصللل ذهللب كللثير مللن‬
‫السلف ومنهم المام أحمد وغيره إلى أن له أن يتملك‬
‫‪ #‬ما شاء من مال ولده وهو كالمبللاح فللي حقلله وقللد ذكرنللا هللذه المسللألة‬
‫مستقصاة بأدلتها وبينا دللة القرآن عليها مللن وجللوه متعللددة فللي غيللر هللذا‬
‫الموضع وهذا المأخذ أحسن من قللولهم أن الب لمللا كللان هللو السللبب فللي‬
‫أيجاد الولد فل يكون الولد سببا في إعدامه وفي المسألة مسلللك آخللر وهللو‬
‫مسلك قوي جدا وهو أن الله سبحانه جعل في قلب الوالد من الشفقة على‬
‫ولده والحرص على حياته ما يوازي شفقته على نفسه وحرصلله علللى حيللاة‬
‫نفسه وربما يزيد على ذلك فقد يؤثر الرجل حياة ولده على حياته وكثيرا مللا‬
‫يحرم الرجل نفسه حظوظها ويؤثر بها ولده وهذا القدر مانع من كللونه يريللد‬
‫إعدامه واهلكه بل ل يقصد في الغلب إل تللأديبه وعقللوبته علللى إسللاءته فل‬
‫يقع قتله في الغلب عن قصد وتعمد بل عن خطأ وسبق يللد وإذا وقللع ذلللك‬
‫غلطا الحق بالقتل الذي لم يقصد به إزهاق النفس فأسباب التهمة والعداوة‬
‫الحاملة على القتل ل تكاد توجللد فللي البللاء وان وجللدت نللادرا فللالعبرة بمللا‬
‫اطردت عليه عادة الخليقة وهنا للنللاس طريقللان ‪ #‬أحللدهما أنللا إذا تحققنللا‬
‫التهمة وقصد القتل والزهاق بأن يضجعه ويذبحه مثل أجرينا القصاص بينهما‬
‫لتحقق قصد الجناية وانتفاء المللانع مللن القصللاص وهللذا قللول أهللل المدينللة‬
‫والثاني أنه ل يجرى القصاص بحال وأن تحقق قصللد القتللل لمكللان الجزئيللة‬
‫والبعضية المانعة من القتصاص من بعض الجزاء لبعض وهو قول الكللثرين‬
‫ول يرد عليهم قتل الولد لوالده وان كان بعضه لن الب لم يخلق من نطفللة‬
‫البن فليس الب بجزء له حقيقة ول حكمللا بخلف الولللد فللانه جللزء حقيقللة‬
‫وليس هذا موضوع استقصاء الكلم علللى هللذه المسللائل إذ المقصللود بيللان‬
‫اشتمالها علللى الحكللم والمصللالح الللتي يللدركها العقللل وان لللم يسللتقل بهللا‬
‫فجاءت الشريعة بها مقررة لمللا اسللتقر فللي العقللل إدراكلله ولللو مللن بعللض‬
‫الوجوه وبعد النزول عن هذا المقام فأقصللى مللا فيلله أن يقللال أن الشللريعة‬
‫جاءت بما يعجز العقل عن إدراكلله ل بمللا يحيللله العقللل ونحللن ل ننكللر ذلللك‬
‫ولكن ل يلزم منه نفى الحكم والمصللالح الللتي اشللتملت عليهللا الفعللال فللي‬
‫ذواته والله أعلم ‪ #‬الوجه الثامن والخمسون قولكم وظهر بهذا أن المعللاني‬
‫المستنبطة راجعة إلى مجرد استنباط العقل ووضع الذهن من غير أن يكون‬
‫الفعل مشتمل عليها كلم في غايللة الفسلاد والبطلن ل يرتضلليه أهلل العلللم‬
‫والنصاف وتصوره حق التصور كاف في الجللزم ببطلنلله مللن وجللوه عديللدة‬
‫أحدها أن العقل والفطرة يشهدان ببطلنه والوجود يكذبه فان أكثر المعللاني‬
‫المستنبطة من الحكام ليست مللن أوضللاع الذهللان المجللردة عللن اشللتمال‬
‫الفعال عليها ومدعي ذلك في غاية المكابرة التي ل تجللدي عليلله إل تللوهين‬
‫المقالللة وهللذه المعللاني المسللتنبطة مللن الحكللام موجللودة مشللهودة يعلللم‬
‫العقلء أنها ليست من أوضاع الذهن بل الذهن أدركهللا وعلمهللا وكللان نسللبة‬
‫الذهن إلى إدراكها كنسبة البصر إلى إدراك اللوان وغيرها وكنسبة‬

‫‪ #‬السمع إلى إدراك الصوات وكنسللبة الللذوق إلللى إدراك الطعللوم والشللم‬
‫إلى إدراك الروائح فهل يسوغ لعاقل أنا يدعى أن هذه المدركات من أوضاع‬
‫الحواس وكذلك العقل إذا أدرك ما اشللتمل عليلله الكللذب والفجللور وخللراب‬
‫العالم والظلم واهلك الحرث والنسل والزنا بالمهات وغير ذلك من القبللائح‬
‫وأدرك ما اشتمل عليه الصللدق والللبر والحسللان والعللدل وشللكران المنعللم‬
‫والعفة وفعل كل جميل من الحسلن للم تكلن تللك المعلاني اللتي اشلتملت‬
‫عليها هذه الفعال مجرد وضع الذهن واستنباط العقل ومدعي ذلللك مصللاب‬
‫في عقله فان المعاني التي اشتملت عليها المنهيات الموجبة لتحريمها أمور‬
‫ناشئة مللن الفعللال ليسللت أوضللاعا ذهنيللة والمعللاني الللتي اشللتملت عليهللا‬
‫المأمورات الموجبة لحسنها ليسللت مجللرد أوضللاع ذهنيللة بللل أمللور حقيقيللة‬
‫ناشئة من ذوات الفعال ترتب آثارها عليها كترتب آثار الدوية والغذية عليها‬
‫وما نظير هذه المقالة إل مقالة من يزعم أن القوى والثار المسللتنبطة مللن‬
‫الغذية والدوية ل حقيقة لها إنما هي أوضاع ذهنية ومعلوم أن هذا باب مللن‬
‫السفسطة فللاعرض معللاني الشللريعة الكليللة علللى عقلللك وانظللر ارتباطهللا‬
‫بأفعالها وتعلقها بها ثم تأمل هل تجدها أمورا حقيقية تنشأ من الفعللال فللإذا‬
‫فعل الفعل نشأ منه أثره أو تجللدها أوضللاعا ذهنيللة ل حقيقللة لهللا وإذا أردت‬
‫معرفة بطلن المقالة فكرر النظر في أدلتها فأدلتها من أكبر الشواهد علللى‬
‫بطلنها بل العاقل يستغني بأدلة الباطل عن إقامة الللدليل علللى بطلنلله بللل‬
‫نفس دليله هللو دليللل بطلنلله ‪ #‬الللوجه الثللاني أن اسللتنباط العقللول ووضللع‬
‫الذهان لما ل حقيقة له من باب الخيالت والتقديرات الللتي ل يللترتب عليهللا‬
‫علم ول معلوم ول صللح ول فسلاد إذ هلي خيلالت مجلردة وأوهلام مقلدرة‬
‫كوضع الذهن سائر مللا يضللعه مللن المقللدرات الذهنيللة ومعلللوم أن المعللاني‬
‫المسللتنبطة مللن الحكللام هللي مللن أجللل المعلللوم ومعلومهللا مللن أشللرف‬
‫المعلومات وأنفعهللا للعبللاد وهللي منشللأ مصللالحهم فللي معاشللهم ومعللادهم‬
‫وترتب آثارها عليها مشهود في الخارج معقول في الفطر قائم فللي العقللول‬
‫فكيف يدعى أنه مجرد وضع ذهني ل حقيقة له ‪ #‬الوجه الثالث أن اسللتنباط‬
‫الذهن لما يستنبطه من المعللاني واعتقللاده أن الفعللال مشللتملة عليهللا مللع‬
‫كون المر ليس كذلك جهل مركب واعتقاد باطل فانه إذا اعتقد أن الفعللال‬
‫مشتملة على تلك المعاني وإنها منشأها وليس كللذلك كللان اعتقللادا للشلليء‬
‫بخلف ما هو به وهللذا غايلة الجهلل فكيلف يلدعي هللذا فللي اشلرف العللوم‬
‫وأزكاها وأنفعها وأعظمها متضمنا لمصالح العباد في المعللاش والمعللاد وهللل‬
‫هو ال لب الشللريعة ومضللمونها فكيللف يسللوغ أن يللدعى فيهللا هللذا الباطللل‬
‫ويرمى بهذا البهتان ‪ #‬وبالجملة فبطلن هذا القول أظهر من أن يتكلف رده‬
‫ولم يقل هذا القول من شم للفقله رائحلة أصللل اللوجه التاسللع والخمسلون‬
‫قولكم لو كانت صفات نفسية للفعل لزم من ذلك أن تكون‬

‫‪ #‬الحركة الواحدة مشتملة على صللفات متناقضللة وأحللوال متنللافرة فيقللال‬


‫وما الذي يحيل أن يكون الفعل مشتمل على صفتين مختلفللتين تقتضللي كللل‬
‫منهما أثرا غير الثر الخر وتكون إحدى الصفتين والثريللن أولللى بلله وتكللون‬
‫مصلحته أرجح فإذا رتب على صفته الخرى أثرها فللاتت المصلللحة الراجحللة‬
‫المطلوبة شرعا وعقل بل هذا هللو الواقللع ونحللن نجللد هللذا حسللا فللي قللوى‬
‫الغذية والدوية ونحوها من صفات الجسام الحسية المدركة بالحس فكيف‬
‫بصفات الفعال المدركة بالعقل وأمثلة ذلك في الشريعة تزيللد علللى اللللف‬
‫فهذه الصلة في وقت النهي فيهللا مصلللحة تكللثير العبللادة وتحصلليل الربللاح‬
‫ومزيد الثواب والتقرب إلى رب الرباب وفيها مفسدة المشابهة بالكفار في‬
‫عبادة الشمس وفي تركها مصلحة سد ذريعة الشللرك وفطللم النفللوس عللن‬
‫المشابهة للكفار حتى في وقت العبادة وكانت هذه المفسدة أولللى بالصلللة‬
‫في أوقات النهي من مصلحتها فلو شرعت لمللا فيهللا مللن المصلللحة لفللاتت‬
‫مصلحة الللترك وحصلللت مفسللدة المشللابهة الللتي هللي أقللوى مللن مصلللحة‬
‫الصلة حينئذ ولهذا كانت مصلحة أداء الفرائض في هذه الوقات أرجللح مللن‬
‫مفسدة المشابهة بحيث لما انغمرت هذه المفسدة بالنسبة إلى الفريضة لم‬
‫يمنع منها بخلف النافلة فان في فعلها في غير هذه الوقات غنية عن فعلهللا‬
‫فيها فل تفوت مصلحتها فيقع فعلها في وقللت النهللي مفسللدة راجحللة ومللن‬
‫هاهنا جوز كثير من الفقهاء ذوات السباب في وقت النهي لترجللح مصلللحتها‬
‫فأنها ل تقضى ول يمكن تداركها وكانت مفسدة تفويتهللا أرجللح مللن مفسللدة‬
‫المشابهة المذكورة وليس هللذا موضللع استقصللاء هللذه المسللألة فمللا الللذي‬
‫يحيل اشتمال الحركة الواحللدة علللى صللفات مختلفللة بهللذه المثابللة ويكللون‬
‫بعضلها أرجلح ملن بعللض فيقضلى للراجللح عقل وشللرعا وعلللى هلذا المثلال‬
‫مسائل عامة للشريعة ولو ل إلطالة لكتبنا منها ما يبلللغ ألللف مثللال والعللالم‬
‫ينتبه بالجزئيات للقاعدة الكلية ‪ #‬الوجه الستون قولكم وليس معنللى قولنللا‬
‫أن العقل استنبط منها أنها كانت موجودة في الشيء فاستخرجها العقل بل‬
‫العقللل تللردد بيللن إضللافات الحللوال بعضللها إلللى بعللض ونسللب الحركللات‬
‫والشخاص نوعا إلى نوع وشخصا إلى شخص فطرأ عليه من تلللك المعللاني‬
‫ما حكيناه وربما يبلغ مبلغا يشذ عن الحصللاء فعللرف أن المعللاني لللم ترجللع‬
‫إلى الذات بل إلى مجرد الخواطر وهي متعارضة فيقال يا عجبا لعقل يللروج‬
‫عليه مثل هذا الكلم ويبنى عليه هذه القاعدة العظيمة وذلك بناء على شللفا‬
‫جرف هار وقد تقدم ما يكفى فللي بطلن هللذا الكلم ونزيللدها هنللا أنلله كلم‬
‫فاسد لفظا ومعنى فان الستنباط هو استخراج الشيء الثابت الخفللي الللذي‬
‫ل يعثر عليه كل أحد ومنه استنباط الماء وهو استخراجه مللن موضللعه ومنلله‬
‫قوله تعللالى ولللو ردوه إلللى الرسللول والللى أولللى المللر منهللم لعلملله الللذي‬
‫يستنبطونه منهم أي يستخرجون حقيقته وتدبيره بفطنهم وذكللائهم وإيمللانهم‬
‫ومعرفتهم بمواطن المن والخوف‬

‫‪ #‬ول يصللح معنللى إل فللي شلليء ثلابت للله حقيقللة خفيللة يسللتنبطها الللذهن‬
‫ويستخرجها فأما ما ل حقيقة له فانه مجرد ذهنه فل استنباط فيه بللوجه وأي‬
‫شيء يستنبط منه وانما هو تقدير وفرض وهذا ل يسمى استنباطا في عقللل‬
‫ول لغة وحينئذ فيقلب الكلم عليكم ويكللون مللن يقلبلله أسللعد بللالحق منكللم‬
‫فنقول وليس معنى قولنا أن العقل استنبط من تلك الفعال أن ذلللك مجللرد‬
‫خواطر طارئة وانما معناه أنها كانت موجودة في الفعال فاستخرجها العقل‬
‫باستنباطه كما يستخرج الماء الموجود من الرض باستنباطه ومعلوم أن هذا‬
‫هو المعقول المطابق للعقل واللغه وما ذكرتموه فخارج عللن العقللل واللغللة‬
‫جميعا فعرف أنه ل يصح معنى الستنباط إل لشيء موجود يستخرجه العقل‬
‫ثم ينسب إليه أنواع تللك الفعلال وأشخاصلها فلان كلان أوللى بله حكلم لله‬
‫بالقتضاء والتأثير وهذا هو المعقول وهو الذي يعرضلله الفقهللاء والمتكلمللون‬
‫على مناسبات الشريعة وأوصافها وعللها التي تربط بها الحكللام فلللو ذهللب‬
‫هذا من أيديهم ل نسد عليهم باب الكلم فللي القيللاس والمناسللبات والحكللم‬
‫واستخراج ما تضمنته الشريعة من ذلك وتعليق الحكام بأوصافها المقتضللية‬
‫لها إذا كان مرد المر بزعمكم إلى مجرد خواطر طارئة على العقل ومجللرد‬
‫وضع الذهن وهذا من أبطل الباطل وأبين المحال ولقللد أنصللفكم خصللومكم‬
‫في ادعائهم عليكم لزم هذا المللذهب وقللالوا لللو رفللع الحسللن والقبللح مللن‬
‫الفعال النسانية إلى مجرد تعلق الخطاب بها لبطلت المعاني العقلية الللتي‬
‫تستنبط من الصول الشرعية فل يمكن أن يقاس فعل علللى فعللل ول قللول‬
‫على قللول ول يمكللن أن يقللال لللم كللان كللذا أذل تعليللل للللذوات ول صللفات‬
‫للفعال هللي عليهللا فللي نفللس المللر حللتى ترتبللط بهللا الحكللام وذلللك رفللع‬
‫للشرائع بالكلية مللن حيللث إثباتهللا ل سلليما والتعلللق أمللر عللدمي ول معتنللى‬
‫لحسن الفعل أو قبحه إل التعلق العدمي بينه وبين الخطللاب فل حسللن فللي‬
‫الحقيقة ول قبح ل شرعا ول عقل ل سيما إذا انضم إلى ذلك نفى فعل العبد‬
‫واختياره بالكلية وأنه مجبوب محض فهذا فعله وذلك صفة فعله فل فعل للله‬
‫ول وصف لقوله البتة فأي تعطيل ورفع للشرائع أكثر من هذا فهللذا إلزامهللم‬
‫لكم كما أنكم الزمتموهم نظير ذلك في نفي صفة الكلم وأنصللفتموهم فللي‬
‫اللزام الوجه الحللادي والسللتون قللولكم لللو ثبللت الحسللن والقبللح العقلييللن‬
‫لتعلق بهما اليجاب والتحريم شاهدا وغائبللا واللزم محللال فللالملزوم كللذلك‬
‫إلى آخره فنقول الكلم هاهنا في مقامين أحدهما فللي التلزم المللذكور بيللن‬
‫الحسن والقبح العقليين وبيللن اليجللاب والتحريللم غائبللا والثللاني فللي انتفللاء‬
‫اللزم وثبوته فأما المقلام الول فلمثبللتي الحسلن والقبلح طريقلان أحلدهما‬
‫ثبوت التلزم والقول باللزم وهذا القول هو المعروف عللن المعتزلللة وعليلله‬
‫يناظرون وهو القول الذي نصب خصومهم الخلف معهم فيه والقول الثللاني‬
‫إثبات الحسن والقبح فانهم يقولللون بإثبللاته ويصللرحون بنفللي اليجللاب قبللل‬
‫الشرع على العبد وبنفي‬

‫‪ #‬أيجاب العقل على الله شيئا البتة كما صرح به كثير من الحنفية والحنابلة‬
‫كأبي الخطاب وغيره والشافعية كسعد بن علي الزنجللاني المللام المشللهور‬
‫وغيره ولهؤلء في نفللي اليجللاب العقلللي مللن المعرفللة بللالله وثبللوته خلف‬
‫فالقوال إذا أربعة ل مزيد عليها ‪ #‬أحدها نفي الحسن والقبح ونفي اليجاب‬
‫العقلي في العمليات دون العلميللات كالمعرفللة وهللذا اختيللار أبللي الخطللاب‬
‫وغيللره فعللرف أنلله ل تلزم بيللن الحسللن والقبللح وبيللن اليجللاب والتحريللم‬
‫العقليين فهذا أحد المقامين ‪ #‬وأما المقام الثاني وهللو انتفللاء اللزم وثبللوته‬
‫فللنللاس فيلله ههنللا ثلثللة طللرق ‪ #‬أحللدهما الللتزام ذلللك والقللول بللالوجوب‬
‫والتحريم العقليين شاهدا وغائبا وهذا قول المعتزلة وهللؤلء يقولللون بللترتب‬
‫الوجوب شاهدا و بترتب المدح والذم عليه وأمللا العقللاب فلهللم فيلله اختلف‬
‫وتفصيل ومن أثبته منهم لم يثبته على الوجللوب الثللابت بعللد البعثللة ولكنهللم‬
‫يقولون أن العذاب الثابت بعد اليجاب الشرعي نوع آخر غير العذاب الثابت‬
‫على اليجاب العقلي وبذلك يجيبون عن النصوص النافية للعذاب قبل البعثة‬
‫وأما اليجاب والتحريم العقليان غائبا فهللم مصللرحون بهمللا ويفسللرون ذلللك‬
‫باللزوم الذي أوجبته حكمته وحرمته وأنه يستحيل عليه خلفه كمللا يسللتحيل‬
‫عليه الحاجة والنوم والتعب واللغوب فهذا معنى الوجوب والمتناع فللي حللق‬
‫الله عندهم فهو وجوب اقتضته ذاته وحكمتلله وغنللاه وامتنللاع يسللتحيل عليلله‬
‫التصاف به لمنافاته كماله له وغناه قالوا وهذا في الفعال نظير ما يقولللونه‬
‫في الصفات أنه يجب له كذا ويمتنع عليه كذا فقولنا نحن في الفعللال نظيللر‬
‫قولكم في الصافت ما يجب له منها وما يمتنللع كليلله فكمللا أن ذلللك وجللوب‬
‫وامتناع ذاتي يستحيل عليه خلفه فهكللذا مللا تقتضلليه حكمتلله وتأبللاه وجللوب‬
‫وامتناع يستحيل عليه الخلل به وان كان مقدورا له لكنه ل يخل بلله لكمللال‬
‫حكمته وعلمه وغناه والفرقة الثانيللة منعللت ذلللك جملللة وأحللالت القللول بلله‬
‫وجوزت على الللرب تعللالى كللل شلليء ممكللن وردت الحالللة والمتنللاع فللي‬
‫أفعاله إلى غير الممكن من المحالت كالجمع بيللن النقيضللين وبللابه فقللابلوا‬
‫المعتزلة أشد مقابلة واقتسما طرفي الفراط والتفريط ورد هؤلء الوجللوب‬
‫والتحريم الذي جاءت به النصوص إلى مجرد صللدق المخيللر فمللا أخللبر بللأنه‬
‫يكون فهو واجللب لتصللديق العلللم لمعلللومه والمخللبر لخللبره وقللد يفسللرون‬
‫التحريم بالمتناع عقل كتحريم الظلللم علللى نفسلله فللانهم يفسللرون الظلللم‬
‫بالمستحيل لذاته كالجمع بين النقيضين وليس عندهم في المقدور شيء هو‬
‫ظلم يتنزه الله عنه مع قدرته عليه لغناه وحكمتلله وعللدله فهللذا قللول هللؤلء‬
‫والفرقة الثالثة هم الوسط بين هاتين الفرقتين فان الفرقللة الولللى أوجبللت‬
‫على الله شريعة بعقولها وحرمت عليه وأوجبت ما لللم يحرملله علللى نفسلله‬
‫ولم يوجبه على نفسه والفرقة الثانية جللوزت عليلله مللا يتعللالى ويتنللزه عنلله‬
‫لمنافاته حكمته وحمده وكماله والفرقة الوسط أثبتت له ما أثبته لنفسه من‬
‫اليجاب والتحريم الذي هو مقتضى‬

‫‪ #‬أسمائه وصفاته الللذي ل يليللق بلله نسللبته إلللى ضللده لنلله مللوجب كمللاله‬
‫وحكمته وعدله ولم تدخله تحت شريعة وضعتها بعقولها كمللا فعلللت الفرقللة‬
‫الولى ولم يجوز عليه ما نزه نفسلله عنلله كمللا فعلتلله الفرقللة الثانيللة قللالت‬
‫الفرقة الوسط قد أخبر تعالى أنه حرم الظلللم علللى نفسلله كمللا قللال علللى‬
‫لسان رسوله يا عبادي أنى حرمت الظلللم علللى نفسللي وقللال ^ ول يظلللم‬
‫ربك أحدا ^ وقال ^ وما ربك بظلم للعبيد ^ وقال ^ ول يظلمون فللتيل ^‬
‫وقال ^ وما الله يريد ظلما للعباد ^ فأخبر عن تحريمله عللى نفسله ونفلى‬
‫عن نفسه فعله وارادته وللناس في تفسير هذا الظلم ثلثللة أقللوال بحسللب‬
‫أصولهم وقواعدهم أحدها أن الظلم الذي حرمه وتنزه عن فعله وارادته هللو‬
‫نظير الظلم من الدميين بعضللهم لبعللض وشللبهوه فللي الفعللال مللا يحسللن‬
‫منهما وما ل يحسن بعباده فضر بواله من قبل أنفسهم المثال وصاروا بذلك‬
‫مشبهة ممثلة فللي الفعللال فللامتنعوا مللن إثبللات المثللل العلللى الللذي أثبتلله‬
‫لنفسه ثلم ضلربوا لله المثلال ومثللوه فلي أفعلاله بخلقله كملا أن الجهميلة‬
‫المعطلة امتنعت من إثبات المثل العلى الللذي أثبتلله لنفسله ثللم ضللربوا للله‬
‫المثال ومثلوه في صفاته بالجمادات الناقصة بل بالمعدومات وأهللل السللنة‬
‫نزهوه عن هذا وهذا وأثبتوا له ما أثبته لنفسلله مللن صللفات الكمللال ونزهللوه‬
‫فيها عن الشبه والمثال فللأثبتوا للله المثللل العلللى ولللم يضللربوا للله المثللال‬
‫فكانوا أسعد الطوائف بمعرفته وأحقهم باليمان بلله وبللوليته ومحبتلله وذلللك‬
‫فضل الله يؤتيه من يشاء ثم التزم أصحاب هللذا التفسللير عنلله مللن اللللوازم‬
‫الباطلة ما ل قبل لهم به ‪ #‬قالوا عن هذا التفسير الباطل أنه تعالى إذا أمللر‬
‫العبد ولللم يعنلله بجميللع مقللدوره تعللالى مللن وجللوه العانللة كللان ظالمللا للله‬
‫والتزموا لذلك أنه ل يقللدر أن يهللدي ضللال كمللا قللالوا أنلله ل يقللدر أن يضللل‬
‫مهتديا وقالوا عنه أيضا أنه إذا أمر اثنين بللأمر واحللد وخللص أحللدهما بإعللانته‬
‫على فعل المأمور به كان ظالما وقالوا عنه أيضا أنلله إذا اشللترك اثنللان فللي‬
‫ذنب يوجب العقاب فعاقب به أحدهما وعفى عن الخر كان ظالما إلللى غيللر‬
‫ذلك من اللوازم الباطلة التي جعلوا لجلها ترك تسويته بين عباده في فضله‬
‫وإحسانه ظلما فعارضهم أصحاب التفسير الثاني وقالوا الظلللم المنللزه عنلله‬
‫في المور الممتنعة لذاتها فل يجللوز أن يكللون مقللدورا ول أنلله تعللالى تركلله‬
‫بمشيئته واختياره وانما هو من باب الجمع بين الضدين وجعل الجسم الواحد‬
‫في مكانين وقلب القديم محلدثا والمحلدث قلديما ونحلو ذللك وأل فكلل ملا‬
‫يقدره الذهن وكان وجوده ممكنا والرب قادر عليه فليس بظلم سللواء فعللله‬
‫أو لم يفعله وتلقى هذا القول عنهم طوائف من أهل العلم وفسروا الحللديث‬
‫به وأسندوا ذلك وقووه بآيات وآثار زعموا أنها تدل عليه كقوله ^ أن تعذبهم‬
‫فانهم عبادك ^ يعني لم تتصرف في غير ملكللك بللل أن عللذبت عللذبت مللن‬
‫تملك وعلى هذا فجوزوا تعذيب كل عبد له ولو كان محسنا ولم‬

‫‪ #‬يروا ذلك ظلما بقوله تعالى ^ ل يسأل عما يفعل وهم يسألون ^ وبقول‬
‫النبي أن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهللم‬
‫وبقوله في دعاء الهم والحزن اللهم أنى عبدك وابن عبدك ماض في حكمك‬
‫عدل في قضاؤك وبما روى عن اياس بن معاوية قال ما ناظرت بعقلي كللله‬
‫أحدا إل القدرية قلت لهم ما الظلم قالوا أن تأخذ ما ليس لك أو أن تتصرف‬
‫فيما ليس لك قلت فلله كل شيء والتزم هؤلء عن هذا القول لوازم باطلللة‬
‫كقولهم أن الله تعالى يجوز عليه أن يعذب أنبياءه ورسله وملئكته وأوليللاءه‬
‫وأهللل طللاعته ويخلللدهم فللي العللذاب اليللم ويكللرم أعللداءه مللن الكفللار‬
‫والمشركين والشياطين ويخصهم بجنته وكرامته وكلهما عللدل وجللائز عليلله‬
‫وأنه يعلم أنه ل يفعل ذلك بمجرد خبره فصار ممتنعا لخباره أنلله ل يفعللله ل‬
‫لمنافاته حكمته ول فرق بين المرين بالنسبة إليه ولكللن أراد هللذا وأخللبر بلله‬
‫وأراد الخر وأخبر به فوجب هذا لرادتلله وخللبره وامتنللع ضللده لعللدم إرادتلله‬
‫واختياره بأن ل يكون والتزموا له أيضا أنه يجوز أن يعذب الطفللال الللذين ل‬
‫ذنب لهم أصل ويخلدهم في الجحيللم وربمللا قللالوا بوقللوع ذلللك فللأنكر علللى‬
‫الطائفتين معا أصللحاب التفسللير الثللالث وقللالوا الصللواب الللذي دلللت عليلله‬
‫النصوص أن الظلم الذي حرمه الله على نفسه وتنزه عنه فعل وارادة هو ما‬
‫فسره به سلف المة وأئمتها أنه ل يحمل المرء سيئات غيره ول يعللذب بمللا‬
‫لم تكسب يداه ولم يكن سعى فيه ول ينقص من حسللناته فل يجللازي بهللا أو‬
‫ببعضها إذا قارنها أو طرأ عليها ما يقتضللي إبطالهللا أو اقتصللاص المظلللومين‬
‫منها وهذا الظلم الذي نفى الله تعالى خوفه عن العبد بقوله ^ ومللن يعمللل‬
‫مللن الصللالحات وهللو مللؤمن فل يخللاف ظلمللا ول هضللما ^ قللال السلللف‬
‫والمفسرون ل يخاف أن يحمل عليه من سيئات غيره ول ينقص من حسناته‬
‫ما يتحمل فهذا هو العقلول ملن الظللم وملن علدم خلوفه وأملا الجملع بيلن‬
‫النقيضين وقلب القديم محدثا والمحدث قديما فمما يتنزه كلم آحللاد العقلء‬
‫عن تسميته ظلملا وعلن نفلي خلوفه علن العبلد فكيلف بكلم رب العلالمين‬
‫وكذلك قوله ^ وما ظلمناهم ولكن كانوا هللم الظللالمين ^ فنفللى أن يكللون‬
‫تعذيبه لهم ظلمللا ثللم أخللبر أنهللم هللم الظللالمون بكفرهللم ولللو كللان الظلللم‬
‫المنفي هو المحال لم يحسن مقابلة قوله وما ظلمناهم بقللوله ولكللن كللانوا‬
‫هم الظالمين بل يقتضللي الكلم أن يقللال مللا ظلمنللاهم ولكللن تصللرفنا فللي‬
‫ملكنا وعبيدنا فلما نفى الظلللم عللن نفسلله وأثبتلله لهللم دل علللى أن الظلللم‬
‫المنفي أن يعذبهم بغير جرم وأنه إنما عذبهم بجرمهللم وظلمهللم ول تحتمللل‬
‫الية غير هذا ول يجوز تحريف كلم الله لنصر المقالت وقال تعالى ^ ومللن‬
‫يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فللأولئك يللدخلون الجنللة ول‬
‫يظلمون نقيرا ^ ول ريب أن هذا مذكور في سياق التحريض علللى العمللال‬
‫الصالحة والستكثار منها فان صاحبها يجزي بها‬

‫‪ #‬ول ينقص منها بذرة ولهذا يسللمى تعللالى مللوفيه كقللوله ^ وانمللا توفللون‬
‫أجوركم يوم القيامة ^ وقوله ^ ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلللم بمللا‬
‫يفعلون ^ فترك الظلم هو العدل لفعل كل ممكن وعلى هذا قام الحسللاب‬
‫ووضع المللوازين القسللط ووزنللت الحسللنات والسلليئات وتفللاوتت الللدرجات‬
‫العلى بأهلها والدركات السفلى بأهلها وقال تعالى ^ أن الله ل يظلم مثقال‬
‫ذرة ^ أي ل يضيع جزاء من أحسن ولو بمثقال ذرة فللدل علللى أن اضللاعتها‬
‫وترك المجازاة بها مع عدم ما يبطلها ظلم يتعالى الله عنه ومعلوم أن تللرك‬
‫المجازاة عليها مقدور يتنزه الله عنه لكمال عدله وحكمتلله ول تحتمللل اليللة‬
‫قط غير معناها المفهوم منها وقال تعالى ^ من عمل صالحا فلنفسلله ومللن‬
‫أساء فعليها ومللا ربللك بظلم للعبيللد ^ أي ل يعللاقب العبللد بغيللر إسللاءة ول‬
‫يحرمه ثواب إحسانه ومعلوم أن ذلك مقدور له تعالى وهو نظير قللوله ^ أم‬
‫لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفللي أل تللزر وازرة وزر أخللرى‬
‫وأن ليس للنسان إل ما سعى ^ فأخبر انه ليس علللى أحللد فللي وزر غيللره‬
‫شيء ‪ #‬وأنه ل يستحق إل ما سعاه وأن هذا هو العدل الذي نزه نفسه عللن‬
‫خلفه ^ وقال الذي آمن يا قوم أنى أخاف عليكم مثللل يللوم الحللزاب مثللل‬
‫دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الللله يريللد ظلمللا للعبللاد ^‬
‫بين أن هذا العقاب لم يكن ظلما من الله للعبللاد بللل لللذنوبهم واسللتحقاقهم‬
‫ومعلوم أن المحال الذي ل يمكن ول يكون مقدورا أصللل ل يصلللح أن يمللدح‬
‫الممدوح بعدم إرادته ول فعله ول يحمد على ذلك وانما يكللون المللدح بللترك‬
‫الفعال لمن هو قادر عليها وأن يتنزه عنها لكماله وغناه وحمللده وعلللى هللذا‬
‫يتم قوله أنى حرمت الظلم على نفسي وما شللاكله مللن النصللوص فامللا أن‬
‫يكون المعنى أنى حرمت على نفسي ما ل حقيقة له وما ليس بممكن مثللل‬
‫خلللق مثلللى ومثللل جعللل القللديم محللدثا والمحللدث قللديما ونحللو ذلللك مللن‬
‫المحالت ويكون المعنى أنى أخبرت عن نفسي بلأن ملا ل يكلون مقللدورا ل‬
‫يكون منى فهذا مما يتيقن المنصف أنه ليس ملرادا فلي اللفلظ قطعلا وأنله‬
‫يجب تنزيه كلم الله ورسوله عن حملة على مثل ذلك قالوا وأما استدللكم‬
‫بتلك النصوص الدالة على أنه سبحانه أن عذبهم فانهم عباده وأنه غير ظالم‬
‫لهم وأنه ل يسأل عما يفعل وأن قضاءه فيهم عدل بمناظرة ايللاس للقدريللة‬
‫فهذه النصوص وأمثالها كلها حللق يجللب القللول بموجبهللا ول تحللرف معانيهللا‬
‫والكل من عند الله ولكن أي دليل فيها يدل على أنلله تعللالى يجللوز عليلله أن‬
‫يعذب أهل طاعته وينعم أهل معصيته وأنه يعذب بغير جرم ويحرم المحسن‬
‫جزاء عمله ونحو ذلللك بللل كلهللا متفقللة متطابقللة دالللة علللى كمللال القللدرة‬
‫وكمال العدل والحكمة فالنصوص التي ذكرناها تقتضي كمال عدله وحكمتلله‬
‫وغناه ووضعه العقوبة والثواب مواضللعهما وأنلله ل يعللدل بهمللا عللن سللننهما‬
‫والنصوص التي ذكرتموها تقتضي كمال قللدرته وانفللراده بالربوبيللة والحكللم‬
‫وأنه ليس فوقه آمر ول ناه يتعقب أفعاله بسؤال وأنه‬

‫‪ #‬لو عذب أهل سماواته وأرضه لكان ذلك تعذيبا لحقه عليهم وكانوا إذ ذاك‬
‫مستحقين للعذاب لن أعمالهم ل تفي بنجاتهم كما قال النبي لن ينجى أحدا‬
‫منكم عمله قالوا ول أنللت يللا رسللول الللله قللال ول أنللا إل أن يتغمللدني الللله‬
‫برحمة منه وفضل فرحمته لهم ليست في مقابلة أعمالهم ول هي ثمنللا لهللا‬
‫فإنها خير منها كما قال في الحديث نفسه ولللو رحمهللم لكللانت رحمتلله لهللم‬
‫خيرا لهم من أعمالهم أي فجمع بيللن المريللن فللي الحللديث أنلله لللو عللذبهم‬
‫لعذبهم باستحقاقهم ولم يكن ظالما لهم وأنه للو رحمهللم لكللان ذللك مجلرد‬
‫فضله وكرمه ل بأعمالهم إذ رحمته خير من أعمالهم فصلوات الللله وسلللمه‬
‫على من خرج هذا الكلم أول من شللفتيه فللانه أعللرف الخلللق بللالله وبحقلله‬
‫وأعلمهم به وبعدله وفضله وحكمته وما يستحقه على عباده وطاعللات العبللد‬
‫كلها ل تكون مقابلة لنعم الللله عليهللم ول مسللاوية لهللا بللل ول للقليللل منهللا‬
‫فكيف يستحقون بها على الله النجاة وطاعة المطيع ل نسبة لهللا إلللى نعمللة‬
‫من نعم الله عليه فتبقى سائر النعم تتقاضاه شكرا والعبد ل يقوم بمقللدوره‬
‫الذي يجب لله عليه فجميع عباده تحت عفوه ورحمته وفضله فما نجا منهللم‬
‫أحدا إل بعفوه ومغفرته ول فللاز بالجنللة إل بفضللله ورحمتلله وإذا كللانت هللذه‬
‫حال العباد فلو عذبهم لعذبهم وهو غير ظالم لهم ل لكونه قادرا عليهم وهللم‬
‫ملكه بل لستحقاقهم ولو رحمهم لكان ذلك بفضله ل بأعمالهم ‪ #‬وأما قوله‬
‫فانهم عبادك فليس المراد به أنك قادر عليهم مالك لهم وأي مللدح فللي هللذا‬
‫ولو قلت لشخص أن عذبت فلنا فانك قادر علللى ذلللك أي مللدح يكللون فللي‬
‫ذلك بل في ضمن ذلك الخبللار بغايللة العللدل وأنلله تعللالى أن عللذبهم فللانهم‬
‫عباده الذين أنعم عليهم بإيجادهم وخلقهم ورزقهم وإحسانه إليهم ل بوسيلة‬
‫منهم ول في مقابلة بذل بذلوه بل ابتدأهم بنعملله وفضللله فللإذا عللذبهم بعللد‬
‫ذلك وهم عبيده لم يعذبهم إل بجرمهم واستحقاقهم وظلمهم فان مللن أنعللم‬
‫عليهم ابتداء بجلئل النعم كيف يعذبهم بغير استحقاق أعظم النقللم ‪ #‬وفيلله‬
‫أيضا أمر آخر ألطف من هللذا وهللو أن كللونهم عبللاده يقتضللي عبللادته وحللده‬
‫وتعظيمه واجلله كما يجل العبد سيده ومالكه الذي ل يصل إليه نفع إل على‬
‫يده ول يدفع عنه ضرا إل هو فإذا كفروا به أقبح الكفللر وأشللركوا بلله أعظللم‬
‫الشرك ونسبوه إلى كل نقيصة ممللا تكللاد السللموات يتفطللرن منلله وتنشللق‬
‫الرض وتخر الجبال هدا كللانوا أحللق عبللاده وأولهللم بالعللذاب والمعنللى هللم‬
‫عبادك الذين أشركوا بك وعلدلوا بلك وجحلدوا حقلك فهلم عبلاد مسلتحقون‬
‫للعذاب وفيه أمر آخر أيضللا لعللله ألطللف ممللا قبللله وهللو أن تعللذبهم فللانهم‬
‫عبادك وشأن السيد المحسن المنعم أن يتعطف على عبده ويرحملله ويحنللو‬
‫عليه فإن عذبت هؤلء وهم عبيدك ل تعذبهم إل باستحقاقهم وإجرامهللم وأل‬
‫فكيف يشقى العبد بسيده وهو مطيع له متبع لمرضاته فتأمل هللذه المعللاني‬
‫ووازن بينها وبين قوله من يقول أن تعذبهم فأنت الملك القادر وهم‬

‫‪ #‬المملوكون المربوبون وانما تصرفت في ملكللك مللن غيللر أن يكللون قللام‬


‫بهم سللبب العللذاب فللان القللوم نفللاة السللباب وعنللدهم أن كفللر الكللافرين‬
‫وشركهم ليس سللببا للعللذاب بللل العللذاب بمجللرد المشلليئة ومحللض الرادة‬
‫وكذلك الكلم في مناظرة اياس للقدرية إنمللا أراد بللأن التصللرفات الواقعللة‬
‫منه تعالى في ملكه ل تكون ظلما قط وهذا حللق فللان كللل مللا فعللله الللرب‬
‫ويفعله ل يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة فليللس فللي أفعللاله‬
‫ظلم ول جور ول سفه وهذا حق ل ريللب فيلله فايللاس بيللن أنلله سللبحانه فللي‬
‫تصرفه في ملكه غير ظالم فهذه مجامع طرق العالم في هذا المقام ألقيت‬
‫إليك محتضرة بذكر قواعدها وأداتها وترجيح الصللواب منهللا وابطللال الباطللل‬
‫ولعلك ل تجد هذا التفصيل والكلم على هذه المللذاهب وأصللولها فللي كتللاب‬
‫من كتب القوم والله تعالى المسئول لتمام نعمته ومزيد العلللم والهللدى انلله‬
‫المان بفضله‬
‫فصل وكذلك الكلم في اليجاب في حق الله سواء القوال فيه كالقوال‬
‫في التحريم وقد أخبر سبحانه عن نفسه أنه كتب على نفسلله وأحللق علللى‬
‫نفسه قال تعالى ^ وكان حقا علينا نصللر المللؤمنين ^ وقللال تعللالى ^ وإذا‬
‫جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلم عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمللة‬
‫^ وقال تعالى ^ أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأمللوالهم بللأن لهللم‬
‫الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليلله حقللا فللي التللوراة‬
‫والنجيل والقرآن ^ وفي الحديث الصحيح أن النللبي قللال لمعللاذ أتللدري مللا‬
‫حق الله على عباده قلت الله ورسوله أعلم قلال حقله عليهلم أن يعبلدوه ل‬
‫يشركوا به شيئا أتدري ما حللق العبللاد علللى الللله إذا فعلللوا ذلللك قلللت الللله‬
‫ورسوله أعلم قال حقهم عليه أن ل يعذبهم ومنه قوله في غيللر حللديث مللن‬
‫فعل كذا كان على الله أن يفعل به كذا وكذا في الوعد والوعيد ونظيللر هللذا‬
‫ما أخبر سبحانه من قسمه ليفعلن ما أقسم عليلله كقللوله فوربللك لنسللئلنهم‬
‫أجمعين فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا وقللوله‬
‫^ لنهلكللن الظللالمين ^ وقللوله ^ لملن جهنللم منللك وممللن تبعللك منهللم‬
‫أجمعين ^ وقوله ^ فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سللبيلي‬
‫وقاتلوا وقتلوا لكفللرن عنهللم سلليئاتهم ولدخلنهللم جنللات تجللري مللن تحتهللا‬
‫النهار ^ وقوله فلنسألن الذي أرسل إليهم ولنسألن المرسلين وقوله فيمللا‬
‫يرويه عنه رسول الله وجللي لقتصن للمظلوم من الظالم ولللو لطمللة ولللو‬
‫ضربة بيد إلي أمثال ذلك من صيغ القسم المتضمن معنللى إيجللاب المقسللم‬
‫على نفسه أو منعه نفسلله وهللو القسللم الطلللبي المتضللمن للحظللر والمنللع‬
‫بخلف القسم الخبري المتضمن للتصديق‬

‫‪ #‬والتكذيب ولهذا قسم الفقهاء وغيرهم اليمين إلي موجب للحظللر والمنللع‬
‫أو التصديق والتكذيب قالوا وإذا كان معقول من العبللد أن يكللون طالبللا مللن‬
‫نفسه فتكون نفسه طالبة منها لقوله تعالى ^ أن النفس لمارة بالسللوء ^‬
‫وقوله ^ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ^ مع كون العبللد‬
‫له آمر وناه فوقه فالرب تعالى الذي ليس فوقه آمر ول ناه كيف يمتنللع منلله‬
‫أن يكون طالبا من نفسه فيكتب على نفسه ويحق على نفسه ويحرم علللى‬
‫نفسه بل ذلك أولى وأحرى في حقه من تصوره في حق العبد وقد أخبر بلله‬
‫عن نفسه وأخبر به رسوله ‪ #‬قالوا وكتابه ما كتبه على نفسلله وإحقللاقه مللا‬
‫حقه عليها متضمن لرادته ذلك ومحبته للله ورضللاه بلله وأنلله ل بللد أن يفعللله‬
‫وتحريمه ما حرمه على نفسه متضمن لبغضه لذلك وكراهته له وأنه ل يفعله‬
‫ول ريب أن محبته لمللا يريللد أن يفعللله ورضللاه بلله يللوجب وقللوعه بمشلليئته‬
‫واختياره وكراهته للفعل وبغضه له يمنع وقوعه منه مع قدرته عليه لللو شللاء‬
‫وهذا غير ما يحبه من فعل عبده ويكرهه منه فذاك نوع وهللذا نللوع ولمللا لللم‬
‫يميز كثير من الناس بين النللوعين وأدخلوهمللا تحللت حكللم واحللد اضللطربت‬
‫عليهم مسائل القضاء والقدر والحكم والتعليل وبهذا التفصيل سفر لك وجلله‬
‫المسئلة وتبلج صبحها ففرق بين فعللله سللبحانه الللذي هللو فعللله وبيللن فعللل‬
‫عباده الذي هو مفعوله فمحبته تعالى وكراهته للول توجب وقوعه وامتنللاعه‬
‫وأما محبته وكراهته للثاني فل توجب وقوعه ول امتناعه فانه يحللب الطاعللة‬
‫واليمان من عباده كلهم وان لم تكن محبته موجبة لطاعتهم وأيمانهم جميعا‬
‫إذا لم يحب فعله الذي هو إعانتهم وتوفيقهم وخلق ذلك لهم ولو أحللب ذلللك‬
‫لستلزم طاعتهم وأيمانهم ويبغض معاصيهم وكفرهللم وفسللوقهم ولللم تكللن‬
‫هللذه الكراهللة والبغللض مانعللة مللن وقللوع ذلللك منهللم إذ لللم يكللره سللبحانه‬
‫خذلنهم واضللهم لما له في ذلك من الغايات المحبوبة التي فواتها يسللتلزم‬
‫فوات ما هو أحب إليه من إيمانهم وطللاعتهم وتعقللل ذلللك ممللا يقصللر عنلله‬
‫عقول أكثر الناس وقد أشرنا إليه فيما تقدم من الكتاب فالرب تعالى يحللب‬
‫من عباده الطاعة واليمان ويحب مع ذلللك مللن تضللرعهم وتللذللهم وتللوبتهم‬
‫واستغفارهم ومن توبته ومغفرتله وعفللوه وصلفحه وتجلاوزه ملا هللو ملللزوم‬
‫لمعاصيهم وذنوبهم ووجود الملزوم بدون لزمه ممتنع وإذا عقل هذا في حق‬
‫المللذنبين فيعقللل مثللله فللي حللق الكفللار وان خلقهللم واضللللهم لزم لمللور‬
‫محبوبة للرب تعالى لم تكن تحصل إل بوجود لزمها إذ وجود الملزوم بللدون‬
‫لزمه ممتنع فكانت تلك المور المحبوبة والغايات المحمللودة متوقفللة علللى‬
‫خلقهم واضللهم توقف الملزوم على لزمة وهذا فصل معترض لم يكن من‬
‫غرضنا وان كان أهم مما سقنا الكلم لجله ونكتة المسألة الفرق بين ما هو‬
‫فعل له تستلزم محبته وقوعه منه وبين ما هو مفعول للله ل تسللتلزم محبتلله‬
‫له وقوعه‬

‫من عبده وإذا عرف هذا فالظلم والكفر والفسوق والعصيان وأنواع الشرور‬
‫واقعة في مفعولته المنفصلة التي ل يتصف بها دون أفعاله القائمة به ومللن‬
‫انكشف له لهذا المقللام فهللم معنللى قللوله والشللر ليللس إليللك فهللذا الفللرق‬
‫العظيم يزيل أكثر الشبه التي حارت لهللا عقللول كللثير مللن النللاس فللي هللذا‬
‫الباب وهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بأذنه والله يهدي من‬
‫يشاء إلي صراط مستقيم فما في مخلوقللاته ومفعللولته تعللالى مللن الظلللم‬
‫والشر فهو بالنسبة إلي فاعله المكلف الذي قام به الفعل كما أنلله بالنسللبة‬
‫إليه يكون زنا وسرقة وعدوانا وأكل وشربا ونكاحا فهو الزاني السارق الكلل‬
‫الناكح والله خالق كل فاعل وفعله وليست نسبة هللذه الفعللال إلللي خالقهللا‬
‫كنسبتها إلي فاعلها الذي قلامت بله كملا أن نسلبة صلفات المخلللوقين إليله‬
‫كطوله وقصره وحسنه وقبحه وشكله ولونه ليست كنسبتها إلي خالقها فيلله‬
‫فتأمل هذا الموضع واعط الفرق حقه وفرق بين النسبتين فكمللا أن صللفات‬
‫المخلوق ليست صفات لله بوجه وان كان هو خالقها فكذلك أفعللاله ليسللت‬
‫أفعال لله تعالى ول إليه وان كان هو خالقها فلنرجع الن إلي ما نحن بصدده‬
‫فنقول المر الذي كتبه علللى نفسلله مسللتحق عليلله الحمللد والثنللاء ويتعللالى‬
‫ويتقدس عن تركه إذ تركه مناف للثناء والحمد الذي يستحقه عليلله متضللمنا‬
‫لما يستحق لذاته وهذا بحمد الله بيللن عنللد مللن أوتللى العلللم واليمللان وهللو‬
‫مستقر في فطرهم ل ينسللخه منهللا شللبهات المبطليللن وهللذا الموضللع ممللا‬
‫خفى على طائفتي القدرية والجبرية فخبطوا في عشواء وخبطللوا فللي ليلللة‬
‫ظلماء والله الموفق الهادي للصواب‬

‫فصل وقد ظهر بهذا بطلن قول طائفتين معا الذين وضعوا لله شريعة‬
‫بعقولهم أوجبوا عليه وحرموا منها ما لم يوجبه على نفسه ولم يحرمه على‬
‫نفسه وسووا بينه وبيللن عبللاده فيمللا يحسللن منهللم ويقبللح وبللذلك اسللتطال‬
‫عليهم خصومهم وأبدوا مناقضتهم وكشفوا عوراتهم وبينوا فضائحهم وكللذلك‬
‫بطلن قول الطائفة التي جوزت عليه كل شلليء وأنكللرت حكمتلله وجحللدت‬
‫في الحقيقة ما يستحقه من الحمد والثناء على مللا يفعللله ممللا يمللدح بفعللله‬
‫وعلى ترك ما يتركه مع قدرته عليه مما يمدح بتركه وجعلت النوعين واحللدا‬
‫ول فرق عندهم بالنسبة إليه تعالى بين فعل ما يملدح بفعللله وبيللن تركله ول‬
‫بين ترك ما يمدح بتركه وبيللن فعللله وبهللذا تسلللط عليهللم خصللومهم وأبللدوا‬
‫مناقضتهم وبينوا فضائحهم قال المتوسطون وأما نحن فل يلزمنا شلليء مللن‬
‫هذه الفضائح والباطيل فانا لم نوافق طائفللة مللن الطللائفتين علللى كللل مللا‬
‫قالته بل وافقنا كل طائفة فيما أصابت فيه الحق وخالفناها فيما خالفت فيه‬
‫الحق فكنا أسعد به من الطائفتين ولله المنة والفضل هذا قولنا قد أوضحناه‬
‫في هذه المسألة غاية اليضاح وأفصحنا عنه بملا أمكننلا ملن الفصلاح فملن‬
‫وجد سبيل إلى‬

‫‪ #‬المعارضة أو رام طريقا إلي المناقضة فليبدها فانا مللن وراء الللردة عليلله‬
‫وإهداء عيوب مقللالته إليلله ونحللن نعلللم أنلله ل يللرد علينللا مقالتنللا إل بإحللدى‬
‫المقالتين اللتين كشفنا عن عوارهما وبينللا فسللادهما فليسللتر عللورة مقللالته‬
‫ويصلح فسادها ويرم شللعثها ثللم ليلللق خصللومه بهللا فالمحاكمللة إلللي النقللل‬
‫الصريح والعقل الصحيح والله المستعان ‪ #‬الللوجه الثللاني والسللتون قللولكم‬
‫الوجوب والتحريم بدون الشللرع ممتنللع لنلله لللو ثبللت لقللامت الحجللة بللدون‬
‫الرسل والله سبحانه إنما أقام حجتلله برسللله إلللى آخللره فيقللال ل ريللب أن‬
‫الوجوب والتحريم اللذين هما متعلق الثواب والعقللاب بللدون الشللرع ممتنللع‬
‫كما قررتموه والحجة إنما قامت علللى العبللاد بالرسللل ولكللن هللذا الوجللوب‬
‫والتحريم بمعنى حصول المقتضى للثواب والعقاب وان تخلف عنلله مقتضللاه‬
‫لقيام مانع أو فوات شرط كما تقدم تقريره وقد قال تعالى ولول أن تصيبهم‬
‫مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لو ل أرسلت الينللا رسللول فنتبللع آياتللك‬
‫ونكون من المؤمنين فأخبر تعالى أن ما قدمت أيديهم سبب لصابة المصيبة‬
‫إياهم وأنه سبحانه أرسل رسوله وأنزل كتابه لئل يقولللوا ربنللا لللو ل أرسلللت‬
‫الينا رسول فنتبع آياتك فدلت الية على بطلن قول الطائفتين جميعللا الللذين‬
‫يقولون أن أعمالهم قبل البعثة ليست قبيحة لللذاتها بللل إنمللا قبحللت بللالنهي‬
‫فقط والذين يقولون أنها قبيحة ويستحقون عليها العقوبة عقل بللدون البعثللة‬
‫فنظمت الية بطلن قول الطائفتين ودلت على القول الوسط الذي اخترناه‬
‫ونصرناه أنها قبيحة في نفسها ول يسللتحقون العقللاب إل بعللد إقامللة الحجللة‬
‫بالرسالة فل تلزم بين ثبوت الحسن والقبح العقليين وبين استحقاق الثللواب‬
‫والعقاب فالدلة إنما اقتضلت ارتبلاط الثلواب والعقلاب بالرسلالة وتوقفهملا‬
‫عليها ولم تقتض توقف الحسن والقبح بكل اعتبار عليها وفرق بيللن المريللن‬
‫‪ #‬الوجه الثالث والستون قولكم كيف يعلم أنه سبحانه يجب عليه أن يمللدح‬
‫ويذم ويثبت ويعاقب على الفعل بمجرد العقل وهل ذلللك إل غيللب عنللا فيمللا‬
‫يعرف أنه رضى عن فاعل وسخط على فاعل وأنه يللثيب هللذا ويعللاقب هللذا‬
‫ولم يخبر عنه بذلك مخبر صادق ولدل على مواقع رضاه وسخطه عقللل ول‬
‫أخبر عن معلومه ومحكومه مخيللر فلللم يبللق إل قيللاس أفعللاله علللى أفعللال‬
‫عبللاده وهللو مللن أفسللد القيللاس فللانه ليللس كمثللله شلليء فيقللال هللذا لزم‬
‫للمعتزلة ومن وافقهللم حيللث يوجبللون علللى الللله ويحرمللون بالقيللاس علللى‬
‫عباده ول ريب أن هذا من أفسد القياس وأبطله ولكن مللن أيللن ينفللى ذلللك‬
‫إثبات صفات أفعال اقتضللت حسللنها وقبحهللا عقل ولللم يعلللم ترتللب الثللواب‬
‫والعقاب عليها إل بالرسالة كما نصرناه فأنتم معاشر النفللاة سلللبتم الفعللال‬
‫خواصها وصفاتها التي ل تنفك عنها ول تغفللل مجللردة عنهللا أبللدا وظننتللم أن‬
‫قول المعتزلة الباطل في ايجابها وتحريمها على الللله ل يتللم إل بهللذا النفللي‬
‫فأخطاتم في المرين‬

‫‪ #‬معا فان بطلن قولهم ل يتوقف على نفي الحسن والقبح ونفيهمللا باطللل‬
‫وخصومكم من المعتزلة أثبتوا لله شريعة عقلية أوجبللوا عليلله فيهللا وحرمللوا‬
‫بمقتضللى عقللولهم وظنللوا أنهللم ل يمكنهللم إثبللات الحسللن والقبللح إل بللذلك‬
‫فأخطئوا في المرين معا فان الله تعالى كما ل يقاس بعبللاده فللي أفعللاله ل‬
‫يقاس بهم في ذاته وصفاته فليس كمثله شيء في ذاتلله ول فللي صللفاته ول‬
‫في أفعاله واثبات الحسن والقبح ل يستلزم هذا اليجاب والتحريللم العقلييلن‬
‫فليتأمل اللبيب هذه الدقائق التي هللي مجللامع مآخللذ الفللرق فيهللا يتللبين أن‬
‫الناس إنما تكلموا في حواشي المسألة ولم يخوضوا لجتها ويقتحموا غمرتها‬
‫والله المستعان وأما إلزامكم لخصومكم من المعتزلة تلك اللوازم فل ريللب‬
‫أنهلا مسلتلزمة لبطلن قلولهم ملع أضلعافها ملن الللوازم اللتي تلبين فسلاد‬
‫مذهبهم ونحن مساعدوكم عليها كما ل محيد لهم عن الزاماتكم فمنهلا أنكلم‬
‫سددتم على أنفسكم طريق الستدلل بالمعجزة عللى النبللوة حيلث جلوزتم‬
‫على الله أن يؤيد الكذاب كما يؤيد الصادق وعندكم أن كل المريللن بالنسللبة‬
‫إليه تعالى سواء ولم تعتذروا عن هذا اللزام المقابل لسائر الزاماتكم بعللذر‬
‫صحيح وهذه أعذاركم مسطورة في الصحائف ومنها الزمللام الفحللام ونفللى‬
‫المكلف النظر في المعجزة لعدم الوجوب عقل واعتللذاركم عللن هللذا الللزام‬
‫بأن الوجوب ثابت نظر أو لم ينظر اعتذار يبطل أصلكم فللان ثبللوت الوجللود‬
‫بدون نظر المكلف لو كان شرعيا لتوقف علللى الشللرع المتوقللف فللي حللق‬
‫المكلف على النظللر فلي المعجلزة فلمللا ثبللت الوجللوب وان لللم ينظللر فللي‬
‫المعجزة علم أن الوجوب عقلي ل يتوقف على ثبوت الشللرع فللان قيلل هلو‬
‫ثابت في نفس المر على تقدير ثبوت الرسالة قيل فحينئذ يعود اللزام وهو‬
‫أنه ل ينظر حتى يجب ول يجب حتى تثبت الرسالة ول تثبت حتى ينظر ولهذا‬
‫عدل من عدل لي مقابلة هذا اللللزام بمثللله وقللالوا هللذا لزم للمعتزلللة لن‬
‫الوجوب عندهم نظري وهذا ل يغني شيئا ول يدفع اللزام المذكور بل غللايته‬
‫مقابلة الفاسد بمثله وهو ل يجللدي فللي دفللع اللللزام شلليئا وهللذا يللدل علللى‬
‫بطلن المقالتين وأما نحن فلنا في دفع هذا اللللزام عشللرة مسللالك وليللس‬
‫هللذا موضللع هللذه المسللألة وانمللا المقصللود أن المعتزلللة ألزمللت نظيللر مللا‬
‫ألزموهم به ومنها إلزام التعطيل للشرائع جملة وقد تقدم بيللانه قريبللا حيللث‬
‫بينا أن متعلق المر والنهي إنما هو فعل العبد الختياري فإذا بطل أن يكللون‬
‫له فعل اختياري بطل متعلق المر والنهللي فلزملله بطلن المللر والنهللي لن‬
‫وجوده بدون متعلقه محال إلى سائر تلللك اللللوازم الللتي أسلللفناها قبللل فل‬
‫نطيل بإعادتها قالوا أما نحن فل يلزمنا شيء من هذه اللوازم من الطرفيللن‬
‫فانا لم نسلك واحدا من الطريقين فل سبيل لحدى الطللائفتين إلللي إلزامنللا‬
‫بلزم واحد باطل ولله الحمد فمن رام ذلك فليبده ‪ #‬فان قيل فمن أصلللكم‬
‫إثبات التعليل والحكمة في الخلق والمر فما تصنعون‬
‫‪ #‬بهذه اللوازم التي ألزمناها المعتزلة وماذا جوابكم عنها إذا وجهناها إليكللم‬
‫قيل ل ريب أنا نثبت لله ما أثبته لنفسلله وشللهدت بلله الفطللر والعقللول مللن‬
‫الحكمة في خلقه وأمره ونقول أن كل ما خلقه وأمللر بلله خلقلله فيلله حكمللة‬
‫بالغة وآيات باهرة لجلها خلقه وأمللر بلله ولكللن ل نقللول أن لللله تعللالى فللي‬
‫خلقو وأمره كله حكمة مماثلة لمللا للمخلللوق مللن ذلللك ول مشللابهة للله بللل‬
‫الفرق بين الحكمتين كالفرق ين الفعلين وكللالفرق بيللن الوصللفين والللذاتين‬
‫فليس كمثله شيء في وصفه ول في فعله ول فللي حكمللة مطلوبللة للله مللن‬
‫فعله بل الفرق بيللن الخللالق والمخلللوق فللي ذلللك كللله أعظللم فللرق وأبينلله‬
‫وأوضلحه عنلد العقلول والفطلر وعللى هلذا فجميلع ملا ألزمتملوه لصلحاب‬
‫الصلح والصلح بل وأضعافه وأضعاف أضعافه لله فيه حكمللة يختللص بهللا ل‬
‫يشاركه فيها غيره ولجلها حسن منه ذلك وقبللح مللن المخلللوق لنتفللاء تلللك‬
‫الحكمة في حقه وهذا كما يحسن منه تعالى مدح نفسه والثناء علللى نفسلله‬
‫وان قبح من أكثر خلقه ذلك ويليق بجلله الكبرياء والعظمة ويقبح من خلقه‬
‫تعاطيهما كما روى عنلله رسللول الللله الكبريللاء ازاري والعظمللة ردائي فمللن‬
‫نازعني واحدا منهما عذبته وكما يحسن منه إماتة خلقه وابتلؤهم وامتحانهم‬
‫بأنواع المحن ويقبح ذلك من خلقه وهذا أعظم مللن أن نللذكر أمثلتلله فليللس‬
‫بين الله وبين خلقه جامع يوجب أن يحسن منه ما حسن منهم ويقبح منه ما‬
‫قبح منهم وانما تتوجه تلك اللزامات إلى من قاس أفعال الله بأفعال عبللاده‬
‫وأما من أثبت له حكمة تختص به ل تشبه مللا للمخلللوقين مللن الحكمللة فهللو‬
‫عن تلك اللزامات بمعزل ومنزله منها أبعللد منللزل ونكتللة الفللرق أن بطلن‬
‫الصلح والصلللح ل يسللتلزم بطلن الحكمللة والتعليللل والللله الموفللق الللوجه‬
‫الثالث والستون قللولكم أنتللم فتحتللم بهللذه المسللألة طريقللا للسللتغناء عللن‬
‫النبوات وسلطتم عليكم بها الفلسفة والبراهمة والصابئة وكل منكر للنبوات‬
‫فان هذه المسألة باب بيننا وبينهم فللأنكم إذا زعمتللم أن فللي العقللل حاكمللا‬
‫يحسن ويقبح ويوجب ويحرم ويتقاضى الثواب والعقاب لم تكن الحاجة إلللي‬
‫البعثة ضرورية لمكان الستغناء عنها فهذا الحاكم إلى آخللره قللال المثبتللون‬
‫هذا كلم هائل وهو عند التحقيق باطل لو أنصف مللورده لعلللم انللا وهللو كمللا‬
‫قال الول رمتني بلدائها وانسللت وقلد بينلا أن النفلاة سلدوا عللى أنفسلهم‬
‫طريق إثبات النبوة بإنكارهم هذه المسألة وقالوا انلله يحسللن مللن الللله كللل‬
‫شيء حللتى إظهللار المعجللزة علللى يللد الكللاذب ول فللرق بالنسللبة إليلله بيللن‬
‫إظهارها على يد الصادق ويد الكاذب وليس في العقل ما يدل على استحالة‬
‫هذا وجواز هذا وتوقف معرفته على السمع ل سيما إذا انضم إلى ذلك إنكللار‬
‫كون العبد فاعل مختارا البتة فان ذلك يسللد البللاب جملللة لن متعلللق المللر‬
‫والنهي إنما هو أفعال العباد الختيارية فمن ل فعل له ول اختيار أصل فكيللف‬
‫يعقل أن يكون مأمورا منهيا وقد تقدم حديث الفحام وعجزكم‬

‫‪ #‬عن الجواب عنه قالوا وأمللا نحللن فانلا سللهلنا بلذلك الطريللق إلللي إثبللات‬
‫النبوات بل ل يمكن إثباتها إل بالعتراف بهذه المسالة فانه إذا ثبللت أن مللن‬
‫الفعال حسنا ومنها قبيحا وأن إظهار المعجللزة علللى يللد الكللاذب قبيللح وأن‬
‫الله يتعالى ويتقدس عن فعل القبائح علمنا بذلك صحة نبوة من اظهللر الللله‬
‫على يديه اليات والمعجزات وأما أنتم فللأنكم ل يمكنكللم العلللم بللذلك قللالوا‬
‫وكذلك نحن قلنا أن العبد فاعل مختار لفعله وأوامر الشرع ونواهيه متوجهللة‬
‫إلي مجرد فعله الختياري القائم به وهو متعلق الثللواب والعقللاب وأمللا أنتللم‬
‫فل يمكنكم ذلك لن تلك الفعال عندكم هي فعل الله في العبد لصنع للعبللد‬
‫فيها أصل فكيف يتوجه أمر الشرع ونهيه إلي غير فاعل بل يؤمر وينهللى بمللا‬
‫ل قدرة له عليه البتة بل بفعل غيره قالوا فليتدبر المنصف هذا المقلام فلانه‬
‫يتبين له أنه سد على نفسه طريق النبوات وفتح بلاب السللتغناء عنهللا قلالوا‬
‫وأيضا فان الله سبحانه فطر عباده على الفرق بين الحسن والقبيللح وركللب‬
‫في عقولهم إدراك ذلك والتمييز بين النوعين كما فطرهم علللى الفللرق بيللن‬
‫النافع والضار والملئم لهم والمنافر وركب في حواسهم إدراك ذلك والتمييز‬
‫بين أنواعه والفطرة الولى هي خاصة النسان التي تميز بها عن غيللره مللن‬
‫الحيوانات وأما الفطرة الثانية فمشللتركة بيللن أصللناف الحيللوان وحجللة الللله‬
‫عليلله إنمللا تقللوم بواسللطة الفطللرة الولللى ولهللذا اختللص مللن بيللن سللائر‬
‫الحيوانات بإرسللال الرسللل إليلله وبللالمر والنهللي والثللواب والعقللاب فجعللل‬
‫سبحانه في عقله ما يفرق بين الحسن والقبح وما ينبغللي إيثللاره ومللا ينبغللي‬
‫اجتنابه ثم أقام عليه حجته برسالته بواسطة هذا الحاكم الذي يتمكن به مللن‬
‫العلم بالرسالة وحسن الرسال وحسن ما تضمنه من المور وقبللح مللا نهللى‬
‫عنه فانه لو ل ما ركب في عقله من إدراك ذلللك لمللا أمكنلله معرفللة حسللن‬
‫الرسالة وحسن المأمور وقبللح المحظللور ولهللذا قلنللا أن مللن أنكللر الحسللن‬
‫والقبح العقليين لزمه إنكار الحسللن والقبللح للشللريعة وان زعللم أنلله مقربلله‬
‫فان أخبار الشرع عن العقل بأنه حسللن أو قبيللح مطللابق لكللونه فللي نفسلله‬
‫كذلك فإذا كان في نفسه ليس بحسن ول قبيح فان هذا الخبر ل مخبر له إل‬
‫مجرد تعلق افعل أو ل تفعل به وهذا التعليق عنللدكم جللائز أن يكللون بخلف‬
‫ما هو به وان يتعلق الطلب بالمنهي عنلله والنهللي بالمللأمور بلله والتعلللق لللم‬
‫يجعله حسنا ول قبيحا بل غايته أن جعل الفعللل ملأمورا منهيللا فعللاد الحسللن‬
‫والقبح إلي مجرد كونه مأمورا منهيا ول فرق عندكم بالنظر إلي ذات الفعللل‬
‫بين النوعين بل ما كان مأمورا يجلوز أن يقلع منهيلا وبلالعكس فلللم يكشلف‬
‫المر والنهي صفة حسن ول قبح أصل فل حسن ول قبللح إذا عقل ول شللرعا‬
‫وانما هو تعلق الطلب بالفعل والترك وهذا مما لخلص منلله إل بللالقول بللأن‬
‫للفعال خواص وصفات عليها في أنفسها اقتضللت أن يللؤمر بحسللنها وينهللى‬
‫عن سيئها ويخبر عن حسنها بما هو عليه ويخبر غيره بقبحها مما نكون عليه‬

‫‪ #‬فيكون للخبر مخبر ثابت في نفسه والمر والنهي متعلق ثابت في نفسلله‬
‫قالوا فعلمه من العقل محسن الحسن وقبح القبيح ثم علمه بللأن مللا أمللرت‬
‫به الرسل هو الحسن وما نهت عنه هو القبيللح طريللق إلللي تصللديق الرسللل‬
‫وأنهم جاؤا بالحق من عند الله ولهذا قللال بعللض العللراب وقللد سللئل بمللاذا‬
‫عرفت أن محمدا رسول الله فقال ما أمر بشيء فقال العقل ليته نهى عنلله‬
‫ول نهى عن شيء فقال العقل ليته أمر به أفل ترى هذا العرابي كيف جعل‬
‫مطابقة الحسللن والقبللح الللذي ركللب الللله فللي العقللل ادراكلله لمللا جللاء بلله‬
‫الرسول شاهدا علللى صللحة رسللالته وعلمللا عليهللا ولللم يقللل أن ذلللك يقبللح‬
‫طريق الستغناء عن النبوة بحاكم العقل قالوا أيضللا فهللذا إنمللا يلللزم أن لللو‬
‫قيل بأن ما جاءت به الرسللل ثللابت فللي العقللل إدراكلله مفصللل قبللل البعثللة‬
‫فحينئذ يقال هذا يفتح باب الستغناء عن الرسالة ومعلوم أن إثبللات الحسللن‬
‫والقبللح العقلييللن ل يسللتلزم هللذا ول يللدل عليلله بللل غايللة العقللل أن يللدرك‬
‫بالجمال حسن ما أتى الشرع بتفضيله أو قبحه فيدركه العقللل جملللة ويللأتي‬
‫الشرع بتفصيله وهذا كما أن العقل يدرك حسن العدل وأما كون هذا الفعللل‬
‫المعين عدل أو ظلما فهذا مما يعجز العقل عن إدراكه في كللل فعللل وعقللد‬
‫وكذلك يعجز عن إدراك حسن كل فعل وقبح وان تأتي الشرائع بتفصيل ذلك‬
‫وتبينه وما أدركه العقل الصريح مللن ذلللك أتللت الشللرائع بتقريللره ومللا كللان‬
‫حسنا في وقت قبيحا في وقت ولم يهتد العقل لوقت حسنه من وقت قبحه‬
‫أتت الشرائع بالمر به في وقت حسنه وبالنهي عنه في وقت قبحلله وكللذلك‬
‫الفعل يكون مشتمل على مصلحة ومفسدة ول تعلم العقول مفسدته أرجللح‬
‫أم مصلحته فيتوقف العقل في ذلك فتأتي الشرائع ببيان ذلك وتللأمر براجللح‬
‫المصلحة وتنهى عن راجح المفسدة وكذلك الفعللل يكللون مصلللحة لشللخص‬
‫مفسدة لغيره والعقل ل يدرك ذلك فتأتي الشرائع ببيانه فتللأمر بلله مللن هللو‬
‫مصلحة له وتنهى عنه من حيث هو مفسدة فللي حقلله وكللذلك الفعللل يكللون‬
‫مفسدة في الظاهر وفي ضلمنه مصللحة عظيملة ل يهتلدي إليهلا العقلل فل‬
‫يعلم إل بالشرع كالجهاد والقتل في الله ويكون فللي الظللاهر مصلللحة وفللي‬
‫ضمنه مفسدة عظيمة ل يهتدي إليها العقل فتجيللء الشللرائع ببيللان مللا فللي‬
‫ضمنه من المصلحة والمفسدة الراجحللة هللذا مللع أن مللا يعجللز العقللل عللن‬
‫إدراكه من حسن الفعال وقبحها ليس بدون ما تدركه من ذلك فالحاجة إلي‬
‫الرسل ضرورية بل هي فوق كل حاجة فليس العالم إلي شيء أحللوج منهللم‬
‫إلي المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ولهذا يذكر سللبحانه عبللاده نعملله‬
‫عليهم برسوله ويعد ذلك عليهم من أعظم المنللن منلله لشللدة حللاجتهم إليلله‬
‫ولتوقف مصالحهم الجزئية والكلية عليه وأنه لسعادة لهم ول فلح ول قيللام‬
‫إل بالرسل فإذا كان العقل قد أدرك حسن بعض الفعال وقبحها فمن‬

‫‪ #‬أين له معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته والية التي تعرف بها الله إلللي‬
‫عباده على السنة رسله و من أين للله معرفللة تفاصلليل شللرعه ودينلله الللذي‬
‫شللرعه لعبللاده ومللن أيللن للله تفاصلليل مواقللع محبتلله ورضللاه و سللخطه ‪#‬‬
‫وكراهته ومن أين له معرفة تفاصيل ثوابه وعقابه وما أعد لوليائه ومللا اعللد‬
‫لعدائه ومقادير الثواب والعقاب وكيفيتهما ودرجاتهما ومللن أيللن للله معرفللة‬
‫الغيب الذي لم يظهر الله عليه أحدا من خلقه إل من ارتضاه من رسله إلللي‬
‫غير ذلك مما جاءت به الرسل وبلغته عن الله وليس في العقل طريللق إلللي‬
‫معرفته فكيف يكون معرفة حسن بعض الفعال و قبحها بالعقللل مغنيللا عملا‬
‫جاءت به الرسل فظهللر أن مللا ذكرتمللوه مجللرد تهويللل مشللحون بالباطيللل‬
‫والحمد لله ‪ #‬وقد ظهر بهذا القصور الفلسفة في معرفة النبوات وأنهللم ل‬
‫علم عندهم بها إل كعلم عوام الناس بما عنللدهم مللن ألعقليللات بللل علمهللم‬
‫بالنبوات وحقيقتها وعظم قدرها وما جاءت به اقللل بكللثير مللن علللم العامللة‬
‫بعقلياتهم فهم عللوام بالنسللبة إليهللا كمللا أن مللن لللم يعللرف علللومهم عللوام‬
‫بالنسبة إليهم فلول النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة ول عمل صالح‬
‫ول صلللح فللي معيشللته و ل قللوام لمملكللة ولكللان النللاس بمنزلللة البهللائم‬
‫والسباع العادية والكلب الضارية التي يعدو بعضها على بعض وكل دين فللي‬
‫العالم ‪ #‬فمن آثار النبوة وكل شيء وقع في العالم أو سيقع فبسللبب خفللاء‬
‫آثار النبوة ودروسها فالعالم حينئذ روحه النبوة ول قيام للجسد بللدون روحلله‬
‫ولهذا إذا تم انكساف شمس النبوة من العللالم ولللم يبللق فللي الرض شلليء‬
‫من أثارها البتة انشقت سماؤه وانتثرت كللواكبه وكللورت شمسلله وخسللفت‬
‫قمره ونسفت جباله وزلزلت أرضه وأهلك من عليها فل قيام للعالم إل بأثلار‬
‫النبوة ولهذا كان كل موضع ظهرت فيه آثار النبوة فأهله أحسن حال وأصلللح‬
‫بال من الموضع الذي يخفى فيه آثارها وبالجملة فحاجللة العللالم إلللي النبللوة‬
‫أعظم من حاجتهم إلي نور الشمس وأعظم من حاجتهم إلي المللاء والهللواء‬
‫الذي ل حياة لهم بدونه ‪#‬‬
‫فصل وأما ما ذكره الفلسفة من مقصود الشرائع وان ذلك لستكمال‬
‫النفس قوى العلم والعمل والشرائع ترد بتمهيد ما تقرر في العقل بتعللبيره‬
‫إلي آخره فهذا مقام يجب العتناء بشأنه و أن ل نضرب عنلله صللفحا فنقللول‬
‫للناس في المقصود بالشرائع والوامر و النواهي أربعة طرق ‪ :‬أحدها طريق‬
‫من يقول أن الفلسفة وأتباعهم من المنتسبين إلي الملل أن المقصللود بهللا‬
‫تهللذيب أخلق النفللوس وتعللديلها لتسللتعد بللذلك لقبللول الحكمللة العلميللة و‬
‫العمليللة ومنهللم مللن يقللول لتسللتعد بللذلك لن تكللون محل لنتقللاش صللور‬
‫المعقولت فيها ففائدة ذلك عندهم كالفائدة‬

‫‪ #‬الحاصلة من صقل المرآة لتسللتعد لظهللور الصللور فيهللا وهللؤلء يجعلللون‬


‫الشرائع من جنس الخلق الفاضلة والسياسات العادلللة ولهللذا رام فلسللفة‬
‫السلم الجمللع بيللن الشللريعة والفلسللفة كمللا فعللل ابللن سللينا والفللارابي و‬
‫اضرابهما وآل بهم أن تكلموا في خوارق العادات و المعجزات علللى طريللق‬
‫الفلسفة المشائين وجعلوا لها أسللبابا ثلثللة أحللدها القللوى الفلكيللة والثللاني‬
‫القوى النفسية و الثالث القوى الطبيعية و جعلللوا جنللس الخللوارق ‪ #‬جنسللا‬
‫واحدا وأدخلوا ما للسحرة وأرباب الرياضة والكهنة وغيرهللم مللع مللا للنبيللاء‬
‫والرسل في ذلك وجعلوا سبب ذلك كله واحدا وان اختلفت بالغايات والنللبي‬
‫قصده الخير والساحر قصده الشر وهذا المذهب من افسد مذاهب العالم و‬
‫أخبثها وهو مبني على إنكار الفاعل المختار وانه تعالى ل يعلم ألجزئيللات ول‬
‫يقدر على تغيير العالم ول يخلق شلليئا بمشلليئته وقللدرته وعلللى إنكللار الجللن‬
‫والملئكة ومعاد الجسام وبالجملة فهو مبني علللى الكفللر بللالله وملئكتلله و‬
‫كتبه و رسله واليوم الخر وليس هذا موضوع الرد هنا علللى هللؤلء و كشللف‬
‫باطلهم و فضائحهم إذ المقصود ذكر طلرق النلاس فلي المقصلود بالشلرائع‬
‫والعبادات وهذه الفرقللة غايللة مللا عنللدها فللي العبللادات و الخلق والحكمللة‬
‫العلمية أنهم رأوا النفس لها شهوة وغضب بقوتها العملية ولها تصللور وعلللم‬
‫بقوتها العلمية فقالوا كمال الشهوة في العفللة وكمللال الغضللب فللي الحكللم‬
‫والشجاعة وكمللال القللوة النظريللة بللالعلم و التوسللط فللي جميللع ذلللك بيللن‬
‫طرفي الفراط و التفريط هو العدل ‪ #‬هذا غاية ما عند القوم من المقصود‬
‫بالعبادات و الشرائع وهو عندهم غاية كمللال النفللس وهللو اسللتكمال قويتهللا‬
‫العلمية والعملية فاستكمال قوتها العلمية عندهم بانطبللاع صللور المعلومللات‬
‫في النفس واستكمال قوتها العلمية بالعدل وهذا مع انه غاية ما عندهم مللن‬
‫العلم والعمل وليس فيه بيان خاصية النفس الللتي ل كمللال لهللا بللدونه البتللة‬
‫وهو الذي خلقت له و أريد منها بل ما عرفه القوم لنه لم يكلن عنلدهم ملن‬
‫معرفة متعلقة إل نزر يسير غير مجد ول محصل للمقصود وذلك معرفة الله‬
‫بأسمائه وصفاته ومعرفة ما ينبغي لجلله وما يتعالى ويتقدس عنه و معرفللة‬
‫أمللره ودينلله والتمييللز بيللن مواقللع رضللاه وسللخطه و اسللتفراغ الوسللع فللي‬
‫التقريب إليه وامتلء القلب بمحبتله بحيللث يكلون سلللطان حبله قللاهرا لكلل‬
‫محبة ول سعادة للعبد في دنياه ول أخللراه إل بللذلك ول كمللال للللروح بللدون‬
‫ذلللك ‪ #‬البتللة وهللذا هللو الللذي خلللق للله بللل وأريللد منلله بللل ولجللله خلقللت‬
‫السماوات والرض واتخذت الجنة والنار كما سلليأتي تقريللره مللن أكللثر مللن‬
‫مائة وجه أن شاء الله ‪ #‬ومعلوم أنه ليس عند القوم من هللذا خللبر بللل هللم‬
‫في واد وأهل الشأن في واد و هذا هو الدين الذي الذي أجمعت النبياء عليه‬
‫من أولهم إلي خاتمتهم كلهم جاء به وأخبر عللن الللله أنلله دينلله الللذي رضلليه‬
‫لعباده وشرعه لهم وأمرهم به كما قال تعللالى ^ ولقللد بعثنللا فللي كللل أمللة‬
‫رسول أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ^ وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك‬
‫رسول إل نوحي إليه أنه ل اله إل أنا فاعبدون‬

‫‪ #‬وقال تعالى ومن يبتع غير السلم دينا فلن يقبل منه وقال تعالى واسللأل‬
‫من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال يأيها الرسل كلللوا مللن‬
‫الطيبات واعملوا صالحا أنى بما تعملون عليم وأن هللذه أمتكللم أمللة واحللدة‬
‫وأنا ربكم فاتقون وقال تعالى ^ شرع لكللم مللن الللدين مللا وصللى بلله نوحللا‬
‫والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسللى أن أقيمللوا الللدين‬
‫ول تتفرقوا فيه كبر على المشركين ^ وقال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا‬
‫فطرة الله التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن‬
‫أكثر الناس ل يعلمللون منيللبين إليلله واتقللوا وأقيمللوا الصلللة ول تكونللوا مللن‬
‫المشركين وقال تعالى ^ وما خلقت الجللن والنللس إل ليعبللدون ^ فالغايللة‬
‫الحميدة التي يحصل بها كمال بني آدم وسعادتهم و نجاحهم هي معرفة الله‬
‫‪ #‬ومحبته وعبادته وحده ل شريك له وهي حقيقة قول العبللد ل اللله إل الللله‬
‫وبها بعث الرسل ونزلت جميع الكتب ول تصلح النفس ول تزكو ول تكمل إل‬
‫بذلك قال تعالى فويللل للمشللركين الللذين ل يؤتللون الزكللاة أي ل يؤتللون مللا‬
‫تزكى به أنفسهم من التوحيد و اليمان ولهذا فسرها غير واحد مللن السلللف‬
‫بأن قالوا ل يأتون الزكاة ل يقولللون ل اللله إل الللله وحللده ل شللريك للله وأن‬
‫يكون الله أحب إلى العبد مللن كللل مللا سللواه هللو اعظللم وصللية جللاءت بهللا‬
‫الرسل ودعوا إليها المم وسنبين أن شاء الله عن قريب بالبراهين الشللافية‬
‫أن النفللس ليلس لهلا نجللاة ول سلعادة ول كملال إل بلأن يكلون الللله وحلده‬
‫محبوبها و معبودها ل أحب إليها منه ول آثر عندها من ‪ #‬مرضلاته و التقلرب‬
‫إليه وأن النفس محتاجة بل مضطرة إليه حيث هو معبودها و محبوبها وغايللة‬
‫مرادها أعظم من اضطرارها إليه من حيث هو ربها وخالقها وفاطرها ولهللذا‬
‫كان من آمن بالله خالقه ورازقه وربلله ومليكلله ولللم يللؤمن بلأنه ل اللله يعبللد‬
‫ويحب ويخشى ويخاف غيره بل أشرك معه في عبادته غيللره فهللو كللافر بلله‬
‫مشرك شركا ل يغفره الله له كما قال تعالى ^ أن الله ل يغفللر أن يشللرك‬
‫به ^ وقال تعالى ^ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب‬
‫الله ^ فأخبر أن من أحب شيئا سوى الله مثل ما يحب الله فقللد اتخللذ مللن‬
‫دون الله أندادا ولهذا يقول أهل النار لمعبوداتهم وهم معهم فيها ^ تالله أن‬
‫كنا لفي ضلل مبين إذ نسويكم برب العالمين ^ وهذه التسللوية إنمللا كللانت‬
‫في الحب والتأله ل في الخلق والقدرة والربوبية وهي العدل الذي أخللبر بلله‬
‫عن الكفار بقوله والحمد لله الذي خلق السموات والرض وجعللل الظلمللات‬
‫والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وأصللح القللولين أن المعنللى ثللم الللذين‬
‫كفروا بربهم يعدلون فيجعلون له عدل يحبونه ويعبدونه ويعبدونه كما يحبللون‬
‫الله ويعبدونه فما ذكر الفلسفة من الحكمة العملية والعلمية ليس فيها مللن‬
‫العلوم والعمال ما تستعد به النفوس وتنجو به من العذاب فليس في‬

‫‪ #‬حكمتهم العلمية إيمان بالله ول ملئكتلله ول كتبلله ول لقلائه رسللله وليلس‬


‫في حكمتهم العلمية عبللادته وحللده ول شللريك للله واتبللاع مرضللاته واجتنللاب‬
‫مسللاخطه ومعلللوم أن النفللس ل سللعادة لهللا ول فلح إل بللذلك فليللس مللن‬
‫حكمتهم العلمية والعمليللة ملا تسلعد بله النفلوس و تفلوز ولهلذا لللم يكونلوا‬
‫داخلين في المم السعداء في الخرة وهللم المللم الربعللة المللذكورون فللي‬
‫قوله تعالى أن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بللالله‬
‫واليوم الخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عنللد ربهللم ول خللوف عليهللم ولهللم‬
‫يحزنون ‪#‬‬
‫فصل وهذه الكمالت الربعة التي ذكرها الفلسفة للنفس ل بد منها‬
‫في كما لها وصلحها ولكن قصروا غاية التقصير في أنهم لم يبينوا متعلقهللا‬
‫ولم يحدوا لها حدا فاصل بين ما تحصل به السعادة وما ل تحصللل بلله فللانهم‬
‫لم يذكروا متعلق العفة ول عماذا تكون ول مقدارها الللذي إذا تجللاوزه العبللد‬
‫وقع في الفجور وكذلك الحلم لم يذكروا مواقعه ومقداره وأين يحسن وأيللن‬
‫يقبح وكذلك الشجاعة وكذلك العلم لم يميزوا العلم الذي تزكو بلله النفللوس‬
‫وتسعد من غيره بل لم يعرفوا أصل وأما الرسل صلة الللله وسلللمه عليهللم‬
‫فبينوا ذلك غاية البيان وفصلوه أحسن تفصيل وقد جمع الله ذلك فللي كتللابه‬
‫في آية واحدة فقال ^ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومللا بطللن‬
‫والثم والبغي بغير الحللق وأن تشللركوا بللالله مللا لللم ينللزل بلله سلللطانا وأن‬
‫تقولوا على الله ما ل تعلمون ^ فهذه النللواع الربعللة الللتي حرمهللا تحريمللا‬
‫مطلقا لم يبح منها شيئا لحد من الخلللق ول فللي حللال مللن الحللوال بخلف‬
‫الميتة والدم ولحم الخنزير فأنها تحرم في حال وتبللاح فللي حللال وأمللا هللذه‬
‫الربعللة فهللي محرمللة فللالفواحش متعلقللة بالشللهوة وتعللديل قللوة الشللهوة‬
‫باجتنابها والبغي بغير الحق متعلق بالغضب وتعديل القللوة الغضللبية باجتنللابه‬
‫والشرك بالله ظلم عظيم بل هللو الظلللم علللى الطلق وهللو منللاف للعللدل‬
‫والعلم وقوله وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا متضمن تحريم أصللل‬
‫الظلم في حق الله وذلك يستلزم إيجاب العدل في حقه وهو عبللادته وحللده‬
‫ل شريك له فان النفس لها القوتان العلمية والعملية وعمللل النسللان عمللل‬
‫اختياري تابع لرادة العبد وكل إرادة فلها مراد وكمال هللو أمللا مللراد لنفسلله‬
‫واما مراد لغيره ينتهي إلي المراد لنفسه ول بد فالقوة العمليللة تسللتلزم أن‬
‫يكون للنفس مراد تستكمل بإرادته فان كان ذلك المراد مضمحل فانيا زالت‬
‫الرادة بزواله ولم يكن للنفس مراد غيللره قفاتهللا أعظللم سللعادتها وفلحهللا‬
‫فيجب إذا أن يكون مرادها الذي تستكمل بإرادته وحبه وإيثاره باقيا ل يفنللى‬
‫ول يزول وليس ذلك إل الله وحده وسنذكر أن شاء الللله عللن قريللب معنللى‬
‫تعلق الرادة به تعالى وكونه مرادا والعبد مريد له فان هذا مما أشكل علللى‬
‫بعض‬

‫المتكلمين حيث قالوا أن الرادة ل تتعلق إل بحادث وأما القديم فكيف يكون‬
‫مللرادا وخفللى عليهللم الفللرق بيللن الرادة الغائبللة والرادة الفاعليللة وجعلللوا‬
‫الرادتين واحدة والمقصود أن هللؤلء الفلسللفة لللم يللذكروا هللذا فللي كمللال‬
‫النفس وانما جعلوا كمالها في تعديل الشهوة والغضب والشللهوة هللي جلللب‬
‫ما ينفع البدن ويبقى النوغ والغضب دفع ما يضر البللدن ومللا تعرضللوا لمللراد‬
‫الروح المحبوب لذاته وجعلوا كمالها العلمي في مجللرد العلللم وغلطللوا فللي‬
‫ذلك من وجوه كثيرة منها أن ما ذكروه ل يعطي كمال النفس الللذي خلقللت‬
‫له كما بيناه ومنها أن ما ذكروه في كمال القللوة العمليللة إنمللا غللايته إصلللح‬
‫البدن الذي هو آلة النفس ولم يذكروا كمال النفس الرادي والعمل بالمحبللة‬
‫والخوف والرجاء ومنها أن كمللال النفللس فللي العلللم والرادة ل فللي مجللرد‬
‫العلم فان مجرد العلم ليس بكمال للنفس ما لم تكن مريللدة محبللة لمللن ل‬
‫سعادة لها إل بإرادته ومحبته فالعلم المجرد ل يعطي النفللس كمللا ل مللا لللم‬
‫تقترن به الرادة والمحبة ومنها أن العلم لو كان كمال بمجللرده لللم يكللن مللا‬
‫عندهم من العلم كما ل للنفس فان غاية ما عنللدهم علللوم رياضللية صللحيحة‬
‫مصلحتها من جنس مصالح الصناعات وربمللا كللانت الصللناعات أصلللح وأنفللع‬
‫من كثير منها واما علم طبيعي صحيح غايته معرفة العناصر وبعللض خواصللها‬
‫وطبائعها ومعرفة بعض ما يللتركب منهللا ومللا يسللتحيل مللن الموجبللات إليهللا‬
‫وبعض ما يقع في العالم من الثار بامتزاجهللا واختلطهللا وأي كمللال للنفللس‬
‫في هذا وأي سعادة لها فيه واما علم الهي كله باطل لم يوفقوا في الصابة‬
‫الحق فيه مسألة واحدة ‪ #‬ومنها أن كمال النفس وسللعادتها المسللتفاد عللن‬
‫الرسل صلوات الله وسلمه عليهم ليس عندهم اليوم منه حس ول خللبر ول‬
‫عين ول أثر فهم أبعد الناس من كمالت النفوس وسعاداتها وإذا عرف ذلللك‬
‫وأنه ل بد للنفس من مراد محبوب لللذاته ل يصلللح إل بلله ول يكمللل إل بحبلله‬
‫وإيثاره وقطع العلئق عن غيره وان ذلك هو النهاية وغاية مطلوبها ومرادهللا‬
‫الذي إليه ينتهي الطلب فليس ذلك إل الله الذي ل اله إل هو قللال تعللالى أم‬
‫اتخذوا آلهة من الرض هم ينشللرون ولللو كللان فيهمللا آلهللة إل الللله لفسللدتا‬
‫وليس صلح النسان وحده وسللعادته إل بللذلك بللل وكللذلك الملئكللة والجللن‬
‫وكل حي شاعر لصلح للله إل بللأن يكللون الللله وحللده ألهلله ومعبللوده وغايللة‬
‫مراده وسيمر بك أن شاء الله بسط القول في ذلك واقامللة الللبراهين علللى‬
‫هذا المطلللوب العظللم الللذي هللو غايللة سللعادة النفللوس وأشللرف مطالبهلا‬
‫فلنرجع إلي مللا كنللا فيلله مللن بيللان طللرق النللاس فللي مقاصللد العبللادات ‪#‬‬
‫الطريق الثاني طريق من يقول من المعتزلة ومللن تللابعهم أن الللله سللبحانه‬
‫عرضللهم بهللا للثللواب واسللتأجرهم بتلللك العمللال للخيللر فعاوضللهم عليهللا‬
‫معاوضة قالوا والنعام منه في الخرة غير حسللن لمللا فيلله مللن تكريللر منلله‬
‫العطاء ابتداء ولما فيه من الخلل بالمدح والثناء والتعظيم الللذي ل يسللتحق‬
‫إل بالتكليف ومنهم من يقول أن الواجبات الشرعية لطف في الواجبات‬

‫‪ #‬العقلية ومنهم من يقول أن الغاية المقصودة التي يحصل بها الثواب هللي‬
‫العمل والعلم وسيلة إليه حتى ربما قالوا ذلك في معرفللة الللله تعللالى وأنهللا‬
‫إنما وجبت لنها لطف في أداء الواجبات العملية وهذه القوال تصور العاقل‬
‫اللبيب لها حق التصور كاف في جزمه ببطلنها رافلع عنله مؤنلة اللرد عليهلا‬
‫والوجوه الدالة علللى بطلنهللا أكللثر مللن أن تللذكر هاهنللا ‪ #‬الطريللق الثللالث‬
‫طريق الجبرية ومن وافقهم أن الله سبحانه امتحن عبللاده بللذلك وكلفهللم ل‬
‫لحكمة ول لغاية مطلوبة للله ول بسللبب مللن السللباب فل لم تعليللل ول بللاء‬
‫سبب أن هو إل محض المشيئة وصرف الرادة كما قالوا فللي الخلللق سللواء‬
‫وهؤلء قابلوا من قبلهم من القدريللة والمعتزلللة أعظللم مقابلللة فهمللا طرفللا‬
‫نقيض ل يلتقيان والطريق الرابع طريق أهل العلم واليمان الذين عقلوا عن‬
‫الله أمره ودينه وعرفوا مراده بما أمرهم ونهاهم عنه وهي أن نفس معرفللة‬
‫الله ومحبته وطاعته والتقرب إليه وابتغاء الوسلليلة إليلله أمللر مقصللود لللذاته‬
‫وأن الله سبحانه يستحقه لذاته وهو سبحانه المحبللوب لللذاته الللذي ل تصلللح‬
‫العبادة والمحبة والذل والخضوع والتأله إل له فهو يستحق ذلك لنه أهللل أن‬
‫يعبد ولو لم يخلق جنة ول نارا ولو لم يضع ثوابا ول عقابا كما جاء في بعللض‬
‫الثار لو لم أخلق جنة ول نارا أما كنللت أهل أن أعبللد فهللو سللبحانه يسللتحق‬
‫غاية الحب والطاعة والثناء والمجللد والتعظيللم لللذاته ولمللا للله مللن أوصللاف‬
‫الكمال ونعوت الجلل وحبه والرضى به وعنه والذل له والخضوع والتعبد هو‬
‫غاية سعادة النفس وكمالها والنفس إذا فقللدت ذلللك كللانت بمنزلللة الجسللد‬
‫الذي فقد روحه وحياته والعين التي فقدت ضوءها ونورها بل أسوأ حال مللن‬
‫ذلك من وجهين ‪ # :‬أحدهما أن غاية الجسد إذا فقد روحلله أن يصللير معطل‬
‫ميتا وكذلك العين تصير معطلة وأما النفس إذا فقدت كمالها المذكور فأنهللا‬
‫تبقى معذبة متألمة وكلما اشتد حجابها اشتد عذابها وألمهللا وشللاهد هللذا مللا‬
‫يجده المحب الصادق المحبة من العذاب واللم عند احتجاب محبوبه عنه ول‬
‫سيما إذا يئس من قربه وحظى غيره بحبه ووصله هللذا مللع إمكللان التعللوض‬
‫عنه بمحبوب آخر نظيره أو خير منه فكيف بروح فقدت محبوبها الحق الللذي‬
‫لم تخلق إل لمحبته ول كمال لها ول صلح أصل إل بأن يكون أحب إليهللا مللن‬
‫كل ما سواه وهو محبوبها الذي ل تعوض منه سواه بوجه ما كما قال القللائل‬
‫‪ # :‬من كل شيء إذا ضيعته عوض ‪ %‬وما من الله أن ضيعته عوض ‪ #‬ولللو‬
‫لم يكن احتجابه سبحانه عن عبللده أشللد أنلواع العللذاب عليلله لللم يتوعللد بله‬
‫أعداءه كما قال تعالى كل انهم عن ربهم يؤمئذ لمحجوبللون ثللم انهللم لصللالو‬
‫الجحيم فأخبر أن لهم عللذابين أحللدهما عللذاب الحجللاب عنلله والثللاني صلللى‬
‫الجحيم وأحد العذابين أشد من الخر وهذا كما أنه سبحانه ينعم على أوليائه‬
‫بنعيمين نعيم كشف الحجاب فينظرون إليه ونعيم الجنة وما فيها‬

‫‪ #‬وأحد النعيمين أحب إليهم من الخر وآثر عندهم وأقللر لعيللونهم كمللا فللي‬
‫الصحيح عنه أنه قال إذا دخل أهل الجنة نادى مناديا أهل الجنة أن لكم عنللد‬
‫الله موعدا يريد أن ينجزكمللوه فيقولللون مللا هللو ألللم يللبيض وجوهنللا ويثقللل‬
‫موازيننا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون إليلله‬
‫فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وفي حللديث غيللر هللذا أنهللم إذا‬
‫نظروا إلي ربهم تبارك وتعالى أنساهم لذة النظر إليه ما هم فيه من النعيللم‬
‫‪ #‬والوجه الثاني أن البدن والعضاء آلت للنفللس ورعيللة للقلللب وخللدم للله‬
‫فإذا فقد بعضهم كماله الذي خلق للله كللان بمنزلللة هلك بعللض جنللد الملللك‬
‫ورعيته وتعطل بعض آلته وقد ل يلحق الملك من ذلللك ضللرر أصللل وأمللا إذا‬
‫فقد القلب كماله الللذي خلللق للله وحيللاته ونعيملله كللان بمنزلللة هلك الملللك‬
‫وأسره وذهاب ملكه مللن يللديه وصلليرورته أسلليرا فللي أيللدي أعللاديه فهكللذا‬
‫الروح إذا عدمت كمالها وصلحها في معرفللة فاطرهللا وبارئهللا وكللونه أحللب‬
‫شيء إليها رضاه وابتغاء الوسيلة إليه آثر شيء عندها حللتى يكللون اهتمامهللا‬
‫بمحبته ومرضاته اهتمام المحب التام المحبة بمرضاة محبللوبه الللذي ل يجللد‬
‫منه عوضا كانت بمنزلة الملك الذي ذهب منه ملكه وأصبح أسيرا فللي يللدي‬
‫أعاديه يسومونه سوء العذاب وهذا اللم كامن في النفس لكن يستره سللتر‬
‫الشهوات ويواريه حجاب الغفلة حتى إذا كشف الغطاء وحيل بين العبد وبين‬
‫ما يشللتهى وجللد حقيقللة ذلللك اللللم وذاق طعملله وتجللرد ألملله عمللا يحجبلله‬
‫ويواريه وهذا أملر يلدرك بالعيلان والتجربلة فلي هلذه اللدار تكلون السلباب‬
‫المؤلمة للروح والبدن موجودة مقتضية لثارها ولكن يقوم للقلب من فرحه‬
‫بحظ ناله من مال أو جاه أو وصال حبيب ما يوارى عنه شهود اللم وربما ل‬
‫يشعر به أصل فإذا زال المعارض ذاق طعلم اللللم ووجللد مسله ومللن اعتلبر‬
‫أحوال نفسه وغيره علم ذلك فإذا كان هذا في هللذه الللدار فمللا الظللن عنللد‬
‫المفارقة والفطام عن الدنيا والنتقال إلي الله والمصير إليه فليتأمل العاقل‬
‫الفطن الناصح لنفسه هذا الموضع حق التأمل وليشغل به كللل أفكللاره فللان‬
‫فهمه وعقله واستمر إعراضلله ‪ #‬فمللا تبلللغ العللداء مللن جاهللل ‪ %‬مللا يبلللغ‬
‫الجاهل مللن نفسلله ‪ #‬وان لللم يفهملله لغلللظ حجللابه وكثافللة طبعلله فيكفيلله‬
‫اليمان بما أعد الله تعالى في الجنة لهلها من نعم الكل والشللرب والنكللاح‬
‫والمناظر المبهجة وما أعد في النار لهلها مللن السلسللل والغلل والحميللم‬
‫ومقطعات الثياب من النار ونحو ذلك والمقصود بيان أن الحاجة إلي الرسل‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم ضللرورية بللل هللي فللي أعلللى مراتللب الضللرورة‬
‫وليست نظرا لحاجتهم إلي الحاجة وأسبابها بل هي أعظم من ذلك وأمللا مللا‬
‫ذكر عن الصابئة من الستغناء عللن النبللوة فهللذا ليللس مللذهبا لجميعهللم بللل‬
‫فيهم سعيد وشقي كما قال تعالى ^ أن الذين ^‬

‫^ آمنوا والللذين هلادوا والنصلارى والصلابئين ملن آملن بلالله واليللوم الخلر‬
‫وعمل صالحا فلهم أجرهم عنللد ربهللم ول خللوف عليهللم ول هللم يحزنللون ^‬
‫فأدخل المؤمنين من الصابئين في أهل السعادة ولم ينالوا ذلللك إل باليمللان‬
‫بالرسل ولكن منهم من أنكر النبوات وعبد الكواكب وهم فرق كللثيرة ليللس‬
‫هذا موضع ذكرهم فأما قولهم أن الموجودات في العالم السفلى مركبة في‬
‫تأثير الكواكب والروحانيات وفي اتصالها سعود ونحوس يوجب أن يكون في‬
‫آثارها حسن وقبح في الخلق والعمال يدركه كل ذي عقل سليم فل حاجللة‬
‫لنا إلي من يعرفنا حسنها وقبحها إلي آخر كلمهم فكلم من هو أجهل الناس‬
‫وأضلهم وأبعدهم عن النسانية وقائل هذه المقالة مناد علللى نفسلله أنلله لللم‬
‫يعرف فاطره فاطر السموات والرض ول صللفاته ول أفعللاله بللل ول عللرف‬
‫نفسه التي بين جنبيه ول ما يسعدها ويشقيها ول غايتها ول لمللاذا خلقللت ول‬
‫بماذا تكمل وتصلح وبماذا تفسد وتهلك بل هو أجهل الناس بنفسه وبفاطرها‬
‫وبارئها وهل يتمكن العقل بعد معرفة النفس ومعرفللة فاطرهللا ومبللدعها أن‬
‫يجحد النبوة أو يجوز على الله وعلى حكمته أن يللترك النللوع البشللري الللذي‬
‫هو خلصة المخلوقات سدى ويدعهم عمل معطل ويخلقهم عبثللا بللاطل ومللن‬
‫جوز ذلك على الله سبحانه فما قدره حللق قللدره بللل ول عرفلله ول آمللن بلله‬
‫قال تعالى ^ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشللر مللن‬
‫شيء ^ فأخبر تعالى أن من جحد رسالته فما قدره حق قدره ول عرفه ول‬
‫عظمه ول نزهه عما ل يليق به تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ثم‬
‫يقال لهذه الطائفة بماذا عرفتم أن الموجودات بالعالم السفلي كلها مركبللة‬
‫على تأثير الكواكب والروحانيات وهللل هللذا إل كللذب بحللت وبهللت فهللب أن‬
‫بعض الثار المشاهدة مسبب عن تأثير بعض الكواكب والعلويات كما يشاهد‬
‫من تأثير الشمس والقمر في الحيوان والنبات وغيرهمللا فمللن أيللن لكللم أن‬
‫جميع أجزاء العالم السفلي صادر عن تأثير الكواكب والروحانيات وهللل هللذا‬
‫إل كذب وجهل فهذا العالم فيه من التغير والستحالة والكون والفسللاد مللال‬
‫يمكن إضافته إلي كوكب ول يتصللور وقللوعه إل بمشلليئة فاعللل مختللار قللادر‬
‫مؤثر في الكواكب والروحانيات مسخر لهللا بقللدرته مللدبر لهللا بمشلليئة كمللا‬
‫تشهد عليها أحوالها وهيآتها وتسخيرها وانقيادها أنها مدبرة مربوبللة مسللخرة‬
‫بأمر قادر قاهر يصرفها كيف يشاء ويللدبرها كمللا يريللد ليللس لهللا مللن المللر‬
‫شيء ول يمكن أن تتصرف في أنفسها بذرة فضل أن تعطللى العلم وجللوده‬
‫فلو أرادت حركة غير حركتها أو مكانا غير مكانها أو هيئة أو حال غير ما هللي‬
‫عليه لم تجد إلي ذلك سبيل فكيف تكون ربا لكل ما تحتها مع كونهللا عللاجزة‬
‫مصرفة مقهورة مسخرة آثار الفقر مسطورة في صفحاتها وآيللات العبوديللة‬
‫والتسخير‬

‫بادية عليها فبأي اعتبار نظر إليها العاقل رأى آثللار الفقللر وشللواهد الحللدوث‬
‫وأدلة التسخير والتصريف فيها فهي خلق من ليس كمثله شلليء وآيللات مللن‬
‫آياته عبيد مسخرات بأمره الله الخلق والمر تبارك الله رب العللالمين وأمللا‬
‫قولهم أن في اتصالت الكواكب نظر سعود ونحوس مما أضحكوا به العقلء‬
‫عليهم من جميع المم ونادوا به على جهلهم وصاروا بلله مركللزا لكللل كللذاب‬
‫وكل أفاك وكل زنديق وكل مفرط في الجهل بالنبوات وما جاءت به الرسل‬
‫بالحقائق العقلية والبراهين اليقينيلة وسلنريك طرفللا ملن جهلالتهم وكللذبهم‬
‫وتناقضهم وبطلن مقالتهم ليعرف اللبيب نعمة الله عليه في عقله ودينلله ‪#‬‬
‫فيقال لهم المؤثر في هذه السعود والنحوس هل هو الكوكب وحللده والللبرج‬
‫وحده أو الكوكب بشرط حصوله في البرج والكلل محلال أملا الول والثلاني‬
‫فانهما يوجبان دوام الثر لكون المؤثر دائم الثبوت والثالث أيضا محللال لنلله‬
‫لما اختلف أثر الكوكب بسبب اختلف البرجين لزم أن تكون طبيعة كل برج‬
‫مخالفة بالماهية لطبيعة البرج الثاني إذ لو لم يكن كذلك كانت طبللائع جميللع‬
‫البروج متساوية في تمام الماهية فوجب أن يكللون أثللر الكللوكب فللي جميللع‬
‫البروج أثرا واحدا لن الشياء المتساوية في تمام الماهيللة يمتنللع أن تلزمهللا‬
‫لوازم مختلفة ولمللا كللانت آثللار كللل كللوكب واجبللة الختلف بسللبب اختلف‬
‫البروج لزم القطع بكون البروج مختلفة في الطبيعة والماهية وهللذا يقتضللي‬
‫كون الفلك مركبا ل بسيطا وقد قلتم أنتم وجميع الفلسفة أن الفلك بسلليط‬
‫ل تركيب فيه ومن العجب جواب بعض الحكللاميين عللن هللذا بللان الكللواكب‬
‫حيوانات ناطقة فاعلة بالقصد والختيار فلذلك تصدر عنها الفعللال المختلفللة‬
‫وهذا مكابرة من هؤلء ظللاهرة فللان دلئل التسللخير والضللطرار عليهللا مللن‬
‫لزومها حركة ل سبيل لها إلي الخروج عنهللا ولزومهللا موضللعا مللن الفلللك ل‬
‫تتمكن من النتقال عنه واطراد سيرها على وجه مخصللوص ل تفللارقه البتللة‬
‫أبين دليل على أنها مسخرة مقهورة على حركاتها محركللة بتحريللك قللاهر ل‬
‫متحركة بإرادتها واختيارهللا كمللا قللال تعللالى ^ والشللمس والقمللر والنجللوم‬
‫مسخرات بأمره أل له الخلق والمر تبارك الله رب العللالمين ^ ثللم يقلال ل‬
‫ينفعكم هذا الجواب شيئا فان طبللائع الللبروج أن كللانت متسللاوية فللي تمللام‬
‫الماهية كان اختصاص كل برج بأثره الخللاص ترجيحللا لحللد طرفللي الممكللن‬
‫على الخر بل مرجح وان لم تكن متساوية لزم تركيب الفلك ومما أضللحكتم‬
‫به العقلء منكم أنكم جعلتموها أجسللاما ناطقللة فاعلللة بالختيللار ونفيتللم أن‬
‫يكون فاطرها ومبدعها حيا قيوما فاعل بالختيار وهذه الحوادث مستندة إلي‬
‫مشيئته واختياره جارية على وفللق حكمتلله وعلملله مللع كللون هللذه الكللواكب‬
‫عبيده وخلق مسخر بأمره ول تملك لنفسها ول لما تحتهللا ضللرا ول نفعللا ول‬
‫سعدا ول نحسا كما قاله العقلء من بني آدم واتفقت عليه الرسل وأتبللاعهم‬
‫فان قيل ل نسلم أن الفلك بسيط بل هو مركب من هذه‬
‫‪ #‬البروج وطبيعة كل برج مخالفة لطبيعة البرج الخر بل طبيعة كللل دقيقللة‬
‫وثانية مخالفة لطبيعة الدقيقة الخرى والثانية الخرى ول يتللم علللم الحكللام‬
‫إل بهذا قيل قللولكم بللأنه قللديم أبللدى غيللر قابللل للكللون والفسللاد ول يقبللل‬
‫النحلل ول الخرق ول اللتئام مع كون طبيعة كل جزء منلله صللغيرا أو كللبيرا‬
‫مخالفة لطبيعة الجزء الخر كما صرح به أبو معشر جمع بين النقيضين فللانه‬
‫إذا كللان مركبللا مللن أجللزاء مختلفللة الماهيللة لللم يمتنللع انحلللله وانفطللاره‬
‫وانشللقاقه فكيللف جمعتللم بيللن تكللذيب الرسللل فللي الخبللار عللن انقطللاعه‬
‫وانشقاقه وانحلله وبين دعواكم تركبه من ماهيات مختلفة فللي نفسللها غيللر‬
‫ممتنع على المركب منها النحلل له والنفطللار فل للرسللل صللدقتم ول مللع‬
‫وجوب العقل وقفتم بل أنتم من أهل هذه اليللة ^ وقللالوا لللو كنللا نسللمع أو‬
‫نعقل ما كنا في أصحاب السعير ^ فان قيل لم ل يجوز أن يقال أن كل برج‬
‫من البروج الثنى عشر قد ارتسمت فيه كواكب صللغيرة بلغللت فللي الصللغر‬
‫إلي حيث ل يمكننا أن نحس بها ثم أن الكلواكب إذا وقللع فللي مسلامتة بلرج‬
‫خاص امتزج نور ذلك الكوكب بأنوار تلللك الكللواكب الصللغار المرتسللمة فللي‬
‫تلك القطعة في الفلك فيحصل بهذا السللبب آثللار مخصوصللة وإذا كللان هللذا‬
‫محتمل ولم يبطل بالدليل ثبوته تعين المصير إليه قيل طبللائع تلللك الكللواكب‬
‫أن كانت مختلفة بالماهية عاد المحذور المذكور وان كللانت واحللدة لللم يكللن‬
‫ذلك المللتزاج متشللابها فل يتصللور صللور الثللار المتضللادة المختلفللة عنلله ‪#‬‬
‫الوجه الثاني في الكلم على بطلن علم الحكام أن معرفة جميع المللؤثرات‬
‫الفلكية ممتنعة وإذا كان كذلك امتنع الستدلل بالحوال الفلكية على حدوث‬
‫الحوادث السللفلية وانمللا قلنللا أن معرفللة جميللع المللؤثرات الفلكيللة ممتنعللة‬
‫لوجوه أحدها أنه ل سبيل إلي معرفة الكواكب إل بواسللطة القللوى الباصللرة‬
‫والمرئي إذا كان صغيرا أو في غاية البعد من الرائي فانه يتعذر رؤيته لللذلك‬
‫فان أصغر الكواكب التي في فلك الثوابت وهو الذي تمتحن بلله قللوة البصللر‬
‫مثل كرة الرض بضعة عشر مرة وكرة الرض اعظم من كللرة عطللارد كللذا‬
‫مرة فلو قدرنا أنه حصل في الفلك العظم كواكب كللثيرة يكللون حجللم كللل‬
‫واحد منها مساويا لحجم عطارد فانه ل شك أن البصر ل يقوى علللى إدراكلله‬
‫فيثبت أنه ل يلزم من عدم إبصارنا شيئا مللن الكللواكب فللي الفلللك العظللم‬
‫عدم تلك الكواكب وإذا كان كذلك فاحتمال أن في الفلك العظم وفي فلللك‬
‫الثوابت وفي سائر الفلك كللواكب صللغيرة وان كنللا ل نحللس بهللا ول نراهللا‬
‫يوجب امتناع معرفة جميع المؤثرات الفلكية فان قلتم أنها لما كانت صغيرة‬
‫وآثارها ضعيفة لم تصل آثارها وقواها إلي هذا العالم قيل لكم صغر الجنللة ل‬
‫يوجب ضعف الثر فان عطارد أصغر الجلرام الفلكيلة جرملا عنلدكم ملع أن‬
‫آثاره قوية وأيضا فالرأس والذنب نقطتان وهميتان واما أنتم فقد أثبتم لهمللا‬
‫آثارا وأيضا السهام مثل سهم السعادة وسهم الغيب نقط‬

‫‪ #‬وهمية ولها عندكم آثار قوية ‪ #‬الوجه الثللاني ممللا يللدل علللى أن معرفللة‬
‫جميللع المللؤثرات الفلكيللة غيللر معلللوم أن الكللواكب المرئيللة غيللر مرصللودة‬
‫بأسرها فأنكم أنتم وغيركم قد قلتللم أن المجللرة عبللارة عللن أجللرام كوكبيللة‬
‫صغيرة جدا مرتكزة في فلك الثوابت على هذا السمت المخصوص ول ريب‬
‫أن الوقللوف علللى طبائعهللا متعللذرة وثالثهللا أن جميللع الكللواكب الثابتللة‬
‫المحسوسة لم يحصل الوقوف التام على طبائعها لن كلم الحكاميين قيللل‬
‫الحاصل ل سيما في طبائع الثوابت نعللم غايللة ملا عنللدهم أنهللم ادعللوا أنهللم‬
‫كشفوا بعض الثوابت التي في الفلك الول والثاني فأما البقية فقلما تكلمللوا‬
‫في معرفة طبائعها ورابعها أن بتقدير أنهم عرفوا طبائع هذه الكللواكب حللال‬
‫بساطتها لكن ل شبهة أنه ل يمكن الوقوف على طبائعها حال امتزاج بعضللها‬
‫بالبعض لن المتزاجلات الحاصللة ملن طبلائع أللف كلوكب أو أكلثر بحسلب‬
‫الجللزاء الفلكيللة يبللغ فللي الكللثرة إلللي حيللث ل يقللدر العقلل عللى ضلبطها‬
‫وخامسها آلت الرصد ل تفللي بضللبط الثللواني والثللوالث ول شللك أن الثانيللة‬
‫الواحدة مثل الرض كذا كلذا أللف ملرة أو أقللل أو أكللثر وملع هللذا التفللاوت‬
‫العظيم كيف يمكلن الوصلول إللي الغلرض حيلث قيلل أن النسلان الشلديد‬
‫الجري بين رفعه رجله ووضلعه الخللرى يتحللرك جللرم الفللك القصللى ثلثلة‬
‫آلف ميل وإذا كان المر كذلك فكيف ضبط هذه المللؤثرات وسادسللها هللب‬
‫أنا عرفنا تلك المتزاجات الحاصلة فللي ذلللك الللوقت فل ريللب أنلله ل يمكننللا‬
‫معرفة المتزاجات التي كانت حاصلة قبله مللع أنللا نعلللم قطعللا أن الشللكال‬
‫السالفة ربما كانت عائقة ومانعة عن مقتضيات الشكال الحاصلة في الحال‬
‫ول ريب أنا نشاهد أشخاصا كللثيرة مللن النبللات والحيللوان والنسللان مقارنللة‬
‫لطالع واحد مع أن كل واحد منها مخالف للخللر فللي أكللثر المللور وذلللك أن‬
‫الحوال السالفة في حق كل تكون مخالفة للحوال السالفة في حللق الخللر‬
‫وذلك يدل أنه ل اعتماد على مقتضى الوقت بل ل بد من الحاطللة بللالطوالع‬
‫السالفة وذلك مما ل وقوف عليه أصللل فللانه ربمللا كللانت الطوالللع السللالفة‬
‫دافعة مقتضيات هذا الطالع الحاضر وعلى هلذا اللوجه علول ابلن سلينا فللي‬
‫كتابيه اللذين سماهما الشفا والنجاه فللي إبطللال هللذا العلللم فثبللت بهللذا أن‬
‫الوقوف التام على المؤثرات جميعها ممتنع مستحيل وإذا كللان المللر كللذلك‬
‫كان الستدلل بالشخاص الفلكية على الحوال السفلية باطل قطعللا الللوجه‬
‫الثالث أن تأثير الكواكب فيما ذكرتم مللن السللعد والنحللس أمللا بللالنظر فللي‬
‫مفرده واما بالنظر إلي انضمامه إلى غيره فمللتى لللم يحللط المنجللم بهللاتين‬
‫الحالتين لم يصح منه أن يحكم له بتأثير ولم يحصل إل على تعارض التقللدير‬
‫ومن المعلوم أن في فلك البروج كواكب شذت عن الرصد معرفللة أقللدراها‬
‫وأعدادها ولم يعرف الحكاميون ما يوجبه خواص مجموعاتها وأفرادها فخرج‬
‫الفريقان‬

‫‪ #‬أصحاب الرصد والحكام عن الحاطة بما في طباعها وما عسى أن تؤثره‬


‫مع السيارة عند انفرادها واجتماعها فما الذي يؤمنكم كلكم عند وقللوع نجللم‬
‫من تلك النجوم المجهولة على درجة الطالع أن يكون موجبا من الحكم ما ل‬
‫يللوجبه النظللر بللدونه ‪ #‬الللوجه الرابللع أن تللأثير الكللواكب يختلللف بللاختلف‬
‫أقدارها فما كان من القدر الول أثر بوقللوعه علللى الدرجللة وان لللم تضللبط‬
‫الدقيقة وما كان من القدر الخيللر لللم يللؤثر إل بضللبط الدقيقللة ول ريللب أن‬
‫الجهالة بتلك الكواكب ومقاديرها يوجب كذب الحكام النجوميلة وبطلنهلا ‪#‬‬
‫الوجه الخامس أنها لو كان لها تأثير كما يزعمون لم يخل أما أن تكللون فيلله‬
‫مختارة مريدة أو غير مختارة ول مريدة وكلهما محال أما الول فلنه يوجب‬
‫جللرى الحكللام علللى وفللق اختيارهللا وارادتهللا ولللم يتوقللف علللى اتصللالتها‬
‫وانفصالتها ومفارقتها ومقارنتها وهبوطها بهللا فللي حضيضللها وارتفاعهللا فللي‬
‫أوجها كمللا هللو المعللروف مللن الفاعللل بالختيللار ول سلليما الجللرام العلويللة‬
‫المؤثرة في سائر السفليات ولختلفت آثارها أيضا عند هلذه المللور بحسللب‬
‫الدواعي والرادات ولمكنها أن تسعد من أراد أنه ينحسله وتنحلس ملن أراد‬
‫أنه يسللعده كمللا هللو شللأن الفاعللل المختللار وان لللم تكللن مختللارة ومريللده‬
‫فتأثيرها بحسب الذات والطبع وما كللان هكللذا لللم يختلللف أثللره إل بللاختلف‬
‫القوابل والمعدات وعندكم أن فلي اختلف تللك القوابلل والمعلدات مسلتند‬
‫إلى تأثيرها فأي محال أبلغ من هذا وهل هذا إل دور ممتنع في بداية العقول‬
‫‪ #‬الوجه السادس أن هذا العلم مشتمل علللى أصللول يشللهد صللريح العقللل‬
‫بفسادها وهي وان كانت في الكثرة إلللي حيللث ل يمكللن ذكرهللا فنحللن نعللد‬
‫بعضها فالول من المعلوم بالضرورة أنه ليس في السماء حمللل ول ثللور ول‬
‫حية ول عقرب ول كلب ول ثعلب إل أن المتقللدمين لمللا قسللموا الفللك إلللي‬
‫أثني عشر قسما أرادوا أن يميزوا كل قسم منهللا بعلمللة مخصوصللة شللبهوا‬
‫الكواكب المذكورة في تلك القطعة المعينة بصورة حيوان مخصوص تشبيها‬
‫بعيدا جدا ثم أن هؤلء الحكاميين فرعوا على هذه السماء تفريعات طويلللة‬
‫فرعوا أن الصور السفلية مطيعة للصللور العلويللة فالعقللارب مطيعللة لصللور‬
‫العقرب والفاعي مطيعة لصور التنين وكذا القول في السد والسنبلة ومللن‬
‫عرف كيف وضعت هذه السللماء ثللم سللمع قللول هللؤلء الحكللاميين ضللحك‬
‫منهم وتبين لله فلرط جهلهلم وكلذبهم ‪ #‬الثلاني أن هلؤلء لملا عجلزوا علن‬
‫معرفة طالع القرآن أقاموا طالع السنة مقللام القللرآن ومعلللوم أن هللذا فللي‬
‫غاية الفساد ‪ #‬الثالث أنهم اختلفوا اختلفا شديدا في الواحللدة مللن مسللائل‬
‫هذا العلم فان أقوالهم في حللدود الكللواكب كللثيرة مختلفللة وليللس مللع أحللد‬
‫منهم شبهة ول خيال فضل عن حجة واستدلل ثللم أن كللثيرا منهللم مللن غيللر‬
‫حجة ول دليل ربما أخذوا واحدا من تلك القوال من غير بصلليرة بللل بمجللرد‬
‫التشهي مثل‬

‫أخذهم في ذلك بحدود الضربين وذلك من أدل الدلئل على فساد هذا العلم‬
‫الرابع أن أقوالهم متناقضة فان منهم من يقول كون زحللل فللي بيللت المللال‬
‫دليل الفقر ومنهم من يقول يدل على وجدان كنز ‪ #‬الخامس أن هذا العلللم‬
‫مع أنه تقليد محض فليس أيضا تقليدا منتظما لن لكل قوم فيه مذهبا ولكل‬
‫طائفة فيه مقالة فللبابليين فيه مذهب وللفرس مذهب آخللر وللهنللد مللذهب‬
‫وللصين مذهب رابع والقللوال إذا تعارضللت وتعللذر الترجيللح كللان دليل علللى‬
‫فسادها وبطلنها وسيأتي أن شاء الله بسط هللذه الوجلوه أكللثر ملن هلذا ‪#‬‬
‫الوجه السابع مما يدل علللى بطلن القللول بالحكللام أن الطللالع عنللدهم هللو‬
‫الشكل الخصوص الحاصل للفلك عند انفصال الولد من رحم أملله وإذا ثبللت‬
‫هذا فنقول الستدلل بحصول ذلك الشكل على جميع الحللوال الكليللة الللتي‬
‫تحصل لهذا الولد إلي آخر عمره استدلل باطل قطعا ويدل عليه وجوه ‪# :‬‬
‫أحدها أن ذلك الشكل كما حدث في تلك اللحظة فانه يفنى ويللزول ويحللدث‬
‫شكل آخر فذلك الشكل المعين معللد فللي جميللع أجللزاء عمللر هللذا النسللان‬
‫والمعدوم ل يكون علة للموجود ول جللزء مللن أجللزاء العلللة وإذا كللان كللذلك‬
‫امتنع الستدلل بذلك الشكل منهملا عللى الحلوال اللتي تحلدث فلي جميلع‬
‫أجزاء العمر ‪ #‬الثاني أنه ل مشابهة بين ذلك الشكل المخصوص وبيللن هللذا‬
‫النسان الذي انفصل من بطن الم إل في أمر واحد وهو أن كل واحد ظهللر‬
‫بعد الخفاء وهو بمجرد ذلك ل يوجب ارتباط ذلك الشكل المخصلوص للفللك‬
‫بسائر أحوال هذا النسان البتة فمدعى ذلك فاسد العقل ‪ #‬والنظللر الثللالث‬
‫أنه عند حدوث ذلك الطالع حدثت أنواع مللن الحيوانللات وأنللواع مللن النبللات‬
‫وأنواع من الجمادات فلو كان ذلك يللوجب آثللارا مخصوصللة لللوجب اشللتراك‬
‫كل الشياء التي حدثت في عالمنا هذا في ذلك الوقت في تلك الثار وحيللث‬
‫لم يكن المللر كللذلك علمنللا أن القللول بتللأثير الطللالع باطللل الرابللع هللب أن‬
‫الطلالع لله أثلر إل أن اللواجب أن يقلال الطلالع المعتلبر هلو طلالع مسلقط‬
‫النطفة ل طالع الولدة وذلك لن عند مسقط النطفة يأخذ ذلك الشخص في‬
‫التكون والتولد فأما عند الولدة فالشخص قد تللم تكللونه وحللدوثه ول حللادث‬
‫في هذا الوقت إل انتقاله من مكان إلي مكان آخر فثبت أنه لو كللان للطللالع‬
‫اعتبار لوجب أن يكون المعتللبر هللو طللالع مسللقط النطفللة ل طللالع الللولدة‬
‫الوجه الثامن أن الرصاد ل تنفك عن نوع الخلل والزلل وقد صنف أبو علللي‬
‫ابن الهيثم رسالة بليغة في أقسام الخلل الواقللع فللي آلت الرصللد وبيللن أن‬
‫ذلك الخلل ليس في وسع النسان دفعه وازالته وإذا عللرف هللذا فنقللول إذا‬
‫بعد العهد بتجديد الرصد اجتمعت تلك المسللامحات القليلللة ويحصللل بسللببها‬
‫تفاوت عظيم في مواضع الكواكب وكذلك إذا وجد موضع الكواكب‬

‫‪ #‬بحسب بعض الزيجات درجة معينة حين وجد بحسب زيللج آخللر غيللر تلللك‬
‫الدرجة ربما حصل التفاوت بالبرج ولما كان علم الحكام مبينا على مواضللع‬
‫الكواكب ومناسبتها ثم قد تبين أن التفاوت الكبير وقللع فللي قطللع الكللواكب‬
‫علم بطلن هذا العلم وفساده ‪ #‬الوجه التاسع أن المعقول مللن تللأثير هللذه‬
‫الكواكب في العالم السفلي هو أنها بحسب مساقط شللعاعاتها تسللخن هللذا‬
‫العالم أنواعا من السخونة فأما تأثيراتها في حصول الحللوال النفسللانية مللن‬
‫الذكاء والبلدة والسعادة والشللقاوة وحسللن الخلللق وقبحلله والغنللى والفقللر‬
‫والهم والسرور واللذة واللم فلو كان معلوما لكان طريق علمه أمللا بللالخبر‬
‫الذي ل يجوز عليه الكللذب أو الحللس الللذي يشللترك فيلله النللاس أو ضللرورة‬
‫العقل أو نظره وشيء من هذا كله غير موجللود البتللة فللالقول بلله باطللل ول‬
‫يمكن للحكاميين أن يللدعوا واحللدا مللن الثلثللة الول وغللايتهم أن يللدعوا أن‬
‫النظر والتجربة قادهم إلي ذلك وأوقعهم عليه ونحن نبين فسللاد هللذا النظللر‬
‫والتجربة بما ل يمكن دفعه من الوجوه التي ذكرناها ونللذكر غيرهللا ممللا هللو‬
‫مثلها وأقوى منها وكل علم صحيح فله براهين يستند إليها تنتهى إلي الحللس‬
‫أو ضرورة العقل وأما هذا العلم فل ينتهى إل إلللى جحللد وتخميللن وظنللون ل‬
‫تغنى من الحق شيئا وغاية أهله تقليد من لم يقم دليل على صدقه ‪ #‬الوجه‬
‫العاشر أنا إذا فرضنا أن رجلين سأل منجمين في وقت واحد فللي بلللد واحللد‬
‫عن خصمين أيهما الظافر بصاحبه فههنا يكون الطالع مشتركا بين كل واحللد‬
‫من ذينك الخصمين فان دل ذلك الطللالع علللى حللال الغللالب والمغلللوب مللع‬
‫كونه مشتركا بين الخصمين لزم كون كل منهما غالبا لخصللمه ومغلوبللا مللن‬
‫جانبه وذلك محال فان قالوا بين حال كل واحد منهمللا اختلف بسللبب طللالع‬
‫الصل أو طالع التحويل أو برج النتهاء قلنا هذا تسللليم لقللول مللن يقللول أن‬
‫طالع الوقت ل يدل على شيء أصل بل ل بللد مللن رعايللة الحللوال الماضللية‬
‫لكن الحوال الماضية كثيرة غير مضبوطة فتوقف دلللة طلالع اللوقت عللى‬
‫تلك الحوال الماضية يقتضي التوقف على شللرائط ل يمكللن اعتبارهللا البتللة‬
‫وقد ساعد أصحاب الحكام على العتراف بأن العتمللاد علللى طللالع اللوقت‬
‫غير مفيد بل ل يتم المر إل عند معرفة طالع الصللل فطللالع التحويللل وبللرج‬
‫النتهاء ومعرفة التيسيرات فعند اعتبار جملة هذه المور يتم الستدلل ومللع‬
‫اعتبار جملتها وتحريرها بحيث يؤمن الغلط فيها يكون الستدلل على سللبيل‬
‫الظن ل على سبيل القطع الوجه الحادي عشر أنا لو فرضنا جللادة مسلللوكة‬
‫وطريقا يمشي فيه الناس ليل ونهارا ثم حصل في تلك الجادة آثللار متقاربللة‬
‫بحيث ل يقدر سالك ذلك الطريق على سلوكه إل بتأمل كللثير وتفكللر شللديد‬
‫حتى يتخلص ملن الوقللوع فللي تللك الثلار فللان ملن المعللوم بالضللرورة أن‬
‫سلمة من يمشي في هذه الطريق من العميان ل يكون كسلمة من يمشي‬
‫من البصراء بل ول بد أن يكون عطب العميان في‬

‫‪ #‬ذلك الطريق كثيرا جدا وأن يكون سلمة البصللراء غالبللة جللدا إذا عرفللت‬
‫هذا فنقول مثال العميان عند الحكاميين الذي ل يعرفون أحكام النجوم وهم‬
‫الكللثرون مللن الخلئق ومثللال البصللراء عنللدهم هللم أهللل هللذا العمللل وهللم‬
‫القلون ومثال الطريق الذي حصلت فيه الثار العميقة المهلكة الزمان الذي‬
‫يمضى على الخلق أجمعيللن ومثلال تللك الثللار المصلائب الزمانيللة والمحللن‬
‫والبليا فلو كان هذا العلم صللحيحا لللوجب أن يكللون فللوز المنجميللن بللالغني‬
‫والسلمة والنعللم أتللم فللوز وسلللمتهم فللوق كللل سلللمة ومعلللوم أن المللر‬
‫بالعكس والغالب كون المنجمين بالغنى والسلمة والنعم أتم فوز وسلمتهم‬
‫فوق كل سلمة ومعلوم أن المللر بللالعكس والغللالب كللون المنجميللن ومللن‬
‫سمع منهم وعمل بقولهم في الدبار والنحس والحرمان والواقع أبين شللاهد‬
‫بذلك ولو ذهبنا نذكر الوقائع التي شوهدت من ذلك واشتملت عليها التواريخ‬
‫لزادت على ألوف عديدة فل نجد أحدا راعي هذا العلم وتقيد به في حركللاته‬
‫واختياراته إل وكانت عاقبته قريبا إلي ادبار ونكاية وبليا ل يصللاب بهلا سللواه‬
‫ومن كثر خبرة بأحوال الناس فانه يعرف من ذلك مال يعرف غيره ‪ #‬الوجه‬
‫الثاني عشر انا نشاهد عالما كثيرا يقتلللون فللي سللاعة واحللدة فللي حللرب و‬
‫خلقا يغرقون في سللاعة واحللدة مللع القطللع بللاختلف طللوالعهم و اقتضللائها‬
‫عندكم احوال مختلفة و لو كان للطوالع تأثير فللي هللذا لمتنللع عنللد اختلفهللا‬
‫الشتراك في ذلك ول ينفعكم جواب من انتصر لكم بان الطوالللع قللد يكللون‬
‫بعضها أقوى من بعض و لعل طللالع الللوقت أقللوى مللن طللالع الصللل وكللان‬
‫الحكم له فان طالع الوقت لعله اقتضى هلكا أو غرقا عاما وهللو أقللوى مللن‬
‫طالع الصل فكان التأثير له لنا نقول هذا بعينه يبطل عليكم طللالع المولللود‬
‫و الصل و يحيل القول بتأثيره و اعتباره جمللة فلان الطواللع بعلده مختلفلة‬
‫كثيرة و اصل بعضها أو اكثرها أقوى منلله فيكللون الحكللم بمللوجبه بللاطل أذل‬
‫أمان لكم من اقتضاء الطوالع بعده ضد ما اقتضاه و حينئذ فل يفيللد اعتبللاره‬
‫شلليئا ‪ #‬الللوجه الثللالث عشللر انللا نللرى الجيشللين العظيميللن و الحزبيللن‬
‫المتقابلين يقتتلن و يختصمان و قد اخذ طالع الوقت لكل منهمللا و مللع هللذا‬
‫فالمنصور و الغالب أحدهما مع أن الطالع واحد ول ينفعكم فللي هللذا جللواب‬
‫من انتصر لكم بأنه ل مانع من القللول بخطللأ الخللذ للطللالع فللي الحسللاب و‬
‫الحكم فانه لو اخذ لهما أي طالع كان لم يكللن الغللالب إل أحللدهما حللتى لللو‬
‫كان الطالع قطعا ل يتصور فيه الغلط لم يكن بد مللن كللون أحللدهما غالبللا و‬
‫الخر مغلوبا و هذا يبطل مذهب الحكام بل ريب ‪ #‬الللوجه الرابللع عشللر أن‬
‫الجزاء المفترضة في الفلك أما أن تكون متشابهة في الطبيعة و الماهية أو‬
‫مختلفة فيها فان كانت متساوية كان الجزء الذي هو الطللالع مسللاويا لسللائر‬
‫الجزاء وحكم سائر الجزاء واحد و أن كانت الجزاء مختلفة فللي الماهيللة و‬
‫الطبيعة فل ريب أن الفلك جرملله فللي غايللة العظللم حللتى قللالوا أن الرجللل‬
‫الشديد العدو إذا رفع رجله ووضعها يكن الفولمك قد تحرك ثلثة آلف ميللل‬
‫وإذا كان كذلك فمن الوقت‬

‫‪ #‬الذي ينفصل الولد من بطن أمه إلي أن يأخذ المنجم السطرلب و يأخللذ‬
‫الرتفاع يكون الفلك قد تحرك مثللل كللل الرض و كللذا الللف مللرة وإذا كللان‬
‫المر كذلك فالجزء الذي يأخذه المنجم بالسطرلب ليس الجزء الطالع فللي‬
‫الحقيقة و إذا كانت الجزاء الفلكية مختلفة في الطبيعة و الماهية علمنللا أن‬
‫اخذ الطوالع محال و قد اعترف فضلؤكم بهللذا و قللالوا أن المللر و أن كللان‬
‫كذلك إل أن التجربة قد دلت على أن هذا الطالع الللذي تعللذر علللى النسللان‬
‫تحصيله يدل على كثير من مقدمة المعرفللة مللع مللا فيلله مللن الخلللل الكللثير‬
‫الذي ذكرتم فوجب أن ل يهمل و هذا خطأ بين فان التجارب التي دلت على‬
‫كذب ذلك و بطلنه و ووقوع المر بخلفه أضعاف أضعاف التجربة التي دلت‬
‫على صدقه كما سنذكر قطرة من بحره عن قريب أن شاء الله ولهللذا قللال‬
‫أبو نصر الفارابي و اعلم انك لو قلبت أوضاع المنجمين فجعلت الحللار بللاردا‬
‫و البارد حارا و السعد نحسا و النحس سعدا و الذكر أنثى و النثى ذكللرا ثللم‬
‫حكمت لكانت أحكامك من جنللس أحكللامهم تصلليب تللارة و تخطىللء تللارات‬
‫وهل معهم إل الحدس و التخمين و الظنون الكذابللة و لقللد حكللى أن امللرأة‬
‫أتت منجما فأعطته درهما فاخللذ طالعهللا و حكللم و قللال الطللالع يخللبر بكللذا‬
‫فقالت لم يكن شيء من ذلك ثم اخذ الطالع وقال يخبر وبكذا فأنكرته حلتى‬
‫قال انه ليدل على قطع في بيت المال فقالت النصدقت وهو الدرهم الللذي‬
‫دفعت إليك ‪ #‬الللوجه الخللامس عشللر أن الجسللام ل تنفعللل مللن غيرهللا إل‬
‫بواسطة المماسة وهذه الكواكب لمماسة لهلا بأعضللائنا و أبلداننا و أرواحنللا‬
‫فيمتنع كونها فاعلة فينللا أقصللى مللا فللي البللاب أن يقللال أنهللا وان لللم تكللن‬
‫مماسة لعضائنا إل أن شعاعها يصل إلللي أجسللامنا فيقللال ل ريللب أن تللأثير‬
‫الشعاع إنما يكون بالتسخين عند المسللامتة أو بالتبريللد عنللد النحللراف عللن‬
‫المسامته فهذا بعد تصحيحه يقتضي أن ل يكون لهذه الكواكب تأثير في هذا‬
‫العالم إل على سبيل التسللخين و التبريللد فأمللا أن تعطللى العلللوم الخلق و‬
‫المحبة والبغضاء و الموالة و المعاداة و العفة و الحرية و النذالة و الخبث و‬
‫المكللر و الخديعللة فللذلك خللارج عللن معقللول العقلء و هللو مللن حمقللات‬
‫الحكاميين و جهالتهم فان قيل التللأثير بالتسللخين و التبريللد يللوجب اختلف‬
‫أمزجة البدان واختلف امزجة البدان و يوجب اختلف أفعللال النفللس قيللل‬
‫فنحن نرى التسخين يقتضي حرارة وحدة فللي المللزاج يفعللل بهللا هللذا غايللة‬
‫الخير و الفعال الحميدة وهذا غايللة الشللر و الفعللال الخبيثللة و الشللعاع قللد‬
‫سخن مركبها فما الموجب لنفعال نفسيهما عن هذا التسخين هلذا النفعلال‬
‫المتباعد المتناقض و أيضللا فمللا المللوجب لختلف القوابللل وتللأثير الكللواكب‬
‫فيها بطبعه و تسخينه وتبريده فكيف اختلفت القوابل هللذا الختلف العظيللم‬
‫وهي مستندة إلي تأثير واحد ‪ #‬الوجه السادس عشر أن رجل لو جلس فللي‬
‫دار لها بابان شرقي و غربي فسأل‬

‫‪ #‬المنجم وقال من أيهما يقتضي الطالع خروجي فإذا قال للله المنجللم مللن‬
‫الشرقي أمكنه تكذيبه و الخروج من الغربي و بالعكس وكللذلك السللفر فللي‬
‫يوم واحد و ابتداء البناء و غيره في يوم يعينلله للله المنجللم و يحكللم باقتضللاء‬
‫الطالع له من غير تقدم عنه و ل تأخر فانه يمكنه تكذيبه فللي ذلللك اجمللع ‪#‬‬
‫فان قلتم أن المنجم إذا اخبره بما يفعله و يختاره يصير ذلللك داعيللا للله إلللي‬
‫أن يخالفه في قوله و يكذبه فالطريق إلي علم صدقه أن يحكم ذلك المنجم‬
‫على معين و يكتبه في كتاب و يخفيلله أو يللذكره لنسللان أخللر و يخفيلله عللن‬
‫صاحب الواقعة فههنا يظهر صلدق المنجلم ‪ #‬قللت هلذا العلذر ملن أسلقط‬
‫العذار لن النجوم لو كانت كما تزعمون دالة على جميللع الكائنللات الواقعللة‬
‫في هذا العالم لعرف المنجم ذلك الذي يستقر عليه اختياره علللى كللل حللال‬
‫شاء تكذيبه أو لم يشأه فلما لم يكن المر كللذلك سللقط القللول بصللحة هللذا‬
‫العذر فان قيل الشخاص الفلكية مؤثرات والسفلية قوابل ويجوز أن تختلف‬
‫الحوال الصادرة عن الفاعل بسبب اختلف القوابل وإذا كان كذلك فهب أن‬
‫الدلئل الفلكية دلت على أنه إنما يختار الخروج من الباب الفلني لن كللون‬
‫النسان مشغوفا بتكذيب المنجم حالة حاصلة في النفس مانعللة مللن ظهللور‬
‫ذلك الثر الذي تقتضيه الموجبات الفلكية فلهذا المر لم يحصل المللر علللى‬
‫وفق حكم المنجم ‪ #‬قيل إذا اقتضت الموجبات الفلكية أثرا امتنع أن يحصل‬
‫في النفس ما يضاده لن تلك الرادة والميول والعزوم الواقعة فللي النفللس‬
‫هي عندكم من موجبات الثار الفلكيللة فيمتنللع أن تكللون مضللادة لموجبهللا ل‬
‫سيما والمنجم يحكم بأنه إنمللا تقتضللي النجللوم أن يريللد النسللان كللذا وكللذا‬
‫وليس حكمه أن الطالع يقتضي كذا وكذا إل أن يريد النسان خلفه هذا ما ل‬
‫يقوله أحد منكم فعلم بطلن هذا العتذار الوجه السلابع عشلر أنلله ل سلبيل‬
‫إلي معرفة طبائع البروج وطبائع الكواكب وامتزاجاتها إل بالتجربة وأقللل مللا‬
‫ل بد منه في التجربة أن يحصل ذلك الشيء على حالة واحدة مرتيللن إل أن‬
‫الكواكب ل يمكن تحصيل ذلك فيها لنه إذا حصل كللوكب معيللن فللي موضللع‬
‫معين في الفلك وكللانت سللائر الكللواكب متصلللة بلله علللى وضللع مخصللوص‬
‫وشكل مخصوص فان ذلك الوضع المعين بحسب الدرجللة والدقيقللة ل يعللود‬
‫إل بعد ألوف من السنين وعمر النسان الواحد ل يفي بذلك بل عمل البشللر‬
‫ل يفللي بلله والتواريللخ الللتي تضللبط هللذه المللدة ممللا ل يمكللن وصللولها إلللى‬
‫النسان فثبت أنه ل سبيل إلي الوصول إلي هذه الحوال مللن جهللة التجربللة‬
‫البتة ول ينفعكم اعتذار من اعتذر عنكم بللأنه ل حاجللة فللي التجربللة إلللي مللا‬
‫ذكرتم لنا إذا شاهدنا حادثا معينا في وقت مخصوص فل شك أنه قد تحصللل‬
‫في الفلك اتصالت الكواكب المختلفة في ذلك الوقت فلو قللدرنا عللود ذلللك‬
‫الوضع الفلكي بتمامه على تلك الحال ألف مللرة يعلللم أن المللؤثر فللي ذلللك‬
‫الحادث هل مجموع التصالت أو اتصال معين منها فإذا علمنا‬

‫‪ #‬أن ذلك الوضع بحملته فات وملا علاد ولكنله علاد اتصلال واحلد ملن تللك‬
‫التصالت وكما عاد ذلك التصال المعين فانه يعود ذلك الثللر بعينلله ل لجللل‬
‫سائر التصالت فثبت أن الرجوع فللي هللذا البللاب إلللي التجربللة غيللر متعللذر‬
‫وهذا العتذار في غايللة الفسللاد والمكللابرة لن تخلللف ذلللك الثللر عللن ذلللك‬
‫التصال العائد أكثر من اقترانه به والتجربة شاهدة بذلك كما قد اشتهر بيللن‬
‫العقلء أن المنجمين إذا أجمعوا على شيء من الحكام لللم يكللد يقللع ونحللن‬
‫نذكر طرفا من ذلك فنقول في ‪ #‬الللوجه الثللامن عشللر لمللا نظللر حللذاقكم‬
‫وفضلؤكم سنة سبع وثلثين عام صفين من مخرج على رضي الله عنه مللن‬
‫الكوفة إلي محاربة أهل الشام اتفقوا علللى أنله يقتللل ويقهللر جيشلله فظهللر‬
‫كذبهم وانتصر جيشه على أهل الشام ولللم يقللدروا علللى التخلللص منهللم إل‬
‫بالحيلة التي وضعوها من نشر المصاحف على الرماح والدعاء إلللى ملا فيهللا‬
‫وقد قيل أن التفاق منهللم إنمللا كللان فللي حللرب المللؤمنين للخللوارج فللانهم‬
‫اتفقوا على أنه من خرج في ذلك الطالع قتل وهزم جيشه فللان القملر كللان‬
‫إذا ذاك في العقرب فخالفهم علي وقال بللل نخللرج ثقللة بللالله وتللوكل عليلله‬
‫وتكذيبا لقول المنجم فما غزا غللزاة بعلد رسلول الللله أتلم منهلا قتللل عللدوه‬
‫وأيده الله عليهم بالنصر والظفر بهم ورجع مؤيدا منصللورا مللأجورا والقصللة‬
‫معروفة في السير والتواريخ وكذلك اتفاق ملكم في سنة سبع وستين على‬
‫غلبة عبيد الله بن زياد للمختار بن أبي عبيللد وأنلله ل بللد أن يقتللله أو يأسللره‬
‫فسار إليه في نحو من ثمانين ألف مقاتل فلقيه إبراهيم بن الشللتر صللاحب‬
‫المختار بأرض نصيبين وهو فيما دون سبعة آلف مقاتل فانهزم أصحاب ابللن‬
‫زياد بعد أن قتل منهم خلق ل يحصيهم أل الله حتى أنه قيل انهم قتللل منهللم‬
‫ثلثة وسبعون ألفا ولم يقتل من أصحاب ابلن الشلتر سلوى علدد ل يبلغلون‬
‫مائة وفيهم يقول الشاعر ‪ # :‬برزوا نحوهم بسبعة آل ‪ %‬ف أن يهللم عجائبللا‬
‫‪ #‬فتعشوا منهم بسبعين ألفا ‪ %‬أو يزيدون قبل وقت العشاء ‪ #‬فجزاك ابن‬
‫مالك وأبا اسح ‪ %‬ق عنا الله خير جزاء ‪ #‬يريد بابن مالك إبراهيم بن مالك‬
‫بن الشتر وأبو إسحاق كنية المختار وقتل ابن الشتر عبيدالله ابن زيللاد فللي‬
‫المعركة ولم يعلم به حللتى إذا هللل الليللل قللال لصللحابه لقللد ضللربت علللى‬
‫شاطئ هذا النهر رجل فرجع إلى سيفي وفيه رائحة المسللك ورأيللت إقللداما‬
‫وجرأة فصرعته فذهبت رجله قبل المشرق ويللداه قبللل المغللرب فللانظروه‬
‫فأتوه بالنيران فإذا هو عبيدالله بن زياد ذكر ذلك المبرد في الكامللل فللانظر‬
‫حكمة الله من انعكاس ما قال الكاذبون المنجمون وقيل لما علللم عبيللدالله‬
‫ابن زياد أن أمر القتال قد تيسر وسللأل منجمله علن قلوة نجمله ونجلم ابلن‬
‫الشتر وقال والله أنى لعلم أنه ليس بشيء إل أني كنت أنللا وهللو صللغيران‬
‫أن وقعت بيني وبينه خصومة بسبب حمام‬

‫‪ #‬كنا نلعب به فضللربني إلللى الرض وقعللد علللى صللدري وقللال والللله أنللي‬
‫قاتلك ول يقتلك أحد غيري أن شاء الله وأنللا مللن اسللتثنائه بالمشلليئة خللائف‬
‫فذهب به منجمه إلى ما قدره المنجمون له مللن قللوة نجملله وأن هللذا وهللم‬
‫منه وحكم النجوم يقضي على وهمه فحقق الله سبحانه ذلك الوهم وأبطللل‬
‫حكم الطالع والنجم ومن ذلللك اتفللاقهم عنللد مللا تللم بنللاء بغللداد سللنة سللت‬
‫وأربعين ومائة أن طالعها يقضي بأنه ل يموت فيها خليفللة وشللاع ذلللك حللتى‬
‫هنأ الشعراء به المنصور حتى قال بعض شعرائه ‪ # :‬يهنيك منها بلدة تقضي‬
‫لنا ‪ %‬أن الممات بها عليك حرام ‪ #‬لما قضت أحكللام طللالع وقتهللا ‪ %‬أن ل‬
‫يرى فيها يموت أمام ‪ #‬وأكد هذا الهذيان في نفوس العوام مللوت المنصللور‬
‫بطريق مكة ثم المهدي بما سبذان ثم الهادي بعسا باذ ثللم الرشلليد بطللوس‬
‫فلما قتل بها المأمون المين بشارع باب النبار انخرم الصللل الباطللل الللذي‬
‫أصلوه وظهر الزور الذي لفقوه حتى رجع إلى الحق الول فقللال ‪ # :‬كللذب‬
‫المنجم في مقالته التي ‪ %‬نطقت به كللذبا علللى بغللدان ‪ #‬قتللل الميللن بهللا‬
‫لعمري يقتضي ‪ %‬تكذيبهم في سائر الحسبان ‪ #‬ثم مات ببغداد جماعة من‬
‫الخلفاء مثل الواثق والمتوكل والمعتضد والمكتفي والناصر وغير هؤلء ومن‬
‫ذلك اتفاقهم في سللنة ثلث وعشللرين فللي قصللة عموريللة أن المعتصللم أن‬
‫خرج لفتحها كانت عليه الدائرة وأن النصر لعدوه فرزقلله الللله التوفيللق فللي‬
‫مخالفتهم ففتح الله على يديه ما كان مغلقا وأصبح كذبهم وخرصهم بعللد أن‬
‫كان موهوما عند العامة محققللا ففتللح عموريللة ومللا والهللا مللن كللل حصللن‬
‫وقلعة وكان ذلك من أعظم الفتوحات المعلدودة وفلي ذللك الفتلح قلام أبلو‬
‫تمام الطائي منشدا له على رؤس الشهاد ‪ #‬السيف أصدق أنباء من الكتب‬
‫‪ %‬في حده الحد بين الجد واللعب ‪ #‬والعللم فللي شللهب الرملاح لمعللة ‪%‬‬
‫بين الخميسين ل في السبعة الشهب ‪ #‬أين الرواية أم أيللن النجللوم ومللا ‪%‬‬
‫صاغوه من زخرف منها ومن كذب ‪ #‬تخرصا وأحاديثا ملفقة ‪ %‬ليست بنبللع‬
‫إذا عدت ول غرب ‪ #‬عجائبا زعموا اليام تجعله ‪ %‬عنهن في صفر الصللفار‬
‫أو رجب ‪ #‬وخوفوا الناس من دهياء مظلمة ‪ %‬إذا بللدا الكللوكب الغربللي ذو‬
‫الذنب ‪ #‬وصيروا البرج العليللا مرتبللة ملا ‪ %‬كللان منقلبلا أو غيلر منقلللب ‪#‬‬
‫يقضون بالمر عنها وهي غافلة ‪ %‬ما دار في فلللك منهللا وفللي قطللب ‪ #‬لللو‬
‫ثبتت قط أمرا قبل موقعه ‪ %‬لم يخف ما حل بالوثان والصلب‬

‫‪ #‬وهي نحو من سبعين بيتا أجيز على كللل بيللت منهللا بللألف درهللم ‪ #‬وملن‬
‫ذلك اتفاقهم سللنة اثنللتين وتسللعين ومللائتين فللي قصللة القرامطللة علللى أن‬
‫المكتفللى بللالله أن خللرج لمقللاتلتهم كللان هللو المغلللوب الملللزوم وكللان‬
‫المسلمون قد لقوا منهم على توالي اليام شرا عظيما وخطبا جسيما فأنهم‬
‫قتلوا النساء والطفال واستباحوا الحريم والموال وهدموا المساجد وربطوا‬
‫فيها خيللولهم ودوابهلم وقصلدوا وفللد الللله وزوار بيتله فلأوقعوا فيهلم القتلل‬
‫الذريع والفعل الشنيع واباحوا محارم الله وعطلوا شللرائعه فعللزم المكتفللي‬
‫على الخروج اليهم بنفسه فجمع وزيره القاسم بن عبيللدالله مللن قللدر عليلله‬
‫من المنجمين وفيهم زعيمهم أبو الحسن العاصمي وكلهم أوجللب عليلله بللأن‬
‫يشير على الخليفة أن ل يخرج فانه أن خرج لم يرجع وبخروجه تزول دولتلله‬
‫وبهذه تشهد النجوم التي يقضى بها طالع مولده وأخافوا الللوزير مللن الهلك‬
‫أن خرج معه وقد كان المكتفي أمر الوزير بالخروج معه فلللم يجللد بللدا مللن‬
‫متابعته فخرج وفي قلبه ما فيه وأقام المكتفي بالرقة حتى أخللذ أعللداء الللله‬
‫جميعا وسيقت جموعهم بكأس السيف نجيعا ثم جاء الخبر من مصللر بمللوت‬
‫خمارويه بن أحمد بن طولون وكللانوا بلله يسللتطيلون فأرسللل المكتفللي مللن‬
‫تسلمها واستحضر القواد المصرية إلى حضرته ثم لما عاد أمللر القاسللم بللن‬
‫عبيدالله الوزير بإحضار رئيس المنجمين وصفعه الصفع الكثير بعد أن وقفلله‬
‫ووبخه على عظيم كذبه وافترائه وتبرأ منه ومن كل من يقول برأيه ‪ #‬قللال‬
‫أبو حيان التوحيدي في كتاب التباع والمؤانسة وقد ذكر هذه القصة ‪ #‬فهذا‬
‫وما أشبهه من الفتراء والكذب لو ظهر ونشر وعيلر أهللله بله ووقفلوا عليلله‬
‫وزجروا عن الدعوى المشرفة على الغيب لكان مقمعللة لمللن يطلللق لسللانه‬
‫بالطلع على مال يكونوا في غللدو قطعللا للسللنتهم وكفللا لللدعواهم و تأديبللا‬
‫لصغيرهم وكبيرهم ‪ #‬ومن ذلك اتفاقهم سنة ثلث وخمسين وثلثمائة عندما‬
‫أراد القائد جوهر العزيز بناء مدينة القاهرة وقللد كللان سللبق مللوله الملقللب‬
‫بالمعز إلى الدخول إلى الديار المصرية لمللا أمللره المعللز بللدخولها بالللدعوة‬
‫وأمره إذا دخلها أن يبني بها مدينللة عظيمللة تكللون نجللوم طالعهللا فللي غايللة‬
‫الستقامة ويكون بطالع الكوكب القاهر وهللو زحللل أو المريللخ علللى اختلف‬
‫حاله فجمع القائد جوهر المنجمين بها وأمر كل واحد منهم أن يحقق الرصللد‬
‫ويحكمه وأمر البنائين أن ل يضعوا الساس حتى يقال لهم ضعوه وأن يكونوا‬
‫على هيئة من التيقظ والسراع حتى يوافقوا تلك الساعة التي اتفقت عليهللا‬
‫أرصاد أولئك الجماعة فوضعت الساسللات علللى ذلللك فللي الللوقت الحاضللر‬
‫وسموها بالقاهرة إشارة بزعمهم الكاذب إلى الكوكب القاهر واتفقوا كلهللم‬
‫بأن الوقت الللذي بنبلت فيلله يقضللي بلدوام جلدهم وسلعادتهم ودولتهللم وأن‬
‫الدعوة ل تخرج فيها عن الفاطمية وان تداولتها اللسن‬
‫العربية والعجمية فلما ملكها أسد الدين شلليركوه بللن شللادي ثللم ابللن أخيلله‬
‫الملك الناصر صلح الدين يوسف بللن أيللوب ومللع ذلللك المصللريون قللائمون‬
‫بدعوة العاضد عبدالله بن يوسف توهم الجهللال أن مللا قللال المنجمللون مللن‬
‫قبل حقا لتبدل اللسان وحال الدعوة مستبقي فلما رد صلح الللدين الللدعوة‬
‫إلى بني العباس انكشف المر وزال اللتباس وظهر كذب المنجمين والحمد‬
‫لله رب العالمين وكانت المدة بين وضع الساس وانقللراض دولللة الملحللدة‬
‫منها نحو مائة وثلثة وتسعين عاما فنقللض انقطللاع دولتهللم علللى المنجميللن‬
‫أحكامهم وخلرب ديلارهم وأهتلك أسلتارهم وكشلف أسلرارهم وأجلرى اللله‬
‫سبحانه تكذيبهم والطعن عليهم على لسان الخاص والعام حللتى اعتللذر مللن‬
‫اعتذر منهم بأن البنائين كانوا قد سبقوا الرصادين إلى وضع الساس وليللس‬
‫هذا من بهت القوم ووقاحتهم ببعيللد فللانه لللو كللان كللذلك لللرأى الحاضللرون‬
‫تبديل البناء وتغييره فانه لو دخلهم شك في تقديم أو تأخير أو سبق بما دون‬
‫الدقيقة في التعذر لما سامحوا بذلك مع المقتضى التلام والطاعللة الظللاهرة‬
‫والحتيللاط الللذي ل مزيللد فللوقه وليللس فللي تبللديله حجللر أو تحللويله برفعلله‬
‫ووضعه كبير أمر على البنائين ول مشقه وقللرائن الحللوال فللي إقامللة دولللة‬
‫بتقريرها وإنشاء قاعدة بتحريرها شاهدة بأن الغفلة عللن مثللل هللذا الخطللب‬
‫الجسيم مما ل يسامح بها البتة ويالله العجب كيف للم يظهلر سلبق البنلائين‬
‫للراصدين إل بعد انقراض دولة الملحدة وأما مدة بقاء دولتهلم فكلان البنلاء‬
‫مقارنا للطالع المرصود فهل في البهت فوق هذا ‪ #‬ومن ذلك اتفاقهم سللنة‬
‫خمس وتسعين وثلثمائة في أيام الحاكم على أنها السنة التي ينقضللي فيهللا‬
‫بمصر دولة العبيديين هذا مللع اتفللاق أولئك علللى أن دعللوتهم ل تنقطللع مللن‬
‫القاهرة وذلك عند خللروج الوليللد بللن هشللام المعللروف بللأبي ركللوة المللوي‬
‫وحكم الطالع له بأنه هو القاطع لدعوة العبيديين وأنه ل بد أن يستولي على‬
‫الديار المصرية ويأخذ الحاكم أسيرا ولللم يبللق بمصللر منجللم إل حكللم بللذلك‬
‫وأكبرهم المعروف الفكري منجللم الحللاكم وكللان أبللو ركللوة قللد ملللك برقللة‬
‫وأعمالها وكثرت جموعه وقويت شوكته وخرجللت إليلله جيللوش الحللاكم مللن‬
‫مصر فعادت مغلوبة فلم يشك الناس في حذق المنجميللن وكللان مللن تللدبير‬
‫الحاكم أن دعا خواص رجاله وأمرهم أن يعملوا بما رآه من احتيللاله وهللو أن‬
‫يكاتبوا أبللا ركللوة بلأنهم علللى مللذهبه وأنهللم مللائلون عللن الللدعوة الحاكميللة‬
‫وراغبون في الدعوة الوليدية المويللة وأطمعللوه بكللل مللا أوهمللوه بلله أنهللم‬
‫صادقون وله مناصحون فلما وثق بما قالوه وخفلى عليله ملا احتلالوه زحلف‬
‫بعساكره حللتى نللزل موسلليم علللى ثلثللة فراسللخ مللن مصللر فخرجللت إليلله‬
‫العسكر الحاكمية فهزمته فتحقق أنها كانت خديعة فهرب وقتللل خلللق كللثير‬
‫من عسكره وطلب فأخذ أسيرا ودخل به القاهرة على جمل مشهور ثم أمر‬
‫الحاكم بقتله بعد ما أحضر بين يديه مغلول بغل من حديد وذلك‬

‫‪ #‬في رجب سنة سبع وتسعين وثلثمائة وكان مبدأ خروجه في رجللب سللنة‬
‫خمس وتسعين فظهر كذب المنجمين وكان هذا الفكري قللد اسللتولى علللى‬
‫الحاكم فانه اتفقت له معه قضلليتان أمالتللاه إليلله إحللداهما أن الحللاكم عللزم‬
‫على إرسال أسطول إلى مدينة صور لمحللاربتهم فسللأله الفكللري أن يكللون‬
‫تدبيره إليه ليخرجه في طالع يختاره وتكون العهدة أن لم يظفر عليه واتفق‬
‫ظهور السطول ‪ #‬الثانية أنه ذكر أن بسللاحل بركللة رميللس مسللجدا قللديما‬
‫وان تحته كنزا عظيما وسأله أن يتولى هو هدمه فان ظهر الكنز وال بناه هو‬
‫من ماله وأودعه السجن فاتفق إصللابة الكنللز فطللاش المغللرور بللذلك فلمللا‬
‫حكم عليه الفكري بتغيير دولته وقضى المنجمون بمثل قضائه فوقع للحللاكم‬
‫أن يغير أوضاع المملكة والدولة ليكلون ذللك هلو مقتضلى الحكللم النجلومي‬
‫فصار يأمر في يومه بخلف كل ما يأمر به في أمسه فللأمر بسللب الصللحابة‬
‫رضللوان الللله عليهللم علللى رؤس المنللابر والمسللاجد ثللم أمللر بقطللع سللبهم‬
‫وعقوبة من سبهم وأمر بقطع شللجرة الزرجللون مللن الرض وأوجللب القتللل‬
‫على من شرب الخمر وأمر بغرس هذه الشجرة وأباح شرب الخمر وأهمللل‬
‫الناس نهب الجانب الغربي من القاهرة وقتلت فيه جماعلة ثلم ضلبط الملر‬
‫حتى أمر أن ل تغلق الحوانيت ليل ول نهارا وأمر مناديه ينادي من عدم له ما‬
‫يساوي درهما أخذ من بيت المال عنه درهمين بعد أن يحلف على ما عللدمه‬
‫أو يعضده شهادة رجلين حتى تحيل الناس فللي سللتر حللوانيتهم بالجريللد لئل‬
‫تدخلها الكلب ثم عمد إلى كل متول فللي دولتلله وليللة فعزللله وقتللل وزيللره‬
‫الحسن بن عماد كل ذلك ليكون قول أهل النجم أن دولته تتغير واقعللا علللى‬
‫هذا الضرب من التغيير فلما كان من أمر أبي ركوة ما تقدم ذكره ساء ظنلله‬
‫بعلم النجامة فأمر بقتل منجمه الفكري وأطلق في المنجمين العيللب والللذم‬
‫وكان قد جمع بين المنجمين بالديار المصللرية واسللتدعا غيرهللم وأمرهللم أن‬
‫يرصدوا له رصدا يعتمد عليه فصللارت الطللوائف النجوميللة إلللى هللذا الرصللد‬
‫يتحللاكمون وان تضللمن بعللض خلف الرصللد المللأموني ووضللعوا للله الذبللح‬
‫المسمى بالحاكمي وكان هذا الفكري قد أخذ علم النجامة عمللن أخللذه عللن‬
‫العاصمي فسير أوقات الحاكم وساعاته ووافقه على ذلللك المنجمللون فلمللا‬
‫قتله لم يزل أثر التنجيم عن نفسه لشرف النفس على التطلع إلى الحوادث‬
‫قبل وقوعها وكان بعد يتولع بهذا العلم ويجمع أصحابه فحكموا له في جملللة‬
‫أحكامهم بركوب الحمار على كل حال وألزمللوه أن يتعاهللد الجبللل المقطللم‬
‫في أكثر اليام وينفرد وحده بخطاب زحل بما علموه إياه من الكلم ويتعاهد‬
‫فعل ما وضعوه له من البخورات والعزام وحكمللوا بللأنه مللا دام علللى ذلللك‬
‫وهو يركب الحمار فهو سالم النفس عن كل إيذاء فلزم ما أشاروا بلله عليلله‬
‫وأذن الله العزيز العليم رب الكواكب ومسخرها ومدبرها أن هلكه كان فللي‬
‫ذلك الجبل على ذلك الحمار فانه خرج بحماره إلى ذلك‬

‫‪ #‬الجبل على عادته وانفرد بنفسه منقطعا عن موكبه وقد اسللتعد للله قللوم‬
‫بسكاكين تقطر منها المنايا فقطعوه هنالك للوقت والحين ثم أعللدموا جثتلله‬
‫فلم يعلم لها خبر فمن هذا يقول أتباعه الملحدة انه غائب منتظر وأظهللرت‬
‫قدرة الرب القللاهر تبللارك اسللمه وتعللالى جللده تكللذيب قللول تلللك الطائفللة‬
‫المفترين ووقوع المر بضد ما حكموا به ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من‬
‫حي عن بينة وان الله لسميع عليم فظهر من كللذبهم وجهلهللم بتغييللر دولتلله‬
‫في خروج أبي ركوة وفي هذا الحين فهذا في مبدئها وهذا في ختامهللا فهللل‬
‫بعد ذلك وثوق للعاقل بالنجوم وأحكامها كل لعمر الله ليس بها وثللوق وانمللا‬
‫غاية أهلها العتماد على رازق ومرزوق فأما اصابة الفكري بظفر السللطول‬
‫فإنما كان بتحيل دبره على أهللل صللور ل بالطللالع فكللانت الغلبللة للله عليهللم‬
‫بالتحيل الذي دبره ساعة القتال ل بما ذكره من حكم الطالع قبل تلك الحال‬
‫وأما اصابة الكنز فليس من النجوم في شيء ومعرفلة مواضلع الكنلوز عللم‬
‫متداول بين الناس وفيه كتب مصنفة معروفة بأيدي أرباب هللذا الفللن وفيهللا‬
‫خطأ كثير وصواب قد دل الواقع عليه ومن ذلك اتفاقهم سنة اثنيللن وثمللانين‬
‫وخمسمائة على خللروج ريللح سللوداء تكللون فللي سللائر أقطللار الرض عاملة‬
‫فتهلك كل من على ظهرها إل من اتخذ لنفسه مغارة في الجبال بسللبب أن‬
‫الكواكب كانت بزعمهم أن اجتمعت فللي بللرج الميللزان وهللو بللرج هللوائي ل‬
‫يختلف فيه منهم اثنان كما اجتمعت في برج الحوت زمن نللوح وهللو عنللدهم‬
‫برج مائي فحصل الطوفان المائي قالوا وكذا اجتماعها في الللبرج الميزانللي‬
‫يوجب طوفانا هوائيللا ودخللل ذلللك فللي قلللوب الرعللاع مللن النللاس فاتخللذوا‬
‫المغارات استدفاعا لما أنذرهم به الكذابون مللن الللله رب العللالمين مسللخر‬
‫الرياح ومدبر الكواكب ثم لما كلان ذللك اللوقت اللذي حلدوه والجلل اللذي‬
‫عدوه قل هبوب الرياح عن عادتها حتى أهم النللاس ذلللك ورأوا مللن الكللرب‬
‫بقلة هبوب الرياح ما هو خلف المعتاد فظهر كلذبهم للخلاص والعلام وكلانوا‬
‫قد دبروا في قصة هذه الريح التي ذكروها بأن عزوها إلى علللى رضللي الللله‬
‫عنه وضمنوها جزء بمضمون هذه الريح وذكروا قصة طويلللة فللي آخرهللا أن‬
‫الراوي عن علي رضي الله عنه قال له لقد صدقني المنجمون فيمللا حكيللت‬
‫عنك وقالوا انه تجتمع الكللواكب فللي بللرج الميللزان كمللا اجتمعللت فللي بللرج‬
‫الحوت على عهد نوح وأحدثت الغرق فقلت له يا أميللر المللؤمنين كللم تقيللم‬
‫هذه الريح على وجه الرض قال ثلثة أيام ولياليها وتكللون قوتهللا مللن نصللف‬
‫الليللل إلللى نصللف النهللار عللن اليللوم الثللاني وانظللر إلللى اتفللاقهم علللى أن‬
‫الكواكب إذا اجتمعت في برج الميزان حصل هذا الطوفان الهوائي واتفاقهم‬
‫على اجتماعها فيه في ذلك الوقت ولم يقع ذلك الطوفان ومن ذلك اتفاقهم‬
‫في الدولة الصلحية بحكم زحل والدالي أن مدينة السكندرية ل يموت فيهللا‬
‫من الغز وال فلما مات بها الملك المعظم شمس الدولة‬

‫‪ #‬توران شاه ابن أيوب بن شاذي سنة خمس وسبعين وخمسمائة ثم واليها‬
‫فخر الدين قراجلا ابلن عبلدالله سلنة تسلع وثملانين ثلم واليهلا سلعد اللدين‬
‫سودكين بن عبدالله سنة خمس وستمائة انخرمت هذه القاعدة أصل وبطل‬
‫قولهم فرعا وأصل حتى قال بعض شعراء ذلك العصر عند موت المير فخللر‬
‫الدين ‪ # :‬وقضى طلوع الثغر عند مماته ‪ %‬أن المنجللم كللاذب ل يصللدق ‪#‬‬
‫لو كان فيه ل يموت مؤمر ‪ %‬أودى وفخللر الللدين حللي يللرزق ‪ #‬ومللن ذلللك‬
‫اجتماعهم في سنة خمس وعشرة وستمائة لمللا نللزل الفرنللج علللى دميللاط‬
‫على انهم ل بد أن يغلبلوا علللى البلد فيتملكلوا ملا بلأرض مصللر ملن رقلاب‬
‫العباد وانهم ل تدور عليهللم الللدائرة إل إذا قللام قللائم الزمللان وظهللر برايلاته‬
‫الخافقة ذلك الوان فكذب الله ظنونهم وأتى من لطفه الخفي مللا لللم يكللن‬
‫في حساب ورد الفرنج بعد القتل الذريع فيهللم والسللر علللى العقللاب وكللان‬
‫المنجمون قد أجمعوا في أمر هللذه الواقعللة عللى نحلو ملا أجمللع عليله ملن‬
‫قبلهم في شأن عمورية واتفق أن كان مبدأ هذا الفتح في سابع رجللب سللنة‬
‫ثمان عشرة وستمائة ومبللدأ ذلللك الفتللح فللي سللابع رجللب أيضللا سللنة ثلث‬
‫وعشللرين ومللائتين قللال الفاضللل العلمللة محمللد بللن عبللدالله بللن محمللود‬
‫الحسيني ولما كذب الله هؤلء القوم فيما ادعوه نسللجت علللى منللوال أبللي‬
‫تمام في قصيدته البائية المكسورة فعملت بائيللة مفتوحللة وهللي ‪ # :‬الحمللد‬
‫لله حمدا يبلغ الربا ‪ %‬نقضي به من حقوق الله مللا وجبللا ‪ #‬حمللدا يزيللد إذا‬
‫النعمي تزيد به ‪ %‬أخراه أوله تعطى ضعف ما وهبا ‪ #‬ل ييللأس المللرء مللن‬
‫روح الله فكم ‪ %‬من راح فلي مسلتهل كلان قلد صلعبا ‪ #‬فكلم مشللى بلك‬
‫مكروه ركضت به ‪ %‬من غير علم إلى ما تشللتهي خببللا ‪ #‬وكللم تقطللع دون‬
‫المشتهى سللبب ‪ %‬وكللان منللك لعلللى المنتهللى سللببا ‪ #‬ل ينبغللي للك فللي‬
‫مكروه حادثة ‪ %‬أن تبتغى لك في غير الرضا طلبا ‪ #‬للله فلي الخللق تلدبير‬
‫يفوت مللدى ‪ %‬أسللرار حكمتلله أحكللام مللن حسللبا ‪ #‬ا ابللغ النجللاء إذا مللاذو‬
‫النجامة في ‪ %‬زور من القول يقضي كل ما قربللا ‪ #‬وذو الراجيللن ممللا قللد‬
‫يقول فدع ‪ %‬فما أراجيز شيء كان قد كتبا ‪ #‬ما كان لله في ديللوان قللدرته‬
‫‪ %‬من كاتب بحدوس الظللن إذ كتبللا ‪ #‬ل يعلللم الغيللب إل الللله خالقنللا ‪ %‬ل‬
‫عالم غيره عجبا ول عربا ‪ #‬ل شيء أجهل ممن يدعي ثقة ‪ %‬بحدسه وتللرى‬
‫فيما يرى ريبا ‪ #‬قد يجهل المرء ما في بيتلله نظللرا ‪ %‬فكيللف عنلله بمللا فللي‬
‫غيبه احتجبا ‪ #‬قد كذب الله قول القائلين غدا ‪ %‬إذا أتى رجللب لللم تحمللدوا‬
‫رجبا‬

‫‪ #‬قالوا يرى عجب فيه فقلت لهم ‪ %‬بالنصر بعد اياس تبصروا عجبا ‪ #‬فللي‬
‫منقضى السبعة اليام منه أتى ‪ %‬مللا يللأت فللي مقتضللاه السللبعة الشللهبا ‪#‬‬
‫وأعتمللت فيلله عللواء النجللوم علللى ‪ %‬عللواء ذئب مللن الكفللار قللد حربللا ‪#‬‬
‫والشعريان فكل منهما شعرت ‪ %‬بأن للحق فيهم سليف ملن غلبلا ‪ #‬وصلح‬
‫عن قمر الفلك أنهم ‪ %‬ما فيهم غير مقهور وقد نشللبا ‪ #‬غطللاؤهم رد فللي‬
‫وجهي عطاردهم ‪ %‬إلى الذي منهم مللا شللاء قللد سلللبا ‪ #‬وقللد بللدت زهللرة‬
‫السلم زاهرة ‪ %‬قد أظلمللت فللوقهم ملن دونهلا سللحبا ‪ #‬وأجملللت حمللرة‬
‫المريخ حكمهم ‪ %‬ففسللرت بللدم فيهللم لمللن خضللبا ‪ #‬ولللم يللك المشللترى‬
‫تقضي سعادته ‪ %‬إل إلى المشتري نفسا بما طلبا ‪ #‬وقبللل منقلللب البللراج‬
‫ذو قدر ‪ %‬فعاد منه مبان النفع منقلبا ‪ #‬كم حامل ثائر في الثور أو حمل ‪%‬‬
‫أجاز فيهم على جوزائهم حربا ‪ #‬ولم يدر فلك إل لذي ملللك ‪ %‬يللدير جيشللا‬
‫عليهم عسكرا نجيا ‪ #‬حتى غدا ثغر دمياط وقد حكموا ‪ %‬أن ل يللرى باسللما‬
‫مستجمعا شنبا ‪ #‬يفتر عن صبح إيمان به جذل ‪ %‬وكان فلي ليلل كفلر بلات‬
‫مكتئبا ‪ #‬ومد كفاله التوحيد فانقبضت ‪ %‬رجل من الشرك في تأخيره هربللا‬
‫‪ #‬وتلك حرب صليب عودهللا فقضللت ‪ %‬أن ل يعللود صللليب بعللد منتصللبا ‪#‬‬
‫وأطلق القول بالتأذين إذ خرست ‪ %‬له نواقيس جرجيس فما احتسللبا ‪# #‬‬
‫ومما اتفق عليه المنجمون أن النسان إذا أراد أن يستجيب الله دعاءه جعل‬
‫الرأس في وسط المساء مع المشتري أو شطر منه مقبل والقمر متصل به‬
‫أو منصرفا عنه متصل بصاحب الطالع أو صاحب الطللالع متصللل بالمشللتري‬
‫ناظر إلى الرأس نظللرة ملودة فهنالللك ل يشلكون أن الجابلة حاصللة قلالوا‬
‫وكانت ملوك اليونان يلزمون ذلك فيحمللدون عقبللاه والعاقللل إذا تأمللل هللذا‬
‫الهللذيان لللم يحتللج فللي علملله ببطلنلله ومحللاله إلللى فكللر ونظللر فللان رب‬
‫السموات والرض سبحانه ل يتأثر بحركات النجوم بل يتقدس ويتعللالى عللن‬
‫ذلك فيا للعقول التي أضحكت عليها العقلء من المللؤمنين والكفللار مللا هللذه‬
‫التصالت حتى تكون على وجوب إجابة الله من أقوى الللدللت وممللا عليلله‬
‫المنجمون متفقون أو كالمتفقين أن الخبر إذا ورد في وقللت أو بادنللا منلله ‪1‬‬
‫الوجوه والقمللر وعطللارد فللي بللروج ثللوابت والقمللر منصللرف عللن السللعود‬
‫فالخبر ليس بباطل والباطل مثل هذا فانه يلزمهم‬

‫‪ #‬أن من وضع خبرا باطل في ذلك الللوقت أن الطللالع المللذكور يصللححه أو‬
‫يقولوا ل يمكن أحدا أو يكذب في ذلك الوقت وقد أورد أبللو معشللر المنجللم‬
‫هذا السؤال في كتاب السرار له وأجللاب عنلله أن الخبللار تختلللف فللان ورد‬
‫خبر مكروه من أسباب الشر والجور والفعال المنسوبة إلى طبائع النحوس‬
‫والطالع في القمر منصرف عن سللعد فللالخبر باطللل وان ورد خللبر محبللوب‬
‫ومن أسباب الخيللر والعللدل والفعللال المنسللوبة إلللى طبللائع السللعود وفللي‬
‫الطالع سعد والقمر منصرف عن سعد فالخبر حق قللال وزحللل ل يللدل فللي‬
‫كل حال على الكذب بل يدل على وجود العوائق عما يوقع ذلك الخللبر لكللن‬
‫البلء المريخ أو الذنب إذا استوليا على الوتاد وعلى القمر أو عطارد فانهمللا‬
‫يدلن على الكذب والبطلن ثم قال وعلللى كللل حللال فللالقمر فللي العقللرب‬
‫والبروج الكاذبة تنذر بكذب في نفس الخبر أو زيادة أو نقصان وفللي الحمللل‬
‫والبروج الصادقة تلدل عللى صلدق فيلله واسلتواء وفلي السلرطان والللبروج‬
‫المنقلبة ل تدل على انقلب الخبر إلى باطل ولكنه قد ينقلللب فيصللير أقللوى‬
‫مما هو عليه الن إل أن ينظر إليه نحس فيفسده ويبطللله ثللم قللال واعللرف‬
‫صدق الخبر من سهم الغيب إذا شككت فيلله فللان كللان سللليما مللن المريللخ‬
‫والذنب وينظر إليه صاحبه أو القمر أو الشللمس نظللر صلللح فهللو حللق هللذا‬
‫منتهى كلمه في الجواب وهو كما تراه متضمن أن عند هذه التصالت الللتي‬
‫ذكرها يكون الخبر صحيحا صدقا وعنللد تلللك التصللالت الخللر تكللون منللذرة‬
‫بالكذب فيقال لهؤلء الكذابين المفترين المبلسين أيستحيل عنللدكم معاشللر‬
‫المنجمين أن يضع أحدكم خبرا كاذبا عند تللك التصلالت أم ذللك واقللع فلي‬
‫دائرة المكان بل هو موجود في الخللارج وكللذلك يسللتحيل أن يصللدق مخللبر‬
‫عند التصالت الخر أو يبعد صدق العالم عندها ويكون كللذبهم إذا ذاك أكللثر‬
‫منه في غير ذلك الوقت وهل في الهوس أبلغ من هلذا وللو تتبعنلا أحكلامهم‬
‫وقضاياهم الكاذبة التي وقع المر بخلفها لقام منها عدة أسفار وأمللا نكبللات‬
‫من تقيد بعلم أحكام النجوم في أفعاله وسفره ودخوله البلللد وخروجلله منلله‬
‫واختياره الطالع لعمارة الدار والبناء بالهل وغير ذلك فعند الخاصللة والعاملة‬
‫منهم عبر يكفي العاقل بعضها في تكذيب هلؤلء القلوم ومعرفتله لفلترائهم‬
‫على الله وأقضيته وأقداره بل ل يكاد يعرف أحد تقيد بالنجوم فللي مللا يللأتيه‬
‫ويذره إل نكب أقبح نكبة وأشنعها مقابلة له بنقيض قصده وموافات النحوس‬
‫له من حيث ظن أنه يفوز بسعده فهذه سلنة الللله فللي عبلاده الللتي ل تبللدل‬
‫وعادته التي ل تحول أن من اطمأن إلى غيللره أو وثللق بسللواه أو ركللن إلللى‬
‫مخلوق يدبره أجرى الله للله بسللببه أو مللن جهتلله خلف مللا علللق بلله آمللاله‬
‫وانظر ما كللان أقللوى تعلللق بنللي برمللك بلالنجوم حللتى فللي سللاعات أكلهللم‬
‫وركوبهم وعامة أفعالهم وكيف كانت نكبتهم الشنيعة وانظر حللال أبللي علللي‬
‫ابن مقلللة الللوزير وتعظيملله لحكللام النجللوم ومراعللاته لهللا أشللد المراعللات‬
‫ودخوله دارا بناها بطالع زعم الكذابون‬

‫‪ #‬المفترون أنه طالع سعد ل يرى به في الدار مكروها فقطعت يده ونكللب‬
‫في آثاره أقبح نكبة نكبها وزير قبله وقتلى المنجمين أكللثر مللن أن يحصلليهم‬
‫إل الله عز وجللل ‪ #‬الللوجه التاسللع عشللر أن هللؤلء القللوم قللد أقللروا علللى‬
‫أنفسهم وشهادة بعضهم على بعض بفساد أصول هللذا العلللم وأساسلله فقللد‬
‫كان أوائلهم من القدمين وكبار رصادهم من عهد بطليموس وطيموحارسي‬
‫حارس ومانالوس قد حكموا في الكواكب الثابتة بمقدار واتفقوا أنه صللحيح‬
‫العتبار وأقام المر على ذلك فوق سبعمائة عام والناس ليس بأيديهم سوى‬
‫تقليدهم حتى كان في عهد المأمون فللاتفق مللن رصللادهم وحكللامهم علمللاء‬
‫الفريقين مثل خالد بن عبد الملك المروزي وحسن صاحب الزبللج المللأموني‬
‫ومحمد بن الجهم ويحيى بن أبللي منصللور علللى أنهللم امتحنللوا رصللد الوائل‬
‫فوجدوهم غالطين فيما رصدوه فرصدوهم رصدا لنفسهم وحرروه وسللموه‬
‫الرصد الممتحن وجعلوه مبدأ ثانيا بعد ذلك الزمن كان لوائلهم إجماع علللى‬
‫صحة رصدهم ولهؤلء إجماع على خطأهم فيه فتضمن ذلللك إجمللاع الواخللر‬
‫على الوائل أنهم كانوا غللالطين واقللرار الواخللر علللى أنفسللهم أنهللم كللانوا‬
‫بالعمل به مخطئين ثللم حللدثت طائفللة أخللرى منهللم كللبيرهم وزعيمهللم أبللو‬
‫معشر محمد ابن جعفر وكان بعد الرصد الممتحن بنحو من ستين عاما فللرد‬
‫عليهم وبين خطأهم كما ذكر أبو سعيد ابن شاذان بن بحر المنجم في كتاب‬
‫أسرار النجوم قال قال أبو معشر أخبرني محمد بن موسى المنجم الحليس‬
‫وليس الخوارزمي قال حدثني يحيى بن آبي منصور أو قال حدثني محمد بن‬
‫محمد الحليس قال دخلت على المللأمون وعنللده جماعللة المنجميللن وعنللده‬
‫رجل قد تنبأ وقد دعا القضاة والفقهاء ولم يحضروا بعد ونحن ل نعلللم فقللال‬
‫لي ولمن حضر من المنجمين اذهبوا فخذوا الطالع لدعوى رجللل فللي شلليء‬
‫يدعيه وعرفوني بما يدله عليه الفلك من صدقه وكذبه ولم يعلمنللا المللأمون‬
‫أنه متنبيء فجئنا إلى ناحية من القصر وأحكمنا أمر الطللالع وصللورناه فوقللع‬
‫الشمس والقمر في دقيقة الطالع والطالع الجدي والمشللتري فللي السللنبلة‬
‫ينظر إليه والزهرة وعطارد في العقرب ينظر إليه فقال كل مللن حضللر مللن‬
‫المنجمين هذا الرجل صحيح ل كذب فيه قللال يحيلى وأنلا سلاكت فقلال لللي‬
‫المأمون قللل فقلللت هللو فلي طللب تصللحيحه ولله حجلة زهريلة وعطارديللة‬
‫وتصحيح ما يدعيه ل يتم له فقال من أين قلت فقلت لن صحة الدعاوى من‬
‫المشتري وهو ينظر إليه زحل موافقللة إل أنلله كللاره لهللذا الللبرج ول يتللم للله‬
‫التصديق ول التصحيح والذي قالوه إنما هو من حجة عطاردية وزهرية وذلللك‬
‫يكون من جنس التحسين والتزويق والخداع عن غير حقيقة فقللال لللله درك‬
‫ثم قال تدرون ما يدعى هذا الرجل قلنا ل قال هللذا يللدعى النبللوة فقلللت يللا‬
‫أمير المؤمنين ومعه شيء يحتج به فسأله فقال نعللم معللي خلاتم ذو فصللين‬
‫ألبسه فل يتغير مني شيء ويلبسه غيري فل يتمالك من الضحك حتى ينزعه‬
‫ومعي قلم شامي أكتب به ويأخذه غيري‬

‫‪ #‬فل تنطلق أصبعه به فقلت يا سيدي هذا عطارد والزهرة قد عمل عملهما‬
‫فللأمره أميللر المللؤمنين فللأظهر مللا أدعللاه منهمللا وكللان ذلللك ضللرب مللن‬
‫الطلسمات فما زال به المأمون أياما كثيرة حتى أقر وتبرأ من دعوى النبوة‬
‫ووصف الحيلة التي احتالها في الخاتم والقلم فوهب له المأمون ألللف دينللار‬
‫وصرفه فلقيناه بعد ذلك فإذا هو أعلم الناس بعلم النجوم ومن أكبر أصحاب‬
‫عبدالله القشيري وهو الذي عمل طلسم الخنافس فللي دور بغللداد قللال أبللو‬
‫معشر لو كنت في القوم ذكرت أشللياء خفيللت عليهللم كنللت أقللول الللدعوى‬
‫باطلة من أصلها إذ البرج منقلب وهو الجدي والمشتري في الوبللال والقمللر‬
‫في المحاق والكوكبان الناظران إلى الطالع فللي بللرج كللذاب وهللو العقللرب‬
‫فتأمل كيف اختلفت أحكامهم ملع اتحللاد الطلالع وكللل منهلم يمكنله تصلحيح‬
‫حكمه بشبهة من جنس شبهة الخر فلو اتفق أن أدعى رجل صادق في ذلك‬
‫الوقت والطالع دعوى ألم يكن ادعاؤه ممكنا غير مستحيل ودعللواه صللحيحة‬
‫في نفسها أم تقولون انه ل يمكن أن يدعى أحللد فلي ذللك اللوقت والطلالع‬
‫دعوى صحيحة البتة ومن المعلوم لجميللع العقلء أنلله يمكللن إذ ذاك دعللوتين‬
‫من رجل محق ومبطل بذلك الطالع بعينه فما أسخف عقل من ارتبللط بهللذا‬
‫الهذيان وبني عليه جميع حوادث الزمان وليس بيد القللوم إل مللا اعللترف بلله‬
‫فاضلهم وزعيمهم أبو معشر ‪ #‬وقال شاذان في الكتاب المذكور أيضا قلللت‬
‫لبي معشر الذنب بارد يابس فلم قلتم انلله يللدل علللى التللأنيث فقللال هكللذا‬
‫قالوا قلت فقد قالوا انه ليس بصادق اليبس لكنه بارد فنظر لللي فقللال كللل‬
‫العراض الغائبة توهم ل يكون شيء منها يقينا وانما يكون تللوهم أقللوى مللن‬
‫توهم ‪ #‬ومن تأمل أحوال القوم علم أن ما معهم إل زرق وتفللرس يصلليبون‬
‫معها ويخطئون ‪ #‬قال شاذان في كتابه المذكور كلان اللرازي الثنلوي اللذي‬
‫بالهند يكاتب أبا لعشر ويهاديه فأنفذ لبي معشر مولدا لبن مالك سر نللديب‬
‫طالعه الجوزاء والشللمس والقمللر فللي الجللدي والقمللر خللارج عللن الشللعاع‬
‫وعطارد في الدلو والمشتري في الحمللل وزحلل فلي السلرطان راجلع فللي‬
‫بحران الرجوع فحكم له أبللو معشللر بللأنه يعيللش دور زحللل الوسللط فقلللت‬
‫سبحان الله جاءه راجع في بحران الرجللوع فللي بيللت سللاقط عللن الوتللاد ل‬
‫يعطيه إل دور الصغر ويحتاج أن يسقط منه الخمسللين وجعلللت أنكللر عليلله‬
‫ذلك وأخوفه أن تسلقط منزلتلله عنلد أهلل تللك البلد إللى أن ذكللر محللاورة‬
‫طويلة انتهت بهما إلى أن أبا معشر أخللذ ذلللك مللن عللادات أهللل الهنللد فللي‬
‫طول العمار وقال شاذان في مسألة سئل عنها ما أنتم الزراقين ثم حدثت‬
‫بعد هؤلء جماعة منهم أبو الحسين عبدالرحمن بن عمر بللن عبللد المعللروف‬
‫بالصوفي وكان بعد أبي معشر بنحو من سبعين عاما فذكر أنه قللد عللثر مللن‬
‫غلط الواخر بعد الوائل على أشياء كثيرة وصنف كتابا في معرفللة الثللوابت‬
‫وحمله إلى عضد الدولة بن بويه فاستحسنه‬

‫وأجزل ثوابه وبين في هذا الكتللاب مللن أغللاليط أتبللاع الرصللد الثللاني أمللورا‬
‫كثيرة لعطارد المنجم ومحمد بن جللابر التبللاني وعلللي بللن عيسللى الحرانللي‬
‫فقال فللي مقدمللة كتللابه ولمللا رأيللت هللؤلء القللوم ملع ذكرهللم فللي الفللاق‬
‫وتقدمهم في الصناعة وإقتداء الناس بهم واشتغالهم بمؤلفاتهم قللد تبللع كللل‬
‫واحد منهم من تقدمه من غير تأمل لخطئه وصوابه بالعيان والنظروا أوهموا‬
‫الناس بالرصد حتى ظن كل مللن نظللر فللي مؤلفللاتهم أن ذلللك عللن معرفللة‬
‫بالكواكب ومواضعها إلى أن قال ومعولهم على آلت مصورة من عمللل مللن‬
‫ل يعرف الكللواكب بأعيانهللا وانمللا عولللوا علللى مللا وجللدوه فللي الكتللب مللن‬
‫أطوالها وعروضها فرسموها في الكرة من غير معرفة خطئهللا وصللوابها ثللم‬
‫قال وزادوا أيضا على أطوال الكواكب أطوال كثيرة وعلللى عروضللها دقللائق‬
‫يسيرة ونقصللوا منهللا أوهمللوا بللذلك أنهللم رصللدوا الكللل وأنهللم وجللدوا بيللن‬
‫أرصادهم وأوضاع بطليموس من الخلف في أطوالها وعروضها القدر الللذي‬
‫خالفوا به سوى الزيادة التي وجدوها من حركاتها في المدة التي بينهم وبينه‬
‫من السنين من غير أن عرفوا الكواكب بأعيانها وللله تواليللف أخللر مشللحونة‬
‫ببيان أغاليطهم وإيضاح أكاذيبه ‪2‬م وتخاليطهم وشهد عليهم بأنهم تارة قلدوا‬
‫في القوال النجومية وتارة قلللدوا فيمللا وجللدوه مللن الصللور الكوكبيللة فهللم‬
‫مقلدون فلي القلول والعملل ليلس ملع القلوم بصليرة وشلهد عليهلم بلأنهم‬
‫مموهون مدلسون بل كاذبون مفترون من جهللة أنهللم زادوا دقللائق مللا بيللن‬
‫زمانهم وزمان بطليموس وأوهمللوا بهلا أنهللم رصللدوا ملا رصللده ملن قبلهللم‬
‫فعثروا على ما لم يعثروا عليه ثم حدثت جماعة أخللرى منهللم الكوشلليار بللن‬
‫ياسر بن الديلمي ومن تآليفه الزيجات والجامع والمجمل فللي الحكللام وهللو‬
‫عندهم نهاية في الفن وكان بعد الصوفي بنحو ثلثين عاما وذكر في مقدمللة‬
‫كتللابه المجمللل أنللي جمعللت فللي هللذا الكتللاب مللن أصللول صللناعة النجللوم‬
‫والطريق إلى التصرف فيها ما ظننته كافيا في معناه مغنيا عما سواه وأكللثر‬
‫المر فيما أخذت به أقرب طريق عزوته إلى القياس وأوضح سللبيل سلللكته‬
‫إلى الصواب إذ هي صناعة غير مبرهنة وللخواطر والظنللون مجللال بل نهايللة‬
‫صواب ومجال إلى أن ذكر علم الحكام فقال فيله ول سللبيل للبرهلان عليلله‬
‫ول هو مدرك بكليته نعم ول بأكثره لن الشيء الذي يستعمل فيه هذا العلللم‬
‫أشخاص الناس وجميع ما دون الفلك القمري مطبوع على النتقال والتغييللر‬
‫ول يثبت على حلال واحللدة فللي أكللثر الملر ول للنسلان بكامللل القلوة ملن‬
‫الحللدس بخللواص الحللوال الللتي تكللون مللن امتزاجللات الكللواكب فبلللغ مللن‬
‫الصعوبة وتعسر الوقوف عليه إلى أن دفعه بعض الناس وظنوا أنه شلليء ل‬
‫يدركه أحد البتة وأكثر المنفردين بالعلم الول يعنى علم الهيئة ينكللرون هللذا‬
‫العلم ويجحدون منفعته ويقولون هو شيء يقع بالنفاق وليللس عليلله برهللان‬
‫إلى أن قال ومن المنفردين بالعلم الثاني يعنى علم الحكام من يأتي على‬

‫جزئياته بحجج على سبيل النظر والجللدل فظللن أنهللا برهللان لجهللله بطريللق‬
‫البرهان وطبيعته فحصل من كلم هذا تجهيل أصحاب الحكام كما حصل في‬
‫كلم الصللوفي تكللذيب أصللحاب الرصللاد وهللذان رجلن مللن عظمللائهم‬
‫وزعمائهم ثم حدثت جماعة أخرى منهم المنجللم المعللروف بللالفكري منجللم‬
‫الحاكم بالديار المصرية وكان قد انتهت إليه رياسة هذا العلم وكللان قللد قللرأ‬
‫على من قرأ على العاصللمي فوضللع هللو وأصللحابه رصللدا آخللر وهللو الرصللد‬
‫الحاكمي وخالف فيه أصحاب الرصد الممتحن في أشياء وعلى ذلك التفاوت‬
‫بنوا الذريح الحاكمي وكان الحاكم قد أمرهم أن يحذوا علللى فعللل المللأمون‬
‫فأمر أن يجتمعوا عنده فاجتمع المنجمون ورئيسهم الفكللري فوضللعوا الذبللح‬
‫الحللاكمي وخللالفوا أصللحاب الرصللد المللأموني ومللالوا أتبللاعهم إلللى الرصللد‬
‫الحاكمي ولو اتفق بعد ذلك رصد آخر لسلك أصحابه في خلف من تقللدمهم‬
‫مسلك أوائلهم هذا ومسللتند لهلم ومعللولهم الحلس والحسللاب وهملا هملا ل‬
‫يقبلن التغليط فما الظن بملا يلدعونه ملن علللم الحكلام اللذي مبنللاه علللى‬
‫هواجس الظنون وخيالت الوهام ثم حدثت جماعة أخرى منهم أبو الريحللان‬
‫البيروتي مؤلف كتاب التفهيم إلى صللناعة التنجيللم جمللع فيلله بيللن الهندسللة‬
‫والحساب والهيئة والحكام وكان بعد كوشيار بنحو من أربعين سللنة فخللالف‬
‫من تقدمه وأتى من مناقضتهم والرد عليهم بما هو دال على فساد الصللناعة‬
‫في نفسها وختم كتابه بقوله في الخبى والضمير ما أكثر افتضللاح المنجميللن‬
‫فيه وما أكثر اصابة الراصدين فيه بما يستعملون مللن كلملله وقللت السللؤال‬
‫ويرونه باديا من آثار وأفعال على السائل وقال وعند البلوغ إلى هذا الموضع‬
‫من صناعة التنجيم كافية ومن تعداه فقد عرض نفسلله وصللناعته لمللا بلغللت‬
‫إليه الن من السخرية والسللتهزاء فقللد جهلهللا المتفقهللون فيهللا فضللل عللن‬
‫المنتسبين إليها انتهى كلمه ‪ #‬ثم حللدثت جماعللة أخللرى منهللم أبللو الصلللت‬
‫أمية بن عبدالعزيز بن أمية الندلسي الشاعر المنجم الطبيب الديللب وكللان‬
‫بعد البيروتي بنحو من ثمانين عاما ودخل مصر وأقام بهللا نحللو عللامين ولمللا‬
‫كان بالغرب توفيت والدة المين على بلن يميللم صلاحب المهديلة وكلان قلد‬
‫وافق موتها أخبار المنجمين بللذلك قبللل وقللوعه فعمللل أميللة قصلليدة يرثيهللا‬
‫وهي من مستحسن شعره فقال فيها ‪ #‬وراعك قول للمنجم موهم ‪ %‬ومن‬
‫يعتقد زرق المنجم يوهم ‪ #‬فواعجبا يهذي المنجم دهره ‪ %‬ويكللذب إل فيللك‬
‫قول المنجم ‪ #‬وكان المذكور رأسا في الصناعة وقللد اعللترف بللأن المنجللم‬
‫كذاب صاحب زرق وهذيان ثم حدثت طائفة أخرى بالغرب منهم أبو اسللحق‬
‫الزر قال واصحابه وهو بعللد أبللي الصلللت بنحللو مللن مللائة عللام وقللد خللالف‬
‫الوائل والواخر في الصناعتين والرصدية والحكامية فأسقط من‬

‫‪ #‬الرصد الممتحللن المللأموني فللي الللبروج درجللات ومللن الرصللد الحللاكمي‬


‫دقائق وسلك في الحكام طرقا غير الطرق المعهودة منلله اليللوم وزعللم أن‬
‫عليها المعول وأن طرق من تقدمه ليست بشيء ولو حدث في هللذا العصللر‬
‫من يشبه من تقدمه لرأينا اختلفا آخر ولكن هذه الصناعة قد ماتت ولم يبق‬
‫بأيدي المنتسبين إليها إل تقليد هؤلء الضلل فيما فهموه من كلمهم الباطل‬
‫وما لم يفهموه منه فقد يظنون أنه صللحيح ولكللن إفهللامهم نبللت عنلله وهللذا‬
‫شللأن جميللع أهللل الضلللل مللع رؤسللائهم ومتبللوعيهم فجهللال النصللارى إذا‬
‫ناظرهم الموحد في تثليثهم وتناقضه وتكاذبه قالوا الجللواب علللى القسلليس‬
‫والقسيس يقللول الجللواب علللى المطللران والمطللران يحيللل الجللواب علللى‬
‫البترك والبترك على السقف والسقف على البللاب والبللاب علللى الثلثمللائة‬
‫والثمانية عشر أصحاب المجمع الذي اجتمعوا في عهد قسللطنطين ووضللعوا‬
‫للنصارى هذا التثليث والشرك المناقض للعقول والديللان ولعلهللم عنللد الللله‬
‫أحسللن حللال مللن أكللثر القللائلين بأحكللام النجللوم الكللافرين بللرب العللالمين‬
‫وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر‬
‫فصل ورأيت لبعض فضلئهم وهو أبو القاسم عيسى بللن علللي بللن عيسللى‬
‫رسالة‬
‫بليغة في الرد عليهم وإبللداء تناقضللهم كتبهللا لمللا بصللره الللله رشللده واراه‬
‫بطلن ما عليه هؤلء الضلل الجهال كتبها نصيحة لبعض إخللوانه فللأحببت أن‬
‫أوردها بلفظهللا وان تضللمنت بعللض الطللول والتكللرار وأتعقللب بعللض كلملله‬
‫بتقرير ما يحتاج إلى تقرير وسللؤال يللورد عليلله ويطعللن بلله علللى كلملله ثللم‬
‫بللالجواب عنلله ليكللون قللوة للمسترشللد وبيانللا للمتحيللر وتبصللرة للمهتللدي‬
‫ونصيحة لخواني المسلمين وهذا أولها ‪ #‬بسم الله الرحمن الرحيم عصمك‬
‫الله من قبول المحلالت واعتقلاد ملا لللم تقللم عليلله اللدللت وضلاعف للك‬
‫الحسنات وكفاك المهمات بمنه ورحمته كنللت أدام الللله توفيقللك وتسللديدك‬
‫ذكرت لي اهتمامك بما قد لهج به وجوه أهل زماننا من النظللر فللي الحكللام‬
‫النجوم وتصديق كل ما يأتي من أدعى أنه عارف بها من علللم الغيللب الللذي‬
‫تفرد الله سبحانه وتعالى بلله ولللم يجعللله لحللد مللن النبيللاء والمرسلللين ول‬
‫ملئكته المقربين ول عباده الصالحين من معرفللة طويللل العمللار وقصلليرها‬
‫وحميد العواقب وذميمها وسائر ما يتجدد ويحدث ويتخوف ويتمنللى وسللألنى‬
‫أن اعمل كتابا أذكر فيه بعض ما وقع من اختلفهم في أصول الحكام الدالة‬
‫على وهمهم قبح اعتقادهم وما يستدل به من طريق النظللر والقيللاس علللى‬
‫ضللعف مللذهبهم وألخللص ذلللك واختصللره واقربلله بحسللب الوسللع والطاقللة‬
‫فوعدتك بذلك وقد ضمنته كتابي هذا والله أسأل‬

‫عونا على ما قرب منه وتوفيقا لما أزلف لديه انلله قريللب مجيللب فعللال لمللا‬
‫يريد لست مستعمل للتحامل على من أثبت تأثير الكللواكب فللي هللذا العللالم‬
‫وترك إنصافهم كما فعل قوم ردوا عليهم فانهم دفعللوهم عللن أن يكللون لهللا‬
‫تأثير البتة غير وجود الضياء في المواضع التي تطلللع فيهللا الشللمس والقمللر‬
‫وعدمه فيما غابا عنه وما جرى هذا المجرى بل أسلم لهم أنها تؤثر تأثيرا مللا‬
‫يجري على المر الطبيعي مثل أن يكون البلد القليلل العلرض مزاجله يميلل‬
‫عن العتدال إلى الحر واليبللس وكللذلك مللزاج أهللله ضللعيف وألللوانهم سللود‬
‫وصفر كالنوبة والحبشة وأن يكللون البلللد الكللثير العللرض مزاجلله يميللل عللن‬
‫العتدال إلى البرد والرطوبة وكذلك مزاج أهللله وأجسللامهم عبلللة والللوانهم‬
‫بيض وشعورهم شقر مثللل الللترك والصللقالبة ومثللل أن يكللون النبللات ينمللو‬
‫ويقوى ويتكامل وينضللج ثمللره بالشلمس والقملر فللان أهللل الصلحراء وملن‬
‫يعانيها مجمعون علللى أن القثللاء تطلول و تغللظ بلالقمر وقلد شلاهدت غيللر‬
‫شجرة كبيرة حاملة من التين والتوت وغيرهما فما قابل الشمس منه أسرع‬
‫نضج الثمر الكائن فيه وما خفللى منهللا عنهللا بقللي ثمللره فجللا وتللأخر إدراكلله‬
‫ومثال ذلك ما شاهد من حال الريحان الذي يقال له اللينوفر وحال الخبللازي‬
‫وورق الخطمى والدريون وأشياء كثيرة من النبات فانا نراه يتحللرك وينفتللح‬
‫مع طلوع الشمس ويضعف إذا غابت لن هذه أمور محسوسة وليللس الكلم‬
‫في هذا التأثير كيف هو وعلى أي سبيل يقع فما يليللق بغرضللنا ههنللا فلللذلك‬
‫أدعه فأما ما يزعمونه فيما عدا هذا مللن أن النجللوم تللوجب أن يعيللش فلن‬
‫كذا كذا سنة وكذا كذا شهرا وينتهون في التحديد إلللى جللزء مللن سللاعة وأن‬
‫يدل على تقليد رجل بعينه الملك وتقليد آخر بعينه الوزارة وطللول مللدة كللل‬
‫واحد منهما في الولية وقصرها وما فعله النسان وما يفعله في منزللله ومللا‬
‫يضمره في قلبه وما هو متوجه فيه من حاجاته ومللا هللو فللي بطللن الحامللل‬
‫والسارق ومن هو والمسروق وما هو وأيللن هللو وكميتلله وكيفيتلله ومللا يجللب‬
‫بالكسوف وما يحدث معه والمختار من العمال في كل يوم بحسب اتصللال‬
‫القمر بالكواكب مللن أن يكللون هللذا اليللوم صللالحا للقللاء الملللوك والرؤسللاء‬
‫وأصحاب السلليوف وهللذا يللوم محمللود للقللاء الكتللاب والللوزراء وهللذا اليللوم‬
‫محمود للقاء القضاة وهذا اليوم محمود لمللور النسللاء وهللذا اليللوم محمللود‬
‫لشرب الدواء والفصد والحجامة وهذا اليوم محمود للعب الشللطرنج والنللرد‬
‫وغير ذلك فمحال أن يكون معلوما من طريق الحس وليس نص مللن كتللاب‬
‫الله بل قد نص الله سبحانه وتعالى فيه على بطلنه بقوله تبارك وتعالى قل‬
‫ل يعلم من في السموات والرض الغيب إل الله ول من سنة رسول الله بل‬
‫قد جاء عنه أنه قال من أتى عرافا أو كاهنا أو منجما فصدقه بما يقللول فقللد‬
‫كفر بما أنزل على محمد ول هاهنا ضرورة تدعو إلى القللول بلله ول هللو أول‬
‫في المعقول ول يأتون عليه ببرهان ول دليل‬

‫مقنع وهذه هي الطرق التي تثبت بها الموجودات وتعلم بها حقائق الشياء ل‬
‫طريق هاهنا غيرها ول شليء لحكلام النجللوم منهلا وانلا ابتلدئ الن بوصلف‬
‫جملة من اختلفهم في الصللول الللتي يبنللون عليهللا أمرهللم ويفرعللون عنهللا‬
‫أحكامهم وأذكر المستبشع من أقللاويلهم وقضللاياهم وظللاهر مناقضللاتهم ثللم‬
‫آتى بطرف من احتجاجهم والحتجاج عليهم والله والموفق للصللواب بفضللله‬
‫‪ #‬ذكر اختلفهم في الصول زعموا جميعا أن الخير والشر والعطاء والمنللع‬
‫وما أشبه ذلك يكون في العالم بالكواكب وبحسب السللعود منهللا والنحللوس‬
‫وعلى حسب كونها من البروج الموافقة والمنللافرة لهللا وعلللى حسللب نظللر‬
‫بعضها إلى بعض من التسديس والللتربيع والتثليللث والمقابلللة وعلللى حسللب‬
‫محاسدة بعضها بعضا وعلى حسب كونها فللي شللرفها وهبوطهللا ووبالهللا ثللم‬
‫اختلفوا على أي وجه يكون ذلك فزعم قوم منهم أن فعلهللا بطبائعهللا وزعللم‬
‫آخرون أن ذلك ليس فعل لها لكنها تدل عليه بطبائعهللا قلللت وزعللم آخللرون‬
‫أنها تفعل في البعض بالعرض وفي البعض بالللذات قللال وزعللم آخللرون أنهلا‬
‫تفعل بالختيار ل بالطبع أل أن السعد منها ل يختار إل الخير والنحس منهللا ل‬
‫يختار إل الشر وهذا بعينه نفى للختيار فللان حقيقللة القللادر المختللار القللدرة‬
‫على فعل أي الضدين شاء وترك أيهما شاء قلللت ليللس هللذا بشلليء فللانه ل‬
‫يلزم من كون المختار مقصود الختيار على نوع واحد سلللب اختيللاره ولكللن‬
‫الذي يبطل هذا أنهم يقولون أن الكوكب النحس سللعد فللي بللرج كللذا وفللي‬
‫بيت كذا وإذا كان الناظر إليه من النجوم كذا وكللذا وكللذلك الكللوكب السللعد‬
‫ويقولون أنها تفعل بالذات خيرا وبالعرض شرا وبللالعكس وقللد يقولللون أنهللا‬
‫تختار في زمان خلف ما تختار في زمان آخر وقد تتفق كلها أو أكثرها علللى‬
‫إيثار الخير فيكون فللي العللالم فللي ذلللك الللوقت علللى الكللثر الخيللر والنفللع‬
‫والحسن قالوا كما كان في زمن بهمن وفي أيام أنوشروان وبضد ذلك أيضللا‬
‫فيقال إذا كانت مختارة وقد تتفق على إرادة الخير وعلى إرادة الخير والشر‬
‫بطل دللة حصولها في البروج المعينة ودللة نظر بعضها إلى بعللض بتسللديد‬
‫أو تربيع أو تثليث أو مقابلة لن هذا شأن من يقع فعله إل عن وجه واحد في‬
‫وقت معين على شروط معينة ول ريب أن هللذا ينفللي الختيلار فكيللف يصلح‬
‫قولكم بذلك وجمعكم بين هاتين القضيتين أعنللي جللواز اختيارهللا فللي زمللان‬
‫خلف ما تختاره في زمان آخر وجواز اتفاقها على الخير واتفاقها على الشر‬
‫من غير ضابط ول دليل يدلكم عليه ثم تحكمون بتلك الحكام مستندين فيها‬
‫إلللى حركاتهللا المخصوصللة وأوضللاعها ونسللبة بعضللها إلللى بعللض وهللل هللذا‬
‫الضحكة للعقلء قال وزعم آخرون أنها ل تفعل باختيار بل تدل باختيار وهللذا‬
‫كلم ل يعقل معناه إل أنى ذكرته لما كان مقول واختلفوا فقللالت فرقللة مللن‬
‫الكواكب ما هو سعد ومنها ما هو نحس وهي تسعد غيرهللا وتنحسلله وقللالت‬
‫فرقة هي في أنفسها طبيعة واحدة‬

‫‪ #‬وانما تختلف دللتهلا عللى السلعود والنحلوس وان للم تكلن فلي أنفسلها‬
‫مختلفة واختلفوا فقال قللوم أنهللا تللؤثر فللي البللدان والنفللس جميعللا وقللال‬
‫الباقون بل في البدان دون النفس قلت أكثر المنجميللن علللى القللول بأنهللا‬
‫تسعد وتنحس غيرها وأما الفرقة التي قالت هي دالة على السللعد والنحللس‬
‫فقولهم وان كان أقرب إلى التوحيد من قول الكثرين منهم فهو أيضللا قللول‬
‫مضطرب متناقض فان الدللة الحسية ل تختلف ول تتناقض وهذا قللول مللن‬
‫يقول منهم أن الفلك طبيعة مخالفللة لطبيعللة الستقصللاب الكائنللة الفاسللدة‬
‫وأنها ل حارة ول باردة ول يابسة ول رطبة ول سعد ول نحس فيها وانما يللدل‬
‫بعض أجرامها وبعض أجزائها على الخير وبعضها على الشللر وارتبللاط الخيللر‬
‫والشر والسعد والنحس بها ارتباط المدلولت بأدلتهللا ل ارتبللاط المعلومللات‬
‫بعللها ول ريب أن قللائل هللذا أعقللل وأقلرب ملن أصللحاب القللول بالقتضللاء‬
‫الطللبيعي والعليللة وأمللا القللول بتأثيرهللا فللي البللدان والنفللس فهللو قللول‬
‫بطليموس وشيعته وأكثر الوائل من المنجمين وهللؤلء لهللم قللولن أحللدهما‬
‫أنها تفعل في النفس بالذات وفي البدان بلالعرض لن البللدان تنفعللل علن‬
‫النفس والثاني أنها هي سبب جميع ما في عالم الكون والفساد وفعلها فللي‬
‫ذلك كله بالذات وكأنه لخلف بين الطللائفتين فللان الللذين قللالوا فعلهللا فللي‬
‫النفللوس ل يضلليفون انفعللال البللدان إلللى غيرهللا بللذاتها بللل بوسللائط قللال‬
‫واختلف رؤساؤهم بطليموس ودورسللوس وانطيقللوس وريمسللس وغيرهللم‬
‫من علماء الروم والهند وبابل في الحدود وغيرها وتضادوا في المواضع التي‬
‫يأخذون منها دليلهم فبعضهم يغلب رب بيت الطالع وبعضللهم يقللول بالللدليل‬
‫المسللتولى علللى الحظللوظ واختلفللوا فزعللم بطليمللوس أنهللم يعلللم منهللم‬
‫السعادة بأن يأخذ أبدا العدد الذي يحصل مللن موضللع الشللمس إلللى موضللع‬
‫القمر ويبتدئ من الطالع فيرصد منه مثل ذلك العدد ويأخذ إلى الجهللة الللتي‬
‫تتلو من البروج فيكون قد عللرف موضللع السللهم وزعللم غيللره أنلله يعللد مللن‬
‫الشمس ثم يبتدئ مللن الطللالع فيعللد مثللل ذلللك إلللى الجهللة المتقدمللة مللن‬
‫البروج قلت وزعم آخرون أن بطليموس يرى أن جميع ما يكون ويفسد إنمللا‬
‫يعرف دليله من موضع التقاء النيريللن إمللا الجتمللاع وامللا المتلء لن هللذين‬
‫الكوكبين عنده مثل الرئيسين العظيمين أحدهما يللأتمر لصللاحبه وهللو القمللر‬
‫وهما سببا جميع ما يحدث في عالم الكللون والفسللاد وأن الكللواكب الجاريللة‬
‫والثابتة منهما بمنزلة الجند والعسكر من السلطان فإذا اراد النظر فللي أمللر‬
‫من المور فان كان بعد الجتماع أو عنده فانه يأخذ الدليل عليه من الكوكب‬
‫المستولى على جزء الجتماع وجزئي الشمس والقمر فللي الحللال وشللاركه‬
‫مع الشمس بالنسبة إلى الطالع وإذا كان بعد المتلء أو عنده فانه ينظللر أي‬
‫النيرين كان فوق الرض عند المتلء وينظر إلللى الكللوكب المسللتولى علللى‬
‫ذلك الجزء وجزء النير الذي كان بعد الشمس من الطللالع كبعللد القمللر مللن‬
‫سهم السعادة‬

‫‪ #‬فلذلك يجب عنده أن يؤخذ العدد أبدا من الشمس إلى القمر لتبقى تلللك‬
‫النسبة وهي البعد بين كل واحد من النيرين طالعه محفوظ فهللذا قللول آخللر‬
‫غير قول أولئك وللفرس مذهب آخر وهو أنهم قالوا لما كانت الشللمس لهللا‬
‫نوبة النهار والقمر للله نوبللة الليللل وكللان سللهم السللعادة بالنهللار يؤخللذ مللن‬
‫الشللمس إلللى القمللر وجللب أن يعكللس ذلللك بالليللل لن نسللبة النهللار إلللى‬
‫الشمس مثل نسبة الليل إلى القمر وكل واحد من النيرين ينوب واحدا مللن‬
‫الزمانين فيأخذون منهم السعادة بالليللل مللن القمللر إلللى الشللمس وبالنهللار‬
‫بالعكس وزعموا أن كلم بطليموس إنما يدل على هذا لنلله قللال وان أخللذنا‬
‫من الشمس إلللى القمللر إلللى خلف تللأليف الللبروج وألقينللاه بللالعكس كللان‬
‫موافقا للول فقالوا يجللب أن يعكللس الملر بالليلل فهللذا اختلف المنجميلن‬
‫على بطليموس ينقض بعضه بعضا وليس بأيدي الطائفة برهان يرجحللون بلله‬
‫قللول علللى قللول أن يتبعللون إل الظللن وان الظللن ل يغنللى مللن الحللق شلليئا‬
‫فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلى الحياة الدنيا ذلك مبلغهللم مللن‬
‫العلم أن ربك هو أعلم بمن ضللل عللن سللبيله وهللو أعلللم بمللن اهتللدى قللال‬
‫واختلفوا فرتبت طائفة منهم البروج المللذكورة والمؤنثللة مللن الللبرج الطللالع‬
‫فعدوا واحدا مذكرا وآخللر مؤنثللا وصلليروا البتللداء بالمللذكر وقسللمت طائفللة‬
‫أخرى البروج أربعة أجزاء وجعلوا البروج المذكرة هي التي من الطللالع إلللى‬
‫وسط السماء والللتي يقابلهللا مللن الغللرب إلللى وتللد الرض وجعلللوا الربعيللن‬
‫الباقيين مؤنثين قلت ومن هذيانهم في هذا الذي أضحكوا بلله عليهللم العقلء‬
‫أنهم جعلوا البروج قسمين حار المزاج وبارد المزاج وجعلوا الحار منها ذكللرا‬
‫والبارد أنثى وابتدؤا بالحمل وصيروه ذكرا حارا ثم الذي بعده مؤنثا باردا ثللم‬
‫هكذا إلى آخرها فصارت ستة ذكورا وستة أناثللا وليسللت علللى الوائل واحللد‬
‫ذكر وثلثة أخر أنللثى مخللالف للله فللي الطبيعللة والذكوريللة والنوثيللة مللع أن‬
‫قسمة الفلللك إلللى الللبروج قسللمة فرضللية وضللعية فهللل فللي أنللواع هللذيان‬
‫الهاذين أعجب من هذا ولما رأى من به رمللق مللن عقللل منهللم تهللافت هللذا‬
‫الكلم وسخرية العقلء منه رام تقريبه بغاية جهده وحللذقه فقللال إنمللا ابتللدأ‬
‫بالذكر دون النثى لن الذكر أشرف من النللثى لنلله فاعللل والنللثى منفعلللة‬
‫فاعجبوا يا معشر العقلء واسألوا الللله أن ل يخسللف بعقللولكم كمللا خسللف‬
‫بعقول هؤلء لهذا الهذيان افترى في البروج ناكحا ومنكوحللا يكللون المنكللوح‬
‫منها منفعل لناكحه بالذكورية والنوثية تابعة لهذا الفعل والنفعللال فيهللا قللال‬
‫وأيضا فالذكورية بسبب النفراد وازواج فيها فان الفراد ذكور والزواج إناث‬
‫وهذا أعجب من الول أن الذكر ينضم إلى الذكر فيصير المضموم إليه أنللثى‬
‫فتبا للمصغي إليكم والمجوز عقله صدقكم واصابتكم وأمللا أنتللم فقللد أشللهد‬
‫الله سللبحانه عقلء عبللاده وأنبللأهم مقللدار عقللولكم وسللخافتها فلللله الحمللد‬
‫والمنة قال هذا المنتصر لهم وانما جعلوا الفراد لللذكور والزواج للنللثى لن‬
‫الفرد‬

‫‪ #‬يحفظ طبيعته أعنى ينقسم دائما إلى فرد والزوج ل يحفظ طبيعته أعنللي‬
‫ينقسم مرة إلى الفراد ومرة إلى الزواج كما يعرض ذلك للنللثى فانهللا تلللد‬
‫مرة مثلها ومرة ذكرا مخالفا لها ومرة ذكرين ومرة أنثيين ومرة ذكرا وأنللثى‬
‫وفساد هذا والعلم بفساد عقل صاحبه ونظره مغللن لللذي اللللب عللن تطلللب‬
‫دليل فساده قال المنتصللر وانمللا جعلللوا للللبرج النللثى بللل بللرج الللذكر فلن‬
‫الطبيعة هكذا ألف العداد واحدا فردا وآخللر زوجللا هكللذا بالغللا مللا بلللغ هللذه‬
‫القسمة عندهم هي قسمة ذاتية للبروج ولها قسمة ثانية بالعرض وهي أنهم‬
‫يبدؤن من الطالع إلى الثاني عشللر فيأخللذون واحللدا ذكللرا وهللو الول وآخللر‬
‫أنثى وهو ما يليه وهذه تختلف بحسب اختلف الطالع والقسمة الولللى إنمللا‬
‫كانت ذاتية لن البتداء لها برأس الحمل وهو موضع تقاطع الدائرتين اللللتين‬
‫هما فلك البروج ومعدل النهار وأما الليل للقسللمة فللانه ل يبقللى علللى حللال‬
‫واحدة لنه مأخوذ من الجزء المماس لفق البلد وهو دائما يتغير بحركته مللع‬
‫الكل وحصول الجزاء كلهلا واحلدا بعلد آخللر علللى الفللق دوره واحلدة وأمللا‬
‫قسمة الفلك أرباعا فانهم قالوا إذا خرج خط مللن أفللق المشللرق إلللى أفللق‬
‫المغرب وخط من وتد الرض إلللى وسللط السللماء انقسللمت الللبروج أربعللة‬
‫أقسام كل قسم ثلثة بروج على طبيعة واحدة ابتداء كل قسللم مللن طللرف‬
‫قطر إلى طرف القطر الللذي يليلله وأطللراف هللذين القطريللن تسلمى أوتللاد‬
‫العالم والقسم الول من وتد المشرق إلى وتد العاشر ذكر شللرقي مخفللف‬
‫سريع ومن وتد العاشر إلى وتد الغارب مللؤنث جنللوبي محللرق وسللط ومللن‬
‫ذيل الغارب إلى وتد الرابع ذكر مقبل رطب غربي بطيللء ومللن وتللد الرابللع‬
‫إلى وتد الطالع مؤنث دليل مبرد شمالي وسط وهذه القسمة مخالفة لتلللك‬
‫القسمتين لن هذه قسمة البروج بأربعة أقسام متساوية كل ثلثة بروج منها‬
‫تسعين درجة لها طبيعة تخصلها ملع أن الفللك شليء واحلد وطبيعلة واحلدة‬
‫وقسمته إلى الدرج والبروج قسمة وهميللة بحسللب الوضللع فكيللف اختلفللت‬
‫طبائعها وأحكامها وتأثيراتها واختلفت بالذكروية والنوثية ثم أن بعض الوائل‬
‫منهم لم يقتصر على ذلك بل ابتدأ بالدرجة الولى مللن الحمللل فنسللبها إلللى‬
‫الذكورية والثانية إلى النوثية هكذا إلى آخر الحوت ول ريب أن الهذيان لزم‬
‫لمن قال بقسمة البروج إلى ذكر وأنثى وقللال الللذكر طبيعللة الفللرد والنللثى‬
‫طبيعة الزوج فان هذا بعينه لزم لهم في درجللات الللبرج الواحللد وكللأن هللذا‬
‫القائل تصور لزومه لولئك فالتزمه وأما بطليموس فله هذيان آخر فانه ابتدأ‬
‫بأول درجة كل برج ذكر فنسب منها إلى تمام أثنى عشر درجة وبضللعا إلللى‬
‫الذكورية ومنه إلى تمام خمس وعشرين درجة إلى النوثية ثللم قسللم بللاقي‬
‫البرج بالنصفين فنسب النصف الول إلى الذكر والنصللف الخللر إلللى النللثى‬
‫وعلى هذه القسمة ابتدأ بالبروج النثى فنسب الثلث ونصللف السللدس إلللى‬
‫النوثية ومثلها بعده إلى الذكروية وبقى‬

‫‪ #‬سدس قسمه بنصفين فنسب النصف الول إلى النثى والخر إلى الللذكر‬
‫كما عمل بالبرج الذكر حلتى أتلى عللى اللبروج كلهلا وأملا دوروسلوس فلله‬
‫هذيان آخر فانه يقسم البروج كلها كل بللرج ثمانيللة وخمسللين دقيقللة ومللائة‬
‫وخمسين ثانية ثم ينظر فان كان البرج ذكرا أعطللى القسللمة الولللى للللذكر‬
‫ثم الثانية للنثى إللى أن يلأتي عللى القسلام كلهلا وان اللبرج أنلثى أعطلى‬
‫القسمة الولى للذكر إلى أن يأتي على القسام كلها ولو قدر أن جاهل آخللر‬
‫تفنن في هذه الوضاع وقلبها وتكلم عليها لكان من جنس كلمهم ولللم يكللن‬
‫عندهم من البرهان ما يللردون بلله قللوله بللل أن رأوه قللد أصللاب فللي بعللض‬
‫أحكامه ل في أكثرها أحسنوا به الظن وتقلد واقوله وجعلوه قدوة لهم وهللذا‬
‫شأن الباطل عدنا إلى كلم عيسى في رسللالته قللال واختلفللوا فللي الحللدود‬
‫فزعم أهل مصر أنها تؤخذ من أرباب البيوت وزعم الكلدانيون أنها تؤخذ من‬
‫مدبر المثليات وإذا كان اختلف الذين يعتدون بهم في أصولهم هذا الختلف‬
‫وليس هم ممن يطالب بالبرهان ول يعتقد الشيء حللتى يصللح علللى البحللث‬
‫والقياس فيعرفون مع من الحق من رؤسائهم وفي أي قول هو من أقوالهم‬
‫فيعملون به وانما طريقتهم التسليم لمللا وجللدوه فللي الكتللب المنقولللة مللن‬
‫لسان إلى لسان فكيف يجوز لهم أن يتفردوا باعتقاد قول من هللذه القللوال‬
‫وينصرفوا عما سواه إل على طريق الشهوة والتخمين والله المستعان ذكللر‬
‫بعض ما يستبشللع مللن أقللوالهم ويسللتدل بلله علللى مناقضللتهم ‪ #‬مللن ذلللك‬
‫زعمهم أن الفلك جسم واحد وطبيعة واحدة وأنه شيء واحد وليللس باشللياء‬
‫مختلفة ثم زعموا بعد ذلك أن بعضه ذكلر وبعضله أنلثى ول دلللة لهلم عللى‬
‫ذلك ول برهان ول وجدنا جسما واحدا في الشاهد بعضلله ذكللر وبعضلله أنللثى‬
‫قلت قد رام بعض المبلسين من فضلئهم تصحيح هللذا الهللذيان فقللال ليللس‬
‫يستحيل أن يكون جسم واحللد بعضلله أنللثى وبعضلله ذكللر كالرجللل مثل فللان‬
‫العين والذن واليد والرجل منه مؤنثة والرأس والصلب والصدر والظهر منلله‬
‫ذكر وأيضللا فللان الجسللم مركللب مللن الهيللولى والصللورة والهيللولي مللذكرة‬
‫والصورة مؤنثة وأيضا لما وجد المنجمللون الشللمس تللدل علللى البللاء والب‬
‫ذكر والقمر يدل على الم وهي أنثى قللالوا أن الشللمس ذكللر والقمللر أنللثى‬
‫قالوا وقد قال أرسطو في كتاب الحيللوان طمللث المللرأة يقللل فللي نقصللان‬
‫الشهر وكذلك قال بعض الناس أن القمللر أنللثى قللالوا وأيضللا فالشللمس إذا‬
‫كانت قريبا من سمت الرؤس كان الحر واليبس وهما ملن طبيعللة الذكوريللة‬
‫والقمر إذا كان يقرب من سمت الرؤس بالليل كللان الللبرد والرطوبللة وهمللا‬
‫من طبيعة النثى فليعجب العاقل اللللبيب مللن هللذه الخرافللات فأمللا أعضللاء‬
‫النسان الذكور والنثى فذلك أمللر راجللع إلللى مجللرد اللفللظ والحللاق علمللة‬
‫التأنيث في تصغيره ووصفه وخبره وعود الضمير عليه بلفظ التأنيث وجمعلله‬
‫جمع المؤنث وليس ذلك عائد إلى طبيعة العضلو ومزاجلله فنظيللر هللذا قللول‬
‫النحاة الشمس مؤنثة للحاق العلمة لها في تصغيرها فنقول شميسللة وفللي‬
‫الخبر عنها نحو الشمس طالعة والقمر مذكر لعدم‬

‫‪ #‬لحاق العلمة له في شيء من ذلك فعلى هذا الوجه وقع التذكير والتأنيث‬
‫في أعضاء الحيوان وأما قسمتكم البروج وأجزاء الفللك إللى ملذكر وملؤنث‬
‫فليست بهذا العتبار بل باعتبار الفعل والنفعال والحرارة والرطوبة فتشبيه‬
‫أحد البابين بالخر تلبيس وجهل وأما تركب الجسللم مللن الهيللولى والصللورة‬
‫فللأكثر العقلء نفللوه وقللالوا هللو شلليء واحللد متصللل متللوارد عليلله التصللال‬
‫والنفصال كما يتوارد عليه غيرهما من الغراض فيقبلها ول يلزم مللن قبللول‬
‫التصال والنفصال أن يكون هناك شيء آخللر غيللر الجسلمية يقبللل بله ذلللك‬
‫والذين قالوا بتركيبه منهما لم يقل أحد منهم أصل أنه مركب من ذكر وأنللثى‬
‫والصورة مؤنثة في اللفظ ل في الطبيعة واضحكاه على عقللولهم السللخيفة‬
‫وأما دللة الشمس على الب وهو مذكر ودللة القمر علللى الم وهللي أنللثى‬
‫فلو سلمت لكم هذه الدللة كيف يلزم منها تذكير مادل على الللذكر وتللأنيث‬
‫ما يدل على النثى وأين الرتبللاط العقلللي بيللن الللدليل والمللدلول فللي ذلللك‬
‫كيف ودللة الشمس على الب والقمر على الم مبنللى علللى تلللك الللدعاوي‬
‫الباطلة التي ليس لها مسللتند إليلله إل خيللالت وأوهللام ل يرضللاها العقلء ‪#‬‬
‫وأما ما حكللوه عللن ارسللطو فنقللل محللرف ونحللن نللذكر نصلله فللي الكتللاب‬
‫المذكور فان لنا به نسخة مصححه قد اعتنلى بهلا قلال فلي المقاللة الثامنلة‬
‫عشر بعد أن تكلم في علة الذكار واليناث وذكللر قللول مللن قللال أن سللبب‬
‫الذكار حرارة الرحم وسبب اليناث برودته وأبطل هذا بللأن الرحللم مشللتمل‬
‫على الذكر والنثى معا في النسان وفي كل حيوان يلد قال فقد كان ينبغللي‬
‫على قول هذا القائل أن يكون التوأمان إما ذكرين واما أنثيين وأبطله بوجوه‬
‫أخر وهذا رأي أنبذ فليس وذكر قول ديمقراطيس أن ذلك ليس لجل حرارة‬
‫الرحم وبرودته بل بحسب الماء الذي يخرج من الذكر وطبيعته في الحللرارة‬
‫والبرودة وجعل قوة الذكار والينللاث تابعللة لمللاء الللذكر وذكللر قللول طائفللة‬
‫أخرى أن خروج الماء من الناحية اليمنى من البدن هي علة الذكار وخروجه‬
‫من الناحية اليسرى هلي عللة الينلاث قلال أن الناحيلة اليمنلى ملن الجسلد‬
‫أسخن من الناحية اليسرى وأنضج وأدفأ من غيرها ورجع قول ديمقراطيللس‬
‫بالنسبة إلى هذه الراء ثم قال فقللد بينللا العلللة الللتي مللن أجلهللا يخلللق فللي‬
‫الرحم ذكر وأنثى والغراض التي تعرض تشهد لمللا بينللا أن الحللداث يلللدون‬
‫الناث أكثر من الشباب والمتشيبون يلدون إناثا أيضا أكلثر ملن الشلباب لن‬
‫الحرارة التي في الحداث ليست بتامة بعد الحرارة التي في الشيوخ ناقصة‬
‫والجسام الرطبة التي خلقتها شبيهة بخلقة بعض النساء تلللد إناثللا أكللثر ثللم‬
‫قال فإذا كانت الريح شمال كان الولد ذكللرا وإذا كللانت جنوبللا كللان المولللود‬
‫أنثى لن الجساد إذا هبت الجنوب كللانت رطبللة وكللذلك يكللون الللزرع أكللثر‬
‫وكلما كثر الزرع يكون الطبخ غير نضج ولحال هذه العلة يكون زرع الذكريللة‬
‫ويكون دم طمث النساء ملن قبلل الطبلاع عنلد خروجله أرطلب أيضلا قللت‬
‫ومراده بالزرع الماء الذي يكون من‬

‫‪ #‬الرجال قال ولحال هذه العلة يكون طمث النساء مللن قبللل الطبللاع فللي‬
‫نقص الهلة أكثر لن تلك اليام أبرد من سائر ايام الشهر وهي أرطب أيضللا‬
‫لنقص الهلة وقلة الحرارة والشمس تصير الصلليف والشللتاء فللي كللل سللنة‬
‫فأما القمر فيفعل ذلك في كل شللهر فتأمللل كلم الرجللل فللأنه لللم يتعللرض‬
‫لكللون القمللر ذكللر ول أنللثى ول أحللال علللى ذلللك وانمللا أحللال علللى المللور‬
‫الطبيعية في الكائنات الفاسدات وبين تأثير النيرين فللي الرطوبللة واليبوسللة‬
‫والحللرارة والللبرودة وجعللل لللذلك تللأثيرا فللي الذكللار والينللاث ل للنجللوم‬
‫والطوالع ومع أن كلمه أقرب إلى العقللول مللن كلم المنجميللن فهللو باطللل‬
‫من وجوه كثيرة معلومة بالحس والعقل وأخبار النبياء فان الذكلار والينلاث‬
‫ل يقوم عليه دليل ول يستند إلى أمر طبيعي وانما هو مجرد مشلليئة الخللالق‬
‫البارئ المصور الذي يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويزوجهللم‬
‫ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير الللذي أعطللى كللل شلليء‬
‫خلقه ثم هللدى وكللذا هللو قريللن الجللل والللرزق والسللعادة والشللقاوة حيللث‬
‫يستأذن الملك الموكل بللالمولود ربلله وخللالقه فيقللول يللا رب أذكللر أم أنللثى‬
‫سعيد أم شقي فما الرزق فما الجل فيقضى الله ما يشاء ويكتب الملللك ‪#‬‬
‫ولستقصاء الكلم في هذه المسألة موضع هو أليق بها من هذا وقللد أشللبعنا‬
‫الكلم فيها في كتاب الروح والنفس وأحوالهللا وشللقاوتها وسللعادتها ومقرهللا‬
‫بعد الموت والمقصود الكلم عللى أقللوال الحكلاميين ملن أصللحاب النجلوم‬
‫وبيان تهافتها وأنها إلى المحالت والتخيلت أقرب منها إلى العلوم والحقائق‬
‫وأما قول المنتصر لكم أن الشمس إذا كلانت مسلامتة اللرؤوس كللان الحللر‬
‫واليبس وهما من طبيعة الذكور وإذا كان القمر مسلامة لللرؤس كلان اللبرد‬
‫والرطوبة وهما من طبيعة الناث فيقال هذا ل يدل على تأنيث القمر وتذكير‬
‫الشمس بوجه من الوجوه فللان الللبرد والرطوبللة يكونللان أيضللا بسللبب بعللد‬
‫الشمس من المسامتة وميلها عن الرءوس وحصولها فلي الللبروج الشلمالية‬
‫سواء كان القمر مسامتا أو غير مسامت فينبغي على قولكم أن يكون سبب‬
‫هذا البرد أنثى وهللذا ل يقللوله عاقللل بللل السللباب طبيعيللة مللن بللرد الهللواء‬
‫وتكاثفه وتأثير الشمس في تحليل البخرة التي تكون منهللا الحللرارة بسللبب‬
‫بعدها عن الرؤس وليس سبب ذلك أنثى اقتضللته وفعلتلله فقللد جمعتللم إلللى‬
‫جهلكم بالطبيعة والكذب على الخلقة القول الباطل على الللله وعلللى خلقلله‬
‫وليس العجب إل ممن يدعى شيئا من العقل والمعرفة كيف ينقاد للله عقللله‬
‫بالصغاء إلى محالتكم وهذاياناتكم ولكن كل مجهول مهيب ولما تكايس من‬
‫تكايس منكم في أمر الهيولي وزعم أنها أنثى وان الصورة ذكر وان الجسللم‬
‫الواحللد مشللتمل علللى الللذكر والنللثى أضللحك عقلء الفلسللفة عليلله فللان‬
‫زعيمهم ومعلمهم الول قد نص في كتاب الحيوان له على أن الهيللولى فللي‬
‫الجسم كالذكر وان قلتم فهذا يشهد لقولنا أيضا لنها أن كانت عنده كالللذكر‬
‫فالصورة أنثى فصار الجسم الواحد بعضه ذكر وبعضه أنثى قلنا القائلون‬

‫‪ #‬بتركب الجسام من الهيولى والصورة لم يقولللوا أن أحللدهما متميللز عللن‬


‫الخر كما زعمتم ذلك في أجللزاء الفلللك بللل عنللدهم الهيللولي والصللورة قللد‬
‫اتحدا وصارا شيئا واحدا فالشارة الحسية إلى أحدهما هي بعينها إشارة إلى‬
‫الخر وأنتم جعلتم الجزء المذكر من القلب مباينا للجزء النثى منلله بالوضللع‬
‫والحقيقة والشارة إلى أحدهما غير الشارة إلللى آخللر وللكلم مللع أصللحاب‬
‫الهيولي مقام آخر ليس هذا موضعه فان دعوى تركب الجسم منهمللا دعللوى‬
‫فاسدة مللن وجللوه كللثيرة وليللس يصللح شلليء منلله غيللر الهيللولي الصللناعية‬
‫كالخشللب للسللرير والطبيعيللة كللالمني للمولللود وهللي المللادة الصللناعية‬
‫والطبيعية وما سوى ذلللك فخيللال ومحللال والللله المسللتعان عللدنا إلللى كلم‬
‫صاحب الرسالة قال ومن ذلك زعمهللم انلله أن اتفللق مولللود ابللن ملللك وان‬
‫حجام فللي البلللد والللوقت والطللالع والدرجللة وكللانت سللائر دللت السللعادة‬
‫موجودة في مولديهما وجب أن يكللون ملن ابللن الملللك ملللك جليللل سلائس‬
‫مدبر ومن ابن الحجام حجام حاذق وهذا يخللرج النجللوم عللن أن تكللون تللدل‬
‫على ما يتحدد مللن حللال النسللان ويجعلهللا تللدل علللى حللذقه وصللناعة أبيلله‬
‫وتقصيره فيها قلت ومما يوضح فساد قولهم فللي ذلللك أن بطليمللوس جعللل‬
‫الكواكب الدالة على الصللناعات ثلثللة المريللخ والزهللرة وعطللارد وقللال لن‬
‫الصناعات العملية تحتاج إلى ثلثة أشللياء ضللرورية أحللدها المعرفللة والثللاني‬
‫اللة والثالث الطاقة في الكف ليخرج المعلول المصنوع حسنا واللة للمريخ‬
‫التي يشير إليها يكون على الكللثر إمللا حديللد وامللا مصللاحبة للحديللد ولللذلك‬
‫يقولون صورته صورة شاب بيمناه سيف مسلول وبيسراه رأس سنان وهللو‬
‫راكب أسللدا وثيللابه حمللر تلهلب وآخللرون منهلم يقوللون علللى رأسلله بيضلة‬
‫وبيسراه طبرزين وعليه خرقة حمراء وهللو راكللب فرسللا أشللهب والمعرفللة‬
‫لعطارد ولذلك يقولون صورته صورة شاب بيمناه حبة وبيسللراه لللوح يقللرأه‬
‫وعلى رأسه تاج وثبابه ملوثة بالتزاويق والنقللوش ومللا شللاكل ذلللك للزهللرة‬
‫ولذلك يقولون صورتها صورة امرأة حسنة بين يديها مللدق تضللرب بله وهللي‬
‫راكبة عللى جملل ومنهلم ملن يقلول املرأة جالسلة مرخلاة الشلعر ذوائبهلا‬
‫بيسراها وبللاليمنى مللرآة تنظللر فيهللا نظيفللة الثللوب وعليهللا طللوق واسللورة‬
‫وخلخل وأما الشمس والقمر فهما الدالن علللى الملللك فالشللمس صللورتها‬
‫صورة رجل بيده اليمنى عصا يتوكأ عليها وباليسرى جزر راكب عجلة تجرهللا‬
‫أربعة نمور ومنهم من يقول صورتها صورة رجل جللالس قللابض علللى أربعللة‬
‫أعنة أفراس ووجهه كالطبق يلتهب نارا قالوا ودلئل الملللك ليسللت بأعيانهللا‬
‫هي دلئل الصناعات ودلئل الصناعات هللي دللت الملللك بللل قللد يجللوز أن‬
‫يدل على رياسة ما إل أن الملك أخص من الرياسة ولكل واحد من الكواكب‬
‫على الطلق دللة على رياسة ما في معنى مللن المعللاني فيقللال أرأيتللم أن‬
‫حصلت أدلة الملك في طالع مولللود ليللس مللن الملللك فللي شلليء بللل أكللثر‬
‫المولودين ل ينالون الملك البتة‬

‫‪ #‬وانما يناله واحد من الناس ول يلزم أن يكون في آبائه ملك ول يكون ابن‬
‫ملك فما بال طالع الملك المشترك بين عدة أولد خص هذا وحللده حللتى أن‬
‫أكثركم ينظر بنص بطليموس إلى جنس المولود وما يصلح له فيحكللم علللى‬
‫ابن الملك بالملك وعلى ابن الحجام بالحجامة فان كان طالعهما واحدا حكم‬
‫بتقدم ابن الحجام فللي رياسللة صللناعته وكللونه كملكهللم ومعلللوم أن الحللس‬
‫والوجود أكبر المكذبين لكم في هذه الحكام فما كثر من نال الملللك وليللس‬
‫هو من أبناء الملوك البتة ول كان طالعه يقتضللي ذلللك وحرملله مللن يقتضلليه‬
‫طالعه بزعمكم ممن أبوه ملك وكللذلك الكلم فللي غيللر الملللك مللن الطللالع‬
‫الذي يقتضي كون المولود حكيما عالما أو حاذقا في صناعته كللم قللد أخلللف‬
‫وحصل العلم والحكمة والتقدم في الصناعة لغير أربللاب ذلللك الطللالع وفللي‬
‫ذلك أبين تكذيب لكم وابطال لقولكم والله المستعان قال صللاحب الرسللالة‬
‫وأبعد من ذلك قولهم أن الكواكب المتحيرة أجل مللن الثللوابت وأبيللن تللأثيرا‬
‫في العالم وان كل واحد من الكواكب الثابتة يفعل فعل واحللدا ل يللزول عنلله‬
‫من غير أن ينحس أو يسعد وان عطارد هو من الكواكب المتحيرة ليللس للله‬
‫طبع يعرف وأنه نحس إذا قارن النحوس وسعد إذا قارن السعود ومللن ذلللك‬
‫قولهم أن قوة القمر الترطيب وان العلة فللي ذلللك قللرب فلكلله مللن الرض‬
‫وقبوله البخارات الرطبة التي ترتفع إليه منها وان قوة زحل أن يبرد ويجفف‬
‫تجفيفا يسيرا وان علة ذلك بعده عن حرارة الشمس وعن البخارات الرطبة‬
‫التي ترتفع من الرض وان قوة المريخ مجففة محرقة لمشاكلة لللونه للللون‬
‫النار ولقربه من الشمس لن الكرة التي فيها الشمس موضوعة تحته قلللت‬
‫فليتأمل العاقل ما في هذا الكلم من ضللروب المحللال ومللا للفلللك ووصللول‬
‫البخارات الرضية إليه وهل في قوة البخارات تصاعدها إلى سطح الفلك مع‬
‫البعد المفرط والبخار إذا ارتفع فغايللة ارتفللاعه كارتفللاع السللحاب ل يتعللداه‬
‫وهل تتأثر العلويات بطبائع السفليات وتتكيف بكيفياتها وتنفعل عنها ‪ #‬ومما‬
‫يدل على فساد ذلك أيضا أن القمر لو كان مترطبا مللن البخللارات وجللب أن‬
‫تزداد رطوبته في كل يوم لنه دائم القبول للبخللارات ول يقولللون ذلللك وان‬
‫التزامه منهم مكابر وقال كل يللوم يللزداد رطوبللة ‪ #‬قلللت للله فمللا تنكللر أن‬
‫تكون دللة زحل والمريخ على النحوس تتزايد وتكون دللتلله علللى النحللوس‬
‫في اليوم أكثر من دللته في المس ولو فتح عليكم هذا الباب فلعل السللعد‬
‫ينقلب نحسا وبالعكس وهذا يرفع المان عن أصول هذا العلم ‪ #‬وأيضا فللإذا‬
‫جوزتم انفعال الفلكيات عن أجزاء هذا العالم السفلي لزمكللم تجللويز فسللاد‬
‫هذه الكواكب من هذه الجرام العنصرية ولزمكم تجويز أن ترتفع إلى القمر‬
‫من الدخنة ما يوجب جفافه وبلوغه في اليبس الغاية وأيضا فاذا جوزتم ذلك‬
‫فلم ل تجوزون نفوذ تلك البخارات إلى ما ورا‬

‫‪ #‬فلك القمر حتى يترطب فلك الفلك فان قلتم فلك القمر عائق عن ذلك‬
‫‪ #‬قلنا وكرة الثر حائلة بيللن عالمنللا هللذا وبيللن فلللك القمللر فكيللف جللوزتم‬
‫وصول البخارات الرضية إلى فلك القمر وفللي مشللابهة لللون المريللخ للللون‬
‫النار مما يقتضي تأثيره الحراق والتجفيف وهل في الهذيان أعجب من هللذا‬
‫فان أرادوا النللار البسلليطة فإنهللا ل لللون لهللا وان أرادوا النللار الحادثللة فهللي‬
‫بحسب مادتها التي توجب حمرتها وصفرتها وبياضها وأما كون الشمس تحته‬
‫فهذا ل يقتضي تأثيرها فيه واعطاؤه قوة التجفيف والحراق فإن الشمس لو‬
‫أثرت فيه ذلك واعطه إياه لكللانت الشللمس بهللذا التللأثير والعطللاء للزهللرة‬
‫أولى لن كرتها فوق كرة الزهرة ونسبتها إلى كرة الزهرة كنسبتها إلى كرة‬
‫المريخ فهل كانت قوة الزهرة التجفيللف والحللراق بللل تلأثير الشلمس فيمللا‬
‫تحتها أولى من تأثيرها فيما فوقها قال صاحب الرسالة وان الكواكب الثابتللة‬
‫التي في الدب الكبر قوتها كقوة المريللخ وهللذا غلللط عظيللم لن لللون هللذه‬
‫الكواكب غير مشبه للون النار وليست الكرة التي فيهللا الشللمس موضللوعة‬
‫تحتها بل الكرة التي فيها زحل موضوعة تحتها فهي بأن يكون حالهللا مشللبها‬
‫لحال زحل أولى لنها فوقه وبعدها عن الشمس وعن حللرارات الرض أكللثر‬
‫من بعده قلت والعجب من هؤلء يعلمون قول مقدمهم بطليموس أن طبائع‬
‫الجرام السماوية واحدة ثم يحكمللون علللى بعضللها بللالحرارة وعلللى بعضللها‬
‫بالبرودة وكذلك بالرطوبللة واليبوسللة قللال وزعمللوا أن عطللارد معتللدل فللي‬
‫التجفيف والترطيب لنه ل يبعد في وقت من الوقات عن حر الشمس بعللدا‬
‫كثيرا ول وضعه فوق كرة القمر وان الكواكب الثابتة التي في الجللاني حالهللا‬
‫شبيهة بحاله وليس يوجد لها مللن السللببين اللللذين دل علللى طبيعللة عطللارد‬
‫شيئا بل الدور يوجد لها ضلد ذللك وهلو أنهلا بعيلدة ملن الشلمس فلي أكلثر‬
‫الوقات وان فلكها أبعد أفلك الكواكب من كرة القمللر وقللالوا أن الكللواكب‬
‫التي من النعاد ‪ 1‬تشبه حال عطارد وزحل في بعللض الوقللات وتشللبه حللال‬
‫المشتري والمريخ في بعضها ‪ #‬قلللت وقللد اسللتدل فضللؤكم عللى اختلف‬
‫طبائع الكواكب باختلف ألوانها فقالوا زحل لللونه الغللبرة والكمللودة فحكمنللا‬
‫بأنه على طبع السوداء وهللو الللبرد واليبللس فللان السللوداء لهللا مللن اللللوان‬
‫الغبرة وأما المريخ فانه يشبه لونه لون النار فل جرم قلنا طبعلله حلار يللابس‬
‫وأمللا الشللمس فهللي حللارة يابسللة لللوجهين ‪ :‬أحللدهما أن لونهللا يشللبه لللون‬
‫الحمرة الثاني أنا نعلم بالتدبير أنها مسخة للجسام منشفة للرطوبللات وأمللا‬
‫الزهرة فانا نرى لونها كالمركب من البيللاض والصللفرة ثللم أن البيللاض يللدل‬
‫على طبيعة البلغم الذي هو الللبرد والرطوبللة والصللفرة تللدل علللى الحللرارة‬
‫ولما كان بياض الزهرة أكثر من صفرتها حكمنا عليهللا بللأن بردهللا ورطوبتهللا‬
‫أكثر وأما المشتري فلما‬

‫‪ #‬كانت صفرته أكللثر ممللا فللي الزهللرة كللانت سللخونته أكللثر مللن سللخونته‬
‫الزهرة وكان في غاية العتدال وأما القمر فهو أبيلض وفيلله كملودة فبياضلله‬
‫يدل على البرد وأما عطارد فانا نرى عليه اللوان مختلفة فربما رأيناه أخضر‬
‫وربما رأيناه أغبر وربما رأيناه على خلف هللذين اللللونين وذلللك فللي أوقللات‬
‫مختلفة مع كونه من الفق على ارتفاع واحد فل جلرم قلنلا انله لكلونه قلابل‬
‫لللوان المختلفة يجللب أن يكللون للله طبللائع مختلفللة إل أنللا لمللا وجللدنا فللي‬
‫الغالب عليه الغبرة الرضللية قلنللا طللبيعته أميللل إلللى الرض واليبللس وهللذا‬
‫التقرير باطل من وجوه عديدة ‪ #‬أحدها أن المشاركة في بعض الصللفات ل‬
‫تقتضي المشاركة في الماهية والطبيعة ول في صفة أخرى ‪ #‬الوجه الثللاني‬
‫أن الدللة بمجرد اللون على الطبيعللة ضللعيفة جللدا فللان النللورة والنوشللادر‬
‫والزرنيخ والزئبق المصعد والكبريت فللي غايللة البيللاض مللع أن طبائعهللا فللي‬
‫غاية الحرارة الثالث أن ألوان الكواكب ليست كمللا ذكرتللم فزحللل رصاصللي‬
‫اللون وهذا مخالف للغبرة والسواد الخالص وأما المشتري فل بللد أن بياضلله‬
‫أكثر من صفرته فيلزم على قولكم أن برده أكثر من حره وهم ينكرون ذلك‬
‫وأما الزهرة فل صفرة فيها البتة بللل الزرقللة ظللاهرة فللي أمرهللا فيلللزم أن‬
‫تكون خالصة البرد وأما المريخ فان كان حره لشبهه بالنللار فللي لللونه فهللذه‬
‫المشابهة في الشمس والنار أتم فيلزم أن تكون حرارة الشمس وسللخونتها‬
‫أقوى من حرارة المريخ وهم ل يقولللون ذلللك وأمللا عطللارد فانللا وان رأينللاه‬
‫مختلف اللون في الوقات المختلفة إل أن السبب فيه أنا ل نراه إل إذا كللان‬
‫قريبا من الفق وحينئذ يكون بيننا وبينه بخارات مختلفة فل جللرم أن اختلللف‬
‫لونه لهذا السبب وأما القمر فقللد قللال زعيمكللم المللؤخر أبللو معشللر أنلله ل‬
‫ينسب لونه إلى البياض إل من عدم الحس البصري فتبين بطلن قولكم في‬
‫طبائع الكواكب وتناقضه واختلفه ولما علم بعض فضلئكم فساد قولكم في‬
‫طبائع الكواكب وان العقل يشهد بتكذيبه صدف عنه وأنكره وقال إنما نشللير‬
‫بهذه القوى والطبائع إلى ما يحللدث عللن كللل واحللد مللن الجللرام السللماوية‬
‫وينفعل بها من الكائنات الفاسدات ل أنها بطبائعها تفعل ذلك بل يحدث عنها‬
‫ما يكون حارا أو باردا أو رطبا أو يابسا كما يقال أن الحركة تسخن والصللوم‬
‫يجفف ل على أنها تفعل ذلك بطبائعها بل بما يحدث عنهللا فبطليمللوس قللال‬
‫أن القمللر مرطللب والشللمس تسللخن بحسللب مللا يحللدث عنهمللا وتنفعللل‬
‫المنفعلت بتلك القوى ل بأن طبائعها مكيفات فقال نحللن لللم ننللازعكم فللي‬
‫تأثير الشمس والقمر في هذا العالم بالرطوبة والللبرودة واليبوسللة وتوابعهللا‬
‫وتأثيرها في أبدان الحيوان والنبات ولكن هما جزء من السبب المؤثر وليسا‬
‫بمؤثر تام فان تأثير الشمس مثل إنما كان بواسطة الهواء وقبوله للسللخونة‬
‫والحرارة بانعكاس شعاع الشمس عليه عند مقابلتها لجللرم الرض ويختلللف‬
‫هذا القبول عند قرب الشمس من الرض وبعدها‬
‫‪ #‬فيختلللف حللال الهللواء وأحللول البخللرة فللي تكاثفهللا وبرودتهللا وتلطفهللا‬
‫وحرارتها فتختلف التأثيرات باختلف هذه السللباب والسللبب جللزء الشللمس‬
‫في ذلك والرض جللزء والمقابلللة الموجبللة لنعكللاس الشللعة جللزء والمحللل‬
‫القابل للتأثير والنفعال جزء ونحن ل ننكر أن قوة البرد بسبب بعد الشللمس‬
‫عن سمت رؤسنا وقوة الحر بسلبب قلرب الشلمس ملن سلمت رؤسلنا ول‬
‫ننكر أن الشمس إذا طلت فإن الحيوان ناطقللة وبهيمللة يخللرج مللن مكللامنه‬
‫وأكنته وتظهر القوة والحركة فيهم ثم مادامت الشللمس صللاعدة فللي الربللع‬
‫الشللرقي فحركللات الحيللوان فللي الزديللاد والقللوة والسللتكمال قللإذا مللالت‬
‫الشمس عن وسط السماء أخللذت حركللات الحيللوان وقللواهم فللي الضللعف‬
‫وتستمر هذه الحال إلى غروب الشمس ثم كلما ازداد نور الشمس عن هذا‬
‫العللالم بعللدا ازداد الضللعف والفتللور فللي حركللة الحيللوان وهللدأت الجسللاد‬
‫ورجعت الحيوانات إللى مكامنهلا فلإذا طلعلت الشلمس رجعلوا إللى الحاللة‬
‫الولى ول ننكر أيضا ارتباط فصول العالم الربعة بحركات الشمس وحلولهللا‬
‫فللي أبراجهللا ول ننكللر أن السللودان لمللا كللان مسللكنهم خللط السللتواء إلللى‬
‫محاذاة ممر رأس السرطان وكانت الشمس تمر على رؤسللهم فللي السللنة‬
‫إما مرة وإما مرتين تسللودت أبللدانهم وجعللدت شللعورهم وقلللت رطوبللانهم‬
‫فساءت أخلقهم وضعفت عقولهم وأما الذين مساكنهم أقللرب إلللى محللاذاة‬
‫ممللر السللرطان فالسللواد فيهللم أقللل وطبللائعهم أعللدل وأخلقهللم أحسللن‬
‫وأجسامهم الطف كأهلل الهنلد واليملن وبعلض أهلل الغلرب وعكلس هلؤلء‬
‫الذين مساكنهم على ممر رأس السرطان إلى محاذاة بنللات نعللش الكللبرى‬
‫فهؤلء لجل أن الشمس ل تسامت رؤسهم ول تبعد عنهم أيضللا بعللدا كللثيرا‬
‫لم يعرض لهم حللر شللديد ول بللرد شللديد قللالوا إنهللم متوسللطة وأجسللامهم‬
‫معتدلة وأخلقهم فاضلة كأهل الشام والعراق وخراسان وفارس والصين ثم‬
‫من كان من هؤلء أميل إلى ناحية الجنوب كان أتم في الذكاء والفهللم ومللن‬
‫كان منهم يميل إلى ناحية الشرق فهم أقوى نفوسا وأشد ذكورة ومللن كللان‬
‫يميل إلى ناحية الغرب غلب عليه اللين والرزانة ومن تأمل هذا حللق التأمللل‬
‫وسافر بفكره في أقطار العللالم علللم حكمللة الللله فللي نشللره مللذهب أهللل‬
‫العراق وما فيه من اللين وما شاكله كله فللي أهللل المشللرق ومللذهب أهللل‬
‫المدنيللة ومللا فيلله مللن الشللدة والقللوة فللي أهللل المغللرب وأمللا مللن كللانت‬
‫مساكنهم محاذية لبنات نعش وهم الصقالبة والروم فإنهم لكثرة بعدهم عللن‬
‫مسامتة الشمس صار البرد غالبا عليهم والرطوبة الفضلية فيهم لنلله ليللس‬
‫مللن الحللرارة هنللاك مللا ينشللفها وينضللجها فلللذلك صللارت ألللوانهم بيضللاء‬
‫وشعورهم سللبطة شللقراء وأبللدانهم رخصللة وطبللائعهم مائلللة إلللى الللبرودة‬
‫وأذهانهم جامدة وكل واحد من هذين الطرفين وهما القليللم الول والسللابع‬
‫يقل فيه العمران وينقطلع بعضله عللن بعللض لجلل غلبللة اليبللس ثللم لتللزال‬
‫العمارة تزداد في القليم‬
‫‪ #‬الثاني والسادس والخامس ويقل الخراب فيها وأمللا القليللم الرابللع فللإنه‬
‫أكثر القاليم عمارة وأقلهللا خرابللا بالفصللل الوسللط علللى الطللراف بسللبب‬
‫اعتدال المزاج وهو الذي انتشرت فيه دعوة السلم وضللرب الللدين بجرانللة‬
‫فيه وظهر فيه أعظم من ظهوره في سائر القاليم ولهذا قللال النللبي زويللت‬
‫لي الرض فرأيت مشارقها ومغاربهللا وسلليبلغ ملللك أمللتي مللازوى لللي منهللا‬
‫فكان انتشار دعوته في أعدل الرض ولذلك انتشرت شرقا وغربا أكللثر مللن‬
‫انتشارها جنوبا وشمال ولهذا زويت له فأرى مشارقها ومغاربهللا وبشللر أمتلله‬
‫بانتشار مملكتها في هذين الربعين فإنهما أعدل الرض وأهلها أكمللل النللاس‬
‫خلقا وخلقا فظهر الكمال له في الكتاب والدين والصحاب والشريعة والبلد‬
‫والممالك صلوات الله وسلمه عليه فإن قيل فقد فضلتم القليم الرابع على‬
‫سائر القاليم مع أن شيئا من الدوية ل تتولد فيه الدواء ضعيفا وإنما تتكللون‬
‫الدوية في سائر القاليم قيل هللذا مللن أدل الللدلئل علللى فضللله عليهللا لن‬
‫طبيعة الدواء ل تكون معتدلة إذ لو حصل فيهللا العتللدال لكللان غللذاء ل دواء‬
‫والطبيعة الخارجللة علن العتللدال ل تحلدث إل فللي المسلاكن الخارجلة عللن‬
‫العتدال وكذلك حال الشمس في المواضع التي تسامتها فموضع حضيضللها‬
‫وغابة قربها من الرض في الللبراري الجنوبيللة تكللون تلللك المللاكن محترقللة‬
‫نارية ل يتكون فيها حيللوان البتللة ولللذلك والللله أعلللم كللان أكللثر البخللار مللن‬
‫الجانب الجنوبي دون الشمالي لن الشمس إذا كللانت فللي حضيضللها كللانت‬
‫أقرب إلى الرض وإذا كانت في أوجها كللانت أبعللد وعنللد قربهللا مللن الرض‬
‫يعظم تسللخينها والسللخونة جاذبللة للرطوبللات وإذا انجللذبت الرطوبللات إلللى‬
‫الجانب الجنوبي انكشف الجانب الشمالي ضرورة وصللار مسللتقرا للحيللوان‬
‫الرضي والجنللوبي أعظللم الجللانبين رطوبلة وأكثرهللا مياهللا ومقللرا للحيللوان‬
‫المائي وأما المواضع المسامتة لوج الشمس في الشمال فهي غير محترقة‬
‫بل معتدلة لبعد الشمس ملن الرض وسلبب التفلاوت القليلل الحاصلل بيلن‬
‫أقرب قرب الشمس مللن الرض وأبعللد بعللدها منهللا صللار الجنللوبي محترقللا‬
‫والجانب الشمالي معتللدل فللو كللانت الشلمس حاصلللة فلي فللك الكللواكب‬
‫لفسد هذا العالم من شدة البرد ولو فرضلنا أنهللا انحللدرت إللى فللك القملر‬
‫لحرقت هذا العالم فاقتضت حكمة العزيز العليم الحكيم أن وضللع الشللمس‬
‫وسللط الكللواكب السللبعة وجعللل حركتهللا المعتدلللة وقربهللا المعتللدل سللببا‬
‫لعتدال هذا العالم وجعل قربها وبعدها وارتفاعها وانخفاضللها سللببا لفصللوله‬
‫التي هي نظام مصالحة فتبارك الله رب العللالمين وأحسللن الخللالقين وأهللل‬
‫القليم الول لجل قربهم من الموضللع المحللازى لحضلليض الشللمس كللانت‬
‫سخونة هوائهم شديدة ول جرم كانوا أشد سواءا مللن مكللان خللط السللتواء‬
‫وأهل القليم الثاني سللخونة هللوائهم ألطللف فكللانوا سللمر اللللوان والقليللم‬
‫الثالث والرابع أعللدل القللاليم مزاجللا بسللبب اعتللدال الهللواء بسللبب تعللديل‬
‫ارتفاع الشمس ل تكون في‬

‫‪ #‬بعدها عن الرض فههنا وإن حصلت مسامتة مفيدة لمزيد السللخونة لكللن‬
‫حصل أيضا البعد المقلل للسخونة فحصل العتدال من بعللض الوجللوه وفللي‬
‫الجانب الجنوبي وإن حصل مزيد القرب مللن الرض لكللن لللم يحصللل هنللاك‬
‫مسامتة للمساكن المعمورة لخط العتدال في الجانبين بهذه الطريق وصار‬
‫أهل القليم الثالث والرابع أفضل الناس صورا وأخلقا وأما القليم الخللامس‬
‫فإن سخونة الهواء هناك اقل من العتدال بمقدار يسير فل جللرم صللار فللي‬
‫جزء البرد وصارت طبائع أهله أقل نضجا من طبائع أهل القليم الرابع إل أن‬
‫بعدهم عن العتدال قليل وأمللا أهللل القليللم السللادس والسللابع فللإن أهلهللا‬
‫محرورون ولغلبة البرد والرطوبة عليهم يشتد بياض ألوانهم وزرقللة عيللونهم‬
‫وأما المواضع التي تقرب من أن يكللون الخللط فيهللا فللوق الللرأس فهنللاك ل‬
‫يصل تسخين الشمس إليها فل جرم عظم البرد فيها ولم يكن هنللاك حيللوان‬
‫البتة وهذا كله يدل على أن الشمس جزء السللبب وأن الهلواء جللزء السللبب‬
‫والرض جزء وانعكاس الشللعاع جللزء وقبللول المنفعلت جللزء مجمللوع ذلللك‬
‫سبب واحد قدرة العليللم القلدير وأجلرى عليلله نظلام العللالم وقلدر سللبحانه‬
‫أشياء أخر ل يعرفها هؤلء الجهال ول عندهم منهللا خللبر مللن تللدبير الملئكللة‬
‫وحركاتهم وطاعللة استقصللات العللالم ومللواده لهللم وتصللريفهم تلللك المللواد‬
‫بحسب ما رسم لهم من التقدير اللهي والمر الرباني ثم قدر تعللالى أشللياء‬
‫آخر تمانع هلذه السلباب عنلد التصلادم وتلدافعها وتقهلر موجبهلا ومقتضلاها‬
‫ليظهر عليها اثر القهر والتسخير والعبوديللة وأنهللا مصللرفة مللدبرة بتصللريف‬
‫قاهر قادر كيف يشاء ليدل عباده على أنه هو وحده الفعال لما يريللد لخلقلله‬
‫كيف يشاء وأن كل ما في المملكة اللهية طوع قدرته وتحللت مشلليئته وأنلله‬
‫ليس شيء يستقل وحده بالفعللل إل الللله وكللل مللا سللواه ل يفعللل شلليئا إل‬
‫بمشارك ومعاون وله ما يعاوقه ويمانعه ويسلبه تأثيره فتارة يسلب سللبحانه‬
‫النار إحراقها ويجعلها بردا كما جعلها على خليله بردا وسلللما وتللارة يمسللك‬
‫بين أجزاء الماء فل يتلقللى كمللا فعللل بللالبحر لموسللى وقللومه وتللارة يشللق‬
‫الجللرام السللماوية كمللا شللق القمللر لخللاتم أنبيللائه ورسللله وفتللح السللماء‬
‫لمصعده وعروجه وتارة يقلب الجماد حيوانلا كملا قللب عصلا موسلى ثعبانلا‬
‫وتارة يغير هذا النظام ويطلع الشمس من مغربها كما أخبر به أصللدق خلقلله‬
‫عنه فإذا أتى الوقت المعلوم فشق السموات وفطرها ونللثر الكللواكب علللى‬
‫وجه الرض ونسف جبال العالم ودكها مع الرض وكور شمس العالم وقمره‬
‫ورأى ذلك الخلئق عيانا ظهللر للخلئق كلهللم صللدقه وصللدق رسللله وعمللوم‬
‫قدرته وكمالها وأن العالم بأسره منقللاد لمشلليئته طللوع قللدرته ل يستعصللي‬
‫عليه انفعاله لما يشاؤه ويريده منه وعلللم الللذين كفللروا وكللذبوا رسللله مللن‬
‫الفلسفة والمنجمين والمشركين والسفهاء الللذين سللموا أنفسللهم الحكمللاء‬
‫أنهم كانوا كاذبين ‪ #‬واجتمع جماعة من الكبراء والفضلء يوما فقللرأ قللارىء‬
‫^ إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال ^‬

‫سيرت حتى بلغ علمت نفس ما أحضرت وفي الجماعة أبو الوفاء ين عقيللل‬
‫فقال للله قللائل يللا سلليدي هللب أنلله أنشللر المللوتى للبعللث والحسللاب وزوج‬
‫النفوس بقرنائها للثواب والعقاب فما الحكمة في هدم البنية وتسيير الجبال‬
‫ودك الرض وفطر السماء ونثر النجوم وتخريب هذا العالم وتكللوير شمسلله‬
‫وخسف قمره فقال ابن عقيل على البديهة إنما بني لهم هذه الدار للسكنى‬
‫والتمتع وجعلها وما فيها للعتبللار والتفكللر والسللتدلل عليلله بحسللن التأمللل‬
‫والتللذكر فلمللا انقضللت مللدة السللكنى وأجلهللم عللن الللدار وخربهللا لنتقللال‬
‫الساكن منها فأراد أن يعلمهم بأن في أحالة الحللوال وإظهللار تلللك الهللوال‬
‫وإبداء ذلك الصنع العظيم بيانا لكمال قدرته ونهاية حكمته وعظمة ربللو بيتلله‬
‫وعرا جلللله وعظللم شللأنه وتكللذيبا لهللل اللحللاد وزنادقللة المنجميللن وعبللاد‬
‫الكواكب والشمس والقمر والوثان ليعلم الللذين كفللروا أنهللم كللانوا كللاذبين‬
‫فإذا رأوا أن منار آلهتهم قد انهدم وأن معبوداتهم قللد انتللثرت والفلك الللتي‬
‫زعموا أنها وما حوته هي الرباب المستولية علللى هللذا العللالم قللد تشللققت‬
‫وانفطرت ظهرت حينئذ فضللائحهم وتللبين كللذبهم وظهللر أن العللالم مربللوب‬
‫محدث مدبر له رب يصرفه كيف يشللاء تكللذيبا لملحللده الفلسللفة القللائلين‬
‫بقدمه فكم لله من حكمة في هللدم هللذه الللدار ودللللة علللى عظيللم قللدرته‬
‫وعزتلله وسلللطانه وانفللراده بالربوبيللة وانقيللاد المخلوقللات بأسللرها لقهللره‬
‫وإذعانها لمشيئته فتبارك الله رب العالمين ونحن ل ننكر ول ندفع أن الللزرع‬
‫والنبات ل ينمو ول ينشأ إل في المواضع الللتي تطلللع عليهللا الشللمس ونحللن‬
‫نعلم أيضا أن وجود بعض النبات في بعض البلد ل سبب له الختلف البلدان‬
‫في الحر والبرد الذي سببه حركة الشمس وتقاربها فللي قربهللا وبعللدها مللن‬
‫ذلك البلد وأيضا فأن النخل ينبت في البلد الحارة ول ينبت في البلد الباردة‬
‫وشللجر المللوز ل ينبللت فللي البلد البللاردة وكللذلك ينبللت فللي البلد الجنوبيللة‬
‫أشجار وفواكه وحشائش ل يعرف شيء منها في جانب الشللمال وبللالعكس‬
‫وكذلك الحيوانات يختلف تكونها بحسب اختلف حللرارة البلد وبرودتهللا فللإن‬
‫النسر والفيل يكونان بأرض الهند ول يكونللان فللي سللائر القللاليم الللتي هللي‬
‫دونها في الحرارة وكذلك غزال المسك والكركند وغير ذلك وكللذلك ل نللدفع‬
‫تأثير القمر في وقت امتلئه في الرطوبات حتى في جزر البحار ومدها فللإن‬
‫منها ما يأخذ في الزدياد من حين يفارق القمر الشللمس إلللى وقللت المتلء‬
‫ثم إنه يأخذ في النتقاص ول يزال نقصانه يستمر بحسب نقصان القمر حتى‬
‫ينتهي إلى غاية نقصانه عند حصول المحاق ومن البحار ما يحصل فيلله المللد‬
‫والجزر في كل يوم وليلة مع طلوع القملر وغروبله وذللك موجلود فلي بحلر‬
‫فارس وبحر الهند وكذلك بحر الصين وكيفيته أنه إذا بلغ القمللر مشللرقا مللن‬
‫مشارق البحر ابتدأ البحللر بالمللد ول يللزال كللذلك إلللى أن يصللير القمللر إلللى‬
‫وسط سماء ذلك‬

‫المواضع فعند ذلك ينتهي منتهاه فإذا زال القمللر مللن مغللرب ذلللك الموضللع‬
‫ابتدأ المد من تحت الرض ول يزال زائدا إلى أن يصل القمر إلى وتد الرض‬
‫فحينئذ ينتهي المد منتهاهمنتهاه ثم يبتديء الجزر ثانيا ويرجع الماء كمللا كللان‬
‫وسكان البحر كلمللا رأوا فللي البحللر انتفاخللا وهيجللان ريللاح عاصللفة وأمللواج‬
‫شديدة علموا أنه ابتدأ المد فإذا ذهب النتفاخ وقلت المواج والريللاح علمللوا‬
‫أنه وقت الجزر وأما أصحاب الشطوط والسواحل فانهم يجدون عندهم فللي‬
‫وقت المد للماء حركة من أسفله إلللى أعله فللإذا رجللع المللاء ونللزل فللذلك‬
‫وقت الجزر وكذلك أيام بحرانللات المللراض بحسللب زيللادة القمللر ونقصللانه‬
‫منطبقة عليها وكذلك الخلط التي في بدن النسان مادام القمللر آخللذا فللي‬
‫الزيادة فإنها تكون أزيد ويكون ظاهر البدن أكثر رطوبللة وحسللنا فللإذا نقللص‬
‫ضوء القمر صارت الخلط في غور البدن والعروق وأزداد ظاهر البدن يبسا‬
‫وكذلك ألبان الحيوانات تتزايد من أول الشهر إلى نصفه فإذا أخذ القمر فللي‬
‫النقصان نقصت غزارتها وكذلك أدمغة الحيوانات في أول الشللهر أزيللد منهللا‬
‫في نصفه الخير وإن حدث في أجواف الطيور بيض فللي النصللف الول مللن‬
‫الشهر كان بياضه أكثر من بياض الحادث في نصفه الثللاني وكللذلك النسللان‬
‫إذا نام أو قعد في ضوء القمر حدث في بدنه السترخاء والكسل وهاج عليه‬
‫الزكام والصداع وإذا وضعت لحوم الحيوانللات مكشللوفة تحللت ضللوء القمللر‬
‫تغيرت طعومها وتعفنت وكذلك السمك في البحار والجام الجارية توجد من‬
‫أول الشهر إلى وقت المتلء أكثر وخروجها من قعور البحلار والجلام أظهلر‬
‫ومن بعد المتلء إلى الجتماع فإنها تدخل قعور البحار والجللام الللذي يظهللر‬
‫من سمين السللمك فالنصللف الول أكللثر ملن الللذي يظهللر فللي الثللاني منلله‬
‫وكذلك حرشة الرض يكللون خروجهللا مللن إجحرتهللا فللي النصللف الول مللن‬
‫الشهر أكثر من خروجها في النصف الثللاني وأصللحاب الغللراس يزعمللون أن‬
‫الشللجار والغللروس إذا غرسللت والقمللر زائد الضللوء كللان نشللؤها وكمالهللا‬
‫وإسراعها في النبات أحمد من التي تغرس في محاقة وذهاب نللوره وكللذلك‬
‫تكون الريلاحين والبقلول والعشلاب ملن الجتملاع إللى المتلء أزيلد نشلوا‬
‫وأكثر نموا وفي النصف الثاني بالضد من ذلك وكذلك القثاء والقرع والخيللار‬
‫والبطيخ ينمو نموا بالغا عند ازدياد الضوء وأما في وسط الشهر عند حصول‬
‫المتلء فهناك يعظم النمو حتى يظهر التفللاوت للحللس فللي الليلللة الواحللدة‬
‫وكذلك الينابيع تزداد في النصف الول من الشهر وتنقص في النصف الثاني‬
‫إلى غير ذلك من الوجوه التي تؤثر فيهللا الشللمس والقمللر فللي هللذا العللالم‬
‫فنحن لم نللدفعكم عللن هللذه التللأثيرات وإضللعافها إنمللا الللذي أنكللره عليكللم‬
‫العقلء من أهل الملل وغيرهلم أن جمللة الحلوادث فلي هلذا العلالم خيرهلا‬
‫وشرها وصلحها وفسادها وجميع أشخاصه وأنواعه وصوره وقواه ومدد بقاء‬
‫أشخاصه وجميع أحوالها العارضة لها وتكون الجنين ومدة لبثه في بطن أملله‬
‫وخروجه إلى الدنيا‬

‫وعمره ورزقه وشلقاوته وسلعادته وحسلنه وقبحله وأخلقله وحلذقه وبلدتله‬


‫وجهله وعلمه بل ونزول المطار واختلف أنواع الشجر والنبات في الشللكل‬
‫واللون والطعوم والروائح والمقادير بل انقسام الحيوان إلى الطير وأصنافه‬
‫والبحري وأنواعه والبرى وأقسامه وأشكال هذه الحيوانات واختلف صللورها‬
‫وأنواعها وأفعالها وأخلقها ومنافعها بل وتكللون المعللادن المنطبعللة كالحديللد‬
‫والرصاص والنحاس والذهب والفضللة بللل وغيللر المنطبعللة كالملللح والقللارو‬
‫والزرنيخ والنفط والزئبق بل العداوة الواقعللة بيللن الللذئاب والغنللم والحيللات‬
‫والسباع وبني آدم والصداقة والعللداوة بيللن أفللراد النللوع الواحللد سلليما بيللن‬
‫ذكوره وإناثه وبالجملللة فللالرزاق والجللال والعللز والللذل والرفعللة والخفللض‬
‫والغناء والفقر والغناء والفقر والحياء والماتة والمنع والعطاء والضر النفللع‬
‫والهللدى والضلللل والتوفيللق والخللذلن وجميللع مللا فللي العللالم والشللخاص‬
‫وأفعالها وقواها وصفاتها وهيأتها والمعطللى للله هللذه واتصللالتها وانفصللالتها‬
‫واتصللالتها بنقللط وانفصللالتها عللن نقللط ومقارنتهللا ومفارقتهللا ومسللاقتها‬
‫ومباينتها فهي المعطية لهذا كله المدبرة الفاعلة فهي اللهة والربللاب علللى‬
‫الحقيقة وما تحتها عبيد خاضعون لها ناظرون إليها فهذا كما أنه الكفر الللذي‬
‫خرجوا به عن جميع الملل وعن جملة شرائع النبياء ولم يمكنهللم أن يقيمللوا‬
‫بين أرباب الملل أل بالتستر بهم ومنافقتهم والتزي بزيهم ظللاهرا وإل فقتللل‬
‫هؤلء من المر الضروري فللي كللل ملللة لنهللم سوسللها وأعللداؤها فهللو مللن‬
‫الهذيان الذي أضحكوا به العقلء على عقولهم حتى رد عليهللم مللن ل يللؤمن‬
‫بالله واليوم الخر من الفلسفة كالفللارابي وابللن سللينا وغيرهمللا مللن عقلء‬
‫الفلسفة وسخروا منهم واستضعفوا عقولهم ونسبوهم إلى الزرق والزينجللة‬
‫والتلبيس وقد رد عليهم أفضل المتأخرين من فلسفة السلم أبللو البركللات‬
‫البغدادي في كتاب التعبير له فقال وأما أحكام النجوم فإنه ل يتعلق بلله منلله‬
‫أكللثر مللن قللولهم بغيللر دليللل الحللر الكللواكب وبردهللا ورطوبتهللا ويبوسللتها‬
‫واعتللدالها كمللا يقولللون بللأن زجللل منهللا بللارد يللابس والمريللخ حللار يللابس‬
‫والمشتري معتدل والعتدال خير والفراط شر وينتجون من ذلللك أن الخيللر‬
‫يوجب سعادة والشر يوجب منحسة وما جانس ذلك مما لم يقللل بلله علمللاء‬
‫الطبيعيين ولللم تنتجلله مقللدماتهم فللي أنظللارهم وإنمللا الللذي أنتجتلله هللو أن‬
‫السماء والسماويات فعالة فيمللا تحللويه وتشللتمل عليلله وتتحللرك حللوله فعل‬
‫على الطلق لم يحصل له من العلم الطللبيعي حللد ول تقللدير والقللائلون بلله‬
‫ادعوا حصوله من التوقيف والتجربة والقياس منهما كما ادعى أهل الكيميللاء‬
‫وإل فمتى يقللول صلاحب العلللم الطللبيعي بحسللب أنظللاره الللتي سللبقت أن‬
‫المشتري سعيد والمريخ نحسن والمريخ حار يابس وزحل بارد يابس والحار‬
‫والبللارد مللن الملموسللات ومللا دللله علللى هللذا المللس كمللا يسللتدل بلمللس‬
‫الملموسات فإن ذلك ما ظهر للحس كما ظهر فللي الشللمس حيللث تسللخن‬
‫الرض بشعاعها وإن كان في السماء بيان شيء من طبائع الضداد فللالولى‬
‫أن تكون كلها حارة لن كواكبها كلها منيرة ومتى‬

‫يقول الطبيعي بتقطع الفلك وقسمته كما قسللمه المنجمللون قسللمة وهميللة‬
‫إلى بروج ودرج ودقائق وذلك جائز للمتللوهم كجللواز غيللره غيللر واجللب فللي‬
‫الوجللود ول حاصللل ونقلللوا ذلللك التللوهم الجللائز إلللى الوجللود الللواجب فللي‬
‫أحكامهم وكان الصل فيه على زعمهم حركة الشمس فللي اليللام والشللهور‬
‫فجعلللوا منهللا قسللمة وهميللة وجعلوهللا حيللث حكمللوا كالحاصلللة الوجوديللة‬
‫المتميزة بحدود وخطوط كأن الشمس بحركتها مللن وقللت إلللى وقللت مثللله‬
‫خطللت فللي السللماء خطوطللا وأقللامت فيهللا جللدرانا وحللدودا وغرسللت فللي‬
‫أجزائها طباعا معتبرا بنفي فتبقى به القسمة إلللى تلللك الللبروج والللدرج مللع‬
‫جواز الشمس عنها وليس في جوهر الفلللك اختلف يتميللز موضللع منلله عللن‬
‫موضع سوى الكواكب والكواكب تتحلرك عللن أمكنتهللا فتبقلى المكنللة علللى‬
‫التشابه فما يتميز درجة عن درجة ويبقى اختلفها بعد حركللة المتحللرك فللي‬
‫سمتها فكيف يقيس الطبيعي عللى هلذه الصلول وينتللج منهلا نتلائج ويحكللم‬
‫بحسنها أحكاما فكيف أن يقول بالحدود التي تجعل خمس درجات مللن بللرج‬
‫الكوكب وستة لخر وأربعة لخر ويختلف فيها المصريون والبابليون ويصللدق‬
‫الحكم مللع الختلف وأربللاب اليبوسللات كأنهللا أملك بنيللت بصللكوك وحكللام‬
‫السد للشمس والسرطان للقمر وإذا نظر الناظر وجد السد اسدا من جهة‬
‫كواكب شكلوها بشكل السد ثم انتقلت عن مواضللعها الللتي كللان بهللا أسللدا‬
‫كأن الملك بنيت للشمس مع انتقال الساكن وكللذلك السللرطان للقمللر هللذا‬
‫من ظواهر الصناعة وما ل يمارى فيه ومن طللالعه السللد فالشللمس كللوكبه‬
‫وربه بيته ومن الدقائق في الحقائق النجومية المللذكرة والمؤنثللة والمظلمللة‬
‫والنيرة والزائدة في السعادة ودرج الثار من جهللة أنهللا أجللزاء الفلللك الللتي‬
‫قطعوها وما انقطعت مع انتقال أن الكوكب ينظر إلللى الكللوكب مللن سللتين‬
‫درجة نظر تسديس لنه سدس الفلك ول ينظر إليه من خمسين ول سللبعين‬
‫وقد كان قبل الستين بخمس درج وهو اقرب من ستين وبعدها بخمللس درج‬
‫وهو ابعد من الستين ل ينظر فليت شعري ما هو هذا النظللر أتللرى الكللوكب‬
‫يظهر للكوكب ثم يحتجب عنه أو شعاعه يختلط بشعاعه عنللد حللد ل يختلللط‬
‫به قبله ول بعده وكذلك التربيع من الربع الذي هللو تسللعون درجللة والتثليللث‬
‫من الثلث الذي هللو مللائة وعشللرون فلللم ل يكللون التخميللس مللن الخمللس‬
‫والتسبيع من السبع والتعشير ملن العشللر والحمللل حلار يلابس ملن اللبروج‬
‫النارية والثور بارد يلابس ملن الرضلية والجلوزاء حللارة رطبللة ملن الهوائيلة‬
‫والسرطان بارد رطب من المائية ما قال الطبيعي قط هذا ول يقول به وإذا‬
‫احتجوا وقاسوا كانت مبادىء قياساتهم أن الحمللل منقلللب لن الشللمس إذا‬
‫نزلت فيه ينقلب الزمان من الشتاء إلى الربيللع والثللور ثللابت لنلله إذا نزلللت‬
‫الشمس فيه يثبت الربيع على ربيعيته والحللق أنلله ل انقلب فللي الحمللل ول‬
‫ثبات في الثور بل هو في كل يوم غير‬

‫ما هو في الخر ثم إن الزمان انقلب بحلول الشمس فيه وهللو يبقللى دهللره‬
‫منقلبا مع خروج الشمس منه وحلولها فيه أتراها تختلف فيه أثرا وتحيل منه‬
‫طباعا وتبقي تلك السللتحالة إلللى أن تعللود فتجللددها ولللم ل يقللول قللائل أن‬
‫السرطان حار يابس لن الشمس إذا نزلت اشللتد حللر الزمللان ومللا يجللانس‬
‫هذا مما ل يلزم ل هو ول ضده ما في الفلك اختلف معرفة الطبيعي إل بمللا‬
‫فيه من الكواكب ومواضعها وهو واحد متشابه الجوهر والطبع وهللذه أقللوال‬
‫قالها قائل فقبلها قابل ونقلها ناقل فحسن بها ظن السامع واغتر بهللا مللن ل‬
‫خبرة له ول قدرة له على النظر ثم حكللم بحسللبها الحللاكمون بجيللد وردىللء‬
‫وسلب وإيجاب سعد ونحوس فصادف بعضه موافقة الوجللود فصللدق فللاغتر‬
‫به المغترون ولم يلتفتوا إلى ما كذب منلله فيكللذبون بللل عللذروا وقللالوا هللو‬
‫منجم ما هو نبي حتى يصدق في كل ما يقول واعتذروا له بأن العلللم أوسللع‬
‫من أن يحيط به ولو أحاط به لصدق في كل شيء ولعمر الله أنه لللو أحللاط‬
‫به علما صادقا لصدق والشأن أن يحيط به على الحقيقة ل علللى أن يفللرض‬
‫فرضا ويتوهم وهما فينقللله إلللى الوجللود ويثبتلله فللي الموجللود وينسللب إليلله‬
‫ويقيس عليلله والللذي يصللح منلله ويلتفللت إليلله العقلء هللي أشللياء غيللر هللذه‬
‫الخرفات التي ل أصل لها مما حصللل بتوقيللف أو تجربللة حقيقيللة كالقرانللات‬
‫والنتقالت والمقابلة من جملة التصالت فانهلا المقارنلة ملن جهلة أن تللك‬
‫غاية القرب وهذه غاية البعد وممر كلوكب ملن المتحيلرة تحلت كلوكب ملن‬
‫الثابتللة ومللا يفللرض للمتحيللرة مللن رجللوع واسللتقامة ورجللوع فللي شللمال‬
‫وانخفاض في جنوب وغير ذلك وكللأني أريللد أن اختصللر الكلم ههنللا وأوفللق‬
‫إشارتك واعمل بحسب اختيارك رسالة في ذلك أذكر ما قيل فيها مللن علللم‬
‫إحكام النجوم من أصول حقيقية أو مجازية أو وهمية أو غلطية وفروع نتللائج‬
‫أنتجت عن تلك الصول وأذكر الجائز من ذلك والممتع والقريللب والبعيللد فل‬
‫أرد علم الحكام من كل وجه كما رده من جهله ول أقبل فيه كلل قللول كملا‬
‫قبله من لم يعقلله بللل أوضللح موضللع القبللول والللرد فللي المقبلول وموضللع‬
‫التوقف والتجويز والذي من المنجم والذي من التنجيم والذي منهما وأوضللح‬
‫لك أنه لو أمكن النسان أن يحيط بشكل كل ما في الفلك علما لحاط علما‬
‫بكل مللا يحللويه الفلللك لن منلله مبللادى السللباب لكنلله ل يمكللن ويبعللد عللن‬
‫المكان بعدا عظيما والبعللض الممكللن منلله ل يهللدى إلللى بعللض الحكللم لن‬
‫البعض الخر المجهللول قللد ينللاقض المعلللوم فللي حكملله ويبطللل مللا يللوجبه‬
‫فنسبه المعلوم إلى المجهول من الحكام كنسبة المعلوم إلى المجهول مللن‬
‫السباب وكفى بذلك بعدا انتهى كلمله وللو ذهبنلا نلذكر ملن رد عليهلم ملن‬
‫عقلء الفلسللفة والطبللائعين والرياضلليين لطللال ذلللك جللدا هللذا غيللر رد‬
‫المتكلمين عليهم فإنا ل نقنع به ول نرضى أكللثره فللإن فيلله مللن المكللابرات‬
‫والمنوع الفاسدة والسؤالت الباردة والتطويل الذي ليس تحتلله تحصلليل مللا‬
‫يضيع الزمان في غير شيء‬

‫وكان تركهم لهذه المقاتلة خيرا لهم منها فانهم ل للتوحيللد والسلللم نصللروا‬
‫ول لعدائه كسروا والله المستعان وعليه التكلن‬
‫فصل فلنرجع إلى كلم صاحب الرسالة قال زعموا أن القمر والزهرة‬
‫مؤنثان وان الشمس وزحل والمشللترى والمريللخ مللذكرة وان عطللارد ذكللر‬
‫أنللثى مشللارك للجنسللين جميعللا وان سللائر الكللواكب تللذكر وتللؤنث بسللبب‬
‫الشكال التي تكون لها بالقياس إلى الشمس وذلك أنهللا إذا كللانت مشللرقة‬
‫متقدمة للشمس فهي مذكرة وان كانت مغربة تابعة كانت مؤنثللة وان ذلللك‬
‫أيضا يكون بالقياس إلى اشكالها إلى الفق وذلك أنها إذا كانت في الشكال‬
‫التي من المشرق الى وسط السماء مما تحت الرض فهي مذكرة لنهللا إذا‬
‫كانت شرقية فهي من ناحية مهللب الصللبا وإذا كللانت فللي الربعيللن البللاقيين‬
‫فهي مؤنثة لنها في ناحية مهب الدبور وإذا كان هذا هكذا صللارت الكللواكب‬
‫التي يقال إنها مؤنثة مذكرة والتي يقال أنها مذكرة مؤنثللة وصللارت طباعهللا‬
‫مستحيلة بل تصير أعيانهللا تنقلللب وأن القمللر والزهللرة مؤنثتللان والكللواكب‬
‫الخمسة الباقية مذكرة على الوضع الول فإن تقدم القمر والزهرة الشمس‬
‫وكانا شرقيين صارا مذكرين وإن تأخرت الكللواكب الخمسللة وكللانت مغربللة‬
‫تابعة كانت مؤنثة على الموضوع الثاني ويصير عطارد ذكللرا إذا شللرق أنللثى‬
‫إذا غرب وذكرا أنثى إذا لم يكن بأحللد هللاتين الصللفتين ‪ #‬قلللت وقللد أجللاب‬
‫بعض فضلئهم عن هذا اللزام فقللال ليللس ذلللك بممكللن لنللا قللد نقللول إن‬
‫الدكن أبيض إذا قسناه إلى السود ونقول إنه أسود إذا قسلناه إللى البيلض‬
‫وهو شيء واحد بعينه مرة يكون اسود ومرة يكون أبيض وهو فللي نفسلله ل‬
‫اسللود ول أبيللض وكللذلك الكللواكب يقللال أنهللا ذكللران وإنللاث بالقيللاس إلللى‬
‫الشكال أعني الجهللات والجهللات إلللى الريللاح والريللاح إلللى الكيفيللات لنهللا‬
‫ذكران وإناث وهذا تلبيس منه فان الدكن فيه شائبة البياض والسواد فلذلك‬
‫صدق عليه اسمهما لن الكيفيتين محسوستان فيلله فتكيفلله بهمللا أوجللب أن‬
‫يقال عليه السمان وأما تقسيم الكواكب إلى الللذكور والنللاث فهللي قسللمة‬
‫وضعتم فيها تمييز كل نوع عن الخر بحقيقته وطبيعته وقلتم البروج تنقسللم‬
‫إلى ذكور وإناث قسمة تميز فيها قسم عن قسم ل أن حقيقتها متركبللة مللن‬
‫طبيعتين ذكورية وأنوثية بحيث يصدقان على كل برج برج فنظيللر مللا ذكرتللم‬
‫من الدكن أن يكون كل برج ذكرا وأنثى فللأين أحللد البللابين مللن الخللر لللول‬
‫التلبيس والمحلال وأيضلا فانقسلامها إللى اللذكور والنلاث انقسلام بحسلب‬
‫الطبيعة والتأثير والتأثر الذي هو الفعل والنفعال وما كان كللذلك لللم تنقلللب‬
‫حقيقتلله وطللبيعته بحسللب الموضللع والقللرب والبعللد قللال صللاحب الرسللالة‬
‫وزعموا أن القمر منذ الوقت الذي يهل فيلله إلللى وقللت انتصللافه الول فللي‬
‫الضوء يكون فاعل للرطوبة خاصة‬

‫ومنذ وقت انتصافه الول في الضوء إلى وقت المتلء يكون فللاعل للحللرارة‬
‫ومنذ وقت المتلء إلى وقت النتصاف الثاني في الضوء يكون فاعل لليبللس‬
‫ومنذ وقت النتصاف إلى الوقت الللذي يخفللى فيلله ويفللارق الشللمس يكللون‬
‫فاعل للبرودة وأي شيء اقبح من هذا ول سيما وقد أعطى قللائله أن القمللر‬
‫رطب وأنلله يفعللل بطبعلله ل باختيللاره وكيللف أن يفعللل شلليء واحللد بطبعلله‬
‫الشياء المتضادة مرة في الدهر فضل عللن أن يفعلهللا فللي كللل شللهر وهللل‬
‫القول بأن شيئا واحدا يفعل بطبعه في الشياء الللترطيب فللي وقللت ويفعللل‬
‫بطبعه التجفيف في آخر ويفعل السخان في وقت ويفعل التبريللد فللي آخللر‬
‫إل كالقول بأن شيئا واحدا تنقلب عينه ‪ #‬وقتا بعد وقللت قلللت قللد قللالوا إن‬
‫الشمس لما كانت تفعل هذه الفاعيل بحسب صعودها وهبوطها فللي فلكهللا‬
‫فإنها إذا كانت من خمسة عشر درجة مللن الحللوت إلللى خمسللة عشللر مللن‬
‫الجوزاء فعلت الترطيب وهو زمان الربيع وكذلك من خمسة عشر درجة من‬
‫القوس إلى خمسة عشر من الحوت تفعل التبريد وهللو زمللان الشللتاء وهللذا‬
‫دورها في الفلك مرة في العام والقمر يدور في شللهر واحللد صللارت نسللبة‬
‫دور القمر في الفللك كنسلبة دور الشلمس فيله فكلانت نسلبة الشلهر إللى‬
‫القمر كنسبة السنة إلى الشمس فالشهر يجمع الفصول الربعة كما تجمعلله‬
‫السنة وما تفعله الشمس في كل تسعين يوما وكسر يفعله القمر في سبعة‬
‫أيام وكسر قالوا فآخر الشهر شبيه بالشتاء وأوله شبيه بالربيع والربع الثاني‬
‫من الشهر شبيه بالصيف والربع الثالث منلله شللبيه بللالخريف فهللذا غايللة مللا‬
‫قرروا به هذا الحكم قالوا وأما كون الشيء الواحد سببا للضللدين فقللد قضللا‬
‫أرسطا طاليس في كتاب السماع الطبيعي على جللوازه والجللواب عللن هللذا‬
‫أن الشمس ليست هي السبب الفاعل لهذه الطبائع المختلفللة وإنمللا قربهللا‬
‫وبعدها وارتفاعها وانخفاضللها أثللر فللي سللخونة الهللواء وتبريللده وفللي تحلللل‬
‫البخارات وتكاثفها فيحدث بذلك في الحيوان والنبللات والهللواء هللذه الطبللائع‬
‫والكيفيات والشمس جزء السبب كما قررناه وأما القمللر فل يللؤثر قربلله ول‬
‫بعده وامتلؤه ونقصانه في الهواء كما تؤثره الشمس فلو كللان كللذلك لكللان‬
‫كل شهر من شهور العام يجمع الفصول الربعة بطبائعها وتأثيراتها وأحكامها‬
‫وهذا شيء يدفعه الحس فضل عللن النظللر والمعقللول وقيللاس القمللر علللى‬
‫الشمس في ذلك من أفسد القياس فان الفارق بينهما في الصفة والحركللة‬
‫والتأثير أكثر من الجللامع فللالحكم علللى القمللر بللأنه يحللدث الطبللائع الربعللة‬
‫قياسا على الشمس والجامع بينهما قطعة للفلك في كل شللهر كمللا تقطعلله‬
‫في سنة ل يعتمد عليه من له خبره بطرق الدلة وسنعة البرهان وأما قولكم‬
‫أن أرسطا طاليس نص في كتابه على ان الواحللد قللد يكللون سللببا للضللدين‬
‫فنحن نذكر كلمه بعينه في كتابه ونللبين مللا فيلله وقللال فللي المقالللة الثانيللة‬
‫وايضا فإن الواحد قد يكون سببا للضدين فان الشيء الللذي بحضلوره يكللون‬
‫أمر من المور فغيبته قد تكون سببا لضده فيقال في ذلك‬

‫إن غيبة الربان سبب غرق السفينة وهو الذي كللان حضللوره سللبب سلللمتها‬
‫فتأمل هذا الكلم وقابل بينه وبين كلمهم في فعل القمللر المللور المتضللادة‬
‫يظهر لك تلبيس القوم وجهلهم فان نظللر ذلللك يللوجب بطلن هللذه الطبللائع‬
‫والكيفيات عند انقطاع تعلللق القمللر بهللذا العللالم كمللا بطللل عمللل السللفينة‬
‫وجريها عند غيبة الربان عنها انقطاع تعلقة بهلا فللم يكلن الربلان هلو سلبب‬
‫الغرق الذي هو ضد السلللمة كمللا كللان القمللر سللببا لليبللس الللذي هللو ضللد‬
‫الرطوبة وللحرارة التي هي ضد البرودة وإنما كانت أسباب الغرق غيبة أحللد‬
‫السباب التي كان الربان يمنع فعلها فلما غاب عنها عمل ذلك السبب عمله‬
‫فغرقت وهذا أوضح من أن يحتاج إلى تقرير ولكن الذهان التي قللد اعتللادت‬
‫قبول المحالت قللد يحتللاج فللي علجهللا إلللى مللال يحتللاج إليلله غيرهللا وبللالله‬
‫التوفيق ‪ #‬قال صاحب الرسالة وقالوا في معرفة أحوال أمهللات المللدن أن‬
‫ذلك يعلم من المواضع التي فيها الشمس والقمر في أول ابتنائهللا ومواضللع‬
‫الوتاد فهو خاصة وتد الطالع كما يفعل في المواليللد فللإن لللم يتوقللف علللى‬
‫الزمان الذي بنيت فيه فلينظر إلى موضع وسط السماء فللي مواليللد الللولة‬
‫والملوك الذين كانوا في ذلك الزمان الذي بنيت فيه تلك المدن قلت ونظير‬
‫هذا من هذيانهم قولهم أنا نعرف أحوال الب من مولد البللن إذا لللم يعللرف‬
‫مولد الب قالوا أن هذا الموضع تالي المرتبللة للطللالع وهللو أخللص المواضللع‬
‫بالطالع كمللا أن الب أخللص الشللياء بللالبن فكللذلك أخللص الشللياء بالملللك‬
‫مملكته فموضع وسط سمائه يدل على مللدينته وأحوالهللا وكللل عاقللل يعلللم‬
‫بطلن هللذه الدللللة وفسللادها وأتلله ل ارتبللاط بيللن طللالع المدينللة وطللالع‬
‫السلطان كما ل ارتباط بين طالع ولدة البللن وطللالع ولدة أبيلله وإنمللا هللذه‬
‫تشبيهات بعيدة ومناسبات في غاية البعد ‪ #‬قال صاحب الرسالة وقالوا في‬
‫معرفة حال الوالدين إن الشمس وزحل يشاكلن الباء بالطبع ولسللت أدرى‬
‫كيف تعقل دللة شيء ليس مما يتوالد بطبعه على شيء من طريق التوالللد‬
‫لن الب إنما يكون أبا باضافته إلى ابنه والبن إنما يكون ابنللا باضللافته إلللى‬
‫أبيه وانهم يستدلون على حال الولد بالقمر والزهرة والمشترى وأن أحوال‬
‫الب تعللرف مللن مواليللد ابنلله بللأن يقللام موضللع الكللوكب الللدال عليلله وهللو‬
‫الشمس أو زحل مقام الطالع ويستدل على حال البن مللن مولللد أبيلله بللأن‬
‫يقام موضع الكوكب الدال عليه وهو أحد الكواكب الثلثة القمللر والمشللترى‬
‫والزهرة مقللام الطللالع وقللد يكللون النسللان فللي أكللثر الوقللات أبللا فيكللون‬
‫الشمس وزحل يدل عليه من مولد ابنه وله في نفسه مولد لمحالة ويمكللن‬
‫أن يكون رب طالع مولده كوكبا غير الكوكبين الدالين على حللاله مللن مولللد‬
‫أبيه وابنه فيكون حاله يعرف من ثلثة كواكب وثلثة بروج مختلفللة الشللكال‬
‫والطبائع وتناقض هذا القول بين لمستعمله فضل عللن متوهمللة ‪ #‬قلللت قللد‬
‫قالوا في الجواب عن هذا أنه‬

‫ل تناقض فيه بل هو حق واجب قالوا إذا أردنا أن نعللرف حللال سللقراط مثل‬
‫من حيث هو إنسان أليس ينظر إلى ما يخص الحيوان والنسللان الكلللي وإذا‬
‫أردنا أن نعرف حاله من حيث هو أب أن ننظر إلى المضاف وما يلحقلله وإذا‬
‫أردنا أن نعرف حاله من حيث هو عالم ننظر إلى الكيفية وما يخصللها والول‬
‫جوهر والباقي أعراض وسقراط واحد ونعرف أحللواله مللن مواضللع مختلفللة‬
‫متباينة مرة يكون جوهرا ومرة عرضا فكذلك إذا أردنللا أن نعللرف حللاله مللن‬
‫مولده نظرنا إلى الطالع وربه وإذا أردنا أن نعرف حاله من مولد أبيه نظرنللا‬
‫إلى العاشر والشمس وكذلك إذا أردنا أن نعرف حاله من مولللد ابنلله نظرنللا‬
‫إلى موضع آخر وليس ذلك متناقضا كما أن الول ليس متناقضللا فيقللال هللذا‬
‫تنبيه فاسد واعتبار باطل فأنا نظرنا في طللالع الب لنسللتدل بلله علللى حللال‬
‫الولد ونظركم في الطالع لتسلتدلوا بله عللى حلال الب هللو اسلتدلل علللى‬
‫شيء واحد وحكم عليه بسبب ل يقتضلليه ول يفللارقه فللأين هللذا مللن تعللرف‬
‫إنسانية سقراط وأبوته وعدالته وعلمه مثل وطبيعته فإن هذه أحوال مختلفة‬
‫لها أدلة وأسباب مختلفة فنظيرها أن نعللرف حللال الولللد مللن جهللة سللعادته‬
‫ومحبته وصحته وسقمه من طالعه وحاله ملن جهلة ملا يناسللبه ملن الغذيلة‬
‫والدوية من مزاجلله وحللاله ملن جهلة أفعلاله ورئاسللته ملن أخلقلله كالحيلاء‬
‫والصبر والبذل وحاله من جهة اعتدال مزاجه مللن اعتللدال أعضللائه وتركيبلله‬
‫وصورته فهذه أحوال بحسب اختلف أسبابها فأين هذا مللن أخللذ حللال الولللد‬
‫وعمره وسعادته وشقاوته من طالع أبيه وبالعكس فللالله يعيللن العقلء علللى‬
‫تلبيسكم ومحالكم ويثبت عليهم ما وهبهم من العقول التي رغبت بها ورغبوا‬
‫بها عن مثل ما أنتم عليه ‪ #‬قال وزعم بطليمللوس أن الفلللك إذا كللان علللى‬
‫شكل ما ذكره في مولد ما وكللانت الكللواكب فللي مواضللع ذكرهللا وجللب أن‬
‫يكون الولد أبيض اللللون سللبطا وإن وجللد مولللود فللي بلد الحبشللة والفلللك‬
‫متشكل على ذلك الشكل والكواكب في المواضع التي ذكرها لم يمض ذلك‬
‫الحكم عليه ومضى على المولود إن كان من الصقالبة أو ملن قلرب مزاجله‬
‫من مزاجهم وزعم أن الفلللك إذا كللان علللى شللكل مللا ذكللره فللي مولللد مللا‬
‫وكانت الكواكب في مواضع ذكرها فإن صللاحب الولللد يللتزوج أختلله إن كللان‬
‫مصريا فإن لم يكن مصريا لم يتزوجها وزعم أن الفلك إذا كللان علللى شللكل‬
‫آخر ذكره في مولد من المواليد وكانت الكللواكب فللي مواضلع بينهملا تلزوج‬
‫الولد بأمه إن كان فارسيا وإن لم يكن فارسيا لم يتزوجها ‪ #‬وهذه مناقضللة‬
‫شنيعة لنه ذكر علة ومعلول يوجد بوجودهللا وترتفللع بارتفاعهللا ثللم ذكللر أنهللا‬
‫توجد من غير أن يوجد معلولها ‪ #‬قلت أرباب هللذا الفللن يقولللون ل بللد مللن‬
‫معرفة الصول الللتي يحكللم عليهللا لئل يغلللط الحللاكم ويللذهب كلملله إن لللم‬
‫يعرف الصول وهى الجنس والشريعة والخلق والعادات مما يحتاج المنجللم‬
‫إن يحصلها ثم يحكم عليها وكذلك قللال بطليمللوس أنلله يجللب علللى المنجللم‬
‫النظر في صور البدان وخواص حالت النفس‬

‫واختلف العادات والسنن ‪ #‬قال ويجب على من نظر في هذه الشياء على‬
‫المذهب الطبيعي إن يتشبث أبدا بالسباب الول الصحيحة لئل يغلط بسللبب‬
‫اشتباه المواليد فيقول مثل أن المولود في بلد الحبللش يكللون أبيللض اللللون‬
‫سبط الشعر وأن المولود في بلد الروم أسود اللللون جعللد الشللعر أو يغلللط‬
‫أيضا في السنن والعادات التي يخص بها بعض المللم فللي البللاه فيقللول مثل‬
‫أن الرجل مللن أهللل انطاكيللة يللتزوج بللأخته وكللان الللواجب أن ينسللب ذلللك‬
‫الفارسي وفي الجملة ينبغللي أن يعلللم أول حللالت القضللاء الكلللى ثللم يأخللذ‬
‫حالت القضاء الجزئي ليعلم منها المر في الزيادة والنقصللان وكللذلك يجللب‬
‫ضرورة أن يقدم في قسمة الزمان أصناف السنان الزمانية وموافقتها لكل‬
‫واحد من الحداث وأن يتفقد أمرها لئل يغلللط فللي وقللت مللن الوقللات فللي‬
‫العراض العامة البسيطة التي ينظلر فيهلا فلي المواليلد فيقلول أن الطفلل‬
‫يباشر العمال أو يتزوج أو يفعل شيئا من الشياء التي يفعلهللا مللن هللو أتللم‬
‫سنا منه وأن الشيخ الفاني يولد له أو يفعل شيئا من أفعللال الحللداث وهللذا‬
‫ونحوه يدل على أن المور وغيرها إنمللا هللي بحسللب اختلف العللوائد والبلد‬
‫وخواص النفس واختلف السنان والغذية وقواها أيضا مما فيها تللأثير قللوى‬
‫وكذا الهواء والتربة واللباس وغيرها كل هذه لها تأثير فللي الخلق والعمللال‬
‫وأكبرها العوائد والمربا والمنشأ فإحالة هذه المور علللى الكللواكب والطللالع‬
‫والمقارنة والمفارقة والمناظر من أبين الجهل ولهذا اضطر إمام المنجميللن‬
‫ومعلمهم إلى مراعات هذه المور وأخبر أن الحاكم بدون معرفتها والتشبث‬
‫بهللا يكللون مخطئا وحينئذ فالطللالع المعتللبر المللؤثر إنمللا هللو طللالع العللوائد‬
‫والسنن والبلد وخواص هيأت النفوس النسانية وقوى أغذية أبدانها وهوائهللا‬
‫وتربتها وغير ذلك مما هو مشاهد بالعيان تأثيره فللي ذلللك أفليللس مللن أبيللن‬
‫الجهل العراض عن هذه السباب والحوالة على حركات النجوم واجتماعهللا‬
‫وافتراقها ومقابلتها في تربيع أو تثليث أو تسديس مما لوصح لكان غللايته ان‬
‫يكللون جللزء سللبب ملن السللباب الللتي تقتضللي هللذه الثللار ثللم إن لهلا مللن‬
‫المقارنات والمفارقات والصوارف والعوارض مال يحصى المنجم القليل من‬
‫عشر معشاره أفليس الحكم بمجرد معرفة جزء من أجللزاء السللبب بللالظن‬
‫والحدس والتقليد لمن حسن ظنه به حكم كاذب ولهذا كذب المنجم أضعاف‬
‫أضللعاف صللدقه بكللثير حللتى صللداق أن بعللض الزراقيللن وأصللحاب الكشللف‬
‫وأرباب الفراسللة والجزائيللن أكللثر مللن صللدق هللؤلء بكللثير ومللا ذاك إل لن‬
‫المجهول من جمل السباب وما يعارضها ويمنللع تأثيرهللا أكللثر مللن المعلللوم‬
‫منها فكيف ل يقع الكذب والخطأ بل ل يكاد يقع الصللدق والصللواب إل علللى‬
‫سبيل التصادف ونحن ل ننكر ارتباط المسببات بأسبابها كما ارتكبه كثير من‬
‫المتكلميللن وكللابروا العيللان وجحللدوا الحقللائق كمللا أنللا ل نرضللى بهللذيانات‬
‫الحكاميين ومحالتهم بل نثبت‬

‫السباب والمسببات والعلل والمعلولت ونبين مع ذلك بطلن ما يدعونه من‬


‫علم أحكام النجوم وأنها هي المدبرة لهذا العالم المسعدة المشقية المحيية‬
‫المميتة المعطية للعلوم والعمللال والرزاق والجللال وأن نظركللم فللي هللذا‬
‫العالم موجب لكم من علم الغيب ما انفردتم به عن سائر الناس وليس في‬
‫طوائف الناس أقل علما بالغيب منكم بللل انتللم أجهللل النللاس بلالغيب عللى‬
‫الطلق ومن اعتبر حال حذقائكم وعلمائكم واعتمادهم على ملحللم مركبللة‬
‫من إخبارات بعض الكهان ومنامللات وفراسللات وقصللص متوارثللة عللن أهللل‬
‫الكتاب وغيرهم ومزج ذلك بتجارب حصلت مع اقترانللات نجوميللة واتصللالت‬
‫كوكبية يعلم بالحساب حصولها في وقت معين فقضيتم بحصللول تلللك الثللار‬
‫أو نظيرها عندها إلى أمثال ذلك من أسباب علللم تقللدمه المعرفللة الللتي قلد‬
‫جرب الناس منها مثل ماجربتم فصدقت تارة وكذبت تللارة فغايللة الحركللات‬
‫النجومية والتصالت الكوكبية أن تكلون كالعللل والسلباب المشلاهدة اللتي‬
‫تأثيراتها موقوفة على انضمام أمور أخرى إليها وارتفاع موانع تمنعها تأثيرهللا‬
‫فهي أجزاء أسباب غير مستقلة ول موجبة هذا لللو أقمتللم علللى تأثيرهللا دليل‬
‫فكيف وليس معكم إل الدعاوى وتقليد بعضكم بعضا واعتراف حللذاقكم بللأن‬
‫الذي يجهل من بقية السللباب المللؤثرة ومللن الموانللع الصللارفة أعظللم مللن‬
‫المعلوم منها بأضعاف مضاعفة ل يدخل تحت الوهم فكيللف يسللتقيم لعاقللل‬
‫الحكم بعد هذا وهل يكون في العالم أكذب منلله قللال صللاحب الرسللالة وإذا‬
‫كان الفلك متى تشكل شكل ما دل إن كان في مولد مصري على أنه يتزوج‬
‫أخته فذلك سنة كانت لهم وعادة وإن كان في مولد غيره لم يدل على ذلللك‬
‫ونحن نجد أهل مصر في وقتنا هذا قللد زالللوا عللن تلللك العللادة وتركللوا تلللك‬
‫السنة بدخولهم في السلللم والنصللرانية واسللتعمالهم أحكامهمللا فيجللب أن‬
‫تسقط هذه الدللة من مواليدهم لزوالهم عن تلللك العللادة أو تكللون الدللللة‬
‫توجب ذلك في مولد كل أحد منهم ومللن غيرهللم أو تسللقط الدللللة وتبطللل‬
‫بزوال أهل مصر عما كانوا عليه وكذلك جمهور أهللل فللارس وأي ذلللك كللان‬
‫فهو دال على قبيح المناقضة وشدة المغالطة وقد رأيت وجههللم بطليمللوس‬
‫يقول في كتابه المعروف بالربعة فيحدث كللذا وكللذا توهمنللا أنلله يكللون كللذا‬
‫وكذا قلت الذي صرح به بطليمللوس إن علللم أحكلام النجلوم بعللد استقصللاء‬
‫معرفة ما ينبغي معرفته إنما هو على جهللة الحللدس ل العلللم واليقيللن فمللن‬
‫ذلك قوله هذا وبالجملة فإن جميع عللم حلال هلذا العنصلر إنملا يسلتقيم أن‬
‫يلحق على جهة الظن والحدس ل علللى جهللة اليقيللن وخاصللة منلله مللا كللان‬
‫مركبا من أشياء كثيرة غير متشابهة قال شارح كلمه وإنما ذهللب إلللى ذلللك‬
‫لن الفعال التي تصدر عن الكواكب إنما هي بطريق العرض وإنهللا ل تفعللل‬
‫بذواتها شيئا والدليل على ذلك قوله في الباب الثاني من كتللاب الربعللة وإذا‬
‫كان النسان قد استقصى معرفة حركة جميللع الكللواكب والشللمس والقمللر‬
‫حتى أنه ل يذهب عليه شيء من المواضلع والوقلات اللتي تحلدث لهلا فيهلا‬
‫الشكال وكانت عنده‬

‫معرفة بطبائعها قد أخذها عن الخبار المتواترة الللتي تقللدمته وأن لللم يعلللم‬
‫طبائعها في نفس جواهرها لكن يعلللم قواهللا الللتي تفعللل بهللا كللالعلم بقللوة‬
‫الشمس أنها تسخن وكالعلم بقوة القمر أنها ترطب وكذلك يعلم أمللر قللوى‬
‫سائر الكواكب وكان قويللا علللى معرفللة أمثللال سللائر هللذه الشللياء ل علللى‬
‫المذهب الطبيعي فقط لكللن يمكنلله أيضللا أن يعلللم بجللودة الحللدس خللواص‬
‫الحال التي تكون من امتزاج جميع ذلك ‪ #‬قال الشارح وبطليموس يللرى أن‬
‫علم الحكام إنما يلحق على جهة الحدس ل على جهة اليقيللن قلللت وكللذلك‬
‫صرح أرسطاطا ليللس فللي أول كتللابه السللماع الطللبيعي أنلله ل سللبيل إلللى‬
‫اليقين بمعرفة تأثير الكواكب فقال لما كانت حال العلم واليقيللن فللي جميللع‬
‫السبل التي لها مباديء أو أسباب أو استقصا آت إنما يلزم من قبل المعرفة‬
‫بهذه فإذا لم تعرف الكواكب على أي وجه تفعل هذه الفاعيل أعنللي بللذاتها‬
‫أو بطريق العرض ولم تعرف ما هيتها وذواتها لم تكن معرفتنللا بالشلليء أنلله‬
‫يفعل على جهة اليقين ‪ #‬وهذا ثابت بن قرة وهو هو عندهم يقول في كتاب‬
‫ترتيب العلم وأما عللم القضلاء ملن النجلوم فقلد اختللف فيله أهلله اختلفلا‬
‫شديدا وخرج فيه قوم إلى ادعاء مال يصح ول يصدق بما ل اتصال له بالمور‬
‫الطبيعية حتى أدعوا في ذلك ما هو من علم الغيب ومع هذا فلم يوجللد منلله‬
‫إلى زماننا هذا قريب من التمام كما وجد غيره هذا لفظه مع حسن ظنه بلله‬
‫وعدله في العلوم وهذا أبو نصر الفارابي يقول واعلم أنك لللو قلبللت أوضللاع‬
‫المنجمين فجعلت السعد نحسا والنحللس سللعدا والحللار بللاردا والبللارد حللارا‬
‫والذكر أنثى والنثى ذكرا ثم حكمللت لكللانت أحكامللك مللن جنللس أحكللامهم‬
‫تصيب تارة وتخطيء تارة ‪ #‬وهذا أبو على بن سينا قد أتللى فللي آخللر كتللابه‬
‫الشفاء في رد هذا العلم وإبطاله بما هو موجود فيه وقرأت بخللط رزق الللله‬
‫المنجم وكللان مللن زعمللائهم فللي كتللاب المقايسللات لبللي حيللان التوحيللدي‬
‫منللاظرة دارت بيللن جماعللة مللن فضلللئهم جمللع جمعهللم بعللض المجللالس‬
‫فذكرتها مخلصة ممال يتعلق بها بللل ذكللرت مقاصللدها قللال أبللو حيللان هللذه‬
‫مقايسللة دارت فللي مجلللس أبللي سللليمان محمللد بللن ظللاهر بللن بهللرام‬
‫السجستاني وعنده أبو زكريا الصيمري والبوشنجاني أبللو الفتللح وأبللو محمللد‬
‫العروضي وأبو محمللد المقدسللى والقوطسللي وغلم زحللل وكللل واحللد مللن‬
‫هؤلء إمام في شأنه فرد في صناعته فقيل في المجلس لم خل علم النجوم‬
‫من الفائدة والثمرة وليس علم من العلوم كذلك فإن الطب ليس على هذه‬
‫الحال ثللم ذكللرت فللائدته والمنفعللة بلله وكللذلك الحسللاب والنحللو والهندسللة‬
‫والصنائع ذكرت وذكرت منافعها وثمراتها ثم قال السائل وليس علم النجللوم‬
‫كذلك فإن صلاحبه إذا استقضلى وبللغ الحلد القصلى فلي معرفلة الكلواكب‬
‫وتحصيل سيرها واقترانها ورجوعهللا ومقابلتهللا وتربيعهللا وتثليثهللا وتسديسللها‬
‫وضروب مزاجها في مواضعها مللن بروجهللا وأشللكالها ومطالعهللا ومعاطفهللا‬
‫ومغاربها ومشارقها ومذاهبها حتى إذا‬

‫حكم أصاب وإذا أصاب حقق وإذا حقق جزم وإذا جزم حتم فإنه ل يسللتطيع‬
‫البتة قلب شيء عن شيء ول صرف شيء عن شيء ول تبعيد حال قد دنت‬
‫ول نفي خلة قد كتبت ول رفع سعادة قد حمت وأظلت أعنى أن أمرءا مللا ل‬
‫يقدر على أن يجعل القامة سفرا ول الهزيمة ظفرا ول العقد حل ول البرام‬
‫نقضا ول اليأس رجاء ول الخفاق دركا ول العدو صللديقا ول الللولي عللدوا ول‬
‫البعيد قريبا ول القريب بعيدا فكان العالم به الحللاذق المتنللاهي فللي خفيللاته‬
‫بعد هذا التعب والنصب وبعد هذا الكد والللدأب وبعللد هللذه الكلفللة الشللديدة‬
‫والمعرفة الغليظة هو ملللتزم للمقللدار مسللتجد لمللا يللأتي بلله الليللل والنهللار‬
‫وعادت حاله مع علمله الكللثير إللى حلال الجاهلل بهلذا العلللم الللذي انقيلاده‬
‫كانقياده واعتباره كاعتباره ولعل توكل الجاهل أحسن مللن توكللل العللالم بلله‬
‫ورضاه في الخير المشتهي ونجاته من الشر المتقي أقوى وأصح مللن رجللاء‬
‫هذا المدل بزيجه وحسابه وتقويمه واسطر ل به ولهذا لما لقي أبو الحسللين‬
‫النوري ما نيا المنجم قال له أنت تخللاف زحللل وأنللا أخللاف رب زحللل وأنللت‬
‫ترجو المشللترى وأنللا أعبللد رب المشللترى وأنللت تعللدو بالشللارة وأنللا أعللدو‬
‫بالستخارة فكم بيننا وهذا أبو شللروان وكللان مللن الملللوك الفاضللل كللان ل‬
‫يرفع بالنجوم رأسا فقيل له في ذلللك فقللال صللوابه يشللبه الحللدس وخطللأه‬
‫شديد على النفس فمتى أفضى هذا الفاضل النحريللر والحللاذق البصللير إلللى‬
‫هذا الحد والغاية كان علمه عاريا مللن الثمللرة خاليللا مللن الفللائدة حللائل عللن‬
‫النتيجة بل عائدة ول مرجوع وإن أمراأوله على مللا قررنللاه وآخللره علللى مللا‬
‫ذكرناه لحري أن ليشغل الزمان به ول يوهب العمر له ول يعار الهللم والكللد‬
‫ول يعاج عليه بوجه ول سبب هذا إن كانت الحكام صللحيحة مللدركه محققللة‬
‫ومصابة ملحقة معروفة محصلللة ولللم يكللن المللذهب علللى مللا زعللم أربللاب‬
‫الكلم والذين يأبون تأثير هذه الجرام العالية في الجسام السلافلة وينفللون‬
‫الوسائط بينهما والوصائل ويدفعون الفواعل والقوابل ثم السؤال ‪ #‬فأجاب‬
‫كل من هؤلء بما سنح له فقال قائل منهم عن هذا السؤال المهول جوابللان‬
‫‪ #‬أحدهما هو زجر عن النظر فيه لئل يكون هذا النسان مللع ضللعف تجربتلله‬
‫واضطراب غريزته وضعف بنيته عل على ربلله شللريكا للله فللي غيبلله متكللبرا‬
‫على عباده ظانا بأنه فيما يأتي من شأنه قائم بجللده وقللدرته وحللوله وقللوته‬
‫وتشميره وتقليصه وتهجيره وتقريبلله فللأن هللذا النمللط محجللز النسللان عللن‬
‫الخشوع لخالقه والذعان لربه ويبعده عن التسليم لمدبره ويحول بينه وبيللن‬
‫طرح الكاهل بين يدي من هو أملك له وأولى به ‪ #‬وأما الجواب الخللر فهللو‬
‫بشرى عظيمة على نعمة جسيمة لمن حصل للله هللذا العلللم وذلللك سللر لللو‬
‫اطلع عليه وغيللب لللو وصللل إليلله لكللان مللا يجللده النسللان فيلله مللن الللروح‬
‫والراحة والخير في العاجلة والجلة تكفيه مؤنه هذا الخطللب الفللادح وتغنيلله‬
‫عن تجشم هذا الكد الكادح فاجعل أيها المنكر لشرف هذا العلم‬

‫قبل عينك ما تخفي عليك خفيه ومكنونه تذلل لله تقدس اسمه فيما اسللتبان‬
‫لك معلومه ووضح عنللدك مظنللونه ثللم قللال أعلللم أن العلللم بلله حللق ولكللن‬
‫الصابة بعيدة وليس كللل بعيللد محللال ول كللل قريللب صللوابا ول كللل صللواب‬
‫معروفا ول كل محال موصللوفا وإنمللا كللان العلللم حقللا والجتهللاد فيلله مبلغللا‬
‫والقياس فيه صوابا وبذل السعي دونه محمودا لشتبال هذا العللالم السللفلي‬
‫بذلك العالم العلوي واتصال هللذه الجسللام القابلللة بتلللك الجسللام الفاعلللة‬
‫واستحالة هذه الصور بحركات تلك المحركات المشللاكلة بالوحللدة وإذا صللح‬
‫هذا التصال والتشابك وهذه الحبال والروابط صح التأثير من العلوي وقبللول‬
‫التأثير مللن السللفلي بالمواضللع الشللعاعية وبالمناسللبات الشللكلية والحللوال‬
‫الخفية والجلية وإذا صح التأثير من المؤثر وقبوله مللن القابللل صللح العتبللار‬
‫واستتب القياس وصدق الرصد وثبت اللف واسللتحكمت العللادة وانكشللفت‬
‫الحدود وانشالت العلل وتعاضدت الشللواهد وصللار الصللواب غللامرا والخطللأ‬
‫مغمورا والعلم جوهرا راسخا والظن عرضا زائل فقيل هل تصللح الحكللام أم‬
‫ل فقال الحكام ل تصح بأسرها ول تبطل من أصلللها وذلللك سللبب يتللبين إذا‬
‫أنعم النظر وبسط الصغاء وصللمد نحللو الفللائدة بغيللر متابعللة الهللوى وايثللار‬
‫التعصب ثم قللال المللور الموجلودة علللى ضللربين ضللرب لله الوجلود الحللق‬
‫وضرب له الوجود ولكن ليس الوجود الحللق فأمللا المللور الموجللودة بللالحق‬
‫فقد أعطت الخرى نسبة من جهة الوجللود الحللق وأمللا المللور الموجللودة ل‬
‫بالحق فقد أعطت الخرى نسبة من جهة الوجود وارتجعت منها حقيقية ذلك‬
‫فالحكم بالعتبار الفاحص عن هذه السرار إن أصاب فبسبب الوجللود الللذي‬
‫هو هذا العالم السفلي من ذلك العالم العلوي وإن أخطأ فبآفات هذا العللالم‬
‫السفلي من ذلك العالم العلوي والصابة في هللذه المللور السلليالة المتبدلللة‬
‫عرض والصابة في أمور الفلك جوهر وقد يكون هناك ما هو كالخطللأ ولكللن‬
‫بالعرض ل بالذات كما يكون ههنللا ل هللو بالصللواب والحللق لكللن بللالعرض ل‬
‫بالذات فلهذا صح بعض الحكام وبطل بعضها ومما يكون شاهدا لهذا أن هذا‬
‫العالم السفلي مع تبدله في كل حالة واستحالته في كل طرف ولمح متقبل‬
‫لذلك العالم العلوي يتحرك شرقا إلى كماله وعشقا لجماله وطلبا للتشبه به‬
‫وتحققا بكل ما أمكن من شكله فهو بحق التقبل معط هللذا العللالم السللفلي‬
‫ما يكون به مشابها للعالم العلوي وبهذا التقبل يقبل النسان الناقص الكامل‬
‫ويقبل الكامل من البشر الملك ويقبل الملك الباري جللل وعللز ‪ #‬قللال آخللر‬
‫إنما وجب هذا التقبل والتشبه لن وجود هذا العالم وجود متهللافت مسللتحيل‬
‫ل صورة له ثابتة ول شكل دائم ول هيئة معروفة وكان من هذا الوجه فقيللرا‬
‫إلى ما يمده ويشده فأملا مسللحه فهللو موجللود وثللابت مقابللل لللذلك العللالم‬
‫الموجود الثابت وإنما عرض ما عرض لن أحدهما مؤثرة والخر قابل فبحللق‬
‫هذه المرتبة ما وجد التواصل وقال‬

‫آخر قد يغفل مع هذا كله المنجم اعتبار حركللات كللثيرة ملن أجللرام مختلفللة‬
‫لنه يعجز عن نظمها وتقويمها ومزجها وتسييرها وتفصيل أحوالهللا وتحصلليل‬
‫خواصها مع بعد حركة بعضها وقرب حركة بعضها وبطئها وسرعتها وتوسطها‬
‫والتفاف صورها والتباس تقاطعها وتداخل أشللكالها ومللن الحكمللة فللي هللذا‬
‫الغفال أن الله تقدس اسمه يتم بذلك القدر المقفل والقليللل الللذي ل يللؤبه‬
‫والكثير الذي ل يحاول البحث عنه أمرؤ لم يكن في حسبان الخلللق ول فيمللا‬
‫أعملوا فيه القياس والتقدير والتوهم ولهذا يحكم هللذا الحللاذق فللي صللناعته‬
‫لهذا الملك وهذا الماهر في عمله لهذا الملك ثم يلتقيان فتكون الدائرة على‬
‫أحدهما مع شدة الوقاع وصدق المصاع هذا وقد حكم له بالظفر والغلللب ‪#‬‬
‫وقال آخر وهو البوشنجاني إنما يؤتي أحللد الحللاكمين لحللد السللائلين ل مللن‬
‫جهة غلط يكون في الحساب ول من قلة مهارة في العمل ولكن يكللون فللي‬
‫طالعه إن ل يصيب في ذلك الحكللم ويكللون فللي طللالع الملللك إن ل يصلليب‬
‫منجملله فللي تلللك الحللرب فمقتضللى حللاله وحللال صللاحبه يحللول بينلله وبيللن‬
‫الصواب ويكون الخر مع صحة حسابه وحسن إدراكلله قللد وجللب فللي طللالع‬
‫نفسه وطالع صاحبه ضد ذلك فيقع المر الواجب ويبطللل الخللر الللذي ليللس‬
‫بواجب وقد كان المنجمان من جهة العلم والحسللاب أعطيللا للصللناعة حقهللا‬
‫ووفيا ما عليهما ووقفا موقفا واحدا عللى غيلر مزيلة بينلة ول عللة قائملة ‪#‬‬
‫قال آخر ولو ل هذه البقية المندفنة والغاية المستترة الللتي اسللتأثر الللله بهللا‬
‫لكان ل يعرض هذا الخطأ مللع صللحة الحسللاب ودقللة النظللر وشللدة الغللوص‬
‫وتوفي المطلوب ومع غلبة الهللوى والميللل إلللى المحكللوم للله وهللذه البقيللة‬
‫دائرة فللي أمللور هللذا الخلللق فاضلللهم وناقصللهم و متوسللطهم فللي دقيقهللا‬
‫وجليلها وصعبها ومن كان له في نفسه باعث على التصفح والنظللر والبحللث‬
‫والعتبار وقف على ما أومأت إليه وسلم وبحكمة جليلة ضرب الله دون هذا‬
‫العلم بالسداد وطوي حقائقه عن أكثر العبللاد وذلللك أن العلللم بمللا سلليكون‬
‫ويحدث ويستقبل علم حلو عند النفس وله موقع عند العقل فل أحد إل وهللو‬
‫يتمنى إن يعلم الغيب ويطلع عليه ويدرك ما سوف يكون في غد وبجد سبيل‬
‫إليه ولو ذلل السبيل إلى هذا الفن لرأيت النللاس يهرعللون إليلله ول يللؤثرون‬
‫شيئا آخر عليه لحلوة هذا العلم عند الروح ولصوقه بالنفس وغرام كل أحللد‬
‫به وفتنة كل إنسان فيه فبنعمة من الله لم يفتح هذا الباب ولم يكشف دونه‬
‫الغطاء حتى يرتقي كل أحد روضة ويلزم حده ويرغب فيما هللو أجللدى عليلله‬
‫وأنفع له أما عاجل وأما آجل فطوى الله عن الخلق حقائق الغيب ونشر لهللم‬
‫نبذا منه وشيئا يسيرا يتعللون بلله ليكللون هللذا العلللم محروصللا عليلله كسللائر‬
‫العلوم ول يكون مانعا من غيره قال فلول هذه البقية التي فضحت الكاملين‬
‫وأعجللزت القللادرين لكللان تعجللب الخلللق مللن غللرائب الحللداث وعجللائب‬
‫الصروف وطرائف الحوال عبثا وسفها‬
‫وتوكلهم على الله لهوا ولعبا ‪ #‬فقال آخر وهذا يتضح بمثللال وليكللن المثللال‬
‫أن ملكا في زمانك وبلدك واسع الملللك عظيللم الشللأن بعيللد الصلليت سللابغ‬
‫الهيبة معروفا بالحكمة مشهورا بالحزم يضع الخير في مواضعه ويوقع الشر‬
‫في مواقعه عنده جزاء كل سيئة وثواب كل حسللنة قللد رتللب لبريللده أصلللح‬
‫الولياء له وكذلك نصب لجباية أمواله أقوم الناس بهللا وكللذلك ولللى عمللارة‬
‫أرضه أنهض الناس بها وشرف آخر بكتابته وآخر بللوزارته وآخللر بنيللابته فللإذا‬
‫نظرت إلى ملكه وجدته مؤزرا بسداد الرأي ومحمود التدبير وأولياؤه حواليه‬
‫وحاشيته بين يديه وكل يحف إلى ما هو منوط به ويستقصللي طللاقته ويبللذل‬
‫فيه والملك يأمر وينهى ويصدر ويورد ويثيب ويعاقب وقد علم صغير أوليللائه‬
‫وكبيرهم ووضيع رعاياه وشريفهم ونبيه الناس وخاملهم أن المر الذي تعلق‬
‫بكذا وكذا صدر من الملك إلى كللاتبه لنلله مللن جنللس الكتابللة وعلئقهللا ومللا‬
‫يدخل في شرائطها ووثائقها والمر الخر صدر إلى صللاحب بريللده لنلله ملن‬
‫أحكام البريد وفنونه والمر الخر ألقى إلى صاحب المعونة لنلله مللن جنللس‬
‫ما هو مرتب له منصوب من أجله والحديث الخر صدر إلى القاضي لنه من‬
‫باب الدين والحكم والفصل وكل هذا مسلم إلى الملللك ل يفتللات عليلله فللي‬
‫شيء منه ول يستبد بشيء دونه فالحوال على هذا كلها جارية على أصللولها‬
‫وقواعدها في مجاريها ل يرد شيء منها إلى غير شكله ول يرتقللي إلللى غيللر‬
‫طبقته فلو وقف رجل له من الحزم نصليب وملن اليقظللة قسلط علللى هلذا‬
‫الملك الجسيم وتصفح أبوابه بابا بابا وحال حال وتخلل بيتا بيتللا ورفللع سللجفا‬
‫سجفا ل يمكنه أن يعلم بمللا يثمللره للله هللذا النظللر وميللزه للله هللذا القيللاس‬
‫وأوقعه عليه هذا الحدس ما سيفعله هذا الملك غدا وما يتقدم به إلللى شللهر‬
‫وما يكاد يكون منلله إلللى سللنة وسللنتين لنلله يعللاني الحللوال ويقللايس بينهللا‬
‫ويلتقط ألفاظ الملك ولحظاته وإشاراته وحركاته ويقللول فللي بعضللها رأيللت‬
‫الملك يفعل كذا وكذا وبفعل كذا وكذا وهذا يدل على كذا وكللذا وإنمللا جللرأه‬
‫هذه الجرأة على هذا الحكم والبت أنه قد ملك لحظ الملك ولفظلله وحركتلله‬
‫وسللكونه وتعريضلله وتصللريحه وجللده وهزللله وشللكله وسللجيته وتجعللده‬
‫واسترساله ووجومه ونشاطه وانقباضه وانبساطه وغضبه ورضاه ثم هجللس‬
‫في نفس هذا الملك هاجس وخطر ببللاله خللاطر فقللال أريللد أن أعمللل عمل‬
‫وأوثللر أثللرا وأحللدث حللال ل يقللف عليهللا أوليللائي ول المطيعللون لللي ول‬
‫المختصللون بقللولي ول المتعلقللون بحبللالي ول أحللد مللن أعللدائي المتتبعيللن‬
‫لمللري والمحصلين لنفاسلي ول أدرى كيلف افتتحلله ول اقللترحه لنلي مللتى‬
‫تقدمت في ذلك إلى كل من يلوذ بي ويطوف بناحيتي كللان المللر فللي ذلللك‬
‫نظير جميع أموري وهذا هو الفساد الذي يلزمني تجنبه ويجلب عللى اللتيقظ‬
‫فيه فيقدح له الفكر الثاقب انلله ينبغللي أن يتللأهب للصلليد ذات يللوم فيتقللدم‬
‫بذلك ويذيعه فيأخذ أصحابه‬

‫وخاصته في أهبة ذلك واعداد اللة فإذا تكامل ذلك له أصحر للصلليد وتقلللب‬
‫في البيداء وصمم على ما يلوح له وأمعن وراءه وركض خلفه جللواده ونهللى‬
‫من معه أن يتبعه حتى إذا وغل في تلك الفجاج الخاويللة والمللدارج المتنائيللة‬
‫وتباعد عن متن الجادة ووضح المحجة صادف أنسانا فوقف وحاوره وفاوضه‬
‫فوجده حصينا محصل يتقدفهما فقال له أفيللك خيللر فقللال نعللم وهللل الخيللر‬
‫إلفي وعندي وإل معي الق إلى ما بدا لك وخلني وذلك فقال له إن الواقللف‬
‫عليك المكلم لك ملك هذا القليم فل ترع وأهدأ فقال السعادة فيضللتني لللك‬
‫والجد أطلعك على فيقول له الملك أني أريللد أن أطلعللك لرب فللي نفسللي‬
‫وأبلغ بك إن بلغت لي ذلك أريد أن تكون عينا لي وصاحبا لي نصوحا وأطوي‬
‫سري عن سلخ فؤادك فضل عن غيره فإذا بلغ منلله التوثقللة والتوكيللد ألقللي‬
‫إليه ما يأمره به ويحثه على السللعي فيلله وأزاح علتلله فللي جميللع مللا يتعلللق‬
‫المراد به ثم ثني عنان دابته إلى وجه عسكره وأوليائه والحللق بهللم فقضللى‬
‫وطره ثم عاد إللى سلريره وليلس عنلد أحلد ملن رهطله وبطلانته وغاشليته‬
‫وخاصته وعامته علم بما قد أسللره إلللى ذلللك النسللان فبينمللا النللاس علللى‬
‫مكانهم وغفلتهللم إذ أصللبحوا ذات يللوم فللي حللادث عظيللم وخطللب جسلليم‬
‫وشأن هائل فكل يقول ذلك عند ذلك ما أعجب هذا من فعل هللذا مللتى تهيللأ‬
‫هذا هذا صاحب البريد ليس عنده منه أثر هذا صاحب المعونة وهو عن الخبر‬
‫بمعزل وهذا الوزير الكبر وهو متحير وهذا القاضي وهو متفكر وهللذا حللاجبه‬
‫وهو ذاهل وكلهم عن المر الذي دهم غافل وقد قضى الملك مللأربته وأدرك‬
‫حاجته وطلب بغيته ونال غرضه فلذلك ينظر المنجم إلللى زحللل والمشللتري‬
‫والمريخ والشمس والقمر وعطارد والزهرة وإلى البروج وطبائعهللا والللرأس‬
‫والذنب وتقاطهما والهيلج والكامداه وإلى جميع ماداني هذا وقاربه وكان له‬
‫فيه نتيجة وثمرة فيحسب ويمللزج ويرسللم فينقلللب عليلله أشللياء كللثيرة مللن‬
‫سائر الكواكب الللتي لهلا حركللات بطيئة وآثلار مطويلة فينبعلث فيمللا أهملله‬
‫وأغفله وأضرب عنه لم يتسع له ما يملك عليه حسه وعقللله وفكللره ورويتلله‬
‫حتى ل يدري من أين أتى ومن أين دهللى وكيللف انفللرج عليلله المللر وأنسللد‬
‫دونه المطلللب وفللات المطلللوب وعللزب عنلله الللرأي هللذا ول خطللأ للله فللي‬
‫الحساب ول نقص في قصد الحق وهذا كي يلذ بالله وحده في المللور كلهللا‬
‫ويعلم أنه مالك الدهور ومللدبر الخلئق وصللاحب الللدواعي والعلئق والقللائم‬
‫على كل نفس والحاضر عند كل نفس وأنه إذا شاء نفللع وإذا شللاء ضللر وإذا‬
‫شاء عافا وإذا شاء أسقم وإذا شاء أغنى وإذا شاء أفقللر وإذا شللاء أحيللا وإذا‬
‫شاء أمات وأنه كاشف الكربات مغيث ذوي اللهفات قاضي الحاجات مجيللب‬
‫الدعوات ليس فوق يده يد وهو الحد الصمد على البد والسرمد وقلال آخلر‬
‫هذه المور وإن كانت منوطة بهذه العلويات‬

‫مربوطة بالفلكيات عنها تحللدث ومللن جهتهللا تنبعللث فللإن فللي عرضللها مللال‬
‫يستحق أن ينسب إلى شيء منها إل على وجه التقريب ومثال ذلك ملك للله‬
‫سلطان واسع ونعمة جمة فهو يفرد كل أحد بما هو لئق به وبما هللو نللاهض‬
‫فيه فيولي بيت المال مثل خازنا أمينا كافيللا شللهما يفللرق علللى يللده ويخللرج‬
‫على يده ثم أن هذا الملك قد يضع في هذه الخزانة شيئا ل علم للخللازن بلله‬
‫وقد يخرج منها شيئا ل يقف الخازن عليه ويكللون هللذا منله دليل عللى ملكله‬
‫واستبداده وتصرفه وقدرته ‪ #‬وقال آخر لما كان صاحب علللم النجللوم يريللد‬
‫أن يقف على أحداث الزمان ومستقبل الوقت من خير وشر وخصب وجدب‬
‫وسعادة ونحس وولية وعزل ومقام وسفر وغم وفرح وفقر ويسللار ومحبللة‬
‫وبغض وجدة وعدم ووجللدان وعافيللة وسللقم وإلفللة وشللتات وكسللاد ونفللاق‬
‫وإصابة وإخفاق وحياة وممات وهللو إنسللان نللاقص فللي الصللل لن نقصللانه‬
‫بالطبع وكماله بالعرض ومع هذه الحال المحوطة بالنسللخ المعروفللة بللالظن‬
‫قد بارى بارئه ونازع ربه وتتبع غيبه وتحلل حكمه وعارض مالكه فحرمه الله‬
‫فائدة هذا العلم وصرفه عن النتفاع به والستثمار من شجرته وإضلافة إللى‬
‫من ل يحيط بشيء منه ول يخل بشيء فيه ونظمه في بللاب القسللر والقهللر‬
‫وجعل غاية سعيه فيه الخيبة ونهاية علمه به الحيرة وسلط عليه في صناعته‬
‫الظن والحدس والحيلة والزرق والكذب والختل ولو شئت لللذكرت لللك مللن‬
‫ذلك صدرا وهو مثبوت في الكتب ومنثور في المجالس ومتداول بين النللاس‬
‫فلذلك وأشباهه حط رتبته ورده على عقيبه ليعلم أنه ل يعلم إل ما علم وأنه‬
‫ليس له أن يتخطى بما علم على ما جهل فإن الله سبحانه ل شريك له فللي‬
‫غيبه ول وزير له في ربو بيته وأنه يؤنس بالعلم ليطاع ويعبد ويوحش بالجهل‬
‫ليفزع إليه ويقصد عز ربنا وجل إلها وتقدس مشارا إليه وتعالى معتمدا عليه‬
‫‪ #‬وقال آخر وهللو العروضللي قللد يقللوى هللذا العلللم فللي بعللض الللدهر حللتى‬
‫يشللغف بلله ويللدان بتعلملله بقللوة سللماوية وشللكل فلكللي فيكللثر السللتنباط‬
‫والبحث وتشتد العناية والفكر فتغلب الصابة حتى يزول الخطأ وقللد يضللعف‬
‫هذا العلم في بعض الدهر فيكثر الخطأ فيه بشللكل آخللر يقتضللي ذلللك حللتى‬
‫يسقط النظر فيه ويحرم البحث عنه ويكون الدين حاضر الطلب والحكم بلله‬
‫وقد يعتدل المر في دهر آخللر حللتى يكللون الخطللأ فللي قللدر ذلللك الصللواب‬
‫والصواب في قدر الخطأ وتكون الدواعي والصوارف متكافئة ويكللون الللدين‬
‫ل يحث عليه كل الحث ول يحظر على طالبه كل الحظر قللال وهللذا إذا صللح‬
‫تعلق المر كله بما يتصل بهذا العالم السفلي من ذلللك العللالم العلللوي فللإذا‬
‫الصللواب والخطللأ محمللولن علللى القللوى المثبتللة والنللوار الشللائعة والثللار‬
‫الذائعة والعلل الموجبة والسباب المتوافية وقال آخر وهو البوشللنجاني أيهللا‬
‫القوم اختصروا الكلم وقربوا البقية فإن الطالة مصدة عللن الفللائدة مضلللة‬
‫للفهم والفطنة هل تصح الحكام فقال غلم زحل ليس عن هذا جواب‬

‫‪ #‬يثبت على كل وجه فصل ولم يبن ذلك قال لن صحتها وبطلنهللا يتعلقللان‬
‫بآثار الفلك وقد يقتصى شكل الفلك في زمللان أن ل يصللح منهللا شلليء وأن‬
‫غيص على دقائقها وبلغ إلى أعماقها وقد يزول ذلك الشكل فللي وقللت آخللر‬
‫إلى أن يكثر الصواب فيها والخطأ ويتقاربان ومتى وقف المر على هذا الحد‬
‫لم يثبت على قضاء ولم يوثق بجواب ‪ #‬وقال آخللر أن الللله تعللالى وتقللدس‬
‫اخترع هذا العالم وزينه ورتبه وحسنه ووشحه ونظمه وهذبه وقللومه وأظهللر‬
‫عليه البهجة وأبطن في أثنائه الحكمة وحقه بم اضطر العقلول إللى تصلفحه‬
‫ومعرفته وحشاه بكل ما حاش النفللوس إلللى علملله وتعليملله والتعجللب مللن‬
‫أعاجيبه وأمتع الرواح بمحاسنه وأودعه أمللورا واسللتحزنه أسللرارا ثللم حللرك‬
‫اللباب عليها حتى استثارتها ولقطتهللا وأحبتهللا وعشللقتها ودارت عليهللا لنهللا‬
‫عرفت بها ربها وخالقها وإلهها وواضعها وصللانعها وحافظهللا وكافلهللا ثللم أنلله‬
‫تعالى مزج بعض ما فيه ببعض وركب بعضلله علللى بعللض ونسللج بعضلله فللي‬
‫بعض وأمد بعضه من بعض وأحال بعضه إلللى بعللض بوسللائط مللن أشللخاص‬
‫وأجناس وطبائع وأنفس وعلوم وعقول وتصللرف فلي ملكله بقللدرته وجللوده‬
‫وحكمته ل معيب الفضل ول معدوم الختيار ول مللردود الحكمللة ول مجحللود‬
‫الذات ول محدود الصفات سبحانه وهو مع هذا كله لم يستفد شيئا ولم ينتفع‬
‫بشيء بل استفاد منه كل شيء وانتفع به كل شلليء وبلللغ غللايته كللل شلليء‬
‫بحسب مادته المنقادة وصورته المعتادة ولم يثبت بشيء وثبت به كل شيء‬
‫فهو الفاعل القادر الجواد الواهب والمنيل المفضل والول السابق فلما كان‬
‫الباحث عن العالم العلوي يتصفح سكانه ومعرفللة آثللاره ومللواقعه وأسللراره‬
‫متعرضا لن يكون مثبتا بها لبارئه مناسبا لربه بهذا الوجه المعروف اسللتحال‬
‫أن يستفيد بعلمه كما استحال أن يستفيد خللالقه بفعللله لمللن بقصللد لصللوبه‬
‫وحكمه لزمه كليته بدت منه وصفته عللادت عليلله وهللذه حللال إذا فطللن لهللا‬
‫وأشرف ببصيرة ثاقبة عليها وتحقق بحقيقتها وترقي للخبرة بسللني مللا فيهللا‬
‫علم اضطرارا عقليا أنها أجل وأعلى وأنفس وأسمى وأدوم وأبقي من جميع‬
‫فللوائد سللابق العلللوم الللتي حازهللا أولئك العللاملون لن علللم أولئك فللوائد‬
‫علومهم فيما حفظ عليهم حد النسان وخلقه وعادته وخلقه وشهوته وراحته‬
‫في اجتلب نفع ودفع ضرر ونقصت رتبتهم عن ومشللابهته والتشللبه بخاصللته‬
‫والتحلي بحليته ولذلك جبر الله نقصللهم فللي علمهللم بفللوائد نالوهللا ومنللافع‬
‫خبروها فأما من أراد معرفة هذه الخفايا والسرار من هذه الجرام والنللوار‬
‫على ما هيأت له ونظمت عليه فهو حري جدير أن يعري من جميع ما وجللده‬
‫صاحب كل علم في علمه من المرافق والمنللافع ويفللرد بللالحكم مللن رتبهللا‬
‫على ما هي عليه غير مستفيد بذلك فائدة ول جللدوى وهللذه لطيفللة شللريفة‬
‫متى وقف عليها حق الوقوف وتقبلت حتى التقبل كان المدرك لها أجل مللن‬
‫كل فائت وإن عز‬

‫‪ #‬لنها بشلرية صلارت إلهيله وجسلمية اسلتحالت روحانيلة وطينيلة انقلبلت‬


‫نوريه ومركب عاد بسيطا وجزء استحال كل وهذا أمر قلما يهتدي إليه ويتنبه‬
‫عليه ‪ #‬وقال آخر وهو أبو سليمان المنطقي وقد سأله أبو حيان تلميذه عن‬
‫هذه الجوبة وما فيها ملن حلق وباطلل أن ههنلا أنفسلا خبيثلة وعقلول رديله‬
‫ومعارف خسيسة ل يجوز لربابها أن ينشقوا ريللح الحكمللة أو يتطللاولوا إلللى‬
‫غرائب الفلسفة والنهى ورد من أجلهم وهو حق فأمللا النفللوس الللتي قوتهللا‬
‫الحكمة وبلغتها العلم وعدتها الفضلائل وعقللدتها الحقللائق وذخرهللا الخيللرات‬
‫وعادتها المكارم وهمتها المعالي فأن النهى لم يوجه إليها والعتللب لللم يوقللع‬
‫عليها وكيف يكون ذلك وقد بان بما تكرر من القول أن فائدة هذا العلم أجل‬
‫فائدة وثمرته أجل ثمرة ونتيجته أشرف نتيجة فليكن هذا كله كافا عن سللوء‬
‫الظن وكافيا لك فيما وقع فيه القول وطال بين هؤلء السادة الجحاجحة في‬
‫العلم والفهم والبيان والنصح انتهللت الحكايللة فليتأمللل مللن أنعللم الللله عليلله‬
‫بالعقل والعلم واليمان وصانه عن تقليللد هللؤلء وأمثللالهم مللن أهللل الحيللرة‬
‫والضلل ما في هذه المحاورة وما انطوت عليه من اعترافهم بغايللة علمهللم‬
‫ومستقر أقدامهم فيه وما حكموا به على أنفسهم مللن مقتضللي حكمللة الللله‬
‫فيهم أن يسلبهم ثمرات علوم الناس وفوائدهلا وأن يكسلوهم لبلاس الخيبلة‬
‫وقهللر النللاس لهللم وإذللهللم إيللاهم وإن يجعللل نصلليب كللل أحللد مللن العلللم‬
‫والسعادة فوق نصيبهم وأن يجعل رزقهم من أبواب الكذب والظللن والللزرق‬
‫وهللو أخبللث مكاسللب العللالم ومكسللب البغايللا وأربللاب المللواخير خيللر مللن‬
‫مكاسب هؤلء لنهم كسبوها بذنوب وشهوات وهؤلء اكتسللبوا مللا اكتسللبوه‬
‫بالكذب على الله وادعاء ما يعلمون هم فيه كذب أنفسللهم ‪ #‬والعجللب مللن‬
‫شهادتهم على أنفسهم أن حكمة الله سبحانه اقتضت ذلللك فيهللم لتعللاطيهم‬
‫مشاركته في غيبه والطلع على أسرار مملكته وتعديهم طور العبودية التي‬
‫هي سمتهم إلى طور الربوبيللة الللذي لللم يجعللل لحللد سللبيل إليلله فاقتضللت‬
‫حكمة العزيز الحكيم إن عاملهم بنقيض قصودهم وعكللس مراداتهللم وجعللل‬
‫كل واحد فوقهم في كل ملة ورمي الناس باللسان العام والخاص لهم بأنهم‬
‫أكذب الناس فأنهم هم الزنادقة الدهرية أعداء الرسللل وسللوس المللال وإن‬
‫طالعهم على من حسن الظن بهللم وتقيللد بأحكللامهم فللي حركللاته وسللكناته‬
‫وتدبيره شر طالع والملك والولية المسوس بهللم أذل ملللك وأقلله وملن لله‬
‫شيء من تجارب المم وأخبار الدول والوزراء وغيرهم فعنده من العلم بهذا‬
‫ما ليس عند غيره ولهذا الملللوك والخلفللاء والللوزراء الللذين لهللم قبللول فللي‬
‫العالم وصيت ولسان صدق هم أعللداء هللؤلء الزنادقللة كالمنصللور والرشلليد‬
‫والمهدى وكخلفاء بني أمية وكالملوك المؤيدين فللي السلللم قللديما وحللديثا‬
‫كانوا أشد الناس إبعاد لهؤلء عن أبوابهم ولم تقم لهم سوق في عهللدهم إل‬
‫عند أشباههم ونظرائهم من كل منافق متستر بالسلم أو جاهل مفرط‬

‫‪ #‬في الجهل أو ناقص العقل والدين وهؤلء المذكورون في هلذه المحلاورة‬


‫لما صحوا وخل بعضهم ببعض ولم يمكنهم أن يعتمدوا من التلللبيس والكللذب‬
‫والزرق مع بعضهم بعضا ما يعتمدونه مع غيرهم تكلموا بما عندهم في ذلللك‬
‫من العللتراف بالجهللل وأن المللر إنمللا هللو حللدس وظللن وزرق وأن أحللوال‬
‫العالم العلوي أجللل وأعظللم ملن أن تلدخل تحللت معلارفهم وتكللال بقفللزان‬
‫عقولهم وأن جهلهم بذلك يوجب ولبلد جهلهلم الحكللام وأنهللم ل توثللق لهللم‬
‫بشيء مما فيه لجلواز تشللكل الفللك بشلكل يقتضلى بطلن جميللع الحكلام‬
‫وتشكله بشكل يكون بطلنها وصحتها بالنسبة إليه على السلواء وليللس لهللم‬
‫علم بانتفاء هللذا الشللكل ول بللوقت حصللوله فللإنه ليللس جاريللا علللى قللانون‬
‫مضبوط ول عللى حسلاب معللروف وملع هللذا فكيللف ينبغللي لعاقللل الوثللوق‬
‫بشيء من علم أحكامهم وهذه شهادة فضلئهم وأئمتهللم ولللو أن خصللومهم‬
‫الذين ل يشاركونهم في صناعتهم قالوا هذا القللول لللم يكللن مقبللول كقبللوله‬
‫منهم والحمد لللله الللذي أشللهد أهللل العلللم واليمللان جهللل هللؤلء وحيرتهللم‬
‫وضللهم وكذبهم وافللترئهم بشللهادتهم علللى نفوسللهم وعلللى صللناعتهم وأن‬
‫استفاد كل ذي علم بعمله وكل ذي صناعة بصللناعته أعظللم مللن اسللتفادتهم‬
‫بعلمهم وأن أحدا منهم ل يمكنه أن يعيش إل في كنف من لم يحط من هللذا‬
‫العلم بشيء وتحت ظل من هو أجهل الناس ومن العجللب قللولهم أن طللالع‬
‫أحد الملكيللن المتغللالبين قللد يكللون مقتضلليا أن ل يصلليب منجملله فللي تلللك‬
‫الحرب وطالع المنجم يقتضي خطأه في ذلك الحكم وطالع خصمه ومنجملله‬
‫بالضد فليعجب ذو اللب من هذا الهذيان وتهافته فإذا كان الطالع مقتضيا أن‬
‫ل يصيب المنجم في تلك الحرب وقللد أعطللى الحسللاب والحكللم حقلله عنللد‬
‫أرباب الفن بحيث يشهد كل واحد منهم أن الحكم ما حكللم بلله أفليللس هللذا‬
‫من أبين الدلئل على بطلن الوثوق بالطالع وأن الحكم به حكللم بغيللر علللم‬
‫وحكم بما يجوز كذبه فما في الوجود أعجب من هذا الطالع الصادق الكاذب‬
‫المصيب المخطيء وأعجب من هذا أن الطالع بعينه يكون قد حكم به لظفر‬
‫عدو هذا عليه منجمه فوافق القضاء والقدر ذلك الطالع وذلك الحكم فيكون‬
‫أحد المنجمين قد أصاب لملكه طالعا وحكما والخللر قللد أخطللأ لملكلله وقللد‬
‫خرجا بطالع واحد وأعجب من هذا كله تشكل الفلك بشللكل وحصللول طللالع‬
‫سعد فيه باتفاق ملكم فيحدث معه من علو كلمة من ل يعبؤن به ول يعدونه‬
‫وظهور أمرهم واستيلئهم على المملكللة والرئاسللة والعللز والحيللاة ولهجهللم‬
‫بذمكم وعيبكم وإبداء جهلكم وزندقتكم وإلحادكم محتاجون أن تنضللوواإليهم‬
‫وتعتصموا بحبلهم وتترسوا بهم وتقولون لهم بألسللنتكم مللا تنطللوي قلللوبكم‬
‫على خلقه مما لو أظهر تمللوه لكنتللم حصللائد سلليوفهم كمللا صللرتم حصللائد‬
‫ألسنتهم فأي سعد في هذا الطالع لعمري أم أي خير فيه وليت شعري كيف‬
‫لم يوجب لكم هذا الطالع بارقة من سعادة أو لئحللا مللن عللز وقبللول ولكللن‬
‫هذه حكمة رب‬

‫الطالع ومدبر الفلك وما حللواه ومسللخر الكللواكب ومجريهللا علللى مللا يشللاء‬
‫سبحانه أن جعلكللم كالذملة بللل أذل منهللم تحللت قهللر عبيللده وجعللل سللهام‬
‫سعادتهم من كل خير وعلم ورئاسة وجاه أوفر من سهامكم وبيوت شرفهم‬
‫في هذا العالم اعمر من بيوتكم بل خرب بيوتكم بأيديهم فل ينعمر منها بيت‬
‫أل بالنضمام إليهم والنتماء إلى شريعتهم وملتهم وهذا شأن العزيز الحكيللم‬
‫في الكذابين عليه قال تعالى أن الذين اتخللذوا العجللل سللينالهم غضللب مللن‬
‫ربهم وذله في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين قال أبو قلبللة هللي لكللل‬
‫مفتر من هذه المة يوم القيامة وهذه المحاورة التي جرت بين أصحاب هذا‬
‫المجمع هي غاية ما يمكن النجومي أن يقوله ول يصل إلللى ذلللك المللبرزون‬
‫منهم ومع هللذا فقللد رأيللت حاصلللها ومضللمونها ولعلهللم لللو علمللوا أن هللذه‬
‫الكلمات تعتد من جماعتهم وتتصل بأهل اليمان لم ينطقوا منها ببنللت شللفة‬
‫ويأبى الله إل أن يفضح المفترى الكذاب وينطقه بما يبين باطلة ‪# 0‬‬
‫فصل قال صاحب الرسالة ذكر جمل من احتجاجهم والحتجللاج عليهللم مللن‬
‫إوكد‬
‫ما يستدلون به على أن الكواكب تفعل في هذا العالم أولها دللللة علللى مللا‬
‫يحلدث فيله انهلم امتحنلوا علدة مواليلد صلححوا طوالعهلا وجماعلة مسلائل‬
‫راعوها فوجدوا القضية في جميع ذلك صادقة فدلهم ذلللك علللى أن الصللول‬
‫التي عملوا عليها صحيحة فيقال لهم إذا كان ما تدعونه مللن هللذا دليل علللى‬
‫صحة الحكام فما الفضل بينكم وبين من قللال الللدليل علللى بطلن الحكللام‬
‫أن امتحنا مواليد صححنا طوالعها ومسللائل تفقللدنا أحوالهللا فوجللدنا جميعهللا‬
‫باطل ولم يصح الحكم في شيء منها ‪ #‬فللإن قللالوا إنمللا يكللون هللذا لجللواز‬
‫الغلط على المنجم الذي عملها قيل لكم فما تنكللرون مللن أن يكللون صللدق‬
‫المنجم في حكمه باتفاق وتخمين كإخراج الزوج والفرد وصللدق الحللزر فللي‬
‫الوزن والكيل والذرع والعدد وإذا كانت الدللة على صحة مقللالتكم صللدقكم‬
‫في بعض أحكامكم فالدللة على بطلنهللا كللذبكم فللي بعضللها ‪ #‬فللإن قللالوا‬
‫ليس ما قلنللاه بتخميللن لنللا إنمللا نحكملله علللى أصللول موضللوعة فللي كتللب‬
‫القدماء قيل لهم لسنا نشك في أنكم تتبعون مللا فللي الكتللب وتقلللدون مللن‬
‫تقدمكم وما يقع من الصدق فإنما يقع بحسب النفلاق واللذي حصللتم عليله‬
‫هو الحدس والتخمين بحسب ما في الكتب ‪ #‬ومما يستدل بلله مللن ينتسللب‬
‫إلى السلم منهم على تصحيح دللة النجوم قللوله تعللالى فنظللر نظللرة فللي‬
‫النجوم فقال إني سقيم ول حجللة فللي هللذا البتللة لن إبراهيللم عليلله الصلللة‬
‫والسلم إنما قال هذا ليدفع به قومه عن نفسه أل تللرى أنلله عللز وجللل قللال‬
‫بعد فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال أل تأكلون فبين تبارك وتعالى‬
‫أنه إنما قال ذلك ليدفعهم به لما كان عزم عليه من أمر‬

‫الصنام وليس يحتاج أحد إلى معرفة أصحيح هللو أم سلقيم ملن النجلوم لن‬
‫ذلك يوجد حسا ويعلم ضرورة ول يحتاج فيه إلى اسللتدلل وبحللث قلللت قللد‬
‫احتج لهم بغير هذه الحجج فنذكرها ونبين بطلن استدللهم بها وبيان الباطل‬
‫منها قال أبو عبد الله الرازى اعلم أن المثبتين لهذا العلم احتجوا مللن كتللاب‬
‫الله بآيات ‪ #‬إحداها اليات الدالة علللى تعظيللم هللذه الكللواكب فمنهللا قللوله‬
‫تعالى فل أقسم بالخنس والجواري الكنس وأكثر المفسرين على أن المللراد‬
‫هو الكواكب التي تسير راجعة تارة ومستقيمة أخرى ومنهللا قللوله تعللالى فل‬
‫أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم وقد صرح تعالى بتعظيللم‬
‫هذا القسم وذلك يدل على غاية جللة مواقللع النجللوم ونهايللة شللرفها ومنهللا‬
‫قوله تعالى والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب قللال ابللن‬
‫عباس الثاقب هو زحل لنه يثقب بنوره سللمك السللموات السللبع ومنهللا أنلله‬
‫تعالى بين ألهيته بكون هذه الكواكب تحت تدبيره وتسخيره فقال والشللمس‬
‫والقمللر والنجللوم مسللخرات بللأمره أل للله الخلللق والمللر تبللارك الللله رب‬
‫العالمين النوع الثاني اليات الدلة على أن لها تأثيرا فللي هللذا العللالم كقللوله‬
‫تعالى فالمدبرات أمرا وقوله فالمقسللمات أمللرا قللال بعضللهم المللراد هللذه‬
‫الكواكب ‪ #‬النوع الثالث اليات الدالة علللى أنلله تعللالى وضللع حركللات هللذه‬
‫الجرام على وجه ينتفع بها في مصالح هذا العالم فقللال ^ هللو الللذي جعللل‬
‫الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحسللاب مللا‬
‫خلق الله ذلك إل بالحق ^ وقال ^ تبللارك الللذي جعللل فللي السللماء بروجللا‬
‫وجعل فيهلا سلراجا وقملرا منيلرا ^ ‪ #‬النلوع الرابلع أنله تعلالى حكلى علن‬
‫إبراهيم عليه السلللم انلله تمسللك بعلللوم النجللوم فقللال فنظللرة نظللرة فللي‬
‫النجوم فقال إني سقيم النوع الخللامس أنلله قللال لخلللق السللموات والرض‬
‫أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس ل يعلمون ول يكون المللراد مللن هللذا‬
‫كبر الجثة لن كل أحد يعلم ذلك فوجب أن يكون المراد كبر القدر والشرف‬
‫وقال تعالى ويتفكرون في خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هللذا بللاطل‬
‫ول يجوز أن يكون المراد أنه تعللالى خلقهللا ليسللتدل بتركيبهللا وتأليفهللا علللى‬
‫وجود الصانع لن هذا القدر حاصل في تركيب البقة والبعوضة وفللي حصللول‬
‫الحياة في بنية الحيوانات على وجود الصانع أقوى من دللة تركيلب الجلرام‬
‫الفلكية على وجود الصانع لن الحياة ل يقدر عليها أحللد أل الللله أمللا تركيللب‬
‫الجسام وتأليفها فقد يقدر على جنسه غير الللله فلمللا كللان هللذا النللوع مللن‬
‫الحكمة حاصل في غير الفلك ثم أنه تعالى خصها بهذا التشريف وهو قللوله‬
‫^ ربنا ما خلقت هذا باطل ^ علمنا أن له تعالى في تخليقهللا أسللرارا عاليللة‬
‫وحكما بالغة تتقاصر عقول البشر عن إدراكها ويقللرب ملن هللذه اليللة قللوله‬
‫تعالى ^ وما خلقنا السماء والرض وما بينهما باطل ذلك ظللن الللذين كفللروا‬
‫فويل للذين كفروا من النار ^ ول يمكن أن يكون المللراد أنلله تعللالى خلقهللا‬
‫على وجه يمكن‬

‫الستدلل بها على وجود الصانع الحكيم لن كونهللا دالللة علللى الفتقللار إلللى‬
‫الصانع أمر ثابت لها لللذاتها لن كللل متحيللز فهللو محللدث وكللل محللدث فللإنه‬
‫مفتقر إلى الفاعل فثبت أن دللة المتحيزات على وجود الفاعللل أمللر ثللابت‬
‫لها لذواتها وأعيانها وما كان كذلك لم يكن سبب الفعل والجعللل فلللم يمكللن‬
‫حمل قوله ^ وما خلقنا السماء والرض وما بينهما باطل ^ على هذا الللوجه‬
‫فوجب حمله على الوجه الذي ذكرناه ‪ #‬النللوع السللادس روى أن عمللر بللن‬
‫الخيام كان يقرأ كتللاب المجسللطي علللى اسللتاذه فللدخل عليهللم واحللد مللن‬
‫أجلف المتفقهة فقال لهللم مللاذا تقللرؤن فقللال عمللر بللن الخيللام نحللن فللي‬
‫تفسير آية من كتللاب الللله افلللم ينظللروا إلللى السللماء فللوقهم كيللف بنيناهللا‬
‫وزيناها ومالها من فروج فنحن ننظر كيف خلق السللماء وكيللف بناهللا وكيللف‬
‫صانها عن الفروج ‪ :‬النوع السابع أن إبراهيم عليه السلم لمللا اسللتدل علللى‬
‫إثبات الصانع تعالى بقوله ربى الذي يحي ويميت قال له نمللرود أتللدعى أنلله‬
‫يحي ويميللت بواسللطة الطبللائع والعناصللر أو ل بواسللطة هللذه الشللياء فللان‬
‫ادعيت الول فلذلك مما ل تجده البتة لن كل ما يحدث في هذا العالم فإنما‬
‫يحدث بواسطة أحوال العناصر الربعة والحركات الفلكية وإذا ادعيت الثللاني‬
‫فمثل هذا الحياء والماتة حاصل منى ومن كل أحللد فللإن الرجللل قللد يكللون‬
‫سببا لحدوث الولد لكن بواسللطة تمزيللج الطبللائع وتحريللك الجللرام الفلكيللة‬
‫ولذلك قد نمت بهذه الوسائط وهذا هو المراد ملن قلوله تعلالى حكايلة علن‬
‫الخصم أنا أحي وأميت ثم أن إبراهيم عليه الصلة والسلللم أجللاب عللن هللذا‬
‫السؤال بقوله فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فللأت بهللا مللن المغللرب‬
‫يعني هب أنه سللبحانه إنمللا يحللدث حللوادث هللذا العللالم بواسللطة الحركللات‬
‫الفلكية لكنه تعالى هو المبديء للحركات الفلكية لن تلك الحركات ل بد لها‬
‫من سبب ول سبب لها سوى قدرة الله تعالى فثبت أن حللوادث هللذا العللالم‬
‫وأن سلمنا إنها إنما حصلت بواسطة الحركات الفلكية لكنه لما كللان المللدبر‬
‫لتلللك الحركللات بواسللطة الطبللائع وحركللات الفلك إل أن حركللات الفلك‬
‫ليست منا بدليل أنا ل نقدر على تحريكها على خلف التحريك اللهي وظهللر‬
‫الفرق وهذا هو المراد من قول إبراهيم عليه الصلة والسلم فإن الله يللأتي‬
‫بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب يعنى هب أن هذه الحوادث في‬
‫هذا العالم حصلت بحركة الشمس من المشللرق إل أن هللذه الحركللات مللن‬
‫الله لن كل جسم متحرك فل بد له من محرك وذلك المحرك لست أنت ول‬
‫أنا فلم ل نحركها من المغرب فثبت أن اعتماد إبراهيم الخليل عليلله السلللم‬
‫في معرفة ثبوت الصانع على الدلئل الفلكية وأنه ما نازع الخصم فللي كللون‬
‫هذه الحوادث السفلية مرتبطة بالحركات الفلكية واعلم انك إذا عرفت نهللج‬
‫الكلم في هذا الباب علمت أن القرآن مملوء مللن تعظيللم الجللرام الفلكيللة‬
‫وتشريف الكرات الكوكبية ‪ # :‬وأما الخبار فكثيرة منها ما روى عن النبي‬

‫أنه نهى عند قضاء الحاجة عن استقبال الشمس والقمللر واسللتدرهما ومنهللا‬
‫أنلله لمللا مللات ولللده إبراهيللم انكسللفت الشللمس ثللم إن النللاس قللالوا إنمللا‬
‫انكسفت لموت إبراهيم فقال إن الشللمس والقمللر آيتللان مللن آيللات الللله ل‬
‫ينكسفان لموت أحد ول لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلة ومنها مللا‬
‫روى ابللن مسللعود أن النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم قللال إذا ذكللر القللدر‬
‫فأمسكوا وإذا ذكر أصحابي فامسكوا وإذا ذكر النجوم فامسكوا ومن النللاس‬
‫من يروى إنه قال ل تسافروا والقمر في العقرب ومنهم من يروى ذلك علن‬
‫على رضى الله عنه وأن كان المحدثون ل يقبلونه ‪ #‬وأما الثار فكثيرة منهللا‬
‫أن رجل أتاه فقال له إني أريللد الخللروج فللي تجللارة وكللان ذلللك فللي محللاق‬
‫الشهر فقال تريد أن يمحق الله تجارتك استقبل هلل الشهر بالخروج وعللن‬
‫عكرمة أن يهوديا منجما قال له ابن عباس ويحك تخللبر النللاس بمللا ل تللدرى‬
‫فقال اليهودي أن لك ابنا وهو في المكتب ويجيء غدا محموما ويمللوت فللي‬
‫اليوم العاشر منه قال ابن العباس ومتى تموت أنت قال في رأس السنة ثم‬
‫قال لبن عباس قلال ل تملوت أنللت حلتى تعملى ثللم جلاء ابلن عبلاس وهللو‬
‫محموم ومات في العاشر ومات اليهللودي فللي رأس السللنة ولللم يمللت ابللن‬
‫عباس رضى الله عنه حتى ذهب بصره وعن الشعبي رضى الله عنه قال أبو‬
‫الدرداء والله لقد فارقنا رسول الله وتركنا ول طائر يطير بجناحيه إل ونحللن‬
‫ندعى فيه علما وليست الكواكب موكلة بالفساد والصلح ولكللن فيهللا دليللل‬
‫بعض الحوادث عرف ذلك بالتجربة وجاء في الثلار أن أول ملن أعطلى هلذا‬
‫العلم آدم وذلك إنه عللاش حللتى أدرك مللن ذريتلله أربعيللن ألللف أهللل الللبيت‬
‫وتفرقوا عنه في الرض وكان يغتم لخفاء خبرهم عليلله فللأكرمه الللله تعللالى‬
‫بهذا العلم وكلان إذا أراد أن يعلرف حلال أحلدهم حسلب لله بهلذا الحسلاب‬
‫فيقف على حالته وعن ميمون بن مهران أنه قال إيللاكم والتكللذيب بللالنجوم‬
‫فإنه علم من علم النبوة وعنه أيضا انه قال ثلث ارفضوهن ل تنللازعوا أهللل‬
‫القدر ول تذكروا أصحاب نبيكم أل بخير وإياكم والتكذيب بللالنجوم فللإنه مللن‬
‫علم النبوة وروى أن الشافعي كان عالما بالنجوم وجللاء لبعللض جيرانلله ولللد‬
‫فحكم له الشافعي أن هذا الولد ينبغي أن يكون على العضو الفلن منه خال‬
‫صفته كذا وكذا فوجد المر كما قال وأيضا انه تعالى حكى عللن فرعللون أنلله‬
‫كان يذبح أبناه بني إسرائيل ويستحي نسللاءهم والمفسللرون قللالوا إن ذلللك‬
‫إنما كان لن المنجمين أخبروه بأنه سيجيء ولللد ملن بنللي إسللرائيل ويكللون‬
‫هلكه على يده وهذه الرواية ذكرها محمد بن إسحاق وغيره وهذا يدل علللى‬
‫اعتراف الناس قديما وحديثا بعلم النجوم وأما المعقول فهو أن هذا علم مللا‬
‫خلت عنه ملة من الملل ول أمللة مللن المللم ول يعللرف تاريللخ مللن التواريللخ‬
‫القديمة والحديثة إل وكان أهل ذلك الزمان مشللتغلين بهللذا العلللم ومعللولين‬
‫عليه‬

‫في معرفة المصالح ولو كان هذا العلم فاسدا بالكلية لستحال إطبللاق أهللل‬
‫المشرق والمغرب من أول بناء العالم إلى آخره عليلله ‪ #‬وقللال بطليمللوس‬
‫في بعض كتبه بعض الناس يعيبون هذا العلم وذلللك العيللب إنمللا حصللل مللن‬
‫وجوه الول عجزهم عن معرفة حقيقللة موضللع الكللواكب بللدقائقها ومراتبهللا‬
‫وذلك إن اللت الرصللدية ل تنفللك عللن مسلامحات ل يفللي بضللبطها الحللس‬
‫لجللل قلتهللا فللي اللت الرصللدية لكنهللا وإن قلللت هللذه اللت إل أنهللا فللي‬
‫الجرام الفلكية كثيرة فإذا تباعدت الرصاد حصل بسللبب تلللك المسللامحات‬
‫تفاوت عظيم في مواضع الكواكب ‪ #‬الثاني أن هذا العلم علللم مبنللي علللى‬
‫معرفة الدلئل الفلكية وتلك الدلئل ل تحصل إل بتمزيجات أحوال الكللواكب‬
‫وهي كثيرة جدا ثم أنها مع كثرتها قد تكون متعارضة ول بد فيها من الترجيح‬
‫وحينئذ يصعب علللى أكللثر الفهللام الحاطللة بتللك التمزيجللات الكللثيرة وبعللد‬
‫الحاطة بها فإنه يصعب الترجيحات الجيدة فلهذا السبب ل يتفق مللن يحيللط‬
‫بهذا العلم كما ينبغي إل الفرد بعد الفرد ثم أن الجهال يظهرون من أنفسهم‬
‫كونهم عارفين بهذا العلم فإذا حكموا وأخطؤا ظن الناس أن ذلك بسللبب أن‬
‫هذا العلم ضعيف الثالث أن هذا العلم ل يفللي بللإدراك الجزئيللات علللى وجلله‬
‫الفصليل البلاهر فملن حكلم عللى هلذا اللوجه فقلد يقلع فلي الخطلأ فلهلذه‬
‫السباب الثلثة توجهت المطاعن إلى هذا العلم وحكى أن الكاسرة كان إذا‬
‫أراد أحدهم طلب الولد أمر بإحضار المنجم ثم كان ذلك الملك يخلو بامرأته‬
‫فساعة ما يقع الماء في الرحم يأمر خادما على الباب بضلرب طسلتا يكلون‬
‫في يده فإذا سمع المنجم طنين الطست أخذ الطالع وحكم عليه حتى يخللبر‬
‫بعدد الساعات التي يمكث في بطن أمه ثم أنه كان يأخذ الطللالع أيضللا عنللد‬
‫الولدة مرة أخرى ويحكم فل جرم كانت أحكللامهم كاملللة قويللة لن الطللالع‬
‫الحقيقي هو طالع مسقط النطفة فللإن حللدوث الولللد إنمللا يكللون فللي ذلللك‬
‫الوقت فأما طالع الولدة فهو وطالع مسللتعار لن الولللد ل يحللدث فللي ذلللك‬
‫الوقت وإنما ينتقل من مكان إلى مكان آخر وروى أن في عهد أردشللير بللن‬
‫بابك أنه قال في العهد الذي كتبه لولده لول اليقين بالبوار الللذي علللى رأس‬
‫ألف سنة لكنت أكتب لكم كتابا أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا وعنللى بللالبوار‬
‫ما أخبره المنجمون من أنلله يللزول ملكهللم عنللد رأس ألللف سللنة مللن ملللك‬
‫كستاست والمراد منه زوال دولتهم وظهللور دولللة السلللم وروى أنلله دخللل‬
‫المفضل ابن سهل على المأمون في اليوم الذي قتل فيه وأخبره أنلله يقتللل‬
‫في هذا اليوم بين الماء والنار وأنكر المأمون ذلك عليه وقوى قلبه ثم اتفللق‬
‫أنه دخل الحمام فقتل في الحمام وكان المر كما أخللبر ثللم قللال واعلللم إن‬
‫التجارب في هذا الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية ‪ #‬قلت فهذا أقصى ماقرر‬
‫به الرازى كلم هؤلء ومللذهبهم ولقلد نلثر الكنانللة ونفللض الجعبللة واسللتفرغ‬
‫الوسع وبذل الجهد وروح وبهرج وقعقع وفرقع وجعجع ول ترى طحنللا وجمللع‬
‫بين ما يعلم بالضطرار أنه كذب على‬

‫رسول الله وعلى أصحابه وبين ما يعلم بالضطرار أنه خطأ فللي تأويللل كلم‬
‫الله ومعرفة مللراده ول يللروج مللا ذكللره أل علللى مفللرط فللي الجهللل بللدين‬
‫الرسل وما جاؤا به أو مقلد لهل الباطل والمحال من المنجمين و أقللاويلهم‬
‫فإن جمع بين المرين شرب كلمه شربا ونحن بحمد الللله ومعللونته وتأييللده‬
‫نبين بطلن استدلله واحتجللاجه فنقللول أمللا السللتدلل بقللوله تعللالى ^ فل‬
‫أقسم بالخنس الجوار الكنس ^ فإن أكللثر المفسللرين علللى أن المللراد هللو‬
‫الكواكب التي تسللير راجعلة تلارة ومسلتقيمة أخلرى وهلذا القللول قلد قلاله‬
‫جماعة من المفسرين وأنهللا الكللواكب الخمسللة زحللل وعطللارد والمشللترى‬
‫والمريلخ والزهلرة وروى علن عللى واختلاره ابلن مقاتلل وابلن قتيبلة قلالوا‬
‫وسماها خنسا لنها في سيرها تتقدم إلى جهة المشرق ثم تخنس أي تتللأخر‬
‫وكنوسها إستتارها في معربها كما تكنس الظباء وتفر من الوحللوش إلللى أن‬
‫تأوي إلى كناسها وهي أكنتها وتسللمى هللذه الكللواكب المتحيللرة لنهللا تسللير‬
‫مستقيمة وتسير راجعة وقيل كنوسللها بالنسللبة إلللى النللاظر وهللو اسللتتارها‬
‫تحت شعاع الشمس وقيل هي النجللوم كلهللا وهللو اختيللار أبللي عبيللدة وقللال‬
‫الحسن وقتادة وعلى هذا القول فيكون باعتبار أحوالها الثلثللة مللن طلوعهللا‬
‫وغروبها وما بينهما فهي خنس عند أول الطلللوع لن النجللم منهللا يللرى كللأنه‬
‫يبدو ويخنس وتكنس عند غروبها تشبها بالظباء التي تأوي إلى كناسللها وهللي‬
‫جوار ما بين طلوعهللا وغروبهللا خنللس عنللد الطلللوع جللوار بعللده كنللس عنللد‬
‫الغروب وهذا كله بالنسبة إلى أفق كلل بللد تكلون لهلا فيله الحلوال الثلثلة‬
‫وقال عبد الله بن مسللعود هللي بقللر الللوحش وهللي روايللة عللن ابللن عبللاس‬
‫واختاره سعيد بن جبير وقيل وهو أضعف القللوال الملئكللة حكللاه المللروزي‬
‫في تفسيره فإن كان المراد بعللض هلذه القللوال غيلر ملا حكللاه الللرازي فل‬
‫حجة له وإن كان المراد ما حكاه فغايته إن يكللون الللله سللبحانه وتعللالى قللد‬
‫أقسم بها كما أقسم بالليل والنهللار والضللحى والوالللد والفجللر وليللال عشللر‬
‫والشفع والوتر والسماء والرض واليوم الموعود وشللاهد ومشللهود والنفللس‬
‫والمرسلللت والعاصللفات والناشللرات والفارقللات والنازعللات والناشللطات‬
‫والسابحات والسابقات وما نبصره ومال نبصره من كللل غللائب عنللا وحاضللر‬
‫مما فيه التنبيه على كمال ربو بيته وعزتلله وحكمتلله وقللدرته وتللدبيره وتنللوع‬
‫مخلوقاته الدالة عليه المرشدة إليه بما تضمنته مللن عجللائب الصللنعة وبللديع‬
‫الخلقة وتشهد لفاطرها وبارئها بللأنه الواحللد الحللد الللذي ل شللريك للله وأنلله‬
‫الكامل في علمه وقدرته ومشيئته وحكمته وربو بيته وملكلله وأنهللا مسللخرة‬
‫مذللة منقادة لمره مطيعة لمراده منها ففللي القسللام بهللا تعظيللم لخالقهللا‬
‫تبارك وتعالى وتنزيه له عما نسبه إليلله أعللداؤه الجاحللدون المعطلللون لربللو‬
‫بيته وقدرته ومشيئتة ووحدانيته وأن من هذه عبيده ومماليكه وخلقه وصنعه‬
‫وإبداعه فكيف تجحد ربو بيته وألهيته وكيف تنكر صفات كماله ونعوت جلله‬
‫وكيف يسوغ لذي حس سليم وفطرة‬

‫‪ #‬مسللتقيمة تعطيلهللا عللن صللانعها أو تعطيللل صللانعها عللن نعللوت جلللله‬


‫وأوصاف كماله وعن أفعاله فأقسامة بها أكبر دليل على فسللاد قللول نللوعي‬
‫المعطلة والمشركين الذين جعلوها آلهة تعبللد مللع دلئل الحللدوث والعبوديللة‬
‫والتسخير والفتقار عليها وإنها أدلللة علللى بارئهللا وفاطرهللا وعلللى وحللدانيته‬
‫وأنه ل تنبغي الربوبية واللهية لها بوجه ما بل ل تنبغي أل لمن فطرها وبرأها‬
‫كما قال القائل ‪ # :‬تأمل سللطور الكائنللات فإنهللا إلللى الملللك العلللى إليللك‬
‫رسائل ‪ %‬وقد خط فيها لو تأملت خطها أل كل شيء مللا خل الللله باطللل ‪#‬‬
‫وقال آخر ‪ # :‬فوا عجبا كيف يعصي اللهه ‪ %‬أم كيف يجحده جاحللد ‪ #‬لللله‬
‫في كل تحريكة ‪ %‬وتسكينة أبدا شاهد ‪ #‬وفللي كللل شلليء للله آيللة ‪ %‬تللدل‬
‫على أنه واحد ‪ #‬فلم يكن إقسامه بهللا سللبحانه مقللررا بللذلك علللم الحكللام‬
‫النجومية كما يقوله الكاذبون المفترون بل مقررا لكمال ربللوبيته ووحللدانيته‬
‫وتفرده بالخلق والبداع وكمال حكمته وعلملله وعظمتلله وهللذا نظيللر إخبللاره‬
‫سبحانه عن خلقها وعن حكمة خالقها بقوله الله الللذي خلللق سللبع سللموات‬
‫ومن الرض مثلهن يتنزل المر بينهن لتعلموا أن الله عللى كلل شليء قلدير‬
‫وأن الله قد أحاط بكل شيء علما وقوله ^ وهو الللذي خلللق الليللل والنهللار‬
‫والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ^ وقوله ^ ومن آياته الليل والنهار‬
‫والشمس والقمر ل تسجدوا للشمس ول للقمر واسجدوا لله الللذي خلقهللن‬
‫إن كنتم إياه تعبدون ^ وقوله إن ربكم الله الذي خلق السموات والرض ثم‬
‫استوى علللى العللرش يغشللى الليللل النهللار يطلبلله حثيثللا والشللمس والقمللر‬
‫والنجوم مسخرات بأمره أل له الخلق والمر تبارك الله رب العالمين وقوله‬
‫^ وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسللخرات بللأمره إن‬
‫فللي ذلللك ليللات لقللوم يعقلللون ^ وهللؤلء المشللركون يعظمللون الشللمس‬
‫والقمر والكواكب تعظيمللا يسللجدون لهللا ويتللذللون لهللا ويسللبحونها تسللابيح‬
‫معروفة في كتبهم ودعوات ل ينبغي أن يدعى بها إل خالقها وفاطرها وحللده‬
‫ويقول بعضهم في كتاب مصللحف الشللمس مصللحف القمللر مصللحف زحللل‬
‫مصلحف عطلارد بعضلهم يقلول تسلبيحة الشلمس تسلبيحة القملر تسلبيحة‬
‫عطارد تسبيحة زحل ول يتحاشى من ذلللك وبعضللهم يقللول دعللوة الشللمس‬
‫دعوة القمر دعوة عطارد دعوة زحل وبعضهم يقول هيكل الشمس والقمللر‬
‫وعطارد وأصله أن الهيكل هو البيت المبني للعبللادة وكللان الصللابئون يبنللون‬
‫لكل كوكب من هذه الكواكب هيكل ويصورون فيلله ذلللك الكللوكب ويتخللذونه‬
‫لعبادته وتعظيمه ودعائه ويزعمون أن روحانيللة ذلللك الكللوكب تتنللزل عليهللم‬
‫فتخاطبهم وتقضي حوائجهم وشاهدوا‬
‫ذلك منها وعاينوه وتلك الروحانية هي الشللياطين تنزلللت عليهللم وخللاطبتهم‬
‫وقضت حوائجهم ثم لما رام هذا الفعل من تستر منهم بالسلم ولللم يمكنلله‬
‫أن يبني لها بيوتا يعبدها فيه كتب لها دعوات وتسبيحات وأذكللارا سلماها هيللا‬
‫كل ثم من اشتد تستره وخوفه أخرجها في قللالب حللروف وكلمللات ل تفهللم‬
‫لئل يبللادر انكارهللا وردهللا ومللن لللم يخللف منهللم صللرح بتلللك الللدعوات‬
‫والتسبيحات والذكار بلسان من يخللاطبه بالفارسللية والعربيللة وغيرهللا فلمللا‬
‫أنكر عليه أهل اليمان قال إنما ذكرت هذا معرفة لهذا العلللم وإحاطللة بلله ل‬
‫اعتقادا له ول ترغيبا فيه وقد وصللف ذلللك العلللم وقللرره أتللم تقريللر وحمللله‬
‫هدية إلى ملكه فأثابه عليه جملة من الذهب يقال أنه ألف دينار وصللار ذلللك‬
‫الكتللاب إمامللا لهللل هللذا الفللن اليلله يلجئون وعليلله يعولللون وبلله يحتجللون‬
‫ويقولون شهرة مصنفة وجللته وعلمه وفضللله ل تنكللر ول تجحللد وفللي هللذا‬
‫الكتاب من مخاطبة الشمس والقمر والكللواكب بالخطللاب الللذي ل يليللق إل‬
‫بالله عز وجل ول ينبغي لحد سواه ومن الخضوع والللذل والعبللادة الللتي لللم‬
‫يكن عباد الصنام يبلغونها من آلهتهم فبللالله أتجعللل قللوله تعللالى فل أقسللم‬
‫بالخنس الجوارى الكنس دليل على هللذا ومقدمللة للله فللي أول الكتللاب فللان‬
‫كان القسام بها دليل على تأثيراتها في العالم كما يقولون فينبغي أن يكللون‬
‫سائر ما أقسم به كذلك وان لم يكن القسلم دليل بطلل السلتدلل بله وأملا‬
‫قوله تعللالى ^ فل أقسللم بمواقللع النجللوم ^ ففيهللا قللولن ‪ #‬أحللدهما أنهللا‬
‫النجللوم المعروفللة وعلللى هللذا ففللي مواقعهللا أقللوال أحللدها انلله انكللدارها‬
‫وانتشارها يوم القيامة وهذا قول الحسن والمنجمون يكذبون بهذا ول يقرون‬
‫به والثاني مواقعها منازلها قاله عطاء وقتادة والثالث انه مغاربها والرابع انه‬
‫مواقها عند طلوعها وغروبها حكللاه ابللن عطيللة عللن مجاهللد وأبللي عبيللدة ‪#‬‬
‫والخامس أن مواقعها مواضعها من السماء وهلذا اللذى حكلاه ابلن الجلوزى‬
‫عن قتادة حكاه ابن عطية عنه فيحتمل أن يكونا واحدا وان يكونللا قللولين ‪#‬‬
‫السادس أن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وقت الرجوم حكاه ابللن عطيللة‬
‫ايضا ولم يذكر أبو الفرج ابن الجوزى سوى الثلثللة الول والقللول الثللاني أن‬
‫مواقع النجوم هى منازل القرآن ونجومه التى نزلللت علللى النللبي فللى مللدة‬
‫ثلث وعشرين سنة قال ابللن عطيللة ويؤيللد هللذا القللول عللود الضللمير علللى‬
‫القرآن في قوله ^ انه لقرآن كريم في كتاب مكنون ^ وذلك ان ذكللره لللم‬
‫يتقدم ال على هذا التأويل ومن ل يتأول هذا التأويل يقللول ان الضللمير يعللود‬
‫على القرآن وان لم يتقدم ذكره لشهرة المر ووضوح المعنى كقوله تعللالى‬
‫^ حتى توارت بالحجاب ^ وكل من عليها فان وغير ذلك قلت ويؤيد القللول‬
‫الول انه أعاد الضمير بلفظ الفراد والتذكير ومواقع النجوم جميع فلللو كللان‬
‫الضمير عائدا عليها لقال انهللا لقللرآن كريللم ال لن يقلال مواقلع النجلوم دل‬
‫على القرآن فأعاد الضمير‬

‫عليه لن مفسر الضمير يكتفى فيه بذلك وهو من أنواع البلغة واليجاز فأن‬
‫كان المراد من القسم نجوم القرآن بطل اسللتدلله باليللة وان كللان المللراد‬
‫الكواكب وهو قول الكثرين فلما فيها مللن اليللات الدالللة علللى ربوبيللة الللله‬
‫تعالى وانفراده بالخلق والبداع فانه ل ينبغى ان تكللون اللهيللة أل للله وحللده‬
‫كما انه وحده المتفرد بخلقها وابللداعها ومللا تضللمنته مللن اليللات والعجللائب‬
‫فالقسام بهللا أوضللح دليللل علللى تكللذيب المشللركين والمنجميللن والدهريللة‬
‫ونوعى المعطلة كما تقدم وكذلك قوله والنجم الثاقب علللى ان فيلله قللولين‬
‫آخرين غير القول الذى ذكره ‪ #‬أحدهما أنه الثريا وهذا قول ابللن زيللد حكللاه‬
‫عنه أبو الفرج بن الجوزى وعنه رواية ثانية انه زحل حكاها عنه ابن عطية ‪#‬‬
‫والثانى انه الجدى حكاه ابن عطيللة عللن ابللن عبللاس وقللول آخللر حكللاه أبللو‬
‫الفرج بن الجوزى عن على بللن أحمللد النيسللابوري أنلله جنللس النجللوم وأمللا‬
‫قوله تعالى ^ فالمدبرات أمرا ^ فلم يقل احد من الصحابة ول التللابعين ول‬
‫العلماء بالتفسير انها النجوم وهللذه الروايللات عنهللم فقللال ابللن عبللاس هللى‬
‫الملئكة قال عطاء وكلت بأمور عرفهم الله العمل بهللا وقللال عبللد الرحمللن‬
‫بللن سللاباط يللدبر أمللور الللدينا أربعللة جبريللل وهللو موكللل بللالوحي والجنللود‬
‫وميكائيل وهو موكل بالقطر والنبات وملك الموت وهو موكل بقبض النفس‬
‫واسرافيل وهو ينزل بالمر عليهم وقيللل جبريللل للللوحي واسللرافيل للصللور‬
‫وقال ابن قتيبة فالمدبرات أمرا الملئكة تنللزل بللالحلل والحللرام ولللم يللذكر‬
‫المتوسعون في نقل أقوال المفسرين كان الجوزى والماوردى وابللن عطيللة‬
‫غير الملئكة حتى قال ابن عطية ول أحفظ فلنا انها الملئكة هذا مع توسعه‬
‫في النقل وزيادته فيه علللى ابللي الفللرج وغيللره حللتى انلله لينفللرد بللأقوال ل‬
‫يحكيها غيره فتفسير المدبرات بالنجوم كللذب علللى الللله وعلللى المفسللرين‬
‫وكذلك المقسمات امرا لم يقللل أحللد مللن أهللل التفسللير العللالمين بلله أنهللا‬
‫النجوم بل قللالوا هللى الملئكللة الللتى تقسللم أمللر الملكللوت بللاذن ربهللا مللن‬
‫الرزاق والجال والخلق في الرحام وأمر الرياح والجبال قال ابن عطية لن‬
‫كل هذا إنما هو بملئكة تخدمه فالية تتضمن جميع الملئكة لنهم كلهللم فللي‬
‫أمور مختلفة قال أبو الطفيل عامر بن وائلة كان على بن أبللي طللالب علللم‬
‫المنبر فقال ل تسألون عن آية من كتللاب الللله وسللنة ماضللية أل قلللت لكللم‬
‫فقام إليه ابن الكواء فسأله عن الللذاريات ذروا فللالحملت وقللرأ فالجاريللات‬
‫يسللرا فالمقسللمات أمللرا فقللال الللذاريات الريللاح والحللاملت السللحاب‬
‫والجاريات السفن والمقسمات الملئكة ثم قال سل سؤال تعلللم ول تسللأل‬
‫سؤال تعنت وكذلك قال أبو الفرج ولم يذكر فيه خلفا في المقسمات امللرا‬
‫يعنى الملئكة تقسم المور على ما امر الله به قال ابن السائب المقسمات‬
‫أربعة جبريل وهو صاحب الوحي والغلظة يعنى العقوبة على أعللداء الرسللل‬
‫وميكائيل وهو صاحب الرزق والرحمة وإسرافيل وهو صاحب الصور واللللوح‬
‫وعزرائيل وهو قابض الرواح فتفسير الية ‪#‬‬

‫بأنها النجوم تفسير المنجمين ومن سلك سللبيلهم وأمللا وصللفه تعللالى بعللض‬
‫اليام بأنهللا أيللام نحللس كقللوله ^ فأرسلللنا عليهللم ريحللا صرصللرا فللي ايللام‬
‫نحسات ^ فل ريب أن اليام التي أوقع الله سللبحانه فيهللا العقوبللة بأعللدائه‬
‫وأعداء رسله كانت أياما نحسات عليهم لن النحس أصابهم فيهللا وإن كللانت‬
‫أيام خير لوليائه المؤمنين فهي نحس على المكذبين سللعد المللؤمنين وهللذا‬
‫كيوم القيامة فإنه عسير على الكافرين يوم نحس لهم يسير على المللؤمنين‬
‫يوم سعد لهم قال مجاهد أيام نحسات مشائيم وقال الضحاك معنللاه شللديد‬
‫أي البرد حتى كللان الللبرد عللذابا لهللم قللال أبللو علللي وأنشللد الصللمعي فللي‬
‫النحس بمعنى البرد ‪ # :‬كان سلفة عرضت بنحس ‪ %‬يحيل شللفيفها المللاء‬
‫الزلل ‪ #‬وقال ابللن عبللاس نحسللات متتابعللات وكللذلك قللوله ^ إنللا أرسلللنا‬
‫عليهم ريحا صرصرا فلي يلوم نحلس مسلتمر ^ وكلان اليلوم نحسلا عليهلم‬
‫لرسال العذاب عليهم أي ل يقلع عنهم كما تقلع مصائب الدنيا عن أهلها بللل‬
‫هذا النحس دائم علللى هللؤلء المكللذبين للرسللل ومسللتمر صللفة للنحللس ل‬
‫لليوم ومن ظن أنه صفة لليوم وانه كللان يللوم أربعللاء آخللر الشللهر وأن هللذا‬
‫اليوم نحس أبدا فقد غلط واخطأ فهم القرآن فان اليوم المذكور بحسب مللا‬
‫يقع فيه وكم لله من نعمة على أوليائه في هذا اليوم وان كللان للله فيلله بليللا‬
‫ونقم على أعدائه كما يقع ذلك في غيره من اليام فسللعود اليلام ونحوسللها‬
‫إنما هو بسعود العمال وموافقتها لمرضاة الرب ونحوس العمال مخالفتهللا‬
‫لما جاءت به الرسل واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفللة ونحللس لطللائفه‬
‫كما كللان يللوم بللدر يللوم سللعد للمللؤمنين ويللوم نحللس علللى الكللافرين فمللا‬
‫للكوكب والطالع والقرانات وهذا السعد والنحس وكيف يستنبط علم أحكام‬
‫النجوم من ذلك ولو كان المؤثر في هذا النحس هو نفس الكللوكب والطللالع‬
‫لكان نحسا على العالم فأما أن يقتضي الكوكب كلونه نحسلا لطائفلة سلعدا‬
‫لطائفة فهذا هوالمحال‬
‫فصل وأما الستدلل باليات الدالة على أن الله سبحانه وضع حركات‬
‫هذه الجرام على وجه ينتفع بها في مصالح هذا العالم بقوله هو الذي جعل‬
‫الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحسللاب مللا‬
‫خلق ذلك إل بالحق وقوله تعالى ^ تبللارك الللذي جعللل فللي السللماء بروجللا‬
‫وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ^ اليللة فمللن أطللرف السللتدلل فللأين فللي‬
‫هذه اليات ما يدل على ما يدعيه المنجمون من كذبهم وبهتللانهم وافللترائهم‬
‫ولو كان المر كما يدعيه هؤلء الكذابون لكانت الدلللة والعلبرة فيله أعظللم‬
‫من مجرد الضياء والنور والحساب ولكان الليق ذكر ما تقتضيه مللن السللعد‬
‫والنحس وتعطيه من السعادة والشقاوة وتهبه من‬

‫العملار والرزاق والجلال والصلنائع والعللوم والمعلارف والصلور الحيوانيلة‬


‫والنباتية والمعدنية وسائر ما في هللذا العللالم مللن الخيللر والشللر وأمللا قللوله‬
‫تبارك الذي جعل في السماء بروجللا وجعللل فيهللا سللرجا وقمللرا منيللرا فهللو‬
‫تعظيم وثناء منه تعالى على نفسه بجعل هذه البروج والشمس والقمر فللي‬
‫السماء وقد اختلف في البروج المذكورة في هذه الية فللأكثر السلللف علللى‬
‫أنها القصللور أو الكللواكب العظللام ‪ #‬قللال ابللن المنللذر فللي تفسلليره حللدثنا‬
‫موسى حدثنا شجاع حدثنا ابن إدريس عن ابيه عن عطية جعل فللي السللماء‬
‫بروجا قال قصورا فيهللا حللرس ‪ #‬حللدثنا موسللى حللدثنا أبللو بكللر حللدثنا أبللو‬
‫معاوية ووكيع عن اسماعيل عن يحيللى بللن رافللع قللال قصللورا فللي السللماء‬
‫حدثنا موسى حدثنا أبو بكر حدثنا وكيع عن سفيان عللن ابللن ابللي نجيللح عللن‬
‫مجاهد قال النجوم يعني بروجا وكذلك قال عكرمللة حللدثنا أبللو أحمللد حللدثنا‬
‫يعلي حدثنا إسماعيل عن أبي صالح تبارك الذي جعل في السماء بروجا قال‬
‫النجوم الكبار وهذا موافق لمعنى اللفظة في اللغة فإن العرب تسمي البناء‬
‫المرتفع برجا قال تعالى اينمللا تكونللوا يللدرككم المللوت لللو كنتللم فللي بللروج‬
‫مشيدة وقللال الخطللل ‪ # :‬كأنهللا بللرج رومللي يشلليده ‪ %‬بللأن بحللض وآجللر‬
‫وأحجار ‪ #‬قال العمش كان أصحاب عبد الله يقرؤنها تبارك الذي جعل فللي‬
‫السماء قصورا وأما المتأخرون من المفسرين فكثير منهم يللذهب إلللى أنهللا‬
‫البروج الثني عشر التي تنقسم عليها المنازل كل برج منزلتان وثلث وهللذه‬
‫المنازل الثمانية والعشرون يبدو منها للناظر أربعة عشر منللزل ابللدا ويخفللى‬
‫منها أربعة عشر منزل كمللا أن الللبروج يظهللر منهللا أبللدا سللتة ويخفللى سللتة‬
‫والعرب تسمى أربعة عشر منللزل منهللا شللامية وأربعللة عشللر يمانيللة فللأول‬
‫الشامية السللرطان وآخرهللا السللماك العللزل وأول اليمانيللة الغفللر وآخرهللا‬
‫الرشللا إذا طلللع منهللا منللزل مللن المشللرق غللاب رقيبلله مللن المغللرب وهللو‬
‫الخامس عشر وبها تنقسم فصول السنة الربع فللربيع منهللا الحمللل والثللور‬
‫والجوزاء ومنازلهللا الشللرطين والبطيللن والثريللا والللدبران والهقعللة والهنعللة‬
‫والذراع وللصيف منها السرطان والسد والسنبلة ومنازلها النللثرة والطللرف‬
‫والجبهللة والزبللرة والصللرفة والعللواء والسللماك وللخريللف منهللا الميللزان‬
‫والعقللرب والقللوس ومنازلهللا الغفللر والزبللان والكليللل والقلللب والشللولة‬
‫والنعائم والبلدة وللشتاء منها الجدي والدلو والحللوت ومنازلهللا سللعد الذابللح‬
‫وسللعد بلللع وسللعد السللعود وسللعد الخبيللة والفللرع المقللدم ويسللمى الول‬
‫والفرع المؤخر ويسللمى الثللاني والرشللا ولمللا كللان نللزول القمللر فللي هللذه‬
‫المنازل معلوما بالعيان والمشاهدة ونزول الشمس فيها إنما هو بالحساب ل‬
‫بالرؤية قال تعالى ^ هللو الللذي جعللل الشللمس ضللياء والقمللر نللورا وقللدره‬
‫منازل ^ وقال تعالى ^ والشمس تجللرى لمسللتقر لهللا ذلللك تقللدير العزيللز‬
‫العليم والقمر قدرناه ^‬

‫^ منازل حتى عاد كالعرجون القديم ^ فخص القمللر بللذكر تقللدير المنللازل‬
‫دون الشمس وأن كللانت مقللدرة المنللازل لظهللور ذلللك للحللس فللي القمللر‬
‫وظهور تفاوت نوره بالزيادة والنقصان في كل منزل ولللذلك كللان الحسللاب‬
‫القمرى أشللهر وأعللرف علن والمللم وأبعلد ملن الغلللط وأصلح للضللبط ملن‬
‫الحساب الشمسى ويشترك فيه الناس دون الحساب الشمسى ولهللذا قللال‬
‫تعالى في القمر ^ وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ^ ولم يقل‬
‫ذلك في الشمس ولهذا كانت اشهر الحج والصوم والعياد ومواسم السلللم‬
‫انما هي علللى حسللاب القمللر وسلليره ونزوللله فللي منللازله ل علللى حسللاب‬
‫الشمس وسيرها حكمة من الله ورحمة وحفظا لدينه لشللتراك النللاس فللي‬
‫هذا الحساب وتعذر الغلط والخطلأ فيله فل يلدخل فلي اللدين ملن الختلف‬
‫والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب فهذا الذي اخبرنا تعالى به من شللأن‬
‫المنازل وسير القمر فيها وجعل الشمس سللراجا وضللياء يبصللر بله الحيللوان‬
‫ولول ذلك لم يبصر ألحيوان فأين هذا مما يدعيه الكذابون من علللم الحكللام‬
‫التى كذبها اضعاف صدقها ‪# 0‬‬
‫فصل وأما ماذكره عن إبراهيم خليل الرحمن أنه تمسك بعلم النجوم حين‬
‫قال إني سقيم فمن الكذب والفتراء على خليل الرحمن عليه السلم فللإنه‬
‫ليس في الية اكثر من أنه نظر نظرة في النجوم ثم قللال لهللم إنللي سللقيم‬
‫فمن ظن من هذا أن كلم أحكام النجوم من علم النبياء وأنهم كانوا يراعونه‬
‫ويعانونه فقد كذب على النبياء ونسبهم إلى مال يليق وهللو مللن جنللس مللن‬
‫نسبهم إلى الكهانة والسحر وزعم أن تلقيهم الغيب من جنس تلقللى غيرهللم‬
‫وأن كانوا فوقهم في ذلك لكمال نفوسهم وقللوة اسلتعدادها وقبولهلا لفيلض‬
‫العلويات عليها وهؤلء لللم يعرفللوا النبيللاء ول آمنللوا بهللم وإنمللا هللم عنللدهم‬
‫بمنزلة أصحاب الرياضات الذين خصوا بقوة الدراك وزكللاة النفللوس وزكللاة‬
‫الخلق ونصبوا أنفسهم لصلح النللاس وضللبط امللورهم ول ريللب أن هللؤلء‬
‫أبعد الخلق عن النبياء واتباعهم ومعرفتهم ومعرفة مرسلهم وما ارسلهم به‬
‫هؤلء في شأن والرسل في شأن آخر بل هم ضدهم في علومهم واعمللالهم‬
‫وهديهم وإرادتهم وطرائقهم ومعادهم وفي شأنهم كله ولهذا نجد أتباع هؤلء‬
‫ضد أتباع الرسل في العللوم والعملال والهلدى والرادات وملتى بعلث اللله‬
‫رسول يعانى التنجيم والنرجات والطلسمات والوفاق والتداخين و البخورات‬
‫ومعرفللة القرانللات والحكللم علللى الكللواكب بالسللعود والنحللوس والحللرارة‬
‫والبرودة والذكورة والنوثة وهل هذه إل صللنائع المشللركين وعلللومهم وهللل‬
‫بعثت الرسل أل بالنكار على هؤلء ومحقهم ومحق علللومهم وأعمللاهم مللن‬
‫الرض وهل للرسل أعداء بالذات إل هؤلء ومن سلك سبيلهم وهللذا معلللوم‬
‫بالضطرار لكل من آمن بالرسل صلوات‬

‫الله وسلمه عليهم وصدقهم فيما جاؤا به وعرف مسمى رسول الله وعرف‬
‫مرسله وهل كان لبراهيم الخليللل عليلله الصلللة والسلللم عللدو مثللل هللؤلء‬
‫المنجمين الصابئين وحر إن كانت دار مملكتهم والخليل أعدى عدو لهم وهم‬
‫المشركون حقا والصنام التى كانوا يعبدونها كانت صورا وتماثيللل للكللواكب‬
‫وكانوا يتخذون لها هياكل وهي بيوت العبادات لكللل كللوكب منهللا هيكللل فيلله‬
‫أصنام تناسبه فكانت عبادتهم للصنام وتعظيمهم لها تعظيما منهم للكللواكب‬
‫التى وضعوا الصنام عليها وعبادة لها وهذا أقوى السببين في الشرك الواقع‬
‫في العالم وهو الشرك بالنجوم وتعظيمهللا واعتقللاد أنهللا أحيللاء ناطقللة ولهللا‬
‫روحانيات تتنزل على عابللديها ومخاطبيهللا فصللوروا لهللا الصللور الرضللية ثللم‬
‫جعلوا عبادتها وتعظيمها ذريعة إلى عبادة تلك الكواكب واستنزال روحانياتهللا‬
‫وكانت الشياطين تتنزل عليهم وتخاطبهم وتكلمهم وتريهم من العجللائب مللا‬
‫يدعوهم إلى بذل نفوسهم وأولدهم وأموالهم لتلللك الصللنام والتقللرب إليهللا‬
‫وكان مبدأ هذا الشرك تعظيم الكللواكب وظللن السللعود والنحللوس وحصللول‬
‫الخير والشر في العالم منها وهذا شرك خللواص المشللركين وأربللاب النظللر‬
‫منهم وهو شرك قوم إبراهيم عليه الصلة والسلم ‪ #‬والسبب الثاني عبللادة‬
‫القبور والشراك بالموات وهو شرك قوم نلوح عليله الصللة والسللم وهلو‬
‫أول شرك طرق العالم وفتنته أعم واهل البتلء به أكللثر وهللم جمهللور أهللل‬
‫الشراك وكثيرا ما يجتمع البيان في حق المشرك يكون مقابريا نجوميا قللال‬
‫تعالى عن قوم نلوح ^ وقلالوا ل تلذرن آلهتكلم ول تلذرن ودا ول سلواعا ول‬
‫يغوث ويعوق ونسرا ^ ‪ #‬قال البخارى في صللحيحه قللال ابللن عبللاس كللان‬
‫هؤلء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحي الشللياطين إلللى قللومهم‬
‫أن انصللبوا علللى مجالسللهم الللتى كللانوا يجلسللون عليهللا أنصللابا وسللموها‬
‫بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حللتى إذا هلللك أولئك ونسللخ العلللم عبللدت ولهللذا‬
‫لعن النبي الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ونهى عن الصلللة إلللى القبللور‬
‫وقال اللهم ل تجعل قبرى وثنا يعبد وقال اشتد غضب الله على قوم اتخللذوا‬
‫قبور أنبيائهم مساجد وقال إن من كان قبلكللم كللانوا يتخلذون قبللور أنبيللائهم‬
‫مساجد إل فل تتخذوا القبور مساجد فإني انها كم عن ذلك وأخللبر أن هللؤلء‬
‫شرار الخلق عند الله يوم القيامة وهؤلء هم أعداء نوح كمللا ان المشللركين‬
‫بللالنجوم أعللداء إبراهيللم فنللوح عللاداه المشللركون بللالقبور وإبراهيللم عللاداه‬
‫المشركون بالنجوم والطائفتللان صللوروا الصللنام علللى صللور معبللوديهم ثللم‬
‫عبدوها وإنما بعثت الرسل بمحللق الشللرك مللن الرض ومحللق أهللله وقطللع‬
‫اسبابه وهدم بيوته ومحاربة أهله فكيف يظللن بإمللام الحنفللاء وشلليخ النبيللاء‬
‫وخليل رب الرض والسماء أنه كان يتعاطى علم النجوم ويأخللذ منلله أحكللام‬
‫الحوادث سبحانك هذا بهتان عظيم وإنما كانت النظرة التى نظرها‬

‫في علم النجوم من معاريض الفعال كما كان قوله فعله كبيرهم هذا وقوله‬
‫إني سقيم وقوله عن امرأته سارة هذه أختي من معاريض المقللال ليتوصللل‬
‫بها إلى غرضه من كسر الصنام كما توصل بتعريضه بقوله هللذه أخللتي إلللى‬
‫خلصها من يد الفاجر ولما غلظ فهم عن كثير من الناس وكشفت طبللاعهم‬
‫عن إدراكه ظنوا أن نظره في النجوم ليستنبط منها علم الحكللام وعلللم أن‬
‫نجمة وطالعه يقضى عليه بالسقم وحاشا لله أن يظن ذلللك بخليللله أو بأحللد‬
‫من أتباعه وهذا من جنس معاريض يوسف الصديق صلللى الللله تعللالى عليلله‬
‫وسلم حين تفتيش أوعية أخيه عن الصللاع فللإن المفتللش بللدأ بللأوعيتهم مللع‬
‫علمه أنه ليس فيها وأخر وعاء أخيه مع علمه أنه فيها تعريضا بللأنه ل يعللرف‬
‫في أى وعاء هي ونفيا للتهمة عنه بأنه لللو كللان عالمللا فللي أى الوعيللة هللي‬
‫لبادر إليها ولم يكلف نفسه تعللب التفللتيش لغيرهللا فلهللذا نظللر الخليللل فللي‬
‫النجوم نظر تورية وتعريض محض ينفي به عنه تهمة قومه ويتوصل بلله إلللى‬
‫كيد أصنامهم ‪# 0‬‬
‫فصل وأما الستدلل بقوله تعالى لخلق السموات والرض أكبر من خلق‬
‫الناس وإن المراد به كبر القدر والشرف ل كللبر الجثللة ففللي غايللة الفسللاد‬
‫فإن المراد من الخلق ههنا الفعل لنفس المفعول وهذا من أبلغ الدلة عللى‬
‫المعاد أى أن الذى خلق السموات والرض وخلقهللا أكللبر مللن خلقكللم كيللف‬
‫يعجزه خلقكم بعدما تموتون خلقا جديدا ونظيللر هللذا فللي قللوله فللي سللورة‬
‫يس أوليس الذي خلق السللموات والرض بقللادر علللى أن يخلللق مثلهللم أى‬
‫مثل هؤلء المنكرين فهذا استدلل بشمول القدر للنوعين وأنها صالحة لهمللا‬
‫فل يجوز أن يثبت تعلقهللا بأحللد المقللدورين دون الخللر فكللذلك قللوله لخلللق‬
‫السموات والرض أكبر من خلق الناس أى من لللم تعجللز قللدرته عللن خلللق‬
‫العالم العلوي والسفلي كيف يعجللز عللن خلللق النللاس خلقللا جديللدا بعللد مللا‬
‫أماتهم ول تعرض في هذا لحكام النجوم بوجه قط ول لتأثير الكللواكب وامللا‬
‫قوله تعالى ويتفكرون في خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هللذا بللاطل‬
‫فل ريب أن خلق السموات والرض من أعظم الدلة علللى وجللود فاطرهمللا‬
‫وكمال قدرته وعلمه وحكمته وانفراده بالربوبية والوحدانية ومن سللوى بيللن‬
‫ذلك وبين البقة وجعل العبرة والدللة والعلم بوجللود الللرب الخللالق البللارىء‬
‫المصور منهما سواء فقد كابر والله سللبحانه إنمللا يلدعو عبللاده علللى النظللر‬
‫والفكر في مخلوقاته العظام لظهور أثر الدللة فيها وبللديع عجللائب الصللنعة‬
‫والحكمة فيها واتساع مجال الفكر والنظر في أرجائها وأل ‪ #‬ففي كل شيء‬
‫له آية ‪ %‬تدل على أنه واحد ‪ # %‬ولكن أين الية والدللة فلي خللق العلالم‬
‫العلوي والسفلي إلى خلق القملة والبرغوث‬

‫والبقة فكيف يسمح لعاقل عقله أن يسوي بينهمللا ويجعللل الدللللة مللن هللذا‬
‫كالدللة من الخر والله سبحانه إنما يذكر من مخلوقاته للدللة عليه أشرفها‬
‫وأظهرهللا للحللس والعقللل وأبينهللا دللللة وأعجبهللا صللنعة كالسللماء والرض‬
‫والشمس والقمر والليل والنهار والنجوم والجبال والسللحاب والمطللر وغيللر‬
‫ذلك من آياتة ول يدعو عباده إلى التفكللر فللي القمللل والللبراغيث والبعللوض‬
‫والبق والكلب والحشرات ونحوها إنما يذكر ملا يلذكر ملن ذللك فلي سلياق‬
‫ضرب المثال مبالغة في الحتقار والضعف كقللوله تعللالى أن الللذين تللدعون‬
‫من دون الله لن يخلقوا ذبابا وللو اجتمعلوا لله وإن يسللبهم اللذباب شليئا ل‬
‫يستنفذوه منه فهنا لم يذكر الذباب فللي سللياق الدللللة علللى إثبللات الصللانع‬
‫تعالى وكللذلك قللوله ^ أن الللله ل يسللتحي أن يضللرب مثل مللا بعوضللة فمللا‬
‫فوقهللا ^ وكللذلك قللوله ^ مثللل الللذين اتخللذوا مللن دون الللله أوليللاء كمثللل‬
‫العنكبوت اتخذت بيتا وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت ^ فتأمللل ذكللر هللذه‬
‫المخلوقات الحقيرة في أى سياق وذكر المخلوقات العظيمة فللي أى سللياق‬
‫‪ #‬وأما قول من قال من المتكلمين المتكلفين أن دللة حصول الحيللاة فللي‬
‫البدان الحيوانية أقوى من دللة السموات والرض على وجود الصانع تعالى‬
‫فبناء هذا القائل على الصللل الفاسللد وهللو إثبللات الجللوهر الفللرد وإن تللأثير‬
‫الصانع تعالى في خلق العللالم العلللوي والسللفلي هللو تركيللب تلللك الجللواهر‬
‫وتأليفها هذا التأليف الخاص والللتركيب جنسلله مقللدور للبشللر وغيرهللم وأمللا‬
‫الحداث والختراع فل يقدر عليه إل الله والقول بالجوهر الفرد وبنللاء المبللدأ‬
‫والمعاد عليه ممللا هللو مللن اصللول المتكلميللن الفاسللدة الللتى نللازعهم فيهللا‬
‫جمهور العقلء قالوا وخلق الله تعالى وإحداثه لما يحدثه من أجسللام العللالم‬
‫هو إحداث لجزائها وذواتها ل مجرد تركيب الجواهر منفردة ثم قد فللرغ مللن‬
‫خلقها وصنعه وإبداعه الن إنما هو في تأليفها وتركيبها وهذا من اقوال اهللل‬
‫البدع التى ابتدعوها في السلم وبنوا عليها المعاد وحدوث العللالم فسلللطوا‬
‫عليهم أعداء السلم ولم يمكنهم كسرهم لما بنوا المبدأ والمعللاد علللى أمللر‬
‫وهمى خيالى وظنوا انه ل يتم لهم القول بحدوث العالم وإعادة الجسللام إل‬
‫به وأقام منازعوهم حججا كثيرة جدا على بطلن القول بالجوهر واعللترافهم‬
‫بقوة كثير منها وصحته فأوقع ذلك شكا لكثير منهم في أمللر المبللدأ والمعللاد‬
‫لبنائه على شفا جرف هار وأما ائمة السلللم وفحللول النظللار فلللم يعتمللدوا‬
‫على هذه الطريقة وهي عندهم أضعف وأوهي من أن يبنوا عليهللا شلليئا مللن‬
‫الدين فضل عن حدوث العالم وإعادة الجسام وإنمللا اعتمللدوا علللى الطللرق‬
‫التى أرشد الله سبحانه إليها في كتللابه وهللي حللدوث ذات الحيللوان والنبللات‬
‫وخلق نفس العللالم العلللوي والسللفلي وحللدوث السللحاب والمطللر والريللاح‬
‫وغيرها ملن الجسلام الللتى يشلاهد حلدوثها بلذواتها لمجلرد حلدوث تأليفهلا‬
‫وتركيبها فعند القائلين بالجوهر ل يشهد ان الله أحدث في هلذا العلالم شلليئا‬
‫من‬

‫الجواهر وإنما أحدث تأليفها وتركيبها فقط وإن كان أحللداثه بجللواهره سللابقا‬
‫متقدما قبل ذلك وأما الن فإنمللا تحللدث العللراض مللن الجتمللاع والفللتراق‬
‫والحركة والسكون فقط وهي الكوان عندهم وكللذلك المعللاد فللإنه سللبحانه‬
‫يفرق أجلزاء العلالم وهللو اعلدامه ثلم يؤلفهلا ويجمعهللا وهللو المعلاد وهللؤلء‬
‫احتللاجوا إلللى أن يسللتدلوا علللى كللون عيللن النسللان وجللواهره مخلوقللة إذ‬
‫المشاهد عندهم بالحس دائمللا هللو حللدوث أعللراض فللي تلللك الجللواهر مللن‬
‫التأليف الخالص وزعموا أن كل ما يحدثه الله من السحاب والمطر والزروع‬
‫والثمار والحيوان فإنما يحدث فيه أعراضا وهللي جمللع الجللواهر الللتي كللانت‬
‫موجللودة وتفريقهللا وزعمللوا أن أحللدا ل يعلللم حللدوث عيللن مللن العيللان‬
‫بالمشاهدة ول بضرورة العقل وإنما يعلللم ذلللك بالسللتدلل وجمهللور العقلء‬
‫من الطوائف يخالفون هؤلء ويقولون الرب ل يزال يحللدث العيللان كمللا دل‬
‫على ذلك الحس والعقل والقرآن فإن الجسللام الحادثللة بالمشللاهدة ذواتهللا‬
‫وأجزاؤها حادثة بعد إن لم تكن جواهر مفرقة فاجتمعت ومن قال غيللر ذلللك‬
‫فقد كابر الحس والعقل فإن كون النسان والحيوان مخلوقا محدثا كائنا بعللد‬
‫إن لم يكن أمر معلوم بالضرورة لجميع الناس وكل أحد يعلم أنه حللدث فللي‬
‫بطن أمه بعد إن لم يكن وإن عينه حدثت كما قال الله تعالى ^ وقد خلقتك‬
‫من قبل ولم تك شيئا ^ وليس هذا عندهم مما يستدل عليه بلل يسلتدل بله‬
‫كما هي طريقة القرآن فإنه جعل حدوث النسان وخلقه دليل ل مدلول عليه‬
‫‪ #‬وقولهم إن الحادث أعراض فقط وأنه مركب من الجواهر المفردة قولن‬
‫باطلن بل يعلم حدوث عين النسان وذاته وبطلن الجلوهر الفلرد وللو كلان‬
‫القول بالجوهر صحيحا لم يكن معلوما إل بأدلة خفيللة دقيقللة فل يكللون مللن‬
‫أصول الللدين بللل ول مقدمللة فيهللا فطريقتهللم تتضللمن جحللد المعلللوم وهللو‬
‫حدوث العيان الحادثة وذواتها وإثبات ما ليللس بمعلللوم بللل هللو باطللل وهللو‬
‫إثبات الجوهر الفرد وليس هلذا موضلع استقصلاء هلذه المسلئلة والمقصلود‬
‫الكلم على قوله إن الستدلل بحصول الحياة في بنية الحيوان علللى وجللود‬
‫الصانع أقوى من دللة تركيب الجرام الفلكية وهلو مبنللى علللى هللذا الصلل‬
‫الفاسد‬
‫فصل وأما استدلله بقوله تعالى وما خلقنا السماء والرض وما‬
‫بينهما باطل ^ فعجب من العجب فإن هللذا مللن اقللوى الدلللة وأبينهللا علللى‬
‫بطلن قول المنجمين والدهريلة الللذين يسلندون جميللع ملا فلي العلالم ملن‬
‫الخير والشر إلى النجوم وحركاتها واتصالتها ويزعمون أن مللا تللأتي بلله مللن‬
‫الخير والشر فعن تعريف الرسللل والنبيللاء وكللذلك مللا تعطيلله مللن السللعود‬
‫والنحوس وهذا هو السبب الذي سقنا الكلم لجله معهلم لملا حكينلا قلولهم‬
‫أنه لما كانت الموجودات في العالم‬

‫‪ #‬السللفلي مترتبللة علللى تللأثير الكللواكب والروحانيللات الللتي هللي مللدبرات‬


‫الكواكب وإن كان في اتصالتها نظر سعد ونحس وجب أن يكون في آثارهللا‬
‫حسلن وقبللح فلي الخللق والخلق والعقللول النسلانية متسللاوية فلي النللوع‬
‫فوجب أن يدركها كل عقل سليم ول يتوقف إدراكها على من هللو مثللل ذلللك‬
‫العاقل في النوع ما هذا إل بشللر مثلكللم يريللد أن يتفضللل عليكللم إلللى آخللر‬
‫كلمكم المتضمن خلللق السللموات والرض بغيللر أمللر ول نهللي ول ثلواب ول‬
‫عقاب وهذا هو الباطل الذي نفاه الله سللبحانه عللن نفسلله وأخللبر أنلله ظللن‬
‫أعدائه الكلافرين ولهللذا اتفلق المفسلرون علللى أن الحللق الللذي خلقلت بله‬
‫السموات والرض هو المر والنهي وما يترتب عليهما مللن الثللواب والعقللاب‬
‫فمن جحد ذلك وجحد رسالة الرسللل وكفللر بالمعللاد وأحللال حللوادث العللالم‬
‫على حركات الكواكب فقد زعم أن خلق السللموات والرض ابطللل الباطللل‬
‫وأن العالم خلق عبثا وترك سدى وخلللى همل وغايللة مللا خلللق للله أن يكللون‬
‫متمتعا باللذات الحسية كالبهائم فللي هللذه المللدة القصلليرة جللدا ثللم يفللارق‬
‫الوجود وتحدث حركات الكواكب أشخاصا مثله هكذا أبدا فللأي باطللل أبطللل‬
‫من هذا وأي عبث فوق هذا ^ أفحسللبتم أنمللا خلقنللاكم عبثللا وإنكللم إلينللا ل‬
‫ترجعون فتعالى الله الملك الحق ل إله إل هو رب العرش الكريم ^ والحللق‬
‫الذي خلقللت بله السلموات والرض وملا بينهملا هلو إلهيلة الللرب المتضلمنة‬
‫لكمال حكمته وملكه وامره ونهيه المتضمن لشرعة وثوابه وعقابه المتضمن‬
‫لعدله وفضله ولقائه فالحق الذي وجد به العالم كون الله سللبحانه هللو الللله‬
‫الحق المعبود والمر الناهي المتصللرف فللي الممالللك بللالمر والنهللي وذلللك‬
‫يستلزم إرسال الرسل وإكرام من استجاب لهم وتمام النعللام عليلله وإهانللة‬
‫من كفر بهم وكذبهم واختصاصه بالشقاء والهلك وذلك معقود بكمال حكمة‬
‫الرب تعالى وقدرته وعلمه وعدله وتمام ربوبيته وتصللرفه وانفللراده باللهيللة‬
‫وجريان المخلوقات على موجب حكمته وإلهيتلله وملكلله التللام وأنلله أهللل أن‬
‫يعبد ويطاع وأنه أولى من أكرم أحبابه وأولياءه بالكرام الذي يليللق بعظمتلله‬
‫وغناه وجوده وأهللان أعللداءه المعرضللين عنلله الجاحللدين للله المشللركين بلله‬
‫المسوين بينه وبين الكواكب والوثللان والصللنام فللي العبللادة بالهانللة الللتي‬
‫تليق بعظمته وجلله وشدة بأسه فهو الله العزيز العليم غافر الللذنب وقابللل‬
‫التوب شديد العقاب ذو الطول ل إللله إل هللو إليلله المصللير وهللو ذو الرحمللة‬
‫الواسعة الذي ل يرد باسه عن القوم المجرمين أل له الخلللق والمللر تبللارك‬
‫الله رب العالمين وهو سبحانه خلق العالم العلللوي والسللفلي بسللبب الحللق‬
‫ولجل الحق وضمنه الحق فبللالحق كلان وللحللق كللان وعلللى الحلق اشلتمل‬
‫والحق هو توحيده وعبادته وحده ل شريك له وموجب ذلللك ومقتضللاه وقللام‬
‫بعدله الذي هو الحق وعلللى الحللق اشللتمل فمللا خلللق الللله شلليئا إل بللالحق‬
‫وللحق ونفس خلقه له حق وهو شاهد من شواهد الحق فإن أحق الحق هللو‬
‫التوحيد كما‬

‫‪ #‬أن أظلم الظلم هو الشرك ومخلوقات الرب تعالى كلها شللاهدة للله بللأنه‬
‫الله الذي ل إله إل هو وإن كل معبود باطل سواه وكلل مخللوق شلاهد بهلذا‬
‫الحق إما شللهادة نطللق وإمللا شللهادة حللال وإن ظهللر بفعللله وقللوله خلفهللا‬
‫كالمشرك الذي يشهد حال خلقه وإبداعه وصنعه لخللالقه وفللاطره أنلله الللله‬
‫الذي ل إله إل هو وإن عبد غيره وزعم أن له شريكا فشاهد حاله مكذب للله‬
‫مبطل لشهادة فعله وقاله ‪ #‬وأمللا قللوله أنلله ل يمكللن أن يقللال المللراد أنلله‬
‫خلقها على وجه يمكن الستدلل بها على الصانع الحكيم إلى آخللر كلملله ‪#‬‬
‫فيقال له إذا كانت دللتها على صللانعها أمللرا ثابتللا لهللا لللذواتها وذواتهللا إنمللا‬
‫وجدت بإيجاده وتكوينه كانت دللتها بسبب فعل الفاعللل المختللار لهللا ولكللن‬
‫هذا بنلاء منلله علللى أصللل فاسللد يكللرره فللي كتبلله وهللو ان الللذوات ليسللت‬
‫بمجعولة ول تتعلق بفعل الفاعل وهذا مما أنكره عليلله أهللل العلللم واليملان‬
‫وقالوا أن كونها ذواتا وإن وجودها وأوصافها وكل ما ينسللب إليهللا هللو بفعللل‬
‫الفاعل فكونها ذواتا وما يتبع ذلك من دللتها على الصانع كله بجعل الجاعللل‬
‫فإنه لما جعلها على هذه الصفة مستلزمة لدللتها عليلله كللانت دللتهللا عليلله‬
‫بجعله فإن قيل لو قدر عدم الجاعل لها لم يرتفع كونها ذواتا ولو كانت ذواتا‬
‫بجعله لرتفع كونها ذواتا بتقدير ارتفاعه ‪ #‬قيللل مللا تعنللى بكونهللا ذواتللا ومللا‬
‫هيات اتعنى به تحقق ذلك في الخارج أو في الذهن أو أعم منها فللإن عنيللت‬
‫الول فل ريب في بطلن كونها ذوات وما هيات على تقدير ارتفللاع الجاعللل‬
‫وإن عنيت الثانى فالصور الذهنية مجعولة له أيضا لنه هو الذي علللم فإوجللد‬
‫الخلئق الذهنية في العلم كما أنه اللذي خللق فأوجلد الحقلائق الذهنيلة فلي‬
‫العين فهو الكرم الذي خلق وعلم فما في الذهن بتعليملله ومللا فللي الخللارج‬
‫بخلقه وإن عنيت القدر المشترك بيللن الخللارج والللذهن وهللو مسللمى كونهللا‬
‫ذوات وما هيات بقطع النظر عللن تقييللده بالللذهن أو الخللارج قيللل لللك هللذه‬
‫ليست بشيء البتة فإن الشيء إنما يكون شلليئا فللي الخللارج أو فللي الللذهن‬
‫والعلم وما ليس له حقيقللة خارجيللة ول ذهنيللة فليللس بشلليء بللل هللو عللدم‬
‫صرف ول ريب ان العدم ليس بفعل فاعل ول جعل جاعل ‪ #‬فإن قيللل هللي‬
‫ل تنفك عن أحد الوجودين أما الللذهني وامللا الخللارجي ولكللن نحللن أخللذناها‬
‫مجردة عن الوجودين ونظرنا إليها من هذه الحيثية وهذا العتبللار ثللم حكمنللا‬
‫عليها بقطع النظر عن تقيدها بذهن أو خللارج قيللل الحكللم عليهللا بشلليء مللا‬
‫يستلزم تصورها ليمكن الحكم عليها وتصورها مع أخذها مجردة عن الوجللود‬
‫والذهن محال فإن قيل مسلم أن ذلك محال ولكللن إذا أخللذناه مللع وجودهللا‬
‫الذهني أو الخارجي فهنا أمران حقيقتها وماهيتها والثاني وجودهلا اللذهني أو‬
‫الخارجي فنحن أخذناها موجودة وحكمنا عليها مجردة فالحكم على جزء هذا‬
‫المأخوذ المنصور ‪ #‬قيل هذا القدر المأخوذ عدم محض كما تقدم والعللدم ل‬
‫يكون بجعل جاعل ونكتة المسألة أن‬

‫‪ #‬الذوات من حيث هي ذوات أما أن تكون وجودا او عدما فإن كانت وجودا‬
‫فهي بجعل الجاعل وإن كانت عدما فالعدم كاسمه ل يتعلق بجعل الجاعل ‪0‬‬
‫فصل وأما قوله إن إبراهيم صلوات الله عليه وسلمه كان اعتماده في‬
‫إثبات الصانع على اللدلئل الفلكيلة كملا قلرره فيقلال ملن العجلب ذكركلم‬
‫لخليل الرحمن في هذا المقام وهو أعظم عدو لعباد الكواكب والصنام التى‬
‫اتخذت على صورها وهم أعداؤه الذين ألقوه في النار حتى جعلها الله عليلله‬
‫بردا وسلما وهو عليه السلم أعظم الخلق بللراءة منهللم وأمللا ذلللك التقريللر‬
‫الذي قرره الرازي في المناظرة بينه وبين الملك المعطل فممللا لللم يخطللر‬
‫بقلب إبراهيم ول بقلب المشرك ول يدل اللفظ عليها البتة وتلللك المنللاظرة‬
‫التى ذكرها الرازي تشبه أن تكللون منللاظرة بيللن فيلسللوف ومتكلللم فكيللف‬
‫يسوغ أن يقال أنها هي المرادة من كلم الله تعالى فيكذب على الله وعلللى‬
‫خليله وعلى المشرك المعطل وإبراهيم أعلم بلالله ووحللدانيته وصللفاته مللن‬
‫أن يوحي إليه بهذه المناظرة ونحن نذكر كلم أئمة التفسير في ذلك ليفهللم‬
‫معنى المناظرة ومادل عليه القرآن من تقريرها قال ابن جريللر معنللى اليللة‬
‫ألم تر يا محمد إلى الذي حاج إبراهيم في ربلله حيللن قللال للله إبراهيللم ربللي‬
‫الذي يحي ويميت يعنى بذلك ربي الذي بيده الحياه والموت يحي مللن يشللاء‬
‫ويميت من أراد بعد الحياء قال أنا أفعللل ذلللك فللإحيي وأميللت أسللتحي مللن‬
‫أردت قتله فل أقتله فيكون ذلك منللى إحيللاء للله وذلللك عنللد العللرب يسللمى‬
‫إحياء كما قال تعالى ^ ومن أحياها فكأنما أحياء الناس جميعا ^ واقتل آخر‬
‫فيكون ذلك منى إماتة له قال إبراهيم له فإن الله هو الللذي يللأتي بالشللمس‬
‫من مشرقها فإن كنت صادقا إنك آله فأت بها من مغربها قال الله عز وجللل‬
‫^ فبهت الذي كفر ^ يعنى انقطع وبطلت حجته ثم ذكر من قللال ذلللك مللن‬
‫السلف فروى عن قتادة ذكر لنا أنه دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيا الخر‬
‫وقال أنا أحي هذا وأميت هذا قال إبراهيم عند ذلك فإن الله يأتي بالشللمس‬
‫من المشرق فات بها من المغرب وعن مجاهد أنا أحيللي وأميللت أقتللل مللن‬
‫شئت وأستحيي من شئت أدعه حيا فل أقتله وقللال ابللن وهللب حللدثني عبللد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم أن الجبار قال لبراهيم أنا أحيي وأميللت إن شللئت‬
‫قتلتك وأن استحييتك فقال إبراهيللم إن الللله يللأتي بالشللمس مللن المشللرق‬
‫فات بها من المغرب فبهت الذي كفر وقللال الربيللع لمللا قللال إبراهيللم ربللي‬
‫الذي يحيي ويميت قال هللو يعنللى نمللرود فأنللا أحيللي وأميللت فللدعا برجليللن‬
‫فاستحيا أحدهما وقتل الخر وقال أنا أحيللي وأميللت أى أسللتحي مللن شللئت‬
‫فقال إبراهيم فأن الله يأتي بالشمس من المشرق قللال السللدى لمللا خللرج‬
‫إبراهيم من النار أدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلللك دخللل عليلله فكلملله‬
‫وقال له من ربك قال ربي الذي يحيي ويميت قال نمرود أنا احيي وأميت أنا‬
‫آخذ‬
‫‪ #‬أربعة نفللرا فللأدخلهم بيتللا فل يطعمللون ول يسللقون حللتى إذا هلكللوا مللن‬
‫الجوع أطعمت اثنين وسقيتهما فعاشا وتركت الثنين فماتللا فعللرف إبراهيللم‬
‫ان له قدرة بسلطانه وملكه على أن يفعل ذلك قال إبراهيم فإن الللله يللأتي‬
‫بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر وقللال إن هللذا‬
‫إنسان مجنون فأخرجوه أل ترون أنه من جنونه اجترأ على آلهتكللم فكسللرها‬
‫وأن النار لم تأكله وخشى أن يفتضح في قومللة وكللان يزعللم أنلله رب فللأمر‬
‫بإبراهيم فأخرج وقال مجاهد أحيللي فل أقتللل وأميللت ملن قتلللت وقللال ابللن‬
‫جريج أتي برجلين فقتل أحدهما وترك الخر فقال أنلا أحيلي وأميلت فلأميت‬
‫من قتلت وأحيي فل أقتل وقال ابن إسحاق ذكللر لنللا والللله أعلللم أن نملرود‬
‫قال لبراهيم أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته وتذكر من قللدرته‬
‫التى تعظمه بها على غيرها ما هي قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قللال‬
‫نمرود أنا أحيي وأميت فقال له إبراهيم كيف تحيي وتميت قال آخذ الرجلين‬
‫قد استوجيا القتل في حكمى فاقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عللن عللن‬
‫الخر فاتركه فأكون قد أحييته فقللال للله إبراهيللم عنللد ذلللك فللأن الللله يلأتي‬
‫بالشمس من المشرق فات بها من المغرب أعرف أنه كما تقول فبهت عند‬
‫ذلك نمرود ولم يرجع إليه شيئا وعرف أنه ل يطيق ذلللك فهللذا كلم السلللف‬
‫في هذه المناظرة وكذلك سائر المفسرين بعدهم لم يقل أحد منهم قط أن‬
‫معنى الية أن هذا الحياء والماتة حاصل منى ومن كل أحد فأن الرجللل قللد‬
‫يكون منه الحلدوث بواسلطة تمزيلج الطبلائع وتحريلك الجلرام الفلكيلة بلل‬
‫نقطع بأن هذا لم يخطر بقلب المشرك المناظر البتة ول كان هذا مراده فل‬
‫يحل تفسير كلم الله بمثل هذه الباطيل ونسأل الللله أن يعيللذنا مللن القللول‬
‫عليه بما لم نعلم فإنه أعظم المحرمات على الطلق وأشدها إثما وقد ظللن‬
‫جماعة من الصوليين وأربلاب الجلدل أن إبراهيلم أنتقلل ملع المشلرك ملن‬
‫حجة إلى حجة ولم يجبه عن قوله أنا أحيي وأميت قالوا وكان يمكنه أن يتللم‬
‫معه الحجة الولى بأن يقول مرادى بالحياء إحياء الميت وإيجلاد الحيلاة فيله‬
‫ل استبقاؤه على حياته وكان يمكنه تتميمها بمعارضته في نفسها بللأن يقللول‬
‫فأحيي من أمت وقلت ان كنت صللادقا ولكللن انتقللل إلللى حجللة أوضللح مللن‬
‫الولى فقال إن الله يللأتي بالشللمس مللن المشللرق فللات بهللا مللن المغللرب‬
‫فانقطع المشرك المعطل وليس المر كملا ذكلروه ول هلذا انتقلال بلل هلذا‬
‫مطالبة له بموجب دعواه اللهية والدليل الذي استدل به إبراهيم قد تموثبت‬
‫موجبه فلما ادعى الكافر أنه يفعل كما يفعل الله فيكون إلها مع الله طللالبه‬
‫إبراهيم بموجب دعواه مطالبة تتضمن بطلنها فقال إن كنللت أنللت ربللا كمللا‬
‫تزعم فتحيي وتميت كما يحيي ربللي ويميللت فللإن الللله يللأتي بالشللمس مللن‬
‫المشرق فتنصاع لقدرته وتسخيره ومشيئته فإن كنت أنت ربا فات بهللا مللن‬
‫المغرب وتأمل قول الكافر أنا أحيي وأميت ولم يقل أنا الذي أحيي‬

‫‪ #‬وأميت يعنى أنا أفعل كما يفعل الله فأكون ربا مثله فقال له إبراهيم فأن‬
‫كنت صادقا فافعل مثل فعللله فللي طلللوع الشللمس فللإذا أطلعهللا مللن جهللة‬
‫فأطلعها انت من جهة أخري ثم تأمل ما في ضمن هذه المناظرة من حسن‬
‫الستدلل بافعال الرب المشهودة المحسوسة التى تستلزم وجللوده وكمللال‬
‫قدرته ومشيئته وعلمه ووحدانيته من الحيللاء والماتللة المشللهودين الللذين ل‬
‫يقدر عليهما إل الله وحده وإتيانه تعالى بالشمس من المشرق ل يقللدر أحللد‬
‫سواه على ذلك وهذا برهان ل يقبل المعارضة بللوجه وإنمللا ليللس عللدو الللله‬
‫وأوهم الحاضرين أنه قادر من الحياء والماتة علللى مللا هللو مماثللل لمقللدور‬
‫الرب تعالى فقال له إبراهيم فأن كان المر كما زعمت فأرني قدرتك علللى‬
‫التيان بالشمس من المغرب لتكون مماثله لقدرة الله على التيان بهللا مللن‬
‫المشرق فأين النتقال في هذا الستدلل والمناظرة بل هذا من أحسللن مللا‬
‫يكون من المناظرة والدليل الثللاني مكمللل لمعنللى الللدليل الول ومللبين للله‬
‫ومقرر لتضمن الدليلين افعال الرب الدالللة عليلله وعلللى وحللدانيته وانفللراده‬
‫بالربوبية واللهية كما ل تقدر انت ول غير الله على مثلها ولما علم عدو الله‬
‫صحة ذلللك وان مللن هللذا شللأنه علللى كللل شلليء قللدير ل يعجللزه شلليء ول‬
‫يستصعب عليه مراد خاف أن يقول لبراهيللم فسللل ربللك أن يللأتي بهللا مللن‬
‫مغربها فيفعل ذلك فيظهر لتباعه بطلن دعواه وكذبه وانه ل يصلح للربوبية‬
‫فبهت وامسك وفي هذه المناظرة نكتة لطيفة جللدا وهللي أن شللرك العللالم‬
‫إنما هو مسند إلى عبادة الكواكب والقبور ثم صورت الصللنام علللى صللورها‬
‫كما تقدم فتضمن الدليلن اللللذان اسللتدل بهمللا إبراهيللم إبطللال إلهيللة تلللك‬
‫جملة بأن الله وحده هو الللذي يحيللي ويميللت ول يصلللح الحللي الللذي يمللوت‬
‫لللهية ل في حال حياته ول بعد موته فإن له ربللا قللادرا قلاهرا متصللرفا فيلله‬
‫إحياء وإماتة ومن كان كذلك فكيف يكون إلها حتى يتخذ الصنم على صللورته‬
‫ويعبد من دونه وكذلك الكواكب أظهرها وأكبرها للحس ‪ # 0‬هللذه الشللمس‬
‫وهي مربوبة مدبرة مسللخرة ل تصللرف لهلا فللي نفسللها بللوجه مللا بللل ربهللا‬
‫وخالقها سبحانه يأتي بها من مشرقها فتنقاد لمللره ومشلليئته فهللي مربوبللة‬
‫مسخرة مدبرة ل أله يعبد من دون الله ‪0‬‬
‫فصل وأما استدلله بأن النبي نهى عند قضاء الحاجة عن استقبال‬
‫الشمس والقمر واستدبارهما فكأنه والله أعلم لملا رأى بعلض الفقهلاء قللد‬
‫قالوا ذلك في كتبهم في آداب التخلى ول تستقبل الشمس والقمر ظن أنهم‬
‫إنما قالوا ذلك لنهى النبي عنه فاحتج بالحديث وهذا من أبطل الباطللل فللإن‬
‫النبي لم ينقل عنه ذلللك فللي كلمللة واحللدة ل بإسللناد صللحيح ول ضللعيف ول‬
‫مرسل ول متصل وليس لهذه المسألة أصل في الشرع والذين ذكروها مللن‬
‫الفقهاء منهم من قال العلة‬

‫‪ #‬أن اسم الله مكتوب عليهما ومنهللم مللن قللال لن نورهمللا مللن نللور الللله‬
‫ومنهم من قال إن التنكللب عللن اسللتقبالهما واسللتدبارهما أبلللغ فللي التسللتر‬
‫وعدم ظهور الفرجين وبكل حال فما لهذا ول أحكام النجللوم فللان كللان هللذا‬
‫دال على دعواكم فدللة النهي عن استقبال الكعبة بذلك أقللوى وأولللى وأمللا‬
‫استدلله بأن النبي قال يوم موت ولده ابراهيللم إن الشللمس والقمللر آيتللان‬
‫من آيات الله ل ينكسفان لموت أحد ول لحياته فاذا رأيتم ذلك فافزعوا إلللى‬
‫الصلة وهذا الحديث صحيح وهو من أعظم الحجج على بطلن قللولكم فللانه‬
‫صلى الله عليه وسلم أخبر أنهما آيتان من آيات الله وآيات الله ل يحصيها إل‬
‫الله فالمطر والنبات والحيوان والليل والنهار والبر والبحر والجبال والشللجر‬
‫وسائر المخلوقات آياته تعالى الدللة عليلله وهللي فللي القللرآن أكللثر مللن أن‬
‫نذكرها ههنللا فهمللا آيتللان ل ربلان ول إلهلان ول ينفعلان ول يضللران ول لهملا‬
‫تصرف في أنفسهما وذواتهما البتة فضل عن إعطائهمللا كللل مللا فللي العللالم‬
‫من خير وشر وصلللح وفسللاد بللل كللل ملا فيلله ملن ذراتلله وأجللزائه وكليللاته‬
‫وجزئياته له تعالى الله عن قول المفترين المشركين علوا كبيرا وفي وقوله‬
‫ل ينكسفان لموت أحد ول لحياته قولن ‪ #‬أحدهما أن موت الميت وحياته ل‬
‫يكون سببا في انكسافهما كما كان يقوله كللثير مللن جهللال العللرب وغيرهللم‬
‫عند النكساف إن ذلك لمللوت عظيللم أو لللولدة عظيللم فأبطللل النللبي ذلللك‬
‫وأخبر أن موت الميت وحياته ل يؤثر فللي كسللوفهما البتللة ‪ #‬والثللاني أنلله ل‬
‫يحصل عن انكسافهما موت ول حياة فل يكون انكسافهما سببا لمللوت ميللت‬
‫ول لحياة حي وإنما ذلك تخويف من الله لعباده أجللرى العللادة بحصللوله فللي‬
‫اوقات معلومة بالحساب كطلوع الهلل وإبداره وسراره فأما سبب كسللوف‬
‫الشمس فهو توسط القمللر بيللن جللرم الشللمس وبيللن أبصللارنا فللان القمللر‬
‫عندهم جسم كثيف مظلم وفلكه دون فلك الشمس فاذا كان على مسللامته‬
‫إحدى نقطللتي الللرأس أو الللذنب أو قريبللا منهمللا حالللة الجتمللاع مللن تحللت‬
‫الشمس حال بيننا وبين نور الشمس كسحابة تمللر تحتهللا إلللى أن يتجاوزهللا‬
‫من الجانب الخر فإن لم يكن للقمر عرض ستر عنا نللور كللل الشللمس وإن‬
‫كان له عرض فبقدر ما يوجبه عرضلله وذلللك أن الخطللوط الشللعاعية تخللرج‬
‫من بصر الناظر إلى المرئي على شللكل مخللروط راسلله عنللد نقطللة البصللر‬
‫وقاعدته عند جللرم المللرئي فللإن وجهنللا أبصللارنا إلللى جللرم الشللمس حالللة‬
‫كسوفها فإنه ينتهي إلى القمر أو ل مخروط الشعاع فاذا توهمنا نفللوذه منلله‬
‫إلى الشمس وقع جرم الشمس في وسللط المخللروط وإن لللم يكللن للقمللر‬
‫عرض انكسف كل الشمس وإن كان للقمر عرض فبقدر مللا يللوجبه عرضلله‬
‫ينحرف جرم الشمس عن مخروط الشعاع ول يقع كله فيه فينكسف بعضلله‬
‫ويبقى الباقي على ضلليائه وذلللك إذا كللان العللرض المللرئي اقللل مللن نصللف‬
‫مجموع قطر الشمس والقمر حتى إذا ساوى العرض المرئي نصف مجمللوع‬
‫القطرين كان صفحة القمر تماس مخروط الشعاع فل ينكسف‬

‫‪ #‬ول يكون لكسوف الشمس لبث لن قاعدة المخروط المتصل بالشللمس‬


‫مساو لقطريهللا فكمللا ابتللدأ القمللر بالحركللة بعللد تمللام المللوازاة بينلله وبيللن‬
‫الشمس تحرك المخروط وابتدأت الشمس بالسفار إل أن كسوف الشمس‬
‫يختلف باختلف أوضلاع المسلاكن حلتى أنله يلرى فلي بعضلها ول يلرى فلي‬
‫بعضها ويرى في بعضللها أقللل وفللي بعضللها أكللثر بسللبب اختلف المنظللر إذ‬
‫الكاسف ليس عارضللا فللي جللرم الشللمس يسللتوى فيلله النظللار مللن جميللع‬
‫الماكن بل الكاسللف شلليء متوسللط بينهللا وبيللن البصللار وهللو قريللب منهللا‬
‫والمحجوب عنا بعيلد فيختللف التوسلط بلاختلف مواضلع النلاظرين وكلذلك‬
‫يختلف كسوف الشمس في مباديها وعند انجلئها في كمية ما ينكسف منهللا‬
‫وفي زمان كسوفها الذي هو من أول البدو إلى وسط الكسوف ومن وسللط‬
‫الكسوف إلى آخر النجلء ‪ #‬فإن قيل فجرم القمر أصغر من جرم الشمس‬
‫بكثير فكيف يحجب عنا كل الشلمس قيللل إنمللا يحجللب عنللا جللرم الشلمس‬
‫لقربه منا وبعدها عنا لن الشلليئين المختلفيللن فللي الصللغر والكللبر إذا قللرب‬
‫الصغير من الكبير يرى من أطراف الكبير أكثر ما يرى منها مع بعللد الصللغر‬
‫عنه وكلما بعد الصللغر عنلله وازداد قربلله مللن النللاظر تنللاقص مللا يللرى مللن‬
‫أطراف الكبر إلى أن ينتهي إلى حد ل يرى من الكبر شيء والحللس شللاهد‬
‫بذلك ‪ #‬وأما سبب خسوف القمر فهللو توسللط الرض بينلله وبيللن الشللمس‬
‫حتى يصير القمر ممنوعا من اكتساب النور من الشمس ويبقللى ظلم ظللل‬
‫الرض في ممره لن القمر ل ضوء له أبدا وأنه يكتسب الضوء من الشمس‬
‫وهل هذا الكتساب خاص بالقمر أم يشاركه فيه سائر الكواكب ففيه قللولن‬
‫لرباب الهيئة ‪ :‬أحدهما أن الشمس وحدها هي المضلليئة بللذاتها وغيرهللا مللن‬
‫الكواكب مستضيئة بضيائها على سبيل العرض كمللا عللرف ذلللك فللي القمللر‬
‫والقول الثاني أن القمر مخصوص بالكمودة دون سائر الكواكب وغيللره مللن‬
‫الكواكب مضيئة بذاتها كالشلمس ورد هللؤلء علللى اربللاب القللول الول بلأن‬
‫الكواكب لو استفادت أضواءها من الشللمس لختلللف مقللادير تلللك الضللواء‬
‫فيما كان تحت فلك الشمس منها بسبب القللرب والبعللد مللن الشللمس كمللا‬
‫في القمر فإنه يختلف ضوؤه بحسلب قربله وبعلده ملن الشلمس ‪ #‬واللذي‬
‫حمل أرباب القول الول عليه ما وجدوه من تعلق حركات الكواكب بحركات‬
‫الشمس وظنوا أن ضوءها من ضيائها وليس الغللرض اسللتيفاء الحجللاج مللن‬
‫الجانبين وما لكل قول وعليه والمقصود ذكر سبب الخسللوف القمللرى ولمللا‬
‫كانت الرض جسما كثيفا فإذا أشرقت الشمس على جللانب منهللا فللإنه يقللع‬
‫لها ظل في الجهة الخرى لن كل ذي ظل يقع فللي الجهللة المقابلللة للجللرم‬
‫المضىء فمتى أشرقت عليها من ناحية الشللرق وقعللت أظللهللا فللي ناحيللة‬
‫الغرب وإذا وقعت عليها من ناحية الغرب مالت أظللها إلى ناحية المشللرق‬
‫والرض‬

‫‪ #‬أصغر من جرم الشمس بكثير فينبعث ظلها ويرتفع في الهواء على شكل‬
‫مخروط قاعدته قريبة من تدوير الرض ثم ل يزال ينخرط تدويره حتى يللدق‬
‫ويتلشى لن قطلر الشلمس لملا كلان أعظلم ملن قطلر الرض فللالخطوط‬
‫الشعاعية المارة من جوانب الشمس إلللى جللوانب الرض تكللون متلقيللة ل‬
‫متوازية فإذا مرت على الستقامة إلى الرض انقذفت على جوانبها فتلتقللي‬
‫ل محالة إلى نقطة فينحصر ظل الرض في سطح مخروط فيكون مخروطا‬
‫ل محالة قاعدته حيث ينبعث من الرض ورأسه عند نقطللة تلفللي الخطللوط‬
‫ولو كان قطللر الرض مسللاويا لقطللر الشللمس لكللانت الخطللوط الشللعاعية‬
‫تخرج إليها على التوازي فيكون الظل متسللاوي الغلللظ إلللى أن ينتهللي إلللى‬
‫محيط العالم ولو كان قطر الشمس أصغر من قطر الرض لكانت الخطوط‬
‫تخرج على التلقي في جهة الشمس وأوسعها عند قطر الرض ولكان الظل‬
‫يزداد غلظا كلما بعد عن الرض إلى أن ينتهي إلى محيط العالم ويلللزم مللن‬
‫ذلك أن ينخسف القمر في كل استقبال والوجود بخلفه ولمللا ثبللت أن ظللل‬
‫الرض مخروطي الشكل وقد وقع في الجهة المقابلة لجهة الشمس فيكون‬
‫نقطة رأسه في سطح فلك البروج ل محالة ويدور بدوران الشمس مسللامتا‬
‫للنقطة المقابلة لموضع الشمس وهذا الظللل الللذي يكللون فللوق الرض هللو‬
‫الليل فإن كانت الشمس فوق الرض كان الظل تحت الللرض بالنسللبة إلينللا‬
‫ونحن في ضياء الشمس وذلك النهار والزمان الذي يوازي دوام الظل فللوق‬
‫الرض هو زمان الليل فإذا اتفق مرور القملر عللى محلاذاة نقطلتى اللرأس‬
‫والذنب حالة الستقبال يقع في مخروط الظللل ل محالللة لن الخللط الخللارج‬
‫من مركز العالم المار بمركز الشمس ثم بمركز القمللر مللن الجللانب الخللر‬
‫ينطبق على سهم مخروط الظل فيقع القمر في وسط المخروط فينخسللف‬
‫كله ضرورة لن الرض تمنعه من قبول ضياء الشللمس فيبقللي القمللر علللى‬
‫جوهرة الصلى فإن كان للقمللر عللرض ينحللرف عللن سللهم المخللروط بقللي‬
‫الضوء فيه بقدره وطبعه وقد يقع كله في المخروط ولكللن يمللر فللي جللانب‬
‫منه وقد يقع بعضه في المخروط ويبقي بعضه خارجا وربما يمللاس مخللروط‬
‫الظل ول يقع من جرمه شيء وإنما يختلللف هللذا بللاختلف بعللده مللن الخللط‬
‫الخارج من مركز العالم المار بمركللز الشللمس المطللابق لسللهم المخللروط‬
‫حتى إذا عظم عرضه بأن ل يبقى بينه وبين إحللدى نقطللتي الللرأس والللذنب‬
‫أكثر من ثلثة عشر دقيقة ل يماس المخروط أصل وإذا وقع في جللانب منلله‬
‫قل مكثه وربما لم يكن له مكث أصل وإنما يعرف ذلك بتقديم معرفللة قطللر‬
‫الظل وقطر يختلف بللاختلف أبعللاده عللن الرض وكللذلك قطللر الظللل أيضللا‬
‫يختلف باختلف أبعاد الشللمس عللن الرض فللإن الشللمس مللتى قربللت ملن‬
‫الرض كان ظل الرض دقيقا قصيرا وإذا بعدت عنها كان ظل الرض طللويل‬
‫غليظا لنها متى بعدت عللن الرض يللرى قطرهللا أصللغر وأقللرب تلقيللا منهللا‬
‫وكلما كان أعظم مقدارا في رأى‬

‫‪ #‬العين فالخطوط الشعاعية أقصر وأقرب تلقيا فلذلك يختلف قطع القمللر‬
‫غلظ الظل في أوقات الكسوفات والموضع الذي يقطعلة القملر ملن الظلل‬
‫يسمونه فلك الجوزهر وإذا عللرف عللرف قطللر الظللل وعللرف مقللدار قطللر‬
‫نصف القمر وجمع بينهما ونصف ذلك وعرف عرض القمر إن كان له عرض‬
‫فإن كان العرض مساويا لنصف مجموع القطريللن فللإن القمللر يمللاس دائرة‬
‫الظل ول ينكسف وإن كان العرض أقل من نصف مجموعهما فللإنه ينكسللف‬
‫فينظر إن كان مساويا لنصف قطر الظللل انكسللف مللن القمللر مثللل نصللف‬
‫صفحته وإن كان العرض أقل من نصف قطللر الظللل فينتقللص العللرض مللن‬
‫نصف قطر الظل فإن كان الباقي مثل قطر القمر انكسف كله ول يكون له‬
‫مكث وإذا لم يكن له عرض انكسف كله ويمكث زمانا أكثر وأطول ملا يمتلد‬
‫زمان الكسوف القمري أربع ساعات وأما زمان لكسوف الشمسى فل يزيللد‬
‫على ساعتين وكسوف القمر يختلف باختلف أوضاع المسللاكن إذ الكسللوف‬
‫عارض في جهة وهو عبوره في ظلم ظللل الرض بخلف كسللوف الشللمس‬
‫وإنما يختلف الوقت فقط بأن يكون في بعض المساكن علللى مضللى سللاعة‬
‫من الليل وفي بعضها على مضى نصف ساعة وقد يطلع منكسفا في بعللض‬
‫المساكن وينكسف بعد الطلللوع فللي بعضللها وقللد ل يللرى منكسللفا أصللل إذا‬
‫كانت الشمس فوق الرض حالة الستقبال ويرى الخسوف فللي القمللر أبللدا‬
‫يكللون مللن طرفلله الشللرقي إذ هللو الللذاهب إلللى السللتقبال نحللو للشللرق‬
‫والدخول في الظل بحركته ثللم ينحلرف قليل قليل إلللى الشلمال أو الجنللوب‬
‫في بدء انجلئه أيضا من طرفه الشرقي وأما في الشللمس فبللدء الكسللوف‬
‫من طرفهللا الغربللي إذ الكاسللف لهللا يللأتي إليهللا مللن ناحيللة الغللرب وكللذلك‬
‫النجلء أيضا من الطرف الغربي لكن بانحراف منه إلللى الشللمال والجنللوب‬
‫وإنما ذكرنا هذا الفصل ولم يكن من غرضنا لن كثيرا من هلؤلء الحكلاميين‬
‫يموهون على الجهللال بللأمر الكسللوف ويؤهمللونهم إن قضللاياهم وأحكللامهم‬
‫النجومية من السعد والنحس والظفر والغلبة وغيرها هي من جنللس الحكللم‬
‫بالكسوف فيصللدق بللذلك الغمللار والرعللاع ول يعلمللون أن الكسللوف يعلللم‬
‫بحساب سير النيرين في منازلهما وذلك أمللر قللد أجللرى الللله تعللالى العللادة‬
‫المطردة به كما أجراها في البدار والسرار والهلل فمن علم ما ذكرناه في‬
‫هذا الفصل علم وقت الكسوف ودوامه ومقداره وسببه ‪ #‬وأما انله يقتضللي‬
‫من التأثيرات في الخير والشر والسعد والنحس والماتة والحياء وكذا وكللذا‬
‫مما يحكم به المنجمون فقول على الله وعلى خلقلله بمللا ل يعلمللون نعللم ل‬
‫ننكر أن الله سبحانه يحدث عند الكسوفين مللن أفضلليته وأقللداره مللا يكللون‬
‫بلء لقوم ومصيبة لهم ويجعل الكسوف سببا للذلك ولهلذا أملر النلبي صللى‬
‫الله عليه وسلم عند الكسوف بللالفزع إلللى مللا ذكللر الللله والصلللة والعتاقللة‬
‫والصدقة والصيام لن هذه الشياء تللدفع مللوجب الكسللف الللذي جعللله الللله‬
‫سببا لما جعله فلول انعقاد سبب التخويف لما أمر بدفع موجبه بهذه‬

‫‪ #‬العبادات ولله تعالى في أيام دهره أوقات يحدث فيها ما يشللاء مللن البلء‬
‫والنعماء ويقضي من السباب بما يدفع موجب تلك السباب لمن قللام بلله أو‬
‫يقلله أو يخففه فمن فزع إلى تلك السباب أو بعضها اندفع عنه الشللر الللذى‬
‫جعل الله الكسوف سببا للله أو بعضلله ولهللذا قللل مللا يسلللم أطللراف الرض‬
‫حيث يخفي اليمان وما جاءت به الرسل فيها من شر عظيم يحصل بسللبب‬
‫الكسوف وتسلم منه الماكن التى يظهر فيها نور النبوة والقيللام بمللا جللاءت‬
‫به الرسل أو يقل فيها جدا ولما كسفت الشمس على عهد النبى قللام فزعللا‬
‫مسرعا يجز رداءه ونادى في الناس الصلة جامعللة وخطبهللم بتلللك الخطبللة‬
‫البليغة وأخبر أنه لم ير كيومه ذلك في الخيللر والشللر وأمرهللم عنللد حصللول‬
‫مثل تلك الحالة بالعتاقة والصلدقة والصللة والتوبلة فصللوات اللله وسللمه‬
‫على أعلللم الخلللق بللالله وبللأمره وشللأنه وتعريفلله أمللور مخلوقللاته وتللدبيره‬
‫وأنصحهم للمة ومن دعاهم إلى مللا فيلله سللعادتهم فللي معاشللهم ومعللادهم‬
‫ونهاهم عما فيه هلكهم فللي معاشللهم ومعللادهم ولقللد خفللى مللا جللاءت بلله‬
‫الرسل على طائفتين هلك بسببهما مللن شللاء الللله ونجللا مللن شللركهما مللن‬
‫سبقت له العناية من الله إحدى الطائفتين وقفت مع ما شاهدته وعلمته من‬
‫أمور هذه السباب والمسببات وإحالة المر عليها وظنت أنه ليس لها شللىء‬
‫فكفرت بما جاءت بله الرسللل وجحللدت المبللدأ والمعللاد والتوحيللد والنبللوات‬
‫وغيرها ما انتهى إليه علومها ووقفت عنللده أقللدامها مللن العلللم بظللاهر مللن‬
‫المخلوقات وأحوالها وجاء ناس جهال رأوهم قد أصابوا فللي بعضللها أو كللثير‬
‫منها فقالوا كل ما قاله هؤلء فهو صواب لما ظهر لنا من صللوابهم وانضللاف‬
‫إلى ذلك أن أولئك لما وقفوا على الصللواب فيمللا أدتهللم إليلله أفكللارهم مللن‬
‫الرياضيات وبعض الطبيعيات وثقوا بعقولهم وفرحوا بمللا عنللدهم مللن العلللم‬
‫وظنوا أن سائر ما خدمته أفكارهم من العلم بالله وشأنه وعظمتلله هللو كمللا‬
‫أوقعهللم عليلله فكرهللم وحكملله حكللم مللا شللهد بلله الحللس مللن الطبيعيللات‬
‫والرياضيات فتفللاقم الشللر وعظمللت المصلليبة وجحللد الللله وصللفاته وخلقلله‬
‫للعالم وإعادته له وجحد كلمه ورسله ودينه ورأى كثير من هللؤلء انهللم هللم‬
‫خواص النوع النساني وأهل اللباب وأن ماعداهم هم القشللور وأن الرسللل‬
‫إنما قاموا بسياستهم لئل يكونوا كالبهائم فهللم بمنزلللة قللم المارسللتان وأمللا‬
‫أهل العقول والرياضيات والفكار فل يحتاجون إلى الرسل بللل هللم يعلمللون‬
‫الرسل ما يصنعونه للدعوة النسانية كما تجد في كتبهم وينبغى للرسول أن‬
‫يفعل كذا كذا والمقصود أن هؤلء لما أوقفتهم أفكارهم على العلم بما خفى‬
‫علللى كللثير مللن اسللرار المخلوقللات وطبائعهللا وأسللبابها ذهبللوا بأفكللارهم‬
‫وعقولهم وتجاوزوا ما جاءت به الرسل وظنوا أن إصابتهم في الجميع سللواء‬
‫وصار المقلد لهم في كفرهم إذا خطر له إشكال على مذهبهم أودهمه مللا ل‬
‫حيلة له في دفعه من تناقضهم وفساد أصللولهم يحسللن الظللن بهللم ويقللول‬
‫لشك أن علومهم مشتملة على حكمة‬

‫‪ #‬والجواب عنه إنما يعسر على إدراكه لن من لم يحصللل الرياضلليات ولللم‬


‫يحكم المنطقيات وتمده علوم قللد صللقلتها أذهللان الوليللن وأحكمتهللا أفكللار‬
‫المتقدمين فالفاضل كل الفاضل من يفهم كلمهم ‪ #‬وأما العللتراض عليهلم‬
‫وإبطال فاسد أصولهم فعندهم من المحال الذي ل يصدق به وهذا من خداع‬
‫الشيطان وتلبيسه بغروره لهؤلء الجهال مقلدى أهل الضلل كما ليس علللى‬
‫أئمتهم وسلفهم بأن أوهمهللم ان كللل مللا نللالوه بأفكللارهم فهللو صللواب كمللا‬
‫ظهرت إصابتهم في الرياضيات وبعض الطبيعيات فركللب مللن ضلللل هللؤلء‬
‫وجهل أتباعهم ما اشتدت بلله البليللة وعظمللت لجللله الرزيللة وضللرب لجللله‬
‫العالم وجحد ما جاءت به الرسل وكفر بالله وصفاته وأفعاله ولم يعلم هؤلء‬
‫أن الرجل يكون أماما فللي الحسللاب وهللو أجهللل خلللق الللله بللالطب والهيئة‬
‫والمنطق ويكون راسا في الطب ويكون من اجهل الخلق بالحسللاب والهيئة‬
‫ويكون مقدما في الهندسة وليس له علللم بشلليء مللن قضللايا الطللب وهللذه‬
‫علوم متقاربة والعبد بينها وبين علوم الرسل التى جاءت بها عن الله أعظللم‬
‫من العبد بين بعضها وبعض فإذا كان الرجل إماما في هذه العلوم ولم يعلللم‬
‫بأي شيء جاءت به الرسل ول تحلى بعلوم السلللم فهللو كالعللامى بالنسللبة‬
‫إلى علومهم بل أبعد منه وهل يلزم من معرفة الرجللل هيئة الفلك والطللب‬
‫والهندسة والحسللاب أن يكلون عارفللا باللهيللات واحللوال النفللوس البشللرية‬
‫وصللفاتها ومعادهللا وسللعادتها وشللقاوتها وهللل هللذا إل بمنزلللة مللن يظللن أن‬
‫الرجل إذا كان عالما بأحوال البنية وأوضاعها ووزن النهار والقنى والقنطرة‬
‫كان عالما بالله وأسمائه وصفاته وما ينبغللى للله ومللا يسللتحيل عليلله فعلللوم‬
‫هؤلء بمنزلة هذه العلوم التى هي نتائج الفكار والتجللارب فمللا لهللا ولعلللوم‬
‫النبياء التى يتلقونها عن اللله بوسلائط الملئكللة هلذا وإن تعللق الرياضليات‬
‫التى هي نظر في نوعى الكللم المتصللل والمنفصللل والمنطقيللات الللتى هللى‬
‫نظللر فللي المعقللولت الثانيللة ونسللبة بعضللها إلللى بعللض بالكليللة والجزئيللة‬
‫والسلب واليجاب وغير ذلك بمعرفة رب العالمين وأسمائه وصفاته وأفعاله‬
‫وأمره ونهيه وما جاءت به رسله وثوابه وعقابه ومن الخللدع البليسللية قللول‬
‫الجهال أن فهم هذه المور موقوف على فهم هذه القضايا العقلية وهذا هللو‬
‫عين الجهل والحمق وهو بمنزلة قول القائل ل يعرف حدوث الرمانة من لللم‬
‫يعرف عدد حباتها وكيفية تركيبها وطبعهللا ول يعللرف حللدوث العيللن مللن لللم‬
‫يعرف عدد طبقاتها وتشريحها وما فيها من الللتركيب ول يعللرف حللدوث هللذا‬
‫البيت من لم يعرف عدد لبناته وأخشابه وطبائعها ومقاديرها وغير ذلللك مللن‬
‫الكلم الذي يضحك منه كل عاقل وينادي على جهل قائله وحمتلله بللل العلللم‬
‫بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله ودينه ل يحتاج إلى شيء من ذلك ول يتوقللف‬
‫عليه وآيات الله التى دعا عباده إلى النظر فيها دالة عليه بأول النظللر دللللة‬
‫يشترك فيها كل سليم العقل والحاسة واما أدلة هؤلء فخيالت وهمية وشبه‬
‫عسرة المدرك بعيدة التحصيل متناقضة الصول غير ‪#‬‬

‫مؤدية إلى معرفة الله ورسله والتصديق بها مستلزمة للكفر بالله وجحد مللا‬
‫جاءت به رسله وهذا ل يصدق بلله إل مللن عللرف مللا عنللد هللؤلء وعللرف مللا‬
‫جاءت به الرسللل ووازن بيللن المريللن فحينئذ يظهللر للله التفللاوت وأمللا مللن‬
‫قلدهم وأحسن ظنه بهم ولم يعرف حقيقة ما جاءت به الرسللل فليللس هللذا‬
‫عشه بل هو في أودية هائم حيران ينقاد لكل حيللران ‪ # 0‬يغللدو مللن العلللم‬
‫في ثوبين من طمع ‪ %‬معلميللن بحرمللان وخللذلن ‪ #‬والطائفللة الثانيللة رأت‬
‫مقابلة هؤلء برد كل ما قالوه من حق وباطل وظنوا ان من ضرورة تصديق‬
‫الرسللل رد مللا علملله هللؤلء بالعقللل الضللرورى وعلمللوا مقللدماته بللالحس‬
‫فنازعوهم فيه وتعرضوا لبطاله بمقللدمات جدليللة ل تغنللى مللن الحللق شلليئا‬
‫وليتهم مع هذه الجناية العظيمة لم يضيفوا ذلك إلللى الرسللل بللل زعمللوا إن‬
‫الرسل جاؤا وبما يقولونه فساء ظن أولئك الملحدة بالرسل وظنوا أنهم هم‬
‫أعلم وأعرف منهم ومن حسن ظنه بالرسل قال أنهللم للم يخلف عليهللم ملا‬
‫نقوله ولكن خاطبوهم بما تحتمللله عقللولم مللن الخطللاب الجمهللورى النللافع‬
‫للجمهور وأما الحقائق فكتموها عنهم والذي سلطهم على ذلك جحللد هللؤلء‬
‫لحقهم ومكابرتهم إياهم على ما ليمكن المكابرة عليه مما هللو معلللوم لهللم‬
‫بالضرورة كمكابرتهم إياهم في كلون الفلك كرويللة الشللكل والرض كللذلك‬
‫وأن نور القمر مستفاد من نور الشمس وأن الكسوف القمللرى عبللارة عللن‬
‫انمحاء ضوء القمر بتوسط الرض بينه وبين الشمس من حيللث انلله يقتبللس‬
‫نوره منها والرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب فإذا وقع القمر في‬
‫ظل الرض انقطلع عنله نلور الشلمس كملا قلدمناه وكقلولهم أن الكسلوف‬
‫الشمسى معناه وقوع جرم القمر بين الناظر وبين الشمس عند اجتماعهمللا‬
‫في العقدتين على دقيقة واحدة وكقللولهم بتلأثير السللباب المحسوسللة فللي‬
‫مسبباتها وإثبات القوى والطبائع والفعال وانفعالت ممللا تقلوم عليلله الدلللة‬
‫العقلية والبراهين اليقينية فيخوض هللؤلء معهللم فللي إبطللاله فيغريهللم ذلللك‬
‫بكفرهم وإلحادهم والوصية لصحابهم بالتمسك بما هم عليه فللإذا قللال لهللم‬
‫هؤلء هذا الللذى تللذكرونه علللى خلف الشللرع والمصللير إليلله كفللر وتكللذيب‬
‫الرسل للم يسلتريبوا فللي ذلللك وللم يلحقهلم فيله شلك ولكنهلم يسللتريبون‬
‫بالشرع وتنقص مرتبة الرسل من قلوبهم وضرر الدين وما جاءت به الرسل‬
‫بهؤلء من أعظم الضرر وهو كضرره بللأولئك الملحللدة فهمللا ضللرران علللى‬
‫الدين ضرر من يطعن فيه وضرر من بنضره بغير طريقة وقد قيل إن العللدو‬
‫العاقل أقل ضررا من الصديق الجاهل فإن الصديق الجاهل يضرك من حيث‬
‫يقدر أنه بنقعللك والشللأن كللل الشللأن أن تجعللل العاقللل صللديقك ول تجعللله‬
‫عللدوك وتغريله بمحاربلة اللدين وأهلله ‪ 0‬فللإن قلللت فقللد أطللت فللي شللأن‬
‫الكسوف وأسبابه وجئت بما شئت به من البيان الذى لللم يشللهد للله الشللرع‬
‫بالصحة ولم يشهد له بالبطلن بل جاء الشرع بما هو أهم منلله وأجللل فللائدة‬
‫من المر عند الكسوفين‬

‫بما يكون سببا لصلللح المللة فللي معاشللها ومعادهللا وأمللا أسللباب الكسللوف‬
‫وحسابه والنظر في ذلك فإنه من العلم الذي ليضر الجهل به ول ينفللع نفللع‬
‫العلم بما جاءت به الرسل وبين علوم هؤلء فكيف نصنع بالحللديث الصللحيح‬
‫عن النبى أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ل ينخسفان لموت أحد ول‬
‫لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكللر الللله والصلللة فكيللف يلئم هللذا مللا‬
‫قاله هؤلء في الكسوف قيل وأى مناقضة بينهمللا وليللس فيلله إل نفللي تللأثير‬
‫الكسوف في الموت والحياة على أحد القولين أو نفي تللأثير النيريللن بمللوت‬
‫أحد أو حياته على القول الخر وليس فيه تعرض لبطللال حسللاب الكسللوف‬
‫وإل الخبار بأنه من الغيب الذى ل يعلمه إل الله وأمر النبي عنده بما أمر بلله‬
‫من العتاقة والصلة والدعاء والصدقة كأمره بالصلوات عند الفجر والغللروب‬
‫والزوال مع تضمن ذلك دفع موجب الكسوف الذي جعله الله سللبحانه سللببا‬
‫له فشرع النبي للمة عند انعقاد هذا السبب ما هو أنفع لهلم وأجلدى عليهلم‬
‫في دنياهم وأخراهم من اشتغالهم بعلم الهيئة وشأن الكسوف وأسبابه فللإن‬
‫قيل فما تصنعون بالحديث الللذي رواه ابللن مللاجه فللي سللننه والمللام أحمللد‬
‫والنسائى من حديث النعمان بن بشللير قللال انكسللفت الشللمس علللى عهللد‬
‫النبى فخرج فزعا يجر ثوبه حتى أتي المسجد فلم يزل يصلللى حللتى انجلللت‬
‫ثم قال أن ناسا يزعمون أن الشمس والقمر ل ينكسللفان إل لمللوت عظيللم‬
‫من العظماء وليس كذلك أن الشللمس والقمللر ل ينكسللفان لمللوت أحللد ول‬
‫لحياته فإذا تجلى الله لشىء من خلقه خشع له ‪ #‬قيللل قللد قللال أبللو حامللد‬
‫الغزالى ان هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب قائلها وإنما المروى مللا‬
‫ذكرنا يعنى الحديث الذي ليست هذه الزيادة فيه قال ولو كان صحيحا لكللان‬
‫تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم من ظواهر أولللت بالدلللة العقليللة‬
‫التى ل تتبين في الوضللوح إلللى هللذا الحللد وأعظللم فللانفرج بلله الملحللدة ان‬
‫يصرح ناصر الشرع بأن هذا وامثاله على خلف الشرع فيسهل عليه طريللق‬
‫إبطال الشرع وإن كان شرطه أمثال ذلك وليس المر في هذه الزيادة كمللا‬
‫قاله أبو حامد فأن اسنادها ل مطعن فيلله قللال ابللن مللاجه حللدثنا محمللد بللن‬
‫المثنى وأحمد بن ثابت وحميد بن الحسن قالوا حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا‬
‫خالد الحذاء عن أبي قلبة عن النعمان بن بشير فذكره وهللؤلء كلهللم ثقللات‬
‫حفاظ لكن لعل هذه اللفظللة مدرجللة فللي الحللديث مللن كلم بعللض الللرواة‬
‫ولهذا ل توجد في سائر أحاديث الكسوف فقد رواها عن النبي بضللعة عشللر‬
‫صحابيا عائشة أم المؤمنين وأسماء بنت أبي بكر وعلى بن أبي طالب وأبللي‬
‫بن كعب وأبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وجللابر بللن عبللد‬
‫الله في حديثه وسمرة بن جندب وقبيصة الهللى وعبد الرحمللن بللن سللمرة‬
‫فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة التى ذكرت في حللديث النعمللان بللن بشللير‬
‫فمن ههنا نخاف أن تكون أدرجت في الحديث إدراجا‬

‫وليست من لفظ رسول الله على أن ههنا مسلكا بعيد المأخذ لطيف المنزع‬
‫يتقبله العقل السليم والفطرة السللليمة وهللو أن كسللوف الشللمس والقمللر‬
‫وجب لهما من الخشوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عن هللذا العللالم‬
‫ما يكون فيه سلطانهما وبهاؤهما وذلك يللوجب ل محاللة لهمللا ملن الخشللوع‬
‫والخضوع لرب العالمين وعظمته وجلله وما يكون سببا لتجلى الرب تبللارك‬
‫وتعالى لهما ول يستنكرون ان يكون تجلللى الللله سللبحانه وتعللالى لهمللا فللي‬
‫وقت معين كما يدنو من أهل الموقف عشية عرفة وكما ينزل كل ليلللة إلللى‬
‫سماء الدينا عند مضى نصف الليل فيحدث لهما ذلللك التجلللى خشللوعا آخللر‬
‫ليس هو الكسلوف ولللم يقللل النلبى أن اللله إذا تجللى لهملا انكسلفا ولكلن‬
‫اللفظة فإذا تجلى الله لشيء من خلقه خشللع للله ولفللظ المللام أحمللد فللي‬
‫الحديث إذا بدا الله لشىء من خلقه خشع له فهنا خشللوعان خشللوع أوجبلله‬
‫كسوفهما بذهاب ضوئهما وانمحائه فتجلى الله سبحانه لهما فحدث لهما عند‬
‫تجليه تعالى خشلوع آخلر سلبب التجللى كملا حلدث للجبلل إذ تجللى تبلارك‬
‫وتعالى له ان صار دكللا وسللاخ فللي الرض وهللذا غايلة الخشللوع لكللن الللرب‬
‫تبارك وتعالى ثبتهما لتجليه عناية بخلقلله لنتظللام مصللالحهم بهمللا ولللو شللاء‬
‫سبحانه لثبت الجبل لتجليه كما ثبتهمللا ولكللن أرى كليملله موسللى أن الجبللل‬
‫العظيم لم يطق الثبات له فكيف تطيق أنت الثبات للرؤية التى سألتها ‪0‬‬
‫فصل وأما استدلله بحديث ابن مسعود عن النبي إذا ذكر القدر‬
‫فأمسللكوا وإذا ذكللر أصللحابي فامسللكوا وإذا ذكللر النجللوم فامسللكوا فهللذا‬
‫الحديث لو ثبت لكان حجة عليه ل له إذ لو كان علم الحكام النجومية حقا ل‬
‫باطل لم ينه عنه النبي ول أمر بالمساك عنلله فللإنه ل ينهللى عللن الكلم فللي‬
‫الحق بل هذا يدل على أن الخائض فيلله خللائض فيمللا ل علللم للله بلله وانلله ل‬
‫ينبغى له أن يخوض فيه ويقول على الله مال يعلم فأين في هذا الحديث مللا‬
‫يدل على صحة علم أحكام النجوم ‪ 0‬وأما أحاديث النهي عن السفر والقمللر‬
‫في العقرب فصحيح من كلم المنجمين وأمللا رسللول رب العللالمين فللبرىء‬
‫ممن نسب إليه هذا الحديث وامثاله ولكن إذا بعلد النسلان علن نلور النبلوة‬
‫واشتدت غربته عما جاء به الرسول جللوز عقللله مثللل هللذا كمللا يجللوز عقللل‬
‫المشركين يقول النبي لو حسن أحدكم ظنه بحجللر نفعلله وهللذا ونحللوه مللن‬
‫كلم عباد الصنام الذين حسنوا ظنهم بالحجار فسللاقهم حسللن ظنهللم إلللى‬
‫دار البوار ‪ #‬وأما الرواية عن علي أنه نهى عن السفر والقمر فللي العقللرب‬
‫فمن الكذب على علي رضى الله عنه والمشللهور عنلله خلف ذلللك وعكسلله‬
‫وانه أراد الخروج لحرب الخوارج فاعترضه منجم فقال يلا أميلر الملؤمنين ل‬
‫تخرج فقال لى شىء قال إن القمر في العقرب فإن خرجت أصللبت وهللزم‬
‫عسكرك فقال علي رضى الله عنه ما كان لرسول الله‬

‫‪ #‬ول لبي بكر ول لعمر منجم بل أخرج ثقة بالله وتوكل علللى الللله وتكللذيبا‬
‫لقولك فما سافر بعد رسلول الللله سللفرة أبلرك منهلا قتلل الخللوارج وكفلي‬
‫المسلمين شرهم ورجع مؤيدا منصورا فائزا ببشارة النبي لمن قتلهللم حيللث‬
‫يقول شر قتلى تحت أديم السماء خير قتيللل مللن قتلللوه وفللي لفللظ طللوبى‬
‫لمن قتلهم وفي لفظ تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وفي لفظ لئن أدركتهللم‬
‫لقتلنهم قتل عاد وقال علي لصحابه لول ان تنكلوا لحللدثتكم بمللا لكللم عنللد‬
‫الله في قتلهم فكان هذا الظفر ببركللة خلف ذلللك المنجللم وتكللذيبه والثقللة‬
‫بالله رب النجوم والعتماد عليه وهذه سنة الله فيمن لم يلتفت إلى النجللوم‬
‫ول بني عليها حركاته وسكناته وأسفاره وإقامته كما أن سنته نكبة مللن كللان‬
‫منقادا لربابها عامل بما يحكمون للله بله وفللي التجللارب ملن هللذا ملا يكفللى‬
‫اللبيب المؤمن والله الموفق ‪0‬‬
‫فصل والذي أوجب للمنجمين كراهية السفر والقمر في العقرب انهم قالوا‬
‫السفر امر يراد لخير من الخيرات فإذا كان الوصول إلى ذلك المللر أسللرع‬
‫كان أجود فينبغى على هذا أن يكون القمر في بللرج منقلللب والعقللرب بللرج‬
‫ثابت والثوابت عندهم تدل على المللور البطيئة قللالوا وأيضللا الللبرج للمريللخ‬
‫والمريخ عندهم نحس أكبر والنحس ينحس الحظوظ على أصللحابها فينبغللى‬
‫أن يكون القمر في برج سعد لن السعد ينفع والنحس يضر وايضا فللإن هللذا‬
‫البرج هو برج هبوط القمر وإذا كان الكوكب في هبوطه ل يلتئم لصاحبه مللا‬
‫يريده ويقصده بل يكون وبال عليلله لن الكللوكب الهللابط عنللدهم كللالمنكس‬
‫وأيضا فإن القمر عندهم رب تاسلع العقللرب وإذا كلان رب التاسللع منحوسلا‬
‫فالسفر مكللروه لن التاسللع منسللوب إلللى السللفر وبالجملللة فللإن العقللرب‬
‫عندهم شللر الللبروج والقمللر علللى الطلق قللالوا فلللذلك ينبغللى الحللذر مللن‬
‫السفر والقمر في العقللرب قللالوا فمللن كللره السللفر إذا ذاك فانمللا يكرهلله‬
‫بعلمه وعقله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى الله عنه أعقللل أهللل‬
‫زمانه واعلمهم فهو اولللى بكراهتلله وليللس ذلللك مخصوصللا عنللدهم بالسللفر‬
‫وحده بل يكرهون جميع البتللدا آت والختيللارات والقمللر فللي العقللرب ولملا‬
‫كان القمللر اسللرع الكللواكب حركللة فهللو أولللى أن يكللون دليل علللى المللور‬
‫المنقلبة والسللفر أمللر منقلللب والعقللرب بللرج ثللابت غيللر منقلللب والتجربللة‬
‫والواقع من أكبر شاهد على تكذيبهم في هذا الحكم فكم ممن سافر وتزوج‬
‫وابتدأ واختار والقمر في العقرب وتم له مراده على أكمل ما كان يؤمله ول‬
‫يزال الناس ينشؤن السفار والبتدا آت والختيارات فللي كللل وقللت والقمللر‬
‫في العقرب وغيره ويحمدون عواقب أسفارهم كما أنشأأمير المؤمنين علي‬
‫رضى الله عنه سفر جهاده للخوارج والقمللر فللي العقللرب وأنشللأ المعتصللم‬
‫سفر فتح عمورية وجهاد أعداء الله والقمر في العقرب وقد أجمع الكذابون‬

‫انه إن خرج كسر عسكره وقتل أو أسر فبين اللله للمسللمين كلذبهم بلذلك‬
‫الفتح الجليل ولو استقصينا أمثال هذه الوقائع لطال المر جدا و من أراد أن‬
‫يعلم كذبهم قطعللا فليبتللدىء سللفرا أو اختيللار او بنللاء او غيللره والقمللر فللي‬
‫العقرب وليتوكل على الله وليسافر فإنه يرى ما يغبطلله ويسللره ومللن أبيللن‬
‫الكذب والبهت الكذب على الحس والواقع وهذا الذي كرهوه وحذروا منه لو‬
‫كان الواقع شاهدا به لكان الناس ل يختارون ول يسافرون ول يبتدئون شلليئا‬
‫البتة والقمر في العقرب وكان عليهم بهذا وتجربتهللم للله معلومللا بالضللرورة‬
‫فكيف والمر بالعكس وأيضا فيقال قد يكلون القمللر فلي العقلرب وتجللامعه‬
‫السعود وهما المشتري والزهرة مثل ويكللن رب بيللت السللفر وبيللت الطللالع‬
‫وبيت السفر أيضا سعودات فهل قلتم ان السفر حينئذ يكون صالحا لجتمللاع‬
‫هذه السعودات في البرج المنقلب واجتماعها يكسبها قوة بل قال قضللاؤكم‬
‫يكون القمر في العقرب مسللعودا إن جللامع السللعود بللل قللالوا إن السللعود‬
‫ايضا تنتحس فيه فاذا حل السللعود العقللرب انتحسللت فيلله ولللذلك قلتللم إن‬
‫الشللمس إذا حلللت ضللعفت فيلله أيضللا جللدا وإن كللان معلله السللعدان أعنللي‬
‫المشتري والزهرة فلو قلب عليكم هذا السللتدلل وقيللل إذا حلللت السللعود‬
‫في هذا البرج قوي فعلها وتضافر بعضها مع بعض فقللوى السللعد باجتماعهللا‬
‫ولم يقوى البرج على انحاسها وقوة زحل والمريخ النحسين على هذا الللبرج‬
‫ل يستلزم إنحاس هذه السعود بل إن سللعادتها تللؤثر فللي نحسللها كللان مللن‬
‫جنس قولكم ومن هنا قال أبو نصر الفللارابي واعلللم أنللك لللو قلبللت أوضللاع‬
‫المنجمين فجعلت السعد نحسا والنحس سعدا والحار باردا وعكسلله لكللانت‬
‫أحكامك من جنس أحكامهم تصيب وتخطىء‬
‫فصل وأما ما احتج به من الثر عن علي أن رجل أتاه فقال‬
‫إني أريد السفر وكان ذلك فللي محللاق الشللهر فقللال أتريللد أن يمحللق الللله‬
‫تجارتك استقبل هلل الشهر بالخروج فهذا ل يعلم ثبوته عن علي والكذابون‬
‫كثيرا ما ينفقللون سلللعهم البللاطله بنسللبتها إلللى علللي وأهللل بيتلله كأصللحاب‬
‫القرعة والجفر والبطاقة والهفت والكميان والملحللم وغيرهللا فل يللدري مللا‬
‫كذب على أهل البيت إل الله سبحانه ثم لو صح هللذا عللن علللي رضللي الللله‬
‫عنه لم يكن فيه تعلرض لثبلوت إحكلام النجلوم بلوجه ول ريلب أن اسلتقبال‬
‫السفار والفعال في أوائل النهار والشهر والعام لها مزيللة والنللبي قللد قللال‬
‫اللهم بارك لمتي في بكورها وكان صللخر الغامللدي راوي الحللديث إذا بعللث‬
‫تجارة له بعثها في أول النهار فأثرى وكثر ماله ونسبة أول النهللار نسللبة أول‬
‫الشللهر إليلله وأول العللام إليلله فللوائل مزيللة القللوة وأول النهللار والشللمس‬
‫بمنزلة شبابه وآخره بمنزلة شيخوخته وهذا أمر معلوم بالتجربة وحكمة اللله‬
‫تقتضيه ‪ #‬وأما ما ذكره عن اليهودي الذي أخبر ابن عبللاس بمللا أخللبره مللن‬
‫موت‬

‫ابنه إلى تمام ذكر القصة فهللذه الحكايللة إن صللحت فهللى مللن جنللس أخبللار‬
‫الكهان بشىء من المغيبات وقد أخبر ابن صياد النبي بما خبأ له في ضميره‬
‫فقال له أنت من إخوان الكهان وعلم تقللدمه المعرفللة ل تختللص يمللا ذكللره‬
‫المنجمون بل له عدة اسباب يصيب ويخطىء ويصدق الحكللم معهللا ويكللذب‬
‫منها الكهانة ومنها المنامات ومنها الفأل والزجر ومنها السانح والبارح ومنهللا‬
‫الكللف ومنهللا ضللرب الحصللى ومنهللا الحللظ فللي الرض ومنهللا الكشللوف‬
‫المستندة إلى الرياضة ومنها الفراسة ومنهللا الجزايللة ومنهللا علللم الحللروف‬
‫وخواصها إلى غير ذلك من المور التى ينال يها جزء يسير من علللم الكهللان‬
‫وهذا نظير السباب التى يستدل بها الطبيب والفلح والطبللائعى علللى أمللور‬
‫غيبية بما تقتضيه تلك الدلة مثال الطبيب إذا رأى الجرح مستديرا حكم بللأنه‬
‫عسر البرء وإذا رآه مستطيل حكم بأنه أسرع برءا وكذلك علمات البحللارين‬
‫وغيرها ومن تأمل مللا ذكللره بقللراط فللي علئم المللوت رأى العجللائب وهللى‬
‫علمات صحيحة مجربة وكذلك ما علم به الربان في أمور تحدث في البحللر‬
‫والريح بعلمات تدل على ذلك من طلوع كوكب أو غروبه أو علمللات أخللرى‬
‫فيقول يقطع مطر أو يحدث ريح كذا وكذا أو يضطرب البحر في مكللان كللذا‬
‫ووقت كذا فيقع ما يحكم به وكذلك الفلح يرى علمات فيقول هذه الشجرة‬
‫يصيبها كذا وتيبس في وقت كذا وهذه الشجرة ل تحمل العللام وهللذه تحمللل‬
‫وهذا النبات يصيبه كذا وكذا لما يرى من علمات يختص هو بمعرفتها بل هذا‬
‫أمر ل يختص بالنسان بل كثير من الحيوان يعللرف أوقللات المطللر والصللحو‬
‫والبرد وغيره كما ذكره الناس في كتب الحيوان والفرس الردىء الخلللق إذا‬
‫رأى اللجام من بعيد نفر وجزع وعض من يريد ان يلجمه علما منه بما يكون‬
‫بعد اللجام وهذه النملة إذا خزنت الحللب فللي بيوتهللا كسللرته بنصللفين علمللا‬
‫منها بأنه ينبت إذا كان صحيحا وأنه إذا انكسللر ل ينبللت فللإذا خزنللت الكفللرة‬
‫كسرتها بأربعة أرباع علما منها بأنها تنبت إذا كسرت بنصللفين وهللذا السللنور‬
‫يدفن أذاه ويغطيه بالتراب علما منلله بللأن الفللأر تهللرب مللن رائحتلله فيفللوته‬
‫الصيد ويشمه أول فللإن وجللد رائحتلله شللديدة غطللاه بحيللث يللوارى الرائحللة‬
‫والجرم وإل اكتفى بأيسر التغطية وهذا السد إذا مشى في لين سحب ذنبلله‬
‫على آثار رجليه ليفطيها علما منه بأن المار يرى مواطىء رجليله ويلديه وإذا‬
‫ألللف السللنور المنللزل منللع غيللره ملن السللنانير الللدخول إلللى ذلللك المنللزل‬
‫وحاربهم أشد محاربة وهم من جنسه علما منه بأن أربللابه ربمللا استحسللنوه‬
‫وقللدموه عليلله أو شللاركوا بينهمللا فللي المطعللم وأن أخللذ شلليئا ممللا يجزيلله‬
‫أصحاب المنزل عنه هرب علما بما يكون إليه منهم من الضرب فإذا ضربوه‬
‫تملقهم أشد التملق وتمسح بهم ولطع أقللدامهم علمللا منلله بمللا يحصللله للله‬
‫الملق من العفو والحسان وهذا في الحيوان البهيم أكثر من أن‬
‫نذكره فله من تقدمة المعرفة ما يليق به وللخيل والحمام من ذللك عجلائب‬
‫وكذلك الثعلب وغيره فعلم ان هذا أمر عام للنسللان والحيللوان أعطللى مللن‬
‫تقدمه المعرفة بحسبه وأسباب هذه التقدمة تختلف والمم الذين لم يتقيدوا‬
‫بالشرائع لهم اعتبار عظيم بهذا وكذلك من قل التفاته واعتناؤه بما جاءت به‬
‫الرسل فإنه يشتد التفاته ويكثر نظره واعتناؤه بذلك وأما أتباع الرسللل فقللد‬
‫أغناهم الله بما جاءت به الرسل من العلوم النافعة والعملال الصلالحة علن‬
‫هذا كله فل يعتنون به ول يجعلونه من مطالبهم المهمة لن ما يطلبونه أعلى‬
‫وأجل من هذا ومع هذا فلهم منه أوفر نصيب بحسب متللابعتهم الرسللل مللن‬
‫الفراسللة الصللادقة والمنامللات الصللالحة الصللحيحة والكشللوفات المطابقللة‬
‫وغيرها وهممهم ل تقف عند شىء من ذلك بل هى طامحللة نحللو كشللف مللا‬
‫جاء به الرسل من الهدى ودين الحق في كل مسألة وهذا اعظللم الكشللوف‬
‫وأجله وأنفعه في الدارين مللع كشللف عيللوب النفللس وآفللات العمللال وامللا‬
‫الكشف الجزئي عما أكل فلن وعما أحدثه في داره وعما يجرى له في غده‬
‫ونحو ذلك فهذا ممال يعبا به من علت همتلله ول يلتفللت إليلله ول يعللده شلليئا‬
‫على أنه مشترك بين المؤمن والكافر فلعبللاد الصللنام والمجللوس والصللابئة‬
‫والفلسفة والنصللارى مللن ذلللك شللىء كللثير وذلللك ل ينفعهللم عنللد الللله ول‬
‫يخلصهم من عذابه وهؤلء الكهان وعبيد الجن والسحرة لهم من ذلللك أمللور‬
‫معروفة وهم أكفر الخلق فغاية هذا المنجم اليهودي الذي أخللبر ابللن عبللاس‬
‫بما أخبره أن يكون واحدا من هؤلء فكان ماذا وهل يقف عند هذا إل الهمللم‬
‫الدنيئة السفلية التى ل نهضة لها إلى الله والدار الخرة لمللا يللرى لهللا بللذلك‬
‫من التميز عن الهمج الرعاع من بني آدم‬
‫فصل وأما احتجاجه بحديث أبي الدرداء لقد توفي رسول الله وتركنا‬
‫وما طائر يقلب جناحيه إل وقد ذكرلنا منه علما فهذا حق وصللدق وهللو مللن‬
‫أعظم الدلة على إبطللال قللولكم وتكللذيبكم فيمللا تللدعونه مللن علللم أحكللام‬
‫النجوم فإنه ذكرهم على كل شيء حتى الخرأة ذكرهم ملن عللم كللل طلائر‬
‫وكل حيوان وكل ما في هذا العالم ولم يذكرهم من علم أحكام النجوم شيئا‬
‫البته وهو أجل من هذا وأعظم وقد صانه الله سبحانه عن ذلللك وإنمللا الللذى‬
‫ذكركم بهذه الحكام المشللركون عبللاد الصللنام والكللواكب مثللل بطليمللوس‬
‫وبنكلوسللا وطمطللم صللاحب الللدرج وهللؤلء مشللركون عبللاد أصللنام وكللذلك‬
‫أتباعهم أفل يستحي رجل أن يذكر رسول الله في هلذا المقلام نعلم رسلول‬
‫الله ذكر أمته من تكذيبكم وكفركم ومعاداتكم والبراءة منكم والخبار بللأنكم‬
‫وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ما يعرفه مللن عللرف‬
‫ما جاء به من أمته والبهت والفرية والكذب على الله ورسوله ‪ # 0‬هل كللان‬
‫رسول الله أو أحد من أهل بيته مثبتا لحكام النجوم‬

‫‪ #‬عامل بها في حركاته وسكناته وأسفاره كما هو المعروف من المشللركين‬


‫وأتباعهم سبحانك هذا بهتان عظيم ‪ #‬وأما قوله أنه جللاء فللي الثللار أن أول‬
‫من أعطى هذا العلم آدم لنه عاش حتى أدرك من ذريته أربعيللن ألللف أهللل‬
‫بيت وتفرقوا عنه في الرض فكان يغتللم لخفللاء خللبرهم عليلله فللأكرمه الللله‬
‫تعللالى بهللذا العلللم فكللان إذا أراد أن يعللرف حللال أحللدهم حسللب للله بهللذا‬
‫الحساب فيقف على حالته فليس هذا ببدع مللن بهللت المنجميللن والملحللدة‬
‫وإفكهم وافترائهم على آدم وقد علموا بالمثل السائر هنا ‪ :‬إذا كللذبت فابعللد‬
‫شاهدك ‪# 0‬‬
‫فصل وأما مللا نسللبه إلللى الشللافعى مللن حكملله بللالنجوم علللى عمللر ذلللك‬
‫المولود‬
‫فلقد نسب الشافعى إلى هذا العلم وحكمه فيلله بأحكللام ليعجللز عللن مثلهللا‬
‫ائمة المنجمين وأظن الذى غره في ذلك أبو عبد الله الحاكم فإنه صنف في‬
‫مناقب الشافعى كتابللا كللبيرا وذكللر علللومه فللي أبللواب وقللال البللاب الرابللع‬
‫والعشرون في معرفته تسيير الكواكب من علم النجوم وذكللر فيلله حكايللات‬
‫عن الشافعى تدل علللى تصللحيحه لحكللام النجللوم وكللان هللذا الكتللاب وقللع‬
‫للرازي فتصرف فيه وزاد ونقص وصنف مناقب الشللافعى مللن هللذا الكتللاب‬
‫على أن في كتاب الحاكم من الفوائد والثار مالم يلم به الرازي والللذي غللر‬
‫الحاكم من هذه الحكايلات تسلاهله فلي إسلنادها ونحلن نبينهلا ونلبين حالهلا‬
‫ليتبين أن نسبة ذلك إلى الشافعى كذب عليه وان الصحيح عنه من ذلللك مللا‬
‫كانت العرب تعرفه من علم المنازل والهتداء بالنجوم فللي الطرقللات وهللذا‬
‫هو الثابت الصحيح عنه بأصح إسناد إليه قال الحاكم حدثنا أبو العباس محمد‬
‫بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعى قال الله عز وجل هو‬
‫الذي جعل لكللم النجللوم لتهتللدوا بهللا فللي ظلمللات الللبر والبحللر ^ وقللال ^‬
‫وعلمات وبالنجم هم يهتدون كللانت العلمللات جبللال يعرفللون مواضللعها ملن‬
‫الرض وشمسا وقمرا ونجما مما يعرفون من الفلك ورياحا يعرفون صللفاتها‬
‫في الهواء تدل على قصد البيت الحرام وأما الحكايات التى ذكرت عنله فلي‬
‫أحكام النجوم فثلث حكايللات إحللداها قللال الحللاكم قرىللء علللى أبللي يعلللى‬
‫حمزة بن محمد العلوى وأكثر ظنى أني حضرته حللدثنا أبللو اسللحاق إبراهيللم‬
‫ابن محمد بن العباس الزدى في آخرين قالوا حدثنا محمد بللن أبللي يعقللوب‬
‫الجوال الدينورى حدثنا عبد الله بن محمد البلللوى حللدثنى خللالى عمللارة بللن‬
‫زيد قال كنت صديقا لمحمللد ابللن الحسللن فللدخلت معلله يومللا علللى هللرون‬
‫الرشيد فساءله ثم أني سمعت محمد بن الحسن وهللو يقللول إن محمللد بللن‬
‫أدريس يزعم أن للخلفة أهل قال فاستشاط هرون من قوله غضبا ثللم قللال‬
‫على به فلما مثل بين يديه أطرق ساعة ثم رفع رأسه اليلله فقللال إيهللا قللال‬
‫الشافعى ما إيها يا أمير المؤمنين أنت الداعى وأنا المدعو وأنت السائل وأنا‬
‫المجيب فذكر حكاية طويلة‬

‫‪ #‬سأله فيها عن العلوم ومعرفته بها إلى أن قال كيف علمك بللالنجوم قللال‬
‫أعرف الفلك الدائر والنجم السللائر والقطللب الثللابت والمللائى والنللاري ومللا‬
‫كانت العرب تسميه النواء ومنللازل النيللران والشللمس والقمللر والسللتقامة‬
‫والرجللوع والنحللوس والسلعود وهيآتهلا وطبائعهلا وملا اسللتدل بله ملن بلرى‬
‫ويجري وأستدل في أوقات صلتي وأعرف ما مضى مللن الوقللات فللي كللل‬
‫ممسي ومصبح وظعنى في أسفارى قال فكيف علمك بللالطب قللال اعللرف‬
‫ما قالت الللروم مثللل ارسللطاطا ليللس ومهراريللس وفرفللوريس وجللالينوس‬
‫وبقراط واسد فليس بلغللاتهم ومللا نقللل مللن أطبللاء العللرب وفلسللفة الهنللد‬
‫ونمقته علماء الفرس مثل حاماسف وشاهمرو وبهم ردويوز جمهر ثم سللاق‬
‫العلوم على هذا النحو في حكاية طويلة يعلم من للله علللم بللالمنقولت أنهللا‬
‫كذب مختلق وافك مفترى على الشافعى والبلء فيها من عند محمد بن عبد‬
‫الله البلوى هذا فإنه كذاب وضاع وهو الذي وضع رحلة الشافعى وذكللر فيهللا‬
‫مناظرته لبي يوسف بحضرة الرشيد ولم ير الشافعى أبا يرسف ول اجتمللع‬
‫به قط وإنما دخل بغداد بعد موته ثم إن في سياق الحكاية مللا يللدل مللن للله‬
‫عقل على انها كذب مفترى فإن الشافعى لم يعرف لغه هؤلء اليونان البتللة‬
‫حتى يقول إني أعرف ما قالوه بلغاتهم وأيضا فإن هذه الحكاية أن محمد بن‬
‫الحسن وشى بالشافعى إلى الرشلليد وأراد قتللله وتعظيللم محمللد الشللافعى‬
‫ومحبته له وتعظيم الشافعى له وثناؤه عليلله هللو المعللروف وهللو يللدفع هللذا‬
‫الكذب وأيضا فإن الشافعى رحمه الله لم يكن يعرف علللم الطللب اليونللاني‬
‫بل كان عنده من طب العرب طرف حفظ عنه في منثور كلمه بعضه كنهيه‬
‫عن أكل الباذنجان بالليل وأكل البيض المصلوق بالليل وكان يقول عجبا لمن‬
‫يتعشى ببيض وينام كيف يعيش وكان يقول عجبا لمن يخرج من الحمللام ول‬
‫يأكل كيف يعيش وكان يقول عجبا لمن يحتجم ثلم يأكلل كيلف يعيلش يعنلى‬
‫عقب الحجامة وكان يقول احللذر أن تشللرب لهللؤلء الطبللاء دواء ول تعرفلله‬
‫وكان يقول ل تسكن ببلدة ليس فيها عالم ينبئك عن دينللك ول طللبيب ينللبئك‬
‫عن أمر بدنك وكان يقول لللم أر شلليئا انفللع للوبللاء مللن البنفسللج يللدهن بلله‬
‫ويشرب إلى امثال هذه الكلمات التى حفظت عنه فأما أنه كللان يعللم طلب‬
‫اليونان والروم والهند والفرس بلغاتها فهذا بهت وكذب عليه قد أعللاذة الللله‬
‫عن دعواه وبالجملة فمن للله علللم بللالمنقولت ل يسللتريب فللي كللذب هللذه‬
‫الحكاية عليه ولول طولها لسقناها ليتبين اثر الصنعة والوضللع عليهللا ‪ #‬وأمللا‬
‫الحكاية الثانية فقال الحاكم أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثت عن الحسللن‬
‫بن سفيان عن حرملة قال كان الشافعى يديم النظر في كتب النجوم وكللان‬
‫له صديق وعنده وجارية قد حبلت فقال إنها تلد إلى سبعة ‪ #‬وعشرين يوما‬
‫ويكون في فخذ الولد اليسر خال أسللود ويعيللش أربعللة وعشللرين يومللا ثللم‬
‫يموت به على النعت الذى وصف وانقضت ‪#‬‬

‫‪ #‬مدته فمات فأحرق الشافعى بعد ذلك تلك الكتللب ومللا عللاود النظللر فللي‬
‫شيء منها وهذا السناد رجاله ثقات لكن الشأن فيمن حدث أبا الوليد بهللذه‬
‫الحكاية عن الحسن بن سفيان أو فيمن حدث بها الحسن عن حزملة وهللذه‬
‫الحكاية لو صحت لوجب أن تثنى الخناصر على هذا العلم وتشد به اليدى ل‬
‫أن تحرق كتبه ويهان غاية الهانة ويجعل طعمة للنار وهذا ل يفعل إل بكتللب‬
‫المحال والباطل ‪ #‬ثم إنه ليس في العالم طالع للولدة يقتضى هذا كله كما‬
‫سنذكره عن قريب إن شاء الله تعالى والطالع عند المنجمين طالعان طللالع‬
‫مسقط النطفة وهو الطالع الصلى وهذا ل سبيل إل العلللم بلله إل فللي أنللدر‬
‫النادر الذي ل يقتضيه الوجود والثاني طالع الولدة وهم معترفون أنه ل يللدل‬
‫على أحوال الولد وجزئيات امره لنه انتقال الولد من مكان إلى مكان وإنما‬
‫أخذوه بدل من الطالع الصلى لما تعذر عليهم اعتبللاره وهللذا الحكايللة ليللس‬
‫فيها أخذ واحد من الطالعين لن فيها الحكم على المولود قبللل خروجلله مللن‬
‫غير اعتبار طالعه الصلى والمنجم يقطع بأن الحكم على هذا الولد ل سللبيل‬
‫إليه وليس في صناعة النجوم ما يوجب الحكم عليه والحالة هذه وهللذا يللدل‬
‫على أن هذه الحكاية كذب مختلق على الشلافعى عللى هلذا اللوجه وكلذلك‬
‫الحكاية الثالثة وهي ما رواه الحاكم أيضللا أنبللاني عبللد الرحمللن بللن الحسللن‬
‫القاضى أن زكريا بن يحيى الساجى حدثهم أخبرني أحمد بن محمد بن بنللت‬
‫الشافعى قال سمعت أبي يقول كان الشافعى وهو حدث ينظر فللي النجللوم‬
‫وما نظر في شيء إل فاق فيه فجلس يوما وامللرأة تلللد فحسللب فقللال تلللد‬
‫جارية عوراء على فرجها خال أسود وتموت إلى كذا وكذا فولدت فكان كمللا‬
‫قال فجعل على نفسه أل ينظر فيه أبدا وأمر هذه الحكاية كالتى قبلهللا فللأن‬
‫ابن بنت الشافعى لم يلق الشافعى ول رآه والشلأن فيملن حلدثه بهلذا عنله‬
‫والذي عندى في هذا أن الناقل إن أحسن به الظن فإنه غلط على الشافعى‬
‫والشافعى كان من أفرس الناس وكان قد قرأ كتب الفراسة وكانت له فيها‬
‫اليد الطولى فحكم في هذه القضية وأمثالها بالفراسة فأصاب الحكم فظللن‬
‫الناقل أن الحاكم كان يستند إلى قضايا النجوم وأحكامها وقلد بلرأ الللله ملن‬
‫هو دون الشافعى من ذلك الهذيان فكيف بمثللل الشللافعى رحملله الللله فللي‬
‫عقله وعلمه ومعرفته حتى يللروج عليلله هللذيان المنجميللن الللذي ل يللروج إل‬
‫على جاهل ضعيف العقل وتنزيله الشلافعى رحمله اللله علن هلذا هلو اللذى‬
‫ينبغى أن يكون من مناقبه فأما أن يللذكر فللي منللاقبه أنلله كللان منجمللا يللرى‬
‫القول بأحكام النجوم وتصحيحها فهذا فعل من يذم بما يظنه مدحا وإذا كللان‬
‫الشافعى شديد النكار علللى المتكلميللن مزريللا بهللم وكللان حكملله فيهللم أن‬
‫يضربوا بالحديد ويطاف بهم في القبائل فماذا رأيه في المنجمين وهللو أجللل‬
‫وأعلم من ان يحكم بهذا الحكم على أهل الحق ومن قضاياهم فللي الصللدق‬
‫ينتهى إلى الحد الذى ذكر في هذه الكتابة فذكر عبد الرحمن بللن أبللي حللاتم‬
‫والحاكم وغيرهما عن الحميدى قال قال الشافعى خرجت‬

‫إلللى اليمللن فللي طلللب كتللب الفراسللة حللتى كتبتهللا وجمعتهللا ثللم لمللا كللان‬
‫انصرافي مررت في طريقي برجل وهو محتب بفناء داره أزرق العين نأتيء‬
‫الجبهة سفاط فقلت له هل من منزل قال نعم قلال الشلافعى وهلذا النعللت‬
‫أخبث ما يكون في الفراسة فأنزلنى فرأيللت أكللرم رجللل بعللث إلللى بعشللاء‬
‫وطيب وعلف لدوابي وفراش ولحاف وجعلت أتقلب الليللل أجمللع مللا أصللنع‬
‫بهذه الكتب فلما أصبحت قلت للغلم أسرج فأسلرج فركبلت وملررت عليله‬
‫وقلت له إذا قدمت مكة ومررت بذى طللوى فاسللأل عللن منللزل محمللد بللن‬
‫إدريس الشافعى فقال لى الرجل أمول لبيك أنا قلت ل قال فهل كانت لللك‬
‫عندى نعمة قلت ل قللال فللأين مللا تكلفللت لللك البارحللة قلللت ومللا هللو قللال‬
‫اشتريت لك طعاما بدرهمين وأدما بكذا وعطرا بثلثة دراهللم وعلفللا لللدوابك‬
‫بدرهمين وكرى والفراش واللحللاف درهمللان قللال قلللت يللا غلم فهللل بقللى‬
‫شيء قال كرى المنزل فأني وسعت عليللك وضلليقت علللى نفسللى فغبطللت‬
‫نفسي بتلك الكتب فقلت له بعد ذلك هل بقى شيء قال امض أخللزاك الللله‬
‫فما رأيت شرا منك ‪ #‬وقال الربيع اشتريت للشافعى طيبا بدينار فقللال لللى‬
‫ممن اشتريته فقلت من ذلك الشقر الزرق فقال أشقر أزرق أذهللب فللرده‬
‫وقال الربيع مر أخي في صحن الجامع فلدعاني الشلافعى فقلال للى يلاربيع‬
‫أنظر إلى الذى يمشى هذا أخوك قلت نعم أصلحك الله قال اذهب ولم يكن‬
‫رآه قبل ذلك ‪ #‬قال قتيبة بللن سللعيد رأيللت محمللد بللن الحسللن والشللافعى‬
‫قاعدين بفناء الكعبة فمر الرجل فقال أحدهما لصاحبه تعال نركز علللى هللذا‬
‫المار أى حرفة معه فقال أحدهما هذا خياط وقال الخر هذا نجار فبعثا إليلله‬
‫فسأله فقال كنت خياطا واليوم أنجر أو كنت نجلارا واليللوم أخيللط ‪ #‬وقلال‬
‫الربيع سمعت الشافعى وقدم عليه رجل من أهل صللنعاء فلمللا رآه قللال للله‬
‫من أهل صللنعاء قللال نعللم قللال فحللداد أنللت قللال نعللم ‪ #‬وقللال كنللت عنللد‬
‫الشافعى إذ أتاه رجل فقال له الشافعى أنساج أنت قال عندى أجراء وقللال‬
‫كنا عند الشافعى إذا مر به رجل فقال الشافعى ل يخلو هذا أن يكون حائكللا‬
‫أو نجارا قال فدعوناه فقال ما صنعتك فقللال نجللار فقلنللا أو غيللر ذلللك قللال‬
‫عندى غلمان يعملون الثياب ‪ #‬وقال حرملة سمعت الشافعى يقول احللذروا‬
‫من كل ذى عاهة في بدنه فإنه شلليطان قللال حرملللة قلللت مللن أولئك قللال‬
‫العرج والحوال والشل وغيره ‪ #‬وقال اشتهى الشلافعى يوملا عنبلا أبيلض‬
‫فأمرني فاشتريت له منه بدرهم فلما رآه استجاده فقللال لللى يللا أبللا محمللد‬
‫ممن أشتريت هذا فسميت له البائع فنحى الطبق مللن بيللن يللديه وقللال لللى‬
‫رده عليه واشترى لى ملن غيلره فقللت لله وملا شلأنه فقلال أللم أنهلك أن‬
‫تصحب الزرق والشقر فإنه ل ينجللب فكيللف آكللل مللن شلليء اشللتريته لللى‬
‫ممن أنهى عن صحبته قال الربيع فرددت العنب على البللائع واعتللذرت إليلله‬
‫بكلم واشتريت له عنبا من غيره ‪ #‬وقال حرملللة سللمعت الشللافعى يقللول‬
‫احذروا‬

‫العور والحول والعرج والحدب والشقر والكوسج وكل من به عاهللة فللي‬


‫بدنه وكل ناقص الخلق فاحذروه فإنه صاحب لؤم ومعاملته مره وقللال مللرة‬
‫أخرى فإنهم أصحاب خب ‪ #‬وقال الربيع دخلنا على الشافعى عند وفاته أنللا‬
‫والبويطى والمزني ومحمد بن عبللد الللله ابللن عبللد الحكللم قللال فنظللر إلينللا‬
‫الشافعى ساعة فأطال ثم التفت فقال أما أنت يا أبا يعقوب فسللتموت فللي‬
‫حديد يعنى البويطى وأما أنت يا مزنللي فسلليكون لللك بمصللر هنللات وهنللات‬
‫ولتدركن زمانا تكون أقيس أهل ذلك الزمان وأمللا انللت يللا محمللد فسللترجع‬
‫إلى مذهب أبيك وأما أنت يا ربيع فأنت أنفعهم لى في نشر الكتب قم يا أبللا‬
‫يعقوب فتسلم الحلقة قال الربيع فكان كما قللال ‪ #‬وقللال الربيللع مللا رأيللت‬
‫أفطن من الشافعى لقد سمى رجال ممن يصحبه فوصللف كللل واحللد منهللم‬
‫بصفة ما أخطأ فيها فذكر المزني والبويطى وفلنللا فقللال ليفعلللن فلن كللذا‬
‫وفلن كذا وليصحبن فلن السلطان وليقللدن القضلاء وقلال لهلم يوملا وقلد‬
‫اجتمعوا ما فيكم أنفع من هذا وأوما إلى لنه أمثلكم بأخيه وذكر صللفاتا غيللر‬
‫هذه قال فلما مات الشافعى صار كل منهم إلى ما ذكللر فيلله ملا أخطلأ فللي‬
‫شيء من ذلك ‪ #‬وقال حرملة لما وقللع الشللافعى فللي المللوت خرجنللا مللن‬
‫عنده فقلت لبي يا أبه كل فراسة كانت للشافعى أخذناها يللدا بيللد إل قللوله‬
‫يقتلنى أشقر وها هو في السياق فوافينا عبد الله بللن عبللد الحكللم ويوسللف‬
‫ابن عمرو فقلنا إلى أين قال إلى الشللافعى فمللا بلغنللا المنللزل حللتى أدركنللا‬
‫الصراخ عليه قلنا مه مالكم قالوا مات الشافعى فقال أبي من غمضه قللالوا‬
‫يوسف بللن عمللرو وكللان أزرق وهللذه الثللار وغيرهللا ذكرهللا ابللن أبللي حللاتم‬
‫والحاكم في مصنفيهما في مناقب الشافعى وهي اللئقة بجللته ومنصللبه ل‬
‫ما باعده الله منه من أكاذيب المنجمين وهذياناتهم والله أعلم وأما ما احتللج‬
‫بلله مللن أن فرعللون كللان يذبللح أبنللاء بنللى أسللرائيل ويسللتحي نسللاءهم لن‬
‫المفسرين قالوا كان ذلك بأن المنجمين أخبروه بأنه سيجىء بنللى إسللرائيل‬
‫مولود يكون هلكه على يديه فأكثر المفسللرين إنمللا أحللالوا ذلللك علللى خللبر‬
‫الكهان وروى بعضهم أن قومه أخبروه بأن بنى أسللرائيل يزعملون أنله يوللد‬
‫منهم مولود يكون هلكك على يديه وهاتان الروايتان هما الدائران في كتللب‬
‫المفسرين وأما هذه الرواية أن المنجميللن قللالوا للله ذلللك فغايتهللا أنهللا مللن‬
‫أخبار أهل الكتاب وقد خالفها غيرها من الروايات فكيف يسوغ التمسلك بهلا‬
‫في المر العظيم وفي أخبار الكهللان مللا هللو أعجللب مللن ذلللك فقللد أخللبروا‬
‫بظهور خاتم الرسل محمد قبل ظهوره وذلك موجود في دلئل النبوة ونحللن‬
‫ل ننكر علم تقدمة المعرفة بأسباب مفضللية إليلله تختلللف قللوى النللاس فللي‬
‫ادراكها وتحصلها وإنما كلمنا معكم في أصول علللم الحكللام وبيللان فسللادها‬
‫وكذب أكثر الحكام التى يسندونها إليها وبيان أن ضللرر هللذا العلللم لللو كللان‬
‫حقا أعظم من نفعة في‬

‫الدنيا والخرة وأن أهله لهم أوفر نصيب من قللوله إن الللذين اتخللذوا العجللل‬
‫سينالهم غضب من ربهم وذلللة فللي الحيللاة الللدينا وكللذلك نجللزى المفللترين‬
‫وأهل هذا العلم أذل أذل الناس في الدنيا ل يمكن أحدا منهم أن يأكل رزقلله‬
‫بهذا العلم إل بلأعظم ذل وعزيزهلم لبلد أن يتعبلد وينضلوى إللى مكلاس أو‬
‫ديوان أو وال يكون تحت ظله وفللي كنفلله وسللائرهم علللى الطرقللات وفللي‬
‫كسر الحوانيت مدسسين صيدهم كللل نللاقص العقللل واليمللان والللدين مللن‬
‫صبى أو امرأة أو حمار في سلح آدمى أو ذباب طمع لللو لح للله فللي عبللادة‬
‫الصنام والشمس والقمر والنجوم لكان أول العابدين ورأس مللالهم الكللذب‬
‫والللزرق وأخللذ أحللوال السللائل منلله ومللن فلتللات لسللانه وهيئتلله وإعراضلله‬
‫فيخبرونه بما يناسب ذلك من الحوال فينفعل عقله لهم ويقول لقللد أعطللى‬
‫هؤلء عطاء لم يعطه غيرهم وتراهم في الغالب يقصد أحدهم قرية أو دكانللا‬
‫منزويا عن الطريق ويصلي فيه للصيد وينصب الشرك فإذا لح للله بللدوى أو‬
‫حيشى أو تركملاني فلإنه يتلبرك بطلعتله ويقلول اجللس حلتى أبيلن للك ملا‬
‫يقتضيه نجمك وطالعك وبيت مالك وبيت فراشللك وبيللت أفراحللك وهمومللك‬
‫وكم بقى عليك من القطع نعم ما اسللمك واسللم أمللك وأبيللك فللإذا قللال للله‬
‫اسمه واسم أبويه أخرج له الصطرلب أو الكرة النحاس وقللال كيللف قلللت‬
‫اسمك فإذا أخبره ثانية قال وكيف قلت اسم الوالدة طول الله عمرهللا فللإذا‬
‫قال درجت إلى رحمة الله تعالى قال مامللات مللن خلللف مثلللك ثللم يحسللب‬
‫ويقول فلنة تسعة وتزيد عليها تسعة تسقط منها خمسللة يبقللى منهللا أربعللة‬
‫أقعد واسمع يا أخي إني أرى عليللك حججللا مكتوبللة ووثللائق ول بللد لللك مللن‬
‫الوقوف بين يدى ولى أمر إما حاكم واما وال وأرى دما خارجا عنك مللا أنللت‬
‫من أهله وأرى ناسا قد اجتمعوا حولك وإن كان شكل ذلك الرجل شكل من‬
‫هو من أرباب التهم قال وأرى خشبا ينصب ومسامير تضرب وجنايات تؤخللذ‬
‫نعم يا أخي برجك بالسد وهو نللارى مللذكر أخللذت منلله نطللاح مقللدام بطللل‬
‫نجمك الزهرة أنت قليل البخت عند الناس مكفور الحسان مقصللود بللالذى‬
‫قل أن صاحبت أحدا فأثمرت لك صحبته خيرا نعم يا أخي أسعد أيامللك يللوم‬
‫الجمعة وخير كسبك كد يدك اعلم أنه لبللد لللك مللن أسللفار وغربللة وركللوب‬
‫أهوال واقتحام اخطار وأمور عظام أبينها لك إن شاء الله هات ل تبخل على‬
‫نفسك حط يدك في جيبك حل الكيس ول يزال يلكزه ويجذبه ويطمعه حللتى‬
‫يستخرج ما تسمح به نفسه فإن رأى منه تباطيا قال عجل قبل خللروج هللذه‬
‫السللاعة السللعيدة فإنهلا سللاعة مباركللة أمللا سللمعت قللول نبيللك يسللروا ول‬
‫تعسروا فإذا حاز ما أخذه قال له زدني فإن أمورك كثيرة ويحتاج إلللى تعللب‬
‫وفكر وحساب طويل فإذا تم له ما يأخذه منه بقى هو من جوا فكال له مللن‬
‫جراب الكذب ما أمكنه ول يبالى أكذبه أم صدقه ثم يقول له أخي‬

‫برجك السد وهو سللهم العللداوة والحسللد ومللا عللاداك أحللد قللط وأفلللح بللل‬
‫يظفرك الله به وينصرك عليه نعم وهو برج ناري والنار من النور والنور فيلله‬
‫البهجة والسرور ابشر فأنت طويل العمر ل تموت فللي هللذا الللوقت عمللرك‬
‫من الستين إلى السبعين إلى الثمانين إلى التسعين بيللت كسللبك كللذا وكللذا‬
‫وأرى حاجة مهمة قد خرجت عن يللدك نعللم بغيللر مللرادك وأنللت فللي غللالب‬
‫أحوالك الخارج عن يدك أكثر مللن الللداخل فيهللا بللالله صللدقت أم ل فيقللول‬
‫والله صحيح والمر كما قلت ولكن أحمد الله كلمللا بقللي عليللك مللن القطللع‬
‫أربعة أشهر وعشرة أيام وتخرج من نحسك وتدخل في برج سعادتك وتنجللو‬
‫ويخلف الله عليك بالخيرات والبركات ول بد لك الساعة من رزق يأتيك الللله‬
‫به ويفرح به أهلك وعيلتك وتصلح حالك ويستقيم سعدك ‪ #‬الثللالث يللا أخللي‬
‫من برجك الميزان وهو بيت الخوان سعدك يا أخي منهللم منقللوص وحظللك‬
‫منهم منحوس غالب من أوليته منهم خيرا جللازاك بالشللر وغللالب مللن قلللت‬
‫فيه الخير منهم يقول فيك الشر بللالله أمللا المللر هكللذا وذلللك يللا أخللي أنللك‬
‫خفيف الدم كل من رآك مال إليك وأنس بك وأنت محسود تحسد في مالك‬
‫وفي عافيتك وفي أهلك وأولدك وكل ما تعمللله بيللدك ولكللن العيللن ل تللؤثر‬
‫فيك لن كل من برجه السد ل بد أن يكون له فللي رأسلله أو جسللده علمللة‬
‫مثل شجة أو ضربة بين أكتافه أو في سللاقه ومللا هللو بعيللد أن فللي جسللدك‬
‫شامة أو في جسمك ثلمة وهذا هو الذي يدفع عنك العين وأنللت ل تللدري ‪#‬‬
‫الرابع من بروجك العقرب وهو بيت الباء أراك كنت قليل السعد بين أبويللك‬
‫ومع هذا فكان أكثر ميلهم وإشفاقهم مع غيرك هم عليك وكان حظللك منهللم‬
‫ناقصا ولهم تطلع إلى كدك وكسبك ‪ #‬الخللامس مللن بروجللك القللوس وهللو‬
‫بيت البنين أراك قليل ما يعيش لك أولد تدفنهم كلهم ثم تموت أنلت بعلدهم‬
‫بل سوف يكون لك ولد يشد الله به عضدك ويقوي أملرك وتنلال ملن جهتله‬
‫راحة وخيرا وربما تكون سعادتك على يديه ‪ #‬السادس من بروجللك الجللدي‬
‫وهو برج أمراضك وأعللك يا أخي أمراضللك وأسللقامك كللثيرة وأكثرهللا فللي‬
‫رأسك وربما يكون في أجنابك وهي أمراض قوية طوال الللله يعافينللا وإيللاك‬
‫وكنت في صغرك ل ترقد في السرير إل بعد جهد جهيللد وعهللدي بللك الن ل‬
‫ترقد في فراشك إل بعد شدة نعم وأكثر أمراضك في الصلليف والخريللف ‪#‬‬
‫السابع من بروجك الدلو وهو بيت الفللراش وأرى فراشللك خاليللا أثللم زوجللة‬
‫فإن قال نعم قال ل بد لك من فراقها عن قريب إما بموت وإما بطلق فللإن‬
‫المريخ منك في بيت الفراش وإن قال ل قال عجيب والله لقد ابصرت فللي‬
‫الطبللائع أن فراشللك فللارغ وأرى روحللا نللاظرة إليللك بعيللن اللفللة والمحبللة‬
‫خطورك وخطوره عليك وأرى لك من قبله منفعة ولك به اتصال وفرح أبيللن‬
‫لك على أي سبب يكون اجتماعكما نعم فإن قال له نعم قال هات‬

‫فإن الذي أعطيتني قليل فاذا أخذ منه قال اعلم أنه ل بللد لللك مللن التصللال‬
‫بهذا الشخص على كل حال إل أني ارى قد عمل لك عمللل وعقللد لللك عقللد‬
‫وأنت في هم وغم من ذلك فان شئت عملت لك كتابا نافعا يكون لللك حللرزا‬
‫من كللل مللا تخللافه وتحللذره ول يللزال يفتللل للله فللي الللذروة والقللرب حللتى‬
‫يستكتبه الحرز وكذب هذه الطائفة وجهلها وزرقها يعني شهرته عند الخاصة‬
‫والعامة عن تكليف إرادة وكلما كان المنجم أكذب وبالزرق أعرف كان على‬
‫الجهال أروج‬
‫فصل وأما قوله إن هذا علم ما خلت عنه ملة من الملل ول‬
‫أمة من المم ول يعرف تاريخ من التواريخ القديمة والحديثة إل وكللان أهللل‬
‫ذلك الزمان مشتغلين بهذا العلم ومعللولين عليلله فللي معرفللة المصللالح وللو‬
‫كان هذا العلم فاسدا بالكلية لستحال إطباق أهل المشرق والمغللرب عليلله‬
‫فانظر ما في هذا الكلم من الكذب والبهت والفتراء علللى العللالم مللن أول‬
‫بنائه إلى آخره فإن آدم وأولده كانوا برآء من ذللك وائمتكللم معللترفون بلأن‬
‫أول من عرف منه الكلم في هذا العلم وتلقيللت عنلله أصللوله وأوضللاعه هللو‬
‫إدريس النبي عليه السلم وكان بعد بناء هذا العالم بزمن طويل هذا لو ثبت‬
‫ذلك عن إدريس فكيف وهو مللن الكللذب الللذي ليللس مللع صللاحبه إل مجللرد‬
‫القول بل علم والكذب على رسللول الللله عليلله وسلللم أو ليللس مللن الفريللة‬
‫والبهت أن ينسب هذا العلم إلى أمة موسى في زمنلله ويعللدوه بللأنهم كللانوا‬
‫معولهم فلي مصلالحهم عللى هلذا العللم وكلذلك أمله عيسلى وأملة يلونس‬
‫والذين كانوا مع نوح ونجوا معه في السفينة وحسبك بهذا الكللذب والفللتراء‬
‫على تلك المة المضبوط أمرها المحفوظ فعلها فهللل كللان النللبي وأصللحابه‬
‫يعولون على هذا العلم ويعتمدون عليه في مصالحهم أو قرن التابعين يفعله‬
‫او قرن تابعى التابعين وهذه هى خيللار قللرون العللالم علللى الطلق كمللا أن‬
‫هذه المة خير أمة أخرجللت للنللاس وهللم اعلللم المللم واعرفهللا وأكللثر كتبللا‬
‫وتصانيف وأعلها شأنا وأكملها فللي كللل خيللر ورشللد وصلللح كمللا ثبللت فللي‬
‫المنسد وغيره عن النبي أنه قال أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها‬
‫على الله فهل رأيت خيار قرون هذه المة والموفقين من خلفائهللا وملوكهللا‬
‫وساداتها وكبرائها معولين على هذا العلم أو معتمللدين عليلله فللي مصللالحهم‬
‫وهذه سيرهم ما بعهدها من قدم ول يتأتي الكذب عليهم هذا وقد أعطوا من‬
‫التأييد والنصر والظفر بعدوهم والستيلء على ممالك العالم مالم يظفللر بلله‬
‫أحد من المعولين على أحكام النجوم بل ل تجد المنجمين ال ذمللة لهللم لللول‬
‫اعتصامهم بحبل منهم لقطعت حبال أعنللاقهم ول تجللد المعللولين علللى هللذا‬
‫العلم إل مخصوصين بالخذلن والحرمان وهذا لنهم حق عليهم قللوله تعللالى‬
‫إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضللب مللن ربهللم وذلللة فللي الحيللوة الللدنيا‬
‫وكذلك تجزي المفترين قال أبو قلبة هي لكل مفتر من هذا لممة إلى يللوم‬
‫القيامة نعم ل ننكر أن هذا العلم له طلبة مشغولون به‬

‫معتنون بأمره وهذا ل يدل على صحته فهذا السحر لم يزل فللي العللالم مللن‬
‫يشتغل به ويتطلبه أعظم من اشتغاله بالنجوم وطلبه لها بكثير وتللأثيره فللي‬
‫الناس ممال ينكر أفكان هذا دليل على صحته وهذه الصنام لم تزل تعبد في‬
‫الرض من قبل نوح وإلى الن ولها الهياكل المبنيلة والسلدنة ولهلا الجيلوش‬
‫التى تقاتل عنها وتحارب لها وتختار القتللل والسللبي وعقوبللة الللله تعللالى ول‬
‫تنتهى عنها أفيللدل هللذا علللى صللحة عباداتهللا وإن عبادهللا علللى الحللق ومللن‬
‫العجللب قللوله لللو كللان هللذا العلللم فاسللدا لسللتحال أطبللاق أهللل المشللرق‬
‫والمغرب من أول بناء العالم إلى آخره عليه وليس في الفرية أبلغ من هللذا‬
‫ول في البهتان أترى هذا الرجل ما وقف على تأليف لحد من أهل المشللرق‬
‫والمغرب في إبطال هذا العلم والرد على أهله فقد رأينا نحن وغيرنا ما يزيد‬
‫على مائة مصنف في الرد على أهللله وإبطللال أقللوالهم وهللذه كتبهللم بأيللدي‬
‫الناس وكثير منها للفلسفة الذين يعظمهم هؤلء ويرون أنهم خلصة العللالم‬
‫كالفارابي وابن سينا وأبي البركات الوحد وغيرهم وقد حكينللا كلمهللم وأمللا‬
‫الردود في ضمن الكتب حين يرد علللى أهللل المقللالت فللأكثر مللن أن تللذكر‬
‫ولعلها أن تزيد على عدة اللف تجد فللي كللل كتللاب منهللا الللرد علللى هللؤلء‬
‫وإبطال مذهبهم ونسبتهم إلى الكذب والزرق ولو أن مقابل قللابله وقللال لللو‬
‫كان هذا العلم صحيحا لستحال إطبللاق أهللل المشللرق والمغللرب علللى رده‬
‫وأبطاله لكان قوله من جنس قوله ولكن أهل المشرق فيهم هذا وهللذا كمللا‬
‫يشهد به الحس والتواريخ القديمة والحديثة ولقد رأينللا مللن الللردود القديمللة‬
‫قبل قيام السلم على هؤلء مللا يللدل علللى أن العقلء لللم يزالللوا يشللهدون‬
‫عليهللم بالجهللل وفسللاد المللذهب وينسللبونهم إلللى الللدعاوى الكاذبللة والراء‬
‫الباطلة التى ليس مع أصحابها إل القول بل علم ‪# 0‬‬
‫فصل وأما ما ذكره في أمر الطالع عن الفرس وأنهم كانوا يعتنون بطالع‬
‫مسللقط النطفللة وهللو طللالع الصللل ثللم يحكللم بمللوجبه حللتى يحكللم بعللدد‬
‫الساعات التى يمكثها الولد في بطن أمه فهذا من الكذب والبهت ومللن أراد‬
‫أن يختبر كذبه فليجربه فإن تجربة مثل هذا ليست بمشقة ول عسرة ثللم إن‬
‫هذا الواطىء ل علم له ول لحللد أن الولللد إنمللا يخلللق مللن أول وطئه الللذي‬
‫أنزل فيه دون ما بعده وإن فرض أنه أمسك عن وطئهللا بعللد المللرة الولللى‬
‫وحبسها بحيث يتيقن أن غيره لم يقربهللا وهللذا فللي غايللة النللدرة لللم يمكللن‬
‫المنجم أن يعلم أحوال ذلك المولللود ول تفاصلليل أمللره البتللة ومللدعى ذلللك‬
‫مجاهر بالكذب والبهت وقد اعترف القوم بأن طالع الولدة مسللتعار ل يفيللد‬
‫شيئا لن الولد ل يحدث في ذلك الوقت وإنما ينتقللل مللن مكللان إلللى مكللان‬
‫وقد اعترفوا بأن ضبطه متعسر جدا بل متعذر فإن في اللحظة الواحدة مللن‬
‫اللحظات تتغير نصبة الفلك تغيرا ل يضبط ول يحصيه‬

‫‪ #‬إل الله ول ريب أن الطالع يتغير بذلك تغيرا عظيما ل يمكللن ضللبطه وقللد‬
‫اعترفوا هم بهذا وأن سبب هللذا التفللاوت يحيللل أحكللامهم واعللترفوا بللأنه ل‬
‫سبيل إلى الحتراز من ذلك فأى وثوق لعاقل بهذا العلم بعللد هللذا كللله وقللد‬
‫بينا أن غاية هذا لوصح وسلم من الخلللل جميعلله ول سللبيل إليلله لكللان جللزء‬
‫السللبب والعلللة والحكللم ل يضللاف إلللى جللزء سللببه ثللم لللو كللان سللببا تامللا‬
‫فصوارفه وموانعه ل تدخل تحت الضبط البتة والحكم إنما يضاف إلى وجللود‬
‫سببه التام وانتقاء مانعه وهذه السباب والموانع مما لتدخل تحت حصللر ول‬
‫ضبط إل لمن أحصى كل شيء عددا وأحاط بكل شيء علما ل إله هللو علم‬
‫الغيللوب فلللو سللاعدناهم علللى صللحة أصللول هللذا العللالم وقواعللده لكللانت‬
‫أحكامهم باطلة وهي أحكام بل علم لما ذكرناه من تعللذر الحاطللة بمجمللوع‬
‫السباب وانتفاء الموانع ولهذا كثيرا مللا يجمعللون علللى حكللم مللن أحكللامهم‬
‫الكللاذبه فيقللع المللر بخلفلله كمللا تقللدم ‪ #‬وأمللا تلللك الحكايللات المتضللمنة‬
‫لصللابتهم فللي بعللض الحللوال فليسللبب بللأكثر مللن الحكايللات عللن أصللحاب‬
‫الكشف والفأل وزجر والطائر والضرب بالحصى والطرق والعيافة والكهانللة‬
‫والخط والحدس وغيرها من علوم الجاهلية وأعنى بالجاهلية كللل مللن ليللس‬
‫من أتباع الرسل كالفلسفة والمنجمين والكهان وجاهلية العرب الذين كللانوا‬
‫قبل النبي فأن هذه كانت علوما لقوم ليس لهم علم بما جللاءت بلله الرسللل‬
‫ومن هؤلء من يزعم أنه يأخللذ مللن الحللروف علللم المكللان ولهللم فللي ذلللك‬
‫تصانيف وكتب حتى يقولون إذا أردت معرفة ما في رؤيا السائل من خيلر أو‬
‫شر فخذ أول حرف من كلمه الذي يكلمك به وفسر رؤياه على معنى ذلللك‬
‫الحرف فإن كان أول ما نطق به باء فرؤياه لن الباء من البهاء من الخير أل‬
‫تراها في البر والبركة وبلوغ المال والبقاء والبشللارة والبيللان والبخللت فللإذا‬
‫كان أول حرف من كلملله بللاء فللاعلم أنلله قللد عللاين مللا أبهللاه وبشللره مللن‬
‫الخيرات وإن كان أول كلمه تللاء فقللد بشللر بالتملام والكمللال وإن كللان ثلاء‬
‫فبشره بالثاث والمتاع لقوله تعالى هم أحسن أثاثللا ورئيللا ثللم قللالوا فعليللك‬
‫بهذه الحرف الثلثة فليس شيء يخلو منها ويجاوزها وإذا تأملت جهل هؤلء‬
‫رايته شديدا فكيف حكمللوا علللى البللاء بالبهللاء والبركللة دون البللأس والبغللى‬
‫والبين والبلء والبوار والبعللد وكيللف حكمللوا علللى الثللاء بالثللاث دون الثقللل‬
‫والثقل والشلب ونحوه وكذلك استدلله بأول ما يقع بصره عليلله كمللا حكللى‬
‫عن أبي معشر أنه وقف هو وصاحب له على واحد من هؤلء وكانللا سللائرين‬
‫في خلص محبوس فسأله فقال أنتما في طلب خلص مسجون فعجبا مللن‬
‫ذلك فقال له أبو معشر هللل يخلللص أم ل فقللال تللذهبان تلتقيللانه قللد خلللص‬
‫فوجدا المر كما قال فاستدعاه أبو معشر وأكرمه وتلطف للله فللي السللؤال‬
‫عن كيفية علم ذلك فقال نحن نأخذ الفأل بالعين والنظر فينظللر أحللدنا إلللى‬
‫الرض ثم يرفع رأسه فأول شلليء يقللع نظللره عليلله يكللون الحكللم بلله فلمللا‬
‫سألتماني كان أول ما رأيت ماء في قربة فقلت‬

‫هذا محبوس ثم لما سألتماني في الثانية نظرت فلإذا هلو أفلرغ ملن القربلة‬
‫فقلت يخلص ويصيب تارة ويخطىء تارة ‪ #‬ومن هذا أخللذ بعضللهم الجللواب‬
‫عن التفاؤل باليام فإذا رأى أحد رؤيا مثل يللوم أحللد أو ابتللدأ فيلله امللرا قللال‬
‫حدة وقوة وإن كان يوم الجمعة قال اجتماع والفة وإن كان يوم سللبت قللال‬
‫قطع وفرقة ‪ #‬ومن هذا استدلل المسئول بالمكان الذي يضع السللائل يللده‬
‫عليه من جسده وقت السؤال فإن وضع يده على رأسه فهو رئيسه وكللبيره‬
‫والرجلين قوامه والنف بناء مرتفع أو تللل أو نحللوه والفللم بئر عذبللة اللحيللة‬
‫أشجار وزروع وعلى هذا النحو من ذلك ما حكى عن المهللدى أنلله رأى رؤيللا‬
‫وأنسيها فأصبح مغتما بها فدل على رجل كللان يعللرف الزجللر والفللأل وكللان‬
‫حاذقا به واسمه خويلد فلما دخل عليه أخبره بالذي أراده له فقال له يا أمير‬
‫المؤمنين صاحب الزجر والفأل ينظر إلللى الحركللة وأخطللار النللاس فغضللب‬
‫المهدي وقال سبحان الله أحدكم يلذكر بعللم ول يلدري ملا هلو ومسلح يلده‬
‫على رأسه ووجهه وضرب بها على فخذه فقال للله أخللبرك برؤيللاك يللا أميللر‬
‫المؤمنين قال هات قال رأيت كأنك صعدت جبل فقال المهدي لللله ابللوك يللا‬
‫سحار صدقت قال ما أنا بساحر يا أميلر الملؤمنين غيلر أنلك مسلحت بيلدك‬
‫على رأسك فزجللرت لللك وعلمللت أن الللرأس ليللس فللوقه أحللد إل السللماء‬
‫فأولته بالجبل ثم نزلت بيللدك إلللى جبهتللك فزجللرت لللك بنزولللك إلللى أرض‬
‫ملساء فيها عينان مالحتان ثم انحللدرت إللى سلفح الجبللل فلقيللت رجل ملن‬
‫فخذك قريش لن أمير المؤمنين مسح بعد ذلك بيده على فخذه فعلمللت أن‬
‫الرجل الذي لقيه من قرابته قال صدقت وأمر للله بمللال وأمللر أن ل يحجللب‬
‫عنه ‪ #‬ومن ذلللك هللؤلء أصللحاب الطيللر السللانح والبللارح والقعيللد والناطللح‬
‫وأصل هذا أنهم كانوا يزجللرون الطيللر والللوحش ويثيرونهللا فمللا تيللامن منهللا‬
‫وأخذ ذات اليمين سموه سانحا وما تياسر منها سموه بارحللا ومللا اسللتقبلهم‬
‫منها فهو الناطح وما جللاءهم مللن خلفهللم سللموه القعيللد فمللن العللرب مللن‬
‫يتشاءم بالبارح ويتبرك بالسانح ومنهم مللن يللرى خلف ذلللك قللال المللدائني‬
‫سألت رؤبة بن العجاج ما السانح قال ما ولك ميامنه قال قلت فمللا البللارح‬
‫قال ما ولك مياسره قال واللذي يجيلء ملن قلدامك فهلو الناطلح والنطيلح‬
‫والذي يجىء من خلفك فهو القاعد والقعيد وقال المفضل الضبي البارح مللا‬
‫يأتيك عن اليمين يريللد يسلارك والسلانح ملا يأتيلك علن اليسلار فيمللر عللى‬
‫اليمين وإنما اختلفوا في مراتبها ومذاهبها لنها خواطر وحدوس وتخمينات ل‬
‫أصل لها فمن تبرك بشيء مدحه ومن تشاءم به ذمه ومن اشللتهر بإحسللان‬
‫الزجر عندهم ووجوهه حتى قصده الناس بالسؤال عن حوادثهم ومللا أملللوه‬
‫من أعمالهم سموه عائفا وعرافا وقد كان في العرب جماعة يعرفون بللذلك‬
‫كعراف اليمامة والبلق السيدى والجلللح وعللروة بللن يزيللد وغيرهللم فكللانوا‬
‫يحكمون بذلك ويعملون به ويتقدمون ويتأخرون في جميللع مللا يتقلبللون فيلله‬
‫ويتصرفون في حال المن والخوف والسعة والضيق والحللرب والسلللم فللان‬
‫أنجحوا‬

‫‪ #‬فيما يتفاءلون به مللدحوه وداومللوا عليلله وإن عطبللوا فيلله تركللوه وذمللوه‬
‫ومنهم من أنكرها بعقله وأبطل تأثيرها بنظره وذم من اغتربها واعتمد عليهللا‬
‫وتوهم تأثيرها فمنهم الرقشى حيث يقول ‪ # :‬ولقد غدوت وكنت ل ‪ %‬أغدو‬
‫عل واق وحاتم ‪ #‬فإذا الشائم كاليا ‪ %‬من واليامن كالشللائم ‪ #‬وكللذاك ل‬
‫خير ول ‪ %‬شر على أحد بدائم ‪ #‬ل يمنعنك من بغا ‪ %‬ء الخير تعقاد التمائم‬
‫‪ #‬قد خط ذلك في السطو ‪ %‬ر الوليات القدائم ‪ #‬وقال جهم الهللذلي ‪# :‬‬
‫ألم تر أن العائفين وإن جرت ‪ %‬لك الطير عما في غذ عميان ‪ #‬يظنان ظنا‬
‫مرة يخطيانه ‪ %‬وأخرى على بعض الذي يصللفان ‪ #‬قضللى الللله أن ل يعلللم‬
‫الغيب غيره ‪ %‬ففي أي أمر الله يمتريللان ‪ #‬وقللال آخللر ‪ # :‬ومللا أنللا ممللن‬
‫يزجر الطير همه ‪ %‬أطار غراب أم تعرض ثعلب ‪ #‬ول السانحات البارحللات‬
‫عشية ‪ %‬أمر سليم القرن أم مر أعضللب ‪ #‬وقللال آخللر يمللدح منكرهللا ‪# :‬‬
‫وليس بهياب إذا ش ‪ %‬له يقول عداني اليللوم واق وحللاتم ‪ #‬ولكنلله يمضللي‬
‫على ذاك مقدما ‪ %‬إذا حاد عن تلك الهنات الختارم ‪ #‬يعنللي بللالواق الصللرد‬
‫وبالحاتم الغللراب سللموه حاتمللا لنلله كللان عنللدهم يحتللم بللالفراق والختللارم‬
‫العاجز الضعيف الرأي المتطير ‪ #‬وقد شفى النبي أمتلله فللي الطيللرة حيللث‬
‫سئل عنها فقال ذاك شيء يجده أحدكم فل يصدنه وفي أثر آخر إذا تطيللرت‬
‫فل ترجع أي أمض لما قصدت له ول يصدنك عنه الطيللرة واعلللم أن التطيللر‬
‫إنما يضر من أشفق منه وخاف وأما من لم يبال بلله ولللم يعبللأ بلله شلليئا لللم‬
‫يضره البتة ول سيما أن قال عند رؤية ما يتطير به أو سماعه اللهللم ل طيللر‬
‫إل طيرك ول خير إل خيرك ول إله غيرك اللهم ل يأتي بالحسنات إل أنت ول‬
‫يذهب بالسيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بك فللالطيرة بللاب مللن الشللرك‬
‫والقاء الشيطان وتخويفه ووسوسللته يكللبر ويعظللم شللأنها علللى مللن اتبعهللا‬
‫نفسه واشتغل بها وأكثر العناية بها وتذهب وتضمحل عمللن لللم يلتفللت إليهللا‬
‫ول القى إليها باله ول شغل بها نفسه وفكره واعلم أن ملن كللان معتنيللا بهلا‬
‫قائل بها كانت إليه أسرع من السيل الى منحدر فتحت له‬

‫أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويعطاه ويفتللح للله الشلليطان فيهللا مللن‬
‫المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسللد عليلله دينلله وينكللد‬
‫عليه عيشه فإذا سمع سفر جل أو أهدى إليه تطير به وقال سللفر وجلء وإذا‬
‫رأى ياسمينا أو سمع اسمه تطير به وقال يللأس وميللن وإذا رأى سوسللنة أو‬
‫سمعها قال سوء يبقى سنه وإذا خرج ملن داره فاسللتقبله أعللور أو أشللل أو‬
‫أعمى أو صاحب آفة تطير به وتشاءم بيلومه ويحكللى عللن بعللض الللولة أنلله‬
‫خرج في بعض اليام لبعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطير به وأمللر بلله‬
‫إلى الحبس فلما رجع من مهمه ولم يلق شرا أمر باطلقه فقال للله سللألتك‬
‫بالله ما كان جرمى الذى حبستنى لجله فقال له الوالى لم يكللن لللك عنللدنا‬
‫جرم ولكن تطيرت بك لما رأيتك فقال فما أصبت في يومللك برؤيللتى فقللال‬
‫مما لم ألق إل خيرا فقال أيها المير أنا خرجت مللن منزلللى فرايتللك فلقيللت‬
‫في يومى الشر والحبس وأنت رأيتنللى فلقيللت فللي يومللك الخيللر والسللرور‬
‫فمن أشأمنا والطيرة بمن كانت فاستحيا منلله الللوالى ووصللله ‪ #‬وقللال أبللو‬
‫القاسم الزجاجى لم أر أشد تطيرا من ابن الرومى الشاعر وكان قد تجللاوز‬
‫الحد في ذلك فعاتبته يوما على ذلك فقال يا أبا القاسم الفأل لسان الزمان‬
‫والطيرة عنوان الحدثان وهذا جواب من استحكمت علتلله فعجللز عنهللا وهللو‬
‫أيضا بمنزلة من قد غلبته الوساوس في الطهارة فل يلتفت إلى علم ول إلى‬
‫ناصح وهذه حال من تقطعت به أسباب التوكل وتقلص عنه لباسه بل تعللرى‬
‫منه ومن كان هكذا فالبليا إليه أسرع والمصائب به أعلق والمحللن للله ألللزم‬
‫بمنزلة صاحب الدمل والقرحة الذى يهدى إلى قرحته كل مؤذ وكلل مصلادم‬
‫فل يكاد يصدم من جسللده او يصللاب غيرهللا والمتطيللر متعللب القلللب منكللد‬
‫الصدر كاسف البال سيء الخلق يتخيللل مللن كللل مللا يللراه أو يسللمعه أشللد‬
‫الناس خوفا وأنكدهم عيشا وأضيق الناس صدرا وأحزنهم قلبا كثير الحللتراز‬
‫والمراعاة لما ل يضره ول ينفعه وكم قد حرم نفسه بذلك مللن حللظ ومنعهللا‬
‫من رزق وقطع عليها من فائدة ويكفيك من ذلك قصة النابغللة مللع زيللاد بللن‬
‫سيار الفزارى حين تجهز إلى الغزو فلما أراد الرحيل نظر النابغة إلى جرادة‬
‫قد سقطت عليه فقال جرادة تجلرد وذات أللوان عزيلز ملن خلرج ملن هلذا‬
‫الوجه ونفذ زياد لوجهه ولم يتطير فلما رجع زياد سالما غانما أنشللأ يقللول ‪0‬‬
‫‪ #‬تخير طيرة فيها زياد ‪ %‬ليخبره وما فيها خبير ‪ #‬أقام كان لقمان بن عللاد‬
‫‪ %‬أشار له بحكمته مشير ‪ #‬تعلم أنه ل طير إل ‪ %‬على متطير وهللو الثبللور‬
‫‪ #‬بلى شىء يوافق بعض شيء ‪ %‬أحيايينا وبللاطله كللثير ‪ #‬ولللم يحللك الللله‬
‫التطير إل عن أعداء الرسل كما قالوا لرسلهم انا تطيرنا بكم لئن للم تنتهلوا‬
‫لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم‬
‫قوم مسرفون‬

‫‪ #‬وكذلك حكى الله سبحانه عن قوم فرعللون فقللال فللإذا جللاءتهم الحسللنة‬
‫قالوا لنا هذه وأن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومللن معلله أل إنمللا طللائرهم‬
‫عند الله حتى إذا أصابهم الخصب والسعة والعافيللة قللالوا لنللا هللذه أى نحللن‬
‫الجديرون الحقيقون به ونحن أهللله وإن أصللابهم بلء وضلليق وقحللط ونحللوه‬
‫قالوا هذا بسبب موسى وأصحابه أصبنا بشؤمهم ونفللض علينللا غبللارهم كمللا‬
‫يقوله المتطير لمن يتطير به فأخبر سبحانه أن طائرهم عنده كما قال تعالى‬
‫عن أعداء رسوله وإن تصبهم حسنة يقولوا هللذه ملن عنللد اللله وأن تصللبهم‬
‫سيئة يقولوا هذه من عندك فهذه ثلثة مواضع حكى فيها التطير عن أعللدائه‬
‫وأجاب سبحانه عن تطيرهم بموسى وقومه بأن طائرهم عند الللله ل بسللبب‬
‫موسى وأجاب عن تطير أعللداء رسللول الللله بقلوله قللل كللل مللن عنللد الللله‬
‫وأجاب عن الرسل بقوله إل طائركم معكم وأما قوله أل إنمللا طللائركم عنللد‬
‫الله فقال ابن عباس طائرهم ما قضى عليهم وقدر لهم وفي رواية شللؤمهم‬
‫عند الله ومن قبله أى إنما جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكللذيبهم بآيللاته‬
‫ورسللله وقلال أيضلا ان الزراق والقللدار تتبعكللم وهلذه كقلوله تعلالى وكللل‬
‫إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج أى ما يطير له من الخير والشر فهللو‬
‫لزم له في عنقه والعرب تقول جرى له الطائر بكذا من الخير والشللر قللال‬
‫أبو عبيدة الطائر عندهم الحظ وهو الذى تسميه العامة البخت يقولللون هللذا‬
‫يطير لفلن أى يحصل له قلت ومنه الحديث فطار لنا عثمان بن مظعون أى‬
‫أصابنا بالقرعة لما اقترع النصار على نزول المهاجرين عليهلم وفلي حلديث‬
‫رويفع ابن ثابت حتى أن أحدنا ليطير لله النصلل والريلش والخلر القلدح أى‬
‫يحصل له بالشركة في الغنيمة وقيل في قوله تعللالى وكللل إنسللان ألزمنللاه‬
‫طائره في عنقه أن الطائر ههنا هو العمل قاله الفراء وهو يتضمن الرد على‬
‫نفاه القدر وخص العنق بذلك من بين سائر أجزاء البدن لنهللا محللل الطللوق‬
‫الذي يطوقه النسان في عنقه فل يستطيع فكاكه ومن هللذا يقللال إثللم هللذا‬
‫في عنقك وافعل كذا واثمه في عنقي والعرب تقول طوقها طللوق الحمامللة‬
‫وهذا ربقة في رقبته وعن الحسن بن آدم لتنظر لك صحيفة إذا بعثت قلدتها‬
‫في عنقك فخصللوا العنللق بللذلك لنلله موضللع القلدة والتميمللة واسللتعمالهم‬
‫التعاليق فيها كثير كما خصت اليدى بالذكر في نحو بمللا كسللبت أيللدكم بمللا‬
‫قدمت يداك ونحوه وقيل المعنى أن الشؤم العظيم هو الذي لهللم عنللد الللله‬
‫من عذاب النار وهو الذي أصابهم في الدنيا وقيل المعنى أن سبب شللؤمهم‬
‫عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجرى عليه ما يسوؤهم ويعللاقبون‬
‫عليهم بعد موتهم بما وعللدهم الللله ول طللائر أشللأم مللن هللذا وقيللل حظهللم‬
‫ونصيبهم وهذا ل يناقض قول الرسل طائركم معكللم أى حظكللم ومللا نللالكم‬
‫من خير وشر معكم بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين ليس هللو‬
‫من أجلنا ول بسببنا بل ببغيكم‬

‫‪ #‬وعدوانكم فطائر الباغى الظالم معه وهو عند الللله كمللا قللال تعللالى وأن‬
‫تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلء القللوم ل‬
‫يكادون يفقهون حديثا ولو فقهوا او فهموا لما تطيروا بما جئت به لنه ليللس‬
‫فيما جاء به الرسول ما يقتضللى الطيللرة فللإنه كللله خيللر محللض ل شللر فيلله‬
‫وصلح ل فساد فيه وحكمه ل عبث فيها ورحمة لجور فيهللا فلللو كللان هللؤلء‬
‫القوم من أهل الفهم والعقول السليمة لم يتطيروا من هذا فإن الطيرة إنما‬
‫تكون بالشر ل بلالخير المحلض والمصلللحة والحكمللة والرحملة وليللس فيملا‬
‫أتيتهم به لو فهموا مللا يللوجب تطيرهللم بللل طللائرهم معهللم بسللبب كفرهللم‬
‫وشركهم وبغيهم وهو عند الله كسائر حظللوظهم وأنصللبائهم الللتى يتناولوهللا‬
‫منه باعمالهم وكسبهم ويحتمل أن يكللون المعنللى طللائركم معكللم أى راجللع‬
‫عليكم فالطير الذي حصل لكم إنما يعود عليكم وهذا من باب القصاص فللي‬
‫الكلم مثل قوله في الحديث أخذنا فالك مللن فيللك ونظيللره قللول النللبي إذا‬
‫سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم فعلى هذا معنى طلائركم معكلم اى‬
‫تصيبكم طيرتكم التى تطيرتم بها لنهم اعتقدوا الشلؤم فيهلا ول شلؤم فيهلا‬
‫البتة فقيل لهم الشؤم منكم وهو نازل بكم فتأمله وهللذا يشللبه قللوله تعللالى‬
‫وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كللان مكرهللم لنللزول منلله الجبللال‬
‫قيل جزاء مكرهم عنده فمكر بهم كما مكا مكروا برسله ومكره تعالى بهللم‬
‫إنما كان بسبب مكرهم فهو مكرهم عاد عليهم وكيللدهم عللاد عليهللم فهكللذا‬
‫طيرتهم عادت عليهم وحلت بهم وسمى جزاء المكر مكرا وجزاء الكيد كيللدا‬
‫تنبيها على أن الجزاء من جنس العمل ولما ذكر سبحانه أن ما أصللابهم مللن‬
‫حسنة وسيئة أى نعمة ومحنة فالكل منه تعالى بقضائه وقدره فكأنهم قللالوا‬
‫فما بالك أنت تصبيك الحسنات والسيئات كما تصلليبنا فللذكر سللبحانه أن مللا‬
‫أصابه من حسنة فمن الله من بها عليه وأنعم بها عليه وما أصابه من سلليئة‬
‫فمن نفسه أى بسبب من قبله أى ل لنقص ما جاء به ول لشر فيه ول لشؤم‬
‫يقتضى أن تصيبه السيئة بل بسبب من نفسه ومن قبله وقد قيل فللي قللوله‬
‫تعالى طائركم عند الله بل أنتم قللوم تفتنللون أن طللائرهم ههنللا هللو السللبب‬
‫الذي يجىء فيه خيرهم وشرهم فهو عند الله وحده وهللو قللدره وقسللمه إن‬
‫شاء رزقكم وعافاكم وإن شاء حرمكم وابتلكم ومن هذا قالوا طللائر الللله ل‬
‫طائر كلبى قدر الله الغالب الذي يللأتي بالحسللنات ويصللرف السلليئات ومنلله‬
‫اللهم ل طير إل طيرك ول خير إل خيرك ول إله غيلرك وعلللى هلذا فلالمعنى‬
‫بطللائركم نصلليبكم وحظكللم الللذي يطيركللم ومللن فسللره بالعمللل فللالمعنى‬
‫طائركم الذي طار عنكللم مللن أعمللالكم بهللذين القللولين فسللر معنللى قللوله‬
‫تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وأنه مللا طللار عنلله مللن عمللله أو‬
‫صار لزما له مما قضى الله عليه وقدر عليه وكتللب للله مللن الللرزق والجللل‬
‫والشقاوة والسعادة ‪ 0‬فصل ‪ #‬وقد ثبت في الصحيحين عن النبي أنلله قللال‬
‫في وصف‬

‫‪ #‬السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم الللذين ل يكتللوون ول‬
‫يسترقون ول يتطيرون وعلللى ربهللم يتوكلللون زاد مسلللم وحللده ول يرقللون‬
‫فسمعت شيخ السلم ابن تيمية يقول هذه الزيادة وهم من الراوى لم يقللل‬
‫النبي ول يرقون لن الراقي محسن إلى أخيه وقد قال النبي وقد سلئل علن‬
‫الرقي فقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه وقللال ل بللأس بللالرقي‬
‫مالم يكللن شللركا والفللرق بيللن الراقللي والمسللترقي أن المسللترقي سللائل‬
‫مسقط ملتفت إلى غير الله بقلبه والراقي محسللن نللافع ‪ #‬قلللت والنللبي ل‬
‫يجعل ترك الحسان المأذون فيه سببا للسبق إلى الجنان وهذا بخلف تللرك‬
‫السترقاء فإنه توكل على الله ورغبللة عللن سللؤال غيللره ورضللاء بمللا قضللاه‬
‫وهذا شيء وهذا شيء وفي الصحيحين من حديث أبي هريللرة عللن النللبي ل‬
‫عدوى ول طيرة وأحب الفال الصالح ونحوه من حديث انس وهذا يحتمل أن‬
‫يكون نفيا وأن يكون نهيا أى ل تطيروا ولكن قوله في الحديث ول عدوى ول‬
‫صفر ول هامة يدل على أن المراد النفللى وإبطللال هللذه المللور الللتى كللانت‬
‫الجاهلية تعانيها والنفي في هذا أبلغ من النهلى لن النفلي يلدل عللى بطلن‬
‫ذلك وعدم تأثيره والنهى إنما يدل على المنع منه وقللد روى ابللن مللاجه فللي‬
‫سننه من حديث سفيان عن سلمة عن عيسى بلن عاصلم علن ذر علن عبلد‬
‫الله بن مسعود قال قال رسول الله الطيرة شرك وما منا ولكن الله يللذهبه‬
‫بالتوكل وهذه اللفظة وما منا إلى آخره مدرجة في الحديث ليست من كلم‬
‫النبي كذلك قاله بعض الحفاظ وهو الصواب فإن الطيللرة نللوع مللن الشللرك‬
‫كما هو في أثر مرفوع من ردته الطيللرة فقللد قللارن الشللرك وفللي أثللر ملن‬
‫أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك قللالوا وملا كفللارة ذلللك قللال أن يقللول‬
‫أحدكم اللهم ل طير إل طيرك ول خير إل خيرك ‪ #‬وفي صللحيح مسلللم مللن‬
‫حديث معاوية بن الحكم السلمى أنه قال يا رسول الله ومنا أناس يتطيرون‬
‫فقال ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فل يصدنه فأخبر أن تأذية وتشللاؤمه‬
‫بللالتطير إنمللا هللو فللي نفسلله وعقيللدته لفللي المتطيللر بلله فللوهمه وخللوفه‬
‫وإشراكه هو الذي يطيره ويصده ل ما رآه وسمعه فأوضح لمته المللر وبيللن‬
‫لهم فساد الطيرة ليعلموا أن الله سبحانه لم يجعل لهم عليها علمة ول فيها‬
‫دللللة ول نصللبها سللببا لمللا يخللافونه ويحللذرونه لتطمئن قلللوبهم ولتسللكن‬
‫نفوسهم إلى وحدانيتة تعالى التى أرسل بهللا رسللله وأنللزل بهللا كتبلله وخلللق‬
‫لجلها السموات والرض وعمر الدارين الجنة والنللار فبسللبب التوحيللد ومللن‬
‫أجله جعل الجنة دار التوحيد وموجباته وحقوقه والنار دار الشرك ولللو ازملله‬
‫وموجباته فقطللع علللق الشللرك مللن قلللوبهم لئل يبقللى فيهللا علقللة منهللا ول‬
‫يتلبسوا بعمل من أعمال أهله البتة ‪ #‬وفي الحديث المعروف أقول‬

‫‪ #‬على مكانتها قال أبو عبيدة في الغريب أراد ل تزجروهللا ول تلتفتللوا إليهللا‬
‫أقروها على مواضعها التي جعلها الله لها ول تتعدوا ذلك إلى غيره أي أنها ل‬
‫تضر ول تنفللع وقللال غيللره المعنللى أقروهللا علللى أمكنتهللا فللإنهم كللانوا فللي‬
‫الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا أو امرا مللن المللور أثللار الطيللر مللن أوكارهللا‬
‫لينظر أي وجه تسلك وإلى ناحية تطير فان خرجت ذات اليمين خرج لسفره‬
‫ومضى لمره وإن أخذت ذات الشمال رجع ولللم يمللض فللأمرهم أن يقروهللا‬
‫في أمكنتها وأبطل فعلهم ذلك ونهاهم عنه كما أبطل الستقسام بللالزلم ‪#‬‬
‫وقللال ابللن جريللر معنللى ذلللك أقللروا الطيللر الللتي تزجرونهللا فللي مواضللعها‬
‫المتمكنة فيها التي هي لها مستقر وامضوا لموركم فان زجركللم إياهللا غيللر‬
‫مجد عليكم نفعا ول دافع عنكللم ضللررا ‪ #‬وقللال آخللرون هللذا تصللحيف مللن‬
‫الرواة وخطأ منهم ول يعرف المكنات إل أسماء البيض الضللباب دون غيرهللا‬
‫قال الجوهرى الممكن البيض الضلب قلال ومكلن الضلباب طعلام العلرب ل‬
‫تشتهيه نفوس العجم وفي الحديث أقروا على الطير مكانهللا بالضللم والفتللح‬
‫قال أبو زياد الكلبي وغيره إنا ل نعرف للطير مكنللات فأمللا المكنللات فانمللا‬
‫هي الضباب قال أبو عبيد ويجوز في الكلم وإن كللان الممكللن الضللباب فللي‬
‫أن يجعل للطير تشبيها بذلك كقولهم مشافر الحبللش وإنمللا المشللافر للبللل‬
‫وكقول زهير يصف السد له لبد أظفاره لم تقلم وإنما له مخالب قال هؤلء‬
‫فلعل الراوي سمع أقر الطير في وكناتهلا بلالواو ولن وكنللات الطيلر عشللها‬
‫وحيث تسقط عليه من الشجر وتأوى إليه وفي اثر آخر ثلث من كن فيه لم‬
‫ينل الدرجات العلى من تكهن أو استقسم أو رجع من سفر من طيللرة وقللد‬
‫رفع هللذا الحللديث فملن استمسللك بعللروة التوحيللد الللوثقى واعتصللم بحبللله‬
‫المتين وتوكل على الله قطللع بأحسللن الطيللرة مللن قبللل اسللتقرارها وبللادر‬
‫خواطرها من قبل استمكانها قال عكرمة كنا جلوسللا عنللد ابللن عبللاس فمللر‬
‫طائر يصيح فقال رجل من القوم خير خير فقللال للله ابللن عبللاس ل خيللر ول‬
‫شر مبللادرة بالنكللار عليلله لئل يعتقللد للله تللأثيرا فللي الخيللر أو الشللر وخللرج‬
‫طاووس مع صاحب للله فللي سللفر فصللاح غللراب فقللال الرجللل خيللر فقللال‬
‫طاووس وأي خير عنده والله ل تصحبني وقيل لكعب هل تتطيللر فقللال نعللم‬
‫فقيل له فكيف تقول إذا تطيرت قال أقول اللهم ل طيلر إل طيلرك ول خيلر‬
‫إل خيرك ول غيرك ول قوة إل بك وكان بعض السلف يقللول عنللد ذلللك طيللر‬
‫الله ل طيرك وصياح الله ل صللياحك ومسللاء الللله لمسللاك وقللال ابللن عبللد‬
‫الحكم لما خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة قللال مزاحللم فنظللرت فللإذا‬
‫القمر في الدبر ان فكرهت أن اقول له فقلت أل تنظر إلى القمر ما أحسن‬
‫استواءه في هذه الليلة قال فنظر عمر فللإذا هللو فللي الللدبران فقللال كأنللك‬
‫اردت أن تعلمني أن القمر في الدبران يللا مزاحللم إنللا ل نخللرج بشللمس ول‬
‫بقمر ولكنا نخرج بالله الواحد القهار فان قيل فما تقولون فيما‬

‫‪ #‬روى عن النبي أنه كان يستحب الفأل ففي الصحيحين مللن حللديث أنللس‬
‫وأبي هريرة عن النبي ل عدوى ول طيرة وخيرها الفأل وفي لفللظ وأصللدقها‬
‫الفال وفي لفظ وكان يعجبه الفأل وفي لفظ مسلم ويعجبني الفأل الصللالح‬
‫أي الكلمة الحسنة وقال إذا أبردتم إلى بريدا فاجعلوه حسللن السللم حسللن‬
‫الوجه وروى عن يحيى بن سعيد أن رسول الله قال للقحة تحلب من يحلب‬
‫هذه فقام رجل فقال النبي ما إسمك فقال الرجل مرة فقلال النلبي إجللس‬
‫ثم قال من يجلب هذه فقام رجل فقال النبي ما إسمك فقال الرجللل حللرب‬
‫فقال له النبي إجلس ثم قال من يجلب هذه فقام رجل فقللال للله النللبي مللا‬
‫إسمك فقال الرجل يعيش فقال له النبي يعيش احلب فحلب زاد ابن وهللب‬
‫في جامعة في هذا الحديث فقام عمر بن الخطللاب فقللال أتكلللم يللا رسللول‬
‫الله أم اصمت قال بل اصمت وأخبرك بما أردت ظننت يلا عملر أنهلا طيلرة‬
‫ول طير إل طيرة ول خير إل خيره ولكن أحب الفأل وفي جامع ابن وهب أن‬
‫‪ #‬رسول الله أتى بغلم فقال ما سميتم هذا الغلم فقالوا السللائب فقللال ل‬
‫تسموه السائب ولكن عبدالله قال فغلبوا على اسمه فلم يمللت حللتى ذهللب‬
‫عقله وصحيح البخاري من رواية الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبيه أن‬
‫أباه جاء إلى النبي فقال ما إسمك قال حللزن قللال أنللت سللهل قللال ل أغيللر‬
‫اسما اسمانيه أبي قال ابن المسيب فما زالت الحزونة فينا بعد وروى مالك‬
‫عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجل مللا اسللمك قللال جمللرة‬
‫قال ابن من قال ابن شهاب فقال ممن قال من الحرقة قللال أيللن مسللكنك‬
‫قال بحرة النار قال بأيها قال بلذات لظللى فقلال لله عمللر أدرك أهللك فقلد‬
‫احترقوا فكان كما قال عمر وفي غير رواية مالللك هللذه القصللة عللن مجالللد‬
‫عن الشعبي قال جاء رجل من جهينة إلى عمر بن الخطاب رضي الللله عنلله‬
‫فقال له ما اسمك قال شهاب قال ابن من قال ابن جمرة قال ابن من قال‬
‫ابن ضر ام قال ممن قال من الحرقة قال وأين منزلك قال بحرة النار قللال‬
‫ويحك أدرك منزلك أو أهلك فقد احللترقوا قللال فأتللاهم فألفللاهم قللد احللترق‬
‫عامتهم وقالت عائشة كان رسول الله يعجبه التيمن ما اسللتطاع فللي تنعللله‬
‫وترجله ووضوئه وفي شأنه كله وفي صحيح البخاري عن ابن عمر أن النللبي‬
‫قال الشؤم فلي ثلث فلي الملرأة واللدار والدابلة وفلي الصلحيح ايضلا ملن‬
‫حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الللله قللال إن كللان ففللي الفللرس‬
‫والمرأة والمسكن يعني الشؤم وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد قال جاءت‬
‫امرأة إلى رسول الله فقال يا رسول الله دار سللكناها والعللدد كللثير والمللال‬
‫وافر فقل العدد وذهب المال فقال رسول الله دعوها ذميمة ولما رأى النبي‬
‫يوم أحد فرسا قد لوح بذنبه ورجل قد اسللتل سلليفه فقللال للله شللم سلليفك‬
‫فأني أرى السيوف ستسل اليوم وكذلك قوله لما رمى واقللد ابللن عبللد الللله‬
‫عمر بن الحضرمي فقتله فقال وقدت الحرب وعلامر عملرت الحلرب وابلن‬
‫الحضرمي‬

‫‪ #‬حضرت الحرب ولما خللرج النللبي إلللى بللدر اسللتقبل فللي طريقلله جبليللن‬
‫فسأل عنهما فقالوا اسم أحدهما مسلح والخللر مخرىللء وأهلهمللا بنللو النللار‬
‫وبنو محراق فكره المرور عليهما وتركهما على يسللاره وسلللك ذات اليميللن‬
‫وعرض عبدالله بن جعفر مال للله علللى معاويللة يقللال للله الللدعان وقللال للله‬
‫اشتره مني فقال له معاوية هذا مال يقول دعني ولم نزل الحسين بن علي‬
‫بكر بلء قال ما اسم هذا الموضع قالوا كللربلء قللال كللرب وبلء ولمللا خللرج‬
‫عبدالله بن الزبير من المدينة إلى مكة أنشللده أحللد أخويللة ‪ #‬وكللل بنللي أم‬
‫سيمسون ليلة ‪ %‬ولم يبق من أغنامهم غيلر واحللد ‪ #‬فقللال لله عبلدالله ملا‬
‫أردت إلى هذا قال لم أتعمده قال هللو أشللد علللى وقللد كللره السلللف ومللن‬
‫بعدهم أن يتبع الميت بنار إلى قبره من مجمر أو غيللره وفللي معنللاه الشللمع‬
‫قالت عائشة ل تجعلوا آخر زاده أن تتبعوه بالنار ولما بايع طلحة بن عبيدالله‬
‫علي بن أبي طالب وكان أول من بايع قال رجلل أول يلد بلايعته يلد شللء ل‬
‫يتم هذا المر له ولما بعث علي رضي الله عنه معقل بن قيس الرباحي من‬
‫المدائن في ثلثة آلف وأمره أن يأخذ على الموصللل ويللأتي نصلليبين ورأس‬
‫عين حين يأتي الرقة فيقيم بها فسار معقللل حللتى نللزل الحديثللة فبينمللا هللو‬
‫ذات يوم جالسا إذ نظر إلى كبشللين يتناطحللان حللتى جللاء رجلن فأخللذ كللل‬
‫منهما كبشا فذهب به فقال شداد بن أبللي ربيعللة الخثعمللي ستصللرفون مللن‬
‫وجهكم هذا ل تغلبون ول تغلبون لفتراق الكبشين سليمين فكان كذلك ولما‬
‫بعث معاوية في شأن حجر بن عدى وأصحابه كان الذي جللاءهم أعللور يقللال‬
‫له هدبه وكانوا ثلثة عشر رجل مللع حجللر فنظللر إليلله رجللل منهللم فقللال إن‬
‫صدق الفأل قتل نصفنا لن الرسول أعور فلما قتلوا سبعة وافى رسول ثان‬
‫ينهى عن قتلهم فكفوا عن الباقين وقال عوانه بن الحكم لما دعا ابن الزبيللر‬
‫إلى نفسه قام عبدالله بن مطيع ليبايع فقبض عبدالله بن الزبيللر يللده وقللال‬
‫لعبيد الله بن أبي طالب قم فبايع فقال عبدالله قلم يلا مصللعب فبلايع فقللام‬
‫فبايع فتفاءل الناس وقالوا أبي أن يبايع ابن مطيع وبايع مصعبا ليكللونن فللي‬
‫أمره صعوبة أو شر فكان كذلك وقال سلمة بلن محلارب نلزل الحجلاج فلي‬
‫محاربته لبن الشعث دير قرة ونزل عبد الرحمن ابن الشعث دير الجماجم‬
‫فقال الحجاج استقر المر في يدى وتجمجللم بلله أمللره والللله لقتلنلله وقللال‬
‫عمرو بن مروان الكلبي حدثني مروان بن يسار عن سلللمة مللولى يزيللد بللن‬
‫الوليد قال كنت مع يزيد بن الوليد بناحية القريتين قبل خروجه علللى الوليللد‬
‫بن يزيد ونحن نتذاكر أمره إذ عرض لنا ذئب هناك فتناول يزيد قوسه فرمى‬
‫الذئب فاصاب حلقه فقال قتلت الوليد ورب الكعبللة فكللان كمللا قللال وقللال‬
‫داود بن عيسى بن محمد بلن عللي خلرج أبلي وأبلو جعفلر غلازيين فلي بلد‬
‫الروم ومعه غلم له ومع أبي جعفر مولى فسنحت له اربعة أظب ثم مضت‬
‫تخاتلنا‬

‫‪ #‬حتى غابت عنا ثم رجعت ومضى واحد فقال لنا أبو جعفللر والللله ل نرجللع‬
‫جميعا فمات مولى أبي جعفر وأمر بعض المراء جارية له تغني ‪ #‬فاندفعت‬
‫تقول ‪ # :‬هم قتلوه كي يكونوا مكانه كملا غلدرت يوملا بكسللرى مرازبله ‪#‬‬
‫فقال ويلك غني غير هذا فغنت ‪ #‬هذا مقام مطرد هللدمت منللازله ودوره ‪#‬‬
‫فقال ويلك غني غير هللذا فقللالت والللله يللا سلليدي مللا أعتمللد إل مللا يسللرك‬
‫ويسبق إلى لساني ما ترى ثم غنت ‪ #‬كليب لعمري كان أكثر ناصرا وأيسللر‬
‫جرما منك ضرج بالدم ‪ #‬فقال مللا أرى أمللري إل قريبللا فسللمع قللائل يقللول‬
‫قضى المر الذي فيه تستفتيان وقد ذكر في حرب بني تغلللب أن تيللم اللت‬
‫أرسل بنيه في طلب مال له فلما أمسى سللمع صللوت الريللح فقللال لمرأتلله‬
‫أنظرى من أين نشأ السحاب ومن أين نشأت الريح فأخبرته أن الريح طللالع‬
‫من وجه السحاب فقال والله إني لرى ريحا تهد هذه الصخرة وتمحللق الثللر‬
‫فلما دخل عليه بنوه قال لهم مللا لقيتللم قللالوا سللرنا مللن عنللدك فلمللا بلغنللا‬
‫غصن شعثمين إذا بعفر جاثمات على دعص مللن رمللل فقللال أمشللرقات أم‬
‫مغربات قللالوا مغربلات قلال فملا ريحكلم ناطللح أم دابللر أم بلارح أم سلانح‬
‫فقالوا ناطح فقال لنفسه يللا تيللم اللت دعللص الشللعثمين والشللعثم الشلليخ‬
‫الكبير وأنت شعثم بني بكر وجواثم بدعص وريح ناطح نطحت فللبرحت قللال‬
‫ثم ماذا قالوا ثم رأينا ذئبا قد دلع لسانه من فيلله وهللو يطحللر وشللعره عليلله‬
‫فقال ذلك حران ثائر ولسان عذول حللامى الظهللر هملله سللفك الللدماء وهللو‬
‫أرقم الراقم يعني مهلهل قال ثم ماذا قالوا ثم رأينا ريحا وسحابا قللال فهللل‬
‫مطرتم قالوا بلى قال ببرق قالوا قد كان ذلك فقال أماء سائل فقللالوا نعللم‬
‫فقال ذلك دم سائل ومرهفات قال ثم مه قالوا ثم طلعنا قلعة الضللعفاء ثللم‬
‫تصوبنا من تل فاران قال فكنتم سواء أو مترادفين قالوا بل سواء قللال فمللا‬
‫سماؤكم قالوا خبا قال فما ريحكم قالوا ناطح قال فما فعللل الجيللش الللذين‬
‫لقيتم قالوا نجونا منه هربا وجد القوم في أثرنا قللال ثللم ملله قللالوا ثللم رأينللا‬
‫عقابا منقضللة علللى عقللاب فتشللابكا وهويللا إلللى الرض قللال ذاك جمللع رام‬
‫جميعا فهو لقيه قال ثم مه قالوا ثم رأينا سبعا على سبع ينهشه وبه بقية لم‬
‫يمت فقال ذروني أما والله أنها لقبيلللة مصللروعة مأكولللة مقتولللة مللن بنللي‬
‫وائل بعد عز وامتناع وذكروا أن تيم اللت هذا مر يوما بجمللل أجللرب وعليلله‬
‫ثلث غرابيب فقال لبنيه ستقفون علللى مقتللول فكللان كمللا قللال وقتللل عللن‬
‫قريب وكذلك قول علقمة في مسيره مع أصحابه وقد مروا في الليل بشلليخ‬
‫فان فقال لقيتم شيخا كبيرا فانيا يغالب الدهر والللدهر يغللالبه يخللبركم أنكللم‬
‫ستلقون قوما فيهم ضعف ووهن ثم لقي سبعا فقللال دلج ل يغلللب ثللم رأى‬
‫غرابا ينفض‬

‫‪ #‬بجؤجؤه فقال أبشروا أل تلرون أنله يخلبركم أن قلد أطملأنت بكللم الللدار‬
‫فكان كذلك ‪ #‬وذكر المدائني قال خللرج رجللل مللن لهللب ولهللم عيافللة فللي‬
‫حاجة له ومعه سقاء من لبن فسار صدر يومه ثم عطش فأناخ ليشرب فإذا‬
‫الغراب ينعب فأثار راحلته ومضى فلما أجهده العطش أنللاخ ليشللرب فنعللب‬
‫الغراب فاثار راحلته ثللم الثالثللة نعللب الغللراب وتمللرغ فللي الللتراب فضللرب‬
‫الرجل السقاء بسيفه فإذا فيه أسود ضخم ثم مضى فإذا غراب على سللدرة‬
‫فصاح به فوقع على سلمه فصاح بلله فوقللع علللى صللخرة فللانتهى إليلله فللإذا‬
‫تحت الصخرة كنز فلما رجع إلى أبيه قال له ما صنعت قال سرت صدر يوم‬
‫ثم أنخت لشرب فإذا الغراب ينعب قال أثره وإل لست بابني قال أثرته ثللم‬
‫أنخت لشرب فنعب الغللراب وتمللرغ فللي الللتراب قللال أضللرب السللقاء وإل‬
‫لست باني قال فعلت فإذا أسود ضخم قال ثم مه قال ثم رأيت غرابا واقعللا‬
‫على سدرة قال أطره وإل لست بابني قال أطرتلله فوقللع علللى سلللمة قللال‬
‫أطره وإل لسللت بللابني قللال فوقللع علللى صللخرة قللال أخللبرني بمللا وجللدت‬
‫فأخبرته ‪ #‬وذكر أيضا أن أعرابيا أضل ذودا له وخادما فخرج فللي طلبهمللا إذ‬
‫اشتدت عليه الشمس وحمى النهار فمر برجل يحلللب ناقللة قللال أظنلله مللن‬
‫بني أسد فسأله عن ضالته قال أدن فاشرب من اللبن وأدلللك علللى ضللالتك‬
‫قال فشرب ثم قال ما سمعت حين خرجت قال بكاء الصبيان ونبللاح الكلب‬
‫وصراخ الديكة وثغاء الشاء قال ينهاك عن الغدو ثم مه قال ثم ارتفللع النهللار‬
‫فعرض لي ذئب قال كسوب ذو ظفر ثم مه قال ثم عرضت لي نعامللة قللال‬
‫ذات ريش واسمها حسن هل تركت في أهلللك مريضللا يعللاد قللال نعللم قللال‬
‫ارجع إلى أهلك فذودك وخادمك عندهم فرجللع فوجللدهم ‪ #‬وذكللر أبللو خالللد‬
‫التيمي قال كنللت آخللذ البللل بضللمان فأرعاهللا فللي ظهللر البصللرة فطللردت‬
‫فخرجت أقفو أثرها حتى انتهيت إلى القادسية فاختلطت على الثللار فقلللت‬
‫لو دخلت الكوفة فتحسست عنها فأتيت الكناسة فإذا الناس مجتمعون عللى‬
‫عراف اليمامة فوقفت ثم قلت له حاجتي فقال بعيدة أشيطان الهللوى جمللع‬
‫مثلها على العاجز الباغي الغي ذو تكاليف ولترجعن قال فوجدتها في الشللام‬
‫مع ابن عم لي فصالحت أصحابها عنها وقللال المللدائني كللان بالسللواد زاجللر‬
‫يقال له مهر فأخبر به بعض العمال فجعل يكذب زجره ثم أرسل إليلله فلمللا‬
‫أتاه قال إني قد بعثت بغنم إلى مكان كللذا وكللذا فللانظر هللل وصلللت أم لللم‬
‫تصل وقد عرف العامل قبل ذلللك أن بينهللا ويبللن الكلء رحلللة فقللال لغلملله‬
‫أخرج فانظر أي شيء تسمع قال وكان العامل قد أمر غلمه أن يكمللن فللي‬
‫ناحية الدار ويصليح صلياح ابلن آوى فخلرج غلء الزاجلر ليسلمع وصلاح غلم‬
‫العامل فرجع إلى الزاجر غلمه وأخبره بما سللمع فقللال للعامللل قللد ذهبللت‬
‫عنك وقطع عليها الطريق فاستيقت قال فضللحك العامللل وقللال قللد جللاءني‬
‫خبرها أني وصلت والصائح الللذي صللاح غلمللي قللال إن كللان الصللائح الللذي‬
‫الصاح ابن آوى فقد ذهبت‬

‫وإن كان غلمك فقد ذهب الراعي قال فبلغه بعللد ذلللك ذهللاب الغنللم وقتللل‬
‫الراعي وذكر عن العكلي أنلله خللرج فللي تسللعة نفللر هللو عاشللرهم ليصلليبوا‬
‫الطريق فرأى غرابا واقعا فوق بانة فقال يا قوم أنكم تصابون فللي سللفركم‬
‫هذا فازدجروا وأطيعوني وارجعوا فأبوا عليه فأخللذ قوسله وانصلرف وقتلللت‬
‫التسعة فأنشد يقول ‪ # :‬رأيت غرابا واقعا فوق بانه ‪ %‬ينشنش أعلى ريشه‬
‫ويطايره ‪ #‬فقلت غراب اغتراب من النوى ‪ %‬وبانة بين ملن حللبيب تجلاوره‬
‫‪ #‬فما أعيف العكلي ل دردره ‪ %‬وازجره للطير ل عز ناصللره ‪ #‬وذكللر عللن‬
‫كثير عزة أنه خرج يريد مصر وكانت بها عزة فلقيه أعرابللي مللن نهللد فقللال‬
‫أين تريد قال أريد عزة بمصر قللال مللا رأيللت فللي وجهللك قللال رأيللت غرابللا‬
‫ساقطا فوق بانة ينتف ريشه فقال ماتت عزة فانتهى ومضللى فللوافى مصللر‬
‫والناس منصرفون من جنازتها فأنشأ يقول ‪ # :‬فأما غراب فاغتراب وغربللة‬
‫‪ %‬وبان فبين من حبيب تعاشره ‪ #‬وذكر عنه أيضا أنه هوى امرأة من قومه‬
‫بعد عزة يقال لها أم الحويرث وكانت فائقة الجمال كثيرة المال فقللالت للله‬
‫أخرج فاصب مال وأتزوجك فخللرج إلللى اليمللن وكللان عليهللا رجللل مللن بنللي‬
‫مخزوم فلما كان ببعض الطريق عرض له قوط والقوط الجماعة من الظباء‬
‫فمضى ثم عرض له غراب ينعب ويفحص التراب على راسه فأتى كللثير حيللا‬
‫من الزد ثم من بني لهب وهللم مللن أزجللر العللرب وفيهللم شلليخ قللد سللقط‬
‫حاجباه على عينيه فقص عليه ما عرض له فقال إن كنت صلادقا لقللد ملاتت‬
‫هذه المرأة أو تزوجت رجل من بني كعب فاغتم كللثيرا لللذلك وسللقى بطنلله‬
‫فكان ذلك سبب موته وقال في ذلك ‪ # :‬تيممت لهبا أبتغى العلم عندهم ‪%‬‬
‫وقد رد علم العائفين إلى لهب ‪ #‬فيممللت شلليخا منهللم ذو أمانللة ‪ %‬بصلليرا‬
‫يزجر الطير منحنى الصلب ‪ #‬فقلللت للله مللاذا تللرى فللي سللواغ ‪ %‬وصللوت‬
‫غراب يفحص الرض بالترب ‪ #‬فقلال جلرى الطيلر السلنيح بينهلا ‪ %‬ونلادي‬
‫غراب بالفراق وبالسلب ‪ #‬فللان ل تكللن مللاتت فقللد حللال دونهللا ‪ %‬سللواك‬
‫حليل باطن من بني كعب ‪ #‬وقال رجل من بني أسد تزوجت ابنللة عللم لللي‬
‫فخرجت أريدها فلقيني شيء كالكلب مدليا لسلانه فلي شلق فقللت أخفلت‬
‫ورب الكعبللة فللأتيت القللوم فلللم أصللل إليهللا ونللاقرني أهلهللا حرجللت عنهللم‬
‫فمكثت ثلثة أيام ثللم بللدا لللي فيهللم فخرجللت نحللوهم فلقيللت كلبللة تنظللف‬
‫أطباؤها لبنا فقلت أدركت ورب الكعبة فدخلت بأهلي وحملت مني بغلم ثللم‬
‫آخر حتى ولدت أولدا وذكر عن‬

‫‪ #‬يحيى بن خالد قال حج رجلن فقيل لهما ههنللا امللرأة تزجللر قللال فأتياهللا‬
‫فسألها فقال أحدهما ما نضمر فقالت أنك لتسألني عن رجل مقتول فقللال‬
‫هو والله الذي سال عنه صاحبي فقالت هو كملا قلللت فسللألها علن تفسلير‬
‫ذلك فقالت أما رأيتما الجارية التي مرت ومعها ديك مشللدود الرجليللن حيللن‬
‫سألني الول قال بلى قالت فلللذلك قللت أنلله محبللوس مقيلد قللالت ورأيلت‬
‫الجارية حين رجعت وسألتنى أنت والديك مذبوح فقلت مقتول ‪ # 00‬وذكللر‬
‫‪2‬المداينى أن أهل بيت من العجم كانوا إذا غاب الرجل عن أهله ولم يللأتهم‬
‫خبره أربع حجج زوجوا امرأته فلتزوج منهللم رجللل جاريللة وغللاب أربللع حجلح‬
‫ليأتيهم فأرادوا تزويج الجارية وكانت مشغوفة به فقالت دعونى سنة أخللرى‬
‫فأبوا عليها وأتوا زاجللرا لهللم فخللرج الزاجللر ومعلله تلميللذ للله فتلقللاهم قللوم‬
‫يحملون ميتا ويد الميت على صدره فقال الزاجر لتلميذه مللات الرجللل قللال‬
‫ما مات أل ترى يد الميت على صدره يخبر أنلله هللو الميللت والرجللل صللحيح‬
‫فرجعا فأخبرا الحاكم أنه لم يمت فأمر بتأجيلها سنة فجاء زوجهللا بعللد شللهر‬
‫‪ 00‬وذكر ابن قتيبة عن إبراهيم بن عبللدالله قللال دخلللت علللى رجللل ضللرير‬
‫زاجر من العرب وقد خبأت سحابة عنوان من كتان فقلت أحبرنى بما خبأت‬
‫لك فنظر قليل ثم قال هو من نبات الماء فقلت زدنى فللى الشللرح قللال هللو‬
‫قطعة من كتان قال فسألته عن ذلللك فقللال سللألتنى عللن الخللبىء فللوقعت‬
‫يدى على الحصير فقلت إنه من نبات الماء قال فقلللت زدنللى فقللال وصللاح‬
‫صائح من جانب الدار فقضيت بالسواد وبأنه صغير للتصفير ثم نظللرت فلللم‬
‫يكن ذلك أولى بأن يكون قطعة من كتان قللال وسللألته عللن مقراضللين فللى‬
‫يدى قد أدخلت أصبعى فى حلقتيهما فقال فى يللدك خللاتم مللن حديللد وذكللر‬
‫ابن عيينة عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه عللن عمللر بللن‬
‫الخطاب رضى الله أنه كان يرمللى الجمللرة فجللاءته حصللاة فأصللابت جبهتلله‬
‫ففصدت منه عرقا فقال رجل من بنى لهب أشعر أمير الؤمنين ورب الكعبة‬
‫ل يقوم هذا المقام أبدا فقتل بعد ذلك وثبت فى الصحيحين من حللديث ابللن‬
‫عمللر أن رسللول الللله صلللى عليلله وسلللم قللال الشللؤم فللى الللدار والمللرأة‬
‫والفرس وفى لفظ فيهما ل عدوى ول صفر ول طيرة وإنما الشؤم فى ثلثة‬
‫المرأة والفرس والدار وفى لفظ آخر فيهما إن يكن الشؤم فى شللىء حقللا‬
‫ففى الفرس والمسللكن والمللرأة وفللى بعللض طللرق البخللارى والدابللة بللدل‬
‫الفرس وفى الصحيحين أيضا عن سهل بن سعد الساعدى قال قال رسللول‬
‫الله إن كان ففى المرأة والفرس والمسكن يعنى الشؤم ‪00‬وقال البخللارى‬
‫إن كان شىء وفى صحيح مسلم عن عبدالله عن رسول الللله قللال إن كللان‬
‫فى شىء ففى الربللع والخللادم والفللرس ‪00‬وفللى صللحيح مسلللم عللن أبللى‬
‫هريرة رضى الله عنه عن النبى قال ل يورد ممرض على‬

‫مصح ‪00‬وفى موطأ مالك أنه بلغه عن بكير بن عبدالله بن الشللج عللن أبللي‬
‫عطية أن رسول الله قال ل عدوى ول هام ول صفر ول يحل الممرض علللى‬
‫المصح وليحلل المصح حيث شاء قالوا يا رسول الله وما ذاك فقللال رسللول‬
‫الله عليه وسلم إنه أذى ‪00‬وقال ابن وهب أخبرنى يونس عللن ابللن شللهاب‬
‫أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال كان أبو هريرة رضى الله عنه يحللدثنا عللن‬
‫رسول الله قال أنه ل عدوى وحدثنا أن رسول الله قال ل يورد ممرض على‬
‫مصح الحديث ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قللوله ل عللدوى وأقللام أن ل‬
‫يورد ممرض على مصح الحديث قال فقال الحارث بن أبللى ذئاب وهللو ابللن‬
‫عم أبى هريرة قد كنت أسمعك يا أبا هريرة تحلدثنا ملع هلذا الحلديث حلديثا‬
‫آخر قد سكت عنه كنت تقول قال رسول الله ل عدوى فأبى أبللو هريللرة أن‬
‫يحدث ذلك وقال ل يورد ممرض على مصح فمارآه الحارث فللي ذلللك حللتى‬
‫غضب أبو هريرة ورطن بالحبشية فقال للحارث أتدرى ماذا قلت قال ل قال‬
‫أبو هريرة إني أقول أبيت أبي قال أبو سلمة فلعمري لقللد كللان أبللو هريللرة‬
‫يحدثنا أن رسول الله قال ل عدوى فل أدرى أنسى أبو هريللرة أو نسللخ أحللد‬
‫القولين الخر قالوا هذا النهى عن إيراد المريض على المصللح إنمللا هللو مللن‬
‫أجل الطيرة التى تلحق المصح ‪00‬وقال مسدد حللدثنا يحللي بللن هشللام عللن‬
‫يحي بن أبى كثير علن الحضلرمي بلن لحلق علن سلعيد بلن المسليب قلال‬
‫سألت سعد بن مالك عن الطيللرة فللانتهرني وقللال مللن حللدثك فكرهللت أن‬
‫أحدثه فقال سمعت رسول الله يقول ل عدوى ول طيرة ول هامة وإن كانت‬
‫الطيرة في شىء ففى الفرس والمللرأة والللدار فللإذا كللان الطللاعون بللأرض‬
‫وأنتم بها فل تفروا ‪00‬وفي صحيح مسلم عن الشريد بن سويد قال كان فى‬
‫وفد ثقيفة رجل مجذوم فأرسل إليه النبي أنا قد بايعناك فأرجع وفي حللديث‬
‫آخر فر من المجذوم فرارك من السد ‪0‬‬
‫فصل الن التقت حلقتا البطان وتداعى نزال الفريقان نعم وههنا أضعاف‬
‫أضعاف ما ذكرتم وأضعاف أضعافه وللنللاس ههنللا مسلللكان عليهمللا يعتمللد‬
‫المتكلمون في هذا الباب ل نرتضيهما بل نسلك مسلك العدل والتوسط بين‬
‫طرفي الفراط والتفريط فدين الله بين الغالي فيه والجللافي عنلله والللوادي‬
‫بين الجبلين والهدى بيللن الضللللتين وقللد جعللل الللله هللذه المللة هللي المللة‬
‫الوسط فلي جميلع أبلواب الللدين فللإذا انحللرف غيرهلا ملن المللم إللى أحللد‬
‫الطرفين كانت هي في الوسط كمللا كللانت وسللطا فللي بللاب أسللماء الللرب‬
‫تعالى وصفاته بين الجهمية والمعطلة والمشبهة الممثلللة وكللان وسللطا فللي‬
‫باب اليمان بالرسل بين من عبللدهم واشللركهم بللالله كالنصللارى وبيللن مللن‬
‫قتلهم‬

‫وكذبهم فأمنوا بهم وصللدقوهم وتركللوهم مللن العبوديللة وكللانت وسللطا فللي‬
‫القدر بين الجبرية الذين ينفون أن يكون للعبد فعل أو كسب أو اختيار البتللة‬
‫بل هو مجبور متهور ل اختيار له ول فعل وبين القدرية النفاة الذين يجعلللونه‬
‫مستقل بفعله ول يدخل فعله تحت مقدور الرب تعالى ول هو واقللع بمشلليئة‬
‫الله تعالى وقدرته فأثبتوا له فعل وكسبا واختيارا حقيقللة وهللو متعلللق المللر‬
‫والنهي والثواب والعقاب وهو مع ذلك واقع بقللدرة الللله ومشلليئته فملا شللاء‬
‫الله من ذلك كان وما لم يشأ لللم يكللن ول يتحللرك ذرة إل بمشلليئته وإرادتلله‬
‫والعباد أضعف وأعجز أن يفعلوا ما لم يشأه الله ل قللوة للله ول قللدرة عليلله‬
‫وكذلك هم وسط في المطاعم والمشارب بين اليهود اللذين حرملت عليهلم‬
‫الطيبات عقوبة لهم وبين النصارى الذين يستحلون الخبائث فأحل الله لهللذه‬
‫المة الوسط الطيبات وحرم عليهم الخبائث وكذلك ل تجد أهل الحللق دائمللا‬
‫إل وسللطا بيللن طرفللي الباطللل وأهللل السللنة وسللط فللي النحللل كمللا أن‬
‫المسلمين وسط في الملل وكذلك ما نحن فيه من هذا الباب فللإنهم وسللط‬
‫بين النفاة الذين ينفون السباب جملة ويمنعون ارتباطها بالمسببات وتأثيرها‬
‫بها ويسدون هللذا البللاب بالكليللة ويضللطربون فيمللا ورد مللن ذلللك فيقللابلون‬
‫بالتكذيب منه ما يمكنهم تكذيبه ويحيلون على التفاق والمصللادقة مللال قبللل‬
‫لهم بدفعه من غير أن يكون لشيء مللن هللذه المللور مللدخل فللي التللأثير أو‬
‫تعلق بالسببية البتة وربما يقولون أن أكثر ذلللك مجللرد خيللالت وأوهللام فللي‬
‫النفوس تنفعل عنها النفوس كانفعال أربللاب الخيللالت والمللراض والوهللام‬
‫وليس عندهم وراء ذلك شيء وهذا مسلك نفاة السباب وارتباط المسلببات‬
‫بها وهذا جواب كثير من المتكلمين والمسلك الثللاني مسلللك المثبللتين لهللذه‬
‫المور والمعتقدين لها الذاهبين إليها وهي عندهم أقوى من السباب الحسية‬
‫أو في درجتها ول يلتفتون إلى قدح قادح فيها والقدح فيها عندهم من جنللس‬
‫القدح في الحسلليات والضللروريات ونحللن ل نسللك سللبيل هللؤلء ول سللبيل‬
‫هؤلء بل نسلك سبيل التوسط والنصاف ونجانب طريق الجللور والنحللراف‬
‫فل نبطل الشرع بالقدر ول نكذب بالقدر لجل الشللرع بللل نللؤمن بالمقللدور‬
‫ونصدق الشرع فنؤمن بقضاء الله وقدره وشرعه وأمللره ول نعللارض بينهمللا‬
‫فنبطل السباب المقدورة أو نقدح في الشريعة المنزلة كما فعله الطائفتان‬
‫المنحرفتان فإحداهما بطلللت مللا قللدره الللله مللن السللباب بمللا فهمتلله مللن‬
‫الشرع وهذا من تقصيرها في الشرع والقدر والخللرى توصلللت إلللى القللدح‬
‫في الشرع وإبطاله بما تشاهده من تأثير السباب وإرتباطهللا بمسللبباتها لمللا‬
‫ظنت أن الشرع نفاها وكذبت بالشارع فالطائفتان جانيتان على الشرع لكن‬
‫الموفقون المهديون آمنوا بقدر الله وشرعه ولم يعارضوا أحدهما بالخر بللل‬
‫صدر منهما الخللر عنللدهم وقللرره فكللان المللر تفصلليل للقللدر وكاشللفا عنلله‬
‫وحاكما عليه وال أصل للمر ومنفذ له وشاهد له ومصدق له فلول القدر لمللا‬
‫وجد المر ول تحقق‬

‫‪ #‬على ساقه ولول المر لما تميز القدر ول تبينت مراتبه وتصللاريفه فالقللدر‬
‫مظهر للمر والمر تفصيل له والله سللبحانه لله الخلللق والمللر فل يكلون إل‬
‫خالقا آمرا فأمره تصريف لقدره وقللدره منفللذ لمللره ومللن أبصللر هللذا حللق‬
‫البصر وانفتحت له عين قلبه تبين له سر ارتباط السباب بمسبباتها وجريانها‬
‫فيها وأن القدح فيها وإبطالها إبطال للمر وتبين له أن كمال التوحيد بإثبللات‬
‫السباب ل أن إثباتها نقض للتوحيد كما زعم منكروهللا حيللث جعلللوا إبطالهللا‬
‫من لوازم التوحيللد فجنللوا علللى التوحيللد والشللرع والللتزموا تكللذيب الحللس‬
‫والعقللل ووقعللوا فللي أنللواع ملن المكللابرة سلللطت عليهللم أعللداء الشللريعة‬
‫وأوجبت لهم إن أساؤا بها الظللن وتنقصلوها وزعملوا أنهللا خطابيلة وإقناعيلة‬
‫وجدلية لبرهانية فعظم الخطب وتفللاقم المللر واشللتدت البليللة بالطللائفتين‬
‫وقد قيل أن العدو العاقل خير من الصديق الجاهللل ونحللن بحمللد الللله نللبين‬
‫المر في ذلك ونوضللح أيضللا مللا يتللبين بلله تصللديق كللل مللن المريللن الخللر‬
‫وشهادته له وتزكيته له ونبين ارتباط كللل مللن المريللن وعللدم انفكللاكه عنلله‬
‫فنقول وبالله التوفيق ‪ # 000‬أما ما ذكرتم من أن النبي كلان يعجبله الفلأل‬
‫الحسن فل ريب في ثبوت ذلك عنه وقد قرن ذلك بإبطال الطيللرة كملا فللي‬
‫الصحيحين من حديث الزهري عن عبيد بن عبلدالله علن أبلى هريلرة رضلى‬
‫الله عنه قال قال رسول الله صلى عليه وسلم لطيرة وخيرها الفللأل قللالوا‬
‫وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم فابتدأهم النللبي‬
‫بإزالة الشبهة وأبطال الطيرة لئل يتوهموها عليه في إعجابه بالفللأل الصللالح‬
‫وليس في العجاب بالفأل ومحبتلله شللىء مللن الشللرك بللل ذلللك إبانللة عللن‬
‫مقتضللى الطبيعللة ومللوجب الفطللرة النسللانية الللتي تميللل إلللى مايلئمهللا‬
‫ويوافقها مما ينفعها كما أخبرهم أنه حبب إليه من الدنيا النساء والطيب ‪00‬‬
‫‪ #‬وفي بعض الثار أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبله الفاغيلة وهللى نلور‬
‫الحناء وكان يحب الحلواء والعسل وكان يحب الشراب البللارد الحلللو ويحللب‬
‫حسن الصوت بالقرآن والذان ويستمع إليله ويحلب معلالي الخلق ومكلارم‬
‫الشيم وبالجملة يحب كل كمال وخير وما يفضللي إليهمللا والللله سللبحانه قللد‬
‫جعللل فللي غللرائز النللاس العجللاب بسللماع السللم الحسللن ومحبتلله وميللل‬
‫نفوسهم إليه وكذلك جعل فيها الرتياح والستبشار والسللرور باسللم السلللم‬
‫والفلح والنجاح والتهنئة والبشرى والفللوز والظفللر والغنللم والربللح والطيللب‬
‫ونيل المنية والفرح والغوث والعز والغنى وأمثالها فإذا قرعت هذه السللماء‬
‫السماع استبشرت بها النفللس وانشللرح لهللا الصللدر وقللوى بهللا القلللب وإذا‬
‫سمعت أضدادها أوجب لها ضللد هللذه الحللال فأحزنهللا ذلللك وأثللار لهللا خوفللا‬
‫وطيرة وأنكماشا وانقباضا عما قصدت للله وعزمللت عليلله فللأورث لهللا ذلللك‬
‫ضررا في الدنيا ونقصا في اليمان ومقارفة للشرك كما ذكره أبو عمر‬

‫‪ #‬في التمهيد من حديث المقري عن أبى لهيعة حدثنا ابللن هللبيرة عللن أبللى‬
‫عبد الرحمن الجيلللى علن عبللدالله بلن عمللر علن رسللول قلال ملن أرجعتله‬
‫الطيرة من حاجته فقد أشرك قال وما كفارة ذلللك يللا رسللول الللله قللال أن‬
‫يقول أحللدهم اللهللم لطيللر إل طيللرك ول خيللر إل خيللرك ول إللله غيللرك ثللم‬
‫يمضى لحلاجته ‪ # 00‬وذكلر ابلن وهلب قلال أخلبرني أسلامة بلن زيلد قلال‬
‫سمعت نافع بن جبير ابن مطعم يقول سأل كعب الحبار عبللدالله بللن عمللر‬
‫هل تتطير فقال نعم قال فكيف تقول إذا تطيرت قال أقول اللهم ل طير إل‬
‫طيرك ول خير إل خيرك ول رب غيرك ول قوة إل بك فقال كعللب أنلله أفقلله‬
‫العرب والله إنها لكذلك في التوراة وهذا الذي جعله الله سبحانه فللي طبللاع‬
‫الناس وغرائزهم من العجللاب بالسللماء الحسللنة واللفللاظ المحبوبللة وهللو‬
‫نظير ما جعل في غرائزهم من العجاب بالمناظر النيقة والريللاض المنللورة‬
‫والمياه الصللافية واللللوان الحسللنة والللروائح الطيبللة والمطللاعم المسللتلذة‬
‫وذلك أمر ل يمكن دفعه ول يحد القلب عنه انصرافا فهو ينفع المؤمن ويسر‬
‫نفسه وينشطها ول يضرها في إيمانها وتوحيدها وأخبر في حديث أبى هريرة‬
‫أن الفأل من الطيرة وهو خيرها فقال ل طيرة وخيرها الفأل فأبطل الطيرة‬
‫وأخبر أن الفأل منها ولكنه خيرها ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهمللا مللن‬
‫المتياز والتضاد ونفع أحدهما ومضللرة الخللر ونظيللر هللذا منعلله مللن الرقللاء‬
‫بالشرك وإذنه في الرقية إذا لم تكن شركا لما فيها من المنفعة الخالية عن‬
‫المفسدة وقد اعتاص هذا الفرقان على أفهام كثير مملن غلللظ عللن معرفللة‬
‫الحق والدين حجابه وغلظ عنه طبعه وكشلف عنله فهمله فقلال السلامع إذا‬
‫سمع مثل يا بشارة أو أبشر أو ل تخف أو يانجيح ونحوه وسمع ضد ذلك فأما‬
‫أن يللوجب المللر أن مايشللاكلهما وأمللا وأن ل يوجبللا شلليئا فأمللا أن يللوجب‬
‫أحدهما دون الخر فل وجه له وهذا من عمى عن الهدى وصلم علن سلماعه‬
‫وإنما تحصللل الهدايللة مللن ألفللاظ رسللول الللله صلللى عليلله وسلللم وتشللرق‬
‫ألفاظها في صدر من تلقاها بالتصديق والقبول فأذعن لها بالسلمع والطاعلة‬
‫وقابلها بالرضى والتسليم وعلم أنها منبع الهدى ومعيللن الحللق ونحللن بحمللد‬
‫الله نوضح لمن اشتبه ذلك عليلله فرقللان مللا بينهمللا وفللائدة الفللأل ومضللرة‬
‫الطيرة فنقول ‪ # 00‬الفأل والطيللرة وإن كللان مأخللذهما سللواء ومجتناهمللا‬
‫واحللدا فإنهمللا يختلفللان بالمقاصللد ويفترقللان بالمللذاهب فمللا كللان محبوبللا‬
‫مستحسنا تفاءلوا به وسموه الفأل وأحبوه ورضوه وما كللان مكروهللا قبيحللا‬
‫منفرا تشاءموا به وكرهوه وتطيروا منه وسموه طيللرة تعرقللة بيللن المريللن‬
‫وتفصيل بين الللوجهين وسللئل بعللض الحكمللاء فقيللل للله مللا بللالكم تكرهللون‬
‫الطيرة وتحبون الفأل فقال لنللا فللي الفللأل عاجللل البشللرى وإن قصللر عللن‬
‫المل ونكره الطيرة لما يلزم قلوبنا من الوجللل وهللذا الفرقللان حسللن جللدا‬
‫وأحسن منه ما قاله ابن الرومللي فللي ذلللك الفللأل لسللان الزمللان والطيللرة‬
‫عنوان الحدثان وقد كانت العرب تقلب السماء تطيرا وتفاؤل‬

‫‪ #‬فيسمون اللديغ سليما باسم السلمة وتطيرا من اسم السللقم ويسللمون‬


‫العطشان ناهل أي سنهل والنهل الشرب تفاؤل باسم الللري ويسللمون الفلة‬
‫مفازة أي منجاة تفاؤل بللالفوز والنجللاة ولللم يسللموها مهلكللة لجللل الطيللرة‬
‫وكانت لهم مذاهب في تسللمية أولدهللم فمنهللم ملن سللموه بأسللماء تفللاؤل‬
‫بالظفر على أعدائهم نحو غالب وغلب ومالك وظالم وعارم ومنازل ومقاتل‬
‫ومعللارك ومسللهر ومللؤرق ومصللبح وطللارق ومنهللم مللن تفللاءل بالسلللم‬
‫كتسميتهم بسالم وثابت ونحوه ومنهم من تفلاءل بنيللل الحظلوظ والسلعادة‬
‫كسعد وسعيد وأسعد ومسعود وسعدى وغانم ونحلو ذللك ومنهلم ملن قصلد‬
‫لتسميته بأسماء السللباع ترهيبللا لعللدائهم نحللو أسللد وليللث وذئب وضللرغام‬
‫وشبل ونحوها ومنهم من قصد التسمية بما غلظ وخشن من الجسام تفاؤل‬
‫بالقوة كحجر وصخر وفهر وجندل ومنهم من كان يخرج من منزللله وامرأتلله‬
‫تمخض فيسمى ما تلده باسم أول ما يلقاه كائنا ما كان من سبع أو ثعلب أو‬
‫ضب أو كلب أو ظبي أو حشيش أو غيره وكان القوم على ذلك إلى أن جللاء‬
‫الله بالسلم ومحمد رسوله ففرق به بين الهلدى والضللل والغلي والرشلاد‬
‫وبين الحسن والقبيح والمحبوب والمكروه والضار والنللافع والحللق والباطللل‬
‫فكره الطيرة وأبطلها واستحب الفأل وحمده فقال ل طيللرة وخيرهللا الفللأل‬
‫قالوا وما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم وقال عبدالله بن عباس‬
‫ل طيرة ولكنه فأل والفأل المرسل يسار وسالم ونحوه مللن السللم يعللرض‬
‫لك على غير ميعاد وسئل بعض العلماء عن الفأل فقال أن تسمع وأنللت قللد‬
‫أضللت بعيرا أو شيئا يا واجد أو أنت خائف يا سالم وقللال الصللمعي سللألت‬
‫ابن عون عن الفأل فقال أن يكللون مريضللا فيسللمع يللا سللالم وأخللبرك عللن‬
‫نفسي بقضية من ذلك وهللي أنللي أضللللت بعللض الولد يللوم الترويللة بمكللة‬
‫وكان طفل فجهدت في طلبه والنداء عليه في سائر الركب إلللى وقللت يللوم‬
‫الثامن فلم أقدر له على خبر فأيسللت منلله فقللال لللي إنسلان إن هللذا عجللز‬
‫اركللب وادخللل الن إلللى مكللة فتطلبلله فيهللا فركبللت فرسللا فمللا هللو إل أن‬
‫استقبلت جماعة يتحدثون في سواد الليل في الطريق وأحدهم يقللول ضللاع‬
‫له شيء فلقيه فل أدري انقضاء كلمته كللان اسللرع أم وجللداني الطفللل مللع‬
‫بعض أهل مكة في محملللة عرفتلله بصللوته فقللوله ول طيللرة وخيرهللا الفللأل‬
‫ينفي عن الفأل مذهب الطيرة مللن تللأثير أو فعللل أو شللركة ويخلللص الفللال‬
‫منها وفي الفرقلان بينهملا فلائدة كلبيرة وهلي أن التطيلر هلو التشلاؤم ملن‬
‫الشيء المرئي أو المسموع فإذا استعملها النسللان فرجللع بهللا مللن سللفره‬
‫وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب الشرك بل ولجه وبرىء من التوكللل‬
‫على الله وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله والتطير ممللا يللراه‬
‫أو يسمعه وذلك قاطع له عن مقام إياك نعبد وإياك نستعين وأعبللده وتوكللل‬
‫عليه وعليه توكلت وإليه أنيب فيصلير قلبلله متعلقلا بغيلر اللله عبلادة وتللوكل‬
‫فيفسد عليه قلبه وإيمانه‬

‫وحاله ويبقى هللدفا لسللهام الطيللرة ويسللاق إليلله مللن كللل أوب ويقيللض للله‬
‫الشيطان من ذلك ما ما يفسد عليه دينه ودنياه وكم هلك بذلك وخسر الدنيا‬
‫والخرة فأين هذا من الفأل الصالح السار للقلوب المؤيد للمال الفاتح بللاب‬
‫الرجاء المسكن للخوف الرابط للجاش الباعث على الستعانة بالله والتوكل‬
‫عليه والستبشللار المقللوى لمللله السللار لنفسلله فهللذا ضللد الطيللرة فالفللأل‬
‫يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد والطيرة تفضي بصاحبها إلللى المعصللية‬
‫والشرك فلهذا استحب الفأل وأبطل الطيرة وأما حديث اللقحة ومنع النللبي‬
‫حربا ومرة من حلبها وأذنه ليعيش في حلبها فليس هذا بحمد الله في شيء‬
‫من الطيرة لنه محال أن ينهى عن شيء ويبطله ثم يتعاطاه هو وقد أعللاذه‬
‫الله سبحانه من ذلك قال أبو عمر ليس هللذا عنللدي مللن بللاب الطيللرة لنلله‬
‫محال أن ينهى عن شيء ويفعله وإنما هو من طلب الفال الحسن وقد كللان‬
‫أخبرهم عن أقبح السماء أنه حرب ومرة فأكد ذلك حتى ل يتسمى بهللا أحللد‬
‫ثم ساق من طريق ابن ربيعة عن جعفر بن ربيعة بن يزيد عن عبد الللله بللن‬
‫عامر اليحصبي أن رسول الله قللال خيللر السللماء عبللد الللله وعبللد الرحمللن‬
‫واصدقها حارث وهمام حارث يحرث لبنائه وهمام يهللم بللالخير وكللان يكللره‬
‫السم القبيح لنه كان يتفاءل بالحسن من الشياء ثم ساق مللن طريللق ابللن‬
‫وهب حدثني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بللن جللبير عللن‬
‫يعيش الغفاري قال دعا النبي يوما بناقة فقال من يحلبها فقللام رجللل فقللال‬
‫أنا فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد ثللم قللام آخللر فقللال مللا اسللمك قللال‬
‫جمرة قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيللش قللال احلبهللا وروى‬
‫حماد بن سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني أن رسللول الللله كللان‬
‫إذا توجه لحاجة يحللب أن يسللمع يانجيللح يلا راشللد يللا مبللارك وقللد روى مللن‬
‫حديث بريدة أن النبي كان ل يتطير من شيء ولكن كان إذا سال عللن اسللم‬
‫الرجل فكان حسنا رؤى البشاشة في وجهلله وإن كللان سلليئا رؤى ذلللك فللي‬
‫وجهه وإذا سأل عن اسم الرض وكان حسللنا رؤى ذلللك فيلله قلللت الحللديث‬
‫رواه المام أحمد في مسنده حدثنا عبدالصمد حدثنا هشللام عللن قتللادة عللن‬
‫عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله ل يتطير من شيء ولكنه إذا‬
‫أراد أن يأتي ارضا سال عن اسللمها فللإن كللان حسللنا رؤى ذلللك فللي وجهلله‬
‫وكان إذا بعث رجل سأل عن اسمه فإن كان حسن السللم رؤى البشللر فللي‬
‫وجهه وإن كان قبيحا رؤى ذلك في وجهه وقال ابو عمر حللدثنا عبللد الللوارث‬
‫حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير بللن حسللين بللن حريللث ابللن عبللد الللله بللن‬
‫بريده عز الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان النبي ل‬
‫يتطير ولكن كان يتفاءل فركب بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني‬
‫أسلم فتلقى النبي ليل فقال له النبي من أنت قللال أنللا بريللدة فللالتفت إلللى‬
‫أبي بكر قال يا أبا بكر‬

‫‪ #‬برد أمرنا وصلح ثم قال ممن قال من أسلم قال لبى بكر سلمنا ثم قللال‬
‫ممن قال من بنى سهم قال خرج سهمنا قال أحمللد بللن زهيللر قللال أنللا أبللو‬
‫عمار سمعت أو كما يحدث هذا الحديث بعد ذلك عن أخيه سهل بن عبللدالله‬
‫عن أبيه عبدالله بن بريدة فأعدت ثلثا مللن حللدثك قللال سللهل أخللي والللذي‬
‫يكشف أمر حديث اللقحة مازاده ابن وهب في جامعه الحديث فقال بعد أن‬
‫ذكره فقام عمر بن الخطاب فقال أتكلم يا رسول اللله أم أصلمت قلال بلل‬
‫أصمت وأخبرك بما أردت ظننت يا عمر أنها طيرة ول طير إل طيره ول خير‬
‫إل خيره ولكن أحب الفأل الحسن فزال بذلك تعلللق المتطيريللن بللن ووضللح‬
‫أمر الحديث والحمد لله رب العالمين ‪ 00‬ويمكللن أن يكللون هللذا منلله علللى‬
‫سبيل التأديب لمته لئل يتسموا بالسماء القبيحة وليبادر من أسلم منهم وله‬
‫اسم قبيح إلى إبداله بغيره من غير إيجاب منه ول إلزام ولكن لللوجهين مللن‬
‫السللتحباب ‪ # :‬أحللدهما انتقللالهم عللن مللذاهب آبللائهم ومقاصللد سلللفهم‬
‫الفاسدة القبيحة التي يحزن بها بعضهم بعضللا عنللد سللماعها وموافللاة أهلهللا‬
‫ومخالطتهم ومفاجأتهم لملا يبقللى فللي ذلللك مللن آثلار الطيللرة الكامنللة فللي‬
‫الغريزة فإن سلم العبد منها وجاهد نفسه كليها عنللد لقيللا صللاحبها وسللماعه‬
‫لسم أخيه لم يسلم من الكمد وحزن القلب وقللد يللؤدى ذلللك إلللى البغضللاء‬
‫وإلى ضرب من النفرة والتفرقة كالصديق يدعوه الصديق القبيح السم فقد‬
‫يتمنى خاطره أنه لم يصحبه ول رآه ول سمع اسمه حتى إذا طمع به ودعللاه‬
‫ذو السم الحسن ابتهج أليه وأقبل عليه وسر بصياحه ودعائه له لراحة قلبلله‬
‫إلى حسن اسمه فقد يدعو البعيد من قلبلله ويبعللد الصللديق مللن نفسلله مللن‬
‫أجل اسمه فكيف به إذا رآه مللن يللومه وعللبرله تعللبير السللوء مللن اشللتقاق‬
‫اسمه كيف يعود متمنيا لفقده في رقاده متكرها للقائه متطيرا لرؤيته وهللذا‬
‫ضد التوادد والتراحم والتوالف الذي قصد الشارع ربطه بين المؤمنين فكره‬
‫صلى الله عليه وسلم لمته مقامها على حالة يؤذى بهللا بعضللهم بعضللا لغيللر‬
‫عذر ول فائدة تعود عليهم ل في الدينا ول في الخر ويؤدى هذا إلى التقلاطع‬
‫والتنافر مع أنه قد ندبهم واستحب لهللم إدخللال أحللدهم السللرور علللى أخيلله‬
‫المسلم ما استطاع ودفع الذى والمكروه عنه فقللال ل تقللاطعوا ول تللدابروا‬
‫وكونوا عبللاد الللله إخوانللا المسلللم أخللو المسلللم وقللد أمرهللم يللوم الجمعللة‬
‫بالغسل والطيب عند اجتماعهم لئل يؤذى بعضللهم بعضللا برائحتلله الللتي انمللا‬
‫يتجشمها ساعة للجتماع ثللم يفترقللا ومنللع آكللل الثللوم والبصللل مللن دخللول‬
‫المسللجد لجللل تللأذى النللاس والملئكللة بلله ومنللع الثنيللن أن يتناجيللا دون‬
‫صاحبهما خشية تأذيه وحزنه ومنع أحدهم أن يأكل متاع أخيه لعبللا لن ذلللك‬
‫يؤذيه ومعلوم أن ضرر السم القبيح على كثير منهم عليه عند همه وخروجه‬
‫من منزله ورؤية صاحبه في منامه ودعائه من برائحللة الثللوم والبصللل وهللذا‬
‫من كمال رأفته ورحمته بالمؤمنين وعزة ما عنتوا‬

‫‪ #‬عليه ولهذا والله أعلم غير كثيرا من السماء القبيحة بأحسللن منهللا وغيللر‬
‫أسماء حسنة إلى غيرها خشية الطيرة والتأذى عند نفيها والخروج مللن عنللد‬
‫المسمى أو لتضمنها تزكية النفس ونحوها فللالول كغيللره اسللم الحبللاب بللن‬
‫المنذر بعبد الرحمن وقال الحباب اسللم الشلليطان وغيللر أبللا مللرة إلللى أبللى‬
‫حلوة وغير أبا المعاصي إلللى مطيللع وغيللر عاصللية بجميلللة وغيللر أسللم بنللى‬
‫الشيطان إلى بنى عبدالله وغير اسم أصرم إلى اسم زرعة وغير اسم حزن‬
‫جد سعيد بن المسيب إلى سهل فأبى قبول ذلك فلزمه مسمى اسللمه مللن‬
‫الحزونة له ولذريته ‪ # 00‬وقال أبللو داود وغيللر النللبي اسللم العللاص وعزيللر‬
‫وعقلة والشيطان والحكم وغراب وحبللاب وشللهاب فسللماه هشللاما وسللمى‬
‫حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا اسللمها عفللرة سللماها خضللرة‬
‫وشعب الضللة سماه شعب الهدى وبنو الزنية سماهم بنى الرشدة وسللمى‬
‫بنى مغويه بنللى رشللدة قللال أبللو داود تركللت أسللانيدها للختصللار ‪ 00‬وقللال‬
‫مسروق لقيت عمر فقال من أنت فقلللت مسللروق بلن الجللدع فقللال عمللر‬
‫سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول الجدع شيطان وأما الثاني ففللي‬
‫صحيح مسلم عن سمرة قال قال رسول الله صلى وعليلله وسلللم لتسللمين‬
‫غلمك يسارا ول رباحا ول نجيحا ول أفلح فإنك تقول اثم هللو فيقللال ل وغيللر‬
‫اسم برة بزينب وكره أن يقال خرج من عند برة وأمللا الثللالث فكتغييللره أبللا‬
‫الحكم بأبي شريح وتفسيره أيضا برة بزينب وقال ل تزكللوا أنفسللكم فللروى‬
‫مسلم في صحيحه عن محمد ابن عمرو بن عطاء أن زينب بنت أبى سلللمة‬
‫سألته ما سميت بنتك قال سميتها برة فقللالت إن رسللول الللله صلللى عليلله‬
‫وسلم نهى عن هذا السم وسميت برة فقللال النللبي ل تزكللوا أنفسللكم الللله‬
‫أعلم بأهل البر منكم فقالوا ما نسميها قال سموها زينب ومن هللذا مللا فللي‬
‫الصحيحين عن أبى هريرة عن النلبي أن أخنلع اسلم عنلد اللله يلوم القياملة‬
‫رجل تسمى ملك الملك ل مالك إل الله قال سفيان بن عيينة مثللل شللاهان‬
‫شاه وذكر وهب أن رسول الله عليه وسلم أتى بغلم فقال مللا سللميتم هللذا‬
‫قالوا السائب فقال ل تسموه السائب ولكللن سللموه عبللد الللله قللال فغلبللوا‬
‫على اسمه فلم يمت حتى ذهب عقله فإن قيل فقد كان لرسول الله اسللمه‬
‫رباح وكان لبى أيوب غلم اسمه أفلح ولعبد الله بن عمللر غلم اسلمه ربلاح‬
‫قيل هذا النهى من النبي لم يكن على وجه العزيمة والحتم ولكن كللان علللى‬
‫جهة الكراهة والللدليل عليلله مللا روى البخللاري فللي صللحيحه عللن سللعيد بللن‬
‫المسيب عن أبيه عن جده حزن أنه أتى النبي فقال له ما اسمك قال حللزن‬
‫فقال أنت سهل ل أغير اسما سمانية أبى فلم ينكر عليه النبي ول أخللبره أن‬
‫ذلك معصية بل سكت عنه وكذلك لما غيللر اسللم السللائب فللأبوا تغييللره لللم‬
‫ينكر عليهم وأيضا فروى مسلم في صحيحه من حديث أبى الزبير عن جللابر‬
‫قال أراد النبي أن ينهى أن يسمى بيعلى وبركللة وأفلللح ويسللار ونللافع ونحللو‬
‫ذلك ثم رأيته سكت‬

‫‪ #‬بعد عنها فلم يقل شيئا ثم قبض ولم ينه عن ذلك ثم أراد عمر رضى الله‬
‫عنه أن ينهللى عللن ذلللك ثللم تركلله ورأيللت لبعضللهم فللي الفللرق بيللن الفللأل‬
‫والطيرة كلما ما أذكره بلفظه قللال أمللا مللا روى أن النللبي كللان يتفللاءل ول‬
‫يتطير فهما وإن كان معناها واحد في السللتدلل فبينهمللا افللتراق لن الفللأل‬
‫إبانة والتطير استدلل والبانة أكثر واشهر وأوضح وأفصح لن من كللان فللي‬
‫قلبه وضميره شيء فسمع قائل يقول أقبل الخير وامض بسلللم أو أبشللر أو‬
‫نحو ذلك فقد اكتفى بما سمع من الستدلل والذي يرى طائرا يصيح أو ينوح‬
‫فليس معه إلى الستدلل على اليمن بالسانح والشؤم بالبارح وهذا أمر قللد‬
‫يكون وقد ل يكون وذلك الفأل في العم يكون وقللال آخللرون إن النللبي لللم‬
‫يكن يتطير أي لم يكن يسند المور الكائنة من الخير والشر إلى الطيللر كمللا‬
‫يفعل الكهنة وقال آخرون إن النبي كان إذا جلس مع أصحابه فتكلم أحللدهم‬
‫بخير أو سمع من تكلم حصهم عليه وعرفهم به ومعلوم أنلله ل بللد لطللائر أن‬
‫يمر سانحا أو بارحا أو قعيدا أو ناطحا فل يوقفهم عليه ول يعرفهم به إذ ذلك‬
‫من فعل الكهان وكان الحديث المروى عنه أنه كللان يتفللاءل ول يتطيللر مللن‬
‫هذا المعنى وقد أغنى الله رسوله باخبللاره بارسللال جبريللل إليلله بمللا يحللدثه‬
‫سبحانه من الستدلل على أحداثه بالشياء التي ينظر فيها غيره تفرقة منلله‬
‫سبحانه بين النبوة وغيرها فان قيل فهللذا الللذي نللزل بهللذين الرجليللن وهمللا‬
‫السائب وحزن هل كان من أجل اسمهما أم من جهللة غيللر السللم قيللل قللد‬
‫يظن من ل ينعم النظر أن الذي نزل بهمللا هللو مللن جهللة اسللميهما ويصللحح‬
‫بذلك امر الطيرة وتأثيرها ولو كان كمللا ظنللوه لللوجب أن ينللزل بجميللع مللن‬
‫تسمى باسميهما من أول الدهر ولكان اقتضاء السللم لللذلك كاقتضللاء النللار‬
‫الحراق والماء والتبريد ونحوه ولكن يحمل ذلك والله أعلم على أن المرين‬
‫الجاريين عليهما قد تقدما في أم الكتللاب كمللا تقللدم لهمللا أيضللا أن يتسللميا‬
‫باسميهما إلى أن يختلار لهملا رسلول اللله وغيرهملا فيرغبلون علن اختيلاره‬
‫ويتخلفون عن استجابته فيعاقبا بما قللد سللبق لهمللا عقوبللة تطللابق اسللمهما‬
‫ليكللون ذلللك زاجللرا لمللن سللواهما وقللد يكللون خللوفه علللى اهللل السللماء‬
‫المكروهة أيضا من مثل هذه الحوادث إذ قد تنللزل بالنسللان بل مشلليئة بمللا‬
‫في اسمه فيظن هو أو جميع من بلغه أن ذلك كان من أجل اسمه عاد عليه‬
‫بشؤمه فيعصي الللله عللز وجللل وقللد كللره قللوم مللن الصللحابة والتللابعين أن‬
‫يسموا عبيدهم عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد الملك ونحوه ذلك مخافللة أن‬
‫يعتقهم ذلك قال سعيد بن جبير كنت عند ابن عباس سنة ل أكلمه ول أعرفه‬
‫ول يعرفني حتى أتاه يوما كتاب ملن امللرأة ملن أهلل العللراق فلدعا غلملانه‬
‫فجعل يكني عن عبيد الله وعبد الللله واشللباهم ويللدعو يللا مخللراق يللا وثللاب‬
‫وروى أبو معاوية عن العمش عن إبراهيم‬

‫‪ #‬قال كانوا يكرهون أن يسمى الرجل غلمه عبد الله مخافة أن ذلك يعتقه‬
‫وروى مغيرة عن ابي معشر عن إبراهيم أنلله كللره أن يسللمى مملللوكه عبللد‬
‫وعبيد الله وعبد الملك وعبد الرحمن واشباهه مخافة العتق قال بعللض أهللل‬
‫العلم كراهتهم لذلك نظير ما كره رسول الللله مللن تسللمية المماليللك بربللاح‬
‫ونافع وأفلح لن ذلك كان منه حذرا من أن يقال أهاهنا نافع فيقال ل أو أثللم‬
‫أفلح فيقال ل أو بركللة أو يسللار أو ربللاح فيقللال ل ومعلللوم إن السللائل عللن‬
‫انسان إسمه أفلح أو نافع أو رباح هل هو في مكان كذا إنما مسئلة تلك عن‬
‫مسمى شخص من أشخاص بني آدم سمى باسم جعل عليه دليل يعللرف بلله‬
‫إذا ذكر إذا كانت السماء العوارى المفرقلة بيلن الشلخاص المتشلابهة إنملا‬
‫هي أدلة المسمين بها ل مسللالة عللن شللخص صللفته النفللع والفلح والبركللة‬
‫وذلك من كراهته نظير كراهته تسمية تلك المرأة برة فحول إسمها جويريللة‬
‫وتحويله اسم أرض كان اسمها عفرة فردها خضرة ونحو ذلك كللثير ومعلللوم‬
‫أن تحويله ما حول من هذه السماء عما كان عليه لم يكن لن التسمية بمللا‬
‫كان المسمى به منهم مسمى قبل تحويله ذلك كللان حللرام التسللمية ولكللن‬
‫كان ذلك منه وعلى وجه الستحباب واختيار الحسن على الذي هو دونه في‬
‫الحسن إذ كان ل شيء في القبيح من السماء إل وفي الجميل الحسن منها‬
‫مثله من الدللة على المسمى به مع تخير الحسن بفضل الحسن والجمللال‬
‫من غير مؤنة تلزم صاحبه بسبب التسمى وكللذلك كراهللة مللن كللره تسللمية‬
‫مملوكه عبد الله وعبد الرحمن إنما كانت كراهة ذلك حللذرا أن يللوجب ذلللك‬
‫له العتق ول شك أن جميع بنلي آدم عبيلد الللله أحرارهللم وعبيللدهم وصلفهم‬
‫بذلك واصف أو لم يصفهم ولكن الذين كرهللوا التسللمية بللذلك صللرفوا هللذه‬
‫السماء عن رقيقهم لئل يقع اللبس على السامع بذلك من اسللمائهم فيظللن‬
‫أنهم أحرار إذ كان استعمال أكثر الناس التسمية بهذه السماء فللي الحللرار‬
‫فتجنبوا ذلك إلى ما يزيل اللبس عنهم من أسماء المماليك والله أعلم‬
‫فصل وأما الثر الذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن‬
‫الخطاب رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك قال جمرة الحديث الى آخللره‬
‫فالجواب عنلله أنلله ليللس بحمللد الللله فيلله شلليء مللن الطيللرة وحاشللا أميللر‬
‫المؤمنين رضي الله عنه من ذلك وكيف يتطير وهو يعلللم أن الطيللرة شللرك‬
‫من الجبت وهو القائل في حديث اللقحة ما تقدم ولكن وجه ذلك والله أعلم‬
‫أن هذا القول كان منه مبالغة في النكار عليه لجتماع أسماء النار والحريق‬
‫في اسمه واسم أبيه وجده وقبيلته وداره ومسكنه فوافق قوله اذهللب فقللد‬
‫احترق منزلك وقدرك ولعل قوله كان السبب وكثيرا ما يجري مثل هذا لمن‬
‫هو دون عمر بكثير فكيف بالمحدث الملهم الذي ما قال لشيء اني‬

‫لظنه كذا إل كان كما قللال وكللان يقللول الشلليء ويشللير بلله فينللزل القللرآن‬
‫بموافقته فاذا نزل المر الديني بموافقة قلوله فكلذلك وقلوع الملر الكلوني‬
‫القدرى موافقا لقوله ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النللبي‬
‫أنه كان يقول قد كان في المم قبلكللم محللدثون فللان يكللن فللي أمللتي أحللد‬
‫منهم فعمر بن الخطاب رضللي الللله عنلله قللال ابللن وهللب تفسللير محللدثون‬
‫ملهمون وفي صحيح البخللارى عللن أبللي هريللرة رضللي الللله عنلله قللال قللال‬
‫رسول الله لقد كان فيمن كان قبلكم من بني اسرائيل رجللال يعلمللون مللن‬
‫غير أن يكونوا أنبياء فان يكن في أمتي منهم أحد فعمر وفي الصحيحين عن‬
‫عمر رضي الله عنه قللال وافقللت ربللي فللي ثلث فللي مقللام إبراهيللم وفللي‬
‫الحجاب وفي اساري بدر وفللي صللحيح البخللاري عللن أنللس قللال قللال عمللر‬
‫وافقني اللله فلي ثلث أو وافقنلي ربلي فلي ثلث قللت يلا رسلول اللله للو‬
‫اتخذت مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله يدخل عليللك الللبر والفللاجر‬
‫فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب وبلغنللي معاتبللة‬
‫النبي بعض نسأله فدخلت عليهن فقلللت ان انتهيتللن أو ليبللدلن الللله رسللوله‬
‫خيرا منكن حتى أتيت أحدى نسائه فقالت يا عمللر أمللا فللي رسللول الللله مللا‬
‫يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأنزل الله عز وجل عسى ربه إن طلقكللن أن‬
‫يبدله أزواجا خيرا منكن الية وفي الصحيحين أنه لما قام ليصلللى علللى عبللد‬
‫الله بن أبي بن أبي سلول رأس المنللافقين قللام عمللر فأخللذ ثللوبه وقللال يللا‬
‫رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه فقال رسول الله إنما‬
‫خيرني الله فقال استغفر لهم أو ل تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة‬
‫فلن يغفر الله لهم وسأزيد على السبعين وصلى رسول الله فأنزل الللله علز‬
‫وجل ول تصل على أحد منهم مات أبللدا ول تقللم علللى قللبره فللترك الصلللة‬
‫عليهم فإذا كانت هذه موافقة عمر لربه في شللرعه ودينلله وينطللق بالشلليء‬
‫فيكون هو المأمور المشروع فكذلك ل يبعد ملوافقته لله تعلالى فلي قضلائه‬
‫وقدره ينطق بالشيء فيكون هو المقضى المقدور فهذا لون والطيللرة لللون‬
‫وكذلك جرى له تطير مع رجل آخر ساله عن اسمه فقللال ظللالم فقللال ابللن‬
‫من قال ابن سارق قال تظلم أنت ويسرق أبللوك وذكللر المللدائني عللن أبللي‬
‫صفرة وهو أبو المهلب أنه ابتاع سلعة بتأخير من رجل من بنللي سللعد فللأراد‬
‫أن يشهد عليه فقال له ما اسمك قال ظالم قال ابللن مللن قللال ابللن سللراق‬
‫قال ل والله ل يكون عليك شيء أبدا ‪#‬‬
‫فصل وأما محبة النبي التيمن في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله‬
‫فليس هذا من بلاب الفلأل ول التطيلر بالشلمال فلي شليء ولكلن تفضليل‬
‫اليمين على الشمال فكان يعجبه‬

‫‪ #‬أن يباشر الفعال التي هي مللن بللاب الكرامللة بللاليمين كالكللل والشللرب‬
‫والخذ والعطاء وضدها بالشمال كالستنجاء وامساك الذكر وإزالللة النجاسللة‬
‫فإن كان الفعل مشتركا بين العضوين بدأ باليمين في افعال التكريم وأماكنه‬
‫كالوضوء ودخول المسجد وباليسار في ضد ذلك كدخول الخلء والخروج من‬
‫المسجد ونحوه والله تعالى فضل بعض مخلوقاته على بعللض وفضللل بعللض‬
‫جوارح النسان وأعضائه على بعض ففضل العين على الكعب والللوجه علللى‬
‫الرجل وكذلك فضل اليد اليمين علللى اليسللار وخلللق خلقلله صللنفين سللعداء‬
‫وجعلهلم أصلحاب اليميلن وأشلقياء وجعلهلم أصلحاب الشلمال وقلال النلبي‬
‫المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يللديه يميللن‬
‫الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا وفي الصحيح عنه لما أسرى بلله‬
‫رأى آدم في سماء الدنيا وإذا عن يمينه اسودة وعن يساره اسودة فإذا نظر‬
‫قبل يمينه عنه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال ما هذا يا جبريل فقال‬
‫هذا آدم وهذه السودة عن يمينه ويساره بنوه فأهللل اليميللن أهللل السللعادة‬
‫من ذريته وأهل اليسار أهل الشقاوة وفي المسند عن عائشللة قللالت كللانت‬
‫يد رسول الله اليمين لطهوره وطعامه وكانت يده اليسرى لخلئه ومللا كللان‬
‫من أذى وفي المسند أيضا وسنن أبي داود عن حفصة بنت عمر زوج النللبي‬
‫كان يجعل يمينه لطعامه ويجعل شماله لمللا سللوى ذلللك وقللال أحمللد كللانت‬
‫يمينه لطعامه وطهوره وصلته وشأنه وكانت شماله لما سوى ذلك‬
‫فصل وأما قوله الشؤم في ثلث الحديث فهو حديث صحيح من رواية‬
‫ابن عمر وسهل بن سعد ومعاوية بن حكيللم وقللد روى أن أم سلللمة كللانت‬
‫تزيد السيف يعني في حللديث الزهللرى عللن حمللزة وسللالم عللن أبيهمللا فللي‬
‫الشؤم وقد اختلف الناس في هذا الحديث وكانت عائشة أم المؤمنين رضي‬
‫الله عنها تنكر أن يكون من كلم النبي وتقلول إنملا حكلاه رسلول اللله علن‬
‫أهل الجاهلية وأقوالهم فذكر أبو عمر بللن عبللد الللبر مللن حللديث هشللام بللن‬
‫عمار حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد عن قتادة عن أبي حسان أن رجليللن‬
‫دخل على عائشة وقال إن أبا هريرة يحدث أن النبي قللال إنمللا الطيللرة فللي‬
‫المرأة والدار والدابة فطارت شقة منها في السللماء وشللقة فللي الرض ثللم‬
‫قالت كذب والذي أنزل الفرقان على ابي القاسم من حدث عنه بهذا ولكللن‬
‫رسول الله كان يقول كللان أهللل الجاهليللة يقولللون ان الطيللرة فللي المللرأة‬
‫والدار والدابة ثم قرأت عائشللة مللا اصللاب مللن مصلليبة فللي الرض ول فللي‬
‫أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبرأها إن في ذلك على الله يسير قال أبو‬
‫عمر وكانت عائشة‬

‫تنفي الطيللرة ول تعتقللد منهللا شلليئا حللتى قللالت لنسللوة كللن يكرهللن البنللاء‬
‫بأزواجهن في شوال ما تزوجني رسول الله إل في شوال ومللا دخللل بللي إل‬
‫في شللوال فمللن كللان احظللى منللي عنللده وكللان تسللتحب أن يللدخلن علللى‬
‫أزواجهن في شوال قال أبو عمر وقولها في أبي هريللرة كللذب فللإن العللرب‬
‫تقول كذبت بمعنى غلطت فيما قدرت وأوهمت فيمللا قلللت ولللم تظللن حقللا‬
‫ونحو هذا وذلك معروف من كلمهللم موجللود فللي أشللعارهم كللثيرا قللال أبللو‬
‫طالب ‪ # :‬كذبتم وبيت الله نترك مكللة ‪ %‬ونظعللن ال أمركللم فللي بلبللل ‪#‬‬
‫كذبتم وبيت الله نبري محمدا ‪ %‬ولما نطاعن دونه ونناضل ‪ #‬ونسلمه حللتى‬
‫نصرع حوله ‪ %‬ونذهل عن أبنائنا والحلئل ‪ #‬وقللال شللاعر مللن همللدان ‪# :‬‬
‫كذبتم وبيت الله ل تأخذونه ‪ %‬مراغمة مادام للسيف قائم ‪ #‬وقال زفر بللن‬
‫الحارث العبسي ‪ # :‬أفي الحق إما بحدل وابللن بحللدل ‪ %‬فيحللي وأمللا ابللن‬
‫الزبير فيقتل ‪ #‬كذبتم وبيت الله ل تقتلونه ‪ %‬ولما يكن أمر أغللر محجللل ‪#‬‬
‫قال أل ترى أن هذا ليس من باب الكذب الذي هو ضد الصدق وإنما هو مللن‬
‫باب الغلط وظن ما ليس بصحيح وذلك أن قريشا زعموا أنهم يخرجون بنللي‬
‫هاشم من مكة ان لم يتركوا جوار محمللد فقللال لهللم أبللو طللالب كللذبتم أي‬
‫غلطتم فيمللا قلتللم وظننتللم وكللذلك معنللى قللول الهمللداني والعبسللي وهللذا‬
‫مشهور في كلم العرب قلت ومن هذا قول سعيد بن جللبير كللذب جللابر بللن‬
‫زيد يعني في قوله الطلق بيد السليد أي أخطلأ ومللن هللذا قلول عبللادة ابلن‬
‫الصامت كذب ابو محمد لما قللال الللوتر واجللب أي أخطللأ وفللي الصللحيح أن‬
‫النبي قال كذب ابو السنابل لمللا أفللتى أن الحامللل المتللوفى عنهللا زوجهللا ل‬
‫تتزوج حتى تتم لها أربعة أشهر وعشرا ولو وضعت وهذا كثير والمقصللود أن‬
‫عائشة رضي الله عنها ردت هذا الحديث وأنكرته وخطأت قائله ولكللن قللول‬
‫عائشة هللذا مرجللوح ولهللا رضللي الللله عنهللا اجتهللاد فللي رد بعللض الحللاديث‬
‫الصحيحة خالفها فيه غيرها من الصحابة وهي رضي الله عنها لمللا طنللت أن‬
‫هذا احديث يقتضي إثبات الطيرة التي هي من الشرك لم يسعها غير تكذيبه‬
‫ورده ولكن الذين رووه ممن ل يمكن رد روايتهم ولم ينفرد بهذا أبللو هريللرة‬
‫وحده ولو انفرد به فهلو حلافظ الملة عللى الطلق وكلملا رواه النلبي فهلو‬
‫صحيح بل قد رواه عن النبي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضللي الللله عنلله‬
‫وسهل بلن سللعد السلاعدى وجللابر بلن عبللد الللله النصللاري وأحلاديثهم فلي‬
‫الصحيح فالحق أن الواجب بيان معنى الحديث ومباينته للطيرة الشركية‬

‫فنقول وبالله التوفيق هللذا الحللديث قللد روى علللى وجهيللن أحللدهما بللالجزم‬
‫والثاني بالشرط فأما الول فرواه مالك عن ابن شهاب عللن سللالم وحمللزة‬
‫بن عبد الله بن عمر عن أبيهما أن رسول الله قال الشؤم في الدار والمرأة‬
‫والفرس متفق عليه وفي لفظ فللي الصللحيحين عنلله ل عللدوى ول صللفر ول‬
‫طيللرة وإنمللا الشللؤم فللي ثلثلة المللرأة والفللرس والللدار وأمللا الثللاني ففللي‬
‫الصحيحين أيضا عن سللهل بللن سللعد قللال قللال رسللول الللله إن كللان ففللي‬
‫المرأة والفرس والممكن يعني الشللؤم وقللال البخللاري إن كللان فللي شلليء‬
‫وفي صحيح مسلم عن جابر مرفوعا إن كان في شيء ففي الربللع والخللادم‬
‫والفرس وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعا إن يكللن مللن الشللؤم شلليء‬
‫حقا ففي الفرس والمسكن والمرأة وروى زهيلر بلن معاويلة عللن عتبلة بلن‬
‫حميد قال حدثني عبيد الله بن أبي بكر أنه سمع أنسا يقول قال رسول الله‬
‫ل طيرة والطيرة على من تطيلر وإن يكلن فلي شليء ففلي الملرأة واللدار‬
‫والفرس ذكره أبو عمر ‪ #‬وقالت طائفة أخرى لم يجزم النبي بالشللؤم فللي‬
‫هذه الثلثة بل علقه على الشرط فقال إن يكن الشؤم فلي شليء ول يللزم‬
‫من صدق الشرطية صدق كل واحللد مللن مفرديهللا فقللد يصللدق التلزم بيللن‬
‫المستحيلين قالوا ولعل الوهم وقللع مللن ذلللك وهللو أن الللراوي غلللط وقللال‬
‫الشؤم في ثلثة وإنما الحديث إن كان الشلؤم فلي شليء ففلي ثلثللة قللالوا‬
‫وقد اختلف علللى ابللن عمللر والروايتللان صللحيحتان عنلله قللالوا وبهللذا يللزول‬
‫الشكال ويتبين وجه الصواب ‪ #‬وقللالت طائفللة أخللرى إضللافة رسللول الللله‬
‫صلى عليه وسلم الشؤم إلى هذه الثلثة مجاز واتساع أي قد يحصل مقارنللا‬
‫لها وعندها ل أنها هي أنفسها مما يوجب الشؤم قالوا وقللد يكللون الللدار قللد‬
‫قضى الله عز وجل عليها أن يميت فيها خلقا من عباده كما يقللدر ذلللك فللي‬
‫البلد الذي ينزل الطاعون به وفي المكان الذي يكثر الوباء به فيضللاف ذلللك‬
‫إلى المكان مجازا والله خلقه عنده وقدره فيه كما يخللق الملوت عنلد قتلل‬
‫القاتل والشبع والري عند أكل الكل وشرب الشارب فالدار الللتي يهلللك بهللا‬
‫أكثر ساكنيها توصف بالشؤم لن الله عز وجل قللد قصللها بكللثرة مللن قبللض‬
‫فيها كتب الله عليه الموت في تلك الدار حسللن إليلله سللكناها وحركلله إليهللا‬
‫حتى يقبض روحه في المكان الذي كتب له كما ساق الرجل من بلد إلى بلد‬
‫للثر والبقعة التي قضى أنه يكون مدفنه بها ‪ #‬قالوا وكذلك ما يوصللف مللن‬
‫طول أعمار بعض أهل البلدان ليس ذلك من أجل صحة هواء ول طيب تربللة‬
‫ول طبع يزداد به الجل وينقللص بفللواته ولكللن الللله سللبحانه قللد خلللق ذلللك‬
‫المكان وقضى أن يسكنه أطول خلقه أعمارا فيسوقهم إليلله ويجمعهللم فيلله‬
‫ويحببه إليهم قالوا وإذا كان هذا على ما وصفنا في الدور والبقللاع جللاز مثللله‬
‫في النساء والخيل فتكون المرأة قللد قللدر الللله عليهللا أن تللتزوج عللددا مللن‬
‫الرجال ويموتون معها فل بد من انفاذ قضائه وقدره حلتى أن الرجلل ليقلدم‬
‫عليها من بعد علمه بكثرة من مات عنها لوجه من الطمع يقوده إليها حتى‬

‫‪ #‬يتم قضاؤه وقدره فتوصف المرأة بالشؤم لذلك وكذلك الفللرس وإن لللم‬
‫يكن لشيء من ذلك فعل ول تللأثير ‪ #‬وقللال ابللن القاسللم سللئل مالللك عللن‬
‫الشؤم في الفرس والدار فقلال إن ذللك كلذب فيملا نلرى كلم ملن دار قلد‬
‫سكنها ناس فهلكوا ثم سكنها آخرون فملكوا قال فهللذا تفسلليره فيمللا نللرى‬
‫والله أعلم ‪ #‬وقالت طائفة أخرى شؤم الللدار مجللاورة جللار السللوء وشللؤم‬
‫الفرس أن يغزى عليها في سبيل الله وشؤم المرأة أن ل تلد وتكللون سلليئة‬
‫الخلق وقالت طائفة أخللرى منهللم الخطللائي هللذا مسللتثنى مللن الطيللرة أي‬
‫الطيرة منهى عنها إل أن يكون له دار يكره سكناها أو امللرأة يكللره صللحبتها‬
‫أو فللرس أو خللادم فليفللارق الجميللع بللالبيع والطلق ونحللوه ول يقيللم علللى‬
‫الكراهة والتأذي به فإنه شؤم وقد سلك هذا المسلللك أبللو محمللد بللن قتيبللة‬
‫في كتاب مشكل الحديث له لما ذكر أن بعض الملحدة اعترض بحديث هذه‬
‫الثلثة ‪ #‬وقالت طائفة أخرى الشؤم في هذه الثلثة إنما يلحق مللن تشللاءم‬
‫بها وتطير بها فيكون شؤمها عليه ومن توكللل علللى الللله ولللم يتشللاءم ولللم‬
‫يتطير لم تكن مشؤمة عليه قالوا ويدل عليه حديث أنس الطيللرة علللى مللن‬
‫تطير وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلللول المكللروه بلله‬
‫كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظلم السلباب‬
‫التي يدفع بها الشر المتطير به وسر هللذا أن الطيللرة إنمللا تتضللمن الشللرك‬
‫بالله تعالى والخوف من غيره وعدم التوكللل عليلله والثقللة بلله كللان صللاحبها‬
‫غرضا لسهام الشر والبلء فيتسرع نفوذها فيه لنلله لللم يتللدرع مللن التوحيللد‬
‫والتوكل بجنة واقية وكل من خاف شيئا غيللر الللله سلللط عليلله كمللا أن مللن‬
‫أحب مع الله غيره عذب به ومن رجا مع الله غيللره خللذل مللن جهتلله وهللذه‬
‫أمور تجربتها تكفي عن أدلتها والنفس ل بد أن تتطير ولكن المللؤمن القللوي‬
‫اليمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله فان من توكل على الله وحده‬
‫كفاه من غيره قال تعالى فإذا قللرأت القللرآن فاسللتعذ بللالله مللن الشلليطان‬
‫الرجيم إنه ليس له سلللطان علللى الللذين آمنللوا وعلللى ربهللم يتوكلللون إنمللا‬
‫سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ولهذا قال ابللن مسللعود‬
‫وما منا إل يعني من يقارب التطير ولكن الله يذهبه بالتوكل ومللن هللذا قللول‬
‫زبان بن سيار ‪ # :‬أطار الطير إذ سللرنا زيللاد ‪ %‬لتخبرنللا ومللا فيهللا خللبير ‪#‬‬
‫أقام كان لقمان بن عاد ‪ %‬أشار له بحكمته مشير ‪ #‬تعلم أنه ل طيللر إل ‪%‬‬
‫على متطير وهو الثبور ‪ #‬بل شيء يوافللق بعللض شلليء ‪ %‬أحايينللا وبللاطله‬
‫كثير ‪ #‬قالوا فالشؤم الذي في الدار والمرأة والفرس قللد يكللون مخصوصللا‬
‫بمن تشاءم بها وتطير وأما من توكل على الله وخافه وحده ولم يتطير ولللم‬
‫يتشاءم فان الفرس والمرأة والدار ل يكون شؤما‬

‫في حقه ‪ #‬وقالت طائفة أخرى معنى الحديث إخباره عن السباب المللثيرة‬
‫للطيرة الكامنة في الغرائز يعنى أن المثير للطيللرة فللي غللرائز النللاس هللي‬
‫هذه الثلثة فأخبرنا بهذا لنأخذ الحذر منها فقللال الشللؤم فللي الللدار والمللرأة‬
‫والفرس أي أن الحوادث التي تكثر مع هذه الشياء والمصائب الللتي تتللوالى‬
‫عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بها فقال الشؤم فيها أي أن الله قللد يقللدره‬
‫فيها على قوم دون قوم فخاطبهم بذلك لما استقر عندهم منلله مللن إبطللال‬
‫الطيرة وإنكار العدوى ولذلك لم يستفهموا في ذلك عن معنى ما أراده كمللا‬
‫تقدم لهم في قوله ل يورد الممرض على المصلح فقلالوا عنلده وملا ذاك يلا‬
‫رسول الله فأخبرهم أنه خاف في ذلللك الذى الللذي يللدخله الممللرض علللى‬
‫المصح ل العدوى لنه أمر بالتوادد وإدخللال السللرور بيللن المللؤمنين وحسللن‬
‫التجاوز ونهلى عللن التقلاطع والتبلاغض والذى فملن اعتقلد أن رسللول اللله‬
‫نسب الطيرة والشؤم إلى شيء من الشياء على سبيل إنه مؤثر بذلك دون‬
‫الله فقد أعظم الفرية على الللله وعلللى رسللوله وضللل ضلللل بعيللدا والنللبي‬
‫ابتداهم بنفي الطيرة والعدوى ثم قال الشؤم في ثلث قطعا لتوهم المنفيللة‬
‫في الثلثة التي أخبر أن الشؤم يكون فيها فقال ل عدوى ول طيرة والشللؤم‬
‫في ثلثة فابتدأهم بللالمؤخر مللن الخيللر تعجيل لهللم بالخبللار بفسللاد العللدوى‬
‫والطيرة المتوهمة من قوله الشؤم في ثلثة وبالجملة فإخباره بالشللؤم أنلله‬
‫يكون في هذه الثلثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها وإنما غللايته إن الللله‬
‫سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركللة‬
‫ل يلحق من قاربها منها شؤم ول شر وهذا كما يعطى سبحانه الوالدين ولللدا‬
‫مباركا يريان الخير على وجهه ويعطى غيرهما ولدا مشؤما نذل يريان الشللر‬
‫على وجهه وكذلك مللا يعطللاه العبللد وليللة أو غيرهللا فكللذلك الللدار والمللرأة‬
‫والفرس والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلللق بعللض‬
‫هذه العيان سعودا مباركة ويقضى سللعادة مللن قارنهللا وحصللول اليمللن للله‬
‫والبركة ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنهللا وكللل ذلللك بقضللائه‬
‫وقدره كما خلق سائر السباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة فكمللا‬
‫خلق المسك وغيره من حامل الرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من النللاس‬
‫وخلق ضدها وجعلها سببا ليذاء من قارنهللا مللن النللاس والفللرق بيللن هللذين‬
‫النوعين يدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيللرة‬
‫الشركية لون آخر ‪0‬‬
‫فصل وأما الثر الذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد جاءت امرأة إلى‬
‫رسول الله فقالت يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقللل‬
‫العدد وذهب المال فقال النبي‬

‫دعواها ذميمة وقد ذكر هذا الحديث غير مالك من روايللة أنللس أن رجل جللاء‬
‫إلى رسول الله فقال يا رسول الله أنا نزلنللا دارا فكللثر فيهللا عللددنا وكللثرت‬
‫فيها أموالنا ثم تحولنا إلى أخرى فقلت فيها أموالنللا وقللل فيهللا عللددنا فقللال‬
‫رسول الله وذكره فليس هذا من الطيرة المنهي عنها وإنما أمرهم بللالتحول‬
‫عنها عند ما وقع في قلوبهم منها لمصلللحتين ومنفعللتين إحللداهما مفللارقتهم‬
‫لمكان هم له مستثقلون ومنه مستوحشون لما لحقهم فيه ونللالهم ليتعجلللوا‬
‫الراحة مما داخلهم من الجزع في ذلك المكان والحزن والهلللع لن الللله عللز‬
‫وجل قد جعل في غرائز الناس وتركيبهم استثقال مللا نللالهم الشللر فيلله وإن‬
‫كان لسبب له في ذلك وحب ما جرى لهم على يديه الخيللر وإن لللم يردهللم‬
‫به فأمرهم بالتحول مما كرهوه لن الله عز وجل بعثه رحمة ولم يبعثه عذابا‬
‫وأرسله ميسرا ولم يرسله معسللرا فكيللف يللأمرهم بالمقللام فللي مكللان قللد‬
‫أحزنهم المقام به واستوحشوا عنده لكثرة من فقدوه فيلله لغيللر منفعتلله ول‬
‫طاعة ول مزيد تقوى وهدى فل سيما وطول مقامهم فيها بعد ما وصللل إلللى‬
‫قلوبهم منها ما وصل قد يبعثهم ويللدعوهم إلللى التشللاؤم والتطيللر فيللوقعهم‬
‫ذلك فلي أمريلن عظيميلن أحلدهما مقارنلة الشلرك والثلاني حللول مكلروه‬
‫أحزنهللم بسللبب الطيللرة الللتي إنمللا تلحللق المتطيللر فحمللاهم بكمللال رأفتلله‬
‫ورحمته من هذين المكروهين بمفارقة تلك الللدار والسللتبدال بهللا مللن غيللر‬
‫ضرر يلحقهم بذلك في دنيا ول نقللص فللي ديللن وهللو حيللن فهللم عنهللم فللي‬
‫سؤالهم ما أرادوه من التعرف عن حال رحلتهم عنها هل ذلك لهم ضار مللؤد‬
‫إلى الطيرة قال دعوها ذميمة وهذا بمنزلة الخللارج مللن أرض بهللا الطللاعون‬
‫غير فار منه ولو منع الناس الرحلة من الدار الللتي تتللوالى عليهللم المصللائب‬
‫والمحن فيها وتعذر الرزاق مع سلمة التوحيد في الرحلة للزم ذللك أن كلل‬
‫من ضاق عليه رزق في بلد أن ل ينتقل منه إلى بلد آخللر ومللن قلللت فللائدة‬
‫صناعته أن ل ينتقل عنها إلى غيرها ‪# 0‬‬
‫فصل وأما قول النبي للذي سل سيفه يوم أحد شم سيفك فإني‬
‫أرى السيوف ستنسل اليوم فهللذه القصللة لللم يكللن الرجللل قللد سللل فيهللا‬
‫السيف ولكن الفرس لوح بذنبه فسل السيف ولللم يللرد صللاحبه سللله هكللذا‬
‫في القصة ول ريب أن الحرب تقللوم بالخيللل والسلليوف ولمللا لللوح الفللرس‬
‫بذنبه فاستل السيف قال النبي أنى أرى السلليوف ستنسللل اليللوم فهللذا للله‬
‫محمل من ثلثة محامل أحدها أن النبي أخبر علن ظلن ظنله فلي ذللك وللم‬
‫يجعل هذا دليل تماما في كل واقعة تشبه هذه وإذا كللان عمللر بللن الخطللاب‬
‫رضى الله عنه وهو أحد أتباع رسول الله صبى الله عليه وسلللم ورجللل مللن‬
‫أمته كان إذا قال أظن كذا أو أرى كذا خرج المر كمللا ظنلله وحسللبه فكيللف‬
‫الظن برسول الله الثاني ان النبي كان قد علم قبل مخرجه أن السيوف‬

‫ستنسل ويقع القتال ولهذا أخبرهم أنه رأى في منامه أنه يقرأ النحللل وعلللم‬
‫أن ذلك شهادة من قتل من أصحابه ‪ #‬الثالث أن الوحي الذي كان يعرف به‬
‫رسللول الللله الحللوادث والنللوازل كللان مغنيللا للله عللن الشللارات والعلمللات‬
‫والمارات وما في معناها مما يحتاج إليه غيره وأمللا مللن يللأتيه خللبر السللماء‬
‫صباحا ومساء فإخباره بقوله أرى السيوف اليوم ستنسل لم يكللن عللن تلللك‬
‫المارة وإنما وقع الخبار به عقيبها والشيء بالشيء يذكر‬
‫فصل وأما ما احتج به ونسبه إلى قوله وقدت الحرب لما رأى‬
‫واقد بن عبد الله الحضري والحضرمي حضرت الحرب فكللذب عليلله وإنمللا‬
‫قال ذلك أعداؤه من اليهود فتطيروا بذلك وتفاءلوا به فكانت الطيرة عليهللم‬
‫و وقدت الحرب عليهم‬
‫فصل وأما استقباله الجبلين في طريقه وهما مسلح ومخرىء وترك‬
‫المرور بينهما وعدله ذات اليمين فليس هذا أيضا من الطيرة وإنما هللو مللن‬
‫العدول عما يؤذى النفوس ويشوش القلوب إلى ما هو بخلفه كالعدول عللن‬
‫السم القبيح وتغييره بأحسن منه وقد تقدم تقرير ذلك بما فيه كفاية وأيضللا‬
‫فإن الماكن فيها الميمون المبارك والمشؤم المللذموم فللاطلع رسللول الللله‬
‫على شؤم ذلك المكان وأنه مكان سوء فجاوزه إلى غيره كما جللاوز الللوادي‬
‫الذي ناموا فيه عن الصبح إلى غيره وقال هذا مكان حضللرنا فيلله الشلليطان‬
‫والشيطان يحب المكنة المذمومة وينتابها وأيضا فلما كان المرور بين ذينللك‬
‫الجبلين قد يشوش القلب على أنا نقول في ذلك قول كليا نبين به سللر هللذا‬
‫البللاب بحللول الللله وعللونه و تللوفيقه ‪ #‬أعلللم أن بيللن السللماء و مسللمياتها‬
‫ارتباطا قدره العزيز القادر وألهمه نفوس العباد وجعله في قلوبهم بحيللث ل‬
‫تنصللرف عنلله وليللس هللذا الرتبللاط هللو ارتبللاط العلللة بمعلولهللا ول ارتبللاط‬
‫المقتضى الموجب لمقتضاه و موجبة بللل ارتبللاط تناسللب وتشللاكل اقتضللته‬
‫حكمة الحكيم فقل أن ترى اسما قبيحللا إل وبيللن مسللماه و بينلله رابللط مللن‬
‫القبح وكذلك إذا تأملت السم الثقيللل الللذي تنفللر عنلله السللماع وتنبللو عنلله‬
‫الطباع فأنك تجد مسماه يقارب أو يلم أن يطابق ولهذا من المشللهور علللى‬
‫ألسنة الناس أن اللقاب تنزل من السماء فل تكاد تجد السم الشنيع القبيح‬
‫إل على مسمى يناسبه وفي ذلك قول القائل ‪ #‬وقللل أن أبصللرت عينللاك ذا‬
‫لقب ‪ %‬إل ومعناه أن فكرت في لقبه ‪ #‬ولهذا كثيرا ما تجد أيضا في أسماء‬
‫الجناس والواضع له عناية بمطابقة اللفاظ للمعاني ومناسللبتها لهللا فيجعللل‬
‫الحروف الهوائية الخفيفة لمسمى مشاكل لها كالهواء والحروف الشديدة‬

‫للمسمى المناسب لها كالصخر والحجر وإذا تتابعت حركللة المسللمى تللابعوا‬
‫بين حركة اللفظ كالللدوران والغليلان والنللزوان وإذا تكلررت الحركللة كللرروا‬
‫اللفظ كفلفل وزلزل ودكدك و صرصر وإذا اكتنز المسمى وتجمعت أجللزاؤه‬
‫جعلوا في أسمه من الضم الدال على الجمع والكتناز مللا يناسللب المسللمى‬
‫كالبحتر للقصير المجتمع الخلق وإذا طللال جعلللوا فللي المسللمى مللن الفتللح‬
‫الدال على المتداد نظير ما في المعنى كالعشنق للطويل ونظائر ذلك أكللثر‬
‫من أن تستوعب وإنما أشرنا إليها أدنى إشارة وهذا هو الذي أراده من قللال‬
‫بين السم والمسمى مناسبة فلم يفهم عنه بعللض المتللأخرين مللراده فأخللذ‬
‫يشنع عليه بأنه ل تناسب طبعيا بينهما واستدل على إنكار ذلك بمللا ل طللائل‬
‫تحته فإن عاقل ل يقول أن التناسب الذي بين السللم والمسللمى كالتناسللب‬
‫الذي بين العلة والمعلول وإنما هو ترجيح وأولوية تقتضللي اختصللاص السللم‬
‫بمسماه وقد يتخلف عنه اقتضاؤها كثيرا والمقصود أن هذه المناسللبة تنضللم‬
‫إلى ما جعل الله في طبائع الناس وغرائزهم من النفرة بيللن السللم القبيللح‬
‫المكروه و كراهته وتطير أكثرهم به وذلك يللوجب عللدم ملبسللته ومجللاوزته‬
‫إلى غيره فهذا أصل هذا الباب‬
‫فصل وأما كراهية السلف أن يتبع الميت بشيء من النار أو أن يدخل‬
‫القبر شيء مسته النار وقول عائشة رضى الله عنها ل يكللون آخللر زاده أن‬
‫تتبعوه بالنار فيجوز أن يكون كراهتهم لذلك مخافة الحداث لما لم يكن فللي‬
‫عصر رسللول الللله صلللى عليلله وسلللم فكيللف وذلللك ممللا يبيللح الطيللرة بلله‬
‫والظنون الرديه بالميت وقد قال غير واحد من السلف منهم عبد الملك بللن‬
‫حبيب وغيره إنما كرهوا ذلك تفاؤل بالنار في هذا المقللام أن تتبعلله ‪ #‬وذكللر‬
‫ابن حبيب وغيره أن النبي أراد أن يصلى على جنللازة فجللاءت امللرأة ومعهللا‬
‫مجمر فما زال يصبح بها حتى توارت بآجام المدينللة قللال بعللض أهللل العلللم‬
‫وليس خللوفهم مللن ذلللك علللى الميللت لكللن علللى الحيللاء المجبللولين علللى‬
‫الطيرة لئل تحدثهم أنفسهم بالميت أنه من أهل النار لما رأوا من النار الللتي‬
‫تتبعه في أول أيامه من الخرة ول سلليما فللي مكللان يللراد منهللم فيلله كللثرة‬
‫الجتهاد للميت بالدعاء فإذا لم يبق له زاد غيره فيظنللون أن تلللك النللار مللن‬
‫بقايا زاده إلى الخرة فتسوء ظنونهم به وتنفر عن رحمته قلوبهم في مكلان‬
‫هم فيه شهداء الله كما جاء في الحديث الصحيح لما مر على النللبي بجنللازة‬
‫فأثنوا عليها خيرا فقال وجبت فقالوا ملا وجبلت قلال وجبلت لله الجنلة أنتلم‬
‫شهداء الله في الرض من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه‬
‫شرا وجبت له النار وفي أثر آخر إذا أردتللم أن تعلمللوا مللا للميللت عنللد الللله‬
‫فانظروا ما تتعبه من حسن الثناء فقالت عائشللة رضللى الللله عنهللا ل يكللون‬
‫آخر زاده من الثناء والدعاء أن‬

‫‪ #‬تتبعوه بالنار فتهيجوا بها خللواطر النللاس وتبعثللوا ظنللونهم بللالتطير والنللار‬
‫والعذاب والله أعلم‬
‫فصل وأما تلك الوقائع التي ذكروها مما يدل على وقوع ما تطير به‬
‫من تطيللر فنعللم و هاهنللا أضللعافها وأضللاف أضللعافها ولسللنا ننكللر موافقللة‬
‫القضاء والقدر لهذه السباب وغيرها كثيرا موافقللة حللزر الحللازرين وظنللون‬
‫الظانين وزجر الزاجرين للقدر أحيانا مما ل ينكره أحللد ومللن السللباب الللتي‬
‫توجب وقوع المكروه الطيرة كما تقدم وإن الطيرة علللى مللن تطيللر ولكللن‬
‫نصب الله سبحانه لها أسبابا يللدفع بهللا موجبهللا وضللررها مللن التوكللل عليلله‬
‫وحسن الظن به و إعراض قلبه عن الطيرة وعدم التفاته إليها وخللوفه منهللا‬
‫وثقته بالله عز وجللل ولسللنا ننكللر أن هللذه المللور ظنللون وتخميللن وحللدس‬
‫وخرص وما كان هذا سبيله فيصلليب تللارة و يخطىللء تللارات وليللس كللل مللا‬
‫تطيللر بله المتطيللرون وتشلاءموا بله وقللع جميعلله وصلدق بلل أكللثره كللاذب‬
‫وصادقه نادر والناس في هذا المقللام إنمللا يعولللون وينقلللون مللا صللح ووقللع‬
‫ويعتنون به فيرى كثيرا والكاذب منه أكثر من أن ينقللل قللال ابللن قتيبللة مللن‬
‫شأن النفوس حفظ الصواب للعجللب بله والسللتغراب وتناسللي الخطللأ قللال‬
‫ومن ذا الذي يتحدث أنه سأل منجما فأخطأ وإنما الذي يتحدث به وينقل أنلله‬
‫ساله فاصاب قال والصواب في مسئلة إذا كان بين أمرين قد يقللع للمعتللوه‬
‫والطفل فضل عن أولى العقل وقد تقدم من بطلن الطيرة وكللذبها مللا فيلله‬
‫كفاية وقد كانت عائشللة أم المللؤمنين رضللي الللله عنهللا تسللتحب أن تللتزوج‬
‫المرأة أو يبنى بها في شوال وتقول ما تزوجني رسللول الللله إل فللي شللوال‬
‫فاي نسائه كان أحظى عنده مني مع تطير الناس بالنكاح فللي شللوال وهللذا‬
‫فعل أولى العزم والقوة من المؤمنين الذين صح توكلهم على الله واطمأنت‬
‫قلوبهم إلى ربهم ووثقوا به وعلموا إن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكللن‬
‫وأنهم لن يصيبهم إل ما كتب الله لهم وأنهم ما أصابهم من مصلليبة إل وهللي‬
‫في كتاب من قبل أن يخلقهم ويوجدهم وعلموا أنه ل بد أن يصيروا إلللى مللا‬
‫كتبه وقدره ول بد أن يجرى عليهم وإن تطيرهم ل يرد قضاءه وقللدره عنهللم‬
‫بل قد يكون تطيرهم ملن أعظلم السلباب اللتي يجلرى عليهلم بهلا القضلاء‬
‫والقدر فيعينون على أنفسهم وقد جرى لهللم القضللاء والقللدر بللأن نفوسللهم‬
‫هي سبب إصابة المكروه لهم فطللائرهم معهللم وأمللا المتوكلللون علللى الللله‬
‫المفوضون إليه العالمون به وبللأمره فنفوسللهم أشللرف مللن ذلللك وهممهللم‬
‫أعلى وثقتهم بالله وحسن ظنهم بلله عللدة لهللم وقللوة وجنللة ممللا يتطيللر بلله‬
‫المتطيرون ويتشاءم به المتشائمون عالمون أنه ل طير إل طيره ول خير إل‬
‫خيرة ول إله غيره أل له الخلق والمر تبارك الله رب العالمين‬
‫فصل ومما كان أهل الجاهلية يتطيرون به ويتشاءمون منه العطاس كما‬
‫يتشاءمون بالبوارح‬

‫‪ #‬والسوانح قال رؤية بن العجاج يصف فلة ‪ #‬قطعتهللا ول أهللاب العطاسللا‬


‫‪ %‬وقال أمرؤ القيس ‪ # :‬وقد اغتدى قبل العطاس بهيكل ‪ %‬شللديد مشلليد‬
‫الجنب فعم المنطق ‪ #‬أراد أنه كان ينتبله للصليد قبلل أن ينتبلله النلاس ملن‬
‫نومهم ليل يسمع عطاسا فيتشاءم بعطاسلله وكللانوا إذا عطللس مللن يحبللونه‬
‫قالوا له عمرا وشبابا وإذا عطس من يبغضونه قالوا له وريا وقحابللا والللورى‬
‫كالرمي داء يصيب الكبد فيفسللدها والقحللاب كالسللعال وزنللا ومعنللى فكللان‬
‫الرجل إذا سمع عطاسا يتشاءم به يقول بكلبللي إنللي أسللال الللله أن يجعللل‬
‫شؤم عطاسك بك لبي وكان تشاؤمهم بالعطسة الشللديدة أشللد كملا حكلى‬
‫عن بعض الملوك أن سامرا له عطس عطسة شديدة راعته فغضب الملللك‬
‫فقال سميره والله ما تعمدت ذلك ولكن هذا عطاسللي فقللال والللله لئن لللم‬
‫تأتني بمن يشهد لك بذلك لقتلنك فقال أخرجني إلى الناس لعلللى أجللد مللن‬
‫يشهد لي فأخرجه وقد وكل به العوان فوجد رجل فقللال يللا سلليدي نشللدتك‬
‫بالله إن كنت سمعت عطاسي يوما فلعلك تشهد لللي بلله عنللد الملللك فقللال‬
‫نعم ‪ #‬أنا أشهد لك فنهض معه وقال يا أيها الملك أنا أشللهد أن هللذا الرجللل‬
‫عطس يوما فطار ضلرس ملن أضراسله فقلال لله المللك علد إللى حلديثك‬
‫ومجلسك فلما جللاء الللله سللبحانه بالسلللم وأبطللل برسللوله مللا كللان عليلله‬
‫الجاهلية من الضللة نهى أمته عن التشاؤم والتطير وشللرع لهللم أن يجعلللوا‬
‫مكان الدعاء على العاطس بالمكروه الدعاء له بالرحمة كما أمللر العللائن أن‬
‫يدعو بالتبريك للمعيللن ولمللا كللان الللدعاء علللى العللاطس نوعللا مللن الظلللم‬
‫والبغي جعل الدعاء له بلفظ الرحمة المنافي للظلم وأمر العلاطس عملران‬
‫يدعو لسامعه ويشمته بالمغفرة والهداية وإصلح البال فيقول يغفر الللله لنللا‬
‫ولكم أو يهديكم الله ويصلح بالكم فاما الدعاء بالهداية فلمللا أن اهتللدى إلللى‬
‫طاعة الرسول ورغب عما كان عليه أهللل الجاهليللة فللدعا للله أن يثبتلله الللله‬
‫عليها ويهديه إليها وكذلك الدعاء باصلللح البللال وهللي حكمللة جامعللة لصلللح‬
‫شأنه كله وهي من باب الجزاء على دعائه لخيه بالرحمة فناسب أن يجازيه‬
‫بالدعاء له بإصلح البال وأما الدعاء بالمغفرة فجللاء بلفللظ يشللمل العللاطس‬
‫والمشمت كقوله يغفر الله لنا ولكم ليستحصل من مجموع دعوى العللاطس‬
‫والمشللمت للله المغفللرة والرحمللة لهمللا معللا فصلللوات الللله وسلللمه علللى‬
‫المبعوث بصلح الدنيا والخرة ولجل هذا والله أعلم لم يؤمر بتشللميت مللن‬
‫لم يحمد الله فإن الدعاء له بالرحمة نعمة فل يستحقها مللن لللم يحمللد الللله‬
‫ويشكره على هذه النعمة ويتأسى بابيه آدم فإنه لما نفخت فيلله الللروح إلللى‬
‫الخياشيم عطس فألهمه ربه تبارك وتعالى أن نطق بحمده فقال الحمد لللله‬
‫فقال الله سبحانه يرحمك الله يا آدم فصارت تلك سللنة العطللاس فمللن لللم‬
‫يحمد الله لم يستحق هذه الللدعوة ولمللا سللبقت هللذه الكلمللة لدم قبللل أن‬
‫يصيبه ما اصابه كلان ملآله إللى الرحملة وكلان ملا جلرى عارضلا وزال فلإن‬
‫الرحمللة سللبقت العقوبللة وغلبللت الغضللب ‪ #‬وايضللا فإنمللا أمللر العللاطس‬
‫بالتحميد عن العطاس لن‬

‫‪ #‬الجاهلية كانوا يعتقدون فيه أنه داء ويكره أحدهم أن يعطس ويود أنه لللم‬
‫يصلدر منله لملا فللي ذللك ملن الشلؤم وكلان العلاطس يحبللس نفسله علن‬
‫العطاس ويمتنع من ذلك جهده من سوء اعتقللاد جهللالهم فيلله ولللذلك والللله‬
‫أعلم بنوا لفظه على بناء الدواء كالزكام والسعال والدوار والسهام وغيرهللا‬
‫فاعلموا أنه ليس بداء ولكنه أمر يحبه الله وهللو نعمللة منلله يسللتوجب عليهللا‬
‫من عبده أن يحمده عليها وفللي الحللديث المرفللوع أن الللله يحللب العطللاس‬
‫ويكره التثاؤب والعطاس ريح مختنقة تخرج وتفتح السد من الكبد وهو دليل‬
‫جيد للمريض مؤذن بانفراج بعلض علتله وفلي بعلض الملراض يسلتعمل ملا‬
‫يعطس العليل ويجعل نوعا من العلج ومعينللا عليلله هللذا قللدر زائد علللى مللا‬
‫أحبه الشارع من ذلك وأمر بحمد الله عليه وبالدعاء لمللن صللدر منلله وحمللد‬
‫الله عليه ولهذا فللالله أعلللم يقللال شللمته إذا قللال للله يرحمللك الللله وسللمته‬
‫بالمعجمة والمهملة وبهما روى الحديث فأما التسميت بالمهملة فهللو تفعيللل‬
‫من السمت الذي يراد به حسللن الهيئة والوقللار فيقللال لفلن سللمت حسللن‬
‫فمعنى سمت العاطس وقرته وأكرمته وتأدبت معه بأدب الله ورسللوله فللي‬
‫الدعاء له ل بأخلق أهل الجاهلية من الدعاء عليه والتطير به والتشللاؤم منلله‬
‫وقيل سمته دعا له أن يعيده اللله إللى سلمته قبلل العطلاس ملن السلكون‬
‫والوقار وطمأنينه العضاء فإن في العطللاس ملن انزعلاج العضلاء واضللطر‬
‫ابها ما يخرج العاطس عن سمته فإذا قال له السامع يرحمك الله فقللد دعللا‬
‫له أن يعيده إلى سمته وهيئته وأما التشميت بالمعجمة فقالت طائفللة منهللم‬
‫ابن السكيت وغيره أنه بمعنى التسميت وأنهما لغتللان ذكللر ذلللك فللي كتللاب‬
‫القلللب والبللدال ولللم يللذكر أيهمللا الصللل ول أيهمللا البللدل وقللال أبللو علللي‬
‫الفارسي المهملة هي الصل في الكلمة والمعجمة بدل واحتج بأن العاطس‬
‫إذا عطس انتفش وتغير شكل وجهه فإذا دعللا للله فكللأنه أعللاده إلللى سللمته‬
‫وهيأته وقال تلميذه ابن جنى لو جعل جاعللل الشللين المعجمللة أصللل وأخللذه‬
‫من الشوامت وهي القوائم لكان وجها صحيحا وذلللك أن القللوائم هللي الللتي‬
‫تحمل الفرس ونحوه وبهما عصمته وهي قوامه فكأنه إذا دعا له فقد أنهضلله‬
‫وثبت امره وأحكم دعائمه وأنشد للنابغة ‪ #‬طوع الشامت مللن خللوف ومللن‬
‫صرد ‪ %‬وقالت طائفة منهم ابللن العرابللي يقللال مرضللت العليللل أي قمللت‬
‫عليه ليزول مرضه ومثله قذيت عينه أزلت قذاها فكأنه لما دعا للله بالرحمللة‬
‫قد قصد إزالة الشماته عنه وينشللد فللي ذلللك ‪ # :‬مللا كللان ضللر الممرضللي‬
‫بجفونه ‪ %‬لو كلان ملرض منعملا ملن أمرضلا ‪ #‬وإللى هلذا ذهللب ثعللب ‪#‬‬
‫والمقصود أن التطير من العطاس من فعل الجاهليللة الللذي أبطللله السلللم‬
‫وأخبر النبي أن الله يحللب العطللاس كمللا فللي صللحيح البخللاري حللديث أبللي‬
‫هريره عن النبي قللال إن الللله يحللب العطللاس ويكللره التثللاؤب فللإذا تثللاءب‬
‫أحللدكم فليسللتره مللا اسللتطاع فللإنه إذا فتللح فللاه فقللال آه آه ضللحك منلله‬
‫الشيطان‬

‫فصل وأما قوله ل يورد ممرض علللى مصللح فللالممرض الللذي إبللله مللراض‬
‫والمصح‬
‫الذي إبله صحاح وقد ظن بعض الناس أن هذا معللارض لقللوله ل عللدوى ول‬
‫طيرة وقال لعل أحد الحديثين نسخ الخر وأورد الحارث بلن أبللى ذئاب وهلو‬
‫ابن عم أبى هريرة رضى الله عنه جمعه بين الروايتين وظنهمللا متعارضللتين‬
‫فروى ا بن هرير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال كان أبو هريللرة يحللدثنا‬
‫عن رسول الله ل عدوى ثم حدثنا أن رسول الله قال ل يللورد ممللرض علللى‬
‫مصح قال فقال الحارث بن أبلى ذئاب وهلو ابلن علم أبلى هريلرة قلد كنلت‬
‫أسمعك يا أبا هريرة تحدثنا حديثا آخر قد سكت عنه كنت تقول قللال رسللول‬
‫الله ل عدوى فأبى أبو هريرة أن يحللدث بللذلك وقللال ل يللورد ممللرض علللى‬
‫مصح فما رآه الحارث في ذلك حتى غضب أبو هريرة ورطللن بالحبشللية ثللم‬
‫قال للحارث أتدرى ما قلت قال ل قال إني أقول أبيت أبيت فل أدرى أنسى‬
‫أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الخر ‪ #‬قلت قد اتفق مع أبللى هريللرة سللعد‬
‫بن أبى وقاص و جابر بن عبد الللله وعبللد الللله بللن عبللاس وأنللس بللن مالللك‬
‫وعمر بن سلم على روايتهم عن النبي قللوله ل عللدوى وحللديث أبللى هريللرة‬
‫محفوظ عنه بل شك من رواية أوثق أصحابه وأحفظهم أبى سلللمة بللن عبللد‬
‫الرحمن ومحمد بن سيرين وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة والحارث بن أبى‬
‫ذئاب ولم يتفرد أبو هريرة بروايته عن النبي بل رواه معه من الصللحابة مللن‬
‫ذكرناه وقوله ل يورد ممرض على مصح صحيح أيضللا ثللابت عنلله فالحللديثان‬
‫صحيحان ول نسخ تعارض بينهما بحمد الله بل كل منهما له وجه وقللد طعللن‬
‫أعداء السنة في أهل الحديث وقللالوا يللروون الحللاديث الللتي ينقللض بعضللها‬
‫بعضا ثم يصححونها والحاديث التي تخالف العقل فانتدب أنصار السنة للللرد‬
‫عليهم ونفي التعارض عن الحاديث الصحيحة وبيان موافقتها للعقل قال أبو‬
‫محمد بن قتيبة في كتاب مختلف الحديث له قالوا حللديثان متناقضللان قللالوا‬
‫رويتم عن رسول الله أنه قال ل عدوى ول طيرة وأنه قيل له أن النقبة تقللع‬
‫بمشفر البعير فتجرب لذلك البل فقال فمللا أعللدي الول هللذا أو معنللاه ثللم‬
‫رويتم في خلف ذلك ل يورد ذو عاهة على مصح وفر من المجللذوم فللرارك‬
‫من السد وأتاه رجل مجذوم ليبايعه بيعة السلم فأرسل إليه البيعللة وأمللره‬
‫بالنصراف ولم يأذن له وقال الشؤم في المرأة والللدار والدابللة قللالوا وهللذا‬
‫كله مختلف يشبه ل يثبه بعضه بعضا قال أبو محمد ونحن نقول أنه ليس في‬
‫هذا اختلف ولكل واحلد معنلى فلي وقلت وموضلع فلإذا وضلع موضلعه زال‬
‫الختلف والعدوى جنسان أحدهما عدوى الجذام فإن‬

‫‪ #‬الجذام تشتد رائحته حلتى يسلقم ملن أطللال مجالسللته وملوا كلتلله وكلذا‬
‫المرأة تكون تحت المجذوم فتضاجعه فلي شلعار واحلد فيوصلل إليهلا الذى‬
‫وربما جذمت وكذلك ولده ينزعون في الكبر إليه وكللذلك مللن بلله سللل ودق‬
‫وتعب الطباء تأمر أن ل يجللالس المجللذوم ول المسلللول ول يريللدون بللذلك‬
‫معنى العدوى وإنما يريدون به معنى تغير الرائحة وأنها قد تسقم من أطللال‬
‫اشتمامها والطباء أبعد الناس من اليمان بيمن وشؤم وكذلك النقبللة تكللون‬
‫بالبعير وهو جرب رطب فإذا خالط البل أو حاكها واوي في مباركهللا أوصللل‬
‫إليها بالماء الذي يسيل منه والنطف نحوا مما به فهذا هو المعنى الذي قللال‬
‫رسول الله صلى عليه وسلم ل يللورد ذو عاهللة علللى مصللح كللره أن يخللالط‬
‫المصاب الصحيح فيناله من نطفه وحكمته نحو مما به قال وقللد ذهللب قللوم‬
‫إلى أنه أراد بذلك أن ل يظن أن الذي نال إبله من ذوات العاهة فيأثم وليس‬
‫لهذا عندي وجه إل الذي خبرتك به عيانا وأما الجنس الخر من العللدوى فهللو‬
‫الطاعون ينزل ببلد فيخرج منه خوف العدوى حدثني سللهل بللن محمللد قللال‬
‫حدثني الصمعي عن بعض المصريين أنه هرب من الطاعون فركللب حمللارا‬
‫ومضى بأهله نحو حلوان فسمع حاديا يحدو خلفه وهو يقللول ‪ # :‬لللن يسللبق‬
‫الله على حمار ‪ %‬ول على ذي هيعة مطار ‪ #‬أو يأتي الحتف على مقدار ‪%‬‬
‫قد يصبح الله أمام الساري ‪ #‬وقد قال رسول الله إذا كان بالبلد الذي أنتللم‬
‫فيه فل تخرجوا منه وقال إن كان ببلد فل تدخلوه يريد بقوله ل تخرجللوا مللن‬
‫البلد أذا كان فيه كأنكم تظنلون أن الفلرار ملن قلدر اللله ينجيكلم ملن اللله‬
‫ويريد إن كان ببلد فل تدخلوه فإن مقامكم في الموضع الذي ل طاعون فيلله‬
‫أسكن لنفسكم وأطيب لمعيشتكم ومن ذلك المرأة تعللرف بالشللؤم والللدار‬
‫فينال الرجل مكروه أو جائحة فيقول أعدتني بشؤمها فهذا هو العدوى الللذي‬
‫قال فيه رسول الله ل عدوى فأما الحديث الذي رواه أبو هريرة رضللى الللله‬
‫عنه أنه قال الشؤم في المرأة والدار والدابة فإن هللذا الحللديث يتللوهم فيلله‬
‫الغلط على أبى هريرة وأنه سمع فيه شيئا من رسول الله فلم يعلله حللدثني‬
‫محمد بن القطعي حدثنا عبد العلى عن سعيد عللن قتلادة علن أبللى حسلان‬
‫العرج أن رجلين دخل على عائشة فقال إن أبا هريرة رضى الله عنه يحدث‬
‫عن رسول الله أنه قال إنما الطيرة في المرأة والدار والدابة فطارت شفقا‬
‫ثم قالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبى القاسللم مللن حللدث بهللذا عللن‬
‫رسول الله إنما قال رسول الله كان أهل الجاهلية يقولللون إن الطيللرة فللي‬
‫الدابة والمرأة والدار ثم قللرأت مللا أصللاب مللن مصلليبة فللي الرض ول فللي‬
‫أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبراها حدثني أبللى قللال حلدثني أحمللد بلن‬
‫الخليل حدثنا موسى بن مسعود النهدي عن‬

‫‪ #‬عكرمة بن عمار عن اسحق بن عبد الللله بللن أبللى طلحللة عللن أنللس بللن‬
‫مالك رضى الله عنه قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسللول الللله أنللا نزلنللا‬
‫دارا فكثر فيها عددنا وكثرت فيها أموالنا ثم تحولنللا عنهللا إلللى أخللرى فقلللت‬
‫فيها أموالنا وقل فيها عددنا فقال رسول الله ذروها وهى ذميملله ‪0‬قللال أبللو‬
‫محمد وهذا ليس ينقض الحللديث الول ول الحللديث الول ينقللض هللذا وإنمللا‬
‫أمرهللم بللالتحول منهللا لنهللم كللانوا مقيميللن فيهللا علللى اسللتثقال لظلهللا‬
‫واستيحاش لما نالهم فيها فأمرهم بالتحول وقد جعل الله في غللرائز النللاس‬
‫وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه وإن كان ل سبب له فللي ذلللك وحللب‬
‫من جرى على يده الخير لهم وأن لم يردهم به وبغض مللن جللرى علللى يللده‬
‫الشر لهم وإن لم يردهم به وكيف يتطير والطيرة من الجبت وكان كثير من‬
‫الجاهلية ل يرونها شيئا ويمدحون من كذب بها ثم أنشد ما ذكرنا من البيات‬
‫سالفا ثم قال حدثنا اسحق بن راهويه أخبرنللا عبللد الللرزاق عللن معمللر عللن‬
‫إسماعيل بن أبى أميه قال قال رسول الله ثلث ل يسلم منهن أحد الطيللرة‬
‫والظن والحسد قيل فما المخرج منهن قال إذا تطيرت فل ترجع وإذا ظننت‬
‫فل تحقق وإذا حسدت فل تبغ هذه اللفاظ أو نحوهللا حللدثني أبلو حللاتم قللال‬
‫حدثنا الصمعي عن سعيد بن سالم عن أبيلله أنلله كللان يعجللب ممللن يصللدق‬
‫بالطيرة ويعيبها أشد العيب وقال فرقت لنا ناقة وأنلا بالطلائف فركبلت فلي‬
‫أثرها فلقيني هانيء ين عبيد من بنى وائل وهو مسرع وهو يقللول ‪ 0‬الشللرع‬
‫يلقى مطالع إل كم ‪ 0‬ثم لقيني آخر من الحللي وهللو يقللول ‪ # 0‬ولئن بغيللت‬
‫لهم بغاة ‪ %‬ما البغاة بواجدينا ‪ #‬ثم دفعنا إلى غلم قد وقع في صللغره فللي‬
‫نار فأحرقته فقبح وجهه وفسد فقلت له هل ذكرت من ناقة فارق قال ههنللا‬
‫أهل بيت من العراب فانظر فنظرت فإذا هي عندهم وقللد نتجللت فأخللذناها‬
‫وولدها قال أبو محمد الفارق التي ضلت ففارقت صواحبها وقال عكرمة كنا‬
‫جلوسا عند ابن عباس فمر طائر يصيح فقال رجل خير خير فقال ابن عباس‬
‫ل خير ول شر وكللان رسللول الللله يسللتحب السللم الحسللن والفللأل الصللالح‬
‫حدثني الرياشى حدثنا الصمعي قال سألت ابن عون عن الفأل فقال هو أن‬
‫يكون مريضا فيسمع يا سالم أو يكون باغيا فيسمع يا واجد وهللذا أيضللا ممللا‬
‫جعل فللي غللرائز النللاس وتركيبهللم اسللتحبابه والنللس بلله وكمللا جعللل علللى‬
‫اللسنة من التحية بالسلم والمد فللي الصللب والتبشللير بلالخير وكملا يقلال‬
‫أنعم وأسلم وأنعم صباحا وكما تقول الفرس عش ألف نوروز والسامع لهللذا‬
‫يعلم أنه ل يقدم ول يؤخر ول يزيد ول ينقص ولكن جعللل فللي الطبللاع محبللة‬
‫الخير والرتياح للبشرى والمنظر النيق والوجه الحسن والسم الخفيف وقد‬
‫يمر الرجل بالروضة المنورة فتسره وهى ل تنفعه وبالماء الصافي‬

‫‪ #‬فيعجب به وهو ل يبشر به ول يرده وفللي بعللض الحللديث أن رسللول الللله‬


‫كان يعجب بالترج ويعجبه الحمام الحملر وتعجبله الفاغيلة وهلو نلور الحنلاء‬
‫وهذا مثل إعجابه بالسم الحسن والفلأل الحسلن وعللى حسلب هلذا كلانت‬
‫كراهية السم القبيح كبني النار وبني حراق وأشللباه هللذا انتهللي كلملله وقللد‬
‫سلك أبو عمر بن عبد البر في هذا الحديث نحوا من مسلك أبللى محمللد بللن‬
‫قتيبة فقال أما قوله ل عدوى فهو نهلى أن يقلول أحلد إن شليئا يعلدى شليئا‬
‫وإخبار أن شيئال يعدى شيئا فكأنه ل يعدى شيء شلليئا يقللول ل يصلليب أحللد‬
‫من أحد شيئا من خلللق أو فعللل أو داء أو مللرض وكللانت العللرب تقللول فللي‬
‫جاهليتها في مثل هذا أنه إذا اتصل شيء مللن ذلللك بشلليء أعللداء فللأخبرهم‬
‫رسول الله أن قولهم واعتقادهم في ذلك ليس كذلك ونهى عن ذلك القللول‬
‫إعلما منه بأنما اعتقد ذلك من اعتقد منهم كللان بللاطل قللال وأمللا الممللرض‬
‫فالذي إبله مراض والمصح الذي إبله صحاح وروى ابن وهب عن ابللن لهيعللة‬
‫عن أبى الزبير عن جابر قال يكللره إن يللدخل المريللض علللى الصللحيح منهللا‬
‫وليس به إل قول الناس وحماية للقلب مما يستبق إليه من الفهام ويقع فيه‬
‫من التطير والتشاؤم بذلك وقد قال أبو عبيد قول قريبا من ذلللك فقللال فللي‬
‫قوله في هذا الحديث أنه إذا أبى إيراد الممرض علللى المصللح فقللال معنللى‬
‫الذى عنللدي المللاثم يعنللى أن المللورد يللأثم بللأذاه مللن أورد عليلله وتعريضلله‬
‫للتشاؤم والتطير وقد سلك بعضللهم مسلللكا آخللر فقللال مللا يخللبر بلله النللبي‬
‫نوعان ‪ # :‬أحدهما يخبر به عن الوحي فهذا خبر مطابق لمخبره مللن جميللع‬
‫الوجوه ذهنا وخارجا وهو الخبر المعصوم والثاني ما يخبر بلله عللن ظنلله مللن‬
‫أمور الدنيا التي هم اعلم بها منه فهذا ليس في رتبة النوع الول ول تثبت له‬
‫أحكامه وقد أخبر عن نفسه الكريمة بذلك تفريقا بين النوعين فإنه لما سمع‬
‫أصواتهم في النخل يؤبرونها وهو التلقيح قال ما هذا فأخبروه بأنهم يلقحونها‬
‫فقال ما أرى لو تركتموه يضوء شيئا فتركوه فجاء شيصا فقال إنما أخبرتكم‬
‫عن ظني وأنتم أعلم بأمر دنياكم ولكن ما أخبرتكم عن الله والحديث صحيح‬
‫مشهور وهو من أدلة بنوية وأعلمها فأن من خفي عليه مثللل هللذا مللن أمللر‬
‫الدينا وما أجرى الله به عادته فيها ثم جاء من العلللوم الللتي ل يمكللن البشللر‬
‫أن يطلع عليها البتة إل بوحي من الله فللأخبر عمللا كللان ومللا يكلون وملا هللو‬
‫كائن من لدن خلق العالم إلى أن استقر أهل الجنللة فللي الجنللة وأهللل النللار‬
‫في النار وعن غيب السموات والرض وعن كل سبب دقيق أو جليل تنال به‬
‫سعادة الدارين وكل سللبب دقيللق أو جليللل تنللال بلله شللقاوة الللدارين وعللن‬
‫مصالح الدنيا والخرة وأسبابهما مع كون معرفتهم بالللدنيا وأمورهللا وأسللباب‬
‫حصولها ووجوه تمامها أكثر من معرفته كما أنهم أعرف بالحساب والهندسة‬
‫والصناعات والفلحة وعمارة الرض والكتابة فلو كان ما جللاء بلله ممللا ينللال‬
‫بالتعلم والتفكر والتطير والطرق التي‬

‫يسلكها الناس لكانوا أولى به منه وأسبق إليلله لن أسللباب مللا ينللال بللالفكر‬
‫والكتابة والحساب والنظر والصناعات بأيديهم فهذا من اقوى براهيللن نبللوته‬
‫وآيات صدقه وإن هذا الذي جاء به ل صنع للبشر فيه البتة ول هللو ممللا ينللال‬
‫بسعي وكسب وفكر ونظر إن هو إل وحي يوحى علملله شللديد القللوى الللذي‬
‫يعلم السر في السموات والرض أنزللله عللالم الغيللب فل يظهللر علللى غيبللة‬
‫أحدا إل من ارتضى من رسول قالوا فهكذا إخباره عللن عللدم العللدوى إخبللار‬
‫عن ظنه كإخباره عن عدم تللأثير التلقيللح ل سلليما وأحللد البللابين قريللب مللن‬
‫الخر بل هو في النوع واحد فللإن اتصللال الللذكر بللالنثى وتللأثره بلله كاتصللال‬
‫المعدى بالمعدي وتأثره به ول ريب أن كلهما من أمور الدنيا ل مما يتعلق به‬
‫حكم من الشرع فليس الخبار به كالخبار عن الله سبحانه وصفاته وأسمائه‬
‫وأحكامه قالوا فلما تبين له من أمر الدنيا الذى أجرى الله سبحانه عادته بلله‬
‫ارتباط هذه ال سباب بعضها ببعللض التلقيللح فللى صلللح الثمللار وتللأثير إيللراد‬
‫الممرض على المصح أقرهم على تأبير النخل ونهاهم أن يورد ممرض علللى‬
‫مصح قالوا وإن سمى هذا نسخآ بهذا العتبللار فل مشللاحة فللى التسللمية إذا‬
‫ظهر المعنى ولهذا قال أبو سلمة بن عبد الرحمن فل أدرى أنسى أبو هريرة‬
‫أو نسخ أحد القولين بالخر يعنى بحديثه بالحديثين فجللوز أبللو سلللمة النسللخ‬
‫فى ذلك مع أنه خبر وهو بما ذكرنا من العتبار وهذا المسلك حسن لول أنلله‬
‫قد اجتمع الفصلن فى حديث واحد كما فى موطآ مالك أنله بلغلله عللن بكيللر‬
‫بن عبد الله ابن الشللج عللن ابللن عطيللة أن رسللول قللال ل عللدوى ولصللفر‬
‫وليحلل الممرض على المصح وليحلل المصح حيث شللاء قللالوا ومللا ذاك يللا‬
‫رسول الله فقال رسول الله إنه أذى وقد يجاب عن هذا بحللوابين ‪ :‬أحللدهما‬
‫أن الحديث ل يثبت لللوجهين ‪ :‬أحللدهما إرسللاله والثللاني أن ابللن عطيللة هللذا‬
‫ويقال أبوعطية مجهول ل يعرف إل في هذا الحديث ‪ 00‬الجواب الثاني قوله‬
‫فيه لعدوى نهى ل نفى أى ل يعللدى الممللرض المصللح بحلللوله عليلله ويللدل‬
‫على ذلك ما رواه أبو عمر النمرى حدثنا خلف بن القاسم حللدثنا محمللد بللن‬
‫عبد الله حدثنا يحيى بن محمد بن صللاعد حللدثنا أبللو هشللام الرفللاعى حللدثنا‬
‫البشر بن عمر الزهر انى قال قال مالك أنه بلغه عن بكير بن عبللد الللله بللن‬
‫الشج عن أبى عطية أو أبللن عطيللة شللك بشللر عللن أبللى هريللرة قللال قللال‬
‫رسول الله لطيرة ولهامة ول يعدى سقم صحيحا وليحل المصح حيث شللاء‬
‫خفى هذا النهى كالثبات للعدى والنهى عن أسبابها ولعل بعض الللرواة رواه‬
‫بالمعنى فقال ل عدوى ول طيرة ول هامة وإنما مخللرج الحللديث النهللى عللن‬
‫العدوى ل نفيها وهذا أيضا حسن لو ل حديث ابن شهاب عن أبى سلللمة بللن‬
‫عبد الرحمن عن أبى هريرة قال قلال رسلول اللله فملن أعلدى الول فهلذا‬
‫الحديث قد فهم منه السامع النفي وأقره عليه ولهللذا أستشللكل نفيلله وأورد‬
‫ما أورده فأجله صلى‬

‫الله عليه وسلم بما يتضمن إبطال الدعوى وهو قوله فمن أعدى الول وهذا‬
‫أصللح ملن حللديث أبللي عطيلله المتقللدم وحينئذ فيرجللع إلللى مسلللك التلقيللح‬
‫المذكور آنفا أو ما قبللله مللن المسللالك وعنللدي فللي الحللديثين مسلللك آخللر‬
‫يتضمن إثبات السباب والحكم ونفللى مللا كللانوا عليلله مللن الشللرك واعتقللاد‬
‫الباطل ووقوع النفي والثبات على وجهه فإن العللوام كللانوا يثبتللون العللدوى‬
‫على مذهبهم من الشرك الباطل كما يقوله المنجمللون مللن تللأثير الكللواكب‬
‫في هذا العالم وسعودها ونحوسها كمللا تقللدم الكلم عليهللم ولللو قللالوا أنهللا‬
‫اسباب أو اجللزاء اسللباب إذ شللاء الللله صللرف مقتضللياتها بمشلليئته وإرادتلله‬
‫وحكمته وأنها مسخرة بللأمره لملا خلقللت لله وأنهللا فللي ذلللك بمنزلللة سلائر‬
‫السباب التي ربط بهلا مسلبباتها وجعلل لهلا أسلبابا أخلر تعارضلها وتمانعهلا‬
‫وتمنع اقتضاءها لما جعلت أسبابا له وإنها ل تقضي مسبباتها إل بإذنه مشيئته‬
‫وإرادته ليس لها من ذاتها ضر ول نفع ول تأثير البتة إن هي إل خلللق مسللخر‬
‫مصرف مربوب ل تتحرك إل بإذن خالقها ومشيئته وغايتهللا أنهللا جللزء سللبب‬
‫ليست سببا تاما فسببيتها من جنس سللببية وطللء الوالللد فللي حصللول الولللد‬
‫فإنه جزء واحد من أجزاء كللثيرة مللن السللباب الللتي خلللق الللله بهلا الجنيللن‬
‫وكسببية شق الرض وإلقاء البذر فإنه جزء يسير مللن جملللة السللباب الللتي‬
‫يكون الله بها النبات وهكذا جملة أسباب العالم من الغذاء والرواء والعافيللة‬
‫والسقم وغير ذلك وأن الله سبحانه جعل مللن ذلللك سللببا مللا يشللاء ويبطللل‬
‫السببية عما يشاء ويخلق من السللباب المعارضللة للله مللا يحللول بينلله وبيللن‬
‫مقتضاه فهم لو أثبتوا العدوى على هذا الوجه لما أنكللر عليهللم كمللا أن ذلللك‬
‫ثابت في الداء والدواء وقد تداوى النبي وأمر بالتللداوي وأخللبر أنلله مللا أنللزل‬
‫الله داء إل أنزل له دواء إل الهرم فأعلمنا أنه خللالق أسللباب الللداء وأسللباب‬
‫الدواء المعارضة المقاومة لها وأمرنللا بللدفع تلللك السللباب المكروهللة بهللذه‬
‫السباب وعلى هذا قيام مصالح الدارين بل الخلق والمللر مبنللي علللى هللذه‬
‫القاعدة فإن تعطيل السباب وإخراجها عن أن تكون أسبابا تعطيللل للشللرع‬
‫ومصللالح الللدنيا والعتمللاد عليهللا والركللون إليهللا واعتقللاد أن المسللببات بهللا‬
‫وحدها وأنها أسباب تامة شللرك بالخللالق عللز وجللل وجهللل بلله وخللروج عللن‬
‫حقيقة التوحيد وإثبات مسببيتها على الوجه الذي خلقها الله عليه وجعلها للله‬
‫إثبات للخلللق والمللر للشللرع والقللدر للسللبب والمشلليئة للتوحيللد والحكمللة‬
‫فالشارع يثبت هذا ول ينفيه وينفي ما عليلله المشللركون مللن اعتقللادهم فللي‬
‫ذلك ويشبه هذا نفيه سبحانه وتعالى الشفاعة في قوله واتقوا يوما ل تجللزى‬
‫نفس عن نفس شيئا ول يقبل منها شفاعة ول يؤخللذ منهللا عللدل وفللي اليللة‬
‫الخرى ول تنفعها شفاعة وفي قوله من قبل أن يأتي يوم ل بيع فيه ول خلة‬
‫ول شفاعة وإثباتها في قوله ول يشللفعون إلللى لمللن ارتضللى وقللوله مللن ذا‬
‫الللذي يشلفع عنلده إل بلاذنه وقللوله ل يملكلون الشللفاعة إل ملن اتخلذ عنللد‬
‫الرحمن عهدا فإنه سبحانه‬

‫‪ #‬نفى الشفاعة الشللركية الللتي كللانوا يعتقلدونها وأمثللالهم ملن المشللركين‬


‫وهي شفاعة الوسائط لهم عند الله في جلب ما ينفعهللم ودفللع مللا يضللرهم‬
‫بذواتها وأنفسها بللدون توقللف ذلللك علللى إذن الللله ومرضللاته لمللن شلاء أن‬
‫يشفع فيه الشافع فهذه الشفاعة التي أبطلها الله سبحانه ونفاها وهي أصل‬
‫الشرك كله وقاعدته التي عليها بناؤه وأخبيته التي يرجع إليها وأثبت سبحانه‬
‫الشفاعة التي ل تكللون إل بللإذن الللله للشللافع ورضللاه عللن المشللفوع قللوله‬
‫وعمله وهللي الشللفاعة الللتي تنللال بتجريللد التوحيللد كمللا قللال أسللعد النللاس‬
‫بشفاعتي من قللال ل إللله إل الللله خالصللا مللن قلبلله والشللفاعة الولللى هللي‬
‫الشفاعة التي ظنها المشركون وجعلوا الشرك وسيلة إليها فالمقامات ثلثة‬
‫‪ #‬أحدها تجريد التوحيد وإثبات السباب وهذا هللو الللذي جللاءت بلله الشللرائع‬
‫وهو مطابق للواقع في نفس المر والثللاني الشللرك فللي السللباب بللالمعبود‬
‫كما هو حال المشركين علي اختلف إصنافهم والثالث إنكار السباب بالكلية‬
‫محافظة من منكرها على التوحيد فالمنحرفون طرفان مذمومان إمللا قللادح‬
‫في التوحيد بالسباب وأما منكللر للسللباب بالتوحيللد والحللق غيللر ذلللك وهللو‬
‫إثبات التوحيد والسباب وربط أحدهما بالخر فالسباب محل حكملله الللديني‬
‫والكوني والحكمان عليها يجريللان بللل عليهللا يللترتب المللر والنهللى والثللواب‬
‫والعقاب ورضى الللرب وسللخطه ولعنتلله وكرامتلله والتوحيللد تجريللد الربويللة‬
‫واللهية عن كل شرك فإنكار السباب إنكار الحكمة والشرك بهللا قللدح فللي‬
‫توحيللده واثباتهلا والتعلللق بالسلبب والتوكللل عليلله والثقللة بله والخللوف منله‬
‫والرجاء له وحده هو محض التوحيد والمعرفة تفرق بيللن مللا أثبتلله الرسللول‬
‫وبين ما نفاه وبين ملا أبطللله وبيللن ملا اعتلبره فهللذا للون وهلذا للون والللله‬
‫الموفق للصواب ‪0‬‬
‫فصل ويشبه هذا ما روى عنه من نهيه عن وطء الغيل وهو‬
‫وطء المرأة إذا كانت ترضع وإنه يشبه قتل الولد سرا وأنه يللدرك الفللارس‬
‫قيد عثره وقوله في حديث آخر لقد هممت أن أنهلى عنله ثلم رأيلت فلارس‬
‫والللروم يفعلللونه ول يضللر ذلللك أولدهللم شلليئا وقللد قيللل أن أحللد الحللديثين‬
‫منسوخ بالخر وإن لم تعللم عيلن الناسلخ منهلا ملن المنسلوخ لعلدم علمنللا‬
‫بالتاريخ وقيل وهو أحسن أن النفي والثبات لم يتواردا على محل واحد فإنه‬
‫صلى الله علية وسلم أخبر في أحد الجانبين أنه يفعللل فللي الوليللد مثللل مللا‬
‫يفعل من يصرع الفارس عن فرسه كأنه يدعثره ويصرعه وذلك يللوجب نللوع‬
‫أذى ولكنه ليس بقتل للولد وإهلك للله وإن كللان قللد يللترتب عليلله نللوع أذى‬
‫للطفل فأرشدهم إلى تركه ولم ينه عنه بل قال علم يفعل أحدكم ذلك ولم‬
‫يقل ل تفعلوه فلم يجيء عنه لفظ واحد بللالنهى عنلله ثللم عللزم علللى النهللى‬
‫سدا لذريعة الذى الذي ينال الرضلليع فللرأى أن سللد هللذه الذريعللة ل يقللاوم‬
‫المفسدة التي تترتب على المساك عن وطء النساء مدة الرضاع ول سيما‬
‫‪ #‬من الشباب وأرباب الشهوة التي ل يكرهللا إل مللواقعه نسللائهم فللرأى أن‬
‫هذه المصلحة أرجح من مفسدة سد الذريعة فنظر ورأى المتين اللتين همللا‬
‫من اكثر المم وأشدها بأسا يفعلونه ول يتقونه مع قوتهم وشللدتهم فأمسللك‬
‫عن النهى عنه فل تعارض إذا بين الحديثين ول ناسخ منهما ول منسوخ والله‬
‫اعلم بمراد رسوله‬
‫فصل ويشبه هذا قوله للذي قال له إن لي أمة وأنا أكره‬
‫أن تحبل وإني أعزل عنها فقال سيأتيها ما قدر لها فليس بين هذه الحاديث‬
‫قوله الحاديث تعارض فإنه لم يقل أن الولد يخلق من غير ماء الواطىء بل‬
‫أخبر أنه سيأتيها ما قدر لها ولو عللزل فللأنه إذا قللدر خلللق الولللد قللدر سللبق‬
‫الماء والواطيء ل يشعر بل يخرج منه ملاء يملازج ملاء الملرأة ل يشلعر بله‬
‫يكون سببا في خلق الولد ولهذا قال ليس مللن كللل المللاء يكللون الولللد فلللو‬
‫خرج منه نطفة ل يحللس بهللا لجعلهلا الللله مللادة للولللد ‪ #‬قلللت ملادة الولللد‬
‫ليست مقصورة على وقوع الماء بحملته في الرحيم بل إذا قللدر الللله خلللق‬
‫الولد من الماء فلو وضع على صخرة لخلق منه الولد كيف والذي يعزل فللي‬
‫الغالب إنما يلقى ماءه قريبا من الفرج وذلك إنما يكون غالبللا عنللدما يحللس‬
‫بالنزال وكثيرا ما ينللزل بعللض المللاء ول يشللعر بلله فينللزل خللارج الفللرج ول‬
‫شعور له بما ينزل في الفرج ول بما خالط ماء المرأة منه وبالجملللة فليللس‬
‫سبب خلق الولد مقصورا على النزال التللام فللي الفللرج ولقللد حللدثني غيللر‬
‫واحد ممن أثق به أن امرأته حملللت مللع عزللله عنهللا لرضللاع وغيللره ورأيللت‬
‫بعض أولدهم ضعيفا ضئيل فصلوات الللله وسلللمه علللى مللن يصللدق كلملله‬
‫بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض فالختلف والشكال والشتباه إنما هللو فللي‬
‫الفهام إل فيما خرج من بين شفتيه من الكلم والواجب على كل مللؤمن أن‬
‫يكل ما أشكل عليه إل أصدق قائل ويعلم أن فوق كل ذي علم عليم وأنه لو‬
‫اعترض على ذي صناعة أو علم من العلوم التي اسللتنبطتها معللاول الفكللار‬
‫ولم يحط علما بتلك الصناعة والعلم ل نللدرى علللى نفسلله وأضللحك صللاحب‬
‫تلك الصناعة والعلم على عقله والنبي يللذكر المقتضللى فللي موضللع والمللانع‬
‫في موضع آخر ويثبت الشيء وينفي مثله في الصورة وعكسه في الحقيقللة‬
‫ول يحيط أكثر الناس بمجموع نصوصه علما ويسمع النص ول يسمع شللرطه‬
‫ول موانع مقتضاه ول تخصيصه ول ينتبه للفرق بين ما أثبته ونفاه فينشأ مللن‬
‫ذلك في حقه من الشكالت ما ينشأ وينضاف هذا إلى عدم معرفللة الخللاص‬
‫بخطابه ومجارى كلمه وينضاف إلى ذلللك تنزيللل كلملله علللى الصللطلحات‬
‫التي أحدثها أربلاب العللوم ملن الصللوليين والفقهلاء وعلللم أحلوال القللوب‬
‫وغيرهم فإن لكل من هؤلء الصطلحات حادثة في مخاطبللاتهم وتصللانيفهم‬
‫فيجيء من قد ألف تلك‬

‫‪ #‬الصطلحات الحادثة وسبقت معانيها إلى قلبه فلم يعرف سواها فيسللمع‬
‫كلم الشارع فيحمله على ما ألفه من الصطلح فيقع بسبب ذلك في الفهم‬
‫عن الشارع ما لم يرده بكلمه ويقع من الخلل في نظره ومناظرته مللا يقللع‬
‫وهذا من أعظم أسباب الغلط عليه مع قلة البضاعة من معرفة نصوصه فأذا‬
‫اجتمعت هذه المور مع نوع فساد في التصور أو القصد أوهما ما شئت مللن‬
‫خبط وغلط واشكالت واشتمالت وضرب كلمه بعضه ببعض وإثبات ما نفاه‬
‫ونفي ما أثبته والله المستعان‬
‫فصل وأما قضية المجذوم فل ريب أنه روى عن النبي أنه قال‬
‫فر من المجذوم فرارك من السد وأرسل إلى ذلك المجذوم أنا قد بايعناك‬
‫فارجع وأخذ بيد مجذوم فوضعها في القصعة وقال كل ثقة بالله وتوكل عليه‬
‫ول تنافي بين هذه الثار ومن أحاط علما بما قدمناه تبين له وجهها وأن غاية‬
‫ذلك أن مخالطة المجذوم من أسباب العدوى وهذا السبب يعارضلله أسللباب‬
‫آخر تمنع اقتضاءه فمن أقواها التوكل على الله والثقللة بلله فللأنه يمنللع تللأثير‬
‫ذلك السبب المكروه ولكن ل يقدر كل واحد من المة علللى هللذا فأرشللدهم‬
‫إلى مجانبللة سللبب المكللروه والفللرار والبعللد منلله ولللذلك أرسللل إلللى ذلللك‬
‫المجذوم الخر بالبيعة تشريعا منه للفرار من أسباب الذى والمكروه وأن ل‬
‫يتعرض العبد لسباب البلء ثم وضع يده معه فللي القصللعة فإنمللا هللو سللبب‬
‫التوكل على الله والثقة بلله الللذي هللو مللن أعظللم السللباب الللتي يللدفع بهللا‬
‫المكروه والمحذور تعليما منه للمة دفع السللباب المكروهللة بملا هللو أقللوى‬
‫منها وإعلما بأن الضرر والنفع بيد الله عللز وجللل فللإن شللاء أن يضللر عبللده‬
‫ضره وإن شاء أن يصرف عنه الضر صرقه بل إن شاء أن ينفعه بما هو مللن‬
‫أسباب الضرر ويضره بما هو من أسباب النفع فعل ليتبين العبللاد أنلله وحللده‬
‫الضار النافع وأن أسباب الضر والنفع بيديه وهو الذي جعلها أسبابا وإن شللاء‬
‫خلع منها سببيتها وان شاء جعل ما تقتضيه بخلف المعهللود منهللا ليعلللم أنلله‬
‫الفاعل المختار وأنه ل يضر شيء ول ينفع إل بإذنه وأن التوكل عليلله والثقللة‬
‫به تحيل السباب المكروهة إلى خلف موجباتها وتبيين مرتبتهللا وأنهللا محللال‬
‫لمجارى مشيئة الله وحكمته وأنه سبحانه هو الذي يضربها وينفع ليللس إليهللا‬
‫ول لها من المر شيء وأن المر كله لله وأنها إنمللا ينللال ضللررها مللن علللق‬
‫قلبه بها ووقف عندها وتطير بما يتطير به منهللا فللذلك الللذي يصلليبه مكللروه‬
‫الطيرة والطيرة سبب للمكروه على المتطير فإذا توكل على الله ووثللق بله‬
‫واستعان به لم يصده التطير عن حللاجته وقللال اللهللم ل طيللر إل طيللرك ول‬
‫خيللر إل خيللرك ول إللله غيللرك اللهللم ل يللأتي بالحسللنات إل أنللت ول يللذهب‬
‫بالسيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بك فإنه ل يضره‬

‫‪ #‬ما يتطير منه شيئا قال ابن مسعود ما منا إل من يعنى يتطير ولكللن الللله‬
‫يذهبه بالتوكل وقد روى مرفوعا والصواب عن ابللن مسللعود قللوله فللالطيرة‬
‫إنما تصيب المتطير لشركه والخللوف دائمللا مللع الشللرك وإل مللن دائمللا مللع‬
‫التوحيد قال تعالى حكاية عن خليللله إبراهيللم أنلله قللال فللي محللاجته لقللومه‬
‫وكيف أخاف ما أشركتم به ول تخافون أنكم أشركتم بللالله مللا لللم ينللزل بلله‬
‫عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالمن إن كنتم تعلمللون فحكللم الللله عللز‬
‫وجل بين الفريقين بحكم فقال الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلللم أولئك‬
‫لهم المن وهم مهتدون وقد صح عللن رسللول الللله صلللى الللله عليللة وسلللم‬
‫تفسير الظلم فيها بالشرك وقال ألم تسمعوا قول العبد الصالح إن الشللرك‬
‫لظلم عظيم فالتوحيد من أقوى أسباب المن مللن المخللاوف والشللرك مللن‬
‫أعظم أسباب حصول المخاوف ولذلك من خاف شيئا غير الللله سلللط عليلله‬
‫وكان خوفه منه هو سبب تسليطه عليه ولو خاف الله دونه ولم يخفلله لكللان‬
‫عدم خوفه منه وتوكله على الله من أعظم أسللباب نجللاته منلله وكللذلك مللن‬
‫رجا شيئا غير الله حرم ما رجاه منه وكان رجاؤه غير الله من أقوي أسللباب‬
‫حرمانه فإذا رجا الله وحده كان توحيد رجائه أقوى أسباب الفوز بما رجاه أو‬
‫بنظيره أو بما هو أنفع له منه والله الموفق للصواب وليكن هذا آخر الكتللاب‬
‫وقد جلبت إليك فيه نفائس في مثلها يتنافس المتنافسون وجليت عليك فيه‬
‫عرائس إلى مثلهن بادر الخاطبون فللإن شللئت اقتبسللت منلله معرفللة العلللم‬
‫وفضله وشدة الحاجة إليه وشرفه وشرف أهله وعظم مللوقعه فللي الللدارين‬
‫وإن شئت اقتبست منه معرفة إثبللات الصلانع بطلرق واضللحات جليلات تلللج‬
‫القلوب بغير استئذان ومعرفة حكمته في خلقه وأمللره وإن شللئت اقتبسللت‬
‫منه معرفة قدر الشريعة وشدة الحاجة إليها ومعرفللة جللتهللا وحكمتهللا وإن‬
‫شئت اقتبست منه معرفة النبوة وشدة الحاجللة إليهللا بللل وضللرورة الوجللود‬
‫إليها وأنه يسللتحيل مللن أحكللم الحللاكمين أن يخلللى العللالم عنهللا وإن شللئت‬
‫اقتبست منه معرفة ما فطر الله عليه العقول من تحسللين الحسللن وتقبيللح‬
‫القبيح وإن ذلك أمر عقلي فطرى بالدلة والبراهين التي اشللتمل عليهللا هللذا‬
‫الكتللاب فل توجللد فللي غيللره وإن شللئت اقتبسللت منلله معرفللة الللرد علللى‬
‫المنجمين القائلين بالحكام بأبلغ طللرق الللرد مللن نفللس صللناعتهم وعلمهللم‬
‫وإلزامهم باللزامات المفخمة التي ل جواب لهم عنهلا وإبلداء تناقضلهم فلي‬
‫صناعتهم وفضائحهم وكذبهم علللى الخلللق والمللر وإن شللئت اقتبسللت منلله‬
‫معرفة الطيرة والفللأل والزجللر والفللرق بيللن صللحيح ذلللك وباطلللة ومعرفللة‬
‫مراتب هذه في الشريعة والقدر وإن شئت اقتبست منه أصول نافعة جامعة‬
‫مما تكمل به النفس البشرية وتنال بها سعادتها فللي معاشللها ومعادهللا إلللى‬
‫غير ذلك من الفوائد التي ما كان منها صوابا فمن الله وحللده هللو ألمللان بلله‬
‫وما كان منها من خطأ فمن مؤلفه ومن الشيطان والله بريء منلله ورسللوله‬
‫والله سبحانه المسئول والمرغوب إليه المأمول أن‬

‫‪ #‬يجعله خالصا لوجهه وأن يعيدنا من شللرور أنفسللنا ومللن سلليئات أعمالنللا‬
‫وأن يوفقنا لما يحبه ويرضللاه إنلله قريللب مجيللب والحمللد لللله رب العللالمين‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعيللن وسلللم تسللليما كللثيرا ‪#‬‬
‫كان في آخر الصل ما نصه‬

You might also like